88

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف160.حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي في الضعفاء له 60 حديثا أُخر فيكون  كل الضعيف في كل المستدرك 160 حديثا من مجموع 8803=الباقي الصحيح =8743.فهذه قيمة رائعة لمستدرك الحاكم

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الأحد، 21 أغسطس 2022

مجلد29.و30..تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي.

 

29.تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي. شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.

 تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون  

 الصفحة 41
4 (ثمان وأربعين وخمسمائة)

4 (خروج الغُزّ على السلطان سنجر)
فيها خرجت التُرك على السلطان سنجر، وهم الغزّ، يدينون بالإسلام في الجملة، ويفعلون فعل التتار. وكان بينهم ملحمة عظيمة، فكُسر سنجر، واستُبيح عسكره قتلاً وأسراً، ثم هجمت الغُزّ نيسابور، فقُتل معظم من فيها من المسلمين، ثم ساروا الى بلخ، فملكوا البلد، وكانت عدتهم فيما قيل مائة ألف خركاه. ثم أسروا سنجر وأحاطوا به، وذاق الذل، وملكوا بلاده، وبتّوا الخطبة باسمه وقالوا: أنت السلطان ونحن أجنادُك، ولو أمِنّا إليك لمكّناك من الأمر، وبقي معهم صورةً بلا معنى.
4 (محاصرة عسكر المقتفي تكريت)
وبعث المقتفي عسكراً يحاصرون، تكريت، فاختلفوا، وخامر ترشك المقتفوي، واتفق مع متولي تكريت، وسلكوا درب خراسان، ونهبوا وعاثوا، فخرج الخليفة لدفعهم، فهربوا، فسار الى تكريت، وشاهد القلعة ورجع، ثم برز السُرادق للانحدار الى واسط لدفع ملكشاه، فانهزم الى خوزستان، فنزل

(37/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 42
الخليفة بظاهر واسط أياماً، ورجع الى بغداد.
4 (نجاة الوزير ابن هُبيرة من الغرق)
وسلِم يوم دخوله الوزير ابن هُبيرة من الغرق، انفلقت السفينة التي كان فيها، وغاصوا في الماء، فأعطى للذي استنقذه ثيابه، ووقّع له بذهب كثير.
4 (مقتل ابن السلار)
وفيها قُتل العادل علي بن السلار بمصر.
4 (تسلّم الغوري هَراة)
وفيها حاصر الملك غياث الدين الغوري مدينة هَراة، وتسلّمها بالأمان، وكانت للسلطان سنجر.
4 (إصابة شهاب الدين الغوري أمام الهند)
) وفيها سار شهاب الدين الغوري أخو غياث الدين، فافتتح مدينة من الهند، فتحزّبت عليه ملوك الهند، وجاءوا في جيش عرمرم، فالتقوا، فانكسر المسلمون. وجاءت شهاب الدين ضربة في يده اليسرى بطُلت منها. وجاءته ضربة أخرى على رأسه فسقط. وحجز الليل بين الفريقين، والتُمس شهاب الدين بين القتلى، فحمله أصحابه ونجوا به، فغضب على أمرائه لكونهم انهزموا، وملأ لكل واحد منهم مِخلاة شعير، وحلف لئن لم يأكلوا ليضربنّ

(37/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 43
أعناقهم، فأكلوا بعد الجهد. ثم نجده أخوه بجيش ثقيل، فالتقى الهند ونُصر عليهم.
4 (رواية ابن الأثير عن محاربة الهنود لشهاب الدين)
قال ابن الأثير: عاد الهنود، وسارت ملكتهم في عدد يضيق عنه الفضاء، فراسلها شهاب الدين الغوري بأنه يتزوجها، فأبت، فبعث يخادعها، وحفظ الهنود المخاضات. فأتى هندي الى شهاب الدين، فذكر أنه يعرف مخاضة، فجهّز جيشاً عليهم حسين بن حرملك الغوري الذي صار صاحب هراة بعد. وكان شجاعاً مذكوراً. فساروا مع الهندي، وكبسوا الهنود، ووضعوا فيهم السيف، واشتغل الموكَّلون بحفظ المخاضات، فعبر شهاب الدين في العسكر، وأكثروا القتل في الهنود، ولم ينج منهم إلا من عجز المسلمون عنه. وقُتلت ملكتهم. وتمكن شهاب الدين من بلاد الهند، والتزموا له بحمل الأموال وصالحوه. وأقطع مملوكه قطب الدين أيبك مدينة دهلي، وهي كرسيّ مملكة الهند، وجهّز جيشاً، فافتتحوا مواضع ما وصل إليها مسلم قبل، حتى قاربوا لجهة الصين.
4 (تسلّم مجير الدين مفاتيح صرخد)
ومن سنة ثمان وأربعين، في صفر توجه صاحب دمشق مجير الدين، ومعه مؤيَّد الدين الوزير، فنازل بصرى لمخالفته وجوره على أهل الناحية، وسلّم إليه مجاهد الدين مفاتيح صرخد، فأعطاه جملة. ثم صالحة سرخاك نائب بُصرى.
4 (أخذ الفرنج عسقلان)
وجاءت الأخبار بأن نور الدين يجمع الجيوش للغزو، وليكشف عن أهل عسقلان، فإن الفرنج نزلوا عليها في جمع عظيم، فتوجه مُجير الدين صاحب دمشق الى خدمة نور الدين، واجتمع به في أمر الجهاد، وساروا الى بانياس،

(37/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 44
فبلغهم أخذ عسقلان وتخاذل أهلها واختلافهم.
4 (الوزارة بدمشق)
) وقد مرّ شرح حال الرئيس وتمكّنه من وزارة دمشق، فعرض الآن بينه وبين أخويه عز الدولة وزين الدولة مشاحنات وشرّ أفضى الى اجتماعهما بمجير الدين صاحب دمشق، فأنفذ يستدعي الرئيس للإصلاح بينهم، فامتنع، فآلت الحال الى أن تمكّن زين الدولة منه بإعانة مجير الدين عليه، فتقرر بينهما إخراج الرئيس من دمشق، وجماعته الى قلعة صرخد مع مجاهد الدين بُزان، وتقلّد زين الدولة الوزارة. فلم يلبث إلا أشهراً، فظلم فيها وعسف، الى أن ضرب عنقه مجير الدين، وردّ أمرَ الرئاسة والنظر في البلد الى الرئيس رضيّ الدين أبي غالب بن عبد المنعم بن محمد بن راشد بن علي التميمي. فاستبشر الناس قاطبةً.
4 (الغلاء بدمشق)
وكان الغلاء بدمشق شديد، بلغت الغرارة خمسة وعشرين ديناراً، ومات الفقراء على الطرق، فعزم نور الدين على منازلتها، وطمع لهذه الحال في تملّكها.
4 (رئاسة رضي الدين التميمي)
وأما رضيّ الدين التميمي، فإنه طُلب الى القلعة، وشُرّف بالخِلع

(37/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 45
المكمد، والمركوب بالسخت، والسيف المحلّى، والترس، وركب معه الخواصّ الى داره، وكُتب له التقليد، ولُقِّب الرئيس، الأجل، وجيه الدولة، شرف الرؤساء.
4 (قتل متولي بعلبك)
ونفذ مجير الدين الى بعلبك، فاعتقل وقيّد متوليها عطاء الخادم، وكان جباراً، ظالماً، غشوماً. فسُرَّت بمصرعه النفوس، ونُهبت حواصله، ثم ضُربت عنقه.

(37/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 46
4 (تسع وأربعين وخمسمائة)

4 (حصار تكريت)
فيها نفذ الخليفة عسكراً، فما أخذوا تكريت بعد حصار ومجانيق وتعب، وقُتل من الفريقين عدة، ثم رأى الخليفة أن أخذها يطول، فرجع بعد أن نازلها مدة أيام. ثم بعد شهر عرض جيشه، فكانوا ستة آلاف، فجهزهم لحصارها مع الوزير ابن هُبيرة، وأنفق في الجيش نحو ثلاثمائة ألف دينار، سوى الإقامة، فإنها كانت تزيد على ألف كرّ، فوصل الخبر بأن مسعود بلال جاء في عسكر عظيم الى شهرابان، ونهبوا الناس. وطلب ابن هبيرة للخروج إليهم.)
4 (موقعة الخليفة والسلطان)
وكان مسعود بلال وألبقش قد اجتمعا بالسلطان محمد، وحثّاه على قصد العراق، فلم يتهيأ له، فاستأذناه في التقدّم أمامه، فأذن لهما، فجمعا خلقاً من التركمان، ونزلا في طريق خراسان، فخرج الخليفة إليهما، فتنازلوا ثمانية عشر يوماً، وتحصّن التركمان بالخركاوات والمواشي. ثم كانت الوقعة في سلخ رجب، فانهزمت ميسرة الخليفة وبعض القلب، كسرهم مسعود الخادم، وتُرشك. وثبت الخليفة، وضربوا على خزائنه، وقتلوا خازنه يحيى بن يوسف

(37/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 47
الجزَري، فجاء منكورس، وأمير آخر، فقبّلا الأرض، وقالا: يا مولانا، ثبت علينا ساعة حتى نحمل. فقال: لا والله إلا معكما. ورفع الطرحة، وجذب السيف، ولبس الحديد هو وولّى العهد وكبرا، وصاح الخليفة: يالَ مُضر، كذب الشيطان وفرّ، وردّ الله الذين كفروا بغيظهم ثلاثة. فحمل العسكر بحملته، ووقع القتل، حتى سُمع وقع السيوف كوقع المطارق على السنادين، وانهزم القوم وسُبي التركمان، وأخذت مواشيهم وخيلهم، فقيل: كانت الغنم أربعمائة ألف رأس، وبيعت كل ثمانين بدانق. ثم نودي بردّ من سُبي من أولادهم وأخذ ألبقش أرسلان شاه بن طُغرل، وهرب به الى بلده، وانهزم تُرشك، ومسعود الخادم الى القلعة. ثم أغارا بعد أيام على واسط، ونهبوا ما يختص بالوزير ابن هبيرة فرجع الخليفة الى القتال، فخرج بالعسكر، فانهزم العدو، فأدركهم، ونهب منهم، وعاد منصوراً، فخلع عليه الخليفة، ولقّبه: سلطان العراق، ملك الجيوش. وعرض الجيش في أبهة كاملة.
4 (زلزلة بغداد)
ولما كان يوم الفطر، جاء مطر، ورعدٌ، وبرق، وزُلزلت بغداد من شدة الرعد. ووقعت صواعق، منها صاعقة في التاج المسترشدي.
4 (موت ألبقش)
وجاءت الأخبار بمجيء محمد شاه، وبإيفاده الى عسكر الموصل

(37/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 48
يستنجدهم، والى مسعود بلال صاحب تكريت يستنجد به، فأخرج الخليفة سُرادقه، واستعرض الجيش، فزادوا على اثني عشر ألف فارس، فجاء الخبر بموت ألبقش، فضعُف محمد شاه وبطَل، فتسحّب جماعة من أمرائه، ولجأوا الى الخليفة. وحصل الأمن.)
4 (التجريد الى همذان)
ثم جرّد الخليفة ألفي فارس الى جهة همذان.
4 (ظهور دم بنواحي واسط)
وفيها حدث بنواحي واسط ظهور دم من الأرض، لا يُعلم له سبب.
4 (حال السلطان سنجر في الأسر)
وجاءت الأخبار أن السلطان سنجر تحت الأسر وتحت حكمية الغُزّ، وله اسم السلطنة، وراتبه في قدر راتب سائس من سيّاسه، وأنه يبكي على نفسه.
4 (دخول الغزّ مرو)
ودخلت الغُزّ مرو وغيرها، فقتلوا خلقاً، ونهبوا، وبدّعوا.
4 (مقتل الظافر العُبيدي)
وفيها قُتل بمصر خليفتها الظافر بالله العُبيدي وهو شاب، وأقاموا الفائز صبياً صغيراً و ووهى أمر المصريين.

(37/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 49
4 (ولاية نور الدين مصر)
فكتب المقتفي لأمر الله عهداً لنور الدين محمود بن زنكي، وولاه مصر، وأمره بالمسير إليها، وكان مشغولاً بحرب الفرنج، وهو لا يفتر من الجهاد، وما له إلا أياماً قد تملّك دمشق في صفر، وأخذها من صاحبها مجير الدين أبق بن محمد بن بوري بن طُغتكين.
4 (أخذ نور الدين دمشق)
وكانت الفرنج قد ملكوا عسقلان، وطمعوا في دمشق، حتى أنهم استعرضوا من بها من الرقيق، فمن أراد المقام تركوه، ومن أراد العود الى وطنه أُخذ قهراً من مالكه. وكان لهم على أهلها كل سنة قطيعة، فتجيء رسلهم ويأخذون من الناس. فراسل نور الدين مالكها مجير الدين واستماله، وواصله بالهدايا، وأظهر له المودة حتى ركن إليه، وكان يرسل إليه أن فلاناً قد بعث إليّ وكاتبني في تسلّم دمشق فاحذره. فكان مجير الدين يقبض على ذلك الرجل، ويقطع خبره، الى أن قبض على نائبه عطاء بن حفّاظ وقتله. وكان نور الدين لا يتمكن مع وجود عطاء من أخذ دمشق. ثم كاتب نور الدين من بدمشق من الأحداث، واستمالهم، ووعدهم، ومنّاهم، فوعدوه بأن يسلموا إليه البلد، فلما وصل نور الدين الى) دمشق بعث مجير الدين يستنجد بالفرنج، فتسلّم نور الدين البلد من قبل أن يقدموا، وذلك أن نور الدين حاصرها، فسلّم إليه أهل البلد من ناحية الباب الشرقي، وحصر مجير الدين في القلعة، وبذل له إن سلّم القلعة بلد حمص، فنزل، فلما سار الى حمص أعطاه

(37/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 50
عوضها بالِس، فغضب ولم يرض بها، وسار الى بغداد، فبقي بها مدة، وبنى بها داراً فاخرة بقرب النظامية.
4 (انهزام الاسماعيلية أمام الخراسانيين)
وفيها ثارت الإسماعيلية، واجتمعوا سبعة آلاف مقاتل من بين فارس وراجل، وقصدوا خراسان ليملكوها عندما ينزل بها من الغُزّ، فتجمّع لهم أمراء من جند خراسان، ووقع المصافّ، فهزم الله الإسماعيلية، وقتل رؤوسهم وأعيانهم، ولم ينج منهم إلا الأقل. وخلَت قلاعهم من الحُماة. ولولا أن عسكر خراسان كانوا مشغولين بالغز لملكوا حصونهم، واستأصلوا شأفتهم.

(37/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 51
4 (خمسين وخمسمائة)

4 (دخول الغُزّ نيسابور)
من أولها جاءت الأخبار الى بغداد بدخول الغز التركمان نيسابور، والفتك بأهلها، فقتلوا بها نحواً من ثلاثين ألفاً، وكان سنجر معهم، عليه اسم السلطنة، وهو في غاية الإهانة بين الغز، ولقد أراد أن يركب، فلم يجد من يحمل سلاحه، فشدّه على وسطه، وإذا قُدّم إليه الطعام خبأ منه شيئاً لوقت آخر، خوفاً من انقطاعه عنه.
4 (الوقعة بين عسكر التركماني وعسكر الخليفة)
كانت وقعة بين العسكر التركماني وبين عسكر الخليفة، فهزموه وتبعوه، ثم خرج لهم كمين فهزمهم، ثم أذعن بطاعة الخليفة، وأطلق الأسرى.
4 (دخول المقتفي الكوفة)
وفيها سار المقتفي الى الكوفة، واجتاز في سوقها، ودخل جامعها.
4 (مسير ابن رزّيك الى القاهرة)
وفي أولها سار الصالح طلائع بن رُزّيك من الصعيد على قصد القاهرة للانتقام من عباس صاحب مصر الذي قتل الظافر بالله. فلما سمع مجيئه خرج

(37/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 52
من مصر لقلة من بقي معه من الجند، وسار نحو الشام بما معه من الأموال والتحف التي لا تُحصى، لأنه كان قد استولى على القصر، وتحكّم في ذخائره ونفائسه.)
4 (قتل الفرنج صاحب مصر)
فخرجت عليه الفرنج من عسقلان، فقاتلوه وقتلوه، واستولوا على جميع ما معه، وأسروا ابنه نصراً، وباعوه للمصريين.
4 (دخول ابن رزّيك القاهرة)
وأما طلائع فدخل القاهرة بأعلام مسوّدة، وثياب سود في هيئة الحزن، وعلى الرماح شعور النساء مقطعة حزناً على الظافر. ثم نبش الظافر من دار عباس، ونقله الى مقبرة آبائه.
4 (هجوم إفرنج صقلية على تِنّيس)
وجاءت مراكب الفرنج من صقلية، فأرسوا على تنيس وهجموها، فقتلوا وأسروا، وردوا بالغنائم، وخاف أهل مصر من استيلاء الفرنج، فإنا لله وإنا إليه راجعون، حتى عزن ابن رُزّيك وزيرُها على موادعة الفرنج بمال يُحمل إليه من الخزانة، فأوكس ذلك الأمراء، وعزموا على عزله.

(37/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 53
4 (اشتداد شوكة المقتفي)
وأما المقتفي لأمر الله، فإنه عظُم سلطانه، واشتدت شوكته، واستظهر على المخالفين، وأجمع على قصد الجهات المخالفة لأمره.
4 (تملّك نور الدين قلاعاً بنواحي قونية)
وأما نور الدين، فإنه سار بجيشه، فملك عدة قلاع وحصون بالسيف وبالأمان من بلاد الروم، من نواحي قونية، وعظُمت ممالكه وبعُد صيته، وبعث إليه المقتفي تقليداً، وأمر بالمسير الى مصر، ولُقِّب بالملك العادل.

(37/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 54
آخر الطبقة الخامسة والخمسين والحمد لله ربّ العالمين
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (ربّنا أفرغْ علينا صبراً)

5 (الطبقة الخامسة والخمسون وفيات)

4 (وفيات سنة احدى وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن حامد بن أحمد بن محمود)
الثقفي، أبو طاهر الإصبهاني، حفيد الشيخ أبي طاهر. توفي في هذه السنة. قاله عبد الرحيم الحاجي. قلت: هو والد أبي المجد زاهر الثقفي، من أعيان طلبة الحديث بإصبهان يلقَّب بالرفيع من بيت علم ورئاسة وجلالة، وله شعر حسن، وخطّ مليح، قرأ الكثير لولده. قال ابن السمعاني: لما قدمتُ صادفته يقرأ لوالده مُسند أبي يعلى، عن أبي عبد الله الخلال. سمع: القاسم الثقفي، وأبا مطيع. ولد سنة ثمانين تقريباً.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد)
أبو نصر الحديثي المعدل، البغدادي. تفقّه على: أبي إسحاق الشيرازي

(37/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 55
وكان من أوائل شهود قاضي القضاة الزينبي. توفي في جمادى الآخرة. وحضره القضاة والكبار. روى عنه: ابن السمعاني، وقال: ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. وتوفي في جمادى الآخرة، وصلى عليه ابنه أبو طالب رَوح. ثنا عن أبي الفضل بن طوق.
4 (أحمد بن محمد بن محمد بن ابراهيم بن الإخوة)
أبو العباس البغدادي، العطار، الوكيل. سمع: أبا القاسم بن البُسري، وأبا منصور العُكبَري. وهو آخر من حدّث بكتاب المجتَنى لابن دريد، عن العكبري. روى عنه: ابن السمعاني، وقال: شيخ بهي، حسن المنظر، خيّر، متقرّب الى أهل الخير، وهو أبو شيخنا عبد الرحيم، وعبد الرحمن. توفي في خامس رمضان.)

(37/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 56
روى عنه جماعة آخرهم أبو الفرج الفتح بن عبد السلام الكاتب. عاش ستاً وثمانين سنة.
4 (ابراهيم بن محمد بن أحمد بن مالك)
أبو أحمد العاقولي، الوزّان. شيخ من أهل باب الأزَج لا بأس به. سمع: عاصم بن الحسن، وجماعة. وكان مولده في سنة ثلاث وستين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في جمادى الأولى هو وأخوه محمد في يوم واحد. وروى عنه: يوسف بن المبارك الخّفاف. وأجاز لأبي منصور بن غُنيمة، وغيره.
4 (اسماعيل بن أبي سعد أحمد بن محمد بن دُوَسْت)
أبو البركات النيسابوري، الصوفي. شيخ الشيوخ ببغداد. ولد سنة خمس وستين وأربعمائة ببغداد. وسمع من: أبي القاسم عبد العزيز الأنماطي، وأبي القاسم بن البُسري، وأبي نصر الزينبي، ورزق الله التميمي، وجماعة. قال ابن السمعاني: كان على شاكلة حميدة الى أن طعن في السن، وكان

(37/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 57
وقوراً، مهيباً، ما عرفت له هفوة، قرأت عليه الكثير، وكنت نازلاً عنده في رباطه. قلت: وروى عنه: إبناه عبد الرحيم وعبد اللطيف، وعبد الخالق بن أسد، وأبو القاسم بن عساكر، وسِبطه عبد الوهاب بن سُكينة، وأحمد بن الحسن العاقلوي، وسليمان بن محمد الموصلي، وطائفة سواهم. توفي في عاشر جمادى الآخرة، وعُمل له عُرس على عادة الصوفية، غرِم عليه نحو ثلاثمائة دينار. قال ابن النجار: سمعتُ ابن سُكينة يقول: لما حضرَت جدّي الوفاة كنت حاضراً، وأولاده حوله، وهو في السياق، فقالت له والدتي: يا سيدتي، ما تجد فما قدر على النطق، فكتب بيده على يدها: رَوحٌ ورَيحانٌ وجنةُ نعيم ثم مات رضي الله عنه.
4 (اسماعيل بن طاهر)
أبو علي الموصلي، ثم البغدادي.) سمع أباه عن أبي الحسن بن مَخلَد. روى عنه: ابن السمعاني، وابن طبرزَد. توفي سنة إحدى وأربعين في جُمادى الأولى.
4 (أمين الدولة)
نائب قلعة صرخد، وقلعة بُصرى، واسمه كمشتكين. أمير جليل، كثير الحُرمة. ولاه على القلعتين الأتابك طُغتكين. فامتدت أيامه الى أن توفي في ربيع الآخر سنة وهو واقف المدرسة الأمينية بدمشق.

(37/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 58
ولما مات توثّب مملوكه ألتُنْتاش فتملّك بصرى، وصرخد، وانتصر بالفرنج وحالفهم، فسار لحربهم نائب دمشق معين الدين أنُر فهزمهم، وانهزم معهم الى بلادهم ألتُنتاش. ونازل أنُر قلعتي بصرى وصرخد، فافتتحهما.
4 (حرف الباء)

4 (بختيار بن عبد الله)
أبو الحسن الهندي، عتيق أبي بكر محمد بن منصور السمعاني. سمع ببغداد، وإصبهان، وهمذان كثيراً مع مولاه. وحدّث عن: أبي سعد محمد بن عبد الملك الأسدي، وأبي سعد محمد بن عبد الكريم بن خُشيش. روى عنه: أبو سعد ابن مُعتقه، وقال: توفي ثاني صفر.
4 (بختيار بن عبد الله)
الهندي، أبو الحسن الصوفي، عتيق القاضي أبي منصور محمد بن اسماعيل البوشَنجي. رحل مع مولاه الى بغداد، وسمع: أبا نصر محمد بن محمد الزينبي، وعاصم بن الحسن. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني. وقد سمّاه مولاه بعد العتق: عبد الرحيم بن عبد الرحمن.

(37/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 59
قال أبو سعد: رحل الى بغداد، والحجاز، والبصرة، وإصبهان وعُمّر، وهو شيخ، صالح، متعبد، متخلي عن الدنيا. سمع أيضاً بالبصرة من أبي علي التُستري، وانتخبتُ عليه ببوشنج ثلاثة أجزاء. وحُمل من بوشَنج الى هَراة، ونزل في دار الحافظ أبي النضْر الفامي، وكانت محطّ رحال) الشيوخ الطارئين، وقُرئ عليه كتاب السُنّة للالكائي. وكان شيخاً متيقظاً، قد ناطح الثمانين. توفي ببوشَنج في سنة إحدى أو سنة اثنتين وأربعين.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن محمد بن أحمد بن علي)
أبو محمد الأستِراباذي، الحنفي، الفقيه، قاضي الري. قدِم بغداد سنة ست وسبعين، وتفقّه على قاضي القُضاة أبي عبد الله الدامغاني حتى برع في الفقه. وسمع من: أبي نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وابن خيرون، وطِراد. قال ابن السمعاني: كتبتُ عنه بالري، توفي أواخر جُمادى الآخرة بها. وولد في جُمادى الأولى سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. وكان يرى الاعتزال، وفيه بُخل، فقالوا فيه:
(وقاضٍ لنا خبز ربّهُ .......... ومذهبه أنه لا يُرى)

(37/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 60
4 (الحسين بن الحسن بن أبي نصر بن يوسف المروروذي)
أبو محمد الصائغ، المعروب بالحاجي. دخل بغداد، وسمع مع أبي بكر السمعاني من ثابت بن بُندار، وبهمذان من: مكي بن بَحيرة الحافظ، وعبد الرحمن الدوني. وبإصبهان من: أبي الفتح أحمد بن محمد الحداد. توفي في العشرين من رمضان. روى عنه: أبو سعد.
4 (حنبلُ بن عليّ بن الحسين بن الحسن)
أبو جعفر البخاري، ثم السجستاني، الصوفي. قدِم هَراة، وأدرك بها شيخ الإسلام أبا اسماعيل، وصحبه، وسمع منه. ومن: أبي عامر محمود بن القاسم الأزدي، وأبي نصر الترياقي، ونجيب بن ميمون، وأحمد بن عُبيد الله بن أبي سعيد الأزدي. وببغداد من: ابن طلحة النعالي، وابن البطِر، وأبي بكر الطريثيثي.) روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وأبو رَوح عبد المعز، وجماعة. وأجاز لعبد الرحيم بن السمعاني.

(37/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 61
وكان شيخاً، كيّساً، ظريفاً، حدّث بمرو، وهَراة. وولد بسجستان في سنة أربع وستين وأربعمائة. ورحل وهو ابن بضع عشرة سنة. وتوفي بهَراة في السابع والعشرين من شوال.
4 (حرف الخاء)

4 (خلف بن محمد بن أبي الحسن بن أبي الحسين بن مروان)
البوسَنجي، أبو علي المحتسب. نزيل هَراة. كان يخدم جمال الإسلام أبا الحسن الداوودي، وسمع منه مجلسين. وأجاز لعبد الرحيم بن السمعاني. وعمّر دهراً طويلاً. وآخر من روى عنه أبو رَوح الهروي. قال أبو سعد السمعاني: وجدنا له مجلسين من أمالي الداوودي، وقرأناهما. ولد في غرة ربيع الأول سنة ثلاثين وأربعمائة، وكان صالحاً معمراً، رحمه الله.
4 (حرف الزاي)

4 (زنكي بن آقسُنقُر)

(37/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 62
الملك عماد الدين صاحب الموصل، ويُعرف أبوه بالحاجب قسيم التركي، وقد تقدّم ذكره. وزنكي فوّض إليه السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه السلجوقي ولاية بغداد وشرطتها في سنة إحدى عشر وخمسمائة، ثم نقله الى الموصل، وسلّم إليه ولده فرّوخ شاه الملقلب بالخفاجي ليربّيه، ولهذا قيل له أتابك. وذلك في سنة اثنتين وعشرين. واستولى على البلاد، وقوي أمره، وافتتح الرُّها في سنة تسع وثلاثين. وترقّت به الحال الى أن ملك الموصل، وحلب، وحماه، وحمص، وبعلبك، ومدائن كثيرة يطول تعدادها. وسار بجيشه الى دمشق وحاصرها، ثم استقر الحال على أن خُطب له بدمشق. واسترجع عدة حصون من الفرنج، مثل كَفرْطاب وافتتح الرها. وكان بطلاً، شجاعاً، صارماً. وقد نازل قلعة جعبر، وصاحبها يومئذ علي بن مالك، فحاصرها، وأشرف على أخذها، فأصبح يوم الأربعاء خامس ربيع الآخر مقتولاً. قتله خادمه غيلة وهو) نائم، ودُفن بصفّين عند الرقة. وسار

(37/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 63
ولده الملك نور الدين محمود، فاستولى على حلب، واستولى ولده الآخر سيف الدين غازي قُطب الدين مودود الأعرج على الموصل. قال ابن الأثير: نزل أتابك زنكي على حصن جعبر المُطل على الفرات، وقاتله من بها، فلما طال أرسل الى صاحبها ابن مالك العُقيلي رسالة مع الأمير حسان المنبجي، لمودة بينهما في معنى تسليمها، ويبذل له القطاع والمال، ويتهدده إن لم يفعل، فما أجاب، فقتل أتابك بعد أيام، وثب عليه جماعة من مماليكه في الليل، وهربوا الى القلعة، فدخلوها، فصاح أهلها وفرحوا بقتله، فدخل أصحابه إليه. حدّثني أبي، عن بعض خواصه قال: دخلت إليه في الحال وهو حيّ، فظن أني أريد قتله، فأشار إليّ بإصبعه يستعطفني، فقلت: يا مولانا مَن فعل هذا فلم يقدر على الكلام، وفاضت نفسه. قال: وكان حسن الصورة، أسمر، مليح العينين، قد وخطه الشيب، وزاد عمره على الستين، وكان صغيراً لما قُتل أبوه. وكان شديد الهيبة على عسكره ورعيته، وكانت البلاد خراباً من الظلم ومجاورة الفرنج، فعمّرها. حكى لي والدي قال: رأيت الموصل وأكثرها خراب، بحيث يقف الإنسان قريب محلة الطبالين، ويرى الجامع العتيق، ودار السلطان، ولا يقدر أحد أن يصل الى جامع إلا ومعه من يحميه، لبعده عن العمارة، وهو الآن في وسط العمارة. وكان شديد الغيرة لاسيما على نساء الأجناد، ويقول: إن لم نحفظهن

(37/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 64
بالهيبة، وإلا فسدن لكثرة غيبة أزواجهن. قال: وكان من أشجع خلق الله. أما قبل أن يملك، فيكفيه أنه حضر مع الأمير مودود صاحب الموصل مدينة طبرية، وهي للفرنج، فوصلت طعنته الى باب البلد، وأثّر فيه. وحمل أيضاً على قلعة عُقر الحميدية، وهي على جبل عالٍ، فوصلت طعنته الى سورها. الى أشياء أخَر. وأما بعد ملكه، فكان الأعداء محدقين ببلاده، وكلهم يقصدها، ويريد أخذها، وهو لا يقنع بحفظها، حتى أنه لا ينقضي عليه عام إلا وهو يفتح من بلادهم. وكان معه حين قُتل الملك ألب أرسلان بن السلطان محمود، فركب يومئذ، واجتمعت حوله العسكر، وحسّنوا له اللهو والشرب، وأدخلوه الرقة، فبقي بها أياماً لا يظهر، ثم سار الى ماكِسين، ثم الى سنجار، وتفرّق العسكر عنه، وراح الى الشرق، ثم ردّوه، وحُبس في قلعة) الموصل. وملك البلاد غازي بن زنكي، واستولى نور الدين على حلب وما يليها. ثم سار فتملّك الرها، وسبى أهلها، وكان أكثرهم نصارى. وقال القاضي جمال الدين بن واصل: لم يخلّف قسيم الدولة آقسنقر مولى السلطان ألب أرسلان السلجوقي ولداً غير أتابك زنكي، وكان عمره حين قُتل والده عشر سنين. فاجتمع عليه مماليك والده وأصحابه. ولما تخلص كربوقا من سجن حمص بعد قتل تُتُش، ذهب الى حران، وانضم إليه جماعة، فملك حران، ثم ملك الموصل وقرّب زنكي، وبالغ في الإحسان إليه، ورباه.

(37/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 65
4 (حرف السين)

4 (سعد الله بن أحمد بن علي بن الشداد)
أبو القاسم البغدادي. سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن أسد الحنفي. وتوفي في ذي القعدة.
4 (سعد الخير بن محمد بن سهل بن سعد)
أبو الحسن الأنصاري، البلنسي، المحدّث. رحل الى أن دخل الصين، ولهذا كان يكتب الأندلسي، الصيني. وكان فقيهاً، متديناً، عالماً، فاضلاً. سمع ببغداد: أبا عبد الله النعالي، وابن البطر، وطِراد بن محمد. وسمع بإصبهان: أبا سعد المطرّز. وسكنها وتزوج بها. وولدت له فاطمة، فسمّعها حضوراً معجم الطبراني، وغير ذلك، ومُسند أبي يعلى. وسمع بالدون سنن النسائي من الدوني، وحصّل الكثير من الكتب الجيدة. وحدّث ببغداد، وسكنها مدة بعد انفصاله عن إصبهان.

(37/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 66
روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو موسى المديني، وعبد الخالق بن أسد ووصفه بالحفظ، وأبو اليُمن الكندي، وأبو الفرج بن الجوزي، وبنته فاطمة بنت سعد الخير، وعمر بن أبي السعادات بن صرما. وقال ابن الجوزي: سافر وركب البحار، وقاسى الشدائد، وتفقّه ببغداد على أبي حامد الغزالي،) وسمع الحديث. وقرأ الأدب على أبي زكريا التبريزي. وحصّل كتباً نفيسة وقرأت عليه الكثير، وكان ثقة. توفي في عاشر المحرم ببغداد. قلت: آخر من روى عنه بالإجازة: أبو منصور بن عفيجة. وأورد ابن السمعاني في الأنساب حكاية غريبة فقال: سمّع بناته الى أن رُزق ابناً سماه جابراً، فكان يسمعه بقراءتي. واتفق أنه حمل الى الشيخ أبي بكر قاضي المرستان شيئاً يسيراً من عود بغدان، وجد الشيخ منه رائحة، فقال: ذا عود طيب. فحمل إليه منه نزراً قليلاً، ثم دفعه الى جاريته، فاستحيت الجارية أن تعلم الشيخ به لقلته، فلما دخل على الشيخ قال: يا سيدنا، وصل العود قال: لا. فطلب الجارية فسألها، فاعتذرت لقلته، وأحضرته، فقال لسعد الخير: أهو هذا قال: نعم. فرمى به الشيخ وقال: لا حاجة لنا فيه. ثم طلب منه سعد الخير أن يسمّع لابنه جزء الأنصاري، فحلف الشيخ أن لا يُسمعه إياه إلا أن يحمل إليه سعد الخير خمسة أمْناء عود. فامتنع سعد الخير، وألح على الشيخ أن يكفّر عن يمينه، فما فعل. ولا حمل هو شيئاً. ومات الشيخ، ولم يُسمّع ابنه الجزء.

(37/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 67
4 (حرف الشين)

4 (شافع بن عبد الرشيد بن القاسم)
أبو عبد الله الجيلي. سكن بالكرخ، وتفقّه على إلكِيا الهرّاسي، ورحل الى أبي حامد الغزالي فتفقّه عليه. وكانت له حلقة بجامع المنصور للمناظرة. وكل جمعة يحضرها الفقهاء. سمع بالبصرة: أبا عمر النهاوندي القاضي. وبطبَس: فضل الله بن أبي الفضل الطبسي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: سألته عن مولده، فقال: دخلت بغداد سنة تسعين وأربعمائة ولي نيّف وعشرون سنة. وتوفي في العشرين من المحرم. وقال ابن الجوزي: كنت أحضر حلقته وأنا صبي، فألقى المسائل. قلت: هذا من أئمة الشافعية.)
4 (حرف الصاد)

4 (صاعد بن أبي الفضل بن أبي عثمان)
الشيخ أبو العلاء الشُعيثي، الماليني، شيخ خيّر. سمع: أبا اسماعيل الأنصاري، وأبا عطاء عبد الرحمن بن محمد الجوهري، وبِيبَى بنت عبد الصمد.

(37/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 68
وكان فقيهاً فاضلاً، قديم المولد. ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. وآخر من سمع منه روح بن المعز الهروي.
4 (حرف الظاء)

4 (ظاهر بن أحمد بن محمد)
أبو القاسم البغدادي، المساميري، البزّاز. شيخ صالح، مُكثر. سمع من: رزق الله التميمي، وطِراد الزينبي، وابن البطِر، وطائفة. وتوفي في ذي القعدة. روى عنه: ابن السمعاني، ويوسف بن المبارك، ومحمد بن علي بن القُبَيطي. وكان معمّراً.
4 (ظفَر بن هارون بن ظفر)
أبو الفوح الهمذاني. أصله موصلي. سمع: ثابت بن الحسين التميمي. كتب عنه السمعاني وقال: مات في جمادى الأولى عن ثلاث وثمانين سنة.
4 (حرف العين)

4 (عائشة بنت عبد الله بن علي البلخي، ثم البوشنجي)
أم الفضل، صالحة، معمّرة. سمعت: أباها أبا بكر البلخي، وأبا الحسن الداوودي، وأبا منصور كَلار.

(37/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 69
كتب عنها السمعاني وقال: ماتت سابع ذي الحجة.)
4 (عبّاس)
شِحنة الري. دخل في الطاعة، وسلّم الري الى السلطان مسعود. ثم إن الأمراء اجتمعوا عند السلطان ببغداد، وقالوا: ما بقي لنا عدو سوى عباس، فاستدعاه السلطان الى دار المملكة في رابع عشر ذي القعدة وقتله، وأُلقي على باب الدار. فبكى الناس عليه لأنه كان يفعل الجميل، وكانت له صدقات. وقيل: إنه ما شرب الخمر قط، ولا زنى، وإنه قتل من الباطنية لعنهم الله ألوفاً كثيرة، وبنى من رؤوسهم منارة. ثم حُمل ودُفن في المشهد المقابل لدار السلطان. قاله ابن الجوزي.
4 (عبد الله بن علي بن أحمد بن عبد الله)
الإمام أبو محمد المقرئ، النحوي، سِبط الزاهد أبي منصور الخياط،

(37/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 70
وإمام مسجد ابن جردة، وشيخ القراء بالعراق. ولد في شعبان سنة أربع وستين وأربعمائة، وتلقّن القرآن من أبي الحسن بن الفاعوس. وسمع من: أبي الحسين بن النّقور، وأبي منصور محمد بن محمد العكبري، وطِراد الزينبي، ونصر بن البطر، وثابت بن بُندار، وجماعة. وقرأ العربية على أبي الكرم بن فاخر. وسمع الكُتب الكبار، وصنّف المصنفات في القراءات مثل المبهج، والكفاية، والاختيار، والإيجاز. وقرأ القرآن على جده، وعلى: الشريف عبد القاهر بن عبد السلام المكي، وأبي طاهر بن سِوار، وأبي الخطاب بن الجرّاح، وأبي المعالي ثابت بن بُندار، وأبي البركات محمد بن عبيد الله الوكيل، والمقرئ المعمّر يحيى بن أحمد السيبي صاحب الحمّامي، وابن بدران الحلواني، وأبي الغنائم محمد بن علي الزينبي، وأبي العز القلانسي، وغيرهم. وتصدّر للقراءات والنحو، وأمّ بالمسجد المذكور سنة سبع وثمانين وأربعمائة الى أن توفي. وقرأ عليه خلق وختم ما لا يُحصى. قاله أبو الفرج بن الجوزي، وقال: قرأت عليه القرآن والحديث، الكثير، ولم أسمع قارئاً قط أطيب صوتاً منه ولا أحسن أداء على كبر سنه. وكان) لطيف الأخلاق، ظاهر الكياسة والظرافة وحُسن المعاشرة للعوام والخاص. قلت: وكان عارفاً باللغة، إماماً في النحو والقراءات وعللها، ومعرفة رجاله، وله شعر حسن.

(37/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 71
قال ابن السمعاني: كان متواضعاً، متودداً، حسن القراءة في المحراب، خصوصاً في ليالي رمضان. وكان يحضر عنده الناس لاستماع قراءته. وقد تخرّج عليه جماعة كثيرة، وختموا عليه القرآن. وله تصانيف في القراءات. وخولف في بعضها، وشنّعوا عليه، وسمعتُ أنه رجع عن ذلك، والله يغفر لنا وله. وكتبت عنه، وعلقت عنه من شعره. ومنه:
(ومن لم تؤدبه الليالي وصرفها .......... فما ذاك إلا غائب العقل والحُسن)

(يظن بأن الأمر جارٍ بحُكمه .......... وليس له علم، أيُصبح أو يُمسي)
وله:
(أيها الزائرون بعد وفاتي .......... جدثاً ضمّني ولحداً عميقا)

(ستروني الذي رأيت من المو .......... ت عياناً وتسلكون الطريقا)
وقال الحمد بن صالح الجيلي: سار ذكره في الأغوار والأنجاد. ورأس أصحاب الإمام أحمد، وصار أوحد وقته، ونسيج وحده، ولم أسمع في جميع عمري من يقرأ الفاتحة أحسن ولا أصحّ منه. وكان جمال العراق بأسره، وكان ظريفاً كريماً، لم يخلّف مثله في أكثر فنونه. قلت: قرأ عليه القراءات: شهاب الدين محمد بن يوسف الغزنوي، وتاج الدين أبو اليُمن الكندي، وعبد الواحد بن سلطان، وأبو الفتح نصر الله بن علي بن الكيال الواسطي، والمبارك بن المبارك بن زُريقالحداد، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن هرون الحلّي المعروف بابن الكال المقرئ، وصالح بن علي الصرصري، وأبو يعلى حمزة بن علي بن القبيطي، وأبو أحمد عبد الوهاب بن سُكينة، وزاهر بن رستم نزيل مكة. وحدّث عنه: محمود بن المبارك بن الذّارع، ويحيى بن طاهر الواعظ،

(37/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 72
واسماعيل بن ابراهيم بن فارس السيبي، وعبد الله بن المبارك بن سُكينة، وعبد العزيز بن منينا، وتلميذه الكندي، وعليه تلقّن القرآن وعلم العربية. وتوفي في ثامن وعشرين ربيع الآخر. وصلى عليه الشيخ عبد القادر. قال ابن الجوزي: قد رأيت أنا جماعة من الأكابر، فما رأيت أكثر جمعاً من جمعه. قال عبد الله بن حريز القرشي: ودُفن من الغد بباب حرب عند جده على دكة الإمام أحمد.) وكان الجمع كثيراً جداً يفوق الإحصاء، وغلّق أكثر البلد في ذلك اليوم.
4 (عبد الله بن علي بن عبد العزيز بن فرج)
الغافقي، القرطبي، أبو محمد. عن: أبي محمد بن رزق، وعبد الله محمد بن فرج، وأبي علي الغساني. قال ابن بشكوال: كان فقيهاً، حافظاً، متيقظاً.

(37/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 73
توفي رحمه الله في ربيع الآخر.
4 (عبد الله بن نصر بن عبد العزيز بن نصر)
أبو محمد المرندي. دار في الآفاق، وأخذ عن الأئمة، وأفنى أكثر عمره في الأسفار، وتفقّه ببغداد على أسعد الميهني، ثم سكن مرو. وكان بارعاً في الأدب. أخذ عن: الأبيوردي الأديب، وله شعر حسن. توفي في يوم عاشوراء. قاله ابن السمعاني.
4 (عبد الباقي بن أبي بكر محمد بن عبد الباقي)
الأنصاري، البزاز، أبو طاهر. قال ابن السمعاني: هو أحد الشهود المعدلين، سمّعه أبوه من نصر بن البطر، وطبقته. سمعنا بقراءته على أبيه مغازي الواقدي. وكان سريع القراءة. ولد سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة. ومات في رمضان.
4 (عبد الحق بن غالب بن عبد الملك بن غالب بن تمام بن عطية)

(37/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 74
الإمام الكبير، قدوة المفسرين، أبو محمد بن الحافظ الناقد الحجة أبي بكر المحاربي، الغرناطي، القاضي. أخذ عن: أبيه، وأبي علي الغساني الحافظ، ومحمد بن الفرج الطلاعي، وأبي الحسين يحيى بن البياز، وخلق سواهم. وكان فقيهاً، عارفاً بالأحكام، والحديث، والتفسير، بارع الأدب، بصيراً بلسان العرب، ذا ضبط) وتقييد، وتحرٍ، وتجويد، وذهن سيال، وفكرٍ الى موارد المُشكل ميال. ولو لم يكن له إلا تفسيره الكبير لكفاه. وكن والده من حفّاظ الأندلس، فاعتنى به، ولحق به المشايخ. وقد ألّف برنامجاً ضمنه مروياته. ولد في سنة ثمانين وأربعمائة. حدّث عنه: أولاده، والحافظ أبو القاسم بن حُبيش، وأبو محمد بن عبيد الله البستي، وأبو جعفر بن مضاء، وعبد المنعم بن الفرس، وأبو جعفر بن حكم، وآخرون. مات بحصن لورقة في الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وولي قضاء المرية في سنة سبع وعشرين وخمسمائة. وكان يتوقد ذكاء، رحمه الله. قال الحافظ ابن بشكوال: توفي سنة اثنتين وأربعين. وقال: كان واسع المعرفة، قوي الأدب. متفنناً في العلوم، أخذ الناس عنه.

(37/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 75
4 (عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن أبي حامد)
الخطيب، أبو عبد الله الدارمي، الهروي. قال ابن السمعاني: كان فاضلاً، صالحاً، ورِعاً، عابداً، كان ينوب عن خطيب هَراة. وسمع من: بيبي، وكلاب، وعبد الله بن محمد الأنصاري، وأبي عبد الله العميري، وأبي بكر الغورجي، وجماعة. وحدّث. وتوفي بهراة في المحرّم. روى عنه: أبو رَوح في مشيخته، وبالإجازة: أبو المظفر بن السمعاني. وظني أن أباه روى عنه أيضاً. وكان مولده سنة أربع وستين وأربعمائة.
4 (عبد الرحمن بن عبد الملك بن غشليان)
المحدّث، أبو الحكم الأنصاري، السرقسطي. له إجازة من القاضي أبي الحسن الخلعي، وجماعة على يد أبي علي الصدفي. وسمع من: الصدفي، وجماعة. حتى إنه سمع من ابن بشكوال. وقال ابن بشكوال: أخذت عنه، وأخذ عني كثيراً. وكان من أهل المعرفة والذكاء واليقظة.)

(37/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 76
سكن قرطبة، وبها توفي في رمضان. قلت: آخر من روى عنه في الدنيا بالإجازة: محمد بن أحمد ابن صاحب الأحكام، شيخ سمع منه ابن سيسري، وبقي الى سنة.
4 (عبد الرحمن بن عمر بن أبي الفضل)
أبو بكر البصري، ثم المروروذي، شيخ صالح، حسن السيرة، معمَّر. وهو آخر من سمع من القاضي حسين بن محمد الشافعي المروروذي صاحب التعليق. سمع منه مجلساً من أماليه. وسمع من: شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري. وكان مولده في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وتوفي في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين. أجاز لأبي المظفر بن السمعاني.
4 (عبد الرحمن بن عمر بن أحمد)
أبو مسلم الهمذاني، الصوفي، العابد. مات في شوال عن سبع وسبعين سنة. أجاز له محمد بن عثمان القومساني.
4 (عبد الرحمن بن علي بن محمد بن سليمان)
أبو القاسم، وأبو زيد التُجيبي، ابن الأديب الأندلسي، نزيل أورِيولة، ووالد الشيخ أبي عبد الله. أخذ بمُرسية عن: أبي محمد بن أبي جعفر تلمَذ له. ولقي بالمَرية: أبا

(37/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 77
القاسم ابن ورد، وأبا الحسن بن موهب الجذامي. وحج سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وسمع بمكة من الحسين بن طحّال. وأخذ القراءات عن أبي علي الحسن بن عبد الله. باشر القضاء ووليه مُكرَهاً. وكان خاشعاً، متقللاً من الدنيا، له بضاعة يعيش من كسبها. وكان إذا خطب بكى وأبكى، وكان فصيحاً، مشوّهاً. ثم إنه أعفي من القضاء بعد شهرين من ولايته. وبعد الأربعين وفاته.
4 (عبد الرحمن بن عيسى بن الحاج)
) أبو الحسن القُرطبي، المجريطي. أخذ القراءات عن: أبي القاسم بن النحاس. وولي قضاء رنْدة. أخذ عنه القراءات ابنه يحيى القاضي.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عيسى)
أبو القاسم الأموي، الإشبيلي، النحوي، المعروف بابن الرمّاك. روى عن: أبي عبد الله بن أبي العافية، وأبي الحسن بن الأخضر، وأبي الحسين بن الطراوة. وكان أستاذاً في صناعة العربية، محققاً، مدققاً، متصدراً للإقراء بها، قائماً على كتاب سيبويه. قلّ مشهورٌ من فضلاء عصره إلا وقد أخذ عنه. قال أبو علي الشلوبيني: ابن الرماك عليه تعلّم طلبة الأندلس الجِلّة.

(37/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 78
أخذ عنه: أبو بكر بن خير، وأبو إسحاق بن ملكون، وأبو بكر بن طاهر المحدث، وأبو العباس بن مضاء، وآخرون. وتوفي كهلاً.
4 (عبد الرحيم بن عبد الرحمن)
أبو الحسن الكندي، الصوفي، مولى أبي منصور محمد بن اسماعيل اليعقوبي. مرّ بختيار تقدّم.
4 (عبد الرحيم بن محمد بن الفضل)
الإصبهاني الحداد. توفي في شوال.
4 (عبد الكريم بن خلف بن طاهر بن محمد بن محمد)
أبو المظفر الشحامي، النيسابوري. من بيت الحديث والعدالة. سمع: الفضل بن المحبّ، وأبا إسحاق الشيرازي الفقيه لما قدم عليهم، وأبا بكر بن خلف، وجماعة كثيرة. وكان مولده في سنة ست وستين وأربعمائة، ومات في سلخ جمادى الأولى بنيسابور.) روى عنه: جماعة. وممن روى عنه بالإجازة: عبد الرحيم بن السمعاني.

(37/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 79
4 (عبد الكريم بن عبد المنعم بن أبي القاسم القُشيري)
أبو محمد بن أبي المظفّر النيسابوري. سمع من: عبد الواحد، وعلي بن الحمد المديني، المؤدّب. وببغداد: أبا القاسم بن بيان. حدّث، وتوفي رحمه الله في الثالث والعشرين من شعبان.
4 (عبد المحسن بن غُنيمة بن أحمد بن فاحة)
أبو نصر البغدادي. شيخ صالح، ديّن، خيّر. سمع: أبا عبد الله النعالي، وابن نبهان، وشجاعاً الذهلي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في المحرم.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن خلف بن بيش)
أبو عبد الله العبدري، الأندلسي، الأثري. إمام مشاوَر، له إجازة من أبي عبد الله الخولاني. روى عنه: أبو بكر بلبيس. وتوفي في صفر.
4 (محمد بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر)
الطوسي، أخو خطيب الموصل. سمع: النعالي، وابن البطِر. وعنه: ابن أخيه. وكان فقيهاً شافعياً، مناظراً. مات في المحرّم.

(37/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 80
4 (محمد بن أحمد بن مالك)
) العاقولي. عن: طِراد، وابن البطِر. وعنه: ابن هُبل الطبيب.
4 (محمد بن اسماعيل بن أبي بكر بن عبد الجبار)
الناقدي، الجراحي، المروزي، الساسياني. وساسيان محلة بمرو، شيخ صالح. قرأ عليه أبو سعد السمعاني صحيح البخاري بسماعه من أبي الخير محمد بن موسى الصفّار، وقال: توفي سنة إحدى أو اثنتين وأربعين.
4 (محمد بن الحسن بن محمد بن سورة)
أبو بكر التميمي، النيسابوري. سمع: الفضل بن أبي حرب، وأحمد بن سهل السراج، وابن خلف. توفي في جمادى الأولى.
4 (محمد بن طراد بن محمد بن علي)
أبو الحسين العباسي، الزينبي، نقيب الهاشميين ببغداد.

(37/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 81
سمع: عمه أبا نصر، وأباه، وأبا القاسم بن البُسري، واسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وهو أخو الوزير أبي القاسم عليّ. ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وكان كثير الحج، صدراً، نبيلاً، مسنِداً. روى عنه: ابن السمعاني، وأبو أحمد بن سكينة، وعمر بن طبَرزد، وجماعة. وبالإجازة أبو القاسم بن صَصْرى. وتوفي في شعبان. ودُفن بداره بباب الأزج، وبقي في النقابة ثمان عشرة سنة.
4 (محمد بن علي بن عبد الله)
أبو بكر الكِشمَردي. سمع: الحسين بن السري، وثابت بن بُندار. وعنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر في مُعجميهما. وكان صالحاً.) توفي في رجب ببغداد.
4 (محمد بن علي بن عبد الله)

(37/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 82

(37/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 83

(37/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 84

(37/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 85
الإمام أبو عبد الله العراقي، البغدادي، نزيل البوازيج. من كبار أئمة الشافعية القائمين على المذهب. تفقّه على: إلكيا الهرّاسي، وأبي حامد الغزالي، وأبي الشاشي. وأخذ عن: أبي الوفاء بن عقيل، وأبي بكر بن المظفر الشامي. لقيه المحدّث أبو الفوارس الحسن بن عبد الله بن شافع الدمشقي بإربل، وسمع منه جزءاً ومقاطع من شعره. وكان العراقي قد قدِم إربل لحاجة. مولده في حدود الثمانين وأربعمائة، وبقي الى بعد الأربعين وخمسمائة.
4 (محمد بن علي بن محمد)
أبو جعفر المروزي، الدرقي. فقيه، صالح، معمَّر. أخذ عن: أبي القاسم الدبوسي. وعنه: السمعاني، وغيره.

(37/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 86
4 (محمد بن فضل الله)
أبو الفتح بن مخمخ البنجديهي، الفقيه، العابد. سمع من: أبي سعيد البغوي الدباس. ومات ببنج ديه في جمادى الآخرة عن ثلاث وسبعين سنة. أخذ عنه: السمعاني.
4 (محمد بن محمد بن عبد الرحمن)
أبو الفتح النيسابوري، الخشّاب، الكاتب. سمع: أبا القاسم بن هوازن القُشيري، وفاطمة بنت أبي علي الدقاق، والفضل بن المحب. قال أبو سعد: لقيته بإصبهان، وله شعرٌ رائق، وخطّ فائق. قلت: هو آخر من حدّث بإصبهان عن القشيري وزوجته بنت الدقاق رحمه الله.)
4 (محمد بن محمد بن أحمد بن أحمد السلال)

(37/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 87
أبو عبد الله الكرخي، الوراق، الحبّار. كان يبيع الحبر في دكان عند باب النوبي. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، وجابر بن ياسين، وأبي بكر بن سياوش الكازَروني، وأبي الحسن بن البيضاوي، وأبي علي بن وشاح. وتفرّد بالرواية عن هؤلاء الثلاثة، وطال عمره، وتفرّد. ولد في رمضان سنة سبع وأربعين وأربعمائة. قال ابن السمعاني: كان في خلقه زعارّة، وكنا نسمع عليه بجهد. وهو متهم، معروف بالتشيع. قال أبو بكر محمد بن عبد الباقي: بيت السّلال معروف في الكرخ بالتشيّع. وقال الحافظ ابن ناصر: كنت أمضي الى الجمعة وقد ضاق وقتها، فأراه على باب وكأنه فارغ القلب، ليس على خاطره من الصلاة شيء. قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وعمر بن طبرزد، وأبو الفرج بن الجوزي، ومحمد بن أبي عبد الله بن أبي فتح النهرواني، ومحمد بن عَبدة البروجِردي، وسليمان الموصلي، وأخوه عليّ، والنفيس بن وهبان، وآخرون. توفي في جُمادى الأولى، وله أربع وتسعون سنة. روى عنه بالإجازة أبو منصور بن عفيجة. وأبو القاسم بن صَصرى.
4 (محمد بن محمد بن الفضل بن دلاّل)
أبو منصور الشيباني، الباجِسرائي، ثم البغدادي، الحافظ.

(37/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 88
سمع الكثير، وقرأ، وكتب، وعُني بهذا الشأن وكان سريع القراءة، جيّد التحصيل. سمع: طراد بن محمد، وابن البطر، وطبقتهما. روى عنه: أبو اليُمن الكندي. توفي في شعبان وله إحدى وثمانون سنة. ذكره ابن النجار.
4 (المبارك بن أحمد بن محبوب.)
أبو المعالي المحبوبي، أخو أبي علي البغدادي.) سمع من: طراد الزينبي، ونصر بن البطر، وجماعة. وكان شيخاً صالحاً، خيّراً. توفي في نصف رجب. روى عنه: ابن السمعاني، وابن الجوزي.
4 (المبارك بن المبارك بن أحمد بن المحسّن بن كيلان)
أبو بكر الكيلاني، السِّقلاطوني، البابَصري، من أهل باب البصرة

(37/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 89
من أهل الستر والصلاح. سمع: أباه، وثابت بن بُندار. وتوفي في رجب وقد قارب الستين.
4 (مسلم بن الخضِر بن قسيم)
أبو المجد الحموي، من شعراء نور الدين. له شعر في الخريدة. فمن شعره:
(أهلاً بطيف خيالٍ جاءني سَحَراً .......... فقمت والليل قد شابتْ ذوائبُه)

(أقبّل الأرضَ إجلالاً لزورته .......... كأنما صدقتْ عندي كواذبُه)

(ومودع القلب من نار الجوى حرقا .......... قضى بها قبل أن تُقضى مآربُه)

(تكاد من ذِكر يوم البَين تحرقُه .......... لولا المدامع أنفاسٌ تُغالبه)

(37/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 90

(37/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 91
4 (مسعود بن أبي غالب بن التُرَيكي)
السّقلاطوني. سمع: محمد بن عبد الواحد الأزرق في سنة ثمان وتسعين وأربعمائة. روى عنه: عمر بن طبَرْزَد، وسمع منه في هذا العام، بقراءة أخيه أبي البقاء محمد.
4 (المفضَّل بن أحمد بن نصر بن علي بن أبي الحسين أحمد بن محمد بن قاذشاه)
أبو عبد الله الإصبهاني. سمع: أبا عبد الله الثقفي، وأبا بكر بن ماجة الأبهري. وتوفي بهمذان في جُمادى الأولى. كتب عنه: الحافظ أبو سعد، وعبد الخالق بن أسد.)
4 (المَهدي بن هبة الله بن مهدي)
أبو المحاسن الخليلي، القزويني. إمامٌ، زاهد، عابد، ورع، قوّال بالحقّ، نزل بنواحي مَرو. وقد تفقّه على أسعد المَيهني، وقرأ المقامات بالبصرة على المصنِّف، ثم تزهّد، وصحِب يوسف بن أيوب مدة. روى عنه: أبو سعد السمعاني: حدّثنا عن محيي السُنّة البغوي. ولد سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة، وتوفي بقرية جيرنج في شعبان.

(37/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 92
4 (حرف النون)

4 (نصر بن أسعد بن سعد بن فضل الله بن أحمد)
المَيهني، الصوفي. سمع: أبا الفضل محمد بن أحمد العارف في سنة بضعٍ وستين. أخذ عنه: أبو سعد، وقال: مات في المحرَّم.
4 (حرف الواو)

4 (وجيه بن طاهر بن محمد بن محمد بن أحمد بن يوسف بن محمد بن المَرزبان)
أبو بكر الشّحّامي، أخو زاهر. من بيت الحديث والعدالة بنيسابور. رحل بنفسه الى هَراة أو الى بغداد. ومولده في شوال سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. سمع: أبا القاسم القُشيري، وأبا حامد الأزهري، وأبا المظفَّر محمد بن إسماعيل الشّحامي، وأبا نصر عبد الرحمن بن محمد بن موسى التاجر، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وأبا صالح المؤذّن، ووالده أبا عبد الرحمن الشحامي، وشيخ الحجاز عليّ بن يوسف الجُوَيني، وشبيب بن أحمد البستيغي،

(37/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 93
وأبا سهل الحفصي، وأبا المعالي عمر بن محمد بن الحسين البِسطامي، وأخته عائشة بنت البسطامي، ومحمد بن يحيى المزكي، وأبا القاسم إسماعيل بن مَسعدة، الإسماعيلي، وطائفة بنيسابور. وبهَراة: شيخ الإسلام، وبيبى الهَرثَمية، وعاصم بن عبد الملك الخليلي، وأبا عطاء عبد الرحمن) بن محمد الجوهري، وأبا العلاء صاعد بن سيّار، ونجيب بن ميمون الواسطي، وعطاء بن الحسَن الحاكم، وجماعة بهَراة. وعبد الرحمن بن محمد بن عفيف البوشنجي، وأبا سعد محمد بن محمد الحجري ببوشنج. وأبا نصر محمد بن محمد الزينبي، وأبا الحسين الصاحبي ببغداد. وأبا نصر محمد بن وَدعان الموصلي بالمدينة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وأبو الفضل محمد بن أحمد الطّبَسي، ومحمد بن فضل الله السالاري، ومنصور الفراوي، والمؤيَّد الطوسي، وزينب الشعرية، ومجد الدين سعيد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري، والقاسم بن عبد الله الصّفّار، وأبو النجيب إسماعيل بن عثمان الغازي، وأبو سعد عبد الواحد بن علي بن حمّوَيه الجُويني، وآخرون. قال ابن السمعاني: كتبت عنه الكثير، وكان يُعملي في الجامع الجديد بنيسابور كل جمعة في مكان أخيه زاهر. وكان كخير الرجال، متواضعاً، ألُوفاً، متودداً، دائم الذِّكر، كثير التلاوة، وصولاً للرجم، تفرّد في عصره بأشياء، ومرض أسبوعاً.

(37/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 94
وتوفي في ثامن عشر جمادى الآخرة. ودُفن بجنب أبيه وأخيه.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن خلف بن النفيس)
أبو بكر، المعروف بابن الخَلوف، الغرناطي، المقرئ، الأستاذ. لقي من المقرئين: أبا الحسن العبسي، وخازم بن محمد، وأبا بكر بن المفرّج البطليوسي، وأبا القاسم بن النحاس، وأبا الحسن بن كرز، وعيّاش بن خلف. ومن المحدّثين: ابن الطّلاع، وأبا علي الغساني، وأبا مروان بن سراج، فسمع من بعضهم، وأجاز له سائرهم. وحجّ فسمع صحيح مسلم بمكة، من أبي عبد الله الحسين الطبري، ودخل العراق، فسمع من: أبي طاهر بن سِوار المقرئ، وبالشام من أبي الفتح نصر بن ابراهيم المقدسي. وأقرأ الناس بجامع غرناطة زماناً، وطال عمره، واشتهر اسمه وحدّث، وأقرأ الناس، وكان بارعاً فيها، حاذقاً بها، مع التفنن، والحفظ، ومعرفة التفاسير، والجلالة والحُرمة. حدّث عنه: أبو عبد الله النميري، ويقول فيه: يحيى بن أبي سعيد، وأبو بكر بن رزق، وأبو) الحسن بن الضحاك، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن الفرس، وابنه عبد المنعم بن محمد، وابنه عبد المنعم بن يحيى بن الخَلوف، وأبو القاسم القنطري، وأبو محمد بن عُبيد الله الحَجري، وأبو عبد الله بن عروس. وتوفي بغرناطة في آخر العام.

(37/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 95
وكان مولده في أول ست وستين وأربعمائة. ترجمه الأبّار. ومن بقايا الرواة عنه: أحمد بن عبد الودود بن سمجون، بقي الى سنة ثمانٍ وستمائة.
4 (يحيى بن زيد بن خليفة بن داعي بن مَهدي بن إسماعيل)
أبو الرضا العلوي، الحَسني، السّاوي، شيخ الصوفية بساوة. ديّن صالح، خيّر، متودد، متواضع، جميل. سمع بإصبهان: أبا سعد المطرِّز، وأبا منصور بن مَندويه، وأبا عليّ الحداد. وتوفي في شعبان عن بضعٍ وسبعين سنة. روى عنه أبو سعد السمعاني.
4 (يحيى بن عبد الله بن أبي الرجاء محمد بن علي عليّ التميمي)
أبو الوفاء الإصبهاني. توفي في الخامس والعشرين من رمضان. وكان فاضلاً، نبيلاً، معدّلاً، عالماً بالشروط. روى عنه: أبو موسى المديني، والسمعاني. سمع: أباه، وعبد الجبار بن عبد الله بن برزة، وأبا طاهر النقّاش.
4 (يحيى بن موسى بن عبد الله)
أبو بكر القُرطبي.

(37/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 96
روى عن: محمد بن فرج، وأبي عليه الغساني. وكان رجلاً صالحاً، طاهراً، مُقبلاً على ما يعنيه. روى عنه ابن بَشكوال فوائد أبي الحسن بن صخر، بسماعه من عبد العزيز بن أبي غالب القروي، عنه، وقال: توفي في عقِب صفر.

(37/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 97
4 (وفيات سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة)
)
4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الحُصين بن عبد الملك بن عطاف)
القاضي، أبو العباس العُقيلي، الجيّاني. طلب العلم وهو ابن ستّ عشرة سنة، وهذا يندر في المغاربة، ورحل

(37/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 98
إلى قرطبة، فسمع من: أبي محمد بن عَتّاب، وأبي الأصبغ بن سهل. وسمع بإشبيلية من: أبي القاسم الهَوزَني. وسكن غرناطة، وأفتى بها، وحدّث. روى عنه: أبو محمد بن عُبيد الله الحَجري.
4 (أحمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله)
أبو الحسن بن أبي موسى بن الآبنوسي، الفقيه الشافعي، الوكيل. ولد سنة ست وستين وأربعمائة، وسمع: أبا القاسم بن البُسري، وأبا نصر الزينبي، وإسماعيل بن مَسعدة الإسماعيلي، وعاصم بن الحسن، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، ورزق الله، وجماعة كثيرة. وتفقّه على القاضي محمد بن المظفّر الشامي، وعلى أبي الفضل الهمذاني. ونظر في علم الكلام والاعتزال. ثم فتح الله له بحسن نيته، وصار من أهل السُّنة. روى عنه: بنته شرف النساء وهي آخر من حدّث عنه، وابن السمعاني، وابن عساكر، وأبو اليُمن الكِندي، وسليمان الموصلي، وآخرون. قال ابن السمعاني: فقيه، مُفتٍ، زاهد. يعرف المذهب والفرائض. اعتزل عن الناس، واختار الخمول، وترك الشهرة، وكان كثير الذِّكر. دخلت عليه، فرأيته على طريقة السّلف من خشونة العيش، وترك التكلّف. وقال ابن الجوزي: صحب شيخنا أبا الحسن بن الزاغوني، فحمله

(37/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 99
على السُنّة بعد أن كان معتزلياً، وكانت له اليد الحسَنة في المذهب، والخلاف، والفرائض، والحساب، والشروط. وكان ثقة، مصنّفاً، على سنن السّلف، وسبيل أهل السُّنة في الاعتقاد. وكان يُنابذ مَن يخالف ذلك من المتكلمين. وله أذكار وأوراد من بكرة الى وقت الظهر، ثم يُقرأ عليه من بعد الظهر. وكان يلازم بيته،) ولا يخرج أصلاً. وما رأيناه في مسجد، وشاع أنه لا يصلي الجمعة، وما عرفنا عنه في ذلك. وتوفي في ثامن ذي الحجة. قلت: وأجاز لأبي منصور بن عُفيجة، ولأبي القاسم، يعني ابن سعد.
4 (أحمد بن عبد الخالق بن أبي الغنائم)
الهاشمي، أبو العباس. سمع مجلساً من طِراد. روى عنه: الفضل بن عبد الخالق الهاشمي.
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الباري)
أبو جعفر البِطرَوجي، ويقال البطروشي، بالشين، الحافظ. أحد الأئمة المشاهير بالأندلس. أخذ عن: أبي عبد الله الطّلاعي، وأبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي، وخازم بن محمد، وخلف بن مدبّر، وخلف بن ابراهيم الخطيب المقرئ، وجماعة. وأكثر عن أبي عبد الله الطّلاعي. وقرأ القراءات بقُرطبة على عيسى بن خيرة.

(37/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 100
وناظر في المدوَّنة على عبد الصمد بن أبي الفتح العبدري، وفي المستخرَجة على أبي الوليد بن رشد. وعرض المستخرجة مرتين على أصبع بن محمد. وأجاز له أبو المطرّف الشعبي، وأبي داود الهروي، وأبو علي بن سُكّرة، وأبو عبد الله بن عون، وأبو أسامة يعقوب بن علي بن حزم. وكان إماماً عاقلاً، عارفاً بمذهب مالك، بصيراً، حافظاً، محدّثاً، عارفاً بالرجال، وأحوالهم، وتواريخهم، وأيامهم، وله مصنّفات مشهورة. وكان إذا سُئل عن شيء فكأنما الجواب على طرف لسانه، ويورد المسألة، بنصها ولفظها لقوة حافظته، ولم يكن للأندلس في وقته مثله، لكنه كان قليل البضاعة من العربية رثّ الهيئة، خاملاً لخفة كانت به. ولذلك لم يلحق بالمشاهير، ولا ولّوه شيئاً من أمور المسلمين، وعسى كان ذلك خيراً له، رحمه الله. وروى عنه الموطّأ: أبو محمد عبد الله بن محمد بن عُبيد الله الحجري، وخلف بن بشكوال الحافظ، وأخوه محمد بن بشكوال، وأبو الحسن محمد بن عبد العزيز الشّقوري، ومحمد بن) ابراهيم بن الفخّار، ويحيى بن محمد الفِهري البلنسي، وخلق سواهم. قال ابن بشكوال: كان من أهل الحفظ للفقه، والحديث، والرجال، والتواريخ، مقدَّماً في ذلك على أهل عصره.

(37/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 101
وتوفي لثلاث بقين من المحرّم. وهو قرطبي، أصله من بِطروش.
4 (الإمام أبو جعفر بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري، الغرناطي.)
روى عن: أبيه وأبي علي الصّدفي، وابن عتّاب، وطبقتهم فأكثر، وتفنن في العربية وكان من الحفّاظ الأذكياء. خطب بغرناطة، وحمل الناس عنه. واشتهر باسمه. مات في هذا العام ببلده كهلاً أو في الشيخوخة.
4 (أحمد بن علي بن عبد الواحد)
أبو بكر ابن الأشقر، البغدادي، الدلال. ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. وسمع: أبا الحسن بن المهتدي بالله، وأبا محمد الصّريفيني، وأبا نصر الزينبي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن طَبرزد، وأبو بكر محمد بن المبارك بن عتيق، وعبد الله بن يحيى بن الخزّاز الخريمي، وعمر بن الحسين بن المِعوجّ، وتُرْكُ بن محمد العطار، وفاطمة بنت المبارك بن قَيداس،

(37/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 102
وإسماعيل بن إبراهيم السيبي الخبّاز، وأحمد بن سلمان بن الأصفر، وعبد الملك بن أبي الفتح الدّلال، وآخرون. قال ابن الجوزي: كان خيّراً، صحيح السماع. توفي في ثامن صفر.
4 (أحمد بن علي بن أحمد بن يحيى بن أفلح بن رزقون بن سحنون)
المُرسي، الفقيه، المالكي، المقرئ. أخذ القراءات عن: أبي داود البيار، وابن أخي الدّوش. وسمع من: أبي عبد الله محمد بن الجزّار الضرير صاحب مكي. وتصدّر للإقراء بالجزيرة الخضراء، وأخذ الناس عنه. وكان فقيهاً، مشاوَراً، حافظاً، محدّثاً، مفسّراً، نحوياً.) روى عنه: أبو حفص بن عكبرة، وابن خير، وأبو الحسن بن مؤمن، وجماعة آخرهم موتاً أحمد بن أبي جعفر بن فطَيس الغافقي، طبيب الأندلس، وبقي الى سنة. توفي في ذي القعدة سنة اثنتين، وقيل: توفي في حدود سنة خمسٍ وأربعين.
4 (أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن حاطب.)

(37/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 103
أبو العباس الباجي. كان رأساً في اللغة والنحو، مع الصلاح والزهد. أخذ عن: عاصم بن أيوب، وجماعة. وعاش نحواً من ثمانين سنة رحمه الله.
4 (أحمد بن محمد بن عبد العزيز)
أبو البقاء بن الشطرنجي، البغدادي، العُمري. كان يكتب العمر مجاوراً بمكة. سمع: مالكاً البانياسي، وأبا الحسن الأنباري، وأبا الغنائم بن أبي عثمان. روى عنه: محمد بن معمَّر بن الفاخر، وثابت بن محمد المَديني. توفي في رمضان أو في شوال.
4 (أحمد بن محمد بن غالب)
أبو السعادات، العُطاردي، الكرخي، الخزّاز، البيّع. سمع: عاصم بن الحسن، وأبا يوسف القزويني، المعتزلي، وجماعة. وعنه: أحمد بن علي بن حراز، ويوسف بن المبارك الخفّاف. وله شعر مليح، ومعرفة بالكلام. عاش ثمانياً وثمانين سنة.
4 (أحمد بن محمد بن محمد)

(37/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 104
أبو المعالي بن أبي اليُسر البخاري، الفقيه. تفقّه على والده. وسمع منه، ومن غيره وأفتى وناظر وأملى الحديث، وكان حسن السيرة. توفي في وسط السنة بسرخس، وحُمل الى بخارى.)
4 (أحمد بن ما شاء الله)
أبو نصر السِّدري. سمع: أبا الفضل بن خَيرون. وحدّث. وكان مستوراً من أهل القرآن والسُنّة ببغداد. وتوفي في ثالث صفر. روى عنه: المبارك بن كامل، ومحمد بن حسين النهرواني.
4 (إبراهيم بن خلف بن جماعة بن مهدي)
أبو إسحاق البكري، بكر بن وائل. من الأندلس، من أهل دانية. سمع: أبا داود المقرئ، ومحمد بن يوسف بن خليفة، وأبا علي الصّدفي. وولي قضاء بلده سنة تسع وعشرين، وعُزل سنة ثلاثين وخمسمائة. وولي قضاء شاطبة مدة. وكان حسن السيرة، ثقة، معتنياً بالحديث. روى عنه: أبو عمر بن عياد، وعليم بن عبد العزيز، وأبو بكر بن مفوَّز، وتوفي في رجب، وغسّله وصلى عليه أبو عبد الله بن سعيد الداني. وكان مولده في سنة ثلاثٍ وستين وأربعمائة.
4 (إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين اللمتوني)

(37/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 105
ولي نيابة مرّاكش لأخيه تاشفين، وهو صبي حدث، فقُتل أخوه سنة تسع وثلاثين، فانضمت العساكر الى هذا وملّكوه، فقصده عبد المؤمن، وحاصر مرّاكش أحد عشر شهراً، ثم أخذها عنوة لما اشتدّ بها القحط. وأخرج إسحاق الى بين يدي عبد المؤمن، فعزم أن يعفو عنه لأنه دون البلوغ، فلم توافق خواصّه، فخلى بينهم وبينه، فقتلوه، وقتلوا معه سير بن الحاجّ أحد الشجعان المذكورين. وكان إسحاق آخر ملوك بني تاشفين.
4 (أسعد بن عبد الله بن حُميد بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد)
أبو منصور بن المهتدي. شيخ جليل، شريف، معمّر.) ولد سنة بضعٍ وثلاثين وأربعمائة، وكان يمكنه السماع من أبي طالب بن غيلان، وابن المُذهِب. ثم كان يمكنه أن يسمع بنفسه من أبي الطيب الطّبري، والجوهري، وإنما سمع وقد تكهّل من: طِراد الزينبي، وطاهر بن الحسين. وهو أخو الشيخ أبي الفضل محمد شيخ الكِندي. قال ابن السمعاني: شيخ بهي المنظر، أضرّ في آخر عمره، وكان منسوباً الى الصّلاح. قال ابن الجوزي في كتابه المنتظم: كان الناس يُثنون عليه. وقال ابن السمعاني: قال لي: حملوني الى أبي الحسن القزويني، فمسح يده على رأسي، فمن ذلك الوقت ما أوجعني رأسي ولا اعتراني صُداع. ورأيته وأنا منتصب القامة في هذا السن. قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وعمر بن طَبرْزد، ويوسف بن المبارك، والخفّاف، وغيرهم. وتوفي في رمضان، وله مائة وبضعُ سنين.

(37/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 106
قال ابن الجوزي: ولد سنة ثلاثٍ أو أربع وثلاثين وأربعمائة. وقال عبد المغيث بن زُهير: أنشدني أسعد بن عبد الله بن المهتدي بالله: سمعت أبا الحسن القزويني يُنشد:
(إن السلامة في السكوت .......... وفي مُلازمة البيوت)

(فإذا تحصّل ذا وذا .......... فاقنع إذاً بأقلّ قُوت)

4 (حرف الدال)

4 (دَعوان بن علي بن حمّاد بن صدقَة)
أبو محمد الجُبّي، الضّرير، المقرئ. ولد بجُبّة، قرية عند العقر في طريق خراسان من بغداد، في سنة ثلاثٍ وستين. وقدِم بغداد. وسمع من: رزق الله التميمي، ونصر بن البَطِر، وجماعة. وقرأ القراءات على: عبد القاهر العباسي، وأبي طاهر بن سِوار. وتفقّه على أبي سعد المخرّمي. وحدّث، وأقرأ، وأفاد الناس. وكان يعيد الخلاف بين يدي أبي سعد شيخه. وكان خيّراً، ديّناً، مُتصاوناً، على طريق السّلف.) توفي في السادس والعشرين من ذي القعدة.

(37/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 107
قرأ عليه: منصور بن أحمد الجميلي الضرير، وجماعة. وقال عبد الله بن أبي الحسن الجُبّائي: رأيت دعوان في النوم، فقال: عُرضت على الله خمسين مرة، وقال لي: إيش عملتَ قلت: قرأت القرآن وأقرأته. فقال لي: أنا أتولاك، أنا أتولاك.
4 (حرف الذال)

4 (ذكوان بن سيّار بن محمد بن عبد الله)
أبو صالح الهَروي، الدّهان. أخو أبي العلاء صاعد بن سيّار الحافظ. سمّعه أخوه من محمد بن أبي مسعود الفارسي أجزاء يحيى بن صاعد. وكان يُلقَّب بأميرجَهْ. روى عنه: ابن السمعاني، وأبو رَوح الهروي. وبالإجازة أبو المظفّر بن السمعاني. توفي سابع ذي الحجة.
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن خلف بن سعيد)
أبو الحسن القرطبي، المقرئ. أخذ القراءات عن: أبي القاسم بن النحاس، وغيره. وسمع من: أبي عبد الله الطّلاع، وخازم بن محمد، وأبي عليّ الغساني، وجماعة. وتصدّر للإقراء وتعليم النحو. أخذ عنه: أبو عليّ والد الحافظ أبي محمد القرطبي، وغيره. وقرأ عليه إبراهيم بن يوسف المعاجري.

(37/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 108
4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن زاهر بن طاهر)
أبو يزيد الشّحامي، النيسابوري، السروجي. سمع: أبا بكر بن خلف، وعبد الملك بن عبد الله الدّشتي. مات في شوال، وله ستون سنة.)
4 (طلحة الأندلس)
أحد الأبطال الموصوفين. جاء الى الموحّدين وخدمهم، ثم نفّرته أخلاقهم، فكان يأخذ المائة راجل فيغير بها على تيملك، وينكي فيهم، وكان شهماً شجاعاً، فهابته المصامدة. ثم كان في حصار مرّاكش بها، فلما افتتحها عبد المؤمن وبذل فيها السيف تطلّب طلحة فوجدوه في برج، فقاتل حتى قتل جماعة، فأتوه بأمان بخطّ عبد المؤمن، فسلّم نفسه، وأتوه به، فقال أبو الأحسن، شيخ من العشيرة: أنا أتقرّب بدمه. فقال طلحة: ألم ينهكم المهدي عن إضاعة المال، وعليّ ما يساوي مالاً كثيراً، وقد أمركم المهدي، فكيف تفسدوه بالدم. فقال أبو الأحسن: حلوا ثيابه وجرّدوه. فأخرج في الحال سكّيناً من قلنسوته، ووثب بها على أبي الأحسن والسيف في يده، فلم يُغنِ عنه. وقتله طلحة، فقتلوه، وماتا جميعاً.

(37/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 109
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن عمر)
أبو محمد القيسي، المالقي، المعروف الوحيدي، القاضي. روى عن: أبي المطرّف الشعبي، وأبي الحسين العبسي، وأبي علي الغساني. وكان من أهل العلم والفهم. ولّي قضاء مالفة مدة حُمد فيها. وتوفي عن بضع وثمانين سنة. قال فيه أليَسَع بن حزم: طودٌ علا، أظهره سبوقه، وعلق فصل نفقت أبداً سوقه، فلا تُعجزه المحاضر، ولا يقطعه المُحاضر، فمن ذا الذي يجاريه في الحديث والسنن، ومعرفة الصحيح والحسن. كنا نقرأ عليه صحيح مسلم، فيُصلحه من لفظه، ونجد الحق موافقاً لحفظه، وإذا وقع غريب ذكر اختلاف المحدّثين فيها مع اللغويين.
4 (عبد الله بن عبد المعز بن عبد الواسع بن عبد الهادي ابن شيخ الإسلام)
الأنصاري، أبو المعالي الهَروي. شابٌ فاضل، مليح الوعظ، لم يكن أهل بيته مثله في عصره، رحل به أبوه، وسمع المُسنَد من) ابن الحُصين. وبمكة من: عبد الله بن محمد بن غزال. وبإصبهان من: فاطمة، وجعفر الثقفي. وبهَراة من: أبي الفتح نصر بن أحمد الحنفي.

(37/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 110
كتب عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: سمع مني الكثير، وخرج معي الى بوشَنج، وكتبنا جميعاً. توفي في ربيع الأول، وله ثمان وثلاثون سنة.
4 (عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن خلف)
أبو محمد اللّخمي، المعروف بالرُّشاطي، الأندلسي، المريّي، الحافظ، مصنّف كتاب إقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنساب الصحابة ورواة الآثار. وهو على أسلوب الأنساب لابن السمعاني. وقد ذكرناه في الطبقة الماضية وأنه توفي في حدود الأربعين، ثم وقعتُ بوفاته في يوم الجمعة العشرين من جمادى الأولى من سنتنا هذه، وأنه استُشهد عند تغلّب العدو على المرية، رحمه الله.
4 (عبد الله بن علي بن سعيد)

(37/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 111
أبو محمد القصري، الشافعي، الفقيه. قال ابن عساكر: أدرك أبا بكر الشاشي، وأبا الحسن الهرّاسي، وعلّق المذهب والأصول على أسعد الميهَني. وسمع: أبا القاسم بن بيان، وجماعة. وقدِم دمشق، وسمعتُ درسه، وسمعتُ منه. وانتقل الى حلب، وتوفي بها، رحمه الله.
4 (عبد الله بن محمد بن سهل)
أبو المعالي العدوي، الصوفي. سمع بنيسابور: أبا بكر بن خلف، وأبا الحسن بن الأخرم. مات في شعبان. أخذ عنه السمعاني.
4 (عبد الرحمن بن طاهر بن سعيد بن أبي سعيد بن أبي الخير)
) أبو القاسم الميهني. شيخ رباط البِسطامي ببغداد، كان له سكون ووقار.

(37/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 112
سمع بنيسابور أبا المظفّر موسى بن عمران، وأبا الحسن المديني، وجماعة. قال أخوه أبو الفضل أحمد بن طاهر: ولد في سنة سبع وستين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره. توفي في ربيع الأول ببغداد.
4 (عبد الرحمن بن علي بن الموفَّق)
الفقيه، أبو محمد النُعَيمي، المروزي. من جِلة فقهاء مرو. تفقّه على أبي المظفّر السمعاني، وسمع منه ومن أبي سعد عبد العزيز القايني. مات في ربيع الأول. عنه: أبو سعد.
4 (عبد الرحيم بن محمد بن الفرج)
أبو القاسم بن الفرس الأنصاري، الغرناطي. قرأ القرآن على موسى بن سليمان، وطبقته. وقرأ الفقه على جماعة، وارتحل الى أبي داود، وابن الدّوش فأخذ عنهما القراءات. سمع من جماعة. وتصدّر للإقراء بجامع المريّة، ثم عاد الى بلده ولازم الإقراء، والفُتيا، وخطة الشورى، وارتحل إليه القرّاء، وانتفعوا به. وكان محققاً، عارفاً بالقراءات وعلَلها. روى عنه: ابنه أبو عبد الله، وأبو القاسم القنطري، وأبو العباس بن اليتيم، وأبو جعفر بن حكم، وأبو الحجاج الشعري.

(37/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 113
فلما وقعتْ الفتنةُ في غرناطة عند زوال الدولة اللمتونية سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، خرج الى المنكّب، فأقرأ بها الى أن توفي في شعبان، وله سنة.
4 (عبد السيد بن علي بن الطيب)
أبو جعفر ابن الزيتوني. تفقّه على أبي الوفاء بن عقيل، ثم انتقل حنفياً، واتصل بنور الهدى الزينبي، وقرأ عليه الفقه، وعلى خلَف الضرير علم الكلام، وصار داعية الى الاعتزال، ثم اشتغل عن ذلك بمشارفة) المارستان. وتوفي في شوال.
4 (عبد الملك بن محمد بن عمر)
التميمي، الأندلسي، أبو مروان، من أهل المرية، ويُعرف بابن ورد. كان فقيهً، مفتياً. لقي: أبو علي الغساني، والصّدفي.

(37/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 114
وتوفي في هذه السنة ظناً. قاله الأبّار.
4 (علي بن عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد)
أبو القاسم بن العلامة أبي نصر ابن الصبّاغ، البغدادي، العدْل الشاهد. سمع كتاب السبعة لابن مجاهد من الصّريفيني، وسمع منه غير ذلك. ومن: والده، وطِراد الزّينبي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وابن طبَرْزد، والمؤيّد ابن الإخوة الإصبهاني، وآخرون. قال ابن السمعاني: شيخ كبير، مسن، ثقة، صالح، صدوق، حسن السيرة. ولد سنة إحدى وستين وأربعمائة، وتوفي في رابع عشر جُمادى الأولى. قلت: آخر من روى عنه بالإجازة أبو القاسم بن صَصْرى.
4 (عمار بن طاهر بن عمار بن إسماعيل)
أبو سعد الهمذاني. رحل في شبيبته، وتفرّج في مصر، والشام، والعراق. وسمع بالقدس من مكي بن عبد السلام الرُميلي كتاب فضائل بيت المقدس. قرأ عليه الكتاب أبو سعد السمعاني بهمذان، وبها مات في ذي القعدة عن سنٍ عالية.
4 (عمر بن أحمد بن حسين)
أبو حفص الهمذاني، الصوفي، الورّاق، المقرئ.

(37/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 115
سمع ببغداد من أبي الحسين بن الطُّيوري، وبإصبهان من غانم البجي. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر. وتوفي بهمذان في جمادى الآخرة.)
4 (عمر بن ظفر بن أحمد)
أبو حفص المغازلي، البغدادي، المقرئ، المحدِّث. ولد في سنة إحدى وستين وأربعمائة. وسمع: أبا القاسم بن البُسري، ومالكاً البانياسي، وطِراداً الزينبي، وابن البطِر، وخلقاً كثيراً. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو اليُمن الكندي، وأبو الفرج بن الجوزي، وجماعة. وطلب بنفسه: ونسخ، وحصّل وجوّد القرآن. وقرأ بالروايات على: أحمد بن عمر السمرقندي صاحب الأهوازي. قرأ عليه: يحيى بن أحمد الأذَني، وغير واحد. قال ابن السمعاني: شيخ صالح، خيّر، حسن السيرة، صحِب الأكابر وخدَمهم، وهو قيّم بكتاب الله. ختم عليه القرآن خلقٌ في مسجده، وكتبتُ عنه الكثير. وأظهر المبارك بن كامل المفيد في الجزء السادس من المخلّصيّات،

(37/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 116
سماع عمر على ورقة عتيقة، من أبي القاسم بن البُسري، فشنّع أبو القاسم بن السمرقندي عليه، وقال: ما سمع عمر من ابن البُسري شيئاً. وذكر أن الطبقة التي أثبت اسم عمر معهم شاهدها في نسخة أخرى، وما كان عمر معهم. قال ابن السمعاني: كان سنّ عمر يحتمل ذلك، فإن ابن البُسري مات ولعمر ثلاث عشرة سنة. توفي في حادي عشر شعبان، وقد روى عنه بالإجازة عبد الوهاب السمعاني.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة خاتون)
بنت السلطان محمد بن ملكشاه، زوجة أمير المؤمنين المقتفي. توفيت في ربيع الآخر ببغداد، وعُمل لها العزاء ثلاثة أيام، وجلس الأعيان.
4 (الفضل بن زاهر بن طاهر الشّحّامي)
أبو الفتح. كبير مشهور بنيسابور. سمع: نصر الله الخشنامي، وابن الأخرم. عاش ثلاثاً وخمسين سنة.)

(37/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 117
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن أبي الفتح حسن)
أبو عبد الله الطرائفي. قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، مستور. سمع صفة المنافق من أبي جعفر ابن المسلمة، وأجاز له: ابن المسلمة، وأبو القاسم بن المأمون، وأبو بكر الخطيب. كتبتُ عنه. وكان مولده تقريباً في سنة خمسين وأربعمائة، وتوفي في ذي الحجة. قلت: سمع منه الفتح بن عبد السلام الجزء المذكور، وهو آخر من روى عنه.
4 (محمد بن أحمد بن طاهر)
أبو بكر الإشبيلي، القيسي. أكثر عن أبي علي الغساني، واختصّ به. وسمع من: عبد العزيز بن أبي غالب القيرواني، وأبي الحسن العبسي. وعُني بالحديث. أخذ عنه الناس، وعمِّر دهراً. وتوفي في جُمادى الأولى وله ثلاثٌ وتسعون سنة.
4 (محمد بن أحمد بن أبي بكر)
أبو بكر الصّدفي، الخُراساني، النجار، الجوجاني. نزيل وإمام رباط

(37/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 118
إسماعيل بن أبي سعد. سمع بمكة شيئاً سنة أربع وخمسين. روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وأبو سعد السمعاني، وقال: كان رفيقي في سفرة الشام، وخرجنا صُحبةً الى زيارة القدس، وما افترقنا الى أن رجعنا الى العراق، وكان نِعم الرفيق، شيخ صالح، قيّم بكتاب الله، دائم البكاء، كثير الحزن. جاور بمكة مدة. وتوفي سابع ربيع الأول وله ثمانون سنة.
4 (محمد بن سعد بن محمد بن إبراهيم)
أبو الفتح الأسداباذي. سمع: أبا بكر بن خلَف، وأبا موسى بن عمران، وأبا نصر عبد الله بن الحسين بنيسابور. وكان يذكر أنه سع الكامل لابن عديّ، من كامل بن ابراهيم الجندي، عن حمزة السهمي، عنه. روى عنه: أبو سعد، وابنه أبو المظفّر وقال: توفي بمرو في جُمادى الأولى.)
4 (محمد بن عبيد الله بن أحمد بن سهلون)
أبو السعادات الصّريفيني، سِبط أبي محمد بن هزارمَرد الصّريفيني.

(37/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 119
روى عنه جده. روى عنه: أحمد بن الحسين العراقي نزيل. وأجاز لمحمد بن يوسف الغَزْنوي في المحرّم في هذا العام. ولا أعلم حتى مات.
4 (محمد بن عبد الغفار بن عبد السلام)
أبو الفتح الغياثي، الماهاني، المروزي. سمع: أبا سعيد عبد الله بن أحمد الظاهري. وعنه: السمعاني وقال: مات في عاشر جُمادى الأولى.
4 (محمد بن عبد الغفار بن محمد بن سعيد)
أبو الفضل القاشاني، المعدَّل. توفي بإصبهان في جمادى الأولى. قاله أبو مسعود الحاجّي. سمع ابن شكروَيه.
4 (محمد بن علي بن محمد بن محمد بن الطيب)

(37/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 120
القاضي أبو عبد الله بن الجُلابي، الواسطي، يعرف بالمَغازلي. سمّعه أبوه من: أبي الحسن محمد بن محمد بن مَخلَد الأزدي، والحسن بن أحمد بن موسى الغَندجاني، وأبي علي إسماعيل بن محمد بن كُماري، وأبي يَعلى علي بن عبد الله بن العلاف، وأبي منصور محمد بن محمد العُكبري قدِم عليهم، وجماعة. وسمع ببغداد من: أبي عبد الله الحُميدي. وأجاز له: أبو غالب بن بِشران النحوي، وأبو بكر الخطيب، وأبو تمام عليّ بن محمد بن الحسَن القاضي صاحب محمد بن المظفّر الحافظ. وطال عمره وتفرّد في وقته. وكان مولده في سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة. قال ابن السمعاني: شيخ من بيت الحديث، متودد الى الناس، حسن المجالسة. كان ينوب عن) قاضي واسط، انحدرتُ إليه قاصداً في سنة ثلاثٍ وثلاثين، وسمعتُ منه الكثير، من ذلك مُسند الخلفاء الراشدين لأحمد بن سِنان، وكتاب البِرّ والصلة لابن المبارك، يرويه عن الغَندجاني، عن المخلّص. وقدم بغداد بعد العشرين وخمسمائة، وحدّث بها، وكان شيخنا أحمد بن الأغلاقي يرميه بأنه ادعى سماع شيء لم يسمعه، وأما ظاهره فالصدق والأمانة، وهو صحيح السماع والأصول. قلت: وروى عنه أيضاً: أبو الفتح محمد بن أحمد المندائي،

(37/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 121
والحسن بن مكي المَرَندي، وأبو المظفّر علي بن عليّ بن نغوبا، وأبو المكارم علي بن عبد الله بن فضل الله بن الجَلَخْت، وأبو بكر أحمد بن صدقة بن كُلَيز الغدّاني، وآخرون. وتوفي في رمضان. والجُلابي: مختلَفٌ في ضمه وفتحه، فقال أبو طاهر بن الأناطي: قال لنا شيخنا أبو الفتح الماندائي: هو الجَلابي، بفتح الجيم بلا شك. فراجعتُه، فغضب وقال: كان ينوب عن والدي في الضاء وأنا أخبَر به. قال ابن الأنماطي: وسألت عنه الشريف ابنَ عبد السميع، فقال: لا أعرفه إلا بالضم. وتعجّب من قول أبي الفتح. قلت: والصحيح الضمّ، لأني رأيته مضبوطاً بخطّ والده عليّ في غير موضع فيما جمعه من ذيل تاريخ واسط، وبخطّ جماعة في سياق السماع لهذا التاريخ على مؤلّفه بالضم. وكذا قيّده ابن نقطة، وغيره. ولم يذكروا فيه خلافاً. فأما الجَلابي بالفتح، فهو:
4 (أبو سعيد أحمد بن علي الفقيه)
فاضل، سمع منه أبو سعد السمعاني شيئاً بخراسان.
4 (محمد بن محمد بن الحسين بن السّكَن)
أبو غالب بن المفرّج البغدادي، الحاجب، صاحب باب النُوبي.

(37/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 122
متودد الى الناس، راغب في الخير، محبّ للرواية. سمع: الخطيب أبا الحسن الأنباري، وأبا سعد بن الكوّاز. روى عنه: ابن السمعاني، وقال: توفي في صفر وله ستٌ وسبعون سنة.
4 (محمد بن محمد بن عبد الرحمن)
) أبو عبد الله الأموي، من أولاد سليمان بن الناصر لدين الله. سمع من: ابن مروان بن سِراج، ومحمد بن الفرج الكلاعي. وكان مقدّماً في مذهب مالك، عارفاً به، وقد عَمِي.
4 (محمد بن محمد بن معمّر بن يحيى)
أبو البقاء بن طَبَرْزَد. وكان اسمه: المبارك، فسمّى نفسه محمد. وهو أحد من عُني بالحديث، وجمعه ونسخه. سمع الناس بإفادته من أبي الحُصين، وأبي غالب بن البنّا، وأبي بكر بن القاضي، وخلْق. قال ابن النجار: قال عمر بن المبارك بن شهلان: لم يكن أبو البقاء من طبَرزَد ثقة، كان كذّاباً يضع الناس أسماءهم في الأجزاء، ثم يذهب فيقرأ عليهم. علِم بذلك شيخنا عبد الوهاب، وابن ناصر، وغيرهما. قلت: وسمع أخاه عنه الكثير. وله شِعر مقارِب. توفي في جُمادى الأولى وله نحوٌ من أربعين سنة، سامحه الله.
4 (محمد بن محمد بن أبي إسماعيل)
السعدي، السّرخسي. سمع: أبا حامد الشجاعي. كتب عنه السمعاني بسرخَس وقال: مات في رمضان.

(37/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 123
قيل: عاش مائة سنة وست سنين.
4 (محمد بن المظفّر بن علي ابن المسلمة)
أبو الحسن بن أبي الفتح بن الوزير أبي القاسم. ولد سنة أربع وثمانين، وسمع من: جعفر السرّاج، وغيره. وحدّث، وآنزوى وتصوّف. وأقبل على الطاعة. ولزِم المراكبة. وجعل داره التي بدار الخلافة رباطاً للصوفية. توفي في تاسع رجب، وتقدّم في الصلاة عليه الوزير أبو علي بن صدقة.
4 (المبارك بن خَيرون بن عبد الملك بن الحسن بن خَيرون)
أبو السعود.) سمع: عمّ أبيه أبا الفضل بن خَيرون، ومالكاً البانياسي، وجماعة. روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي، وغيره. وتوفي في المحرّم. وكان رحمه الله صحيح السماع خيّراً. قاله أبو الفرج.
4 (محمود بن محمد بن عبد الحميد بن أبي بكر)
أبو القاسم بن أبي بكر الحدادي، الرازي، الواعظ. حدّث عن: أحمد بن محمد بن صاعد النيسابوري، القاضي. روى عنه: ابن السمعاني، وقال لقيته بالري وله نحو من سبعين سنة، وقد دخل بغداد غير مرة.
4 (محمشاد بن محمد بن محمشاد بن محمد)
أبو القاسم العبدي، النيسابوري، الرجل الصالح. سمع: أبا بكر بن خلَف.

(37/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 124
توفي في ربيع الآخر. قال السمعاني: بتّ عنده ليلة، فما نام تلك الليلة أحياها في الصلاة والذِّكر، رحمه الله.
4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن محمد بن عبد القوي.)
الفقيه أبو الفتح المصّيصي، ثم اللاذِقي، ثم الدمشقي. الشافعي،

(37/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 125
الأصولي، الأشعري، نسباً ومذهباً. كذا قال الحافظ ابن عساكر. وقال: نشأ بصور، وسمع بها من: أبي بكر الخطيب، وعمرو بن أحمد العطار الآمدي، وعبد الرحمن بن محمد الأبهري، والفقيه نصر المقدسي، وتفقّه عليه. وسمع بدمشق: أبا القاسم بن أبي العلاء، وغيره. وببغداد: عاصم بن الحسن، ورزق الله بن عبد الوهاب. وبإصبهان: أبا منصور محمد بن عليّ بن شكروَيه، ونظام المُلك الوزير. وبالأنبار: أبا الحسن عليّ بن محمد بن الأخضر. وقرأ بصور علم الكلام على أبي بكر محمد بن عتيق القيرواني. ثم سكن دمشق.) قال: وكان متصلباً في السُنّة، حسن الصلاة، متجنباً أبواب السلاطين. وكان مدرّس الزاوية الغربية بالجامع الأموي بعد وفاة شيخه الفقيه نصر. وقد وقف وقوفاً في وجه البِرّ. وكان مولده باللاذقية في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. وهو آخر من حدّث بدمشق عن الخطيب. وقال ابن السمعاني في ذيله: إمام، مفتي، فقيه، أصولي، متكلّم، خيّر، ديّن، بقية مشايخ الشام. كتبتُ عنه. وكان يشتهي أن يتحدث وأقرأ عليه.

(37/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 126
وكان متيقظاً، حسن الإصغاء. وانتقل من صور الى دمشق سنة ثمانين وأربعمائة. وقال ابن عساكر: توفي ليلة الجمعة ثاني ربيع الأول ودُفن بعد صلاة الجمعة بباب الصغير. قلت: روى عنه: هو، وابنه القاسم بن عساكر، وابن السمعاني، ومكي بن علي العراقي، وأبو الفرج جابر بن محمد بن اللحية الحمَوي، وعسكر بن خليفة الحموي، والخطيب أبو القاسم بن ياسين الدَّولعي، ويوسف بن مكي الحارثي، وولده نصر الله، والخضِر بن كامل المعبّر، وزينب بنت إبراهيم القيسي، وأحمد بن محمد بن سيدهم الأنصاري، وأبوه، وأبو القاسم عبد الصمد بن الحَرستاني، وهبة الله بن الخضِر، وابن طوس. وآخر من حدّث عنه أبو المحاسن بن أبي لُقمة، روى عنه العاشر من الرقائق لخَيثمة.
4 (نور عزيز بنت مسعود بن أحمد بن السَّرْنك)
أخت أبي الغنائم محمد. امرأة صالحة من بيت حديث.

(37/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 127
روت عن ابن الأخضر الأنباري. ماتت في شوال.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن أحمد بن علي بن عبيد الله بن سوار)
الوكيل أبو الفوارس، ابن المقرئ الأستاذ أبي طاهر. شيخ مطبوع، متودّد، محترم، قيّم بالوكالة والدّعاوى وكتابة الوثائق والمحاضر. سمع: أباه، ومالكاً البانياسي، وعاصم بن الحسين، وأبا يوسف القزويني، وأبا الفوارس الزينبي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره.) ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة. وتوفي في رابع عشر شوال. قال ابن الجوزي: كان ثقة، أميناً، توحّد في علم الشروط. وأخوه محمد بقي الى سنة ست وخمسين.
4 (هبة الله بن الفرج)
أبو بكر الهمذاني، المعروف بابن أخت الطويل. شيخ صالح خيّر، مُكثر، مشهور. سمع من: علي بن محمد بن عبد الحميد الجريري، ويوسف بن محمد القومساني، وعبدوس بن عبد الله، وبكر بن حِيْد، وسفيان بن الحسين بن فنجوية. روى سُنن أبي داود بعُلُوّ. وعُمّر تسعين سنة. وكان الحافظ أبو العلاء يقول: هو أحبّ إليّ من كل شيخٍ بهمذان.

(37/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 128
وذكره السمعاني في التحبير وأثنى عليه، وقال: قال لي: ولدتُ سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وقال لأبي العلاء: ولدتُ سنة ثلاث. ومن مسموعاته كتاب مكارم الأخلاق لابن لال، سمعه من أبي الفرج الجريري، بسماعه منه. قلت: روى عنه: أبو سعد السمعاني، والحافظ أبو العلاء الهمذاني، وأولاده أحمد، وعبد الغني، ووائلة، والمؤيَّد ابن الإخوة، وأبو القاسم بن عساكر، وجماعة. وتوفي في شعبان.
4 (هبة الله بن علي بن محمد بن حمزة)
أبو السعادات بن الشّجري، العلوي، النحوي، النقيب.

(37/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 129
ولد سنة خمسين وأربعمائة. أحد الأئمة الأعلام في علم اللسان. قرأ على الشريف أبي المعمّر يحيى بن محمد بن طباطبا النحوي، وقرأ الحديث في كهولته على: أبي الحسين بن المبارك بن الطُّيوري، وأبي علي بن نبهان، وغيرهما. وطال عمره، وانتهى إليه علم النحو، وناب في النّقابة بالكرخ. ومُتِّع بجوارحه وحواسّه. وأظنّه أخذ الأدب أيضاً عن أبي زكريا التبريزي.) قرأ عليه التاج الكندي كتاب الإيضاح لأبي علي الفارسي، واللُّمع لابن جني، وتخرّج به طائفة كبيرة. وصنّف التصانيف في العربية. قال أبو الفضل بن شافع في تاريخه: مُتّع بجوارحه الى آخر وقت، وكان نحوياً، حسن الشرح، والإيراد، والمحفوظ. قد صنّف أمالي قُرئت عليه، فيها أغاليط، لأن اللغة لم يك مضطلعاً فيها. قال ابن السمعاني: سعت مه، وكان فصيحاً، حلو الكلام، حسن البيان والإفهم. دُفن يوم الجمعة السابع والعشرين من رمضاننننن بداره بالكرخ.

(37/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 130
وعن أبي السعادات بن الشجري قال: ما سمعت في المدح أبلغ من قول أبي فراس:
(وأمامك الأعداء تطلبهم .......... ووراءك القُصّاد في الطّلب)

(فإذا سلبتهم وقفتَ لهم .......... فسُلبت ما تحوي من السّلبِ)

(37/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 131
4 (همّام بن يوسف)
أبو محمد العاقولي، ثم الأزجي، الوكيل عند القضاء. سمع: الخطيب أبا الحسين الأنباري. وعنه: أبو أحمد بن سُكينة.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن علي بن محمد بن زهير)
أبو القاسم السُّلمي، الدمشقي، المعدّل، محتسب دمشق. سمع: عبد المنعم الكُريدي، وأبا القاسم النسيب، وأبا طاهر الحِنّائي. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وقال: مات في رمضان، وأخلف مالاً عظيماً وذخائر. وورثه السلطان. وكان مقتِّراً على نفسه في الأكل واللبس، عفا الله عنه.

(37/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 132
4 (يحيى بن المعتز بن أسعد)
أبو القاسم العُتبي، من ذرية بن غزوان. شيخ من أهل نيسابور. سمع: أحمد بن سهل السّراج، وابن خلف. أخذ عنه السمعاني، وأرّخه.
4 (يوسف بن علي بن محمد)
) أبو الحجاج القُضاعي، الأُندي. نزيل المرية. ويُعرف بالقفّال، وبالحدّاد. حجّ ودخل العراق، وسمع من أبي القاسم بن بيان، وأُبي النّرسي، وأبي طالب الحسين بن محمد الزينبي. وسمع صحيح مسلم من إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، عن والده، ومن الحريري مقاماته. وكتب الكثير، وقفل الى الأندلس سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. ثم ترحّل من الأندلس، ثم عاد إليه سنة عشرة وسكن المرية، وحدّث بالكثير. روى عنه: أبو الحسن رزين العبدري، وأبو محمد، وأبو الطاهر ابني العثماني، وخطيب الموصل، وأبو الوليد بن الدباغ، وأبو القاسم بن بشوال، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم النرسي، وأبو القاسم بن حُبيش، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، وخلْق سواهم. قال أبو عبد الله الأبّار: كان صدوقاً، صحيح السماع، ليس عنده كبير علم

(37/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 133
ولا ضبط. استُشهد يوم غلبة العدو الملعونننن على المرية في العشرين من جُمادى الأولى وقُتل يومئذ خلق كثير. عاش خمساً وثمانين سنة.
4 (يوسف بن يَبقى بن يوسف بن مسعود بن عبد الرحمن بن يَسعون)
أبو الحجاج التُجَيبي، الأندلسي، المريي، النحوي، المعروف بالشنشي. صاحب الأحكام المرية. سمع من: أبي عبد الله محمد بن فرج، وأبي علي الغساني، وأبي الوليد العبسي، وأبي الحسين بن سرّاج، وجماعة. وعُني بالعربية وبرع فيها. وله كتاب المصباح في شرح أبيات الإيضاح، دلّ على تبحّره في النحو وإمامته. حدّث وأقرأ، وطال عمره. روى عنه: عُلَيم بن عبد العزيز، وأبو عبد الله بن حُميد، وأبو العباس ابن اليتيم، وأبو عُبيد الله، وآخرون. وكان حياً يُرزق في هذا العام، وانقطع خبره بعده، رحمه الله.

(37/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 134
4 (وفيات سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبيد الله بن المبارك بن أحمد)
أبو المكارم بن الشهرزوري، البغدادي.) من أولاد المحدثين. سمع: نصر بن البطِر، وأحمد بن عبد القادر اليوسفي. وعنه: ابن عساكر، والسمعاني. وكان يؤمّ بأمير الحاج نظر. توفي في رجب.
4 (أحمد بن علي بن الفضل بن الإمام أبي محمد بن حزم)
الأندلسي، القرطبي، أبو عمرو، الكاتب، الأديب. توفي بالأندلس، قاله الأبّار.

(37/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 135
4 (أحمد بن أبي العز محمد بن المختار بن محمد بن عبد الواحد بن المؤيَّد بالله)
أبو تمام العباسي، الهاشمي، البغدادي، المعروف بابن الخُص، أخو أبي الفضل المختار. كان تاجراً سفّاراً، ركب البحار، ودخل الهند، وما وراء النهر، وكثُر ماله، وطال عمره، وسكن خراسان. وكان مولده فيح دود سنة خمسين وأربعمائة أو قبلها. وسمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا نصر الزينبي، وغيرهما. وهو آخر من حدّث بخراسان عن ابن المسلمة بجزء صفة المنافق. حضر عليه هذا الجزء أبو المظفّر عبد الرحيم بن السمعاني، بقراءة والده، وقال: هو أول شيخ حضرتُ عنده لقراءة الحديث. وتوفي بنيسابور في خامس ذي القعدة. وروى عنه أيضاً: القاسم الصفّار، وإسماعيل القارئ.
4 (أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن بشار)
الإمام أبو بكر البوشَنجي، المعروف بالخرجردي، نزيل نيسابور.

(37/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 136
إمام متفنن، ورع، تفقّه بمرو على أبي المظفّر بن السمعاني. وبهَراة على الشاشي. وبرع في الفقه، وسمع الكثير، وحدّث. توفي في رمضان بنيسابور. وصفه السمعاني بالعبادة والعلم، وأنه كتب تصانيف جده جميعها، وتخلى للعبادة.)
4 (أحمد بن محمد بن الفضل)
أبو العلاء الإصبهاني، المحدِّث، المعروف ببنحِك. توفي في صفر. قال السمعاني: كان حافظاً، متقناً، ورعاً، وقوراً، نزِهاً، وبالغ في الطلب، ونسخ بخطه الصحيح المليح كثيراً. سمع: أبا علي الحداد، وطبقته. استفدتُ منه الكثير، ومات كهلاً.
4 (ابراهيم بن محمد بن نبهان بن محرز)
أبو إسحاق الغنوي، الرّقي، الصوفي، الفقيه، الشافعي. ولد سنة تسع وخمسين وأربعمائة. وسمع: أبا محمد الشيحي، وأبا محمد بن السّرّاج، وغيرهم.

(37/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 137
وتفقّه على: الأستاذ أبي بكر الشاشي، وأبي حامد الغزالي. وكتب كثيراً من مصنّفات الغزالي، وقرأها عليه، وصحبه مدة. قال أبو الفرج بن الجوزي: رأيته وله سمتٌ وصمت، وعليه وقار وخشوع. قلت: روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو اليُمن الكندي، وحدّث عنه بخُطب ابن نُباتة. وروى عنه: عمر بن طبرزد، وآخرون. وتوفي في رابع عشر ذي الحجة ببغداد، وله خمسٌ وثمانون سنة إلا أشهُراً. قال ابن طبرزد: أنا أبو إسحاق بن نبهان: ثنا الحُميدي قال: قرأت على القُضاعي: أخبركم أحمد بن عمر بن محمد بن عمرو الجيزي قراءةً: أنا زيد بن محمد بن خلف القرشي، أنا ابن أخي ابن وهب، ثنا عمي، فذكر حديثاً. كان قدوم ابن نبهان من الرقة الى بغداد في سنة إحدى وثمانين. قال ابن ناصر: قدِم الخطيب أبو القاسم يحيى بن طاهر بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن نُباتة الى بغداد في سنة أربع وثمانين ليتّجر من نظام المُلك أدراراً، فقال: إن الخطب سماعي من أبي، عن جدي. ولم يكن معه كتاب ولا أصل، فقرأ عليه هذا الشيخ، يعني أبا إسحاق الغنوي، الخطب من نسخة جديدة غير مقروءة، ولا عليها سماع لأحد. ولم يكن سبط ابن نُباتة) هذا كبيراً في العُمر، ولا يعرف العربية، ولو كان له سماع لم يسبقني إليه أحد. ثم أثنى ابن ناصر على أبي إسحاق الغنوي، ووصفه بالدين والصدق.
4 (إسماعيل بن أبي نصر بن عبديل)
الإصبهاني، الشاعر. ذكره العماد في الخريدة فقال: كان من أشعر شعراء إصبهان وأفوههم. لم يعهد بعد أبي إسماعيل الطغرائي من عرف مجراه.

(37/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 138
مات بفارس سنة ثلاث أو أربع وأربعين وخمسمائة.
4 (أسعد بن محمد بن موسى)
أبو منصور الفوشنجي. فاضل، عالم، سمع: أبا عامر الأزدي، وعبد الرحمن بن محمد بن عفيف كلاز. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: مات في ذي القعدة.
4 (أميرك بن إسماعيل بن أميرك)
أبو الفتوح العلوي، الهروي. سمع: إلياس بن نصر، وعبيد بن ميمون الواسطي، وجماعة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره. مات في ثاني وعشرين شوال.
4 (حرف الباء)

4 (بقاء بن عليّ بن خطّاب)
أبو المعمّر البغدادي، الرقّاق، الساكيني، ابن أختب أبي نصر أحمد بن عمر بن الفرج الإبري. حدّث عن: طِراد الزينبي، وغيره. وتوفي في ربيع الأول عن ستين سنة. عنه: ابن عساكر، وابن سُكينة.

(37/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 139
4 (حرف الثاء)

4 (ثابت بن زيد بن القاسم)
أبو البركات بن جوالق النّحاس. ثم البزّاز.) حلّث عن: الحسين بن علي بن البُسري. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (حرف الحاء)

4 (الحافظ لدين الله)
قيل: مات في جمادى الآخرة على الصحيح، وقيل: سنة أربع كما سيأتي.
4 (الحسن بن مسعود بن الحسن)
أبو علي ابن الوزير، الدمشقي، الحافظ. أصله من خوارزم. كان جده الحسن وزير المُلك تاج الدولة تُتُش، وتزيّا أبو علي بزي الجند مدة، ثم اشتغل بالفقه والحديث، ورحل قبل سنة عشرين وخمسمائة الى بغداد، وسمع، ودخل الى إصبهان، وأدرك بها حديث الطبراني بعلوّ. وكتب عن: فاطمة الجوزدانية. وتوجه الى نيسابور، ومرو، وبلخ، والهند، وسمع الكثير، وعُني: بهذا الشأن.

(37/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 140
قال ابن السمعاني: حافظ، فطِن، له معرفة بالحديث، والأنساب. وقال لي: ولدتُ في صفر سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة. وتوفي بمرو في سابع المحرّم. وقال ابن عساكر: كان يحدّث من غير مقابلة بسماعه، واستوطن مرو، وتفقّه بها لأبي حنيفة على أبي الفضل الكِرماني. وأملى بجامع مرو. ومن شعر أبي علي:
(أخلائي إن أصبحتم في دياركم .......... فإني بمرو الشاهجان غريبُ)

(أموت اشتياقاً ثم أحيى تذكُّراً .......... وبين التراقي والضلوع لهيب)

(فما في موت الغريب صبابةٌ .......... ولكن بقاءه في الحياة عجيبُ)

4 (الحسين بن ابراهيم بن الحسين بن جعفر)
الحافظ، المجوّد، أبو عبد الله الجوزقاني، وجوزقان من قرى همذان.) له مصنّف في الموضوعات ما قصّر فيه. وروى فيه عن الدوني فمن بعده. وعليه بنى ابن الجوزي كتابه في الموضوعات، ومنه أخذ كثيراً.

(37/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 141
قال ابن شافع: مات، فبلغنا خبرُه في رجب سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة. أدركه أجله في السفر.
4 (حمدُ بن أبي الفتح)
الإصبهاني. عن: عبد الرحمن بن مندة، وأبي المظفّر الكوسج. وعنه: ابن السمعاني. مات في رجب رحمه الله.
4 (حرف الخاء)

4 (خضر بن الحسين بن عبد الله بن الحسين بن عُبيد الله بن أحمد بن عبدان)
الأزدي، الدمشقي، أبو القاسم الصفّار. سمع: والده، وأبا القاسم المصّيصي، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، وعلي بن أحمد بن زهير، ونصر بن ابراهيم الفقيه، وسهل بن بشر، وأجاز له عبد العزيز الكتاني. قال ابن عساكر: كتبت عنه، وكان شيخاً سليم الصدر. ولد في شوال سنة خمسٍ وستين وأربعمائة. ومات في نصف شعبان.

(37/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 142
قلت: روى عنه: هو، وابنه القاسم، وأبو المحاسن بن أبي لُقمة، وجماعة.
4 (حرف الذال)

4 (ذو النون بن أبي الفرج بن علي)
الميهني الصوفي. سمع: أبا بكر بن زاهر الطرَيثيثي. وروى عنه: أبو سعد السمعاني وقال: مات في ذي الحجة ببغداد.
4 (حرف السني)

4 (سلطان بن علي بن مقلّد بن نصر بن منقذ)
الأمبر أبو العساكر الكناني، صاحب شيزر.) ولد بأطرابلس في سنة أربع وستين وأربعمائة. وسمع بشيزر صحيح البخاري من أبي السمح ابراهيم الحيفي. وله شعر حسن.

(37/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 143

(37/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 144
توفي في شوال بشيزر.
4 (سهل بن محمد بن أحمد بن حسين بن طاهر)
أبو علي الإصبهاني، الحاجي، المقرئ.

(37/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 145
شيخ كبير، فاضل، مُكثر من الحديث، أديب، خيّر، مبارَك. سمع: أبا القاسم يوسف بن جُبارة الهُذَلي، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، ونظام المُلك الوزير، وأبا المظفّر منصور بن محمد السمعاني، ومحمد بن أحمد بن ماجة الأبهري، وسليمان بن ابراهيم الحافظ، والقاسم بن الفضل الثقفي. وولد سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وقيل: ولد بعد سنة خمسين وختم خلقاً كثيراً. وكان شيخ القراء بإصبهان. وهو آخر من حدّث عن الهُذلي، مصنّف الكامل في القراءات. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وقال: هو مؤدبي، وكان من الطراز الأول. توفي في نصف شعبان.
4 (حرف الشين)

4 (شاهنشاه بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب)
الأمبر أكبر الإخوة، وأقدم بني أيوب وفاةً. وهو والد الملكين: المظفّر تقي الدين عمر صاحب حماة، وعز الدين فرّوخشاه، والد صاحب بعلبك الملك الأمجد. قُتل في الوقعة الكائنة بظاهر دمشق بين الفرنة خذلهم الله وبين المسلمين كما نذكره في الحوادث، وذلك في ربيع الأول وفُجع به أبوه نجم الدين.

(37/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 146
4 (حرف الصاد)

4 (صاعد بن محمد بن الحسين)
أبو القاسم السهلوي، السّرخسي.) شيخ كبير، ورع، فاضل. ولد بسرخس في سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة. وسمع بسرخس من: أبي الحسن محمد بن محمد بن زيد الحُسيني. قدِم عليهم، وسمع من أبي الخير محمد بن الصفّار. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره. وتوفي بسرخس سنة.
4 (صالح بن شافع بن صالح بن حاتم)
أبو المعالي الجيلي. كان أبوه فقيهاً حنبلياً، سكن بغداد وولد له بها صالح وغيره. وصالح: عالم، فاضل، مليح الكتابة، شاهد، متودد، حسن الشكل. سمع: أبا الحسين بن الطُيوري، وأبا منصور محمد بن أحمد الخياط. وجدتُ وفاته في رجب. روى عنه: أبو الفرج محمد بن علي بن القُنّبيطي، وابنه الحافظ أحمد.

(37/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 147
4 (صالح بن كامل بن أبي غالب)
أبو محمد الظفري، البقّال. سمع: أبا الحسن بن منجاب الشهرزوري، وأبا القاسم بن بيان. وكان اسمه قديماً: المبارك، فغيّره بصالح. سمع منه: أخوه أبو بكر المفيد، وابن السمعاني.
4 (حرف العين)

4 (عباد بن سرحان بن مسلم بن سيد الناس)
أبو الحسن المعافري، الأندلسي، الشاهد. سكن العُدوة. وكان مولده في سنة أربعٍ وستين وأربعمائة. وسمع من: طاهر بم مفوأهز بشاطبة، وحجّ، ودخل بغداد، وسمع من: رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، والمبارك بن الطّبري. وأجاز له أبو عبد الله الحُميدي. وسمع بمكة من: الحسين بن علي الطّبري.) قال ابن بَشكُوال: قدِم قُرطبة، فسمعنا منه. وكانت عنده فوائد. وكان يميل الى مسائل الخلاف ويدّعي معرفة الحديث ولا يُحسنه، عفا الله عنه. توفي بالعدوة في نحو سنة ثلاث وأربعين.
4 (عبد الله بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن قسامي)
أبو القاسم الحريمي، المعدّل، الفقيه الحنبلي.

(37/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 148
سمع: أبا نصر الزينبي، وأبا الحُصين العاصمي. روى عنه: أبو سعد السمعاني وأثنى عليه، وسأله عن مولده فقال: سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. وتوفي في سادس ذي القعدة. وحدّث بالنّعت في مكة، وكان يُفتي. قال ابن النجّار: ثنا عنه أحمد بن عبد الملك المقرئ. وقساميّ: بفتح ثم كسر. قيّده ابن نقطة.
4 (عبد الله بن سعيد بن محمد)
أبو المحاسن البنجديهي، الخمقَري. وهي نسبة الى خمس قرى بحذف السين. والخمس قرى هي بَنَجديه، من أعمال مرو. كان رجلاً فاضلاً، عالماً. روى عن: هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي. روى عنه أبو سعد السمعاني.

(37/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 149
4 (عبد الله بن علي بن سعيد)
أبو محمد القيسراني، القصري، الفقيه. فاضل، إمام، ديّن، فصيح، مُناظر، من كبار فُقهاء النظامية. سمع: أبا القاسم بن بيان. وقد مرّ في سنة اثنتين وأربعين. وقال ابن السمعاني: بنى ابن العجمي بحلب له مدرسة، ودرّس بها، وكتبتُ عنه بها جاء ابن عرفة. وقال لي: ولدتُ بقيسارية. والقصر الذي انتب له بُليدة بين عكا وحيفا على الساحل. قال: ومات بحلب في سنة ثلاث أو أربع وأربعين. يحوَّل.)
4 (عبد الرحمن بن عبد الله الحلحولي، الحلبي)
سافر وأقام بمصر مدة. ثم سكن دمشق. وكان من كبار الصالحين والعُبّاد. وحلحول: قرية بها قبر يونس صلى الله عليه وسلم فيما يُقال، وهي بين القدس والخليل. أقام بها سبع سنين، بنى بها مسجداً، وتعبّد فيه بين الفرنج، وسمعنا أنهم كانوا يتبرّكون به، ويعتقدون فيه. ثم انتقل الى دمشق. قال ابن عساكر: مضيت إليه غير مرة، وانتفعت بروايته وبكلامه، وما رأيت بالشام في فنه مثله. واستُشهد بظاهر دمشق في وقعة الفرنج، رحمه الله.

(37/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 150
4 (عبد الرحمن بن محمد بن أميرويه بن محمد)
العلامة أبو الفضل الكرماني، شيخ الحنفية بكرمان في زمانه. تفقّه بمرو على القاضي محمد بن الحسين. تزاحم عليه الطلبة، وتخرّج به الأصحاب. وانتشرت سيرته في الآفاق، وصار معظَّماً عند الخاص، والعام. وكان في رمضان يقرأون عليه التفسير والحديث. سمع: أباه بكرمان، وشيخه القاضي الأرسابَندي، وأبا الفتح عبيد الله بن أردشير الهُشامي. سمع منه أبو سعد السمعاني، وبالغ في تعظيمه، وقال: ولد سنة سبع وخمسين، ومات في الحادي والعشرين من ذي القعدة بمدرسة القاضي الشهيد سنة.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن حسن بن طوق)

(37/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 151
أبو القاسم البغدادي. سمع: نصر بن البطِر، وغيره. وكان ضعيفاً في دينه. روى عنه: أبو سعد السمعاني.
4 (عبد الرحيم بن قاسم بن محمد)
أبو الحسن القيسي، الأندلسي، الحجازي، الفرجي، من أهل مدينة الفرج. روى عنه: أبي علي الغسّاني، وخازم بن محمد، ومحمد بن المورة، وغيرهم. قال ابن بَشكوال: كان من أهل المعرفة والفهم والذكاء والحفظ، قوي الأدب، كثير الكتب، ديّناً) فاضلاً، صاحب ليل وعبادة وكثرة بكاء، حتى أثّر ذلك بعينيه. توفي في شعبان. قال ابن مَسْدي: آخر من روى عنه بالسماع الخطيب أبو جعفر بن يحيى الحِميري. وأجاز أبو جعفر لي، ومات سنة إحدى عشرة وستمائة. قلت: بل مات سنة عشر بقرطبة.
4 (عبد الرشيد بن محمد بن خليل)
أبو محمد البوشنجي. سمع: عبد الرحمن بن عفيف كلاز. أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات في محرّم أو صفَر سنة ثلاثٍ وأربعين.
4 (عبد العزيز بن محمد بن بَشكولة)

(37/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 152
الميهني، الصوفي. سمع من العارف أبي الفضل محمد بن أحمد الميهني كتاب المرض لابن أبي الدنيا، عن الصيرفي، عن الصفّار، عنه. قرأه عليه السمعاني وقال: مات في جمادى الآخرة.
4 (عبد القادر بن جَندَب بن سَمُرة)
أبو محمد الصوفي، الهروي. صالح عابد، خيّر، من مُريدي شيخ الإسلام أبي إسماعيل، كان يسكن برباطه. سمع: محمد بن أبي مسعود الفارسي، وأبا إسماعيل شيخه. وولد بعد سنة ستين وأربعمائة. روى عنه: ابن السمعاني، وأبو رَوح عبد المعز. وبالإجازة: عبد الرحيم بن السمعاني. وأخوه هو سمُرة بن جَندب يروي أيضاً عن محمد بن أبي مسعود. روى عنه: أبو رَوح. توفي عبد القادر ثالث عشر ربيع الأول.
4 (عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد)
) أبو المظفّر بن الصبّاغ، بغدادي. سمع من: طِراد الزينبي، وابن البطِر، وحَمْد الحدّاد. وحدّث.

(37/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 153
توفي في جمادى الآخرة.
4 (علي بن الحسين بن محمد)
أبو عبد الله الطابراني، الصوفي، النقّاش. سمع بطوس من: أبي علي الفضل بن محمد الفارَمْذي. وبالرّي: البياضيّ. وبهمذان: شيروَيه الدّيلمي. وعنه: السمعاني.
4 (علي بن الحسين بن محمد بن علي)
قاضي القُضاة، أبو القاسم، الأكمل ابن نور الهُدى أبي طالب الزينبي، الهاشمي، العباسي، البغدادي. ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة. سمع من: أبيه، وعمه طراد، وابن البطر، وأبي الحسن العلاف، وغيرهم. روى عنه: الفتح بن عبد السلام. وكان للمسترشد إليه مَيْل، فوعده بالنقابة، فاتفق موت الدامغاني، فطُلب مكانه، فناله.

(37/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 154
ذكره ابن السمعاني فقال: كان غزير الفضل، وافر العقل، له سكون، ووقار، ورزانة، وثبات. ولي قضاء القضاة بالعراق في سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. وقرأتُ عليه جزأين. قال أبو شجاع محمد بن علي بن الدهّان: يُحكى أن الزينبي منذ ولي القضاء ما رآه أحد إلا بطرحة وخفاف حتى زوجته. ولقد دخلت عليه في مرض موته وهو نائم بالطّرحة. قلت: هذا تكلّف وبأوٌ زائد. وقال أبو الفرج بن الجوزي: كان رئيساً، ما رأينا وزيراً ولا صاحب منصب أوقر منه، ولا أحسن هيبة وسمْتاً. قلّ أن سُمع منه كلمة. وطالت ولايتُه، فأحكم الزمان، وخدم الراشد، وناب في الوزارة. ثم استوحش من الخليفة، فخرج الى الموصل، فأسِر هناك. ووصل الراشد الى) الموصل وقد بلغه ما جرى ببغداد من خلعه فقال له: اكتب خطّك بإبطال ما جرى، وصحة إمامتي. فامتنع، فتواعده زنكي، وناله بشيء من العذاب، وأذن في قتله، ثم دفع الله عنه. ثم بُعث من الديوان لاستخلاصه، فجيء به، فبايع المقتفي، وناب في الوزارة لما التجأ ابن عمه الوزير علي بن طِراد الى دار السلطان. ثم إن المقتفي أعرض عنه بالكلية. قال ابن الجوزي: وقال لي: التقيت الطّاهر، جاء إليّ فقال: يا ابن عم، أنظر ما يصنع معي، فإن الخليفةُعرض عني. فكتبت الى المقتفي، فأعاد الجواب بأنه فعل كذا وكذا، فعذرتُه، وجعلت الذنب لابن عمي. ثم جعل ابن المرخّم مناظِراً له، ومناقضاً ما يبني، والتوقعيات تصدر

(37/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 155
بمراضي ابن المرخّم، وسخطان الزينبي، ولم يبق له إلا الاسم، فمرض وتوفي يوم عيد النّحر، وصلى عليه ابن عمه نقيب النقباء طلحة بن علي. ودُفن بمشهد أبي حنيفة الى جانب والده. وخلّف جماعة بنين ماتوا شباباً. وعاش ستاً وسبعين سنة.
4 (علي بن أبي الوفاء سعد بن علي بن عبد الواحد بن عبد القاهر بن أحمد بن مُسهر)
مهذّب الدين، أبو الحسن المَوصلي، الشاعر. صدرٌ، رئيس، وشاعر مُحسن. مدح الملوك الكُثُر، وتنقّل في المناصب الكبار ببلده. وديوانه في مجلدتين. ومن شعره:
(إذا ما لسانُ الدمع نمّ على الهوى .......... فليس بسرٍ ما الضلوعُ أجنّتِ)

(فوالله ما أدري عشية ودّعتْ .......... أناحَت حماماتُ اللِّوى أم تغنّتِ)

(وأعجب من صبري القَلوص التي سرتْ .......... بهودجكِ المزحوم كيف استقلّت)

(أعاتب فيك اليَعمُلات على السّرى .......... وأسأل عنك الريح من حيث هبّتِ)

(أطبقُ أحناء الضلوع على جوى .......... جميعٍ وصبرٍ مستحيلٍ مشتّتِ)

(37/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 156
وله:
(ولما اشتكيتَ اشتكى كلُّ ما .......... على الأرض، واعتلّ شرقٌ وغربُ)

(لأنك قلبٌ لجسم الزمان .......... وما صحّ جسمُ إذا اعتلّ قلبُ)

4 (علي بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر)
) أبو الحسن البحيري. من شيوخ نيسابور. من بيت الرواية. حدّث عن: أبي بكر بن سنان، وغيره. ذكره ابن السمعاني في مُعجمه، وأنه مات في ذي الحجة.
4 (عمر بن أبي غالب بن بُقيرة)
أبو الكرم البغدادي، البقّال. سمع: ثابت بن بُندار. كتب عنه السمعاني، وقال: توفي في شوال، وصلّيت عليه ببغداد.

(37/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 157
4 (عيسى بن يوسف بن عيسى بن علي)
أبو موسى بن الملجوم، الأزدي، الفانيني. سمع من: أبيه قاضي القُضاة أبي الحجاج يوسف، وأبي الفضل النحوي، وأبي الحجاج الكلبي. وبأغمات من: أبي محمد عبد الله اللخمي سِبط أبي عمر بن عبد البرّ. ودخل الأندلس فسمع من: أبي علي، وابن الطّلاع، وخازم بن محمد. وكان جمّاعةً للكتب، ابتاع من أبي علي الغساني أصله بسنن أبي داود الذي سمعه من أبي عمر بن عبد البرّ. روى عنه: ابنه عبد الرحيم، وأبو محمد بن ماتح. وتوفي في رجب، رحمه الله، وله سبعٌ وستون سنة.
4 (حرف الفاء)

4 (فضل الله بن أحمد بن المحسّن)
أبو البدر الطوسي. وكان حسن السيرة، جميل الأمر، متواضعاً، كثير الخير. سمع: أبا علي الفضل الفارَمذي، وأحمد بن عبد الرحمن الكندي، وأبا تُراب المراغي. سمع منه: أبو سعد السمعاني بطوس. توفي في آخر يوم من السنة وله سبعون سنة. وهو من طابران قصبة طوس.
4 (الفضل بن يحيى بن صاعد بن سيار بن يحيى)
)

(37/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 158
أبو القاسم الكناني، الهروي، الحنفي. ولي قضاة هَراة مدة. وكان عالماً، كريماً، متودداً. سمع من: جده أبي العلاء، وأبي عامر الأزدي، ونجيب بن ميمون. كتبتُ عنه الكثير، قاله أبو سعد السمعاني، فمن ذلك: الزهد لسعيد بن منصور، بإسناد هروي، الى أحمد بن نجدة، عنه. مات في نصف ذي الحجة وقد نيّف على السبعين.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن الحسين بن أبي القاسم)
أبو بكر الطبري، الشالوسي الصوفي، الواعظ. وشالوسا من قرى طرستان. كان مليح الوعظ، خيّراً، حريصاً على طلب الحديث. سمع: نصر الله الخُشنامي، فمن بعده. سمع منه: السمعاني، وقال: مات في المحرّم.

(37/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 159
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد)
الإمام أبو بكر بن العربي، المعافري، الأندلسي، الإشبيلي، الحافظ. أحد الأعلام. ولد في شعبان سنة ثمان وستين وأربعمائة. قال ابن بشكوال: أخبرني أنه رحل مع أبيه الى المشرق سنة خمسٍ وثمانين، وأنه دخل الشام ولقي بها: أبا بكر محمد بن الوليد الطُّرطوشي، وتفقّه عنده. ولقي بها جماعة من العلماء والمحدّثين. وأنه دخل بغداد، وسمع بها من طِراد الزينبي. ثم حجّ سنة تسع وثمانين، وسمع من الحسين بن علي الطّبري. وعاد الى بغداد، فصحب أبا بكر الشاشي، وأبا حامد الغزالي، وغيرهم،

(37/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 160
وتفقه عندهم. ثم صدر عن بغداد، ولقي بمصر، والإسكندرية جماعة، فاستفاد منها، وعاد الى بلده سنة ثلاثٍ وتسعين بعلم كثير لم يدخله أحد قبله ممن كانت له رحلة الى المشرق. وكان من أهل التفنن في العلوم، والاستبحار فيها، والجمع لها، مقدّماً في المعارف كلها، متكلماً في أنواعها، نافذاً في جميعها، حريصاً على آدابها ونشرها، ثاقب الذهن في تمييز الصواب) منها. يجمع الى ذلك كله آداب الأخلاق مع حُسن المعاشرة، ولين الكنف، وكثرة الاحتمال، وكرم النفس، وحُسن العهد، وثبات الودّ. واستُفتي ببلده، فنفع الله به أهلها لصرامته وشدّته، ونفوذ أحكامه. وكانت له في الظالمين سورةٌ مرهوبة. ثم صُرف عن القضاء، وأقبل على نشر العلم وبثّه. قرأت عليه، وسمعت منه بإشبيلية، وقرطبة كثيراً من روايته وتواليفه. وتوفي بالعدوة، ودُفن بفاس في ربيع الآخر. قال ابن عساكر: سمع أبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبا الفضل بن الفرات، وأبا البركات أحمد بن طاوس، وجماعة. وسمع ببغداد: نصر بن البطِر، وأبا طلحة النّعالي، وطِراد بن محمد. وسمع ببلده من خاله الحسن بن عمر الهوزني، يعني المذكور سنة اثنتي عشرة. قلت: ومن تصانيفه: كتاب عارضة الأحوَذي في شرح الترمذي، وكتاب التفسير في خمس مجلدات كبار، وغير ذلك من الكتب في الحديث، والفقه، والأصول.

(37/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 161
وورّخ موته في هذه السنة أيضاً الحافظ أبو الحسن بن الفضل، والقاضي أبو العباس بن خلّكان. وكان أبوه رئيساً، عالماً، من وزراء أمراء الأندلس، وكان فصيحاً، مفوَّهاً، شاعراً، توفي بمصر في أول سنة ثلاث وتسعين. روى عن أبي بكر: عبد الرحمن وعبد الله ابني أحمد وصابر، وأحمد بن سلامة الأبّار الدمشقيون. وأحمد بن خلف الكلاعي قاضي إشبيلية، والحسن بن علي القرطبي الخطيب، والزاهد أبو عبد الله محمد بن أحمد بن المجاهد، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن الجد الفِهري، ومحمد بن أحمد بن الفخّار، ومحمد بن مالك الشريشي، ومحمد بن يوسف بن سعادة الإشبيلي، ومحمد علي الكُتّامي، ومحمد بن جابر الثعلبي، ونجية بن يحيى الرّعَيني، وعبد الله بن أحمد بن جُمهور، وعبد الله بن أحمد بن علوش نزيل مراكُش، وأبو زيد عبد الرحمن بن عبد الله السُهَيلي، وعبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري، وعبد المنعم بن يحيى بن الخلوف الغرناطي، وعلي بن صالح بن عز الناس الداني، وعليّ بن أحمد الشَّقوري، وأحمد بن عمر الخزرجي التاجر. وروى عنه خلق سوى هؤلاء، وكان أحد من بلغ رتبة الاجتهاد، وأحد من انفرد بالأندلس بعلوّ) الإسناد. وقد وجدتُ بخطي أنه توفي سنة ستٍ وأربعين، فما أدري من أين نقلته. ثم وجدت وفاته في سنة ست في تاريخ ابن النجار، نقله عن ابن بشكوال، والأول الصحيح إن شاء الله. وذكر ابن النجار أنه سمع أيضاً من محمد بن عبد الله بن أبي داود الفارسي بمصر، ومن أبي الحسن القاضي الخلعي، وبالقدس من مكي الرُميلي. وقرأ كتب الأدب ببغداد على أبي زكريا التبريزي، وقرأ الفقه والأصلين على الغزالي، وأبي بكر الشاشي، وحصّل الكتب والأصول، وحدّث

(37/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 162
ببغداد على سبيل المذاكرة، فروى عنه: أبو منصور بن الصباغ، وعبد الخالق الموصلي. وروى الكثير ببلده، وصنّف مصنفات كثيرة في الحديث، والفقه، والأصول، وعلوم القرآن، والأدب، والنحو، والتواريخ، واتسع حاله، وكثُر أفضاله، ومدحه الشعراء. وعمل على إشبيلية سوراً من ماله، وولي قضاءها، وكان من الأئمة المقتدى بهم. وقد ذكره اليَسَع بن حزم، وبالغ في تعظيمه، وقال: ولي القضاء فمُحِن، وجرى في أعراض العابرة فلحن، وأصبح يتحرك بإثارة الألسنة، ويأبى بما أجراه القدرُ عليه النوم والسنة، وما أراد إلا خيراً، نصب الشيطان عليه شباكه، وسكّن الإدبار حِراكه، فأبداه للناس صورة تبدو، وسورة تُتلى، لكونه تعلَّق بأذيال المُلك، ولم يجر مجرى العلماء في مجاهرة السلاطين وحربهم، بل داهن. ثم انتقال الى قرطبة مكرَّماً، حتى حُوِّل الى العدوة، فقضى بما قرأت. قرأت بخط ابن مَسدي في معجمه: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرّج النباتي بإشبيلية: سمعت الحافظ أبا بكر بن الجدّ وغيره يقولون: حضر فقهاء إشبيلية أبو بكر بن المُرجّى، وفلان، وفلان، وحضر معهم أبو بكر بن العربي، فتذاكروا

(37/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 163
حديث المِغفَر، فقال ابن المرجّى: لا يُعرف إلا من حديث مالك، عن الزُهري. فقال ابن العربي: قد رويته من ثلاثة عشر طريقاً، غير طريق مالك. فقالوا له: أفِدنا هذه الفوائد، فوعدهم، ولم يُخرج لهم شيئاً. وفي ذلك يقوم خلف بن خير الأديب:
(يا أهل حمص ومن بها أوصيكمُ .......... بالبرّ والتقوى وصية مشفقِ)

(فخذوا عن العربي أسمارَ الدّجا .......... وخُذوا الرواية عن إمامٍ متقي)
)
(إن الفتى حلو الكلام مهذّبٌ .......... إن لم يجد خبراً صحيحاً يخلقِ)
قلت: هذه الحكاية لا تدل على ضعف الرجل ولابد.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن ابراهيم بن يحيى)
أبو الحسن ابن الوزّان، صاحب الصلاة بجامع قرطبة. روى عن: أبي عبد الله محمد بن فرج. وكان أديبً، فاضلاً، معتنياً بالعلم والرواية، ثقة، ثَبتاً، طويل الصلاة، كثير الذِّكر.

(37/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 164
توفي رحمه الله في جمادى الآخرة.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن الطفيل بن الحسن بن عظيمة)
الإشبيلي، الأستاذ، المقرئ. رحل وأخذ القراءات عن ابن الفحّام بالثغر، وأبي الحسين بن الخشّاب بمصر. أخذ عننه ولده عيّاش. وله قصيدة في القراءات، وكتاب الغنية. روى عنه: أبو مروان الباجي، وأبو بكر بن خير. وقد حدّث عن أبي علي الغساني، وطبقته. توفي في صفر، قاله ابن الأبّار.
4 (محمد بن علي)
أبو غالب البغدادي، المكبّر، المعروف بابن الداية. سمع: صفة المنافق من ابن المسلمة، وسماعه صحيح، ثُبّت في سنة أربع وستين بخط طاهر النيسابوري. وتوفي في المحرم، قاله أبو سعد. قلت: روى عنه: حمزة ومحمد ابنا علي بن القنّبيطي، وسليمان وعلي ابنا الموصلي، وجماعة آخرهم الفتح بن عبد السلام. وعاش تسعاً وثمانين سنة. وكان أبوه فرّاشاً في بيت رئيس الرؤساء.

(37/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 165
4 (محمد بن علي بن عمر بن أبي بكر بن علي)
) أبو بكر الكابُلي. روى عن: عبد الجبار بن عبد الله بن برزة الواعظ بإصبهان. روى عنه: أبو موسى بن المديني، وقال: توفي في العشرين من صفر سنة ثلاث وأربعين. وقال: قيل إن مولده سنة ثلاث أو أربع أو ست وأربعين وأربعمائة. وروى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو بكر أحمد بن أبي نصر الخِرقي.
4 (محمد بن أبي بكر عمرو بن محمد بن القاسم)
أبو غالب الشيرازي، من شيوخ أبي موسى المديني. هو نسبه. وذكره أبو سعد السمعاني فسمى جده محمد: أحمد. وكذا قال عبد الرحيم الحاجي في الوفيات. توفي يوم عيد الفطر. وقال ابن السمعاني: كان شيخاً، عالماً، صالحاً، سديد السيرة، سمع: المظفّر البزاني، وابن شكرويه، وجماعة. ولد سنة ست وستين وأربعمائة. وقال أبو موسى: كان خازن كتب الصاحب.
4 (محمد بن علي بن محمد بن خُشنام)

(37/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 166
المروزي، المُلحمي، الصوفي. شيخ معمر، عاش بضعاً وتسعين سنة، فيه خير ودين. سُمع منه سنة أربع وستين، من عبد العزيز بن موسى القصّاب عن الدهّان، عن فاروق الخطابي. روى عنه: السمعاني، وعبد الرحيم.
4 (محمد بن علي بن محمد بن علي)
أبو العز البُستي، الصوفي. سمع بمرو، وغيرها جماعة، وسافر الكثير، وسلك البوادي على التجريد والوحدة. وحدّث عن: موسى بن عمران، وجماعة، حتى إنه روى عن السلفي. قال السمعاني: كتبت عنه بمرو وبشاور، وكان شيخنا إسماعيل بن أبي سعد يسيء الثناء عليه.) ولد سنة، ومات في ثاني ذي القعدة.
4 (محمد بن محمد بن الطّبر)
أبو الفرج القصري، الضرير، المقرئ.

(37/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 167
عن: ابن طلحة النّعالي، وابن البطِر، وجماعة. وعنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم بن عساكر، وعلي بن أحمد بن وهب. شيخ ابن النجار، وهو صالح خيّر لا بأس به، يؤم بمسجد. توفي في جمادى الآخرة وإنما أضرّ بأخَرَة.
4 (المبارك بن كامل بن أبي غالب الحسين بن أبي طاهر)
أبو بكر الخفّاف، البغدادي، الظفري، المفيد. كان يفيد الغرباء عن الشيوخ. سمع الكثير، وأفنى عمره في الطلب. وسمع العالي والنازل. وأخذ عمّن دبّ ودرج، وما يدخل أحدٌ بغداد إلا ويبادر ويسمع منه. قال ابن السمعاني: وهو سريع القراءة والخط، يشبه بعضه بعضاً في الرداءة. وكان يدور معي على الشيوخ. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان، وعليّ بن أحمد بن فتحان الشهرزوري، فمن بعدهم. سمعت منه وسمع مني، وقال لي: ولدت في سنة تسعين وأربعمائة. توفي في تاسع وعشرين جمادى الأولى. وقال أبو الفرج بن الجوزي: أبو بكر المفيد، يُعرف أبوه بالخفّاف، سمع خلقاً كثيراً، ومازال يسمع العالي والنازل، ويتتبّع الأشياخ في الزوايا، وينقل السمّاعات، فلو قيل: إنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ لما رُدّ القائل. وانتهت إليه معرفة المشايخ، ومقدار ما سمعوا والإجازات لكثرة دِربته في

(37/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 168
ذلك. وكان قد صحب هزارسبَ بن عوض، ومحمود الإصبهاني، إلا أنه كان قليل التحقيق فيما ينقل من السماعات، لكونه يأخذ عن ذلك ثمناً، وكان فقيراً الى ما يأخذ، ولكن كثير التزويج والأولاد.
4 (المبارك بن المبارك بن أبي نصر بن زوما)
أبو نصر البغدادي، الحنبلي الرّفّاء، ثم تحول شافعياً، وتفقّه على أبي سعد الميهني. وبرع في) المذهب، وكان من الصلحاء العُبّاد. سمع من: أُبي النّرسي، وطبقته. وحدّث. ومات كهلاً، رحمه الله.
4 (منير بن محمد بن منير)
أبو الفضل النّخعي، الرازي، واعظ. سمع ببغداد: عاصم بن الحسن، ومالك البانياسي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، وجماعة. روى عنه: عبد الوهّاب بن سُكينة، وغيره. قال ابن السمعاني: كان على التركات، وسمعت جماعة يسيئون الثناء عليه. كتبتُ عنه.

(37/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 169
وتوفي في ذي القعدة. وولد في سنة خمسٍ وستين.
4 (موسى بن أبي بكر بن أبي زيد)
أبو عبد الله الفرغاني، الصوفي. قدِم بغداد، وحجّ كثيراً. وكان شيخاً صالحاً، خدوماً، ذكر أنه سمع من أصحاب أبي علي بن شاذان، ولم يظهر له شيء. توفي بدمشق في صفر.
4 (حرف الياء)

4 (ياقوت)
أبو الدرّ الرومي، التاجر، السفّار، عتيق عُبيد الله بن أحمد البخاري. سمع معه من ابن هزارمُرد الصّريفيني كتاب المُزاح والفكاهة للزُبير، وسمع مجالس المخلّص. قال ابن السمعاني: كان شيخاً ظاهره الصلاح والسداد، لا بأس به، حدّث بالعراق ودمشق، ومصر. وقال ابن عساكر: قدم دمشق، ومصر، مرات للتجارة، ولم يكن يفهم شيئاً، وتوفي بدمشق في شعبان. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وولده القاسم، وابن السمعاني، وأبو المواهب بن صصرى، ومحمد بن وهب بن الزّنْف، والحسين بن كامل

(37/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 170
المعبّر، وعقيل بن الحسين بن أبي الجن،) وأحمد بن وهب بن الزّنف، وعبد الرحمن بن سلطان بن يحيى القرشي، وعبد الرحمن بن إسماعيل الجنزوي، وعبد الرحمن بن عبد الواحد بن هلال، وعبد الصمد بن يونس التنوخي، وطائفة سواهم.
4 (يحيى بن أحمد بن محمد بن أحمد)
أبو جعفر بن الزوال. سمع: أبا نصر الزينبي، وعامر بن الحسن. وعنه: ابن سُكينة، ويوسف بن المبارك بن كامل. مات في ربيع الأول. قاله ابن النجار.
4 (يحيى بن محمد بن سعادة بن فصّال)
أبو بكر القرطبي، المقرئ. أخذ القراءات عن: أبي الحسن العبسي، وأبي القاسم بن النخّاس. وحجّ فسمع من رزين بن مغرب كتاب تجريد الصحاح وكتاب فضائل مكة. روى عنه: أبو القاسم بن بشكوال، وأبو خالد المرواني، وأبو الحسن بن مؤمن، وأبو القاسم الشرّاط.
4 (يوسف بن دوناس بن عيسى)

(37/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 171
أبو الحجاج الفِندلاوي، المغربي الفقيه المالكي، الشهيد، إن شاء الله. قدم الشام حاجاً، فسكن بانياس مدة، وكان خطيباً بها، ثم انتقل الى دمشق، ودرّس بها الفقه، وحدّث بالموطأ. أنبأنا المسلم بن محمد عن القاسم بن عساكر: أنا أبي، أنا أبو الحجاج الفِندلاوي: أنبا محمد بن عبد الله بن الطيب الكلبي، أنبا أبي، أنبا عبد الرحمن الخِرَقيّ، أنا علي بن محمد الفقيه، فذكر حديثاً. قال الحافظ ابن عساكر: كان الفندلاوي حسن الفاكهة، حلو المحاضرة، شديد التعصّب لمذهب أهل السنة، يعين الأشاعرة، كريم النفس، مطّرحاً التكلّف، قوي القلب. سمعت أبا تُراب بن قيس يذكر أنه كان يعتقد اعتقاد الحشوية، ويبغض الفندلاوي لردّه عليهم، وأنه خرج الى الحج، وأُسر في الطريق، وألقي في جبّ، وألقي عليه صخرة، وبقي كذلك مدة يُلقى إليه ما يأكل، وأنه أحس) ليلة بحس، فقال: من أنت فقال: ناولني يدك. فناوله يده، فأخرجه من الجب، فلما طلع إذا هو الفِندلاوي، فقال: تُب مما كنت عليه. فتاب عليه. قال ابن عساكر: وكان ليلة الختم في رمضان يخطب رجل في حلقة الفندلاوي بالجامع ويدعو، وعنده أبو الحسن بن المسلم الفقيه، فرماهم خارج من الحلقة بحجر، فلم يُعرف. وقال الفندلاوي: اللهم إقطع يده. فما مضى إلا يسير حتى أُخذ قصير الركابي من الحلقة الحنابلة ووُجد في صندوقه مفاتيح كثيرة تفتح الأبواب للسرقة، فأمر شمس الملوك بقطع يديه، ومات من قطعهما.

(37/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 172
قُتل الفندلاوي يوم السبت سادس ربيع الأول سنة ثلاث بالنيرب مجاهداً للفرنج. وفي هذا اليوم نزلوا على دمشق، فبقوا أربعة أيام، ورحلوا لقلة العلف والخوف من العساكر المتواصلة من حلب، والموصل نجدةً. وكان خروج الفندلاوي إليهم راجلاً فيمن خرج. وذكر صاحب الروضتين أن الفندلاوي قُتل على الماء قريب الربوة، لوقوفه في وجوه الفرنج، وترك الرجوع عنهم، اتّبع أوامر الله تعالى وقال بِعنا واشتري. وكذلك عبد الرحمن الحلحولي الزاهد، رحمه الله، جرى أمره هذا المجرى. وذكر ابن عساكر أن الفِندلاوي رؤي في المنام، فقيل له: أين أنت فقال: في جنات عدن على سُرُرٍ متقابلين. وقبره يُزار بمقبرة باب الصغير من ناحية حائط المصلّى، وعليه بلاطة كبيرة فيها شرحُ حاله. وأما عبد الرحمن الحلحولي فقبره في بستان الشعباني، في جهة شرقه، وهو البستان المحاذي لمسجد بستان شعبان المعروف الآن بمسجد طالوت. وقد جرت للفندلاوي، رحمه الله، بحوث، وأمور، وحِسبة مع شرف الإسلام ابن الحنبلي في العقائد، أعاذنا الله من الفتن والهوى.

(37/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 173
4 (وفيات سنة أربع وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الوزير نظام المُلك الحسن بن عليّ بن إسحاق)
أبو نصر الطوسي، الصاحب، الرئيس.) سكن بغداد عند مدرسة والده، وكان وزيراً في دولتي الخليفة والسلطان، وآخر ما وزَر للمسترشد بالله في رمضان سنة ستّ عشرة وخمسمائة، وعُزل بعد ستة أشهر، ولزم منزله، ولم يتلبّس بعدها بولاية. وآخر من روى عنه حفيده الأمير داود بن سليمان بن أحمد. وكان صدراً، بهيّ المنظر، مليح الشيبة، يملأ العين والقلب، قعد عن الأشغال، وكان جليس يَمنة. وحدّث عن: أبيه، وأبي الفضل الحسناباذي، وغيرهما، وأبو الفضل كان عبد الرزاق الراوي، عن الحافظ ابن مردوَيه، وغيره. روى عنه: أبو أسعد السمعاني، وذكره في معجمه، وقال: توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة، ودُفن بداره. عاش تسعاً وسبعين سنة.
4 (أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن)

(37/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 174
أبو نصر البهوني. وبهونة: من قرى مرو. إمام فاضل، لكن اختلط في آخر عمره واختلّ. سمع: هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، وأبا سعيد محمد بن عليّ البغوي. ذكره ابن السمعاني في معجمه، وقال: توفي في ربيع الآخر.
4 (أحمد بن عبد الباقي بن الجلا)
أبو البركات، أمين القاضي ببغداد. حدّث عن: نصر بن البطِر. وعنه: ابن السمعاني، وإبراهيم بن سفيان بن مَندة. وكان مقرئاً، مجوِّداً. توفي في جمادى الأولى.
4 (أحمد بن علي بن أبي جعفر بن أبي صالح)
الإمام، أبو جعفر البيهقي، النحوي، المفسّر، المعروف ببوجعفرَك. نزيل نيسابور، وعالِمها. قال السمعاني: كان إماماً في القراءة، والتفسير، والنحو، واللغة، وصنّف

(37/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 175
المصنّفات المشهورة.) وسمع: أحمد بن محمد بن صاعد، وعلي بن الحسين بن العباس الصندلي. وولد في حدود السبعين وأربعمائة. وذكره جمال الدين القفطي في تاريخ النحويين فقال: صنّف التصانيف المشهورة، منها كتاب تاج المصادر. وظهر له تلامذة نُجباء. وكان لا يخرج من بيته إلا في أوقات الصلاة. وكان يُزار ويتبرّك به. توفي رحمه الله بلا مرض في آخر يوم من رمضان، وازدحم الخلق على جنازته.
4 (أحمد بن علي بن حمزة بن جبيرة)
أبو محمد البصلاني، ويُعرف بطفان. طلب بنفسه، وكتب عن: ابن البطِر، والنعالي، وعاصم بن الحسن، وطِراد. وقال ابن النجار: روى اليسير لسوء طريقه، وقُبح أفعاله. كان ينجّم ويتمسخر على العرب، ويحضر مجالس اللهو، فتركوه. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، والمبارك بن كامل، ونور العين بنت المبارك. قال ابن ناصر: متروك، لا تجوز الرواية عنه. وقال ابن شافع: مات في رجب.

(37/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 176
4 (أحمد بن محمد بن الحسين)
القاضي، أبو بكر الأرجاني، ناصح الدين، قاضي تُستَر، وصاحب الديوان الشعر المشهور. كان شاعر عصره، مدح أمير المؤمنين المسترشد بالله. وسمع من أبي بكر بن ماجة الأبهري حديث لُوَين. روى عنه جماعة منهم: أبو بكر محمد بن القاسم بن المظفّر بن الشهرزوري، وعبد الرحيم بن أحمد ابن الإخوة، وابن الخشّاب النحوي، ومنوجهر بن تُركانشاه، ويحيى بن زيادة الكاتب.

(37/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 177
وأصله شيرازي. وكان في عنفوان شبابه بالمدرسة النظامية بإصبهان، وناب في القضاء بعسكر مُكرَم. والذي جُمِع من شعره لا يكوّن العُشر منه. قال العِماد في الخريدة: لما وافيت عسكر مُكرَم لقيتُ بها ولد رئيس الدين محمداً، فأعارني إضبارة كبيرة من شعر والده. منبتُ شجرته أرّجان، ومواطن أسرته تُستَر، وعسكر مُكرَم من خوزستان. وهو وإن كان في العجم مولده، فمن العرب محتِده، سلفه القديم من الأنصار، لم) يسمح بنظيره سالف الأعصار، أوسيّ الأسّ خزرَجيُّه، قسيُّ النطق إياديّه، فارسي القلم، وفارس ميدانه، وسلمان برهانه، من أبناء فارس، الذين نالوا العلم المعلّق بالثريا. جمع بين العذوبة والطيب والريّا. وله:
(أنا أشعر الفقهاء غير مُدافعٍ .......... في العصر، أو أنا أفقهُ الشعراءِ)

(شِعري إذا ما قلتُ دوّنه الورى .......... بالطبع لا يتكلّفِ الإلقاءِ)

(كالصوت في حُلل الجبال إذا علا .......... للسمع هاج تجاوبَ الأصداء)
وله:
(شاور سواكَ إذا نابتكَ نائبةٌ .......... يوماً، وإن كنتَ من أهل المشوراتِ)

(فالعينُ تنظر منها ما دنا ونأى .......... ولا ترى نفسَها إلا بمرآةِ)

(37/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 178
وله:
(ولما بلوتُ الناسَ أطلبُ عندهم .......... أخا ثقةٍ عند اعتراض الشدائدِ)

(تطلّعتُ في حالَي رخاءٍ وشدةٍ .......... وناديتُ في الأحياء: هل من مُساعد)

(فلم أرَ فيما ساءني غير شامتٍ .......... ولم أرَ فيما سرّني غيرَ حاسدِ)

(مُتِّعتُما يا ناظريّ بنظرة .......... وأوردتما قلبي أشرَّ المواردِ)

(أعينيّ كُفّا عن فؤادي فإنه .......... من البغي سعيُ اثنين في قتل واحدِ)
وله يمدح خطير المُلك محمد بن الحسين وزير السلطان محمد السلجوقي:
(طلعتْ نجومُ الدين فوق الفرقَد .......... بمحمدٍ، ومحمدٍ، ومحمدِ)

(نبيُّنا الهادي وسلطان الورى .......... ووزيره المولى الكريم المُنجدِ)

(سعدان للأفلاك يكنفانها .......... والدين يكنفُه ثلاثة أسعدِ)

(بكتاب ذا، وبسيف ذا، وبرأي ذا .......... نُظمتْ أمورُ الدين بعد تبدُّدِ)

(فالمعجزاتُ لمُفترٍ، والباتراتُ .......... لمُعتَد، والمكرُماتُ لمُجتدي)

(لله درُّ زمانه من مجاجدٍ .......... ملك أغرّ من المكارم أصيدِ)
وله:
(ما جُبتُ آفاقَ البلاد مطوِّفاً .......... إلا وأنتم في الورى متطلّبي)
)
(سعي إليكم في الحقيقة، والذي .......... تجدون عنكم فهو سعيُ الدهرِ بي)

(أنحوكمُ ويردُّ وجهي القهقرى .......... عنكم بسَيري مثلُ سير الكوكبِ)

(فالقصدُ نحو المشرقِ الأقصى لكم .......... والسير رأيَ العين نحو المغربِ)

(37/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 179
وله:
(رثى لي وقد ساويتُه في نُحوله .......... خيالي لما لم يكن لي راحمُ)

(فدلّس بي حتى طرقتُ مكانَه .......... وأوهمتُ إلفي أنه بي حالمُ)

(وبتنا ولم يشعر بنا الناسُ ليلةً .......... أنا ساهرٌ في جفنه، وهو نائم)
وله، وقد ناب عن القاضي ناصر الدين عبد القاهر بن محمد بتُستر، وعسكر مُكرَم:
(ومن النوائب أنني .......... في مثل هذا الشغل نائبْ)

(ومن العجائب أن لي .......... صبراً على هذي العجائب)
وله:
(أحبُّ المرء ظاهرُه جميلٌ .......... لصاحبه وباطنُه سليمُ)

(مودتُه تدومُ لكل هولٍ .......... وهل كلُ مودتُه تدوم)
وله:
(وهل دُفِعتُ الى الهموم تنوبني .......... منها ثلاثُ شدائد، جُمعنَ لي)

(أسفٌ على ماضي الزمان، وحيرةٌ .......... في الحال، وخشيةُ المستقبل)

(ما إن وصلتُ الى زمان آخرٍ .......... إلا بكيتُ على الزمان الأول)
وله:
(حيث انتهيتَ من الهجران لي فقفْ .......... ومن وراء دمي بيضُ الظبا فخفِ)

(يا عابثاً بِعداتِ الوصل يُخلفُها .......... حتى إذا جاء ميعادُ الفراق يَفي)

(اعدِلْ كفاتن قدٍ منك معتدِلٍ .......... واعطف كمائل غصن منك منعطفِ)

(ويا عذولي ومن يُصغي الى عذلٍ .......... إذا رنا أحورُ العينين لا تقفِ)

(37/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 180
(تلوّم قلبي إن أصماه وناظره .......... فيمَ اعتراضُك بين السهم والهدفِ)

(سلوا عقائِكَ هذا الحي أي دمٍ .......... للأعين النجل عند الأعيُن الذُرُفِ)

(يستوصفون لساني عن محبتهم .......... وأنت أصدقُ، يا دمعي، لهم فصفِ)
)
(ليست دموعي لنار الشوق مطفئة .......... وكيف والماءُ بادٍ واللهيبُ خفي)

(لم أنسَ يوم رحيل الحي موقفَنا .......... والعيسُ تطلعُ أولاها على شُرُفِ)

(وفي المحامل تخفى كل آنسةٍ .......... أن ينكشف سجفُها للشمس تنكسفِ)

(يبين عن معصمٍ بالوهم ملتزم .......... منها، وعن مبسم باللحظ مُرتَشفِ)

(في ذمة الله ذاك الركب إنهم .......... ساروا وفيهم حياةُ المُغرم الدنفِ)

(فإن أعِش بعدهم فرداً فواعجباً .......... وإن أمتُ هكذا وجداً أفيا أسفي.)
وله:
(قلبي وشعري أبداً للورى .......... يصبح كل وحماه مُباح)

(ولملوك العصر فيما أرى .......... نهب، وهذا لوجوه الملاح)

(الحُسن للحسناء سيجتمع .......... والحظ الأمتع عند القباح)
وله:
(قفْ يا خيالُ وإن تساوينا ضنا .......... أنا منك أولى بالزيارة مُهنا)

(نافستُ طيفي في خيالي ليلةً .......... في أن يزورَ العامرية أيُّنا)

(فسريتُ أعتجرُ الظلامَ الى الحمى .......... ولقد عناني من أميمة ما عنا)

(وعقلتُ راحلتي بفضل زمامِها .......... لما رأيتُ خيامهم بالمُنحنى)

(لما طرقتُ الحيَّ قالت خيفةً .......... لا أنت إن علم الغيورُ ولا أنا)

(فدنوت طوع مقالها متخفياً .......... ورأيت خطبَ القوم عندي أهونا)

(37/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 181
(سترت مُحيّاها مخافةَ فتنتي .......... ببنانها عني، فكانت أفتنا)

(وتجرّدتْ أعطافُها من زينة .......... عمداً، فكان لها التجرد أزينا)

(قسماً بما زار الحجيجُ وما سعوا .......... زُمراً، وما نحروا على وادي منا)

(ما اعتاد قلبي ذكرَ من سكن الحِمى .......... إلا استطار وملّ صدري مسكنا)
وله:
(لو كنتُ أجهلُ ما عملتُ، لسرّني .......... جهلي، كما قد ساءني ما أعلمُ)

(كالصّعو يرتع في الرياض، وإنما .......... حُبس الهزارُ لأنه يترنمُ)
وله:)
(سهامُ نواظرٍ تُصمي الرمايا .......... وهنّ من الحواجب في حنايا)

(ومن عجب سهامٌ لم تفارقْ .......... حناياها وقد جرحتْ حشايا)

(نهيتكُ لا تناضِلها فإنني .......... رميتُ فلم يُصب قلبي سوايا)

(جعلتُ طليعتي طرفي سفاها .......... فدلّ على مقاتلي الخفايا)

(وهل يُحمى حريمٌ من عدوٍ .......... إذا ما الجيشُ خانته الرمايا)

(هززن من القدود لنا رماحاً .......... فخلّينا القلوبَ لها ردايا)

(ولي نفَسٌ إذا ما اشتدّ شوقاً .......... أطار القلبَ من حُرَقٍ شظايا)

(ومحتكمٍ على العشاق جوراً .......... وأين من الدمى عدلُ القضايا)

(يُريك بوجنتيه الوردَ غضّاً .......... ونورَ الأقحوان من الثنايا)

(ولا تَلمِ المتيّم في هواه .......... فعدلُ العاشقين من الخطايا)

(37/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 182
توفي الأرجاني بُتستَر في شهر ربيع الأول. وأرّجان: بليدة من كور الأهواز، بشد الراء. ضبطها صاحب الصّحاح. واستعملها المتنبي مخفّفة في قوله:
(أرَجانَ أيتها الجيادُ، فإنهُ .......... عزمي الذي يذَرُ الوشيجَ مكسّرا)

4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أُبيّ)
الأمير أبو الفضل الفراتي، الخونجاني، النيسابوري. سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وأبا عمرو عبد الله بن عمر البحيري. وكان مولده في سنة خمس وستين وأربعمائة. وتوفي في أواخر شوال. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم.

(37/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 183
4 (أحمد بن يحيى بن علي)
أبو البركات السِّقلاطوني، الفقيه، المعروف بابن الصبّاغ. روى عن: أبي نصرٍ الزينبي. سمع منه: ابن الخشّاب، والمبارك بن عبد الله بن النّقّور. توفي في هذه السنة تقريباً، أو بعدها.)
4 (ابراهيم بن محمد بن أحمد الجاجَرمي)
ثم النيسابوري، الفقيه. يؤمّ بجامع نيسابور نيابة. سمع: أبا الحسن المديني، وجماعة.
4 (ابراهيم بن يحيى بن ابراهيم بن سعيد)
أبو إسحاق بن الأمين، القرطبي. قال ابن بشكُوال: أكثر عن جماعة من شيوخنا، وكان من جلّة المحدّثين، وكبار المُسندين، والأدباء المتفننين، من أهل الدراية والرواية. أخذتُ عنه وأخذ عني، وكان من الدين بمكان. وولد في سنة تسعٍ وثمانين وأربعمائة. قلت: له استدراك على كتاب الاستيعاب.
4 (أسعد بن علي بن الموفّق بن زياد)

(37/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 184
الرئيس، أبو المحاسن الزيادي، الهروي، الحنبلي. ثقة، صدوق، صالح، عابد، سديد السيرة، دائم الصلاة والذِّكر، مستغرق الأوقات بالعبادة. وكان يسرد الصوم. وصفه ابن السمعاني، وغيره، بهذا. وكان يسكن قديماً مالين. سمع منتخب مُسند عبد، من جمال الإسلام أبي الحسن الداوودي، وصحيح البخاري ومُسند الدارمي أيضاً. وولد في رابع عشر ربيع الآخر سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة. روى عنه: الحافظان: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الفاميّ، وعبد الجامع بن علي المعروف خخّة، وآخرون. وروى عنه بالإجازة المؤيد الطوسي، ؤأبو المظفّر السمعاني. وآخر من روى عنه بالسماع: أبو روح عبد المعز الهروي، فأخبرنا أحمد بن هبة الله، أنا عبد المعزّ بن محمد، أنا أسعد بن علي بن الموفق، بقراءة أبي علي ابن الوزير في سنة تسعٍ وعشرين وخمسمائة، أنا أبو الحسن الداوودي، فذكر حديثاً عن عبد بن حُميد.
4 (إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن المهدي بن إبراهيم)
) أبو الغنائم الهاشمي، العلوي، الحسيني، الموسوي، الإصبهاني. نشأ ببغداد. وسمع: أبا الخطّاب بن البطر، وأبا عبد الله النعاليّ الحافظ، وثابت بن بُندار. وحدّث. وتوفي ببلاد فارس في هذه السنة أو بعدها. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني.

(37/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 185
4 (آمنة بنت شيخ الشيوخ إسماعيل بن أحمد بن محمد النيسابوري)
أم عبد الرحمن، صاحبة أبي منصور علي بن علي بن سُكينة. كانت صالحة، عابدة، قانتة، خيّرة، كثيرة النوافل. حجّت غير مرة. وروت عن رزق الله التميمي بالإجازة. أخذ عنها: أبو سعد السمعاني. توفيت في ربيع الأول.
4 (أُنُر)
الأمير معين الدين، مدبّر دول أستاذه طُغتِكين بدمشق. وكان عاقلاً، خيّراً، حسن السيرة والديانة، موصوفاً بالرأي والشجاعة، محباً للعلماء والصالحين، كثير الصدقة والبِرّ، وله المدرسة المعينية بقصر الثقفيين ولقبره قبة بالعُوينة خلف دار بطيخ، وقبلي الشامية.

(37/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 186
وكان له أثر حسن في ترحيل الفرنج عن دمشق لما حاصرها ملك الألمان، ونزلوا بالميادين. وقد تزوج الملك نور الدين محمود بن زنكي بابنته عصمة الدين خاتون في حياته. توفي معين الدين في ربيع الآخر، وأغفله ابن عساكر كغيره من أعيان المتأخرين.
4 (حرف الثاء)

4 (ثابت بن أبي تمام عمر بن أحمد)
أبو منصور الكتبي، الواسطي. سمع: أبا القاسم بن بيان، وابن نبيهان. وولد في سنة ست وثمانين وأربعمائة.) وتوفي ببغداد في ليلة السابع والعشرين من رمضان. كتب عنه: أبو سعد بن السمعاني، وأحمد بن منصور الكازروني، وغيرهما.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن سعيد بن أحمد)
الإمام أبو علي القُرشي، الأموي، الجزري. قدم بغداد، وتفقّه بها في مذهب الشافعي. وسمع من: عبد العزيز بن علي الأنماطي، وأبي القاسم بن البُسري، وعمر بن عبيد الله البقّال، وغيرهم. وولي قضاء جزيرة ابن عمر، ثم سكن آمِد. قال ابن عساكر: سألته عن مولده، فقال: سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.

(37/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 187
وقال يوسف بن محمد بن مقلّد: مات بفنك في أوائل رمضان سنة. سمعت منه. قلت: هذا كان من بقايا المُسندين، ضاع في تلك الديار.
4 (الحسن بن عبد الله بن عمر)
أبو علي بن أحمد بن العرجاء، المالكي. تلا بالسبع على والده صاحب ابن نفيس، وأبي معشر. قال أبو علي: وحدّثني بالقراءات إجازةً أبو معشر الطبري. قرأ عليه بالسمع: أبو الحسن علي بن أحمد بن كوثر المحاربي بمكة المتوفى بالأندلس سنة تسع وثمانين. كانت قراءته عليه وعلى ابن رضا في سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
4 (حرف الخاء)

4 (خليفة بن محفوظ)
أبو الفوارس الأنباري، المؤدّب، الأديب. صالح، عالم، مطبوع، مقرئ. سمع: أبا طاهر بن أبي الصّقر، وأبا الحسن الأقطع. وعنه: السمعاني، وابن عساكر.

(37/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 188
أرّخه ابن النجار.)
4 (حرف السين)

4 (سعد بن علي بن أبي سعد بن علي بن الفضل)
أبو عامر الجرجاني، الواعظ، المعروف بالعصاري، نسبة الى عصر البزور، وكذلك أهل جرجان يُنسَبون. كان إماماً فاضلاً، فيه صلاح، وزهد، وخير. سافر الكثير، ودخل البلدان. ودخل بغداد قبل الخمسمائة، فسمع من: جعفر السراج، والمبارك بن الطّيوري، وأبي غالب بن الباقلاني. ومن: أبي سعد المطرّز، وأبي علي الحداد. وقبلها من أبي مطيع بإصبهان. قال أبو سعد السمعاني: سمعت منه حلية الأولياء لأبي نُعيم بمرو. وآخر ما لقيته بنيسابور سنة أربع وأربعين. وقال لي: ولدتُ بجُرجان في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. قلت: وروى عنه عبد الرحيم بن السمعاني.
4 (سلمان بن جروان بن حسين)
أبو عبد الرحمن الماكسيني. وهي قريبة من الرّحبة. قدِم بغداد، وكان صالحاً، حافظاً للقرآن، بعمل البواري. سمع من: أبي سعد بن خُشيش، وشجاع الذّهلي.

(37/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 189
وحدّث. وتوفي بإربل في ربيع الأول.
4 (حرف الصاد)

4 (صخر بن عبيد بن صخر بن محمد)
أبو عبيد الطوسي. سمع: أبا الفتح نصر بن علي الحاكمي، ومحمد بن سعيد الفرَخرداني، وأبا شُريح إسماعيل بن أحمد الشاشي. حدّث بطوس، وبنيسابور.) وولد في شعبان سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وتوفي بالطّابران في ذي القعدة سنة أربع هذه، وله اثنتان وتسعون سنة وأشهر. روى عنه: ابن السمعاني، وولده عبد الرحيم، وغيرهما.
4 (حرف العين)

4 (عبدان بن رزين بن محمد)

(37/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 190
أبو محمد الأذربيجاني، الدويني، المقرئ، الضرير. قدِم دمشق في صباه وسكنها. وسمع من: الفقيه نصر المقدسي، وأبي البركات بن طاوس المقرئ. ولقي جماعة. قال ابن عساكر: كان ثقة خيّراً يسكن دويرة حمْد، ويصلي بالناس في الجامع عند مرض البدلسي. قلت: روى عنه الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وأبو المحاسن محمد بن أبي لُقمة. ومات في رجب. وقع لي جزء من روايته.
4 (عبد الله بن عبد الباقي)
أبو بكر التّبّان، الحنبلي، الفقيه. كان أمياً لا يكتب. تفقّه على: ابن عقيل. وناظر، وأفتى، ودرّس. وسمع من: أبي الحسين بن الطيوري.
4 (عبد الله بن علي بن سهل)
أبو الفتوح الخركوشي، نسبة الى سكة بنيسابور.

(37/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 191
قال ابن السمعاني: شيخ صالح، عفيف، نظيف، ثقة. سمع: إسماعيل بن زاهر النوقاني، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، ومحمد بن عبيد الله الصرّام، وعثمان بن محمد المحمي، وأبا بكر بن خلف، وغيرهم. رحلتُ إليه بابني عبد الرحيم، وأكثرتُ عنه، وقرأتُ عليه أكثر تاريخ يعقوب الفسوي، عن) النوقاني. مولده في سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفي في الثاني والعشرين من شوال. قلت: روى عنه المؤيد الطوسي أيضاً.
4 (عبد الرحمن بن الحسن بن علي)
أبو الفضل بن السّراف، البنجديهي قال السمعاني: شيخ صالح، تالٍ للقرآن. سمع بمرو: محمد بن أبي عمران الصفّار، وبمرو الروذ: عبد الرزاق بن جسّان المنيعي. وولد في حدود الخمسين وأربعمائة، وعُمِّر دهراً. وتوفي في رجب. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وأبوه. وقال: كتبت نيّفاً وتسعين ختمة، وتلوت أربعة عشر ألف ختمة.
4 (عبد الرحمن بن يوسف بن عيسى)
أبو القاسم بن الملجوم، الأزدي، الفاسي. أجاز له أبو عبد الله بن الطّلاع، وأبو علي الغساني. وكان يسرد تفسير العزيزي وغريب الحديث لأبي عبيد من حفظه.

(37/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 192
روى عنه: ابن أخيه عبد الرحيم بن عيسى.
4 (عبد الرحيم بن الموفّق بن أبي نصر)
الهروي، الديوقاني، الحنفي. سمع من: بيبى الهرثمية، وجماعة. مات في ثاني صفر عن سبع وثمانين سنة. روى عنه: السمعاني.
4 (عبد السلام بن محمد بن عبد الله بن اللبّان)
أبو محمد التيمي، الإصبهاني، المعدّل. سمع: المظفّر البراثي، وأبا عيسى بن زياد. وعنه: السمعاني، وورّخه في المحرّم.)
4 (عبد السلام بن أبي الفتح بن أبي القاسم)
أبو الفتح الخباز الهروي. شيخ صالح، حدّث عن: بيبى الهرثمية ومات في سلخ جمادى الأولى. قاله السمعاني. روى عنه أبو روح. وبالإجازة أبو المظفّر السمعاني.

(37/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 193
4 (عبد الصمد بن علي)
أبو الفضل النيسابوري، الصوفي داود. سمع: أبا بكر بن خلف، وعثمان بن محمد بن المحمي. مات في جمادى الآخرة في عشر الثمانين. كتب عنه: السمعاني، وغيره.
4 (عبد العزيز بن خلف بن مدير)
أبو بكر الأزدي، القرطبي. روى عن: أبيه، وأبي الوليد الباجي، وأبي العباس العذري. مولده سنة سبع وستين. وتوفي بأرلش. هكذا ترجمه ابن بشكوال. وآخر من روى عنه بالسماع: خطيب قرطبة أبو جعفر بن يحيى الحِميري.
4 (عبد الغني بن محمد بن سعيد)
أبو القاسم الزينبي. وتوفي في شوال وهو كهل.
4 (عبد المجيد الحافظ لدين الله)

(37/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 194
أبو الميمون بن محمد بن المستنصر بالله معدّ بن الظاهر علي بن الحاكم العبيدي، صاحب مصر. بويع يوم مقتل ابن عمه الآمر بولاية العهد وتدبير المملكة، حتى يولد حملٌ للآمر، فغلب عليه أبو علي أحمد بن الأفضل بن بدر الجمالي أمير الجيوش. وكان الآمر قد قتل الأفضل، وحبس) ابنه أحمد، فلما قُتل الآمر وثب الأمراء فأخرجوا أحمد، وقدموه عليهم. فسار الى القصر، وقهر الحافظ، وغلب على الأمر، وبقي الحافظ معه صورة من تحت حكمه، وقام في الأمر والمُلك أحسن قيام وعدل، وردّ على المصادَرين أموالهم، ووقف عند مذهب الشيعة، وتمسّك بالإثني عشر، وترك الأذان بحي على خير العمل. وقيل: بل أقرّ على خير العمل، وأسقط محمد وعلي خير البشر، والحمد لله. كذا وجدت بخطّ النّسّابة. ورفض الحافظ لدين الله وأهل بيته وأباهُ، ودعا على المنابر للإمام المنتظَر صاحب الزمان على زعمهم. وكتب اسمه على السكة. وبقي على ذلك الى أن وثب عليه واحد من الخاصة، فقتله بظاهر القاهرة في المحرم سنة ست وعشرين وخمسمائة. وكان ذلك بتدبير الحافظ. فبادر الأجناد والدولة الى الحافظ، وأخرجوه من السجن، وبايعوه ثانياً، واستقل بالأمور.

(37/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 195
وكان مولده بعسقلان سنة سبع وستين. وسبب ولادته بها أن أباه خرج إليها في غلاء مصر. وسبب توليته أن الآمر لم يخلّف ولداً، وخلّف حملاً، فماج أهل مصر، وقال الجُهّال: هذا بيت لا يموت الإمام منهم حتى يخلّف ولداً وينص على إمامته. وكان الآمر قد نصّ لهم على الحمْل، فوضعت المرأة بنتاً، فبايعوا حينئذ الحافظ. وكان الحافظ كثير المرض بالقولنج، فعمل له شيرماه الديلمي طبل القولنج الذي وجده السلطان صلاح الدين في خزائنهم، وكان مركّباً من المعادن السبعة، والكواكب السبعة في إشراقها، وكان إذا ضربه صاحب القولنج خرج من باطنه ريح وفسا، فاستراح من القولنج. توفي في الخامس من جمادى الأولى، وكانت خلافته عشرين سنة إلا خمسة أشهر، وعاش بضعاً وسبعين سنة. وكان كلما أقام وزيراً حكم عليه، فيتألم ويعمل على هلاكه. ولي الأمر بعده ابنه الظافر إسماعيل، فوزر له ابن مصّال أربعين يوماً، وخرج عليه ابن السّلار فأهلكه.
4 (عثمان بن علي بن أحمد)
أبو عمرو، المعروف بابن الصالح المؤدِّب. كان يؤدّب بمسجد ويؤم به.) سمع: رزق الله التميمي، والفضل بن أبي حرب الجُرجاني، وابن طلحة النعالي. سمع منه: أبو سعد السمعاني، وأبو محمد بن الخشّاب، وسعد بن هبة الله بن الصباغ. شيخ لابن النجار، حدّث في هذا العام ببغداد.
4 (عفاف بنت أبي العباس أحمد بن محمد بن الإخوة العطار)

(37/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 196
سمعت من: أبي عبد الله النعالي، وأمة الرحمن بنت ابن الجُنيد التي روت عن عبد الملك بن بِشران. روى عنها: أبو سعد السمعاني. توفيت في نصف ذي الحجة.
4 (علي بن خلف بن رضا)
أبو الحسن الأنصاري، البلنسي، المقرئ، الضرير. روى عن أبي داود المقرئ، وأخذ عنه التفسير، وحجّ وأقرأ بمكة. وبها أخذ عنه أبو الحسن بن كوثر القراءات في هذه السنة.
4 (علي بن سليمان بن أحمد بن سليمان)
أبو الحسن المرادي، الأندلسي، القرطبي، الشقوري، الفرغُليطي. وفرغليط من أعمال شقّورة، الفقيه الشافعي، الحافظ. خرج من الأندلس في سنة نيّف وعشرين، ورحل الى بغداد، ودخل خُراسان. وسكن نيسابور مدة.

(37/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 197
وتفقه على الإمام محمد بن يحيى الغزّالي، وسمع مصنّفات البيهقي، وغير ذلك من: أبي عبد الله الهراوي، وهبة الله السيدي أبي المظفّر بن القُشيري، وطائفة. وكتب الكثير بخطه. وصحب عبد الرحمن الأكّاف، الزاهد. وقدِم دمشق بعد الأربعين وخمسمائة، وفرح بقدومه الحافظ ابن عساكر، لأه أقدم معه جملة من مسموعاته التي اتكل ابن عساكر في تحصيلها على المُرادي، وحدّث بدمشق بالصحيحين. قال ابن السمعاني: كنتُ آنسُ به كثيراً، وكان أحد عُبّاد الله الصالحين، خرجنا جملة الى نوقان لسماع تفسير الثعلبي فلمحت منه أخلاقاً وأحوالاً قلّ ما تجتمع في أحد من الورعين. وعلّقت) عنه. وقال ابن عساكر: نُدب للتدريس بحماه، فمضى إليها، ثم نُدب الى التدريس بحلب، فمضى ودرّس بها المذهب بمدرسة ابن العجمي. وكان شيخاً، صلباً في السنّة. توفي بحلب في ذي الحجة، وقال لابن السمعاني: مولدي قبل الخمسمائة بقريب. روى عنه: القاسم بن عساكر، وأبو القاسم بن الحرستاني، وجماعة.
4 (علي بن عثمان بن محمد بن الهيصم بن أحمد بن الهيصم بن طاهر)
أبو رشيد الهروي، الهيصمي، الواعظ، الضرير. شيخ الكراميّة ومقدّمهم، وإمامهم في البدعة. كان متوسعاً في العِلم، بارع الأدب. سمع من: محمد بن أبي مسعود الفارسي.

(37/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 198
وعنه: السمعاني، وقال: مات في ذي القعدة. ومولده سنة ستين وأربعمائة.
4 (علي بن المفرّج بن حاتم)
أبو الحسن المقدسي، جدّ الحافظ عليّ بن الفضل. سمع من القاضي الرشيد المقدسي. وفيها ولد الحافظ المذكور.
4 (علي بن أبي بكر بن الحسين بن أبي معشر)
أبو الحسن البغوي، المقرئ، الصوفي. سمع: محمد بن علي بن أبي صالح الدبّاس، وهبة الله الشيرازي، ومحمد بن أحمد بن عبد الملك العبدري. مات في شعبان عن تسعين سنة.
4 (عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض بن محمد بن موسى بن)
عياض

(37/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 199
اليَحصُبي، القاضي، أبو الفضل السّبتي. أحد الأعلام. ولد بسبتة في النصف من شعبان سنة ست وسبعين وأربعمائة. وأصله من الأندلس، ثم انتقل أحد أجداده الى مدينة فاس، ثم من فاس الى سبتة.) أجاز له الحافظ أبو علي الغساني، وكان يمكنه لُقيّه، لكنه إنما رحل الى الأندلس بعد موته، فأخذ عن: القاضي أبي عبد الله محمد بن حمدين، وأبي الحسين سِراج بن عبد الملك، وأبي محمد بن عتّاب، وهشام بن أحمد، وأبي بحر بن العاص، وطبقتهم. وحمل الكثير عن أبي علي بن سُكّرة. وعُني بلقاء الشيوخ والأخذ عنهم. وتفقّه على الفقيه أبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي، القاضي، السبتي، والقاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله المسيلي. وصنّف التصانيف المفيدة، واشتهر اسمه، وسار علمه. قال ابن بشكوال: هو من أهل التفنن في العلم، والذكاء، والفهم، استُفتي بسبتة مدة طويلة، حُمدت سيرتُه فيها، ثم نُقل عنها الى قضاء غرناطة، فلم يُطْل أمره. وقدم علينا قُرطبة، وأخذنا عنه. وقال الفقيه محمد بن حمادة السبتي، رفيق القاضي عياض فيه: جلس

(37/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 200
للمناظرة وله نحوٌ من ثمان وعشرين سنة، وولي القضاء وله خمسٌ وثلاثون سنة، فسار بأحسن سيرة، كان هيّناً من غير ضعف، صليباً في الحق. تفقّه على أبي عبد الله التميمي، وصحب أبا إسحاق بن جعفر الفقيه. ولم يكن أحد بسبتة في عصر من الأعصار أكثر تواليف من تواليفه، له كتاب الشفا في شرف المصطفى وكتاب ترتيب المدارك وتقريب المسالك في ذكر فقهاء مذهب مالك، وكتاب العقيدة، وكتاب شرح حديث أم زرع، وكتاب جامع التاريخ الذي أربى على جميع المؤلفات، جمع فيه أخبار ملوك الأندلس، وسبتة، والمغرب، من دخول الإسلام إليها، واستوعب فيه أخبار ملوك الأندلس وسبتة وعُلمائها. وكتاب مشارق الأنوار في اقتفاء صحيح الآثار الموطّأ والبخاري ومسلم. قال: وحاز من الرئاسة في بلده ومن الرفعة ما لم يصل إليه أحدٌ قط من أهل بلده، وما زاده ذلك إلا تواضعاً وخشيةً لله تعالى. وله من المؤلفات الصغار أشياء لم نذكرها. وقال القاضي ابن خلّكان: هو إمام في الحديث في وقته، وأعرف الناس بعلومه، وبالنحو، واللغة، وكلام العرب، وأيامهم، وأنسابهم. ومن تصانيفه كتاب الإكمال في شرح مسلم، كمّل به) كتاب المُعلَم للمازري. ومنها: مشارق الأنوارق في تفسير غريب الحديث، يعني الكتاب المذكور آنفاً، وكتاب التنبيهات فيه فوائد وغرائب. وكل تواليفه بديعة.

(37/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 201
له شعرٌ حسن، فمنه ما رواه عنه أبو عبد الله محمد بن عياض قاضي دانية:
(أنظر الى الزرع وخاماتِه .......... تحكي وقد ماسَت أمام الرياح)

(كتيبةً خضراء مهزومةً .......... شقائق النعمان فيها جراحْ)
وقال ابن بشكوال: توفي بمراكش مُغرِّباً عن وطنه في وسط سنة أربع. وقال ابنه محمد في ليلة الجمعة نصف الليل، التاسعة جمادى الآخرة، ودُفن بمراكش. وتوفي ابنه في سنة خمس وسبعين. وشيوخ عياض يقاربون المائة. وقد روى عنه خلق كثير، منهم: عبد الله بن محمد الأشير، وأبو جعفر بن القصير الغرناطي، وأبو القاسم خلف بن بشكوال، وأبو محمد بن عبيد الله، ومحمد بن الحسن الجابري.
4 (عيسى بن هبة الله بن هبة الله بن عيسى)
أبو عبد الله بن البغدادي، النقّاش. ظريف، كيّس، خفيف الروح، صاحب نوادر وشعر رقيق، وحكايات موثقة.

(37/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 202
قد رأى الناس، وعاشر الظرفاء، وطال عمره، وسار ذكره. ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. وسمع: أبا القاسم بن البُسري، وأبا الحسن الأنباري، الخطيب. قال ابن السمعاني: كتبتُ عنه بجهد، فإنه كان يقول: ما أنا أهلٌ للتحديث. وعلّقت عليه من شعره. وقال ابن الجوزي: كان يحضر مجلسي كثيراً، وكتبت إليه يوماً برقعة، خاطبته فيها بنوع احترام، فكتب إلي:
(قد زدتني في الخطب حتى .......... خشيتُ نقصاً من الزيادة)

(فاجعل خطابي خطاب مثلي .......... ولا تغيّر عليّ عادة)
ومن شعره:)
(إذا وجد الشيخ من نفسه .......... نشاطاً فذلك موتٌ خفي)

(ألستَ ترى أن ضوء السّراج .......... له لهبٌ قبل أن ينطفي)
قلت: روى عنه أبو اليُمن الكندي كتاب الكامل للمبرّد، وغير ذلك. وتوفي في جمادى الآر. وهبة الله مرتين، وعليها صحّ بخط الحافظ الضياء.
4 (حرف الغين)

4 (غازي بن زنكي بن أقسُنقر التركي.)

(37/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 203
السلطان، سيف الدين بن الأتابك عماد الدين، صاحب الموصل. لما قُتل والده أتابك على قلعة جعبر اقتسم ولداه مملكته، فأخذ غازي الموصل وبلادها، وأخذ نور الدين محمود حلب ونواحيها. وكان مع أتابك على جعبر ألْب رسلان بن السلطان محمود السلجوق، وهو السلطان، وأتابكه هو زنكي، فاجتمع الأكابر والدولة، وفيهم الوزير جمال الدين محمد الإصبهاني المعروف بالجواد، والقاضي كمال الدين الشهرزوري ومشيا الى مخيم السلطان ألْب رسالن، وقالوا: كان عماد الدين، رحمه الله، غلامك، والبلاء لك، وطمّنوه بهذا الكلام. ثم إن العسكر افترق، فطائفة توجهت الى الشام مع نور الدين، وطائفة سارت مع ألْب رسلان، وعساكر الموصل وديار ربيعة الى الموصل. فلما انتهوا الى سنجار، تخيل ألب رسلام منهم الغدر فتركهم وهرب، فلحقوه وردوه، فلما وصل الى الموصل أتاهم سيف الدين غازي، وكان مقيماً بشهرزور، وهي إقطاعه. ثم إنه وثب على ألب رسلام، وقبض عليه، وتملّك الموصل. وكان منطوياً على خير وديانة، يحب العلم وأهله، وفيه كرم، وشجاعة وإقدام. وبنى بالموصل مدرسة. ولم تطل مدته حتى توفي في جمادى الآخرة، وقد جاوز الأربعين. وتملك بعد أخوه قطب الدين مودود.

(37/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 204
وخلّف ولداً صبياً، فانتشا، وتزوج ببنت عمه قطب الدين، ومات شاباً ولم يُعقب. وكان غازي مليح الصورة، حسن الشكل، وافر الهيبة، وكان يمد السماط غداءً وعشاء. ففي بكرة يذبح نحو المائة رأس. وهو أول من حُمل فوق رأسه السنجق في الإقامة، وأول من أمر الأجناد أن يركّبوا السيف في أوساطهم، والدبوس تحت ركبهم.) ومدرسته من أحسن المدارس، وقفها على الشافعية والحنفية. وبنى أيضاً رباطاً للصوفية. وقد وصل الحيص بيص بألف دينار، سوى الخلع على قصيدته الرائية. قاله ابن الأثير.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أبي بكر أحمد بن محمد)
أبو عبد الله المقرئ، الورّاق. إمام جامع هَراة. سمع: أبا إسماعيل الأنصاري، وعبد الأعلى بن المليحي. وكان صالحاً، عفيفاً. مات في رجب عن اثنتين وسبعين سنة.

(37/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 205
4 (محمد بن جعفر بن عبد الرحمن بن صافي)
أبو بكر، وأبو عبد الله اللخمي، القرطبي. أصله جياني. أخذ القراءات عن: أبي محمد عبد الرحمن بن شعيب، وخازم بن محمد. وروى عن: أبي مروان بن سِراج، وأبي محمد بن عتّاب. وتصدّر للإقراء بقرطبة، وأقرأ الناس بغرناطة أيضاً وبلنسية. وكان صالحاً، زاهداً. توفي بوهران وقد قارب الثمانين. قاله الأبّار.
4 (محمد بن سليمان بن الحسن بن عمرو)
أبو عبيد الله، الإمام الفُنديني المروزي، وفُندين: من قرى مرو. قال ابن السمعاني: كان فقيهاً، زاهداً، ورعاً، عابداً، متهجّداً، تاركاً للتكلّف. تفقّه على الإمام عبد الرحمن الرزّاز، وسمع منه، ومن: أبي بكر محمد بن علي بن حامد الشاشي، وأبي المظفّر السمعاني. وولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة. توفي في العشرين من المحرم بفندين. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني.)
4 (محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن العاص)

(37/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 206
أبو عبد الله بن أبي زيد الفهمي، القرطبي، ثم المريّي. روى عن: أبي الوليد العُتبي، وأبي تميم بن بقية، وجماعة. وأجاز له خازم بن محمد. وكان عالماً بالنحو، منتصباً لإقرائه، مشارِكاً في الأصول والكلام، مع فضلٍ وعبادة. روى عنه: ابن بشكوال، وابن رزق، وابن حُبيش، وغيرهم. وكان حياً يُرزق في هذا العام. ترجمه الأبّار.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن علي)
الحافظ أبو عبد الله النُميري، الغرناطي. كتب عن أبي محمد بن عتّاب، وطبقته. قال ابن بشكوال: هو صاحبنا، أخذ عن جماعة من شيوخنا، وكان من أهل العناية الكاملة بتنفيذ العلم والسنن، جامعاً لها، ثقة، ثبتاً، عالماً بالحديث والرجال. توفي بغرناطة رحمه الله.
4 (محمد بن عبد الواحد بن محمد بن عمر)
أبو الفضل المغازلي، التاجر، المعروف بالصّائن، الإصبهاني. سمع: ابن ماجة الأبهري، وأبا منصور بن شكرويه، وسليمان بن إبراهيم، ورزق الله، وغيرهم. وكان شيخً صالحاً، ملازماً للجماعات، صائناً، مشتغلاً بالتجارة. ورد بغداد مع خاله أبي سهل بن سعدويه. وولد في سنة ثمان وستين وأربعمائة.

(37/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 207
روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وجماعة. فم حديثه: أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنا عبد الرحيم بن أبي سعيد إجازةً، أنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن علي الباهلي إملاءً، أنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، أنا علي بن إسحاق المادرائي، ثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصّغاني، ثنا أبو مسهر، ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الله تبارك وتعالى أنه قال: يا عبادي إني حرّمت الظلمَ على نفسي، وجعلته) بينكم محرّماً، فلا تظالموا. يا عبادي إنكم الذين تخطئون بالليل والنهار، وأنا اذي أغفِر الذنوب ولا أبالي، فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمتُ، فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي كلكم عارٍ، إلا من كسوت، فاستكسوني أكسِكم. يا عبادي لو أن أوّلكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم لم ينتقص ذلك من ملكي. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم لم يزد ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم اجتمعوا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيتُ كل إنسان منهم ما سأل، لم ينتقص ذلك مني شيئاً، إلا كما ينتقص البحر أن يُغمس فيه المخيطُ غمسةً واحدة. يا عبادي إنما هي أعمالُكم أحفظها عليكم، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه. قال سعيد: كان أبو إدريس الخولاني إذا حدّث بهذا الحديث جثا على ركبتيه. قال أبو مُسهر: ليس لأهل الشام حديثاً أشرف من حديث أبي ذر. م عن الصّغاني، فوافقناه بعلوّ. توفي المغازلي بنيسابور في العشرين من جمادى الأولى.

(37/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 208
4 (محمد بن علي بن الحسن)
أبو بكر الكرجي. رحل فسمع بإصبهان من: أبي عليّ الحدّاد، وغانم البُرجي. وبهَراة من: عيسى بن شُعيب السجزي، والمختار بن عبد الحميد، وأبي عطية جابر بن عبد الله الأنصاري، وطائفة. وكتب الكثير، وقدِم بغداد فسمع منه: أبو سعد السمعاني، وعبد الخالق بن أسد الحنفي. وكان صالحاً، عفيفاً، متودداً. توفي في رمضان ببوشنج عن ستين سنة.
4 (محمد بن علي بن حدّاني)
أبو بكر الباقلاني. سمع: أبا نصر الزينبي. وعنه: يوسف بن كامل.) عاش نيّفاً وثمانين سنة.
4 (محمد بن محمد بن أحمد بن القاسم)

(37/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 209
أبو السعادات بن الرسولي، البغدادي، الفقيه. تفقّه على إلكِيا الهرّاسي. وله شِعر وفضيلة. وسمع من: جعفر السرّاج، وابن نُباتة. لكنه كان كثير الكلام، يقع في الناس. توفي بإسفراين غريباً.
4 (محمد بن محمد بن خليفة)
أبو سعيد الصوفي. حلّث عن: أبي عبد الرحمن طاهر الشحّامي. وكان فقيهاً، واعظاً، كثير المحفوظ. روى عنه المؤيد الطوسي في أربعيّه.
4 (محمد بن محمد بن خليفة)
اسم خليفة: منصور بن دُوَست، من أهل نيسابور. حدّث أيضاً عن: أبي بكر بن خلف، وأحمد بن سهل السراج. وأملى مجالس. قال السمعاني وأخذ عنه. ثم قال: مات في جمادى الأولى.
4 (محمد بن محمد بن هبة الله بن الطيب)

(37/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 210
أبو الفتح الكاتب. سمع: عبد الواحد بن فهد العلاف. وعنه: مكي بن الفرّاء. مات مجذوماً، رحمه الله.
4 (محمد بن مسعود بن عبد الله بن مسعود)
أبو بكر بن أبي ركب الخُشني، الحناوي، المقرئ، النحوي، العلامة. أخذ القراءات عن: أبي القاسم بن موسى، وأبي الحسن بن شفيع، وجماعة.) وأخذ العربية والآداب عن: ابن أبي العافية، وابن الأخضر، وابن الأبرش. وروى عن: أبي الحسن بن سِراج، وأبي علي بن سكّرة، وابن عتّاب، وجماعة. قال الأبّار: تقدّم في صناعة العربية، وتصدّر لإقرائها، وولي بأخَرة خطابة غرناطة. وكان من جلّة النحاة وأئمتهم. شرح كتاب سيبويه، ولم يتمّه. وكان حافظاً للغريب واللغة، متصرفاً في فنون الأدب مع الجدّ والصلاح، وله شِعر. توفي في نصف ربيع الأول عن خمس وستين سنة. أخذ عنه: أبو عبد الله حُميد، وابنه أبو ذر الخُشني.
4 (المبارك بن عبد الوهاب بن محمد بن منصور بن زُريق)
القزاز، الشيباني، البغدادي، أبو غالب المُسدّي. قال ابن السمعاني: شيخ صالح. سمع الكثير، وحصّل بعض الأصول. سمع: رزق الله التميمي، وطِراداً الزينبي، وأبا طاهر الباقلاني، وغيرهم.

(37/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 211
وكان حريصاً على التحديث. واتفق أن أبا البقاء بن طبرزد أخرج سماعه في جزء ابن كرامة، عن التميمي، وسمّع له بخطّه، وقرأ عليه، فطولب بالأصل، فتعلل وامتنع، فشنّع الطلبة على أبي البقاء، وظهر أمره. ثم بعد ذلك أخرج أبو القاسم بن السمرقندي سماعه بخط من يوثَق به والطبقة الذين سمّع أبو البقاء معهم جماعة مجاهيل لا يُعرفون، ففرح أبو البقاء حيث وجد سماعه، فقلت له: لا تفرح، فإن الآن ظهر أن التسميع الأول كان باطلاً حيث ما وجد الأصول. واتفق أن الشيخ أقرّ أن الجزء كان له، وأن أبا البقاء أخذه، ونقل له فيه. توفي في شعبان.
4 (محلّى بن الفضل بن حسن)
أبو الفرج الحمصي، الموصلي، التاجر، السفّار. سكن بنيسابور مدة، وحدّث عن: أبي علي نصر الله الخُشنامي، وغيره. توفي برو.
4 (مليكة، وقيل ملكة، بنت أبي الحسن بن أبي محمد)
النيسابورية.) امرأة صالحة، ثقة، مُسنِدة. سمع نصف جزء من مسند السرّاج من الفضل بن عبد الله بن المحب. وماتت في ثامن جمادى الآخرة، ولها نيّف وثمانون سنة. روى عنها عبد الرحيم بن السمعاني، وأبوه. وقع لنا من روايتها.
4 (منصور بن علي بن عبد الرحمن)
أبو سعد الحجري، البوشنجي.

(37/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 212
إمام ورع، صالح. روى عن: عبد الرحمن بن عفيف كلار، وأحمد بن محمد العاصمي. وتوفي في سلخ ذي القعدة.
4 (موسى الطواشي)
أبو السّداد الحبشي، الخصيّ، مولى الوزير نظام المُلك. ذكره ابن النجار في تاريخه فقال: سمع أبا نصر الزينبي. وبمصر: القاضي أبا الحسن الخلعي. وسكن بغداد برباط الزوزني. روى عنه: أبو طاهر السفلي، ومحمد بن عسير. وبقي حتى سمع منه: أبو محمد بن الخشّاب في سنة أربع وأربعين وخمسمائة. قلت: لم يذكره السمعاني في الذيل، وأخشى لا يكون وقع غلط في بقائه الى هذه السنة، فيُراجع الأصل.
4 (حرف النون)

4 (نصر بن أحمد بن نظام الملك الوزير أبي علي الحسن بن إسحاق)
الأمير أبو الفضل ابن أخي المسمى باسم أبيه. من أهل الطابران. قال السمعاني: كان شيخاً كثير الصدقة، جواداً، من بيت وزارة. رأيته بطوس وقد قعد به الدهر، ولازم بيته. كتبتُ عنه.

(37/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 213
سمع: أبا إسحاق الشيرازي الفقيه لما قدِم نيسابور، وشيرويه بن شهردار بهمذان. ودخل بغداد حاجاً بعد الخمسمائة. وقال لي: ولدتُ سنة ست وستين وأربعمائة بطوس، وبها توفي في حادي عشر رمضان.) قلت: لم ينبّه السمعاني على أنه ابن أخي أحمد المذكور في هذه السنة. والظاهر أنه أسنّ من ابن عمه. وقد روى عنه أبو المظفر عبد الرحيم السمعاني.
4 (نصر بن الحسن بن ابراهيم بن نوح)
أبو الفتوح النيسابوري، الغضائري، المقرئ. ولد سنة بضع وستين وأربعمائة. وسمع من: فاطمة بنت أبي علي الدقاق، والسيد ظفر ابن الداعي العلوي، والحسن بن أحمد السمرقندي، وغيرهم. ومن شيوخه أيضاً: طاهر بن سعيد الميهني، وأبو تُراب المراغي. سكن ميهنة مدة، ثم سكن نَسا. قال ابن السمعاني: مقرئ فاضل، حسن التلاوة كثير العبادة والخير والنظافة، مبالغ في الطهارة. كان يضع الطرق للألحان الرقيقة. وأكثر المسمّعين بخُراسان غلمانه. يعني كان يعرف الموسيقى. سمع منه: عبد الرحيم بن السمعاني في هذه السنة.
4 (نَظَرُ)

(37/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 214
الأمير أبو الحسن الكمالي، الجيوشي. حج نيّفاً وعشرين مرة أميراً على الركب العراقي. وكان مشكوراً، كثير الخير، مَهيباً. سمع: ابن طلحة النعالي، وابن البطِر. روى عنه: أحمد بن الحسن العاقولي. وتوفي رحمه الله في ذي القعدة.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن القاسم بن منصور)
أبو الوفاء البغدادي، البُندار. شيخ مستور، مُسنّ.) روى عن: طِراد الزينبي، وأبي سعد بن خُشيش. توفي في رجب.

(37/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 215
4 (وفيات سنة خمس وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إبراهيم بن محمد)
أبو العباس الأصبهاني، المعروف بصلاح. حج نوَباً، وجاور مدة. وكان كثير العبادة والخير. أثنى عليه ابن السمعاني، وقال: سمع بقراءتي كثيراً، وكتبتُ عنه شعراً. أغارت العرب على الحُجاج في أوائل المحرّم، فهلك جماعة، منهم صلاح هذا.
4 (أحمد بن عليّ بن عبد العزيز بن علي)
أبو نصر ابن الصوفي. روى عن جده أبي بكر بن النجار مجلساً بروايته، عن أبي علي بن المُذهب. وعاش ستين سنة.
4 (ابراهيم بن سهل بن إبراهيم بن أبي القاسم)
أبو إسحاق المسجدي، السُبعي. نيسابوري صالح. سمّعه أبوه من أبي الحسن المديني المؤذّن، وطائفة. توفي في رابع جُمادى الأولى.

(37/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 216
4 (أسعد بن محمد بن أحمد)
الأنصاري الثابتي، أبو سعد المروزي، الفقيه، نزيل بنجديه. روى عن: أبي سعيد محمد بن علي البغوي. روى عنه: ابن السمعاني الحافظ.
4 (إسماعيل بن الحسن بن إسماعيل)
أبو عطاء الشيباني، الهروي، القلانسي، المستملي. شيخ صالح، حسن السيرة. سمع: أبا عطاء عبد الرحمن بن محمد الجوهري، وأبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، والحافظ عبد الله بن يوسف الجرجاني.) وببغداد: أبا بكر الطُريثيثي. وولد في سنة سبع وستين وأربعمائة. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه، وأبو رَوح عبد المعزّ. توفي في شعبان.
4 (إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن المهدي بن إبراهيم)
الموسوي. توفي في سنة أو وأربعين.
4 (إسماعيل بن محمد بن عبد الواحد بن الحسن)

(37/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 217
أبو الفتح بن أبي غالب الشيباني، القزّاز. سمع: أباه، وثابت بن بُندار، وعلياً الرّبعي، والمبارك بن عبد الجبار، وجماعة. ثنا عنه: عبد الملك بن أبي الفتح الدلال. وهو أخو أبي منصور القزاز. قال السمعاني: شابٌ صالح، كتبت عنه، ومات في ربيع الأول ودُفن بباب حرب.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن ذي النون بن أبي القاسم)
الواعظ المشهور، أبو المفاخر الشُغري، النيسابوري. سمع من: عبد الغفار الشيرويّي. وكان فقيهاً، أديباً، واعظاً. وعظ ببغداد في جامع القصر مدة، وأظهر التحنبُل وذمّ الأشاعرة، وبالغ. وهو كان السبب في إخراج أبي الفتوح الإسفرائيني من بغداد. ومال إليه الحنابلة. ثم بان أنه معتزلي يقول بخلق القرآن، بعد أن كان يُظهر ذمّ المعتزلة. ثم قلعه الله من بغداد، وهلك بغربة، رحم الله المسلمين. قال ابن النجار: روى عنه: علي بن أبي الكرم القطّان، ويحيى بن مُقبل بن الصّدر، وأبو الفرج بن الجوزي.

(37/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 218
ومات في جمادى الأولى.
4 (الحسن بن محمد بن عمر)
) العميد، أبو الفتوح النيسابوري، المستوفي، يُعرف بحلمه. ترك الديوان ولزم الخير والانقطاع. وحدّث عن: علي بن أحمد المديني. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وتوفي في جمادى الأولى.
4 (الحسين بن جهير)
ناصح الدولة، أستاذ دار المسترشد. سمع من: أبي الحسن بن العلاف. وهو ابن أخي الوزير أبي القاسم.
4 (الحسين بن علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن يوسف)
الرئيس أبو علي النيسابوري الشحامي. كان يخدم الخاتون في العراق، وتردد معها في نواحي الإقليم. وكان مكثِراً من الحديث. روى عن: الفضل بن عبد الله بن المحب، والصرّام، وأبي بكر بن خلف، ومحمد بن إسماعيل التفليسي. وكان مولده في سنة سبع وستين وأربعمائة. روى عنه: ابن السمعاني، وولده أبو المظفّر. قال أبو المظفّر: سمعت منه صلاة الضحى للحاكم، وجزءين من

(37/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 219
حديث أبي العباس السرّاج عن ابن المحب، وجزءاً انتخبه مسلم على أبي محمد بن عبد الوهاب الفرّاء، وغير ذلك. توفي ليلة نصف شعبان بمرو. أخبرنا أحمد بن هبة الله عن عبد الرحيم بن السمعاني، أنا الحسين بن علي، وعبد الله بن محمد الفُراوي قالا: أنا محمد بن عبيد الله الصرّام، أنا أبو عبد الله الحاكم، أنا الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي، ثنا أبو حاتم الرازي، ثنا أبو توبة الحلبي، ثنا الهيثم بن حُميد، عن ثور بن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى مسجد قباء، فإذا قوم يصلّون صلاة الضحى، فقال: صلاة رغبةٍ ورهبة، كان الأوّابون يصلّونها حين ترمَض الفِصال. هذا حديث حسن، ثابت الإسناد.)
4 (حرف الزاي)

4 (زاهر بن أحمد بن محمد بن أبي الحسن)
الفقيه أبو علي البشاري، السّرخسي. فقيه، مستور، صالح، متميز. سمع: أباه، وأبا منصور محمد بن عبد الملك المظفّري. توفي بسرخس في شوال. وأجاز لعبد الرحيم بن السمعاني. كتبناه لاسمه الموافق لأبي علي راوي موطّأ أبي مصعب. وقد حدّث عنه: أبو سعد.

(37/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 220
4 (حرف السين)

4 (سليمان بن سعيد)
أبو الربيع العبدري، الداني، القاضي، المعروف باللوشي. سمع من: أبيه، وأبي داود المقرئ، وأبي علي الصدفي. وولي قضاء دانية عشرة أعوام، وصرف سنة أربعين وخمسمائة. وكان فاضلاً، جباراً، على غفلة كانت فيه. توفي في ربيع الآخر بدانية.
4 (حرف الصاد)

4 (صافي)
أبو سعيد الجمالي، عتيق أبي علي بن جردة. سمع: أبا علي بن البنا، وأبا الحسين بن النقّور. قال ابن السمعاني: وجدنا له مجالس من أمالي أبي علي بن البنا، ومن أمالي ابن أبي الفوارس، فقرأت عليه منها. وكان شيخاً مليح الشيبة، حسن المشاهدة. وكان شيخنا ابن ناصر يقول: إن صافي كان غلاماً آخر لابن جردة. فأُخبر صافي بذلك، فحضر يوماً دار أبي منصور الجواليقي، ونحن نسمع منه، ومن ابن ناصر، وسعد الخير غريب الحديث لأبي عُبيد، فقال لابن ناصر: سمعت أنك تقول إن هذه الأجزاء ليست سماعي على ابن البنا، وكان لسيدي غلام) آخر باسمي. وما الأمر كما تظن، ما كان له غلام اسمه صافي غيري، وأنا أذكر أبا عليّ بن البنّا، وكنت أقرأ عليه القرآن والعلم، ولست ممن يشتهي الرواية ويتشوّف بها. فعلم الحاضرون صدقه، واعتذر ابن ناصر إليه، ورجع.

(37/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 221
توفي في ربيع الأول في الثالث والعشرين منه. قلت: وروى عنه أبو الفرج بن الجوزي، وغيره.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن علي بن محمد)
أبو البركات الكرخي، النهري. سمع: عاصم بن الحسن، وعبد الواحد بن فهد العلاف. وعنه: ابن مشتف، وعمر بن طبرزد، وغيرهما. قال ابن الدبيثي: مات في شوال سنة خمس.
4 (عبد الله بن محمد)
أبو القاسم البنديهي، الخمقري. سمع: أبا سعد محمد بن علي البغوي، الدبّاس. وعنه: أبو سعد السمعاني. مات في ذي الحجة.
4 (عبد الله بن هبة الله بن السامري)
أبو الفتح الحنبلي. مُكثر من الرواية. روى عن: أبي سعد بن خُشيش، وغيره. وتوفي في المحرّم.

(37/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 222
4 (عبد الباقي بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن النّرسي)
أبو البركات الأزجي، المعدّل، المحتسب. قال ابن السمعاني: شيخ مسنّ، بهي المنظر، به طرش. وجدنا له ثلاثة أجزاء عن أبي القاسم عبد الله بن الحسن الخلال، قرأناها عليه. وقال لي: ولدت) في سنة تسع وخمسين وأربعمائة. وتوفي في عاشر شعبان. قلت: سمعنا على أبي النداء بن الفراء جزءاً من حديث ابن صاعد، بسماعه من أبي القاسم بن صصرى، والطبقة بخط الحافظ الضياء، بإجازته من عبد الباقي النُرسي، بسماعه من القاضي أبي يَعلى، وفرحتُ بذلك، فلما انتبهت في الحديث بان لي أن هذا غلط وأن عبد الباقي ولد بعد موت أبي يعلى بسنة.
4 (عبد الرحمن بن أحمد بن خلف بن رضا)
أبو القاسم القرطبي، خطيب قرطبة. روى القراءات عن أبي القاسم بن مُدير. وسمع الموطأ من أبي عبد الله محمد بن فرج. وسمع أيضاً من: أبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي. وتأدّب بأبي الوليد مالك العُتبي واختصّ به. وبرع في الآداب وشوور في الأحكام. وكان محموداً في جميع ما نواه، رفيع القدر، عالي الذّكر. توفي عاشر جُمادى الآخرة. قاله ابن بشكوال. قال: وتوفي أبوه وهو حَملٌ له في سنة سبعين وأربعمائة. قلت: أخذ عنه القراءات أبو بكر بن سمحون، وحسن بن علي بن خلف، وعبيد الله بن الصيقل، وعبد الرحمن بن الشرّاط.

(37/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 223
4 (عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الأخوة)
أخو عبد الرحيم، أبو القاسم البغدادي، العطّار. سمع: أبا عبد الله النعالي، وابن البطِر، وجماعة. كتب عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في صفر.
4 (عبد الرحمن بن أبي رجاء)
أبو القاسم البلوي، الأندلسي اللبسي، نسبة الى قرية من قرى وادي آش. أخذ القراءات بغرناطة عن: أبي الحسن بن كرْز، وجماعة. وحجّ سنة سبع وتسعين، فأخذ القراءات عن أبي علي بن أبي العرجا.) وسمع من أبي حامد الغزالي، وأجاز له. وأخذ بالمهدية عن: علي بن محمد بن ثابت الخولاني الأقطع، وانصرف الى الأندلس، وتصدّر للإقراء. أخذ عنه: ابنه عبد الصمد، وأبو القاسم بن حُبيش، وأبو القاسم بن بشكوال. قال الأبّار: وكان زاهداً، صوفياً، مُجاب الدعوة. خرج عن المرية في سنة إحدى وأربعين قبل تغلّب الروم عليها بعام، ونزل وادي آش الى أن توفي به وله ثمان وسبعون سنة.
4 (عبد الغني بن أحمد بن محمد)
أبو اليُمن الدارمي، البوشنجي.

(37/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 224
شيخ صالح عفيف. سمع: أبا إسماعيل عبد الله الأنصاري، وأبا عطاء عبد الرحمن الجوهري. وولد سنة بضعٍ وستين وأربعمائة. وتوفي في ثامن عشر رجب. روى عنه بالإجازة: عبد الرحيم السمعاني.
4 (عبد الكريم بن محمد بن أبي منصور)
أبو القاسم الدامغاني. قال أبو سعد السمعاني: كان من أهل الفضل والإفضال. ولد في ربيع الأول سنة، ودخل نيسابور، وتفقّه مدة على إمام الحرمين، وكتب بها عن: أبي القاسم إسماعيل النوقاني، وأبي بكر بن خلف الشيرازي. وبجُرجان عن: كامل بن إبراهيم الخندقي، والمظفّر بن حمزة التميمي. كتبتُ عنه بالدّامغان عند توجهي الى إصبهان، وعُمِّر دهراً. وتوفي في ذي القعدة. توفي النوقاني سنة، وكان آخر من حدّث عن النوقاني.
4 (عبد الملك بن عبد الوهّاب بن الشيخ)
أبي الفرج الشيرازي، ثم الدمشقي، القاضي الأوحد، بهاء الدين ابن الحنبلي، شيخ الحنابلة ورئيسهم بدمشق.)

(37/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 225
قال حمزة بن القلانسي: مات في رجب. قال: وكان إماماً مناظِراً، مُفتياً على مذهب أبي حنيف وأحمد بن حنبل. تفقه بخُراسان مدة، وكان يوم دفنه في جوار جدّه وأبيه يوماً مشهوداً بكثرة العالَم والباكين حول سريره.
4 (عبد الملك بن علي بن محمد بن حسن)
الإمام، أبو سعد القُرشي الزُهري العَوفي، الأيوبي، الأبيوردي. قال أبو سعد السمعاني: كان إماماً، صالحاً، زاهداً، عفيفاً. روى عن أبيه بأبيورد، وبها ولد في سنة إحدى وستين وأربعمائة. وتوفي في أحد الربيعين. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وأبوه عنه.
4 (عبد الملك بن أبي نصر بن عمر)
الفقيه أبو المعالي الجيلي، الفقير، نزيل بغداد. قال أبو الفرج بن الجوزي: كان فقيهاً، صالحاً، خيّراً، عاقلاً، كثير التعبّد، يأوي المساجد. حج في هذا العام، فأغارت العرب على الحجاج، فتوصّل وأقام بفِيد. وتوفي في هذه السنة.

(37/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 226
4 (عثمان بن إسماعيل بن أحمد)
أبو بكر الخفّاف، من المزكّين المشهورين بنيسابور. قال ابن السمعاني: كان صالحاً، خيّراً، سمع: هبة الله بن أحمد البرويي، والقاضي أبا نصر أحمد بن محمد بن صاعد، وغيرهما. روى عنه: أبو المظفّر بن السمعاني، وقال: توفي بنيسابور في ربيع الأول.
4 (علي بن أحمد بن محمد)
أبو الحسن البغدادي، الأحدب، المؤدب، المقرئ. قال أبو سعد: شيخ، صالح، فاضل، عارف بالأدب. دخلت مكتبه وذاكرتُه، فقال: سمعت من رزق الله التميمي، وطِراد الزينبي، ولكن أصولي نُهبت. فعلّقت عنه شِعراً. وقال: ولدت سنة أربع وسبعين وأربعمائة، وتوفي في تاسع عشر شعبان سنة خمس هذه.

(37/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 227
4 (علي بن دُبيس الأسدي)
) أمير العرب، وصاحب الحِلة. كان شجاعاً، جواداً، ممدَّحاً، كبير الشأن. يقال إنه سُقي السم. وقيل: مات في القولنج. وولي بعده إبنه مهلهل.
4 (علي بن أبي سعد بن حسين)
أبو الحسن البغدادي، الأقراصي، الحلاوي. شاب صالح، ديّن، خيّر، عابد. روى عن: جعفر السرّاج. قال ابن السمعاني: كتبت عنه أحاديث. وتوفي في ربيع الأول.
4 (عمر بن عبّاد بن أيوب)
أبو حفص اليحصُبي، الشُريشي. حج، وسمع: أبا عبد الله الرازي بالإسكندرية، ورزين بن معاوية بمكة. حدّث عنه: أبو بكر بن خير بتجويد الصحاح لرزين. وحدّث عنه: عبد الحق الإشبيلي، وعبد الله بن حُميد بالإجازة. وتوفي في ذي الححجة. قاله الأبّار.
4 (عمر بن محمد بن طاهر)

(37/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 228
أبو حفص الفرغاني، التركي. شيخ صالح، نزل فاشان، إحدى قرى مرو. سمع ببخارى: بكر بن محمد الزرنجري، وبمرو: المؤمّل بن مسرور. وحدّث.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت محمد بن عبد الله)
أم الفتوح القيسية الإصبهانية، صالحة، خيّرة، معمرة. كتب عنها: السمعاني، وقال: سمعت من عائشة بنت الحسن الوركانية.) ماتت في رمضان.
4 (فضل الله بن جعفر)
السيد أبو المعالي الحسني، المروروذي. ارتحل الى بلخ، وسمع مسند الهيثم الشاشي من أبي القاسم أحمد بن محمد الزيادي. وكان زاهداً، خيّراً. مات في رمضان.

(37/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 229
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن أميركا)
أبو عبيد الله الجيلي، نزيل الدواليب على وادي مرو. شدا قليلاً من الفقه. وسمع من: أبي المظفّر بن السمعاني، ومحمد بن إسماعيل بن عبيد الله المؤدّب. ومولده بمرو في سنة سبعين وأربعمائة. وتوفي في نصف المحرّم. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وغيره.
4 (محمد بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن تولة)

(37/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 230
أبو بكر الإصبهاني، القصّاب. روى عن: جده أبي بكر عبد الواحد، وإبراهيم بن عمر بن يونس. روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: مات في جمادى الأولى، وكان مولده في سنة ثلاث وستين وأربعمائة.
4 (محمد بن أبي بكر بن ريحان)
أبو الفتح الهروي، الدلال، النشّابي، الزمِن، كانت له عجلة يركبها ويسيّرها إما بنفسه وإما بغيره. سمع: أبا إسماعيل الأنصاري، ومحمد بن علي العُميري. وتوفي في هذه السنة أو في سنة ست.
4 (محمد بن الحسن بن تميم بن الحسم بن محمد)
) أبو عبد الله بن أبي غسان الطائي، الزوزني. أحد المشهورين بالعلم والأدب. حدّث بنيسابور، وبغداد عن: محمد بن عبد الرحمن الخطيبي الزوزني، الراوي عن الحسن بن أحمد المَخلدي. وحدّث عن: أبي بكر بن خلف، وأبي القاسم الحسن بن محمد الخوافي، وأملى مجالس، وله شِعر جيد. وقد سمع منه: أبو المعمّر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم. قال أبو سعد: ولم يكن حسن السّمت. قرأنا على أحمد بن هبة الله، عن عبد الرحيم بن عبد الكريم: أنشدنا أبو عبد الله بن أبي غسان لنفسه من لفظه:
(سرّي وسني بعد الشيب قد بطلا .......... والعينُ والأنفُ من وجه به انهملا)

(37/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 231
(ورعشةٌ لزمت نفسي بجُملتها .......... وجملةٌ صيّرتني في الورى مثلا)

(ولستُ أزعم أن الشيب يظلمني .......... بعد الثمانين لا والله قد عدلا)
توفي في غرة المحرم، وهو في عشر التسعين، فإنه ولد في أول سنة تسع وخمسين.
4 (محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن حمدون)
الأديب أبو نصر. من كتّاب الإنشاء ببغداد. وله شِعر ورسائل. روى عن: أبي عبد الله بن البُسري. وعنه: المبارك بن كامل. مات في ذي الحجة، وله ثمان وخمسون سنة.
4 (محمد بن عبد العزيز بن علي بن محمد بن عمر)
أبو بكر بن أبي حامد الدينوري، ثم البغدادي، البيّع. من أهل باب المراتب. قال أبو سعد: كان من أولاد المياسير، وكان شيخاً متودداً، مطبوعاً، كيّساً، غير أنه يلعب) بالحمام. سمع: أباه، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، ورزق الله التميمي، وابن طلحة النعالي. سمعتُ منه أجزاء، وقال لي: ولدت في المحرّم سنة خمس وسبعين. قلت: فيكون سماعه من أبي نصر حضوراً.

(37/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 232
روى عنه: ابن أخيه محمد بن هبة الله شيخ الأبرقوهي، وغير واحد. وتوفي في ثالث وعشرين المحرّم.
4 (محمد بن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن دوست)
أبو عمر النيسابوري، الحاكم. ولد سنة أربع وستين وأربعمائة. وسمع: أبا ملظفر موسى بن عمران الصوفي، وأبا بكر بن خلف، وأحمد بن محمد بن صاعد، وأبا تُراب عبد الباقي بن يوسف. وحدّث بمرو. قال أبو سعد: كان من بيت الحديث، وسكن مدة بسرخس، وكانوا يقعون فيه، ويسيئون الثناء عليه، بكونه على أبواب القضاة، وأنه يزوّر، ولكن سماعه صحيح. توفي في ثامن عشر رمضان. قلت: روى عنه: هو، وابنه عبد الرحيم، وغيرهما. أخبرنا أحمد بن عساكر، عن ابن السمعاني: أنا أبو عمر، أنا موسى بن عمران، أنا أبو الحسن العلوي، أنا أبو حامد بن الشرقي، فذكر حديثاً.
4 (محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن مسلمة)
أبو بكر القرطبي. أحد رؤساء البلد. أكثر عن: أبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي. وأجاز له أبو عبد الله بن فرج.

(37/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 233
وكان فاضلاً، سرياً، عالي القدر، متصاوناً، طويل الصلاة، كثير الذكر، مسارعاً في الخيرات. توفي في جمادى الأولى. قاله ابن بشكوال.
4 (المبارك بن أحمد بن بركة)
) أبو محمد الكندي، البغدادي، الخبّاز. شيخ صعلوك، ديّن، يخبز بيده ويبيعه. سمع الكثير مع عبد الوهاب الأنماطي. سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وطِراد بن محمد. وولد سنة ست وستين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن طبرزد، وجماعة. وأجاز لأبي منصور بن عُفيجة، وغيره. وتوفي في خامس شوال.
4 (محفوظ بن الحسن بن محمد بن الحسن بن أحمد بن الحسين بن صصرى)
أبو البركات التغلبي، الدمشقي، من رؤساء البلد وأعيانهم. ولد في حدود سنة خمس وستين وأربعمائة، وعاش ثمانين سنة. وسمع سنة ست وثمانين من نصر الله بن أحمد الهمذاني، جزءاً، رواه

(37/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 234
عنه أبو القاسم بن عساكر، وقال: توفي في ذي الحجة، ودُفن بباب توما. وقال حمزة التميمي: كان مشهوراً بالخير والعفاف، وسلامة الطبع.
4 (محمود بن غانم بن أبي الفتح أحمد بن محمد)
أبو الفتوح الإصبهاني، الحدّاد. جدّه البيّع. أخو أبي عبد الله. سمع من: جده، ورزق الله التميمي. سافر الى ديار مصر في طلب مال ورثه من بعض أقاربه. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في غرة صفر.
4 (مساعد بن أحمد بن مساعد)
أبو عبد الرحمن الأصبحي، الأندلسي، الأوريولي، المعروف بابن زعوقة. روى عن أبي عبد الله الحسين بن علي الطّبري صحيح مسلم. وسمع في رحلته من جماعة. وبالأندلس من: أبي عمران بن أبي تليد، وأبي عليّ الصّدفي. وسمع الناس منه لعلوّ سنّه.) قال الأبّار: وكان من أهل المعرفة، والصّلاح، والورع. روى عنه: عبد المنعم بن الفرس، وأبو القاسم بن بشكوال وغفل عن ذكره في الصلة، وأبو الحجاج الغرناطي. وكان مولده في سنة ثمان وستين وأربعمائة.
4 (مُكرَم بن حمزة بن محمد بن أحمد بن أبي جميل)

(37/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 235
أبو المفضّل بن أبي الصّقر القُرشي، الدمشقي. سمع: أبا الحسن بن الموازيني. وحدّث باليسير. قال ابن عساكر: كان يدخل في العمالات، ولم يكن مرضياً. قلت: وفي هذه السنة كانت وفاته بدمشق. وهو عمّ نجم الدين مُكرم شيخ شيوخنا، رحمهم الله.
4 (حرف النون)

4 (نابت بن مُفرّج بن يوسف)
أبو الزهراء الخثعمي، الشاعر البلنسي، نزيل مصر. تفقّه بها على مذهب الشافعي، وله شِعر في الذّروة. ورّخ السلفي موته في رجب بمصر سنة خمس.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن أحمد بن بقي)
أبو بكر الطُليطلي، ثم الإشبيلي. قال الأبّار: كان يتقدّم أدباء عصره تفنناً في الآداب وتصرفاً في النّظم. روى عنه: أبو بكر عبد الله بن طلحة، ومحمد بن جابر.
4 (يحيى بن عبد الغفار بن عبد المنعم بن إسماعيل)
أبو الكرم الدمشقي، الخاطب. سمع ببغداد من رزق الله التميمي كتاب الناسخ والمنسوخ لهبة الله. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم بن صصرى وهو آخر من روى عنه، وسماعه منه في رجب من هذه السنة.)

(37/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 236
4 (وفيات سنة ست وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن المبارك بن عبد الباقي بن محمد بن قفرجل)
أبو محمد القطّان، المقرئ، أخو أبي القاسم أحمد. وكان أبو محمد الأصغر. سمع من: طِراد، وأبي الحسن بن أيوب، وأبي طاهر أحمد بن الحسن الكرجي. وعنه: المبارك بن كامل، وأحمد بن طارق الكركي. مات في شوال.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي عثمان الحسين بن عثمان)
أبو المعالي بن المَذاري. ولد في سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وسمع: أبا القاسم بن البُسري، وأبا عليّ بن البنّا الفقيه. وقال: إنه سمع من أبي الحسين بن النّقور. وكان محله الصدق. وهو رجل من أهل البيوتات. قال ابن الجوزي: كان سماعه صحيحاً، وقرأت عليه كثيراً من حديثه.

(37/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 237
وروى عنه أيضاً: عبد الخالق بن أسد، وأبو سعد بن السمعاني، وابن سُكينة، وأحمد بن العاقولي، وأحمد بن أزهر، وجماعة من المتأخرين. وتوفي الثامن والعشرين من جمادى الأولى. والمَذار قرية تحت البصرة، قريبة من عبّادان، سكنها أبوه زماناً، فنُسب إليها.
4 (أحمد بن محمد بن عبيد الله بن سهل)
أبو الفتوح النيسابوري، البزّار. سمع من: عبد الجبار بن سعد بن محمد البحيري. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني.
4 (إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الحسين بن أحمد بن سهل)
أبو إسحاق البلخي، الضرير، الواعظ. شيخ صالح من أهل العلم، قدِم بغداد، وسمع من: جعفر السرّاج، والحسن بن محمد بن عبد) العزيز النكلي، وأبي غالب الباقلاني. وحدّث ببلخ. سمع منه: أبو علي بن الوزير الدمشقي. وتوفي في ربيع الآخر ببلخ.
4 (إبراهيم بن الشيخ أبي عبد الله محمد بن الحسن بن محمد بن سعيد بن الفرس)
أبو إسحاق الداني. حج مع والده، وقرأ عليه. وقرأ على أبي علي بن العرجاء بجميع ما في كتاب متون العروس لأبي معشر، وفيه ألف وخمسمائة وخمسون رواية وطريقاً، وقرأ عليه جزءين ونصف من الختمة بداخل الكعبة. وذلك في سنة تسع وعشرين وخمسمائة.

(37/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 238
وسمع صحيح البخاري. وتوفي في آخر السنة، قبل أبيه بأشهر.
4 (إبراهيم بن مروان)
الإشبيلي. حج، وسمع من: ابن الحُصين ببغداد. وحدّث بإشبيلية.
4 (حرف الباء)

4 (بوشتكين بن عبد الله)
الرضواني، البغدادي. سمع: أبا القاسم بن البسري، وغيره. روى عنه: جماعة آخرهم الفتح بن عبد السلام.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن محمد بن يوسف)
أبو الفضل الشّنتمري. ولي قضاء شنتمرية.) روى عن أبيه، عن جده أبي الحجاج يوسف الأعلم جميع رواياته وتصانيفه. روى عنه: أبو محمد بن عبدان، وابن خير. وكان فقيهاً، مُشاوَراً، مفتياً، كاتباً، شاعراً. استُشهد بشنتمرية.

(37/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 239
4 (الجُنيد بن يعقوب بن حسن)
أبو القاسم الجيلي، الحنبلي. ولد بجيلان، واستوطن بغداد. تفقّه وتأدّب، وكتب العلم. وسمع: رزق الله التميمي، وأبا الحسن الهكّاري. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر. مات في جُمادى الآخرة.
4 (جرجي الإفرنجي)
وزير الملك رُجّار المتغلّب على مملكة صقلية. كان بطلاً شجاعاً، من دُهاة النّصارى. سار في البحر وأخذ المهدية من المسلمين. ثم سار في البحر بالجيوش، فحاصر القسطنطينية، ودخل فم الميناء، وأخذ عدة شواني، ورمى أصحابه بالنشّاب في قصر الملك. وجرت له مع صاحب القسطنطينية عدة حروب يُنصر في جميعها على ملك القسطيطينية. وكان لا يُصطلى له بنار، فهلك بالبواسير والحصى في ست هذه، وفرح الناس لموته، ولله الحمد على هلاكه.

(37/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 240
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن محمد بن الحسين)
أبو علي الراذاني. نزيل بغداد. سمع من: المبارك بن عبد الجبار بن الطيوري. وتفقّه على: أبي سعيد المخرّمي. ووعظ، وسمع الكثير.) وتوفي فجأة في رابع صفر.
4 (الحسين بن إسماعيل بن الحسن بن علي)
أبو عبد الله النعماني، والنيسابوري. شيخ صالح، من بيت الحديث. سمع: أبا القاسم الواحدي، وأبا بكر بن خلف، وأبا السنابل هبة الله بن أبي الصهباء. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم. وتوفي في العشرين من المحرّم. وروى عنه: عمر العليمي، والمؤيّد الطوسي، والقاسم الصفّار.

(37/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 241
4 (الحسن بن محمد بن علي بن أحمد بن حمدي)
أبو عبد الله الخِرَقي، الشاهد. سمع: أبا عبد الله النعالي. وحدّث. توفي في ذي القعدة.
4 (حرف الخاء)

4 (خلف بن عبد الكريم بن خلف بن طاهر بن محمد بن محمد)
أبو نصر النيسابوري، الشحّامي. سمع: عبد الجبار بن سعيد بن محمد البحيري، وأبا عليّ نصر الله الخُشنامي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم وقال: توفي في المحرّم، ودُفن عند الشّحّاميين.
4 (حرف السين)

4 (سعد بن الرضا بن يزيد)
أبو محمد الهاشمي، الجعفري، الإصبهاني. سمع: عبد الوهاب بن مندة، وطراد الزينبي. أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات في جمادى الآخرة وله ثمانون سنة.
4 (سعد بن محمد بن محمود بن المشّاط)
أبو الفضائل الرازي، المتكلم، الواعظ.) قال أبو سعد السمعاني: له يدٌ باسطة في علم الكلام، وكان يذبّ عن الأشعري، وله قوة في الجدال. وكان يعظ ويتكلم في مسائل الخلاف، لقيته

(37/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 242
بالري، وكان يلبس الحرير، ويخضِب بالسواد، ويحمل معه سيفاً مشهوراً. وسمعت أن طريقته ليست مرضيّة. سمع من أبيه حلية الأولياء، بسماعه من أبي نُعيم. وسمع من: أبي الفرج محمد بن محمود القزويني. وقال لي: ولدت سنة. وتوفي بالري في خامس عشر رمضان.
4 (سعيد بن أبي بكر بن أبي نصر الشعري)
النيسابوري. سمع: عثمان بن محمد المَحمي، وأبا بكر بن خلف. وعنه: أبو المظفّر عبد الرحيم السمعاني. توفي في صفر.
4 (حرف الشين)

4 (شجاع بن علي بن حسن)
أبو المظفّر الشجاعي، السرخسي، البنّاء. رجل صالح. وهو أصغر من أخويه عبد الصمد، والحسن. سمع: محمد بن عبد الملك المظفّري، وأحمد بن عبد الرحمن الدّغولي. مولده قبل السبعين. أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات فجأة في شوال سنة ست وأربعين.

