88

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف160.حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي في الضعفاء له 60 حديثا أُخر فيكون  كل الضعيف في كل المستدرك 160 حديثا من مجموع 8803=الباقي الصحيح =8743.فهذه قيمة رائعة لمستدرك الحاكم

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الخميس، 16 يونيو 2022

كل كتاب النهاية في الفتن والملاحم المؤلف: ابن كثير

 

النهاية في الفتن والملاحم المؤلف: ابن كثير

النهاية في الفتن والملاحم/صفحة واحدة

النهاية في الفتن والملاحم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم وبعد فهذا كتاب الفتن والملاحم في آخر الزمان مما أخبر به رسول الله ﷺ وذكر أشراط الساعة والأمور العظام التي تكون قبل يوم القيامة مما يجب الإيمان به لإخبار الصادق المصدوق عنها الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

محتويات 1 رحمة الله عز وجل بأمة محمد عليه الصلاة والسلام

2 بعض ما أخبر الرسول عليه السلام بأنه سيقع 2.1 إشارة نبوية إلى أن المسلمين يفتتحون مصر

2.2 إشارة نبوية إلى أن دولتي فارس والروم ستذهبان إلى غير عودة

2.3 إشارة نبوية إلى أن عمر رضي الله عنه سيقتل

2.4 إشارة نبوية إلى ما سيصيب عثمان بن عفان رضي الله عنه من المحنة

2.5 إشارة نبوية إلى أن عمار بن ياسر رضي الله عنه سيقتل

2.6 تحديد الرسول مدة الخلافة من بعده بثلاثين سنة وإشارته إلى أنها ستتحول بعد ذلك إلى ملك عضوض

2.7 إشارة نبوية إلى أن الله سيصلح بالحسن رضي الله عنه بين فئتين عظيمتين من المسلمين

2.8 إشارة نبوية إلى أن أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها ستموت في غزوة بحرية

2.9 إشارة نبوية إلى أن الجيش المسلم سيصل إلى الهند والسند

2.10 إشارة نبوية إلى أن المسلمين سيقاتلون الترك

2.11 إشارة نبوية إلى ما سيكون من تولي بعض الصبية لأمر المسلمين وما سيكون في ذلك من فساد وإفساد

2.12 إشارة نبوية إلى أن اثني عشر خليفة قرشيا سيلون أمر الأمة الإسلامية

2.13 ليس المقصود بالخلفاء القرشيين الاثني عشر أولئك الذين تتابعوا بعد الرسول عليه السلام سردا

2.14 عدم صحة ما ورد من أن الآيات بعد المائتين وأن خير المسلمين بعد المائتين من لا أهل له ولا ولد

2.15 خير القرون قرن الرسول عليه السلام ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم تنتشر المفاسد

3 ذكر سنة خمسمائة 3.1 لم يصح عن الرسول أنه لا يمكث في الأرض قبل الساعة ألف سنة ولم يحدد الرسول مدة معينة لقيام الساعة

3.2 ذكر الخبر الوارد في ظهور نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى من أرض الشام

3.3 ظهور النار في المدينة واستمرارها شهرا عام 654 للهجرة

4 ذكر إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب المستقبلة بعد زماننا هذا 4.1 إشارات نبوية إلى الأحداث الماضية والمستقبلة حتى قيام الساعة

4.2 "فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه"

4.3 شهادة حذيفة بحدوث بعض ما أخبر به الرسول عليه السلام لم يبق من الدنيا إلا اليسير

4.4 لا أساس للإسرائيليات التي تحمد ما مضى وما بقي من الدنيا

4.5 اقتراب الساعة

4.6 حشر المسلم مع من أحب يوم القيامة

4.7 من مات فقد قامت قيامته

4.8 مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله

4.9 الرسول عليه السلام لا يعلم متى الساعة

5 باب ذكر الفتن جملة 5.1 إشارة نبوية إلى تعاقب الخير والشر

5.2 عودة الإسلام غريبا كما بدأ

5.3 باب افتراق الأمم

5.4 إشارة نبوية إلى أن الفتن ستفرق الأمة وأن النجاة ستكون في لزوم الجماعة

5.5 لا تجتمع الأمة على ضلالة

5.6 الاذن باعتزال الناس عند اشتداد الفتن وتحكم الأهواء

5.7 النهي عن تمني الموت

5.8 رفع العلم بموت العلماء

5.9 إشارة نبوية إلى أن الله سيبعث لهذه الأمة كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها

6 بعض أشراط الساعة التي أخبر بها الرسول عليه السلام 6.1 رفع العلم من الناس في آخر الزمان

7 ذكر شرور تحدث في آخر الزمان 7.1 إشارة نبوية إلى بعض شرور ستكون

7.2 ذكر دخول الفقراء الجنة قبل الأغنياء

8 فصل ذكر المهدي 8.1 إخبار الرسول عليه السلام ببعض ما سيلاقي آل بيته الكرام من متاعب وأهوال

9 ذكر أنواع من الفتن وقعت وستكثر وتتفاقم في آخر الزمان 9.1 إذا كثر المفسدون هلك الجميع وإن كان فيهم الصالحون

9.2 إشارة نبوية إلى تغلغل الفتن في الأوساط الإسلامية

9.3 كل زمن يمضي هو خير من الذي يليه

9.4 إشارة نبوية إلى ما سيكون من فتن شديدة تقتضي الحذر منا والبعد عنها

9.5 رفع الأمانة من القلوب

9.6 إشارة نبوية إلى أن الفتنة ستظهر من جهة المشرق

9.7 إشارة نبوية إلى أن الفساد سيكثر حتى ليغبط الأحياء الأموات

9.8 إشارة نبوية إلى عودة الصنمية قبل قيام الساعة إلى بعض أحياء العرب

9.9 إخبار الرسول عليه السلام بما ستتفجر عنه الأرض العربية من ثروات هائلة وما سيكون لهذه الثروات من إثارة الشقاق وأسباب النزاع والقتال بين الناس

9.10 إشارة نبوية إلى ظهور كثير من الدجالين قبل قيام الساعة وإلى مفاجأة الساعة للناس وهم عنها لاهون غافلون

9.11 إشارة نبوية إلى ما سيكون من ظهور صنفين من أهل النار والعياذ بالله رب العالمين

9.12 بعض مبررات ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

9.13 إشارة نبوية إلى ما سيكون من خروج الناس أفواجا من الدين

9.14 إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بنشوب فتن مهلكة تجعل القابض على دينه أثناءها كالقابض على الحجر

9.15 إشارة نبوية إلى ما سيكون من تجمع الأمم ضد المسلمين استضعافا لهم وطمعا فيهم مع كثرة المسلمين ووفرة عددهم حينئذ

9.16 إشارة من الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن فتنة مهلكة ستحدث وإن النجاة منها في البعد عنها وتجنب طريقها

9.17 إشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ضروب من الفتن ستكون وإن النجاة منها من اعتزال المجتمع

9.18 نصح الرسول عليه السلام بتحمل الأذى عند قيام الفتن والبعد عن المشاركة في الشر

9.19 إشارة الرسول عليه السلام إلى ما سيكون من ردة بعض المسلمين إلى الصنمية

9.20 فتنة الأحلاس

9.21 إشارة نبوية إلى أنه ستكون فتنة وقع اللسان فيها أشد من وقع السيف

9.22 إشارة نبوية إلى القسطنطينية ستفتح قبل رومية

9.23 إشارة منسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ما سيكون من خراب بعض البلدان وأسباب خراب كل بلد وهي إشارة تضمنها حديث بين الوضع

9.24 فصل تعدد الآيات والأشراط

10 علامات بين يدي الساعة 10.1 طلب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبادر المؤمنون بالأعمال الصالحة ستة أمور قبل وقوعها

10.2 عشر آيات قبل قيام الساعة

10.3 النار التي تخرج من قعر عدن هي نار من نار الفتن

10.4 ذكر قتال الملحمة مع الروم الذي آخره فتح القسطنطينية

10.5 لا تقوم الساعة حتى يقتل المسيح عليه السلام الدجال عليه لعنة الله أو حتى ينتصر الخير ونوره على الباطل وظلامه

10.6 لا إله إلا الله والله أكبر بعزم شديد وايمان صادق تدك الحصون وتفتح المدائن

10.7 إشارة نبوية إلى فتح المسلمين لبلاد الروم واستيلائهم على كثير من الغنائم

10.8 إشارة نبوية إلى ما سيكون من فتح المسلمين لبعض الجزر البحرية ولبلاد الروم وبلاد فارس ومن انتصار حقهم على باطل الدجال

10.9 بعض خصال الروم الحسنة

10.10 تقوم الساعة والروم أكثر الناس

10.11 إشارة إلى أن المدينة المنورة ستتعرض للضعف حين يعمر بيت المقدس

10.12 عصمة المدينة المنورة من الطاعون ومن دخول الدجال

10.13 إشارة نبوية الى ما سيكون من امتداد عمران المدينة المنورة

10.14 إشارة نبوية إلى خروج أهل المدينة منها في بعض الأزمة المستقلة

11 مقدمة فيما ورد من ذكر الكذابين الدجالين وهم كالمقدمة بين يدي المسيح الدجال 11.1 اشارة نبوية إلى أنه سيكون في الأمة الاسلامية دعاة إلى النار

12 الكلام على أحاديث الدجال 12.1 بعض ما ورد من الآثار في ابن صياد

12.2 تحذير الرسول من الدجال وذكر بعض أوصافه

12.3 نار الدجال جنة وجنته نار

12.4 تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم أمته من أن تغتر بما مع الدجال من أسباب القوة والفتنة

12.5 ليس ابن صياد هو الدجال الأكبر وإنما هو أحد الدجالة الكبار الكثار

12.6 حديث فاطمة بنت قيس في الدجال

12.7 ما روي عن تميم الداري من رؤية الجساسة والدجال

12.8 حديث فاطمة بنت قيس

12.9 ابن صياد من يهود المدينة

12.10 مرويات مرفوضة لأنها لا تصدق عقلا وليس بمعقول صدورها عن الرسول عليه السلام

12.11 حديث النواس بن سمعان الكلابي في معناه وأبسط منه

12.12 بعض العجائب الغرائب التي وردت نسبة قولها إلى الرسول عليه السلام

12.13 حديث يجب صرفه عن ظاهره إلى التأويل

12.14 ذكر أحاديث منثورة عن الدجال

12.15 ليس في الدنيا فتنة أعظم من فتنة الدجال وذكر تمام الحديث حديث عن هشام بن عامر

13 إشارة نبوية إلى أن المسلمين سيقاتلون اليهود وينتصرون عليهم حتى أن اليهودي لا يجد له مخبأ يحميه من سيف المسلم 13.1 التسبيح والتهليل والتكبير لا تطعم الأجساد

13.2 لا يدخل الدجال مكة المكرمة ولا المدينة المنورة

13.3 خير دينكم أيسره

13.4 طريق أخرى عن أبي هريرة

13.5 المدينة المنورة ومكة المكرمة في حراسة من الملاكة بأمر الله

13.6 شهادات نبوية كريمة بفضل بني تميم

13.7 لماذا لم يذكر الدجال صراحة في القرآن الكريم

14 ذكر ما يعصم من الدجال 14.1 حفظ عشر آيات من آخر سورة الكهف حفظا عمليا يعصم من فتنة الدجال

14.2 سكنى المدينة ومكة المشرفتين تعصم من فتنة الدجال

15 تلخيص سيرة الدجال لعنه الله 15.1 صفة الدجال قبحه الله

15.2 خبر عجيب ونبأ غريب

15.3 حديث مرفوض

15.4 حديث خرافة

15.5 ذكر نزول عيسى ابن مريم رسول الله من سماء الدنيا إلى الأرض في آخر الزمان

15.6 هل مات عيسى عليه السلام أو رفع حيا إلى السماء

15.7 ذكر الأحاديث الواردة في غير ما تقدم

16 بعض العجائب قبل قيام الساعة 16.1 قبل قيام الساعة تقل العبادة وتكثر الأموال

16.2 الأنبياء إخوة أبناء علات

16.3 النبي عليه السلام أولى الناس بعيسى ابن مريم

16.4 حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه

17 صفة المسيح عيسى ابن مريم رسول الله عليه السلام 17.1 صفة أهل آخر الزمان

18 ذكر خروج يأجوج ومأجوج 18.1 إشارة نبوية إلى شر قد اقترب من العرب

18.2 خروج يأجوج ومأجوج

18.3 يأجوج ومأجوج ناس من الناس

19 ذكر تخريب الكعبة شرفها الله على يدي ذي السويقتين الأفحج قبحه الله 19.1 سيبقى حجاج ومعتمرون بعد ظهور يأجوج ومأجوج

19.2 يهجر الحج قبيل قيام الساعة

19.3 ذكر تخريبه إياها قبحه الله وشرفها

19.4 إشارة إلى ظهور ظالم من قحطان قبل قيام الساعة

19.5 فصل لا يدخل الدجال مكة ولا المدينة

20 خروج الدابة من الأرض تكلم الناس 20.1 عشر آيات قبل قيام الساعة

21 ذكر طلوع الشمس من المغرب 21.1 لا تنفع توبة التائب بعد طلوع الشمس من مغربها

21.2 من علم فليقل بعلمه ومن لم يعلم فليسكت

21.3 لا يزال في المسلمين من يقوم الليل عابدا حتى تطلع الشمس من مغربها

21.4 لا تقبل هجرة المهاجرين والعدو يقاتلهم

22 ذكر الدخان الذي يكون قبل يوم القيامة 22.1 ذكر كثرة الصواعق عند اقتراب الساعة

22.2 ذكر وقوع المطر الشديد قبل يوم القيامة

23 ذكر أمور لا تقع الساعة حتى يقع منها ما لم يكن قد وقع بعد 23.1 من علامات الساعة تطاول الناس في البنيان

23.2 من علامات الساعة قلة العلم وكثرة الجهل وانتشاره

23.3 من علامات الساعة أن تفيض أرض العرب بالخير والثراء والذهب

23.4 إشارة نبوية الى ردة بعض العرب عن الإسلام قبل قيام الساعة

23.5 من علامات الساعة تكثف الدنيا عند من لا خلق له ولا دين

23.6 من علامات الساعة إسناد الأمور لغير أربابها

23.7 من علامات الساعة إضاعة الأمانة

23.8 إشارة نبوية الى نزع البركة من الوقت قبل قيام الساعة

23.9 من علامات الساعة نطق الرويبضة

24 صفة أهل آخر الزمان 24.1 إن من البيان لسحرا

24.2 الساعة لا تقوم إلا على شرار الناس

24.3 قبيل قيام الساعة تهدر آدمية الإنسان

24.4 لا تقوم الساعة على موحد

24.5 لا تقوم الساعة إلا على من لا ينكر منكرا ولا يأمر بمعروف

24.6 شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء

24.7 قرب الساعة

24.8 حديث في قرب يوم القيامة بالنسبة إلى ما سلف من الأزمنة

24.9 إشارة نبوية إلى أنه لن يبقى بعد مائة سنة أحد من الموجودين على ظهر الأرض وقتذاك

25 باب قرب قيام الساعة 25.1 ذكر الساعة واقترابها وأنها آتية لا ريب فيها وأنها لا تأتي إلا بغتة ولا يعلم وقتها على التعيين إلا الله تعالى

26 ذكر شيء من أشراطها

27 ذكر زوال الدنيا وإقبال الآخرة 27.1 توقع قيام الساعة بين لحظة وأخرى

27.2 حديث الصور بطوله تصوير لمشاهد القيامة أو لبعض مشاهدها

27.3 فصل نفخات الصور لا يبقي من الإنسان بعد موته إلا عجب ذنبه

27.4 من أهوال يوم القيامة

27.5 ذكر أمر هذه النار وحشرها الناس إلى أرض الشام

27.6 يحشر الناس يوم القيامة أصنافا ثلاثة

27.7 يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا

27.8 فصل في حديث الصور

27.9 فصل قال في حديث الصور ويبدل الله الأرض غير الأرض فيبسطها ويسطحها ويمدها مد الأديم العكاظي

27.10 فصل قال في حديث الصور ثم ينزل الله من تحت العرش ماء

28 نفخة البعث 28.1 ذكر أحاديث في البعث

28.2 ذكر أن يوم القيامة وهو يوم النفخ في الصور لبعث الأجساد من قبورها يكون يوم الجمعة

28.3 لحظة قيام الساعة

28.4 أجساد الأنبياء لا تبليها الأرض

29 ذكر أن أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة رسول الله صلى الله عليه وسلم 29.1 الرسول عليه السلام أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة

30 ذكر بعث الناس حفاة عراة غرلا وذكر أول من يكسى من الناس يومئذ 30.1 الإنسان يبعث يوم القيامة في ثياب عمله من خير أو شر

31 ذكر شيء من أهوال يوم القيامة 31.1 ثم ذكر جزاء كل من هذه الأصناف الثلاثة عند احتضارهم

31.2 ذكر الأحاديث والآيات الدالة على أهوال يوم القيامة وما يكون فيها من الأمور الكبار

32 بعض من سيستظلون بظل الله يوم القيامة 32.1 السابقون إلى ظل الله يوم القيامة

32.2 بشارة نبوية عظيمة للمؤمنين

32.3 بعض جزاء المتكبرين يوم القيامة

33 ذكر طول يوم القيامة وما ورد في تعداده 33.1 يوم القيامة على طوله وشدته أخف على المؤمن من أداء صلاة مكتوبة

33.2 بعض ما أعد من العذاب لمانعي الزكاة

33.3 يوم القيامة طويل عسير على العصاة وهو على أهل التقوى غير طويل ولا عسير

33.4 ذكر المقام المحمود الذي يخص به رسول الله صلى الله عليه وسلم

33.5 الشفاعة هي المقام المحمود

33.6 الرسول عليه السلام سيد ولد آدم يوم القيامة

33.7 الرسول إمام الأنبياء يوم القيامة

33.8 سؤال الناس يسبب سقوط لحم وجه السائل يوم القيامة

33.9 ذكر ما ورد في الحوض المحمدي

33.10 بعض الصحابة الكرام الذين صدقوا بالحوض وآمنوا بكونه يوم القيامة ورووا الأحاديث فيه

33.11 من مظاهر خشية عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه

34 فصل لكل نبي حوض يوم القيامة يتباهون أيهم أكثر ورادا 34.1 من رغب عن سنة الرسول عليه السلام ضربت الملائكة وجهه عن الحوض يوم القيامة

34.2 ذكر ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك

34.3 من شرب من الحوض المورود حيل بينه وبين الظمأ وحفظ وجهه فلم يسود

34.4 لا يسقى من الحوض من كذب به

34.5 الرسول ﷺ أكثر أنبياء الله تابعين يوم القيامة

34.6 بين قبر الرسول عليه الصلاة والسلام ومنبره روضة من رياض الجنة

35 ذكر أن لكل نبي حوضا وأن حوض نبينا صلى الله عليه وسلم عظمها وأجلها وأكثرها ورادا 35.1 أولياء الله يردون حياض أنبياء الله عليه الصلاة والسلام حديث آخر

35.2 فصل الحوض المورود قبل الصراط الممدود وما أفهم عكس ذلك ضعيف أو مردود أو مؤول

35.3 فصل وإذا كان الظاهر كونه قبل الصراط فهل يكون ذلك قبل وضع الكرسي للفصل أو بعد ذلك

35.4 اختلاف تحديد الرسول عليه السلام لحجم الحوض طولا وعرضا لاختلاف المخاطبين فحدد لكل بالأمكنة التي يعرف

36 فصل مجيء الرب سبحانه وتعالى يوم القيامة لفصل القضاء 36.1 كلام الرب سبحانه وتعالى يوم القيامة مع الأنبياء

37 شهادة أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الأمم يوم القيامة 37.1 كلامه سبحانه وتعالى مع آدم عليه الصلاة والسلام يوم القيامة

37.2 أمة محمد عليه الصلاة والسلام في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود

37.3 أول من يدعى يوم القيامة آدم عليه الصلاة والسلام

37.4 رجاء الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون أتباعه نصف أهل الجنة

37.5 شهادة أمة محمد عليه الصلاة والسلام على جميع الأمم يوم القيامة دليل عدالة هذه الأمة وشرفها

37.6 تشريف إبراهيم عليه الصلاة والسلام يوم القيامة على رؤوس الأشهاد

37.7 ذكر موسى عليه الصلاة والسلام وذكر شرفه وجلالته يوم القيامة وكثرة أتباعه وانتشار أمته

37.8 ذكر عيسى عليه الصلاة والسلام وكلام الرب عز وجل معه يوم القيامة

37.9 مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الله يوم القيامة لا يدانيه مقام

38 ذكر في كلام الرب تعالى مع العلماء في فصل القضاء 38.1 أول كلامه عز وجل للمؤمنين

38.2 فصل لا خلاق في الآخرة لمن يخون أمانة الله وعهده

38.3 فصل إبراز النيران والجنان ونصب الميزان ومحاسبة الديان

38.4 ذكر إبداء عين من النار على المحشر فتطلع على الناس

38.5 يخرج عنق من النار يتكلم يقذف في جهنم الجبارين والمشركين والقائلين بغير حق

39 ذكر الميزان 39.1 وزن الأعمال بعد القضاء والحساب

39.2 بيان كون الميزان له كفتان حسيتان

39.3 شهادة ألا إله الا الله وأن محمدا رسول الله ترجح بالذنوب في الميزان يوم القيامة

39.4 الخلق الحسن أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة

39.5 فصل أقوال العلماء في تفسير الميزان الذي يكون يوم القيامة

39.6 ليس الميزان لكل فرد من أفراد الناس يوم القيامة

40 ذكر العرض على الله عز وجل وتطاير الصحف ومحاسبة الرب تعالى عباده 40.1 من نوقش الحساب هلك

40.2 فصل فأول ما يقضي الله تعالى بينهم من المخلوقات الحيوانات

40.3 فصل أول ما يقضي فيه يوم القيامة الدماء

40.4 أمة محمد صلى الله عليه وسلم أول الأمم حسابا يوم القيامة

40.5 ذكر أول ما يقضي بين الناس فيه يوم القيامة ومن يناقش الحساب، ومن يسامح فيه

40.6 عذاب المصورين المجسمين يوم القيامة

40.7 خمس لا تزول قدما العبد عن أرض المحشر يوم القيامة حتى يسأل عنها

40.8 الصلاة أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة فإن صلحت صلح عمله كله وإن فسدت فسد سائر عمله

40.9 الاقتصاص من الظالمين يوم القيامة

40.10 الشرك بالله لا يغفر ومظالم العباد يقتص بها حتما يوم القيامة

40.11 القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الأمانة

40.12 يسأل العبد عن النعيم يوم القيامة

40.13 فصل قال البخاري رحمه الله باب يدعى الناس بآبائهم

40.14 فصل قال الله تعالى يوم تبيض وجوه

40.15 الله عز وجل أرحم بعباده من المرضعة بوليدها

40.16 ذكر من يدخل الجنة من هذه الأمة بغير حساب

41 ذكر كيفية تفرق العباد عن موقف الحساب وما إليه أمرهم ففريق من الجنة وفريق من السعير 41.1 إيراد الأحاديث في ذلك آخر أهل الجنة دخولا اليها

41.2 فصل ذكر الصراط غير ما ذكر آنفا من الأحاديث الشريفة

42 فصل ذكر بعض صفات أهل الجنة وبعض ما أعد من نعيم لهم 42.1 ذكر بعض ما ورد في سن أهل الجنة

43 كتاب صفة النار وما فيها من العذاب الأليم 43.1 فتى من الأنصار يميته خوف النار

43.2 سلمان الفارسي وخشيته من عذاب النار

43.3 ذكر جهنم وشدة سوادها أجارنا الله منها

43.4 جهنم والعياذ بالله تعالى أشد سبعين مرة من نار الدنيا

43.5 أوقد على نار جهنم ثلاثة آلاف عام حتى أصبحت سوداء مظلمة

43.6 نار جهنم لا ينطفىء حرها ولا يصطلى بلهيبها

43.7 أبو طالب أدنى أهل النار عذابا يوم القيامة

43.8 شكوى النار إلى ربها من كل بعضها بعضا

43.9 أشد ما يكون الحر من قيح جهنم

43.10 أنعم أهل الدنيا من أهل النار إذا غمس فيها نسي ما ذاق من نعيم وأشد أهل الدنيا بؤسا من أهل الجنة إذا دخلها نسي ما ذاق من بؤس

43.11 لو أن للكافر ملء الأرض ذهبا وافتدى به نفسه من العذاب يوم القيامة ما تقبل منه

43.12 ذكر وصف جهنم واستاعها وضخامة أهلها أجارنا الله تعالى منها بفضله وكرمه وإحسانه آمين إنه على ما يشاء قدير

43.13 عمق جهنم مسافة هوى حجر مقذوف سبعين سنة

43.14 تعظيم خلقتهم في النار أعاذنا الله تعالى من من حالهم

43.15 بشاعة الكافر وضخامة جسمه في نار جهنم يوم القيامة

43.16 ذكر أن البحر يسعر في جهنم ويكون من جملة جهنم

43.17 ذكر أبواب جهنم وصفة خزنتها وزبانيتها أجارنا الله تعالى منها

43.18 وصف الصراط وبيان تفاوت سرعة الناس في مرورهم عليه

43.19 ذكر سرادق النار وهو سورها المحيط بها وما فيها من المقامع والأغلال والسلاسل والأنكال

43.20 ألوان من عذاب أهل النارأجارنا الله عز وجل منها

43.21 طعام أهل النار وشرابهم

44 ذكر أحاديت وردت بأسمائها وبيان صحيح ذلك من سقيمه 44.1 سجن في جهنم له بولس أعاذنا الله عز وجل منه

44.2 جب الحزن

44.3 لا يدخل الجنة مدمن خمر ولا قاطع رحم ولا مصدق بسحر

44.4 ذكر وادي لملم

44.5 ذكر واد وبئر فيها يقال له هبهب

44.6 ذكر ويل وصعود معنى الويل

44.7 معنى صعود

44.8 ذكر حياتها وعقاربها أعاذنا الله منها

44.9 خطبة واعظة ترغب وترهب من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

44.10 رحمة الله قريب ممن يستجير به مخلصا من حر النار وزمهريرها

45 فصل دركات جهنم نستعيذ بالله من عذابها 45.1 ذكر بعض أفاعي جهنم والعياذ بالله تعالى

45.2 ذكر بكاء أهل النار فيها أجارنا الله عز وجل منها

46 أحاديث شتى في صفة النار وأهلها 46.1 أثر غريب وسياق عجيب

46.2 أثر آخر من أغرب الأخبار

47 ذكر الأحاديث الواردة في شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة و بيان أنواعها وتعدادها 47.1 الشفاعة العظمى

47.2 ما خص به رسول الله ﷺ دون جميع الأنبياء والمرسلين عليهم صلوات الله أجمعين

47.3 خفي علم الشفاعة على الخوارج والمعتزلة فأنكروها، وعاند بعضهم فرفضوا القول بها

47.4 بيان طرق الأحاديث وألفاظها ومن الأحاديث الواردة في شفاعة المؤمنين لأهاليهم

48 ذكر شفاعة المؤمنين لأهاليهم 48.1 يشفع المؤمنون يوم القيامة إلا اللعانين فلا شفاعة لهم

48.2 ومن الأحاديث الواردة في شفاعة المؤمنين لأهاليهم

49 حديث فيه شفاعة الأعمال لصاحبها

50 فصل أصحاب الأعراف 50.1 ذكر أول من يخرج من النار فيدخل الجنة

51 فصل إذا خرج أهل المعاصي منها فلم يبق فيها غير الكافرين فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون

52 كتاب صفة أهل الجنة وما فيها من النعيم نسأل الله عز وجل أن يدخلنا برحمته 52.1 ذكر ما ورد في عدد أبوابها واتساعها وعظمة جناتها

52.2 أسماء أبواب الجنة

52.3 مفتاح الجنة شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والأعمال الصالحة هي أسنان هذا المفتاح

52.4 ذكر تعداد محال الجنة وارتفاعها واتساعها

52.5 قليل العمل في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها وأقل شيء في الجنة خير من الدنيا وما فيها

52.6 الفردوس أعلى درجات الجنة والصلاة والصيام يقتضيان مغفرة الله عز وجل

52.7 من الفردوس تتفجر أنهار الجنة

52.8 درجات الجنة متفاوتة وليس يعلم مقدار تفاوتها إلا الله رب العالمين

52.9 ذكر ما يكون لأدنى أهل الجنة منزلة وأعلاهم من اتساع الملك العظيم

52.10 ذكر غرف الجنة وارتفاعها واتساعها وعظمها نسأل الله من فضله أن يمنحنا إياها من فيض فضله

52.11 منازل المتحابين بجلال الله في الجنة

52.12 ذكر أعلى منزلة في الجنة وهي الوسيلة فيها مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم

52.13 الوسيلة أعلى درجة في الجنة، لا ينالها إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم

52.14 ذكر بنيان قصور الجنة مم هو

52.15 فضل قيام الليل وإطعام الطعام وكثرة الصيام

52.16 ذكر الخيام في الجنة

52.17 ذكر تربة الجنة

53 ذكر أنهار الجنة وأشجارها وثمارها 53.1 صفة الكوثر

53.2 ذكر نهر البيدخ في الجنة

53.3 نهر بارق على باب الجنة

54 فصل أشجار الجنة 54.1 في الجنة شجرة يسير راكب الجواد المضمر السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها

54.2 شجرة طوبى

54.3 سدرة المنتهى

55 فصل ثمار الجنة 55.1 ذكر طعام أهل الجنة وأكلهم فيها وشرابهم وشربهم فيها نسأل الله من فضله أن يمن علينا بها

55.2 أحاديث آخرى شتى

55.3 يشتهي بعض أهل الجنة أن يزرع فيجيبه الله عز وجل إلى ما يطلب، وكلمة مستملحة من أعرابي بدوي يضحك لها رسول الله ﷺ

55.4 ذكر أول طعام يأكله أهل الجنة

55.5 ذكر لباس أهل الجنة وحليهم وثيابهم وجمالهم نسأل الله تعالى منها

55.6 صفة فرش أهل الجنة

55.7 حلية الحور العين وبنات آدم وشرفهن عليهن وكم لكل واحدة منهن

55.8 أسئلة من أم سلمة رضي الله عنها وأجوبة من رسول الله ﷺ حول نساء أهل الجنة

55.9 ذكر جماع أهل الجنة نساءهم ولا أولاد إلا أن يشاء أحدهم

55.10 ما قيل من منح الأطفال ولادة لأهل الجنة

55.11 ذكر أن أهل الجنة لا يموتون فيها لكمال حياتهم وكما فهم في ازدياد من قوة الشباب

55.12 أهل الجنة لا ينامون

56 ذكر إحلال الرضوان عليهم وذلك فضل عما لديهم 56.1 إحلال الله عز وجل رضوانه الدائم على أهل الجنة

56.2 ذكر نظر الرب وتقدس إليهم ونظرهم إليه سبحانه

56.3 ذكر رؤية أهل الجنة ربهم عز وجل في مثل أيام الجمع في مجتمع لهم معه لذلك هنالك

56.4 يوم الجمعة يوم المزيد

56.5 ذكر سوق الجنة

56.6 ما ورد في وصف أرض الجنة وطيب عرفها وانتشاره

56.7 ذكر ريح الجنة وطيبه وانتشاره حتى إنه يشم من مسيرة سنين عديدة ومسافة بعيدة

56.8 ذكر نور الجنة وبهائها وطيب فنائها وحسن منظرها في صباحها ومسائها

57 ذكر الأمر بطلب الجنة وترغيب الله تعالى عباده فيها وأمرهم بالمبادرة إليها 57.1 من استجار بالله من النار أجاره ومن طلب الجنة من الله أدخله الجنة إذا صدقت النية وصح العمل

57.2 الجنة والنار شافعتان مشفعتان

57.3 اطلبوا الجنة جهدكم واهربوا من النار جهدكم

57.4 ذكر أن الجنة حفت بالمكاره وهي الأعمال الشاقة من فعل الخيرات وترك المحرمات وأن النار حفت بالشهوات

57.5 غناء الحور في جنة الله

57.6 ذكر خيل الجنة

57.7 ذكر زيارة أهل الجنة بعضهم بعضا واجتماعهم وتذاكرهم أمورا كانت منهم في الدنيا من طاعات وزلات

58 باب جامع لأحكام تتعلق بالجنة ولأحاديث شتى 58.1 فضل الله عز وجل على الآباء ببركة عمل الأبناء

59 فصل الجنة والنار موجودتان 59.1 فصل في بعض صفات أهل الجنة وبعض صفات أهل النار

59.2 يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة سنة

59.3 أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار

59.4 الحمادون لله عز وجل في السراء والضراء هم أول من يدعى يوم القيامة لدخول الجنة

59.5 فصل في أمة محمد عليه السلام أكثر أهل الجنة عددا وأعلاهم مكانا ومكانة

59.6 الصدر الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم خير هذه الأمة

59.7 بعض الآثار الواردة في دخول أعداد كبيرة من هذه الأمة إلى الجنة بغير حساب

59.8 سبقك بها عكاشة

59.9 فصل في بيان وجود الجنة والنار وأنهما مخلوقان خلافا لمن زعم خلاف ذلك من أهل البطلان

59.10 فصل في المرأة تتزوج في الدنيا بأزاواج وتكون في الجنة لمن كان في الدنيا أحسنهم خلقا

رحمة الله عز وجل بأمة محمد عليه الصلاة والسلام

قال أبو داود، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا كثير بن هشام، حدثنا المسعودي عن سعيد بن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله ﷺ: "أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل".