(37/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 243
4 (شُكر بن أبي طاهر أحمد بن أبي بكر)
أبو زيد الأبهري، الإصبهاني، المؤدّب، الأديب. سمع: أبا عبد الله الثقفي، الرئيس. وتوفي في ذي القعدة.
4 (حرف الصاد)

4 (صافي)
) أبو الفضل، مولى ابن الخرقي. بغدادي، مقرئ، مجوّد، صالح، متعبّد. وله إسناد عالي في القراءات، فإنه قرأ على رزق الله التميمي، ويحيى بن أحمد السيبي. وسمع: مالك بن أحمد البانياسي، وغيره. واحترقت كتبه. قال السمعاني: سمعته يقول: سلوا القلوب عن المودات، فإنها لا تقبل الرّشا. سمعتُ منه أحاديث. وتوفي أظن في سنة ست وأربعين، ولم يبق الى سنة سبع، رحمه الله.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن عمروس)
أبو محمد الشلبي، الأندلسي، المالكي. كان فقيهاً، حافظاً، مشاوَراً، لغوياً، فاضلاً.

(37/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 244
سمع: أبا الحسن بن مُغيث، وأبا بكر بن العربي.
4 (عبد الله بن خلف بن بقي)
القيسي، البيّاسي، أبو محمد. أخذ القراءات عن: ابن البيّاز، وابن الدوش. وحج فلقي ابن الشحّام. وبمكة عبد الله بن عمر بن العرجاء صاحب ابن نفيس، وعبد الباقي بن فارس، فحمل عنهم القراءات، وبرع فيها وتصدّر ببلده. وتلا عليه: أبو بكر محمد بن حسنون، وغير واحد. وكان زاهداً، صالحاً، مجاهداً. توفي بعد الأربعين.
4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن)
أبو سعيد الرازي، الحصيري، الضرير. سمع سنن ابن ماجة من أبي منصور محمد بن الحسين المقوّمي. وسمع: واقد بن الخليل القزويني، والفضل بن أبي حرب الجرجاني، وعبد الواحد بن إسماعيل الرويانيّ الفقيه، وجماعة سواهم.

(37/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 245
روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم بن عساكر. وكان فقيهاً، صالحاً، خيّراً.) روى عنه: المؤيَّد الطوسي بالإجازة. توفي في شوال، وله أربع وثمانون سنة.
4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي بكر محمد بن أحمد بن)
عثمان بن أبي الحديد، واسمه الحسين بن أبي القاسم السُلمي: أبو الحسين الدمشقي، خطيب دمشق. سمع: جده أبا عبد الله، وأبا القاسم بن أبي العلاء المصّيصي، وابن الفرات. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابنه القاسم، وأبو اليُمن الكندي، وغيرهم. وتوفي في جمادى الآخرة، وله اثنتان وثمانون سنة. وخطب بعده ابنه الفضل. وروى عنه أبو سعد السمعاني فقال: شيخ، صالح، سليم الجانب، سديد السيرة: سمعتُ منه أجزاء، ودخلت داره المليحة، ورأيت نعل النبي صلى الله عليه وسلم معه. دُفن بمقبرة باب الصغير.
4 (عبد الرحمن بن عبد الجبار بن عثمان بن منصور)

(37/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 246
أبو النصر الفامي، الحافظ الهروي. ولد سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة بهَراة. قال أبو سعد السمعاني: كان حسن السيرة، جميل الطريقة، دمث الأخلاق، كثير الصدقة والصلاة، دائم الذِكر، متودداً، متواضعاً، له معرفة بالحديث والأدب، يُكرم الغرباء، ويفيدهم عن الشيوخ. سمع: أبا اسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، وأبا عبد الله العُميري، ونجيب بن ميمون الواسطي، وأبا عامر الأزدي. وورد بغداد حاجاً، فسمع من ابن الحُصين، وهبة الله بن النجار. كتبتُ عنه بهرَاة ونواحيها. وكان ثقة، مأموناً. مات في الخامس والعشرين من ذي الحجة. قلت: وروى عنه الحافظ ابن عساكر، وأبو رَوح الهروي، وجماعة. وجمع تاريخ هَراة. وليس بمستوعب. ولقبه: ثقة الدين.
4 (عبد الرحمن بن عبد الصمد بن أبي سعيد)
) أبو سعيد القايني، النيسابوي، المقرئ، مقدم القرّاء، وشيخهم، وإمامهم. قرأ على الإمام أبي الحسن الغزّال وتلمذ له وحده، وخدمه مدّة. قال ابن السمعاني: كان إماماً، فاضلاً، صالحاً، ورعاً، كثير العبادة،

(37/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 247
وعُمِّر حتى رحلوا إليه في علم القراءات، فظهر له أصحاب وتلامذة. وقد سمع من: المعتز بن أبي مسلم البيهقي، وأبي بكر محمد بن المأمون علي المتولي، وعلي بن أحمد المديني، ونصر الله الخشنامي. ولد في رجب سنة خمس وسبعين وأربعمائة. وكان أبوه من قاين. روى عنه: أبو سعد، وابنه عبد الرحيم. وتوفي في شوال أو ذي القعدة.
4 (عبد الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم)
أبو القاسم الغسّاني، الدمشقي، السمسار. كان رجلاً خيّراً. وروى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم. توفي في ربيع الآخر.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن سهل بن المحب)
أبو البركات النيسابوري. نظيف، شريف، متودد. سمع: أبا الحسن المديني، وعبد الغفّار الشيرويي، وأبا سعيد القُشيري، وعمر الرؤاسيّ الحافظ. وحدّث. مات في ثالث ذي القعدة في ذكر وخير، وله ستون سنة.
4 (عبد الفتاح بن أميرجة بن أبي سعيد)

(37/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 248
الصيرفي، الهروي، أبو الفتح، نزيل مرو. شيخ صالح، بهي المنظر. سمع من: أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري. روى عنه: ابن السمعاني، وولده عبد الرحيم.) توفي في غرة رمضان.
4 (عبد الملك بن عبد الرزاق بن عبد الله بن علي بن إسحاق بن العباس)
الطوسي، أبو المكارم، ابن أخي نظام المُلك. محتشماً، بذولاً، كريماً، من رجال العلم. سمع: علي بن أحم المديني، وعبد الغفار الشيرويّي. توفي بطوس في رجب. وقد كتب عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم.
4 (علي بن عبد الله بن محمد بن عبد الباقي بن أبي جرادة)

(37/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 249
أبو الحسن العقيلي، الحلبي، المعروف بالأنطاكي لسُكناه بحلب عند باب أنطاكية. ذكره ابن السمعاني، وقال: غزير الفضل، وافر العقل، دمث الأخلاق، له معرفة بالأدب، والحساب، والنجوم، وله خط حسن. رأيته بحلب، وقد قدم بغداد سنة سبع عشرة وخمسمائة. وكتب عن جماعة. وسمع بحلب من: عبد الله بن إسماعيل الحلبي، وهو أجود شيخ له، وأبا الفتيان محمد بن سلطان بن حيّوس. وقرأتُ عليه الأجزاء في منزله، وعلّقت عنه قصائد، وخرجت من عنده يوماً فرآني بعض الصالحين، فقال: أين كنت قلت: عند أبي الحسن بن أبي جرادة، قرأتُ عليه شيئاً من الحديث. فأنكر عليّ وقال: ذاك يُقرأ عليه الحديث قلت: هل هو إلا متشيّع يرى رأي الحسين. فقال: ليته اقتصر على هذا، بل يقول بالنجوم، ويرى رأي الأوائل. قال: وسمعت بعض الحلبيين بدمشق يتّهمه بمثل هذا. وقال أبو الحسن: ولدت في سنة إحدى وستين وأربعمائة. توفي ظناً سنة ست وأربعين. قال: وقرأت عليه الموطّأ لابن وهب بروايته عن أبي الفتح بن الجلي عبد الله بن إسماعيل، عن أبي الحسن بن الطيوري، عن القاضي أبي محمد الصابوني، عن محمد بن عبد الله بن عبد الكريم، عنه.
4 (علي بن عبد العزيز بن عبد الله بن السّمّاك)
) سمع: أبا نصر الزينبي، ورزق الله التميمي، وجماعة.

(37/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 250
قال ابن السمعاني: كان يحضر معنا مجالس الحديث، ويسمع على كبر السن. قال لي: ولدت سنة أربع وستين وأربعمائة. وقال ابن الجوزي: كان ثقة من أهل السنّة الجياد. روى لنا عن: أبي الفضل بن الطيب. قلت: وروى عنه: عبد الخالق بن أسد، وعبد الرزاق الجيلي، ويوسف بن المبارك، وجماعة. وتوفي في شوال.
4 (علي بن محمد بن محمد بن الفراء)
أبو الفرج بن أبي خازم بن القاضي أبي يَعلى الحنبلي. سمع: أبا عبد الله النعالي فمن بعده. وتوفي في ثاني عشر رمضان. وصلى عليه ولده القاضي أبو القاسم عبيد الله. كتب عنه ابن السمعاني أحاديث.
4 (علي بن مرشد بن علي بم مقلَّد بن نصر بن منقذ)
عز الدولة، أبو الحسن الكناني، الشيزري. ولد بشيزر، وكان أكبر إخوته، في سنة سبع وثمانين وأربعمائة. وكان ذكياً، شاعراً، جندياً. دخل بغداد، وسمع من: قاضي المرستان أبي بكر، وغيره.

(37/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 251
وله الى أخيه أسامة:
(لقد حمل الغادون عنك تحية .......... إليّ كنشر المسكِ شيبت به الخمرُ)

(فيا ساكناً قلبي على خفقانه .......... وطرفي وإن رواه من أدمعي بحرُ)

(لك الخير همي مذ نأيتَ مروعٌ .......... وصبري غريب لا يُنهنه الزّجر)

(ولو رام قلبي سلوةً عنك صدّه .......... خلائقكَ الحُسنى وأفعالُك الغرّ)

(كأن فؤادي كلما مرّ راكبٌ .......... إليك جناحٌ رام نهضاً به كسرُ)
استُشهد عز الدولة بعسقلان في هذا العام.
4 (علي بن هبة الله بن علي بن رهمويه)
أبو الحسن الأزجي. سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وأبا جعفر محمد بن أحمد البخاري قاضي حلب.) قال ابن السمعاني: كتبت عنه، وكان له تقدّم وثروة. وسماعه صحيح. توفي في سادس ذي القعدة.

(37/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 252
4 (علي بن يحيى بن رافع بن عافية)
أبو الحسن النابلسي، المؤذّن بمنارة باب الفراديس. سمع: أبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وأحمد بن عبد المنعم الكريدي، وجماعة. روى عنه: القاسم بن عساكر، ووالده. وقال: كان ملازماً للحضور في حلقتي، وسقط من المنارة في جمادى الآخرة، فبقي ثلاثة أيام ومات، رحمه الله تعالى.
4 (عمر بن علي بن الحسين بن أحمد بن محمد بن أبي ذر)
أبو سعد المحمودي، الطالقاني، ثم البلخي. ولد ببلخ سنة سبع وخمسين وأربعمائة. وسمع: الحافظ أبا علي الحسن بن علي الوخشي، ومنصور بن محمد البِسطامي، وغيرهما. وهو آخر من حدّث عنهما. قال ابن السمعاني: كان فاضلاً، عالماً، صالحاً، كثير التهجّد والعبادة، لطيف السمع. توفي في أواخر رمضان. قلت: وأجاز لعبد الرحيم بن السمعاني، وروى عنه الافتخار الهاشمي، وغيره.

(37/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 253
4 (حرف الفاء)

4 (الفرج بن أحمد بن محمد بن الخراساني)
أبو علي البغدادي، الخريمي، ويُعرف بابن الأخوّة. قال ابن السمعاني: شاب فاضل، ديّن، له معرفة كاملة باللغة والآداب. سمع: أبا الحسين بن الطيوري، وأبا الحسن بن العلاف. كتبت عنه، وتوفي في رابع عشر جمادى الآخرة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن الفضل)
الإمام أبو بكر المهرجاني، الإسفرائيني، البيّع. فقيه صالح، سمع: الحسن بن أحمد السمرقندي، وعبد الواحد بن

(37/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 254
القشيري، وغيرهما.) وولد سنة سبعين وأربعمائة، وخرج ليحجّ فتوفي بالكوفة في ذي القعدة. قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه جزءاً. قال: أنبا الحسن السمرقندي، أنا منصور بن نصر الكاغذي، فذكره.
4 (محمد بن أحمد بن عمر بن بكران)
أبو الفتح الأنباري، ابن الخلال. إمام جامع الأنبار. قرأ الحديث على أبي الحسن الأنباري، الأقطع. وسمع من: أبي طاهر بن أبي الصقر. وكان مولده في سنة خمس وستين وأربعمائة. روى عنه: أبو القاسم عبد الله بن محمد بن النفيس الأنباري، وغيره.
4 (محمد بن أحمد بن مكي بن الغريب)
أبو السعادات المقرئ، الضرير. كان طيب الصوت، عارفاً بالألحان، مشهوراً. سمع: أبا نصر الزينبي. توفي في جمادى الآخرة.
4 (محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى بن هشام)
أبو عبد الله الخزرجي، الأنصاري، الجيّاني، المعروف بالبغدادي لسُكناه بها. أخذ عن: أبي علي الغساني، وحجّ ودخل بغداد ولقي: إلكِيا أبا الحسن، وأبا بكر الشاشي، وأبا طالب الزينبي. وكان فقيهاً، مشاوَراً، فاضلاً، حدّث عنه: أبو عبد الله النميري، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، وأبو عبد الله بن حُميد، وعبد الرحمن بن الملجوم، وغيرهم.

(37/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 255
ومولده في سنة سبعين وأربعمائة. وتوفي بفاس في ذي الحجة، وكان قد قدِمها، وحدّث بها.
4 (محمد بن إدريس بن عبيد الله)
) أبو عبد الله البلنسي، المخزومي. لقي أبا الوليد الوقشي ولازمه. وصحب: أبا محمد الركلي، وأبا عبد الله بن الجزار. ومع من: عبد الباقي بن بزال، وخُليص بن عبد الله. قال الأبّار: كان متحققاً بالحديث، واللغة، والأدب. روى عنه: أحمد بن سليمان، وعلي بن إدريس الزناتي، وأبو محمد بن سفيان.
4 (محمد بن أسعد بن علي بن الموفق)
أبو الفتح الهروي. سمع: محمد بن نصر السامي، وغيره. كتب عنه: السمعاني.
4 (محمد بن إسماعيل بن أميرك بن أميرك بن إسماعيل بن جعفر بن القاسم بن جعفر بن محمد)
بن زيد بن علي بن ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين السيد أبو الحسن العلوي، الحسيني، الهروي. قال ابن السمعاني: كان عالماً زاهداً، كثير الخير، سنياً، حسن السيرة. سمع: شيخ الإسلام، وأبا عطاء الجوهري، وأبا سهل الواسطي. سمعتُ منه الكثير بهَراة.

(37/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 256
ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وتوفي بهراة في ذي القعدة. قلت: أنا ابن عساكر، عن أبي روح، أنا الإمام أبو الحسن محمد بن إسماعيل بن أميرك الحسني، أنا أبو عامر الأزدي، فذكر حديثاً.
4 (محمد بن الحسن بن أبي قُدامة)
الأمير أبو قُدامة القرشي، الهروي. صدر معظّم، سمع إسماعيل بن عبد الله الخازمي، ونجيب الواسطي. أخذ عنه: السمعاني. كان مولده في رجب سنة سبعين.
4 (محمد بن زيادة الله)
) أبو عبد الله بن الخلال المُرسي، والد القاضي أبي العباس. قال الأبّار: سمع من أبي علي بن سُكّرة. وكان شيخاً جليلاً، معظّماً. توفي في ذي القعدة.
4 (محمد بن عبد الله)
أبو بكر بن العربي. مرّ.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن أحمد)
العلامة أبو عبد الله البخاري، الواعظ، المفسّر. قال السمعاني: كان إماماً متقناً. قيل إنه صنّف في التفسير كتاباً أكثر من ألف جزء.

(37/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 257
وأملى في آخر عمره عن: أبي نصر أحمد بن عبد الرحمن الربغذموني، ولكنه كان مجازفاً متساهلاً. مات في جمادى الآخرة. كتب إليّ بالإجازة.
4 (محمد بن عبد الخالق بن عزيز بن أحمد)
أبو النور المُضري، الإصبهاني. سمع حضوراً من أبي عمرو مندة. مولده في حدود سنة سبعين. أخذ عنه: السمعاني.
4 (محمد بن محمد بن حسين بن صالح)
العلامة، زين الأئمة، أبو الفضل البغدادي، الفقيه، الحنفي، الضرير. سمع: أبا الفضل بن خيرون، وأبا طاهر أحمد بن الحسن الكرخي، وغيرهما. وعنه: ابنه إسماعيل، ويوسف بن المبارك الخفّاف. وكان من كبار الحنفية. درّس بمشهد أبي حنيفة نيابةً عن قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي. ثم درّس بالغياثية. وكان صالحاً، ديّناً. توفي في ربيع الأول.
4 (محمد بن الموفق بن محمد)
)

(37/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 258
أبو الفتح الجرجاني. عدل عالم. سمع: العميري، ونجيب بن ميمون. وعنه: السمعاني.
4 (منصور بن حاتم)
أبو القاسم الهروي، رجل صالح. سمع: محمد بن أبي مسعود الفارسي، وأبا عطاء الجوهري. كتب عنه: السمعاني، وقال: توفي بهراة في شعبان.
4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن منصور بن سهل)
أبو الفتوح الدويني الجَنزي. ودُوين: بُليدة من آخر بلاد أذربيجان من جهة الروم.

(37/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 259
كان فقيهاً، صالحاً، مستوراً، لقبه: كمال الدين. قدم بغداد وتفقّه بها بالنظامية على أبي حامد الغزالي. وسمع بنيسابور من: أبي الحسن المديني، وأبي بكر أحمد بن سهل السرّاج، وعبد الواحد بن القشيري، وغيرهم. وحدّث ببلخ. كتب عنه أبو سعد السمعاني، وقال: مات ببلخ في أواخر رمضان. وقد انتخبتُ عليه جزأين.
4 (نوشتكين بن عبد الله)
الرضواني، مولى أبي الفرج محمد بن أحمد بن عبد الله بن رضوان المراتبي. قال السمعاني: شيخ صالح، متودد كثير الذكر، أصابته علة أقعدته في بيته. وقرأت عليه الجزء الثالث من انتقاء البقّال على المخلّص، وكان يكتب اسمه أنوشتكين، بألف. سمع: أبا القاسم بن البُسري، وعاصم بن الحسن، وغيرهما. روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وأبو سعد السمعاني، وأبو اليُمن الكندي، والفتح بن عبد السلام. وبالإجازة أبو منصور بن عُفَيجة، وأبو المحاسن محمد بن لقمة، وغير واحد.) وقد سمع أيضاً من الإمام أبي إسحاق الشيرازي. وقع لنا الجزء الأول من فوائده. وتوفي في سادس عشر ذي القعدة، وله اثنتان وثمانون سنة. قرأتُ على محمد بن علي الواسطي: أخبركم محمد بن السيد الأنصاري سنة اثنتين وعشرين وستمائة، بالمزّة، أنا نوشتكين الرضواني في

(37/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 260
كتابه، أنا علي بن أحمد البُندار سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، أنا محمد بن عبد الرحمن: ثنا البغوي، ثنا شُجاع بن مَخلد، نأنا هُشيم، عن يونس، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك، قال: نُهينا أن يبيع حاضرٌ لباد وإن كان أخاه لأبيه وأمه. رواه مسلم عن يحيى بن يحيى بن هُشيم، وسقط من سماعنا لفظة: عن.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن عبد الواحد بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوزان)
أبو الأسعد القشيري، النيسابوري، خطيب نيسابور، وكبير القشيرية في وقته. قال أبو سعد السمعاني: كان يرجع الى فضل وتمييز، ومعرفة بعلوم القوم، ظريف، حسن الأخلاق، متودد، سليم الجانب. ورد بغداد حاجاً، وسمع جزء ابن عرفة من ابن نبات حضوراً من جدّه. وسمع من: جدته فاطمة بنت الدقاق، وأبيه، وعمّيه أبي سعد، وأبي

(37/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 261
منصور، وأبي صالح المؤذن، وأبي نصر عبد الرحمن بن علي التاجر، وأبي سهل الحفصي، ومحمد بن عبد العزيز الصفّار، وأبي بكر محمد بن يحيى بن إبراهيم المزكي، وأبي الفتح نصر بن علي الحاكمي، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وطائفة سواهم. قلت: وحدّث بمُسند أبي عوانة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، عن أبي نُعيم الأسفرائيني، عنه. وسمع سنن أبي داود، من نصر الحاكم وصحيح البخاري من أبي سهل الحفصي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه أبو المظفّر عبد الرحيم، وأبو القاسم بن عساكر، والمؤيد بن محمد الطوسي، والمؤيد بن عبد الله القشيري، والقاسم بن عبد الله بن عمر الصفّار، وسمعا منه مسند أبي عوانة، وأبو روح المطهّر بن أبي بكر البيهقي، وأبو الفتوح محمد بن محمد بن محمد البكري، وآخرون.) ومولده في العشرين من جُمادى الأولى سنة ستين وأربعمائة. وسمع في الخامسة من جده أبي القاسم. وأملى مجالس كثيرة. ولم يقل في شيء منها ولا في الأربعين السباعيات: أنبا جدي حضوراً. وقد سمع أيضاً من: الزاهد عبد الوهاب بن عبد الرحمن السُلمي، والسيد أبي الحسن محمد بن محمد بن زيد العلوي، وأبي سعد عبد الرحمن بن منصور بن رامِش، وإسماعيل بن عبد الله الخشّاب، وشبيب بن أحمد البستيغي.

(37/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 262
وروى بالإجازة عن: أبي نصر محمد بن محمد الزينبي، وغيره. وسماعه لصحيح البخاري في سنة خمس وستين وأربعمائة من الحفصي عن الكُشميهني. وكان أسند من بقي بخُراسان وأعلاهم رواية. قال أبو سعد: وكانت الرحلة إليه، وظهر به صمم، ومع ذلك كان يسمع إذا رفع القارئ صوته. وسمعت أصحابنا يقولون: إنه ادعى سماع الرسالة من جده، وما ظهر له عن جده إلا أجزاء من حديث السرّراج، ومجالس من أماليه، وكتاب عيون الأجوبة في فنون الأسولة. توفي في ثالث عشر شوال، ودُفن من الغد. أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنبأنا إسماعيل بن عثمان النيسابوري، ثنا أبو سعد هبة الرحمن إملاءً، أنا أبو بكر يعقوب بن أحمد، أنا الحسن بن أحمد المَخلدي، أنا المؤمّل بن الحسين الماسرجسي، ثنا الحسن بن محمد الزعفراني، ثنا بكر بن بكّار، عن سفيان الثوري، عن زيد بن أسلم، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جُعل قاضياً فقد ذُبح بغير سكين. تفرّد به بكر، وليس بحجة.

(37/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 263
4 (حرف الياء)

4 (يوسف بن عبد العزيز بن يوسف بن عمر بن فيرُّه)
الحافظ، أبو الوليد، ابن الدبّاغ، اللخمي، الأندلسي، الأُندي، نزيل مُرسية. قال ابن بشكوال: روى عن أبي علي الصدفي كثيراً، ولازمه طويلاً. وأخذ عن جماعة من شيوخنا، وصحبنا عند بعضهم. وكان من أجل أصحابنا وأعرفهم بطريقة الحديث، وأسماء الرجال، وأزمانهم، وثقاتهم، وضُعفائهم وأعمارهم، وآثارهم، ومن أهل العناية الكاملة بتقييد) العلم، ولقاء الشيوخ. لقي منهم كثيراً، وكتب عنهم، وسمع منهم، وشوور في الأحكام ببلده، ثم خطب به وقتاً. وقال لي مولده في سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. قلت: روى عنه ابن بشكوال، والوزير أبو عبد الملك مروان بن عبد العزيز التُجيبي البلنسي، وأحمد بن أبي المطرِّف البلنسي، وأحمد بن سلمة الدورقي، ومحمد بن الشيخ أبي الحسن بن هُذيل، وآخرون. وله جزء صغير في تسمية طبقات الحفاظ، وعاش خمساً وستين سنة. رأيت برنامجه، وفيه كتب كثيرة من مروياته.

(37/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 264
4 (يوسف بن عمر الحربي)
الزاهد، العابد، أبو يعقوب الحربي، المقرئ. والد يعقوب، وعبد المحسن. زاهد، ورع، قوّال بالحق، بقية سلف. روى عن: أحمد بن عبد القادر بن يوسف. روى عنه: أحمد بن طارق، وعمر بن أحمد المقرئ، وغيرهما. قال مرة: ما يعرف المتكبّر إلا متكبر، مثله. مات في ذي الحجة. قلت: يمكن أن يعرفه بأنه كان متكبراً وتاب.
4 (يحيى بن أحمد بن بدر)
أبو القاسم الموصلي. سمع: ابن طلحة النعالي، والطريثيثي. وعنه: محمد الخشّاب.
4 (يحيى بن المظفّر بن محمد)
أبو المواهب الكاتب. سمع: أبا نصر الزينبي، وأبا منصور بن عبد العزيز العُكبري. وعنه: أبو شجاع بن القزون. مات في ربيع الآخر، وله ستٌ وثمانون سنة.)

(37/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 265
4 (وفيات سنة سبع وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن أبي دلَف)
الفقيه، أبو دلف الطوسي، الرزّاني. ورزّان: على فرسخين من طوس. فقيه، إمام، عارف بالمذهب، حسن السيرة. سمع: أبا منصور بن علي الكراعي، ويحيى بن علي الحلواني. وتوفي كهلاً في أواخر رجب. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني.
4 (أحمد بن جعفر بن عبد الله بن جحاف)
أبو محمد المعافري، البلنسي. سمع من: أبي داود المقرئ، وأبي علي بن سكّرة. وولي قضاء بلنسية، وحُمدت سيرته. وكان من سروات الرجال وعلمائهم.
4 (أحمد بن عبيد الله بن الحسين)

(37/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 266
أبو محمد بن الأغلاقي، الواسطي، المقرئ، الزاهد. سمع من: أبي المعالي بن شاندة، وأبي البركات أحمد بن نفيس، ونصر بن البطِر، وأحمد بن يوسف. وقرأ القرآن على أبي الخطاب بن الجراح. وكان يقرئ الناس، ويقصد للتبرك. روى عنه: عبد الوهاب بن سُكينة. وقد سأل السلفي خميساً، عن أبي محمد الآمدي هذا، فقال: متحقق بالسنّة، صاحب مسجد لا يُعاب بشيء. وقال السمعاني: ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وكتبت عنه بواسط. قلت: مات في العشرين من شوال، وشيّعه الخلق، رحمه الله.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر)
أبو الفتح الخُلمي، وخُلم: من نواحي بلخ.) تفقّه ببخارى مدة، وكان صالحاً، متصوناً. كانت إليه ببلخ التزكية، وكان ينوب عن قاضيها. وحج سنة سبع عشرة. وسمع ببغداد من: أبي سعد بن الطيوري. وسمع بمكة، وببخارى، وكان مولده سنة. وتوفي في صفر.

(37/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 267
4 (أحمد بن منير)
الطربلسي، الشاعر. يأتي في سنة ثمان. وقيل: توفي سنة سبع.
4 (إبراهيم بن صالح)
أبو إسحاق بن السمّاذ المرادي، الأندلسي، المريي. أخذ القراءات عن: أبي الحسن بن شفيع، وعلي بن محمد البُرجي. وسمع من: أبي علي بن سكّرة. وحج وأخذ بالإسكندرية عن الطرطوشي، والرازي صاحب السداسيات. روى عنه: أبو عبد الله بن حُميد، وأبو بكر بن أبي جمرة. توفي بلورقة.
4 (حرف التاء)

4 (تمرتاش بن إيلغازي بن أُرتُق)
الأمير حسام الدين التركماني، الأُرتقي، صاحب ماردين، وميّافارقين. ولي الملك بعد والده، فكانت مدته نيفاً وثلاثين سنة.

(37/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 268
وولي بعده ابنه نجم الدين النبي، والمُلك في عقبه إلى اليوم.
4 (حرف الجيم)

4 (جامع بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن أبي نصر)
أبو الخير النيسابوري، الصوفي، السقّاء، الرّام. كان يعلّم الشبان الرمي، وكان صالحاً، مستوراً.) سمع: أبا سعيد محمد بن عبد العزيز الصفّار، وأبا بكر بن خلف، وأبا بكر محمد بن يحيى المزكي. روى عنه: المؤيّد الطوسي، وعبد الرحيم بن السمعاني، وغيرهما. ولد سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. وتوفي سنة سبع أو ثمان وأربعين. قال عبد الرحيم: سمعتُ منه كتاب الأمثال والاستشهادات للسلمي، عن الصفّار، عن السلمي، وكتاب طبقات الصوفية، عن السلمي المصنّف، وكتاب محن مشايخ الصوفية، عن محمد بن يحيى الكزكّي، عن مصنّفه السلمي.
4 (الجنيد بن محمد)

(37/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 269
أبو القاسم القايني، نزيل هَراة. توفي في شوال في هذه، وقيل سنة ست. وقد تقدّم ذكره. فيحوّل الى هنا، لأنه ظهر لي أن سنة ست وهم وكان إماماً، ورعاً، متعبداً. وكان شيخ الصوفية في رباط فيروزاباد بظاهر هَراة أربعين سنة. سمع بطبس أبا جعفر محمد بن أحمد الحافظ. وبإصبهان: أبا بكر بن ماجة الأبهري، وسليمان الحافظ. وبمرو: أبا المظفّر السمعاني، وأبا منصور بن شكرويه. وبهراة: محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون. قال أبو سعد السمعاني: سمعت منه جماعة كتب. ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة. قال: وتوفي في رابع عشر شوال. وقد أورده ابن النجار في تاريخه فقال: كان فقيهاً، فاضلاً، محدثاً، صدوقاً، موصوفاً بالزهد والعبادة، تفقه على أبي المظفّر السمعاني، وسمع الكثير، وحصّل الأصول، وحدّث بجميع ما سمع. سمع بقاين: الحسن بن إسحاق التوني.

(37/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 270
وبطبس: الحافظ محمد بن أحمد بن أبي جعفر.) وبنيسابور: وبهراة، وإصبهان. روى عنه: ابن ناصر، وابن عساكر.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسين بن أبي القاسم بن أبي سعد)
أبو الفتح النيسابوري، القمّاصي، نسبة الى بيع القُمص. قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، خيّر. سمع: أبا الحسن أحمد بن محمد الشجاعي، وعبد الواحد بن القشيري. وببغداد: أبا القاسم بن بيان. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وسأله عن نسبته، فقال: كان جدي يبيع القمصان. ومولدي في سنة خمس وسبعين. وقال: توفي إن شاء الله بنيسابور في سنة سبع وأربعين، رحمه الله.
4 (حرف الراء)

4 (رزق الله بن الإمام أبي الحسن محمد بن عبد الملك بن محمد)
الكرجي، أبو معشر. ورد بغداد مع والده. وسمع: أبا الحسن بن العلاف، وابن بيان. وبنيسابور: عبد الغفار بن محمد الشيرويي. مات بهراة في ربيع الآخر.

(37/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 271
4 (حرف السين)

4 (سعد بن المعتز بن الفضل بن محمد)
الرئيس، أبو الوفاء الإسفرائيني، من رؤساء بلده. سمع: محمد بن الحسين بن طلحة المهرجاني. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. وكان مولده في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
4 (سعيدة بنت زاهر بن طاهر بن محمد)
) أم خلف الشحّامية. صالحة، عالمة. تفردت بأشياء. وسمّعها أبوها، وهي إن شاء الله أكبر أولاد زاهر. سمعت من: جدها، ومن: عبد الرحمن بن رامش، وعثمان بن محمد المحمي، وأبي بكر بن خلف. وولدت سنة ثمان وستين وأربعمائة. قال ابن السمعاني: وقيل إنها لما مرضت كانت تقرأ سورة الكهف، فلما بلغت الى قوله: لهم جنات الفردوس نُزُلاً ماتت، وذلك في سابع رمضان. روى عنها: عبد الرحيم بن السمعاني، وأبوه.
4 (سفيان بن إبراهيم بن عمرو عبد الوهاب بن الحافظ أبي عبد الله بن مندة)

(37/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 272
أبو محمد الفَيدي، الإصبهاني. قال ابن السمعاني: شيخ صالح، كثير الصلاة. سمع: أبا عبد الله الثقفي، وأحمد بن عبد الرحمن الذكواني، وجماعة. وببغداد: أبا الخطاب بن البطر. وقال: قرأت عليه ثلاثة عشر جزءاً من فوائد ابن مردويه. وتوفي في ربيع الأول بإصبهان.
4 (سهل بن عبد الرحمن بن أحمد بن سهل بن محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدان)
أبو القاسم السرّاج، الزاهد، النيسابوري، نزيل طوس. تفقه على: أبي نصر القشيري. وبرع في الفقه، والكلام، واللغة. ثم اشتغل بالعبادة، ولزم العزلة. سمع أبا الحسن علي بن أحمد المؤذن، ونصر الله الخُشنامي، وأبا علي بن نبهان، وابن بيان. قال ابن السمعاني: ورد علينا مرو، فسمعتُ منه مُسند الشافعي، بروايته عن الخُشنامي، عن الحيري. وتوفي، رحمه الله، بالري في أول ذي القعدة.
4 (حرف العين)

4 (عاصم بن خلف بن محمد بن عتّاب)
أبو محمد التُجيبي، البلنسي.)

(37/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 273
روى عن: صهره أبي الحسن بن واجب. وتفقه بأبي محمد عبد الله بن سعيد الوجدي. وأخذ عن أبي محمد البطليوسي. قال الأبّار: وكان لسِناً، فصيحاً، جزلاً، مهيباً، صادعاً بالحق، مُقلاً، صابراً، غلب عليه علم الرأي. ودرس المدوّنة دهره. وتوفي في سجن بلنسية، وقد بلغ السبعين.
4 (عبد الله بن أبي مطيع أحمد بن محمد بن مظفّر)
أبو بكر الهروي، ثم المروزي. قال السمعاني: كان شيخاً، مسناً، جلداً، من أولاد العلماء. سمع البخاري من: أبي الخير محمد بن موسى الصفّار. وسمع من: نظام المُلك أبي علي. وولد في جمادى الأولى سنة ست وستين وأربعمائة. وتوفي في نصف صفر. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وأبوه.
4 (عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن سهل بن أحمد بن سهل بن أحمد عبدوس)
أبو القاسم الجرجاني، الشجري، الصوفي، ثم النيسابوري. قال أبو سعد: كان صالحاً، مُكثراً من الحديث، حريصاً على طلبه. يختص بالشمّاسية، ويصلي عندهم. ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وكتب بخطّه عن جماعة من أصحاب الحيري مع والدي. سمع: أبا الحسن المديني، وأبا سعيد القشيري، والفضل بن عبد الواحد التاجر. وحج سنة إحدى وخمسمائة. وسمع: أبا سعيد بن خُشيش، وغيره.

(37/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 274
وسمع بشيراز: أبا شجاع محمد بن سعدان، وجماعة. وأخرج جزءاً وقال: سمعته من أبي نصر الزينبي. فقلت: لا تقل هذا، فإنك ما لحقته، ولعلك سمعته من أبي طالب الحسين أخيه.) وقلت له: ترجع عن هذا القول فكان متوقفاً في الرجوع. والظاهر أنه ما تعمّد الكذب في هذا القول. وكان قد اتقل الى مسجد وخلا لنفسه، ولا يدخل البلد إلا في بعض الأوقات. قلت: روى عنه أبو نصر السمعاني، وهو والد عبد الرحيم، وزينب الشعرية. توفي سنة سبع أو ثمان وأربعين. قاله أبو سعد.
4 (عبد الرزاق بن علي بن الحسين بن عبد الرزّاق)
أبو بكر الكَرماني، ثم الهمذاني، إمام، فقيه، فاضل، عارف بالفقه واللغة. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان الكاتب. وولد بكرمان سنة ثمانين وأربعمائة. وتوفي، رحمه الله في جمادى الآخرة.
4 (عبد المعز بن عطاء بن عبيد الله)
المعدّل، أبو المظفّر الهروي، الشروطي. كان يُضرب به المثل في حُسن كتابة السجلات والوثائق. سمع: أبا سهل نجيباً الواسطي، وأبا عطاء بن المليحي. توفي في خامس رجب.

(37/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 275
4 (عبد المولى بن محمد بن أبي عبد الله)
الفقيه، أبو محمد المهدوي اللبني، بالسكون. ولبنة من قرى المهدية. قال شيخنا أبو حامد بن الصابوني، فيما أجاز لنا: سمع من جماعة ببغداد، ومكة، والشام، ومصر، وحدّث عن الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي بمصر، وبها توفي في سنة سبع وأربعين. سمع منه: ابنه الفقيه محمد، والشيخ علي بن إبراهيم ابن بنت أبي سعد. وتوفي ابنه سنة أربع وتسعين.
4 (علي بن نجا بن أسد)
مؤذّن مئذنة العروس بدمشق. سمع: سهل بن بشر الإسفرائيني. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وقال: توفي في صفر. ورأيته يبوّل غير مرة عند الحوض،) مكشوف العورة.
4 (عمران بن علي)
أبو موسى الفاسي، المغربي، الضرير، الفقيه المالكي، المقرئ. جال في الآفاق، ودخل مصر، والشام، واليمن، وفارس، وخراسان، ووراء النهر. قال أبو سعد السمعاني: كتبتُ عنه، وسمع بقراءتي، وكان قد حُبّب إليه التطواف في الأقاليم. ومات ببلخ.

(37/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 276
4 (حرف الغين)

4 (غالب بن أحمد بن المسلم)
أبو نصر الأدمي، الدمشقي. سمع: أبا الفضل بن الفرات، وأبا الحسين بن زهير. وعنه: ابن عساكر، وابنه القاسم.
4 (حرف اللام)

4 (لوط بن علي)
الإصبهاني، أبو مطيع الخباز. سمع: أبا مطيع المصري، وغيره. أخذ عنه: السمعاني. لعله توفي في هذا العام.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إسماعيل بن الحافظ أبي صالح أحمد بن عبد الملك)
النيسابوري، المؤذّن، الإمام أبو عبد الله. إمام كبير، فاضل، مناظر، فقيه. سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وعليّ بن أحمد المديني. ومولده في سنة ثمانين وأربعمائة. وقد انتقل به أبوه الى كرمان فسكنها.

(37/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 277
قال أبو الفرج بن الجوزي: قدم الى بغداد رسولاً من صاحب كرمان في سنة ست وثلاثين.) وقدم رسولاً الى السلطان في سنة أربع وأربعين. وتوفي في ذي القعدة سنة سبع بكرمان. وقد سمع منه ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم بنيسابور لمّا قدمها بعد الأربعين. قال ابن النجار: روى عنه عبد الواحد بن سلطان.
4 (محمد بن جعفر بن خيرة)
أبو عامر، مولى ابن الأفطس، البلنسي. سمع: أبا الوليد الوقشي، ولازمه. وقد تُكلِّم في روايته عنه لصغره. وسمع من: أبي داود، وطاهر بن مفوّز. وولي خطابة بلنسية مدة. وطال عمره، وجمع كتباً كثيرة. حدّث عنه: أبو القاسم بن بشكوال، وأبو عبد الله بن حُميد، وأبو بكر بن أبي جمرة، وعبد المنعم بن الفرس. وتوفي في ذي القعدة رحمه الله، وقد قارب المائة.
4 (محمد بن الحسن بن محمد بن سعيد)
الأستاذ، المقرئ، أبو عبد الله الداني، المعروف بابن غلام الفرس، وبابن الفرس. وهو لقب رجل من تجّار دانية. أخذ أبو عبد الله القراءات عن: أبي داود، وأبي الحسن بن الدوش، وأبي

(37/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 278
الحسين بن يحيى بن أبي زيد بن البياز، وأبي الحسن بن شفيع. وسمع من: أبي علي بن سكّرة، وأبي محمد بن أبي جعفر. وحجّ سنة سبع وعشرين، فسمع من: أبي طاهر السلفي، وأبي شجاع البسطامي. ذكره الأبّار قال: تصدّر بعد الثلاثين وخمسمائة للإقراء، والرواية، وتعليم العربية، وكان صاحب ضبط وإتقان، مشاركاً في علوم جمة يتحقق منها بعلم القرآن والأدب. وكان حسن الضبط والخط، أنيق الوراقة. رحل الناس إليه للسّماع منه والقراءة عليه، وولي خطابة دانية. وكان مولده في سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. قلت: قرأ عليه جماعة منهم محمد بن علي بن أبي العاص النفّزي شيخ الشاطبي، وأبو جعفر أحمد بن علي الحصّار شيخ علم الدين القاسم اللورقي، وعبد الله بن يحيى بن صاحب الصلاة،) ويوسف بن سليمان البلنسي، وأبو الحجاج يوسف بن عبد الله الداني.
4 (محمد بن خلف)
أبو الحسن الغساني، اللبلي، الشلبي. أخذ القراءات عن: إسماعيل بن غالب، وأبي القاسم بن النخّاس، وسمع منه، ومن: ابن شيرين. وعُني بالفقه، وشوور في الأحكام، وولي قضاء شِلب. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (محمد بن علي بن المبارك)
أبو المفضّل الواسطي، ثم البغدادي، الحمّامي، الصائغ.

(37/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 279
سمع: رزق الله التميمي، وأبا طاهر الباقلاني. كتب عنه: السمعاني، وقال: توفي في جمادى الآخرة.
4 (محمد بن علي بن الحسن بن سلْم بن العباس)
الخصيب، التميمي، الأزجي. سمع: رزق الله التميمي، وابن طلحة النّعالي، وغيرهما. وعنه: أبو سعد السمعاني، وأحمد بن الحسن العاقولي. وهو ابن عم الخصيب ابن المؤمّل توفي في رجب، وله اثنتان وثمانون سنة.
4 (محمد بن عمر بن يوسف بن محمد)
القاضي، أبو الفضل الأرموي، الفقيه، الشافعي. من أهل أُرمية. ولد سنة تسع وخمسين وأربعمائة ببغداد. وسمّعوه من: زبي جعفر ابن المسلمة، وأبي الحسين بن المهتدي بالله، وعبد الصمد بن المأمون، وأبي بكر محمد بن علي الخيّاط، وجابر بن ياسين. وتفرد بالرواية عنهم بالسّماع. وسمع أيضاً من: أبي الحسين بن النّقّور، وأبي نصر الزينبي. قال ابن السمعاني: هو فقيه، إمام، متدين، ثقة، صالح، حسن الكلام في المسائل، كثير التلاوة للقرآن. تفقّه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي.) وقال ابن الجوزي: سمعت منه بقراءة شيخنا ابن ناصر، وقرأت عليه

(37/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 280
كثيراً من حديثه. وكان فقيهاً. تفقه على أبي إسحاق. وكان ثقة، ديّناً، كثير التلاوة. وكان شاهداً فعُزل. وتوفي في رجب. قلت: في رابعه. وقد حدّث عنه: السِّلفي، وابن عساكر، وابن السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وعمر بن طبرزد، وإبراهيم بن هبة الله بن البُتيت، والقاضي أبو المعالي أسعد بن المُنجّى، ومحمد بن علي بن الطُراح، والمبارك بن صدقة الحاسب، ويونس بن يحيى الهاشمي، والشيخ عمر بن مسعود البزّاز، وعلي بن يحيى الحمامي ابن أخت ابن الجوزي، وزاهر بن رستم، وعبد اللطيف بن أبي النجيب الشهرزوري، وعثمان بن إبراهيم بن فاسي السيبي، وأخوه إسماعيل، وشجاع بن سالم البيطار، وأبو اليُمن زيد بن الحسين الكندي، وداود بن مُلاعب، وأخته حفصة، وسِبط الأرموي يوسف بن محمد بن محمد بن عمر، وموسى بن سعيد ابن الصيقلي الهاشمي، وإسماعيل بن سعد الله بن حمدي، وعبد الرحمن بن عبد الغني الغسّال الحنبلي، والمظفّر بن غيلان الدقّاق، وسعيد بن محمد الرزّاز، وبزغش عتيق ابن حمدي، وأبو الفتح أحمد بن علي الغزنوي الحنفي، ويحيى بن محمد بن عبد الجبار العوفي، ومسمار بن العويس النيّار، وعبد الرحمن بن المبارك بن المشتري، وأحمد بن يوسف بن صرما. وآخر من روى عنه بالسماع الفتح بن عبد السلام. وكان أسند من بقي ببغداد. ولي في شبيبته قضاء دير العاقول مدة.
4 (محمد بن محمد بن محمد)
أبو بكر الخُلمي، الحنفي، المعروف بدِهقان خُلم. إمام كبير من أهل

(37/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 281
بلخ، انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة ببلخ. وكان إمام الجامع ببلخ. وكان مولده في سنة خمس وسبعين وأربعمائة. قال ابن السمعاني: كان إماماً فاضلاً، مفتياً، مناطراً، حسن الأخلاق، حجّ سنة ست وعشرين. وسمع ببلخ من جماعة. حضرتُ بمجلس إملائه ببلخ. ومات في ثاني شعبان، ودُفن بداره.)
4 (محمد بن المحسّن بن أحمد)
أبو عبد الله السُلمي، الدمشقي، الأديب، المعروف بابن الملحي. وملح قرية بحوران. ويقال ابن الملحي بالتخفيف. كان أبوه قد غلب على حلب ووليها مدة، وكان معه بها. ثم سكن دمشق. ولقي جماعةً من الأدباء. وسمع عدة دواوين. وكان شرّيباً للخمر، قاله الحافظ ابن عساكر. وقد سمع من: جعفر السرّاج، وغيره. وتوفي في شعبان. وكتب لي بخطّه جزأين، يعني شعراً وفوائد.
4 (محمد بن منصور بن إبراهيم)
أبو بكر القصْري. سمع من: ثابت بن بُندار، وأبي طاهر بن سوار. وقرأ القراءات. وكان حافظاً، مجوّداً، متفنناً. وكان يطالب تفسير النقاش ويورد منه. قاله ابن الجوزي. وقال: كانت له شيبة طويلة تعبُر سرّته. توفي في سابع شعبان. وقال ابن النجار: قرأ بالروايات على ابن سوار، وثابت بن بُندار، وكان عالماً بالقراءات، له حلقة بجامع المنصور يفسّر فيها كل جمعة.

(37/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 282
قرأ عليه جماعة. وروى عنه: عبد الرحمن بن عبد السيد. قال أبو محمد بن الخشّاب: سمع بالسنَد، ورأى الشيخ أبا بكر القصري، فكأنه قد رآهم. وعاش سبعين سنة. ومات رحمه الله تعالى.
4 (محمد بن منصور بن عبد الرحيم)
أبو نصر بن الحُرضي، النيسابوري، الأشناني. شيخ صالح، من أبناء المياسير والنعم، فضربه الزمان وافتقر. وكان مولده في ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. وسمع: أبا القاسم القُشيري، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وأحمد بن محمد البسّامي الأديب، والفضل بن المحب، وعثمان المحمي، وأبا بكر محمد بن يحيى المزكي.) قال عبد الرحيم السمعاني: سمعت منه بنيسابور أربعة مجالس لأبي القاسم القشيري، وثلاثة مجالس المخلدي، وكتاب التاريخ للصوفية، جمع السلمي، رواه لنا عن محمد بن المزكي، عنه. وتوفي في خامس شعبان. أخبرنا أحمد بن عساكر، عن عبد الرحيم بن أبي سعد، أنا محمد بن منصور الحُرضي، ثنا أبو القاسم القشيري إملاءً، أنا أبو عبد الله بن باكويه الشيرازي: سمعت أبا الطيب بن الفرّخان قال: قال الجنيد: يقبح بالفقير أن تكون عليه خِلقان وسرُّه متشوف للعالم.

(37/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 283
قلت: وروى عنه: زينب الشعرية.
4 (محمد بن هبة الله بن محمد بن علي بن المطّلب)
أبو عبد الله، ابن الوزير أبي المعالي، الكرماني. سمع: ابن طلحة النّعالي، وثابت بن بُندار، وأبا عبد الله بن البُسري، وجماعة. وحدّث. قال ابن السمعاني: قرأت عليه أحاديث، وكان متشيعاً. توفي في المحرم ببغداد. وروى عنه أبو أحمد بن سُكينة.
4 (محمد بن يحيى بن خليفة بن ينق)
أبو عامر الشاطبي. قال الأبّار: قرأ على محمد بن فرح المِكناسي. وسمع من: أبي علي بن سكّرة. وأخذ بقرطبة عن: أبي الحسن بن سِراج. ومهر في الأدب، والعربية، وبلغ الغاية من البلاغة، والكتابة، والشعر. ولقي أبا العلاء بن زهر، فأخذ عنه علم الطب ولازمه وساعده الجدّ، وبعُد صيته في ذلك، مع المشاركة في عدة علوم. وكان رئيساً، معظّماً، جميل الرواء. وله تصنيف كبير في الحماسة، وتصنيف آخر في ذكر ملوك الأندلس، والأعيان والشعراء. روى عنه: أبو عبد الله المِكناسي. وعاش بضعاً وستين سنة.) وتوفي في آخر العام.

(37/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 284
4 (محمد بن يحيى بن محمد بن أبي إسحاق بن عمرو بن العاص)
أبو عبد الله الأنصاري، الأندلسي، اللرّي. ولُرّيّة من عمل بلنسية. أخذ عن مشيخة بلده، ثم نزح عنه في الفتنة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. وسكن جيّان سبعة أعوام. وأخذ القراءات عن: أبي بكر بن الصبّاغ. وكان قصد أبا داود سنة ست وتسعين، فلقيه مريضاً مرض الموت. وسمع من: أبي محمد البطليوسي. وأقرأ الناس. وكان ذا بصرٍ بالتجويد. ترجمه الأبّار، وقال: روى عنه شيخنا أبو عبد الله بن نوح الغافقي، وأبو عبد الله بن الحسين الأندي. توفي في شوال، وقد قارب الثمانين.
4 (محمد بن يونس بن محمد بن مغيث)
أبو الوليد القرطبي. من بيت العلم والجلالة. سمع من: أبي علي الغسّاني، ومحمد بن فرج، وأبي الحسن العبسي، وخازم بن محمد. وأكثر عن الده. وكان صالحاً، خيّراً، كثير الذِّكر، والصلاة، طويلها. وكان إمام جامع قرطبة. وقد شوور في الأحكام. مات في شعبان. ومولده في أول سنة ثمانين. وسمع وله خمس عشرة سنة.
4 (محمد بن أبي أحمد بن محمد)

(37/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 285
أبو الفتح الحضيري. صالح، كثير التلاوة، ضرير. سمع: أبا الخير بن أبي عمران الصفّار. أخذ عنه: ابن السمعاني. ومات في ذي القعدة عن بضعٍ وثمانين سنة بقريته.)
4 (المبارك بن هبة الله بن سليمان)
أبو المعالي بن الصبّاغ، البغدادي، الواعظ، المعروف بابن سكرة، المحدِّث. سمع الكثير، وأفاد. وأخذ عن: أبي سعد بن الطيوري، وأبي طالب عبد القادر بن يوسف، وطبقتهما. وتوفي في ربيع الآخر عن: سبعٍ وخمسين سنة.
4 (مدبّر بن علي بن أحمد بن علي)
أبو بكر التميمي، الخُراساني، المقرئ بالألحان بإصبهان بين يدي الوعّاظ. كان صالحاً، مستوراً.

(37/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 286
سمع: أبا مطيع المصري، وأبا العباس بن أشته. كتب عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في ذي الحجة. كتب إليّ بذلك معمّر بن الفاخر.
4 (مسعود بن محمد بن ملكشاه)
السلطان غياث الدين، أبو الفتح، السلجوقي. سلّمه والده السلطان محمد في سنة خمسٍ وخمسمائة الى الأمير مودود صاحب الموصل ليربيه. فلما قُتل مودود وولي الموصل الأمير أقسنقر البُرسقي، سلّمه والده إليه أيضاً، ثم سلّمه من بعده الى خوش بك صاحب الموصل أيضاً، فلما توفي والده وتملّك بعده ولده السلطان محمود، حسّن خوش بَك للسلطان مسعود الخروج على أخيه، وطمّعه في السلطنة. فجمع مسعود العساكر، وقصد أخاه، فالتقيا بقرب همذان في سنة أربع عشرة، أو في أواخر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، فكان الظفر لمحمود. ثم تنقلت الأحوال بمسعود، وآل به الأمر الى السلطنة، واستقلّ بها في سنة ثمان وعشرين. ودخل بغداد، واستوزر الوزير شرف الدين أنوشروان بن خالد وزير المسترشد بالله. قال ذلك ابن خلِّكان، وقال: كان سلطاناً، عادلاً، ليّن الجانب، كبير

(37/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 287
النفس، فرّق مملكته على أصحابه، ولم يكن له من السلطنة غير الاسم، ومع هذا فما ناوأه أحد إلا وظفر به. وقتل خلقاً من كبار الأمراء، ومن جملة من قتل الخليفتين المسترشد والراشد، لأنه وقع بينه وبين المسترشد وحشة قبل استقلاله بالمُلك، فلما استقل استطال نوّابه على العراق، وعارضوا الخليفة في أملاكه، فتجهّز وخرج لمحاربته، وكان السلطان مسعود بهمذان، فجمع جيشاً عظيماً،) وخرج للقائه، فتصافّا بقرب همذان، فكُسر جيش الخليفة وانهزموا، وأسر الخليفة في طائفة من كبار أمرائه، وأخذه مسعود أسيراً، وطاف به معه في بلاد أذربيجان، فقتل على باب مراعة كما ذكرنا. ثم أقبل مسعود على اللهو واللذات، الى أن حدث له علة القيء والغثيان، واستمر به ذلك الى أن مات في جمادى الآخرة. ثم حُمل الى إصبهان ودُفن. وعاش خمساً وأربعين سنة. قال ابن الأثير: كان كثير المزاح، حسن الأخلاق، كريماً، عفيفاً عن أموال الرعية، من أحسن السلاطين سيرة، وألينهم عريكة. قلت: وجرت بينه وبين عمه سنجر منازعة، ثم تهادنا، وخُطب له بعد عمه ببغداد قبل سنة ثلاثين. وقد أبطل في آخر أيامه مُكوساً كثيرة، ونشر العدل. وقد استقل بدَست الخلافة في أيام المقتفي، واتسع ملكه، ودانت له الأمم. وكان فيه خيرٌ في الجملة وميل الى العلماء والصلحاء، وتواضع لهم. قال ابن النجار: أنا محمد بن سعيد الحافظ، أنبأنا علي بن محمد النيسابوري، أنا السلطان مسعود، أنا أبو بكر الأنصاري، فذكر حديثاً من جزء الأنصاري. قال أبو سعد السمعاني: كان بطلاً، شجاعاً، ذا رأي وشهامة، تليق به السلطنة. سمّعه علي بن الحسن الغزنوي الواعظ من القاضي أبي بكر.

(37/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 288
سمع منه جماعة. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (المظفّر بن أردشير بن أبي منصور)
أبو منصور العبادي، المروزي، الواعظ، المعروف بالأمير. كان من أحسن الناس كلاماً في الوعظ، وأرشقهم عبارة، وأحلاهم إشارة، بارعاً في ذلك مع قلة الدين. سمع من: نصر الله بن أحمد الخُشنامي، وعبد الغفار الشيرويي، والعباس بن أحمد الشقّاني، ومحمد بن محمود الرشيدي، وجماعة.) ووعظ ببغداد في سنة نيّف وعشرين وخمسمائة. ثم قدِمها رسولاً من جهة السلطان سنجر سنة إحدى وأربعين، فأقام نحواً من ثلاث سنين يعقد مجلس الوعظ بجامع القصر وبدار السلطان، وظهر له القبول التام من المقتفي لأمر الله ومن الخواص. وأملى بجامع القصر. روى عنه: عبد العزيز بن الأخضر، وحمزة بن القبّيطي، وأبو جعفر بن المكرّم، وغيرهم. وكان يُضرب به المثل في الوعظ. وروى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: لم يكن موثوقاً في دينه، طالعتُ رسالة بخطّه جمعها في إباحة شرب الخمر. وكان يلقّب قطب الدين. وقال أبو الفرج بن الجوزي: كان يعظ، فوقع مطر، فلجأ الجماعة الى ظل العقود والجُدر، فقال: لا تفرّوا من رشاش ماء رحمة، قطرٌ عن سحاب

(37/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 289
رحمة. ولكن فروا من شرار نار اقتدح من زناد الغضب. ثم قال: ما لكم لا تعجبون، ما لكم لا تطربون فقال قائل: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مرّ السحاب. فقال: التمالك عن المرح عند تملّك الفرح قدْح في القرح. قال ابن الجوزي: وكان مثل هذا الكلام المستحسن يندر في كلامه، وإنما كان الغالب على كلامه ما ليس تحت كبير معنى. وكُتب ما قاله في مدة جلوسه، فكان مجلدات كثيرة. ترى المجلد من أوله الى آخره، ليس فيه خمس كلمات كما ينبغي، وسائرها لا معنى له. وكان يترسّل بين السلطان والخليفة، فتقدّم إليه أن يصلح بين ملكشاه بن محمود وبين بدر الجوهري، فمضى وأصلح بينهما، وحصل له منهما مال كثير، فأدركه أجله في تلك البلدة، فمات في سلخ ربيع الآخر بعكسر مُكرَم. وحُمل الى بغداد ودُفن في دكة الجُنيد. ورثه ولده، ثم توفي، وعادت الأموال التي جمعها للسلطان. وفي ذلك عبرة. وقال ابن السمعاني: لم يكن له سيرة مرضية، ولا طريقة جميلة. سمعت من أثق به، وهو الفقيه حمزة بن مكي الحافظ ببروجرد قال: كنت معه بأذربيجان، وبقينا مدة، فما رأيته صلى العشاء الآخرة. كان إذا أحضر السماع، وأرادوا أن يصلوا يقول: الصلاة بعد السماع. فإذا فرغوا السماع كان ينام. ولما توفي حكى لي بعضُهم أنه وجد في كتبه رسالة بخطه في إباحة الخمر.) وقال ابن النجار: من وعظه قوله: لا تظنوا أن الحيّات تجيء الى القبور من خارج. إنما أفعالكم أبقى لكم، وحيّاتكم ما أكلتم من الحرام أيام حياتكم. وعاش ستاً وخمسين سنة.

(37/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 290
قال أبو المظفّر بن الجوزي: حكى جماعة من مشايخنا قال: جلس المظفر بن أردشير بالتاجية بعد العصر، وأورد حديث ردت الشمس لعلي كرّم الله وجهه، وأخذ في فضائله، فنشأت سحابة غطّت الشمس، وظن الناس أنها غابت، فأومأ الى الشمس وارتجل:
(لا تغربي يا شمسُ حتى ينتهي .......... مدحي لآل المُصطفى ولنجله)

(واثني عِنانك إن أردت ثناءهم .......... أنسيتِ إذ كان الوقوف لأجله)

(إن كان للمولى وقوفٌ فليكن .......... هذا الوقوف لخيله ولرَجلهِ)
فطلعت الشمس من تحت الغيم، فلم يُدرى ما رُمي عليه من الأموال والثياب.
4 (المنصور بن محمد بن الحاج داود بن عمر)
أبو علي اللمتوني، الصنهاجي، الأمير. سمع بقرطبة من: أبي محمد بن عتّاب، وأبي بحر بن العاص. وبمرسية من: أبي علي بن سكّرة. وكان من رؤساء لمتونة وأمرائهم، موصوفاً بالذكاء، عارفاً بالحديث والآثار. جمع من الكتب النفيسة ما لم يجمعه أحد. وكان متولياً على بلنسية ليحيى بن علي بن غانية أيام كونه بها نحواً من أحد عشر عاماً. وعاش ستين سنة. وهو فخر صنهاجة ما لهم مثله. قاله الأبّار.
4 (موسى بن الخليفة المقتدي عبد الله بن محمد)
العباسي، أخو المستظهر بالله. ولد في سنة اثنتين وسبعين. وعاش خمساً وسبعين سنة. توفي في ذي القعدة.

(37/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 291
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن سعد بن طاهر)
أبو الفوارس الطبري، الفقيه، سِبط الإمام أبي المحاسن الروياني.) قال ابن السمعاني: هو شيخ من أهل آمُل طبرستان، له معرفة بالمذهب، حافظ لكتاب الله، كثير التلاوة، دائم الذكر، سريعة الدمعة، كان رئيس آمُل، ثم درّس بالنظامية بآمل. وأملى الحديث. كتبتُ عنه بآمُل. وقال لي: ولدت سنة سبعين وأربعمائة. سمع من: جده أبي المحاسن، وطاهر بن عبد الله الخوزي، الصوفي، وأبي علي الحداد، وأبي سعد المطرِّز. ، سمعته يقول: سمعت جدي أبا المحاسن عبد الواحد يقول: الشهرة آفة، وكل يتحراها، والخمول راحة، وكلٌ يتوقاها.
4 (حرف الياء)

4 (يعقوب البغدادي)
الكاتب. كان غاية في حُسن الخط وجودته. توفي في جمادى الآخرة، قاله ابن الجوزي.
4 (يوسف بن إبراهيم بن مرزوق)
أبو يعقوب المقدسي، الفهيبي، من قرية بيت جيزين. كان فقيهاً، ورعاً، عابداً، صالحاً. قدِم بغداد في سنة ستّ عشرة وخمسمائة. ودخل مرو فسكنها الى أن مات بها.

(37/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 292
وسمع بنيسابور: سهل بن إبراهيم المسجدي، وجماعة. وبمرو: محمد بن علي بن محمود الكراعي. قال ابن السمعاني: سمع معنا بمرو شُعَب الإيمان للبيهقي على زاهر الشحّامي. وكان نعم الصديق. ولد في حدود التسعين وأربعمائة. ولم أسمع منه. وثنا أبو القاسم الدمشقي بها: حدّثني يوسف بن إبراهيم بن مرزوق لفظاً، أنبا محمد بن علي بقرية زولاب، أنا جدي أبو غانم. وأخبرناه عالياً أبو منصور محمد المذكور، أنا جدي، أنا أبو العباس النضري، ثنا الحارث، ثنا) روح بن عُبادة، ثنا ابن جُريج، فذكر حديثاً.

(37/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 293
4 (وفيات سنة ثمان وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أبي سهل بن محمد بن يزداد)
أبو عبد الله القايني، الفارسي، الصوفي. من أهل هَراة صالح، كثير العبادة. سمع: أبا عطاء عبد الرحمن بن محمد الماليني. ولد سنة ستين وأربعمائة. وتوفي في هذا العام، أو بعده.
4 (أحمد بن العباس بن أحمد)
الشقّاني، النيسابوري. شيخ صالح. سمع: عثمان المحمي، وأبا بكر بن خلف. وحدّث.
4 (أحمد بن عبد الباقي بن أحمد بن إبراهيم)

(37/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 294
أبو المظفّر بن النرسي. ولي حسبة بغداد، ثم ولي قضاء باب الأزج معها. وحدّث عن: الحسين بن البُسري. روى عنه: عبد العزيز بن الأخضر. توفي في جمادى الأولى، وله سنة.
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد)
الخطيب البنجديهي. سمع: أبا سعيد الدباس. كتب عنه: السمعاني.
4 (أحمد بن أبي غالب بن أحمد بن عبد الله بن محمد)
) أبو العباس ابن الطلاية البغدادي، الورّاق، الزاهد. ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وقرأ القرآن، وروى اليسير من الحديث. قال ابن السمعاني: شيخ كبير، أفنى عمره في العبادة، وقيام الليل والصوم على الدوام. ولعله ما طرف ساعةً من عمره إلا في عبادة، رضي الله عنه. وانحنى حتى بقي لا يتبيّن قيامُه من ركوعه إلا بيسير. وكان حافظاً مرات في مسجده بالعتّابيين. وسألته: هل سمعت شيئاً؟

(37/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 295
فقال: سمعت من أبي القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي. قال ابن السمعاني: وما ظفرنا بسماعه، لكن قرأتُ عليه الردَّ على الجهمية لأبي عبد الله نفطويه، سمعه من شيخ متأخر يقال له أبو العباس بن قريش، وحضر سماعه معنا شيخنا أبو القاسم بن السمرقندي. وقال ابن المظفّر بن الجوزي: سمعت مشايخ الحربية يحكون عن آبائهم وأجدادهم أن السلطان مسعود لما دخل بغداد، كان يحب زيارة العلماء والصالحين، فالتمس حضور ابن الطلاية إليه، فقال لرسوله: أنا منذ سنين في هذا المسجد أنتظر داعي الله في النهار خمس مرات. فعاد الرسول، فقال السلطان: أنا أولى بالمشي إليه. فزاره من الغد، فرآه يصلي الضحى، وكان يصليها بثمانية أجزاء، فصلى معه بعضها. فقال له الخادم: السلطان قائم على رأسك. فقال: وأين مسعود قال: هاأنا. قال: يا مسعود إعدل، وادعُ لي. الله أكبر. ثم دخل في الصلاة. فبكى السلطان، ورقم بخطه بإزالة المكوس والضرائب، وتاب توبة صادقة. قلت: روى عنه الجزء الذي قال إنه سمعه من عبد العزيز الأنماطي، وهو التاسع من المخلصيات تخريج ابن البقّال، جماعة. وظهر سماعه له بأجرة خلق منهم: يونس بن يحيى الهاشمي، وأحمد بن الحسن بن هلال بن العربي، وشجاع بن سالم البيطار، ومحمد بن علي بن البلّ الدوري، وسعيد بن المبارك بن كمونة، وعبيد الله بن أحمد المنصوري، وعمر بن طبرزد، وأحمد ابن سلمان بن الأصفر، وبزغش عتيق ابن حمدي، وريحان بن تيكان الضرير،

(37/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 296
ومظفّر بن أبي يعلى بن جحشويه، وعبد الرحمن بن أبي سعد بن نُميرة، وعبد الله بن محاسن بن أبي) شريك، وعبد الخالق بن عبد الرحمن الصياد، وعبد السلام بن المبارك البردغولي، وأحمد بن يوسف بن صرْما. وآخر من روى عنه: المبارك بن علي بن أبي الجود، شيخ الأبرقوهي. توفي في حادي عشر رمضان. وكان له يومٌ مشهود مثل يوم أبي الحسن بن القزويني الزاهد. وحُمل على الرؤوس، ودُفن الى جانب أبي الحسين بن سمعون. ولم يخلف بعده مثله في زهده وعبادته.
4 (أحمد بن أبي المختار)
أبو العباس بن جبر. من أولاد أمراء البطائح. وله شعر فائق. قدِم بغداد، ومدح المستظهر، والمسترشد. مات في شعبان.
4 (أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح)

(37/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 297

(37/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 298
أبو الحسين الأطرابلسي، الشاعر، المشهور بالرّفّاء. صاحب الديوان المعروف. ولد بأطرابلس سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة. وكان أبوه ينشد في أسواق طرابلس، ويعني. فنشأ أبو الحسين، وتعلم القرآن، والنحو واللغة. وقال الشعر الفائق، وكان يلقَّب مهذَّب الدين، ويقال له: عين الزمان. قال ابن عساكر: سكن دمشق، ورأيته غير مرة. وكان رافضياً خبيثاً، خبيث الهجو والفحش، فلما كثُر ذلك منه سجنه الملك بوري بن طُغتكين مدة، وعزم على قطع لسانه، فاستوهبه يوسف بن فيروز الحاجب، فوهبه له ونفاه، فخرج الى البلاد الشمالية. وقال غيره: فلما ولي ابنه اسماعيل بن بوري عاد الى دمشق، ثم تغيّر عليه لشيء بلغه عنه، فطلبه وأراد صلبه، فهرب واختفى في مسجد الوزير أياماً، ثم لحق بحماه، وتنقل الى شيزر، وحلب. ثم قدِم دمشق في صحبة السلطان نور الدين محمود، ثم رجع مع العسكر الى حلب، فمات بها. وقال العماد الكاتب: كان شاعراً، مجيداً، مكثراً، هجّاءً، معارضاً

(37/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 299
للقيسراني في زمانه، وهما كفرسي رهان، وجوادَي ميدان. وكان القيسراني سنياً متورعاً، وابن منير غالياً متشيعاً. وكان) مقيماً بدمشق الى أن أحفظ أكابرها، وكدّر بهجوه مواردها ومصادرها، فأوى الى شيزر، وأقام بها. وروسل مِراراً في العود الى دمشق، فأبى، وكتب رسائل في ذم أهلها. واتصل في آخر عمره بخدمة نور الدين، ووافى الى دمشق رسولاً من جانبه قبل استيلائه عليها. ومن شعره:
(أحلى الهوى ما تُحلّه التُهمُ .......... باح به العاشقون أو كتموا)

(ومُعرضُ صرّح الوشاةُ له .......... فعلّموه قتلي وما علموا)

(يا ربّ خُذ لي من الوشاة إذا .......... قاموا وقُمنا إليك نحتكمُ)

(سعوا بنا لا سعَت بهم قدمٌ .......... فلا لنا اصطلحوا ولا لهمُ)
وله:
(ويلي من المُعرض الغضبان إذ نقل ال .......... واشي إليه حديثاً كله زور)

(سلّمتُ فازورّ يزوي قوسَ حاجبه .......... كأنني كأس خمرٍ وهو مخمور)
وشعره سائر. وتوفي سنة ثمان، وقيل: سنة سبع. لا، بل في جمادى الآخرة سنة ثمانٍ.

(37/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 300
4 (إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الداوتي)
أبو إسحاق الإصبهاني. سمع: أبا منصور بن شكرويه، وأبا عبد الله الثقفي، ورزق الله التميمي. من شيوخ السمعاني.
4 (أسعد بن أحمد بن يوسف)
الإمام، الخطيب، أبو الغنائم اليامنجي، الخراساني. توفي في المحرم، أو في صفر. وروى عن: عمر بن أحمد بن محمد بن الخليل البغوي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني.
4 (حرف الباء)

4 (بِهرام شاه ابن الملك مسعود بن إبراهيم بن محمود بن سُبُكتكين)
) سلطان غزنة. قال ابن الأثير: مات في رجب من هذه السنة. وقام بالمُلك بعده ولده نظام الدين خُسروشاه. وكانت ولاية بِهرام شاه ستاً وثلاثين سنة. وكان عادلاً، حسن السيرة، محباً للعلماء، جامعاً للكتب، تُقرأ بين يديه، ويفهم، ويدري.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن أبي طالب أحمد بن محمد بن عوانة)

(37/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 301
أبو الفخر القايني، الشافعي. قاضي غورج، وهي قرية كبيرة على باب هَراة. سمع جزءاً من حديث عليّ بن الجَعد، من أبي صاعد يَعلى بن هبة الله الفُضَيلي. وسمع من شيخ الإسلام أبي إسماعيل. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وقال: كان مولده في صفر سنة. وتوفي بغورج في أثناء هذا العام.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن علي بن الحسن بن محمد)
أبو علي البخاري، ثم المروزي، القطّان، الطبيب. كان فاضلاً، عالماً بالطب، واللغة، والآداب وعلوم الفلاسفة ومذاهبهم، ويميل إليهم. وكان يجلس في دكان، ويطيّب، ويؤذي الناس ويشتمهم. وكان سمع الحديث على بر سنه، وقد جلس ليسمع فضائل القرآن من أبي القاسم عبد الله بن علي الطريثيثي. وروى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. قُتل بمرو في وقعة الغزّ في وسط رجب، وله ثلاث وثمانون سنة.
4 (الحسين بن محمد بن أحمد)
أبو علي السنجبستي، النيسابوري. فقيه، صالح، معمّر.

(37/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 302
وفد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. سمع: أبا بكر بن خلف.) وسمع ببوشنج خمسة أجزاء من عبد الرحمن بن محمد كلار صاحب ابن أبي شُريح. وتوفي في غرة ربيع الأول. روى عنه: المؤيّد الطوسي، وعبد الرحيم السمعاني.
4 (الحسن بن محمد بن أبي جعفر)
القاضي، أبو المعالي البلخي، الشافعي، تلميذ محيي السنة البغوي. روى عنه أبو سعد السمعاني، وأثنى عليه في سيرته وأحكامه، وقال: مات رحمه الله في رمضان بالدزق العليا من أعمال مرو.
4 (حَمدين بن محمد بن علي بن محمد بن عبد العزيز بن حمدين)
الثعلبي، القُرطبي، أبو جعفر، قاضي الجماعة بقرطبة. سمع: أباه. وولي القضاء سنة تسع وعشرين بعد مقتل أبي عبد الله بن الحاجّ.

(37/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 303
وكان من بيت حشمة وجلالة. صارت إليه الرئاسة عند اختلال أمر الملثّمين، وقيان ابن قسيّ عليهم بغرب الأندلس، وهو حينئذ على قضاء قرطبة، ودُعي له بالإمارة في رمضان سنة تسع وثلاثين، وتسمى بأمير المسلمين المنصور بالله، ودُعي له على أكثر منابر الأندلس. ويقال إن مدة دولته كانت أربعة وعشرين يوماً، وتعاورته المِحَن، فخرج الى العُدْوة، في قصص طويلة. ثم قفل، وترك مالقة، الى أن توفي في هذا العام. وأما ابن قسيّ، فإنه خرج بغرب الأندلس، واسمه أحمد، وكان في أول أمره يدّعي الولاية. وكان ذا حيل وشعبذة، ومعرفة بالبلاغة، وقام بحصين مارتلة. ثم اختلف عليه أصحابه، ودسّوا عليه من أخرجه من الحصن بحيلة، حتى أسلموه الى الموحدين، فأتوا به عبد المؤمن، فقال له: بلغني عنك أنك دعيت الى الهداية. فكان من جوابه أن قال: أليس الفجر فجرين، كاذب وصادق فأنا كنت الفجر الكاذب. فضحك عبد المؤمن وعفا عنه، ولم يزل بحضرته الى أن قتله صاحبٌ له.
4 (حيدرة بن المفرّج بن الحسن)
الوزير زَين الدولة ابن الصوفي، أخو الرئيس الوزير مُسيَّب. لم يزل الى أن عمل على أخيه وقلعه من وزارة صاحب دمشق مُجير الدين، وولي في منصبه،) فأساء السيرة، وظلم، وعسف، وارتشى، ومُقِت في العام الماضي والآن. وبلغ ذلك مجير الدين، فطلبه الى القلعة على العادة، فعدل به الجُندارية الى الحمّام وذُبح صبراً، ونُصب رأسه على حافة الخندق.

(37/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 304
4 (حرف الخاء)

4 (خاصّ بَك التُركماني)
صبي نفق على السلطان مسعود وأحبه، وقدّمه على جميع الأمراء. وعظُم شأنه، وصار له من الأموال ما لا يُحصى، فلما مات مسعود خطب لملكشاه، وقال له: إني أريد أن أقبض عليك، وأنفِذ الى أخيك محمد، فأخبره بذلك ليأتي فنسلّمه إليك، وتحوز المُلك. فقال: افعل. فقبض عليه، ونفّذ الى أخيه الى خوزستان بأني قد قبضت على أخيك، فتعال حتى أخطب لك، وأسلّم إليك السلطنة. فعرف محمد خُبثه، فجاء الى همذان، وجاء الناس إليه يخاطبونه في أشياء، فقال: ما لكم معي كلام، وإنما خطابكم مع خاصّ بَك فمهما أشار به فهو الوالد والصاحب، والكل تحت أمره. فوصل هذا القول الى خاصبك فاطمأن. فلما التقيا خدمه خاص بَك، وقدّم لها تُحفاً وأموالاً، فأخذ الكل، وقتل خاصبك. قال أبو الفرج بن الجوزي: ووجد له تركة عظيمة، من جملتها خمسون ألف ثوب أطلس. وقُتل في هذا العام.
4 (حرف الراء)

4 (رُجّار)
ملك الفرنج المتغلّب على صقلية.

(37/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 305
ملك عشرين سنة، وعاش ثمانين سنة، وهلك بالخوانيق في أوائل ذي القعدة. وكان في أول هذا العام قد جهّزا أصطولاً الى مدينة بونة، وقدّم عليها مملوكه فيليب المهدودي، فحاصرها، واستعان بالعرب، فأخذها في رجب، وسبى أهلها، غير أنه أغضى عن طائفة من العلماء والصالحين، وتلطّف في أشياء. فلما رجع الى صقلية قبض عليه رُجّار لذلك. ويقال إن فيليب كان هو وجميع خواصّه مسلمين في الباطن، فشهدوا عليه أنه لا يصوم مع الملك، فجمع له الأساقفة والقسوس، وأحرقه في رمضان، فلم يُمهَل بعده. وتملّك بعده ابنه غُليالم، فاحتلّت) دولتهم في زمانه.
4 (حرف الزاي)

4 (زياد بن علي بن الموفّق بن زياد)
الرئيس، أبو الفضل الزيادي، الهروي، الحنفي. كان خيّراً، صالحاً. قيل إنه ما فاته الصلاة في جامع هَراة نحواً من أربعين سنة. سمع: أبا عطاء بن المَليحي. وبإصبهان: أبا الفتح الحدّاد، وغيره. ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. وتوفي رحمه الله في جمادى الآخرة. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني.

(37/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 306
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن محمد بن طاهر بن سعيد بن الشيخ أبي سعيد بن أبي الخير)
أبو طاهر الميهني، الصوفي. نزيل مرو. شيخ رباط يعقوب. سمع من: أبي الفتح، وعُبيد الله الهشامي. قال عبد الرحيم السمعاني: سمعتُ بمرو جزءاً من حديث أبي الموجّه الفزراي. وعوقب في وقعة الغُزّ، وبقي عليلاً الى أن مات في ثامن شعبان. وله سبع وستون سنة.
4 (حرف الظاء)
ظريفة بنت أبي الحسن بن أبي القاسم أم محمد الطبرية، من أهل طربستان. كانت عالمة، صالحة، عفيفة. سكنت بلخ. وروت عن: أبي المحاسن عبد الواحد الروياني. توفي في سلخ ربيع الآخر.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن عيسى بن عبد الله بن أحمد بن سعيد)
) أبو محمد بن أبي بكر الأندلسي، الشلبي المولد، الإشبيلي المنشأ. من بيت العلم والوزارة. قال ابن السمعاني: صرف عُمره في طلب حتى حصل له ما لم يحصل

(37/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 307
لغيره. وولي القضاء بالأندلس مدة. ثم حجّ، وجاور سنة، وقدم بغداد فأقام بها، ثم وافى خراسان. واجتمعتُ به بهَراة، فوجدته بحراً لا يُنزف في العلوم من الحديث، والفقه، والنحو، وغير ذلك. وسمعتُ بقراءته، وسمع بقراءتي. ثم قدم علينا مرو، وكثُرت الفوائد منه. سمع بالأندلس: الحسن بن عمر الهوزني، وأبا بحر بن العاص، وأبا الوليد محمد بن ظريف القرطبي. وببغداد: هبة الله بن الطّبر، ويحيى بن البنّاء، وأبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري. وبهمذان: أنا جعفر الحافظ. وبنيسابور: أبا القاسم الشحّامي، وجماعة كثيرة. قال الأبّار: وسمع وروى بالإجازة عن: أبي عبد الله الخولاني، وولي قضاء شِلب. وكان من أهل العلم بالأصول، والفروع، والحفظ للحديث والعربية، مع الزهد والخير. وامتُحن بالأمراء في قضاء بلده بعد أن تقلّده تسعة أعوام، لإقامته الحق، وإظهاره العدل، حتى أدى ذلك الى اعتقاله. ثم سرح وحج سنة سبع وعشرين، ودخل العراق، وخراسان. وطار ذكره في هذه البلاد، وعظُم شأنه. قال ابن السمعاني: قال لي مولده في سنة أربع وثمانين وأربعمائة. قال: وتوفي في الخامس والعشرين من شوال سنة ثمان وأربعين بهراة. قلت: وقيّد أبو عبد الله الأبّار وفاته في جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين، وهو وهْم. وقد روى عنه: ابن السمعاني، وولده عبد الرحيم.

(37/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 308
وقال عبد الرحيم: هو عبد الله بن عيسى بن عبد الله بن أحمد بن سعيد بن سليمان بن محمد بن أبي حبيب الأنصاري، الخزرجي.
4 (عبد الله بن يوسف بن أيوب بن القاسم)
أبو محمد القرشي، الفِهري، الشاطبي. شيخ، مسند كبير. أجاز له في سنة سبعين وأربعمائة أبو العباس بن دِلهاث العذري. وسمع الموطّأ من: طاهر بن مفوّز.) وسمع من: أبيه، وأبي علي بن سكّرة. حدّث عنه: ابنه، وأبو الحجاج صاحب الأحكام. وتوفي رحمه الله يوم عاشوراً المحرّم بدانية.
4 (عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف)
المفيد، أبو الفرج البغدادي. شيخ، محدّث، فاضل، حسن الخط، كثير الضّبط، خيّر، متواضع، متودد، محتاط في قراءة الحديث. سمع الكثير، وكتب، وحصّل لنفسه. وصفه بهذا وبأكثر منه أبو سعد السمعاني. وقال السلفي: كان من أعيان المسلمين فضلاً، وديناً، ومروءة، وثَبتاً. سمع معي كثيراً، وبه كان أُنسي ببغداد، ولما حججت أودعت كتبي عنده. وقال السمعاني: سمع أباه، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وأبا عبد الله النعالي، ونصر بن البطر، فمن بعدهم. وسمع بالأهواز، وإصبهان، وسمعتُ منه الكثير، وقال لي: ولدت سنة أربع وستين وأربعمائة. قلت:

(37/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 309
روى عنه: السلفي، وابن السمعاني، وابن الجوزي، وأبو اليُمن الكندي، وأبو بكر عبد الله بن مبادر، وعبد الوهّاب بن علي بن الأخوّة، وعبد السلام بن المبارك البردغولي. وتوفي في الرابع والعشرين من المحرم.
4 (عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الله)
أبو القاسم الفارسي، ثم البغدادي. شيخ صالح، حسن السيرة. قال ابن السمعاني: صحب أبا الوفاء أحمد بن علي الفيروزاباذي مدة طويلة، وسافر معه الى الشام. وسمع من: علي بن أحمد بن يوسف الهكّاري. توفي في ذي القعدة.
4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن)
العلامة أبو محمد النيهي، المروروزي، شيخ الشافعية، وتلميذ محيي السنّة البغوي.) سمع: البغوي، وعبد الله بن الحسن الطّبسي، وعبد الرزاق بن حسان المنيعي، ومحمد بن عبد الواحد الدقّاق، وعدة.

(37/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 310
وتخرّج به أئمة بمرو الروذ. وأخذ عنه السمعاني وقال: مات رحمه الله في شعبان.
4 (عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن أبي معشر)
أبو القاسم الغزنوي، ثم المروزي. سمع من: القاضي أبي نصر محمد بن محمد الماهاني، وطبقته بإفادة أبي بكر محمد بن منصور السمعاني. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. ومات، بعد أن عاقبته الغُزّ بأنواع العقوبات، في شوال.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن منصور بن جبريل)
الفقيه، أبو نصر الخطيبي، الخرجوردي. سكن بمرو، وتفقّه مدة بنيسابور، وهَراة، ومرو، وبرع في الفقه. وكان يحفظ كثيراً من النُتف والطُّرف. وكان صالحاً، عفيفاً، متعبداً. سمع من: أبي نصر عبد الرحيم بن القشيري، والفضل بن محمد الأبيورذي وخرّج لنفسه جزءين عن جماعة. وروى عنه عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: أحرقه الغزّ في رجب. وكان

(37/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 311
في المنارة، فأحرقوا المنارة، فاحترق فيها جماعة.
4 (عبد الرحيم بن أحمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم ابن الأخوّة)
البغدادي، اللؤلؤي، أبو الفضل بن أبي العباس، وأخو عبد الرحمن. نزل بإصبهان وسكنها. قال ابن السمعاني: شيخ فاضل، يعرف الأدب، وله شعر رقيق، صحيح القراءة والنقل. قرأ كثيراً بنفسه، ونسخ بخطّه ما لا يدخل تحت الحد، مليح الخط، سريعه. سافر الى خراسان، وسمع بها. وسمّعه خاله أبو الحسن بن الزاغوني الفقيه من: أبي عبد الله) النّعالي، ونصر بن البطر، ومن دونهما. وكتب إلي جزءاً بخطه بإصبهان. وسمعتُ منه. سمعتُ يحيى بن عبد الملك المكي، وكان شاباً صالحاً، يقول: أفسد عليّ عبد الرحيم ابن الخوّة سماع معجم الطبراني. حضرت دار بعض الأكابر، وكان يقرأ فيها المعجم الكبير على فاطمة الجوزدانية، وكان يقرأ في ساعة جزءاً أو جزءين، حتى قلت في نفسي: لعله يقلب ورقتين. فقعدت يوماً قريباً منه، وكنت أسارقه النظر، فعمل كما وقع لي من ترك حديث وحديثين، وتصفّح ورقتين، فأحضرت معي نسخة، وقعدت أعارض، فما قرأ في ذلك المجلس إلا شيئاً يسيراً، وظهر ذلك للحاضرين، وثقُل عليه ما فعلت، فانقطعتُ وتركت سماع الكتاب، أو كما قال. وأنا فما رأيت منه إلا الخير. وسمعتُ بقراءتي جزءاً، وسمع ولده بقراءتي الكثير، والله أعلم. وتوفي بشيراز في شعبان. قال ابن النجار: ورحل، وسمع من عبد الغفار الشيرويي، وعدة. وأكثر

(37/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 312
عن أبي علي الحداد فمن بعده. وكتب ما لا يدخل تحت الحد، وكان مليح الخط، سريع القراءة. رأيت بخطه كتاب التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي، فذكر في آخره أنه كتبه في يوم واحد. وكانت له معرفة بالحديث والأدب. وكان مولده في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة.
4 (عبد العزيز بن بدر)
أبو القاسم القصري، قصر كنكور. سمع: أبا غالب أحمد بن محمد الهمذاني، ومحمد بن نصر الأعمش. مات في المحرّم في عشر الثمانين. روى عنه: أبو سعد السمعاني.

(37/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 313
4 (عبد المغيث بن محمد بن أحمد بن المطهِّر)
أبو تميم العبدي، الخطيب، الصالح، الإصبهاني. سمع: حمد بن ولكيز، والمطهّر البزّاني. قال السمعاني: مات في صفر عن أربع وثمانين سنة.
4 (عبد الملك بن عبد الله بن أبي سهل بن القاسم بن أبي منصور بن ماح)
) أبو الفتح الكروخي، الهروي. قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، ديّن، خيّر، حسن السيرة، صدوق، ثقة. قرأت عليه جامع الترمذي، وقُرئ عليه عدة نوَب ببغداد وكتبَ نسخةً بخطه ووقفها. وسمع: أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، وأبا عامر محمود بن القاسم الأزدي، وأبا نصر الترياقي، وأبا بكر الغورجي، وأبا المظفّر عبيد الله الدهّان، وأبا عطاء، وجماعة.

(37/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 314
ووجدوا سماعه في أصول المؤتَمن الساجي، وأبي محمد بن السمرقندي، وغيرهما. وكنت أقرأ عليه جامع أبي عيسى، فمرض، فنفذ له بعض من كان يحضر معنا السماع شيئاً من الذهب، فما قبل، وقال: بعد السبعين واقتراب الأجل آخذ على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً وردّه مع الاحتياج إليه. ثم انتقل في آخر عمره الى مكة، وجاور بها حتى توفي. وكان ينسخ الترمذي بالأجرة ويأكل منها. وقال لي: ولدت في ربيع الأول سنة اثنتين وستين وأربعمائة بهراة. وكروخ: على عشرة فراسخ من هَراة. وقال الحافظ ابن نقطة: كان صوفياً، وحدّث بالجامع عن أبي عامر الأزدي، وأحمد بن عبد الصمد التاجر، وعبد العزيز بن محمد الترياقي، سوى الجزء الأخير ليس عند الترياقي، وأول الجزء: مناقب ابن عباس. وقد سمع الجزء المذكور من أبي المظفر عبيد الله بن علي الدهان. قالوا: أنا عبد الجبار الجراحي، عن المحبوبي، عن الترمذي. وقد سمع من: أبي عبد الله محمد بن علي العميري، وشيخ الإسلام، وحكيم بن أحمد الإسفراييني. وثنا عنه: أبو أحمد عبد الوهّاب بن سُكينة، وعمر بن طبرزد، وأبو بكر المبارك بن صدقة الباخرزي، وعبد العزيز بن الأخضر، وأحمد بن علي الغزنوي، وعلي بن أبي الكرم المكي ابن البنّاء خاتمة أصحابه. وهؤلاء الجماعة سمعوا منه كتاب الجامع لأبي عيسى. وقال الحافظ يوسف بن أحمد البغدادي: هو من جملة من لحقته بركةُ شيخ الإسلام. ولازم الفقر والورع الى أن توفي بمكة في خامس وعشرين ذي الحجة، بعد رحيل الحاج بثلاثة أيام.

(37/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 315
قلت: كذا ورّخ ابن السمعاني، وغيره.) وقد روى عنه خلق من المغاربة والمشارقة، منهم: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو الفرج بن الجوزي، والخطيب عبد الملك بن ياسين الدولعي، وأبو اليُمن الكندي، وأبو القاسم بن المعز بن عبد الله الهروي الأنصاري، وعبد السلام بن مكي القيّاري، والمبارك بن صدقة الباخرزي، وزاهر بن رستم، وعبد الملك بن المبارك الحريمي، ومحمد بن معالي ابن الحلاوي الفقيه، وأحمد بن يحيى بن الدبيقي، وثابت بن مشرّف البنّاء.
4 (عبد الملك بن عبد الله بن عمر بن محمد)
الشريف العمري، من ذريّة سالم بن عبد الله بن عمر الهروي. سكن أرجاه واستوطنها، وهي من ناحية خابران. قال ابن السمعاني: كان شريفاً، فاضلاً، عالماً، متواضعاً، حسن السيرة. قدم علينا مرو قبل وقعة الغزّ. وكان بمرو حين الوقعة، وعذّبوه بأنواع العقوبة. وتوفي في شعبان، وولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. وسمع: محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون الواسطي، والحافظ عبد الله بن يوسف الجرجاني. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني.
4 (عبد الواحد بن محمد بن عبد الجبار بن عبد الواحد)
الإمام أبو محمد التوثي، المروزي. وتوث: من قرى مرو. كان فقيهاً، مسناً، صحب أبا المظفّر السمعاني، وتفقّه عليه مدة. قال عبد الرحيم بن السمعاني: عمّر العمر الطويل حتى قارب المائة.

(37/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 316
سمع: محمد بن الحسن المهربندقساني، وأبا الفضل محمد بن أحمد العارف، وجدي الأعلى أبا المظفّر شيخه. وحملني والدي إليه الى قريته لأسمع منه، فسمعت منه. وهلك في وقعة الغزّ في خامس شعبان. وكان مولده في حدود سنة خمسين وأربعمائة.
4 (عبد الوهاب بن عبد الباقي بن مدلل)
أبو الفرج البغدادي، الغزّال. سمع من: طراد وأبي طاهر بن سوار.) روى عنه: أبو سعد السمعاني.
4 (عتيق بن نصر بن منصور)
الطبيب، الأستاذ، موفق الدين، أبو نصر ابن العين زربي. اشتغل بالطب، والفلسفة ببغداد، ومهر فيها وفي التنجيم، ثم سكن مصر، وخدم الخلفاء الباطنية. ونال دنيا واسعة، وصنّف كتباً كثيرة في الطب، والمنطق، والدّيات. وتخرج به جماعة. وكان في صباه منجّماً. وقرأ مع ذلك العربية، وكتب الخط المليح. توفي في هذه السنة.
4 (علي بن أحمد بن محمد بن المقرئ)

(37/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 317
أبو الحسن البغدادي، الخيّاط، أخو أبي نصر محمد. سمع من: طِراد والنعالي. وعنه: يوسف بن كامل. مات سنة ثمان في ذي القعدة.
4 (علي بن الحسن بن محمد)
أبو الحسن البلخي، الحنفي، الفقيه. سمع بما وراء النهر، وسمع بمكة من زين العبدري، وتفقّه على جماعة. ووعظ بدمشق، ثم درّس بالصادرية وتفقّه عليه جماعة. وجعلت له دار الأمير طرخان مدرسة، وقامت عليه الحنابلة لأنه أظهر خلافهم، وتكلم فيهم. ورزق وجاهةً من الناس. وكان كثير التبذّل، لا يدّخر شيئاً. وتوفي في شعبان بدمشق. وإليه تُنسب المدرسة البلخية التي داخل المدرسة الصادرية. وكان يلقّب برهان الدين. وكان معظّماً في الدولة. ودرّس أيضاً بمسجد خاتون، وأقبلت عليه الدنيا، فما التفت إليها. قيل إن نور الدين حضر مجلس وعظه بالجامع، فناداه: يا محمود. وهو الذي قام بإبطال حيّ على خير العمل من الأذان بحلب. وقد أخذ جلّ علمه ببخارى عن البرهان بن مازة. وقدم دمشق، ونزل بالصادرية، ومدرّسها علي بن مكي الكاساني، وناظر

(37/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 318
في الخلافيات. ثم حج) وجاور، وأمّ بمكة. ثم إن الكاساني قال لأصحابه: كاتبوه ورغّبوه في الرجوع. ثم إنه قدم دمشق وتسلّم المدرسة، وكثُر أصحابه. ووجه من أحضر كتبه من خراسان. قال ابن السمعاني: روى عن أبي المعين المكحولي، وأبي بكر محمد بن الحسن النّسفي. كتبت عنه.
4 (علي بن الحسن بن محمد)
أبو الحسن الطوسي، الطابراني، الصوفي، المقرئ. كان عارفاً بالقراءات. سمع من: أحمد بن عبد الجبار النيسابوري، وغيره. روى عنه: حفيده المؤيّد بن محمد الطوسي، وهو ضبط موته.
4 (علي بن السّلار)

(37/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 319
الوزير أبو الحسن الكردي، العبدي، الملقّب بالملك العادل سيف الدين، وزير الخليفة الظافر العبيدي، صاحب مصر. كان كردياً، زرزارياً فيما قيل، وتربى في القصر بالقاهرة. وتنقلت به الأحوال في الولايات بالصعيد وغيره الى أن ولّي الوزارة في رجب سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة. وقد كان الظافر استوزر نجم الدين سليم بن مصّال في أول دولته، وكان ابن مصّال من كبار أمراء دولته، ثم تغلب عليه ابن السلار، فعدى ابن مصال الى الجيزة في سنة أربع وأربعين، عندما سمع بقدوم ابن السلار من ولاية الاسكندرية طالباً الوزارة ليأخذها بالقهر. فدخل ابن السلار القاهرة، وغلب على الأمور، وتولى تدبير المملكة. ونُعت بالعادل أمير الجيوش. فحشر ابن مصّال وجمع عسكراً من المغاربة وغيرهم، وأقبل، فجرّد ابن السلار لحربه جيشاً، فالتقوا، فكُسر ابن مصّال بدلاص من الوجه القبلي، وقُتل، وأُخذ رأسه ودُخل به القاهرة على رُمح في ذي القعدة من السنة. وكان ابن السّلار شهماً، شجاعاً، مِقداماً، مائلاً الى أرباب العلم والصلاح، سنياً، شافعياً. ولي ثغر الاسكندرية مدة، واحتفل بأمر أبي طاهر السلفي، وزاد في إكرامه وبنى له المدرسة العادلية، وجعله مدرسها، وليس بالثّغر مدرسة للشافعية سواها، إلا أنه كان جباراً، ظالماً، ذا سطوة، يأخذ بالصغائر والمحقّرات. فمما نقل ابن خلّكان في ترجمته عنه لما كان جندياً دخل) على الموفّق بن معصوم التنيسي متولي الديوان، فشكى له غرامة لزمته في ولايته بالغربية، فقال: إن كلامك ما يدخل في أذني. فحقدها عليه. فلما وزر اختفى الموفّق، فنودي في البلد: إن من أخفاه فدمه هدر. فأخرجه الذي خبأه، فخرج في زي امرأة، فعُرف، وأُخذ، فأمر العادل بإحضار لوح خشب، ومسمار طويل، وعُمل اللوح تحت أذنه، وضُرب المسمار في الأذن الأخرى حتى تسمّر في اللوح، وصار كلما صرخ يقول له: دخل كلامي في أذنك أم لا؟

(37/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 320
وكان قد وصل من إفريقية أبو الفضل عباس بن أبي الفتوح بن يحيى بن تميم بن المعزّ بن باديس الصنهاجي، وهو صبي مع أمه، فتزوج بها العادل قبل الوزارة، وأقامت عنده مدة، وتزوج عباس، وجاءه ولد، فسماه نصراً، فأحبه العادل، وعزّ عنده. ثم إن العادل جهّز عباساً الى الشام بسبب الجهاد، وفي صحبته أسامة بن منقذ، فلما قدِم بتلبيس تذاكر هو وأسامة طيب الديار المصرية، وكرها البيكار والقتال، وأشار عليه أسامة، على ما قيل، بقتل العادل، وأن يستقلّ هو بالوزارة، وتقرر الأمر بينهما أن ولده نصراً يباشر قتل العادل إذا نام. وحاصل الأمر أن نصراً قتل العادل على فراشه في سادس المحرم بالقاهرة. ونصر المذكور هو الذي قتل الخليفة الظافر إسماعيل بن الحافظ أيضاً في العام الآتي.
4 (علي بن معضاد)
الدمشقي، الدبّاغ، المقرئ بالألحان، الطفيلي. روى عن: أبي عبد الله بن أبي الحديد. روى عنه: ابن عساكر، وابنه قاسم.
4 (عمر بن علي بن الحسين)
أبو حفص البلخي، الأديب. ويُعرف بأديب شيخ، ويلقب أيضاً بالشيخي. سمع: أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي، ومحمد بن حسين السمنجاني. قال أبو سعد السمعاني: قرأت عليه الشمائل للترمذي ببلخ. مات في جمادى الأولى سنة 8.

(37/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 321
4 (حرف الفاء)

4 (أبو الفتوح ابن الصّلاح)
الفيلسوف. ورّخ موته فيها أبو يَعلى حمزة في تاريخه وقال: كان غاية في الذكاء وصفاء) الحس، والنفاذ في العلوم الرياضية الطب، والهندسة، والمنطق، والحساب، والنجوم، والفقه، والتواريخ، والآداب، بحيث وقع الإجماع عليه بأنه لم يُر مثله في جميع العلوم. وكان لا يقبل من الولاة صلة. قدم دمشق في أوائل العام من بغداد، ومات.
4 (الفضل بن سهل بن بِشر بن أحمد)
الإسفرائيني، الدمشقي، أبو المعالي بن أبي الفتوح، ويُعرف بالأثير الحلبي. ولد بمصر ونشأ ببيت المقدس. وسافر الى العراق، وخُراسان تاجراً. وله شِعر وسط.

(37/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 322
سمع بدمشق: أباه، وأبا القاسم بن أبي العلاء المصّيصي. وأجاز له أبو بكر الخطيب الحافظ، وأقام بحلب مدة فنسب إليها، ووعظ بها. وكان مليح الخط. وداخل الشيخ أبا الفتح الإسفرائيني، وزعم أن بينه وبينه قرابة. وكان قد سمع من أبيه كتاب السنن الكبير للنسائي، القدر الذي سمعه أبوه بمصر. وحدّث بأكثر تاريخ بغداد ومكة عن الخطيب إجازة. قال السمعاني: سمعتهم يتهمونه بالكذب في حكاياته، وسماعه صحيح. قلت: روى عنه ابن السمعاني، والحافظ ابن عساكر، وجماعة. وآخر من روى عنه بالإجازة: أبو الحسن بن المقبّر. توفي في رجب ببغداد.
4 (حرف اللام)

4 (الليث بن أحمد بن أبي الفضل)
أبو الفضل البغوي. وقيل: اسمه صالح. شيخ من أهل القرآن والعبادة. سمع جامع الترمذي من أبي سعيد محمد بن علي بن أبي صالح. روى عنه: السمعاني، وقال: عُدم في إغارة الغزّ وهو في عشر التسعين.

(37/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 323
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن علي بن مجاهد)
أبو سعد الخُسروشاهي، المروزي. تفقّه على الإمام أبي المظفّر السمعاني، والفقيه محمد بن عبد الرزاق الماخوائي. وكان شيخاً،) صالحاً، سليم الجانب. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وقال: مات بعد وقعة الغزّ بمرو في رجب.
4 (محمد بن أحمد بن محمد بن الخليل بن أحمد)
الإمام أبو سعد الخليلي، النوقاني. ولد في سنة سبع وستين وأربعمائة. وسمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وقال: توفي في أواخر المحرّم بنوقان. قال أبو سعد في التحبير: هو من أهل نوقان طوس، إمام، حافظ، فقيه، مفسّر، أديب، شاعر، واعظ، حسن السيرة. سمع: محمد بن سعيد الفرخزاذي، وأبا الفضل محمد بن أحمد

(37/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 324
العارف. كتبتُ عنه بنوقان في المرات الأربع. وكان من مفاخر خراسان.
4 (محمد بن الحسن بن أبي جعفر)
أبو بكر الزوزني، الأديب. من أهل مرو. كان فقيهاً، صالحاً، أديباً، ديّناً، قرأ الفقه. وسمع من: عبد الغفار الشيرويي. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. وعُدِم في وقعة الغزّ.
4 (محمد بن الحسن بن محمد)
أبو نصر المروزي، الأديب. ثقة، خيّر. تخرّج به جماعة. سمع: محمد بن الفضل الخرقي، وعبيد الله بن محمد الهشامي، وكامكار المروزيين. أخذ عنه: السمعاني، وقال: مات في رجب في معاقبة الغز، وله ستٌ وثمانون سنة.
4 (محمد بن أبي سعيد بن محمد)
أبو بكر المروزي، الذزغاني، البزّاز، الفقيه، شريك أبي بكر محمد بن

(37/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 325
السمعاني. قرأ قطعة من الفقه على: أبي المظفّر بن السمعاني، ثم أقبل على جمع الدنيا. وكان يشرب الخمر ويرى رأي) الأوائل على ما قيل. وكان مظلماً، وكان مولده سنة نيّف وخمسين وأربعمائة. وكان يروّض نفسه ويداريها بالأغذية. سمع: أبا الفتح عبيد الله الهشامي، وإسماعيل بن محمد الزاهري. قُتل تحت عقوبة الغزّ في رجب. قاله عبد الرحيم بن السمعاني، وحدّث عنه.
4 (محمد بن عبد الله بن الحسين بن بُكير)
أبو علي الفارقي، ثم الكرخي، التاجر. حدّث بمرو عن أصحاب أبي علي بن شاذان. توفي بنواحي جوين في شعبان.
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي صالح)
البسطامي، أبو علي الفقيه، المعروف بإمام بغداد. قال السمعاني: كان فقيهاً، مناظراً، وشاعراً مجوّداً، تفقه على إلكيا الهرّاسي.

(37/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 326
وسمع من: أبي الحسن بن العلاف. وتوفي في رجب ببلخ، ولم يحدّث.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن أبي توبة)
أبو الفتح الكشميهني، الخطيب، المروزي. شيخ الصوفية بمرو، وآخر من روى في الدنيا عن أبي الخير محمد بن أبي عمران، سمع منه صحيح البخاري. وكان مولده في سنة اثنتين وستين وأربعمائة. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وقال: توفي في الثالث والعشرين من جمادى الأولى، وسمعت منه كتاب الصحيح مرتين.

(37/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 327
وقال ابن نقطة: سمع منه صحيح البخاري جماعة منهم ابنه أبو عبد الرحمن محمد بن محمد، وشريفة بنت أحمد بن علي العيّاري، ومسعود بن محمود المنيعي. وقال: قال أبو سعد: كان شيخ مرو في عصره، تفقّه على جدي وصاهره على بنت أخيه. لم أر في شيوخ الصوفية مثله. وكان لي مثل الوالد للمودة الأكيدة. سمع من الجدّ، ومن: أبي الفضل محمد بن أحمد العارف الميهني، وهبة الله بن عبد الوارث.) سمعت منه الكثير، وأضرّ في الآخر. ومولده في ذي القعدة سنة إحدى وستين. الى أن قال السمعاني: كان عالماً، حسن السيرة، جميل الأمر، سخياً، مُكرِماً للغرباء. وكان سماعه للصحيح سنة إحدى وسبعين بقراءة الحافظ أبي جعفر الهمذاني، وعمره تسع سنين.
4 (محمد بن عبد الكريم بن أحمد)

(37/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 328
أبو الفتح بن أبي القاسم الشهرستاني، المتكلم، ويلقب بالأفضل. كان إماماً، مبرزاً في علم الكلام والنظر، تفقّه على أحمد الخوافي، وبرع في الفقه، وقرأ الكلام والأصول على أبي نصر بن القُشيري، وأخذ عنه طريقة الأشعري. وقرأ الكلام أيضاً على الأستاذ أبي القاسم الأنصاري. وصنّف كتاب الملل والنحل، وكتاب نهاية الإقدام، وغير ذلك. وكان كثير المحفوظ مليح الوعظ. دخل بغداد سنة عشر وخمسمائة، وأقام بها ثلاث سنين، ووعظ بها، وظهر له قبول عند العوام. وقد سمع بنيسابور من: أبي الحسن علي بن أحمد المديني، وغيره. قال ابن السمعاني: كتبت عنه بمرو، وقال لي: ولدت بشهرستان في سنة سبع وستين وأربعمائة، وبها توفي في أواخر شعبان. غير أنه كان متّهماً

(37/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 329
بالميل الى أهل القلاع، يعني الإسماعيلية، والدعوة إليهم والنصرة لطامّتهم. وقال في التعجبير: هو من أهل شهرستان، كان إماماً أصولياً، عارفاً بالأدب والعلوم المهجورة، وهو متّهم بالإلحاد والميل إليهم، غالٍ في التشيع.

(37/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 330
ثم ذكر نحواً مما تقدم، لكن قال في مولده سنة تسع، بدل سبع. والله أعلم.
4 (محمد بن عمر بن محمد بن علي)
الإمام أبو الفتح الشيرزي، السرخسي، ثم المروزي. فقيه، فاضل، مناظر، شاعر. سمع بنفسه من جماعة كأبي نصر محمد بن محمد الماصاني، ومحمد بن عبد الواحد الدقّاق، وأبي بكر عبد الغفار الشيرويي. قتل في عاشر رجب بمرو فيمن قُتل. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني.
4 (محمد بن محمد بن عبد الله بن أبي سهل بن أبي طلحة)
)

(37/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 331
الحافظ أبو طاهر بن أبي بكر المروزي، السنجي، المؤذن، الخطيب. ولد بقرية سنج العظمى في سنة ثلاث وستين وأربعمائة أو قبلها. وسمع الكثير، ورحل الى نيسابور، وبغداد، وإصبهان، وتفقّه أولاً على الإمام أبي المظفّر بن السمعاني. وعلى: عبد الرحمن الرزاز. وكتب الكثير، وحصّل. قال أبو سعد السمعاني: كان إماماً، ورعاً، متهجداً، متواضعاً، سريع الدمعة. سمع: إسماعيل بن محمد الزاهري، وأبا بكر محمد بن علي الشاشي الفقيه، وعلي بن أحمد المديني، ونصر الله بن أحمد الخُشنامي، وفَيد بن عبد الرحمن الشعراني الهمذاني، والشريف محمد بن عبد السلام الأنصاري، وثابت بن بُندار، وجعفر السّراج، وأبا البقاء المعمر الحبّال، وعبد الملك ابن بنته لما حج، وأبا بكر أحمد بن محمد الحافظ ابن مردويه، وأبا سعد المطرّز، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، وعبد الله بن أحمد النيسابوري صاحب عبد الغافر الفارسي، وخلقاً سواهم. وكان من أخصّ أصحاب والدي في الحضر والسّفر. سمع الكثير معه، ونسخ لنفسه ولغيره، وله معرفة بالحديث. وهو ثقة، ديّن، قانع بما هو فيه، كثير التلاوة. حجّ مع والدي، وكان يتولى أموري بعد والدي. وسمعت من لفظه الكثير. وكان يلي الخطابة بمرو في الجامع الأقدم. وتوفي في التاسع والعشرين من شوال. قلت: سمع منه: عبد الرحيم بن السمعاني سنن النسائي، وصحيح

(37/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 332
مسلم، وكتاب الرقاق لابن المبارك، بروايته له عن إسماعيل الزاهري، عن إسماعيل بن ينال المحبوبي، وكتاب حلية الأولياء لأبي نُعيم، وكتاب الأحاديث الألف لشيخه الإمام أبي المظفر عبد الجبار بن السمعاني، وأشياء أخر.
4 (محمد بن محمد بن محمد بن خلف)
العدل، أبو نصر البلخي. سمع من: أحمد بن محمد الخليلي. قال السمعاني: كتبت عنه ببلخ. وولد في سنة اثنتين وسبعين، وله إجازة من القاضي الخليل بن) أحمد السجزي. مات في صفر.
4 (محمد بن محمد بن منصور)
أبو سعد المروزي، الغزّال، الغازي. قتل في وقعة الغز بمرو. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. ثنا أبو الفتح عبيد الله بن محمد بن أزدشير بن محمد الهشامي، أنا جدي، فذكر حديثاً.
4 (محمد بن محمد بن أبي الخير)
أبو بكر الصوفي، الشيرازي، ثم المروزي. حدّث عنه عبد الرحمن السمعاني. ومن كهول شيوخه. وقتل في وقعة الغزّ.

(37/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 333
4 (محمد بن المفضّل بن سيار بن محمد)
أبو عبد الله الهروي، الدهان، وهو أميرجة. سمع بإفادة عمه صاعد بن سيار من: أبي عبد الله محمد بن علي العميري، والقاضي أبي عامر الأزدي، وأبي عطاء عبد الأعلى بن عبد الواحد المليجي، ونجيب بن ميمون، وجماعة. وحدّث بمرو، وهراة. قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه جامع الترمذي، وسمعتُ منه درجات التائبين لإسماعيل بن المقري، بروايته عن أبي عطاء المليجي، عنه. وولد في سنة خمس وسبعين. وتوفي في ذي الحجة بمرو. وترجمة أبي نصر أخيه في سنة.
4 (محمد بن نصر بن صغير بن خالد)

(37/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 334
أبو عبد الله القيسراني، الأديب، صاحب الديوان المشهور، وحامل لواء الشعر في زمانه. ولد بعكا، ونشأ بقيسارية فنسب إليها. وسكن دمشق وامتدح الملوك والكبار. وتولى إدارة الساعات التي على باب الجامع، وسكن فيها في دولة تاج الملوك وبعده. ثم سكن حلب مدة، وولي بها خزانة الكتب. وتردد الى دمشق، وبها مات. وقد قرأ الأدب على) توفيق بن محمد. وأتقن الهندسة، والحساب، والنجوم. وصحب أبا عبد الله بن الخياط الشاعر، فتخرّج به في الفرائض، وانطلق لسانه بشعر أرقّ من نسيم السحَر، وألذّ من سماع الوتر. ودخل بغداد، ومدح صاحب ديوان إنشائها سديد الدولة محمد بن الأنباري. ومن شعره:
(مَن لقلبٍ يألف الفكَرا .......... ولعينٍ ما تذوق كَرا)

(ولصبٍ بالغرام قضى .......... ما قضى من حُبّكم وطَرا)

(ويحَ قلبي من هوى قمر .......... أنكرتْ عيني له القمرا)

(37/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 335
(حالفتْ أجفانَه سنةٌ .......... قتلتْ عُشّاقَه سهرا)

(يا خليليّ اعذرا دنِفاً .......... يصطفي في الحب من غدرا)

(وذراني من ملامكُما .......... إن لي في سلوتي نظرا)
وله:
(سقى الله بالزوراء من جانب الغرب .......... مهاً رودت ماء الحياة من القلب)

(عفائف إلا عن مُعاقرة الهوى .......... ضعائف إلا عن مغالبة الصبِ)

(تظلّمت من أجفانهن الى النوى .......... سفاهاً، وهل يُعدى البعادُ على القُرب)

(ولما دنا التوديع قلت لصاحبي .......... حنانيك، سِر بي عن ملاحظة السرب)

(إذا كانت الأحداق نوعاً من الظُبى .......... فلا شك أن اللحظ ضربٌ من الضرب)

(تقضّى زماني بين بينٍ وهجرةٍ .......... فحتام لا يصحو فؤادي من حب)

(وأهوى الذي أهوى له البدرُ ساجداً .......... ألستَ ترى في وجهه أثر التربِ)

(وأعجب ما في خمر عينيه أيها .......... يضاعف سُكري كلما أقللتُ شربي)

(مازال عوّادي يقولون: من به .......... وأكتمهم حتى سألتهم: من بي)

(فصرت إذا ما هزّني الشوق هزة .......... أحيل عذولي في الغرام على صحبي)

(وعند الصبي منا حديثٌ كأنه .......... إذا دار بين الشرب ريحانة الشرب)

(تتم عليه نفحة بابلية .......... نمت من ثناياها الى البارد العذب)

(تُراحُ لها الأرواح حتى تظنها .......... نسيم جمال الدين هبّ على الركب)
) وخرج الى مديح الوزير جمال الدين أبي المحاسن علي بن محمد. ومن شعره:
(يا هلالاً لاح في شفقِ .......... أعْفِ أجفاني من الأرقِ)

(فكّ قلبي يا معذبه .......... فهو من صدغيك في حنقِ)

(37/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 336
وله في خطيب:
(شُرح المنبر صدراً .......... لتلقيك رحيبا)

(أترى ضم خطيباً .......... منك، أم ضُمِّخ طيبا)
قال ابن السمعاني: هو أشعر رجل رأيته بالشام، غزير الفضل، له معرفة تامة باللغة والأدب، وله شعر أرق من الماء الزلال. سألته عن مولده، فقال لي: سنة ثمان وسبعين وأربعمائة بعكا. وقال الحافظ ابن عساكر: لما قدم اقيسراني دمشق آخر قدمة نزل بمسجد الوزير ظاهر البلد، وأخذ لنفسه طالعاً، فلم ينفعه تنجيمه، ولم تطل مدته. وكان قد أنشد والي دمشق قصيدة، مدحه بها يوم الجمعة، فأنشده إياها وهو محموم، فلم تأت عليه الجمعة الأخرى. وكنت وجدت أخي قاصداً عيادته فاستصحبني معه، فقلت لأخي في الطريق: إني أظن القيسراني سيلحق ابن منير كما لحق جريرُ الفرزدق. فكان كما ظننت. ولما دخلنا عليه وجدناه جالساً، ولم نر من حاله ما يدل على الموت. وذكر أنه تناول مُسهلاً خفيفاً. فبلغنا بعد ذلك

(37/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 337
أنه عمل عملاً كثيراً، فمات ليلة الأربعاء الثاني والعشرين من شعبان، ودُفن بباب الفراديس. قلت: وفي أولاده جماعة وزراء وفُضلاء.
4 (محمد بن يحيى بن منصور)
العلامة أبو سعد النيسابوري، الفقيه الشافعي محيي الدين، تلميذ الغزالي. تفقّه على: أبي حامد الغزالي، وأبي المظفّر أحمد بن محمد الخوافي. وبرع في الفقه، وصنف في المذهب والخلاف. وانتهت إليه رئاسة الفقهاء بنيسابور. ورحل الفقهاء الى الأخذ عنه من النواحي. واشتهر اسمه. وصنّف كتاب المحيط في شرح الوسيط، وكتاب الانتصاف في مسائل الخلاف. ودرّس بنظامية نيسابور. وتخرّج به أئمة. قال القاضي ابن خلّكان: هو أستاذ المتأخرين، وأوحدهم علماً وزهداً. سمع الحديث سنة ست وتسعين من أبي حامد أحمد بن علي بن عبدوس، وكان مولده سنة ست) وسبعين بطرَيثيث. ويُنسب إليه من الشعر بيتان وهما:

(37/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 338
(وقالوا: يصير الشعر في الماء حيةً .......... إذا الشمس لاقته فما خِلته حقا)

(فلما التوى صُدغاه في ماء وجهه .......... وقد لسعا قلبي تيقّنته صِدقا)
ولعلي بن أبي القاسم البيهقي فيه يرثيه وقد قتلته الغز:
(يا سافكاً دم عالمٍ متبحّر .......... قد طال في أقصى الممالك صيتُه)

(بالله قل لي يا ظلوم ولا تخف .......... من كان مُحيي الدين كيف تُميتُه)
ومما قيل فيه:
(وفاةُ الدين والإسلام تُحيى .......... بمحيي الدين مولانا ابن يحيى)

(كأن الله ربَّ العرش يُلقي .......... عليه حين يلقي الدرس وحيا)
قتلته الغز، قاتلهم الله، حين دخلوا نيسابور في رمضان، دسّوا في فيه التراب حتى مات، رحمه الله. وقال السمعاني: سنة تسع في حادي عشر شوال بالجامع الجديد قتلته الغز لما أغاروا على نيسابور. قال: ورأيته في المنام، فسألته عن حاله، فقال: غُفر لي. وكان والده من أهل جَنزة، فقدم نيسابور، لأجل القشيري، وصحبه مدة، وجاور، وتعبّد. وابنه كان أنظر الخراسانيين في عصره. وقد سمع من: نصر الله الخُشنامي، وجماعة.

(37/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 339
قال: وكتبت عنه رحمه الله.
4 (محمود بن الحسين بن بُندار بن محمد)
أبو نجيح بن أبي الرجاء الطلحي، الإصبهاني، الواعظ. قال ابن السمعاني: ولد في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. وسمع: مكي بن منصور الثقفي، وأحمد بن عبد الله السوذرجاني، وأبا مطيع محمد بن عبد الواحد. وورد بغداد، وسمع الكثير بقراءته على ابن الحُصين، وطبقته. وله قبولٌ تام في الوعظ عند العامة. وهو شيخ، متودد، مطبوع، كريم، حريص على طلب الحديث. كتبت عنه، وكتب عني.) وتوفي في سلخ ربيع الآخر. قلت: وروى عنه: ابن عساكر، وأبو أحمد بن سُكينة.
4 (محمود بن كاكويه بن أبي علي)
أبو القاسم المروروذي. ولد سنة ستين وأربعمائة. وحدّث بجامع أبي عيسى، عن عمه أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله العلاوي، عن الجراحي. وتوفي في أحد الربيعين أو الجمادين.
4 (منير بن محمد بن محمد بن محمد ابن الأستاذ)
كان يخدمهم، ويحصّل الأموال، ويُنفق عليهم.

(37/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 340
حدّث عن: أبي الفتح ناصر البيّاضي. وقُتل صبراً بمرو في فتنة الغُز في رجب. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني.
4 (حرف النون)

4 (ناصر بن حمزة)
أبو المناقب بن طباطبا العلوي، الإصبهاني. سمع جزء لوين من ابن ماجة الأبهري. أخ عنه: السمعاني، وقال: مات في ربيع الآخر.
4 (نصر بن أحمد بن مقاتل بن مطكود)
أبو القاسم السوسي، ثم الدمشقي. سمع من: جده. وأبي القاسم بن أبي العلاء المصيصي، وأبي عبد الله بن أبي الحديد، وسهل بن بشر الإسفرائيني. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابنه القاسم، والحافظ أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم، وطرخان بن ماضي الشاغوري، وآخرون. قال ابن عساكر: كان شيخاً مستوراً، لم يكن الحديث من شأنه.) توفي في تاسع عشر ربيع الأول. قلت: وهو راوي جزء علي بن حرب، راوية البلديين.
4 (النعمان بن محمد بن النعمان)

(37/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 341
أبو سهل الباجخوستي، وهي من قرى مرو. شيخ صالح، متعبد، خيّر، فلاح يأكل من زراعته. ثم عجز ولزم بيته. روى عن الأديب كامكار المحتاجي. قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه أوراقاً. توفي في أواخر رمضان، وله نيّف وثمانون سنة.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن الحسين بن علي بن محمد بن عبد الله)
أبو القاسم بن عبد الله بن أبي شريك البغدادي، الحاسب. سمع: أباه، وأبا الحسين بن النقّور. قال أبو سعد السمعاني: كتبت عنه، وعلى التركات. وكانت الألسنة مجمعة على الثناء السيئ عليه. وكانوا يقولون إنه ليست له طريقة محمودة، وقال لي ولدت في صفر سنة إحدى وستين وأربعمائة. توفي فيما بين أواخر صفر وأوائل ربيع الأول. قلت: روى عنه: أبو الفتوح محمد بن علي الجلاجلي، والحافظ أبو الفرج بن الجوزي، والفتح بن عبد السلام، وآخرون. أخبرنا أحمد بن إسحاق، أبا الفتح بن عبد السلام، أنا هبة الله بن أبي شريك، أنا أحمد بن محمد البزاز، قال: ثنا عيسى بن علي، أنا يحيى بن محمد بن صاعد، نا عبد الجبار بن العلاء، ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن زيد بن خالد قال: قال رسول الله صلى الله علي وسلم: من جهّز غازياً أو حاجاً أو

(37/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 342
معتمراً وخلفه في أهله فله مثل أجره.
4 (هبة الله بن خلف بن المبارك بن البطر)
أبو نصر بن الحنبلي، البغدادي، البيّع. تفقّه على أسعد الميهني، ثم ترك الفقه، واشتغل بالكسب والتجارة.) سمع قريبه أبا الخطاب به البطر. روى عنه: أبو سعد بن السمعاني، وقال: توفي في ثامن ربيع الآخر.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن الحسين بن سعيد)
أبو زكريا الغزنوي، الصوفي. سافر من غزنة الى خراسان، والعراق، والشام، وركب البحار. وسمع بسجستان من: أبي نصر هبة الله بن عبد الجبار. وبكرمان: أبا غانم أحمد بن رضوان. روى عنه: عبد الكريم بن السمعاني، وقال: مات رحمه الله في أواخر السنة، وقد جاوز السبعين.
4 (يوسف بن محمد بن فاروا)
أبو الحجاج الأنصاري، الأندلسي. نشأ بجيّان، وقدم العراق، ودخل خراسان. وسمع الكثير ونسخ وجمع،

(37/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 343
وسمع مع ابن عساكر، وابن السمعاني. قال ابن السمعاني: كان شاباً، صالحاً، ديّناً، خيّراً، حريصاً على طلب العلم، مجدّاً في السماع، صحيح النقل، حسن الخط، له معرفة بالحديث. كتب عني وكتبت عنه. وكان حسن الأخلاق، متودداً، متواضعاً، يفيد الناس ويسمعهم ويقرأ لهم. ثم دخل بلخ، وصار إمام مسجد رانجوم الى أن مات. وقال لي: ولدت سنة بضع وتسعين وأربعمائة. وقد أسره الفرنج وقاسى شدائد، وخلّصه الله. توفي ببلخ في سلخ ذي القعدة. قلت: لم يذكره أبو عبد الله الأبّار.
4 (الكنى)

4 (أبو الحسين بن عبد الله بن حمزة)
المقدسي، الزاهد. من أولي المقامات والكرامات. قد جمع الضياء المقدسي جزءاً من أخباره، فسمعه منه ابنا أخويه: الفخر بن علي البخاري،) والشمس محمد بن الكمال. وقال: حدثني الإمام عبد الله بن أبي الحسن الجيّاني، بإصبهان قال: مضيت الى زيارة الشيخ أبي الحسين الزاهد بحلب، ولم تكن نيتي صادقة ف زيارته، فخرج إلي وقال: إذا جئت الى المشايخ فلتكن نيّتُك صادقة في الزيارة. وقال: كان لي شَعرٌ قد طال، وكنت قد حلقته قبل ذلك، فقال لي أبو الحسين: إذا كنت قد جعلت شيئاً لله فلا ترجع فيه.

(37/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 344
سألت خالي أبا عمر عن الشيخ أبي الحسين، وقلت له: هل رأيته يأكل شيئاً قال: رأيته يأكل خرّوباً، يمصّه ثم يرمي به. ورأيته يأكل بقلاً مسلوقاً. قال: ونقلت من خط الإمام أبي سعد السمعاني قال: سمعت سنان بن مشيّع الرّقي يقول: رأيت أبا الحسين المقدسي برأس العين، في موضع قاعداً عرياناً، وقد اتّزر بقميصه، ومعه حمار، والناس قد تكابّوا عليه، فجئت وطالعته، فأبصرني وقال: تعال: فتقدّمت، فأخذ بيدي وقال: نتواخى قلت: ما لي طاقة. فقال: أيش لك في هذا. وآخاني. وقال لواحد من الجماعة: حماري يحتاج الى رسن، بكم رسن قالوا: بأربعة فلوس. فقال لواحد، وأشار بيده في موضع في الحائط: فإني جُزت ههنا وقتاً، وخبّأت ثم أربع فلوس، اشتروا لي بها حبلاً. فأخذ الرجل الأربع فلوس من الحائط. ثم قال: أريد أن تشتري لي بدينار سمك. قلت له: كرامة، ومن أين لك ذهب قال: بلى. معي ذهب كثير. قلت: الذهب يكون أحمر. قال: أحمر. قال: أبصِر تحت الحشيش، فإني أظن أن لي فيه ديناراً. وكان ثمّ حشيش، فنحّيت الحشيش، فخرج دينار وازن، فاشتريت له به سمكاً. فنظّفه بيده، وشواه، ثم قلاه، ثم أخرج منه الجلد والعظم، وجعله أقراصاً، وجففه، وتركه في الجُراب، ومضى.) وكان قوته من ذا. وله كذا وكذا سنة ما أكل الخبز. وكان يسكن جبال الشام، ويأكل البلوط والخرنوب. قال: وقرأت بخط أبي الحجاج يوسف بن محمد بن مقلّد الدمشقي أنه

(37/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 345
سمع من الشيخ أبي الحسين أبياتاً من الشعر بمسجد باب الفراديسي، ثم قال: وهذا الشيخ عظيم الشأن، يقعد نحو خمسة عشر يوماً لا يأكل إلا أكلةً واحدة، وأنه يتقوّت من الخرنوب البري، وأنه يجفف السمك ويدقّه، ويستفّه. وحدثني الإمام يوسف بن الشيخ أبي الحسين الزاهد المقدسي أن رجلاً كان مع الشيخ، فرأى معه صرة يستف منها، فمضى الشيخ يوماً وتركها، فأبصر الرجل ما فيها، فإذا فيها شيء مرّ، فتركها. فجاء الشيخ، فقال له: يا شيخ ما في هذه الصرة فأخذ منها كفاً وقال: كُل. قال: فأكلته، فإذا هو سكّر ملتوت بقلب لوز. وأخبرنا أبو المظفّر بن السمعاني، عن والده قال: سمعت الشيخ عبد الواحد بن عبد الملك الزاهد بالكرخ يقول: سمعتُ أبا الحسين المقدسي، وكان صاحب آيات وكرامات عجيبة، وكان طاف الدنيا، يقول: رأيت أعجمياً بخراسان يتكلم في الوعظ بكلام حسن. قلت: في أيها رأيت قال: في مرو، واسمه يوسف، يعني يوسف بن أيوب الزاهد. قال عبد الواحد: ورأيته في غير الموسم، يعني أبا الحسين، بمكة مرات، فسلّمت عليه، فعرفني وسألني، فقلت له: أيش هذه الحالة فقال: اجتزت ههنا، فأردت أن أطوف وأزور. قال: وحدّثني أبو تمام أحمد بن ثُركي بن ماضي بن معرّف بقرية دجانية، قال: حدّثني جدي قال: كنا بعسقلان في يوم عيد، فجاء أبو الحسين الزاهد الى امرأة معها خبز سُخن، فقال: يا أم فلان، نشتهي من هذا الخبز السخن لزوجك. وكان في الحج. فناولته رغيفين، فلفّهما في مئزر، ومضى الى مكة، فقال: خُذ هذا من عند أهلك. وأخرجه سُخناً، ورجع. فقالوا إنهم رأوه ضحوة بعسقلان، ورأوه ذلك اليوم بمكة فجاء الرجل من الحج، فلقي أبا الحسين، فقال: ما أنت أعطيتني رغيفين قال: لا تفعل قد اشتبه عليك.

(37/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 346
وحدّثني قال: حدثني جدي قال: كان أبو الحسين بعسقلان فوصّوا البوابين أن لا يخلّوه يخرج لئلا تأخذه الفرنج، فجاء الى باب، وعمل أبو الحسين طرف قميصه فيه، وسعى من الباب. قال: فإذا هو في جبال لبنان.) قال: فقال في نفسه: ويلك يا أبا الحسين، وأنت ممن بلغ الى هذه المنزلة، أو كما قال. وسمعت الإمام الزاهد أحمد بن مسعود القرشي اليماني: حدّثني أبي قال: قالت الفرنج: لو أن فيكم رجلاً آخر مثل أبي الحسين لاتّبعناكم على دينكم. مروا يوماً فإذا هو راكب على سبع، وفي يده حية، فلما رآهم نزل ومضى. وقال أبو سعد السمعاني: سمعت الزاهد عبد الواحد بالكرج قال: سمعنا الكفار يقولون: الأسود والنمور كأنها نعم أبي الحسين المقدسي. قال الضياء: وقد سمعنا له غير ذلك من مشي الأسد معه. وحكى له الضياء، فيما رواه، أنه عمل مرة حلاوة من قشور البطيخ، فعرف حلاوة من أحسن الحلاوة. وقال: حدثني الإمام عبد المحسّن بن محمد بن الشيخ أبي الحسين: حدثني أبي قال: كان والدي يعمل لنا الحلاوة من قشور البطيخ ويسوطها بيده. قال: فعملنا بعد موته من قشور البطيخ، فلم تنعمل، فقالت أمي: بقيت تعوز المغرفة. تعني يده. حدثني الإمام عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار: حدّثني جمال الدولة سنقر بن اليماني قال: جاء الشيخ أبو الحسين عندنا مرة الى سوق العرب، فقلنا له: يا شيخ ما تُطعمنا حلاوة. قال: هاتوا إلي مرجل. فجئنا له بمرجل، فجمع قشور البطيخ، وتركه فيه،

(37/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 347
وأوقد تحته، وجعل يسوطه بيده، فصار حلاوة ما رأينا مثلها، لا قراضيّة ولا صابونية. قال: وسمعت عبد الله بن عبد الجيّار البدوي بديرة بظاهرة القدس: حلثني عيسى المصري، قال: جاء أبو الحسين الى حلب، فقال له رجل: تنزل عندي. قال: على شرط أنزل أين أردت. فقال: نعم. فجاء فنزل في الحشّ. حدّثني الحاج نجم بن سعد بدجانية قال: حدّثني الشيخ أحمد بن مسعود اليماني قال: جاء أبو الحسين الى أبي وأنا صبي، فقال: يا شيخ قُل للجماعة يعطوني جردي من العنب. فجاء ذا بسلّ عنب، وذا بسل، حتى صار منه شيء كثير، فقال لي: تعال اعصُره. قال: فبقيت أطأه حتى ينعصر، وجعله في قدر، وغلى عليه، فصار دبساً، وجاء الى خرق في الأرض، وصبّه فيه،) ويقول: امضِ الى أخي الفلاني في البلد الفلاني، ويسمي أصدقاءه حتى فرغ منه. وحدثني خالي الزاهد أبو عمر، قال: كان أبو الحسين يأتي الى عندنا، وكان يقطع البطيخ ويطبخه، واستعار مني سكيناً يقطع بها البطيخ فجرحته فقال: ما سكينك إلا حمقاء. ومشى هو وسالم أبو أحمد وعمي الى صرخد، ومعه رجل مصري، فحمّله الى رأسه جرة صغيرة فيها ماء بطيخ مطبوخ، وفي يده شربة أيضاً. فلما وصلوا الى الغور انكسرت الشربة، وبقيت تلك على رأسه، فانعفر رأسه منها. فلما وصلوا الى حوران قال: هاتِ حتى نزرع البطيخ. فقلبها في الأرض. سمعت خالي أبا عمر: حدثني خالي إسماعيل قال: جاء أبو الحسين الى عندي مرة، فقال: اطبخوا لي طبيخاً. فطبخنا، فأخذه ومضى الى الجبل، وجاء الى زردة فصبّه فيها. قال الضياء: والحكايات عنه في طبخه لماء البطيخ مشهورة.

(37/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 348
قال: ذكر أن النار كان يدخلها وحملها في ثوبه. سمعت الحاج حرميّ بن فارس بالأرض المقدسة قال: حدّثتني امرأة كبيرة من قريتنا أن أختها كانت زوجة أبي الحسين الزاهد، فذكرت عنه أنه دخل تنوراً فيه نار، وخرج منه. قال: وسمعت الزاهد عبد الحميد بن أحمد بن إسماعيل المقدسي: حدثني أبي أنه رأى أبا الحسين يوقد ناراً يطبخ رِبّاً، ومعه سلّ يسقي فيه، أظنه قال بيده، ثم يبدد النار، ويأتي بالماء في السل، فيقلبه على الربّ. حدثني الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بقرية مرو، أنا أبو يوسف حسن قال: كنت مع أبي الحسين الزاهد، فجئنا الى قرية، وإذا عندهم نار عظيمة، فقال: أعطوني من هذه النار. فجاءوا إليه بقطعة جرة فملأوها فقال: صبوها في ملحفتي. فصبّوها في ملحفته، فأخذها ومضى. وحدّثني آخر هذه الحكاية عن أبي يوسف. وحدّثني الإمام أبو أحمد محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدسي قال: سمعت مشايخ من أهل بلدنا، أن أبا الحسين كان يجيء الى الأتون وهم يوقّروه، فيقول: دعوني أدفأ. فيعبُر فيه، ويخرج من الموضع الذي يخرجون منه الرماد، وهو ينقض ثيابه من الرماد، ويقول: دفيت. سمعت الإمام أبا الثناء محمود بن همّام الأنصاري: حدثني الحافظ يوسف قال: كان بدمشق أبو عبد الله الطرائفي رجل له معروف قال لي: أشتهي الشيخ أبا الحسين يدخل بيتي.) فقلت له، فقال: نعم، ولكن إن كان عنده للأتان موضع. فقلت للطرائفي، فقال: نعم. فبقي سنةً، ثم قال لي يوماً: ألا تمضي بنا الى عند الرجل الذي وعدناه فمضيت وهو على حماره، فدخلنا الدار، وللطرائفي أخت مقعدة، فقال له عنها، فقال ائتني بماء من هذا البئر. فجاءه بماء في قدح، فرقي فيه، ثم قال:

(37/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 349
رشّ منه عليها. قال: فرشّ عليها، فقامت، وجاءت وسلّمت على الشيخ. هذا معنى ما حكاه لي. وحدثني الإمام الزاهد يوسف بن الشيخ أبي الحسن الزاهد: حدثتني أمي أن أبي كان يصلي مرة في البيت، فرأت السقف قد ارتفع، وقد امتلأ البيت نوراً. سمعت خالي الإمام موفق الدين يقول: حُكي أن الشيخ أبا الحسين كان راكباً مرة على حمار عند غباغب، وهو ممدد على الحمار، فرآه رجل فقال: أقتُل هذا وآخذُ حماره. فلما حاذاه أراد أن يمد يده إليه، فيبست يداه، فمرّ أبو الحسين وهو يضحك منه، فلما جاوزه عادت يداه. فسأل عنه، فقيل له: هذا الشيخ أبو الحسين. قال الضياء: وكان فيما بلغني ينزع سراويله فيلبسه للحمار. فإذا رآه الناس تعجبوا وقالوا: أيش هذا فيقول: حتى توارى عورة الحمار. فيضحكون منه. وبلغني أنه فعل هكذا بحماره، وكان ينقل عليه حجارة لعمل شيء من قلعة دمشق، وكان الناس يتفرجون عليه، فجاء رجل على بلغة فعرفه، فنزل وجاء إليه، وأظنه قبّل رجليه، فقال: ما تركتنا نكسب الأجر، وما كان أحد يعرفنا. وسمعت خالي أبا عمر يقول: حدثني أبو غانم الحلبي قال: دخلت امرأة الشيخ أبي الحسين الى عند امرأة السلطان، فأعطتها شقّة حرير، فجاء أبو الحسين فعملها سراويل للحمار. سمعت عمر بن يحيى بن شافع المؤذن: حدّثني عبد الغني، رجل خيّر، بمصر قال: جاء أبو الحسين الى عندنا، فخرج فرأى حمّالاً قفص معه فخاراً قد وقع وتكسّر، فجمعه فقال: يا شيخ أيش نفع جمعه فأتى معه الى صاحبه وحطه عنه، فإذا كله صحيح.

(37/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 350
وقبر أبي الحسين بحلب يُزار عند مقام إبراهيم. وأخبرني ولده أبو الحجاج يوسف أنه فيما يغلب على ظنه توفي والده سنة ثمان وأربعين قال:) توفي بعد أخذ عسقلان بسنة. أنشدنا شهاب الشذيائي: أنا أبو سعد السمعاني، أنا يوسف بن محمد الدمشقي: أنشدني أبو الحسين الزاهد:
(ما لنفسي ما لها .......... قد هوت في مطالها)

(كلما قلت قد دنا .......... وتجلى صلالها)

(رجعت تطلب الحرام .......... وتأبى حلالها)

(عاتِبوها لعلها .......... ترعوي عن فِعالها)

(وأعلِموها بأن لي .......... ولها من يسألها)

(37/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 351
4 (وفيات سنة تسع وأربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الحسن بن أحمد بن يحيى بن يحيى)
أبو عبد الرحمن النيسابوري، الكاتب، الشاعر. سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وعثمان بن محمد المحمي. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم وقال: كان ينحل بعض الأجزاء ويثبت اسمه، ويدّعي أشياء لم يسمعها والدي. قرأنا عليه، إنما هو من الأصول. توفي في شوال مقتولاً بعد أن عاقبته الغزّ. وكان مولده في سنتة اثنتين وسبعين وأربعمائة. وروى عنه أيضاً: المؤيّد الطوسي. وقد أغارت الغز على مرو في شوال، فقتلوا، وعذبوا، وصادروا، ونهبوا. كما فعلوا عام أول. وكذا فعلوا بنيسابور، وهراة وطوس، وقُتل خلق كثير، فلا قوة إلا بالله.
4 (أحمد بن الحسين بن محمد بن أحمد الآمدي)
المحدّث، أبو حامد التّنّيسي

(37/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 352
فقيه، فاضل. سمع الكثير بنفسه، ورحل. وكان مولده بتنّيس في حدود الخمسمائة وتوفي بأمُل طبرستان كهلاً.) روى عنه: عبد الرحيم السمعاني
4 (أحمد بن طاهر بن سعيد بن الشيخ أبي سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني)
أبو الفضل الصوفي، مولده بميهنة في سنة أربع وستين وأربعمائة، وسمع بنيسابور: أبا جعفر بن عمران الصوفي، وأبا بكر بن خلف، وأبا الحسين الواسطي، وأبا الحسن المديني. وحدّث ببغداد. وروى كتب الواحدي عنه بالإجازة. ونزل برباط الشيخ إسماعيل بن أبي سعد. قال ابن السمعاني: سافر الكثير، وخدم المشايخ والصوفية. وهو ظريف الخلة، حسن الشمائل، متواضع. توفي في ثامن رمضان، ودُفن على دكة الجُنيد. قلت: وروى عنه: أبو اليُمن الكندي، والفتح بن عبد السلام، وجماعة. وآخر من روى عنه بالإجازة: أبو الحسن بن المقيَّر.
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع)
الأشعري، أبو عامر القرطبي. جدّ آل بني الربيع. أخذ القراءات عن: أبي القاسم بن النحاس. ولازم أبا بكر بن العربي مدة، وتفقه به. روى عنه: ولده عبد الرحمن المتوفى سنة خمس وثمانين.

(37/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 353
4 (أحمد بن الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل بن أبي الحسين عبد الغافر الفارسي)
شيخ، صالح، عالم. سمع: نصر الله الخُشنامي، والشيرويي. مات في عقوبة الغزّ في شوال، وله ستون سنة بنيسابور. قاله السمعاني.
4 (أحمد بن عبد الملك بن محمد)
أبو عمر الأنصاري، الإشبيلي، المعروف بابن أبي مروان. حافظ كبير، ذكره أبو عبد الله بن الأبّار، فقال: سمع من: شُريح بن محمد، وأبي الحكم بن حجاج، ومفرّج بن سعادة. وكان حاظاً، محدّثاً، فقيهاً، ظاهري المذهب. وله مصنّف في الحديث سماه المنتخب المنتقى،) وعليه بنى كتابه أبو محمد عبد الحق في الأحكام. وكان عبد الحق تلميذه. استشهد الى رحمة الله ورضوانه بلبلة عند ثورة أهلها والتغلب عليهم في شعبان. قلت: وكان ابن قريوته أبا جعفر.
4 (أحمد بن علي بن علي بن عبد الله بن السّمين)

(37/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 354
أبو المعالي البغدادي، الخبّاز. سمع الكثير، ونسخ بخطه عن: نصر بن البطر، وابن طلحة النُعالي، وجماعة. قال ابن السمعاني: كتبتُ عنه جزءاً، وسألته عن مولده، فقال: سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. وتوفي في رابع عشر رمضان. وصلى عليه أبو جعفر، ثم الشيخ عبد القادر. قال ابن النجار: كان قليل العلم، وفيه غفلة. روى لنا عن: ابن سُكينة، وابن الأخضر، وأبي الفرج بن القبيطي، ويحيى بن الحسن الأواني. قال ابن ناصر: كاذب، لا يجوز السماع منه.
4 (أحمد بن أبي الفضل العباس بن أحمد بن محمد بن أحمد)
الإمام، أبو الحسن الشقّاني، الحسنوي، النيسابوري. شيخ، صالح. سمع: أباه، وأبا بكر بن خلف الشيرازي، وأبا بكر محمد بن إسماعيل التفليسي، وأبا عبد الرحمن الشحّامي. وولد في سنة خمسِ وسبعين وأربعمائة. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه، فقال: توفي في أواخر السنة، وقيل: سنة ثمان في كائنة الغز، قاتلهم الله.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن بشر)
أبو محمد النوقاني. فقيه، صالح، خيّر. أحرِق في معاقبة الغزّ في رمضان وهو صائم، والله يكافئ من ظلمه على بغيهم.

(37/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 355
4 (إبراهيم بن عتيق بن أبي العيش)
) البلنسي، المقرئ، أبو إسحاق. قال الأبّار: أخذ عن أبي داود. وأقرأ الناس ببلده، وحملوا عنه. توفي بشاطبة.
4 (إبراهيم بن مهدي بن علي بن محمد بن قلنبا)
الإمام أبو الحسين الإسكندري. قال أبو سعد السمعاني: كان إماماً، فاضلاً، بارعاً، مناظراً، منقبضاً عن الناس. ورد خرساان في سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. قلت: وإليه يُنسب جزء ابن قلنبا، أظنه انتقاه من روايات السِلَفي. رواه جعفر الهمذاني، عن السلفي.
4 (إسماعيل بن جامع بن عبد الرحمن بن سورة)
أبو القاسم النيسابوري. سكن بلخ، وولي الأعمال الكبار، واتصل بالدولة. وكان يحبَس ويطلَق، واتصل بعسكر الغز، وقدم مرو معهم، وشرع في مصادرة المسلمين وأذيتهم. وكان يقول: إني صائم ولا أفطِر إلا على الحلال. وقد سمع من: أبي عمرو المحمي، وأبي بكر بن خلف. ترجمه عبد الرحيم بن السمعاني في معجمه، وقال: حملني والدي إليه، وقرأ عليه جزءاً، وترك الرواية عنه أولى. وصلب ببلخ في أواخر ربيع الأول. صلبه الغز بإشارة السلطان سنجر. قلت: روى عنه: أبو سعد الصفّار، والمؤيّد الطوسي سمعا منه أربعين حديثاً خُرّجت له.

(37/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 356
ومن مشايخه: عبد الرحمن الواحدي، وعبد الباقي المراغي وإسماعيل بن عبد الله الساوي.
4 (إسماعيل الظافر بالله)
أبو منصور بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بالله معدّ بن الظاهر عليّ بن الحاكم المصري، العبيدي، أحد الخلفاء المصريين، الشيعة، الخارجين على الإمام. قام بالأمر بعد أبيه الحافظ، وبقي في الخلافة خمس سنين. ووزر له سليم بن مصّال الأفضل الى أن خرج على ابن مصّال العادل ابن السلار واستأصله،) وتمكّن من المملكة الى أن قتله ابن ابن امرأته نصر بن عباس سنة ثمان، كما ذكرنا. وقام بعده في الوزارة أبو عباس. ثم إن نصراً وأباه وثبا على الظافر فقتلاه، وأخفياه، وجحداه في سلخ شعبان، وأجلسا مكانه ولده الفائز عيسى. والظافر كان شاباً، صبياً، لعّاباً، له

(37/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 357
نهمة في الجواري والأغاني، وكان يأنس بنصر بن عباس، فدعاه الى دار أبيه ليلاً، فجاء متنكّراً لم يعلم به أحد، وهذه الدار هي اليوم المدرسة السيوفية، فقتله وطمره. وقيل: كان ذلك في نصف المحرّم، وقيل: في سلخه. وكان من أحسن الناس صورة، عاش اثنتين وعشرين سنة، وكان نصر أيضاً في غاية الملاحة، وكان الظافر يحبه، فقتله نصر بأمر أبيه، ثم ركب عباس من الغد الى القصر. فقال: أين مولانا ففقدوه، وخرج إليه أخواه جبريل ويوسف. فقال: أين هو مولانا فقال: سَل ولدك، فإنه أعلم به منا. فقال: أنتما قتلتماه. وأمر بهما فضُربت رقابهما. ثم جرت أمور ستأتي.
4 (إسماعيل بن عبد الله بن أبي سعد)
أبو طاهر التوني، خادم مسجد عقيل بنيسابور. كان صالحاً، خيّراً، خدم الإمام أبا نصر محمد بن عبد الله الأرغياني أكثر من ثلاثين سنة، وسمع معه الكثير. وقدِم بغداد معه حاجاً سنة عشر وخمسمائة. ومولده بتون. ودخل نيسابور وهو مراهق، وسمع بها: أبا علي نصر الله الخُشنامي، وعبد الغفار الشيرويي. قُتِل بنيسابور، بعد أن عوقب وأخذ منه ألف دينار، في رمضان.
4 (حرف الباء)

4 (ألبُقش)
مقدّم جيش. جاء هو ومسعود بلال الى شهربان، فنهبوا وبدّعوا، ثم

(37/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 358
حاربهم المفتي لأمر الله بنفسه في هذه السنة. ثم مات ألبقش في رمضان، وتصرّف في ولايته قيماز السلطاني.
4 (حرف الحاء)
)
4 (حامد بن أبي الفتح أحمد بن محمد)
الحافظ، أبو عبد الله المديني، من كبار الطلبة. سمع: الحداد، وأبا زكريا بن مندة، وابن الحُصين، وابن فارس. وعنه: السمعاني، وولده عبد الرحيم، وعبد الخالق بن أسد. وكان صالحاً، ورعاً، إماماً، زاهداً. مات في شعبان بيزد. أرّخه أبو موسى المديني.
4 (الحسن بن علي بن الحسن)
أبو علي الطليوسي، الأندلسي. ورد نيسابور قبل العشرين وخمسمائة. وسمع من: أبي نصر عبد الرحيم بن القشيري، والأديب أحمد بن محمد الميداني، وسهل بن إبراهيم المسجدي. وبالإسكندرية: أبا بكر محمد بن الوليد الطرطوشي. سمع منه: أبو يوسف السمعاني، وقال: توفي بنيسابور سنة ثمان أو تسع وأربعين. فوهم. وسيأتي في سنة.
4 (الحسين بن أبي الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن القشيري.)
روى عن: الشيرويي.

(37/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 359
وعنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: عاقبته الغزّ بالنار فهلك.
4 (الحسين بن محمد بن الفضل بن علي بن طاهر)
التيمي. أبو المرجّى الإصبهاني، البقّال، المعروف بجوجي. أخو الإمام الكبير إسماعيل. ولد سنة تسع وستين وأربعمائة. وسمّعه أخوه من عبد الوهاب بن مندة، وجماعة. روى عنه: الحافظ أبو موسى المديني وقال: توفي في سابع ربيع الأول، ودفن عند والده. قلت: وحجّ، وسمع من رزق الله التميمي، وغيره. روى عنه: أبو سعد السمعاني.)
4 (الحسين بن محمد بن الحسين)
السيد أبو علي العلوي، الطبري، نزيل هراة. سمع: أبا الفتح عبد الله بن أحمد الدبّاس، وأبا المحاسن عبد الواحد الروياني. وكان يستملي على المشايخ. وتوفي في المحرّم.
4 (حمزة بن محمد بن بَحسول بن فتحان)
أبو الفتح الهمذاني، نزيل هراة مدة، ثم انتقل الى بلخ. قال أبو سعد السمعاني: عارف بطرق الحديث، سافر الكثير، ودخل بغداد، وسمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان. وبإصبهان من: غانم البرجي، وأبي علي الحدّاد. وعقد مجلس الإملاء ببلخ. وسمع أهل هراة بقراءته كثيراً. وتوفي ببلخ في ربيع الأول.

(37/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 360
4 (حرف الراء)

4 (رقية بنت سعد الله بن أسعد بن سعيد بن الشيخ أبي سعيد الميهني)
أم الرّضا. سمعت بإسفرايين: محمد بن الحسين بن طلحة الإسفراييني. وبساوَة من: محمد بن أحمد الكامخي. وعنها: أبو سعد السمعاني. توفيت في رمضان وقت دخول الغز ميهنة، سجدت فوقعت ميتة.
4 (حرف السين)

4 (سالم بن عبد الله بن عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن محمد بن جعفر بن محمد بن)
حفص بن بكر بن سالم بن عبد الله بن عمر أبو الفتح العدوي، العمري، الهروي. قال ابن السمعاني: كان شيخاً، صالحاً، عفيفاً، من بيت الحديث. سمع: أباه أبا عاصم بن أبي الفتح، وأبا عبد الله الحسين الكتبي، وأبا علالء صاعد بن سيّار،) وأبا عطاء بن أبي عمر المليحي، والحافظ عبد الله بن يوسف الجرجاني. ومولده سنة ستٍ وسبعين وأربعمائة بهراة. وتوفي في شوال. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وأبو روح.
4 (سعد بن سعد الله بن أسعد بن سعيد بن الشيخ أبي سعيد فضل الله الميهني)
أبو بكر بن أبي سعيد. قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، جميل الطريقة، كثير العبادة. سافر به

(37/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 361
أبوه الى العراق. وسمع منه جماعة. سمع من: جدّ أبيه سعيد، ومن أبي الفضل محمد بن أحمد بن الحسن العلاف، وعبد الرحمن بن أبي صالح النيسابوري، ومحمد بن أحمد الكامخي، ومحمد بن المظفّر الشامي، ورزق الله التميمي، وجماعة. قال لي: ولدتُ في ربيع الأول سنة تسع وستين وأربعمائة، وتوفي قتيلاً في ذي الحجة بأيدي الغزّ. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وأبوه.
4 (حرف العين)

4 (عائشة بنت أحمد بن منصور بن محمد بن القاسم الصفّار)
النيسابورية أخت الإمام عمر. قال ابن السمعاني: امرأة صالحة كثيرة الخير. سمعت: أبا المظفّر موسى بن عِمران، وأبا بكر بن خلف، وأبا السنابل هبة الله القرشي، وجماعة كثيرة. ومولدها في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. روى عنها ابني، وغيره. وفقدت في أيام الغارة في نصف شوال.
4 (العباس بن محمد بن أبي منصور)
أبو محمد الطابراني، الطوسي، العصّاري، الواعظ، ولقبه: عناسة. قال ابن السمعاني: شيخ صالح، سكن نيسابور، وكان يعظ بعض

(37/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 362
الأوقات، وتفرّد برواية الكشف) والبيان في التفسير للأستاذ أبي إسحاق الثعالبي، بروايته عن القاضي محمب بن سعيد الفرّخرادي، عنه. وسمع: أبا الحسن المديني، وأبا عثمان إسماعيل الأبريسمي. ولد قبل السبعين وأربعمائة. وروى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، والمؤيّد الطوسي وهو سبطه، وأبو سعد الصفّار. وعدِم في نوبة الغز في شوال بنيسابور، رحمه الله، وقد قارب السبعين.
4 (عبد الله بن أحمد بن المفضّل بن الأيسر)

(37/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 363
أبو البركات البغدادي، الكاتب. سمع: مالك بن أحمد البانياسي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان. وتوفي في عاشر صفر. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن طبرزد، وغيرهما.
4 (عبد الله بن محمد بن الفضل بن أحمد)
أبو البركات ابن فقيه الحرم كمال الدين أبي عبد الله الصاعدي، الفُراوي، النيسابوري، صفي الدين. سمع من: جده الفضل، وجده لأمه أبي عبد الرحمن طاهر الشحّامي، ومحمد بن عبيد الله الصرّام، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، والرئيس عثمان بن محمد المحمي، وأبي نصر محمد بن سهل السرّاج، وفاطمة بنت أبي علي الدقّاق، وأبي المظفّر موسى بن عمران الصوفي، والحسن بن أحمد السمرقندي، والحسن بن علي البُستي الفقيه، وأبي القاسم عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، وأبي بكر بن خلف الشيرازي، وآخرون. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم بن السمعاني، وحفيده منصور بن عبد المنعم، والمؤيد الطوسي، والقاسم بن عبد الله الصفّار، وزينب الشعرية، وآخرون. قال ابن السمعاني: إمام، فاضل، ثقة، صدوق، ديّن، حسن الأخلاق، له باعٌ طويل في الشروط وكتب السجلات، لا يجري أحدٌ مجراه في هذا الفن. وهو إمام مسجد المطرّز. وقال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت من لفظه معرفة علوم الحديث للحاكم، بسماعه من ابن خلف، عنه.) وسمعت منه مُسند أبي عوانة، بروايته من أوله الى فضائل المدينة، عن أبي عمرو المحمي، ومن ثم الى فضائل القرآن، بروايته، عن أبي الفضل الصرّام، ومن فضائل القرآن الى آخر الكتاب، من فاطمة بنت الدقّاق، برواية الثلاثة، عن عبد الملك، عن أبي عوانة. ولد في سنة أربع وسبعين وأربعمائة، ومات في ذي القعدة من الجوع بنيسابور.
4 (عبد الله بن هبة الله بن المظفّر ابن رئيس الرؤساء ابن المسلمة)

(37/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 364
أبو الفتوح، أستاذ دار الخليفة المقتفي. قال ابن الجوزي: له صدقات، وأعطية، ومُجالسة للفقراء والصوفية، وإنفاق عليهم. وولي بعده ابنه عضد الدين محمد.
4 (عبد الأعلى بن عزيز بن أبي الفخر)
السيد، الشريف، أبو يعلى العلوي، الحسيني، الماليني، الهروي. سبط عبد الهادي بن شيخ الإسلام الأنصاري. كان مفضّلاً، جواداً، سخي النفس. سمع: أبا عبد الله العميري، وأبا عطاء المليحي. سمعت منه بمرو. قاله عبد الرحيم بن السمعاني. توفي في المحرّم.
4 (عبد الجبار بن أبي سعد بن أبي القاسم)
أبو الفتح الدهان، الهروي، الطبيب. شيخ مسن. سمع من: بيبى الهرثمية أحاديث ابن أبي شريح. ولد سنة إحدى وستين. وتوفي بهراة في السادس والعشرين من ذي القعدة. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم.
4 (عبد الحكيم بن مظفّر)
أبو نصر الكرجي.

(37/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 365
مات في المحرّم عن إحدى وتسعين سنة. روى جزء لوين عن ابن ماجة. وعنه: السمعاني.)
4 (عبد الخالق بن زاهر بن طاهر بن محمد)
أبو منصور الشحّامي، النيسابوري. سمع من: جده، وأبي عمرو المحمي، وأبي بكر بن خلف، وأبي القاسم عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، والفضل بن أبي حرب الجرجاني، وأحمد بن سهل السرّاج، وعبد الملك بن عبد الله الدشتي، وهبة الله بن أبي الصهباء، وأبي المظفّر موسى بن عمران، ومحمد بن علي بن حسان البُستي، ومحمد بن عبيد الله الصرّام، وطائفة سواهم. وولد في سنة خمسٍ وسبعين وأربعمائة. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، والمؤيّد الطوسي، والقاسم بن الصفّار، وجماعة. قال ابن السمعاني: كان ثقة، صدوقاً، حسن السيرة والمعاشرة، لطيف الطبع. مُكثِراً من الحديث. ولما كبر كان يستملي للشيوخ والأئمة بنيسابور كوالده وجدّه. ولما شاخ كان يُملي في موضع أبيه وجده، بجامع المنيعي. وفقِد في وقعة الغز، فلا يُدرى قتِل أو هلك من البرد في شوال بنيسابور. ثم سمعت بعد ذلك أنه أُحرق. قلت: أنبأني أبو العلاء الفرضي أنه مات في العقوبة والمطالبة، وقد وقع لنا من حديثه أربعينان. وكان متميزاً في الشروط.
4 (عبد الرحمن بن عبد الصمد بن أحمد بن أحمد)

(37/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 366
أبو القاسم بن الأكّاف، من أهل نيسابور. سمع: أبا سعد الحيري، وأبا بكر الشيرويي. وكان إماماً، ورعاً، فقيهاً، مناظراً، مفيداً، قانعاً باليسير، كبير القدر. قال أبو الفرج بن الجوزي: لما استولى الغزّ على نيسابور قبضوا عليه، وأخرجوه ليعاقبوه، فشفع فيه السلطان سنجر، وقال: كنت أمضي إليه متبركاً به، ولا يمكّنني من الدخول عليه، فاتركه لأجلي. فتركوه. فدخل شهرستان وهو مريض، فبقي أياماً ومات، رحمه الله.
4 (عبد الرحمن بن محمود بن إبراهيم)
أبو المعالي، الفاسي، نزيل مرو. شيخ جلْد، حسن الصلاة. كان يخدم بيت السمعاني.) سمع: سهل بن محمد الشاذياخي، وأبا بكر الشيرويي، وإسماعيل بن البيهقي. وحدّث، روي عنه: عبد الرحيم السمعاني. توفي في شعبان.
4 (عبد الرحمن بن مكي بن يحيى)
أبو المطهّر، الهمذاني، الأديب. تخرّج به جماعة. وسمع من: عبدوس بن عبد الله.

(37/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 367
روى عنه: السمعاني، وقال: مات في رجب عن إحدى وثمانين سنة.
4 (عبد الملك بن بوانة بن سعيد بن عصام)
أبو مروان العُبدري، الغرناطي، المعروف بابن بيطار. نزيل مالقة. سمع من: ثمال بن عطية، وأبي محمد بن عتّاب، وأبي جعفر البطروجي، وجماعة. وكان عارفاً بصناعة الحديث، معتنياً بالآثار. ولي قضاء مالقة. وقد روى عنه: أبو القاسم السهيلي، وأبو عبد الله بن الفخّار. وتوفي سنة تسع وأربعين، وقيل: سنة ثلاث، وقد جاوز السبعين.
4 (عبد المؤمن بن عبد الجليل بن علي بن بُنان)
الإصبهاني، أبو نصر. سمع جزء لوين، عن ابن ماجة الأبهري. مات في المحرّم.
4 (عبد الواسع بن عبد الرحمن بن موفّق بن عبد الله)
الواعظ، أبو موفّق. ساق ابن السمعاني نسبه الى سري السقطي، وقال: كان واعظاً متميزاً، من أهل هراة. سمع: حاتم بن محمد المحمودي، وأبا عطاء المليحي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: توفي في ربيع الآخر وله سبعون سنة.

(37/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 368
4 (عبيد الله بن المظفّر)
أبو الحكم الباهلي، الأندلسي، الطبيب، الشاعر، الأديب، نزيل دمشق. كان ماهراً بالطب، خليعاً، ماجناً، له مراثٍ في قوم لم يموتوا على طريق اللعب، وكان مدمناً للشرب، يجلس بجيرون) للطبّ، وسكن بدار الحجارة، وكان كثير المدائح في رؤساء دمشق. توفي في ذي القعدة. وكان يلعب بالعود. ولعِرقِلة الشاعر يهجوه:
(لنا طبيبٌ شاعرٌ أشِر .......... أراحنا من وجهه اللهُ)

(ما عاد في بكرِ يومٍ فتى .......... إلا وفي بابيه رثّاه)
وديوانه موجود، وقد سماه: نهج الوضاعة. وفيه أشياء ظريفة مضحكة من الهجو والغزل. وله مقصورة في المجون كصريع الدلاء.
4 (عرفة بن محمد)
أبو الفتوح السمرقندي.

(37/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 369
روى عن: أبي بكر بن خلف الشيرازي. وعنه: المؤيد الطوسي، والقاسم بن الصفّار، وغيرهما.
4 (علي بن محمد بن عبد العزيز بن الحافظ أبي حامد بن محمد بن جعفر.)
أبو الحسن المروزي، الشاواني، من قرية شاوان. تفقّه على: أبي المظفّر السمعاني، وسمع منه. ومن: إسماعيل بن محمد الزاهري، وجماعة. وعنه: السمعاني. مات في ربيع الأول عن بضع وثمانين سنة.
4 (علي بن محمد بن يحيى)
أبو الحسن الدُريني.

(37/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 370
كان يخدم أبا نصر الإبَري، فزوّجه بنته شُهدة الكاتبة. وسمع من: طراد، وأبي عبد الله النِعالي، وابن البطر. روى عنه: ابن السمعاني، وابن عساكر، وغيرهما. قال ابن السمعاني: ثم علتْ درجته، وصار خصيصاً بالمقتفي لأمر الله، يشاوره، ويدنيه، ويراجع في الأمور. وكان متودداً متواضعاً، كبير القدر، يُعرف بثقة الدولة ابن الأنباري. وقد) بنى مدرسة ووقفها على الفقهاء. توفي في شعبان، ودفن بداره.
4 (علي بن محمد بن عتيق)
أبو الحسن النيسابوري، المطرّز. نزيل مرو. أديب فاضل، ساكن، وقور، علّم أولاد الأمير ابن العبادي. وحدّث عن: نصر الله الخُشنامي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: قتلته الغز في شوال.
4 (علي بن محمد بن أبي عمر)
البغدادي، الدبّاس، البزّاز. ويُعرف بابن الباقلاني. ولد سنة سبعين. وسمع من: رزق الله التميمي، وطِراد بن محمد، وابن البطر. روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي، وغيره. وتوفي في شوال. تفقّه بابن عقيل.

(37/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 371
4 (علي بن ناصر بن محمد)
أبو الحسن النوقاني، الفقيه الشافعي. قال ابن السمعاني: مصيب في الفتاوى، كثير العبادة. تفقّه به جماعة. وروى جزءاً عن: علي بن حمزة النوقاني. مات في رمضان عن ثلاث وسبعين سنة.
4 (عمر بن علي بن سهل)
أبو سعد الدامغاني، المعروف بالسلطان. قال ابن السمعاني: كان إماماً مناظراً، فحلاً، واعظاً، حسن الباطن والظاهر، رقيق القلب، سريع الدمعة. سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وأبا تُراب عبد الباقي المراغي، والحسن بن أحمد السمرقندي الواعظ، وأحمد بن محمد الشحّامي.) روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، لقيه بمرو. وكان قد تفقّه بأبي حامد الغزالي. تفقه عليه القطب النيسابوري مفتي دمشق. وقيل: توفي سنة ثمان.

(37/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 372
4 (عمرو بن زكريا بن بطّال)
أبو الحكم البهراني، اللبلي. أخذ القراءات عن: شريح، والعربية عن: أبي الحسن بن الأخضر. وسمع الكثير من القاضي أبي بكر بن العربي. وولي القضاء والخطابة بلبلة. روى عنه: أبو العباس بن خليل، ويحيى بن خلف الهوزني، وأبو محمد بن جمهور، وجماعة. وقتل في الوقعة الكائنة على لبلة في هذا العام.
4 (حرف الفاء)

4 (فاتك بن موسى بن يعيش)
أبو محمد المخزومي، المنصفي، ومُنصَف: من قرى بلنسية. سمع: بركة بن الحسين بن علي الطبري، وأبي بكر الطرطوشي. وكان صالحاً، زاهداً، مجاب الدعوة. روى عنه: أبو بكر بن بحر، وطارق بن موسى، والقدماء. ثم حج في آخر عمره، وجاور بمكة حتى مات.
4 (الفضل بن أبي بكر بن أبي نصر)
أبو محمد النيسابوري، السكّاف، التاجر، المقرئ. روى عن: نصر الخُشنامي.

(37/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 373
وعُدِم في وقعة الغزّ. وعنه: عبد الرحيم.
4 (فضل الله بن المفضّل بن فضل الله بن أحمد بن إبراهيم)
أبو بكر حفيد الإمام الزاهد أبي سعيد الميهني.) قال ابن السمعاني: لم يبق من عشيرته أقرب الى الشيخ منه. وكان شيخاً ظريفاً، بهيّ المنظر، خرّاجاً ولاجاً. سمع: أبا طاهر سعيد، وأبا الفضل محمد بن أحمد العارف، وأبا المظفّر موسى بن عمران الصوفي. قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم. وقتلته الغزّ بميهنة، فمات في الضرب والعقوبة في ذي الحجة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن الجنيد بن محمد)
أبو بكر الزاهد، خطيب ميهنة. إمام، ورع، مصيب في الفتاوى. سمع: جده، وأبا الفضل محمد بن أحمد العارف، وسعيد بن أبي سعيد الميهني، وأبا سهل عبد الملك الدّشتي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وغيره. قتلته الغزّ بميهنة في ذي القعدة سنة تسع، وهو ابن بضع وثمانين سنة.

(37/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 374
4 (محمد بن إبراهيم بن مكي)
أبو طاهر الإصبهاني، الطرازي. صالح، خيّر، روى الكثير. سمع: أحمد، وشجاعاً ابني المصقلي، ومحمود بن جعفر. قال السمعاني: قرأتُ عليه معرفة الصحابة لابن مندة من ابني المصقلي. مولده في سنة ستين وأربعمائة. ومات في جمادى الأولى.
4 (محمد جامع بن أبي نصر بن إبراهيم)
أبو سعد النيسابوري، الصيرفي، خياط الصوف.

(37/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 375
قال ابن السمعاني: كان شيخاً، صالحاً، مُكثراً، صاحب أصول. سمع: فاطمة بنت أبي علي الدقاق، وأبا بكر بن خلف، وأبا المظفّر موسى بن عمران،) وإسماعيل بن زاهر النوقاني، ومحمد بن سهل السرّاج، وغيرهم. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، والمؤيد الطوسي، وعمه محمد بن علي بن حسن. ولد في رجب سنة ثلاث وسبعين. وتوفي في سابع ربيع الآخر. له أربعون حديثاً، وهو من أحفاد أبي بكر بن مهران المقرئ. سمع سنن الصوفية من ابن خلف، بسماعه من السلمي، وتاريخ أهل الصفوة بالسّنْد.
4 (محمد بن الحسن بن سعد)
أبو بكر السعدي، البخاري، نزيل هراة. قال ابن السمعاني: كان شيخاً، عفيفاً، مستوراً، نظيفاً، مشتغلاً بما يعنيه. رحل الى العراق، وخراسان. وسمع: أحمد بن علي الطريثيثي ببغداد، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، ومكي بن بجير بهمذان، وأبا الفتح الأبّار بإصبهان. وكان مولده سنة سبعين. وتوفي في أول رجب. روى عنه: عبد الرحيم، وأبوه.
4 (محمد بن الخليل بن فارس)

(37/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 376
أبو العشائر القيسي، الدمشقي، المعروف بالكردي. صحب الفقيه أبا الفتح المقدسي مدة، وسمع منه، ومن: أبي القاسم بن أبي العلاء، وأبي عبد الله بن أبي الحديد. ثم تشاغل بأعمال السلطنة. ثم سكن بعلبك، وخدم صاحبها، ثم قدم دمشق. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وابن أخيه زين الأمناء أبو البركات، وغيرهم. توفي في سادس ذي الحجة ببعلبك. وقع لي جزء زين الأمناء، عنه في الخامسة.
4 (محمد بن عبد الله بن أبي سعد)
الواعظ، المعمّر، أبو الفتح الهروي، الصوفي، الملقب بالشيرازي.) ولد سنة سبع وأربعين وأربعمائة. قال ابن السمعاني: كان يسكن قرية بهراة يقال لها: نُباذان. وكان قد بلغ مائة سنة أو جاوزها. وكان صالحاً يعظ ويذكّر بقرى هراة. وكان من أصحاب شيخ الإسلام عبد الله الأنصاري. وسئل عن الشيرازي، فقال: كنت أحب الشيراز، وهي نوع من اللبن. قال: وكنت آكل منه كثيراً، فلقّبني الصبيان بالشيرازي. سمع: شيخ الإسلام، وبيبى الهرثمية، وأبا سعد محمد بن الحسين الحرمي، وهبة الله بن الشيرازي الحافظ.

(37/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 377
قلت: توفي في سابع ربيع الأول. وحدّث عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم.
4 (محمد بن عبد الصمد بن الطرسوسي)
القاضي فخر الدين، أبو منصور الحلبي. كان ذا هيئة ومروءة ظاهرة، له أمر نافذ في تصرفه في أعمال حلب، وأثر صالح في الوقوف. ثم انعزل، ومات في وسط سنة تسع. وفي ذريته فقهاء وأدباء بحلب، ثم بدمشق.
4 (محمد بن عبد الواحد بن عبد الصمد)
أبو الوفاء الإصبهاني، السمسار، الفقيه، الشافعي. شيخ، صالح، وقور. سمع: أبا منصور بن شكرويه، وابن ماجة، ورزق الله. أخذ عنه: السمعاني.
4 (محمد بن عبد الواحد بن أبي بكر)
أبو جعفر الإصبهاني، القطّان، يعرف بويرج. سمع: رزق الله التميمي. صالح، راغب في السماع. كتب عنه السمعاني، وقال: مات في جمادى الأولى.

(37/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 378
4 (محمد بن عمر بن أحمد)
) أبو منصور بن البيّع الهمذاني. سمع: أباه أبا حفص الملقّب بقدوة الأئمة، وأبا الفتح عبدوساً. مات في شعبان عن سنة.
4 (محمد بن علي بن هارون بن الشريف)
أبو جعفر الموسوي، النيسابوري، النسابة، البارع. كان من غلاة الشيعة، ثم تحوّل شافعياً، وترضّى عن الصحابة، وتأسف على ما سلف منه، وصحب محمد بن يحيى الفقيه. وسمع الكثير. قاله السمعاني، وأخذ عنه. وقال: قتيل في وقعة الغزّ بنيسابور في شوال، عن بضع وستين سنة.
4 (محمد بن الفضل بن علي)
المارشكي. ومارِشك من قرى طوس. إمام مبرّز، مفتٍ، حسن السيرة، من نجباء أصحاب الغزالي. سمع: أبا الفتيان الرؤاسي، ونصر الله بن أحمد الخشنامي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: مات من الخوف يوم عيد الفطر بطوس في وقعة الغز.

(37/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 379
4 (محمد بن محمد بن طاهر بن سعيد بن الشيخ فضل الله الميهني)
أبو المكارم. شيخ صالح، سمع الكثير، وحصّل الأصول. سمع من: جدّه طاهر، وعبيد الله الهشامي، وسليمان بن ناصر الأنصاري، النيسابوري. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وقال: عوقب وخرج في رمضان، ومات من ذلك.
4 (محمد بن هبة الله بن الحسين بن علي)
أبو بكر الجعفري، العُكبري، يُعرف بابن المندوف. بغدادي، صالح، ديّن، خيّر. سمع: أبا عبد الله بن السرّاج. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: ولد في سنة ست وستين. وتوفي في رجب.)
4 (محمد بن الهيثم بن محمد بن الهيثم)
أبو سعيد السلَمي، الإصبهاني. حج سنة ثمان وتسعين، وسمع من أصحاب أبي علي بن شاذان، وغيره. وسمع ببلده وحدّث. وكان بارعاً في اللغة، والأدب، مليح الخط. لازم منزله. توفي في شعبان، وهو في عشر التسعين.

(37/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 380
أثنى عليه الحافظ أبو موسى، وروى عنه.
4 (محمد بن يحيى بن منصور)
العلامة أبو سعيد النيسابوري. الفقيه الشافعي. مرّ في عام.
4 (محمد بن يوسف بن عميرة)
أبو عبد الله الأنصاري، الأوريولي. أخذ القراءات عن: محمد بن فرج المكناسي، وأبي القاسم بن النحاس، وشريح. وتفقه على: أبي محمد بن أبي جعفر، وسمع منه. ومن: أبي علي الصدفي، وجماعة. وكان عالماً، متفنناً. حدّث عنه: أبو عبد الله بن عبد الرحمن المكناسي.
4 (محمد بن الحسن بن عمر)
أبو بكر الفراء، الخباز. بغدادي، صالح. سمع: ثابت بن بندار، والحسين بن البُسري. روى عنه: أبو سعد بن السمعاني، وقال: توفي في شعبان.
4 (المبارك بن أحمد بن عبد العزيز بن المعمر بن الحسن)

(37/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 381
أبو المعمر الأنصاري، الأزجي، الحافظ. قال ابن السمعاني: سمع الكثير بنفسه، وتعانى في جمعه ونسخه، ودار على الشيوخ. وكان سريع القراءة، جميل الأمر، له أنسة بالحديث من كثرة ما قرأ.) سمع: نصر بن البطر، وأبا عبد الله النعالي، وجماعة كثيرة من أصحاب أبي علي بن شاذان، وأبي القاسم بن بشران. وكتب لي جزءاً بخطه عن شيوخه، وجمع لنفسه معجماً في خمسة أجزاء ضخمة، سمعته منه. وأفادني عن جماعة، وقال لي: ولدت في ذي القعدة سنة خمس وسبعين وأربعمائة. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو الفرج بن الجوزي، وأبو اليمن الكندي، وآخرون. وتوفي في رمضان في حادي عشره. وثّقه ابن نقطة، وقال: ثنا عنه جماعة.
4 (المظفّر بن سلطان)
أبو الوفاء الدمشقي، النجار. روى عن: سهل بن بشر الإسفرائيني، وأبي البركات أحمد بن طاوس. روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم. توفي في رجب.
4 (مسعود بن أحمد بن أبي علي نصر الله بن أحمد بن عثمان)
أبو بكر الخُشنامي، النيسابوري. سمع من: جده، والفضل بن عبد الواحد التاجر، وأبي علي الجاجرمي. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم.

(37/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 382
قتل في فتنة الغز في شوال.
4 (المسيّب بن أبي الذؤاد المفرّج بن الحسن)
الكلابي ابن الصوفي، رئيس دمشق ومدبّرها. له ذكر في الحوادث، وأنه امتنع بدمشق وجيّش، واستخدم الأحداث، حتى لاطفه صاحب دمشق، ثم عزله ناحية، ثم أبعده الى صرخد. فلما تملّك نور الدين دمشق قدمها متمرضاً، ثم مات. وكان ظالماً، جباراً، كذا قال أبو يعلى حمزة بن أسد التميمي في تاريخه، وهو مؤيد الدولة ابن الصوفي وزير دمشق في دولة مجير الدين أبق.) توفي في ربيع الأول، ودفن بداره بدمشق، وسرّ الناس بموته، فإنه كان ظالماً.
4 (المطّلب بن أحمد بن الفضل)
الشريف، أبو الكندي، القرشي، الأموي، الهروي، خطيب هراة. سمع: أحمد بن أبي عاصم الصيدلاني. وعنه: عبد الرحيم السمعاني. وتوفي بهراة في رمضان.
4 (المظفّر بن علي بن محمد بن محمد بن جهير)

(37/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 383
أبو نصر الوزير بن الوزير أبي القاسم. كان مُعرقاً في الوزارة. ولي أستاذ دارية المسترشد بالله، وولي الوزارة في أول دولة المقتفي، وعزل سنة اثنتين وأربعين. وكانت وزارته سبع سنين. سمع: أبا عبد الله الحسن بن علي البُسري، وأبا الحسين العلاف، وجماعة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، ومحمد بن علي الدوري شيخ لابن النجار. ولد في حدود سنة. وتوفي في سادس ذي الحجة.
4 (منصور بن محمد بن منصور)
أبو نصر الهلالي، الباخرزي، الفقيه. سكن المدرسة البيهقية بنيسابور. وقال أبو سعد السمعاني: كان فقيهاً، صالحاً، ورعاً، كثير العبادة، مكثراً من الحديث. سمع: أبا بكر بن خلف، وموسى بن عمران الأنصاري، وأبا تراب عبد الباقي المراغي. قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه أربعة أجزاء من تاريخ الحاكم، عن موسى، عنه. وولد في سنة ست وستين وأربعمائة. قتل في وقعة الغز في شوال. وروى عنه المؤيّد الطوسي أيضاً.
4 (الموفّق بن محمد بن عمر)

(37/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 384
الإمام أبو المعالي بن الصكّاك الطوسي، الشروطي.) إليه كان كتابة السجلات بطوس. سمع: عبيد الله بن طاهر الروقي، وأبا سعد الحسن بن عبد الله القطّان. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وقال: ولد في حدود الثمانين وأربعمائة، وقتلته الغز بطوس في رمضان.
4 (حرف النون)

4 (نصر بن محمود بن علي)
أبو الفضائل القرشي، الدمشقي، الصائغ. سمع من: الفقيه نصر المقدسي، وعلي بن زهير. وكان صالحاً، كثير التلاوة. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم.
4 (نصر بن المظفّر بن الحسين بن أحمد بن محمد بن يحيى بن أحمد بن محمد بن خالد بن)
يحيى بن خالد بن برمك بن آذروندار ويقال: أذربندار. أبو المحاسن البرمكي، الهمذاني، الجرجاني الأصل، البغدادي المولد، المعروف بالشخص العزيز. وهو أخو أبي الفتوح الفتح. سأله ابن السمعاني عن مولده، فقال: بلغت في سنة الغرق، وهي سنة

(37/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 385
ست وستين وأربعمائة. ونشأ ببغداد، ثم سكن همذان. سمع: أبا الحسين بن النقّور، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي ببغداد، وعبد الوهّاب بن مندة، وأبا عيسى بن عبد الرحمن بن زياد، وسليمان بن ابراهيم الحافظ بإصبهان. وانفرد بأكثر مسموعاته، وقصده الناس. قال أبو سعد: هو شيخ مسن، كان يصلي ببعض الأتراك، وكان يلقَّب بشخص. قرأت عليه كتاب الاستئذان لابن المبارك. قلت: روى عنه: هو، وأبو العلاء الهمذاني، وابنه عبد البر بن أبي العلاء، وداود بن معمر بن الفاخر، ومحمد بن أحمد الروذراوري، وأحمد بن شهريار بن شيرويه، وعبد الهادي بن علي) الواعظ، ووكيع بن مانكديم، وعبد الجليل بن مندويه، وجماعة. قال ابن النجار: أكثر الأسفار، ودخل الى خراسان، وبخارى، وسمرقند، وكاشغَر، والسند. ووصل الى دمشق، وبقي ليلة القدر سنة تسع وأربعين. وقيل: توفي في ربيع الآخر سنة خمسين.
4 (نصر بن موسى بن شبرق)
البغدادي، البيّع، المعروف بالرّفّاء. روى عن: جعفر السرّاج، وغيره. روى عنه: أبو بكر الناقداري، وأحمد بن صالح الجيلي.
4 (حرف الواو)

4 (وهب بن سليمان بن أحمد بن الزلق)

(37/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 386
الفقيه أبو القاسم السلَمي، الدمشقي، الشافعي. تفقّه على جمال الإسلام أبي الحسن، وأعاد بالأمينية. وسمع: أبا الحسن، وأبا الفضل ابني الموازيني، وهبة الله بن الأكفاني. وقرأ بالروايات على محمد بن إبراهيم النّسائي. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وجماعة. وتوفي في رمضان وله إحدى وخمسون سنة. وهو والد محمد وأحمد.
4 (حرف الهاء)

4 (هاشم بن فليتة بن قاسم بن أبي هاشم)
العلوي، الحسني، أمير الحرمين. توفي في ذي الحجة أيام الموسم بمكة. وقام بعده ولده قاسم، فبقي الى سنة ست وخمسين، فظلم وعسف، فعُزل، وولي بعده عمه عيسى.
4 (هبة الله بن سعد الله بن أسعد بن سعيد بن الشيخ أبي سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني)
أبو محمد بن أبي سعيد، أخو أبي بكر سعيد. كيّس، ظريف، خفيف الروح، خدوم. سمع: محمد بن أحمد العارف، ومحمد بن الحسين بن طلحة المهرجاني، ومحمد بن أحمد) الكامخي، وقاضي بغداد محمد بن المظفّر الشامي، وغيرهم. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم. وتوفي بميهنة في رمضان وقد قارب الثمانين.

(37/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 387
4 (وفيات سنة خمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الحسين بن عبد الرحمن بن عبد الرزاق)
أبو الفتح العبسي، الشاشي، الخرقاني، الفرابي. شيخ، صالح، سديد السيرة، أديب. روى بالإجازة عن السيد محمد بن محمد بن زيد الحسني. قال أبو المظفّر بن السمعاني: سمعت منه كتاب العقوبات، وهو ثلاثة عشر جزءاً، وكتاب شرف الأوقات، وكتاب عيون الأخبار في مناقب الأخيار، وكتاب الفتن، وكتاب غرر الأنساب في شرف الرسول والأصحاب، وكتاب أدب المشروب والمأكول، وكتاب مذهب خيار الأمة في معالم السنّة، وكتاب تحفة العالِم وفرحة المتعلم، وكتاب الأربعين والجميع من مصنّفات السيد رحمه الله. ولد بخرقان سنة تسع وستين وأربعمائة. وتوفي بقرية فراب في منتصف ذي الحجة.
4 (أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان)

(37/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 388
أبو العباس الحويزي. وحويزة: بليدة بخورسان. قدم بغداد، وتفقه بالنظامية وتأدّب، وقال الشعر. ثم خدم في الديوان، وترقّت حاله، وارتفعت منزلته، وصار عاملاً على نهر المُلك، فلم تُحمد سيرته، وظلم في السواد، وعسف. وكان عابداً، قانتاً، متهجّداً، كثير البكاء، والخشوع والأوراد. وربما أتاه الأعوان فقالوا: إن فلاناً قد ضربناه ضرباً عظيماً، فلم يحمل شيئاً وهو عاجز. فيبكي ويقول: يا سبحان الله، قطعتم عليّ وردي واصلوا الضرب عليه. ثم يعود الى ورده. ولا يخون في مال الدولة، بل يتحرى الأمانة حتى في الشيء اليسير. قال ابن الجوزي: كأنه طمع بذلك أن يرقى الى مرتبة أعلى من مرتبته، وكنت في خلوة حمّام،) وهو في خلوة أخرى، فقرأ نحواً من جزءين. هجم عليه ثلاثة من الشّراة فضربوه بالسيوف، فجيء به الى بغداد، فمات بعد ويلات. وذلك في شعبان. وحُفظ قبره من النبش. وظهر في قبره عجب، وهو أنه خُسف بقبره بعد دفنه أذرعاً، وظهر من لعنه وسبّه ما لا يكون لذمي. قلت: روى عنه أبو جعفر عبد الله المظفّري، رئيس الرؤساء جملة من شعره، ومنه قوله:
(الصّب مغلوبٌ على آرائه .......... فذروه معشرَ عاذليه لدائه)

(متى يرجّى اللائمون سلوةً .......... باللوم وهو يزيد في إغرائه)

(ما كنت أبخل بالفؤاد على اللظى .......... لولا حبيب حلّ في حوبائه)

(ولقد سكنت الى مصاحبه الضّنا .......... لما حمدت إليه حُسن وفائه)

(37/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 389
4 (أحمد بن معدّ بن عيسى بن وكيل)
الزاهد أبو العباس، التجيبي، الأقليشي، ثم الداني. سمع: أباه أبا بكر، وليس بالمشهور، وسمع من: صهره طارق بن يعيش، وأبا العباس بن عيسى، وتلمذ له، وأبا الوليد بن الدبّاغ، وجماعة. وحجّ، فسمع بمكة من الكروخي. وكان من الأئمة والعلماء العاملين. له عدة مصنفات. روى عنه: الوزير أبو بكر بن سفيان، وغيره. وكان كثير البكاء، والخشية، والعزوب عن الدنيا، عارفاً باللغة، والعربية، والحديث، كبير القدر. سمع الكثير بالإسكندرية من السلفي. ومن شعره:
(أسير الخطايا عند بابك واقف .......... له عن طريق الحقّ قلبٌ مخالفُ)

(قديماً عصى عمداً، وجهلاً، وغرةً .......... ولم ينهه قلب من الله خائف)

(تزيدُ سنوهُ وهو يزداد ضلةً .......... فها هو في ليل الضلالة عاكف)

(37/389)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 390
(فطلع صبحُ الشيب والقلبُ مظلمٌ .......... فما طاف فيه من سنا الحق طائف)
)
(ثلاثون عاماً قد تولّت كأنها .......... حلومٌ نقضت أو بروقٌ خواطف)

(وجاء المشيب المنذر المرءَ أنه .......... إذا رحلت عنه الشبيبة تالف)

(فيا أيها الخوّان قد أدبر الصِبى .......... وناداك من سن الكهولة هاتف)

(فجدْ بالدموع الحُمر حزناً وحسرةً .......... فدمعك ينبي أن قلبك آسف)
قال الأبّار: توفي بقوص سنة خمسين أو سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.
4 (إسماعيل بن عبد الرحمن بن سعيد)

(37/390)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 391
أبو عثمان العصائدي، النيسابوري. روى عن: أبي سعيد بن رامش، وأبي عبد الرحمن طاهر الشحّامي، وأصحاب أبي بكر الحيري. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه أبو المظفّر، وجماعة. ولد بعد الستين وأربعمائة بنيسابور. وتوفي في جمادى الآخرة سنة خمسين. وكان ذا رأي سديد، وعقل، وفكر.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أحمد بن محبوب)
أبو علي البغدادي القزّاز. شيخ صالح، سمع الكثير من: طراد، وأبي طلحة النعالي، ونصر بن البطر، والطبقة. وكان يغسّل الموتى في المارستان العضدي. روى عنه: ابن السمعاني، وابن الأخضر، وأبو الفرج بن الجوزي، وجماعة. وتوفي في المحرّم، وقد جاوز الثمانين. وكتب وخرّج مع الصدق والدين والتلاوة.
4 (الحسن بن أحمد بن أبي الفضل)
النيسابوري، الصوفي، المعروف بجانا.

(37/391)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 392
شيخ ظريف، عفيف، كثير العبادة. من مشهوري الصوفية. سمع: هبة الله بن أبي الصهباء، ومحمد بن عبد الحميد المقرئ، وغيرهما.) وتوفي في المحرّم أيضاً. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني.
4 (حرف الخاء)

4 (الخضر بن عبد الرحمن بن علي)
أبو الفضائل السلمي، المعروف بابن الدارمي. سمع: الحسن بن علي بن صصرى، وأحمد بن عبد المنعم الكريدي، وغيرهما بدمشق. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وقال: توفي في شعبان.
4 (الخليل بن أحمد)
السكوني، اللبلي. قال ابن فرتون: ديّن، فاضل، متواضع، حافظ للفروع، مُفت.

(37/392)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 393
أمّ بلبلة، وأقرأ القرآن، والنحو، واللغة، والفقه، والحديث. حدّث عن: ابن السيد، وأبي محمد بن عتّاب. لقيت حفيده أبا الفضل محمد بن أحمد بن الخليل، فروى لي عن أبيه، عن جده في سنة.
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن أبي غالب بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن البنّاء)
أبو القاسم البغدادي. شيخ، صالح، خيّر، من أولاد الشيوخ. سمع: أبا القاسم بن البُسري، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وجماعة. وولد في سنة سبع وستين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو الفرج بن الجوزي، وعبد الرحمن بن عمر بن الغزّال الواعظ، وعبد الله بن محاسن الحربي، وعلي بن المبارك الأزجي الصائغ، وريحان بن تيكان الضرير، والحسين بن أحمد الغزّال، وموسى بن الشيخ عبد القادر، وأبو العباس محمد بن عبد الله الرشيدي المقرئ، وعلي بن محمد بن المهنّد السّقّاء، وعبد الرحمن بن المبارك بن المشتري، وثابت بن مشرّف البناء، وصالح بن القاسم بن كوّار، وظفر بن سالم البيطار، والفتح بن عبد السلام الكاتب، ومسمار بن العويس، وخلق آخرهم موتاً ابن اللُتّي.) وآخر من روى عنه الإجازة: أبو الحسن بن المقيَّر. توفي رابع عشر ذي الحجة.

(37/393)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 394
4 (سعيد بن الحسين بن إسماعيل بن أبي الفضل)
أبو سعد النيسابوري، الريوندي، الجوهري. شيخ صالح. قال ابن السمعاني: قال لي: ولدت سنة إحدى وستين وأربعمائة. سمع: الفضل بن عبد الله بن المحب المفسّر، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وأبا سعيد إسماعيل بن عمرو البحيري، وغيرهم. وسمع ببغداد من: أبي القاسم بن بيان. كتبتُ عنه. وتوفي في حدود الخمسين وخمسمائة. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وعبد الرحيم بن السمعاني.
4 (سليمان بن عبد الرحمن بن أحمد بن عثمان)
أبو الربيع العبدري، الأندلسي. سمع: أبا علي الصدفي، وجماعة. وحجّ، فسمع كتاب غريب الحديث من: أبي عبد الله بن منصور بن الحضرمي، بروايته عن أبي بكر الخطيب إجازة. أخذ عنه أبو عمر بن عبّاد، وأثنى عليه وقال: ثقة، من أهل العلم بالأصول، والحديث، والطب، احترف به بقرطبة. ثم نزل كورة ألْش خطيباً بها. وتوفي في هذا العام وقد بلغ السبعين.

(37/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 395
4 (حرف الشين)

4 (شافع بن علي بن أبي الحسن)
أبو الفتوح الشعري: فقيه، صوفي، نظيف. سمع: القاضي أبا الحسين المبارك بن محمد الواسطي، ونصر الله الخُشنامي. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني
4 (حرف العين)
)
4 (عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن الحافظ أبي محمد الحسن بن محمد بن الحسن)
أبو القاسم ابن الخلال البغدادي. من أولاد المحدّثين. سمع: ابن خيرون، ونصر بن البطر. ولد سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. قال أحمد بن صالح الجيلي: كان نعم الرجل، لا بأس به. توفي في أول ذي الحجة. قلت: روى عنه: أبو شجاع محمد بن المقرون، وابن الأخضر.
4 (عبد الفتاح بن عطاء بن عبيد الله)
أبو المعالي، الصيرفي، الهروي. عدْل، عالم، مليح الخط. سمع: أبا عطاء عبد الأعلى المليحي، ونجيب بن ميمون الواسطي، ومحمد بن الحسن النهاوندي، وطائفة. ولد سنة سبعين وأربعمائة. وتوفي في صفر بهراة. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، ووالده.

(37/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 396
4 (عبد الكريم بن بدر)
أبو المكارم المُشرقي، الكوفي، منسوب الى الأمير مشرق الساماني. ولي قضاء كوفن، وكان يخل بالصلاة. سمع: إسماعيل بن محمد الزاهري، وأبا المظفّر السمعاني. وعنه: السمعاني، وابنه عبد الرحيم. مات في المحرّم بأبيورد عن ثمانين سنة.
4 (عبد المعز بن بشر بن محمد بن بشر بن عبد الله بن محمد)
الواعظ أبو العباس المُزني، النتلي، الهروي. سمع: أبا عامر الأزدي، ونجيب بن ميمون الواسطي، وعبد الأعلى بن أبي عمر المليحي، وجماعة. روى عنه: عبد الرحيم، وأبوه.) وتوفي في ربيع الآخر سنة، وله. وزمِن بأخرة.
4 (عبيد الله بن حمزة بن حمزة بن محمد المجدّر بن أحمد بن القاسم بن جُميع بن موسى)
الكاظم بن جعفر الصادق السيد، أبو القاسم العلوي، الموسوي، الهروي، أخو علي. ذكره السمعاني، فقال: زاهد، ورع، متعبّد، كثير العبادة والمجاهدة.

(37/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 397
وضيء الوجه، قليل الكلام، مشتغل بما يعنيه، لم نر في العلوية مثله. كان يسكن في رباط له بظاهر باب خشك، فسمع: أبا عامر بن محمود بن القاسم الأزدي، ونجيب بن ميمون الواسطي. وقال لي: ولدتُ في سنة ست وستين وأربعمائة. وتوفي رحمه الله يوم الجمعة الرابع والعشرين من ذي القعدة. قلت: روى عنه: هو، وابنه عبد الرحيم، وأبو رَوح عبد المعز، وطائفة. أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنا عبد المعز بن محمد، أنا عبيد الله بن حمزة الموسوي، أنا أبو عامر الأزدي، أنا الجرّاحي، أنا المحبوبي، نا أبو عيسى: ثنا قتيبة، ثنا الليث، عن نافع، عن عمر قال: الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وُتِر أهله وماله. سقط منه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، ولابد منه.
4 (عبيد الله بن عمر بن هشام)
أبو محمد، وأبو مروان، الحضرمي، الإشبيلي، ويُعرف بعبيد. أخذ القراءات عن: أبي القاسم بن النحاس، وأبي الحسن عون الله، وغيرهما. وسمع من: أبي محمد بن عتّاب.

(37/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 398
وأحكم العربية. وكان شاعراً، فاضلاً جوالاً. تصدّر بمراكش للإقراء والتعليم مدة، ثم سكن مرسية، وخطب بها. وله تصانيف مفيدة، منها الإفصاح في اختصار المصباح، وشرح مقصورة ابن دريد، وكتاب قراءة نافع. حدّث عنه: أبو ذر الخشني، واختص به. وأخذ عنه القراءات والنحو: أبو عمر بن عياد، وابنه أبو عبد الله. وكان مولده في سنة تسع وثمانين وأربعمائة. وكان حياً في هذه السنة.)
4 (علي بن محمد بن أحمد)
الخطيب، أبو الحسن الروذراوري المُشكاني، الخطيب بمشكان، وهي من قرى روذراور على ست فراسخ من همذان. مولده في رمضان سنة ست وستين وأربعمائة بمُشكان. وقدم عليهم سنة ست وسبعين القاضي أبو منصور محمد بن الحسن بن محمد بن يونس النهاوندي، فسمعوا منه التاريخ الصغير للبخاري، بسماعه من ابن زنبيل النهاوندي في حدود سنة أربعمائة. وحدّث ببغداد بالكتاب، بقراءة ابن السمعاني. وسمعه منه: الحافظ أبو العلاء العطّار، وابنه عبد البرّ، وأبو القاسم بن عساكر، وطائفة كبيرة. وحدّث عنه: أبو القاسم بن الحرستاني إجازةً. وسماعه له بقراءة المحدّث حمزة الروذراوري، وهو صدوق. آخر من رحل إليه: الحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي في ربيع الآخر سنة خمسين، وسمع منه. ثم قال: وفيها مات رحمه الله.

(37/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 399
4 (علي بن معصوم بن أبي ذرّ)
أبو الحسن المغربي، الفقيه، نزيل إسفرايين. وبها توفي. كان إماماً، فقيهاً، بارعاً، علامة في الحساب. تفقّه على الفرج بن عبيد الله الخويي، وأفتى وأفاد. قال ابن السمعاني فيه ذلك، وقال: كتبتُ عنه شيئاً. وتوفي في شعبان بإسفرايين.
4 (علي بن نصر بن محمد بن عبد الصمد)
أبو الحسن الفندورجي، وهي قرية من نواحي نيسابور. وسمع من: عبد الغفار الشيرويي، وغيره. وكان كاتباً، منشئاً، لغوياً، شاعراً، فصيحاً. كان ينشئ الكتب من ديوان الوزارة بخراسان. قال ابن السمعاني: علّقت عنه. وتوفي في حدود سنة خمسين.

(37/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 400
4 (عمر بن عثمان بن الحسين بن شعيب)
) أبو حفص الجنزي، الأديب. من أهل ثغر جنزة. أحد الأعلام في الأدب والشعر. قدم بغداد، وصحب الأئمة، ولازم الأديب أبا المظفّر الأبيوردي مدة ثم رجع الى جنزة. ثم عاد الى بغداد، وذاكر الفضلاء، وبرع في العلم حتى صار علامة زمانه، وأوحد عصره. قاله ابن السمعاني. وقال أيضاً: كان غزير الفضل، وافر العقل، حسن السيرة، متودداً، كثير العبادة، سخي النفس. صنّف التصانيف، وشرع في إملاء تفسير لو تم لكان لا يوجد مثله. سمع بهمذان كتاب السنن للنسائي، وكتاب يوم وليلة من عبد الرحمن بن حمد الدوني. اجتمعتُ معه بسرخس، وقدم علينا مرو غير مرة. وشاعت تصانيفه في الآفاق. وتوفي في رابع عشر ربيع الأول. وولد في حدود سنة بضع وسبعين. قلت: روى عنه: هو، وابنه عبد الرحيم.

(37/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 401
4 (حرف الفاء)

4 (الفضل بن محمد بن إبراهيم)
أبو محمد بن الزيادي، السرخسي، قاضي سرخس. فقيه، عابد، متزهد. تارك للتكلف، متودد. قال ابن السمعاني: كتبتُ عنه مجلساً من إملائه، وكان عنده عن أبي منصور محمد بن عبد الملك المظفري، وأبي ذر عبد الرحمن بن أحمد الأديب. وقال لي: ولدت سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. وتوفي في سادس عشر شوال. جاءني نعيه وأنا بنسْف.

(37/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 402
4 (فضل الله بن المعمَّر بن أبي شكر)
أبو سعيد الإصبهاني، الجوهري. نزيل بغداد. كان يسكن المعيدية.) سمع: رزق الله التميمي، والقاسم الثقفي الرئيس. وكان يعمل في ديوان الخاتون. قال ابن السمعاني: كتبت عنه. وتوفي في شوال. روى عنه: عبد الرحيم.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إسماعيل بن سعيد بن علي)
أبو منصور اليعقوبي، البوسنجي، الواعظ، الصوفي. سكن هراة، ووعظ بها. وكان له أتباع من الصوفية ينفق عليهم من الفتوح. قال ابن السمعاني: غير أن الناس يسيئون الثناء عليه. سمع: أباه، وعبد الرحمن بن محمد بن عفيف كلار. وتوفي بقرية نابر في سلخ رجب. قلت: روى عنه: هو، وابنه عبد الرحيم.
4 (محمد بن الحسن بن محمد)
أبو عبد الله البلدي، البنجديهي، الصوفي. سمع: أبا سعيد البغوي، الدبّاس.

(37/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 403
ومات في عشر الثمانين. أخذ عنه: السمعاني أبو سعد.
4 (محمد بن عبد الباقي بن محمد بن فِرطاس)
أبو سعد البغدادي، البيّع، المقرئ. قرأ القراءات، وطلب الحديث، وسمع بنفسه من: ابن بيان، وابن نبهان، وأبيّ النّرسي، وأبي سعد بن الطيوري، وطائفة. ولم يزل يسمع الى آخر شيء. روى عنه: ابن الأخضر، وغيره. ومات في رجب سنة خمسين، وله ست وستون سنة، رحمه الله.)
4 (محمد بن علي بن أحمد)
أبو عبد الله النحوي، الحلي، ويُعرف بابن حميدة. نحوي، بارع، حاذق بالفن، بصير باللغة، شاعر. له شرح أبيات الجُمل، وكتاب شرح اللُمع، وكتاب في التصريف، وكتاب شرح المقامات، الى غير ذلك. قرأ على أبي محمد بن الخشّاب. وتوفي شاباً فيما أظن.
4 (محمد بن علي بن الحسن)
أبو المظفر بن الشهرزوري، الفرضي.

(37/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 404
من شيوخ بغداد، ولد سنة تسع وسبعين وأربعمائة. سمع: ابن طلحة النّعالي، وأبا الفضل بن خيرون، وغيرهما. قال ابن السمعاني: شيخ، ديّن، خيّر، ثقة، له معرفة تامة بالفرائض، والحساب، انفرد بذلك في وقته. وكان يسكن درب نُصير، وله دكان بالريحانيين يبيع فيها العطر، ويعلّم الناس الفرائض والحساب. وخرج الى الموصل لدَين ركبه، وبقي بها مدة، وخرج الى أذربيجان، ومات بها. كتبتُ عنه. وتوفي بمدينة خِلاط في رجب. قلت: روى عنه: يوسف بن كامل، والقاضي يوسف بن إسماعيل اللمغاني.
4 (محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام)
أبو الفتح بن أبي الحسن البغدادي، الكاتب. من بيت رئاسة ورواية. ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وسمّعه أبوه من: رزق التميمي، وأبي الفضل بن خيرون، وأبي عبد الله الحُميدي، وابن طلحة النعالي، وطراد، ونصر بن البطر. وخرّج له أبوه مشيخة. وحدّث. توفي في سلخ صفر. قلت: روى عنه: عمر بن طبرزد، وابن الأخضر، وجماعة آخرهم حفيده الفتح بن عبد الله بن) عبد السلام. وأخبرنا الأبرقوهي، عن الفتح، عنه بالجزء الأول من حديث سعدان بن نصر، وكان صدوقاً.
4 (محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر)

(37/404)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 405
الحافظ، أبو الفضل السُلامي. توفي أبوه شاباً، ومحمد صغير، فكفله جده لأنه أبو حكيم الخبري، وسمّعه شيئاً يسيراً، وحفّظه القرآن. وكان مولده ليلة نصف شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة. سمع: أبا القاسم بن البُسري، وأبا طاهر محمد بن أحمد بن أبي المظفّر، وعاصم بن الحسين، ومالكاً البانياسي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، ورزق الله التميمي، وطراد بن محمد الزينبي، وأبا عبد الله بن طلحة، وابن البطِر، وخلقاً من أصحاب أبي علي بن شاذان ومن بعدهم، وخلقاً من أصحاب ابن غيلان، والجوهري. وعُني بطلب الحديث أتم عناية، لكنه لم يرحل. وتفقّه على مذهب الشافعي، وقرأ الأدب واللغة على أبي زكريا التبريزي. ولازم أبا الحسين بن الطيوري فأكثر عنه، ثم خالط الحنابلة ومال إليهم. وانتقل الى مذهب أحمد لمنام رآه. قال تلميذه أبو الفرج بن الجوزي: كان حافظاً، ضابطاً، ثقة، متفنناً،

(37/405)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 406
من أهل السنة، لا مغمز فيه. وهو الذي تولى تسميعي الحديث. فسمعت بقراءته المُسند للإمام أحمد، وغيره من الكتب الكبار والأجزاء. وكان يثبّت لي ما أسمع، وعنه أخذت علم الحديث. وكان كثير الذِّكر، سريع البكاء. ذكره ابن السمعاني في المذيّل فقال: كان يحب أن يقع في الناس. قال ابن الجوزي: وهذا قبيح من أبي سعد، فإن صاحب الحديث مايزال يجرّح ويعدّل. فإذا قال قائل: إن هذا وقوعٌ في الناس دلّ على أنه ليس بمحدّث، ولا يعرف الجرحَ من الغيبة. ومذيّل ابن السمعاني ما سماه إلا ابن ناصر، ولا دلّه على أحوال الشيوخ أحد مثل ابن ناصر، وقد احتج بكلامه في أكثر التراجم، فكيف عوّل عليه في الجرح والتعديل، ثم طعن فيه ولكن هذا منسوبٌ الى تعصّب ابن السمعاني على أصحاب أحمد. ومن طالع كتابه رأى تعصبه البارد) وسوء قصده. ولا جرم لم يمتّع بما سمع، ولا بلغ رتبة الرواية. انتهى كلام ابن الجوزي. قلت: يا أبا الفرج، لا تنهَ عن خُلق وتأتي مثله. فإنه عليك في هذا الفصل مؤاخذات عديدة، منها أن أبا سعد لم يقل شيئاً في تجريحه وتعديله، وإنما قال: إنه يتكلم في أعراض الناس. ومن جرّح وعدّل لم يسمَّ في عرف أهل الحديث أنه يتكلم في أعراض الناس، بل قال ما يجب عليه، والرجل فقد قال في ابن ناصر عبارتك بعينك التي سرقتها منه وصبغته بها. بل وعامة ما في كتابك المنتظم من سنة نيف وستين وأربعمائة الى وقتنا هذا من التراجم، إنما أخذته من ذيل الرجل، ثم أنت تتفاجم عليه وتتفاجح. ومن نظر في كلام ابن ناصر في الجرح والتعديل أيضاً عرف عترسته

(37/406)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 407
وتعسّفه في بعض الأوقات. ثم تقول: فإذا قال قائل إن هذا وقوع في الناس دل على أنه ليس بمحدّث، ولا يعرف الجرح من الغيبة، فالرجل قال قوله، وما تعرّض لا الى جرح ولا غيبة حتى تلزمه شيئاً ما قاله. وقد علم الصالحون بالحديث أنه أعلم منك بالحديث، والطرق، والرجال، والتاريخ، وما أنت وهو بسواء. وأين من أضنى عمره في الرحلة والفنّ خاصة وسمع من أربعة آلاف شيخ، ودخل الشام، والحجاز، والعراق، والجبال، وخراسان، وما وراء النهر، وسمع في أكثر من مائة مدينة، وصنّف التصانيف الكثيرة، الى من لم يسمع إلا ببغداد، ولا روى إلا عن بضعة وثمانين نفساً فأنت لا ينبغي أن يُطلق عليك اسم الحفظ باعتبار اصطلاحنا، بل باعتبار أنك ذو قوة حافظة، وعلم واسع، وفنون كثيرة، واطلاع عظيم. فغفر الله لنا ولك. ثم تنسبه الى التعصب على الحنابلة، والى سوء القصد، وهذا والله ما ظهر لي من أبي سعد، بل، والله، عقيدته في السنّة أحسن من عقيدتك، فإنك يوماً أشعري، ويوماً حنبلي، وتصانفك تنبئ بذلك. فما رأينا الحنابلة راضين بعقيدتك ولا الشافعية، وقد رأيناك أخرجت عدة أحاديث في الموضوعات، ثم في مواضع أخَر تحتج بها وتحسّنها. فخِلنا مساكتتة. قال أبو سعد، وذكر ابن ناصر: كان يسكن درب الشاكرية، حافظ، ديّن، ثقة، متقن، ثبْت، لغوي، عارف بالمتون والأسانيد، كثير الصلاة والتلاوة، غير أنه يحبّ أن يقع في الناس. كان يطالع هذا الكتاب، ويُخشى عليه ما يقع له من مثالبهم، والله يغفر له. وهو صحيح القراءة) والنقل. وأول سماعه من أبي الصّقر، وذلك في سنة ثلاث وسبعين. وقال أبو عبد الله بن النجار: كانت لابن ناصر إجازات قديمة من جماعة، كأبي الحسين بن النقّور، وابن هزارمَرد الصريفيني، والأمير ابن ماكولا الحافظ، وغيرهم. أخذها له ابن ماكولا في رحلته الى البلاد.

(37/407)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 408
قلت: وقرأت بخط الحافظ الضياء: أجاز لأبي الفضل بن ناصر: أبو نصر ابن ماكولا، وأبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليّك في سنة ثمان وستين وأربعمائة، ومحمد بن عبيد الله الصرّام، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، وفاطمة بنت أبي عليّ الدقّاق، والفضل بن عبد الله بن المحبّ، وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، وأحمد بن علي بن خلف الشيرازي. قلت: ولعله تفرّد بالإجازة عن بعض هؤلاء. وقال ابن النجار: كان ثقة، ثبتاً، حسن الطريقة، متديناً، فقيراً، متعففاً، نظيفاً، نزهاً. وقف كتبه، وخلّف ثيابه وثلاثة دنانير. وكانت ثيابه. خِلقاً مغسولة. ولم يعقِب. وسمعت مشايخنا ابن الجوزي، وابن سُكينة، وابن الأخضر يُكثرون الثناء عليه، ويصفونه بالحفظ، والإتقان، والديانة، والمحافظة على السنن، والنوافل. وسمعت جماعة من شيوخي يذكرون أن ابن ناصر، وأبو منصور ابن الجواليقي كانا يقرآن الأدب على أبي زكريا التبريزي، ويسمعان الحديث، فكان الناس يقولون: تخرّج ابن ناصر لغويَّ بغداد، وابنُ الجواليقي محدّثها، فانعكس الأمر. قلت: قد كان ابن ناصر مبرّزاً في اللغة أيضاً. وقال ابن النجار: قرأت بخط ابن ناصر، وأخبرنيه يحيى بن الحسين عنه سماعاً من لفظه قال: بقيت سنين لا أدخل مسجد الشيخ أبي منصور، يعني الخياط المقرئ، واشتغلت بالأدب على أبي زكريا التبريزي، فجئت في بعض الأيام لأقرأ على أبي منصور الحديث، فقال: يا بني، تركت قراءة القرآن، واشتغلت بغيره، عدْ إلينا لتقرأ عليّ، ويكون لك إسناد، ففعلت وعدت الى المسجد، وذلك في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. وكنت أقرأ عليه، وأسمع منه الحديث. وكنت أقول في أكثر وقتي: اللهمّ بيّن لي أي المذاهب خير. وكنت مراراً قد مضيت لأقرأ على القيرواني المتكلّم كتاب التمهيد للباقلاني، وكأن

(37/408)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 409
إنساناً يردّني عن ذلك، حتى كان في بعض) الليالي رأيت في المنام كأني قد دخلت الى المسجد عند شيخنا أبي منصور، وهو قاعد في زاويته، وبجنبه رجل عليه ثيابُ بياض، ورداء على عمامته يشبه الثياب الريفية، درّيُّ اللون، وعليه نورٌ وبهاء، فسلّمت، وجلست بين أيديهما، ووقع في نفسي له هيبة، وأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جلست التفتَ إلي الرجل، فقال لي: عليك بمذهب هذا الشيخ، عليك بمذهب هذا الشيخ، عليك بمذهب هذا الشيخ. فانتبهت مرعوباً، وجسمي يرجف ويرعد، فقصصت ذلك على والدتي، وبكّرت الى الشيخ لأقرأ عليه، فحكيت له ذلك، وقصصت عليه الرؤيا، فقال لي: يا ولدي، ما مذهب الشافعي الذي هو مذهبك إلا حسن، ولا أقول لك أترك مذهبك، ولكن لا تعتقد اعتقاد الأشعري. فقلت: ما أريد أن أكون نصفين، فأنا أشهدُك وأشهد الجماعة أنني منذ اليوم على مذهب أحمد بن حنبل في الأصول والفروع. فقال لي: وفّقك الله. ثم أخذت من ذلك الوقت في سماع كتب أحمد بن حنبل ومسائله، والتفقّه على مذهبه، وسماع مسنده. وذلك في شهر رمضان من سنة ثلاثٍ وتسعين وأربعمائة. قال: وسمعت شيخنا عبد الوهاب بن سكينة غير مرة يقول: قلت لشيخنا ابن ناصر: أريد أن أقرأ عليك شرح ديوان المتنبي لأبي زكريا، وكان يرويه عنه، فقال: إنك دائماً تقرأ عليّ الحديث مجاناً. وهذ شِعر، ونحن نحتاج الى دفع شيء من الأجر عليه، لأنه ليس من الأمور الدينية. فذكرت ذلك لأبي، فأعطاني خمسة دنانير، فدفعتها إليه، وقرأت عليه الكتاب. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو طاهر السلفي، وقال: سمع معنا كثيراً، وهو شافعي المذهب، أشعري المعتقد، ثم انتقل الى مذهب أحمد في الأصول والفروع، ومات عليه. وكان هو وأبو منصور الجواليقي

(37/409)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 410
رفيقين يقرآن اللغة على أبي زكريا التبريزي اللغوي. وكان ابن ناصر له ميلٌ الى الحديث، وله جودة حفظ وإتقان، وحسن معرفة، وكلاهما ثقة، ثبْت إمام. وروى عنه أبو موسى المديني، وقال فيه: الأديب أبو الفضل بن ناصر الحافظ، مقدّم أصحاب الحديث في وقته ببغداد. وروى عنه: عبد الرزاق الجيلي، وأبو محمد بن الأخضر، وعبد الواحد بن سلطان، ويحيى بن الربيع الفقيه، ومحمد بن عبد الله البناء، ويحيى بن مظفّر السلامي، وعبيد الله بن أحمد) المنصوري، وعبد الله بن المبارك بن سُكينة، وعبد الرحيم بن المبارك ابن القابلة، ومحمود بن أيدكين البواب، ومحمد بن علي بن البلّ الواعظ، ومحمد بن معالي بن غُنيمة الفقيه، ومحمد بن أبي المعالي بن موهوب ابن البنّاء الصوفي، وعبد الله بن الحسن الوزّان، وأبو اليُمن الكندي، وعبد الرحمن بن عبد الغني بن الغسّال، وعبد الرحمن بن سعد الله الطحان، وإسماعيل بن مظفّر ابن الأقفاحي، وعبد الرحمن بن عمر بن الغزّال، وداود بن مُلاعب، وعبد العزيز بن أحمد ابن الناقد، وموسى بن عبد القادر الجيلي، وأبو الفتح أحمد بن علي الغزنوي، ومسمار بن عمر بن العويس، وعبد الرحمن بن المبارك ابن المشتري، وعمر بن أبي السعادات بن صرما، وثابت بن مشرف، وأحمد بن ظفر بن هُبيرة، وأبو جعفر محمد بن عبد الله بن مكرّم، وأحمد بن يوسف بن صرما، وعبد السلام بن يوسف العبريي، وأبو منصور محمد بن عبد الله بن عُفيجة. وآخر من روى عنه: أبو محمد الحسن بن الأمير السيد العلوي، وبقي الى سنة ثلاثين وستمائة. وآخر من روى عنه بالإجازة في الدنيا ابن المقيّر. توفي ابن ناصر ليلة ثامن عشر شعبان. قال ابن الجوزي: وحدّثني أبو بكر بن الحصري الفقيه قال: رأيت ابن ناصر في المنام، فقلت له: يا سيدي، ما فعل الله بك قال: غفر لي، وقال لي: قد غفرت لعشرة من أصحاب الحديث في

(37/410)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 411
زمانك، لأنك ريسُهم وسيدهم. قرأت بخط الحافظ أبي بكر بن مُسدي المجاور في معجمه قال: قرأت على ابن المقيّر، عن ابن ناصر قال: كتب إلي عبد الواحد بن أحمد المليحي قال: أنا ابن أبي شريح، فذكر حديثاً. قلت: عندي الجعديات نسخة قديمة مكتوبة عن ابن أبي شريح وكلها سماع غير واحد، عن المليحي، منه، ولكن هذا من تخبيطات ابن مُسدي، لأن المليحي، مات في سنة ثلاث وستين قبل مولد ابن ناصر بأزيد من أربع سنين.
4 (محمد بن نصر بن منصور بن علي بن محمد)
أبو بكر العامري، الصوفي، المديني، الخطيب الدِّهقان، خطيب سمرقند. قال أبو سعد: كان إماماً، زاهداً. تفقّه على: أبي الحسين علي بن محمد البزدوي، وسمع: أبا) علي الحسن بن عبد الملك النسفي القاضي، والسيد أبا المعالي محمد بن محمد بن زيد العلوي، والملك العالم أبا الفتح نصر بن إبراهيم الخاقان. وعمّر دهراً. وذكر عمر بن محمد النسفي الحافظ أنه ولد سنة أربع وخمسين وأربعمائة. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: توفي في الرابع والعشرين من شعبان. وقال في التحبير: يقال جاوز المائة، وسمعت منه دلائل النبوة للمستغفري. أنا أبو علي النسفي، عنه، وسمع، وكتب الإملاء في سنة أربع وستين وأربعمائة.

(37/411)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 412
4 (المبارك بن الحسين بن أحمد بن علي بن فتحان بن منصور)
الإمام، أبو الكرم بن الشهرزوري، البغدادي، المقرئ. شيخ القراء، ومصنّف المصباح الزاهر في العشرة البواهر في القراءات. قال أبو سعد: شيخ صالح، ديّن، خيّر، قيّم بكتاب الله تعالى، عارف باختلاف الروايات والقراءات، حسن السيرة، جيّد الأخذ على الطلاب. له روايات عالية. سمع الحديث من: أبي القاسم إسماعيل بن مسعدة، ورزق الله التميمي، وأبي الفضل بن خيرون، وطِراد الزينبي، وجماعة كبيرة. وله إجازة من: أبي الحسين بن المهتدي بالله، وأبي الغنائم عبد الصمد ابن المأمون، وأبي الحسين بن النقّور، وأبي محمد الصريفيني. كتبت عنه، وذكر أن مولده في ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وأربعمائة. قلت: وقرأ بالروايات على: عبد السيد بن عتّاب، والزاهد أبي علي الحسن بن محمد بن الفضل الكِرماني صاحب الحسين بن علي بن عبيد الله الرهاوي، والشريف عبد القاهر بن عبد السلام العباسي، ورزق الله التميمي، ويحيى بن أحمد السيبي، ومحمد بن أبي بكر القيرواني، وأحمد بن المبارك الأكفاني، وأبي البركات محمد بن عبد الله الوكيل، ووالده الحسن. قرأ عليه خلق، منهم: عمر بن أحمد بن بكرون النهرواني، ومحمد بن

(37/412)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 413
محمد بن هارون الحلي ابن الكمال، وصالح بن علي الصرصري، وأبو يعلى حمزة بن القبّيطي، وأبو الفضل عبد الواحد بن سلطان، ويحيى بن الحسين الأواني الضرير، وأحمد بن الحسين بن أبي البقاء العاقولي، وزاهر بن رستم إمام المقام بمكة، وعبد العزيز بن أحمد بن الناقد المقرئ، ومشرّف) بن علي الخالص الضرير، وعلي بن أحمد بن سعيد الواسطي الدبّاس، وأبو العباس محمد بن عبد الله الرشيدي الضرير. وروى عنه الحديث: محمد بن أبي المعالي الصوفي ابن البنّاء، وأسعد بن علي، وعلي بن صعلوك، والفتح بن عبد السلام، وآخرون. ولم يخلّف بعدَه في علو سنده في القراءات مثله، فإنه قال: قرأت لقالون على رزق الله التميمي، وقرأ على الحمّامي في سنة أربع عشرة وأربعمائة. وقرأت لورش على أبي سعد أحمد بن المبارك قال: قرأت بها الى سورة سبأ على الحمامي. وقرأت للدوري، على رزق الله، ويحيى بن أحمد السيبي، وأبي الفتح عليّ، وأبي نصر أحمد بن علي الهاشمي، وأخبروني أنهم قرأوا على الحمامي. وقرأت بها على ابن عتّاب، والوكيل، وثابت بن بُندار، وابن الجراح قالوا: قرأنا على أبي محمد الحسن بن الصقر الكاتب، وقرأ هو والحمامي على زيد بن أبي بلال، بسنده. توفي أبو الكرم في الثاني والعشرين من ذي الحجة، ودُفن الى جانب الحافظ أبي بكر الخطيب.
4 (مجلي بن جُميع بن نجا)

(37/413)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 414
قاضي القضاة أبو المعالي القرشي، المخزومي، الأرسوفي الأصل، المصري، الفقيه الشافعي. ولي قضاء ديار مصر في سنة سبع وأربعين بتفويض من العادل ابن السلار سلطان مصر ووزيرها. وقد صنّف كتاب الذخائر في الفقه، وهو من الكتب المعتبرة، جمع فيه شيئاً كثيراً من المذهب. عُزل قبل موته، وتوفي رحمه الله في ذي القعدة. ذكره ابن خلّكان.
4 (حرف النون)

4 (ناصر بن عبد الرحمن بن محمد)
أبو الفتح القرشي، الدمشقي، المعروف بابن الراشن النجار. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، ونصر بن إبراهيم الفقيه، وصحبه مدة وخدمه. توفي في ذي القعدة. روى عنه: ابن عساكر، وغيره.
4 (نصر بن عباس بن أبي الفتوح بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس)
)

(37/414)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 415
الصنهاجي، الأمير ابن الأمير، اللذين قتلا الظاهر بالله العبيدي، المصري. ذكرت أخبارهما في ترجمة الظافر، والفائز، وغيرهما استطراداً. وقد قُتلا في هذه السنة.
4 (حرف الواو)

4 (وكيع بن إبراهيم بن أبي سعد)
أبو بكر المزارع، البغدادي. أسمعه خاله عليّ بن أبي سعد الخبّاز كثيراً من أبي طالب بن يوسف، وطبقته. روى عنه: ثابت بن مُشرف، وأحمد بن حمزة بن الموازيني.
4 (حرف الهاء)

4 (هارون بن المقتدي بالله)
عمّ أمير المؤمنين المقتفي. توفي في الثالث والعشرين من شوال. ومنشئ الأمراء والدولة، فلما حُمل في المركب كان الجميع قياماً في السفن الى أن وصلوا به التُرب. وتوفي وله نحو من سبعين سنة أقل أو أكثر.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن إبراهيم السلماسي)
أبو زكريا الواعظ.

(37/415)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 416
كنت قد ذكرته في سنة ثمان لكونه حدّث بدمشق، ولم أظفر بوفاته، ثم ظفرت بها في شعبان سنة خمسين بسلماس. قاله ابن الدبيثي في تاريخه، واستدركه على ابن السمعاني لأنه ما ذكره. وقال أبو الفرج بن الجوزي: قدم بغداد ووعظ بها، وكان له القبول التام، ثم غاب عنها نحواً من أربعين سنة، ثم قدِم. وسمعنا منه بقراءة شيخنا ابن ناصر، ثم رحل عن بغداد فتوفي بسلماس. وآخر من روى عن السلماسي بالإجازة: أبو الحسن بن المقيّر.

(37/416)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 417
4 (ذِكر المتوَفّين في عَشر الخمسين)
)
4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن علي)
القاضي أبو الخطاب الطبري، ثم البخاري. قال عبد الرحيم بن السمعاني، هو أستاذي في علم الخلاف. قلت: هذا القول يدل على أنه بقي الى عشر الستين وخمسمائة فإن أبا المظفّر إنما اشتغل بعد الخمسين. ثم قال: جمع بين شرف النسب والعلم، وحاز قصب السّبق في علم النظر، وتفقّه على والده، وعلى الإمام البرهاني، وسمع منها، ومن: محمد بن عبد الواحد الدقّاق. وولد سنة.
4 (أحمد بن إسماعيل بن أبي سعد)
الشيخ أبو الفضل النيسابوري، الخبزبارائي. جليل، نبيل. سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وغيره. روى عنه: أبو المظفّر بن السمعاني، وغيره.

(37/417)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 418
4 (أحمد بن ثُعبان بن أبي سعيد بن حرز)
أبو العباس الكلبي، الأندلسي، نزيل إشبيلية. ويُعرف بابن المكي، لطول سُكناه بمكة. أدرك أبا معشر الطبري وصحبه طويلاً، وسمع منه كتاب التلخيص في القراءات. وتصدّر للإقراء بإشبيلية، وطال عمره، وكثُر الانتفاع به. أخذ عنه: ابن رزق، وابن خَير، وابن حُميد، وغيرهم. قال الأبّار: توفي بعد الأربعين وخمسمائة.
4 (أحمد بن سعيد بن الإمام أبي محمد بن حزم)
القرطبي الظاهري، أبو عمر الفقيه. كان على مذهب جده، وكان عارفاً به، مصمماً عليه، صليباً فيه، عارفاً بالنحو والشعر. توفي رحمه الله بعد امتحان طويل من الضرب والحبس وأخذ أمواله لما نُسب إليه من الثورة) على السلطان، وذلك بعد الأربعين. نسأل الله العاقبة.
4 (أحمد بن عبد الله بن مرزوق)
أبو العباس الإصبهاني. فقيه، متودد، من أصحاب إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ. سمع: غانماً البُرجي، وأبا سعيد المطرز، وأبا علي الحداد.

(37/418)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 419
وببغداد: أبا علي بن المهدي، وأبا سعد بن الطيوري، وأبا طالب اليوسفي. وبشيراز: أبا منصور عبد الرحيم بن أحمد الشرابي الشيرازي، شيخ تفرّد بالسماع من أبي بكر محمد بن الحسين ابن أبي اللت الشاهد الشيرازي. روى عنه: أبو سعد بن السمعاني، وداود بن يونس الأنصاري، وغيرهما. وكان مولده في سنة. روى الشيخ الموفق، عن رجل، عنه.
4 (أحمد بن عبد الجبار بن محمد بن أحمد بن أبي النّضْر)
الشيخ أبو نصر البلدي، النسفي. حدّث بالكثير. قال ابن السمعاني: كان ثقة، صالحاً. سمع صحيح البخاري، وصحيح البُجيري، وأخبار مكة للأزرقي. وهو مُكثر. قال عبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني: سمعت منه صحيح عمرو بن محمد بن بُجير، بروايته عن جده محمد بن أحمد البلدي، إلا قدر جزأين فبالإجازة. قال: أنبا أبو نصر محمد بن يعقوب بن إسحاق السلامي، عن محمد بن أحمد الكرميني، عنه، قال: وسمعت له أخبار مكة عن: جده، عن أبي المعالي المكحولي، عن هارون بن أحمد الأستراباذي، عن إسحاق بن أحمد

(37/419)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 420
الخُزاعي، عن المصنّف. ومولده في سنة ثمانين وأربعمائة. وسمعنا منه بنسف. قلت: ويجوز أن يكون عاش الى بعد الستين وخمسمائة. وقال أبو سعد: تركته حياً سنة إحدى وخمسين.)
4 (أحمد بن عبيد الله بن الحسين)
أبو محمد بن الآمدي، الواسطي. شيخ صالح، خيّر، كثير التلاوة، له عِلم ومعرفة وفَهم. سمع: نصر بن البطِر. وحدّث.
4 (أحمد بن محمد بن عبد الجليل بن إسماعيل)
الفقيه أبو نصر السمرقندي، الإبريسمي. شيخ، فاضل، صالح. سمع: إسحاق بن محمد النوحي، الخطيب، وغيره. قال عبد الرحيم السمعاني: سمعت منه كتاب تنبيه الغافلين لأبي الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي، بروايته عن النوحي، عن أبي بكر محمد بن عبد الرحمن الترمذي، المقرئ، عنه. وولد في حدود سنة.
4 (أحمد بن ياسر بن محمد بن أحمد)
أبو عبد الله البنجديهي، المروزي، المقرئ. ولد تقريباً سنة سبعين وأربعمائة، وحمله والده الى بغشور، فسمع بها جامع الترمذي، من أبي سعيد محمد بن أبي صالح البغوي.

(37/420)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 421
وسمع ببنجديه من: أبي القاسم هبة الله الشيرازي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني.
4 (أحمد بن يحيى بن عبد الله بن الحسين)
القاضي أبو نصر النيسابوري، الناصحي. من بيت القضاء والعلم. سمع: أبا بكر محمد بن محمد التفليسي، وأبا بكر بن خلف. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني.
4 (حرف التاء)
)
4 (ألتُنتاش)
الأمير، مملوك الأمير أمين الدولة صاحب بصرى وصرخد، وواقف الأمينية بدمشق. لما توفي أمين الدولة كان هذا نائباً على قلعة بصرى، فاستولى عليها وعلى صرخد، واستعان بالفرنج، فنجدوه، فسار لقتاله الأمير معين الدين أنُر بعسكر دمشق، فالتقاهم، فكسرهم وانهزم معه ألتُنتاش. ونازل معين الدين بصرى وصرخد، فأخذهما بعد شهرين في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. ثم ترك ألتُنتاش الفرنج، وقدم دمشق بوجه منبسط، وقد كان أذى أخاه خطلخ وكحله وأبعده، فجاء المسكين الى دمشق، فلما قدم ألتُنتاش حاكمه أخوه وكحّله بالشرع قصاصاً، فبقيا أعميين. وقرر معين الدين في القلعتين أجناداً، ثم صارتا بعد للملك نور الدين. مات ألتُنتاش في هذه السة.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسين بن أبي القاسم بن أبي سعد)
أبو الفتح النيسابوري، القاضي، مقرئ، صالح، خيّر.

(37/421)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 422
سمع: أبا الحسن أحمد بن محمد الشجاعي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني.
4 (الحسين بن محمد بن محمد بن نصر)
أبو علي الأنصاري، الخزرجي، النسفي، الأديب. سمع بنسف: طاهر بن الحسين، وأبا بكر محمد بن أحمد البلدي. وبسمرقند: أبا القاسم عبد الله الكسائي. روى عنه: عبد الرحيم. وقال: وولد في حدود السبعين وأربعمائة.
4 (حيدر بن زيرك)
أبو تُراب الجوباري، النسفي. سمع من: مولاه الإمام أبي بكر محمد بن أحمد البلدي في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة أخبار مكة للأزرقي. وكان عبداً، صالحاً.) روى عنه: عبد الرحيم السمعاني.
4 (حرف السين)

4 (سُكينة بنت الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد)
أم سلمة النيسابورية، امرأة عبد الخالق بن زاهر الشحّامي. امرأة، صالحة، خيّرة. سمعت من: جدها إسماعيل، وأبي بكر بن خلف الشيرازي، وأبي نصر بن رامش. ومولدها سنة سبع وسبعين وأربعمائة.

(37/422)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 423
روى عنها: عبد الرحيم السمعاني.
4 (سعيد بن الحسن)
أبو سعد النيسابوري، الريوندي، الجوهري. صالح، عفيف، سمع: الفضل بن المحب، وإسماعيل بن مسعدة. ولد سنة إحدى وستين وأربعمائة. كتب عنه: ابن السمعاني، وطائفة.
4 (سليمان بن يحيى بن سعيد)
الأستاذ أبو داود المعافري، القرطبي، المقرئ، المجوّد، ويُعرف بأبي داود الصغير. أخذ القراءات عن: أبي داود، وأبي الحسن بن الدّوش، وأبي الحسين بن البياز، وأبي الحسين الخضري، وأبي عبد الله محمد بن المفرّج، وروى عنهم. وعن: القاسم بن عبد العزيز، وخلف بن مدير. وتصدّر للإقراء بقرطبة، ولتعليم العربية. قال أبو عبد الله الأبّار: كان مُقرئاً، محققاً، ماهراً. توفي بعد الأربعين. أخذ عنه: أبو بكر بن خير، وأبو الحسن بن الضحاك، وأبو القاسم القنطري، وأبو زيد السهيلي، وابن الخلوق الغرناطي، وغيرهم.
4 (سليمان بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان)
السلجوقي، المدعو شاه، أخو السلطان مسعود.) قال ابن الدبيثي: قدم بغداد في أيام المقتفي، وخُطب له بالسلطنة على

(37/423)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 424
منابر العراق، ونُثر على الخطباء عند ذكره الدنانير، ولُقّب غياث الدنيا والدين، وأعطي الأعلام والكوسات، وخرج متوجهاً نحو الجبل. ولقي ملكشاه بن محمد، فجرى بينهما حرب نُصر فيه سليمان، وعاد الى بغداد على طريق شهرزور، فخرج إليه عسكر من الموصل، فظفروا به. وحُبس بالموصل حتى مات بها.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن طاهر بن علي بن محمد بن علي بن فارس)
أبو المظفّر البغدادي، الخياط، التاجر. قال ابن السمعاني: شيخ، فاضل، عالم، صائن، ثقة، حسن السيرة، متواضع. له أنسة بالحديث، يحفظ الأجزاء والكتب التي سمعها والطرق، وأسماء شيوخه. تغرّب عن بغداد، ودخل خراسان، والهند. وسكن لَوهور، وتأهل بها. وكان يسافر عنها ويعود. ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. وسمع: الحسين بن البُسري، وثابت بن بُندار، وجعفر السّراج، والمبارك بن عبد الجبار، وأبا بكر أحمد بن علي الطريثيثي، وأبا غالب الباقاني. وبإصبهان: أبا القاسم البُرجي، والحدّاد. وبنيسابور أبو بكر الشيرويي. وقدم علينا بلخَ في مدة مُقامي بها، وذلك في سنة ست وأربعين. وقرأت عليه.

(37/424)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 425
قلت: روى عنه: عبد الرحيم السمعاني.
4 (عبد الله بن الحسين بن عبد الله الكرماني)
أبو القاسم. نيسابوري، صالح. وهو أخو عبد الوهاب الذي يأتي سنة تسع وخمسين. شيخ، صالح، أديب، سمع: أبا بكر بن خلف، وأبا القاسم الواحدي، وأبا تراب المراغي. سمع منه: أبو المظفّر بن السمعاني بنيسابور سنة نيفٍ وأربعين وقال: كانت ولادته في ربيع الأول سنة خمس وسبعين وأربعمائة.)
4 (عبد الرحمن بن الحسن)
الشّجري. مر في سنة سبع وأربعين وخمسمائة.
4 (عبد الرحمن بن موفور بن زياد بن محمد)
أب الفضل الحنفي، الهروي. شيخ صالح. روى عنه: شيخ الإسلام الأنصاري، وعبد الأعلى بن المليحي، وغيرهما. روى عنه: عبد الرحيم، وأبوه.
4 (عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الله بن الحسين)
القاضي أبو سعيد الناصحي، النيسابوري. روى عن: أبي عمرو المحمي، وأبي بكر بن خلف.

(37/425)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 426
وعنه: عبد الرحيم، وأبوه.
4 (عبد الرشيد بن عثمان)
أبو محمد الماليني، الفامي. سمع: محمد بن علي العميري. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي بعد الأربعين. وقد حدّث ببغداد.
4 (عبد السلام بن أحمد بن إسماعيل بن محمد)
أبو الفتح الهروي، الإسكاف، المقرئ، ولقبه: بكيرة. قال ابن السمعاني: كان شيخاً، صالحاً، سديد السيرة، جميل الأمر، كثير العبادة. سمع: محمد بن أبي مسعود القلوسي، والفُضَيل بن يحيى الفضيلي، وأبا إسماعيل عبد الله الأنصاري. قال: وولد في ربيع الأول سنة إحدى وستين وأربعمائة. قلت: ولم يؤرخ له وفاة. وقال ابن نُقطة: حدّث عن أبي المظفّر عبد الله بن عطاء بكتاب الترمذي.) وقال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه نسخة مُصعب الزبيري، وثمانية أجزاء من حديث ابن صاعد، بسماعه من القلوسي، عن ابن أبي شُريح. قلت: روى عنه: هو. وأبوه أبو سعد، وأبو الضوء شهاب الشذياني،

(37/426)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 427
ونصر بن عبد الجامع الفامي، وحمّاد بن هبة الله الحرّاني، وأبو رَوح عبد المعز الهروي، وآخرون. وبقي الى حدود الخمسين وخمسمائة. ولعله هلك في دخول الغُزّ هَراة.
4 (عبد الكريم بن عبد الوهاب بن إسماعيل)
الجُويني، أبو المظفّر، القاضي بجوين. سمع: أبا الحسن المؤذّن المديني، وطبقته. وعنه: أبو سعد السمعاني، وابنه عبد الرحيم. وكان مولده بحَيراباذ بعد السبعين وأربعمائة.
4 (عبد الكريم بن محمد بن حامد بن مكي)
أبو منصور النيسابوري، الخيّام، الصوفي، الواعظ. قال أبو سعد: كان أبوه من مشاهير الوعّاظ والمحدّثين. كان شيخاً، صالحاً، واعظاً، مُكثراً من الحديث، صوفياً. سافر مع والده الى العراق والجبال، سمع بنيسابور: الفضل بن المحب، وأبا سعيد شبيباً، وأبا المظفّر موسى بن عمران. وأجاز لي ولابني عبد الرحيم من زنجان في سنة ست وأربعين، وتوفي بعد هذا التاريخ، وولد سنة ثلاث وستين.
4 (عبد الواحد بن محمد بن خلف بن بقيّ)
أبو محمد القيسي، الفقيه، نزيل دانية.

(37/427)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 428
قال الأبّار: هو من ثغر بُنُشْكُلة، واشتهر بالنسبة إليها. وسمع من: أبي محمد البطليوسي، وأبي علي بن سكّرة، وابن محمد بن عتّاب، وجماعة. وكان فقيهاً، حافظاً، مشاوَراً، مفتياً، درّس، وأقرأ الفقه. وتوفي في حدود الخمسين.
4 (عبيد الله بن محمد بن الحسين)
) أبو القاسم الحسيني، الأستوائي، الجرجاني، الخراساني. ذكره ابن السمعاني فقال: كان شيخاً، معمّراً، صالحاً، كثير التلاوة والعبادة. وقد رأى الشيخ أبا القاسم كركان. وسمع بطوس من: الفضل بن محمد الفارمذي، وببغداد: أبا بكر الطريثيثي، وجماعة. لقيته بجرجان، وكان أصمّ، فقرأت عليه بصوت رفيع. وقد جاوز المائة. قال بعض أقربائه ما دلّ على أن مولده بعد أربعين وأربعمائة.
4 (عُبيد الله بن محمد بن الفرج)
الغرناطي، أبو محمد بن الفرس. سمع من: أبي داود بن نجاح، وغيره. وعنه: ابن أخيه محمد بن عبد الرحيم القاضي.
4 (عبيد الله بن إبراهيم بن أبي بكر)

(37/428)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 429
الإمام أبو بكر النسائي، التفتازاني، وتفتازان: من قرى نَسا. قال السمعاني: كان إماماً، مفتياً، مفسّراً، محدّثاً، واعظاً، مشتغلاً بالعيادة، يتولى الحرث والحصاد والدّرس بنفسه، ويأكل من كدّه. سمع بنيسابور: نصر الله الخُشنامي، وعلي بن عبد الله بن أبي صادق، وإسماعيل بن عبد القاهر، وصاعد بن سيار الحافظ. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وأبوه.
4 (علي بن محمد بن الحسين بن عقيل)
أبو الحسن الساوي، سِبط المدبر، بغدادي، متكلم. روى عن: مالك البانياسي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: كان يعرف الكلام والجدل، وله يدٌ باسطة فيه. وكان يقع في الصالحين والأخيار.
4 (حرف الكاف)

4 (كوثر ناز بنت مُضر بن إلياس التميمي البالكي)
الهروية، أمَةُ الرحمن. امرأة صالحة، خيّرة، عفيفة.) سمعت: جدها أبا عمرو البالكي، وشيخ الإسلامي الأنصاري. وولدت في حدود السبعين. سمع منها: عبد الرحيم بهَراة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عثمان.)

(37/429)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 430
النوقاني، الطوسي، أبو عثمان المقرئ. أنا ابن عساكر: أنا أبو المظفّر عبد الرحيم كتابةً: أنا محمد بن أحمد بنوقان، أنا أبو سعيد محمد بن سعيد الفرخزادي، أنا ابن مَحمِش الزيادي، أنا حاجب بن أحمد، أنا عبد الرحمن المروزي، ثنا عبد الله بن المبارك، نا مبارك بن فضالة: حدثني الحسن، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة ويُسند ظهره الى خشبة، فلما كثُر الناس قال: ابنُوا منبراً. فسوّي له منبر. وإنما كانت عتبتين، فتحول من الخشبة الى المنبر، فحنّت، والله، الخشبة حنين الوالِه، وأنا، والله، في المسجد أسمع ذلك. فمازالت تحنّ حتى نزل من المنبر، فمشي إليها فاحتضنها، فسكنت.
4 (محمد بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم)
أبو سعد الساماني، النيسابوري. شيخ مستور. سمع: أبا القاسم الفُضيل بن المُحب، وعبد الباقي المراغي، وأبا بكر التفليسي. ولد سنة. وهو مذكور في شيوخ عبد الرحيم بن السمعاني.
4 (محمد بن إسماعيل بن أبي بكر أحمد)
المروزي الساسياني. وساسيان: محلة بظاهر مرو. كان شيخاً، صالحاً، متميزاً. سمع صحيح البخاري من أبي بكر بن أبي عمران الصفّار. قاله عبد الرحيم، وسمع منه.
4 (محمد بن أبي أحمد بن محمد)
أبو الفتح المروزي، الحُضيري، المقرئ.

(37/430)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 431
فقيه، صالح، عابد، كثير التلاوة.) من شيوخ عبد الرحيم. قال: سمع من أبي الخير الصفّار أيضاً.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله)
الإمام أبو الفتح الحمدويي، البنجديهي، المروزي، الفقيه. تفقه على: أبي بكر محمد بن السمعاني. وسمع من: القاضي أبي سعيد محمد بن علي بن أبي صالح البغوي، وإسماعيل بن أحمد البيهقي، وهبة الله بن عبد الوارث الحافظ، وغيرهم. قال عبد الرحيم بن السمعاني: لقيته بالدرق السفلى، وسمعت منه جميع الترمذي، وولد سنة بضعٍ وستين وأربعمائة، وكان فقيهاً، زاهداً، نظيفاً، حسن السمت، رحمه الله تعالى.
4 (محمد بن علي بن أحمد بن إبراهيم)
أبو عبد الله الجوَيني، البخاري، المعكاني، الفقيه، الواعظ. ولد بقرية معكان، من أعمال بُخارى، في سنة خمسٍ وسبعين وأربعمائة. وسمع من: علي بن محمد بن حِذام البخاري، صاحب منصور بن نصر الكاغَدي في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة.

(37/431)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 432
روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني.
4 (محمد بن الحسين بن الحسن بن الحسين)
أبو غانم الإصبهاني، المعدّل، المحدّث، ويُعرف بزينة. قال السمعاني: له فهم وكياسة. سمع من والدي الكثير بإصبهان، ونسخ بخطه. خرّج له الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي. سمع من: جده لأمه أبي بكر محمد بن الحسن بن سُليم، وأبي بكر محمد بن علي بن جُولة، وبا أُشتَة، وعبد الرحمن الدوني، وأصحاب أبي عبد الله الجُرجاني. سمعتُ منه، وسمع منه: أبو القاسم الدمشقي، وغيره ببغداد.
4 (محمد بن هبة الله بن العلاء)
الحافظ أبو الفضل البروجردي، تلميذ ابن طاهر المقدسي. سمع: أبا محمد الدوني، ومكي بن بُجير، ويحيى بن مندة.) قال السمعاني: أول ما لقيته كنت أنسخ بجامع بُروجِرد، فدخل شيخ رثّ الهيئة، ثم قال: أيش تكتب فكرهت جوابه، فقلت: الحديث. فقال: كأنك تطلب الحديث قلت: بلى. قال: من أين أنت قلت: من مرو. قال: عمّن يروي البخاري من أهل مرو قلت: عن عبدان، وصدقة، وعليّ بن حُجر.

(37/432)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 433
قال: ما اسم عبدان قلت: عبد الله بن عثمان. فقال: لم قيل له عبْدان. فتوقفت، فتبسّم، فنظرت إليه بعين أخرى، وقلت: يذكر الشيخ. فقال: كنيته أبو عبد الرحمن، فاجتمع في اسمه وكنيته العبْدان، فقيل: عبْدان. فقلت: عمن هذا فقال: سمعت من محمد بن طاهر المقدسي. ثم بعد ذلك انتخبت عليه. وسمعت منه. قلت: لم أر له ذِكر وفاة ولا مولد. فكتبته هنا على التوهم.
4 (مالك بن وهب)
أبو عبد الله الإشبيلي، المتكلّم. قال اليَسَعُ بنُ حزم فيه: الفقيه، الأديب، الورع، المتواضع، إمام في فنون، ومخرج جواهر البلاغة من درجها المكنون، وعقل تتعلم منه العقول، وذهن انصقل به كل مصقول، وأدبٌ بارع، وشعرٌ، لا يُجارى. الى أن قال: نظره في علم الشريعة والحديث والتفاسير نظر من اتّسع. وكان قد نزل من قلب أمير المسلمين على منزلة، يخلو به إذا خلا، ويتحلى بأدبه البارع إذا تحلا. أحله محلّ المُطاع الذي من عصاه عصا. ومن أطاعه أطاع، حتى بنى له قصراً يدخل إليه من خوصته، لتبين مكانه لرتبته. ومع هذا فكان يتواضع في لبسه، ويتبذّل في حوائجه، ويبدو في أكثر أوقاته في صورة الباكي على الذنب، النادم، أدرك أبا عبد الله بن مُعاذ، فأكثر عنه وأخذ عنه الهندسة. أدركته رحمة الله. قلت: وكان أشار على ابن تاشفين باعتقال ابن تومَرْت.
4 (المبارك بن ثابت بن علي)
) أبو طالب البغدادي الذهبي.

(37/433)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 434
سمع من: حَمْد بن أحمد الحدّاد. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره.
4 (محمود بن أحمد بن علي بن الفرج)
الإمام أبو المحامد السمرقندي، السُغدي، الساغَرجي، أحد الأعلام ذكره السمعاني في الذيل فقال: إمام، بارع، مبرّز في أنواع الفقه والتفسير، والحديث، والأصول، والمتفق، والمفترق، والوعظ حسن السيرة، كثير الخير والعبادة. بهي المنظر. قال لي: أول ما كتبت الحديث سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. سمع: يوسف بن صالح، والحسن بن عطاء السُغدي، وأبا إبراهيم إسحاق بن محمد النوحي، وميمون المكحولي، وعلي بن أحمد الكلاباذي. كتبت عنه بسمرقند، وقرأت عليه تنبيه الغافلين، بروايته عن النوحي، عن سِبط الترمذي، عن مؤلفه. وقال لي: ولدت سنة ثمانين وأربعمائة.
4 (محمود بن خلف)

(37/434)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 435
أبو القاسم اللهاوري، ثم الإسفرائيني. قال السمعاني: تفقّه على جدّ أبي المظفّر. وسمع: أبا بكر بن خلف بنيسابور، وعبد الرزاق بن حسان المنيعي، وجماعة. وقال: مات سنة نيف وأربعين.
4 (محمود بن محمد بن أحمد بن محمد)
أبو الشكر البابصري، الشروطي. كان له حانوت مقابل باب النوبي للشروط، وله شِعر فائق مدوّن. روى عنه: المبارك بن كامل وهو أسنّ منه بكثير، ومحمد بن علي بن إبراهيم الكاتب. ومات شاباً. ومن شعره:
(أفدي الذي بتُّ من هواهُ .......... إليه دون الأنام أشكو)
)
(كاتبُ خطٍ له عِذار .......... ليس لمن يحتويه سبكُ)

(خطّان ما استُجمعا بشخصٍ .......... إلا وستر المحبّ هتكُ)

(هذا مراد على بياضٍ .......... وذاك ورد عليه مسكُ)

4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن محمد بن الموفّق بن أبي المظفّر بن عبد الواحد)
الفقيه، أبو الفتوح الكسائي، الهروي. سمع: نجيب بن ميمون الواسطي، وأبا عطاء المليحي، وغيرهما. روى عنه: أبو المظفّر عبد الرحيم وقال: توفي بعد سنة ست وأربعين.

(37/435)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 436
4 (نصر بن مهدي بن نصر بن مهدي بن محمد)
السيد أبو الفتح العلوي، الحُسيني، الونكي، الراوي، المعدل. الفقيه الزيدي. سمع: طاهر بن الحسين السمّان، وسليمان بن داود الغزنوي بمرو. وورد بغداد حاجاً. وسمع بها أبا يوسف عبد السلام القزويني. قال أبو سعد: كتبت عنه بالري، وقال لي: ولدت سنة ثمان وستين وأربعمائة.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن عبد الله بن أحمد بن عمر السمرقندي)
أبو المظفر المدير بين يدي قاضي القضاة الزينبي. سمّعه أبوه من ابن طلحة النعالي، وجماعة. كتب عنه: أبو سعد السمعاني.
4 (همّام بن يوسف بن أحمد)
العاقولي أبو محمد. سمع: أبا الحسين بن الأخضر الأنباري، وغيره. وكان يخدم القُضاة. كتب عنه ابن السمعاني.
4 (حرف الياء)
)
4 (يحيى بن عبد الله فَتّوح)
أبو زكريا الحضرمي، الداني. ويُعرف بابن صاحب الصلاة. روى عن: أبي محمد بن البطليوسي، وغيره. وكان أديباً، لغوياً.

(37/436)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 437
روى عنه: ابنه الأستاذ أبو محمد عبدون. وتوفي في حدود الخمسين.
4 (الكنى)

4 (أبو الحسين بن الموصلي، الأندلسي)
الرئيس، العالم. أحد أكابر الأندلسيين وقاضي إشبيلية. قصد حضرة أمير المسلمين يستعطفه في مصالح ثغور الجزيرة، فأكرمه واحترمه، واعتمد عليه، وقضى أشغاله، وقال: فهل لك من حاجة تخصّك قال: يا أمير المؤمنين، إن الله قد وسّع عليّ فيما رزق. وقد كان خرج من غزاة فُأسِر، فلما جنّ عليه الليل أتاه رومي فقال: أنت ابن الموصلي قال: لا. قال اليَسَع: فحدَّثني قال: أنكرتُ خوفاً من التغالي، لأني كنت أحصل في سهم الملك، ولا أخرج بأقل من خمسين ألفاً، وربما عُذّبت لأوقع إليهم بلداً. فقال لي الرومي ما أوجب اعترافي، وقال: لا تَنَمْ، أنا أخلّصك. فأركبني في وسط الليل، ووجّه معي صاحباً له تواعد معه الى موضع، ثم تلاقينا في آخر الليل. ثم أصبح على باب حصن المسلمين فدخلته. ففرح بي أهله لما عرفوني، فقلت: أريد الوفاء لهذا الصاحب المجمِل، فجعل الرجل يأتي بالدنانير، والمرأة بالسوار والعِقد. وقد أخفيت الرومي شفقةً عليه، ثم أتيته فأرضيته، وقلت: هذا ما حضر، فلعلّك أن تقدم إشبيلية. فقدِم بعد أشهر، فدفعت إليه تتمة ألف دينار، وانفصل يشكر ويحمد.

(37/437)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 5
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة السادسة والخمسون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى وخمسين وخمسمائة)
دخول السلطان سليمان شاه بغداد والخلعة عليه قدم في أواخر سنة خمسين إلى بغداد السلطان سليمان شاه بن محمد بن ملكشاه مستجيراً بالخلافة، فخرج عليه لتلقيه ولد الوزير عون الدين، ولم يترجل أحد منهما للآخر ولم يحتفل بمجيئه لتمكن الخليفة وقوته، وكثرة جيوشه. فلما كان في نصف المحرم استدعي إلى باب الحجرة، وحلف على النصح ولزوم طاعة أمير المؤمنين. ثم خطب له في آخر الشهر. وذكر في الخطبة بعد اسم السلطان سنجر ولقب بألقاب أبيه. وفي وسط صفر أحضر وألبس الخلعة والتاج والسوارين، وقرر بأن العراق لأمير المؤمنين، ولا يكون لسليمان شاه إلا ما يفتحه من بلاد خراسان. ثم خرج، فقدم له الخليفة عشرين ألف دينار ومائتي كر، وخلع على أمرائه. ثم سار الخليفة ومعه سليمان شاه إلى أن وصل حلوان، ونفذ معه العسكر.

(38/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 6
هرب السلطان سنجر من يد الغز وفيها، في رمضان، هرب السلطان سنجر بن ملكشاه من يد الغز في جماعة من الأمراء، فساروا إلى قلعة ترمذ، فاستظهر بها على الغز. وكان خوارزم شاه أتسز هو والخاقان محمود بن محمد ابن أخت سنجر يقاتلان الغز، والحرب بينهم سجال، فذلت الغز بموت علي بك، وكان أشد شيء، على السلطان سنجر وعلى غيره ثم قضت الأتراك الفارغية إلى خدمة سنجر، وتجمع جيش ورد إلى دار ملكه مرو، فكانت مدة أسره مع الغز إلى أن رجع إلى دست سلطنته ثلاث سنين وأربعة أشهر. الزلازل بالشام وفيها، كما قال أبو يعلى التميمي، كانت بالشام زلازل عظيمة، انهدم كثير من مساكن شيزر على أهلها. وأما كفرطاب فهرب أهلها منها خوفاً على أرواحهم، وأما حماه فكانت كذلك. قلت: وقد ذكر ابن الجوزي الزلزلة كما يأتي في سنة اثنتين، فبالغ ونقل ما لم يقع. موادعة نور الدين للفرنج وغدرهم) قال حمزة: وفي رمضان وصل الملك نور الدين إلى دمشق من

(38/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 7
حلب بعد أن تفقد أحوالها وهذبها. وفي شوال تقررت الموادعة بينه وبين ملك الفرنجة سنة كاملة، وأن المقاطعة المحمولة إليهم من دمشق ثمانية آلاف دينار صورية. وكتبت الموادعة بذلك، وأكدت الأيمان، فبعد شهرين غدرت الفرنج لوصول نجدة في البحر، ونهضوا إلى الشعرا من ناحية بانياس، وبها جشارات الخيول، فاستاقوا الجميع، وأسروا خلقاً. الحريق ببغداد وفيها كثر الحريق ببغداد، ودام أياماً ووقع في تسع دروب سماها ابن الجوزي. سفر الخليفة إلى دجيل وفيها سافر أمير المؤمنين إلى ناحية دجيل بعد قدومه من حلوان يتصيد. المصاف بين سليمان شاه ومحمد شاه وانضاف إلى سليمان ابن أخيه ملكشاه وإلدكز وتحالفوا، فسار لقتالهم محمد شاه، فعملوا مصافاً فانتصر محمد شاه، ووصل إلى بغداد من عسكرها خمسون فارساً بعد أن خرجوا ثلاثة آلاف. ولم يقتل منهم أحد، وإنما

(38/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 8
نهبوا، وأخذت خيولهم، وتشتتوا. ورد سليمان شاه في حالة نحسةٍ، فخرج عليه أمير الموصل، فقبض عليه وطالعه إلى القلعة. وسار محمد شاه يقصد بغداد، فوصل إلى ناحية بعقوبا، وبعث إلى كوجك، فتأخر عنه، فانزعجت بغداد، وأحضرت العساكر، واستعرضهم الوزير. تسلم نور الدين بعلبك وفيها تسلم نور الدين بعلبك.

(38/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 9
4 (سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة)
الحرب بين محمد شاه والخليفة ثم قرب محمد شاه بن محمود من بغداد، وجاءه زين الدين علي كوجك صاحب إربل نجدة، فحصرا بغداد، واختلف عسكر الخليفة عليه، وفرق الخليفة سبعة آلاف جوشن، وعملت الأترسة الكبار، والمجانيق الكثيرة، وأذن للوعاظ في الجلوس، بعد منعهم في سنةٍ وخمسة أشهر.) ثم ركب محمد شاه وعلي كوجك، وصاروا في ثلاثين ألفاً، ورموا بالنشاب إلى ناحية التاج وقاتلت العامة، ونهب الجانب الغربي، وأحرقوا مائتين وسبعين دولاباً. وقاتل عسكر الخليفة في السفن، كل ذلك في المحرم. فلما كان ثالث صفر جاء عسكر محمد في جمع عظيم، وانتشروا على دجلة، و خرج عسكر الخليفة في السفن يقاتلون. وكان يوما مشهودا. فلما كان يوم سادس عشر صفر وصلت سفن للقوم فخرجت سفن الخليفة تمنعها من الإصعاد وجرى قتال عظيم وقاتل سائر أهل البلد. وجاء الحاج سالمين فدخلوا بغداد من هذا الجانب. فلما كان يوم سادس وعشرين جاء بريد يخبر بدخول ملكشاه بن السلطان مسعود همذان، وكبس بيوت المخالفين ونهبها. ففرح الناس.

(38/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 10
فلما كان يوم سلخ صفر عبر في السفن ألف فارس، وصعدوا فدخلوا دار السلطنة فنزل منكورس الشحنة، وكان أحد الأبطال المذكورين، فأحاط بهم وقتل منهم جماعة، ورمى الباقون أنفسهم في الماء. واتصل القتال، وكان الخليفة يفرق كل يوم نحواً من مائة كر. وفي بعض الأيام فرق على الجند خمسة وعشرين ألف نشابة، والكل من عنده، لم يكلف أحداً ولا استقرض. وحكى الزجاج الحلبي أنه عمل في هذه النوبة ثمانية عشر ألف قارورة للنفط. وفي خامس ربيع الأول خرج منكورس، وقيماز السلطاني، والخيالة، والرجالة، فحملوا اثنتي عشر حملة، واقتتلوا. وفي العشرين من ربيع الأول جاءوا بالسلالم التي عملوها، وكانت أربعمائة سلم، لينصبوها على السور فلم يقدروا، وأصبحوا يوم الجمعة، فلم يجر يومئذ كبير قتال، وهي الجمعة الثالثة التي لم تصل بها الجمعة ببغداد في غير جامع القصر. ثم قدمت بنت خوارزم شاه زوجة سليمان شاه، وكانت قد أصلحت بين ملكشاه وبين الأمراء جميعهم في همذان، وجاءت في زي الحجاج الصوفية إلى الموصل وعليها مرقعة، ومعها ركابي في زي شحاذ. ثم جاءت حتى صارت في عسكر محمد شاه، وتوصلت وعبرت إلى الخليفة، فأكرمت وأفردت لها دار. وأخبرت بدخول ملكشاه همذان، وبأنه نهب دور المخالفين.

(38/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 11
وفي الخامس والعشرين منه صعد أهل بغداد السور بالسلاح، وجاء العدو ومعهم السلالم، وهموا بطم الخندق، فخرج الناس واقتتلوا.) وفي التاسع والعشرين منه نادوا: اليوم يوم الحرب العظيم، فلا يتأخرن أحد، فخرج الناس ولم يجر قتال. وبعث محمد شاه إلى علي كوجك يعاتبه ويقول: أنت وعدتني بأخذ بغداد فبغداد ما حصلت، وخرجت من يدي همذان، وأخربت بيوتي وبيوت أمرائي. فأنا عازم على المضي، فشجعه ونخاه وقال: نمد الجسر، ونعبر، ونطم الخندق، وكانوا قد صنعوا غرائر وملأوها تراباً، وننصب هذه السلالم الطوال، ونحمل حملة واحدة، ونأخذ البلد. ثم أخذوا يتسللون، وقلت عليهم الميرة، وهلك منهم خلق. ثم استأمن خلق كثير منهم وخامروا، ودخلوا، وأخبروا بأن القوم على رحيل. وفي العشرين من ربيع الآخر جرى قتال، وعطلت الجمعة إلا من جامع القصر، وهي الجمعة السابعة، ووقع الواقع بين محمد شاه وبين كوجك. وهو يطمعه ويهون عليه أخذ بغداد. ثم نصبوا الجسر، وعبر أكثر عسكر محمد شاه، وعبر محمد شاه من الغد في أصحابه إلى عشية، فلما كان العشاء قطع كوجك الجسر، وقلع الخيم، وبعث نقله طول الليل. ثم أصبح وضرب النار في زواريق الجسر، وأخذ خزانة محمد شاه وخزانة وزيره، ورحل. وبقي محمد شاه وأصحابه بقية يوم الثلاثاء. ثم وثب هو وعسكره، فمنع الخليفة العسكر من أن يلحقوه، ونهب أصحاب محمد شاه بعض الأعمال، ثم قال الخليفة: اذهبوا إلى همذان فكونوا مع ملكشاه. وخلع عليهم، وفرح الناس بالسلامة.

(38/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 12
ثم ركب الخليفة يفتقد السور من أوله إلى آخره، وكثرت الأمراض وغلت الأسعار. ثم جاء الخبر بوفاة السلطان سنجر، فقطعت خطبته. غزو رستم الإسماعيلية وفيها غزا رستم بن علي بن شهريار الملك مازندران بلاد ألموت وأوطأ الإسماعيلية ذلاً، وخرب بلادهم، وسبى النساء والأولاد، وغنم، وخذلت الإسماعيلية، وخربت عامة قراهم. خروج الإسماعيلية على الحجاج وفيها خرجت الإسماعيلية لعنهم الله، على حجاج خراسان، فاقتتلوا وثبت الفريقان إلى أن قتل أمير الحاج، فذلوا وألقوا بأيديهم، وقتلهم الإسماعيلية قتلاً ذريعاً، وعظم المصاب ف إنا لله) وإنا إليه راجعون. وصبحهم من الغد شيخ في المقتلة ينادي: يا مسلمين، يا حجاج، ذهب الملاحدة وأنا مسلم، فمن أراد الماء سقيته. فكان كل من كلمه أجهز عليه، فهلكوا أجمعين إلا القليل. خراب خراسان وأما خراسان فخربت على يد الغز، ومات سلطانها سنجر، واختلف

(38/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 13
أمراؤه بعده، وغلب كل مقدم على ناحية واقتتلوا، وجرت أمور طويلة بخراسان، فالأمر لله. واشتد بخراسان القحط، وأكلت الجيف. قال ابن الأثير: فكان بنيسابور طباخ، فذبح إنساناً علوياً وطبخه، ثم ظهر ذلك فقتل الطباخ. سفر الخليفة إلى أوانا وسافر الخليفة إلى أوانا ودجيل، ثم رجع. ثم راح يتصيد، ورجع بعد عشرة أيام. انتصار نور الدين على الفرنج عند صفد وفيها كانت وقعة عظيمة بين نور الدين وبين الفرنج على صفد، ونصر عليهم. ثم جاء إلى الخليفة ورسوله برؤوس الفرنج وبتحف وهدايا. الزلازل بالشام وفيها، وفي سنة إحدى وخمسين، كان بالشام زلازل عظيمة هدمت في ثلاثة عشر بلداً، ومنها خمسة للفرنج، وبدعت في شيزر، وحماه، والمعرة وحصن الأكراد، وطرابلس، وأنطاكية، وحلب. فأما حلب فهلك فيها تحت الردم خمسمائة نفس وأما حماه فهلكت جميعها إلا اليسير، وأما شيزر فما سلم منها إلا امرأة وخادم، وهلك جميع من فيها، وتسلمها نور الدين،

(38/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 14
فجدد عمارتها وحصنها. وهي على جبل منيع بقي في يدي بني منقذ نحو مائة وعشرين سنة أو أكثر. وأما كفرطاب فما سلم منها أحد وأما فامية فهلكت وساخت قلعتها. وأما حمص فهلك بها عالم عظيم، وأما المعرة فهلك بعضها. وأما تل حران فإنه انقسم نصفين، وظهر من وسطه نواويس وبيوت كثيرة. وأما حصن الأكراد وعرقة فهلكا جميعاً، وسلم من اللاذقية نفر. وأما طرابلس فهلك أكثرها، وأما أنطاكية فسلم نصفها.) قال ابن الجوزي في المنتظم: وصل الخبر في رمضان بزلازل كانت بالشام عظيمة في رجب، ثم ذكر هذا الفصل. قلت: الله أعلم بصحة ذلك وبحقيقة تفاصيله. إنفاق الوزير ابن هبيرة للإفطار قال: وفي رمضان أنفق الوزير ابن هبيرة للإفطار طول الشهر ثلاثة آلاف

(38/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 15
دينار، وكان يحضر عنده الأماثل. وخلع على المفطرين عنده الخلع السنية. استعادة غزة من الفرنج وفيها افتتح عسكر المسلمين غزة واستعيدت من الفرنج. تسلم بانياس وتسلم نور الدين بانياس من الفرنج. إنقراض دولة الملثمين وفيها انقرضت دولة الملثمين بالأندلس وتملك عبد المؤمن مدينة المرية، واستعمل أولاده على الأندلس، ولم يبق للملثمين إلا جزيرة ميورقة. تسلم المرية من الفرنج وكانت المرية بيد الفرنج من عشر سنين، فنازلها أبو سعيد بن عبد المؤمن، وحاصرها براً وبحراً ثلاثة أشهر، وبنى بإزائها سوراً، وجاع أهلها فسلموها بالأمان. كتابة السلطان سنجر إلى نور الدين بخلاصه من الغز وفي صفر ورد على نور الدين كتاب السلطان أبي الحارث سنجر بن ملكشاه بالتشوق إليه، وما ينتهي إليه من جميل أفعاله، وإعلامه بما من الله عليه من خلاصه من الشدة، والخلاص من أيدي الغز بحيلة دبرها بحيث عاد

(38/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 16
إلى منصبه من السلطنة، ووعده بنصره على الفرنج. فأمر نور الدين بزينة دمشق، وفعل في ذلك ما لم تجر به عادة فيما تقدم في أيام ملوكها. وأمر بزينة قلعتها، فجللت أسوارها بالجواشن، والدروع، والتراس، والسيوف، والأعلام، وأنواع الملاهي، وهرعت الخلائق والغرباء لمشاهدة هذا فأعجبهم وبقي أسبوعاً. هزيمة الفرنج عند بانياس ثم جاءته الأخبار بإغارة الفرنج على أعمال حمص وحماه.) ثم سارت الفرنج في سبعمائة فارس، سوى الرجالة إلى ناحية بانياس، فوقع عليهم عسكر الإسلام ونزل النصر، فلم ينج من الملاعين إلا القليل، وصاروا بين أسير وجريح وقتيل، وذلك في ربيع الأول. وجاءت الرؤوس والأسرى، وكان يوماً مشهوداً. ثم تهيأ نور الدين للجهاد، وجاءته الأمداد، ونودي في دمشق بالتأهب والحث على الجهاد، فتبعه خلق من الأحداث والفقهاء والصلحاء، ونازل بانياس. وجد ملك الفرنج في حصارها، فافتتحها بالسيف. ثم إن الفرنج تحزبوا وأقبلوا لينصروا هنفري صاحب بانياس وهو بالقلعة، فوصل ملك الفرنج بجموعه على حين غفلة، فانقطع جيش الإسلام، ووصلوا هم إلى بانياس، فحين شاهدوا ما عمها من خراب سورها ودورها يئسوا منها. انتصار نور الدين على الفرنج عند طبرية ثم إن الملك نور الدين عرف أن الفرنج على الملاحة بقرب طبرية،

(38/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 17
فنهض بجيوشه، وجد في السير، فشارفهم وهم غارون، وأظلتهم عصائبه، فبادروا إلى الخيل، وافترقوا أربع فرق، وحملوا على المسلمين، فترجل نور الدين، وترجلت معه الأبطال، ورموا بالسهام، ونزل النصر، ووقع القتل والأسر في الكفرة. قال أبو يعلى: فلم يفلت منهم، على ما حكاه الخبير الصادق، غير عشرة نفر، قيل إن ملكهم فيهم، وقيل قتل. ولم يفقد من المسلمين الأجناد سوى رجلين، أحدهما من الأبطال قتل أربعة من شجعان الفرنج واستشهد. وفرح المؤمنون بهذا النصر العزيز، وجيء بالرؤوس والأسرى إلى دمشق، والخيالة على الجمال، والمقدمون على الخيل بالزرديات والخوذ، وفي أيديهم أعلامهم. وضج الخلق بالدعاء لنور الدين. الزلازل بالشام وفيها جاءت عدة زلازل عظيمة بالشام. مهادنة نور الدين للفرنج ثم جاءت الأخبار بوصول السلطان مسعود للنزول على أنطاكية، فاضطر نور الدين إلى مهادنة الفرنج، ثم توجه إلى حلب.) خراب المدن بالزلازل وجاءت الأخبار من الشمال بما يرعب النفوس من شأن الزلزلة، بحيث انهدمت حماه وقلعتها ودورها على أهلها ولم ينج إلا اليسير. وأما شيزر فانهزم حصنها على واليها تاج الدولة ابن منقذ. وأما حمص فهرب أهلها منها وتلفت قلعتها. وأما حلب فهدمت بعض دورها، وتلفت سلمية وغيرها.

(38/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 18
ثم جاءت عدة زلازل في أشهر مختلفة، ورخها حمزة التميمي. مرض نور الدين وفي رمضان مرض الملك نور الدين مرضاً صعباً، فاستدعى أخاه نصرة الدين أمير ميران، وأسد الدين شيركوه والأمراء، فقرر معهم أن الأمر من بعده لأخيه لاشتهاره بالشجاعة، فيكون بحلب، وينوب عنه بدمشق شيركوه، وحلفوا له وتوجه في المحفة إلى حلب، فتمرض بالقلعة، وهاج النفاق والكفر، وشنعوا بموت نور الدين. وذهب نضرة الدين إلى حلب، فأغلق مجد الدين والي القلعة بابها وعصى، فثارت أحداث حلب وقالوا: هذا ملكنا بعد أخيه، وحملوا السلاح، وكسروا باب البلد، ودخله النصرة. واقترحوا على النصرة أشياء منها إعادة التأذين بحي على خير العمل، محمد وعلي خير البشر، فأجابهم ونزل في داره. ثم عوفي نور الدين وتوجه النصرة إلى حران، وكان قد وليها، وقدم نور الدين دمشق.

(38/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 19
4 (سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة)
الإتفاق بين ملكشاه وأخيه وقع الإتفاق بين ملكشاه وأخيه محمد شاه، وأمده بعسكر ففتح به خوزستان، ودفع عنها شملة التركماني. زيارة المقتفي مشهد الحسين وفي ربيع الآخر زار المقتفي مشهد الحسين رضي الله عنه، ومضى إلى واسط، وعبر في سوقها. إنفاق الوزير على مرضه وكان الوزير مريضاً، فأنفق في مرضته نحو خمسة آلاف دينار لابن التلميذ الطبيب حمله.) خروج الخليفة إلى المدائن وخرج الخليفة إلى المدائن، ثم خرج مرة أخرى إلى المدائن. وخرج يوم الفطر. وكان موكبه بتجمل وحشمة لم يعهد مثلها من الإعمار.

(38/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 20
وقوع المطر ووقع في شوال مطر وبرد أكبر من البيض. حروب الغز وأما خراسان فكانت الغز قد شبعوا، وسكنت سورتهم، واستوطنوا بلخ، وتركوا النهب. واتفقوا على طاعة الخاقان محمود بن محمد ابن أخت سنجر، وأتابكه الأمير أي به، فلما دخل شعبان سارت الغز إلى مرو، فنهض لحربهم الأمير المؤيد، فظفر بهم، وقتل بعضهم، فدخلوا مرو. فجاء خاقان من سرخس، وأنضم إليه المؤيد، فالتقوا في شوال، فكان بينهم مصاف لم يسمع بمثله، وبقي القتال يومين. وتواقعوا مرات عديدة وانهدم الغز ثلاث مرات، ثم يعودون للقتال، فلما طلع الضوء من الليلة الثانية انجلت الحرب عن هزيمة الخراسانية، وظفر الغز بهم قتلاً وأسراً وعادوا إلى مرو، وقد استغنوا عن الظلم المفرط فشرعوا في العدل وإكرام العلماء. ثم أغاروا على سرخس وأخربوا رساتيقها، وعملوا كل شر. وقتل من أهل سرخس نحو من عشرة آلاف نفس، وعادوا إلى مرو، وتقهقر الخاقان بعساكره إلى جرجان. فلما دخلت سنة أربع بعث إليه الغز يسألونه القدوم ليملكوه كما كان فلم يركن إليهم. فأرسوا يطلبون ابنه جلال الدين محمد. وترددت الرسل، فبعث إليهم ابنه، ولما اطمأن هو سار إليهم وكان مستضعفاً معهم في السلطنة. حج ابن الجوزي قال ابن الجوزي: وحججت فيها، وتكلمت بالحرم مرتين.

(38/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 21
مصرع الإسماعيلية الخراسانية وفيها مصرع الإسماعيلية الخراسانيين. وذلك أنهم نزلوا في ألف وسبعمائة رجل على زوق كبير للتركمان، فلم يجدوا به الرجال، فسبوا الذرية، وحازوا الزوق، وقتلوا الرجال وأحرقوا الأشياء الثقيلة. وبلغ الخبر عسكر التركمان، فأسرعوا فأدركوا الإسماعيلية لعنهم الله، وهم) يقتسمون الغنيمة، فأحاطوا بهم ووضعوا فيهم السيف، وألقى الله الذل على الإسماعيلية، واستولى عليهم القتل والأسر، فلم ينج منهم إلا تسعة أنفس. قاله ابن الأثير. غارة جيش مصر على غزة وعسقلان وفي صفر خرج جيش من مصر فأغاروا على غزة، وعسقلان، ونواحيها، فالتقاهم الفرنج، فانتصر المصريون، ووضعوا في الفرنج السيف بحيث لم يفلت إلا الشريد، ورجعوا بالغنائم. غارة نور الدين على صيدا وخرج نور الدين من دمشق بآلات الحرب مجداً في جهاد الفرنج، وأغار عسكره على أعمال صيدا، فقتلوا خلقاً. السيل الأحمر وفي أول تموز جاء سيل أحمر ببرد كما يجيء في الشتاء، وكثر التعجب منه.

(38/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 22
نجاة نور الدين بعد انهزام عسكره ثم التقى نور الدين الفرنج، فانهزم عسكره، وثبت هو ساعة، ثم ولى العدو خوفاً من كمين يكون للمسلمين، ونجى الله نور الدين وسلمه. تحريض نور الدين على فرض الرسوم وفي رجب تجمع قوم من الظلمة وعزموا على تحريض نور الدين على إعادة ما كان أبطله، وتملك دمشق من رسوم دار البطيخ والأنهار، وضمنوا القيام بعشرة آلاف دينار حتى أجيبوا إلى ما راموه، وعسفوا الناس، ثم أبطل نور الدين ذلك كله بعد أربعين يوماً. خروج ملك القسطنطينية لقتال المسلمين وفيها بدر ملك الروم من القسطنطينية بجيوشه، وقصد ممالك الإسلام، ووصلت خيله غائرة على أعمال أنطاكية، فتأهب المسلمون للجهاد.

(38/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 23
4 (سنة أربع وخمسين وخمسمائة)
الرضا عن ترشك فيها وقع ترشك ولم يشعر به إلا وقد ألقى نفسه تحت التاج ومعه كفن، فوقع الرضا عنه. انتهاب الغز نيسابور وفيها عاد الغز ونهبوا نيسابور، وكان بها ابن أخت سنجر، فهرب إلى جرجان.) وقوع الخليفة وفيها سافر الخليفة إلى واسط، فرماه فرسه، وشج جبينه بقبيعة السيف. وقوع البرد ووقع برد كبار أهلك أماكن. وذكر أنه كان في البرد ما وزنه خمسة أرطال ونحو ذلك.

(38/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 24
وقيل إنهم رأوا بردة فيها تسعة أرطال. وفيها كان الغرق ببغداد، ووقع بعض سورها، وسقطت الدور. قال ابن الجوزي: لم نعرف دربنا إلا بمنارة المسجد، فإنها لم تقع. وغرقت مقبرة الإمام أحمد، وخرجت الموتى على وجه الماء، وكانت آية عجيبة. أخذ عبد المؤمنين المهدية بالأمان وفيها سار عبد المؤمن في نحو مائة ألف فنازل المهدية، فحاصرها براً وبحراً سبعة أشهر، وأخذها بالأمان. غرق الفرنج وركب الفرنج في البحر قاصدين صقلية في الشتاء، فغرق أكثرهم. وكان ملك الفرنج قال: إن قتل عبد المؤمن نصارى المهدية فلأقتلن من عندي من المسلمين بصقلية. ولعل أكثر رعيته بصقلية مسلمون، فأهلك الله النصارى بالغرق. وكان مدة ملكهم للمهدية اثنتي عشرة سنة، ودخلها عبد المؤمن يوم عاشوراء سنة خمسين فبقي بها أياماً. وكان قد افتتح تونس، فنازلها أسطوله في البحر ستون شينياً، وأخذها بالأمان على مشاطرة أهلها أموالهم، لكونه عرض عليهم أولاً التوكيد والأمان، فأبوا عليه. وبعدها افتتح المهدية.

(38/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 25
القتال بين العلوية والشافعية وكان رئيس نيسابور هو نقيب العلويين ذخر الدين زيد بن الحسن الحسيني، فقتل بعض أصحابه أبو الفتوح الفستقاني الشافعي، فبعث إلى رئيس الشافعية مؤيد الدين الموفقي يطلب منه القاتل ليقتص منه، فامتنع المؤيد وقال:) إنما حكمك على العلوية. فخرج النقيب وقصد الشافعية، فاقتتلوا وقتل جماعة، وأحرق النقيب سوق العطارين وسكة معاد، وعظم البلاء. ثم جمع المؤيد جموعاً وجيش، والتقى هو والعلوية في شوال سنة أربع، واشتد الحرب، وأحرقت المدارس والأسواق. واستمر القتل بالشافعية، فالتجأ المؤيد إلى قلعة فرخك، وخربت نيسابور بسبب هذه المصيبة الكبرى. وأما المؤيد أبه الأمير فإنه جرت له فصول وأسر، ثم هرب، وقدم نيسابور، فنزل إليه المؤيد رئيس الشافعية، وتحصن العلوي بنيسابور، واشتد الخطب على المعترين الرعية، وتمنوا الموت، وسفكت الدماء، وهتكت الأستار، وخربوا ما بقى من البلد، وبالغ الشافعية في الإنتقام، وخربوا مدرسة الحنيفة، واستؤصلت نيسابور، فلا حول ولا قوة إلا بالله. هذا ملخص ما نقله ابن الأثير في كامله. الخلاف بين قطب الدين مودود وأمير ميران ومرض نور الدين في آخر الماضية وأول سنة أربع وضعف، فعهد بالأمر بعده لأخيه قطب الدين مودود صاحب الموصل. وقال: ابن أخي أمير ميران لا أرتضيه لتولية أمور المسلمين لسوء أفعاله وأخلاقه. فحلفت له الأمراء وكاتب جماعة من الكبار أمير ميران يحثونه على المجيء ليستولي على الشام، فبادر وقطع الفرات، فبعث أسد الدين عسكراً فردوه. وبلغ صاحب الموصل الخبر، فبعث وزيره كمال الدين محمد بن علي الجواد، فدخل

(38/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 26
دمشق في أحسن زي، وأبهى تجمل، وهو حميد الخلال، كثير الإنفاق في وجوه البر فصادف نور الدين قد عوفي. الزلازل بدمشق وجاءت بدمشق زلازل مهولة صعبة، فسبحان من حركها وسكنها. مصالحة نور الدين ملك القسطنطينية وصالح نور الدين ملك الروم القادم من القسطنطينية وأجيب ملك الروم إلى ما التمسه من إطلاق مقدمي الفرنج، فأطلقهم نور الدين، فبعث لنور الدين عدة أثواب مثمنة وجواهر، وخيمة من الديباج، وخيلاً، ورد إلى بلاده، ولم يؤذ أحداً. واطمأن المسلمون. إقامة نور الدين سماطاً لقطب الدين وجاء الخبر إلى دمشق بأن الملك نور الدين صنع لأخيه قطب الدين ولجيشه الذين قدموا) للجهاد في يوم جمعة سماطاً عظيماً هائلاً، تناهى فيه بالاستكثار من ذبح الخيل والبقر والأغنام، بحيث لم يشاهد مثله. وقام ذلك بجملة كثيرة. وفرق من الخيل العربية جملة، ومن الخلع شيئاً كثيراً. وكان يوماً مشهوداً. تسليم حران لزين الدين ثم توجه إلى حران وانتزعها من يد أخيه أمير ميران، وسلمها إلى الأمير زين الدين علي إقطاعاً له. إلى هنا زدته من تاريخ ابن القلانسي.

(38/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 27
أسر ابن أخت ملك الروم وفيها جمع ملك الروم جمعاً عظيماً، وقصد الشام، فضاق بالمسلمين الأمر، فنصر الله تعالى، وأسر ابن أخت ملكهم، وغنم المسلمون، وعادوا خائبين. موت محمد شاه وفيها مات محمد شاه ابن السلطان محمود الذي حاصر بغداد. مات بهمذان. خروج عبد المؤمن إلى بلاد إفريقية قال عبد المنعم بن عمر المغربي في أخبار ابن تومرت: وفي سنة أربع وخمسين توجه أمير المؤمنين عبد المؤمن إلى بلاد إفريقية، فتجهز في مائة ألف فارس محصاة في ديوانه، ومعهم من السوقة والصناع والأتباع أضعافهم مراراً. قال: وكان هذا الجمع الحفل يمشون بين الزروع في الطرق الضيقة، فلا يكسرون سنبلة، ولا يطؤونها من هيبة الأمير، وكان حملهم وأسواقهم مسافة فرسخين، وكلهم يصلون الخمس وراء إمام واحد بتكبيرة واحدة، ولا

(38/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 28
يتخلف أحد عن الصلاة إذا قامت، كائناً من كان من أصناف الجيش والسوقة وغيرهم. وكان عبد المؤمن يسير وحده منفرداً أمام الجيوش ليس معه فارس إلا ابنه ولي عهده وراءه. وحوله من عبيده السودان ألوف بالرماح والدرق. قال: ولم يكن في دولته أحد يسمى بالأمير ولا بالوالي، وإنما يسمون الطلبة لأنها دولة مبنية على) العلم، ومن دون الطلبة يسمون الحفاظ. وأما أولاد أمير المؤمنين فيسمون بالسادة. ولا يجتمع الناس عنده فينصرفون إلا عن دعاء منه، ويؤمن الحاضرون. وما لبس إلا ثياب الصوف طول عمره

(38/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 29
4 (سنة خمس وخمسين وخمسمائة)
سلطنة سليمان شاه فيها أفرج علي كوجك عن سليمان شاه بن محمد وسلطنه وخطب له، وبعثه إلى همذان وذهب ابن أخيه ملكشاه بن محمود إلى أصبهان طالباً للملك، فمات بها. منع المحدثين من السماع بجامع القصر وفيها منع المحدثون من السماع في جامع القصر لأن بعض الأحداث قرأوا شيئاً من الصفات وأتبعوه بذم المناوئين، فمنعوا. وفاة المقتفي لأمر الله وفي ثاني ربيع الأول توفي المقتفي لأمر الله، وطلبت الناس نصف النهار لبيعه المستنجد بالله، فأول من بايعه عمه أبو طالب ثم أخوه أبو جعفر، وكان أسن من أخيه المستنجد، ثم بايعه ابن هبيرة، وقاضي القضاة.

(38/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 30
الخطبة لرسلان شاه وفي شوال اتفق الأمراء. بهمذان على القبض على سليمان شاه وخطبوا لرسلان شاه ابن طغرل. العفو عن علي كوجك وفيه ورد علي كوجك إلى بغداد قاصداً للحج، فخلع عليه وعفي عنه ما أسلف من حصار بغداد مع محمد شاه. وفاة قاضي القضاة الثقفي وولي قضاء القضاة أبو جعفر الثقفي، وعزل أبو الحسن علي بن أحمد الدامغاني فلم يبق الثقفي إلا أشهراً ومات، فولي مكانه ولده جعفر. موت الفائز وفيها مات الفائز خليفة مصر، وعاش عشر سنين أو أكثر، وكان صبياً. وقام بعده العاضد) آخر الخلفاء الباطنية.

(38/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 31
عمارة المؤيد نيسابور وأما نيسابور فشرع في عمارتها المؤيد أي أبه، واستقل بمملكتها، وأحسن إلى الناس، فتراجعت بعض الشيء.

(38/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 32
4 (سنة ست وخمسون وخمسمائة)
قطع خطبة سليمان شاه في المحرم قطعت خطبة سليمان شاه من المنابر، ثم خطب لأرسلان شاه. الخطبة لأرسلان شاه قال ابن الأثير: لما قتل سليمان شاه أرسلوا إلى إيلدكز صاحب أران وأكثر أذربيجان، فطلبه الأمير كردباز ليخطب لأرسلان الذي معه. وكان إيلدكز قد تزوج بأم أرسلان، وولدت له البهلوان بن إيلدكز. وكان إيلدكز أتابكه وأخوه لأمه البهلوان حاجبه. وكان إيلدكز مملوكاً للسلطان مسعود، فأقطعه أران وبعض أذربيجان، ووقع الاختلاف، فلم يحضر إيلدكز عند فرقتهم أصلاً. وعظم شأنه، وجاءته الأولاد من أم السلطان أرسلان فسار إيلدكز في العساكر، وهم نحو من عشرين ألفاً، ومعه أرسلان بن طغرل بن محمد ملكشاه فتلقاهم ابن كردباز، وأنزله بهمذان في دار السلطنة، وخطب لأرسلان.

(38/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 33
ثم بعثوا إلى بغداد يطلبون له السلطنة، فأهين رسولهم. وكان قد تغلب على الري الأمير إينانج، وقوي حاله، فصالحه، إيلدكز، وزوج ولده البهلوان بابنة إينانج وزفت إليه بهمذان. إنهزام البهلوان ثم التقى البهلوان وصاحب مراغة اقسنقر، فانهزم البهلوان فجاء إلى همذان على أسوأ حال. النهب والإحراق بنيسابور وفيها كثر اللصوص والحرامية بنيسابور، ونهبوا دور الناس نهاراً وجهاراً، فقبض المؤيد على نقيب العلويين أبي القاسم زيد الحسيني وعلى جماعة، وقتل جماعة، وخربت نيسابور. ومما خرب سبع عشرة مدرسة للحنفية، وأحرقت خمس خزائن للكتب، ونهبت سبع خزائن، وبيعت) بأبخس الأثمان. وخرب مسجد عقيل. الخوف من الفتنة بين الرافضة والسنة وانتشر في هذه الأيام، وقت عاشوراء، الرفض والتسنن حتى خيف من فتنة تقع.

(38/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 34
ركوب المستنجد للصيد وفيه ركب المستنجد بالله وراح إلى الصيد، ثم بعد أيام خرج أيضاً إلى الصيد. الرخص ببغداد وكان الرخص كثيراً ببغداد، فأبيع اللحم أربعة أرطال بقيراط، والبيض كل مائة بقيراط. مقتل الصالح طلائع بن رزيك وفيها كان مقتل الملك الصالح طلائع بن رزيك، واستولى على مصر شاور.

(38/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 35
4 (سنة سبع وخمسين وخمسمائة)
رجوع الحاج العراقي فمن الحوادث فيها أن الحاج العراقي وصلوا مكة، فلم يدخل أكثرهم لفتن جرت، وإنما دخلت شرذمة، ورجع أكثر الناس بلا حج. خروج الخليفة للصيد وفيها خرج الخليفة للصيد على طريق واسط. الحريق ببغداد ووقع فيها حريق عظيم ببغداد، احترق سوق الطير، والبزوريين وإلى سوق الصفر وإلخان، واحترق كثير من الطيور. انتصار المسلمين على الكرج وفيها كان مصاف كبير وحرب شديد بين جيوش أذربيجان، وأرمينية، وبين الكرج، فنصر المسلمون، وغنموا ما لا يحد ولا يوصف.

(38/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 36
4 (سنة ثمان وخمسين وخمسمائة)
عودة الحجيج جاءت الأخبار بما تم على الحجيج، عاث عبيد مكة في الركب، فثار عليهم أصحاب أمير الحاج، فقتلوا منهم جماعة، فردوا إلى مكة وتجمعوا، ثم أغاروا على جمال الحاج، فانتهبوا) نحواً من ألف جمل، فركب أمير الحاج وجنده بالسلاح، ووقع القتال وقتل طائفة. ثم جمع الأمير الناس، ورجع بهم ولم يطوفوا. بناء كشك الخليفة والوزير وفيها بني ببغداد كشك للخليفة وكشك للوزير، وأنفق عليهما مبلغ عظيم. ثورة بني خفاجة وثار بنو خفاجة بالعراق، فعاثت وأفسدت. وكانت القوافل تؤخذ إلى باب الحربية.

(38/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 37
قتل العادل بن الصالح طلائع وفيها قتل العادل بن الصالح طلائع بن رزيك، وقام بعده شاور. استيلاء المؤيد على بسطام ودامغان وفيها سار المؤيد أي أبه صاحب نيسابور، فاستولى على بسطام، ودامغان، واستعمل عليهما مملوكه تنكز. انتصار المؤيد على صاحب مازندران وفيها التقى المؤيد وصاحب مازندران وانتصر المؤيد. الخلع للمؤيد وفيها بعث السلطان أرسلان بن طغرل خلعاً وألوية معقودة وتقادم إلى المؤيد، وأمره أن يهتم باستيعاب بملك خراسان، فلبس الخلع. وكان السبب في ذلك شمس الدين إيلدكز أتابك السلطان. وكان إيلدكز هو الكل، وبينه وبين المؤيد ود وإخاء. وكانت الخطبة في مرو، وبلخ، وهراة وهذه البلاد للغز سوى هراة، فإنها بيد أيتكين وهو مسالم للغز.

(38/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 38
مقتل صاحب الغور وفيها قتل صاحب الغور سيف الدين محمد. نجاة نور الدين عند حصن الأكراد وفيها جمع نور الدين جيشه، وسار لغزو الفرنج، ونزل تحت حصن الأكراد ومن عزمه محاصرة طرابلس، فتجمعت الفرنج وكبسوا المسلمين، فلم يشعر الترك إلا بظهور الصلبان من وراء الجبل، فبعثوا إلى نور الدين يعرفونه، وتقهقروا فرهقتهم الفرنج بالجملة فهربوا،) والفرنج في أقفية الترك، إلى المخيم النوري، فلم يستمكن المسلمون من الأهبة، فوقع فيهم القتل والأسر، وقصدوا خيمة السلطان نور الدين وقد ركب فرسه، وطلب النجدة، فلدهشته ركب والشبحة في رجل الفرس، فنزل كردي فقطعها، فنجا نور الدين، وقتل ذلك الكردي. ونزل نور الدين على بحيرة حمص وقال: والله لا أستظل بسقف حتى آخذ بالثأر. وأحضر الأموال والأمتعة، ولم شعث عساكره. القضاء على بني أسد وفيها أمر المستنجد بقتال بني أسد أصحاب الحلة وإجلائهم عن العراق، فتجمع لحربهم عدة أمراء وخلق من العسكر، فخذلت بنو أسد وزالت دولتهم، وقتل منهم نحو أربعة آلاف، وتفرق الباقون، وقطع دابرهم. ولم يبق في هذا الوقت أحد يعرف بالعراق من الأسديين.

(38/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 39
4 (سنة تسع وخمسين وخمسمائة)
مقتل بعض اللصوص وفيها خرج ببغداد تسعة من اللصوص فقتلوا. كسرة الفرنج وفيها كسر نور الدين الفرنج كسرة هائلة وأخذ الإبرنس والقومص أسيرين. قتل الملك المنصور ضرغام وفيها جهز نور الدين جيشاً عليهم أسد الدين شيركوه إلى مصر نجدة لشاور، لكونه قصده واستجار به. فأول دخولهم قتل الملك المنصور ضرغام الذي كان قد قهر شاور، وأخذ وزارة مصر منه في آخر العام الماضي.

(38/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 40
تمكن شاور من مصر ثم تمكن شاور ولم يلتفت على شيركوه، فاستولى على بلبيس وأعمال الشرقية. استنجاد شاور بالفرنج أرسل شاور يستنجد بالفرنج، فسارعوا إليه، وبذل لهم ذهباً عظيماً، فجاءوا من القدس والسواحل، والتجأ شيركوه وعسكر الشام إلى بلبيس، وجعلها ظهراً له، وحصروه ثلاثة أشهر ومنعته مع قصر سورها وعدم خندق لها. فبينا هم كذلك إذ أتاهم الفرنج أن نور الدين أخذ حصن حارم منهم وسار إلى بانياس، فسقط في أيديهم، فهموا بالعودة إلى بلادهم ليحفظوها،) وطلبوا الصلح مع شيركوه، فأجابهم لقلة الأقوات عليه، وسار إلى الشام سالماً. وقعة حارم وفيها وقعة حارم، وذلك أن نجم الدين ألبى الأرتقي صاحب ماردين نازل حارم ونصب عليها المجانيق، فجاءتها نجدات الفرنج من كل

(38/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 41
ناحية، واجتمع طائفة من ملوكهم، وعلى الكل بيمند صاحب أنطاكية، فكشفوا عن حارم، وترحل عنها صاحب ماردين، فقصدهم نور الدين رضي الله عنه، فالتقى الجمعان، فحملت الفرنج على ميمنة الإسلام فهزمتها، فيقال إنهم انهزموا عن خديعة قررت، فتبعتهم الفرنج الفرسان، فمال المسلمون من الميسرة، فحصدت رجاله الفرنج ثم ردت الفرسان عليهم اللعنة، فأحاط بهم المسلمون، واشتدت الحرب، وطاب القتل في سبيل الله، وكثر القتل في الفرنج والأسر، فكان في جملة الأسرى سلطان أنطاكية، وصاحب طرابلس، والدوك مقدم الروميين، وابن جوسلين. وزادت عدة القتلى منهم على عشرة آلاف، فلله الحمد على هذا الفتح المبين. فتح قلعة بانياس ثم سار نور الدين بعد أن افتتح حارم، فافتتح قلعة بانياس في آخر السنة. وكان لها بيد الفرنج ستة عشر عاماً. ولما عاد منها إلى دمشق، قال ابن الأثير: كان في يده خاتم بفص ياقوت يسمى الجبل لكبره وحسنه،

(38/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 42
فسقط من يده في شعرة بانياس، فنفذ وراءه من فتش عليه فلقيه، فقال فيه بعض الشعراء:
(إن يمتري الشكاك فيك بأن ال .......... مهدي مطفئ جمرة الدجال)

(فلعودة الجبل الذي أضللته .......... بالأمس بين غياطل وجبال)
في أبيات. مقتل الملك أيتكين وفيها قتل الملك أيتكين صاحب هراة في مصاف بينه وبين عسكر الغور. استيلاء ملك مازندران على قومس وبسطام وفيها استولى ملك مازندران على قومس، وبسطام، بعد أن هزم زنكر مملوك المؤيد أي أبه.

(38/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 43
رجوع ملك القسطنطينية بالخيبة وفيها سار ملك القسطنطينية، لعنه الله، بجيش عرمرم وقصد الإسلام والبلاد التي لقلج أرسلان) وابن دانشمند، فكان التركمان يبيتونهم ويغيرون عليهم بالليل حتى قتلوا منهم نحواً من عشرة آلاف، فرجعوا خائبين. وكفى الله شرهم، وطمع المسلمون فيهم، وأخذوا لهم عدة حصون.

(38/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 44
4 (سنة ستين وخمسمائة)
القبض على الأمير ثوبة البدوي فيها خرج الخليفة إلى الصيد، فقبض على الأمير ثوبة البدوي، وسجن ثم أهلك، وكان قد واطأ عسكر همذان على الخروج. مولد أربعة توائم وفي يوم النحر ولدت امرأة من درب بهروز يقال لها بنت أبي العز الأهوازي أربع بنات، ولم يسمع مثل هذا. طرد الغز عن هراة وفيها كاتب أهل هراة المؤيد صاحب نيسابور، فبعث إليهم مملوكه تنكز، فتسلمها وطرد الغز عن حصارها. الفتنة بإصبهان وفيها وقعت فتنة عظيمة آلت إلى الحرب بإصبهان بين صدر الدين عبد اللطيف بن الخجندي وغيره من أصحاب المذاهب، وسببها التعصب للمذاهب، فدام القتال بين الفريقين ثمانية أيام، قتل فيها خلق كثير، وأحرق كثير من الدروب والأسواق. قاله ابن الأثير.
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

(38/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 45
5 (الطبقة السادسة والخمسون وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى وخمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أبي المجد صاعد بن أبي الغنائم.)
الحربي الإسكاف والد عبد الله بن أبي المجد، وهو أخو عمر بن عبد الله الحربي لأمه. روى عن: أبي طلحة النعالي، والمطرف بن الطيوري، وجماعة. روى عنه: محمد بن محمد بن ياسين. وكان صالحاً. حافظاً للقرآن، يؤم الناس، ويغسل الموتى ب.... توفي في شعبان عن سبعين سنة رحمه الله تعالى.

(38/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 46
4 (أحمد بن الفرج بن راشد.)
أبو العباس المدني، ثم البغدادي. قاضي دجيل. ولد سنة تسعين وأربعمائة، وسمع من: أبي غالب بن رزيق، وغيره. كتب عنه أبو سعد السمعاني وقال: كان يسمع معنا ولده من القاضي أبي سكر.
4 (أتسز بن محمد بن أنوشتكين.)
الملك خوارزم شاه أصابه فالج فعالجوه بكل ممكن فلم يبرأ، فأعطوه حرارات عظيمة بغير أمر الطبيب، فاشتد مرضه وخارت قواه ومات في جمادي الأخرة. وكان يقول عند الموت: ما أغنى عني ماليه، هلك عني سلطانيه. وولد في رجب سنة تسعين، وامتدت أيامه. وتملك بعده ابنه أرسلان فقتل نفراً من أعمامه. وكان أتسز عادلاً، عافاً عن أموال الرعية، محبباً إليهم، خيراً، ذا

(38/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 47
إحسان. وكان تحت طاعة السلطان سنجر.
4 (آمنه بنت الشريف أبي الفضل محمد بن عبد الله بن المهتدي بالله الهاشمي.)
سمعت أبا عبد الله النعالي، وطراد.) كتب عنها: ابن السمعاني وتوفيت في رجب. روى عنها: ابن الأخضر
4 (إسماعيل بن علي بن الحسين بن أبي نصر.)
أبو القاسم النيسابوري، ثم الإصبهاني، الصوفي المعروف بالحمامي. شيخ معمر عالي الرواية. ولد في حدود سنة خمسين وأربعمائة. وبكر به أبوه بالسماع. فسمع: أبا مسلم محمد بن علي بن مهربزد صاحب ابن المقرئ، وأبا منصور بكر بن محمد بن حيد، ومسعود بن ناصر السجزي الحافظ، وأبا الفتح عبد الجبار بن عبد الله بن برزة الواعظ، وأبا سهل حمد بن ولكيز، وأبا بكر محمد بن إبراهيم بن علي العطار، وعبد الله بن محمد الكروني، وأبا طاهر أحمد بن محمد بن عمر النقاش، وأبا بكر بن أسيد، والحسن بن عمر بن يونس، وعائشة بنت الحسن الكورانية وانفرد بالرواية عنهم. وأول سماعه سنة تسع وخمسين وأربعمائة، وعاش بعدما سمع نيفاً وتسعين سنة. ولعل الذين اتفق لهم هذا لا يصلون إلى عشرة أنفس ليس فيهم

(38/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 48
الأصم، ولا الطبراني، ولا القطيعي، ولا ابن غيلان، ولا الجوهري، ولا ابن البطر، ولا ابن الحصين، ولا أبو الوقت، ولا السلفي، ولا ابن كليب، ولا الكندي، ولا ابن اللتي. روى عنه: السلفي، وابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو موسى، ويوسف بن أحمد بن إبراهيم البغدادي وقال: أنبأ الشيخ المعمر الممتع بالسمع والبصر والعقل، وقد جاوز المائة، أبو القاسم الصوفي، أنا أبو مسلم محمد بن علي النحوي سنة تسع وخمسين، أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم، ثنا عبدان بن أحمد الجواليقي، ثنا عمر بن عيسى، ثنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع ابن حدس، عن عمه أبي رزين قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض قال: كان في غمامة فوقه هواء وتحته هواء.) قلت: أنا به جماعة، عن محمد بن عبد الواحد المديني، أن أبا القاسم إسماعيل أخبرهم، فذكره مثله، إلا أن عندنا عمر بن موسى، وهو الصحيح. روى عنه أيضاً: أبو المجد زاهر بن أبي طاهر الثقفي، وعبد الخالق بن أسد الدمشقي، وأحمد بن محمد بن أحمد ويرج، وإسماعيل بن ماشاذه، وحمزة بن أبي المطهر الصالحاني، وخضر بن معمر بن الفاخر، وأخوه يوسف، ومحمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن المستملي، ومحمد بن محمود بن خمارتاش الواعظ، ومحمد بن محمود الصباغ، ومودود بن مسعود الفهاد، وأحمد بن محمد الفاريابي، وأحمد بن محمد بن عثمان الإصبهانيون. وآخر من روى عنه محمد بن عبد الواحد المذكور. وسماع السلفي منه في سنة نيف وتسعين وأربعمائة.

(38/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 49
أخبرنا أبو علي الخلال أن كريمة الأسدية أخبرتهم عن عبد الرحيم بن أبي الوفا الحافظ قال: توفي أبو القاسم إسماعيل بن أبي الحسن الحمامي يوم السبت السابع من صفر سنة إحدى وخمسين.
4 (حرف التاء)

4 (تركانشاه بن محمد بن تركانشاه.)
الحاجب أبو المظفر البغدادي المراتبي. سمع: هبة الله بن أحمد الموصلي ببغداد، والإمام أبا المحاسن الروياني بالري، وجماعة. وتوفي في رابع عشر ذي القعدة وله سبع وستون سنة. روى عنه: ابن الأخضر.
4 (حرف الجيم)

4 (جابر بن محمد.)
أبو الحسين اللاذاني، الإصبهاني، القصار. سمع: أبا منصور بن شكرويه، ورزق الله. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: مات في شوال.)
4 (حرف الحاء)

4 (حذيفة بن يحيى.)
أبو بكر البطائحي المقرئ.

(38/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 50
شيخ صالح، سمع أبا علي بن المهدي، وأبا طالب الزينبي. وعنه: السمعاني، وعمر بن طبرزد. وعاش إحدى وستين سنة.
4 (الحسن بن أحمد بن محمد.)
أبو علي البحيري، الملقاباذي، النيسابوري. سمع: أحمد بن محمد الشجاعي، وأبا سعد البحيري. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني وقال: توفي في شوال، أو ذي القعدة.

(38/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 51
4 (الحسين بن الحسن بن محمد.)
أبو القاسم بن البن الأسدي، الدمشقي، الفقيه. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وسهل بن بشر، وأبا عبد الله الحسن بن أحمد بن أبي الحديد، وأبا البركات بن طاوس، والفقيه نصر المقدسي وعليه تفقه. وخلط على نفسه لكنه تاب توبة نصوحاً. وكان حسن الظن بالله. قاله الحافظ ابن عساكر وقال: قال: ولدت في رمضان سنة ست وستين وأربعمائة. قلت: روى عنه: هو، وابنه القاسم، والحافظ أبو المواهب بن صصري، وأخوه أبو القاسم بن صصري وهو آخر من حدث عنه، وأبو القاسم بن الحرستاني، وأبو محمد الحسن بن علي بن الحسين الأسدي حفيده، وآخرون. وتوفي في نصف ربيع الآخر، ودفن بمقبرة باب الفراديس.
4 (حرف السين)

4 (سلمان بن مسعود بن الحسن.)
أبو محمد البغدادي، الشحام.)

(38/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 52
سمع الكثير بنفسه من: أبي المعالي ثابت بن بندار، وجعفر السراج، والمبارك بن عبد الجبار الصيرفي، وعلي بن محمد العلاف، وطائفة. وخرج له الحافظ اليونازتي خمسة أجزاء فوائد. قال أبو سعد السمعاني: سمعت عليه، وهو شيخ صالح، مشتغل بكسبه. توفي في المحرم، وولد سنة سبع وسبعين. قال ابن الجوزي: قرأت عليه كثيراً من حديثه، وكان من أهل السنة، صحيح السماع. قلت: روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وأبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي. وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الحسن بن المقير. توفي في الثاني والعشرين من المحرم. كذا أرخه السمعاني. ثم قرأت بخط عمر بن الحاجب قال: سمعت أبا الحسن القطيعي يقول في وفاة سلمان الشحام إنها سهو لأنه أجاز في ذي القعدة من السنة لأبي دحروج، وقرأ عليه فيها في ربيع الأول ابن الخشاب جزءاً.
4 (حرف الشين)

4 (شكر بنت سهل بن بشر بن أحمد الإسفرائيني.)
أمة العزيز.

(38/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 53
سمعت بدمشق من: أبيها، وأبي نصر أحمد الطريثيثي. ومولدها بصور في سنة اثنتين وسبعين. روى عنها: الحافظ ابن عساكر، وغيره. وتوفيت بدمشق في جمادى الأولى.
4 (حرف الصاد)

4 (صدقة بن محمد بن حسين بن المحلبان.)
أبو القاسم سبط ابن السياف البغدادي. شيخ متجمل، ظاهره الخير، وكان على العمائر.) سمع الكثير من: مالك البانياسي، وأبي الفضل بن خيرون، وأحمد بن عثمان بن نفيس الواسطي، وأبي الفضل حمد الحداد. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وجماعة. وتوفي في وسط جمادى الأولى. وروى عنه: ابن الأخضر، وعبد الرزاق.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد بن حسين بن المحلبان.)
الكرجي الأديب، شيخ معمر. ولد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: سمعت منه بالكرخ.
4 (عبد الحميد بن مظفر بن أحمد.)
أبو نصر البناء، الصوفي، الهروي. سمع: حاتم بن محمد الأزدي، ومحمد بن أبي عمر النرسي، والحسين بن محمد الكتبي.

(38/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 54
حدث ببغداد، وسمع منه: أبو سعد السمعاني. قلت: عاش نيفاً وتسعين سنة.
4 (عبد السميع بن أبي تمام عبد الله بن عبد السميع.)
الهاشمي، أبو المظفر الواسطي. من ذرية جعفر بن سليمان الأمير. قرأ القرآن على: المبارك بن محمد بن الرواس، وأحمد بن محمد بن العكبري، والقلانسي. ورحل إلى بغداد فقرأ على: أبي الخطاب الجراح، وثابت بن بندار. وسمع من: جعفر السراج. قرأ عليه بحرف أبي عمرو أبو محمد بن سكينة. وأخذ عنه: السمعاني. ولد سنة ست وستين وأربعمائة. وكان عابداً، صواماً، مات رحمه الله في ذي القعدة.)
4 (عبد القادر بن عبد الله بن حسين.)
أبو الفرج الشيباني، الحلبي، الشاعر المعروف بالوأواء. له ديوان مشهور. تردد إلى دمشق غير مرة، وأقرأ بها النحو. وكان حاذقاً به. وصنف شرح المتنبي، ومدح جماعة من الأكابر. توفي في شوال بحلب. وكان من فحول الشعراء.
4 (عبد الملك بن محمد بن هشام بن سعد.)

(38/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 55
الإمام أبو الحسن بن الطلاء، القيسي، الشلبي. من كبار أئمة الأندلس. كان أبوه طلاء في اللجم. وسمع أبو الحسن من: أبي عبد الله بن شبرين، وأبي الحسين بن الأخضر، وأبي محمد بن عتاب، وأبي الحسن شريح، وأبي بحر بن العاص، وأبي الوليد بن ظريف، وخلق كثير. أجاز له: أبو عبد الله بن الطلاع، وأبو علي الغساني، وأبو القاسم الهوزني. وأجاز له من بغداد أبو الفضل بن خيرون، وغيره. قال أبو عبد الله الأبار: وكان من أهل العلم بالحديث والعكوف عليه، مع المعرفة باللغة والآداب والنسب والمشاركة في الأصول. ولي خطابة مدينة شلب مدةً. وتوفي في صفر. وكان مولده في سنة خمسٍ وسبعين وأربعمائة. قال: وأجاز روايته لجميع المسلمين قبل موته بيومين.

(38/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 56
4 (عبد الواسع بن المؤمن بن أميرك.)
أبو محمد الهروي الصيرفي. شيخ صالح، عابد، قانت. سمع الكثير من: شيخ الإسلام عبد الله الأنطاكي، وأبي العطاء عبد الرحمن الجوهري، وأبي عامر الأزدي، وجماعة.) قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه قدر خمسة عشر جزءاً من أمالي الأنصاري. وتوفي رحمه الله في خامس رمضان.
4 (عتيق بن أحمد بن عبد الرحمن.)
أبو بكر الأزدي، الأندلسي، الأوريولي. حج سنة تسع وثمانين وأربعمائة، ولقي بمكة أبا الفوارس طراد الزينبي فسمع منه، وطال عمره، وتفرد عنه في الأندلس بالرواية. وقد حج سنة عشرين وخمسمائة أيضاً، وجاور. وسمع من: أبي عبد الله الرازي صاحب السداسيات، وزين العبدري، وزاهر الشحامي، وجماعة من القادمين للحج. قال الأبار: وكان ثقة، معتنياً بالرواية. روى عنه: أبو طاهر السلفي، وأبو القاسم بن بشكوال، وأبو عمر بن عياد، وأبو بكر بن أبي ليلى، وغيرهم.

(38/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 57
وكان مولده بأوريوله سنة 467 وبها توفي. قلت: رواية السلفي عنه في الوجيز له: وسمع منه السمعاني بمكة مجلساً.
4 (العزيز بن محمد بن أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد.)
القاضي أبو المفاخر الصاعدي، النيسابوري. قاضي نيسابور. ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. وسمع: أبا بكر بن خلف، وأبا القاسم عبد الرحمن الواحدي، وعلي بن محمد الجوزجاني، وغيرهم. وبكروا به وسمعوه حضوراً. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: توفي في صفر.
4 (علي بن أحمد بن الحسن بن محمويه.)
) الإمام أبو الحسن اليزدي، الشافعي، المقرئ، المحدث، الزاهد، نزيل بغداد. ولد بيزد في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ظناً. وسمع: الحسين بن الحسن بن جوانشير، وأبا المكارم محمد بن علي الفسوي، ومحمد بن الحسين بن بلوك.

(38/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 58
ورحل إلى إصبهان فقرأ بها على: أبي الفتح أحمد بن محمد الحداد، وأبي سعد المطرز، وأبي علي الحداد. وسمع من: أحمد بن محمد بن الحافظ أبي بكر بن مردويه. وسمع بهمذان من: ناصر بن مهدي المشطبي، وبالدون من عبد الرحمن بن حمد الدوني. ودخل بغداد سنة خمسمائة فسمع بها: الحسين بن الطيوري، وأبا القاسم علي بن الحسين الربعي، وأبا سعد بن خشيش، وأبا الحسن العلاّف، وجماعة. وتفقه على الإمام أبي بكر الشاشي. ورحل إلى واسط، وتفقه على قاضيها أبي علي الفارقي. وسمع بالكوفة، والبصرة، والحجاز. وصنف في الفقه، والحديث، والزهد. وحدثت بسنن النسائي، عن الدوني. قال أبو سعد السمعاني: فقيه، فاضل، زاهد، حسن السيرة، عزيز النفس، سخي بما يملك، قانع بما هو فيه، كثير الصوم والعبادة. صنف تصنيفاً في الفقه، وأورد فيها أحاديث بأسانيده. سمعت منه وسمع مني. وكان حسن الأخلاق دائم البشر، متواضعاً. وكان له عمامة وقميص بينه وبين أخيه، إذا خرج ذاك قعد ذا، وإذا خرج ذا قعد الآخر.

(38/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 59
وقال ابن النجار في تاريخه: كان من أعيان الفقهاء مشهوري العباد. سمعت أبا يعلى حمزة بن علي يقول: كان شيخنا أبو الحسن اليزدي يقول لنا: إذا مت فلا تدفنوني إلا بعد ثلاث، فإني أخاف أن يكون بي سكتة. وكان جثيثاً صاحب بلغم. وكان يصوم رجب، فلما كان سنة موته قبل رجب بأيام قال: قد رجعت عن وصيتي، ادفنوني في الحال، فإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم) وهو يقول: يا علي، صم رجب عندنا. قال: فمات ليلة رجب. قال: وقرأت بخط أحمد بن شافع وفاته في تاسع عشر جمادى الآخرة وقال: زادت مصنفاته على خمسين مصنفاً. قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وعبد الملك بن ياسين الدولعي الخطيب، وعلي بن أحمد بن سعيد الواسطي الدباس وقرأ عليه القراءآت، وأبو أحمد عبد الوهاب بن سكينة، وعبد العزيز بن الأخضر، وآخرون.
4 (علي بن الحسين بن عبد الله.)
أبو الحسين الغزنوي الواعظ، نزيل بغداد. سمع بغزة من حمزة بن الحسين القايني صحيح البخاري بروايته عن العيار.

(38/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 60
وسمع ببغداد: أبا سعد بن الطيوري، وابن الحسين. قال أبو الفرج بن الجوزي: كان مليح الإيراد، لطيف الحركات، بنت له زوجة المستظهر بالله رباطاً بباب الأزج أوقفت عليه الوقوف، وصار له جاه عظيم لميل الأعاجم إليه. وكان السلطان يأتيه ويزوره والأمراء والأكابر. وكثرت عنده المحتشمون والقراء، واستعبد كثيراً من العلماء والفقراء بنواله وعطائه. وكان محفوظه قليلاً. وسمعته يقول: حزمة حزن خير من أعدال أعمال. وقال ابن السمعاني: سمعته يقول: رب طالب غير واجد، وواجد غير طالب.) وقال: نشاط القائل على قدر فهم المستمع. وقال ابن الجوزي: كان يميل إلى التشيع ويدل بمحبة الأعاجم له، ولا يعظم بيت الخلافة كما ينبغي، فسمعته يقول: تتولانا وتغفل عنا، فما تصنع بالسيف إذا لم تكن قتالاً، فغير حلية السيف وضعها لك خلخالاً. ثم قال: تولي اليهود فيسبون نبيك يوم السبت، ويجلسون عن يمينك يوم الأحد. ثم صاح: اللهم هل بلغت. قال: فبقيت هذه النفوس حتى منع من الوعظ. ثم قدم السلطان مسعود، فجلس بجامع السلطان، فحدثني فقيه أنه لما جلس قال لما

(38/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 61
حضر السلطان: يا سلطان العالم، محمد بن عبد الله أمرني أن أجلس، ومحمد أبو عبد الله منعني أن أجلس، يعني المقتفي. وكان إذا نبغ واعظ سعى في قطع مجلسه. وكان يلقب بالبرهان. فلما مات السلطان أهين الغزنوي، وكان معه قرية فأخذت منه، وطولب بمغلها عند القاضي. وحبس ثم أطلق، ومنع من الوعظ. وتشفع في أمر القرية، فقال المقتفي: ألا ترضى أن نحقن دمه ما زال الغرنوي يلقى الذل بعد العز الوافر. وتوفي في المحرم. وهو والد المسند أبي الفتح أحمد بن علي الغزنوي، راوي الترمذي.

(38/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 62
4 (علي بن حيدرة بن جعفر بن المحسن. أبو طالب الحسيني، العلوي، الشريف الدمشقي، نقيب)
العلويين. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء المصيصي، والفقيه نصر بن إبراهيم.) روى عنه: ابن عساكر، وولده القاسم، وأبو المواهب، وأبو القاسم ابنها صصرى، وغيرهم. وهو راوي السابع من فضائل الصحابة لخيثمة.

(38/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 63
توفي في جمادى الآخرة، ودفن بمقابر باب الصغير.
4 (علي بن أبي تراب بن فيروز.)
أبو الحسن الزنكوي، ثم البغدادي، الخياط. سمع: أبا الفضل محمد بن عبد السلام، وأبا الحسين بن المبارك بن الصيرفي. قال ابن السمعاني: كتب لي جزءاً عن شيوخه، وقرأته عليه وولد سنة أربع وسبعين. ومات في ثاني ربيع الأول.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن عبد الله بن خيرة.)
أبو الوليد القرطبي. قال ابن بشكوال: روى عن جماعة من شيوخنا وصحبنا عندهم، وكان من جلة العلماء الحفاظ، متفنناً في المعارف كلها، جامعاً لها، كثير الدراية، واسع المعرفة، حافل الأدب. وتوفي بزبيد في شوال، وله اثنتان وستون سنة.

(38/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 64
4 (محمد بن عبد الخالق.)
الإمام أبو المحامد السمرقندي، الكندي. ورع، عارف بالفقه، له حلقة إشغال. كتب عنه أبو سعد السمعاني. وكندي من قرى سمرقند.
4 (محمد بن عبيد الله بن سلامة بن عبيد الله بن مخلد.)
أبو عبد الكرخي، البغدادي، الرطبي، من كرخ جدان، لا كرخ بغداد

(38/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 65
وهو ابن أخي الكرخي القاص أبي العباس أحمد بن سلامة ابن الرطبي. كان أحد الشهود المعدلين. كان جميل الأمر، لازماً بيته، مشتغلاً بما يعنيه. سمع: أبا القاسم بن البسري، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وجماعة. وتوفي في) شوال. وكان مولده في سنة ثمان وستين وأربعمائة. روى عنه: ابن السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وداود بن ملاعب، وابن الأخضر، وعمر بن أحمد بن بكرون، ومحمد بن علي بن يحيى بن الطراح، وجماعة.
4 (محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله.)
أبو الفتح بن أبي الحسن البسطامي، ثم البلخي. أخو الحافظ أبي شجاع عمر. قال ابن السمعاني: كان إماماً صالحاً، كثير العبادة، متواضعاً. سمع الكثير ببلخ من: أبيه، وأبي هريرة عبد الرحمن بن عبد الملك بن يحيى القلانسي، وأبي القاسم أحمد بن محمد الخليلي، وإبراهيم بن أبي نصرالإصبهاني، والوزير نظام الملك.

(38/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 66
وأجاز له الحافظ أبو علي الوخشي القاضي. ولد في رمضان سنة ثمان وستين وأربعمائة. وتوفي في رمضان أيضاً. روى عنه بالإجازة عبد الرحيم بن السمعاني.
4 (محمود بن إسماعيل بن قادوس.)
القاضي، أبو الفتح المصري الكاتب، صاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية. أصله من دمياط، وهو أحد من اشتغل عليه الفاضل، وكان يعظمه ويصفه ويسميه ذا البلاغتين. وكان لا يتمكن من اقتباس فوائده غالباً إلا في ركوبه من القصر إلى منزله، ومن منزله إلى القصر، فيسايره الفاضل ويجاريه في فنون الإنشاد والشعر. وله فيمن يوسوس ويكثر التكبير وقت الإحرام:
(وفاتر النية عنينها .......... مع كثرة الرغدة والهزة)

(يكبر سبعين في مرة .......... كأنه صلى على حمزة)

(38/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 67
4 (مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش.)
السلجوقي، صاحب الروم. مات بقونية، وتملك بعده ولده قلج أرسلان.
4 (المرتضى بن محمد بن إسماعيل بن الحسين.)
) أبو قاسم العلوي. شيخ معمر. سمع: نجيب بن ميمون الواسطي. مات بسجستان في ذي الحجة ورخه أبو سعد.
4 (حرف النون)

4 (نبا بن محمد بن محفوظ.)

(38/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 68
الشيخ أبو البيان رضي الله عنه، شيخ الطائفة البيانية بدمشق. كان كبير القدر، عالماً، عاملاً، زاهداً، قانتاً، عابداً، إماماً في اللغة، فقيها، شافعي المذهب، سلفي المعتقد، داعية إلى السنة. له تواليف ومجاميع، وشعر كثير، وأذكار مسموعة مطبوعة، وقبره يزار بمقابر باب الصغير. ولم يذكره ابن عساكر في تاريخه، ولا ابن خلكان في الأعيان. توفي وقت الظهر يوم الثلاثاء ثاني ربيع الأول، ودفن من الغد، وشيعه خلق عظيم. وقرأت بخط السيف بن المجد الشيخ الفقيه أبو البيان نبا بن محمد بن محفوظ القرشي، الشافعي، رحمه الله، المعروف بابن الحوراني، سمع: أبا الحسين علي بن الموازيني، وأبا الحسين علي بن أحمد بن قبيس المالكي. وكان حسن الطريقة، قد نشأ صبياً إلى أن قضى متديناً، عفيفاً، محباً للعلم والأدب والمطالعة للغة العرب. قلت: روى عنه: يوسف بن عبد الواحد بن وفا السلمي، والقاضي أسعد بن المنجا، والفقيه أحمد العراقي، وعبد الرحمن بن الحسين بن عبدان، وغيرهم. أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الخالق بن عبد الخالق بن عبد السلام: أنا العلامة أبو محمد بن قدامة: حدثني أبو المعالي أسعد بن المنجا قال: كنت يوماً قاعداً عند الشيخ أبي البيان، رحمه الله، فجاءه ابن تميم الذي يدعى الشيخ الأمين، فقال الشيخ بعد كلام جرى بينهما: ويحك، ما أنحسكم، فإن الحنابلة إذا قيل لهم: ما الدليل على أن القرآن بحرف وصوت قالوا: قال الله كذا، وقال رسوله كذا، وذكر الشيخ الآيات والأخبار وأنتم إذا قيل لكم:) ما الدليل على أن القرآن معنى في النفس قلتم: قال الأخطل إن الكلام من الفؤاد.. إيش

(38/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 69
هذا نصراني خبيث بنيتم مذهبكم على بيت شعر من قوله وتركتم الكتاب والسنة. وحدث أبو عبد الله بن إبراهيم المعدل في تاريخه قال: حكى جماعة من ثقات الدمشقيين أن طائفة من أصحاب الشيخ أبي البيان، بعد وفاته بأربع سنين، اجتمعوا وجمعوا دراهم واتفقوا على أن يبنوا لهم مكاناً يجتمعون فيه للذكر، واشتروا أخصاصاً وبواري ومصابيح، وشرعوا في حفر الأساس، والفقراء قد فرحوا وهم يعملون، فبلغ ذلك نور الدين، فسير إليهم من منعهم، فنزل إليهم الرسول من القلعة، فالتقاه الشيخ نصر صاحب أبي البيان، فقال له: أنت رسول محمود بمنع الفقراء من البناء قال: نعم. قال: ارجع إليه وقل بعلامة ما قمت قي جوف الليل وسألت الله أن يرزقك ولداً ذكراً من فلانة وواقعتها لا تتعرض إلى جماعة الشيخ ولا تمنعهم. فعاد الرسول إلى السلطان وأخبروه فقال: والله العظيم ما تفوهت بهذا لمخلوق، ثم أمر بعشرة آلاف درهم ومائة حمل خشب ليبنوا بها. فبنوا الرباط، ووقف عليه مزرعة بجسرين. هذه الحكاية منقطعة لا تصح. وقال الشيخ محمد بن إبراهيم الأرموي: أخبرني والدي، عن جدتي، عن الشيخ عبد الله البطائحي قال: رأيت الشيخ أبا البيان والشيخ رسلان مجتمعين بجامع دمشق، فسألت الله أن يحجبني عنهما حتى لا يشتغلا بي، وتبعتهما حتى صعدا إلى أعلى مغارة الدم، وقعدا يتحدثان، وإذا بشخص قد أتى كأنه طائر في الهواء، فجلسا بين يديه كالتلميذين، وسألاه عن أشياء من جملتها: على وجه الأرض بلد ما رأيته قال: لا. فقالا: هل رأيت مثل دمشق قال:) ما رأيت مثلها. وكانوا يخاطبونه يا أبا العباس، فعلمت أنه الخضر عليه السلام فقلت: لو أن صحة هذه الحكاية عن عبد الله البطائحي

(38/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 70
فهو ظن منه في أن ذلك الشخص الخضر، ومن الناس من يقول إن الخضر مرتبة من وصل إليها يسمى الخضر كالقطب والغوث، والله أعلم.
4 (حرف الواو)

4 (الواثق بن تمام بن علي بن أبي عيسى.)
أبو منصور الهاشمي، العباسي، العيسوي، البغدادي، العتابي. سمع: عبد الخالق بن هبة الله المفسر، ومحمد بن عبد الله المستعمل. روى عنه: يحيى بن الحسين الأواني، وعبد العزيز بن الأخضر. توفى في شعبان عن بضع وثمانين سنة.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن سلامة بن الحسين بن عبد الله.)

(38/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 71
الخطيب، معين الدين أبو الفضل الحصكفي، نسبة إلى حصن كيفا. تأدب ببغداد على أبي زكريا التبريزي. وقرأ الفقه وجوده، ثم نزل ميافارقين وولى خطابتها والفتوى بها. واشتغل عليه أهلها. وله ديوان معروف، وخطب، ورسائل. قال العماد في الخريدة: كان علامة الزمان في علمه، ومقريء العصر في نثره ونظمه، له الرجيع البديع، والتجنيس النفيس، والتقسيم المستقيم، والفضل السائر المقيم. ومن شعره:
(وخليع بث أعذله .......... ويرى عذلي من العبث)

(قلت: إن الخمر مخبثة .......... قال: حاشاها من الخبث)

(قلت: فالأرفاث تمنعها .......... قال: طيب العيش في الرفث)

(قلت: منها القيء قال: أجل .......... شرفت عن مخرج الحدث)

(وسأجفوها، فقلت متى .......... قال: عند الكون في الجدث)

(38/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 72
وله في مغن:)
(ومطرب قوله بالكره مسموع .......... محجب عن بيوت الناس ممنوع)

(غنى فبرق عينيه وحول لحييه .......... فقلنا: الفتى، لا شك، مصروع)

(وقطع الشعر حتى ود أكثرنا .......... أن اللسان الذي في فيه مقطوع)

(لم يأت دعوة أقوام بأمرهم .......... ولا مضى قط إلا وهو مصفوع)
توفي الخطيب الحصكفي سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة ثلاث.
4 (يحيى بن عبد الباقي بن محمد.)
أبو بكر البغدادي، الغزال. سمع مالكاً البانياسي، ورزق الله التميمي، وحمد الحداد الإصبهاني، وجماعة روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأحمد بن حمزة بن الموازيني، وجماعة. وتوفي في شوال.

(38/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 73
4 (وفيات سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن الخراز.)
أبو علي الحريمي، البغدادي. قال ابن السمعاني: شيخ صالح، مستور، متدين، لازم لمسجده. سمع: أبا الغنائم محمد بن علي الدقاق وولد في سنة خمس وسبعين وأربعمائة قرأت عليه جزءاً من أمالي المحاملي قلت: هو الجزء الأول، لأنه كان يرويه عن أبي الغنائم، وتفرد به وما كأنه روى سواه. بلى، روى جزءاً عن محمد بن أحمد بن الجبان العطار، عن أحمد بن عمر بن الإسكاف، وروى جزءاً عن، طراد الزينبي، وآخر عن مالك البانياسي. وتوفي في أول ذي الحجة. وقد روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وعمر بن طبرزاد، وأبو علي الحسين بن الزبيدي، ومحمد وعبد الواحد ابنا المبارك ابن المستعمل.

(38/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 74
وآخر من روى عنه بالإجازة ابن المقير، فأخبرنا صبيح فتى صواب المالقي، أنا ابن المقير،) أنا أبو علي أحمد بن أحمد إجازة، أنا محمد بن علي بن أبي عثمان، أنا عبد الله بن البيع، أنا عبد الله المحاملي، ثنا يوسف بن موسى، نا جرير، ومحمد بن فضيل، عن مغيرة، عن أم موسى قالت: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود أن يصعد شجرة فيأتيه بشيء منها. فنظر أصحابه إلى حموشة ساقيه، فضحكوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما تضحكون لرجل عند الله في الميزان أثقل يوم القيامة من أحد. قيل اسم أم موسى حبيبة. وقال ابن النجار: كان شيخاً صالحاً، له سمت حسن، وعليه وقار وسكينة. قال لي بعض أهل العلم إنهم يقولون إن وجهه يشبه وجه أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
4 (أحمد بن أحمد بن محمد بن اليعسوب.)
أبو الفتح البغدادي. سمع: أبا غالب محمد بن عبد الواحد القزاز، وأبا العز محمد بن المختار. وكان أديباً شاعراً.

(38/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 75
روى عنه: أبو المنجا بن اللتي. قال ابن النجار: توفي رحمه الله في سادس عشر جمادى الآخرة.
4 (أحمد بن بختيار بن علي بن محمد.)
القاضي أبو العباس المندائي، الواسطي. ولد سنة ست وسبعين وأربعمائة، ورحل إلى بغداد. وسمع من: أبي القاسم بن بيان، وأبي غالب أحمد بن المعبر، وأبي علي بن نبهان. وكان فقيهاً، إماماً، بارعاً في كتابة الشريط بارعاً في اللغة والأدب، ولي قضاء واسط مدة، وهو والد أبي الفتح المندائي. وحدث عن الحريري بالمقامات وصنف كتاب القضاة وغير ذلك. وكان ثقة صدوقاً.) قال أبو سعد السمعاني: قرأت عليه مقامات الحريري. وتوفي في نصف جمادى الأولى. قلت: وقد أجاز لابن المقير. وعنه: ابنه، وجماعة.

(38/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 76
4 (أحمد بن جبير بن محمد بن سعيد بن جبير.)
الوزير أبو جعفر الكناني، من ولد بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة. كان من وجوه أهل بلنسية. روى عن: صهره أبي عمران بن أبي تليد، وأبي عبد الله بن خلصة وعليه قرأ الأدب. ووزر لمروان بن عبد العزيز عند ثورته وخروجه ببلنسية لما انقرضت دولة الملثمين. وامتحن يوم خلع مروان، فقبض عليه الجند، ثم انتقل إلى شاطبة.

(38/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 77
روى عنه: ولده أبو الحسين محمد بن أحمد.
4 (أحمد بن عمر بن محمد بن لقمان.)
أبو الليث النسفي، ثم السمرقندي، الفقيه، مجد الدين الواعظ. قال ابن السمعاني: كان فقيهاً، فاضلاً، واعظاً كاملاً، سمعه أبوه من جماعة. وكان مولده في سنة سبع وخمسمائة بسمرقند. وكان أبوه حافظاً. قدم مجد الدين بغداد حاجاً، ثم رد إلى وطنه، فلما وصل إلى قومس خرج طائفة كبيرة من أهل القلاع الإسماعيلية وقطعوا الطريق على القافلة، وقتلوا مقتلة عظيمة من الحاج والعلماء، أكثر من سبعين نفساً، منهم مجد الدين النسفي رحمه الله.
4 (أحمد بن هبة الله بن أحمد.)
أبو الفضائل بن الزيتوني، الهاشمي، العباسي، الواثقي، البغدادي. سمع: طراداً الزينبي، وثابت بن بندار.

(38/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 78
روى عنه: المبارك بن كامل مع تقدمه في معجمه، وثابت بن مشرف، وعمر بن أحمد) العلوي. وتوفي في صفر وله اثنتان وثمانون سنة.
4 (إبراهيم بن رضوان بن تتش بن ألب أرسلان.)
شمس الملوك، أبو نصر. ولد سنة ثلاث وخمسمائة، ونزل على حلب محاصراً لها في سنة ثماني عشرة وخمسمائة، وكان معه الأمير دبيس بن صدقة الأسدي صاحب الحلة، وبغدوين ملك الفرنج. وفي سنة إحدى وعشرين قدم أبو نصر إبراهيم هذا إلى حلب أيضاً فدخلها وملكها، وفرحوا به، ونادوا بشعاره. وخرج صاحب أنطاكية فأتاها ونازلها، فترددت الرسل لما ضايق حلب، فركب أبو نصر وعزيز الدولة في خلق عظيم، فتراسلوا، فانعقدت الهدنة، وخلف لهم، وحملوا إليه ما افترضه، ولطف الله. ثم بعد مدة سار أبو نصر، وأعطاه الأتابك زنكي نصيبين، فملكها إلى أن مات في ثاني عشر شعبان سنة اثنين وخمسين. قال ابن العديم في تاريخه: أخبرني بذلك بعض أحفاده.

(38/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 79
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن الحسين بن الحسين.)
الأستاذ أبو علي الأندقي، العارف، شيخ الصوفية، وكبير القوم بما وراء النهر. صحب يوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد بمرو مدة طويلة وكان يسافر معه. وجالس جده أبا المظفر عبد الكريم بن أبي حنيفة الأندقي الفقيه المذكور في سنة إحدى وثمانين. قال أبو سعد السمعاني: هو شيخ عصره أبو علي الأندقي من أهل بخارى. وأندقى من قرى بخارى. ظهرت بركته على جماعة كثيرة من أهل العلم والدين، وكان صاحب طريقة حسنة في ترتيبه المريدين ودعاء الخلق إلى الله تعالى، مع ما رزقه الله تعالى من صفاء الوقت، ودوام العبادة والرياضة، واتباع الأثر والسنة النبوية.) وكان مهيباً، حسن الكلام، يتكلم على الخواطر، وابتلي وامتحن، وظهر له جماعة من الخصوم ممن قصد قتله، فصبر ودفع الله عنه، وسلمه من أيديهم. ولد في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وأربعمائة. وتوفي في السادس والعشرين من رمضان، وله تسع وثمانون سنة. قلت: ذكره أبو سعد في الأنساب، وفي معجم ولديه.

(38/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 80
وروى عنه ولده عبد الرحيم حديثاً واحداً بروايته عن يوسف الهمذاني.
4 (الحسين بن سعد.)
أبو شجاع ابن القواريري، البغدادي، البزاز، أخو يعيش بن سعد قاضي باب البصرة. سمع: ثابت بن بندار، وابن سوسن التمار. قال ابن الأخضر: كان متكلماً أشعرياً. وقال السمعاني: شيخ صالح. روى عنه: هو، وابن عساكر. مات في شوال.
4 (الحسين بن نصر بن محمد بن الحسين بن القاسم بن خميس.)
الجهني، الكعبي، الموصلي، القاضي أبو عبد الله، قاضي رحبة مالك بن طوق.

(38/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 81
قال ابن السمعاني: إمام فاضل، حسن الأخلاق، بهي المنظر. قدم بغداد قبل الثمانين وأربعمائة، وسمع بها: قاضي القضاة أبا بكر محمد بن المظفر السامي، وطراداً الزينبي، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، ونصر بن البطر. وسمع بالموصل: أبا نصر بن ودعان وأثبت عليه أحاديث. وقال لي: ولدت في المحرم سنة ست وستين وأربعمائة بالموصل.) ثم ظفرت بوفاته، وأرخها ابن خلكان وابن النجار سنة اثنتين وخمسين.
4 (حرف السين)

4 (سرخاك.)
الأمير الكبير فخر الدين، متولي قلعة بصرى. قتل في شوال غيلة بالقلعة بتدبير من زوج بنته الأمير علي بن جولة ومن وافقه من أعيان خاصته مع أنه كان رحمه الله يبالغ في التحرز والتيقظ، لكنه الأجل.
4 (سعد بن محمد بن أبي عبيد.)
أبو محمد الدستجردي، المروزي، خطيب دستجرد. فقيه صالح.

(38/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 82
سمع: أبا الفتح عبيد الله بن محمد الهشامي، ومحمد بن إسماعيل اليعقوبي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. وتوفي في رمضان رحمه الله.
4 (سنجر بن السلطان ملكشاه بن السلطان ألب رسلان بن السلطان جغربيك بن ميكائيل بن)
سليمان بن سلجوق. سلطان خراسان، وغزنة، وما وراء النهر. وخطب له بالعراق، والشام، والجزيرة، وأذربيجان وأران، وديار بكر، والحرمين. ولقبه السلطان

(38/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 83
الأعظم معز الدين، أبو الحارث، واسمه بالعربي أحمد بن الحسن بن محمد بن داود. كذا ساقه ابن السمعاني، وقال في أبيه الحسن إن شاء الله. ثم قال: ولد بسنجار من بلاد الجزيرة في رجب سنة تسع وسبعين وأربعمائة حين توجه أبوه إلى غزو الروم، ونشأ ببلاد الخزر، وسكن خراسان، واستوطن مرو. وقال ابن خلكان: تولى المملكة نيابة عن أخيه بركياروق سنة تسعين وأربعمائة، ثم استقل بالسلطنة سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وقال ابن السمعاني: وكان في أيام أخيه يلقب بالملك المظفر إلى أن توفي أخوه السلطان محمد بالعراق في ذي) الحجة سنة إحدى عشرة، فلقب بالسلطان. وقال: ورث الملك عن آبائه وزاد عليهم. ملك البلاد، وقهر العباد، وخطب له على أكثر منابر الإسلام. وكان وقوراً، حيياً، سخياً، كريماً، مشفقاً، ناصحاً لرعيته، كثير الصفح. صارت أيام دولته تاريخاً للملوك، وجلس على سرير الملك قريباً من ستين سنة. أقام ببغداد، وانصرف منها إلى خراسان، ونزل مرو، وكان يخرج منها ويعود. قال: وحكى أنه دخل مع أخيه محمد إلى الإمام المستظهر بالله، قال: فلما وقفنا بين يديه ظن أني أنا هو السلطان، فافتتح كلامه، فخدمت وقلت: يا مولانا أمير المؤمنين السلطان هو وأشرت إلى أخي. ففوض إليه السلطنة، وجعلني ولي العهد بعده بلفظه.

(38/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 84
قال ابن السمعاني: واتفق أن في سنة إحدى وتسعين لما هزم عساكر أخيه والأمير حبشي كان فتحاً عظيماً في الإسلام، فإن أكثر ذلك العسكر كان ممن يميل عن الحق. فبلغ ذلك الإمام أبا الحسن علي بن أحمد المديني المؤذن، فصلى ركعتين، وسجد شكراً لله تعالى. ثم أجاز للسلطان سنجر جميع مسموعاته، فقرأت عليه بها أحاديث. وكان قد حصل له طرش. قال ابن الجوزي: واتفق أنه حارب الغز، يعني قبل الخمسين، فأسروه، ثم تخلص بعد مدة وجمع إليه أطرافه بمرو. وقال ابن خلكان: كان من أعظم الملوك همة، وأكثرهم عطاء. ثم قال: ذكر أنه اصطبح خمسة أيام متوالية، ذهب في الجود كل مذهب، فبلغ ما ذهب من العين سبعمائة ألف دينار، سوى الخلع والخيل. قال: وقال خازنه: اجتمع في خزائنه من الأموال ما لم يسمع أنه اجتمع في خزائن أحد ملوك الأكاسرة. وقلت له) يوماً: حصل في خزائنك ألف ثوب ديباج أطلس، وأحب أن تنظرها. فسكت، فأبرزت جميعها فحمد الله، ثم قال: يقبح بمثلي أن يقال: مال إلى المال. وأذن للأمراء في الدخول، فدخلوا عليه، ففرق عليهم الثياب وتفرقوا. قال: اجتمع عنده من الجواهر ألف وثلاثون رطلاً، ولم يسمع عند أحد من الملوك يقارب هذا. وقال ابن خلكان: ولم يزل أمره في ازدياد إلى أن ظهرت عليه الغز في سنة ثمان وأربعين، وهي واقعة مشهورة استشهد فيها الفقيه محمد بن

(38/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 85
يحيى فكسروه وانحل نظام ملكه، وملكوا نيسابور، فقتلوا بها خلقاً كثيراً، وأسروا السلطان سنجر، وأقام في أسرهم خمس سنين. قلت: بل بقي في أسرهم ثلاث سنين وأربعة أشهر. وتغلب خوارزم شاه على مرو، يعني بعده. وتفرقت مملكة خراسان. وتوفي في ربيع الأول سنة اثنتين بعد خلاصه من الأسر، وانقطع بموته استبداد الملوك السلجوقية بخراسان. واستولى على أكثر مملكته السلطان خوارزم شاه أتسز بن نوشتكين. أتسز توفي قبله، فلعله أراد خوار زم شاه أرسلان بن أتسز بن محمد، والله أعلم. وقال ابن السمعاني: توفي في رابع وعشرين ربيع الأول، وهو الصحيح. وأظن ذلك غلطاً من الناسخ. ودفن في قبة بناها وسماها دار الآخرة. قال ابن الجوزي: ولما بلغ خبر موته إلى بغداد قطعت خطبته، ولم يعقد له العزاء، فجلست امرأة سليمان للعزاء، فرآها المقتفي بالله وأقامها. وقال ابن السمعاني: تسلطن بعده ابن أخته الخاقان حمود بن محمد بن بغراجان.)
4 (حرف الصاد)

4 (صلاح الدين.)
متولي حمص.

(38/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 86
وكان قد تقدم عند الأتابك زنكي بالمناصحة وسداد الرأي، فلما شاخ عجز عن ركوب الفرس. وكان يحمل في المحفة. وخلفه من بعده في حمص أولاده، ثم تملكها أسد الدين وذريته.
4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن حيدرة بن مفوز بن أحمد بن مفوّز.)
أبو الحسن المعافري، الشاطبي سمع: أخاه أبا بكر، وأبا علي الصدفي. وأجاز له عمه طاهر بن مفوز الحافظ. قال الأبار: وكان فقيهاً حافظاً، مقدماً في علم الفرائض يلجأ إليه في ذلك. وولي قضاء شاطبة. ثم استعفى فأعفي. روى عنه: ابناه أبو بكر عبد الله، ومفوز. وتوفي في المحرم.
4 (حرف العين)

4 (عبد الباقي بن محمد بن عبد الباقي.)
أبو المنصور التميمي، الموصلي، الدمشقي. قرأ القرآن على أبي الوحش سبيع.

(38/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 87
وسمع: الشريف النسيب، وأبا طاهر الحنائي، وأبا الحسن بن الموازيني. وكتب الحديث بخط حسن. وكان شاهداً متودداً. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو الحسن علي بن محمد بن يحيى القاضي ابن الزكي، وأبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم.) توفي في رمضان.
4 (عبد الصبور بن عبد السلام بن أبي الفضل.)
أبو صابر الهروي، الفامي، التاجر. قال ابن السمعاني: ولد في رمضان سنة سبعين وأربعمائة. وكان صالحاً، كثير الخير، مشتغلاً بنفسه. سمع: أبا إسماعيل عبد الله الأنصاري، وأبا عامر محمود بن القاسم الأزدي، ونجيب بن ميمون الواسطي، وإلياس بن مضر البالكي. وحدث بجامع الترمذي عن أبي عامر وكان من التجار المعروفين، صدوقاً أميناً. ورد بغداد حاجاً سنة تسع وثلاثين وحدث بها بجامع الترمذي، ورواه أيضاً بهمذان.

(38/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 88
قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وأبو الحسن علي بن نجا الواعظ الحنبلي، وأحمد بن الحسن العاقولي، وآخرون. توفي بهراة في شعبان.
4 (عبد القاهر بن علي بن أبي جرادة.)
الأمين مخلص الدين العقيلي، الحبلي، ناظر خزانة الملك نور الدين بحلب. قال أبو يعلى حمزة: راعني فقده لأنه كان خيراً، بليغاً، حسن البلاغة. نظماً ونثراً، بديع الكتابة، يتوقد ذكاء. وكانت بيننا مودة من الصبى بحكم تردده إلى دمشق. ورثيته بأبيات، فذكر منها:
(وقد كان ذا فضلٍ وحسن بلاغة .......... ونظم كدر في قلائد حور)

(يفوق بحسن اللفظ كل فصاحة .......... وخط بديعٍ في الطروس منير)

(38/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 89
4 (عبد الملك بن علي بن حمد.)
أبو الفضل الهمذاني، البزاز. عاش اثنتين وثمانين سنة. سمع: أحمد بن عمر البيع، وفند الشعراني، والدوني.) وببغداد: أبا سعد الصيرفي. مات في ربيع الأول.
4 (عبد الملك بن مسرة بن فرج بن خلف بن عزير.)
أبو مروان اليحصبي، الشنتمري، ثم القرطبي. أحد الأئمة الأعلام. أخذ الموطأ عن أبي عبد الله بن الطلاع سماعاً، واختص بالقاضي أبي الوليد ابن رشد، وتفقه معه. وصحب أبا بكر بن مفوز، فانتفع به معرفة الحديث.

(38/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 90
قال ابن بشكوال: كان ممن جمع الله له الحديث والفقه، مع الأدب البارع، والخط الحسن، والدين، والورع، والتواضع والهدي الصالح. كان على منهاج السلف المتقدم. أخذ الناس عنه، وكان أهلاً لذلك لعلو ذكره، ورفعة قدره. توفي لثمان بقين من رمضان. آخر من سمع منه أبو القاسم بن بقي. قاله ابن الزبير.
4 (عبد الوهاب بن محمد بن أحمد بن غالب.)
أبو العرب التجيبي، الأندلسي، البلنسي، المعروف بالبقساني، نسبة إلى قرية بغربي بلنسية. سمع: أبا الحسن بن واجب، وأبا محمد بن خيرون، وخليص بن عبد الله، وأبا علي الصدفي، وأبا بحر الأسدي، وأبا محمد بن أبي جعفر الفقيه. وأجاز له طائفة آخرون. وكان خطيباً مفوهاً، فصيحاً، شاعراً، ذا لسانٍ وبلاغة وعربية، وله مشاركة في العلوم. ولي قضاء المرية وحدث. أخذ عنه: أبو عمر بن عياد، وأبو الحسن بن سعد الخير، وأبو

(38/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 91
مروان بن الجلاد. وتوفي في المحرم عن ثلاثٍ وسبعين سنة
4 (عثمان بن علي بن محمد بن علي.)
أبو عمرو البيكندي، مسند أهل بخاري. قال ابن السمعاني: ولد في شوال سنة خمس وستين وأربعمائة، وكان إماماً فاضلاً، ورعاً، عفيفاً، نزهاً، قانعاً) باليسير، كثير العبادة، ثقة، صالحاً. سمع: أبا محمد عبد الواحد بن عبد الرحمن الزبيدي المعمر، وأبا بكر بن الحسين خواهرزادة، وأبا الخطاب الطبري القاضي، والإمام محمد بن أحمد بن أبي سهل الفقيه، وطائفة كبيرة. روى عنه: تاسع شوال، وشيعه أمم. وهو آخر من حدث عن الإمام أبي المظفر عبد الكريم الأندقي.
4 (علي بن أحمد بن الحسين بن أبي نصر بن الأشعث بن حاشد.)
الكندكيني، السغدي، السمرقندي.

(38/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 92
روى بالإجازة عن السيد محمد بن محمد بن زيد. سمع منه: ابن السمعاني، وولده عبد الرحيم. توفي في ربيع الأول.
4 (علي بن الوزير أبي علي الحسن بن علي بن صدقة.)
صدر معظم، يلقب شرف الدولة. سمع: أبا القاسم الربعي، وغيره. وعنه: أبو سعد السمعاني.
4 (علي بن الحسن بن علي.)
أبو الحسن بن شليها الدمشقي. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء المصيصي، وأبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبا الفضل بن الفرات.

(38/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 93
روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم، وغيرهما. وتوفي رحمه الله في رمضان.
4 (علي بن صدقة بن علي بن صدقة.)
الوزير أبو القاسم قوام الدين. استوزره أمير المؤمنين المقتفي سنتين، ثم عزله سنة خمس وأربعين. توفي في الثالث والعشرين من جمادى الأولى. ذكره ابن الجوزي.) قال ابن النجار: هو ابن أخي الوزير جلال الدين.
4 (علي بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن الضحاك.)
أبو الحسن الفزاري، الغرناطي، المعروف بابن المقري. روى عن: أبي الوليد بن بقوي، وشريح بن محمد، وأبي الحسن بن مغيث، وجماعة. قال الأبار: اعتنى بالحديث، وشارك في غيره. وعرف بصحة العقل. حدث عنه: أبو بكر بن أبي زمنين، وأبو جعفر بن شراحيل ابن أخته، وأبو الحسن بن جابر القرطبيون.

(38/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 94
4 (عمر بن عبد الله بن علي بن محمد بن محمد بن أبي طاهر.)
أبو حفص الحربي، المقرئ شيخ صالح، خير، قيم بكتاب الله. سمع بنفسه كثير وأفاد غيره. وتلا للكسائي، على ثابت بن بندار. وسمع: أبا عبد الله النعالي، وأبا الخطاب القارئ، وأبا بكر الطريثيثي، وأبا الفوارس الزينبي، وجماعة. روى عنه: الحسين بن أحمد بن الحباري النساج، وعمر بن طبرزد، وابن اللتي، وآخرون. وهو الذي روى عنه ابن اللتي الجزء الأول من مشيخة الفسوي والأمالي والقراءة لابن عفان. توفي في حادي عشر شعبان. وقرأ عليه: ريحان بن تنكان الضرير المقرئ، وعبد العزيز بن الناقد.
4 (عيسى بن محمد بن فتوح بن فرج.)
الأستاذ أبو الأصبغ الهاشمي، الأندلسي، المقرئ، المعروف بابن المرابط. نزيل بلنسية.

(38/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 95
أخذ القراءات عن: أبي زيد الوراق، وأبي عبد الله بن ثابت، وأبي بكر بن الصباغ الهدهد. وتصدر للإقراء. وكان من جلة المقرئين. أخذ عنه القراءات: أبو عبد الله بن الحباب. وحدث عنه: أبو عمر بن عياد، وابنه محمد، وأبو عبد الله بن سعادة.) وتوفي في رجب، وقد جاوز السبعين. قاله الأبار.
4 (حرف القاف)

4 (أبو القاسم بن الخليفة المستظهر بالله.)
توفي في ثامن عشر جمادى الأولى، وحمل إلى التربة التي للخلفاء في الماء. ومضى معه الوزير وأرباب الدولة، وجلسوا للعزاء يومين. ثم خرج توقيع بإقامتهم من العزاء. وكان أصغر أولاد المستظهر، وأخا أمير المؤمنين المقتفي.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن الحسين.)
الأديب الكامل أبو المكارم بن الآمدي، البغدادي. من فحول الشعراء. تأخر حتى مدح ابن هبيرة. ومات في هذه السنة.

(38/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 96
4 (محمد بن خذاداذ بن سلامة.)
الفقيه أبو بكر البغدادي، الحداد. كان إماماً أصولياً، مناظراً، من أعيان الحنابلة. تفقه على أبي الخطاب، وسمع عن: ابن طلحة النعالي، وطراد، وابن البطر. روى عنه: ابن الأخضر، وثابت بن مشرف. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (محمد بن سليمان بن خلف.)
أبو عبد الله النفزي، الشاطبي، المعروف بابن بركة.

(38/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 97
سمع من: أبي عمران بن أبي تليد وأبي جعفر بن جحدر، وأبي علي بن سكرة. وأخذ رواية نافع عن: أبي الحسن بن شفيع. وكان إماماً مفتياً، نافذاً في عقد الشروط، متقدماً فيها. روى عنه: المعمر أبو عبد الله بن سعادة، وابن أخته محمد بن أحمد النخوي. وقد جاوز السبعين، وتوفي رحمه الله تعالى في هذا العام أو بعده.)
4 (محمد بن صافي بن خلف.)
أبو عبد الله الأنصاري، الأندلسي، قاضي أوريولة. يروي عن: أبي علي بن سكرة، وأبي محمد بن أبي جعفر الفقيه.
4 (محمد بن عبد الحميد بن الحسين بن الحسن.)
أبو الفتح الأسمندي، السمرقندي، المعروف بالعلاء العالم. قال ابن السمعاني: كان فقيهاً، مناظراً، برعاً، صنف تصنيفاً في الخلاف، وسار في البلدان، وتخرج على الإمام الأشرف، وصار من فحول المناظرين. وسمع من: علي بن عمر الخراط، وغيره. لقيته بسمرقند، وكان يقول لي: أنا تلميذ والدك، فإني دخلت مرو لأتفقه على مذهبه.

(38/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 98
قال ابن السمعاني: كان على التفسير. ولم أسمع منه لأنه كان مدمناً للخمر على ماسمعت عامة الناس يقولون، ولم يكن يخفي ذلك. وسمعت أبا الحسن إبراهيم بن مهدي بن قلينا الإسكندراني يقول: سمعت من أثق به أن العلاء العالم قال: ليس في الدنيا راحة إلا في شيئين: كتاب أطالعه، وباطية خمرٍ أشرب منها. ولد في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة بسمرقند، وقدم بغداد حاجاً في سنة اثنتين هذه. وقال أبو سعد: حدثني ولدي أبو المظفر، نا أبو الفتح محمد بن عبد الحميد، نا علي بن إسماعيل الخراط، ثنا علي بن أحمد بن الربيع، نا أبي.. فذكر حديثاً.
4 (محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن ثابت.)
العلامة أبو بكر الخجندي، ثم الإصبهاني. سمع: أبا علي الحداد، وجماعة. وقال ابن السمعاني: لقبه صدر الدين. كان صدر العراق في وقته على الإطلاق، إماماً، مناظراً، فحلاً، واعظاً، مليح) الوعظ، سخي النفس، جواداً

(38/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 99
مهيباً. دخل بغداد مرات، وكان حسن التقدم عند السلطان. كان السلطان محمود يصدر عن رأيه. وكان بالوزراء أشبه منه بالعلماء. وكان يروي الحديث على المنبر من حفظه. قال ابن الجوزي: قدم بغداد، وتولى تدريس النظامية، وكان مليح المناظرة. حضرت مناظرته وهو يتكلم بكلمات معدودة كأنها الدرر. ووعظ بجامع القصر والنظامية. وما كان يداري في الوعظ، وكان مهيباً، وحوله السيوف. قال ابن السمعاني: خرج إلى أصبهان من بغداد، فنزل قرية بين همذان والكرج، نام في عافية وأصبح ميتاً في الثامن والعشرين من شوال فحمل إلى إصبهان. قال ابن الأثير: وقعت لموته فتنة عظيمة قتل فيها خلق بإصبهان.
4 (محمد بن عبيد الله بن نصر بن السري.)
أبو بكر بن الزاغوني، البغدادي، المجلد. سمعه أخوه الإمام أبو الحسن من: أبي القاسم بن البسري، وأبي نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وأبي الفضل بن خيرون، ومالك البانياسي، ورزق الله التميمي، وطراد، وطائفة. وطال عمره، وتفرد في عصره.

(38/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 100
روى عنه: ابن السمعاني، وابن الجوزي، وعمر بن طبرزد، والتاج الكندي، وابن ملاعب، ومحمد عبد الله بن البنا الصوفي، وعبد السلام بن يوسف العبرتي ومحاسن بن عمر الخزائني، وأبو علي الحسن بن إسحاق بن الجواليقي، وعبد السلام بن عبد الله الداهري، وأبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي وهو آخر من روى عنه بالسماع. أخبرنا علي بن أحمد العلوي، أنا محمد بن أحمد القطيعي، أنا أبو بكر بن الزاغوني، أنا أبو نصر الزينبي، أنا أبو طاهر المخلص، نا أبو القاسم البغوي، ثنا أبو الربيع الزهراني، نا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن بلال، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بين العمودين تلقاء وجهه في جوف الكعبة.) أخرجه مسلم، عن أبي الربيع، فوافقناه. قال ابن السمعاني: أبو بكر بن الزاغوني، شيخ صالح، متدين، مرضي الطريقة. قرأت عليه أجزاء، وكان له دكان يجلد فيها. ولد سنة ثمان وستين وأربعمائة، وتوفي في الثالث والعشرين من ربيع الآخر. قلت: وفي هذا الشهر سمع منه: الداهري. وآخر من روى عنه بالإجازة ابن المقير. عاش بعده نيفاً وتسعين سنة.

(38/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 101
وكان غاية في حسن التجليد اصطفاه المقتضي بالله لتجليد خزانة كتبه، رحمه الله تعالى.
4 (محمد بن المبارك بن محمد بن عبد الله بن محمد بن الخل.)
الإمام أبو الحسن بن أبي البقاء البغدادي، الفقيه الشافعي. كان إماماً بارعاً، خبيراً بالمذهب. تفقه على: أبي بكر الشاشي، والمستظهري. ودرس، وأفتى، وصنف، وتفرد بالفتوى ببغداد في المسألة الشرعية. وصنف كتاباً سماه توجيه التنبيه على صورة الشرح وهو مختصر، وذاك أول شرح صنف للتنبيه. وصنف كتاباً في أصول الفقه. وقد سمع الحديث من جماعة كبار، وحدث عن أبي عبد الله النعالي، ونصر بن أبي الخطاب بن البطر، وثابت بن بندار، وأبي عبد الله بن البسري، وجعفر السراج، وأبي بكر الطريثيثي، وأبي الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري، وغالب الباقلاني، وأبي الحسن بن الطيوري، وآخرين.

(38/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 102
روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وأبو سعد بن السمعاني، وأحمد بن طارق الكركي، والفتح بن عبد السلام، وجماعة آخرهم وفاة أبو الحسن القطيعي. وقيل: كان الناس يتحيلون على أخذ خطه في الفتاوى لحسن خطه لا للحاجة إلى الفتيا. ولد سنة خمس وسبعين وأربعمائة. قال أبن السمعاني:) هو أحد الأئمة الشافعية ببغداد، برع في العلم وهو مصيب في فتاويه، وله السيرة الحسنة والطريقة الجميلة. خشن العيش، تارك للتكلف، عن طريقة السلف. جلس بمسجده الذي بالرحبة لايخرج منه إلا بقدر الحاجة. وقال أبو الفرج بن الجوزي: توفي في المحرم. ودفن بالوردية. وتوفي أخوه: أبو الحسين أحمد بن الخل الشاعر في ذي القعدة من السنة أيضاً. قلت: وكان فقيهاً أيضاً، وعاش سبعاً وسبعين سنة.

(38/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 103
وقع الجزء الأول من مشيخة أبي الحسن لنا بعلو.
4 (محمد بن عمر بن عبد الصمد.)
أبو الفتح المطيع البلخي، الفقيه الحنفي. سمع: أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي. أخذ عنه: السمعاني. مات في شعبان عن اثنتين وستين سنة.
4 (محمد بن مسعود بن أحمد بن الشدنك.)
أبو الغنائم الميداني، البغدادي. كان يسكن الميدان عند دار البساسيري. قال ابن السمعاني: شيخ صالح: مستور. سمع: أبا الحسين عاصم بن الحسن. كتبت عنه. وتوفي في الثامن والعشرين من ربيع الأول. قلت: وسمع: ابن رزق الله التميمي، وغيره. روى عنه: ابن السمعاني، وهبة الله بن وجيه بن السقطي، وعبد العزيز بن الأخضر.
4 (محمد بن يحيى بن محمد بن مذال.)
أبو الفضل بن النفيس البغدادي، العطار.)

(38/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 104
شيخ صالح، روى عن: أبي الحسين بن الطيوري. روى عنه: ابن السمعاني، وابن سكينة، وأبو الفرج بن الجوزي. توفي في صفر.
4 (مبشر بن أحمد بن حمود بن عبد الله بن أحمد.)
أبو الفتوح النكوي، الإصبهاني، الزاهد، الواعظ. سمع: رزق الله التميمي، وأبا منصور بن شكرويه، وأبا حفص عمر بن أحمد السمسار. روى عنه: ابن السمعاني وقال: سألته عن مولده فقال: في حدود سنة تسعٍ وسبعين وأربعمائة. وروى عنه: يوسف بن المبارك الخفاف. وقال معمر بن الفاخر: توفي مبشر بن أبي سعد الزاهد رحمه الله في الثامن والعشرين من صفر.
4 (محمود بن إبراهيم.)
أخو أبي بكر الصالحاني، الزاهد. سمع: أبا الخير بن ررا. كتب عنه: أبو سعد بن السمعاني.
4 (محمود بن حسين بن محمد.)
الإصبهاني.

(38/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 105
سمع: رزق الله التميمي، والثقفي. ويكنى أبا الفتح. روى عنه: السمعاني، وقال: مات في شوال رحمه الله تعالى.
4 (المغيث بن يونس بن محمد بن مغيث.)
أبو يونس القرطبي من بيت العلم والرواية. روى عن: أبيه، وأبي القاسم بن صواب، وأبي بحر بن العاص، وجماعة. وشوور بقرطبة.) وشرق بنفسه وببيته، وتوفي رحمه الله في رجب عن ست وستين سنة.
4 (منصور بن محمد بن أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد.)
برهان الدين أبو القاسم بن أبي سعد بن أبي نصر الصاعدي، النيسابوري، قاضي نيسابور. سمع من: جده أبي نصر، وأبي بكر بن خلف الشيرازي، وأبي القاسم عبد الرحمن الواحدي، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وغيرهم. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم. وقال أبو سعد: كان جيد الولاية، مشتغلاً بالعبادة. لزم الجامع مدة معتكفاً. وكان شديد الامتناع عن التحديث.

(38/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 106
وقال عبد الرحيم بن السمعاني في معجمه، وهو كلام أبيه على لسان عبد الرحيم: كان إماماً، فاضلاً. عالماً، مهيباً، وقوراً، قصير اليد عن أموال الناس، غير أنه كان شديد الميل إلى مذهب أهل العذل، يعني المعتزلة قرأ والدي عليه جزءاً ضخماً بجهدٍ. وسمعت منه الأول من تاريخ نيسابور بروايته عن موسى بن عمران، عنه. توفي في ربيع الآخر.
4 (حرف النون)

4 (ناصر بن سلمان بن ناصر بن عمران بن محمد.)
أبو الفتح، العلامة بن أبي القاسم الأنصاري، النيسابوري. قال ابن السمعاني: كان إماماً، مناظراً، بارعاً في الكلام، حاز قصب السبق فيه على أقرانه. وصار في عصره واحد ميدانه. وصنف التصانيف، وترسل من جهة السلطان سنجر إلى الملوك. مولده سنة تسع وثمانين وأربعمائة. قال: وكان صاحب أوقاف الممالك، وكان لا يتورع عن مال الوقف، ولا عن بيع رقاب أوقاف المساجد والربط. وكان يقول: يجب صرفها إلي لأني أذب عن الدين.) سمع أباه، وأبا الحسن المديني المؤذن، والفضل بن عبد الواحد التاجر.

(38/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 107
وتوفي بمرو في جمادى الأولى. قلت: روى عنه: عبد الرحيم السمعاني، وأبوه.
4 (نصر بن نصر بن علي بن يونس.)
أبو القاسم العكبري الواعظ، الشافعي. قال ابن السمعاني: شيخ واعظ، متودد، متواضع. وقال ابن النجار: كان يتكلم في الأعزية. سمع: أبا القاسم بن البسري، و عاصم بن الحسن التنكتي. ثنا عنه: ابن ابنه محمد بن علي، وأبو أحمد بن سكينة، وابن الأخضر، وعبد السلام الداهري، وعمر بن كرم، وجماعة. قلت: وروى عنه: ابن السمعاني، وعبد الرحمن بن عبد الله الشيخ عبد القادر، وعبد الرحمن بن عمر بن الغزال، وسعيد بن محمد بن الرزاز، وداود بن ملاعب الوكيل، ويوسف بن عمر بن نظام الملك، والحسن بن إسحاق بن الجوالقي، وأبو الحسن القطيعي وهو آخرهم. وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الحسن بن المقير. قال ابن الجوزي: كان ظاهر الكياسة، يعظ وعظ المشايخ، ويتخيره الناس لعمل الأعزية. ولد سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفي في ذي الحجة. ونشأ ولده أبو محمد على طريقته إلى أن مات سنة خمس وسبعين.

(38/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 108
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عيسى بن حسن بن إدريس.)
أبو البركات الأنباري، الواعظ، الزاهد، بغدادي كبير القدر.) ذكره أبو الفرج بن الجوزي فقال: قرأ القرآن على جماعة وسمع من: عبد الوهاب الأنماطي، وغيره. وقرأ النحو على الزبيدي وصحبه مده. وتفقه على القاضي الحراني، ووعظ. وكان يبكي على المنبر من حين صعوده إلى حين نزوله. وتعبد في زاويته نحو خمسين سنة. وكان ورعاً حتى إنه عطش مرة فجيء بماء بارد من بعض دور الحكام فلم يشرب. وكان لا يفعل شيئاً إلا بنية. وكان من جياد أهل السنة ورزق أولاداً صالحين فسماهم أبا بكر، وعثمان، وعمر، وعلي. وكان أماراً بالمعروف نهاءً عن المنكر مستجاب الدعوة، له كرامات ومنامات صالحة، رأى في بعضها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان هو وزوجته يصومان النهار ويقومان الليل، ويحييان بين العشائين، ولا يفطران إلا بعد العشاء. وختما أولادهما القرآن، وأقرءا جماعة من النساء والرجال، فلما توفي إلى رحمة الله قالت زوجته: اللهم لا تحييني بعده. فماتت بعده بخمسة عشر يوماً.

(38/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 109
4 (وفيات سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل.)
المقدسي. جد الحافظ الضياء. قرأت بخط الحافظ حفيده أنه توفي في شعبان بجبل قاسيون بجنينة الحمصي. وكان قد هاجر من نحو سنة. وخلف من الولد عبد الرحمن، وإبراهيم والد البهاء، وعبد الواحد والد الضياء، والرضا، وفاطمة. وأمهم مباركة عمة الشيخ موفق الدين. وقد حج فأخذتهم العرب، سلم له ذهب جعله في شمعة ألزقها بكفه.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن الحسن بن منصور.)
أبو الفضل الكثيري القومسي، البياري المعبر. وكان كثير جده لأمه. ذكره ابن السمعاني فقال:) أديب، فاضل، شاعر، عابر. سمع: عبد الواحد بن القشيري، وطبقته.

(38/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 110
وتوفي ببخارى عن اثنتين وثمانين سنة. روى عنه: هو، وولده عبد الرحيم.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد.)
أبو علي الموسي اباذي، الصوفي، الهمذاني. سمع: الفضل بن أبي حرب الجرجاني، وأبا الفتح عبدوس بن محمد الهمذاني. مات في نصف رجب، وله تسعون سنة، فإنه ولد في المحرم سنة اثنتين وستين. روى عنه: السمعاني في التحبير. وقال ابن النجار: سمع من أحمد بن عيسى بن عباد الدينوري صاحب ابن لال. وعنه: المبارك بن كامل.

(38/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 111
وله رباط بهمذان. وكان ظريفاً مطبوعاً، رحمه الله تعالى.
4 (الحسن بن إبراهيم بن زكون.)
أبو علي القلانسي. دخل إلى الأندلس، وسمع منه ابن سكرة، وطبقته. توفي ليلة عيد الفطر.
4 (الحسن بن علي بن عبد الملك بن يوسف.)
أبو محمد الإسكافي. وإسكاف بلدة بالنهروان. كان حافظاً للقرآن. قرأ على الشيخ أبي منصور الخياط وسمع منه ومن: أبي الفرج القزويني، وأبي الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري، وأبي محمد السراج. روى عنه: أحمد بن صالح الجبلي، وأحمد بن طارق، وعبد العزيز بن الأخضر. توفي في ربيع الآخر عن ثمانين سنة ببغداد.
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن محمد بن عبد الواحد.)
) أبو الفخر الكرابيسي، الهمذاني، الصوفي، الرجل الصالح. سمع جده عبد الأحد بن علي، وعبد الغفار بن منصور السمسار، وعبد الرحمن الدوني.

(38/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 112
مات في شوال عن ثمانين سنة غير أشهر. أخذ عنه السمعاني.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد بن نبهان بن محرز.)
أبو محمد الغنوي، الزمن، أخو الشيخ أبي إسحاق الغنوي. شيخ صالح، ساكن، مقرئ. تلا على أبي الخطاب بن الجراح. قال ابن السمعاني: ولد بالرافقة ونشأ بحران وسكن بغداد. وأجاز له على يد أخيه طراد الزينبي، ورزق الله التميمي، وجماعة. وسمع من: أبي القاسم بن بنان، وجماعة. كتبت عنه، وقال لي: ولدت سنة ثمان وسبعين. وتوفي رحمه الله في ثاني عشر ربيع الآخر.
4 (عبد الأول بن عيسى بن شعيب بن إبراهيم بن إسحاق.)

(38/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 113
مسند الوقت، أبو الوقت بن أبي عبد الله السجزي الأصل، الهروي، الماليني، الصوفي، رحمه الله. ولد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. وسمع الصحيح، و منتخب مسند عبد، و كتاب الدرامي، من جمال الإسلام أبي الحسين عبد الرحمن بن محمد الداوودي في سنة خمس وستين ببوشنج، حمله أبوه إليها، وهي مرحلة من هراة. وسمع من: أبي عاصم الفضيل بن يحيى، ومحمد بن أبي مسعود الفارسي، وأبي يعلى صاعد بن هبة الله الفضيلي، وبيبى بنت عبد الصمد الهرثمية، وأبي منصور عبد الرحمن بن محمد بن عفيف البوسنجي كلار، وأحمد بن نصر الكوفاني كاكو، وعبد الوهاب بن أحمد الثقفي) وأبي القاسم أحمد بن محمد بن العاصمي، ومحمد بن الحسين الضلوني، وأبي عطاء عبد الرحمن بن أبي عاصم الجوهري، وأبي عامر محمود بن القاسم الأزدي، وشيخه شيخ الإسلام عبد الله الأنصاري، وأبي المظفر عبد الله بن عطاء البغاورداني، وأبي سعيد حكيم بن أحمد الإسفرائيني، وأبي عدنان القاسم بن علي القرشي، وأبي القاسم عبد الله بن عمر الكلوذاني، وأبي الفتح نصر بن أحمد الحنفي، وغيرهم.

(38/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 114
وحدث بخراسان، وإصبهان، وكرمان، وهمذان، وبغداد، واشتهر اسمه وازدحم عليه الطلبة، وبقي كلما قدم مدينة تسامع به الخلق وقصدوه. وسمع منه أمم لا يحصون. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وأبو الفتح بن الجوزي، ويوسف بن أحمد الشيرازي، وأحمد بن حمد الليثي الإصبهاني، وحامد بن محمود الروذ راوري المؤدب، والحسن بن محمد بن علي بن نظام الملك، والحسين بن أحمد الخبازي، والحسين بن معاذ الهمذاني، وسفيان بن إبراهيم بن مندة، وأبو ذر سهيل بن محمد البوسنجي، وأبو الضوء شهاب الشذباني، وأبو روح عبد المعز، وعبد الجبار بن بندار الهمذاني القاضي، وعبد الجليل بن مندويه، وأحمد بن عبد الله السلمي العطار، وعثمان بن علي الوركاني الهمذاني، وعثمان بن محمود الإصبهاني، وفضل الله بن محمد البوسنجي، ومحمد بن ظفر بن الحافظ الطرقي، وأخوه محمود، ومحمد بن عبد الرزاق الإصبهاني، ومحمد بن عبد الفتاح البوسنجي، ومحمد بن عطية الله الهمذاني، ومحمد بن محمد بن سرايا البلدي الموصلي، ومحمد بن مسعود البوسنجي، ومحمود بن الواثق البيهقي، ومحمود شاه بن محمد بن إسماعيل اليعقوبي الهروي، ومقرب بن علي الهمذاني الزاهد، ويحيى بن سعد الرازي الفقيه، ويوسف بن عمر بن محمد بن عبيد الله بن نظام الملك البغدادي، وحماد بن هبة الله الحربي، وعمر بن طبرزد، وأبو منصور بن سعيد بن محمد الرزاز، وعمر بن محمد الدينوري السديد الصوفي، ويحيى بن عبد الله بن السهرودي، وأنجب بن علي الدارقزي الدلال، وعبد العزيز بن أحمد بن الناقد، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي العز الواسطي نزيل الموصل، ومحمد بن أحمد بن هبة الله الروذراوري، وداود بن بندار الجيلي، وأبو العباس محمد بن عبد الله

(38/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 115
الرشيدي المقرئ، ويحيى بن عبد الجبار الصوفي، ومحمد بن أبي علي الشطرنجي، وعلي بن أبي الكرم العمري، وأحمد بن ظفر بن الوزير بن هبيرة، وإسماعيل بن محمد بن خمازتكين، وعبد) الواحد بن المبارك الخريمي، ومحمد بن أحمد بن العريسة الحاجب، ومحمد بن هبة الله بن المكرم، وعبد الغني بن عبد العزيز بن البندار، ومظفر بن أبي السعادات بن حركها، وعلي بن يوسف بن صبوخا، وأحمد بن يوسف بن صرما، ومحمد بن أبي القاسم الميبذي، وزيد بن يحيى البيع، وعبد اللطيف بن المعمر بن عساكر، وعمر بن محمد بن أبي الريان، وأسعد بن علي بن صعلوك، والنفيس بن كرم، وعبد الله بن إبراهيم الهمذاني الخطيب، وأبو جعفر عبد الله بن شريف الرحبة، وعبد الرحمن بن أبي العز بن الخبازة، ومحمد بن عمر بن خليفة الروباني، وأبو المحاسن محمد بن عبيد الله بن المراتبي البيع، وأبو الحسن علي بن بوزندار، وأبو حفص عمر بن أعز السهروردي، وأبو هريرة محمد بن ليث بن الوسطاني، وصاعد بن علي الواعظ بإربل، وأبو بكر محمد بن المبارك المستعمل، وأبو علي الحسن بن الجواليقي، وأبو الفتح محمد بن النفيس بن عطاء، وأبو نصر المهذب بن قنيدة، وعبد السلام بن عبد الرحمن بن سكينة، وعبد الرحمن بن عتيق بن صيلا، وأبو الرضا محمد بن أبي الفتح المبارك بن عصية، وعبد السلام بن عبد الله بن بكر بن الزبيدي، وعمر بن كرم الحمامي، وأمة الرحيم بنت عفيف

(38/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 116
الناسخ، وعبد الخالق بن أبي الفضل بن عريبة، وظفر بن سالم البيطار، وإبراهيم بن عبد الرحمن المواقيتي، وعبد البر بن أبي العلاء الهمذاني، وأحمد بن شيرويه بن شهروار الديلمي وبقي إلى سنة خمس وعشرين، وعبد الله بن عبد الله عتيق بن باقا، وزكريا بن علي التغلبي، وعلي بن أبي بكر بن روزبة القلانسي، ومحمد بن عبد الواحد المديني، وأبو الحسن محمد ابن أحمد بن عمر القطيعي، وأبو المنجا عبد الله بن عمران اللتي، وأبو بكر محمد بن مسعود بن بهروز. وآخر من ذكر أنه سمع منه أبو سعد ثابت بن أحمد بن أبي بكر محمد بن الخجندي الإصبهاني، نزيل شيراز، فإن كان سمع منه فسماعه عنه في الخامسة، فإنه ولد سنة ثمان وأربعين. وسماع الإصبهانيين من أبي الوقت سنة اثنتين وخمسين أو قبلها. وتوفي هذا الخجندي في سنة سبع وثلاثين. وروى عنه بالإجازة: جهمة أخت رشيد بن مسلمة الدمشقي وتوفيت سنة ثمان وثلاثين، وأبو الكرم محمد بن عبد الواحد بن أحمد المتوكلي، ويعرف بابن شفتين، ومات سنة أربعين،) وكريمة بنت عبد الوهاب القرشية وتوفيت في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وهي آخر من روى عنه بالإجازة الخاصة. وذكره ابن السمعاني فقال: شيخ صالح، حسن السمت والأخلاق، متودد، متواضع، سليم الجانب، استسعد بصحبة الإمام عبد الله الأنصاري وخدمه مدة وسافر إلى العراق، وخوزستان، والبصرة، وقدم بغداد ونزل رباط البسطامي، فيما ذكره لي وسمعت منه بهراة، ومالين. وكان صبوراً على القراءة، محباً للرواية. وحدث بالصحيح،

(38/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 117
ومسند عبد، والدرامي، عدة نوب. وسمعت أن أباه سماه محمداً، فسماه الإمام عبد الله الأنصاري عبد الأول، وكناه بأبي الوقت. وقال الصوفي: ابن وقته. وقال أبو سعد في التحبير في ترجمة والد أبي الوقت إنه ولد بسجستان في سنة عشر وأربعمائة، وإنه سمع من علي بن بشرى الليثي الحافظ كتاب مناقب الشافعي لمحمد بن الحسين الآبري، إلا مجلساً واحداً، وهو من باب ما حكى عنه مالك إلى باب سخائه وكرمه، بسماعه من الآبري. وقال: سكن هراة، وهو صالح معمر، له جد في الأمور الدينية، حريص على سماع الحديث وطلبه حمل ابنه أبا الوقت على عاتقه إلى بوشنج، وكان عبد الله الأنصاري يكرمه ويراعيه. قال: وسمع بغزنة من الخليل بن أبي يعلى، وبهراة من أبي القاسم عبد الوهاب بن محمد بن عيسى الخطابي. وكتب إلي بالإجازة لمسموعاته سنة سبع وخمسين، ومات بمالين هراة في ثاني عشر شوال سنة اثنتي عشرة، وقيل: سنة ثلاث عشرة. عاش مائة وثلاث سنين. وقال زكي الدين البرزالي وغيره: طاف أبو الوقت العراق، وخوزستان، وحدث بهراة، ومالين، وبوشنج، وكرمان، ويزد، وإصبهان، والكرج، وفارس، وهمذان. وقعد بين يديه الحفاظ والوزراء، وكان عنده كتب) وأجزاء. وسمع عليه من لا يحصى ولا يحصر.

(38/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 118
وقال ابن الجوزي: كان صبوراً على القراءة عليه، وكان شيخاً صالحاً كثير الذكر والتهجد والبكاء، على سمت السلف. وعزم في هذه السنة على الحج، وهيأ ما يحتاج إليه فمات. وقال الحافظ يوسف بن أحمد في الأربعين البلدية له، ومن خطه نقلت: ولما رحلت إلى شيخنا شيخ الوقت ومسند العصر ورحلة الدنيا أبي الوقت، قدر الله لي الوصول إليه آخر بلاد كرمان على طرف بادية سجستان، فسلمت عليه وقبلته، وجلست بين يديه، فقال لي: ما أقدمك هذه البلاد قلت: كان قصدي إليك، ومعولي بعد الله عليك. وقد كتبت ما وقع إلي من حديثك بقلمي، وسعيت إليك بقدمي لأدرك بركة أنفاسك، وأحظى بعلو إسنادك. فقال: وفقك الله وإيانا لمرضاته، وجعل سعينا له، وقصدنا إليه، لو كنت عرفتني حق معرفتي لما سلمت علي، ولا جلست بين يدي. ثم بكى بكاء طويلاً وأبكى من حضره، ثم قال: اللهم استرنا بسترك الجميل، وأجعل تحت الستر ما ترضى به عنا. وقال: يا ولدي، تعلم أني رحلت أيضاً لسماع الصحيح ماشياً مع والدي من هراة إلى الداوودي ببوشنج، وكان لي من العمر دون عشر سنين، فكان والدي يضع على يدي حجرين ويقول: احملهما فكنت من خوفه أحفظهما بيدي، وأمشي وهو يتأملني، فإذا رآني قد عييت أمرني أن ألقي حجراً واحداً، فألقيه ويخف عني، فأمشي إلى أن يتبين له تعبي، فيقول لي: هل عييت؟

(38/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 119
فأخافه فأقول: لا. فيقول: لم تقصر في المشي فأسرع بين يديه ساعة، ثم أعجز، فيأخذ الحجر الآخر من يدي ويلقيه عني، فأمشي حتى) أعطب، فحينئذ كان يأخذني ويحملني على كتفه. وكنا نلتقي على أفواه الطرق بجماعة من الفلاحين وغيرهم من المعارف، فيقولون: يا شيخ عيسى، ادفع إلينا هذا الطفل نركبه وإياك إلى بوشنج، فيقول: معاذ الله أن نركب في طلب أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ورجاء ثوابه والانتفاع به. وكان ثمرة ذلك حسن نية والدي، رحمه الله، أني انتفعت بسماع هذا الكتاب وغيره، ولم يبق من أقراني أحد سواي، حتى صارت الوفود ترحل إلي من الأمصار. ثم أشار إلى صاحبنا عبد الباقي بن عبد الجبار الهروي أن يقدم لي شيئاً من الحلواء، فقلت: يا سيدي قراءتي بجزء علي بن الجهم أحب إلي من أكل الحلواء. فتبسم وقال: إذا دخل الطعام خرج الكلام. وقدم لنا صحناً فيه حلواء الفانيذ. فأكلنا، ثم أخرجت الجزء وسألته إحضار الأصل، فأحضره وقال: لا تخف ولا تحرص، فإني قد قبرت ممن سمع علي خلقاً، فسل الله السلامة. فقرأت الجزء وسررت به، ويسر الله سماع الصحيح وغيره مراراً، ولم أزل في صحبته وخدمته إلى أن توفي في بغداد في ليلة الثلاثاء من ذي القعدة. قلت: بيض لليوم، وهو سادس الشهر.

(38/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 120
قال: ودفناه في الشونيزية. قال لي: تدفني تحت أقدام مشايخنا بالشونيزية. ولما احتضر سندته إلى صدري، وكان مشتهراً بالذكر، فدخل عليه محمد بن القاسم العوفي، فأكب عليه وقال: يا سيدي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. فرفع طرفه إليه، وتلا هذه الآية: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين فدهش إليه هو ومن حضر من الأصحاب، ولم يزل يقرأ حتى ختم السورة وقال: الله الله الله، ثم توفي وهو جالس على السجادة. وقال ابن الجوزي:) حدثني محمد بن الحسين التكريتي الصوفي قال: أسندته إلي فمات وكان آخر كلمة قالها: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين. قرأت بخط الحافظ يوسف بن أحمد: أنشدنا الزينبي أبو الفضل محمد بن الفضل بن بركاهويه لنفسه وقد دخل على أبي الوقت في النظامية بإصبهان، وشاهد اجتماع العلماء والحفاظ في مجلسه عند الإمام صدر الدين محمد بن عبد اللطيف الخجندي، والحافظ أبو مسعود كوتاه يقرأ عليه الصحيح:
(أتاكم الشيخ أبو الوقت .......... بأحسن الأخبار عن ثبت)

(طوى إليكم علمه ناشراً .......... مراحل الأبرق والخبث)

(ألحق بالأشياخ أطفالكم .......... وقد رمى الحاسد بالكتب)

(38/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 121
(فمنة الشيخ بما قد روى .......... كمنة الغيث على النبت)

(بارك فيه الله من حامل .......... خلاصة الفقه إلى المفتي)

(انتهزوا الفرصة يا سادتي .......... وحصلوا الإسناد في الوقت)

(فإن من قوت ما عنده .......... يصير ذا الحسرة والمقت)

4 (عبد الجبار بن عبد الجبار بن محمد بن ثابت بن أحمد.)
أبو محمد الثابتي، الخرقي، المروزي. فقيه بارع فاضل. تفقه على تاج الإسلام أبي بكر بن السمعاني، وعلى الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي، ثم اشتغل في الحساب والهندسة، وتجاوزها إلى علوم الأوائل، ومع ذلك كان حسن الصلاة. سمع الكثير من الحديث فانتفع به، وجمع تاريخاً لمرو. وسمع: أبا بكر محمد بن السمعاني، وإسماعيل بن أحمد البيهقي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: ولد بقرية خرق في سنة سبع وسبعين وأربعمائة. وتوفي بمرو يوم عيد الفطر. قاله أبو سعد وحدث عنه في التحبير.

(38/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 122
4 (عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم بن شهرمرد بن مهرة.)
الحافظ الكبير، أبو مسعود الأصبهاني كوتاه.) ذاكره الحافظ أبو موسى، وروى عنه، وقال فيه: أوحد وقته في علمه مع طريقته وتواضعه. ثنا لفظاً وحفظاً على منبر وعظه سنة تسع عشرة وخمسمائة، وسمعته يقول: ولدت سنة ست وسبعين وأربعمائة. وقال ابن السمعاني: من أولاد المحدثين، حسن السيرة، مكرم الغرباء، فقير، قنوع، صحب والدي مدة مقامه بإصبهان، وسمع بقراءته الكثير، وله معرفة تامة بالحديث، وهو من متقدمي أصحاب شيخنا إسماعيل الحافظ. سمع: رزق الله التميمي، وأحمد بن عبد الرحمن الذكواني، وأبا بكر بن ماجه الأبهري، وأبا عبد الله الثقفي، وجماعة كبيرة من أصحاب أبي سعيد النقاش، وأبي نعيم.

(38/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 123
وكتبت عنه وحضرت مجلس إملائه، وسمعت أبا القاسم الحافظ بدمشق يثني عليه ثناء حسناً، ويفخم أمره، ويصفه بالحفظ والإتقان. قال أبو سعد: ولما وردت إصبهان كان لا يخرج من داره إلا لحاجة مهمة كان شيخه إسماعيل الحافظ هجره ومنعه من حضور مجلسه لمسألة جرت في النزول، وكان كوتاه يقول: أقول النزول بالذات، وكان شيخنا إسماعيل ينكر هذا، وأمره بالرجوع عن هذا الاعتقاد، فما فعل، فهجره لهذا. قلت: ورحل بعد الخمسمائة إلى بغداد، وحج وسمع، ورحل إلى نيسابور، ولقي أبا بكر الشيروتي. وقد روى عن ابن ماجة بجزء لوين، وكان عالياً له. وقد روى عنه الكبار. وقال أبن السمعاني: ثنا عبد الخالق بن زاهر بنيسابور، نا أبو العلاء صاعد بن سيار الحافظ إملاء، ثنا عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم: أنا روح بن محمد، أنا أبو الحسن الخرجاني، أنا ابن خرزاذ،

(38/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 124
ثنا علي بن روحان، نا أحمد بن سنان: سمعت شيبان بن يحيى يقول:) ما أعلم طريقاً إلى الجنة أقصر ممن سلك طريق حديث. قلت: وهذا من جملة ما روته كريمة بالإجازة عن عبد الجليل كوتاه، وبين وفاتها وفاة صاعد بن سيار مائة وعشرون سنة، وذلك مستفاد في السابق واللاحق. وقد روى عنه: ابن العساكر، ويوسف بن أحمد الشيرازي، وآخرون. وتوفي في أول شعبان، وقيل في ثامنه، رحمه الله.
4 (عبد الرحمن بن مدرك بن علي.)
أبو سهل التنوخي، المعري، الشاعر. زلزلت حماه في رجب، فهلك جماعة تحت الردم منهم أبو سهل. روى عنه من شعره أبو اليسر شاكر التنوخي الكاتب مقطعات، فيها قوله:
(سارقته نظرة طال بها .......... عذاب قلبي وما له ذنب)

(يا جور حكم الهوى ويا عجباً .......... تسرق عيني ويقطع القلب)

4 (عبد الكريم بن الحسن بن أحمد بن يحيى.)
أبو القاسم التميمي، النيسابوري، الكاتب. رئيس فاضل، لغوي، شاعر.

(38/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 125
سمع: إسماعيل بن زهر النوقاني، وأبا إسحاق الشرازي الفقيه، وأبا بكر بن خلف، وغيرهم. روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، والمؤيد الطوسي. قال أبو سعد: كان صحيح السماع. توفي رحمه الله في رمضان. ومن شعره:
(سئمت تكاليف هذا الزمان .......... إلى كم أقاسي وحتى متى)

(فهل من إياب لوصلٍ مضى .......... وصل من ذهاب لهجرٍ أتى)

4 (عبد الواحد بن الحسن بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن جعفر.)
) الإمام أبو الفتح الباقرحي، البغدادي، من بيت الحديث. تغرب وجال في الآفاق. وسمع ببغداد، وخراسان. سمع: أباه، وأبا الحسن العلاف. وتفقه على إلكيا الهراسي. وبخراسان على الغزالي. وسمع بها من: إسماعيل بن الحسن الفرائضي، وعبد الغفار الشيرويي. وكان فقيهاً فاضلاً، سكن غزنة. ومولده سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وتوفي بغزنة في أواخر العام ظناً.

(38/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 126
قال ابن النجار: كان مقدماً في الأدب وفي الترسل درس بالنظامية ثم عزل بأسعد الميهني.
4 (علي بن عساكر بن سرور.)
أبو الحسن المقدسي، ثم الدمشقي، الخشاب، الكيال. سمع: الفقيه أبا الفتح نصر بن إبراهيم ببيت المقدس، وأبا عبد الله الحسن بن أبي الحديد بدمشق وكان قد جاء إليها تاجراً، ثم سكنها بعد أخذ القدس. وكان يصحب الفقيه نصر الله المصيصي. ولد سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة، وسمع سنة سبعين من أبي الفتح. وتوفي في سن أبي الوقت صحيح الذهن والجسم.

(38/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 127
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابنه القاسم، وأبو القاسم بن صصرى، وآخرون. توفي في شوال.
4 (علي بن هبة الله بن علي بن عبد الملك بن يوسف.)
الصوفي، أبو الحسن. كان كثير الكلام فيما لا يعنيه. روى عن: ثابت بن بندار، والحسين بن علي بن البسري، وغيرهما. وتوفي إن شاء الله في هذه السنة.
4 (عمر بن أحمد بن منصور بن أبي بكر محمد بن القاسم بن حبيب.)
) العلامة أبو حفص بن الصفار النيسابوري، ختن أبي نصر القشيري على ابنته. ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة. وسمع بقراءة جده إسماعيل بن عبد الغافر بن أبي بكر بن خلف، وأبي المظفر موسى بن عمران، وأبي تراب عبد الباقي المراغي، وأبي القاسم عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، وأبي الحسن المديني، وجماعة. روى عنه: ابنه أبو سعد عبد الله، وابن ابنه القاسم بن عبد الله، وأبو سعد بن السمعاني، وابنه المظفر عبد الرحيم، والمؤيد الطوسي، ومنصور الفراوي، ويحيى بن الربيع الواسطي الفقيه، وسليمان الموصلي، وأخوه

(38/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 128
علي، وأبو الفضل محمد بن عبد الكريم الرافعي، وزينب الشعرية، وآخرون. ولقبه: عصام الدين. وكان من كبار أئمة الشافعية. قال حفيده القاسم: كان جدي نظيراً لمحمد بن يحيى، وكان يزيد على ابن يحيى بعلم الأصلين. وقال ابن السمعاني: إمام، بارع، مبرز، جامع لأنواع الفضل من العلوم الشرعية، وكان سديد السيرة، مكثراً من الحديث. توفي يوم عيد الأضحى. وقد ذكره عبد الغافر فقال: شاب فاضل، دين ورع، أصيل، من أحفاد الإمام أبي بكر بن فورك، والفقيه أبي بكر الصفار، ومن أسباط أبي القاسم القشيري. نشأ معي وفي حجر الوالد مع أخيه أبي بكر، وسمعا الكثير بإفادة جدهما والدي، وأدركا إسناد السيد أبي الحسن، والحاكم، وعبد الله بن يوسف، وهذا الإمام أحد وجوه الفقهاء الآن، يرجى له البقاء إن شاء الله إلى وقت الرواية.
4 (عيسى بن هارون.)
أبو موسى المغربي، المالكي.

(38/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 129
مدرس حلقة المالكية بدمشق. إمام في المذهب والفرائض.
4 (حرف الميم)
)
4 (محمد بن أحمد بن ثابت.)
أبو العز بن الشيرجي، البغدادي. روى عن: أبي الحسن بن أيوب، وأبي سعد بن خشيش. وعنه: أبو سعد السمعاني، ومحمد بن أبي غالب الباذرائي. توفي في رمضان.
4 (محمد بن أحمد بن أبي القاسم.)
أبو بكر النسفي، اللؤلؤي، نزيل بخارى. سمع بنسف من: أبي بكر محمد بن أحمد البلدي. روى عنه: عبد الرحيم السمعاني. وتوفي في نصف ربيع الآخر ببخارى.
4 (محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن يعلى.)
أبو البركات ابن الصائغ البغدادي، المؤدب. كان مليح الخط، جيد النظم. صحب أبا النجيب السهروردي مدة طويلة. وحدث عن: أحمد بن عبد القادر بن يوسف. روى عنه: المبارك بن كامل، ويوسف بن مقلد. وعاش إحدى وثمانين سنة.

(38/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 130
4 (محمد بن محمد بن عبد الله بن معاذ.)
أبو بكر اللخمي، الإشبيلي، المعروف بالفلنقي. أخذ القراءات من شريح، وخلفه في حلقته، وترحل إلى قلعة حماد، فقرأ بها على أبي بكر عتيق بن محمد المقرئ تلميذ العباس بن نفيس المصري. وروى عن: أبي الحسن بن الأخضر، وأبي مروان الباجي، وأبي محمد بن عتاب. قال الأبار: كان إماماً في صناعة الأقراء، مجوداً، مسنداً، مشاركاً في العربية، مليح الخط، له تأليف في القراءات سماه كتاب الإنماء إلى مذاهب السبعة القراء.) أخذ عنه: أبو الحسن نجبه، وأبو محمد بن عبيد الله، وأبو ذر الخشني. واستوطن فارس وأقرأ بها. وتوفي في المحرم. وآخر من تلا عليه بالسبع الإمام محمد بن البوت الفارسي.
4 (محمد بن أبي منصور معمر بن أحمد بن محمد.)
أبو روح العبدي اللنباني، الإصبهاني. روى عن: أبي مطيع، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، ورزق الله.

(38/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 131
روى عنه: محمد بن أبي المكارم المديني شيخ الأبرقوهي، وأجمد بن عمر بن لبيدة، وعلي بن يعيش، وجماعة. حج، وحدث ببغداد. ومات في شوال. وقع لنا حديثه عالياً.
4 (المبارك بن أحمد بن زريق.)
أبو الفتح الواسطي، الحداد مقرىء أهل واسط وإمام جامعها، وأحد الموصوفين بالحذق في القراءات. قرأ علي: أبي العز القلانسي، وسبط الخياط. وسمع من: أبي نعيم الجماري، وخميس الحوزي، وأبي القاسم بن الحصين. وصتف في القراءات. روى عنه: ابنه المبارك، وابن إبراهيم بن البنا. قال ابن الدبيثي: سمعت الثناء عنه جميلاً. وتوفي في المحرم.
4 (المبارك بن أحمد بن محمد.)
أبو القاسم البغدادي، الصيرفي، صاحب أبي بكر المرزفي. سمع: طراداً الزينبي، والنعالي، وهبة الله بن عبد الرزاق. وعنه ابن سكينة، وعبد العزيز بن الأخضر.)

(38/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 132
وكان شيخاً صالحاً، عاش نيفاً وسبعين سنة. وتوفي في ربيع الأول سنة ثلاث.
4 (المبارك بن أحمد بن منصور.)
أبو محمد بن الشاطر، بغدادي. روى عنه: ابن الأخضر، وغيره. وتوفي في رمضان.
4 (المبارك بن المبارك بن علي بن نصر.)
الإمام الزاهد الكبير، أبو محمد بن التعاويذي، الجوهري. ولد سنة، وسمع: النعالي، وطراداً الزينبي، وابن البطر وحصل الأجزاء، وصحب الشيخ حماداً الدباس. قال ابن النجار: كان يتكلم عن لسان القوم، وله رياضات ومقامات. ثنا عنه: ابن سكينة، وابن الأخضر، وابن الحصري. وكان صدوقاً.

(38/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 133
توفي في جمادى الأولى في سنة ثلاث.
4 (المباركة بنت أبي بكر محمد بن منصور بن عمر الكرخي.)
وتعرف بست الأخوة، أخت أبي البدر الكرخي. سمعت من: عاصم بن الحسين. وتوفيت في ذي الحجة. روى عنها: ابن طبرزد، وابن الأخضر، وثابت بن مشرف، وآخرون.
4 (مسعود بن محمد بن غانم بن محمد.)
أبو المحاسن الغانمي الهروي، الأديب. ولد بطوس، ونشأ بنيسابور، وتفقه ببلخ، وسكن هراة. أجاز له: الأستاذ أبو القاسم القشيري، وأبو صالح المؤذن. وسمع مسند الهيثم من أبي القاسم أحمد بن محمد الخليلي. وسمع: أبا إسحاق إبراهيم الإصبهاني، وأبا جعفر السمنجاني، وغيرهم.) قال ابن السمعاني: كان إماماً فاضلاً، ورعاً، كثير العبادة. كان يتورع عند طعام والده لاختلاطه بالدولة. وعمر العمر الطويل في طاعة الله. وكان سريع النظم، ويسمي أشعاره السحريات.

(38/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 134
ولد سنة أربع وستين وأربعمائة، وتوفي في ربيع الأول. قلت: هو آخر من روى عن القشيري. وروى عنه: ابن السمعاني، وولده عبد الرحيم، وابن عساكر. سمع منه عبد الرحيم مسند الهيثم بن كليب، و رسالة القشيري.
4 (مسعود بن محمد بن شنيف.)
الوراق، أخو أحمد. سمع: أبا غالب محمد بن محمد العطار، والحسين بن محمد السراج. سمع منه: أحمد بن يحيى بن هبة الله، وابن عمه الحسين بن شنيف، وابن اللتي، وإبراهيم بن محمود الشعار، وغيرهم. كنيته أبو الفتح. توفي في شعبان سنة ثلاث وخمسين.
4 (حرف النون)

4 (نصر بن منصور بن حسين.)
أبو القاسم بن العطار، الحراني، التاجر، نزيل بغداد. كان متمولاً، كثير الصدقات، وفك الأسارى، وصلة المحدثين، مع

(38/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 135
الدين والخير. قال ابن الأخضر: سألته يوماً عن زكاة ماله فضحك وقال: سبعة آلاف دينار. قال ابن النجار: حدثونا أنه غرق له مركب، فأحضر الغواصين، فلم يزالوا يصعدون ما فيه حتى قال: قد بقي طشت وإبريق، فإن هذا المال مزكى لايضيع منه شيء. فغاصوا فوجدوه.) توفي في شعبان ببغداد، وله أربع وثمانون سنة. ولم يرو شيئاً. وكان يحفظ القرآن. قال أبو المظفر: كان خصيصاً بجدي، يحبه ويحسن إليه. حكى لي جماعة عنه أن عينه ذهبت، قال: فتوضأت من دجلة، وإذا بفقير عليه أطمار رثة، فقلت: إمسح على عيني. فمسح عليها، فعادت صحيحة، فناولته دنانير، فامتنع وقال: إن كان معك رغيف فنعم. فقمت وأتيت بخبز، فلم أره. فكان نصر رحمه الله لايمشي إلا وفي كمه خبز. وسمعت جماعة يحكون أن نصراً اشترى مملوكاً تركياً بألف دينار، وأعطاه تجارةً بألف دينار، وجهزه إلى بلاد إلى بلاد الترك. وكان جدي قد جمع كتاب المغفلين فكتب نصر إليه فعاتبه، وقال: أنا من جملة المحبين لك، وأنت تلحقني بالمغفلين فقال: بلغني كذا وكذا، وكيف يعود إليك وقد صار ببلاده

(38/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 136
ومعه ألف دينار قال: فإنه عاد. قال جدي: أمحو اسمك وأكتب اسمه. قلت: هو والد الوزير ظهير الدين منصور العطار المقتول في سنة.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن محمد بن علي بن محمد.)
أبو طاهر بن أبي الفتوح الطائي، الهمذاني سلار الحاج، وأخو المحدث أبي الفتوح محمد صاحب الأربعين. حج أكثر من عشرين حجة. قال ابن السمعاني: كان جلداً، خيراً متحرياً، عارفاً بالطرق، دخالاً في الأمور. سمع بهمذان: أبا الحسن طريف بن محمد الحيري، وأبا المظفر محمد بن أحمد الأبيوردي الأديب. سمعت منه بالحجاز، وكان يختم القرآن كله في ليلة قائماً في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.) توفي في شعبان.
4 (يحيى بن سلامة.)

(38/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 137
تقدم في سنة إحدى وخمسين. وقال أبو الفرج بن الجوزي: توفي سنة ثلاث في ربيع الأول بميافارقين، ثم ذكر له أشعاراً كثيرة.
4 (يحيى بن عبد الملك بن شعيب.)
أبو زكريا الكافوري، التاجر، الصالح. ورع، خير، صحب حماد الدباس ولازمه، وجمع كلامه بعد وفاته. سمع: أبا غاالب النعالي، وأبا الحسين بن الطيوري. وعنه: ابن الأخضر. مات في جمادى الآخرة في عشر الثمانين.
4 (الكنى)

4 (أبو إسحاق بن المستظهر.)
أخو الخليفة المقتفي لأمر الله. توفي في منتصف المحرم، واغتم عليه الخليفة غماً شديداً. وماتت بعده والدته بيومين.

(38/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 138
4 (أبو بكر السمرقندي.)
ظهير الدين. من كبار الحنفية. درس بدمشق بمسجد خاتون.

(38/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 139
4 (وفيات سنة أربع وخمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد الله بن بركة.)
أبو القاسم بن ناجية الحربي، الفقيه. تفقه على أبي الخطاب، وبرع في مذهب أحمد، ثم صار حنفياً، ثم تحول شافعياً، وكان إماماً بارعاً، بصيراً بالفقه، فقيه النفس، قيماً بالمناظرة، مليح الوعظ، ديناً.) قال ابن السمعاني: اجتمعت به يوماً فقال لي: أنا الساعة متبع الدليل ما أقلد أحداً. سمع من: ثابت بن بندار. وحدث.

(38/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 140
وتوفي في جمادى الآخرة. روى عنه: ابن الأخضر، وأحمد بن يحيى بن هبة الله. ومولده سنة.
4 (أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن علي بن إسماعيل بن سليمان بن يعقوب بن إبراهيم بن)
محمد بن الأمير إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس. أبو جعفر العباسي، المكي، نقيب الهاشميين بمكة. سمع من: أبي علي بن عبد الرحمن الشافعي، وغيره، وأبي مكتوم عيسى بن أبي ذر، وعبد القاهر بن عبد السلام العباسي المقرئ. ورد بغداد وحدث بها وبإصبهان. وولد سنة ثمانٍ وستين وأربعمائة. وتوفي في شعبان. قال أبو سعد: شيخ، ثقة، صالح، متواضع، ما رأيت في الأشراف مثله. قدم علينا إصبهان، وأنا بها، لدين ركبه ومعه خمسة أجزاء فسمعت منه. وسمع في الكهولة ونسخ الكتب. ثم قدم إصبهان راجعاً من كرمان في

(38/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 141
سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة. قلت: تفرد في وقته عن أبي علي الشافعي. روى عنه: ابن عساكر، والقاضي أبو المعالي أسعد بن المنجا، وثابت بن مشرف، وعبد السلام بن عبد الله الداهري، وأبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي، وطائفة. وآخر من روى عنه بالإجازة ابن المقير. وسماعه من الشافعي في الخامسة من عمره فإنه قال:) ولدت في إحدى الجمادين سنة ثمانٍ وستين. وهو من أولاد إسماعيل بن علي بن عبد الله بن عباس. قال ابن النجار: كان صدوقاً، زاهداً، عابداً. قرأت بخطه قال: سمعت الحديث من أبي علي الشافعي سنة اثنتين وسبعين ولي من العمر سبع سنين. قلت: وهذا مخالف لما مر.
4 (أحمد بن محمد بن زيادة الله.)
قاضي القضاة أبو العباس بن الخلال الثقفي، المرسي. روى عن: أبي علي بن سكرة وصحب أبا بكر بن فتحون. وتفقه على أبي القاسم بن أبي حمزة. ومال إلى الفقه والمسائل. وولي القضاء بأوريولة، ثم استعفى ثم ولي

(38/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 142
القضاء للأمير محمد بن سعد، ثم قبض عليه وسجنه، وأخذ أمواله، ثم قتله. روى عنه: أبو بكر عتيق بن عطاف، وعبد المنعم الخزرجي، وابن واجب.
4 (أحمد بن مهلهل بن عبد الله بن أحمد)
أبو العباس البرداني، البغدادي، الضرير، العبد الزاهد. كان فقيهاً، عابداً، قانتاً لله. تفقه على أبي الخطاب الكلوذاني. وسمع من: أبي غالب البقال. ومن أبي طالب بن يوسف، وغيره. وحدث.

(38/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 143
وكان المقتفي لأمر الله يزوره، والناس كافة. وبردانية: قرية من قرى إسكاف. وكان يعرف بالأزجي. توفي في جمادى الأولى.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن زيد بن جامع.)
أبو زيد الحموي، الشامي. قدم بغداد، وسمع: أبا سعد أحمد بن عبد الجبار الصيرفي، وأبا طالب بن يوسف، وأبا القاسم) بن الحسين، وأبا العلاء بن كادش، وغيرهم. ذكره ابن السمعاني وذكر أنه سمع من أبي الحسين بن الطيوري، وهو وهم من ابن السمعاني. ثم قال: شيخ صالح، كثير العبادة، دائم التلاوة. كتبت عنه أحاديث يسيرة. قلت: ذكره ابن النجار، فقال: ويكنى أبا الفضل، حموي نزل بغداد، إلى حين وفاته كان نقطعياً. سمع الكثير من: أبي الحسين بن المبارك، وأبي سعد أحمد بن عبد الجبار. بهذا قال ابن النجار أيضاً ومشى فيه خلف أبي سعد.

(38/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 144
قال: وكتب بخطه كثيراً، وجمع وخرج، وكان مشهوراً بالصلاح. وكان مولده سنة ثلاث أو خمس وثمانين وأربعمائة. روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي، وأبو عبد الله بن الزبيدي وعنده عنه رسالة البرهان من تصنيفه ينتصر فيها لقدم القرآن ويرد على المخالفين. توفي في ذي الحجة. قرأت على أحمد بن مؤمن: أخبركم الحسين بن المبارك، أنا أبو الفضل جعفر بن زيد الحموي في رسالته، أنا أبو العز العكبري، أنا أبو طالب الحربي، ثنا علي بن عبد العزيز، أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، ثنا يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول: بنيت هذه الصفات التي جاء بها القرآن ووردت بها السنة، وانتفى التشبيه عنه، كما نفى ذلك عن نفسه، فقال تعالى: ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أحمد.)
أبو المعالي بن الكرخي، الأزجي، المعدل. سمع: ابن طلحة النعالي، والحسين بن البسري. وعنه: ابن السمعاني وأثنى عليه، وابن الأخضر.) متعبد ورع. مات في ذي القعدة عن أربع وسبعين سنة رحمه الله تعالى.

(38/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 145
4 (الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل على الله.)
أبو علي الهاشمي، العباسي، البغدادي. سمع: أبا الحسن بن العلاف، وأبا غالب الباقلاني، وجماعة. روى عنه: ابن السمعاني وقال: له معرفة: بالأدب والشعر، قال لي إنه ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة. وكان شيخاً صالحاً، له أصول ببعض ما سمع. وقال ابن النجار: صنف كتاب سرعة الجواب أتى فيه بكل مليح. وقال أبو الفرج بن الجوزي: كان فيه لطف وظرف. جمع مسيرة المسترشد، وسيرة المقتفي. وتوفي في جمادى الآخرة. قلت: وكان يلقب بهاء الشرف. روى عنه: عبد المغيث بن زهير، وعبد الله بن عمر بن اللتي، وغيرهما.

(38/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 146
4 (حماد بن مجد بن هبة الله الغساني.)
الدمشقي الشيخ أبو محمد القطائفي، المقرئ. قرأ القرآن على أبي الوحش سبيع، وأقرأه. وكان شيخاً مستوراً. توفي في رمضان.
4 (حرف الزاي)

4 (زيد بن سعد بن علي بن أحمد بن علي.)

(38/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 147
أبو إسماعيل العلوي، الحسني، الهمذاني. سمع: أبا الفتح عبدوس بن عبد الله، وأبا العلاء محمد بن طاهر. روى عنه: ابن السمعاني. مات بهمذان، وله ثمانون سنة.
4 (حرف السين)
)
4 (سعيد بن الحسين بن شنيف.)
أبو عبد الله الدارقزي. أمين القضاة. وهو والد الحسين بن شنيف. سمع: الحسين بن محمد السراج، وابن طلحة النعالي. روى عنه: ابنه، وعمر بن طبرزد، وعبد العزيز بن الأخضر. توفي في آخر السنة. ذكره ابن السمعاني، لكنه غلظ فسماه عبد الله.
4 (حرف الظاء)

4 (ظهير بن أبي سعد بن علي الرفاء.)
أبو الفتوح الهمذاني. كذا سماه السمعاني، وسماه ابن عساكر: خباثاً. سمع: عبدوس بن عبد الله. وتوفي في شوال، وله تسعون سنة.

(38/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 148
4 (حرف العين)

4 (عبد الحليم بن محمد بن أبي القاسم بن علي بن أبي الفوارس.)
أبو محمد البراني، البخاري، المعروف بالحليمي، النخوي، المقرئ. قال عبد الرحيم بن السمعاني: كان أديباً فاضلاً، ومقرئاً صالحاً، عالماً، بالنحو. كان يعلم الصبيان، ويقرئ القرآن، وله حلقة بجامع بخارى يختم فيها القراء يقرأون عليه. سمع: عثمان الفضيلي، وعبد الله بن عطاء الهروي، وأبا الفضل بكر الزرنجري، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق. سمعت منه كتاب الزاهد لهناد بن السري. وكان مولده، تقريراً، في سنة ثلاثٍ وتسعين بالبرانية. وتوفي ببخارى في رجب.
4 (عبد الرحمن بن أحمد بن أبي القاسم بن أحمد.)
أبو القاسم المروزي، المؤذن، المقرئ.)

(38/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 149
قرأ بالروايات على الأستاذ أبي محمد الكركانجي فأتقنها: وسمع بمرو، ثم سمع ببغداد جزء الأنصاري وغيره على قاضي المارستان. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. ولد سنة ست وثمانين وأربعمائة، وتوفي في ذي القعدة.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن المنصور.)
أبو القاسم الحضرمي، الإسكندري. ولد سنة ست وستين وأربعمائة. وسمع من: أبي إسحاق الحبال، وعبد المحسن الشيحي، التاجر. ورخه ابن المفضل المقدسي. وأبوه ممن قرأ على ابن نفيس. وقرأ عليه ابن الخطية من سنة عشر. ورأيت في معجم السفر للسلفي: أنا أبو القاسم الحضرمي قال: أنا زيد بن الحسين الطحان سنة سبعين وأربعمائة، ثنا المحسن بن جعفر بن أبي الكرام، نا أبو بكر أحمد بن عبيد الحمصي، ثنا موسى بن عيسى بن المنذر، فذكر حديثاً. قال السلفي: عبد الرحمن من أولاد المحدثين. توفي أبوه قبل دخولي الثغر بمديدة قريبة، وهو محمد بن منصور بن محمد بن الفضل بن منصور بن أحمد بن يونس بن عبد الرحمن بن الليث بن المغيث بن عبد الحمن بن العلاء بن الحضرمي. أخرج إلي هذه النسبة عبد الرحمن بخط أبيه. كتب عبد الرحمن بخطه كتباً كباراً، وكتب عن أجزاء كثيرة. قلت: وقد سمع ولديه أحمد ومحمد من أبي عبد الله الرازي. قال ابن المفضل: توفي في رمضان.

(38/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 150
4 (عبد الرحمن بن محمد بن عدنان بن محمد بن علي.)
أبو شجاع الزينبي، الخريمي. قال ابن السمعاني:) أحد الأشراف، سمع الكثير بقراءة شجاع الذهلي، فسمع: ثابت بن بندار، وأبا سعد بن خشيش. كتبت عنه، وتوفي في ذي القعدة.
4 (عبد الواحد بن محمد بن مهذاب بن المفضل.)
أبو المجد التنوخي، المعري. سمع من أبيه بالمعرة في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة نسخة أبي هدبة عن آبائه. وسكن دمشق حين أخذت الفرنج المعرة. وسمع: أبا القاسم بن النسيب، وغيره. ثم انتقل إلى المعرة بعد مدة طويلة حين استنقذت من العدو. روى عنه: أبو سعد بن السمعاني، وغيره.
4 (عبد الواسع بن عطاء بن عبيد الله بن أحمد.)
أبو أحمد الهروي، الصيرفي، أخو عبد المعز وعبد الفتاح. سمع من: القاضي صاعد بن سيار الكناني. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني، وقال: توفي رحمه الله في ربيع الآخر.
4 (عبد الوهاب بن إسماعيل بن محمد بن عمر.)
أبو الفتح النيسابوري الصيرفي سبط أبي القاسم القشيري. عالم فاضل، مليح الخط.

(38/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 151
سمع الكثير، وسمع: فاطمة بنت أبي علي الدقاق جدته، وأبا بكر بن خلف، والفضل بن أحمد الجرجاني. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. وتوفي في شوال وله إحدى وثمانون سنة. روى عنه: المؤيد الطوسي.
4 (عبد الوهاب بن عيسى.)
أبو محمد اليشكري، المغربي، الفقيه المالكي، نزيل دمشق. قدمها سنة خمس وثلاثين، واعتنى به بعض الأمراء. واجتمع عليه جماعة من المغاربة.) ودرس ووعظ وفتح عليه، فلما قتل الفندلاوي رحمه الله جلس أبو محمد في حلقة المالكية. ثم بنى السلطان نور الدين دار الحجر الذهب عند المارستان، وجعلها مدرسة، وولى هذا تدريسها. وتوفي في رجب.
4 (علي بن علي بن نصر.)
أبو الحسن بن أبي تراب البصري الأديب، الشاعر. سمع ببغداد من: أبي البركات الوكيل، وأبي الحسين الطيوري. وعنه: حمزة بن القبيطي. مات في ذي الحجة عن بضع وتسعين سنة.
4 (عمر بن محمد بن الحسن بن عبد الله.)
أبو حفص الهمذاني، المعروف بالزاهد. ورد بغداد بعد الخمسمائة، وتفقه على أسعد الميهني.

(38/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 152
قال ابن السمعاني: كان ورعاً، صالحاً، متديناً. ثم ورد خراسان، وسكن مرو مدة. وصحب يوسف الهمذاني الزاهد، وكان يروض نفسه ويداوم على التهجد والصوم وأكل الحلال. وكان لا يخاف في الله لومة لائم، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. وصحب ببغداد الشيخ حماد الدباس، ثم سكن قرية بأرض مرو، وتأهل ورزق الأولاد، واشتغل بالعبادة ودعوة الخلق إلى الحق. وسمع صحيح البخاري من أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي. روى عنه: أبو سعد، وقال: توفي في أحد الربيعين أو الجماديين، وله أربع وستون سنة.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت سعد الله بن سعد بن سعيد بن الشيخ أبي سعيد الميهني.)
أم عطية. قدمت بغداد وأقامت، وروت عن: محمد بن أحمد الكامخي، ومحمد بن الحسن الإسفرائيني.) وعنها: عمر بن كرم. توفيت في جمادى الآخرة رحمها الله.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن عمر بن عبد الملك بن عبد العزيز.)
الفقيه أبو ثابت المستملي البخاري، الصفار. إمام الجامع.

(38/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 153
سمع: أبا علي النسفي. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني. وتوفي في رمضان ببخارى، وله سبع وثمانون سنة رحمه الله تعالى.
4 (محمد بن محمد بن أحمد بن مكتوم بن الربيع.)
أبو القاسم الشيباني، الخوارزمي، الصوفي. تغرب ورأى المشايخ ودخل الشام بعد الخمسمائة. وسمع بإصبهان، وخدم بمرو يوسف الهمذاني. وتوفي في ربيع الأول في عشر التسعين.
4 (محمد شاه بن محمود بن محمد بن ملكشاه.)
السلجوقي. طلب أن يخطب له ببغداد، فلم يجب إلى ذلك، فسار إليها وحاصرها على ما هو مذكور في الحوادث. ثم رحل عن بغداد، وتوفي في ذي الحجة بقرب همذان بعلة السل وله ثلاث وثلاثون سنة. وكان موصوفاً بالعقل والكرم والتأني في أموره. واختلفت الأمراء بعده، فطائفة طلبت أخاه ملكشاه، وطائفة طلبت أخاه الآخر سليمان شاه وهم الأكثر، وطائفة طلبت أرسلان الذي مع إلدكز.

(38/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 154
4 (مسعود بن عبد الله بن أبي يعلى.)
أبو علي الشيرازي، ثم البغدادي الخياط. سمع: الحسين بن الطيوري، وأبا سعد بن خشيش. روى عنه: محمد بن أحمد بن علي الصوفي. توفي في المحرم عن ثمان وسبعين سنة.)
4 (مسعود بن محمد بن عبد الغفار بن عبد السلام.)
أبو سعد الغياثي، الماهاني، المروزي فقيه عالم بمذهب أبي حنيفة، واعظ كثير المحفوظ، كثير الرغبة في تحصيل المال. سمع أبا نصر محمد بن محمد الماهاني، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق. روى عنه: ابن السمعاني، وولده. وتوفي في ذي الحجة. وعظ ببغداد.
4 (منجح بن مفلح بن أحمد بن محمد.)
أبو سعد بن أبي الفتح الرومي، البغدادي. سمع: أبا عبد الله النعالي، وأبا طاهر الباقلاني، وجماعة. وكان فقيهاً، يعمل الورق. كتب عنه: أبو سعد بن السمعاني، وقال: توفي في جمادى الآخرة. روى عنه بالإجازة ابن المقير.
4 (حرف النون)

4 (نيروز بن مسلم بن عبدون بن أبي فوناس.)
الإمام أبو علي الرزهوني الفاسي.

(38/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 155
مولده سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، ودخل إلى الأندلس، وسمع من أبي علي بن سكرة، وعباد بن سرحان. وكان فقيهاً بارعاً، تخرج به أهل فاس. ورخه ابن فرتون وقال: ثنا عنه محمد بن أحمد بن وسون، وعبد الرحيم بن الملجوم.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن نزار المنبجي.)
فاضل، شاعر محسن. قال ابن الجوزي: كان يحضر مجلسي، وجد في أذنه ثقلاً فخاف الطرش، فاستدعى طرقياً) فامتص أذنه حتى خرج شيء من مخه، وكان سبب موته. وقد ذكره أبو سعد بن السمعاني. وقدم الشام ومدح السلطان نور الدين، فمن شعره:
(لو صد عني دلالاً أو معاتبة .......... لكنت أرجو تلاقيه وأعتذر)

(لكن ملالاً فلا أرجو لعطفه .......... جبر الزجاج عسير حين ينكسر)

(38/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 156
4 (وفيات سنة خمس وخمسين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد الجليل.)
أبو العباس التدميري، الأندلسي. روى عن: أبي علي بن سكرة، وأبي محمد بن عطية، وجماعة. وكان عالماً باللغة والنحو، ومصنفاً نبيلاً. أدب أولاد صاحب مراكش. وتوفي بفاس.
4 (أحمد بن محمد بن الحسين.)
أبو بكر البغدادي، المراوحي المقرئ. سمع: ابن بيان، وأبياً النرسي، وأبا الخطاب الكلوذاني. روى عنه: ابن الأخضر، وغيره. وكان يؤم بمسجد. توفي في شعبان.

(38/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 157
4 (أحمد بن هبة الله بن محمد بن البيضاوي.)
أبو طالب. سمع: ثابت بن بندار، وغيره. روى عنه: عمر بن علي القرشي الحافظ. توفي في شوال. وكان من الحجاب.
4 (إبراهيم بن منبه بن عمر.)
أبو أمية الغافقي، الأندلسي. من أهل المرية. أخذ القراءات عن: ابن شفيع.) وسمع: أبا علي بن سكرة، وابن رغيبة، وأبا محمد بن عتاب. وحج، فسمع من سلطان بن إبراهيم المقدسي. وولي الخطابة والقضاء بمرسية. سمع منه: أبو القاسم بن حنيش، وغيره. ولم تحفظ وفاته، ولكنه حدث في هذا العام بصحيح البخاري عن رجلٍ، عن كريمة.
4 (حرف الباء)

4 (بزان بن مامين.)
الأمير الكبير مجاهد الدين الكردي، أحد الموصوفين بالشجاعة، والرأي، والسماحة، وصاحب الصدقات الكثيرة. مات بداره عند باب الفراديس، ودفن بمدرسته الجمالية، ولم يخل من باك عليه ومتأسف لفقده. ورثي بقصائد.

(38/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 158
وكان من أمراء دمشق، وبقي في الإمرة زماناً. ورخه حمزة التميمي أو إنسان بعده، فإن حمزة مات في هذه السنة. وقد توفي في أوائل العام.
4 (حرف الحاء)

4 (حمزة بن أسد بن علي بن محمد.)

(38/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 159
أبو يعلى التميمي، الدمشقي، العميد بن القلانسي، الكاتب. حدث عن: سهل بن بشر، وحامد بن يوسف التنيسي. قال الحافظ ابن عساكر: سمع منه بعض أصحابنا، ولم أسمع منه. قال: وكان أديباً كاتباً. تولى رئاسة دمشق مرتين، وكان يكتب له في سماعه أبو العلاء المسلم بن القلانسي، فذكر أنه هو ذاته. كذلك كان يسمى. وقد صنف تاريخاً للحوادث من بعد سنة أربعين وأربعمائة إلى حين وفاته. وقرأت من شعره:)
(يا نفس لا تجزعي من شدة عرضت .......... وأيقني من إله الخلق بالفرج)

(كم شدة عظمت ثم انجلت ومضت .......... من بعد تأثيرها في المال والمهج)
توفي في ربيع الأول. قلت: روى عنه: ابن صصرى، ومكرم بن أبي الصقر، وجماعة. وجمع بين الإنشاء كتابة الحساب، وحمدت ولايته. وتوفي في عشر التسعين.

(38/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 160
4 (حمزة بن علي بن هبة الله بن الحسن بن علي.)
الثعلبي، أبو معالي، الدمشقي، المعروف بأبي الحبوبي، البزار. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء المصيصي، وأبا الفتح المقدسي، وسهل بن بشر الإسفرائيني. سمعه عمه أبو المجد معالي بن هبة الله. قال ابن عساكر: كلن شيخاً لا بأس به. سمعته يقول: ولدت في آخر

(38/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 161
سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. ومات في جمادى الأولى. ودفن بسفح قاسيون. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وابنه البهاء، وأبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم، وعبد الخالق بن أسد، وابنه غالب، وحمزة بن عبد الوهاب الكندي، وأحمد بن المسمع، ومكرم بن أبي الصقر، وأبو نصر محمد بن الشيرازي. وأخر من روى عنه كريمة القرشية.
4 (حرف الخاء)

4 (خسروشاه.)
سلطان غزنة، وابن سلاطينها. ولي الملك بعد أبيه الملك بهرام شاه بن مسعود بن إبراهيم بن مسعود بن محمد بن سبكتكين. قال ابن الأثير: توفي في رجب من سنة خمس. وكان عادلاً حسن السيرة في رعيته، ومحباً للخير، مقرباً للعلماء، راجعاً إلى أقوالهم. وكان ملكه تسع سنين. وملك بعد ابنه ملكشاه، فلما ملك نزل علاء الدين ملك الغور فحاصر غزنة، وكان الثلج كثيراً، فلم يمكنه المقام وعاد إلى بلاده.)
4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن عثمان بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن.)
أبو الطيب القرشي، الزهري، العوفي، البخاري فاضل، طريف،

(38/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 162
كيس، مطبوع الحركات. طلب الحديث وتفقه، ووعظ وعظاً مليحاً. وسمع من: جده محمد بن عبد الحميد العوفي وعثمان بن إبراهيم الفضيلي، وبكر بن الرزنجري. وتوفي في رجب وله إحدى وسبعون سنة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور.)
أبو عبد الكريم المقدسي. شيخ صالح، مقرئ. هاجر إلى دمشق قبل الجماعة. وتعلم بها شيئاً من العلم، ثم عاد. وكان كثير الخير، نظيف الثياب صالحاً. ثم جاء ومضى إلى حران المرح، فأم بأهلها، وعاد مريضاً إلى دمشق، فمات في رجب. وهو عم الحافظ الضياء. قال: سألت خالي موفق الدين عنه، فقال: كان أكبر إخوته. انتقل إلى قرية جحا وأم بأهلها، ثم قدم علينا بعد أن انتقلنا إلى الجبل من مسجد أبي صالح، فأسس له بيتاً في الدير، وخرج إلى حران المرح. وسمعت شيخنا العماد إبراهيم بن عبد الواحد قال: كان يخطب في حران، فقال في خطبته: اللهم ارحم أمير المؤمنين المقتفي، بدل أصلح، فلما كان بعد أيام جاءنا الخبر بموت المقتفي.
4 (عبد الرحمن بن أبي سعد محمد بن محمد بن إبراهيم بن موسى.)
أبو القاسم الفارسي، ثم السرخسي.

(38/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 163
فقيه ورع، قانع، خير. تفقه على محيي السنة البغوي، وبعده على عبد الرحمن بن عبد الله النيهي، وأتقن مذهب الشافعي.) وتوفي في الكهولة بنسا في هذا العام ظناً.
4 (عبد الرشيد بن أبي بكر بن أبي الفضل بن ينال.)
أبو محمد الهروي، الطائي، البناء. شيخ صالح. سمع كثيراً من: محمد بن علي العميري. روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني وغيره. توفي بسجستان في ربيع الأول.
4 (عبد الرشيد بن أبي بكر بن ينال.)
أبو محمد الهروي، المهندس. شيخ صالح، سمع كثيراً من محمد بن علي العميري وحده، من ذلك: العوالي في التاريخ لابن عدي، رواه عن العميري، عن البوشنجي، عنه. سمعه منه السمعاني وقال: مات بسجستان في ربيع الآخر عن ثمانين سنة.
4 (عبد... بن مكي بن أيوب.)
أبو محمد التغلبي، الشاطبي، فقيه، حافظ، شروطي حاذق، شاعر. ولي خطة الشورى بشاطبة.

(38/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 164
وروى عن أبيه، وأبي عبد الله بن سيف، وأبي بكر بن مفوز، وأبي علي بن سكرة.
4 (عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن حمزة بن محمد بن عبد الله.)
الثقفي، أبو جعفر قاضي القضاة. سمع: أبا الغنائم محمد بن علي النرسي، وولي قضاء الكوفة مدة. ثم ولاه المستنجد بالله في هذا العام قضاء العراق، فتوفي في آخر العام وقد ناهز الثمانين. قال أبو سعد السمعاني: من بيت القضاء والعلم، فصيح العبارة، يحفظ التواريخ. سمع ببغداد أبا الخطاب بن البطر، وأبا عبد الله بن البسري، وقال لي: ولدت في صفر سنة بالكوفة. وقرأت عليه جزءاً من المحامليات.
4 (عبد الواحد بن ثابت بن روح بن محمد بن عبد الواحد.)
أبو القاسم الصوفي، الراراني، الإصبهاني. وراران قرية. قال أبو سعد:) صالح، خير، من بيت الحديث والتصوف. سمع: الحافظ سليمان بن إبراهيم، وطراد بن محمد الزينبي، وجماعة بإصبهان. وتوفي في السابع والعشرين من ذي الحجة.
4 (علي بن حسان بن علي.)

(38/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 165
أبو الحسن بن العلبي والد زكريا. شيخ بغدادي. سمع من: طراد الزينبي. روى عنه: محمد بن مشق، وغيره. توفي رحمه الله في شعبان.
4 (عيسى بن الظافر إسماعيل بن الحافظ بن عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بالله.)
العبيدي. الفائز بنصر الله أبو القاسم، خليفة مصر. بويع بالقاهرة يوم قتل والده وله خمس سنين، وقيل: بل سنتان، فحمله الوزير عباس على كتفه، ووقف في صحن الدار به، مظهراً الحزن والكآبة، وأمر أن يدخل الأمراء، فدخلوا فقال: هذا ولد مولاكم، وقتل عماه مولاكم، وقد قتلتهما كما ترون به، والواجب إخلاص الطاعة لهذا الطفل. فقالوا

(38/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 166
كلهم: سمعنا وأطعنا. وضجوا ضجة واحدة بذلك، ففزع الغلام، وبال على كتف عباس من الفزع. وسموه الفائز، وسيروه إلى أمه، واختل عقله من تلك الصيحة فيما قيل، فصار يتحرك في بعض الأوقات ويصرع. ولم يبق على يد عباس يد، ودانت له الممالك. وأما أهل القصر فإنهم اطلعوا على باطن القضية، فأخذوا في إعمال الحيلة في قتل عباس وابنه، فكاتبوا طلائع بن رزيك الأرمني والي منية بني خصيب، وكان موصوفاً بالشجاعة والرأي، فسألوه النصرة، وقطعوا شعور النسوان والأولاد، وسيروها في طي الكتاب، وسودوا الكتاب. فلما وقف عليه اطلع من حوله من الجند عليه، وأظهر الحزن، ولبس السواد، واستمال عرب الصعيد، وحشد وجمع. ثم كاتب أمراء القاهرة، فلما قرب خرج إليه الأمراء، والجند، والسودان، وبقي عباس في نفرٍ يسير، فهرب هو وابنه وغلمانه والأمير أسامة بن منقذ. وقيل هو الذي أشار عليهما بقتل الظافر، والعلم لله. فنقل ابن الأثير قال:) اتفق أن أسامة بن منقذ قدم مصر، فاتصل بعباس، وحسن له قتل زوج أمه العادل علي بن السلار فقتله، وولاه الظافر الوزارة، فاستبد بالأمر، وتم له ذلك.

(38/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 167
وعلم الأمراء أن ذلك من فعل ابن منقذ، فعزموا على قتله، فخلا بعباس وقال له: كيف تصبر على ما أسمع من قبيح القول من الناس: أن الظافر يفعل بابنك نصر وكان من أجمل الناس، وكان ملازماً للظافر. فانزعج لذلك فقال: كيف الحيلة قال: اقتله فيذهب عنك العار. فاتفق مع ابنه على قتله. وقيل: إن الظافر أقطع نصر بن عباس قليوب كلها، فدخل وقال: أقطعني مولانا قليوب. فقال ابن منقذ: ما هي في مهرك بكثير. فجرى ما ذكرناه. وهربوا فقصدوا الشام على ناحية أيلة في ربيع الأول سنة تسع وأربعين. وملك الصالح طلائع بن رزيك ديار مصر من غير قتال، وأتى دار بن عباس المعروفة بدار الوزير المأمون ابن البطائحي التي هي اليوم المدرسة السيوفية الحنفية، فاستحضر الخادم الصغير الذي كان مع الظافر لما نزل سراً، وسأله عن الموضع الذي دفن فيه الظافر، فعرفه به، فقلع البلاطة التي كانت عليه، وأخرج الظافر ومن معه من المقتولين، وحملوا، وقطعت عليهم الشعور، وناحوا عليهم بمصر، ومشى الأمراء قدام الجنازة إلى تربة القصر. وتكفل الصالح بالصغير ودبر أحواله. وأما عباس ومن معه، فإن أخت الظافر كاتبت الفرنج بعسقلان الذين

(38/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 168
استولوا عليها من مديدة يسيرة، وشرطت لهم مالاً جزيلاً إذا خرجوا عليه وأخذوه. فخرجوا عليه، فواقعهم، فقتل عباس، وأخذت أمواله، وهرب ابن منقذ في طائفة إلى الشام. وأرسلت الفرنج نصر بن عباس إلى مصر في قفص حديد، فلما وصل تسلم رسولهم المال، وذلك في ربيع الأول سنة خمسين. ثم قطعت يد نصر، وضرب ضرباً مهلكاً وقرض جسمه بالمقارض، ثم صلب على باب زويلة حياً، ثم مات. وبقي مصلوباً إلى يوم عاشوراء سنة إحدى وخمسين، فأحرقت عظامه. وهلك الفائز سنة خمس، وهو ابن عشر سنين أو نحوها.) وقيل: إن الملك الصالح ابن رزيك بعث إلى الفرنج يطلب منهم نصر بن عباس، وبذل لهم أموالاً، فلما وصل سلمه الملك الصالح إلى نساء الظافر، فأقمن يضربنه بالقباقيب واللوالك أياماً، وقطعن لحمه، وأطعمنه إياه إلى أن مات، ثم صلب. ولما مات الفائز بالله بايعوا العاضد لدين الله أبا محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ بن عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العبيدي، ابن عم الفائز، وأجلسه الملك الصالح طلائع بن زريك على سرير الخلافة، وزوجه بابنته. ثم استعمل الصالح على بلد الصعيد شاور البدوي الذي وزر.
4 (حرف الفاء)

4 (فضل بن حسن.)
أبو القاسم الأنصاري، الدمشقي، الكتاني.

(38/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 169
كان يخرج إلى الغوطة ويقارض الكتان بالغزل. روى عن: سهل بن بشر. روى عنه: الحافظ بن عساكر، وقال: مات في ذي الحجة.
4 (الفضل بن الحسن بن علي بن محمد.)
الخطيب أبو نصر الطوسي، المقرىء. قال أبن السمعاني: كان يؤم الوزراء. قدم علينا مع الوزير محمود بن أبي توبة، وخطب مرو. وكان حسن الصوت، عالماً، كثير المحفوظ. حج وسمع أبا القاسم بن بيان، وأبا الرضا علي بن يحيى النسفي، وهادي بن إسماعيل الحسيني. وكان قد سمع: أبا تراب عبد الباقي المراغي، ونصر الله بن أحمد الحسنامي على ذكر لي يوماً، وما رأيت له أصلاً يفرح به. ولد سنة ست وسبعين وأربعمائة، وتوفي بمرو في جمادى الآخرة. وروى عنه: عبد الرحيم.
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن الحسين بن القاسم.)
) أبو بكر الهروي، الحصيري.

(38/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 170
قال عبد الرحيم في معجمه: كان شيخاً صالحاً، حسن الخط، حملني والدي إليه ليسمعني منه صحيح الإسماعيلي. فسمعت منه. سمع: أبا عامر محمود بن القاسم الأزدي، وإسماعيل بن حمزة الهروي، وأبا أحمد إسماعيل بن عبد الله القهندزي. ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة، وتوفي بهراة في رابع جمادى الآخرة. وقال أبو سعد في التحبير: سمعت منه الجامع الصحيح للإسماعيلي بروايتين، عن إسماعيل بن حمزة بن فضالة العطار، ثم الحسين بن محمد الباشاني، عنه. وسمعت منه الجواهر لمحمد بن المنذر شكر.

(38/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 171
4 (حرف الكاف)

4 (كريمة بنت أحمد بن علي الكوفي، الأبيوردي.)
أم الحسين العابدة. نزلت مرو، وسمعت مع السمعاني. وكانت صوامة، قوامة، متهجدة قانتة، عابدة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد المقتفي لأمر الله.)

(38/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 172
أمير المؤمنين أبو عبد الله بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله جعفر بن المعتضد الهاشمي، العباسي، رضي الله عنه. من سروات الخلفاء، كان عالماً، ديناً، شجاعاً، حليماً، دمث الأخلاق، كامل السؤدد، خليقاً للإمامة، قليل المثل في الأئمة عليهم السلام، لا يجري في دولته أمر وإن صغر إلا بتوقيعه. وكتب في خلافته ثلاث ربعات منها ربعة نفدت إلى بلاد فارس. ووزر له علي بن طراد الزينبي، ثم أبو نصر بن جهير، ثم أبو القاسم علي بن صدقة، ثم أبو المظفر يحيى بن هبيرة، وحجبه أبو المعالي بن الصاحب، ثم كامل بن مسافر، ثم أبو غالب بن المعوج، ثم أبو الفتح بن الصقيل، أبو القاسم علي بن الصاحب. وكان آدم، مجدور الوجه، مليح الشيبة، له هيبة عظيمة، وأمه حبشية.) ولد سنة تسع وثمانين وأربعمائة في الثاني والعشرين من ربيع الأول، وبويع بالخلافة في السادس والعشرين من ذي القعدة سنة ثلاثين وخمسمائة، وقد جاوز الأربعين. وسمع من مؤدبه أبي البركات بن أبي الفرج بن السيبي. قال ابن السمعاني: وأظن أنه سمع جزء ابن عرفة من أبي القاسم بن بيان، مع أخيه المسترشد بالله، واتفق أني كتبت قصة إليه، وسألته الإنعام بالأحاديث، والإذن في السماع منه، فأنعم وفتش على الجزء ونفذه إلي على يد شيخنا أبي منصور بن الجواليقي وكان يؤم به الصلوات، فخرجت من بغداد

(38/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 173
قبل أن أسمعه منه، غير أني سمعته من ابن الجواليقي، وكان قد قرأه عليه. حدثنا أبو منصور، ثنا المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين، أنا أبو البركات أحمد بن عبد الوهاب، وأنا أبو محمد الصريفيني، أنا المخلص، أنا إسماعيل الوراق، ثنا حفص بن عمرو الربالي، نا أبو سحيم، عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزداد الأمر إلا شدة ولا الناس إلا شحاً، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق. قلت: أنا أبو المعالي الهمذاني، أنا أبو علي بن الجواليقي، أنا أبو المظفر يحيى بن محمد الوزير قال: قرأت على مولانا المقتفي لأمر الله سنة اثنتين وخمسين حدثكم السيبي، فذكره. وأجاز لنا جماعة سمعوه من الكندي، أنا أبو الفتح عبد الله بن البيضاوي، أنا أبو محمد بن هزاز مرد الصريفيني، فذكره. وقد جدد المقتفي باباً، واتخذ من العتيق تابوتاً لدفنه. وكان محمود السيرة، مشكور الدولة، يرجع إلى دين، وعقل، وفضل، ورأي وسياسة، جدد معالم الإمامة، ومهد رسوم الخلافة، وباشر الأمور بنفسه، وغزا غير مرة في جنوده، وامتدت أيامه.

(38/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 174
وذكر أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي في كتاب المناقب العباسية المقتفي، فقال: كانت أيامه نضرة بالعدل، زهرة بفعل الخيرات، وكان على قدمٍ من العبادة قبل إفضاء الأمر إليه ومعه.) وكان في أول عمره متشاغلاً بالدين، ونسخ ربعات وقرأ القرآن إلى أن قال: ولم ير مع سماحته ولين جانبه ورأفته بعد المعتصم خليفة في شهامته وصرامته وشجاعته، مع ما خص به من زهده وورعه وعبادته. ولم تزل جيوشه منصورة حيث يممت. قال ابن الجوزي: مات بالتراقي، وقيل: دمل في عنقه، فتولي ليلة الأحد ثاني ربيع الأول، عن ست وستين سنة إلا ثمانية وعشرين يوماً. قال: ومن العجائب أنه وافق أباه في علة التراقي، وماتا جميعاً في ربيع الأول. وتقدم موت شاه محمد على موت المقتفي بثلاثة أشهر، وكذلك المستظهر مات قبله السلطان محمد بن ملكشاه بثلاثة أشهر. ومات المقتفي بعد الغرق بسنة، وكذلك القائم مات بعد الغرق بسنة. وكان من سلاطين دولته السلطان سنجر صاحب خراسان، والسلطان نور الدين صاحب الشام. واستوزر عون الدين يحيى بن هبيرة. وكان هو الذي قام بحشمة الدولة العباسية، وقطع عنها أطماع الملوك السلجوقية وغيرهم من المتغلبين. ومن

(38/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 175
أيام المقتفي عادت بغداد والعراق إلى يد الخلفاء، ولم يبق لهم فيها منازع. وقبل ذلك لعل من دولة المقتدر إلى وقته كان الحكم للمتغلبين من الملوك، وليس للخليفة معهم إلا اسم الخلافة. وكان رضي الله عنه كريماً، جواداً، محباً للحديث وسماعه، معتنياً بالعلم، مكرماً لأهله. وبويع بعده ولده أبو المظفر يوسف، ولقب بالمستنجد بالله.
4 (محمد بن أحمد بن علي بن الحسن.)
أبو المظفر بن التريكي، الهاشمي، العباسي، خطيب جامع المهتدي. كان من كبار العدول ببغداد، وله إسناد عالٍ على قتله. روى عن: أبي نصر الزينبي، وعاصم، ورزق الله. ولد سنة سبعين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعلي بن هارون الحلي النحوي، وأبو الفرج محمد بن عبد الرحمن، والشطي التاجر، وعبد السلام بن عبد الرحمن بن سكينة، ويحيى بن أبي المظفر) الحنفي مدرس النفيسية،

(38/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 176
وآخرون توفي في نصف ذي القعدة.
4 (محمد بن علي بن عمر.)
الخطيب أبو بكر البروجردي. قدم بغداد، وتفقه على أسعد الميهني. وتفقه بمرو مدة حتى برع في المذهب، وصار من أئمة الشافعية. وانقطع إلى صحبة يوسف بن أيوب الزاهد، وتعبد ولزم الطاعة، وحج. روى عنه: أبو سعد السمعاني أناشيد، وقال: يعرف بالموفق، وأثنى عليه وروى عن: أبي منصور محمد بن علي الكراعي، والفقيه عمر بن محمد السرخسي، وجماعة. وسمع الكثير، وقرأ بنفسه ببغداد على قاضي المرستان. ومات في ربيع الأول وله سنة.
4 (محمد بن محمد بن محمد الحسن بن علوي بن محمد بن محمد بن زيد بن غبرة.)
الهاشمي، أبو الحسن الحارثي، الكوفي، المعروف بابن المعلم. أحد عدول الكوفة. من ولد ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.

(38/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 177
ولد سنة ثمانٍ وستين وأربعمائة، وسمع سنة خمس وسبعين من العدل أبي الفرج محمد بن أحمد بن علان، وأبي علي محمد بن محمد بن محمد بن حمدان الخالدي، وأبي القاسم الحسين بن محمد بن سليمان الدهقان، وأبي غالب بن المنثور الجهني، وجماعة. وتفرد بالرواية عن بعضهم. ورحل إليه الطلبة إلى الكوفة. قال ابن النجار: روى لنا عن جماعة سمعوا منه بالكوفة، وقد سمع منه: أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع، وأبو الفرج بن النقور. وحدث ببغداد قديماً. مات بالكوفة في سلخ ذي الحجة سنة خمس. قاله مسعود بن النادر. وقال أبو الفضل بن شافع: توفي في أواخر محرم سنة ست. قال:) وكان ثقة في روايته، سمعت عليه بقراءتي الأجزاء التي ظهرت له جميعها. قلت: آخر من روى عنه بالإجازة كريمة الدمشقية.
4 (محمد بن أبي جعفر محمد بن علي بن محمد.)
أبو الفتوح الطائي، الهمذاني، صاحب الأربعين الطائية. ولد سنة خمسٍ وسبعين وأربعمائة بهمذان. وسمع: فيد بن عبد الرحمن الشعراني، وعبد الرحمن بن حمد الدوني،

(38/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 178
وظريف بن محمد، ومحمد بن أبي العباس الأبيوردي الأديب، وإسماعيل بن الحسن الفرائضي، وعبد الغفار الشيروبي، وفخر الإسلام عبد الواحد بن إسماعيل الروياني، وتاج الإسلام أبا بكر السمعاني، وشيرويه الديلمي، الحافظ، وابن طاهر المقدسي، وأبا القاسم بن بيان الرزاز. وتفقه بمرو على محيي السنة البغوي، وعلى أبي بكر االسمعاني. قال أبو سعد بن السمعاني: يرجع إلى نصيب من العلوم، فقه، وحديث، وأدب، ووعظ. حضرت وعظه بهمذان، فاستحسنته. قلت: روى عنه: محمد بن عبد الله بن البنا الصوفي بن الحسن بن الزبيدي، وأخوه الحسن، وجماعة. وتوفي في شوال بهمذان، وآخر من روى عنه ابن اللتي.
4 (محمد بن محمد بن عبد الكريم.)
أبو المفضل بن زنبقة الواسطي، المعدل. ولد سنة خمسٍ وسبعين و أربعمائة، وعدل سنة خمسمائة. وسمع: أبا تمام، وأبا الفضل محمد بن محمد بن السوادي، وأبي غالب محمد بن حمد. وسمع البخاري ببغداد من نور الهدى أبي طالب. روى عنه: أبو يعلى محمد بن علي بن القارئ، وأبو طالب بن عبد

(38/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 179
السميع، وغيرهما. وتوفي في ذي الحجة.)
4 (محمد بن بركة بن بكا.)
شيخ صالح سني. سمع: أبا غالب الباقلاني، وأبا الحسين بن الطيوري. وعنه: ابن الأخضر.
4 (محمد بن يحيى بن علي بن مسلم بن موسى بن عمران.)
القرشي، اليمني، الزبيدي، الواعظ، أبو عبد الله. ولد في المحرم سنة ستين وأربعمائة، وقدم دمشق في حدود سنة ست وخمسمائة فوعظ وأخذ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فلم يحتمل طغتكين أتابك له ذلك، وأخرجه عن دمشق، فذهب إلى العراق، ودخلها سنة تسع وخمسمائة، ووعظ. وكان له معرفة بالنحو والأدب. وكان صبوراً على الفقر، متعففاً. ثم قدم دمشق رسولاً من المسترشد بالله في أمر الباطنية وعاد. وكان حنفي المذهب، على طريقة السلف في الأصول.

(38/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 180
قال أبو الفرج بن الجوزي: حدثني البراندسي قال: جلست مع الزبيدي من بكرة إلى قريب الظهر، وهو يلوك شيئاً في فيه، فسألته، فقال: لم يكن لي شيء، فأخذت نواة أتعلل بها. قال ابن الجوزي: وكان يقول الحق وإن كان مراً، ولا تأخذه في الله لومة لائم. ولقد حكي أنه دخل على الوزير الزينبي وقد خلعت عليه خلع الوزارة، والناس يهنونه بالخلعة، فقال هو: هذا يوم عزاء لا يوم هناء. فقيل له، فقال: أهنيء على لبس الحرير قال أبو الفرج: وحدثني عبد الرحمن بن عيسى الفقيه قال: سمعت محمد بن يحيى الزبيدي قال: خرجت إلى المدينة على الوحدة، فأواني الليل إلى جبل، فصعدت وناديت:) اللهم إني الليلة ضيفك. ثم نزلت فتواريت عند صخرة، فسمعت منادياً ينادي: مرحباً يا ضيف الله. لك مع كل طلوع الشمس تمر بقوم على بئر يأكلون خبزاً وتمراً، فإذا دعوك فأجب، فهذه ضيافتك. فلما كان من الغد سرت، فلما طلعت الشمس لاحت لي أهداف بئر، فجئتها، فوجدت عندها قوم يأكلون خبزاً وتمراً، ودعوني، فأجبت. قال ابن السمعاني: كان يعرف النحو معرفة حسنة، ويعظ، ويسمع معنا من غير قصد من القاضي أبي بكر الأنصاري، وغيره. وكان فناً عجيباً. وكان في أيام المسترشد يخضب بالحناء، ويركب حماراً مخضوباً بالحناء، وكان يجلس ويجتمع عليه العوام، ثم فتر سوقه. ثم إن الوزير عون الدين ابن هبيرة نفق عليه الزبيدي ورغب فيه.

(38/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والثلاثون الصفحة 181
وسمعت جماعة يحكون عنه أشياء السكوت عنها أولى. ثم قال: وقيل لي إنه يذهب إلى مذهب السالمية، ويقول إن الأموات يأكلون ويشربون وينكحون في قبورهم، والسارق والشارب للخمر والزاني لا يلام على فعله لأنه يفعل بقضاء الله. وسمعت علي بن الملك الأندلسي يقول: زاد الزبيدي في أسماء الله تعالى أسامي، ويقول: هو المتمم، والمبهم، والمظهر، والزارع. قال أبو البركات عبد الوهاب الأنماطي: حمل إلي الزبيدي جزءاً صنفه وذكر فيه أن لكل ميت بيت في الجنة وبيت في النار، فإذا دخل الجنة هدم بيته الذي في النار، وإذا دخل النار هدم بيته الذي في الجنة. قلت: وحفيداه اللذان رويا الصحيح هما الحسن والحسين ابنا المبارك بن محمد. وقال ابن عساكر: قال ولده إسماعيل:) كان أبي في كل يوم وليلة من أيام مرضه يقول: الله الله قريباً من خمسة عشر ألف مرة، وما زال يقول الله الله حتى لقي رحمة الله. توفي في ربيع الآخر. وقال أحمد بن صالح بن شافع: كان له في علم الأصول وعلم العربية حظ وافر، وقد صنف كتباً في فنون العلم تزيد على مائة مصنف. ولم يضيع شيئاً من عمره. ثم بالغ الجيلي في تعظيمه وقال: كان يخضب بالحناء ويعتم متلحياً دائماً. حكيت لي عنه من جهات صحيحة غير كرامة، منها رؤيته للخضر وجماعة من الأولياء.
4 (محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد.)=

مجلد30.ووُلد ثمانٍ وعشرين.30.

روى عنه: الضياء، وغيره.

وكان حيّاً في هذه السنة.

وأخبرنا ابن عساكر، أخبرنا محمد بن إسماعيل إجازة، أخبرنا جدي، فذكر حديثاً.

 

محمد بن تِكش بن إيل أرسلان بن آتْسِز بن محمد بن نوشتِكين.

السلطان علاء الدين خُوارزم شاه.

قد ذكرنا قطعة من أخباره في الحوادث.

أباد ملوك العالم، ودانت له الممالك واستولى على الأقاليم.

قال ابن واصل: نسب علاء الدين ينتهي إلى إيلتِكين أحد مماليك السلطان ألب أرسلان بن جغر بيك السلجوقي.

قال الإمام عزّ الدين ابن الأثير: كان صَبوراً على التعب وإدمان السَّيْر، غير مُتَنَعِّم ولا مُقبل على اللذات؛ إنما نَهْمته في المُلك وتدبيره، وحِفظه، وحفظ رعيته.

قال: وكان فاضلاً، عالماً بالفقه والأصول، وغيرهما. وكان مكرِماً للعلماء محباً لهم، محسناً إليهم، يحب مناظرتهم بين يديه. ويُعظّم أهل الدين وبترّك بهم. فحكى لي بعض خدم حُجرة النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد من خُراسان، قال: وصلت إلى خُوارزم ودخلتُ الحمّام، ثم قصدت باب السلطان، فلما أُدخلتُ عليه أجلسَني بعد أن قام لي، ومشى واعتنقني، قال لي: أنت تخدم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم؟ قلت: نعم. فأخذ بيدي وأمرّها على وجهه، وسألني عن حالنا وعيشنا، وصفة المدينة ومقدارها، وأطال الحديث معي، فلما عزمت، قال: لولا أننا على عزم السفر الساعة لما ودّعتك، وإنا نريد أن نعبر جَيحون إلى الخَطا، وهذا طريق مبارك حيث رأينا من يخدم الحُجرة الشريفة، ثم ودّعني وأرسل إليّ جملة من النفقة.

وقال أبو المظفر ابن الجوزي: إنه توفي سنة خمس عشرة، فغلط، وقال: كان قد أفنى ملوك خُراسان، وما وراء النهر، وقتل صاحب سمرقند، وأخلى البلاد، من الملوك؛ واستقلّ بها، فكان ذلك سبباً لهلاكه. ولما نزل همذان، كاتب الوزير مؤيد الدين محمد ابن القًمّي نائب الوزارة الإمامية عن الخليفة عساكر خُوارزم شاه، ووعدهم بالبلاد، فاتفقوا مه الخطا على قتله، وبعث القُمّي إليهم بالأموال والخيول سراً، فكان ذلك سبباً لوهنه؛ وعلم بذلك، فسار من همذان إلى

خُراسان ونزل مَرْو، فصادف في طريقه الخيول والهدايا والكتب إلى الخَطا، وكان معه منهم سبعون ألفاً، فلم يمكنه الرجوع لفساد عسكره. وكان خاله من أمراء الخَطا، وقد حلّفوه أن لا يُطلع خُوارزم شاه على ما دبروا عليه، فجاء إليه في الليل، وكتب في يده صور الحال، ووقف بإزائه، فنظر إلى السطور وفهمها، وهو يقول: خذ لنفسك، فالساعة تُقتل، فقام وخرج من تحت ذيل الخيمة؛ ومعه ولداه جلال الدين والآخر، فركب، وسار بهما، ثم دخل الخَطا والعساكر إلى خيمته، فلم يجدوه، فنهبوا الخزائن واليخول، فيقال: إنه كان في خزائنه عشرة آلاف ألف دينار وألف حِمل قماش أطلس وغيره. وكانت خيله عشرين ألف فرس وبغل، وله عشرة آلاف مملوك. فهرب وركب في مركب صغير إلى جزيرة فيها قلعة ليتحصّن بها، فأدركه الأجل، فدُفن على ساحل البحر، وهرب ولداه، وتفرقت الممالك بعده، وأخذت التتار البلاد.

قلت: وكانت سلطنة علاء الدين محمد بن تِكش في سنة ست وتسعين وخمسمائة عند موت والده السلطان علاء الدين تِكش.

قال الموفق عبد اللطيف: كان تِكش أعور قميئاً كثير اللعب بالملاهي، استُدعي من الديوان العزيز لدفع أذى طُغريل السلجوقي صاحب همذان، فقتل طُغريل وسيّر برأسه، وتقدّم بطلب حقوق السلطنة، فتحركت أمة الخَطا إلى بلاده، أو حُرّكت، فألجأته الضرورة أن يرجع - يعني إلى خُوارزم -.

وتولى بعده الأمر ولداه، فكان ابنه محمدٌ شجاعاً، شهماً، مِغواراً، مقداماً، سعد الوجهة، عزّاء، لا ينشف له لبد، ويقطع المسافات الشاسعة في زمان لا يتوهم العدو أنه يقطعها في أضعافه.

وكان هجّاماً، فاتِكاً، غدّاراً، فأول ما فتك بأخيه، فأُحضر رأسه إليه وهو على الطعام، فلم يكترث. وكان قليل النوم، كثير اليقظة، طويل النصب، قصير الراحة. يخدم في الغارات أصحابه، ويهجعون وهو يحرسهم. وثيابه وعدة فرسه لا تبلغ ديناراً. لذّته في نَصَبه، وراحته في تعبه، كثير الغنائم والأنفال، سريع التفريق لها والإنفاق. وكان له معرفة ومشاركة للعلماء، وصحب الفخر الرازي قبل المُلك، فلما تملّك رعى له ذلك، فوسّع عليه الدنيا وبسط يده.

لكن هذا المَلك أفسد رأيه العُجْب، والتيه، والثقة بالسلامة، وأوجب له ذلك أن يستبدّ برأيه، ويُنكّب عن ذكر العواقب جانباً، واستهان بالأعداء، ونسي عواقب الزمان؛ فمن عُجبه كان يقول: "محمد ينصر دين محمد" ثم قطع خُطبة بني العباس من مملكته، وترك غزو الكفار،

وأخذ يتصدّى لعداوة قِبلة الإسلام وقلْب الشريعة بغداد، وعزم على قصد تفليس ليجعلها سرير مُلكه، ويحكم منها على بلاد الروم والأرمن والقفجق، وسائر بلاد العرب والعجم؛ فأفسد الأمور بإساءة التدبير، وقتل نفسه بشدة حرصه وحركته قبل وقته، وأراد أن يتشبه بالإسكندر، وأين الأعمى من المبصر؟ وأين الوليّ من رجل تركي؟ فإن الإسكندر مع فضله وعدله ولإظهاره كلمة التوحيد؛ كان في صُحبته ثلاثمائة حكيم، يسمع منهم ويطيع، وكان معلمه أرسطوطاليس نائبه على بلاده، ولا يحل ولا يعقد إلا بمشورته ومراسلته في استخراج رأيه.

كذا قال الموفق، وأخطأ في هذا كغيره، فليس إسكندر صاحب أرسطوطاليس هو الذي قص الله سبحانه قصته في القرآن، فالذي في القرآن رجل مؤمن، وأما الآخر فمشرك يعبد الوثن؛ واسمه إسكندر بن فلبّس المقدونيّ، على دين الحكماء - لا رعاهم الله - ولم يملك الدنيا ولا طافها؛ بل هو من جملة ملوك اليونان.

قم قال الموفق: وقد عُلم بالتجربة والقياس أن كل ملِك لا يكون قصده إقامة وبسط العدل والعمارة فهو وشيك الزوال؛ فأول ما صنع هذا أنه ظاهر أمة الخَطا، فنازلهم بأمة التتر حتى استأصلهم، ولم يُبق منهم إلا من دخل تحت طاعته، وصار من عسكره. واستخدم سبعة أمراء من أخواله وجعلهم من قلب عسكره وخواصه. ثم انتقل إلى أمه التتر فمحقهم بالسيف ولم منهم إلا مستسلم في زمرته. وكانت بلاد ما وراء النهر في طاعة الخَطا، وملوك بُخارى وسمرقند وغيرهما يؤدون الإتاوة إلى الخَطا، والخَطا يبسطون فيهم العدل. وكانت هذه الأمم سداً بين تُرك الصين وبيننا، ففتح هذا الملك بقلة معرفته هذا السد الوثيق. ثم أفسد تلك الممالك والأمصار، وأتى على إخراب البلاد وإفساد القلوب، وإبداعها أصناف الإحَنِ والعداوات، وظن أنه لم يُبق فيهم مَن يقاومه، فانتقل إلى خُراسان وسِجِتان وكِرمان ثم العراق وأذربيجان، وطمع في الشام ومصر، وحدّثته نفسه بجميع أقطار الأرض. وكان ذلك سهلاً عليه قد يسّره الله له لو ساعده التوفيق بحُسن التدبير وأصالة الرأي والرفق وعدم العَسف. وكان يستحضر التجّار ويكشف منهم أخبار الممالك النائية.

وفي بعض الليالي قال لي ابن يَعلى وزير الملك الظاهر غازي: إن السلطان الليلة مهموم؛ لِما اتصل به من أخبار خُوارزم شاه وطمعه في الشام. فقلت له: هذا سعادة للسلطان ولك ولي.

قال: وكيف؟ قلت: هذا مَلكٌ واسع الدائرة لا يقدر أن يقيم بالشام، وغرضه القهر والاستيلاء،

وسلطاننا فيه ملق وحُسن تودد ومداراة، فإذا قرب لاطفه وأتحفه، فإذا استولى على ممالك الشام لم يجد من يستنيبه عليه سواه. قال: وكيف عرفت هذا؟ قلت: من التجار. فلما أصبح قص عليه ما جرى فسُرّي عنه، وأمر أن يُحقق ذلك، فاستدعى بتاجر خبير بغدادي، وحادثة، فزعم أنه حاضره وبايعه، وذكر من أحواله أنه يبقى أربعة أيام أو نحوها على ظهر فرسه ولا ينزل، وإنما ينتقل من فرس إلى فرس، ويتضمّر، ويطوي البلاد. وأنه ربما أتى البلد الذي يقصده في نفرٍ يسير فيهجمه ثم يُصبّحه من عسكره عشرة آلاف ويمسيه عشرون ألفاً، وفي كثير من الأوقات يأتي المدد، وقد قضى الحاجة بنفسه. وفي كثير من الأوقات يبعث البعوث ويأتي أخيراً وقد قُضيت الحاجة أولاً. وربما هجم البلد في نفر دون المائة فيقضي حاجته. وربما قتل ملك ذلك البلد أو أسره ثم تتدفق جموعه. وقال: إن سرجه ولجامه لا تبلغ قيمتها دانقاً، ولا تبلغ قيمة ثيابه دانقين. وحكى أنه في بعض غاراته نزل بأصحابه آخر الليل وكانوا نحو سبعين فارساً، فأمرهم بالهجعة، وأخذ خيلهم يسيّرها بعدما استقى من بئر وسقى الجميع، فلما علم أنهم قد أخذوا من النوم بنصيب أيقظ بعضهم وأمرهم بالحراسة، ثم هجع يسيراً ونهض كالعفاريت وهجموا على المدينة، وقتل ملكها.

وسألني الوزير عنه مرة أخرى، فقلت: لا يمكنه أن يدخل الشام؛ لأنه إن أتى بجمْع قليل لم ينل غرضاً مع شجاعة أهل الشام والفلاحون يكفونه، وإن أتى بجمْع كثير لم تحمله الشام؛ لأن خيلهم تأكل الحشيش، ولا حشيش بالشام، وأما الشعير ففي كل مدينة كفاية دوابّها. ثم أخذتُ أحسب معه ما في حلب من الدوابّ فبلغتْ مع التكثير خمسين ألفاً، فإذا ورد سبعمائة ألف فرس، أخذوا عليق شهر في يوم أو يومين، ثم إنهم ليس لهم صناعة في الحرب سوى المهاجمة. وأخْذهم البلاد إنما هو بالرعب والهيبة لا بالعدل والمحبة، وهذه الحال لا تنفع مع شجاعة أهل الشام.

وعُقيب موت الملك الظاهر غازي، وصل رسوله إلى حلب، فاحتفل الناس، وخرجت الدولة للقائه، وإذا به رجل صوفي، وخلفه صوفي قد رفع عُكّازاً على رأسه، ومعه اثنان من عسكره، ورسول صاحب إربل، فصعِد القلعة، وقال بحضرة المراء: سُلطان السلاطين يسلم عليكم، ويعتب إذ لم تهنئوه بفتح العراق وأذربيجان، وإن عدد عسكره قد بلغ سبعمائة ألف؛ فأحسنوا المعذرة بأن قالوا: نحن في حزن بموت ملكنا وضعف في نفوسنا وإذا بسطنا فنحن عبيده.

وكان كلامه وشكله بقلة عقل مرسله. ثم توجه إلى الملك العادل بدمشق، فقال: سلطان سلاطين يسلم عليك، وقال: تصل الخدمة، فقد ارتضيناك أن تكون مقدَّم الركاب. فقال: السمع والطاعة؛ ولكن لنا شيخ هو كبيرنا نشاوره، فإذا أمر حضرنا، قال: ومن هو؟ قال: أمير المؤمنين.

فانصرف، والناس يهزؤون منه.

قال: وسمعنا أنه جعل عز الدين كِيكاوس صاحب الروم أمير علَم له، والخليفة خطيباً، وكل ملك جعل له خدمة! وأما الملوك الدين كانوا بحضرته، فكان يذلّهم ويهينهم أصنافاً من الإهانات؛ فكان إذا ضُرب له النوبة يجعل طبول الذهب في أعناق الملوك وهم قيام يضربون، وهذا يدلّ على اغتراره بدنياه وقلة ثقته بالله تعالى.

ثم إنه وصل همذان، وإصبهان، وبثّ عساكره إلى حُلوان وتُخوم إربل، وواصلَه مظفّر الدين بالمؤن والأزواد، خافه أهل بغداد؛ فجمعوا وحشدوا واستعدوا للحصار واللقاء جميعاً، ثم إن الله أجراهم على جميل عادته في أن يدافع عنهم؛ وذلك أنه اختلت عليه بلاد ما وراء النهر، فرجع على عقبيه، وقهقر، لا يدري ما خلفه مما بين يديه. وأيضاً فإنه لما وصل حُلوان نزل عليهم ثلج ونوء عظيم. فقال بعض خواصه: هذا من كرامات بيت النبوّة.

ولما أباد أمتي الخَطا والتتر وهم أصحاب الجَند وتُركستان وتنْكُت ظهرت أمم أخر يسمون التتر أيضاً، وهو صنفان: صنف يسكنون طَمْغاج وما يليها، ويسمّون الإيوانية، وصنف يسكنون مما يلي الهند وصين الصين بجبلٍ يُسمّى سَنك سُلاخ وفيه حرق إلى الهند، ومنه دخل السلطان محمد هذا إلى الهند، فجاءهم من حيث لا يحتسبون، فوقع بين طائفتي التتر، فانهزمت الإيوانية من الطَمْغاجية إلى أن خالطوا أطراف بُخارى وسمرقند، واتصل بهم: أن السلطان محمداً بنواحي بغداد، وأن المسافة بعيدة، فطمعوا في البلاد بخلوّها عنه، فأتاه الخبر وهو بهمذان، فارتد على عقبيه حتى قدم بُخارى، فجمع وحشد وعزم على لقائهم، وستّر ولده جلال الدين بخمسة عشر ألفاً وجعلهم كميناً، فنمّ الخبر إلى الطمغاجية، وملّكهم هو جنكرخان فوقعوا على الكمين فطحنوه. وهرب جلال الدين بعد جهد جهيد حتى اتصل بأبيه، فأجمع رأيه على أن يضرب معهم مصافّاً فثبتوا عند اللقاء أول يوم، فعجب من ذلك السلطان محمد إذ لم تجر له عادة أن يثبت بين يديه عدو، فلما ثبتوا اليوم الثاني والثالث ضعُفت منّته ومُنّة أصحابه،

وتغيّرت نياتهم، واستشعروا الخوف والخور، ثم وصلت الجواسيس تخبره بأن العدو على نصف عسكره في العدد، فخيّل إليه تعس الجد أن في أصحابه مُخامرين، فقبض على كُبرائهم، فازدادت النيات فساداً، وتوهّم أن عسكره قد صفا، فضرب معهم مصافّاً آخر فتطحطح ووصل بُخارى منهزماً، ونادى إلى الناس: استعدوا للحصار ثلاث سنين. فتخلوا عنه، فرأى من الرأي أن يرجع إلى نيسابور ويجمع بها الجيوش، ولم يظن أن الطمغاجية يتعدون جَيحزن. فأخذوا بخارى في ثمانية أيام؛ وأبادوا أهلها، ثم هجموا خراسان. فأشار عليه وزيره عماد المُلك أن يلحق بهمذان، وضمن له أن يجمع له من العساكر والأموال مقدار حاجته، فما وصل الري إلا وطلائعهم على رأسه، فانهزم إلى قلعة بَرَجين وقد نَصَب، فأقام بها يومين، وإذا بهم عليه، فسحّب نفسه إلى دّرْبند قارون - موضع في تُخوم بارس - ومعه ثلاثمائة فارس عُراة، ليس فيهم رمق، فلما مضّهم الجوع استطعموا من أكرادٍ هناك، فلم يحتفلوا بهم، فقالوا: السلطان معنا، فقالوا: ما نعرف السلطان. فلما ألحفوا في المسألة أعطوهم شاتين وقصعتي لبن، فتوزعوها. ثم رجع إلى نهاوند، ومر على أطراف البلاد إلى همذان ثم إلى مازنْدان؛ وقعقعة رماحهم وسيوفهم قد ملأت مسامعه مناظره، فنزل ببحيرة هناك بموضع يعرف بآوكرم، فمرض بالإسهال الذريع، وطلب دواء فأعوزه الخبز، ومات هناك. وذُكر أمه حُمل في البحر إلى دهِستان.

وذكر آخرون: أنه لما صار في السفينة لم يزل يضرب رأسه بجدرانها إلى أن مات.

وأما ابنه جلال الدين فتقاذفت به البلاد فرمته بالهند، ثم ألقته الهند إلى كرمان، كما يأتي في ترجمته، إن شاء الله.

وقال شمس الدين الجَزَري - أبقاه الله - في "تاريخه": كان لخُوارزم شاه علاء الدين تُضرب النوبة في أوقات الصلوات الخمس كعادة الملوك السلجوقية، فلما قصد العرق في سنة أربع عشر وستمائة تركها تُضرب لأولاده جلال الدين وغيره، وجعل لنفسه نوبة ذي القرنين كانت تُضرب وقت المطلع والمغيب، فعملها سبعة وعشرين دبدبة من الذهب، ورصّعها بالجواهر.

ونصّ يوم اختير لضربها على سبعة وعشرين ملكاً من أكابر الملوك وأولاد السلاطين، وقصد التجبّر والعظمة. ثم قصد العراق في أربعمائة ألف فوصل إلى همذان.

وقيل: كان معه ستمائة جتْر، تحت كل جِتر ألف فارس. كان قد أباد الملوك واستحوذ على

الأقاليم. ثم قال: هذا ما نقله ابن الأثير وغيره.

قال شمس الدين: وحكى لي تقي الدين أبو بكر بن علي بن كمجون الجَزَري السفّار، سنة نيّف وسبعين، قال: حدثني ابن عمي شمس الدين محمد التاجر - وكان صاحب الجزيرة يبعث معه إذا سافر إلى العجم هدايا إلى السلطان خُوارزم شاه، فكانوا يحترمون ما يبعث به لكونه من بقايا بني أتابك زنكي - قال: فكنت في جيش الملك خوارزم شاه ومعه يومئذ مقدار ستمائة ألف راكب ومعهم أتباع تُقاربهم، وتلك البراري تموج بهم كالبحر، فبينما هو في بعض الليالي في المختم، وإذا بصوت ينادي: "يا كفرة اقتلوا الَجَرة" فتُتبُع ذلك الصوت فلم يُر أحدٌ إلا طيور طائرة، فلما كان ثاني ليلة سُمع ذلك الصوت بعينه ورأى الطيور، فلما كانت الليلة الثالثة سُمع ذلك الصوت بعينه، فما سكت إلا وقد دخل إليه خاله، فحذّره من الفتك به - كما ذكرنا -.

قال: وحكى لي الصالح غرس الذين أبو بكر الإربِلي، قال: كان ابن خالتي من حُجّاب مظفّر صاحب إربل، فحدثني، قال: أرسلني مظفر الدين إلى خوارزم شاه رسولاً فأكرمني، وأجلسوني فوق رسول الخليفة، وفوق الملوك الذين هم في خدمته، فكان عدّة من التقينا من عسكره، وممن هو داخل غي طاعته ثلاثمائة ألف وخمسين ألفاً، وكنا كلما جئنا إلى مكانٍ يقولون: هذا رسول الفقير مظفّر الدين. فسألت بعض الوزراء: كم تكون عدة جيش السلطان؟ قال: المدوّنة ثلاثون توماناً، التومان: عشرة آلاف.

قلت: وكانت دولته إحدى وعشرين سنة.

ثم رأيت سيرته وسيرة ولده لشهاب الدين محمد بن أحمد بن علي النسَوي في مُجلد، فذكر فيه سعة ممالكه وقهره البلاد والعباد، واستيلائه على خراسان، وخوارزم، وأطراف العراق، ومازَندان، وكِرمان، ومُكران، وكيش، وسِجِستان، والغور، وغزْنة، وباميان، وما وراء النهر والخَطا، وما يقارب أربعمائة مدينة. وذكر من عظمة أمة تركان الخَطائية، أموراً لم يُسمع بمثلها، من عظمتها ونفوذ أمرها، وقتلها النفوس، وجبروتها. وأن جنكزخان أسرها؛ ورأت الذل والهوان والجوع.

قال لنسوي: ولما رحل من حافة جَيحون إلى نيسابور والناس يتسللون لم يقم بها ألا ساعة رعباً تمكن من صدره، وذعراً داخل صميم قلبه، فحكى لي الأمير تاج الدين عمر البِسطامي قال: وصل السلطان بسطام، فاستحضرني وأحضر عشرة صناديق، وقال: هذه كلها جوهر، وفي

هذين الصندوقين جوهر يساوي خراج الدنيا بأسرها، فأمرني بحملها إلى قلعة أردهن، ففعلتُ، وأخذت خط نتوليها بوصولها مختومة. فحاصر التتار القلعة إلى أن صالحهم نتوليها على تسليم الصناديق إليهم بختومها، فحملت إلى جنكزخان. ووصل السلطان إلى أعمال همذان في عشرين ألفاً، فلم ترعه إلا صيحة العدو، فقاتلهم بنفسه، وشمل القتل جل أصحابه، ونجا هو في نفرٍ يسير إلى مازندران ثم إلى حافة البحر، فأقام بقرية هناك يحضر المسجد، ويصلي مع إمام القرية، ويبكي، وينذر النذور إنْ سلِم، إلى أن كبسه التتار بها، فبادر إلى مرْكب، فوقعت فيه سهامهم، وخاض خلفه ناس؛ فغرقوا.

وحدثني غير واحدٍ ممن كانوا مع السلطان في المركب، قالوا: كنا نسوق الركب، وبالسلطان من علة ذات الجَنْب ما آيسه من الحياة، وهو يُظهر الاكتئاب ضَجَراً، ويقول: لم يبق لنا من ملكنا قدر ذراعين، تُحفر، فنُقبر، فما الدنيا لساكنها بدار. فلما وصل إلى الجزيرة سُر بذلك، وأقام بها فريداً طريداً والمرض يزداد. وكان في أهل مازِندران ناس يقرّبون إليه بالمأكول والمشروب وما يشتهيه، فقال في بعض الأيام: أشتهي أن يكون عندي فرس ترعى حول خيمتي. فلما سمع الملك حسن أهدى له فرساً. ومن قبل كان اختيار الدين أمير آخِر السلطان مقدَّماً على ثلاثين ألف فارس قول: لو شئت لجعلتُ أصحابي ستين ألفاً من غير كُلفة، وذلك أنني أستدعي من كل جُشار للسلطان في البلاد جوباناً فينيفون على ثلاثين ألفاً. فتأمل يا هذا بُعد ما بين الحالتين! ومَن حمل إليه في تلك الأيلم شيئاً من المأكول وغيره، كتب له توقيعاً بمنصب جليل، وربما كان الرجل يتولى كتابة توقيع نفسه لعدم موقّع، فأمضاها بعد ولده جلال الدين. ثم حلّ بن الحِمام، انقضت الأيام، فغسّله شمس الدين محمود الجاويش، مقرّب الدين الفرّاش، وما كان عنده كفن، ودُفن بالجزيرة.