وقد ذكرنا فيما تقدم إخباره ﷺ عن الغيوب الماضية وبسطناه في بدء الخلق وقصص الأنبياء وأيام الناس إلى زمانه وأتبعنا ذلك بذكر سيرته عليه الصلاة والسلام وأيامه وذكرنا شمائله ودلائل نبوته وأردفناها بما أخبر به عن الغيوب التي وقعت بعده ﷺ، وقد طابق ذلك إخباره كما شوهد ذلك عيانا قبل زماننا هذا، وقد أوردنا جملة في آخر كتاب دلائل النبوة من سيرته ﷺ وذكرنا عند كل زمان ما ورد فيه من الحديث الخاص به عند ذكرنا حوادث ووفيات الأعيان كما بسطنا في كل سنة ما حدث للخلفاء والوزراء والأمراء والفقهاء والصلحاء والشعراء والتجار والأدباء والمتكلمين ذوي الآراء وغيرهم من النبلاء، ولو أعدنا ذكر الأحاديث المتقدمة هاهنا مبسوطا لطال ذلك، ولكن نشير إلى ذلك إشارة لطيفة ثم نعود إلى ما قصدنا إليه هاهنا وبالله المستعان.

بعض ما أخبر الرسول عليه السلام بأنه سيقع

إشارة نبوية إلى أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه سيلي أمر الأمة بعد الرسول عليه السلام:

فمن ذلك قوله ﷺ لتلك المرأة التي قال لها ارجعي فقالت أرأيت إن لم أجدك كأنها تعرض بالموت فقال: "إن لم تجديني فآتي أبا بكر" رواه البخاري فكان القائم بعده بالأمر أبو بكر، وقوله ﷺ حين أراد أن يكتب للصديق كتابا بالخلافة فتركه لعلمه أن أصحابه لا يعدلون عنه لعلمهم بسابقته وفضله رضي الله عنه فقال: "يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر" فوقع كذلك وهو في الصحيح أيضا، وقوله: "باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" رواه أحمد وابن ماجة والترمذي وحسنه وصححه ابن اليمان، وقد روي من طريق ابن مسعود وابن عمر وأبي الدرداء، وقد بسطنا القول في هذا في فضائل الصحيحين والمقصود: أنه وقع الأمر كذلك ولي أبو بكر الصديق بعد رسول الله ﷺ الخلافة ثم وليها بعده عمر بن الخطاب كما أخبر ﷺ سواء بسواء.

إشارة نبوية إلى أن المسلمين يفتتحون مصر

وروى مالك والليث عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال: "إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط" وفي رواية: "فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما".

وقد افتتحها عمرو بن العاص في سنة عشرين أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفي صحيح مسلم عن أبي ذر عن رسول الله ﷺ: "إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما".

إشارة نبوية إلى أن دولتي فارس والروم ستذهبان إلى غير عودة

وقال ﷺ فيما ثبت عنه في الصحيحين: "إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله".

وقد وقع ذلك كما أخبر سواء بسواء، فإنه في زمن أبي بكر وعمر وعثمان انزاحت يد قيصر ذلك الوقت واسمه هرقل عن بلاد الشام والجزيرة وثبت ملكه مقصورا على بلاد الروم فقط والعرب إنما كانوا يسمون قيصر لمن ملك الروم مع الشام والجزيرة، وفي هذا الحديث بشارة عظيمة لأهل الشام وهي أن يد ملك الروم لا تعود إليها أبد الآبدين ودهر الداهرين إلى يوم الدين، وسنورد هذا الحديث قريبا إن شاء الله بإسناده ومتنه، وأما كسرى فإنه سلب عامة ملكه في زمن عمر ثم استأصل ما في يده في خلافة عثمان، وقيل في سنة اثنتين وثلاثين ولله الحمد والمنة، وقد بسطنا ذلك مطولا فيما سلف وقد دعا عليه رسول الله ﷺ حين بلغه أنه مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه بأن يمزق ملكه كل ممزق فوقع الأمر كذلك.

إشارة نبوية إلى أن عمر رضي الله عنه سيقتل

وثبت في الصحيحين من حديث الأعمش وجامع بن راشد عن شفيق بن سلمة عن حذيفة قال: كنا جلوسا عند عمر فقال: أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه في الفتنة؟ قلت: أنا. قال: هات إنك لجريء، فقلت ذكر فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال: ليس هذا أعني إنما أعني التي تموج موج البحر فقلت يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها بابا مغلقا فقال: "ويحك أيفتح الباب أم يكسر؟ فقلت بل يكسر قال إذا لا يغلق أبدا قلت أجل فقلنا لحذيفة فكان عمر يعلم من الباب؟".

قال: نعم إني حدثته حديثا ليس بالأغاليط فقال فهبنا أن نسأل حذيفة من الباب فقلنا المسروق فسأله فقال عمر هكذا وقع الأمر سواء بعدما قتل في سنة ثلاث وعشرين وقعت الفتن بين الناس وكان قتله سبب انتشارها بينهم.

إشارة نبوية إلى ما سيصيب عثمان بن عفان رضي الله عنه من المحنة

وأخبر ﷺ عن عثمان بن عفان أنه من أهل الجنة على بلوى تصيبه، فوقع الأمر كذلك حصر في الدار كما بسط ذلك في موضعه وقتل صابرا محتسبا شهيدا رضي الله عنه، وقد ذكرنا عند مقتله ما ورد من الأحاديث في الإنذار لذلك والإعلام به قبل كونه فوقع طبق ذلك سواء بسواء، وذكرنا في يومي الجمل وصفين ما ورد من الأحاديث بكون ذلك وما وقع فيهما من الفتنة والأخبار والله المستعان.

إشارة نبوية إلى أن عمار بن ياسر رضي الله عنه سيقتل

وكذلك الإخبار بمقتل عمار، وأما ذكر الخوارج الذين قتلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومقتهم وبعث ذي الندبة منهم، فالأحاديث الواردة في ذلك كثيرة جدا وقد حررنا ذلك فيما سلف ولله الحمد والمنة وقد ذكرنا عن مقتل علي الحديث المذكور الوارد في ذلك بطرقه وألفاظه.

تحديد الرسول مدة الخلافة من بعده بثلاثين سنة وإشارته إلى أنها ستتحول بعد ذلك إلى ملك عضوض

وتقدم الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وحسنه من طريق سعيد بن جهمان عن سفينة أن رسول الله ﷺ قال: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا.

وقد اشتملت هذه الثلاثون سنة على خلافة أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق وعثمان الشهيد، وعلي بن أبي طالب الشهيد أيضا، وكان ختامها وتمامها بستة أشهر وليها الحسن بن علي بعد أبيه، وعند تمام الثلاثين نزل عن الأمر لمعاوية بن أبي سفيان سنة أربعين وأصفقت البيعة لمعاوية بن أبي سفيان وسمي ذلك عام الجماعة وقد بسطنا ذلك فيما تقدم.

إشارة نبوية إلى أن الله سيصلح بالحسن رضي الله عنه بين فئتين عظيمتين من المسلمين

وروى البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله يقول والحسن بن علي إلى جانبه على المنبر: "ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" وهكذا وقع سواء.

إشارة نبوية إلى أن أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها ستموت في غزوة بحرية

وثبت في الصحيحين عن أم حرام بنت ملحان أن رسول الله ﷺ ذكر أن غزواته في البحر تكون فرقتين وتكون أم حرام مع الأولين، وقد كان ذلك في سنة سبع وعشرين مع معاوية حين استأذن عثمان في غزو قبرص فأذن له فركب بالمسلمين في المراكب حتى دخلها وفتحها قسرا، وتوفيت أم حرام في هذه الغزوة في البحر وقد كانت مع زوجة معاوية فأخته بنت قرظة، وأما الثانية فكانت في سنة اثنتين وخمسين في أيام ملك معاوية وقد أمر معاوية ابنه يزيد على الجيش إلى غزو القسطنطينية، وكان معه سادات الصحابة منهم أبو أيوب الأنصاري وخالد بن يزيد رضي الله عنه فمات هنالك وأوصى إلى يزيد بن معاوية وأمره أن يدفنه تحت سنابك الخيل وأن يوغل به إلى أقصى ما يمكن أن ينتهي به إلى جهة نهر العدو ففعل ذلك، وتفرد البخاري بما رواه من طريق ثور بن يزيد بن خالد بن معدان عن عمر بن الأسود العنسي عن أم حرام أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول: "أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا قالت أم حرام فقلت يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: إنك فيهم قالت: ثم قال رسول الله ﷺ "أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم قلت أنا منهم يا رسول الله قال: لا".

إشارة نبوية إلى أن الجيش المسلم سيصل إلى الهند والسند

وقال الإمام أحمد، حدثنا يحيى بن إسحاق، أنا البراء، عن الحسن، عن أبي هريرة. وحدثني خليلي الصادق رسول الله ﷺ أنه قال: "يكون في هذه الأمة بعث إلى السند والهند" فإن أنا أدركته واستشهدت فذاك وإن أنا فذكر كلمة رجعت فأنا أبو هريرة المحرر قد أعتقني من النار" ورواه أحمد أيضا عن هشيم عن سيار عن جبر بن أبي عبيدة عن أبي هريرة قال: وعدنا رسول الله ﷺ غزوة الهند فإن استشهدت كنت من خير الشهداء، وإن رجعت فأنا أبو هريرة المحرر. ورواه النسائي من حديث هشام وزيد بن أبي أنيسة عن سيار عن جابر، ويقال هذا خبر عن أبي هريرة فذكروه، وقد غزا المسلمون الهند في سنة أربع وأربعين في إمارة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فجرت هناك أمور فذكرناها مبسوطة، وقد غزاها الملك الكبير السعيد المحمود بن شنكنكير صاحب بلاد غزنة وما والاها في حدود أربعمائة ففعل هنالك أفعالا مشهورة وأمورا مشكورة وكسر الصنم الأعظم المسمى بسومنات وأخذ قلائده وسيوفه ورجع إلى بلاده سالما غانما، وقد كان نواب بني أمية يقاتلون الأتراك في أقصى بلاد السند والصين. وقهروا ملكهم القال الأعظم ومزقوا عساكره واستحوذوا على أمواله وحواصله، وقد وردت الأحاديث بذكر صفتهم ونعتهم ولنذكر شيئا من ذلك على سبيل الإيجاز.

إشارة نبوية إلى أن المسلمين سيقاتلون الترك

قال البخاري، حدثنا أبو اليمان، وأخبرنا أبو شعيب، أخبرنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر وحتى تقاتلوا الترك صغار الأعين حمر الوجوه ذلف الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة وتجدون خير الناس أشدهم كراهة لهذا الأمر حتى يدخل فيه والناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام وليأتين على أحدكم زمان لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله".

تفرد به البخاري، ثم قال حدثنا يحيى حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا حورا وكرمان من الأعاجم حمر الوجوه فطس الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة نعالهم الشعر"، وأخرجه الجماعة سوى النسائي من حديث سفيان بن عيينة، ورواه مسلم من حديث إسماعيل بن أبي خالد كلاهما عن قيس بن أبي حازم، عن أبي هريرة فذكر نحوه. قال سفيان بن عيينة وهم أهل البارز كذا يقول سفيان، ولعل البارز هو سوق الفسوق الذي لهم، وقال أحمد: حدثنا عفان، حدثنا جرير بن حازم سمعت الحسن، حدثنا عمرو بن ثعلب، سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة". ورواه البخاري من حديث جرير بن حازم، والمقصود أن الترك قاتلهم الصحابة فهزموهم وغنموهم وسبوا نساءهم وأبناءهم، وظاهر هذا الحديث يقتضي أن يكون هذا من أشراط الساعة، فإن كانت أشراط الساعة لا تكون إلا بين يديها قريبا فقد يكون هذا أيضا واقعا مرة أخرى عظيمة بين المسلمين وبين الترك حتى يكون آخر ذلك خروج يأجوج ومأجوج كما سيأتي ذكر أمرهم، وإن كانت أشراط الساعة أعم من أن تكون بين يديها قريبا منها فإنها تكون مما يقع في الحملة ولو تقدم قبلها بدهر طويل، إلا أنه مما وقع بعد زمن النبي ﷺ، وهذا هو الذي يظهر بعد تأمل الأحاديث الواردة في هذا الباب كما سترى ذلك قريبا إن شاء الله تعالى، وذكرنا ما ورد في مقتل الحسين بن علي بكربلاء في أيام يزيد بن معاوية كما سلف، وما ورد في الأحاديث من ذكر خلفاء بني أمية وغلمة بني عبد المطلب.

إشارة نبوية إلى ما سيكون من تولي بعض الصبية لأمر المسلمين وما سيكون في ذلك من فساد وإفساد

وقال أحمد: حدثنا روح، حدثنا أبو أمية هم وابن يحيى بن سعيد بن العاص، أخبرني جدي سعيد بن عمرو بن سعيد عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "هلكة أمتي على يدي غلمة" فقال مروان وما معنا في الحلقة أحد قبل أن يلي: شيئا فلعنة الله عليهم غلمة. قال وأنا والله لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت. قال: فكنت أخرج مع أبي إلى بني مروان بعد ما ملكوا فإذا هم يبايعون الصبيان ومنهم من يبايع له وهو في حزامه، فقلت هل عسى أصحابكم هؤلاء أن يكونوا الذين سمعت أبا هريرة، قال لنا عنهم إن هذه الملوك يشبه بعضها بعضا. ورواه البخاري بنحوه عن أبي هريرة، والأحاديث في هذا كثيرة جدا وقد حررناها في دلائل النبوة، وتقدم الحديث في ذكر الكذاب والمبير من ثقيف، والكذاب هو المختار بن أبي عبيد الذي ظهر بالكوفة أيام عبد الله بن الزبير، والمبير هو الحجاج بن يوسف الثقفي الذي قتل عبد الله بن الزبير كما تقدم، وتقدم حديث الرايات السود التي جاء بها بنو العباس حين استلبوا الملك من أيدي بني أمية وذلك في سنة اثنتين وثلاثمائة حيث انتقلت الخلافة من مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص، ويعرف بمروان الحمار ومروان الجعدي لتعلمه على الجعد بن درهم المعتزلي، وكان آخر خلفاء بني أمية وصارت للسفاح المصرح بذكره في حديث رواه أحمد بن حنبل في مسنده، وهو أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أول خفاء بني العباس كما تقدم ذلك، وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا جرير بن حازم، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل، عن النبي ﷺ قال: "إن الله بدأ هذا الأمر نبوة ورحمة وسيكون خلافة ورحمة وسيكون عزا وحرمة وسيكون ملكا عضوضا وفسادا في الأمة يستحلون به الفروج والخمور والحرير وينصرون على ذلك ويرزقون أبدا حتى يلقوا الله عز وجل". وروى البيهقي من حديث عبد الله بن الحارث بن محمد بن حاطب الجمحي، عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "يكون بعد الأنبياء خلفاء يعملون بكتاب الله ويعدلون في عباد الله، ثم يكون من بعد الخلفاء ملوك يأخذون بالثأر ويقتلون الرجال ويصطفون الأموال فمغير بيده ومغير بلسانه ومغير بقلبه وليس وراء ذلك من الإيمان شيء". وثبت في صحيح البخاري من حديث شعبة عن فرات الفرار عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: "كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وإنه سيكون خلفاء كثيرون لما قالوا فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: "فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم". وفي صحيح مسلم من حديث أبي رافع، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: "ما كان نبي إلا كان له حواريون يهدون بهديه ويستنون بسنته. ثم يكون من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويعملون ما ينكرون".

إشارة نبوية إلى أن اثني عشر خليفة قرشيا سيلون أمر الأمة الإسلامية

وثبت في الصحيحين من رواية عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، عن النبي ﷺ "يكون اثنا عشر خليفة كلهم من قريش". رواه أبو داود من طريق أخرى عن جابر بن سمرة سمعت رسول الله ﷺ يقول: "لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون". وفي رواية: لا تزال هذه الأمة مستقيما أمرها ظاهرة على عدوها حتى يمضي منهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش قالوا ثم يكون ماذا؟ قال: ثم تكون الفرج" فهؤلاء المبشر بهم في الحديثين ليسوا الاثني عشر الذين زعم فيهم الروافض ما يزعمون من الكذب والبهتان وأنهم معصومون، لأن أكثر أولئك لم يل أحد منهم شيئا من أعمال هذه الأمة في خلافة، بل ولا في قطر من الأقطار ولا بلد من البلدان، وإنما ولي منهم علي وابنه الحسن بن علي رضي الله عنهما.

ليس المقصود بالخلفاء القرشيين الاثني عشر أولئك الذين تتابعوا بعد الرسول عليه السلام سردا

وليس المراد من هؤلاء الاثني عشر الذين تتابعت ولايتهم سردا إلى أثناء دولة بني أمية لأن حديث سفينة: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة" يمنع من هذا الملك، وإن كان البيهقي قد رجحه وقد بحثنا معه في كتاب دلائل النبوة في كتابنا هذا بما أغنى عن إعادته ولله الحمد، ولكن هؤلاء الأئمة الاثني عشر وجد منهم الأئمة الأربعة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي وابنه الحسن بن علي أيضا، ومنهم عمر بن عبد العزيز كما هو عند كثير من الأئمة وجمهور الأمة ولله الحمد، وكذلك وجد منهم طائفة من بني العباس وسيوجد بقيتهم فيما يستقبل من الزمان حتى يكون منهم المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة فيه كما سيأتي بيانها وبالله المستعان وعليه التكلان، وقد نص على هذا الذي بيناه غير واحد كما قررنا ذلك.

عدم صحة ما ورد من أن الآيات بعد المائتين وأن خير المسلمين بعد المائتين من لا أهل له ولا ولد

قال ابن ماجه: حدثنا الحسن بن علي الخلال، حدثنا عون بن عمارة، حدثني عبد الله بن المثنى بن ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك، عن أبيه، عن جده، عن أنس، عن أبي قتادة قال: قال رسول الله ﷺ: "الآيات بعد المائتين"، ثم أورده ابن ماجه من وجهين آخرين عن أنس عن النبي ﷺ بنحوه ولا يصح، ولو صح فهو محمول على ما وقع من الفتنة بسبب القول بخلق القرآن والمحنة للإمام أحمد بن حنبل وأصحابه من أئمة الحديث كما بسطنا ذلك هنالك، وروى رواد بن الجراح وهو منكر الرواية عن سفيان الثوري عن ربعي عن حذيفة مرفوعا: "خيركم بعد المائتين خفيف الحاذ" قالوا: وما خفيف الحاذ يا رسول الله؟ قال: "من لا أهل له ولا ولد" وهذا منكر.

خير القرون قرن الرسول عليه السلام ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم تنتشر المفاسد

وثبت في الصحيحين من حديث شعبة، عن أبي حمزة، عن زهدم بن ضرب، عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ﷺ: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم قال عمران فلا أدري ذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن" وهذا لفظ البخاري.

ذكر سنة خمسمائة

قال أبو داود: حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا أبو المغيرة، حدثني صفوان، عن شريح بن عبيد، عن سعد بن أبي وقاص، عن النبي ﷺ أنه قال: "إني لأرجو أن تنجو أمتي عند ربها من أن يؤخرها نصف يوم قيل لسعد وكم نصف يوم قال خمسمائة سنة". وقد تفرد به أبو داود، وأخرج أحمد بن حنبل عن أبي ثعلبة الخشني من قوله مثل ذلك وهذا التحديد بهذه المدة لا يبقى ما يزيد عليها إن صح رفع الحديث، والله أعلم.

لم يصح عن الرسول أنه لا يمكث في الأرض قبل الساعة ألف سنة ولم يحدد الرسول مدة معينة لقيام الساعة

فأما ما يورده كثير من العامة من أن النبي ﷺ لا يؤلف تحت الأرض فليس له أصل. ولا ذكر في كتب الحديث المعتمدة ولا سمعناه في شيء من المبسوطات ولا شيء من المختصرات، ولا ثبت في حديث عن النبي ﷺ أنه حدد وقت الساعة بمدة محصورة وإنما ذكر شيئا من أشراطها وأماراتها وعلاماتها على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.

ذكر الخبر الوارد في ظهور نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى من أرض الشام

قال البخاري: حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب عن الزهري قال: قال سعيد بن المسيب أخبرني أبو هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى"ورواه مسلم من حديث الليث عن عقيل عن ابن شهاب.

ظهور النار في المدينة واستمرارها شهرا عام 654 للهجرة

وقد ذكر الشيخ شهاب الدين أبو شامة، وكان شيخ المحدثين في زمانه وأستاذ المؤرخين في أوانه أنه في سنة أربع وخمسين وستمائة في يوم الجمعة خامس جمادى الآخرة ظهرت نار بأرض المدينة النبوية في بعض تلك الأودية طول أربعة فراسخ وعرض أربعة أميال تسيل الصخر حتى يبقى مثل الآنك، ثم يصير كالفحم الأسود وإن ضوءها كان الناس يسيرون عليه بالليل إلى تيماء وأنها استمرت شهرا، وقد ضبط ذلك أهل المدينة وعملوا فيها أشعارا، وقد ذكرناها فيما تقدم. وأخبرني قاضي القضاة صدر الدين علي بن القاسم الحنفي قاضيهم بدمشق عن والده الشيخ صفي الدين مدرس الحنفية ببصرى أنه أخبره واحد من الأعراب صبيحة تلك الليلة ممن كان بحاضرة بلد بصرى أنهم شاهدوا أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت من أرض الحجاز.

ذكر إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب المستقبلة بعد زماننا هذا

قال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا أبو عاصم، حدثنا عروة عن ثابت، حدثنا عليان بن أحمد البكري، حدثنا أبو زيد الأنصاري قال: "صلى بنا رسول الله ﷺ صلاة الصبح ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر ثم نزل فصلى العصر ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غابت الشمس فحدثنا بما كان وما هو كائن فأعلمنا أحفظنا". وقد رواه مسلم منفردا في كتاب الفتن من صحيحه عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وحجاج بن الشاعر عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل عن عروة عن علي عن أبي يزيد وهو عمرو بن أخطب بن رفاعة الأنصاري.

إشارات نبوية إلى الأحداث الماضية والمستقبلة حتى قيام الساعة

وقال البخاري في كتاب بدء الخلق من صحيحه، وروى عن عيسى بن موسى عنجار عن رقية عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال، سمعت عمر بن الخطاب يقول: قام فينا رسول الله ﷺ مقاما.

"فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه"

هكذا ذكره البخاري تعليقا بصيغة التمريض، عن عيسى بن موسى عنجار عن أبي حمزة عن رقية فالله أعلم، وقال أبو داود في أول كتاب الفتن من سننه: حدثنا عثمان عن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال: "قام فينا رسول الله ﷺ قائما". "فما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه حفظه من حفظه ونسيه من نسيه قد علمه أصحابي هؤلاء وإنه ليكون الشيء فأذكرة كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عرفه".

شهادة حذيفة بحدوث بعض ما أخبر به الرسول عليه السلام لم يبق من الدنيا إلا اليسير

وهكذا رواه البخاري من حديث سفيان الثوري، ومسلم من حديث جرير كلاهما عن الأعمش به، وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق. أخبرنا معمر عن علي بن زيد عن أبي نصرة عن أبي سعيد قال: "صلى بنا رسول الله ﷺ صلاة العصر ذات يوم ثم قام فخطبنا إلى أن غابت الشمس فلم يدع شيئا مما يكون إلى يوم القيامة إلا حدثناه حفظ ذلك من حفظه ونسي ذلك من نسيه فكان مما قال: يا أيها الناس إن الدنيا خضرة حلوة وإن الله استخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء إلى أن قال وقد دنت الشمس أن تغرب وإن ما بقي من الدنيا فيما مضى مثل ما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه".

علي بن زيد بن حدجان التيمي له غرائب ومنكرات، ولكن لهذا الحديث شواهد من وجوه أخر، وفي صحيح مسلم من طريق أبي نصرة عن أبي سعيد بعضه وفيه الدلالة على ما هو المقطوع به أن ما بقي من الدنيا بالنسبة إلى ما مضى منها شيء يسير جدا ومع هذا لا يعلم مقداره على التبيين والتحديد إلا الله عز وجل.

لا أساس للإسرائيليات التي تحمد ما مضى وما بقي من الدنيا

كما لا يعلم مقدار ما مضى إلا الله عز وجل والذي في كتب الإسرائيليين وأهل الكتاب من تحديد ما سلف بألوف ومئات من السنين قد نص غير واحد من العلماء على تخبطهم فيه وتغليطهم، وهم جديرون بذلك حقيقيون به وقد ورد في حديث: "الدنيا جمعة من جمع الآخرة".

ولا يصح إسناده أيضا، وكذا كل حديث ورد فيه تحديد وقت يوم القيامة على التعيين لا يثبت إسناده وقد قال الله تعالى: "يسألونك عن الساعة أيان مرساها، فيم أنت من ذكراها، إلى ربك منتهاها، إنما أنت منذر من يخشاها، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها".

وقال: "يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

والآيات في هذا والأحاديث كثيرة وقال الله تعالى: "اقتربت الساعة وانشق القمر".

وثبت في الحديث الصحيح: "بعثت أنا والساعة كهاتين".

اقتراب الساعة

وفي رواية: "إن كادت لتسبقني" وهذا يدل على اقترابها بالنسبة إلى ما مضى من الدنيا. وقال تعالى: "اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون".وقال تعالى: "أتى أمر الله فلا تستعجلوه".

وقال تعالى: "يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق".

حشر المسلم مع من أحب يوم القيامة

وفي الصحيح أن رجلا من الأعراب سأل رسول الله ﷺ عن الساعة فقال: "إنها كائنة فما أعددت لها؟ فقال الرجل والله يا رسول الله لم أعد لها كثرة صلاة ولا عمل ولكنني أحب الله ورسوله، فقال: أنت مع من أحببت" فما فرح المسلمون بشيء فرحهم بهذا الحديث.

من مات فقد قامت قيامته

وفي بعض الأحاديث أنه عليه السلام سئل عن الساعة فنظر إلى غلام فقال: "لن يدرك هذا الهرم حتى تأتيكم ساعتكم".

والمراد انخرام قرنهم ودخولهم في عالم الآخرة، فإن كل من مات فقد دخل في حكم الآخرة، وبعض الناس يقول: من مات فقد قامت قيامته، وهذا الكلام بهذا المعنى صحيح، وقد يقول هذا، بعض الملاحدة ويشيرون به إلى شيء آخر من الباطل، فأما الساعة العظمى وهي وقت اجتماع الأولين والآخرين في صعيد واحد فهذا مما استأثر الله تعالى بعلم وقته.

مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله

كما ثبت في الحديث: "خمس لا يعلمهن إلا الله ثم قرأ: "إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير".

الرسول عليه السلام لا يعلم متى الساعة

ولما جاء جبريل عليه الصلاة والسلام في صورة أعرابي فسأل عن الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان أجابه ﷺ عن ذلك، فلما سأله عن الساعة قال له: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال فأخبرني عن أشراطها فأخبره عن ذلك كما سيأتي إيراده بسنده ومتنه مع إسناده وأشكاله من الأحاديث.

باب ذكر الفتن جملة

ثم تفصيل ذكرها بعد ذلك إن شاء الله تعالى

إشارة نبوية إلى تعاقب الخير والشر

قال البخاري: حدثنا يحيى بن موسى، حدثنا الوليد، حدثنا ابن جابر، حدثني بئر بن عبد الرحمن الحضرمي، حدثني أبو إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كنا الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله: "إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن قلت: وما دخنه؟ فقال: قوم يهدون بغير هديي يعرف منهم وينكر قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت يا رسول الله صفهم لنا. قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأ مرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة. قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك".ثم رواه البخاري أيضا ومسلم، عن محمد بن المثنى، عن الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به ونحوه.

عودة الإسلام غريبا كما بدأ

وثبت في الصحيح من حديث الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء قيل ومن الغرباء؟ قال: النزائح من القبائل".ورواه ابن ماجة عن أنس وأبي هريرة.

باب افتراق الأمم

وقال ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وتفرقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقة".ورواه أبو داود عن وهب بن تقية عن خالد عن محمد بن عمرو به.

إشارة نبوية إلى أن الفتن ستفرق الأمة وأن النجاة ستكون في لزوم الجماعة

وقال حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كريش بن دينار الحمصي، حدثنا عباد بن يوسف، حدثنا صفوان بن عمرو، عن راشد بن سعد، عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "إفترق اليهود على إحدى وسبعين فرقة فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة، والذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة فواحدة في الجنة واثنتان وسبعون في النار" قيل يا رسول الله من تراهم؟ قال: "الجماعة".

تفرد به أيضا وإسناده لا بأس به أيضا، وقال ابن جماعة أيضا حدثنا هشام هو ابن عامر، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا أبو عمرو، وحدثنا قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة".

وهذا إسناد جيد قوي على شرط الصحيح تفرد به ابن ماجه أيضا، وقال أبو داود حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد يحيى بن فارس قالا حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان هو ابن عمرو، حدثنا أزهر بن عبد الله الحراري قال أحمد عن أبي عامر الهوزني عن معاوية بن أبي سفيان أنه قام فقال ألا إن رسول الله ﷺ قام فينا وقال: "ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وأن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة".

تفرد به أبو داود وإسناده حسن، وفي مستدرك الحاكم أنهم لما سألوه عن الفرقة الناجية من هم قال ما أنا عليه اليوم وأصحابي". وقد تقدم في حديث حذيفة أن المخلص من الفتن عند وقوعها اتباع الجماعة ولزوم الطاعة.

لا تجتمع الأمة على ضلالة

وقد قال: حدثنا العباس بن عثمان الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا معاذ بن رفاعة السلامي، حدثنا أبو خلف الأعمى أنه سمع أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن أمتي لن تجتمع على ضلالة فإذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم" ولكن هذا حديث ضعيف لأن معاذ بن رفاعة السلامي ضعفه غير واحد من الأئمة، وفي بعض الروايات عليكم بالسواد الأعظم الحق وأهله فأهل الحق هم أكثر الأمة ولا سيما في زمان الصدر الأول لا يكاد يوجد فيهم من هو على بدعة، وأما في الأعصار المتأخرة فلا يعدم الحق عصابة يقومون به.

الاذن باعتزال الناس عند اشتداد الفتن وتحكم الأهواء

كما قال في حديث حذيفة فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك".

وتقدم الحديث الصحيح. بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا. وورد في الحديث: "لا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله".

والمقصود أنه إذا ظهرت الفتن فإنه يسوغ اعتزال الناس حينئذ كما ثبت في الحديث: "فإذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخويصة نفسك ودع أمر العوام".

وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد قال: قال رسول الله ﷺ: "يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواضع القطر ناجيا بدينه من الفتن".

لم يخرجه مسلم، وقد رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من طريق ابن أبي صعصعة به، ويجوز حينئذ سؤال الوفاة عند حلول الفتن وإن كان قد نهى عنه لغير ذلك كما صح به الحديث.

النهي عن تمني الموت

وقال أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا ابن يونس، عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ أنه قال: "لا يتمنين أحدكم الموت لا يدعو به من قبل أن يأتيه وإنه إذا مات انقطع عمله وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا".

والدليل على جواز سؤال الموت عند الفتن الحديث الذي رواه أحمد في مسنده عن معاذ بن جبل في حديث المنام الطويل وفيه: "اللهم اني اسألك فعل الخيرات وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غيرمفتون اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربني إلى حبك".

وهذه الأحاديث دالة على أنه يأتي على الناس زمان شديد لا يكون للمسلمين جماعة قائمة بالحق إما في جميع الأرض وإما في بعضها.

رفع العلم بموت العلماء

وقد ثبت في الصحيح، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ﷺ قال: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بموت العلماء حتى إنه إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا".

إشارة نبوية إلى بقاء طائفة من الأمة على الحق حتى تقوم الساعة

وفي الحديث الآخر: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك".

وفي صحيح البخاري: "وهم على ذلك."

إشارة نبوية إلى أن الله سيبعث لهذه الأمة كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها

قال عبد الله بن المبارك وغير واحد من الأئمة وهم أهل الحديث، وقال أبو داود: حدثنا سلمان بن داود النهري، حدثنا ابن وهب، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، عن شراحيل بن يزيد المغازي عن أبي علقمة عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ قال: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها".

تفرد به أبو داود، ثم قال عبد الرحمن بن شريح لم يتحر شراحيل يعني أنه موقوف عليه، وقد ادعى كل قوم في إمامهم أنه المراد بهذا الحديث، والظاهر والله أعلم أنه يعم جملة أهل العلم من كل طائفة وكل صنف من أصناف العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء ونحاة ولغويين إلى غير ذلك من الأصناف والله أعلم، وقوله في حديث عبد الله بن عمرو: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلماء" ظاهر في أن العلم لا ينتزع من صدور الرجال بعد أن وهبهم الله إياه.