أذلّ الـمـلـوك وصــاد الـــقُـــروموصـــيّر كـــل عـــزيزٍ ذلـــــــيلا

وحـفّ الـمـلـوك بـه خـاضـعـــينوزُفّـــوا إلـــيه رعـــيلاً رعــــيلا

فـلـمـــا تـــمـــكـــن مـــن أمـــرهوصـارت لـه الأرض إلا قــلـــيلا

وأوهـمـه الــعـــز أن الـــزمـــانإذا رامـه ارتـدّ عـــنـــه كَـــلـــيلا

أتـتــه الـــمـــنـــية مُـــغَـــتـــاظةوسـلّـت عـلـيه حُـسـامـاً صـقـــيلا

كـذلـك يُفـعـل بــالـــشـــامٍـــتـــينويُفـنـيهـم الـدهـر جـيلاً فـــجـــيلا

 

محمد بن ثَروان بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الباقي.

الزاهد، القدوة، أبو عبد الله القُضاعي، القيسي، التدمري. شيخ تدمر.

توفي في رمضان من السنة، وله ثلاث وستون سنة.

وقد صحِب والده الشيخ الكبير ثَروان، صاحب الشيخ أبي البيان القُرَشي الدمشقي، رحمهم الله.

نقلته من تعاليق علَم الدين البِرزالي.

 

محمد بن الحسن بن علي.

أبو الحسن المجار البغدادي الضرير، المقرئ.

قرأ بالروايات الكثيرة على أبي الحسن بن المُرحّب البَطائِحي؛ وسمع منه ومن شُهدة. وأقرأ، وحدّث.

وعاش سبعين سنة، ومات في جمادى الأولى.

 

محمد بن رَيحان بن عبد الله.

مولى ثقة الدولة أبي السحن زوج شُهدة الكاتبة، الشيخ أبو علي.

سمع من: شُهده، يحيى بن ثابت، والمبارك بن المبارك السمّار.

روى عنه: الدبيثي، وغيره.

ومات في شعبان أو في صفر، وهو أصح.

 

محمد بن عبد الله بن أحمد.

أبو بكر ابن العربي، الإشبيلي، من أقارب القاضي أبي بكر بن العربي.

قرأ لنافع على قاسم بن محمد الزقاق صاحب شُريح.

وحج، فسمع من السلفي، وغيره. ثم رحل بعد نيّف وعشرين سنة إلى الشام والعراق، وأخذ عم عبد الوهاب بن سُكينة وطبقته.

ورجع فأخذوا عنه بقرطبة وإشبيلية. ثم سافر سنة اثنتي عشرة، وتصوّف، وتعبّد، وتوفي بالإسكندرية.

 

محمد بن عبد السيد بن علي.

أبو نصر ابن الزيتوني، البغدادي.

عُني بطلب الحديث على كبر السنّ؛ وسمع من: ابن شاتيل، والقزّاز، وعلي ابن الطرّاح، وابن بَوش. وأكثر على ابن الجوزي.

ونسخ الكتب الكبار "كالمسند"، و "تاريخ" الخطيب، و "الطبقات" لابن سعد، والتفاسير. وقرأ الكثير.

وكان صدوقاً، صالحاً متودّداً، ذا مروءة.

ولد سنة بضع وثلاثين، ومات في سادس وعشرين في ربيع الآخر.

روى عنه: ابن النجّار، وغيره.

 

محمد بن عبد الكريم بن محمد بن منصور.

الفقيه أبو زيد ابن الحافظ العلامة أبي سعد، السمعاني، المَرْوزي.

روى عن: أبي الفتح محمد بن عبد الرحمن الحَمدويي، وجماعة؛ سمع منهم قبل الستين وخمسمائة. وسمع من أبيه.

وقدِم بغداد رسولاً ووعظ بها، وروى أحاديث في مجلس وعظه من حفظه.

وكان مولده في سنة أربع وخمسين؛ وانقطع خبره من هذا الوقت.

أخبرنا ابن عساكر، أخبرنا أبو زيد إجازة - فذكر حديثاً.

 

محمد بن عثمان بن يوسف أبو عبد الله الأنصاري الخزرجي.

الشافعي.

سمع بمصر من: علي بن هبة الله الكاملي، والتاج المسعودي، وأبي المفاخر سعيد المأموني، وبدمشق من محمد بن أبي الصقر.

وحدث.

ومات في شوال بالقاهرة.

 

محمد بن عثمان بن حسن.

أبو بكر السلماسي، ثم البغدادي.

البزاز.

ولد سنة تسع وأربعين.

وسمع حضوراً من أبي الوقت.

وحدث.

ومات في ربيع الآخر.

 

محمد بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه بن محمد.

شيخ الشيوخ، صدر الدين أبو الحسن ابن شيخ الشيوخ عماد الدين أبي الفتح، الجويني، البحير آباذي، الصوفي.

ولد بجُزين، وتفقه على أبي طالب محمود بن علي بن أبي طالب الإصبهاني، صاحب "التعليقة" المشهورة. وقدم الشام مع والده، وتفقه بدمشق على القطب مسعود بن محمد النيسابوري حتى برع في المذهب.

وسمع من: أبيه، ويحيى الثقفي.

وولي المناصب الكبار، وتخرج به جماعة. ودرّس وأفتى. وزوّجه القطب النيسابوري ابنته، فأولدها الإخوة الأربعة المراء الصدور: عماد الدين عمر، وفخر الدين يوسف، وكمال الدين أحمد، ومعين الدين حسن. ثم إنه عظُم في الدولة الكاملية، وارتفع قدره. وولي تدريس الشافعي، ومشهد الحسين، وغير ذلك. وسيّره الكامل رسولاً إلى الخليفة يستنجد به على الفرنج في نوبة دمياط، فمرض بالموصل، ومات بعلة الذرب في جمادى الآخرة، أو في جمادى الأولى.

قال المنذري: سمعت منه، وخرّجت له عن المجيزين له كأبي علي الحسن بن أحد الموسياباذي، ونصر بن نصر العُكبَري، وأبي الوقت الشِّجزي، وجماعة ممن رحل إلى الغزالي وتفقه عنده وصحبه. وكانت داره مجمع الفضلاء. وكان جد أبيه علم الزهاد، وشيخ العارفين بحُوَين، له أحوال ومقامات.

قلت: وكان صدر الدين حسن السمت، كثير الصمت، كبير القدر، غزير الفضل، صاحب أوراد، وورع، وحلم، وأناة.

 

محمد السلطان الملك المنصور ابن السلطان الملك المظفّر تقي الدين عمر ابن الأمير نور

الدولة شاهنشاه.

ابن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان، صاحب حَماه وابن صاحبها.

سمع بالإسكندرية من الإمام أبي الطاهر بن عوف الزُّهري.

وجمع "تاريخاً" على السنين في عدة مجلدات، فيه فوائد.

قال أبو شامة: كان شجاعاً، محباً للعلماء يقربهم ويعطيهم.

قلت: وروى أيضاً عن أسامة بن منقِذ؛ روى عنه القُوصي في "معجمه" وقال: قرأت عليه قطعة من كتابه "مضمار الحقائق في سر الخلائق" وهو كبير نفيس يدل على فضله، لم يُسبق إلى مثله.

قلت: وتوفي والده المظفر في سنة سبع وثمانين؛ كما تقدم، وتوفي جده في وقعة الفرنج شهيداً على باب دمشق سنة ثلاث وأربعين شاباً، رحمه الله، وخلّف ولدين: أحدهما: تقي الدين عمر، والآخر: فرّوخ شاه نائب دمشق.

وكانت دولة الملك المنصور مدة ثلاثين سنة. وقد ذكرنا من أخباره في الحوادث، وأنه كسؤر الفرنج مرتين.

وكان مزوّجاً بملكة ابنة السلطان الملك العادل، وهي أم أولاده، وماتت قبله، فتأسف عليها بحيث أنه لبس الحداد واعتم بعمامة زرقاء؛ قال ذلك ابن واصل في "تاريخه"، وقال: ورد عليه السيف الآمدي، فبالغ في إكرامه، واشتغل عليه.

قال: وصنّف كتاب "طبقات الشعراء" وكتاب "مضمار الحقائق" وهو نحوٌ من عشرين مجلدة.

وقد جمع في خزانته من الكتب ما لا مزيد عليه. وكان في خدمته ما يناهز مائتي معمّم من الفقهاء والأدباء والنحاة والمشتغلين بالعلوم الحكمية والمنجمين والكتّاب. وكان كثير المطالعة والبحث. بنى سور القلعة والمدينة بالحجر، وكانت القلعة قد بناها أبوه باللبن. وكان موكبه جليلاً تُجذب بين يديه السيوف الكثيرة، حتى كان موكبه يضاهي موكب عمه الملك العادل والملك الظاهر، وجُمعت أشعراه في "ديوان".

قلت: شعره جيد أورد منه ابن واصل قصائد مليحة.

وتملك حَماة بعده ولده الملك الناصر قِلج رسلان، فأخذ منه السلطان الملك الكامل حَماة، وأعطاها لأخيه الملك المظفر ابن المنصور، وحبس الناصر بالجب بمصر، فمات على أسوأ حال.

توفي المنصور في ذي القعدة.

 

محمد بن الفضل بن بُختيار.

أبو عبد الله اليعقوبي الواعظ، المعروف بالحجة.

توفي بدَقوقا في جمادى الأولى.

سمع من: أبي الفتح بن شاتيل، وغيره. وذكر أنه سمع من أبي الوقت.

وصنّف "غريب الحديث". وولي خطابة بَعْقوبا.

قال ابن النجار: سكن دّقوقا ووعظ بها، وروى بها عن أبي القوت، وعن جماعة مجاهيل، وظهر كذبه وتخليطه.

 

محمد بن أبي الفتوح محمد بن أبي سعد محمد بن محمد بن عمروك.

نجم الدين أبو عبد الله، والد صدر الدين، البكري، النيسابوري، الصوفي، الشافعي.

ولد سنة خمسين وخمسمائة.

وسمع من أبي طاهر السلفي، وبدمشق من: أبي البركات الخَضِر بن عبد، وأبي القاسم بن عساكر.

وحدث.

وكان مولده بحلب، وتوفي بدمشق.

حدث عنه: الشهاب القوصي، وغيره.

وتوفي في ثامن عشر شوال.

 

محمد بن محمد بن يَبقى.

أبو بكر الأنصاري، الخزرجي، المُرسي. العدل، المعروف بابن جَبلة.

سمع من السلفي، وبمكة من علي بن عمار.

وسكن القاهرة، وأم بمسجد حارة الديلم مدة.

روى عنه الزكي المنذري، وقال: توفي في العشرين من ذي القعدة.

 

محمد بن المسلَّم بن مكي بن خلف.

أبو الفضل بن علاّن، القيسي، الدمشقي، العدل.

أخو أسعد ومكي، ووالد شمس الدين أبي الغنائم المسلَّم.

سمع من الحافظ ابن عساكر.

وحدث؛ روى عنه ابنه "نُسخة" أبي مُسهِر.

وتوفي في سادس رجب.

 

محمد بن أبي طاهر المؤمَّل بن نصر بن المؤمّل.

أبو بكر البعقوبي.

ولد سنة أربعين وخمسمائة ببعقوبا.

ودخل بغداد مراراً؛ وسمع بها من: أبي الوقت السنجزي، وغيره.

وحدث.

ويقال هل: القِباني: نسبة إلى قرية قِباب بقرب بَعقوبا.

توفي في جمادى الأولى.

روى عنه: ابن النجار، وغيره.

 

محمد بن ناصر بن أبي القاسم سلمان بن ناصر.

أبو المعالي الأنصاري، النبيسابوري.

سمع من: عبد الوهاب بن الحسن الكِرماني، وغيره.

روى عنه: البِرزالي، والضياء. وسمعنا من الشرف ابن عساكر بإجازته منه.

انقطع خبره في هذه السنة، وكان شيخاً معمَّراً من أبناء التسعين.

 

محمود بن محمد بن قُرا رسلان بن أرتق.

السلطان الملك الصالح ناصر الدين صاحب آمِد.

قال الإمام أبو شامة: كان شُجاعاً، عاقلاً، سخياً، جواداً، محباً للعلماء. قام بعده ولده الملك المسعود؛ وكان بخيلاً، فاسقاً؛ وهو الذي أخذ منه الملك الكامل آمد، وحبسه بمصر، ثم أطقله، فمضى إلى التتار ومعه أمواله، فأُخذت منه.

وقيل: توفي الصالح في العام الآتي.

 

محمود بن واثق بن الحسين بن علي ابن السمّاك.

الحريمي، العطار.

حدث عن: أبي الوقت، وجماعة.

ومات في جمادى الأولى.

روى عنه: ابن الدبيثي، وابن النجار.

الموفق بن عبد الرشيد بن المظفر.

أبو الفضل العبدوسي، النيسابوري، العطار.

شيخ ثقة، سمع من أبي البركات عبد الله ابن الفُراوي.

روى عنه الضياء المقدسي، وغيره. وأجاز للشرف ابن عساكر، والتاج بن عصرون، وزينب بنت كندي.

وانقطع خبره في هذا العام.

 

المؤيد بن عمر بن عبد الله.

النيسابوري، السكري.

سمع من: ابن عبد الخالق بن زاهر، وغيره.

روى عنه: الزكي البِرزالي. وحدثنا عنه بالإجازة الشرف ابن عساكر، وغيره.

وانقطع خبره أيضاً.

 

المؤيد بن محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أبي صالح.

رضيّ الدين أبو الحسن الطوسي، ثم النيسابوري المقرئ، مسند خراسان في زمانه.

ولد سنة أربع وعشرين وخمسمائة.

وسمع "صحيح مسلم" في سنة ثلاثين من أبي عبد الله الفُراوي، و "صحيح" البخاري، من وجيه الشحّامي، وأبي المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي، وعبد الوهاب بن شاه، و "الموطأ" من هبد الله بن سهل السيدي، سوى الفوت العتيق، و "تفسير" الثعلبي من عبّاسة العصّاري، وأكثر "الوسيط" للواحدي في التفسير من عبد الجبار بن محمد الخُواري، و "الغاية في القراءات" لابن مهران من زاهر بن طاهر الشحّامي، و "الأربعين" للحسن بن سفيان من فاطمة بنت زَعبَل؛ وتفرّد بالرواية عنها وعن هبة الله والفُراوي، وغيرهم.

وطال عمره، ورحل الناس إليه من الأقطار، وكان ثقة، مقرئاً، جليلاً.

روى عنه خلق كثير منهم: العلاّمة جمال الدين محمود الحصيري؛ شيخ الحنفية، والإمام تقي الدين عثمان ابن الصلاح شيخ الشافعية، والقاضي شمس الدين أحمد بن الخليل الخُويي، وابن نُقطة، والبِرزالي، وابن النجار، والضياء، والمُرسي، والصريفيني، والكمال بن طلحة، والبَكري، والمجد محمد بن محمد الإسفرائيني، وأبو الحسن علي بن يوسف الصوري، والمجد

محمد بن سعد الهاشمي، ومحمد بن عمر بن الخوش الأسعردي، وإسحاق بن عبد المحسن الحنبلي، وشمس الدين زكي بن حسن البَيلقاني، ومفضَّل بن علي القرشي، والقاسم بن أبي بكر الإربلي، وغيرهم. وبالإجازة خلق منهم: شمس الدين عبد الواسع الأبهري، وتاج الدين محمد بن أبي عَصرون، وشرف الدين أحمد بن عساكر، وزينب البعلبكية.

وأجاز له القاضي أبو بكر الأنصاري، وأبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزّاز، وجماعة.

وتوفي ليلة الجمعة العشرين من شوّال، وأراحه الله من التتار - خذلهم الله - فإنهم بعد شهر أو أكثر أخذوا البلاد واستباحوها.

حرب النون

ناصر بن مهدي بن حمزة.

الوزير نصير الدين، أبو الحسن المازَندراني.

قدم بغداد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وقلّد وزارة أمير المؤمنين سنة اثنتين وستمائة. ثم قُبض عليه سنة أبع.

ونشأ بالري.

ومات في ثامن جُمادى الأولى.

 

حرف الهاء

هبة الله بن أبي العلاء وجيه بن هبة الله بن المبارك.

ابن السقطي، أبو البركات.

ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة.

وسمع من: أبيه، وأبي الفتح ابن البطي وغيرهما.

وسكن أوَانا؛ وبها مات في هذا العام.

روى عنه: الدبيثي.

 

هبة الله بن أبي فراس أحمد بن بركات.

ابن الزجّاج، السلمي، الحَرَاني، ثم البغدادي المدّب، أبو القاسم.

روى عن: أبي بكر بن النقّور، وغيره.

ولم يكن جدهم زجّاجاً، بل قيل: إنه كان يزجّ نفسه في الحرب، فلُقّب بذلك.

حرف الياء

يونس بن أبي بكر بن كرم الحافظ.

أبو محمد البغدادي. ويُعرف بالمفيد.

سمع من: ابن طَبرزَد، وابن سُكينة، فمن بعدهما. وله إجازة من أبي الحُسين بن يوسف.

وكان ثقة مُكثراً.

مات كهلاً في ذي الحجة.

 

وفيها ولد

الشيخ نجم الدين أحمد بن محسّن بن مكي.

والكمال محمد بن أحمد ابن النجّار، وكيل بيت المال.

وشمس الدين محمد بن سلمان ابن بنت غانم الموقّع.

والبهاء أيوب بن أبي بكر ابن النحّاس، مدرس القَليجية.

والعماد أحمد بن محمد بن سعد.

والضياء دانيال بن منكلي الكركي.

والشمس خضر بن أبي الحسين بن عبدان الأزْدي.

والعماد محمد بن علي بن أحمد بن القسطة.

والتاج كِندي بن عمر بن كِندي.

والشيخ يونس بن أحمد المؤذن بجامع دمشق.

وعمر بن أبي الفتح الصحراوي، نزيل مصر.

وعلي بن أحمد بن عبد الدائم.

وإدريس بن محمد بن عبد العزيز الإدريسي.

وسعد الخير بن أبي القاسم النابلسي السروطي.

ونصر الله بن محمد بن عيّاش السكاكيني.

وشيخنا حسن بن عبد الكريم، سِبط زيادة المقرئ، وعاش خمساً وتسعين سنة.

والتقي أحمد بن مؤمن.

 

وفيات سنة ثمان عشرة وستمائة

حرف الألف

أحمد بن صدقة بن نصر بن زُهير بن المقلَّد.

توفي فُجاءة في ربيع الآخر وله تسع وسبعون سنة.

سمع من: أبي جعفر أحمد بن محمد العباسي، ومسعود بن الحُصين.

روى عنه الدبيثي، وقال: مات في نصف ربيع الآخر.

 

أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد بن محمد ابن سيد الناس.

أبو العباس اليَعمري الإشبيلي.

أصله من أبّدة: عمل جيّان وما والاها، دار اليَعمريين. وهو سِبط أبي الحسين بن سليمان اللخمي؛ روى عنه وعن أبي بكر بن خير، وأبي بكر بن الجد، وجماعة.

قال الأبّار: كان معتنياً بالحديث، عارفاً بالقراءات. أدّب بعض بني الأمراء. روى عنه صاحبنا ابنه أبو بكر محمد بن أحمد. وتوفي في جمادى الأولى، وله سبع وخمسون سنة.

قلت: أبو بكر هذا جد الحافظ فتح الدين، مفيد الديار المصرية.

 

لأحمد بن علي بن الحسين.

أبو الفتح الغَزنوي الأصل، البغدادي، الواعظ.

ولد سمة إحدى وثلاثين وخمسمائة.

وسمّعه أبوه من: أبي السحن محمد بن أحمد بن صِرما، وأبي الفضل الأرموي، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي الإصبهاني، وأبي إسحاق إبراهيم بن نبهان الغَنَوي، وأبي الفتح الكَرُوخي، وجماعة.

وكان صحيح السَّماع، عالي الإسناد، لكنه ضعيف.

قال الدبيثي: لنا بلغ أوان الرواية، واحتيج إليه لم يقم بالواجب، ولا أحب ذلك لميله إلى غيره وشَنْئه له، ولم يكن محمود الطريقة، وسمعنا منه على ما فيه.

قلت: وروى عنه ليث ابن الحافظ ابن نُقطة، وابن النجّار، وقال: كان فاسد العقيدة، يعظ وينال من الصحابة. شاخ، وافتقر، وهجرة الناس. وكان ضَجوراً، عَسِراً، مبغضاً لأهل الحديث. انفرد برواية "جامع" الترمذي، وب "معرفة الصحابة". كان يأخذ أجرأ أجراً على التسميع، وسماعه صحيح.

قلت: لم يُنتفَع بعلوّ سنده، وانطوى ذِكره. وقد روى عنه "جامع" الترمذي الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، ومحمد بن مسعود العجمي المَوصلي، وكان أبوه من أعيان الحنفية ورؤوسهم.

وفي أثبات ابن خروف المَوصلي: قرأ "جامع" الترمذي على ابن مسعود المذكور، سنة إحدى وسبعين وستمائة.

قال ابن نُقطة: سمع من ابن صِرما، والأرموي، وأبي سعد البغدادي. وسمع كتاب "معرفة الصحابة"، لابن مَندة، وكتاب "الإيمان" لرُستة. وما رُوي من "تفسير" وكيع من أبي سعْد البغدادي، وكتاب "الأبواب" لابن زياد النيسابوري؛ من ابن صِرما. وهو مشهور بين العوامّ برذائل ونقائص؛ من شُرب النبيذ والرفض وغير ذلك، سُئل وأنا أسمع عمن يقول بخلق القرآن، فقال: كافر، وعمن يسبّ الصحابة، فقال: كافر، وهمن يستحلّ شُرب الخمر، فقال: كافر. فقيل: إنهم يعنونك بذلك. فقال: كذبوا، أنا بريء من ذلك. وكتب خطّه بالبراءة. وقد سمعت عليه لأجل ابني أكثر ما عنده. وكان فيه كَرَم مع فقره.

قلت: لم ينفرد الغَزْنوي بعلو "الجامع" فقد عاش بعده ابن البنّاء، سنوات.

وسمع منه أبو زكريا يحيى ابن الصيرفي، أجزاء من "تفسير" وكيع.

توفي في رمضان.

 

أحمد بن علي بن النفيس بن بورنداز.

المحدَّث العالِم أبو نصر.

سمعه أبوه من عبد الحق اليوسفي؛ ثم طلب بنفسه، فسمع من ابن كليب، ومن ذاكر بن كامل، وطبقتهما.

وتفقه على مذهب أحمد، ثم رحل إلى إصبهان؛ فسمع من مسعود الجمّال، وخليل الرازني، واللبّان، والطائفة. ورحل إلى نيسابور بعد الستمائة فأكثر بها، وسكن بَلَخ، وتحوّل شافعياً، وأمّ بمسجد راعوم، وصار خازن الكتب به. وخرّج هناك، وأملى مجالس.

وكان صدوقاً، حسن الطريقة.

ترجمه ابن النجّار، وقال: عُدم في أخذ التتار البلاد سنة ثمان عشرة.

 

أحمد بن عمر بن محمد الزاهد القدوة الشيخ نجم الدين الكُبرى.

أبو الجنّاب الخِيوقي الصوفي، شيخ خُوارزم.

سمعت أبا العلاء الفَرَضي يقول: إنما هو نجم الكبراء، ثم خُفّف وغُيّر.

وقيل: نجم الدين الكبرى. وهو من خِيوق، ويقال: خِوَق: وهي من قرى خُوارزم.

قال عمر ابن الحاجب: طاف البلاد، وسمع بها الحديث، واستوطن خُوارزم، وصار شيخ تلك الناحية، وكان صاحب حديث وسُنة، وملجأ للغُرباء، عظيم الجاه لا يخاف في الله لومة لائم.

سمع بالإسكندرية من أبي طاهر السلفي، وبهمذان من الحافظ أبي العلاء. ومحمد بن بُنَيمان، وبنيسابور من أبي المعالي الفُراوي.

روى عنه: عبد العزيز بن هِلالة، وشَمْخ خطيب داريّاً، وناصر بن منصور العُرضي، وسيف الدين الباخَرزي؛ تلميذه، وآخرون.

وقال ابن نُقطة: هو شافعي المذهب، إمام في السُّنّة. وأثنى عليه.

وقال ابن هِلالة: جلستُ عنده في الخلوة مراراً، فوجدت من بركته شيئاً عظيماً، وشاهدت في خلوتي عنده أموراً عجيبة. وسمعت من يخاطبني بأشياء حسنة.

وقال آخر: كان النجم الكُبرى فقيهاً، شافعياً، زاهداً، عارفاً، فسّر القرآن العظيم في اثني عشرة مجلّدة. ودخل الشام ونزل بخانكاه القصر بحلب.

قلت: وكان شيخنا عماد الدين الحزّامي يُعظّمه، ولكن في الآخر أراني له كلاماً فيه شيءٌ من لوازم الاتحاد؛ وهو - إن شاء الله - سالم من ذلك، فإنه محدّث معروف بالسنة والتعبّد، كبير الشأن. ومن مناقبه أنه استشهد في سبيل الله، وذلك أن التتار لما نزلت على خُوارزم في ربيع الأول من السنة، خرج فيمن خرج ومعه جماعة من مُريديه، فقاتلوا على باب خُوارزم حتى قتلوا مُقبلين غير مدبرين.

ولقد اجتمع به الفخر الرازي صاحب التصانيف، وفقيه آخر، وقد تناظرا في معرفة الله، وتوحيده، فأطالا الجدال، فسألا الشيخ نجم الدين عن علم المعرفة، فقال: واردات ترد على النفوس تعجز النفوس عن ردّها. فسأله فخر الدين: كيف الوصول إلى إدراك ذلك؟ قال: تترك ما أنت فيه من الرئاسة والحظوظ. أو كما قال هل، فقال: هذا ما أقدر عليه. وانصرف عنه.

وأما رفيقه فإنه تزهّد، وتجرّد، وصحِب الشيخ؛ ففُتح عليه. وهذه حكاية حكاها لنا الشيخ أبو الحسين اليونيني، ولا أحفظها جيداً.

وممن أخذ عنه: أحمد بن علي النَّفري، وعبد العزيز بن هِلالة.

أخبرنا أبو عاصم نافع الهندي سنة أربع وتسعين، أخبرنا سعيد بن المطهَّر وستمائة، أخبرنا أبو العلاء الحافظ، بقراءتي.

ح وأنبأنا أحمد بن سلامة، وغيره، عالياً عن ابن كُليب.

قالا: أخبرنا علي بن أحمد، أخبرنا محمد بن محمد، أخبرنا الصفّار، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا سلم بن سالم، عن نوح بن أبي مريم، عن ثابت، عن انس، قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن هذه الآية "للذين أحسنوا الحُسنى وزيادة". قال: "للذين أحسنوا العمل في الدنيا، الحسنى: وهي الجنة. والزيادة: النظر إلى وجه الله الكريم".

هذا حدث منكر؛ انفرد به سَلم بن سالم البلخي؛ - وهو ضعيف باتفاق - عن نوح الجامع شيخ مرو، وليس بثقة، بل تركوه، وقد روى له الترمذي في "جامعه". والله أعلم.

 

أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن الحسين.

أبو جعفر السُّلمي؛ الغَرناطي، القَصري، المعروف بابن خولة.

ولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة بغَرناطة.

ورحل، وسمع بالعراق، وفارس، وكِرمان. ودخل الهند، وبُخارى، وسكن هَراة غلة أن دخلتها التتار بالسيف، فاستُشهد.

وكان شاعراً؛ امتدح ملوكاً، ونال دنيا، وحسُنت حاله.

وسمع الكثير، ورافق الحُفّاظ.

 

أحمد بن محمد بن أحمد بن الخضر بن الحسين بن سُمير.

أبو نصر التَّنوخي، الحمَوي، الشافعي، قطب الدين.

سمع ببغداد من شُهدة، وجماعة.

وحدّث بدمشق.

ومات في منتصف شوّال بدمشق.

 

أحمد بن مسعود بن شدّاد الموصلي، المقرئ، الصفّار.

ولد سنة خمسٍ وأربعين بالموصل. وسكن حلب، وبها مات.

سمع من: أبي جعفر أحمد بن أحمد ابن القاصّ البغدادي المقرئ؛ تلميذ ابن بدران الحُلواني.

 

إبراهيم بن حُميد.

أبو إسحاق التَّفليسي، التاجر، الصوفي.

روى عن السلفي، وعنه الزكي عبد العظيم، قال: مات في ذي القعدة، وأثنى عليه.

 

إبراهيم بن علي بن محمد السُّلمي، والمغربي، الحكيم.

المعروف بالقطب المِصري.

قدم خراسان وتعلّم بها على الفخر الرازي، وصار من كبار تلامذته.

وصنّف كُتباً كثيرة في الطب والفلسفة، وشرح "الكُلّيات" بكمالها من كتاب "القانون".

وقُتل فيمن قُتل بنيسابور.

أخذ عنه شمس الدين قاضي الشام شمس الدين الخوتي، والعلاّمة شمس الدين الشامي.

 

الأنجب بن أبي العزّ.

أبو شجاع الدلاّل.

شيخ بغدادي، سمع الكثير من أبي الوقت.

روى عنه الدُّبيثي، وقال: مات في صفر.

روى "جزء" أبي الجَهم.

وروى عنه ابن النجّار.

 

حرف الباء

بهية بنت الفقيه طَرخان بن أبي الحسن علي بن عبد الله السُّلمي، الدمشقي، الصالحي.

أم عبد الرحمن.

امرأة صالحة، عابدة، لها أوراد وتهجّد.

روت بالإجازة عن سعد الخير الأنصاري.

وتوفيت في صفر.

 

حرف التاء

تمّام بن أبي تغلِب.

الشيخ الزاهد الصالح، تلميذ الشيخ أحمد ابن الرفاعي.

توفي ببغداد في شعبان. قاله ابن النجّار.

 

حرف الحاء

الحسن بن علي بن الحسين بن قَنان.

أبو محمد الأنباري، ثم البغدادي، المخلَّصي.

سمع من: أبي الفضل الأرموي.

وحدث.

والمخلَّصي: هو النُّقلي.

روى عنه: الزكي البِرزالي، والدبيثي.

وهو أخو الحسين الذي مرّ.

توفي في الثامن والعشرين من ذي الحجة.

ويُعرف بابن الرُّبّي.

ذكره ابن نُقطة، فقال: حدّث بشيء كثير عن الأرْموي، وسماعه صحيح. وأبوه سمع من ابن الحُصين، وزاهر الشحّامي.

 

حسن، الرئيس المُطاع، جلال الدين، حفيد الحسن بن الصبّاح.

صاحب الألَموت، وملك الإسماعيلية.

مات في هذا العام.

وكان قد أظهر شعائر الإسلام من الأذان والصلاة. وولي بعده المر ولده الكبر علاء الدين محمد بن حسن، فامتدت أيامه إلى أن حاصرهم هولاكو.

 

الحسين بن عبد الوهاب بن حسن بن بركات.

القاضي السديد، أبو علي المُهَلبي، الَهْنسي، الشافعي.

درّس بجامع السرّاجين بالقاهرة، وناب في القضاء عن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد العلي مدة، ثم ترك ذلك.

وكان عفيفاً، نزهاً، صالحاً، وقوراً، عابداً، كبير القدر.

مات في شعبان بالقاهرة.

 

حمود بن وشواش البوسي، الزاهد.

سمع: أحمد بن المسلَّم اللخمي.

روى عنه: الزكي المُنذري.

توفي يف جمادى الآخرة، وقد ناهز الثمانين.

وكان شيخاً، صالحاً زاهداً.

 

حرف الخاء

خديجة بنت القاضي الأنجب أبي المكارك المفضَّل بن علي المقدسي.

أخت الحافظ أبي الحسن.

ولدت بالإسكندرية سنة خمسين.

وأجاز لها السلفي سنة خمسين.

وكانت زاهدة، عابدة، قانتة، كثيرة البِر. أخرجت جميع ما بيدها في المعروف.

روى عنها الزكي المنذري.

وماتت في ربيع الآخر.

 

حرف الدال

داود شاه بن بُندار بن إبراهيم.

الإمام معين الدين، أبو الخير، الجيلي، الشافعي، الفقيه.

قدم بغداد في صباه، وتفقه بالنظامية على أبي المحاسن يوسف بن بُندار الدمشقي، وأعاد بها مدةً طويلة، ودرّس، وأفتى.

وحدّث عن: أبي الوقت السِّجزي، وغيره.

روى عنه: الدبيثي، وغيره.

ومات في رجب، وقد نيّف على الثمانين.

 

حرف الزاي

زُبيدة بنت عبد الرزاق بن محمد بن أبي نصر الطَّبَسي.

شيخة معمَّرة.

سمعها أبوها من: عبد المنعم ابن القُشيري، وغيره.

قال: ابن نُقطة: سمع منها الرحالة بَطبَس. وبثيت إلى سنة ثماني عشرة وستمائة، وانقطع عنا خبرها.

 

حرف السين

سلمان بن رجب بن مهاجر الراذاني، المقرئ، الضرير.

تفقه بالنظامية؛ وسمع من شُهدة الكاتبة.

وحدّث.

ومات في ربيع الأول.

 

سليمان بن الحكم بن محمد.

أبو الربيع الغافقي، القرطبي.

روى عن: أبي عبد الله بن حفص، وأبي القاسم الشرّاط، وأبي جعفر بن يحيى.

قال الأبّار: كان ثقة، ديّناً، شاعراً. له أرجوزة في الفقه على مذهب مالك يتتبع فيها كتاب "الخصال الصغير" للعَبدي. وكان شُروطياً. توفي في ربيع الآخر. وقد قارب الستين.

 

حرف الشين

شُعيب بن الحسن بن عبد الباقي.

أبو يحيى السَّقلاطوني الحَربي.

سمع من: جده لأمه عمر بن عبد الله الحربي، وعلي بن محمد بن أبي عمر، جميع "أمالي" طِراد.

وحدث.

توفي في ربيع الآخر.

 

حرف العين

عبد الله بن محمد.

العلاّمة أبو محمد ابن الكمّاد الإشبيلي.

سمع أبا محمد بن حوط الله.

وبرع في علم الكلام، وشارك في العلوم، وصنّف التصانيف.

عاش نيّفاً وأربعين سنة.

 

عبد الباقي بن عبد الواسع بن عبد الباقي بن عامر.

شيخ الدين أبو المجد الأزْدي، الهرَوي.

سمع منه: الزكي البِرزالي، والضياء، المقدسي. وأجاز لشيخنا التاج بن عَصرون، والشرف ابن

عساكر.

وكان من صوفية هَراة.

ولد سنة ثمانٍ وأربعين. وعُدم في دخول التتار هَراة، في ربيع الأول.

 

عبد الخالق بن عبد الرحمن بن محمد ابن الصيّاد.

أبو عبد الرحمن الحَربي.

وُلد سنة سبع وعشرين وخمسمائة وأدرك قاضي المرستان، ولم يسمع منه.

سمع من: أحمد ابن الطَّلاية، وسعيد ابن البنّاء، وعمر بن عبد الله؛ شيوخ الحربية.

روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، وجماعة.

وتوفي في السابع والعشرين من رمضان.

وكان شيخاً صالحاً، معمَّراً.

 

عبد الرحمن بن عبد السلام.

أبو القاسم الغسّاني الأندلسي الغَزْناطي النحوي.

قال البّار: سمع أبا سليمان السعدي، وأبا عبد الله بن عُروس. وذكر بعض أصحابنا أنه سمع من أبي عبد الله النميري في صغره. وتصدّر ببلده للإقراء وتعليم العربية. وولي الخطابة.

وحدث، وطال عمره. توفي في ربيع الأول.

قلت: روى عنه أبو بكر بن مسدي، فقال: أخبرنا سنة خمس عشرة وستمائة بغرناطة، عن أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن النميري سماعاً سنة تسع وثلاثين وخمسمائة؛ فذكر عبد الله حديثاً نازلاً عن أبي بكر بن العربي.

قال ابن مَسدي: تلا بالسبع على أبي عبد الله عُروس. قرأت عليه السبع بغَرناطة. ثم قال: وتوفي في الثالث والعشرين من شعبان سنة تسع عشرة.

 

عبد الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الرحمن بن غلاّب.

القاضي المعمَّر، وجيه الدين البَلَوي الإسكندراني.

مولده في رمضان سنة خمس عشرة وخمسمائة.

وكان يمكنه السماع من أبي عبد الله الرازي صاحب السُّداسيّات" فلم يسمع منه، بل ولا من السِّلفي في الكهولة؛ إنما سمع من هاشم بن عبد الله بن عبد الله التونسي؛ وحدث عنه.

قال المنذري: ناي في القضاء بالإسكندرية في أيام المصريين، وفي الدولة الناصرية. وعُمِّر حتى جاوز المائة، ممتَّعاً بحواسّه، وقوّته. حاضر الذهن، يركب الخيل. ولنا منه إجازة. مات في رابع شوّال.

 

عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر.

المفتي صلاح الدين أبو القاسم الكُردي، الشهرزوري، الشافعي.

والد الشيخ تقي الدين ابن الصلاح.

وُلد قبل الأربعين وخمسمائة.

وتفقه على القاضي شرف الدين أبي سعد بن أبي عَصرون، وغيره. ودرّس، وأفاد، وسكن حلب بأخَرَةٍ، ودرّس بالمدرسة الأسدية. وتوفي بحلب في ذي القعدة.

 

عبد الرحمن بن معالي بن أبي نصر ابن العُلّيق.

المعروف بابن الحمر، البغدادي.

حدث عن يحيى بن ثابت.

ومات في ربيع الأول.

 

عبد الرحمن بن وسف بن عبد الرحمن البغدادي الظفري.

حدث عن يحيى بن ثابت أيضاً.

ومات في شعبان.

 

عبد الرحيم بن أبي جعفر النفيس بن هبة الله بن وَهبان.

الفقيه المحدِّث المفيد أبو نصر السُّلمي، الحديثي المولد، البغدادي.

سمع: أبا الفتح بن شاتيل، وأبا السعادات القزّاز، وفارس بن أبي القاسم الحفار، ومن بعدهم.

ورحل، فسمع بواسط من أبي الفتح المندائي، وبأربل من عمر بن طَبَرزد، وبنيسابور من المؤيَّد بن محمد، وبهَراة من رَوْح عبد المُعزّ، وبإصبهان من أصحاب أبي عبد الله الخلاّل، وبدمشق من الكندي، وبمصر، والإسكندرية.

قال الحافظ عبد العظيم: سمعت منه من شعره. قال: وكان حادّ الخاطر، جيد القريحة، فقيهاً، أديباً شاعراً. وهو منسوب إلى حديثة النورة بقرب هِيت وهي جزيرة في وسط الفرات، وهي غير حديثة المَوصِل.

وقال ابن النجّار: كان حافظاً، ثقة، متقناً، ظريفاً، كيِّساً، متواضعاً، له النظْم والنثْر. اصطحبنا مدة وأفادني الكثير. وسكن خُوارزم إلى أن استولى عليها التتار وأحرقوها، وعُدم خبره. وقد كتبت عنه بمرو. ووُلد سنة سبعين وخمسمائة.

 

عبد الصمد بن عبد الرحمن بن أبي رجاء.

أبو محمد البَلَوي.

فيها، وسيأتي تسع عشرة.

 

عبد العزيز بن عبد الملك بن تميم الشيباني، الدمشقي، المحدِّث.

الرحال.

أسرَتْه التتار سنة ثمان عشرة.

 

عبد الغني بن قاسم بن عبد الرزاق.

أبو القاسم المقدسي الأصل، المصري، الحنبلي، الفقيه.

سمع من: البوصيري، والأرْتاحي، وجماعةٍ. ولنقطع إلى الحافظ عبد الغني ولازمه وأكثر عنه.

وكان صالحاً، خيّراً، قانعاً باليسير، فقيراً، متجمّلاً.

وقد حدّث.

ومات في صفر.

 

عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن أبي علي.

أبو علي الإصبهاني، ثم البغدادي، الحاجب، المعروف والده بالسيدي؛ ولأنه خدم الأمير السيد أبا الحسن العلَوي.

وُلد سنة ست وأربعين وخمسمائة.

وسمع الكثير بأبيه وبنفسه من: أبي الفتح بن البطي، وأبي زُرعة، وأبي القاسم هبد الله الدقّاق، وأحمد بن المقرَّب، وأبي حَنيفة محمد بن عُبيد الله الخطيبي الإصبهاني، وجماعةٍ. وعُني بالسماع، وكانت له أصولٌ جيّدة.

روى عنه: الدبيثي، والضياء المقدسي، وابنه أبو جعفر محمد، وآخرون.

وتوفي في رمضان.

 

عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل بن أحمد بن أسعد بن صاعد.

الشيخ المعمَّر، حافظ الدين أبو رَوْح الساعدي، البزّاز، الهَرَوي، الصوفي، مسند العصر بخُراسان.

ولد في ذي العَقْدة سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة بهَراة.

وقدِم عليهم في ذي القَعْدة سنة سبع وعشرين أبو القاسم زاهر الشحّامي، فاعتنى به جدّه لأمه الشيخ أبو نصر عبيد الله بن أبي عاصم الصوفي، وأسمعه منه جُملة صالحة، وسمع من جده هذا عن محمد بن أبي مسعود الفارسي. ومن: الزاهد يوسف بن أيوب الهمذاني، ومحمد بن إسماعيل بن الفُضيل الفُضيلي، وأبي القاسم تميم بن أبي سعيد الجُرجاني، وأبي الفتح محمد بن علي المُضَري، وعبد الرشيد بن أبي يَعلى ابن الشيخ أبي عمر عبد الواحد المليحي، وأبي علي خَلَف بن محمد بن أبي الحسن البوشَنْجي المحتسب، وأبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن الحُسين بن حمزة العلوي، وطائفة سواهم.

وقد حضر وهو له ثلاث سنين على أبي الفتح محمد بن إسماعيل الفامي، وسمع "صحيح" البخاري من خَلَف بن عطاء الماوَردي، بسماعه من أبي عمر عبد الواحد المليحي، وسمع "جامع" الترمذي من جماعة.

قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: وسمع "مسنَد" أبي يعلى من تميم بن أبي سعيد الجُرجاني. قال لي أبو زكريا يحيى بن علي المالقيّ: كان لأبي رَوْح فوت فيه حتى قدم علينا أبو جعفر بن خَولة العَرناطي من الهند إلى هَراة، فأخرج إلينا المجلّدة التي فيها سماعة، فتم له الكتاب.

قلت: ابن خولة هو المذكور في هذه السنة.

قال: ويروي كتاب "التقاسيم والأنواع" لأبي حاتم بن حِبّان. قال: ونقلت من خطّه: مولدي في ثامن ذي القعدة سنة إحدى وعشرين.

قلت: وكان أحد الصوفية بخانكاه شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري، وعُمِّر ستاً وتسعين سنة. وصارت الرحلة إليه من الأقطار.

وحدّث عنه جماعة في حياته بالبلاد النائية؛ روى عنه: العماد علي بن القاسم بن عساكر، والزكي البِرزالي، والضياء المقدسي، والمحب ابن النجار، والشرف المرسي، والصدر البَكري، والمحب اللبلي، والزاهد نجم الدين عبد الله بن محمد الرازي الصوفي، وعبد الحق بن أبي منصور المَنْبحي، وإبراهيم بن محمد بن الأزهر الصريفيني، ومسعود بن عبد الله التَّكروري،

ومشهور بن منصور النيْربي.

وروى عنه بالإجازة: الشمس عبد الواسع الأبهري، والنور محمود بن عبد الرحمن بن أبي عَصرون؛ وابن عمهم التاج محمد بن عبد السلام الشافعي، والشرف أحمد بن هبة الله ابن تاج الأمناء، وزينب الكِندية، ومحمد بن هاشم العباسي، وآخرون.

وقرأت بخط الضياء: أنه قتلته الترك في ربيع الأول سنة ثمان عشرة بِهَراة.

 

عبد الملك بن أبي الفتْح عبد الله بن محاسن.

أبو شجاع الدارَقَزّي، الدلاّل، المعروف بابن البلاّع.

سمع من: المبارك بن علي السَّمذي، وأحمد بن علي ابن الأشقر، والمبارك بن أحمد بن بركة، وهبة الله بن أحمد الشِّبْلي.

وكان من قدماء الرواة ببغداد؛ روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، وجماعة.

وتوفي في سابع شعبان.

وروى عنه ابن النجار، وقال: لا بأس به.

 

عبد الواحد ابن زين القضاة أب بكر عبد الرحمن بن سُلطان بن يحيى بن علي.

القاضي الرئيس ظهير الدين أبو المكارم القُرشي، الدمشقي، الشافعي.

سمع من: عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، وعلي بن أحمد الحَرَستاني، وأبي القاسم ابن عساكر.

روى عنه: الضياء المقدسي، والزكي البِرزالي، والشهاب القُوصي. مولده سنة خمسين وخمسمائة. ومات في مستهل ربيع الأول.

 

عبد الواحد بن علي بن عبد الواحد بن محمد بن علي ابن الصَّبّاغ.

العدل أبو القاسم ابن العدل الكبير أبي الحسن ابن العدل أبي المظفر، أبو القاسم البغدادي، الكَرْخي.

ولد سنة إحدى وأربعين.

وسمع حضوراً من سعيد بن أحمد ابن البنّاء، وسمع من ابن البطي.

وحدث.

وهو من بيت عدالة وفضيلة.

روى عنه ابن النجّار.

 

عبد الودود ابن العلاّمة الإمام مجير الدين أبي القاسم محمود بن المبارك.

البغدادي، الفقيه الرئيس أبو المظفّر، وكيل أمير المؤمنين.

كان فقيهاً، مناظراً، مدرِّساً.

حدّث "بجزء" ابن عرفة، عن ابن كُليب.

توفي في جمادى الآخرة.

 

عبيد الله بن عبد الرحمن بن أبي المُطرِّف.

أبو مروان القُرطبي.

أخذ القراءات والعربية عن أبي بكر بن سَمحون.

وسمع من ابن بُشْكُوال.

 

عتيق بن بَدَل بن هلال بن حَيدر.

أبو بكر الزَّنْجاني الأصل، المكي، العُمّري، كان يكتب العُمَر.

وعاش نيّفاً وسبعين سنة.

وسمع ببغداد من: أبي الفتح بن البطي، وأبي بكر بن النَّقُور، وجماعة. وبهمذان من الحافظ أبي العلاء العطار. وبزَنجان من عمر بن أحمد الخَطيبي.

وحدث بمكة.

 

علي بن عبد الوهّاب بن علي بن الخَضِر بن عبد الله.

أبو الحسن القُرشي، الأسدي الزُّبيري، الدمشقي، المعدَّل، أخو كريمة.

ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.

وسمع من: علي بن أحمد الحَرَستاني، وعبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، وحمزة ابن الحُبوبي، وغيرهم. وأجاز له جماعة.

روى عنه: ابن خليل، والشهاب القوصي، والضياء الحنبلي.

لقبه نجم الدين، ولقب أبيه نجيب الدين.

توفي في سلخ صفر، وله تُربة بالجبل.

 

علي بن عمر بن علي بن بقاء ابن النُّموذَج.

أبو الحسن السَّقلاطوني.

حدث عن أبي علي أحمد بن أحمد الخرّاز.

وهو من أولاد الشيوخ، مات بين العيدين.

حدث عنه ابن النجّار.

 

علي بن محمد بن علي بن محمد بن المهنَّد.

أبو الحسن الحريمي، المقرئ، المعروف والده بالسَّقّاء.

وُلد سنة ثلاث وثلاثين.

وسمع من: المبارك بن أحمد الكِندي، وسعيد ابن البنّاء، وأبي الوقت، وغيرهم.

وكان شيخاً صالحاً، ضواحي دُجيل بقرية حَربا، وكان يتردّد إلى بغداد.

وتوفي بحَربا في خامس رمضان.

روى عنه: الدُّبيثي، والزكي البِرزالي، والكمال محمد بن محمد ابن الدبّاب الواعظ، وأبو محمد عبد الله بن الوليد.

سمع منه ابن الدبّاب كتاب: "المحنة" تأليف حنبل، بسماعه من أحمد بن علي بن عبد الواحد: أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان. وسمع منه كتاب "التفكّر والاعتبار" بسماعه من المبارك الكِندي. وسمع منه أيضاً كتاب "قصر الأمل" وكتاب "الهم والحزن" قال: أخبرنا عاصم بن الحسن العاصمي.

 

علي بن أبي بكر محمد بن أبي زيد.

أبو الحسن النيسابوري، المستوفي.

سمع: أبا الفتح محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخشّاب، وغيره.

روى عنه الزكي البِرزالي. وأجاز لشيوخنا: ابن عَصرون، وابن عساكر، وبنت كِندي.

وعُدم فيمن عُدم من أمم لا يُحصيها إلا بارئها، أخبرنا أحمد بن عساكر، عن علي بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد الخشّاب، أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذّن - فذكر حديثاً.

 

علي بن محمد بن يوسف الفهمي.

أبو الحسن اليابُري، القرطبي، الضرير.

أخذ القراءات بغَرناطة عن عبد المنعم بن يحيى بن الخلوف وبإشبيلية عن أبي بكر بن خيْر، ونَجَبة بن يحيى، وأكثر عن أبي العباس بن مَضاء.

وأجاز له السِّلفي.

وكان محققاً للقراءات جداً. ذكياً. أدّب ولد السلطان بمرّاكُش، ونال دنيا عرضة. مات فيها تقريباً.

 

علي بن نابت - بالنون - بن طالب.

الفقيه أبو الحسن الأزَجي، الحنبلي، الوعظ.

المعروف بابن الطالَباني.

سمع من: أبي محمد صالح بن الرِّخْلة، وشُهدة، وخطيب المَوصل، وأبي الحسين عبد الحق، وغيرهم.

روى عنه: الضياء، وابن أخيه الفخْر، والشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وجماعة.

وسكن رأس العين، وبها مات في تاسع عشر شعبان.

لقبه موفَّق الدين.

 

علي بن أبي الأزهر بن علي بن خليفة.

أبو الحسن الحَربي، العطّار.

ولد بُعيد الأربعين.

وسمع من: عمه عمر بن علي، وسعيد بن أحمد ابن البنّاء.

وحدث.

روى عنه: الدبيثي وقال: مات في ثامن عشر ربيع الأول؛ وابن النجّار.

 

عمر بن عيسى بن أبي الحسن.

أبو حفص البُزروي، البغدادي.

سمع من: أبي المعالي ابن اللحّاس، وأبي محمد ابن الخشّاب، وجماعة.

وحدث.

وتوفي في شعبان.

ومات أخوه أبو الفَرَج عبد الرحمن الواعظ سنة أربعٍ وستمائة.

 

عمر بن يوسف بن يحيى بن عمر.

موفق الدين المقدسي، الشافعي، خطيب بيت الأبّار.

حدث عن أبي القاسم بن عساكر. وخطب بجامع دمشق نيابة عن الدَّوْلَعي.

وكان رجلاً صالحاً.

توفي في رجب.

روى عنه القُوصي.

 

حرف القاف

القاسم بن عبد الله بن عمر بن أحمد.

المُفتي العلاّمة أبو بكر النيسابوري، الصفّار.

قرأت بخط الضياء تحت اسمه: قُتِل - والله أعلم - في صفر سنة ثمان عشرة في غارة الترك في صفر، أخبرني بذلك ابن النجار.

كان فقيهاً إماماً، فاضلاً، عالي الإسناد في الحديث.

سمع من: جده، ومن عن أبيه، ومن وجيه الشحّامي، وعبد الله ابن الفُراوي، وهبة الرحمن ابن القُشيري، ومحمد بن منصور الحُرْضي، وعبد الوهّاب بن إسماعيل الصيرفي، وإسماعيل بن عبد الرحمن العَصائدي، وجماعة. وتفقه على مذهب الشافعي.

ووُلد في ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.

روى عنه: الزكي البِرزالي، وأبو إسحاق الصَّريفيني، والضياء المقدسي، والشرف المرْسي، والصدر البَكري، وآخرون. وروى عنه بالإجازة: أبو الفضل بن عساكر، والتاج محمد بن أبي عَصرون، وجماعة.

قال ابن نُقطة: كان حياً إلى أن دخلت الترك نيسابور في سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة.

قلت: ومن مسموعاته "مسند" أبي عَوانة، سمعه من أبي الأسعد هبة الرحمن القُشيري: أخبرنا عبد الحميد البُحتري، عن أبي نُعيم الإسفرائيني، عنه. وسمع كتاب "الزُّهريات" من وجيه، قال: أخبرنا أبو حامد الأزهري بسنده إلى الذُّهلي. وسمع "النسائي" سوى كتاب الجهاد من إسماعيل العَصائدي، عن عبد الرحمن بن منصور بن رامش، وسمع كتاب الجهاد من عبد الصيرفي،

عن علي بن أحمد المؤذّن، قالا: أخبرنا بن فنجوَيه، أخبرنا ابن السُّنّي، أخبرنا النَّسائي.

وقال محمد بن محمد الإسفرائيني - ومن خَطه نقلتُ -: أخبرنا الإمام مفتي خُراسان شهاب الدين أبو بكر القاسم بن أبي سعد، قال: أخبرتنا عمة والدي عائشة - فذكر حديثاً. ثم قال: وشيخنا شهاب الدين ما رأينا في خُراسان من المشايخ مثله حلماً، وعلماً، ومعرفة بمذهب الشافعي، سمعت أنه درّس "الوسيط" للغزالي أربعين مرة، درس العامة، سوى درس الخاصة، ودَخَلَت التُّرك نيْسابور في سنة سبع عشرة، ولم يتمكنوا من دخولها، ورُمي مقدّمهم بسهم غَرْبٍ فقتله، فرجعوا عنها، ثم عادوا إليها في ستة ثمان عشرة، وأخذوها، وأخربوها، وقتلوا رجالها ونساءها إلا ما شاء الله، واستشهد شيخنا في استشهد.

 

القاسم ابن الحافظ عماد الدين علي ابن الحافظ المحدِّث بهاء الدين القاسم ابن الحافظ الحُجة

ثقة الدين أبي القاسم ابن عساكر الدمشقي: أبو محمد.

شاب طري من أبناء ثمان عشرة سنة.

سمع من الكندي، وطبقته، ورحل به أبوه إلى خراسان، وسمَّعه الكثير، واخترمته المنيّة. ولو عمِّر ثمانين سنة أو دونها لكان مُسْند وقته.

توفي في جمادى الأولى.

وقيل أنه حدَّث.

 

حرف الميم

محمد ابن العلامة أبس طاهر أحمد بن هبة الله بن محمد بن عمر.

أبو عبد الله الهمذاني، الرُّوذَراوَريّ.

توفي بهمذان في رجب بعد دخول التتار إليها بأيام.

سمع الكثير من نصر بن المظفر البرمكي، وأبي الوقت السِّجْزيّ، وأبي زُرعة، وجماعة. وله إجازات كثيرة.

وولد في سنة إحدى وأربعين، وحدّث بهمذان، وإربل.

روي عنه الضياء، وقال: قتلته الترك بهمذان في جمادى الآخرة. والذي قدمناه هو قول الزكي

المنذري.

ممد بن إبراهيم بن سعد بن عبد الله بن سعد.

الناصح أبو عبد الله المقدسي، الحنبلي.

سمع: أبا المعالي بن صابر، وأبا الفتح بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وطبقتهم.

وقيل: أنه لم يدرك ابن شاتيل، وسمع أيضاً أبا نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق اليوسفي، وابن بُوْش، وسمع خلقاً كثيراً.

قال الضياء: ولد في سنة أربع وستين وخمسمائة، واشتغل بالفقه ببغداد، وسمع، وعاد إلى وطنه. وهو كثير الخير، قاضي الحوائج. كريم النفس، متودّد إلى الناس، سليم الصدر، كثير الاحتقار لنفسه. وكان يصلي إماماً بالدير الشرقي بمسجد العطّافية إلى أن مات. وخلّف من الولد: عبد الوهاب وإبراهيم، وثلاث بنات. وتوفي في الثامن والعشرين من شوال.

روي عنه: الضياء، وابن أخيه الفخر، وغيرهما.

 

محمد بن إسحاق بن عياش

العلامة أبو عبد الله الزناتي، شيخ المالكية بغرناطة، ويُعرف بالكمّاد وهو الدقّاق.

كان قائماً على "المُدوّنة" تخرج به أئمة.

قال ابن مسْدي: ناظرتُ عليه في "المُدوّنة" وبحث عليه في "الموطأ". عاش نيّفاً وسبعين سنة.

سمع من أبي خالد بن رفاعة، وعلي بن كوثر، وطبقتهما.

 

محمد بن إسماعيل الإربِلي.

أبو الحس، يأتي في الكنية.

 

محمد بن الحسن بن علي.

أبو عبد الله اللَّخمي الداني، ويُعرف بابن التُّجيبي.

سمع من: الحافظ أبي القاسم بن حُبيش، وأبي عبد الله بن حَميد.

وأجاز له أبو طاهر السِّلفي. وقرأ "كتاب" سيبويه على الذَّهبي النحوي.

قال الأبّار: وكان أديباً، كاتباً، بليغاً. أقرأ العربية، وولي قضاء دانية. وسمعت منه. وتوفي في رمضان.

 

محمد بن خَلَف بن راجح بن بلال بن هِلال بن عيسى بن موسى بن الفتح بن زُريق.

الإمام شهاب الدين أبو عبد الله المقدسي، الحنبلي.

وُلد سنة خمسين وخمسمائة ظناً، بجَماعيل.

ورحل مع الحافظ عبد الغني سنة ست وستين إلى الحافظ السِّلفي، فأكثر عنه؛ ورجع فرحل إلى بغداد وسمع من أبي محمد ابن الخشّاب، وشُهدة، وأبي الحسين عبد الحق، وطبقتهم. وسمع بدمشق من أبي المكارم عبد الواحد بن هِلال، وأبي المعالي بن صابر.

قال الضياء: اشتغل ببغداد بالخلاف على الإمام أبي الفتح بن المنّي، وصار أوحد زمانه في علم النظر. كان يناظر ويقطع الخصوم. وسمعته يقول: إن ابن الجوزي كان تركني عنده، وكان يكرمني ويخصّني بالأشياء لكوني عنده.

قال الضياء: ولما عاد موفق الدين يقول: كان إذا لنا عند إنسان ببغداد شيء لا نقدر على تحصيله؛ أرسلنا إليه الشهاب. ثم إنه مرض مرضاً شديداً، واصفرّ لونه، وكان بعض الناس يقول: إنه مسحور - والله أعلم - وهو كثير الخير والصلاة، سليم الصدر. ولقد رأيتهم بجَماعيل يعظّمونه تعظيماً كبيراً، ولا يشكّون في ولايته وكراماته، ولعمري لقد كان على خيرٍ كثير من الدين، والصَّلاح، والذكر، وسلامة الصدر.

وسمعت الإمام أبا محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبّار يقول: حدثني جماعة من جَماعيل فيهم: خالي عمر بن عَوَض قال: وقعتْ في جَماعيل فتنةٌ؛ فخرج بعضهم إلى بعض بالسيوف، وكان الشهاب عندنا، قالوا: فسجد ودعا الله. قالوا: فضرب بعضهم بعضاً بالسيوف فما قطعت السيوف شيئاً. قال عمر: فلقد ضربتُ رجلاً بسيفي؛ وكان سيفاً مشهوراً فما قطع شيئاً. وكانوا يرَون أن هذا ببركة دعائه.

وقال عمر ابن الحاجب في "معجمه": هو إمام محدِّث فقيه، عابد، دائم الذكر، لا تأخذه في الله لومة لائم، صاحب نوادر وحكايات، وعنده وسوسة زائدة في الطهارة. وكان يحدّث بعد الجُمُعة من حفظه، وكانت أعداؤه تشهد بفضله.

وقال الزكي المنذري: كان كثير المحفوظات، متحرياً في العبادات حسن الأخلاق.

قلت: روى عنه الضياء، والمنذري، والبِرزالي، وابن عبد الدائم، والقوصي، وشمس الدين عبد الرحمن، والفخر علي، والشمس ابن الكمال، وأبو بكر بن طَرْخان، والتقي ابن الواسطي، والشمس عبد الرحمن ابن الزين، ومحمد بن مؤمن، وإبراهيم بن حَمْد، وأبو بكر ابن الأنماطي.

وحدثنا عنه: العماد عبد الحافظ، والعز إسماعيل بن المُنادي، والعز أحمد بن العِماد، والشمس محمد ابن الواسطي، وعائشة بنت المجد عيسى.

قرأت وفاته بخط الضياء: في التاسع والعشرين من صفر.

 

محمد بن سلامة بن نصر بن مَقدام.

أبو عبد الله المقدسي، العطّار.

سمع من: الخَضِر بن طاووس، وأبي المجد الفضل ابن البانياسي.

 

محمد بن طلحة بن محمد بن عبد الملك بن حَزم.

أبو بكر الأموي، النحْوي، الإشبيلي.

أخذ القراءات عن أبي بكر بن صاف، والعربية عن أبي إسحاق بن ملكون.

وسمع من أبي بكر بن الجدّ "كتاب" سيبويه، وسمع من أبي زيد السُّهيلي بعض كتابه "الروض الأنف". ولم يعتن بالحديث، بل غلب عليه القراءات والنحْو.

قال الأبّار: وكان أستاذ حاضرة إشبيلية غير مُدافَع، وعليه قرأ ابن عبد النور، وانتفع به أبو علي الشلوبيني، وكان من إجادة الإلقاء، وحُسن الإفادة، غلب ذلك عليه، فشدّ عليه الجمهور.

رأيته بإشبيلية. وتوفي في صفر - رحمه الله - وولد ببابُرة في سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة.

 

محمد بن عبد الله بن أحمد.

أبو العباس البغدادي، الضرير، المقرئ، المعروف بالرشيدي.

وفي نسبه إلى هارون الرشيد طَعنٌ.

قرأ القراءات على أبي الكرم المبارك بن الحسن الشَّهرَزوري، وعلى غيره؛ وسمع منه ومن: أبي الوقت السِّجزي، وسعد ابن البنّاء، وأبي القاسم عبد الله بن أحمد ابن الخلاّل الوكيل.

وحدّث، أقرأ بالروايات.

وهو من آخر أصحاب أبي الكرم.

روى عنه: الدُّبيثي، وابن النجار، وقال: كان شيخاً حسناً، صدوقاً، قال: ومات في شعبان.

 

محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز.

الشيخ أبو الفرَج الواسطي، المقرئ، التاجر.

صحب صدقة بن الحُسين الواعظ، وقدم معه إلى بغداد سنة ثلاث وخمسين، فسمع من: أبي

القوت، وأبي جعفر العبّاسي، وأبي المظفّر محمد بن أحمد ابن التُّرَيكي، وهبة الله ابن الشَّبلي، وجماعة.

وحدث ببغداد، وإربِل، والموصل، وحَلب، ودمشق.

وكان له اعتناءٌ بالحديث؛ ويعرف سماعاته.

واشتغل بالتجارة مدة.

وكان قديم المولد، فإنه سمع من أبي الوقت وله ستٌّ وثلاثون سنة، وعاش مائة أو أزْيد. وسِنّه يحتمل السماع من ابن الحُصين، وطبقته والسماع رزقٌ.

روى عنه: الدُّبيثي، وابن خليل، والشهاب القوصي، والزكي البِرزالي، والتاج عبد الوهاب ابن زين الأمناء، وآخرون.

وروى "صحيح" البخاري، بالموصل.

وتوفي في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة؛ وله مائة سنة وسنة.

 

محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عياش.

أبو عبد الله التُّجيبي، الأندلسي، الكاتب، صاحب ديوان الإنشاء بالمغرب.

قال الأبّار: أخذ عن أبي عبد الله بن حَميد شيئاً يسيراً، وعُني بالآداب. وكان رئيساً في صناعة الكتابة، خطيباً، مصْقعاً، بليغاً، مُفوّهاً، شاعراً. وكتب للسلطان، ونال دنيا عريضة. وله في المصحف العثماني، وقد أمر المنصور بتحليته: ونُـفّـلـتـه مـــن كـــل قـــومٍ ذخـــيرةًكـأنـهـم كـانـوا بـرسـم مـكــاســـبـــهْ

فـإن وَرَث الأمـلاك شـرقـاً ومـغـربـاًفـكـم قـد أخـلّـوا جـاهـلـين بـواجـبــهْ

وألـبـسـتـه الـياقـوت والـدُّرّ حِــلـــيةوغـيرك قـد روّاه مـن دم صـاحـبـــهْ

ولد أبو عبد الله بن عيّاش في سنة خمسين وخمسمائة، وتوفي في جُمادى الآخرة بمرّاكُش، رحمه الله.

 

محمد بن عبد الكريم بن محمد بن أبي الفضل بن علي.

القاضي العالم الصالح، علاء الدين أبو عبد الله ابن أخي القاضي جمال الدين، الأنصاري الدمشقي، ابن الحَرَستاني.

ولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.

وسمع من أبي القاسم ابن عساكر الحافظ، وسمع بالموصل من خطيبها أبي الفضل عبد الله ابن الطوسي.

روى عنه الزكي البِرزالي في "معجمه".

وتوفي في سابع عشر رمضان.

 

محمد بن عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن فَرَج ابن الجدّ.

أبو بكر الفِهري، الإشبيلي.

سمع من جده الحافظ أبي بكر محمد.

وكان ذا رئاسة عظيمة، ووجاهة عند الدولة إلى الغاية.

قال الأبّار: وكان - مع شرفه - متواضعاً، جواداً، كريماً، كثير المعروف، والصدقات، رفيعاً.

سمعتُ منه حكاية. وما أراه حدّث وكانت جِنازته مشهودة.

 

محمد بن علي بن الحُسين.

أبو يَعلى الواسطي الجامدي، المعروف بابن القارئ.

حدث بواسط بالإجازة عن القاضي محمد بن علي ابن الجُلاّبي.

وسمع من جده لأمه أبي المفضَّل محمد بن محمد بن أبي زنبقة.

ومات في جمادى الأولى.

وثقّه ابن نقطة.

 

محمد بن علي بن عمر.

النجيب أبو حامد السمرقندي، الطبيب، نزيل هَراة.

كان من علماء الزمان بالطب؛ وله فيه تصانيف مفيدة منها: كتاب "أغذية المرضى"، ومنها كتاب "الصناعة"، وكتاب "أقراباذين" وغير ذلك.

قُتل بهراة.

 

محمد بن علي ابن الواعظ نصر بن نصر العُكبَري.

أبو الفرج الكاتب.

اشتغل بالديوان.

وحدث عن جده.

وتوفي بالحلّة في رمضان.

وروى عنه: الدُّبيثي، وابن النجّار.

 

محمد بن عمر بن عبد الغالب بن نصر بن عبد الله.

المُحدِّث أبو عبد الله القرَشي، الأموي، العثماني، الدمشقي.

طوَّف، وسمع بنفسه الكثير، وكان حسن الطريقة، ذا دين، وورع وأمانة. وكتب كثيراً، وبورك له في مسموعاته؛ وحدّث بأكثرها. وكان في الرحلة وحده؛ فنجد أكثر طباقه ما معه كبير أحد.

وكان له منامات عجيبة.

سمع من: أبي الحسين أحمد ابن الموازيني، وعبد الرحمن بن علي ابن الخِرقي، وبركات الخُشوعي. ورحل، فسمع ببغداد من عبد المنعم ابن كُليب، وجماعة. وبإصبهان من خليل بن بدر الراراني، ومسعود بن أبي منصور الجمّال، وأبي المكارم اللبّان، وأبي جعفر الصيدلاني.

وبنيسابور من أبي سعد عبد الله بن عمر ابن الصفّار، ومنصور بن عبد المنعم الفُراوي، وجماعة. وبمصر، والإسكندرية.

ومولده ببيت لِهيا في سنة تسع وستين وخمسمائة.

روى عنه: الزين بن عبد الدائم، والزكي عبد العظيم، والقاضي أبو المجد بن العديم، والفخر علي ابن البخاري، والكمال أحمد بن محمد الحلبي، وجماعة.

وحدّث بدمشق، وحرّان، وحلب، وحمص، ومصر.

وتوفي إلى رحمة الله بالمدينة النبوية، في وسط المحرّم.

 

محمد بن كرم بن بركة.

أبو علي الكاتب الأزَجي، ويُعرف بمعتوق الكيّال.

سمع: ابن ناصر، وأبا الكرم الشهرَزوري.

قال ابن النجّار: كتبت عنه. وكان شيخاً حسناً، لا بأس به. توفي في ربيع الأول؛ وقد جاوز الثمانين.

 

محمد بن أبي جعفر محمد بن محمد بن الحسين.

الشيخ أبو البركات الشَّهرستاني، ثم البغدادي النحْوي.

ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة.

واشتغل على أبي محمد ابن الخشّاب، وعلي بن المبارك ابن الزاهدة.

وتميّز في العربية؛ وحدث بشيء من شعره.

ومات في ربيع الآخر.

 

محمد بن محمود بن إبراهيم بن الفرج.

المحدث المتقن، العالم الصالح، تقي الدين، أبو جعفر وأبو عبد الله الهمذاني، الواعظ، ويُعرف بابن الحمّامي.

ولد في أول يوم من سنة ثمان وأربعين.

وسمع ببلده من الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد العطّار. وسمع حُضوراً من أبي الوقت السجزي. وسمع أيضاً من محمد بن بُنَيمان الأديب، وجماعة ورحل إلى إصبهان فأدرك بها أبا رشيد عبد الله بن عمر صاحب أبي عبد الله الثقفي، فسمع منه ومن طبقته. وقدم بغداد، فسمع بها من الأسعد بن يَلْدرك، وأبي الفوارس سعيد بن محمد الحيص بيص، وجماعة. ثم قدمها بعد الستمائة، فسمع من أصحاب ابن الحُصين، وأبي غالب ابن البنّاء.

وكان شيخ همذان ومُفيدها وكبيرها، كتب وطلب وسمع الكثير.

قال المحب ابن النجار: حضرتُ مجلس إملائه، وكان يُملي في وعرفة الصحابة، ثم يُملي من غريب الحديث، ويتكلّم على الناس على طريق الوعظ.

قال: وكان به القبول التامّ، والصيت الشائع، وأهل همذان مُقبلون عليه يتبرّكون به. وكان من أئمة الحديث وحُفّاظه؛ له المعرفة بفقه الحديث ولغته، ومعرفة رجاله. وكان فصيحاً ذا عبارة حُلوة، وألفاظ منقّحة، مع دين وعبادة، وزُهد. وكان أمّاراً بالمعروف نهّاءً عن المنكر، ناصر السنة، قامع البِدعة، متواضعاً متودّداً، سمْحاً، جَواداً.

وبالغ ابن النجار في الإطناب في وصفه، وقال: لما استولى التتار على همذان في أواخر جمادى الآخرة: خرج إلى قتالهم بابنه عُبيد الله، فقُتلا شهيدين مُقبلين، غير مدبرين، رضى الله عنه.

قلت: روى عنه الزكي البِرزالي، والضياء، والعَماد علي بن عساكر، والمحب ابن النجار.

وأجاز للشرف ابن عساكر، والتاج بن عَصرون.

وقال الحافظ عبد العظيم: توفي في السادس والعشرين من جمّادى الآخرة.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا محمد بن محمود الشهيد، أخبرنا محمد بن بُنَيمان بن يوسف، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا أبو بكر الحِيري، أخبرنا حاجب بن أحمد، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن يوسف، عن سفيان، عن أبي يعفور، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: غَزَونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم سبع غزوات نأكل الجراد.

وقد تكلم فيه الرفيع الأبَرْقوهي وقال: لا يصحّ سماعه.

 

محمد بن محمود بن أبي السحن الظَّفَر.

أبو الضوء الشذَياني الحاتمي الهَرَوي، ويلقب بشهاب.

ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.

وسمع من: أبي سعيد أحمد بن إسماعيل الحنفي، وأبي الوقت السجزي، وأبي سعد ابن السمعاني، وجماعة.

روى عنه: الضياء الحنبلي، والزكي البِرزالي، والمحب اللبلي، وجماعة.

وأجاز للتاج بن عَصرون، والشرف بن عساكر، وزينب بنت عمر، وجماعة. وعُدم في السنة.

 

محمود بن محمد بن عبد الواسع ابن الموفّق السقطي، الهَرَوي.

أبو بكر، من ولد سَرِي السَّقطي.

سمع من جده عبد الواسع؛ حدثه عن شيخ الإسلام أبي إسماعيل.

روى عنه: الزكي البِرزالي، وغيره.

وأخبرنا ابن عساكر، أخبرنا محمود إجازة فذكر حديثاً.

وهو ممن عُدم في دخول العدوّ هَراة.

 

محمود بن محمد بن قُرا رسلان بن سقمان بن أرتُق.

الملك الصالح ناصر الدين الأرتُقي، صاحب آمِد وحِصن كِيفا.

مات بالقولنج، وقام بعده ولده الملك المسعود؛ الذي أخذ منه الكامل بلاده.

 

مشرّف بن علي بن أبي جعفر بن كامل.

أبو العز الخالصي، المقرئ، الضرير.

ولد تقريباً في سنة أربع وثلاثين.

وقدم بغداد، فحفظ بها القرآن، وقرأ بشيءٍ من القراءات على أبي الكرم الشَّهْرَزوري. وتفقّه

بالنظامية على مذهب الشافعي.

وسمع من: أبي الكرم، وأبي الوقت، ومسعود بن الحُصين، وأحمد بن محمد أبي الدباس، وسلامة ابن الصدر.

روى عنه: الدُّبيثي، والبِرزالي، وجماعة.

وتوفي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر.

والخالص: اسم ناحية ونهر بشرقي بغداد.

 

موسى ابن الشيخ عبد القادر بن أبي صالح.

أبو نصر الجيلي ثم البغدادي، ضياء الدين.

وُلد في ربيع الأول سنة تسع وثلاثين، ويقال: سنة سبع وثلاثين.

وسمع: أباه، وابن ناصر، وسعيد ابن البنّاء، وأبا الوقت، وابن البطي. واستوطن دمشق بالعُقَبية.

روى عنه: البِرزالي، والضياء، وابن خليل، والسيف، ابن المجد، وعمر ابن الحاجب، والشهاب القوصي، والزكي المنذري، والفخر علي، والتقي ابن الواسطي، والشمس محمد ابن الكمال، وأبو بكر ابن النماطي، وأحمد بن علي سِبط عبد الحق، وإسماعيل بن نور اليهيتي، والصفي إسحاق الشقراوي، ويوسف الغسولي، والعز أحمد بن العماد، والعماد عبد الحافظ بن بدران، وطائفة سواهم. وقرأ عليه الأئمة والحُفّاظ.

وقال ابن النجار: كتبت عنه بدمشق. وكان مطبوعاً، لا بأس به، إلا أنه كان خالياً من العلم.

وقال المنذري: دخل مصر ولم يحدّث بها.

وقال عمر ابن الحاجب: كان ظريفاً، رقّ حاله واستولى عليه المرضى في آخر عمره، إلى أن توفي ليلة الجمعة مستهلّ جمادى الآخرة. وكان آخر أولاد أبيه وفاة. وكان يُرمى برذائل لا تليق بمثله. سألت أبا عبيد الله البِرزالي عنه، فقال: كان عنده دُعابة.

 

منصور، الرئيس الكبير المجاهد، وأبو الفتح ابن الرئيس المجاهد محمد بن إسحاق.

الكِناني، الدمياطي.

توفي في ذي الحجة بدمياط، حُمل إلى مصر فدُفن بها.

وكان قد ولي رئاسة الغُزاة في البحر الأخضر. بعد والده مدة طويلة.

قال الحافظ عبد العظيم: سمعته يقول: لي خمسٌ وأربعون سنة أجاهد على ظهر البحر. وكان

مشهوراً بالشجاعة، ميمون الحركة، محباً للفقراء.

 

حرف النون

نجم الدين الكبرى.

اسمه أحمد. مرّ.

 

النفيس بن أبي البركات بن معالي بن حُفنَى.

أبو الفضل الزعيمي، البغدادي، المستخدم.

سمع: أبا الحسن بن غَبرة، وأبا الفتح بن البطي.

روى عنه: البِرزالي، والضياء، والشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، والدبيثي، وآخرون.

وكان رجلاً صالحاً.

وحُفنة: بضم الحاء المهملة وفتح النون.

توفي في رابع عشر صفر.

 

حرف الهاء

هبد الله بن الخَضر بن هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن طاووس، الأمير سديد الدين.

أبو محمد بن أبي طالب، البغدادي الأصل، الدمشقي.

من بيت العلم والرواية.

سمع من: الفقيه نصر الله بن محمد المِصِّيصي، وناصر بن محمود القُرشي، وعلي بن سليمان المرادي، والخضِر بن عبدان الأزدي، ونصر بن أحمد بن مُقاتل، وأبا القاسم بن البنّ الأسدي.

ورحل إلى الإسكندرية؛ وسمع من السلفي.

وكان عسراً في الرواية، ولا يُسمع إلا من أصل، ولم يكن ممن يفهم الحديث، لكنه كان مواظباً على تلاوة القرآن.

وسئل عن مولده فكتب أنه في سبع وثلاثين في ربيع الأول. وسماعه من نصر الله في سنة إحدى وأربعين؛ فيكون في الخامسة حضوراً، إلا على قول من يرى أن ذلك سماع.

روى عنه: ابن خليل، وابن النجار، وأبو بكر محمد ابن النُّشْبي، والعماد محمد بن سالم صَصْرى، والشمس أبو الغنائم بن علاّن، والفخر علي ابن البخاري، والشهاب القوصي، وجماعة. وبالإجازة: أبو حفص ابن القوّاس، وغيره.

وتوفي في سابع جمادى الأولى.

وقد سمع منه السراج بن شحاتة في رجب سنة سبع عشرة، ولعَسارته انقطع حديثه بوقت، وإلا فقد وقع لنا حديث أقرانه دونه.

 

حرف الياء

ياقوت، عتيق الحافظ أبي المواهب بن صَصْرى.

سمع مع مولاه من علي بن أحمد الحرستاني؛ ورحل معه إلى بغداد يخدمه ويخدم ولده أمين الدين، فسمع من أبي السعادات القزاز، وجماعة.

وحدث.

ومات في ذي القعدة.

 

ياقوت، أمين الدين المَوصلي الكاتب الملكي.

نسبة إلى السلطان ملكشاه بن سلْجوق بن محمد بن مَلكشاه السلجوقي.

قرأ العربية على الإمام أبي محمد سعيد بن المبارك ابن الدهّان؛ وبرع فيها، وقرأ كتاب "المقامات" و "ديوان" المتنبي.

وكتب الخط المنسوب، ونسخ نسخاً عديدة لكتاب "الصحاح" للجوهري، كل نسخة في مجلّد واحدٍ، وهي متيسّرة الوجود عند الأعيان. وكانت النسخة تباع بمائة دينار. وكانت له سمعة كبيرة في زمانه. وكتب عليه خلق، ثم تغيّر خطه من الكبر.

قال ابن خلّكان: توفي بالمَوصل في هذه السنة.

وقال ابن الأثير: لم يكن في زمانه من يكتب ما يقاربه، ولا من يؤدي طريقة ابن البوّاب مثله.

 

يحيى بن سعد الله بن الحسين بن أبي غالب محمد بن أبي تمام.

الشيخ أبو الفتوح التكريتي.

ولد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة بتكريت.

وسمع من أبيه وجماعة. وسمع ببغداد من: أبي المظفّر هبد الله ابن الشبلي، وابن البطي، والشيخ عبد القادر، والشيخ أبي النجيب، وجماعة.

وحدث ببلده، وخرّج لنفسه أحاديث. وعمل بتكريت دار حديث. وأهل بلده يثنون عليه ويصفونه بالصلاح.

روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، والضياء، وآخرون.

ومات في آخر المحرم.

 

يوسف بن عبد الغني بن موسى.

الفقيه أبو الحجاج بن غنّوم، الجُذامي، الإسكندراني، المالكي، المعدَّل.

سمع من السلفي.

وحدث، ودرّس، وناب في الحكم. وكان صالحاً، خيّراً، على طريقة السلف.

روى عنه: الزكي عبد العظيم، وغيره.

ومات في ثامن عشر المحرم.

 

يوسف بن عمر بن محمد بن عبد الله ابن الوزير نظام المُلك الطوسي.

أبو المحاسن البغدادي.

ولد سنة خمس وثلاثين.

وسمع من: نصر بن نصر العُكبري، وأبي الوقت، وأبي حامد محمد بن أبي الربيع الغرناطي.

ومات في شعبان.

روى عنه الدبيثي، وقال: كان غير حميد الطريقة.

 

الكنى

أبو بكر بن المظفر بن إبراهيم ابن البَرني.

نزل الموصل مع أخيه أبي إسحاق.

وحدّث عن عتيق بن صيلا.

توفي في الحجة بالموصل.

 

أبو الحسن بن إسماعيل بن مسلَّم بن سلمان الإربلي، ثم البغدادي، الصوفي.

ولد سنة تسع وخمسين في أوائل السنة.

وسمع حضوراً من أحمد بن المقرب، ويحيى بن ثابت. وسمع أيضاً شُهدة. وأجاز له مسعود الثقفي، وأبو عبد الله الرُّستمي، وجماعة.

وكان مشهوراً بالخير والصلاح، ولي مشيخة الصوفية بأربل.

وقيل: اسمه محمد، وقيل: علي، وهو معروف بكنيته.

وهو ابن عم الحسن في خامس ربيع الآخر.

وحدث بإربل.

 

أبو الطاهر بن أبي الفضل المقدسي، الحنبلي.

إمام جامع كفر بطنا.

توفي بكفر بطنا في ربيع الآخر، وحُمل إلى جبل قاسيون فدُفن به.

وهو والد الفقيه الصالح تقي الدين أحمد المتوفي سنة اثنتين وتسعين، وجد شيخنا أبي بكر بن أحمد بن أبي الطاهر المتوفي في سنة اثنتين وسبعمائة.

وولي بعده الوين أحمد بن عبد الدائم، فأقام بها إلى إثناء سنة ست وعشرين، ثم انفصل عنها، ثم عاد إليها بعد الثلاثين، ثم تركها سنة الخوارزمية.

 

أبو علي بن أبي زكري.

الأمير الكبير فخر الدين، أخو الأمير سيف الدين أبي بكر، والأمير شجاع الدين كُرّ، وعم زين الدين موسى بن جكو بن أبي زكري.

توفي في ربيع الأول بالمخيم بالمنصورة، رحمه الله.

 

وفيها ولد

العماد محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن ملهم الدمشقي الصائغ.

والشمس عمر بن غلام الله الأشرفي.

والشمس حسن بن المظفر المُنقِذي الشروطي.

والضياء محمد بن محمد بن عبد القاهر ابن النصيبي.

والصدر أحمد بن عبد الرحمن القرشي الإسكندري، وعرف بابن حمزة، يروي عن ابن عماد.

والرشيد محمد بن عبد الحق بن مكي ابن الرصاص.

وأبو محمد عبد المعطي بن الرحمن ابن الأبياري الإسكندراني.

وناصر الدين عمر بن أحمد ابن ألْطُنبا الناصري الحلبي.

وجمال القضاة أبو بكر محمد بن عبد الرحمن ابن المغيري؛ سمع الصفراوي

وفيات سنة تسع عشرة وستمائة

حرف الألف

أحمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد المجيد بن أحمد ابن محمد بن الحسن بن حديد بن

أحمد بن محمد بن صمْدون، القاضي المكين.

أبو طالب ابن زين القضاة أبي الفضل، الكناني، الإسكندراني، المالكي، العدْل.

ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.

وسمع من: أبي طاهر السلفي، وأبي محمد العثماني، وأبي الطاهر بن عوف، وغيرهم: وأجاز له جماعة.

وحدث بدمشق، ومصر؛ روى عنه الزكي المنذري، وقال: كان له أنس بالطريقة. وكان الحافظ السلفي يكرمه كثيراً؛ لما لأسلافه عليه من الحقوق، ويقدمه للقراءة عليه مع صِغر سنه. وهو من بيت الرئاسة والمعروف، ولهم الأوقاف والأحباس. وهو من ولج سُراقة بن مالك بن جُعشم؛ رضي الله عنه. وكان أبوه قاضي الإسكندرية؛ وكذلك جده المكين أبو غلي. وذُكر أنه استُقصي من بيتهم بالإسكندرية سبعة قضاة، وكانوا يحكمون بمذهب أهل السنة في ذلك الوقت.

قلت: يعني في الدولة العبيدية.

وروى عنه أيضاً: الشهاب القوصي، والجلال عيسى بن الحسن القاهري؛ وأخوه الرشيد عبد الله بن الحسن، وآخرون.

وتوفي في سابع عشر جمادى الآخرة، بالإسكندرية.

لم ألحق من أصحابه أحداً.

 

أحمد بن عبد المؤمن بن موسى القيسي.

أبو العباس الشريشي، النحوي.

روى عن: أبي الحسن بن لُبّال، وأبي عبد الله بن زَرقون، وغيرهما. وجلس لإقراء العربية.

قال الأبّار: له تصانيف منها: "شرح الإيضاح" لأبي علي الفارسي، ومنها "شرح مقامات" الحريري؛ صنّف لها ثلاثة شروح. سمعت منه، وأجاز لي.

 

أحمد بن علي بن أحمد بن أبي الهيجاء.

الأمير الكبير عماد الدين ابن المشطوب، سيف الدين الهكّاري.

كان عماد الدين من كبراء الدولة، شجاعاً، هُماماً، سمحاً، جواداً، مَهيباً، أقطعه السلطان صلاح الدين نابلس. وكان حدهم أبو الهيجاء صاحب العمادية، وعدة قلاع من بلاد الهكّارية. ولم يزل

العماد وافر الحرمة إلى أن انفصل عن الديار المصرية وعدّى الفرات، فأكرمه الأشرف.

وقد ذكرنا في سنة سبع عشرة من أخباره وأنه مات في السجن بأسوأ حال.

ومات في ربيع الآخر. وبنت له ابنته قبة برأس عين ونقلته من حرّان فدفنته بها.

وعاش أربعاً وأربعين سنة ظناً.

 

أحمد الملك المفضّل قطب الدين أبو العباس.

ابن السلطان الملك العادل سيف الدنيا والدين أبي بكر محمد بن أيوب.

توفي بالفيوم في منتصف رجب، وحُمل إلى القاهرة، ودُفن خارج باب النصر.

 

أحمد بن المبارك بن فوارس بن سُنبلة.

أبو المعالي البغدادي، الحريمي، السفّار التاجر.

شيخ مسند، روى عن: أبي الفرج عبد الخالق اليوسفي، وأبي علي أحمد بن أحمد الخرّاز.

وكان مولده سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، وتوفي في نصف ذي القَعدة.

وهو أخو محمد، الذي سكن بسمرقند.

روى عنه: الضياء، وابن النجار.

وقد اختلط قبل موته بقليل، من سنة خمس عشرة وستمائة.

 

أحمد بن مسعود بن أحمد بن محمد.

أبو العباس اليماني ابن ناصر، وأبي حكيم النهرواني. وكان إمام دَبْر الغساني.

روى عنه الحافظ الضياء.

قال المنذري: توفي في منتصف صفر الشيخ الصالح الزاهد أبو العباس اليماني الشافعي، بالأرض المقدسة. سمع ببغداد من الحافظ أبي الفضل محمد بن ناصر، وغيره. وحدث. وكان مشهوراً بالصلاح والخير. وكان قد سكن بأولاده وأهله في مغارة بجبل من جبال بيت المقدس.

وقال الضياء: كان قد كبر حتى عن القيام والقُعود، رحمه الله.

 

إسماعيل بن الحسين بن يعقوب.

أبو محمد اللُّبّادي، الحربي.

حدث عن: ابن البطي، وغيره.

ومات في ذي الحجة.

إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن بن أبي بكر بن هبة الله بن الحسن.

الحافظ البارع تقي الدين أبو الطاهر ابن الأنماطي، المصري، الشافعي.

سمع: القاضي أبا عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحَضرمي، وأبا القاسم هبة الله البوصيري، وأبا عبد الله محمد بن عبد المولى اللُّبني، وشجاع بن محمد المدلجي، وأبا عبد الله الأرتاحي، وجماعة كبيرة.

ورحل إلى دمشق سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة فأكثر بها عن أبي طاهر الخُشوعي، وأبي محمد ابن عساكر، وطبقتهما. ورحل بعد الستمائة إلى العراق، فسمع من: حنبل، وابن سُكينة، وابن طَبَرزد، وأبي الفتح المندائي، وخلق سواهم.

وكتب الكثير بخطه المليح السريع. وحصّل كتباً كثيرة.

قال ابن النجار: اشتغل من صباه، وتفقه، وقرأ الأدب، وسمع الكثير. وقدم دمشق سنة ثلاث وتسعين، ثم حج سنة إحدى وستمائة، وقدم مع الركب. وكانت له همة وافرة، وحرص، وجد، واجتهاد، مع معرفة كاملة وحفظ وثقة وفصاحة وسرعة قلم، واقتدار على النظْم والنثر. ولقد كان بعيد الشبيه، معدوم النظير في وقته. كتب عنّي وكتبت عنه، وقال لي: ولدت سنة سبعين وخمسمائة في ذي القعدة.

قال عمر ابن الحاجب: كان إماماً، ثقة، حافظاً، مبرّزاً، فصيحاً، واسع الرواية، حصّل ما لم يحصّله غيره من الأجزاء والكتب. وكان سهل العاريّة يعير إلى البلاد. وعنده فقه، وأدب، ومعرفة بالشعر، وأخبار الناس. وكان يُنبَز بالشرّ. سألت الضياء محمد بن عبد الواحد، عنه، فقال: حافظ، ثقة، مفيد، إلا أنه كان كثير الدعابة مع المُرْد.

قلت: وله مجاميع مفيدة، وآثار كثيرة. وكان أشعرياً؛ له كلام في الحطّ على إمام الأئمة أبي بكر بن خُزَيمة.

روى عنه: الشهاب القوصي، والزكي البِرزالي، والزكي المنذري، والكمال الضرير، والصدر البكري المحدث، وابنه أبو بكر محمد بن إسماعيل، وآخرون.

ومات في الكهولة. ولم يروِ إلا القليل.

قال الضياء: باب في عافية، فأصبح لا يقدر على الكلام أياماً، ثم مات - يعني: مات بالسكتة - في رجب.

حرف الباء

بدر التمام أخت الحافظ ابن الأخضر.

أم أولاد الأديب أبي المعالي الحَظِيري.

سمعت المبارك بن أحمد الصيرفي.

وعنها ابن أخيها علي؛ روى ابن النجار عنه، عنها.

توفيت في رمضان.

 

حرف الثاء

ثابت بن مشرَّف بن أبي سعد ثابت.

ويقال: أبو سعد محمد بن إبراهيم، أبو سعد البغدادي الأزَجي، البناء، المعمار، المعروف بابن شِستان.

سمع من: سعيد ابن البنّاء، وابن ناصر، وأبي بكر ابن الزاغوني، وأبي الفتح الكروخي، وأبي الوقت، وأبي جعفر أحمد بن محمد العباسي، وأبي المظفر محمد بن أحمد التريكي، وأبي الفضل أحمد بن هبة الله ابن الواثق، وواثق بن تمام، ونصر بن نصر العُكبري، ومحمد بن عبيد الله الرطبي، ومحمد بن أحمد ابن المادح، وأحمد بن يحيى بن ناقة، وطائفة؛ سمع منهم بإفادة أبيه وبنفسه.

وأجاز له وجبة الشحّامي، وعبد الله ابن الفُرَاوي، وجماعة من نيسابور.

وكان عمه علي بن أبي سعد الخباز من أعيان الطلبة.

وشِستان: بكسر الشين. ورأيت بعضهم قد قيدها بالضم.

روى عنه: الزكي البِرزالي، والضياء، والكمال ابن العديم؛ وولده القاضي أبو المجد، والزين بن عبد الدائم، ومحمد بن أبي الفرج ابن الدباب، والكمال أحمد بن النصيبي، وجماعة.

قال ابن نقطة: كان صعب الأخلاق، ظاهر العامية، سمعت عامة الطلبة يذمّونه.

وقال المنذري: توفي في خامس ذي الحجة ببغداد، وقد بلغ الثمانين.

قلت: وقدم حلب سنة ست عشرة، وسمعوا منه. وحدث أيضاً بدمشق. وأخته عزيزة، ماتت قبله بأيام. سمعت من عمها.

 

حرف الحاء

الحسين بن أبي منصور بن أبي المعالي بن حرّاز.

وجيه الدين أبو عبد الله الواسطي، الهمامي، الشاعر الأديب.

توفي بالقاهرة كهلاً في جمادى الأولى.

روى عنه من شعره الزكي المنذري.

 

حرف الطاء

الطيب بن محمد بن الطيب بن الحسين بن هِرقل.

العُتقي، الكِناني، المرسي، أبو القاسم الأصولي.

ذكره الأبّار، فقال: سمع من أبي القاسم بن حُبيش؛ وأكثر عنه، ومن ابن حَميد. وتفقه بأبي بكر بن أبي جمرة. وكتب إليه أبو القاسم ابن بُشكُوال. والسهيلي، وكان من أهل المعرفة الكاملة والنباهة. نوظر عليه في كتب الرأي وأصول الفقه. وتقدم أهل بلده رئاسة ورجاحة. وأخذ عنه أصحابنا. وتوفي في سابع عشر جمادى الأولى، وله ثلاث وستون سنة.

 

حرف العين

عبد الله بن أبي بكر عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد.

أبو محمد القُضاعي، الأبّار، الأندي، الأندلسي.

نزيل بَلَنسية.

أخذ القراءات عن أبي جعفر الحصّار. وسمع من أبي عبد الله بن نوح الغافقي. وصحِب أبا محمد بن سالم الزاهد. وأجاز له أبو بكر بن أبي جمرة.

قال ابنه: وكان - رحمه الله، ولا أزكيه - مقبلاً على ما يعنيه، شديد الانقباض، بعيداً عن التصنع، حريضاً على التخلص، كثير التلاوة والتهجد، فقيهاً، معدّلاً، ذاكراً للقراءات. قرأت عليه لنافع، وسمعت منه، وتوفي في ربيع الأول، وله ثمان وأربعون سنة.

 

عبد الرحمن بن عبد السلام بن أحمد.

أبو القاسم، الحَسّاني أو الغسّاني.

الغرناطي، ويلقب بالدَّدُوْ.

روى عن أبي عبد الله بن عُروس، وأخذ القراءات عنه، و "كتاب" سيبويه، ولازمه كثيراً، وعن: داود بن يزيد السعدي، وعبد المنعم بن عبد الرحيم الحافظ.

وأقرأ القرآن والنحو. وكان فقيهاً، عفيفاً، متصوناً، كان يشهد. وقد سمع وهو صبي من أبي عبد الله الحجْري.

ولد سنة أربع وثلاثين. ومات في ربيع الآخر سنة تسع عشرة وستمائة.

 

عبد الرحمن بن القاسم بن يوسف.

أبو القاسم ابن السرّاج. المَغيلي الفاسي، نزيل غرناطة.

عارف بالقراءات والعربية، معتنٍ بالرواية، مكثر عن أبي محمد بن عبيد الله الحجْري.

أخذ العربية عن أبي الحسن نَجَبة. وأخذ القراءات عن أبي الحسن بن النقرات. وأجاز له جماعة.

 

عبد الرحمن بن محمد بن بدر بن الحسن بن مفرّج.

رشيد الدين النابلسي الشاعر، الملقب بمدكويه.

سمع "مقامات" الحريري من منوجِهر بن تُركانشاه عن المصنّف؛ وحدث بها عنه.

وكان شاعراً، محسناً، مليح القول.

قيل: إنه أقلع عما كان عليه قبل موته، وصلُحت حاله.

ومات في خامس محرم بدمشق.

وقد مدح أمير المؤمنين الناصر لدين الله بالقصيدة الطنانة التي نطلعها: حرم الـخـلافة والـمـحـل الأعـظـمفـانـظـر لـنـفـسـك أي در تـنـظِـــم

ومدح السلطان صلاح الدين، وولده الملك الظاهر غازياً، ومدح الملك المعظّم.

وهو عم الحافظ شرف الدين يوسف بن الحسن النابلسي.

روى عنه الشهاب القوصي عدة قصائد.

 

عبد الرحمن بن أبي البركات المبارك بن محمد بن أحمد.

أبو محمد ابن المشتري.

ولد سنة خمس وثلاثين وخمسمائة.

وسمع من: أبي الفضل الأرْموي، وسعيد ابن البناّء، وابن ناصر، وأبي الوقت، وجماعة.

وكان شيخاً فاضلاً، صحيح الأصول.

روى عنه: الدبيثي، وجماعة.

وتوفي بإربل في شوال.

 

عبد السلام بن علي بن منصور، قاضي القضاة.

تاج الدين أبو محمد الكِناني الدمياطي، الشافعي.

المعروف بابن الخرّاط.

قرأ القرآن بدمياط بالقراءات على المسند الكبير عبد السلام بن عبد الناصر بن عُديسة.

ورحل إلى بغداد، وتفقه بالنظامية. وسمع من: ابن كُليب، وابن الجَوزي، وأبي طاهر المبارك بن المبارك ابن المَعطوش. ورحل إلى واسط؛ فقرأ بها القراءات على أبي بكر ابن الباقِلاّني.

وعاد إلى دمياط، وولي القضاء بها والتدريس مدة. ثم ولي قضاء القضاة بمصر وأعمالها من الجانب القِبلي.

وحدث.

قال الزكي المنذري: اقرأ، وحدّث بدمياط، ومصر. وخرّجت له جزءاً من حديثه. وسمعت منه.

وولد سنة إحدى وسبعين. ثم صرف من مصر، وولي قضاء دمياط.

 

عبد الصمد بن عبد الرحمن بن أبي رجاء.

الإمام أبو محمد البَلَوي الأندلسي الوادي آشي.

ويعرف باللَّبَّسي؛ وأصله منها، ويقال: لبّسه ولبّصه: من قرى الأندلس.

روى عن: أبيه أبي القاسم، وأبي العباس الخروبي، وأبي بكر بن رزق، وأبي الحسن بن كوثر، وأبي القاسم بن حُبيش، وأبي عبد الله بن حَميد.

وأخذ القراءات عن جماعة. وأجاز له أبو الحسن بن حُنين، وأبو طاهر السلفي، وجماعة.

قال الأبّار: وكان راوية مكثراً، واعظاً، مذكّراً، يتحقق بالقراءات والتفاسير، ويشارك في الحديث والعربية. واعتمد في ذلك على أبيه، وأبي العباس الخَرّوبي، وأقرأ الناس ببلده، وتصدر به، وأخذ عنه جماعة. ووُلد في حدود سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، وتوفي في رجب، وله خمسٌ وثمانون سنة.

وقال ابن مَسْدي في "معجمه": أبو محمد اللبصي، هو وأبوه في القراءات والحديث. فكان أبوه رأس المقرئين بالأندلس فيء زمانه، فاحتذى أبو محمد حذو أبيه، وتلقى القراءات منه، فكان آخر من حدّث عنه. وأكثر عن أحمد بن محمد بن سعيد الخروبي. وسمع بفاس من محمد بن

الرمامة، وأبي الحسن الكِناني. قرأت عليه القراءات بالروايات واستفدت منه كثيراً. قال: ومات في شعبان سنة ثمان عشرة. هكذا قال ابن مَسدي.

وآخر من قرأ بالروايات على هذا الشيخ أحمد بن بشير القزاز، وبقي القزاز إلى سنة بضع وسبعين.

 

عبد القادر بن داود بن محمد.

الفقيه أبو محمد الواسطي.

قرأ القراءات على أبي بكر ابن الباقِلاّني، وسمع من أبي بكر محمد بن علي الكتّاني المُحتسب.

وورد بغداد، ودرّس، وأفتى، وحدث. وقد تفقه بواسط على المُجير محمود بن المبارك البغدادي.

ومات في ربيع الآخر.

 

عبد الكريم ابن الفقيه نجم بن شرف الإسلام عبد الوهاب ابن الشيخ أبي الفرج، الأنصاري،

السعدي، العُبادي، الشيرازي، الأصل، الدمشقي.

الفقيه شهاب الدين أبو الفضائل. ابن الحنبلي.

رحل إلى بغداد وسمع من أبي السعادات نصر الله القزاز، وغيره، وبدمشق من أبي المعالي بن صابر.

وحدث ودرّس بمدرستهم.

روى عنه الشهاب القوصي، وعمر ابن الحاجب، وقال الشهاب: كان عارفاً بمذهبه، مطّلعاً على غوامضه.

وقال ابن الحاجب: فقيه، عالم، عنده إقدام وشهامة، إلا أنه كان يُرمى بكثرة الشر، وبُطلان الحقوق، وكثرة الوقيعة في الناس. ولد سنة تسع وخمسين.

وقال المنذري: توفي في عاشر ربيع الأول.

وقال أبو شامة: هو أخو البهاء، والناصح، وهو أصغرهم، وكان أبرعهم في الفقه، والمناظرة، والدعاوى، والبيّنات. لكنه كان متعصّباً على شيخنا السخاوي؛ وجرت بينهما أمور. رحم الله الجميع وإيانا.

 

عبيد الله بن المبارك بن إبراهيم بن مختار بن تغلب.

أبو القاسم الأزجي، الدقّاق، العدْل، المعروف بابن السيبي.

ولد سنة خمسين وخمسمائة.

وسمع: من ابن البطي، وشُهدة، وعبد الحق، وخديجة بنت النهرواني، وجماعة.

وطلب بنفسه، وكتب، وقرأ على الشيوخ.

وتوفي في رجب.

 

عثمان بن هبة الله بن أبي الفتح أحمد بن عَقيل بن محمد.

الحكيم الرئيس جمال الدين، أبو عمرو القيسي، البعلبكي الأصل، الدمشقي، العدل، الطبيب، المعروف بابن أبي الحوافر، رئيس الأطباء بالديار المصرية.

ولد سنة ست وأربعين وخمسمائة.

وولي رئاسة الطب مدة بالقاهرة.

وتوفي في الثالث والعشرين من رجب، بالقاهرة.

وكان جد.

أبو الفتح مقرئاً، فاضلاً، صالحاً، من أصحاب الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي.

وكان عقيل فقيهاً يكرر على "مختصر" المُزني.

 

علي بن حيدرة بن أبي جعفر محمد بن القاسم بن الميمون حمزة.

الشريف أبو الحسن الحسيني، المصري، المعدَّل، نقيب الأشراف بالقاهرة.

توفي في ربيع الأول.

 

علي بن سيّدهم بن عمار.

العدل وجيه الدين ابن العتّال، الشروطي.

كتب الحكم لقاضي القضاة أبي محمد عبد السلام بن علي الدمياطي، ورُزق حظاً في الوراقة.

وكان كثير التلاوة.

توفي بمصر.

 

علي بن أبي الفرج محمد بن أبي المعالي ابن الدبّاب.

أبو الحسن البغدادي، البابَصري.

سمع من أبي محمد محمد بن أحمد بن أحمد ابن المادح.

وحدث.

وهو جد الواعظ المسند جمال الدين محمد بن محمد بن علي ابن الدبّاب؛ المتوفى سنة خمس وثمانين وستمائة؛ أحد شيوخ الفَرَضي.

قال شيخنا أبو العلاء الفَرضي: إنما سُمي جدهم الدبّاب؛ لأنه كان يمشي على التؤدة والسكون.

قلت: توفي أبو الحسن في ذي القَعدة.

روى عنه البِرزالي.

 

علي بن أبي بكر محمد بن عبد الله بن إدريس.

الرَّوْحاني البَعقوبي، الزاهد رحمه الله.

صحب الشيخ عبد القادر؛ وسمع منه، والشيخ علي ابن الهِيتي.

وكان شيخاً صالحاً، زاهداً، عابداً، متألّهاً، كبير القدر من أعيان شيوخ العراق في زمانه.

صحبه الشيخ يحيى الصرْصري، ثم روى عنه هو والكمال علي بن وضّاح، والبدر سُنقرشاه الناصري، والشيخ علي الخبّاز الزاهد، والواعظ أبو الفضل محمد بن أبي الفرج ابن الدبّاب، وآخرون.

وذكر أبو إسحاق الصريفيني أنه سمع منه، قدم دمشق، وزار القدس، وكان الشيخ يحيى يبالغ في وصفه، وتبجيله، وأنه ما رأى مثله.

وذكره ابن نُقطة، وكنّاه أبن محمد، وقال: كان شيخ وقته، صاحب دين، وأدب، وفضل، وإيثار.

سمعتُ منه، وسماعه صحيح. ثم درج موته. توفي في سَلْخ ذي القعدة بالرَّوحاء، ودُفن برباطه، وقبره يُزار.

كنيته أبو محمد، وأبو الحسن.

 

علي بن محمد بن الحسن بن يوسف بن يحيى بن النبيه.

الأديب البارع كمال الدين، أبو الحسن المصري الشاعر، صاحب الديوان المشهور.

كان شاعراً محسناً، بديع القول، رائق النَّظم.

توفي في الحادي والعشرين من جمادى الأولى، بنصيبين.

وكان من مفاخر الشعراء، مدح بني أيوب. ثم اتصل بالأشرف؛ وسكن نصيبين.

 

علي بن يوسف بن محمد بن أحمد.

أبو الحسن ابن الشريك، الأنصاري، الداني، الضرير المقرئ.

أخذ القراءات عن أبي إسحاق بن مُحارب؛ والعربية عن أبي القاسم بن تمام.

ورحل إلى مُرسية، فسكنها؛ وسمع من أبي القاسم بن حُبيش، وأبي عبد الله بن حَميد. وأقرأ القراءات والعربية. وبلغ في التفهيم والذكاء الغاية.

قال الأبّار: ويُقال: كان في صباه نجاراً، فلما أضر أقبل على العلم. واستفاد بتعليم العربية مالاً جليلاً. وتوفي في رجب، ومولده في سنة خمس وخمسين وخمسمائة.

 

علي بن أبي الكرم ابن العمري.

البغدادي. حدث عن أبي الوقت.

 

عمر بن عبد الله بن حِصن بن بزّان.

الشيخ الصالح أبو حفص البغدادي، المقرئ الضرير، المعروف بالبقُّش.

حدث عن أبي الوقت.

وتوفي في عاشر جمادى الآخرة.

وكان يروي "الصحيح" كله.

 

عمر بن أبي السعادات عبد الله بن أبي الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن

صِرما.

الشيخ الصالح أبو حفص البغدادي، الأزجي، الإسكاف الحذّاء.

سمع من: ابن ناصر، وسعد الخيْر الأنصاري.

وهو ابن عم أحمد بن يوسف.

روى عنه: الزكي البِرزالي، والدبيثي، والجمال محمد بن أبي الفَرَج ابن الدبّاب.

وتوفي في العشرين من ذي القَعدة عن بضعٍ وثمانين سنة.

 

حرف الميم

محمد بن أحمد بن عبد الله بن هشام.

أبو عبد الله الفِهري، الذهبي.

ويعرف بابن الشوّاش أيضاً من أهل المَرية: أحد مدائن الأندلس.

سمع من: أبي عبد الله بن سعادة، وأبو بكر بن أبي ليلى، وأبي عبد الله ابن الفرس، وأبي القاسم

بن حُبيش، وجماعة.

وأخذ العربية عن الأستاذ أبي موسى الجُزولي. وجلس للإقراء والتحديث. ودرّس النحْو واللغات. وحمل الناس عنه.

وكان إماماً متواضعاً، بارع الخطّ.

حدث بمُرسية والمَرية. ذكره الأبّار.

 

محمد بن إسحاق بن أبي الحسن محمد بن أبي نصر إسحاق بن عز النعمة أبي الحسن بن

هلال بن المحسِّن ابن الصابيء.

الشيخ الصالح أبو الحسين البغدادي، المَراتبي.

سمع من: عبد الله بن منصور ابن المَوْصلي، وغيره.

وكان يؤمّ بمسجد أبي إسحاق الشيرازي. وهو من بيت البلاغة، والكتابة، والآداب.

ولعز النعمة "تاريخ" تمّم به "تاريخ" والده أبي الحسين، وله عدة مصنفات. وكان صاحب ديوان الإنشاء في أيام القائم بأمر الله.

وأبوه أبو الحسن كان أديباً، أخبارياً، علاّمة، صائباً؛ فأسلم وحسُن إسلامه.

وهو حفيد إبراهيم بن هلال الصابئ، صاحب "الرسائل".

 

محمد بن إسماعيل بن علي بن أبي الصيف.

الشيخ أبو عبد الله اليمني، الشافعي، نزيل مكة.

تفقه، وأقام بمكة؛ وسمع بها من: أبي نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق، وأبي علي الحسن بن علي البَطَليوسي، وأبي محمد المبارك ابن الطبّاخ، وعبد المنعم ابن الفُراوي، وجماعة.

وخرّج أربعين حديثاً عن أربعين شيخاً من أهل أربعين مدينة.

وكان يسمع مع عُلوّ سنه. وكان مشهوراً بالدين والعلم والحديث.

وحدث، ونفع، وأفاد، رحمه الله.

ومات في ذي الحجة.

روى عنه: الصدر البَكري، وغيره.

 

محمد بن الحسين بن جمُعة.

أبو عبد الله السِّجِستاني، الشافعي العدْل.

سمع من السلفي.

وولي الحِسبة بالقاهرة، وأمّ بمسجد البرقية مدة.

روى عنه: الزكي المنذري، وغيره.

ومات في ذي الحجة.

 

محمد بن عبد الله بن محمد بن وقّاص.

المَلَطي، المَيورْقي، حج، وسمع من أبي الطاهر بن عوف الزهري، وبدمشق من الخُشوعي.

وحدث عن أبي جعفر عبد الرحمن ابن القصير.

وولي خطابة مَيورْقة. وكان فصيحاً، مفوَّهاً، بليغاً، جليلاً.

قال الأبّار: توفي قريباً من سنة ثمان عشرة أو فيها.

 

محمد بن عبد الرحمن بن عبد السلام.

أبو عبد الله الغسّاني، الغَرْناطي، الكاتب.

مصنِّف "شرح كتاب الشهاب".

توفي بمُرسية في رمضان.

 

محمد بن عبد الرحمن بن عيّاش.

أبو عبد الله الأندلسي، ثم المغربي.

كاتب السر للدولة المؤمنية.

كان حميد السيرة، حسن الطريقة، بارعاً في الأدب، علاّمة في فن الإنشاء. ينسج على منوال الصابئ، وابن العميد. وله شعر متوسط.

أخذ عنه تاج الدين ابن حمُّوَيه، وغيره.

 

محمد بن عبد السلام بن محمد، ابن الخطيب.

أبو البركات السنجاري، الفقيه الشافعي.

كان له يد في الخلاف. ودرّس بإربلّ. وروى شيئاً من شعره.

وولي قضاء مَلَطية إلى أن توفي بها.

وهو من بيت كبير بسنْجار.

 

محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم بن مفرّج المَلاّحي.

الحافظ الكبير الغافقي، الأندلسي، أبو القاسم.

والملاّحة: من قُرى غَرناطة.

ولد قبل الخمسين وخمسمائة. وكان من كِبار حُفّاظ زمانه.

قال الأبّار: سمع من: والده، وأبي الحسن بن كوثر، وأبي خالد بن رفاعة، وعبد الحق بن بونة، وأبي القاسم بن سَمجون، وخلق. وأجاز له أبو عبد الله بن زرقون، وأبو زيد السُّهيلي، وطائفة.

ومن المشرق أبو الطاهر بن عوف، وأبو طاهر الخُشوعي. وروى بالإجازة العامة عن السلفي، وأبي مروان بن قزمان. وكتب عن الكبار والصغار، وبالغ عمره في الاستكثار. وكان حافظاً للرواة، عارفاً بأخبارهم. ألّف تاريخاً في علماء إلبيرة، وألّف كتاب أنساب الأمم العرب والعجم، وسماه "الشجرة"، و "الأربعين" حديثاً بلغ فيه الغاية من الاحتفال. وشُهد له بحفظ أسماء الرجال؛ فزاد على من تقدمه. وله استدراك على الحافظ ابن عبد البر في الصحابة. وكان مُكثراً عن أبي محمد بن الفرس. أخذ الناس عنه؛ وكان أهلاً لذلك. وتوفي في شعبان، رحمه الله.

 

محمد بن عبيد الله بن محمد بن علي.

أبو الفرج الواسطي، المقرئ الوكيل، المعروف بخَنْفر.

ولد بواسط سنة ثمان وأربعين.

وقرأ على جماعة القراءات ومنهم: أبو بكر محمد بن خالد الرزّاز البغدادي. وسمع من أبي الحسين عبد الحق، ومَنوجِهر، وغيرهما.

وكان مجموع الفضائل.

توفي في السابع والعشرين من رجب.

وكان وكيلاً بأبواب القضاة.

 

محمد بن أبي علي بن محمد، ابن الشطرنجي.

الحريمي، الخبّاز.

وحدث عن أبي الوقت.

ومات في ربيع الآخر.

وقيل: اسم أبيه الحسن. وأما ابن النجار فسمى أباه: المبارك، وقال: سمع أبا الوقت، ومقبل بن أحمد بن الصدر، وعلي بن حسّان العُلبي، كتبت عنه - ثم روى عنه حديثاً، عن العلبي، عن

طِراد.

 

محمد بن محمد بن أحمد بن أبي غالب.

أبو الحارث الوقاياتي، البابَصري.

سمع أبا الوقت.

وعنه ابن النجار، وقال: لا بأس به. توفي في خامس رمضان.

 

المبارك بن محمد بن أبي الغنائم.

أبو السعادات الحريمي، الناصري، ويُعرف بابن زوتان.

حدث عن أبي الفتح بن البطي.

 

مختص الحبشي.

سمع من: مولاه قاضي القضاة عبد الواحد بن أحمد الثقفي، وأبي العباس أحمد بن ناقة.

روى عنه: الدبيثي، وابن النجار. وكان ديّناً.

 

مِسمار بن عمر بن محمد بن عيسى.

أبو بكر، المعروف بابن العُويس، البغدادي، المقرئ النيّار، نزيل المَوصل ومسندها.

ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.

وسمع الكثير من: أبوي الفضل الأرمَوي، وابن ناصر، وواثق بن تمام، وسعيد ابن البنّاء، وأبي بكر ابن الزاغوني، وأبي الوقت، وابن ناقة، وغيرهم.

وحدث بالكثير ببغداد، والمَوصل. وأقرأ القرآن.

قيل: إن اسمه محمد، ولقّبه الوزير ابن هُبيرة بمسمار؛ لأنه كان يراه يسمع وهو جالس ساكن فقال: كأنه مسمار. وكان شيخاً، متديناً، خيّراً، مشهوراً.

روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، والضياء، والأمير ركن الدين أحمد بن قراطاي الإربلي، وأبو الفضل عباس بن بَزوان الموصلي، والصالح عبد الكريم بن منصور الأثري، وسيّدة بنت دِرباس، وطائفةٌ.

وأجاز لعلي بن عبد الدائم القيِّم، وللعماد ابن سعد، وجماعة.

وتوفي بالمَوصل في ثاني عشر شعبان.

 

حرف النون

نصر الله بن محمد بن الحسين.

أبو منصور الكوفي، الحائري، الزيدي، المعروف بابن مدلل.

ولد في حدود سنة سبع وعشرين وخمسمائة.

وسمع بالكوفة من: أبي الحسن محمد بن غبرة، وابن ناقة، والحسين بن محمد الدواتي. وببغداد من أبي الفتح ابن البطي.

وحدث بالكوفة.

وهو زيدي النِّحْلة.

والحائري: نسبة إلى الموضع الذي فيه مشهد الحسين عليه السلام.

 

نصر بن عَقيل بن نصر عقيل.

الفقيه عز الدين أبو القاسم، وأبو المظفّر الإربلّي، الشافعي.

ولد بإربل في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة.

وتفقه على عمه أبي العباس الخَضِر. ثم أتى بغداد، وأقام بالنظامية مدة. وسمع من أبي الفضل أحمد بن صالح الجيلي، وغيره. ورجع إلى بلده، وولي التدريس بها بالمدرستين اللتين كان عمه يُدرّس بهما بالقلعة والربض. فدرّس، وأفتى مدة. ثم قدم الموصل.

وتوفي في ثالث عشر ربيع الآخر.

 

نصر بن أبي الفرج محمد بن علي بن أبي الفرج.

الحافظ المسنِد أبو الفتوح، برهان الدين البغدادي، الحنبلي، المقرئ، المعروف بابن الحُصري، نزيل مكة، وإمام الحطيم.

قرأ بالروايات على أبي الكرم المبارك ابن الشهرزوري، وغيره وأقرأ بالروايات وكان إسناده فيها عالياً إلى الغاية.

وسمع من: أبي بكر محمد ابن الزاغوني، وأبي الوقت، والشريف أبي طالب محمد بن محمد العلوي، ومحمد بن أحمد التريكي، وأبي محمد محمد بن أحمد ابن المادح، وهبة الله ابن الشبلي، وهبة الله بن هلال الدقّاق، وابن البطي، والشيخ عبد القادر الجيلي، وأبي زُرعة، وأبي بكر بن النَّقُور، وخلقٍ كثير.

وعُني بهذا الشأن عناية تامة، وكتب الكثير. وكان يفهم ويدري، مع الثقة والأمانة.

ذكره المنذري فقال: قرأ بالقراءات على أبي الكرم، وأبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، ومسعود بن عبد الواحد ابن الحُصين، وأبي المعالي أحمد بن علي ابن السمين، وسعد الله ابن الدجاجي، وعلي بن أحمد اليَزْدي، وغيرهم.

كذا ذكر ابن النجار: أنه قرأ بالروايات الكثيرة على جماعة كأبي بكر ابن الزاغوني، والشهرزوري، وابن الحُصين، وسعد الله ابن الدجاجي، وعلي بن علي بن نصر، وعلي بن أحمد بن محموية اليَزدي، وغيرهم.

واشتغل بالأدب وحصّل منه طرفاً حسناً. وسمع من خلق كثير من البغداديين، والغرباء، ولم يزل يقرأ. ويسمع ويفنّد إلى أن علت سنه. وجاور بمكة زيادة على عشرين سنة. وحدث ببغداد ومكة. وكان كثير العبادة. ولم يزل مقيماً بمكة إلى أن خرج منها إلى اليمن؛ فأدركه أجله بالمهجم في المحرم، وقيل في ربيع الآخر، من هذا العام، وقيل: في ذي القعدة سنة ثمان عشرة والله أعلم. ومولده في رمضان سنة ست وثلاثين وخمسمائة.

وقال الدبيثي: كان ذا معرفةٍ بهذا الشأن. خرج إلى مكة سنة ثمانٍ وتسعين فاستوطنها. وأم الحنابلة. قرأت عليه، ونِعم الشيخ كان عبادةً، وثقة. وخرج عن مكة سنة ثمان عشرة، فبلغنا أنه توفي ببلد المهجم في ذي القَعدة من السنة.

وقال الضياء: في المحرم من سنة تسع عشرة توفي شيخنا الحافظ الإمام أبو الفتوح إمام الحرم بالمَهجم.

قلت: روى عنه الضياء، والبِرزالي، وابن خليل، وأحمد بن عبد الناصر اليمني، والمُفتي سليمان بن خليل العَسقلاني، وتاج الدين علي بن أحمد القَسطلاني، وشهاب الدين القوصي - وقال: كان إماماً في القراءات والعربية، وله عُلوّ إسناد - ومحمد بن عبد الله بن مقبل المكي، ورضيّ الدين الحسن بن محمد الصَّغاني اللغوي، ونجيب الدين المقداد القيسي، وآخرون.

وذكره ابن نقطة، فقال: أما شيخنا أبو الفتوح، فحافظٌ ثقةٌ، كثير السماع، ضابطٌ، متقِنٌ. ذكروا أن وفاته في ذي القعدة من سنة ثمان عشرة.

وقال ابن النجار: كان حافظاً، حجة، نبيلاً، جَمّ العلم، كثير المحفوظ، من أعلام الدين وأئمة المسلمين، كثير العبادة والتهجُّد، والتلاوة، والصيام، رحمه الله.

وقال ابن مَسْدي: كان أحد الأئمة الأثبات، مشاراً إليه بالحفظ والإتقان. قصد اليمن، فمات

بالمَهْجم في ربيع الآخر سنة تسع عشرة. وله شعر جيد في الزهديات.

 

حرف الهاء

هبة الله بن أبي يَعلى محمد بن المبارك بن سعد الله ابن الجوّاني.

الشريف أبو الغنائم العَلَوي الحسيني الواسطي.

ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.

وسمع من: عم أبيه صالح بن سعد الله، وعلي بن المبارك بن نَغوبا.

وحدث ببغداد وواسط.

توفي في جمادى الأولى بواسط، وحُمل إلى الكوفة.

 

حرف الياء

يحيى بن زكريا بن علي بن يوسف.

أبو زكريا الأنصاري، البَلَنسي، المقرئ، المعروف بالجُعيدي.

أخذ القراءات عن أبي عبد الله بن حَميد، وأبي عبد الله بن نوح.

وسمع من: أبي العطاء بن نذير، وأبي عبد الله بن نَسَع، وجماعة. وتصدّر للإقراء في حياة الشيوخ.

قال الأبّار: كان أحد العلماء بحقيقة الأداء مع الصلاح التام، والورع المحض، والخُشوع الصادق. أخذت عنه "الكافي" لابن شُريح، وسمعه منه بقراءتي جماعة. وسمعت بقراءته كثيراً على ابن نوح، وابن واجب. وكان صاحب والدي. توفي في جمادى الأولى، وله ثمان وأربعون سنة.

 

يحيى بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد.

أبو الفَرَج ابن الجَهرَمي، البغدادي، الصوفي.

ولد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.

وسمع من: أبي الفضل الأرْموي، ونصر بن نصر العُكبري، وأبي الوقت.

روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي.

وهو من بيت حِشمة وتقدم.

توفي في ربيع الأول.

وجَهرم: من بلاد فارس.

 

يوسف بن أحمد بن علي.

أبو الحجاج الأندلسي، المُربَيْطري.

سمع من: أبي القاسم بن حُبيش، وأجاز له أبو الطاهر بن عوف، وجماعة.

وكان بارعاً في النحو، واقفاً على "كتاب" سيبويه. أقرأ الناس العربية. ثم عُني بالطب حتى رأسَ فيه، وخدم به الأمراء، ونال دنياً واسعة.

ومات بمرّاكش. قاله الأبّار.

 

يوسف بن يحيى بن عبد الله بن سليمان بن بقاء.

أبو الحجّاج اللخمي، مقرئ غَرناطة، الأندلسي، العطّار، المقرئ الأستاذ.

أخذ القراءات عن أبي خالد بن رِفاعة، وأبي الحسن بن كوثر.

وسمع من عبد المنعم بن محمد، وابن حَميد، وجماعة. وذكر: أن ابن هُذيل أجاز له.

قال ابن مَسدي، قرأت عليه بالروايات، وكان فيه بعض تجوُّز في الرواية. مات في صفر عن أربع وستين سنة.

وقال ابن الزبير: سمى في شيوخه داود ين يزيد، وابن هُذيل، فتُكُلِّم فيه من أجلهما.

وقال ابن الملاّحي: جلس للإقراء بموضع شيخه ابن عروس. قال: وكان يزعم أنه قرأ على داود وابن هُذيل. ولا يصحّ ذلك بوجه.

 

يونس بن يوسف بن مساعد الشيباني، المخارقي، المشرقي، القنبي.

والقنيّه: قرية من أعمال دارا من نواحي مارْدين.

هذا شيخ الطائفة اليونُسية. أولي الزعارة والشطارة والشطح، وقلة العقل، أبعد الله شرّهم.

كان شيخاً زاهداً، كبير الشأن، له الأحوال، والمقامات، والكشف.

قال القاضي ابن خُلكان: سألت رجلاً من أصحاب الشيخ يونس: من كان شيخ الشيخ؟ قال: لم يكن له شيخ؛ بل كان مَجذوباً.

قال القاضي: ويذكرون له كرامات: فأخبرني الشيخ محمد بن أحمد بن عُبيد، وكان قد رأى الشيخ يونس، وذكر أن والده أحمد من أصحابه، قال: كنا مسافرين ومعنا الشيخ يونس، فنزلنا في الطريق بين سِنجار وعانة، وكانت الطريق مخوفة فلم يقدر أحد منا ينام من الخوف، ونام

الشيخ، فلما انتبه. قلت: كيف قدرت تنام؟ قال: والله ما نمت حتى جاء إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه السّلام وتدرك القُفل! وقال: عزمتُ مرة على دخول نصيبين، فقال لي الشيخ: اشتري معك لأم مساعد كَفَناً - وكانت في عافية وهي أم ولده - فقلت: ما لها؟ قال: ما يضرّ. فذكر أنه لما عاد وجدها قد ماتت! قال: وأنشدني له: أنـا حـمـيت الـحـمـى وأنـا سـكـنـتـو فـيهوأنـا رمـيتُ الـخـلايق فـي بـحـار الـتّـيه

من كان يبغي العـطـا مـنـي أنـا أعـطـيهأنـا فـتـى مـا أدانـي مـن بـه تـــشـــبـــيه

قلت: وسمعت ابن تيمية ينشد ليونس: موسى على الطـور لـمـا خـرّ لـي نـاجـىوالـيثـربـي أنـا جـبـــتـــوه حـــتـــى جـــا

فقلت: هذا يحتمل أن يكون أنشده على لسان الربوبية، ويحتمل أن يكون وُضع على الشيخ يونس، فإن هذا البيت ظاهره شطح واتحاد.

وفي الجملة لم يكن الشيخ يونس من أولي العلم، بل من أولي الحال والكشف، وكان عَرِياً من الفضيلة، وله أبيات منكَرة، كقوله: موسى على الطـور لـمـا خـرّ لـي نـاجـىوالـيثـربـي أنـا جـبـــتـــوه حـــتـــى جـــا

وكان شيخنا ابن تيمية يتوقف في أمره أولاً، ثم أطلق لسانه فيه وفي غيره من الكبار. والشأن في ثبوت ما يُنقَل عن الرجل، والله المطَّلع.

وأما اليونسية: فهم شر الطوائف الفقراء، ولهم أعمال تدل على الاستهتار والانحلال قالاً وفعالاً، أستحي من الله ومن الناس من التفوّه بها، فنسأل الله المغفرة والتوفيق.

وذاك البيت وأمثاله يُحتمل أن يكون قد نظمه على لسان الربوبية - كما قُلنا - فإنْ كان عنَى ذلك؛ فالأمر قريب. وإنْ كان عنَى نفسه؛ فهذه زندقة عظيمةٌ. نسأل الله العفو، فلا يغترّ المسلم بكشفٍ ولا بِحال؛ فقد تواتر الكشف والبُرهان للكهان وللرهبان، وذلك من إلهام الشيطان.

أما حال أولياء الله وكراماتهم فحق. وإخبار ابن صائد بالمغَيَّبات حال شيطاني. وفد سأله النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "من يأتيك؟" - يعني: من الجن -، فقال: صادق وكاذب. قال: "خُلِّط عليك الأمر". ولما أضمر له النبي صلى الله عليه وسلم وخبّأ له في نفسه، ثم قال: ما هو؟ قال: الدُّخّ. قال له النبي عليه السّلام: :اخسأ فلن تعدو قدرك". فهذا حاله دجّالي، وعمر بن

الخطّاب، والعلاء بن الحضْرمي، ونحوهما؛ حالهم رحماني ملكي.

وكثيرٌ من المشايخ يُتوقَّف في أمرهم، فلم يتبرهن لنا من أي القسمين حالهم؟ والله أعلم ومنه الهدى والتوفيق.

 

الكنى

أبو بكر بن أحمد بن شكر.

القاضي جلال الدين ابن القاضي كمال الدين، المَصْري الشافعي.

توفي في شوال.

 

وفيها ولد

المجد عبد الوهاب بن أبي الفتح بن سَحنون الطبيب، خطيب النَّيرب.

والشهاب محمد بن أبي العز بن مشرّف.

والبدر محمد بن سليمان بن معالي المغربي.

والملك المنصور محمود ابن السلطان الملك الصالح إسماعيل ابن العادل.

وعلاء الدين علي بن عبد الغني ابن الفخر ابن تيمية.

والحاجّ أحمد بن إبراهيم بن نصر الرقوقي.

والجلال عبد المنعم بن أبي بكر، قاضي القدس.

والنور محمد بن عبد العزيز الأسْعَرِدي، الشاعر.

والجمال عبد الصمد ابن الخطيب عماد الدين عبد الكريم ابن الحَرَستاني.

والشيخ أحمد بن عبد الرحمن الشَّهرزوري، الناسخ، نزيل القاهرة.

وعبد المعطي بن الباشق، بالإسكندرية.

وشُهْدة بنت الصاحب كمال الدين، يوم عاشوراء

وفيات سنة عشرين وستمائة

حرف الألف

أحمد بن ظفر ابن الوزير عون الدين يحيى بن محمد بن هُبيرة.

أبو الفتح، صاحب باب النوبي.

كان أديباً، فاضلاً، رئيساً.

سمع من: أبي الوقت، وابن ناصر، وغيرهما. وله شعر جيد.

روى عنه: الدبيثي، وغيره.

ومات في المحرم.

 

إبراهيم بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن خِيرة.

أبو إسحاق البَلَنسي.

قال الأبّار: رحل مع أخيه أبي الحسن، فحجّا، وسمعا من: أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحَضْرمي، وغيره. وأخذتُ عنه. وكان شاهداً، معدَّلاً. توفي في المحرم، رحمه الله.

 

إسماعيل بن محمد بن خمارتِكين.

أبو الفتح البغدادي، الضرير.

روى عن: أبي الوقت السجزي، ووالده.

وكان خمارتكين مولى العلاّمة أبي زكريا التبريزي.

مات في ربيع الأول. وولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.

 

أكْمل بن أبي الأزهر بن أبي دُلْف.

الشريف أبو محمد العلوي، الحسني، البغدادي، الكَرْخي.

ولد قُبيل الأربعين وخمسمائة.

وسمع من: سعيد ابن البنّاء فقط.

روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، وجماعة، آخرهم شيخنا أبو المعالي الأبَرقوهي.

ومات في سادس رجب، ودُفن بمقابر قريش.

وقع لي من طريقه: "البعث" لابن أبي داود.

قال ابن النجار: لم يكن ممن يُفرَح به.

 

أنس بن عبد العزيز بن عبد الله.

أبو القاسم التَّفْليسي، المغازلي، الصوفي، المعمَّر، وهو مشهود بكُنيته.

سمع من هبة الله ابن الشِّبلي كتاب "الذكر" لابن أبي الدنيا. وسمع من أبي زرعة "مسند" الشافعي، وسمع من ابن البَطر.

قال ابن النجار في "تراجم مشايخ ابن المنذري": كان من عِباد الله الصالحين الوَرِعين. مات في

ربيع الأول، وقد قارب المائة. وروى عنه في "تاريخه" وقال: صحِب الشيخ أبا النجيب السُّهرَوَرَدي.

 

حرف الباء

بَيْروم بن علي بن نُشتِكين الحَنَفي، الدمشقي.

روى عن: الصائن هبة الله بن عساكر.

 

حرف الجيم

جعفر بن علي الجَوهري.

نزيل دمشق، يُعرف بابن الكباية.

سمع أحمد بن المبارك المُرقّعاتي؛ وعنه ابن النجار، وقال: مات في جمادى الأولى.

 

حرف الحاء

الحسن بن زُهرة بن الحسن بن زُهرة بن علي بن محمد.

من أولاد إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، الشريف الحسيب أبو علي الحسيني، الإسحاقي، الحلبي، الشيعي.

نقيب مدينة حلب، ورئيسها، ووجهها، وعالمها، ورأس الشيعة وجاههم، ووالد النقيب السيد أبي الحسن علي؛ ولد له علي هذا سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وولي النقابة في الأيام الظاهرية بحلب بعد سنة ستمائة.

وكان أبو علي عارفاً بالقراءات، وفقه الشيعة، والحديث والآداب، والتواريخ. وله النظم والنثر.

وكان صدراً محتشماً، وافر العقل، حسن الخلق والخلُق، وفصيحاً، مفوّهاً، صاحب ديانة وتعبد.

ولي كتابة الإنشاء للملك الظاهر غازي، ثم أنف من ذلك واستعفى، وأقبل على الاشتغال والتلاوة. ثم نُفّذ رسولاً إلى العراق، ومرة إلى سلطان الروم، ومرة إلى صاحب إربلّ. فلما توفي الظاهر طلب لوزارة ولده العزيز، فاستعفى.

وحج في سنة تسع عشرة، ولقيته هدايا الملوك فنفّذ إليه الملك الأشرف موسى من الرقّة خِلعة له ولأولاده ودوّابّ، وأربعة آلاف درهم، ونفّذ إليه صاحب آمد هدية، وصاحب ماردين، وتلقاه صاحب الموصل لؤلؤ بنفسه، وحمل إليه الإقامات، وخلع عليه وعلى أولاده، واحتُرم في بغداد وتُلُقّي. ولما رجع من الحج مرض وتمادت به العلة، ثم لحقه ذَربٌ، ومات.

قال ابن أبي طي: فُجع بموته الصديق والعدو، والقريب والبعيد، وكان للناس به وبجاهه نفع عظيم. وكان كما قال الشاعر: ومـا كـان قـيس هـلـك واحــدٍولـكـنّـه بـنـيان قـومٍ تـهـدّمـــا

وغُلق البلد، وشيّعه الناس على طبقاتهم. ومات سنة عشرين وستمائة.

وقد سمع من: أبي علي محمد بن أسعد الجوّاني النقيب، والافتخار أبي هاشم الهاشمي.

وتفنّن في علوم شتىً.

وله ولد آخر اسمه أبو المحاسن عبد الرحمن.

توفي بعد مجيئه من الحج من جمادى الأولى، ودُفن بجبل جَوشن.

 

الحسن بن أبي الفتح.

الأديب أبو محمد الواسطي.

سمع ابن شاتيل، وتأدب بابن العصّار. وطلب الحديث وقتاً وشارك في العلوم.

روى عنه ابن النجار ما بين الحرمين.

 

الحسين بن أبي الفخر يحيى بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي الردّاد.

أبو عبد الله المصري، ويُسمّى أيضاً محمداً.

ولد سنة أربعين.

وسمع من عبد الله بن رفاعة.

روى عنه: الحافظ عبد العظيم، والمصريون، والفخْر علي.

وكان رجلاً صالحاً. أقعِد بأخَرَةٍ، ولزم بيته. وحدث، وأملى وكان كاتباً فقيهاً. بصري الأصل، جاوز الثمانين.

وتوفي في ذي القَعدة.

وآخر من حدث عنه عبد الرحيم ابن الدميري.

 

حرف الراء

رابعة بنت أحمد بن محمد بن قُدامة.

أم الحافظ عز الدين محمد بن عبد الغني.

توفيت بعد أخيها الشيخ موفَّق الدين بشهر، وكانت أصغر منه بثلاث سنين؛ توفيت في ذي

القعدة.

وقد روى عنها: الشيخ الضياء، والشيخ شمس الدين، والشيخ الفخر.

روت بالإجازة من: ابن البطي، وأحمد بن المُقرّب.

قال الضياء: كانت خيِّرة، حافظة لكتاب الله، ما تكاد تنام الليل إلا قليلاً، صائمة الدهر رضي الله عنها.

 

رَوْح بن أحمد.

أبو زُرعة الجُذامي القرطبي.

أخذ عن أبي القاسم ابن الشرّاط القراءات والعربية. وسمع من ابن بُشْكُوال كتاب "الموطأ".

وكان فاضلاً، كبيراً، عَدْلاً.

 

حرف السين

سالم بن صالح.

أبو عمرو الهمذاني، المالقي. عن: أبي بكر الجد، والسهيلي، وطبقتهما.

وكان محدّثاً، صالحاً، له شعر جيد.

مات في رمضان.

 

سعيد بن عبد العزيز، العَقْري البَصري.

شيخ صالح، سمع من: عبد الله بن عمر بن سَليخ البَصري.

والعَقْر: قرية من نواحي بغداد؛ هو منها، لا من عَقْر المَوْصل.

توفي في ذي القَعدة.

 

سُنقُر الحلبي.

الأمير مبارز الدين الصلاحي.

من كبار الدولة بحلب. كريم، شجاع. له مواقف مشهودة مع صلاح الدين وغيره.

توفي بدمشق، وورثه ابنه الأمير ظهير الدين غازي.

 

حرف الشين

شَيبان بن تغلِب بن حيدرة بن سيف بن طراد بن عقيل بن وثّاب بن شَيبان.

أبو محمد الشيباني، المقدسي، ثم الصالحي المؤدِّب الحنبلي.

ولد بدمشق سنة أربع وخمسين تقريباً.

وسمع من: يحيى الثقفي، وأبي المعالي بن صابر، والخَضِر بن طاووس، والبانياسي.

وكان كثير التلاوة، فيه دين، وخير. وله شعر جيد.

روى عنه: البِرزالي، وعمر ابن الحاجب، والضياء؛ وقال: ولد تقديراً سنة ثلاث وستين.

قلت: ولقبه نجم الدين. وهو والد المسند أحمد بن شيبان.

فمن شعره: أحـبـبـت ظـبـياً حـســنـــاًشـرّد عـنـي الـــوَسَـــنـــا

خـلّـوا إذا مـــر بـــمـــا..شـيك يُحـاجـي الـغُـصُـنـا

مـرمـر عـيش عـــاشـــقبـه الـمـعـنَّـى أفـتــتـــنـــا

دمـــوعـــه مـــنـــهــــالةٌوجـسـمـه حِـلـف ضَـنـــا

توفي في ثامن رجب.

 

حرف الصاد

صالح بن القاسم بن يوسف بن علي.

أبو حامد البغدادي، النسّاج، المؤذّن، القزّاز، المعروف بابن كوِّر.

شيخ صالح من أهل الحربية.

روى عن سعيد ابن البنّاء وحده، وسماعه صحيح.

روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، وذاكر الأبَرقوهي؛ وأخوه أبو المعالي.

وتوفي في السادس والعشرين من شوّال.

أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا صالح بن كَوِّر - وهو لقب أبيه - أخبرنا سعيد بن أحمد، أخبرنا محمد بن علي الدقّاق، أخبرنا ابن رِزقويه، حدثنا مكرم بن أحمد، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى على جنازة فله قيراط، ومن تبعها حتى يُقضى قضاؤها فله قيراطان، أحدهما - أو قال أصغرهما - مثل أحُد". رواه الدبيثي في "تاريخه" عن صالح، فوقع موافقة بعُلُوّ.

 

حرف الضاد

الضياء بن الزرّاد الدمشقي.

القارئ بالألحان وبالقراءات.

قال أبو المظفر سِبط الجوزي: اجتمعت به بخِلاط، وكان يتردّد إلينا، ويقرأ طيّباً، ثم داخل الدولة؛ جاءني يوماً يبكي، فقال: البارحة حضرت عند الأشرف، وناولني قدحاً. فامتنعت، وهو ساكت ينظر، فما زالوا بي حتى شربته، فعضّ الأشرف على إصبعه وقال: والَكْ فعلتهَا! حطّيت الخمر على مائة وأربعة عشر سورة؟! والله لو خُيّرت أن أحفظ القرآن كما تحفظه، وأدع مُلكي، لاخترت حفظ القرآن. ثم نزلت حُرمته فكان يدور البلاد على أصحاب القِلاع لرسوم له عليهم. فخرج من حرّان ومعه ثلاثة غِلمان مُرد، فنام في وادٍ، فقتلوه، وأخذوا ما معه، فظفر بهم الحاجب علي فقتلهم به.

 

حرف العين

عبد الله بن أحمد بن محمد بن قُدامة بن مِقدام بن نصر.

شيخ الإسلام، موفّق الدين، أبو محمد المقدسي، الجمّاعيلي، ثم الدمشقي، الصالحي، الحنبلي، صاحب التصانيف.

ولد بقرية جمّاعيل في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.

وهاجَر فيمن هاجر مع أبيه وأخيه، وله عشر سنين. وحفظ القرآن، واشتغل في صِغره، وسمع من أبيه سنة نيّف وخمسين. وارتحل إلى بغداد في أوائل سنة إحدى وستين في صُحبة ابن خالته الحافظ عبد الغني، فأدركا من حياة الشيخ عبد القادر خمسين يوماً، فنزلا في مدرسته، وشرعا يقرآن عليه في "مختصر" الخِرَقي؛ وسمع منه ومن: هبة الله بن هِلال الدقّاق، وأبي الفتح ابن البطي، وأبي زُرعة المقدسي، واحمد بن المقرَّب، وأحمد بن محمد الرحبي، وأحمد بن عبد الغني الباجِسْراني، وأبي المناقب حيدرة بن عمر العلَوي، وخديجة النهروانية، وشُهدة الكاتبة، ونفيسة البزّازة، وسعد الله ابن الدجاجي، وعبد الله بن منصور المَوصلي، وأبي بكر بن النَّقور، وأبي محمد ابن الخشّاب، وعلي بن عبد الرحمن ابن تاج القُرّاء، ومَعْمر بن الفاخر، وعبد الواحد بن الحسين البارزي، وعمر بن بُنَيمان الدلاّل، ومحمد بن محمد بن السكن، والمبارك بن محمد الباذرائي، وأبي شجاع محمد بن الحسين المادرائي، المبارك بن المبارك السمسار، وأبي طالب المبارك بن خُضير، وأبي حنيفة محمد بن عبيد الله الخطيبي، وهبة الله

ابن المحدث عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبيد الله الخطيبي، وهبة الله ابن المحدث عبد الله بن أحمد ابن السمرقندي، ويحيى بن ثابت البقّال، وغيرهم.

تفقه على أبي الفتح بن المنّي؛ وقرأ عليه بقراءة أبي عَمرو، وقرأ على أبي الحسن البطائحي بقراءة نافع.

وسمع بدمشق من: أبي المكارم عبد الواحد بن هِلال، وأبي تميم سلمان بن علي الرحبي، وأبي المعالي بن صابر، وطائفة. وبالمَوْصل من أبي الفضل الطوسي الخطيب. وبمكة من المبارك بن علي ابن الطبّاخ.

روى عنه: البهاء عبد الرحمن، وابن نُقطة، والجمال أبو موسى، والضياء، وابن خليل، والبِرزالي، والمنذري، والجمال ابن الصيرفي، والشهاب أبو شامة، والمحب ابن النجار، والزين بن عبد الدائم، وشمس الدين بن أبي عمر، والعز إبراهيم بن عبد الله بن أبي عُمر، والفخر علي، والتقي ابن الواسطي، والشمس ابن الكمال، والتاج عبد الخالق، والعِماد عبد الحافظ بن بدران، والعز إسماعيل ابن الفُرّاء، والعز أحمد ابن العماد، وأبو الفهْم السلمي، ويوسف الغسولي، وإبراهيم ابن الفرّاء، وزينب بنت الواسطي، وخلقٌ كثيرٌ آخرهم موتاً التقي بن مؤمن، حضر عليه قطعةً من "الموطأ".

وكان إماماً، حجة، مفتياً، مصنِّفاً، متفنناّ، متبحّراً من العلوم، كبير القدر.

أخبرنا عبد الحافظ بقراءتي، أخبرنا أبو محمد بن قُدامة، أخبرنا عبد الواحد بن الحسين، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة، أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسين بن المنذر، حدثنا عمر بن دينار إملاءً، حدثنا أبو يزيد يوسف بن يزيد بن كامل، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا عثمان بن مكتل، وأنس بن عِياض، قالا: حدثنا الحارث بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن مولى أبي هُريرة، عن أبي هُريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها".

قال ابن النجار - كان يعني الشيخ موفق الدين: إمام الحنابلة بالجامع. وقد سمع منه ببغداد رفيقه عبد العزيز بن طاهر الخيّاط سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة. وكان ثقة، حجة، نبيلاً، غزير الفضل، نزهاً، ورعاً، عابداً، على قانون السلف، على وجهه النور والوقار، ينتفع الرجل برؤيته قبل أن يسمع كلامه.

وقال فيه عمر ابن الحاجب: هو إمام الأئمة، ومفتي الأمة، خصه الله بالفَضل الوافر، والخاطر الماطر، والعلم الكامل، طنّت بذكره الأمصار، وضنّت بمثله الأعصار. قد أخذ بمجامع الحقائق النقلية والعقلية؛ فأما الحديث فهو سابق فرسانه، وأما الفقه فهو فارس ميدانه؛ أعرف الناس بالفُتيا، وله المؤلفات الغزيرة، وما أظن الزمان يسمح بمثله، متواضع عند الخاصة والعامة، حسن الاعتقاد، ذو أناة، وحِلم، ووقار. وكان مجلسه عامراً بالفقهاء، والمحدّثين، وأهل الخير.

وصار في آخر عمره يقصده كل أحد. وكان كثير العبادة، دائم التهجّد، لم نر مثله، ولم يرَ مثل نفسه.

وقال الضياء في "سيرته": كان تام القامة، أبيض، مشرق الوجه، أدعج العينين. كأن النور يخرج من وجهه لحُسنه، واسع الجبين، طويل اللحية، قائم الأنف، مقرون الحاجبين، صغير الرأس، لطيف اليدين والقدمين، نحيف الجسم، متّعه الله بحواسّه حتى توفي.

رحل هو والحافظ عبد الغني، فأقاما ببغداد نحواً من أربع سنين، ثم رجعا وقد حصلا الفقه والحديث والخلاف، أقاما خمسين ليلة عند الشيخ عبد القادر؛ ومات. ثم أقاما عند أبي الفرج ابن الجوزي، ثم انتقلا إلى رباط الشيخ محمود النعّال، واشتغلا على ابن المنّي.

ثم سافر هو ثانية إلى بغداد سنة سبع وستين، هو والشيخ العماد، فأقاما سنة. وكان لحقهما عبيد الله أخوه، وعبد الملك بن عثمان، فضيّقا عليهما، لكونهما حَدَثين، فرجع بهما إلى دمشق.

ثم حج سنة ثلاث وسبعين ووالدي وعمرو بن عبد الله، وردّوا على درب العراق.

ذكر تصانيفه: "البرهان في القرآن" جزءان، "مسألة العُلوّ" جزءان، "الاعتقاد" جزء، "ذم التأويل" جزء، "كتاب القّدّر" جزءان، كتاب "فضائل الصحابة" جزءان، "كتاب المتحابّين" جزءان، جزء "فضل عاشوراء" جزء، "فضائل العشر"، "ذم الوسواس" جزء، "مشيخته" جزء ضخم، وغير ذلك من الأجزاء. وصنّف: "المغني" في الفقه في عشر مجلّدات كبار، و "الكافي" في أربعة مجلّدات، و "المُقنِع" مجلد، و "العُمدة" مجلد لطيف، و "التوابين" مجلد صغير، و "الرقة" مجلد صغير، "مختصر الهداية" مجلد صغير، "التبيّيين في نسب القرشيين" مجلد صغر، "الاستبصار في نسب الأنصار" مجلد، كتاب "في الغريب" مجلد صغير، كتاب "الروضة" في أصول الفقه مجلد، كتاب "مختصر العِلل" للخلاّل، مجلد ضخم.

قال الضياء: رأيت الإمام أحمد بن حنبل في النوم، وألقى عليّ مسألة في الفقه، فقلت: هذه في "الخِرَقي" فقال: ما قصّر صاحبكم الموفق في "شرح الخِرَقي".

قال الضياء: وكان - رحمه الله - إماماً في القرآن وتفسيره، إماماً في علم الحديث مُشكلاته، إماماً في الفقه؛ بل أوحد زمانه فيه، إماماً في علم الخِلاف، أوحد زمانه في الفرائض، إماماً في أصول الفقه، إماماً في النحو، إماماً في الحساب، إماماً في النجوم السيارة، والمنازل.

وسمعت الوجيه داود بن صالح المقرئ بمصر قال: كنت أتردّد إلى الشيخ أبي الفتح بن المنّي، فسمعته يقول - وعنده الإمام موفق الدين - إذا خرج هذا الفتى من بغداد، احتاجت إليه.

وسمعت البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم يقول: كان شيخنا أبو الفتح بن المنّي يقول للشيخ الموفق: اسكن هنا فإن بغداد مفتقرة إليك، وأنت تخرج من بغداد، ولا تخلف فيها مثلك. وكان الموفق يقول: إن لي أولاداً ولا يمكنني المُقام.

وكان شيخنا العماد يعظّم الشيخ الموفق تعظيماً كبيراً، ويدعو له، ويقعد بين يديه كما يقعد المتعلم من العالم.

وسمعت الإمام أبا عبد الله محمد بن محمود الإصبهاني يقول: ما رأى أحدٌ في زمانه مثل الشيخ الموفق.

وسمعت الإمام المفتى أبا عبيد الله عثمان بن عبد الرحمن الشافعي يقول عن شيخنا موفق الدين: ما رأيت مثله، كان مؤيداً في فتاويه.

شاهدت بخطّ شيخنا العماد إبراهيم بن عبد الواحد: وقفت على وَصية شيخنا وسيدنا الإمام العالم الأوحد الصدر شيخ الإسلام موفق الدين، الذي شهد بفضله وعلمه المؤالف والمخالف، الناصر السنّة المحمدية، والسالك الطريقة النبوية الأحمدية، القامع البِدعة المُردية الردية.

وسمعت الإمام المفتي شيخنا أبا بكر محمد بن معالي بن غَنيمة ببغداد يقول: ما أعرف أحداً في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلا الموفق.

وسمعت الإمام الحافظ الزاهد، أبا عبد الله اليونيني يقول - وكتبه لي - قال: أما ما علمته من أحوال شيخنا وسيدنا موفق الدين، فإنني إلى الآن، ما أعتقد أن شخصاً ممن رأيته، حصل له من الكمال في العلوم والصفات الحميدة التي يحصل بها الكمال، سواه، فإنه - رحمه الله - كان كاملاً في صورته ومعناه، من حيث الحسن والإحسان، والحلم والسؤدد، والعلوم المختلفة،

والأخلاق الجميلة، والأمور التي ما رأيتها كملت في غيره. وقد رأيت من كرم أخلاقه، وحُسن عشرته، ووفور حلمه، وكثرة علمه، وغزير فطنته، وكمال مروءته، وكثرة حَيائه، ودوام بِشره، وعزوف نفسه عن الدنيا وأهلها، والمناصب وأربابها، ما قد عَجَزَ عنه كبار الأولياء؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "ما أنعم الله على عبد نعمةً أفضل من أن يُلهمه ذِكره"، فقد ثبت بهذا أن إلهام الذكر أفضل من الكرامات، وأفضل الذكْر ما يتعدى نفعه إلى العباد، وهو تعليم العلم والسنّة، وأعظم من ذلك وأحسن ما كان جِبِلّة وطبعاً، كالحلم والكرم والعقل والحياء. وكان الله قد جَبله على خُلُق شريف، وأفرغ عليه المكارم إفراغاً، وأسبغ عليه النعم، ولطف به في كل حال.

قال الضياء: وكان لا يكاد يناظر أحداً، إلا وهو يتبسّم. فسمعت بعض الناس يقول: هذا الشيخ يقتل خصمه بتبسّمه.

وسمعت الفقيه أحمد بن فهْد العَلثي يقول: ناظر الموفّق لابن فَضلان؛ يعني: يحيى بن محمد الشافعي، فقطعه الموفق.

قلت: وكان ابن فضلان يُضرب به المثل في المناظرة.

وأقام الموفَّق مدة يعمل حلقة يوم الجمعة بجامع دمشق، يناظر فيها بعد الصلاة، ويجتمع، إليها أصحابنا، وغيرهم، ثم ترك ذلك في آخر عمره.

وكان يَشتغل عليه الناس من بُكرة إلى ارتفاع النهار، ثم يُقرأ عليه بعد الظهر؛ إما الحديث وإما من تصانيفه، إلى المغرب.

وربما قُرِئ عليه بعد المغرب، وهو يتعشّى. وكان لا يُرى لأحد ضَجراً، وربما تضرّر في نفسه ولا يقول لأحد شيئاً؛ فحدّثني ولده أبو المجد، قال: جاء إلى والدي يوماً جماعة يقرأون عليه، فطوّلوا، ومن عادته أن لا يقول لأحد شيئاً، فجاء هذا القِطّ الذي لنا، فأخذ القلم الذي يُصلحون به بفمه، فكسرَه، فتعجّبوا من ذلك وقالوا: لعلّنا أطلْنا، وقاموا.

واشتغل الناس عليه مدة ب "الخِرَقي" و "الهداية" ثم ب "مختصر الهداية" الذي جمعه، ثم بعد ذلك، اشتغل عليه الخَلْق بتصانيفه: "المُقنِع" و "الكافي" و "العُمدة". وكان يقرأ عليه النحو، ويشرحه ولم يترك الأشغال إلا من عُذْر، وانتفع به غير واحد من البلدان، ورحلوا إليه.

وكان لا يكاد يراه أحد إلا أحبه، حتى كان كثير من المخالفين يحبونه، ويصلّون خلفه ويمدحونه

مدحاً كثيراً. وكنت أعرف في عهد أولاده أنهم يتخاصمون عنده، ويتضاربون وهو لا يتكلم، وكنا نقرأ عليه، ويحضر مَنْ لا يفهم، فربما اعترض ذلك الرجل بما لا يكون في ذلك المعنى، فنغتاظ نحن يقول: ليس هذا من هذا، وجرى ذلك غير مرة، فما أعلم أنه قال له قط شيئاً، ولا أوجع قلبه.

وكانت له جارية تؤذيه بخُلُقها فما كان يقول لها شيئاً، وكذلك غيرها من نسائه.

وسمعت البهاء عبد الرحمن يقول: لم أر فيمن خالطت أجمل منه، ولا أكثر احتمالاً.

وكان متواضعاً، يقعد إليه المساكين، ويسمع كلامهم، ويقضي حوائجهم، ويعطيهم.

وكان حسَنَ الأخلاق، لا نكاد نراه إلا متبسماً، يحكي الحكايات لجُلَسائه، ويخدمهم، ويمزح، ولا يقول إلا حقاً.

وسمعت البهاء عبد الرحمن يقول: قد صحِبناه، في الغزاة، فكان يمازحنا، وينبسط معنا، يقصد بذاك طيب قلوبنا، فما رأيت أكرم منه، ولا أحسن صُحبة. وكان عندنا صِبيان يشتغلون عليه من حوران، وكانوا يلعبون بعض الأوقات إذا خلوا، فشكى بعض الجماعة إلى الشيخ أبي عمر. فقال: أخرجوهم من عندنا، ثم قال: هؤلاء أصحاب الموفق، فاذكروهم له، فقالوا له، فقال: وهل يصنعون إلا أنهم يلعبون؟ هم صبيان لا بد لهم من اللعب إذا اجتمعوا، وإنكم كنتم مثلهم. وكان بعض الأوقات يرانا نلعب فلا ينكر علينا.

ولقد شاورته في أشياء متعددة، فيشير عليّ بشيء، فأراه بعد كما قال. وكم قد جرى على أصحابنا من غمّ وضيق صدر من جهة السلاطين واختلافهم، فإذا وصل الكلام إليه أشار بالرأي السديد الذي يراه، فيكون في رأيه اليُمن والبركة.

وكان أخوه الشيخ أبو عمر مع كونه الأكبر، لا يكاد يعمل أمراً حتى يشاوره.

سمعت الإمام الزاهد أبا عبد الله محمد بن أبي الحسين اليونيني، قال: كنت بعض الأوقات ألازم القراءة وبعضها أتركها، فقال لي الموفق: يا فُلان، في صورة من يأتيك إبليس؟ قلت: في صورة أويس القَرَني، قال: ما يقول لك؟ قلت: يقول لي: ما أحب أن أكون محدّثاً ولا مفتياً ولا قاصّاً، في نفسي شغل عن الناس، فقال: والله مليح ما يقوله لك، أفيقول لك: هذه ليلة السجود فتسجد إلى الصباح، هذه ليلة البكاء فتبكي إلى الصباح؟ قلت: لا. قال: هذا مقصوده أنك تُبطل العلم وتفوتك فضيلته، وما يحصل لك فعل أويس. فيعد ذلك، ما جاءني إبليس في هذا المعنى.

قال الضياء: وكان لا ينافس أهل الدنيا، ولا يكاد أحد يسمعه يشكو، وربما كان أكثر حاجة من غيره. وكان إذا حصل عنده شيءٌ من الدنيا فرّقه ولم يتركه.

وسمعت البهاء عبد الرحمن يقول: كان فيه من الشجاعة، كان يتقدّم إلى العدوّ، ولقد أصابه على القُدس جُرح في كفه، ولقد رأيت أنا منه على قلعة صَفَد، وكنا نُرامي الكفّار، فكان هو يجعل النشابة في القوس، ويرى الكافر أنه يرميه فيتَتَرسُ منه، يفعل ذلك غير مرّة، ولا يرمي حتى تمكنه فرصة، ولما مات ابنه أبو الفضل محمد بهمذان، جاءه خبره، فحدّثني بعض منْ حضره أنه استرجع، وقام يصلّي.

قلت: كان فاضلاً، مشتغلاً، عاش نيّفاً وعشرين سنة.

قال: ولما مات ابنه أبو المجد عيسى، وكنا عنده، صَبَر، واحتسب.

وسمعت عنه أنه كان لا يطلب من أهل بيته أن يغسلوا ثيابه، ولا يطبخوا، ولا يكلّفهم شيئاً، بل هو عندهم مثل الضيف، إن جاءوا بشيء أكل، وإلا سكت.

وكان يُصلي صلاة حسنة بخشوع، وحسن ركوع، وسجود، ولا يكاد يصلي سُنّة الفجر والمغرب والعشاء، إلا في بيته، اتّباعاً للسُنّة. وكان يصلي كل ليلة بين العشاءين رَكعتين ب "الم تنزيل السجدة"، و "تبارك الذي بيده المُلك" وركعتين ب "ياسين" و "الدُّخان"، لا يكاد يخلّ بهنّ. وكان يقوم بالليل سَحَراً يقرأ بالسُّبع، وربما رفع صوته بالقراءة، وكان حسن الصوت، رحمة الله عليه.

سمعت الحافظ الزاهد أبا عبد الله اليونيني، قال: لما كنت أسمع شناعة الخلْق على الحنابلة بالتشبيه، عزمت على سؤال الشيخ الموفق عن هذه المسألة، وهل هي مجرّد شناعة عليهم أو قال بها بعضهم. أو هي مقالة لا تظهر من علمائهم إلا إلى من يوثق به؟ وبقيت مدة شهور أريد أن أسأله، فما يتّفق لي خلوّ المكان، إلى أن سهّل الله مرة بخلوّ الطريق لي، وصعِدت معه إلى الجبل، فلما كنا عند الدرب المقابل لدار ابن محارب، وما اطّلع على ضميري سوى الله عز وجل، فقلت له: يا سيدي. فالتفت إليّ، وأنا خلفه، فقال لي: التشبيه مستحيل. وما نطقت أنا له بأكثر من قولي: "يا سيدي". فلما قال ذلك تجلّدت، وقد أخبر بما أريد أن أسأله عنه، وكشف الله له الأمر، فقلت له: لِمَ؟ قال: لأن من شرط التشبيه أن ترى الشيء، ثم نشبّهه، من الذي رأى الله، ثم شبّهه لنا؟

وسمعت أبا عبد الله بن عمر بن محمد بن جعفر المقرئ يقول: جئت إلى الشيخ الموفق، وعنده جماعة، فسلمت، فردّ عليّ ردّاً ضعيفاً، فقعدت ساعة، فلما قام الجماعة، قال لي: اذهب فاغتسل. فبقيت متفكّراً، ثم قال لي: اذهب فاغتسل. فتفكرت، فإذا قد أصابتني جنابة من أول الليل ونسيتها.

وسمعت الشريف أبا عبد الله محمد بن كبّاس الأعناكي يقول: كنت يوماً أتفكر في نفسي، ولو أن لي شيئاً من الدنيا لبنيت مدرسة للشيخ الموفق، وجعلت له كل يوم ألف درهم، ثم إنني قمت، فجئت إليه فسلّمت عليه، فنظر إليّ وتبسّم، وقال: إذا نوى الشخص نية خير كُتب له أجرها! وقال أبو شامة: وذكر الشيخ الموفق - فقال: كان إماماً من أئمة المسلمين، وعلماً من أعلام الدين غي العلم والعمل. صنّف كتباً كثيرة حِساناً في الفقه، وغيره. ولكن كلامه فيما يتعلق بالعقائد في مسائل الصفات على الطريقة المشهورة عن أهل مذهبه، فسبحان من لم يوضح له الأمر فيها على جلالته في العلم ومعرفته بمعاني الأخبار والآثار. سمعت منه "مسند" الشافعي بِفَوْت ورقتين، وكتاب "النصيحة" لابن شاهين.

وقال غير واحد عن عز الدين بن عبد السلام، شيخ الشافعية: إنه سُئل: أيّما كان أعلم فخر الدين ابن عساكر، أم الشيخ الموفق؟ فغضب، وقال: والله موفق الدين كان أعلم بمذهب الشافعي من ابن عساكر، فضلاً عن مذهبه.

قال أبو شامة: ومن أظرف ما يُحكى عن الموفق أنه كان يجعل في عمامته ورقة مصرورة فيها رمل يُرمّل به الفتاوى والإجازات، فخُطِفت عِمامته ليلاً، فقال لخاطفها: يا أخي خذ من العِمامة الورقة بما فيها، ورُدّ العِمامة؛ أغطّي رأسي، وأنت في أوسع الحِلّ، فظن الخاطف أنها فضّة، ورآها ثقيلة فأخذها، ورمى العِمامة له. وكانت صغيرة عتيقة.

قال: وكان الموفق بعد موت أخيه هو الذي يؤمّ بالجامع المظفّري ويخطب، فإن لم يحضر فعبد الله ابن أخيه يؤمّ ويخطب. ويصلي الموفق بمحراب الحنابلة إذا كان في البلد، وإلا صلى الشيخ العماد، ثم كان بعد موت الشيخ العماد يصلي فيه أبو سليمان ابن الحافظ عبد الغني. وكان الموفَّق إذا فرغ من صلاة العشاء والآخرة يمضي إلى بيته بالرصيف، ومض معه من فقراء الحلقة مَنْ قدّره الله، فيقدّم لهم ما تيسّر، يأكلونه معه.

وقال الضياء: سمعت أختاي: زينب وآسية تقولان: لما جاء خالنا الموت هلّلنا، فهلّل، وجعل

يستعجل في التهليل، حتى توفي، رحمه الله.

قال: وسمعت الإمام أبا محمد إسماعيل بن حمّاد الكاتب يقول: رأيت ليلة عبد الفطر كأني عند المقصورة، فرأيت كان مصحف عثمان قد عُرِّج به، وأنا قد لحِقني من ذلك غمٌّ شديد، وكأن الناس لا يكترثون لذلك، فلما كان الغد، قيل: مات الشيخ الموفق.

وسمعت خالد بن عبد الله الحَبشي يقول: إنه رأى ليلة توفي الشيخ الموفق كأن القرآن قد رُفع من المصاحف.

وسمعت الإمام عبد المحسن بن عبد الكريم المصري يقول: رأيت وقت مات الشيخ الموفق في النوم، كأن قد رُفعت قناديل الجامع كلها.

وسمعت الشريف عبد الرحمن بن محمد العَلَوي يقول: رأينا ليلة الأحد في قريتنا مُردك - وهي في جبل بني هلال على دمشق - ضوءاً عظيماً جداً حتى أضاء له جبل قاسيون، فقلنا قد احترقت دمشق، قال: وخرج أهل قريتنا الرجال والنساء يتفرّجون على الضوء، فلما جئنا إلى بعض الطريق سألنا: أيش الحريق الذي كان بدمشق؟ فقالوا: ما كان بها حريق. فلما وصلنا إلى هنا قال لي ابني: إن الشيخ الموفق توفي. فقلت: ما كان هذا النور إلا لأجله.

قال الضياء: وقد سمعنا نحو هذا من غير واحدٍ يُحدِّثه، أنه رأى ذلك بحوران، وبالطريق.

وسمعت العدْل أبا عبد الله محمد بن نصر بن قوّام التاجر بعد موت الشيخ الموفق بأيام. قال: رأيت ليلة الجُمُعة في الثُّلث الأخير، الحق عز وجل، وكأنه عالٍ عليما بنحوٍ من قامة، يعني ليس هو على الأرض، وإلى جانبي رجل خطر في قلبي أنه الخَضِر عليه السّلام، فذُكر الشيخ الموفق، فقال الحق للخَضِر: هل تعرف أخته وابنته؟ فقال: لا. قال: بلى اذهب، فعزّهما في الموفق. وخطر ببالي أنه تعالى يقول: فإني أعددت له ما لا عَيْنٌ رأيت، ولا أذُن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم انتبهت.

وقد ساق الضياء منامات كثيرة في سيرة الشيخ الموفق، تركتُها خوف الإطالة.

ثم قال: تزوّج ببنت عمّته مريم بنت أبي بكر عبد الله بن سعد، فولدت له أولاداً، عاش منهم حتى كبُر: أبو الفضل محمد، وأبو المجد عيسى، وأبو العز يحيى وصفيّة، وفاطمة. فمات بنوه في حياته، ولم يعقب منهم سوى عيسى. وتسرّى، بجارية، ثم ماتت هي وزوجته بعدها، ثم تسرّى بجارية، وجاءه منها بنت، ثم ماتت البنت، وروّح الجارية، ثم تزوّج عزية بنت

إسماعيل، وتوفيت قبله. ومن شعره: أتـغـفـل يا ابـن أحـمـد والـمـنـاياشـوارع يَخْـتَـرِمْـنَـكَ عـن قـريب

أغـرّك أن تـخـطّـتـــك الـــرزايافكمْ للـمـوت مـن سـهْـمٍ مُـصـيب

كـؤوسُ الـمـوت دائرةٌ عـلــينـــاومـا لـلـمـرء بُـدٌّ مـن نـصـــيبِ

إلى كـم تـجـعـل الـتـسـويف دأبـاًأمـا يكـفـيك إنـذار الـــمـــشـــيب

أمـا يكـفــيك أنـــك كـــل حـــينٍتـمُـرّ بـقَـبـر خِــلٍّ أو حـــبـــيبِ

كـأنـك قـد لـحـقْـت بـهـم قــريبـــاًولا يُغـنـيك إفـراط الــنـــحـــيب

قال الضياء: توفي يوم السبت، يوم الفطر، ودُفن من الغد، وكان الخلْق لا يُحصي عددهم إلا الله عز وجل. وكنت فيمن غسَّله. توفي بمنزله بدمشق.

 

عبد الله بن أحمد بن علي بن هبة الله.

الشريف أبو محمد ابن الزوال، الهاشمي، العباسي، البغدادي.

ولد سنة ثمان وخمسمائة.

وسمع من: يحيى بن ثابت، وأبي المعالي الباجِسرائي، وأبي محمد ابن الخشّاب.

وهو من بيت حِشمة وتقدَّم.

توفي في ليلة عاشوراء.

وقد ناب في القضاء ببغداد، ثم عُزل من القضاء والعدالة؛ بسبب تزوير. ولم يكن محمود الشهادة.

 

عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان التميمي.

أبو محمد البَجائي المغربي، المعروف بابن الخطيب.

سمع من الحافظ أبي محمد عبد الحق الإشبيلي. وأخذ عن أبي القاسم عبد الرحمن بن يحيى القرشي "مختصرة" في القراءات. وسمع "صحيح" مسلم من أبي عبد الله ابن الفخّار. وأجاز له أبو طاهر السلفي.

ولي قضاء سَبتة، ثم قضاء بَلَنسية. وكان وجيهاً، ذا حشمة وثروة ولم يكن الحديث من شأنه.

حدث بيسير.

ومات بتونس في ربيع الأول. قاله الأبّار.

عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله.

أبو القاسم التَّفليسي المغازلي الصوفي، نزيل بغداد.

شيخ معمَّر.

قدم بغداد واستوطنها، وصحب الشيخ أبا النجيب، وسمع معه من: هبة الله بن أحمد الشبلي، وابن البطي، وأبي زُرعة.

وحدث.

وقيل: إنه جاوز المائة.

روى عنه: الدبيثي، والزين خالد، وجماعةٌ.

وتوفي في سادس عشر ربيع الأول.

 

عبد الله بن عُبيد الله بن عبد الله بن عبد الملك بن علي.

أبو محمد اللخمي، الباجي.

أخذ قراءة نافع، وأبي عمرو، عن أبي محمد بن مّعاذ.

وسمع من أبي عبد الله ابن المجاهد الزاهد؛ وكان من كبار أصحابه. وأخذ العربية عن أبي إسحاق بن مَلْكون، وأبي القاسم بن حُبيش.

وحدث بيسير.

وعمِّر، وأسنَّ، وكُفّ بصره. وكان يُقرئ القرآن.

وتوفي في شعبان، وله ثمان وثمانون سنةً.

 

عبد الله بن مر بن عبد الله.

القاضي جمال الدين أبو محمد الدمشقي الشافعي.

قاضي اليَمن.

ولد بدمشق في حدود ثلاثين وخمسمائة، وعاش تسعين سنة.

وسمع بالإسكندرية من السلفي، وغيره.

وتوجّه من دمشق صُحبة شمس الدولة تورانشاه بن أيّوب، إلى اليمن، وأمّ به، وتقدَّم عنده؛ فولاّه قضاء اليمن. وحصّل أموالاً، وعاد إلى دمشق.

وحدث؛ روى عنه: الشهاب القوصي، وفَرَج الحَبشي، والزين خالد النابُلُسي، وعِدّة.

سمع من علي بن أحمد الحَرَستاني.

ومات في ربيع الأول.

 

عبد الله بن محمد بن خَلَف بن اليُسْر.

أبو محمد القُشيري، الغَزناطي.

معتنٍ بالقراءات عريق فيها من أعمامه وأخواله. اختصّ بأبي خالد بن رِفاعة، ولزم أبا الحسن بن كوثر؛ فأكثر عنه.

وسمع من عبد الحق بونه، وجماعة.

أخذ عنه ابن مسدي، وأرّخ موته بمرّاكش عن نيّف وستين سنة.

 

عبد الحميد بن مَري بن ماضي بن نامي.

أبو أحمد الحسّاني المقدسي الحنبلي.

نزيل بغداد؛ وبها توفي في جمادى الآخرة.

حدث عن: ابن كُليب، وأبي الفَرَج ابن الجوزي.

روى عنه: الضياء، وغيره.

 

عبد الرحمن بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن مسلِم.

أبو محمد الزبيدي، ثم البغدادي.

من بيت الحديث والفضل. كان فقيهاً، عالماً، مناظراً، فرَضياً.

ولد سنة ثلاث وخمسين.

وسمع من: أبي الفتح بن البطي، وأحمد بن عمر بن بُنَيمان، وجماعة.

وولي مشيخة رباط الشونيزي.

روى عنه، الدبيثي وقال: توفي في يوم الجمعة سلخ رمضان.

 

عبد الرحمن بن أبي السعود الطيّب بن أحمد بن علي بن رزقون - بتقديم الراء.

أبو القاسم القيسي، من أهل الجزيرة الخضراء.

أخذ عن أبي محمد بن عُبيد الله.

توفي بالجزيرة عام عشرين.

 

عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين.

الإمام المفتي فخر الدين، أبو منصور الدمشقي، الشافعي، ابن عساكر، شيخ الشافعية بالشام.

ولد في سنة خمسين وخمسمائة.

وسمع من عمّيه: الصائن هبة الله وأبي القاسم الحافظ، وعبد الرحمن ابن أبي الحسن الداراني، وحسان بن تميم الزيّات، وأبي المكارم عبد الواحد ابن هِلال، وداود بن محمد الخالدي، ومحمد بن أسعد العراقي، وأبي المعالي بن صابر، وجماعة.

وتفقه على الشيخ قُطْب الدين النيسابوري، حتى برع في الفقه. وزوّجه القطب بابنته، فجاءه منها ولد سماه باسم جده قُطب الدين مسعود؛ ومات شاباً، ولو عاش لخَلَف جده وأباه.

وقد ولي فخر الدين تدريس الجاروخية، ثم تدريس الصلاحية بالقُدس، ثم بدمشق تدريس التقوية. فكان يقيم بالقدس أشهراً، وبدمشق أشهراً. وكان عنده بالتقوية فضلاء الوقت، حتى كانت تسمى نظامية الشام. وهو أول من درّس بالعَذْراوية، وذلك في سنة ثلاث وتسعين، ماتت الست عذراء بنت شاهنشاه بن أيوب، أخت عز الدين فرُخشاه، فدُفنت بدارها، وكانت أمرت بدارها لأمها؛ فوقفتها الأم على الشافعية والحنفية.

وكان لا يملّ الشخص من النظر إليه؛ لحُسن سمته، واقتصاده في لباسه، ولُطفه، ونور وجهه، وكان لا يخلو لسانه من ذكر الله في قيامه وقعوده. وكان يُسمع الحديث تحت النسر؛ وهو المكان الذي كان يُسمع فيه على الحافظ أبي القاسم عمّه.

قال أبو شامة: سألته مسائل فقهية؛ وكان الملك المعظّم قد أرسل إليه ليوليه القضاء، فأبى، فطلبه ليلاً، فأتاه، فتلقاه، وأجلسه إلى جانبه، فجلس مستوفزاً، فأحضر الطعام فلم يأكل منه شيئاً، فأمره وألحّ عليه أن يتولى القضاء، فقال: حتى أستخير الله تعالى. فأخبرني من كان معه قال: رجع إلى بيته، ووقف يصلي، ويتضرع، ويبكي إلى الفجْر، ثم صلى الصبح، ودخل بيته الصغير الذي عند محراب الصحابة - وكان أكثر النهار يتعبّد ويُفتي ويُطالع فيه، ويجدد الوضوء من طهارة المئذنة، وهذا البيت هو الذي كان يخرج منه خلفاء بني أمية قبل أن يغير الوليد الجامع - قال: فلما طلعت الشمس أتاه من جهة السلطان جماعة، فأصر على الامتناع، وأشار بتولية ابن الحرستاني، فولي. وكان قد خاف أن يُكرَه على القضاء، فجهّز أهله للسفر؛ وخرجت المحابر إلى ناحية حلب، فردّها الملك العادل؛ وعز عليه ما جرى.

قال: وكان يتورّع من المرور في رواق الحنابلة لئلا يأثموا بالوقيعة فيه، وذلك أن عوامهم

يُبغضون بني عساكر، لأنهم أعيان الشافعية الأشعرية.

وعدل الملك المعظّم عن توليته المدرسة العادلية، لكونه أنكر عليه تضمين المُكوس والخُمور، ثم إنه لما حج أخذ منه التقوية، وأخِذت منه قبل ذلك الصلاحية التي بالقدس، وما بقي له إلا الجاروخية.

وقال أبو المظفّر الجوزي: كان زاهداً، عابداً، ورِعاً، منقطعاً إلى العلم والعبادة، حَسَن الأخلاق، قليل الرغبة في الدنيا. توفي في عاشر رجب. ولم يتخلّف عن جِنازته إلا القليل.

قال أبو شامة: أخبرني مَنْ حضر وفاته، قال: صلى الظهر، ثم جعل يسأل عن العصْر، فقيل له: لم يقرب وقتها، فتوضأ، ثم تشهّد وهو جالس، وقال: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، ومحمد نبياً. لقنني الله حُجّتي، وأقالني عَثرتي، ورحِم غُربتي، ثم قال: وعليكم السلام. فعلِمنا أنه قد حضرت الملائكة. ثم انقلب على قفاه ميتاً. وغسّله الفخر ابن المالكي، والتاج ابن أخيه زين الأمناء. وكان مرضه بالإسهال وصلى عليه بالجامع أخوه زَين الأمناء، ومن الذي قدر على الوصول إلى سريره؟ وقال عمر ابن الحاجب: هو أحد الأئمة المبرزين، بل واحدهم فضلاً، وكبيرهم قدراً، شيخ الشافعية في وقته. وكان إماماً، زاهداً، ثقة، كثير التهجّد، غزير الدمعة، حسن الأخلاق، كثير التواضع، قليل التعصّب، سلك طريق أهل اليقين، وكان أكثر أوقاته في بيته في الجامع، ويزجي أكثر أوقاته في نشْر العلم. وكان مطَّرح التكلف. وعُرض عليه مناصب وولايات دينية فتركها. ولد في رجب سنة خمسين، وفي رجب توفي وكان الجمع لا يَنْحصر من الكَثرة. حدّث بمكة، ودمشق، والقدس. وصنّف في الفقه والحديث عدة مصنفات. وسمعنا منه.

وقال الشهاب القوصي في "معجمه": كان شيخنا فخر الدين كثير البكاء سريع الدموع، كثير الورع والخشوع، وافر التواضع، عظيم الدين كثير البكاء سريع الدموع، كثير الورع والخشوع، وافر التواضع، عظيم الخُضوع، كثير التهجّد، قليل الهُجوع. مبرّزاً في علمي الأصول والفروع. جُمعت له العلوم والزهادة. وعليه تفقّهت، وأحرزتُ الإفادة. لازم القطب النيسابوري حتى بَرَع. قرأت عليه من حفظي كتاب "الخلاصة" للغزالي. وسمعت منه "الأربعين البلدية" لعمّه. ودُفن جوار تربة شيخه القُطب.

وروى عنه: الزكي البِرزالي، والضياء المقدسي، والتاج عبد الوهّاب ابن زَيْن الأمناء، والزين

خالد، والكمال العَديمي. وسمعنا بإجازته على عمر ابن القوّاس. وتفقّه عليه جماعة منهم: الشيخ عز الدين بن عبد السلام.

 

عبد الرحمن بن مُقبِل، عفيف الدين المصري، الشرابي.

حدث عن أبي طاهر السلفي.

روى عنه: الزكي المنذري، وغيره.

ومات في ذي الحجة.

 

عبد الرحمن اليَمَني الزاهد.

نزيل دمشق.

ذكره أبو شامة فقال: المقيم بالمنارة الشرقية بالجامع. وكان قوّالاً بالحق، عابداً. ولما خرج الفرنج حضر هو والشيخ فخر الدين ابن عساكر، والشيخ جمال الدين ابن الحصيري، إلى الملك العادل وأنكروا عليه عدَم حِفظ الثغور. وكان هو أشدّهم كلاماً له. توفي في المحرم.

 

عبد السلام بن المبارك بن أبي الغنائم عبد الجبار بن محمد بن عبد السلام.

أبو سعد، ابن البَرْدَغولي، البغدادي العَتّابي.

شيخٌ صالحٌ متيقظ، عالي الرواية.

ولد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.

وحدّث هو، وأبوه، وعمّه الحسن، وهم من محلّة العتّابيين ببغداد.

سمع من: واثق بن تمام الهاشمي، وأحمد ابن الطَّلاّية، وعبد الخالق اليوسفي، وابن البطّي.

روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، وابن النجار. وآخر من حدّث عنه الجمال محمد بن أبي الفَرَج ابن الدبّاب؛ سمع منه "جزء" ابن الطَّلاّية.

وتوفي في المحرم.

 

عبد الواحد بن المبارك بن أبي بكر بن المُستَعمل الحريمي.

أبو منصور.

ولد سنة خمس، أو ستّ وأربعين وخمسمائة.

سمع من: أبي الوقت، وأبي علي ابن الخرّاز، وأبي المعالي ابن اللحّاس.

روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، وغيرهما.

وتوفي في جمادى الآخرة.

 

عثمان بن محمد بن أبي علي.

القاضي، الإمام عماد الدين أبو عمرو، الكُردي، الحُميدي، الشافعي.

تفقه بالمَوْصل على غير واحدٍ، ثم رحل إلى الإمام أبي سَعد بن أبي عَصرون، واشتغل عليه مدّة.

وقدِم مصر، فولي قضاء دِمياط، ثم قدم وناب بالقاهرة عن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الملك الماراني. ودرّس بالمدرسة السيفية، وبالجامع الأقمر، ثم حج، وجاور إلى أن مات في ربيع الأول.

وكان فاضلاً، وقوراً، حسن السمْت.

 

علي بن إبراهيم بن تُرَيْك بن عبد المحسن بن تُرَيْك.

أبو القاسم الأزجي، البيِّع.

ولد سنة خمسين وخمسمائة.

وسمع من عمّه أبي الفضل عبد المحسن.

ومات في ذي القَعدة.

 

علي بن أبي السعادات المبارك بن علي بن فارس.

أبو الحسن ابن الوارث، البغدادي.

ولد سنة تسع وأربعين.

سمع من: يحيى بن ثابت بن بُنْدار، وسليمان بن فيروز العَيْشوني، وأبي محمد ابن الخشّاب، وعبد الله بن منصور ابن المَوصلي، وأحمد بن المبارك المُرقّعاتي، وأبي محمد ابن الخشّاب، وخلق كثير.

وكتب الكثير من الكتب والأجزاء، ولازم السماع مدة طويلة. وكان محدّثاً صدوقاً.

توفي في رمضان.

 

حرف القاف

القاسم بن محمد بن عبد الرحمن بن دحمان.

أبو محمد الأنصاري، المالقي.

أخذ عن: عمه القاسم بن عبد الرحمن، وأبي مروان بن قَزْمان.

بقي إلى حدود هذه السنة.

 

قريش بن سُبيع بن مُهنا بن سُبيع.

الشريف أبو محمد العلَوي الحسيني المدني، نزيل بغداد.

ولد بالمدينة في رأس الأربعين وخمسمائة.

وقدم بغداد، وطلب، وسمع الكثير، وحصّل، وعُني بالحديث.

وسمع من: أبي الفتح بن البطي، وأبي زُرعة، وأبي بكر ابن النَّقور، والمبارك بن خُضير، وطبقتهم.

روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، وأهل بغداد، وغيرهم.

توفي في ذي الحجة.

 

حرف الكاف

كاملية بنت محمد بن أحمد بن عمر العَلَوي.

سمّعها عنّها المحدِّث علي بن أحمد الزيدي من أبي الفتح بن البطي.

وماتت في المحرّم.

 

حرف الميم

محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الفوارس.

أبو عبد الله البغدادي المالكي، ويعرف بابن العُريِّسة.

ولد سنة أربعين وخمسمائة.

وسمع من: أبي الوقت، وأبي الفتح بن البطي. وأجاز له ابن ناصر.

روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، وغيرهما.

وحدّث ب "البخاري" و "الدارمي" عن أبي الوقت.

وكان شيخاً مَطبوعاً، متودّداً، حسن الأخلاق. من جُملة حُجّاب الخلافة.

وجدّه محمد بن أبي الفوارس هو الملقّب بالعُريِّسة.

توفي في سادس شعبان.

ونسبته بالمالكي؛ لأنه كان يذكر أنه من ولَد مالك بن أنس.

ويقال له: الحمَامي - بالتخفيف - كان يلعب بها.

 

محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد البرّ.

أبو عبد الله الخَولاني، الأندلسي.

سمع من: أبي القاسم بن بُشْكُوال، وأبي بكر بن خَيْر، وأبي القاسم بن غالب؛ وأخذ عنه القراءات والعربية، ولازم ابن بُشْكُوال أعواماً.

وحدث.

قال الأبّار: كان فاضلاً، سُنّياً، معدَّلاً. توفي سنة عشرين، وقيل: في المحرم سنة إحدى.

 

محمد بن إسماعيل الإخْميمي الفقيه.

ولد سنة خمسين وخمسمائة.

وحدث عن السلفي.

روى عنه الشهاب القوصي في "معجمه".

 

محمد بن الحسن بن أحمد بن يوسف.

أبو عبد الله المغربي، السَّبتي، التُّجيبي.

سمع من: أبي القاسم بن حُبيش، وأبي عبد الله بن حَميد، وأكثر عن أبي محمد بن عُبيد الله الحَجَري.

وكان بارعاً في الشروط. سكن إشبيلية، وحدّث بها.

 

محمد بن سليمان بن قترمش.

أبو منصور السمرقندي، ثم البغدادي، حاجب الحُجّاب.

كان من أولاد الأمراء، ولي الحجابة الكبرى سنة خمس عشرة.

وكان أديباً، فاضلاً، أخبارياً، علاّمة، لغوياً، متفنّناً، مليح الكتابة، إلا أنه كان قليل الدين لا يعتقد شيئاً. قاله ابن النجار، وقال: حُكي لي عنه أنه كان يُفطِر في رمضان، ولا يصلي، ويرتكب المحرَّمات، ويذهب مذهب الفلاسفة. كتبت عنه في شعره. وعاش سبعاً وسبعين سنة.

 

محمد بن عبد الجليل.

الإمام تاج الدين الخُواري، الحنفي.

له شعر متوسّط.

روى عنه القوصي، وقال: كان مناظراً، متفنّناً.

توفي بدمشق.

 

محمد بن عبيد الله بن غيّاث.

أبو عمرو الجُذامي، الشَّريشي، الأديب الشاعر.

روى عن: ابن الجدّ، وابن بُشْكُوال.

وعاش أربعاً وثمانين سنة.

 

محمد بن عُروة.

شرف الدين المَوْصلي.

المنسوب إليه مشهد ابن عُروة من جامع دمشق؛ وإنما نُسب إليه لأنه كان مخزناً فيه آلات تتعلق بالجامع، فعزّله، وبيّضه، وعمل له المحراب والخِزانتين ووقف فيهما كتباً، وجعله دار حديث.

قال أبو المظفّر الجوزي: كان ابن عُروة مقيماً بالقدس. وكان يداخل المعظَّم وأصحابه ويعاملهم، ويؤذي الفقراء خصوصاً الشيخ عبد الله الأرْمني؛ فإنه انتقل عن القدس بسببه. فلما خرّب المعظّم انتقل إلى دمشق.

 

محمد بن علي بن إبراهيم بن خَلَف.

أبو عبد الله الأسَدي، السبتي، شيخ القرّاء بغَرناطة.

ظاهر الجلالة، بارز العدالة، وله الإسناد العالي.

ولد قبل الثلاثين وخمسمائة.

وتلا بالسبْع على القاسم بن محمد بن ابن الزقاق، صاحب منصور بن الخيِّر، وتصدّر للإقراء.

تلا عليه بالروايات أبو بكر ابن مَسدي، وأثنى عليه، وقال: مات سنة عشرين.

 

محمد بن عيسى بن محمد بن أصبَغ.

الإمام أبو عبد الله، ابن المناصف، الأزدي القرطبي، نزيل إفريقية.

تفقه على قاضي تونس أبي الحجّاج المخزومي؛ وسمع بها من أبي عبد الله بن أبي دَرقة.

قال الأبّار: كان عالماً، متقناً، مدققاً نظاراً، واقفاً على الاتفاق والاختلاف، معلِّلاً مُرْجِّحاً، مع الحظ الوافر من اللغة والآداب والشعر. سمعت منه كثيراً، ولم يكن له علم بالحديث. وألّف

كتاباً في الجهاد، وكتاباً في الأحكام، واستدرك على القاضي عبد الوهاب في "التلقين" باب السَّلَم لإغفاله ذلك. وولي قضاء بَلَنسية، ثم قضاء مُرسية. وكان ذا سيرة عادلة، وشارة جميلة، صُلباً، في الحق. وكانت فيه حدّةٌ مفرطة فصُرف لذلك، ثم لحق بمرّاكش. وتوفي في ربيع الآخر أو جمادى الأولى، وله سبع وخمسون سنة، رحمه الله تعالى.

 

محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد الغزّال.

أبو جعفر بن أبي بكر، الإصبهاني، المقرئ، أخو الحافظ أبي رشيد؛ وكان أبو جعفر أكبر بسنتين.

ولد في المحرم سنة سبع وستين وخمسمائة بإصبهان.

وسمع الكثير بإفادة والده ومؤدّبه. وقرأ القراءات، وصحب العلماء والأولياء، وانقبض عن الناس، ولزم منزله لا يخرج إلا الصلاة. وله مُلك يسير يكفيه، ولا يأخذ من أحد شيئاً.

قدم بغداد سنة ثمان وتسعين، فحدّث بها.

قال ابن النجار: سمعنا منه: وكان صدوقاً. أحد عباد الله الصالحين، حميد الأخلاق، كامل الوصاف، سخياً، نزهاً. روى لنا عن إسماعيل بن غانم بن خالد. وسمعت منه أيضاً بإصبهان.

توفي في رمضان سنة عشرين.

 

محمد بن مكي بن بكر بن كخينا.

أبو منصور الواسطي البزّاز.

سكن دمشق، وسمع بها الكثير من: الخُشوعي، والقاسم بن عساكر، وطبقتهما.

وكتب، وحصّل الأصول، وعُني بالرواية. ورحل إلى بغداد سنة سبع عشرة وستمائة، وحدث بها.

وكان مولده سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة بسواد واسط تقريباً.

قال ابن النجار: رأيته بدمشق، ولم أكتب عنه شيئاً. وكان صدوقاً. وتوفي بحلب سنة عشرين.

قلت: هو الذي انفرد بنقل سماع كريمة الجزء "الرافقي" ولم يكن متقناً، رحمه الله.

 

محمد بن أبي الحسن بن أبي نصر.

الشيخ أبو الفضل المقرئ البغدادي الضرير، المعروف بالخطيب.

قرأ بالروايات على أبي الحسن علي بن عساكر، وسعْد الله بن نصر ابن الدَّجاجي؛ صاحب

الزاهد أبي منصور الخيّاط؛ وسمع منهما ومن ابن البطي، وأبي زُرعة، وجماعة.

وحدث.

وأقرأ الناس، وكان عالي الإسناد في القراءات.

روى عنه: الدبيثي، وغيره.

وتوفي في سابع عشر المحرم.

ولم يكن خطيباً، وإنما لُقّب به.

 

محمد بن أبي المظفّر بن شُتّانة.

بمثنّاة لا بموحَّدة -، يُكنى: أبا البركات.

سمع: أبا الحسين عبد الحق، وابن شاتيل.

كتب عنه بعض الطلبة.

توفي في شعبان.

 

محمد بن أبي المعالي بن محمد بن غَريب.

أبو جعفر البغدادي، أحد القُرّاء بتُرَب الخلفاء.

روى عن أبي جعفر البطي.

روى عنه ابن النجّار، وقال: صدوقٌ. توفي في ربيع الأول.

 

محمود بن كي رَسلان.

أبو الثناء المَوصلي التركي الجُندي.

من أجناد صاحب المَوْصل نور الدين رَسلان شاه، وابنه مسعود.

مات في صفر عن أربع وسبعين سنة.

وكان رافضياً غالياً. له ديوان شعر.

روى عنه المبارك ابن الشعّار، فمن شعره: ألا مـا لـقـلـبــي لا يُبـــك عـــلـــيلـــهومـــا لـــفـــؤادي لا يُبـــلّ غـــلــــيل

بروحي من أصـبـحـت عـبـد جـمـالـهفـهـذا الـجـمـيل الـوجـه أين جـمـيلـه؟

يُحَمّلني عبثـاً عـلـى الـقُـرب والـنـوىيَهُـدُّ قُـوى الـعُـشّـاق مـنـه ثـــقـــيلـــه

 

مسافر بن يَعمر بن مسافر.

أبو النائم المصري، الجِيزي، الحنبلي، المؤدِّب، الصوفي. الرجل الصالح.

سمع من عَشير بن علي، وغيره. وصحب الصالحين، ولبس الخِرقة من عيسى ابن الشيخ عبد القادر.

وكان خيّراً متعبّداً، عَمّالاً مبالغاً في الإيثار مع الإقتار.

سمع منه الزكي المنذري، وقال: توفي في ربيع الأول.

 

المظفر بن أسعد بن حمزة ابن القَلانِسي.

التميمي الدمشقي، الرئيس عز الدين.

كان كيّساً، متواضعاً، مُحتشماً. لزم التاج الكِندي مدة وتأدّب به.

سمع من أبي القاسم بن عساكر.

وتوفي في رمضان.

 

منصور بن سيد الأهل بن ناصر.

أبو علي المصري، الكُتُبي، الواعظ، المعروف بالقَزويني؛ لأنه كان يسلك في الوعظ طريقة الواعظ المشهور أبي القاسم محمود بن محمد القَزويني.

سمع من السِّلفي.

روى عنه: الزكي عبد العظيم، وغيره.

ومات في ربيع الآخر.

 

حرف الياء

يحيى بن سعيد بن أبي نصر محمد بن أبي تمام.

القاضي أبو المجد التَّكريتي، ثم المارِديني.

تفقه ببغداد، وسمع شُهدة، وخطيب المَوصل أبي الفضل.

وحدث بدمشق، وبغداد.

وولي قضاء مارِدين.

ومات في ذي القعدة.

 

يحيى ابن الشيخ أبي الفتوح محمد بن علي بن المبارك ابن الجَلاجُلي.

أبو علي البغدادي.

توفي ببغداد كهلاً، وقد سمع من وفاء بن البَهيّ، وابن شاتيل.

وله شعر جيد.

 

يوسف بن أحمد بن طحلوس.

أبو الحجّاج الأندلسي، من جزيرة شَقْر.

صحب أبا الوليد بن رُشد، وأخذ عنه من علومه.

وسمع من: أبي عبد الله بن حَميد، وأبي القاسم بن وضّاح.

وكان آخر الأطباء بشرق الأندلس، مع التصوّن، ولين الجانب، والتحقّق بالفلسفة، ومعرفة النحو، وغير ذلك.

 

يوسف بن محمد بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي، السلطان المستنصر بالله.

الملقب بأمير المؤمنين أبي يعقوب، القَيسي المغربي، صاحب المغرب.

لم يكن في بني عبد المؤمن أحسن منه صورة، ولا أبلغ خطاباً ولكنه كان مشغوفاً باللذات.

ومات وهو شابٌ، في هذه السنة. ولم يخلف ولداً. فاتفق أهل دولته على تولية الأمر لأبي محمد عبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي، فلم يُحسن التدبير ولا المُداراة.

ولد يوسف في سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وأمه أم ولد رومية اسمها قمر.

وكان صافي السمرة، شديد الكُحل، يُشبّهونه كثيراً بجده. وكانت دولته عشر سنين وشهرين.

وَزَر له أبو يحيى الهَزْرَجي، وحَجَبه مُبشِّر الخصيّ، ثم فارج الخصِي. وقضى له قاضي أبيه أبو عمران موسى بن عيسى. وكتب له الإنشاء أبو عبد الله بن عيّاش؛ كاتب أبيه وجده، ثم أبو الحسن بن عيّاش. ثم توفيا سنة بضع عشرة، فأحضر من مُرسية قاضيها أبا عبد الله محمد بن يَخْلَفتَن الغازازي، فولاّه الكتابة.

وكان الذين قاموا ببيعته عن جده أبو موسى عيسى بن عبد المؤمن. وكان عيسى آخر أولاد عبد المؤمن وفاةً تأخر إلى حدود العشرين وستمائة، ويحيى بن عمر بن عبد المؤمن، وكانا قائمين على رأسه يوم البَيعة، يأذَنان للناس.

قال عبد الواحد بن علي التميمي: حضرتُ يوم البيعة فبايعه القرابة، ثم أشياخ الموحّدين، وأبو عبد الله بن عيّاش قائم يقول للناس: تُبايعون أمير المؤمنين ابن أمراء المؤمنين على ما بايع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من السمع والطاعة في المَنْشَط والمَكْره واليُسر

والعُسر، والنصح له ولعامّة المسلمين، ولكم عليه أن لا يُجمّر بعوثكم، وأن لا يدّخر عنكم شيئاً مما تعمّكم مصلحته، وأن يُعجّل لكم العطاء. أعانكم الله على الوفاء، وأعانه على ما قلّده من أموركم.

ولأربعة أشهر من ولايته قُبض على رجل خارجي يدّعي أنه من بني عُبيد، وأنه وَلَد العاضد لصُلبه اسمه عبد الرحمن. قدم البلاد في دولة أبي يوسف، وطلب الاجتماع به، فلم يأذَن له، فأقام بالبلاد مُطَّرحاً إلى أن حبسه أبو عبد الله في سنة ست وتسعين، فحبسه خمس سنين، ثم أطلقه بعد أن ضمنه يحيى بن أبي إبراهيم الهَزْرَجي، فنزح من مرّاكش إلى صُنهاجة، فاجتمع عليه طائفة وعظّموه، لأنه كان كثير الصمت والإطراق، حسن السمت، عليه سيماء الصالحين.

رأيته مرتين. ثم قصد سِجِلْماسة في جمْعٍ كبير، فخرج إليه متولّيها سليمان بن عمر بن عبد المؤمن، فهزمه العُبيدي. فرد سليمان إلى سِجِلْماسة بأسوأ عَوْد. ولم يزل العُبيدي ينتقل في قبائل البربر، ولا يتم له أمر لغُربة بلده ولسانه ولكونه عديم العشيرة. فقبض عليه متولّي فاس إبراهيم بن يوسف بن عبد المؤمن، ثم صلبه، ووجّه برأسه إلى مرّاكش، فهو معلّق هناك مع عدة أرؤس من الثوّار.

وكان أبو يعقوب هذا شهماً، فَطِناً، لقيته وجلست بين يديه، فرأيت من حِدّة نفسه وسؤاله عن جُزئيات لا يعرفها أكثر السوقة، ما قضيت منه العجب.

توفي في شوال أو ذي القعدة. فاضطرب الأمر، واشرأبّ الناس للخلاف بعده.

 

الكنى

أبو الحسن الرّوزبهاري.

المدفون بالبُرج الذي عن يمين باب الفراديس، بالخانكاه الرُّوزبهارية.

توفي في هذه السنة، رحمه الله.

 

وفيها ولد

قاضي نابُلُس الجمال محمد بن محمد بن سالم بن صاعد.

والمحيي عبد الله بن عبد الظاهر بن نَشوان، الموقّع.

والمكين عبد الحميد بن أحمد بن محمد ابن الزجّاج البغدادي.

والنجيب عمر بن الله بن عمر ابن خطيب بيت الأبّار.

والبدر عبد اللطيف بن محمد ابن المغَيْزِل، الخطيب.

وجبريل بن إسماعيل الصيدلاني الشارعي، بخُلفٍ فيه.

والصاحب التقي توبة بن علي بن مهاجر التكريتي، يوم عرفة بعرفة.

وسنج بن محمد بن سونج التركماني.

والفقيه عبد الوليّ بن عبد الرحمن، خطيب يونين.

وعلاء الدين محمد بن عبد القادر ابن الصائغ.

والبُرهان إبراهيم بن عبد العزيز، خطيب أرْزونا.

والكمال أحمد بن عبد الرحمن بن رافع الدّمراوي.

والمفتي عَلَم الدين أحمد بن إبراهيم القمني.

وأحمد بن عبد الله بن عزيز اليونيني.

والشهاب أحمد ابن النصير الدقوقي، في رمضان.

 

المتوفون على التقريب

حرف العين

الجمال عثمان بن هبة الله بن أحمد بن أبي الحوافز.

القيسي الدمشقي، رئيس الأطباء.

ذكره ابن أبي أصَيبعة، فقال: أفضل الأطباء، وسيّد العلماء، وأوْحد العصر. أتقن الصناعة، وتميز في أقسامها العلمية والعملية. وله عناية بعلم الأدب وشعر كثير. وكان رئيساً، كريماً، تام المروءة. أخذ الطب عن المهذَّب ابن النقّاش. والرضي الرحبي. وخدم الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين، وأقام معه بمصر، فولاّه رئاسة الطب، ثم خدم بعده الملك الكامل سنين إلى أن توفي بالقاهرة. واشتغل عليه جماعة؛ وتميّزوا، أجلّهم عمي رشيد الدين عليّ.

 

حرف الميم.

محمد بن عَلوان بن مهاجر.

الفقيه، الإمام العالم، أبو المظفر.

سمع من الحسين بن المؤمَّل صاحب ابن وَدْعان، ومن محمد بن علي بن ياسر الجيّاني.

وبرع في مذهب الشافعي، وكان من فضلاء المَواصلة، ومتميز بهم.

روى عنه: الزكي البِرزالي، والتقيّ اليلداني. وبالإجازة الشهاب القوصي.

وهو ابن عم الصاحب كمال الدين محمد بن علي، نزيل دمشق.

 

محمد بن الفضل.

أبو عبد الرحمن الزَّنجاني، الشاعر.

قال ابن النجار: أنشدني أبو البقاء، خالد بن يوسف النابُلُسي، بدمشق، أنشدنا أبو عبد الرحمن محمد بن الفضل ابن الزَّنجاني البغدادي، لنفسه، بالنظامية: قـسـمـاً بـأيام الـصـفـا ووصـالـكـــموالجمع فـي جَـمْـع وذاك الـمُـلْـتَـزَم

مـا اخـتـرت بـعـدّكــم بـــديلاً لا ولانـادمـتُ بـعـد فِـراقـكــم إلا الـــنـــدم

 

مسعود بن الحسين بن أبي زَيْد.

أبو الفتح المَوْصلي الشاعر، المعروف بالنقّاش.

وهو غير النقاش الحَلَبي، سمّيه، فإن الحلبي مرّ في سنة ثلاث عشرة.

ذكرهما ابن الشعّار، ولم يؤرّخ موت هذا، وقال فيه: كان مكثراً من الشعر في المديح، والهجاء، والغّزَل. مدح أصحاب الموصل وأمراءها. وقيل: إنه أدرك أيام الأتابك زنكي، والد نور الدين، وعاش إلى أيام القاهر مسعود بن أرسلان. وهو القائل في قصيدة: يا مَـنْ أودّ الـنـوم أرْقُـبُ طَـيفَـــهأنا ضَيفُه أفـمـا لـضـيفـكـم قِـرى؟

أنـا كـنـتُ أوّل عـاشـقٍ لـكـنـنـيغَفَل الـزمـانُ بـمـولـدي فـتـأخَّـرا

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الطبقة الثالثة الستون حوادث

الأحداث من سنة 621 إلى 630

سنة إحدى وعشرين وستّمائة

استرداد الأشرف خلاط

فيها استردّ الأشرف خلاط من أخيه شهاب الدّين غازي، وأبقى عليه ميّافارقين

ظهور السلطان جلال الدين

وفيها ظهر السّلطان جلال الدّين ابن خوارزم شاه - بعدما انفصل عن بلاد الهند وكرمان - على أذربيجان، وحكم عليها، وراسله الملك المعظّم ليعينه على قتال أخيه الأشرف، وكتب المعظّم إلى صاحب إربل في هذا المعنى، وبعث ولده النّاصر داود إليه رهينةً.

 

استيلاء لؤلؤ على الموصل

وفيها استولى بدر الدّين لؤلؤٌ على الموصل، وأظهر أنّ محمود ابن الملك القاهر قد توفّي، وكان قد أمر بخنقه.

 

بناء الكاملية

وفيها بنيت دار الحديث الكامليّة بين القصرين، وجعل أبو الخطّاب ابن دحية شيخها.

 

قدوم الأقسيس من اليمن

وفيها قدم الملك المسعود أقسيس على أبيه الكامل، من اليمن، طامعاً في أخذ الشام من عمّه المعظّم. وقدّم لأبيه أشياء عظيمة منها: ثلاثة فيلة، ومائتا خادم.

 

عودة التتار من القفجاق

قال ابن الأثير: وفيها عادت التّتار من بلاد القفجاق، ووصلت إلى الرّيّ، وكان من سلم من أهله قد عمّروها، فلم يشعروا إلاّ بالتّتر بغتةً، فوضعوا فيهم السّيف، وسبوا، ونهبوا،وساروا إلى ساوة، ففعلوا بها كذلك، ثمّ ساروا إلى قمّ وقاشان، وكانت عامرةً، فأخذوها، ثمّ وصلوا إلى همذان فقتلوا أهلها، ثمّ ساروا إلى تبريز، فوقع بينهم وبين الخوارزميّة مصافٌّ.

 

استيلاء غياث الدين على شيراز

وفيها سار غياث الدّين محمد ابن السّلطان علاء الدّين محمد خوارزم شاه إلى بلاد فارس، فلم يشعر صاحبها أتابك سعدٌ إلاّ بوصوله، فلم يتمكّن من الامتناع، واحتمى بقلعة إصطخر، فملك

غياث الدّين شيراز بلا تعب، وأقام بها، واستولى على أكثر بلاد فارس، وبقي لسعدٍ بعض الحصون، وتصالحا على ذلك.

 

تملّك امرأة على الكرج

وفيها أو قبلها بيسير جرت واقعةٌ قبيحة، وهي أنّ الكرج - لعنهم الله تعالى - لم يبق فيهم من بيت الملك أحدٌ سوى امرأةٍ، فملّكوها عليهم.

قال ابن الأثير: طلبوا لها رجلاً يتزوجها، وينوب عنها في الملك، ويكون من بيت مملكة.

وكان صاحب أرزن الرّوم مغيث الدّين طغريل شاه ابن قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان، وهو من الملوك السّلجوقية، وله ولد كبير، فأرسل إلى الكرج يخطب الملكة لولده، فامتنعوا، وقالوا: لا يملكنا مسلمٌ، فقال لهم: إنّ ابني يتنصّر ويتزوّجها، فأجابوه، فتنصّر، وتزوّج بها، وأقام عندها حاكماً في بلادهم، نعوذ بالله من الخذلان. وكانت تهوى مملوكاً لها، وكان هذا الزّوج يسمع عنها القبائح، ولا يمكنه الكلام لعجزه، فدخل يوماً، فرآها مع المملوك، فأنكر ذلك، فقالت: إن رضيت بهذا، وإلاّ أنت أخبر، ثمّ نقلته إلى بلد، ووكّلت به، وحجرت عليه. وأحضرت رجلين وصفا لها بحسن الصورة فتزوّجت أحدهما، وبقي معها يسيراً، ثمّ فارقته، وأحضرت آخر من كنجة وهو مسلم، فطلبت منه أن يتنصّر ليتزوّجها، فلم يفعل، فأرادت أن تتزوجه، فقام عليها الأمراء ومعهم إيواني مقدّمهم، فقالوا لها: فضحتنا بين الملوك بما تفعلين. قال: والأمر بينهم متردّد، والرجل الكنجيّ عندهم، وهي تهواه.

 

سنة اثنتين وعشرين وستّمائة

إيقاع جلال الدّين بالكرج

في ربيع الأوّل وصل السّلطان جلال الدّين إلى دقوقا، فافتتحها بالسّيف، وسبى، ونهب، وفعل مثل ما تفعل الكفّار، وأحرق البلد، لكونهم شتموه، ولعنوه على الأسوار، ثمّ عزم على قصد بغداد، فانزعج الخليفة، ونصب المجانيق، وحصّن بغداد، وفرّق العدد والأهراء، وأنفق ألف ألف دينار.

قال أبو المظفّر: قال لي الملك المعظّم: كتب إليّ جلال الدّين يقول: تحضر أنت ومن عاهدني واتّفق معي حتّى نقصد الخليفة، فإنّه كان السّبب في هلاك أبي، وفي مجيء الكفّار إلى البلاد، وجدنا كتبه إلى الخطا وتواقيعه لهم بالبلاد، والخلع، والخيل. قال المعظّم: فكتبت إليه، أنا معك

على كلّ حال، إلاّ على الخليفة، فإنّه إمام المسلمين. قال: فبينا هو على قصد بغداد - وكان قد جهّز جيشاً إلى الكرج إلى تفليس - فكتبوا إليه: أدركنا، فما لنا بالكرج طاقة، فسار إليهم، وخرج إليه الكرج، فعمل معهم مصافّاً، فظفر بهم، فقتل منهم سبعين ألفاً، قاله أبو شامة، وأخذ تفليس بالسّيف، وقتل بها ثلاثين ألفاً أيضاً، وذلك في سلخ ذي الحجّة.

 

ملك جلال الدّين مراغة

وقال ابن الأثير: سار جلال الدّين من دقوقا فقصد مراغة فملكها، وأقام بها، وأعجبته، وشرع في عمارتها، فأتاه الخبر أن إيغان طائي، خال أخيه غياث الدّين، قد جمع عسكراً نحو خمسين ألفاً،ونهب بعض أذربيجان، وسار إلى البحر من بلاد أرّان فشتّى هناك، فلمّا عاد، نهب أذربيجان مرّة ثانية، وسار إلى همذان بمراسلة الخليفة، وإقطاعه إياها. فسمع جلال الدّين بذلك فسار جريدةً، ودهمه، فبيّته في اللّيل، وهو نازل في غنائم كثيرة، ومواشي أخذها من أذربيجان، فأحاط بالغنائم، وطلع الضّوء، فرأى جيش إيغان السّلطان جلال الدّين والجتر على رأسه، فسقط في أيديهم، وأرعبوا.

فأرسل إيغان زوجته وهي أخت جلال الدّين تطلب لزوجها الأمان، فأمّنه، وحضر إليه، وانضاف عسكره إلى جلال الدّين، وبقي إيغان وحده، إلى أن أضاف إليه جلال الدّين عسكراً غير عسكره، وعاد إلى مراغة.

 

ملك جلال الدّين تبريز

وكان أوزبك بن البهلوان صاحب أذربيجان قد سار من تبريز إلى كنجة خوفاً من جلال الدّين، فأرسل جلال الدّين إلى الكبار بتبريز يطلب منهم أن يتردّد عسكره إليهم، ليمتاروا، فأجابوه إلى ذلك. فتردّد العسكر، وباعوا، واشتروا، ثمّ مدّوا أعينهم إلى أموال النّاس، فصاروا يأخذون الشّيء بأبخس ثمن، فأرسل جلال الدّين لذلك شحنة إلى تبريز. وكان زوجة أوزبك ابنة السّلطان طغرل بن أرسلان شاه بن محمد بن ملكشاه، مقيمةً بالبلد، وكانت الحاكمة في بلاد زوجها، وهو منهمكٌ في اللذّات والخمور، ثمّ شكى أهل تبريز من الشّحنة فأنصفهم جلال الدّين منه، ثمّ قدم تبريز، فلم يمكّنوه من دخولها، فحاصرها خمسة أيّام، وقاتله أهلها أشدّ قتال، ثمّ طلبوا الأمان، وكان جلال الدّين يذمّهم ويقول: هؤلاء قتلوا أصحابنا المسلمين، وبعثوا برؤوسهم إلى التّتار، فلهذا خافوا منه، فلمّا طلبوا الأمان، وذكر لهم فعلهم هذا، فاعتذروا بأنّه

إنّما فعل ذلك ملكهم، فقبل عذرهم، وآمنهم، وأخذ البلد، وآمن ابنة طغرل، وذلك في رجب.

وبعث ابنة طغريل إلى خويّ مخفرةً محترمةً، وبثّ العدل في تبريز، ونزل يوم الجمعة إلى الجامع، فلمّا دعا الخطيب للخليفة، قام قائماً حتّى فرغ من الدّعاء. ثمّ سيّر جيشاً إلى بلاد الكرج - لعنهم الله - ثمّ سار هو وعمل معهم مصافّاً هائلاً.

قال ابن الأثير: فالّذي تحقّقناه أنّه قتل من الكرج عشرون ألفاً، وانهزم مقدّمهم إيواني.

وجّهز جلال الدّين عسكراً لحصار القلعة الّتي لجأ إليها إيواني، وفرّق باقي جيوشه في بلاد الكرج، يقتلون، ويسبون، مع أخيه غياث الدّين. ثمّ تزوّج جلال الدّين بابنة السّلطان طغريل، لأنّه ثبت عنده أنّ أزبك حلف بطلاقها على أمرٍ وفعله. وأقام بتبريز مدّة، وجهّز جيشاً إلى كنجة، فأخذوها، وتحصّن أزبك بقلعتها، ثمّ أرسل يخضع لجلال الدّين، ففتر عنه.

 

وفاة الناصر لدين الله

وفي سلخ رمضان توفّي النّاصر لدين الله.

 

بيعة الظاهر بأمر الله

قال أبو المظفّر سبط الجوزيّ: وفيها حججت راكباً في المحمل السّلطانيّ المعظّميّ، فجاءنا الخبر بموت الخليفة بعرفة، فلمّا دخلنا للطّواف، إذا الكعبة قد ألبست كسوة الخليفة، فوجدت اسم النّاصر في الطّراز في جانبين، واسم الخليفة الظّاهر في جانبين.

وهو أبو نصر محمد، بويع بالخلافة وكان جميلاً، وأبيض مشرباً حمرة، حلو الشّمائل، شديد القوى، بويع وهو ابن اثنتين وخمسين سنة، فقيل له: ألا تتفسّح؟ قال: قد لقس الزّرع، فقيل: يبارك الله في عمرك، قال: من فتح دكّاناً بعد العصر أيشٍ يكسب؟ ثمّ إنّه أحسن إلى الرّعيّة، وأبطل المكوس، وأزال المظالم، وفرّق الأموال. وغسّل النّاصر محيي الدّين يوسف ابن الجوزيّ، وصلّى عليه ولده الظّاهر بأمر الله بعد أن بويع بالخلافة.

قال ابن السّاعي: بايعه أولاً أهله وأقاربه من أولاد الخلفاء، ثمّ مؤيّد الدّين محمد بن محمد القمّيّ نائب الوزارة، وعضد الدّولة أبو نصر ابن الضّحّاك أستاذ الدّار، وقاضي القضاة محيي الدّين بن فضلان الشّافعيّ، والنّقيب الطّاهر قوام الدّين الحسن بن معدّ الموسويّ، ثمّ بويع يوم عيد الفطر البيعة العامّة، وجلس بثياب بيض، وعليه الطّرحة وعلى كتفه بردة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في شبّاك القبّة الّتي بالتّاج، فكان الوزير قائماً بين يدي الشّبّاك على منبر، وأستاذ

الدّار دونه بمرقاة، وهو الّذي يأخذ البيعة على النّاس، ولفظ المبايعة: أبايع سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطّاعة على جميع الأنام، أبا نصر محمّداً الظّاهر بأمر الله على كتاب الله، وسنّة نبيّه، واجتهاد أمير المؤمنين، وأن لا خليفة سواه.

ولمّا أسبلت السّتارة، توجّه الوزير وأرباب الدّولة، وجلسوا للعزاء، ووعظ محيي الدّين ابن الجوزيّ، ثمّ دعا الخطيب أبو طالب الحسين ابن المهتدي بالله.

 

قضاء القضاة ببغداد

وبعد أيّام عزل ابن فضلان عن قضاء القضاة، وولّي أبو صالح نصر بن عبد الرّزّاق ابن الشّيخ عبد القادر، وخلع عليه.

اشتداد الغلاء بالموصل والجزيرة قال ابن الأثير: فيها اشتدّ الغلاء بالموصل والجزيرة جميعها، فأكل النّاس الميتة والسّنانير والكلاب، ففقد الكلاب والسّنانير. ولقد دخلت يوماً إلى داري، فرأيت الجوزي يقطّعن اللّحم، فرأيت حواليه اثني عشر سنّوراً، ورأيت اللّحم في هذا الغلاء في الدّار وليس عنده من يحفظه من السّنانير لعدمها، وليس بين المدّتين كثير. ومع هذا فكانت الأمطار متتابعة إلى آخر الربيع وكلما جاء المطر غلت الأسعار هذا ما لم يسمع بمثله. إلى أن قال: واشتدّ الوباء، وكثر الموتى والمرض، فكان يحمل على النّعش الواحد عدّةٌ من الموتى.

 

قضاء القضاة ببغداد

سنة ثلاث وعشرين وستّمائة

وصول الخلع من الظاهر بأمر الله إلى أولاد العادل بمصر فيها قدم محيي الدّين يوسف ابن الجوزيّ بالخلع والتقاليد من الظّاهر بأمر الله إلى المعظّم، والكامل، والأشرف.

قال أبو المظفّر سبط الجوزيّ: قال لي المعظّم: قال لي خالك: المصلحة رجوعك عن هذا الخارجيّ - يعني جلال الدّين - إلى إخوتك، ونصلح بينكم. وكان المعظّم قد بعث مملوكه أيدكين إلى السّلطان جلال الدّين، فرحّله من تفليس وأنزله على خلاط، والأشرف حينئذٍ بحرّان، قال: فقلت لخالك: إذا رجعت عن جلال الدّين، وقصدني إخوتي تنجدوني؟ قال: نعم.

قلت: ما لكم عادة تنجدون أحداً، هذه كتب الخليفة عندنا ونحن على دمياط، ونحن نكتب إليه

نستصرخ به ونقول: أنجدونا، فيجيء الجواب بأن قد كتبنا إلى ملوك الجزيرة، ولم يفعلوا. وقد اتّفق إخوتي عليّ، وقد أنزلت الخوارزميّ على خلاط، إن قصدني الأشرف منعه الخوارزميّ، وإن قصدني الكامل كان فيّ له.

تقديم الأشرف الطاعة للمعظّم وفيها قدم الأشرف دمشق، وأطاع المعظّم، وسأله أن يسأل جلال الدّين أن يرحل عن خلاط، وكان قد أقام عليها أربعين يوماً، فبعث المعظّم، فرحل الخوارزميّ عن خلاط. وكان المعظّم يلبس خلعة الخوارزميّ، ويركب فرسه، وإذا حادث الأشرف، حلف برأس خوارزم شاه جلال الدّين، فيتألّم الأشرف.

 

قضاء القضاة ببغداد

سفر خال ابن الجوزي إلى الكامل في مصر وتوجّه خالي إلى الملك الكامل.

 

قضاء القضاة ببغداد

عصيان نائب كرمان على جلال الدّين وقال ابن الأثير: في جمادى الآخر جاء جلال الدّين الخبر أن نائبه بكرمان قد عصى عليه، وطمع في تملّك ناحيته؛ لاشتغال السّلطان بحرب الكرج وبعده، فسار السّلطان جلال الدّين يطوي الأرض إلى كرمان، وقدّم بين يديه رسولاً إلى متولّي كرمان بالخلع ليطمّنه، فلمّا جاءه الرسول، علم أنّ ذلك مكيدةٌ لخبرته بجلال الدّين، فتحوّل إلى قلعةٍ منيعةٍ، وتحصّن، وأرسل يقول: أنا العبد المملوك، ولمّا سمعت بمسيرك إلى البلاد أخليتها لك، ولو علمت أنّك تبقي عليّ؛ لحضرت إلى الخدمة. فلمّا عرف جلال الدّين، علم أنّه لا يمكنه أخذ ما بيده من الحصون، لأنّه يحتاج إلى تعبٍ وحصار، فنزل بقرب أصبهان، وأرسل إليه الخلع، وأقرّه على ولايته. فبينما هو كذلك، إذ وصل الخبر من تفليس بأنّ عسكر الأشرف الّذي بخلاط قد هزموا بعض عسكره فساق كعادته يطوي المراحل حتّى نازل مدينة منازكرد في آخر السّنة، ثمّ رحل من جمعته، فنازل خلاط، فقاتل أهلها قتالاً شديداً، ووصل عسكره إلى السور، وقتل خلق من الفريقين، ثمّ زحف ثانياً وثالثاً، وعظمت نكاية عسكره في أهل خلاط، ودخلوا الرّبض، وشرعوا في السّبي والنّهب، فلمّا رأى ذلك أهل خلاط تناخوا، وأخرجوهم، ثمّ أقام يحاصرها،

حتّى كثر البرد والثّلج، فرحل عندما بلغه إفساد التّركمان في بلاد أذربيجان، وجدّ في السّير، فلم يرعهم إلاّ والجيوش قد أحاطت بهم، فأخذتهم السّيوف، وكثر فيهم النّهب، والسّبي.

 

أخذ ملك الروم عدّة حصون لصاحب آمد

وفي شعبان سار علاء الدّين كيقباذ ملك الرّوم، فأخذ عدّة حصون للملك المسعود صاحب آمد.

 

موت ملك الأرمن

وفيها جمع البرنس صاحب أنطاكية جموعه، وقصد الأرمن، فمات ملك الأرمن قبل وصوله، ولم يخلف ولداً ذكراً، فملّك الأرمن بنته عليهم، وزوّجوها بابن البرنس، وسكن عندهم، ثمّ ندمت الأرمن، وخافوا أن تستولي الفرنج على قلاعهم وبلادهم، فقبضوا على ابن البرنس وسجنوه، فسار أبوه لحربهم، فلم يحصل له غرضٌ فرجع.

 

الأرنبة العجيبة

قال ابن الأثير: وفيها اصطاد صديقٌ لنا أرنباً ولها أنثيان وذكر، وله فرج أنثى، فلما شقّوا بطنه رأوا فيه جروين، سمعت هذا منه ومن جماعة كانوا معه، وقالوا: ما زلنا نسمع أن الأرنب تكون سنةً ذكراً، وسنّة أنثى، ولا نصدق، فلمّا رأينا هذا، علمنا أنّه قد حمل وهو أنثى، وانقضت السنة فصار ذكراً، ويحتمل أن يكون خنثى.

 

تحوّل بنت إلى رجل

قال ابن الأثير: وكنت بالجزيرة ولنا جارٌ له بنت، اسمها صفيّة، فبقيت كذلك نحو خمس عشرة سنة، وإذا قد طلع لها ذكر رجلٍ، ونبتت لحيته، فكان له فرج امرأة وذكر رجل.

 

غنم مرّ

قال: وفيها ذبح إنسانٌ بالموصل رأس غنم، فإذا لحمه ورأسه ومعلاقه مرّ شديد المرارة، وهذا شيء لم يسمع بمثله.

 

زلزلة الموصل وشهرزور

وفي ذي الحجّة زلزلت الموصل، وغيرها، وخرب أكثر شهرزور، ولا سيما القلعة، فإنّها أجحفت بها، وبقيت الزلزلة تتردّد عليهم نيفاً وثلاثين يوماً، وخرب أكثر قرى تلك الناحية.

 

انخساف القمر

وفي هذه السّنة انخسف القمر مرّتين.

برد ماء عين القيّارة

وفيها برد ماء عين القيّارة حتّى كان السّابح يجد البرد، فتركوها، وهي معروفةٌ بحرارة الماء، بحيث إنّ السّابح فيها يجد الكرب. وكان بردها في هذه السّنة من العجائب.

 

كثرة الحيوانات

وفيها كثرت الذّئاب، والخنازير، والحيّات، وقتل كثير منها.

 

القحط والجراد بالموصل

وفيها كان قحطٌ وجراد كثير بالموصل.

جاء بردٌ كبار أفسد الزّرع والمواشي، قيل: كان وزن البردة مائتي درهم، وقيل: رطلاً بالموصلي.

 

وفاة الظاهر بأمر الله

وفي رجب توفي أمير المؤمنين الظاهر بأملا الله وكانت خلافته تسعة أشهر ونصفاً.

 

بيعة المستنصر بالله

وبويع ابنه الأكبر أبو جعفر المستنصر بالله، فبايعه جميع إخوته وبنو عمّه.

قال ابن السّاعي: حضرت بيعته العامّة، فلمّا رفعت السّتارة، شاهدته وقد كمّل الله صورته ومعناه، وعمره إذ ذاك خمسٌ وثلاثون سنة، وكان أبيض مشرباً حمرة، وأزج الحاجبين، أدعج العينين، سهل الخدّين، أفننى، رحب الصدر، عليه قميص أبيض، وبقيار أبيض مسكّن، وعليه طرحة قصب بيضاء، ولم يزل جالساً إلى أن أذن الظهر ثم جلس كذلك يوم الأحد ويوم الإثنين، وأحضر بين يدي الشبّاك شمس الدّين أحمد ابن النّاقد، وقاضي القضاة أبو صالح الجيليّ، فرقيا المنبر، فقال الوزير مؤيّد الدّين القمّيّ لقاضي القضاة: أمير المؤمنين قد وكّل أبا الأزهر أحمد هذا وكالةً جامعة في كلّ ما يتجدّد من بيعٍ وإقرار وعتق وابتياع.

فقال القاضي: أهكذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: نعم، فقال القاضي: ولّيتني يا أمير المؤمنين ما ولاّني والدك رحمة الله عليه؟ فقال: نعم؛ وليتك ما ولاّك والدي. فنزلا، وأثبت القاضي الوكالة بعلمه.

 

رسليّة ابن الأثير

وفي شعبان قدم الصّاحب ضياء الدّين نصر الله ابن الأثير رسولاً عن صاحب الموصل بدر

الدّين، فأورد الرسالة وهذه نسختها: ما لّيل والنهار لا يعتذران وقد عظم حادثهما، وما للشمّس والقمر لا ينكسفان وقد فقد ثالثهما.

فـيا وحـشة الـدّنـيا وكـانـت أنـــيسةًووحدة مـن فـيهـا لـمـصـرع واحـد

وهو سيّدنا، ومولانا، الإمام الظّاهر أمير المؤمنين، الّذي جعلت ولايته رحمةً للعالمين، واختير من أرومة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ الّذي هو سيّد ولد آدم، ثمّ ذكر فصلاً.

قال ابن السّاعي: وخلعت الخلع، فبلغني أنّ عدّتها ثلاثة آلاف خلعة وخمسمائة ونيّف وسبعون خلعة، وركب الخليفة ظاهراً لصلاة الجمعة بجامع القصر،وركب ظاهراً يوم الإثنين الآتي في دجلة بأبّهة الخلافة، ثمّ ركب والنّاس كافّةً مشاة، ووراءه الشّمسة، والألوية المذهّبة، والقصع تضرب وراء السّلاحيّة، فقصد السرادق الّذي ضرب له، ونزله به ساعة، ثمّ ركب وعاد في طريقه.

 

كسر جلال الدّين للكرج

وفيها التقى جلال الدّين ملك الخوارزميّة الكرج، وكانوا في جمعٍ عظيم إلى الغاية، فكسرهم، وأمر عسكره، أن لا يبقوا على أحدٍ، فتتبّعوا المنهزمين، ولم يزالوا يستقصون في طلب الكرج إلى أن كادوا يفنونهم. ثمّ نازل تفليس وأخذها عنوةً؛ وكانت دار ملك الكرج، وقد أخذوها من المسلمين من سنة خمس عشرة وخمسمائة، وخرّبوا البلاد، وقهروا العباد، فاستأصلهم الله في هذا الوقت، "ولكلّ أجلٍ كتاب".

 

سنة أربع وعشرين وستّمائة

الوقعة بين جلال الدّين والتتار

فيها جرت وقعة بين جلال الدّين الخوارزميّ وبين التتارن وكان بتوزير فجاءه الخبر أنّ التّتار قد قصدوا إصبهان، فجمع عسكره، وتهيّأ للملتقى؛ لكون أولاده وحرمه فيها، فلمّا وصلها، وأزاح علل الجند بما احتاجوا، جرّد منهم أربعة آلاف صوب الريّ ودامغان يزكاً، فكانت الأخبار ترد من جهتهم وهم يتقهقرون، والتّتار يتقدّمون، إلى أن جاءه اليزك، وأخبروه بما في عسكر التّتار من الأبطال المذكورين مثل باجي نوين، وباقو نوين، وأسر طغان، ووصلت التّتار، فنزلوا شرقيّ إصبهان. وكان المنجّمون أشاروا على السلطان جلال الدين بمصابرتهم ثلاث أيام والتقائهم في الرابع فلزم على المكان مرتقب اليوم الموعود، وكان أمراؤه وجيشه قد

انزعجوا من التّتار، والسّلطان يتجلّد، ويظهر قوّة، ويشجّع أصحابه، ويسهل الخطب، ثمّ استحلفهم أن لا يهربوا، وحلف هو، وأحضر قاضي اصبهان ورئيسها وأمرهما بعرض الرّجّالة في السّلاح. فلمّا رأى التّتار تأخّر السّلطان عن الخروج إليهم، ظنّوا أنه امتلأ خوفاً، فجرّدوا ألفي فارس إلى الجبال يغارون ويجمعون ما يقوتهم مدّة الحصار، فدخلوا الجبال وتوسّطوها، فجهّز السّلطان وراءهم ثلاثة آلاف فارس، فأخذوا عليهم المضايق والمسالك، وواقعوهم، وقتلوا فيهم وأسروا.

ثمّ خرج في اليوم الموعود، وعبّى جيشه للمصافّ، فلمّا تراءى الجمعان، خذله أخوه غياث الدّين وفارقه بعسكره، فتبعه جهان بهلوان، لوحشةٍ حدثت له ذلك الوقت، وتغافل السّلطان عنه، ووقف التّتار كراديس متفرّقة مترادفة، فلمّا حاذاهم جلال الدّين أمر رجّالة إصبهان بالعود، ورأى عسكره كثيراً، وتباعد ما بين ميمنة السّلطان وميسرته حتّى لم تعرف الواحدة منهما ما حال الأخرى، فحملت ميمنته على ميسرة التّتار هزمتها، وفعلت ميسرته. فلمّا أمسى السّلطان، ورأى انهزام التّتار نزل، فأتاه أحد أمرائه وقال له: قد تمنّينا دهراً نرزق فيه يوماً نفرح فيه، فما حصل لنا مثل هذا اليوم وأنت جالسٌ، فلم يزل به حتّى ركب وعبر الجرف، وكان آخر النهار، فلمّا شاهد التّتار السّواد الأعظم، تجرّد جماعةٌ من شجعانهم، وكمنوا لهم، وخرجوا وقت المغرب على ميسرة السّلطان كالسّيل وحملوا حملةً واحدة، فزالت الأقدام، وانهزموا، وقتل من الأمراء ألب خان، وأرتق خان، وكوج خان، وبولق خان، وماج الفريقان، وحمي الوطيس واشتدّ القتال، وأسر علاء الدّولة آناخان صاحب يزد، ووقف السّلطان في القلب وقد تبدّد نظامه، وتفرّقت أعلامه، وأحاط به التّتار، وصار المخلص من شدّة الاختلاط أضيق من سمّ الخياط، ولم يبق معه إلاّ أربعة عشر نفساً من خواصّ مماليكه، فانهزم على حميّة، فطعن طعنة لولا الأجل، لهلك. ثمّ أفرج له الطريق، وخلص من المضيق، ثمّ إنّ القلب والميسرة تمزّقت في الأقطار، فمنهم من وقع إلى فارس، ومنهم من وصل كرمان، ومنهم من قصد تبريز.

وعادت الميمنة بعد يومين، فلم نسمع بمثله مصافاً لانهزام كلا الفريقين، وذلك في الثّاني والعشرين من رمضان. ثمّ لجأ السّلطان إلى إصبهان، وتحصّن بها، فلم تصل التّتار إليه، وحاصروا إصبهان، وردّوا إلى خراسان.

إنتقام جلال الدّين من الإسماعيليّة

قال ابن الأثير: وفي هذه السّنة قتل الإسماعيليّة أميراً كان جلال الدّين خوارزم شاه قد أقطعه مدينة كنجة، وكان نعم الأمير ينكر على جلال الدّين ما يفعله عسكره من النّهب والشّر، فعظم قتله على جلال الدّين واشتدّ عليه، فسار بعساكره إلى بلاد الإسماعيليّة من حدود الألموت إلى كردكوه بخراسان، فخرّب الجميع، وقتل أهلها، وسبى، ونهب، واسترقّ الأولاد، وقتل الرجال وكان قد عظم شرّهم، وزاد ضررهم، فكفّ عاديتهم، ولقّاهم الله بما عملوا بالمسلمين.

ثمّ يسار إلى التّتار وحاربهم وهزمهم، وقتل وأسر، ثمّ تجمّعوا له وقصدوه.

 

فتح خويّ ومرند

وفيها سارت عساكر الملك الأشرف مع الحاجب حسام الدّين عليّ إلى خويّ بمكاتبةٍ من أهلها، فافتتحها، ثمّ افتتح مرند، وقويت شوكته.

قال ابن الأثر: لو داموا لملكوا تلك النّاحية، إنّما عادوا إلى خلاط، واستصحبوا معهم زوجة جلال الدّين خوارزم شاه، وهي ابنة السّلطان طغريل بن أرسلان السّلجوقيّ، وكان قد تزوج بها بعد أزبك بن البهلوان، فأهملها، ولم يلتفت إليها، فخافته مع ما حرمته من الأمر والنّهي، وكاتبت الحسام عليّاً المذكور تطلبه لتسلّم إليه البلاد.

 

القضاة بدمشق

وكان بدمشق في سنة أربع: أربع قضاةٍ. شافعيّان وحنفيّان: الخوييّ قاضي القضاة، ونائبه نجم الدّين ابن خلف، وشرف الدّين عبد الوهّاب الحنفيّ، والعزيز ابن السنجاريّ.

 

شنق ابن السقلاطوني

وشنق ابن السّقلاطونيّ العدل نفسه بسبب مالٍ عليه للدّولة، طولب به، وكان عدلاً من نيّف وأربعين سنة من شهود شرف الدّين بن عصرون.

 

ترتيب مسند أحمد

وفيها أحضر البكريّ المحتسب، الجمال ابن الحافظ، والشّرف الإربلّيّ، والبرزاليّ، وقرّر معهم أن يرتّبوا مسند أحمد على الأبواب، وقرّر للجمال في الشّهر خمسين درهماً، وللآخرين ستّين درهماً، وبذل لهم الورق وأجرة النّسّاخ، فما أظنّه تمّ هذا.

 

مرض المعظّم وموته

ومرض الملك المعظّم، فتصدّق وأخرج المسجونين، وأعطى الأشراف ألف غرارة، وفرّقوا على الفقهاء والصّوفيّة وغيرهم ثمانين ألفاً وخمسمائة غرارة. وحلف من بالحضرة لولده النّاصر. واشترى ابن زويزان حصاناً أصفر للمعظّم بألف دينار مصريّة، وأحضرها، فأمر بالتصدّق بها بالمصلّى، فازدحم الخلق لذلك، فمات ثمانية أنفس. ثمّ مات المعظّم في آخر ذي القعدة عن تسعٍ وأربعين سنة. وأوصى أن يغسّله الحصيريّ. مات قبل صلاة الجمعة. ورمى ابنه الكلوتة والمماليك، ولطموا في الأسواق، وقرأ النّجيب في العزاء: "يا داود إنّا جعلناك خليفةً في الأرض" فضجّ النّاس.

 

قدوم رسول ملك الفرنج

وقال أبو شامة: فيها قدم رسول الأنبرور ملك الفرنج من البحر، على المعظّم - بعد اجتماعه بأخيه الكامل - يطلب البلاد الّتي فتحها السّلطان صلاح الدّين، فأغلظ له وقال: قل لصاحبك ما أنا مثل الغير، ما له عندي إلاّ السّيف.

 

الحجّ الشاميّ

وفيها حجّ بالشّاميّين شجاع الدّين عليّ ابن السّلاّر؛ وهي آخر إمرته على الركّب، وانقطع بعدها ركب الشّام مدّةً بسبب الفتن. وكان قد جاء من ميّافارقين سلطانها شهاب الدّين غازي ابن العادل، ليحجّ أيضاً.

قال أبو المظفر: كان ثقله على ستّمائة جمل، ومعه خمسون هجيناً عليها خمسون مملوكاً، وسار على الرّحبة وعانة وكبيسات إلى كربلاء إلى الكوفة. فبعث الخليفة له فرسين وبغلةً وألفي دينار، فلما عاد لم يصل الكوفة، بل صار غربيّ الطريق فكاد يهلك هو ومن معه عطشاً حتى وصل إلى حرّان.

وتوفّي الملك المعظّم وقام بعده ابنه النّاصر داود.

 

سنة خمس وعشرين وستّمائة

المنشور بولاية الناصر

في صفر جاء منشور الولاية من الملك الكامل لابن أخيه الملك النّاصر داود.

 

تحرّك الفرنج بالسواحل

وتحرّكت الفرنج وانبثّوا في السّواحل، لأنّ الهدنة فرغت.

غارة المسلمين على صور

وفيها أغار المسلمون على أعمال صور، وغنموا كثيراً من المواشي.

 

نزول الملك العزيز على بعلبك

وفيها نزل الملك العزيز عثمان ابن العادل على بعلبك ليأخذها من الملك الأمجد، فأرسل إليه النّاصر داود يأمره بالرّحيل عنها، فرحل، وقد حقد على النّاصر، فقاوا: إنّه كاتب الملك الكامل، وحثّه على قصد دمشق، وإنّها في يده. فقدم الكامل وانضاف إليه العزيز، وجاءه الملك المجاهد أسد الدين شيركوه من حمص، وكانت عنده ضغينة على المعظّم، لكونه نازل حمص وشعث ظاهرها. فاستنجد الملك النّاصر بعمّه الملك الأشرف، فجاء وأكرمه غاية الإكرام، ونزل بالنّيرب. وكان رسوله إلى الأشرف فخر الدّين ابن بصاقة.

ولمّا وصل الكامل إلى الغور، بلغه قدوم الأشرف، فرجع إلى غزّة، وقال: أنا ما خرجت على أن أقاتل أخي. فبلغ ذلك الأشرف، فقال لابن أخيه النّاصر: إنّ أخي قد رجع حردان، والمصلحة أنّني ألحقه وأسترضيه. فنزل الكامل غزّة، وأرسل إليه ملك الفرنج يطلب منه القدس، وقال: أنا قد حضرت أنجدك بمقتضى مراسلتك، ومعي عساكر عظيمة، فكيف أرجع بلا شيء؟ فأعطاه بعض القدس.

وسار الأشرف إلى الكامل واجتمع به في القدس، فكان نجدة على النّاصر لا له. واتّفق الأخوان على أخذ البلاد من النّاصر، وأنّ دمشق تكون للأشرف، وانضاف إليهما من عسكر النّاصر أخوهما الملك الصّالح إسماعيل، وابن عمّ النّاصر شهاب الدّين محمود ابن المغيث، وعزّ الدّين أيدمر، وكريم الدّين الخلاطيّ. وجاء المظفّر شهاب الدّين غازي ابن العادل، فاجتمع الكلّ بفلسطين.

وقد كان النّاصر خرج ليتلقّى عمّه الكامل، واعتقد أنّ الأشرف قد أصلح أمره عنده، فسار إلى الغور، فلمّا سمع باجتماع أعمامه عليه ليمسكوه رجع إلى دمشق فحصّنها، واستعدّ للحصار.

 

المشيخة والحسبة بدمشق

وفيها عزل الصّدر البكري عن مشيخة الشيوخ وعن حسبة دمشق؛ فولي المشيخة عماد الدّين ابن حمويه، والحسبة رشيد الدّين ابن الهادي.

 

نزول جلال الدّين على خلاط ثانية

وفيها نزل جلال الدّين ابن خوارزم شاه مرّة ثانية على خلاط، ثمّ هجم عليه الشّتاء، فترحّل إلى أذربيجان. وخرج الحاجب عليٌّ من خلاط فاستولى على خويّ وسلماس وتلك النّاحية، وساق فأخذ خزائن جلال الدّين وعائلته وعاد إلى خلاط، فقيل له: أيشٍ فعلت؟ تحرّشت به ليهلك البلاد فلم تفكر.

 

جري الكويز الساعي

وفيها جرى الكويز السّاعي من واسط إلى بغداد في يوم وليلة، ووصل إلى باب سور البصليّة قبل الغروب بساعة، ورزق قبولاً عظيماً، وأعطي خلعاً وأموالاً من الدّولة والتّجّار. ومن جملة ما حصل له نيّف وعشرون فرساً، وقماش بألفٍ وسبعمائة دينار، ومن الذهب خمسة آلاف وأربعمائة دينار، واسمه معتوق الموصليّ. ولازم خدمة الشّرابيّ. ذكر هذا ابن السّاعي.

 

تأسيس المستنصريّة

وفيها شرعوا في أساس المستنصريّة ببغداد، وكان مكانها إصطبلاتٌ وأبينةٌ، وتولّى عمارتها أستاذ دار الخلافة.

 

موقعة الريّ بين جلال الدّين والتتار

وفيها - وقيل: في التي قبلها كما تقدم بعبارةٍ أخرى - عادت التّتار إلى الريّ، وجرى بينهم وبين جلال الدّين حروبٌ. وكان هؤلاء التّتار قد سخط عليهم جنكزخان وأبعدهم، وطرد مقدّمهم، فقصد خراسان، فرآها خرباً، فقصد الريّ ليتغلّب على تلك النّواحي، فالتقى هو وجلال الدّين، فاقتتلوا قتالاً شديداً، ثمّ انهزم جلال الدّين، ثمّ عاود بمن انهزم، وقصد إصبهان، وأقام بينها وبين الريّ، وجمع جيشه، وأتاه ابن أتابك سعدٍ بعد وفاة والده. ثمّ عاد جلال الدّين، فضرب مع التّتار رأساً، فبينما هم مصطفّون انفرد غياث الدّين أخو السّلطان، وقصد ناحيةً، فظنّهم التّتار يريدون أن يأتوهم من ورائهم، فانهزموا، وتبعهم صاحب بلاد فارس.

وأمّا جلال الدّين، فإنّه لمّا رأى مفارقة أخيه له، ظنّ أنّ التّتر قد رجعوا خديعةً ليستدرجوه، فانهزم أيضاً، ولم يجسر أن يدخل إصبهان خوفاً من الحصار، فمضى إلى شبرم.

وأمّا صاحب فارس، فلمّا ساق وراء التّتار، وأبعد ولم ير جلال الدّين، خاف وردّ عن التّتار، ورأى التّتر أنّه لا يطلبهم أحدٌ فوقفوا، وردّوا إلى إصبهان وحاصروها، وظنّوا أنّ جلال الدّين قد عدم، فبينما هم كذلك، إذ وصل إليهم قاصدٌ من جلال الدّين يعرّفهم بأنّه سالم، وأنّه يجمع،

وينجد أهل إصبهان، ففرح أهل البلد، وقويت نفوسهم، وفيهم شجاعة طبعيّة، فقدم عليهم، ودخل إليهم، ثمّ خرج بهم، فالتقوا التّتار، فانهزم التّتار أقبح هزيمةٍ، فساق جلال الدّين وراءهم إلى الريّ قتلاً وأسراً، وأقام بالريّ، فأتته رسل ابن جنكزخان يقول: إنّ هؤلاء ليسوا من أصحابي، وإنّما نحن أبعدناهم، فاطمأن جلال الدّين من جانب ابن جنكزخان، وعاد إلى أذربيجان.

وأمّا غياث الدّين أخوه، فقصد خوزستان، فلم يمكّنه نائب الخليفة من دخولها، فقصد بلاد الإسماعيليّة، والتجأ إليهم، واستجار بهم. فقصد جلال الدّين بلاد الإسماعيليّة لينهبها إن لم يسلموا إليه أخاه، فأرسل مقدّمهم يقول: لا يجوز لنا أن نسلّمه إليك، لكن نحن ننزله عندنا، ولا نمكّنه أن يقصد شيئاً من بلادك، والضّمان علينا. فأجابهم إلى ذلك، وعاد فنازل خلاط.

 

تملّك كيقباذ مدينة أرزن

وفيها تملّك علاء الدّين كيقباذ صاحب الروم مدينة أرزنكان، وكان صاحبها بهرام شاه قد طال ملكه لها، وجاز ستّين سنةً، فمات، ولم يزل في طاعة قلج أرسلان وأولاده، فملك بعده ولده علاء الدّين داود شاه، فأرسل إليه كيقباذ يطلب منه عسكراً ليسير معه إلى مدينة أرزن الروم، ليحاصرها، وأن يكون معهم، فأتاه في عسكره، فقبض عليه، وأخذ بلده. وكان له حصن كماخ، وله فيه والٍ، فتهدّده إن لم يسلّم الحصن أيضاً، فأرسل إلى نائبه، استنجد بالأمير حسام الدّين عليّ الحاجب نائب الملك الأشرف على خلاط. فسار الحسام ونجده، فردّ كيقباذ لذلك؛ ولأنّ العدوّ أخدوا له حصن صمصون وهو مطلٌّ على البحر وعاصٍ، فأتاه واستعاده منهم، ثمّ أتى أنطاكية يشتّي بها.

 

ظهور محضر للعناكيّين

وفيها ظهر محضر للعناكيّين أثبت على نجم الدّين مهنّا قاضي المدينة أنّ حكّام بن حكم بن يوسف بن جعفر بن إبراهيم بن محمد الممدوح بن عبد الله الجواد بن جعفر الطّيّار سكن بقريةٍ بالشّام تعرف بالأعناك، وأولد بها، وعقبه بها، وبالشّام، ومن نسله فلان، وساق نسبه إلى الأحكام.

 

تدريس المسمارية

وتقرّر بالمسماريّة بنو المنجّا للتدريس بحكم أنّ نظرها إليهم.

تقييد الفتوى

وتقدم الخويّي إلى المفتين بأن لا يكتبوا فتوى إلاّ بإذنه.

 

طلوع الفرنج إلى صيدا

وفيها طلع الفرنج من البحر وعكّا إلى صيدا؛ وكانت مناصفةً لهم وللمسلمين، فاستولوا عليها وحصّنوها، وتمّ لهم ذلك، وقويت شوكتهم، وجاءهم الأنبرور ملك الألمان ومعناه: ملك الأمراء؛ وكان قبيل مجيئه قد استولى على قبرص، وقدم عكّة، وارتاع المسلمون لذلك. وقدم الكامل كما مرّ من مصر، وأقام على تلّ العجول، ثمّ كاتب الأنبرور، واتّفق معه على النّاصر داود ابن المعظّم، ونشب الكامل بالكلام، ولم تكن عساكر الأنبرور وصلت إليه من البحر، وخافه المسلمون، وملوك الفرنج بالسّاحل، فكاتبوا الكامل إذا حصل مصافّ نمسك الأنبرور، فسيّر إلى الأنبرور كتبهم، وأوقفه عليها، فعرف الأنبرور ذلك للكامل، وأجابه إلى كلّ ما يريد، وقدمت رسله على الكامل يتشكّر لما أولاه، وتردّدت بينهم المراسلات.

وسيّر الأنبرور إلى الكامل يتلطّف معه، ويقول: أنا عتيقك وأسيرك، وأنت تعلم أنّي أكبر ملوك البحر، وأنت كاتبتني بالمجيء، وقد علم البابا وسائر ملوك البحر باهتمامي وطلوعي، فإن أنا رجعت خائباً، انكسرت حرمتي بينهم، وهذه القدس فهي أصل اعتقادهم وحجّهم؛ والمسلمون قد أخربوها، وليس لها دخلٌ طائل، فإن رأى السّلطان - أعزّه الله - أن ينعم عليّ بقصبة البلد، والزيادة تكون صدقة منه، وترتفع رأسي بين الملوك، وإن شاء السّلطان أن يكشف عن محصولها، وأحمل أنا مقداره إلى خزانته فعلت. فلما سمع الكامل ذلك، مالت نفسه وجاوبه أجوبةً مغلّظة، والمعنى فيها نعم.

 

خلعة الزعامة

أنبأني ابن البزوريّ، قال: وفي المحرّم منها استدعي الأمير علاء الدّين الدّويدار الظاهريّ أبو شجاع ألطبرس، وخلعت عليه خلعة الزّعامة وهي: قباء أطلس نفطيّ، وشربوش كبير، وفرس بعدّة كاملة، وألحق بالزّعماء.

 

رسول جلال الدّين

قال: وفيها وصل قاضي الرّيّ رسولاً من عند جلال الدّين منكوبريّ بن خوارزم شاه.

 

العقد على ابنة صاحب الموصل

وفيها عقد عقد علاء الدّين الدّويدار المذكور على ابنة بدر الدّين صاحب الموصل، على صداقٍ مبلغه عشرون ألف دينار.

 

قدوم الحجّاج إلى بغداد

وفيها قدم بغداد من الحجّاج أخت السلطان صلاح الدين يوسف، زوجة مظفّر الدّين صاحب إربل، وابن أخيها الملك المحسن أحمد، فخلع على المحسن.

 

قدوم الحجّاج على الدّويدار

وفي رمضان خلع على علاء الدّين الدّويدار خلعة عظيمة، وأعطي تسعة أحمال كوسات.

 

تغلّب ابن هود على الأندلس

وفيها تغلّب ابن هود على معظم الأندلس، فكان ملكه تسعة أعوام.

 

سنة ستّ وعشرين وستّمائة

دخول الفرنج بيت المقدس

في ربيع الأوّل أخلى الكامل البيت المقدّس من المسلمين، وسلّمه إلى الأنبرور، وصالحه على ذلك، وعلى تسليم جملةٍ من القرى فدخلته الفرنج مع الأنبرور. وكانت هذه من الوصمات الّتي دخلت على المسلمين، وتوغّرت القلوب على الكامل - فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

 

حصار الكامل دمشق

ثمّ أتبعها بحصار دمشق وأذّية المسلمين، فنزل جيشه على الجسورة، وقطعوا عن دمشق باناس والقنوات، ثمّ قطعوا يزيد وثورا، ونهبوا البساتين، وأحرقوا الجواسق.

ثمّ جرت بين عسكر النّاصر داود، وبين عسكر عمّه الكامل وقعاتٌ، وقتل جماعةٌ وجرح جماعة، وأخربت حواضر البلد. فلمّا كان يوم رابع جمادى الأولى وقعت بينهم وقعةٌ عظيمة.

قال أبو شامة: قتل فيها خلق كثير، ونهب قصر حجّاج الشّاغور، وأطلق فيها النّيران، وتسلّموا حصن عزّتا صلحاً مع متولّيه.

 

دخول الكامل دمشق

وفي تاسع جمادى الآخرة وصل الكامل، فنزل عند مسجد القدم، فأنفذ النّاصر إليه جماعة من الكبراء: الدّولعيّ، والقاضي، شمس الدّين الخويّيّ، والقاضي شمس الدّين ابن الشّيرازيّ، والشّيخ جمال الدّين الحصيريّ، نيابةً عنه في السّلامة والخدمة. ثمّ خرج من الغدّ عزّ الدّين

أيبك أستاذ الدّار باستدعاءٍ من الكامل فتحدّثا في الصّلح، فلمّا كان يوم منتصف الشهر، كان بينهم وقعةٌ تلقاء باب الحديد في الميدان، وانتصر الدّمشقيّون. ثمّ أصبح من الغد النّهب والحريق بظاهر باب توما، وبدّعوا في الغوطة، وخرّبوها، وغلت الأسعار، وصار اللّحم بستّة دراهم، والجبن بستّة دراهم أيضاً. واشتدّ الحصار، ثمّ إنّهم زحفوا على دمشق من عربيّها مراراً، وتكون الكرّة عليهم، واتّخذوا مسجد خاتون، ومسجد الشّيخ إسماعيل، وخانقاه الطّاحون، وجوسق الميدان، حصوناً وظهراً لهم. وأحرق النّاصر لأجل ذلك مدرسة أسد الدّين، وخانقاه خاتون، وخانقاه الطّواويس، وتلك الخانات. وجرت أمور.

ثم زحفوا في تاسع رجب إلى أن قاربوا باب الحديد، ثمّ كان انتظام الصّلح في أوّل شعبان، وذلك أنّ الملك النّاصر داود خرج ليلة رابع عشر رجب إلى الكامل واجتمع به، ثمّ اجتمع به مرّات، وتقرّر الصّلح؛ أنّ النّاصر رضي بالكرك ونابلس وبعض الغور والبلقاء. ثمّ دخل الملك الكامل القلعة، ونزل إلى قبّة والده، ووجّه العسكر، فنازلوا حماة، وحاصروها.

وفي أواخر شعبان سلّم الكامل دمشق لأخيه الملك الأشرف، وأعطاه الأشرف عوضها حرّان والرّها، ورأس عين والرّقة، ثمّ توجّه إلى الشّرق ليتسلّم هذه البلاد، فسار في تاسع رمضان فلمّا نزل على حماة، خرج إلى خدمته صاحبها صلاح الدّين قلج أرسلان ابن الملك المنصور محمد بن عمر، وسلّم إلى الكامل حماة، فأعطاها لأخي صاحبها لكونه أكبر سنّاً؛ ولأنّ العهد من أبيه كان إليه. ثمّ سار إلى حرّان، ونزل عسكره على بعلبك؛ وجاء إليها الأشرف من دمشق؛ فحاصر الملك الأمجد؛ ثمّ تسلّموا البلد، وبقي الحصار على القلعة، ورجع الأشرف.

 

الاشتغال بعلوم الأوائل

قال أبو شامة: وكان في آخر دولة المعظّم قد كثر الاشتغال بعلوم الأوائل، فأخمده الله بدولة الملك الأشرف.

 

خروج الأمجد من بعلبكّ

قال أبو المظفّر: بعث الأشرف أخاه الملك الصّالح إسماعيل، فحاصر بعلبكّ، وضربها بالمجانيق، وضايقها؛ ثمّ توجّه إليها الأشرف، فدخل ابن مرزوق بينه وبين صاحبها الملك الأمجد، فأخذت منه، وجاء إلى دمشق، فأقام بداره.

 

حصار جلال الدين خلاط

وفيها نازل جلال الدّين خلاط وضايقها بأوباشه، فأغاروا، ونهبوا، وهجموا حينة، وقتلوا أهلها قتلاً ذريعاً، والكامل على حرّان، فأقام اليزك على الطّرق خوفاً من هجمتهم، وتوجّهت طائفةٌ منهم إلى ميّافارقين، فالتقاهم المظفّر غازي، فكسر وجرح، وهو أشجع أولاد العادل.

ولم يزل جلال الدّين يجدّ في حصار خلاط حتّى افتتحها في آخر العام.

 

سنة سبع وعشرين وستّمائة

كسرة الخوارزمية أمام الأشرف

قال أبو شامة: أخذت بعلبكّ من الأمجد في ربيع الآخر، ورحل الأشرف إلى الشرق واستعمل على دمشق أخاه إسماعيل، فلمّا كان في شوّال جاءنا الخبر: بأنّ السّلطان الملك الأشرف التقى الخوارزميّ - يعني جلال الدّين - وأنّ الأشرف كسره في أواخر رمضان. وقد كان الخوارزميّ استولى على خلاط، وأخذها من نوّاب الأشرف بعد أن أكلوا الجيف والكلاب، وزاد فيهم الوباء، وثبتوا ثباتاً لم يسمع بمثله، لعلمهم بجور خوارزم شاه، ولم يقدر عليها إلاّ بمخامرة إسماعيل الإيوانيّ، تدنّى إليه، واستوثق منه، ثمّ أطلع الخوارزميّة بالجبال ليلاً، واستباحوها، فإنّا لله. فسار الأشرف لحربه، واتّفق هو وصاحب الرّوم على لقائه، فكسرا الخوارزميّة، وقع منهم خلقٌ في وادٍ، فهلكوا ونهبوا، وتتبّعوا أيّاماً، وضربت البشائر في البلاد.

 

إنكسار الخوارزميّ في رواية سبط ابن الجوزيّ

وقال أبو المظفّر ابن الجوزيّ: أخذ خوارزم شاه جلال الدّين مدينة خلاط في جمادى الأولى بعد حصار عشرة أشهر، وكان فيها مجير الدّين ابن العادل؛ وأخوه تقيّ الدّين؛ وزوجة الأشرف بنت ملك الكرج، فأسرهم جلال الدّين. فأرسل صاحب الروم إلى الأشرف يأمره بالمسير، فإنّه ينجده، فشاور أخاه الملك الكامل فقال: نعم مصلحة، فجمع جيشه وسار إلى صاحب الروم، وكان معه أخواه شهاب الدّين غازي، والملك العزيز عثمان، وابن أخيه الملك الجواد. وجمع ملك الروم جيوشه أيضاً واجتمعا، والتقاهم الخوارزميّ؛ فانكسر كسرةً عظيمة، وأخذ الأشرف خلاط، وأرسل إلى الخوارزميّ يطلب إخوته، فأرسلهم ولم يرسل المرأة.

قال عبد اللّطيف بن يوسف: كسر الله الخوارزميّين بأخفّ مؤنة بأمرٍ لم يكن في الحساب، فسبحان من هدم ذاك الجبل الراسي في لمحة ناظرٍ.

 

رجوع رسل الخليفة

وفيها رجعت رسل الخليفة من عند جلال الدّين منكوبريّ ملك الخوارزميّة، وخلع على رسوله الّذي قدم معهم.

 

الخطبة للمستنصر بالله في المغرب

وفيها خرج الموكب الشّريف لتلقّي رسول الملك محمد بن يوسف بن هود المغربيّ؛ صحبة رسول الملك الكامل زعيم مصر، فأخبر أنّ ابن هود استولى على أكثر بلاد المغرب التي بيد بني عبد المؤمن، وأنّه خطب بها للمستنصر بالله، فحمد فعله، وكتب له منشور متضمّنٌ شكر همّته العالية.

 

تسيير ملابس الفتوّة للخوارزميّ

وفيها سيّر جلال الدّين الخوارزميّ إلى المستنصر، وطلب منه سراويل الفتوّة ليتشرّف بذلك؛ فسيّره إليه مع تحفٍ ونعم لا تحصى، وفرس النّوبة، ففرح بذلك وسرّ وقبّل الأرض مرّات.

 

الخطبة للمستنصر بالله في تلمسان

وفيها ملك المايرقي تلمسان، وخطب فيها للمستنصر بالله.

 

رواية الموّفق البغدادي عن كسرة الخوارزميّة

وأمّا أمر الخوارزميّة وكسرتهم، قال الموفّق: فتح بعض الأمراء باب خلاط للخوارزميّة في جمادى الآخرة، لا ركوناً إلى دينهم ويمينهم، بل إيثاراً للموت على شدّة القحط، فدخلوا، وقتلوا، وسبوا، واستحلّوا سائر المحرّمات، ودخلوا نصف اللّيل فبقوا كذلك إلى آخر صبيحته، ثمّ رفعوا السّيف، وشرعوا في المصادرات والعذاب. وكانوا يتعمّدون الفقهاء والأخيار بالقتل والتّعذيب أكثر من غيرهم.

وأمّا الكامل، فانصرف إلى مصر بغتةً، فضعف النّاس، وأيقنوا أنّ الخوارزميّ إنّ ملك الشّام والرّوم عفى آثارها وأباد سكانها.

ثمّ اصطلح الأشرف وعلاء الدّين صاحب الرّوم صلحاً تامّاً بعد عداوةٍ أكيدة، وجيّشوا الجيوش، والقلوب مع ذلك مشحونةٌ خوفاً، ولم يزل على وجلٍ مفرط من التقاء الجيشين، حتّى أتاح الله كسرة الخوارزميّين بأهون مؤنة.

فقرأت في كتاب بعض الأجناد: إنّا رحلنا من سيواس، وطلبنا منزلةً يقال لها ياصي جمان في طرف أعمال أرزنجان، إذ بها عشب ومياه؛ فلمّا سمع العدوّ بمجيء العسكرين، ساق سوقاً

حثيثاً في ثلاثة أيّام، ونزل المرج المذكور وبه جماعة من عسكر، فكبسهم بكرة الرابع والعشرين من رمضان، وضرب الأشرف المصافّ مع الخوارزميّ، وقامت الحرب على ساقٍ إلى قرب الظهر، ثمّ نصر الله، وكسر العدوّ شرّ كسرة. وكان معه خلق لا يحصون.

والمصافّ في اليوم التّاسع والعشرين من رمضان.

قال الموفّق:ثمّ تواصل النّاس ومعهم السّبي والأخايذ من المماليك والدّوابّ والأسلحة، والكلّ رديء، يباع الجوشن بثلاثة دراهم، والفرس هناك بخمسة دراهم، وفي حلب بعشرين درهماً وثلاثين في غاية الرداءة. وكذا قسيّهم وسائر أسلحتهم. ووصل منهم أسرى فيهم رجل، حكى لمن أنس به من الفقهاء العجم، قال: إنّ صاحبنا دهش وتحيّر لما شارف عسكر الشّام، فلمّا رأيناه كذلك، انقطعت قلوبنا، ولولا عسكر الشّام، أبدنا عسكر الروم، أنا بنفسي قتلت منهم خمسين فارساً.

وحكى نسيب لنا جنديٌّ، قال: وصلنا إلى مرج ياصي جمان، ونحن متوجّهون إلى خلاط على أنّ العدوّ بها، فإذا بعسكر الخوارزميّ محيطٌ بنا، فوقع على طائفة من عسكر الرّوم، فقتل منهم مائتين، ونهب، وأسر. ثمّ من الغد وقع جيش الخوارزميّ على عسكر الروم ونحن نرى الغبرة، فأباد فيهم قتلاً وأسراً. وقد كثر القول بأنّهم قتلوا من عسكر الروم سبعة آلاف من خيارهم، وقيل: أكثر وأقلّ.

وقال لي رجل من أهل أرزنجان: إنّ جميع عسكر الروم كان بها، وعدّتهم اثنا عشر ألفاً، فلم يخلص منهم إلاّ جريحٌ، أو هارب توقّل الجبل، وإنّ صاحب الرّوم بقي في ضعفة من أصحابه نحو خمسة آلاف، وأصبحنا يوم الخميس على تعبئة، ووقعت مناوشات. فكان أصحابنا أبداً يربحون عليهم، وعرفنا قتالهم، ونشّابهم، وضعف خيلهم، وقلّة فروسيتهم، فتبدّل خوفنا منهم بالطّمع، واحتقرناهم، وتعجّبنا كيف غلب هؤلاء أمماً كثيرين؟ وبتنا ليلة الجمعة على تعبئة، وكان الرجل قد عزم على الهرب، ففرّ إليه مملوكان، فشجّعاه، فثبت لشقاوته. وأصبح النّاس، ففرّ من عنده اثنان إلى الملك الأشرف؛ فسألهما عن عدّة أصحابهم، قالا: هم ثلاثون ألفاً. وبقي الأشرف يجول بين الصّفوف، ويشجع النّاس، ويحقر العدوّ. وأصبح النّاس يوم السّبت على تعبئةٍ تامّةٍ، فسأل الأشرف المملوكين عن موضع الخوارزميّ، قالا: هو على ذلك التّلّ، وشعره في كيس أطلس، وعلى رأس كتفه برجمٌ صغير مخيّط بقبائه، فحمل طائفة من الخوارزميّة

على عسكر الرّوم؛ فثبتوا، فتقدّم الأشرف إلى سابق الدّين ومعه من عسكر مصر ألف وخمسمائة فارس، وإلى عسكر حمص وحلب وحماة، فانتقى ألف فارس، وندب بعض أمراء العرب في ألف فارسٍ من العرب، فحملوا على التّلّ الّذي عليه الخوارزميّ، فلمّا عاين الموت الأحمر مقبلاً، انهزم، فلمّا رأى جيشه فراره انهزموا. وأمّا الّذين حملوا على عسكر الرّوم، فبقوا في الوسط، فلم يفلت منهم أحد. ثمّ إنّ الخوارزميّين لشدّة رعبهم لم يقدروا على الهرب، ولم يهتدوا سبيلاً، وأكثرهم نزلوا عن خيولهم، وانجحروا في بطون الأودية والبيوت الخربة، فتحكّم فيهم الفلاّحون والغلمان، وقتلهم أضعف النّاس. وانحرف منهم ثلاثة آلاف على بلاد جانيت، فخرج إليهم فلاّحو الرّوم والنّصارى فقتلوهم عن آخرهم. وفلّق الخوارزميّ عند هربه نحو مائتي حصان، ووصل خلاط في سبعة أنفس، فأخذ حرمه وما خفّ من الأموال، واجتاز على منازجرد وكانت محصورة بوزيره، ووصل جائعاً فأطعمه وزيره. ثمّ دخل أذربيجان بالخزي والصّغار، فصادر أهل خويّ، ومات منهم جماعة تحت العقوبة.

وأمّا الأشرف فلو ساق بعسكره وءاهم لأتى عليهم قتلاً وأسراً. وتسلّم أرزن الرّوم، وسلّمها إلى علاء الدّين كيقباذ، فأخذ ملكاً خيراً من جميع مملكته.

وأمّا صاحبها ابن مغيث الدّين ابن عمّ علاء الدّين فإنّه رمي بالخذلان، والتجأ إلى كهفٍ حتّى أخذوه أخذ النّساء. ثمّ نزل الأشرف على منازجرد، وصمّم على أن يدخل وراء الخوارزميّ، وأقام شهوراً، ثمّ تراسلا في الصّلح، فاصطلحا على ما يؤثر الملك الأشرف. فرجع وفرّق العسكر، وأمنت خلاط وشرعت تعمر.

وحكى أميرٌ قال: حملنا على الخوارزميّ فوقع عسكره في وادٍ وهلكوا، زحمناهم على سفح يفضي إلى وادٍ عميق، فتكردسوا بخيولهم، فتقطّعوا إرباً إرباً. وأشرفنا على الوادي ثاني يوم فرأيناه مملوءاً بالهلكى لو نجد فيهم حيّاً إلاّ خادم الخوارزميّ مكسور الرّجل، وأقمنا أيّاماً نقلّب القتلى لعلّ أن يكون فيهم جلال الدّين الخوارزميّ. وأسر خلق من خواصّه وأعلامه وسناجقه.

وذكروا أنّ العرب أخذوا من خيمته باطية ذهبٍ وزنها خمسةٌ وعشرون رطلاً، فنفلهم إيّاها الملك الأشرف.

والعجب أنّ هذه الوقعة لم يقتل فيها من عسكر الشّام أحد، ولا جرح فرس إلاّ رجل من عسكر حمص جرح بسهم. وزالت هيبة الخوارزميّة من القلوب، وزال سعدهم.

سنة ثمان وعشرين وستّمائة

ذكر أحدادث في المغرب

في رجب وصل رجل من المغرب وأخبر أنّ بعض بني عبد المؤمن صعد الجبل، وجمع من أمم البربر نحو مائتي ألف، ونزل بهم، وهاجم مرّاكش وقتل عمّه، وكان قد ولي الأمر دونه، وقتل من أصحابه نحواً من خمسة عشر ألفاً. وسيّر إلى الأندلس يهدّد ابن هود، فأطاعه بشرط أن لا يكون عنده أحد من الموحّدين إلاّ إذا احتاج إليهم للغزاة.

 

إضمحلال أمر الخوارزميّ

وفي رجب وصل قزوينيّ إلى الشّام فأخبر أنّ التّتر خرجوا إلى الخوارزميّ، وأنّهم كسروه أقبح كسرة. وأنّ الكفّار الّذين كانوا في جملة عسكره غدروا به، وعادوا إلى أصحابهم، وأنّ المجمّعة كلّهم تفرّقوا عنه، وبقي في ضعفةٍ من أصحابه وهم قليلون لا سبدٌ لهم ولا لبد، وهكذا كلّ ملك يؤسّس على الظّلم يكون سريع الهدم.

وقال ابن الأثر - وهذه السّنة هي آخر كتابه - قال: في أوّلها وصل التّتار من بلاد ما وراء النّهر، وقد كانوا يعبرون كلّ قليل، ينهبون ما يرونه، فالبلاد خاوية على عروشها. فلمّا انهزم جلال الدّين خوارزم شاه في العام الماضي أرسل مقدّم الإسماعيليّة يعرّف التّتار ضعف جلال الدّين، فبادرت طائفة وقصدوا أذربيجان، فلم يقدم جلال الدّين على لقائهم، فملكوا مراغة وعاثوا بأذربيجان، فسار هو إلى آمد، وتفرّق جنده، فبيّته التّتار ليلةً، فنجا وتفرّق أصحابه في كلّ وجه. فقصد طائفةٌ منهم حرّان، فأوقع بهم الأمير صواب، مقدّم الملك الكامل بحرّان، وقصد طائفة منهم سنجار والموصل وغير ذلك. وتخطّفتهم الملوك والرّعيّة، وطمع فيهم كلّ أحدٍ حتّى الفلاّحون والأكراد، وانتقم الله منهم.

ودخل التّتار ديار بكر في طلب جلال الدّين، لا يعلمون أين سلك؟ فسبحان من بدّل عزّهم ذلاًّ، وكثرتهم قلّة، وأخذت التّتار أسعرد بالأمان، ثمّ غدروا بهم، وبذلوا فيهم السّيف. ثمّ ساروا إلى مدينة طنزة، ففعلوا فيها كذلك. ثمّ ساروا في البلاد يخرّبونها إلى أن وصلوا إلى ماردين، وإلى نصيبين، إلى أن قال: وخرجت هذه السّنة ولم يتحقّق لجلال الدّين خبر، ولا يعلم هل قتل؟ أو اختفى؟ والله أعلم.

 

الاحتفال بقدوم صاحب إربل في بغداد

قلت: وفي المحرّم وصل الملك مظفّر الدّين صاحب إربل إلى بغداد، واحتفل بقدومه، وجلس المستنصر بالله له، وحضر أرباب الدولة كلّهم، ورفع السّتر عن الشّبّاك، فإذا المستنصر جالس، فقبّل الجميع الأرص. ورقي نائب الوزارة مؤيّد الدّين، وأستاذ الدّار مراقي من الكرسيّ المنصوب بين يدي الشّبّاك. واستدعي مظفّر الدّين، فطلع، وأشار بيده بالسّلام على المستنصر، ثمّ قرا: "اليوم أكملت لكم دينكم" الآية، فردّ المستنصر عليه السّلام، فقبّل الأرض عدّة مرار، فقال له: إنّك اليوم لدينا مكينٌ أمين، في كلام مضمونه: ثبت عندنا إخلاصك في العبوديّة. فقبّل الأرض، وأذن له في الانكفاء، وأسبلت الأستار، وأدخل حجرة، فخلع عليه فرجيّة ممزج، ومن تحتها قباء أطلس أسود، وعمامة قصب كحليّة بطرز ذهب وقلّد سيفين محلاّيين بالذّهب، وأمطي فرساً بسرج ذهبٍ، وكنبوش ومشدّة حرير، ورفع وراءه سنجقان مذهّبان. ثمّ اجتمع بالخليفة يوماً آخر، وخلع عليه أيضاً، وأعطي رايات وكوسات وستّين ألف دينار، وخلع على جماعة من أصحابه.

 

إمام مشهد أبي بكر

وفيها جدّد لمشهد أبي بكر من جامع دمشق إمامٌ راتب.

 

الغلاء بمصر

وفيها كان الغلاء بمصر لنقص النّيل.

 

حبس الحريري

وفيها قدم الملك الأشرف دمشق، وحبس الحريريّ بقلعة عزّتا، وأفتى جماعةٌ بقتله وزندقته، فأحجم السّلطان عن القتل.

 

الشروع ببناء الدار الأشرفية

وأمر السّلطان بشراء دار الأمير قمياز النّجميّ، لتعمل دار حديث، فهي الدّار الأشرفية، وأن يكون للشيخ سبعون درهماً، وهو الجمال أبو موسى ابن الحافظ، فمات أبو موسى قبل أن يكمل بناؤها.

 

التدريس بالتقوية والشامية الجوّانية

وفيها درّس بالتّقويّة العماد الحرستانيّ، وبالشّاميّة الجوّانيّة ابن الصّلاح. وحضر الملك الصّالح الدّرس؛ وتكلّموا في هذه المدرسة، وأرادوا إبطالها، وقالوا: هي وقف على الحنفيّة، وعملوا

محضراً أن سودكين المعروفة به أوّلاً وقفها على الحنفيّة، وشهد ثلاثة بذلك بالاستفاضة، فلم ينهض بذلك.

 

صلب التكريتي الكحّال

وفيها صلب التّاج التّكريتيّ الكحّال؛ لأنّه قتل جماعةً ختلاً في بيته، ودفنهم، ففاحت الرائحة، وعدمت امرأةٌ عنده، فصلب، وسمّروه.

 

التدريس بالصاحبية

ودرّس بالصّاحبيّة - مدرسة ربيعة خاتون - النّاصح ابن الحنبليّ، وكان يوماً مشهوداً، حضرت الواقفة وراء السّتر.

 

سنة تسع وعشرين وستّمائة

خروج العسكر للتصدّي للتّتار

فيها أنهي إلى الديوان العزيز أنّ التتر قصدوا أذربيجان وعاثوا بها، لأنّ صاحبها جلال الدّين ابن خوارزم شاه قتل؛ قتله كرديّ بحربةٍ؛ وكان قد انهزم من التّتار لمّا بيّتوه، وساقوا وراءه حتّى بقي وحده، وقتل فارسين من التّتار، وأفسدوا، ووصلوا إلى شهرزور. فبذل المستنصر بالله الأموال في الجيوش، وسأل مظفّر الدّين صاحب إربل إعانته بجيش بغداد ليلتقي التّتار، فجاءته العساكر مع جمال الدّين قشتمر النّاصريّ، وشمس الدّين قيران، وعلاء الدّين ألدكز، وفلك الدّين، وسار الكلّ نحو شهرزور. فبلغ ذلك التّتار، فهربوا. وتمرّض مظفّر الدّين، وعاد إلى بلده.

 

القبض على نائب الوزارة القمّي

وفي شوّال تقدّم إلى أستاذ دار الخلافة شمس الدين أبي الأزهر أحمد بن محمد بن النّاقد، وإلى مؤيّد الدّين أبي طالب محمد بن أحمد بن العلقميّ مشرف دار التّشريفات، بالقبض على نائب الوزارة القمّيّ، وعلى ولده فخر الدّين أحمد، وعلى أخيه وأصحابه، فهيّئ جماعةٌ بسيوفٍ مجرّدةٍ، ودخلوا دار الوزارة، وقبضوا على مؤيّد الدّين القمّيّ، ثمّ على ولده وأخيه، وحبسوا.

وكانت مدّة ولايته الوزارة بصورة النّيابة - لا الوزارة المحضة - ثلاثاً وعشرين سنةً. ثمّ ولي نيابة الوزارة ابن النّاقد المذكور، ثمّ ولي الأستاذ داريّة مؤيّد الدّين ابن العلقميّ الرّافضيّ.

 

سنة ثلاثين وستّمائة

فتح الكامل مدينة آمد

فيها افتتح الملك الكامل ثغر آمد بعد أن ضربها بالمجانيق، فسلّمها صاحبها الملك المسعود مودود ابن الصّالح الأتابكيّ، وخرج وفي رقبته منديلٌ مرسوم عليه، واستولى على أمواله وقلاعه، وبقي حصن كيفا عاصياً، فسيّر أخويه الأشرف والمظفّر غازياً، ومعهما المسعود تحت الحوطة، فعذّبه الأشرف عذاباً عظيماً، لكونه لم يسلّم حصن كيفا، ولأنّه كان يبغضه.

قال أبو المظفّر ابن الجوزيّ فقال لي الملك الأشرف: وجدنا في قصره خمسمائة حرّةٍ من بنات النّاس للفراش. ثمّ سلّمت القلعة في صفر، وعاد الأشرف إلى دمشق.

قال أبو شامة: سمعت الصّاحب بدر الدّين جعفراً الآمديّ يحكي عن عظمة يوم دخول الكامل إلى آمد شيئاً ما نحسن نعبّر عنه، قال: وأخذ جميع رؤساء آمد إلى مصر، فكنت أنا؛ وابن أختي الشّمس، وأخي الموفّق فيهم. فلمّا وصلنا الفرات قال أخي: اسمعوا منّي، لا شكّ أنا نعبر إلى بلادٍ ليس فيها أحدٌ يعرفنا، ولا يعضدنا، ولا معنا مال نتّجر فيه، فعاهدوني علىأداء الأمانة في خدمنا، فعاهدناه، فرزقنا الله بالأمانة أنّا خدمنا في أجلّ المناصب بمصر والشّام، ورأيت جماعةً ممّن كانوا أكبر منّا ببلدنا في مصر، يستعطون بالأوراق. وافتقر أهل آمد، وتمزّقوا.

ونقل الصّلاح الإربلّيّ في أمر الملك المسعود أنّه كثرت عنه الأقاويل، واشتهر انّ عينه كانت ممتدةً إلى حرم رعيّته، فوكّل نساءً يطفن في آمد، ويكشفن عن كلّ مليحة، فإذا تحقّق ذلك سيّر من يحضرها قهراً، ويخلو بها الأيّام ويردّها. وكان ظالماً. ولمّا كلموه في تسليم بلاده، وأنّ الكامل يعطيه خبزاً جليلاً بمصر، قال: بشرط أن لا يحجر عليّ، فإنّي ما أصبر عن المغاني والنّساء. فلمّا أدّى الصّلاح الرسالة إلى الكامل، تضاحكوا.

وعمل الصلاح؛ وكان شاعراً: ولـمّـا أخـذنـا آمـــداً بـــســـيوفـــنـــاولم يبق للمـخـذول صـاحـبـهـا حـسّ

غـدا طـالـبـاً مـنّـا أمـانـــاً مـــؤكّـــداًوقـال مـنـاي مـا تـطـيب بـه الـنّـفـس

ســـلامة أيري ثـــمّ كـــسّ أنـــيكـــهفقـلـنـا لـه خـذ مـا تـمـنّـيت يا نـحـس

ثمّ سلّم الكامل جميع ذلك لولده الصّالح نجم الدّين أيّوب.

 

تقليد الخليفة بسلطنة الكامل

وتوجّه القاضي الأشرف أحمد ابن القاضي الفاضل رسولاً من الكامل، ثمّ مع رسول الخلافة الصّاحب محييّ الدّين ابن الجوزيّ إلى الكامل، ومعه تقليدٌ من المستنصر بالله بسلطنة الكامل، من إنشاء الوزير أبي الأزهر أحمد ابن النّاقد، وبخطّ العدل ناصر بن رشيد، وفي أعلاه بخطّ الوزير: للآراء المقدّسة زادها الله جلالاً وتعظيماً مزيد شرفها في تتويجه. وتحت البسملة علامة المستنصر بخطّه: الله القاهر فوق عباده.

وأوّله خطبة وإسراف في تعظيم الخليفة، وفيه: وآمره بتقوى الله، وبكذا، وبكذا.

وفي أوائله: ولمّا وفّق الله تعالى نصير الدّين محمد بن سيف الدّين أبي بكر بن أيّوب من الطّاعة المشهورة، والخدم المشكورة، إلى أن قال: ووسمه - يعني الخليفة - بالملك الأجل، السيّد الكامل، المجاهد، المرابط، نصير الدّين، ركن الإسلام، أثير الإمام، جمال الأنام، سند الخلافة،تاج الملوك والسّلاطين، قامع الكفرة والمشركين، ألب غازي بن محمد بن أبي بكر، معين أمير المؤمنين، رعايةً لسوابق خدمه، وخدم أسلافه.

 

الغلاء ببغداد

وفيها كان الغلاء ببغداد، وأبيع كرّ القمح بنيّفٍ وثمانين ديناراً.

 

الواقعة بين صاحب ماردين وصاحب الروم والأشرف

وفيها وقع بين صاحب ماردين، وبين صاحب الروم، والملك الأشرف، فنزل صاحب ماردين، وجاءته عساكر الروم فحاصروا حرّان والرّها والرّقة، فاستولوا على الجزيرة. وفعلت الروم في هذه البلاد كما تفعل التّتار.

 

دخول مكة

وفيها جمع راجح بن قتادة جمعاً، وقدم مكّة، فدخلها، وطرد عنها عسكر صاحب مصر الملك الكامل.

 

رسليّة الجيليّ

وفي ربيع الأوّل نفّذ أبو صالح نصر بن عبد الرزّاق الجيليّ رسولاً إلى مظفّر الدّين صاحب إربل، وبدر الدّين صاحب الموصل.

 

وفاة صاحب إربل

وفي رمضان توفّي صاحب إربل، فتقدّم إلى شرف الدّين إقبال الخاصّ الشّرابيّ بالتّوجّه إلى

إربل، فتوجّه بالعساكر، وجعل مقدّمها جمال الدّين قشتمر. وكان بقلعة إربل خادمان: بنقش؛ وخالص، وفكاتبا عماد الدّين زنكي؛ صهر مظفّر الدّين، يحثّانه على المجيء ليعطياه البلد. فلمّا وصل عسكر الخليفة، عصيا وتمرّدا. فشرعوا في محاصرتهم، وتفاقم الشّرّ، ثمّ زحف العسكر على البلد، وحمي القتال، ثمّ ظهروا على إربل، وألقوا النّار في أبوابها، ودخلوها، ونهب الأوباش بعض الدّور، وسلّمت القلعة، ورتّب بها نواب للخليفة، وضربت البشائر ببغداد. وأمّر على إربل شمس الدّين باتكين أمير البصرة؛ فسار إليها ورتّب بها عارض الجيش تاج الدّين محمد بن صلايا العلويّ.

 

استيلاء عسكر الكامل على مكة

وفيها جاء من جهة الكامل عسكرٌ استولوا على مكّة، وهرب راجح بن قتادة.

 

فراغ دار الحديث الأشرفية

وفيها فراغ دار الحديث الأشرفيّة، وفتحت ليلة نصف شعبان، وقرئ بها البخاريّ على ابن الزّبيديّ، وسمعه خلائق. وكانت أوّلاً تعرف بدار قايماز النّجميّ مولى نجم الدّين أيّوب.

 

الطبقة الثالثة والستون وفيات

وفيات سنة إحدى وعشرين وستمائة

حرف الألف

أحمد بن عليّ بن أحمد. أبو العباس، البردانيّ، الضرير.

قدم بغداد، وحفظ القرآن، وقرأ بالروايات، ورحل، فقرأ بالعشرة على ابن الباقلاّني، وبرع في التّجويد، وحفظ الحروف. وكان يقرأ في التراويح بالشّواذّ رغبةً في الشّهرة.

قال ابن النّجار: لم يكن في دينه بذاك؛ سمعت قراءته وكانت في غاية الحسن، لم أسمع قارئاً أشدّ صوتاً منه. أنشدني أحمد بن عليّ، أنشدنا ابن المعلّم لنفسه بواسط: وقـفـت أشـكـو اشـتـياقـي والـسّـحـاب بــهفـانـهـلّ دمـعـي ومـا انـهـلّــت عـــزالـــيه

الـــنـــار مـــن زفـــراتـــي لا بـــوارقـــهوالـمـاء مـــن عـــبـــراتـــي لا عـــواديه

يوهـي قـوى جـلـدي مـــن لا أبـــوح بـــهويســـتـــحـــلّ دمـــي مـــن لا أســـمّـــيه

لـم أدر حــين بـــدا والـــكـــأس فـــي يدهمـن ريقـه الـخـمـــر أم عـــينـــيه أم فـــيه

فـــمـــا الـــمـــدامة إلا مـــن ثـــنـــيّتــــهولا الـــتّـــظـــلّـــم إلاّ مـــن تـــثـــنّـــــيه

حـكـت جـــواهـــره أيامـــه فـــصـــفـــتوحـــدّثـــت عـــن لـــيالـــــــيه لآلـــــــيه

فيه من النّاس مـا فـي الـنـاس مـن حـسـنولـيس فـي الـخـلـق مـعـنـىً مـن مـعـانـيه

 

أحمد بن محمد بن عليّ أبو العبّاس، القادسيّ، ثمّ البغداديّ، الضّرير، الحنبليّ، المقرئ،

والد - المؤرخ الّذي ذيّل على المنتظم لابن الجوزيّ - أبي عبد الله محمّد.

ولد في حدود سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وقرأ القرآن على عبد الله ابن أحمد الدّاهريّ.

وسمع من: يحيى بن ثابت، وأبي الحسين عبد الحقّ، وغيرهما.

وهو من أهل القادسيّة: قرية بين سامرّاء وبغداد، لا قادسية الكوفة المشهورة، ومن أعمال جزيرة ابن عمر قرية القادسية، ومن نواحي إربل، أخرى. توفّي في شوّال. وكان صالحاً خيّراً.

 

أحمد بن محمد بن الحسين بن مفرّج بن حاتم بن الحسن بن جعفر. القاضي، أبو المعالي،

المقدسيّ، ثمّ الإسكندرانيّ، المنعوت بالصّفيّ ابن الواعظ. هو ابن عمّ الحافظ عليّ بن المفضّل.

سمع من: السّلفيّ، وعبد الواحد بن عسكر، ومحمد بن عليّ ابن العريف.

روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وقال: توفّي في المحرّم.

 

أحمد بن مطيع بن أحمد بن مطيع. أبو العبّاس، الباجسرائيّ.

صحب الشيخ عبد القادر، وقرأ عليه كتاب الغنية تصنيفه. وحدّث.

وكان مقيماً بقرية باجسرا من نواحي بغداد، وبها مات في المحرّم.

روى لنا عنه بالإجازة الشّهاب الأبرقوهيّ، وبالسّماع أبو الفضل محمّد بن محمد بن الدّبّاب.

 

أحمد بن يوسف ابن الشيخ أبي الحسن محمّد بن أحمد بن صرما. أبو العبّاس، ابن أبي

الفتح البغداديّ، الأزجيّ، المشتري. ولد ظنّاً في سنة ستّ وثلاثين.

وسمع الكثير من: أبي الفضل الأرموي، وابن الطّلاّية، ابن ناصر، وعبد الخالق اليوسفيّ، وسعيد بن البنّاء، وأبي الوقت، وغيرهم. وقد تقدّم أخوه محمد.

روى عنه: الدّبيثيّ، والضّياء، والفقيه أبو الحرم مكيّ بن بشر، وشهدة، وزينب، ومحمد أولاد القاضي أبي صالح الجيليّ، والكمال عبد الرحمن الفويره، والجمال محمد بن الدّبّاب؛ البغاددة، والشهاب الأبرقوهيّ.

ونقلت من خطّ أيب العلاء الفرضيّ؛ أنّه سمع من الأرمويّ كتاب المصاحف لابن أبي داود،

والمهرونيّات الخمسة، وصفة المنافق، وجزء أبي بكر الصّيدلانيّ، والتّاسع من فضائل الصحابة للدّارقطنيّ، والأوّل من صحيح الدّارقطنيّ، والثالث من البرّ والصّلة لابن المبارك، وجزء ابن شاهي، والثالث من الحربيات وأنّ ذلك كلّه سمعه من ابن صرما الجمال ابن الدّبّاب.

أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن أبي الفتح، والفتح بن عبد الله، قالا: أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا ابن النّقور، أخبرنا عليّ بن عمر الحربيّ، حدّثنا أحمد بن الحسن الصوفيّ، حدّثنا يحيى بن معين في شعبان سنة سبعٍ وعشرين ومائتين، حدّثنا سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيّوب، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "الميّت يبعث في ثيابه الّتي قبض فيها".

هذا حديث صحيح غريب رواه أبو داود، عن الحسن بن عليّ، عن سعيد بن أبي مريم. توفّي ابن صرما في سادس عشر شعبان.

 

إبراهيم بن عيسى بن أصبغ. الإمام، أبو إسحاق الأزديّ، القرطبيّ، المعروف بابن

المناصف.

شيخ العربية، وأوحد زمانه بإفريقية. وكان جدّه أبو القاسم أصبغ من كبار المالكية بقرطبة.

لأبي إسحاق تصانيف تشهد بالبراعة.

قال ابن مسدي: أملى علينا بدانية على قول سيبويه: هذا باب من الكلم من العربية، نحو عشرين كرّاساً، بسط القول فيها في مائة وثلاثين وجهاً. مات على قضاء سجلماسة بعد سنة عشرين وستمائة.

 

إبراهيم بن مجاهد بن محمد. أبو إسحاق، اللّخميّ، الأندلسيّ، المعروف بابن صاحب

الصّلاة، من أهل حصن ألماشة عمل شاطبة.

روى عن أبي الحسن بن هذيل، وغيره. وأقرأ القرآن، وحدّث. كان حيّاً في رمضان هذه السّنة.

 

أمة الرحيم بنت عفيف بن المبارك بن حسين. سيّدة العلماء، البغداديّة، الأزجيّة. كان أبوها

حنبلياً، ناسخاً، فسمّعها من أبي الوقت السّجزيّ. وكانت صالحة خيّرة، روت المائة الشّريحيّة.

وأجازت للكمال الفويره. وماتت في شوّال. روى عنها ابن النّجّار.

حرف الحاء

الحسن بن عريب بن عمران، الحرشي. من أمراء العرب بالعراق. كان شاعراً، سمحاً،

جواداً، كريماً، ربما وهب المائة من الإبل.

ومن شعره، وأجاد: صـحـا قـلـبـه لا مـن مـــلام الـــمـــؤنّـــبولا مـن سـلـوّ عـن ســـلـــيمـــى وزينـــب

سـوى زاجـرات الـحـلـم إذ وضـحــت لـــهحـواشـي صـبـحٍ فـــي دياجـــر غـــيهـــب

وطـار غـراب الـجـهـل عـن روض رأسـهوكّـلـت قـلـوص الـرّاكـب الـمـــتـــحـــوّب

وقـضّـيت أوطـار الـشّـبــيبة والـــصّـــبـــاسـوى رشـفةٍ مـن بـارد الـظّـلــم أشـــنـــب

 

الحسن بن محمود. العدل، نبيه الدّين، أبو عليّ، القرشيّ، المصريّ، الشافعيّ، الشّروطيّ،

الكاتب. من كبار العدول، ولي العقود، والفروض، والحسبة بالقاهرة مدّةً، وولي الوكالة السّلطانية بالقاهرة ومصر.

وسمع من يوسف بن الطّفيل.

 

الحسن بن محمود بن علون البعقوبيّ، المعدّل. حدّث عن أبي المعالي محمد بن اللّحّاس.

ومات في رجب ببعقوبا. أخذ عنه عبد اللّطيف ابن بورنداز.

 

حلل بنت الشيخ أبي المكارم محمود بن محمد بن محمد بن السّكن. البغداديّة، وتدعى ستّ

الملوك. روت بالإجازة عن أبي الوقت.

 

حرف الخاء

خديجة بنت عليّ بن الحسن بن أبي الأسود ابن البلّ. روت أيضاً بالإجازة عن أبي الوقت.

وماتت في رجب، بعد حلل بشهرٍ.

 

حرف الدال

داود بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن سليمان بن عمر بن خلف بن عبد الله بن عبد

الرؤوف، بن حوط الله. المحدّث، أبو سليمان، الأنصاريّ، الحارثيّ، الأندي، وأندة: من عمل بلنسية.

سكن مالقة، وأخذ عن أبيه، وأخيه أبي محمد عبد الله الحافظ، ورحل في نواحي الأندلس، فسمع ببلنسية من أبي عبد الله بن نوح، وأبي بكر بن مغاور بشاطبة، ومن أبي القاسم بن

حبيش، وأبي عبد الله بن حميد بمرسية، ومن أبي القاسم بن بشكوال بقرطبة - وأكثر عنه - ، ومن أبي عبد الله بن زرقون بإشبيلية، ومن أبي عبد الله بن الفخّار بمالقة، ومن عبد الحقّ بن بونه بالمنكّب، ومن أبي عبد الله بن عروس بغرناطة، ومن أبي محمد بن عبيد الله بسبتة، ومن خلقٍ كثير. وأجاز له أبو الطّاهر بن عوف، وغيره من الإسكندرية.

قال الأبّار: وشيوخه يزيدون على المائتين. وكانت الرواية أغلب عليه من الدّراية. وكان هو، وأخوه أوسع أهل الأندلس روايةً في وقتهما، مع الجلالة والعدالة. وكان أبو سليمان ورعاً، منقبضاً، ولي قضاء الجزيرة الخضراء، ثمّ قضاء بلنسية، وبها لقيته. وتوفّي على قضاء مالقة في سادس ربيع الآخر، وله تسعٌ وستّون سنة. وأخذ عنه ابن مسدي وقال: لم أر أكثر باكياً من جنازته، وحمل نعشه على الأكفّ.

 

حرف الراء

رقيّة بنت الزّاهد أحمد بن محمّد بن قدامة، أخت الشيخ الموفّق، أمّ الحافظ الضّياء،

والمفتي شمس الدّين أحمد المعروف بالبخاريّ، وكان حيّاً في هذا العام.

روت بالإجازة عن أبي الفتح بن البطّي، وأحمد بن المقرّب، وشهدة.

روى عنها ابنها الضّياء، وحفيدها الفخر عليّ، وابن أخيها شمس الدّين عبد الرحمن بن أبي عمر. قال الضّياء: كانت امرأةً صالحةً، تنكر المنكر، يخافها الرجال والنّساء، وتفصل بين النّاس في القضايا. وكانت تاريخاً للمقادسة في المواليد والوفيات.

وتوفّيت في شعبان، وولدت في حدود سنة ستٍّ وثلاثين.

 

حرف الزاي

زيد بن أبي المعمّر يحيى بن أحمد بن عبيد الله. أبو بكر، الأزجيّ، البيّع. ولد في حدود

سنة سبعٍ وأربعين. وسمع من: أبي الوقت، وأبي بكر ابن الزاغونيّ، وهبة الله ابن الشّبليّ، وأحمد بن قفرجل، وابن البطّي. وعمّر، وتفرّد بأشياء.

روى عنه: الدّبيثيّ، والبرزاليّ، والضّياء، والشهاب الأبرقوهيّ، وآخرون. وقرأت مولده بخطّ الضّياء في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.

وقيل: إنّه سمّع لنفسه فيما لم يسمعه.

وقرأت بخطّ ابن نقطة قال: سمع من أبي الوقت صحيح البخاريّ، ومسند الدّارميّ، ومنتخب

عبد. وسمع من أبي القاسم ابن قفرجل، وأبي القاسم ابن الشّبليّ، وسماعه صحيح كثيرٌ ممّن ذكرنا، وغيرهم. وألحق اسمه في نسخة محمد بن السّريّ التّمّار، في طبقة، عن ابن الزاغونيّ، وفي جزء لوين على فورجة، وما أعلم أنّه حدّث بشيءٍ من ذلك الملحق البتّة، ولا قرأه عليه أحدٌ. وتوفّي في نصف رمضان.

وهو أخو أحمد، وعبد المنعم، ووالدهم يروي عن ابن الحصين. وعمّهم يونس: هو والد الوزير جلال الدّين بن يونس.

أخبرنا أبو المعالي الهمذانيّ، أخبرنا زيد بن يحيى، أخبرنا أحمد بن عبد الباقي، أخبرنا عاصم، أخبرنا أبو عمر بن مهديّ، فذكر أحاديث.

 

حرف السين

سعيد بن أبي طاهر هاشم بن هاشم. الإمام، أميل الدّين، أبو البركات، الحلبيّ، الخطيب.

سمع من محمد بن عليّ بن ياسر الحنّائيّ. روى عنه: عبيد الله بن مريم، وشمس الدّين ابن خليل. توفّي في ربيع الأوّل.

 

حرف الشين

شهاب بن محمد. أبو الحسين، الكلبي، الأندلسي.

أجاز له السّلفيّ. كان يقرئ، ويكتب المصاحف. وكان حيّاً في هذا العام.

 

حرف الطاء

طالب بن أبي طاهر بن أبي الغنائم بن ميشا البغداديّ. النّجّار.

روى عن يحيى بن ثابت. ومات في ربيع الأوّل.

 

حرف العين

عبد الله بن حامد. أبو محمد، المعافريّ.

رئيس مرسية ومحتشمها. ذكره الأبّار، فقال: سمع، وصحب الأدباء. وكان أحد رجالات الأندلس وجاهةً وجلالةً مع التّحقيق بالكتابة والنّظم، وإليه كانت رئاسة بلده.

 

عبد الله بن الحسن بن عبد الله. أبو الفتوح، ابن رئيس الرّؤساء في ديوان واسط.

وهو من بيت وزارة وحشمة. روى عن ابن البطّي، ويحيى بن ثابت. توفّي في جمادى الأولى، بواسط.

عبد الله بن حمّاد بن ثعلب أبو المحاسن، البغداديّ، الضّرير.

روى عن: شهدة، وعبد الحقّ اليوسفيّ. ومات في جمادى الآخرة.

 

عبد الله بن عبد المحسن بن عبد الأحد، أبو محمد، ابن الرّبيب، الإسكندرانيّ، المقرئ.

سمع السّلفيّ، وعبد الواحد بن عسكر. روى عنه الحافظ عبد العظيم، وغيره. ومات في ربيع الآخر. وكان رجلاً صالحاً، خيّراً.

 

عبد الله بن المبارك بن سعد الله بن وهب البغداديّ، الخبّاز.

روى عن شهدة، وغير واحد. ومات في سلخ محرّم.

 

عبد الله بن أبي البركات بن هبة الله. أبو بكر، البغداديّ، المعروف بابن السّمين.

سمع من: عليّ بن عساكر، وعبد الحقّ اليوسفيّ. ومات في رمضان.

 

عبد الخالق بن عليّ. أبو عليّ، القطيعيّ، ويعرف بابن البازبازيّ.

عمّر تسعين سنة. وروى بالإجازة عن أبي بكر ابن الزاغونيّ، وسعيد بن البنّاء، وجماعة.

 

عبد الرحمن بن أبي سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون.

القاضي، نجم الدّين، التّميميّ، ابن شيخ الشام شرف الدّين.

مات بحماة في ثامن عشر رمضان.

 

عبد الرحمن بن محمد بن عبد السّميع بن أبي تمام عبد الله بن عبد السّميع. الإمام، أبو

طالب، القرشيّ، الهاشميّ، الواسطيّ، المقرئ، المعدّل.

ولد سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة. وقرأ القرآن على أبي السّعادات أحمد ابن عليّ بن خليفة، وأبي حميد عبد العزيز بن عليّ السّماتيّ - قدم عليهم - . وسمع من: جدّه، ومن محمّد بن محمد بن أبي زنبقة، وأبي يعلى حيدرة الرّشيديّ، وخلقٍ بواسط. وسمع ببغداد من أبي المظفّر هبة الله بن الشّبليّ، وسعد الله بن حمدي، وابن البطّي، وابن تاج القرّاء، والشيخ عبد القادر، وأبي بكر بن المقرّب، وطائفة.

وكتب الكثير لنفسه، ولغيره، وصنّف أشياء حسنةً. وروى الكثير بواسط. وكان من أكابر اهل بلده وعلمائهم، ومن بيت العلم والدّين. وكان ثقةً، حسن النقل. روى عنه: الدّبيثيّ، وأبو الطاهر ابن الأنماطيّ، وجماعةٌ. وروى عنه بالإجازة أبو المعالي الأبرقوهيّ. ومات في سادس المحرّم.

عبد الرشيد بن محمد بن عبد الرشيد بن ناصر بن عليّ. أبو محمد، السّرخسيّ، الرّجائيّ.

ورجاء: من قرى سرخس.

إمامٌ فاضلٌ، ديّن، واعظٌ، مذكّر، رزق القبول التّام بإصبهان. مولده في ذي القعدة سنة خمسين وخمسمائة. سافر به والده، وحجّ به، وأسمعه من هبة الله بن أحمد الشّبليّ، وهبة الله الدّقّاق، وابن البطّي، وبالكوفة من ابن ناقة. وسمع بإصبهان من محمود بن أبي القاسم، وأحمد بن التّرك،وطائفة. وحدّث ببغداد. ولمّا حجّ سنة سبعٍ وستمائة؛ روى عنه الحافظان الضّياء، وابن النّجّار. وقد أجاز لمن أدرك حياته. وذكر ذلك أبو رشيد الغزّال في كتابه الجمع المبارك والنفع المشارك. مولده بإصبهان، وبها مات في ذي القعدة من سنة إحدى. وذكر الشيخ أيضاً موته في سنة اثنتين، عندما بلغه.

 

عبد العزيز بن عليّ. أبو الأصبغ، اللّخميّ، الإشبيليّ، الظّاهريّ، ويعرف بابن صاحب

الرّدّ. كان ممّن برع في فقه الظّاهريّة.

ذكره ابن مسدي، فقال: كان ذاكراً لصحيح مسلم، متظاهراً بمذهب أهل الظّاهر، رافعاً راية تلك المظاهر، مع الثقة، والأصالة. سمع ابن الجدّ، وأبا عبد الله بن زرقون. سمعت منه. ومات في عاشر شعبان عن ثمانٍ وخمسين سنة.

 

عبد الغنيّ بن أبي القاسم عبد العزيز بن أبي البقاء هبة الله بن القاسم بن منصور بن

البندار. أبو الفتح، البغداديّ، الحريميّ، العدل.

ولد سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من أبي الوقت السّجزيّ، وأبي جعفر محمّد بن محمد الطّائي، وابن اللّحّاس. وهو من بيت الحديث.

روى عنه: الدّبيثيّ، والبرزاليّ، والجمال محمد بن أبي الفرج ابن الدّبّاب، وغيرهم، ومات في صفر.

 

عبد القويّ ابن القاضي الجليس أبي المعالي عبد العزيز بن الحسين بن عبد الله بن

الحسين. القاضي الأسعد، أبو البركات، ابن الجبّاب، التّميميّ، السّعديّ،الأغلبيّ، المصريّ، المالكيّ، المعدّل.

ولد سنة ستٍّ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من الشريف أبي الفتوح الخطيب، وأبي محمد بن رفاعة، وابن العرقيّ، وأبي طاهر السّلفيّ، وأبي البقاء عمر ابن المقدسيّ.

روى عنه عمر ابن الحاجب، وأبو الطّاهر ابن الأنماطيّ، والزّكيّ المنذريّ، والفخر عليّ ابن البخاريّ، وشرف القضاة محمد بن أحمد بن محمد بن الجّباب، والنّجيب محمد بن أحمد بن محمد الهمذانيّ، والشهاب أحمد بن إسحاق الأبرقوهيّ، وأحمد بن عبد الكريم الأغلاقيّ، وطائفةٌ سواهم.

ذكره ابن الحاجب في معجمه فقال: من بيت السّؤدد، والكرم، والفضل، والتّقدّم، ذو كياسة ورئاسة، وله من الوقار والهيبة ما لم يعرف لغيرة وكان ذا حلم وأناة وصمت ولي من أمور المملكة ولايات أبان فيها. عن أمانة ونزاهة، وكثير اللّطف بالقريب والغريب. وأصلهم من القيروان. وتفرّد بالسيرة عن ابن رفاعة.

قال: وقد كنت سمعت بدمشق من بعض الطّلبة: أنّ في سماع شيخنا - هذا - كلاماً، فلمّا قدمت مصر، بحثت عن سماعه، فوجدت أصل سماعه عن ابن رفاعة، وكملت في المحرّم سنة ستٍّ وخمسين بقراءة يحيى بن عليّ القيسيّ. وتحت الطّبقة الأمر على ما ذكر ووصف، وكتب عبد الله بن رفاعة. وأوقفت بعض أصحابنا الطّلبة على هذه النسخة، ونقلها إليّ صاحبنا الرفيع إسحاق بن المؤيّد الهمذانيّ، والنسخة موجودةٌ الآن، وإنّما رأيتهم يقولون: ما وجد سماعه للغريبين إلاّ في بعض الأجزاء، وأنّه قال: جميع الكتاب سماعي، فكان الكلام في هذا دون غيره. وكان شيخنا - هذا - ثقةً ثبتاً، عارفاً بما سمع، لا ينسب في ذلك إلى غرض.

قال: ورأيت خطّ تقيّ الدّين الأنماطيّ، وهو يثني على شيخنا - هذا - ثناءً جميلاً، ويذكر من جملة مسموعاته السيرة على ابن رفاعة. وكان قد صارت السيرة على ذكر الشيخ بمنزلة الفاتحة يسابق القارئ إلى قراءتها. وكان قيّماً بها وبمشكلها.

وهو أنبل شيخٍ وجدته بالدّيار المصرية، روايةً ودرايةً.

وكان لا يقرأ عليه القارئ إلاّ وأصله بيده، ولا يدع القارئ يدغم. وكان أبوه جليساً لخليفة مصر.

قال: وحضرته يوماً وقد أهدى له بعض السّامعين هديّةً، فردّها وأثابه عليها، وقال: ما ذا وقت هديةٍ، ذا وقت سماع.

وكان طويل الروح على السّماع مع مرضٍ كان يجده. كنّا نسمع عليه من الصّبح إلى العصر، إلى أن قرأنا عليه السيرة وعدّة أجزاء في أيام.

ثمّ قال: أخبرنا الإمام الأوحد الأسعد صفيّ الملك أبو البركات - أحسن الله إليه، وما رأيت في رحلتي شيخاً ابن خمس وثمانين سنة أحسن هدياً وسمتاً واستقامةً منه، ولا أحسن كلاماً، ولا أظرف إيراداً منه، رحمه الله، فلقد كان جمالاً للدّيار المصرية - في صفر سنة إحدى وعشرين، قال:أخبرنا ابن رفاعة.

وقال ابن الحاجب أيضاً: قال لي ابن نقطة: أبو البركات عبد القويّ ابن الجبّاب، حدّثنا عن السّلفيّ، وسمعت الحافظ عبد العظيم يتكلّم في سماعه للسيرة ويقول: إنّه بقراءة يحيى بن عليّ، إمام مسجد العيثم، وكان كذّاباّ. ثمّ قدمت دمشق فذكرت ذلك لأبي الطّاهر ابن الأنماطيّ، فرايته يثبّت سماعه ويصحّحه.

قلت: قرأت السيرة بكمالها في ستّة أيام على الشهاب الأبرقوهيّ، بسماعه لجميعها من أبي البركات في صفر سنة إحدى وعشرين. ومات في سلخ شوّال من السنة. وقد روى كتاب العنوان عن الشريف الخطيب، حدّث به عن سنة نيّفٍ وثمانين الشيخ أبو.

 

عبد الكريم بن عليّ بن الحسن بن الحسن بن أحمد بن الفرج.

الرئيس الأثير، القاضي، أبو القاسم، اللّخميّ، البيسانيّ، ثمّ العسقلانيّ المولد، المصريّ الدّار، الشافعيّ، أخو القاضي الفاضل.

ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع بالإسكندرية من السّلفيّ، وأبي محمد العثماني، وأخيه أبي الطّاهر إسماعيل بن عبد الرحمن العثمانيّ.

روى عنه الحافظ المنذريّ، وغير واحد من المصريّين. وكان كثير الرغبة في تحصيل الكتب، مبالغاً في ذلك إلى الغاية، وملك منها جملةً عظيمة، بحيث لم يبلغنا أن أحداً من الرؤساء جمع منها ما جمع هو، اللّهمّ إلاّ أن يكون ملكاً أو وزيراً. وقال الموفّق عبد اللّطيف: كان له هوسٌ مفرطٌ في تحصيل الكتب، وكان عنده زهاء مائتي ألف كتاب، من كلّ كتاب نسخ. وقال المنذريّ: توفّي في ثالث عشر المحرّم.

 

عبد اللّطيف بن معمّر بن عسكر بن القاسم بن محمد. أبو محمد، الأزجيّ، المؤدّب،

المخرّميّ.

ولد في المحرّم سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الوقت، ومن أبيه، وأحمد بن المقرّب، وغيرهم. قال الدّبيثيّ - وقد روى عنه في تاريخه - : كان صاحب لهوٍ وخلاعةٍ.

وذكره أيضاً في الشيوخ الذين أجازوا له. وأخبرنا عنه الشّهاب الأبرقوهيّ. وتوفّي في ذي القعدة.

 

عبد المحسن بن نصر الله بن كثير، الفقيه. زين الدّين، ابن البيّاع، الشّاميّ الأصل.

المصريّ، الشافعيّ.

تفقّه على أبي القاسم عبد الرحمن بن سلامة. وكان طلق العبارة، جيّد القريحة، من أعيان الشافعية. خطب بقلعة الجبل، وناب في الحكم بأعمال مصر، وتقلّب في الخدم الدّيوانيّة.

 

عبد الواحد بن عبد العزيز بن علوان. أبو محمد، الحربيّ، السّقلاطونيّ.

سمع من: هبة الله ابن الشّبليّ، وأبي الفتح بن البطّي، وأحمد بن عبد الله اليوسفيّ، وعبد الرحمن بن زيد الورّاق.

روى عن ابن البطّي، جميع حلية الأولياء بسماعه من حمدٍ، عنه. ومات في ذي الحجّة. روى لنا عنه بالإجازة الأبرقوهيّ.

 

عبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ.

السلطان، أبو محمد، القيسيّ، صاحب المغرب.

ولي الأمر في ذي القعدة سنة عشرين بعد أبيه يوسف بن محمد. وكان كبير السنّ، عاقلاً، لكن لم يدار الدّولة ولا أحسن التّدبير، فخلعوه وخنقوه في حدود شعبان. وكانت ولايته تسعة أشهر.

ولمّا بويع كان بالأندلس ابن أخيه عبد الله بن يعقوب، فامتنع، ورأى أنه أحقّ بالأمر واستولى على الأندلس بلا كلفة، وتلقّب بالعادل. فلمّا خنق أبو محمد، ثارت الفرنج بالأندلس، فالتقاهم العادل، فانهزم جيشه، وطلب هو مرّاكش، وترك بإشبيلية أخاه إدريس، فأتى مرّاكش في أسوأ حالٍ، فقبضوا عليه، ثمّ بايعوا أبا زكرياء يحيى بن محمّد بن يعقوب بن يوسف، أخا يوسف، وهو لمّا بقل وجهه، فلم يلبث أن جاءت الأخبار بأن إدريس ادّعى الخلافة بإشبيليّة، وبايعوه، ثمّ آل أمر يحيى إلى ان حصره العرب بمرّاكش حتّى ضجر أهل مراكش منه، وأخرجوه، فهرب إلى جبل درن، ثمّ تعصّب له طائفة، وعاد، وقتل من بمرّاكش من أعوان إدريس، وهرب إدريس من الأندلس، وقد توثّب عليه بها الأمير محمد بن يوسف بن هود الجذاميّ، ودعى إلى بني العباس، فمال إليه النّاس، وخرجوا على إدريس، فانتهى إلى مراكش بجيشه، فواقع يحيى، فانهزم يحيى إلى الجبل.

عبد الوهّاب بن أبي المظفّر بن عبد الوهّاب ابن السّبّاك.

توفّي ببغداد في ذي الحجّة. عنده جزء البانياسيّ، عن ابن البطّي.

روى عنه ابن النّجّار.

 

عزّ النّساء بنت أحمد بن أحمد بن كرم البندنيجيّ، أخت تميم.

سمعت من وجيه ابن السّقطيّ، وأبي الحسين عبد الحقّ. وتوفّيت في ذي الحجّة.

 

عليّ بن عبد الله بن سلمان بن حسين.

قاضي الحلّة، أبو الحسن، الحنفيّ.

قدم بغداد، وعظم شأنه، حتّى ولي قضاء القضاة في سنة ثمانٍ وتسعين. وكان قليل الفقه، فعزل بعد عامين لجهله وإرشائه، فرسم عليه، ونزح إلى بلده. توفّي في ذي الحجّة، وقد جاوز الثّمانين.

 

عليّ بن عبد الرشيد بن عليّ بن بنيمان بن مكّيّ.

القاضي، أبو الحسن، الهمذانيّ، الحدّاد، المقرئ.

ولد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وقرأ القرآن ببعض الروايات على جدّه الحافظ أبي العلاء العطّار، وسمع منه ومن أبي الخير محمّد بن أحمد الباغبان. وحضر على أبي الوقت في الرابعة، وقدم بغداد، فتفقّه بها مدّة على أبي الخير القزوينيّ، واستملى عليه بالنّظاميّة. وخرج إلى الشام ومصر، ثمّ عاد إلى همذان، فولي قضاءها، ثمّ قدم بغداد، وولي قضاء الجانب الغربيّ، ثمّ ولي قضاء تستر، واستوطنها.

وروى الكثير ببغداد، وسمع بها من: أبي الفرج محمد بن أحمد بن يحيى بن نبهان، وابن شاتيل. روى عنه: الدّبيثيّ، والنّجيب عبد اللّطيف، وجماعة. وقد ذكر ابن أنجب مولده في سنة تسعٍ وأربعين. توفّي بتستر في صفر. وكان يرتشي، قاله ابن النجّار.

 

عليّ بن محمد ابن النّبيه، الأديب صاحب الدّيوان.

قيل: توفّي بها، وقد تقدّم في سنة تسع عشرة، مات بنصيبين.

 

عليّ بن يوسف بن أبي الكرم. أبو القاسم، البغداديّ، الظّفريّ، الحمّامي، ابن أخت أبي

الكرم بن صبوخا.

كان شيخاً فاضلاً، يرجع إلى تمييزٍ، ونباهةٍ، ومعرفةٍ، وجلالةٍ، وأخلاقٍ، جميلةٍ. وكان ثقة.

سمع من: أبي الوقت، والوزير يحيى بن هبيرة، ويحيى بن ثابت، وأبي زرعة، وجماعة.

روى عنه: ابن النّجّار، والدّبيثيّ، والأبرقوهيّ، وجماعة. ومولده في شوّال سنة ثمانٍ وأربعين، وتوفّي في السّادس والعشرين من رجب.

أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهيّ، أخبرنا عليّ بن يوسف ببغداد، ومحمد بن أبي القاسم الكسائيّ حضوراً بأبرقوه، قالا: أخبرنا أبو الوقت، أخربنا الدّاووديّ، أخبرنا ابن حمّويه، أخبرنا الفربريّ، حدّثنا محمد بن إسماعيل، حدّثنا عمر بن حفص، حدّثنا أبي، عن الأعمش، حدّثنا أبو صالح، عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "يقول الله يوم القيامة: يا آدم، فيقول: لبّيك ربّنا وسعديك، فينادي بصوتٍ: إنّ الله يأمرك أن تخرج من ذرّيّتك بعثاً إلى النّار" ... الحديث.

 

عليّ بن أبي سعد بن أحمد. أبو الحسن، ابن تميرة، الحربيّ.

ولد تقريباً في سنة ثلاثٍ وخمسين. وسمع من هبة الله بن أحمد الشّبليّ. وحدّث. وهو أخو عبد الرحمن. توفّي في رجب

عليّ الفرنثي

الرجلّ الصالح، كبير القدر، صاحب كرامات، ورياضات، وسياحات، وله أصحابٌ مريدون.

وله زاوية بسفح قاسيون.

حكى الشيخ الضّياء في سيرة الشيخ أبي عمر، قال: سمعت الشيخ محمد بن حسن العراقي، خادم الشيخ علي الفرنثي، قال: جئت بالشيخ علي إلى قبر الشيخ أبي عمر، فقال: صاحب هذا القبر حيٌّ في قبره.

وحكى الشيخ تقيّ الدين ابن الواسطي: أنّه حضر عند الشيخ علي في مكان على الشّرف الأعلى، فبينا هو قاعدٌوالناس حوله، إذ صفّق فخرج فقيرٌ، فإذا أناسٌ معهم نعاير لبن وغيرها، وكان إذا صفّق علموا أنّه قد جاء فتوح، أو ما هذا معناه.

وذكر الشيخ محمد بن أبي الفضل، قال: شاهدت الشيخ عليّ الفرنثي، والحجر ينزل من المقطع، فيشير إليه: يا مبارك يمين، فينزل يميناً، ويقول: يا مبارك شمال، فينزل شمالاً. توفّي الشيخ عليٌّ، في شهر جمادى الآخرة بقاسيون، وبنوا على قبره قبّةً.

 

عمر بن محمد بن عمر بن بركة بن سلامة بن أحمد بن أبي القاسم بن أبي الرّيان. أبو

حفص، بن أبي بكر، الدّاراقزّي، الكاغديّ.

ولد سنة خمسٍ وأربعين، وقال مرّة: سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة.

وسمع من أبي الوقت، وابن البطّي. وكان شيخاً فهماً، حسن الأخلاق.

روى عنه الدّبيثيّ، وابن النّجار. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ. ومات في ذي الحجّة.

 

حرف الميم

محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله. أبو عبد الله، الأنصاري الأندلسي، المعروف بابن

اليتيم، وبابن البلنسي، وبالأندرشيّ، من أهل المريّة. سمع أباه، ولازم أبا محمد بن عبيد الله.

ورحل إلى بلنسية، فسمع من أبي الحسن بن هذيل، وابن النعمة، وبمرسية من أبي القاسم بن حبيش، وغيره؛ وبمالقة أبا إسحاق بن قرقول. وسمع بأشبونة - من عمل قرطبة - من أبي مروان بن قزمان؛ سمع منه بعض الموطأ، وسمع بقرطبة من ابن بشكوال، وبغرناطة من أبي خالد بن رفاعة. ولقي بفاس أبا الحسن بن حنين. وحجّ؛ فسمع ببجاية من الحافظ عبد الحق الإشبيلي، وسمع بالإسكندرية من أبي طاهر السّلفيّ، وأبي محمد العثمانيّ، وبالقاهرة من عثمان بن فرج، وببغداد من شهدة الكاتبة، وبالموصل من الخطيب أبي الفضل الطّوسيّ، وبدمشق من أبي القاسم بن عساكر الحافظ، وبمكّة من عمر الميانشيّ، وسمع من غيرهم ببلاد شتّى. وولي خطابة المريّة.

قال ابن مسدي: لم يكن سليماً من التّركيب حتّى كثرت سقطاته، وقد تتبّع عثراته أبو الربيع بن سالم، وقد سمعت منه كثيراً.

وقال أبو جعفر ابن الزبير: قد رأيت بخطّه إسناده صحيح البخاريّ، عن السّلفيّ، عن ابن البطر، عن ابن البيّع، عن المحامليّ عنه.

قلت: ما عند هؤلاء عن المحامليّ سوى حديثٍ واهٍ في الدّعاء له. وقد وثّقه جماعةٌ لفضله، وحملوا عنه، وليس بمتقن.

وقال الأبّار: كان مكثراً، رحّالةً. نسبه بعض شيوخنا إلى الاضطراب، ومع ذلك انتابه النّاس، ورحلوا إليه، وأخذ عنه أبو سليمان بن حوط الله، وأكابر أصحابنا. وأجاز لي. وولد سنة أربعٍ واربعين وخمسمائة، وأوّل رحلته في سنة اثنتين وستّين وخمسمائة، وتوفّي في الثامن والعشرين من ربيع الأول على ظهر البحر قاصداً مالقة، رحمه الله.

وقال ابن الزّبير: سمع الموطأ من ابن حنين بفاس، عن ابن الكلاّع.

 

محمّد بن أحمد بن محمد بن خميس. أبو عبد الله، المغربيّ الأصل، ثمّ الموصليّ، الحلبي.

ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وسمع من أبي الفضل خطيب الموصل. روى عنه مجد الدّين العديميّ. وهو والد هدية بنت خميس.

 

محمد بن عبدان بن عبد الواحد. الطّبيب، العلامة، البارع، المصنّف، شمس الدّين، ابن

اللّبوديّ، الدّمشقيّ.

قال فيه ابن أبي أصيبعة: علاّمة وقته، وأفضل أهل زمانه في العلوم الحكميّة، وفي علم الطّبّ. سافر إلى العجم، واشتغل على النّجيب أسعد الهمذانيّ، وغيره. وكان له دلٌّ مفرطٌ، وحرصٌ بليغٌ. وكن له مجلس للإشغال. وخدم بحلب الملك الظّاهر، ثمّ بعد موته قدم إلى بلده، إلى أن توفّي في رابع ذي القعدة، وله إحدى وخمسون سنة.

 

محمد بن عبد الرشيد بن عليّ بن بنيمان. أبو أحمد، الهمذانيّ، المقرئ، التّاجر، سبط أبي

العلاء العطّار، وأمّه هي عاتكة.

روى عن أبي الخير الباغبان، وعن جدّه. وتوفّي في التّجارة بأقسرا من بلاد الروم في صفر.

كما توفّي أخوه في صفر بتستر.

ويقال: إنّ أبا العلاء أحضر أبا الخير من إصبهان بالقصد الأوّل لأجل محمد، هذا. وقيل: بل توفّي بقونية. وكان إماماً في القراءآت والحديث.

 

محمد ابن الفقيه أبي المنصور فتح بن محمد بن خلف السّعديّ، الفقيه. زين الدّين، أبو عبد

الله، الدّمياطيّ، الشافعيّ، الكاتب.

سمّعه أبوه من: السّلفيّ، وبدرٍ الخداداذيّ، وإسماعيل بن قاسم الزّيّات، وأبي المفاخر سعيد المأمونّيّ، وجماعة. وكتب على فخر الكتّاب، وفاق الأقران في حسن الخطّ حتّى فضّلوه على أستاذه. وكتب في ديوان الإنشاء مدّة. وترسّل عن الكامل. وحدّث بدمشق أيضاً. وكان حسن الأخلاق، فيه دين وخيرٌ. ولد في أواخر سنة ستّ وستين وخمسمائة. ومات في رابع صفر.

روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، وابن الأنماطيّ، والزّكيّ البرزاليّ.

 

محمد ابن الشيخ أبي عبد الله بن محمد بن سعيد بن أحمد بن زرقون. العلاّمة، أبو

الحسين، الأنصاريّ، الإشبيليّ.

قال الأبّار: سمع من أبيه، وأبي بكر من الجدّ، وتفقّه بهما، وسمع من أبي جعفر بن مضاء.

وأجاز له السّلفيّ، وغيره. وكان فقيهاً، حافظاً لمذهب مالك، إماماً مبرزاً، متعصّباً للمذهب؛ حتّى امتحن بالسّلطان من أجله، وحبس مدّة. ومن تصانيفه كتاب المعلّى في الرّدّ على المجلّى والمحلّى وله كتاب قطب الشريعة في الجمع بين الصّحيحين. وكان أهل بلده يعيبون مقاصده فيها، ويغضّون من أسجاعه في أثنائها. ولم يكن له بصرٌ بالحديث، وسمع النّاس منه. وتوفّي في شوّال، ودفن بداخل إشبيلية، وله ثلاثٌ وثمانون سنةً. تفقّه به جماعة.

 

محمد بن محمد بن محمد.

الفقيه، أبو الفتوح، السّمرقنديّ، ثمّ البغداديّ، الحنفيّ.

ولد سنة إحدى وأربعين. وسمع من أبي الفتح بن البطّي،وغيره. ومات في ربيع الآخر.

روى عنه: ابن الدّبيثيّ، وابن النّجّار.

 

محمد بن محمد بن أبي الفتح. أبو عبد الله، المقدسيّ.

حدّث بنسخة أبي مسهر.

 

محمد بن هبة الله بن المكرّم بن عبد الله. أبوجعفر، البغداديّ، الصّوفيّ.

ولد في حدود سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: أبيه أبي نصر، وأبي الفضل الأرمويّ، وابن ناصر، وأبي الوقت، وأبي المعمّر بن أحمد الأنصاري، والمظفّر بن أردشير العباديّ، وغيرهم. وكان أبوه يروي عن نصر بن البطر. وأخوه المكرّم بن هبة الله، من شيوخ الضّياء، وابن عبد الدّائم. وهو فحدّث بصحيح البخاريّ، بإربل.

روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، والبرزاليّ، والجمال محمد ابن الدّبّاب الواعظ، والقاضي شمس الدّين ابن خلّكان؛ وأخوه البهاء محمد قاضي بعلبكّ. وكان صوفيّاً، ديّناً. توفّي في خامس المحرّم ببغداد.

 

محمد بن يحيى بن يحيى الأنصاريّ.

أبو عبد الله، الأندلسيّ، المقرئ المحقّق.

أخذ القراءآت عن يحيى، وأخذ بعض السّبع عن ابن خيرٍ. وعاش نيّفاً وسبعين سنةً. أقرأ النّاس بسبتة. لقيه ابن مسدي.

 

محمد بن يخلفتن بن أحمد بن تنفليت.

أبو عبد الله، اليجفثيّ البربريّ، الفازازيّ، التّلمسانيّ، الفقيه.

قال الأبّار: سمع من أبي عبد الله التّجيبيّ. وكان فقيهاً، أديباً، مقدّماً في الكتابة والشّعر. ولي قضاء مرسية، ثمّ قضاء قرطبة. وكان حميد السيرة، جميل الهيئة، شديد الهيبة. حدّثت: أنه كان يحفظ صحيح البخاريّ، أو معظمه. وتوفّي بقرطبة.

 

محمد بن أبي الفرج بن أبي المعالي معالي. الشيخ فخر الدّين، أبو المعالي، الموصليّ،

المقرئ، الشّافعي، معيد النّظاميّة.

قرأ القراءآت على الإمام يحيى بن سعدون القرطبيّ، وسمع منه ومن خطيب الموصل أبي الفضل. وقدم بغداد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة؛ فتفقّه بها. وقرأ العربية على الكمال عبد الرحمن الأنباريّ. وأعاد بالنّظاميّة. وأقرأ القراءآت. وحدّث.

وولد سنة تسعٍ وثلاثين وخمسمائة. قرأ عليه القراءآت الشيخ عبد الصّمد ابن أبي الجيش، والكمال عبد الرحمن المكبّر، وطائفة.

قال ابن النّجّار: له معرفةٌ تامّة بوجوه القراءآت وعللها وطرقها، وله في ذلك مصنّفات. وكان فقيهاً، فاضلاً، حسن الكلام في مسائل الخلاف، ويعرف النّحو معرفةً حسنة. وكان كيّساً، متودّداً، متواضعاً، لطيف العشرة، صدوقاً. توفّي في سادس رمضان.

 

المظفّر بن المبارك بن أحمد بن محمد.

القاضي، أبوالكرم، الحنفيّ، البغداديّ، العدل.

عرف والده بحرّكها. ولد سنة ستّ وأربعين. وسمع من أبيه، ومن أبي الوقت، وابن البطّي.

وولي الحسبة ببغداد، والقضاء بربع الثلاثاء. وكانت له حلقة إشغال بجامع القصر. وكان أبوه أبو السّعادات من كبار الحنفية. توفّي أبو الكرم في حادي عشر جمادى الآخرة. وروى المائة الشريحية أخذ عنه الطلبة

المظفّر بن أبي الخير بن إسماعيل بن عليّ.

الإمام، أمين الدّين، أبو الأسعد، التّبريزيّ، الوارانيّ، الشّافعيّ.

تفقّه ببغداد على أبي القاسم بن فضلان، وغيره، وأعاد بالنّظامية مدّة. وتخرّج به جماعةٌ.

وسمع من ابن كليب، ثمّ حجّ، وقدم مصر، ودرّس بها، بالمدرسة النّاصريّة المجاورة للجامع العتيق. ثمّ توجّه إلى العراق، ثمّ إلى شيراز، وأقام بها إلى حين وفاته. وحدّث بالبصرة

ومصر.

روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، وغيره.

 

مقدامٌ الوزير فخر الدّين أبو الفوارس، ابن القاضي الأجلّ أبي العبّاس أحمد بن شكرٍ

المصريّ.

ولد سنة إحدى وستين. وتفقّه على مذهب مالكٍ. وسمع من أبي يعقوب بن الطّفيل، وغيره.

وكان في برٌّ وإيثارٌ. وهو عمّ الشيخ أبي الحسن علي بن شكرٍ المحدّث، الذي مات سنة ستّ عشرة.

 

موسى بن عيسى بن خليفة. أبو عمران، اللّخميّ، القرطبيّ، ويعرف بابن الفخّار، النّاسخ،

المقرئ.

أخذ القراءآت عن أبي إسحاق بن طلحة، وأبي القاسم الشّراط. وسمع من أبي القاسم بن بشكوال، وغيره. وصحب الصّالحين. وأقرأ القرآن. وكان يكتب المصاحف.

قال الأبّار: توفّي في رجب.

 

حرف الهاء

هارون بن أبي الحسن بن بركة الصّحراويّ.

سمع من: أبي الحسين عبد الحقّ اليوسفيّ. وحدّث.ودفن بمقبرة معروف.

 

حرف الياء

يحيى بن أبي نصر عمر.

أبو زكريا، البغداديّ، المشا، المعروف بالصّحراوي.

سمع من: أبي الفتح بن البطّي، وأبي القاسم بن هلال الدّقّاق، وأبي المعالي بن حنيفة. وحدّث.

والمشا: بضمّ الميم وتخفيف الشّين.

 

يوسف بن أحمد بن عيّاد. أبو الحكم، التّميميّ، المليانيّ.

تجوّل في الأقاليم، ولقي السّهرورديّ الفليسوف بملطية، وأخذ عنه. وسكن دانية، ونوظر عليه بها. قال الأبّار: أخذ عنه أبو إسحاق ابن المناصف، وأبو عبد الرحيم بن غالب. ورأيته مراراً. وكان شاعراً، مجوّداً غالياً في التشيّع. توفّي بدانية ليلة عاشورا. قلت: له عقيدة خبيثة، وفيه اتّحادٌ ظاهر.

الكنى

أبو طالب بن أبي طاهر بن أبي الغنائم النّجّار.

سمع من يحيى بن ثابت جزءاً. مات في ربيع الأول.

 

وفيها ولد

رضيّ الدّين جعفر بن القاسم الرّبعيّ، ابن دبوقا المقرئ، بحرّان.

والعزّ عمر بن محمد ابن الأستاذ بحلب.

وقاضي حماة الكمال عبد الوهّاب ابن المحيي حمزة البهرانيّ.

والشمس محمد ابن المحدّث الشاهد ولد عزّ الدّين عبد الرزّاق الرّسعنيّ.

والجمال محمد بن حسن ابن البونيّ، بالإسكندرية.

والعماد إسماعيل بن عليّ ابن الطبّال، في صفر.

والبهاء عمر بن محمد بن عبد العزيز بن باقا، روى عن جدّه.

والركن يونس بن عليّ بن أفتكين.

والعماد الموصليّ، صاحب التّجويد عليّ بن أبي زهران.

وسليمان بن قايماز النّوريّ الحلبيّ.

ويونس بن خليل الحمويّ الشاهد، نزيل مصر.

والمؤيّد عليّ ابن خطيب عقربا إبراهيم بن يحيى.

والتّقيّ أحمد بن عبد الرحمن ابن العنيقة العطّار.

وشيخنا أبو الحسين عليّ ابن الفقيه اليونينيّ.

والبدر أحمد بن عبد الله بن عبد الملك المقدسيّ.

والنّفيس عبد الرحمن بن سليمان بن طرخان المشهديّ المصريّ.

وفي حدودها ولد الشيخ المعمّر أبو العبّاس أحمد بن أبي طالب ابن الشّحنة الحجّار الصّالحيّ، أو بعدها بعام.

 

وفيات سنة اثنتين وعشرين وستّمائة

حرف الألف

أحمد أمير المؤمنين الإمام الناصر لدين الله. أبو العبّاس ابن الإمام المستضيء بأمر الله

أبي محمد الحسن ابن الإمام المستنجد بالله أبي المظفّر يوسف ابن الإمام المقتفي لأمر الله أبي عبد الله محمد ابن الإمام المستظهر بالله أحمد، ابن المقتدي بأمر الله أبي القاسم الهاشميّ، العباسيّ، البغداديّ.

ولد يوم الاثنين عاشر رجب سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة. وبويع أوّل ذي القعدة سنة خمسٍ وسبعين. وكان أبيض اللّون، تركيّ الوجه، مليح العينين، أنور الجبهة، أقنى الأنف، خفيف العارضين، أشقر اللّحية، مليح المحاسن. نقش خاتمه رجائي من الله عفوه.

أجاز له أبو الحسين عبد الحقّ اليوسفيّ، وأبو الحسن عليّ بن عساكر البطائحي، وشهدة، وجماعة. وأجاز هو لجماعةٍ من الكبار، فكانوا يحدّثون عنه في حياته، ويتنافسون في ذلك، وما غرضهم العلّو ولا الإسناد، بل غرضهم التّفاخر، وإقامة الشعار والوهم.

ولم تكن الخلافة لأحد أطول مدّةً منه، إلاّ ما ذكر عن الخوارج العبيديّين، فإنّه بقي في الأمر بديار مصر المستنصر نحواً من ستين سنة. وكذا بقي الأمير عبد الرحمن صاحب الأندلس خمسين سنةً. وكان المستضيء أبوه قد تخوّف منه، فاعتقله، ومال إلى أخيه أبي منصور.

وكان ابن العطّار، وأكثر الدّولة مع أبي منصور وحظيّة المستضيء بنفشا، والمجد ابن الصّاحب، ونفرٌ يسير مع أبي العبّاس. فلمّا بويع أبو العبّاس، قبض على ابن العطّار وسلّمه إلى المماليك. وكان قد أساء إليهم، فأخرج بعد أيّام ميتاً، وسحب في شوارع بغداد. وتمكّن المجد ابن الصّاحب فوق الحدّ وطغا، وآلت به الحال إلى أن قتل.

قال الموفّق عبد اللّطيف: وكان النّاصر لدين الله، شاباً، مرحاً، عنده ميعة الشّباب. يشقّ الدّروب والأسواق أكثر اللّيل والناس يتهيّبون لقاءه. وظهر التّشيّع بسبب ابن الصّاحب، ثمّ انطفى بهلاكه. وظهر التّسنّن المفرط ثمّ زال. وظهرت الفتوة والبندق والحمام الهادي، وتفنّن الناس في ذلك. ودخل فيه الأجلاّء ثمّ الملوك، فألبسوا الملك العادل وأولاده سراويل الفتوّة، وكذا ألبسوا شهاب الدّين الغوريّ ملك غزنة والهند، وصاحب كميش، وأتابك سعد صاحب شيراز، والملك الظّاهر صاحب حلب، وتخوّفوا من السّلطان طغريل. وجرت بينهم حروبٌ.

وفي الآخر استدعوا تكش لحربه، وهو خوارزم شاه، فخرج في جحفلٍ لجبٍ، والتقى معه على الريّ، واحتزّ رأسه، وسيّره إلى بغداد. ثمّ تقدّم تكش نحو بغداد يلتمس رسوم السلطنة، فتحرّكت عليه أمّة الخطا، فرجع إلى خوارزم، وما لبث أن مات.

وكان النّاصر لدين الله قد خطب لولده الأكبر أبي نصر بولاية العهد، ثمّ ضيّق عليه لمّا استشعر منه، وعيّن أخاه، ثمّ ألزم أبا نصر بأن أشهد على نفسه أنّه لا يصلح، وأنّه قد نزل عن الأمر. وأكبر الأسباب في نفور الناصر من ولده هو الوزير نصير الدّين ابن مهديّ العلويّ، فإنّه خيّل إلى الخليفة فساد نيّة ولده بوجوهٍ كثيرة. وهذا الوزير أفسد على الخليفة قلوب الرعية والجند، وبغّضه إليهم وإلى ملوك الأطراف، وكاد يخلي بغداد عن أهلها، بالإرهاب تارةً وبالقتل أخرى، ولا يقدر أحد أن يكشف للخليفة حال الوزير، حتّى تمكّن الفساد وظهر، فقبض عليه برفق.

وفي أثناء ذلك، ظهر بخراسان وما وراء النهر خوارزم شاه محمد بن تكش وتجبّر وطوى البلاد، واستعبد الملوك الكبار وفتك بكثيرٍ منهم، وأباد أمماً كثيرةً من التّرك، فأباد أمّة الخطا، وأمّة التّرك، وأساء إلى باقي الأمم الّذين لم يصل إليهم سيفه. ورهبه النّاس كلّهم. وقطع خطبة بني العبّاس من بلاده وصرّح بالوقيعة فيهم. وقصد بغداد فوصل إلى همذان وبوادره إلى حلوان فوقع عليهم ثلج عظيمٌ عشرين يوماً، فغطّاهم في غير إبّانه، فأشعره بعض خواصّه أنّ ذلك غضبٌ من الله، حيث نقصد بيت النّبوة. والخليفة مع ذلك قد جمع الجموع، وأنفق النفقات، واستعدّ بكلّ ما تصل المكنة إليه، لكنّ الله وقى شرّه وردّه على عقبه. وسمع أنّ أمم التّرك قد تألّبوا عليه وطمعوا في البلاد لبعده عنها، فقصدهم، فقصدوه، ثمّ كايدوه، وكاثروه إلى أن مزّقوه في كلّ جهة، وبلبلوا لبّه، وشتّتوا شمله، وملكوا عليه أقطار الأرض، حتّى ضاقت عليه بما رحبت، وصار أين توجّه، وجد سيوفهم متحكّمة فيه، فتقاذفت به البلاد حتّى لم يجد موضعاً يحويه، ولا صديقاً يؤويه، فشرّق وغرّب، وأنجد وأسهل، وأصحر وأجبل، والرّعب قد ملك لبّه، فعند ذلك قضى نحبه.

قال: وكان الشيخ شهاب الدّين لمّا جاء في الرسالة خاطبه بكلّ قولٍ ولاطفه، ولا يزداد إلاّ طغياناً وعتوّاً، ولم يزل الإمام النّاصر مدّة حياته في عزٍّ وجلالةٍ، وقمع للأعداء، واستظهارٍ على الملوك، لم يجد ضيماً، ولا خرج عليه خارجيّ إلاّ قمعه، ولا مخالفٌ إلاّ دمغه، وكلّ من أضمر له سوءاً رماه الله بالخذلان. وأباده. وكان مع سعادة جدّه شديد الاهتمام بمصالح الملك، لا يخفى عليه شيء من أحوال رعيّته كبارهم وصغارهم. وأصحاب أخباره في أقطار البلاد يوصلون إليه أحوال الملوك الظاهرة - والباطنة حتّى يشاهد جميع البلاد دفعةً واحدة.

وكانت له حيلٌ لطيفة، ومكايد غامضة، وخدعٌ لا يفطن لها أحد. يوقع الصداقة بين ملوك متعادين وهم لا يشعرون، ويوقع العداوة بين ملوكٍ متّفقين وهم لا يفطنون. قال: ولو أخذنا في نوادر حكاياته، لاحتاجت إلى صحفٍ كثيرة.

ولمّا دخل رسول صاحب مازندران بغداد، كانت تأتيه ورقةٌ كلّ صباح بما عمل في اللّيل، فصار يبالغ في التّكتّم، والورقة تأتيه، فاختلى ليلةً بامرأةٍ دخلت من باب السّرّ، فصبّحته الورقة بذلك، وفيها: كان عليكم دواجٌ فيه صورة الأفيلة. فتحيّر، وخرج من بغداد وهو لا يشك أنّ الخليفة يعلم الغيب؛ لأنّ الإمامية يعتقدون أنّ الإمام المعصوم يعلم ما في بطن الحامل، وما وراء الجدار. وقيل: إنّ النّاصر كان مخدوماً من الجنّ.

وأتى رسول خوارزم شاه برسالةٍ مخفيّة وكتابٍ مختوم، فقيل: ارجع، فقد عرفنا ما جئت به، فرجع وهو يظنّ أنّهم يعلمون الغيب.

ووصل رسول آخر فقال: الرسالة معي مشافهة إلى الخليفة، فحبس، ونسي ثمانية أشهر، ثمّ أخرج وأعطي عشرة آلاف دينار، فذهب إلى خوارزم شاه، وصار صاحب خبرٍ لهم، وسيّر جاسوساً يطلعه على أخبار عسكر خوارزم شاه لمّا وجّه إلى بغداد، وكان لا يقدر أحدٌ أن يدخل بينهم إلاّ قتلوه، فابتدأ الجاسوس وشوّه خلقته وأظهر الجنون، وأنّه قد ضاع له حمار فأنسوا به، وضحكوا منه، وتردّد بينهم أربعين يوماً، ثمّ عاد إلى بغداد، فقال: هم مائة وتسعون ألفاً إلاّ أن يزيدوا ألفاً أو ينقصوا ألفاً.

وكان النّاصر إذا أطعم، أشبع، وإذا ضرب، أوجع، وله مواطن يعطي فيها عطاء من لا يخاف الفقر. ووصل رجلٌ معه ببّغاء تقرأ "قل هو الله أحدٌ" تحفةً للخليفة من الهند، فأصبحت ميتةً، وأصبح حيران، فجاءه فرّاش يطلب منه البّبغاء، فبكى، وقال: اللّيلة ماتت، فقال: قد عرفنا هاتها ميتة، وقال: كم كان في ظنّك أن يعطيك الخليفة؟ قال: خمسمائة دينار، فقال: هذه خمسمائة دينار خذها، فقد أرسلها إليك أمير المؤمنين، فإنّه علم بحالك مذ خرجت من الهند! وكان صدر جهان قد صار إلى بغداد ومعه جمعٌ من الفقهاء، وواحد منهم لمّا خرج من داره من سمرقند على فرسٍ جميلة، فقال له أهله: لو تركتها عندنا لئلا تؤخذ منك في بغداد؟ فقال: الخليفة لا يقدر أن يأخذها منّي، فأمر بعض الوقّادين أنّه حين يدخل بغداد يضربه، ويأخذ الفرس ويهرب في الزّحمة، ففعل، فجاء الفقيه يستغيث فلا يغاث، فلمّا رجعوا من الحجّ خلع

على صدر جهان وأصحابه سوى ذلك الفقيه، وبعد الفراغ منهم، خلع عليه، وأخرج إلى الباب وقدّمت له فرسه وعليها سرجٌ من ذهب وطوق، وقيل له: لم يأخذ فرسك الخليفة، إنّما أخذها أتونيٌّ، فخرّ مغشياً عليه، وأسجل بكراماتهم.

قلت: يجوز أن يكون الخليفة أو لبعض خواصه رئي من الجنّ، فيخبره بأضعاف هذا، والخطب في هذا سهل، فقد رأينا أنموذج هذا في زماننا بل وأكثر منه.

قال الموفق عبد اللّطيف: وفي وسط ولايته اشتغل برواية الحديث، واستناب نواباً في ذلك، وأجرى عليهم جراياتٍ، وكتب للملوك والعلماء إجازات. وجمع كتاباً سبعين حديثاً ووصل على يد شهاب الدّين إلى حلب، وسمعه الملك الظّاهر وجماهير الدّولة، وشرحته شرحاً حسناً، وسيّرته صحبة شهاب الدّين.

وسبب انعكافه على الحديث أنّ الشريف العباسيّ قاضي القضاة نسب إليه تزوير، فأحضر القاضي وثلاثة شهود، فعزّر القاضي بأنّ حرّكت عمامته فقط، وعزّر الثلاثة بأن أركبوا جمالاً وطيف بهم المدينة يضربون بالدّرّة، فمات واحد تلك اللّيلة، وآخر لبس الفسّاق ودخل بيوتهم، والثالث لزم بيته واختفى وهو البندنيجيّ المحدّث رفيقنا. فبعد مدّةٍ احتاج، وأراد بيع كتبه، ففتّش الجزاز، فوجد فيه إجازة للخليفة من مشايخ بغداد، فرفعها، فخلع عليه، وأعطي مائة دينار، وجعل وكيلاً عن أمير المؤمنين في الإجازة والتّسميع.

قلت: أجاز الناصر لجماعة من الأعيان فحدثوا عنه منهم: أبو أحمد ابن سكينة، وأبو محمد ابن الأخضر، وقاضي القضاة أبو القاسم ابن الدامغاني، وولده الظاهر بأمر الله، والملك العادل، وبنوه المعظم والكامل والأشرف.

قال ابن النجار: شرفني بالإجازة، فرويت عنه بالحرمين، وبيت المقدس، ودمشق، وحلب، وبغداد، واصبهان، ونيسابور، ومرو، وهمذان. ثم روى عنه حديثاً بالإجازة التي أذن له بخطه.

وقال الموفق عبد اللطيف: وأقام سنين يراسل جلال الدين حسن صاحب الموت يراوده أن يعيد شعار الاسلام من الصلاة والصيام وغير ذلك مما رفعوه في زمان سنان، ويقول: إنكم إذا فعلتم ذلك كنا يداً واحدة، ولم يتغير عليكم من أحوالكم شيء، ومن يروم هذا من هؤلاء، فقد رام منال العيوق، واتفق أن رسول خوارزم شاه بن تكش ورد في أمر من الأمور، فزور على

لسانه كتب في حق الملاحدة تشتمل على الوعيد، وعز الايقاع بهم، وأنه سيخرب قلاعهم، ويطلب من الخليفة المعونة في ذلك، وأحضر رجل منهم كان قاطناً ببغداد، ووقف على الكتب، وأخرج بها وبكتب أخرى على وجه النصيحة نصف الليل على البريد، فلما وصل ألموت، أرهبهم، فما وجدوا مخلصاً إلا التظاهر بالاسلام، واقامة شعاره. وسيروا إلى بغداد رسولاً ومعه مائتا شاب منهم، ودنانير كبار في مخانق، وعليها لا إله إلا الله محمد رسول الله، وطافوا بها في بغداد، وجميع من حولها يعلن بالشهادتين.

وكان الناصر لدين اله قد ملأ القلوب هيبة وخيفة. فكان يرهبه أهل الهند ومصر كما يرهبه أهل بغداد، فأحيى هيبة الخلافة وكانت قد ماتت بموت المعتصم، ثم ماتت بموته. ولقد كنت بمصر والشام في خلوات الملوك والأكابر، فإذا ذكره، خفضوا أصواتهم هيبة وإجلالاً.

وورد بغداد تاجرٌ معه متاع دمياط المذهب، فسألوه عنه، فأنكر، فأعطي علاماتٍ فيه من عدده وألوانه وأصنافه، فازداد إنكاره، فقيل له: من العلامات أنّك نقمت على مملوكك التّركيّ فلان، فأخذته إلى سيف بحر دمياط خلوةً، وقتلته ودفنته هناك، ولم يشعر بذلك أحد.

قال ابن النجار في ترجمة النّاصر: دانت له السلاطين، ودخل تحت طاعته من كان من المخالفين، وذلّت له العتاة والطّغاة، وانقهرت بسيفه الجبابرة والبغاة، واندحض أضداده وأعداؤه، وكثر أنصاره وأولياؤه، وفتح البلاد العديدة، وملك من الممالك ما لم يملكه من تقدّمه من الخلفاء والملوك أحد، وخطب له ببلاد الأندلس وبلاد الصّين، وكان أسد بني العباس، تتصدّع لهيبته الجبال، وتذلّ لسطوته الأقيال. وكان حسن الخلق، لطيف الخلق، كامل الظّرف، فصيح اللّسان، بليغ البيان، له التّوقعات المسدّدة، والكلمات المؤيّدة، كان أيامه غرّةً في وجه الدّهر، ودرّةً في تاج الفخر.

وقد حدّثني الحاجب أبو طالب عليّ بن محمد بن جعفر قال: برز توقيعٌ من الناصر لدين الله إلى جلال الدّين ابن يونس صدر المخزن: لا ينبغي لأرباب هذا المقام أن يقدموا على أمرٍ لم ينظروا إلى عاقبته، فإنّ النظر قبل الإقدام خيرٌ من الندم بعد الفوات، ولا يؤخذ البرآء بقول الأعداء، فلكلّ ناصح كاشح، ولا يطالب بالأموال من لم يخن في الأعمال، فإنّ المصادرة مكافأةً للظالمين، وليكن العفاف والتقى رقيبان عليك.

قال الحاجب أبو طالب: وبز توقيعٌ آخر منه إلى ابن يونس: قد تكرر تقدّمنا إليك ممّا افترضه

الله علينا، ويلزمنا القيام به؛ كيف يهمل حال الناس حتّى تمّ عليهم ما قد بيّن في باطنها، فتنصف الرجل، وتقابل العامل إن لم يفلج بحجّة شرعية.

وقال القاضي ابن واصل: كان الناصر شهماً، شجاعاً، ذا فكرةٍ صائبةٍ وعقلٍ رصينٍ، ومكرٍ ودهاءٍ، وكانت هيبته عظيمة جدّاً، وله أصحاب أخبار في العراق وسائر الأطراف، يطالعونه بجزئيات الأمور، حتّى ذكر أنّ رجلاً ببغداد عمل دعوةً، وغسّل يده قبل أضيافه، فطالع صاحب الخبر الناصر بذلك. فكتب في جواب ذلك: سوء أدبٍ من صاحب الدّار، وفضولٍ من كاتب المطالعة.

قال: وكان مع ذلك رديء السّيرة في الرعية، مائلاً إلى الظّلم والعسف، فخربت في أيامه العراق، وتفرّق أهلها في البلاد، وأخذ أموالهم وأملاكهم، وكان يفعل أفعالاً متضادّة، إلى أن قال: وكان يتشيّع، ويميل إلى مذهب الإمامية بخلاف آبائه، إلى أن قال: وبلغني أنّ شخصاً كان يرى صحّة خلافة يزيد، فأحضره الخليفة ليعاقبه، فقيل له: أتقول بصحّة خلافة يزيد؟ فقال: أنا أقول: إن الإمام لا ينعزل بارتكاب الفسق، فأعرض النّاصر عنه، وأمر بإطلاقه، وخاف المحاققة.

قال: وسئل ابن الجوزيّ - والخليفة يسمع - : من أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال: أفضلهم بعده من كانت ابنته تحته. وهذا جوابٌ محتمل لأبي بكر وعليّ رضي الله عنهما.

وكتب إلى الناصر خادمٌ له اسمه يمن ورقة فيها يعتب، فوقع فيها: بمن يمنّ يمن، ثمن يمنٍ ثمن.

وقال أبو المظفّر الجوزيّ: قلّ بصر الخليفة في الآخر، قيل: ذهب جملةً. وكان خادمه رشيقٌ قد استولى على الخلافة، وأقام مدّة يوقّع منه شدّةً وشقّ ذكره مراراً، وما زال يعتريه حتّى قتله. وغسّله خالي محيي الدّين يوسف.

وقال الموفّق: أمّا مرض موته، فسهوٌ نسيان، بقي به ستّة أشهر ولم يشعر أحد من الرعية بكنه حاله، حتّى خفي على الوزير وأهل الدّار. وكان له جاريةٌ قد علّمها الخطّ نفسه، فكانت تكتب مثل خطّه، فتكتب على التّواقيع بمشورة قهرمانة الدّار. وفي أثناء ذلك نزل جلال الدّين محمد خوارزم شاه على ضواحي بغداد هارباً منفّضاً من المال والرجال والدّواب، فأفسد بقدر ما

كانت تصل يده إليه. وكانوا يدارونه ولا يمضون فيه أمراً لغيبة رأي الخليفة عنهم، إلى أن راح إلى أذربيجان، ونهب في ذهابه دقوقاً واستباحها.

وكانت خلافته سبعاً وأربعين سنة. توفّي في سلخ رمضان، وبويع لولده أبي نصر ولقّب بالظّاهر بأمر الله؛ فكانت خلافته تسعة أشهر.

وذكر العدل شمس الدّين محمد بن إبراهيم بن أبي بكر الجزريّ قال: حدّثني والدي قال: سمعت الوزير مؤيّد الدّين ابن العلقميّ لمّا كان على الأستاذ داريّة، يقول: إنّ الماء الّذي يشربه الإمام النّاصر كانت تجيء به الدّواب من بغداد بسبعة فراسخ، ويغلى سبعة غلوات، كلّ يوم غلوة، ثمّ يحبس في الأوعية سبعة أيّام، ثمّ يشرب منه، وبعد هذا الاحتراز ما مات حتّى سقي المرقّد ثلاث مرار وشقّ ذكره وأخرج منه الحصى.

وقال ابن الساعي: فأصبح الناس يوم الأحد - يعني يوم الثلاثين من رمضان - وقد أغلقت أبواب دار الخلافة، وتولّى غسله محيي الدّين ابن الجوزيّ، وصلّى عليه ولده الظاهر بأمر الله بعد أن بويع، بايعه أولاً أقاربه، ثم نائب الوزارة مؤيّد الدّين محمد القمي وولده فخر الدّين أحمد، والأستاذ دار عضد الدّولة أبو نصر ابن الضّحّاك، وقاضي القضاة محيي الدّين ابن فضلان الشافعيّ، والنقيب قوام الدّين أبو عليّ الموسويّ. ودفن بصحن الدّار، ثمّ نقل بعد شهرين إلى التّرب، ومشى الخلق بين يدي جنازته. وأمّا بيعة الظّاهر، فهي في سنة اثنتين في الحوادث.

وقال ابن الأثير: بقي الناصر ثلاث سنين عاطلاً عن الحركة بالكلّية وقد ذهبت إحدى عينيه، توفي الآخر أصابه دوسنطاريا عشرين يوماً، ومات ولم يطلق في طول مرضه شيئاً ممّا كان أحدثه من المرسوم. وكان سيّء السّيرة خرب في أيّامه العراق، وتفرّق أهله في البلاد، وأخذ أموالهم وأملاكهم.

قال: وكان يفعل الشيء وضدّه، جعل همّه في رمي البندق والطّيور المناسيب، وسراويلات الفتوّة.

ونقل الظّهير الكازرونيّ في تاريخه وأجازه لي أنّ الناصر في وسط خلافته همّ بترك الخلافة، والانقطاع إلى التّعبد. وكتب عنه ابن الضّحّاك توقيعاً فقرئ على الأعيان، وبنى رباطاً للفقراء، واتخذ إلى جانب الرّباط داراً لنفسه كان يتردّد إليها، ويحادث الصوفية وعمل له ثياباً

كبيرةً بزيّ الصوفية.

قلت: ثمّ ترك ذلك، وملّ، الله تعالى يسامحه ويرحمه.

 

أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش القطفتيّ. والد الشيخ عبد الصّمد المقريء.

مات في رجب. وقد روى عن أحمد بن طارق الكركيّ.

 

أحمد بن محمد بن طغان بن بدر بن أبي الوفاء.

الفقيه، أبو العباس، المصريّ.

سمع من: عبد الله برّي النّحويّ، وعبد الرحمن بن محمد السّبيي.

وأمّ بمسجد سوق وردان مدّة.

وتوفّي بمدينة سمنّود من الغربية في المحرّم.

 

أحمد بن محمد بن إسماعيل.

أبو القاسم، الأمي الطّرسونيّ، ثمّ المرسيّ.

سمع: أبا القاسم بن حبيش، وأبا عبد الله بن حميد.

وأجاز له من مصر عبد الله بن برّي النّحويّ.

قال الأبار: كان فقيهاً، مدرّساً. حدّث، واستشهد في وقعة بنوط من أعمال مرسية، مقبلاً غير مدبر، في رجب وله بضعٌ وستّون سنةً.

وقال ابن مسدي: كان بارعاً في فنونٍ نقليةٍ وعقليةٍ، وغلب عليه الفقه على طريقة السّلف فاجتهد وللقياس اعتمد، فكثيراً ما كان يميل إلى رأي الكوفيّين. وله يدٌ في الطّب، ومعرفةٌ بالحديث، ومجلس عامٌ للعامّة.

وقال ابن فرتون: هو أديبٌ بارع، روى عن ابن هذيل، وابن النّعمة. قال: وأجاز لي.

 

أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد.

أبو القاسم، القرطبيّ.

روى عن: جدّه أبي القاسم، وأبيه أبي الوليد، وأبي القاسم بن بشكوال. وتوفي في رمضان.

 

أحمد ابن الشيخ كما الدّين أبي الفتح موسى ابن الشيخ رضيّ الدّين أبي الفضل يونس بن

محمد بن منعة بن مالك بن محمد بن سعد بن سعيد بن عاصم. الإمام شرف الدّين، أبو الفضل، ابن يونس، الإربليّ الأصل، الموصلي، الفقيه الشافعيّ.

ولد سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة.

وتفقّه على والده، وبرع في المذهب. وكان إماماً فقيهاً، مفتياً، مصنّفاً، عاقلاً، حسن السّمت.

شرح كتاب التّنبيه فأجاد، واختصر كتاب الأحياء للغزاليّ مرّتين. وكان يلقي الإحياء دروساً من حفظه.

قال ابن خلّكان: كان إماماً، كثير المحفوظات، غزير المادة، من بيت الرئاسة والفضل. نسج على منوال والده في التّفنّن في العلوم، وتخرّج عليه جماعةٌ كبيرة، وولي التّدريس بمدرسة الملك المعظّم مظفّر الدّين ابن صاحب إربل بإربل - بعد والدي - في سنة عشر بعد موت والدي، وكنت أحضر دروسه، وأنا صغير، وما سمعت أحداً يلقي الدّروس مثله. ثمّ حجّ وقدم، وأقام قليلاً، وانتقل إلى الموصل سنة سبع عشرة، وفوّضت إليه المدرسة القاهرية إلى أن توفّي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر. ولقد كان من محاسن الوجود، وما أذكره إلاّ وتصغر الدّنيا في عيني، ولقد فكّرت فيه مرّةً فقلت: هذا الرجل عاش مدّة خلاف الإمام النّاصر لدين الله.

قلت: شرحه للتّنبيه يدلّ على توسّطه في الفقه - رحمه الله - .

 

أحمد بن يونس بن حسن. أبو العبّاس، المقدسيّ، المرداويّ.

هاجر من مردا إلى دمشق بأولاده.

وسمع من: أبي المعالي بن صابر، وغيره.

روى عنه الضّياء، وقال: كان ممّن يضرب به المثل في الأمانة، والخير، والمروءة، والدّين، والعقل، والصّلاح. تولّى عمارة الجامع بالجبل، فأحسن فيها. توفّي في سابع عشر ذي الحجّة.

 

أحمد بن أبي المكارم.

الخطيب أبو العبّاس المقدسي المرداويّ وفي بمردا في شعبان.

وقد رحل، وروى عن: أبي الفتح بن شاتيل، وغيره.

 

إبراهيم بن إسماعيل بن خليفة الحربيّ.

روى عن يحيى بن ثابت، وغيره.

ومات في رجب.

روى عنه ابن النّجار، وقال: لا بأس به.

إبراهيم بن إسماعيل بن غازي.

أبو إسحاق، الحرّانيّ، الكحّال، الصّائغ، الشّاعر، المعروف بالنّقيب.

له معرفةٌ حسنة بالطّبّ والكحل. وكان طريفاً، كيّساً، مطبوع العشرة.

ذكره الصّاحب أبو القاسم في تاريخ حلب وقال: دخل حلب غير مرّةٍ، وروى عن أبيه يسيراً.

روى لنا عنه أبو محمد بن شحانة الحرّانيّ، وسليمان بن بنيمان. وأنشدني أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن شحانة بحرّان، أنشدني إبراهيم النقيب لنفسه: خـيالٌ لـسـلـمـى زار وهـنـــاً فـــســـلّـــمـــافـشـفّ ولـم يشـف الـغـلـيل مـن الــظّـــمـــا

ومـــا زارنـــي إلا خـــداعـــاً وعـــاتـــبـــاًعـلـى نـعـسةٍ كـانـت لــلـــقـــياه ســـلّـــمـــا

وأعـجـب مـا فـي الأمـر أنّـى اهـتــدى لـــهخـيالٌ إلـى مـثــل الـــخـــيال وأســـقـــمـــا

أظـنّ أنــينـــي دلّـــه أين مـــضـــجـــعـــيودلّـهـــه حـــرّ الـــهـــوى فـــتـــضـــرّمـــا

ولـولا انـطـبـاق الـجـفـن بـالـجـفـن لــم يزرولـكـــنّـــنـــي وهّـــمـــتـــه فـــتـــوهّـــمـــا

أيا راكــبـــاً يطـــوي الـــفـــلا لـــشـــمـــلّةأمـونٍ تـبـاري الـرّيح فـي أفــق الـــسّـــمـــا

لـك الـلـه إن جـزت الـــعـــقـــيق وبـــابـــهوشـارفـت أعـلـى الـــواديين مـــســـلّـــمـــا

فـقـف بـربـى نـجـدٍ لـعـــلّـــك مـــنـــجـــديورم رامةً ثـمّ الـوهـا بــلـــوى الـــحـــمـــى

وسـلّـم وسـل لـم حـلّـلـوا قـتـــل عـــاشـــقٍعـلـى جـفـنـه أضـحـى الـرّقـاد مــحـــرّمـــا

أيجـمـل أن أقـضـي ولـم يقـض لـي شـــفـــاوأظـلـم لا ظـلــمـــاً رشـــفـــت ولا لـــمـــا

لئن كان هـذا فـي رضـى الـحـبّ أو قـضـىبـه الـحـبّ صـبـراً لـلـقـضـاء ونــعـــم مـــا

قال لي ابن شحانة: توفّي إبراهيم النقيب بحرّان في سنة إحدى وعشرين.

وقرأت في تاريخ أبي المحاسن بن سلامة المكشوف: وفي سابع جمادى الآخرة مات الحكيم الأجلّ، الشّاعر، الكحّال، الصّائغ للذّهب والفضّة والكلام، أبو إسحاق إبراهيم ابن الحكيم إسماعيل بن غازي النقيب، وكان رجلاً كريماً، سخيّاً، شجاعاً ذكيّاً، طيّب الأخلاق، حسن العشرة، مليح الشمائل، له شعر رقيق يغنّى به.

 

إبراهيم بن عبد الرحمن بن الحسين بن أبي ياسر. أبو إسحاق، القطيعيّ، المواقيتي،

الخيّاط، الأزجيّ. من أهل قطيعة العجم بباب الأزج.

سمع: أبا الوقت السّجزيّ، وأبا المكارم الباذرائيّ، وغيرهما.

روى عنه: ابن نقطة، والدّبيثيّ، وابن النّجّار، ومحمد بن أبي الفرج ابن الدّبّاب، وأبو المعالي الأبرقوهيّ، وغيرهم.

وكان ثقةً، صالحاً، فاضلاً، عارفاً بالمواقيت والمنازل. وحدّث بصحيح البخاريّ مرّاتٍ. ومات في خامس شعبان.

سمعت من طريقه بالدّعاء للمحاملّيّ.

 

إبراهيم بن عثمان بن عيسى بن درباس المارانيّ.

الفقيه، المحدّث، جلال الدّين، أبو إسحاق.

ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.

وأجاز له السّلفيّ. وتفقّه على مذهب الشّافعيّ، ثمّ أحبّ الحديث.

وسمع فاطمة بنت سعد الخير، والأرتاحيّ، وطبقتهما. ورحل رحلةً كبيرةً؛ فسمع بدمشق من ابن طبرزد، والكنديّ، والطّبقة. وسمع بنيسابور من المؤيّد، وزينب الشّعرية، وبهراة من أبي روح. وكتب الكثير. وله شعر حسن.

روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره. وتوفّي في هذه السنة فيما بين الهند واليمن.

وكان مائلاً إلى الآخرة، متقلّلاً من الدّنيا جدّاً، صالحاً، زاهداً - رحمه الله - .

وكان أبوه من كبار الشافعية، وعمّه كان قاضي ديار مصر.

 

إبراهيم بن المظفّر بن إبراهيم بن محمد بن عليّ، الواعظ.

الإمام، أبو إسحاق، ابن البرنيّ، البغداديّ الأصل، الموصليّ.

ولد سنة ستّ وأربعين وخمسمائة.

وتفقّه على مذهب أحمد ببغداد، وسمع من: ابن البطّي، وأبي عليّ بن الرّحبيّ، وشهدة، وأحمد بن عليّ العلويّ، وأبي بكر ابن النّقور. وأخذ الوعظ عن أبي الفرج ابن الجوزيّ.

وحدّث بالموصل وسنجار.ووعظ. وولي مشيخة دار الحديث الّتي لابن مهاجر بالموصل.

وكان صالحاً، فاضلاً.

روى عنه: الدّبيثيّ، والزّين ابن عبد الدّائم، وإبراهيم بن عليّ العسقلاني، ومحمد بن منصور بن دبيس الموصليّ، والشيخ عبد الرحيم بن الرّجّاج - فيما أرى - .

وروى لنا عنه بالإجازة أبو المعالي الأبرقوهيّ.

وتوفّي في غرّة المحرّم. وقد قرأ عليه بالروايات ركن الدّين إلياس بن علوان.

قال ابن نقطة: كان فيه تساهلٌ في الرواية، يحدّث من غير أصوله، سمعت منه بالموصل.

 

أسعد بن عليّ بن عليّ بن محمد بن صعلوك.

أبو القاسم، البغداديّ.

ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة.

وسمع من: أبي الوقت، وأبي الكرم المبارك بن الحسن الشّهرزوريّ، وابن البّطّي.

روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، وغيرهما؛ وأورداه في تاريخيهما.

توفّي في المحرّم.

 

أسعد بن يحيى بن موسى، الشيخ بهاء الدّين.

أبو السّعادات السّلميّ، السّنجاريّ، الفقيه الشافعيّ، الشاعر.

طوّف البلاد، ومدح الكبار والملوك، وأخذ جوائزهم، وطال عمره، وعاش بضعاً وثمانين سنة.

ذكره العماد في الخريدة. ومن شعره: وهواك مـا خـطـر الـسّـلـوّ بـبـالـهولأنـت أدرى فـي الـغـرام بـحـالـه

وفـتـى وشـى شـخـصٌ إلـيك بـأنـهسـالٍ هـواك فـذاك مــن عـــذّالـــه

أوليس لـلـكـلـف الـمـعـنّـى شـاهـدٌمـن حـالـه يغـنـيك عـن تـســآلـــه

يا لـلـعـجـائب مـــن أســـيرٍ دأبـــهيفـدي الـطّـلـيق بـنـفـسـه وبـمـالــه

ريّان من مـاء الـشّـبـيبة والـصّـبـرشـرقـت مـعـاطـفـه بـطـيف زلالــه

وقد تفقّه على المجير البغداديّ، ويحيى بن فضلان.

قال ابن الساعي: توفّي في أول سنة أربعٍ وعشرين بسنجار. وقال آخر: توفّي سنة ثلاثٍ وعشرين في ربيع الآخر.

وديوانه مجلّد كبير. وقد ولي قضاء دنيسر. وخدم تقيّ الدّين عمر صاحب حماة. وله مدح في السّلطان صلاح الدّين.

 

حرف التاء

توبة بن أبي البركات التّكريتيّ، الزّاهد.

صاحب الشيخ عبد الله اليونينيّ. فقير، صالحٌ، كبير القدر. حدّث عن ابن طبرزد. وتوفّي في

شوال.

قال السيف ابن المجد: كان أحد من يشار إليه بالزّهد، صحب الشيخ عبد الله ولازمه، وكان يكرمه ويأنس به، وينزل - إذا قدم ت في مغارته على جبل الصّوان بقاسيون.

وقال ابن العزذ عمر الخطيب: حدّثتني فاطمة بنت أحمد بن يحيى بن أبي الحسين الزّاهد، حدّثتني أمّي ربيعة بنت الشيخ توبة أنّها كانت تقعد في اللّيل فتجد والدها قاعداً وهو يقول: يا سيّدي اغفر لعبيدك توبة. قالت: وكانت أمّي ربيعة ترجف. وقالت: كنت أحكي للنّاس كرامات الشيخ فرأيته في المنام وهو يقول: كم تهتكيني؟ وسلّ عليّ سيفاً، فبقيت أرجف وما عدت أجسر أن أحكي عنه شيئاً.

 

حرف الجيم

جعفر ابن شمس الخلافة، هو الأمير الكبير، مجد الملك، أبو الفضل، ابن شمس الخلافة

أبي عيد الله محمد بن مختار الأفضليّ، المصريّ، القوصيّ، الشاعر، الأديب.

ولد في المحرّم سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة.

ولقي الأدباء، وكتب الخطّ المنسوب.وكان من الأذكياء. وله تصانيف تدلّ على فضله. وحدّث بديوانه، وامتدح جماعةً من الأعيان.

روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، والشهاب القوصيّ.

وذكره ابن الشعار في تاريخه فقال: هو جعفر بن إبراهيم بن عليّ، من كبراء بلده. خدم مع السلطان صلاح الدّين أميراً؛ ومع ابنه العزيز، ثمّ قدم حلب، وخدم مع صاحبها غزي، ثمّ رجع إلى مصر. وكان شاعراً، وفاضلاً ذكيّاً، له هجوٌ مقذع في الملك العادل، وفي القاضي الفاضل. توفّي بمصر سنة عشر.

قلت: غلط في وفاته وفي اسمه.

قال المنذريّ في الوفّيات وفي معجمه: توفّي في ثاني عشر المحرّم.

ومن شعره: دع جـاهـلاً غـرّه تـمـــكّـــنـــهوضنّ بـالـجـود وهـو مـقـتـدر

فكم غنيّ لـلـنّـاس عـنـه غـنـىوكـم فـقــيرٍ إلـــيه يفـــتـــقـــر

 

حرف الحاء

الحسن بن عليّ بن الحسن، محيي الدّين، الموصليّ، الخطيب، المعروف بابن عمّار.

شيخٌ واعظ، حلو الوعظ. له تصانيف، وشعرٌ جيّد، فمنه: مـا بـين مـنـعــرج الـــلّـــوى والأبـــرقريمٌ رمـانـي فـي الـغـــرام الـــمـــوثـــق

أسـر الـفـؤاد الـمـسـتـهـام بــحـــســـنـــهووقـعـت مـنـه فـي الـعـذاب الـمـطـلـــق

يصمي القلوب بـطـرفـه الـسّـاجـي الّـذييرنـــو بـــه وإذا رمـــى لا يتّــــقـــــــي

بـانـت ضـبـابـاتـي بـبــانـــات الـــلّـــوىفـي حـبّـه ورثـت لـشــجـــوي أينـــقـــي

وأنـا الّـذي لا أسـتـفـيق مـــن الـــهـــوىطـفـلاً وهـا قـد شـاب فــيه مـــفـــرقـــي

توفي في سادس جمادى الأولى بالموصل.

 

الحسن بن المرتضى بن محمد بن زيد.

النقيب. السيّد بهاء الدذين، العلويّ، الحسينيّ، نقيب الموصل.

كان من أكابر البلد رئاسةً، وديناً،وعقلاً، وكرماً، وأدباص.

ومن شعره: لـو كـنـت شـاهـد عــبـــرتـــيوصـبـابـتـي عـنـد الـتّــلاقـــي

رحـمـــتـــنـــا مـــمّـــا بـــنـــاوعجـبـت مـن ضـيق الـعـنـاق

 

الحسين بن عمر بن نصر بن حسن بن سعد بن عبد الله بن باز.

أبو عبد الله، الموصلّيّ.

ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.

وسمع من خطيب الموصل أبي الفضل، وببغداد من شهدة، وأبي الحسين عبد الحق، ولا حق بن كاره، وعيسى الدّوشابيّ، وطائفةٍ. ودخل الشام ومصر ولم يسمع، وكأنّه قدم تاجراً.

وحدّث بالموصل وإربل. وولي مشيخة دار الحديث المظفّرية بالموصل. وقد كتب بخطّه، وله فهم ومعرفةٌ ما.

روى عنه: الدّبيثي، والرزاليّ، والضّياء،وآخرون. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ. ومات في ثاني ربيع الآخر، رحمه الله.

 

حرف الراء

راجية الأرمنية. أمّ محمد، عتيقة عبد اللّطيف ابن الشيخ أبي النّجيب السّهرورديّ.

سمعت من: أبي الوقت، وابن البطّي، وجماعةٍ. وروت ببغداد وإربل.

وكانت امرأةً صالحة. توفّيت بإربل في جمادى الأولى.

 

حرف السين

سعادة بنت الإمام عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيليّ.

روت عن: أبي الحسين عبد الحقّ، والحسن بن عليّ بن شيرويه. وتوفّيت في جمادى الآخرة، وصلّى عليها أخوها القاضي أبو صالح.

 

حرف الشين

شاكر بن مكّي بن أبي البركات.

أبو البركات، البغداديّ، النّجّاد.

ولد في حدود سنة خمسٍ وأربعين.

وسمع من أبي زرعة المقدسيّ. وتوفّي في ذي الحجّة.

روى لنا عنه الأبرقوهيّ بالإجازة.

 

حرف الصاد

صدقة بن منصور بن صدقة القطيعيّ، البقّال.

سمع من أبي المكارم المبارك الباذرائيّ؛ وحدّث. ومات في صفر.

 

حرف الطاء

طغرل بن قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش السّلجوقيّ،

الرّوميّ، الملك مغيث الدّين. صاحب أرزن الروم.

توفي في هذه السنة، وتملّك بعده ولده، وقد كان بعث ولده الآخر من سنتين إلى الكرج فتنصّر، وتزوّج بملكة الكرج.

 

حرف الظاء

ظفر بن سالم بن عليّ بن سلامة ابن البيطار.

أبو القاسم، البغداديّ، الحريميّ، أخو شجاع وياسمين.

سمّعه أبوه من: أبي الوقت، وابن البنّاء، وهبة الله ابن الشّبليّ. ومولده في حدود سنة ثمانٍ وأربعين.

روى عنه: الدّبيثيّ، والرفيع الهمذانيّ. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ. وتوفّي في جمادى الآخرة. قال ابن النّجّار: لم يكن به بأسٌ.

 

حرف العين

عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عليّ.

الفقيه الصّالح، أبو محمد، الهمذانيّ، الخطيب.

ولد بهمذان في سنة خمسٍ وأربعين.

وسمع من: أبي الوقت، ومن أبي الفضل أحمد بن سعدٍ البيّع.

وقدم بغداد، وتفقّه بالنّظاميّة على أبي الخير القزوينيّ، وأعاد بالنظاميّة للشيخ أبي طالب ابن الخلّ، وغيره. وحدّث.

وكان فقيهاً، ورعاً، عفيفاً، إماماً، عارفاً بالمذهب والأصول والخلاف.

قال الدّبيثيّ: أخبرنا أبو محمد، أخبرنا أحمد بن سعد، أخبرنا الإمام أبو إسحاق الشيرازيّ - فذكر حديثاً.

وقال ابن النجّار: قدم بغداد سنة سبعين وخمسمائة، فسكنها، وتفقّه علي أبي طالب ابن الكرخيّ، وأبي الخير القزوينيّ. وبرع في المذهب، وأفتى. وكان متقشفاً على منهاج السّلف.

قلت: روى عن ابن النجّار، وعليّ ابن الأخضر، والجمال يحيى ابن الصّيرفيّ؛ سمعوا منه جزء العبّادانيّ، وقد خطب بأعمال همذان.

توفّي في حادي عشر شعبان.

 

عبد الله بن باديس. أبو محمد، اليحصبيّ.

سكن بلنسية، وتفقّه بأبي عبد الله بن بنوح. وتعلّم العربية، وتحقّق بالعلوم النظرية. ونوظر عليه في المستصفى للغزاليّ. وتعبّد في آخر عمره.

توفّي في شعبان.

 

عبد الله بن صدقة. أبو البركات، البغداديّ، البزّاز، ويعرف بابن أبي قربة: بكسر القاف

وسكون الراء ثمّ باء موحّدة.

سمع من أبي الحسين عبد الحقّ؛ وحدّث. ومات في شعبان.

 

عبد الله بن عليّ بن الحسين بن عبد الخالق بن الحسين بن الحسن بن منصور. الصاحب

الوزير الكبير، صفيّ الدّين، أبو محمد، الشّيبيّ، المصريّ، الدّميريّ، المالكيّ، المعروف بابن شكر.

ولد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة.

وتفقّه على الفقيه أبي بكر عتيق البجائيّ وبه تخرّج. ورحل إلى الإسكندرية، وتفقّه بها على شمس الإسلام أبي القاسم مخلوف بن جارة، وسمع منه ومن السّلفيّ إنشاداً، وأجاز له. وسمع من أبي الطّاهر إسماعيل بن عوف، وأبي الطّيّب عبد المنعم بن يحيى بن الخلوف.

وأجاز له أبو محمد بن بريّ، وأبو الحسين بن أحمد بن حمزة ابن الموازينيّ، وجماعة.

وحدّث بدمشق ومصر، روى عنه الزّكيّ المنذريّ، والشهاب القوصيّ، وأثنيا عليه، فقال الزّكيّ: كان مؤثراً للعلماء والصّالحين، كثير البرّ بهم، والتفقّد لهم، لا يشغله ما هو فيه من كثرة الأشغال عن مجالستهم ومباحثتهم، وأنشأ مدرسة قبالة داره بالقاهرة.

وقال أبو المظفّر الجوزيّ: كان الملك العادل قد نفاه، فلما مات قدم من آمد بطلبٍ من السّلطان الملك الكامل.

قال أبو شامة: وكان خليقاً للوزارة لم يتولّها بعده مثله، وكان متواضعاً، يسلّم على النّاس وهو راكب، ويكرم العلماء ويدرّ عليهم، فمضى إلى مصر.

وقال القوصيّ: هو الّذي كان السبب فيما وليته وأوليته في الدّولة الأيوبية من الإنعام، وهو الّذي أنشأني وأنساني الأوطان، ولقد أحسن إلى الفقهاء والعلماء مدّة ولايته، وبنى مصلّى العيد بدمشق، وبلّط الجامع، وأنشأ الفوّارة، وعمّر جامع المزّة وجامع حرستا. ومولده بالدّميرة سنة أربعين.

وكذا قال ابن الجوزيّ في مولده، وقول المنذريّ أصحّ، فإنه قال: سمعته يقول: ولدت في تاسع صفر سنة ثمانٍ وأربعين. قال: وتوفّي بمصر في ثامن شعبان.

وقال الموفّق عبد اللّطيف: هو رجل طوال، تامّ القصب فعمها، درّيّ اللّون، مشرب بحمرة، له طلاقة محيّا، وحلاوة لسان، وحسن هيئة، وصحة بنية، ذو دهاء في هوج، وخبثٌ في طيشٍ مع رعونةٍ مفرطةٍ، وحقد لا تخبوا ناره، ينتقم ويظنّ أنّه لم ينتقم، فيعود ينتقم، لا ينام عن عدوّه، ولا يقل منه معذرةً ولا إنابةً، ويجعل الرؤساء كلّهم أعداءه، ولا يرضى لعدوّه بدون الإهلاك، ولا تأخذه في نقماته رحمةٌ، ولا يتفكّر في آخره.

وهو من دميرة - ضيعةٍ بديار مصر - واستولى على العادل ظاهراً وباطناً، ولم يمكّن أحداً من الوصول إليه حتّى الطّبيب والحاجب والفرّاش، عليهم عيونٌ، فلا يتكلّم أحدٌ منهم فضل كلمة خوفاً منه، ولمّا عزل، دخل الطّبيب والوكيل وغيرهما، فانبسطوا، وحكوا، وضحكوا، فأعجب السّلطان بذلك وقال: ما منعكم أن تفعلوا هذا فيما مضى قالوا: خوفاً من ابن شكر، قال: فإذاً قد كنت في حبسٍ، وأنا لا أشعر.

وكان غرضه إبادة أرباب البيوتات، ويقرّب الأراذل وشرار الفقهاء مثل الجمال المصريّ، الّذي صار قاضي دمشق، ومثل ابن كسا البلبيسيّ، والمجد البهنسيّ؛ الّذي وزر للأشرف.

وكان هؤلاء يجتمعون حوله، ويوهمونه أنّه أكتب من القاضي الفاضل، بل ومن ابن العميد الصّابي، وفي الفقه أضل من مالك، وفي الشعر أكمل من المتنبّي وأبي تمّام، ويحلفون على ذلك بالطّلاق وأغلظ الأيمان.

وكان لا يأكل من الدّولة ولا فلساً، ويظهر أمانةً مفرطةً، فإذا لاح له مالٌ عظيم احتجنه، وعملت له قيسة العجلان، فأمر كاتبه أن يكتبها ويردّها وقال: لا نستحلّ أن نأخذ منك ورقاً.

وكان له في كلّ بلدٍ من بلاد السلطان ضيعة أو أكثر في مصر والشام إلى خلاط، وبلغ مجموع ذلك مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار يعني مغلّه. وكان يكثر الإدلال على العادل، ويسخط أولاده وخواصّه، والعادل يترضّاه بكلّ ما يقدر عليه، وتكررّ ذلك منه، إلى أن غضب منه على حرّان، فلمّا صار إلى مصر وغاضبه على عادته، فأقرّه العادل على الغضب، وأعرض عنه. ثمّ ظهر منه فسادٌ، وكثرة كلام، فأمر بنفيه عن مصر والشام، فسكن آمد، وأحسن إليه صاحبها، فلمّا مات العادل عاد إلى مصر، ووزر للكامل، واخذ في المصادرات، وكان قد عمي، ورأيت منه جلداً عظيماً أنّه كان لا يستكين للنوائب، ولا يخضع للنكبات، فمات أخوه ولم يتغيّر، ومات أولاده وهو على ذلك. وكان يحمّ حمّى قوية، ويأخذه النافض، وهو في مجلس السلطان ينفّذ الأشغال، ولا يلقي جنبه إلى الأرض، وكان يقول: ما في قلبي حسرةٌ إلاّ أنّ ابن البيانيّ ما تمرّغ على عتباتي - يعني القاضي الفاضل - وكان يشتمه وابنه حاضر فلا يظهر منه تغيرٌ، وداراه أحسن مداراة، وبذلك له أموالاً جمّةً في السّرّ.

وعرض له إسهالٌ دمويٌ وزحير، وأنهكه حتّى انقطع، ويئس منه الأطباء، فاستدعى من حبسه عشرةٌ من شيوخ الكتّاب، فقال: أنتم تشمتون بي، وركّب عليهم المعاصير وهو يزحر وهم

يصيحون إلى أن أصبح وقد خفّ ما به، وركب في ثالث يوم، وكان يقف الرؤساء والناس على بابه من نصف اللّيل، ومعهم المشاعل والشمع، ويركب عند الصّباح، فلا يراهم ولا يرونه، لأنّه إمّا أن يرفع رأسه إلى السماء تيهاً، وإمّا أن يعرّج على طريقٍ أخرى، والجنادرة تطرد النّاس.

وكان له بوابٌ اسمه سالم يأخذ من الناس أموالاً عظيمة، ويهينهم إهانةً مفرطة، واقتنى عقاراً وقرى.

 

عبد الله بن عليّ بن أحمد بن أبي الفرج ابن الزّيتوني البوازيجيّ.

سمع من: يحيى بن ثابت، ومعمر ابن الفاخر، وأبي عليّ ابن الرّحبيّ.

وتوفّي في ربيع الآخر.

 

عبد الله بن محمد بن عبد العزيز.

أبو محمد، ابن سعدون، الأزديّ، البلنسيّ.

أخذ العربية عن الأستاذ عبدون، ومهر في فنون العربية. وأجاز له من الإسكندريّة أبو الطّاهر بن عوف، وغيره. وكان بديع الخطّ، أنيق الوراقة. ذكره الأبّار.

 

عبد الله بن محمد بن محمد ابن اليازوريّ، البغداديّ.

حدّث عن عبد الحقّ اليوسفيّ. وتوفّي في رجب.

 

عبد لاله بن نصر الله بن هبة الله بن عبد الله بن محمد. الشريف أبو جعفر، ابن أبي الفتح،

الهاشميّ، البغداديّ، المعروف بابن شريف الرّحبة.

ولد سنة أربعين وخمسمائة. وسمع الصحيح من أبي الوقت، وسمع من شهدة.

قال ابن النّجّار: كتبت عنه، ولم يكن مرضيّاً في سيرته، ولا محمود الطّريقة. وكان أبوه من ذوي الثروة الواسعة. ثم روى عنه، وقال: مات في رابع رمضان.

قلت: روى لنا الأبرقوهيّ عنه من البخاريّ.

 

عبد الحقّ بن الحسن ابن الشيخ سعد الله بن نصر ابن الدّجاجيّ.

ولد سنة سبعٍ وخمسين ظنّاً. وروى عن جدّه.

روى عنه: ابن النّجّار، وأبو الفضل ابن الدّبّاب، وجماعة.

توفّي في رجب.

عبد الحقّ ابن الفقيه الزّاهد أبي الغنائم عبد الرحمن بن جامع ابن غنيمة. أبو عبد الله،

البغداديّ.

روى عن: عبد الحقّ اليوسفيّ، وغيره.

2عبد الحقّ بن محمد بن عليّ بن عبد الرحمن.

أبو محمد الزّهريّ، الأنديّ، نزيل بلنسية.

ولد سنة سبعٍ أو ثمانٍ وثلاثين، وحجّ عام اثنتين وسبعين.

وسمع من السّلفيّ الأربعين والمحامليات. وكان عدلاً، تاجراً.

قال الأبّار: سمعت منه الأربعين، وقد سمعها منه أبو محمد، وأبو سليمان ابنا ابن حوط الله.

وعمّر، وأسنّ، حتّى ألحق الصّغار بالكبار. وتوفّي في ربيع الآخر.

 

عبد الخالق بن أبي الفضل بن أبي المعالي المحوّلي.

سمع من عبد الرحمن بن زيد الورّاق. وأجاز له أبو الوقت. وتوفّي في جمادى الأولى.

 

عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك. أبو سعيد، ابن المرقّعاتيّ.

ولد في حدود سنة ثلاث وخمسين.

وسمع من: أبيه، ويحيى بن ثابت، والمبارك بن خضير. وحدّث.

ومات في جب.

 

عبد الرحمن ابن العلاّمة أبي سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون التّميميّ، قاضي

القضاة، نجم الدّين.

أحد الأكابر والأعيان. حدّث عن والده. روى عنه الشهاب القوصيّ، وقال: توفّي بحماة في رمضان سنة اثنتين وعشرين.

 

عبد السّلام بن يوسف بن محمد بن عبد السّلام.

أبو محمد العبرتيّ، الكرخيّ، الضّرير، المقرئ، الخطيب.

ولد في حدود الأربعين وخمسمائة.

وقدم بغداد في شبيته، وسمع من: ابن ناصر، وأبي الكرم الشّهرزوريّ، وأبي بكر ابن الزّاغونيّ، وأبي المعالي ابن اللّحّاس، وابن البطّي. وتولّى الخطابة بعبرتا. وتوفّي بكرخ عبرتا في سابع المحرّم.

روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار.

 

عبد العزيز بن النّفيس بن هبة الله بن وهبان السّلميّ، ويعرف بشمس العرب، البغداديّ،

الأديب، الشاعر.

نزيل دمشق، أخو المحدّث عبد الرحيم. كان مقيماً بالمدرسة العزيزية، ومدح جماعةً من ملوك بني أيّوب. وكان متجمّلاً، متعفّفاً، قنوعاً، يخضب شبيه. توفّي في حادي عشر ذي الحجّة.

ومن شعره: وقـالـوا لـم تـركـت مــديح قـــومٍأقـمـت عـلـى مـديحـهـم سـنـينــا

فـقـلـت تـغـيّروا عـمّـا عـهــدنـــاوصـاروا كـلّ عـامٍ ينـقـصـونـــا

وكـانـوا ينـعـمـون بـغـير وعـــدٍفـصـاروا يوعـدون ويمـطـلـونـا

 

عبد القادر بن إبراهيم بن شجاع بن عرفجة.

أبو محمد، البغداديّ، الحنفيّ.

سمع: شهدة، وعبد الحقّ، وحضر يحيى بن ثابت. ومات في رجب.

 

عبد القادر بن معالي بن غنيمة.

أبو محمد، البغدادي، الحلاوي.

سمع من أبي طالب بن خضير. ومات في شعبان.

 

عبد القادر بن منصور بن مسعود ابن المشتري. القطيعيّ، الخياط.

سمع من: ابن البطّي، وأبي المكارم البادرائي. وكان شيخاً صالحاً.

توفي في رجب.

 

عبد المحسن ابن خطيب الموصل، أبي الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد. أبو القاسم، ابن

الطّوسيّ، الموصليّ.

خطيب الجامع العتيق بالموصل هو، وأبوه، وجدّه أبو نصر.

سمع: أباه، وعمّه عبد الرحمن، وأبا عبد الله الحسين بن نصر بن خميس. وببغداد أبا الكرم ابن الشّهرزوري، وجدّه.

وولد في سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة بالموصل، وبها مات في ربيع الأول. وكان ذا دينٍ، وصلاحٍ، وأخلاقٍ حسنة.

روى عنه الدّبيثيّ، وقال: نعم الشّيخ كان؛ والضياء المقدسيّ، والزّين عبد الله بن النّاصح.

وأجاز لجماعة. وروى لنا عنه بالإجازة الشهاب الأبرقوهيّ، وقال: يغلب على ظنّي أنّني سمعت منه جزء ابن كرامة.

 

عبد الملك بن عبد الملك بن يوسف بن محمد بن قدامة، ابن الفقيه. أبو محمد، المقدسيّ.

روى عن يحيى الثّقفيّ.

ومات كهلاً في ذي القعدة.

وهو والد المسند كمال الدّين عبد الرحيم.

 

عبد المنعم بن عليّ بن عبد الغنيّ.

أبو محمد، القرشيّ، الصّقلّي، أخو الزّين عليّ الضّرير.

قال أبو شامة: كان صالحاً، خيّراً، مقرئاً. قرأ على الكندي، وعلى شيخنا السّخاويّ.

 

عبيد الله بن عليّ بن أبي السّعادات المبارك بن الحسين بن نغوبا. أبو المعالي، الواسطيّ،

الصّوفيّ.

ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.

وسمع من: أبيه، وأحمد بن عبيد الله الآمديّ، وصالح بن سعد الله بن الجوّانيّ، ومحمد بن محمد بن أبي زنبقة. وقدم بغداد مع والده، وسمع من هبة الله ابن الشّبليّ، وابن البطّي، والنّقيب أحمد بن عليّ، وشهدة.

وروى عنه الدّبيثيّ، والبرزاليّ، وجماعة. وتوفّي في العشرين من جمادى الأولى. وقد حدّث من بيته جماعةٌ: فجدّه من شيوخ الكنديّ، وأبوه من شيوخ الشيخ الموفّق، وله أخوان رويا؛ وعبد الله، وعليّ مضيا قبله. وكان لا بأس به.

2عطاء الله بن منصور بن نصر.

القاضي، الفقيه، أبو محمد، اللّكّيّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ.

ولد سنة ثلاثٍ وخمسين. وناب في الحكم ببلده مدّةً. وكان ديّناً، خيّراً، مقبلاً على شأنه. وجدّ نصر بالتّحريك. ولم يسمع من السّلفيّ؛ إنّما روى عنه بالإجازة.

 

عليّ ابن علم الدّين سليمان بن جندر، الأمير سيف الدّين.

من أمراء حلب الأعيان، بنى بحلب مدرستين، وبنى الخانات في الطّريق. وله المواقف

المشهورة، والصّدقات.

مات بحلب في جمادى الأولى.

 

عليّ بن محمد بن أحمد بن حريق.

أبو الحسن، المخزوميّ، البلنسيّ، الشّاعر.

قال الأبّار: شاعر بلنسية الفحل المستبحر في الآداب واللّغات. روى عن أبي عبد الله بن حميد. وكان عالماً بفنون الآداب، حافظاً لأشعار العرب وأيامها، شاعراً مفلقاً، اعترف له بالسّبق بلغاء وقته، ودوّن شعره في مجلّدتين. وله مقصورة كالدّريديّة سمعتها منه، وصحبته مدّة، وأخذ عنه أصحابنا. ولد سنة إحدى وخمسين. وتوفّي في ثامن عشر شعبان.

قال ابن مسدي: كان إن نظم أعجز وأبدع، وإن نثر أوجز وأبلغ، سحب ذيل الفصاحة على سحبانها، ونبغ بإحسان على نابغتها وحسّانها. سمعت من تواليفه، فمن ذلك: يا صاحبيّ وما الـبـخـيل بـصـاحـبـيهـذي الـخـيام فـأين تـــلـــك الأدمـــع

أتـمـرّ بـالـعـرصـات لا تـبـكـي بـهــاوهـي الـمـعـاهـد مـنــهـــم والأربـــع

يا سـعـد مـا لـهـذا الـمـقـام وقـد نــأواأتـقـيم مـن بـعـد الـقـلـوب الأضـلـــع

وأبـى الـهـوى إلاّ الـحـلـول بـلـعـلـعٍويح الـمـطـايا أين مـنـهـا لـــعـــلـــع

لـم أدر أين ثـووا فـلـم أسـأل بـــهـــمريحـاً تـهـــبّ ولا بـــريقـــاً يلـــمـــع

عليّ بن منصور بن عبد الله. أبو الحسن، اللّغويّ.

كان علاّمةً في اللّغة، بصيراً بالعربيّة، إلاّ أنّه كان ضجوراً يأبى التّصدّر والتّصدير للإشغال، ولم يتأهّل قط. وكان مقيماً بالنّظاميّة، وكان أحد الأذكياء؛ حفظ المجمل لابن فارس؛ كلّ يوم كرّاساً، وحفظ إصلاح المنطق وأشياء كثيرة، وكان سريع الحفظ. وعاش بضعاً وسبعين سنة.

عليّ بن أبي الكرم نصر بن المبارك بن أبي السّيّد بن محمد.

أبو الحسن، الواسطيّ، ثمّ البغداديّ، ثمّ المكّيّ، المولد والدّار، الخلاّل، المعروف بابن البنّاء.

راوي جامع التّرمذيّ عن أبي الفتح الكروخيّ.

حدّث بمكّة، والإسكندرية، ومصر، ودمياط، وقوص؛ وسمع منه لهذا الكتاب خلقٌ كثير. وهو آخر من رواه عن الكروخيّ، وسماعه صحيح.

قال ابن نقطة: ذكر لي أنّه وقع له نحواً من ثلثه بخطّ الكروخيّ. وهو شيخٌ فقير عامّيّ، سألته

أن أقرأ عليه، فقال: اقرأ ما شئت، وقد أجزت لك ولولدك لكن لا أكتب لك خطّي، فقرأت عليه في سنة خمس عشرة حديثاً واحداً، ثمّ سمعت منه بعد ذلك بعض الجامع.

روى عنه: ابن نقطة، والزّكيّ المنذريّ، ومحمد بن صالح التّنّيسيّ، ومحمد بن عبد العزيز الإسكندرانيّ، وزين الدّين محمد ابن الموفّق الإسكندرانيّ الخطيب، والضّياء محمد بن عمر التّوزريّ، ومحمد بن منصور ابن أحمد الحضرميّ الإسكندرانيّ، والحسن بن عثمان القابسيّ المحتسب، وعبد المحسن بن ظافر الحجريّ، وعبد المحسن بن يحيى البجائي، وإسحاق ابن إبراهيم بن قريش المخزوميّ، والقطب محمد بن أحمد ابن القسطلاّنيّ، ومحمد بن عبد الخالق بن طرخان الأمويّ، وعليّ بن صالح الحسينيّ، ويوسف بن إسحاق الطّبريّ المكّيّان، وآخر من روى عنه محمد بن ترجم بالقاهرة.

توفّي في ربيع الأول، وقيل: في صفر بمكّة عن سنٍّ عاليةٍ.

 

عليّ بن يوسف بن عبد الله بن بندار. قاضي القضاة بالدّيار المصرية، زين الدّين، أبو

الحسن، ابن العلاّمة أبي المحاسن، الدّمشقيّ، ثمّ البغداديّ.

روى مسند الشّافعيّ عن أي زرعة المقدسيّ.

وولد في سنة خمسين وخمسمائة ببغداد؛ وتفقّه بها على والده، وسافر عن بغداد في سنة سبعٍ وسبعين. وكان فقيهاً، إماماً، محتشماً، متواضعاً، خيّراً، حسن الأخلاق، محبّاً لأهل العلم.

روى عن: البرزاليّ، والحافظ عبد العظيم، وابنه أبو العبّاس أحمد بن عليّ، وجماعة. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ.وتوفّي في ثالث عشر جمادى الآخرة بالقاهرة.

 

عليّ بن يوسف بن أيّوب بن شاذي. السلطان، الملك الأفضل، نور الدّين، ابن السلطان

الملك النّاصر صلاح الدّين.

ولد يوم عيد الفطر سنة خمسٍ وستّين بالقاهرة، وقيل: سنة ست وستّين. وسمع من عبد الله بن بري النّحويّ، وأبي الطّاهر إسماعيل بن عوف الزّهريّ، وأجاز له جماعة. وله شعرٌ حسنٌ، وترسّلٌ، وخطٌّ مليح.

وكان أسنّ الإخوة، وإليه كانت ولاية عهد أبيه. ولمّا مات أبوه، كان معه بدمشق، فاستقلّ بسلطنتها، واستقلّ أخوه الملك العزيز بمصر، وأخوهما الظّاهر بحلب.

ثمّ جرت للأفضل والعزيز فتنٌ وحروب، ثمّ اتّفق العزيز وعمّه الملك العادل على الأفضل،

وقصدا دمشق، وحاصراه، وأخذاها منه، فالتجأ إلى صرخد، وأقام بها قليلاً. فمات العزيز بمصر، وقام ولده المنصور محمد وهو صبيٌّ، فطلبوا له الملك الأفضل ليكون أتابكه؛ فقدم مصر، ومشى في ركاب الصّبيّ.

ثمّ إنّ العادل عمل على الأفضل، وقدم مصر وأخذها، ودفع إلى الأفضل ثلاثة مدائن بالشرق، فسار إليها، فلم يحصل له سوى سميساط، فأقام بها مدّة. وما أحسن ما قال القاضي الفاضل: أمّا هذا البيت، فإنّ الآباء منه اتفقوا، فملكوا، والأبناء منه اختلفوا، فهلكوا. وقيل: كان فيه تشيّعٌ. ولمّا عمل عمّه العادل أبو بكر قال: ذي ســـنٌّ بـــين الأنـــام قــــديمةٌأبداً أبو بـكـرٍ يجـور عـلـى عـلـيّ

وكتب إلى الخليفة: مـولاي إنّ أبــا بـــكـــرٍ وصـــاحـــبـــهعثمان قد غصـبـا بـالـسّـيف حـقّ عـلـي

وهـــو الّـــذي كـــان قـــد ولاّه والــــدهعـلـيهـمـا واسـتـقـام الأمـر حـين ولـــي

فـحـالـفـــاه وحـــلاّ عـــقـــد بـــيعـــتـــهوالأمـر بـينـهـمـا والـفـصّ فـيه جــلـــي

فانظر إلـى خـطّ هـذا الاسـم كـيف لـقـيمـنـه الأواخـر مـــا لاقـــى مـــن الأول

فجاءه في جواب النّاصر لدين الله: وافى كتـابـك يا بـن يوسـف مـعـلـنـاًبـالـودّ يخـبـر أنّ أصـلـك طـــاهـــر

غـصـبـوا عـلـياً حـقّـه إذ لــم يكـــنبـعـد الـنّـبـيّ لـه بـطــيبة نـــاصـــر

فـابـشـر فـإنّ غـداً عـلـيه حـسـابـهــمواصبر فـنـاصـرك الإمـام الـنّـاصـر

وقيل - ولم يصح - إنّه جرّد سبعين ألفاً لنصرته. فجاءه الخبر أنّ الأمر قد فات، فبطل التّجريد.

قال ابن الأثير في تاريخه: ولم يملك الأفضل مملكة قطّ إلا وأخذها منه عمّه العادل؛ فأوّل ذلك أنّ أباه أقطعه حرّان وميّافارقين سنة ستّ وثمانين وخمسمائة، فسار إليها، فأرسل إليه أبوه، وردّه من حلب، وأعطى حرّان وميّافارقين لأخيه الملك العادل. ثمّ ملك الأفضل دمشق بعد والده، فأخذها منه عمّه العادل في شعبان سنة اثنتين وتسعين، ثمّ ملك مصر بعد أخيه العزيز، فأخذها منه. ثمّ ملك صرخد، فأخذها منه.

قال: وكان من محاسن الدّنيا لم يكن في الملوك مثله. كان خيّراً، عادلاً، فاضلاً، حليماً، كريماً،

قلّ أن عاقب على ذنب. إلى أن قال: وبالجملة اجتمع فيه من الفضائل والمناقب ما تفرّق في كثير من الملوك. لا جرم حرم الملك والدّنيا، وعاداه الدّهر، ومات بموته كلّ خلقٍ جميل وفعلٍ حميد. ولمّا مات اختلف أولاده وعمّهم قطب الدّين.

وقال صاحب كتاب جنى النخل: حضرت يوماً بسميساط، وصاحبها يومئذٍ الأفضل، فنظر إلى صبيّ تركيّ لابسٍ زرديّة، فقال على البديه: وذي قـلـبٍ جـلـيدٍ لـــيس يقـــوىعلى هـجـرانـه الـقـلـب الـجـلـيد

تدرّع لـلـوغـى درعـاً فـأضـحـىوظـاهــره وبـــاطـــنـــه حـــديد

ثمّ أنشدني لنفسه: أمـا آن لـلـحـــظّ الّـــذي أنـــا طـــالـــبمن الـدّهـر يومـاً أن أرى وهـو طـالـبـي

وهـل يرينّـي الـدّهــر أيدي شـــيعـــتـــيتـحـكـم قـهـراً فـي نـواصـي الـنّـواصـب

وله: يا مـن يسـوّد شـعـره بـخـضـــابـــهلعسـاه فـي أهـل الـشّـبـيبة يحـصـل

ها فاختـضـب بـسـواد خـطّـي مـرّةًولـك الأمـان بــأنّـــه لا ينـــصـــل

مات فجاءة في صفر بسميساط: وهي قلعةٌ على فالفرات بين قلعة الروم وملطية، ونقل إلى حلب، فدفن بتربة له بقرب مشهد الهرويّ.

 

عليّ بن أبي القاسم بن أبي بكر الحريميّ، الدّلاّل.

سمع من: يحيى بن ثابت، وأحمد بن بنيمان الحريميّ. ومات في ربيع الأول.

 

عليّ المولّه الكرديّ، بدمشق.

وكان يكون بظاهر باب الجابية. وللعوامّ فيه اعتقاد، ويقولون: له كرامات. وكان لا يصوم ولا يصلّي، ويدوس النّجاسة. قاله أبو شامة.

 

عمر بن بدر بن سعيد.

المحدّث، أبو حفص، الكرديّ، الموصليّ، الحنفيّ.

له تصانيف ومجاميع، ولم يزل يسمع إلى أن مات. لقبه ضياء الدّين.

سمع: ابن كليب، ومحمد بن المبارك ابن الحلاويّ، وابن الجوزيّ، وطبقتهم. وحدّث بحلب ودمشق.

روى عنه: مجد الدّين ابن العديم؛ وأخته شهدة، والفخر عليّ ابن البخاريّ، وقبلهم الشّهاب القوصيّ، وغيره. وسماع الفخر منه بالقدس.

وتوفّي في شوّال بدمشق بالبيمارستان النّوريّ، وله بضعٌ وستّون سنة.

 

عمر بن القاسم بن مفرّج بن درع. أبو عبد الله، التّكريتيّ، الفقيه الشافعيّ، أخو القاضي

يحيى قاضي تكريت.

مات في جمادى الآخرة عن اثنتين وثمانين سنة. إمامٌ، مفتٍ، حسن النظم. ذكر في قلائد الجمان.

 

حرف الغين

غالب بن أبي سعد بن غالب بن أحمد.

أبو غالب، الحربيّ، الغزالّ.

سمع من أبي الفتح بن البطّي. روى لنا عنه بالإجازة الشهاب الأبرقوهيّ. وتوفّي في ربيع الآخر.

 

حرف الميم

محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الجبّار.

أبو الغنائم، الواسطيّ، الشاعر.

توفّي في ذي القعدة، وله بضع وثمانون سنة.

ومن شعره: أيا شـجـراتٍ بـالـمـصـلّـى قــديمةًسـلامٌ عـلـيكـنّ الـــغـــداة ســـلام

ويا بان كثبـان الـجـنـيبة هـل لـنـابـظـلّـك مـن بـعـد الـبـعـاد مـقـــام

 

محمد بن أحمد بن مسعود الشاطبيّ.

سيأتي سنة خمس، ولكن ورّخه ابن مسدي في عام اثنتين، فالله أعلم.

 

محمد بن إبراهيم بن أحمد بن طاهر. الشيخ فخر الدّين، أبو عبد الله، الفارسيّ، الشيرازيّ،

الخبريّ، الفيروز آباديّ، الصّوفيّ، الشافعيّ.

قدم دمشق سنة ستٍّ وستّين وخمسمائة، وعمره سبع وثلاثون سنة، فسمع من الحافظ أبي القاسم بن عساكر، وسافر إلى الإسكندرية في شعبان، فسمع من السّلفيّ، وسمع من أبي الغنائم

المطهّر بن خلف بن عبد الكريم النّيسابوريّ، وأبي القاسم محمود بن محمد القزوينيّ، وجماعة من المتأخّرين. وعلى تقدير عمره كان يمكنه السماع من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاريّ، وطبقته.

قال المنذريّ: صنّف في الطّريقة كتاباً مشهوراً، وحدّث بالكثير، وجاور بمكّة زماناً، وانقطع في آخر عمره بمعبد ذي النّون بالقرافة.

قلت: روى عنه هو، والرشيد عبد الله؛ والجلال عيسى ابنا حسنٍ القاهريّ، والضّياء عليّ ومحمد ابنا عيسى بن سليمان الطّائي، والشهاب الأبرقوهيّ، وطائفة. وأراني شيخاً العماد الحزّاميّ له خطبة كتاب، فيها أشياء منكرة تدلّ على انحرافه في تصوّفه، والله أعلم بحقيقة أمره. وقال للزّكيّ المنذريّ: نحن من خبر سروشين، وهي من أعمال شيراز.

وتوفّي في سادس عشر ذي الحجّة.

وقد مدحه عمر ابن الحاجب: بالحقيقة، والأحوال، والجلالة، وأنّه فصيح العبارة، كثير المحفوظ. ثمّ قال: إلاّ أنّه كان كثير الوقيعة في الناس لمن يعرف ولم لا يعرف، لا يفكّر في عاقبة ما يقول. وكان عنده دعابة في غالب الوقت، وكان صاحب أصول يحدّث منها، وعنده أنسةٌ بما يقرأ عليه.

وقال ابن نقطة: قرأت عليه يوماً حكاية عن ابن معين، فسبّه ونال منه، فأنكرت عليه بلطف.

قلت: أول كتابه برق النّقا شمس اللّقا: الحمد لله الّذي أودع الحدود والقدود الحسن، واللّمحات الحوريّة السّالبة بها إليها أرواح الأحرار المفتونة بأسرار الصّباحة، المكنونة في أرجاء سرحة العذار، والنّامية تحت أغطية السّبحانية، وخباء القيومية، المفتونة بغررها قلوب أولي الأيدي والأبصار بنشقة عبقة الخزام الفائحة عن أرجاء الدّار، وأكناف الدّيار، الدّالّة على الأشعّة الجمالية، الموجبة خلع العذار، وكشف الأستار بالبراقع المسبلة على سيماء الملاحة المذهبة بالعقول إلى بيع العقار على ذرى الجمال المصون وراء سحب الأوكار، المذهلة بلطافة الوصلة عن هبوب الرياح المثيرة نيران الاشتياق إلى ثورة الحسن المسحبة عليها أذيال العشق، والافتنان من سورة الإسكار، ومن لواعج الخمار، المزعجة أرواح الطّائفة، الطّائفة حول هالة المشاهدة، والكعبة العيانية لاختلاس المكالمة، وطيب الدّلال في السرار.

 

محمد بن إسماعيل بن محمود بن أحمد. القاضي، صفيّ الدّين أبو عبد الله، ابن الفقيه، أبي

الطّاهر، الأنصاريّ، الدّمشقيّ الأصل، المحلّيّ، الشافعيّ، الصّفيّ، الكاتب.

تفقّه بمصر على الفقيه أبي إسحاق بن مزيبل ولازمه مدّة. وسمع من أبيه، ومن عشير بن عليّ المزارع. وكتب في ديوان الإنشاء العادلي مدّة. ومات بحلب. وكان لأبيه قبولٌ تامّ بالمحلّة.

 

محمد بن أبي الوليد إسماعيل بن محمد. أبو بكر، الحضرميّ.

إمام جامع مرسية. كان ينسخ تفسير أبي محمد بن عطيّة؛ وله به عنايةٌ ورواية، كرّر نسخه إلى الممات؛ ومنه كان يقتات. أخذ عن أبي بكر بن خير، وابن بشكوال.

قال ابن مسدي: أكثرت عنه، وكان مولده سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة.

 

محمد بن جعفر. أبو الخطّاب، الرّبعيّ.

شاعر مات بالرّقة شابّاً، فمن نظمه: مـتـى لاح دون الــورد آس عـــذارهفـجـنّـتـه خـفّـــت بـــأهـــوال نـــاره

غـريرٌ جـرى مـاء الـنـعـيم بـــخـــدّهفـزاد اتّـقـاد الـنّـار فــي جـــلّـــنـــار

 

محمد بن الحسين بن أبي المكارم أحمد بن الحسين بن بهرام. القاضي الصّالح، العالم مجد

الدّين، أبو المجد، القزوينيّ، الصّوفيّ.

ولد في صفر سنة أربع وخمسين وخمسمائة بقزوين.

وسمع: أباه، ومحمد بن أسعد حفدة العطاريّ، وأحمد بن ينال التّرك، وأبا الخير أحمد بن إسماعيل القزوينيّ، وعمر الميانشيّ، وابا الفرج ثابت بن محمد المدينيّ، وجماعة.

وحدّث بأذربيجان، وبغداد، والموصل، ورأس العين، ودمشق، وبعلبكّ، والقاهرة. ونزل بخانقاه سعيد السعداء.

قال المنذريّ: كان شيخاً صالحاً، حصل له بمصر قبولٌ. ووالده قدم مصر وحدّث - وقد تقدّم - .

وقال ابن الحاجب: كان شيخاً بهيّ المنظر، كريم الأخلاق، طويل الروح، صاحب أصول.

قلت: سمع منه شرح السّنّة ومعالم التّنزيل خلقٌ كثير. ونسخته وقفٌ بدار الحديث الأشرفية بدمشق.

روى عنه: الضّياء المقدسيّ، والزّكيّ المنذريّ، وعزّ الدّين عبد الرّزاق ابن رزق الله

الرسعنيّ، والسيف عبد الرحمن بن محفوظ الرّسعنيّ، وعبد القاهر بن تيمية، وأبو الغنائم بن محاسن الكفرّايي، والتّاج عبد الخالق قاضي بعلبكّ، والبهاء عبد الله بن الحسن بن محبوب، والفقيه عباس بن عمر بن عبدان، وأمين الدّين عبد الصّمد بن عساكر، وابن عمّه الشرف أحمد ابن هبة الله،والنّجم أحمد ابن الشهاب القوصيّ؛ وأبوه، والمحيي يحيى بن عليّ ابن القلانسيّ، وعليّ بن الحسن بن صبّاح المخزوميّ، والجمال عمر ابن العقيميّ، والكمال عبد الله بن قوام، والعزّ إسماعيل ابن الفرّاء، والعزّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الكمال، والتّقيّ إبراهيم ابن الواسطيّ؛ وأخوه محمد، والتّقيّ أحمد بن مؤمن، وإبراهيم بن أبي الحسن الفرّاء، ومحمد بن عليّ بن شمام الذّهبيّ، والعماد أحمد بن محمد بن سعد، والفخر عبد الرحمن ابن يوسف الحنبليّ، والشمس خضر بن عبدان الأزديّ، والشهاب الأبرقوهيّ، وأبو الفرج عبد الرحمن بن عبد الوهّاب السّلميّ خطيب بعلبكّ، وهو آخر من حدّث عنه بالسماع.

توفّي بالموصل في ثالث عشر شعبان، وقيل: في الثالث والعشرين منه.

 

محمد بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن عليّ بن عبد الله. الإمام فخر الدّين،

أبو عبد الله، ابن تيمية، الحرّانيّ، الفقيه الحنبليّ، الواعظ، المفسّر، صاحب الخطب.

شيخ حرّان وعالمها. ولد في شعبان سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة بحرّان.

وتفقّه بحرّان على الفقيه أبي الفتح أحمد بن أبي الوفا، وأبي الفضل حامد بن أبي الحجر، وتفقّه ببغداد على الإمام أبي الفتح نصر بن المنّي، وأبي العباس أحمد بن بكروس.

وسمع من أبي الفتح بن البطّي، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النّقور، وأبي طالب بن خضير، وسعد الله بن نصر الدّجاجيّ، وأبي منصور جعفر ابن الدّامغانيّ، وشهدة، وخلقٍ.

وقرأ العربية على أبي محمد بن الخشّاب.

وله مصنّف مختصر في مذهب أحمد، وشعرٌ حسن.

حجّ جدّه وله امرأة حامل، فلما كان بتيماء، رأى طفلةً قد خرجت من خباء، فلمّا رجع إلى حرّان، وجد امرأته قد ولدت بنتاً، فلمّا رآها قال: يا تيميّة يا تيميّة فلقّب به.

وأمّا ابن النّجّار فقال: ذكر لنا أنّ جدّه محمداً، كانت أمّه تسمّى تيميّة، وكانت واعظةً، فنسب إليها، وعرف بها.

قلت: وكان فخر الدّين إماماً في التّفسير، إماماً في الفقه، إماماً في اللّغة.

ولي خطابة بلده، ودرّس، ووعظ، وأفتى. وقد سمع بحرّان من الشيخ أبي النجيب السّهرورديّ، قدم عليهم.

قال الشهاب القوصيّ: قرأت عليه ديوان خطبه بحرّان. وروى عنه: الإمام مجد الدّين عبد السلام ابن أخيه، والجمال يحيى بن الصّيرفيّ، وعبد الله ابن أبي العزّ بن صدقة، والفقيه أبو بكر بن إلياس الرّسعنيّ نزيل القاهرة، والسيف عبد الرحمن بن محفوظ، والشهاب الأبرقوهيّ، والرشيد عمر بن إسماعيل الفارقيّ، سمع منه جزء البانياسيّ وإنّما ظهر بعد موته. مات في صفر.

أخبرنا الأبرقوهي، أخبرنا أبو عبد الله ابن تيميّة، أخبرنا ابن البطّي، أخبرنا عليّ بن محمد الأنباريّ، أخبرنا أبو عمر بن مهديّ، أخبرنا محمد بن مخلد، حدّثنا أحمد بن منصور الرّماديّ، حدّثناعمرو بن حكّام، أخبرنا شعبة، عن مالك، عن عمرو بن مسلم، عن سعيد بن المسيّب، عن أمّ سلمة، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: "من رأى هلال ذي الحجّة، فأراد أن يضحّي، فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره حتّى يضحّي". رواه مسلم.

توفّي في حادي عشر صفر بحرّان. وقدم دمشق رسولاً سنة ستمائة، فحدّث بها.

 

محمد بن صدقة.

أبو عليّ، الخطّاط، المعروف بالخفاجيّ، الشاعر.

مدح النّاصر لدين الله، وغيره. وعاش إحدى وخمسين سنة. ومات في شوّال ببغداد.

فمن شعره: ضـعـف الـشّـقـيّ بـكـم لـــقـــوّة دائهوأذلّــه فـــي الـــحـــبّ عـــزّ دوائه

أضحـى يعـالـج دون رمـلـي عـالـجحرقـاً مـن الأشـواق حـشـو حـشـائه

لـم يقـض مـن دنـياه بـعـض ديونـــهوغـرامـه فـي الـعـذل مـن غـرمـائه

لـم أنـسـه إذ زار زوراً والـــدّجـــىمـتـلـفّـتٌ والـصّـبـح مــن رقـــبـــائه

رشـأ إذا حـاولـت مــنـــه نـــظـــرةًودّع فـــؤادك قـــبـــل يوم لـــقــــائه

قـسـم الـزّمـان عـلـى الـبـريّة حـبّــهشـطـرين بـين رجـالـــه ونـــســـائه

يا عـاذل الـمـشـتـاق كـفّ ولا تـلـــممـن بـاع فـيه نـعـيمـــه بـــشـــقـــائه

فالـصّـبـر يغـدر بـالـمـحـبّ وشـوقـهأبـداً يقـوم لـــه بـــحـــســـن وفـــائه

محمد بن ظافر بن عليّ بن فتوح بن حسين. أبو عبد الله، ابن رواج، الأزديّ،

الإسكندرانيّ، أخو المحدّث عبد الوهّاب.

روى عن السّلفيّ؛ روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره.

 

محمد بن عبد الجليل بن عثمان.

أبو عبد الله، المينيّ، الصّوفيّ.

روى عن حفدة العطّاريّ؛ وعنه مجد الدّين العديميّ. وتوفّي بحلب في سلخ جمادى الأولى.

 

محمد بن عليّ بن موسى.

أبو بكر، الأنصاريّ، الشّريشيّ، ويعرف بابن الغزال.

أخذ القراءآت عن أبي الحسن بن ناصر القرطبيّ، وأبي الحسن بن لبال؛ وسمع منهما ومن أبي بكر بن الجدّ. وأقرأ، ودرّس الفقه.

وحدّث. وكان فقيهاً، إماماً مشاوراً، زاهداً. روى عنه: ابنه يوسف وأبو إسحاق بن الكمّاد. بقي إلى هذا العام، ولا أعلم وفاته.

 

محمد بن معالي بن محمد البغداديّ.

سمع من أبي الفتح بن البطّي. ومات بواقصة راجعاً من الحجّ في المحرّم. وواقصة: قريبة من الكوفة.

 

محمد بن يعقوب بن عبد الله المارستانيّ.

أبو بكر، أخو أحمد.

سمع من: لاحق بن كاره، وغيره.

وحدّث.

 

محمد بن أبي سعيد بن أبي طاهر.

أبو عبد الله، الحنبليّ، الإصبهانيّ.

روى عن: عبد الله بن علي الطّامذيّ، وأبي المطهّر الصّيدلانيّ، وجماعة.

روى عنه: البرزاليّ، والضّياء، وبالإجازة الشيخ شمس الدّين عبد الرحمن، وغيره.

 

مخلد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد.

أبو الحسين، أخو القاضي أبي القاسم أحمد بن بقيّ القرطبيّ.

سمع من: أبيه، ومن جدّه أبي الحسين عبد الرحمن، وأبي يحيى الجزائريّ الصّوفيّ. وأجاء له أبو مروان بن قزمان. وولي الأنكحة مدّة. وكان متصوّناً، منقبضاً. توفّي في المحرّم، وله سبعون إلاّ سنةّ.

 

مظفّر بن القاسم بن المظفّر بن سابان.

أبو القاسم، الحربيّ، التّاجر.

حدّث عن أبي الفتح بن البطّي. وتوفّي في ربيع الآخر. روى عن ابن النجّار.

 

حرف النون

النّجيب بن هبة الله القوصيّ، التّاجر.

مات بمصر في ذي الحجّة. وكان من كبار المتموّلين، وله مدرسةٌ مشهورةٌ بقوص.

 

النّفيس بن كرم بن جبارة.

أبو محمد، البغداديّ، المقرئ، المكاريّ.

سمع من: أبي الوقت، وهبة الله بن أحمد الشّبليّ، وجعفر بن أحمد المحلّي. وكان شيخاً صالحاً، مقرئاً.

روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النجّار، وروى عنه الأبرقوهيّ جزء أبي الجّهم. ومكان من أبناء الثّمانين، توفّي في رابع جمادى الأولى.

 

حرف الهاء

هاجر بنت إسماعيل بن محمد بن يحيى الزّبيديّ.

أمّ الخير، البغداديّة، الواعظة، العالمة.

ختم عليها القرآن جماعةٌ. وكانت صالحة، عابدةً، من بيت علم ورواية.

سمعت من أبي المكارم محمد بن أحمد الطّاهريّ الراوي عن أبي عبد الله ابن البسريّ، ومن أحمد ويحيى ابني موهوب بن السّدنك. وحدّثت.

ومات أبوها شابّاً، وماتت في الحادي والعشرين من رجب.

 

هبة الله ابن العدل أبي المكارم إسماعيل بن هبة الله.

عزّ القضاة، أبو القاسم، المليجيّ، ثمّ المصريّ.

ولد سنة اثنتين وستّين وخمسمائة. وسمع من عبد الله بن برّي، وغيره.

وحدّث. ومليج: من أعمال الغربيّة.

 

هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن رواحة.

زكيّ الدّين، الأنصاريّ، الحمويّ، التّاجر، المعدّل.

كان كثير الأموال، محتشماً، أنشأ مدرسةً بدمشق، وأخرى بحلب. حدّث عن أبي الفرج بن كليب. وإنّما قيل له: ابن رواحة، لأنّه ابن أخت أبي عبد الله الحسين بن عبد الله بن رواحة.

توفّي في سابع رجب. وغلط من قال: إنّه مات في سنة ثلاث.

وكان أوصى أن يدفن في مدرسته بدمشق في البيت القبو، فما مكّنهم المدرّس وهو الشيخ تقيّ الدّين ابن الصلاح. وشرط على الفقهاء والمدرّس شروطاً صعبةً لا يمكن القيام ببعضها؛ وشرط أن لا يدخل مدرسته يهودياً ولا نصرانياً، ولا حنبلياً حشوياً.

 

حرف الياء

ياقوت، مهذّب الدّين، الرّومي، ثمّ البغداديّ، الشاعر، مولى أبي نصر الجيليّ التّاجر.

كان مكثراً من الأدب، مليح القول، لطيف المعاني. وكان له بيت بالمدرسة النّظاميّة، فوجد فيه ميتاً في جمادى الأولى. ومن شعره: إن غـاض دمـعـك والأحـبـاب قـد بـانـوافـكـلّ مــا تـــدّعـــي زورٌ وبـــهـــتـــان

وكـيف تـأنـس أو تـنـســى خـــيالـــهـــموقـد خــلا مـــنـــهـــم ربـــعٌ وأوطـــان

لا أوحـش الـلـه مـن قـوم نـأوا فـــنـــأىعـن الـنّـواظـر أقـــمـــارٌ وأغـــصـــان

سـاروا فـسـار فـؤادي إثـر ظـعــنـــهـــموبان جـيش اصـطـبـاري عـنـدمـا بـانـوا

يا مـن تـمـلّـك رقـي حـسـن بـهـجـــتـــهسلـطـان حـسـنـك مـا لـي مـنـه إحـسـان

كن كيف شئت فـمـا لـي عـنـك مـن بـدلٍأنـت الـزّلال لـقـلـبـي وهـــو ظـــمـــآن

 

يحيى بن أبي طاهر بن أبي العزّ بن حمدون الطيبي، الخيّاط.

روى عن أبي طالب بن خضير. ومات في شعبان.

 

يعيش بن ريحان بن مالك، الفقيه.

أبو المكارم، الأنباريّ، ثمّ البغداديّ، الحنبليّ.

ولد بعيد الأربعين وخمسمائة، وكان صالحاً. زاهداً، منقبضاً عن النّاس، من كبار الحنابلة.

سمع من: أبي رزعة المقدسيّ، وأبي حامد محمد بن أبي الربيع الغرناطيّ، وسعد الله بن نصر

ابن الدّجاجيّ، وشهدة الكاتبة، وجماعة.

روى عنه: الدّبيثيّ، والضّياء، والكمال عبد الرحمن شيخ المستنصرية، وآخرون. وتوفّي في منتصف ذي الحجّة.

 

الكنى

أبو البركات بن مكّيّ النجّاد.

شيخٌ صالح. سمع من أبي زرعة بعض مسند الشافعيّ. مات في ذي الحجّة.

 

أبو عبد الله بن عبد الكريم بن سعيد بن كليب الحرّانيّ الأصل، المصريّ، الحدّاد،

السّكاكينيّ.

سمع من قريبه أبي الفرج عبد المنعم بن كليب ببغداد، وسمع بالإسكندرية من السّلفيّ.

روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وقال: مات في رمضان.

 

وفيها ولد

القاضي شرف الدين أحمد بن أحمد المقدسيّ.

والمحدّث تقيّ الدّين عبيد بن محمد الإسعرديّ.

والجمال إبراهيم بن داود الفاضليّ.

والنور أحمد بن إبراهيم بن مصعب.

والعزّ محمد بن أحمد بن أبي الفهم ابن البقّال.

والمحيي يحيى بن محمد ابن العدل الزّبدانيّ.

وشريف بن مكتوم الزّرعيّ.

والشمس محمد بن محمود بن سيما.

والشهاب محمود بن محمد بن عبد الله القرشيّ الشاهد.

والمعين محمد بن أحمد بن عبد العزيز ابن الصوّاف الإسكندرانيّ.

ووجيهة بنت عمر الهواريّ.

والخطيب موفّق الدّين محمد بن محمد بن حبيش الحمويّ الشافعيّ.

وأبو الحسن عليّ بن نصر الله بن عمر، ابن الصوّاف، صاحب ابن باقا.

ومريم بنت أحمد بن حاتم ببعلبكّ.

والسديد أحمد بن محمد بن فيل الكنانيّ بدمياط.

والنّجم راجح بن عليّ الأزديّ بمصر.

والملك القاهر عبد الملك ابن الملك المعظّم.

والقاضي جمال الدّين أبو بكر بن عبد العظيم ابن السّقطيّ بمصر.

وتاج العرب بنت المسلّم بن علاّن.

والشرف أحمد بن عبد الكرم ابن الكبلج، سمع ابن رواج.

 

وفيات سنة ثلاث وعشرين وستمائة

حرف الألف

أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن. الإمام فقيه المغرب، أبو العبّاس، الرّبعيّ،

التّونسيّ، المالكيّ، نزيل غرناطة.

قال ابن مسدي: هو أحفظ من لقيت لمذهب مالك. تفقّه على أبيه أبي القاسم المعروف بالفقيه دمدم. وسمع من الحافظ عبد الحقّ، وجماعة. ولد في حدود سنة أربعين وخمسمائة.

 

أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل ابن منصور. العلاّمة، شمس

الدّين، أبو العبذاس، المقدسيّ، المعروف بالبخاريّ.

والد الفخر عليّ، وأخو الحافظ الضّياء. ولد في شوّال سنة أربعٍ وستّين.

ورحل إلى بغداد وهو ابن بضع عشرة مع أقاربه، فسمع من: أبي الفتح ابن شاتيل، ونصر الله القزاز، وعبد المغيث بن زهير، وجماعة. وكان قد سمع بدمشق من: أبي نصر عبد الرحيم اليوسفيّ، وأبي المعالي بن صابر، وأبي المجد البانياسيّ، وأبي الفهم بن أبي العجائز، والخضر بن هبة الله بن طاووس،وجماعة. ودخل نيسابور، فسمع من عبد المنعم بن عبد الله بن الفراويّ، وبهمذان من عليّ بن عبد الكريم الهمذانيّ، ودخل بخارى، فأقام بها مدّة، فلقّب بالبخاريّ؛ وأخذ بها الخلاف عن الشرف أبي الخطّاب، واشتغل بالخلاف على الرضيّ النّيسابوريّ.

روى عنه: أخوه، وابنه، وابن أخيه الشمس محمد ابن الكمال، وابن خاله شمس الدّين بن أبي عمر، والشهاب القوصيّ. وحدّثنا عنه العزّ ابن الفرّاء، والعزّ ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وخديجة بنت الرضيّ.

وكان إماماً، عالماً، مفتياً، مناظراً، ذا سمت ووقار. وكان كثير المحفظ، كثير الخير، حجّةً، صدوقاً، كثير الاحتمال، تامّ المروءة، فصيحاً، مفوّهاً؛ لم يكن في المقادسة، أفصح منه. اتّفقت الألسنة على شكره. وقد أدرك أبا الفتح بن المنّي وتفقّه عليه.

قال عمر ابن الحاجب: سألت أخاه الضّياء عنه، فقال: كان فقيهاً، ورعاً، ثقة.

وقرأت أنا بخطّ الضّياء: في ليلة الجمعة خامس عشر جمادى الآخرة توفّي أخي الإمام العالم أبو العباس - رحمة الله عليه ورضوانه - ، وشهرته وفضله، وما كان عليه يغني عن الإطناب في ذكره. ودفن إلى جانب خاله الإمام موفّق الدّين.

قلت: وقد أقام بحمص مدّة، وبها سمع عليه ولده، والحافظ ابن نقطة، وغيرهما.

 

أحمد بن أبي المظفّر محمد بن عبد الله بن محمد، ابن المعمّر.

الرئيس أبو العزّ.

حدّث عن أبي طالب بن خضير. وتوفّي في جمادى الآخرة.

وولي أبوه ديوان الزّمام، وعمّه أبو الفضائل يحيى ناب في الوزارة.

 

أحمد بن محمد بن يحيى.

أبو العباس، ابن الهمذانيّ، البغداديّ، المؤدّب.

سمّعه أبوه من مسلم بن ثابت النّحّاس، وجماعة.

روى عنه ابن النّجّار في تاريخه.

 

أحمد بن محمود بن أحمد بن ناصر.

الفقيه، أبو العباس، الحريميّ، الحنبليّ، الإسكاف.

تفقّه على والده الشيخ أبي البركات. وسمع من: أبي الفتح بن البطّي، ويحيى بن ثابت، وسعد الله ابن الدّجاجيّ. وحدّث.

وعاش ثمانين سنة، ومات في رابع عشر جمادى الأولى.

 

أحمد بن ناصر. الشيخ أبو العباس، الإسكاف، الحريميّ.

تفقّه على والده أبي البركات، وسمع من: ابن البطّي، ويحيى ابن ثابت.

روى عنه ابن النجّار وقال: كان شيخاً حسناً، متيقّظاً. توفّي في جمادى الأولى.

 

إبراهيم ابن الحافظ عز الدّين محمد ابن الحافظ عبد الغنيّ المقدسيّ.

حدّث في طريق الحجّ عن ابن طبرزد. وكان شاباً، ساكناً، فيه حياء. توفّي في شوال.

 

إبراهيم بن موسى، الأمير مبارز الدّين العادليّ، المعروف بالمعتمد، والي دمشق.

ولد بالموصل، وقدم الشام، فخدم نائبها فرّخشاه بن شاهنشاه، وتقلّبت به الأحوال، ثمّ ولاّه الملك العادل شحنكية دمشق استقلالاً، فأحسن السيرة.

قال أبو شامة: كان ديّناً، ورعاً، عفيفاً، نزهاً، اصطنع عالماً عظيماً، وكانت دمشق وأعمالها في ولايته لها حرمةٌ ظاهرة، وهي حرّة طاهرة.

قال أبو المظفّر الجوزيّ: ومما جرى في ولايته، أنّ رجلاً خنق صبيّاً لحلقٍ في أذنيه، وأخرجه في قفّةٍ فدفنه، وكان جارهم، فاتّهمته أمّ الصبيّ به، فعذّبه المبارز، فلم يقرّ، فأطلقه وفي قلبها النار فطلّقت زوجها، وتزوّجت بالقاتل، وأقامت معه مدّة، فقالت يوماً وهي تداعبه - وقد بلغها موت زوجها - :راح الابن وأبوه، وكان منهما ما كان، أأنت قتلت الصبيّ؟ قال: نعم، قالت: فأرني قبره، فخرج بها إلى مقابر باب الصّغير، وحفر القبر، فرأت ولدها، فلم تملك نفسها أن ضربت الرجل بسكّين معها شقّت بطنه، ودفعته فوقع في الحفرة. وجاءت إلى المبارز، فحدّثته، فقام وخرج معها إلى القبر، وقال لها: أحسنت والله ينبغي لنا كلّنا أن نشرب لك فتوّة.

قال أبو المظفّر: وحكى لي المبارز قال: لمّا أبطل العادل الخمر، ركبت يوماً وإذا عند باب الفرج رجلٌ في رقبته طبلٌ، فقلت: شقّوا الطّبل فشقّوه، فإذا فيه زكرة خمر فبدّدتها، وضربته.

فقلت: من أين علمت؟ قال: رأيت رجليه وهي تلعب، فعلمت أنّه حاملٌ شيئاً ثقيلاً.

وطالت ولايته.

وكان في قلب المعظّم منه؛ لأنّ الملك العادل كان يأمره أن يتتبّعه ويحفظه، فكان المعظّم وهو شابٌّ يدخل إلى دمشق في اللّيل، فيأمر المبارز غلمانه أن يتبعوه. فلمّا مات العادل، حبسه المعظّم مدّة، فلم يظهر عليه أنّه أخذ من أحدٍ شيئاً، فأنزله إلى داره، وحجر عليه، وبالغ في التّشديد عليه. ومات عن ثمانين سنة. ولم يؤخذ عليه شيء إلاّ أنّه كان يحبس وينسى، فعوقب بمثل فعله.

 

إسحاق بن محمد بن المؤيّد بن عليّ بن إسماعيل. القاضي، المحدّث، رفيع الدّين، الهمذانيّ

الأصل، المصريّ، الوبريّ، الشافعيّ.

ولد تقديراً في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة بمصر.

وسمع من: أبيه، ومن الأرتاحيّ، وأبي الفضل الغزنويّ، وفاطمة بنت سعد الخير، وجماعة.

ورحل سنة ثلاثٍ وستمائة، فسمع بدمشق من عمر بن طبرزد، وغيره. وببغداد من أصحاب قاضي المارستان، وباسط من أبي الفتح المندائي، وبإصبهان من عفيفة الفارقانيّة، وجماعة، وبشيراز، وهمذان، وجال في تلك الناحية.

وتفقّه في مذهب الشّاعفيّ، وتزوّج. وولي قضاء أبرقوه مدّةً، ثمّ فارقها.

ورحل بولديه محمد وشيخنا الشهاب، وسمّعهما بأبرقوه، وشيراز، وبغداد، والموصل، وحرّان، ودمشق، ومصر، وأماكن أخر، واستقرّ بالقاهرة.

حدّثنا عنه ابنه الشّهاب.

قال عمر ابن الحاجب في معجمه: هو أحد الرّحّالين، عارفٌ بما سمع، إمام مقرئ، حسن السيرة، له سمتٌ ووقار، على مذهب السّلف، كريم النفس، حسن القراءة. ولي قضاء بليدة اسمها أبرقوه، فلمّا جرى على البلاد من الكفّار يعني التّتر ما جرى، رجع إلى وطنه ومسقط رأسه. وكان معروفاً بالإقراء. وكان والده يقال له: الوبريّ.

قال المنذريّ: توفّي في ليلة سابع عشر جمادى الأولى.

 

أسعد بن بقاء الأزجيّ، النجّار.

سمع من أبي طالب بن خضير. ومات في جمادى الأولى.

روى عنه ابنا لنجّار، وقال: كان صالحاً، ملازماً لمجالس الحديث.

 

إسماعيل بن ظافر بن عبد الله.

الإمام، أبو الطّاهر، العقيليّ، المقرئ، المالكيّ.

قرأ القراءآت والعربية، ونظر في التفسير، ودرّس، وأفاد. وكان ورعاً، صالحاً، كثير الفضائل، يعيش من كسبه. ولد سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة.

وسمع من: عليّ بن هبة الله الكامليّ، ومحمد بن عليّ الرّحبيّ، وعبد الله ابن برّي النّحويّ، وأبي المفاخر سعيد المأمونيّ، وطائفة.

روى عنه الحافظ المنذريّ، وغيره. وتوفّي في رجب. وقد تصدّر بالجامع الظّافريّ بالقاهرة مدّةً.

حرف الجيم

جعفر بن الحسن بن إبراهيم.

الفقيه، تاج الدّين، أبو الفضل، الدّميريّ، المصريّ، الحنفيّ، المعدّل.

قرأ القراءآت على أبي الجيوش عساكر بن عليّ. وتفقّه على الجمال عبد الله بن محمد بن سعد الله، والبدر عبد الوهّاب بن يوسف.

وسمع من: عبد الله بن برّي، وأبي الفضل الغزنويّ، وجماعةً.

ودرّس بمدرسة السّيوفيين مدّةً، ونسخ بخطّه المليح كثيراً، وكان حسن السمت، ومنجمعاً عن الناس. ولد في حدود سنة خمس وخمسين.

روى عنه المنذريّ، وقال: توفّي في ذي القعدة.

 

حرف الحاء

الحسن بن عليّ بن إبراهيم.

الفقيه، أبو عليّ، الكركنتيّ، الصّقلّيّ، الشافعيّ، الشّروطيّ، الشاهد.

ولد سنة ستٍّ وثلاثين وخمسمائة. وسمع: أبا الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، وعبد الرزّاق النّجّار، وذكر أنّه سمع من الصائن هبة الله بن عساكر.

كتب عنه عمر ابن الحاجب، والطلبة. وحدّث عنه الزّكيّ البرزاليّ. ومات في شعبان.

 

الحسين بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلّكان.

الفقيه، ركن الدّين، أبو يحيى، الإربليّ، الشافعيّ.

درّس بعدّة مدارس. وكان عارفاً بالمذهب، صالحاً، كثير التلاوة. سمع من يحيى الثقفيّ.

وحدّث بإربل. ومات في ذي القعدة.

 

الحسين بن أبي الوفاء صادق بن عبد الله بن نصر بن عليّ.

القاضي، الأنجب، أبو عبد الله، المقدسيّ، ثمّ المصريّ، الشافعيّ، المعروف بابن الأنجب.

روى عن السّلفيّ؛ روى عنه الزّكيّ المنذريّ، والمصريّون. وعاش ثمانين سنةً. ومات في سادس رمضان.

 

الحسين بن عليّ بن محمد بن عليّ.

أبو عليّ، اللّيثيّ، الزّمانيّ - بزاي مفتوحة وميم مخفّفة - .

سمع من السّلفي. وحدّث. ومات في شوّال.

 

الحسين ابن القاضي المرتضى محمد ابن القاضي الجليس أبي المعالي عبد العزيز بن

الحسين ابن الجبّاب. التّميميّ، السّعديّ، المصريّ، عزّ القضاة، أبو عليّ.

سمع من: أبيه، وأبي المفاخر المأمونيّ، وعثمان بن فرج العبدريّ. وكان أديباً، وشاعراً، فاضلاً، محتشماً.

ولد سنة ثمانٍ وخمسين، ومات في سادس عشر ذي القعدة.

روى عنه المنذريّ.

 

الحسين بن يوسف بن الحسين ابن العبديّ، البغداديّ.

حدّث عن شهدة. ومات في ربيع الأول.

 

حرف الخاء

خديجة بنت الحافظ أبي طاهر السّلفيّ.

سمعت من والدها؛ وحدّثت.

قال المنذريّ: وقدمت مصر بعد وفاة والدها، واحترمت احتراماً كثيراً، وبولغ في إكرامها،وعادت إلى الإسكندرية، ثمّ توفّيت في رمضان.

 

خدريجة بنت حسّان بن ماجد الصّحراويّ أبوها من أهل جبل الصّالحية.

روت بالإجازة عن هبة الله بن يحيى ابن البوقيّ، وغيره.

سمع منها الشيخ الضّياء، وعمر ابن الحاجب.

وماتت في رجب.

 

خزعل بن عسكر بن خليل. العلاّمة، تقيّ الدّين، أبو المجد، الشّنائيّ، المصريّ، المقرئ،

النّحويّ، اللّغويّ، نزيل دمشق.

ذكر أنّه سمع من السّلفيّ، وأنّه دخل بغداد، وقرأ على الكمال عبد الرحمن الأنباريّ أكثر تصانيفه، وعند عوده أخذ في الطّريق، وراحت كتبه.

أقرأ القرآن بالقدس مدّة، ثمّ سكن دمشق، وصار إمام مشهد عليّ. وكان يعقد الأنكحة، ويشغل في العزيزية.

قال أبو شامة: قرأت عليه عروض النّاصح ابن الدّهّان، وأخبرني به عن مصنّفه. وكان يحثّني

على حفظ الحديث،والتّفقّه فيه خصوصاً صحيح مسلم. ويقول: إنّه أسهل من حفظ كتب الفقه وأنفع - وصدق - ، ويحثّ على مسح جميع الرأس احتياطاً؛ وقد بحث فيه، فأعجبني، واستقرّ في نفسي، فما أعلم أنّي تركته بعد. وكان لا يردّ سائلاً أصلاً، وربّما جاءه فيقول: اقعد، فما جاء، فهو لك.

وكان عند الطّلاق لا يأخذ من أحد شيئاً. وكان ذا مروءةٍ تامّة، رحمه الله.

وقال ابن الحاجب: أقعد في آخر عمره، وتمرّض، وازدحمت عليه الطّلبة. وقال لي: ولدت فيما أظنّ سنة سبعٍ وأربعين بالإسكندرية. وكان أعلم النّاس بكلام العرب.

 

حرف السين

سليمان بن محمود، بن محفوظ ابن الصّيقل.

أبو السعود، القرشيّ، الأزجيّ.

حدّث عن عيسى بن أحمد الدّوشابيّ. ومات في المحرّم. وله شعر.

 

سليمان بن يونس البغداديّ، الفرّاش.

حدّث عن أبي طالب بن خضير.

 

حرف الصاد

صدقة بن عبد العزيز بن هبة الله بن حديد الأزجيّ، الدّقّاق.

سمع من عليّ بن أبي سعد الخبّاز. وأجاز له الشيخ عبد القادر، وجماعة. وكان رجلاً صالحاً.

مات في رجب.

 

حرف الظاء

ظفر بن أحمد بن غنيمة بن احمد. أبو البدر، البغداديّ، الصّوفيّ، الخرّاط، الخيّاط،

المعروف بابن زعرورة.

ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة.

وسمع من: مسلم بن ثابت النخّاس، وعبد الله بن عبد الصّمد السّلميّ.

وكان شيخاً صالحاً، مشتغلاً بالعبادة، ملازماً لمسجده.

 

حرف العين

عامر بن هشام. أبو القاسم، القرطبيّ، الأزديّ.

سمع من أبيه أبي الوليد، ومن أبي القاسم بن بشكوال. وقرأ الملخّص للقابسيّ على أبي محمد بن مغيث.

وكان أديباً، كاتباً، شاعراً، مطبوعاً. صنّف شرحاً لغريب الملخّص.

وصلحت حاله بأخرة، وأقبل على النّسك والعبادة، فحمل عنه الحديث.

ورّخه الأبّار.

 

عبد الله بن أحمد بن أبي بكر.

أبو بكر، البغداديّ، العجّان، الخبّاز.

روى عن: شهدة، وعبد الحقّ اليوسفيّ، وأبي شاكر السّقلاطونيّ، وطبقتهم. وأكثر جدّاً عن أصحاب ابن الحصين حتّى عن أصحاب أبي الوقت.

وجمع لنفسه مشيخة كبيرة، وقرأ القراءآت على أبي بكر ابن الباقلانيّ، وغيره.

قال ابن النجّار: لا يعتمد عليه لكثرة وهمه وتسامحه.

ومات في ربيع الأول. وكان صالحاً، متعفّفاً.

 

عبد الله بن عبد العظيم. أبو محمد، الزّهريّ، المالقيّ.

تلميذ أبي عبد الله ابن الفخّار؛ مكثرٌ عنه. وأجاز له السّلفيّ، وجماعة.

حدّث عنه أبو عبد الله بن عسكر. وكان ذا عنايةٍ بالحديث. وله كتابٌ في رجال الموطّأ.

توفّي في شعبان.

 

عبد الله بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد العزيز.

أبو محمد، التّميميّ، القابسيّ.

نزيل الإسكندرية، قدمها وهو شابٌ، فسمع من السّلفيّ، وتفقّه لمالك، وجاور مديدةً، وكان شيخاً صالحاً، فاضلاً.

توفّي بثغر الإسكندريّة في ذي الحجّة، وقد ناهز التّسعين.

 

عبد الخالق بن تقى بن إبراهيم. الفقيه، أبو محمد الشّافعيّ.

تفقّه على أبي إسحاق بن مزيبل؛ وتخرّج به.

وسمع من أبي القبائل عشير بن عليّ، وجماعة.

 

عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان بن عبد الله.

أبو محمد، الأسديّ، الحلبيّ، الزّاهد، المعروف بابن الأستاذ.

ولد في ربيع الآخر سنة أربعٍ وثلاثين وخمسمائة.

وسمع بحلب من: أبي محمد عبد الله بن محمد الأشيريّ، وأبي بكر بن ياسر الجيّانيّ، وأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي العبّاس النّوقانيّ، وأبي عليّ الحسن بن عليّ البطليوسيّ، وأبي حامد محمد بن عبد الرحيم الغرناطيّ، وأبي طالب عبد الرحمن بن الحسن ابن العجميّ، وأبي الأصبغ عبد العزيز بن عليّ السّماتيّ، ومحمد بن بركة الصّلحيّ، وجماعة.

وسمع ببغداد من أبي جعفر أحمد بن محمد العبّاسيّ؛ وهو أكبر شيخٍ له. وبدمشق من أبي المكارم بن هلال، وأبي القاسم بن عساكر، وأبي الغنائم هبة الله ابن صصرى.

وأجاز له خلق من خراسان وإصبهان، ومصر.

وكان له فهمٌ وعناية بالحديث، وفيه ديانة، وصلاح، وخير. تفقّه في مذهب الشّافعيّ، وسمّع أولاده.

روى عنه: البرزاليّ، والضّياء، والسيف ابن المجد، والصّاحب كمال الدّين عمر ابن العديم؛ وابنه مجد الدّين، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والأمين ابن الأشتريّ، والكمال أحمد ابن النّصيبيّ، والشمس الخابوريّ، وطائفةٌ سواهم.

وهو والد قاضي القضاة زين الدّين عبد الله ابن الأستاذ، وقاضي القضاة جمال الدّين محمد.

توفّي في عاشر جمادى الآخرة، وله تسعون سنة.

وإنّما سمع ببغداد اتّفاقاً؛ لأنّه سار ليحجّ منها.

 

عبد الرحمن بن أبي العزّ المبارك بن محمد بن أبي العزّ.

أبو محمد، البغداديّ، المعروف بابن الخبّازة، المقرئ، الخيّاط، البزّاز، ويعرف أيضاً بابن الدّويك.

شيخٌ صالح، قرأ القرآن على دلف بن كرم العكبريّ.

وسمع من: أبي الوقت، وأبي القاسم بن قفرجل، وغيرهما.

روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، وجماعةٌ. وأثنى عليه ابن النجّار.

وقال ابن نقطة: سمع من أبي الوقت صحيح البخاريّ، وبعد، وسماعه صحيح. توفّي في المحرّم ببغداد.

عبد العزيز السّمائي في سنة أربعٍ وسيأتي.

عبد القويّ بن عبد الباقي بن أبي اليقظان.

أبو محمد، الكتبيّ، ضياء الدّين، المعرّي.

حدّث عن السّلفيّ بدمشق، وبها مات في جمادى الأولى.

 

عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن الفضل.

العلاّمة، إمام الدّين، أبو القاسم، الرافعيّ، القزوينيّ، الشافعيّ.

صاحب الشرح الكبير.

ذكره الشيخ تقيّ الدّين ابن الصّلاح، فقال: أظن أنّي لم أر في بلاد العجم مثله. كان ذا فنون.

حسن السّيرة، جميل الأمر. صنّف شرح الوجيز في بضعة عشر مجلّداً؛ لم يشرح الوجيز بمثله.

وقال الشيخ محيي الدّين النّواويّ: الرّافعيّ من الصالحين المتمكّنين، كانت له كراماتٌ كثيرةٌ ظاهرة.

وقال أبو عبد الله محمد بن محمد الإسفريينيّ في الأربعين تأليفه: هو شيخنا، إمام الدّين وناصر السّنّة صدقاً. كان أوحد عصره في العلوم الدّينية، أصولاً وفروعاً، ومجتهد زمانه في المذهب، وفريد وقته في التّفسير. كان له مجلسٌ بقزوين للتّفسير، ولتسميع الحديث، صنّف شرحاً لمسند الشافعيّ وأسمعه سنة تسع عشرة وستّمائة، وصنّف شرحاً للوجيز، ثمّ صنّف أوجز منه. وكان زاهداً، ورعاً، متواضعاً. سمع الكثير، وتوفّي في حدود سنة ثلاثٍ وعشرين بقزوين.

وقال ابن الصّلاح: كانت وفاته في أواخر سنة ثلاثٍ أو أوائل سنة أربع.

قلت: وكان والده أبو الفضل قد سمع الكثير بنيسابور وقزوين، وروى عن ملكداذ بن عليّ القزوينيّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ، وعمر بن أحمد الصّفّار، وطبقتهم. ومات بعد الثّمانين.

قلت: وقد روى أبو القاسم عن أبي زرعة بالإجازة. لقيه الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ، في الحجّ وسمع منه بالمدينة.

ويظهر عليه اعتناء قويّ بالحديث ومتونه في شرح المسند.

وقيل: إنّه لم يجد وقتاً للمطالعة في قريةٍ بات بها فتألّم، ثمّ أضاء له عرق كرمة؛ فجلس يطالع

ويكتب عليها.

 

عبد اللّطيف بن المبارك بن أحمد النّرسيّ.

قد ذكرته في 618.

قال ابن مسدي: سمع من أبي الوقت؛ ورأيت ثبته وعليه خطّ أبي الوقت. وسمع من أبن البطّي وليس من الشيخ عبد القادر. قدم علينا غرناطة مراراً، ثمّ سمعت منه بستة، وأدخل البلاد كثيراً من تواليف ابن الجوزيّ. ومولده قبل الأربعين وخمسمائة. تحامل عليه ابن الرّوميّة.

وليس لأبي محمد عبد اللّطيف في باب الرواية كبير عناية حتّى ينسب إليه تخليط، وإنّما كان كثير الحكايات - يعني يجازف - ومات بمرّاكش سنة 623.

 

عبد المجيد بن هبة الله بن عبد الله.

الفقيه، أبو المجد، المصريّ، الشافعيّ، الخطيب.

تفقّه على أبي العبّاس أحمد بن المظفّر الدّمشقيّ المعروف بابن زين التّجّار، وعلى التّاج محمد بن هبة الله الحمويّ. وصلّى، وخطب بالقرافة، وأعاد، وأفاد.

ومات في شوّال.

 

عبد المنعم بن عليّ بن صدقة بن عليّ.

أبو الفضل، الحرّانيّ، ثمّ الدّمشقيّ، العدل.

حدّث عن: أبي القاسم بن عساكر، وأبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز.

ومات في عشر السبعين.

روى عنه: الزّكيّ البرزاليّ، وغيره.

 

عبيد الله بن أحمد بن أبي سعيد بن حمّويه.

أبو القاسم، الجوينيّ الأصل، المصريّ الدّار، الصّوفيّ.

روى عن يحيى الثّقفيّ؛ وعنه الزّكيّ المنذري، وغيره.

وهو مشهور بكنيته؛ ولهذا سمّاه بعضهم عليّاً، وبعضهم عبد الرحمن.

 

عليّ بن إسماعيل بن مظفّر ابن السّواديّ، الحربيّ.

حدّث عن جده لأمّه عتيق بن عبد العزيز بن صيلا.

ومات في ربيع الأوّل.

عليّ بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عليّ.

أبو الحسن، البلنسيّ، البلويّ، الفقيه.

سمع: أبا بكر بن خير، وأبا عمرو بن عظيمة. وأخذ القراءآت عن أبي بكر بن صافٍ، وأبي عبد الله ابن المجاهد، وغيرهما.

ولقي بإشبيلية القاسم بن بشكوال، وأبا زيد السّهيليّ؛ وسمع منهما.

وأجاز له السّلفيّ، وجماعة.

قال الأبّار: في روايته سعةٌ، إلاّ أنّه كان يتحرّج فيها. وكان فرضيّاً. متقدّماً، فقيهاً، حافظاً.

سمع منه بعض أصحابنا. وتوفّي في ربيع الآخر عن سبعين سنة.

 

عليّ بن محمد بن ديسم. أبو الحسن، المرسي.

روى عن: أبي القاسم بن حبيش، وأبي عبد الله بن حميد.

وأقرأ القرآن وعلّم العربية. وكان مرضيّ الجملة، يعيش من النّسخ، وخطّه فائق.

مات فيها ظنّاً.

 

عليّ بن محمد بن أبي نصر عبد الله بن الحسين ابن السّكن.

الحاجب الأجلّ، أبو الحسن، ابن المعوّج، البغداديّ.

سمع من عمّ أبيه محمد بن محمد ابن السّكن.

وتوفّي في ربيع الأول.

 

عليّ بن أبي المظفّر محمد بن عبد الله بن محمد ابن المعمّر.

الحاجب الأجلّ، أبو طالب، البغداديّ.

سمع من: أبي الفتح بن البطّي، وأبي المعالي الباجسرائيّ، وأبي محمد ابن الخشّاب، وجماعة.

وهو من بيت حشمة.

توفّي في شوّال.

 

عليّ بن النّفيس بن بورنداز بن حسام.

الحاجب، أبو الحسن، البغداديّ.

ولد سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة.

وسمع من: أبي الوقت، وأبي محمد ابن المادح، وأبي المظفّر بن التّريكيّ، وأبي المعالي ابن

اللّحّاس، والشيخ عبد القادر، ومحمود بن عبد الكريم فورجة، وعمر بن عليّ الصّيرفيّ، وابن البطّي.

روى عنه: البرزاليّ، والسيف ابن المجد، وجماعةٌ، ومن المتأخّرين: التّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والشيخ عبد الرحيم ابن الزّجّاج، ومحمد بن المريخ النّجّار. وبالإجازة العزّ ابن الفرّاء، والشمس ابن الواسطيّ، والشهاب الأبرقوهيّ.

وخرّج له ابنه المحدّث عبد اللّطيف مشيخة صغيرة. وتوفّي في السابع والعشرين من ذي القعدة.

 

عمر بن عليّ بن محمد بن قشام. أبو حفص، الحلبيّ، الدّاراقطنيّ. من دار القطن: محلّة

بحلب.

عاش ثمانين سنة.

وحدّث عن أبي بكر محمد بن ياسر الجيّانيّ؛ وحدّث، ودرّس، وأفاد ببلده. وكان من كبار الحنفية. وروى أيضاً عن عبد الله بن محمد الأشيريّ. وروى عنه كمال الدّين ابن العديم؛ وابنه مجد الدّين، وغيرهما.

ومات في جمادى الآخرة.

تفقّه على الكاسانيّ، وأبي الفتح عبد الرحمن بن محمود الغزنويّ. وسمع من أبي محمد عبد الله بن محمدالأشيريّ، وأجاز له من إصبهان مسعود الثّقفيّ، ومحمود فورجة، وطائفة.

ولي تدريس الجوردكية. وصنّف في الفقه تصانيف لم تكن بالمفيدة، قاله ابن العديم.

وقال ياقوت في المتّفق له: رحل إلى إصبهان، وصنّف تصانيف في التّفسير والمذهب والكلام على غاية ما يكون من السّقط وعدم التّحصيل. وكان إذا سئل عن مختل كلام يفكّر، ثمّ يقول: لا أدري؛ كذا نقلته من كتاب كذا، فإذا روجع الكتاب لم ير ما قاله.

 

حرف الكاف

كافور، الطواشيّ الكبير، شبل الدولة، الحساميّ.

خادم الأمير حسام الدّين محمد بن لاجين؛ ولد الخاتون ستّ الشام، أخت السلطان الملك العادل.

يقال: إنّه كان من خدّام القصر بالقاهرة. وكان ديّناً، صالحاً، وعاقلاً، مهيباً، ذا حرمةٍ وافرة،

ومنزلةٍ عند الملوك، وعليه اعتمدت مولاته في بناء الشاميّة البرّانية.

وقد سمع من الخشوعيّ، والكنديّ. روى عنه البرزاليّ، وغيره. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ.

قال أبو شامة: كان حنفياً، فبنى المدرسة، والخانقاه، والتربة الّتي دفن فيها عند جسر كحيل.

وفتح للنّاس طريقاً إلى الجبل من عند المقبرة الّتي غربيّ الشامية تفضي إلى عين الكرش، ولم يكن لعين الكرش طريقٌ إلاّ من جهة مسجد الصّفى الّذي عند مخازن الفاكهة. توفّي في رجب.

 

حرف الميم

محمد بن أحمد بن إسماعيل بن يوسف. الإمام أبو المناقب، وأبو حامد ابن العلاّمة الواعظ

أبي الخير، القزوينيّ، الطالقاني، الشافعي.

ولد بقزوين يوم عاشوراء سنة ثمان وأربعين، وبها نشأ وقدم بغداد مع والده وسكنها معه.

وسمع منه ومن شهدة. وقدم الشام ومصر.

وسمع منه الشهاب القوصيّ وغيره بدمشق. وحدّث عن أبي الوقت فتكلّموا فيه لذلك.

قال المنذريّ: في هذه السنة أو في سنة اثنتين وعشرين، بدمشق.

وقال ابن النّجّار: سمع وعاد إلى قزوين. وبعد موت أبيه تزهّد وتصوّف، وساح في البلاد، ودخل مصر والروم، ورزق القبول عند الملوك. وقدم بغداد فأخرج إلينا شيئاً سمعناه منه، ثمّ بان كذبه، وكان ادّعى أنّه سمع من أبي الوقت، ومن رجل من أصحاب أبي صالح المؤذّن فمزّقنا ما كتبنا عنه في صفر سنة عشرين.

قلت: الرجل هو أبو عليّ الحسن بن أحمد الموسياباذيّ.

قلت: كان زوكاريّاً نصّاباً على الأمراء ثمّ كسدت سوقه، وساءت عقائدهم فيه.

وتوفّي أخوه محمد سنة أربع عشرة.

 

محمد، أمير المؤمنين، الظاهر بأمر الله. أبو نصر، ابن أمير المؤمنين النّاصر لدين الله

أحمد ابن المستضيء بأمر الله الحسن بن يوسف الهاشميّ، العباسيّ، البغداديّ.

ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.

وبايع له أبوه بولاية العهد في سنة خمس وثمانين، وخطب له على المنابر، ونثر عند ذكره الدّنانير وعليها اسمه. ولم يزل الأمر على ذلك حتى قطع ذلك أبوه في سنة إحدى وستمائة

وخلعه وأكرهه، وزوى الأمر عنه إلى ولده الآخر. فلمّا مات ذلك الولد، اضطرّ أبوه إلى إعادته، فبايع له وخطب له في شوّال سنة ثمان عشرة. واستخلف عند موت والده، فكانت خلافته تسعة أشهر ونصفاً.

وقد روى عن والده بالإجازة قبل أن يستخلف.

قال ابن النّجّار: تقدّم أبوه بجلوسه بالتّاج الشريففي كلّ جمعة، ويقعد في خدمته أستاذ الدّار، ليقرأ عليه مسند أحمد بن حنبل بإجازته من والده. ثمّ قال: أخبرنا أبو صالح الجيليّ، أخبرنا الظّاهر بأمر الله أبو نصر بقراءتي، وأنبأنا أبي، أنبأنا عبد الغيث بن زهير، وغيره، أخبرنا ابن الحصين، فذكر حديثاً بهذا السّند النّازل - كما ترى - .

قال ابن الأثير في كامله: ولمّا ولي الظّاهر أظهر من العدل والإحسان ما أعاد به سنّة العمرين؛ فإنّه لو قيل: ما ولي الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز مثله لكان القائل صادقاً، فإنّه أعاد من الأموال المغصوبة، والأملاك الموخوذة في أيام أبيه وقبلها وشيئاً كثيراً، وأطلق المكوس في البلاد جميعها، وأمر بإعادة الخراج القديم في جميع العراق، وبإسقاط جميع ما جدّده أبوه، وكان ذلك كثيراً لا يحصى؛ فمن ذلك: بعقوبا، كان يحصل منها قديماً عشرة آلاف دينار، فلمّا استخلف النّاصر كان يؤخذ منها في السنة ثمانون ألف دينار، فاستغاث أهلها، وذكروا أنّ أملاكهم أخذت، فأعادها الظّاهر إلى الخراج الأوّل.

ولمّا أعاد الخراج الأصليّ على البلاد حضر خلقٌ، وذكروا أنّ أملاكهم قد يبست أكثر أشجارها وخربت؛ فأمر أن لا يؤخذ إلاّ من كلّ شجرةٍ سالمةٍ، وهذا عظيمٌ جداً. ومن عدله أنّ سنجة المخزن كانت راجحةً نصف قيراط في المثقال يقبضون بها، ويعطون بسنجة البلد، فخرج خطّه إلى الوزير وأوّله: "ويلٌ للمطفّفين" الآيات، وفيه: قد بلغنا كذا وكذا فتعاد سنجة الخزانة إلى ما يتعامل به النّاس. فكتبوا إليه: إنّ هذا فيه تفاوت كثير، وقد حسبناه في العام الماضي، فكان خمسةً وثلاثين ألف دينار. فأعاد الجواب ينكر على القائل ويقول: يبطل ولو أنّه ثلاثمائة ألف وخمسون ألف دينار.

ومن عدله: أنّ صاحب الدّيوان قدم من واسط ومعه أزيد من مائة ألف دينار من ظلمٍ، فردّها على أربابها، وأخرج المحبّسين، وأرسل إلى القاضي عشرة آلاف دينار ليوفيها عمّن أعسر.

وقيل له: في هذا الّذي تخرجه من الأموال لا تسمح نفسٌ ببعضها، فقال: أنا فتحت الدّكّان بعد

العصر، فاتركوني أفعل الخير، فكم بقيت أعيش؟ قال: وتصدّق ليلة النّحر بشيءٍ كثير.

قلت: ولم يأت عليه عيدٌ سواه، فإنّ عيد الفطر كان يوم مبايعته.

قال: تصدّق وفرّق في العلماء والصلحاء مائة ألف دينار.

وكان نعم الخليفة، جمع الخشوع مع الخضوع لربّه والعدل والإحسان إلى رعيّته، ولم يزل كلّ يوم يزداد من الخير والإحسان. وكان قبل موته قد اخرج توقيعاً بخطّه إلى الوزير ليقرأه على الأكابر، فقال رسوله: أمير المؤمنين يقول: ليس غرضنا أن يقال: برز مرسومٌ أو نفذ مثال، ثمّ لا يبين له أثرٌ، بل أنتم إلى إمام فعّالٍ أحوج منكم إلى إمام قوّال، فقرأه الوزير، فإذا في أوّله: اعلموا أنّه ليس إمهالنا إهمالاً، ولا إغضاؤنا إغفالاً، ولكن لنبلوكم أيّكم أحسن أعمالاً، وقد عفونا لكم عمّا سلف من إخراب البلاد، وتشريد الرّعايا، وتقبيح السّمعة، وإظهار الباطل الجليّ في صورة الحقّ الخفيّ حيلةً ومكيدةً، وتسمية الاستئصال والاجتياح استيفاءً واستدراكاً لأغراض انتهزتم فرصتها مختلسة من براثن ليث باسلٍ وأنياب أسدٍ مهيب، تتّفقون بألفاظٍ مختلفة على معنىً واحدٍ وأنتم أمناؤه وثقاته، فتميلون رأيه إلى هواكم، فيطيعكم وأنتم له عاصون. والآن فقد بدّل الله بخوفكم أمناً، وبفقركم غنىً، وبباطلكم حقّاً، ورزقكم سلطاناً يقيل العثرة، ولا يؤاخذ إلاّ من أصرّ، ولا ينتقم إلاّ ممّن استمرّ، يأمركم بالعدل وهو يريده منكم، وينهاكم عن الجور ويكرهه لكم، يخاف الله ويخوّفكم مكره، ويرجو الله ويرغّبكم في طاعته.

فإن سلكتم مسالك نواب خلفاء الله في أرضه وأمنائه على خلقه، وإلاّ هلكتم، والسلام.

قال: ولمّا توفّي وجد في بيتٍ من داره ألوف رقاعٍ كلّها مختومة لم يفتحها فقيل له: لم لا تفتحها؟ قال: لا حاجة لنا فيها، كلّها سعايات.

وقال أبو شامة في تاريخه: وكان أمير المؤمنين أبو نصر، جميل الصورة، أبيض مشرباً حمرة، حلو الشّمائل، شديد القوى، بويع وهو ابن اثنتين وخمسين سنة. فقيل له: ألا تتفسّح؟ قال: قد لقس الزّرع، فقيل: يبارك الله في عمرك، قال: من فتح دكّاناً بعد العصر أيشٍ يكسب؟ ثمّ إنّه أحسن إلى النّاس، وفرّق الأموال، وأبطل المكوس، وأزال المظالم.

وقال أبو المظفّر الجوزيّ: حكيّ لي عنه: أنه دخل إلى الخزائن، فقال له خادم: في أيامك تمتلئ، فقال: ما فعلت الخزائن لتملأ، بل لتفرغ، وتنفق في سبيل الله تعالى، فإنّ الجمع شغل

التّجّار وقال ابن واصل: أظهر العدل، وأزال المكس، وظهر للنّاس، وكان أبوه لا يظهر إلاّ نادراً.

قلت: توفّي في ثالث عشر رجب، وبويع بعده ولده المستنصر بالله.

 

محمد بن أبي عليّ الحسن بن إبراهيم بن منصور الفرغانيّ. ثمّ البغداديّ. أبو عبد الله، ابن

أشنانة.

سمع من: شهدة، وعبد الحقّ اليوسفيّ، وغيرهما.

روى عنه الكمال عبد الرحمن المكرّر، وغيره. وأبوه من أصحاب هبة الله ابن الحصين.

توفّي محمد في ذي الحجّة.

 

محمد بن أبي الفضل السّيد بن فارس بن سعد بن حمزة. أبو المحاسن، الأنصاريّ،

الدّمشقيّ، الصّفّار، النّحّاس، المعروف بابن أبي لقمة.

ولد في شعبان سنة تسع وعشرين وخمسمائة.

وسمّعوه من: أبي الفتح نصر الله المصّيصيّ، وهبة الله بن طاووس، وعبدان بن زرّين الدّوينيّ، والقاضي المنتجب أبي المعالي محمد بن عليّ القرشيّ، وبهجة الملك عليّ بن عبد الرحمن الصّوري، وأبي القاسم الخضر ابن عبدان، ونصر بن مقاتل السّوسيّ. وتفرّد بالرواية عن جماعةٍ.

وأجاز له سنة أربعين من بغداد: ابو عبد الله بن السّلاّل، وأحمد ابن الآبنوسيّ، وعليّ بن عبد السّيد ابن الصّبّاغ، وأبو محمد سبط الخيّاط، وأبو بكر أحمد بن الأشقر، وأبو الفتح كروخيّ، ومحمد بن أحمد الطّرائفيّ، وأبو الفضل الأرمويّ، وغيرهم.

وكان أسند من بقي بالشام، روى عنه: البهاء عبد الرحمن، والضياء محمد، والبرزاليّ، والسيف ابن المجد، والتّاج ابن زين الأمناء، وأحمد بن يوسف الفاضليّ، وعبد الله بن محمد العامريّ، والشمس محمد ابن الكمال، والتّقيّ ابن الواسطيّ؛ وأخوه محمد، والعزّ ابن الفرّاء، والعزّ ابن العماد، والتّقيّ ابن مؤمن، والشهاب الأبرقوهيّ، وآخرون. وظهر للخضر بن عبدان الكاتب سماعٌ منه بعد موته.

وقال عمر ابن الحاجب: كان رجلاً صالحاً، كثير الخير، والتّلاوة. وكان لسانه رطباً بذكر الله، محبّاً للغرباء وطلبة العلم، كريم النّفس. عمّر حتى تفرّد عن جماعة، ممتّعاً بسمعه وبصره

وقوّته إلى أن توفّي قبله ولده بقليلٍ، فوجد عليه وجداً عظيماً، فانحطم لذلك، وأقعد في بيته، واستولت عليه زمانة، وثقل سمعه قبل موته بقليل، في الشتاء، وكان ينصلح في الصيف، ولم يسمع على قدر سنّه، وكانت سماعاته في أصول الناس، ومات في ثالث ربيع الأول. وسمعوا عليه بالمزّة.

 

محمد بن عبد الحقّ بن سليمان.

الشيخ أبو عبد الله، التّلمسانيّ.

حدّث ببلده عن: أبيه، وأبي عليّ ابن الخرّاز. وأخذ بالعدوة عن: ابن الرّمّامة، وابن حبيش، وأبي عبد الله بن خليل القيسي، وأبي الحسن مجاهد.

وحظي عند أهل الأندلس. وأجاز له ابن هذيل.

وقيل: مات سنة 25.

وكان من أهل التّقشّف والتّصنيف، فصيحاً، لسناً، وسيعاد.

 

محمد ابن الإمام علم الدّين عليّ بن محمد السّخاويّ، شمس الدّين.

توفّي شاباً، وحزن عليه والده.

 

محمد بن عمر بن عليّ بن خليفة ابن الطّيّب.

أبو الفضل، الواسطيّ، الحربيّ، الرّوبانيّ، العطّار.

سمع من: أبيه، وأبي الوقت، وأبي المظفّر هبة الله الشّبليّ، وابن البطّي، وكمال بنت عبد الله ابن السّمرقنديّ، وغيرهم.

وأجاز له ابن ناصر، وأبو بكر ابن الزّاغونيّ.

روى عنه: الدّبيثيّ، وابن نقطة، وجماعةٌ. وحدّثنا عنه الشّهاب الأبرقوهيّ.

ولد في جمادى الآخرة سنة سبعٍ وأربعين، وتوفّي في السابع والعشرين من جمادى الآخرة.

وهو من واسط: قرية بدجيل.

والرّوبانيّ: بضم الراء وبالباء الوحّدة والنّون. يشتبه بالرّويانيّ. وهو من روبا: قرية من قرى دجيل أيضاً.

توفّي ببغداد.

 

محمد بن المؤيّد بن عبد المؤمن بن عليّ.

أبو بكر، الهمذانيّ، التّاجر.

رئيسٌ متموّل. سمع البخاري من أبي الوقت.

كتب عنه: ابن الدّبيثيّ، وابن النجّار.

وتوفّي في شعبان بهمذان.

 

محمد بن أبي الفرج هبة الله بن أبي حامد عبد العزيز بن عليّ ابن محمد بن عمر بن

محمد بن حسين بن عمر بنإبراهيم بن سعيد بن إبراهيم بن محمد بن نجا بن موسى بن سعد بن أبي وقاص. أبو المحاسن، القرشيّ، الزّهريّ، السّعديّ، الدّينوريّ الأصل، ثمّ البغداديّ، المراتبيّ، المعروف بابن أبي حامد، البيّع.

ولد سنة ثلاثين وخمسمائة.

وسمع من: عمّه أبي بكر محمد بن أبي حامد، ومحمد بن طراد الزّينبيّ، وعبد الخالق بن أحمد بن يوسف؛ وانفرد بالرواية عنهم، وأبي الوقت السّجزيّ.

روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس عبد الرحمن ابن الزّين، والشهاب الأبرقوهيّ، وجماعة.

وكان شيخاً صالحاً مرضيّ الطّريقة، حسن الأخلاق، من بيت الرواية والثروة. وقد دخل دمشق غير مرّةٍ للتجارة، وأضرّ في أواخر عمره.

وتوفّي في سادس عشر شوّال. وكان أبوه قد ولي الحجوبية.

 

المبارك بن أبي الحسن عليّ بن أبي القاسم المبارك بن عليّ ابن أبي الجود. الشيخ

الصالح، أبو القاسم، البغداديّ، العتذابيّ، الورّاق.

آخر من حدّث في الدّنيا عن أبي العباس ابن الطّلاّية.

وهو من أهل محلّة العثّابيين. وقد مرّ جدّه في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.

روى عنه: الدّبيثيّ، والجمال محمد بن أبي الفرج الدّبّاب، وجماعةٌ آخرهم موتاً شيخنا الأبرقوهيّ.

وتوفّي في ليلة الجمعة سلخ المحرّم. وحدّث ببغداد، والموصل.

أخبرنا أبوالمعالي الأبرقوهيّ، أخبرنا المبارك بن عليّ بقراءة أبي، أخبرنا أحمد بن أبي غالب، أخبرنا عبد العزيز بن عليّ، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدّثنا أبو بكر بن أبي داود إملاءً،

حدّثنا عمرو بن عليّ الصّيرفيّ، حدّثنا يزيد ابن زريع، وخالد بن الحارث، ويحيى بن سعيد، وابن أبي عديّ، قالوا: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "على اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه" رواه النّسائي عن الصّيرفيّ، عن خالد بن الحارث وحده، عن سعيد بن أبي عروبة. وفي الحديث: ثمّ نسي الحسن هذا، وقال: هو مؤتمنٌ لا ضمان عليه.

 

مظفّر بن إبراهيم بن جماعة بن عليّ بن شاميّ بن أحمد بن ناهض. الأديب، موفّق الدّين،

العيلانيّ - بالعين المهملة - المصريّ، الحنبليّ، الشاعر، الأعمى، العروضيّ، من فحول الشعراء.

وله مصنّفات في العروض، وشعرٌ كثير. مدح الملوك والأكابر.

وسمع من: عبد الرحمن بن محمد السّبيي، ومحمود بن أحمد الصّابونيّ، والبوصيريّ، وجماعة.

روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، والشهاب القوصيّ، وطائفةٌ.

وتوفّي في المحرّم. وما أحسن قوله في الشّمعة: جـاءت بـجـسـمٍ لـسـانـــه ذهـــبٌتبكي وتشكـو الـهـوى وتـلـتـهـب

كـأنّـهـا فـي يمـين حــامـــلـــهـــارمـحٌ مـن الـعـاج رأســه ذهـــب

وله الأبيات السائرة: قـالـوا عـشـقـت وأنـت أعـمــىأحـوى كـحـيل الـطّـرف ألـمـى

وحـــلاه مـــا عـــاينـــتـــهـــــافـتـقـول قـد شـغـفـتـك وهـــمـــا

وخـيالـه بـــك فـــي الـــمـــنـــام فـــمـــا أطـــاف ولا ألـــمّـــا

فـأجـــبـــت أنّـــي مـــوســـويالـعـشـق إنـصـاتـاً وفـــهـــمـــا

أهـوى بـجـارحـتـي الــسّـــمـــاع ولا أرى ذات الـمــســـمّـــى

 

مظفّر بن عبد القاهر بن الحسن بن عليّ بن القاسم. القاضي حجّة الدّين، أبو منصور، ابن

القاضي أبي عليّ، الشّهرزوريّ، الشّافعيّ، قاضي الموصل.

كان رئيساً محتشماً، سرياً. ولد سنة ثمانٍ وخمسين وخمسمائة.