بعض أشراط الساعة التي أخبر بها الرسول عليه السلام

وقد ورد في الحديث الآخر الذي رواه ابن ماجه عن بندار ومحمد بن المثنى عن غندر عن شعبة سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك قال: ألا أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله ﷺ لا يحدثكم به أحد بعدي؟ سمعت منه: "أن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل ويفشو الزنا وتشرب الخمر ويذهب الرجال وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد". وأخرجاه في الصحيحين من حديث غندر به.

رفع العلم من الناس في آخر الزمان

وقال ابن ماجه: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي وكيع، عن الأعمش عن شقيق، عن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: "يكون بين يدي الساعة أيام، يرفع فيها العلم وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج"، والهرج القتل، وهكذا رواه البخاري ومسلم من حديث الأعمش به.

وقال ابن ماجة: حدثنا أبو معاوية، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله ﷺ: "يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى ما يدرى صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة ويسري النسيان على الكتاب في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون أدركنا أبانا على هذه الكلمة لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة فأعرض عنه حذيفة فرددها عليه ثلاثا كل ذلك يعرض عنه حذيفة ثم أقبل عليه في الثالثة فقال فاصلة تنجيهم من النار".

وهذا دال على أن العلم قد يرفع من الناس في آخر الزمان حتى إن القرآن يسري عليه النسيان في المصاحف والصدور ويبقى الناس بلا علم، وإنما الشيخ الكبير والعجوز المسنة يخبران بأنهم أدركوا الناس وهم يقولون لا إله إلا الله فهم يقولونها على وجه التقريب إلى الله عز وجل فهي نافعة لهم وإن لم يكن عندهم من العمل الصالح والعلم النافع غيرها، وقوله: تنجيهم من النار يحتمل أن يكون المراد أنها تدفع عنهم دخول النار بالكلية ويكون فرضهم القول المجرد لعدم تكليفهم بالأفعال التي لم يخاطبوا بها والله تعالى أعلم، ويحتمل أن يكون المعنى أنها تنجيهم من النار بعد دخولها، وعلى هذا فيحتمل أن يكونوا من المراد بقوله تعالى في الحديث القدسي:

"وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال يوما من الدهرلا إله إلا الله".

كما سيأتي بيانه في مقامات الشفاعة، ويحتمل أن يكون أولئك قوما آخرين والله أعلم، والمقصود أن العلم يرفع في آخر الزمان ويكثر الجهل، وفي هذا الحديت إخبار بأنه ينزل الجهل أي يلهم أهل ذلك الزمان الجهل وذلك من الخذلان نعوذ بالله منه، ثم لا يزالون كذلك في تزايد من الجهالة والضلالة إلى أن تنتهي الحياة الدنيا كما جاء في الحديث ما أخبر به الصادق المصدوق في قوله: "لا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله ولا تقوم إلا على شرار الناس".

ذكر شرور تحدث في آخر الزمان

وإن كان قد وجد بعضها في زماننا أيضا

إشارة نبوية إلى بعض شرور ستكون

قال أبو عبد الله بن ماجة رحمه الله في كتاب الفتن من سننه، حدثنا محمود بن خالد الدمشقي، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن أبي أيوب، عن ابن مالك، عن أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عمر قال: أقبل علينا رسول الله ﷺ فقال: ذكر شرور تحدث في آخر الزمان وإن كان قد وجد بعضها في زماننا أيضا.

"يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا آلقطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله وسخروا بما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم".

تفرد به ابن ماجه وفيه غرابة، وقال الترمذي: حدثنا صالح بن عبد الله، حدثنا الفرج بن فضالة الشامي، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل فيها البلاء قيل وما هي يا رسول الله؟ قال إذا كان المغنم دولا والأمانة مغنما والزكاة مغرما وأطاع الرجل زوجته وعق أمه وبر صديقه وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم الرجل مخافة شره وشربت الخمر ولبس الحرير واتخذت القينات والمعازف ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء أو خسفا أو مسخا".

ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث علي إلا من هذا الوجه، ولا نعلم أحدا

روى هذا الحديث عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن أبي الفرج بن فضالة، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، وقد روى عنه وكيع وغير واحد من الأئمة، وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن الحسين القيسي، حدثنا يونس بن أرقم، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن، عن زيد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب قال: صلى بنا رسول الله ﷺ صلاة الصبح فلما صلى صلاته ناداه رجل متى الساعة فزبره رسول الله ﷺ وانتهره وقال اسكت حتى إذا أسفر رفع طرفه إلى السماء فقال: تبارك رافعها ومدبرها ثم رمى ببصره إلى الأرض فقال تبارك داحيها وخالقها، ثم قال أين السائل عن الساعة فجثا الرجل على ركبتيه فقال أنا بأبي أنت وأمي سألتك فقال: "ذلك عند حيف الأئمة وتصديق بالنجوم وتكذيب بالقدر، وحتى تتخذ الأمانة مغنما والصدقة مغرما والفاحشة زيادة فعند ذلك هلك قومك".

ثم قال البزار لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ويونس بن أرقم كان صادقا وروى عنه الناس وفيه ثقة شديدة، ثم قال الترمذي: حدثنا علي بن محمد، أخبرنا محمد بن يزيد عن المسلم بن سعيد عن رميح الحذامي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا اتخذ الغني والأمانة مغنما والزكاة مغرما وتعالم لغير الدين، وأطاع الرجل امرأته وعن أمه وأدنى صديقه وأقصى أباه، وظهرت الأصوات في المساجد وساد القبيلة فاسقهم وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم الرجل مخافة شره، وظهرت القينات والمعازف، وشربت الخمور، ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وخسفا ومسخا وقذفا وآيات تتابع كنظام بال قطع سلكه فتتابع".

ثم قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. حدثنا عباد بن يعقوب الكوفي، حدثنا عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش، عن هلال بن يساف، عن عمران بن حصين أن رسول الله ﷺ قال: "في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، فقال رجل من المسلمين ومتى ذلك يا سول الله؟ قال: إذا ظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور".

ثم قال هذا حديث غريب، وروي هذا الحديث عن الأعمش عن عبد الرحمن بن سابط عن النبي ﷺ مرسلا، وقال الترمذي: حدثنا موسى بن عبد الرحمن الكندي، حدثنا زيد بن الحباب، أخبرني موسى بن عبيدة، أخبرني عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا مشت أمتي المطيطى وجرفها ابناء الملوك فارس والروم سلط الله شرارها على خيارها".

حديث غريب، وقد رواه أبو معاوية عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر فذكره ولا نعرف له أصلا.

وثبت في الصحيحين، وسنن النسائي، واللفظ له من طريق عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، نحن أول الناس دخولا إلى الجنة"، وفي صحيح مسلم، من طريق جرير، عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ: "نحن الآخرون الأولون يوم القيامة؟ وأول من يدخل الجنة"، الحديث، روى الحافظ الضياء من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب، عن رسول الله ﷺ قال: "إن الجنة حرمت على الأنبياء كلهم حتى أدخلها، وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي"، وفي سنن أبي داود، من حديث أبي خالد الدالاني، مولى جعدة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، قال: "أتاني جبريل، فأراني باب الجنة الذي يدخل منه أمتي"، فقال أبو بكر: يا رسول الله، وددت أني معك حتى أنظر إليه، فقال رسول الله ﷺ: "أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي". وثبت في الصحيح: فيقول الله: أدخل من لا حساب عليه، من أمتك من الباب الأيمن، وهم شركاء الناس في بقية الأبواب، وفي الصحيحين من حديث الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله دعي من أبواب الجنة، وللجنة أبواب، فمن كان من أهل الصلاة يدعى من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، فقال أبو بكر: والله يا رسول الله، ما على أحد من ضرورة دعي من أيها دعي، فهل يدعى منها كلها أحد، يا رسول الله؟ قال: نعم، وأرجو أن تكون منهم"، وفي الصحيحين من حديث أبي حازم، عن سهل بن سعد: أن رسول الله ﷺ قال: "في الجنة ثمانية أبواب، باب منها يسمى الريان، لا يدخله إلا الصائمون فإذا دخلوا منه أغلق فلم يدخل منه أحد غيرهم".

ذكر دخول الفقراء الجنة قبل الأغنياء

قال أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: "تدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم، وهو خمسمائة عام"، وأخرجه الترمذي، وابن ماجه، من حديث محمد بن عمرو، قال الترمذي: حسن صحيح، وله طرق عن أبي هريرة، فمن ذلك ما رواه الثوري، عن محمد بن زيد، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ قال: "إن فقراء المؤمنين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم، وذلك خمسمائة عام"، الحديث بطوله، وقال أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا حيوة هو ابن شريح، أخبرني أبو هانئ: أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي، يقول: سمعت عبد الله بن عمر، يقول سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة، يعني إلى الجنة- بأربعين خريفا"، وكذا رواه مسلم، من حديث أبي هانىء حميد بن هانىء، به، وقال أحمد: حدثنا حسين، هو ابن محمد، حدثنا داود، هو ابن نافع، عن مسلم بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ﷺ: "التقى مؤمنان على باب الجنة، مؤمن غني، ومؤمن فقير، كانا في الدنيا، فأدخل الفقير الجنة، وحبس الغني، ما شاء الله أن يحبس، ثم أدخل الجنة، فلقيه الفقير، فقال: يا أخي، ماذا حبسك؟ والله لقد احتبست حتى خفت عليك، فيقول: أي أخي، إني حبست بعدك محبسا فظيعا كريها، ما وصلت إليك حتى سال مني من العرق ما لو ورده ألف بعير كلها أكلت حمضا لصدرت عنه راوية"، وثبت في الصحيحين من حديث أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد: أن رسول الله ﷺ قال: "قمت على باب الجنة، فإذا عامة من دخلها المساكين، وقمت على باب النار، فإذا عامة من يدخلها النساء"، وفي صحيح البخاري، من حديث مسلمة بن زرير، عن أبي رجاء، عن عمران بن حصين مثله، رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن أبي رجاء، عمران بن ملحان، عن عمران بن حصين، سمعت رسول الله ﷺ يقول: "نظرت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، ونظرت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء"، وروى مسلم عن شيبان بن فروخ، عن أبي الأشهب، عن أبي رجاء، عن ابن عباس: أن رسول الله ﷺ اطلع في النار، فرأى أكثر أهلها النساء، واطلع في الجنة، فرأى أكثر أهلها الفقراء.

وقد رواه مالك عن يحيى بن سعيد مرسلا، ثم روى من حديث صالح المزي عن سعيد الحريري عن أبي عثمان الهروي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا كان أمراؤكم خياركم ونقباؤكم سمحاءكم وأموركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم، وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأموركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها".

ثم قال غريب لا نعرفه إلا من حديث صالح المزي وله غرائب لا يتابع عليها وهو رجل صالح، وقال الإمام أحمد: حدثنا خلف بن الوليد، حدثنا عباد بن عباد، عن خالد بن سعيد، عن أبي الرداد، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: "لتضربن مضر عباد الله حتى لا يعبد الله وليضربنهم المؤمنون حتى لا يمنعوا".

تفرد به أحمد من هذا الوجه. قال أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد يعني ابن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس عن النبي ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد".

ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة

عبد الله بن زيد الجرمي، زاد أبو داود عن قتادة كلاهما عن أنس عن النبي ﷺ. وسيأتي ذكر أشراط الساعة في حديث ابن مسعود وفيه: "وتزخرفت المحاريب ونخرت القلوب". وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن مروان، أخبرنا شريك بن عبد الله، عن عثمان بن عمر، عن زادان أبي عمر، عن عليم قال: كنا جلوسا على سطح معنا رجل من أصحاب النبي ﷺ قال يزيد: لا أعلمه إلا عنس الغفاري والناس يخرجون في الطاعون، فقال عنس يا طاعون خذني قالها ثلاثا فقال له عليم لم تقول هذا؟ ألم يقل رسول الله ﷺ: "لا يتمنى أحدكم الموت فإن عنده انقطاع عمله ولا يرد فيستعتب" فقال: إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: "بادروا بالموت إمرة السفهاء وكثرة الشرط وبيع الحكم واستخفاف الذم وقطيعة الرحم ووجود فئة يتخذون القرآن مزامير يقدمونه للناس يلهونهم به وإن كانوا أقل منهم فقها". تفرد به أحمد.

فصل ذكر المهدي

الذي يكون في آخر الزمان وهو أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين وليس بالمنتظر الذي تزعم الروافض وترتجي ظهوره من سرداب في سامراء فإن ذاك ما لا حقيقة له ولا عين ولا أثر

أما ما سنذكره فقد نطقت به الأحاديث المروية عن رسول الله ﷺ أنه يكون في آخر الدهر وأظن ظهوره يكون قبل نزول عيسى ابن مريم كما دلت على ذلك الأحاديث.

بعض ما ورد في ظهور المهدي من الآثار

قال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا حجاج وأبو نعيم قالا: حدثنا قطر عن القاسم بن أبي برة عن أبي الطفيل قول حجاج سمعت عليا يقول قال رسول الله ﷺ: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله رجلا منا يملأها عدلا كما ملئت جورا.

قال أبو نعيم رجلا مني، وقال مرة يذكره عن حبيب عن أبي الطفيل عن علي عن النبي ﷺ. ورواه أبو داود، عن عثمان بن أبي شيبة، عن أبي نعيم الفضل بن دكين. وقال الإمام أحمد: حدثنا فضل بن دكين، حدثنا يس العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي قال: قال رسول الله ﷺ: "المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة".

رواه ابن ماجه عن عثمان بن أبي شيبة عن أبي داود الجبري عن يس العجلي وليس يس بن معاذ الزيات فهو ضعيف ويس العجلي هذا أوثق منه وقال أبو داود حديث عن هارون بن المغيرة حدثنا عمر بن أبي قيس عن شعيب بن خالد عن أبي إسحاق قال: قال علي ونظر إلى ابنه الحسن فقال إن ابني هذا سيد كما سماه رسول الله ﷺ وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم ﷺ يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق ثم ذكر قصة يملأ الأرض عدلا وقد عقد أبو داود السجستاني رحمه الله كتاب المهدي مفردا في سننه فأورد في صدره حديث جابر بن سمرة عن رسول الله ﷺ: "لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة". وفي رواية: "لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة" قال: فكبر الناس وضجوا ثم قال كلمة خفيفة فقلت لأبي ما قال؟ قال: كلهم من قريش وفي رواية قال فلما رجع إلى بيته أتته قريش فقالوا ثم يكون ماذا؟ قال "ثم تكون الفرج". ثم روى أبو داود من حديث سفيان الثوري، وأبي بكر بن عباش، وزائدة، وقطر، ومحمد بن عبيد وكلهم عن عاصم بن أبي النجود وهو ابن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن عبد الله هو ابن عبد الله بن مسعود عن النبي ﷺ قال: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم قال زائده لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجل مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي زاد من حديث قطر: "يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا".

وقال في حديث سفيان: "لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي".

وهكذا رواه أحمد، عن عمر بن عبيد وعن سفيان بن عيينة، ومن حديث سفيان الثوري كلهم عن عاصم به رواه الترمذي من حديث السنانيين وقال حسن صحيح. قال الترمذي: وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة، ثم قال الترمذي حدثنا عبد الجبار بن العلاء العطار، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي ﷺ قال: "يلي رجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي".

قال عاصم: وأخبرنا أبو عاصم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي الرجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي" هذا حديث حسن صحيح. وقال أبو داود: حدثنا سهل بن تمام بن بريع، حدثنا عمران القطان، عن قتادة، عن أبي نصرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله ﷺ: "المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يملك سبع سنين".

وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن إبراهيم جعفر الرقي حدثنا أبو المليح الحسن بن عمر عن زياد بن بيان عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله ﷺ يقول: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة".

قال عبد الله بن جعفر: سمعت أبا المليح يثني على علي بن نفيل ويذكر فيه صلاحا، ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أحمد بن عبد الملك، عن أبي المليح الرقي، عن زياد بن بيان به، وقال أبو داود: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن صالح بن الخليل، عن صاحب له عن أم سلمة زوج النبي ﷺ عن النبي ﷺ قال: "يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعث إليه بعث من الشام فتخسف بهم البيداء بين مكة والمدينة والمقام ويبعث إليه بعث من الشام فتخسف بهم البيداء بين مكة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه، ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثا فيظهرون عليهم وذلك بعث كلب والخيبة لمن لم يشهد بيعه كلب، فيقسم المال ويعمل في الناس سنة نبيه ويلقى الإسلام بجرانه إلى الأرض، فيلبث سبع سنين ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون".

وقال أبو داود: قال هارون يعني ابن المغيرة، حدثنا عمر بن أبي قيس، عن مطرف بن طريف، عن أبي الحسن، عن هلال بن عمرو سمعت عليا يقول قال النبي ﷺ: "يخرج رجل من وراء النهر يقال له الحارث بن حران على مقدمة رجل يقال له منصور يوطىء أو يمكن لآل محمد كما مكنت قريش لرسول الله ﷺ وجبت على كل مؤمن نصرته أو قال إجابته".

وقال ابن ماجه: حدثنا حرملة بن يحيى المصري وإبراهيم بن سعيد الجوهري قالا: حدثنا أبو صالح عبد الغفار بن داود الحراني، حدثنا ابن لهيعة عن أبي زرعة عن عمرو بن جابر الحضرمي عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال: قال رسول الله ﷺ: "يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي يعني سلطانه".

إخبار الرسول عليه السلام ببعض ما سيلاقي آل بيته الكرام من متاعب وأهوال

وقال ابن ماجه: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا علي بن صالح، عن يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله ﷺ اغرورقت عيناه وتغير لونه قال: فقلت ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه فقال: "إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود فيسألون الخبز فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا كما ملئت جورا، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولوحبوا على الثلج".

ففي هذا السياق إشارة إلى بني العباس كما تقدم التنبيه على ذلك عند ذكر ابتداء دولتهم في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وفيه دلالة على أن المهدي يكون بعد دولة بني العباس وأنه يكون من أهل البيت من ذرية فاطمة بنت الرسول ﷺ ثم من ولد الحسن والحسين، كما تقدم النص على ذلك في الحديث المروي عن علي بن أبي طالب والله تعالى أعلم. وقال ابن ماجه: حدثنا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف قالا، حدثنا عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن خالد الخزاعي أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال: قال رسول الله ﷺ: "يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقاتلونكم قتالا لم يقاتله قوم، ثم ذكر شيئا لا أحفظه قال فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي".

تفرد به ابن ماجه، وهذا إسناد قوي صحيح، والظاهر أن المراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة يقتل عنده ليأخذه ثلاثة من أولاد الخلفاء حتى يكون آخر الزمان فيخرج المهدي ويكون ظهوره من بلاد المشرق لا من سرداب سامراء كما تزعمه جهلة الرافضة من أنه موجود فيه الآن وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان، فإن هذا نوع من الهذيان وقسط كثير من الخذلان وهوس شديد من الشيطان إذ لا دليل عليه ولا برهان لا من كتاب ولا من سنة ولا من معقول صحيح ولا استحسان.

وقال الترمذي: حدثنا قتيبة، حدثنا رشيد بن سعد، عن يونس بن شهاب الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "يخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء".

هذا حديث غريب وهذه الرايات السود ليست هي التي أقبل بها أبو مسلم الخراساني فاستلهب بها دولة بني أمية في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، بل رايات سود أخر تأتي بصحبة المهدي وهو محمد بن عبد الله العلوي الفاطمي الحسني رضي الله عنه يصلحه الله في ليلة أي يتوب عليه ويوفقه ويفهمه ويرشده بعد أن لم يكن كذلك، ويؤيده بناس من أهل المشرق ينصرونه ويقيمون سلطانه ويشدون أركانه وتكون راياتهم سوداء أيضا وهو زي عليه الوقار لأن راية رسول الله ﷺ كانت سوداء يقال لها العقاب، وقد ركزها خالد بن الوليد على الثنية التي هي شرقي دمشق حين أقبل من العراق فعرفت الثنية بها فهي الآن يقال لها ثنية العقاب، وقد كانت عذابا على الكفرة من نصارى الروم والعرب ووطدت حسن العاقبة لعباد الله المؤمنين من المهاجرين والأنصار ولمن كان معهم وبعدهم إلى يوم الدين ولله الحمد، وكذلك دخل رسول الله ﷺ يوم الفتح إلى مكة وعلى رأسه المغفر وكان أسود وفي رواية كان متعمما بعمامة سوداء فوق البيضة صلوات الله وسلامه عليه، والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل خروجه وظهوره من ناحية المشرق ويبايع له عند البيت كما دل على ذلك نص الحديث، وقد أفردت في ذكر المهدي جزءا على حدة ولله الحمد.

وقال ابن ماجه أيضا: حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا محمد بن مروان العقيلي، حدثنا عمارة بن أبي حفصة، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال: "يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فتسع تنعم فيها أمتي نعمة لم يسمعوا بمثلها قط تؤتي الأرض أكلها ولا يدخر منها شيء والمال يومئذ كروس يقوم الرجل فيقول يا مهدي أعطني فيقول خذ".

وقال الترمذي: حدثنا محمد بن يسار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة سمعت زيدا العمي، سمعت أبا الصديق الناجي يحدث عن أبي سعيد الخدري قال: خشينا أن يكون بعد نبينا حدث فسألنا نبي الله ﷺ فقال: "إن في أمتي المهدي يخرج يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا يجيء إليه الرجل فيقول يا مهدي أعطني قال فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحملها". هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن النبي ﷺ، وأبو الصديق الناجي اسمه بكر بن عمرو، ويقال بكر بن قيس، وهذا يدل على أن أكبر مدته تسع وأقلها خمس أو سبع، ولعله هو الخليفة الذي يحثي المال حثيا والله تعالى أعلم. وفي زمانه تكون الثمار كثيرة والزروع غزيرة والمال وافرا والسلطان قاهرا والدين قائما والعدو راغما والخير في أيامه دائما.

وقال الإمام أحمد: حدثنا خلف بن الوليد، حدثنا عباد بن عباد، وحدثنا خالد بن سعيد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد: قال رجل والله ما يأتي علينا أمير إلا وهو شر من الماضي، قال أبو سعيد فقلت: لولا شيء سمعته من رسول الله ﷺ لقلت مثل ما يقول سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن من أمرائكم أميرا يحثو المال حثوا ولا يعده يأتيه الرجل فيسأله فيقول خذ فيبسط ثوبه فيحثو فيه وبسط رسول الله ﷺ ملحفة غليظة كانت عليه يحكى صنع الرجل ثم جمع عليه أكتافها قال فيأخذه ثم ينطلق".

تفرد به أحمد من هذا الوجه، وقال ابن ماجه: حدثنا هدبة بن عبد الوهاب، حدثنا سعد بن عبد الله الجنيد، عن جعفر، عن علي بن زياد اليماني، عن عكرمة بن عمار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي" قال شيخنا أبو الحجاج المزي: كذا وقع في سنن ابن ماجه. في هذا الإسناد علي بن زياد اليماني، والصواب عبد الله بن زياد السحيمي. قلت وكذا أورده البخاري في التاريخ، وابن حاتم في الجرح والتعديل وهو رجل مجهول وهذا الحديث منكر، فأما الحديث الذي رواه ابن ماجه في سننه حيث قال رحمه الله: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن إدريس الشافعي، حدثني محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال: "لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدبارا، ولا الناس إلا شحا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، وما المهدي إلا عيسى ابن مريم"، فإنه حديث مشهور بمحمد بن خالد الجندي الصنعاني المؤذن شيخ الشافعي، وقد روى عنه غير واحد أيضا وليس هو بمجهول كما زعمه الحاكم، بل قد روى عن ابن معين أنه وثقه، ولكن من الرواة من حدث به عنه أبان عن أبي عياش عن الحسن البصري مرسلا، وذكر شيخنا في التهذيب عن بعضهم أنه رأى الشافعي في المنام وهو يقول: كذب علي يونس بن عبد الأعلى الصدفي ويونس من الثقات لا يطعن فيه بمجرد منام، وهذا الحديث فيما يظهر بادىء الرأي مخالف للأدحاديث التي أوردناها في إثبات أن المهدي غير عيسى ابن مريم، أما قبل نزوله فظاهر والله أعلم، وأما بعده فعند التأمل لا منافاة بل يكون المراد من ذلك أن يكون المهدي حق المهدي هو عيسى ابن مريم ولا ينفي ذلك أن يكون غيره مهديا أيضا، والله أعلم.

ذكر أنواع من الفتن وقعت وستكثر وتتفاقم في آخر الزمان

إذا كثر المفسدون هلك الجميع وإن كان فيهم الصالحون

قال البخاري: حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا ابن عيينة أنه سمع الزهري يروي عن عروة عن زينب بنت أم سلمة، عن أم حبيبة، عن زينب بنت جحش أنها قالت استيقظ النبي ﷺ من النوم محمرا وهو يقول: "لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وعقد تسعين أو مائة قيل؟ أو نهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث".

وهكذا رواه مسلم، عن عمرو الناقد، عن سفيان بن عيينة، وقال: عقد سفيان بيده عشرة، وكذلك رواه عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس الزهري به. وقال: وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها، ثم رواه عن أبي بكر، عن ابن أبي شعبة وسعيد بن عمرو وزهر بن حرب وابن أبي عمر، عن سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن زينب، عن حبيبة، عن أم حبيبة، عن زينب فاجتمع فيه تابعيان وزينبان وزوجتان أربع صحابيات رضي الله عنهن.

وقال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: "فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وعقد وهيب به تسعين". وروى البخاري من حديث الزهري، عن هند بنت الحارث الفراسية أن أم سلمة زوج النبي ﷺ قالت استيقظ النبي ﷺ فزعا يقول: "سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الخزائن؟ وماذا أنزل الله من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات لكي يصلين؟ رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة".

إشارة نبوية إلى تغلغل الفتن في الأوساط الإسلامية

ثم روى البخاري ومسلم من حديث الزهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد قال: أشرف النبي ﷺ على أطم من أطام المدينة فقال: "هل ترون ما أرى؟ قالوا: لا، قال: فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع المطر".

وروي من حديث الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: "يتقارب الزمان وينقص العلم ويبقى الشح وتظهر الفتن ويكثر الهرج. قالوا يا رسول الله إيما هو؟ قال: القتل القتل".ورواه أيضا عن الزهري، عن حميد، عن أبي هريرة، ثم رواه من حديث الأعمش، عن سفيان، عن عبد الله بن مسعود وأبي موسى.

كل زمن يمضي هو خير من الذي يليه

وقال البخاري: حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن الزبير، عن عدي قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج، فقال: "اصبروا فإنه لا يأتي على الناس زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم سمعت هذا من نبيكم ﷺ". وروي عن الترمذي من حديث الثوري فقال حسن صحيح، وهذا الحديث يعبر عنه العوام فيما يوردونه بلفظ آخر كل عام ترذلون.

إشارة نبوية إلى ما سيكون من فتن شديدة تقتضي الحذر منا والبعد عنها

وروى البخاري ومسلم من حديث الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي من يشرف لها تستشرفه فمن وجد فيها ملجأ أو معاذا فليعد به". ولمسلم عن أبي بكرة نحوه بالبسط منه.

رفع الأمانة من القلوب

وقال البخاري: حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان، حدثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، حدثنا حذيفة قال: حدثنا رسول الله ﷺ حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر حدثنا قال: "إن الأمانة نزلت في جذور قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن ثم علموا من السنة وحدثنا عن رفعها قال: "ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الوكت"، ثم ينام النومة فتقبض فيبقى أثرها مثل أثر المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط، فتراه منتبرا ليس فيه شيء فيصبح الناس فيتبايعون ولا يكاد أحد يؤذي الأمانة، فيقال إن في بني فلان رجلا أمينا، ويقال للرجل ما أعقله وما أظرفة وما أجلده وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت، فإن كان مسلما رده علي الإسلام، وإن كان نصرانيا أو يهوديا رده علي ساعيه، وأما اليوم فما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا".ورواه مسلم من حديث الأعمش به، ورواه البخاري من حديث الزهري عن سالم عن أبيه.

إشارة نبوية إلى أن الفتنة ستظهر من جهة المشرق

ومن حديث الليث، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قام إلى جنب المنبر وهو مستقبل المشرق فقال: "ألا إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان أو قال قرن الشمس".ورواه مسلم من حديث الزهري وغيره، عن سالم به، ورواه أحمد من طريق عبد الله بن دينار، والطبراني من رواية عطية كلاهما عن عبد الله.

إشارة نبوية إلى أن الفساد سيكثر حتى ليغبط الأحياء الأموات

وقال البخاري: حدثنا إسماعيل، حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه".

إشارة نبوية إلى عودة الصنمية قبل قيام الساعة إلى بعض أحياء العرب

قال البخاري: حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، عن الزهري. أخبرني سعيد بن المسيب أنا أبا هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة، وذو الخلصة طاغية دوس الذي كانوا يعبدون في الجاهلية".

إخبار الرسول عليه السلام بما ستتفجر عنه الأرض العربية من ثروات هائلة وما سيكون لهذه الثروات من إثارة الشقاق وأسباب النزاع والقتال بين الناس

وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي، عن عقبة بن خالد، حدثنا عبيد الله عن حبيب بن عبد الرحمن، عن جده حفص بن عاصم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب فمن حضر فلا يأخذ منه شيئا".

قال عقبة: وحدثنا عبد الله: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ مثله إلا أنه قال: "يحسرعن جبل من ذهب".

وكذلك رواه مسلم من حديث عقبة بن خالد من الوجهين، ثم رواه عن قتيبة، عن يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهل، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ويقول كل رجل منهم لعلي أكون أنا الذي أنجو".

ثم روى من حديث عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: كنت واقفا مع أبي بن كعب في ظل أجم حسان فقال: لا يزالط الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا قلت أجل قال: إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: "يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب فإذا اسمع به الناس ساروا إليه فيقول من عنده لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله، قال فيقتتلون عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون".

إشارة نبوية إلى ظهور كثير من الدجالين قبل قيام الساعة وإلى مفاجأة الساعة للناس وهم عنها لاهون غافلون

وقال البخاري: حدثنا أبواليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة، وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كل يزعم أنه رسول الله ﷺ وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل، وحتى يكثر فيكم المال حتى يهم رب المال من يقبل صدقتة وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضة عليه لا أرب لي به، وحتى يتطاول الناس في البنيان، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه، وحتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، ولكن حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أوكسبت في إيمانها خيرا، ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها".

وقال مسلم: حدثني حرملة بن التجيبي، أخبرنا ابن وهب، أخبرنا ابن يونس عن ابن شهاب أن أبا إدريس الجولاني قال: قال حذيفة بن اليمان: والله إني لأعلم الناس بكل فتنة كائنة فيما بيني وبين الساعة وما بي أن لا يكون رسول الله ﷺ أسر لي في ذلك شيئا لم يحدثه غيري، ولكن رسول الله ﷺ قال وهو يحدث مجلسا أنا فيه عن الفتن فقال: قال رسول الله ﷺ وهو يعد الفتن منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئا، ومنهن فتن كرياج الصيف منها صغار ومنها كبار، فقال حذيفة فذهب أولئك الرهط كلهم غيري، وروى مسلم من حديث نفير، عن سهل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مديها، ودينارها، ومنعت مصر إردبها، ودينارها وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم شهد ذلك لحم أبي هريرة ودمه".

وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا الحريري، عن أبي نصرة قال: كنا عند جابر فقال: يوشك أهل العراق أن لا يجيء إليهم دينار ولا مدى، قلنا من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم يمنعون ذلك: قال: ثم سكت هنيهة ثم قال: قال رسول الله ﷺ: "يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثوا لا يعده عدا"، قال الحريري فقلت لأبي نصرة وأبي العلاء كأنه عمر بن عبد العزيز؟ فقالا: لا. رواه مسلم من حديث الحريري بنحوه.

وقال الإمام أحمد حدثنا أبو عامر، حدثنا أفلح بن سعيد الأنصاري شيخ من أهل قباء من الأنصار، حدثني عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قال: سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن طالت بكم مدة أوشك أن تدني قوما يغدون في سخط الله ويروحون في الفتنة في أيديهم مثل أذناب البقر". وأخرجه مسلم، عن محمد بن عبد الله بن عين، عن زيد بن الحباب، عن أفلح ابن سعيد به:

إشارة نبوية إلى ما سيكون من ظهور صنفين من أهل النار والعياذ بالله رب العالمين

ثم روي، عن زهر بن حرب، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا".

بعض مبررات ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وقال أحمد: حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي، حدثنا أبو سعيد، حدثنا أبو مكحول عن أنس بن مالك قال: قيل يا رسول الله متى ندع الائتمار بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: "إذا ظهر فيكم مثل ما ظهر في بني إسرائيل؟ إذا كانت الفاحشة في كباركم والعلم في أراذلكم والملك في صغاركم". رواه ابن ماجه، عن العباس بن الوليد، عن زيد بن يحيى بن عبيد، عن الهيثم بن حيد، عن أبي معبد حفص بن عيلان مكحول، عن أنس فذكر نحوه.