وولي قضاء الموصل مدّةً، وسار رسولاً إلى الخليفة، وإلى الشام وكان الثناء عليه جميلاً.

سمع من أبي أحمد عبد الوهّاب بن سكينة، وابن الأخضر. وأصابه فالج، وأضرّ قبل موته.

وتوفّي في رجب ببلده.

 

حرف الياء

يحيى بن عبد الله بن محمد بن حفص.

أبو الحسين، الأنصاريّ، الدّاني، الكاتب.

سمع أبا القاسم بن حبيشٍ، وعبد المنعم بن الفرس.

وكتب الإنشاء لأمراء الأندلس، وخطب بدانية، وكان جواداً، مضيافاً معتنياً بالآداب.

لقيه الأبّار وسمع منه وقال: توفّي بدانية في شوّال، وله ستّون سنة.

 

يحيى بن عبد الله بن يحيى. الإمام، أبو الحسين، الأنصاريّ، الشافعيّ، المصريّ، النّحويّ.

تلميذ العلاّمة عبد الله بن برّي، لزمه مدّة طويلة. وبرع في لسان العرب.

وتصدّر بالجامع العتيق مدّة، وتخرّج به جماعةٌ. وكان مشهوراً بحسن التّعليم.

روى عن ابن برّي. روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره.

ومات في ذي الحجّة.

 

يحيى بن أبي الحسن بن عبد الله. أبو الحسين، ابن ياقوت، الفقيه، الإسكندرانيّ، المالكيّ،

المعدّل، والد أبي الحسن محمد.

ولد سنة أربعين وخمسمائة.

وكان عدلاً، نبيلاً، صالحاً، عفيفاً، متحرّياً في الشّهادة.

وحدّث عن السّلفيّ.

روى عنه المنذريّ، وقال: مات في ثامن عشر شوّال.

 

يحيى بن أبي القاسم البغداديّ، الأزجيّ.

حدّث عن خزيفة بن الهاطر.

 

يرنقش، أبو الحسن، الرّوميّ، الجهيريّ.

سمع من أحمد بن محمد بالعبّاسيّ المكّيّ.

كتب عنه ابن النجّار، وقال: خيّرٌ لا بأس به. مات في رجب سنة 23.

 

يونس بن بدران بن فيروز بن صاعد بن عالي بن محمد بن عليّ، قاضي القضاة بالشام.

جمال الدّين، أبو محمد وأبو الوليد وأبو الفضائل، وأبو الفرج، القرشيّ، الشّيبيّ، الحجازيّ الأصل، المليجيّ المولد، الشافعيّ، المشهور بالجمال المصريّ.

ولد تقريباً سنة خمسين وخمسمائة.

وسمع من: السّلفيّ، وعليّ بن هبة الله الكامليّ، وغيرهما.

وترسّل إلى الدّيوان العزيز، وولي الوكالة بالشام مدّة، والتّدريس، ثمّ القضاء. ودرّس بالأمينية بعد التّقيّ الضرير، وترسّل عن الملك العادل إقامةً ونوّه باسمه الصاحب ابن شكر. وولي تدريس العادلية في دولة المعظّم؛ فألقى بها دروساً جميع تفسير القرآن. وقد اختصر كتاب الأمّ للشافعيّ. وصنّف في الفرائض.

قال أبو شامة: كان في ولايته عفيفاً في نفسه نزهاً، مهيباً، ملازماً لمجلس الحكم بالجامع، وغيره. وكان ينقم عليه أنّه إذا ثبت عنده وراثة شخص وقد وضع بيت المال أيديهم عليها، يأمره بالمصالحة لبيت المال. ونقم عليه استنابته في القضاء لابنه التّاج محمد، ولم تكن طريقته مستقيمةً. قال: وكان يذكر أنّه قرشيّ شيبيٌّ، فتكلّم النّاس في ذلك، وولي بعده القضاء وتدريس العادلية شمس الدّين الخوييّ.

ونقلت من خطّ الضّياء: توفّي القاضي يونس بن بدران المصريّ، بدمشق، وقليلٌ من الخلق من كان يترحّم عليه.

قلت: روى عنه البرزاليّ، الشهاب القوصيّ، وعمر ابن الحاجب وقال: كان يشارك في علومٍ كثيرة، وصار وكيلاً ليت المال، فلم يحسن السيرة قبل القضاء.

قال ابن واصل: كان شديد السّمرة، يلثغ بالقاف همزةً، صلّى ليلةً بالملك المعظّم فقرأ "نبأ ابني آدم بالحقّ" فضحك منه السّلطان، وقطع الصلاة.

وقال القوصي: أنشدنا الجمال المصريّ، قال: أنشدنا السّلفيّ لنفسه: قد كـنـت أخـطـو فـصـرت أعـدووكـنـت أغـدو فـصـرت أخـطـــو

خـان مـشـيبــي يدي ورجـــلـــيفـلـيس خـــطـــوٌ ولـــيس خـــطّ

توفّي في أواخر ربيع الأول، ودفن في مجلس بقاعته شرقيّ القليجية من قبليّ الخضراء.

 

الكنى

أبو بكر بن أحمد بن منخّل بن مشرّف. الشّاطبيّ، المقرئ، الصّالح، الزّاهد، المعمّر.

عاش ثمانياً وتسعين سنةً.

سمع من إبراهيم بن خليفة في سنة خمسٍ وثلاثين وخمسمائة، كتاب التّفسير بسماعه من ابن الدّش، بسماعه من الدّاني. وسمع من عاشر بن محمد، وعليم بن عبد العزيز، وتفرّد عنهم.

سمع منه ابن مسدي وورّخه.

 

أبو القاسم بن حمّويه الجويني، اسمه عبيد الله، تقدّم.

وفيها ولد

شيخ المستنصرية الرشيد محمد بن أبي القاسم.

والزّين إبراهيم بن أحمد ابن القوّاس.

والرشيد إسماعيل بن عثمان ابن المعلّم، شيخ الحنفية.

والفتح عبد الله بن محمد ابن القيسرانيّ.

والشرف عبد الوهّاب بن فضل الله، صاحب ديوان الإنشاء.

والصّدر إسماعيل بن مكتوم.

والنّجم عبد العالي بن عبد الملك بن عبد الكافي الشّاهد.

والتّقيّ إسحاق بن عبد الرحيم بن درباس المصريّ.

وعبد الرحمن بن أحمد سبط أبي الوقت الركبدار.

وحسّان بن سلطان اليونينيّ، خطيب زحلة.

والحاج محمد بن رنطار الأشرفيّ.

والتّاج عبد القادر بن محمد السّنجاريّ الحنفيّ.

والشهاب سليمان بن إبراهيم الحنفيّ ابن الشّركسيّ.

 

وفيات سنة أربع وعشرين وستمائة

حرف الألف

أحمد بن إبراهيم بن فرقد.

أبو جعفر، القرشيّ، الأندلسيّ، نزيل إشبيلية.

وحدّث عن أبيه، وعمّه.

وولي قضاء غرناطة، وسلا، فلم تحمد سيرته.

روى عنه الأبّار، وقال: توفّي في ربيع الآخر عن ثمانٍ وسبعين سنة.

 

أحمد بن سليمان بن طالب.

أبو الثناء، القرشيّ، الفاسيّ، الزّاهد.

أحد الأعلام، ويعرف بابن ناهض.

سمع وقرأ في الأصول، وصنّف في علم الكلام، والطّريق.

قال ابن مسدي: وله كلامٌ على الخواطر وكشفٌ. بتّ عنده، وكاشفني بأشياء ما أخرمت.

 

أحمد بن عبد المجيد بن سالم بن تمام.

أبو العبّاس، الحجريّ، المالقيّ، المعروف بابن الجيّار.

أكثر عن أبي عبد الله ابن الفخّار، وأبي زيد السّهيليّ، وأبي القاسم ابن بشكوال.

وأجاز له أبو مروان بن قزمان، والسّلفيّ، وجماعة.

قال الأبّار: وكان ذا عناية بالرواية أخذت عنه، مع ورع وصلاح، وتوفّي في جمادى الآخرة، وقد خانق الثمانين.

 

أحمد بن عليّ بن يوسف القرطبيّ. أبو العبّاس الأنصاريّ.

روى عن: أبي خالد بن رفاعة، وابن حميد.

وولي خطابة لوشة. وقد أسر، ثم خلّصه الله، وسكن مالقة. مات في شهر ربيع الآخر.

 

أحمد بن محمد بن أحمد. أبو جعفر، ابن الأصلع، الأندلسيّ، العكّيّ، من أهل لوشة.

أخذ القراءآت عن أبي العباس بن اليتيم، ولقي بمالقة أبا بحر بن جامع، وأبا محمد بن دحمان، فأخذ عنهما كتاب سيبويه.

وبرع في العربية وتصدّر لإقرائها.

وسمع من أبي القاسم بن بشكوال، والسّهيليّ. وأجاز له أبو الحسن ابن النّعمة، وجماعة. وأقرأ القراءآت، والنحو، وروى الحديث.

وتوفّي في الأسر في آخر هذه السنة، وله ثمانون سنة.

 

إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم. أبو إسحاق، النّقّاش، البغداديّ الأصل، الدمشقيّ

المولد، الصّوفيّ، الشّاعر.

نشأ بدمشق ثمّ دخل بغداد - بلد آبائه - فاستوطنها.

وكان شيخاً حسناً ينقش في النّحاس. فمن شعره؛ ورواه عنه ابن النّجّار: وكـم مـن هـوى لـيلـى قـتـيل صـبــابةٍومجنونها المضنى بـهـا الـعـلـم الـفـرد

ومـا كـلّ مـا ذاق الـهـوى تـاه صـبـوةًولا كـلّ مـن رام الـلّـقـا حـثّـه الـوجــد

توفّي يوم عرفه.

 

أسعد بن يحيى بن موسى بن منصور بن عبد العزيز السّلميّ.

السّنجاريّ، الفقيه، شهاب الدّين. الشافعيّ، الشاعر.

له ديوان مشهور.

وتوفّي في أوائل المحرّم سنة أربعٍ، وفي موته خلاف. وقد مرّ في عام اثنتين وعشرين.

ومن شعره في مملوك: أصبحـت سـلـطـان الـقـلـوب مـلاحةًوجمال وجهـك فـي الـبـريّة عـسـكـر

طـلـعـت طـلائع عـارضـيك مـغــيرةًبـالـنّـصـر يقـدّمـهـا لـواءٌ أخـــضـــر

وتسربلـت سـرب الـقـلـوب وأقـبـلـتتبغـي الإمـام ومـثـل جـيشـك ينـصـر

فـلأنـت أعـلـى رتـبةً مـن سـنـــجـــرٍأبـداً يدين لـك الـورى يا ســنـــجـــر

وله: لـــلـــه أيّامـــي عـــلـــى رامةٍوطـيب أوقـاتـي عـلـى حـاجـر

تـكـاد لـلـسـرعة فـي مـــرّهـــاأوّلـــهـــا يعـــثـــر بـــالآخـــر

ويقال: بلغ تسعين سنة. ووزر لصاحب حماة. ونفذ رسولاً.

 

إسماعيل بن إبراهيم بن محمد. أبو محمد، الشّهرستانيّ، ثمّ البغداديّ، الصوفيّ، المقرئ.

سمع من: أبي الفتح بن البطّي، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النّقور، وجماعة.

وحدّث ببغداد والموصل وإربل. توفّي ليلة عاشوراء.

وقد سمع منه الجمال محمد ابن الدّبّاب جزء أخبارٍ وحكاياتٍ للزّبير ابن بكار.

أخبرنا يحيى بن ثابت، عن أبيه، عن ابن رزمة، عن السّيرافيّ، عن ابن أبي الأزهر، عنه.

وسمع منه ابن الدّبّاب السابع من فوائد الخرقيّ، بسماعه من ابن البطّي، عن حمزة الزّبيريّ، عنه.

 

إسماعيل بن الحسين. أبو منصور، الدّلاّل، ابن النّرسيّ.

روى عن جدّه عبد الله بن أحمد بن النّرسيّ.

روى عنه ابن النّجّار.

 

إسماعيل ابن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الملك بن عيسى ابن درباس. القاضي، عماد

الدّين، المارانيّ، الشافعيّ.

ولد بالقاهرة سنة سبعين وخمسمائة. وتفقّه مدّة، وسمع من البوصيريّ، وجماعةٍ. وحدّث.

وناب عن والده في القضاء، ودرّس السّيفية، بالقاهرة. وأقبل على صحبة أهل الآخرة، ولزوم طريقتهم. وتوفّي في رمضان.

 

حرف الجيم

جعفر بن أحمد بن عبد الرحيم بن تركي.

أبو الفضائل، الإسكندرانيّ، العدل.

حدّث عن السّلفيّ، ومات في رجب.

 

جعفر بن عبد الله بن محمد بن سيد بونه.

أبو أحمد، الخزاعيّ، الأندلسيّ، الزّاهد.

من أهل قسطنطانية عمل دانية.

ذكره الأبّار فقال: أخذ القراءآت عن أبي الحسن بن هذيل، وسمع منه ومن أبي الحسن بن النّعمة ببلنسية. وحجّ في حياة السّلفيّ، ورجع مائلاً إلى الزّهد والتّخلّي، وكان شيخ الصوفية في زمانه. علا ذكره وبعد صيته في العبادة، إلاّ أنّه كانت فيه غفلةٌ، وقد رأيته. وتوفّي في ذي القعدة عن علوّ سن نحو المائة سنة، وقد شيّعه بشرٌ كثيرٌ، وانتاب الناس زيارة قبره.

وقال ابن مسدي في معجمه: غلّق المائة إلاّ ما يسقط أو يزيد من شهر. وأخذ القراءآت عن خاله يحيى، وابن هذيل، وابن غادة، وابن النّعمة. وسمع بمكّة من عليّ بن عمّار وليس من ابن الرّفاعي، احتلت في السماع منه، فإنّه كان قد خرج عن هذا الفنّ.

قلت: وقد سمع التّيسير من ابن هذيل في ذي القعدة سنة ستّين وخمسمائة بقراءة خاله الحسن بن أحمد بن سيد بونه الخزاعيّ.

 

جنكزخان، طاغية التّتار وملكهم الأوّل.

الّذي خرب البلاد، وأباد العباد. وليس للتّتار ذكرٌ قبله، وإنّما كانوا ببادية الصّين، فملكوه

عليهم، وأطاعوه طاعةً أصحاب نبيّ لنبيّ، بل طاعة العباد المخلصين لربّ العالمين.

وكان مبدأ ملكه في سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة، واستولى على بخارى وسمرقند في سنة ستّ عشرة، واستولى على مدن خراسان في سنة ثمان عشرة وآخر سنة سبع عشرة. ولمّا رجع من حرب السّلطان جلال الدّين خوارزم شاه على نهر السّند وصل إلى مدينة تنكت من بلاد الخطا، فمرض بها، ومات في رابع رمضان من سنة أربعٍ وعشرين. وكانت أيامه خمساً وعشرين سنة. وكان اسمه قبل أن يلي الملك تمرجين. ومات على دينهم وكفرهم.

وبلغنا أنّه خلّف من الأولاد الّذين يصلحون للسلطنة ستةً، وفوض الأمر إلى أوكتابي أحدهم بعد ما استشار الخمسة الآخرين في ذلك، فأجابوه. فلمّا هلك جنكزخان، امتنع أوكتابي من الملك وقال: في إخوتي وأعمامي من هو أكبر منّي، فلم يزالوا به نحواً من أربعين يوماً حتى تملّك، وحكم على الملوك، ولقّبوه قاآن الأعظم - ومعناه: الخليفة فيما قيل - وبثّ جيوشه، وفتح فتوحات، وطالت أيامه. وولي بعده الأمر مونكوكا وهو القاآن الّذي كان أخوه هولاوو من جملة مقدّميه ونوّابه على خراسان. وولي بعد مونكاكا أخوه قبلاي وقد طالت خلافة قبلاي، وبقي في الأمر نيّفاً وأربعين سنة كأخيه، وعاش إلى سنة ثلاثٍ وتسعين وستمائة، ومات سنة خمسٍ بمدينة خان بالق الّتي هي كرسيّ المملكة، وهي أمّ الخطا.

وأمّا تنكت: فهو اسم جبلٍ بتلك الدّيار، وهو حدٌّ بين بلاد الهند وبين بلاد الخطا.

فقبلاي هذا ومونكاكا وهولاوو إخوة، وهم أولاد تولي بن جنكزخان. وقد قتل تولي في مصافّ عظيم بينه وبين السلطان جلال الدّين خوارزمشاه سنة ثماني عشرة وستمائة بخراسان من ناحية غزنة.

 

حرف الحاء

حسن ابن الوزير أبي العباس أحمد بن محمد بن موسى الأنصاريّ، البلنسيّ.

صحب وهب بن نذير، وتفقّه به، وأخذ القراءآت عن أبي عليّ بن زلال، وعالج الشّروط.

عاش نيّفاً وسبعين سنة.

 

حمّاد بن أحمد بن محمد بن صديق. أبو الثناء، الحرّانيّ.

سمع من أبي الفتح أحمد بن أبي الوفاء. وحدّث. وهو أخو حمد.

مات في شوّال.

حرف الدّال

داود بن معمر بن عبد الواحد بن الفاخر.

أبو الفتوح، القرشيّ، الإصبهانيّ.

ولد في رمضان سنة أربعٍ وثلاثين وخمسمائة.

وسمع من: غانم خالد البيّع، وغانم بن أحمد الجلوديّ، وفاطمة بيت محمد بن أحمد البغداديّ، ونصر بنالمظفّر البرمكيّ، وإسماعيل بن علي الحماميّ، وأبي الخير محمد بن أحمد الباغبان، وأبي الحسن بن غبرة، وابن البطّي، وجماعة.

قرأت بخطّ ابن نقطة، قال: ذكر لي غير واحدٍ من الطّلبة أنّه سمع صحيح البخاريّ من غانم الجلودي، وفاطمة بنت البغداديّ، قالا: أخبرنا سعيد بن أبي سعيد العيّار، ومن أبي الوقت عن أبي الحسن الداوديّ. وسمع بالكوفة من ابن غبرة كتاب الدّعاء لمحمد بن فضيل. سمعت منه بإصبهان، وحكى لي عن شيخه أبي محمد عبد القادي الجيليّ، وغيره. قال: وهو شيخ الناس بإصبهان، واسع الجاه، رفيع المنزلة، مكرمٌ لأهل العلم وغيرهم.

بلغنا أنّه توفّي بإصبهان سنة أربعٍ وعشرين.

قلت: وسمع منه الزّكّي البرزاليّ، والصدر البكريّ جزء البيتوتة، بسماعه من فاطمة بنت محمد البغداديّ، بسماعها من العيّار، وهو بسماع عليّ ابن المظفّر الكاتب من البكريّ، وسماعه من بنت البغداديّ حضور، فإنّه في سنة سبعٍ وثلاثين، لهذا الجزء وكذا روايته عنها للبخاريّ حضور، فإنّه في سنة ستّ وثلاثين. وسماعه من ابن غانم في الخامسة.

وروى عنه أيضاً الحافظ الضياء، وقال: توفّي في رجب أو شعبان. وكذا قال المنذريّ. وروى عنه ابن النجّار، وآخرون.

 

حرف الصاد

صدقة بن عبد الله بن أبي بكر بن فتوح. أبو القاسم، اللّخميّ، الجريريّ، الحسينيّ. وبنو

حسين: بطن من بني جرير اللّخميّين، ويعرف هذا بابن الكيّال، الإسكندرانيّ.

ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة.

وسمع من: السّلفي، وأبي محمد العثمانيّ، وأبي طالب اللّخميّ.

وحدّث. وله شعرٌ، وفضيلة، ومروءة.

توفّي في سلخ المحرّم.

 

صفية بنت أبي طاهر عبد الجبّار بن أبي البقاء هبة الله بن القاسم ابن البندار الحريميّ. أمّ

الخير.

سمعت من ابن البطّي، وكرم بن أحمد بن قنيّة. وكانت صالحةً قانتةً، عابدة. سمعوا منها مرّات؛ وروى عنها الدّبيثيّ، وابن نقطة، وروى لنا عنها الأبرقوهيّ جزء البانياسيّ.

وماتت في سابع صفر.

وكرم: فمن طلبة الحديث، يروي عن أبي غالب ابن البنّاء.

 

حرف العين

عبد الله بن أحمد بن أبي بكر. أبو القاسم. الهمذانيّ، ثمّ البغداديّ، الظّفريّ، الخيّاط،

المقري.

سمع من أبي الفتح بن البطّي. وحدّث. ومات في ذي الحجّة.

عبد الله بن جميل بن أحمد بن محمد. أبو إبراهيم وأبو موسى، البردانيّ، الفيجيّ.

مات بالفيجة.

وحدّث عن أبي نصر عبد الرحيم اليوسفيّ بجزء ابن عرفة. وكان صالحاً، خيّراً.

روى عنه الضّياء؛ وأثنى عليه، وعمر ابن الحاجب. وحدّثنا عنه العزّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ. قرأت وفاته بخطّ الضّياء: في ربيع الأول. وقال المنذري: في رابع جمادى الأولى.

 

عبد الله بن عثمان بن يوسف المقدسيّ.

قال الضّياء: كان فيما علمنا من عباد الله الصّالحين، لم تعرف له صبوة ولا زلّةٌ. وكان صابراً على الفقر والقلّة متورّعاً، يقرأ القرآن قراءةً حسنةً، وقرأ عليه جماعة. وحدّثني إبراهيم بن أبي الفرج جاره قال: لم يترك القراءة إلاّ ليلةً واحدة، وكان يقرأ اللّيل والنّهار رضي الله عنه.

مات في خامس عشر المحرّم بالجبل.

عبد الله بن نصر بن أبي بكر بن محمد الحرّانيّ.

قاضي حرّان، أبو بكر، الفقيه الحنبليّ، المقرئ.

دخل إلى بغداد وفقّه بها على غير واحدٍ.

وسمع من: شهدة الكاتبة، وعبد الحقّ اليوسفيّ، وعيسى بن أحمد الدّوشابيّ، وتجنّى الوهبانية.

وانحدر إلى واسط، فقرأ بها القراءآت على أبي طالب الكتّانيّ، وأبي بكر الباقلاّنيّ، وابن قشام القاضي.

وولي القضاء ببلده، وأقرأ القراءآت، وحمدت سيرته. وفي ذرّيته قضاةٌ وفضلاء. وقد صنّف في القراءآت، وسمع منه جماعةٌ.

وولد سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة.

روى عنه الضّياء، وابن الحاجب. وأخبرنا عنه سبطه أبو الغنائم بن محاسن، والشهاب الأبرقوهيّ. وقال الضّياء: أخبرني بعض أقاربه أنّه توفّي سنة أربع وعشرين.

 

عبد الله بن يحيى بن أبي البركات.

أبو محمد، القرشيّ، المهدويّ، ثمّ الإسكندرانيّ.

شيخٌ صالحٌ، عابدٌ. ولد بعد الأربعين. وقدم الإسكندرية، وسكنها، وسمع بها من السّلفيّ. ومات في صفر.

 

عبد الله بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن.

السّلطان، أبو محمد، الملقّب بالعادل.

بويع بالمغرب إثر خلع ابن عمّهم عبد الواحد سنة إحدى وعشرين. ولم يستقلّ بالمملكة، بل كان أخوه المأمون أبو العلى منازعاً له، ثمّ قوي المأمون ودخل قصر الإمارة بمرّاكش، وقبض على العادل في عام أربعة هذا وأحسبه قتل. فكانت دولته أقلّ من أربع سنين، آخرها في شوّال.

 

عبد البرّ ابن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن الهمذانيّ، العطّار. أبو محمد.

سمع: أباه، وعليّ بن محمد المشكانيّ راوي التاريخ البخاريّ الصّغير، ونصر بن مظفر البرمكيّ، وأبا الخير الباغبان، وأبا الوقت السّجزيّ، وجماعة.

روى عنه: الضّياء، والصّدر البكريّ، والزّكّي البرزاليّ، وسائر الرّحّالة.

وقرأت بخطّ ابن نقطة: أنّه سمع من عليّ بن محمد المشكانيّ تاريخ البخاريّ الصّغير. قال: وذكر لي إسحاق بن محمد بن المؤيّد المصري: أنّ شيخنا عبد البرّ بن أبي العلاء تغيّر بعد سنة عشر وستمائة، وبلغنا أنّه ثاب إليه عقله قبل وفاته بقليل، وحدّث، وأنّه توفّي بروذروار

في شعبان من سنة أربعٍ وعشرين.

قلت: وسمعنا بإجازته من الشّرف أحمد بن عساكر.

 

عبد الجبّار بن عبد الغنيّ بن عليّ بن أبي الفضل بن عليّ بن عبد الواحد بن عبد الضّيف

الأنصاريّ. ابن الحرستانيّ، الشافعيّ، الفقيه، المفتي، كمال الدّين، أبو محمد.

نقلت ذلك كلّه من خطّ ابن الدّخميسيّ.

سمع: أبا القاسم الحافظ، وأبا سعد بن أبي عصرون. وأجاز له خطيب الموصل أبو الفضل، والحافظ أبو موسى المدينيّ.

سمع منه: الزّكّي البرزاليّ، وخرّج له جزءاً، وأبو حامد ابن الصابونيّ، وابن الدّخميسيّ، والفخر محمد بن محمد ابن التّبني.

وأخبرنا عنه أبو الفضل بن عساكر.

توفّي في شعبان سنة أربعٍ وعشرين وستمائة.

وقال ابن الحاجب: مولده سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة، ودرّس بالكلاّسة، والأكزيّة، وهو من بيت ابن طليس.

 

عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور. الإمام، بهاء

الدين أبو محمد المقدسيّ، الحنبليّ.

ولد بقرية السّاويا من الأرض المقدّسة في سنة خمسٍ أو ستٍّ وخمسين وخمسمائةز وكان أبوه يؤمّ بأهلها، وهي من عمل نابلس. وأمّه ستّ النّظر بنت أبي المكارم. هاجر به أبوه نحو دمشق سراً وخفية من الفرنج والبلاد لهم، ثمّ سافر أبوه إلى مصر تاجراً، فماتت أمّه وكفلته عمّته فاطمة زوجة الشيخ أبي عمر. ولمّا قدم الحافظ عبد الغنيّ من الإسكندرية درّبه على الكتابة، وأعطاه رزقاً، وختم القرآن في نحو سنة سبعين. ثمّ رحل في سنة اثنتين وسبعين في حلبة الشيخ العماد، فسمع بحرّان من أحمد ابن أبي الوفاء، وكان بحرّان سليمان بن أبي عطاف، وغيره من المقادسة.

وقال البهاء: فألفتهم وأشير عليّ بالمقام بها لأجوّد حفظ الختمة، فقعدت بها في دار ابن عبدوس فأحسن إليّ، وقرأت القرآن على جماعةٍ في ستّة أشهر، وصلّيت التّراويح بهم وكنت أستحي كثيراً فأفرغ وقد ابتلّ ثوبي من العرق في البرد، فجمعوا لي شيئاً من الفطرة من حيث

لا أعلم، واشترى لي ابن عبدوس دابّة وجهّزني، وسافرت مع حجّاج حرّان إلى بغداد، وقد سقني العماد ومعه ابن أخته عبد الله بن عمر بن أبي بكر، والشهاب محمد بن خلف، فسمعت بالموصل على خطيبها جزءاً. ثمّ دخلت بغداد وقد مات الشيخ عليّ البطائحيّ فحزنت كثيراُ، لأنّني كنت أريد أن أقرأ عليه الختمة. ثمّ سمعنا الحديث، فأوّل جزء كتبته جزء من حديث مالك على شهدة ولم ندرك أعلى سنداً منها، وسمعنا عليها معاني القرآن للزجّاج، ومصارع العشّاق للسّرّاج، وموطّأ القعنبيّ. وسمعت على عبد الحقّ بن يوسف كثيراً؛ وكان من بيت الحديث فإنّه روى عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، وكان صالحاً فقيراً، وكان عسراً في السّماع جدّاً. وسمعنا عليه الإبانة للسّجزيّ بقراءة الحافظ عبد الغنيّ، ومرضت ففاتني مجلسٌ، وكان يمشي معي من بيته إلى مكّيّ الغرّاد فيعيد فوتي، ورزقت منه حظّاً، لأنّه كان يراني منكسراً مواظباً، وكان يعيرني الأجزاء، فأكتبها، وألهم في آخر عمره القرآن فكان يقرأ كلّ يوم عشرين جزءاً أو أكثر.

وسمعت على أبي هاشم الدّوشابي، وكان هرّاساً يربّي الحمام، فقلت لرفيقي عبد الله بن عمر: أريد أفاتحه في الطّيور عسى يلتفت علينا، فنقرأ عليه هذين الجزءين فقال: لا تفعل. فقلت: لا بدّ من ذلك، فقلت: يا سيّدي إن كان عندك من الطّيور الجياد تعطينا وتفيدنا، فالتفت إليّ قال: يا بنيّ عندي الطّيرة الفلانية بنت الطّيرة الفلانية، ولي قنصٌ من فلان، وانبسط، فسمعنا عليه الجزءين ولم نعد إليه.

وسمعنا على ابن صيلا، وأبي شاكر السّقلاطونيّ، وتجنّي، وابن يلدرك، ومنوهجر، وابن شاتيل - وكان له ابنٌ شيخٌ إذا جلسنا تبيّن كأنّه الأب، وعمي على كبرٍ، وبقي سبعين يوماً أعمى، ثمّ برئ وعاد بصره - يعني الابن - فسألنا الشيخ عن السبب فذكر لنا: أنّه ذهب به إلى قبر الإمام أحمد وأنّه دعا وابتهل، وقلت: يا أمام أحمد أسألك إلاّ شفعت فيه إلى ربّك، يا ربّ شفّعه في ولدي، وولدي يؤمّن، ثمّ مضينا. فلمّا كان اللّيل استيقظ وقد أبصر. ثمّ أخذنا في سماع الدّرس على ناصح الإسلام أبي الفتح، وكنت قليل الفهم لضيق صدري، وكنت أحبّ كتابة الحديث فلو كتبت النّهار كلّه لم أضجر، وربّما سهرت من أول اللّيل، فما أشعر إلاّ بالصّباح. وأشار عليّ الحافظ عبد الغنيّ بالسّفر معه إلى إصبهان، فاتّفق سفره وأنا مريض. ثمّ توفّي أبي سنة خمسٍ وسبعين. ثمّ اشتغلت في مسائل الخلاف على الشيخ أبي الفتح اشتغالاً

جيّداً، وكنت إذ ذاك فقيراً ليس لي بلغةٌ إلاّ من الشيخ أبي الفتح - يعني ابن المنّي - واتّفق غلاءٌ كثيرٌ فأحسن إليّ، ثمّ وقع المرض، فخاف عليّ فجهّزني وأعطاني، واتّفقت أنا، وعليّ ابن الطّالبانيّ، ويحيى ابن الطّبّاخ، فترافقنا إلى الموصل، ثمّ ذهبنا إلى مراغة في طلب علم الخلاف، فاكتريت إلى حرّان وصبر عليّ الجمّال بالأجرة إلى حرّان، وكنت أقترض من التّجار ما أتبلّغ به. ثمّ أقمت بحرّان نحو سنة أقرأ على شمس الدّين ابن عبدوس كتاب الهداية لأبي الخطّاب، ثمّ مضيت إلى دمشق، وتزوج ببنت عمّي زينب بنت عبد الواحد، وأنفق عليّ عمّي، وساعدني الشيخ أبو عمر، فكنت في أرغد عيشٍ إلى أن سافرت إلى بغداد سنة تسعٍ وسبعين ومعي أخي أبو بكر، وابن عمّي أحمد - يعني: الشمس البخاريّ - وصمنا رمضان، وسافرنا مع الحجّاج، وجهّزنا ابن عبدوس بالكري والنّفقة، ولم تكن لي همّةٌ إلاّ علم الخلاف.

فشرعت في الاشتغال على الشيخ أبي الفتح، وكان معيده الفخر إسماعيل الرّقّاء، ثمّ سافرت سنة ثلاثٍ وثمانين، وخلّفت ببغداد أخي، وابن عمّي. فسافر ابن عمّي إلى بخارى، ولحقني أخي.

نقلت هذا كلّه من خطّ السيف ابن المجد.

وقد سمع البهاء بدمشق - قبل أن يرحل - من عبد الله بن الواحد المكنانيّ في سنة سبعٍ وستّين، ومن القاضي كمال الدّين محمد بن عبد الله الشّهرزوريّ، ومحمد بن بركة الصّلحيّ، وأبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، وجماعة. وسمع ببغداد أيضاً من أحمد بن مسعود الهاشميّ، وأحمد ابن أحمد بن حمدي العدل، وأبي بكر أحمد ابن النّاعم، وأحمد بن الحسن بن سلامة المنبجيّ، والحسن بن عليّ بن شيرويه، وسعد الله ابن الوادي، وعبد المحسن بن تريك، وعبد المغيث بن زهير، ومحمد بن نسيم العيشونيّ، ونصر الله القزّاز، وأبي العزّ محمد بن محمد بن مواهب، وأبي الثناء محمد بن محمد الزّيتونيّ، مسعود بن عليّ بن النّادر، والمبارك بن المبارك بن الحكيم، وسمع من خلق بدمشق، وبغداد.

وأجاز له طائفةٌ كبيرة، وروى الكثير. وكان ينفق حديثه، فحدّث بقطعةٍ كبيرةٍ منه ببعلبكّ، وبنابلس، وبجامع دمشق.

وكان إماماً في الفقه، لا بأس به في الحديث.

قال الضّياء في البهاء: كان إماماً فقيهاً، مناظراً، اشتغل على ابن المنّي، وسمع الكثير، وكتب

الكثير بخطّه، وأقام بنابلس سنين كثيرة - بعد الفتوح - يؤمّ بالجامع الغربيّ منها، وانتفع به خلقٌ كثيرٌ من أهل نابلس وأهل القرايا. وكان كريماً جواداً سخياً، حسن الأخلاف، متواضعاً.

ورجع إلى دمشق قبل وفاته بيسير، واجتهد في كتابة الحديث وتسميعه، وشرح كتاب المقنّع وكتاب العمدة لشيخنا موفّق الدّين، ووقف من كتبه ما هو مسموع.

وقال أبو الفتح عمر بن الحاجب: كان أكثر مقامه بنابلس، وكان مليح المنظر، مطرحاً للتّكلّف، كثير الفائدة، ذا دينٍ وخير، قوّالاً بالحقّ لا يخاف في الله لومة لائم، راغباً في التّحديث. كان يدخل من الجبل قاصداً لمن يسمع عليه، وربّما أتى بغدائه فيطعمه لمن يقرأ عليه. تفرّد بعدّة كتب وأجزاء، وانقطع بموته حديثٌ كثير - يعني بدمشق - . وأمّا رفقاؤه ببغداد، فتأخّروا، ثمّ قال: ولد سنة ستٍّ وخمسين، وتوفّي في سابع ذي الحجّة سنة أربع.

قلت: روى عن الضّياء، والبرزاليّ، والسّيف، والشّرف ابن النابلسيّ، والجمال ابن الصّابونيّ، والشمس ابن الكمال، وخلقٌ كثير.

وحدّثنا عنه ببعلبكّ: التّاج عبد الخالق، وعبد الكريم بن زيد، ومحمد بان بلغزا، وأبو الحسين شيخنا، وست الأهل بنت علوان، وداود بن محفوظ.

وبدمشق: العزّ إسماعيل ابن الفرّاء، والعزّ ابن العماد، والشمس ابن الواسطيّ، والتّقيّ أحمد بن مؤمن، وأبو جعفر محمد ابن الموازينيّ، وإسحاق ابن سلطان. وبنابلس العماد عبد الحافظ، وغيره هؤلاء. وختم حديثه بموت ابن الموازينيّ، وبين موتهما أربعٌ وثمانون سنة.

 

عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد.

أبو عمرو، الكتاميّ، الإشبيليّ، الفقيه.

سمع أبا عبد الله بن زرقون، وتفقّه به، ولازمه، وأبا محمد بن جمهور، وأبا عبد الله ابن المجاهد الزّاهد. وتفقّه قديماً بأبي محمد بن موجوال، وأخذ القراءآت عن أبي بكر بن صاف.

قال الأبّار: وكان حافظاً لمذهب مالك، بعيداً عن الانقياد للسماع منه. وتوفّي في شوّال وله ثلاثٌ وثمانون سنة.

 

عبد الرحمن بن عبد العليّ بن عليّ. قاضي القضاة، عماد الدّين، أبو القاسم، المصريّ،

الشافعيّ، المعروف بابن السّكّري.

جدّ شيخنا عماد الدّين عليّ بن عبد العزيز.

ولد سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة.

سمع: إبراهيم بن سماقا، وعليّ بن خلف بن معزوز. وصحب الصّالحين، وتفقّه على الشهاب محمد الطّوسي، وبرع في العلم وولي قضاء القاهرة وخطابتها. وحدّث، وأفتى، ودرّس.

توفّي في ثامن عشر شوّال، وله إحدى وسبعون سنة.

 

عبد الرحمن بن عمر بن سلمان.

أبو الفرج، الأزجيّ، المعروف بابن حديد.

توفّي في جمادى الأولى عن نحوٍ من ثمانين سنة. وحدّث عن عليّ بن أبي سعد الخبّاز.

 

عبد الرحمن بن محمد بن حمدان.

الفقيه، صائن الدّين، أبو القاسم، الطيبيّ.

مصنّف شرح التّنبيه، ومعيد النظاميّة. كان شديد الفتوى، متقناً، فرضيّاً، حاسباً، فاضلاً.

 

عبد السّلام بن أبي بكر بن عبد الملك بن ثابت.

أبو محمد، البغداديّ، الجماجميّ، كان يعمل الجماجم.

وهو رجل صالح. حدّث عن أبي طالب بن خضير.

 

عبد الصّمد بن الحسن بن يوسف بن أحمد. أبو محمد، الأصبحيّ، المصريّ، الشافعيّ،

المعروف بالمقاماتيّ، لأنّه حفظ مقامات الحريريّ.

ولد سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة.

سمع من السّلفيّ أبيات شعرٍ وحدّث بها، وكتب الكثير بعد ذلك. وسمع من الرتاحيّ، وأبي يعقوب بن الطّفيل، وجماعةٍ. وكان أخبارياً كثير المحفوظ.

توفّي في رمضان. روى عنه المنذريّ.

 

عبد العزيز بن سحنون بن عليّ.

برهان الدّين، أبو محمد، الغماريّ، النّابيّ، النّحويّ، العدل.

ولد سنة أربعٍ وخمسين.

وقدم مصر سنة ثمانٍ وستّين، وحدّث عن السّلفيّ، وعبد الله بن برّي، وجماعةٍ بعدهما.

وتصدّر لإقراء العربية بجامع مصر، وانتفع الناس به. روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره.

وتوفّي في ثامن عشر ذي الحجّة.

عبد العزيز بن عليّ بن عبد العزيز بن زيدان.

أبو محمد وأبو بكر، السّماتيّ، القرطبيّ، نزيل فاس.

روى عن أبي إسحاق بن قرقول، ونجبة بن يحيى، وأخذ بفاس عن أبي الحسن بن حنين، وهو أكبر شيوخه.

قال الأبّار: سمع منه الموطّأ في سنة خمس وستّين وخمسمائة، عن ابن الطّلاّع محمد، والشّهاب للقضاعيّ، عن أبي الحسن العبسيّ سماعاً.

وأجاز له جماعةٌ. وكان من أهل الفقه، والحديث، والنّحو، واللّغة، والتّاريخ، والأخبار، وأسماء الرجال، متصرّفاً في فنونٍ كثيرةٍ، وأديباً، نحوياً، شاعراً، معلّماً بالعربية، متقدّماً في صناعتها.

سمع منه جلّةٌ، وسماه التّجيبيّ في مشيخته وقال: سمعت منه وسمع عليّ.

قال الأبّارك مولد ابن زيدان بقرطبة سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة، وتوفّي بفاس في خامس رجب سنة أربعٍ وعشرين.

وقال ابن مسدي: أخبرني ابنه يحيى أنّه مات في سنة ثلاثٍ وعشرين في ثالث رجب.

قال ابن مسدي: هو علاّمة زمانه، ورئيس أقرانه، كان آخر من حدّثبفاس عن الكنانيّ. وذكر لي أنّه سمع بعض كتاب الجنابة من الموطّأ من أبي عبد الله ابن الرّمّامة. خرّج لنفسه مشيخةً ولم يكن بفاس أنبل منه، قدمها وهو ابن ثماني سنين، وعاش أربعاً وسبعين سنة.

قلت: هذا من أعيان الرّواة بالمغرب، ومن طبقة شيوخه سميّه عبد العزيز بن عليّ بن محمد السّماتي المقرئ من أهل إشبيلية. وقد مرّ.

 

عبد المحسن بن أبي العميد بن خالد بن عبد الغفّار بن إسماعيل. الإمام، حجّة الدّين، أبو

طالب، الخفيفيّ، الأبهريّ، الشافعيّ، الصوفيّ.

ولد ف رجب سنة ستٍّ وخمسين وخمسمائة.

وتفقّه بهمذان على أبي القاسم بن حيدر القزوينيّ، وعلّق التّعليقة عن الفخر النّوقانيّ.

وسمع بإصبهان من الحافظ محمد بن عبد الجليل كوتاه، وأحمد بن ينال التّرك، وأبي موسى المدينيّ، وببغداد من أبي الفتح بن شاتيل، وأبي السّعادات، القزّاز، وبأبهر من أبي الفتوح عبد الكافي الخطيب، وبهمذان من أبي المحاسن عبد الرزّاق بن إسماعيل القومسانيّ، وعبدالمنعم الفروايّ. وبدمشق من عبد الرحمن بن عليّ اللّخميّ، وإسماعيل الجنزويّ، وبمصر من هبة

الله البوصيريّ، وبالإسكندرية من القاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرميّ، وبمكّة من محمود بن عبد المنعم القلانسيّ الدّمشقيّ، وبواسط من أبي بكر ابن الباقلانيّ.

وكان كثير الأسفار والحجّ، وصاحب صلاة، وتهجّد، وصيام، وعبادةٍ. وله قدمٌ في الفقه، والتّصوّف، وجاور مدّةً، وحضر حصار عكّا مع السلطان صلاح الدّين، ثمّ أقام ببغداد، وأمّ بالصوفية برباط الخليفة.

وسمع الكثير بقراءته على بن كليب، ويحيى بن بوش، وطبقتهما. وكان يحجّ كلّ سنة على السّبيل الّذي للجهة.

قال ابن النجّار: كان كثير المجاهدة، والعبادة، دائم الصّيام سفراً وحضراً، عارفاً بكلام المشايخ، وأحوال القوم. وكانت له معرفةٌ، وحفظٌ، وإتقانٌ. كتبنا عنه، وكان ثقةً صدوقاً، ثمّ حجّ، وجاور، وصار إمام المقام إلى أن توفّي في ثامن صفر.

قلت: روى عنه ابن النجّار، والضّياء، وابن الحاجب، وأبو عبد الله الدّبيثيّ، وأبو الفرج بن أبي عمر، وقطب الدّين القسطلانيّ، وغيرهم.

قرأت على أبي المعالي بمصر: حدّثكم أبو طالب عبد المحسن بن فرامز الخفيفيّ، وأخبركم محمد بن الحسين قالا: أخبرنا أحمد بن ينال، أخبرنا محمد بن عبد الواحد، حدّثنا أبو بكر بن مردويه، حدّثنا أحمد بن محمد بن نصير، حدّثنا أحمد بن عصام، حدّثنا معاذ بن هشام، حدّثني أبي، عن قتادة، عن أنس، أنّ نبيّ الله قال: "يخرج من النّار من قال لا إله إلاّ الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرّةً". أخرجه مسلم عن محمد بن مثنّى، عن معاذ مثله.

وأخبرنا أبو المجد العقيلي إجازةً، أخبرنا عبد المحسن الخفيفيّ بمنى، أخبرنا عبد المنعم - فذكر حديثاً.

 

عليّ بن عبد الوهّاب بن محمد بن أبي الفرج. الرئيس موفّق الدّين، أبو الحسن، الجذاميّ،

الإسكندرانيّ، المالكيّ.

صدر الإسكندرية وعينها.

ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وحدّث عن السّلفيّ، وعن أبي الفتوح نصر بن قلاقس الأزهريّ.

توفّي في سادس ربيعٍ الآخر.

عليّ بن يونس بن أحمد بن عبيد الله.

الأجلّ، عماد الدّين، أبو الحسن، البغداديّ.

حدّث عن أبي الفتح بن البطّي، وخديجة النّهروانيّة.

ومات في شهر ذي الحجّة. وهو أخو الوزير عبيد الله بن يونس.

 

عمر بن أبي الحارث أعزّ بن عمر بن محمد بن عمّويه.

أبو حفص، القرشيّ، التّيميّ، السّهرورديّ، ثمّ البغداديّ، الصّوفيّ.

ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وسمع من أبي الوقت المائة الشّريحيّة.

وهو أخو محمد وقد ذكر، وكذا أبوهما تقدّم يروي عن أبي عليّ بن نبهان.

توفّي هذا، في ثالث عشر ربيع الأول.

 

عيسى، السّلطان الملك المعظّم. شرف الدّين، ابن السّلطان الملك العادل سيف الدّين أبي

بكر محمد بن أيوب بن شاذي، صاحب دمشق، الفقيه الحنفيّ، الأديب.

ولد بالقاهرة في سنة ستٍّ وسبعين وخمسمائة.

ونشأ بالشام، وحفظ بالقرآن، وتفقّه وبرع في المذهب، واعتنى بالجامع الكبير فشرحه في عدّة مجلّدات معاونة غيره. ولازم تاج الدّين الكندي مدّةً، وكان نزل إلى داره بدرب العجم من القلعة والكتاب تحت إبطه، فأخذ عنه كتاب سيبويه، وشرحه للسّيرافي، وأخذ عنه الحجّة في القراءآت لأبي عليّ الفارسيّ، والحماسة وغير ذلك من الكتب المطوّلة، وحفظ الإيضاح في النّحو، وسمع المسند من حنبل المكبّر، وسمع من عمر بن طبرزد، وغيره. وله ديوان شعر.

قال القوصيّ: سمعت منه ديوانه، وصنّف في العروض ومع ذلك فما يقيم الوزن في بعض الأوقات. وكان محبّاً لمذهبه، متغالياً فيه، كثير الاشتغال مع كثرة الأشغال، وكان محبّاً للفضيلة، قد جعل لمن يعرض المفصّل للزمخشريّ مائة دينار، ولمن يحفظ الجامع الكبير مائتي دينارٍ، ولمن يحفظ الإيضاح ثلاثين ديناراً، سوى الخلع. وقد حجّ في أيام والده سنة إحدى عشرة وستمائة. وجدّد البرك والمصانع، وأحسن إلى الحجّاج كثيراً. وبنى سور دمشق، والطّارمة الّتي على باب الحديد، والخان الّذي على باب الجابية، وبنى بالقدس مدرسةً، وبنى عند جعفر الطّيّار - رضي الله عنه - مسجداً. وعمل بمعان دار مضيف وحمّامين. وكان قد عزم على تسهيل طريق الحاجّ وأن يبني في كلّ منزلة. وكان يتلكّم مع العلماء، ويناظر،

ويبحث. وكان ملكاً حازماً، وافر الحرمة، مشهوراً بالشّجاعة والإقدام، وفيه تواضع، وكرمٌ، وحياء، وقد ساق على فرس واحدٍ من دمشق إلى الإسكندرية في ثمانية أيام في حدود سنة سبعٍ وستمائة إلى أخيه الملك الكامل محمد، فلمّا التقيا، قال له الكامل بعد أن اعتنقه والتزمه: اطلع اركب، فقال: وإذا المـطـيّ بـنـا بـلـغـن مـحـمّـداًفظهـورهـن عـلـى الـرّكـاب حـرام

فطرب الكامل وأعجبه.

وكان قد أعدّ الجواسيس والقصّاد، فإنّ الفرنج كانوا على كتفه، فلذلك كان يظلم، ويعسف، ويصادر. وأخرب القدس، لعجزه عن حفظه من الفرنج، وأدار الخمور، وكان يملك من العريش إلى حمص، والكرك، والشّوبك، وإلى العلى.

وكان عديم الالتفات إلى ما يرغب فيه الملوك من الأبّهة والتّعظيم، وينهى نوابه عن مزاحمة الملوك في طلوع العلم على جبل عرفات. وكان يركب وحده مراراً عديدة، ثمّ يتبعه غلمانه يتطاردون خلفه. وكان مكرماً لأصحابه كأنّه واحدٌ منهم، ويصلّي الجمعة في تربة عمّه صلاح الدّين ويمشي منها إلى تربة أبيه.

توفّي في سلخ ذي القعدة سنة أربعٍ، ودفن بالقلعة، ثمّ نقل إلى تربته ومدرسته بقاسيون، سامحه الله.

ونقلت من خطّ الضّياء قال: كان شجاعاً، فقيهاً، وكان يشرب المسكر ويجوّز شربه، وكان ربّما أعطى العطاء الكثير لمن لا يشرب حتّى يشربه. وأسّس ظلماً كثيراً ببلاد الشام، وأمر بخراب بيت المقدس، وغيرها من الحصون.

وقال ابن الأثير: كان عالماً بعدّة علوم، فاضلاً فيها، منها: الفقه، ومنها علم النّحو، وكذلك اللّغة. نفق العلم في سوقه وقصده العلماء من الآفاق فأكرمهم وأعطاهم، إلى أن قال: لم يسمع أحدٌ منه ممّن يصحبه كلمةً نزقة. وكان يقول كثيراً: اعتقادي في الأصول ما سطّره أبو جعفر الطّحاويّ. وأوصى أن يدفن في لحدٍ، وأن لا بنى عليه بناءٌ، بل يكون قبره تحت السماء، وكان يقول في مرضه: لي عند الله في أمر دمياط ما أرجو أن يرحمني به.

وقال ابن واصل: كان جند المعظّم ثلاثة آلاف فارس لم يكن عند أحد من إخوته جند مثلهم في فرط تجمّلهم، وحسن زيّهم، فكان بهذا العسكر القليل يقاوم إخوته، فكان الكامل يخافه لما

يتوهّمه من ميل عسكر مصر إليه لما يعلمونه عن اعتنائه بأمر أجناده. وكان المعظّم يخطب لأخيه الكامل في بلاده، ويضرب السّكة باسمه، ولا يذكر اسمه مع الكامل. وكان مع شهامته، وعظم هيبته قليل التّكلّف جدّاً، لا يركب في السّناجق السلطانية في غالب أوقاته، بل في جمع قليل وعلى رأسه كلوتة صفراء بلا شاش، ويتخرّق الطّرق، ولا يطرّق له أحد. ولقد رأيته بالبيت المقدّس في سنة ثلاثٍ وعشرين والرجال والنّساء يزاحمونه ولا يردّهم. ولمّا كثر هذا منه، ضرب به المثل، فمن فعل فعلاً لا تكلّف فيه قيل: فعل المعظّمي. وكان شيخه في الفقه جمال الدّين الحصيريّ، تردّد إليه وإلى الكندي كثيراً. وكان قد بحث كتاب سيبويه وطالعه مرّات. بلغني أنّ أباه قال له: كيف خالفت أهلك وصرت حنفياً؟ قال: يا خوند ألا ترضون أن يكون منّا واحدٌ مسلم؟ قاله على سبيل المداعبة.

 

حرف الفاء

فاطمة بنت يونس.

وأخوها هو الوزير أبو المظفّر عبيد الله بن يونس.

روت بالإجازة عن أبي الحسن بن غبرة.

 

الفتح بن عبد الله بن محمد بن عليّ بن هبة الله بن عبد السّلام ابن يحيى. عميد الدّين، أبو

الفرج، بن أبي منصور بن أبي الفتح بن أبي الحسن، البغداديّ، الكاتب.

ولد يوم عاشوراء سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة.

وسمع من: جدّه أبي الفتح، ومحمد بن أحمد الطّرائفيّ، ومحمد بن عمر الأرمويّ، وأبي غالب محمد بن عليّ ابن الدّاية، وأحمد بن طاهر الميهنيّ، وقاضي القضاة عليّ بن الحسين الزّينبيّ، وهبة الله بن أبي شريك الحاسب، وأبي الكرم الشّهرزوريّ، وسعيد ابن البنّاء، وأبي الوقت، ونوشتكين الرّضوانيّ، وأبي بكر ابن الزّاغونيّ، وأحمد بن محمد ابن الإخوة المخلّطيّ، وجماعةٍ.

روى عنه خلقٌ كثيرٌ منهم: البرزاليّ، وعمر ابن الحاجب، والسيف ابن المجد، والقاضي شمس الدّين ابن العماد، وتقيّ الدّين ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والكمال عبد الرحمن المكبّر، والجمال محمد ابن الدّبّاب، والشهاب الأبرقوهيّ. وكان أسند من بقي بالعراق.

قال المنذري: كان شيخاً حسناً، كاتباً، أديباً، له شعرٌ، تصرّف في الأعمال الدّيوانية، وأضرّ في

آخر عمره، وانفرد بأكثر شيوخه ومروياته. وهو من بيت الحديث، هو، وأبوه، وجدّه، وجدّ أبيه.

قال ابن الحاجب: هو من محلّة الدّينارية بباب الأزج، وكان قديماً يسكن بمنزل أسلافه بدار الخلافة. وهو بقية بيته صارت الرّحلة إليه من البلاد وتكاثر عليه الطّلبة، واشتهر اسمه. وكان من ذوي المناصب والولايات، فهماً بصنعنه، ترك الخدمة وبقي قانعاً بالكفاف، وأضرّ بأخرةٍ وكان كثير المرض حتّى أقعد. وكان مجلسه مجلس هيبةٍ ووقار، لا يكاد يشذّ عنه حرف، محقّق لسماعاته إلاّ أنّه لم يكن يحبّ الرّواية لمرضه واشتغاله بنفسه. وكان كثير الذّكر ذا هيبةٍ ووقار، وكان يتوالى ولم يظهر لنا ما تنكره عليه، بل كان يترحم على الصّحابة، ويلعن من يسبّهم. وكان ينظم الشعر في الزّهد والنّدم على ما فات، وكان ثقةً صحيح السّماع، ولم يكن مكثراً، ولكنّه تفرّد بعدة أجزاء - ثمّ سمّى الأجزاء الّتي تفرّد بها - ، وقال: توفّي في الرابع والعشرين من المحرّم.

وروى عنه الدّبيثيّ وقال: هو من أهل بيت حديثٍ، وكلّهم ثقات.

قلت: وآخر من روى عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان الأنصارية.

وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد السّلام، أخبرنا محمد بن عليّ ابن الدّاية، ومحمد بن عمر القاضي. وأخبرنا حضوراً محمد بن أحمد الطّرائفيّ.

وأنبأنا يحيى بن أبي منصور الحنبليّ، أخبرنا عمر بن محمد المؤدّب ببغداد، أخبرنا أبو غالب ابن البنّاء، ويحيى ابن الطّرّاح، وأبو منصور ابن خيرون، وعبد الخالق ابن البدن، قالوا - سبعتهم - : أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة، أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا جعفر القريابيّ، حدّثنا محمد بن الحسن البلخيّ، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا سفيان الثّوريّ، قال: كان يقال إذا عرفت نفسك لم يضرّك ما قيل فيك.

قال المبارك ابن الشعّار الموصليّ في قلائد الجمان: كان الفتح يرجع إلى أدب، وسلامة قريحة في الشعر. قال: وكان مشتهراً بالتّشيع والغلوّ فيه على مذهب الإمامية. كتب من قوله إلى النّاصر لدين الله: مـولاي عـبـدك قـد أضـرّ وقـد غـدافي قعر منزلـه طـريحـاً كـالـحـجـر

لا يسـتـطـيع الـسّـعـي فـيمـا نـابـــهلمصابه بـالـعـين مـع وهـن الـكـبـر

حرف القاف

قرّة العين بنت المقرئ يعقوب بن يوسف الحربيّ.

روت عن أبي بكر عتيق بن صيلا. وماتت في صفر.

 

حرف الميم

محمد بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن سلمون.

أبو الحسن، البلنسيّ.

قرأ لورش على أبي الحسن بن هذيل، وسمع منه الموطّأ والبخاريّ والتّيسير.

قال الأبّار: وكان عدلاً مرضياً. سمعت منه، وله دكّان بالعطّارين يجلس فيها، ولم يكن له علم بالحديث ولا بغيره. أخذ عنه أصحابنا. وتوفّي في ربيع الآخر، وولد سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة.

قلت: وروى عنه رضيّ الدّين الشّاطبيّ اللّغويّ، وقاضي تونس أبو العبّاس بن الغماز، وابن مسدي وقال: سمع من ابن هذيل سنة 555.

 

محمد بن حاتم بن متوكّل.

أبو بكر، التّميميّ، القرطبيّ، الأصل، الإشبيليّ.

ولي القضاء. وحدّث عن: أبي عبد الله بن زرقون، وأبي بكر ابن الجدّ.

قال الأبّار: توفّي في جمادى الأولى.

 

محمد بن الحسين بن حرب.

أبو البركات، الدّارقزّيّ، المقرئ.

قرأ القرآن على أبي الفضل أحمد بن محمد بن شنيف بالقراءآت.

وأقرأ، وكان عالي الإسناد في القراءآت فإنّ شيخه من أصحاب أبي طاهر ابن سوار، وثابت بن نبدار.

وسمع من ابن شنيف، ولاحق ودهبل ابني عليّ بن كاره. وحدّث.

ومات في شوّال.

 

محمد بن حمزة بن محمد بن أبي سلمة. أبو الوفاء، الحلبيّ.

سمع عبد الله بن محمد الأشيريّ، وعنه مجد الدّين ابن العديم.

محمد بن عبد الله بن أحمد بن عليّ ابن المعمّر.

أبو الفضل، العلويّ، الحسينيّ، النّقيب.

ولي نقابة العلويّين بالعراق بعد وفاة أبيه سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، ثمّ عزل سنة سبعٍ وثمانين، وجلس في بيته خاملاً إلى هذا الوقت.

توفّي في سادس صفر. وأحسبه روى عن جدّه.

 

محمد بن عبد المعيد ابن الشيخ عبد المغيث بن زهير.

سمع من جدّه، ومن فارس الحفّار. وحدّث.

ومات كهلاً في ذي القعدة.

 

محمد بن عليّ بن محمد بن يحيى بن يحيى.

الشيخ أبو عبد الله، الغافقيّ، المرسيّ، الشّارّيّ.

وشارّة: من عمل مرسية.

قال الأبّار: أخذ القراءآت عن أبي نصر فتح بن يوسف صاحب أبي داود المقرئ. وسكن سبتة. وقد سمع من أبي العباس بن إدريس، وتفقّه على أبي محمد بن عاشر.

روى عنه ابنه أبو الحسن، وعاش نيّفاً وثمانين سنة.

 

محمد بن القاسم بن هبة الله التّكريتيّ. الفقيه، أبو عبد الله.

فقيهٌ، إمام، مفتٍ، صالحٌ، أعاد بالنّظاميّة ببغداد، ثمّ درّس بالقيصرية ببغداد.

وكان حمقاً، تيّاهاً، يحطّ رتبته بكثرة دعاويه، وقد أخرج مرةً من بغداد، وجرت له أمور.

 

محمد بن أبي الفتوح الليث بن شجاع بن سعود. أبو هريرة ابن الوسطانيّ، البغداديّ،

الأزجيّ، الدّيناريّ، اللبّان، الضّرير.

سمع من: أبي الوقت السّجزيّ، وأبي القاسم أحمد بن قفرجل، وهبة الله ابن هلال الدّقاق، والشيخ عبد القادر، وأبي الفتح بن البطّي، وجماعةٍ.

وهو من محلّة الدّيناريّة.

روى عنه: الدّبيثيّ، وعمر ابن الحاجب، والتّقيّ ابن الواسطيّ. وأخبرنا عنه الأبرقوهيّ.

وأضرّ بأخرة، ورقّ حاله. وتوفّي في التاسع والعشرين من ربيع الأوّل.

أخبرني الأبرقوهيّ، أخبرنا أبو هريرة، وزيد بن يحيى، قالا: أخبرنا أحمد بن قفرجل، أخبرنا

عاصمٌ، أخبرنا ابن مهديّ، حدّثنا المحامليّ، حدّثنا أحمد بن إسماعيل، حدّثنا مالك، عن ربيعة، عن حنظلة بن قيس الزّرقي، أنذه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقالك نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن كراء الأرض. فقلت: أبالذّهب والورق؟ قال: "أمّا الذّهب والورق فلا بأس به". رواه مسلم.

 

محمد ابن الإمام أبي الوليد المعروف بالحفيد محمد بن أحمد ابن الإمام محمد بن أحمد بن

أحمد بن رشد. القاضي، أبو الحسن، القرطبيّ.

بقية بيته نبلاً وجلالاً. ناب في الحكم وما استقلّ.

سمع من جدّه أبي القاسم، ومن ابن بشكوال.

كتب عنه ابن مسدي، وأرّخ وفاته في رمضان هذا العام.

 

محمد بن موسى بن هشام المرسي.

سمع من أبي القاسم بن حبيش وطبقته. وولي قضاء بسطة. ورّخه الأبّار.

 

محمد بن أبي البركات بن عليّ. أبو البذر، الأزجيّ، الدّقّاق.

حدّث بالإجازة عن الشيخ عبد القادر، وغيره. ومات في ربيع الآخر.

 

مالك بن يدو المغربيّ، الزّاهد، نزيل الإسكندرية.

صالحٌ، قانتٌ، عابدٌ، صحب المشايخ، وانتفع به جماعةٌ.

قال الزّكيّ المنذريّ: قيل: إنّه سأل الله تعالى أن يخمل ذكره، فلم تكن شهرته بحسب ما تقتضيه رتبته.

 

مطّلب بن بدر بن المطّلب بن زهمان.

أبو محمد، الكرديّ، الجنديّ، البشيريّ، البغداديّ.

ولد سنة سبعٍ وأربعين.

وسمع من أبي الفتح بن البطّي، ومعمر ابن الفاخر. وحدّث.

والبشيريّ: - بفتح الباء - نسبة إلى جدّهم بشير.

توفّي في سادس ذي القعدة.

 

حرف الياء

يعقوب، الملك المعزّ، ويقال: الملك الأعزّ، شرف الدّين، أبو يوسف، ابن السلطان صلاح

الدّين يوسف بن أيّوب.

ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.

وسمع من: عبد الله بن برّي النّحويّ، وابن أسعد الجوانيّ. وقرأ القرآن على الأرتاحيّ.

وكان متواضعاً، كثير التّلاوة، ديّناً. حدّث بالحرمين، ودمشق، وكان صدوقاً.

سمع منه: الزّكيّ البرزاليّ، وابن الحاجب، وعبد الله بن محمد بن حسّان الخطيب. وتوفّي بحلب.

يعيش. سيأتي في 626.

 

يوسف بن إبراهيم بن تريك بن عبد المحسن.

أبو المظفّر، البيّع.

من بيت الحديث. سمع من عمّه عبد المحسن بن تريك.

ومات في رجب.

 

المهذّب يوسف بن أبي سعيد السّامريّ. الطّبيب، الصّاحب.

برع في الطّبّ، وقرأ على مهذّب الدّين ابن النقاش، وجماعة.

وخدم الملك الأمجد صاحب بعلبك، وحظي لديه، ونال الأموال، ثمّ وزر له، واستحوذ عليه.

وما أحلى ما قال فتيان الشّاغوريّ في الأمجد: أصـبـح الـسّـامـريّ مـعـتـقـــداًمعتقد الـسّـامـريّ فـي الـعـجـل

ولم يزل أمره مستقيماً حتّى كثر الشكاوى من أقاربه ببعلبكّ، فإنّهم قصدوه من دمشق، واستخدمهم في الجهات، فنكبه الأمجد ونكبهم، واستصفى أموالهم، وسجنه، ثمّ أطلقه، فجاء إلى دمشق.

ومات في صفر. وهو عمّ الموفّق أمين الدولة.

 

يوسف بن المظفّر بن شجاع. أبو محمد، العاقوليّ، ثمّ البغداديّ، الأزجيّ، الصّفّار، الزاهد.

تلميذ الشيخ عبد القادر ومريده. سمع من: أحمد بن قفرجل، وابن البطّي، وأحمد بن المقرّب، وجماعة. وحدّث.

وله كلام حسن في التّصوّف والحقيقة. كان صالحاً، زاهداً. عابداً، يبترّك به. وهو آخر من لبس الحرقة من الشيخ.

ولد في رجب سنة خمسٍ وثلاثين، وتوفّي في المحرّم.

وأخذ عنه السّيف ابن المجد. وسمع منه الجمال محمد ابن الدّبّاب؛ سمع منه الأوّل والثاني من حديث أبي عليّ بن خزيمة البغداديّ. وأجاز لفاطمة بنت سليمان.

 

الكنى

أبو العبّاس ابن البقّال.

أحد الكبار المتكلّمين العالمين بالأصول بالمغرب. أخذ عنه أبو الحسن البصريّ.

ورّخه ابن عمران السّبتيّ في هذا العام، سمعت ذلك منه.

 

أبو عبد الله بن حمّاد العسقلانيّ، ثمّ الصّالحيّ.

روى عن يحيى الثقفيّ. وهو والد المسند إسماعيل بن أبي عبد الله.

ورّخه الضّياء فقال: توفّي في صفر. وكان محافظاً على الجماعة وسألته عن مولده فقال: سنة أخذ عسقلان، وأخذ في سنة ثمانٍ وأربعين.

 

وفيها ولد

الشيخ تاج الدّين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاريّ، شيخ الشافعية.

والقاضي عماد الدّين عبد الرحمن بن سالم بن واصل الحمويّ.

والمحيي أبو بكر بن عبد الله ابن خطيب الأبّار.

والنّجم عبد الغفار بن محمد بن المغيزل الحمويّ.

والزّين محمد بن عبد الوهّاب بن أحمد ابن الجبّاب السّعديّ.

والعزّ أحمد ابن شمس الدّين المسلم بن علاّن.

والشمس محمد بن يوسف الإربلّي الذّهبي.

والبدر حسن بن أحمد بن عطاء الأذرعي، بحلب.

والزّين محمد بن أحمد العقيليّ، ابن القلانسيّ؛ والد الشيخ الجلال.

والشرف إبراهيم بن أبي الحسن بن صدقة المخرّميّ.

والتّقيّ عبد الملك بن أيبك المعرّي، الفقيه.

والشمس محمد بن مكّي بن أبي الذّكر الصّقلّيّ.

والشمس محمد بن أحمد بن نوال الرّصافيّ.

وأبو الحرم بن محمد الأبّار، نزيل عجلون.

والفخر عثمان بن يوسف بن مكتوم.

 

وفي حدودها ولد

الشيخ شعبان الإربليّ.

والشيخ أبو الحسن عليّ بن أحمد ابن البقّال.

والشيخة ستّ الوزراء بنت عمر ابن المنجّى.

وشمس الدّين محمد بن إبراهيم بن العيش الأنصاريّ.

 

وفيات سنة خمس وعشرين وستمائة

حرف الألف

أحمد بن تميم بن هشام بن أحمد بن عبد الله بن حيّون.

المحدّث، محبّ الدّين، أبو العباس، البهرانيّ، اللّبليّ.

ولد ببليدة لبلة: من الأندلس، في سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة.

أحد الرحّالين إلى الآفاق في الحديث، سمع ببغداد من ابن طبرزد، وطبقته، وبمصر من أبي نزار ربيعة اليمنيّ، وغيره، وبخراسان: المؤيّد الطّوسيّ، وأبي روح الهرويّ، وزينب الشّعريّة، وعبد الرحيم بن أبي سعد السّمعاني.

ذكره ابن الأبّار: روى عن أبيه، وابن الجدّ، وأبي عبد الله بن زرقون.

وقال ابن نقطة: ثقةٌ، صالح.

ذكره ابن الحاجب فقال: أحد الأئمّة المعروفين بطلب الحديث، حسن الخطّ، صحيح النّقل، ثقةٌ، شافعيّ المذهب - وقيل: إنّه كان حزمياً - كريم النفس، حلو المفاكهة. وكان من وجوه أهل بلده وهي قريبة من إشبيلية.

قلت: روى عنه مجد الدّين عبد الرحمن ابن العديم، والتّاج عبد الخالق البعلبكيّ، وغيرهما.

وتوفّي في منتصف رجب بدمشق.

 

أحمد بن الخضر بن هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن طاووس. أبو المعالي، الدّمشقيّ،

الصّوفيّ، أخو هبة الله.

ولد بعد الأربعين وخمسمائة. وسمع من أبيه، وحمزة بن كروّس، وأبي القاسم الحافظ. وهو

من بيت العلم والرّواية. وكان صوفياً، عامّياً، قليل الفضيلة.

روى عنه: البرزاليّ، والضّياء، وابن العديم، والجمال محمد ابن الصابونيّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والسيف عليّ ابن الرّضيّ، وابن المجاور، وسعد الخير النابلسيّ، والعماد عبد الحافظ.

روى لنا عنه العماد الأربعين لنصر المقدسيّ.

وتوفّي في رمضان.

 

أحمد بن شيرويه بن شهردار بن شيرويه.

أبو مسلم، الدّيلميّ، الهمذانيّ.

سمع من جدّه، ومن: نصر بن المظفّر البرمكيّ، وأبي الوقت السّجزيّ، وأبي الخير الباغبان، وأبي زرعة المقدسيّ، وسمع صحيح البخاري من أبي الوقت.

قال ابن نقطة: وهو شيخ مكثر، وثقةٌ، صحيح السّماع، سمعت منه بهمذان. وبلغنا أنّه توفّي بها في ثاني عشر شعبان من سنة خمسّ وعشرين.

قلت: وروى عنه أيضاً الزكيّ البرزاليّ، والضّياء المقدسيّ، وقال: هو ابن شيخنا، وولد في سنة ستٍّ وأربعين.

قلت: وأجاز للفخر عليّ، وجماعة.

 

أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري. القرطبيّ، أبو جعفر.

روى عن: أبيه، وأبي القاسم بن بشكوال، وأبي محمد عبد المنعم بن الفرس، وأبي بكر ابن الجدّ، وغيرهم.

وتولّى خطابة قرطبة إلى أن مات في جمادى الآخرة أو رجب من السنة.

روى عنه ابن أخيه القاضي أبو الحسين محمد بن أبي عامر يحيى.

 

أحمد بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن محمد

بن أحمد بن عثمان بن الحكم بن الوليد بن سليمان بن أبي الحديد السّلميّ. النّظّام، أبو العباس.

ولد بدمشق في جمادى الآخرة سنة سبعين وخمسمائة.

من بيتٍ مشهورٍ، روى منهم جماعةٌ الحديث، وفيهم علماء وخطباء.

سمع: الكنديّ، والخشوعيّ، وابن طبرزد. وبمصر البوصيريّ، وابن ياسين، وببغداد أصحاب

ابن الحصين، وبإصبهان عين الشمس الثّقفية.

وسكن حلب مدّةً في صباه، وكان مليحاً، ولمّا سافر عنها عمل المهذّب ماجد بن محمد بن نصر ابن القيسرانيّ فيه: لا لـلـصّـفـي صـافـى ولا لـلـرّضـــيراضـى ولا رق لـخـطـب الـخـطـيب

وحصّل جملةً من الكتب النّفيسة، وخطوط الشيوخ، واتّصل بخدمة الملك الأشرف ابن العادل.

وكان معه فردة نعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ورثه عن آبائه، والأمر معروف فيه، فإنّ الحافظ ابن السّمعاني ذكر: أنه رأى هذا النّعل لمّا قدم دمشق عند الشيخ عبد الرحمن بن أبي الحديد في سنة ستّ وثلاثين وخمسمائة. وكان الأشرف يقرّبه لأجله، ويؤثر أن يشتريه منه، يقفه في مكان يزار فيه، فلم يسمح بذلك، ولعلّه سمح بأن يقطع له منه قطعةً، ففكّر الأشرف أنّ الباب ينفتح في ذلك فامتنع من ذلك. ثمّ رتّبه الملك الأشرف بمشهد الخليل المعروف بالذّهبانيّ بين حرّان والرّقة، وقرّر له معلوماً، فأقام هناك حتّى توفّي، وأوصى بالنّعل للأشرف، ففرح به، وأقرّه بدار الحديث بدمشق.

توفّي بالمشهد المذكور في ربيع الأول سنة خمس وعشرين وستمائة.

وكان دمث الأخلاق، لطيفاً، حسن المعاشرة.

روى عنه ابن الدّبيثيّ، وابن النجّار أناشيد.

 

أحمد بن يحيى بن أحمد بن عليّ. أبو منصور، ابن البرّاج، البغداديّ، الصّوفيّ، الوكيل.

شيخٌ صالحٌ، خيّر. سمع سنن النّسائي من أبي زرعة، وسمع من ابن البطّي جزء البانياسيّ، وسمع من أحمد بن المقرّب أخبار مكة للأزرقيّ.

روى عنه ابن الحاجب فقال: رجلٌ صالح، كثير التّلاوة، كثير الصّمت، لا يكاد يتكلم إلاّ جواباً، سمعت عليه معظم النّسائي وهو كلّه بسماعه من أبي زرعة.

قلت: روى عنه السيف ابن المجد، والتقيّ ابن الواسطيّ، والشّمس ابن الزّين، وأبو الفضل محمد ابن الدّبّاب. وروى لنا عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان.

وتوفّي في رابع المحرّم.

 

أحمد بن أبي الوليد يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد ابن أحمد بن مخلد بن عبد

الرحمن بن أحمد ابن الإمام بقيّ بن مخلد. قاضي الجماعة، العلاّمة، أبو القاسم، الأمويّ،

القرطبيّ، البقويّ.

سمع: أباه، وجدّه أبا الحسن، ومحمد بن عبد الحقّ الخزرجي، وأبوي القاسم ابن بشكوال والسّهيليّ.

وأجاز له أبو الحسن شريح بن محمد، وعبد الملك بن مسرّة، وتفرّد بالرواية عن جماعة. وهو آخر من حدّث في الدّنيا عن شريح، وآخر من روى الموطّأ عن ابن عبد الحقّ؛ سمعه منه بسماعه من البن الطّلاّع.

قال ابن مسدي: راس شيخنا هذا بالمغربين، وولي القضاء بالعدوتين. ولمّا أسنّ، استعفى ورجع إلى بلده، فأقام قاضياً بها إلى أن غلب عليه الكبر، فلزم منزله، وكان عارفاً بالإجماع والخلاف، مائلاً إلى التّرجيح والإنصاف.

قلت: وحدّث هو، وجميع آبائه.

ذكره الأبّار، فقال: هو من رجالات الأندلس جلالاً، وكمالاً، ولا نعلم بها بيتاً أعرق من بيته في العم والنّباهة إلاّ بيت بني مغيث بقرطبة، وبيت بني الباجي بإشبيلية، وله التّقدّم على هؤلاء. وولي قضاء الجماعة بمرّاكش مضافاً إلى خطّتي المظالم والكتابة العليا فحمدت سيرته، ولم تزده الرّفعة إلاّ تواضعاً. ثمّ صرف عن ذلك كلّه، وأقام بمراكش زماناً إلى أن قلّد قضاء بلده وذهب إليه، ثمّ صرف عنه قبل وفاته بيسير، فازدحم الطّلبة عليه، وكان أهلاً لذلك.

وقال ابن الزّبير أو غيره: كان لأبي القاسم باعٌ مديد في علم النّحو، والأدب. تنافس الناس في الأخذ عنه. وقرأ جميع سيبويه على الإمام أبي العباس أحمد بن عبد الرحمن بن مضاء، وقرأ عليه المقامات.

قلت: ومن المتأخّرين الّذين رووا عنه بالإجازة محمد بن عيّاش بن محمد الخزرجيّ، والخطيب أبو القاسم بن يوسف بن الأيسر الجذاميّ، وأبو الحكم مالك بن عبد الرحمن بن المرحّل المالقيّ، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون الطّائيّ الكاتب؛ وقد سمع منه ابن هارون هذا الموطأ سنة عشرين وستمائة وحدّث به سنة سبعمائة، وفيها أجاز لنا مرويّاته ثمّ اختلط بعد ذلك، ووقع في الهرم.

فكتب إلينا ابن هارون من تونس - ومولده سنة ثلاثٍ وستمائة - : أنّ أبا القاسم أحمد بن يزيد الحاكم أجاز لهم، وهو آخر من حدّث عنه، قال: أنبأنا أبو الحسن شريخ بن محمد الرّعينيّ،

وهو آخر من حدّث عنه، عن الحافظ أبي محمد بن حزم وهو آخر من روى عنه، قال: أخبرنا يحيى بن عبد الرحمن، أخبرنا قاسم بن أصبغ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله العبسيّ، حدّثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "الصّوم جنّةٌ".

وكان أبو القاسم يغلب عليه النّزوع إلى مذهب أهل الحديث والظّاهر في أحكامه وأموره.

وتوفّي إثر صلاة الجمعة الخامس عشر من رمضان. وكان مولده في سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة، وتجاوز ثمانياً وثمانين سنة - رحمه الله - .

وممّن تأخّر من أصحابه الإمام أبو الحسين بن أبي الرّبيع. وأجاز لمالك ابن المرحّل، وابن عيّاش المالقيّ، ومحمد بن محمد المومنائيّ الفاسي.

 

أرسلان، أبو سعيد، السّيّديّ. مولى السيدة بنت أمير المؤمنين المقتفي.

عاش نيّفاً وتسعين سنة. وحدّث عن أبي العالي الباجسرائيّ.

وتوفّي في ذي الحجّة ببغداد.

 

إسحاق، الملك المعزّ.

أبو يعقوب، ابن السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيوب.

سمع من عبد الله بن برّي النّحويّ. وحدّث.

وكان فاضلاً، حسن المذاكرة. نزل بحلب عند أخيه في حرمةٍ وتجمّل.

تقنطر به فرسه في الصّيد، فمات في ذي الحجّة، وله ستٌّ وخمسون سنة.

 

أسعد بن حسن بن أسعد بن عبد الرحمن ابن العجميّ.

الحبيّ، العلاّمة، أبو المعالي.

تفقّه على أبي الحسين عبد الملك بن نصر الله، وبالموصل على أبي حامد بن يونس.

ودخل خراسان، فسكنها مدّةً، ثمّ عاد إلى حلب، ودرّس بالظّاهرية، وأفتى، وأفاد.

توفّي بدمشق بعد قدومه من الحجّ في شهر ربيع الأوّل، وحمل فدفن بحلب، وعاش إحدى وستّين سنة.

أنبأني بذلك أبو العلاء الفرضيّ.

 

اسفنديار بن الموفّق بن محمد بن يحيى. أبو الفضل، البوشنجيّ الأصل، الواسطيّ المولد،

البغداديّ الدّار، الكاتب، الواعظ.

قرأ القراءآت بواسط على أبي الفتح المبارك بن أحمد بن زريق، وغيره، وبالموصل على القرطبيّ، وقرأ العربية ببغداد بعد ذلك على أبي محمد ابن الخشّاب، والكمال الأنباريّ.

وسمع من: أبي الفتح بن البطّي، وروح بن أحمد الحديثيّ، وعمر بن بنيمان، وأبي الأزهر محمد بن محمود.

وكان وافر الفضل، ومليح الخطّ، جيّد النّظم، والنّثر، والإنشاء، ولي ديوان الرسائل، وكان شيعياً غالياً.

روى عنه أبو عبد الله الدّبيثيّ.

وهو حدّ الواعظ نجم الدّين عليّ بن عليّ بن إسنفديار.

قال ابن النّجّار: ولد في سنة أربع وأربعين ببغداد، وجوّد القرآن، وأحكم التّفسير، وقرأ الفقه على مذهب الشافعيّ، والأدب، حتّى برع فيه. وصحب صدقة بن وزير الواعظ، ووعظ، ثمّ ترك ذلك واشتغل بالإنشاء والبلاغة. ثمّ رتّب بالدّيوان سنة أربعٍ وثمانين، ثمّ عزل بعد أشهر، فبطل مدّة، ثمّ رتّب شيخاً برباط، ثمّ عزل بعد مدّة. وكان يتشيّع. كتبت عنه، وكان ظريف الأخلاق، غزير الفضل، متواضعاً، عابداً، متهجّداً، كثير التّلاوة.

وقال ابن الجوزيّ في درّة الإكليل: عزل اسفنديار الواعظ من كتابة الإنشاء. حكى عنه بعض عدول بغداد: أنّه حضر مجلسه بالكوفة، فقال: لمّا قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: "من كنت مولاه فعلي مولاه" تغيّر وصه أبي بكر وعمر، فنزلت هذه الآية: "فلمّا رأوه زلفةً سيئت وجوه الّذي كفروا" قال: ولمّا وليّ، لبس الحرير والذّهب! توفّي في تاسع ربيع الأوّل وله سبعٌ وثمانون سنة وأشهر؛ توفّي ببغداد.

 

إسماعيل بن أحمد بن عبد الرحمن. أبو الوليد، ابن السّرّاج، الأنصاريّ، الإشبيليّ.

سمع من أبي عبد الله بن زرقون، وغيره. وأخذ القراءآت عن أبي عمرو ابن عظيمة، والعربية عن أبي إسحاق ابن ملكون.

وكان عارفاً بالشّروط. ولي قضاء بعض الكور.

قال ابن الأبّار: ما أظنّه حدّث. مات في حدود سنة خمسّ وعشرين.

 

حرف الباء

بشارة بن طلائع. أبو الحسن، المكينيّ، المصريّ.

شيخٌ ديّنٌ. سمع من السّلفي؛ وحدّث.

 

البهاء، الشريف العبّاسيّ، الدّمشقيّ.

كاتب الحكم. فيها ذكره أبو شامة، واسمه عبد القاهر بن عقيل.

كان رأساً في كتابة السّجلاّت، والشّروط.

 

حرف الثاء

ثابت بن الحسن بن خليفة. أبو الحسن، النّحويّ.

ولد سنة ثلاثٍ وخمسين.

وسمع من السّلفيّ. ومات في جمادى الأولى.

 

حرف الحاء

حبش بن أبي محمد بن عمر ابن الطّبقيّ.

أبو عليّ، البغداديّ قطّاع الآجرّ.

سمع أبا طالب بن خضير. ومات في ذي الحجّة.

 

الحسن بن إسحاق بن موهوب بن أحمد بن محمد ابن الجواليقيّ. أبو عليّ، ابن أبي طاهر،

ابن العلاّمة أبي منصور.

سمع: ابن ناصر، وأبا بكر ابن الزّاغونيّ، ونصر بن نصر، وأبا الوقت، والعون بن هبيرة، وابن البطّي، وأبا زرعة، وطائفةً سواهم.

وولد سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة.

وكان من أهل العلم والدّين، له سمتٌ، ووقار، وسماعه صحيح. تفرّد بالعاشر من المخلّصيات وبالثالث الصغير منها، والنّصف الأول من السادس منها وببغض الثاني. وبديوان المتنبّي.

وسمع الصّحيح من أبي الوقت.

قال ابن النّجّار: كتبت عنه. وكان مرضيّ الطّريقة، متديّناً.

قلت: روى عنه البرزاليّ، والدّبيثيّ، وابن النّجّار، والسيف، وابن الحاجب، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والشهاب الأبرقوهيّ، والمجد عبد العزيز ابن الخليليّ والد الوزير، وآخرون. وبالإجازة العزّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وأبو

الحسين اليونينيّ، وفاطمة بنت سليمان وهي آخر من روى عنه.

وتوفّي في ثامن شعبان ببغداد، ودفن بمقبرة باب حرب.

 

الحسن بن عليّ بن أبي القاسم الحسين بن الحسن. الشيخ نفيس الدّين، أبو محمد، ابن البنّ،

الأسديّ، الدّمشقيّ.

ولد في حدود سنة سبعٍ وثلاثين.

وسمع الكثير من جدّه أبي القاسم، وتفرّد عنه بأشياء. وصحب الأمير محمود بن نعمة الشيزريّ زماناً وتأدّب عليه، وسمع منه وله أصول يحدّث منها.

قال ابن الحاجب: كان دائم السّكوت لا يكاد يتكلّم، وإذا نفر من شيء لا يعود إليه. وكان ثقةً، ثبتاً سألت العدل عليّ ابن الشّيرجيّ عنه فقال: كان على خيرٍ، كثير الصدقة والإحسان إلى النّاس.

وقال الضّياء: هو شيخٌ حسن، قليل الكلام، موصوفٌ بالخير وقلّة الفضول.

وقال ابن الحاجب: أجاز له أبو بكر ابن الزّاغونيّ، ونصر بن نصر العكبريّ.

قلت: وكان يسكن بالكشك، وأحسبه كان خشّاباً.

روى عنه: الضّياء، والبرزاليّ، ابن خليل، والشرف ابن النابلسيّ، والجمال محمد ابن الصّابونيّ، ومحمد بن داود بن الياس البعلبكيّ، ومحمد ابن سالم النابلسيّ، وبلدياه: سعد الخير ونصرٌ، والفخر ابن البخاريّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الكمال، والعزّ ابن الفرّاء، والشمس ابن الواسطيّ، والشهاب الأبرقوهيّ، والشمس بن عبدان، وجماعةٌ سواهم.

توفّي في ثامن عشر شعبان، ودفن بباب الفراديس، وشيّعه ابن الصّلاح.

 

حرف الدال

داود بن رستم بن محمد. أبو الفضل، الحرّانيّ، نزيل بغداد.

روى عن: نصر الله القزّاز، والكمال الأنباريّ النّحويّ.

كتب عنه ابن الحاجب وقال: مات في 13 جمادى الآخرة ببغداد.

 

درع بن فارس بن حيدرة. حصن الدّولة، أبو المنيع، العسقلانيّ، نزيل دمشق.

حدّث عن السّلفيّ.

روى عنه: البرزاليّ، والقوصيّ، وجماعةٌ؛ والرشيد العطّار، وفاطمة بنت عساكر، ومحمد بن

محمد بن مناقب المنقذيّ، وعبد الصّمد بن عساكر.

توفّي في سادس المحرّم بدمشق.

 

حرف الراء

رسن بن يحيى بن رسن. أبو إبراهيم، النّيليّ، ثمّ البغداديّ.

سمع: من ابن البطّي، وغيره.

ومات في صفر.

 

حرف الصاد

صاعد بن عليّ بن محمد بن عمر. الشيخ صدر الدّين، ابو المعالي، الواسطيّ، الواعظ،

نزيل إربل.

سمع من: أبي الفتح بن البطّي، وشهدة الكاتبة، والحيص بيص الشاعر.

وقيل: إنّه سمع من أبي الوقت، ولم يصحّ. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة.

وكان حسن الوعظ، مليح الشّكل، وافر الحرمة عند صاحب إربل، رزق القبول التّامّ. وكان قد صحب صداقة بن وزير الواعظ وتخرّج به، وسكن إربل نحواً من خمسين سنة.

روى عنه: الدّبيثيّ، والظّهير محمود بن عبيد الله الزّنجابيّ، وجماعة.

وتوفّي في تاسع ربيع الآخر.

 

صفوان بن مرتفع بن طغان. الشيخ أبو الوفاء، الأرسوفيّ، ثمّ المصريّ، المقرئ.

قرأ القراءآت على أبي الجيوش عساكر بن عليّ؛ وسمع منه ومن غيره.

وتفقّه. ومات في رابع عشر صفر، وقد قارب السبعين.

 

حرف العين

عبد الله بن الحسن بن أبي عبد الله الحسين بن أبي السّنان.

أبو محمد، الموصليّ، الأديب، الشّروطيّ.

ولد بالموصل سنة اثنتين وثلاثين.

وروى عن: يحيى بن سعدون القرطبيّ، وغيره.

ومات في رابع عشر ربيع الآخر.

وكان بصيراً بكتابة الشّروط مشهوراً بها.

قال ابن النّجّار: سمع من أبي سعد عبد اللّطيف بن أحمد بن محمد البغداديّ، وعمّر طويلاً على أحسن طريقةٍ.

 

عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الرحمن.

أبو القاسم، الأزديّ، ابن الحدّاد، التونسيّ.

شارح الشاطبية، وكان قد رحل وسمعها من النّاظم، وتلا عليه بالسّبع.

وسمع من: ابن برّي النّحويّ، وجماعة.

ودخل الأندلس وبها ليقيه ابن مسدي، وقال: مات في حدود سنة 25 وولد بعد الخمسين.

 

عبد الرحيم بن عليّ بن الحسين بن شيث. القاضي، الرئيس، جمال الدّين، الأمويّ،

القرشيّ، الإسناويّ، القوصيّ.

ولد بإسنا في سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة.

ونشأ بقوص، وتفنّن بها، وبرع في الآداب والعلم. وكان ديّناً، خيّراً، ورعاً، حسن النّظم، والنثر، منشئاً بليغاً. ولي الدّيوان بقوص، ثمّ بالإسكندرية ثمّ بالقدس، ثمّ ولي كتابة الإنشاء للمعظّم.

وقال الشهاب القوصيّ: إنه ولي الوزارة للمعظّم.

وقال الضّياء: كان يوصف بالمروءة، وقضاء حوائج الناس. توفّي في سابع المحرّم، ودفن في تربةٍ له بقاسيون.

أنشدنا رشيد بن كامل الأديب، وأنشدنا أبو العرب القوصيّ، أنشدنا الوزير جمال الدّين أبو القاسم عبد الرحيم بن عليّ بن شيث لنفسه: كن مع الـدّهـر كـيف قـلـبّـك الـدّهر بـقـلـبٍ راضٍ وصـدرٍ رحـــيب

وتـيقّـن أنّ الـلّـيالـي ســـتـــأتـــيكـــلّ يومٍ ولـــيلةٍ بـــعـــجـــــيب

وله: أنـت كـالـبـدر كـلّـمـا حـلّ فــي أرضٍ أضـــاءت بـــنـــوره آفـــاقـــه

غـاب قـلـبـي وأنـت فـيه فـمـــا أعظـم مـا بـرّحـت بـنـــا أشـــواقـــه

فـعـسـى الـقـرب أن يبــاح وأن ينحـلّ مـن ربـقة الـغــرام وثـــاقـــه

 

عليّ بن أبي هاشم أفضل بن أشرف. الشّريف، أبو القاسم، الهاشميّ، البغداديّ.

سمع من شهدة، وغير واحدٍ. وقتل - رحمه الله - بطريق مكّة.

 

حرف اللام

لبابة بنت أحمد بن أبي الفضل بن أحمد بن مزروع.

أم الفضل، الحربيّة، بنت الثّلاحيّ.

سمعت: عمر بن بنيمان، ودهبل بن كاره.

كانت امرأةً صالحة.

سمع منها الحافظ ابن نقطة، وغيره، وحدّثنا عنها الشّهاب الأبرقوهيّ.

وماتت في ثاني ذي الحجّة.

 

حرف الميم

محمد بن أحمد بن مسعود بن عبد الرحمن. أبو عبد الله، الأزديّ، الشاطبيّ، المقرئ،

المعروف بابن صاحب الصّلاة.

قرأ برواية نافع على أبي الحسن بن هذيل، وسمع منه كثيراً من تصانيف أبي عمرو الدّاني، وأجاز له في سنة ثلاثٍ وستّين.

وكتب بخطّه علماّ كثيراً، واحتيج إليه، وعمّر.

قال الأبّار: لم آخذ عنه لتسمّحه في الإقراء والإسماع - سمح الله له - ولد بشاطبة سنة اثنتين وأربعين، وتوفّي ببلنسية.

قلت: أنا رأيت خطّه لشخص أنّه قرأ عليه القرآن برواية نافع في يومّ وليلةٍ، وهو من بقايا أصحاب ابن هذيل، حدّث عنه بالتّيسير وغيره.

قرأ عليه محمد بن محمد الفصّال نزيل منية بني خصيب، ورضيّ الدّين محمد بن عليّ الشاطبيّ اللّغويّ، والقاضي أبو العباس بن الغمّاز، وابن مسدي وقال فيه: المكتب، كان عاكفاً على التلاوة، واقفاً مع الصلاح، خلف أباه في الإقراء، قال لي: أنا الّذي لقّنت القرآن لأبي القاسم صاحب الشاطبية بين يدي والدي، وبي تدرّب، ومعي رحل إلى بلنسية فقرأنا معاً على ابن هذيل ورجعت قبله.

قال ابن مسدي: هو آخر من تلا على ابن هذيل من الثّقات، وكان مقبلاً على تعليم القرآن، ونسخ بالأجرة كثيراً. وكانت له إجازةٌ من عليّ بن النقرات الفاسي.

محمد بن أحمد بن إسماعيل بن أبي عطاف.

أبو أحمد، المقدسيّ، الصّالحيّ.

ولد سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة. وسمع من: محمد بن بركة الصّلحيّ، وابن صدقة الحرّانيّ.

وكان من فقهاء الحنابلة وأعيانهم. روى عنه: الضّياء محمد، وغيره.

وتوفّي في تاسع عشر رجب.

 

محمد بن أحمد بن حمزة.

أبو الفضل، ابن البرفطيّ، الكاتب، الأديب.

كان بارعاً في الكتابة والشعر.

توفّي في رجب. جوّد عليه خلقٌ بالعراق والشام. وبرفط: من قرى نهر الملك.

 

محمد بن إسماعيل بن محمد.

أبو عبد الله الحضرميّ، المغربيّ، المتيجي.

ومتيشة: من ناحية بجاية.

دخل الأندلس، وسكن مرسية، وولي خطابتها.

وكان مكثراً عن ابن بشكوالٍ، وأبي بكر بن خيرٍ.

وكان مليح الخطّ والضّبط، مشاركاً في علم الحديث، فاضلاً، زاهداً، شاعراً. كتب علماً كثيراً، وحمل الناس عنه.

وتوفّي في ربيع الأوّل عن نحو سبعين سنة.

أكثر عنه ابن برطلة.

 

محمد بن بركة بن محمد بن سنبلة.

أبو عبد الله، البغداديّ، السّدريّ.

حدّث عن دهبل ولاحق ابني كاره.

ومات في ذي الحجّة.

 

محمد بن الحسين بن محمد بن يوسف. معين الدّين، أبو عبد الله بن الشيخ الصالح المجاور

أبي عليّ الشّيرازيّ، الفارسيّ، الصوفيّ.

نسيب الوزير نجم الدّين.

ولد سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة بدمشق، وسمع بها من الوزير أبي المظفّر الفلكيّ، وعليّ بن أحمد بن مقاتل، وأبي القاسم الحافظ.

ودخل مصر في شبيبته وسمع من عبد الله بن برّي النّحويّ، والتّاج المسعوديّ. وحسنت في الآخر حاله، ولازم الصلوات.

روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، والشرف بن عساكر شيخنا. وبالإجازة الشخاب الأبرقوهيّ.

 

محمد بن عبد الله بن المبارك بن كرم. أبو منصور، البندنيجيّ - نسبة إلى البندنيجين:

بليدة من العراق - البغداديّ، البيّع، أبو منصور، المعروف بابن عفيجة، الحماميّ.

شيخ مسندٌ، معمّر، من بيت حديث، وعدالة.

سمع: الحافظ ابن ناصر، أبا طالب بن خضير.

وأجاز له في سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة جماعةٌ منهم: ابو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو محمد عبد الله بن عليّ سبط الخيّاط، وأحمد بن عبد الله ابن الآبنوسيّ. وخرّج له ابن النّجّار جزءاً عنهم، وكذا خرّج له ابن الخيّر.

ثقل سمعه في آخر عمر. وعفيجة: لقب أبيه عبد الله.

ولد سنة سبعٍ وثلاثين تقريباً، وتوفّي في ثاني عشر ذي الحجّة.

كان قد رقّت حاله واحتاج، واستولت عليه الأمراض.

قال ابن الحاجبّ: فكان يأوي إلى بعض أقاربه، وكنّا نقاسي مشقّةً في الوصول إليه ويمنعونا في أكثر الأوقات.

قلت: ولم يكن عنده عن ابن ناصر إلاّ شيءٌ من حديث أبي نعيم الحافظ.

روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، والسيف أحمد بن عيسى، والتّقيّ ابن الواسطيّ.

وسمعنا بإجازته على شرف الدّين اليونينيّ، وفاطمة بنت سليمان. وكان العماد إسماعيل ابن الطّبّال شيخ المستنصرية حضر عليه في الرابعة مشيخته، وهو آخر من روى عنه.

 

محمد بن عبد الحقّ بن سليمان الكوميّ.

أبو عبد الله، قاضي تلمسان.

تفقّه على أبيه، وأخذ القراءآت، والفقه، والنّحو في سنة إحدى وخمسين عن أبي عليّ ابن الخرّاز النّحويّ.

وسمع من أبي الحسن بن حنين، وأبي عبد الله بن خليل. وأجاز له السّلفيّ، وابن هذيل.

وكان معظّماً عند الخاصّة والعامّة، فاضلاً، كثير التّصانيف. نيّف على الثّمانين. وله تأليفٌ في غريب الموطّأ، وله كتاب المختار في الجمع بين المنتقى والاستذكار نحو ثلاثة آلاف ورقة.

 

محمد بن أبي زيد عبد الرحمن بن عبد الله بن حسّان بن ثابت. أبو عبد الله، القيسيّ،

السّبتيّ، التّاجر، نزيل الإسكندرية.

شيخٌ صالح، محتشمٌ، كثير المعروف والبرّ.

دخل على السّلفيّ ورآه في سنة خمسٍ وستّين، ثم سمع بعد موته من عبد المجيد بن دليل.

ودخل العراق، ورجع إلى المغرب، ثم قدم الإسكندرية وسكنها.

ومات في ربيع الأوّل. روى عنه الزّكيّ المنذريّ.

 

محمد بن أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد. القاضي، أبو

الحسن، القرطبيّ، المالكيّ.

نائب الحكم بقرطبة، وربّما استقلّ بالحكم بها. كان آخر أهل بيته جلالاً، وفضيلة.

سمع من: جدّه أبي القاسم، وابن بشكوال.

روى عنه ابن مسدي وقال: مات في رمضان. ولجدّه إجازة من ابن الطّلاّع.

 

محمد بن محمد ابن أخت جميل، الأزجيّ، الزّاهد.

رجلٌ صالحٌ،عابدٌ، منقبضٌ عن الناس، كبير القدر، قانعٌ باليسير، مسدّدٌ في أقواله وأفعاله. ولمّا استخلف الظّاهر بالله، فرّق أموالاً عظيمة على الفقراء، فقيل: إنّه نفّذ إليه خمسمائة دينار، فلم يقبلها، فقيل له: فرّقها على من تعرف، قال: لا أعرف أحداً. فاشتهر، وقصده النّاس للتبرّك والزّيارة. فكان يتكلّم بكلام حسن. ولم يتغيّر عليه شيء من حاله ولا لباسه.

توفّي في الخامس والعشرين من ذي القعدة، وازدحم الخلق عليه، وبنوا على قبره مشهداً. وقد ناطح السّبعين.

 

محمد بن المبارك بن أبي بكر بن منصور بن المستعمل.

أبو بكر، الحريميّ.

سمع: أبا الوقت، وأبا علي أحمد ابن الخزّاز، وأبا المعالي ابن اللّماس.

وولد في سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة.

سمع منه: عمر ابن الحاجب، والرّفيع الهمذانيّ، وولداه: أحمد، ومحمد، وابن نقطة، وجماعة.

ومات في ربيع الآخر، في أواخره.

 

محمد بن أبي المعالي النّفيس بن محمد بن إسماعيل بن عطاء. أبو الفتح، البغداديّ،

الصّوفيّ.

شيخٌ صالحٌ من أهل رباط المأمونية، مليح الشّكل.

ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وقيل: ولد سنة تسعٍ وثلاثين.

ولبس الخرقة من الشيخ أبي الوقت؛ وسمع منه الصحيح بقراءة ابن الأخضر.

روى عنه: ابن الحاجب، وابن النّجّار، والسيف ابن المجد، وابن نقطة، والرفيع قاضي أبرقوه، وولداه.

وتوفّي في رابع عشر ذي القعدة.

أخبرني أحمد بن إسحاق القرافيّ، أخبرنا أبو الفتح محمد بن النّفيس، وعليّ بن يوسف الظّفريّ، ومحمد بن أحمد القطيعيّ ببغداد، ومحمد بن أبي القاسم حضوراً بأبرقوه في سنة سبع عشر وستمائة، قالوا: أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا الدّاووديّ، أخبرنا ابن حمّويه، أخبرنا الفربريّ، حدّثنا البخاريّ، حدّثنا معلّى بن أسد، حدّثنا وهيبٌ، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم احتجم وهو محرمٌ واحتجم وهو صائم رواه النّسائي عن محمد بن حاتم، عن حبّان بن موسى، عن ابن المبارك، عن معمر، عن أيّوب، فوقع لنا عالياً.

 

محاسن بن عمر بن رضوان.

أبو الوقت، الأزجيّ، الخزائنيّ غلام الخزانة.

شيخً مسنٌّ، فقير. سمع من: أبي بكر ابن الزّاغونيّ، وأبي طالب بن خضير.

قال ابن نقطة: سمعت منه، وسماعه صحيح. وقال ابن الحاجب: عرضت عليه قليلاً من الذّهب، فردّه، وامتنع مع حاجته.

روى عنه: الشمس عبد الرحمن ابن الزّين، والكمال أحمد بن يوسف الفاضل، والتّقيّ ابن الواسطيّ، وبالإجازة الأبرقوهيّ، وفاطمة بن سليمان.

وتوفّي في ربيع الأوّل.

 

مسعود بن عبد الله بن سعد.

أبو يحيى، الطّبريّ، ثمّ البغداديّ، الخيّاط.

ولد سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة.

وسمع من عبد الملك بن عليّ الهمذانيّ. وحدّث.

 

منصور بن عبد الرحمن بن أبي السّعادات.

أبو محمد، ابن اللّبّان، البغداديّ.

روى عن أبي طالب ن خضير. ومات في رمضان.

 

الموفق النّصرانيّ الطّبيب، يعقوب بن سقلاب القدسيّ.

أقام بالقدس مدّةً، ولازم بها راهباً، فيلسوفاً، بارعاً في الهيئة والنّجوم. واشتغل على أبي منصور النّصرانيّ الطّبيب.

وكان - الملعون - عاقلاً، رزيناً، ساكناً، متقناً للّسان الرّوميّ، خبيراً بنقله إلى العربيّ، وكان من أعلم أهل زمانه بكتب جالينوس حتّى لعلّه يكاد يستحضرها كلّها.

قرأ عليه الموفّق بن أبي أصيبعة، وغيره.

وكان ماهراً بالعلاج. وكان الملك المعظّم يشكر طبّه، ويصفه، فأصاب الحكيم يعقوب نقرسٌ، فكان يحمل في محفّةٍ مع الملك المعظّم إذا سافر وقال له: يا حكيم ما لك لا تداوي مرضك؟ فقال: يا مولانا الخشب إذا سوّس ما يبقى في إصلاحه حيلة.

مات في ربيع الآخر.

 

حرف النون

نصر ابن الأديب أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير.

أبو الفتح القيسرانيّ.

توفّي بحلب في عشر التّسعين. وله شعر لا بأس به.

 

نعمة بن عبد العزيز بن هبة الله.

أبو الفضل، العسقلانيّ، العدل، التّاجر.

سمع بدمشق من أبي القاسم بن عساكر. وحدّث بمصر، وبغداد.

وتوفّي في المحرّم، وله بضع وثمانون سنةً.

روى عنه: الرشيد العطّار، والزّكيّ المنذريّ.

حرف الواو

وجه السبع، الأمير مظفّر الدّين سنقر، صاحب بلاد خوزستان.

كان أحد الشّجعان المذكورين.

حجّ بالناس سنة اثنتين وستمائة. ففارق الرّكب، وقفز إلى صاحب الشام الملك العادل لمنافرةٍ جرت بينه وبين الخادم الّذي على سبيل الوزير ناصر بن مهديّ، وكان بينه وبين الوزير وحشةٌ أيضاً، فخاف منه، فالتقاه العادل، وأكرمه، وأقام عنده ستّ سنين. وكان من كبار الدّولة، فلمّا عزل الوزير، سار إلى العراق، وبقي إلى هذه السنة.

 

حرف الهاء

هندولة بن خليفة. أبو القاسم، الزّنجانيّ، الصّوفيّ.

شيخ صالح، نزيل دمشق. وحدّث عن: أبي الفتح بن شاتيل، ويحيى الثّقفيّ.

 

حرف الياء

يحيى بن المظفّر بن الحسن. أبو زكريا، البغداديّ، الحنفيّ.

روى عن: أبي المظفّر بن التّريكيّ، وأبي المعاليّ ابن اللّحّاس.

وكان مفتياً، مدرّساً، مناظراً. وقد صنّف في المذهب.

سمع الناسخ والمنسوخ لهبة الدّين المفسّر، من التّريكيّ، وسلامة بن الصّدر معاً، عن رزق الله، عنه.

وتوفّي في ثالث عشر ذي الحجّة.

قال ابن الحاجب: كان يرمى بالاعتزال.

 

يوسف بن عمر بن أبي بكر بن سبيع.

أبو بكر، الباقلاّنيّ، الشّروطيّ.

سمع من: عبد الحقّ اليوسفيّ، وشهدة. وكان فرضيّاً.

توفّي في رجب.

 

يوسف بن معزوز.

إمام النّحو، أبو الحجّاج، القيسيّ، المرسي.

وصنّف كتاب شرح الإيضاح للفارسيّ. وله ردٌّ على الزّمخشريّ في مفصّله.

أخذ عن أبي إسحاق بن ملكون، والسّهيليّ. وتخرّج به أئمّةٌ.

مات في حدود هذه السنة.

 

وفيها ولد

العلاّمة تقيّ الدّين محمد بن عليّ ابن دقيق العيد.

والعفيف عبد السلام بن محمد بن مزروع.

والشرف عيسى بن أبي محمد المغاريّ.

ورشيد بن كامل الرّقّيّ.

والنّجم أحمد بن محمد بن حسن بن صصرى.

وفاطمة بنت إبراهيم بن جوهر البعلبكّية، في رجب.

والشرف عبد المنعم بن عبد اللّطيف ابن زين الأمناء.

وقاضي حلب شمس الدّين محمد بن محمد بن بهرام الدّمشقيّ.

والزّين محمد بن عبد الغنيّ بن عبد الكافي ابن الحرستانيّ الذّهبيّ، في رجب.

والزّكيّ عبد المحسن بن زين الكنانيّ، يروي عن جعفر.

وسيف الدّين بلاشو بن عيسى بن بلاشو.

والشيخ عمر بن أبي القاسم السّلاويّ.

والشرف شيرزاد بن ممدود بن شيرزاد.

والغرس محمود بن عبد المنعم الحرّانيّ.

والعزّ عبد العزيز بن محمد بن عبد الحقّ العدل، في شعبان.

والمحبّ صدقة بن عليّ بن هلالة، بإشبيلية.

ومحيي الدّين يحيى بن عليّ بن أبي طالب الموسويّ.

والملك الظّاهر شاذي ابن الناصر داود.

والأمين عبد الله بن إسماعيل الحلبيّ المسلمانيّ الكاتب، أسلم وله ثلاثون سنة، وطال عمره.

 

وفيات سنة ست وعشرين وستمائة

حرف الألف

أحمد بن حسّان بن حسّان. أبو القاسم، الكلبيّ، الإشبيليّ.

سمع من أبي بكر ابن الجدّ فأكثر، ومن أبي محمد بن بونه. وكان رئيساً، محتشماً، جواداً، أديباً، أخبارياً.

قال الأبّار: سمعت منه، وتوفّي في ثالث عشر جمادى الأولى، وله أحد وستّون عاماً.

 

أحمد بن الحسين بن محمد بن جميل.

أبو العبّاس، البندنيجيّ، الحفّار.

روى عن: أبي الحسين عبد الحقّ.

ومات في ربيع الأوّل.

 

أحمد بن زكرياء بن مسعود.

أبو جعفر، الأنصاريّ، الأندلسيّ، القبذاقيّ، المقريء.

أخذ القراءآت عن الحسن بن عبد الله السّعديّ، ومن أبي بكر بن أبي حمزة.

أخذ عنه ابن مسدي، ورماه بالاختلاق، وقال: اجتمع طلبةٌ، فوضعوا لفظةً، وسمّوا بها كتاباً، وسألوه عنه، فقال: أدريه وأرويه. وكان يسقط من الأسانيد رجالاً ليوهم العلوّ. عاش بضعاً وستّين سنة.

 

أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعريّ. أبو جعفر، القرطبيّ.

روى عن: أبيه أبي الحسين، وأبي بكر ابن الجدّ، وابن بشكوال، وجماعة. وولي خطابة قرطبة مدّة.

مات في وسط العام.

روى عنه ابن أخيه أبو الحسين محمد بن الأشعريّ. وهم بيت علمٍ ورواية.

 

أحمد بن نجم ابن شرف الإسلام عبد الوهّاب ابن الحنبليّ.

بهاد الدّين، أبو العبّاس، أخو النّاصح.

ولد سنة تسعٍ وأربعين.

وسمع من القاضي كمال الدّين أبي الفضل الشّهرزوريّ.

وحدّث. وسمع من أبي الفوارس الحيص بيص شعراً.

ومات في ذي القعدة.

وسمع من سلمان الرّحبيّ أيضاً. روى عنه: الضّياء، والشّهاب القوصيّ.

إسماعيل بن سيف الدّولة المبارك بن كامل بن مقلّد بن عليّ ابن منقذ، الأمير جمال الدّين.

أبو الطّاهر، الكنانيّ، المصريّ المولد.

سمع السّلفيّ ووالده.

وولي نيابة حرّان، وبها توفّي في رمضان. وله شعر، وفضائل.

روى عنه الشهاب القوصيّ، والزّكي المنذريّ.

 

أقسيس، يأتي في حرف الياء.

أمة الله بنت أحمد بن عبد الله بن عليّ ابن الآبنوسيّ.

شرف النساء، البغدادية.

كانت آخر من روى عن أبيها أبي الحسن، وسمعت منه في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وحضرت عليه في سنة أربعين. وتفرّدت بالرابع من المخلّصيات، وبجزء منتقى من السادس من المخلّصيات، وبالتّاسع من المحامليات، وبالمجلّد الأوّل وهو خمس الكامل لابن عديّ، ولها فيه فوت، بروايته عن إسماعيل بن مسعدة الإسماعيليّ.

قال ابن الحاجب: هي من بيت فقه، وزهدٍ، كثيرة العبادة، لا يكاد لسانها يفتر من ذكر الله.

قلت: روى عنها ابن الحاجب، والسيف ابن المجد، والدّبيثيّ، وآخرون. وسمعنا بإجازتها على فاطمة بنت سليمان.

 

إلياس بن محمد بن عليّ. أبو البركات، الأنصاريّ.

أحد عدول دمشق. كان مطبوعاً، صاحب نوادر.

قال: قرأ القرآءات السبع على يحيى بن سعدون القرطبيّ.

كتب عنه ابن الحاجب وقال: توفّي في رجب. وكان يشهد تحت السّاعات.

 

حرف الجيم

جبريل بن زطينا. الكاتب البغداديّ.

كان نصرانياً، فأسلم، وحسن إسلامه، وتزهّد. وله كلامٌ في الحقيقة ساق منه ابن النّجّار، وكان يتولّى كتابة ديوان المجلس.

مات في شعبان، وله خمسٌ وسبعون سنة.

روى عنه من شعره أبو طالب عليّ بن أنجب، وغيره.

حرف الحاء

الحسين بن أبي الغنائم هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن محمد بن الحسن بن أحمد بن

الحسين بن صصرى. القاضي، شمس الدّين، أبو القاسم، ابن الشيخ الرئيس، التّغلبيّ، البلديّ الأصل، الدّمشقيّ، أخو الحافظ أبي المواهب.

ولد قبل الأربعين وخمسمائة.

وسمع: جدّه، وأباه، وجدّه لأمّه أبا المكارم عبد الواحد بن هلال، وعبدان بن زرّين، وأبا القاسم ابن البنّ، ونصر بن أحمد بن مقاتل، وأبا طالب عليّ بن حيدرة، وأبا يعلى حمزة ابن الحبوبيّ، وأبا يعلى حمزة بن كروّس، وعليّ بن أحمد الحرستانيّ، وعبد الرحمن بن أبي الحسن الدّارانيّ، وسعيد بن سهل الفلكيّ، والصّائن هبة الله بن عساكر، وحسّان بن تميم، وعبد الرحمن ابن أبي العجائز، وعليّ بن عساكر المقدسيّ - لا البطائحيّ ولا الحافظ الدّمشقيّ - ، والقاضي الزكيّ عليّ بن محمد بن يحيى القرشيّ، وأبا النّجيب السّهرورديّ، وجمال الأئمّة عليّ بن الحسن الماسح، وعليّ بن أحمد بن مقاتل؛ أخا نصر، وإبراهيم بن موهوب ابن المقصّص، وأبا يعلى حمزة بن أسد، والخضر بن شبل الحارثيّ، والمبارك بن عليّ بن عبد الباقي، واسعد بن حسين الشّهرستانيّ، والخضر بن عليّ السّمسار، وعبد الواحد بن إبراهيم بن قزّة، وإبراهيم بن الحسن الحصنيّ، وعليّ بن مهدي الهلاليّ، ووهب بن الزّنف الفقيه، وهؤلاء الثلاثون ذكرهم الحافظ أبو القاسم في تاريخ دمشق. وروى عنهم كلّهم سوى أبيه، والخضر.

وقد سمع من خلق سواهم، وسمع بحلب من أبي طالب عبد الرحمن ابن العجمي، ويحيى بن إبراهيم السّلماسيّ. وبمكّة من محمد بن عبيد الله الخطيب الإصبهانيّ؛ حدّثه عن أبي مطيع.

وروى بالإجازة عن طائفةٍ تفرّد بالرواية عنهم، كما تفرّد بكثيرٍ ممّن سمع منهم.

أجاز له: عليّ بن عبد السّيد ابن الصّبّاغ، ومحمد ابن السّلاّل، وأبو محمد سبط الخيّاط، وأحمد بن عبد الله ابن الآبنوسيّ، والخصيب بن المؤمّل، وإبراهيم بن محمد بن نبهان الغنويّ، ومحمد بن طراد الزّينبيّ، وعبد الخالق بن أحمد اليوسفيّ، ومحمد بن عمر الأرموي، وأبو الفتح نصر الله بن محمد المصّيصيّ الفقيه، ومسعود بن الحسن الثقفيّ، وغيرهم.

وخرّج له البزاليّ مشيخةً في سبعة عشر جزءاً بالسّماع والإجازة.

وروى عنه: هو، والضّياء، والقوصيّ، والمنذريّ، والشرف النابلسيّ، والجمال ابن الصّابونيّ،

والزّين خالد، وحفيده إسماعيل بن إسحاق بن صصرى، وسعد الخير النابلسيّ، وأخوه نصر، والشمس محمد ابن الكمال، وأبو بكر بن طرخان، وإبراهيم بن اللّمتونيّ، والشرف أحمد بن أحمد الفرضيّ، والكمال محمد بن أحمد ابن النّجّار، والجمال أحمد بن أبي محمد المغاريّ، والشمس محمد بن شمّام الذّهبيّ، والتّقيّ إبراهيم ابن الواسطيّ، وأخوه الشمس محمد، والعزّ إسماعيل ابن فرّاء، والشهاب الأبرقوهيّ، والشمس محمد بن حازم، ونصر الله بن عيّاش، والتّقيّ أحمد بن مؤمن، وعبد الحميد بن خولان، وخلقٌ آخرهم أبو جعفر ابن الموازينيّ.

وكان عدلاً، جليلاً، فاضلاً، صحيح الرواية. قرأ شيئاً من الفقه على أبي سعد بن أبي عصرون. ورحل مع أخيه. ثمّ إنّه ردّ من حلب لأجل قلب والده. وكان خلياً من المعرفة بالحديث.

قال الزّكيّ البرزاليّ: هو مسند الشام في زمانه. وقال: كان يسأل من غير حاجة. وقال أبو الفتح ابن الحاجب: ربّما كان يأخذ من آحاد الأغنياء الشيء على التّسميع.

وقال محمد بن الحسن بن سلاّم: كان في شحٌّ بالتّسميع إلاّ بعرضٍ من الدّنيا. وهو من بيت حديث، وأمانة، وصيانة. وكان أخوه من علماء الحديث. وقرأت عليه علوم الحديث للحاكم في ميعادين. وكان متموّلاً له مال وأملاك، رزيء في ماله مرّات.

وقال ابن الحاجب: كان صاحب أصولٍ، ليّن الجانب، بهيّاً، سهل الانقياد، مواظباً على أوقات الصلاة، متجنّباً لمخالطة النّاس. وهو ربعيٌّ: من ربيعة الفرس. توفّي في ثالث وعشرين المحرّم، وصلّى عليه الخطيب الدّولعيّ بالجامع، والقاضي شمس الدّين الخويّي بظاهر البلد، وتاج الدّين ابن أبي جعفر بمقبرته بقاسيون.

 

حرف السين

سليمان بن الحسين بن سليمان.

أبو الربيع، الكتبيّ، المليجيّ، الإسكندرانيّ.

ولد سنة تسعٍ وأربعين. وحدّث عن السّلفيّ.

 

حرف الشين

شرف النّساء، اسمها أمة الله.

حرف العين

عائشة بنت عرفة بن علي ابن البقليّ البغداديّ. أمة الجبّار.

تروي عن أبيها.

ماتت في المحرّم.

 

عباس بن بهرام بن محمد بن بختيار.

أبو الفضل، ابن السّلار، الأتابكيّ.

حدّث هو، وأبوه، وأخوه. وأصلهم من حمص.

سمع الحافظ عليّ بن عساكر، وغيره.

روى عنه الجمال ابن الصّابونيّ، وغيره.

وتوفّي في ذي الحجّة.

 

عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن مسلمة. أبو جعفر،

القرطبيّ.

سمع من أبيه، ومن أبن بشكوال. وأخذ القرآءات عن أبي الأصبغ عبد العزيز ابن الطّحّان.

وولي خطابة قرطبة، وتمنّع من القضاء، واعتذر، وتغيّب أياماً فلم يقبل منه، فتولّى أشهراً مكرهاً.

وتوفّي في رمضان، وقد جاوز السّبعين.

قاله الأبّار.

 

عبد الله بن عبد الوهّاب ابن الإمام صدر الإسلام أبي الطّاهر ابن عوف الزّهريّ.

الإسكندرانيّ، عماد الدّين، أبو البركات، المالكيّ.

سمع من جدّه، ودرّس، وأفتى. وكان مولده في سنة خمسٍ وستّين وخمسمائة.

وتوفّي في ثامن عشر رجب.

 

عبد الرحمن بن عليّ بن أحمد بن عليّ. الفقيه، أبو محمد، البغداديّ، الحنبليّ، الواعظ،

المعروف بابن التانرايا.

تفقّه على أبي الفتح بن المنذي.

وسمع من: عبد الحقّ اليوسفيّ، وغيره.

وناب في القضاء عن أبي صالح الجيليّ. وولي مشيخة رباط الزّوزنيّ.

وكتب عنه ابن النّجّار، وغيره.

مات فجاءةً في 25 جمادى الآخرة.

 

عبد الرحمن بن أبي السعادات الحسن بن عليّ بن بصلا.

أبو الفرج، البندنيجيّ، الصّوفيّ.

شيخٌ صالحٌ، سديد السّيرة.

وولد سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة بالبندنيجين. وقدم بغداد فسمع من يحيى بن ثابت، وأحمد بن المقرّب.

ومات في رابع عشر ذي الحجّة.

روى عنه مجد الدّين ابن العديم، لقيه بحلب.

 

عبد الصّمد بن أحمد بن محفوظ بن زقير.

أبو محمد، البزّاز.

شيخٌ بغداديٌّ.

روى عنه فوارس ابن الشباكية.

وتوفّي في ذي الحجّة.

 

عبد الكريم بن عبد الرحمن بن سعد الله بن عبد الله بن أبي القاسم. أبو محمد، الأنصاريّ،

الدّمشقيّ.

والد الفقيه سليمان، وجدّ شيختنا فاطمة بنت سليمان.

سمع: أبا القاسم بن عساكر، وأبا طاهر الخشوعيّ. وسمع من جماعة من الشّعراء.

ودخل الدّيار المصرية، وله شعرٌ وفضيلة.

كتب عنه: ابنه، والسّراج بن شحانة، والنّجيب ابن الشّقيشقة.

توفّي في ثامن وعشرين رجب بدمشق.

 

عبد المحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن عليّ الخزرجيّ.

المصريّ الشافعيّ، الرجل الصالح.

ولد سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة.

وسمع بالثّغر من السّلفيّ، وبدرٍ الخداداذيّ. وبمصر من: عليّ بن هبة الله الكامليّ، وإسماعيل

بن قاسم الزّيات، وأبي المفاخر المأمونيّ، وجماعة.

قال الزّكيّ المنذريّ؛ وروى عنه: كان كثير الصلاة والصوم، مقبلاً على العلم مع رقّة حاله.

توفّي فجاءةً في ثاني عشر شوّال - رحمه الله - .

 

عبد المولى بن عبد الوهّاب بن يوسف. أبو محمد، القطيعيّ.

سمع: أبا الفتح بن البطّي، وأبا المكارم البادرائيّ.

ومات في ربيع الأول.

 

عبد الوهّاب بن عتيق بن هبة الله بن ميمون بن عتيق بن وردان. الحافظ، المحدّث المفيد،

والمقرئ المجيد، أبو الميمون، العامريّ، المصريّ، المالكيّ.

قرأ القراءآت على جماعةٍ كثيرة.

وسمع من: العلاّمة عبد الله بن برّي، وعبد الرحمن بن محمد السّبييّ، وقاسم بن إبراهيم المقدسيّ، ومنجب بن عبد الله المرشديّ والبوصيريّ، والأرتاحيّ، وطبقتهم ومن بعدهم فأكثر.

وكتب الكثير، واستنسخ، وأقرأ القراءآت. وحدّث، وأفاد.

وولد في سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة.

روى عنه الحفاظ المنذريّ وقال: كان كثير الإفادة جدّاً. وأنفق في التّحصيل جملةً. وكان بيته غالباً مجمع أصحاب الحديث - رحمه الله - . توفّي تاسع عشر جمادى الآخرة.

قال ابن مسدي: ربّما غلط وأوهم، ولهذا لم يتعرّض لتجريحٍ. وقد كتب عمّن أقبل وأدبر حتّى كتب عن الشّبّان. لم أكثر عنه.

 

عليّ بن بكمش، فخر الدّين.

أبو الحسن، التّركيّ، البغداديّ، النّحويّ.

ولد سنة ثلاثٍ وستّين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح بن شاتيل، وجماعة. وحدّث.

وتوفّي بدمشق في شعبان.

وكان من تلامذة التّاج الكنديّ.

 

عليّ بن حمّاد. الحاجب، الأمير، حسام الدّين، متولّي خلاط نيابةً للأشرف.

كان بطلاً، شجاعاً، خيّراً، سائساً.

قال ابن الأثير: أرسل الأشرف مملوكه عزّ الدّين أيبك إلى خلاط وأمره بالقبض على الحاجب

عليّ، ولم نعلم سبباً يوجب القبض عليه، لأنّه كان مستقيماً عليه ناصحاً له، حسن السيرة. لقد وقف هذه المدّة الطويلة في وجه جلال الدّين خوارزم شاه، وحفظ خلاط حفظاً يعجز عنه غيره. وكان كثير الخير لا يمكّن أحداً من ظلم، وعمل كثيراً من أعمال البرّ: من الخانات، والمساجد، وبنى بخلاط جامعاً، وبيمارستاناً. قبض عليه أيبك، ثمّ قتله غيلةً، فلم يمهل الله أيبك، ونازله خوارزم شاه وأخذ خلاط، وأسر أيبك وغيره من الأمراء. فلمّا اتّفق هو والأشرف أطلق الجميع، وقيل: بل قتل أيبك.

 

عليّ بن ثابت بن طاهر البغداديّ. أبو الحسن، النعّال.

سمع العزّلة للآجريّ من المبارك بن محمد البادرائيّ.

وكان صالحاً، حافظاً للقرآن.

مات في جمادى الأولى.

 

عليّ بن صالح. أبو الحسن، المصريّ، المقرئ.

صاحب أبي القاسم الشاطبيّ.

كان من قرية بمصر اسمها قلين. ورّخه أبو شامة.

 

عليّ بن محمد بن أبي العافية.

أبو الحسن، اللّخميّ، المرسيّ، القسطليّ.

سمع من: أبي عبد الله بن سعادة، وأبي عبد الله بن عبد الرحيم، وصهره أبي القاسم عبد الرحمن بن حبيش.

قال ابن مسدي: رأس بلده ورئيسها، ونفسها ونفيسها، قدّمته الأيام فقام بعينها، واستخرج الله بن مكنون خبئها. وكان عدلاً في أحكامه، عدلاً لأيامه، سديد القولة، شديد الصّولة قتل صبراً.

قال الأبّار: ولي قضاء مرسية، وبلنسية، وشاطبة. وكان جزلاً مهيباً، وكان بالرؤساء أشبه منه بالقضاة والفقهاء، وأضرّ بأخرةٍ. وعلى ذلك فكان يتولّى الأعمال، يتعسّف الطّرق، وأثار فتنةً جرّت هلاكه، فقتل بمرسية في جمادى الأولى عن اثنتين وسبعين سنة.

 

عليّ بن محمد بن عبد الرحمن.

القاضي، الأكمل، أبو المناقب، الأنصاريّ، الكاتب.

من كبار الكتّاب بالدّيار المصرية. روى عن الخشوعيّ، وغيره.

وتوفّي في شبعان عن نحو ثمانين سنة.

 

عليّ بن مظفّر بن عليّ بن نعيم. أبو الحسين، ابن الحبير، البغداديّ، التاجر، الرجل

الصالح.

ولد سنة ستّ وأربعين.

وحدّث عن أبي الفتح بن البطّي. ولي نظر الحرم الشريف.

وتوفّي بمكّة في صفر.

 

عليّ بن أبي بكر بن محمد.

أبو الحسن، التّجيبيّ، الشّاطبيّ، المقرئ.

اشتغل بالقراءآت والعربية بالمغرب. وصحب بمصر أبا القاسم بن فيرّة الشّاطبيّ.

وتوفّي بدمشق في رمضان.

ذكره أبو شامة وقال: كان كثير التّغفّل.

قلت: هو جدّ شيخنا عليّ بن يحيى، وشيخ الإمام أبي عبد الله الفاسي في سماع الرائية.

وقد قرأ بالسبع على الشّاطبيّ. وكان يدري القراءآت والعربية.

أثنى عليه الكنديّ، والمشايخ الكبار بدمشق، وكتبوا بكمال أهليته في محضر. وكان شيخ حلّة ابن طاووس.

سمع منه ولده يحيى التّيسير في سنة ثمان عشرة وستمائة.

قال البرزاليّ: رأيت محضراً كبت للشيخ جمال الدّين فيه خطّ جماعة، فكتب له الكنديّ: هو حافظٌ، أديبٌ فاضلٌ، قاريء متقنٌ مجوّد، يضرب في هذين الفنّين بسهمٍ وافٍ، وحظٍّ وافر.

 

حرف الفاء

فاضل بن نجا بن منصور. أبو المجد، المخيليّ.

ومخيل: بقرب برقة. روى عن السّلفيّ.

ومات بالإسكندرية يوم عرفة.

 

فرحة بنت سلطان بن مسلم. أم يونس، الحربيّة.

روت عن: عبد الرحمن بن زيد الورّاق.

وماتت في رمضان.

روى عنها: ابن النّجّار.

 

الفضل بن عقيل بن عثمان بن عبد القاهر بن الربيع.

الشريف، بهاء الدّين، أبو المحاسن، الهاشميّ، العبّاسيّ، الدّمشقيّ، الشّروطيّ، الفرضيّ، المعدّل.

ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.

وسمع من: حسّان بن تميم الزّيّات، وأبي القاسم بن عساكر.

وكان بصيراً بكتابة السّجلاّت، مليح الخطّ، كثير المحفوظ، حلو الكلام.

تفقّه على أبي الحسن عليّ ابن الماسح، وأبي سعد بن أبي عصرون.

وكتب الكثير في الشّروط. وسمع منه جماعة.

أخبرنا محمد بن هاشم العبّاسيّ، أخبرنا جدّي لأمّي أبو المحاسن الفضل ابن عقيل، أخبرنا حسّان بن تميم، وأخبرنا نصر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا سليم ابن أيوب الفقيه، أخبرنا أحمد بن محمد بن القاسم، أخبرنا أبو علي الصّفّار، حدّثنا أحمد بن منصور، حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزّهري، أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن حارثة بن النّعمان قال: مررت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه جبريل جالسٌ بالمقاعد، فسلّمت عليه، واجتزت، فلمّا رجعت، وانصرف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لي: "هل رأيت الّذي كان معي؟" قلت: نعم. قال: "فإنّه جبريل، وقد ردّ عليك السّلام".

توفّي البهاء في سادس ذي القعدة.

 

حرف القاف

القاسم بن القاسم بن عمر بن منصور.

العلاّمة، أبو محمد، الواسطيّ.

قرأ القراءآت على أبي بكر ابن الباقلاّنيّ.

وسمع الكثير من كتب اللّغة، وبرع في علم اللّسان، وألّف كتباً مفيدةً في ذلك.

وسكن حلب زماناً إلى أن توفّي في ربيع الأول سنة ستّ.

ذكره الموقانيّ في تعاليقه.

 

حرف اللام

لبابة بنت أحمد بن صالح بن شافع. أم الفضل، البغدادية.

من أولاد الشيوخ. روت عن المبارك بن المبارك بن الحكم.

وماتت في ربيع الآخر.

 

حرف الميم

محمد بن إبراهيم بن صلتان. أبو عبد الله، الأنصاريّ، الجيّانيّ، البلنسيّ، المقرئ.

سمع من ابن بشكوال. وقرأ بالسبع على ابن حميد بمرسية.

وأخذ عنه ابن مسدي في سنة خمس وعشرين، ولم يذكر وفاته.

ولد سنة 555.

 

محمد بن إبراهيم بن معالي. أبو عبد الله، البغدادي، القزّاز، المعروف بابن المغازليّ.

سمع من: ابن البطّي.

روى لنا عنه: الأبرقوهيّ جزء البانياسيّ. وروى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار. وكان شيخاً صالحاً.

توفّي في منصف المحرّم.

 

محمد بن إسماعيل بن أبي البقاء بن عبد القويّ بن عمّار.

عزّ القضاة، أبو البركات، القرشيّ، المصريّ، المعروف بابن الجميل.

سمع من عبد الله بن محمد ابن المجلّي، وغيره. ونسخ كثيراً.

وتوفّي في المحرّم.

 

محمد بن الحسين بن موفّق. أبو عبد الله، الأندلسيّ.

ولي خطابة جزيرة ميورقة مديدةً. وروى الحديث.

قال الأبّار: وكان فقيهاً مشارواً، ويعرف العربية. وله كتاب في القراءآت سمّاه الميسّر. وتوفّي في شعبان قبل الكائنة العظمى من قبل الروم على ميورقة بنحوٍ من ستّة أشهر.

 

محمد بن عبد الله بن عليّ بن زهرة بن عليّ.

أبو حامد، العلويّ، الحسيني، الإسحاقيّ، الحلبيّ، الشّيعيّ.

روى عن: عمّه أبي المكارم حمزة بن عليّ، وعنه مجد الدّين العديميّ وقال: مات في جمادى الأولى وله ستّون سنة.

وكان فقيهاً يعدّ من علمائهم.

 

محمد بن محمد بن أبي حرب بن عبد الصّمد.

أبو الحسن، ابن النّرسيّ، البغداديّ، الكاتب، الشّاعر.

ولد سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة.

وسمع: من أبي محمد ابن المادح، وأبي المظفّر هبة الله ابن الشّبليّ، وابن البطّي، وأحمد بن المقرّب، وغيرهم.

وله ديوان شعر. وكان من ظرفاء بغداد. وله النظم والنّثر والنّوادر السائرة. ثمّ شاخ وأقعده الزمان، ومسّه الفقر، وكسد سوقه.

روى عنه: الدّبيثيّ، والسيف ابن المجد، وابن الحاجب، والجمال يحيى ابن الصّيرفيّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، وآخرون.

وسمعنا بإجازته على شرف الدّين اليونينيّ، وفاطمة بنت سليمان. ومن جملة ما عنده: الثاني من مسند ابن مسعود لابن صاعد، سمعه من ابن المادح، والأوّل من حديث ابن زنبور عن التّمّار، ومسند حميد عن أنس لأبي بكر الشافعيّ سمعه من ابن البطّي، وجزء البانياسيّ سمعه من ابن البطّي؛ وسمع منه كتاب الاستيعاب لابن عبد البرّ بفوتٍ وأشياء.

أنشدنا أبو الحسين اليونينيّ عن محمد بن محمد بن أبي حرب، لنفسه: إن كان ميثـاق عـهـدي بـالـصـريم وهـىوحـــال مـــن دونـــه يا مـــيّ أعـــــذار

فـهـل حـداة مـطـاياهــم تـــخـــبّـــرنـــيأأنـجـدوا أم تـرى مـن بـعـدنـــا غـــاروا

واحـرّ قـلـبـــاه مـــنّـــي يوم بـــينـــهـــمإذا خـــلـــت مـــن أنـــســـهـــا الـــــدّار

فـلا تـثـنّـى قـضـيب الـبــان بـــعـــدهـــمولا تـمـتّـع مـن قـرب الــحـــمـــىجـــار

ولا صـبـا قـلــب ذي وجـــدٍ بـــغـــنـــيةولا تـحـرّك فــي الـــمـــزمـــوم أوتـــار

حـتّـى أبـثّـهـم الـشّـكـوى وتـكــنـــفـــنـــادارٌ بـــنـــجـــدٍ وعـــذّالٌ وســــمّـــــــار

وتوفّي في تاسع عشر جمادى الآخرة.

قال ابن النّجّار: كان ناظراً على عقار الخليفة مدّة، ثمّ عزل واعتقل مدّةً، ثمّ خدم في قلعة تكريت، ثمّ حبس مدّةً طويلةً ولم يستخدم بعدها لسوء عشيرته وظلمه وتعدّيه، وخبث طويّته.

وكان يطلب من الناس، ويأخذ الصّدقة.

محمد بن أبي المعالي بن أبي الكرم.

أبو عبد الله، ابن البوريّ.

شيخٌ بغداديّ. حدّث عن عبد الحقّ اليوسفي.

ومات في شوّال.

روى عنه ابن النّجّار بالإجازة.

 

محمد بن أبي نصر بن جيلشير.

أبو عبد الله، الهمذانيّ، المقرئ.

من كبار القرّاء وحذّاقهم. أقرأ، وحدّث عن أبي الفتح بن شاتيل.

ومات في ذي القعدة.

 

مسعود بن أحمد بن مسعود بن الحسين.

أبو المظفر، البغداديّ، ابن الحلّيّ.

يروي عن ظاعن الزّبيري. توفّي في جمادى الآخرة.

أجاز لفاطمة بنت سليمان.

مسعود بن أبي بكر بن شكر بن علاّن المقدسيّ، الصّالحيّ.

حدّث عن يحيى الثقفيّ. وتوفّي في ربيع الآخر.

روى عنه الشمس ابن الكمال.

 

المهذّب بن عليّ بن أبي نصر هبة الله بن عبد الله. الشيخ الصالح، أبو نصر، الأزجيّ،

الخيّاط، المقرئ، المعروف بابن قنيدة.

سمع: أبا الوقت، وابن البطّي، وأبا زرعة، وابن هبيرة الوزير.

روى عنه: الدّبيثيّ، والسّيف، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين. وآخر من روى عنه العماد إسماعيل ابن الطّبّال شيخ المستنصرية.

وقرأت بخطّ ابن نقطة: أن ابن قنيدة سمع صحيح البخاريّ، ومسند الدّارميّ، ومنتخب عبد بن حميد، ومسند الشافعيّ. وكان سماعه صحيحاً.

وتوفّي في الثالث والعشرين من شوّال، وقد جاوز الثمانين.

 

موسى ابن الفقيه عليّ بن فيّاض بن عليّ.

الإمام أبو عمران، الأزديّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ.

درّس، وأفتى. وحدّث عن السّلفيّ.

وكان أبوه من أصحاب أبي بكر الطّرطوشيّ.

توفّي في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة.

 

ياقوت بن عبد الله، شهاب الدّين، الرّوميّ. الحمويّ، البغداديّ.

ابتاعه - وهو صغير - عسكرٌ الحمويّ التّاجر ببغداد، وعلّمه الخطّ. فلما كبر قرأ النّحو واللّغة، وشغّله مولاه بالأسفار في التّجارة، ثمّ جرت بينه وبين مولاه أمور أوجبت عتقه، وإبعاده عنه. فاشتغل بالنّسخ بالأجرة، فحصل له اطّلاعٌ ومعرفة. وكان من الأذكياء. ثمّ أعطاه مولاه بضاعةً فسافر له إلى كيش. ثمّ مات مولاه، وحصل شيئاً كان يسافر به. وكان منحرفاً فإنّه طالع كتب الخوارج، فوقر في ذهنه شيء. ودخل دمشق سنة ثلاث عشرة، فتناظر هو وإنسان، فبدا منه تنقّصٌ لعليّ رضي الله عنه، فثار النّاس عليه وكادوا يقتلونه، فهرب إلى حلب ثمّ إلى الموصل وإربل ودخل خراسان، واستوطن مرو يتّجر، ثمّ دخل خوارزم، فصادفه خروج التّتار فانهزم بنفسه، وقاسى الشّدائد، وتوصّل إلى الموصل وهو فقير دائر، ثمّ قدم حلب فأقام في خان بظاهرها.

وقد ذكره شرف الدّين أبو البركات ابن المستوفي فقال: صنّف كتاباً سمّاه إرشاد الألبّاء إلى معرفة الأدباء في أربع مجلّدات كبار، وكتاباً في أخبار الشعراء المتأخرين، وكتب معجم البلدان، وكتاب معجم الأدباء، وكتاب معجم الشعراء، وكتاب المشترك وضعاً والمختلف صعقاً، وكتاب المبدأ والمآل في التّاريخ، وكتاب الدّول، وكتاب المقتضب في النّسب. وكان أديباً شاعراً، مؤرخاً، أخبارياً، متفنّناً.

ذكره القاضي جمال الدّين عليّ بن يوسف القفطيّ الوزير في تاريخ المنّحاة له، وانّه كتب إليه رسالةً من الوصل شرحاً لما تمّ على خراسان منها.

وقد كان المملوك لمّا فراق مولاه أراد استعتاب الدّهر الكافح، واستدرار خلف الزّمان الجامح، اغتراراً بأنّ في الحركة بركة، والاغتراب داعية الاكتساب، فامتطى غارب الأمل إلى الغربة، وركب ركوب يصحب له دهره الحرون، ولا رقّ له زمانه المفتون.

إنّ الـلـيالـي والأيّام لـــو ســـئلـــتعن عتب أنفسها لـم تـكـتـم الـخـبـرا

وهيهات مع حرفة الأدب، بلوغ وطرٍ أو ذاك أرب، ومع عبوس الحظ، ابتسام الدّهر الفظّ. ولم أزل مع الدّهر في تفنيدٍ وعتاب، حتّى رضيت من الغنية بالإياب. وكان المقام بمرو الشّاهجان إلى أن حدث بخراسان ما حدث من الخراب، والويل المبير واليباب. وكانت - لعمر الله - بلاداً مونقة الأرجاء رائقة الأنحاء، ذات رياض أريضة، وأهوية صحيحة مريضة، قد تغنّت أطيارها، فتمايلت أشجارها، وبكت أنهارها، فتضاحكت أزهارها، وطاب روح نسيمها، فصحّ مزاج إقليمها.

إلى أن قال: جملةٌ أمرها أنّها كانت أنموذج الجنّة لا مينٍ، فيها ما تشتهي الأنفس، وتلذّ العين.

إلى أن قال في وصف أهلها: أطفاله رجال، وشبّانهم أبطال وشيوخهم أبدال. ومن العجب العجاب أنّ سلطانهم المالك، هان عليه ترك تلك الممالك، وقال: يا نفس الهوى لك، وإلاّ فأنت في الهوالك، فجاس خلال تلك الدّيار أهل الكفر والإلحاد، وتحكّم في تلك الأبشار أولو الزّيغ والعناد، فأصبحت تلك القصور، كالممحو من السّطور، وآضت تلك الأوطان، مأوى للأصداء والغربان يستوحش فيها الأنيس، ويرثي لمصابها الأوطان، مأوى للأصداء والغربان يستوحش فيها الأنيس، ويرثي لمصابها إبليس، ف "إنّا لله وإنّا إليه راجعون" من حادثةٍ تقصم الظّهر، وتهدم العمر، وتوهي الجلد، وتضاعف الكمد، فحينئذٍ تقهقر المملوك على عقبه ناكساً، ومن الأوبئة إلى حيث تستقرّ في النفس أيساً بقلبٍ واجب، ودمع ساكب، ولبّ عازب وحلم غائب، وتوصّل، وما كاد حتّى استقرّ بالموصل بعد مقاساة أخطار، وابتلاءْ واصطبار، وتمحيص أوزار، وإشرافٍ غير مرةٍ على البوار والتبار، لأنّه مرّ بين سيوفٍ مسلولة، وعساكر مغلوبة، ونظام عقود محلولة ودماءٍ مسكوبةٍ مطلولة. وكان شعاره كلّما علا قتباً، أو قطع سبسباً "لقد لقينا من سفرنا من هذا نصباً" فالحمد لله الّذي أقدرنا على الحمد، وأولادنا نعماء تفوت الحرص والعدّ. ولولا فسحة الأجل لعزّ أن الحمد، وأولادنا نعماء تفوت الحصر والعد. ولولا فسحة الأجل لعزّ أن يقال: سلم البائس أو وصل ولصفّق عليه أهل الوداد صفقة المغبون، وألحق بألف ألف هالك بأيدي الكفار أو يزيدون.

وبعد، فليس للمملوك ما سيلّي به خاطره، ويعد به قلبه وناظره إلاّ التّعليل بإزاحة العلل، إذا هو بالحضرة الشريفة مثل.

ولد ياقوت سنة أربعٍ أو خمسٍ وسبعين وخمسمائة.

ومات في العشرين من رمضان سنة ستّ هذه.

وكان قد سمّى نفسه يعقوب. ووقف كتبه ببغداد على مشهد الزّيديّ.

قال ابن النّجّار: أنشدني ياقوت الحمويّ لنفسه: أقول لقلبـي وهـو فـي الـغـيّ جـامـحٌأمـا آن لـلــجـــهـــل الـــقـــديم يزول

أطـعـت مـهـاةً فـي الـحــذار خـــريدةًوأنـت عـلـى أسـد الـفـلاة تــصـــول

ولـمّـا رأيت الـوصـل قـد حـيل دونـهوأن لـقـــاكـــم مـــا إلـــيه وصـــول

لـبـسـت رداء الـصّـبـر لا عـن مـلالةٍولـكـنّـي لـلـضّـــيم فـــيك حـــمـــول

 

يعقوب بن صابر بن بركات. الأديب، أبو يوسف، القرشيّ، الحرّانيّ، ثمّ البغداديّ،

المنجنيقيّ، الشاعر.

له ديوان. وكان من فحول الشعراء بالعراق.

ولد سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة.

وسمع من هبة الله بن عبد الله ابن السمرقنديّ. وحدّث.

كتب عنه ابن الحاجب، وغيره.

ومن شعره: شـكـوت مـنـه إلـيه جـــوره فـــبـــكـــىواحمرّ مـن خـجـلٍ واصـفـرّ مـن وجـل

فالـورد والـياسـمـين الـغـضّ مـنـغـمـسٌفي الطّلّ بـين الـبـكـا والـعـذر والـعـذل

توفّي في صفر.

وكان مقدّم المنجنيقيّين ببغداد. وما زال مغرىً بآداب السيف والقلم وصناعة السلاح والرياضة. اشتهر بذلك فلم يلحقه أحدٌ في عصره، في درايته وفهمه، لذلك صنّف كتاباً سمّاه عمدة المسالك في سياسة الممالك يتضمّن أحوال الحروب وتعبئتها وفتح الثغور وبناء الحصون وأحوال الفروسية والهندسة إلى أشباه ذلك.

وكان شيخاً لطيفاً، كثير التّواضع والتّودّد، شريف النّفس، طيّب المحاورة، بديع النّظم. وكان ذا منزلةٍ عظيمة عند الإمام النّاصر.

روى عنه العفيف عليّ بن عدلان المترجم الموصليّ.

وقد طوّل ابن خلّكان ترجمته في خمس ورقات وقال: لقبه نجم الدّين بن صابر. ومن شعره

في جاريته السوداء.

وجـاريةٍ مـن بـنـات الـحــبـــوسبـذات جـفـون صـحــاحٍ مـــراض

تـعـشّـقـتـهـا لـلـتّـصـابـي فـشـبـتغـرامـاً ولـم أك بـالـشّــيب راض

وكـنـت أعــيّرهـــا بـــالـــسّـــوادفـصـارت تـعـيّرنـي بـالـــبـــياض

 

يعيش بن عليّ بن يعيش بن مسعود بن القديم الأنصاري.

الشّبليّ، الأندلسيّ، أبو البقاء وأبو محمد وأبو الحسن.

روى عنك أبي القاسم القنطريّ، وأبي الحسن عقيل، وموسى بن قاسم، وأبي عبد الله بن زرقون، وجماعة.

وأجاز له أبو القاسم بن بشكوال، وأبو الحسن الزّهريّ.

وفي مشايخه كثرة. وقد سمع بفاس من أبي عبد الله بن الرّمّامة، وعليّ ابن الحسين اللّواتيّ، وأبي عبد الله بن خليل الإشبيليّ.

وكان من أهل المعرفة بالقراءآت، والإكثار من الحديث مع الضّبط والعدالة. وألف فضائل مالك، وكتاباً في القراءآت.

حدّث عنه: أبو الحسن ابن القطّان، وأبو العباس النّباتيّ، وأبو بكر بن غلبون، وجماعة. ومن المكثرين عنه ابن فرتون، وقال: عاش سبعاً وتسعين سنة.

وقال ابن مسدي: شيخنا أبو البقاء نزيل فاس، أعذب من لقينا بالقرآن لساناً، كتب بخطّه نيّفاً على خمسمائة مجلّد. أخذ القراءآت عن عقيل بن العقل الخولانيّ، وعن موسى بن القاسم.

وسمع من جماعة، تفرّد عنهم، ولم يزل يسمع إلى حين وفاته.

إلى أن قال ابن مسدي: ذكرت لشيخنا ابن القديم يوماً إجازة الفقيه أبي الوليد بن رشد لكلّ من شاء الرواية عنه، فقال: ذكّرتني، وأنا أحبّ الرواية عنه، إشهد عليّ أنّ قد قبلت هذه الإجازة.

فقلت أنا: فافعل أنت مثله. فقال: واشهد عليّ أنّي قد أجزت لكلّ من أحب الرواية عن. وهذا في رمضان سنة 621 وقد وقفت على إجازة له بالقراءآت في سنة 534. قرأت عليه بالعشر.

وأخبرنا أنّ مولده سنة سبع عشرة وخمسمائة بشلب، ومات على ما بلغني سنة أربعٍ وعشرين وستمائة.

وقال الأبّار: مات سنة 622.

يوسف بن أبي بكر بن محمد بن عليّ.

أبو يعقوب السّكّاكيّ، سراج الدّين، الخوارزميّ.

إمامٌ في النّحو والتّصريف وعلمي المعاني والبيان، والاستدلال، والعروض، والشّعر. وله النّصيب الوافر في علم الكلام، وسائر فنون العلوم. من رأى مصنّفه، علم تبحّره ونبله وفضله.

توفّي في هذه السنة بخوارزم.

 

أبو يوسف، السّلطان الملك المسعود ويدعى آقسيس. ابن السلطان الملك الكامل محمد ابن

العادل.

صاحب اليمن ومكّة. ملكها تسع عشرة سنة. وكان أبوه وجدّه قد جهّزا معه جيشاً، فدخل اليمن وتملّكها. وكان فارساً، شجاعاً، مهيباً، ذا سطوة، وزعارّة، وعسفٍ، وظلمٍ. لكنّه قمع الخوارج باليمن، وطرد الزّيدية عن مكّة، وأمّن الحاجّ بها.

قال ابن المظفّر الجوزيّ: لمّا بلغ آقسيس موت عمّه الملك المعظّم تجهّز ليأخذ الشام، وكان ثقله في خمسمائة مركب، ومعه ألف خادم، ومائة قنطار عنبر وعود، ومائة ألف ثوب، ومائة صندوق أموال وجواهر. وسار إلى مكّة - يعني من اليمن - فدخلها وقد أصابه فالجٌ، ويبست يداه ورجلاه. ولمّا اسحتضر قال: والله ما أرضى من مالي كفناً. وبعث إلى فقيرٍ مغربيّ فقال: تصدّق عليّ بكفن، ودفن بالمعلى. وبلغني أنّ والده سرّ بموته، ولمّا جاءه موته مع خزنداره ما سأله: كيف مات؟ بل قال له: كم معك من المال؟. وكان المسعود سيّء السيرة مع التّجّار، يرتكب المعاصي ولا يهاب مكّة، بل يشرب الخمر، ويرمي بالبندق، فربّما علا البندق على البيت.

وقال ابن الأثير: سار الملك المسعود آتسز إلى مكّة وصاحبها - حينئذٍ - حسن بن قتادة بن إدريس العلويّ كان قد ملكها بعد أبيه، فأساء إلى الأشراف والعبيد، فلقيه آتسز فتقاتلا ببطن مكّة، فانهزم حسن وأصحابه، ونهب آتسز مكّة. فحدّثني بعض المجاورين أنّهم نهبوها حتّى أخذوا الثّياب عن النّاس وأفقروهم. وأمر آتسز أن ينبش قبر قتادة ويحرق. فظهر التّابوت، فلم يروا فيه شيئاً فعلموا حينئذٍ أنّ الحسن دفن أباه سرّاً.

قلت: توفّي في جمادى الآخرة. وخلّف ابناً وهو الصالح يوسف بقي إلى سنة بضعٍ وأربعين.

وفيها ولد

شيخنا جمال الدّين أحمد ابن الظّاهريّ، في شوّال بحلب.

والفخر محمد بن يحيى ابن الصّيرفيّ الحرّانيّ بها.

والعماد يحيى بن أحمد الحسنيّ الشريف البصرويّ، بدمشق.

وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن الأنجب ابن الكسّار، ببغداد.

والأمي أحمد بن أبي بكر بن رسلان البعلبكّيّ، بدمشق.

وقاضي القضاة شهاب الدّين محمد بن أحمد بن الخليل ابن الخوييّ الشافعيّ، في شوّال.

والنّجم أحمد بن أبي بكر بن حمزة الهمذانيّ ابن الحنيبليّ.

والفخر محمد بن محمد بن الحسين بن عبد السّلام السّفاقسيّ، بالإسكندرية.

والجمال إبراهيم بن عليّ ابن الحبوبيّ، بدمشق.

وأبو بكر ابن الزّين بن عبد الدّائم، بكفربطنا.

وإبراهيم بن عنبر الحبشيّ، قيّم الماردانية.

وعيسى بن عبد الرحمن المطعّم.

وهديّة بنت عليّ بن عسكر الهرّاس.

وفاطمة بنت عبد الرحمن أخت ابن الفرّاء.

وأبو المحاسن بن أبي الحرم ابن الخرقيّ.

وداود بن يحيى الفقير الحريريّ.

والكمال عليّ بن محمد بن حسين الفرنثيّ.

والعفيف عبد القويّ بن عبد الكريم أخي الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ.

وأحمد بن عبد الرحيم بن عازر اللّحّام الصالحيّ.

والشيخ عليّ بن محمد بن هارون الثّعلبيّ، بدمشق.

وكمال الدّين أحمد بن أبي الفتح ابن العطّار الكاتب، بدمشق. وقيل: بل ولد سنة سبع.

 

وفيات سنة سبع وعشرين وستمائة

حرف الألف

أحمد بن أبي الفتح أحمد بن موسى.

الشريف، أبو العباس، الجعفريّ، البغداديّ، النقيب.

حدّث عن أبي طالب بن خضير، وغيره.

وتوفّي في شوّال.

قال ابن الحاجب: كان مغفّلاً، كنّا نقرأ عليه حكايات أشعب فيبكي.

 

أحمد بن إبراهيم بن أبي العلاء بن أحمد بن حسّان.

أبو العباس، الأزديّ، الحمصيّ، ثم الدمشقيّ.

سمع من: أبي سعد بن أبي عصرون، ويحيى الثّقفيّ، وجماعة. وسمع بمصر من البوصيريّ.

وحدّث.

ومات في المحرّم.

روى عنه الأبرقوهيّ بالإجازة.

 

أحمد بن إبراهيم بن عبد الملك بن مطرّف.

أبو جعفر، التّميميّ، الأندلسيّ.

رحل إلى المشرق أربع مرّات أولها سنة سبعين وخمسمائة.

وسمع من الفقيه أبي الطّاهر بن عوف بالإسكندرية، ومن عمر الميانشيّ والمبارك ابن الطّبّاخ بمكّة.

وكان رئيساً واصلاً عند ملوك المغرب، فجرت على يديه قربٌ كثيرة. وله بالحرمين أوقاف وبرٌّ. وتوفّي بسبتة في صفر. وقد حدّث. قاله الأبّار.

وقال ابن مسدي عنه: دخلت الإسكندرية سنة تسعٍ وستّين، وفتحت له الدّنيا فصار يلبس الثياب الثّمينة، وعلى جلده جبّة مرقّعةٌ، ذكر: أنّ أبا مدين أعطاه إيّاها. وكان له أورادٌ. وكان كثير الحكايات لكنّه أغرب بأشياء، فأبهمت أمره، وأشكلت عرفه ونكره. ولد على رأس الأربعين، وقال لي: إنّه سمع من السّلفيّ، وببجاية من عبد الحقّ.

 

أحمد بن أبي السعود بن حسّان.

أبو الفضل، البغداديّ، الرّصافيّ، الكاتب المجوّد.

كان فائق الخطّ، كتب الكثير وجوّد عليه جماعةٌ ببغداد.

وكان متديّناً، حسن الأخلاق، متودّداً، لديه فضلٌ، وأدبٌ. حجّ فأدركه الأجل بمكّة بعد قضاء

نسكه في ذي الحجّة.

روى عنه ابن النّجّار أبياتاً من شعره.

 

أحمد بن فهد العلثيّ. أبو العبّاس الفقيه.

توفّي ببغداد في شعبان.

 

أحمد بن محمد بن جابر. قاضي قضاة إفريقية، أبو العباس، الهواريّ، المالكيّ.

سمع من: محمد بن إبراهيم ابن الفخّار، ونجبة بن يحيى لمّا قدما تونس، ومن جماعة. وعاش سبعين سنة.

أخذ عنه ابن مسدي.

 

أحمد بن محمد بن عبد الله بن منتال.

أبو القاسم، الأزديّ، المرسيّ.

سمع: أبا القاسم عبد الرحمن بن حبيش، وأبا عبد الله بن حميد. وحدّث.

توفّي في ربيع الأوّل.

 

إسماعيل بن أبي الفتوح محمد ابن البوّاب. أبو العزّ، البغداديّ، توفّي في شوّال.

سمع مسلك بن ثابت. قال ابن النّجّار: كتب عنه، ولا بأس به.

 

أفضل، واسمه محمد، بن أبي البركات المبارك بن عبد الجليل بن أبي تمام. الشريف، أبو

الفضل، الهاشميّ، الحريميّ، الخطيب، المعروف بابن الشّنكاتيّ.

ولد سنة أربعين وخمسمائة.

وسمع من: أبي المعالي محمد ابن اللّحّاس، وأحمد بن عليّ النّقيب، وأبي المكارم محمد بن أحمد الطّاهريّ، وعمر بن بنيمان، وشهدة،وطائفة.

وشهد عند القضاة، وولي خطابة جامع المنصور، ثمّ خطابة جامع القصر. وحدّث.

والشّنكاتيّ: بشين معجمة ونون وتاء مثنّاة.

 

حرف الحاء

الحسن بن محمد بن الحسن بن تركي.

أبو عليّ، الإسكندرانيّ، العدل.

ولد سنة خمسين وخمسمائة. وحدّث عن السّلفيّ. وهو من بيت عدالة وجلالة.

ومات في أول ذي الحجّة.

 

الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله.

زين الأمناء، أبو البركات، ابن عساكر، الدّمشقيّ، الشّافعيّ.

ولد في سلخ ربيعٍ الأول سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة.

وسمع من: عبد الرحمن بن أبي الحسن الدّرانيّ، وأبي العشائر محمد ابن خليل، وأبي المظفّر سعيد الفلكيّ، وأبي المكارم بن هلال، وعمّيه الصّائن هبة الله، وأبي القاسم الحافظ، وأبي القاسم الحسن بن الحسين ابن البنّ، وعبد الواحد بن إبراهيم بن القزّة، والخضر بن شبل الحارثيّ، وإبراهيم بن الحسن الحصينيّ، ومحمد بن أسعد العراقيّ، وعليّ بن أحمد بن مقاتل السوسيّ، وأبي النّجيب عبد القاهر السّهرورديّ، وأبي محمد الحسن بن عليّ البطليوسيّ، ومحمد بن حمزة ابن الموازينيّ، وحسّان بن تميم الزّيّات، وعليّ ابن مهديّ الهلاليّ، والمبارك بن عليّ، ومحمد بن محمد الكشميهنيّ؛ وأخيه محمود، وعبد الرشيد بن عبد الجبّار بن محمد الخواريّ، ومحمد بن بركة الصّلحيّ، وداود بن محمد الخالديّ، وطائفة.

روى عنه: البرزاليّ، وعزّ الدّين عليّ بن محمد بن الأثير، والزّكيّ المنذريّ، والكمال ابن العديم، وابنه أبو المجد، والزّين خالد، والشرف النابلسيّ، والجمال ابن الصّابونيّ، والشهاب القوصيّ - وقال: سمعت منه سنن الدّارقطنيّ - والشمس محمد ابن الكمال، وسعد الخير بن أبي القاسم، وأخوه نصر الله، وحفيده أمين الدّين عبد الصمد بن عبد الوهّاب.

وحدّثنا عنه: الشرف أحمد بن هبة الله، والعماد عبد الحافظ بن بدران، والشهاب الأبرقوهيّ، وغيرهم.

وكان شيخاً جليلاً، نبيلاً، صالحاً، خيّراً، متعبّداً، حسن الهدي، والسّمت، مليح التّواضع، كيّس المحاضرة، من سروات البلد.

تفقّه على جمال الأئمّة أبي القاسم عليّ بن الحسن ابن الماسح.

وقرأ برواية ابن عامر على أبي القاسم العمريّ، وتأدّب على عليّ بن عثمان السّلميّ.

وولي نظر الخزانة، ونظر الأوقات، ثمّ ترك ذلك، وأقبل على شأنه وعبادته، وكان كثير الصّلاة حتّى إنّه لقّب السّجّاد. ولقد بالغ في وصفه عمر ابن الحاجب بأشياء لم أكتبها، وقد ضرب على بعضها السّيف. وقال السيف: سمعنا منه إلاّ أنّه كان كثير الالتفات في الصلاة.

ويقال: إنّه كان يشاري في الصلاة، ويشير بيده لمن يبتاع منه وقال ابن الحاجب: حجّ شيخنا وزار القدس. وسألت عنه البرزاليّ فقال: ثقةٌ، نبيلٌ، كريمٌ، صيّنٌ. توفّي في سحر يوم الجمعة سادس عشر صفر. وكان الجمع كثيراً، ودفن بجنب أخيه المفتي فخر الدّين عبد الرحمن. ورأيت الألسنة مجتمعةً على شكره، ووصف محاسنه - رحمه الله - .

وقال أبو شامة: كان شيخاً صالحاً، كثير الصّلاة، والذّكر. أقعد في آخر عمره، فكان يحمل في محفّةٍ إلى الجامع وإلى دار الحديث النّورية، ليسمع عليه، وحضره خلق كثيرٌ. وعاش ثلاثاً وثمانين سنة.

قلت: آخر من روى عنه بالإجازة تاج العرب بنت أبي الغنائم بن علاّن.

 

حرف الخاء

الخضر، الملك الظافر.

مظفر الدّين، أبو الدّوام.

ويعرف بالمشمّر، ابن السلطان صلاح الدّين.

وإنّما عرف بالمشمّر، لأنّ أباه لمّا قسم البلاد بين أولاده الكبار، قال هو: وأنا مشمّر.

ولد بالقاهرة سنة ثمانٍ وستّين.

وهو شقيق الملك الأفضل.

توفّي بحرّان - عند ابن عمّه الملك الأشرف موسى - في جمادى الأولى. والأشرف قد مرّ بها لحرب الخوارزمية.

 

حرف الراء

راجح بن إسماعيل بن أبي القاسم.

أبو الوفاء، الأسديّ، الحلّيّ، الشاعر المشهور، شرف الدّين.

صدرٌ نبيلٌ، مدح الملوك بالشام ومصر والجزيرة. وكان شاعراً أخبارياً.

ولد سنة سبعين وخمسمائة بالحلّة.

ومات في السابع والعشرين من شعبان.

وروى شيئاً من نظمه بحلب وحرّان. وشعره كثير.

حرف الزاي

زكريا بن يحيى القطفتيّ.

حدّث عن: أبي نصر يحيى بن السّدنك.

ومات في جمادى الأولى.

 

حرف السين

سلامة بن صدقة بن سلامة.

الفقيه البارع، أبو الخير، ابن الصّوليّ، الحرصانيّ.

حدّث عن أبي السعادات نصر الله ابن القزّاز.

والصّوليّ - بالفتح - : الإسكاف بلغة الحرّانيين.

وأمّا محمد بن جعفر الصّوليّ، فمنسوب إلى صول: قرية بالصّعيد، سيأتي.

 

سليمان بن أحمد بن إسماعيل بن أبي عطّاف. المقدسيّ، الفقيه الحنبليّ، نزيل حرّان.

روى عن أحمد بن أبي الوفاء الصّائغ جزء ابن عرفة، رواه لنا عنه ابنه ابن العباس أحمد.

وحدّث عنه الشيخ الضّياء، وغيره.

وولد تقديراً سنة اثنتين وخمسين. وكان من أعيان الحنابلة وعلمائهم.

توفّي في جمادى الأولى.

 

حرف الطاء

طاهر بن عليّ بن طاهر. أبو الحسن، الطّاهريّ.

يقال: إنّه من ولد طاهر بن الحسين.

توفّي في شوّال بحرّان.

وحدّث عن أحمد بن أبي الوفاء.

 

حرف العين

عبد الله بن معالي بن أحمد.

الفقيه، الإمام، أبو بكر، الرّيّانيّ، البغداديّ، الحنبليّ.

تفقّه على أبي الفتح بن المنّي، وغيره. وسمع من شهدة.

والرّيّان: محلة بشرقيّ بغداد. أمّا محمد بن أحمد الرّيّاني النّسائيّ، فنسبة إلى قرية من قرى

نسا، يروي عن أبي مصعب.

توفّي أبو بكر في 5 جمادى الأولى ببغداد.

 

عبد الرحمن بن دحمان. أبو بكر، الأنصاريّ؛ المالقيّ.

أخذ القراءآت عن عمّه القاسم بن عبد الرحمن، وسمع منه ومن السّهيليّ، وأبي عبد الله ابن الفخّار.

وذكره الأبّار فقال: كان من أهل الإتقان للقراءآت والعربيّة.

 

عبد الرحمن بن عبد الملك بن بقاء بن طنطة.

أبو محمد، الحريميّ.

سمع من أحمد بن علي ابن المعمّر النّقيب.

ومات في شوّال.

 

عبد الرحمن بن أبي بكر عتيق بن عبد العزيز بن عليّ بن صيلا. أبو محمد، الحربيّ،

المؤدّب.

ولد سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة.

وروى عن: أبيه، وأبي الوقت، وعبد الرحمن بن زيد الورّاق.

روى عنه: السّيف، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والأبرقوهيّ، وجماعةٌ.

وتوفّي في السادس والعشرين من ربيع الأول.

سمع منه: ابن الواسطيّ، وابن الر ... كتاب ذمّ الكلام.

 

عبد الرحمن بن يخلفتن بن أحمد.

أبو زيد، الفازازيّ، القرطبيّ، نزيل تلمسان.

روى عن: أبي القاسم السّهيلي، وأبي الوليد بن بقيّ، وابن الفخّار، وطبقتهم.

وكان شاعراً محسناً، بليغاً، فقيهاً، متكلّماً، لغوياً، كاتباً، كتب للأمراء زماناً. ومال إلى التصوّف. وكان شديداً على المبتدعة.

مات بمرّاكش في ذي القعدة - رحمه الله - .

أخذ عنه ابن مسدي وذكر: أنّ مولده بعد الخمسين. وقال: أنشدني لنفسه: عـلـم الـحـديث لـكـلّ عـلـم حـــجّةٌفـاشـدد يديك بـه عـلـى الـتّــعـــيين

وتوخّ أعـدل طـرقـه واعـمـل بـهـاتـعـمـل بـعـلـم بـــصـــيرةٍ ويقـــين

في أبيات منها: فـي كـلّ عـصـرٍ لــلـــحـــديث أئمّةٌنـابـت عـن الـقـطّـان وابـن مـعــين

خلـفٌ عـن الـسّـلـف الـكـرام ورايةٌمـوعـودة الـبـــقـــيا لـــيوم الـــدّين

 

عبد الرّزاق بن حسن بن بالان.

أبو محمد، المصموديّ، المغربيّ، ثمّ الدّمشقيّ.

عاش خمساً وثمانين سنة. حدّث عن أبي المعالي بن صابر.

وتوفّي في ربيع الأول.

 

عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي منصور عليّ بن عليّ بن عبيد الله. علاء الدّين، أبو

الحسين، البغداديّ، الصّوفيّ، ابن سكينة.

من بيت مشيخة ورواية. ولد في صفر سنة ثمانٍ وأربعين.

وسمع: أبا الوقت، وأبا المظفّر محمد بن أحمد التّريكيّ، ومحمود فورجة، وأحمد بن قفرجل، ويحيى بن عبد الرحمن ابن تاج القرّاء، والوزير الفلكيّ أبا المظفّر، وابن البطّي، وجماعةٌ.

كتب عنه: ابن النجّار، وابن الحاجب، الدّبيثيّ، والسّيف،والشرف ابن النابلسيّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، وجماعةٌ.

وسمع حضوراً من سعيد ابن البنّاء، ونصر العكبريّ.

وتوفّي في الحادي والعشرين من صفر.

وآخر من روى عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان. وكان متواضعاً، نسخ الكثير.

وروى عنه المجد عبد العزيز الخليليّ أيضاً، والشمس ابن الزّين. وكان عنده جزء لوين عن فورجة. وثّقه ابن النجّار.

 

عبد السّلام بن عبد الرحمن ابن الشيخ العارف أبي الحكم عبد السّلام بن عبد الرحمن بن

أبي الرّجّال محمد بن عبد الرحمّن اللّخميّ، الإفريقيّ، المغربيّ. ثمّ الإشبيليّ، المعروف بابن برّجان، وهو مخفّف من ابن أبي الرّجّال.

أخذ القراءآت عن: أبي الحسن سليمان بن أحمد، وأبي القاسم أحمد ابن محمد بن أبي هارون.

وأخذ العربية واللّغة عن أبي إسحاق بن ملكون؛ ولازمه كثيراً، وسمع منهم.

قال الأبّار: وكان من أحفظ أهل زمانه للّغة، مسلّماً ذلك له، ثقةً، صدوقاً. وله ردٌّ على أبي الحسن بن سيده. رأيته بإشبيلية. وأخذ عنه بعض أصحابنا. وكان رجلاً صالحاً منقبضاً عن الناس، مقبلاً على شأنه. توفّي في جمادى الأولى.

 

عبد العزيز بن محمود بن عبد الرحمن.

الفقيه، أبو محمد، المالكيّ، المعروف بالعصّار.

من فضلاء المصريّين.

قال المنذريّ: تفقّه، واشتغل بعلم الحديث، وأقبل عليه إقبالاً كثيراً، وجاور بمكّة مدّة. وكان على طريقة حسنة، يؤثر الانفراد وترك ما لا يعنيه، ويصحب الصالحين. وكتب بخطّه كثيراً.

واختصر الجمع بين الصحيحين للحميدي.

 

عبد الغني بن محمد بن عبد الغني بن سلمة.

أبو محمد، الغرناطيّ، الصّيدلانيّ.

سمع أبا محمد بن الفرس، ولازمه نحواً من عشرين سنة، وسمع: أبا زيد السّهيليّ، وأبا عبد الله بن زرقون.

وأجاز له أبو طاهر السّلفيّ، وغيره.

قال الأبّار: في روايته عن ابن بشكوال نظرٌ. ولي قضاء ميورقة بعناية بعض الكتّاب. وكان لا يحسن الأحكام، ولم يكن مرضيّ الجملة، ولا صادقاً. وتوفّي في المحرّم قبل دخول الروم - لعنهم الله - ميورقة عنوةً بأيام.

 

عبد الملك بن عبد الله بن محمد. أبو مروان، الفحصبليّ، المغربيّ، البونيّ، الصّيّاد

السّمّاك، الزّاهد.

رحل، وتفقّه بأبي الطّاهر بن عوف. ودرّس ببونة.

أخذ عنه ابن مسدي وقال: مات في شعبان سنة سبع.

 

عثمان بن عبد الرحمن بن حجاج.

القاضي، أبو عمرو، التّوّزريّ.

حجّ، وسمع من السّلفيّ، وابن عوف. ذكره ابن مسدي وأرّخه.

 

عليّ بن إبراهيم بن أحمد بن حسّان.

أبو الحسن، البغداديّ، البزّاز.

حدّث عن أبي الفتح بن شاتيل. ومات في شعبان.

 

عمر بن أحمد بن عمر. أبو حفص، البغداديّ، الصّحراويّ.

حدّث عن أبي الحسين عبد الحق.

ومات في صفر.

 

حرف القاف

القاسم بن عليّ بن شريف. القاضي، أبو المنصور، المصريّ، البلبيسيّ، الشافعيّ، شرف

الدّين، قاضي المحلّة.

ولد سنة ستّ وستّين وخمسمائة بالقاهرة.

وسمع من: الأرتاحيّ، والقاسم بن عساكر، والغزنويّ.

وتفقّه على السّيف عليّ بن أبي عليّ الآمديّ لمّا كان بمصر، وهو من قدماء أصحابه.

وأعاد بمدرسة الشافعيّ، وبالمدرسة الفاضلية.

روى عنه الزّكيّ المنذريّ وقال: شريف: بالضّمّ.

 

حرف الميم

محمد بن أحمد بن صالح بن شافع بن صالح بن حاتم.

أبو المعالي، الجيليّ، ثمّ البغداديّ.

ولد سنة أربعٍ وستّين وخمسمائة.

سمّعه خاله: أبو بكر محمد بن مشّق من صالح ابن الرّخلة، وشهدة، وظفر بن محمد بن السّدنك، وعبد الحقّ اليوسفيّ، وأبي شار يحيى السّقلاطونيّ، وخلقٍ كثير. ثمّ طلب هو بنفسه وسمع الكثير، وعني بالحديث عنايةً جيّدة، وعدّ في أعيان الطّلبة.

وكان ثقةً، مأموناً، كثير الإفادة، ديّناً، وقوراً، حسن السّمت، عارفاً بمذهب أحمد. من بيت العلم والدّيانة. أثنى عليه ابن نقطة، وابن النجّار، والدّبيثيّ. وأخذوا عنه.

وروى عنه من المتأخّرين: أبو إسحاق ابن الواسطيّ، وأبو المعالي الأبرقوهيّ.

ومات في رابع رجب.

وكان أبوه من كبار المحدّثين، وجدّه الفقيه أبو محمد شافع هو الّذي قدم من جيلان وسكن

بغداد إلى أن مات بها في سنة ثلاثٍ وأربعين، وروى عن أبي الحسن ابن الطّيوريّ.

قال ابن نقطة: أبو المعالي سمع من خلق كثيرٍ، وهو ثقة مأمون، مكثر، حسن السمت.

قال عليّ بن أنجب ابن الخازن: ختمت علي القرآن تلقيناً، وسمعت بقراءته على جماعة. وكان صالحاً، وقوراً، خيّراً، يحضر عنده خلقٌ كثير لميعاده.

قرأت على الأبرقوهيّ: أخبركم أبو المعالي بن شافع سنة عشرين وستمائة أنّ شهدة الكابت ةأخبرتهم، أخبرنا أبو عبد الله بن طلحة، أخبرنا محمود بن عمر، حدّثنا عليّ بن الفرج، حدّثنا أبو بكر عبد الله بن محمد، حدّثنا أبو هشام، حدّثنا ابن فضيل، حدّثنا عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "من سأل النّاس تكثّراً فإنّما يسأل جمراً، فإن شاء فليقلّ، وإن شاء فليكثر". أخرجه مسلم.

 

محمد بن أحمد بن حبّون.

أبو بكر، المعافريّ، المرسيّ، الشّاعر.

سمع: أبا القاسم بن حبيش، وأبا عبد الله بن حميد.

قال الأبّار: أقرأ العربية. وكان له حظٌّ من قرض الشعر. وتوفّي في ذي الحجّة.

 

محمد بن أحمد بن عبد الودود البكريّ.

أبو عبد الله، قاضي ميورقة.

كان فقيهاً ذا فنونٍ. عدم في دخول الروم ميورقة في صفر.

 

محمد بن أحمد بن عليّ بن الزّبير. أبو عبد الله، القضاعيّ، قاضي مدينة مربيطر.

نحويٌّ، شاعرٌ محسنٌ. يروي عن أبي الحسن بن النّعمة. وأجاز له السّلفيّ.

 

محمد بن إبراهيم بن محمد، الفقيه.

أبو عبد الله، المراديّ، السّبتي، نزيل دمشق.

اشتغل بفاس بعلم الأصول، وكان عارفاً به. ونسخ بخطّه شيئاً كثيراً. وكان يؤمّ بمسجد الجوزة. وكتب ممّا كتب مائة مجلّدة.

ومات في شعبان.

سمع بمرّاكش من: أبي محمد بن حوط الله، وأبي الحسن عليّ ابن الحصّار. وبمكّة من يونس الهاشميّ، وابن الحصريّ. وبمصر من ابن المفضّل الحافظ. وبدمشق من: الكنديّ، وابن

الحرستانيّ، وابن مندويه، وخلقٍ كثير.

وعني بالحدي أتمّ عناية.

وتوفّي في جمادى الأولى سنة سبعٍ وعشرين وستمائة.

 

محمد بن بهرام بن محمود بن بختيار الأتابكيّ.

أبو عبد الله، ابن السّلار.

من بيت إمرة وولاية. انقطع وترك الخدمة، ولازم الخمس في جماعةٍ. وكان كثير الصّمت.

حدّث هو، وأبوه، وأخوه عبّاس. وولد بدمشق سنة ستّ أو سبعٍ وأربعين وخمسمائة.

وسمع: عليّ بن أحمد الحرستانيّ، وأبا المظفّر الفلكيّ، والحافظ أبا القاسم، وعبد الخالق بن أسد الحنفيّ.

واختلط ذهنه من سنة ستّ وعشرين من مرضٍ لحقه. قاله ابن الحاجب وخرّج عنه أحاديث من جزء الرّافقيّ في معجمه.

وروى عنه الزّكيّ البرزاليّ.

 

محمد بن الحسن بن عبد الجليل بن أبي تمّام. أبو عبد الله، الهاشميّ، البغداديّ، الخطيب،

ويعرف بابن الشّنكاتيّ.

سمع: أبا المعالي ابن اللّحّاس، وأحمد بن محمد بن شنيف، وعمر بن بنيمان، وأحمد بن عليّ بن المعمّر النقيب، وطائفة. وكان شحيحاً، وسخاً، دنيئاً، يرابي ولا يزكّي.

مات في ربيع الأوّل. قاله ابن النّجّار.

 

محمد بن عامر بن فرقد بن خلف بن محمد بن فرقد.

أبو القاسم، القرشيّ، الفهريّ، الأندلسيّ، نزيل إشبيلية.

روى عن عمّ أبيه أبي إسحاق بن فرقد، وأبي بكر بن الجدّ، وأبي عبد الله بن زرقون.

قال الأبار: كان ثقةً. توفّي في شوّال، وله خمسٌ وستّون سنة.

 

محمد بن أبي الفهم عبد الوهّاب بن عبد الله بن عليّ بن أحمد. فخر الدين، أبو بكر،

الأنصاريّ، الدّمشقيّ، العدل، المعروف بابن الشّيرجيّ.

ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة بدمشق، وسمع بها: من أبي القاسم ابن عساكر، وأبي عبد الله بن أبي الصّقر. وتفقّه قليلاً على الإمام أبي سعد ابن أبي عصرون.

ورحل، وسمع من أبي طاهر السّلفيّ، وأبي محمد العثمانيّ. وحصّل، سماعاته.

روى عنه الزّكيّان: البرزاليّ والمنذريّ، والشّهابان: القوصيّ والأبرقوهيّ، والشّرف عمر بن خواجا إمام، والشرف بن عساكر، والشّرف ابن النابلسيّ، وآخرون.

وكان عدلاً، رئيساً، جليلاً، من سروات الدّمشقيّين. وكبارهم. مليح الخلق والخلق، ظريفاً، حلو النّادرة، حفظةً للأخبار والتّواريخ، صدوقاً فيما ينقله، وجيهاً عند الدّولة، مليح الخطّ.

حدّث بدمشق ومصر. وولي ولايات ثمّ تركها. وكان له مضاربون في التّجارة.

توفّي يوم عيد النّحر، ودفن بمقبرة باب الصغير.

 

محمد بن عليّ بن الزّبير القضاعيّ. أبو عبد الله، الأنديّ.

سمع أبا الحسن بن النّعمة فأكثر. وأجاز له السّلفيّ، وأبو عبد الله بن سعيد الدّاني ابن غلام الفرس.

روى عن الأبّار، والحافظ ابن مسدي. حدّث في هذه السّنة، ولا أعلم متى مات؟ وكان في نيّفٍ وثمانين سنة.

وقال ابن الغمّاز في مشيخته: الخطيب، الفقيه، والمحدّث، القضاعيّ المربيطريّ. أخذ عن جدّه لأمّه ابن النّعمة كثيراً، وقرأ عليه برنامجه. إلى أن قال: وولي الصّلاة، والخطبة ببلده. سمعت عليه بعض الموطّأ. وأجاز لي. ومات في سادس عشر جمادى الآخرة سنة سبعٍ وعشرين.

قال: ومولده في جمادى الأولى سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة.

 

محمد بن عليّ بن عبد الله.

أبو عبد الله، البغداديّ، الفوطيّ، المقرئ.

شيخٌ صالح، خيّرٌ، مشهورٌ بالأمانة والدّين. حدّث عن: أبي الحسين عبد الحقّ، وابن شاتيل.

وتوفّي في رمضان.

 

محمد بن عمر بن إبراهيم.

أبو عبد الله، ابن الذّهبيّ، البغداديّ، التّاجر، الورّاق.

ولد سنة خمسٍ وأربعين.

وسمع من: أبي القاسم هبة الله الدّقّاق، وشهدة، وكان صالحاً، منقبضاً عن الناس. يسكن بمحلّة الظّفريّة.

توفّي في صفر في الثامن والعشرين منه.

ونسخ الكثير بالأجرة. روى عنه ابن النّجّار الغرباء للآجرّيّ.

 

محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن جعفر. الإمام، شرف الدين، أبو عبد الله، الأزديّ،

الغسّانيّ، المصريّ، المالكيّ، المعروف بابن اللّهيب.

ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.

وأخذ المذهب عن الإمام ظافر بن الحسين الأزديّ، وأبي البركات هبة الله ابن عبد المحسن.

وناظر عند الظّهير الفارسيّ الحنفيّ.

وسمع من أبي الجود المقريء، وجماعة.

وتصدّر بالجماع العتيق. وكان بصيراً بالمذهب. ولي الوكالة السّلطانية ونظر دمياط. ثمّ درّس بالصاحبيّة بالقاهرة. وكان من الأذكياء الوصوفين. وله شعرٌ، وفضائل، وتفنّن.

توفّي في ثامن عشر رجب.

وفي بيته جماعةٌ فضلاء.

 

محمد بن عطاء الله بن خلف بن محمد بن غنيّ.

أبو عبد الله، الكلابيّ، البدويّ، الزّاهد، نزيل سفح قاسيون.

سمع من: أبي عبد الله بن صدقة، ويحيى الثّقفيّ، وأحمد ابن الموازينيّ. ولازم أبا الخير سلامة الحدّاد، وأكثر عنه. وصار ينوب في محراب الحنابلة.

ولد في حدود سنة ستّ وخمسين وخمسمائة.

وكان معدوداً من العبّاد الأخيار المسابقين إلى الطّاعات. وكان يكرّر على مختصر الخرقيّ.

كتب عنه: ابن الحاجب، وابن سلاّم، وغيرهما.

وتوفّي بدمشق في ربيع الأوّل، وحمل إلى الجبل، وشيّعه خلق.

 

محمد بن مقبل بن قاسم. أبو عبد الله، الياسريّ، البغداديّ.

والياسرية: قرية منسوبة إلى ياسر مولى زبيدة.

روى عن: أبي شاكر السّقلاطونيّ، ونصر الله القزّاز.

ومات في جمادى الآخرة.

 

محمد بن النفيس بن منجب بن أبي بكر، العدل، العالم، أبو عبد الله، البغداديّ، ابن الرّزّاز.

ولد سنة ستّ وستّين وخمسمائة.

وسمع من: محمد بن المبارك الحلاوي، ويحيى بن بوش، وابن كليب، وذاكر بن كامل، وجماعة.

وقرأ القراءآت، وتفقّه على مذهب أحمد على أبي إسحاق ابن الصّقّال. وتكلّم في مسائل، وناظر، وطلب الحديث، وقرأ، وحصّل الأصول.

وكان ثقةً، نبيلاً. روى عنه ابن النجّار، وغيره. وبالإجازة أبو المعالي الأبرقوهيّ.

قال ابن النّجّار: ما رأيت في الطّلبة أميز منه. كان ثقةً، ثبتاً.

 

محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد. القاضي، الزّاهد، أبو غانم، ابن القاضي

أبي المجد عبد الله بن محمد.

وتفقه على مذهب أبي حنيفة. وتعبّد وانقطع إلى الصّلاة والصّيام والتّلاوة والمسجد. وعرض عليه قضاء حلب، فامتنع. وهو عمّ الصاحب كمال الدّين عمر.

روى عنه هو، وولده القاضي أبو المجد. وكتب عنه عمر ابن الحاجب الأميني، وجماعةٌ.

وتوفّي في الخامس والعشرين من شوّال.

وقال ابن الأثير في آخر الكامل: فلو قال قائل: إنّه لم يكن في زمانه أعبد منه، لكان صادقاً، رضي الله عنه وأرضاه، فإنّه من جملة شيوخنا، سمعنا عليه الحديث.

وقال شيخنا ابن الظّاهريّ: لقبه عمرو الدّين.

 

مسعود بن صدقة بن عليّ بن مسعود.

أبو المظفّر، الأنصاريّ، الأوسيّ، البغداديّ، الكاتب.

حدّث عن شهدة.

وتوفّي في رجب.

 

حرف النون

نصر بن جرو بن عنان بن محفوظ.

أبو الفتح، السّعديّ، المصريّ، الفقيه الحنفيّ.

ولد قبل الخمسين.

وتفقّه على الجمال عبد الله بن محمد بن سعد الله ابن الوزّان.

وسمع بالإسكندريّة من: السّلفيّ، وأبي طاهر بن عوف، وأبي طالب أحمد بن المسلّم، وجماعة، وبمصر من: منجب المرشديّ، وإسماعيل الزّيّات، وأبي المفاخر المأمونيّ، وجماعةٍ.

وسكن طوخ مدّة. وقدم مصر في آخر عمره. وحدّث، روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره.

وحدّثنا عنه أحمد بن عبد الكريم الأغلاقي، وكان شيخاً صالحاً، فاضلاً.

 

نصر بن عبد الله بن عبد العزيز.

أبو عمرو، الغافقي، الفرغليطيّ، القيحاطيّ.

سمع من جدّه لأمّه نصر بن عليّ بن أبي عليّ الصّدفيّ. وسمع بقرطبة من عبد الرحمن بن أحمد بن بقيّ، وابن بشكوال. وأجاز له ابن هذيل، والسّلفيّ.

وتصدّر بقيحاطة للإقراء. وكان مجاب الدّعوة، معمّراً.

ولد سنة خمسٍ وثلاثين وخمسمائة.

وأجاز في هذا العام لابن فرقد. وأمّا ابن فرتون، فقال: توفّي سنة ثلاثٍ وثلاثين وستمائة، فسأعيده فيها إن شاء الله.

 

حرف الهاء

هبة الله بن وجيه بن هبة الله بن المبارك.

أبو البركات، ابن السّقطيّ.

شيخٌ حسن. سمع: ابن البطّي، ومحمد بن مسعود بن السّدنك. وعنه ابن النّجّار.

 

حرف الياء

يحيى بن أحمد بن خليل.

أبو بكر، السّكونيّ، اللّبليّ، نزيل إشبيلية.

سمع: أباه، وأبا بكر بن الجدّ، وغيرهما.

قال الأبّار: كان عالماً بأصول الفقه، وصناعة الكلام متقدّماً فيها. له النّظم والنّثر والبلاغة.

ولي قضاء الجزيرة الخضراء، ثمّ ولي قضاء شريش، وأقبل على التّدريس، وأخذ عنه جماعةٌ.

وغمزه بعضهم بعدم التنزّه في أحكامه. وتوفّي في ربيع الأوّل، وقد نيّف على السبعين.

 

يعقوب، الملك الأعزّ، شرف الدّين. أبو يوسف، ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدّين

يوسف بن أيوب.

ولد بمصر سنة اثنتين وسبعين.

وسمع من العلاّمة عبد الله بن برّي. وأجاز له جماعة. وحدّث بعرفة وبدمشق.

وكأنّه توفّي بحلب.

وقد مرّ في سنة أربعٍ، فتحقّق السّنة.

 

يونس بن أحمد بن غنيمة بن أحمد. أبو نصر، البغداديّ، البوّاب، الخرّاط، المعروف بابن

زعرورة.

سمع من: عبد الله بن هبة الله ابن النّرسيّ، وعبد الله بن عبد الصمد السّلميّ، ووفاء الرّكيّ.

 

الكنى

أبو الحسن المزاليّ، المغربيّ، الأصوليّ، المتكلّم، الزّاهد.

كان مع تقدّمه في الكلام تؤثر عنه كراماتٌ، وكان لا يأكل إلاّ من كسب يمينه، كان نسّاخاً، وكان يردّ جوائز الدّولة مع فقره.

توفّي بمدينة فاس، وقبره يزار.

أخذ عنه المتكلم أبو الحسن البصريّ.

 

أبو زيد الفازازي، المغربيّ، الأديب.

صاحب العشرينيات النبوية. هو عبد الرحمن.

توفّي فيها وهو في عشر السبعين بمراكش.

 

أبو القاسم بن جعفر بن أحمد بن عليّ بن عمّارة، الحربيّ، النّجّار.

سمع من: يحيى بن ثابت، ولاحق بن كاره. وحدّث.

وأجاز لأبي الفرج محمد ابن الدّبّاب، وغيره.

ومات في ذي القعدة.

 

وفيها ولد

شهاب الدّين عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية.

وبهاء الدّين محمد بن إبراهيم بن النّحّاس النّحويّ.

وشمس الدّين محمد بن أحمد بن نعمة، مدرّس الشامية.

والفخر عثمان بن إبراهيم الحمصي النّسّاج.

وعليّ بن مكّيّ القلانسيّ، والد السّرّاج.

والشهاب أحمد بن سليمان بن مروان ابن البعلبكّيّ.

ومحمد بن درباس بن باساك الجاكي.

ومحمد بن عليّ بن ساعد الحلبيّ.

وأبو محمد ظافر بن أبي القاسم النابلسيّ.

وأحمد بن أبي العزّ بن مشرّف الأنصاريّ.

وأبو القاسم بن سليمان بن عزاز المؤدّب.

والكمال محمد بن محمد بالمغاري، بالثغر.

 

وفيات سنة ثمان وعشرين وستمائة

حرف الألف

أحمد بن الحسين بن عبد الله ابن الشيخ أبي نصر أحمد بن هبة الله بن محمد بن أحمد بن

محمد بن أحمد بن حسنون.

أبو نصر، النّرسيّ، البغداديّ، البيّع.

ولد ظنّاً سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة.

وسمع من: جدّه أبي محمد بن عبد الله بن أحمد ابن النّرسيّ عن الطّريثيثيّ، وغيره، ومن أبي الوقت.

وكان شيخاً صالحاً، منقطعاً في بيته. وهو من بيت الحديث والعدالة. أضرّ بأخرةٍ.

روى عنه: الدّبيثيّ، وابن نقطة، وجماعةٌ، وتقيّ الدّين ابن الواسطيّ، وأبو عبد الله محمد بن أبي منصور بن معلّى الدّباهيّ. وروى عنه بالإجازة وأبو عبد الله محمد بن أبي القاسم شيخ المستنصرية، وفاطمة بنت سليمان.

والنّرس: نهر بين الحلّة والكوفة. وممّن ينسب إليه أيضاً أبيّ النّرسيّ، بخلاف العبّاس النّرسيّ فإنّه ينسب إلى جدّه.

مات أبو نصر في ثالث رجب.

 

أحمد بن عبد الغنيّ بن أحمد النّفيس اللّخميّ.

القطرسيّ، الأديب.

له ديوان مشهورٌ أجاد فيه. وذكره العماد في الخريدة.

روى عنه الشهاب القوصيّ ووهم في وفاته قال: في سنة ثلاثٍ وستمائة.

ومن شعره: يا راحلاً وجـمـيل الـصّـبـر يتـبـعـههـل مـن سـبـيلٍ إلـى رؤياك يتّـفـق

ما أنصفـتـك جـفـونـي وهـي دامـيةٌولا وفى لـك قـلـبـي وهـو يحـتـرق

توفّي في شعبان بالقاهرة، وقد قارب الثمانين.

 

أحمد بن محمد بن أحمد بن عيّاش.

أبو جعفر، الكنانيّ، المرسيّ.

سمع الموطّأ من أبي القاسم بن بشكوال. وحجّ وقدم دمشق فسمع المقامات الحريرية من الخشوعيّ. وسمع من عمر الميانشيّ بمكّة.

وكان أديباً عارفاً بالتّعبير، وكفّ بصره بأخرةٍ. ذكره الأبّار.

 

أحمد بن هبة الله بن سعد الله بن سعيد. أبو القاسم، الطّائيّ، ابن الجبرانيّ، الحلبيّ،

المقرئ، النّحويّ، الحنفيّ.

ولد سنة إحدى وستّين وخمسمائة.

وروى عن: أبيه ويحيى الثّقفيّ. روى عنه: مجد الدّين عبد الرحمن العديميّ، وسنقر القضائيّ.

وكان بصيراً باللّغة والعربية.

والجبرانيّ: بفتح الجيم، وشكله بعضهم بضمّها.

توفّي في سابع عشر رجب.

وكانت له حلقة إشغال بحلب.

وقد ذكره ابن نقطة. وذكره الفرضيّ فقال: هو تاج الدّين أحمد بن هبة الله بن سعد الله بن سعيد بن سعد بن مقلّد بن صالح بن مقلّد بن عليّ بن يحيى بن أبي جعفر أحمد بن عبيد أخي أبي عبادة الوليد بن عبيد البحتريّ، الشّاعر، النّحويّ، المقرئ. إمامٌ، شاعرٌ، له حلقة بجامع حلب يقرئ بها العلم والقرآن. قرأ النّحو على فتيان الحلبيّ، وأبي الرجاء محمد بن حرب.

وقرأ القرآن على الدّقّاق المغربيّ.

 

أحمد بن أبي الفتح بن أبي غالب.

أبو حامد، القطيعيّ، المعروف بالمسدّي.

حدّث عن: أبي شاكر يحيى السّقلاطونيّ.

وحجّ وانقطع بالمدينة لمرضه، فتوفّي بعد أيّامٍ في صفر.

 

اسفنديار بن سنقر. أبو محمد، المراتبيّ، ويدعى صهيباً الرّوميّ.

روى عن أبي طالب المبارك بن خضير.

ومات في شعبان.

 

حرف الباء

بهرام شاه بن فرّوخشاه بن شاهنشاه بن أيّوب بن شادي بن مروان. السلطان الملك

الأمجد، مجد الدّين، أبو المفظّر، صاحب بعلبكّ.

ولي إمرة بعلبكّ خمسين سنةً بعد والده. وكان أديباً، فاضلاً، شاعراً، محسناً، جواداً ممدّحاً، له ديوان شعر.

أخذت منه بعلبكّ في سنة سبعٍ وعشرين وتملّكها الملك الأشرف موسى، وسلّمها إلى أخيه الصالح، فقدم هو دمشق، وأقام بها قليلاً، وقتله مملوك له مليح، ودفن بتربة والده الّتي على الشرف الشماليّ في شهر شوّال.

ومن شعره: لـكـم فـي فـؤآدي شـاهـــدٌ لـــيس يكـــذبومن دمع عـينـي صـامـتٌ وهـو مـعـرب

ولـي مـن شـهـود الـوجـد خـدٌّ مــخـــدّدوقـلـبٌ عـلـى نـــار الـــغـــرام يقـــلّـــب

ولي بالرّسوم الـخـرس مـن بـعـد أهـلـهـاغـــرامٌ عـــلـــيه مـــــا أزال أؤنّـــــــب

وإن عـنّ ذكـر الـرّاحـلـين عـن الـحـمـىوقـــفـــت فـــلا أدري إلـــى أين أذهـــب

فـربـعٌ أنـــاجـــيه وقـــد ظـــلّ خـــالـــياًودمـع أعــانـــيه وقـــد بـــات يســـكـــب

ومنها: حـــنـــينٌ إذا جـــدّ الـــرّحـــيل رأيتـــهبـنـفـسـي فـي إثـر الـظّـعـائن يلـــعـــب

وشـوقٌ إلــى أهـــل الـــدّيار يحـــثّـــهغـرامٌ إلـى الـعـذريّ يعـزى وينــســـب

وما مـزنةٌ أرخـت عـلـى الـدّار وبـلـهـافـفـي كـلّ أرضٍ جـدولٌ مـنـه يثــعـــب

بأغزر من دمـعـي وقـد أحـفـز الـسّـرىوأمـسـت نـياق الـظّـاعـنــين تـــقـــرّب

حصره الملك الأشرف، وأعانه عليه صاحب حمص أسد الدّين شيركوه، فأخذت منه بعلبكّ، فقدم إلى دمشق، واتّفق أنّه كان له غلام محبوس في خزانة في الدّار، فجلس ليلةً يلهو بالنّرد فولع الغلام برزّة الباب ففكّها، وهجم على الأمجد، فقتله ليلة ثاني عشر شوّال. ثمّ هرب الغلام، ورمى نفسه من السطح فمات.

وقيل لحقه المماليك عند وقعته فقطّعوه.

وقيل: إنّ الأمجد رآه بعض أصحابه في النوم، فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال: كنـت مـن ذنـبـي عـلـى وجـلٍزال عـنّــي ذلـــك الـــوجـــل

أمـنـت نـفـســـي بـــوائقـــهـــاعـشـت لـمــا مـــتّ يا رجـــل

 

حرف الثاء

ثابت بن محمد بن يوسف بن خيار. أبو الحسن، الكلاعيّ، الأندلسيّ، اللّبليّ الملقّب بأبي

رزين، نزيل غرناطة.

أخذ القراءآت عن أبي العباس أحمد بن نوّار، وحمل عنه تصانيف أبي عمرو الدّاني.

وسمع بقرطبة من ابن بشكوال، وأبي خالد بن رفاعة، وأبي بكر القشائشيّ، وجماعة. وقرأ كتاب سيبويه على أبي عبد الله بن مالك المرشانيّ. وحمل جامع التّرمذيّ عن أبي الحسن بن كوثر. وأخذ بوادي آش عن أبي تمّام العوفيّ. وأجاز له السّلفيّ، وغيره.

وأقرأ القرآن والنّحو بجيّان وغرناطة.

قال الأبّار: روى عنه أبو العباس النّباتيّ، وغيره.

 

حرف الجيم

خوارزمشاه، السّلطان جلال الدّين منكوبري ابن السّلطان علاء الدّين محمد بن تكش بن

أرسلان بن آتسز بن محمد بن نوشتكين، الخوارزميّ.

لمّا قصد جنكزخان بجيوشه بلاد ما وراء النّهر لخلوّها من العساكر إذ هم مع السّلطان علاء الدّين بهمذان، رجع علاء الدّين مسرعاً وسيّر ولده جلال الدّين هذا في خمسة عشر ألفاً بين يديه، فتوغّل في البلاد، فأحاط به جنكزخان بجيوشه، فطحنوه، وتخلّص بعد الجهد، وتوصّل إلى أبيه.

ولمّا زال ملك أبيه ومات غريباً تقاذفت بجلال الدّين البلاد، فرمته بالهند، ثمّ ألقته الهند إلى

كرمان، ثمّ إلى سواد العراق، وساقته المقادير إلى بلاد أذربيجان وأرّان، وغدر بأتابك أزبك، وأخرجه من بلاده، وأخذ زوجته بنت السلطان طغريل وتزوّج بها، وعمل مصافّاً مع الكرج، فكسرهم كسرةً لا انجبار معها، وقتل ملوكهم، وقوي أمره وكثرت جموعه، وافتتح تفليس، وتقلّبت به الأحوال.

حكى الشهاب النّسويّ في سيرة خوارزم شاه قال: كان جلال الدّين أسمر قصيراً، تركيّ الجسارة والعبارة. وكان يتكلّم بالفارسية أيضاً. وأمّا شجاعته، فحسبك منها وأوردته من وقعاته، فكان أسداً ضرغاماً، أشجع فرسانه إقداماً. وكان حليماً لا غضوباً ولا شتّاماً، وقوراً، لا يضحك إلاّ تبسّماً، ولا يكثر كلاماً. وكان يختار العدل غير أنّه صادف أيام الفتنة فغلب.

وهذه السيرة في مجلّد فيها عجائب له من ارتفاع وانخفاض وفرط شجاعة. وفي الآخر تلاشى أمره، وكسبه التّتار في اللّيل، فنجا في نحو مائة فارس، ثمّ تفرّقوا عنه إلى أن بقيّ وحده وساق خلفه خمسة عشر من التّتار وألحّوا في طلبه، فثبت لهم، وقتل منهم اثنين، فوقفوا. وطلع إلى جبلٍ بنواحي آمد به أكراد، فأجاره رجلٌ كبيرٌ منهم، فعرّفه أنّه السلطان ووعده بكلّ جميل، ففرح الكرديّ، ومضى ليحضر خيله، ويعلم بني عمّه، وينهض بأمره، وتركه عند أمّه، فجاء كرديٌ جريء فقال: أيشٍ هذا الخوارزميّ تخلّونه عندكم؟ فقيل له: اسكت، ذا هو السّلطان. فقال: إن كان هكذا، فذا قد قتل - بخلاط - أخي، ثمّ شدّ عليه بحربةٍ معه، فقتله في الحال.

وقال الموفّق عبد اللّطيف: كان أسمر أصفر نحيفاً، سمجاً، لأنّ أمّه هندية. وكان يلبس طرطوراً فيه من شعر الخيل، مصبغاً بألوان. وكان أخوه غياث الدّين أجمل النّاس صورة وأرقّهم بشرة ولكنّه ظلومٌ غشوم وهو ابن تركية.

قال: والزّنا فيهم - يعني في الخوارزميّة - فاش، واللّواط ليس بقبيحٍ ولا معذوقاً بشرط الكبر والصّغر. والغدر خلقٌ لا يزايلهم؛ أخذوا قلعةً عند تفليس بالأمان، فلمّا نزل أهلها، وبعدوا يسيراً، عادوا عليهم، فقتلوا من كان يصلح للقتل، وسبوا من كان يصلح للسبيّ. ورد عليّ رجلٌ من تفليس كان يقرأ علي الطبّ، فذكر لي ذلك كلّه، وأنّه أقام بتفليس ستّ سنين، واكتسب مالاً جمّاً بالطّبّ. فلمّا قرب الخوارزميون جاء رسولهم إلى الملكة بكلام ليّن، فبينا هو في مجلسها وقد وصل قاصدٌ يخبر بأن القوم في أطراف البلاد يعيثون، فقالت للرسول: أهكذا

تكون الملوك يرسلون رسولاً بكلام، ويفعلون خلافه؟ وأمرت بإخراجه. وبعد خمسة عشر يوماً وصلوا، فخرج إليهم جيش الكرج، فقال إيواني: نرتّب العسكر قلباً وميمنة وميسرة، فقال شلوه: هؤلاء أحقر من هذا، أنا أكفي أمرهم. فنزل في قدر سبعة آلاف أكثرهم تركمان بتهوّر، وكان في رأسه سكرٌ، فتقدّم فصار في وسطهم، وأحاطوا به، ووقع علمه. فقال إيواني: هذا شلوه قد كسر، ردّوا بنا، وأخذ في مضيقٍ، وتبعه المنهزمون، فتحطّموا في مضيقٍ عميق حتّى هلك أكثرهم، وتحصّن إيواني بمن معه في القلاع. فبقي الخوارزميّون يعيثون، ويفسدون أيّ شيءٍ وجدوه، واعتصمت الملكة بقلاع في مضايق. ثمّ إنّ ابن السّديد التّفليسيّ قصد الإصلاح ظنّاً منه أنّهم يشبهون النّاس، وأنّ لهم قولاً وعهداً، فخرج يطلب الأمان لأهل المدينة أجمعين المسلمين والكرج واليهود، فأخذ خطّ جلال الدّين وأخيه غياث الدّين وحميّته وختومهم، ولوحاً من فضّة مكتوباً بالذّهب يسمّى بايزة، وتوثّق. فساعة دخلوا، نهبوا مماليك ابن السّديد ونعمته وندم، وعملوا بجميع الناس كذلك، وسمّوا المسلمين مرتدّين، واستحلّوا أموالهم وحريمهم، وصاروا لا يتركون زوجةً حسناء، ولا ولداً حسناً، ويهجم الواحد منهم على قوم، فيستدعي بطعام وشراب، ويؤآخي زوجة صاحب الدّار، ويطلبها للفراش ويقول: هكذا أخوّتنا، ثمّ يصبح، فإن وجد لهم ولداً يعجبه، أخذه معه، وإن كان عند أحدٍ سلعة فأراد بيعها، فنادى عليها بخمسين ديناراً، أخذها بخمسة دنانير، فإن تكلّم صاحبها ضربه بمقرعةٍ معه، رأسها مطرقة، فربّما مات، وربّما غشي عليه.

قال: وعددهم لا يبلغ مائة ألف، ربّما كان ستّين ألفاً، كلّهم جياع، مجمّعة ليس لهم مدد، وكلّهم عليهم أقبية القطن، وسلاحهم النّشّاب القليل الصنعة يرمون على قسيّ ضعاف لا تؤثّر في الدّروع. وليس لهم ديوان ولا عطاء، إنّما لهم نهب ما وجدوه، ولا يمكنه أن يكفّهم عن شيء.

قال لي: وجميع من جرّب التّتر يشهد أنّ سيرتهم خيرٌ من سيرة الخوارزميّين.

ثمّ قال الموفّق: ولمّا توجّه جلال الدّين إلى غزنة والهند فارّاً من جنكزخان واستنجد بملكها، فأرسل معه جيشاً، فأقاموا في قتال التّتر أياماً كثيرة، ثمّ انهزم وحيداً فقيداً، وتوجّه نحو كرمان، وكان هناك ملكان كبيران، فأحسنا إليه، فلمّا قوي شيئاً، غدر بهما، وقتل أحدهما، وفرّ فأتى شيراز على بقر وحمير، وأكثر من معه رجاله، فدفع به صاحبها نحو بغداد، فأفسد في شهرابان وتلك النّواحي. وكان أخوه غياث الدّين قد انفرد في ثلاثين رجلاً هارباً، ومعه

صوفيّ يصلّي به، فلمّا نام توامر الجماعة على قتله، والتّقرّب برأسه إلى التّتر، فأحسّ بذلك الصّوفيّ، فتركهم حتّى ناموا وأيقظه وأعلمه، فعاجلهم فذبحهم، وترك منهم قوماً يشهدون بما عزموا عليه. ثمّ دخل إصبهان فقيراً وحيداً، فأحسنوا إليه، واجتمع إليه شذّاذ عسكر أبيه، وجاءته خلعٌ من بغداد وتشريف، ووعد بالسلطنة، فسمع بوصول أخيه فقال: لا تصل إلاّ بأمر الدّيوان، فاستأذن، فأذن له، فلمّا وصل جلال الدّين خاف من أخيه، فاعتقله، وقيّده مدّة حتّى قويّ واستظهر، ثمّ أطلقه. وفي الآخر ضعف دست جلال الدّين، ومقته الناس لقبح سيرته، ولم يترك له صديقا من الملوك بل عادى الكلّ، ثمّ اختلف عليه جيشه لمّا فسد عقله بحبّ مملوكٍ، فمات المملوك فأسرف في الحزن عليه، وأمر أهل توريز بالنّوح واللّطم، وما دفنه، بل بقي يستصحبه، ويصرخ عليه، والويل لمن يقول: إنّه ميّت، فاستخفّ به الأمراء وأنفوا منه، وطمعت فيه التّتار لانهزامه من الأشرف واستولوا على مراغة وغيرها.

قلت: وفي الحوادث على السنين قطعة من أخباره. ولقد كان سدّاً بين التّتر وبين المسلمين، والتقاهم غير مرّة. وقد ذهب إليه في الرّسليّة الصاحب محيي الدّين يوسف ابن الجوزيّ، فدخل إليه، فرآه يقرأ في المصحف ويبكي، واعتذر عمّا يفعله جنده لكثرتهم وعدم طاعتهم.

وفي آخر أمره كسره الملك الأشرف، وصاحب الروم، فراح رواحاً بخساً، ثمّ بعد أيام اغتاله كرديّ، وطعنه بحربةٍ، فقتله في أوائل سنة تسعٍ وعشرين بأخٍ له كان قد قتل على يد الخوارزميّة. وتفرّق جيشه من بعده وذلّوا.

قلت: لم يشتهر موته إلا في سنة تسع، وإنما كان في نصف شوّال سنة ثمانٍ.

 

جلدك، الأمير الكبير، شجاع الدّين.

أبو المنصور، المظفّريّ، التّقويّ.

سمع من السّلفيّ، وروى عنه وعن مولاه الملك تقيّ الدّين عمر بن شاهنشاه بشيءٍ من شعره.

وولي نيابة الإسكندرية، ودمياط، وشدّ الدّيار المصرية. وكان فاضلاً، له أدب، وشعر جيّد وخطٌّ مليح. وذكر أنّه نسخ بيده أربعاً وعشرين ختمة. وكان سمحاً جواداً، مكرماً للعلماء، مساعداً لهم بماله وجاهه. وله غزواتٌ مشهودة ومواقف بالساحل، ومدح بالشعر.

روى عنه: الشهاب القوصيّ،والزّكيّ بالمنذريّ، والرشيد العطّار، والجمال ابن الصّابونيّ.

واستفك مائة وثلاثين أسيراً من المغاربة - عند موته - بمبلغ من الذّهب - والله يرحمه ويغفر

له - وبنى بحماة مدرسة.

وتوفّي في الثامن والعشرين من شعبان.

وللنفيس أحمد القطرسيّ فيه قصيدةٌ منها: أحـرقـت يا ثـغــر الـــحـــبـــيب حـشـاي لـمـا ذقــت بـــردك

أتـظـنّ غــصـــن الـــبـــان يعجـبـنـي وقـد عـــاينـــت قـــدّك

أم خـــلـــت آس عــــذارك المـنـشـوق يحـمـي مـنـك وردك

يا قـلــب مـــن لانـــت مـــعـــاطـفـه عــلـــينـــا مـــا أشـــدّك

أتـظـنّـنــي جـــلـــد الـــقـــوىأو أنّ لـي عـزمـات جـــلـــدك

 

حرف الحاء

الحارث، القاضي الجليل، مجد الدّين. أبو الأشبال، ابن الرئيس العالم النّحويّ مهذّب الدّين

أبي المحاسن المهلّب بن حسن بن بركات ابن عليّ بن غياث المهلّبيّ، المصريّ، الشافعيّ، المجد البهنسيّ.

اتّصل بالصاحب صفيّ الدّين ابن شكر، وسافر معه إلى الشام وغيرها، وترسّل إلى الدّيوان العزيز، وإلى ملوك النواحي. ووقف وقفاً بمصر على الزاوية الّتي كان والد يقرئ بها بالجامع العتيق.

وقد تقدّم ذكر أخيه موفّق الدّين عقيل. وكان المجد ذا يد طولى في اللّغة، وله شعر حسن.

توفّي بدمشق في صفر، وقد جاوز السبعين.

كتب عنه القوصيّ، وغيره شعراً. وقد وزر بحرّان للأشرف، ثمّ نكبه وصادره وحبسه مدّةً.

 

الحسين بن أحمد بن أبي الفرج بن حفاظ البغداديّ، اللّبّان.

شيخ ديّن، صالح. حدّث عن محمد بن نسيم العيشونيّ.

ومات في ذي الحجّة.

 

حرف الخاء

خاموش ابن الأتابك أزبك صاحب أذربيجان.

ولد هذا أصمّ أبكم، فكان يفهّمه ويفهم عنه رجلٌ ربّاه. ولمّا استولى خوارزم شاه على بلاد خاموش جاء خاموش إلى خدمته بكنجة خاضعاً، فقدّم تحفاً من جملتها حياصة كيكاوس ملك

الفرس في الزّمن القديم، فيها عدّة جواهر لا تقوّم منها قطعة بذخشانيّ ممسوح طولانيّ في قدر كفّ، أفخر ما يكون، قد نقر فيها اسم كيكاوس، فكان السلطان خوارزم شاه يشدّها في الأعياد إلى أن كسبه التتار بآمد، فظفروا بهذا الحياصة ونفذوها إلى القان جنكزخان.

وأقام الملك خاموش مديدةً في الخدمة، فلم يحظ بعناية إلى أن رقّت حاله، ففارق خوارزم شاه، ودخل إلى حصن الألموت، فأدركه الموت بعد شهر. ذكر ذلك الشهاب النّسويّ في سيرة خوارزم شاه.

 

خليل بن إسماعيل بن عليّ بن علوان بن زويزان. المولى جمال الدّولة، رئيس قصر

حجّاج، وإليه تنسب قطائع ابن زويزان.

مات في شهر ربيع الأوّل.

وخلّف عقاراً وعيناً بما يزيد على مائتي ألف دينار، وتصدّق بثلث ماله، ووقف من ذلك على القرّاء والعلماء بتربته بميدان الحصى. والّذي ترك من الذّهب أحدٌ وعشرون ألف دينار.

 

حرف الزاي

زبيدة بنت إسماعيل بن الحسن البغدادية.

أجاز لها أبو الوقت.

 

الزّين الكرديّ، المقرئ المجوّد، نزيل دمشق، أبو عبد الله، محمد بن عمر بن حسين.

كان ممن أخذ القراءآت عن الشّاطبيّ، وتصدّر للإقراء بدمشق. وجلس في حلقته بعده بمعلومه أبو عمرو ابن الحاجب.

 

حرف الصاد

صالح بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد.

أبو البقاء، الأنصاريّ، الخزرجيّ، القليوبيّ، المصريّ، المالكيّ.

ولد في حدود الخمسين وخمسمائة.

وذكر أنّه سمع بدمشق من ابن عساكر. وحدّث عن أبي المفاخر المأمونيّ.

وكان فقيهاً، عالماً، صالحاً، خيّراً، متعففاً، مقبلاً على ما يعنيه.

روى عنه الزّكيّ المنذريّ وقال: مات في رابع عشر ذي الحجّة.

 

حرف العين

عائشة بنت الإمام الحافظ عبد الرّزّاق ابن الشيخ عبد القادر الجيليّ. أمّ محمد.

روت عن أبي الحسين عبد الحقّ. وماتت في ربيع الأوّل.

 

عبد الله بن ثابت بن عبد الخالق بن عبد الله بن رومي.

الخطيب، الشّاعر، الأديب، أبو ثابت، التّجيبيّ، الشّنهوريّ.

خطيب شنهور - بالمعجمة - وهي بلدةٌ بقرب قوص، قيّده الحافظ عبد العظيم وقال: سمعت منه من شعره. وتوفّي في رمضان، وله بضعٌ وخمسون سنة.

 

عبد الحقّ بن إسماعيل. أبو سونج، الفيّاليّ، الصّالحيّ.

روى عن: أبي نصر عبد الرحيم بن يوسف، وأبي الفتح عمر بن عليّ الجوينيّ.

روى عنه: الزّكيّ البرزاليّ، والشمس ابن الكمال، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وجماعةٌ.

وتوفّي في صفر.

 

عبد الخالق بن أبي عبد الله بن عليّ بن أحمد بن هلال القطفتيّ، البوّاب.

شيخٌ صالحٌ. حدّث عن أبي نصر يحيى بن السّدنك.

ومات في أوّل رمضان.

 

عبد الرحمن بن محمد بن بدر بن جامع.

الفقيه، أبو القاسم، الواسطيّ، البرجونيّ، الشافعيّ.

ولد في حدود السّتين.

وسمع من أبي طالب الكتّانيّ.

وتفقّه بواسط على القاضي أبيّ على يحيى بن الرّبيع، وببغداد على أبي القاسم يحيى بن فضلان.

وأعاد لأبي الحسن عليّ بن عليّ الفارقيّ، وغيره. ودرّس، وأفاد.

وسمع من ابن شاتيل، وغيره. ويعرف بابن المعلّم.

 

عبد الرحيم بن عليّ بن حامد. الشيخ مهذّب الدّين، الطّبيب، المعروف بالدّخوار.

شيخ الأطبّاء ورئيسهم بدمشق.

وقف داره بالصّاغة العتيقة مدرسةً للطّبّ. وكان مولده في سنة خمسٍ وستّين وخمسمائة.

وتوفّي في صفر، ودفن في تربة له بقاسيون فوق الميطور.

روى عنه الشهاب القوصيّ، وغيره شعراً.

وتخرّج به جماعةٌ كبيرة من الأطبّاء. وصنّف في الصّنعة كتباً، منها: كتاب الجنينة واختصار الحاوي لابن زكريّا الرّازيّ، ومقالة في الاستفراغ وغير ذلك.

وقد أطنب ابن أبي أصيبعة في وصفه، وقال: كان أوحد عصره، وفريد دهره، وعلاّمة زمانه، وإليه رئاسة صناعة الطّبّ - على ما ينبغي - أتعب نفسه في الاشتغال حتّى فاق أهل زمانه، وحظي عند الملوك ونال المال والجاه. وكان أبوه كحّالاً مشهوراً، وكذلك أخوه حامد بن عليّ.

وكان هو في أول أمره يكحّل. وقد نسخ كتباً كثيرة بخطّه المنسوب أكثر من مائة مجلّد في الطّبّ وغيره. وأخذ العربية عن الكنديّ، وقرأ على الرّضيّ الرّحبيّ، ثمّ لازم الموفّق ابن المطران مدّةً حتّى مهر، ثمّ أخذ عن الفخر الماردينيّ لمّا قدم دمشق في أيام صلاح الدّين. ثمّ خدم الملك العادل، ولازم خدمة صفيّ الدّين ابن شكر بعد الحكيم الموفّق عبد العزيز، ونزل على جامكيّة مائة دينارٍ في الشهر من الذّهب الصّوريّ. ثمّ حظي عند العادل بحيث إنه حصل له منه في مرضة صعبةٍ سنة عشر وستمائة سبعة آلاف دينار مصرية. ومرض الملك الكامل بمصر، فعالجه الدّخوار، فحصل له من جهته أموالٌ.

قال ابن أصيبعة: فكان ملبغ ما وصل إليه من الذّهب نوبة الكامل نحو اثني عشر ألف دينار، وأربع عشرة بغلة بأطواق ذهب والخلع والأطلس وغيرها وذلك في سنة اثنتي عشرة وستمائة.

قال: وولاّه السلطان الكبير في ذلك الوقت رئاسة الأطبّاء مصر والشام. وكان خبيراً بكلّ ما يقرأ عليه. وقرأت عليه مدّةً، وكان في كبره يلازم الإشغال، ويجتمع كثيراً بالسّيف الآمدي، وحفظ شيئاً من كتبه وحصّل معظم مصنّفاته. ثمّ نظر في الهيئة والنّجوم، ثمّ طلبه الأشرف فتوجّه إليه سنة اثنتين وعشرين وستمائة. فذكر لي أنّه لحقه في هذه السفرة من شري بغلات وخيم ورخت عشرون ألف درهم، فأكرمه الأشرف، وأقطعه ما يغلّ في السنة نحو ألف وخمسمائة دينار. ثمّ عرض له ثقلٌ في لسانه واسترخاء، فجاء إلى دمشق لمّا ملكها الأشرف سنة ستٍّ وعشرين فولاّه رئاسة الطّبّ، وجعل له مجلساً لتدريس الصّنعة، ثمّ زاد به ثقل لسانه حتّى بقي لا يكاد يفهم كلامه، فكان الجماعة يبحثون قدّامه، ويجيب هو وربّما كتب لهم ما يشكل في اللّوح. واجتهد في علاج نفسه، واستفرغ بدنه مرّات، واستعمل المعاجين الحارّة

فعرضت له حمّى قويّة، فأضعفت قوّته، وتوالت عليه أمراضٌ كثيرة. وتوفّي في منتصف صفر، ولم يخلّف ولداً.

قرأت بخطّ الناصح ابن الحنبليّ:وفاة الدّاخور بعدما أسكت أشهراً وظهر فيه عبرٌ من الأمراض، وسالت عينه، ودفن في الجبل.

 

عبد السّلام ابن العالم الفاضل عبد الله أحمد بن بكران.

أبو الفضل، الدّاهريّ، الخفّاف، الخرّاز.

كان يخرز في الخفاف بالحرير. ولد في حدود سنة ستٍّ وأربعين.

وسمع من: أبي بكر بن الزّاغونيّ، ونصر بن نصرٍ العكبريّ، وأبي الوقت السّجزيّ، وأبي القاسم بن قفرجل، والعون بن هبيرة، وأحمد بن ناقة، وأبي المظفّر هبة الله ابن الشّبليّ، وهبة الله الدّقّاق، وابن البطّي، وجماعة.

روى عنه: البرزاليّ، والدّبيثيّ، وابن نقطة، والسيف بن قدامة، وابن الحاجب، والشرف النابلسيّ، والشمس ابن الزّين، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والمجد عبد العزيز الخليليّ، والعماد أحمد ابن العماد، والفخر ابن البخاريّ، ومحمد بن مؤمن الصّوريّ، ومحفوظ بن عمران الحامض.

وكان شيخاً حسناً، أمّيّاً لا يكتب، سهل القياد، محبّاً للرواية.

ومن مسموعاته: صحيح البخاريّ رواه مرّاتٍ، ومسند الدّارميّ، والمنتخب لعبد بن حميد، واللّمع للسّراج، وشمائل الزّهّاد سمع ذلك من أبي الوقت، والجزء الأول من المخلّصيات، وبعض الخامس والنصف الثاني من السادس من المخلّصيات، وبعض الخامس والنصف الثاني من السادس من المخلّصيات، وغير ذلك.

وتوفّي في تاسع ربيع الأوّل، قرأته بخطّ عمر ابن الحاجب.

وآخر من روى عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان.

 

عبد العزيز بن عليّ بن عبد الله بن عليّ بن مفرّج. أبو محمد، القرشيّ، الأمويّ، النابلسيّ،

ثمّ المصريّ، المالكيّ، العطار.

كان أبوه من الصّالحين فولد له هذا بمكّة في سنة ثمانٍ وخمسين. وأجاز له السّلفيّ، وأبو محمد العثمانيّ، وجماعةٌ.

وسمع من البوصيريّ.

قال المنذري سمعت منه، وكان شيخاً صالحاً، مقبلاً على ما يعنيه، عفيفاً، وأقعد سنين. ومات في صفر.

 

عتيق بن حسن بن رملي بن عبد الله بن عمر.

أبو بكر، الأنصاري، الإسكندرانيّ.

سمع من: السّلفي، وأبي الطّاهر بن عوف، ومخلوف بن جارة. وحدّث بالإسكندرية بمصر.

روى عنه الزّكيّ عبد العظيم. وكان مشهوراً بالأمانة محمود السيرة فيما يتولاّه.

ولد سنة أربعٍ وخمسين.

 

عثمان بن محمد بن أحمد بن الفرج.

أبو عبد الله، ابن الدّقّاق، البغداديّ.

ولد سنة اثنتين وستّين.

وسمع من: أبيه أبي منصور، وشهدة، وابن شاتيل. وهو من بيت حديثٍ ورواية.

كتب عنه جماعةٌ. وأجاز لفاطمة بنت سليمان.

ومات في سادس المحرّم.

 

عليّ بن محمد بن عبد الملك بن يحيى بن إبراهيم الكتاميّ، الحميريّ، المغربيّ، الفاسيّ،

الحافظ، أبو الحسن، ابن القطّان.

سمع: أبا عبد الله ابن الفخّار فأكثر عنه، وأبا الحسن بن النقرات، وأبا جعفر بن يحيى الخطيب، وأبا ذر الخشنيّ، وطائفة.

قال الأبّار: كان من أبصر الناس بصناعة الحديث، وأحفظهم لأسماء رجاله، وأشدّهم عنايةً بالرّواية، رأس طلبة العلم بمرّاكش، ونال بخدمة السّلطان دنيا عريضةً. وله تواليف. درّس، وحدّث.

وقال ابن مسدي: معروفٌ بالحفظ والإتقان، إمامٌ من أئمّة هذا الشأن، مصريّ الأصل، مرّاكشيّ الدّار. كان شيخ شيوخ أهل العلم في الدّولة المؤمنية فتمكّن من الكتب، وبلغ غاية الأمنية. وولي قضاء الجماعة في أثناء تقلّب تلك الدّول، فنسخت أواخره الأول، ونقمت عليه أغراضٌ انتهكت فيها أعراض. سمع أبا عبد الله بن زرقون، وأبا بكر بن الجدّ، وخلقاً. عاقت الفتن المدلهمّة عن لقائه. وأجاز لي.

قلت: طالعت جميع كتابه الوهم والإيهام الّذي علمه على تبيّين ما وقع في ذلك لعبد الحقّ في الأحكام يدلّ على تبحّره في فنون الحديث، وسيلان ذهنه، لكنّه تعنّت وتكلّم في حال رجالٍ فما أنصف، بحيث إنّه زعم أنّ هشام بن عروة، وسهيل بن أبي صالح ممّن تغيّر واختلط. وهنا فاتته سكتة، ولكنّ محاسنه جمّة.

وتوفّي في ربيع الأوّل، وهو على قضاء سجلماسة.

 

عليّ بن محمد بن يحيى بن الحسين بن عليّ بن رحّال.

العدل، الأجلّ، نظام الدّين، أبو الحسن.

ولد في رمضان سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة.

وسمع من: السّلفيّ، وعليّ بن هبة الله الكامليّ، القاسم بن عساكر، وغيرهم. وكان أخوه أبو المفضّل عبد المجيد مدرّس القطبيّة، وسمع أيضاً من السّلفيّ، وتفقّه بالعراق.

روى عن النّظّام: زكيّ الدّين المنذريّ، والشهاب الأبرقوهيّ، والجمال أبو حامد ابن الصّابونيّ.

ولد بالإسكندرية، ومات بالقاهرة، ودفن عند أخيه في الخامس والعشرين من شوّال.

ومن حديثه: أخبرنا الأبرقوهيّ، أخبرنا عليّ بن رحّال، أخبرنا السّلفيّ، أخبرنا أحمد بن عبد الغفّار، حدّثنا محمد بن عليّ، أخبرنا إبراهيم بن عليّ الهجيميّ، حدّثنا عبد الله بن زياد اليماميّ، حدّثنا عكرمة بن عمّار، حدّثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "نحن بنو عبد المطّلب سادة أهل الجنّة، أنا وعليّ وفاطمة والحسن والحسين".

رواه ابن ماجه عن هديّة بن عبد الوهّاب، عن سعد نحوه، فوقع بدلاً عالياً.

 

حرف الميم

محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أسد بن نصر الدّمشقيّ.

أبو طالب.

عمّ والد الشرف بن أسيدة صاحبنا. يروي عن الحافظ ابن عساكر.

توفّي في ذي القعدة.

 

محمد بن أحمد بن أبي الفتح بن أبي غالب.

أبو أحمد، ابن القطيعي، ويعرف بالمسديّ.

روى عن: أبي شاكر السّقلاطونيّ.

مات بطريق مكّة، وقد قارب السبعين سنة.

 

محمد بن علي بن حمادو بن عيسى.

أبو عبد الله، الصّنهاجيّ، القلعيّ، نزيل بجاية.

من أهل قلعة حمّاد.

روى عن: أبي الحسن عليّ بن محمد التّميميّ المعمّر، والحافظ عبد الحقّ بن عبد الرحمن الإشبيليّ، ومحمد بن عليّ بن مخلوف الجزائريّ. ودخل الأندلس، فسمع بها.

وولي قضاء الجزيرة الخضراء، ثمّ صرف، وولي قضاء مدينة سلا.

قال الأبّار مترسّلاً: وكان شاعراً، كاتباً مترسّلاً، وله ديوان شعر. وله كتاب الإعلام بفوائد الأحكام لعبد الحقّ، وله شرح مقصورة ابن دريد. وقد أخذوا عنه.

قلت: روى عنه ابن مسدي.

 

محمد بن عليّ بن موسى. الإمام، أبو بكر، الأنصاريّ، الشّريشيّ، المقرئ، المعروف

بالغزّال.

من كبار القرّاء المعمّرين، عاش تسعين سنةً.

وهو آخر من حدّث عن عليّ بن محمد بن ناصر المقرئ.

وسمع من يحيى بن أزهر، وجماعةٍ، وانفرد بإجازة إبراهيم بن خلف ابن فرقد.

قال ابن مسدي: سمعت منه بشريش، وقال لي: ولدت سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة. وبلغني موته في حدود سنة ثمانٍ وعشرين. أنشدنا لنفسه: يا أيّهـا الــمـــدمـــن فـــي غـــيّهلا يرهـب الـمـــوت ولا يرتـــدع

قـد تـخـذ الـشّـهـوة مـــعـــبـــودهفـمـا سـوى شـهـــوتـــه يتّـــبـــع

يجـــرّ فـــي الـــلـــذات أذيالــــهوبـات فـي خـلـوتـه مــا مـــتـــع

أنـذرك الـشّـيب فـلــم تـــتّـــعـــظخـاطـبـك الـقـبـر فـلـم تـسـتـمـــع

فتـب إلـى ربـضـك مـن قـبـل أنتفـجـأك الـصّـرعة فـيمـن صـرع

 

محمد بن عمر بن مالك.

أبو عبد الله، المعافريّ، المغربيّ، المقرئ.

روى عنه أبي عبد الله محمد بن عليّ ابن الرّمّامة.

ومات في شعبان.

 

محمد بن أبي الفتح المبارك بن عبد الرحمن بن عليّ بن عصيّة. أبو الرضا، الكندي،

البغداديّ، الحربيّ.

ولد سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة.

وحدّث عن: أبي الوقت، وعبد الرحمن بن زيد الورّاق.

وكان شيخاً حسناً، متيقظاً.

روى عنه: الدّبيثيّ في تاريخه، والسيف ابن المجد، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشهاب الأبرقوهيّ، وجماعة.

وعصيّة: مختلفٌ فيه،وكان أبو الرضا يقول: إنّما هو بالضمّ.

توفّي في الثالث والعشرين من المحرّم.

وقال ابن نقطة: من قال: عصيّة - بالضمّ - أخطأ.

وعصيّة بالضمّ: محمد بن طالب بن عصيّة الفاروثيّ، مقدّم الباطنية.

 

محمد بن محمد بن عبد الكريم بن الفضل. المحدّث، أبو الفضائل، الرّافعيّ، القزوينيّ،

نزيل بغداد.

وأخو العلاّمة إمام الدّين عبد الكريم صاحب الشرح الكبير.

ولد في حدود الستّين وخمسمائة.

وأجاز له ابن البطّي.

وسمع من أبيه. ورحل إلى إصبهان، والرّي،وأذربيجان، والعراق. وسمع من: أبي السعادات نصر الله القزّاز، ويحيى بن بوش، وابن الجوزيّ. وتفقّه على أبي القاسم بن فضلان.

وولي مشارفة النّظامية وأوقافها، ونفّذ رسولاً من الدّيوان إلى بعض النّواحي. وقد كتب الكثير بخطّه من الفقه والحديث والتّفسير والأدب، وكان ضعيف الخطّ جدّاً. وكان صدوقاً، فاضلاً، ديّناً، متودّداً، طيّب الأخلاق. له معرفة حسنة بالحديث.

قال ابن النّجار: كان يذاكرني بأشياء، وله فهم حسن ومعرفةٌ. توفّي في الثامن والعشرين من

جمادى الأولى، وقد قارب السبعين - رحمه الله - .

 

محمد بن محمود بن أبي نصر بن فرج. الأمير، معين الدّين، أبو عبد الله، الدّوينيّ،

الجنديّ.

ولد بالدّوين في سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة.

وسمع من السّلفيّ بالثّغر، ومن محمد بن عبد الرحمن المسعوديّ، وجماعة بمصر.

وقد نشأ بدمشق، ودخل مصر صحبة شمس الدّين تورانشاه بن أيوب في سنة أربعٍ وستّين.

وكان من كبار الأجناد، وله غزوات عديدة. وانقطع في آخر عمره في بيته فكان لا يخرج إلاّ يوم الجمعة.

روى عنه المنذريّ، وقال: توفّي في ذي القعدة.

 

محمد بن أبي البركات بن أبي السعادات بن أبي القاسم.

أبو السعادات وأبي بكر، الحريميّ، الطّاريّ الصّيّاد، عرف بابن صعنين.

سمع من: أبي الفتح بن البطّي، وأبي المعالي محمد ابن اللّحّاس، وأحمد بن عليّ النّقيب، ولاحق بن كاره. وكان شيخاً صالحاً، عابداً.

روى عنه: الدّبيثيّ، ومحمد بن أبي الفرج ابن الدّبّاب، وأبو إسحاق ابن الواسطيّ، وجماعة.

وتوفّي في سابع ذي الحجّة.

وهو من بيت حديثٍ ورواية. وكان يتعفّف بصيد السمك.

 

محمد بن أبي الحسن بن يمن. أبو عبد الله، الأنصاريّ، الموصليّ، ويعرف بابن الأردخل،

الشاعر.

نديم صاحب ميّافارقين غازي.

مات في رمضان عن إحدى وخمسين.

وكان من فحول الشعراء، مدح الأشرف موسى، وغيره.

 

محمود بن محمد بن إبراهيم بن محمد، الشريف.

أبو القاسم، العلويّ، الحسينيّ، الدّمشقيّ، نقيب الأشراف.

ولد سنة أربعٍ وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرّزّاق النّجّار، وأحمد ابن الموازينيّ، ويحيى الثّقفيّ، وغيرهم.

وتوفّي في ثامن عشر المحرّم.

 

مظفّر بن عقيل بن حمزة بن عليّ. أبو العزّ، الشيبانيّ، الدّمشقيّ، الصفّار، والد المحدّث

نجيب الدّين ابن الشقيشقة.

ولد سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة.

وسمع من الحافظ أبي القاسم بن عساكر. روى عنه ابنه.

 

موسى بن عبد الرحمن.

أبو عمران، الغرناطيّ، ابن السّخّان.

روى عن: أبي القاسم بن بشكوال، وأبي القاسم بن حبيش، وطبقتهما.

قال الأبّار: كان مقرئاً، نحويّاً، معلّماً بذلك. توفّي لعلّ في أواخر سنة ثمانٍ هذه.

وقال ابن مسدي: أخبرنا السّخّان سنة أربع عشرة وستمائة - فذكر أحاديث.

 

حرف الياء

يحيى بن عبد المعطي بن عبد النّور. الشيخ زين الدّين، أبو الحسين، الزّواويّ، المغربيّ،

النّحويّ، الفقيه، الحنفيّ.

ولد سنة أربعٍ وستّين وخمسمائة.

وسمع بدمشق من: القاسم بن عساكر، وغيره.

وصنّف التّصانيف الأدبية كالفصول والألفية. وأقرأ النّحو بدمشق مدّة، ثمّ بمصر. وتصدّر بالجامع العتيق، وحمل الناس عنه.

وكان إماماً مبرّزاً في علم اللّسان، شاعراً محسناً. وكان أحد الشهود بدمشق وما له ما يقوم بكفايته فحضر مع العلماء عند الملك الكامل، وكان الكامل على ذهنه مسائل من العربية، فسألهم فقال: زيد ذهب به يجوز في زيدٍ النصب؟ فقالوا: لا، فقال ابن معط: يجوز النصب على أن يكون به المرتفع يذهب المصدر الّذي دلّ عليه ذهب وهو الذّهاب. وعلى هذا فموضع الجار والمجرور الّذي هو به النّصب، فيجيء من باب: زيد مررت به إذ يجوز في زيد النصب وكذلك ها هنا. فاستحسن السلطان جوابه وأمره بالسفر إلى مصر، فسافر إليها، وقرّر له معلوماً جيداً، لكنّه لم تطل حياته بعد.

قال القاضي ابن خلّكان: هو أحد أئمّة عصره في النّحو واللّغة. أقرأ بدمشق خلقاً كثيراً،

وصنّف. ثمّ أرغبه الملك الكامل فانتقل إلى مصر، وأشغل بها.

وزواوة: قبيلة كبيرةٌ بظاهر بجاية من عمل إفريقية.

قلت: وهو من أهل الجزائر.

قرأ العربيّة على أبي موسى عيسى بن يللبخت الجزوليّ. وورد دمشق، وخدم في مواضع جليلة. وكانت له حلقة إشغال بالتّربة العادلية. ولمّا حضر الملك الكامل إلى دمشق تكلّم عنده، فأعجبه كلامه، وخلع عليه.

وله مصنّف في علم العروض.

ومن آخر من قرأ عليه العربيّة شيخنا رضيّ الدّين أبو بكر القسنطينيّ النّحويّ.

وله قصيدة طنّانة في الملك الأمجد صاحب بعلبكّ، وهي طويلة منها: ذهب الشّباب ورونـق الـعـمـر الـشّـهـيوأتى المـشـيب ورونـق الـنّـور الـبـهـي

وجـــلا لـــه لـــيل الـــذّؤابة فـــجــــرهوأتـى بـــنـــاهٍ مـــن نـــهـــاه مـــمـــوّه

وأطـار نـسـر الـشـيب غـربـان الـصّـبـافـنـعـين فـي إثـر الـشّـبـاب الـمـنـتـهــي

ووهـت قـوى الآمـال مـنـه ومـا وهــتهـمـمٌ أبـين عـلـى الـحـوادث أن تـهــي

مـا أنـس لا أنـس الـلّـوى وتـنـعّـــمـــيفـيه بـــخـــرّده الـــحـــســـان الأوجـــه

توفّي في سلخ من ذي القعدة، ودفن بالقرافة، وله أربعٌ وستّون سنة.

 

يحيى بن أبي غالب بن حامد البغداديّ، الحمّاميّ.

سمع من عبد الحقّ اليوسفيّ.

ومات في رجب.

 

يونس بن محمد بن محمد بن محمد. الخطيب، العالم، بدر الدّين، أبو منصور، الفارقيّ، ثمّ

الدمشقيّ، وأصله من بخارى.

وسمع من: أبي عليّ الحسن بن عليّ البطليوسيّ، والحافظ أبي القاسم الدّمشقيّ، والقاضي أبي سعد بن أبي عصرون، ومحمد بن أبي الصّقر، والسّلطان صلاح الدّين، ويحيى الثّقفيّ، وجماعة.

وولي خطابة المزّة مدّة. وكان فقيهاً، فاضلاً، حسن الأخلاق، ديّناً. تفقّه على ابن أبي عصرون، واختص بصحبته.

وولد تقريباً بميّافارقين سنة ثلاثٍ وخمسين.

روى عنه: البرزاليّ، والقوصيّ، وأبو المجد العديميّ، وسبطه الجمال ابن الصّابونيّ.

وحدّثنا عنه الجمال عبد الصّمد ابن الحرستانيّ.

ومات في ليلةٍ شريفةٍ ليلة السابع والعشرين من رمضان.

 

وفيها ولد

القاضي تقيّ الدّين سليمان بن حمزة، في رجب.

والشهاب أحمد بن عبد الرحمن النابلسي العابر، في شعبان.

والزّين محمد بن محمد بن رشيق، قاضي الإسكندرية.

والملك الأوحد يوسف ابن النّاصر داود ابن المعظّم.

والعماد إبراهيم بن أحمد بن محمد الماسح.

وداود بن أحمد بن سنقر المقدّمي.

وعزّ الدّين موسى بن عليّ بن أبي طالب الموسويّ.

وناصر الدّين محمد بن عبد الرحمن بن نوح ابن المقدسيّ.

ونجم الدّين أحمد بن يحيى بن طي البعلبكّيّ.

وواقف النّفيسية النفيس إسماعيل بن محمد بن صدقة.

ونجم الدّين عبد الله بن أبي السعادات، شيخ المستنصرية.

وعلي بن عثمان بن عنان الطّيبيّ.

والشيخ تاج الدّين موسى بن محمد المراغي، بها، ويعرف بالحيوان.

والفخر يوسف بن أحمد بن عيسى المشهديّ، الصوفيّ.

وتاج الدّين عليّ بن أحمد العلويّ الغرّافيّ، في أولها.

 

وفيات سنة تسع وعشرين وستمائة

حرف الألف

أحمد بن أحمد بن أبي غالب. أبو القاسم بن أبي الفضل، البغداديّ، الكاتب، الدّقّاق، ابن

السّمّذيّ، ويعرف أيضاً بالشّاماتي.

سمع جزء أبي الجهم من أبي الوقت. وولد سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة.

روى عنه الدّبيثيّ،وابن النجّار. وكان يطلع أميناً في البرّ.

وأجاز للزّكيّ المنذريّ، وقال: توفّي في سلخ المحرّم. وهو معروف بكنيته. وقد سمّاه بعضهم علياّ، وبعضهم لاحقاً. وإنّما قيل له الشاماتي، لأنّه كان في وجهه شامة.

وكان شيخاً متيقّظاً لا بأس به. روى لنا عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان.

 

أحمد بن إسماعيل بن حمزة بن أبي البركات الأزجيّ، ابن الطّبّال، أبو العباس.

ولد سنة خمسٍ أو ستٍّ وخمسين وخمسمائة. كان مقدّم الطّبّالين بدار الخلافة.

وسمع - وهو كبير - من ابن شاتيل، ونصر الله القزّاز،وجماعة ويقال: إنّه سمع من أبي طالب بن خضير.

وهو جدّ العماد إسماعيل بن عليّ شيخ المستنصرية.

توفّي في الرابع والعشرين من شوّال.

وروى لنا عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان.

 

أحمد بن عليّ بن أبي محمد. الأديب، نجيب الدّين، الشّيبانيّ، النّحويّ، الكاتب.

خال النّجيب الصفّار.

روى عنه القوصيّ، وقال: توفّي بدمشق. له شعر حسن.

 

أحمد بن عمر بن أبي المعالي أحمد بن الحسن بن عليّ بن عليّ بن عمر بن أحمد بن

الهيثم بن بكرون. المعدّل، الرئيس، أبو المعالي، النّهروانيّ، ثم البغداديّ.

إمام النّظامية. ولد في ربيع الآخر سنة اثنتين وستّين وخمسمائة.

وسمّعه أبوه في صغره من: النقيب أحمد بن عليّ العلويّ، والمبارك بن محمد البادرائيّ، ويحيى بن ثابت، وأحمد بن المبارك المرقّعاتيّ، وشهدة، وتجنّي الوهبانية، وخلقٍ سواهم.

وكان ثقةً، متحرّياً في الشّهادة والرّواية. روى عنه ابن النّجّار، وجماعة.

توفّي في ذي القعدة.

 

إبراهيم بن ريحان بن ربيع. أبو إسحاق، الدّيريّ، الرّقّيّ، الضّرير، المقرئ.

سمع الحافظ ابن عساكر. وعنه أبو المجد العديميّ.

وتوفّي في شوّال بحلب، وقد قارب الثّمانين أو جاوزها.

وكان يلقّن بجامع حلب.

وسمع أيضاً من أبي سعد بن أبي عصرون.

 

إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، أبو إسحاق. الحربيّ، النّسّاج، ويعرف جدّه ببرهان.

سمع من: عبد الرحمن بن زيد الورّاق، وغيره.

وتوفّي في سلخ جمادى الأولى.

روى عنه ابن النجّار في تاريخه وقال: دفن بباب حرب، وقد جاوز السّبعين.

 

إدريس بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ.

صاحب المغرب، المأمون، أبو العلى.

لم يخلص إليّ من أخباره.

مات في سلخ هذه السنة.

وتملّك أعواماً، وبويع بعده ابنه عبد الواحد ولقّب بالرشيد مع خلاف ابن عمّه يحيى له.

وكان أبو العلى قد عصى عليه أهل سبتة مع أبي العباس الينشتيّ وأخذوا منه طنجة وقصر عبد الكريم، فجاء بجيشه، ونازل سبتة وبالغ في حصرها. فخرج أهل سبتة قبله فبيّتوا الجيش فهزموهم. وركب بعضهم الأوباش مركباً في البحر، وساروا إلى أن حاذوا الملك أبو العلى، فصيّحوا به، فوقف لهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين أصبح أهل سبة فيك فرقتين، فلمّا سمع هذا، أنصت ورجا خيراً، فقال: ما يقولون؟ قالوا: قوم يقولون أمير المؤمنين أقرع، وقومٌ يقولون أصلع، فبالله أعلمنا حتّى نخبرهم، فغضب وتبرّم من هذا. ومات بعد يسير.

كان بطلاً شجاعاً، ذا رأي ودهاء وسعادة. كان بالأندلس مع أخيه العادل عبد الله، فلمّا ثارت الفرنج عليه - كما ذكرنا في ترجمة عبد الواحد المتوفّى سنة إحدى وعشرين - نزح من الأندلس واستخلف على إشبيلية أبا العلى هذا، وجرت أمور. ثمّ إنّ أبا العلى ادّعى الخلافة بالأندلس - كما قدّمنا - ثمّ جاء وملك مرّاكش، وانتزع المغرب من الملك يحيى بن محمد - وهو نسيبه - وحاربه مراراً، ويهزم يحيى فاستجار يحيى بقومٍ في حصن بنواحي تلمسان فقتل غيلة. واستقلّ المأمون بالأمر.

وكان صارماً، سفّاكاً للدّماء. مات في الغزو في هذه السنة.

وكان قد أزال ذكر ابن تومرت من خطبة الجمعة. وتملّك بعده ابنه عبد الواحد الرشيد عشرة أعوام.

إسماعيل بن إبراهيم بن أحمد، القاضي. شرف الدين، أبو الفضل، ابن الموصليّ،

الشّيبانيّ، الدّمشقيّ، الفقيه، الحنفيّ.

كان شيخاً، ديّناً، خيّراً، لطيفاً، ولد سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة.

وكان ينوب في الحكم بدمشق بالمدرسة الطّرخانية بجيرون.

وحدّث عن: يوسف بن معالي البزّاز، وهبة الله بن محمد ابن الشّيرازيّ.

روى عنه: الزّكيّ البرزاليّ، والشهاب القوصيّ، والمجد ابن الحلوانية، وجماعةٌ سواهم.

وكان مولده ببصرى، وتوفّي بدمشق في ثامن جمادى الأولى.

وكان جدّه شيرازيّاً، سكن الموصل مدّةً، وولي قضاء الرّها، وقدم أبوه القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم، وولي قضاء دمشق نيابةً، وطلع أبو الفضل - هذا - من أعيان الحنفية. درّس بالطّرخانية مدّة، ثم ترك القضاء والتّدريس، ولزم بيته مع حاجته، وذلك لأنّ المعظّم بعث إليه يأمره بإظهار إباحة الأنبذة، فأبى وقال: لا أفتح على أبي حنيفة - رحمه الله - هذا الباب، وأنا على مذهب محمد في تحريمها، وقد صحّ عنه أنّه ما شربها قطّ، وحديث ابن مسعود لا يصحّ، وما روي فيه عن عمر لا يثبت. فغضب عليه المعظّم، وأخرجه من الطّرخانية، فأقام في بيته، واقبل على التّحديث والفتوى الإفادة.

وأجاز لتاج العرب بنت علاّن، وهي آخر من روى عنه.

 

إسماعيل بن حسن بن أحمد بن أحمد بن الحسن بن عبد الكريم. أبو السعود، النّهروانيّ،

ويعرف بابن الغبيريّ. ولد سنة احدى وخمسين.

وحدّث عن عمّة أبيه خديجة النّهرواني. وهو من بيت رئاسة ببغداد.

توفّي في حادي عشر شعبان.

 

أكمل بن مسعود بن عمر بن عمّار.

الشريف، أبو هاشم، الهاشميّ، البغداديّ.

حدّث بشيءٍ من كلام الشيخ عبد القادر - عليه السلام - .

 

حرف الحاء

حسام بن غزّي بن يونس. الفقيه، عماد الدّين، أبو المناقب، المصريّ، المحلّيّ، الشّافعيّ

الأديب.

تفقّه على الإمام شهاب الدّين محمد بن محمود الطّوسيّ.

وسمع من: البوصيريّ، وغيره.

وأقام بدمشق مدّة، بها توفّي في ربيع الأوّل. وكان ذا فضلٍ، ودين، وتفنّن، وفضائل.

روى عنه: الشهاب القوصيّ، وغيره.

ومن شعره: قيل لي مـن تـحـبّـه عـبـث الـشّـعر بـخـدّيه قـلـت مـــا ذاك عـــاره

جـمـر خـدّيه أحـرقـت عـنـبـر الخـال فـمـن ذلـك الـدّخـان عـذاره

 

الحسن بن الحسين بن محمد بن المفرّج. سديد الدّين، أبو محمد، القيسرانيّ، ثمّ المصريّ،

المعروف بابن الذّهبيّ.

كان فاضلاً، شاعراً، مليح الخطّ. وجمع لنفسه مجموعاً هائلاً ذكر أنّه يكون خمسين مجلّداً.

روى عنه الزّكيّ المنذريّ شعراّ.

وتوفّي في صفر، وله ثمانون سنة.

 

الحسن بن عليّ ابن العلاّمة أبي الفرج ابن الجوزيّ. أبو عليّ.

حدّث عن أبي الفتح بن شاتيل.

ومات قبل أبيه. توفّي في سادس ذي الحجّة.

 

الحسن بن أبي المبارك بن محمد بن يحيى بن عليّ بن المسلّم. الفقيه الصالح. أبو عليّ،

ابن الزّبيديّ، البغداديّ، الحنفيّ.

أخو سراج الدّين الحسين.

ولد سنة ثلاثٍ وأربعين وقيل: سنة اثنتين وأربعين.

وسمع من: أبي الوقت السّجزيّ، وأبي عليّ أحمد ابن الخرّاز، وأبي جعفر الطّائيّ، وأبي زرعة، ومعمر ابن الفاخر، وجماعة.

وحدّث ببغداد ومكّة.

وكان حنبلياً، ثمّ تحوّل شافعياً، ثمّ استقرّ حنفياً. وكان فقيهاً جليلاً، نبيلاً،غزير الفضل، ذا دينٍ وورع. وله معرفةٌ تامّة بالعربية.

سمع صحيح البخاري قبل أخيه من أبي الوقت.

روى عنه: الدّبيثيّ، والسيف ابن المجد، وعبد الله بن محمد العامريّ، وعبد العزيز بن الحسين الخليليّ، والضّياء عليّ ابن البالسيّ، والعزّ أحمد بن إبراهيم الفاروثيّ، والشهاب الأبرقوهيّ، وآخرون.

وأجاز لفاطمة بنت سليمان.

وتوفّي في سلخ ربيع الأوّل.

وقد ترجمه ابن الحاجب وكتب: رأيتهم يرمونه بالاعتزال. وقد كتب السّيف تحته: قصّر - يعني ابن الحاجب - في وصف شيخنا - هذا - فإنّه كان إماماً عالماً لم نر في المشايخ إلاّ يسيراً مثله.

وقال ابن النّجّار: كان عالماً، متديّناً، حسن الطّريقة، وله معرفة بالنّحو. كتب كثيراً من التّفاسير والحديث والتّواريخ. كانت أوقاته محفوظة.

 

الحسن بن يوسف بن السحن بن عبد الحقّ.

أبو محمد الصّنهاجيّ، الشّاطبيّ.

أخو الحسين وأخو عبد الله بن عبد الجبّار العثمانيّ لأمّه.

ولد بالإسكندرية في المحرّم سنة إحدى وستّين وخمسمائة.

وروى عن السّلفيّ. روى عنه.

وتوفّي في السنة.

 

حرف الذال

ذاكر بن مكّي بن أبي البركات. أبو القاسم، النّجّاد.

شيخٌ صالحٌ.

حدّث عن أبي الحسين عبد الحقّ، وغيره.

ومات في المحرّم.

 

حرف الراء

رافع بن عليّ بن رافع.

أبو البدر، الحسينيّ، الموسويّ، البغداديّ.

شيخٌ صالحٌ، له شعر.

وحدّث عن أبي عليّ الرّحبيّ.

روى لنا عنه أبو المعالي الأبرقوهيّ بالإجازة في معجمه. والدّبيثيّ في تاريخه وقال: مات في شعبان، وقد جاوز المائة.

 

حرف الزاي

زيادة بن عمران بن زيادة، الفقيه، أبو النما، المصريّ، المالكيّ، المقرئ، الضرير.

قرأ بالروايات على أبي الجود. وتفقّه على أبي المنصور ظافر بن الحسين، وأبي محمد عبد الله بن شاس. قرأ العربية على أبي محمد عبد الله ابن عبد العزيز العطّار، وسمع من الأرتاحيّ، وغيره.

وتصدّر للإقراء بالجامع العتيق، وبالمدرسة الفاضلية، وتخرّج به جماعة.

قرأ عليه من شيوخنا سبطه أبو محمد الحسن بن عبد الكريم، والنّظام محمد التّبريزيّ.

وتوفّي في مستهلّ شعبان.

 

حرف الطاء

طاهر بن سلّوم بن طاهر بن أحمد بن طاهر الأزجيّ، البيّع، ابن الشّيرجيّ.

روى عن وجيه بن هبة الله السّقطيّ. ومات في صفر، وقد شاخ.

 

حرف العين

عبد الله بن عبد الرحمن بن طلحة.

أبو العلاء، البصريّ، المالكيّ.

سمع من عبد الله بن عمر بن سليخ. روى عنه بالإجازة أبو المعالي الأبرقوهيّ.

وتوفّي بالبصرة في شوّال.

 

عبد الله بن عبد الغنيّ بن عبد الواحد بن عليّ بن سرور. الحافظ، المحدّث، جمال الدّين،

أوب موسى، ابن الحافظ الأوحد أبي محمد، المقدسيّ، ثمّ الدّمشقيّ، الصّالحيّ، الحنبليّ.

ولد في شوّال سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.

وسمع من: عبد الرحمن بن عليّ ابن الخرقيّ، وإسماعيل الجنزويّ، والخشوعيّ. ورحل به أخوه عزّ الدّين محمد، فسمع ببغداد من ابن كليب، والمبارك ابن المعطوش، وابن الجوزي، وطائفة من أصحاب ابن الحصين. وسمع المسند من عبد الله بن أبي المجد بالحربية. ورحلا

إلى إصبهان فسمعا سنة أربع وتسعين من: مسعود الجمّال، وخليل بن أبي الرجاء، وأبي جعفر الطّرسوسيّ، وأبي المكارم اللّبّان، وأبي جعفر الصّيدلانيّ، وطائفة. فلمّا رجعا رحلا إلى مصر، وسمع عند والده من فاطمة بنت سعد الخير، وأبي عبد الله الأرتاحي، وابن نجا، وجماعة. ثمّ ارتحل مرّةً ثانية إلى العراق، فدخل إلى واسط، وسمع من أبي الفتح المندائي، ورحل إلى نيسابور فسمع من منصور الفراوي، والمؤيّد الطّوسيّ، وجماعة. وسمع بالحجاز، والموصل، وإربل.

وعني بالحديث، وكتب الكثير بخطه، وخرّج، وأفاد.

وقرأ القرآن على عمّه الشيخ العماد. وتفقّه على الشيخ الموفّق. وقرأ العربية ببغداد على الشيخ أبي البقاء.

قال ابن الحاجب: سألت عنه الحافظ الضّياء، فقال: حافظٌ، متقنٌ، ديّنٌ، ثقةٌ. وسألت عن الزّكيّ البرزاليّ، فقال: حافظ، ديّن، متميّز.

وقال الضياء: كانت قراءته سريعةٌ صحيحة مليحة.

وقال عمر ابن الحاجب: لم يكن في عصره مثله في الحفظ والمعرفة والأمانة. قال: وكان كثير الفضل، وافر العقل، متواضعاً، مهيباً، وقوراً، جواداً، سخيّاً. له القبول التّامّ مع العبادة والورع والمجاهدة.

ونقلت من خطّ الضياء: كان - رحمه الله - اشتغل بالفقه والحديث وصار علماً في وقته.

ورحل إلى إصبهان ثانياً، ومشى على رجليه كثيراً. وصار قدوةً، وانتفع الناس بمجالسه الّتي لم يسبق إلى مثلها. وكان جواداً كريماً، واسع النّفس، وعوّد الناس شيئاً لم نره من أحد من أصحابنا، وذلك أنّ أصحابنا من الجبل والبلد كلّ من احتاج إلى قرض أو شراء غلّة أو ثوب أو غير ذلك يمضي إليه، فيحتال له حتّى يحصل له ما يطلب، حتّى كنت يضيق صدري عليه ممّا يصير عليه من الدّيون، وكثيرٌ من الناس لا يرجع يوفّيه حتّى سمعته مرّةً يقول: عليّ نحو ثلاثة ألف درهم.

سمعت الحافظ أبا إسحاق الصّريفينيّ قال: مضيت إلى الحافظ أبي موسى فذكرت له مرض ابني، وأننا في شدّةٍ من مرضه فقال لي: هذه اللّيلة تخلّيه الحمّى. قال: فخلته الحمّى تلك اللّيلة.

سمعت الإمام أبا إبراهيم حسن ابن عبد الله يقول: رأيت والدي بعد موته بأيام وهو في حالٍ

حسنة فقلت: ما لقيت من ربك؟ فقال: لقيت خيراً. فقلت: فكيف الناس؟ قال: متفاوتون على قدر أعمالهم. وسمعت الإمام أبا عمر أحمد بن عمر بن أبي بكر، قال: رأيت الجمال عبد الله فقلت: أيشٍ عمل معك ربّك؟ قال: أسكنني على بركة الرضوان. سمعت الفقيه عبد العزيز بن عبد الملك بن عثمان المقدسيّ أنّ يوسف بن عثمان القريريّ حدّثه قال: رأيت الجمال عبد الله في النوم في سطح جامع دمشق، ووجهه مثل القمر، وعليه ثيابٌ ما رأيت مثلها فقلت: يا جمال الدّين ما هذه الثياب؟ ما رأيتك تلبس مثل هذه؟ فقال: هذه ثياب الرضا. فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: نظر إليّ وتفضّل عليّ، أو ما هذا معناه. سمعت الملك الصالح إسماعيل ابن العادل يقول: قال: رجل من أصحابي اسمه أحمد البرد دار وفيه خير، وكان يتردّد إلى الجمال - رحمه الله - وكان يكتب له أحاديث، فرأى الجمال في النوم فقال: أوصيك بالدّعاء الّذي حفّظتك إياه، فقال: ما بقيت أحفظه، فقال: هو مكتوب على الورقة التي كتبتها لك، وسلّم على فلان - يعنيني - وقل له: يحفظ هذا الدّعاء، فما نفعني مثله، وهو: اللهم أنت ربّي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك ... الحديث.

قلت: روى عنه الضياء، والشيخ شمس الدّين عبد الرحمن، والفخر عليٌّ، ونصر الله بن عيّاش، والشمس محمد بن حازم، ونصر الله بن أبي الفرج النابلسيّ، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وآخرون. وتفرّد القاضي تقيّ الدّين بإجازته من سنوات.

وقرأت بخطّ الضّياء: قال الإمام أبو عبد الله يوسف بن عبد المنعم بن نعمة يرثي الحافظ أبا موسى: لهـفـي عـلـى مـيّتٍ مـات الـسّـرور بـهلـو كـان حـيّاً لأحـيى الـدّين والـسّـنـنـا

فلو كنت أعـطـى بـه الـدّنـيا مـعـاوضةًإذاً لـمـا كـانـت الـدّنــيا لـــه ثـــمـــنـــا

يا سـيّدي ومـكـان الـرّوح مـن جـسـديهلاّ دنا الـمـوت مـنـي حـين مـنـك دنـا

وقال فيه الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة المقدسيّ - أخو المذكور - : هـذا الـمـصـاب قـديمـاً الـــمـــحـــذورقـد شـاط مـنـــه أضـــلـــعٌ وصـــدور

وتـقـلّـبـت مـنـه الــقـــلـــوب حـــرارةًوالـدّمـع مــنـــه ســـاجـــمٌ مـــوفـــور

حـمـداً فـكـم بـلــوى بـــفـــقـــد أحـــبّةٍكـادت لـفـقـدهـم الـسّـــمـــاء تـــمـــور

كانـوا نـجـومـاً يهـتـدي الـسّـاري بـهـمبـل هـم عـلـى مـرّ الــزّمـــان بـــدور

فـقـدت جـمـال الــدّين ســـنّة أحـــمـــدٍومـسـاجــدٌ ومـــجـــالـــسٌ وصـــدور

مـن ذا يقـوم بـوعـظـه فـي قـلـب مــنغـطّــى عـــلـــيه غـــفـــلةٌ وغـــرور

حـتّـى تـلـين قـلـوبـهـم مـن بـعــد مـــاحـاكـى قـسـاوتـهـا صـفـاً وصـخـــور

مـن لـلـحـديث وأهـلـه يا خـــير مـــنقـرأ الأحــاديث الّـــتـــي هـــي نـــور

من لـلـيتـامـى والأرامـل مـن لـذي الحـاجـات إن ضـاقـت عــلـــيه أمـــور

أمّـا الــقـــبـــور فـــلا تـــزال أنـــيسةًبـمـكـان قـــبـــرك والـــدّيار قـــبـــور

جـلّـت صـنـائعـه فـعـــمّ مـــصـــابـــهفـالـنّـاس فـــيه كـــلّـــهـــم مـــأجـــور

في أبيات أخر.

وقرأت بخطّ محمد بن سلاّم في ترجمة الجمال أبي موسى قال: وعقد مجلس التّذكير وقراءة الجمع، ورغب الناس في حضوره. وكان جمّ الفوائد. كان يطرّز مجلسه بالخشوع والبكاء، وإظهار الجزع. قال: وسمعت أبا الفتح ابن الحاجب يقول: لو اشتغل أبو موسى حقّ الاشتغال ما سبقه أحد، ولكنّه تارك. قال: وسمعت أبا الفرج بن أبي العلاء الحنبليّ الفقيه يقول: الجمال كثير الميل إليهم - يعني السلاطين - . وسمعت أبا عبد الله الحافظ مذاكرةً يصف ما قاسى أبو موسى من الشدائد والجوع والعري في رحلته إلى إصبهان وإلى نيسابور.

وقال أبو المظفّر الجوزيّ: كان الجمال ابن الحافظ، أحواله مستقيمة حتّى خالط الصالح إسماعيل وأبناء الدنيا، فتغيّرت أحواله، وآل أمره إلى أن مرض في بستان الصالح على ثورا ومات فيه، فكفّنه الصالح وصلّى عليه.

وقال غيره: وقف الملك الأشرف دار الحديث بدمشق، وجعل للجمال أبي موسى وذرّيته رزقاً معلوماً، ومسكناً بعلوّ دار الحديث.

وقال الضياء: توفي يوم الجمعة خامس رمضان.

 

عبد الله بن قيصر. أبو بكر، الموصلائيّ، الحاجب.

روى عن: أبي الفتح بن شاتيل.

ومات في رجب.

 

عبد الرحمن بن عبد الخالق. أبو القاسم، الكنانيّ، الفاسيّ.

قال ابن مسدي في معجمه: ولد قبل الخمسين وخمسمائة. سمع من القاضي أبي القاسم بن

عيسى الفاسيّ، وعليّ بن الحسين اللّواتيّ، وجماعة. وبمصر البوصيريّ. لقيته بفاس. مات بعيذاب في أول السنة.

 

عبد الرحمن بن عبد المحسن ابن الخطيب أبي الفضل عبد الله ابن أحمد الطّوسيّ. ثمّ

الموصليّ، تاج الدّين.

خطيب الموصل وابن خطبائها. ولد في رمضان سنة ثلاثٍ وسبعين.

وسمع من جدّه، وتفقّه.

وكان ورعاً، صالحاً، متواضعاً، شاعراً. وله: مـا لاح بـارق مـــقـــلـــتـــيه لـــنـــاظـــر إلاّ وشـــامـــه

لـلـصّـبـح يشـبــه والـــظّـــلام إذا بـــدا خـــدّاً وشـــامــــه

فـاقـت مـحـاسـنـه الـحـــســـان عـراقـه فــينـــا وشـــامـــه

يا لـــيتـــه مـــثـــلـــي يقــــول لـمـن إلـيه بـي وشـى مــه

 

عبد الرحمن بن عليّ بن أبي مطر. أبو القاسم، العسقلانيّ، السّكريّ، المعروف بابن

المحتسب.

ولد سنة ست وثلاثين وخمسمائة. وكان شيخاً صالحاً، مقبلاً على شأنه.

سمع ببغداد في الكهولة. وحدّث بمصر عن ذاكر بن كامل الخفّاف.

وتوفّي في ربيع الآخر.

 

عبد الرحمن بن محمد ابن الفقيه أبي محمد بن رسلان بن عبد الله بن شعبان. أبو القاسم،

المقرئ، الفقيه، الشافعيّ، الشّارعيّ.

قرأ القراءآت وسمع من القاسم بن إبراهيم المقدسيّ، ومحمد بن عمر ابن جامع البنّاء، وجماعة.

وأمّ بالمسجد المعروف بأبيه وجدّه بالشارع بظاهر القاهرة.

وكان مشهوراً بالخير والعفاف والسّعي في قضاء حوائج النّاس ومساعدتهم. وعاش ستّاً وخمسين سنة.

 

عبد السلام بن عب الرحمن بن طليس.

أبو محمد، الحرستانيّ.

توفّي بحرستا في ذي القعدة.

روى عن أبي القاسم الحافظ.

 

عبد الصّمد بن داود بن محمد بن يوسف.

أبو محمد، الأنصاريّ، المصريّ، الغضاريّ، المقرئ الجنائزيّ.

ولد بمصر في سنة أربعٍ وستّين.

ورحل به، فسمع من: السّلفيّ، ومحمد بن عبد الرحمن الحضرميّ. وبمصر من: محمد بن عليّ الرّحبيّ، وإسماعيل بن قاسم الزّيّات، وعبد الله ابن برّي، وسعيد بن الحسين المأمونيّ، وعبد الرحمن بن محمد السّبيي، وجماعةٍ كثيرة.

وروى عنه: الزّكيّ المنذريّ، ويحيى بن عبد الرحيم بن مسلمة، وعمر ابن الحاجب، والجمال محمد ابن الصّابونيّ، وجماعة.

وتوفّي في عاشر شعبان، ودفن بقرب كافور الإخشيد.

 

عبد الغفّار بن أبي الفوارس شجاع بن عبد الله بن نوشتيكن.

أبو محمد، التّركمانيّ، الدنوشريّ، المحلّي.

استوطن المحلّة، وكان عدلاً، شروطياً.

سمع: السّلفيّ، والفقيه أبا الطّاهر بن عوف، ومحمد بن محمد الكركنتي.

ولد بدنوشر: قريةٍ بقرب المحلّة، في سنة ثلاثٍ وخمسين.

ومات في السادس والعشرين من شوّال.

روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، وجماعةٌ.

وحدّثنا عنه: عيسى بن شهاب المؤدّب، وأبو العباس أحمد ابن الأغلاقيّ.

 

عبد الغنيّ بن عبد الكريم بن نعمة.

أبو القاسم، الثّوريّ، السّفيانيّ.

كان يذكر أنّه من ولد سفيان. وكان أديباً، فاضلاً، له شعرٌ، وفضيلةٌ.

سمع من عبد الله بن برّي، وعن الزّكيّ المنذريّ.

ومات في عشر السبعين في ذي القعدة.

 

عبد الغنيّ بن المبارك بن المبارك بن أبي السعادت بن عبيد الله. أبو القاسم، البغداديّ.

من بيت عدالةٍ ورواية. سمع من: تجنّي الوهبانيّة، وعبيد الله بن شاتيل، وغيرهما. ومات في شعبان.

 

عبد الكريم بن عليّ بن شمخ. العدل، عفيف الدّين، الشافعيّ.

أمين الحكم لقاضي القضاة أبي القاسم عبد الرحمن ابن السّكريّ.

كان ديّناً، كثير التلاوة. مات في ذي الحجّة.

 

عبد اللطيف بن أبي جعفر عبد الوهّاب بن محمد بن عبد الغني. أبو محمد، الطّبريّ،

البغداديّ.

سمّعه أبوه من: أبي المظفر ابن الشّبليّ، وأبي محمد ابن المادح، وأبي الفتح بن البطّي، وأبي بكر بن النّقّور.

وولد في سنة إحدى وخمسين تقريباً.

روى عنه: الدّبيثيّ، والبرزاليّ، وعمر ابن الحاجب، والسّيف ابن المجد، والشّرف ابن النابلسيّ، وجماعة. وأجاز لفاطمة بنت سليمان.

وكان يقرأ بالألحان، ويؤذّن بالحجرة الشّريفة.

وتوفّي في رابع شعبان.

سمع ما روى الزّينبيّ عن المخلّص من الأوّل الكبير على هبة الله الشّبلي. وسمع من ابن البطّي جميع مسند الطّيالسيّ.

 

عبد اللّطيف ابن الفقيه أبي العزّ يوسف بن محمد بن عليّ بن أبي سعد. العلاّمة، موفّق

الدّين، أبو محمد، الموصليّ الأصل، البغداديّ، الفقيه، الشافعيّ، النّحويّ، اللّغويّ، المتكلّم، الطّبيب، الفيلسوف، المعروف قديماً بابن اللّبّاد.

ولد ببغداد في أحد الربيعين سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة.

وسمّعه أبوه من ابن البطّي، وأبي زرعة المقدسيّ، وأبي عليّ الحسن ابن عليّ البطليوسيّ، ويحيى بن ثابت، وشهدة، وأبي الحسين عبد الحق، وجماعةٍ كثيرة.

روى عنه الزّكيّان: البرزاليّ والمنذريّ، والضّياء، وابن النجّار، والشهاب القوصيّ، والتّاج عبد الوهّاب ابن زين الأمناء، والكمال العديميّ، وابنه أبو المجد الحاكم، والأمين أحمد ابن الأشتريّ، والكمال أحمد بن النّصيبيّ، والجمال ابن الصّابونيّ، والعزّ عمر بن محمد ابن

الأستاذ، وخطلب وسنقر القضائيان، وعليّ ابن السيف بن تيميّة، ويعقوب بن فضائل، وستّ الدّار بنت المجد بن تيميّة، وخلقٌ سواهم.

وحدّث بدمشق، ومصر، والقدس، وحرّان، وبغداد.

وصنّف تصانيف كثيرة في اللّغة، والطبّ، والتاريخ، وغير ذلك.

وكان أحد الأذكياء المتضلّعين من الآداب والطبّ وعلم الأوائل، إلاّ أنّ دعاويه أكثر من علومه.

ذكره الوزير جمال الدّين عليّ القفطي في تاريخ النّحاة فقال: الموفّق النّحويّ الطّبيب الملقّب بالمطحن. كان يدّعي معرفة النّحو، واللّغة، وعلم الكلام، والعلوم القديمة، والطبّ. ودخل مصر وادّعى ما ادّعاه فمشى إليه الطّلبة، فقصّر فيما ادّعاه فجفوه. ثمّ نفق على شابّين بعيدي الخاطر يعرفان بولديّ إسماعيل بن أبي الحجّاج المقدسيّ الكاتب، ونقلاه إليهما، وأخذا عنه.

وكان دميم الخلقة نحيلها، قليل لحم الوجه. ولمّا رآه التاج الكندي لقّبه بالمطحن.

قلت: وبالغ القفطيّ في الحطّ عليه، ويظهر على كلامه فيه الهوى، حتّى قال: ومن أسوأ أوصافه قلة الغيرة.

وقال الدّبيثيّ: غلب عليه علم الطبّ والأدب وبرع فيهما.

وقال ابن نقطة: كان حسن الخلق، جميل الأمر، عالماً بالنّحو والغريبين، وله يدٌ في الطّبّ.

سمع سنن ابن ماجة، ومسند الشافعيّ من أبي زرعة. وسمع صحيح الإسماعيلي جميعه، والمدخل إليه من يحيى بن ثابت بسماعه من أبيه. وسمع الكثير من ابن البطّي، وأبي بكر بن النّقور، وانتقل إلى الشام ومصر. وكان يتنقّل من دمشق إلى حلب. ومرّة سكن بأرزنكان وغيرها.

وقال الموفّق: سمعت الكثير، وكنت في أثناء ذلك أتعلّم الخطّ، وأتحفّظ القرآن، والفصيح، والمقامات، وديوان المتنبيّ، ومختصراً في الفقه، ومختصراً في النحو. فلمّا ترعرعت حملني والدي إلى كمال الدّين عبد الرحمن الأنباريّ وكان - يومئذٍ - شيخ بغداد، وله بوالدي صحبةٌ قديمة أيام التّفقّه بالنّظامية، فقرأت عليه خطبة الفصيح، فهذّ كلاماً كثيراً لم أفهمه، لكنّ التلاميذ حوله يعجبون منه. ثمّ قال: أنا أجفوا عن تعليم الصّبيان احمله إلى تلميذي الوجيه الواسطيّ يقرأ عليه، فإذا توسّطت حاله قرأ عليّ. وكان الوجيه عند بعض أولاد رئيس الرؤساء، وكان

رجلاً أعمى من أهل الثّروة والمروءة، فأخذني بكلتا يديه، وجعل يعلّمني من أوّل النّهار إلى آخره بوجوهٍ كثيرة من التّلطّف. وكنت أحفّظه من كتبه، وأحفظ معه، وأحضر معه حلقة كمال الدّين إلىأن صرت أسبقه في الحفظ والفهم، وأصرف أكثر اللّيل في التّكرار، وأقمنا على ذلك برهة. وحفظت اللّمع في ثمانية أشهر، وكنت أطالع شرح الثّمانينيّ، وشرح الشريف عمر بن حمزة، وشرح ابن برهان، وأشرح لتلامذة يختصّون بي إلى أن صرت أتكلّم على كلّ باب كراريس، ولا ينفذ ما عندي. ثمّ حفظت أدب الكاتب لابن قتيبة حفظاً متقناً، ثمّ حفظت مشكل القرآن له، وغريب القرآن له، وكلّ ذلك في مدّةٍ يسيرة. ثمّ انتقلت إلى الإيضاح لأبي عليّ الفارسيّ، فحفظته في شهورٍ كثيرة، ولازمت مطالعة شروحه وتتبّعته التتبّع التّامّ حتّى تبحّرت فيه. وأمّا التّكملة فحفظتها في أيامٍ يسيرة كلّ يوم كرّاساً. وطالعت الكتب المبسوطة، وفي أثناء ذلك لا أغفل سماع الحديث والتّفقّه على شيخنا ابن فضلان.

ومن كلام الموفّق عبد اللّطيف - وكان فصيحاً، مفوّهاً - : ينبغي أن تحاسب نفسك كلّ ليلة إذا أويت إلى منامك، وتنظر ما اكتسبت في يومك من حسنة فتشكر الله عليها، وما اكتسبت من سيئةٍ، فتستغفر الله منها، وتقلع عنها. وترتّب في نفسك ما تعمله في غدك من الحسنات، وتسأل الله الإعانة على ذلك.

وقال: ينبغي أن تكون سيرتك سيرة الصّدر الأوّل، فقرأ سيرة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وتتبّع أفعاله وأحواله، واقتف آثاره، وتشبّه به ما أمكنك، وإذا وقفت على سيرته في مطعمه ومشربه وملبسه ومنامه ويقظته وتمرّضه وتطبّه وتمتّعه وتطيّبه، ومعاملته مع ربّه، ومع أزواجه وأصحابه وأعدائه، وفعلت اليسير من ذلك، فأنت السعيد كلّ السعيد.

وقال: ومن لم يحتمل ألم التّعلّم، لم يذق لذّة العلم، ومن لم يكدح لم يفلح، وإذا خلوت من التّعلّم والتّفكّر، فحرّك لسانك بذكر الله وتسبيحه وخاصّةً عند النوم. وإذا حدث لك فرحٌ بالدّنيا، فاذكر الموت وسرعة الزّوال، وأصناف المنغّصات، وإذا حزبك أمرٌ، فاسترجع، وإذا اعترتك غفلةٌ فاستغفر، واجعل الموت نصب عينك، والعلم والتّقى زادك إلى الآخرة، وإذا أردت أن تعصي الله، فاطلب مكاناً لا يراك فيه، وعليك أن تجعل باطنك خيراً من ظاهرك فإنّ الناس عيون الله على العبد يريهم خيره وإن أخفاه، وشرّه وإن ستره، فباطنه مكشوفٌ لله، والله يكشفه لعباده.

واعلم أنّ للدّين عبقةً وعرفاً ينادي على صاحبه ونوراً وضياءٌ يشرق عليه ويدّل عليه،

وكتاجر المسك لا يخفى مكانه.

ثمّ قال: اللّهم أعذنا من شموس الطبيعة، وجموح النّفس الرّديّة، وسلّس لنا مقاد التّوفيق، وخذ بنا في سواء الطّريق، يا هادي العمي يا مرشد الضّلاّل يا محيي القلوب الميّتة بالإيمان خذ بأيدينا من مهواة الهلكة، ونجّنا من ردغة الطبيعة وطهرنا من درن الدنيا الدنية بالاخلاص لك والتقوى إنك مالك الدنيا والآخرة. سبحان من عمّ بحكمته الوجود، واستحق بكلّ وجه أن يكون هو المعبود، تلألأت بنور جلالك الآفاق، وأشرقت شمس معرفتك على النفوس إشراقاً وأيّ إشراق.

ومن تصانيفه: غريب الحديث، والمجرّد منه، الواضحة في إعراب الفاتحة، كتاب ربّ، كتاب الألف واللاّم، شرح بانت سعاد، ذيل الفصيح، خمس مسائل نحويّة، شرح مقدّمة بابشاد، شرح الخطب النّباتية، شرح سبعين حديثاً، شرح أربعين حديثاً طبّية، الرّد على الفخر الرازيّ في تفسير سورة الإخلاص، شرح نقد الشعر لقدامة، كتاب قوانين البلاغة، لإنصاف بين ابن برّي وابن الخشّاب في كلامهما على المقامات، مسألة أنت طالق في شهر قبل ما بعد قبله رمضان، كتاب قبسة العجلان في النحو، اختصار العمدة لابن رشيق، مقدّمة حساب، اختصار كتاب النّبات، كتاب الفصول في الحكمة، شرح فصول بقراط، شرح التّقدمة له، اختصار كتاب الحيوان لأرسطو طاليس. واختصر كتباً كثيرةً في الطّبّ. كتاب أخبار مصر الكبير، كتاب الإفادة في أخبار مصر، كتاب تاريخ يتضمّن سيرته، مقالة في الجوهر والعرض، مقالة في النّفس مقالة في العطش، مقالة في السّقنقور، مقالة في الردّ على اليهود والنصارى، كتاب الحكمة في العلم الإلهي. وأشياء أكثر ممّا ذكرنا.

قلت: سافر الموفّق من حلب ليحجّ من الدّرب العراقيّ، فدخل حرّان وحدّث بها، وسافر، فمرض ودخل بغداد مريضاً، فتعوّق عن الحجّ. ثم مات ببغداد في ثاني عشر المحرّم وصلّى عليه شهاب الدّين السّهروريّ، ودفن بالوردية.

وقد ذكره الموفّق أحمد بن أبي أصيبعة فقال - بعد أن وصفه - : كان يتردّد إليه جماعةٌ من التّلاميذ وغيرهم من الأطبّاء للقراءة عليه، وكان كثير الاشتغال لا يخلي وقتاً من أوقاته من النظر في الكتب والتّصنيف. والّذي رأيته من خطه أشياء كثيرة جدّاً. وكان بينه وبين جدّي صحبةٌ أكيدة بمصر. وكان أبي وعمّي يشتغلان عليه. واشتغل عليه عمّي بكتب أرسطو

طاليس. وكان قلمه أجود من لفظه. وكان يتنقّص بالفضلاء الّذين في زمانه وكثيرٍ من المتقدّمين وخصوصاً الرئيس ابن سينا. ثمّ ساق من سيرته ما ذكرته أنا، ثمّ قال: وقال موفق الدّين: إنّ من مشايخه ولد أمين الدّولة ابن التلميذ وبالغ في وصفه وكرمه. وهذا تعصّب، وإلاّ فولد أمين الدّولة لم يكن بهذه المثابة، ولا قريباً منها.

ثمّ قال الموفّق: دخلت الموصل، فأقمت بها سنةً في اشتغال متواصل ليلاً ونهاراً، وزعم أهلها أنّهم لم يروا من أحدٍ قبلي ما رأوا منّي من سعة المحفوظ، وسرعة الخاطر، وسكون الطائر.

وسمعت الناس يهرجون في حديث السّهرورديّ المتفلسف، ويعتقدون أنّه قد فاق الأوّلين والآخرين، فطلبت من الكمال ابن يونس شيئاً من تصانيفه - وكان يعتقد فيها - فوقعت على التلويحات واللّمحة والمعارج فصادفت فيها ما يدلّ على جهل أهل الزّمان، ووجدت لي تعاليق لا أرتضيها هي خيرٌ من كلام هذا الأنوك. وفي أثناء كلامه يثبت حروفاً مقطّعة يوهم بها أنها أسرارٌ إلهية.

قال: وعملت بدمشق تصانيف جمّة منها: غريب الحديث الكبير الّذي جمعت فيه غريب أبي عبيد، وغريب ابن قتيبة، وغريب الخطّابي. ثمّ عملت له مختصراً سمّيته المجرّد. وأعربت الفاتحة في نحو عشرين كرّاساً.

قتل: وله كتاب الجامع الكبير في المنطق والطّبيعي والإلهي زهاء عشرة مجلّدات بقي يصنّف فيه مدّةً طويلة.

 

عبد الواحد بن إسماعيل بن صدقة، نفيس الدّين.

أبو محمد، الحرّانيّ، ثمّ الدّمشقيّ، التّاجر.

حدّث عن: أبي الحسين أحمد ابن الموازينيّ، ونسيبه محمد بن عليّ بن صدقة.

ومات فجاءةً بدمشق في ربيع الآخر. كتب عنه ابن الحاجب، وغيره.

 

عبد الوهّاب بن أزهر بن عبد الوهّاب بن أحمد ابن السّبّاك.

أبو البركات، البغداديّ.

من أهل نهر القلاّئين. ولد سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة.

وسمّعه أبوه من: أبي الفتح بن البطّي، وأبي عليّ ابن الرّحبيّ، ويحيى ابن ثابت، وغيرهم.

وكان من وكلاء القضاة، له خبرة بالشّروط والدّعاوى. ثمّ ارتفع عن الوكالة، ولقّب بنجم

الإسلام، وخدم في مناصب، وكان محمود السّيرة.

سمع منه عمر ابن الحاجب، وابن نقطة. وهو أخو عبد العزيز، وأحمد.

وتوفّي في ربيع الآخر.

وروى عنه ابن النّجّار في تاريخه وقال: عزل عن المناصب، ونفي، حبس بواسط.

 

عتيق بن حسن بن رملي، أبو بكر، الأنصاريّ، الإسكندرانيّ.

سمع من السّلفيّ، وابن وعوفٍ. أخذ عنه ابن مسدي وأرّخه.

 

عثمان بن قزل، الأمير الكبير.

فخر الدّين، أبو الفتح، الكامليّ.

ولد بحلب سنة إحدى وستين وخمسمائة. وكان من كبار أمراء الكامل.

وقف المدرسة المشهورة بالقاهرة، والمسجد المقابل لها، وكتّاب السّبيل، والرّباط بمكة، والرباط بسفح المقطّم. وكان مبسوط اليد بالمعروف والصدقات في حياته وبعد وفاته - رحمه الله - .

توفي في ثامن عشر ذي الحجّة بحرّان، ودفن بظاهرها.

 

عليّ بن أحمد بن إبراهيم. أبو الحسن، الهاشميّ، الواسطيّ، عرف بابن العطّار، الشاعر،

نزيل بغداد.

من أعيان الشعراء. مات في آخر سنّ الكهولة في شهر ربيع الآخر.

ومن شعره: أتـراه بـعــد قـــطـــيعةٍ يتـــعـــطّـــفبـــدرٌ يمـــيل بـــه قــــوامٌ أهـــــــيف

أنـت الـبـريء مـن الإسـاءة كــلّـــهـــايا عـاذلـي وأنـا الـمـحـبّ الـمــدنـــف

لا تـلـحـنـي فـي حـبّـه فـــتـــتـــيّمـــيطـبـعٌ وصـبـري عـن هـواه تـكـلّـــف

جهلوا الذي ألـقـاه فـي حـمـل الـهـوىفـيه ولـذّة عـشـــقـــه لـــم يعـــرفـــوا

وله: يا مـن غـدا فــي حـــبّـــه هـــدراً دمـــيمـا لـــذّ لـــي إلاّ عـــلـــيك تـــتـــيّمـــي

وهـواك أنـي فـي الـــصّـــبـــابة واحـــدٌوإلـيّ أهـل الـعـشـق فـيهــا ينـــتـــمـــي

وعـلـى مـــرارات الـــصّـــدود وصـــدّهمـا بـاح بـالـشّـكـوى إلـى بـشـرٍ فـــمـــي

يا مـن إذا مـــا حـــاولـــت أفـــكـــارنـــاإدراك ســرّ جـــمـــالـــه لـــم تـــفـــهـــم

لك عزّة المعـشـوق ذي الـحـسـنـى ولـيإطـــراق ذي نـــدمٍ وذلّة مـــــــجـــــــرم

 

عليّ بن بكربسان بن جاولي الملكيّ الأفضليّ. الأمير شمس الدّين. من أمراء دمشق.

قال القوصيّ: كان من أكابر حجّاب الدولة الأفضلية، ومن سادات الأمراء والفضلاء، توفّي بظاهر دمشق في جمادى الأولى، وله خمسٌ وستّون سنة.

قلت: روى عنه شعراً.

 

علي بن خطّاب بن مقلّد، الفقيه. المقرئ، أبو الحسن، الواسطي، المحدّثيّ. الشافعيّ،

الضّرير.

والمحدث، من قرى واسط، ولد بها في سنة إحدى وستّين، وحفظ بها القرآن، وقدم واسطاً، فقرأ بها القراءآت على أبي بكر ابن الباقلاّنيّ، وسمع من أبي طالب الكتّانّي.

ثم قدم بغداد، وتفقّه على أبي القاسم يحيى فضلان، وغيره. وسمع من أبي الفتح بن شاتيل، وجماعةٍ.

وكان بارعاً في المذهب، والخلاف. درّس، وأعاد، وأفاد، وأفتى.

ومات في ثامن شعبان.

وكان يقرأ في رمضان تسعين ختمةً، وفي باقي السنة في كلّ يومين ختمة. وكن قيّماً بعلم العربية. أقبلت عليه الدّنيا في آخر عمره. وجالس الإمام المستنصر بالله.

 

عليّ بن عبد الله بن يوسف بن خطّاب.

أبو الحسن، المعافريّ، الإشبيليّ، المقرئ.

أخذ القراءآت عن أبي الحسن نجبة صاحب شريحٍ.

وسمع من: أبي عبد الله بن زرقون، وعبد الرحمن بن مسلمة الخطيب، وجماعة.

ذكره الأبّار فقال: كان فقيهاً، محدّثاّ، يميل إلى الظاهر. وله النظم والنّثر. وعاش ثمانين سنة.

 

عليّ بن عبد الرحيم بن يعقوب. الفقيه، أبو الحسن، البكريّ، الببانيّ - بموحدتين مفتوحتين

- .

وببا: من أعمال البهنسا، المالكيّ، المعدّل.

شهد عند قاضي القضاة أبي المكارم محمد بن عين الدّولة.

وسمع من الحافظ ابن المفضّل.

وكان من أهل الدّين والصّلاح، والأمر بالمعروف، والتواضع.

قال المنذريّ: كان مجتهداً في الأمر المعروف، والنّهي عن المنكر، وكتب بخطّه كثيراً.

وتوفّي بالقاهرة في سابع عشر رجب.

 

عليّ بن عثمان بن مجلّي. الواعظ، نظام الدّين، الجزريّ، المعروف بابن دنينة، الشاعر.

كثير التطواف والأسفار، مدح الأمراء والأكابر.

وقرأ الوعظ على أبي الفرج ابن الجوزيّ، وتفقّه على أبي طالب بن الخلّ، وسمع من أبي الفتح المندائيّ.

وكان طريفاً، خفيف الرّوح، حلو المزاح. وتوفّي بين قارة والنّبك.

 

عليّ بن المقرّب بن منصور بن المقرّب بن الحسن. الأديب، أبو الحسن، الرّبعيّ،

العيونيّ، البحرانيّ، الأحسائيّ، الشّاعر.

ولد بالأحساء من بلاد بالبحرين في سنة اثنتين وسبعين. وحدّث ببغداد بشيءٍ من شعره.

ودخل الموصل، ومدح صاحبها. وكان شاعراً محسناً، بديع الشعر.

توفّي في رجب.

 

عليّ بن يحيى بن يوسف بن أحمد. نجم الدّين، أبو الحسن، الموصليّ، ثمّ الدّمشقيّ،

المزّي، ابن خطيب المزّة، الشافعيّ، الشّروطيّ، الشّاهد.

ولد قبيل الستين وخمسمائة بمسجد الدّيلمي تحت الرّبوة، وكان أبوه - إذ ذاك - مقيماً به.

وسمع من أبي القاسم بن عساكر. وحدّث. سمع منه: عليّ القسطار، ونصر الله بن أبي العزّ الصفّار، ويحيى بن مسلمة، والجمال ابن الصّابونيّ.

ومات في ربيع الآخر. وهو ابن أخي المعمّر عبد الرحيم صاحب ابن طبرزد.

 

عمر بن عبد الملك، أبو محمد، الدّينوريّ، الزّاهد، نزيل سفح قاسيون.

كان شيخاً زاهداً، عابداً، قانتاً، مخبتاً، منقطعاً إلى عبادة الله تعالى، صاحب أحوالٍ ومجاهدات.

له زاويةٌ وأصحاب.

قال الضياء: اجتمعت به بالبلاد، وزرت شيخه، وبدلالتي قدم إلى الشام وسكن بالجبل.

قلت: وهو والد الخطيب جمال الدّين محمد إمام كفربطنا.

توفّي في ليلة الحادي والعشرين من شعبان.

 

عمر بن أبي المجد كرم بن أبي الحسن عليّ بن عمر.

أبو حفص، الدّينوريّ، ثمّ البغداديّ، الحمّاميّ.

ولد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.

وسمع من جدّه لأمّه أبي الفتح عبد الوهّاب بن محمد الصّابونيّ، ومن نصر بن نصر العكبريّ، وأبي الوقت السّجزيّ، والمبارك بن المبارك ابن التّعاويذي السّرّاج، وفاطمة بنت سعد الله الميهنيّ، وغيرهم.

وأجاز له أبو الفتح الكروخي، وأبو حفص عمر بن أحمد الصفّار الفقيه، وأبو الفرج عبد الخالق اليوسفيّ، وأبي المعالي أحمد بن محمد بن المذاريّ، وجماعة. وتفرّد بالإجازة من أكثر هؤلاء.

وحدّث بالكثير. وكان شيخاً مباركاً، صحيح السماع والإجازة.

روى صحيح البخاريّ، والدّارميّ، وعبد، وجماعة أجزاءٍ تفرّد بها عن أبي الوقت. وروى الجامع للترمذيّ بالإجازة من أبي الفتح.

روى عنه: ابن نقطة، والدّبيثيّ، والبرزاليّ، والسيف بن قدامة، وأبو المظفّر ابن النابلسيّ، والفخر ابن البخاريّ، والشهاب الأبرقوهيّ، والتقيّ ابن الواسطيّ، والعزّ أحمد ابن الفاروثيّ، والشمس عبد الرحمن ابن الزّين، والرشيد محمد بن أبي القاسم، والمجد عبد العزيز الخليليّ والعماد إسماعيل ابن الطبّال وسمعا منه جامع الترمذيّ.

وروى عنه بالإجازة: وروى عنه بالإجازة: زاهدة أخت الأبرقوهيّ، وفاطمة بنت سليمان، وأبو الحسين اليونينيّ، والعماد إبراهيم الماسح، وطائفة آخرهم بقاء القاضي تقيّ الدين سليمان.

وتوفّي في سادس رجب.

ويقال له: الجعفري، لأنّه من محلّة الجعفرية.

وقال الأبرقوهيّ في معجمه: كان من أهل العبادة والعفاف، منقطعاً عن الناس، خاشعاً عند قراءة الحديث.

 

عمر بن أبي بكر بن عمر ابن الصياد. أبو محمد، الحربيّ.

سمع من: أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن أحمد اليوسفيّ، وفارس الحفّار. ومات في صفر.

عيسى ابن المحدّث أبي محمد عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد بن سليمان اللّخميّ،

الأندلسيّ. الشّريشيّ، ثم الإسكندرانيّ، المقرئ، أبو القاسم.

سمّعه أبوه من السّلفيّ أجزاءً فيها كثيرةً، وكان له بها أصولٌ.

وكان مقرئاً بصيراً بالقراءآت المشهورة والشواذ. تصدّر للإقراء ببلده مدةً، وقرأ عليه الشيخ زين الدّين عبد السلام الزّواوي، ورشيد الدّين أبو بكر بن أبي الدّر، والتّقيّ يعقوب بن بدران الجرائديّ.

وحدّث عنه: الحافظ عبد العظيم، والكمال العبّاسيّ الضرير، والحافظ محبّ الدّين ابن النجار، وإسحاق بن أسد، وجماعة من المحدّثين والقرأة، وحدّثنا عنه أبو محمد الحسن سبط زيادة.

ولد سنة خمسين وخمسمائة ظناً. وأقرأ بمصر أيضاً.

وكان غير ثقة ولا صادقٍ مع جلالته وفضائله.

قرأت بخطّ عمر ابن الحاجب قال: كان لو رأى ما رأى قال: هذا سماعي، أو لي من هذا الشيخ إجازة. قال: وكان يقول: جمعت كتاباً في القراءآت فيه أربعة آلاف رواية. ولم يكن أهل بلده يثنون عليه. وكان فاضلاً، مقرئاً، كيّس الأخلاق، مكرماً لأهل العلم.

قلت: وكان قد قرأ القراءآت السبع على أبي الطيّب عبد المنعم بن يحيى بن الخلوف الغرناطيّ نزيل الإسكندرية سنة بضعٍ وسبعين، ومات سنة ستّ وثمانين. وكان قد أخذ القراءآت عن والده ابن الخلوف وشريح. واسند القراءآت والتّيسير عنه في إجازته للزّواوي في سنة ستّ عشرة وستمائة. ولم يذكر له شيخاً سوى أبي الطّيب، وإنما ذكر وكثر في أواخر عمره - نسأل الله السلامة -، ولو كان قرأ على أبي القاسم بن خلف الله صاحب ابن الفحّام لكان له إسنادٌ عالٍ كصاحبيه أبي الفضل الهمدانيّ، وجمال الدّين الصّفراويّ وما جسر - ومع وجودهما - أن يزعم أنه قرأ على شيخهما. لكنّي بأخرةٍ قرأت بخطّ ابن مسدي: سمع من عبد الرحمن بن خلف الله، وقرأ عليه بالروايات، وعلى ابن سعادة الدّاني. وابن سعادة - هذا - من أصحاب ابن هذيل وطبقته فأغرب عنه بالتيسير عن عبد القدوس، عن أبي عمرو الدّاني.

وكتب إليه مخبراً أبو الفتوح الخطيب، وأبو الحسن الأرتاحيّ، وأبو سعد السّمعانيّ. وقفت على أثباته ودستور إجازاته وما ذكرته فمن ذلك، إلى أن قال: وله كتاب الجامع الأكبر والبحر الأزخر في اختلاف القرّاء، يحتوي على سبعة آلاف رواية وطريق. ومن هذا الكتاب وقع

الناس فيه، والله أعلم بما يخفيه. جمعت عليه ختمةً بالسبع من طريق التّجريد، وسمعت منه كثيراً. قال: وولد سنةً أربع وخمسين وخمسمائة. وفي أسانيده تخليطٌ كثير، وأنواع من التّركيب والشّره. في كلامٍ نحو هذا لابن مسدي.

وقد سألت عنه العلاّمة أبا حيّان الأندلسي - أبقاه الله - فكتب إليّ فيما كتب: كان له اعتناءٌ كثير بالقراءآت، وتصانيف عدّة. وكان أبوه قد اعنتى به في صغره. وكان فقيهاً، مفتياً. قرأ عليه النّاس وأخذوا عنه، وتكلّم بعضهم فيه. وقفت على إجازته لأبي يوسف يعقوب بن بدران الجرائديّ وقد قرأ عليه بالسبع، وقراءة يعقوب، وابن القعقاع، وابن محيصن، وأشهد على نفسه له بها في صفر سنة سبعٍ وعشرين، وأسند فيها عن أبي طاهر السّلفيّ. وذكر أنه أجازه أبو الفتوح ناصر بن الحسن الخطيب. وأسند في هذا الإجازة عن رجلين، أحدهما: أبو محمد عبد الله بن محمد بن خلف بن سعادة الأصبحيّ الدّاني - وسيأتي ذكره - وأنه قرأ عليه أربعةً وثلاثين كتاباً، وتلا عليه بكلّهنّ، منها كتاب التّيسير ثم ساق أسماءها جميعاً. ثمّ سمّى بعدها خمسة عشر كتاباً ذكر أنّه تلا بهنّ كلّهنّ على عبد الله - هذا - . وذكر الشيوخ الّذين روى عنهم القرآن والكتب المذكورة، وأسندها عنهم شيخه عبد الله بن محمد بن خلف فذكر منهم: أبا مروان عبد الملك بن عبد القدّوس - وأنه قرأ على أبي عمرو الدّاني - وأبا الحسن شريح بن محمد، وسلميان بن عبد الله بن سليمان الأنصاريّ، عن أبي معشر الطّبريّ، وذكر أبا سعيد رحمة بن موسى القرطبيّ، عن مكيّ بن أبي طالب، وأبي عليّ الأهوازي، وغيرهما، وأبا عبد الله محمد بن جامع الأندلسيّ، عن يعقوب بن حامد، عن أبي عبد الله بن سفيان مؤلّف الهادي، وأبا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المقرئ، وأبا الحجّاج يوسف بن علي بن حمدان، وأبا عبد الله الخولاني، وأبا محمد عبد الله بن محمد بن السّيد البطليوسيّ. وأما عبد الملك، ورحمة، وسليمان، وابن جامع، وابن حمدان، فمجاهيل أو لم يكونوا موجودين في الدّنيا، بل هي أسماءٌ موضوعة لغير موجود! وأما محمد بن عبد الرحمن، فإنه توفّي بعد الخمسمائة.

وذكر له شيخنا أبو حيّان ترجمة، ثمّ قال: ثم الّذين أرّخوا في علماء أهل الأندلس ذكروا أبا محمد - هذا - شيخ ابن عيسى فلم يذكروا في شيوخه أحداً من هؤلاء، هذا مع علمهم، واطّلاعهم على أحوال أهل بلادهم.

ثم قال: أخبرنا الخطيب أبو عبد الله بن صالح الكنانيّ الشاطبيّ إجازةً، وغيره عن الحافظ أبو

عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعيّ عرف بالأبّار صاحب كتاب التكملة، قال: عبد الله بن محمد بن خلف بن سعادة الأصبحي من أهل دانية يكنى أبا محمد، سمع أبا بكر بن نمارة، ولازم ببلنسية أبا الحسن سعد الخير، ثمّ رحل إلى المشرق، فسمع بالإسكندرية من أبوي الطّاهر السّلفيّ وابن عوف، وغيرهما. حدّث عنه أبو القاسم عيسى ابن الوجيه أبي محمد عبد العزيز الشّريشيّ وحمّله الرواية عن قومٍ لم يرهم ولا أدركهم وبعضهم لا يعرف، وذلك من أوهام هذا الشيخ عيسى واضطّرابه في روايته، وسمع أيضاً من أبي عبد الله الحضرميّ، وأبي القاسم عليّ بن مهديّ الإسكندرانيّ، وأكثر عنهم.

إلى أن قال شيخنا أبو حيّان: وأبو عبد الله الأبّار متى عرض له في تاريخه ذكر أبي القاسم بن عيسى يحذّر منه حتى إنّه يذكره في موضع وقال: إنما أكرّر الكلام عليه ليحذر منه، أو قريباً من هذا المعنى أو نحوه. وذكره أيضاً أنه نسب دواوين شعر لناسٍ ما نظموا حرفاً قطّ ولا علم ذلك منهم.

ثمّ قال أبو حيّان: فانظر إلى ابن عيسى كيف ادّعى أنه قرأ على ابن سعادة القرآن بنحوٍ من خمسين كتاباً!! وأنه قرأ منها أربعة وثلاثين كتاباً؟! ونسبته إلى الرواية عن هؤلاء المشايخ الذين ما ذكر أحدٌ أنه روى عن واحدٍ منهم، بل أكثر ما ذكر له الأبّار رجلان من أهل الأندلس ابن نمارة، وابن سعد الخير - نعوذ بالله من الكذب والخذلان - وآخر من روى القراءآت تلاوةً عن واحد عن أبي عمرو الدّاني فيما علمنا أبو الحسن بن هذيل، وتوفّي سنة أربعٍ وستين وخمسمائة، فكيف يكون ابن سعادة يحدّث بالتّلاوة عن واحدٍ عن أبي عمرو وكان حيّاً في سنة ثلاثٍ وسبعين؟ وربما عاش بعد ذلك سنين.

قال: وأما الرجل الآخر الذي روى عنه أبو القاسم بن عيسى القراءآت، فهو أبو الحسن مقاتل بن عبد العزيز بن يعقوب، قال: قرأت عليه التّجريد لابن الفحّام وبما تضمّنه، حدّثني به عن مؤلّفه. وبهذا السند قرأت عليه مفرداته العشر، وقرأت عليه كتاب تلخيص العبارات لابن بلّمية، وتلوت عليه بما تضمّنه، حدّثني به عن مؤلّفه، وتلوت عليه بكتاب العنوان، حدّثني به عن الحسن بن خلف، عن مؤلّفه، وعن ابن مؤلّفه، عن أبيه. قال ابن عيسى: وتلوت عله وعلى غيره من المقرئين بكتبٍ كثيرة لا تسع هذه الإجازة، وهي مذكورة في كتبا التّبيين في ذكر من قرأ عليه ابن عيسى من المقرئين. ومن هذه الكتب والكتب التي بقيت ولم نذكرها

التي تلوت بها على بقية شيوخي هي التي خرّجت منها سبعة آلاف رواية التي تلوت بها.

قال أبو حيّان: ومقاتل بن عبد العزيز - هذا الذي ذكره - أنه روى عن ابن الفحّام، وابن بلّمية لا نعلمه إلاّ من جهة ابن عيسى فينبغي أن يبحث عن مقاتل أكان موجوداً؟ وليس ذلك.

لأن يصحّ إسناد ابن عيسى عنه، فإنّ إسناداً فيه ابن عيسى لن يصحّ أبداً.

قلت: أقطع بأنّ رجلاً اسمه مقاتل منعوتٌ بأخذ القراءآت عن الأربعة المذكورين والحالة هذه لم يوجد أبداً ولا خلق قطّ. وقد طال الخطاب في كشف حال الرّجل. وبدون ما ذكرنا يترك الشخص، أما خاف من الله إذ زعم أنه صنّف كتاباً فيه سبعة آلاف رواية؟ فوالله إنّ القرّاء كلهم من الصّحابة إلى زمانه - أعني الذين سمّوا من أهل الأداء في المشارق والمغارب ودوّنوا في التّواريخ - لا يبلغون سبعة آلاف بل ولا أربعة آلاف وأنا متردّدٌ في الثلاثة آلاف هل يصلون إليها أم لا؟ هذا أبو القاسم الهذليّ الذي لم يرحل أحدٌ في القراءآت ولا في الحديث مثله، وله مائة شيخ قرأ عليهم القرآن، جمع في كتابه الغثّ والسّمين، والمشهور والشاذّ، والعالي والنازل، وما تحلّ القراءة به وما من خمسين رواية من ألف طريق، وقد يكون الطريق مثل أن يروي مسلم الحديث عن قتيبة، عن الليث، وعن عبد الملك بن شعيب بن اللّيث، عن أبيه، عن الليث، فيسمّي ذلك طريقين.

وقد تفرّد القاضي تقيّ الدين سليمان بالإجازة منه.

وتوفّي في سابع جمادى الآخرة.

وما أنا ممّن يتّهم بالحطّ على ابن عيسى، فلو كنت مداهناً أحداً لداهنت في أمره، لأنّني قرأت التّيسير في مجلس على سبط زيادة بأصل سماعه منه. قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن خلف، أخبرنا ابن عبد القدّوس عن مؤلّفه، فوددت لو ثبت لي هذا الإسناد العالي، ولكنّه شيء لا يصحّ. وأمّا إجازته من الشريف الخطيب، فصحيحة - إن شاء الله - قد سمع بها الحافظ ابن النّجّار، وغيره.

وقرأت كتاب العنوان في القراءآت على سبط زيادة، بسماعه من ابن عيسى، بإجازته من الخطيب. أخبرنا أبو الحسين الخشّاب، أخبرنا المصنّف.

 

حرف الغين

غالب بن محمد بن غالب بن حبيش - فتح الحاء وشين معجمة. وأبو عمرو، اللّخميّ،

الأندلسيّ، المقرئ، نزيل دمشق.

روى عن أبي القاسم عبد الرحمن بن حبيش، وعن: الخشوعيّ، والقاسم بن عساكر، والقاضي محيي الدّين محمد ابن الزّكي.

وتصدّر للإقراء بجامع دمشق. وكان رجلاً صالحاً.

توفي في ذي الحجّة.

 

حرف الفاء

فرحة بنت أبي سعد بن أحمد بن تميرة.

أمّ عليّ، البغدادية.

قال ابن النّجّار: امرأةٌ صالحةٌ، سمعت من هبة الله ابن الشّبليّ. توفّيت في ثامن ربيع الأوّل.

قلت: روى عنها ابن النجّار، وإبراهيم بن مسعود الحويزيّ.

 

حرف الميم

محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف بن عليّ.

منتجب الدّين، أبو عبد الله، الماكسانيّ، ثم الدّمشقيّ.

روى عن: أبي القاسم بن عساكر.

وسمع منه: عمر ابن الحاجب، وقال: كان لا بأس به.

وحدّثنا عنه الشّرف بن عساكر.

ومات في سابع جمادى الآخرة.

 

محمد بن أبي البركات بن أبي السعادات بن صعنين.

أبو بكر، الحريميّ، الصيّاد.

سمع: أبا المعالي الجبّان، وابن البطّي، وجماعة.

وقال ابن النجّار: كتبت عنه. وكان ديّناً، فقيراً، يأكل من كسب يده. مات في ذي الحجّة سنة 628.

 

محمد ابن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد العليّ، الفقيه. شرف الدّين،

الشافعيّ، المصريّ.

أحد أئمّة الحديث ببغداد. ولد سن نيّفٍ وسبعين وخمسمائة.

وكان أبوه من مشايخ بغداد وصلحائها، فعني أبو بكر بطلب الحديث.

وسمع من يحيى بن بوشٍ وهو أكبر شيخٍ له. وفاته ابن كليب وأضرابه. ثمّ سمع سنة ستمائة أو بعدها من: عبد الوهّاب بن سكينة، وعمر بن طبرزد، وأحمد بن الحسن العاقوليّ، وأبي الفتح المندائيّ، وابن الأخضر، والحافظ عبد الزّاق بن عبد القادر، ومحمد بن عليّ القبّيطيّ، وعليّ بن المبارك بن جابر، وجماعة.

ورحل إلى إصبهان فسمع بإصبهان من عفيفة الفارقانيّة، وزاهر بن أحمد الثّقفيّ، والمؤيد ابن الإخوة، وأبي الفخر أسعد بن سعيد بن روحٍ، ومحمود بن أحمد المضريّ، وعائشة بنت معمر، وطائفة. وسمع بنيسابور من: منصور الفراوي، والمؤيّد الطّوسيّ، وزينب الشّعرية، وبحرّان من عبد القادر الرّهاويّ، وبدمشق من أبي اليمن الكنديّ، وأبي القاسم ابن الحرستانيّ. وبحلب من الافتخار الهاشميّ، وبمصر من الحسين بن أبي الفخر الكاتب، وعبد القويّ ابن الجبّاب.

وبالإسكندرية من محمد بن عماد، وجماعة. وبدمنهور، ودنيسر، ومكّة، وغير ذلك.

ونسخ، وحصل الأصول، وصنّف، خرّج. وكان إماماً ضابطاً، متقناً، صدوقاً، ثقةً، حسن القراءة، مليح الكتابة، متثبتاً فيما ينقله. له سمتٌ ووقار، وورعٌ وصلاحٌ. وكان قانعاً باليسير، قفا أثر أبيه في الزهد والتّقشف.

سئل عنه الضياء، فقال: حافظٌ، ديّنٌ، ثقةٌ، صاحب مروءة وكرم.

وقال في البرزاليّ: ثقةٌ، ديّنٌ، مفيدٌ.

قلت: سمع منه السيف ابن المجد، والزكيّ المنذريّ، وعبد الكريم بن منصور الأثريّ، والشرف حسين بن إبراهيم الإربليّ الأديب، وأبو الفتح عمر ابن الحاجب، وأخوه عثمان، وأبو الفرج عبد الرحمن بن محمد ابن الحافظ عبد الغنيّ.

وحدّث عنه: ابنه أبو موسى اللّيث، وعزّ الدّين أحمد بن إبراهيم الفاروثي. وأجاز لجماعة من شيوخنا آخرهم فاطمة بنت سليمان.

وهو مؤلّف كتاب التقييد في معرفة رواة الكتب والمسانيد وهو مجلّد مفيد. وصنّف المستدرك على إكمال ابن ماكولا في مجلّدين دلّ على براعته وحفظه. وقال الأمير في الإكمال: هو سليمان بن داود، فأخطأ وأظنّ أنه نقله من تاريخ الخطيب، فإنّ الخطيب ذكره في تاريخه على الوهم أيضاً. وقد ذكره على الصّواب في ترجمة أبي شهاب عبد ربّه الحنّاط.

وقال أبو أحمد الحاكم في الكنى: أبو داود المباركيّ: هو سليمان بن محمد، كنّاه وسمّاه لنا أبو بكر عبد الله بن محمد الإسفرايينيّ، سمع أبا شهاب عبد ربّه بن نافع.

ثمّ قال ابن نقطة: روى عن المباركيّ جماعة، فسمّوا أباه محمداً منهم: خلف البزّاز - وهو من أقرانه - ، وعبد الله بن أحمد، وموسى بن هارون، والحسن بن عليّ المعمري، وإسحاق بن موسى الأنصاريّ، وأبو يعلى الموصليّ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار. وقد أوردنا لكلّ رجل منهم حديثاً في كتابنا الموسوم بالملتقط ممّا في كتب الخطيب وغيره من الوهم والغلط.

قلت: وسئل عن نقطة فقال: هي جارية عرفنا بها ربّت لجدّ أبي.

توفّي في الثاني والعشرين من صفر ببغداد وهو في سنّ الكهولة.

 

محمد بن عليّ بن عطّاف. أبو عبد الله، البغداديّ، الحدّاد.

يروي عن: عبد الحقّ اليوسفيّ.

مات في جمادى الأولى. ويعرف بسهوة.

 

محمد بن عليّ بن محمد ابن الجارود. القاضي، أبو عبد الله، المارانيّ، الكفرعزيّ. قاضي

إربل.

كان فقيهاً، عالماً، متصوّناً، عفيفاً.

وتوفّي في جمادى الآخرة، وقد جاوز الثمانين.

وله شعر جيّد فمنه: لا تكثـر الـلّـوم فـي عـذلـي وفـي فـنـديوقـل عـنّـي فـمـا أصـغــي إلـــى أحـــد

هلاّ نـهـضـت إلـى عـذلـي ومـا قـدحـتنـار الـصّـبـابة بـالأشـواق فـي كــبـــدي

أيّام أغـدو خـلـيّ الــقـــلـــب فـــي دعةٍمن الغرام وحـكـمـي فـي الـهـوى بـيدي

 

محمد بن عليّ بن خليد. أبو الفرج، الكاتب.

شيخٌ أديبٌ، أخباريٌ، عالمٌ. اختصر كتاب الأغاني.

وخدم ببغداد في عدّة جهات. وصنّف في علم الدّيوان والحساب مصنّفاً وذكر فهي جماعة من الكتّاب، وجعل الأمثلة ثلاثة وثلاثين مثالاً. وكان ابن حمدون قد وضع الأمثلة تسعةً وثمانين مثالاً، فلم يخلّ ابن خليد بشيء منها ممّا يحتاج إليه، فذكر صناعة التعديلات، والصياغات، الاستعمالات ثمّ ذكر الفلاحات، وعلاج الغلاّت، وكيفية الشذور وغير ذلك.

توفّي في شوّال.

 

محمد بن عليّ بن منصور البغداديّ.

القاضي، أبو عبد الله، الحنفيّ.

ناب في القضاء ببغداد عن ابن مقبلٍ، ودرّس، وأفاد.

أنشد لبعضهم: وكـلّ أخٍ يشـكـــون إلـــيّ خـــصـــاصةًفـهـل مـن أخٍ أشـكـو إلـيه خـصـاصـتـي

ومن كان يشكـو مـا مـضـى مـن زمـانـهفـشــكـــواي مـــن حـــالٍ وآتٍ وفـــائت

 

محمد بن عليّ بن رمضان، الفقيه. أبو عبد الله، الكرديّ، الزّرازريّ، الشافعيّ، نزيل

حلب.

شيخٌ معمّرٌ. ولد بدمشق في سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة.

وحدّث عن يحيى الثّقفيّ. روى عنه مجد الدّن ابن العديم، وسنقر القضائي، وغيرهما. وتوفّي يوم عيد النحر.

وقال ابن الظّاهريّ: توفّي في حدود الأربعين وستمائة.

 

محمد بن عمر بن أحمد بن عليّ بن عمارة.

أبو عبد الله وأبو عمر، الحربيّ، النجّار.

سمع من يحيى بن ثابت. وحدّث. روى عنه ابن النجار، وغيره.

وتوفّي في نصف شعبان.

 

محمد بن غازي الموصليّ، ويعرف بالفقاعيّ.

شربدار الست ربيعة خاتون أخت الملك العادل. له شعرٌ حسن.

 

محمد بن محمد بن يوسف بن أحمد بن جهورٍ.

أبو بكر، الأزديّ، المرسيّ، الأديب.

سمع: أبا القاسم بن الجنيد، وأبا عبد الله بن حميد. وأجاز له السّلفيّ.

ورحل إلى قرطبة، فصحب أبا الوليد بن رشدٍ المتكلّم وناظر عليه. ولقي أبا بكر بن الجدّ، وأبا زيد السّهيلي.

وكان شاعراً مترسّلاً.

محمد بن محمد بن جعفر بن عليّ. القاضي، العالم، الزّاهد، أبو السعود، البصريّ.

ولد سنة ثمانس وأربعين وخمسمائة.

وسمع من: عبد الله بن عمر بن سليخ، وأبي جعفر المبارك بن محمد المواقيتي. وتفقّه على أبي القاسم يحيىب ن فضلان. وناظر وتكلّم في مسائل الخلاف. وسمع ببغداد من شهدة، وجماعةٍ. وبواسط من أبي جعفر هبة الله بن البوقي، وأبي طالب الكتّانيّ.

وحدّث بالبصرة، ودرّس بها، وناب في القضاء مدة ثمّ تركه.

وكان ورعاً، وصالحاً، محمود السيرة، أثنى عليه غير واحد.

وروى عنه: القاضي شمس الدين محمد بن عليّ بن عتيق البصريّ المعروف بابن الزاهد شيخٌ للفرضيّ. وروى عنه بالإجازة أبو المعالي الأبرقوهيّ.

ومات في سادس جمادى الآخرة.

 

محمد بن محمد بن عبد الكريم.

أبو الفضائل، القزوينيّ، ثم البغداديّ.

تفقّه ببغداد في مذهب الشافعيّ، وسمع من أبي السعادات القزّاز. وحدّث.

قال ابن النجّار: أبو الفضائل الشافعيّ، - من بيتٍ مشهور بقزوين - سمع أباه أبا الفضل، وسافر إلى إصبهان، والريّ، زنجان، وأذربيجان. وتفقّه على ابن فضلان. ونفذ رسولاً من الدّيوان إلى بعض النّواحيّ. وكان فاضلاً، ديّناً، له معرفةٌ بالحديث.

مات في جمادى الأولى.

 

محمد بن منصور بن عبد الله بن منصور بن عبد المحسن الأنصاريّ. شمس الدّين، أبو

عبد الله، النابلسيّ، الكاتب، ويعرف بصدر الباز.

سمع من أسعد بن حمزة ابن القلانسيّ. وكان موصوفاً بسلامة الصّدر.

زعم أنه سمع أيضاً من أبي القاسم بن عساكر. مات في ذي الحجّة.

وقد روى عنه بالإجازة شيخنا قاسم بن عساكر.

 

محمد بن أبي جعفر منصور بن فارس بن أحمد بن هبة الله بن محمد. الشريف الصالح،

أبو الفضل، ابن المهتدي بالله، الهاشمي، الصّوفيّ.

ولد سنة سبعٍ وخمسين.

وسمع: من يحيى بن ثابت، وأحمد بن المقرّب، وأبي بكر بن النقور، وغيرهم. وحدّث.

ويعرف بابن الخطيف وهو لقب لجدّهم. توفّي في حادي عشر رجب.

روى عنه ابن النّجّار وقال: كان شيخاً صالحاً، منقطعاً برباط بهروز.

قلت: أجاز لجماعةٍ منهم: تاج الدّين إسماعيل بن قريش، وفاطمة بنت سليمان.

 

محمد ابن الشريف الخطيب أبي الفتوح ناصر بن الحسن.

عزّ القضاة، أبو عبد الله، الحسينيّ، الزّيديّ، المصريّ.

سمع من والده.

ومات في جمادى الأولى، وله ثمان وثمانون سنة.

قال الحافظ عبد العظيم: ما علمت أحداً سمع منه لما كان عليه.

 

محمد بن يوسف بن حسّان بن الحسن الكنديّ.

ولد بحمص في سنة أربع وخمسين وخمسمائة.

وحدّث بالمزّة ظاهر دمشق عن الأديب أبي الفرج عبد الله بن أسعد ابن الدّهان النحوي بشيءٍ من شعره. ومات بالمزّة.

 

مسعود ب عثمان بن الخضر. رفيع الدّين، أبو عبد الله، الشراهي، الجنداذيّ، الصّوفيّ.

سمع من: خليل الرّارانيّ، وأبي المكارم اللبّان، والكرّانيّ، وغيرهم بإصبهان.

وحدّث بحلب. روى عنه: مجد الدّين ابن العديم، والأمين أحمد ابن الأشتري، والكمال أحمد ابن النّصيبيّ، وأخوه محمد. وتوفّي بمنبج.

 

مضر بن أبي المفاخر أحمد بن ناصر بن عبد الله.

الشريف، أبو الفضائل، الهاشميّ، البغداديّ.

حدّث عن أبي طالب بن خضير. وتوفّي في المحرّم.

 

مكّي بن خالد. أبو الحرم، المصريّ، الكاتب المجوّد الملقّب بفخر الكتّاب.

جوّد عليه بمصر جماعةٌ. وكان مليح الخط، جيّد التّوقيف.

وحدّث بشيءٍ من شعره. وطال عمره، وعاش سبعاً وثمانين سنة.

وما في صفر.

 

حرف النون

نصر الله وهبة الله. أبو الفتح بن صالح بن عبد الله المصريّ، الغضاريّ، أعزّ الدّين، ابن

أخي نقّاش السّكة.

روى عن السّلفي. روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، وعمر ابن الحاجب.

توفّي في ربيع الآخر.

 

نهاية بنت صدقة بن عليّ بن مسعود، الواعظة، العالمة.

أمة العزيز، بنت الشيخ أبي المواهب الضرير، المقرئ المعروف بابن الأوسيّ. سمعت من شهدة الكاتبة.

وتوفّيت في ذي القعدة.

 

الكنى

أبو بكر بن يوسف بن يحيى بن عمر بن كامل.

عفيف الدّين، المقدسيّ، الكاتب.

أخو عمر خطيب بيت الأبّار. كان يتعانى الكتابة.

وروى عن يحيى الثّقفيّ. روى ...

وتوفّي في ربيع الآخر.

 

أبو القاسم بن أحمد السمّذيّ. مرّ في الألف.

أبو القاسم بن إبراهيم بن ... ، علم الدّين، ابن النحّاس، الدّمشقي.

شابٌّ، ديّن، فاضل، مشتغل. سمع الكثير من طبقة ابن البن، وابن أبي لقمة. ودفن بالجبل.

 

وفيها ولد

البدر حسن بن عليّ ابن الخلال.

والفخر إسماعيل بن نصر الله بن عساكر.

وابن عمّه البهاء أبو محمد القاسم بن محمود. ثلاثتهم في صفر بدمشق.

وأبو جعفر عبد الرحمن بن عبد الله ابن المقيّر ببغداد.

والشمس أبو نصر محمد بن محمد بن محمد ابن الشّيرازيّ، في شوّال.

والنّجم إسماعيل بن إبراهيم ابن الخبّاز.

والمجد سالم بن أبي الهيجاء، قاضي نابلس.

والعلم محمدبن نصير ابن الأصفر.

والمجد عبد الله بن محمد بن محمد الطّبريّ، إمام الصّخرة.

وفخر الدّين عثمان بن عليّ ابن بنت أبي سعد المصريّ.

والزّين عليّ بن محمد بن منصور بن المنيّر الإسكندراني، أخو ناصر الدّين.

والشيخ أحمد بن زكري بن أبي العشائر الماردينيّ، سمع ابن مسلمة.

 

وفيات سنة ثلاثين وستمائة

حرف الألف

أحمد بن أبي الحسن بن أحمد بن حنظلة.

أبو العباس، البغداديّ، الكتبيّ.

سمع أبا الحسين عبد الحقّ.

وعنه ابن النجّار وقال: لا بأس به. توفّي في رجب.

 

أحمد بن محمد بن أحمد بن بشير. الأستاذ، أبو جعفر، الجيّاني، المقرئ، خطيب جيّان.

أخذ القراءآت عن أبي عليّ الحسن بن عبد الله السّعديّ صاحب أبي جعفر ابن الباذش. وسمع منه الموطّأ.

أخذ عنه ابن مسدي. عاش ستاً وستين سنة.

 

إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن سليمان. القاضي الجليل،

بهاء الدين، أبو إسحاق، التّنوخيّ، المعرّيّ، ثم الدمشقيّ، الفقيه، الشافعيّ، الخطيب.

ولد بدمشق سنة خمسٍ وستّين وخمسمائة.

وسمع من أبيه، ومن: ابن صدقة الحرّانيّ، والخشوعيّ. ومع ولده تقيّ الدين إسماعيل من جماع. ودرّس، وحدّث.

وتفقّه على الخطيب ضياء الدّين الدّولعيّ. وله إجازة من شهدة.

وكان صدراً فاضلاً، محتشماً، أديباً، كاتباً مترسّلاً، شاعراً، كثير المحفوظ، مليح الإنشاء، مداخلاً للدولة.

روى عنه: الزكيّ البرزاليّ، والمجد ابن الصاحب العديميّ، والشهاب القوصيّ.

وقال القوصي: كان فاضلاً مكمّلاً، وصدراً مجمّلاً، ترسّل عن الملك العادل، وحصّل العلوم،

واجتهد في طلبها، وحصّل الفقه في صدر عمره، مع ما تحلّى به من حسن الكتابة والبلاغة.

أنشدني لنفسه - وكان قد ولي فضاء المعرّة وهو ابن خمسٍ وعشرين سنة، فأقام في القضاء خمس سنين - .

وليت الحكـم خـمـسـاً هـنّ خـمـسٌلعـمـري والـصّـبـا فـي الـعـنـفـون

فـلـم تـضـع الأعـادي قـدر شـانــيولا قـالـوا فــلانٌ قـــد رشـــانـــي

وقال ابن الحاجب - بعد مدحه - : ترك الفقه والحديث، واشتغل بالولاية والتّصرف. ولم يكن محمود السيرة. وكان عنده بذاذة وفحشٌ. ومات في منتصف المحرّم.

قلت: آخر من روى عنه بالإجازة تاج العرب بنت علاّن.

 

إبراهيم بن نصر بن إبراهيم بن محمد.

الأمير الأجل، نجم الدّين، ابن الحمصيّ.

ولد سنة سبعٍ وخمسين. وسمع من أبي القاسم عليّ بن الحسن الحافظ.

وحدّث بدمشق، ثم سكن مصر، وولي شدّ الدّواوين.

وتوفّي بآمد في نصف المحرّم أيضاً.

 

أسماء بنت إبراهيم بن سفيان بن مندة.

أخت أبي الوفاء محمود. ماتت في شوّال بإصبهان.

 

إسماعيل بن سليمان بن أيداش. الشيخ الأجلّ، شمس الدّين، أبو طاهر، الدّمشقيّ، الحنفيّ،

ابن السّلار.

حدّث عن: الصائن هبة الله بن عساكر، وأبي محمد عبد الخالق بن أسد.

ولد في رجب سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.

وأصله من حمص، وكان يعرف بالرصّاص. وكان من بيت إمرةٍ وتقدّم. ثم ترك الخدمة، ولازم الجماعات. وكان محبّاً لفعل الخير والفقراء، كثير البرّ.

ترجمه ابن الحاجب وكتب عنه. وروى عنه: أبو حامد ابن الصّابونيّ، وأبو الفضل بن عساكر، وغيرهما.

ومات في رابع ذي القعدة.

 

حرف الباء

بلد بن سنجار بن بلد. أبو نصر، الضّرير، المقرئ، شيخ بغداد.

حدّث عن المبارك بن علي الحلاوي. ومات في ذي القعدة.

 

بكر بن إبراهيم بن مجاهد. أبو عامر، الإشبيليّ، الظّاهريّ.

سمع: ابن الجدّ، وأبا عبد الله بن زرقون.

أخذ عنه ابن مسدي، وقال: مات في ذي الحجّة عن بضعٍ وثمانين سنة.

 

حرف الحاء

حسّان بن رافع بن سمير العامريّ. أبو النّدى، الدّمشقيّ.

إمام مسجد قصر حجّاج.

حدّث عن أبي الحسين أحمد ابن الموازينيّ.

وكان رجلاً صالحاً، خيّراً. وهو والد خطيب المصلّى.

مات في ثالث رجب، وشيّعه خلقٌ كثير إلى الجبل.

 

الحسن بن أحمد بن يوسف.

الزّاهد، القدوة، أبو علي، الإوقيّ.

منسوب إلى أوه، قاله: عبد القادر الرّهاويّ، وهي من أعمال العجم.

سمع الكثير من السّلفيّ، وسمع من عبد الواحد بن عسكر، والمفضّل ابن عليّ المقدسيّ، ومحمد بن عليّ بن محمد الرّحبيّ، والمشرف بن المؤيّد الهمذانيّ.

وأقام بالقدس أربعين سنةً. وكان زاهداً، عابداً، قانتاً، كثير المجاهدة. من أصحاب الأحوال والمقامات، ما له شغلٌ إلا التلاوة والانقطاع بالمسجد الأقصى.

قال عمر ابن الحاجب: سألت أبا عبد الله البرزاليّ عنه فقال: زاهد أهل زمانه، كثير التلاوة والعبادة والاجتهاد، معرضٌ عن الدنيا، صليبٌ في دينه.

قلت: وكان له أجزاء يحدّث منها.

روى عنه: الضياء، والكمال ابن الدّخميسي، والكمال العديميّ وابنه أبو المجد، والقاضي محمد بن محمد بن صاعد، والرضي أبو بكر القسنطيني، وأبو المعالي الأبرقوهيّ، وغيرهم.

توفّي الإوقيّ - بكسر الهمزة - في عاشر صفر.

 

الحسن بن عبد الله بن محمد بن أحمد.

أبو المعالي، الأنباريّ، العدل، المعروف بابن الخلاّل.

سمع من: عبيد الله بن اشاتيل، ونصر الله القزّاز. وكان شيخاً صالحاً، عابداً، متنسّكاً، صحب الصّالحين.

توفّي في رمضان.

 

الحسن ابن الأمير السيّد أبي الحسن علي ابن المرتضى أبي الحسين بن عليّ. الأمير، أبو

محمد، العلويّ، الحسينيّ، البغداديّ.

روى عن الحافظ محمد بن ناصر كاتب الذّرية الطاهرة للدّولابيّ.

وهو آخر من سمع من ابن ناصر، وسمع من هبة الله الدّقّاق.

وعاش ستاً وثمانين سنة، وتوفّي في الخامس والعشرين من شعبان.

وكان شريفاً، سرياً، محتشماً، كبير القدر.

روى عنه: أبو نصر محمد بن المبارك المخرّمي شيخٌ للفرضيّ، وأبو العباس الفاروثيّ، والعماد إسماعيل ابن الطبّال - وهو آخر من روى عنه بالسّماع - ، والرشيد محمد بن أبي القاسم.

وروى لنا عنه بالإجازة جماعةٌ من آخرهم القاضي تقيّ الدّين.

وسماعه من ابن ناصر في السنة الخامسة من عمره.

وهو من ذرّية جعفر بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب.

وكان يسكن بالجوسق، ويجيء أحياناً إلى بغداد.

 

الحسن بن عليّ بن ألفكون. أبو علي، القسنطينيّ.

رئيس الكتّاب، وعلم الآداب.

قال ابن مسدي: انقاد العلم إلى بنانه، وسلّم قسٌّ إلى بيانه، فبذّ أهل زمانه نظماً ونثراً، ونفث في الأسماع سحراً. لقيته ببجاية، ومات على رأس الثلاثين، وله نيّف وستون سنة.

 

الحسنة، أمّ الكمال، بنت القاضي عليّ بن عثمان القرشيّ المخزوميّ.

توفّيت في المرحّم عن خمسٍ وستّين سنة.

وروت بالإجازة عن شهدة، وعبد الحقّ، وغيرهما. وتوفّيت بالقاهرة.

 

الحسين بن أبي البركات محمد بن أبي الفتوح عبد القاهر بن محمد بن عبد الله بن يحيى

ابن الوكيل. العدل، المحتسب، أبو عبد الله، الكرخيّ، الشّطويّ.

سمع حضوراً من جدّه، وسمع من: أبيه، وأبي الفرج محمد بن أحمد ابن نبهان. وهو من بيت حديثٍ وتقدّم ببغداد. مات في شعبان.

روى عنه ابن النّجّار وقال: كان أديباً، جم تاريخاً ذيّل به على ابن جرير. وطلب بنفسه.

 

حميراء بنت إبراهيم بن سفيان بن إبراهيم بن عبد الوهّاب ابن الحافظ ابن مندة،

الإصبهانيّة.

أخت أبي الوفاء محمود، كانت أكبر من أخيها. سمعت حضوراً من أبي الوقت، وسماعاً من غيره.

وتوفّيت في جمادى الأولى بإصبهان.

روى عنها بالإجازة أبو الفضل بن عساكر، والقاضي تقيّ الدّين سليمان، وغيرهما.

 

حرف الخاء

خلف بن محمد بن شمدون.

أبو سعيد، الأنصاريّ، خطيب توزر.

كان من العبّاد والعلماء. رحل إلى البلاد، وسمع. وكان سريع القلم جداً. كتب تاريخ ابن جرير مرّات، وتاريخ ابن عساكر.

سمع من السّلفيّ يسيراً، ومن ابن الجوزيّ، ومن العماد الكاتب تواليفه.

أخذ عنه ابن مسدي وأرّخه.

 

حرف الراء

رضوان بن عبد الحق بن عبد الواحد.

أبو النّعيم، الأنصاريّ، الحنبليّ.

سمع: ابن صدقة الحرّانيّ. وأجاز له التّرك. كتب عنه ابن الحاجب. وأجاز للبهاء بن عساكر عامّاً.

توفّي في ربيع الأوّل عن ستٍّ وسبعين سنة.

 

حرف السين

سليمان بن محمود بن أبي غالب.

القاضي الأجلّ، فخر الدّين، الدّمشقيّ، الكاتب.

كان أديباً منشئاً، وقوراً، حسن السّمت، وافر العقل. كتب في الديوان العادليّ والدّيوان الكامليّ كتابة الإنشاء مدّة. وله شعر حسن.

وتوفّي بظاهر حرّان في ربيع الأوّل.

 

حرف الشين

شريفة بنت إبراهيم بن سفيان بن مندة.

ماتت في ذي القعدة بعد أختيها أسماء وحميراء.

 

حرف الصاد

صالح بن بدر بن عبد الله.

الفقيه، تقيّ الدّين، المصريّ، الزّفتاويّ، الشافعيّ.

تفقّه على الشهاب محمد بن محمود الطّوسيّ.

ودخل الثّغر وسمع من: أبي الطاهر إسماعيل بن عوف، وعبد المجيد بن دليل، وبمصر من البوصيريّ.

وأفاد، وأعاد، وناب في القضاء، ودرّس.

وزفتا: بليدةٌ من بحريّ الفسطاط.

توفّي في ذي القعدة، وهو من أبناء السبعين.

 

حرف العين

عبد الخالق بن عبدي الله بن أحمد بن هبة الله المنصوريّ.

سمع من ابن كليب. وحدّث.

 

عبد الرحمن بن سلامة بن نصر بن مقدام.

أبو محمد، المقدسيّ، المقرئ، الصّالحيّ.

شيخٌ صالحٌ، ديّن. ولد سنة ثلاثٍ وخمسين.

وسمع من: أبي المعالي بن صابر، والفضل ابن البانياسيّ، ومحمد بن حمزة القرشيّ. روى عن الضياء، والزكيّ البرزاليّ.

توفّي في العشرين من المحرّم.

عبد الرحمن بن أبي المجد فاضل بن عليّ.

الفقيه، أبو القاسم، الإسكندرانيّ، المعروف بابن السّيوري.

رحل إلى بغداد، وقرأ بواسط القراءآت. وسمع ببغداد من أحمد بن علي الغزنويّ، وأبي الحسن عليّ بن محمد ابن السقّاء، وجماعة، وبدمشق من زين الأمناء أبي البركات.

وحدّث بمصر والإسكندرية. وكان بصيراً بالقراءآت واختلافها.

مات في صفر.

 

عبد الرحمن بن محفوظ بن أبي بكر بن أبي غالب بن البزن. أبو بكر، البغداديّ، الحنبليّ،

المقرئ، الرجل الصّالح.

سمع من شهدة، وعبد الحقّ، ويحيى بن يوسف السّقلاطوني. وحدّث.

توفّي في رجب. روى لنا عنه بالإجازة القاضي تقيّ الدين سليمان.

 

عبد العزيز بن أبي الفتح أحمد بن عمر بن سالم بن محمد بن باقا. العدر، صفيّ الدين، أبو

بكر، البغداديّ، الحنبلي، التّاجر، السّيبيّ الأصل.

ولد في رمضان سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة.

وسمع من: أبي زرعة، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النّقور، وعليّ بن عساكر البطائحيّ، وعليّ بن أبي سعد الخبّاز، وأبي الحسين عبد الحقّ، وأحمد بن محمد بن بكروس، وأخيه عليّ بن محمد.

وسكن مصر وشهد عند قاضي القضاة عبد الملك بن درباس، وغيره.

وكان شيخاً حسناً، كثير التلاوة. حدّث بالكثير.

روى عنه: ابن نقطة، والزكيّ المنذريّ، ومحمد بن عثمان الشّارعيّ، والرشيد عمر الفارقيّ، وداود بن عبد القويّ، ومحمد بن إبراهيم الميدوميّ، ومحمد بن عبد المنعم ابن الخيميّ الشاعر، وأخوه إسماعيل، والنّجيب محمد بن أحمد الهمذانيّ، والنّور عليّ بن نصر الله ابن الصوّاف الخطيب، ومحمد بن عبد المنعم بن شهاب.

وحدّثنا عنه: الشهاب الأبرقوهيّ، ومحمد بن عبد القويّ بن عزّون، وجعفر بن محمد الإدريسيّ، وجبريل بن الخطّاب، ومحمد بن صالح الجهنيّ،وغازي بن أيوب المشطوبيّ، والزّين وهبان بن عليّ المؤذّن، وإسحاق بن درباس المارانيّ، وأحمد بن عبد الكريم الواسطيّ،

وعيسى بن عبد المنعم المؤدّب، وأبو الحسن عليّ بن عيسى ابن القيّم الكاتب. وتفرّد القاضي الحنبليّ بإجازته الآن.

وذكر ابن نقطة: أنّه سمع أيضاً من أبي المعالي أحمد بن عبد الغنيّ بن حنيفة، وقال: سمعت منه بمصر أحاديث من مسند الشافعيّ بروايته عن أبي زرعة. وسمع منه أيضاً سنن ابن ماجة القزوينيّ سوى الجزء الأول، والجزء العاشر، وأوّل المسموع أول أبواب الطهارة، وهو أول الثاني، وأول العاشر: من أعتق عبداً اشترط خدمته: آخر فضل الرّباط في سبيل الله.

وقال المنذريّ: توفّي في سحر التاسع عشر من رمضان. وقرئ عليه الحديث في ليلة وفاته إلى قريبٍ من نصف الليل، وفارقهم. وتوفّي في أواخر اللّيلة.

قلت: سمع من أبي زرعة مسند الشافعيّ، وسنن ابن ماجة بفوتٍ، وسنن النّسائيّ بفوتٍ أيضاً، وكتاب صوفة التصوّف لابن طاهر، وكتاب فضائل القرآن لأبي عبيد.

وعاش خمساً وسبعين سنة.

وذكره ابن النجّار مختصراً وقال: قرأت عليه سنن ابن ماجة، وكتبتها بخطّي عنه. وكان صدوقاً، جليلاً. قرأ في الفقه على أبي الفتح بن المنّي.

 

عبد القادر بن محمد بن سعيد بن جحدر.

القاضي، أبو محمد، الأنصاريّ، الجزري، الشافعيّ، الصوفيّ.

سمع ببغداد من محمود بن نصر ابن الشّعار. وشهد بالقاهرة، وولي القضاء بنواحي الصّعيد.

روى عنه الزكيّ المنذريّ وقال: توفّي في ثاني المحرّم، وولد بجزيرة ابن عمر في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.

 

عبد الواحد بن المسلّم بن الحسين. العدرل، تاج الدّين، ابن أبي الخوف، الحارثيّ،

الدّمشقيّ.

من بيت عدالةٍ وذكر. حدّث عن المحدّث أبي الفوارس الحسن بن شافع.

كتب ابن الحاجب عنه، وعن أخيه محمد.

 

عبدي الله بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الملك بن عمرو بن عبد العزيز بن محمد بن جعفر

بن هارون بن محمد بن أحمد بن محبوب بن الوليد بن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - الأنصاريّ، العبّاديّ، المحبوبيّ، النجاري. العلاّمة، جمال الدّين، أبو الفضل.

كان محدّثاً، مدرّساً، عارفاً بمذهب أبي حنيفة، وكان ذا هيبةٍ وعبادةٍ، وإليه انتهت رئاسة الحنفية بما وراء النهر.

أخذ المذهب عن عماد بن أبي العلاء عمر بن بكر بن محمد الزّرنجريّ البخاريّ، عن أبيه شمس الأئمة، وبرهان الأئمّة عبد العزيز بن محمد بن مازة البخاريّ، كليهما، عن شمس الأئمّة أبي بكر محمد بن أبي سهل السّرخسيّ، عن شمس الأئمة عبد العزيز الحلوائيّ البخاريّ، عن القاضي أبي بكر البخاريّ، عن الأستاذ أبي محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثيّ البخاريّ السّدمونيّ، عن أبي عبد الله بن أبي حفص أحمد بن حفص البخاريّ، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الشيبانيّ، عن أبي حنيفة.

وتفقّه أيضاً على القاضي فخر الدّين بن أبي المحاسن الحسن بن منصور بن محمود الأوزجنديّ المعروف بقاضي خان. وسمع الحديث منهما ومن أبي المظفّر عبد الرحيم ابن السّمعانيّ، وجماعة.

تفقّه عليه خلقٌ، وسمعوا منه، منهم: سيف الدّين سعيد بن المطهّر الباخرزيّ، والقاضي شرف الدّين محمد بن محمد بن محمد بن عمر العدويّ.

وقال لنا أبو العلاء الفرضيّ: روى لنا عنه جمال الدين محمد بن محمد بن إبراهيم الحسينيّ البخاريّ، الإمام شهاب الدّين أبو منصور محمد بن أبي بكر بن أبي اللّيث، والإمام معزّ الدّين محمد بن محمد الدّيزقيّ، والعلاّمة حافظ الدّين أبو الفضل محمد بن محمد بن نصرٍ البخاريّ.

ولد في جمادى الأولى سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة.

وتوفّي في جمادى الأولى أيضاً سنة ثلاثين وستمائة، وصلّى عليه ابنه شمس الدّين أحمد بكلاباذ - محلّتنا - . أنبأني بذلك الفرضيّ.

 

عثمان، الملك العزيز، ابن العادل.

كان شقيق الملك المعظّم، وهو الذي بنى قلعة الصبيبة، وكانت له هي وبانياس وتبنين وهونين.

وكان عاقلاً، قليل الكلام تبعاً لأخيه المعظّم. عامل بعد موت أخيه على قلعة بعلبك، وأخذها من الأمجد. وكتب إليه ولد الأمجد: قد نشرت لك باب السّر، فأت إلينا سحراً، فساق من الصبيبة في أول اللّيل وفي المسافة بعدٌ، فجاء بعلبك وقد أسفر وفات المقصود، فنزل مقابل قلعة بعلبك، فبعث صاحبها يستنجد بالسلطان الملك النّاصر داود، فأرسل الغرس خليل إلى العزيز يقول:

ارحل من كلّ بدّ فإن أبى، فارم الخيمة عليه. وعلم العزيز بذلك، فردّ إلى بلاده. فلمّا قصد الكامل دمشق، كان العزيز معه إلباً على الناصر، وعلم الأمجد بما فعل ولده معه، فيقال: إنّه أهلكه.

توفّي العزيز ببستانه المعروف بالنّاعمة ببيت لهيا في عاشر رمضان، ودفن بالتّربة المعظّميّة بقاسيون.

 

عليّ بن بركات بن إبراهيم بن طاهر.

أبو الحسن، ابن الخشوعيّ، الدّمشقيّ.

حدّث: عن أبيه، ويحيى بن محمود الثّقفي.

ومات في المحرّم كهلاً.

 

عليّ بن عبد الله بن عبد الرحمن بن لحسن بن علّوش.

أبو الحسن، الصّنهاجي، الفاسيّ، المغربيّ، الخطيب بمسجد الخليل. ولد بفاس في رجب سنة ثمانٍ وخمسين.

وسمع بالمغرب من جماعة، وبدمشق من الخشوعيّ، والبهاء بن عساكر، وببغداد من الحافظ ابن الجوزيّ.

كتب عنه ابن الحاجب، والزكيّ عبد العظيم. وكان إمام بلد الخليل وخطيبه.

ومات في جمادى الأولى.

 

عليّ ابن العلاّمة الحافظ جمال الدّين أبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن محمد بن عليّ.

بدر الدّين، أبو الحسن، ابن الجوزي، البغداديّ، الناسخ.

ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة في شوّال أو رمضان.

وسمع من: أبي الفتح بن البطّي، وأبي زرعة، وأبي بكر بن المقرّب، ويحيى بن ثابت، وشهدة، وجماعة.

وتكلّم في الوعظ في شبيبته، ثمّ تركه. وكان كثير المحفوظ، حلو الدّعابة، لزم اللّعب والعشرة، والبطالة مدّة، ثم في الآخر لزم النّسخ، وكان منه عيشته. وكان مطّرح التّكلف، يخدم نفسه.

وكان يتكلّم في أبيه. كتب عنه الحفّاظ.

وقال ابن نقطة - ومن خطّه نقلت - : سمعت منه، وهو صحيح السّماع، ثقةٌ، كثير المحفوظ،

حسن الإيراد. سمع صحيح الإسماعيليّ من يحيى بن ثابت، ومسند الشافعيّ من أبي زرعة.

قلت: روى عنه السّيف، والعزّ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الغنيّ، والشمس عبد الرحمن ابن الزّين، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والكمال عليّ بن وضّاح، والشمس محمد بن يحيى بن هبية نزيل بلبيس، والفاروثيّ، وجماعة. وبالإجازة الخفر إسماعيل بن عساكر، والقاضي الحنبلي، وأبو نصر ابن الشيرازيّ. مات في سلخ رمضان.

 

عليّ بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد.

العلاّمة، عز الدين، أبو الحسن، ابن الأثير أبي الكرم، الشّيبانيّ، الجزريّ، المؤرّخ، الحافظ.

أخو اللّغوي مجد الدّين صاحب النّهاية وجامع الأصول. والوزير ضياء الدّين نصر الله.

ولد بالجزيرة العمريّة سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة، ونشأ بها، ثمّ تحوّل بهم والدهم إلى الموصل، فسمعوا بها، واشتغلوا.

سمع من: خطيب الموصل أبي الفضل، ويحيى الثّقفيّ، ومسلم بن عليّ الشّيحي، وغيرهم.

وسمع ببغداد - لمّا سار إليها رسولاً - من عبد المنعم بن كليب، ويعيش بن صدقة الفقيه، وعبد الوهّاب بن سكينة.

وكان إماماً، نسّابةً، مؤرّخاً أخبارياً، أديباً، نبيلاً، محتشماً. وكان بيته مأوى الطّلبة.

وأقبل في أواخر عمره على الحديث، وسمع العالي والنّازل حتّى سمع لمّا قدم دمشق من أبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء.

وصنّف التاريخ المشهور المسمّى بالكامل على الحوادث والسنين في عشر مجلّدات، واختصر الأنساب لأبي سعد السّمعانيّ، وهذّبه، وأفاد فيه أشياء، وهو في مقدار النّصف وأقلّ. وصنّف كتاباً حافلاً في معرفة الصّحابة جمع فيه بين كتاب ابن منده، وكتاب أبي نعيم، وكتاب ابن عبد البرّ، وكتاب أبي موسى في ذلك، وزاد وأفاد. وشرع في تاريخٍ للموصل، وقدم الشام رسولاً.

وحدّث بحلب ودمشق.

روى عنه: الدّبيثيّ، والشّهاب القوصيّ، والمجد بن أبي جرادة، ووالده أبو القاسم في تاريخه، وآخرون من أهل الشام والجزيرة.

وحدّثنا عنه الشرف بن عساكر، وسنقرٌ القضائي.

وقال ابن خلّكان: كان بيته بالموصل مجمع الفضلاء، اجتمعت به بحلب، فوجدته مكمّلاً في

الفضائل والتّواضع، وكرم الأخلاق، فترددت إليه. وكان طغريل الخادم أتابك الملك العزيز قد أكرمه وأقبل عليه.

فصل في نسبته إلى جزيرة ابن عمر: نسبة إلى عبد العزيز بن عمر البرقعيديّ هو الّذي بناها، فنسبت إليه، قاله ابن خلّكان وقال: رأيت في تاريخ ابن المستوفي في ترجمة أبي السعادات المبارك ابن الأثير أنه من جزيرة أوس كامل ابني عمر بن أوس التّغلبي، قال: وقيل: إنها منسوبة إلى يوسف بن عمر الثقفي أمير العراق، فالله أعلم.

فصل في نسبه: كان يكتب بخطّه: عليّ بن محمد بن عبد الكريم الجزريّ. وكذا ذكره الحافظ المنذريّ، والقوصيّ في معجمه، وابن الظاهريّ في تخريجه للصاحب مجد الدّين العقيليّ، وأبو الفتح ابن الحاجب في معجمه وغيرهم. وهو على سبيل الاختصار. وله أشباه ونظائر، وإنما هو: عليّ بن محمد بن محمد بلا ريب، كما هو في تسمية أخويه، وابن أخيه شرف الدّين.

وكذا ذكره القاضي ابن خلّكان، وأبو المظفّر ابن الجوزيّ، وابن السّاعي، وغيرهم. ويوضّحه أنّ المنذري ذكر أخويه فقال: محمد بن محمد - مرّتين.

فصل في وفاته: رأيت تصحيحه على طبقةٍ تاريخها في نصف شعبان سنة ثلاثين. ثمّ رأيت وفاته في رمضان من السنة بخطّ أبي العباس أحمد ابن الجوهريّ. وأمّا المنذريّ، وابن خلّكان، وابن الساعي، وأبو المظفّر الجوزيّ، وشيخنا ابن الظّاهريّ فقالوا: توفّي في شعبان ولم يعيّنوا اليوم. وأمّا القاضي سعد الدّين الحارثيّ، فقال: توفّي في الخامس والعشرين من شعبان.

 

عليّ بن أبي الفتح محمد بن أحمد بن بختيار بن عليّ بن محمد. أبو جعفر، ابن المندائيّ،

الواسطيّ.

ولد سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة.

وسمع من: جده لأمّه هبة الله بن نصر الله بن الجلخت، وأبي محمد الحسن بن عليّ ابن السّوادي، وأبي طالب بن عليّ الكتّاني، وجماعة.

وحدّث ببغداد. وهو أخو أحمد. توفّي ليلة عرفة.

 

عليّ بن محمد بن إبراهيم بن أبي العافية.

أبو الحسن، السّبتيّ، التّاجر الأمين.

حجّ مرّات. وتلا بالسبع على أبي محمد بن عبيد الله، ثمّ على محمد بن إبراهيم الزّنجانيّ وغيره.

قال ابن مسدي: سمعت منه. مولده في حدود الستّين وخمسمائة. وعاش نحواً من سبعين سنةً.

قال: ومات بسبتة قريباً من سنة ثلاثين وستمائة.

 

عليّ بن محمد بن يبقى بن جبلة.

أبو الحسن، الأنصاريّ، الأندلسيّ، خطيب أوريولة.

شيخٌ عالم، حجّ سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة، وسمع من: السّلفيّ، وأحمد بن المسلّم اللّخمي، وأبي الطاهر بن عوف، وجماعة.

قال الأبّار: وكان صالحاً، حسن السّمت. توفّي بأوريولة سنة ثلاثين.

وقال ابن مسدي: كان من أهل الخير والصّلاح، والبرّ والسّماح. حجّ مع أخيه في صغره، فسمع من: السّلفيّ، وعليّ بن هبة الله الكامليّ، وعليّ بن عمار. ولم يحصّل من سماعاته شيئاً، تركها مع أخيه، فسكن أخوه مصر، وبعث إليه ببعضها. قرأت عليه صحيح البخاري بسماعه من ابن عمّار. مات وقد قارب الثمانين.

 

عليّ ابن الإمام أبي القاسم بن فيرّه بن خلف الرّعينيّ.

الشاطبيّ، ثم المصريّ، الشافعيّ، العدل، ضياء الدّين.

سمع من: أبيه، وأبي القاسم البوصيريّ، والأرتاحيّ.

وكان على طريقةٍ حسنة. توفّي جمادى الآخرة.

 

عمر بن محمد بن منصور. الحافظ، المفيد، عزّ الدين، أبو حفص وأبو الفتح، ابن

الحاجب، الأمينيّ، الدّمشقيّ.

عني بالحديث أتمّ عناية، وأوّل سماعه سنة ستّ عشرة بعد موت ابن ملاعب فسمع من: هبة الله بن الخضر بن طاووس - وهو أقدم شيخٍ له - ، وموسى بن عبد القادر، والشيخ الموفّق، وابن أبي لقمة، وابن البنّ، وطبقتهم بدمشق. والفتح بن عبد السّلام، وطبقته ببغداد. وعبد القويّ ابن الجبّاب، وطبقته بمصر. وسمع بإربل، والموصل، والإسكندرية، والحجاز. وعمل معجم البقاع والبلدان التي سمع بها، ومعجم شيوخه وهم ألف ومائة وبضعة وثمانون نفساً.

قال الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ: يقال إنّه لم يبلغ الأربعين. وكان فهماً، متيقّظاً، محصّلاً. جمع

مجاميع. وكانت له همّة. وشرع في تصنيف تاريخ لدمشق مذيّلاً على الحافظ أبي القاسم.

وقرأت بخطّ السيف ابن المجد، قال: خرّجه خالي الحافظ، ثمّ طلب وسافر، وسمع منه الزكيّ البرزاليّ، وأبو موسى الرّعينيّ، والجمال ابن الصّابونيّ، وغيرهم، وخرذج له وللمشايخ تخاريج كثيرة.

وقد كتب ابن الكريم على معجمه بالبقاع: هـذا كـتـابٌ حـوى فـضـلاً مـــؤلّـــفـــهالحافـظ الـخـير عـزّ الـدّين ذو الـفـطـن

من فـضـلـه شـاع فـي شـامٍ وسـار إلـىأرض الـعـراق إلـى مـصـرٍ إلـى عـدن

قال السيف: وسمعت غير واحد يحكي أنّ جماعةً منهم البزاليّ سمعوا أجزاء على شيخ، ثمّ تقاسموا أنّهم لا يظهرون ذلك - زادني عبد الرحمن بن هارون أنّ الشيخ كان عبد الرحمن بن عمر النسّاج - فسهّل الله ظهور عمر ابن الحاجب عليه من غير جهتهم، فجمع جماعةً، وجاء فسمعه عليه، واشتهر، وحجّ معادلاً للتقيّ أحمد ابن العزّ، فكان يمشي كثيراً لطلب السماع في الأماكن من أقوامٍ في الرّكب، وكان التقيّ يتأذّى بركوبه وسط الجمل. ورأيته حين قدم بغداد صام أوّل يوم قدومها، إذ قيل: إنّ الفتح بن عبد السلام في الأحياء. وكان يصوم كثيراً يستعين بذلك على طلب الحديث. وأقام ببغداد مدّة اشتهر، فما ونى ولا فتر، كان يسمع المحدّثون ببغداد يتعجّبون منه ومن كثرة طلبه.

وقال الضياء: توفّي في ثامن وعشرين شعبان صاحبنا الشاب الحافظ أبو حفص ابن الحاجب بدمشق ولم يبلغ أربعين سنة. وكان ديّناً، وخيّراً، ثبتاً، متيقّظاً، قد فهم وجمع.

قلت: وسمع منه الحافظ أبو إسحاق الصّريفينيّ، وأبو الحسن ابن البالسيّ أيضاً.

وكان جده منصور بن مسرور حاجباً لأمين الدّولة صاحب بصرى.

وأنبأنا الجمال أبو حامد، أخبرنا ابن الحاجب، أخبرنا عبد السلام بن عبد الرحمن بن سكينة، أخبرنا فورجة، فذكر حديثاً.

ثمّ قرأت مولد ابن الحاجب بخطّه سنة ثلاثٍ وتسعين وخمسمائة.

 

حرف الكاف

كامروا بن أبي بكر بن عليّ بن محمد بن سعد الأنصاريّ، الأنسيّ، الصّوفيّ.

شيخٌ صالحٌ، معمّرٌ.

حدّث بالإجازة العامّة عن سعيد بن أبي الرجاء الصّيرفيّ، وغيره.

قال المنذري: ذكر أنّ مولده سنة ستٍّ وعشرين. رأيته غير مرّةٍ. وعرف أيضاً بالأثريّ: لأنه كان يذكر أنّ معه أثراً من أثر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان له قبولٌ من الناس، وكن يذكر عنه - على علوّ سنّه - قوةٌ على الحركة والتّصرّف والمأكل. مات في شعبان.

 

كوكبوري بن عليّ بن بكتكين بن محمد، السّلطان الملك المعظّم، مظفّر الدين، أبو سعيد،

ابن صاحب إربل الأمير زين الدّن أبي الحسن عليّ كوجك التّركمانيّ.

وكوجك: لفظ أعجميّ معناه لطيف القدّ.

كان شجاعاً، شهماً، ملك بلاداً كثيرة - أعني عليّ كوجك - ثمّ فرّقها على أولاد الملك قطب الدين مودود صاحب الموصل. وكان موصوفاً بالقوّة المفرطة، وطال عمره، وحجّ هو والأمير أسد الدّين شركوه بن شاذي في سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة، ومات في آخر سنة ثلاثٍ وستين بإربل، وله مدرسةٌ بالموصل وأوقاف.

فلمّا مات ولي إربل مظفّر الدين - هذا - وهو ابن أربع عشرة سنة. وكان أتابكه مجاهد الدّين قايماز، ثمّ تعصّب عليه مجاهد الدّين وكتب محضراً أنّه لا يصلح واعتقله، وشاور الخليفة في أمره. وأقام موضعه أخاه زين الدّين يوسف بن عليّ، وطرد مظفّر الدّين عن البلاد فتوجّه إلى بغداد، فلم يلتفتوا عليه، فقدم الموصل، وبها الملك سيف الدّين غازي بن مودود، فأقطعه حرّان، فأقام بها مدّة، ثمّ اتّصل بخدمة السّلطان صلاح الدّين، ونفق عليه، وتمكّن منه، وزاد في إقطاعه الرّها سنة ثمانٍ وسبعين، وزوّجه بأخته ربيعة خاتون وكانت قبله عند سعد الدّين مسعود ابن الأمير معين الدّين أنر الذي ينسب إليه قصير معين الدّين. وتوفّي سعد الدّين في سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.

وشهد مظفّر الدّين مع السّلطان صلاح الدّين مواقف كثيرةً أبان فيها عن نجدةٍ وقوّةٍ، وثبت يوم حطّين، وبيّن. ثمّ وفد أخوه زين الدّين يوسف على صلاح الدّين نجدة، وخدمةً من إربل، فمرض في العسكر على عكّا وتوفّي في رمضان سنة ستٍّ وثمانين. فاستنزل صلاح الدّين مظفّر الدّين عن حرّان والرّها ففعل، وأعطاه إربل وشهرزور فسار إليها وقدمها في آخر السنة.

ذكره القاضي شمس الدّين وأثنى عليه، وقال: لم يكن شيء أحبّ إليه من الصّدقة، وكان له كلّ

يوم قناطير مقنطرة من الخبز يفرّقها، ويكسو في السنة خلقاً ويعطيهم الدّينار والدّينارين. وبنى أربع خوانك للزّمنى والعميان، وملأها بهم، وكان يأتيهم بنفسه كلّ خميس واثنين، ويدخل إلى كلّ واحد في بيته، ويسأله عن حاله، ويتفقّده بشيءٍ، وينتقل إلى الآخر حتّى يدور على جميعهم، وهو يباسطهم يمزح معهم. وبنى داراً للنّساء الأرامل، وداراً للضعفاء الأيتام، وداراً للملاقيط رتّب بها جماعة من المراضع. وكان يدخل البيمارستان. ويقف على كل مريض ويسأله عن حاله. وكان له دارٌ مضيف يدخل إليها كلّ قادم من فقيرٍ أو فقيهٍ فيها الغداء والعشاء، وإذا عزم على السفر، أعطوه ما يليق به. وبنى مدرسة للشافعية والحنفية وكن يأتيها كلّ وقتٍ، ويعمل بها سماطاً ثمّ يعمل سماعاً فإذا طاب، وخلع من ثيابه سيّر للجماعة شيئاً من الأنعام، ولم تكن له لذّةٌ سوى السّماع، فإنّه كان لا يتعاطى المنكر، ولا يمكن من إدخاله البلد.

وبنى للصّوفية خانقاتين، فيهما خلقٌ كثير، ولهما أوقافٌ كثيرة، وكان ينزل إليهم ويعمل عندهم السّماعات. وكان يبعث أمناءه في العام مرتين بمبلغ يفتكّ به الأسرى، فإذا وصلوا إليه أعطى كلّ واحد شيئاً. ويقيم في كلّ سنة سبيلاً للحجّ، ويبعث في العام بخمسة آلاف دينارٍ للمجاورين.

وهو أول من أجرى الماء إلى عرفات، وعمل آباراً بالحجاز، وبنى له هناك تربة.

قال: وأمّا احتفاله بالمولد، فإنّ الوصف يقصر عن الإحاطة به، كان الناس يقصدونه من الموصل، وبغداد، وسنجار، والجزيرة، وغيرها خلائق من الفقهاء والصّوفية والوعّاظ والشعراء، ولا يزالون يتواصلون من المحرّم إلى أوائل ربيع الأوّل ثمّ تنصب قباب خشب نحو العشرين، منها واحدة له، والباقي لأعيان دولته، وكلّ قبة أربع خمس طبقات ثمّ تزيّن في أوّل صفر، ويقعد فيها جوق المغاني والملاهي وأرباب الخيال، ويبطل معاش الناس للفرجة.

وكان ينزل كلّ يومٍ العصر، ويقف على قبّة قبة، ويسمع غناءهم، ويتفرّج على خيالاتهم، ويبيت في الخانقاه يعمل السّماع، يركب عقيب الصبّح يتصيّد، ثم يرجع إلى القلعة قبل الظّهر، هكذا يفعل كل يوم إلى ليلة المولد، وكان يعمله سنةً في ثامن الشهر وسنة في ثاني عشرة للاختلاف، فيخرج من الإبل والبقر والغنم شيئاً زائداً عن الوصف مزفوفة بالطّبول والمغاني إلى الميدان، ثمّ تنحر وتطبخ الألوان المختلفة، ثمّ ينزل وبين يديه الشّموع الكبيرة وفي جملتها شمعتان أو أربع - أشكّ - من الشموع الموكبية التي تحمل كلّ واحدةٍ على بغلٍ يسندها رجل، حتّى إذا أتى الخانقاه نزل. وإذا كان صبيحة يوم المولد أنزل الخلع من القلعة على أيدي

الصّوفية في البقج، فينزل شيءٌ كثير، ويجتمع الرؤساء والأعيان وغيرهم، ويتكلّم الوعاظ، وقد نصب له برج خشب له شبابيك إلى النّاس وإلى الميدان وهو ميدان عظيم يعرض الجند فيه - يومئذٍ - ينظر إليهم تارةً وإلى الوعّاظ تارةً، فإذا فرغ العرض، مدّ السّماط في الميدان للصّعاليك وفيه من الطّعام شيء لا يحدٌ ولا يوصف، ويمدّ سماطاً ثانياً في الخانقاه للناس المجتمعين عند الكرسي، ولا يزالون في الأكل ولبس الخلع وغير ذلك إلى العصر، ثمّ يبيت تلك الليلة هناك، فيعمل السّماعات إلى بكرة.

وقد جمع له أبو الخطّابابن دحية أخبار المولد، فأعطاه ألف دينار.

وكان كريم الأخلاق، كثير التّواضع، مائلاً إلى أهل السّنّة والجماعة، لا ينفق عنده سوى الفقهاء والمحدّثين، وكان قليل الإقبال على الشّعر وأهله. ولم ينقل أنّه انكسر في مصافّ.

ثمّ قال: وقد طوّلت ترجمته لما له علينا من الحقوق التي لا نقدر على القيام بشكره، ولم أذكر عنه شيئاً على سبيل المبالغة، بل كلّ ذلك مشاهدة وعيان. ولد بقلعة إربل في المحرّم سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة.

وقال ابن السّاعي: طالت على مظفّر الدّين مراعاة أولاد العادل ولم يجد منهم إعانةً على نوائبه كما كان هو لهم في حروبهم. فأخذ مفاتيح إربل وقلاعها وسار إلى بغداد وسلّم ذلك إلى المستنصر بالله في أول سنة ثمانٍ وعشرين فاحتفلوا له، وجلس له الخليفة، ورفع له السّتر عن الشّبّاك فقبّل الكلّ الأرض ثمّ طلع إلى كرسيّ نصب له وسلّم وقرأ: "اليوم أكملت لكم دينكم" ...

الآية. فردّ عليه المستنصر السلام، فقبّل الأرض مراراً. فقال المستنصر: "إنّك اليوم لدينا مكينٌ أمينٌ". وقال ما معناه: ثبت عندنا إخلاصك في العبودية. ثمّ أسبلت السّتارة، ثمّ خلعوا على مظفّر الدّين وقلّد سيفين، رفع وراءه سنجقان مذهّبة. ثم اجتمع بالخليفة يوماً آخر، وخلع أيضاً عليه، ثمّ أعطي راياتٍ وكوساتٍ، وستّين ألف دينار، وخلعوا على خواصّه.

قلت: وأمّا أبو المظفّر الجوزيّ فقال في مرآة الزمان - والعهدة عليه، فإنّه خسّاف مجازف لا يتوّع في مقاله - : كان مظفّر الدّين ابن صاحب إربل ينفق في كلّ سنة على المولد ثلاثمائة ألف دينار، وعلى الخانقاه مائتي ألف، وعلى دار المضيف مائة ألف، وعلى الأسارى مائتي ألف دينار، وفي الحرمين والسبيل ثلاثين ألف دينار.

وقال: قال من حضر المولد مرّةً: عددت على السّماط مائة فرس قشلمش، وخمسة آلاف رأسٍ

شوي، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زبديّة، وثلاثين ألف صحن حلواء.

ثمّ قال ابن الجوزيّ، وأبو شامة: توفّي سنة ثلاثين.

وقال الحافظ زكيّ الدّين: توفي في هذه السنة بإربل. سمع من حنبل الرصافي، وغيره.

وحدّث.

وقال ابن خلّكان: توفّي ليلة الجمعة رابع عشر رمضان سنة ثلاثين. ثمّ حمل وقت الحجّ بوصيّته إلى مكّة، فاتّفق أنّ الحاجّ رجعوا تلك السنة لعدم الماء، وقاسوا شدّةً فدفن بالكوفة.

وكوكبريّ: كلمة تركية معناها: ذئب أزرق.

 

كوكبوريّ بن قتربا بن عبد الله.

أبو الطّلائع، الجنديّ، المستنجديّ.

سمع من أحمد بن المبارك المرقّعاتيّ، وعبيد الله بن شاتيل. وحدّث.

ومات في سابع عشر المحرّم.

 

حرف الميم

محمد بن إبراهيم بن عيسى بن صلتان. أبو عبد الله، الأنصاريّ، البلنسيّ، نزيل جيّان.

روى عن: أبي القاسم بن بشكوال، وأبي القاسم بن حبيش، وأبي محمد بن الفرس.

قال الأبّار: عدلٌ، مرضيّ. كان يحترف بالتّجارة. توفّي سنة ثلاثين أو بعدها بيسير.

 

محمد بن الحسن بن سالم بن سلاّم، المحدّث، المفيد، الشابّ، أبو عبد الله، الدّمشقيّ.

سمع الكثير، وعني بهذا الشأن أتمّ عناية، ونسخ، وحصّل، وخرّج، وكان ذكياً، نبيهاً، له حفظٌ واتقان، وفيه ديانة وافرة وصلاح على صغره.

سمع من: داود بن ملاعب، وأبي محمد بن البنّ، وأبي القاسم بن صصرى، وطائفة كبيرة.

وأجزاؤه، موقوفة بالضّيائية، وعدم أكثرها في نوبة غازان.

رأيت الضياء ابن البالسيّ قد سمع حديثاً من عمر ابن الحاجب، أخبرنا ابن سلاّم، أخبرنا داود بن ملاعب. وأثنى عليه ابن الحاجب وقال: حفظ علوم الحديث لأبي عبد الله الحاكم. وكان قد حجّ، وزرا البيت المقدّس، وقدم مريضاً، فتوفّي إلى رحمة الله في الرابع والعشرين من صفر.

وولد في سنة تسعٍ وستمائة. وفجع به والده وأصحابه.

 

محمد بن عمر بن نصر.

أبو عبد الله، الفزاريّ، السّلاويّ، المغربيّ.

قدم الشام، وسمع من: الخشوعيّ، والقاسم بن عساكر. وحجّ، وعاد إلى بلاده.

قال الأبّار: حدّث عنه عبيد الله بن عاصم خطيب رندة، وأجاز له في شعبان سنة ثلاثين.

 

محمد بن عمر بن محمد الطّوابيقيّ.

سمع وفاء بن البهيّ التّركيّ. وعنه ابن النّجّار وقال: مات في العشرين من ذي الحجّة.

 

محمد بن عمر بن أبي بكر بن عبد الله.

أبو بكر، ابن النخّال، البغداديّ، المقريء، الخيّاط.

شيخٌ صالحٌ، صاحب زهدٍ وعبادةٍ. ولد سنة ثلاثٍ وخمسين.

وسمع من: أبي الفتح بن البطّي، وأحمد بن سعود العبّاسيّ.

كتب عنه السّيف ابن المجد، وغيره.

وروى لنا عنه بالإجازة الفخر بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والقاضي سليمان، وأبو نصر ابن الشيرازيّ.

ومات في الرابع والعشرين من ذي القعدة. وهو أخو عبد الله الرّاوي عن شهدة.

 

محمد بن محمد بن عبد الكريم بن برز.

الوزير، مؤيّد الدّين، القميّ، أبو الحسن، الكاتب البليغ.

قال ابن النّجّار: قدم بغداد في صحبة الوزير ابن القصّاب وكان خصّيصاً به، فلمّا توفّي، قدم القمّي بغداد، وقد سبقت له معرفةٌ بالدّيوان. ويقال: إنّ ابن القصّاب وصفه للنّاصر لدين الله، فحصلت له مكانةٌ بذلك. ولمّا رتّب ابن مهدي في نيابة الوزارة، ونقابة الطّالبيّين، اختصّ به، وتقدّم عنده، وكانا جارين في قمّ، ومتصاحبين هناك. ولمّا مات أبو طالب بن زبادة كاتب الإنشاء، رتّب القمّي مكانه في سنة أربعة وتسعين وخمسمائة، ولم يغيّر هيئة القميص والشربوش على قاعدة العجم. ثمّ ناب أبو البدر بن أمسينا في الوزارة وعزل في سنة ستّ وستمائة، فردّت النّيابة وأمور الدّيوان إلى القمّي، ونقل إلى دار الوزارة، وحضر عنده الدّولة، ولم يزل في علوّ من شأنه، وقربٍ وارتفاع حتّى إنّ الناصر لدين الله كتب بخطّه ما قرئ في مجلس عام: محمد بن محمد القمّي نائبنا في البلاد والعباد، فمن أطاعه، فقد أطاعنا، ومن أطاعنا، فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصانا، ومن عصانا فقد عصى الله. ولم يزل إلى أن

ولي الظاهر بأمر الله، فأقرّه على ولايته، وزاد في مرتبته، وكذلك المستنصر بالله قرّبه ورفع قدره وحكّمه في العباد. ولم يزل في ارتقاء إلى أن كبا به جواد سعده، فعزل، وسجن بدار الخلافة وخبت ناره، وذهبت آثاره، وانقطعت عن الخلق أخباره.

قال: وكان كاتباً سديداً بليغاً وحيداً، فاضلاً، أديباً، عاقلاً، لبيياً، كامل المعرفة بالإنشاء، مقتدراً على الارتجال، متصرّفاً في الكلام، متمكّناً من أدوات الكتابة، حلو الألفاظ، متين العبارة، يكتب بالعربيّ والعجميّ كيف أراد، ويحلّ التّراجم المغلقة. وكان متمكّناً من السياسة وتدبير الممالك، مهيباً، وقوراً، شديد الوطأة تخافه الملوك وترهبه الجبابرة. وكان ظريفاً لطيفاً، حسن الأخلاق، حلو الكلام، مليح الوجه، محبّاً للفضلاء، وله يد باسطة في النّحو واللّغة، ومداخلةٌ في جميع العلوم.

إلى أن قال: أنشدني عبد العظيم بن عبد القويّ المنذري، أخبرنا عليّ بن ظافر الأزديّ، أنشدني الوزير مؤيّد الدّين القمّي النائب في الوزارة الناصرية، أنشدني جمال الدّين النّحويّ لنفسه في قينة: سـمّـيتـهـا شـجـراً صـدقـت لأنّــهـــاكـم أثـمـرت طـربـاً لـقـلـب الـواجـد

يا حسن زهـرتـهـا وطـيب ثـمـارهـالـو أنّـهـا تـسـقــى بـــمـــاءٍ واحـــد

وبه قال: وأنشدنا لنفسه: يشتهي الإنسـان فـي الـصّـيف والـشّـتـافـــإذا مـــــا جـــــــاءه أنـــــــكـــــــره

فــهـــو لا يرضـــى بـــعـــيشٍ واحـــدٍقـــتـــل الإنـــســـان مـــا أكـــفـــــــره

ولد مؤيّد الدّين القمّي في سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة.

وقبض عليه في شوّال سنة تسع وعشرين، وعلى ولده أحمد، وسجنا بدار الخلافة، فهلك الابن أوّلاً، ومات أبوه بعده سنة ثلاثين.

 

محمد بن محمود بن عون بن فريح بن جريّ.

أبو عبد الله، موفّق الدّين، الرّقيّ.

سمع ببغداد من: منوجهر بن تركانشاه، وعبيد الله بن شاتيل، والكمال عبد الرحمن الأنباريّ النحويّ، ونصر الله القزّاز. وبدمشق من يحيى الثّقفيّ.

وحدّث بحلب ودمشق. حدّثنا عنه: العزّ أحمد ابن العماد، وسنقرٌ القضائيّ.

وولد سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة. وكان يتعانى التّجارة.

وروى عنه مجد الدّين العديمي في مشيخته، وقال: فقد في رجب بدمشق، وظهر مقتولاً بعد سنة. وقد دفن في درب الفواخير، فأظهرت عظامه وظهر أنّه قتله أربعة فواخرة وأخذوا له نحو أربعين ألف درهم.

قال ابن النجّار: دخل بغداد، وقرأ بها العربية على الكمال عبد الرحمن، وقرأ بواسط القراءآت على أبي بكر ابن الباقلاّنيّ. وتفقّه ببغداد على ابن فضلان. وكان شديد الإمساك على نفسه، مقتّراً عليها، ظاهره الفقر. أتيته بالرقّة فرأيت منزله صغيراً وسخاً، وثيابه وأثاث بيته في غاية من الضّر، فساءني ما هو فيه، فأخرج لي عدّة أجزاء، فقرأت عليه ثمّ أخرجت شيئاً من الفضّة ودفعته إليه فأبى وقال: أنا في غنى ولي دنيا، فظننته يتعفّف. ثمّ إنّه قدم علينا بغداد، واستعمل ثياباً بنحو ثلاثة آلاف دينارٍ أو أكثر، وإذا رأيته حسبته فقيراً. ثمّ ذكر باقي ترجمته.

 

محمد بن محمود بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسين ابن السّكن. الشيخ أبو غالب،

البغداديّ، الحاجب، ويعرف بابن المعوّج.

ولد سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من: محمد بن محمد بن السّكن.

كتب عنه ابن الحاجب، وغيره. ومات في ربيع الآخر.

وحدّث عنه ابن النّجار.

 

محمد بن نصر الله بن مكارم بن الحسن بن عنين. الأديب، الرئيس، شرف الدين. أبو

المحاسن، الأنصاريّ، الكوفيّ الأصل، الزرعيّ المنشأ، الدّمشقيّ، الشاعر.

صاحب الديوان المشهور. ولد بدمشق في سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة.

وسمع من الحافظ أبي القاسم بن عساكر.

وكان شاعراً محسناً، رقيق الشّعر، بديع الهجو. ولم يكن في عصره آخر مثله بالشام. طوّف وجال في العراق، وخراسان وما وراء النّهر، والهند، ومصر في التجّارة. ومدح الملوك والوزراء، وهجا الصّدور والكبراء، وكان غزير المادّة من الأدب، مطّلعاً على أشعار العرب، ومن نظمه: وصلـت مـنـك رقـعةٌ أسـأمـتـنـيوثنت صـبـري الـجـمـيل مـلـولا

كنهـار الـمـصـيف ثـقـلاً وكـربـاًولـيالـي الـشّـتـاء بـرداً وطـــولا

وله: ومـا حـيوانٌ يتّـقـي الـنّــاس بـــطـــشـــهعلى أنّه واهـي الـقـوى واهـن الـبـطـش

إذا ضـعّـفـوا نـصـف اسـمـه كـان طـائراًوإن كـرّروا مـا فـيه كـان مـن الـوحــش

يعني: العقرب.

وله: وصـاحـبٍ قـال فـي مـعـاتــبـــتـــيوظـنّ أنّ الـمـلال مــن قـــبـــلـــي

قـلـبـك قـد كـان شـــافـــعـــي أبـــداًيا مالـكـي كـيف صـرت مـعـتـزلـي

فـقـلـت إذ لـجّ فـي مـعــاتـــبـــتـــيظلمـاً وضـاقـت عـن عـذره حـيلـي

خـدّك ذا الأشـعـري حـــنّـــفـــنـــيفـقـال ذا أحـمـد الـــحـــوادث لـــي

قال ابن خلّكان: بلغني أنّه كان يستحضر الجمهرة لابن دريد. وله قصيدة طويلةٌ هجا فيها خلقاً من رؤساء دمشق وسمّاها مقراض الأعراض ونفاه صلاح الدّين على ذلك. فقال: فـعـلام أبـــعـــدتـــم أخـــا ثـــقةٍولـم يجـتـرم ذنـبـاً ولا ســرقـــا

انـفـوا الـمـؤذّن مـن بـــلادكـــمإن كـان ينـفـى كـلّ مـن صـدقـا

ودخل اليمن، ومدح صاحبها سيف الإسلام طغتكن أخا الملك صلاح الدّين. ثمّ قدم مصر.

ورأيته بإربل، وقدمها رسولاً من الملك المعظّم عيسى. وكان وافر الحرمة، ظريفاً، من أخفّ النّاس روحاً. ولي الوزارة في آخر دولة المعظّم ومدّة سلطنة ولده الناصر بدمشق. ولمّا تملّك الملك العادل، بعث إليه بقصيدة يستأذنه في الدخول إلى دمشق ويستعطفه، وهي: مـاذا عـلـى طـيف الأحـبّة لـــو ســـرىوعـلـيهـم لـو سـامـحـونـي بـالـــكـــرى

جنحـوا إلـى قـول الـوشـاة وأعـرضـواوالـلـه يعـــلـــم أنّ ذلـــك مـــفـــتـــرى

يا مـعـرضـاً عـنّــي بـــغـــير جـــنـــايةٍإلاّ لـمـا اخـتـلـق الـــحـــســـود وزوّرا

منها: فـارقـهـا لا عـن رضـاً وهـجـرتـــهـــالا عـن قـلـى ورحـلـت لا مـتــخـــيّرا

أشـكـو إلـيك نـوىً تـمـادى عـمـرهـــاحـتّـى حـسـبـت الـيوم مـنـهـا أشـهــرا

ومـن الـعـجـائب أن يقـيل بـظـلّـــكـــمكـلّ الـورى ونـبـذت وحـدي بـالـعــرا

لا عيشتـي تـصـفـو ولا رسـم الـهـوىيعـفـو ولا جـفـنـي يصـافـحـه الـكـــرا

وله: مـالٌ ابـن مـازة دونـه لـعـفـــاتـــهخرط الـقـتـادة وامـتـطـاء الـفـرقـد

مال لزوم الـجـمـع يمـنـع صـرفـهفي راحة مثـل الـمـنـادى الـمـفـرد

وقال أبو حفص ابن الحاجب: اشتغل بطرفٍ من الفقه على القطب النّيسابوريّ، والكمال الشّهرزوريّ. وقرأ الأدب على أبي الثّناء محمود بن رسلان، وذكر أنّه سمع ببغداد من منوجهر بن تركانشاه راوي لمقامات. واشتغل بالرّي على ابن الخطيب. وكانت أدواته في الأدب كاملةً. ذو نوادر للخاصّة والعامة، وله الشعر الرّائق، كان أوحد عصره في نظمه ونثره، يخرج جدّه معرض المزح، وقّاد الخاطر على كبر السنّ. أقامه الملك المعظّم مقام نفسه في ديوانه، وكان محمود الولاية، كثير النّصفة، مكفوف اليد عن أموال الناس مع عظم الهيبة، إلاّ أنّه في الآخر ظهر منه سوء اعتقادٍ، وطعنٌ على السّلف، واستهتارٌ بالشّريعة، وكثر عسفه وظلمه، وترك الصلاة، وسبّ الأنبياء، ولم يزل يتناول الخمر إلى قبل وفاته بقليل. توفّي في العشرين من ربيع الأول سنة ثلاثين.

قلت: وله ترجمةٌ في تاريخ ابن النجّار وقال: نظر في الدّيوان بدمشق مدّةً ولم تحمد سيرته، فعزل ولزم بيته عاجزاً عن الحركة لعلوّ سنّه. وهو من أملح أهل زمانه شعراً، وأحلاهم قولاً وأرشقهم رصفاً، ظريف العشرة، ضحوك السّنّ، طيّب الأخلاق، مقبول الشخص، من محاسن الزمان.

 

محمد بن أبي القاسم هبة الله بن عليّ بن سعود بن ثابت.

أبو عبد الله، البوصيريّ، ثمّ المصريّ.

سمع من أبيه. وذكر أنه سمع من السّلفيّ. روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره.

وولد سنة تسعٍ وخمسين، وتوفّي في ربيع الآخر.

 

مبارك بن أحمد بن وفاء. أبو المعالي، البغداديّ، الدقّاق. المعروف بابن الشّيرجيّ.

روى عن عبد الله بن أحمد بن حمتيس. ومات في جمادى الآخرة.

 

مبارك بن يحيى بن قاسم الحبّال.

شيخٌ بغداديّ يعرف بالدّويك. حدّث عن أبي الحسين عبد الحقّ.

ومات في ربيع الآخر.

مسعودٌ الأثيريّ، الشافعيّ، الصّوفيّ. أبو العزّ.

سمع من التّاج المسعوديّ. وذكر أنّه سمع من السّلفيّ.

روى عنه الزّكيّ المنذريّ وقال: هو منسوب إلى الأثير الهمذانيّ. وعاش خمساً وثمانين سنة.

توفّي في رجب.

 

مظفّر بن إسماعيل البغداديّ، عرف بابن السّوادي.

حدّث عن أبي بكر عتيق بن صيلا. ومات في جمادة الأولى.

 

المعافى بن إسماعيل بن الحسين بن أبي السّنان، الفقيه، أبو محمد، ابن الحدوس،

الموصليّ، الشافعيّ.

سمع من أبي الربيع سليمان بن خميس، ومسلم بن عليّ الشّيحيّ.

وولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.

وألّف كتاب الموجز في الذّكر، وكتاب أنس المنقطعين.

وكان فاضلاً، ديّناً، عارفاً بالمذهب. درّس، وأفتى، وناظر. وكان مليح الشكل والبزّة.

روى عنه الزّكيّ البرزاليّ، والمجد ابن العديم، والخضر بن عبدان الكاتب، وهو آخر من حدّث عنه.

توفّي في رمضان أو في شعبان بالموصل.

 

معافى بن أبي السعادات بن أبي محمد، القاضي، سديد الدّين، أبو الفضل.

سمع من محمد بن المؤيّد الهمذانيّ.

وكان يورق بالقاهرة مدّةً. ثمّ دخل اليمن وولي قضاء القضاة بها مدّة، ثمّ عاد إلى مصر، وشهد عند قاضي القضاة أبي المكارم محمد بن عين الدّولة.

 

موسى ابن الأمير الكبير شمس الخلافة محمد ابن الأمير شمس الخلافة مختار، الأمير،

فخر الدّين، أبو محمد، المصريّ.

من بيت الإمرة والحشمة. ولي شدّ الدّواوين بمصر مدّة. وعاش تسعاً وثمانين سنةً.

وتوفّي في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة.

 

حرف النون

نجا بن أنجب بن نجا الفرّاش.

شيخٌ بغداديٌّ.

روى عنه ابن النجّار، وقال: صحيح السّماع، سمع الكثير من أحمد بن عليّ بن المعمّر، ويحيى بن ثابت، وابن الخشّاب. توفّي في صفر.

 

نصر بن أبي نصر محمد بن المظفّر بن عبد الله بن محمد بن أبي الفنون. الأديب، جمال

الدّين، أبو الفتوح، الموصليّ الأصل، البغداديّ، النّحويّ، اللّغويّ.

سمع من أبي الفتح بن البطّي.

وذكر أنّه قرأ الأدب على أبي محمد ابن الخشّاب، والمهذّب عليّ ابن العصّار، و الكمال عبد الرحمن الأنباريّ. وقدم مصر، وسمع بها من أبي المفاخر سعسد المأمونيّ، والبوصيريّ.

وغيرهما.

وتصدّر بالجامع الأزهر بالقاهرة مدّةً. ومدح جماعةً من الملوك والوزراء.

وأقرأ، وحدذث.

وولد سنة خمسين وخمسمائة. روى عنه: الزكيّ المنذريّ، والعزّ ابن الحاجب، وجماعة.

وله رسالة في الضّاد والظّاء بديعة. توفّي في مستهلّ المحرّم بمصر.

 

النّفيس بن خطّاب بن محسن.

أبو محمد، البغداديّ، الحريميّ.

روى عن أبي المعالي ابن اللحّاس جزءاً. قال ابن النّجار: سمعت منه. وكان صالحاً، معمّراً.

وروى لنا عنه بالإجازة القاضي تقيّ الدّين سليمان. وتوفّي في ذي القعدة، وقد قارب المائة.

 

حرف الهاء

همام بن راجي الله بن سرايا بن ناصر بن داود. الفقيه، العالم، جلال الدّين، أبو العزائم،

المصريّ، الشافعيّ، الأصوليّ.

إمام الجامع الصّالحيّ الذي بظاهر القاهرة وخطيبه هو، وأولاده.

ولد بونا من الصّعيد في ذي القعدة، أو ذي الحجّة سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة.

وقدم القاهرة، وقرأ العربية على العلاّمة ابن برّي. وارتحل إلى العراق فسمع بها من أبي سعد عبد الواحد بن عليّ بن حمويه، وعبد المنعم بن كليب. وتفقّه على الإمامين المجير محمود بن المبارك الواسطيّ، وأبي القاسم يحيى بن فضلان. وقرأ بمصر الأصول على أبي المنصور

ظافر بن الحسين.

وصنّف، ودرّس، وأفتى، وقال الشعر الجيّد، وأمّ بالجامع المذكور إلى حين وفاته. وله كتبٌ في الأصول، والخلاف، والمذهب.

روى عنه: المحبّ ابن النجّار، والزكيّ المنذريّ، والرفيع الأبرقوهيّ، وابنه أبو المعالي شيخنا.

توفّي بالشارع بظاهر القاهرة في السادس والعشرين من ربيع الأول.

وهمام: بالضمّ.

 

الهيثم بن أحمد بن جعفر بن أبي غالب.

أبو المتوكّل، السّكونيّ، الإشبيليّ، الشّاعر.

ذكره الأبّار فقال: هو أحد فحول الشّعراء المجوّدين بديهةً ورويّةً. وكان عالماً بالآداب وضروبها، أخبارياص، علاّمة. سمعت منه كثيراً من شعره، وفقد في طريق غرناطة، وله بضعٌ وستّون سنة.

 

حرف الياء

يحيى بن جعفر بن عبد الله ابن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي. القاضي الأجلّ،

ظهير الدّين، أبو جعفر، ابن أبي منصور، ابن الدّامغانيّ، البغداديّ، الحنفيّ، الصوفيّ.

ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وعمّته تركناز.

وقدم حلب وسكنها مدة. وكان شيخاً حسناً.

روى عنه: أبو القاسم ابن العديم، وابنه أبو المجد، وعمر بن محمد ابن الأستاذ، وأحمد بن عبد الله ابن الأشتريّ، وسنقرٌ القضائيّ.

ومات بحلب في ربيع الآخر.

 

يحيى بن شبيب. أبو زكريا، قاضي الملّوحة.

والملّوحة: من نقرة بني أسد. حدّث عن يحيى الثّقفي.

ومات في صفر. وعنه مجد الدّين العديمي.

 

يحيى بن عبد الله بن عبد المحسن. أبو زكريا.

أخو الحافظ أبي الطّاهر إسماعيل ابن الأنماطيّ.

توفّي في المحرّم بمصر. حدّث عن البوصيريّ.

 

يونس بن سعيد بن مسافر بن جميل.

أبو محمد، البغداديّ، المقرئ، القطّان، الحلاّج.

ولد في أول سنة اثنتين وستّين.

وسمع من: شهدة، وعبد الحقّ، وأبي هاشم الدّوشابيّ، وابن شاتيل، وتجنّي الوهبانية.

قال ابن نقطة: سمعت منه وسماعه صحيح. وكان حسن التلاوة للقرآن.

وقال عمر ابن الحاجب: كان إمام مسجد البصليّة. وهو عالم، زاهد، خيّر.

قلت: روى عنه: التّقيّ ابن الواسطيّ، والعماد إسماعيل ابن الطبّال، وجماعة. وسمعنا بإجازته من القاضي الحنبليّ، وفاطمة بنت سليمان، وإسماعيل بن عساكر.

وتوفّي في الحادي والعشرين من ذي القعدة.

وهو أخو يوسف. وقد ختم عليه خلق كثير.

وسمع منه الفاروثيّ كتاب الشمس المنيرة في التّسعة الشهيرة بسماعه من عوض بن إبراهيم البردانيّ، والمبارك بن عبد الله البغداديّ، بسماعهما من المؤلّف.

 

وفيها ولد

الخطيب شرف الدّين أحمد بن إبراهيم بن الفزاريّ النّحويّ، في رمضان.

وفخر الدّين عليّ بن عبد الرحمن النابلسيّ الحنبليّ.

والزاهد فخر الدّين إسماعيل ابن عزّ القضاة عليّ بن محمد.

ووجيه الدّين محمد بن عثمان بن المنجى.

والمحدّث فخر الدّين عثمان بن محمد التّوزريّ.

وشمس الدّين محمد بن عبد القويّ النّحويّ.

والمحيي محمد بن يوسف ابن المصريّ النّحويّ.

والمحيي أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عقبة الحنفيّ.

والجمال محمد بن مكرم المصريّ الموقّع.

والضياء عبد الرحمن بن عبد الكافي الرّبعيّ، كاتب الحكم.

والنّبيه حسن بن حسين الأنصاريّ المصريّ.

والشهاب أحمد ابن الجمال ابن الصّابونيّ.

والشرف عبد الأحد بن تيميّة.

وفاطمة بنت شهاب الدّين أبي شامة.

والقطب حسن ابن الفلك المسيريّ.

والشيخ عليّ بن إلياس الغرادي.

ورئيس المؤذّنين الشهاب أحمد بن محمد الإصبهاني.

والحاج محمد بن أيوب الكتبي ابن الأطروش.

والإمام أبو محمد عبد الله بن عبد الحقّ الدّلاصيّ المقرئ.

وقاضي نابلس فخر الدين عثمان بن أحمد بن عمرو الزّرعي.

وستّ الأجناس موفّقيّة بنت أحمد بن وردان.

 

ذكر من توفّي بعد العشرين وستمائة

يحيى بن أبي طي النجّار بن ظافر بن عليّ بن عبد الله بن أبي الحسن ابن الأمير محمد

بن حسن الغسّانيّ، الحلبيّ، الشيعيّ، الرافضيّ.

مصنّف تاريخ الشيعة وهو مسودّةٌ في عدّة مجلّدات، ونقلت منه كثيراً.

ومات في آخر الكهولة.

فينظر في التّاريخ العديميّ إن كان له ذكر.

 

صدقة السّامريّ، الطّبيب.

أحد الكبار في الطّبّ والفلسفة.

درّس صناعة الطّبّ. وخدم الملك الأشرف، وبقي معه سنين عديدة بالشّرق. وكان الأشرف يكرمه، ويبالغ.

ومات بحرّان سنة نيّفٍ وعشرين. وخلّف أموالاً، ولم يخلف ولداً.

ومن كلامه - لا رحمه الله وأجاد - : كلّ الطاعات ترى إلاّ الصوم لا يراه إلاّ الله، وهو ثلاث درجات: صوم العموم وهو كفّ البطن والفرج عن الشهوات، وصوم الخصوص: وهو كفّ السّمع والبصر والجوارح عن الآثام، وصوم خصوص الخصوص: وهو صوم القلب عن الهمم الدّنيّة، والأفكار الدّنياوية، وكفّه عمّا سوى الله تعالى.

قال ابن أبي أصيبعة: له من الكتب شرح التّوراة، كتاب النفس، تعاليق في الطبّ، مقالة في التّوحيد، كتاب الاعتقاد.

محمد بن عمر بن يوسف بن محمد بن بيروز - كذا هذه الكلمة في تاريخي ابن الدّبيثي، وابن النجّار. الفقيه، أبو بكر، ابن الشيخ أبي حفص، البغداديّ، الشافعيّ، المقرئ، الخيّاط، سبط المحدث محمود بن نصر الشعّار.

سمع حضوراً من صالح ابن الرّخلة، ومن جدّه محمود. وسمع من شهدة، وعبد الحقّ، وجماعة. وولد سنة ستّ وستين تقريباً.

روى عنه ابن النجّار - لقيه بحماة - وقال: كان هنا مدرّساص وخطيباً بقلعتها، وهو صدوقٌ متديّن. ذكر لي أنّه تفقّه على أبي طالب غلام ابن الخلّ وحفظ عنه تعليقته، وقرأ عليه المهذّب وتعليقة الشريف. ثمّ تفقّه على عليّ بن عليّ الفارقيّ شيخنا. وخرج من بغداد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة فوصل إلى حمص، ثمّ عاد إلى المعرّة فأقام بها عشرين سنة يدرّس، ثمّ تحوّل إلى حماة ودرّس بها.

وقال أبو محمد البرزاليّ: هو ا، هرّور - براءين - .

 

محمد، الشيخ جمال الدّين، السّاوجيّ، الزّاهد.

شخي الطائفة القلندريّة.

قدم دمشق، وقرأ القرآن والعلم، وسكن بجبل قاسيون بزاوية الشيخ عثمان الرّوميّ، وصلّى بالشيخ عثمان مدّة. ثمّ حصل له زهدٌ وفراغٌ عن الدّنيا، فترك الزّواية وانملس وأقام بمقبرة باب الصغير بقرب موضع القبّة التي بنيت لأصحابه، وبقي مديدةً في قبّة زينب بنت زين العابدين، فاجتمع في بالجلال الدّركزينيّ، والشيخ عثمان كوهي الفارسيّ الذي دفن بالقنوات بمكان القلندرية. ثمّ إنّ السّاوجيّ حلق وجهه ورأسه، فانطلى على أولئك حاله الشيطانيّ فوافقوه وحلقوا. ثمّ فتّش أصحاب الشيخ عثمان الرّوميّ على السّاوجيّ فوجدوه بالقبّة فسبّوه وقبّحوا فعله، فلم ينطق، ولا ردّ عليهم. ثمّ اشتهر وتبعه جماعةٌ، وحلقوا وذلك في حدود العشرين وستمائة - فيما أظنّ - . ثمّ لبس دلق شعر وسافر إلى دمياط، فأنكروا حاله وزيّه المنافي للشرع فريّق بينهم ساعةً، ثمّ رفع رأسه، وإذا هو بشبيبة - فيما قيل - كبيرة بيضاء.

فاعتقدوا فيه، وضلّوا به حتى قيل: إنّ قاضي دمياط وأولاده وجماعةً حلقوا لحاهم وصحبوه -

والله أعلم بصحّة ذلك - .

وتوفّي بدمياط، وقبره بها مشهور، وله هناك أتباع.

وذكر الأجلّ شمس الدّين الجزريّ في تاريخه: أنه رأى كراريس من تفسير القرآن العظيم للشيخ جمال الدّين السّاوجيّ وبخطّه.

وجلس في المشيخة بعده بمقبرة باب الصّغير جلال الدّين الدّركزينيّ وبعده الشيخ محمد البلخيّ وهو - أعني البلخيّ - من مشاهير القوم، وهو الذي شرع لهم الجولق الثقيل، وأقام الزاوية، وأنشأها، وكثر أصحابه. وكان للملك الظاهر من مال الجامع. وكان إذا قدم يعطيهم ألف درهم وشقتين من البسط ورتّب لهم ثلاثين عرارة قمحٍ في السنة وعشرة دراهم في اليوم. وكان السّويداويّ منهم يحضر سماط السّلطان الملك الظّاهر ويمازح السّلطان. ولمّا أنكروا في دولة الشرف موسى على عليّ الحريريّ أنكروا على القلندرية - وتفسيرها بالعربيّ المحلّقين - ونفوهم إلى قصر الجنيد.

وذكر ابن إسرائيل الشاعر: أنّ هذه الطائفة ظهرت بدمشق سنة نيّف عشرة وستمائة. ثمّ أخذ يحسّن حالهم الملعون، وطريقتهم الخارجة عن الدّين. وفلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الطبقة الرابعة والستون حوادث

الأحداث من سنة 631 إلى 640

سنة إحدى وثلاثين وستمائة

خروج الكامل إلى الروم ورجوعه خائباً

فيها جاء الكامل، واجتمع بإخوته وبصاحب حمص الملك المجاهد شيركوه، وساروا ليدخلوا الروم من عند النهر الأزرق، فوجدوا عساكر الروم قد حفظوا الدربند ووقفوا على رؤوس الجبال، وسدوا الطرق بالحجارة.

وكان الأشرف ضيق الصدر من جهة الكامل؛ لأنه طلب منه الرقة، فقال الكامل: ما يكفيه كرسي بني أمية؟ فاجتمع شيركوه بالأشرف، وقال: إن حكم الكامل على الروم أخذ جميع ما بأيدينا، فوقع التقاعد منهما.

فلما رأى الكامل ذلك عبر الفرات ونزل السويداء، وجاءه صاحب خرت برت الأرتقي، فقال: عندنا طريق سهلة تدخل منها فجهز الكامل بين يديه ابنه الملك الصالح، وابن أخيه الملك الناصر داود، وصواباً الخادم، فلم يرعهم إلا وعلاء الدين صاحب الروم بالعساكر، وكان صوابٌ في خمسة آلاف، فاقتتلوا، وأسر صوابٌ، وطائفةٌ، منهم الملك المظفر صاحب حماة، وقتل طائفة وهرب الباقون.

فتقهقر الكامل ودخل آمد، ثم أطلق علاء الدين صواباً والمظفر والأمراء، مكرمين.

وأعطى الكامل إذ ذاك ولده الصالح حصن كيفا، واستناب صواباً بآمد، ورجع إلى الشام خائباً.

 

تسلطن صاحب الموصل

وفيها تسمى لؤلؤ صاحب الموصل بالسلطنة، وضرب السكة باسمه.

قاله أبو الحسن علي بن أنجب ابن الساعي.

 

اكتمال بناء المستنصرية

قال: وفيها تكامل بناء المدرسة المستنصرية ببغداد، ونقل إليها الكتب وهي مائة وستون حملاً، وعدة فقهائها مائتان وثمانية وأربعون فقيهاً من المذاهب الأربعة، وأربعةٌ مدرسون، وشيخ حديث، وشيخ نحو، وشيخ طب، وشيخ فرائض.

فرتب شيخ الحديث أبو الحسن ابن القطيعي.

ورتب فيها الخبز والطبيخ والحلاوة والفاكهة.

فأنبأني محفوظ ابن البزوري، قال: تكامل بناء المستنصرية وجاءت في غاية الحسن ونهايته، وخلع على أستاذ الدار العزيزة متولي عمارتها؛ وعلى أخيه علم الدين أبي جعفر ابن العلقمي، وعلى حاجبه، وعلى المعمار، وعلى مقدم الصناع.

ونقل إلى خزانة الكتب كثيرٌ من الكتب النفيسة، فبلغني أنه حمل إليها ما نقله مائة وستون حمالاً، سوى ما نقل إليها فيما بعد، وأوقفت، وجعل الشيخ عبد العزيز شيخ الصوفية برباط الحريم، وخازن كتب دار الخلافة، هو وولده ضياء الدين أحمد ينظران في ترتيبها، فرتبا الكتب أحسن ترتيب.

وفي بعض الأيام اتفق حضور أمير المؤمنين عندها لينظر، فسلم عليه عبد العزيز وتلا قوله تعالى: "تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جناتٍ تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصوراً" فخشع المستنصر بالله أمير المؤمنين، ورد عليه السلام، وكلمه، وجبر قلبه.

وشرط لكل مدرسٍ أربعة معيدين، واثنان وستون فقيهاً، وأن يكون بالدار المتصلة بالمدرسة ثلاثون يتيماً يتلقنون.

 

وقفية المستنصرية

قلت: رأيت نسخة كتاب وقفها في خمسة كراريس، والوقف عليها عدة رباع وحوانيت ببغداد، وعدة قرى كبار وصغار ما قيمته تسعمائة ألف دينار فيما يخال إلي، ولا أعلم وقفاً في الدنيا يقارب وقفها أصلاً سوى أوقاف جامع دمشق؛ وقد يكون وقفها أوسع.

فمن وقفها بمعاملة دجيل: قصر سميكة، وهي ثلاثة آلاف وسبعمائة جريب وجميد وضياعة كلها ومساحته ستة آلاف وأربعمائة جريب، والأجمة كلها، وهي خمسة آلاف جريب وخمسون، ومن نهر الملك برفطا كلها،وهي خمسة آلاف وخمسمائة جريب، وناحية البدو، وهي ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسعون جريباً، وقوسنيثا، وهي ثلاثة آلاف جريب ونيف، وقرية يزيد كلها، وهي أربعة آلاف جريب ومائة وثمانون جريباً، ومن ذلك ناحية طبسنى، ومساحتها ثمانية آلاف ومائة جريب، ومن ذلك سستا، وهي ثلاثة آلاف جريبٍ وزيادة، وناحية الأرحاء، وهي أربعة آلاف جريب، ومن ذلك ناحية البسطامية، وهي أربعة آلاف جريب، والفراشة، ألف جريب، وقرية حد النهرين، وهي ألف جريب ومائتا جريب، والخطابية، وهي أربعة

آلافٍ وثمانمائة جريب، وناحية بزندي، وهي ستة آلاف وخمسمائة جريب، ومن ذلك الشدادية ومبلغها عشرون ألف جريب ومائتان وخمسون جريباً، وحصن بقية، وهو أربعة آلاف جريب وثمانمائة، ومن ذلك فرهاطياً، ستة آلاف جريب، ومن ذلك حصن خراسان، وهي خمسة آلاف جريب وتسعمائة جريب، وما أضيف إلى ذلك، وهو سبعة آلاف جريب ومائتا جريب.

ومن أعمال نهر عيسى قرية الجديدة، وهي ألفا جريب وستمائة جريب، والقطنية، وهي ستة آلاف وأربعمائة جريب، وقرية المنسل، وهي خمسة آلاف وخمسمائة جريب، وميثا، وهي ألفان وخمسمائة جريب، وقرية الدينارية، وهي أربعة آلافٍ وستمائة جريب، والناصرية كلها، وهي تسعة عشر ألف جريب.

فالمرتزقة من أوقاف هذه المدرسة على ما بلغني نحوٌ من خمسمائة نفس؛ المدرسون فمن دونهم، وبلغني أن تبن الوقف يكفي الجماعة ويبقى مغل هذه القرى مع كري الرباع فضلةً، فكذا فليكن البر وإلا فلا.

وحدثني الثقة أن ارتفاع وقفها بلغ في بعض السنين وجاء نيفاً وسبعين ألف مثقال ذهبٍ.

وفي خامس رجب يوم الخميس فتحت، وحضر سائر الدولة والقضاة والمدرسون والأعيان، وكان يوماً مشهوداً.

 

عودة ركب العراق

وفيها سار ركب العراق، فبلغهم أن العرب قد طموا المياه، وعزموا على أخذ الركب، فرد بالناس قيران الظاهري أميرهم، ووصل أوائلهم في ذي الحجة إلى بغداد، وماتت الجمال والناس.

وكانت سنةً عجيبةً.

وكان معهم تابوت مظفر الدين صاحب إربل ليدفن بمكة، فعادوا به ودفنوه بمشهد علي رضي الله عنه.

 

إقامة الجمعة بمسجد جراح

وفيها أقيمت بمسجد جراح الجمعة بالشاغور.

 

تعليق حبل بباب جامع دمشق

وفيها أمر وزير دمشق، وابن جرير أن يعلق بباب الجامع حبلٌ، فمن دخل من أصحاب

الحريري، علق فيه.

 

سنة اثنتين وثلاثين وستمائة

الشروع في بناء جامع العقيبة

فيها شرع الملك الأشرف في بناء جامع العقيبة، وكان قبل ذلك خاناً يقال له: خان الزنجاري، فيه الخمور والخواطئ، فأنفق عليه أموالاً كثيرةً.

 

وصول رسول من اليمن

وفيها في صفر وصل إلى الديوان العزيز رسولٌ من الأمير عمر بن رسول أنه استولى على بلاد اليمن، وأرسل تقادم وتحفاً.

 

ختم المستعصم للقرآن

وفيها ختم القرآن عبد الله ابن المستنصر بالله، وهو المستعصم الذي قتلته التتار، ختم على مؤدبه أبي المظفر علي ابن النيار، فعملت دعوةٌ هائلة غرم عليها عشرة آلاف دينار، وأعطى ابن النيار شيئاً كثيراً، من ذلك: ألف دينار، وخلعٌ عديدة.

 

ضرب دراهم بأمر المستنصر بالله

وفيها جلس الوزير نصير الدين بن الناقد، واستحضر الولاة والتجار والصيارف، ثم فرشت الأنطاع، وأفرغ عليها الدراهم التي ضربت بأمر المستنصر بالله، فقام الوزير والدولة خدمةً لرؤيتها، ثم قال: قد رسم مولانا أمير المؤمنين بمعاملتكم بهذه الدراهم عوضاً عن قراضة الذهب، رفقاً بكم، وإنقاذاً لكم من التعامل بالحرام من الصرف الربوي، فأعلنوا بالدعاء والطاعة.

ثم سعرت كل عشرة بدينارٍ إمامي، وأديرت بالعراق، فقال الموفق أبو المعالي القاسم بن أبي الحديد: لا عـدمـنـا جـمـــيل رأيك فـــينـــاأنـت بـاعـدتـنـا عـن الـتـطـفـــيف

ورسـمـت الـلـجـين حـتـى ألـفـنــاه، ومـا كـان قـبـل بـالـمـــألـــوف

ليس للجمع كـان مـنـعـك لـلـصـرف، ولـكـن لـلـعـدل والـتـعـــريف

 

وقعة أهل سبتة مع الفرنج

وفي ربيع الأول كانت وقعة أهل سبتة مع الفرنج، وذلك أن متوليها الينشتي كان قد بالغ في

تألفهم، فكانوا يأتون بالتجارات، فكثروا إلى الغاية بسبتة بحيث إنهم صاروا بها أكثر من أهلها، فطمعت الفرنج وراموا تملك البلد وأعملوا الحيلة.

وكان لأبي العباس الينشتي ابنان: أحدهما قائد البحر، والآخر قائد البر.

فخرج قائد البر نوبةً بجيشه لأخذ الخراج من القبائل، فعزم الملاعين على أمرهم، ولبسوا أسلحتهم وخرجوا، فطلبوا من سقاءٍ ماءً، فأبى، فقتلوه، وشرعوا في القتال.

وثار المسلمون إليهم، والتحم الحرب، فقتلوا من أهل الربض خلقاً، وسد أهل البلد الباب في وجوههم، ورموهم بالنشاب من المرامي، وأسرع الصريخ إلى قائد البر؛ فكر بالجيش ركضاً، والإفرنج قد ملكوا الربض، وسدوا بابه الواحد، وهم على أن يغلقوا الثاني، فحمل الجيش عليهم حملةً صادقة، فدخلوا عليه؛ فلم يفلت منهم إلا الشريد، ففروا إلى البحر هاربين، وغنم المسلمون من الأموال من ما لا يوصف.

فذهب المنهزمون واستنجدوا بالفرنج، ثم أقبلوا في هيئةٍ ضخمة من الرجال والمراكب وآلات الحصار والمجانيق، ونازلوا سبتة، واشتد الأمر، فطلب المسلمون المصالحة، فقالوا: لا نرد حتى يغرموا لنا جميع ما أخذ لنا في العام الماضي.

فأعطوا جميع ذلك؛ التزم الينشتي لهم بذلك، وعجز عن البعض، فشرع في مصادرة العامة، فتوغلت صدورهم عليه، وقال له الأعيان: الرأي يا أبا العباس أن نصالح صاحب المغرب، فكأنه أحس منهم القيام عليه، فأجاب على كرهٍ، فكاتبوا الرشيد عبد الواحد؛ فبعث جيشاً مع وزيره، وفتح أهل سبتة له البلد، وأسر الينشتي هو وابنه الواحد ثم قتلا بالسم بمراكش، وهرب ابنه الآخر في البحر، فما استقر إلا بعدن.

وأما الفرنج فنازلوا على إثر ذلك بلنسية، فأخذوها.

 

سنة ثلاث وثلاثين وستمائة

دخول الناصر داود بغداد

في المحرم دخل بغداد الناصر داود بن المعظم، وتلقاه الموكب وخلع عليه قباءٌ أطلس وشربوش، وأعطي فرساً بسرج ذهب، وأقيمت له الإقامات.

ولما مر بالحلة عمل له زعيمها سماطاً عظيماً، فقيل: إنه غرم على الدعوة اثني عشر ألف دينار، ولما أراد التوجه، خلع عليه قباءٌ أسود، وفرجية ممزج، وعمامة قصبٍ كحليةٌ مذهبةٌ،

وأعطي فرساً بمشدة حريرٍ، يعني الحزام الرقبة، وأعطي علماً، وخفتاتين، وخيماً، وكراعاً، وآلاتٍ، وعدة أرؤس من الخيل، وبقج قماشٍ، وخمسةً وعشرين ألف دينار، وذلك بعد الصلح بينه وبين عميه الكامل والأشرف. وأرسل في حقه رسولٌ إلى الكامل، وسافر في رمضان.

 

خروج التتار إلى إربل والموصل

وفي ربيع الأول جاء فرقةٌ من التتار إلى إربل فواقعوا عسكرها، فقتل جماعةٌ من التتار، وقتل من الأرابلة نفرٌ يسير. ثم إن التتار ساقوا إلى الموصل ونهبوا وقتلوا، فاهتم المستنصر بالله وفرق الأموال والسلاح. فرجع التتار ودخلوا الدربند، ورد عسكر بغداد وكان عليهم جمال الدين قشتمر.

 

قضاء القضاة والتدريس بالمستنصرية

وفيها عزل أبو المعالي بن مقبل عن قضاء القضاة، وتدريس المستنصرية. وولي التدريس أبو المناقب محمود بن أحمد الزنجاني الشافعي. ثم ولي قضاءالقضاة أبو الفضل عبد الرحمن بن اللمغاني.

 

تدريس المالكية بالمستنصرية

وفيها وصل سراج الدين عبد الله بن عبد الرحمن الشرمساحي المالكي إلى بغداد بأهله، فولي تدريس المالكية بالمستنصرية، وبانت فضائله.

 

التدريس الحنفي بالمستنصرية

وفيها وصل إلى بغداد أيضاً شهاب الدين أحمد بن يوسف ابن الأنصاري الحلبي الحنفي، وولي تدريس المستنصرية.

 

تعدية الكامل والأشراف إلى الشرق وعودتهما

وفيها عدى الكامل والأشرف الفرات إلى الشرق، واستعاد الكامل حران والرها من صاحب الروم، فأخرب قلعة الرها. ثم نزل على دنيسر فأخربها. فجاءه كتاب صاحب الموصل أن التتار قد قطعوا دجلة في مائة طلبٍ، ووصلوا إلى سنجار، فخرج إليهم معين الدين ابن كمال الدين بن مهاجر فقتلوه. فرد الكامل والأشرف إلى الشام. فأتت عساكر الروم والخوارزمية إلى ماردين فنزل إليهم صاحبها، وأتوا إلى نصيبين، فأخربوها، وبدعوا، وعملوا فيها أعظم مما فعل الكامل درينسر، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

قال سعد الدين ابن شيخ الشيوخ- وأجازه لنا -: فيها وصلت الأخبار من مصر بأن فيها وباءً عظيماً، بحيث إنه مات في شهر نيف وثلاثون ألف إنسان.

ثم ساق كيفية حصار الكامل لحران. وقتل عليها عددٌ من المسلمين. وزحف عليها الكامل والأشرف مرات، وجرح خلقٌ كثيرٌ. ثم أخذها بالأمان من نواب صاحب الروم وأخذهم في القيود، وجرت أمورٌ قبيحةٌ جداً.

 

آمرية مائة فارس بدمشق

وفي رمضان كان الملك الكامل بدمشق نازلاً في دار صاحب بعلبك التي داخل باب الفراديس، فأعطى آمرية مائة فارس للصاحب عماد الدين عمر ابن الشيخ.

 

منازلة صاحب الروم حران وآمد

وفي آخر السنة حشد صاحب الروم وجمع ونازل حران وآمد، وتعثرت الرعية بينه وبين أولاد العادل، نسأل الله اللطف. ثم جرت أمورٌ.

 

أخذ الفرنج قرطبة

وفيها أخذت الفرنج - لعنهم الله - قرطبة بالسيف، واستباحوها، فقال لنا أبو حيان: توفي ابن الربيع بإشبيلية بعد استيلاء النصارى على شرقي قرطبة سنة ثلاثٍ وثلاثين.

وقال ابن الأبار: استولت الروم على قرطبة في شوال سنة ثلاث وثلاثين.

قلت: هي أكبر مدائن الأندلس وما زالت دار إسلام من زمن الوليد بن الملك إلى أن استولت النصارى الآن عليها بالأمان.

 

سنة أربع وثلاثين وستمائة

انخساف مشرفة بجماعة

في المحرم قصد جماعةٌ عيادة مريضٍ ببغداد، فطلعوا وجلسوا عنده على مشرفةٍ، فانخسفت بهم، فماتوا جميعاً سوى المريض، وكانوا سبعةً.

 

مصرع طير لابن صاحب الموصل

وفيها صرع الطير الأمير ركن الدين إسماعيل ابن صاحب الموصل، فادعي لشرف الدين إقبال الشرابي، وبعث بالطير إلى بغداد، فقبله، وعلق ببغداد، ونثر عليه ألف دينار فالتقطها رماة البندق.

امتناع الحج من العراق

ولم يحج أحد هذا العام من العراق.

 

نكبة ركب الشام

وجرى على ركب الشام نكبةٌ شديدةٌ من العطش قبل ثجر وهي على درب خيبر.

 

مصالحة الكامل وصاحب الروم

وفيها وقع الصلح بأمر الخليفة بين الكامل وبين صاحب الروم في شهر محرم.

 

السيل العرم بدمشق

وفيها جاء بدمشق سيل عرم قدر قامةٍ وبسطة، خرب الخانات، والدور التي بالعقيبة من شمالي باب الفرج، وذهب للناس شيءٌ كثيرٌ.

 

وفاة صاحب حلب

وفيها مات صاحب حلب الملك العزيز.

 

وفاة صاحب الروم

وصاحب الروم علاء الدين.

 

عرس بنت صاحب الموصل

وفيها كان عرس مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير على بنت بدر الدين صاحب الموصل.

وكان عرساً ما شهد مثله. وخلع عليه الخليفة، وأعطاه، ونوه باسمه، ومشى في ركابه الأمراء، ووراء ألوية الملك. وأعطي أنواعاً كثيرةً وتحفاً، واستمر دخوله إلى دار الخلافة في كل يوم.

 

نزول التتار على إربل

وفيها نزل التتار على إربل وحاصروها، ونقبوا السور وأخذوها عنوةً، وقتلوا وسبوا، وجافت إربل بالقتلى. وكان باتكين نائب البلد بالقلعة فقاتلهم. ثم إن التتار نقبوا القلعة، وجعلوا تحتها سرباً وطرقاً، وقلت المياه على أهل القلعة، ومات بعضهم من العطش، ولم يبق إلا أخذ القلعة، ثم لطف الله بمن بقي بالقلعة، ورحلت التتار بمكاسب لا تحصى.

 

الخلاف بين الكامل والأشرف

وفيها وقع بين الكامل والأشرف، لأن الأشرف طلب من أخيه الرقة فامتنع، وأرسل إليه عشرة

آلاف دينار عوضها، فردها. فغضب الكامل وقال: يكفيه عشرته للمغاني، فتنمر الأشرف، وبعث إلى حلب والشرق، فاتفقوا معه. وأما الكامل فإنه خاف ومضى إلى مصر، فلما دخل باس الأرض شكراً، وقال: رأيت روحي في قلعتي، أنبأني بذلك سعد الدين: أن ابن عمه فخر الدين حكى له ذلك.

 

الاحتياط على ديوان الكامل

وفي ذي القعدة احتاط الأشرف على ديوان الكامل الذي بدمشق، وأمر بنفي نوابه. وختم على الحواصل من غير أن يتصرف فيها.

 

سنة خمس وثلاثين وستمائة

اختلاف الخوارزمية على الصالح أيوب

فيها اختلفت العساكر الخوارزمية الذين من جيش الصالح نجم الدين أيوب عليه، وهموا بالقبض عليه، فهرب إلى سنجار، وترك خزائنه فنهبتها الخوارزمية. فلما صار في سنجار،سار إليه بدر الدين صاحب الموصل وحاصره. فطلب منه الصلح فأبى. فبعث الملك الصالح قاضي سنجار بدر الدين وحلق لحيته ودلاه من السور، فاجتمع بالخوارزمية وشرط لهم كل ما أرادوا. فساقوا من حران بسرعة فكبسوا بدر الدين، فهرب على فرس النوبة، وانتهبوا خزائنه وثقله، واستغنوا.

 

أخذ صاحب حمص عانة

وفيها أخذ أسد الدين صاحب حمص عانة من صاحبها صلحاً، واحتوى عليها، وجعل له والياً من البلد.

 

دخول عساكر الأمراء بغداد

وفيها وصل إبراهيم بن الأمير خضر بن السلطان صلاح الدين إلى بغداد في ستمائة فارس، لأن الخليفة كان قد سير إلى الشام مالاً يستخدم به جيشاً لحرب التتار، فدخلها في شوال، ودخل بعده الملك المظفر عمر والملك السعيد غازي ابنا الملك الأمجد صاحب بعلبك، ومعهما عساكر نفذهم الكامل.

 

الصواعق ببغداد

وفيها كثرت الصواعق ببغداد في تشرين الأول، فوقعت صاعقةٌ على راكب بغل ظاهر السور

فأهلكتهما وأخرى في بيت يهودي، وأخرى على نخلة بالمحول، وأخرى في ساحة المستنصرية، الكل في ساعة.

 

رسول ملكة الهند

وفيها قدم بغداد الرسول من ملكة الهند بنت السلطان شمس الدين ايتامش مملوك السلطان شهاب الدين الغوري. وسبب ملكها أن أخاها ركن الدين تملك في السنة الماضية بعد والده، فلم ينهض بتدبير الرعية، وتفرقت عليه عساكره. فقبضت على أخته هذه، وملكت، وأطاعها الأمراء، ولقبت رضية الدنيا والدين.

 

قضاء دمشق

وفيها ولي قضاء دمشق شمس الدين أحمد الخويي، وهو أول قاض رتب مراكز الشهود بالبلد.

وكان قبل ذلك يذهب الناس إلى بيوت العدول يشهدونهم.

 

امتناع الحج العراقي

ولم يحج أحدٌ أيضاً في العام من العراق بسبب كسرة التتار لعسكر الخليفة، وأخذ إربل في السنة الماضية.

 

موت الأشرف الكامل

ومات السلطانان الأخوان الأشرف والكامل.

 

سلطنة الصالح إسماعيل

ولما انقضى عزاء الأشرف تسلطن أخوه الصالح إسماعيل أبو الخيش، وركب، وعن يمينه صاحب حمص الملك المجاهد أسد الدين، وحمل الغاشية عز الدين أيبك المعظمي.

 

وصول التتار إلى دقوقا

وفيها وصلت التتار إلى دقوقا، وقلق الناس، خصوصاً أهل العراق.

 

مصادرة الرؤساء بدمشق

وأخذ أبو الخيش في مصادرة الرؤساء بدمشق، فصادر العلم تعاسيف، وأولاد ابن مزهر، وابن عريف البدوي. وأخذ أموالهم وحبسهم. وأخرج الحريري من قلعة عزتا، لكنه منعه من دخول دمشق.

 

حصار دمشق

ثم جاء عسكر الكامل صاحب مصر إلى قريب دمشق، فحصنها أبو الخيش، وقسم الأبرجة على الأمراء. وجاء عز الدين أيبك من صرخد، فأمر بفتح الأبواب. وجاء لأجل الكامل الناصر داود صاحب الكرك فنزل المزة، ونزل مجير الدين، وتقي الدين ابنا العادل بالقابون، وقدم الكامل، فنزل عند مسجد القدم، وقطعت المياه عن المدينة، ووقع الحصار، وغلت الأسعار، وسد أكثر أبواب البلد. ورد الكامل ماء بردى إلى ثورى وغيره. وأحرق أبو الخيش العقيبة والطواحين لئلا يحتمي المصريون. وزحف الناصر داود إلى باب توماء، ووصلت النقوب، ولم يبق إلا فتح البلد. ثم تأخر الناصر إلى وطاة برزة، جاءه أمر الكامل بذلك لئلا يفتح البلد على يده، وأحرق قصر حجاج والشاغور، وتعثر الناس وتمت قبائح.

ثم آل الأمر إلى أن أعطي الصالح إسماعيل بعلبك وبصرى، وأخذت منه دمشق. ودخل الكامل القلعة في نصف جمادى الأولى وما هنأه الله بها، بل مات بعد شهرين بدمشق. فبهت الخلق ولم يتحزنوا عليه لجبروته.

 

الوقعة بين الناصرولجواد

وفيها كانت الوقعة بين الناصر صاحب الكرك والجواد صاحب دمشق ثم اجتمع عز الدين أيبك، وسيف الدين علي بن قليج، وعماد الدين وفخر الدين ابنا شيخ الشيوخ، والركن الهكاري، وتشاوروا، فانفصلوا على غير شيء. وكان الناصر داود بدار سامة، فجاءه الركن الهكاري فبين له الطريق، ونفذ إليه عز الدين أيبك يقول: أخرج الأموال، وأنفق في مماليك أبيك، والعوام معك، وتملك البلاد، ويبقوا محصورين في القلعة، فلم يصر حالٌ، فأصبحوا واجتمعوا في القلعة، وذكروا الناصر وذكروا الجواد، فكان أضر ما على الناصر عماد الدين ابن الشيخ، لأنه كان يتم في مجالس الكامل مباحثاتٍ، فيخطئه الناصر ويستجهله، فحقد عليه، وكان أخوه فخر الدين يميل إلى الناصر، فأشار عماد الدين بالجواد فوافقه الباقون، وأرسلوا أميراً إلى الناصر داود في الحال، فقال: أيش قعودك في بلد القوم؟ فقام وركب وازدحم الناس من بابه إلى القلعة، وما شكوا أنه تسلطن، وساق، فلما تعدى مدرسة العماد الكاتب، وخرج من باب الزقاق، انعطف إلى باب الفرج، فصاحت الناس: لا، لا، لا، وانقلب البلد، فذهب إلى القابون، ووقع بعض الأمراء في الناس بالدبابيس، فهربوا، وسلطنوا الجواد، وفتح الخزائن وبذل الأموال.

قال المظفر ابن الجوزي: فبلغني أنه فرق ستمائة ألف دينار، وخلع خمسة آلاف خلعةً.

 

افتقار الناصر داود

وقال سعد الدين بن حمويه: بلغت النفقة تسعمائة ألف دينار وضيعوا الخزائن، وأساءوا التدبير، وكانت النفقة في الطواشي عشرين ديناراً، وثلاثين ديناراً، وللأمير نصف ما لأجناده.

وبطلت الخمور والقحاب و المكوس، وهموا بالقبض على الناصر، فراح من القابون، ووصل إلى عجلون، ثم نزل غزة، واستولى على الساحل، فخرج إليه الجواد في عسكر مصر والشام، وقال للأشرفية: كاتبوه وطمعوه. ففعلوا، فاغتر، وساق إلى نابلس بخزائنه ومعه سبعمائة فارس، فأحاطت بهم الجيوش، فانهزم جريدةً، وحازوا خزائنه وجنائبه وذخائره، وكانت خزائنه على سبعمائة جملٍ، واستغنوا غناءً للأبد، وافتقر هو.

قال أبو المظفر: فبلغني أن عماد الدين ابن الشيخ وقع بسفط جوهر وفصوص، فاستوهبه من الجواد فأعطاه إياه.

وتوجه فخر الدين ابن الشيخ، وعدة أمراء إلى مصر.

 

سلطنة العادل

وفيها سلطن بمصر الملك العادل ولد الملك الكامل، وانضم إليه حاشية أبيه.

 

وقعة التتار والأمير بكلك

وفي ذي العقدة كانت الوقعة بين التتار وبين الأمير جمال الدين بكلك، وعدة جيشه سبعة آلاف فارس. وعدة العدو عشرة آلاف، فانكسر المسلمون من بعد أن أنكوا وقتلوا خلقاً من التتار وكادوا ينتصرون عليهم، ووصل المنهزمون إلى بغداد، وهلك الأكثر، وعدم في الوقعة مقدمهم بكلك.

ويقال: إنه قتل في الوقعة قريبٌ من خمسين أميراً - فإنا لله وإنا إليه راجعون - وكانت التتار يعيثون في الشرق، والأمر شديدٌ بهم.

 

سنة ست وثلاثين وستمائة

حبس الوزير ابن مرزوق

في أولها قبض الملك الجواد صاحب دمشق على الوزير صفي الدين بن مرزوق، وأخذ منه أربعمائة ألف درهم، وسجن بقلعة حمص، فبقي ثلاث سنين لا يرى الضوء. وقيل: حبس

اثنتي عشر سنة، ولكن أسد الدين شيركوه أظهر موته.

 

ضعف سلطنة الجواد بدمشق

وفيها تمهن الجواد وضعف عن سلطنة دمشق، وقايض الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل بدمشق سنجار وعانة. وكان الجواد قد سلط على أهل دمشق خادماً يقال له: الناصح، فصادرهم، وضرب، وعلق.

وأما عماد الدين ابن الشيخ، فإنه سار إلى مصر، فلامه الملك العادل ابن الكامل، وتوعده، لكونه قام في سلطنة الجواد، فقال: أنا أمضي إلى دمشق، وأنزل بالقلعة، وأبعث إليك بالجواد.

فقدم دمشق، ونزل بالقلعة، فأمر ونهى وقال: أنا نائب السلطان، وقال للجواد: تسير إلى مصر.

فاتفق الجلاد والمجاهد شيركوه على قتل عماد الدين.

قال أبو المظفر ابن الجوزي: ذكر لي سعد الدين مسعود بن تاج الدين شيخ الشيوخ قال: خرجنا من القاهرة في ربيع الأول، فودع عماد الدين إخوته فقال له أخوه فخر الدين: ما أرى رواحك رأياً، وربما آذاك الجواد. فقال: أنا ملكته دمشق فكيف يخالفني؟ قال: صدقت، أنت فارقته أميراً، وتعود وقد صار سلطاناً، فكيف يسمح بالنزول عن السلطنة؟ وأما إذا أبيت، فانزل على طبرية وكاتبه، فإن أجاب، وإلا فتقيم مكانك، وتعرف العادل. فلم يلتفت إلى قول فخر الدين، وسار.

قال سعد الدين: فنزلنا المصلى، وجاء الجواد فتلقانا وسار معنا، وأنزل عماد الدين في القلعة.

وقدم أسد الدين شيركوه من حمص، وبعث الملك الجواد لعماد الدين الذهب و الخلع، فما وصلني من رشاشها مطرٌ مع ملازمتي لعماد الدين في مرضه، فإنه ما خرج من القاهرة إلا في محفةٍ.

ثم إن الجواد رسم عليه في الباطن ومنعه الركوب، واجتمع به وقال: إذا أخذتم مني دمشق وأعطيتموني الإسكندرية، فلابد لكم من نائب بدمشق فاحسبوني ذلك النائب، وإلا فقد نفذت إلى الصالح نجم الدين أسلم إليه دمشق،وأذهب إلى سنجار. فقال: إذا فعلت هذا أصلحت بين الصالح وأخيه العادل، وتبقى أنت بغير شيءٍ. فقام مغضباً، وقص على أسد الدين ما جرى، فقال له: والله لئن اتفق الصالح والعادل ليتركونا نشحذ في المخالي. فجاء أسد الدين إلى عماد الدين وقال: مصلحةٌ أن تكتب إلى العادل تستنزله عن هذا الأمر. فقال: حتى أروح إلى مقام

برزة وأصلي صلاة الاستخارة. فقال: تروح إلى برزة وتهرب إلى بعلبك؟ فغضب من هذا. ثم اتفق شيركوه والجواد على قتله. وسافر شيركوه إلى حمص، ثم بعث الجواد يقول: إن شئت أن تركب وتتنزه، فاركب، فاعتقد أن ذلك عن رضى، فلبس فرجية وبعث إليه بحصان، فلما خرج من باب الدار، وقابله النصراني بيده قصةٌ فاستغاث، فأراد حاجبه أن يأخذها، فقال: لا، لي مع الصاحب شغلٌ. فقال عماد الدين: دعوه، فتقدم إليه وناوله القصة، ثم ضربه بسكينٍ على خاصرته بدد مصارينه، ووثب آخر يضربه على ظهره بسكين، فرد إلى الدار ميتاً. وأخذ الجواد جميع تركته، وعمل محضراً يتضمن أنه ما مالأ على قتله، وبعث إلى أبي، فقال: اطلع، فجهز ابن أخيك، فجهزناه، وأخرجناه. وكانت له جنازةٌ عظيمةٌ، ودفناه بقاسيون في زاوية الشيخ سعد الدين ابن حمويه. وعاش ستا وخمسين سنة.

وقد كتب مرة على تقويم: إذا كان حكـم الـنـجـم لا شـكَّ واقـعـاًفـمـا سـعـينـا فـي دفـعـه بــنـــجـــيح

وإن كـان بـالـتـدبـــير يمـــكـــن ردهعـلـمـنـا بـأن الـكـل غـير صـحـــيح

قال أبو المظفر: وحبس النصراني أياماً و أطلق.

 

خروج الجواد من دمشق

وخرج الجواد عن دمشق فتسلمها الملك الصالح، وعبر في أول جمادى الآخرة، والملك الجواد والملك المظفر الحموي بين يديه يحملان الغاشية بالنوبة، فنزل بالقلعة. ثم ندم الجواد حيث لا ينفعه الندم، وطلب الأمراء وحلف جماعةً، فعلم الملك الصالح فهم أن يحرق داره، فدخل ابن جرير في الصلح. وخرج الجواد إلى النيرب، ووقف الناس على باب النصر يدعون عليه ويسمعونه لكونه صادرهم وأساء إليهم. فأرسل إليه الصالح ليرد إلى الناس أموالهم، فما التفت، وسافر.

 

وزارة ابن جرير ووفاته

واستوزر الصالح جمال الدين علي بن جرير، وزير الأشرف، فمات بعد أيام.

 

وزارة الإربلي

قلت: ثم ولي الوزارة بعده - على ما ذكر سعد الدين في"جريدته" - تاج الدين ابن الوليد الإربلي.

الغلاء بدمشق

وحصل بدمشق الغلاء، وأبيعت الغرارة بمائتين وعشرين درهماً.

 

توجه الصالح إلى مصر

وتوجه الملك الصالح قاصداً ديار مصر، وكاتب عمه عماد الدين إسماعيل صاحب بعلبك ليسير إليه،فسار الصالح نجم الدين إلى نابلس، واستولى على بلاد الناصر داود في شوال، فسار الناصر إلى مصر، وأقام الصالح ينتظر قدوم عمه الصالح إسماعيل. وكان ولد أبو الخيش وعسكره عند الملك الصالح، وعمه في باطن الأمر قد كاتب ولده ناصر الدين ابن يغمور ليحلفا له الجند، والأموال تفرق بدمشق بدار النجم بن سلام، ولم يكن أحدٌ يجسر أن يعرف الملك الصالح لهيبته. وجبوا أسواق البلد لأجل سوقية العسكر، من كل دكان عشرة دراهم.

 

سرقة النعل

وفي شوال سرق النعل الذي بدار الحديث، فشدد أولو الأمر على القوام وأهل الدار، فرموه في تراب.

 

استيلاء الفرنج على قرطبة

وحدثني أبو القاسم بن عمران عن غير واحد من مشايخ سبتة: أن الفرنج استولوا على جميع قرطبة سنة ست هذه. وذكر أن استيلاءهم على شرقيها كان في سنة ثلاث وثلاثين -كما ذكرنا-.

قال الأبار: وفي صفر سنة ستٍ أخذت الفرنج بلنسية بعد حصار خمسة أشهر.

 

سنة سبع وثلاثين وستمائة

حصار الصالح دمشق

في صفر خرج الملك الصالح عماد الدين إسماعيل من بعلبك وقد تهيأت له الأمور كما يريد، وذلك بترتيب وزيره الأمين الطبيب السامري، بعث إلى دمشق الأموال والخلع ففرقت. ثم خرج من بعلبك بالفارس والراجل على أنه متوجه إلى نجدة ابن أخيه نجم الدين أيوب، إلى نابلس من طريق بانياس، فبات بالمجدل. وسرح بطاقةً إلى نجم الدين بأنه واصلٌ إليه، وساق بسحرٍ وقصد دمشق، فوصل إلى عقبة دمر، ووقف. فجاءه صاحب حمص أسد الدين من جهة

منين، وقصدوا باب الفراديس وهجموا البلد. فنزل الصالح في داره بدرب الشعارين، ونزل أسد الدين بداره تجاه العزيزة. ثم أصبحوا من الغد - يوم الأربعاء - فزحفوا على القلعة، ونقبوها من عند باب الفرج - وكان بها الملك المغيث عمر ابن الملك الصالح نجم الدين - وكان الصالح عماد الدين يكاتب ابن أخيه ويعده المجيء، وسير إليه يطلب منه ولده ليصل إلى بعلبك كي يقيم عوضه في بعلبك، فبعث به إليه. وكان عز الدين أيبك صاحب صرخد قد كاتب الصالح عماد الدين واتفق معه. ثم إن الصالح عماد الدين ملك القلعة بالأمان، ثم نكث وقبض على المغيث عمر، وحبسه في برجٍ. وخربت لذلك دار الحديث الأشرفية ودورٌ وحوانيت من شأن الحصار، ونصب على القلعة سبعة مجانيق، وأخذوا في النقوب، ثم أخذت الأمان. وبلغ نجم الدين ما جرى، فسير عميه مجير الدين، وتقي الدين، وأيدكين، وألتميش وأنفق فيهم وقال: سوقوا إلى دمشق قبل أن تؤخذ القلعة، فساقوا، فبلغهم أخذ القلعة، فمالوا عن نجم الدين خوفاً على أهليهم وأسبابهم، وانضموا إلى الصالح عماد الدين، وتم له الدست. وبقي الصالح نجم الدين في مماليكه وجاريته أم خليل، فطمع فيه أهل الغور والقبائل.

واتفق عود الملك الناصر من مصر عن غير رضى، فأخبروه بما تم، فأرسل عسكره، فأحاطوا بالملك الصالح نجم الدين وحملوه على بلغة بلا مهماز، وأحضروه إلى الناصر، فاعتقله مكرماً بالكرك سبعة أشهرٍ. فطلب الملك العادل أخاه نجم الدين من الملك الناصر، وبذل فيه مائة ألف دينار. وطلبه أيضاً عمه الملك الصالح وصاحب حمص، فما أجابهم الناصر. واتفق معه على أيمانٍ وعهود، ثم خرج به، وقصد مصر. فلما بلغ الملوك إخراجه تألموا من الناصر وعادوه. واختلفت على الملك العادل ولد الكامل عساكره، وكاتبوا الملك الصالح أخاه يسألونه الإسراع، فوصل إلى بلبيس في أواخر ذي القعدة، وبها منصوبٌ مخيم الملك العادل، فنزل به.

وذكر أبو عبد الله الجزري وغيره، قصة نجم الدين أيوب، قال: بقي في غلمانه وطمع فيه أهل الغور والعشران، وكان مقدمهم شيخٌ جاهل يقال له: تبل البيساني، فما زالوا وراءه وهو يحمل فيهم، وأخذوا بعض ثقله، ثم نزل على سبسطية. وكان الوزيري قد عاد إلى نابلس، فأرسل إليه يقول: قد مضى ما مضى وما زالت الملوك كذا، وقد جئت مستجيراً بابن عمي. ونزل في الدار التي للناصر بنابلس. ثم كتب الوزيري إلى الناصر يخبره الخبر. فبعث الناصر عماد

الدين ابن موسك، والظهير ابن سنقر الحلبي في ثلاثمائة فارس، فركب الصالح نجم الدين فتلقاهم، فقالوا: طيب قلبك، إلى بيتك جئت. فقال: لا ينظر ابن عمي إلى ما فعلت وقد استجرت به. فقالوا: قد جارك وما عليك بأسٌ. وأقاموا أياماً نازلين حوله، فلما كان في بعض الليالي صرخ بوق النفير، وقيل: جاءت الفرنج. فركب الناس والعساكر ومماليك الصالح وساقوا إلى سبسطية. ثم جاء ابن موسك وابن سنقر إليه، فدخل ابن سنقر إليه، وقال: تطلع إلى الكرك إلى ابن عمك، وأخذ سيفه.

قال أبو المظفر الجوزي: فبلغني أن جاريته كانت حاملاً فأسقطت، وأخذوه إلى الكرك، فحدثني بالقاهرة سنة تسعٍ وثلاثين قال: أخذوني على بغلةٍ بلا مهمازٍ ولا مقرعةٍ، وساروا بي ثلاثة أيام، والله ما كلمت أحداً منهم كلمةً، وأقمت بالكرك أشهراً، ورسموا على الباب ثمانين رجلاً.

وحكى لي أشياء من هذه الواقعة.

ثم أن الوزيري أطلع خزائنه وخيله وحواصله إلى الصلت، وبقيت حاشيته بنابلس. ووصل علاء الدين ابن النابلسي من مصر من عند الملك العادل إلى الناصر يطلب الصلح، ويعطيه مائة ألف دينار، فما أجاب. فلما طال مقامه، استشار عماد الدين ابن موسك وابن قليج، ثم أخرجه، وتحالفا واتفقا في عيد الفطر. فحدثني الصالح قال: حلفني الناصر على أشياء ما يقدر عليها ملوك الأرض، وهو أن آخذ له دمشق، وحمص، وحماة، وحلب، أو الجزيرة، والموصل وديار بكرٍ، ونصف ديار مضر، وأعطيه نصف ما في الخزائن من المال والجواهر والخيل والثياب، فحلفت له من تحت القهر والسيف.

قال: وبرز العادل إلى بلبيس يقصد الشام، فاختلف عليه العسكر وقبضوه، وأرسلوا إلى الصالح نجم الدين يعرفونه ويحثونه على المجيء، فسار ومعه الناصر وابن موسك وجماعة أمراء فقدموا بلبيس، فنزل الصالح في مخيم أخيه، أخوه معتقلٌ في خركاه من المخيم. وكان محيي الدين يوسف ابن الجوزي بمصر وقد خلع على الملك العادل، وعلى الوزير الفلك المسيري من جهة الخليفة.

وحدثني الصالح نجم الدين قال: والله ما قصدت مجيء الملك الناصر معي إلا خفت أن تكون معمولة علي، ومنذ فارقنا غزة، تغير علي، ولا شك، إلا أن بعض أعدائي أطمعه في الملك، فذكر لي جماعة من مماليكي أنه تحدث معهم في قتلي، ولما أفرج عني، ندم وهم بحبسي

ثانياً، فرميت روحي على ابن قليج، فقال: ما كان قصده إلا أن نتوجه أولاً إلى دمشق فنأخذها، فإذا أخذناها عدنا إلى مصر.

قال: فلما أتينا بلبيس، شرب الناصر تلك الليلة، وشطح إلى خركاه العادل، فخرج من الخركاه، وقبل الأرض بين يديه فقال له: كيف رأيت ما أشرت عليك ولم تقبل مني؟ فقال: يا خوند التوبة. فقال: طيب قلبك، الساعة أطلقك. ثم جاء فدخل على الخيمة ووقف، فقلت: بسم الله اجلس. قال: ما أجلس حتى تطلق العادل. فقلت: اقعد - وهو يكرر الحديث - فسكت. ولو أطلقته لضربت رقابنا كلنا. قال: فنام، فما صدقت بنومه، وقمت باقي الليل، فأخذت العادل في محفة ودخلت به القاهرة. ثم بعثت إلى الناصر بعشرين ألف دينار، فردها.

وذكر لي الصالح نجم الدين قول الناصر له: بس يدي ورجلي - يعني ليلة بلبيس - فقلت: ما أظن هذا يبدو منه، هو رجلٌ عاقل. فأقسم بالله أن هذا وقع.

 

الخطبة للعادل بدمشق

وأما الصالح إسماعيل، فلما استقر بقلعة دمشق خطب للعادل ابن الكامل صاحب مصر، ثم لنفسه. وقدم عليه عز الدين أيبك من صرخد.

 

مرض صاحب حمص

ثم قوي المرض بصاحب حمص فسافر إليها.

 

حبس الشهاب القوسي والوزير الإربلي

وفي ربيع الأول رفع الشهاب القوصي إلى الصالح أنه يستخلص الأموال من أهل دمشق، فصفعه الصالح وحبسه، وحبس الوزير تاج الدين ابن الولي الإربلي، وزير الصالح أيوب.

 

أخذ سنجار من الملك الجواد

وفيها أخذ صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ سنجار من الملك الجواد بموافقةٍ من أهلها، لسوء سيرة الجواد فيها، فإنه صادرهم. وخرج يتصيد ويحج في البرية، فبعثوا إلى بدر الدين، فجاء وفتحوا له، فمضى الجواد إلى عانة ولم يبق له سواها، ثم باعها للخليفة.

 

التدريس بالشامية البرانية

وفيها درس الرفيع عبد العزيز الجيلي بالشامية البرانية.

 

إنزال الكامل في تربته

وفيها أنزل الملك الكامل من القلعة في تابوته إلى تربته التي عملت له، وفتح شباكها إلى الجامع الأموي.

 

خطابة العز بن عبد السلام بدمشق

وفي ربيع الآخر ولي خطابة دمشق الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام، فخطب خطبة عريةً من البدع، وأزال الأعلام المذهبة، وأقام عوضها سوداً بأبيض، ولم يؤذن قدامه سوى مؤذنٍ واحدٍ. وعزل الذي قبله وهو أصيل الدين الإسعردي.

 

الخطبة لصاحب الروم بدمشق

وفيها أمر الملك الصالح إسماعيل خطباء دمشق أن يخطبوا لصاحب الروم معه.

 

زيادة الأسعار والسيل المخرب

وفيها كانت الزيادة في أيام المشمش، جاء سيلٌ عرم هدم وخرب.

 

ولاية قضاء دمشق

وفيها ولي قضاء دمشق بعد تدريسه بالشامية القاضي الرفيع، وكان قاضي بعلبك في أيام الصالح بها.

 

مقاتلة أبي الكرم للتتار

وفيها جاء الخبر إلى بغداد أن رجلاً ببخارى يعرف بأبي الكرم له أتباع، قال لأصحابه: إني قادرٌ على كسر التتار بمن يتبعني - بقوة الله تعالى - من غير سلاح، فتبعه طائفةٌ، ونهضوا على شحنة البلد ومن معه فهربوا، وقوي أمره، وتبعه الخلق. فبلغ ذلك جرماغون ملك التتار يومئذٍ، فنفذ جيشاً وشحنه. فخرج لحربهم أبو الكرم في ألوفٍ كثيرةٍ بلا سلاح، وتقدم أمامهم فأحجم عنهم التتار إلا واحداً، فأقدم ليجرب، وحمل على أبي الكرم، فقتله، وشد التتار على الناس قتلاً. ويقال: إن عدة الناس كانوا ستين ألفاً.

 

الاحتفال بالعيد في بغداد

وقال ابن الساعي: فيها رفل الخلائق ببغداد في الخلع في العيد بحيث حزر المخلوع عليهم بأكثر من ثلاثة عشر ألفاً.

 

امتناع الحج العراقي

ولم يحج ركبٌ من العراق.

حبس الحريري

وفي المحرم حبسوا الحريري بعزتا لأجل صبي من قرائب القيمري، حلق رأسه وصحبه.

 

قدوم رسول ملك اليمن

وفيها قدم رسول الأمير الذي ملك اليمن نور الدين عمر بن علي بن رسول التركماني، إلى الديوان العزيز. وهذا ولد باليمن وخدم مع صاحبها الملك المسعود أقسيس ابن الكامل، فلما مات أقسيس علت همة هذا، واستولى على البلاد وملكها، وقطع خطبة الملك الكامل وطرد نوابه، وخطب لنفسه، وأرسل يطلب من المستنصر بالله تقليداً بسلطنة اليمن. وبقي الملك في بنيه باليمن إلى اليوم.

 

موت جماعة من أمراء الكاملية

وفي ذي القعدة كان الصالح عماد الدين إسماعيل قد قبض على جماعة من أمراء الكاملية، فحبسهم وضيق عليهم فماتوا، وهم: أيبك قضيب البان، وبلبان الدنيسري، وأيبك الكردي، وبلبان المجاهدي - رحمهم الله -.

 

امتناع الحج العراقي

ولم يحج ركب العراق في هذه السنين للاهتمام بأمر التتار.

 

سنة ثمانٍ وثلاثين وستمائة

تسليم قلعة الشقيف للفرنج

فيها سلم الملك الصالح أبو الخيش إسماعيل قلعة الشقيف إلى الفرنج، فتملكها صاحب صيدا، فأنكر على الصالح الشيخان: عز الدين بن عبد السلام، وأبو عمرو ابن الحاجب، فعزل عز الدين عن الخطابة، وحبسهما بالقلعة. وولي الخطابة وتدريس الغزالية الخطيب العماد داود بن عمر المقدسي خطيب بيت الآبار. ثم أطلقهما بعد مدة، وأمرهما بلزوم بيتهما.

 

كتاب ملك التتار إلى صاحب ميافارقين

وفيها قال أبو المظفر ابن الجوزي: قدم رسول ملك التتار ومعه كتابٌ إلى صاحب ميافارقين شهاب الدين غازي ابن العادل، وإلى الملوك، عنوان الكتاب: من نائب رب السماء، ماسح وجه الأرض، ملك الشرق والغرب، ويأمرهم - أعني ملوك الإسلام - بالدخول في طاعة القاآن الأعظم. وقال لشهاب الدين: قد جعلك سلحداره، وأمرك أن تخرب أسوار بلادك. فقال:

أنا من جملة الملوك الذين أرسل إليهم، فمهما فعلوا فعلت.

ثم قال أبو المظفر: وكان هذا الرسول شيخاً لطيفاً، مسلماً، إصبهانياً، حكى لشهاب الدين عجائب منها، قال: بالقرب من بلاد قاقان، قريباً من يأجوج ومأجوج على البحر المحيط، أقوامٌ ليس لهم رؤوس، وأعينهم في مناكبهم، وأفواههم في الرقبة، وإذا رأوا الناس هربوا، قال: وعيشهم من السمك. وهناك طائفةٌ تزرع في الأرض بزراً يتولد منه غنمٌ كما يتولد الدود، ولا يعيش الخروف أكثر من شهرين أو ثلاثةٍ، مثل بقاء النبات. وإن هذه الغنم لا تتناسل. وأخبر أن عندهم آدمي بريٌ، وعلى جسمه شعرٌ كثير. وخيل بريدٍ لا تلحق.

 

قدوم ولد ملك الخوارزمية إلى بغداد

وفي ذي الحجة قدم بغداد شمس الدين بن بركات خان بن دولة شاه، ولد ملك الخوارزمية، وله عشر سنين، فتلقاه الموكب الشريف، وخلع عليه بشربوش، وأركب فرساً بسرج ذهبٍ. ثم قدم بعده ابن كشلي خان أحد أمراء الخوارزمية، فخلع عليه.

 

امتناع الحج من بغداد

ولم بحج أحدٌ في هذا العام من بغداد.

 

كسرة الناصر داود للفرنج

وفي أولها وصل الناصر داود من مصر إلى غزة، فكان بينه وبين الفرنج وقعةٌ، كسرهم فيها.

 

نهب الركب الشامي

وفيها وصل الركب الشامي منهوبين، أخذتهم العرب بين تيماء وخيبر.

 

القبض على أمراء للصالح

وفيها قبض الصالح على خمسة أمراء من أمراء دولة أبيه.

 

انكسار الخوارزمية أمام الحلبيين

وفيها سار جيش حلب ومعهم الملك المنصور إبراهيم صاحب حمص إلى حران، فعملوا مع الخوارزمية مصافاً، فانكسرت الخوارزمية، وقتلوا، وأسروا. وأخذ المنصور حران، وعصت عليه القلعة.

 

هياج الأمراء بمصر

وفيها هاجت الأمراء بمصر واختلفوا، فمسك منهم الملك الصالح عدةً، فسكن الوقت.

تسلم الروم آمد

وفيها تسلم عسكر الروم آمد بعد حصارٍ طويل. وقيل: إنهم اشتروها بثلاثين ألف دينار.

 

ظهور البابا التركماني

وفيها ظهر بالروم البابا التركماني، وادعى النبوة، وكان يقول: لا إله إلا الله، البابا ولي الله، واجتمع عليه خلقٌ عظيم. فجهز صاحب الروم جيشاً لقتاله، فالتقوا، وقتل في الوقعة أربعة آلافٍ، وقتل البابا - لا رحمه الله -.

 

كسرة عسكر حلب

وفيها جاء الملك الجواد والصالح بن شيركوه صاحب حمص ومعهم جيش من الخوارزمية، وقصدوا حلب، فنازلوا بزاعة في خمسة آلاف فارس، فخرج إليهم عسكر حلب في ألفٍ وخمسمائة فارس، فكسروا عسكر حلب، وقتلوا، وأسروا، وقربوا إلى حيلان وقطعوا الماء عن حلب. ثم ردوا فنهبوا منبج، وقتلوا أهلها، ولهذا عمل المصاف على حران.

 

سنة تسعٍ وثلاثين وستمائة

التوسع التتاري

استهلت والتتار في هذه السنين بأيديهم من الخطا إلى قريب العراق وإربل، وغاراتهم تبدع كل وقتٍ، والناس منهم في رعبٍ، وراسلهم إلى الآن المستنصر بالله ثلاث مرات.

 

زوال دولة الخوارزمية

وأما الخوارزمية فزالت دولتهم، وتمزقوا، وقطشت أذنابهم، وبقوا حرامية، يقتلون ويسبون الحريم، ويفعلون كل قبيحٍ.

 

التجاء الملك الجواد إلى الناصر بالكرك

وفيها قدم الملك الجواد ملتجئاً إلى السلطان الملك الصالح أيوب، فخاف منه الصالح، ونوى أن يمسكه، فرد الجواد من الرمل والتجأ إلى الملك الناصر بالكرك.

 

حبس الجواد

وفيها قدم كمال الدين ابن شيخ الشيوخ في جيشٍ من المصريين، فنزل غزة. فجهز الناصر عسكره مع الجواد، فالتقوا، فكسرهم الجواد وأخذ كمال الدين ابن الشيخ أسيراً، وأحضر إلى بين يدي الناصر داود، فوبخه، فقال الجواد: لا توبخه. ثم بعد قليلٍ تحيل الناصر من الجواد

فأمسكه، وبعث به إلى بغداد تحت الحوطة، فلما نزل بنواحي الأزرق عرفه بطنٌ من العرب فأطلقوه، فالتجأ إلى الملك الصالح صاحب دمشق، ثم لم يثبت، وقصد الفرنج، وبقي معهم مدة.

ثم رجع إلى دمشق فحبسه الصالح بحصن عزتا، وهلك في سنة إحدى وأربعين.

 

تعمير وتخريب في مصر

وفيها شرع الصالح صاحب مصر في عمارة المدرسة بين القصرين، وفي عمارة قلعة الجزيرة، وأخذ أملاك الناس، وخرب نيفاً وثلاثين مسجداً، وقطع ألف نخلةٍ، وغرم على هذه القلعة دخل مصر عدة سنين. ثم أخربها غلمانه في سنة إحدى وخمسين وستمائة.

 

تخلص الوزير ابن مرزوق من الحبس

وفيها تخلص الوزير صفي الدين إبراهيم بن مرزوق من حبس حمص بعد أن بقي به عدة سنين. وكان الملك الجواد وصاحب حمص قد تعصبا عليه، وأخذا منه أموالاً عظيمة، فيقال: أخذا أربعمائة ألف درهمٍ.

 

دخول العز بن عبد السلام مصر

وفيها دخل الشيخ عز الدين بن عبد السلام الشافعي إلى ديار مصر، وأقبل عليه السلطان إقبالاً عظيماً، وولاه الخطابة والقضاء، فعزل نفسه من القضاء مرتين وانقطع.

 

هرب السلطان غياث الدين من التتار

وفيها دخل بايجوا وطائفةٌ من التتار في بلاد الروم فعاثوا، وسفكوا، وهرب منهم السلطان غياث الدين وضعف عن الملتقى.

 

تدريس النظامية

وفيها ولي تدريس النظامية نجم الدين عبد الله ابن البادرائي مدرس مدرسة الإمام الناصر، وخلع عليه بطرحةٍ.

 

صلح المظفر غازي والخوارزمية

وفيها أغارت الخوارزمية ونهبت وسبت نصيبين ورأس عين ودنيسر، وقتلوا عدداً كبيراً من المسلمين. ثم طلبوا الصلح مع المظفر غازي، فحلف لهم وحلفوا له، ومقدمهم الكبير هو بركة خان، وهم نحو خمسة آلاف فارس. ودون بركة خان في الرتبة اختيار الدين بردي خان، وقد كان أمير حاجب السلطان جلال الدين، وهو شيخٌ داهيةٌ، له رأيٌ ورواءٌ، ودونه صاروا خان،

شحنة الجمال التي لجلال الدين خوارزم شاه، وهو شيخٌ بطينٌ أبله، ثم كشلوخان تربية جلال الدين، شابٌ عاقلٌ، وابن أخت جلال الدين، وبهادر، وبكجري، وتبلو، وغيرهم من الأمراء.

وهذا بركة خان، شابٌ مليح، أول ما طر شاربه. فتزوج الملك المظفر بابنة عم بركة خان، وتسلطت الخوارزمية على بلاد الجزيرة، وبالغوا في العيث والفساد، وخربوا أعمال الموصل حتى أبيع الثور بأربعة دراهم، وقنطار الحديد بدرهمين ثلاثة، والحمار بثلاثة دراهم، لكثرة الشيء ولكونه حراماً. قال سعد الدين هذا كله، وقال: في رمضان نفوا الحريرية من ميافارقين - وأنا بها - لكثرة إفسادهم أولاد الناس.

 

سنة أربعين وستمائة

تجهيز جيش مصر لقصد الشام

فيها عزم الصالح صاحب مصر على قصد الشام، فقيل له: البلاد مختلفةٌ، فجهز الجيش وأقام.

 

الواقعة بين صاحب ميافارقين وعسكر حلب

وفيها كانت وقعةٌ هائلةٌ بين صاحب ميافارقين شهاب الدين وبين عسكر حلب. كانت الخوارزمية قد خربوا بلاد الموصل وقراها وماردين. وحلفوا لصاحب ميافارقين وحلف لهم، ووافقهم صاحب ماردين. فجمع صاحب ميافارقين الخانات، وهم مقدمو الخوارزمية وشاورهم، فقال: لا بد من تخريب بلد الموصل، وقالوا هم: لا بد من اللقاء. فلما كان في المحرم ركبوا وطلبوا من جبل ماردين إلى الخابور. وساقوا إلى المجدل، ووقف الخانات ميمنةً وميسرةً، وغازي صاحب ميافارقين في القلب. وأقبل عسكر حلب فصدموا صدمة رجل واحد، فانهزمت الخوارزمية، وركب الحلبيون أقفيتهم أسراً وقتلاً، ونهبوا أثقال غازي وعساكره، وأغنام التركمان ونساءهم. وكانوا خلقاً، وأبيع الفرس بخمسة دراهم، والشاة بدرهمٍ، ونهبت نصيبين وسبي أهلها. وقد نهبت قبلها مراراً من المواصلة والخوارزمية. ثم فعلوا كذلك برأس العين والخابور. وجرت قبائح.

 

ملك خلاط

وفيها ملك شهاب الدين غازي مدينة خلاط

تملك الفرنج مرسية

وفي شوال قدم أحمد بن محمد بن هود مرسية بجماعةٍ من وجوه الفرنج، فملكهم مرسية

صلحاً.

 

الوباء ببغداد

وفيها كان الوباء ببغداد، وزادت الأمراض.

 

وفاة المستنصر بالله

وتوفي المستنصر بالله.

 

بيعة المستعصم بالله

وبويع المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله بن منصور، الذي استشهد على يد التتار.

 

موت كمال الدين ابن الشيخ

وفيها سار من مصر الجيش لمحاصرة الصالح إسماعيل، وعليهم كمال الدين ابن الشيخ، فمات بغزة، فقيل: إنه سقي السم.

 

أخذ عدة مدن ونهبها

قال سعد الدين الجويني: وفي المحرم أخذت التتار أرزن الروم، وقتلوا كل من فيها. وانجفل أهل خلاط، وتفرقوا خوفاً من التتار. ثم حكى كسرة الحلبيين للمظفر وللخوارزمية. ثم قال: حكى شخصٌ من أهل نصيبين قال: نهبت نصيبين في هذه السنة سبع عشرة مرة: من المواصلة والماردانية والفارقية، ولولا بساتيننا هجينا في البلاد، فما شاء الله كان.

الطبقة الرابعة والستون وفيات

وفيات سنة إحدى وثلاثين وستمائة

حرف الألف

أحمد بن أحمد بن إبراهيم بن أسد، المنتجب.

أبو العباس الدمشقي سمع: أبا القاسم الحافظ، وأبا سعد بن عصرون. وسمع بعد ذلك بمصر من البوصيري.

وهو جد صاحبنا شرف الدين أحمد بن نصر الله بن أسيدة.

كتب عنه جماعةٌ. وروى عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان، والفخر إسماعيل بن عساكر، وعلي بن هارون الثعلبي.

وتوفي في رابع عشر ذي الحجة.

وأصله من صور.

 

أحمد بن إبراهيم بن نصر.

أبو العباس، ابن المركب. القيسي، الطبيب.

حدث عن: عبد الرحمن بن علي اللخمي، والقاسم بن عساكر.

ومات في شعبان.

 

أحمد بن أبي بكر جعفر بن أحمد بن علي بن عبد الله.

أبو العباس، الحربي، المعروف بابن عمارة.

سمع من: عمر بن بنيمان المستعمل، وعبد المغيث بن زهير.

وحدث.

وللفخر ابن عساكر، ولمحمد بن يوسف الإربلي، ومحمد ابن الشيرازي. منه إجازةٌ.

وتوفي في المحرم.

وعمارة: بالتشديد، قيده المنذري.

 

أحمد بن عبد السيد بن شعبان بن محمد بن جابر بن قحطان.

الأمير الكبير، صلاح الدين الإربلي.

ولد ونشأ بإربل، وقدم مصر. وكان حاجب الملك مظفر الدين صاحب إربل، فتغير عليه،

وسجنه مدةً، ثم أطلقه، فقصد الشام صحبة الملك القاهر أيوب ابن العادل. فخدم الملك المغيث محمود ابن العادل. فلما توفي المغيث، دخل مصر، وخدم السلطان الملك العادل، وعظم عنده، وأحبه.

وكان فقيهاً، وعالماً، أديباً، شاعراً مجوداً، ظريفاً، فصيحاً. ثم إن الكامل تغير عليه وحبسه سنة ثمان عشرة، فبقي في الحبس خمس سنين، وعمل: ما أمر تجنّـيك عـلـى الـصّـبّ خـفـيأفـنـيت زمـانـي بـالأســى والأســـف

مـاذا غـضـبٌ بـقـدر ذنـبـي فــلـــقـــدبـالـغــت ومـــا أردت إلاّ تـــلـــفـــي

ثم أوصلهما لبعض القيان، فغنت به للملك الكامل فأعجبه وقال: لمن هذا؟ قيل: للصلاح الإربلي. فأطلقه، وعاد إلى منزلته.

وله "ديوان" ودوبيت كثيرٌ. وله: يوم الـقـيامة فـيه مـا سـمــعـــت بـــهمن كلّ هولٍ فـكـن مـنـه عـلـى حـذر

يكفـيك مـن هـولـه أن لـسـت تـبـلـغـهإلاّ إذا ذقـت طـعـم الـهـول بـالـسّـفــر

وكان في خدمة الكامل حين قصد الروم، فمرض بالمعسكر وحمل إلى الرها فمات قبل دخولها، ودفن بظاهرها في ذي الحجة. وعاش ستين سنةً. ثم نقله ابنه بعد أعوام إلى مصر ودفنه بتربته.

وكان الصاحب محيي الدين ابن الجوزي قد توجه رسولاً إلى مصر، فانتظروه فتأخر أياماً، فعمل الصلاح الإربلي: قـالـوا الـرســول أتـــى وقـــالـــوا إنّـــهمـا رام يومـاً عـن دمـــشـــق نـــزوحـــاً

ذهـب الـزّمـان ومـا ظـفـرت بـمـســـلـــمٍيروي الحـديث عـن الـرسـول صـحـيحـا

 

أحمد بن علي بن ثبات.

الإمام، أبو العباس، الواسطي، الشافعي، الفرضي، الحاسب.

ولد في حدود سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسمع ببغداد من أبي طالب المبارك صاحب ابن الخل.

وكان بصيراً بالفرائض، والحساب، وصنف فيه. وانتفع به جماعةٌ.

توفي في رجب.

أحمد ابن الموفق محمد بن أبي الفتح محمود بن أحمد بن علي بن أحمد بن عثمان.

الشرف، أبو العباس، ابن الصابوي، المحمودي، الشافعي.

حدث بدمشق ومصر عن السلفي، وأبي الفتح بن شاتيل.

روى عنه: ابن عمه الجمال محمد ابن الصابوني، والمحيي محمد ابن الحرستاني الخطيب، وأخوه عبد الصمد، وسعد الخير بن أبي القاسم النابلسي، وأخوه أبو الفرج نصرٌ، وإبراهيم بن عثمان اللمتوني، وأخوه عليٌ، وأبو الحسين علي بن محمد اليونيني، وجماعةٌ.

قال الحافظ المنذري: سمعت منه، وتوفي في ثالث رمضان بمصر، وسألته عن مولده: فذكر ما يدل تقريباً أنه في سنة تسعٍ وستين وخمسمائة.

قلت: وكان كريم النفس، دائم البشر.

 

أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد.

الشريف، أبو هاشم، الهاشمي، العباسي، الحلبي، الشاعر، بدر الدين.

من ذرية صالح بن علي الهاشمي الأمير عم المنصور، ولم يزل آباؤه بحلب منذ وليها صالحٌ، ولهم وقفٌ عليهم.

وكان شاعراً مجوداً. توفي في رمضان .

 

أحمد بن مسلم بن أبي البدر بن عبد الرزاق.

أبو العباس، الراذاني، بغداديٌ.

سمع من أبي المكارم المبارك بن محمد الباذرائي.

وتوفي في ربيع الأول.

 

أحمد بن منظور بن ياسين.

أبو العباس العسقلاني، ثم المصري، الحريري، التاجر، كهلٌ.

سمع مع زكي الدين عبد العظيم من جعفر بن آموسان.

وكتب عنه زكي الدين وقال: مات في رجب.

 

أحمد بن يوسف بن علي.

أبو العباس الكردي، الهكاري، الجندي.

حدث عن السلفي

روى عنه الزكي المنذري وسأله عن مولده: فقال: بدمشق في سنة أربع وخمسين. وله غزواتٌ ورباط. ومات في الثاني والعشرين من ربيع الآخر.

وروى عنه الجمال محمد بن الصابوني، وغيره.

 

إسماعيل بن أبي جعفر أحمد بن علي بن أبي بكر.

أبو الحسين، القرطبي، ثم الدمشقي.

ولد بدمشق سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: يحيى الثقفي، وعبد الرحمن بن الخرقي، وإسماعيل الجنزوري، وجماعةٍ.

كتب عنه ابن الحاجب، وغيره.

وروى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، وغيرهما. وبالإجازة الفخر بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والقاضي تقي الدين، وابن الشيرازي.

وكان صالحاً، زاهداً، ورعاً، تقيا، منقبضاً عن الناس. وكان مقرئاً فصيحاً، أم بالكلاسة مدةً.

وكان كثير الوسواس في الطهارة.

قال أبو شامة: وفي منتصف شوال توفي البرهان إسماعيل بن أبي جعفر إمام الكلاسة، وكانت له جنازةٌ عظيمةٌ. وكان منقطعاً بالمنارة الشرقية.

 

إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن باتكين.

أبو محمدٍِ، الجوهري.

شيخٌ صالحٌ بغدادي، مسندٌ.

ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.

وسمع من: هبة الله بن هلال الدقاق، وأبي المعالي عمر بن علي الصيرفي، وابن البطي، وأبي زرعة، ويحيى بن ثابت، والقاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن البيضاوي، وأحمد بن المقرب، وعبد الله بن سعد خريفة، وشهدة، وجماعةٍ.

روى عنه: أحمد ابن الجوهري، وعمر ابن الحاجب، وعز الدين أحمد الفاروثي، والمحب ابن النجار، وابن نقطة.

وأجاز للفخر ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والقاضي الحنبلي، وغيرهم.

ومن مسموعه كتاب "المغازي" لعبد الرزاق، سمعه من ابن البطي، أخبرنا جعفرٌ الحكاك،

أخبرنا محمد بن الحسين الصنعاني، عن النقوي، عن الدبري، عنه. وسمع كتاب "المغازي" لموسى بن عقبة، من ابن المقرب: أخبرنا أبو طاهر ابن الباقلاني. وسمع كتاب "مسند" الطيالسي، من ابن البطي: أخبرنا حمد الحداد.

سمع الكتب الثلاثة منه أبو العباس ابن الجوهري.

قال ابن نقطة: سمعت منه، وسماعه صحيح.

وقال غيره: شيخٌ صالح، ثقة، مسندٌ.

توفي في الرابع والعشرين من ذي القعدة. وقد تفرد بإجازته أبو نصر ابن الشيرازي.

 

إسماعيل بن أبي طالب المبارك بن عبد الخالق.

أبو أحمد، ابن الغضائري، البغدادي.

ولد سنة ستين وخمسمائة.

وحدث عن شهدة. وكان تاجراً.

روى لنا عنه بالإجازة إسماعيل بن عساكر، وابن عمه البهاء.

مات في ربيع الأول.

 

آمنة بنت الزاهد أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة.

الصالحة، العابدة، أم أحمد، المقرئة.

كان البنات بالدير يقرأن عليها. وكانت حافظةً لكتاب الله.

روت بالإجازة عن أبي الفتح بن البطي، وابن المقرب، وسعد الله بن الدجاجي.

روى عنها: أخوها الشيخ شمس الدين، والفخر عليٌ، والشمس محمد ابن الكمال.

قال ابن الحاجب: قرأت القرآن على والدها. وقال لي الحافظ الضياء: ما أعلم رأيت امرأةً ولا رجلاً في الخير مثلها. وسافرت معها إلى مكة. وما أظن كاتبيها كتبا عليا خطيئةً، ولا أعرف لها سيئةً، وكانت كثيرة الصدقة.

ولدت سنة خمسٍ وخمسين بجبل قاسيون، وتوفيت في سلخ رمضان. قلت: آخر من روى عنها بالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، وهي عمة جده.

وتوفيت أختها خديجة بعد جمعة.

 

حرف الباء

بسام بن أحمد بن حبيش بن عمر بن عبد الله بن شاكر.

أبو الرضى، الغافقي، الجياني، نزيل مالقة.

سمع من: أبيه، وأبي عبد الله بن الفخار، وأبي جعفر بن مضاءٍ، ويحيى بن نجبة بن يحيى، وأبي القاسم بن بشكوال. وروى أيضاً عن أبي زيد السهيلي، وأبي محمد بن عبيد الله، وجماعةٍ.

قال الأبار: وكان من أهل الفضل، والورع، والعناية بالحديث. وله حظٌ من العربية والشعر وولي القضاء بالمنكب وغيرها وحدث وتوفي في عاشر شعبان بمالقة. وولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة.

 

حرف الثاء

ثابت بن تاوان بن أحمد.

الإمام، نجم الدين، أبو البقاء، التفليسي، الصوفي.

حدث عن أبي الفرج ابن الجوزي، وغيره.

وكان صوفياً جليلاً، معظماً، نبيلاً، له معرفة بالفقه، والأصول، والعربية، والأخبار، والشعر، والسلوك. وكان صاحب رياضيات ومجاهدات. وكان من كبار أصحاب الشيخ شهاب الدين السهروردي وأذن له أن يصلح ما رأى في تصانيفه من الخلل. قدم دمشق وكان شيخ الأسدية، وشيخ المنيبع، وله كلام في التصوف، وشعرٌ حسن.

قال أبو شامة: كان كبير المحل، حسن الأخلاق، مشتغلاً بعملي الشريعة والحقيقة.

وقال المنذري: قدم مصر رسولاً من الديوان العزيز، ولم يتفق لي الاجتماع به.

قلت: وهو مليح الكتابة، نسخ الأجزاء، وعني بالرواية سنة نيفٍ وعشرين، وسمع ولده.

وولده سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة. وتوفي في سابع جمادى الأولى.

روى عنه الجمال ابن الصابوني، وبالإذن البهاء ابن عساكر.

 

ثعلب بن عبد الله بن عبد الواحد، القاضي، رضي الدين.

أبو العباس، المصري، الشافعي، الفقيه، الخطيب، العدل.

تفقه على أبي الحسن بن حمويه الجويني شيخ الشيوخ، وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم عبد الرحمن ابن السكري، ومن بعده.

وولي القضاء بالجيزة، والخطابة بالجامع المجاور لضريح الشافعي.

وتوفي في ذي الحجة.

 

حرف الحاء

الحسن بن أبي طالب صفي الدين.

البغدادي، الأديب.

جاور بالمدينة، وكتب لصاحب المدينة، ثم وزر له، واشتد على قمع المفسدين، فوثب عليه جماعةٌ على باب المسجد النبوي فضربوه بأسيافهم وقتلوه داخل المسجد في آخر سنة إحدى وثلاثين.

 

الحسن بن محمد بن سكن.

أبو علي الموصلي. شيخٌ، رئيسٌ، أديبٌ، شاعرٌ.

توفي في ذي الحجة، وهو في عشر التسعين.

 

الحسين بن أبي بكرٍ المبارك بن محمد بن يحيى بن مسلم. الشيخ سراج الدين.

أبو عبد الله، الربعي، الزبيدي الأصل، البغدادي، الفقيه الحنبلي، البابصري، الفرسي - نسبة إلى ربيعة الفرس -.

ولد سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة تقريباً، وقيل: سنة خمسٍ وأربعين.

وسمع من: جده، وأبي الوقت السجزي، وأبي الفتوح الطائي، وأبي زرعة المقدسي، وأبي حامد الغرناطي، وأبي زيد جعفر بن زيد الحموي، وغيرهم.

وأجاز له أبو علي الخزاز، وغيره.

وحدث ببغداد، ودمشق، وحلب.

وكان فقيهاً، فاضلاً، ديناً، خيراً، حسن الأخلاق، متواضعاً، درس بمدرسة الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة.

وحدث عنه خلقٌ لا يحصون، منهم: أبو عبد الله الدبيثي، والضياء، والبرزالي، وابن أبي عمر، وسالم بن ركاب، وعمر بن محمود الرقي، ونصر بن عبيدٍ السوادي، والشهاب أحمد بن محمد الخرزي، والشيخ إبراهيم بن عبد الله الأرموي، والتقي عمر بن يعقوب الإربلي، والمنصور محمود ابن الملك الصالح إسماعيل، والحافظ محمد بن السعيد شاهنشاه ابن الأمجد،

والمفتي تاج الدين عبد الرحمن، والخطيبان: محيي الدين محمد ابن الحرستاني، وجمال الدين عبد الكافي، ومجد الدين يوسف ابن المهتار، ومحيي الدين يحيى ابن القلانسي، ومجد الدين محمد بن أحمد بن آبي طالب الأنصاري، ومحيي الدين يحيى بن علي الموسوي الحسيني، وسعد الخير ونصرٌ ابنا النابلسي، وعلاء الدين علي بن محمد المراكشي، والكمال محمد بن عبد الواحد بن أبي بكر الحموي، والرشيد عثمان بن أبي الفضل بن المحبر الحنبلي، والبدر يوسف بن إبراهيم الزراد سبط ابن الحنبلي، والحاج عبد الرحمن بن عباس الخباز، والمحيي يحيى بن أحمد بن المعلم، والفخر عمر بن يحيى الكرجي، والعماد عبد الله بن محمد بن حسان الخطيب، وبدرٌ الأتابكي، والمعمر العماد أبو بكر بن هلال بن عياد الحنفي، والصفي إسحاق بن إبراهيم الشقراوي، والكمال علي بن محمد الفرنثي.