إشارة نبوية إلى ما سيكون من خروج الناس أفواجا من الدين

وقال الإمام أحمد: حدثنا معاوية بن عمر، حدثنا أبو إسحاق، عن الأوزاعي، حدثنا أبو عمار، حدثني جار جابر بن عبد الله قال: قدمت من سفر فجاءنا جابر ليسلم علي فجعلت أحدثه عن افتراق الناس وما أحدثوا فجعل جابر يبكي ثم قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن الناس دخلوا في دين الله أفواجا وسيخرجون منه أفواجا".

إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بنشوب فتن مهلكة تجعل القابض على دينه أثناءها كالقابض على الحجر

وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا ابن لميعة، حدثنا أبو يونس عن أبي هريرة، وقال حسن حدثنا أبو لميعة، حدثنا أبو يونس عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "ويل للعرب من شر قد اقترب فتن كقطيع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر أو قال على الشوك".

إشارة نبوية إلى ما سيكون من تجمع الأمم ضد المسلمين استضعافا لهم وطمعا فيهم مع كثرة المسلمين ووفرة عددهم حينئذ

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو جعفر المدايني، حدثنا عبد الصمد بن حبيب الأزدي، عن أبيه حبيب عبد الله، عن سبيل، عن عوف، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول لثوبان: "كيف أنت يا ثوبان إذا تداعت عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها. فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله أمن قلة بنا؟ قال: لا بل أنتم يومئذ كثير ولكن يلقي في قلوبكم الوهن، قال: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: "حبكم الدنيا وكراهيتكم القتال".

إشارة من الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن فتنة مهلكة ستحدث وإن النجاة منها في البعد عنها وتجنب طريقها

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن رجل عن عمرو بن وابصة الأسدي عن أبيه قال: إني بالكوفة في داري إذ سمعت على باب الدار السلام عليكم إلي فقلت عليكم السلام فلج، فلما دخل فإذا هو عبد الله بن مسعود، فقلت أبا عبد الرحمن أية ساعة زيارة هذه؟ وذلك في نحر الظهر فقال: طال علي النهار فذكرت من أتحدث إليه قال فجعل يحدثني عن رسول الله ﷺ يقول: "تكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع، والمضطجع فيها خير من القاعد والقاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي؟ والماشي خير من الراكب، والراكب خير من الساعي؟ قتلاها كلها في النار: قلت يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال: أيام الهرج حين لا يأمن الرجل جليسه، قال: فما تأمرني إن أدركت ذلك. قال اكفف نفسك ويدك وادخل دارك. قال قلت يا رسول الله أرايت إن دخل رجل علي داري؟ قال فأقفل بيتك: قال افرأيت إن دخل على بيتي؟ قال فادخل مسجدك واصنع هكذا وق ف لسانك ويدك وكن حلسا من أحلاس بيتك. قال يعني وابصه فلما قتل عثمان طار قلبي مطاره".

فركبت حتى أتيت دمشق فلقيت حذيم بن فاتك الأسدي فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد سمعته من رسول الله ﷺ.

إشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ضروب من الفتن ستكون وإن النجاة منها من اعتزال المجتمع

كما حدثنا ابن مسعود، وقال أبو داود حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا وكيع عن عثمان السحام، حدثني مسلم بن أبي بكرة عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ "إنها ستكون فتنة المضطجع فيها خير من الجالس والجالس خير من القائم؟ والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي. قال يا رسول الله ما تأمرني؟ قال: من كانت له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه. قال: فمن لم يكن له شيء من ذلك فليعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينج ما استطاع النجاء". وقد رواه مسلم من حديث عثمان السحام بنحوه.

وقال أبو داود: حدثنا الفضل عن عياش عن بكير عن بشر بن سعيد عن حسين بن عبد الرحمن الأشجعي أنه سمع سعد بن أبي وقاص يروي عن النبي ﷺ في هذا لحديث قال: قلت يا رسول الله أرأيت إن دخل على بيتي وبسط يده ليقتلني؟ فقال رسول الله ﷺ: "كن كابن آدم وتلا: "لئن بسطت إلي يدك". انفرد به أبو داود من هذا الوجه.

وقال أحمد: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث بن سعد عن عياش بن عباس عن بكر بن عبد الله عن بشر بن سعيد أن سعد بن أبي وقاص "قال عند فتنة عثمان بن عفان أن رسول الله ﷺ قال: "إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي. قال: أرأيت إن دخل على بيتي فبسط يده أي ليقتلني قال كن كابن آدم.

وهكذا رواه الترمذي عن قتيبة عن الليث عن عياش بن عباس القنياني عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن بسرة بن سعيد الحضرمي عن سعيد بن أبي وقاص فذكره وقال هذا حديث حسن، ورواه بعضهم عن الليث فزاد في الإسناد رجلا يعني الحسين، وقيل الحلبي بن عبد الرحمن، ويقال عبد الرحمن بن الحسين عن سعد، كما رواه أبو داود فيما تقدم آنفا.

نصح الرسول عليه السلام بتحمل الأذى عند قيام الفتن والبعد عن المشاركة في الشر

ثم قال أبو داود: حدثنا مسدد، حدثنا عبد الوارث بن سعد، عن محمد بن حجارة، عن عبد الرحمن بن نزوان، عن هذيل، عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله ﷺ: "إن بين يدي الساعة فتنا كقطيع الليل المظلم يصبح فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا: القاعد خيرمن القائم والماشي فيها خير من الساعي، فكسروا قسيكم وقطعوا أوتاركم واضربوا سيوفكم بالحجارة، فإن دخل يعني على أحد منكم فليكن كخير ابني آدم".

ثم قال الإمام أحمد: حدثنا أم حرام، حدثني أبو عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: ركب رسول الله ﷺ وأردفني خلفه فقال: "يا أبا ذر أرأيت إن أصاب الناس جوع شديد لا تستطيع معه أن تقوم من فراشك إلى مسجدك كيف تصنع؟ قلت الله ورسوله أعلم. قال: اصبر، قال يا أبا ذر: أرأيت إن أصاب الناس موت شديد كيف تصنع قلت الله ورسوله أعلم. قال: اصبر. قال يا أبا ذر: أرأيت إن قتل الناس بعضهم بعضا يعني حتى تغرق حجاره البيت من الدماء كيف تصنع قال الله ورسوله أعلم. قال: اقعد في بيتك وأغلق عليك بابك. قال: فإن لم أترك أفأخذ سلاحي؟ قال: إذا تشاركهم فيما هم فيه، ولكن إن خشيت أن يروعك شعاع السيف فالق طرف ردائك على وجهك كي يبوء بإثمه وإثمك".

هكذا رواه الإمام أحمد، وقد رواه أبو داود عن مسدد وابن ماجه وعن أحمد بن عبدة كلاهما عن حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني عن المشعث بن طريف عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر بنحوه، ثم قال أبو داود: ولم يذكر المشعث في هذا الحديث غير حماد بن زيد، وقال أبو داود: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عاصم الأحول عن أبي لبيبة قال: سمعت أبا موسى يقول قال: قال رسول الله ﷺ: "إن بين أيديكم فتنا كقطع الليل يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي قال فما تأمرنا؟ قال: كانوا أحلاس بيوتكم".

إشارة الرسول عليه السلام إلى ما سيكون من ردة بعض المسلمين إلى الصنمية

وقال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي منها، وإني أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي أن لا يهلكوا بسنة بعامة ولا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي عز وجل قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة ولا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها، أو قال من بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا، وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وضع في أمتي السيف لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كل يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى ياتي أمر الله عز وجل". رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه من طرق عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، عن أبي أسماء عمرو بن مزيد، عن ثوبان بن محمد بنحوه، وقال الترمذي حسن صحيح.

فتنة الأحلاس

وقال أبو داود: حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا أبو داود، حدثنا يحيى بن عثمان بن سعيد الحمصي، حدثنا أبو المغيرة، حدثني عبد الله بن سالم، حدثني العلاء بن عتبة عن عمر بن هانىء العنسي سمعت عبد الله بن عمر يقول: "كنا قعودا عند رسول الله فذكر الفتن فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل يا رسول الله وما فتنة الأحلاس؟ قال هي حرب وهرب، ثم فتنة السراء دخلها أو دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه ابني وليس مني إنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع، ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحدا من هذه الأمة إلا لطمته حتى إذا قيل انقضت عادت يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو من غده". وتفرد به أبو داود، وقد رواه أحمد في مسنده عن أبي المغيرة بمثله.

وقال أبوداود: حدثنا القعنبي، حدثنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم عن أبيه عن عمارة بن عمرو عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله قال: "كيف بكم وزمان أوشك أن يأتي يغربل الناس فيه غربلة والناس قد مرجت عهودهم واختلفوا فكانوا هكذا وشبك بين أصابعه؟ قالوا كيف بنا يا رسول الله؟ قال: تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون تقبلون على أمر خاصتكم وتذرون أمر عامتكم". قال أبو داود: هكذا روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي ﷺ من غير وجه، وهكذا رواه ابن ماجه عن هشام بن عمار ومحمد بن الصباح عن عبد العزيز بن أبي حازم به.

فقد رواه الإمام أحمد عن حسين بن محمد عن مطرف عن أبي حازم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فذكر مثله أو نحوه، ثم قال أبو داود: حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا الفضل بن دكين، حدثنا يونس يعني ابن أبي إسحاق عن هلال بن حباب أبي العلامة، حدثنا عكرمة، حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص قال: بينما نحن حول رسول الله ﷺ إذ ذكر الفتنة أو ذكرت عنده فقال: "ورأيتم الناس قد مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه، قال فقمت اليه فقلت كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك؟ قال: الزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ بما تعرف ودع ما تنكر وعليك بأمر خاصة نفسك ودع عنك أمر العامة.

وهكذا رواه أحمد عن أبي نعيم والفضل بن دكين به، وأخرجه النسائي في اليوم والليلة عن أحمد ابن بكار عن مخلد بن مزيد عن يونس بن أبي إسحاق فذكر بإسناده نحوه.

إشارة نبوية إلى أنه ستكون فتنة وقع اللسان فيها أشد من وقع السيف

وقال أبو داود: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا الليث عن طاووس عن رجل يقال له زياد عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ : "إنه ستكون فتنة وستصيب العرب قتلاها في النار، وقع اللسان فيها أشد من وقع السيف ".

وقد رواه أحمد عن أسود بن عامر عن حماد بن سلمة، والترمذي وابن ماجه من حديثه عن الليث عن طاووس عن زياد وهو الأعجم، ويقال له زياد سمين كوش، وقد حكى الترمذي عن البخاري أنه ليس لزياد حديث سواه، وأن حماد بن زيد رواه عن الليث موقوفا، وقد استمرك ابن عساكر على البخاري هذا فإن أبا داود من طريق حماد بن زيد مرفوعا فالله أعلم، وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع، وقال: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبدالله بن عمر وكنت جالسأ معه في ظل الكعبة وهو يحدث الناس قال: كنا مع رسول الله ﷺ في سفر فنزلنا منزلأ إذ نادى منادي رسول الله ﷺ الصلاة جامعة قال فانتهيت إليه وهو يخطب الناس ويقول: لا أيها الناس إنه لم يكن شيء قبلي إلا كان حقا على الله أن يدل عباده منه على ما يعلمه خيرا لهم وينذرهم ما يعلمه شرا لهم، ألا وإن عافية هذه الأمة في أولها وسيصيب آخرها بلاء وفتن يرافق بعضها بعضا تجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه مهلكتي ثم تنكشف، ثم تجيء فيقول هذه هذه ثم تجيء فيقول هذه هذه ثم تنكشف، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه ميتته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليات إلى الناس ما يحب أن يوتى إليه، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن أستطاع وقال مرة ما استطاع ". قال عبد الرحمن: فلما سمعتها أدخلت رأسي بين رجلي وقلت فإن ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموال الناس بالباطل وأن نقتل أنفسنا وقد قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" النساء: 29،. قال: فجمع يديه فوضعهما على جبهته ثم نكس هنيهة ثم رفع رأسه فقال أطعه في طاعة في طاعة الله واعصه في معصية الله. قلت له: أنت سمعت هذا من رسول الله ﷺ ؟ قال: نعم سمعته أذناي ووعاه قلبي ".

رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث الأعمش به، وأخرجه مسلم من حديث الشعبي عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة بن عبدالله بن عمر وبنحوه.

وقال أحمد: حدثنا ابن نميرحدثنا الحسن بن عمرو عن أبي الزبيرعن عبدالله بن عمرو قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له إنك ظالم فقد تودع منهم ".

وقال رسول الله ﷺ: "يكون في أمتي قذف وخسف ومسخ".

وقال أبو داود: حدثنا عبد الملك بن شعيب، حدثنا ابن وهب، حدثني الليث عن يحيى بن سعيد قال: قال لي خالد بن عمران، عن عبد الرحمن بن السلماني، عن عبد الرحمن أبي هند، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "ستكون فتنة صماء بكماء عمياء من أشرف لها استشرف له، وقع اللسان فيها أشد من وقع السيف".

إشارة نبوية إلى القسطنطينية ستفتح قبل رومية

وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثني أبو قتيل قال: كنا عند عبد الله بن عمر وسئل أي المدينتين تفتح القسطنطينية أو رومية. قال: قال فدعا عبد الله بصندوق له حلق فأخرج منه كتابا قال: فقال عبد الله بينا نحن حول رسول الله ﷺ نكتب إذ سئل رسول الله ﷺ أي المدينتين نفتح أولا القسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله ﷺ: "مدينة هرقل تفتح أولا" يعني القسطنطينية.

إشارة منسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ما سيكون من خراب بعض البلدان وأسباب خراب كل بلد وهي إشارة تضمنها حديث بين الوضع

وقال القرطبي في التذكرة، وروي من حديث حذيفة بن اليمان عن النبي ﷺ أنه قال: "ويبدأ الخراب في أطراف الأرض حتى تخرب مصر، ومصر آمنة من الخراب حتى تخرب البصرة، وخراب البصرة من الغرق، وخراب مصر من جفاف النيل، وخراب مكة وخراب المدينة من الجوع، وخراب اليمن من الجراد، وخراب الأبلة من الحصار، وخراب فارس من الصعاليك، وخراب الترك من الديلم، وخراب الديلم من الأرمن، وخراب الأرمن من الخزر، وخراب الخزر من الترك، وخراب الترك من الصواعق، وخراب السند من الهند، وخراب الهند من الصين، وخراب الصين من الرمل، وخراب الحبشة من الرجفة، وخراب الزوراء من السفياني، وخراب الروحاء من الخسف وخراب العراق من القتل". ثم قال ورواه أبو الفرج بن الجوزي قال وسمعت أن خراب الأندلس بالريح العقيم.

فصل تعدد الآيات والأشراط

قال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا خلف يعني ابن خليفة، عن جابر، عن أبيه، عن عبد الله ابن عمر وقال: "دخلت على عبد الله بن عمر وهو يتوضأ منكسا فرفع رأسه فنظر إلي فقال ست فيكم أيتها الأمة موت نبيكم قال فكأنما انتزع قلبي من مكانه".

قال رسول الله ﷺ: "واحدة قال ويفيض المال فيكم حتى إن الرجل ليعطى عشرة آلاف يظل يسخطها".

قال رسول الله ﷺ: "اثنتين قال وفتنة تدخل بيت كل رجل منكم".

قال رسول الله ﷺ: "ثلاث قال وموت كقصاص الغنم".

قال رسول الله ﷺ: "أربع وهدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيجمعون لكم تسعة أشهر كقدر حمل المرأة ثم يكونون أولى بالعدل منكم".

قال رسول الله ﷺ: "اثنتان خمس".

قلت يا رسول الله أي مدينة تفتح القسطنطينية أو رومية؟ قال: قسطنطينية، وهذا الإسناد فيه نظر من جهة رجاله ولكن له شاهد من وجه آخر صحيح، فقال البخاري: حدثنا الحميدي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الله بن العلاء بن يزيد، سمعت يزيد بن عبد الله أنه سمع أبا إدريس يقول سمعت عوف بن مالك رضي الله عنه يقول: أتيت رسول الله ﷺ وهو في غزوة تبوك وهو في قبة أدم فقال: "أعدد ستا بين يدي الساعة موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذكم كقصاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا تبقي بيتا من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغمون فيأتونكم تحت ثمانين راية تحت كل راية اثنا عشرألفا". ورواه أبو داود وابن ماجه والطبراني من حديث الوليد بن مسلم ووقع في رواية الطبراني، عن الوليد، عن بشر بن عبد الله فالله أعلم.

علامات بين يدي الساعة

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا عبد الرحمن بن جبير بن نظير، عنأبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي قال: أتيت النبي ﷺ فسلمت عليه فقال: "عوف؟ فقلت نعم فقال أدخل: قال قلت كلي أو بعضي؟ فقال: كلك، فقال: اعدد يا عوف ستا بين يدي الساعة أولهن موتي قال فاستبكيت حتى جعل رسول الله ﷺ يسكتني قال قل واحدة قلت واحدة، والثانية فتح بيت المقدس قال قل اثنتين قلت اثنتين، والثالثة موتان يكون في أمتي يأخذهم مثل قصاص الغنم قل ثلاثا، والرابعة فتنة تكون في أمتي أعظمها قل أربعا، والخامسة يفيض المال فيكم حتى إن الرجل ليعطى مائة دينار فيسخطها قل خمسا، والسادسة هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيسيرون إليكم على ثمانين غاية. قلت: وما الغاية: قال: الراية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا وفسطاط المسلمين يومئذ في أرض يقال لها الغوطة في مدينة يقال لها دمشق".

تفرد به أحمد من هذا الوجه، وقال أبو داود: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثنا أبو جابر، حدثني زيد بن أرطأة، سمعت جبير بن نفير، عن أبي الدرداء أن رسول الله ﷺ قال: "إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق من خير مدائن الشام".

وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع عن النهاش بن فهم، حدثني شداد أبو عمار، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ﷺ: "ست من أشراط الساعة. موتي، وفتح بيت المقدس، وموت يأخذ في الناس كقصاص الغنم، وفتنة يدخل حريمها بيت كل مسلم، وأن يعطى الرجل ألف دينار فيسخطها، وأن يغمر الروم فيسيرون بثمانين بندا تحت كل بند اثنا عشر ألفا".

طلب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبادر المؤمنون بالأعمال الصالحة ستة أمور قبل وقوعها

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد وعفان قالا: حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن الحسن، عن زياد بن رباح، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، ودابة الأرض، وخويصة أحدكم، وأمر العامة، وكان قتادة يقول إذا قال وأمر العامة قال يعني أمر الساعة".

وهكذا رواه مسلم من حديث شعبة وعبد الصمد كلاهما عن همام به، ثم رواه أحمد منفردا به عن أبي داود، عن عمران القطان، عن قتادة، عن عبد الله بن رباح بن أبي هريرة مرفوعا مثله.

وقال أحمد: حدثنا سليمان، حدثنا إسماعيل، أخبرني العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، والدابة، وخاصة أحدكم، وأمر العامة". ورواه مسلم من حديث إسماعيل بن جعفر المدني به.

عشر آيات قبل قيام الساعة

وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان بن عيينة، عن فرات، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسد قال: اطلع النبي ﷺ علينا ونحن نتذاكر الساعة فقال: "ما تذكرون؟ قلنا نذكر الساعة، فقال: إنها لن تقوم حتى تروا عشر آيات: الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من قبل المشرق تسوق الناس إلى محشرهم".

النار التي تخرج من قعر عدن هي نار من نار الفتن

قال أبو عبد الرحمن عبد الله ابن الإمام أحمد سقط كلمة، ثم رواه أحمد عن حديث سفيان الثوري وشعبة كلاهما عن فرات القزاز، عن أبي الطفيل عامر بن وائلة، عن حذيفة بن أسيد، عن ابن شريحة الغفاري فذكره وقال فيه: "ونار تخرج من قعر عدن تسوق أو تحشر الناس تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا".

قال شعبة: وحدثني بهذا الحديث رجل عن أبي الطفيل، عن أبي شريحة ولم يرفعه إلى النبي ﷺ فقال أحد هذين الرجلين: نزول عيسى ابن مريم، وقال الآخر: ريح تلقيهم في البحر، وقد رواه مسلم من حديث سفيان بن عيينة وشعبة عن فرات القزاز، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد موقوفا ورواه أهل السنن الأربعة من طرق فرات عن القزاز به.

ذكر قتال الملحمة مع الروم الذي آخره فتح القسطنطينية

وعنده يخرج المسيح الدجال فينزل عيسى ابن مريم من السماء الدنيا إلى الأرض على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق وقت صلاة الفجر، كما سيأتي بيان ذلك كله بالأحاديث الصحيحة.

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن مصعب هو القرقساني، حدثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن ذي مخمر، عن النبي ﷺ: "تصالحون الروم صلحا آمنا وتقهرون أنتم وهم عدوا من ورائهم فتسلمون وتغنمون ثم تنزلون بمرج ذي تلول، فيقوم الرجل من الروم فيرفع الصليب ويقول الأغلب الصليب، فيقوم إليه رجل من المسلمين فيقتله فعند ذلك تغدر الروم وتكون الملاحم فيجمعون لكم فيأتونكم في ثمانين غاية مع كل غاية عشرة آلاف".

ثم رواه أحمد عن روح عن الأوزاعي به وقال فيه: "فعند ذلك تغمر الروم ويجمعون الملحمة" وهكذا رواه أبو داود، وابن ماجه من حديث الأوزاعي به. وقد تقدم في حديث عوف بن مالك في صحيح البخاري: "فيأاتونكم تحت ثمانين غاية كل غاية اثنا عشرألفا".

وهكذا في حديث شداد أبي عمار عن معاذ: "يسيرون إليكم بثمانين بندا تحت كل بند إثنا عشر ألفا".

وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن حميد بن هلال، عن أبي قتادة، عن أسير بن جابر قال: هاجت ريح حمراء بالكوفة فجاء رجل ليس له هجيري إلا يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة، وكان عبد الله متكئا فجلس فقال: إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة، قال: ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام، وقال عدو يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام قلت: "الروم تعني؟ قال: نعم ويكون عند ذاكم القتال ردة شديدة".

قال: فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيبقى هؤلاء كل غير غالب تفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون ثم يبقى هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الدائرة عليهم فيقتتلون مقتلة إما قال لا ندري مثلها، وإما قال لا يرى مثلها حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتا فيعاد بنو الأرب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقاسم. قال: فبينما هم كذلك إذا سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك قال فجاءهم الصريخ أن الدجال قد خلفهم في ذراريهم فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة قال رسول الله ﷺ: "إني لأعلم أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ".

تفرد بإخراجه مسلم، فرواه عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر كلاهما عن إسماعيل بن علية من حديث حماد بن زيد كلاهما عن أيوب، ومن حديث سليمان بن المغيرة كلاهما عن حميد بن هلالي العدوي، عن أبي قتادة العدوي، وقد اختلف في اسمه والأشهر ما ذكره، ابن معين أنه يهم ابن نذير، وقال ابن منده وغيره كانت له صحبة فالله أعلم.

وتقدم من رواية جبير بن نفير، عن عوف بن مالك في تعداد الأشراط بين يدي الساعة أن النبي ﷺ قال: "والسادسة هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيسيرون إليكم في ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا، وفسطاط المسلمين يومئذ في أرض يقال لها الغوطة في مدينة يقال لها دمشق" رواه أحمد. وروى أبو داود من حديث جبير بن نفير أيضا، عن أبي الدرداء أن رسول الله ﷺ قال: "إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق من خير مدائن الشام". وتقدم حديث أبي خذم، عن عبد الله بن عمر في فتح القسطنطينية، وكذا حديث أبي قبيل عنه في فتح رومية بعدها أيضا.

لا تقوم الساعة حتى يقتل المسيح عليه السلام الدجال عليه لعنة الله أو حتى ينتصر الخير ونوره على الباطل وظلامه

وقال مسلم بن الحجاج، حدثني زهير بن حرب، حدثنا يعلى بن منصور، حدثنا سليمان بن بلال، حدثنا سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخر فنزل عيسى ابن مريم فأمهم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو تركه لانذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته".

لا إله إلا الله والله أكبر بعزم شديد وايمان صادق تدك الحصون وتفتح المدائن

وقال مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد، عن ثور وهو ابن زيد الديلي، عن أبي المغيث، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟ قالوا نعم يا رسول الله قال لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق، فإذا جاءوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، وإنما قالوا لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها. قال ثور: ولا أعلمه إلا قال الذي في البحر، ثم يقولوا الثانية لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالثة لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلونها فيغنمون".

فبينما هم يقسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ فقال: إن الدجال قد خرج فيتركون كل شيء ويرجعون.

إشارة نبوية إلى فتح المسلمين لبلاد الروم واستيلائهم على كثير من الغنائم

وقال ابن ماجه: حدثنا علي بن ميمون الرقي، حدثنا أبو يعقوب الحبيبي، عن الكثير بن عبد الله بن عمرو بن عون، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله ﷺ: "لا تقوم الساعة حتى يكون أدنى شيوخ المسلمين يتولى، ثم قال يا علي يا علي يا علي: قال بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال: إنكم ستقاتلون بني الأصفر ويقاتلهم الذين نم بعدكم حتى يخرج إليهم روقة الإسلام أهل الحجاز الذين لا يخافون في الله لومة لائم، فيفتحون القسطنطينية بالتسبيح والتكبير فيصيبون غنائم لم يصيبوا مثلها حتى يقتسموا بالأترسة، ويأتي آت فيقول إن المسيح قد خرج في بلادكم ألا وهي كذبة فالأخذ نادم والتارك نادم".

إشارة نبوية إلى ما سيكون من فتح المسلمين لبعض الجزر البحرية ولبلاد الروم وبلاد فارس ومن انتصار حقهم على باطل الدجال

وقال مسلم: حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، عن عبد الملك بن. عمر، عن جابر بن سمرة، عن نافع بن عيينة أن رسول الله ﷺ قال: "تغزون جزيرة البحر فيفتحها الله، ثم فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله".

بعض خصال الروم الحسنة

وقد روى مسلم من حديث الليث بن سعد، حدثني موسى بن علي، عن أبيه قال: قال المستورد القرشي عند عمرو بن العاص سمعت رسول الله ﷺ يقول: "تقوم الساعة والروم أكثر الناس فقال له عمرو: أبصر ما تقول: قال أقول ما سمعت من رسول الله ﷺ. قال: لئن قلت ذاك فإن فيهم لخصالا أربعا: إنهم لأحكم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصية، وأوشكهم كرة بعد فرة ، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك".

تقوم الساعة والروم أكثر الناس

ثم قال مسلم: حدثني حرملة بن يحيى، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني أبو شريح أن عبد الكريم بن الحارث حدثه أن المستورد القرشي قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "تقوم الساعة والروم أكثر الناس قال: فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال: ما هذه الأحاديث التي يذكر عنك أنك تقولها عن رسول الله ﷺ؟ فقال له المستورد: قلت الذي سمعت من رسول الله ﷺ فقال عمرو: "إن قلت ذاك إنهم لأحكم الناس عند فتنة ، وأجبر الناس عند مصيبة، وخير الناس لمساكينهم وضعفائهم".

وهذا يدل على أن الروم يسلمون في آخر الزمان، ولعل فتح القسطنطينية يكون على يدي طائفة منهم كما نطق به الحديث المتقدم أنه يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق، والروم من سلالة العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، فمنهم أولاد عم بني إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق، فالروم يكونون في آخر الزمان خيرا من بني إسرائيل، فإن الدجال يتبعه سبعون ألفا من يهود أصبهان فهم أنصار الدجال، وهؤلاء أعني الروم قد مدحوا في هذا الحديث فلعلهم يسلمون على يدي المسيح ابن مريم والله أعلم.

وقال إسماعيل بن أبي أويس، حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده أن رسول الله ﷺ قال: "ستقاتلون بني الأصفر ويقاتلهم من بعدكم من المؤمنين أهل الحجاز حتى يفتح الله عليهم القسطنطينية ورومية بالتسبيح والتكبير قيتهدم حصنها فيصيبون ما لم يصيبوا مثله قط حتى إنهم يقتسمون بالأترسة، ثم يصرخ صارخ يا أهل الإسلام المسيح الدجال في بلادكم وذراريكم، فينفض الناس عن المال منهم الآخذ ومنهم التارك الآخذ نادم والتارك نادم يقولون: من هذا الصارخ؟ ولا يعلمون من هو، فيقولون ابعثوا طليعة إلى إيلياء فإن يكن المسيح قد خرج يأتوكم بعلمه. فيأتون فينظرون ولا يرون شيئا ويرون الناس ساكنين، ويقولون ما صرخ الصارخ إلا لنبأ عظيم فاعزموا ثم ارفضوا فيعزمون أن نخرج بأجمعنا إلى إيلياء، فإن يكن الدجال خرج نقاتله حتى يحكم الله بيننا وبينه، وإن تكن الأخرى فإنها بلادكم وعشائركم إن رجعتم إليها".

إشارة إلى أن المدينة المنورة ستتعرض للضعف حين يعمر بيت المقدس

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جبير بن نفير، عن مالك بن بحار، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ﷺ: "عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال قال ثم ضرب بيده على فخذ الذي حدثه أو منكبه ثم قال: "إن هذا لحق مثل ما إنك ها هنا أو كما أنك قاعد".

وهكذا رواه أبو داود، عن عباس العنبري، عن أبي النضر هاشم بن القاسم به، وقال هذا إسناد جيد وحديث حسن وعليه نور الصدق وجلالة النبوة، وليس المراد أن المدينة تخرب بالكلية قبل خروج الدجال، وإنما ذلك في آخر الزمان كما سيأتي بيانه في الأحاديث الصحيحة، بل تكون عمارة بيت المقدس سببا في خراب المدينة النبوية، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الدجال لا يقدر على دخولها يمنع من ذلك بما على أبوابها من الملائكة القائمين بأيديهم السيوف المصلتة.

عصمة المدينة المنورة من الطاعون ومن دخول الدجال

وفي صحيح البخاري من حديث مالك، عن نعيم المحمر، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال".

وفي جامع الترمذي أن المسيح عيسى ابن مريم يدفن إذا مات في الحجرة النبوية.

إشارة نبوية الى ما سيكون من امتداد عمران المدينة المنورة

وقد قال مسلم: حدثني عمرو بن الناقد، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا زهير، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "تبلغ المساكن إهاب أو يهاب".

قال زهير، قلت لسهيل: وكم ذلك من المدينة؟ قلت: كذا وكذا مثلا، فهذه العمارة إما أن تكون قبل عمارة بيت المقدس وقد تكون بعد ذلك بدهر، ثم تخرب بالكلية كما دلت على ذلك الأحاديث التي سنوردها.

إشارة نبوية إلى خروج أهل المدينة منها في بعض الأزمة المستقلة

وقد روى القرطبي من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر أنه سمع عمر بن الخطاب على المنبر يقول سمعت رسول الله ﷺ وسلم يقول: "يخرج أهل المدينة منها ثم يعودون إليها فيعمرونها حتى تمتلىء ثم يخرجون منها ثم لا يعودون إليها أبدا".

وفي حديث عن أبي سعيد مرفوعا مثله وزاد الوليد عنها: "وهي خير ما تكون مربعة".

قيل: فمن يأكلها. قال: الطير والسباع.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي يريد عوافي السباع والطير، ثم يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمهما فيجدانها وحشى، حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما".

وفي حديث حذيفة سألت رسول الله ﷺ عن أشياء إلا أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة منها؟ وفي حديث آخر عن أبي هريرة: "يخرجون منها ونصف ثمرها رطب. قال: ما يخرجهم منها يا أبا هريرة؟ قال: امرؤ السوء".

وقال أبو داود: حدثنا ابن مقيل، حدثنا عيسى بن يونس، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن الوليد بن سفيان الغساني، عن يزيد بن قطيب السلواني، عن أبي بحر، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ﷺ: "الملحمة الكبرى وفتح القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة أشهر".

ورواه الترمذي، عن عبد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، عن الحكم بن أبان، عن الوليد بن مسلم به. وقال: حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي الباب عن مصعب بن حبابة، وعبد الله بن بسر، وعبد الله بن مسعود وأبي سعيد الخدري، ورواه ابن ماجه، عن هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم وإسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن أبي مريم به.

وقال الإمام أحمد، وأبو داود واللفظ له، حدثنا حيوة بن شريح الحمصي، حدثنا بقية، عن بحر بن سعد، عن خالد هو ابن معدان، عن أبي بلال، عن عبد الله بن بسر أن النبي ﷺ قال: "بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين ويخرج الدجال في السابعة".

وهكذا رواه ابن ماجه، عن سويد بن سعيد، عن بقية بن الوليد، وهذا مشكل مع الذي قبله اللهم إلا أن يكون بين أول الملحمة وآخرها ست سنين، ويكون بين آخرها وفتح المدينة وهي القسطنطينية مدة قريبة بحيث يكون ذلك مع خروج الدجال في سبعة أشهر والله تعالى أعلم.

قال الترمذي: حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا أبو داود، عن شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك قال: "فتح القسطنطينية مع قيام الساعة".

قال محمود: هذا حديث غريب، والقسطيطينية مدينة الروم تفتح عند خروج الدجال، والقسطنطينية فتحت في زمان الصحابة بعد النبي ﷺ هكذا قال إنها فتحت في زمن الصحابة وفي هذا نظر، فإن معاوية بعث إليها ابنه يزيد في جيش فيهم أبو أيوب الأنصاري ولكن لم يتفق أن فتحها وحاصرها مسلمة بن عبد الملك بن مروان في زمان دولتهم ولم تفتح أيضا، ولكن صالحهم على بناء مسجد بها كما قدمنا ذلك مبسوطا.

مقدمة فيما ورد من ذكر الكذابين الدجالين وهم كالمقدمة بين يدي المسيح الدجال

خاتمتهم قبحه الله وإياهم وجعل نار الجحيم متقلبهم ومثواهم

إشارة نبوية إلى أنه سيكون بين يدي الساعة كذابون يدعون النبوة

روى مسلم من حديث شعبة وغيره، عن سماك، عن جابر بن سمرة سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن بين يدي الساعة كذابين".

قال جابر: فاحذروهم.

وقال الإمام أحمد، حدثنا موسى، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر أنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن بين يدي الساعة كذابين منهم صاحب اليمامة وصاحب صنعاء العبسي، ومنهم صاحب حمير، ومنهم الدجال وهو أعظمهم فتنة".

قال جابر: "وبعض أصحابي يقول قريبا من ثلاثين رجلا" تفرد به أحمد.

وثبت في صحيح البخاري، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كل يزعم أنه رسول الله". وذكر تمام الحديث وطوله.

وفي صحيح مسلم من حديث مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كل يزعم أنه رسول الله".

حدثنا محمد بن زامع، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ غير أنه قال: "ينبعث".

وقال الإمام أحمد، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، سمعت العلاء بن عبد الرحمن يحدث، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى يظهر دجالون ثلاثون كلهم يزعم أنه رسول الله ويفيض المال فيكثر وتظهر الفتن ويكثر الهرج والمرج قال: قيل أي الهرج.؟ قال القتل القتل القتل ثلاثا". تفرد به أحمد من هذا الوجه وهو على شرط مسلم.

وقد رواه أبو داود عن القعنبي عن الدراوردي عن العلاء به. ومن حديث محمد بن عمرو عن علقمة عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالا كذابون، كلهم يكذب على الله وعلى رسوله".

وقال أحمد، حدثنا يحيى بن عوف، حدثنا جلاس، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: "بين يدي الساعة قريب من ثلاثين دجالين كلهم يقول أنا نبي".وهذا إسناد جيد حسن تفرد به أحمد أيضا.

وقال أحمد، حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، أخبرنا سلامان بن عامر، عن أبي عثمان الأصبحي قال: سمعت أبا هريرة يقول: إن رسول الله ﷺ قال:" سيكون في أمتي دجالون كذابون يأتونكم ببدع من الحديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يغشونكم ".

وفي صحيح مسلم من حديث أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله ﷺ :وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم الأنبياء لا نبي بعدي" الحديث بتمامه.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو الوليد، حدثنا عبدالله بن أياد بن لقيط، حدثنا أبار، عن عبد الرحمن بن أنعم أو نعيم الأعرجي مثله: أبو الوليد قال: سأل رجل ابن عمرعن المتعة وأن عنده متعة النساء؟ فقال: والله ما كنا على عهد رسول الله ﷺ مرتابين ولا مسافحين ثم قال: والله لقد سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ليكونن قبل يوم القيامة المسيح الدجال وكذابون ثلاثون أو أكثر".

اشارة نبوية إلى أنه سيكون في الأمة الاسلامية دعاة إلى النار

ورواه الطبراني من حديث مورق العجلي عن ابن عمر بنحوه. تفرد به أحمد.

قال الحافظ أبو يعلى، حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا ابن فضيل، عن ليث، عن سعيد بن عامر، عن ابن عمرقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن في أمتي لنيفا وسبعين داعيا كلهم داع إلى النار لوأشاء لأنبأتكم بأسمائهم وقبائلهم ". وهذا إسناد لا بأس به.

وقد روى ابن ماجه به حديثا في الكرع والشرب باليد، وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا أبو كريبط،حدثنا محمد بن الحسن الأسدي، حدثنا هارون بن صالح الهمداني، عن الحرص بن عبد الرحمن، عن أبي الجلاس قال: سمعت عليا يقول لعبد الله بن سبأ، ويلك والله ما أفضي إلي بشيء كتمته أحدا من الناس، ولقد سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن بين يدي الساعة ثلاثين كذابا " وإنك لأحدهم. ورواه أيضا عن أبي بكر بن شيبة، عن محمد بن الحسين به.

وقال أبو يعلى: حدثنا زهرة، حدثنا جرير، عن ليث، عن بشر، عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ :"يكون قبل الدجال نيف وسبعون دجالا". فيه غرابة والذي في الصحاح أثبت والله أعلم.

وقال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن طلحة بن عبدالله، عن عوف، عن أبي بكرقال: وافى مسيلمة قبل أن يقول رسول الله ﷺ فيه شيئا فقام رسول الله ﷺ خطيبا فقال: "أما بعد ففي بيان هذا الرجل الذي قد أكثرتم فيه أنه كذاب من ثلاثين كذابا يخرجون بين يدي الساعة وأنه ليس بلد إلا يبلغهارعب المسيح ".

وقد رواه أحمد أيضا، عن حجاج، عن الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شسهاب، عن طلحة، عن عبد الله بن عوف، عن عياض بن نافع، عن أبي بكرة فذكره وقال فيه: "فإنه كذاب من ثلاثين كذابا يخرجون قبل الدجال، وإنه ليس بلد إلا سيدخله رعب المسيح". تفرد به أحمد من الوجهين.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو جعفر المدايني وهو محمد بن جعفر، أخبرنا عباد بن العرام، حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن المنمدر، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "إن أمام الدجال سنين خداعة يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب، فيخون فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن، ويتكلم فيها الرويبضة قيل وما الرويبضة؟ قال الفويسق يتكلم في أمر العامة" وهذا إسناد جيد. تفرد به أحمد من هذا الوجه.

الكلام على أحاديث الدجال

بعض ما ورد من الآثار في ابن صياد

قال مسلم: حدثني حرملة بن يحيى بن عبد الله بن التجيبي، أخبرني ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب أن سلم بن عبد الله أخبره أن عبد الله بن عمر بن الخطاب انطلق مع رسول الله ﷺ في رهط قبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة، وقد قارب ابن صياد يومئذ الحلم فلم يشعر حتى ضرب رسول الله ﷺ ظهره بيده؟ ثم قال رسول الله ﷺ لابن صياد: أتشهد أني رسول الله؟ فنظر ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين: وقال ابن صياد لرسول الله ﷺ: أتشهد أني رسول الله؟ فقال له رسول الله ﷺ: آمنت باللة ورسله؟ ثم قال له رسول الله ﷺ: ماذا ترى؟ قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب؟ فقال له رسول الله ﷺ: خلط عليك الأمر؟ ثم قال له رسول الله ﷺ: "إني قد خبأت إليك خبأ، فقال ابن صياد: هو الدخ فقال رسول الله ﷺ: "اخسأ فلن تعدو وقدرك".

وقال عمر بن الخطاب مرني يا رسول الله أضرب عنقه، فقال له رسول الله ﷺ: "إن يكنه فلن تسلط [عليه] وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله".

وقال سالم بن عبد الله: سمعت عبد الله بن عمر يقول: انطلق بعد ذلك رسول الله ﷺ وأبي بن كعب إلى النخل التي فيها ابن صياد، حتى إذا دخل رسول الله ﷺ النخل طفق يتقي بجذع النخل وهو يختل أنه يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه ابن صياد، فرآه رسول الله ﷺ وهو مضطجع على فراش في قطيفة له فيها زمزمة فرأت أم ابن صياد رسول الله ﷺ وهو يتقي بجذوع النخل فقالت لابن صياد: يا صاف وهو اسم ابن صياد هذا محمد فثار ابن صياد فقال رسول الله ﷺ: "لو تركته بين" قال سالم، قال عبد الله بن عمر: فقام رسول الله ﷺ في الناس فأثنى على الله بما هو له أهل ثم ذكر الدجال فقال: "إني لأنذركموه ما من نبي إلا وقد أنذر قومه لقد أنذره نوح قومه ولكن أقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلموا أنه أعور وإن الله ليس بأعور".

قال ابن شهاب: وأخبرني عمر بن ثابت الأنصاري أنه أخبره بعض أصحاب رسول الله ﷺ أن رسول الله ﷺ قال يوما يحذر الناس الدجال: "إنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه من كره عمله أو يقرؤه كل مؤمن، وقال تعلموا أنه لن يرى أحد منكم لربه حتى يموت".

تحذير الرسول من الدجال وذكر بعض أوصافه

وأصل الحديث عند البخاري هو حديث الزهري عن سالم عن أبيه بنحوه، وروى مسلم أيضا من حديث عبيد الله بن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ ذكر الدجال بين ظهراني الناس فقال: "إن الله ليس بأعور إلا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية".

وسملم من حديث شعبة عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: " ما من نبي إلا قد أنذر أمته الأعور الكذاب ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر". رواه البخاري من حديث شعبة بنحوه.

قال مسلم، وحدثني زهير بن حرب، حدثنا عثمان، حدثنا عبد الوارث، عن سعيد بن الحجاب، عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: "الدجال ممسوخ العين مكتوب بين عينيه كافر ثم تهجاها كافر يقرؤها كل مسلم ".

ولمسلم من حديث الأعمش، عن سفيان، عن حذيفة قال: قال رسول الله ﷺ: "لأنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض، والآخر رأي العين نار تأجج فإما أدركن أحدكم فليأت الذي رآه نارا وليغمض ثم ليطاطىء رأسه فيشرب فإنه ماء بارد، وإن الدجال ممسوح العين عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب".

نار الدجال جنة وجنته نار

ثم رواه من حديث شعبة، عن عبد الملك بن عمرو، عن ربعي، عن حذيفة، عن النبي ﷺ بنحوه. قال ابن مسعود وأنا سمعته من رسول الله ﷺ. ورواه البخاري من حديث شعبة بنحوه. وروى البخاري ومسلم من حديث شيبان، عن عبد الرحمن، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "ألا اخبركم عن الدجال حديثا ما حدثه نبي قومه إنه أعور وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار فالتي يقول إنها الجنة هي النار وإني أنذرتكم به كما انذر به نوح قومه ".

تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم أمته من أن تغتر بما مع الدجال من أسباب القوة والفتنة

وروى مسلم من حديث مسلم بن المنكدر قال: رأيت جابر عبد الله يحلف بالله أن ابن صياد هو الدجال، فقلت: تحلف بالله؟ فقال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي ﷺ فلم ينكره النبي ﷺ.

وروي من حديث نافع أن ابن عمر لقي ابن صياد في بعض طرق المدينة، فقال له ابن عمر قولا أغضبه فانتفخ حتى ملأ السكة، وفي رواية أن ابن صياد نخر كأشد نخير حمار يكون، وأن ابن عمر ضربه حتى تكسرت عصاه، ثم دخل على أخته أم المؤمنين حفصة فقالت: ما أردت من ابن صياد أما علمت أن رسول الله ﷺ قال: "إنما يخرج من غضبة يغضبها"؟.

ليس ابن صياد هو الدجال الأكبر وإنما هو أحد الدجالة الكبار الكثار

قال بعض العلماء: إن ابن صياد كان بعض الصحابة يظنه الدجال، وهو ليس به إنما كان رجلا صغيرا.

وقد ثبت في الصحيح أنه صحب أبا سعيد فيما بين مكة والمدينة، وأنه تبرم إليه بما يقول الناس فيه إنه الدجال، ثم قال لأبي سعيد ألم يقل رسول الله ﷺ: "إنه لا يدخل المدينة وقد ولدت بها، وإنه لا يولد له وقد ولد لي، وإنه كافر وإني قد أسلمت ".

قال: ومع هذا فإني أعلم الناس به وأعلمهم بمكانه ولو عرض علي أن أكون إياه لما كرهت ذلك.

وقال أحمد، حدثنا عبد المتعال بن عبد الوهاب، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، حدثنا المجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد قال: ذكر ابن صياد عن النبي ﷺ فقال عمر: إنه يزعم أنه لا يمر بشيء إلا كلمه والمقصود أن ابن صياد ليس بالدجال الذي يخرج في آخر الزمان قطعا، وذلك لحديث فاطمة بنت قيس الفهرية فإنه فيصل في هذا المقام والله أعلم.

حديث فاطمة بنت قيس في الدجال

قال مسلم، حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث وحجاج بن الشاعر كلاهما

عن عبد الصمد، واللفظ لعبد الوارث بن عبد الصمد، حدثني أبي، عن جدي، عن الحسين ابن ذكوان، حدثنا ابن بريدة، حدثني عامر بن شراحيل الشعبي، سمعت حمدان يسأل فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس وكانت من المهاجرات الأول فقال: "حدثيني حديثا سمعته من رسول الله ﷺ لا تستندين فيه إلى أحد غيره، فقالت: نكحت المغيرة وهو من خيار شباب قريش يومئذ ، فأصيب في أول الجهاد مع رسول الله ﷺ، فلما مات خطبني عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحاب محمد ﷺ وخطبني رسول الله ﷺ على مولاه أسامة، وقد كنت حدثت أن رسول الله ﷺ قال: من أحبني فليحب أسامة، فلما كلمني رسول الله ﷺ قلت أمري بيدك فأنكحني من شئت؟ فقال: انتقلي إلى أم شريك وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله ينزل عليها الضيفان فقلت: سأفعل.

فقال: لا تفعلي إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان وإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو بن أم مكثوم وهو رجل من بني فهر فهر قريش من البطن الذي هي منه، فانتقلت إليه فلما انقضت عدتي سمعت المنادي منادي رسول الله ﷺ ينادي الصلاة جامعة فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله ﷺ، فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم.

ما روي عن تميم الداري من رؤية الجساسة والدجال

فلما قضى رسول الله ﷺ صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال: ليلزم كل إنسان مصلاه ثم قال: أتدرون لم جمعتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم: قال: إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم، وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن المسيح الدجال، حدثني أنه ركب البحر في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام، فلعب بهم الموج شهرا في البحر ثم أرسوا إلى جزيرة في البحر حيث تغرب الشمس فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيهم شيء أهلب كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر، فقالوا: ويلك ما أنت؟ قال: أنا الجساسة. قالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل بالدير فإنه

إلى خبركم بالأشواق قال: فلما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة. قال: فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا وأشده وثاقا مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد. قلنا: ويلك ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري فأخبروني ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم، فلعب بنا الموج شهرا ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه، فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقينا دابة أهلب كثيرة الشعر ما ندري ما قبله من دبره من كثرة الشعر، فقلنا ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قالت: أعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق، فأقبلنا إليكم سراعا وفرغنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة، فقال: أخبروني عن نخل بيسان فقلنا عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها هل يثمر؟ قلنا له: نعم. قال: أما إنه يوشك أن لا يثمر. قال: أخبروني عن بحيرة الطبرية، قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء. قال: إن ماءها يوشك أن يذهب. قال: أخبروني عن عين زغر قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها. قال: أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قالوا: قد خرج من مكة ونزل بيثرب. قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم. قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه قال: قال لهم قد كان ذاك؟ قلنا: نعم. قال: أما إنه خير لهم أن يطيعوه وإني مخبركم عني، إني أنا المسيح، وإني يوشك أن تؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة فهما محرمتان علي كلتاهما كلما أردت أن أدخل واحدة أو إحداهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها قال: قال رسول الله ﷺ: "وطعن بمخصرته في المنبر هذه: طيبة يعني المدينة ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟ فقال الناس: نعم. قال: إنه أعجبني حديث تميم إنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمين لا بل من قبل المشرق وأومأ بيده إلى المشرق. قالت: فحفظت هذا من رسول الله ﷺ".

حديث فاطمة بنت قيس

رواه مسلم من حديث سيار، عن الشعبي، عن فاطمة قالت: فسمعت النبي ﷺ وهو على المنبر يخطب فقال: إن بني عم لتميم الداري ركبوا في البحر وساق الحديث، ومن حديث غيلان بن جرير، عن الشعبي عنها فذكرته أن تميما الداري ركب البحر فتاهت به السفينة فسقط إلى جزيرة فخرج إليها يلتمس الماء فلقي إنسانا يجر شعره فاقتص الحديث، وفيه فأخرجه رسول الله ﷺ إلى الناس يحدثهم فقال: "هذه طيبة وذلك الدجال".

حدثني أبو بكر بن إسحاق، حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا المغيرة يحيى الحرامي، عن أبي الزناد، عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس أن رسول الله ﷺ قعد على المنبر فقال: أيها الناس حدثني تميم الداري أن ناسا من قومه كانوا في البحر وساق الحديث.

وقد رواه أبو داود، وابن ماجه من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن مجالد، عن الشعبي عنها بنحوه. ورواه الترمذي من حديث قتادة؟ عن الشعبي عنها وقال: حسن صحيح غريب من حديث قتادة عن الشعبي: وروراه النسائي من حديث حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي عنها بنحوه، وكذلك رواه الإمام أحمد عن عفان وعن يونس بن محمد المؤدب كل منهما.

وقال الإمام أحمد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا مجالد عن عامر قال: قدمت المدينة فأتيت فاطمة بنت قيس فحدثتني: أن زوجها طلقها على عهد رسول الله ﷺ: فبعثه رسول الله ﷺ في سرية فقال أخوه: اخرجي من الدار، فقلت له: إن لي فيها نفقة وسكنى حتى يحل الأجل. قال: لا. قالت: فأتيت رسول الله ﷺ فقلت: إن فلانا طلقني وإن أخاه أخرجني ومنعني السكنى والنفقة فأرسل إليه فقال: ما لك ولابنة آل قيس؟ قال يا رسول الله: إن أخي طلقها ثلاثا جميعا، فقال رسول الله: انظري يا ابنة قيس إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة، فإذا لم يكن له عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى اخرجي فانزلي على فلانة، ثم قال: إنه يتحدث إليها إنزلي على ابن أم مكثوم فإنه أعمى لا يراك، ثم لا تنكحي حتى أكون أنا أنكحك، قالت: فخطبني رجل من قريش فأتيت رسول الله ﷺ استأمره، فقال: ألا تنكحين من هو أحب إلي منه؟ فقلت: بلى يا رسول الله فأنكحني من أحببت. قالت: فأنكحني من أسامة بن زيد. قالت: فلما أردت أن أخرج قالت اجلس حتى أحدثك حديثا عن رسول الله ﷺ. قالت: خرج رسول الله ﷺ يوما من الأيام فصلى صلاة الهاجرة ثم قعد ففرغ الناس، ثم قال: اجلسوا أيها الناس فإني لم أقم مقامي هذا لفزع ولكن تميم الداري أتاني فأخبرني خبرا فمنعني من القيلولة من الفرح وقرة العين، فأحببت أن أنشر عليكم فرح نبيكم، أخبرني أن رهطا من بني عمه ركبوا البحر فأصابتهم عواصف فألجأتهم الريح إلى جزيرة لا يعرفونها فقعدوا في قويرب سفينة حتى إذا خرجوا إلى جزيرة فإذا هم بشيء أهلب كثير الشعر لا يدرون أرجل هو أم امرأة، فسلموا عليه فرد عليهم السلام، فقالوا له: ألا تخبرنا. فقال: ما أنا بمخبركم ولا بمستخبركم، ولكن هذا الدير الذي قد رأيتموه فيه من هو إلى خبركم بالأشواق أن يخبركم ويستخبركم، قال: قلنا: ما أنت؟ قال: الجساسة؟ فانطلقوا حتى أتوا الدير فإذا هم برجل موثق شديد الوثاق يظهر الحزن كثير الشكر فسلموا عليه فرد عليهم قال: فمن أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب. قال: ما فعلت العرب اخرج نبيهم؟ قالوا: نعم. قال: فما فعلوا؟ قالوا: خيرا آمنوا به وصدقوه. قال: ذاك خير لهم. قالوا: لقد كانوا له أعداء فأظهره الله عليهم. قال: فالعرب اليوم إلههم واحد ونبيهم واحد وكلمتهم واحدة؟ قالوا نعم: قال: فما عملت عين زغر؟ قالوا: صالحة يشرب منها أهلها تسقيهم ويسقون منها زرعهم. قال: فما فعل نخل بين عمان وبيسان. قالوا: صالح مطعم جناه كل عام. قال: ما فعلت بحيرة الطبرية؟ قالوا: ملأى. قال: فزفر ثم حلف لو خرجت من مكاني هذا ما تركت أرضا من الله إلا وطئتها غير طيبة ومكة ليس لي عليهما سلطان. قال: فقال رسول الله ﷺ: "لا يدخل الدجال طيبة".

إلى هنا إنتهى فرحي إن طيبة المدينة إن الله حرمها على الدجال أن يدخلها ثم حلف رسول الله ﷺ: "والله الذي لا إله إلا هو ما لها طريق ضيق ولا واسع ولا سهل ولا جبل إلا عليه ملك شاهر السيف إلى يوم القيامة ما يستطيع الدجال أن يدخلها على أهلها".

قال عامر: فلقيت المحرز بن أبي هريرة فحدثته بحديت فاطمة بنت قيس فقال: أشهد على أبي أنه حدثني كما حدثتك فاطمة غير أنه قال قال ﷺ: "إنه في بحر الشرق".

قال: ثم لقيت القاسم بن محمد فذكرت له حديث فاطمة فقال: أشهد على عائشة أنها حدثتني كما حدثتك فاطمة غير أنها قالت: "الحرمان عليه حرام مكة والمدينة".

وقد رواه أبو داود وابن ماجه من حديث إسماعيل أبي خالد، عن مجالد عن عامر الشعبي، عن فاطمة بنت قيس بسطه ابن ماجه وأحاله أبو داود على الحديث الذي رواه قبله ولم يذكر متابعة أبي هريرة وعائشة كما ذكر ذلك الإمام أحمد.

وقال أبو داود، حدثنا النفيلي، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن، حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن فاطمة بنت قيس أن رسول الله ﷺ أخر العشاء الآخرة ذات ليلة ثم خرج فقال: " إنه حبسني حديث كان يحدثنيه تميم الداري عن رجل في جزيرة من جزائر البحر، فإذا أنا بإمرأة تجر شعرها فقال: ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة اذهب إلى ذلك القصر فأتيته فإذا رجل يجر شعره موثق بالأغلال ينزو فيها بين السماء والأرض فقلت من أنت؟ قال: أنا الدجال. قال: ما فعلت العرب؟ أخرج نبيهم؟ قلت: نعم. قال: أطاعوه أم عصوه؟ قلت: بل أطاعوة. قال: ذلك خير لهم".

فهذه رواية لعامر بن شراحيل الشعبي عن فاطمة بنت قيس بطوله كنحو ما تقدم.

ثم قال أبو داود، حدثنا ابن فضيل، عن الوليد بن عبد الله بن جميع، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ ذات يوم على المنبر: "إنه بينما أناس يسيرون في البحر فنفد طعامهم فرفعت لهم جزيرة فخرجوا يريدون الخبز فلقيتهم الجساسة قلت لأبي سلمة: وما الجساسة؟ قال: امرأة تجر شعرها شعر جلدها ورأسها".

وقال في هذا القصر وذكر هذا الحديث، وسأل عن نخل بيسان، وعن زغر قال هو المسيح فقال لي ابن سلمة: أن في الحديث شيئا ما حفظته. قال: شهد جابر أنه ابن صياد. قلت: فإنه قد مات قلت: فإنه أسلم. قلت: وإن أسلم قلت: فإنه قد دخل المدينة. قال: وإن دخل المدينة تفرد به أبو داود وهو غريب جدا.

وقال الحافظ أبو يعلى، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا أبو عاصم سعد بن زياد، حدثني نافع مولاي، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ استوى على المنبر، فقال: حدثني تميم فرأى تميما في ناحية المسجد، فقال يا تميم: حدث الناس ما حدثني قال: "كنا في جزيرة فإذا نحن بدابة لا ندري ما قبلها من دبرها فقالت: تعجبون من خلقي وفي الدير من يشتهي كلامكم؟ فدخلنا الدير فإذا نحن برجل موثق في الحديد من كعبه إلى أذنه، وإذا أحد منخريه مسدود وإحدى عينيه مطموسة قال: فمن أنتم؟ فأخبرناه، فقال: ما فعلت بحيرة طبرية؟ قلنا: كعهدها. قال: فما تفعل نخل بيسان؟ قلنا: كعهده. قال: لأطأن الأرض بقدمي هاتين إلا بلدة إبراهيم وطيبة.

فقال رسول الله ﷺ: "طيبة هي المدينة". وهذا حديث غريب جدا، وقد قال أبو حاتم ليس هذا بالمتين.

ابن صياد من يهود المدينة

وقال أحمد، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله أنه قال: "إن إمرأة من اليهود بالمدينة ولدت غلاما ممسوحة عينه طالعة نابه، فأشفق رسول الله ﷺ أن يكون الدجال فوجده تحت قطيفة يهمهم، فأدنته أمه فقالت يا عبد الله: هذا أبو القاسم قد جاء فاخرج إليه من القطيفة فقال رسول الله ﷺ: "ما لها. قاتلها الله لو تركته لبين ثم قال: يا ابن صياد ما ترى؟ قال: أرى حقا وأرى باطلا وأرى عرشا على الماء. قال: فليس، فقال: أتشهد أني رسول الله، فقال هو: أتشهد إني رسول الله: قال رسول الله ﷺ: "آمنت بالله ورسله، ثم خرج وتركه، ثم أتاه مرة أخرى في نخل لهم فأدنته أمه فقالت يا عبد الله: هذا أبو القاسم قد جاء فقال رسول الله ﷺ: "ما لها قاتلها الله لو تركته لبين".

قال: وكان رسول الله ﷺ يطمع أن يسمع من كلامه شيئا ليعلم أهو هو أم لا. قال: يا ابن صياد ما ترى؟ قال: أرى حقا وأرى باطلا وأرى عرشا على الماء. قال: أتشهد إني رسول الله؟ قال هو: أتشهد إني رسول الله؟ قال رسول الله ﷺ: "آمنت بالله ورسله فلبس عليه، ثم خرج فتركه، ثم جاء في الثالثة والرابعة ومعه أبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما في نفر من المهاجرين والأنصار وأنا معه، قال: فبادر رسول الله ﷺ بين أيدينا ورجا أن يسمع من كلامه شيئا فسبقته أمه إليه فقالت يا عبد الله: هذا أبو القاسم قد جاء فقال رسول الله ﷺ: "ما لها قاتلها الله لو تركته لبين؟ فقال: يا ابن صياد ما ترى؟ قال: أرى حقا وأرى باطلا أرى عرشا على الماء. قال: تشهد أني رسول الله. فقال رسول الله: آمنت بالله ورسوله؟ يا ابن صياد إنا قد خبأنا لك خبأ، قال: فما هو؟ قال: الدخ، فقال رسول الله ﷺ: "أخسأ أخسأ. قال عمر بن الخطاب: ائذن لي فأقتله يا رسول الله، فقال رسول الله ﷺ: "إن يكنه فلست بصاحبه إنما صاحبه عيسى ابن مريم، وإلا يكنه فليس لك أن تقتل رجلا من أهل العهد. قال: يعني جابر فلم يزل رسول الله ﷺ مشفقا أنه الدجال وهذا سياق غريب جدا.

وقال الإمام أحمد، حدثنا يونس حدثنا المعتمر، عن أبيه عن سليمان الأعمش، عن شفيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود قال: بينما نحن مع رسول الله ﷺ إذ مر بصبيان يلعبون فيهم ابن صياد فقال رسول الله ﷺ "تربت يداك أتشهد أني رسول الله؟ فقال هو: أتشهد أني رسول الله؟ فقال عمر: دعني فلأضرب عنقه، فقال رسول الله: "إن يكن الذي يخاف فلن تستطيعه".

مرويات مرفوضة لأنها لا تصدق عقلا وليس بمعقول صدورها عن الرسول عليه السلام

والأحاديث الواردة في ابن صياد كثيرة، وفي بعضها التوقف في أمره على هو الدجال أم لا. فالله أعلم، ويحتمل أن يكون هذا قبل أن يوحى إلى رسول الله ﷺ في شأن الدجال وتعيينه، وقد تقدم حديث تميم الداري في ذلك وهو فاصل في هذا المقام، وسنورد من الأحاديث ما يدل على أنه ليس بابن صياد والله تعالى أعلم وأحكم.

فقال البخاري: حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر أن رسول الله ﷺ قال: "بينا أنا قائم أطوف بالكعبة فإذا رجل آدم سبط الشعر ينطف أو يهراق رأسه، فقلت: من هذا؟ فقيل: ابن مريم ثم التفت فإذا رجل جسيم أحمر أجذ الرأس أعور العين أقرب الناس به شبها ابن قطن رجل من خزاعة".

وقال الإمام أحمد، حدثنا محمد بن سابق، أخبرنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله أنه قال: قال رسول الله ﷺ: "يخرج الدجال في خفة من الدين وإدبار من العلم وله أربعون ليلة يسبحها في الأرض اليوم منها كالسنة، واليوم منها كالشهر. واليوم منها كالجمعة، ثم سائر أيامه كأيامكم هذه وله حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعا، فيقول للناس: أنا ربكم وهو أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كفر بهجاء يقرؤه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب يرد كل ماء ومنهل إلا المدينة ومكة حرمهما الله عليه وقامت الملائكة بأبوابهما، ومعه جبال من خبز والناس في جهد الأمن اتبعه، ومعه نهران أنا أعلم بهما منهما نهر يقول له الجنة ونهر يقول له النار، فمن أدخل الذي يسميه الجنة فهي النار، ومن أدخل الذي يسميه النار فهي الجنة قال: وسمعت معه شياطين تكلم الناس ومعه فتنة عظيمة يأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس ويقتل نفسا ثم يحييها فيما يرى الناس، ويقول للناس: هل يفعل مثل هذا إلا الرب؟ قال فيفد المسلمون إلى جبل الدخان بالشام فيأتيهم فيحاصرهم فيشتد حصارهم ويجهدهم جهدا شديدا، ثم ينزل عيسى ابن مريم فينا من السحر فيقول: يا أيها الناس ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث؟ فيقولون: هذا رجل حي فينطلقون فإذا هم بعيسى ابن مريم فتقام الصلاة، فيقال له تقدم يا روح الله، فيقول: ليتقدم إمامكم ليصل بكم فإذا صلوا صلاة الصبح خرجوا إليه، قال فحين يراه الكذاب ينماث كما ينماث الملح في الماء، فيمشي إليه فيقتله حتى إن الشجرة والحجر ينادي يا روح الله هذا يهودي فلا يترك ممن كان يتبعه أحدا إلا قتله. تفرد به أحمد أيضا. وقد رواه غير واحد عن إبراهيم.

حديث النواس بن سمعان الكلابي في معناه وأبسط منه

قال مسلم: حدثني أبو خيثمة زهير بن حرب، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني ابن جبير، عن أبيه ابن نفير الحضرمي أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي، وحدثني محمد بن مهران الرازي واللفظ له، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن جابر الطائي، عن يحيى بن جابر الطائي، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه جبير بن نفير، عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله ﷺ الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع يتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا فقال: "ما شأنكم؟ قلنا يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل فقال: غير الدجال أخوفني عليكم إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فكل امرىء حجيج نفسه والله خليفتي على كل امرىء مسلم. إنه شاب قطط عينه طافية إني أشبهه بعبد العزى ابن قطن من أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف إنه خارج في خلة بين الشام والعراق فعائث يمينا وعائث شمالا يا عباد الله فاثبتوا قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض قال: أربعون يوما؟ يوم كسنة، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم. قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره. قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض قال: كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا وأسبغه ضروعا وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم من أموالهم شيء، ويمر بالخربة فيقول أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل يتهلل وجهه وهو يضحك؟ فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق في مهروذتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله، ثم يأتي عيسى ابن مريم قوما قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم عن درجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله تعالى إلى عيسى إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة الطبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء، ويحضر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله إليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرس كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله طيرا كأعناق البخت فتطرحهم حيث شاء الله ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت ولا وبر، فيغسل الله الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة".

حدثني علي بن حجر السعدي، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر والوليد بن مسلم قال ابن حجر: دخل حديث أحدهما في حديث الآخر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بهذا الإسناد نحو ما ذكرناه وزاد بعد قوله: "لقد كان بهذه مرة ماء ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر وهو جبل بيت المقدس فيقولون لقد قتلنا من في الأرض هلما فلنقتل من في السماء فيرمون بنشابهم لى السماء فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دماء".

وفي رواية ابن حجر: "فإني قد أنزلت عبادا لي لا يد لأحد بقتالهم" انتهى.

رواه مسلم إسنادا ومتنا، وقد تفرد به عن البخاري، ورواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن الوليد بن مسلم بإسناده نحوه، وزاد في سياقه بعد قوله: فيطرحهم الله حيث شاء. قال ابن حجر: فحدثني عطاء بن يزيد السكسكي عن كعب أو غيره قال: "فيطرحهم بالمهبل قال ابن جابر وأين المهبل؟ قال: مطلع الشمس".

ورواه أبو داود، عن صفوان بن عمرو المؤذن، عن الوليد بن مسلم ببعضه. ورواه الترمذي، عن علي بن حجر وساقه بطوله وقال غريب حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث ابن جابر، ورواه النسائي في فضائل القرآن عن علي بن حجر مختصر، ورواه ابن ماجه عن هشام بن عمار عن يحيى بن حمزة عن عبد الرحمن عن زيد بن جابر بإسناده قال: "سيوقد الناس من قسي يأجوج ومأجوج ونشابهم وتروسهم سبع سنين".

وذكره قبل ذلك بتمامه عن هشام بن عماد ولم يذكر فيه هذه القصة، ولا ذكر في إسناده عن جابر الطائي حديث عن أبي أمامة الباهلي صدى بن عجلان في معنى حديث النواس بن سمعان.

قال أبو عبد الله بن ماجه، حدثنا علي بن محمد بن ماجه، حدثنا عبد الرحمن المحاربي، عن إسماعيل بن رافع أبي رافع، عن أبي زرعة الشيباني يحيى بن أبي عمرو، عن أبي أمامة الباهلي قال: خطبنا رسول الله ﷺ فكان أكثر خطبته حديثا حدثناه عن الدجال وحذرناه فكان من قوله أن قال: "إنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال، وإن الله لم يبعث نبيا إلا حذر من الدجال، وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم، وهو خارج فيكم لا محالة، فإن يخرج وأنا بين أظهركم فأنا حجيج لكل مسلم، وإن يخرج من بعدي فكل حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق فيعيث يمينا وشمالا،. يا عباد الله أيها الناس فاثبتوا، وإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي، إنه يبدأ فيقول: أنا نبي ولا نبي بعدي، ثم يثني فيقول: أنا ربكم، ولا ترون ربكم حتى تموتوا، وإنه أعور وإن ربكم عز وجل ليس بأعور، وإنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب، وإن من فتنته أن معه جنة ونارا. فناره جنة وجنته نار، فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ فواتح الكهف فتكون عليه بردا وسلاما كما كانت النار على إبراهيم، وإن من فتنته أن يقول لأعرابي أرأيت إن بعثث لك أباك وأمك أتشهد أني ربك؟ فيقول له: نعم، فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان يا بني اتبعه فإنه ربك، وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها ينشرها بالمنشار ثم يلقيها شقتين، ثم يقول انظروا إلى عبدي فإني أبتعثه الآن، ثم يزعم أن له ربا غيري، فيبعثه الله فيقول له الخبيث: من ربك؟ فيقول: ربي الله، وأنت عدو الله الدجال والله ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم". قال أبو الحسن - يعني علي بن محمد - فحدثنا المحاربي حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصالي، عن عطية، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله ﷺ: "ذاك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة". قال: قال أبو سعيد ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب حتى مضى لسبيله. قال المحاربي ثم رجعنا إلى حديث أبي رافع قال: من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، حتى تروح عليهم مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه، وأمده خواصر، وأدره ضروعا وإنه لا يبقى من الأرض شيئا إلا وطئه وظهر عليه إلا مكة والمدينة، فإنه لا يأتيهما من نقب من نقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة حتى ينزل عند الطريب الأحمر عند منقطع السبخة فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه فينقى الخبث منها كما ينقي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص، فقالت أم شريك ابنة أبي العسكر: يا رسول الله فأين العرب يومئذ؟ قال: هم قليل وجلهم ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح ، فبينما إمامهم قد تقدم فصلى الصبح إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم، فرجع ذلك الإمام يمشي القهقرى ليتقدم بهم عيسى يصلي، فيضع عيسى عليه الصلاة والسلام يده بين كتفيه فيقول له: تقدم فصل فإنها لك أقيمت، فيصلي بهم إمامهم فإذا انصرف قال عيسى: أقيموا الباب فيفتح ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هاربا ويقول عيسى: إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها؟ فيدركه عند باب الدار الشرقي فيقتله فيهزم الله اليهود فلا يبقى شيء بها خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله الشيء، لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق إلا قال: يا عبد الله المسلم هذا يهودي فتعال فاقتله، قال رسول الله ﷺ: "وإن أيامه أربعون سنة السنة كنصف السنة، والسنة كالشهر، والشهر كالجمعة، وآخر أيامه قصيرة يصبح أحدكم على باب المدينة فما يصل إلى بابها الآخر حتى يمسي، فقيل له يا رسول الله: كيف نصلي في تلك الأيام القصار؟ قال: تقدرون فيها للصلاة كما تقدرونه في هذه الأيام الطوال ثم صلوا". قال رسول الله ﷺ: "ليكونن عيسى ابن مريم في أمتي حكما عدلا وإماما قسطا يدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويترك الصدقة فلا تسعى على شاة ولا بعير، ويرفع الشحناء والتباغض وينزع جمة كل ذي جمة حتى يدخل الوليد يده في فم الحية فلا تضره، وينفر الوليد الأسد فلا يضره ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الاناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها، وتسلب قريش فلكها وتكون الأرض كعاثور الفضة ينبت نباتها كعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فليشبعهم ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم، ويكون الثور بكذا وكذا من المال، ويكون الفرس بالدريهمات. قيل يا رسول الله: وما يرخص الفرس؟ قال: لا يركب لحرب أبدا قيل له: فما يغلي الثور؟ قال: لحرث الأرض كلها: وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد يأمر الله السماء أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نداتها كلها فلا تنبت خضراء، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله، فقيل: ما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام".

بعض العجائب الغرائب التي وردت نسبة قولها إلى الرسول عليه السلام

قال ابن ماجه سمعت أبا الحسن الطنافسي يقول، سمعت عبد الرحمن المحاربي يقول ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدب حتى يعلمه الصبيان في الكتاب انتهى سياق ابن ماجه، وقد وقع تخبيط في إسناده لهذا الحديث، فكما وجدته في نسخة كتبت إسناده، وقد سقط التابعي منه وهو عمرو بن عبد الله الحضرمي أبو عبد الله الجبار الشامي المرادي عن أبي أمامة. قال شيخنا الحافظ المزي: ورواه ابن ماجه في الفتن عن علي بن محمد، عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع، عن أبي عمرو الشيباني زرعة. عن أبي أمامة بتمامه كذا قال، وكذا رواه سهل بن عثمان عن المحاربي، وهو وهم فاحش. قلت: وقد جرد إسناده أبو داود فرواه عن عيسى بن محمد، عن ضمرة، عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني، عن عمرو بن عبد الله، عن أبي أمامة نحو حديث النواس بن سمعان.

وقد روى الإمام أحمد بهذا الإسناد حديثا واحدا في مسنده فقال أبو عبد الرحمن عبد الله ابن الإمام أحمد: وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثني مهدي بن جعفر الرملي، حدثنا ضمرة، عن الشيباني واسمه يحيى بن أبي عمر، وعن عمرو بن عبد الله الحضرمي عن أبي أمامة قال: قال رسول الله ﷺ: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على عدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا ما أصابهم من لأواء حتى يأتي أمر الله وهم كذلك. قالوا يا رسول الله وأين هم؟ قال: في بيت المقدس وأكتاف بيت المقدس".

حديث يجب صرفه عن ظاهره إلى التأويل

وقال مسلم: حدثنا عمرو بن الناقد والحسن الحلواني وعبيد بن حميد وألفاظهم متقاربة والسياق بعيد قال حدثني وقال الآخران: حدثنا يعقوب هو ابن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا سعيد الخدري قال، حدثنا رسول الله ﷺ يوما حدثنا طويلا عن الدجال فكان فيما حدثنا قال: "يأتي وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس فيقول له: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله ﷺ حديثه فيقول الدجال: أرايتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا. قال: فيقتله ثم يحييه فيقول حين يحييه: والله ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن. قال: فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه".

قال أبو إسحاق: "يقال إن هذا الرجل هو الخضر".

قال مسلم: وحدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، عن الزهري في هذا الإسناد بمثله.

وقال مسلم: حدثني محمد بن عبد الله بن فهران من أهل مرو، حدثنا عبد الله بن عثمان، عن أبي حمزة، عن قيس بن وهب، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: "يخرج الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين فتلقاه المسالح مسالح الدجال فيقولون له أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج. قال: فيقولون له أو ما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء، فيقولون: اقتلوه، فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه؟ قال: فينطلقون إلى الدجال فإذا رآه المؤمن قال: يا أيها الناس، هذا الدجال الذي ذكر رسول الله ﷺ. قال: فيأمر الدجال به فيشج فيقول خذوه وشجوه فيوسع ظهره وبطنه ضربا قال فيقول: أما تؤمن بي؟ قال فيقول: أنت المسيح الكذاب. قال: فيؤمر به فينشر بالمنشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له: قم فيستوي قائما. قال: ثم يقول له أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك إلا بصيرة قال: ثم يقول يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس مثل الذي فعل بي. قال: فيأخذه الدجال ليذبحه فيحول ما بين رقبته إلى ترقوته نحاس فلا يستطيع إليه سبيلا، قال فيأخذ بيديه ورجليه ليقذف به فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار وإنما ألقي في الجنة قال رسول الله ﷺ: "هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين".

ذكر أحاديث منثورة عن الدجال

حديث عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

قال أحمد: حدثنا روح، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن أبي التياح، عن المغيرة بن سبيع، عن عمرو بن حريب أن أبا بكر الصديق أفاق من مرض له فخرج إلى الناس فاعتذر بشيء وقال: ما أردنا إلا الخير، ثم قال: حدثنا رسول الله ﷺ: "أن الدجال يخرج في أرض بالمشرق يقال لها خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة".

ورواه الترمذي، وابن ماجه من حديث روح بن عبادة به، وقال الترمذي: حسن صحيح. قلت: وقد رواه عبيد الله بن موسى العبسي، عن الحسن بن دينار، عن أبي التياح فلم ينفرد به روح كما زعمه بعضهم ولا سعيد بن عروبة، فإن يعقوب بن شعبة قال: لم يسمعه ابن أبي عروبة من أبي التياح إنما سمعه من ابن شوذب عنه.

حديث علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه

قال أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن جابر بن عبد الله بن عبد الله بن يحيى، عن علي، عن النبي ﷺ قال: ذكرنا الدجال عند النبي ﷺ وهو نائم فاستيقظ محمر اللون فقال: "غير ذلك أخوف لي عليكم". وذكر كلمة. تفرد به أحمد.

حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه

قال أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن داود بن عامر، عن سعد، عن مالك، عن أبيه أن جده قال: قال رسول الله ﷺ: "إنه لم يكن نبي إلا وصف الدجال لأمته ولأصفنه صفة لم يصفها أحد كان قبلي، إنه أعور والله عز وجل ليس بأعور". تفرد به أحمد.

حديث أبي عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه

قال الترمذي: حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي، حدثنا حماد بن سلمة عن خالد بن الحذاء، عن عبد الله بن شفيق، عن عبد الله بن سراقة، عن أبي عبيدة بن الجراح قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إنه لم يكن نبي إلا أنذر قومه الدجال وأنا أنذركموه فوصفه لنا رسول الله ﷺ فقال: لعله سيدركه بعض من رأى وسمع كلامي؟ قالوا يا رسول الله: كيف قلوبنا يومئذ؟ قال: مثلها. يعني اليوم أو خير".

ثم قال الترمذي: وفي الباب عن عبد الله بن بسر وعبد الله بن معقل وأبي هريرة وهذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث الحذاء، وقد روى أحمد بن عفان وعبد الصمد، وأخرجه أبو داود، عن موسى بن إسماعيل كلهم عن جمال بن سلمة له، وروى أحمد عن غندر، عن شعبة، عن خالد الحذاء ببعضه.

حديث عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه

روى أحمد عن غندر وروح وسليمان بن داود ووهب بن جرير كلهم عن شعبة عن حبيب بن الزبير، سمعت عبد الله بن أبي الهذيل، سمع عبد الرحمن بن ابزى، سمع عبد الله بن خباب، سمع أبي بن كعب يحدث عن رسول الله ﷺ وقد ذكر عنده الدجال فقال: "إحدى عينيه كأنها زجاجة، وتعوذوا؟ بالله من عذاب القبر". تفرد به أحمد

حديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه

قال عبد الله ابن الإمام أحمد: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده، حدثني عبد المتعال بن عبد الوهاب، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، حدثنا مجالد عن أبي الوداك قال: قال أبو سعيد: هل يلتقي الخوارج بالدجال؟ قلت: لا. فقال: قال رسول الله ﷺ: "إني خاتم ألف أو أكثر، وما بعث نبي يتبع إلا وقد حذر أمته الدجال، وإني قد بين لي من أمره ما لم يبين لأحد، إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، وعينه اليمنى عوراء جاحظة لا تخفى كأانها نخامة على حائط مجصص، وعينه اليسرى كأنها كوكب دري، معه من كل لسان ومعه صورة الجنة خضراء يجري فيها الماء وصورة النار سوداء تدخن".

تفرد به أحمد، وقد روى عبد بن حميد في مسنده، عن حماد بن سلمة، عن الحجاج، عن عطية، عن أبي سعيد مرفوعا نحوه.

حديث عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه

قال أحمد: حدثنا بهز وعفان قالا: حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا إسحاق بن عبد الله عن ابن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "يجيء الدجال فيطا الأرض إلا مكة والمدينة فيأتي المدينة فيجد بكل نقب من أنقابها صفوفا من الملائكة فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقة فترجص المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل منافق ومنافقة".

رواه مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يونس بن محمد المؤدب، عن حماد بن سلمة بنحوه.

طريق أخرى عن أنس

قال أحمد: حدثنا يحيى، عن حميد عن أنس عن النبي ﷺ قال: "أن الدجال أعور العين الشمال عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كفر أو كافر".

هذا حديث ثلاثي الإسناد وهو على شرط الصحيحين.

طريق أخرى عن أنس

قال أحمد: حدثنا محمد بن مصعب، حدثنا الأوزاعي، عن ربيعة، عن أبي عبد الرحمن، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "يخرج الدجال من يهودية أصبهان معه سبعون ألفا من اليهود عليهم التيجان"، تفرد به أحمد.

قال أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثني أبي، حدثنا شعيب هو ابن الحجاب، عن أنس أن رسول الله ﷺ قال: "الدجال ممسوح العين، بين عينيه مكتوب كافر، ثم تهجاها ك ف ر يقرؤه كل مسلم".

حدثنا يونس، حدثنا حماد يعني ابن سلمة، عن حميد وشعيب بن الحجاب، عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال: "الدجال أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب".

ورواه مسلم، عن زهير بن عفان، عن شعيب به بنحوه.

طريق أخرى عن أنس

قال أحمد: حدثنا عمرو بن الهيثم، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: "ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب إلا أنه أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر". ورواه البخاري ومسلم من حديث شعبة به.

حديث عن سفينة رضي الله تعالى عنه

قال أحمد: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا سعيد بن جهمان، عن سفينة مولى رسول الله ﷺ قال: خطبنا رسول الله ﷺ فقال: "ألا إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد حذر أمته الدجال، هو أعور عينه اليمنى بعينه اليمنى ظفرة غلظة مكتوب بين عينيه كافر، يخرج معه واديان أحدهما جنته والآخر ناره فناره جنة وجنته نار. معه ملكان من الملائكة يشبهان نبيين من الأنبياء، ولو شئت أن أسميهما بأسمائهما وأسماء آبائهما لفعلت، واحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وتلك فتنة. يقول الدجال: ألست بربكم؟ ألست أحيي وأميت؟ فيقول له أحد الملكين: كذبت فلا يسمعه أحد من الناس إلا صاحبه فيقول له صدقت فيسمعه الناس فيظنون أنما يصدق الدجال وذلك فتنة ثم يسير حتى يدخل المدسنة فلا يؤذن له بدخولها فيقول: هذه قرية ذاك الرجل: ثم يسير حتى يأتي الشام فيهلكه الله عند عقبة أفيق".

تفرد به أحمد وإسناده لا بأس به ولكن في متنه غرابة ونكاره والله أعلم.

حديث عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه

قال يعقوب بن سليمان الفسوي في مسنده، حدثنا يحيى بن بكير، حدثني خنيس بن عامر بن يحيى المعافري، عن أبي ليلى جبارة بن أبي أمية أن قوما دخلوا على معاذ بن جبل وهو مريض فقالوا له: حدثنا حديثا سمعته من رسول الله ﷺ لم تنسه؟ فقال: أجلسوني فأخذ بعض القوم بيده، فجلس بعضهم خلفه فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ما من نبي وقد حذر أمته الدجال وإني أحذركم أمره إنه أعور وإن ربي عز وجل ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه الكاتب وغير الكاتب معه جنة ونار فناره جنة وجنته نار". قال شيخنا الحافظ الذهبي: تفرد به خنيس، وما علمنا به جرحا وإسناده صحيح.

وقال شيخنا الذهبي من كتابه- في الدجال-: عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة مرفوعا: "الدجال أعور العين الشمال عليها ظفرة غليظة".

قلت: وليس هذا الحديث من هذا الوجه في المسند ولا في شيء من الكتب الستة، وكان الأولى لشيخا أن يسنده أو يعزوه إلى كتاب مشهور والله الموفق.

حديث عن سمرة بن جنادة بن جندب رضي الله تعالى عنه

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو كامل، حدثنا زهير عن الأسود بن قيس، حدثني ثعلبة بن عباد العبدي من أهل البصرة، قال: شهدت يوما خطبة سمرة فذكر في خطبته حديثا في صلاة الكسوف أن رسول الله ﷺ خطب بعد صلاة الكسوف خطبة قال فيها: "والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون آخرهم الأعور الدجال ممسوح العين اليسرى كأنها عين أبي يحيى. وأنه متى يخرج أو قال متى ما يخرج فإنه سوف يزعم أنه الله، فمن آمن به وصدقه واتبعه لم ينفعه صالح من عمله سلف، ومن كفر به وكذبه لم يعاقب بشيء من عمله، وقال الحسن بشيء من عمله سلف، وإنه سوف يظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس وإنه يحصر المؤمنون في بيت المقدس ويزلزلون زلزالا شديدا ثم يهلكه الله حتى إن هدم الحائط وأصل الشجرة لينادي يا مؤمن هذا يهودي، وقال هذا كافر فقال فاقتله ولكن لا يكون ذلك كذلك حتى تروا أمورا يتفاقم شأنها في أنفسكم، فتسألون بينكم هل كان نبيكم ذكر لكم منها؟ ذكرا وحتى تزول جبال عن مراتبها".

ثم شهد خطبة سمرة مرة أخرى فما قدم كلمة ولا أخرها عن موضعها، وأصل هذا الحديث في صلاة الكسوف عند أصحاب السنن الأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم في مستدركه أيضا.

حديث آخر عن سمرة

قال أحمد: حدثنا روح، حدثنا سعيد وعبد الوهاب، أخبرنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جنادة بن جندب أن رسول الله ﷺ كان يقول: "إن الدجال خارج وهو أعور العين الشمال عليها ظفرة غلظة وإنه يبرىء الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى، ويقول أنا ربكم فمن قال أنت ربي فقد فتن، ومن قال ربي الله حتى يموت فقد عصم من فتنته ولا فتنة عليه ولا عذاب، فيلبث في الأرض ما شاء الله ثم يجيء عيسى ابن مريم من قبل المغرب مصدقا بمحمد وعلى ملته فيقتل الدجال ثم إنما هو قيام الساعة" وقال الطبراني: حدثنا موسى بن هارون، حدثنا مروان بن جعفر السهري، حدثنا محمد بن إبراهيم بن حبيب بن سليمان، عن جعفر بن سعد بن سمرة، عن حبيب، عن أبيه، عن جدة سمرة أن رسول الله ﷺ كان يقول: "إن المسيح الدجال أعور العين الشمال عليها ظفرة غليظة وإنه يبرىء الأكمه والأرص ويحيي الموتى ويقول أنا ربكم، فمن اعتصم بالله فقال ربي الله ثم أبى ذلك حتى يموت فلا عذاب عليه ولا فتنة ومن قال أنت ربي فقد فتن وإنه يلبث في الأرض ما شاء الله أن يلبث ثم يجيء عيسى ابن مريم من المشرق مصدقا بمحمد وعلى ملته ثم يقتل الدجال"، حديث غريب.

حديث عن جابر رضي الله تعالى عنه

قال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الملك بن عمرو بن دينار، حدثنا زهير، عن زيد يعني ابن أسلم، عن جابر بن عبد الله قال: أشرف رسول الله ﷺ على فلق من أفلاق الحرة ونحن معه فقال: "نعمت الأرض المدينة إذا خرج الدجال، على كل نقب من أنقابها ملك لا يدخلها فإذا كان ذاك رجفت المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه وأكثر يعني من يخرج إليه من النساء وذلك يوم التخليص يوم تنفي المدينة الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد يكون معه سبعون ألفا من اليهود على كل رجل ساج وسيف محلى، فيضرب رواقه بهذا الطرف الذي عند مجتمع السلول ثم قال رسول الله ﷺ: ما كانت فتنة ولا تكون حتى تقوم الساعة أكبر من فتنة الدجال، وما من نبي إلا وقد حذره أمته لأخبرنكم بشيء ما أخبرة نبي أمته ثم وضع يده على عينيه ثم قال: "أشهد أن الله ليس بأعور". تفرد به أحمد وإسناده جيد وصححه الحاكم.

طريق أخرى عن جابر

قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا مجالد، عن الشعبي، عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: "إني لخاتم ألف نبي أو أكثر وإنه ليس منهم نبي إلا وقد أنذر قومه الدجال، وإنه قد تبين لي ما لم يتبين لأحد منهم وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور".

وتفرد به البزار وإسناده حسن ولفظه غريب جدا.

وروى عبد الله بن أحمد في السنة من طريق مجالد، عن الشعبي، عن جابر أن رسول الله ﷺ ذكر الدجال فقال: "إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور".

ورواه ابن أبي شيبة عن علي بن مسهر عن مجالد به أطول من هذا.

طريق أخرى عن جابر

قال أحمد: حدثنا روح، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول قال النبي ﷺ: "الدجال أعور وهو أشد الكذابين".

وروى مسلم من حديث ابن جريح، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي ﷺ قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى ينزل عيسى ابن مريم".

وتقدمت الطريق الأخرى عن أبي الزبير عنه، عن أبي سلمة عنه في الدجال.

حديث عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه

قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ قال فى الدجال: "أعور هجين أزهر كأن رأاسه أصلة أشبه الناس بعبد العزى ابن قطن وإن ربكم ليس بأعور".

قال شعبة: فحدثت به قتادة فحدثني بنحو من هذا تفرد به أحمد من هذا الوجه.

وروى أحمد والحارث أبي أسامة وابن معلى من طريق هلال عن عكرمة عن ابن عباس في حديث الإسراء قال: "ورأى الدجال في صورته رأي عين لا رؤيا منام وعيسى وإبراهيم فسئل عن الدجال فقال: "رأيته إحدى عينيه قائمة كأنها كوكب دري كأن شعره أغصان شجرة".

ليس في الدنيا فتنة أعظم من فتنة الدجال وذكر تمام الحديث حديث عن هشام بن عامر

قال أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا حميد يعني ابن هلال، عن هشام بن عامر الأنصاري سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ما بين خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فتنة أكبر من الدجال".

وقال أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن حميد بن هلال، عن بعض أشياخهم قال: قال هشام بن عامر لجيرانه: إنكم تتخطوني إلى رجال ما كانوا بأحضر لرسول الله ﷺ ولا أوعى لحديثه مني وإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ما بين خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فتنة أكبرمن الدجال".

ورواه الإمام أحمد أيضا، عن أحمد بن عبد الملك، عن حماد، عن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أبي الدهماء، عن هشام بن عامر أنه قال: إنكم لتجاوزوني إلى رهط من أصحاب رسول الله ﷺ ما كانوا أحضر ولا أحفظ لحديثه مني وإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال".

وقد رواه مسلم من حديث أيوب، عن حميد بن هلال، عن رهط منهم أبو الدهماء وأبو قتادة عن هشام بن عامر فذكر نحوه.

وقال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن هشام بن عامر قال: قال رسول الله ﷺ: "إن رأس الدجال من ورائه حبك حبك فمن قال أنت ربي افتتن ومن قال: كذبت. ربي الله عليه توكلت، فلا يضره أو قال فلا فتنة عليه".

حديث عن ابن عمر

قال أحمد: حدثنا أحمد بن عبد الملك، حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة، عن سالم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ "منزل الدجال في هذه السبخة فيكون أكثرمن يخرج إليه النساء حتى إن الرجل ليرجع إلى زوجته وإلى أمه وابنته واخته وعمته فيوثقها رباطا مخافة أن تخرج إليه فيسلط الله المسلمين عليه فيقتلونه ويقتلون شيعته حتى إن اليهودي ليختبىء تحت الشجرة والحجر، فيقول الحجر والشجرة للمسلمين هذا يهودي تحتي فاقتله".

طريق أخرى عن سالم

قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: قام رسول الله ﷺ في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال: "إني لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذره قومه لقد أنذره نوح قومه ولكن سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلمون أنه أعور وأن الله ليس بأعور".

إشارة نبوية إلى أن المسلمين سيقاتلون اليهود وينتصرون عليهم حتى أن اليهودي لا يجد له مخبأ يحميه من سيف المسلم

وقد تقدم هذا في الصحيح مع حديث ابن صياد وبهذا الإسناد إلى ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: "تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم حتى يقول الحجر يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله".

وأصله في الصحيحين من حديث الزهري بنحوه.

طريق أخرى عن ابن عمر

قال أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا عاصم ابن أخيه، عن عمر بن محمد، عن محمد بن زيد يعني أبا عمر بن محمد قال: قال عبد الله بن عمر: كنا نتحدث بحجة الوداع ولا ندري أنه الوداع من رسول الله ﷺ، فلما كان في حجة الوداع خطب رسول الله ﷺ فذكر المسيح الدجال فأطنب في ذكره قال: "ما بعث الله من نبي إلا قد أنذره أمته لقد أنذره نوح أمته وأنذره النبيون من بعده أممهم. ألا إن ما خفي عليهم من شأنه فلن يخفين عليكم إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور". تفرد به أحمد من هذا الوجه.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا يزيد، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: "إنه لم يكن نبي إلا وصفه لأمته ولأصفنه صفة لم يصفها من كان قبلي، إنه أعور وإن الله ليس بأعور عينه اليمنى كأنها عنبة طافية" وهذا إسناد جيد حسن.

وقال الترمذي: حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ أنه سئل عن الدجال فقال: "ألا إن ربكم عز وجل ليس بأعور وإن الدجال أعور عينه اليمنى كأنها عنبة طافية".

قال: هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن سعد وحذيفة وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وأبي بكرة وعائشة وأنس بن مالك وابن عباس والتلبان بن عاصم.

حديث عبد الله بن عمر

قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن شهر بن حوشب قال: لما جاءتنا بيعة يزيد بن معاوية قدمت الشام فأخبرت بمقام يقومه عوف البكالي فجئته فجاء رجل فأسدل الناس عليه خميصة، وإذا هو عبد الله بن عمرو بن العاص فلما رآه عوف أمسك عن الكلام فقال عبد الله: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إنها ستكون هجرة بعد هجرة ينحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم لا يبقى في الأرض إلا شرار الناس تلفظهم أرضوهم تحشرهم النار مع المردة والخنازير وتبيت معهم إذا باتوا وتقيل معهم إذا قالوا وتأكل من تخلف".

قال: وسمعت رسول الله ﷺ يقول: "سيخرج ناس من أمتي من قبل الشرق يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم كلما خرج منهم قرن قطع حتى عد زيادة على عشر مرات كلما خرج منهم قرن قطع حتى يخرج الدجال من بقيتهم".

ورواه أبو داود من حديث قتادة عن شهر من طريق أخرى عنه.

حديث غريب السند والمتن

قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا جعفر بن أحمد الثنائي، حدثنا أبو كريب، حدثنا فردوس الأشعري، عن مسعود بن سليمان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ أنه قال في الدجال: "إنه أعور وإن الله ليس بأعور، يخرج فيكون في الأرض أربعين صباحا يرد كل منهل إلا الكعبة وبيت المقدس والمدينة الشهر كالجمعة والجمعة كاليوم ومعه جنة ونار فناره جنة وجنته نار معه جبل من خبز ونهر من ماء ة يدعو برجل لا يسلطه الله على أحد إلا عليه فيقول: ما تقول في فيقول: أنت عدو الله، وأنت الدجال الكذاب فيدعو بمنشار فيضعه فيشقه ثم يحييه فيقول له: ما تقول؟ فيقول: والله ما كنت أشد بصيرة مني فيك الآن، أنت عدو الله عز وجل الدجال الذي أخبرنا عنك رسول الله ﷺ فيهوي إليه بسيفه فلا يستطيعه فيقول أخروه عني".

قال شيخنا الذهبي: هذا حديث غريب فردوس ومسعود لا يعرفان وسيأتي حديث يعقوب بن عاصم عنه في مكث الدجال في الأرض ونزول عيسى ابن مريم.

التسبيح والتهليل والتكبير لا تطعم الأجساد

حديث عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية

قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد الأنصارية قالت: كان رسول الله ﷺ في بيتي فذكر الدجال فقال: "إن بين يديه ثلاث سنين سنة تمسك السماء ثلث مطرها والأرض ثلث نباتها، والثانية تمسك السماء ثلثي مطرها والأرض ثلثي نباتها، والثالثة تمسك السماء مطرها كله والأرض نباتها كله، ولا تبقى ذات ضرس ولا ذات خف من البهائم إلا هلكت، وإن من أشد فتنته أن يأتي الأعرابي فيقول: أرأيت إن أحييت لك أباك وأحييت أخاك ألست تعلم أني ربك؟ فيقول: بلى، فيتمثل له الشيطان نحو أبيه ونحو أخيه قالت ثم خرج رسول الله ﷺ لحاجته ثم رجع والقوم في اهتمام وغم مما حدثهم قالت: فأخذ بحلقتي الباب وقال: مه مه أسماء، قالت: قلت يا رسول الله وسلم خلعت أفئدتنا بذكر الدجال قال: فإن يخرج وأنا حي فأنا حجيجه وإلا فإن ربي خليفتي على كل مؤمن قالت أسماء: يا رسول الله والله انا لنعجنن عجيننا فما نختبزه حتى نجوع فكيف بالمؤمنين يومئذ. قال: يجزيهم ما يجزي أهل السماء من التسبيح والتقديس" .

وكذلك رواه أحمد أيضا، عن يزيد بن هارون، عن جرير بن حازم، عن عبادة، عن شهر عنها بنحوه وهذا إسناد لا بأس به، وقد تفرد به أحمد وتقدم له شاهد في حديث أبي أمامة الطويل، وفي حديث عائشة بعده شاهد له من وجه أيضا والله أعلم.

وقال أحمد: حدثنا هاشم، حدثنا عبد الحميد، حدثنا شهر، حدثني أسماء أن رسول الله ﷺ قال في حديث: "فمن حضر مجلسي وسمع قولي فليبلغ الشاهد منكم الغائب واعلمو، أن الله صحيح ليس بأعور ممسوح العين مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب".

وسيأتي عن أسماء بنت عميس نحوه والمحفوظ هذا، والله أعلم.

حديث عائشة

قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد، حدثنا علي بن زيد، عن الحسن، عن عائشة أن رسول الله ﷺ ذكر جهدا بين يدي الدجال فقالوا أي المال خير يومئذ قال: غلام أسود يسقي أهله الماء وأما الطعام فليس". قالوا فما طعام المؤمنين يومئذ قال: التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل قالت عائشة: فأين العرب يومئذ؟ قال: قليل". تفرد به أحمد وإسناده فيه غرابة وتقدم في حديث أسماء وأبي أمامة شاهد له والله تعالى أعلم.

طريق أخرى عنها

قال أحمد: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني الحضرمي بن لاحق أن ذكوان أبا صالح أخبره أن عائشة أخبرته قالت: دخل علي رسول الله ﷺ وأنا أبكي فقال: "ما يبكيك؟ قلت يا رسول الله ذكرت الدجال فبكيت".

فقال رسول الله ﷺ: "إن يخرج الدجال وأنا حي كفيتكموه وإن يخرج بعدي فإن ربكم ليس بأعور إنه يخرج من يهودية أصبهان حتى يأتي المدينة فينزل ناحيتها ولها يومئذ سبعة أبواب على كل نقب منها ملكان، فيخرج إليه شرار أهلها حتى يأتي الشام بمدينة فلسطين باب لد، فينزل عيسى ابن مريم فيقتله ثم يمكث عيسى في الأرض أربعين سنة إماما عادلا وحكما مقسطا" تفرد به أحمد.

لا يدخل الدجال مكة المكرمة ولا المدينة المنورة

وقال أحمد: حدثنا ابن أبي عدي؟ عن داود بن عامر، عن عائشة أن النبي ﷺ قال: "لا يدخل الدجال مكة ولا المدينة".

ورواه النسائي، عن قتيبة، عن محمد بن عبد الله بن أبي عدي، والمحفوظ رواية عامر الشعبي عن فاطمة بنت قيس كما تقدم.

وثبت في الصحيح من حديث هشام بن عروة، عن زوجته فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت في حديث صلاة الكسوف: إن رسول الله ﷺ قال في خطبته يومئذ: "وإنه قد أوحي إلي أنكم تفتنون قريبا أو قبل فتنة المسيح الدجال لا أدري أي ذلك قال". قالت أسماء الحديث بطوله.

وثبت في صحيح مسلم من حديث ابن جريح، عن أبي الزبير، عن جابر، عن أم شريك أن رسول الله ﷺ قال: "لينفرن الناس من الدجال حتى يلحقوا برؤوس الجبال قلت يا رسول الله: أين العرب يومئذ؟ قال: هم قليل".

حديث عن أم سلمة

قال ابن وهب أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن عروة قالت أم سلمة ذكرت المسيح الدجال ليلة فلم يأتني نوم، فلما أصبحت دخلت على رسول الله ﷺ فأخبرته فقال: "لا تفعلي فإنه إن يخرج وأنا فيكم يكفيكم الله بي وإن يخرج بعد أن أموت يكفه الله الصالحين" ثم قام فقال: "ما من نبي إلا قد حذر أمته يعني منه وإني احذركموه إنه أعور وإن الله تعالى ليس بأعور". قال الذهبي: إسناده قوي.

حديث ابن خديج، رواه الطبراني، من رواية عطية بن عطية بن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن رافع بن خديج، عن النبي ﷺ في ذم القدرية وأنهم زنادقة هذه الأمة، وفي زمانهم يكون ظلم السلطان، وحيفه، وكبره، ثم يبعث الله طاعونا، فيفنى عامتهم، ثم يكون الخسف. فما أقل من ينجو منهم، المؤمن يومئذ قليل فرحه، شديد غمه، ثم يكون المسيح فيمسخ الله عامتهم، قردة، وخنازير، ثم يخرج الدجال على إثر ذلك قريبا، ثم بكى رسول الله ﷺ، حتى بكينا لبكائه، وقلنا: ما يبكيك؟ قال: رحمة لأولئك القوم، لأن فيهم المقتصد، وفيهم المجتهد، الحديث بتمامه.

حديث عن عثمان بن أبي وقاص

قال أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي نضرة قال: أتينا عثمان بن أبي العاص في يوم جمعة، لنعرض عليه مصحفا لنا على مصحفه، فلما حضرت الجمعة أمرنا فاغتسلنا، ثم أتينا بطيب فتطيبنا، ثم جئنا المسجد فجلسنا إلى رجل يحدثنا عن الدجال، ثم جاء عثمان بن أبي العاص فقمنا فجلس فجلسنا فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "يكون للمسلمين ثلاثة أمصار مصر بملتقى البحرين ومصر بالجزيرة ومصر بالشام فيفزع الناس ثلاث فزعات فيخرج الدجال في أعراض الناس فيهزم من قبل المشرق، فأول مصر يرده المصر الذي بملتقى البحرين فيصير أهله ثلاث فرق: فرقة تقيم بالشام وتنظر ما هو وفرقة تلحق بالأعراب، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم، ومع الدجال سبعون ألفا عليهم التيجان وأكثر من معه اليهود والنساء، ثم يأتي المصر الذي يليهم فيصير أهله ثلاث فرق فرقة تقيم بالشام وتنظر ما هو وفرقة تلحق بالأعراب، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم بغربي الشام، وينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق فيبعثون سرحا لهم فيصاب سرحهم فيشتد ذلك عليهم وتصيبهم مجاعة شديدة وجهد شديد حتى إن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله، فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من السحر يا أيها الناس: أتاكم الغوث ثلاثا فيقول بعضهم لبعض: إن هذا الصوت صوت رجل شبعان وينزل عيسى ابن مريم عليه السلام عند صلاة الفجر فيقول له أميرهم: يا روح الله تقدم فصل، فيقول هذه الأمة أمراء بعضهم على بعض فيتقدم أميرهم فيصلي، فإذا قضى صلاته أخذ عيسى حربته فذهب نحو الدجال فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الرصاص فيضع حربته تحت ثندوته فيقتله وينهزم أصحابه فليس يومئذ شيء يواري منهم أحدا حتى إن الشجرة لتقول يا مؤمن هذا كافر ويقول الحجر يا مؤمن هذا كافر".

تفرد به أحمد، ولعل هذين المصرين هما البصرة والكوفة بدليل ما رواه الإمام أحمد.

حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، حدثنا الحشرح بن نباته القيس الكوفي، حدثني سعيد بن جهمان، حدثنا عبد الله بن أبي بكرة، حدثنا أبي في هذا المسجد يعني مسجد البصرة قال: قال رسول الله ﷺ: "لينزلن طائفة من أمتي أرضا يقال لها البصرة يكثر بها عددهم ويكثر بها نخلهم ثم يجيء بنو قنطورا صغار العيون حتى ينزلوا على جسر لهم يقال له دجلة فيفرق المسلمون ثلاث فرق، فأما فرقة فيأخذون بأذناب الإبل يلحقون بالبادية وهلكت وأما فرقة فتتأخر خائفة على أنفسها وهذه وتلك سواء وأما فرقة فيجعلون عيالهم خلف ظهورهم وهؤلاء يكون فضلاوهم شهداء ويفتح الله على بقيتها".

ثم رواه أحمد، عن يزيد بن هارون وغيره عن العوام بن حوشب، عن سعيد بن جهمان، عن ابن أبي بكرة عن أبيه فذكره بنو قنطورا هم الترك، ورواه أبو داود، عن محمد بن يحيى بن فارس، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه، عن سعيد بن جهمان، عن مسلم بن أبي بكرة عن أبيه فذكره نحوه.

وروى أبو داود من حديث بشر بن المهاجر، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، عن النبي ﷺ في حديث: "يلونكم صغار الأعين يعني الترك قال ليسوقنهم ثلاث مرار حتى يلحقوا بهم بجزيرة العرب، فأما في السياقة الأولى فينجو من هرب منهم، وأما في الثانية فينجو بعض ويهلك بعض، وأما في الثالثة فيصطلمون" أو كما قال لفظ أبي داود.

وروى الثوري، عن سلمة بن كفيل، عن الزهر، عن ابن مسعود قال: "يفترق الناس عند خروج الدجال ثلاث فرق: فرقة تتبعه، وفرقة تلحق بأرض بها منابت الشيح، وفرقة تأخذ بشط العراق يقاتلهم ويقاتلونه حتى يجتمع المؤمنون بقرى الشام ويبعثون طليعة فيهم فارس فرسه أشقر أو أبلق فيقتلون فلا يرجع منهم بشر".

حديث عن عبد الله بن بسر

قال حنبل بن إسحاق: حدثنا رحيم، حدثنا عبد الله بن يحيى المعافري هو المريسي أحد الثقات، عن معاوية بن صالح، حدثني أبو الزارع أنه سمع عبد الله بن يسر يقول سمعت ﷺ يقول: "ليدركن الدجال من رأى". أو قال ليكونن قريبا من قولي قال شيخنا الذهبي أبو الزارع لا يعرف والحديث منكر. قلت: وقد تقدم في حديث أبي عبيدة شاهد له.

حديث عن سلمة بن الأكوع

قال الطبراني: حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا يزيد بن الحريش، حدثنا أبو همام محمد بن الزبرقان، حدثنا موسى بن عبيدة.، حدثني يزيد بن عبد الرحمن، عن سلمة بن الأكوع قال: أقبلت مع رسول الله ﷺ من قبل العقيق حتى إذا كنا مع الثنية قال: "إني لأنظر إلى مواقع عدو الله المسيح إنه يقبل حتى ينزل من كذا حتى يترسل يخرج إليه الغوغاء ما من نقب من أنقاب المدنة إلا عليه ملك أو ملكان يحرسانه، معه صورتان صورة الجنة وصورة النار وشياطين يتشبهون بالأبوين يقول أحدهم للحي: أتعرفني؟ أنا أبوك أنا أخوك أنا ذو قرابة منك ألست قد مت هذا ربنا فاتبعه، فيقضي الله ما شاء منه ويبعث الله له رجلا من المسلمين فيسكته ويبكته، ويقول هذا الكذاب ياأيها الناس: لا يغرنكم فإنه كذاب ويقول باطلا وإن ربكم ليس بأعور، ويقول الدجال له: هلا أنت متبعي؟ فيأتي فيشقه شقتين ويفصل ذلك ويقول أعيده لكم فيبعثه الله أشد ما كان تكذيبا وأشد شتما فيقول: أيها الناس إنما رأيتم بلاء ابتليتم به وفتنة افتتنتم بها ألا إن كان صادقا فليعدني مرة أخرى ألا هو كذاب فيأمر به إلى هذه النار وهي الجنة ثم يخرج قبل الشام" موسى بن عبيدة اليزيدي ضعيف في هذا السياق.

حديث محجن بن الأدرع

قال أحمد: حدثنا يونس، حدثنا حماد يعني ابن سلمة، عن سعيد الجريري، عن عبد الله بن شفيق، عن محجن بن الأدرع أن رسول الله ﷺ خطب يوما الناس فقال: "يوم الخلاص وما يوم الخلاص؟ ثلاثا فقيل وما يوم الخلاص؟ قال: يجيء الدجال فيصعد أحدا فينظر إلى المدينة فيقول لأصحابه: هل تدرون هذا القصر الأبيض؟ هذا مسجد أحمد، ثم يأتي المدينة فيجد على كل نقب من أنقابها ملكا مصلتا سيفه فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه فذلك يوم الخلاص". تفرد به أحمد.

خير دينكم أيسره

ثم رواه أحمد، عن غندر، عن شعبة، عن أبي بشر، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن أبي رجا، عن محجن بن الأدرع قال: أخذ رسول الله بيدي فصعد على أحد وأشرف على المدينة فقال: "ويل: إنها قرة عيني أدعها خير ما تكون أو كأخير ما تكون، فيأتيها الدجال فيجد على كل باب من أبوابها ملكا مصلتا سيفه فلا يدخلها. قال: ثم نزل وهو آخذ بيدي فدخل المسجد فإذا رجل يصلي فقال لي: من هذا؟ فأثنيت عليه خيرا، فقال: اسكت لا تسمعه فتهلكة، قال: ثم أتى حجرة امرأة من نسائه فنفض يده من يدي وقال: "إن خير دينكم أيسره إن خير دينكم أيسره".

حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه

قال أحمد: حدثنا قتيبة، حدثنا يعقوب، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبىء اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا اليهودي من خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه شجر اليهود". وقد روى مسلم عن قتيبة بهذا الإسناد.

"لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك" الحديث. وقد تقدم هذا الحديث بطرقه وألفاظه. والظاهر والله أعلم، أن المراد أن الترك هم اليهود أيضا والدجال من اليهود كما تقدم في حديث أبي بكر الصديق الذي رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.

طريق أخرى عن أبي هريرة

قال أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا جرير، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "لينزلن الدجال بحوران وكرمان في سبعين ألفا كأن وجوههم المجان المطرقة". إسناده جيد قوي حسن.

طريق أخرى عن أبي هريرة

قال حنبل بن إسحاق: حدثنا شريح بن النعمان، حدثنا فليح، عن الحارث بن النفيل، عن زياد ابن سعيد، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ خطب الناس فذكر الدجال فقال: "إنه لم يكن نبي إلا حذره أمته وسأصفه لكم بما لم يصفه نبي قبلي إنه أعور مكتوب بين عينيه كافر بقرؤه كل مؤمن يكتب أو لا يكتب". وهذا إسناد جيد لم يخرجوه من طريق أخرى.

طريق أخرى عن أبي هريرة

قال حنبل بن إسحاق: حدثنا شريح بن النعمان، حدثنا فليح، عن الحارث بن النفيل، عن زياد ابن سعيد، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ خطب الناس فذكر الدجال فقال: "إنه لم يكن نبي إلا حذره أمته وسأصفه لكم بما لم يصفه نبط قبلي؟ إنه أعور مكتوب بين عينيه كافر بقروه كل مؤمن يكتب أو لا يكتب ". وهذا إسناد جيد لم يخرجوه من طريق أخرى.

المدينة المنورة ومكة المكرمة في حراسة من الملاكة بأمر الله

قال أحمد: حدثنا شريح، حدثنا فليح عن عمرو بن العلاء الثقفي عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: " المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة على كل نقب منهما ملائكة لا يدخلها الدجال ولا الطاعون".

هذا غريب جدا؟ وذكر مكة في هذا ليس محفوظا وكذلك ذكر الطاعون والله تعالى أعلم، والعلاء الثقفي هذا إن كان مزيدا فهو أقرب.

حديث عبادة بن الصامت رضى الله تعالى عنه

قال أبو داود: حدثنا حيوة بن شريح، حدثنا بقية، حدثنا بجيرعن خالد عن جنادة بن أمية عن عبادة ابن الصامت أنه حدثهم أن رسول الله ﷺ قال: "إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تفعلوا؟ إن المسيح الدجال رجل قصير أبح جعذ أعور مطموس العين فإن لبس عليكم فاعلموا أن ربكم عز وجل ليس بأعور".

ورواه أحمد، عن حيوة بن شريح أو يزيد بن عبد ربه، والنسائي عن إسحاق بن إبراهيم كلهم عن بقية بن الوليد به.

شهادات نبوية كريمة بفضل بني تميم

وقال البخاري ومسلم: حدثنا زهر، حدثنا جرير عن أببما زرعة عن أبي هريرة قال: ما زلت أحب بني تميم من أجل ثلاث؟ سمعت رسول الله ﷺ يقول: "هم أشد امتي على الدجال." وجاءت صدقاتهم فقال: "هذه صدقات قومي ". وكانت سبية منهم عند عائشة. فقال رسول الله ﷺ : "أعتقيها فإنها من ولد إسماعيل ".

حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه

قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا جرير، حدثنا حميد بن هلال عن أبي الدهماء قال: سمعت عمران بن حصين يحدث قال: قال رسول الله ﷺ : من سمع من الدجال فلسنا منه فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه بما يبعث به من الشبهات أو ولما يبعث به من الشبهات". قال: هكذا تفرد به أبو داود.

وقال أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا هشام بن حسان، حدثنا حميد بن هلال، عن أبي الدهماء، عن عمران بن حصين، عن النبي ﷺ قال: "من سمع من الدجال فلسنا منه من سمع من الدجال فلسنا منه؟ فإن الرجل يأتيه يحسسب إنه مؤمن فما يزال به لما معه من الشبه حتى يتبعه".

وكذلك رواه عن يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان وهذا إسناد جيد وأبو الدهماء واسمه فرقة ابن بهير الدوي ثقة.

وقال سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن عمران بن حصين قال رسول الله ﷺ: "لقد أكل الطعام ومشى في الأسواق". يعني الدجال.

حديث المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه الدجال أهون على الله

قال مسلم: حدثنا شهاب بن عباد العبدي، حدثنا إبراهيم بن حميد الوارسي، عن إسماعيل، عن أبي خالد عن قيس بن حازم عن المغيرة عن شعبة قال: ما سأل أحد النبي عن الدجال أكثر مما سألت قال:وما يضرك منه؟ إنه لا يضرك: قلت يا رسول الله إنهم يقولون إن معه الطعام والأنهار قال هو أهون على الله من ذلك".

حدثنا شريح بن يونس، حدثنا هشام بن إسماعيل، عن قيس، عن المغيرة بن شعبة قال: ما سأل أحد النبي ﷺ عن الدجال أكثر مما سألته: قال وما سؤالك؟ قال: إنهم يقولون إن معه جبالا من خبز ولحم ونهرا من ماء، قال: "هو أهون على الله من ذلك".

ورواه مسلم أيصا في الاستئذان من طرق كثيرة، عن إسماعيل عن قيس عن المغيرة بن شعبة قال: ما سأل أحد النبي ﷺ عن الدجال أكثر مما سألته، قال: وما سؤالك؟ قال: إنهم يقولون إن معه جبالا من خبز ولحم ونهرا من ماء؟ قال: "هو أهون على الله من ذلك".

ورواه مسلم أيضا في الاستئذان من طرق كثيرة، عن إسماعيل بن أبي خالد، وأخرجه البخاري، عن مسدد، عن يحيى القطان، عن إسماعيل، وقد تقدم حديث حذيفة وغيره أن ماءه نار وناره ماء بارد وإنما ذلك في رأي العين وقد تمسك بهذا الحديث طائفة من العلماء كابن حزم والطحاوي وغيرهما في أن الدجال ممخرق مموه لا حقيقة لما يبدي للناس من الأمور التي تشاهد في زمانه بل كلها خيالات عند هؤلاء.

وقال الشيخ أبو علي الجبائي شيخ المعتزلة: "لا يجوز أن يكون كذلك حقيقة لئلا يشتبه خارق الساحر بخارق النبي وقد أجابه القاضي عياض وغيره بأن الدجال إنما يدعي الإلهية وذلك مناف للبشرية فلا يمتنع إجراء الخارق على يديه والحالة هذه. وقد أنكرت طوائف كثيرة من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة خروج الدجال بالكلية وردوا الأحاديث الواردة فيه فلم يصنعوا شيئا وخرجوا بذلك عن حيز العلماء لردهم ما تواترت به الأخبار الصحيحة من غير وجه عن رسول الله ﷺ كما تقدم، وإنما أوردنا بعض ما ورد في هذا الباب، لأن فيه كفاية ومقنعا وبالله المستعان.

والذي يظهر من الأحاديث المتقدمة أن الدجال يمتحن الله به عباده بما يخلقه معه من الخوارق المشاهدة في زمانه كما تقدم أن من استجاب له يأمر السماء لتمطرهم والأرض فتنبت لهم زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم وترجع إليهم سمانا ومن لا يستجيب له ويرد عليه أمره تصيبهم السنة والجدب والقحط والعلة وموت الأنعام ونقص الأموال والأنفس والثمرات، وأنه تتبعه كنوز الأرض كيعاسيب النحل، ويقتل ذلك الشاب ثم يحييه، وهذا كله ليس بمخرفة بل له حقيقة امتحن الله به عباده في ذلك الزمان فيضل به كثيرا ويهدي به كثيرا، يكفر المرتابون، ويزداد الذين آمنوا إيمانا، وقد حمل القاضي عياض وغيره على هذا المعنى معنى الحديث. "هو أهون على الله من ذلك".

أي هو أقل من أن يكون معه من يضل به عباده المؤمنين، وما ذاك إلا لأنه ظاهر النقص والفجور والظلم، وإن كان معه ما معه من الخوارق، وبين عينيه مكتوب كافر كتابة ظاهرة وقد حقق ذلك الشارع في خبره بقوله ك ف ر، وقد دل ذلك على أنه كتابة حسية لا معنوية كما يقوله بعض الناس، وعينه الواحدة عوراء شنيعة المنظر ناتئة، وهومعنى قوله "كأنها عنبة طافية" أي طافية على وجه الماء ومن روى ذلك طافية فمعناه لا ضوء فيها، وفي الحديث الآخر "كأنها نخامة على حائط مجصص" أي بشعة الشكل، وقد ورد في بعض الأحاديث أن عينه اليمنى عوراء رحا اليسرى فإما أن تكون إحدى الروايتين غير محفوظة أو أن العور حاصل في كل من العينين ويكون معنى العور النقص والعيب.

ويقوي هذا الجواب ما رواه الطبراني، حدثنا محمد بن محمد التمار وأبو خليفة قالا: حدثنا أبو الوليد، حدثنا زائدة، حدثنا سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: "الدجال جعد هجين أخن كأن رأسه غصن شجرة مطموس عينه اليمنى، والأخرى كأنها عنبة طافية" الحديث. وكذلك رواه سفيان الثوري عن سماك بنحوه، لكن قد جاء في الحديث المتقدم وعينه الأخرى كأنها كوكب دري، وعلى هذا فتكون الرواية الواحدة غلطا، ويحتمل أن يكون المراد أن العين الواحدة عوراء في نفسها، والأخرى عوراء باعتبار انبرازها والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

لماذا لم يذكر الدجال صراحة في القرآن الكريم

وقد سأل سائل سؤالا فقال: ما الحكمة في أن الدجال مع كثرة شره وفجوره وانتشار أمره ودعواه الربوبية وهو في ذلك ظاهر الكذب والافتراء، وقد حذر منه جميع الأنبياء لم يذكر في القرآن ويحذر منه ويصرح باسمه وينوه بكذبه وعناده؟ والجواب من وجوه: أحدهما: أنه قد أشير إلى ذكره في قوله تعالى: "يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا". أ الأنعام: 158، الآية.

قال أبو عيسى الترمذي عند تفسيرها: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا يعلى بن عبيد، عن فضيل بن غزوان " عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن النبى ﷺ قال: ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفمسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل اوكسبت في إيمانها خيرا الدجال والدابة وطلوع الشمس من المغرب او من مغربها". ثم قال: هذا حديث حسن صحيح.

الثاني: أن عيسى ابن مريم ينزل من السماء الدنيا فيقتل الدجال كما تقدم وكما سيأتي، وقد ذكر في القرآن نزوله في قوله تعالى: )وقولهم إنا قتلنا ألمسيح عيسى أبن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شئبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا".النساء: 157- 159.

وقد قررنا في التفسير أن الضمير في قوله: قبل موته عائد على عيسى أي سينزل إلى الأرض ويؤمن به أهل الكتاب الذين اختلفوا فيه اختلافا متباينا، فمن مدعي الإتهية كالنصارى ومن قاثل فيه قولا عظيما وهوأنه ولد ريبة وهم اليهود، فإذا نزل قبل يوم القيامة تحقق كل من الفريقين كذب نفسه فيما يدعيه فيه من الافتراء وسنقرر هذا قريبا.

وعلى هذا فيكون ذكر نزول المسيح عيسى ابن مريم إشارة إلى ذكر المسيح الدجال شيخ الضلال وهو ضد مسيح الهدى، ومن عادة العرب أنها تكتفي بذكر أحد الضدين عن ذكر الآخر كما هو مقرر في موضعه.

الثالث: أنه لم يذكر بصريح اسمه في القران احتقارا له حيث يدعي الإتهية وهو ليسر ينافي حالة جلال الرب وعظمته وكبريائه وتنزيهه عن النقص، فكان أمره عند الرب أحقر من أن يذكر وأصغر وأدخر من أن يحكي عن أمر دعواه ويحذر، ولكن انتصر الرسل بجناب الرب عز وجل فكشفوا لأممهم عن أمره وحذروهم ما معه من الفتن المضلة والخوارق المضمحلة فاكتفى بإخبار الأنبياء، وتواترذلك عن سيد ولد آدم إمام الأتقياء عن أن يذكرأمره الحقير بالنسبة إلى جلال الله في القران العظيم ة ووكل بيان أمره إلى كل نبي كريم.

فإن قلت: فقد ذكر فرعون في القرآن، وقد ادعى ما دعاه من الكذب والبهتان حيث قال: "أنا ربكم الأعلى". النازعات: 24،. وقال: "يأيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري". القصص. والجواب: أن أمر فرعون قد انقضى وتبين كذبه لكل مؤمن وعاقل؟ وهذا أمر سيأتي وكائن فيما يستقبل فتنة واختبارا للعباد فترك ذكره في القرآن احتقارا له وامتحانا به إذ الأمر في كذبه أظهر من أن ينبه عليه ويحذر منه، وقد يترك الشيء لوضوحه، كما قال النبي ﷺ في مرض موته وقد عزم على أن يكتب كتابا بخلافة الصديق من بعده ثم ترك ذلك وقال: يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر".

فترك نصه عليه لوضوح جلالته وظهور كبر قدره عند الصحابة وعلم عليه الصلاة والسلام منهم أنهم لا يعدلون به أحدا بعده، وكذلك وقع الأمر، ولهذا يذكر هذا الحديث في دلائل النبوة كما تقدم ذكرنا له غير مرة في مواضع من الكتاب، وهذا المقام الذي نحن فيه من هذا القبيل وهو أن النبي قد يكون ظهوره كافيا عن التنصيص عليه، وأن الأمر أظهر وأوضح وأجلى من أن يحتاج معه زيادة على ما هو في القلوب مستقر، فالدجال واضح الذم ظاهر النقص بالنسبة إلى المقام الذي يدعيه وهو الربوبية، فترك الله ذكره والنص عليه لما يعلم تعالى من عباده المؤمين أن مثل هذا لايهدهم ولا يزيدهم إلا إيمانا وتسليما لله ورسوله وتصديقا بالحق وردا للباطل ولهذا يقول ذلك المؤمن الذي يسلط عليه الدجال فيقتله ثم يحييه، والله ما ازددت فيك إلا بصيرة. أنت الأعور الكذاب الذي حدثنا فيه رسول الله ﷺ شفاها وقد أخذ بظاهره إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه الصحيح عن مسلم، فحكى عن بعضهم أنه الخضر وحكاه القاضي عياض عن معمر في جامعه.

وقد قال أحمد في مسنده وأبو داود في سننه، والترمذي في جامعه بإسنادهم إلى أبي عبيدة أن رسول الله ﷺ قال: "لعله يدركه من رآني وسمع كلامي".

وهذا مما قد يتقوى به بعض من يقول بهذا ولكن في إسناده في غرابة، ولعل هذا كان قبل أن يبين له ﷺ من أمر الدجال ما بين في ثاني الحال والله تعالى أعلم.

وقد ذكرنا في قصة الخضر كلام الناس في حياته ودللنا على وفاته بأدلة أسلفناها هنالك، فمن أراد الوقوف عليها فليتأملها في قصص الأنبياء من كتابنا هذا والله تعالى أعلم بالصواب.

ذكر ما يعصم من الدجال

الاستعاذة المخلصة بالله تعصم من فتنة الدجال فمن ذلك الاستعاذة من فتنته، فقد ثبت في الأحاديث الصحاح من غير وجه أن رسول الله ﷺ كان يتعوذ من فتنة الدجال في الصلاة وأنه أمر أمته بذلك أيضا فقال: "اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم ومن فتنة القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال".

ذلك من حديث أنس وأبي هريرة وعائشة وابن عباس وسعد وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وغيرهم:

حفظ عشر آيات من آخر سورة الكهف حفظا عمليا يعصم من فتنة الدجال

قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي والاستعاذة من الدجال متواترة عن النبي ﷺ كما قال أبو داود، حدثنا حفص بن عمر، حدثنا همام، عن قتادة، حدثنا سالم بن أبي الجعد، عن معدان، عن أبي الدرداء يرويه عن النبي ﷺ قال: "من حفظ عشر آيات من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال".

قال أبو داود: كذا قال هشام عن دستواي عن قتادة إلا أنه قال من حفظ من خواتيم، وقال شعبة عن قتادة من آخر الكهف، وقد رواه مسلم من حديث همام وهشام وشعبة عن قتادة بألفاظ مختلفة، وقال الترمذي: حسن صحيح وفي بعض روايات الثلاث: "آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال". وكذلك رواه عن روح عن سعيد عن قتادة بمثله، ورواه عن حسين عن شعبان عن قتادة كذلك، وقد رواه عن غندر وحجاج عن شعبة عن قتادة بمثله، ورواه عن حسين شعبان عن قتادة كذلك، وقد رواه عن غندر وحجاج عن شعبة عن قتادة وقال: "من حفظ عشر آيات من آخر سورة الكهف عصم من فتنة الدجال".

وكذلك الابتعاد منه كما تقدم في حديث عمران بن حصين: "من سمع من الدجال فلسنا منه".

وقول رسول الله ﷺ: "إن المؤمن ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعت به من الشبهات".

سكنى المدينة ومكة المشرفتين تعصم من فتنة الدجال

ومما يعصم من فتنة الدجال الذي سكن المدينة ومكة شرفهما الله تعالى، فقد روي في البخاري ومسلم من حديث الإمام مالك عن نعيم المجمر عن نعيمة عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "على انقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال".

وقال البخاري: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثني إبراهيم بن سعيد عن أبيه، حدثني أبو بكر، عن النبي ﷺ قال: "لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال لها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان".

وقد روي هذا من غير وجه عن جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة، وأنس بن مالك وسلمة بن الأكوع ومحجن بن الأدرع كما تقدم.

وقال الترمذي: حدثنا عبده بن عبد الله الخزاعي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: "يأتي الدجال المدينة فيجد الملائكة يحرسونها فلا يدخلها الطاعون ولا الدجال إن شاء الله".

وأخرجه البخاري، عن يحيى بن موسى وإسحاق بن أبي عيسى عن يزيد بن هارون ومحجن وأسامة وسمرة بن جندب رضي الله عنهم أجمعين. وقد ثبت في الصحيح: "أنه لا يدخل مكة ولا المدينة تمنعه الملائكة" لشرف هاتين البقعتين فهما حرمان آمنان منه وإنما إذا نزل نزل عند سبخة المدينة فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات إما حسا أو معنى على القولين فيخرج منها كل منافق ومنافقة ويومئذ تنفي المدينة خبثها ويسطع طيبها كما تقدم في الحديث والله أعلم.

تلخيص سيرة الدجال لعنه الله

هو رجل من بني آدم خلقه الله تعالى ليكون محنة للناس في آخر الزمان: "يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين".

وقد روى الحافظ أحمد بن علي الآبار في تاريخه من طريق مجالد، عن الشعبي أنه قال: كنية الدجال أبو يوسف، وقد روى عمر بن الخطاب وأبو داود جابر بن عبد الله وغيرهم من الصحابة وغيرهم كما تقدم أنه ابن صياد، وقد قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي يزيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: "يمكث أبوا الدجال ثلاثين عاما لا يولد لهما غلام ثم يولد لهما بعد الثلاثين غلام أعور أضر شيء وأقله نفعا تنام عيناه ولا ينام قلبه". ثم نعت أبويه فقال: "أبوه رجل مضطرب اللحم طويل الأنف كأن أنفه منقار وأمه امرأة عظيمة الثديين ثم بلغنا أن مولودا من اليهود ولد بالمدينة قال: فانطلقت والزبير بن العوام حتى دخلنا على أبويه فوجدنا فيهما نعت رسول الله ﷺ وإذا هو منجدل في الشمس في قطيفة يهمهم فسألنا أبويه فقالا: مكثنا ثلاثين عاما لا يولد لنا، ثم ولد لنا غلام أعور أضر شيء وأقله نفعا، فلما خرجنا مررنا به فقال: عرفت ما كنتما فيه. قلنا: وسمعت؟ قال: نعم. إنه تنام عيناي ولا ينام قلبي فإذا هو ابن صياد. وأخرجه الترمذي من حديث حماد بن سلمة، وقال حسن قلت بل منكم جدا والله أعلم.

وقد كان ابن صياد من يهود المدينة ولقبه عبد الله، ويقال صاف، وقد جاء هذا وهذا وقد يكون أصل اسمه صاف ثم تسمى لما أسلم بابن عبد الله، وقد كان ابنه عمارة بن عبد الله من سادات التابعين، وروى عنه مالك وغيره، وقد قدمنا أن الصحيح أن الدجال غير ابن صياد وأن ابن صياد كان دجالا من الدجاجلة ثم تاب بعد ذلك فأظهر الإسلام والله أعلم بضميره وسيرته، وأما الدجال الأكبر فهو المذكور في حديث فاطمة بنت قيس الذي روته عن رسول الله ﷺ عن تميم الداري وفيه قصة الجساسة ثم يؤذن له في الخروج في آخر الزمان بعد فتح المسلمين مدينة الروم المسماة بقسطنطينية فيكون بدء ظهوره من أصبهان من حارة منها يقال لها اليهودية وينصره من أهلها سبعون ألف يهودي عليهم الأسلحة والتيجان وهي الطيالسة الخضراء، وكذلك ينصره سبعون ألفا من التتار وخلق من أهل خراسان فيظهر أولا في صورة ملك من الملوك الجبابرة ثم يدعي النبوة ثم يدعي الربوبية، فيتبعه على ذلك الجهلة من بني آدم والطغام من الرعاع والعوام، ويخالفه ويرد عليه من هدى الله من عباده الصالحين وحزب الله المتقين، يأخذ البلاد بلدا بلدا وحصنا حصنا وإقليما إقليما وكورة كورة، ولا يبقى بلد من البلاد إلا وطئه بخيله ورجله غير مكة والمدينة، ومدة مقامه في الأرض أربعون يوما يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيام الناس هذه ومعدل ذلك سنة وشهران ونصف شهر، وقد خلق الله تعالى على يديه خوارق كثيرة يضل بها من يشاء من خلقه ويثبت معها المؤمنون فيزدادون بها إيمانا مع إيمانهم، وهدى إلى هداهم، ويكون نزول عيسى ابن مريم مسيح الهدى فى أيام المسيح الدجال مسيح الضلالة، على المنارة الشرقية بدمشق فيجتمع عليه المؤمنون ويلتف به عباد الله المقتون، فيسير بهم المسيح عيسى ابن مريم قاصدا نحو الدجال، وقد توجه نحو بيت المقدس فيدركهم عند عقبة أفيق فينهزم منه الدجال فيلحقه عند مدينة باب لد، فيقتله بحربته وهو داخل إليها ويقول إن لي فيك ضربة لن تفوتني، وإذا واجهه الدجال ينماع كما يذوب الملح في الماء فيتداركه فيقتله بالحربة بباب لد، فتكون وفاته هناك لعنه الله كما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح من غير وجه كما تقدم وكما سيأتي.

وقد قال الترمذي: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث عن عمر بن شهاب أنه سمع عبد الله بن عبد الله ابن ثعلبة الأنصاري يحدث عن عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري من بني عمرو بن عوف سمعت عمي مجمع بن جارية يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "يقتل ابن مريم الدجال بباب لد".

وقد رواه أحمد، عن أبي النضر، عن الليث به، وعن سفيان بن عيينة عن الزهري به. وعن محمد بن مصعب عن الأوزاعي عن الزهري، وعن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري فهو محفوظ من حديثه وإسناده من بعده ثقات، وكذا قال الترمذي بعد روايته له وهذا حديث صحيح قال: وفي الباب عن عمران بن حصين ونافع بن عتبة وأبي برزة وحذيفة بن أسيد وأبي هريرة وكيسان وعثمان بن أبي العاص وجابر وأبي أمامة وابن مسعود وعبد الله بن عمرو وسمرة بن جندب والنواس بن سمعان وعمرو بن عوف وحذيفة بن اليمان، وروى أبو بكر بن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن عمر سأل يهوديا عن الدجال فقال: "ولد يهوديا ليقتله ابن مريم بباب لد".

صفة الدجال قبحه الله

قد تقدم في الأحاديث أنه أعور وأنه أزهر هجين وهو كثير الشعر، وفي بعض الأحاديث أنه قصير وفي حديث أنه طويل، وجاء أن ما بين أذني حماره أربعون ذراعا كما تقدم، وفي حديث جابر ويروى في حديث آخر سبعون باعا ولا يصح وفي الأول نظر، وقال عبدان في كتاب معرفة الصحابة روى سفيان الثوري عن عبد الله بن ميسرة عن حوط العبدي عن مسعود قال: "إذن حمار الدجال يظل سبعون ألفا" قال شيخنا الحافظ الذهبي: خوط مجهول والخبر منكر وإنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن وإن رأسه ممن ورائه حبك حبك، وقال حنبل بن إسحاق: حدثنا حجاج، حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة قال: دخلت المسجد فإذا الناس قد تكابوا على رجل فسمعته يقول سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن بعدي الكذاب المضل وإن رأسه من ورائه حبك حبك".

وتقدم له شاهد من وجه آخر، ومعنى حبك أي جعد حسن كقوله تعالى: "والسماء ذات الحبك".

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا المسعودي وأبو النضر، حدثنا المسعودي المعنى عن عاصم ابن كليب عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "خرجت إليكم وقد تبينت ليلة القدر ومسيح الضلالة فكان يلوح بين رجلين بسدة المسجد فأنأيتهما لأحجز بينها فأنسيتهما، وأما ليلة القدر فالتمسوها في العشر الأواخر وترا، وأما مسيح الضلالة فإنه أعور العين أجلى الجبهة عريض النحر فيه دفا كأنه قطن بن عبد العزى قال: يا رسول الله، هل يضرني شبهه؟ قال: لا. أنت امرء مسلم وهو رجل كافر".

تفرد به أحمد وإسناده حسن، وقال الطبراني: حدثنا أبو أشعب الحراني حدثنا إسحاق بن موسى رحمه الله، وحدثنا محمد بن شعيب الأصبهاني، حدثنا سعيد بن عنبسة قالا: حدثنا سعيد بن محمد الثقفي، حدثنا خلاد بن صالح، أخبرني سليمان بن شهاب القيسي قال: نزل على عبد الله بن مغنم وكان من أصحاب النبي ﷺ فحدثني عن النبي ﷺ أنه قال: "الدجال ليس به خفاء إنه يجيء من قبل المشرق فيدعو إلى حق فيتبع، ويذهب للناس فيقاتلهم فيظهر عليهم، فلا يزال على ذلك حتى يقدم الكوفة، فيظهر دين الله، ويعمل به، فيتبع ويحب على ذلك، ثم يقول بعد ذلك إني نبي فيفزع من ذلك كل ذي لب ويفارقه، ويمكث بعد ذلك ثم يقول: أنا الله فيغمس الله عينيه، ويقطع أذنيه، ويكتب بين عينيه كافر، فلا يخفى على كل مسلم، فيفارقه كل أحد من الخلق في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، ويكون من أصحابه اليهود والمجوس والنصارى وهذه الأعاجم من المشركين ثم يدعو برجل فيما يرون فيأمر به فيقتل ثم يقطع أعضاء كل عضو على حدة فيفرق بينهما حتى يراها الناس، ثم يجمع بينها ثم يضربه بعصاه فإذا هو قائم فيقول الدجال: أنا الله أحيي وأميت.

وذلك سحر يسحر به الناس ليس يصنع من ذلك شيئا.

قال شيخنا الذهبي ورواه يحيى بن موسى عن سعيد بن محمد الثقفي وهو واه. وعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال في الدجال: "هو صافي بن صائد يخرج من يهودية أصبهان على حمار أبتر ما بين أذنيه أربعون ذراعا وما بين حافره إلى الحافر الأخصر أربع ليال يتناول السماء بيده أمامه جبل من دخان وخلفه جبل آخر مكتوب بين عينيه كافر يقول أنا ربكم الأعلى" أتباعه أصحاب الرياء وأولاد الزنا، رواه أبو عمرو الداني في كتاب الدجال ولا يصح إسناده.

خبر عجيب ونبأ غريب

قال نعيم بن حماد في كتاب الفتن: حدثنا أبو عمرو، عن عبد الله بن لهيعة، عن عبد الوهاب بن حسين، عن محمد بن ثابت، عن أبيه، عن الحارث، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي ﷺ قال: "بين أذني الدجال أربعون ذراعا، وخطوة حماره مسيرة ثلاثة أيام، يخوض البحر كما يخوض أحدكم الساقية، ويقول: أنا رب العالمين وهذه الشمس تجري بإذني أفتريدون أن أحبسها؟ فيقولون: نعم فيحبسها حتى يجعل اليوم كالشهر واليوم كالجمعة ويقول: أتريدون أن أسيرها؟ فيقولون: نعم، فيجعل اليوم كالساعة؟ وتأتيه المرأة فتقول: يا رب أخي وابني وأخي وزوجي، حتى إنها تعانق شيطانا وبيوتهم مملوءة شياطين ويأتيه الأعراب فيقولون: يا رب إحي لنا إبلنا وغنمنا؟ فيعطيهم شياطين أمثال إبلهم وغنمهم سواء بالسن فيقولن: لو لم يكن هذا ربنا لم يحي لنا موتانا ومعه جبل من برق وعراق وجبل من لحم حار ولا يبرد ونهر جار، وجبل من جنان وخضرة وجبل من نار ودخان يقول: هذه جنتي وهذه نادري وهذا طعامي وهذا شرابي، واليسع عليه السلام معه، ينذر الناس فيقول: هذا المسيح الكذاب فاحذوره لعنه الله ويعطيه الله من السرعة والخفة ما لا يلحقه الدجال فإذا قال: أنا رب العالمين قال له الناس كذبت، ويقول اليسع: صدق الناس فيمر بمكة فإذا هو بخلق عظيم فيقول من أنت؟ فيقول: أنا جبريل. وبعثني الله لأمنعك من حرم رسوله فيمر الدجال بمكة فإذا رأى ميكائيل ولى هاربا ويصبح فيخرج إليه من مكة منافقوها ومن المدينة كذلك ويأتي النذير إلى الذين فتحوا قسطنطينية ومن تآلف من المسلمين ببيت المقدس قال: فيتناول الدجال منهم رجلا ثم يقول: هذا الذي يزعم أني لا أقدر عليه؟ فاقتلوه، فينشر ثم يقول: أنا أحييه، فيقول: قم فيقوم بإذن الله ولا يأذن لنفس غيرها فيقول: أليس قد أمتك ثم أحييتك؟ فيقول: الآن أزيد لك تكذيبا بشرني رسول الله ﷺ أنك تقتلني ثم أحيا بإذن الله فيوضع على جلده صفائح من نحاس ثم يقول: اطرحوه في ناري، فيحول الله ذلك على النذير فيشك الناس فيه ويبادر إلى بيت المقدس فإذا صعد على عقبة أفيق وقع ظلمه على المسلمين ثم يسمعون أن جاءكم الغوث فيقولون: هذا كلام رجل شبعان وتشرق الأرض بنور ربها وينزل عيسى ابن مريم ويقول يا معشر المسلمين احذروا ربكم وسبحوه فيفعلون، ويريدون الفرار فيضيق الله عليهم الأرض فإذا أتوا باب لد وافقوا عيسى فإذا نظر إلى عيسى يقول: أقم الصلاة، قال الدجال: يا نبي الله قد أقميت الصلاة، فيقول: يا عدو الله زعمت أنك رب العالمين فلمن تصلي؟ فيضربه بمقرعة فيقتله فلا يبقى أحد من أنصاره خلف شيء إلا نادى يا مؤمن هذا دجال فاقتله، إلى أن قال فيمنعون أربعين سنة لا يموت أحد ولا يمرض أحد، ويقول الرجل لغنمه: اذهبي الى السرح ولدي به وأرعي وتمر الماشية بين الزرع ولا تأكل منه سنبلة والحيات والعقارب لا تؤذي أحدا والسبع على أبواب الدور لا يؤذي أحدا ويأخذ الرجل المؤمن القمح فيبذره بلا حرث فيجيء منه سبعمائة فيمكثون كذلك حتى يكسر سد يأجوج ومأجوج فيمرحون ويفسدون ويستغيث الناس فلا يستجاب لهم، وأهل طور سيناء هم الذين فتح الله لهم القسطنطينهة فيدعون فيبعث الله دابة من الأرض ذات قوائم فتدخل في آذانهم، فيصبحون موتى أجمعين وتنتن الأرض منهم، فيؤذون الناس بنتنهم أشد من حياتهم، فيستغيثون بالله فيبعث الله ريحا يمانية غبراء فتصير على الناس غما ودخانا ويقع عليهم الزكمة ويكشف ما بهم بعد ثلاث، وقد قذفت جيفهم في البحر، ولا يلبثون إلا قليلا حتى تطلع الشمس من مغربها وقد جفت الأقلام وطويت الصحف، ولا يقبل من أحد توبة، ويخر إبليس ساجدا ينادي إلهي مرني أن أسجد لمن شئت، ويجتمع إليه الشياطين فيقولون: يا سيدنا إلى من تفزع؟ فيقول: إنما سألت ربي أن ينظرني إلى يوم البعث وقد طلعت الشمس من مغربها، وهذا هو الوقت المعلوم، وتصير الشياطين ظاهرة في الأرض حتى يقول الرجل هذا قريني الذي كان يغريني فالحمد لله الذي أخزاه، ولا يزال إبليس ساجدا باكيا حتى تخرج الدابة فتقتله وهو ساجد، ويتمتع المؤمنون بعد ذلك أربعين سنة لا يتمنون شيئا إلا أعطوه، ويترك المؤمنون حتى يتم أربعون سنة بعد الدابة ثم يعود فيهم الموت ويسرع فلا يبقى مؤمن، ويقول الكافر: ليس تقبل منا توبة، يا ليتنا كنا من المؤمنين، فيتهارجون في الطرق تهارج الحمر، حتى ينكح الرجل أمه في وسط الطريق، يقوم واحد وينزل آخر، وأفضلهم من يقول لو تنحيتم عن الطريق كان أحسن، فيكونون على ذلك، ولا يولد أحد من نكاح ثم يعقم الله النساء ثلاثين سنة فيكونرن كلهم أولاد زنا شرار الناس عليهم تقوم الساعة".منين، فيتهارجون في الطرق تهارج الحمر، حتى ينكح الرجل أمه في وسط الطريق، يقوم واحد وينزل آخر، وأفضلهم من يقول لو تنحيتم عن الطريق كان أحسن، فيكونون على ذلك، ولا يولد أحد من نكاح ثم يعقم الله النساء ثلاثين سنة فيكونرن كلهم أولاد زنا شرار الناس عليهم تقوم الساعة".

كذا رواه الطبراني، عن عبد الرحمن بن حاتم المرادي، عن نعيم بن حماد فذكره.

حديث مرفوض

قال شيخنا الحافظ الذهبي إجازة إن لم يكن سماعا: أخبرنا أبو الحسن اليونيني، أخبرنا عبد الرحمن حضورا، أخبرنا عتيق بن مصيلاء، أخبرنا عبد الواحد بن علوان، أخبرنا عمرو بن دوسة، حدثنا أحمد بن سلمان النجاد، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا أبو سلمة النوذكي، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا علي بن زيد عن الحسن قال: قال رسول الله ﷺ: "الدجال يتناول السحاب ويخوض البحر الى ركبته ويسبق الشمس إلى مغربها وتسير معه الآكام وفي جبهته قرن مكسور الطرف، وقد صور في جسده السلاح كله حتى الرمح والسيف والدرق".

قلت للحسن: يا أبا سعيد ما الدرق؟ قال: الترس. قال شيخنا: هذا من مراسيل الحسن وهي ضعيفة.

حديث خرافة

قال ابن مندة في كتاب الإيمان: حدثنا محمد بن الحسين المدني، حدثنا أحمد بن مهدي، حدثنا سعيد بن سليمان بن سعدون، حدثنا خلف بن خليفة عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي عن حذيفة قال: قال رسول الله ﷺ: "أنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران أحدهما نار تأجج في عين من يراه، والآخر ماء أبيض، فمن أدركه منكم فليغمض عينيه وليشرب من نهر النار الذي معه فإنه ماء بارد، وإياكم والآخر فإنه فتنة، واعلموا أنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه من كتب ومن لم يكتب، وأن إحدى عينيه ممسوحة عليها ظفرة، وأنه مطلع من آخر عمره على بطن الأردن على ثنية فيق، وكل أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ببطن الأردن، وأنه يقتل من المسلمين ثلثا ويهزم ثلثا يبقى ثلث فيحجز بينهم الليل، فيقول بعض المؤمنين لبعض: ما تنظرون؟ ألا تريدون أن تلحقوا بإخوانكم في مرضاة ربكم؟ من كان عنده فضل طعام فليعد به على أخيه، وصلوا حين ينفجر الفجر وعجلوا الصلاة، ثم أقبلوا على عدوكم، قال: فلما قاموا يصلون نزل عيسى وإمامهم يصلي بهم، فلما انصرف قال هكذا: فرحوا بيني وبين عدو الله. قال: فيذوب كما يذوب الملح في الماء فيسلط عليهم المسلمين فيقتلونهم حتى إن الحجر والشجر ينادي يا عبد الله يا مسلم، هذا يهودي فاقتله، ويظهر المسلمون فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير وتوضع الجزية، فبينما هم كذلك إذ أخرج الله يأجوج ومأجوج، فيشرب أولهم، ويجيء آخرهم وقد انتشفوا فما يدعون منه قطرة، فيقولون: هاهنا أثر ماء، ونبي الله وأصحابه وراءهم حتى يدخلوا مدينة من مدائن فلسطين يقال لها باب لد فيقولون ظهرنا على من في الأرض، فتعالوا نقتل من في السماء، فيدعو الله نبيه بعد ذلك فيبعث الله عليهم قرحة فى حلوقهم فلا يبقى منهم بشر، ويؤذي ريحهم المسلمين، فيدعو عيسى عليهم، فيرسل الله عليهم ريحا تقذفهم في البحر أجمعين".

قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: هذا إسناد صالح. قلت: وفيه سياق غريب وأشياء منكرة والله تعالى أعلم.

ذكر نزول عيسى ابن مريم رسول الله من سماء الدنيا إلى الأرض في آخر الزمان

قال الله تعالى: "وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما".

قال ابن جرير في تفسيره: حدثنا بن يسار، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان عن أبي حصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته".

قال: قبل موت عيسى ابن مريم. وهذا اسناد صحيح وكذا ذكر العوفي عن ابن عباس.

هل مات عيسى عليه السلام أو رفع حيا إلى السماء

وقال أبو مالك: "إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته" ذلك عند نزول عيسى ابن مريم، وإنه الآن حي عند الله، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعين رواه بن جرير، وروى ابن أبي حاتم عنه أن رجلا سأل الحسن عن قوله تعالى: "وأن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته" فقال: قبل موت عيسى إن الله رفع إليه عيسى وهو باعثه قبل يوم القيامة مقاما يؤمن به البر والفاجر، وهكذا قال قتادة بن دعامة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغير واحد وهو ثابت في الصحيحين عن أبي هريرة كما سيأتي موقوفا وفي رواية مرفوعا والله تعالى أعلم.

والمقصود من السياق الإخبار بحياته الآن في السماء وليس كما يزعمه أهل الكتاب الجهلة أنهم صلبوه بل رفعه الله إليه، ثم ينزل من السماء قبل يوم القيامة كما دخلت عليه الأحاديث المتواترة مما سبق في أحاديث الدجال ومما سيأتي أيضا وبالله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم العلي العظيم الذي لا إله إلا هو رب العرش الكريم.

وقد روي عن ابن عباس وغيره أنه أعاد الضمير في قوله قبل موته على أهل الكتاب، وذلك لو صح لكان منافيا لهذا، ولكن الصحيح من المعنى والإسناد ما ذكرناه وقد قررناه في كتاب التفسير بما فيه كفاية ولله الحمد والمنة.

ذكر الأحاديث الواردة في غير ما تقدم

قال مسلم: حدثنا عبد الله بن معاذ العنبري، حدثنا أبي، حدثنا شعبة عن النعمان بن سالم سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة يقول: سمعت عبد الله بن عمرو وقد جاءه رجل فقال: ما هذا الحديث الذي تحدث به؟ تقول: إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا فقال: سبحان الله أو لا إله إلا الله أو كلمة نحوها، لقد هممت أن لا أحدث أحدا شيئا أبدا إنما قلت إنكم سترون بعد قليل أمرا أعظما يحزن ويكون، ثم قال: قال رسول الله ﷺ: "يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين عاما، فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه، ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قتبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلأ قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه قال: سمعت من رسول الله ﷺ قال: فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثلهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون: فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك دار رزقهم، حسن عيشهم، ثم ينفخ في الصور فلا يبقى أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا قال: وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله، قال: فيصعق ويصعق الناس، ثم يرسل الله أو قال: ينزل الله مطرا كأنه الطل أو الظل- نعمان الشاك فينبت منه أجساد الناس ثم ينفخ فيه مرة اخرى فإذا هم قيام ينظرون ثم يقال: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم "وقفوهم إنهم مسئولون".

"ثم يقال أخرجوا من النار، فيقال: من كم؟ فيقال: من كل ألف تسعمائة وتسع وتسعون، قال: وذلك يوم يجعل الوالدان شيبا، ويوم يكشف عن ساق".

بعض العجائب قبل قيام الساعة

وقال الإمام أحمد: حدثنا شريح، حدثنا فليح، عن الحارث، عن فضيل، عن زياد بن سعد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "ينزل ابن مريم إماما عادلا وحكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويرجع السلم ويتخذ السيوف مناجل ويذهب جمة كل ذات جمة. وينزل من السماء رزقها، وتخرج من الأرض بركتها، حتى يلعب الصبي بالثعبان ولا يضره، وترعى الغنم والذئب ولا يضرها، ويرعى الأسد والبقر ولا يضرها". تفرد به أحمد وإسناده جيد قوي صالح.

قبل قيام الساعة تقل العبادة وتكثر الأموال

وقال البخاري: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، وحتى تكون السجدة خيرا من الدنيا وما فيها" ثم يقول أبو هريرة واقرءوا إن شئتم: "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا".

وكذلك رواه مسلم عن حسن الحلواني وعبد بن حميد كلاهما عن يعقوب بن إبراهيم به وأخرجاه أيضا من حديث ابن عيينة والليث بن سعد عن الزهري به.

وروى أبو بكر بن مردويه من طريق محمد بن أبي حفص عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "يوشك أن يكون فيكم ابن مريم حكما عدلا يقتل الدجال ويقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية، ويفيض المال، وثكون السجدة الواحدة لرب العالمين خيرا من الدنيا وما فيها" قال أبو هريرة واقرءوا إن شئتم "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته" موت عيسى ابن مريم ثم يعيدها أبو هريرة ثلاث مرات.

قال الإمام أحمد حدثنا يزيد حدثنا سفيان وهو بن حصين عن الزهري عن حنظلة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الخنزير ويمحو الصليب وتجمع له الصلاة ويعطي المال حتى لا يقبل ويضع الخراج فينزل بالروحاء فيحج منهما أو يعتمر أو يجمعهما قال: وتلا أبوهريرة: "وإن من أهل الكتاب إلأ ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا".

فيزعم حنظلة أن أبا هريرة قال: يؤمن به قبل موت عيسى فلا أدري أهذا كان حديث النبي ﷺ أو شيئا قاله أبو هريرة؟ وروى أحمد ومسلم من حديث الزهري عن حنظلة عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "ليمكثن عيسى ابن مريم بالروحاء فيقومن منها بالحج أو بالعمرة أو اثنتيهما جميعا".

الأنبياء إخوة أبناء علات

وقال البخاري: حدثنا ابن بكير، حدثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري أن أبا هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "كيف أنتم إذا نزل فيكم عيسى ابن مريم وإمامكم منكم" ثم قال البخاري تابعه عقيل الأوزاعي.

وقد رواه الإمام أحمد، عن عبد الرازق، عن معمر، عن عثمان بن عمر، عن أبي ذؤيب كلاهما عن الزهري به، وأخرجه مسلم من حديث يونس الأوزاعي وابن أبي ذؤيب عن الزهري به.

قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا همام أخبرنا قتادة عن عبد الرحمن وهو ابن آدم مولى أم برين صاحب السقاية عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "الأنبياء إخوة علات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد، وإني أولى الناس بعيسى ابن مريم، لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه، إنه رجل مربوع، إلى الحمرة والبياض، عليه ثوبان ممصران كان رأسه يقطر ماء، وإن لم يصبه بلل، فيدق الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزى ويدعو الناس إلى الإسلام، ويهلك الله في زمانه الأمم كلها إلا الإسلام، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال، ثم تقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمور مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات فيمكث أربعين سنة، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون".

وهكذا رواه أبو داود عن هدبة بن خالد عن همام بن يحيى عن قتادة، ورواه ابن جرير ولم يورد عند تفسيرها غيره عن بسر بن معاذ عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بنحوه وهذا إسناد جيد قوي.

النبي عليه السلام أولى الناس بعيسى ابن مريم

وروى البخاري، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة سمعت رسول الله ﷺ يقول: "أنا أولى الناس بابن مريم والأنبياء أولاد علات ليس بيني وبينه نبي".

ثم روي عن محمد بن سفيان، عن فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة الأنبياء إخوة علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد".

ثم قال: وقال إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن صفوان بن سليم، عن ابن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "فهذه طرق متعددة كالمتواترة عن أبي هريرة رضي الله عنه.

حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه

قال الإمام أحمد: حدثنا هشام بن العوام بن حوشب، عن جبلة بن سحيم، عن ابن عمارة، عن ابن مسعود، عن رسول الله ﷺ قال: "لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام قال فتذاكروا أمر الساعة فردوا أمرهم إلى إبراهيم قال: لا علم لي بها، فردوا أمرهم إلى موسى، فقال: لا علم لي بها، فردوا أمرهم إلى عيسى فقال أما حينها فلا يعلم به أحد إلا الله، وفيما عهد إلي ربي عز وجل أن الدجال خارج ومعه قضيبان، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص، قال: فيهلكه الله إذا رآني؟ حتى إن الحجر والشجر يقول يا مسلم إن تحتي كافرا تعال فاقتله؟ قال: فيهلكهم الله عز وجل؟ ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم، فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيطؤون بلادهم؟ لا يأتون على شيء إلا أكلوه، ولا يمرون على ماء إلا شربوه؟ قال: ثم يرجع الناس يشكون فأدعو الله عليهم فيهلكهم؟ ويميتهم حتى تمتلىء الأرض من نتن ريحهم وينزل الله المطر فيغرق أجسادهم حتى يقذفهم في البحر ففيما عهد إلي ربي عز وجل: أن ذلك إذا كان كذلك فإن الساعة كالحامل المتم لا يدري أهلها متى تفجأهم".

ورواه ابن ماجه، عن محمد بن يسار، عن يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب به نحوه.

صفة المسيح عيسى ابن مريم رسول الله عليه السلام

صفة أهل آخر الزمان

ثبت في الصحيحين من حديث الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "ليلة أسري بي لقيت موسى فنعته فإذا رجل مضطرب أي طويل رجل الرأس كأنه من رجال شنوءة؟ قال ولقيت عيسى فنعته، قال فرأيته أحمر كأنه خرج من ديماس يعني حماما".

وللبخاري من حديث مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: "رأيت موسى وعيسى وإبراهيم، فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر، وأما موسى فأدم جسيم سبط كأنه من رجال الزط ".

ولهما من طريق موسى بن عتيبة، عن نافع، عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله ﷺ: يوما بين ظهراني الناس المسيح الدجال فقال: "إن الله ليس بأعور؟ ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى؟ كأن عينه عنبة طافية؟ وأراني الله عند الكعبة في المنام رجلا آدم كأحسن ما يرى من أدم الرجال يضرب لمته بين منكبيه؟ رجل الشعر يقطر رأسه ماء واضعا يديه على منكبي رجلين وهو يطوف بالبيت فقلت: من هذا؟ قالوا: هو المسيح ابن مريم، ورأيت رجلا وراءه قططا أعور العين اليمنى كأشبه من رأيت بابن قطن واضعا يديه على منكبي رجل يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ قالوا: "المسيح الدجال". تابعه عبيد الله، عن نافع.

ثم روى البخاري، عن أحمد بن محمد المكي، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن سالم عن أبيه قال: لا والله ما قال رسول الله ﷺ لعيسى أحمر، ولكن قال: "بينما أنا نائم أطوف بالكعبة وإذا رجل آدم سبط الشعر يهود بين رجلين ينطف رأسه ماء أو يهرق ماء فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا المسيح ابن مريم، فذهبت ألتفت فإذا رجل أحمرجسيم جعد الرأس؟ أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية؟ قلت: من هذا؟ قالوا: الدجال: وأقرب الناس به شبها ابن قطن قال الزهري: ابن قطن رجل من خزاعة هلك في الجاهلية وتقدم في حديث النواس بن سمعان "فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق في مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين؟ إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه مثل جمان اللؤلؤ، ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات؟ ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه ".

هذا هو الأشهر في موضع نزوله أنه على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق؟ وقد رأيت في بعض الكتب أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي جامع دمشق فلعل هذا هو المحفوظ، وتكون الرواية فينزل على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق فتصرف الراوي في التعبير بحسب ما فهم، وليس بدمشق منارة تعرف بالشرقية سوى التي إلى شرق الجامع الأموي، وهذا هو الأنسب والأليق، لأنه ينزل وقد أقيمت الصلاة فيقول له: يا إمام المسلمين، يا روح الله، تقدم، فيقول: تقدم أنت فإنها أقيمت لك، وفي رواية بعضكم على بعض أمراء، يكرم الله هذه الأمة، وقد جدد بناء المنارة في زماننا في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة من حجارة بيض، وكان بناؤها من أموال النصارى الذين حرقوا المنارة التي كانت مكانها، ولعل هذا يكون من دلائل النبوة الظاهرة حيث قيض الله بناء هذه المنارة البيضاء من أموال النصارى حتى ينزل عيسى ابن مريم عليها فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ولا يقبل منهم جزية، ولكن من أسلم قبل من إسلامه وإلا قتل، وكذلك حكم سائر كفار الأرض يومئذ، وهذا من باب الإخبار عن المسيح بذلك، والتشريع له بذلك فإنه إنما يحكم بمقتضى هذه الشريعة المطهرة، وقد ورد في بعض الأحاديث كما تقدم أنه ينزل ببيت المقدس، وفي رواية بالأردن، وفي رواية بعسكر المسلمين وهذا في بعض روايات مسلم كما تقدم والله أعلم.

وتقدم في حديث عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة: "وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه، رجل مربوع إلى الحمرة والبياض عليه ثوبان ممصران، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل، فيدق الصليب ويقتل الخنزيرة ويضع الجزية، ويدعو الناس إلى الإسلام، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال، ثم تقع الأمنة على الأرض حتى يرتع الأسد مع الإبل والنمور مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبي بالحيات لا تضره، فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون".

رواه أحمد وأبو داود هكذا وقع في الحديث أنه يمكث في الأرض أربعين سنة، وثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر أنه يمكث في الأرض سبع سنين فهذا مع هذا مشكل، اللهم إلا إذا حملت هذه السبع على مدة إقامته بعد نزوله وتكون مضافة إلى مدة مكثه فيها قبل رفعه إلى السماء، وكان عمره إذ ذاك ثلاثا وثلاثين سنة على المشهور والله أعلم.

وقد ثبت في الصحيح أن يأجوج ومأجوج يخرجون في زمانه ويهلكهم الله ببركة دعائه في ليلة واحدة كما تقدم. وكما سيأتي وثبت أنه يحج في مدة إقامته في الأرض بعد نزوله.

وقال محمد بن كعب القرظي في الكتب المنزلة "أن أصحاب الكهف يكونون حوارييه وأنهم يحجون معه ".

ذكر القرطبي في الملاحم في آخر كتابه التذكرة في أحوال الآخرة: "وتكون وفاته بالمدينة النبوية فيصلي عليه هنالك ويدفن بالحجرة النبوية أيضا" وقد ذكر ذلك الحافظ أبو القاسم بن عساكر.

ورواه أبو عيسى الترمذي في جامعه، عن عبد الله بن سلام فقال في كتاب المناقب:

حدثنا زيد بن أحزم الطائي النضري، حدثنا أبو قتيبة مسلم بن قتيبة، حدثنا مودود المديني، حدثنا عثمان بن الضحاك، عن محمد بن يوسف، عن عبد الله بن سلام، عن أبيه عن جده قال: مكتوب في التوراة صفة محمد وأن عيسى ابن مريم يدفن معه قال، فقال أبو مودود: "وقد بقي في البيت موضع قبر" هذا حديث حسن غريب. هكذا قال عثمان بن الضحاك والمعروف الضحاك بن عثمان المديني التجيبي ما ذكره الترمذي رحمه الله تعالى.

ذكر خروج يأجوج ومأجوج

ذلك في أيام عيسى ابن مريم بعد قتله الدجال فيهلكهم الله أجمعين في ليلة واحدة ببركة دعائه عليهم قال الله تعالى: "حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين" الأنبياء: 96-97.

وقال تعالى في قصة ذي القرنين: "ثم أتبع سببا، حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا، قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا، قال ما مكني فيه ر بي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما، آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا، فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا، قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا، وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا" الكهف: 92-99.

وقد ذكرنا في التفسير في قصة ذي القرنين وخبر بنائه للسد من حديد ونحاس بين جبلين فصار ردما واحدا، وقال: هذا رحمة من ربي أن يحجز به بين هؤلاء القوم المفسدين في الأرض وبين الناس، فإذا جاء وعد ربي أي الوقت الذي قدر انهدامه فيه جعله دكا أي مساويا للأرض وكان وعد ربي حقا أي وهذا شيء لا بد من كونه، وتركنا بعضهم يموج في بعض، يعني بذلك يوم انهدامه، يخرجون على الناس فيمرحون فيهم وينسلون، أي يسرعون المشي من كل حدب ثم يكون النفخ في الصور للفزع قريبا من ذلك الوقت كما قال في الآية الأخرى "حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة" الأنبياء: الآية 96. وقد ذكرنا في الأحاديث الواردة في خروج الدجال ونزول المسيح طرفا صالحا في ذكرهم من رواية النواس بن سمعان وغيره:

إشارة نبوية إلى شر قد اقترب من العرب

وثبت في الصحيحين من حديث زينب بنت جحش: "أن رسول الله ﷺ نام عندها ثم استيقظ محمرا وجهة وهو يقول: لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بين أصبعيه، وفي رواية وعقد سبعين أو تسعين قالت: قلت: يا رسول الله ﷺ أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث".

خروج يأجوج ومأجوج

وفي الصحيحين أيضا من حديث وهيب عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وعقد تسعين".

وقال الإمام أحمد: حدثنا روح، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، حدثنا أبو رافع، عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ قال: "إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم، حتى إذا كانوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غدا، فيعودون إليه كأشد ما كان، حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس ح