وأخبرنا عنه: أبو الحسين اليونيني، والكمال عبد الله بن قوام، والشمس محمد بن هاشم العباسي، والنجم أبو تغلب الفاروتي، والعماد يوسف ابن الشقاري، والشرف أحمد بن عساكر، والأمين أحمد بن رسلان، والعماد أحمد بن محمد بن سعد، والعز إسماعيل ابن الفراء، وعلي بن عثمان اللمتوني، وعليٌ، وعمر، وأبو بكرٍ بنو ابن عبد الدائم، ومحمد بن نوال الرصافي، وأبو بكر بن عجرمة الحجار، والشمس محمد بن حازم، وعلي بن بقاءٍ الزاهد، والبدر يوسف بن عطاء، والعز أحمد ابن العماد، ونصر الله بن عياش، وأحمد بن إبراهيم الرقوقي، وعمر بن أبي الفتوح الصحراوي، ومحمد بن أبي الذكر الصقلي، والعماد عبد الحافظ بن بدران، ويحيى ابن العدل، وأحمد ابن المجاهد، وأحمد بن عزيز اليونيني، ومحمد بن قايماز الطحان، ومحمد بن علي ابن الواسطي، ومحمد بن أبي بكر المقبري، وسونج التركماني، وعبد الصمد ابن الحرستاني، وعبد الحميد بن خولان، وأحمد بن أبي بكر الهمذاني، ومحمد بن يوسف الذهبي، ونصر ابن أبي الضوء الفامي الزبداني، وعبد الدائم بن أحمد القباني، وأحمد بن زيد الجمال، وعيسى بن أبي محمد المغاري، وعلي بن محمد الثعلبي، والتقي أحمد بن مؤمن، وسنقر القضائي الحلبي، والشرف عمر بن محمد الفارسي، والقاضي علي بن أحمد الحنفي، والشهاب محمد بن مشرف التاجر، والمفتي رشيد الدين إسماعيل ابن المعلم، والبدر حسن بن أحمد بن عطاء، وعيسى المطعم، والقاضي تقي الدين سليمان بن قدامة، وعثمان بن إبراهيم الحمصي، وأحمد بن أبي طالب الحجار، وخديجة بنت سعد، وهدية بنت عبد الحميد، وخديجة

بنت الرضي، وفاطمة بنت الآمدي، وخديجة بنت المراتبي، وفاطمة بنت البطائحي، وزينب بنت الإسعردي، وست الوزراء بنت المنجى، وهدية بنت عسكر، وفاطمة بنت الفراء.

قرأت بخط السيف ابن المجد قال: بقي في نفسي عند سفري من بغداد سنة ثلاثين أنني أقدم بلا شيخ يروي "البخاري". ثم ذكر قصة ابن روزيه، وأنه سفره في سنة ست وعشرين وأعطوه خمسين ديناراً من عند الصالح العادل، فلما وصل إلى رأس عينٍ، أرغبوه، فقعد وسمعوا منه "البخاري".ثم سار فأرغبوه في حران وسمعوا منه الكتاب، ثم فعل به أهل حلب كذلك وحرصوا أن لا يصل إلى دمشق، وخوفوه من حصار دمشق، فرجع إلى بغداد. قال السيف: فمضيت إليه وقد ذاق الكسب، فإنه حصل له أكثر من مائة دينار فاشتط علينا، واشترط جملة ومن يخدمه، ونفقةً عند أهله وتردد مع ذلك، فكلمنا أبا الحسن ابن القطيعي فاشترط مثل ذلك. فمضيت إلى أبي عبد الله ابن الزبيدي، وأنا لا أطمع به فقال: نستخير الله، ثم قال: لا تعلم أحداً وحرضه على التوجه ابنه عمر، وكان على الشيخ دينٌ نحو سبعين ديناراً، فلأجله ذكر أنه يسافر، فرافقناه. فكان خفيف المؤنة، كثير الاحتمال، حسن الصحبة، كثير الذكر، فنعم الصاحب كان.

قلت: ولما قدم، فرح السلطان الأشرف بقدومه وذلك في أثناء رمضان، فأخذه إلى القلعة ولازمه وسمع منه "الصحيح" في أيام يسيرةٍ. ثم نزل إلى دار الحديث الأشرفية وقد فتحت من نحو شهر، فحشد الناس له وتزاحموا عليه وفرغوا عليه "الصحيح" في شوال. ثم حدث بالكتاب وب"مسند" الشافعي بالجبل، واشتهر اسمه وبعد صيته. ثم سافر في الحال إلى بلده، فدخل بغداد متمرضاً، وتوفي - إلى رحمة الله - في الثالث والعشرين من صفرٍ، ودفن بمقبرة جامع المنصور. وقد حدث من بيته جماعةٌ.

 

حرف الخاء

خديجة بنت محمد بن عبد الله بن العباس الحراني.

سمعت من والدها "جزء" الحفار.

كتب عنها ابن الجوهري، وغيره. وروى عنها بالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، وسعد الدين، والبهاء ابن عساكر، وغيرهم.

ولا أعلم متى توفيت، إنما كتبتها على التخمين هنا.

الخضر بن بدران بن بغرا.

الأديب، أبو العباس، التركي، الشاعر.

من أولاد الأمراء المصريين. وله شعرٌ كثير.

وكان شيخاً كبيراً. عاش ثمانياً وثمانين سنة.

كتب عنه الزكي المنذري، وغيره.

ومات في ربيع الأول.

 

حرف الزاي

زكريا بن علي بن أبي القاسم حسان بن علي بن حسين.

أبو يحيى، السقلاطوني، الحريمي، الصوفي، المعروف بابن العلبي.

ولد في أول سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة.

وسمع من: أبيه، ومن أبي الوقت، وأبي المعالي ابن اللحاس.

روى عنه: ابن النجار، والسيف ابن المجد، والشرف ابن النابلسي، والمجد عبد العزيز ابن الخليلي، والتقي ابن الواسطي، والشمس عبد الرحمن ابن الزين، والشهاب الأبرقوهي، والعماد إسماعيل ابن الطبال شيخ المستنصرية، وبالإجازة الفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبو نصرٍ محمد بن محمد ابن الشيرازي، والقاضي تقي الدين.

وكان من صوفية رباط أبي النجيب السهروردي، وكان ساكناً لا يكاد يتكلم إلا جواباً.

وقرأت بخط السيف قال: رأيت اسمه قد ألحق في طبقه "مسند" عبد.

وقد كان في الآخر يطلب على السماع أجراً، ويصرح به. فسمع عليه جماعةٌ كتاب "الدارمي" وكتاب "ذم الكلام" وعند إنهائه قالوا: قد بقي منه شيء إلى غدٍ أو نعطيك شيئاً؟ ثم لم يعودوا إليه، فكان يشتمهم وينال منهم.

قلت: مات في أول ربيع الأول.

 

حرف السين

سعيد بن أبي المظفر، البندنيجي.

عرف بابن عفيجة.

سمع من عبد الحق.

ومات في جمادى الأولى.

 

سليمان بن المظفر بن غنائم.

الإمام رضي الدين، أبو داود، الجيلي، الشافعي.

تفقه ببغداد بالنظامية، ودرس، وأفتى، وصنف، وبرع في المذهب. وحدث بالإجازة عن الإمام الناصر لدين الله.

وتفقه عليه جماعةٌ كثيرة، وندب إلى مشيخة الرباط الكبير فامتنع. وطلب للقضاء فامتنع.

قال القاضي شمس الدين ابن خلكان: كان من أكابر فضلاء عصره. وصنف كتاباً في الفقه يدخل في خمس عشرة مجلدة. وعرضت عليه المناصب،فلم يفعل. وكان ديناً، نيف على الستين. وتوفي في ثاني ربيع الأول. وكان ملازماً لبيته، حافظاً لوقته.

 

السيف الآمدي.

اسمه علي بن أبي علي.

 

حرف الشين

شهريار بن أبي بكر بن أبي الكرم.

أبو أحمد، البغدادي، النساج، الفقير.

رجلٌ صالحٌ.

حدث عن: محمد بن بركة الحلاج، وعلي بن يحيى ابن الطراح.

كتب عنه ابن الحاجب، وغيره.

ورخه المنذري بالسنة.

 

حرف الصاد

صهيب بن عبد المهيمن.

أبو يحيى، المراكشي.

سمع "الموطأ" من أبي بكر ابن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون.

سمع منه ابن فرتون بفاس.

وقال الأبار: توفي في رمضان.

 

حرف الطاء

طالب بن شمائل بن أحمد الغساني.

المعروف بابن الدندان الداراني.

سمع الحافظ ابن عساكر.

وحدث عنه الزكي البرزالي، وغيره. وأجاز لجماعةٍ.

توفي في المحرم عن اثنتين وثمانين سنة.

 

طغريل، الأمير الكبير شهاب الدين.

أتابك السلطان الملك العزيز صاحب حلب، ومدبر دولته.

كان خادماً، رئيساً، من كبار الأمراء الظاهرية. لما توفي أستاذه، قام بأمر ولده الملك العزيز أتم قيام. وحفظ عليه البلاد، واستمال الملك الأشرف حتى أعانهم ودافع عنهم.

وكان طغريل صالحاً، ديناً، صاحب ليلٍ وبكاءٍ. وكان كثير الصدقات، وافر الخيرات. كان الملك الأشرف يقول: إن كان لله في الأرض وليٌ، فهو هذا الخادم. ولما استعاد الأشرف تل باشرٍ، دفعها له، وقال: هذه تكون برسم صدقاتك، فإنك لا تتصرف في أموال الصغير. وكان قد طهر حلب من الفسق والخمور والمكوس والفجور، قاله أبو المظفر الجوزي.

توفي بحلب في حادي عشر المحرم، ودفن بباب أربعين.

وقد حدث عن الصالح أبي الحسن علي بن محمد الفاسي.

 

طيٌ المصري.

الفقير الصالح، مريد الشيخ محمد القروي.

قدم الشام وانقطع إلى العبادة بزاويته بدمشق بناحية عقبة الكتان. وكان كيساً، لطيفاً، ذا مروءةٍ، صحبه جماعةٌ.

قال ابن الجوزي: كانت مجالسي تطيب بحضوره.

قلت: دفن بزاويته. ونسبه بعضهم إلى الزوكرة والمحال. ولما مرض، نزل الملك الأشرف فعاده. فلما توفي أوصى السلطان على أولاده، وقرر ابنه في المشيخة. وكان الحريرية ينالون من طيٍ ويؤذونه.

قال العز النسابة: مات شاباً، وحضره خلقٌ، وخلف جملةً.

 

حرف العين

العباس، الأمير.

أبو عبد الله أخو الإمام الخليفة المستنصر بالله.

توفي في المحرم، وغسله عبد العزيز بن دلف. وعملت فيه المراثي.

 

عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد الواعظ.

أبو محمد، ابن الكمال الأنباري صاحب العربية.

ولد سنة إحدى وستين وخمسمائة.

وسمع من أبيه، وعبيد الله بن شاتيل. وحدث.

ومات في صفر.

 

عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عفير.

أبو محمد، الأموي، مولاهم، البلنسي، المحدث.

سمع أبا محمد بن حوط الله، وحج فسمع من يونس بن يحيى الهاشمي، وزاهر بن رستم.

ودخل العراق وخراسان والشام. وسمع من عبد الوهاب بن سكينة، وعمر بن طبرزد، والمؤيد الطوسي، والتاج الكندي، سمع منه "تاريخ بغداد". وسمع "الموطأ"، و"صحيح" مسلم من المؤيد.

ثم قتل إلى المغرب.

وحدث بتونس.

وتوفي بعد الثلاثين وستمائة. قاله الأبار.

 

عبد الله بن عبد الودود بن محمد.

أبو السعود، البصري، المعروف بابن الدباس.

سمع من عبد الله بن عمر بن سليخ.

ومات في ربيع الأول.

 

عبد الله بن محمد بن حسين.

أبو محمد، العبدري، الغرناطي، الكواب.

روى عن: أبي الحسن بن كوثر، وأبي خالد بن رفاعة.

وتصدر لإقراء القرآن.

وكان ورعاً، صالحاً، خطيباً ببلده.

توفي عن خمسٍ وسبعين سنة.

ومن الطلبة من سماه: عبد الله بن الحسين بن مجاهد.

وقد قرأ بالسبع على الخطيب محمد بن عروس الغرناطي، صاحب يحيى بن المخلوف.

قرأ عليه بالروايات عددٌ كبير، منهم: محمد بن إبراهيم الطائي النحوي، وأبو علي الحسن بن أبي الأحوص، وأبو جعفر أحمد ابن الطباع، وقرأ أيضاً على أبي خالدٍ يزيد بن رفاعة تلميذ أبي الحسن ابن الباذش.

قال ابن مسدي: لم ألق مثله إنفاقاً وتجويداً. وكان يعمل في شبيبته الأكواب. وكان خطيب غرناطة.

 

عبد الله بن يونس الأرمني.

الشيخ الزاهد القدوة، نزيل سفح قاسيون.

وهو من أرمينية الروم، وقيل من قونية. جال في البلاد، ولقي الصلحاء والزهاد. وكان صاحب أحوالٍ ومجاهداتٍ. وكان سمحاً، لطيفاً، متعففاً، لازماً لشأنه، مطرح التكلف. ساح مدةً وبقي يتقنع بالمباحات. وكان متواضعاً، سيداً، كبير القدر، له أصحاب ومريدون. ولا يكاد يمشي إلا وحده، ويشتري الحاجة بنفسه ويحملها. وكانت له جنازةٌ مشهودةٌ. وكان قد حفظ القرآن، وكتاب القدوري، فوقع برجلٍ من الأولياء، فدله على الطريق إلى الله.

وقد طول أبو المظفر الجوزي، ترجمته - رحمه الله تعالى -.

وتوفي في التاسع والعشرين من شوال.

وزاويته مطلةٌ على مقبرة الشيخ الموفق.

 

عبد الحق بن عبد الله بن عبد الحق.

أبو محمد الأنصاري، المغربي، المهدوي، قاضي الجماعة بمراكش وبإشبيلية.

ولي أولاً قضاء غرناطة، ثم ولي سنة تسع عشرة وستمائة مراكش وقتاً، وامتحن فيها بالفتنة المتفاقمة حينئذٍ.

قال الأبار: وكان من العلماء المتفننين، فقيهاً مالكياً، حافظاً للمذهب، نظاراً، بصيراً بالأحكام، صليباً في الحق، مهيباً، معظماً. وله كتابٌ في الرد على أبي محمد بن حزم، دل على فضله علمه، وأفاد بوضعه، ولا أعلم له روايةً. وذكر وفاته.

عبد الحميد بن أبي المكارم عرفة بن علي بن الحسن.

أبو سعد، ابن بصلا، البندنيجي.

ولد سنة نيفٍ وستين.

وسمع من: عبد الحق اليوسفي، وشهدة.

وكان شيخاً صالحاً، عابداً.

مات في ذي القعدة.

 

عبد الرحيم بن محمد بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين، القاضي.

أبو نصرٍ، الدمشقي، ابن عساكر.

أخو تاج الأمناء، وفخر الدين. كان ناقص الفضيلة.

سمع الكثير من: عميه الصائن، والحافظ، وعبد الرحمن بن أبي العجائز،وأبي بكر عبد الله بن محمد النوقاني، وأبي نصرٍ عبد الرحيم اليوسفي، وأبي المعالي بن صابر، وأبي المفاخر علي بن محمد بن الحسن البيهقي، وغيرهم.

روى عنه: الزكي البرزالي، والشهاب القوصي، والمجد ابن الحلوانية.

وحدثنا عنه الشرف أحمد بن عساكر، وأبو الفضل محمد بن يوسف الذهبي، وأبو إسحاق إبراهيم ابن المخرمي. وبالحضور الفخر إسماعيل بن عساكر، والبهاء قاسم بن عساكر.

وأجاز للقاضي تقي الدين سليمان، ولجماعةٍ. وكان يلقب بالقاضي.

قرأت بخط عمر ابن الحاجب - في ترجمة هذا - قال: لم يكن عنده مما عند بيته لا قليل ولا كثير. وكان يرمى برذائل لا تليق بأهل العلم. وكان الغالب عليه البله والخواثة. وسألت أبا عبد الله البرزالي عنه فقال: ليس بثقةٍ.

قال المنذري: توفي في الثاني والعشرين من شعبان. وقد أجاز لي.

 

عبد السلام بن يوسف بن علي البرزي.

من قرية برزة.

حدث عن أبي الفتح عمر بن علي بن حمويه.

وتوفي في ربيع الأول.

روى عنه الزكي الرزالي، وغيره. وأجاز لطائفةٍ.

وكان أميناً في القرى. وقد صحب الحافظ عبد الغني مديدةً.

 

عبد العزيز بن عبد الله بن علي بن عبد الباقي.

أبو محمد، ابن الصواف الإسكندري.

شيخٌ صالحٌ، معتبرٌ، مؤدبٌ ببلده.

ولد في سنة خمسينٍ وخمسين.

وحدث عنه السلفي.

كتب عنه ابن الحاجب، وغيره.

وحدثني عنه حفيداه: الشرف يحيى، وأبو المعالي محمد ابنا أحمد بن الصواف.

وتوفي في رابع ذي القعدة.

 

عبد المجير بن محمد بن عشائر.

أبو محمد، كمال الدين، القبيصي، العدل. شيخٌ معمر، فاضلٌ.

قرأ القراءآت بالموصل على يحيى بن سعدون القرطبي، وسمع منه ومن خطيب الموصل.

قال الزكي المنذري: كان من القراء المجودين، وأعيان الفقهاء. توفي في جمادى الأولى.

قلت: سمع منه القاضي مجد الدين العديمي، وغيره. وكان عالي الإسناد في القراءآت. ولا أعلم أحداً ممن قرأ عليه.

وقد روى عنه القراءآت بالإجازة عبد الصمد بن أبي الجيش.

 

عبد الواحد بن محمد ن عبد الواحد بن شنيف.

أبو الفرج، الدارقزي.

حدث عن مسعود بن محمد بن شنيف.

ومات في جمادى الآخرة.

 

علي بن حسان بن محمد.

أبو الحسن، الكتبي. الحنفي.

حدث عن: أحمد بن حمزة ابن الموازيني، والخشوعي.

وكان فقيهاً، فاضلاً. لقبه موفق الدين.

انتقى له زكي الدين البرزالي "جزءاً".

روى عنه: أمين الدين عبد الصمد بن عساكر، والمجد ابن الحلوانية، ومحمد بن عربشاه.

توفي في رابع عشر شعبان.

 

علي بن أبي علي بن محمد بن سالم التغلبي.

العلامة، المتكلم، سيف الدين، الآمدي، الحنبلي، ثم الشافعي.

ولد بعد الخمسين وخمسمائة بيسيرٍ بآمد، وقرأ بها القراءآت على الشيخ محمدٍ الصفار، وعمارٍ الآمدي. وحفظ "الهداية" في مذهب أحمد. وقرأ القراءآت أيضاً ببغداد على ابن عبيدة.

وقدم بغداد - وهو شابٌ - فتفقه بها على أبي الفتح بن المني الحنبلي، وسمع من أبي الفتح بن شاتيل. ثم انتقل شافعياً وصحب أبا القاسم بن فضلان، واشتغل عليه في الخلاف، وبرع فيه.

وحفظ طريقة الشريف، ونظر في طريقة اسعد الميهني، وغيره. وتفنن في علم النظر، والفلسفة وأكثر من ذلك. وكان من أذكياء العالم.

ثم دخل الديار المصرية وتصدر بها لإقراء العقليات بالجامع الظافري. وأعاد بمدرسة الشافعي. وتخرج به جماعةٌ. وصنف تصانيف عديدة. ثم قاموا عليه، ونسبوه إلى فساد العقيدة، والانحلال، والتعطيل، والفلسفة. وكتبوا محضراً بذلك.

قال القاضي ابن خلكان: وضعوا خطوطهم بما يستباح به الدم، فخرج مستخفياً إلى الشام فاستوطن حماة. وصنف في الأصلين، والمنطق، والحكمة، والخلاف، وكل ذلك مفيد، فمنه: كتاب "أبكار الأفكار" في علم الكلام، و"منتهى السول في علم الأصول". وله طريقة في الخلاف. وشرح جدل الشريف. وله نحوٌ من عشرين تصنيفاً. ثم تحول إلى دمشق، ودرس بالعزيزية مدةً، ثم عزل عنها لسببٍ اتهم فيه. وأقام بطالاً في بيته. ومات في رابع صفر، وله ثمانون سنة.

وقال أبو المظفر الجوزي: لم يكن في زمانه من يجاريه في الأصلين، وعلم الكلام. وكان يظهر منه رقة قلب، وسرعة دمعة. وأقام بحماة، ثم انتقل إلى دمشق.

قال: ومن عجيب ما يحكى عنه، أنه ماتت له قطةٌ بحماة فدفنها، فلما سكن دمشق، أرسل، ونقل عظامها في كيسٍ، ودفنها في تربة بقاسيون. وكان أولاد الملك العادل كلهم يكرهونه لما اشتهر عنه من الاشتغال بالمنطق، وعلم الأوائل. وكان يدخل على المعظم - والمجلس غاصٌ بأهله - فلم يتحرك له،فقلت له: قم له عوضاً عني فقال: ما يقبله قلبي. ومع ذلك ولاه تدريس

العزيزية. فلما مات المعظم، أخرجه منها الأشرف، ونادى في المدارس: من ذكر غير التفسير والفقه، أو تعرض لكلام الفلاسفة، نفيته. فأقام السيف خاملاً في بيته قد طفئ أمره إلى أن مات، ودفن بقاسيون بتربته.

وقال أبو محمد المنذري: توفي في ثالث صفر.

قلت: وصنف "أبكار الأفكار" في أصول الدين، خمس مجلدات، ثم اختصره في مجلد. وصنف "الإحكام في أصول الأحكام"، أربع مجلدات.

ومن تلامذته القاضي صدر الدين ابن سني الدولة، والقاضي محيي الدين ابن الزكي، وغيرهما.

وقدم إلى الشام سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وكان شيخنا القاضي تقي الدين سليمان يحكي عن الشيخ شمس الدين بن أبي عمر - رحمه الله - قال: كنا نتردد إلى السيف الآمدي، فشككنا فيه هل يصلي؟ فتركناه وقد نام، فعلمناه على رجله بالحبر، فبقيت العلامة نحو يومين مكانها.

فعرفنا أنه ما كان يتوضأ - نسأل الله السلامة -.

وقد حدث ب "غريب الحديث" لأبي عبيدٍ، عن ابن شاتيل.

 

حرف الغين

غنائم بن أبي القاسم بن علي الخشاب، الدمشقي.

يعرف بابن المنجنيقي.

روى عن أبي المعالي بن صابر.

روى عنه الزكي البرزالي، وغيره.

 

حرف الميم

محمد بن إسماعيل بن جوهر بن مطر.

أبو الحسن، الدمشقي، الفراء.

سمع من الحافظ أبي القاسم بن عساكر.

روى عنه الزكي البرزالي، وغير واحد من الطلبة. وبالإجازة إبراهيم ابن أبي الحسن المخرمي، وفاطمة بنت سليمان، وجماعةٌ.

وتوفي في تاسع عشر صفر.

وكان صالحاً، متعبداً.

 

محمد بن خالد بن كرم بن سالم.

أبو خالدٍ، الحربي، المؤذن، البقال.

ولد في شعبان سنة تسعٍ وخمسين.

وسمع من: يحيى بن ثابت، ولاحقٍ، ودهبل ابن كاره، وغيرهم.

روى عنه بالإجازة القاضيان شهاب الدين الخويي، وتقي الدين المقدسي، وغيرهما.

توفي في أول صفر.

 

محمد بن عبد الله بن الحسين بن رواحة أبو عبد الله، الحموي، التاجر، ابن عم عز الدين

عبد الله بن الحسين.

ولد سنة ستٍ وخمسين بحماة. ورحل فسمع من السلفي.

روى عنه مجد الدين ابن العديم، وغيره.

ومات بحلب في صفرٍ.

 

محمد بن عبد الله بن محمود بن حبيش.

أبو عبد الله، الحسيني، العدل، الإسكندري، المالكي، الأديب، صاحب التصانيف.

سمع من ابن موقا، وعدة. صحب أبا الخطاب بن دحية، ولقي الكندي.

له النظم، والنثر، وله "ديوان".

توفي في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين. وله خمسون سنة.

ذكره ابن العمادية في "تاريخه": بفتح الحاء وتثقيل الموحدة، وشين معجمة.

 

محمد بن عبد اللطيف بن يحيى بن علي بن خطاب.

الدينوري، الخيمي، أبو الفضل. شيخٌ بغداديٌ.

حدث عن عبيد الله بن شاتيل.

وأجاز لشيوخنا.

 

محمد بن علي بن أبي بكر بن سالم.

أبو عليٍ، الأزجي، الحداد.

سمع من: أبي الحسين عبد الحق، وأبي هاشم الدوشابي.

روى عنه القاضي شهاب الدين الخويي، وغيره بالإجازة.

ومات في ربيع الآخر.

 

محمد ابن الحافظ أبي الحسن علي بن المفضل بن علي بن مفرجٌ.

أبو الطاهر اللخمي، المقدسي، ثم الإسكندراني، الفقيه المالكي.

ولد سنة خمسٍ وستين وخمسمائة.

وسمع من: جده أبي المكارم، وأبي طاهرٍ السلفي، وبدر الخداداذي، وأبي القاسم محمد بن علي بن العريف، وجماعةٍ كثيرة.

وناب عن والده في تدريس الصاحبية بالقاهرة.

روى عنه: الزكي المنذري، والزكي البرزالي، وغيرهما.

وتوفي في العشرين من جمادى الآخرة.

 

محمد بن عمر بن يوسف.

الإمام، أبو عبد الله، الأنصاري القرطبي، المقرئ، المالكي، الزاهد، المعروف بالأندلس بابن مغايظ.

انتقل به أبوه إلى فاس فنشأ بها. ثم حج وسمع بمكة من أبي المعالي عبد المنعم بن عبد الله ابن الفراوي. وسمع بالإسكندرية من القاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وعبد الرحمن بن موقا. وبمصر من الأستاذ أبي القاسم بن فيرة الشاطبي، ولزمه مدة وقرأ عليه القراءآت.

وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وعلي بن أحمد الحديثي، ومحمد بن حمد الأرتاحي، والمشرف ابن المؤيد الهمذاني.

وكان إماماً صالحاً، زاهداً، مجوداً للقراءآت، عارفاً بوجوهها، بصيراً بمذهب مالك، حاذقاً بفنون العربية. وله يدٌ طولى في التفسير. تخرج به جماعةٌ. وجلس بعد موت الشاطبي في مكانه للإقراء.

قال أبو عبد الله الأبار: حدث بالقاهرة. وأخذ عنه القرآن والحديث، والعربية. ونوظر عليه في "كتاب" سيبويه. ثم جاور بالمدينة. وشهر بالفضل والصلاح والورع. وأم بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن الطيلسان: توفي بمصر ودفن بقرافتها، كذا قال، وإنما مات بالمدينة.

وقال المنذري: توفي في مستهل صفر. وقرأ القراءآت على الشاطبي. وسمع، وحدث، وأقرأ،

وانتفع به جماعةٌ. وحج مراتٍ. وأكثر المجاورة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم. وبرع في التفسير والأدب. وكان له القبول التام من الخاصة والعامة، مثابراً على قضاء حوائج الناس.

سمعته يذكر ما يدل على أن مولده سنة ثمانٍ أو سبعٍ وخمسين وخمسمائة.

قلت: روى عنه الزكي المنذري، والشهاب القوصي، والمجد ابن العديم، وعبد الصمد بن أبي الجيش، وأبو محمد الحسن سبط زيادة، وهو آخر من روى عنه.

 

محمد بن محمد بن سعيد.

أبو عبد الله، اليحصبي الجياني، اللوشي.

روى عن: أبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون. وحج فسمع بالإسكندرية محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وغيره.

وولي القضاء والخطابة ببلده مدةً، ثم خطابة قرطبة. وأسمع الناس.

ومات في رمضان.

 

محمد بن أبي بكر محمد بن أبي القاسم عبد الله بن محمد.

الحافظ، المفيد، أبو الرشيد، الغزال، الإصبهاني.

ولد سنة تسعٍ وستين وخمسمائة.

وسمع من: أبي الفتح الخرقي، وخليلٍ الداراني، ومسعود الجمال، وأبي المكارم اللبان، وأبي جعفرٍ الصيدلاني، وجماعةٍ من أصحاب الحداد، وفاطمة الجوزدانية.

وعني بالحديث، وكتب، وحصل الأصول. وكان محمود الصحبة، حسن الطريقة، متديناً. دخل خوارزم، فأثرى بها، وكثر ماله. ثم عاد إلى إصبهان، وجمع شيئاً كثيراً من الكتب. ثم عاد إلى خراسان، وعبر النهر. وسكن بخارى مدةً إلى أن دخلها العدو واستباحوها، فأحرقت كتبه، وراحت أمواله، وهرب إلى الجبال والشعاب. فلما جعلوا بها شحنةً، عاد أبو رشيد إليها، وبقي يشتري من كتب النهب بأيسر ثمنٍ. وكان يحفظ ويفهم مع ثقةٍ، ودينٍ ومروءةٍ.

توفي ببخارى في شوال في هذه السنة.

روى عنه سيف الدين الباخرزي، وحافظ الدين محمد بن محمد البخاري شيخ بخارى، وابن النجار، وقال: قدم علينا بغداد في آخر سنة ستٍ وتسعين وخمسمائة، فسمع من أصحاب ابن الحصين. وكنا نصطحب كثيراً. وسمع بقراءتي، وسمعت بقراءته. وكان محمود الصحبة،

متديناً. ثم رحل إلى خراسان وسمع بها الكثير، وبما وراء النهر، وأقام بمرو يقرأ على شيخنا أبي المظفر ابن السمعاني، ويكتب عنه فلعله سمع أكثر ما كان عنده. ثم قدم علينا هراة وكنت بها سنة إحدى عشرة، فأقام نحواً من سنة يكتب ويسمع ويحصل بهمةٍ وافرةٍ وجدٍ واجتهادٍ شديدٍ، ويكتب العالي والنازل. إلى أن قال: وكان يرجع إلى فضلٍ، وحفظٍ، ومعرفةٍ، وإتقانٍ، وصدقٍ، ومروءةٍ ظاهرةٍ، وديانةٍ، وصلاحٍ. حدثنا أبو رشيدٍ ببغداد، أخبرنا إسماعيل بن غانم، أخبرنا أبو سعدٍ المطرز فذكر حديثاً.

 

محمد بن محمد بن أبي بكر.

أبو سعد الشهرستاني الصوفي.

توفي بدمشق في ذي الحجة.

يروي عن: أبي سعد عبد الله بن عمر الصفار، ومحمد بن فضل الله السالاري.

وكان صالحاً، عارفاً، معروفاً بتربية الأصحاب والمريدين. وهو من أعيان صوفية السميساطية.

لقبه: منصف الدين.

سمع منه ابن الحاجب، وغيره.

 

محمد بن المبارك بن أبي المظفر هبة الله بن محمد ابن الوزير أبي طالب محمد بن أيوب.

أبو الحسن، البغدادي، الحاجب.

ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.

وسمع من: محمد بن محمد بن السكن، ومحمد بن إسحاق ابن الصابئ، وغيرهما.

وكان يسمي نفسه علياً، وهو مشهورٌ بالكنية. وجدهم وزيرٌ للقائم بأمر الله.

روى عنه بالإجازة القاضيان ابن الخويي، والتقي سليمان، وابن الشيرازي، وفاطمة بنت سليمان، وجماعةٌ.

وكان صالحاًن ديناً، متعبداً.

توفي فجاءةً في الخامس والعشرين من صفر.

وحدث عنه الفاروثي.

 

محمد بن نصر بن قوام بن وهب بن مسلم.

العدل، شمس الدين، وأبو عبد الله، الرصافي، التاجر، الشاهد.

ولد سنة سبعٍ وسبعين وخمسمائة بالرصافة.

ودخل إصبهان مع أخيه للتجارة، وسمعا مع يوسف بن خليل وكانا يحسنان إليه وأنزلاه عندهم.

روى عن خليلٍ الراراني، وغيره.

حدثنا عنه محمد بن قايماز الدقيقي.

قال عمر ابن الحاجب: هو من ذوي اليسار، له دينٌ، وكرمٌ، وتودد.

وقال الضياء: كان خيراً، ذا مروءة. توفي في شوال.

قلت: وهو والد شيخنا الكمال عبد الله.

 

محمد بن يحيى بن علي بن الفضل بن هبة الله، قاضي القضاة، محيي الدين.

أبو عبد الله، ابن فضلان، البغدادي، الفقيه الشافعي، مدرس المستنصرية.

وقد ولي قضاء القضاة للإمام الناصر في آخر دولته.

وكان مولده في سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة.

تفقه على والده العلامة أبي القاسم يحيى ابن فضلان. وبرع في المذهب.

ورحل إلى خراسان وناظر علماءها. وكان علامةً في المذهب، والخلاف، والأصول، والمنطق، موصوفاً بحسن المناظرة، سمحاً، جواداً، نبيلاً. لا يكاد يدخر شيئاً. ولما عزل من القضاء، انقطع في داره يكابد فقراً، ويتعفف ويكتم حاله. وولي تدريس النظامية ببغداد. وتفقه عليه جماعةٌ.

وقد سمع من أصحاب أبي القاسم بن بيان الرزاز، وأبي طالب الزينبي.

وولي قضاء القضاة في سنة تسع عشرة وستمائة، ثم عزله الخليفة الظاهر بعد شهر من بيعته، ولزم بيته ثمانية أشهر، ثم ولي نظر المارستان، فبقي ستة أشهر، وعزل. وولي نظر ديوان الجوالي، ثم ولي تدريس مدرسة أم الناصر لدين الله. وذهب رسولاً إلى الروم. ثم ولي تدريس المستنصرية في رجب من سنة وفاته، فأدركه الموت.

توفي العلامة محيي الدين ابن فضلان في سلخ شوال. وكان قوالاً بالحق، متديناً، ازدحموا على نعشه - رحمه الله تعالى - فلقد كان من خيار الحكام.

قال علي بن أنجب عنه: إنه كتب إلى الناصر في شأن أهل الذمة: "يقبل الأرض، وينهي أن الأنعام تحمله على النهوض بمحامد الذكر، فالمأخوذ من أهل الذمة في العام أجرةٌ عن سكناهم في دار السلام، فلا يؤخذ منهم أقل من دينار، ويجوز أن يؤخذ منهم ما زاد إلى المائة حسب امتداد اليد عليهم. فإن رأى من الغبطة الملاحظة لبيت المال أن يضاعف على الشخص منهم ما يؤخذ في السنة فللآراء الشريفة علوها" وساق فصلاً طويلاً في ترقي الملاعين على رقاب المسلمين.

 

محمد بن أبي بكر بن عثمان بن إبراهيم.

أبو عبد الله، السمرقندي، القارئ بالألحان.

توفي في صفر عن ستين سنة.

وروى عن أحمد بن علي بن هبة الله بن المأمون.

 

محمد بن أبي بكر بن علي.

العلامة، نجم الدين ابن الخباز، الموصلي، الشافعي، الفقيه.

كان من كبار العلماء.

ولد سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة.

قدم مصر، وأقام بها مدةً. وتفقه عليه جماعة.

وكان كيساً، لطيفاً، متواضعاً، بصيراً بالمذهب.

 

محمود بن همام بن محمود.

الفقيه، الإمام، الزاهد، المحدث، عفيف الدين، أبو الثناء، الأنصاري، الدمشقي، المقرئ، الضرير.

روى عن: يحيى الثقفي، وإسماعيل الجنزوي، وبركاتٍ الخشوعي، وعبد الرحمن ابن الخرقي، والقاسم بن عساكر، وابن طبرزد، وجماعة. ولازم الحافظ عبد الغني كثيراً، وأخذ عنه السنة.

قرأت بخط الضياء المقدسي: وفي يوم الأحد ثالث عشر ربيع الآخر توفي الشيخ الإمام العالم الزاهد أبو الثناء محمود بن همام، ودفن من يومه بالجبل. وكان الخلق في جنازته كثيراً جداً.

وما رأينا من أئمة الشافعية مثله. ما كان يداهن أحداً في الحق، ويتكلم عند من حضره بالحق من أميرٍ، أو قاضٍ، أو فقيهٍ. ولأهل السنة كان مجداً وناصراً، فرحمة الله عليه ورضوانه.

وقرأت في ترجمته بخط محمد بن سلام: جمع الله فيه كل خلةٍ مليحة، واحتوى على كل فضيلة مع دماثة الأخلاق، وطيب الأعراق. وكان فقيهاً، محققاً، مدققاً، حسن الأداء للقرآن.

وانتفع بع عالمٌ عظيم. وقرأوا عليه القرآن. وكان طويل الروح على التلقين. وكان قد جمع مع هذا الزهد العظيم، والورع الغزير، كان صائم الدهر، ملازماً للجامع، ما كان يخرج منه إلا بعد العشاء ليفطر، ويعود إليه سحراً.

قلت: روى عنه الضياء حكاياتٍ. وحدثنا عنه الشرف ابن عساكر. وأجاز للشيخ علي القارئ، وفاطمة بنت سليمان، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، وغيرهم.

 

المسلم بن أحمد بن علي بن أحمد.

أبو الغنائم، المازني، النصيبي، ثم الدمشقي، ويعرف بخطيب الكتان.

شيخٌ معمرٌ، عالي الرواية. ولد سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة.

وسمع من: عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، وأبي القاسم علي بن الحسن الحافظ، وأخيه الصائن هبة الله. وذكر أنه دخل الإسكندرية، وسمع من أبي طاهر السلفي.

وكان يخدم في الضمان والمكس، ثم ترك ذلك، وحسنت حاله، ولزم بيته والجامع. وافتقر وباع ملكه.

وروى الكثير، روى عنه: البرزالي، والقوصي، والمجد ابن الحلوانية، والحافظ ضياء الدين، والشرف ابن النابلسي، وابن الصابوني، وعلي بن هارون بمصر.

وحدثنا عنه: أبو الفضل بن عساكر، وأبو الفضل محمد بن يوسف الذهبي، والخضر بن عبدان الأزدي، وفاطمة بنت سليمان. وبالإجازة القاضي تقي الدين الحنبلي، وابن الشيرازي، وتاج العرب بنت علان، والفخر إسماعيل ابن عساكر.

وتوفي في الثامن والعشرين من ربيع الأول.

 

مقبل بن عمر بن مهنا الأزجي، النجار.

سمع من عيسى الدوشابي.

ومات في ذي الحجة.

 

مكرم بن مسعود بن حماد بن عبد الغفار بن سعادة بن معقل بن عبد الحميد بن أحمد بن

محمد ابن قاضي القضاة أحمد بن أبي داود الإيادي.

ولد سنة ستٍ وخمسين وخمسمائة.

وولي القضاء ببلاد الروم. وقدم مصر وحدث عن عبد المنعم ابن الفراوي.

روى عنه الزكي المنذري.

ومكرمٌ: مخففٌ.

توفي بأبهر زنجان في السنة.

 

منصور بن زكي بن منصور بن مسعود الغزال.

شيخٌ بغدادي.

ولد سنة ستٍ وخمسين.

وسمع من: عبد الله بن منصور الموصلي، وعبد الله بن أحمد ابن النرسي، وعبد الحق اليوسفي.

روى عنه ابن النجار، وقال: لا بأس به.

ومات في ربيع الأول.

أجاز لابن الشيرازي. ويقال له: أبو منصورٍ.

 

منكورس الفلكي، الأمير الكبير.

ركن الدين، العادلي.

ناب في الديار المصرية للملك العادل، وفي دمشق مرة. وكان محتشماً، عفيفاً، ديناً، خيراً، كثير الصدقات. يجيء المؤذن إلى الجامع وحده وبيده طوافة. وله بجبل قاسيون تربةٌ ومدرسةٌ وقف عليهما أوقافاً كثيرةً.

 

موسى، الملك المفضل، قطب الدين.

ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي.

أجاز له العلامة أبو محمد عبد الله بن بري، ومحمد بن صدقة الحراني.

وتوفي في ذي الحجة.

 

حرف النون

ناصر بن عبد العزيز بن ناصر بن عبد الله بن يحيى.

أبو الفتوح، الأغماتي الأصل، الإسكندراني، ويعرف بابن السقطي.

ولد سنة ستين وخمسمائة.

وحدث عن: السلفي، وأبي الطاهر بن عوف، وغيرهما.

وكان رجلاً مباركاً، صالحاً.

مات في رابع ذي العقدة.

وحدثنا عنه عبد المعطي الهمداني.

 

نصر الله بن حسان بن أبي الزهر.

أبو الفتح، الدمشقي، الشروطي، الدلال.

روى عن: الخشوعي، وغيره.

ومات في سادس صفرٍ.

 

حرف الياء

يحيى بن حسن بن حسين، الشريف.

أبو الفضائل، العلوي، الجواني، الواسطي.

توفي في رمضان عن ستٍ وثمانين سنة، بواسط.

يروي عن أبي طالب بن علي الكتاني.

 

يحيى بن سلمان بن أبي البركات بن ثابت.

أبو البركات، البغدادي، المأموني، الصواف.

ولد سنة تسعٍ وأربعين.

وسمع من أبي الفتح بن البطي.

روى عنه بالإجازة القاضي شهاب الدين الخويي، وغيره. وبالسماع عز الدين الفاروتي، وقبله محب الدين ابن النجار وقال: كان لا يأس به، توفي في سادس ربيع الأول.

 

يحيى بن منصور بن يحيى بن الحسن.

الفقيه، أبو الحسين، السليماني، اليماني، المقرئ، الشافعي.

من أعيان شيوخ القاهرة.

قرأ القراءآت على أبي الجود. وتفقه على الشهاب محمد بن محمود الطوسي. وقرأ علم الكلام بالثغر على أبي الحسن البخاري. ولازم الحافظ علي بن المفضل مدةً.

ودرس بمدرسة قاضي قوص بالقاهرة، وأم بمسجدٍ.

وتوفي في جمادى الآخرة.

 

يوسف بن حيدرة بن حسن، العلامة.

رضي الدين، أبو الحجاج، الرحبي.

شيخ الطب بالشام. له القدم والاشتهار عند الخاص والعام. ولم يزل مبجلاً عند الملوك. وكان كبير النفس، عالي الهمة، كثير التحقيق، حسن السيرة، محباً للخير، عديم الأذية.

كان أبوه من الرحبة كحالاً، فولد له رضي الدين بجزيرة ابن عمر، أقام بنصيبين مدةً، وبالرحبة. وقدم بعد ذلك دمشق مع أبيه في سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة. ثم بعد مدةٍ توفي أبوه بدمشق، وأقبل رضي الدين على الاشتغال. والنسخ، ومعالجة المرضى. واشتغل على مهذب الدين ابن النقاش ولازمه، فنوه بذكره وقدمه. ثم اتصل بالسلطان صلاح الدين، فحسن موقعه عنده، أطلق له في كل شهر ثلاثين ديناراً، وان يكون ملازماً للقلعة والبيمارستان. ولم تزل عليه إلى أيام المعظم، فنقصه النصف، ولم يزل متردداً إلى المارستان إلى أن مات.

وقد اشتغل عليه خلقٌ كثيرٌ، وطالت أيامه، وبقي أطباء الشام تلامذته. ومن جملة من قرأ عليه أولاً مهذب الدين عبد الرحيم.

قال ابن أبي أصيبعة: حدثني رضي الدين الرحبي قال: جميع من قرأ علي سعدوا، وانتفع الناس بهم - ثم سمى كثيراً منهم قد تميزوا - وكان لا يقرئ أحداً من أهل الذمة، ولم يقرئ في سائر عمره منهم سوى اثنين، وكلٌ منهما نبغ، وتميز، وكتب. قد قرأت عليه في سنة اثنتين وثلاثٍ وعشرين وستمائة كتباً في الطب، وانتفعت به. وكان محباً للتجارة مغرىً بها. وكان يراعي مزاجه، ويعتني بنفسه، ويحفظ صحته. وكان لا يصعد في سلم، وإذا طلب لمريضٍ، سأل عن ذلك أولاً. ويطلع إلى بستانه يوم السبت يتنزه. وكان الصاحب صفي الدين ابن شكر يلزم أكل الدجاج، فشحب لونه، فقال له رضي الدين يوماً: الزم لحم الضأن وقد ظهر لونك، ألا ترى إلى لون هذا اللحم ولون هذا اللحم؟ قال: فلزمه، فصلح لونه واعتدل مزاجه، لأن لحم الضأن يتولد منه دمٌ متينٌ بخلاف الدجاج.

ولد رضي الدين الرحبي في جمادى الأولى سنة أربعٍ وثلاثين، وعاش سبعاً وتسعين سنةً.

ومات يوم عاشوراء المحرم. وكان مرضه شهراً ولم يتبين تغير شيءٍ من سمعه ولا بصره،

وإنما كان في الآخر يعتريه نسيانٌ لأشياء القريبة العهد المتجددة. وخلف ولدين: شرف الدين علياً، وجمال الدين عثمان، وكلاهما طبيبٌ فاضلٌ.

 

يونس ابن الخطيب أبي عبد الله محمد بن أبي الفضل بن زيد الدولعي.

أبو المظفر.

حدث عن: جده لأمه الخطيب عبد الملك بن زيد الدولعي، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ.

ومات في ذي القعدة، قبل أبيه.

 

الكنى

أبو الفرج المالكي.

أحد العلماء، وصاحب كتاب "الحاوي".

قال لي أبو عبد الله الوادياشي: إنه تفي سنة 31.

 

وفيها ولد

الإمام محيي الدين النواوي.

والقاضي حسام الدين الرومي الحنفي: الحسن بن أحمد الرازي، باقسرا.

والقاضي عز الدين عمر بن عبدالله بن عمر بن عوض الحنبلي.

وزين الدين المنجى بن عثمان، شيخ الحنابلة.

وشمس الدين محمد بن حمزة، أخو القاضي تقي الدين.

وسعد الدين يحيى بن محمد بن سعد، في ربيع الأول.

والبهاء أبو بكر بن عبد الله بن عمر ابن العجمي، في رجبٍ.

والشمس محمد بن عثمان بن مشرق، في رمضان.

والأديب أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مفرج الإشبيلي.

والبدر احمد بن محمد بن حسن الصواف.

والنجم أحمد بن إسماعيل ابن التبلي الحلبي.

والقاضي أحمد بن محمد بن أحمد البشع.

والشيخ علي بن جعفر، مؤذن القلعة.

والزاهد إبراهيم بن أحمد بن حاتم، ببعلبك.

وفيات سنة اثنتين وثلاثين وستمائة

حرف الألف

أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن عمر، ابن الأمير السلار، بختيار الأتابكي، الدمشقي.

الأمير، الأديب، زين الدين، أبو العباس.

من بيت إمرةٍ وتقدمٍ. وله شعرٌ بديعٌ.

روى عنه شهاب الدين القوصي، وغيره.

توفي في المحرم.

أنشدنا له نسيبه الأديب ناصر الدين أبوبكر ابن السلار: أحـنّ إلـى الـوادي الّـذي تـسـكـنـــونـــهحـنـين مـحــبٍّ زال عـــنـــه قـــرينـــه

وأشـتـاقـكـم شـوق الـعــلـــيل لـــبـــرئهوقــد أمـــيل آســـيه وقـــل مـــعـــينـــه

ولـولا رضـاكـم بـالـعـبـاد لـــزرتـــكـــمزيارة مـــن دنـــياه أنـــتــــم ودينـــــــه

وأرغمت أنف البين فـي جـمـع شـمـلـنـاولـكـن بـجـهـدي فـي رضـاكـم أعـينـــه

 

أحمد بن علي بن عبد العزيز، العفيف.

أبو العباس، القرشي، المصري، الشافعي، المقرئ، المعروف بابن الصيرفي.

قرأ القراءآت على أبي الجود. وسمع من أبي الحسن علي بن نجا. أجاز له الأثير أبو الطاهر الأنباري، وجماعةٌ.

وأم بمسجد الشارع، وأدب فيه.

ومات في سادس عشر شوال، وجاوز السبعين.

 

أحمد بن محمد بن الحسين.

أبو بكر ابن الخرساني، الخطاط.

سمع أبا الحسن عبد الحق.

روى عنه ابن النجار، وقال: كان متديناً، صالحاً، على طريقة السلف، توفي في ربيعٍ الآخر، وله سبعون سنة.

وأجاز لشيخنا أبي نصر ابن الشيرازي.

 

أحمد بن ناصر بن محمود.

أبو إسماعيل الخزرجي، الكفرسوسي، المعمر.

سمع في سنة خمسٍ وخمسمائة من أبي القاسم الحافظ.

وحدث في هذا العام ببيت رأس.

سمع منه ابن الحلوانية، وجماعةٌ، أجاز للبهاء ابن عساكر.

 

حرف الجيم

جعفر بن الأسعد بن أبي القاسم بن سعد.

أبو القاسم، الصوفي، الخياط.

ولد سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة.

وطلب الحديث في الكبر بعد الثمانين، وسمع من: عبيد الله بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وأبي الخير القزويني، وجماعةٍ.

وروى الكثير بمكة، وحصل الأصول والأجزاء. وكان صواماً، قواماً، تالياً للقرآن، حجاجاً.

وكان يعرف بابن الشيعية.

أم بمسجد الظفرية مدةً. وكتب عنه طلبة بغداد.

حدث عنه عز الدين الفاروثي. وأجاز للفخر إسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبي نصرٍ محمد ابن الشيرازي، وتقي الدين سليمان الحاكم.

وتوفي في ثامن جمادى الأولى.

قال ابن النجار: حصل الأصول، ونسخ الكثير مع ضعف يده ورداءة خطه. وكان صالحاً، ورعاً، عفيفاً، حافظاً للقرآن، كثير التلاوة والتعبد، صدوقاً.

 

حرف الحاء

الحسن بن يحيى بن صباح بن الحسين بن علي.

أبو صادق، القرشي، المخزومي، المصري، الكاتب، نشء الملك.

قال: ولدت في العاشر من جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين بمصر في زقاق بني جمح.

سمع من الفقيه عبد الله بن رفاعة، وأجاز له وهو آخر أصحابه. وكان عدلاً، ديناً، صالحاً.

روى عنه: الضياء، وابن خليلٍ، والبرزالي، وجماعةٌ من الحفاظ، وابنه عليٌ، وسليمان بن إبراهيم ابن القائد، ومحيي الدين ابن الحرستاني الخطيب، وأمين الدين عبد الصمد بن عساكر،

وابن عمه الشرف أحمد، ونصرٌ وسعد الخير ابنا النابلسي، والشرف يوسف ابن النابلسي، والجمال محمد ابن الصابوني، والعلامة الجمال محمد بن مالكٍ النحوي، وأبو الحسين بن محمد اليونيني، والعز إسماعيل ابن الفراء، والعز أحمد ابن العماد، والشهاب محمد بن أبي العز الأنصاري، وهو آخر من حدث عنه سماعاً، ومحمد بن قايماز الطحان، والتقي ابن مؤمن، والعماد أحمد بن سعد، وعبد الحميد بن خولان، ومحمد بن مكي القرشي، وأبو الحرم بن محمد الأبار، وعلي بن الزين بن عبد الدائم، وأحمد بن المجاهد، ومحمد بن حازمٍ، وعلي بن بقاء الملقن، وعبد الدائم بن احمد الوزان، ومحمد بن علي الواسطي، وعبد الصمد ابن الحرستاني، ومحمد بن سلطان الحنفي، وخلقٌ سواهم.

قال ابن الحاجب: هو شيخٌ ثقةٌ، وقورٌ، مكرمٌ لأهل الحديث، كثير التواضع. قال لي: إنه يبقى ستة أشهرٍ لا يشرب الماء، قلت: فتركته لمعنىً؟ قال: لا أشتهيه.

وقرأت بخط الضياء: توفي شيخنا أبو صادق بدمشق، وحمل من يومه إلى الجبل فدفن به.

وكان خيراً قل من رأيت إلا ويشكره ويثني عليه. وهو آخر من روى عن ابن رفاعة - فيما علمت -. توفي في يوم الجمعة سادس عشر رجب.

قلت: استوطن دمشق من بعد السبعين وخمسمائة، وشهد بها، أظنه كان من شهود الخزانة بدمشق.

 

الحسين بن إبراهيم بن هبة الله بن مسلمة.

أبو القاسم، التنوخي، الدمشقي.

سمع من: أبي المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبي القاسم بن عساكر، وأبي المجد ابن البانياسي.

وتوفي في شعبان.

روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، والجمال ابن الصابوني، وعلي بن محمدٍ المراكشي.

 

الحسين ابن الإمام الفقيه عتيق بن الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق بن عبد الله.

الفقيه، العالم، جمال الدين، أبو علي الربعي، المصري، المالكي.

شهد عند قاضي القضاة صدر الدين عبد الملك بن درباس، فمن بعده. وسمع بالإسكندرية من

أبي الطاهر بن عوفٍ، وبمصر من أبيه.

ودرس بالمسجد المعروف به بالفسطاط مدةً، وأفتى، وصنف في المذهب. وتفقه به جماعةٌ، وكان ديناً، ورعاً.

قال: ولدت بالإسكندرية في ثالث شعبان سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة.

روى عنه الزكي المنذري وقال: توفي في ثالث وعشرين ربيع الآخر.

وسيأتي غير واحد من بيته. وتوفي أبوه في سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة.

 

وتوفي ابنه الفقيه عبد الحميد بن الحسين بعده في شعبان من السنة كهلاً، ولم يحدث.

حمزة بن أحمد بن عم ابن الزاهد القدوة أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة.

أبو عبد الله، المقدسي، الحنبلي.

والد قاضي القضاة تقي الدين الحنبلي.

سمع الكثير، ولم يحدث لأنه مات قبل أوان الرواية بقرية جماعيل، في جمادى الآخرة في حياة والده الجمال أبي حمزة، وربيت أولاده اليتامى، وجاء منهم مثل: قاضي القضاة، وأخيه المقرئ ناصر الدين داود، والفقيه شمس الدين محمد.

 

حرف الخاء

خلف بن أبي المجد.

موفق الدين الأنصاري، المصري، الشافعي، الفقيه.

عاش بضعاً وثمانين سنةً. وتصدر بالجامع الأقمر بالتبانين بالقاهرة مدةً.

وسمع من أبي الجيوش عساكر بن علي، وغيره. ومات في جمادى الأولى.

 

حرف الدال

داود، الملك الزاهر ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي.

أبو سليمان، صاحب إلبيرة.

ولد بمصر. وأجاز له عبد الله بن بري النحوي، وأحمد بن حمزة ابن الموازيني، والبويصري.

وكان فاضلاً، شاعراً. ملك إلبيرة مدةً طويلةً.

مولده بالقاهرة في سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة.

وتوفي بإلبيرة في تاسع صفرٍ، فتملك إلبيرة صاحب حلب ابن شقيقٍ له.

حرف الراء

رتن الهندي.

الذي زعموا أنه صحابيٌ.

ذكر النجيب عبد الوهاب الفارسي الصوفي: أنه توفي في حدود سنة اثنتين وثلاثين. وذكر النجيب: أنه سمع من الشيخ محمود ولد بابارتن، وأنه بقي إلى سنة تسع وسبعمائة. وأنه قدم عليهم شيراز، فذكر: أنه ابن مائة وستة وسبعين عاماً، وأنه تأهل ورزق أولاداً.

قلت: من صدق بهذه الأعجوبة وآمن ببقاء رتن، فما لنا فيه طبٌ، فليعلم أنني أول من كذب بذلك، وأنني عاجزٌ منقطعٌ معه في المناظرة. وما أبعد أن يكن جنيٌ تبدى بأرض الهند، وادعى ما ادعى ، فصدقوه، لأن هذا شيخٌ مفترٍ كذابٌ كذب كذبةً ضخمةً لكي تنصلح خابية الضياع وأتى بفضيحةٍ كبيرةٍ، فوالذي يحلف به إن رتن لكذابٌ قاتله الله أنى يؤفك. وقد أفردت جزءاً فيه أخبار هذا الضال وسميته: "كسر وثن رتن".

 

حرف الزاي

زهرة بنت عبد العزيز ابن الشيخ عبد القادر الجيلي.

قال أبو محمد المنذري: توفيت في جمادى الآخرة. وروت بالإجازة عن أبي الحسين عبد الحق.

 

زهرة بنت الحافظ عبد القادر الرهاوي.

روت عن أبيها. قاله المنذري.

 

حرف السين

ست العز بنت الرئيس أبي الغنائم هبة الله بن محفوظ بن صصرى التغلبي.

أم منعمٍ.

أجاز لها عبد الجليل بن أبي سعد الهروي الراوي عن بيبى الهرثمية، ومحمد بن أسعد حفدة العطاري.

وسمع منها الطلبة. وتوفيت في رمضان، ودفنت بسفح قاسيون.

وهي أخت الحافظ.

 

سيدة الرؤساء بنت محمد بنت شجاع الحاجي البغدادي.

سمعت من تجني الوهبانية.

وماتت في صفر.

روى عنها بالإجازة أبو نصرٍ ابن الشيرازي، وغيره.

 

حرف الشين

شرف الدين ابن الفارض.

هو عمر بن علي. سيأتي إن شاء الله.

 

حرف الصاد

صوابٌ، الطواشي الكبير، شمس الدين.

العادلي، الخادم.

مقدم الجيوش العادلية، وأحد الأبطال المذكورين، ومن أمراء الدولتين، فكان إذا حمل، يقول: أين أصحاب الخصى؟ أسره ملك الروم، ثم خلص. وقيل: إنه كان له مائة مملوكٍ خدامٌ، وطلع منهم جماعةٌ أمراء، منهم: الأمير بدرٌ الصوابي، والأمير شبل الدولة الخزندار، والطواشي السهيلي خزندار الكرك. وكان له برٌ وصدقةٌ.

وتوفي بحران في أواخر رمضان، وكان مقيماً بها، وهي مضافةٌ إليه مع ديار بكرٍ وما والاها.

 

حرف الظاء

ظافر بن تمام بن ظافر.

أبو العباس الدمشقي، الطحان.

حدث عن أبي المعالي بن صابرٍ، روى عنه المجد ابن الحلوانية، وغيره.

وتوفي في شعبان.

وأجاز للشيخ علي بن هارون، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، ولفاطمة بنت سليمان، والقاضي تقي الدين الحنبلي.

وخرج عنه البهاء ابن عساكر.

 

حرف العين

عبد الله بن أيدغمش بن أحمد.

أبو محمد، الدمشقي، الزاهد، المعروف بالمارديني.

صحب المشايخ، وتزهد، وانقطع إليه جماعةٌ، ورزق القبول خصوصاً من الأمراء. وكان كثير الإقدام عليهم والإغلاظ لهم.

وسمع من: الحافظ عبد الغني، وغيره.

ثم جاور بمكة وبها مات في المحرم.

 

عبد الله ابن الأمير علي ابن الوزير أبي منصور الحسين ابن الوزير أبي شجاع محمد بن

الحسين الروذراوري.

ثم البغدادي.

ولد بإصبهان سنة خمسٍ وخمسين.

وسمع من: محمد بن تميم بن محمد اليزدي.

أجاز للفخر إسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وابن الشيرازي.

وتوفي في جمادى الأولى.

كنيته أبو منصور.

 

عبد الخالق بن طرخان بن الحسين.

أبو محمد القرشي، الأموي، الإسكندراني، الحريري.

حدث عن عبد الرحمن بن موقا.

ومات في ربيع الأول.

وهو والد الشرف محمد، الراوي عن ابن المفضل المقدسي.

 

عبد السلام ابن المطهر ابن قاضي القضاة أبي سعد عبد الله ابن أبي السري محمد ابن هبة

الله ابن المطهر بن علي بن أبي عصرون.

الفقيه، شهاب الدين، أبو العباس، التميمي، الدمشقي، الشافعي.

سمع من: جده أبي سعد، ومن يحيى الثقفي، وأحمد ابن الموازيني، وجماعةٍ.

وكان فقيهاً، جليل القدر، وافر الديانة. ترسل من حلب إلى بغداد وإلى الأطراف. وانقطع في الآخر بمكانه بالجبل عند حمام النحاس. وكان منهمكاً في التمتع. كان له أكثر من عشرين سرية حتى يبست أعضاؤه وتولدت عله أمراضٌ.

روى عنه: البرزالي، والقوصي، والمجد ابن الحلوانية، والمجد ابن أبي جرادة الحاكم،

وجماعةٌ.

وحدثنا عنه ابنه تاج الدين محمد.

وتوفي في الثامن والعشرين من المحرم.

 

عبد الكريم بن عمر ابن شيخ الشيوخ صدر الدين عبد الرحيم ابن إسماعيل بن أبي سعد

النيسابوري.

ثم البغدادي، الصوفي، أبو سعدٍ.

ولد سنة خمس وسبعين.

وحدث عن عبيد الله بن شاتيل.

وتوفي ذي القعدة.

 

عبد اللطيف بن أبي المظفر البغدادي.

أبو طالبٍ، ابن عفيجة.

حدث عن أبي الحسين عبد الحق اليوسفي.

ومات في ربيع الآخر. روى عنه ابن الشيرازي.

 

عبد المولى بن عبد السيد بن إبراهيم، بدر الدين.

القرشي، الدمشقي، الوكيل بمجلس الحكم.

حدث عن يحيى الثقفي.

روى عنه الشهاب القوصي وقال: مات في المحرم.

 

عبد الوهاب بن محمود بن الحسن بن علي.

أبو محمدٍ، الجوهري، التاجر، البغدادي، المعروف بابن الأهوازي.

سمع من: يحيى بن ثابت، وأحمد بن المقرب، وأحمد بن محمد بن بكروس.

وتوفي في سابع جمادى الأولى، وقد قارب الثمانين. قاله المنذري.

قلت: أجاز لكمال الدين أحمد ابن العطار، وللفخر إسماعيل بن عساكر، ولزينب بنت الإسعردي، ولمحمد بن يوسف الذهبي، وابن الشيرازي، وفاطمة بنت سليمان.

وكتب عنه ابن النجار، وغيره.

 

علي بن إبراهيم بن علي. القاضي، الإمام، الحافظ.

المتقن أبو الحسن، الجذامي، الغرناطي، ابن القفاص.

روى عنه: أبي عبد الله بن زرقون، وعبد الحق بن بونه، وأبي زيدٍ السهيلي، وأبي القاسم بن حبيش، وعدةٍ، واعتنى، وقيد، وكتب الكثير.

قال ابن الزبيري: كان ضابطاً، فقيهاً، حافظاً جليلاً. اختصر كتاب "الاستذكار" لابن عبد البر.

روى عنه أبو علي بن أبي الأحوص، مات في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين عن سبع وسبعين سنة.

 

علي بن إسماعيل بن إبراهيم بن جبارة، القاضي.

الرئيس، شرف الدين، أبو الحسن، الكندي، التجيبي، السخاوي المولد، المحلي الدار، النحوي، المالكي، العدل.

ولد في أول سنة أربع وخمسين.

وحدث عن السلفي.

وتوفي في القاهرة في خامس ذي الحجة، قاله الحافظ المنذري، وروى عنه هو، وشيخنا التاج العراقي.

وكان من أئمة العلم. أضر بأخرةٍ. نظر في الديوان، وخدم الدولة بالمحلة. وله "ديوان" شعرٍ كبير. وكان يقرئ النحو.

قرأت على علي بن أحمد الهاشمي: أخبرك الأديب شرف الدين علي بن إسماعيل بالقاهرة، أخبرنا أبو طاهرٍ السلفي، أخبرنا أبو الحسين الصيرفي، أخبرنا محمد بن علي الصوري، أخبرنا ابن النحاس، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الحراني، حدثنا هاشم بن مرثد، حدثنا المعافى، حدثنا موسى بن أعين، عن عبد الله، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تجوزوا في الصلاة، فإن خلفكم الضعيف، والكبير، وذا الحاجة".

 

علي بن الحسن بن أحمد بن رشيد.

أبو الحسن، الرشيدي، البزاز، الضرير.

شيخٌ بغداديٌ. سمع من: عبد الواحد بن الحسين البارزي، ويحيى بن ثابت البقال.

وتوفي في ثامن عشر ربيع الأول.

أجاز للفخر ابن عساكر، ولفاطمة بنت سليمان، ولأبي نصرٍ محمد بن محمد المزي.

وقد سمع منه ابن الجوهري، وعلي ابن الأخضر، وجماعةٌ بقراءة الحافظ محمد ابن النجار.

وكتب له ابن النجار: الشيخ الصالح.

قرأت على محمد بن محمد، عن علي بن أبي محمد الرشيدي، أن عبد الواحد بن حسين أخبرهم، أخبرنا الحسين بن طلحة، أخبرنا ابن بشران، أخبرنا إسماعيل الصفار، حدثنا عمر بن مدرك، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن سالمٍ، عن ابن عمر، قال: كل استثناءٍ غير موصولٍ فصاحبه حانثٌ.

 

علي بن علي بن محمد بن نصر بن غنيمة.

أبو الحسن، الواسطي، البزاز عرف بابن قطب.

ولد بواسط سنة خمسٍ وستين.

وسمع من أبي طالبٍ محمد بن علي الكتاني.

وتوفي في رجبٍ.

 

علي بن أبي الفتح المبارك بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم.

أبو الحسن، الواسطي، البرجوني، الفقيه، المقرىء، تقي الدين، ابن باسويه، وهو لقبٌ لأحمد.

حفظ القرآن على أحمد بن سالم البرجوني، وقرأ بالعشر على أبي الحسن علي بن المظفر الخطيب، وأبي بكرٍ بن منصورٍ الباقلاني. وسمع من أبي طالبٍ الكتاني، ومسعود بن علي بن صدقة، وقدم بغداد، فسمع بها من عبيد الله بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وعبد المنعم بن عبد الله الفراوي، والحافظ أبي بكر محمد بن عثمان الحازمي، وابن بوش، وابن كليب، وجماعةٍ.

وقدم دمشق وسكنها، وأقرأ بها، وحدث. وكان جيد الأداء، حسن الأخلاق، ثقةً، فاضلاً. وقد تفقه علي أبي طالب صاحب ابن الخل، ويعيش بن صدقة.

سمع منه: الزكي البرزالي، والضياء، والسيف، وابن الحاجب، والقوصي، وابن الحلوانية، وجماعةٌ.

وقرأ عليه القراءآت علم الدين القاسم بن أحمد الأندلسي، والتقي يعقوب الجرائدي، والرشيد بن أبي الدر، وغيرهم.

وحدثنا عنه أبو القاسم عبد الصمد ابن الحرستاني، ومحمد بن قايماز الطحان، والشهاب بن

مشرف. وبالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، والفخر إسماعيل بن عساكر.

وتوفي في ثامن شعبان، وله ست وسبعون سنةً، ودفن بمقبرة باب الصغير. ولسعدٍ، والمطعم منه إجازة.

 

عمر بن أحمد بن أحمد بن أبي سعد.

الإمام، أبو حفصٍ، شعرانة، الإصبهاني، المستملي، الحافظ.

سمع الكثير، وكتب، وانتخب، وهو الذي رتب "مسند" الإمام أحمد على أبواب الفقه. وصنف كتاباً في ثمانية أسفارٍ سماه "روضة المذكرين وبهجة المحدثين" وما أحسبه رحل في الحديث.

سمع: أبا جعفر الصيدلاني، وعفيفة، وأبا الفضائل العبدكوي، ومحمود بن أحمد الثقفي، ومسعود بن إسماعيل الجنداني، وأبا القاسم الخوارزمي الخطيب، وأبا الماجد محمد بن حامد المصري، وخلقاً سواهم.

كأنه عدم بإصبهان في هذا العام -رحمه الله-في الكهولة.

روى عنه بالإجازة جماعةٌ من شيوخنا من آخرهم ابن الشيرازي، وابن عساكر الطبيب.

 

عمر بن علي بن مرشد بن علي.

الأديب البليغ، شرف الدين، أبو القاسم، الحموي الأصل، المصري المولد والدار، ابن الشيخ أبي الحسن الفارض.

سيد شعراء العصر، وشيخ الاتحادية.

ولد في رابع ذي القعدة سنة ست وسبعين وخمسمائة بالقاهرة.

وسمع بها من بهاء الدين القاسم بن عساكر شيئاً قليلاً.

وذكره الحافظ زكي الدين عبد العظيم في "معجمه" وقال: سمعت منه من شعره.

وقال في "الوفيات": كان قد جمع في شعره بين الجزالة والحلاوة.

قلت: وديوان شعره مشهورٌ، وهو في غاية الحسن، واللطافة، والبراعة، والبلاغة، لولا ما شانه بالتصريح بالاتحاد الملعون في ألذ عبارة وأرق استعارةٍ كالفالوذج سمه سم الأفاعي، وهاأنا أذكر لك منه أبياتاً لتشهد بصدق دعواي، فإنه قال-تعالى الله عما يقول-: وكـل الـجـهـات الـسِّـتِّ نـحــوي مـــشـــيرةٌبـمـا تـم مــن نـــســـكٍ وحـــجٍّ وعـــمـــرة

لـهـا صـلـواتـي بــالـــمـــقـــام أقـــيمـــهـــاوأشـهـــد فـــيهـــا أنَّـــهـــا لـــي صـــلَّـــت

كـلانــا مـــصـــلٍّ واحـــدٌ ســـاجـــدٌ إلـــىحـقـيقـتـه بـالـجـمـــع فـــي كـــلّ ســـجـــدة

إلـى كـم أواخـي الـسِّـتـر هـا قـد هـتـكــتـــهوحـلُّ أواخـي الـحـجـب فـي عـقـد بـيعـتــي

وهـا أنـا أبـدي فـــي اتِّـــحـــادي مـــبـــدئيوأنـهـي انـتـهـائي فـيتـواضــع رفـــعـــتـــي

فـــإن لـــم يجـــوِّز رؤية اثـــنـــين واحـــداًحـجـاك ولـم يثـبـــت لـــبـــعـــد تـــثـــبُّـــت

فـبـي مـوقـفـي، لا بــل إلـــيَّ تـــوجُّـــهـــيولـكـن صـلاتـي لـي، ومـنِّـي كـعـــبـــتـــي

فـلا تـك مـفـتـونـاً بـحـسِّـــك مـــعـــجـــبـــاًبـنـفـسـك مـوقـوفـاً عـلـــى لـــبـــس غـــرَّة

وفـارق ضـلال الـفـرق فـالـجـمـع مـنــتـــجٌهـــدى فـــرقةٍ بـــالاتّـــحـــاد تــــحـــــــدَّت

وصـرِّح بـإطـلاق الـجـــمـــال ولا تـــقـــلبـــتـــقـــييده مـــيلاً لـــــــزخـــــــرف زينة

فـكـلُّ مـلـيحٍ حـسـنــه مـــن جـــمـــالـــهـــامـعـــارٌ لـــه أو حـــســـن كـــلِّ مـــلـــيحة

بـهـا قـيس لـبـــنـــى هـــام بـــل عـــاشـــقٍكـمـجـــنـــون لـــيلـــى أو كـــثـــيِّر عـــزَّة

ومـــا ذاك إلاَّ أن بـــدت بـــمـــظـــاهــــــرٍفـظُّـنـوا سـواهـا وهـي فـيهـــم تـــجـــلَّـــت

ومـــا زلـــت إيَّاهـــا، وإيَّاي لــــم تـــــــزلولا فـرق بـــل ذاتـــي لـــذاتـــي أحـــبَّـــت

وليس معـي فـي الـمـلـك شـيءٌ سـواي والمـعـيَّة لـم تـخـطـر عـلـــى ألـــمـــعـــيَّتـــي

وهـــا "دحـــيةٌ" وافـــى الأمـــين نـــبـــيَّنـــابـصـورتـه فـــي بـــدء وحـــي الـــنُّـــبـــوَّة

أجـــبـــريل قـــل لـــي كـــــــان إذ بـــــــدالـمـهـدي الـهــدى فـــي صـــورةٍ بـــشـــريَّة

ومنها: ولا تـك مــمّـــن طـــيّشـــتـــه دروســـهبـحـيث اسـتـقـلّـت عـقـلـه فـاسـتـــقـــرّت

فـثـمّ وراء الـنّــقـــل عـــلـــمٌ يدقّ عـــنمـدارك غـايات الـعـقــول الـــسّـــلـــيمة

تـلـقّـيتــه عـــنّـــي ومـــنّـــي أخـــذتـــهونـفـسـي كـانـت مـن عـطـائي مـمـدّتــي

ولا تـك بـالـلاهـي عـن الـلّـهـو جـمـــلةًفـهـزل الـمـلاهـي جـدّ نـفــسٍ مـــجـــدّة

تـنـزّهـت فـي آثـار صـنـعـي مـنـــزّهـــاًعن الشّرك بـالأغـيار جـمـعـي وألـفـتـي

فـبـي مـجـلـس الأذكـار سـمـع مـطـالــعٍولـي حـانة الـخـمّـار عـين طـلـيعــتـــي

ومـا عـقـد الـزنّـار حـكـمــاً ســـوى يديوإن حـلّ بـالإقـرار بـي فـهـي حـــلّـــت

وإن خـرّ لـلأحـجـار فـي الـبـدّ عـاكـــفٌفـلا تـعـد بـالإنـكـار بـــالـــعـــصـــبـــيّة

قـد عـبـد الـدينــار مـــعـــنـــى مـــنـــزهٌعـن الـعـار بـالإشـراك بـــالـــوثـــنـــية

ومـا زاغـت الأبـصـار مــن كـــلّ مـــلّةٍومـا زاغـت الأفـكـار فـي كـلّ نـــحـــلة

وما حار من للـشّـمـس عـن غـرّة صـبـاوإشـراقـهـا مـن نـور إسـفـار غـــرّتـــي

وإن عبد النّار الـمـجـوس ومـا انـطـفـتكـمـا جـاء فـي الأخـبـار فـي ألـف حـجّة

فمـا قـصـدوا غـيري وإن كـان قـصـدهـمسـواي وإن لـم يظـهــروا عـــقـــد نـــيّة

رأوا ضـوء نـوري مـرّةً فــتـــوهـــمـــوه نـاراً فـضـلّـوا فـي الـهـدى بــالأشـــعّة

توفي ابن الفارض في جمادى الأولى، ثاني يوم منه بمصر.وقد جاور بمكة زماناً.

وأنشدنا غير واحد له أنه قال عند الموت هذين البيتين لما انكشف له الغطاء: إن كان منزلتـي فـي الـحـبّ عـنـدكـممـا قـد لـقـيت فـقـد ضـيّعــت أيّامـــي

أمـنـيّةٌ وثـقـت نـفـسـي بـهـا زمـــنـــاًوالـيوم أحـسـبـهـا أضـغــاث أحـــلام

 

عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمويه.

الشيخ شهاب الدين، أبو حفص وأبو عبد الله، القرشي، التيمي، البكري، الصوفي، السهروردي، الزاهد، العارف، شيخ العراق-رضي الله عنه-.

ولد في رجب سنة تسع وثلاثين وخمسمائة بسهرورد.

وقدم بغداد-وهو أمرد-فصحب عمه الشيخ أبا النجيب عبد القاهر، وأخذ عنه التصوف والوعظ. وصحب أيضاً الشيخ عبد القادر. وصحب بالبصرة الشيخ أبا محمد بن عبد.

وسمع من: عمه، وأبي المظفر هبة الله ابن الشبلي، وأبي الفتح بن البطي، ومعمر بن الفاخر، وأبي زرعة المقدسي، وأحمد بن المقرب، وأبي الفتوح الطائي، وسلامة بن أحمد ابن الصدر، ويحيى بن ثابت، وخزيفة ابن الهاطرا، وغيرهم.

و"مشيخته"جزءٌ لطيفٌ اتصل لنا.

روى عنه: ابن الدبيثي، وابن نقطة، والضياء، والبرزالي، وابن النجار، والقوصي، والشرف ابن النابلسي، والظهير محمود بن عبيد الله الزنجاني، والشمس أبو الغنائم بن علان، والتقي ابن الواسطي، والعز أحمد بن إبراهيم الفاروثي الخطيب، والشمس عبد الرحمن ابن الزين، والرشيد محمد بن أبي القاسم، والشهاب الأبرقوهي، وآخرون. وبالإجازة البدر حسن بن الخلال، والكمال أحمد ابن العطار، والفخر إسماعيل ابن عساكر، والشمس محمد بن محمد ابن الشيرازي، والتقي سليمان القاضي، وجماعةٌ.

وكناه بعضهم أبا نصر، وبعضهم أبا القاسم.

قال الدبيثي: قدم بغداد مع عمه أبا النجيب. وكان له في الطريقة قدمٌ ثابتٌ، ولسانٌ ناطق.

وولي عدة ربط للصوفية، ونفذ رسولاً إلى عدة جهات.

وقال ابن النجار: كان أبوه أبو جعفر قد قدم بغداد وتفقه على أسعد الميهني. وكان فقيهاً واعظاً، قال لي ابنه: قتل بسهرورد وعمري ستة أشهر. كان ببلدنا شحنة ظالم فاغتاله جماعةٌ، وادعوا أن أبي أمرهم بذلك، فجاء غلمان المقتول وفتكوا بأبي، فمضى العوام إلى الغلمان فقتلوهم، وثارت الفتنة، فأخذ السلطان أربعة منهم وصلبهم حتى سكنت الفتنة. فكبر قتلهم على عمي أبي النجيب، ولبس القباء وقال: لا أريد التصوف. حتى استرضي من جهة الدولة.

ثم قال ابن النجار في الشيخ شهاب الدين: كان شيخ وقته في علم الحقيقة، وانتهت إليه الرئاسة في تربية المريدين، ودعاء الخلق إلى الله، وتسليك طريق العبادة والزهد. صحب عمه، وسلك طريق الرياضات والمجاهدات. وقرأ الفقه، والخلاف، والعربية، وسمع الحديث، ثم انقطع ولازم الخلوة، وداوم الصوم، والذكر، والعبادة، إلى أن خطر له عند علو سنه أن يظهر للناس ويتكلم عليهم، فعقد مجلس الوعظ بمدرسة عمه على دجلة، فكان يتكلم بكلامٍ مفيد من غير تزويق ولا تنميق. وحضر عنده خلقٌ عظيمٌ. وظهر له قبولٌ عظيمٌ من الخاص والعام، واشتهر اسمه، وقصد من الأقطار، وظهرت بركات أنفاسه على خلقٍ من العصاة فتابوا. ووصل به خلقٌ إلى الله، وصار له أصحابٌ كالنجوم. ونفذ رسولاً إلى الشام مرات، وإلى السلطان خوارزم شاه. ورأى من الجاه والحرمة عند الملوك ما لم يره أحدٌ. ثم رتب شيخاً بالرباط الناصري، وبرباط البسطامي، ورباط المأمونية. ثم إنه أضر في آخر عمره وأقعد. ومع هذا فما أخل بالأوراد، ودوام الذكر وحضور الجمع في محفة، والمضي إلى الحج، إلى أن دخل في عشر المائة، وضعف، فانقطع في منزله.

قال: وكان تام المروءة، كبير النفس، ليس للمال عنده قدرٌ، لقد حصل له ألوفٌ كثيرة، فلم يدخر شيئاً، ومات ولم يخلف كفناً. وكان مليح الخلق والخلق. متواضعاً، كامل الأوصاف الجميلة. قرأت عليه كثيراً وصحبته مدةً، وكان صدوقاً، نبيلاً. صنف في التصوف كتاباً شرح فيه أحوال القوم، وحدث به مراراً-يعني"عوارف المعارف"-.

قال: وأملى في أخر عمره كتاباً في الرد على الفلاسفة، وذكر أنه دخل بغداد بعد وفاة أبي

الوقت المحدث.

وقال ابن نقطة: كان شيخ العراق في وقته، صاحب مجاهدة وإيثارٍ، وطريقةٍ حميدةٍ، ومروءةٍ تامةٍ، وأورادٍ على كبر سنه.

وقال يوسف الدمشقي: سمعت وعظ أبي جعفر-والد السهروردي-ببغداد في جامع القصر، وفي المدرسة النظامية، وتولى قضاء سهرورد، وقتل.

وقال ابن الحاجب: يلتقي هو والإمام أبو الفرج ابن الجوزي في النسب، في القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ابن الصديق أبي بكر- رضي الله عنه-وقال: هو عمر بن محمد بن عبد الله عمويه بن سعد بن الحسين بن القاسم بن النضر.

قلت: وقد ذكرنا نسب ابن الجوزي في ترجمته، أنبأني مسعود بن حمويه: أن قاضي القضاة بدر الدين يوسف السنجاري حكى عن الملك الأشرف موسى أن السهروردي جاءه رسولاً، فقال في بعض حديثه: يا مولانا تطلبت كتاب"الشفاء"لابن سينا من خزائن الكتب ببغداد، وغسلت جميع النسخ. ثم في أثناء الحديث قال: كان السنة ببغداد مرضٌ عظيم وموتٌ. فقلت: كيف لا يكون وأنت قد غسلت"الشفاء"منها.

قلت: وقد لبست الخرقة بالقاهرة من الشيخ ضياء الدين عيسى بن يحيى الأنصاري السبتي وقال: ألبسنيها الشيخ شهاب الدين بمكة في سنة سبعٍ وعشرين وستمائة.

توفي الشيخ في أول ليلة من السنة ببغداد.

 

عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن أبي النصر.

العلامة، أبو حفص، الفرغاني، الحنفي.

مدرس الطائفة الحنفية بالمستنصرية. قدم بغداد واستوطنها. ودرس، واشتغل، وأفتى. وكان مع تفننه بالعلوم صاحب عبادةٍ، وصلاحٍ، ونسكٍ. وله النظم والنثر.

توفي في هذا العام.

وقد درس قبل بسنجار، وحدث عن الحافظ أبي بكر الحازمي، وغيره.

 

عيسى بن سليمان بن عبد الله بن عبد الملك.

أبو موسى، الرعيني، الأندلسي، المالقي، المعروف بالرندي، لأنه نشأ برندة. وقد كنى نفسه

أخيراً: أبا محمد.

سمع ببلده من أبي محمد ابن القرطبي، وأبي العباس ابن الجيار، وبحصن اصطبة من إبراهيم بن علي الخولاني. وحج وتوسع في الرحلة، وقدم دمشق وسمع بها الكثير من أبي محمد ابن البن، والموجودين على رأس العشرين وستمائة.

قال الأبار: كان ضابطاً، متقناً. كتب الكثير لكنه امتحن في صدره بأسر العدو فذهب أكثر ما جلب. وولي خطابة مالقة. وأجاز لي. وتوفي في ربيع الأول، وله إحدى وخمسون سنةً.

وقال ابن الحاجب: ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وكان محدثاً، حافظاً، متقناً، أديباً، نبيلاً، ساكناً، وقوراً، نزهاً، وافر العقل، ثقةً، محتاطاً في نقله، يفتش عن المشكل. سألت عنه الحافظ الضياء، فقال: خيرٌ عالمٌ متيقظٌ، ما في طلبة زمانه مثله. وسألت الزكي البرزالي عنه، فقال: ثقةٌ، ثبتٌ، محصلٌ، حدثنا من حفظه أنه قرأ على الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن علي، أخبرنا أبو مروان عبد الرحمن بن محمد بن قزمان، حدثنا محمد بن فرج الطلاع، فذكر حديثاً من"الموطأ".

قلت: مات ابن قزمان سنة أربعٍ وستين وخمسمائة، وإبراهيم سنة ست عشرة.

 

عيسى بن سنجر بن بهرام بن خمارتكين.

حسام الدين، الإربلي، الجندي، الشاعر المفلق، المعروف بالحاجري.

وديوانه مشهورٌ.

حبس مرةً بقلعة إربل، ثم خلص، ولبس زي الصوفية، واتصل بخدمة صاحب إربل. ثم وثب عليه شخصٌ قتله في شوال، وله خمسون سنة.

وغلب عليه الحاجري لكثرة ذكره الحاجر في شعره.

وكان ذا نوادر، ومفاكهة، ونحوه قليلٌ، لكن شعره في الذروة.

 

حرف الغين

غانم بن علي بن إبراهيم بن عساكر بن حسين.

الشيخ، القدوة، الزاهد، أبو علي، الأنصاري، السعدي، المقدسي، النابلسي.

أحد مشايخ الطرق. ولد بقرية بورين من عمل نابلس سنة اثنتين وستين وخمسمائة. وسكن القدس عام أنقذه السلطان من الفرنج سنة ثلاثٍ وثمانين، وساح بالشام، ورأى الصالحين. وكان

زاهداً، عابداً، مخبتاً، قانتاً لله، مؤثراً للخمول والانقباض، صاحب أحوالٍ وكراماتٍ.

حكى ابنه الشيخ عبد الله: أن أباه أخبره أن رجلاً من الصديقيين اجتمع به ساعة قال: فلما وقعت يدي في يده انتزعت الدنيا من قلبي، ولما نهضت قال لي: "وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى". فجعلت هذه الآية قدوتي إلى الله، وسلكت بها في طريقي، وجعلتها نصب عيني لكل شيءٍ قالته لي نفسي. فإن قالت لي: كل، أجوع، وإن قالت: نم، سهرت، وإن قالت: استرح، أتعبتها.

قال ابنه عبد الله: انقطع - رحمه الله - تحت الصخرة في الأقباء السليمانية سنة ستين، وصحب الشيخ عبد الله الأرموي بقية عمره وعاشا جميعاً مصطحبين.

قال: وحج ثلاث مرات محرماً من القدس، فقال: رجعت من الحج وأنا مريض لا أستطيع الكلام، فانطرحت في البرية، فجاءني مغربيٌ فسلم، فأومأت له، فقال: قم. فأقامني وجعل يده تحت جناحي، ثم سار بي يحدثني بما أنا فيه وبما يكون مني، لا أشك أني سائر في الهواء غير أني قريبٌ من الأرض مقدار ساعةٍ، ثم قال: اجلس ونم فنمت ونام معي فاستيقظت، فلم أجده، ووجدت نفسي قريباً من الشام وأنا طيبٌ، ولم أحتج بعد ذلك إلى طعامٍ ولا شرابٍ حتى دخلت بيت المقدس.

ثم أخذ ولده عبد الله يصف توكله وفناءه ومحبته ورضاه ومقاماته، وأن أخلاقه كريمةٌ وهيبته عظيمةٌ، وأنه بقي عشرين سنة بقميصٍ واحد وطاقيةٍ على رأسه، ثم سأله الفقراء أن يلبس جبةً، فلبس، وأنه ما لقي أحداً إلا ابتسم له.

قال: ورأيت ابن شير المغربي، وحج سنةً، ثم قدم وحضر عند الفقراء، فقال: كيف كان وصول الشيخ؟ قالوا: الشيخ ما حج. فقال: والله لقد سلمت عليه على الجبل وصافحته، ثم أتى إليه وسلم عليه، وقال: يا شيخ غانم أما سلمت عليك بالجبل؟ فتبسم وقال: يا شمس الدين هذا يكون بحسن نظرك والسكوت أصلح.

وحكى الشيخ القدوة إبراهيم بن عبد الله الأرموي قال: حضرت مع والدي سماعاً حضره الشيخ غانم والشيخ طيٌ والشيخ عليٌ الحريري، فلما تكلم الحادي حصل للشيخ غانم حالٌ، فحملني وقام بي، ودار مراراً، فنظرت، فإذا بي في غير ذلك الموضع، ورأيت بلاداً عجيبةً، وأشجاراً غير المعهودة، وناساً موشحين بوزراتٍ، حتى رأيت شخصاً خارجاً من باب حديقةٍ

وهو يسوق بقرةً، فهالني ذلك. فلما جلس بي الشيخ، قال له الشيخ طيٌ أو غيره: أيش كانت وظيفة ولد الشيخ عليك في هذه القومة؟ فلم ينطق. فقال والدي: الشيخ عبد الله فرج ولدي في إقليم الهند وجاء، فسكت الشيخ غانم. هذه الحكاية يرويها قاضي القضاة أبو العباس بن صصرى، والشيخ علاء الدين علي ابن شيخنا شمس الدين محمد سبط الشيخ غانم.

وقد أفرد سيرة الشيخ غانم في "جزء" مليحٍ حفيد شيخنا شمس الدين المذكور المولى الأمام أبو عبد الله محمد ابن الشيخ علاء الدين - أبقاهما الله ورحمهما- وقال: توفي في غرة شعبان سنة اثنتين وثلاثين، ودفن في الحضرة التي بها صاحبه ورفيقه الشيخ عبد الله الأرموي بسفح قاسيون.

 

حرف الميم

محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الملك.

أبو عبد الله، ابن مشليون، الأنصاري، الفقيه الأندلسي.

روى عن أبي بكر بن نمارة، وغيره.

أخذ عنه الأبار وقال: توفي في ربيع الأول، وله تسعون سنة.

 

محمد بن أحمد بن محمد بن علي.

أبو عبد الله، القادسي، الكتبي، صاحب "التاريخ".

حدث عن عبيد الله بن شاتيل الدباس، وغيره.

وكان رجلاً فاضلاً، ذا اعتناء بالتواريخ والحوادث.

أجاز لتاج الدين إسماعيل بن إبراهيم بن قريش المخزومي، ولفاطمة بنت سليمان الأنصاري، وجماعةٍ.

وتوفي في التاسع عشر من جمادى الآخرة ببغداد.

وهو منسوبٌ إلى القادسية التي بين سامراء وبغداد، لا قادسية الكوفة التي كانت بها الوقعة المشهورة.

وقد ذكرنا والده من سنواتٍ.

 

ابن القاضي أبي محمد جامع بن عبد الباقي بن عبد الله بن علي، علاء الدين.

أبو المعالي، التميمي، الأندلسي، ثم الدمشقي.

سمعه أبوه من: بركاتٍ الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، والقاسم بن عساكر، وعمر بن طبرزد، وجماعةٍ. وبمصر من عبد الله بن محمد بن مجلي، وجماعة. وبحران من عبد القادر الرهاوي الحافظ. وبحماة، وحلب.

وحدث.

ووالده:

جامع بن باقي من أصحاب السلفي.

روى عنه ابن خليل في "معجمه" وغيره.

روى عن محمد زكي الدين البرزالي، ومجد الدين ابن الحلوانية.

وتوفي في ذي الحجة بدمشق.

 

محمد بن جعفر بن أحمد، أبو عبد الرحمن.

المخزومي، الشقري.

سمع أباه، وحج، فأخذ عن العلامة أبي محمد عبد الحق الإشبيلي نزيل بجاية كتاب "التهجد" له.

ولم يكن له معرفةٌ بالحديث، بل له حظ مبرور من منظوم ومنثور.

وتوفي في شوال.

 

محمد بن حسن بن محمد.

أبو عبد الله، الأنصاري. من أهل قرطاجنة عمل مرسية.

روى عن: خاله أبي الحسن بن أبي العافية، وأبي بكر بن أبي جمرة.

وولي قضاء موضعه أربعين سنة. وكان له حظٌ من الفقه والأدب.

توفي في شوال، وله ثمان وسبعون سنة.

 

محمد بن دلف بن كرم بن فارس.

أبو الكرم، العكبري، القصار.

ولد سنة إحدى وستين.

وسمعه أبوه من: عبد الله بن أحمد ابن النرسي، ويحيى بن ثابت، ومسلم بن ثابت ابن النخاس.

وحدث، ومات في صفر.

 

محمد بن أبي غالب زهير بن محمد.

وجيه الدين، الأصبهاني، الزاهد، يعرف بشعرانة.

سمع"صحيح" البخاري من أبي الوقت بإصبهان.

وطال عمره. وحدث مدةً. وأجاز في سنة ثلاثين وسنة إحدى وثلاثين لأهل الشام.

وكان شيخاً صالحاً، عابداً.

أجاز لمحمد بن أبي العز بن مشرف، وإبراهيم بن علي بن الحبوبي، وفاطمة بنت سليمان، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، وللقاضي تقي الدين سليمان، وجماعةٍ.

وحدث عنه القاضي كتابةً ب"صحيح"البخاري.

 

محمد بن عبد الواحد بن أبي سعد.

أبو عبد الله المديني، الشافعي، الواعظ.

ولد في ذي الحجة سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة بمدينة جي.

وسمع من: أبي القاسم إسماعيل بن علي الحمامي، وأبي الوقت السجزي، وأبي الخير محمد بن أحمد الباغبان، وغيرهم.

روى عنه الضياء المقدسي، وابن النجار.

وسمعنا بإجازته على الشرف أحمد بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والأمين أحمد بن رسلان، والقاضي تقي الدين سليمان، وغيرهم.

قال ابن النجار: هو واعظٌ، مفتٍ، شافعيٌ. له معرفةٌ بالحديث وله قبولٌ عند أهل بلده.وحدثني عن أبي الوقت بجزء بيبى، وفيه ضعف.وبلغنا أنه قتل بإصبهان شهيداً على يد التتار في أواخر رمضان سنة اثنتين.

قلت: أخذت التتار إصبهان في هذا العام، وسلمت منهم إلى هذا الوقت وقتلوا بها خلقاً لا يحصون.

 

محمد بن عبد الرشيد بن محمد بن عبد الرشيد بن ناصر.

أبو الفضل، الإصبهاني.

من بيت العلم، والزهد.

وولد سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة.

وسمع من أحمد بن ينال الترك. وصحب الصوفية. وكان يعظ في القرى.

كتب عنه ابن النجار، وغيره.

وقال ابن النجار بلغنا أنه قتل بإصبهان في شوال.

قلت: هذا لم أره فيمن أجاز للقاضي تقي الدين.

 

محمد بن عماد بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن أبي يعلى.

أبو عبد الله، الجزري، الحراني، الحنبلي، التاجر.

ولد بحران يوم الأضحى سنة اثنين وأربعين وخمسمائة.

وقدم ديار مصر وهو مراهقٌ، فسمع "الخلعيات" من عبد الله بن رفاعة الفرضي. وسمع بالإسكندري من السلفي. وببغداد من: أبي الفتح ابن البطي، ويحيى بن ثابت، وأبي حنيفة محمد بن عبيد الله الخطيبي، وأبي محمد ابن الخشاب، وعبد الله بن منصور الموصلي، وسعد الله ابن الدجاجي، وأبي بكر بن النقور، وشهدة، وأحمد بن المقرب، والأبله الشاعر، وغيرهم.

وروى بالإجازة عن هبة الله بن أبي شريك، وأبي القاسم ابن البناء، وأبي الوقت.

وسمع بمصر أيضاً من علي بن نصر الأرتاحي، عن أبي علي بن نبهان.

روى عنه: ابن النجار، والزكي المنذري، ومحمد بن عبد الخالق بن طرخان الكندي، وعطية بن ماجد، وعلي بن عبد الله المنبجي، وجمال الدين محمد بن أحمد الشريشي الفقيه، وعبد المنعم ابن النجيب عبد اللطيف الحراني، وأبي محمد بن غلام الله ابن الشمعة، والتاج عبد الغني الجذامي، ومحمد بن عثمان الإربلي، وأبو العز بن محاسن، وكافور الصواف، وطائفةٌ.

وحدثنا عنه محمد بن الحسين الفوي، وعلي بن أحمد العلوي، ويحيى بن أحمد الصواف، وآخر من روى عنه هو بالسماع، والقاضي تقي الدين سليمان بالإجازة.

وكان ثقةً، صدوقاً، صالحاً.

ذكره عمر ابن الحاجب فقال: شيخٌ عالمٌ، فقيهٌ، صالحٌ، كثير المحفوظ، ثقةً، حسن الإنصات، كثير السماع. سمع الكثير بإفادة خاله. وأصوله بأيدي المحدثين، وطال عمره. وسكن الإسكندرية، ورحل إليه. وتوفي في عاشر صفر بالإسكندرية.

 

محمد بن غسان بن غافل بن نجاد بن غسان بن غافل بن نجاد بن ثامر الحنفي، الأمير،

الأنصاري.

الخزرجي، الحمصي، سيف الدولة، أبو عبد الله.

ولد بحمص في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.

وقدم دمشق-وهو صبي-فسمع من الصائن هبة الله، والحافظ علي ابني الحسن بن هبة الله، وأبي المظفر سعيد بن سهل الفلكي، وأبي المكارم عبد الله بن هلال، وعلي بن أحمد الحرستاني، وعبد الخالق بن أسد الحنفي، وغيرهم.

روى عنه: الضياء، ابن خليل، والجمال ابن الصابوني، وسعد الخير النابلسي، وأخوه نصرٌ، وعلي بن عثمان اللمتوني، وسليمان بن داود بن كسا، والمؤيد علي بن إبراهيم الكاتب، والشرف أحمد بن عساكر، وأحمد بن عبد الرحمن المنقذي، ومحمد بن حازم، والعز أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطي، وآخرون. وآخر من روى عنه حضوراً البهاء قاسم بن عساكر.

وكان يعيش من ملكه، ويواظب على الصلاة في جماعة.

توفي في ثالث عشر شعبان.

 

محمود بن إبراهيم بن سفيان بن إبراهيم بن عبد الوهاب ابن الحافظ أبي عبد الله محمد بن

إسحاق بن مندة.

أبو الوفاء، العبدي، الإصبهاني.

من بيت الحديث والرواية، حدث من بيته طائفةٌ كبيرةٌ. وسمع من: أبي رشيد أحمد بن محمد الفيج، ومسعود بن الحسن الثقفي، وأبي الخير محمد بن أحمد الباغبان، والحسن الثقفي، وأبي الخير محمد بن أحمد الباغبان، والحسن بن العباس الرستمي، وعبد المنعم بن محمد بن سعدويه، وجماعة.

قال ابن النجار: سمع كتاب"المحتضرين"لابن أبي الدنيا، وكتاب"حلم معاوية"،وكتاب"الرقة والبكاء"، وكتاب"الموت"، وكتاب"التهجد"، لابن أبي الدنيا، وكتاب"الإيمان"لابن مندة في مجلدة، سمعه من الرستمي، عن عبد الوهاب بن مندة، عن أبيه. فأما"التهجد"فسمعه من مسعود الثقفي.

وأما"الرقة"و"المحتضرين"فسمعه من أبي الخير الباغبان. وأما"ذكر الموت"و"حلم معاوية"فسمعه من أبي عبد الله الرستمي بسندهم.

روى عنه: ابن النجار، والضياء، وعبد الصمد بن أبي الجيش، والكمال عبد الرحمن المكبر شيخ المستنصرية، وآخرون. وبالإجازة القاضيان شهاب الدين ابن الخويي، وتقي الدين

سليمان، والشرف ابن عساكر، وأبو الحسين علي ابن اليونيني، والعماد إسماعيل ابن الطبال، وإبراهيم بن علي ابن الحبوبي، وفاطمة بنت سليمان، والشيخ علي بن هارون القارىء، ومحمد بن مشرف، والأمين أحمد بن أبي بكر ابن البعلبكي، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، ومحمد بن يوسف الذهبي، وعزية بنت محمد الكفر بطنانية، وغيرهم.

وكان مولده في سنة خمسين أو اثنتين وخمسين وخمسمائة، وسمع الكثير، فمن ذلك، قال: من مسموعاتي كتب"معرفة الصحابة"للإمام أبي عبد الله جدي، سمعته من أبي الخير الباغبان سنة ست وخمسين وخمسمائة.

قلت: وأكثر سماعاته وهو في الخامسة، فإنه كتب: وولادتي في سنة اثنتين وخمسين.

وعدم في أخذ إصبهان هو، ومحمد بن عبد الواحد المديني-وقد مر-، ومحمد بن زهير شعرانة-وقد مر-.

 

وأبو بكر بن أحمد بن محمد ابن الحافظ أبي حامد بن كوتاه.

الإصبهاني صاحب أحمد بن ينال.

 

وأبو الفتوح محمد بن محمد بن أبي المعالي الوثابي الإصبهاني.

الراوي"مسند"الشافعي عن رجاء بن حامد المعداني، عن مكي السلار.

وسمع من جده أبي المعالي كتاب "الذكر" لابن أبي الدنيا، بسماعه من طراد الزينبي، وسمع "جامع" الترمذي من شاكر الأسواري: أخبرنا أبو الفتح الحداد، أخبرنا إسماعيل بن ينال،إجازة، أخبرنا ابن محبوب، أخبرنا الترمذي.

وكان مولد في سنة أربعٍ وخمسين.

 

وابنه أبو علي محمد بن محمد.

وله سماعات كثيرة من عين الشمس الثقفية، وطبقتها.

 

ومحمد بن أبي سعيد بن أبي الرجاء بدر بن أبي الفتح الراراني.

أبو عبد الله.

سمع شيئاً كثيراً بعد الستين وخمسمائة.

 

والفقيه الحافظ المحدث ظهير الدين أبو محمد عبد الأعلى ابن العلامة عبد الله محمد بن

أبي القاسم ابن القطان الرستمي الإصبهاني.

مكثرٌ عن الترك وأبي موسى المديني، وبنيمان بن أبي الفوارس، وأبي رشيد إسماعيل بن غانم.

وسمع حضوراً"مسند"الشافعي من أبي بكر محمد بن أحمد بن ماشاذة.

و"معجمه"ذكر أنه خمسمائة وخمسون نفساً. وقد ذكر أنه سمع كتباً كباراً ك"دلائل النبوة"، و"حلية الأولياء"لأبي نعيم، و"معالم السنن"للخطابي، وغير ذلك.

وولد سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة.

 

والزاهد صائن الدين أبو القاسم جامع بن إسماعيل بن غانم الإصبهاني المقرىء الصوفي

المعروف بيالة.

راوي"جزء"لوين، عن أبي بكر محمد بن أبي القاسم بن محمد الصالحاني.

 

والشيخ عماد الدين أبو العباس أحمد بن أحمد بن عبد الغفار ابن أميركا.

الذين يروي عن أبي جعفر محمد بن الحسن الصيدلاني.

 

والشيخ جمال الدين أبو محمد أسعد بن أحمد بن محمد بن معدان الإصبهاني السمسار.

الذي يروي عن القاسم بن الفضل الصيدلاني.

 

وأبو عبد الله محمد ابن النجيب أحمد بن نصر بن طاهر الإصبهاني.

الذي يروي عن إسماعيل بن غانم.

 

وابن عمه محمد بن سعيد بن أحمد بن أبي طاهر الأسواري.

وأحسبه ابن عم محمد-الذي قبله.

يروي أيضاً إسماعيل بن غانم.

 

والإمام أبو نجيح محمد بن معاوية بن محمد بن أحمد الإصبهاني المقرىء.

مقرىء أهل إصبهان.

له روايةٌ عن الحافظ أبي موسى المديني.

 

وأبو إسحاق إبراهيم بن إبراهيم الإصبهاني، المقرىء، المستملي.

سمع أحمد بن ينال الترك. وكان شيخاً صالحاً.

 

والمحدث الواعظ أبو الماجد محمد بن صالح بن أحمد ابن المصلح أبي عبد الله بن أحمد

بن علي الإصبهاني، الحنبلي.

سمع من جد أبيه المصلح جميع"الحلية": أخبرنا الحداد، أخبرنا المصنف أبو نعيمٍ.

وسمع"صحيح"مسلم من جده.

 

والإمام المحدث أبو حفص عمر بن أحمد بن أحمد بن أبي سعد الإصبهاني، المستملي

شعرانة، الشيخ السلفي.

سمع وخرج وكتب الكثير وصنف ورتب"مسند"الإمام أحمد على أبواب الفقه والأحكام. وصنف كتاباً آخر في ثمان مجلداتٍ سماه"روضة المذكرين وبهجة المحدثين". وسمع عن أبي جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني، وأبي الفضائل العبد كوي، ومحمد بن أحمد الثقفي، وطبقتهم.

وقد تفرد القاضي تقي الدين سليمان بالراوية بحكم الإجازة المحققة عن هؤلاء المذكورين، وعن خلق سواهم أذنوا له ولغيره في الرواية، وكاتبوه من إصبهان. واستشهد سائرهم بسيف التتار الكفرة في هذا العام. ومن سلم منهم أضمرته البلاد وانقطع خبره. فسبحان وارث الأرض ومن عليها ومعيد من خلق منه إليها.

ولقد كانت إصبهان تكاد أن تضاهي بغداد في علو الإسناد في زمان أبي محمد بن فارس، والطبراني، وأبي الشيخ. ثم كان بعدهم طبقةٌ أخرى في العلو وهم: أبو بكر ابن المقرىء، وغيره. ثم طبقة أبي عبد الله بن مندة العبدي، وأبي إسحاق بن خرشند قوله، وأبي جعفر ابن المرزبان الأبهري، ثم طبقة أبي بكر بن مردويه، وأبي نعيم. ثم طبقة ابن ريذدة، وأبي طاهر بن عبد الرحيم، ورواة أبي الشيخ. ثم طبقة أصحاب ابن المقرىء. ثم أصحاب ابن مندة. ثم طبقة من بعدهم هكذا إلى أن سلط الله عليهم بذنوبهم العدو الكافر ليكفر عنهم ويعوضهم بالآخرة الباقية. فنسأل الله العفو والعافية.

وأبو الوفاء محمود ابن منده، هو آخر من روى الحديث-فيما علمت-من أهل بيته، وكان يلقب بجمال الدين.

 

محمود بن عبد الله بن محمد بن يوسف.

أبو الثناء، المغربي الأصل.

الرومي المولد، المصري الدار المؤذن، الحنفي، ابن الملثم، المعروف بالعجمي.

قدم مصر في حدود السبعين وخمسمائة.

وسمع من: علي بن هبة الله الكاملي، وهبة الله بن علي الأنصاري، وجماعة.

وأجاز له السلفي.

وحصل أصولاً، وكتباً كثيرة، وأنفق على المحدثين جملةً.

روى عنه الزكي المنذري، وعمر ابن الحاجب ووصفه بالصلاح.

مولده بأقصرا سنة خمس وأربعين وخمسمائة.

ومات في خامس ربيع الأول.

وقد أذن للسلطان مدةً طويلةً.

 

محمود بن علي بن محمود بن قرقين، الأمير الفاضل.

شمس الدين، أبو الثناء الجندي المقرىء.

ولد بدمشق سنة أربعٍ وستين وخمسمائة.

وسمع من أبي سعد من أبي عصرون.

وسكن بعلبك واختص بملكها الملك الأمجد.

وكان أديباً، منشئاً، شاعراً، يرجع إلى ديانةٍ وخيرٍ.

روى عنه: تاج الدين محمد بن أبي عصرون، ومجد الدين ابن العديم، ومحمد بن يوسف الذهبي، وقبلهم البرزالي.

وكانت وفاته في شوال بمدينة بصرى.

 

المهذب بن الحسين بن أبي غانم محمد بن الحسين بن الحسن بن زينة.

أبو غانم، الإصبهاني، الحافظ.

ولد في حدود السبعين وخمسمائة.

وسمع من: أبي الفتح الخرقي، وأحمد بن ينال الترك، وأبي موسى الحافظ، ووالده أبي ثابت، وطبقتهم.وأكثر عن أصحاب أبي علي الحداد كأبي جعفر الطرسوسي، وغيره.

وسمع منه الزكي البرزالي، وغيره.

قال ابن نقطة: دخلت إصبهان وهو بقرية، فلم يقدر لي لقيه، وهو حافظٌ، ثقةٌ، وقيد زينة بالكسر.

ولا أدري متى مات، لكنه أجاز للقاضي تقي الدين سليمان في سنة ثلاثين وستمائة.

 

مهلهل بن عبد الله بن مهلهل.

أبو السعادات، القطيعي.

سمع من أبي المكارم المبارك بن محمد البادرائي. وحدث.

توفي في منتصف جمادى الآخرة.

 

حرف النون

ناصر بن سعد بن رشيد.

أبو محمد، العراقي، الحربوي، الكاتب المجود.

تنقل في الخدم. وكتب بين يدي الوزير ابن الناقد.

 

حرف الواو

وائلة بن بقاء بن أبي نصر بن عبد السلام.

أبو الحسن البغدادي، الحريمي، الملاح، المعروف بابن كراز.

سمع من أبي علي أحمد ابن الرحبي رابع"المحامليات".

كتب عنه عبد اللطيف بن بورنداز، وعمر ابن الحاجب، والطلبة.

وروى عنه التقي ابن الواسطي، والشمس ابن الزين، والشهاب الأبرقوهي.وبالإجازة الفخر بن عساكر، وغيره.

وتوفي في السابع والعشرين من رجب. وكان صالحاً، خيراً.

أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي، أخبرنا وائلة بن كراز بقراءة ابن نقطة الحافظ، أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد"ح"وأخبرنا أبو المعالي، أخبرنا نصر بن عبد الرزاق الفقيه"ح"وأخبرنا أحمد ابن العماد، ومحمد بن بطيخ، وعبد الحميد بن خولان، وأحمد بن مؤمن، قالوا: أخبرنا عبد الرحمن بن نجم الواعظ"ح". وأخبرتنا خديجة بنت عبد الرحمن، أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم حضوراً في الرابعة، قالوا: أخبرتنا شهدة الكاتبة. قالا: أخبرنا الحسين بن طلحة"ح". وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا محمد بن هبة الله بن عبد العزيز، أخبرنا عمي محمد بن العزيز الدينوري، أخبرنا عاصم بن الحسن، قالا: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد، حدثنا الحسين بن إسماعيل القاضي، حدثنا القاسم بن محمد المروزي، حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن مطرفٍ، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد، جافى بطنه عن فخذيه.

حرف الياء

يحيى بن إبراهيم بن عبد الأعلى.

أبو الفتح، الواسطي، الخطيب.

حدث عن هبة الله بن نصر الله بن الجلخت.

وتوفي في صفر.

 

يحيى بن مظفر بن موسى.

الإمام، أبو زكريا، الهاشمي، الواسطي. المعروف بابن الصابوني، الواعظ، الفقيه، الشاعر.

سمع الحديث، وقال الشعر.

 

يوسف بن رافع بن تميم بن عتبة بن محمد بن عتاب.

قاضي القضاة، بهاء الدين، أبو المحاسن وأبو العز، الأسدي، الحلبي الأصل، الموصلي المولد والمنشأ، الشافعي، الفقيه، المعروف بابن شداد.

ولد في رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.

وحفظ القرآن. ولزم أبا بكر يحيى بن سعدون القرطبي فقرأ عليه القراءآت والعربية، وسمع منه ومن أسعد حفدة العطاري، وابن ياسر الجياني، وأبي الفضل خطيب الموصل، وأخيه عبد الرحمن بن أحمد، والقاضي أبي الرضا سعيد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري، وأبي البركات عبد الله بن الخضر ابن الشيرجي الفقيه، ويحيى الثقفي. وببغداد من شهدة الكاتبة، وأبي الخير أحمد بن إسماعيل القزويني.

وتفقه، وتفنن، وبرع في العلم.

وحدث بمصر، ودمشق، وحلب.

روى عنه: أبو عبد الله الفاسي المقرىء، والزكي المنذري، والكمال العديمي، وابنه المجد، والجمال ابن الصابوني، والشهاب القوصي، ونصر الله وسعد الخير ابنا النابلسي، والشهاب الأبرقوهي، وأبو صادق محمد بن الرشيد العطار، وسنقر القضائي، وجماعةٌ. وبالإجازة قاضي القضاة تقي الدين سليمان، وأبو نصر محمد بن محمد ابن الشيرازي، وجماعةٌ.

وكان-كما قال عمر ابن الحاجب-: ثقةً، حجةً، عارفاً بأمور الدين، اشتهر اسمه، وسار ذكره.

وكان ذا صلاح ٍوعبادةٍ . وكان في زمانه كالقاضي أبي يوسف في زمانه. دبر أمور الملك

بحلب، واجتمعت الألسن على مدحه. وأنشأ دار حديثٍ بحلب. وصنف كتاب"دلائل الأحكام"في أربع مجلدات.

وحكى القاضي ابن خلكان، أن بعض أصحابه حدثه قال: سمعت القاضي بهاء الدين يقول: كنا في النظامية فاتفق أربعةٌ من فقهائها أو خمسةٌ على شرب البلاذر، واشتروا قدراً-قال لهم الطبيب-واستعملوه في مكانٍ، فجنوا، ونفروا إلى بعد أيامٍ وإذا واحدٌ منهم قد جاء إلى المدرسة عرياناً بادي العورة، وعليه بقيار كبيرٍ بعذبة إلى كعبه، وهو ساكتٌ مصممٌ، فقام إليه فقيهٌ، وسأله عن الحال، فقال: اجتمعنا وشربنا البلاذر فجن أصحابي وسلمت أنا وحدي، وصار يظهر العقل العظيم، وهم يضحكون وهو لا يدري.

وقال القاضي شمس الدين ابن خلكان: انحدر إلى بغداد ، وأعاد بها، ثم مضى إلى الموصل، فدرس بالمدرسة التي أنشأها القاضي كمال الدين ابن الشهرزوري. وانتفع به جماعةٌ. ثم حج سنة ثلاثٍ وثمانين وزار الشام، فاستحضره السلطان صلاح الدين، وأكرمه، وسأله عن جزء حديث ليسمع منه، فأخرج له"جزءاً"فيه أذكار من"البخاري"فقرأه عليه بنفسه. ثم جمع كتاباً مجلداً في فضائل الجهاد وقدمه للسلطان، ولازمه فولاه قضاء العسكر المنصور وقضاء القدس. وكان حاضراً موت صلاح الدين. ثم خدم بعده ولده الملك الظاهر، فولاه قضاء مملكته، ونظر أوقافها سنة نيفٍ وتسعين. ولم يرزق ولداً، ولا كان له أقارب. وتفق أن الملك الظاهر أقطعه إقطاعاً يحصل له منها جملةٌ كثيرةٌ، فتصمد له مالٌ كثيرٌ، فعمر منه مدرسةً سنة إحدى وستمائة، ثم عمر في جوارها دار حديث وبينهما تربة له. قصده الطلبة واشتغلوا عليه للعلم والدنيا. وصار المشار إليه في تدبير الدولة بحلب إلى أن كبر، واستولت عليه البرودات والضعف، فكان يتمثل بهذا: مـن يتـمـنّ الـعـمـر فـلــيدّرعصـبـراً عـلـى فـقـد أحـبـابــه

ومن يعـمّـر يلـق فـي نـفـسـهمـــا يتـــمـــنّـــاه لأعـــــدائه

وقال شيخنا ابن الظاهري: ابن شداد هو جد قاضي القضاة بهاء الدين هذا لأمه، فنسب إليه.

وقال الأبرقوهي: قدم مصر رسولاً غير مرة آخرها القدمة التي سمعت منه فيها.

وقال ابن خلكان: كان يكنى أولاً أبا العز فغيرها بأبي المحاسن.

وقال: قال في بعض تواليفه: أول من أخذت عنه شيخي صائن الدين القرطبي، فإني لازمت

الراءة عليه إحدى عشرة سنةً، وقرأت عليه معظم ما رواه من كتب القراءآت، والحديث وشروحه، والتفسير، وكتب لي خطه بأنه ما قرأ عليه أحدٌ أكثر مما قرأت عليه.

إلى أن قال: ومن شيوخي سراج الدين محمد بن علي الجياني قرأت عليه"صحيح"مسلم كله بالموصل، و"الوسيط" للواحدي، وأجاز له سنة تسعٍ وخمسين.ومنهم: فخر الدين أبو الرضا أسعد ابن الشهرزوري سمعت عليه "مسند" أبي يعلى، و"مسند" الشافعي، و"سنن"أبي داود، و"جامع" الترمذي. وسمعت من جماعة، منهم: شهدة ببغداد.

قال ابن خلكان: أعاد بالنظامية ببغداد في حدود السبعين. وحج سنة ثلاثٍ وثمانين. وقدم زائراً بيت المقدس، فبالغ في إكرامه صلاح الدين، فصنف له مصنفاً في الجهاد وفضله. وكان شيخنا وأخذت عنه كثيراً. وكتب صاحب إربل في حقي وحق أخي كتاباً إليه يقول: أنت تعلم ما يلزم من أمر هذين الوالدين وأنهما ولدا أخي، وولدا أخيك، ولا حاجة مع هذا إلى تأكيدٍ. فتفضل القاضي وتلقانا بالقبول والإكرام وأحسن حسب الإمكان، وكان بيده حل الأمور وعقدها، ولم يكن لأحد معه كلامٌ. ولا يعمل الطواشي شهاب الدين طغريل شيئاً إلا بمشورته، وكان للفقهاء به حرمةٌ تامةٌ وافرةٌ، وطال عمره. وأثر الهرم فيه حتى صار كالفرخ وضعفت حركته. ثم طول ترجمته وهي ثمان ورقات منها،قال: وكان القاضي يسلك طريق البغاددة في أوضاعهم، ويلبس زيهم، والرؤساء ينزلون عن دوابهم إليه على قدر أقدارهم. ثم سار إلى مصر لإحضار ابنة الكامل لزوجها العزيز، فقدم وقد استقل العزيز بنفسه ورفعوا عنه الحجر ونزل طغرل إلى البلد. واستولى على العزيز جماعة شبابٍ يعاشرونه فاشتغل بهم، ولم ير القاضي وجهاً يرتضيه، فلازم داره إلى أن مات وهو باقٍ على القضاء. ولم يبق له حديثٌ في الدولة، فصار يفتح بابه لإسماع الحديث كل يوم، وظهر عليه الخرف بحيث أنه صار إذا جاءه إنسان، لا يعرفه، وإذا عاد إليه، لا يعرفه، ويسأل عنه، واستمر على هذا الحال مديدةً. ثم مرض أياماً قلائل، ومات يوم الأربعاء رابع عشر صفر بحلب. وقد صنف كتاب"ملجأ الحكام"في مجلدين، وكتاب"سيرة صلاح الدين"فجودها.

 

يوسف ابن الوزير الجليل أبي محمد عبد الله ابن القاضي أبي الحسن علي بن الحسين

الشيبي.

الدميري، المصري، الوزير العالم تاج الدين، أبو إسحاق، المعروف بابن شكر.

ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بمصر.

وتفقه، وبرع، وقرأ الأدب، ودرس بمدرسة الصاحب والده. وأخذ بدمشق عن تاج الدين أبي اليمن الكندي. وناب عن والده بالشام ومصر مدةً. وولي وزارة الجزيرة وديار بكرٍ مدة.

توفي في حادي عشر رجب بحران.

روى عنه القوصي في"معجمه"شعراً.

 

الكنى

أبو بكر بن أبي زكري الكردي.

الأمير الكبير، سيف الدين، من كبار الدولة الكاملية. وله مواقف مشهودةٌ.

ذكره المنذري في"الوفيات"فقال: توفي ليلة ثالث عشر محرم ودفن قريباً من قبر ذي النون المصري-رضي الله عنه-. قال: وكان شجاعاً، وكريماً، عزيز النفس، عالي الهمة. وهو أحد الأمراء المشهورين.

 

وفيها ولد

المفتي علاء الدين علي بن محمد بن خطاب الباجي الشافعي بدمشق.

والفقيه عماد الدين عبد الرحمن بن محمد بن علي المكي.

ونجم الدين عمر بن أبي القاسم بن أبي الطيب، الوكيل بالبلاد الشامية.

وشمس الدين محمد بن منصور بن موسى الحاضري المقرىء.

والزين أحمد بن شمخ بن ثابت العرضي، وأخوه محمدٌ توأماً.

وخطيب جماعيل أيوب بن يوسف بن محمد الحنبلي.

وعمر بن أبي طالب بن محمد ابن القطان.

ويحيى بن محمد بن الحسين السفاقسي الإسكندري.

والأمين عبد القادر بن محمد الصعبي.

والبهاء عبد المحسن بن محمد بن أحمد ابن العديم العقيلي الصوفي.

 

وفيات سنة ثلاثٍ وثلاثين وستمائة

حرف الألف

أحمد بن عمر ابن الزاهد الكبير أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة.

جمال الدين، أبو حمزة وأبو طاهرٍ، المقدسي، الحنبلي.

ولد في رجب سنة تسع وستين.

رحل إلى بغداد-وهو صبيٌ-مع بعض أقاربه وسمع من: نصر الله القزاز، وعبيد الله بن شاتيل، وابن كليب، وعبد الخالق بن عبد الوهاب، وأبي الفرج ابن الجوزي. وبدمشق من: الخضر بن طاوس، وأبي المعالي ابن صابر، وأبي المجد ابن البانياسي، وابن صدقة الحراني.

واشتغل اشتغالاً يسيراً، ثم اشتغل بالخدمة، وتعانى ركوب الخيل والفروسية. وحضر مرة مع الغيارة، فحمل وقتل إفرنجياً، وفرسه، فهابه الأجناد، وصار له بذلك عندهم منزلةٌ. وتولى على قرية جماعيل مدة.

روى عنه: عمه الشيخ شمس الدين، والحافظ الضياء، والشمس محمد ابن الكمال، والعز أحمد ابن العماد والتقي أحمد بن مؤمن، وعبد الحميد ابن خولان، وطائفةٌ آخرهم حفيده القاضي تقي الدين-أبقاه الله-.

توفي الجمال أبو حمزة في خامس ربيع الأول، ودفن عند جده الشيخ أبي عمر.

 

أحمد بن أبي عبد الله محمد بن أبي عبد الله محمد بن عبد العزيز بن إسماعيل.

أبو الحسين، الأنصاري، الخزرجي، التلمساني، ثم المصري، الشيخ موفق الدين.

ولد بمصر في سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة،وأدرك ابن رفاعة، وكان يمكنه السماع منه، لكن كانت السنة غامرةً ميتةً بدولة بني عبيد أصحاب مصر، فلما أزال السلطان صلاح الدين دولتهم - ولله الحمد - أظهر السنة والرواية والآثار وهلم جراً. وإنما سمع هذا من البوصيري، وبحران من عبد القادر الرهاوي.

روى عنه الزكي المنذري، وغيره، قال: توفي في ربيع الآخر. انقطع في آخر عمره بالرباط المجاور للجامع العتيق وجمع مجاميع في التصوف بعبارةٍ حسنةٍ، وله شعر.

قلت: في تصوفه انحرافٌ.

وقد أخذ عنه ابن مسدي الحافظ، فقال: غلب عليه الكلام في معنى الباطن، حتى ظهر عليه من ذلك كل باطنٍ، وربما تصدر عنه نفثاتٌ أولى بها لأن تكون سكتاتٍ.

 

أحمد بن محمد بن أحمد بن حرب.

أبو العباس. قاضي المحول، البغدادي، المقرئ.

ذكره ابن النجار، فقال: ذكر أنه قرأ في عمره أربعاً وعشرين ألف ختمةٍ. ذكر لي عبد الصمد بن أبي الجيش المقرئ أنه قرأ عليه القرآن وأثنى عليه خيراً. وقال: قرأ على عبد الوهاب بن شحانة، عن عبد الوهاب الصابوني.

توفي في رمضان عن خمسٍ وسبعين سنة.

 

أحمد بن محمد بن أحمد اللخمي الفقيه.

المحدث، الرئيس، أبو العباس، ابن الخطيب أبي عبد الله، اللخمي، السبتي، المعروف بالعزفي.

سمع الكثير من أبي محمد بن عبيد الله الحجري. وأجاز له ابن بشكوال، وطائفةٌ.

وله تواليف حسنةٌ. وكان ذا فضلٍ، وصلاحٍ، وجلالةٍ، وإتقانٍ.

أجاز له: أبو القاسم بن حبيش، وأبو محمد بن فيره الشاطبي، وعبد الحق مصنف "الأحكام"، وعبد الجليل القصري.

وهو والد صاحب سبتة.

قال لي أبو القاسم بن عمران: أخبرني عنه الوزير أبو عبد الله محمد ابن أبي عامر الأشعري المالقي، وأبو بكر محمد بن محمدٍ المومنائي، وأبو الحسين بن أبي الربيع، وغيرهم.

قلت: صنف كتاباً في مولد النبي صلى الله عليه وسلم وجوده. وكان إماماً ذا فنونٍ.

وقد ذكره ابن مسدي في "معجمه" وأوضح اسمه، فقال: أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن سليمان بن أبي عزفة، مكين المكانة في العلم والديانة، له عنايةٌ بالحديث، معلنٌ في فتياه مذهب مالكٍ، وربما خالفه. وكان معتمد بلده بفقهه وسنده. له الجاه والمال. سمع من ابن غاز، ومن أبي عبد الله بن زرقون لما ولي قضاء سبتة، ومن السهيلي، وجماعة لما وفدوا إلى مراكش. وكان فصيحاً لسناً، وعلى الرواية مؤتمناً. قال لي: إنه ولد سنة تسعٍ وخمسين، أخبرنا أبو العباس، اخبرنا أبي أبو عبد الله بن أبي عزفة، أخبرنا القاضي عياضٌ فذكر حديثاً.

قلت: روى عنه جماعةٌ.

مات في رمضان، وله ستٌ وسبعون سنة.

 

إبراهيم بن مرتفع بن نصر. أبو إسحاق، الحمزي، الشارعي.

الشافعي، وبعرف بصفي الدين ابن البطوني.

سمع من: القاسم بن عساكر، وإسماعيل بن ياسين، وجماعةٍ.

روى عنه الزكي المنذري وقال: كان من أهل العفاف والخير. ولأهل الشارع به نفعٌ كثيرٌ.

ولد سنة ستين وخمسمائة، وتوفي في جمادى الآخرة.

 

إدريس بن الخضر بن إدريس بن محمد.

أبو البهاء، الهروي الأصل، السقباني.

سمع بسقبا من الحافظ أبي القاسم الدمشقي.

روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، وأظن ابن الصابوني.

وقال المنذري توفي في هذا السنة.

 

إسماعيل بن عمر بن إبراهيم بن سليمان.

أبو الفضل، اللرستاني، الصوفي، نزيل دمشق.

شيخٌ صالح.

روى عن الخشوعي، والقاسم. روى عنه ابن الحلوانية. وتوفي في رمضان.

 

آسية بنت الشهاب محمد بن خلف بن راجح.

زوجة الحافظ الضياء.

نقلت من خطه: كانت دينةً خيرةً، حافظةً لكتاب الله. وكانت عندي أربعين سنة وثلاثة أشهرٍ.

لم تدخل حماماً ولا دخلت المدينة، وكنت أخذتها بذلك فأطاعتني. وكانت تؤثرني على نفسها.

وقد سمع عليها بالإجازة عن جماعة.

قلت: منهم أبو السعادات القزاز.

روى عنها الشمس ابن الكمال وغيره. وبالإجازة القاضي تقي الدين. وتوفيت في المحرم.

 

آمنة بنت الحافظ عبد العزيز بن الأخضر.

أمة الرحيم.

روت عن: شهدة، وعبد الحق اليوسفي.

وتوفيت في عاشر صفر.

روى عنها أخوها عليٌ.

 

إياز، الأمير الكبير، فخر الدين المعروف بالبانياسي.

كان من أمراء الدولتين العادلية والكاملية. وكان مشهوراً بالقوة في بدنه ولا سيما في شبيبته.

وكان فيه خيرٌ، وله صدقاتٌ.

توفي في ربيع الأول ببلاد الجزيرة.

 

حرف الباء

بدر بن أبي الفرج.

أبو القاسم، البغدادي، المقرئ، التاجر. سمع من ابن كليب، وجماعةٍ.

وتوفي في ربيع الآخر.

روى عنه إجازة أبو نصر ابن الشيرازي.

 

بقي بن محمد بن تقي.

أبو علي الجذامي، المالقي. من العلماء الأذكياء.

ورخه ابن فرتون، وقيد جده بتاء مثناة.

أخذ عن أبي علي الرندي.

 

حرف الجيم

جودي بن عبد الرحمن بن جودي بن موسى بن وهب بن عدنان.

أبو الكرم الأندلسي من أهل مدينة وادي آش.

روى عن: أبي القاسم السهيلي، وأبي جعفر بن الحكم، ويعقوب بن طلحة، وأبي بكر بن أبي جمرة، وجماعة.

قال الأبار: كان راوياً مكثراً، معتنياً بالحديث. أدب بالقرآن، وعلم بالعربية. أخذ عنه أصحابنا.

دخلت وادي آش ولم أره. وتوفي بعد خدرٍ أصابه واختلالٍ أعطبه سنة ثلاثٍ وثلاثين أو نحوها.

 

حرف الحاء

الحسن بن عبد الرحمن.

أبو علي، الكتاني المرسي، الرفاء، المقرئ.

قال الأبار: أخذ القراءآت عن أبي محمد الشمنتي. وسمع من أبي عبد الله بن حميد، وغيره.

وكان صاحب فضائل.

الحسن بن محمد بن إسماعيل.

الأديب، أبو علي، القيلولي، المؤرخ.

حدث عن الأبله الشاعر، وعن عمر بن طبرزد. وعاش سبعين سنة.

وهو من قيلوية: بفتح القاف، وضم اللام، وسكون الواو، ثم ياء مفتوحة، وتاء تأنيث، قريةٌ بأرض بابل. ولنا قيلوية بنهر الملك.

وكان أديباً، تاجراً في الكتب، سفاراً بها، متودداً، ظريفاً، جيد المذاكرة، مليح الشعر.

روى عنه: الشهاب القوصي، والزكي المنذري.

وكان يلقب بالقاضي، وبعز الدين.

توفي في ثاني ذي القعدة بدمشق.

وله "تاريخ" كبير عمله على الشهور. وهو صعب الكشف.

قال ابنه عليٌ: كان في فن التاريخ أوحد العصر، وفي فن الأدب. وكتب الكثير، من ذلك "الصحاح" في اللغة ست نسخ. وقد سألته: كم مقدار ما كتبت؟ قال: ألفي مجلدة ما بين صغيرة وكبير. قال: وكان مليح المحاضرة، ديناً، خيراً، سليم الباطن. ولد بالنيل من أعمال بغداد سنة أربعٍ وستين وخمسمائة.

 

حرف الخاء

الغرز خليل.

من أمراء دمشق، وإليه تنسب الدار التي هي اليوم لبلبان التتري وحمام الغرز.

توفي في شعبان.

 

حرف الراء

ربيع بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع.

القاضي، أبو سليمان الأشعري، القرطبي، قاضي قرطبة.

سمع من: أبي القاسم الشراط، وأبي القاسم أحمد بن بقي. وأجاز له والده، وأبو القاسم بن بشكوال.

قال الأبار: كان صالحاً، عدلاً في أحكامه، نبيه القدر والبيت. حدث بشيء يسير. ونزح عن قرطبة لما استولى الروم - لعنهم الله - عليها في شوال فنزل إشبيلية، وتوفي على إثر ذلك

عن بضعٍ وستين سنة.

قلت: وكان بارعاً في اللغة، عارفاً بالحديث والأدب.

وهو أخو أبي عامر يحيى، وأبي جعفر أحمد، رحمهم الله. مر أحمد سنة ستٍ وعشرين.

وسيأتي أبو عامر.

 

ربيعة بنت عليٍ بن محمد بن محفوظ بن صصرى، التغلبية.

زوجة أمين الدين سالم ابن الحافظ أبي المواهب بن صصرى.

روت عن أبي الحسين أحمد ابن الموازيني.

كتب عنها ابن الحاجب، وغيره.

وروى عنها المجد ابن الحلوانية.

توفيت في ذي العقدة.

 

حرف الزاي

زهرة بنت محمد بن أحمد بن حاضر.

أم الحياء، الأنبارية، ثم البغدادية.

سمعت من: أبي الفتح بن البطي، ويحيى بن ثابتٍ، وأحمد بن المبارك المرقعاتي.

قال ابن النجار: كانت امرأةً صالحةً منقطعةً في رباطٍ. ولدت في رمضان سنة أربع وخمسين.

وزهرة: بالضم.

كتب عنها ابن النجار، وابن الجوهري. وروى عنها محمد بن مكي بن أبي القاسم، وعزالدين الفاروثي. وبالإجازة فاطمة بنت سليمان، والقاضي سليمان، وإسماعيل بن عساكر.

وتوفيت في حادي عشر جمادى الأولى.

وأجازت أيضاً لابن الشيرازي، وسعد، وابن الشحنة، وغيرهم.

قال ابن النجار: سمعت "مسند" مسدد في مجلدة من يحيى بن ثابت، عن أبيه، عن أبي العلاء الواسطي، وسمعت كتاب "التاريخ" و"الرجال" لأحمد بن عبد الله العجلي من يحيى بن ثابت، عن أبيه، عن الحسين بن جعفر السلماسي، عن الوليد بن بكر.

 

زينب، فخر النساء، ابنة الوزير أبي الفرج محمد بن عبد الله بن هبة الله ابن المظفر ابن

الوزير رئيس الرؤساء أبي القاسم علي بن المسلمة.

سمعت من تجني الوهبانية.

لأبي نصر ابن الشيرازي منها إجازة.

روى عنها ابن النجار، وقال: ماتت في جمادى الآخرة.

 

حرف السين

سليمان بن أحمد بن علي بن أحمد.

أبو الربيع، السعدي، الشارعي، الشافعي، المقرئ، المعروف بابن المغربل.

قرأ القرآن على الفقيه رسلان بن عبد الله.

وقال ابن مسدي: أخذ القرآن بالروايات عن محمد بن إبراهيم الكيزاني، فهذا آخر من روى عنه في الدنيا. وسمعت منه من شعره.

قلت: وسمع بمكة من أبي الحسن عليٍ بن حميد بن عمار، وبالشارع من قاسم بن إبراهيم المقدسي. وذكر أنه سمع من أبي العباس أحمد بن الحطيئة، والسلفي.

وولد بالشارع في سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة.

روى عنه الزكي المنذري، وجماعةٌ من المصريين. ولم يدرك أحداً سمع منه. وروى عنه بالإجازة سعدٌ، والقاضيان ابن الخويي، وابن حمزة الحنبلي، وغيرهم.

وهو آخر من حدث بمصر عن ابن عمار.

توفي في التاسع والعشرين من ذي الحجة.

 

سليمان بن داود بن علي بن درع.

أبو الربيع، الحربي، النساج.

ولد في حدود الخمسين وخمسمائة.

وسمع من علي بن المبارك بن نغوبا.

روى عنه بالإجازة: القاضي ابن الخويي، وأبو النصر ابن الشيرازي وسعدٌ، والمطعم.

 

حرف الصاد

صالح ابن الأمير المكرم أبي الطاهر إسماعيل بن أحمد بن حسن ابن اللمطي.

الأمير، أبو التقى.

سمع من: عبد الوهاب بن سكينة، وعمر بن طبرزد، ومحمد بن هبة الله الوكيل، ومنصورٍ

الفراوي، والمؤيد الطوسي، وأبي روح عبد المعز الهروي، وأبي المظفر ابن السمعاني، وأبي الفضل عبد الرحمن بن المعزم الهمذاني، وأبي القاسم عبد الصمد ابن الحرستاني.

وعبر نهر جيحون وطوف البلاد. ولم يحصل من مسموعاته إلا اليسير. وحدث.

دفن بتربته بالقرافة، وقد قارب الستين.

 

حرف الطاء

طاهر بن الحسين المحلي، الخطيب، الزاهد، ويعرف بالجابري، خطيب جامع القصر.

ذكره القوصي في "معجمه" وأنه مات في هذه السنة، وله ثمانون سنة.

 

حرف العين

عبد الله بن أبي بكر عتيق بن علي بن إبراهيم.

أبو محمد، المالكي، العدل، المعروف بابن الزيات.

ولد بمصر في حدود سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة.

وولي عقد الأنكحة بمصر، وحسبتها مدة. وكان كثير التحري.

سمع من: أبي العباس أحمد بن الحطيئة، والشريف عبد الله العثماني.

وكان يتمنع من التحديث.

وتوفي في رابع عشر ربيع الآخر.

سماه المنذري في "معجمه".

 

عبد الخالق بن إسماعيل بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عتيق.

الفقيه، وجيه الدين أبو محمد، التنيسي المولد، الإسكندراني الدار.

تفقه، وسمع، وحدث عن السلفي، والعثماني، والفقيه إسماعيل بن عوف. ثم تقلب في الخدم الديوانية.

ولد سبعٍ وخمسين وخمسمائة.

قال الزكي المنذري: كان من أهل الأمانة، والتحري، والصلاح، والخير. مضى على سدادٍ، وأمرٍ جميل. وتوفي في ثالث عشر ربيع الأول.

قلت: روى عنه هو، وشيخنا الشرف ابن الصواف. وبالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، وأبو نصر محمد بن محمد المزي، وسعدٌ، والمطعم، وغيرهم.

عبد الخالق بن أبي المعالي بن محمد بن عبد الواحد.

الإمام بهاء الدين، أبو المكارم، الأراني، الفقيه، الشافعي، الزاهد.

درس بخلاط مدةً. ثم سكن دمشق. وكان صالحاً، ورعاً، منقبضاً عن الناس، خبيراً بالمذهب.

توفي في نصف شوال، ودفن بقاسيون، وشيعه خلقٌ كثير.

وأران: إقليمٌ صغيرٌ بين أذربيجان، وأرمينية. ومن مدنه بيلقان وجنزة.

 

عبد الرحمن بن عبد العزيز بن مكي بن أبي العرب.

أبو القاسم، المغربي الأصل، البغدادي، التاجر.

سمع: الأسعد بن يلدرك، ومحمد بن جعفر بن عقيل، ونصر الله القزاز.

وكان تاجراً سفاراً.

روى عنه الزكي المنذري، وقال: قتله الكفار - خذلهم الله - بطريق سنجار، فجاء الخبر إلى بغداد في ربيع الأول.

 

عبد الرحمن بن عمر بن عبد الرحمن بن أبي منصور النساج.

أبو محمد.

شيخٌ معمر، دمشقيٌ، صالحٌ، خير. كان يسكن بدرب الوزير.

سمع من: أبي تميم سلمان بن علي الخباز، والحافظ ابن عساكر.

روى عنه: الزكي البرزالي عن ابن عساكر، والعز ابن الحاجب، والجمال محمد ابن الصابوني، وجماعةٌ.

وأخبرنا عنه الشمس محمد ابن الواسطي.

وكمل تسعين سنة، وتوفي في سابع صفر.

 

عبد الكريم بن خلف بن نبهان بن سلطان بن أحمد الأنصاري.

السماكي.

خطيب زملكا، ولد بها في المحرم سنة إحدى وستين وخمسمائة.

وهو من ذرية أبي دجانة سماك بن خرشة - رضي الله عنه -.

حدث عن: الحافظ أبي القاسم الدمشقي، وأبي بكر عبد الله بن محمد النوقاني.

روى عنه الزكي البرزالي، وغيره. وبالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، ومحمد بن محمد

ابن الشيرازي.

وكان خيراً صالحاً، ابتلي بالمرض مدة.

توفي في الثاني والعشرين من ذي الحجة.

 

عبد المحسن بن أبي عبد الله بن علي بن عيسى.

أبو محمد، العشيشي الشامي، ثم المصري، الفامي، السطحي.

قيم سطح الجامع العتيق، وصاحب الواعظ أبي الحسن بن نجا، صحبه مدةً، وسمع منه، ومن أبي طاهرٍ السلفي.

ولد سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة.

روى عنه زكي الدين المنذري، وابن الجوهري، وأهل القاهرة. وبالإجازة تقي الدين سليمان.

وما أظنه روى غير "جزء" الذهلي.

وكان رجلاً صالحاً، ديناً. توفي في الثالث والعشرين من ربيع الأول. وأجاز أيضاً لعيسى الشجري، وسعد السكاكري.

 

عبد المنعم بن صالح بن أحمد بن محمد.

أبو محمدٍ، المصري، المسكي، النحوي.

المعروف بالإسكندراني لسكناه بها يعلم العربية مدةً.

ولد في شعبان سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة.

وأخذ النحو عن العلامة أبي محمد عبد الله بن بري، وانقطع إليه مدةً حتى أحكم الفن.

وسمع من حماد الحراني، وروى شيئاً من شعره.

وكان مليح الخط.

كتب عنه الزكي المنذري وقال: توفي في الثالث والعشرين من ربيعٍ الآخر.

وروى عنه ابن مسدي الحافظ في "معجمه" فقال: ومسكة: من أعمال الإسكندرية. وكان علامة ديار مصر أدباً، ونحواً، وشيخ مجونها لعباً ولهواً. له النوادر الغريبة والأبد العجيبة. أكثر عن ابن بري. وكان يذكر أنه سمع من السلفي، ومن العثماني. روى لنا "ديوان" محمد بن هانئ الأندلسي بإسنادٍ غريب. قال لي: إنه ولد في سنة تسعٍ وأربعين.

 

عبد المولى بن القاسم بن عبد الجبار.

أبو محمد، القطيعي.

سمع من: أبي الحسين عبد الحق، ومحمد بن جعفر بن عقيل.

ومات في جمادى الأولى.

 

علي بن احمد بن محمود، الشيخ عماد الدين.

ابن الغزنوي، الحنفي، الفقيه، نزيل مصر، ومدرس مدرسة السيوفيين.

توفي في جمادى الأولى.

 

علي بن سليمان بن إيداش بن السلار، أمير الحاج.

شجاع الدين، أبو الحسن.

رجلٌ صالحٌ، كثير العبادة والأوراد. حج بالناس من الشام نيفاً وعشرين حجةً. وكان الملك المعظم يحترمه، ثم كان في خدمة ابنه الملك الناصر بالكرك، فبلغه عنه شيءٌ، فكلمه كلاماً خشناً، فتركه وقدم دمشق.

قال ابن الجوزي: حكى لي ذلك، فقلت: هو ولدك، فقال: والله ما قلت عنه إلا أنه يقرأ المنطق، فقلت: الفقه أولى به كما كان والده.

توفي في جمادى الآخرة.

 

علي بن عبد الصمد بن محمد بن مفرج.

الشيخ عفيف الدين، ابن الرماح، المصري، المقرئ، النحوي، الشافعي، المعدل.

ولد سنة سبعٍ وخمسين بالقاهرة.

وسمع من السلفي.

وقرأ القراءآت على أبي الجيوش عساكر بن علي، والإمام أبي الجود. وأخذ العربية عن أبي الحسين يحيى بن عبد الله.

وتصدر للإقراء، والعربية بالمدرسة السيفية، والمدرسة الفاضلية مدةً. وحمل عنه جماعةٌ وشهد عند قاضي القضاة عبد الرحمن ابن السكري فمن بعده. وكان من محاسن الشيوخ.

روى عنه الزكي المنذري وقال: كان حسن السمت، مؤثراً للانفراد،مقبلاً على خويصته، منتصباً للإفادة، راغباً في الإقراء. اتصل بخدمة السلطان مدةً ولم يتغير عن طريقته وعادته.

قلت: قرأت القرآن كله على النظام محمد بن عبد الكريم التبريزي، وأخبرني: أنه قرأ على ابن

الرماح. ولم يحدثني أحدٌ عنه.

وآخر من روى عنه بالإجازة القاضي تقي الدين سليمان.

توفي في الثاني والعشرين من جمادى الأولى.

بل إجازته باقية لابن الشيرازي وسعد.

 

علي بن محمد بن عبد الودود الأندلسي.

خطيب مريبط.

أخذ القراءآت عن أبي عبد الله محمد بن واجب. وسمع من جماعةٍ.

وأجاز له أبو الطاهر إسماعيل بن عوفٍ من الإسكندرية.

وكان رجلاً صالحاً.

روى عنه أبو عبد الله الأبار وقال: توفي في ذي الحجة.

 

علي بن أبي بكر بن روزبة بن عبد الله.

أبو الحسن، البغدادي، القلانسي، الصوفي، العطار.

سمع "صحيح" البخاري من أبي الوقت، وسمع "جزء" ابن المعالي.

وحدث ببغداد، وحران، وحلب، ورأس عين ب"الصحيح" مرات، وازدحموا عليه، ووصله بجملةٍ جيدةٍ من الذهب.

وكان عازماً على المجيء من حلب إلى دمشق، فخوفوه من حصار دمشق فرد إلى بغداد فطالبوه بما كانوا أعطوه ليذهب إلى دمشق، فأعطى البعض وماطل بما بقي، ثم أضر في أواخر عمره. وكان لا يحقق مولده ولكنه بلغ التسعين.

روى عنه: عز الدين عبد الرزاق الرسعني، والشريف أبو المظفر ابن النابلسي، والجمال يحيى ابن الصيرفي، وابنه الفخر محمد، والقاضي شمس الدين محمد ابن العماد الحنبلي، والزين نصر الله بن عبد المنعم بن حواري الحنفي، والمجد عبد الرحمن العديمي، والعز أحمد بن الفاروثي، والجمال أبو بكر محمد بن أحمد الشريشي، والأمين أحمد ابن الأشتري، والسيف عبد الرحمن بن محفوظ، والشمس عبد الواسع الأبهري، والشمس حمد بن عبد الله الخابوري، والضياء محمد بن أبي بكر الجعفري، والتاج علي بن أحمد الغرافي، والرشيد محمد بن أبي القاسم، وأبو الغنائم بن محاسن الكفرابي، والجمال عمر بن إبراهيم العقيمي، ويعقوب بن

فضائل، وأحمد ابن السيف سليمان المقدسي، وأبو الحسن علي بن عبد الغني بن تيمية، ومحمد بم مؤمن الصوري، والتاج محمد بن عبد السلام بن أبي عصرون، وابن عمه الشرف محمد بن يوسف بن عبد الرحمن، وسنقر القضائي الزيني، وخلقٌ سواهم.

وكان شيخاً حسناً، مليح الشيبة والهيئة، حلو الكلام، قوي النفس على كبر السن. من ساكني رباط الخلاطية.

سمع " الصحيح" بقراءة يوسف بن مقلد الدمشقي، وكان معه به ثبتٌ صحيحٌ عليه خط أبي الوقت.

قال الحافظ عبد العظيم: توفي فجاءةً في ليلة الخامس من ربيع الآخر، وقد جاوز التسعين.

وأجاز لابن الشيرازي، وابن عساكر، وسعدٍ والمطعم، وأحمد ابن الشحنة، وغيرهم.

 

عمر بن حسن بن علي بن محمد الجميل بن فرح بن خلف بن قومس بن مزلال بن ملال

بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة كذا نسب نفسه.

العلامة، أبو الخطاب، ابن دحية. الداني الأصلٍ، السبتي.

كان يكتب لنفسه: ذو النسبيين بين دحية والحسين.

قال أبو عبد الله الأبار: كان يذكر أنه من ولد دحية الكلبي، وأنه سبط أبي البسام الحسيني الفاطمي. وكان يكنى أبا الفضل، ثم كنى نفسه أبا الخطاب.

قال: وسمع بالأندلس أبا عبد الله ابن المجاهد، وأبا القاسم بن بشكوال، وأبا بكر بن الجد، وأبا عبد الله بن زرقون، وأبا بكر بن خير، وأبا القاسم بن حبيش، وأبا محمد بن عبيد الله، وأبا العباس بن مضاء، وأبا محمد بن بونه، وجماعةً.

قال: وحدث بتونس ب"صحيح" مسلم عن طائفةٍ من هؤلاء. وروى عن آخرين، منهم: أبو عبد الله بن المناصف، وأبو القاسم بن دحمان، وصالح بن عبد الملك، وأبو إسحاق بن قرقول، وأبو العباس بن سيد، وأبو عبد الله بن عميرة، وأبو خالد بن رفاعة، وأبو القاسم بن رشد الوراق، وأبو عبد الله القباعي، وأبو بكر بن مغاور.

وكان بصيراً بالحديث معتنياً بتقييده، مكباً على سماعه، حسن الحظ معروفاً بالضبط، له حظٌ وافرٌ من اللغة، ومشاركةٌ في العربية وغيرها.

ولي قضاء دانية مرتين، ثم صرف عن ذلك لسيرة نعتت عليه، فرحل منها، ولقي بتلمسان

قاضيها أبا الحسن بن أبي حيون فحمل عنه.

وحدث بتونس أيضاً سنة خمسٍ وتسعين. وحج، وكتب بالمشرق عن جماعة بإصبهان ونيسابور من أصحاب أبي علي الحداد، وأبي عبد الله الفراوي وغيرهما. وعاد إلى مصر، فاستأدبه الملك العادل لابنه الكامل - ولي عهده - وأسكنه القاهرة، فنال بذلك دنيا عريضةً.

وكان يسمع ويدرس، وله تواليف منها: كتاب "إعلام النص المبين في المفاضلة بين أهل صفين". وكتب إلي بالإجازة سنة ثلاث عشرة.

قلت: رحل وهو كهلٌ فحج، وسمع بمصر من أبي القاسم البويصيري، وغيره، وببغداد من جماعةٍ. وبواسط من أبي الفتح المندائي، سمع منه "مسند" أحمد. وسمع بإصبهان "معجم" الطبراني الكبير من أبي جعفر الصيدلاني. وسمع بنيسابور "صحيح" مسلم بعلو بعد أن حدث به بالمغرب بالإسناد الأندلسي النازل، ثم صار إلى دمشق وحدث بها.

روى عنه الدبيثي وقال: كان له معرفةٌ حسنةٌ بالنحو واللغة، وأنسةٌ بالحديث، فقيهاً على مذهب مالك، وكان يقول: إنه حفظ "صحيح" مسلمٍ جميعه، وأنه قرأه على بعض شيوخ المغرب من حفظه، ويدعي أشياء كثيرة.

قلت: كان صاحب فنونٍ، وله يدٌ طولى في اللغة، ومعرفةٌ جيدة بالحديث على ضعفٍ فيه.

قرأت بخط الضياء الحافظ: وفي ليلة الثلاثاء رابع عشر ربيع الأول توفي أبو الخطاب عمر بن دحية. وكان يتسمى بذي النسبين بين دحية والحسين. لقيته بإصبهان، ولم أسمع منه شيئاً، ولم يعجبني حاله. وكان كثير الوقيعة في الأئمة. وأخرني إبراهيم السنهوري بإصبهان: أنه دخل المغرب، وأن مشايخ المغرب كتبوا له جرحه وتضعيفه. وقد رأيت منه أنا غير شيء مما يدل على ذلك.

قلت: بسببه بنى السلطان الملك الكامل دار الحديث بالقاهرة، وجعله شيخها.

وقد سمع منه الإمام أبو عمرو ابن الصلاح "الموطأ" سنة نيفٍ وستمائة، وأخبر به عن جماعة منهم: أبو عبد الله بن زرقون بإجازته من أحمد بن محمد الخولاني، وهو إسنادٌ مليحٌ عالٍ.

ولكن قد أسنده الضياء أعلى من هذا والعهدة عليه. فقرأت بخط الحافظ علم الدين أنه قرأ بخط ابن الصلاح - رحمه الله - قال: سمعت "الموطأ" على الحافظ ابن دحية، وحدثنا به بأسانيد كثيرةٍ جداً، وأقربها ما حدثه به الشيخان الفقيهان: أبو الحسن علي بن حنين الكناني، والمحدث

أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن خليل القيسي قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن فرج الطلاع، وأبو بكرٍ خازم بن محمد بن خازم، قالا: حدثنا يونس بن عبد الله بن مغيث بسنده.

قال الذهبي: أما القيسي فحدث بفاس ومراكش، واستوطن بلاد العدوة فكيف لقيه ابن دحية؟ فلعله أجار له. وكذلك ابن حنين فإنه خرج عن الأندلس ولم يرجع بل نزل مدينة فاسٍ ومات سنة تسعٍ وستين. فبالجهد أن يكون لابن دحية منه إجازة. وقوله: حدثني، فهذا مذهبٌ رديءٌ يستعمله بعض المغاربة في الإجازة، فهو تدليسٌ قبيحٌ.

وقرأت بخط أبي عبد الله محمد بن عبد الملك القرطبي وقد كتبه ثمانٍ وثمانين وخمسمائة وتحته تصحيح ابن دحية: حدثني القاضي أبو الخطاب ابن الكلبي بكتاب "الموطأ" عن أبي الحسن علي بن الحسين اللواتي، وابن زرقون قالا: حدثنا الثقة أحمد بن محمد الخولاني، حدثنا أبو عمرو القيشطالي سماعاً، حدثنا يحيى بن عبيد الله، عن عم أبيه عبيد الله، عن أبيه يحيى بن يحيى، عن مالكٍ.

قال ابن واصل: وكان أبو الخطاب مع فرط معرفته الحديث وحفظه الكثير له، متهماً بالمجازفة في النقل، وبلغ ذلك الملك الكامل، فأمره يعلق شيئاً على "الشهاب"، فعلق كتاباً تكلم فيه على أحاديثه وأسانيده، فلما وقف الكامل على ذلك، قال له بعد أيام: قد ضاع مني ذلك الكتاب فعلق لي مثله، ففعل، فجاء في الثاني مناقضة للأول. فعلم السلطان صحة ما قيل عنه.

فنزلت مرتبته عنده وعزله من دار الحديث آخراً وولى أخاه أبا عمرو الذي نذكره في العام الآتي.

قال ابن نقطة: كان موصوفاً بالمعرفة والفضل، ولم أره. إلا أنه كان يدعي أشياء لا حقيقة لها.

ذكر لي أبو القاسم بن عبد السلام - ثقةٌ - قال: نزل عندنا ابن دحية، فكان يقول: أحفظ "صحيح" مسلم، و"الترمذي" قال: فأخذت خمسة أحاديث من "الترمذي"، وخمسة من "المسند" وخمسةً من الموضوعات فجعلتها في جزءٍ، ثم عرضت عليه حديثاً من "الترمذي" فقال: ليس بصحيحٍ، وآخر فقال: لا أعرفه. ولم يعرف منها شيئاً.

قلت: ما أحسن الصدق، ولقد أفسد هذا المرء نفسه.

وقال ابن خلكان: عند وصول ابن دحية إلى إربل صنف لسلطانها المظفر كتاب "المولد" وفي آخره قصيدةٌ طويلة مدحه بها، أولها:

لـولا الــوشـــاة وهـــمأعـداؤنـا مـا وهـمـــوا

ثم ظهرت القصيدة بعينها للأسعد بن مماتي في "ديوانه".

قلت: وكذلك نسبه شيءٌ لا حقيقة.

قرأت بخط ابن مسدي: كان أبوه تاجراً يعرف بالكلبي - بين الباء والفاء - وهو اسم موضع بدانية. وكان أبو الخطاب أولاً يكتب "الكلبي معاً" إشارة إلى البلد والنسب، وإنما كان يعرف بابن الجميل تصغير جمل. وكان أبو الخطاب علامة زمانه، وقد ولي أولاً قضاء دانية.

وقال التقي عبيد الإسعردي: أبو الخطاب ذو النسبين، صاحب الفنون والرحلة الواسعة. له المصنفات الفائقة والمعاني الرائفة. وكان معظماً عند الخاص والعام. سئل عن مولده فقال: سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة.

وحكي عنه في مولده غير ذلك. حدث عنه جماعة.

 

عمر بن يحيى بن شافع بن جمعة.

أبو عبد الغني، النابلسي، المؤذن.

شيخٌ معمر.

سمع من الحسن بن مكي المرندي سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة بدمشق جزءاً من "حديث" الجلابي.

روى عنه: التقي ابن الواسطي، وأخوه محمدٌ، وأحمد بن محمد بن أبي الفتح، والعز أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الكمال، وغيرهم.

وقد سمع منه الحافظ الضياء. وخطيب كفربطنا الجمال محمد الدينوري.

توفي بنابلس في هذه السنة.

 

عوض بن محمود بن صافٍ بن علي بن إسماعيل.

أبو الوفاء، الحميري، البوشي، المالكي.

سمع من أبي المفاخر سعيد المأموني.

روى عنه الزكي المنذري، وغيره، قال المنذري: جاور بعبد ي النون، وصحب جماعة من المشايخ. وكان أحد مشايخ الفقراء المشهورين والصلحاء المذكورين، مقبلاً على خويصته وعبادته، وله القبول التام من العامة والخاصة. وأم بالمسجد الذي بجزيرة مصر مدةً. وبوش:

بلدةٌ مشهورةٌ بالصعيد الأدنى. وذكر لي ما يدل على انه ولد سنة خمسٍ وخمسين. وتوفي في سلخ ربيعٍ الآخر.

وقد أجاز لأبي نصر ابن الشيرازي وغيره.

 

حرف الكاف

كرم بن أحمد بن كرم.

أبو محمد. الحربي، الذهبي.

حدث عن أبي الحسين عبد الحق اليوسفي.

وكان لا بأس به.

توفي في شوال.

روى عنه بالإجازة القاضي ابن الخويي، والفخر إسماعيله بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبو نصر محمد بن محمد ابن الشيرازي.

 

حرف الميم

محمد بن إبراهيم بن مسلم.

الفخر، أبو عبد الله، الإربلي، الصوفي.

ولد سنة تسعٍ وخمسين، وقال مرةً أخرى: في المحرم سنة ستين.

وروى عنه: يحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النقور، وعلي ابن عساكر البطائحي، وشهدة الكاتبة، والحسن بن علي البطليوسي، وهبة الله بن يحيى الوكيل، وخمرتاش مولى أبي الفرج ابن رئيس الرؤساء، وتجني الوهبانية، وغيرهم.

روى عنه: الجمال ابن الصابوني، والجمال الدينوري خطيب كفربطنا، والعماد يوسف ابن الشقاري، والشرف أبو الحسن اليونيني، والجمال أحمد ابن الظاهري، والشرف أحمد ابن عساكر، وعلي بن بقاء المقرئ، والعماد بن سعدٍ، وعليٌ وعم وأبو بكر بنو ابن عبد الدائم، وعمر بن طرخان المعري، والتقي بن مؤمن، والشمس محمد بن يوسف الذهبي، وعيسى بن أبي محمد المغاري، والمحيي أبو بكر بن عبد الله ابن خطيب بيت الآبار، ومحمد بن مكي الصقلي، وعبد المنعم بن عساكر، وخلقٌ.

وخرج له الزكي البرزالي "مشيخة" في جزء.

تفرد به بمصر موسى بن علي الموسوي، حضره في الرابعة. وبقي بدمشق في سنة أربع عشرة.

من الرواة عنه بالحضور: أبو بكر بن عبد الدائم - المذكور -، وعيسى المطعم، والقاضي تقي الدين سليمان، وبهاء الدين القاسم بن عساكر.

قال شيخنا ابن الظاهري: توفي بإربل في رمضان أو شوال.

ووجدت بخط السيف ابن المجد: رأيت أصحابنا ومشايخنا يتكلمون فيه بسبب قلة الدين والمروءة. وكان سماعه صحيحاً.

وقال لي شمس الدين ابن سامة: عن لقبه قنور.

وقرأت بخط ابن مسدي، إنه يعرف بالقور. قال: وكان لا يتحقق مولده، وذكر ما يدل على انه بعد الخمسين وخمسمائة، وقال مرةً: ولدت بعد ذلك. فلهذا امتنعوا من الأخذ عنه بإجازات، فإنه يذكر ما يدل على أن مولده بعد تاريخها.

 

محمد بن الحسين بن عبد الرحمن.

الإمام، أبو الطاهر، الأنصاري، الجابري، الشافعي، المحلي.

خطيب جامع مصر. قدم من المحلة إلى مصر، وتفقه على التاج محمد بن هبة الله الحموي، وغيره. وصحب الشيخ أبا عبد الله القرشي الزاهد مدةً، وكان من أعيان أصحابه.

وسمع من الفقيه إبراهيم بن عمر الإسعردي، وغيره. ودرس، وأفاد، وخطب.

وكان مولده ظناً في سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة.

قال الزكي المنذري: كتبت عنه فوائد. وكان من أهل الدين والورع التام على طريقةٍ صالحة، ذا جدٍ في جميع أموره، قاضياً لحقوق معارفه، ساعياً في أفعال البر، كثير الإجهاد في العبادة.

حصل كتباً كثيرةٌ وكان لا يمنعها، وربما لأعارها لمن لا يعرفه. توفي في سابع ذي القعدة - رحمه الله تعالى -.

 

محمد بن رجب بن علي

أبو بكر، الحارثي، الفقيه، الحنبلي.

من أهل قرية الحارثية من أعمال نهر عيسى.

سكن بغداد وتفقه وسمع من عبد الحق اليوسفي، وأبي العز بن مواهب الخراساني.

روى عنه ابن النجار، وقال: كان متيقظاً، حسن الطريقة، توفي في شعبان، وله إحدى وثمانون سنة.

 

محمد بن علي بن محمد بن أحمد، الشريف.

أبو شجاعٍ، فخر الدين، الأموي، العثماني، البغدادي، الكاتب.

ولد ببغداد في سنة خمسٍ وستين، وسكن الديار المصرية.

وحدث عن عبد الرحمن بن موقا.

روى عنه الزكي المنذري، وقال: كان حسن السمت، كثير التصون جداً، من أعيان الطائفة العثمانية، رق حاله، وانقطع للعبادة. وتوفي في خامس شعبان.

 

محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي زاهر.

أبو حامد، البلنسي، المؤدب.

أخذ القراءآت عن أبيه. وسمع من أبي العطاء بن نذير، وأبي عبد الله ابن نسع، فأكثر. وأدب بالقرآن.

قال الأبار: هو معلمي، وعنه أخذت قراءة نافع، وسمعت منه، وسمع مني كتاب "معدن اللجين في مراثي الحسين" من تأليفي. وكان امرأ صدقٍ ناشئاٍ في الصلاح، متواضعاً، بارع الخط، يكتب المصاحف، ويؤم بمسجد. وأخذ عنه صاحبنا أبو الحجاج بن عبد الرحمن، وسافر ليحج فتوفي في آخر سنة ثلاثٍ هذه.

 

محمد بن محمد بن المطهر بن سالم بن شجاع.

أبو الفوارس، الكلبي، الفقيه الحنفي.

شيخٌ دمشقي متميزٌ.

روى عن: يحيى الثففي، وعبد الرحمن الخرقي، وإسماعيل الجنزوي.

روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، وغيرهما.

وكان عارفاً بالحساب وكتابة الديوان.

توفي في صفر.

 

محمد بن محمد بن أبي المفاخر سعيد بن الحسين.

الشريف، أبو بكر، العباسي، المأموني، النيسابوري الأصل، المصري المولد، المقرئ على

الجنائز.

سمعه أبوه من السلفي، وإسماعيل بن قاسم الزيات، وجده.

روى عنه الزكي المنذري، وجماعةٌ من الطلبة. وحدثنا عنه ابنه محمدٌ، والشهاب الأبرقوهي.

ولد في أول سنة سبعين وخمسمائة. وتوفي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر.

أخبرنا محمد بن محمد المأموني، وأبو المعالي الأبرقوهي، قالا: أخبرنا أبو بكر المأموي، أخبرنا السلفي، أخبرنا الثقفي، أخبرنا الجرجاني، أخبرنا محمد بن الحسين القطان، حدثنا علي بن عيسى الهلالي، حدثنا عبد المجيد بن أبي رواد، حدثنا ابن جريح، عن أبي الزبير، عن جابرٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تستبطئوا الرزق واتقوا الله أيها الناس، وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم".

 

محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله المقرئ.

الزاهد، أبو عبد الله، القرطبي، المعروف بابن الفريشي - بتشديد الراء -.

كان معروفاً بإجابة الدعوة.

أخذ عنه ابن مسدي وقال: تلا بالسبع على أبي القاسم بن غالب. وسمع من ابن بشكوال، وحج. وسمع من يونس بمكة. استشهد في شوال وقت أخذ قرطبة.

 

محمد بن هندي بن يوسف بن يحيى بن علي بن حسين بن هندي القاضي.

زين الدين، أبو الفضل، المازني، الحمصي، قاضي حمص.

صدرٌ جليلٌ، فاضلٌ.

سمع بدمشق من: أبي الحسين أحمد ابن الموازيني، وأبي القاسم عبد الملك الدولعي، وأبي اليسر شاكر التنوخي، وغيرهم.

روى عنه: المجد ابن الحلوانية، ونصرٌ وسعد الخير ابنا أبي القاسم النابلسي. وله "مشيخة" في جزء خرجها البرزالي.

توفي في تاسع عشر ذي القعدة، وله نيفٌ وثمانون سنة.

 

محمد بن يحيى بن أبي المكارم.

الشيخ شمس الدين، الطائي، الواسطي، الواعظ.

لقي جماعة من الفضلاء والوعاظ، وبرع في الوعظ. وقدم مصر بعد التسعين وخمسمائة

وسمع من البوصيري، وجماعةٍ. وحدث، ووعظ، وتقدم على أقرانه بالديار المصرية. وحصل له قبولٌ زائد من العامة.

توفي في ربيع الآخر، وله نيفٌ وستون سنة.

 

محمد بن يحيى بن أحمد، القاضي.

وجيه الدين، الأنصاري، المصري، الكاتب، المعروف بابن السدار.

مشارف الأوقاف.

ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. ورحل إلى الإسكندرية، وسمع من السلفي.

روى عنه الزكي المنذري وقال: توفي في مستهل ذي القعدة. وأجاز لسعدٍ، والمطعم. ومن مسموعه العاشر من "الثقفيات".

 

محمد بن يوسف بن همام.

أبو الفتح المقدسي، ثم الدمشقي، الحنبلي، نزيل بغداد.

ولد سنة بضعٍ وخمسين وخمسمائة.

ودخل بغداد سنة إحدى وثمانين، فسمع الحديث من أبي السعادات القزاز وطبقته. وتفقه على أبي الفتح ابن المني. ثم تحول شافعياً. وولي خزن الكتب بالنظامية. وكان متودداً، مطبوعاً، ديناً.

أثنى عليه ابن النجار، وروى عنه.

وتوفي في شعبان.

 

المأمون بن أحمد بن العباس بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن يعقوب بن

حسين ابن الخليفة المأمون بن هارون الرشيد، الشريف.

أبو محمدٍ، الهاشمي، المأموني، البغدادي، الواعظ،.

كان يتكلم في الأعزية. وله حظٌ من الأدب، وصوته طيب.

سمع من: أبي الحسين عبد الحق، ومحمد بن نسيم العيشوني.

وعاش ثلاثاً وسبعين سنة.

وأجاز: للفخر إسماعيل بن عساكر، ومحمد بن يوسف الذهبي، وفاطمة بنت سليمان، وسعد الدين بن سعد، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وجماعة.

وتوفي في رابع عشر ذي القعدة فجاءةً.

 

محمود بن خليل بن محمود.

أبو الثناء، التبريزي، ثم البغدادي، السقلاطوني.

أمين الحكم كأبيه. لعب في أموال الأيتام، فحبس مدةً، ثم اخرج، وافتقر.

وجد له سماع كتاب "المصحفين" للدارقطني من يحيى بن ثابت، فرواه مراتٍ.

مات في ذي القعدة سنة 633، وله إحدى وثمانون سنة.

وقد روى عنه ابن النجار. وأجاز لشيخنا أحمد ابن الشحنة.

 

محمود بن أبي العز بن مواهب ابن الشطيطي.

الموصلي، الحداد.

روى "جزء" الأصم عن خطيب الموصل. حدث عن القاضي شمس الدين ابن العماد.

مات في جمادى الأولى سنة ثلاث.

 

مريم بنت خلف بن راجح. أم أحمد، المقدسية.

امرأةٌ صالحة، كثيرة العبادة والإيثار.

روت بالإجازة عن الحافظ أبي موسى المديني.

وتوفيت في صفر.

كتب عنها العز ابن الحاجب، وغيره.

 

مشهور بن منصور بن محمد.

أبو أحمد القيسي، الحوراني، الفلاح بالنيرب.

سافر في خدمة المحدث عماد الدين علي بن القاسم بن عساكر إلى خراسان، فسمع من المؤيد الطوسي، وأبي روح، وزينب الشعرية.

روى عنه الشرف أحمد بن عساكر، وغيره. وتفرد بالحضور عنه البهاء ابن عساكر.

توفي في ثالث عشر ذي الحجة، ودفن بالنيرب.

 

حرف النون

نصر الله بن عبد الرحمن بن أبي المكارم بن فتيان.

أبو الفتح، الأنصاري، الدمشقي.

ابن أخي الفقيه البهاء.

روى عن: أبي القاسم بن عساكر، وأبي سعد بن أبي عصرون، وأبي نصر عبد الرحيم اليوسفي، والأمير أسامة بن منقذٍ.

ويعرف بابن الحكيم، وبابن النحاس.

روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، والشرف بن عساكر، وجماعةٌ.

ولد سنة ستٍ وخمسين وخمسمائة.

وتوفي في سابع ذي الحجة.

 

نصر الدين بن عبد الله بن عبد العزيز بن بشير، القدوة.

أبو عمرو، الغافقي، الأندلسي، الفرغليطي، نزيل قيجاطة، ويعرف بالشقوري.

قال الأبار: سمع من جده لأمه نصر بن علي، وعبد الله بن سهلٍ الكفيف. وبقرطبة من عبد الرحمن بن أحمد بن بقي، وأبي القاسم بن بشكوال. وبمرسية من أبي عبد الله بن عبد الرحيم.

وأجاز له أبو الحسن ابن هذيل، وأبو طاهرٍ السلفي. وتصدر بقيشاطة للإقراء، فأخذ عنه وسمع منه. وكان من أهل الزهد والفضل، يشار إليه بإجابة الدعوة. عمر وأسن وأسر عند تغلب الروم على قيشاطة في سنة إحدى وعشرين. ثم تخلص بعد ذلك. وقدم قرطبة فأخذ عنه أبو القاسم ابن الطيلسان، وقال: توفي بلورقة عام ثلاثةٍ وعشرين وستمائة، ومولده سنة خمسٍ وثلاثين وخمسمائة.

قال: وقال ابن فرقد: كتب أبو عمرو الغافقي لي ولابني محمدٍ وأحمد في جمادى الأولى سنة سبعٍ وعشرين وستمائة.

وقال ابن فرتون: توفي سنة ثلاثٍ وثلاثين.

قلت: هذا أصح من قول ابن الطيلسان.

 

نصر بن عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر بن أبي صالح بن جنكي دوست، قاضي

القضاة.

عماد الدين، أبو صالح، ابن الحافظ الزاهد الإمام أبي بكر، الجيلي، ثم البغدادي، الأزجي، الفقيه، الحنبلي.

ولد في ربيع الآخر سنة أربع وستين وخمسمائة.

وأجاز له - وهو ابن شهر - أبو الفتح ابن البطي، وأبو محمد ابن الخشاب، والمبارك بن محمد الباذرائي، وغيرهم.

وسمع من: أبيه، وعلي بن عساكر البطائحي، وخديجة بنت أحمد الهوزاني، وشهدة بنت الإبري، وعبد الحق اليوسفي، ومسلم بن ثابتٍ النحاس، وأحمد بن المبارك المرقعاتي، وسعيد بن صافي الجمال، وعيسى الدوشابي، ومحمد بن بدر الشيحي، وفاطمة بنت أبي غالب محمد بن الحسن الماوردي، وأبي شاكر السقلاطوني، وجماعة.

وتفقه على والده، وأبي الفتح بن المني. ودرس، وأفتى، وناظر، وبرع في المذهب.

روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، والشرف ابن النابلسي، والشمس محمد بن هامل، والعز الفاروثي، والتاج الغرافي، والجمال محمد ابن الدباب، والجمال محمد البكري، والعلاء ابن بلبان الناصري، والشهاب الأبرقوهي، وآخرون.

وجمع لنفسه أربعين حديثاً سمعناها من الأبرقوهي. ودرس بمدرسة جده.، وبالمدرسة الشاطئية. وتكلم في الوعظ. وألف في التصوف. وولي القضاء للظاهر بأمر الله وأوائل دولة المستنصر بالله ثم صرف.

سئل الضياء عنه فقال: فقيهٌ، خير، كريم النفس، ونالته محنةٌ، فإن سنة أربع وعشرين صاموا ببغداد رمضان بشهادة اثنين، ثم ثاني ليلة رقب الهلال فلم ير، ولاح خطأ الشهود، وأفطر قومٌ من أصحاب أبي صالح، فأمسكوا ستة من أعيانهم، فاعترفوا، فعززوا بالدرة وحبسوا. ثم أخذ الذين شهدوا، فحبسوا وضرب كل واحد خمسين، ثم إن قاضي المحول أفطر بعد الثلاثين على حساب ما شهدوا، فضرب، وطيف به. واحتمى أبو صالح بالرصافة في بيت حائكٍ، واجتمع عنده خلقٌ من باب الأزج، فمنعوا من الدخول إليه، ثم أطلق بعد انسلاخ شوال. نعم.

وذكره ابن النجار، فقال: قرأ الخلاف على أبي محمد بن أبي علي النوقاني الشافعي. ودرس بمدرسة جده. وبنيت له دكةٌ بجامع القصر للمناظرة، وجلس للوعظ. وكان له قبولٌ تام، ويحضره خلقٌ كثير. وأذن له في الدخول على الأمير أبي نصر محمد ابن الإمام الناصر في كل جمعة لسماع "مسند" الإمام أحمد منه بإجازته من أبيه الناصر، فحصل له به أنسٌ. فلما استخلف، قلده القضاء في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين، فسار السيرة الحسنة، وسلك الطريقة المستقيمة، وأقام ناموس الشرع، ولم يحاب أحداً في دين الله. وكان لا يمكن أحداً من الصياح

بين يديه. ويمضي إلى الجمعة ماشياً. ويكتب الشهود من دواته في مجلسه. فلما أفضت الخلافة إلى المستنصر أقره أشهراً، ثم عزله. روى الكثير. وكان ثقةً متحرياً، له في المذهب اليد الطولي. وكان لطيفاً، متواضعاً، مزاحاً، كيساً. وكان مقداماً رجلاً من الرجال، سمعته يقول: كنت في دار الوزير القمي وهناك جماعةٌ، إذ دخل رجلٌ ذو هيئةٍ، فقاموا له وخدموه، فقمت، وظننته بعض الفقهاء، فقيل: هذا ابن كرم اليهودي عامل دار الضرب، فقلت له: تعال إلى هنا، فجاء ووقف بين يدي، فلت له: ويلك، توهمتك فقيهاً، فقمت إكراماً لذلك، ولست - ويلك - عندي بهذه الصفة، ثم كررت ذلك عليه. وهو قائم يقول: الله يحفظك، الله يبقيك، ثم قلت: اخسأ هناك بعيداً عنا. فذهب.

قال: وحدثني أنه رسم له برزقٍ من الخليفة، وأنه زار - يومئذٍ - قبر الإمام أحمد، فقيل لي: دفع رسمك إلى ابن توما النصراني، فامض إليه فخذه، فقلت: والله لا أمضي ولا أطلبه، فبقي ذلك الذهب عنده إلى أن قتل - لعنه الله - في السنة الأخرى، وأخذ الذهب من داره فنفذ إلي.

توفي في سادس عشر شوال، ودفن في الدكة التي لقبر الإمام أحمد بن حنبل. وقيل: دفن معه في قبره، تولى ذلك الرعاع والعوام، فقبض على من فعل ذلك وعوقب وحبس. ثم نبش أبو صالح ليلاً بعد أيام، ولم يعلم أين دفن؟ - رحمه الله -.

قلت: وأجاز لإبراهيم بن حاتم البعلبكي، وإسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والبدر حسن ابن الخلال، والقاضي الحنبلي، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وسعد بن محمد بن سعد، وأبي بكر بن عبد الدائم، وأبي نصر بن مميل، وغيرهم.

 

حرف الياء

يحيى بن إسحاق بن حمو بن علي، الأمير الجليل.

أبو زكريا، الصنهاجي، الميورقي - الذي خرج على بني عبد المؤمن - ويعرف بابن غانية.

توفي في أواخر شوال بالبرية بنواحي تلمسان.

ذكره الحافظ زكي الدين عبد العظيم فقال: يقال: إن خروجه كان من ميورقة في شعبان سنة ثمانين وخمس مائة، واستولى على بلاد كثيرة. وكان مشهوراً بالشجاعة والإقدام.

قلت: وقد أقام في بلاده الدعوة والخطبة لبني العباس، وقدم رسوله إلى العراق يطلب تقليداً بالسلطنة، فنفذت إليه الخلع واللواء. وقد ذكرنا ذلك في الحوادث.

يحيى ابن الخليفة الناصر محمد ابن المنصور المؤمني.

المغربي، أبو زكريا.

تملك المغرب بعد العادل عبد الله سنة أربع وعشرين، فكانت دولته ثلاثة أعوامٍ ونصفاً، وفي بعضها كان معه على جملة من الممالك ابن عمه.

مات يحيى في ذي القعدة أو شوال.

 

يعقوب بن علي بن يوسف.

أبو عيسى، الموصلي، الحكاك، الجوهري.

سمع من خطيب الموصل أبي الفضل الطوسي. وببغداد من: عبيد الله بن شاتيل، وعبد المغيث بن زهير، ونصر الله القزاز، وجماعةٍ.

وجاور بمكة، وحدث بها، وبالمدينة ومصر.

روى عنه: الزكي المنذري، والشرف ابن الجوهري، وعثمان بن موسى إمام الحطيم، وغيرهم.

قال المنذري: توفي في الرابع والعشرين من صفر ببغداد بالبيمارستان العضدي.

قلت: وقيل: إنه توفي بالمدينة سنة أربعٍ.

 

يوسف بن جبريل بن جميل بن محبوب.

أبو الحجاج، القيسي، اللواتي، الحنفي، البزاز.

ولد في حدود سنة سبعٍ وستين وخمسمائة.

وسمعه أبوه الإمام أبو الأمانة من السلفي، وبدر الخداداذي، وأحمد بن عبد الرحمن الحضرمي.

وقدم دمشق ولم يرو بها.

روى عنه: ابن النجار، والزكي عبد العظيم، والشهاب الأبرقوهي.

وتوفي في أواخر شعبان.

 

وفيها ولد

شيخنا زين الدين عبد الله بن مروان الفارقي، في المحرم.

وعز الدين عبد العزيز بن محمد ابن العديم الحنفي، قاضي حماة، في رمضان.

وبدر الدين محمد بن مسعود ابن التوزي.

والشمس محمد بن إسحاق بن محمد بن صقر: اللبيون، بحلب.

الشيخ يوسف بن قيس بن أبي بكر ابن الشيخ حياة بن قيس.

والبهاء أبو القاسم بن يحيى بن زياد، خطيب بيت لهيا.

والأمين عبد الله بن عبد الأحد بن شقير: الحرانيون، بها.

والصفي أحمد بن محمد بن إبراهيم الطبري، بمكة.

والبدر حسن بن علي بن يوسف بن هود المرسي، بها.

وشيخ تدمر عيسى بن ثروان. وشيخ الحرم الظهير محمد بن عبد الله بن منعة البغدادي.

وناصر الدين محمد بن نوح ابن المقدسي، وله حضورٌ في الأولى على ابن اللتي.

 

وفيات سنة أربعٍ وثلاثين وستمائة

حرف الألف

أحمد بن أكمل بن أحمد بن مسعود بن عبد الواحد بن مطر بن أحمد بن محمد.

الشريف، أبو العباس، الهاشمي، العباسي، البغدادي، الحنبلي، الخطيب، العدل.

ولد سنة سبعين وخمسمائة.

وسمع من: أبي الفتح بن شاتيل، ووفاء بن أسعد، وأبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل.

وحدث من بيته غير واحد.

توفي في ربيع الأول.

 

أحمد بن الخضر.

الأمير، شهاب الدين، الكاملي.

توفي في جمادى الأولى بالقاهرة. وكان من كبار الدولة.

 

أحمد بن سليمان بن كسا المصري.

الشاعر المشهور.

كان محتشماً، ذا ثروةٍ وله غلمان ترك.

توفي في صفر بالقاهرة. والأصح وفاته في السنة الآتية.

 

أحمد بن يوسف بن أيوب بن شاذي.

الملك المحسن، يمين الدين، أبو العباس، ابن سلطان صلاح الدين.

ولد سنة سبع وسبعين.

وسمع بدمشق من: أبي عبد الله بن صدقة الحراني، وحنبلٍ، وابن طبرزد، وبمصر من أبي القاسم البوصيري، وغير واحد.

وعني بالحديث وطلبه. وكتب، واستنسخ. وقرأ على الشيوخ. وكان مليح الكتابة، جيد النقل، متواضعاً متزهداً، حسن الأخلاق، مفضلاً على أصحاب الحديث وعلى الشيوخ. وحصل الكتب النفيسة والأصول المليحة، ووجد المحدثون به راحةً عظيمةً، وجاهاً ووجاهةً. وهو الذي كان السبب في مجيء حنبل وابن طبرزد. وكان كثير التحري في القراءة.

وسمع بمكة من أبي الفتوح ابن الحصري، وببغداد من عبد السلام الداهري.

سئل عنه الضياء فقال: سمع وحصل الكثير، وانتفع الخلق بإفادته، وطلب الحديث على وجهه.

ووجدت بخط السيف ابن المجد أنه ينبز بميل إلى التشيع.

قلت: روى عنه القاضي شمس الدين أبو نصر الشيرازي - وهو أكبر منه -، والقاضي مجد الدين العديمي، وسنقر القضائي. وبالإجازة: أبو نصر محمد بن محمدٍ المزي.

وتوفي بحلب في الرابع والعشرين من المحرم، وحمل إلى الرقة، فدفن بها بقرب قبر عمار بن ياسر.

 

أحمد بن أبي الذر بن معالي بن أبي البقاء.

أبو العباس، القطفتي، المقرئ، والضرير.

ولد سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وخمسين.

وسمع من: يحيى بن موهوب بن السدنك.

ومات في جمادى الأولى.

أجاز لفاطمة بنت سليمان، وعيسى المطعم، وجماعة.

 

أحمد بن أبي الغنائم بن صدقة بن أحمد بن الخضر.

أبو الفتح القرشي، الواسطي، الزاهد، نزيل الإسكندرية.

لقي جماعةً من المشايخ بالعراق. وقدم مصر وانتفع به طائفةٌ. وكان له القبول التام من العالم.

توفي في شوال.

إبراهيم بن عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الله.

أبو إسحاق، ابن الجباب، التميمي، السعدي، الأغلبي، المصري، الزاهد.

ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة في نصف رجب بمكة.

وسمع بالإسكندرية من السلفي.

كتب عنه عمر ابن الحاجب، والزكي المنذري. وروى لنا بالإجازة أبو المعالي الأبرقوهي.

وتوفي في خامس ذي القعدة.

وكان أبوه سنياً له مع بني عبيد مواقف وأمورٌ.

 

إبراهيم بن علي بن محمد بن الحسن بن تميم بن الحسين.

أبو إسحاق، التميمي، الصقلي، المحلي المولد والمنشأ، العدل، أمين الحكم بالمحلة.

ولد سنة خمسٍ وخمسين.

وسمع من السلفي.

روى عنه الزكي المنذري، وغيره من المصريين.

وحدثنا عنه عبد القوي بن عبد الكريم المنذري.

توفي في جمادى الآخرة.

 

إسحاق بن أحمد بن غانم.

أبو محمد، العلثي، الحنبلي، الزاهد.

سمع ببغداد من عبيد الله بن شاتيل، وغيره.

وحدث بالعلث.

وكان صالحاً، زاهداً فقيهاً، عابداً، قوالاً بالحق، أماراً بالمعروف، لا تأخذه في الله لومة لائمٍ.

توفي بالعلث في ربيع الأول.

ذكره الحافظ عبد العظيم فقال: قيل إنه لم يكن في زمانه أكثر إنكاراً للمنكر منه، وحبس على ذلك مدةً.

وهو ابن عم المحدث الزاهد طلحة بن مظفر العلثي - الذي مر في سنة 593.

والعلث: من قرى بغداد.

وقد سمع الشيخ إسحاق أيضاً من عبد الرزاق الجيلي، وابن الأخضر، وجماعةٍ.

روى عنه العماد إسماعيل بن علي الطبال.

وقيل: إنه مات في صفر، ذكره الفرضي.

ورأيت له رسالةً في ورقات كتبها إلى ابن الجوزي ينكر عليه خوضه التأويل، وينكر عليه ما خاطب به الملائكة على طريق الوعظ، فما اقصر، وأبان عن فضيلةٍ وورعٍ - رحمه الله -.

 

أسعد بن عبد الرحمن بن الخضر بن هبة الله بن حبيش.

وجيه الدين، أبو التمام، التنوخي، الدمشقي.

روى عن إسماعيل الجنزوري.

روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية. وأجاز للقاضي تقي الدين الحنبلي، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، وجماعة.

وتوفي في ثالث صفر.

وكان رئيساً فاضلاً، وشاعراً محسناً.

 

إقبال بن أبي محمدٍ.

أبو علي، الحريمي المشتري.

سمع من يحيى بن السدنك.

ومات في جمادى الأولى.

 

أنجب بن محمد بن أبي القاسم بن أبي الحسن بن صيلا.

أبو محمدٍ، الحربي، الحمامي.

سمع من قرابته أبي بكر عتيق بن صيلا في سنة اثنتين وستين وخمسمائة.

روى عنه بالإجازة: القاضيان شهاب الدين الخويي، وتقي الدين الحنبلي، والفخر إسماعيل بن عساكر، وأبو نصر ابن الشيرازي.

وتوفي في رمضان.

 

حرف الباء

بركات بن ظافر بن عساكر بن عبد الله بن أحمد.

المحدث، وجيه الدين، أبو اليمن، الأنصاري، الخزرجي، المصري، الصبان.

سمع الكثير من: أبي القاسم البوصيري، وأبي عبد الله الأرتاحي، وأحمد بن طارق الكركي،

وفاطمة بنت سعد الخير، وأبي نزارٍ ربيعة اليمني، وابن المفضل، وخلقٍ كثير. حتى إنه سمع ممن هو أصغر منه. وكتب الكثير.

وحدث. وعني بفن الرواية. ولم يزل يسمع إلى أن مات.

روى عنه الزكي المنذري، وبالإجازة غير واحد.

وله نظمٌ ونثر، ومعرفةٌ بالطب والهندسة.

ولد سنة ستين. وتوفي في أول ربيع الآخر.

وذكره ابن مسدي في "معجمه" فقال: كان يستفيد ولا يفيد، ويستعير ولا يعيد. وكان ينظم ويهجو ويستميح من يرجو. سمع مني وسمعت منه. مات، فرأيته غير مرة، ويقول: لقيت شدةً وما نظر لي في شيءٍ. ثم رأيته وقد حسن زيه وقال: رحمني ربي بصلاتي على النبي صلى الله عليه وسلم.

 

بركة بن أبي بكر بن عمر بن ربيع.

أبو محمدٍ، البغدادي، العلاف.

حدث عن أبي الحسين عبد الحق.

ومات في ربيع الأول عن نيفٍ وسبعين سنة.

روى عنه ابن النجار.

 

حرف الثاء

ثامر بن أبي افتح مسعود بن مطلق بن نصر الله بن محرز.

أبو المظفر، الربعي، الفرسي، الأزجي، الطحان، البواب.

ولد سنة ثمانٍ وخمسين وخمسمائة.

وسمع من أبي الفتح بن البطي.

وكان اسمه قديماً يحيى، ثم اشتهر بثامر.

روى عنه أبو القاسم علي بن بلبان "جزء" البانياسي.

وأجاز له الفخر ابن عساكر، وسعد الدين بن سعد، وأحمد بن أبي طالب الشحنة، وعيسى المطعم، وأبي نصرٍ محمد بن محمد ابن الشيرازي.

وتوفي في أواخر المحرم.

حرف الحاء

حسين بن مسعود بن بركة.

أبو عبد الله، البغدادي، البيع.

سمع من: مسلم بن ثابت النخاس، وأبي الخير القزويني.

وأجاز للقاضي شهاب الدين الخويي، وللكمال أحمد ابن العطار، وفاطمة بنت سليمان.

وتوفي في رابع عشر رمضان.

وقد تفرد بإجازته أبو النصر ابن الشيرازي.

 

حمد بن أحمد بن محمد بن بركة بن أحمد بن صديق بن صروف، الفقيه.

موفق الدين، أبو عبد الله، الحراني، الحنبلي، ولد سنة ثلاثٍ أو أربع وخمسين.

رحل إلى بغداد، وتفقه على ناصح الإسلام أبي الفتح بن المني، وأبي الفرج ابن الجوزي.

وسمع من: عبد الحق اليوسفي، وأبي هاشم عيسى الدوشابي، وتجني الوهبانية، وأبي الفتح بن شاتيل، وعبد المغيث بن زهيرٍ، وغيرهم. وسمع بحران من أحمد بن أبي الوفاء الصائغ، وعبد الوهاب بن أبي حبة.

وأعاد بمدرسة حران مدةً، وحدث بها، وبدمشق.

وكان ثقةً، فقيهاً، صحيح السماع.

روى عنه: الزكي المنذري، والشرف ابن النابلسي، والمجد ابن الحلوانية، والشهاب الأبرقوهي، والبدر أبو علي ابن الخلال، ومحمد بن أبي الذكر، وآخرون.

توفي ابن صديق في سادس عشر صفر بدمشق، ودفن بسفح قاسيون.

 

حمزة - ويسمى عبد الرحمن - بن الحسين بن أبي الحسين أحمد بن حمزة بن علي بن

الحسن بن الحسين.

أبو طاهرٍ، ابن الموازيني، السلمي، الدمشقي، العطار.

حدث عن: جده، وأبي سعد بن أبي عصرون، ويحيى الثقفي.

روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، وجماعةٌ. ولم ألق أحداً من أصحابه.

توفي في جمادى الآخرة.

وقد أجاز للفخر ابن عساكر، والشرف المخرمي، وجماعةٍ.

 

حيدر بن محمد بن زيد بن محمد، السيد.

أبو الفتوح، الحسيني، نقيب الأشراف بالموصل.

كان صدراً جليلاً، محتشماً. له مصنف في "صفات سيد البشر"، وله شعر متوسط.

 

حرف الخاء

خديجة بنت أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن العباس بن عبد الحميد الحراني.

أم محمد. امرأةٌ صالحةٌ مسنة.

سمعت من أبيها "جزء" الحفار.

كتب عنها جماعةٌ.

وأجازت للفخر ابن عساكر، وللقاضي شهاب الدين الخويي، وفاطمة بنت سليمان، وعيسى المطعم، وأبي بكر بن عبد الدائم. وأحمد ابن الشحنة، وجماعةٍ.

وتوفيت في سادس عشر ذي الحجة.

قال ابن النجار: جاوزت الثمانين.

 

الخليل بن أحمد بن علي بن خليل بن إبراهيم بن خليل بن وشاح.

أبو طاهرٍ، الجوسقي الصرصري، الخطيب بها.

ولد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة.

وقرأ القراءآت على جماعة.

وسمع من: والده الشيخ أبي العباس، وأبي الفتح بن البطي، وعبد الله بن عبد الصمد السلمي، وشهدة، وصدقةً بن الحسين الناسخ، والأسعد ابن يلدرك.

وخطب بجامع صرصر الدير بعد والده. وكان صالحاً، عالماً، خيراً.

روى عنه: أبو الفرج أيوب بن محمود ابن البعلبكي، وأبو القاسم علي بن بلبان، ومحمد بن مؤمن، والجمال أبو بكر الشريشي، ومحمد بن مكي بن حامد الإصبهاني، ثم الدمشقي، وأحمد بن محمد الطيبي التاجر، ومحفوظ بن الحامض.

وأجاز للقاضيين ابن الخويي والحنبلي، وسعد الدين بن سعد، وأبي بكر بن عبد الدائم، وأبي نصرٍ محمد بن محمد ابن الشيرازي، وجماعةٍ.

وتوفي في العشرين من ربيعٍ الأول.

 

خليل بن إبراهيم بن خليل.

أبو الصفاء، العقيسي، الدمشقي.

شيخٌ معمر. سمع في كبره من: أحمد بن وهب بن الزنف، وإلياس بن أحمد المقرئ.

روى عنه: الزكي البزالي، والمجد ابن الحلوانية، وغيرهما.

وتوفي في صفر.

وكان يقرئ بالجامع.

 

حرف الراء

رضوان بن عمر بن علي بن خميس.

أبو الجنان، الديباجي، الدمشقي، الكاغدي، الحلاوي، الشاعر.

قدم مصر بعد الستمائة، ومدح جماعةً، وله شعرٌ جيدٌ، روى عنه منه زكي الدين عبد العظيم.

ومات في نصف ربيع الأول.

 

حرف السين

سرخاب بن زرير بن سرخاب بن أبي الفوارس.

الشريف، أبو المناقب، الحسيني، الدينوري، الصوفي، الحنبلي، نزيل دمشق.

حدث عن النسابة أبي علي بن محمد بن أسعد الجواني، والخشوعي.

روى عنه المجد ابن الحلوانية، وغيره. وبالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، وجماعةٌ.

توفي في السادس والعشرين من المحرم بدمشق.

 

سعيد بن محمد بن ياسين بن عبد الملك بن مفرج.

أبو منصور، بن أبي نصر، البغدادي، البزاز، السفار.

فذكر أبو طالب بن أنجب في "تاريخه": أنه حج تسعاً وأربعين حجةً.

قلت: كان يحج تاجراً.

سمع من: أبي الفتح بن البطي، وجعفرٍ وتركناز ابني عبد الله بن محمد الدامغاني.

روى عنه: عز الدين أحمد الفاروثي، وأبو القاسم بن بلبان، وغيرهما. وبالإجازة القاضيان ابن

الخويي، وتقي الدين سليمان، والفخر إسماعيل بن عساكر، وأبو نصرٍ محمد بن محمد المزي، والقاسم بن عساكر.

توفي في خامس صفر.

قال ابن النجار: أسقطت شهادته لسوء طريقته وظلمه.

 

سعيد بن محمد بن سعيد الظهيري.

روى عن: أبي منصور بن عبد السلام، وابن كليب.

وكان سيخاً مهيباً، جليلاً.

أجاز لأبي نصر ابن الشيرازي، وسعدٍ، والمطعم، وغيرهم.

 

سليمان بن مسعود الطوسي.

ثم الحلبي، الشاعر.

توفي بحلب في صفر.

ومن شعره.

وذي هـيفٍ فـــيه يقـــوم لـــعـــاذلـــيبـــعـــذرى إذا مـــا لام لام عــــــذاره

فـلا بـدر إلاّ مـابـــدا مـــن جـــيوبـــهولا غـصـن إلا مـا انـثـنـى فـي إزاره

 

سليمان بن موسى بن سالم بن حسان الحميري.

الكلاعي، الأندلسي، البلنسي.

هو الحافظ الكبير، أبو الربيع ابن سالم.

ولد في رمضان سنة خمسٍ وستين وخمسمائة.

وكان بقية أعلام الحديث ببلنسية.

ذكره أبو عبد الله الأبار، فقال: سمع ببلده أبا العطاء بن نذير، وأبا الحجاج بن أيوب. ورحل، فسمع أبا القاسم بن حبيش، وأبا بكر بن الجد، وأبا عبد الله بن زرقون، وأبا عبد الله ابن الفخار، وأبا محمد بن عبيد الله، وأبا محمد بن بونه، وأبا الوليد بن جمهور، ونجبة بن يحيى، وخلقاً سواهم. وأجاز له أبو العباس بن مضاء، وأبو محمد عبد الحق صاحب "الأحكام" وآخرون. وعني أتم عنايةٍ بالتقييد والرواية. وكان إماماً في صناعة الحديث، بصيراً به، حافظاً، حافلاً، عارفاً بالجرح والتعديل، ذاكراً للمواليد والوفيات، يتقدم أهل زمانه في ذلك،

وفي حفظ أسماء الرجال، خصوصاً من تأخر زمانه وعاصره. وكتب الكثير، وكان الخط الذي يكتبه لا نظير له في الإتقان والضبط، مع الاستبحار في الأدب والاشتهار بالبلاغة، فرداً في إنشاء الرسائل، مجيداً في النظم، خطيباً، فصيحاً، مفوهاً، مدركاً، حسن السرد والمساق لما يقوله، مع الشارة الأنيقة والزي الحسن. وهو كان المتكلم عن الملوك في مجالسهم والمبين عنهم لما يريدونه على المنبر في المحافل. ولي خطابة بلنسية في أوقاتٍ. وله تصانيف مفيدة في عدة فنون، ألف كتاب "الاكتفاء في مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم والثلاثة الخلفاء"، وهو في أربعة مجلداتٍ، وله كتابٌ حافلٌ في معرفة الصحابة والتابعين لم يكمله، وكتاب "مصباح الظلم" يشبه "الشهاب"، وكتاب في "أخبار الإمام أبي عبد الله البخاري وسيرته"، وكتاب "الأربعين"، وتصانيف سوى ذلك كثيرةٌ في الحديث، والأدب، والخطب. وإليه كانت الرحلة في عصره للأخذ عنه. أخذت عنه كثيراً، وانتفعت به في الحديث كل الانتفاع، وحضني على هذا التاريخ يعني تكملة الصلة.

قال: وأمدني من تقييداته وطرفه بما شحنته به. واستشهد بكائنة أنيشة على ثلاثة فراسخ من بلنسية، مقبلاً غير مدبرٍ، في العشرين من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين. وكان أبداً يحدثنا أن السبعين منتهى عمره لرؤيا رآها. وهو آخر الحفاظ والبلغاء المترسلين بالأندلس.

قلت: وقد روى أبو العباس ابن الغماز قاضي تونس عدة دواوين.

قال ابن الغماز: أنشدنا أبو الربيع لنفسه: قـبـائح آثــارٍ شـــغـــلـــن ظـــنـــونـــيوخـوقـن أفـــكـــاري لـــقـــاء مـــنـــون

وكيف اعتـذاري عـن ذنـوبـي وقـبـحـهـاويأبـى لـي الـعـذر الـجـمـيل حـقــينـــي

على أن لي من حسـن ظـنّـي بـخـالـقـيمـعـاذاً بـحـصـنٍ فـي الـمـعـاد حـصــين

فـإن أوبـقـتـنـي سـلــفـــاتٌ تـــقـــدمـــتفـحـســن يقـــينـــي بـــالإلـــه يقـــينـــي

قال ابن مسدي: لم ألق مثله جلالةً، ونبلاً، ورياسةً وفضلاً. وكان غماماً مبرزاً في فنونٍ من منقولٍ ومعقولٍ، ومنشورٍ وموزونٍ، جامعاً للفضائل. وبرع في علوم القرآن والتجويد والأدب، فكان ابن بجدته، وهو ختام الحفاظ، ندب لديوان الإنشاء فاستعفى. أخذ القراءآت عن أصحاب ابن هذيل. رحل واختص بأبي القاسم بن حبيش بمرسية. أكثرت عنه - رحمه الله -.

وقال أبو العباس ابن الغماز: وله كتاب "الأربعين" عن أربعين شيخاً، وكتاب "الموافقات

العوالي"، و"جزء" المسلسلات.

وقال أبو محمد المنذري: في العشرين من ذي الحجة توفي الحافظ أبو الربيع الكلاعي الخطيب الكاتب شهيداً بيد العدو - خذله الله - بظاهر بلنسية. ومولده بظاهر مرسية في مستهل رمضان سنة خمسٍ وستين. سمع ببلنسية من محمد بن جعفر النحوي، وأبي الحجاج يوسف بن عبد الله، وأبي بكر أحمد بن أبي المطرف، وبمرسية من أبي القاسم عبد الرحمن بن حبيش، بإشبيلية، وشاطبة، وغرناطة، وسبته، ومالقة، ودانية. وجمع مجاميع مفيدة تدل على غزارة علمه وكثيرة حفظه ومعرفته بهذا الشأن. وكتب إلينا بالإجازة من بلنسية سنة أربع عشرة وستمائة.

 

حرف الضاد

الضحاك بن أبي بكر بن أبي الفرج.

أبو الفرج، القطيعي، النجار، المعروف بابن الأطروش.

ولد سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة ظناً.

وسمع من أبي المكارم المبارك الباذرائي.

وتوفي في تاسع شعبان.

وكان صالحاً، خيراً.

سمع منه الكمال ابن الدخميسي، والسيف ابن المجد.

وحدثنا عنه بالإجازة: أبو المعالي الأبرقوهي، وفاطمة بنت سليمان، والقاضي تقي الدين الحنبلي، والفخر إسماعيل بن عساكر، ومحمد بن محمد ابن الشيرازي، والمطعم وسعدٌ، وابن الشحنة.

 

حرف العين

عبد الله بن إسماعيل بن الحسين.

الواعظ، أبو طالبٍ، ابن الفخر، غلام ابن المني.

تنقل في البلاد، ووعظ بالقاهرة مدةً. وما أقام ببلدةٍ مدة إلا أزعج منها لسوء سيرته.

سمع من ابن كليب "جزء" ابن عرفة.

مات في شعبان كهلاً.

عبد الله ابن القاضي أبي الطاهر إسماعيل بن رمضان بن عبد السميع.

القاضي، الرئيس، أبو الفضل، الإسكندراني، المالكي، ناظر الإسكندرية.

سمع من السلفي. وحضر أبا محمد العثماني، وأخاه أبا الطاهر إسماعيل بن عبد الرحمن العثماني.

وولي النظر مدةً وغير ذلك من الخدم.

روى عنه الزكي المنذري، وسأله عن مولده فقال: في شعبان سنة ستٍ وستين. وتوفي في الرابع عشر من جمادى الآخرة. قال: وكان محباً لأهل الصلاح والخير ساعياً في حوائجهم، مؤثراً للاجتماع بهم والانقطاع إليهم.

قلت: أجاز لأبي الفضل محمد بن محمد ابن الشيرازي، والفخر إسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان.

 

عبد الله بن صالح بن عيسى بن عبد الملك.

الفقيه، أبو محمد، المصري، المالكي.

تفقه على: أبي محمد بن اللهيب، وأبي المنصور ظافر الأزدي، وأبي البركات هبة الله بن ثعلب.

ودخل الإسكندرية ورأى الإمام أبا طاهر السلفي، وحكى عنه، وعن أبي الطاهر بن عوف.

روى عنه الزكي المنذري، وقال: كان على طريقة أهل العلم والصلاح، مقبلاً على ما يعنيه.

مضى على سدادٍ وأمرٍ جميلٍ. ولد سنة سبع وأربعين وخمسمائة. وتوفي بالفرعونية من أعمال الغريبة في العشرين من جمادى الأولى.

 

عبد الله بن معالي بن أبي بكر.

أبو بكر الديناري، الخياط. توفي ببعقوبا في جمادى الآخرة.

سمع من شهدة، وعبد الحق. لا أعرفه.

 

عبد الرحمن بن إبراهيم بن محفوظ.

أبو علي، البغدادي، القطان.

سمع من عبد الحق.

وتوفي في أول رجب.

ولا أعرفه أيضاً. فإن كان ابن البزازة فقد أجاز لأبي نصر ابن الشيرازي.

 

عبد الرحمن بن حمدان بن أحمد، القاضي.

أبو محمد، الكناني، التكريتي، قاضي الكرك.

سمع بالموصل من أبي ياسرٍ عبد الوهاب بن أبي حبة، وبدمشق من إسماعيل الجنزوي، وجماعة. وسمع الكثير. وكتب بخطه مع الدين والفضل. وناب في القضاء بدمشق.

روى عنه المجد ابن الحلوانية، وغيره.

وتوفي في جمادى الآخرة.

 

عبد الرحمن ابن العلامة أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن مهران.

الفقيه، صدر الدين، أبو القاسم، القرميسيني، ثم الإسكندراني، الشافعي، العدل، الحاكم.

له أدبٌ وشعرٌ جيدٌ، وفضائل. وولي الحكم بالغربية مدةً. وخدم في الديوان، ودرس بمصر بزاوية المجد البهنسي مدة.

كتب عنه الزكي المنذري وقال: كان عالي الهمة، حاد القريحة. توفي في صفر.

 

عبد الرحمن بن محمود بن أبي منصور.

الشيخ الصالح أبو منصورٍ، الدمشقي الحنفي، النصولي.

سمع من: القاضي أبي سعد عبد الله بن أبي عصرون، وابن صدقة الحراني. وببغداد من: ذاكر بن كامل ، وابن بوش، وابن كليب. وبمصر من: أبي القاسم البوصيري، وغيرهم.

روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والمؤيد علي ابن خطيب عقرباء، وجماعةٌ. وأجاز لغير واحد.

وتوفي في ثامن ربيع الآخر.

 

عبد الرحمن بن نجم ابن شرف الإسلام أبي البركات عبد الوهاب ابن الشيخ الإمام أبي

الفرج عبد الواحد بن محمد بن علي.

الإمام، ناصح الدين، أبو الفرج، ابن الحنبلي، الأنصاري، السعدي، العبادي، الشيرازي الأصل، الدمشقي، الحنبلي، الواعظ.

ولد في شوال سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. واشتغل بالوعظ وبرز فيه.

ورحل وسمع من: شهدة، وأبي الحسين عبد الحق، ومسلم بن ثابت، وأبي شاكرٍ يحيى

السقلاطوني، وتجني الوهبانية، ونعمة بنت القاضي أبي خازم محمد ابن الفراء، وجماعةٍ ببغداد. والحافظ أبي موسى المديني، وأحمد بن أبي منصور الترك بإصبهان. وبهمذان من عبد الغني بن أبي العلاء.

وحدث. ووعظ بمصر ودمشق. وكان له قبولٌ زائد.

وصنف، ودرس، وأفتى، وله خطبٌ ومقاماتٌ. وكتاب "تاريخ الوعاظ" وأشياء في الوعظ.

وكان حلو الكلام، جيد الإيراد، شهماً، مهيباً، صارماً. وكان رئيس المذهب في زمانه بالشام.

وهو من بيت العلم والجلالة والسؤدد.

روى عنه: الدبيثي، والضياء، والبرزالي، والزكي المنذري، والجمال ابن الصابوني، والشمس ابن الكمال، والشمس ابن خازم، والعز ابن العماد، والتقي بن مؤمن، ونصر الله بن عياش، ومحمد بن أبي بكر بن بطيخ، وأحمد بن إبراهيم الرقوقي، وعبد الحميد بن خولان، وعلي بن بقاءٍ المقرئ، ومحمد بن علي الطواسي، والشهاب محمد بن مشرف، وطائفةٌ سواهم. وقد تفرد بالرواية عنه حضوراً أبو بكر بن عبد الدائم. وروى بالإجازة القاضيان ابن الخويي، وتقي الدين بن أبي عمر.

أخبرنا محمد بن علي بقراءتي، اخبرنا عبد الرحمن بن نجم الواعظ، أخبرنا أبو موسى الحافظ، أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا إسحاق بن حمزة، حدثنا عبدان.

قال أبو نعيم: وحدثنا الحسين بن محمد بن رزين الخياط، حدثنا الباغندي.

قالا: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا عبد الرحمن بن جابر، حدثنا عطية بن قيس، عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري، أخبرني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري - والله ما كذبني - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليكونن في أمتي أقوامٌ يستحلون الحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوامٌ إلى جنب علمٍ يروح عليهم بسارحةٍ فيأتيهم رجلٌ لحاجةٍ، فيقولون له: ارجع إلينا غداً. فيبيتهم الله تعالى، ويضع العلم عليهم، ويمسخ آخرون قردةً وخنازير". أخرجه البخاري تعليقاً عن هشام، ورواه الدبيثي في "تاريخه" عن الناصح.

توفي في ثالث المحرم بدمشق، ودفن بسفح قاسيون بتربتهم.

 

عبد الرحمن ابن الشيخ أبي البقاء العكبري.

أبو محمدٍ.

سمع أكثر مصنفات والده أبي البقاء عبد الله بن الحسين، وسمع من ابن كليب.

وتوفي كهلاً.

 

عبد السلام بن جعفر.

أبو الغنائم التكريتي، العدل.

سمع ابن شاتيل.

 

عبد العزيز بن عبد الملك بن عثمان المقدسي.

الحنبلي، الفقيه، العز.

من كبار العلماء.

تفقه على الشيخ الموفق، ورحل إلى إصبهان، وسمع من: أبي الفخر أسعد بن سعيد، وغيره.

روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والشيخ شمس الدين بن أبي عمر.

وأجاز للشيخ علي بن هارون، وللشهاب محمد بن مشرف، وللشرف إبراهيم ابن المخرمي، وغيره.

قرأت بخط الضياء: وفي يوم الاثنين حادي عشر ذي القعدة توفي الفقيه الإمام العالم أبو محمد عبد العزيز بن عبد الملك - رحمة الله عليه ورضوانه -. وكان إماماً عالماً فطناً ذكياً. وفقد ألقى الدرس مدةً بمدرسة شيخنا أبي عمر. وكان ديناً خيراً. دفن في تربة خال أمه الشيخ موفق الدين.

 

عبد العزيز بن محمد بن علي بن حمزة بن فارس.

أبو البركات ابن القبيطي.

سمع مع أخيه عبد اللطيف من: شهدة، وأبي نصرٍ عبد الرحيم اليوسفي، وابن شاتيل، ومحمد بن نسيم.

وكان من أعيان قراء بغداد، جيد الأداء، طيب الصوت. قرأ القراءآت على عمه أبي يعلى حمزة. وأم بمسجدهم على باب البدرية. وكان فقيهاً، ديناً، شافعياً، حسن السمت.

ولد سنة ثلاثٍ وستين. وتوفي في رابع عشر ربيع الأول.

روى عنه أبو القاسم بن بلبان. وأجاز للبهاء ابن عساكر.

قال ابن النجار: قرأت عليه كتاب "التذكار" لابن شيطا بسماعه من أبي نصرٍ عبد الرحيم بن

يوسف، عن الباقرحي، عنه. وكان صدوقاً.

 

عبد العزيز بن نصر بن هبة الله بن سلامة بن معالي.

أبو محمد الحراني، الحنبلي، الصفار، العدل، المعروف بابن أبي الربع.

سمع من: أبي الفتح أحمد بن أبي الوفاء.

وأجاز له أبو الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي، وتجني الوهبانية، وجماعةٍ.

روى عنه: الحافظ عبد العظيم، وعمر ابن الحاجب، وغيرهما.

وقد سمع بدمشق من الشيخ الموفق.

 

عبد القادر بن عبد القاهر بن أبي الفرج عبد المنعم بن أبي الفهم، الفقيه.

الإمام، ناصح الدين، أبو الفرج، الحراني، الحنبلي.

تفقه بحران وسمع بها من ابن طبرزد، وببغداد من يحيى بن بوش، وابن كليب، وبدمشق من ابن صدقة الحراني، ويحيى الثقفي، وعبد الرحمن بن علي الخرقي.

وأقرأ، وحدث، وأفاد، ودرس، وأفتى.

كتب عنه عمر ابن الحاجب وقال: عرض عليه قضاء حران، فامتنع، وكان مفتياً، صالحاً، لم يكن ببلده مثله.

ولد سنة ثلاثٍ وستين وخمسمائة.

وروى عنه: الزكي المنذري، والنجم أحمد بن حمدان الفقيه. وبالإجازة أبو المعالي الأبرقوهي، وأظن أن ابن حمدان تفقه عليه.

توفي في حادي عشر ربيع الأول بحران.

رأيت شيخنا ابن تيمية يبالغ في تعظيم شأنه ومعرفته بالمذهب.

 

عبد القادر بن عبد الله ابن الفقيه القدوة الشيخ عبد القادر الجيلي.

أبو محمد.

سمع من أبي الحسين عبد الحق.

وحدث.

ومات بسواد بغداد في ربيع الآخر.

 

عبد القادر بن أبي عبد الله محمد بن الحسن.

الإمام، شرف الدين، أبو محمدٍ، ابن البغدادي، المصري، الشافعي.

رحل من الشام في الصبى وسكن القاهرة، وتفقه بها على الشهاب محمد بن محمود الطوسي.

ودرس بجامع السراجين، ثم بالمدرسة القطبية إلى حين وفاته. وكان قد تفقه بدمشق على القطب مسعود بن محمد النيسابوري، وسمع من الحافظ ابن عساكر بعض مجالسه.

وولد في سنة ثلاثٍ وخمسين.

روى عنه الزكي المنذري وقال: كان فقيهاً حسناً، من أهل الدين والعفاف، طارحاً للتكلف مقبلاً على ما يعينه. توفي في الثاني والعشرين من شعبان.

قلت: روى لنا عنه أحمد بن عبد الكريم الواسطي.

وأجاز للقاضي شهاب الدين ابن الخويي، ولأحمد بن أبي الغنائم بن علان، وجماعةٍ.

وقال ابن مسدي: ولد بدمشق، وكان رأساً في الفتوى، مشاراً إليه بالبر والتقوى. سكن القاهرة.

 

عبد اللطيف ابن الأديب البارع أبي الفتح محمد بن عبيد الله ابن التعاويذي.

أبو القاسم، البغدادي، الحاجب.

ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.

وسمع من: شهدة الكاتبة، وأبي الحسين عبد الحق. وسمع من والده ديوانه.

روى عنه: السيف ابن المجد، وعبد اللطيف بن بورنداز، وجمال الدين أبو بكر الشريشي، وأبو القاسم علي بن بلبان، وأبو عبد الله محمد ابن المجير الكتبي، وغيرهم. وبالإجازة: الفخر إسماعيل بن عساكر، وأبو نصر محمد بن محمد الشيرازي، وفاطمة بنت سليمان، ويحيى بن محمد بن سعد، وعيسى المطعم، وآخرون.

توفي في الثاني والعشرين من صفر.

 

عبد المنعم بن جماعة بن ناصر، صائن الدين.

أبو محمد، الحمزي، الشارعي.

شيخٌ صالحٌ، خيرٌ. صحب المشايخ، وسمع من فاطمة بنت سعد الخير وزوجها ابن نجا الواعظ.

حدثنا عنه أبو المعالي الأبرقوهي.

وتوفي في تاسع جمادى الأولى.

عبد الواحد بن نزار بن عبد الواحد البغدادي.

أبو نزار، التستري. ابن الجمال، الرجل الصالح.

شيخٌ دين، معمر. كان يمكنه السماع من ابن الطلاية، والأرموي، لأنه ولد في رمضان سنة ثمانٍ وثلاثين.

سمع من علي بن محمد بن أبي عمر البزاز، وعمر الحربي، سمع منها مجلساً من "أمالي" طراد، تفرد في الدنيا به، وبإجازة المبارك بن أحمد الكندي.

كتب عنه عمر ابن الحاجب، والقدماء.

وحدث عنه: أبو القاسم بن بلبان، وأبو بكر محمد بن أحمد البكري الأصولي. وبالإجازة: الفخر إسماعيل بن عساكر، والقاضيان ابن الخويي وتقي الدين سلمان، وسعد الدين بن سعد، وعيسى بن عبد الرحمن المطعم، وأحمد بن أبي طالب الحجار، وجماعةٌ.

وقال ابن النجار: سمعنا منه قديماً. وهو شيخٌ متيقظٌ لا بأس به.

توفي في عاشر شعبان. وأخوه بركة سمع من هبة الله ابن الطبر، وقد مر سنة ستمائة.

 

عبيد الله بن بيرم بن يوسف بن خمرتكين، شمس الدين.

أبو محمد، الصوري، ثم الحلبي، المحدث.

ولد سنة أربعٍ وسبعين، وعاش ستين سنة.

طلب، وكتب، وتعب، وأفاد، وحصل الأصول.

وروى عن الافتخار الهاشمي فمن بعده.

 

عثمان بن حسن بن علي بن الجميل محمد بن فرح.

أبو عمرو، الكلبي، السبتي، اللغوي.

أخو أبي الخطاب ابن دحية.

سمع مع أخيه، ووحده من جماعةٍ كثيرةٍ منهم: أبو القاسم خلف بن بشكوال، وأبو بكر بن الجد، وأبو عبد الله بن زرقون، وأبو الحسن الشقوري، وأبو بكر بن خيرٍ،وأبو الحسين بن ربيعٍ، وأبو محمد بن عبيد الله، وأبو القاسم السهيلي.

قال الأبار: لكنه كان لا يحدث عن السهيلي ويقع فيه. ومن شيوخه الذين سمع منهم: أبو محمد بن بونه، وأبو محمد عبد المنعم بن الخلوف. وحج، وحدث بإفريقية، ونزل القاهرة عند أخيه

وفي كنفه. ورأس.

قلت: ودرس بعده بالكاملية. وكان مولعاً بالتقعير في كلامه ورسائله لهجاً بذلك.

ورخه أبو شامة فيها: ولم يذكره المنذري.

وقال الأبار: توفي سنة خمسٍ أو ستٍ وثلاثين.

ثم ظفرت بوفاته، ذكرها ابن واصلٍ في ثالث عشر جمادى الأولى سنة أربعٍ وثلاثين.

وكان من كبار الأئمة، لكنه يتمقت بما يستعمله من اللغة في رسائله.

سمع "الملخص" للقابسي منه أبو محمد الجزائري.

وقد ذكره ابن نقطة فقال: رأيته بالإسكندرية - لما قدم - والناس مجتمعون عليه بالجامع يوم الجمعة يسمعهم "الترمذي"، فقلت لرجل: أمن أصلٍ؟ فقال: قد قال الشيخ لا أحتاج إلى أصل، اقرؤوه من أي نسخةٍ شئتم، فإني أحفظه. ثم ظهر منه كلامٌ قبيحٌ في ذم مالك والشافعي، وغيرهما. فتركت الاجتماع به لذلك.

قلت: نعم كان يسيء الأدب - في درسه - على العلماء.

قال ابن مسدي: أربى أبو عمرو على أخيه بكثرة السماع كما أربى عليه أخوه بالفطنة، وكرم الطباع. وكان متزهداً، لم يكن له أصولٌ. وكان شيخه ابن الجد يصله ويعظمه. ولما بلغه حالٌ أخيه بمصر، نهد إليه، ونزل عليه إلى أن خرف أخوه فيما أنهي إلى الكامل فجعله عوضه بالكاملية. وكان متساهلاً يحدث من غير أصلٍ. وألف "منتخباً" في الأحكام. مات في جمادى الأولى عن ثمانٍ وثمانين سنة.

 

عزيزة بنت عبد الملك الهاشمية.

أم أبي العباس.

المرأة الصالحة، الزاهدة.

ولدت بمرسية، ونشأت بقرطبة، وعمرت بضعاً وثمانين سنة. وقدمت ديار مصر وصحبت الشيخ الزاهد أبا إسحاق إبراهيم بن طريف مدةً وخدمته، وحجت.

وكان الشيخ عتيقٌ وأبو العباس الرأس يثنون عليها كثيراً.

علق عنها الحافظ عبد العظيم.

وتوفيت في رجب.

علي بن أحمد بن عبد الله بن محمد.

أبو الحسن، ابن خيرة، البلنسي، المقرئ. خطيب بلنسية.

قال الأبار: أخذ عن أبي جعفر طارق بن موسى قراءة ورشٍ. وأخذ القراءآت عن شيخنا أبي جعفر بن عون الله. وسمع من أبي العطاء بن نذير، وغيره. وأجاز له أبو عبد الله بن حميد، وأبو محمد بن عبيد الله، وحج سنة ثمانٍ وسبعين، وجاوز وسمع من: أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وحمادٍ الحراني، وعبد المجيد بن دليل، سمع منه "سنن" أبي داود عن أبي بكر الطرطوشي في سنة تسع وخمسمائة، وسمع من الإمام عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي ببجاية، ومن أبي حفص عمر الميانشي بمكة. وانصرف إلى بلده وأقام على حاله من الانقباض وحسن السمت إلى أن قلد الصلاة، فتولاها أربعين سنة لم يحفظ عنه سهوٌ فيها إلا في النادر. وأقرأ القرآن وقتاً. وحدث. وأخذ الناس عنه. وكان عدلاً راجح العقل. وفي "مشيخته" كثرة. تلوث عليه بالقراءآت السبع، وسمعت منه جل ما عنده. واختلط قبل موته بأزيد من عام، وأخر عن الصلاة في رجب سنة ثلاثٍ وثلاثين وستمائة لاختلالٍ ظهر في كلامه. ولم يسمع منه بعد ذلك شيءٌ. وتوفي في أواخر رجب سنة أربع، وكانت جنازته مشهودة حضرها السلطان، ونزل في قبره أبو الربيع بن سالم. وولد سنة خمسين أو إحدى وخمسين وخمسمائة.

قلت: لقيه ابن الغماز فقال: سمعت منه "سنن" أبي داود، وسمعت منه كتاب "الشهاب" للقضاعي، بسماعه من الحضرمي، بسماعه من الرازي، عنه.

 

علي بن سليمان بن إيداش بن السلار، الأمير، شجاع الدين.

أبو الحسن، الدمشقي، الحنفي، أمير الحاج.

ورخه أبو المظفر ابن الجوزي في سنة ثلاث - كما ذكرنا - وإنما توفي في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربعٍ.

كما ورخه المنذري قال: وحدث عن محمد بن حمزة بن أبي الصقر، والخشوعي. وكان منقطعاً عن الناس، محباً للفقراء، تاركاً للإقبال على الدنيا. وحج بالناس مراراً - رحمه الله -.

 

علي بن محمد بن جعفر بن معالي.

أبو الحسن ابن أبي الفرج، البصري، ثم البغدادي، التاجر المؤدب، المعروف بابن كبة.

كان يؤدب الصبيان.

وولد سنة خمسٍ وخمسين.

وسمع من أبي الفتح بن البطي.

روى عنه: ابن الدبيثي، وعز الدين أحمد الفاروثي، وعلاء الدين علي بن بلبان، وجمال الدين محمد الشريشي، وجماعة. وأجاز للقاضي تقي الدين، ولعيسى المطعم، وسعدٍ، وفاطمة بنت جوهر، واحمد ابن الشحنة، وأبي بكر بن عبد الدائم.

وتوفي في نصف رجب.

 

علي بن أبي الفتح بن يحيى الحكيم.

كمال الدين، أبو الحسن، ابن الكناري، الموصلي، الطبيب، الصفار.

روى عن خطيب الموصل أبي الفضل.

ولد في حدود سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة.

وتوفي بحلب في المحرم.

روى عنه: مجد الدين ابن العديم، وشهاب الدين ابن تيمية، وعلاء الدين سنقر القضائي.

أخبرنا سنقر، أخبرنا أبو الحسن الكناري، أخبرنا أبو الفضل الطوسي، أخبرنا منصور بن بكر، أخبرنا محمد بن علي، حدثنا الأصم، حدثنا ابن المنادي، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا أشعث، عن الحسن، عن جابر قال: كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا صعدنا كبرنا، وإذا هبطنا سبحنا.

 

علي بن أبي الفرج بن أبي منصور بنعلي.

أبو القاسم، ابن البعقوبي.

ولد سنة خمسٍ وأربعين.

وأجاز له الشيخ عبد القادر، وابن البطي.

وسمع في الكهولة من عبد المنعم بن كليب، وجماعةٍ.

توفي بالموصل في جمادى الأولى.

 

عمر بن أبي البركات بن هبة الله.

أبو حفص، ابن السمين. شيخٌ بغداديٌ.

سمع من: عبد الحق اليوسفي، وعبيد الله الشاتيلي، وغيرهما.

توفي في سابع عشر ربيع الأول.

 

حرف الفاء

فتوح بن نوح بن عيسى بن نوح.

العدل، خطير الدين، أبو نصرٍ، الساماني، الخويي، نزيل دمشق.

كان مختصاً بخدمة العماد الكاتب، فسمع منه ومن بركات الخشوعي، وبواسط من أبي الفتح ابن المندائي، وبمصر والإسكندرية.

روى عنه: مجد الدين ابن الحلوانية، وغيره.

وحدثنا عنه محمد بن يوسف الذهبي، وزينب بنت القاضي محيي الدين.

توفي في العشرين من ذي القعدة.

 

فضائل بن علي بن عبد الله بن شبيل بن حسن.

الفقيه، أبو الوفاء، القرشي، المخزومي، الأرسوفي، ثم المصري، الشافعي، الجلاجلي، المواقيتي.

ولد تقديراً في سنة اثنتين وستين.

وتفقه على أبي القاسم عبد الرحمن ابن الوراق، وقبله أيضاً على جماعة.

وسمع من: أبي عبد الله الأرتاحي، وفاطمة بنت سعد الخير، والحافظ عبد الغني، وانقطع إليه مدةً.

واشتغل بالمواقيت وبرع فيها، وولي رئاسة المؤذنين بجامع القاهرة إلى أن توفي.

روى عنه الزكي المنذري وقال: توفي في الرابع والعشرين من رجب.

 

حرف الكاف

كتائب بن أحمد بن مهدي بن محمد بن علي.

أبو أحمد، البانياسي، ثم الصالحي.

من أهل جبل الصالحين.

حدث عن: أبي المعالي بن صابر، وأبي نصرٍ عبد الرحيم بن عبد الخالق.

وكان رجلاً خيراً، ديناً.

روى عنه: الزكي البرزالي، والضياء بن عبد الواحد، والمجد ابن الحلوانية، والشمس ابن الكمال، والعز أحمد ابن العماد، وغيرهم.

أنبأنا أبو عبد الله ابن الكمال، أخبرنا الضياء الحافظ: سمعت العفيف كتائب بن مهدي بعد موت الشيخ الموفق بأيام - وهو عندنا عدلٌ مأمونٌ ثقةٌ ما عرفنا له زلةً قط - يقول: رأيت الشيخ الموفق على حافة النهر شرقي المدرسة من الناحية القبلية يتوضأ، فوقفت بجانب المدرسة، وقلت: لا أنزل أتوضأ حتى يفرغ، فلما توضأ أخذ قبقابه ومشى على الماء إلى الجانب الآخر ثم لبس القبقاب، وصعد المدرسة. ثم حلف لي بالله لقد رأيته وما لي في الكذب من حاجةٍ، وكتمت ذلك في حياته. فقلت هل رآك؟ قال: لا ولم يكن ثم أحدٌ وذلك وقت الظهر، فقلت: هل كانت رجلاه تغوص؟ قال: لا إلا كأنه يمشي على وطاء.

توفي كتائب في رجب.

 

كيقباذ بن كيخسرو بن قلج أرسلان.

سلطان الروم، الملك علاء الدين.

توفي في شوال في اليوم السابع منه. وكان ملكاً، مهيباً، شجاعاً، راجح العقل، سعيداً. كسر خوارزم شاه وعسكر الملك الكامل. واستولى على عدة بلادٍ تجاوره. وزوجه السلطان الملك العادل بابنته، وولد له منها.

وكان قد تملك الروم قبله أخوه كيكاوس فحبس أخاه كيقباذ - هذا - فلما نزل به الموت أحضره وفك قيده، وعهد إليه بالملك، وأوصى إليه بأطفاله. فطالت أيامه واتسعت ممالكه.

وكان يرجع إلى عدلٍ ونصفةٍ فيما بلغنا.

وهو كيقباذ بن كيخسرو بن قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان بن سليمان بن قتلمش بن سلجوق السلجوقي.

وتملك بعده ولده السلطان غياث الدين كيخسرو.

 

حرف الميم

محمد بن احمد بن عمر بن حسين بن خلف.

الحافظ، المفيد، أبو الحسن، البغدادي، القطيعي.

ولد في رجب سنة ستٍ وأربعين.

وسمعه أبوه الفقيه أبو العباس من: أبي بكر ابن الزاغوني، وأبي القاسم نصر بن نصر العكبري، وأبي جعفرٍ أحمد بن محمد العباسي، وأبي الوقت السجزي، وسلمان الشحام، وأبي الحسن ابن الخل، وجماعةٍ. ثم سمع بنفسه على طبقةٍ بعد هؤلاء.

وعني بالحديث ورحل فيه، وكتب، وحصل. فقرأ بالموصل في رحلته على يحيى بن سعدون القرطبي، وسمع منه ومن خطيب الموصل. وسمع بدمشق من أبي المعالي بن صابر، ومحمد بن أبي الصقر. ثم لزم الشيخ أبا الفرج ابن الجوزي وأخذ عنه الوعظ، وقرا عليه كثيراً من كتبه، وناب لولده الصاحب محيي الدين في الحسبة بباب الأزج. وخدم في أماكن.

وجمع "تاريخاً" لبغداد ذيل به على "تاريخ" ابن السمعاني الذي ذيل "تاريخ" الخطيب، ولم يتممه.

وخدم في بعض الجهات، وفتر عن الحديث بل تركه، ثم طال عمره، وعلا سنده، وتفرد في زمانه. وهو أول شيخ ولي دار الحديث بالمستنصرية. وكان يخصب بالسواد ثم تركه.

وهو آخر من حدث ب"البخاري" كاملاً بالسماع عن أبي الوقت. وتفرد بأجزاء عديدة.

قال ابن نقطة: هوشيخٌ صحيح السماع. صنف لبغداد "تاريخاً" إلا أنه ما أظهره.

قلت: وكان عنده أصولٌ له يحدث منها، وكان عسراً في الرواية. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، والسيف ابن محمد ابن الكسار، وأبو القاسم بن بلبان، والفقيه أبو العز سعيدبن أحمد الطيبي الشافعي، والمجد عبد العزيز بن الحسين الخليلي، والتاج علي بن احمد العلوي الغرافي، والشهاب الأبرقوهي. وبالإجازة القاضيان ابن الخويي وتقي الدين سليمان، وأبو علي ابن الخلال، والفخر إسماعيل ابن عساكر، والبهاء ابن عمه، وعيسى المطعم، وسعد الدين بن سعد، وأحمد ابن الشحنة، وأبو بكر بن عبد الدائم، وفاطمة بنت جوهر، وأبو نصر محمد بن محمد ابن الشيرازي، وجماعة.

وقال ابن النجار: جمع تاريخاً ولم يكن محققاً فيما ينقله ويقوله - عفا الله عنه - وانفرد بالرواية في وقته عن ابن الزاغواني، والعباس ابن الخل، ونصر، والشحام. توفي في رابع أو خامس ربيع الآخر. وأذهب كل عمره في "التاريخ" الذي عمله، طالعته، فرأيت كثيراً من الغلط والتصحيف، فأوقفته على وجه الصواب فيه، فلم يفهم. وقد نقلت عنه منه أشياء لا يطمئن قلبي إليها، والعهدة عليه. سمعت عبد العزيز بن دلف يقول: سمعت الوزير أبا المظفر بن يونس

يقول لأبي الحسن ابن القطيعي: ويلك عمرك تقرأ الحديث، ولا تحسن تقرأ حديثاً واحداً صحيحاً.

قال ابن النجار: وكان لحنةً، قليل المعرفة بأسماء الرجال. أسن وعزل عن الشهادة ولزم منزله.

 

محمد بن إدريس بن علي.

أبو عبد الله الأندلسي الشقري، الشاعر المشهور المعروف بمرج الكحل.

قال الأبار: شاعرٌ مفلقٌ، بديع التوليد. وقد حمل عنه "ديوان" شعره. وسمعت منه. كتب عنه الحافظ أبو الربيع بن سالم، وأبو عبد الله ابن أبي البقاء. وتوفي في ربيع الأول. ومن شعره: مـثـل الـرّزق الـذي تـطــلـــبـــهمثل الـظّـلّ الـذي يمـشـي مـعـك

أنـت لا تـــدركـــه مـــتـــبـــعـــاًوإذا ولّـيت عــنـــه تـــبـــعـــك.

قال: وأنشدني أبو محمد بن برطلة، أنشدني ابن مرج الكحل لنفسه: لك الخير يا مـولاي مـا الـعـبـد بـامـرئٍلـــديه حـــســـامٌ، بــــل لـــــــديه يراع

وهـل أنـا إلا مـثـــل حـــسّـــان شـــيمةًجـبـانٌ وفـي الـنـظـم الـنـفـيس شـجـاع؟

 

محمد بن الحسن بن المبارك سعد الله.

أبو بكر ابن البواب المقرئ الحريمي.

ولد سنة أربعٍ وخمسين تقريباً.

وسمع من: أبي علي ابن الرحبي، وأحمد بن علي العلوي، وعبد الحق اليوسفي، ولاحقٍ ودهبل ابني علي بن كارة. وأجاز له ابن البطي، وأبو المعالي ابن اللحاس.

كتب عنه جماعةٌ. وأجاز للفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبي نصر ابن الشيرازي، وجماعةٍ.

وتفي في المحرم.

 

محمد بن سلامة بن عبد الله بن علي.

أبو محمد الحراني العطار.

ولد سنة اثنتين وستين وخمسمائة.

وسمع من أحمد بن أبي الوفاء.

وتوفي في منتصف ذي العقدة.

 

محمد بن علي بن أبي المعالي بن عبد الواحد البغدادي الصائغ.

ويعرف بابن غبلان.

سمع من أبي الحسيس عبد الحق.

ومات في صفر.

 

محمد بن علي بن مهاجر.

الصاحب، كمال الدين أبو الكلام الموصلي.

قدم دمشق وسكنها.

وسمع من يحيى الثقفي بالموصل، ومن ابن طبرزد بدمشق.

روى عنه: الزكي البرزالي، وغيره. وحدثنا عنه أبو علي ابن الخلال.

قال نجم الدين ابن السابق: قدم ابن مهاجر دمشق وسكن بعقبة الكتان في دار ابن البانياسي، وشرع في الصدقات وشراء الأملاك ليوقفها. وكان قد اتفق مع والدي على عمل رصيف عقبة الكتان، وقال: تجيء غداً وتأخذ دراهم لعمله. فلما أمسى، بعث إليه الملك الأشرف خرزة بنفسجٍ وقال: هذه بركة السنة. فأخذها وشمها فكانت القاضية، فأصبح ميتاً، فورثه السلطان، وأعطوا من تركته ألف درهمٍ، فاشتروا له بها تربة في سوق الصالحية.

قلت: فلما كان بعد ذلك بنى الصاحب تقي الدين توبة بن علي بن مهاجر التكريتي في حيطان البرية خمسة دكاكين وادعى أنه ابن عمه.

وقال أبو المظفر الجوزي: بلغ قيمة ما خلف الصاحب كمال الدين ثلاثمائة ألف دينارٍ. وأراني الملك الأشرف مسبحةً فيها مائة حبةٍ، مثل بيض الحمام - يعني: من التركة -.

توفي في مستهل جمادى الآخرة.

قلت: وروى عنه القوصي في "معجمه" فقال: الوزير كمال الدين ابن الشهيد معين الدين. كان من سادات الكرام في زمانه، مستعيناً بأمواله عن أموال السلطان، باذلاً إنعامه للإخوان، مديماً لهم مد الخوان.

توفي في يوم الجمعة وهو ساجدٌ في صلاة الصبح.

 

محمدٌ، السلطان، الملك، العزيز، غياث الدين.

ابن السلطان الملك الظاهر غازي ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، صاحب حلب.

ولي بعده والده وله أربع سنين أو نحوها. وجعل أتابكه الطواشي طغريل، وأقر الملك العادل ذلك، وأمضاه لأجل الصاحبة والدة العزيز لأنها بنت العادل، وكانت هي الكل إلى أن اشتد.

وكان فيه عدلٌ، وشفقةٌ، وتوددٌ، وميلٌ إلى الدين.

قال ابن واصل: يكفيه من المناقب له رده لكمال الدين عمر ابن العجمي لما طلب قضاء حلب بعد موت ابن شداد، وبذل نحو ستين ألف درهم في القضاء فما التفت إليه ولا ولاه.

توفي في ربيعٍ الأول شاباً طرياً، وله نيفٌ وعشرون سنة.

وخلف ولده الملك الناصر يوسف صغيراً، فأقاموه في الملك بعده، نعوذ بالله من إمرة الأطفال.

 

محمد بن قراطاي الإربلي.

الأمير، أبو العباس.

كان مليح الصورة، مهيباً، من أمراء صاحب إربل، فلما مات صاحب إربل قدم - هذا - حلب فأكرمه الملك العزيز وأقطعه خبزاً.

وله شعرٌ حسن كأخيه، فمنه: أقـدّك هـذا أم هـو الـغـصـن الــرطـــبوطرفـك ذا أم هـو الـصّـارم الـعـضـب

أيا بـدر تـمٍّ فـــيك لـــلـــعـــين نـــزهةٌوالـقـلـب تـعــذيبٌ ولـــكـــنّـــه عـــذب

خف الله فـي قـتـل الـكـئيب وعـده بـالوصـال عـسـى نـارٌ بـمـهـجـتـه تـخـبـو

توفي في رجبٍ بحلب شاباً، وله ثمانٍ وعشرون سنةً إلا شهرين.

 

محمد بن محمد بن وضاح.

أبو بكر، اللخمي، الأندلسي. خطيب مدينة شقر.

روى عن أبيه أبي القاسم، وأخذ عنه القراءآت.

وسمع أبا إسحاق بن فتحون. وحج سنة ثمانين وخمسمائة، وسمع من الشطاطبي قصيدته "حرز الأماني". وسمع ببجاية من الحافظ عبد الحق بن عبد الرحمن. وأجاز له الإمام أبو الحسن بن هذيل، وحماعةٌ.

وتصدر بلده للإقراء. وحدث بيسير. 

الاتي مجلد 31.و32.

 قلت المدون اللهم تقبله مني خالصا لوجهك واستجب دعائي يا ربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المستدرك للحاكم فيه8803 كل احاديثه كلها صحيح ما عدا 160.حديث بعد تعقب الذهبي فضعف100 حديث وابن الجوزي60. حديث يصبح كل الصحيح في المستدرك 8743.حديثا

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف 160 .حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي ...