88

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف160.حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي في الضعفاء له 60 حديثا أُخر فيكون  كل الضعيف في كل المستدرك 160 حديثا من مجموع 8803=الباقي الصحيح =8743.فهذه قيمة رائعة لمستدرك الحاكم

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

السبت، 20 أغسطس 2022

مجلد5.و6.تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام. محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.

 

5. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام. شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 167
وقيل: مات بالطائف. وقيل: مات بمكة. وقيل: مات بالشام.
4 (عبد الله بن مسعدة الفزاري)
ويقال: ابن مسعود، ويدعى صاحب الجيوش، لأنه كان أميراً على غزو الروم. قال الطبراني: له صحبة. وقال الحافظ ابن عساكر: له رؤية، ونزل دمشق وبعثه يزيد مقدماً على جند دمشق في جملة مسلم بن عقبة إلى الحرة، ثم بايع مروان بالجابية. وقال عبد الرزاق: ثنا ابن جريج، عن عثمان بن أبي سليمان، عن ابن مسعدة أن النبي صلى الله عليه وسلم سها في صلاة، وذكر الحديث. وقيل: إن ابن مسعدة من سبي فزارة، وهبه النبي صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة، فأعتقته. وقال عباد بن عبد الله بن الزبير: كان ابن مسعدة شديداً في قتال ابن الزبير، فجرحه مصعب بن عبد الرحمن بن عوف، فما عاد للحرب حتى انصرفوا.
4 (عبد الله بن يزيد)
ابن زيد بن حصن الأنصاري الأوسي الخطمي، أبو موسى، شهد

(5/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 168
الحديبية وله سبع عشرة سنة. وروى أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن حذيفة، وزيد بن ثابت. روى عنه: ابن بنته عدي بن ثابت، والشعبي ومحارب بن دثار، وأبو إسحاق السبيعي، وآخرون. وكان من نبلاء الصحابة، كان الشعبي كاتبه وشهد أبوه يزيد أحداً، ومات قبل الفتح، وشهد أبو) موسى مع علي صفين والنهروان، وولي إمرة الكوفة لابن الزبير، فاستكتب الشعبي، وذلك في سنة خمس وستين، ثم صرف بعبد الله بن مطيع. مسعر، عن ثابت بن عبيد قال: رأيت على عبد الله بن يزيد خاتماً من ذهب، وطيلساناً مدبجاً. الواقدي: ثنا جحاف بن عبد الرحمن، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، أن الفيل لما برك على أبي عبيد يوم الجسر فقتله، هرب الناس، فسبقهم عبد الله بن يزيد الخطمي فقطع الجسر وقال: قاتلوا عن أميركم، ثم قدم عبد الله بن يزيد فأسرع السير، وأخبر عمر خبرهم.

(5/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 169
4 (عبد الله بن أبي أحمد)
ابن جحش بن رباب الأسدي، اسم أبيه عبد. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عن: أبيه، وعلي، وكعب الأحبار، وغيرهم. روى عنه: سعيد بن عبد الرحمن، وحسين بن السائب، وعبد الله بن الأشج. ووفد على معاوية، وكان سمحاً جواداً، وكان أبوه من المهاجرين. قال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن الحسن، عن إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز، عن أبيه قال: قال عبد الله بن أبي أحمد: قدمت من عند معاوية بثلاثمائة ألف دينار، فأقمت سنة، وحاسبت قوامي فوجدتني قد أنفقت مائة ألف دينار، ليس بيدي منها إلا رقيق وغنم وقصور، ففزعت من ذلك، فلقيت كعب الأحبار، فذكرت ذلك له، فقال: أين أنت من النخل. قلت: هذا حديث منكر، ويقوي وهنه أنه يقول فيه: فلقيت كعباً، وكعب قد مات في خلافة عثمان، قبل أيام معاوية بسنين.
4 (عبد الرحمن بن أزهر الزهري)
ابن عم عبد الرحمن بن عوف.

(5/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 170
وله صحبة ورواية، وشهد حنيناً. روى عنه: ابناه عبد الرحمن، وعبد الحميد، وطلحة بن عبد الله بن عوف، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم التيمي. وأمه من بني عبد مناف، وهو مقل من الرواية، له أربعة أحاديث.
4 (عبد الرحمن بن الأسود)
ابن عبد يغوث بن وهب، أبو محمد القرشي الزهري المدني.) روى عن: أبي بكر، وعمر، وأبي بن كعب. روى عنه: عبيد الله بن عدي بن الخيار، ومروان بن الحكم وهما من طبقته وأبو سلمة بن عبد الرحمن. وكان من أشراف قريش. قيل: إنه شهد فتح دمشق، وأنه ممن عين في حكومة الحكمين، فقالوا: ليس له ولا لأبيه هجرة، وكان ذا منزلة من عائشة، وأبوه ممن نزل فيه إنا كفيناك المستهزئين. قال أحمد العجلي: هو ثقة من كبار التابعين. وقال أبو صالح كاتب الليث: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبيه

(5/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 171
قال: لما حصر عثمان، اطلع من فوق داره، فذكر لهم أنه يستعمل عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث على العراق، فبلغ ذلك عبد الرحمن، فقال: والله لركعتين أركعهما أحب إلي من إمرة العراق.
4 (عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة)
بن عمرو، وأبو يحيى اللخمي، رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن: أبي عبيدة بن الجراح، وعمر، وعثمان، ووالده. روى عنه: ابنه يحيى، وعروة بن الزبير. وكان فقيهاً ثقة. ذكره ابن سعد وغيره. توفي سنة ثمان وستين.
4 (عبد الرحمن بن حسان)
ابن ثابت بن المنذر بن حرام، أبو محمد، ويقال: أبو سعد الأنصاري

(5/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 172
الخزرجي المدني، الشاعر المشهور، ابن شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقال: إنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وله رواية عن أبيه. وأمه شيرين القبطية أخت مارية سرية النبي صلى الله عليه وسلم وأم إبراهيم. حكى محمد بن كثير، عن الأوزاعي، أن معاوية قال له ابنه يزيد: ألا ترى عبد الرحمن بن حسان يشبب بابنتك فقال: وما يقول قال: يقول:
(هي زهراء مثل لؤلؤة الغ .......... واص ميزت من جوهر مكنون)
فقال: صدق، قال: فإنه يقول:
(فإذا ما نسبتها لم تجدها .......... في سناء من المكارم دون)
) قال: صدق، قال: فإنه يقول:
(ثم خاصرتها إلى القبة الخض .......... راء أمشي في مرمر مسنون)
وفيه يقول بعضهم:
(فمن للقوافي بعد حسان وابنه .......... ومن للمثاني بعد زيد بن ثابت)

(5/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 173
4 (عبد الرحمن بن الحكم)
ابن أبي العاص بن أمية، أبو حرب، ويقال: أبو الحارث الأموي، أخو مروان. شاعر محسن، شهد يوم الدار مع عثمان رضي الله عنه. ومن شعره:
(وأكرم ما تكون علي نفسي .......... إذا ما قل في الكربات مالي)

(فتحسن سيرتي ويصون عرضي .......... ويجمل عند أهل الرأي حالي)
وقد عاش إلى يوم مرج راهط، فقال ابن الأعرابي قال عبد الرحمن بن الحكم:
(لحا الله قيساً قيس عيلان إنها .......... أضاعت فروج المسلمين وولت)

(أترجع كلب قد حمتها رماحها .......... وتترك قتلى راهط ما أحنت)

(5/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 174
(فشاول بقيس في الطعان ولا تكن .......... أخاها إذا ما المشرفية سلت)

(ألا إنما قيس بن عيلان قلة .......... إذا شربت هذا العصير تغنت)

4 (عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب)
كابن نفيل بن عبد العزى العدوي. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عن: أبيه، وعمه عمر بن الخطاب. روى عنه: ابنه عبد الحميد، وسالم بن عبد الله، وحسين بن الحارث، وأبو جناب الكلبي. وولي إمرة مكة ليزيد. قال الزبير: كان عبد الرحمن فيما زعموا من أطول الرجال وأتمهم، وكان شبيهاً بأبيه، وكان عمر إذا نظر إليه قال:
(أخوكم غير أشيب قد أتاكم .......... بحمد الله عاد له الشباب)
وزوجه عمر بابنته فاطمة، فولدت له عبد الله. وقال ابن سعد: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وله ست سنين، وجده أبو لبابة بن عبد) المنذر. وتوفي أيام عبد الله بن الزبير.

(5/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 175
وقال غيره: ولاه يزيد مكة سنة ثلاث وستين.
4 (عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني،)
صحابي، له أحاديث، وقد سكن حمص وتاجر. روى عنه: خالد بن معدان، والقاسم أبو عبد الرحمن، وربيعة بن يزيد القصير. وبعضهم يقول: هو تابعي.
4 (عبيد الله بن زياد)
ابن عبيد الله المعروف أبوه بزياد بن أبيه عند الناس، وعند بني أمية بزياد

(5/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 176
ابن أبي سفيان، فقد ذكرنا أن زياداً استلحقه معاوية وجعله أخاه، ولى أبو حفص عبيد الله إمرة الكوفة لمعاوية، ثم ليزيد، ثم ولاه إمرة العراق. وقد روى عن: سعد بن أبي وقاص، وغيره. قال الفضل بن دكين: ذكروا أن عبيد الله بن زياد كان له وقت قتل الحسين ثمان وعشرون سنة. وقال ابن معين: هو ابن مرجانة وهي أمة. وعن معاوية أنه كتب إلى زياد: أن أوفد علي ابنك عبيد الله، ففعل، فما سأله معاوية عن شيء إلا أنفذه له، حتى سأله عن الشعر، فلم يعرف منه شيئاً، فقال: ما منعك من رواية الشعر قال: كرهت أن أجمع كلام الله وكلام الشيطان في صدري، فقال: أغرب، والله لقد وضعت رجلي في الركاب يوم صفين مراراً، ما يمنعني من الهزيمة إلا أبيات ابن الإطنابة، حيث يقول:

(5/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 177
(أبت لي عفتي وأبى بلائي .......... وأخذي الحمد بالثمن الربيح)

(وإعطائي على الإعدام مالي .......... وإقدامي على البطل المشيح)

(وقولي كلما جشأت وجاشت .......... مكانك تحمدي أو تستريحي)
وكتب إلى أبيه فرواه الشعر، فأسقط عليه منه بعد شيء. قال أبو رجاء العطاردي: ولى معاوية عبيد الله البصرة سنة خمس وخمسين، فلما ولي يزيد الخلافة ضم إليه الكوفة. وقال خليفة: وفي سنة ثلاث وخمسين ولى معاوية عبيد الله بن زياد خراسان، وفي سنة أربع) غزا عبيد الله خراسان وقطع النهر إلى بخارى على

(5/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 178
الإبل، فكان أول عربي قطع النهر، فافتتح رامين ونسف وبيكند من عمل بخارى. وقال أبو عتاب: ما رأيت رجلاً أحسن وجهاً من عبيد الله بن زياد. ونقل الخطابي أن أم عبيد الله يعني مرجانة كانت بنت بعض ملوك فارس. قال أبو وائل: دخلت على ابن زياد بالبصرة، فإذا بين يديه تل من ورق، ثلاثة آلاف ألف من خراج أصبهان، فقال: ما ظنك برجل يموت ويدع مثل هذا فقلت: فكيف إذا كان غلول قال: ذاك شر على شر. وروى السري بن يحيى، عن الحسن البصري قال: قدم علينا عبيد الله، أمره علينا معاوية، غلاماً، سفيهاً، يسفك الدماء سفكاً شديداً، فدخل عليه عبد الله المزني فقال: إنته عما أراك تصنع، فإن شر الرعاء الحطمة، قال: ما أنت وذاك، إنما أنت من حثالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال له: وهل كان فيهم حثالة، لا أم لك، بل كانوا أهل بيوتات وشرف، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من إمام ولا وال بات ليلة غاشاً لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. ثم خرج من عنده، فأتى المسجد، فجلست إليه، ونحن نعرف في وجهه ما قد لقي منه، فقلت له: يغفر الله لك أبا زياد، ما كنت تصنع بكلام هذا السفيه على رؤوس الناس فقال: إنه كان عندي علم خفي من علم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحببت أن لا أموت حتى أقول به علانية، ولوددت أن داره وسعت أهل المصر، حتى سمعوا مقالتي ومقالته، قال: فما لبث الشيخ أن مرض، فأتاه الأمير عبيد الله يعوده، قال: أتعهد إلينا شيئاً نفعل فيه الذي تحب قال: أسألك أن لا تصلي علي، ولا تقوم على قبري.

(5/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 179
قال الحسن: وكان عبيد الله رجلاً جباناً فركب، فإذا الناس في السكك، ففزع وقال: ما هؤلاء قالوا: مات عبد الله بن مغفل، فوقف حتى مر بسريره، فقال: أما إنه لو كان سألنا شيئاً فأعطيناه إياه لسرنا معه. له إسناد آخر، وإنما الصحيح كما أخرجه مسلم أن الذي دخل عليه وكلمه عائذ بن عمرو المزني، ولعلهما واقعتان، فقال جرير بن حازم: ثنا الحسن، أن عائذ بن عمرو دخل على ابن زياد فقال: أي بني، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: شر الرعاء الحطمة، فإياك أن تكون منهم، فقال: إجلس، فإنما أنت من نخالة أصحاب رسول الله، فقال: هل هؤلاء) كان لهم نخالة إنما كانت النخالة بعدهم. المحاربي: ثنا ابن إسحاق، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز، عن الحسن قال: كان عبد الله بن مغفل أحد الذين بعثهم عمر إلى البصرة ليفقهوهم، فدخل عليه عبيد الله بن زياد يعوده، فقال: إعهد إلينا أبا زياد، فإن الله قد كان ينفعنا بك، قال: هل أنت فاعل ما آمرك به قال: نعم، قال: إذا مت لا تصل علي، وذكر بقية الحديث. وقد ذكرنا مقتل عبيد الله في سنة سبع وستين يوم عاشوراء. كذا ورخه أبو اليقظان. وروى يزيد بن أبي زياد، عن أبي الطفيا قال: عزلنا سبعة رؤوس وغطيناها، منها رأس حصين بن نمير، وعبيد الله بن زياد، فجئت فكشفتها، فإذا حية في رأس عبيد الله تأكله. روى الترمذي نحوه، وصححه من حديث الأعمش، عن عمارة بن عمير قال: جيء برأس عبيد الله بن زياد وأصحابه، فأتيت وهم يقولون: جاءت، فإذا حية قد جاءت تخلل الرؤوس حتى دخلت في منخري عبيد الله، فمكثت هنيهة، ثم خرجت، فذهبت حتى تغيبت ثم قالوا: قد جاءت قد

(5/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 180
جاءت، ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثاً.
4 (عبد المطلب بن ربيعة)
بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. له صحبة وحديث رواه عنه عبد الله بن الحارث بن نوفل، وروى عن علي حديثاً. توفي بدمشق، وداره بزقاق الهاشميين، وكان شاباً في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، بعثه أبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليوليه عماله، والحديث في مسلم. وفي المسند والترمذي قال مصعب الزبيري: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

(5/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 181
أبا سفيان ابن الحارث أن يزوج بنته عبد المطلب بن ربيعة، ففعل وسكن الشام في أيام عمر. وقال خليفة: توفي عبد المطلب في دولة يزيد. وقال الطبراني: توفي سنة إحدى وستين.
4 (عبيد الله بن علي بن أبي طالب الهاشمي،)
وأمه ليلى بنت مسعود بن خالد التميمي، أخت نعيم بن مسعود. قدم على مصعب بن الزبير، فوصله بمائة ألق درهم، ثم قتل معه في محاربة المختار سنة سبع وستين.)
4 (عدي بن حاتم)
ابن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امريء القيس بن عدي، أبو

(5/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 182
طريف الطائي، ويكنى أبا واهب، ولد حاتم الجود. وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة سبع، فأكرمه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان سيد قومه. له عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عمر.

(5/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 183
روى عنه: الشعبي، ومحل بن خليفة الطائي، وسعيد بن جبير، وخيثمة بن عبد الرحمن، وعبد الله بن مغفل المزني، وتميم بن طرفة، وهمام بن الحارث، ومصعب بن سعد، وأبو إسحاق السبيعي، وآخرون. قدم الشام مع خالد من العراق، ثم وجهه خالد بالأخماس إلى أبي بكر، وسكن الكوفة مرة، ثم قرقيسياء. وقال أيوب السختياني، عن ابن سيرين، عن أبي عبيدة بن حذيفة قال: كنت أسأل الناس عن حديث عدي بن حاتم، وهو إلى جنبي لا آتيه، فأتيته فسألته، فقال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث بعث فكرهته أشد ما كرهت شيئاً قط، حتى كنت في أقصى أرض مما يلي الروم، فكرهت مكاني ذلك، فقلت: لو أتيت هذا الرجل، فإن كان كاذباً لم يخف علي، وإن كان صادقاً اتبعته فأقبلت، فلما قدمت المدينة استشرفني الناس، وقالوا: جاء عدي بن حاتم، جاء عدي بن حاتم، فأتيته، فقال لي: يا عدي، أسلم تسلم، قلت: بلى. قال: ألست ركوسياً تأكل المرباع قلت: بلى، قال: فإن ذلك لا يحل لك في دينك. فتضعضعت لذلك، ثم قال: يا عدي أسلم تسلم، فأظن مما يمنعك أن تسلم خصاصة تراها بمن حولي، وأنك ترى الناس علينا إلباً واحداً، هل أتيت الحيرة قلت: لم آتها وقد علمت مكانها، قال: توشك الظعينة أن ترتحل من الحيرة بغير جوار حتى تطوف بالبيت، ولتفتحن علينا كنوز كسرى بن هرمز، قلت: كسرى بن هرمز قال: كسرى بن هرمز مرتين أو ثلاثاً، وليفيضن المال حتى يهم الرجل من يقبل منه ماله صدقة. قال عدي: فلقد رأيت اثنتين، وأحلف بالله لتجيئن الثالثة، يعني فيض المال.

(5/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 184
وقال قيس بن أبي حازم، وغير، إن عدي بن حاتم جاء إلى عمر فقال: أما تعرفني قال:) أعرفك، آمنت إذا كفروا، ووفيت إذا غدروا، وأقبلت إذا أدبروا. رواه جماعة عن الشعبي، وكان قد أتى عمر يسأله من المال. وقال الواقدي: حدثني أسامة بن زيد، عن نافع مولى بن أسيد، عن نائل مولى عثمان قال: جاء عدي بن حاتم إلى باب عثمان وأنا عليه، فمنعته، فلما خرج عثمان إلى الظهر عرض له، فلما رآه عثمان رحب به وانبسط له، فقال عدي: انتهيت إلى بابك وقد عم إذنك الناس، فحجبني هذا، فالتفت عثمان إلي فانتهرني وقال: لا تحجبه واجعله أول من يدخل، فلعمري إنا لنعرف حقه وفضله ورأي الخليفتين فيه وفي قومه، فقد جاءنا بالصدقة يسوقها، والبلاد كأنها شعل النار، من أهل الردة، فحمده المسلمون على ما رأوا منه. وقال ابن عيينة: حدثت عن الشعبي، عن عدي قال: ما دخل وقت صلاة حتى أشتاق إليها. وعن عدي قال: ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء. وقال أبو عبيدة: كان عدي بن حاتم على طيء يوم صفين مع علي رضي الله عنه. وقال سعيد بن عبد الرحمن، عن ابن سيرين قال: لما قتل عثمان قال عدي بن حاتم: لا تنتطح فيها عنزان، ففقئت عينه يوم صفين، فقيل له:

(5/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 185
أليس قلت: لا تنتطح فيها عنزان فقال: بلى، وتفقأ عيون كثيرة. وروي أن ابنه قتل يومئذ. وقال أبو إسحاق: رأيت عدياً رجلاً جسيماً أعور، فرأيته يسجد على جدار ارتفاعه من الأرض ذراع أو نحو ذراع. وقال أبو حاتم السجستاني: قالوا: وعاش عدي بن حاتم مائة وثمانين سنة، فلما أسن استأذن قومه في وطاء يجلس فيه في ناديهم، وقال: أكره أن يظن أحدكم أني أرى أن لي فضلاً، ولكني قد كبرت ورق عظمي. وروى جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة قال: خرج عدي بن حاتم، وجرير بن عبد الله البجلي، وحنظلة الكاتب، من الكوفة، فنزلوا قرقيسياء وقالوا: لا نقيم ببلد يشتم فيه عثمان. قال أبو عبيد: توفي عدي سنة ست وستين. وقال ابن سعد: توفي سنة ثمان وستين. وقال هشام بن الكلبي: توفي سنة سبع وستين، وله مائة وعشرون سنة.)
4 (عروة بن الجعد ويقال ابن أبي الجعد،)
البارقي

(5/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 186
الأسدي وبارق جبل نزله قومه. له صحبة ورواية وثلاثة أحاديث. استعمله عمر على قضاء الكوفة مع عثمان بن ربيعة قبل شريح. قاله الشعبي. وروى عنه: الشعبي، ولمازة بن زبار، والعيزار بن حريث، وشبيب بن غرقدة، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهم. وقد أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ديناراً ليشتري له أضحية، فاشترى له شاتين، فباع إحداهما بدينار، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ودينار، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم، فكان لو اشترى التراب ربح فيه. وقال شبيب بن غرقدة: رأيت في دار عروة يعني البارقي سبعين فرساً مربوطة. قال ابن سعد: كان عروة مرابطاً، وله أفراس، فيها فرس أخذه بعشرين ألف درهم.
4 (عطية القرظي)
له صحبة ورواية قليلة.

(5/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 187
روى عنه: مجاهد، وكثير بن السائب، وعبد الملك بن عمير. وقال: كنت من سبي بني قريظة، فكان من أنبت قتل، فكتبت فيمن لم ينبت، فتركت.
4 (عقبة بن الحارث)
ابن عامر نوفل بن عبد مناف بن قصي أبو سروعة القرشي النوفلي المكي. أسلم يوم الفتح، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر. روى عنه: إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وعبيد بن أبي مريم المكي، وابن أبي ملكية، وغيرهم. وهو قاتل خبيب. وأما أبو حاتم الرازي فقال: ليس هو الذي روى عنه ابن أبي ملكية. فإن أب سروعة قديم الوفاة.

(5/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 188
حماد بن زيد: ثنا أيوب، عن ابن أبي ملكية: سمعت عقبة بن الحارث، وحدثني صاحب لي، وأنا لحديث صاحبي أحفظ، قال عقبة: تزوجت أم يحيى بنت أبي أهاب، فدخلت علينا امرأة سوداء، فزعمت أنها أرضعتنا جميعاً، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأعرض عني،) ثم قلت: إنها كاذبة، قال: وما يدريك أنها كاذبة وقد قالت ما قالت، دعها عنك. قلت: فيه دليل على ترك الشبهات، وفيه الرجوع من اليقين إلى الظن احتياطاً وورعاً، واستبراء للعرض والدين.
4 (عقبة بن نافع)
ابن عبد قيس بن لقيط القرشي الفهري الأمير. قال أبو سعيد بن يونس: يقال إن له صحبة، ولم يصح، شهد فتح مصر واختط بها، وولي المغرب لمعاوية ويزيد بم معاوية، وهو الذي بنى قيروان إفريقية وأنزلها المسلمين، قتله البربر بهوذة من أرض المغرب سنة ثلاث وستين، وولده بمصر والمغرب. وقال ابن عساكر: وفد على معاوية ويزيد، وحكى عن معاوية، روى

(5/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 189
عنه قوله: ابنه أبو عبيدة مرة وعبد الله بن هبيرة، وعلي بن رباح، وعمار بن سعد، وغيرهم. وقال الواقدي: ثنا الوليد بن كثير، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير قال: لما فتح المسلمون مصر بعث عمرو بن العاص إلى القرى التي حولها الخيل يطأوهم، فبعث عقبة بن نافع بن عبد قيس، وكان نافخ أخا العاص بن وائل السهمي لأمه، فدخلت خيولهم أرض النوبة غزاة غزوا كصوائف الروم، فلقي المسلمون من النوبة قتالاً شديداً، رشقوهم بالنبل، فلقد جرح عامتهم، وانصرفوا بحدق مفقأة. قال الواقدي: لما ولي معاوية وجه عقبة بن نافع على عشرة آلاف إلى أفريقية، فافتتحها واختط قيروانها، وقد كان موضعه غيضة لا ترام من السباع والحيات، فدعا عليها، فلم يبق منها شيء إلا خرج هارباً بإذن الله، حتى إن كانت السباع وغيرها لتحمل أولادها، فحدثني موسى بن علي، عن أبيه قال: نادى عقبة: إنا نازلون فأظعنوا فخرجن من جحورهن هوارب. وقال محمد بن عمرو: عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: لما افتتح عقبة بن نافع إفريقية وقف وقال: يا أهل الوادي إنا حالون إن شاء الله، فأظعنوا، ثلاث مرات، قال: فما رأينا حجراً ولا شجراً إلا يخرج من تحته دابة، حتى هبطن بطن الوادي، ثم قال للناس: إنزلوا باسم الله. وعن مفضل بن فضالة، وغيره قالوا: كان عقبة بن نافع مجاب الدعوة. وعن علي بن رباح قال: قدم عقبة بن نافع على يزيد، فرده والياً على إفريقية سنة اثنين) وستين، فخرج سريعاً لحينه على أبي المهاجر دينار هو مولى مسلمة بن مخلد فأوثق أبا المهاجر في الحديد، ثم غزا إلى السوس الأدنى، وأبو المهاجر معه مقيد، ثم رجع وقد سبقه أكثر الجيش، فعرض له

(5/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 190
كسيلة في جمع من البربر والروم، فالتقوا، فقتل عقبة وأصحابه وأبو المهاجر.
4 (علقمة بن قيس)
ابن عبد الله بن مالك، أبو شبل النخعي الكوفي، الفقيه المشهور، خال إبراهيم النخعي، وشيخه، وعم الأسود بن يزيد. أدرك الجاهلية، وسمع: عمر، وعثمان، وعلياً، وابن مسعود، وأبا الدرداء، وسعد بن أبي وقاص، وعائشة، وأبا موسى، وحذيفة، وتفقه بابن مسعود وقرأ عليه القرآن. روى عنه: إبراهيم النخعي، والشعبي، وإبراهيم بن سويد النخعي، وهني بن نويرة، وأبو الضحى مسلم، وعبد الرحمن بن يزيد النخعي أخو

(5/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 191
الأسود، والقاسم بن مخيمرة والمسيب بن رافع، وأبو ظبيان. وقرأ عليه القرآن: يحيى بن وثاب، وعبيد بن نضلة، وأبو إسحاق، وغيرهم. وكان فقيهاً إماماً مقرئاً، طيب الصوت بالقرآن، ثبتاً حجة، وكان أعرج، دخل دمشق واجتمع بأبي الدرداء بالجامع، وكان الأسود أكبر منه، فإن أبا نعيم قال: قال الأسود: إني لأذكر ليلة بنى بأم علقمة. وقال خليفة وغيره: إنه شهد صفين مع علي. وقال مغيرة، عن إبراهيم أن عبد الله كنى علقمة أبا شبل، وكان علقمة عقيماً خلف عمر سنتين. وقال أحمد بن حنبل: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: كان علقمة يشبه بعبد الله ين مسعود في هديه ودله وسمته. وقال الأعمش: ثنا عمارة بن عمير، عن أبي معمر، وهو عبد الله بن سخبرة قال: كنا عند عمرو بن شرحبيل فقال: اذهبوا بنا إلى أشبه الناس هدياً ودلاً وأمراً بعبد الله، فقمنا معه لم ندر من هو، حتى دخل بنا على علقمة. وقال داود الأودي: قلت للشعبي: أخبرني عن أصحاب عبد الله كأني

(5/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 192
أنظر إليهم، قال: كان علقمة أبطن القوم به، وكان مسروق قد خلط منه ومن غيره، وكان الربيع بن خثيم أسهم اجتهاداً، وكان عبيدة يوازي شريحاً في العلم والقضاء.) وقال إبراهيم: كان أصحاب عبد الله الذين يقرأون ويفتون: علقمة، ومسروق، والأسود، وعبيدة، والحارث بن قيس، وعمرو بن شرحبيل. وقال مرة بن شراحيل: كان علقمة من الربانيين. وقال زائدة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة: قال عبد الله: ما فقال: كان علقمة من البطيء ويدرك السريع. وقال أبو قابوس بن أبي ظبيان: قلت لأبي: كيف تأتي علقمة، وتدع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال: يا بني إن أصحاب محمد كانوا يسألونه. وقال إبراهيم: كان علقمة يقرأ القرآن في خمس، والأسود في ست، وعبد الرحمن ين يزيد في سبع. وقال الشعبي: إن كان أهل بين خلقوا للجنة فهم أهل هذا البيت: علقمة، والأسود. وقال الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: قلنا لعلقمة: لو صليت في هذا المسجد ونجلس معك فتسأل، قال: أكره أ، يقال هذا علقمة، قالوا: لو دخلت على الأمراء فعرفوا لك شرفك، قال:

(5/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 193
أخاف أن ينتقصوا مني أكثر مما أنتقص منهم. وقال علقمة لأبي وائل وقد دخل على ابن زياد: إنك لم تصب من دنياهم شيئاً إلا أصابوا من دينك ما هو أفضل منه، ما أحب أن لي مع ألفي ألفين، وإني من أكرم الجند عليه. وقال إبراهيم: إن أبا بردة كتب علقمة في الوفد إلى معاوية، فقال علقمة: امحني امحني. وقال علقمة: ما حفظت وأنا شاب، فكأني أنظر إليه في قرطاس. قال الهيثم: توفي علقمة في خلافة يزيد. وقال أبو النعيم: توفي سنة إحدى وستين. وقال المدائني، وأبو عبيد، وخليفة، وابن معين، ومحمد بن سعد، وابن نمير، وأبو حفص الفلاس: توفي سنة اثنتين وستين. وعن عثمان بن أبي شيبة وغيره: توفي سنة اثتنين وسبعين، وهو غلط.
4 (عمر بن سعد)
ابن أبي وقاص القرشي الزهري، أبو حفص المدني نزيل الكوفة.

(5/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 194
روى عنه: أبيه.) وروى عنه: ابنه إبراهيم، وابن ابنه أبو بكر بن حفص، والعيزار بن حريث، وأبو إسحاق السبيعي، وأرسل عنه قتادة، والزهري، ويزيد بن أبي حبيب. ولعمر بن سعد جماعة إخوة: عمرو بن سعد، أحد من قتل يوم الحرة. وعمير بن سعد: قتل أيضاً يوم الحرة. ومصعب بن سعد، وعامر بن سعد: ماتا بعد المائة. وإبراهيم بن سعد: وله رواية. وإسماعيل، وعبد الرحمن، ويحيى: ذكر ترجمهم ابن سعد. وقد مر أنه قاتل الحسين رضي الله عنه، وشهد دومة الجندل مع أبيه. وقال بكير بن مسمار: سمعت عامر بن يقول: كان سعد في إبله أو غنمه، فأتاه ابنه عمر، فلما لاح قال: أعوذ بالله من شر هذا الراكب، فلما اتنهى إليه قال: يا أبت أرضيت أن تكون أعرابياً في إبلك والناس يتنازعون

(5/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 195
في الملك ! فضرب صدره بيده وقال: اسكت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يحب العبد الخفي الغني. وروى ابن عيينة، عمن حدثه، عن سالم، إن شاء الله، قال: قال عمر ابن سعد للحسين: إن قوماً من السفهاء يزعمون أني قاتلك، قال: ليسوا بسفهاء ولكنهم حلماء، ثم قال: والله إنه ليقر عيني أنك لا تأكل بر العراق بعدي إلا قليلاً. وروى هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن بعض أصحابه قال: قال علي لعمر بن سعد: كيف أنت إذا قمت مقاماً تخير فيه بين الجنة والنار، فتختار النار. ويروى عن عقبة بن سمعان قال: كان الله قد جهز عمر بن سعد في أربعة آلاف لقتال الديلم، وكتب له عهده على الري، فلما أقبل الحسين طالباً للكوفة دعا عبيد الله عمراً وقال: سر إلى الحسين، قال: إن تعفيني، قال: فرد إلينا عهدنا، قال: فأمهلني اليوم أنظر في أمري، فانصرف يستشير أصحابه، فنهوه. وقال أبو مخنف وليس بثقة لكن له اعتناء بالأخبار: حدثني مجالد، والصقعب بن زهير أنهما التقيا مراراً الحسين، وعمر بن سعد قال: فكتب عمر إلى عبيد الله: أما بعد، فإن بعد، فإن الله قد أطفأ الثائرة، وجمع الكلمة، وأصلح أمر الأمة، فهذا حسين قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى، أو أن يأتي أمير المؤمنين فيضع يده في يده، أو أن يسير إلى ثغر) من الثغور، فيكون رجلاً من المسلمين، له ما لهم وعليه، وفي هذا لكم رضاً، وللأمة صلاح. فلما قرأ عبيد الله الكتاب قال: هذا كتاب ناصح

(5/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 196
لأميره، مشفق على قومه، نعم قد قبلت، فقام إليه شمر بن ذي الجوشن فقال: أتقبل هذا منه وقد نزل بأرضك وإلى جنبك: والله لئن خرج من بلادك ولم يضع يده في يدك ليكونن أولى بالقوة والعز، ولتكونن أولى بالضعف والعجز، فلا تعطه هذه المنزلة فإنها من الوهن، ولكن لينزل على حكمك هو وأصحابه، فإن عاقبت فأنت ولي العقوبة، وإن غفرت كان ذلك لك، والله لقد بلغني أن حسيناً وعمر بن سعد يجلسان بين العسكرين فيتحدثان عامة الليل، فقال له: نعم ما رأيت الرأي رأيك. وقال البخاري في تاريخه: ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا سليمان بن إسماعيل، ثنا سليمان بن مسلم العجلي قال: سمعت أبي يقول: أول من طعن في سرادق الحسين عمر بن سعد، فرأيت عمر وولديه قد ضربت أعناقهم، ثم علقوا على الخشب، ثم ألهب فيهم النار. وعن أبي جعفر الباقر: إنما أعطاه المختار أماناً بشرط ألا يحدث ونوى بالحدث دخول الخلاء ثم قتله. وقال عمران بن ميثم: أرسل المختار إلى دار عمر بن سعد من قتله وجاء برأسه، بعد أن كان أمنه، فقال ابنه حفص لما رأى ذلك: إنا لله وإنا إليه راجعون فقال المختار: اضرب عنقه، ثم قال: عمر بالحسين، وحفص بعلي بن الحسين، ولا سواء. قلت: هذا علي الأكبر ليس هو زين العابدين. قال خليفة: وسنة ست وستين قتل عمر بن سعد على فراشه.

(5/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 197
وقال ابن معين: سنة سبع.
4 (عمر بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب)
، وهذا عمر الأكبر قتل مع المختار بن أبي عبيد، وقد روى عن أبيه. روى عنه: بنوه علي، وعبيد الله، ومحمد، وأبو زرعة عمرو بن جابر الحضرمي، ولابنه محمد حديث عنه في السنن. قتل إلى رحمة الله سنة سبع.
4 (عمرو بن الحارث بن أبي ضرار الخزاعي)
المصطلقي، أخو أم المؤمنين جويرية.) له صحبة ورواية، نزل الكوفة، وروى أيضاً عن ابن مسعود، وزوجته زينب. روى عنه: مولاه دينار، وأبو وائل، وأبو عبيد بن عبد الله بن مسعود،

(5/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 198
وأبو إسحاق السبيعي. وهو صهر ابن مسعود.
4 (عمرو بن الزبير)
ابن العوام بن خويلد الأسدي، وأمه أم خلد بنت خالد بن سعيد الأموية. سمع: أباه وأخاه، ولا نعلم له رواية، وله وفادة على معاوية وابنه، وكانت بينه وبين أخيه عبد الله خصومة. قال الزبير بن بكار: حدثني مصعب بن عثمان قال: إنما سمي عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان المطرف لأن الناس لما استشرفوا جماله قالوا: هذا حسن مطرف بعد عمرو بن الزبير. وكان عمرو بن الزبير منقطع الجمال، وكان يقال: من يكلم عمرو بن الزبير بندم، كان شديد المعارضة، منيع الحوزة، وكان يجلس بالبلاد ويطرح عصاه، فلا يتخطاها أحد إلا بإذنه، وكان قد اتخذ من الرقيق مائتين. وقال الواقدي: حدثني عبد الله بن جعفر، عن عمته أم بكر، وحدثني شرحبيل بن أبي عون، عن أبيه، وابن أبي الزناد قالوا: كتب يزيد إلى عمرو بن سعيد أن يوجه إلى ابن الزبير جنداً، فسأل: من أعدى الناس له،

(5/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 199
فقيل: عمرو أخوه، فولاه شرطة المدينة، فضرب ناساً من قريش والأنصار بالسياط وقال: هؤلاء شيعة عبد الله بن الزبير، ثم توجه في ألف من أهل الشام إلى قتال أخيه عبد الله، فنزل بذي طوى، فأتاه الناس يسلمون عليه، فقال: جئت لأن يعطي أخي الطاعة ليزيد ويبر قسمه، فإن أبى قاتلته، فقال له جبير بن شيبة: كان غيرك أولى بهذا منك، تسير إلى حرم الله وأمنه، وإلى أخيك في سنه وفضله، تجعله في جامعة ما أرى الناس يدعونك وما تريد، قال: إني أقاتل من حال دون ذلك، ثم أقبل فنزل داره عند الصفا، وجعل يرسل إلى أخيه، ويرسل إليه أخوه، وكان عمرو يخرج يصلي بالناس، وعسكره بذي طوي، وابن الزبير أخوه معه يشبك أصابعه ويكلمه في الطاعة، ويلين له، فقال عبد الله: ما بعد هذا شيء، إني لسامع مطيع، أنت عامل يزيد، وأنا أصلي خلفك ما عندي خلاف، فأما أن تجعل في عنقي جامعة، ثم أقاد إلى الشام، فإني نظرت في ذلك، فرأيت لا يحل لي أن أحله بنفسي، فراجع صاحبك واكتب إليه، قال: لا والله، ما أقدر على ذلك، فهيأ عبد الله بن صفوان قوماً) وعقد لهم لواء، وأخذ بهم من أسفل مكة، فلم يشعر أنيس الأسلمي إلا بالقوم وهم على عسكر عمر، قالتقوا، فقتل أنيس، وركب مصعب بن عبد الرحمن بن عوف في طائفة إلى عمرو، فلقوه، فانهزم أصحابه والعسكر أيضاً، وجاء عبيد بن الزبير إليه، فقال: يا أخي أنا أجيرك من عبد الله، وجاء به أسيراً والدم يقطر على قدميه، فقال: قد أجرته، قال عبد الله: أما حقي فنعم، وأما حق الناس فلأقضمن منه لمن آذاه بالمدينة، وقال: من كان يطلبه بشيء فليأت، فجعل الرجل يأتي فيقول: قد نتف شفاري، فيقول: قم فانتف أشفاره، وجعل الرجل يقول: قد نتف لحيتي، فيقول: انتف لحيته، فكان يقيمه كل يوم، ويدعو الناس للقصاص منه، فقام مصعب بن عبد الرحمن فقال: قد جلدني مائة جلدة، فأمره فضربه مائة جلدة، فمات، وأمر به عبد المطلب فصلب. رواه ابن سعد، عن الواقدي وقال: بل صح من ذلك الضرب، ثم مر به ابن الزبير بعد إخراجه من

(5/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 200
السجن، فرآه جالساً بفناء منزله فقال: ألا أراه حياً، فأمر به فسحب إلى السجن، فلم يبلغه حتى مات، فأمر به عبد الله، فطرح في شعب الخيف، وهو الموضع الذي صلب فيه عبد الله بعد.
4 (عمرو بن شرحبيل سوى)
أبو ميسرة الهمداني الكوفي. روى عن: عمر، وعلي، وابن مسعود. وكان سيداً صالحاً عابداً، إذا جاءه عطاء تصدق به رحمه الله. روى عنه: أبو وائل، والشعبي، والقاسم بن مخيمرة، وأبو إسحاق السبيعي، وجماعة. الأعمش، عن شقيق قال: ما رأيت همدانياً أحب إلى من أن أكون في مسلاخه، من عمرو بن شرحبيل. شريك، عن عاصم، عن أبي وائل: ما اشتملت همدانية على مثل أبي ميسرة، قيل: ولا مسروق فقال: ولا مسروق. أبو إسحاق، عن أبي ميسرة، وقيل له: ما يحبسك عند الإقامة قال:

(5/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 201
إني أوتر، ولما احتضر أوصى أن لا يؤذن بجنازته أحد، وكذلك أوصى علقمة. إسرائيل، عن أبي إسحاق قال: رأيت أبا جحيفة في جنازة أبي ميسرة آخذاً بقائمة السرير حتى أخرج، ثم جعل يقول: غفر الله لك أبا ميسرة.) قال ابن سعد: توفي في ولاية عبيد الله بن زياد بالكوفة.
4 (عمرو بن عبسة)
ابن عامر بن خالد، أبو نجيح السلمي، نزيل حمص، وأخو أبي ذر لأمه، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مكة، فكان رابع من أسلم، ورجع ثم هاجر فيما بعد إلى المدينة، له عدة أحاديث. روى عنه: جبير بن نفير، وشداد أبو عمارة، وشرحبيل بن السمط وكثير بن مرة، ومعدان بن أبي طلحة، والقاسم أبو عبد الرحمن، وسليم بن عامر، وحبيب بن عبيد، وضمرة بن حبيب، وأبو إدريس الخولاني، وخلق.

(5/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 202
وقد روى عنه: ابن مسعود مع جلالته وسهل بن سعد، وأبو أمامة الباهلي. ولا علم هل مات في خلافة معاوية أو في خلافة يزيد، وكان أحد الأمراء يوم اليرموك. روى إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن أبي سلام الدمشقي، وعمرو بن عبد الله، سمعنا أبا أمامة، عن عمرو بن عبسة قال: رغبت عن آلهة قومي في الجاهلية، رأيت أنها آلهة باطلة لا تضر ولا تنفع.
4 (عمرو بن سعيد)
ابن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي، أبو أمية المعروف بالأشدق.

(5/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 203
ولي المدينة ليزيد، ثم سكن دمشق، وكان أحد الأشراف من بني أمية، وقد رام الخلافة، وغلب على دمشق، وادعى أن مروان جعله ولي العهد بعد عبد الملك. حدث عن: عمر، وعثمان. روى عنه: بنوه موسى، وأمية، وسعيد، وخثيم بن مروان. وكان زوج أخت مروان أم البنين شقيقة مروان. قال عبد الملك بن عمير، عن أبيه قال: لما احتضر سعيد بن العاص رضي الله عنه جمع بنيه فقال: أيكم يكفل ديني فسكتوا، فقال: ما لكم لا تكلمون فقال عمرو الأشدق، وكان عظيم الشدقين: وكم دينك يا أبت قال: ثلاثون ألف دينار، قال: فيم استدنتها قال: في كريم سددت فاقته ولئيم فديت عرضي منه، فقال: هي علي. وعن سعيد بن المسيب، وسئل عن خطباء قريش في الجاهلية فقال: الأسود بن المطلب بن أسد، وسهيل بن عمرو، وسئل عن خطبائهم في الإسلام فقال: معاوية، وابنه، وسعيد بن العاص،) وابنه وابن الزبير. وفي مسند أحمد، من حديث علي بن زيد بن جدعان قال:

(5/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 204
أخبرني من سمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليرعفن على منبري جبار من جبابرة بني أمية. قال علي فحدثني من رأى عمرو بن سعيد رعف على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الزبير بن بكار: كان عمرو بن سعيد ولاه معاوية المدينة، ثم ولاه يزيد، فبعث عمرو بعثاً لقتال ابن الزبير. وكان عمرو يدعي أن مروان جعل إليه الأمر بعد عبد الملك، ثم نقض ذلك وجعله إلى عبد العزيز بن مروان، فلما شخص عبد الملك إلى حرب مصعب إلى العراق، خالف عليه عمرو بن سعيد، وغلق أبواب دمشق، فرجع عبد الملك وأحاط به، ثم أعطاه أماناً، ثم غدر به فقتله، فقال في ذلك يحيى بن الحكم عم عبد الملك:
(أعيني جودي بالدموع على عمرو .......... عشية تبتز الخلافة بالغدر)

(كأن بني مروان إذ يقتلونه .......... بغاث من الطير اجتمعن على صقر)

(غدرتم بعمرو يا بني خيط باطل .......... وأنتم ذوو قربائه وذوو صهر)

(فرحنا وراح الشامتون عشية .......... كأن على أكتافنا فلق الصخر)

(لحا الله دنيا يدخل النار أهلها .......... وتهتك ما دون المحارم من ستر)
وكان مروان يلقب بخيط باطل. وروى ابن سعد بإسناد، أن عبد الملك لما سار يؤم العراق، جلس خالد بن يزيد بن معاوية، وعمرو بن سعيد، فتذاكرا من أمر عبد الملك ومسيرهما معه على خديعة منه لهما، فرجع عمرو إلى دمشق فدخلها وسورها وثيق، فدعا أهلها إلى نفسه، فأسرعوا إليه، وفقده عبد الملك، فرجع بالناس

(5/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 205
إلى دمشق، فنازلها ست عشرة ليلة حتى فتحها عمرو له وبايعه، فصفح عنه عبد الملك ثم أجمع على قتله، فأرسل إليه يوماً يدعوه، فوقع في نفسه أنها رسالة شر، فزلف إليه فيمن معه، لبس درعاً متكفراً بها، ثم دخل إليه، فتحدثا ساعة، وقد كان عهد إلى يحيى بن عبد الملك عليه فقال: يا أبا أمية، ما هذه الغوائل والزبى التي تحفر لنا ثم ذكره ما كان منه، وخرج إلى الصلاة، ولم يقدم عليه يحيى، فشتمه عبد الملك، ثم اقدم هو ومن معه عليه فقتله. قال خليفة: وفي سنة سبعين خلع عمرو بن سعيد عبد الملك، وأخرج عامله عبد الرحمن بن أم الحكم عن دمشق، فسار إليه عبد الملك، ثم اصطلحا على أن يكون الخليفة من بعد عبد الملك،) وعلى أن لعمرو مع كل عامل عاملاً، وفتح دمشق، ودخل عبد الملك، ثم غدر به فقتله، فحدثني أبو اليقظان قال: قال له عبد الملك: يا أبا أمية، لو أعلم أنك تبقى وتصلح قرابتي لفديتك ولو بدم النواظر، ولكنه قلما اجتمع فحلان في إبل إلا أخرج أحدهما صاحبه. وقال الليث: قتل سنة تسع وستين.
4 (عمرو البكالي أبو عثمان،)
صحابي، شهد اليرموك. وروى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عن ابن مسعود، وأبي الأعور السلمي، وغيرهما.

(5/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 206
وعنه: معدان بن أبي طلحة، وأبو تميمة الهجيمي طريف، وأسماء الرحبي، وغيرهم. وأم الناس بمسجد دمشق، روى الجريري، عن أبي تميمة: قدمت الشام، فإذا بهم يطوفون برجل، قلت: من هذا فقيل: هذا أفقه من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا عمرو البكالي، ورأيت أصابعه مقطوعة، فقيل قطعت يوم اليرموك. وقال أبو سعيد بن يونس: قدم عمرو البكالي مصر مع مروان، فروى عنه عبد الله بن جبيرة. وقيل: هو أخو نوف البكالي. وقال أحمد العجلي: هو تابعي ثقة.

(5/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 207
4 (حرف القاف)

4 (قباث بن أشيم)
الليثي، صحابي، شهد اليرموك أميراً، وطال عمره. روى عنه: عبد الرحمن بن زياد، وأبو الحويرث. قال ابن سعد: إنه شهد بدراً مشركاً، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم بعض المشاهد، وكان على مجنبة أبي عبيدة يوم اليرموك. وقال دحيم مات بالشام، وأدركه عبد الملك بن مروان، فسأله عن سنه، فقال: أنا أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. كذا قال عبد الرحمن بن سعيد وغيره.

(5/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 208
وقال إبراهيم بن المنذر: ثنا عبد العزيز بن أبي ثابت، ثنا الزبير بن موسى، عن أبي الحويرث: سمعت عبد الملك بن مروان يقول لقباث بن أشيم الليثي: يا قباث، أنت أكبر أم رسول الله قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر، وأنا أسن منه، ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام) الفيل ووقفت بي أمي على روث الفيل مجيلاً أعقله. اسم أبي الحويرث عبد الملك بن معاوية. وروى سفيان بن حسين الواسطي، عن خالد بن دريك، عن قباث قال: انهزمت يوم بدر، فقلت في نفسي، لم ير مثل هذا اليوم قط، فلما أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأستأمنه قال: قلت: لم أر مثل أمر الله قط فر منه إلا النساء، فقلت: أشهد أنك رسول الله، ما ترمرمت به شفتاي، وما كان إلا شيء عرض لي في نفسي.
4 (قبيصة بن جابر)
ابن وهب بن مالك الأسدي الكوفي، أبو العلاء، من كبار التابعين.

(5/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 209
روى عن: عمر، وعبد الله بن مسعود، وطلحة بن عبيد الله، وعمرو بن العاص، وجماعة. روى عنه: الشعبي، والعريان بن الهيثم، وعبد الملك ابن عمير. وشهد خطبة عمر بالجابية، وكان أخا معاوية من لرضاعة وقد وفد عليه، وكان كاتب سعيد بن العاص بالكوفة، وكان يعد من الفصحاء. وقال ابن سعد: كان ثقة له أحاديث. وروى محمد بن عباد، عن ابن عيينة، عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة قال: ألا أخبركم عمن صحبت صحبت عمر رضي الله عنه، فما رأيت أحداً أفقه في كتاب الله منه، ولا أحسن مدارسة منه، وصحبت طلحة بن عبيد الله، فما رأيت أحداً أعطى لجزيل منه عن غير مسألة، وصحبت عمرو بن العاص، فما رأيت أحداً أنصع ظرفاً منه، وصحبت معاوية، فما رأيت أحداً أكثر حلماً ولا أبعد أناة منه، وصحبت زياداً، فما رأيت أكرم جليساً منه، وصحبت المغيرة بن شعبة، فلو أن مدينة لها أبواب لا يخرج من كل باب إلا بالمكر لخرج من أبوابها كلها. قال خليفة: مات قبيصة سنة تسع وستين.
4 (قيس بن ذريح)
أبو يزيد الليثي الشاعر المشهور، من بادية الحجاز، وهو الذي كان

(5/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 210
يشبب بأم معمر لبنى بنت الحباب الكعبي، ثم إنه تزوج بها، وقيل إنه كان أخا الحسين رضي الله عنه من الرضاعة. قال ثعلب: ثنا عبد الله بن شبيب، ثنا موسى بن عيسى الجعفري: أخبرني عيسى بن أبي جهمة الليثي، وكان مسناً، قال: كان قيس بن ذريح رجلاً منا، وكان ظريفاً شاعراً، وكان يكون بقديد) بسرف وبوادي مكة، وخطب لبنى من خزاعة، ثم من بني كعب فتزوجها وأعجب بها، وبلغت عنده الغاية، ثم وقع بين أمه وبينها فأبغضتها، وناشدت قيساً في طلاقها، فأبى، فكلمت أباه، فأمر بطلاقها، فأبى عليه، فقال: لا جمعني وإياك سقف أبداً حتى تطلقها، ثم خرج في يوم قيظ فقال: لا أستظل حتى تطلقها، فطلقها وقال: أما إنه آخر عهدك بي، ثم إنه اشتد عليه فراقها وجهد وضمر، ولما طلقها أتاها رجالها يتحملونها، فسأل: متى هم راحلون قالوا: غداً نمضي، فقال:
(وقالوا غداً أو بعد ذاك ثلاثة .......... فراق حبيب لم يبن وهو بائن)

(فما كنت أخشى أن تكون منيتي .......... بكفي إلا أن ما حان حائن)
ثم جعل يأتي منزلها ويبكي، فلاموه، فقال:
(كيف السلو ولا أزال أرى لها .......... ربعاً كحاشية اليماني المخلق)

(5/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 211
(ربعاً لواضحة الجبين به في عزة .......... كالشمس إذ طلعت رخيم المنطق)

(قد كنت أعهدها به في عزة .......... والعيش صاف والعدى لم تنطق)

(حتى إذا هتفوا وأذن فيهم .......... داعي الشتات برحلة وتفرق)

(خلت الديار فزرتها فكأنني .......... ذو حية من سمها لم يفرق)
وهو القائل:
(وكل ملمات الزمان وجدتها .......... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب)
ومن شعره:
(ولو أنني أسطيع صبراً وسلوة .......... تناسيت لبنى غيرما مضمر حقدا)

(ولكن قلبي قد تقسمه الهوى .......... شتاتاً فما ألفى صبوراً ولا جلداً)

(سل الليل عني كيف أرعى نجومه .......... وكيف أقاسي الهم مستخلياً فردا)

(كأن هبوب الريح من نحو أرضكم .......... تثير قناة المسك والعنبر الندا)
وعن أبي عمرو الشيباني قال: خرج قيس بن ذريح إلى معاوية فامتدحه، فأدناه وأمر له بخمسة آلاف درهم ومائتي وقال: كيف وجدك بلبنى قال: أشد وجد، قال: فترضى زواجها قال: ما لي في ذلك من حاجة قال: فما حاجتك قال: تأذن لي في الإلمام بها، وتكتب إلى عاملك، فقد خشيت أن يفرق الموت بيني وبين ذلك، وأنشده:)
(أضوء سنا برق بدا لك لمعه .......... بذي الإثل من أجراع بثنة ترقب)

(نعم إنني صب هناك موكل .......... بمن ليس يدنيني ولا يتقرب)

(مرضت فجاءوا بالمعالج والرقى .......... وقالوا: بصير بالدواء مجرب)

(فلم يغن عني ما يعقد طائلاً .......... ولا ما يمنيني الطبيب المجرب)

(وقال أناس والظنون كثيرة .......... وأعلم شيء بالهوى من يجرب)

(ألا إن في اليأس المفرق راحة .......... سيسليك عمن نفعه عنك يعزب)

(فكل الذي قالوا بلوت فلم أجد .......... لذي الشجو أشفى من هوى حين يقرب)

(5/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 212
(عليها سلام الله ما هبت الصبا .......... وما لاح وهناً في دجى الليل كوكب)

(فلست بمبتاع وصالاً بوصلها .......... ولست بمفش سرها حين أغضب)
وقال:
(يقولون لبنى فنتة، كنت قبلها .......... بخير فلا تندم عليها وطلق)

(فطاوعت أعدائي وعاصيت ناصحي .......... وأقررت عين الشامت المتخلق)

(وددت وبيت الله أني عصيتهم .......... وحملت في رضوانها كل موبق)

(وكلفت خوض البحر والبحر زاخر .......... أبيت على أثباج موج مغرق)

(كأني أرى الناس المحبين بعدها .......... عصارة ماء الحنظل المتفلق)

(فتنكر عيني بعدها كل منظر .......... ويكه سمعي بعدها كل منطق)
فقال كعاوية: هذا وأبيك الحب، وأذن له في زيارتها، فسار حتى نزل على امرأة بالمدينة يقال لها بريكة، وأهدى لها وللبنى هدايا وألطافاً، وأخبرها بكتاب معاوية، فقالت: يا بن عم ما تريد إلى الشهرة، فأقام أياماً، فبلغ زوج لبنى قدومه، فمنع لبنى بريكة، وأيس قيس من لقائها، فبقي متردداً في كتاب معاوية، فرآه ابن أبي عتيق يوماً، فقال: يا أعرابي مالي أراك متحيراً قال: دعني بارك الله فيك، قال: أخبرني بشأنك، فإني على ما تريد، وألح عليه، فأخبره وقال: لا أراني إلا في طلب مثلك، وانطلق به، فأقام عنده ليلة يحدثه وينشده، فلما أصبح ابن أبي عتيق ركب فأتى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقال: فداك أبي وأمي، اركب معي في حاجة، فركب معه، واستنهض ثلاثة أو أربعة من وجوه قريش، ولا يدرون ما يريد، حتى أتى بهم باب زوج لبنى، فخرج فإذا وجوه قريش، فقال: جعلني الله فداكم، ما جاء بكم قالوا: حاجة لابن أبي) عتيق استعان بنا عليك، فقال: اشهدوا أن حكمه جائز علي، فقال ابن أبي عتيق: اشهدوا أم امرأته لبنى منه طالق، فأخذ عبد الله بن جعفر برأسه ثم قال: لهذا جئت بنا فقال: جعلت فداكم، يطلق هذا امرأته ويتزوج

(5/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 213
بغيرها خير من أن يموت رجل مسلم، فقال عبد الله: أما إذ فعل ما فعل فله علي عشرة آلاف درهم، فقال ابن أبي عتيق: والله لا أبرح حتى تنقل متاعها، ففعلت، وأقامت في أهلها، حتى انقضت عدتها وتزوج بها قيس، وبقيا دهراً بأرغد عيش، فقال قيس:
(جزى الرحمن أفضل ما يجازي .......... على الإحسان خيراً من صديق)

(فقد جربت إخواني جميعاً .......... فما ألفيت كابن أبي عتيق)

(سعى في جمع شملي بعد صدع .......... ورأي حدت فيه عن الطريق)

(وأطفأ لوعة كانت بقلبي .......... أغصتني حرارتها بريقي)
هذه رواية. وقال سليمان بن أبي شيخ: ثنا أيوب بن عباية قال: خرج قيس بن ذريح إلى المدينة يبيع ناقة، فاشتراها زوج لبنى وهو لا يعرفه، فقال لقيس: انطلق معي لتأخذ الثمن، فمضى معه، فلما فتح الباب إذا لبنى استقبلت قيساً، فلما رآها ولى هارباً، واتبعه الرجل بالثمن، فقال: لا تركب لي مطيتين أبداً، قال: وأنت قيس بن ذريح قال: نعم، قال: هذه لبنى، فقف حتى أخيرها، فإن اختارتك طلقتها، وظن الزوج أن له في قلبها موضعاً، فخيرت فاختارت قيساً، فطلقها فماتت في العدة. ولقد قيل لقيس: إن مما يسليك عنها ذكر معايبها، فقال:
(إذا عبتها شبهتها البدر طالعاً .......... وحسبك من عيب بها شبه البدر)

(لها كفل يرتج منها إذا مشت .......... ومتن كغصن البان مضطمر الخصر)
ولقيس:
(أريد سلواً عن لبينى وذكرها .......... فيأبى فؤادي المستهام المتيم)

(5/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 214
(إذا قلت أسلوها تعرض ذكرها .......... وعاودني من ذاك ما الله أعلم)

(صحا كل ذي ود علمت مكانه .......... سواي فإني ذاهب العقل مغرم)
وله:
(هل الحب إلا عبرة بعد زفرة .......... وحز على الأحشاء ليس له برد)
)
(وفيض دموع تستهل إذا بدا .......... لنا علم من أرضكم لم يكن يبدو)

4 (قيس بن السكن الأسدي الكوفي.)
سمع: عبد الله بن مسعود، والأشعث بن قيس. روى عنه: عمارة بن عمير، وسعد بن عبيدة، والمنهال بن عمرو، وأبو إسحاق. قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: توفي في زمن مصعب.
4 (قيس المجنون)
ومن به يقاس المحبون. هو قيس بن الملوح بن مزاحم. وقيل:

(5/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 215
قيس بن معاذ، وقيل: اسمه البحتري بن الجعد، وقيل غير ذلك، وهو مجنون ليلى بنت مهدي أم مالك العامرية، وهو من بني عامر بن صعصعة، وقيل: من بني كعب بن سعد. سمعنا أخباره في جزء ألفه ابن المرزبان، وقد أنكر بعض الناس ليلى والمجنون، وهذا دفع بالصدر، فليس من لا يعلم حجة على من علم، ولا الثبت كالنافي، فعن لقيط بن بكير المحاربي: أن المجنون علق ليلى علاقة الصبا، وذلك لأنهما كانا صغيرين يرعيان أغناماً لقومهما، فعلق كل واحد منهما الآخر، وكبرا على ذلك، فلما كبرا حجبت عنه، فزال عقله، وفي ذلك يقول:
(تعلقت ليلة وهي ذات ذؤابة .......... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم)

(صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا .......... إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم)
وذكر ابن دأب، عن رباح بن حبيب العامري قال: كان في بني عامر جارية من أجمل النساء، لها عقل وأدب، يقال لها ليلى بنت مهدي، فبلغ المجنون خبرها، وكان صباً بمحادثة النساء، فلبس حلة ثم جلس إليها وتحادثا، فوقعت بقلبه، فظل يومه يحادثها، فانصرف فبات بأطول ليلة، ثم بكر إليها فلم يزل عندها حتى أمسى، ولم تغمض له تلك الليلة عين، فأنشأ يقول:
(نهاري نهار الناس حتى إذا بدا .......... لي الليل هزتني إليك المضاجع)

(5/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 216
(أقضي نهاري بالحديث وبالمنى .......... ويجمعني والهم بالليل جامع)
ووقع في قلبها مثل الذي وقع بقلبه، فجاء يوماً يحدثها، فخافت عليه وقالت:
(كلانا مظهر للناس بغضاً .......... وكل عند صاحبه مكين)
فسري عنه، وقالت: إنما أردت أن أمتحنك، وأنا معطية لله عهداً: لا جالست بعد اليوم أحداً) سواك، فانصرف وأنشأ يقول:
(أظن هواها بتاركي بمضلة .......... من الأرض لا مال لدي ولا أهل)

(ولا أحد أقضي إليه وصيتي .......... ولا وارث إلا المطية والرحل)

(محا حبها حب الألى كن قبلها .......... وحلت مكاناً لم يكن حل من قبل)
قلت: ثم اشتد بلاؤه بها، وشغفته حباً، ووسوس في عقله، فذكر أبو عبيدة: أن المجنون كان يجلس في نادي قومه وهم يتحدثون، فيقبل عليه بعضهم، وهو باهت ينظر إليه لا يفهم ما يحدث به، ثم يثوب إليه عقله، فيسأل عن الحديث فلا يعرفه، حتى قال له رجل: إنك لمخبول، فقال:
(إني لأجلس في النادي أحدثهم .......... فأستفيق وقد غالتني الغول)

(يهوي بقلبي حديث النفس نحوكم .......... حتى يقول جليسي أنت مخبول)
قال أبو عبيدة: فتزايد به الأمر حتى فقد عقله، فكان لا يقر في موضع، ولا يؤويه رحل، ولا يعلوه ثوب، إلا مزقه، وصار لا يفهم شيئاً مما يكلم به إلا أن تذكر له ليلى فإذا ذكرت له أتى بالبدائه. وقد قيل: إن قوم ليلى شكوا منه إلى السلطان، فأهدر دمه، ثم إن قومها ترحلوا من تلك الناحية، فأشرف فرأى ديارهم بلاقع، فقصد منزلها، وألصق صدره به، وجعل يمرغ خديه على التراب ويقول:

(5/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 217
(أيا حرجات الحي حيث تحملوا .......... بذي سلم لا جادكن ربيع)

(وخيماتك اللاتي بمنعرج اللوى .......... بلين بلى لم تبلهن ربوع)

(ندمت على ما كان مني ندامة .......... كما ندم المغبون حين يبيع)
قال ابن المرزبان: قال أبو عمرو الشيباني: لما ظهر من المجنون ما ظهر، ورأى قومه ما ابتلي به اجتمعوا إلى أبيه وقالوا: يا هذا، ترى ما بابنك، فلو خرجت، به إلى مكة فعاذ ببيت الله، وزار قبر رسوله، ودعا الله رجونا أن يعافى، فخرج به أبوه حتى أتى مكة، فجعل يطوف به ويدعو له، وهو يقول:
(دعا المحرمون الله يستغفرونه .......... بمكة وهناً أن تحط ذنوبها)

(فناديت أن يا رب أول سؤلتي .......... لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها)

(فإن أعط ليلى في حياتي لا يتب .......... إلى الله خلق توبة لا أتوبها)
) حتى إذا كان بمنى نادى مناد من بعض تلك الخيام: يا ليلى، فخر مغشياً عليه، واجتمع الناس حوله، ونضحوا على وجهه الماء، وأبوه يبكي، فأفاق وهو يقول:
(وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى .......... فهيج أطراف الفؤاد وما يدري)

(دعاً باسم ليلى غيرها فكأنما .......... أطار بليلى طائراً كان في صدري)
ونقل ابن الأعرابي قال: لما شبب المجنون بليلى وشهر بحبها اجتمع أهلها ومنعوه منها ومن زيارتها، وتوعدوه بالقتل، وكان يأتي امرأة تتعرف له خبرها، فنهوا تلك المرأة، وكان يأتي غفلات الحي في الليل، فسار أبو ليلى

(5/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 218
في نفر من قومه، فشكوا إلى مروان من قيس بن الملوح، وسألوه الكتاب إلى عامله يمنعه عنهم ويتهدده، فإن لم ينته أهدر دمه، فلما ورد الكتاب على عامل مروان، بعث إلى قيس وأبيه وأهل بيته، فجمعه وقرأ عليهم الكتاب، وقال لقيس: اتق الله في نفسك، فانصرف وهو يقول:
(ألا حجبت ليلى وآلى أميرها .......... علي يميناً جاهداً لا أزورها)

(وأوعدني فيها رجال أبوهم .......... أبي وأبوها خشنت لي صدورها)

(على غير شيء غير أني أحبها .......... وأن فؤادي عند ليلى أسيرها)
فلما يئس منها صار شبيهاً بالتائه، وأحب الخلوة وحديث النفس، وجزعت هي أيضاً لفراقه وضنيت. ويروى أن أبا المجنون قيده، فجعل يأكل لحم ذراعيه ويضرب نفسه، فأطلقه، فكان يدور في الفلاء عرياناً. وله:
(كأن القلب ليلة قيل يغدى .......... بليلى العامرية أو يراح)

(قطاة عزها شرك فباتت .......... تجاذبه وقد علق الجناح)
وقيل: إن ليلى زوجت، فجاء المجنون إلى زوجها فقال: بربك هل ضممت إليك ليلى قبيل الصبح أو قبلت فاهاوهل رفت عليك قرون ليلى فقال: اللهم إذ حلفتني فنعم، وكان بين يدي الزوج نار يصطلي بها،

(5/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 219
فقبض المجنون بكلتي يديه من الجمر، فلم يزل حتى سقط مغشياً عليه. وكانت له داية يأنس بها، فكانت تحمل إليه إلى الصحراء رغيفاً وكوزاً، فربما أكل وربما) تركه، حتى جاءته يوماً فوجدته ملقى بين الأحجار ميتاً، فاحتملوه إلى الحي فغسلوه فدفنوه، وكثر بكاء النساء والشباب عليه، واشتد نشيجهم. قال ابن الجوزي في المنتظم: روينا أنه كان يه في البرية مع الوحش يأكل من بقل الأرض، وطال شعره، وألفه الوحش، وسار حتى بلغ حدود الشام، فكان إذا ثاب إليه عقله، سأل من يمر من أحياء العرب عن نجد، فيقال له: أين أنت من نجد، أنت قد شارفت الشام، فيقول: أروني الطريق، فيدلونه. وشعر المجنون كثير سائر، وهو في الطبقة العليا في الحسن والرقة، وكان معاصراُ لقيس بن ذريح صاحب لبنى، وكان في إمرة ابن الزبير، والله أعلم.

(5/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 220
4 (حرف الكاف)

4 (كثير بن أفلح مولى أيوب الأنصاري،)
أحد كتاب المصاحف التي أرسلها عثمان إلى الأمصار. روى عن: عثمان، وأبي بن كعب. روى عنه: محمد بن سيرين. وقال النسائي: روى عنه الزهري مرسلاً لم يلحقه، فإن كثيراً أصيب يوم الحرة، وروى عنه ابنه.

(5/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 221
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن الأشعث بن قيس)
بن معد يكرب، أبو القاسم الكندي الكوفي، ابن أم فروة أخت أبي بكر الصديق لأبيه، تزوج بها الأشعث في أيام أبي بكر. حدث عن: عمر، وعثمان، وعائشة. روى عنه: الشعبي، ومجاهد، وسليمان بن يسار، وابنه قيس بن محمد، وغيرهم.

(5/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 222
ووفد على معاوية. ومولده في حدود سنة ثلاث عشرة، وكان شريفاً مطاعاً في قومه، قتل مع مصعب في سنة سبع وستين، فأقام ابنه مقامه.
4 (محمد بن أبي بن كعب الأنصاري.)
أبو معاذ الأنصاري. ولد في حيا النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عن: أبيه، وعمر.) روى عنه: الحضرمي بن لاحق، وبسر بن سعيد. وكان ثقة، قتل بالحرة.
4 (محمد بن ثابت بن قيس بن شماس)
الأنصاري الخزرجي. حنكه النبي صلى الله عليه وسلم بريقه. وروى عن: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبيه، وسالم مولى أبي حذيفة.

(5/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 223
روى عنه: ابناه إسماعيل، ويوسف، وعاضم بن عمه بن قتادة، وأرسل عنه الزهري. قتل يوم الحرة.
4 (محمد بن عمرو بن حزم)
ابن يزيد الأنصاري النجاري. ولد في حيا النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: أنه هو الذي كناه أبا عبد الملك. روى عن: أبيه، وعمر، وعمرو بن العاص. روى عنه: ابنه أبو بكر، وعمر بن كثير بن أفلح. أصيب يوم الحرة. الواقدي، عن ملك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده اشترى مطرف خز بسبعمائة، فكان يلبسه. وعن محمد بن أبي بكر بن حزم قال: صلى محمد بن عمرو بن حزم

(5/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 224
يوم الحرة، وجراحه تثعب دماً، وما قتل إلا نظماً بالرماح. وعن محمد بن عمرو أنه كان يرفع صوته: يا معشر الأنصار اصدقوهم الضرب، فإنهم يقاتلون على طمع دنياهم، وأنتم تقاتلون على الآخرة، ثم جعل يحمل على الكتيبة منهم فيفضها حتى قتل. وعن عبد الله بن أبي بكر قال: وأكثر محمد بن عمرو في أهل الشام القتل يوم الحرة، كان يحمل على الكردوس منهم فيفضه، وكان فارساً، ثم حملوا عليه حتى نظموه بالرماح، فلما وقع انهزم الناس.
4 (مالك بن عياض المدني يعرف بمالك الدار.)
سمع: أبا بكر، وعمر، ومعاذ بن جبل.) روى عنه: ابناه عون، وعبد الله، وأبو صالح السمان، وعبد الرحمن بن سعيد بن يربوع. وكان خازناً لعمر رضي الله عنه.
4 (مالك بن هبيرة السكوني.)

(5/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 225
له صحبة ورواية حديث واحد. روى عنه: أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني، وأبو الأزهر المغيرة بن فروة. وولي لمعاوية حمص، وكان على الرجالة يوم مرج راهط مع مروان.
4 (مالك بن يخامر السكسكي)
الحمصي، يقال له صحبة، وكان ثقة كبير القدر متألهاً. روى عن: معاذ، وعبد الرحمن بن عوف. حدث عنه: معاوية على المنبر، وجبير بن نفير، وعمير بن هانيء، ومكحول، وسليمان بن موسى، وخالد بن معدان، وآخرون. قال أبو مسهر: أكبر أصحاب معاذ: مالك بن يخامر، كان رأس القوم. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: تابعي ثقة. قال أبو عبيد: توفي سنة تسع وستين.

(5/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 226
4 (المختار بن أبي عبيد)
الثقفي الكذاب، الذي خرج بالكوفة، وتتبع قتلة الحسين يقتلهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: يكون في ثقيف كذاب ومبير فكان أحدهما المختار، كذب على الله وادعى أن الوحي يأتيه، والآخر: الحجاج. قال أحمد في مسنده: ثنا ابن نمير، ثنا عيسى بن عمر، ثنا السدي، عن رفاعة الفتياني قال: دخلت على المختار، فألقى لي وسادة وقال: لولا أن جبريل قام عن هذه لألقيتها لك، فأردت أن أضرب عنقه، فتذكرت حديثاً حدثنيه عمرو بن الحمق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما مؤمن أمن مؤمناً على

(5/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 227
ذمة فقتله، فأنا من القاتل بريء. مجالد، عن الشعبي قال: أقرأني الأحنف كتاب المختار إليه، يزعم فيه أنه نبي. قلت: قتل في رمضان سنة سبع وستين مقبلاً غير مدبر في هوى نفسه، كما قدمنا.
4 (مروان بن الحكم)
) ابن أبي العاص ابن أمية بن عبد الملك القرشي

(5/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 228
الأموي، وقيل: أبو القاسم، ويقال: أبو الحكم. ولد بمكة بعد ابن الزبير

(5/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 229
بأربعة أشهر، ولم يصح له سماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن له رواية إن شاء الله. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث الحديبية بطوله، وفيه إرسال، لكن أخرجه البخاري. وروى أيضاً عن: عمر، وعثمان، وعلي وزيد بن ثابت. روى عنه: سهل بن سعد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله، وابنه عبد الملك، ومجاهد. وكان كاتب ابن عمه عثمان، وولي إمرة المدينة والموسم لمعاوية غير مرة، وبايعوه بالخلافة بعد معاوية بن يزيد، وحارب الضحاك بن قيس، فقتل الضحاك في المصاف، وسار إلى مصر، فاستولى عليها وعلى الشام، وكان ابن الزبير مستولياً على الحجاز كله وخراسان وغير ذلك في ذلك الوقت. وقال ابن سعد: توفي النبي صلى الله عليه وسلم ولمروان ثمان سنين، ولم يحفظ عنه شيئاً. وأمه آمنة بنت علقمة الكنانية. وقال الواقدي: أسلم الحكم في الفتح وقدم المدينة، فطرده النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل الطائف، فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة، ومات زمن عثمان، لأنه زور على لسانه كتاباً في شأن محمد بن أبي بكر.

(5/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 230
وقال ابن أبي السري: كان مروان قصيراً، أحمر الوجه، وأوقص العنق، كبير الرأس واللحية، وكان يلقب خيط باطل لدقة عنقه. وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم سمعت الشافعي يقول لما انهزم الناس يوم الجمل: كان علي يسأل عن مروان، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين إنك لتسأل عنه قال: تعطفني عليه رحم ماسة، وهو مع ذلك سيد من شباب قريش. وقال عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: بعثني زياد إلى معاوية في حوائج، فقلت: من ترى لهذا الأمر من بعدك فسمى جماعة، ثم قال: وأما القاريء لكتاب الله، الفقيه في دين) الله، الشديد في حدود الله: مروان. وقال أحمد بن حنبل: يقال: كان عند مروان قضاء، وكان يتبع قضاء عمر. وقال يونس، عن ابن شهاب، عن قبيصة بن ذؤيب: أن امرأة نذرت أن تنحر ابنها عند الكعبة، وقدمت المدينة تستفتي، فجاءت ابن عمر، فقال: لا أعلم في النذر إلا الوفاء، قالت: أفأنحر ابني قال: قد نهى الله عن ذلك، فجاءت ابن عباس فقال: أمر الله الوفاء بالنذر، ونهاكم أن تقتلوا أنفسكم، وقد كان عبد المطلب نذر إن توافى له عشرة رهط أن ينحر أحدهم، فلما توافوا أقرع بينهم، فصارت القرعة على عبد الله، وكان أحبهم إليه، فقال: اللهم، أهو أو مائة من الإبل، ثم أقرع ثانية بين المائة وبينه، فصارت القرعة على الإبل، فأرى أن تنحري مائة من الإبل مكان ابنك، فبلغ الحديث مروان وهو أمير المدينة فقال: ما أراهما أصابا، إنه لا نذر في معصية الله، فاستغفري الله

(5/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 231
تعالى وتوبي إليه، واعملي ما استطعت من الخير، فسر الناس بذلك وأعجبهم قوله، ولم يزل الناس يفتون بأنه لا نذر في معصية الله. وقال الواقدي: حدثني شرحبيل بن أبي عون، عن عياش بن عباس قال: حدثني من حضر ابن النباع الليثي يوم الدار يبادر مروان على قفاه ضربة قطع علابي عنقه، ووقع وجهه، فأرادوا أن يدففوا عليه، فقيل: أتبضعون اللحم، فترك. قال الواقدي: وحدثني حفص بن عمر، عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، وذكر مروان فقال: والله لقد ضربت كعبه، فما أحسبه إلا قد مات، ولكن المرأة أحفظتني، قالت: ما تصنع بلحمه أن تبضعه، فأخذني الحفاظ، فتركته. وقال خليفة: إن مروان ولي المدينة سنة إحدى وأربعين. وقال ابن علية، عن ابن عون، عن عمير بن إسحاق قال: كان مروان أميراً علينا ست سنين، فكان يسب علياً رضي الله عنه كل جمعة على المنبر، ثم عزل بسعيد بن العاص، فبقي سعيد سنتين، فكان لا يسبه، ثم أعيد مروان، فكان يسبه، فقيل للحسن: ألا تسمع ما يقول هذا فجعل لا يرد شيئاً، قال: وكان الحسن يجيء يوم الجمعة، ويدخل في حجر النبي صلى الله عليه سلم فيقعد فيها، فإذا قضيت الخطبة خرج فصلى، فلم يرض بذلك حتى أهداه له في بيته، قال: فإنا لعنده إذ قيل: فلان بالباب، قال: ائذن له، فوالله إني

(5/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 232
لأظنه قد جاء بشر، فأذن له فدخل، فقال: يا حسن، إني جئتك من عند سلطان وجئتك بعزمه، قال: تكلم، قال: أرسل مرون ويك بعلي) وبعلي وبعلي، ويك ويك ويك، وما وجدت مثلك إلا مثل البغلة، يقال لها: من أبوك، فتقول: أمي الفرس، قال: ارجع إليه فقل له: إني والله لا أمحو عنك شيئاً مما قلت، فلن أسبك، ولكن موعدي موعدك الله، فإن كنت صادقاُ فجزاك الله بصدقك، وإن كنت كاذباً فالله أشد نقمة، وقد أكرم الله جدي أن يكون مثله أو قال مثلي مثل البغلة، فخرج الرجل، فلما كان في الحجرة لقي الحسين، فقال: ما جئت به قال: رسالة. قال: والله لتخبرني أو لآمرن بضربك، فقال: ارجع، فرجع، فلما رآه الحسن قال: أرسله، قال: إني لا أستطيع، قال: لم قال: إني قد حلفت، قال: قد لج فأخبره، فقال: أكل فلان بظر أمه إن لم يبلغه عني ما أقول له، قل له: ويل لك ولأبيك ولقومك، وآية بيني وبينك أن يمسك منكبيك من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقال وزاد. وقال حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبي يحيى قال: كنت بين الحسن والحسين ومروان، والحسين يساب مروان، فجعل الحسن ينهاه، فقال مروان: إنكم أهل بيت ملعونون، فغضب الحسين وقال: ويلك، قلت هذا، فوالله لقد لعن الله أباك على لسان نبيه وأنت في صلبه. رواه جرير، عن عطاء، عن أبي يحيى النخعي. وقال حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن الحسن والحسين كانا يصليان خلف مروان، فقيل: أما كانا يصليان إذا رجعا إلى منازلهما قالا: لا والله. وقال الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(5/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 233
إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا مال الله دولاً، ودين الله دغلاً، وعبادة الله خولاً. سنده ضعيف، وكان عطية مع ضعفه شيعياً غالياً، لكن الحديث من قول أبي هريرة رواه العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عنه. وقد روى أبو المغيرة، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد قال: قال أبو ذر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا بغت بنو أمية أربعون رجلاً اتخذوا عبادة الله ولاً، ومال الله دولاً، وكتاب الله دغلاً. إسناده منقطع. وذكر عوانة بن الحكم، أن مروان قدم ببني أمية على حسان بن مالك بن بحدل وهو بالجيابية فقال: أتيتني بنفسك إذ أبيت أن آتيك، والله لأجادلن عنك في قبائل اليمن، أو أسلمها إليك، فبايع حسان أهل الأردن لمروان، على أن يبايع مروان لخالد بن يزيد، وله إمرة حمص، ولعمرو بن) سعيد إمرة دمشق، وذلك في نصف ذي القعدة. وقال أبو مسهر: بايع مروان أهل دمشق، وسائر الناس زبيريون، ثم اقتتل مروان وشيعة ابن الزبير يوم راهط فظفر مروان وغلب على الشام ومصر، وبقي تسعة أشهر، ومات. قال الليث: توفي في أول رمضان. وقال ابن وهب: سمعت مالكاً يذكر مروان يوماً، فقال: قرأت كتاب الله منذ أربعين سنة، ثم أصبحت فيما أنا فيه من هرق الدماء، وهذا الشأن. وقال ابن سعد: كانوا ينقمون على عثمان تقريب مروان وتصرفه، وكان كاتبه، وسار مع طلحة والزبير يطلبون بدم عثمان، فقاتل يوم الجمل

(5/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 234
أشد قتال، فلما رأى الهزيمة رمى طلحة بسهم فقتله، وقد أصابته جراح يومئذ، وحمل إلى بيت امرأة، فداووه واختفى، فأمنه علي، فبايعه وانصرف إلى المدينة، وأقام بها حتى استخلف معاوية، وقد كان يوم الحرة مع مسلم بن عقبة، وحرضه على أهل المدينة، قال: وكان قد أطمع خالد بن يزيد، ثم بدا له، وعقد لولديه عبد الملك وعبد العزيز، فأخذ يضع منه ويزهد الناس فيه، وكان يجلس معه، فدخل يوماً فزبره وقال: تنح يا ابن رطبة الإست، والله مالك عقل، فأضمرت أمه السوء لمروان، فدخل عليها فقال: هل قال لك خالد شيئاً فأنكرت، وكان قد تزوج بها، فقام، فوثبت هي وجواريها فعمدت إلى وسادة فوضعتها على وجهه، وغمرته هي والجواري حتى مات، ثم صرخن وقلن مات فجأة. وقال الهيثم بن مروان: مات مطعوناً بدمشق.
4 (مسلم بن عقبة)
الذي يقال له: مسرف بن عقبة بن رباح بن أسعد، أبو عقبة المري. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد صفين على الرجالة مع معاوية، وهو صاحب وقعة الحرة، وداره بدمشق موضع الخشب الكبير قبلي دار البطيخ،

(5/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 235
هلك بالمشلل بين مكة والمدينة، وهو قاصد إلى قتال ابن الزبير، لسبع بقين من المحرم سنة أربع وستين. وروى المدائني، عن محمد بن عمر، أظنه الواقدي قال: قال ذكوان مولى مروان: شرب مسلم داوء بعدما نهب المدينة، ودعا بالغداء، فقال له الطبيب: لا تعجل، قال: ويحك إنما كنت أحب البقاء حتى أشفي نفسي من قتلة أمير المؤمنين عثمان، فقد أدركت ما أردت، فليس شيء أحب) إلي من الموت على طهارتي، فإني لا أشك أن الله قد طهرني من ذنوبي بقتل هؤلاء الأرجاس. وقال الواقدي: حدثني الضحاك بن عثمان، عن جعفر بن خارجة قال: خرج مسرف بن عقبة يريد مكة وتبعته أم ولد ليزيد بن عبد الله بن زمعة تسير وراءهم، ومات مسرف فدفن بثنية المشلل، فنبشته ثم صلبته على المشلل. قال الزبير بن بكار: وكان قد قتل مولاها أبا ولدها. وقيل: إنها نبشته، فوجدت ثعباناً يمص أنفه، وأنها أحرقته، فرضي الله عنها وشكر سعيها.
4 (مسروق بن الأجدع)
واسم الأجدع عبد الرحمن بن مالك بن أمية، أبو عائشة الهمداني، ثم الوادعي الكوفي.

(5/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 236
مخضرم، سمع: أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلياً، وابن مسعود، ومعاذاً، وأبي بن كعب، وخباب بن الأرت، وعائشة، وطائفة. روى عنه: أبو وائل، وسعيد بن جبير، وأبو الضحى، وإبراهيم النخعي، ويحيى بن وثاب، وأبو إسحاق السبيعي، وعبد الله بن مرة، وآخرون. وقدم الشام في طلب العلم، وشهد الحكمين، فقال روح بن عبادة: حدثني المثنى القصير، عن محمد بن المنتشر، عن مسروق قال: كنت مع أبي موسى أيام الحكمين، وفسطاطي إلى جنب فسطاطه، فيصبح الناس ذات يوم قد لحقوا بمعاوية من الليل، فلما أصبح أبو موسى رفع رفرف فسطاطه، فقال: يا مسروق بن الأجدع، قلت: لبيك أبا موسى، قال: إن الإمارة ما اؤتمر فيها، وإن الملك ما غلب عليه بالسيف. وقال ابن سعد: كان مسروق ثقة، له أحاديث صالحة، وقد روى عن: عمر، وعلي، وأبي، وعبد الله، ولم يرو عن عثمان شيئاً.

(5/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 237
وقال البخاري: رأى أبا بكر. وقال أبو حاتم الرازي: روى عن: أبي بكر، وعمر وعثمان، وعلي. وقال مجالد، عن الشعبي، عن مسروق: قدمت على عمر فقال: ما اسمك قلت: مسروق بن الأجدع، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الأجدع شيطان. أنت مسروق بن عبد الحمن. وقال أبو داود السجستاني: كان الأجدع أفرس فارس باليمن. وابنه مسروق ابن أخت عمرو بن) معديكرب. وقال ابن عيينة: ثنا أيوب بن عائذ الطائي قال: قلت للشعبي: رجل نذر أن ينحر ابنه، قال: لعلك من القياسين، ما علمت أحداً من الناس كان أطلب للعلم في أفق من الآفاق من مسروق، قال: لا نذر في معصية. وقال علي بن المديني: ما أقدم على مسروق أحداً من أصحاب عبد الله، صلى خلف أبي بكر، ولقي عمر، وعلياً، ولم يرو عن عثمان شيئاً. وعن مسروق قال: اخلتفت إلى عبد الله من رمضان إلى رمضان، ما أغبه يوماً. وقال مجالد، عن الشعبي، عن مسروق قال: قالت عائشة: يا مسروق إنك من ولدي، وإنك لمن أحبهم إلي، فها عندك علم بالمخدج. فذكر الحديث.

(5/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 238
وقال مالك بن مغول: سمعت أبا السفر يقول: ما ولدت همدانية مثل مسروق. وقال منصور، عن إبراهيم قال: كان أصحاب عبد الله الذي يقرئون الناس ويعلمونهم السنة: علقمة، والأسود، وعبيدة، ومسروق، والحارث بن قيس، وعمرو بن شرحبيل. وقال عبد الملك بن أبجر، عن الشعبي قال: كان مسروق أعلم بالفتوى من شريح، وشريح أعلم منه بالقضاء، وكان شريح يستشير مسروقاً، وكان مسروق لا يستشير شريحاً. وقال سفيان الثوري: بقي مسروق بعد علقمة لا يفضل عليه أحداً. وقال عاصم، عن الشعبي: إن عبيد الله بن زياد حين قدم الكوفة قال: أي أهل الكوفة أفضل قالوا: مسروق. وعن الشعبي قال: إن كان أهل بيت خلقوا للجنة فهؤلاء: الأسود، وعلقمة، ومسروق. وقال خليفة: لم يزل شريح على قضاء الكوفة، فأحدره معه زياد إلى البصرة، فقضى مسروق حتى رجع شريح، وذكر أن شريحاً غاب سنة. وقال الأعمش، عن القاسم قال: كان مسروق لا يأخذ على القضاء رزقاً. عارم: ثنا حماد، عن مجالد: أن مسروقاً قال: لأن أقضي بقضية

(5/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 239
فأوافق الحق أحب إلي من رباط سنة في سبيل الله عز وجل. وقال مجالد، عن الشعبي، عن مسروق: لأن أفتي يوماً بعدل وحق، أحب إلي من أن أغزو في سبيل الله سنة.) وقال شعبة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ابن أخي مسروق: إن خالد بن عبد الله بن أسيد عامل البصرة أهدى إلى مسروق ثلاثين ألفاً، وهو يومئذ محتاج، فلم يقبلها. وقال يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه قال: أصبح مسروق يوماً وليس لعياله رزق، فجاءته امرأته قمير فقالت: يا أبا عائشة، إنه ما أصبح لعيالك اليوم رزق، فتبسم وقال: والله ليأتينهم الله برزق. وقال سالم بن أبي الجعد: كلم مسروق زياداً لرجل في حاجة، فبعث إليه بوصيف، فرده، وحلف ألا يكلم له في حاجة أبداً. وقال الأصمعي: سمعت أشياخنا يقولون: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين: عامر بن عبي قيس، وهرم بن حيان، وأويس القرني، وأبي مسلم الخولاني، والأسود، ومسروق، والحسن البصري، والربيع بن خثيم. وقال إسرائيل: ثنا أبو إسحاق أن مسروقاً زوج بنته بالسائب بن الأقرع على عشرة آلاف اشترطها لنفسه، وقال: جهز أنت امرأتك من عندك، وجعلها مسروق في المجاهدين والمساكين. وقال الأعمش، عن أبي الضحى قال: غاب مسروق في السلسلة

(5/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 240
سنتين يعني عاملاً عليها فلما قدم نظر أهله في خرجه فأصابوا فأساً بغير عود، فقالوا: غبت سنتين، ثم جئتنا بفأس بغير عود قال: إنا لله، تلك فأس استعرناها، نسينا نردها. وقال الشعبي: بعثه ابن زياد إلى السلسلة، فانطلق، فمات بها. وقال الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق قال: والله ما عملت عملاً أخوف عندي أن يدخلني النار من عملكم هذا، وما بي أن أكون ظلمت فيه مسلماً ولا معاهداً ديناراً ولا درهماً، ولكن ما أدري ما هذا الجعل الذي لم يسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، قيل: فما حملك قال: لم يدعني زياد، ولا شريح، ولا الشيطان، حتى دخلت فيه. وقال سعيد بن جبير: قال لي مسروق: ما بقي شيء يرغب فيه إلا أن نعفر وجوهنا في التراب وما آسى على شيء إلا السجود لله تعالى. وقال إسحاق: حج مسروق، فما نام إلا ساجداً حتى رجع. وقال هشام بن حسان، عن محمد عن امرأة مسروق قالت: ما كان مسروق يوجد إلا وساقاه قد انتفختا من طول القيام، وإن كنت لأجلس خلفه، فأبكي رحمة له.) ورواه أنس بن سيرين، عن امرأة مسروق. وقال أبو الضحى، عن مسروق: إنه سئل عن بيت شعر فقال: أكره أن أجد في صحيفتي شعراً.

(5/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 241
وقال هشام بن الكلبي، عن أبيه قال: شلت يد مسروق يوم القادسية، وأصابته آمة. وقال أبو الضحى، عن مسروق، وكان رجلاً مأموماً، فقال: ما أحب أنها ليست بي، لعلها لو لم تكن بي، كنت في بعض هذه الفتن. وقال وكيع: لم يتخلف عن علي من الصحابة إلا سعد، ومحمد بن مسلمة، وأسامة بن زيد، وابن عمر، ومن التابعين: مسروق، والأسود، والربيع بن خثيم، وأبو عبد الرحمن السلمي. وقال عمرو بن مرة، عن الشعبي قال: كان مسروق إذا قيل له: أبطأت عن علي وعن مشاهده ولم يكن شهد معه يقول: أذكركم الله، أرأيتم لو أنه صف بعضكم لبعض، وأخذ بعضكم على بعض السلاح، يقتل بعضكم بعضاً، فنزل ملك بين الصفين فقال هذه الآية: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً أكان ذلك حاجزاً لكم قالوا: نعم، قال: فوالله لقد نزل بها ملك كريم، على لسان نبيكم، وإنها لمحكمة ما نسخها شيء. وقال عاصم بن أبي النجود: ذكر أن مسروقاً أتى صفين، فوقف تبين الصفين، ثم قال: أرأيتم لو أن منادياً، فذكر نحوه، ثم ذهب. وعن أبي ليلى قال: شهد مسروق النهروان مع علي. وقال شريك، عن أبي إسحاق، عن عامر قال: ما مات مسروق حتى استغفر الله من تخلفه عن علي. قال أبو النعيم: توفي مسروق سنة اثنتين وستين.

(5/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 242
وقال المدائني، وابن نمير، ومحمد بن سعد: سنة ثلاث. وقال أبو شهاب الخياط: هو مدفون بالسلسلة بواسط.
4 (مسلمة بن مخلد)
ابن الصامت الأنصاري والخزرجي، أبو معن، ويقال: أبو سعيد، ويقال: أبو معاوية، ويقال أبو معمر، له صحبة ورواية. قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولي عشر سنين رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عنه: أبو أيوب الأنصاري مع جلالته، ومحمود بن لبيد، ومحمد

(5/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 243
ابن سيرين، ومجاهد،) وعلي بن رباح، وأبو قبيل حيي بن هانيء، وعبد الرحمن بن شماسة، وشيبان بن أمية وآخرون. وكان من أمراء معاوية يوم صفين، كان على أهل فلسطين، وقيل: لم يفد على معاوية إلا بعد انقضاء صفين، ولي إمرة مصر لمعاوية وليزيد، وذكر أن له صحبة جماعة منهم: ابن سعد، وأبو سعيد بن يونس، والدارقطني. وقال ابن أبي حاتم: كان البخاري كتب أن لمسلمة بن مخلد صحبة، فغير أبي ذلك، وقال: ليست له صحبة. وقال ابن مهدي، ومعن بن عيسى، عن موسى بن علي، عن أبيه، عن مسلمة: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وأنا ابن أربع سنين، توفي وأنا ابن أربع عشرة. وقال وكيع: عن موسى بخلاف ذلك، وقال: هو أقرب عهداً بالكتاب. وقال الليث بن سعد: وفي سنة سبع وأربعين نزع عقبة بن عامر عن مصر، وولي مسلمة، فبقي عليها إلى أن مات. وقال مجاهد: صليت خلف مسلمة بن مخلد، فقرأ بسورة البقرة، فما ترك واواً ولا ألفاً. وقال الليث: توفي سنة اثنتين وستين.

(5/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 244
وقال ابن يونس: في ذي القعدة بالإسكندرية.
4 (المسور بن مخرمة)
ابن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن قصي بن كلاب، أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو عثمان الزهري ابن عاتكة أخت عبد الرحمن بن عوف.

(5/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 245
له صحبة ورواية، روى أيضاً عن: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وخاله. روى عنه: علي بن الحسين، وعروة، وسليمان بن يسار، وابن أبي مليكة، وولداه عبد الرحمن، وأم بكر، وعبد الله بن حنين، وعمرو بن دينار. وقدم بريداً لدمشق من عثمان إلى معاوية أيام حصر عثمان، ووفد على معاوية في خلافته، وكان ممن يلزم عمر ويحفظ عنه، وانحاز إلى مكة كابن الزبير، وكره إمرة يزيد، وأصابه حجر منجنيق لما حاصر الحصين بن نمير ابن الزبير. قال الزبير بن بكار: وكانت الخوارج تغشاه وتعظمه وينتحلون رأيه، حتى قتل تلك الأيام.) وقال أبو عامر العقدي: أنبأ عبد الله بن جعفر، عن أم بكر أن أباها احتكر طعاماً، فرأى سحاباً من سحاب الخريف فكرهه، فلما أصبح جاء إلى السوق فقال: من جاءني وليته، فبلغ ذلك عمر، فأتاه بالسوق فقال: أجننت يا مسور قال: لا والله، ولكني رأيت سحاباً من سحاب الخريف، فكرهته فكرهت أن أربح فيه، وأردت أن لا أربح فيه فقال عمر: جزاك الله خيراً. وقال إسحاق الكوسج: قال ابن معين: مسور بن مخرمة ثقة، إنما كتبت هذا للتعجب، فإنهم متفقون على صحبة المسور، وأنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن مهب: ثنا حيوة، ثنا عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة: أن المسور أخبره أنه قدم على معاوية، فقضى حاجته، ثم خلا به فقال: يا مسور، ما فعل طعنك على الأئمة قال: دعنا من هذا، وأحسن فيما قدمنا له، قال معاوية: والله لتكلمني بذات نفسك بالذي تعيب علي، قال: فلم أترك شيئاً أعيبه عليه إلا بينته له، فقال: لا أبرأ من الذنب، فهل تعد لنا يا مسور بما نلي من الإصلاح في أمر العامة، فإن الحسنة بعشر أمثالها، أم

(5/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 246
تعد الذنوب وتترك الإحسان ! قلت: لا والله ما نذكر إلا ما نرى من الذنوب، فقال: فإنا نعترف لله بكل ذنب أذنبناه، فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلكك إن تلم يغفر الله لك قال: نعم، قال: فمل يجعلك برجاء المغفرة أحق مني فوالله ما ألي من الإصلاح أكثر مما تلي، ولكن والله لا أخير بين أمرين، بين الله وغيره إلا اخترت الله على ما سواه، وإني لعلى دين يقبل فيه العمل، ويجزى فيه بالحسنات، ويجزى فيه بالذنوب، إلا أن يعفو الله عنها، وإني أحتسب كل حسنة عملتها بأضعافها من الأجر، وألي أموراً عظاماً من إقامة الصلاة، والجهاد، والحكم بما أنزل الله. قال: فعرفت أنه قد خصمني لما ذكر ذلك. قال عروة: فلم أسمع المسور ذكر معاوية إلا صلى عليه. وعن أم بكر بنت المسور أن المسور كان يصوم الدهر، وكان إذا قدم مكة طاف لكل يوم غاب عنها سبعاً، وصلى ركعتين. وقال الواقدي: ثنا عبد الله بن جعفر، عن عتمة أم بكر بنت المسور، عن أبيها، أنه وجد يوم القادسية إبريق ذهب عليه الياقوت والزبرجد، فلم يدر ما هو، فلقيه فارسي فقال: آخذه بعشرة آلاف، فعرف أنه شيء، فبعث به إلى سعد بن أبي وقاص، فنفله إياه، وقال: لا تبعه بعشرة آلاف، فباعه له سعد بمائة ألف، ودفعها إلى المسور، ولم يخمسها. وعن عطاء بن يزيد الليثي قال: لحق بابن الزبير بمكة، فكان ابن الزبير لا يقطع أمراً دونه.) قال الواقدي: وحدثني شرحبيل بن أبي عون. عن أبيه قال: لما دنا الحصين بن نمير أخرج المسور سلاحاً قد حمله من المدينة ودروعاً ففرقها في موال له كهول فرس جلد، فدعاني، ثم قال لي: يا مولى

(5/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 247
عبد الرحمن بن مسور، قلت: لبيك، قال: اختر درعاً، فاخترت درعاً وما يصلحها، وأنا يومئذ غلام حدث، فرأيت أولئك الفرس غضبوا وقالوا: تخيره علينا والله لو جد الجد تركك، فقال: لتجدن عنده حزماً، فلما كان القتال أحدقوا به، ثم انكشفوا عنه، واختلط الناس، والمسور يضرب بسيفه، وابن الزبير في الرعيل الأول يرتجز قدماً، ومعه مصعب بن عبد الرحمن بن عوف يفعلان الأفاعيل، إلى أن أحدقت جماعة منهم بالمسور، فقام دونه مواليه، فذبوا عنه كل الذب، وجعل يصيح بهم، فما خلص إليه، ولقد قتلوا من أهل الشام يومئذ نفراً. قال: وحدثني عبد الله بن جعفر، عن أم بكر، وأبي عون قالا: أمات المسور حجر المنجنيق، ضرب البيت فانفلق منه فلقة، فأصابت خد المسور وهو قائم يصلي، فمرض منها أياماً، ثم مات في اليوم الذي جاء فيه نعي يزيد، وابن الزبير يومئذ لا يسمى بالخلافة، بل الأمر شورى. زادت أم بكر: كنت أرى العظام تنزع من صفحته، وما مكث إلا خمسة أيام ومات. فذكرته لشرحبيل بن أبي عون فقال: حدثني أبي قال: قال لي المسور: هات درعي، فلبسها، وأبى أن يلبس المغفر، قال: وتقبل ثلاثة أحجار، فيضرب الأول الركن الذي يلي الحجر فخرق الكعبة حتى تغيب، ثم اتبعه الثاني في موضعه، ثم الثالث فينا، وتكسر منه كسرة، فضربت خد المسور وصدغه الأيسر، فهشمته هشماً، فغشي عليه، واحتملته أنا ومولى له، وجاء الخبر ابن الزبير، فأقبل يعدو، فكان فيمن حمله، وأدركنا مصعب بن عبد الرحمن وعبيد بن عمير، فمكث يومه لا يتكلم، فأفاق من الليل، وعهد ببعض ما يريد، وجعل عبيد بن عمير يقول: يا أبا عبد الرحمن كيف ترى في قتال هؤلاء فقال: على ذلك قتلنا، فكان ابن الزبير لا يفارقه بمرضه حتى مات، فولي ابن الزبير غسله، وحمله فيمن حمله إلى الحجون، وإنا لنطأ، به القتلى ونمشي بين أهل الشام، فصلوا معنا عليه.

(5/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 248
قلت: لأنهم علموا يومئذ بموت يزيد، وكلم حصين بن نمير عبد الله بن الزبير في أن يبايعه بالخلافة، وبطل القتال بينهم. وعن أم بكر قالت: ولد المسور بمكة بعد الهجرة بسنتين، وبها توفي لهلال ربيع الآخر سنة) أربع وستين. وقال الهيثم: توفي سنة سبعين، وهو غلط منه. وقال المدائني: مات سنة ثلاث وسبعين من حجر المنجنيق، فوهم أيضاً، اشتبه عليه بالحصار الأخير. وتابعه يحيى بن معين. وعلى القول الأول جماعة منهم: يحيى بن بكير، وأبو عبيد، والفلاس، وغيرهم.
4 (المسيب بن نجبة بن ربيعة الفزاري)
صاحب علي. سمع: علياً، وابنه الحسن، وحذيفة. وروى عنه: عتبة بن أبي عتبة، وسوار أبو إدريس، وأبو إسحاق السبيعي. وقدم مع خالد بن الوليد من العراق، وشهد حصار دمشق، وكان أحد من خرج من الكبار في جيش التوابين الذين خرجوا يطلبون بدم الحسين، وقتل بالجزيرة سنة خمس وستين كما ذكرنا بعدما قاتل قتالاً شديداً.

(5/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 249
4 (مصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري،)
أحد الكبار الذين كانوا مع ابن الزبير، وقتل معه في الحصار سنة أربع وستين. كان مصعب هذا قد ولي قضاء المدينة، وشرطتها في إمرة مروان عليها، ثم لحق بابن الزبير، وكان بطلاً شجاعاً، له مواقف مشهورة، قتل عدة من الشاميين، ثم توفي، فلما مات هو والمسور دعا ابن الزبير إلى نفسه.
4 (معاذ بن الحارث أبو حليمة الأنصاري)
المدني القاريء. روى عنه: ابن سيرين، ونافع مولى ابن عمر. قالت عمرة: ما كان يوقظنا من الليل إلا قراءة معاذ القاريء. قتل معاذ يوم الحرة.
4 (معاوية بن حيدة القشيري)
جد بهز بن حكيم، له صحبة

(5/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 250
ورواية، نزل بالبصرة ثم غزا خراسان ومات بها. روى عنه: ابنه حكيم، وحميد المري رجل مجهول. حديثه في السنن الأربعة، أعني معاوية.
4 (معاوية بن يزيد)
) ابن معاوية بن أبي سفيان الأموي، أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو يزيد، ويقال: أبو ليلى، استخلف بعهد من أبيه عند موته في ربيع الأول، وكان شاباً صالحاً لم تطل خلافته، وأمه هي أم هاشم بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة، ومولده سنة ثلاث وأربعين.

(5/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 251
قال إسماعيل الخطبي: رأيت صفته في كتاب أنه كان أبيض شديداً، كثير الشعر، كبير العينين، أقنى الأنف، جميل الوجه، مدور الرأس. وعن أبي عبيدة قال: ولي معاوية بن يزيد ثلاثة أشهر، فلم يخرج إلى الناس، ولم يزل مريضاً، والضحاك بن قيس يصلي بالناس. وقال جرير بن حازم: إن معاوية بن يزيد استخلفه أبوه، فولي شهرين، فلما احتضر قيل: لو استخلفت، فقال: كفلتها حياتي، فأتضمنها بعد موتي. وأبى أن يستخلف. وقال أبو مسهر، وأبو حفص الفلاس: ملك أربعين ليلة، وكذا قال ابن الكلبي. وقال أبو معشر، وغيره: عاش عشرين سنة. توفي بدمشق.
4 (معقل بن سنان الأشجعي)
له صحبة ورواية، وكان حامل لواء قومه يوم فتح مكة، وهو راوي

(5/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 252
حديث بروع. روى عنه: علقمة، ومسروق، والأسود، وسالم بن عبد الله بن عمر، والحسن البصري. وكان يكون بالكوفة، فوفد على يزيد، فرأى منه قبائح، فسار إلى المدينة وخلع يزيد، وكان من رؤوس أهل الحرة. قال الحاكم أبو أحمد: كنيته أبو سنان، ويقال: أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو يزيد، من غطفان، قتل صبراً يوم الحرة، فقال الشاعر:
(ألا تلكم الأنصار تبكي سراتها .......... وأشجع تبكي معقل بن سنان)
وقال الواقدي: حدثني عبد الرحمن بن عثمان بن زياد الأشجعي، عن أبيه، عن جده قال: كان معقل بن سنان قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحمل لواء قومه يوم الفتح، وكان شاباً طرياً، وبقي بعد ذلك، فبعثه الوليد بن عتبة أمير المدينة ببيعة يزيد، فقدم الشام في وفد من أهل المدينة، فاجتمع معقل ومسلم بن عقبة فقال، وكان قد آنسه وحادثه: إني خرجت كرهاً ببيعة هذا، وقد كان من القضاء والقدر خروجي إليه رجل يشرب الخمر وينكح الحرم، ثم نال منه واستكتمه ذلك، فقال: أما أن أذكر ذلك لأمير المؤمنين يومي هذا فلا والله، ولكن لله علي) عهد وميثاق إن مكنت منك لأضربن الذي فيه عيناك، فلما قدم مسلم المدينة وأوقع بهم، كان معقل يومئذ على

(5/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 253
المهاجرين، فأتى به مأسوراً، فقال: يا معقل أعطشت قال: نعم، قال: أحضروا له شربة ببلور، ففعلوا، فشرب، وقال: أرويت قال: نعم، قال: أما والله لا تتهنأ بها، يا مفرج قم فاضرب عنقه، فضرب عنقه. وقال المدائني، عن عوانة، وأبي زكريا العجلاني، عن عكرمة بن خالد: إن مسلماً لما دعا أهل المدينة إلى البيعة، يعني بعد وقعة الحرة، قال: ليت شعري ما فعل معقل بن سنان، وكان له مصافياً، فخرج ناس من أشجع، فأصابه في قصر العرصة، ويقال: في جبل أحد، فقالوا له: الأمير يسأل عنك فارجع إليه، قال: أنا أعلم به منكم، إنه قاتلي، قالوا: كلا، فأقبل معهم، فقال له: مرحباً بأبي محمد، أظنك ظمآن، وأظن هؤلاء أتعبوك، قال: أجل، قال: شوبوا له عسلاً بثلج، ففعلوا وسقوه، فقال: سقاك الله أيها الأمير من شراب أهل الجنة، قال: لا جرم والله لا تشرب بعدها حتى تشرب من حميم جهنم، قال: أنشدك الله والرحم، قال: ألست قلت لي بطبرية وأنت منصرف من عند أمير المؤمنين وقد أحسن جائزتك: سرنا شهراً وخسرنا ظهراً، نرجع إلى المدينة فنخلع الفاسق يشرب الخمر، عاهدت الله تلك الليلة لا ألقاك في حرب أقدر عليك إلا قتلتك، وأمر به فقتل.
4 (معقل بن يسار المزني البصري،)
ممن بايع تحت الشجرة.

(5/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 254
روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وعن النعمان بن مقرن. روى عنه: عمران بن حصين مع تقدمه، وأبو المليح بن أسامة الهذلي، والحسن البصري، ومعاوية بن قرة، وعلقمة بن عبد الله المزنيان، وغيرهم. وقال ابن سعد: لا نعلم في الصحابة من يكنى أبا علي سواه.
4 (معن بن يزيد)
ابن الأخنس بن حبيب السلمي، له ولأبيه وجده الأخنس صحبة. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً أو حديثين. روى عنه: أبو الجويرية حطان بن خفاف الجرمي، وسهيل بن ذراع، وغيرهما.

(5/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 255
وكان من فرسان قيس، شهد فتح دمشق، وله بها دار، وشهد صفين مع معاوية.) قال أبو عوانة، عن أبي الجويرية، عن معن بن يزيد قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وأبي، وجدي، فأنكحني، وخطب علي. وقال الليث، عن يزيد بن أبي حبيب: إن معن بن يزيد بن الأخنس من بني سليم، كان هو وأبوه وجده تمام عدة أصحاب بدر، ولا أعلم رجلاً وابنه وابن ابنه شهدوا بدراً مسلمين غيرهم. قلت: لا نعلم ليزيد متابع على هذا القول. وقد ذكر المفضل الغلابي وغيره أن لهم صحبة. وقال محمد بن سلام الجمحي: سمعت بكار بن محمد بن واسع قال: قال معاوية: ما ولدت قرشية لقرشي خيراً لها في دينها من محمد صلى الله عليه وسلم، وما ولدت قرشية لقرشي خيراً لها في دنياها مني، فقال معن بن يزيد: ما ولدت قرشية لقرشي شراً لها في دنياها منك، قال: ولم قال: لأنك عودتهم عادة كأني بهم قد طلبوها من غيرك، فكأني بهم صرعى في الطريق، قال: ويحك، والله إني لأكاتمها نفسي منذ كذا وكذا. قال ابن سميع وغيره: قتل معن بن يزيد بن الأخنس، وأبوه براهط، وقال غيره: بقي معن يسيراً بعد راهط.
4 (المغيرة بن أبي شهاب المخزومي)
قال يحيى الذماري: قرأت على ابن عامر، وقرأ ابن عامر على المغيرة بن أبي شهاب، وقرأ المغيرة على عثمان بن عفان.

(5/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 256
4 (المنذر بن الجارود العبدي)
لأبيه صحبة، وكان سيداً جواداً شريفاً ولي إصطخر لعلي، ثم ولي ثغر الهند من قبل عبيد الله بن زياد، فمات هناك سنة إحدى وستين، وله ستون سنة. وهو مذكور في الطبقة الآتية.
4 (المنذر بن الزبير)
ابن العوام بن خويلد بن أسد، أبو عثمان الأسدي، ابن حواري النبي صلى الله عليه وسلم، وأمه أسماء بنت الصديق. ولد في أخر خلافة عمر، وغزا القسطنطينية مع يزيد، ولما استخلف يزيد وفد عليه. قال الزبير بن بكار: فحدثني مصعب بن عثمان أن المنذر بن الزبير غاضب أخاه عبد الله، فسار إلى الكوفة، ثم قدم على معاوية، فأجازه بألف ألف درهم، وأقطعه، فمات معاوية قبل أن) يقبض المنذر الجائزة، وأوصى

(5/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 257
معاوية أن يدخل المنذر في قبره. وفي الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة أنها زوجت حفصة بنت أخيها المنذر بن الزبير، فلما قدم أخوها عبد الرحمن من الشام قال: ومثلي يصنع به هذا ويفتات عليه فكلمت عائشة المنذر، فقال: إن ذلك بيد عبد الرحمن، فقال عبد الرحمن: ما كنت لأرد أمراً قضيتيه، فقرت حفصة عند المنذر، ولم يكن ذلك طلاقاً. وقال ابن سعد: فولدت له عبد الرحمن، وإبراهيم، وقريبة، ثم تزوجها الحسن بن علي رضي الله عنهما. وقال الزبير بن بكار: لما ورد على يزيد خلاف ابن الزبير، كتب إلى ابن زياد أن يستوثق من المنذر ويبعث به، فأخبره بالكتاب، وقال: إذهب وأنا أكتم الكتاب ثلاثاً، فخرج المنذر، فأصبح الليلة الثامنة بمكة صباحاً، فارتجز حاديه:
(قاسين قبل الصبح ليلاً منكرا .......... حتى إذا الصبح انجلى وأسفرا)

(أصبحن صرعى بالكثيب حسرا .......... لو يتكلمن شكون المنذرا)
فسمع عبد الله بن الزبير صوت المنذر على الصفا، فقال: هذا أبو عثمان حشته الحرب إليكم. فحدثني محمد بن الضحاك قال: كان المنذر بن الزبير، وعثمان تبن عبد الله بن حكيم بن حزام يقاتلان أهل الشام بالنهار، ويطعمانهم بالليل. وقتل المنذر في نوبة الحصين، وله أربعون سنة.

(5/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 258
4 (حرف النون)

4 (النابغة الجعدي)
الشاعر المشهور أبو ليلى، له صحبة ووفادة، وهو من بني عامر بن صعصعة، فعن عبد الله بن صفوان قال: عاش النابغة مائة وعشرين سنة، ومات بأصبهان. وروي أن النابغة قال هذه الأبيات:

(5/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 259
(المرء يهوى أن يعي .......... ش وطول عمر قد يضره)

(وتتابع الأيام ح .......... تى ما يرى شيئاً يسره)

(تفنى بشاشته ويب .......... قى بعد حلو العيش مره)
ثم دخل بيته فلم يخرج حتى مات.) وقال يعلى بن الأشدق، وليس بثقة: سمعت النابغة يقول: أنشدت النبي صلى الله عليه وسلم:
(بلغنا السماء مجدنا وجدودنا .......... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا)
فقال: أين المظهر يا أبا ليلى قلت: الجنة، قال أجل إن شاء الله، ثم قلت:
(ولا خير في حلم إذا لم تكن له .......... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا)

(ولا خير في جهل إذا لم يكن له .......... حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا)
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يفضض الله فاك، مرتين. قلت: كان النابغة يتنقل في البلاد ويمدح الكبار وعمر دهراً ومات في أيام عبد الملك. قال محمد بن سلام: اسمه قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة بن جعدة.

(5/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 260
روي عن: عبد الله بن عروة بن الزبير أن نابغة بني جعدة لما أقحمت السنة أتى ابن الزبير، وهو يومئذ بالمدينة، فأنشده في المسجد:
(حكيت لنا الصديق لما وليتنا .......... وعثمان والفاروق فارتاح معدم)

(وسويت بين الناس في الحق فاستووا .......... فعاد صباحاً حالك الليل مظلم)
في أبيات، فأمر له بسبع قلائص وراحلة تمر وبر، وقال له: لك في مال الله حقان، حق لرؤيتك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحق لشركتك أهل الإسلام، وذكر الحديث.
4 (نجدة بن عامر الحنفي الحروري،)
من رؤوس الخوارج، مال عليه أصحاب ابن الزبير فقتلوه بالجمار. وقيل: اختلف عليه أصحابه فقتلوه في سنة تسع وستين.
4 (النعمان بن بشير)
ابن سعد بن ثعلبة، أبو عبد الله، ويقال: أبو محمد الأنصاري

(5/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 261
الخزرجي، ابن أخت عبد الله بن رواحة. شهد أبوه بدراً. وولد النعمان سنة اثنتين من الهجرة، وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث. روى عنه: ابنه محمد، والشعبي، وحميد بن عبد الرحمن بن عوف،

(5/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 262
وأبو سلام الأسود، وسماك بن حرب، وأبو إسحاق، ومولاه حبيب بن سالم، وسالم بن أبي الجعد، وأبو قلابة الجرمي، وغيرهم.) وكان منقطعاً إلى معاوية فولاه الكوفة مدة، وولي قضاء دمشق بعد فضالة بن عبيد، وولي إمرة حمص مدة. وقال البخاري: ولد عام الهجرة، وهو أول مولود ولد للأنصار. وقد ورد أن أعشى همدان وفد على النعمان وهو أمير حمص فقال له: ما أقدمك قال: جئت لتصلني، وتحفظ قرابتي، وتقضي ديني، فأطرق ثم قال: والله ما شيء، ثم قال: هه، كأنه ذكر شيئاً، فقام فصعد المنبر، فقال: يا أهل حمص وهم في الديوان عشرون ألفاً هذا ابن عمكم من أهل القرآن والشرف قدم عليكم يسترفدكم، فما ترون قالوا: أصلح الله الأمير احتكم له، فأبى عليهم، قالوا: فإنا قد حكمنا له على أنفسنا من كل رجل في العطاء بدينارين دينارين، فعجلها له من بيت المال أربعين ألف دينار، فقبضها. حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب قال: كان النعمان بن بشير والله من أخطب من سمعت من أهل الدنيا يتكلم. وروي أن النعمان لما دعا أهل حمص إلى ابن الزبير احتزوا رأسه. وقيل: قتل بقرية بيرين، قتله خالد بن خلي بعد وقعة مرج راهط في آخر سنة أربع وستين.
4 (نوفل بن معاوية الديلي)
له صحبة ورواية وشهد

(5/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 263
الفتح، وغزا مع الصديق سنة تسع. روى عنه: عبد الرحمن بن مطيع، وعراك بن مالك، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ونزل المدينة في بني الديل. قال الواقدي: شهد بدراً مع المشركين وأحداً والخندق، وكان له ذكر ونكاية، قال: وتوفي يف خلافة معاوية. وقال غيره: توفي في خلافة يزيد. وقيل: عاش ستين سنة في الجاهلية، وستين في الإسلام. وكان سلمى بن نوفل بن معاوية الديلي جواداً ممدحاً، وفيه يقول الجعفري:
(يسود أقوام وليسوا بسادة .......... بل السيد المحمود سلمى بن نوفل)

(5/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 264
4 (حرف الهاء)

4 (هبيرة بن بريم أبو الحارث الشبامي)
) ويقال الخارفي الكوفي. روى عن: علي، وطلحة، وعبد الله بن مسعود. روى عنه: أبو إسحاق السبيعي، وأبو فاختة. وقال الإمام أحمد: لا بأس بحديثه. وقال غيره: توفي سنة ست وستين. وقال ابن خراش: ضعيف.

(5/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 265
4 (همام بن قبيصة بن مسعود)
بن عمير النميري، أحد الأشراف. كان من أبطال معاوية، كان على قيس دمشق يوم صفين، وكان له بدمشق دار صارت لابن جوصا المحدث، عند حمام الجبن. قتل يوم مرج راهط. وله شعر.
4 (هند بن هند بن أبي هالة التميمي،)
سبط أم المؤمنين، خديجة رضي الله عنها. قتل مع مصعب بن الزبير في سنة تسع وستين. وقيل: مات في الطاعون بالبصرة.

(5/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 266
4 (حرف الواو)

4 (الوليد بن عتبة)
ابن أبي سفيان بن حرب الأموي، ولاه عمه معاوية المدينة، وكان جواداً حليماً فيه دين وخير. قال يحيى بن بكير: كان معاوية يولي على المدينة مرة مروان ومرة

(5/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 267
الوليد بن عتبة، وكذا ولاه يزيد عليها مرتين، وأقام الموسم غير مرة، آخرها سنة اثنتين وستين. قال الزبير بن بكار: كان الوليد رجل بني عتبة، وكان حليماً كريماً، توفي معاوية فقدم عليه رسول يزيد، فأخذ البيعة على الحسين وابن الزبير، فأرسل إليهما سراً، فقالا: نصبح ويجتمع الناس، فقال له مروان: إن خرجنا من عندك لم نرهما، فنافره ابن الزبير، وتغالظا حتى تواثبا، وقام الوليد يحجز بينهما، فأخذ ابن الزبير بيد الحسين وقال: امض بنا، وخرجا، وتمثل ابن الزبير:
(لا تحسبني يا مسافر شحمة .......... تعجلها من جانب القدر جائع)
فأقبل مروان على الوليد يلومه فقال: إني أعلم ما تريد، ما كنت لأسفك دماءهما، ولا أقطع) أرحامهما. وقال المدائني، عن خالد بن يزيد بن بشر، عن أبيه، وعبد الله بن نجاد، وغيرهما قالوا: لما مات معاوية بن يزيد بن معاوية أرادوا الوليد بن عتبة على الخلافة، فأبى وهلك تلك لليالي. وقال يعقوب الفسوي: أراد أهل الشام الوليد بن عتبة على الخلافة، فطعن فمات بعد موته. وقال بعضهم، ولم يصح إنه قدم للصة على معاوية فأصابه الطاعون في صلاته، عليه، فلم يرفع إلا وهو ميت.

(5/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 268
4 (حرف الياء)

4 (يزيد بن زياد)
ابن ربيعة بن مفرغ الحميري البصري الشاعر. كان أحد الشعراء الإسلاميين، وكان كثير الهجو والشر للناس.

(5/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 269
فذكر المدائني أن عبيد الله بن زياد أراد قتل ابن مفرغ لكونه هجا أباه زياداً ونفاره من أبي سفيان، فمنعه معاوية من قتله، وقال: أدبه: فسقاه مسهلاً، وأركبه على حمار، وطوف به وهو يسلح في الأسواق على الحمار، فقال:
(أتغضب أن يقال أبوك حر .......... وترضى أن يقال أبوك زاني)

(فأشهد أن رحمك من زياد .......... كرحم الفيل من ولد الأتان)
مات ابن مفرغ في طاعون الجارف أيام مصعب.
4 (يزيد بن معاوية)
ابن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو

(5/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 270
خالد الأموي، وأمه ميسون بنت بحدل الكلبية.

(5/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 271
وروى عن: أبيه. روى عنه: ابنه خالد، وعبد الملك بن مروان. بويع بعهد أبيه ولد سنة خمس أو ست وعشرين. وقال سعيد بن حريث: كان يزيد كثير اللحم، ضخماً، كثير الشعر. و قال أبو مسهر: حدثني زهير الكلبي قال: تزوج معاوية ميسون بنت بحدل، وطلقها وهي حامل بيزيد، فرأت في النوم كأن قمراً خرج من قبلها، فقصت رؤياها على أمها، فقالت: لئن صدقت رؤياك لتلدين من يبايع له بالخلافة.) وفي سنة خمسين غزا يزيد أرض الروم ومعه أبو أيوب الأنصاري. وقال أبو بكر بن عياش: حج بالناس يزيد سنة إحدى وخمسين، وسنة اثنتين، وسنة ثلاث. وقال أزهر السمان، عن ابن عون، عن محمد، عن عقبة بن عقبة السدوسي، عن عبد الله بن عمرو قال: أبو بكر الصديق أصبتم اسمه، عمر الفاروق قرن من حديد أصبتم اسمه، ابن عفان ذو النورين قتل مظلوماً يؤتى كفلين من الرحمة، معاوية وابنه ملكا الأرض المقدسة، والسفاح، وسلام، ومنصور، وجابر والمهدي، والأمين، وأمير العصب، كلهم من بني كعب بن لؤي، كلهم صالح، لا يوجد مثله.

(5/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 272
روى نحوه محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن أبيه، عن أبي أسامة، عن الثوري، عن هشام بن حسان، ثنا محمد بن سيرين. وله طريق آخر، ولم يرفعه أحد. وقال يعلى بن عطاء، عن عمه قال: كنت مع عبد الله بن عمرو حين بعثه يزيد إلى ابن الزبير، فسمعته يقول لابن الزبير: تعلم: إني أجد في الكتاب أنك ستعنى وتعنى وتدعي الخلافة ولست بخليفة، وإني أجد الخليفة يزيد بن معاوية. وروى زحر بن حصن، عن جده حميد بن منهب قال: زرت الحسن بن أبي الحسن، فخلوت به فقلت: يا أبا سعيد، ما ترى ما الناس فيه فقال لي: أفسد أمر الناس اثنان: عمرو بن العاص يوم أشار على معاوية برفع المصاحف، فحملت، وقال: أين القراء، فحكم الخوارج، فلا يزال هذا التحكيم إلى يوم القيامة، والمغيرة بن شعبة فإنه كان عامل معاوية على الكوفة، فكتب إليه معاوية: إذا قرأت كتابي هذا فأقبل معزولاً، فأبطأ عنه، فلما ورد عليه قال: ما أبطأ بك قال: أمر كنت أوطئه وأهيئه، قال: وما هو قال: البيعة ليزيد من بعدك، قال: أوفعلت قال: نعم، قال: ارجع إلى عملك، فلما خرج قال له أصحابه: ما وراءك قال: وضعت رجل معاوية في غرز غي لا يزال فيه إلى يوم القيامة. قال الحسن: فمن أجل ذلك بايع هؤلاء لأبنائهم، ولولا ذلك لكانت شورى إلى يوم القيامة. وروى هشام، عن ابن سيرين، أن عمرو بن حزم وفد إلى معاوية، فقال له: أذكرك الله في أمة محمد بمن تستخلف عليها، فقال: نصحت وقلت برأيك، وإنه لم يبق إلا ابني وأبناؤهم، وابني أحق. وقال أبو بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس قال: خطب معاوية فقال: اللهم إن كنت إنما) عهدت ليزيد لما رأيت من فضله، فبلغه ما أملت وأعنه، وإن كنت إنما حملني حب الوالد لولده، وأنه ليس لما صنعت به أهلاً، فاقبضه قبل أن يبلغ ذلك. وقال محمد بن مروان السعيدي: أنبأ محمد بن سليمان الخزاعي،

(5/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 273
عن أبيه، عن جده، عن محمد بن الحكم، عن أبي عوانة قال: كان معاوية يعطي عبد الله بن جعفر كل عام ألف ألف، فلما وفد على يزيد أعطاه ألف ألف، فقال عبد الله: بأبي أنت وأمي، فأمر له بألفا ألف أخرى، فقال له عبد الله: والله لا أجمعهما لأحد بعدك. محمد بن بشار بندار، ثنا عبد الوهاب، ثنا عوف الأعرابي، ثنا مهاجر أبو مخلد، حدثني أبو العالية، حدثني أبو مسلم قال: قال أبو الدرداء: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أول من يبدل سنتي رجل ن بني أمية يقال له يزيد. أخرجه الروياني في مسنده، عن بندار، وروي من وجه آخر، عن عوف، وليس فيه أبو مسلم. وفي مسند أبي يعلى: ثنا الحكم بن موسى، ثنا الوليد، عن الأوزاعي، عن مكحول، عن أبي عبيدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال أمر أمتي قائماً بالقسط، حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد. ورواه صدقة بن عبد الله، عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه. لم يلق مكحول أبا ثعلبة، وقد أدركه وصدقة السمين ضعيف. وقال الزبير بن بكار: أخبرني مصعب بن عبد الله، عن أبيه، واخبرني محمد بن الضحاك الحزامي أن ابن الزبير سمع جويرية تلعب وتغني في يزيد بقول عبد الرحمن بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل:
(لست منا وليس خالك منا .......... يا مضيع الصلاة للشهوات)

(5/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 274
فدعا بها وقال: لا تقولي لست منا قولي أنت منا. وقال صخر بن جويرية، عن نافع قال: لما خلع أهل المدينة يزيد جمع ابن عمر بنيه وأهله، ثم تشهد وقال: أما بعد، فإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان، وإن من أعظم الغدر ألا يكون الإشراك بالله أن يبايع رجل رجلاً على بيع الله ورسوله ثم ينكث فلا) يخلعن أحد منكم يزيد. وزاد فيه المدائني، عن صخر، عن نافع: فمشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية، فأرادوا على خلع يزيد، فأبى، وقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر، ويترك الصلاة، ويتعدى حكم الكتاب، قال: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد أقمت عنده، فرأيته مواظباً للصلاة، متحرياً للخير، يسأل عن الفقه، قال: كان ذلك منه تصنعاً لك ورياء. وقال الزبير بن بكار: أنشدني عمي ليزيد:
(آب هذا الهم فاكتنعا .......... وأمر النوم فامتنعا)

(راعياً للنجم أرقبه .......... فإذا ما كوكب طلعا)

(حام حتى إنني لأرى .......... أنه بالغور قد وقعا)

(ولها بالماطرون إذا .......... أكل النمل الذي جمعا)

(5/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 275
(نزهة حتى إذا بلغت .......... نزلت من جلق بيعا)

(في قباب وسط دسكرة .......... حولها الزيتون قد ينعا)
قال محمد بن أبي السري: ثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي نية، عن نوفل بن أبي الفرات قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز، فذكر رجل يزيد فقال: قال أمير المؤمنين يزيد بن معاوية، فقال: تقول أمير المؤمنين وأمر به فضرب عشرين سوطاً. قال أبو بكر بن عياش وغيره: مات يزيد في نصف ربيع الأول سنة أربع وستين.
4 (يوسف بن الحكم الثقفي والد الحجاج.)
قدم من الطائف إلى الشام، وذهب إلى مصر وإلى المدينة. له حديث يرويه عن سعد بن أبي وقاص، وقيل: عن ابن تسعد بن أبي وقاص. وكان مع مروان. وتوفي سنة بضع وستين.

(5/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 276
4 (الكنى)

4 (أبو الأسود الدؤلي)
ويقال: الديلي، قاضي البصرة، اسمه ظالم بن عمرو على الأشهر.

(5/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 277
روى عن: عمر وعلي، وأبي بن كعب، وابن مسعود، وأبي ذر، والزبير. قال الداني: وقرأ القرآن على: عثمان، وعلي.) قرأ عليه: ابنه أبو حرب، ونصر بن عاصم، وحمران بن أعين، ويحيى بن يعمر. روى عنه: ابنه أبو حرب، ويحيى بن يعمر، وعبد الله بن بريدة، وعمر مولى غفرة.

(5/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 278
قال أحمد العجلي: ثقة، وهو أول من تكلم في النحو. وقال الواقدي: أسلم في حياة النبي تصلى الله عليه وسلم. وقال غيره: قاتل يوم الجمل مع علي، وكان من وجوه شيعته، ومن أكملهم رأياً وعقلاً، وقد أمره علي رضي الله عنه بوضع النحو، فلما أراه أبو الأسود ما وضع قال: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت، ومن ثم سمي النحو نحواً. وقيل: إن أبا الأسود أدب عبيد الله بن زياد. وذكر ابن دأب أن أبا الأسود وفد على معاوية بعد مقتل علي رضي الله عنه، فأدنى مجلسه وأعظم جائزته. ومن شعره:
(وما طلب المعيشة بالتمني .......... ولكن ألق دلوك في الدلاء)

(تجيء بمثلها طوراً وطوراً .......... تجيء بحمأة وقليل ماء)
وقال محمد بن سلام: أبو الأسود أول من وضع باب الفاعل والمفعول، والمضاف، وحرف الرفع والنصب والجر والجزم، فأخذ عنه ذلك يحيى بن يعمر. وقال أبو عبيدة ابن المثنى: أخذ عن علي العربية أبو الأسود، فسمع قارئاً يقرأ إن الله بريء من المشركين ورسوله فقال: ما ظننت أن أمر الناس قد صار إلى هذا، فقال لزياد الأمير: ابغني كاتباً لقناً، فأتى به، فقال له أبو الأسود: إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة أعلاه، وإذا رأيتني ضممت فمي فانقط نقطة بين يدي الحرف، وإن كسرت فانقط تحت الحرف، فإذا أتبعت شيئاً من ذلك غنة فاجعل مكان النقطة نقطتين. فهذه نقط أبي الأسود.

(5/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 279
وقال المبرد ثنا المازني قال: السبب الذي وضعت له أبواب النحو، أن ابنة أبي الأسود قالت: ما أشد الحر قال: الحصباء بالرمضاء، قالت: إنما تعجبت من شدته، فقال: أوقد لحن الناس فأخبر بذلك علياً عليه الرضوان، فأعطاه أصولاً بنى منها، وعمل بعده عليها. وهو أول من نقط المصاحف. وأخذ عنه النحو عنبسة الفيل، وأخذ عن عنبسة ميمون الأقرن، ثم أخذه عن ميمون: عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وأخذه عنه: عيسى بن عمر، وأخذه عنه: عيسى) الخليل، وأخذه عن الخليل: سيبويه، وأخذه عن سيبويه: سعيد بن مسعدة الأخفش. وقال يعقوب الحضرمي: ثنا سعيد بن سلم الباهلي: ثنا أبي، عن جدي، عن أبي الأسود قال: دخلت على علي فرأيته مطرقاً، فقلت فيم تفكر يا أمير المؤمنين قال: سمعت ببلدكم لحناً، فأردت أن أضع كتاباً في أصول العربية، فقلت: إن فعلت هذا أحييتنا، فأتيته بعد أيام، فألقى إلي صحيفة فيها: الكلام كله: اسم، وفعل، وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل. ثم قال: تتبعه وزد فيه ما وقع لك، فجمعت أشياء، ثم عرضتها عليه. وقال عمر بن شبة: ثنا حيان بن بشر، ثنا يحيى تبن آدم، عن أبي بكر، عن عاصم قال: جاء أبو الأسود إلى زياد فقال: أرى العرب قد خالطت العجم، فتغيرت ألسنتهم، أفتأذن لي أن أصنع للعرب كلاماً يقيمون به كلامهم قال: لا، فجاء رجل إلى زياد فقال: أصلح الله الأمير، توفي أبانا وترك بنون، فقال: ادع لي أبا الأسود، فقال: ضع للناس الذي نهيتك عنه أن تضع لهم. قال الجاحظ: أبو الأسود مقدم في طبقات الناس، كان معدوداً في

(5/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 280
الفقهاء، والشعراء، والمحدثين، والأشراف، والفرسان، والأمراء، والزهاد، والنحاة، والحاضري الجواب، والشيعة، والبخلاء، والصلع الأشراف. توفي في طاعون الجارف سنة تسع وستين، وله خمس وثمانون سنة وقيل: قبل ذلك، وأخطأ من قال: إنه توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز.
4 (أبو بشير الأنصاري الساعدي،)
وقيل: المازني، اسمه: قيس الأكبر بن عبيد. قال الدار قطني: له صحبة ورواية. روى عنه: عباد بن تميم، وضمرة بن سعيد، وسعيد بن نافع. له حديث: لا تبقى في رقبة بعير قلادة إلا قطعت، وحديثان آخران. وقد جرح يوم الحرة جراحات.
4 (أبو جهم بن حذيفة)
القرشي العدوي، الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم: ائتوني بأنبجانية أبي جهم،

(5/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 281
واذهبوا بهذه الخميصة إليه، وكان لها أعلام. واسمه عبيد، وهو من مسلمة الفتح، أحضر في تحكيم الخصمين، وكان عالماً بالنسب، وقد بعثه) النبي صلى الله عليه وسلم مصدقاً، وكان معمراً بنى في الجاهلية معهم الكعبة، ثم بقي حتى بنى فيها مع ابن الزبير في سنة أربع وستين. قال ابن سعد ابتنى أبو جهم بالمدينة داراً وكان عمر رضي الله عنه قد أخافه وأشرف عليه حتى كف من غرب لسانه، فلما توفي عمر سر بموته، وجعل يومئذ يحتبش في بيته، يعني يقفز على رجليه. وقالت فاطمة بنت قيس: طلقني زوجي البتة، فأرسلت إليه أبتغي النفقة، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس لك نفقة، وعليك العدة، انتقلي إلى أم شريك، ولا تفوتيني بنفسك ثم قال: أم شريك يدخل عليها إخوتها من المهاجرين، انتقلي إلى بيت ابن أم مكتوم. فلما حللت خطبني معاوية وأبو جهم بن حذيفة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما معاوية فعائل لا شي له، وأما أبو جهم فإنه ضراب للنساء، أين أنتم عن أسامة، فكأن أهلها كرهوا ذلك، فنكحته.

(5/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 282
وقد شهد أبو جهم اليرموك، ووفد على معاوية مرات، ولم يرو شيئاً مع أنه تأخر. وحكى سليمان بن أبي شيخ أن أبا جهم بن حذيفة وفد على معاوية، فأقعده معه على السرير وقال: يا أمير المؤمنين نحن فيك كما قال عبد المسيح:
(نميل على جوانبه كأنا .......... نميل إذا نميل على أبينا)

(نقلبه لنخبر حالتيه .......... فنخبر منهما كرماً ولينا)
فأعطاه معاوية مائة ألف. وروى الأصمعي، عن عيسى بن عمر قال: وفد أبو جهم على معاوية، فأكرمه وأعطاه مائة ألف، واعتذر فلم يرض بها، فلما ولي يزيد وفد عليه، فأعطاه خمسين ألفاً، فقلت: غلام نشأ في غير بلده، ومع هذا فابن كلبية، فأي خير يرجى منه، فلما استخلف ابن الزبير أتيته وافداً، فقال: إن علينا مؤناً وحمالات، ولم أجهل حقك، فإني غير مخيب سفرك، هذه ألف درهم فاستعن بها، فقلت: مد الله في عمرك يا أمير المؤمنين، فقال: لم تقل هذا لمعاوية وابنه، وقد نلت منهما مائة وخمسين ألفاً، قلت: نعم، من أجل ذلك قلت هذا، وخفت إن أنت هلكت أن لا يلي أمر الناس بعدك إلا الخنازير.
4 (أم سلمة أم المؤمنين)
) هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومية

(5/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 283
بنت عم أبي جهل، وبنت عم خالد بن الوليد. بنى بها النبي في سنة ثلاث من الهجرة، وكانت قبله عند الرجل الصالح أبي سلمة بن عبد الأسد، وهو أخو النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة. روت عدة أحاديث. روى عنها: الأسود بن يزيد، وسعيد بن المسيب، وأبو وائل شقيق، والشعبي، وأبو صالح السمان، وشهر بن حوشب، ومجاهد، ونافع بن

(5/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 284
جبير بن مطعم، ونافع مولاها، ونافع مولى ابن عمر، وابن أبي مليكة، وعطاء بن أبي رباح، وخلق سواهم. وكانت من أجمل النساء، وطال عمرها، وعاشت تسعين سنة أو أكثر، وهي آخر أمهات المؤمنين وفاة، وقد حزنت على الحسين رضي الله عنه وبكت عليه، وتوفيت بعده بيسير في سنة إحدى وستين. وقال بعضهم: توفيت سنة تسع وخمسين، وهو غلط، لأن في صحيح مسلم أن عبد الله بن صفوان دخل عليها في خلافة يزيد. وأبوها أبو أمية يقال: اسمه حذيفة ويلقب بزاد الركب، وكان أحد الأجواد، ووهم من قال اسمها رملة. وروى عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار أن أم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد، وروي أن أبا هريرة صلى عليها، ودفنت بالبقيع. وهذا فيه نظر لأن سعيداً وأبا هريرة توفيا قبلها، والله أعلم. ابن سعد: أنبأ محمد بن عمر، أنبأ ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة حزنت حزناً شديداً لما ذكروا لها من جمالها فتلطفت حتى رأيتها والله أضعاف ما وصفت لي في الحسن والجمال، فذكرت ذلك لحفصة وكانت يداً واحدة فقالت: لا والله إنها الغيرة وما هي كما تقولين إنها لجميلة، فرأيتها بعد فكانت كما قالت حفصة، ولكن كنت غيرى.

(5/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 285
قال مسلم بن خالد الزنجي، عن موسى بن عقبة، عن أمه، عن أم كلثوم قالت: لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة قال لها: إني قد أهديت إلى النجاشي أواق من مسك وحلة، وإني) أراه قد مات، ولا أرى الهدية إلا سترد، فإذا ردت فهي لك. قالت: فكان كما قال، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من مسك، وأعطى سائره أم سلمة، وأعطاها الحلة. القعنبي: ثنا عبد الله بن جعفر الزهري، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة أن تصلي الصبح بمكة يوم النحر، وكان يومها، فأحب أن توافيه. الواقدي: عن ابن جريج، عن نافع قال: صلى أبو هريرة على أم سلمة. قلت: هذا من غلط الواقدي، أبو هريرة مات قبلها.
4 (أبو رهم السماعي ويقال: السمعي.)
اسمه أحزاب بن أسيد، ويقال: أسد، الظهري، ويقال: بكسر الظاء، وهو غلط من أولاد السمع ويقال: السمع بكسر السين وإسكان الميم بن مالك بن زيد بن سهل.

(5/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 286
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً خرجه ابن ماجه، فمن قال: لا صحبة له جعل الحديث مرسلاً. وروى عن: أبي أيوب الأنصاري، والعرباض بن سارية. روى عنه: الحارث بن زياد، وخالد بن معدان، وأبو الخير مرثد اليزني، ومحكول الشامي، وشريح بن عبيد، وجماعة. روى له داود، والنسائي، وابن ماجه.
4 (أبو الرباب القشيري)
واسمه مطرف بن مالك، بصري من كبار التابعين وثقاتهم. لقي أبا الدرداء، وكعب الأحبار، وأبا موسى، وشهد فتح تستر. روى عنه: زرارة بن أوفى، وأبو عثمان النهدي، ومحمد بن سيرين. فروى محمد عنه قال: دخلنا على أبي الدرداء نعوده، وهو يومئذ أمير، وكنت خامس خمسة في الذين ولوا قبض السوس، فأتاني رجل بكتاب فقال: بيعونيه، فإنه كتاب الله أحسن أقرأه ولا تحسنون، فنزعنا دفتيه، فاشتراه بدرهمين، فلما كان بعد ذلك خرجنا إلى الشام، وصحبنا شيخ على حمار بين يديه مصحف يقرأه ويبكي، فقلت: ما أشبه هذا المصحف بمصحف شأنه ك ذا وكذا، فقال: إنه ذاك، قلت: فأين تريد قال: أرسل إلي كعب الأحبار عام أول فأتيته، ثم أرسل إلي، فهذا وجهي إليه، قلت: فأنا معك، فانطلقنا حتى قدمنا الشام، فقعدنا عند كعب، فجاء) عشرون من اليهود فيهم شيخ كبير يرفع حاجبيه بحريرة فقالوا: أوسعوا أوسعوا، وركبنا أعناقهم، فتكلموا فقال كعب: يا نعيم، أتجيب هؤلاء أو أجيبهم قال: دعوني حتى أفقه هؤلاء ما قالوا، ثم أجيبهم، إن هؤلاء أثنوا على أهل ملتنا خيراً، ثم قلبوا ألسنتهم، فزعموا أنا بعنا الآخرة بالدنيا، هلم فلنواثقكم، فإن جئتم بأهدى

(5/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 287
منه لتتبعنا، قال: فتواثقوا، فقال كعب: أرسل إلي ذلك المصحف، فجيء به، فقال: أترضون أن يكون هذا بيننا قالوا: نعم، لا يحسن أحد يكتب مثله اليوم، فدفع إلى شاب منهم، فقرأ كأسرع قاريء، فلما بلغ إلى مكان منه نظر إلى أصحابه كالرجل يؤذن صاحبه بالشيء، ثم جمع يديه فقال به، فنبذه، فقال كعب: آه، وأخذه فوضعه في حجره، فقرا، فأتى على آية منه، فخروا سجداً، وبقي الشيخ يبكي، فقيل: وما يبكيك فقال: ومالي لا أبكي، رجل عمل في الضلالة كذا وكذا سنة، ولم أعرف الإسلام حتى كان اليوم. همام: ثنا قتادة، عن زرارة، عن مطرف بن مالك قال: أصبنا دانيال بالسوس في بحر من صفر، وكان أهل السوس إذا استقوا استخرجوه فاستسقوا به، وأصبنا معه ربطتي كتان، وستين جرة مختومة، ففتحنا جرة، فوجدنا في كل جرة عشرة آلاف، وأصبنا معه ربعة فيها كتاب، وكان معنا أجير نصراني يقال له نعيم، فاشتراها بدرهمين. قال همام: قال قتادة: وحدثني أبو حسان أن من وقع عليه رجل يقال له حرقوص، فأعطاه موسى الربطتين ومائتي درهم، ثم إنه طلب أن يرد عليه الربطتين، فأبى، فشققهما عمائم، فكتب أبو موسى في ذلك إلى عمر، فكتب إليه: إن نبي الله دعا الله أن لا يرثه إلا المسلمون، فصل عليه وادفنه. قال همام: وثنا فرقد، ثنا أبو تميمة أن كتاب عمر جاء: أن اغسله بالسدر وماء الريحان. ثم رجع إلى حديث مطرف قال: فبدا لي أن آتي بيت المقدس، فبينا أنا في الطريق إذ أنا براكب شبهته بذلك الأجير النصراني، فقلت: نعيم، قال: نعم، قلت: ما فعلت نصرانيتك قال: تحنفت بعدك، ثم أتينا دمشق،

(5/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 288
فلقينا كعباً، فقال: إذا أتيتم بيت المقدس فاجعلوا الصخرة بينكم وبين القبلة، ثم انطلقنا ثلاثين، حتى أتينا أبا الدرداء، فقالت أم الدرداء لكعب: ألا تعديني على أخيك يقوم الليل ويصوم النهار، فجعل لها من كل ثلاث ليال ليلة، ثم انطلقنا حتى أتينا بيت المقدس، فسمعت اليهود بنعيم وكعب، فاجتمعوا، فقال كعب: إن هذا كتاب قديم، وغنه بلغتكم فاقرأوه، فقرأه قارئهم، فأتى على مكان منه، فضرب به الأرض، فغضب نعيم، فأخذه وأمسكه، ثم قرأ) قارئهم حتى أتى على ذلك المكان ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين فأسلم منهم اثنان وأربعون حبراً، وذلك في خلافة معاوية ففرض لهم معاوية وأعطاهم. قال همام: وحدثني بسطام بن مسلم، ثنا معاوية بن قرة، أنهم تذاكروا ذلك الكتاب، فمر بهم شهر بن حوشب فقال: على الخبير سقطتم، إن كعباً لما احتضر قال: ألا رجل أئتمنه على أمانة فقال رجل: أنا، فدفع إليه ذلك الكتاب وقال: راكب البحيرة، فإذا بلغت مكان كذا وكذا فاقذفه، فخرج من عند كعب فقال: هذا كتاب فيه علم، ويموت كعب، لا أفرط به، فأتى كعباً وقال: فعلت ما أمرتني، قال: وما رأيت قال: لم أر شيئاً، فعلم كذبه، فلم يزل يناشده ويطلب إليه حتى رد عليه الكتاب، فلما أيقن كعب بالموت قال: ألا رجل يؤدي أمانتي قال رجل: أنا، فركب سفينة، فلما أتى ذلك المكان ذهب ليقذفه، فانفرج له البحر حتى رأى الأرض، فقذفه فأتاه وأخبره، فقال كعب: إنها التوراة كما أنزل الله على موسى عليه السلام، ما غيرت ولا بدلت، ولكن خشيت أن نتكل على ما فيها، ولكن قولوا: لا إله إلا الله ولقنوها موتاكم. رواه أحمد بن أبي خيثمة في تاريخه، عن هدبة، ثنا همام.
4 (أبو شريح الخزاعي العدوي الكعبي،)
من عرب الحجاز، في

(5/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 289
اسمه أقوال، أشهرها خويلد بن عمرو. أسلم يوم الفتح، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه. حدث عنه: نافع بن جبير بن مطعم، وأبو سعيد المقبري، وابنه سعيد المقبري، وسفيان بن أبي العوجاء. توفي سنة ثمان وستين بالمدينة.
4 (أم عطية الأنصارية نسيبة،)
التي أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تغسل بنته زينب.

(5/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 290
روى عنها: محمد بن سيرين، وأخته حفصة، وأم شراحيل، وعلي بن الأقمر، وعبد الملك بن عمير. هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية قالت: غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات، فكنت أصنع لهم طعامهم، وأخلفهم في رحالهم، وأداوي الجرحى، وأقوم) على المرضى. وعن أم شراحيل مولاة أم عطية قالت: كان علي رضي الله عنه يقيل عندي، فكنت أنتف إبطه بورسة.
4 (أبو كبشة الأنماري المذحجي،)
اسمه عمر، وقيل: عمرو بن سعد. له صحبة ورواية، نزل الشام. روى عنه: ثابت بن ثوبان، وسالم بن أبي الجعد، وأبو البختري سعيد بن فيروز الطائي، وعبد الله بن بسر الحبراني، وعبد الله بن يحيى أبو عامر الهوزني.

(5/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 291
4 (أبو مالك الأشعري)
له صحبة ورواية. واسمه مختلف فيه، فقيل كعب بن عاصم، وقيل: عامر بن الحارث، وقيل: عمرو بن الحارث. روى أحاديث. روى عنه: عبد الرحمن بن غنم، وأم الدرداء، وربيعة الجرشي، وأبو سلام الأسود، وشهر بن حوشب، وعطاء بن يسار، وشريح بن عبيد. وكان يكون بالشام. قال ابن سميع: أبو مالك الأشعري، قديم الموت بالشام، اسمه كعب بن عاصم. وقال ابن سعد: توفي أبو مالك في خلافة عمر. وقال شهر بن حوشب، عن ابن غنم قال: طعن معاذ، وأبو عبيدة، وأبو مالك في يوم واحد. قلت: فعلى هذا رواية أبي سلام ومن بعده، عن أبي مالك مرسلة منقطعة، وهذا الإرسال كثير في حديث الشاميين. روى صفوان بن عمرو، عن شريح عن عبيد، أن أبا مالك الأشعري لما حضرته الوفاة قال: يا سامع الأشعريين إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حلوة الدنيا مرة الآخرة ومرة الدنيا حلوة الآخرة.

(5/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 292
4 (أبو مسلم الخولاني)
الداراني الزاهد، سيد التابعين بالشام. اسمه عبد الله بن ثوب على الأصح، وقيل: اسمه عبد الله) بن عبد الله، وقيل: ابن ثواب، وقيل: ابن عبيد، وقيل: ابن مسلم، وقيل: اسمه يعقوب بن عوف. قدم من اليمن، وقد أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقدم المدينة في خلافة أبي بكر.

(5/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 293
وروى عن: عمر، ومعاذ، وأبي عبيدة، وأبي ذر، وعبادة بن الصامت. روى عنه: أبو إدريس عائذ الله الخولاني، وأبو العالية الرياحي، وجبير بن نفيل، وعطاء بن أبي رباح، وشرحبيل بن مسلم، وأبو قلابة الجرمي، ومحمد بن زياد الإلهاني، وعمير بن هانيء، وعطية بن قيس، ويونس بن ميسرة، وفي بعض هؤلاء من روايته عنه مرسلة. قال إسماعيل: ثنا شرحبيل أن الأسود تنبأ باليمن، فبعث إلى أبي مسلم، فأتاه بنار عظيمة، ثم ألقى أبا مسلم فيها، فلم تضره، فقيل للأسود: إن تنف هذا عنك أفسد عليك من اتبعك، فأمره بالرحيل، فقدم المدينة وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأناخ راحلته ودخل المسجد يصلي، فبصر به عمر، فقام إليه فقال: ممن الرجل قال: من اليمن، فقال: ما فعل الذي حرقه الكذاب بالنار، قال: ذاك عبد الله بن ثوب، قال: فنشدتك بالله أنت هو قال: اللهم نعم، فاعتنقه عمر وبكى، ثم ذهب به حتى أجلسه فيما بينه وبين الصديق وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد من صنع به كما صنع بإبراهيم الخليل. رواه غير واحد، عن عبد الوهاب بن نجدة، وهو ثقة، ثنا إسماعيل، فذكره. ويروى عن مالك بن دينار أن كعباً رأى أبا مسلم الخولاني، فقال: من هذا قالوا: أبو مسلم الخولاني قال: هذا حكيم هذه الأمة.

(5/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 294
وقال معمر، عن الزهري قال: كنت عند الوليد بن عبد الملك، فكان يتناول عائشة رضي الله عنها، فقلت: يا أمير المؤمنين ألا أحدثك عن رجل من أهل الشام كان قد أوتي حكمة قال: من هو قلت: أبو مسلم الخولاني، سمع أهل الشام ينالون من عائشة فقال: ألا أخبركم بمثلي ومثل أمكم هذه، كمثل عينين في رأس يؤذيان صاحبهما، ولا يستطيع أن يعاقبهما إلا بالذي هو خير لهما، فسكت. وقال الزهري: أخبرنيه أبو إدريس الخولاني، عن أبي مسلم. وقال عثمان بن أبي العاتكة: علق أبو مسلم سوطاً في مسجده، وكان يقول: أنا أولى بالسوط من البهائم، فإذا دخلته فترة مشق ساقيه سوطاً أو سوطين. قال: وكان يقول: لو رأيت الجنة عياناً والنار ما كان عندي مستزاد.) وقال إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل: إن رجلين أتيا أبا مسلم الخولاني في منزله، فلم يجداه، فأتيا المسجد فوجداه يركع، فانتظرا انصرافه، وأحصيا، فقال أحدهما: إنه ركع ثلاثمائة ركعة، والآخر أربعمائة ركعة، قبل أن ينصرف. وقال الوليد بن مسلم: أخبرني عثمان بن أبي العاتكة أن أبا مسلم الخولاني سمع رجلاً يقول: من سبق اليوم فقل: أنا السابق، قالوا: وكيف يا أبا مسلم قال: أدلجت من دارنا، فكنت أول من دخل مسجدكم. وقال أبو بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، قال: دخل أناس من أهل دمشق على أبي مسلم وهو غاز في أرض الروم، وقد احتفر جورة في

(5/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 295
فسطاطه، وجعل فيها نطعاً، وأفرغ فيه الماء، وهو يتصلق فيه، قالوا: ما حملك على الصيام وأنت مسافر قال: لو حضر قتال لأفطر ولتهيأت له وتقويت، إن الخيل لا تجري الغايات وهي بدن، إنما تجري وهي ضمر، ألا وإن أمامنا باقية جائية لها نعمل. وقال يزيد بن يزيد تبن جابر: كان أبو مسلم الخولاني يكثر أن يرفع صوته بالتكبير، حتى مع الصبيان، ويقول: أذكر الله حتى يرى الجاهل أنك مجنون. وقال محمد بن زياد الإلهاني، عن أبي مسلم الخولاني وأراه منقطعاً أنه كان إذا غزا أرض الروم، فمروا بنهر قال: أجيزوا باسم الله، ويمر بين أيديهم، فيمرون بالنهر الغمر، فربما لم يبلغ من الدواب إلا الراكب، فإذا جازوا قال: هل ذهب لكم شيء، فألقى بعضهم مخلاته، فلما جاوزوا قال: مخلاتي وقعت، قال: اتبعني، فاتبعته، فإذا بها معلقة بعود في النهر، فقال: خذها. وقال سليمان بن المغيرة، عن حميد الطويل: إن أبا مسلم أتى على دجلة، وهي ترمي بالخشب من مدها، فوقف عليها ثم حمد الله وأثنى عليه، وذكر مسير بني إسرائيل في البحر ثم لهز دابته، فخاضت الماء، وتبعه الناس حتى قطعوا، ثم قال: فقدتم شيئاً، فأدعوا الله أن يرده علي. وقال عنبسة بن عبد الواحد: ثنا عبد الملك بن عمير قال: كان أبو مسلم الخولاني إذا استسقى سقي.

(5/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 296
وقال بقية، عن محمد بن زياد، عن أبي مسلم الخولاني: أن امرأة خببت عليه امرأته، فدعا عليها، فذهب بصرها، فأتته، فاعترفت وقالت: إني لا أعود، فقال: اللهم إن كانت صادقة فاردد بصرها، فأبصرت.) وقال ضمرة بن ربيعة، عن بلال بن كعب قال: قال الصبيان لأبي مسلم الخولاني: أدع الله أن يحبس علينا هذا الظبي فنأخذه، فدعا الله فحبسه عليهم حتى أخذوه. وروى عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه: قالت امرأة أبي مسلم الخولاني: ليس لنا دقيق. فقال: هل عندك شيء قالت: درهم بعنا به غزلاً، قال: ابغنيه، وهاتي الجراب، فدخل السوق، فأتاه سائل وألح، فأعطاه الدرهم، وملأ الجراب من نحاتة النجارة مع التراب، وأتى وقلبه مرعوب منها، فرمى الجراب وذهب، ففتحته، فإذا به دقيق حوارى فعجنت وخبزت، فلما ذهب من الليل هوي جاء فنقر الباب، فلما دخل وضعت بين يديه خواناً وأرغفة، فقال: من أين هذا قالت: من الدقيق الذي جئت به، فجعل يأكل ويبكي. رواها ضمرة بن ربيعة، عن عثمان. وقال أبو مسهر، وغيره: ثنا سعيد بن عبد العزيز أن أبا مسلم استبطأ خبر جيش كان بأرض الروم، فبينا هو على تلك الحال، إذ دخل طائر فوقع وقال: أنا رتباييل مسل الحزن من صدور المؤمنين، فأخبره خبر ذلك

(5/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 297
الجيش، فقال أبو مسلم: ما جئت حتى استبطأتك. وقال سعيد بن عبد العزيز: كان أبو مسلم الخولاني يرتجز يوم صفين ويقول: ما علتي ما علتيوقد لبست درعتيأموت عبد طاعتي وقال إسماعيل بن عياش: ثنا هشام بن الغاز، حدثني يونس الهرم، أن أبا مسلم الخولاني قام إلى معاوية وهو على المنبر، فقال: يا معاوية، إنما أنت قبر من القبور، إن جئت بشيء كان لك شيء، وإلا فلا شيء لك، يا معاوية، لا تحسب أن الخلافة جمع المال وتفرقته، إنما الخلافة القول بالحق، والعمل بالمعدلة، وأخذ الناس في ذات الله، يا معاوية، إنا لا نبالي بكدر الأنهار إذا صفا لنا رأس عيننا، إياك أن تميل على قبيلة، فيذهب حيفك بعدلك، ثم جلس. فقال معاوية: يرحمك الله يا أبا مسلم. وقال أبو بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس قال: دخل أبو مسلم على معاوية، فقام بين السماطين فقال: السلام عليك أيها الأجير، فقالوا: مه. قال: دعوه فهو أعرف بما يقول، وعليك السلام يا أبا مسلم، ثم وعظه وحثه على العدل. وقال إسماعيل بن عياش: ثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني أنه كان إذا دخل الروم لا يزال في المقدمة، حتى يؤذن للناس، فإذا أذن لهم كان في الساقة، وكانت الولاة يتيمنون به، فيؤمرونه) على المقدمات. وقال سعيد بن عبد العزيز: توفي أبو مسلم بأرض الروم، وكان قد شتى

(5/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 298
مع بسر بن أبي أرطأة، فأدركه أجله، فأتاه بسر في مرضه، فقال له أبو مسل: اعقد لي على من مات في هذه الغزاة من المسلمين، فإني أرجو أن آتي بهم يوم القيامة على لوائهم. وقال الإمام أحمد: حدثت عن محمد بن شعيب عن بعض مشيخة دمشق قال: أقبلنا من أرض الروم، فمررنا بالعمير، على أربعة أميال من حمص في آخر الليل، فاطلع الراهب من صومعته فقال: هل تعرفون أبا مسلم الخولاني قلنا: نعم. قال: إذا أتيتموه فأقرئوه السلام، فإنا نجده في الكتب رفيق عيسى بن مريم، أما إنكم لا تجدونه حياً، فلما أشرفنا على الغوطة بلغنا موته. قال الحافظ ابن عساكر: يعني سمعوا ذلك. وكانت وفاته بأرض الروم كما حكينا. وقال ابن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، عن سعيد بن هانيء قال: قال معاوية: إنما المصيبة كل المصيبة بموت أبي مسلم الخولاني، وكريب بن سيف الأنصاري. هذا حديث حسن الإسناد، يعطي أن أبا مسلم توفي قبل معاوية. وقد قال المفضل بن غسان: توفي علقمة وأبو مسلم الخولاني سنة اثنتين وستين.
4 (أبو ميسرة الهمداني)
هو عمرو بن شرحبيل، مر.

(5/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 299
4 (أبو واقد الليثي)
له صحبة ورواية، وروى أيضاً عن: أبي بكر، وعمر، وشهد فتح مكة، وكان يكون بالمدينة وبمكة، وبمكة توفي. روى عنه: عطاء بن يسار، وسعيد بن المسيب، وعروة، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وبسر بن سعيد، وأبو مرة مولى عقيل المدنيون.

(5/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 300
5 (الطبقة الثامنة أحداث)

1 (الحوادث من سنة إلى)

4 (حوادث سنة إحدى وسبعين)
توفي فيها: عبد الله بن أبي حدر الأسلمي. والبراء بن عازب. وفيها خرج عبد الله بن ثور أحد بني قيس بن ثعلبة بالبحرين، فوجه مصعب بن الزبير إلى قتاله عبد الرحمن الإسكاف، فالتقوا بجواثاً فانهزم عبد الرحمن والناس. وفيها: حج بالناس أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير. وعرف بمصر عبد العزيز بن مروان، وكان أول من عرف بمصر. يعني اجتمع الناس عشية عرفة ودعا لهم أو وعظهم. وفيها، أو في التي بعدها. قتل بخراسان أميرها أبو صالح عبد الله بن

(5/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 301
خازم بن أسماء بن الصلت السلمي، أحد الشجعان المذكورين والأبطال المعدودين. ويقال: له صحبة ورواية، ثار به أهل خراسان وقتله وكيع بن الدورقية. وقيل إن عبد الملك بن مروان كتب إلى ابن خازم كتاباً بولاية خراسان، فمزق كتابه وسب رسوله، فكتب عبد الملك إلى بكير بن وشاح: إن قتلت ابن خازم فأنت الأمير، فعمل على قتله وتأمر بكير على البلاد حتى قدم أمية بن عبد الله. وكان في خلافة عثمان رضي الله عنه قد جمع قارن بهراة، وأقبل في أربعين ألفاً، فهرب قيس بن الهيثم وترك البلاد، فقام بأمر المسلمين عبد الله بن خازم هذا، وجمع أربعة آلاف، ولقي قارناً فهزم جنوده وقتل قارن، وكتب إلى عبد الله بن عامر بالفتح، فأقره ابن عامر أمير العراق على خراسان. قال الواقدي: فيها افتتح عبد الملك قيسارية.

(5/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 302
4 (حوادث سنة اثنتين وسبعين)
توفي فيها: معبد بن خالد الجهني. والأحنف بن قيس. وعبيدة السلماني.) والحارث بن سويد التيمي. وقتل فيها: مصعب بن الزبير. وإبراهيم بن الأشتر. وعيسى وعروة ولدا مصعب. ومسلم بن عمرو الباهلي. وكان مصعب قد سار كعادته إلى الشام إلى قتال عبد الملك بن مروان واستئصاله، وسار إليه عبد الملك، فجرت بينهما وقعة هائلة بدير الجاثليق، ومسكن بالقرب من أوانا. وكان قد كاتب عبد الملك جماعة من الأشراف المائلين إلى بني أمية

(5/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 303
وغير المائلين يمنيهم ويعدهم إمرة العراق وإمرة أصبهان وغير ذلك، فأجابوه. وأما إبراهيم بن الأشتر فلم يجبه، وأتى بكتابه مصعباً، وفيه إن بايعه ولاه العراق. وقال لمصعب: قد كتب إلى أصحابك بمثل كتابي فأطعني واضرب أعناقهم، فقال: إذاً لا تناصحنا عشائرهم، قال: فأوقرهم حديداً واسجنهم بأبيض كسرى ووكل بهم من إن غلبت ضرب أعناقهم، وإن نصرت مننت عليهم، قال: يا أبا النعمان إني لفي شغل عن ذلك، يرحم الله أبا بحر يعني الأحنف إن كان ليحذر غدر العراق. وقال عبد القاهر بن السري: هم أهل العراق بالغدر بمصعب، فقال قيس بن الهيثم: ويحكم لا تدخلوا أهل الشام عليكم، فوالله لئن تطعموا بعيشكم ليصفين عليكم منازلكم. وكان إبراهيم أشار عليه بقتل زياد بن عمرو ومالك بن مسمع، فلما التقى الجمعان قلب القوم أترستهم ولحقوا بعبد الملك. وقال الطبري: لما تدانى الجمعان حمل إبراهيم بتن الأشتر على محمد بن مروان فأزاله عن موضعه، ثم هرب عتاب بن ورقاء، وكان على الخيل مع مصعب. وجعل مصعب كلما قال لمقدم من عسكره: تقدم، لا يطيعه. فذكر محمد بن سلام الجمحي قال: أخبر عبد الله بن خازم أمير خراسان بمسير مصعب إلى عبد الملك، فقال: أمعه عمر بن عبيد الله التيمي قيل: لا، استعمله على فارس. قال: فمعه المهلب بن أبي صفرة؟

(5/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 304
قالوا: لا، استعمله على الموصل قال: فمعه عباد بن الجصين قيل: لا، استعمله على البصرة. فقال ابن خازم: وأنا بخراسان.) ثم تمثل:
(خذيني وجريني ضباع وأبشري .......... بلحم امريء لم يشهد اليوم ناصره)
قال الطبري: فقال مصعب لابنه عيسى: اركب بمن معك إلى عمك ابن الزبير، فأخبره بما صنع أهل العراق، ودعني فإني مقتول. فقال: والله لا أخبر قريشاً عنك أبداً، و لكن إلحق بالبصرة فهم على الجماعة والطاعة، قال: لا تتحدث قريش أني فررت بما صنعت ربيعة من خذلانها، ولكن: أقاتل، فإن قتلت فما السيف بعار. وقال إسماعيل بن أبي المهاجر: أرسل عبد الملك مع أخيه محمد بن مروان إلى مصعب: إني معطيك الأمان يا ابن العم، فقال مصعب: إن مثلي لا ينصرف عن مثل هذا الموقف إلا غالباً أو مغلوباً. وقيل: إن مصعباً أبى الأمان، وأنهم أثخنوه بالرمي، ثم شد عليه زائدة بن قدامة الثقفي، فطعنه وقال: يا لثارات المختار. وكان ممن قاتل مع مصعب. وقال عبد الله بن مصعب الزبيري، عن أبيه قال: لما تفرق عن مصعب جنده قيل له: لو اعتصمت ببعض القلاع وكاتبت من بعد عنك كالمهلب وفلان، فإذا اجتمع لك من ترضاه لقيت القوم فقد ضعفت جداً واختل

(5/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 305
أصحابك، فلبس سلاحه وخرج فيمن بقي معه وهو يتمثل بشعر طريف العنبري الذي كان يعد بألف فارس بخراسان:
(علام أقول السيف يثقل عاتقي .......... إذا أنا لم أركب به المركب الصعبا)

(سأحميكم حتى أموت ومن يمت .......... كريماً فلا لوماً عليه ولا عتبا)
وروى غسان بن مضر، عن سعيد بن يزيد قال: قال ابن الأشتر لمصعب: إبعث إلى زياد بن عمرو ومالك بن مسمع ووجوه من وجوه أهل البصرة فاضرب أعناقهم، فإنهم قد أجمعوا على أن يغدروا بك، فأبى، فقال ابن الأشتر: فإني أخرج الآن في الخيل، فإذا قتلت فأنت أعلم. قال: فخرج وقاتل حتى قتل. وقال الفسوي: قتل مع مصعب ابنه عيسى، وجرح مسلم بن عمرو الباهلي فقال: احملوني إلى خالد بن يزيد، فحمل إليه، فاستأمن له. ووثب عبيد الله بن زياد بن ظبيان على مصعب فقتله عند دير الجاثليق، وذهب برأسه إلى عبد الملك، فسجد لله.) وكان عبيد الله فاتكاً رديئاً، فكان يتلهف ويقول: كيف لم أقتل عبد الملك يومئذ حين سجد، فأكون قد قتلت ملكي العرب. وقال أبو اليقظان وغيره: طعنه زائدة واحتز رأسه ابن ظبيان. ولابن قيس الرقيات:
(لقد أورث المصرين حزناً وذلة .......... قتيل بدير الجاثليق مقيم)

(5/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 306
(فما قاتلت في الله بكر بن وائل .......... ولا صبرت عند اللقاء تميم)

(وكل ثمالي عند مقتل مصعب .......... غداة دعاهم للوفاء دحيم)
وقال ابن سعد: إن مصعباً قال يوماً وهو يسير لعروة بن المغيرة بن شعبة: أخبرني عن حسين بن علي رضي الله عنهما كيف صنع حين نزل به، فأنشأ يحدثه عن صبره، وإبائه ما عرض عليه، وكراهيته أن يدخل في طاعة عبيد الله حتى قتل، قال: فضرب بسوطه على معرفة فرسه وقال:
(وإن الألى بالطف من آل هاشم .......... تأسوا فسنوا للكرام التأسيا)
قال: فعرفت والله أنه لا يفر، وأنه سيصبر حتى يقتل. وقال: والتقيا بمسكن، فقال عبد الملك: ويلكم ما أصبهان هذه قيل. سرة العراق، قال: قد والله كتب إلي أكثر من ثلاثين من أشراف العراق، وكلهم يقول: إن خببت بمصعب فلي أصبهان. قال ابن سعد: فكتب إلى كل منهم: أن نعم، فلما التقوا قال مصعب لربيعة: تقدموا للقتال. فقالوا: هذه عذرة بين أيدينا فقال: ما تأتون أنتن من العذرة، يعني تخلفكم عن القتال. وقد كانت ربيعة قبل مجمعة على خذلانه، فأظهرت ذلك، فخذله الناس. ولم يتقدم أحد يقاتل دونه، فلما رأى ذلك قال: المرء ميت، فلأن يموت كريماً أحسن به من أن يضرع إلى من قد وتره، لا أستعين بربيعة أبداً

(5/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 307
ولا بأحد من أهل العراق، ما وجدنا لهم وفاء، انطلق يا بني إلى عمك فأخبره بما صنع أهل العراق، ودعني. فإني مقتول، فقال: والله لا أخبر نساء قريش بصرعتك أبداً، قال: فإن أردت أن تقاتل فتقدم حتى أحتسبك، فقاتل حتى قتل، وتقدم إبراهيم بن الأشتر فقاتل قتالاً شديداً حتى أخذته الرماح فقتل، ومصعب جالس على سرير، فأقبل إليه نفر ليقتلوه، فقاتل أشد القتال حتى قتل، واحتز ابن ظبيان رأسه. وبايع أهل العراق لعبد الملك ودخلها، واستخلف على الكوفة أخاه بشر بن مروان.) قيل: إن ابن الزبير لما بلغه مقتل أخيه مصعب قام فقال: الحمد لله الذي خلق الخلق، ثم ذكر مصرع أخيه فقال: ألا إن أهل العراق أهل الغدر والنفاق أسلموه وباعوه، والله ما نموت على مضاجعنا كما يموت بنو أبي العاص، فما قتل منهم رجل في زحف ولا نموت إلا فعصاً بالرماح، وتحت ظلال السيوف. وفيها خرج أبو فديك فغلب على البحرين. وقيل هو الذي قتل نجدة الحروري، فسار إليه جيش من البصرة، عليهم أمية بن عبد الله بن خالد الأموي أخو أميرها خالد، فهزمه أبو فديك، فكتب عبد الملك بن مروان إلى خالد يعنفه لكونه استعمل أمية على حرب الخوارج، ولم يستعمل المهلب، وأمره أن ينهض إليهم بنفسه، ويستعين برأي المهلب، ولا يعمل أمراً دونه. وكتب إلى بشر بن مروان يمده بخمسة

(5/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 308
آلاف، عليها عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فسار خالد بالناس حتى قدم الأهواز، وسارت إليه الأزارقة، فتنازل الجيشان نحواً من عشرين ليلة، ثم زحف إليهم خالد فأخذوا ينحازون، فاجترأ عليهم الناس، وكثرت عليهم الخيل، فولوا مدبرين على حمية، وقتل منهم خلق، واتبعهم داود بن قحذم أمير الميسرة وعتاب بن ورقاء، وجعلوا يتطلبونهم بفارس، حتى هلكت خيول الجند وجاعوا، ورجع كثير منهم مشاة. قال الطبري في تاريخه: وفيها كانت وقعت بين ابن خازم بخراسان وبين بحير بن ورقاء بقرب مرو، وقتل خلق، وقتل عبد الله بن خازم في الوقعة، ولي قتله وكيع بن عميرة بن الدورقية. ويقال: اعتور عليه بحير، وعمار الجشمي، وابن الدورقية وطعنوه فصرعوه، فقيل لوكيع: كيف قتلته قال: غلبته بفضل القنا، ولما صرع قعدت على صدره، فحاول القيام فلم يقدر، وقلت: يا ثارات دويلة وهو أخو وكيع لأمه قتل تلك المدة قال: فتن خم في وجهي وقال: لعنك الله، تقتل كبش مضر بأخيك علج لا يسوى كفاً من نوى، فما رأيت أحداً أكثر ريقاً منه على تلك الحال عند الموت. ثم أقبل بكير بن وساج، فأراد أخذ رأس عبد الله بن خازم، فمنعه بحير، فضربه بكير بعمود وأخذ الرأس، وقيد بحيراً، وبعث بالرأس إلى عبد الملك بن مروان. ثم حكى ابن جرير الطبري الخلاف في أن ابن خازم إنما قتل بعد

(5/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 309
مقتل عبد الله بن الزبير، وأن رأس ابن الزبير ورد على ابن خازم، فلف أن لا يعطي عبد الملك طاعة أبداً، وأنه دعا بطست) فغسل الرأس وكفنه وحنطه، وصلى عليه، وبعث به إلى آل الزبير بالمدينة. قلت: ولعله رأس مصعب بن الزبير. وكان عبد الملك بعث إلى ابن خازم مع سورة النميري: أن لك خراسان سبع سنين على أن تبايعني، فقال للرسول: لولا أن أضرب بين بني سليم وبني عامر لقتلتك، ولكن كل هذه الصحيفة، فأكلها. وفيها سار الحجاج إلى حرب ابن الزبير، فأول قتال كان بينهما في ذي القعدة، ودام الحصار أشهراً.

(5/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 310
4 (حوادث سنة ثلاث وسبعين)
فيها توفي: عبد الله بن عمر. وعوف بن مالك الأشجعي. وعبد الله بن الزبير، وأمه أسماء بنت الصديق رضي الله عنهما. وأبو سعيد بن المعلى الأنصاري. وربيعة بن عبد الله بن الهدير التيمي. وعمرو بن عثمان بن عفان. وعبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي. وعبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي. وعبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، قتلوا ثلاثتهم مع ابن الزبير. وفيها توفي: مالك بن مسمع الربعي، وأوس بن ضمعج بخلف فيه. وفيها حاصر الحجاج مكة وبها ابن الزبير قد حصنها، ونصب الحجاج عليها المنجنيق. فروى عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري: ثنا القاسم بن معن، عن هشام بن عروة، عن أبيه بحديث طويل منه: وقاتل حصين بن نمير ابن الزبير

(5/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 311
أياماً، وأحرق فسطاطاً له نصبه عند البيت، فطار الشرر إلى البيت، واحترق يومئذ قرنا الكبش الذي فدى به إسحاق، إلى أن قال في الحديث: فخطب عبد الملك بن مروان وقال: من لابن الزبير فقال الحجاج: أنا يا أمير المؤمنين، فأسكته، ثم أعاد قوله، فقال: أنا، فعقد له على جيش إلى مكة، فنصب المنجنيق على أبي قبيس، ورمى به على ابن الزبير وعلى من معه في المسجد، وجعل ابن الزبير على الحجر) الأسود بيضة يعني خوذة ترد عنه، فقيل لابن الزبير: ألا تكلمهم في الصلح، فقال: أوحين صلح هذا، والله لو وجدوكم في جوف الكعبة لذبحوكم جميعاً، ثم قال:
(ولست بمبتاع الحياة بسبه .......... ولا مرتق من خشية الموت سلما)

(أنافس سهماً إنه غير بارح .......... ملاقي المنايا أي صرف تيمما)
قال: وكان على ظهر المسجد طائفة من أعوان ابن الزبير يرمون عدوه بالآجر، وحمل ابن الزبير فأصابته آجرة في مفرقه فلقت رأسه. وقال الواقدي: ثنا مصعب بن ثابت، عن أبي الأسود، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، قال: وثنا شرحبيل بن أبي عون، عن أبيه، وثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه قالوا: لما قتل

(5/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 312
عبد الملك مصعباً بعث الحجاج إلى ابن الزبير في ألفين، فنزل الطائف، وبقي يبعث البعوث إلى عرفة، ويبعث ابن الزبير بعثاً فتهزم خيل ابن الزبير، ويرد أصحاب الحجاج إلى الطائف، فكتب الحجاج إلى عبد الملك في دخول الحرم ومحاصرة ابن الزبير، وأن يمده بجيش، فأجابه وكتب إلى طارق بن عمرو فقدم على الحجاج في خمسة آلاف، فحج الحجاج بالناس، سنة اثنتين يعني، ثم صدر الحجاج بن يوسف وطارق ولم يطوفا بالبيت ولا قربا النساء حتى قتل ابن الزبير فطافا. وحصر ابن الزبير من ليلة هلال ذي القعدة ستة أشهر وسبع عشرة ليلة. وقدم على ابن الزبير حبشان من أرض الحبشة، فجعلوا يرمون فلا يقع لهم مزراق إلا في إنسان، فقتلوا خلقاً. وكان معه أيضاً من خوارج أهل مصر، فقاتلوا قتالاً شديداً، ثم ذكروا عثمان فتبرءوا منه، فبلغ ابن الزبير فناكرهم، فانصرفوا عنه. وألح عليه الحجاج بالمنجنيق وبالقتال من كل وجه، وحبس عنهم الميرة فجاعوا، وكانوا يشربون من زمزم فتعصمهم، وجعلت الحجارة تقع في الكعبة. وثنا شرحبيل، عن أبيه قال: سمعت ابن الزبير يقول لأصحابه: انظروا كيف تضربون بسيوفكم، وليصن الرجل سيفه كما يصون وجهه، فإنه قبيح بالرجل أن يخطيء مضرب سيفه، فكنت أرمقه إذا ضرب فما يخطيء مضرباً

(5/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 313
واحداً شبراً من ذباب السيف أو نحوه، وهو يقول: خذها وأنا ابن الحواري. فلما كان يوم الثلاثاء قام بين الركن والمقام فقاتلهم أشد القتال، وجعل الحجاج يصيح بأصحابه: يا أهل الشام، يا أهل الشام، الله الله في الطاعة، فيشدون الشدة الواحدة حتى يقال: قد اشتملوا) معليه، فيشد عليهم حتى يفرجهم ويبلغ بهم باب بني شيبة ثم يكر ويكرون عليه، وليس معه أعوان، فعل ذلك مراراً حتى جاءه حجر عائر من ورائه فأصابه في قفاه فوقذه فارتعش ساعة، ثم وقع لوجهه، ثم انتهض فلم يقدر على القيام، وابتدره الناس، وشد عليه رجل من أهل الشام فضرب الرجل فقطع رجليه وهو متكيء على مرفقه الأيسر، وجعل يضربه وما يقدر أن ينهض حتى كثروه، فصاحت امرأة من الدار: وا أمير المؤمنيناه قال: وابتدروه فقتلوه رحمه الله. وقال الواقدي: حدثني إسحاق بن يحيى، عن يوسف بن ماهك قال: رأيت المنجنيق يرمى به، فرعدت السماء وبرقت، واشتد الرعد، فأعظم ذلك أهل الشام وأمسكوا، فجاء الحجاج ورفع الحجر بيده ورمى معهم، ثم إنهم جاءتهم صاعقة تتبعها أخرى، فقتلت من أصحابه اثني عشر رجلاً، فانكسر أهل الشام، فقال الحجاج: لا تنكروا هذه فهذه صواعق تهامة، ثم جاءت صاعقة فأصابت عدة من أصحاب ابن الزبير من الغد. وقال الواقدي حدثني إسحاق بن عبد الله، عن المنذر بن الجهم قال: رأيت ابن الزبير يوم قتل وقد خذله من معه خذلاناً شديداً، وجعلوا يخرجون

(5/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 314
إلى الحجاج نحو من عشرة آلاف، وقيلك أنه ممن فارقه ولعله من الجوع ابناه حمزة وخبيب، فخرجا إلى الحجاج وطلبا أماناً لأنفسهما. فروى الواقدي عن أبي الزناد، عن محمد بن سليمان قال: دخل ابن الزبير على أمه وقال: يا أمه خذلني الناس حتى ولدي وأهلي، ولم يبق معي إلا من ليس عنده دفع أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطوني ما أردت من الدنيا، فما رأيك قالت: أنت أعلم، إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو فامض له، فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك يتلعب بها غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك ومن قتل معك. فقبل رأسها وقال: هذا رأيي الذي قمت به، ما ركنت إلى الدنيا، وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله، فانظري فإني مقتول، فلا يشتد حزنك، وسلمي لأمر الله، في كلام طويل بينهما. وقال: وجعل الزبير يحمل فيهم كأنه أسد في أجمة ما يقدم عليه أحد ويقول: لو كان قرني واحداً لكفيته وبات ليلة الثلاثاء سابع عشر جمادى الأولى وقد أخذ عليه الحجاج بالأبواب، فبات يصلي عامة الليل، ثم احتبى بحمائل سيفه فأغفى، ثم انتبه بالفجر، فصلى الصبح فقرأ: ن والقلم حرفاً حرفاً،) ثم قام فحمد الله وأثنى عليه، وأوصى بالثبات.

(5/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 315
ثم حمل حتى بلغ الحجون، فأصيب بآجرة في وجهه شجته، فقال:
(ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا .......... ولكن على أقدامنا تقطر الدما)
ثم تكاثروا عليه فقتلوه، وبعث برأسه، ورأسي عبد الله بن صفوان، وعمارة بن عمرو بن حزم إلى الشام بعد أن نصبوا بالمدينة. واستوسق الأمر لعبد الملك بن مروان، واستعمل على الحرمين الحجاج بن يوسف، فنقض الكعبة التي من بناء ابن الزبير، وكانت تشعثت من المنجنيق، وانفلق الحجر الأسود من المنجنيق فشعبوه، وبناها الحجاج على بناء قريش ولم ينقضها إلا من جهة الميزاب، وسد الباب الذي أحدثه ابن الزبير وهو ظاهر المكان. وفيها غزا محمد بن مروان بن الحكم قيسارية وهزم الروم. وفيها سار عمر بن عبيد الله التيمي بأهل البصرة في نحو عشرة آلاف لحرب أبي فديك، فالتقوا، فكان على ميمنة أهل البصرة محمد بن موسى بن طلحة، وعلى الميسرة أخوه عمر بن موسى. فانكسرت الميسرة، وأثخن

(5/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 316
أميرها بالجراح، وأخذه الخوارج فأحرقوه، في الحال، ثم تناخى المسلمون وحملوا حتى استباحوا عسكر الخوارج، وقتل أبو فديك وحصروهم في المشقر، ثم نزلوا على الحكم فقتل عمر بن عبيد الله منهم نحو ستة آلاف، وأسر ثمانمائة. وكان أبو فديك قد أسر جارية أمية بن عبد الله، فأصابوها وقد حبلت من أبي فديك. وفيها عزل عبد الملك بن مروان خالداً عن البصرة وأضافها إلى أخيه بشر بن مروان. واستعمل على خراسان بكير بن وشاح.

(5/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 317
4 (حوادث سنة أربع وسبعين)
توفي فيها: رافع بن خديج. وأبو سعيد الخدري. وسلمة بن الأكوع. وخرشة بن الحر الكوفي يتيم عمر. وعاصم بن ضمرة.) وعبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، له رؤية. ومحمد بن حاطب الجمحي. ومالك بن أبي عامر الأصبحي جد مالك الإمام. وأبو جحيفة السوائي. وفيها في أولها قيل إن ابن عمر توفي، وقد ذكر. وفيها سار الحجاج من مكة بعدما بنى البيت الحرام إلى المدينة، فأقام بها ثلاثة أشهر يتعنت أهلها، وبنى بها مسجداً في بني سلمة، فهو ينسب إليه.

(5/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 318
واستخف فيها ببقايا الصحابة وختم في أعناقهم. فروى الواقدي، عن ابن أبي ذئب، عمن رأى جابر بن عبد الله مختوماً في يده، ورأى أنساً مختوماً في عنقه، يذلهم بذلك. قال الواقدي: وحدثني شرحبيل بن أبي عون، عن أبيه قال: رأيت الحجاج أرسل إلى سهل بن سعد الساعدي فقال: ما منعك لأن تنصر أمير المؤمنين عثمان قال: قد فعلت، قال: كذبت، ثم أمر به فختم في عنقه برصاص. وفيها ذكره ابن جرير ولي عبد الملك المهلب بن أبي صفرة حرب الأزارقة، فشق ذلك على بشر، وأمره أن يختار من أراد من جيش العراق، فسار حتى نزل رامهرمز، فلقي بها الخوارج، فخندق عليه. وفيها عزل عبد الملك بكير بن وشاح عن خراسان، واستعمل عليها أمية بن عبد الله بن خالد، عزل بكيراً خوفاً من افتراق تميم بخراسان، فإنه أخرج ابن عمه بحيراً من الحبس، فالتف على بحير خلق، فخاف أهل خراسان وكتبوا إلى عبد الملك أن يولي عليهم قرشياً لا يحسد ولا يتعصب عليه، ففعل. وكان أمية سيداً شريفاً فلم يتعرض لبكير ولا لعماله، بل عرض عليه أن يوليه شرطته، فامتنع، فولى بحير بن ورقاء. ويقال: فيها كان مقتل أبي فديك، وقد مر في سنة ثلاث.

(5/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 319
4 (حوادث سنة خمس وسبعين)
فيها توفي:) العرباض بن سارية السلمي. وأبو ثعلبة الخشني. وكريب بن أبرهة الأصبحي أمير الإسكندرية. وبشر بن مروان أمير العراق. وعمرو بن ميمون الأودي فيها، وقيل: في التي قبلها. وسليم بن عتر التجيبي قاضي مصر وقاصها. وفيها وفد عبد العزيز بن مروان على أخيه، واستخلف على مصر زياد بن حناطة التجيبي، فتوفي زياد في شوال، واستخلف أصبغ بن عبد العزيز بن مروان. وفيها حج بالناس عبد الملك بن مروان، وخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسير على إمرة العراق الحجاج، فسار من المدينة إلى الكوفة في اثني عشر راكباً بعد أن وهب البشير ثلاثة آلاف دينار.

(5/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 320
قال الوليد بن مسلم: حدثني عبيد الله بن يزيد بن أبي مسلم الثقفي، عن أبيه قال: كان الحجاج عاملاً لعبد الملك على مكة، فكتب إليه بولايته على العراق، قال: فخرجت معه في نفر ثمانية أو تسعة على النجائب، فلما كنا بماء قريب من الكوفة نزل فاختضب وتهيأ، وذلك في يوم جمعة، ثم راح معتماً قد ألقى عذبة العمامة بين كتفيه متقلداً سيفه، حتى نزل عند دار الإمارة عند مسجد الكوفة، وقد أذن المؤذن بالأذان الأول، فخرج عليهم الحجاج وهم لا يعلمون، فجمع بهم، ثم صعد المنبر فجلس عليه فسكت، وقد اشرأبوا إليه وجثوا على الركب وتناولوا الحصى ليقذفوه بها، وقد كانوا حصبوا عاملاً قبله، فخرج عليهم، فسكت سكتة أبهتتهم، وأحبوا أن يسمعوا كلامه، فكان بدء كلامه أن قال: يا أهل العراق، يا أهل الشقاق ويا أهل النفاق، والله إن كان أمركم ليهمني قبل أن آتي إليكم، ولقد كنت أدعوا الله أن يبتليكم بي، فأجاب دعوتي، ألا إني سريت البارحة فسقط مني سوطي، فاتخذت هذا مكانه وأشار إلى سيفه فوالله لأجرنه فيكم جر المرأة ذيلها، ولأفعلن ولأفعلن. قال يزيد: فرأيت الحصى متساقطاً من أيديهم، وقال: قوموا إلى بيعتكم، فقامت القبائل قبيلة قبيلة تبايع، فيقول: من فتقول: ينو فلان، حتى جاءته قبيلة فقال: من قالوا النخع، قال: منكم كميل بن زياد قالوا: نعم، قال: فما فعل قالوا أيها الأمير شيخ كبير، قال: لا بيعة لكم عندي ولا) تقربون حتى تأتوني به. قال: فأتوه به منعوشاً في سرير حتى وضعوه إلى جانب المنبر، فقال: ألا لم يبق ممن دخل على عثمان الدار غير هذا، فدعا بنطع وضربت عنقه.

(5/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 321
وقال أبو بكر الهذلي: حدثني من شهد الحجاج حين قدم العراق، فبدأ بالكوفة، فنودي: الصلاة جامعة، فأقبل الناس إلى المسجد، والحجاج متقلد قوساً عربية وعليه عمامة خز حمراء متلثماً، فقعد وعرض القوس بين يديه، ثم لم يتكلم حتى امتلأ المسجد، قال محمد بن عمير: فسكت حتى ظننت أنه إنما يمنعه العي، وأخذت في يدي كفاً من حصى أردت أن أضرب به وجهه، فقام فوضع نقابه، وتقلد قوسه، وقال:
(أنا ابن جلا وطلاع الثنايا .......... متى أضع العمامة تعرفوني)
إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، كأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى.
(ليس بعشك فادرجي .......... قد شمرت عن ساقها فشمري)

(هذا أوان الحرب فاشتدي زيم .......... قد لفها اليل بسواق حطم)

(ليس براعي إبل ولا غنم .......... ولا بجزار على ظهر وضم)

(5/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 322
(قد لفها الليل بعصلبي .......... مهاجر ليس بأعرابي)
مهاجر ليس بأعرابي إني والله ما أغمز غمز التين، ولا يقعقع لي بالشنان، ولقد فررت عن ذكاء، وفتشت عن تجربة، وجريت إلى الغاية، فإنكم يا أهل العراق طالما أوضعتم في الضلالة، وسلكتم سبيل الغواية، أما والله لألحونكم العود، ولأعصبنكم عصب السلمة، ولأقرعنكم قرع المروة، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل، ألا إن أمير المؤمنين نثل كنانته بين يديه، فعجم عيدانها، فوجدني أمرها عوداً وأصلبها مكسراً، فوجهني إليكم، فاستقيموا ولا يميلن منكم مائل، واعلموا أني إذا قلت قولاً وفيت به، من كان منكم من بعث المهلب فليلحق به، فغني لا أجد أحداً يسير في زرافة إلا سفكت دمه، واستحللت ماله. ثم نزل.

(5/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 323
رواه المبرد بنحوه، عن الثوري، بإسناد، وزاد فيه: قم يا غلام فاقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين. فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين إلى من بالكوفة، سلام عليكم. فسكتوا، فقال: اكفف يا غلام، ثم أقبل عليهم فقال: يسلم عليكم أمير المؤمنين فلا تردون عليه شيئاً، هذا أدب ابن نهية. أما والله لأؤدبنكم غير هذا الأدب أو لتستقيمن. إقرأ يا غلام، فقرأ قوله: السلام عليكم، فلم يبق في المسجد أحد إلا قال: وعلى أمير المؤمنين السلام.) العصلبي: الشديد من الرجال. والسواق الحطم: العنيف في سوقه. والوضم: كل شيء وقيت به اللحم من الأرض من خوان وقرمية. وعجمت العود إذا عضضته بأسنانك. والزرافات: الجماعات. وقال ابن جرير: فأول من خرج على الحجاج بالعراق عبد الله بن الجارود، وذلك أن الحجاج ندبهم إلى اللحاق بالمهلب، ثم خرج فنزل رستقباذ ومعه وجوه أهل البصرة، وكان بينه وبين المهلب يومان، فقال للناس: إن الزيادة التي زادكم ابن الزبير، في أعطياتكم زيادة فاسق منافق

(5/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 324
لست أجيزها، فقام إليه عبد الله بن الجارود العبدي فقال: بل هي زيادة أمير المؤمنين عبد الملك، فكذبه وتوعده، فخرج ابن الجارود على الحجاج، وتابعه خلق، فقتل ابن الجارود في طائفة معه. وكتب الحجاج إلى المهلب وإلى عبد الرحمن بن مخنف: أن ناهضوا الخوارج، قال: فناهضوهم وأجلوهم عن رامهرمز، فقال المهلب لعبد الرحمن بن مخنف: إن رأيت أن تخندق على أصحابك فافعل، وخندق المهلب على نفسه كعادته، وقال أصحاب ابن مخنف: إنما خندقنا سيوفنا، فرجع الخوارج ليبيتوا الناس، فوجدوا المهلب قد أتقن أمر أصحابه، فمالوا نحو ابن مخنف، فقاتلوه، فانهزم جيشه، وثبت هو في طائفة، فقاتلوا حتى قتلوا، فبعث الحجاج بدله عتاب بن ورقاء، وتأسفوا على ابن مخنف، ورثاه غير واحد. وقال خليفة: ثم في ثالث يوم من مقدم الحجاج الكوفة أتاه عمير بن ضابيء البرجمي، وهو القائل:
(هممت ولم أفعل، وكدت وليتني .......... تركت على عثمان تبكي حلائله)
فقال الحجاج: أخروه، أما أمير المؤمنين عثمان فتغزوه بنفسك، وأما الخوارج الأزارقة فتبعث بديلاً، وكان قد أتاه بابنه فقال: إني شيخ كبير، وهذا ابني مكاني، ثم أمر به فضربت عنقه. واستخلف الحجاج لما خرج على الكوفة عروة بن المغيرة بن شعبة،

(5/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 325
وقدم البصرة يحث على قتال الأزارقة. وفيها خرج داود بن النعمان المازني بنواحي البصرة، فوجه الحجاج لحربه الحكم بن أيوب) الثقفي متولي البصرة، فظفر به، فقتله، فقال شاعرهم:
(ألا فاذكرن داود إذ باع نفسه .......... وجاد بها يبغي الجنان العواليا)
وفيها غزا محمد بن مروان الصائفة عند خروج الروم بناحية مرعش. وفيها خطبهم عبد الملك بمكة لما حج، فحدث أبو عاصم، عن ابن جريج، عن أبيه قال: خطبنا عبد الملك بن مروان بمكة، ثم قال: أما بعد، فإنه كان من قبلي من الخلفاء يأكلون من هذا المال ويؤكلون، وإني والله لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف، ولست بالخليفة المستضعف يعني عثمان ولا الخليفة المداهن يعني معاوية ولا الخليفة المأبون يعني يزيد وإنما نحتمل لكم ما لم يكن عقد راية. أو وثوب على منبر، هذا عمرو بن سعيد حقه حقه وقرابته قرابته، قال برأسه هكذا، فقلنا بسيفنا هكذا، ألا فليبلغ الشاهد الغائب.

(5/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 326
وفيها ضرب الدنانير والدراهم عبد الملك، فهو أول من ضربها في الإسلام. وحج فيها عبد الملك وخطب بالموسم غير مرة، وكان من البلغاء العلماء الدهاة، قال: إني رأيت سيرة السلطان تدور مع الناس، فإن ذهب اليوم من يسير بسيرة عمر، وأغير على الناس في بيوتهم، وقطعت السبل، وتظالم الناس، وكانت الفتن، فلا بد للوالي أن يسير كل وقت بما يصلحه، نحن نعام والله أنا لسنا عند الله ولا عند الناس كهيئة عمر ولا عثمان، ونرجو خير ما نحن بإزائه من إقامة الصلوات والجهاد والقيام لله بالذي يصلح ذينه، والشدة على المذنب، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

(5/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 327
4 (حوادث سنة ست وسبعين)
توفي فيها: حبة بن جوين العني. وزهير بن قيس البلوي. وفيها، أو في سنة خمس توفي: سعيد بن وهب الهمداني الخيواني. وفيها خرج صالح بن مسرح التميمي، وكان صالحاً ناسكاً مخبتاً، وكان يكون بدارا والموصل، وله أصحاب يقرئهم ويفقههم ويقص عليهم، ولكنه يحط على الخليفتين عثمان وعلي كدأب الخوارج، ويتبرأ منهما ويقول: تيسروا رحمكم الله لجهاد هذه الأحزاب المتحزبة، وللخروج من) دار الفناء إلى دار البقاء، ولا تجزعوا من القتل في الله، فإن القتل أيسر من الموت، والموت نازل بكم. فلم ينشب أن أتاه كتاب شبيب بن يزيد من الكوفة فقال: أما بعد، فإنك شيخ المسلمين، ولن نعدل بك أحداً، وقد دعوتني فاستجبت لك، وإن أردت تأخير ذلك أعلمتني، فإن الآجال غادية ورائحة، ولا آمن أن تخترمني المنية ولم أجاهد الظالمين، فيا له غبناً، ويا له فضلاً متروكاً، جعلنا الله

(5/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 328
وإياك ممن يريد بعمله الله ورضوانه. فرد عليه الجواب يحضه على المجيء، فجمع شبيب قومه، منهم أخوه مصاد، والمحلل بن وائل اليشكري، وإبراهيم بن حجر المحلمي، والفضل بن عامر الذهلي، وقدم على صالح وهو بدارا، فتصمدوا مائة وعشرة أنفس. ثم وثبوا على خيل لمحمد بن مروان فأخذوها، وقويت شوكتهم وأخافوا المسلمين. وفيها غزا حسان بن النعمان الغساني إفريقية وقتل الكاهنة. ولما خرج صالح بن مسرح بالجزيرة ندب لحربه عدي بن عدي بن عميرة الكندي، فقاتلهم، فهزم عدياً، فندب لقتاله خالد بن جزء السلمي، والحارث العامري، فاقتتلوا أشد قتال، وانحاز صالح إلى العراق، فوجه الحجاج إلى لحربه عسكراً، فاقتتلوا، ثم مات صالح بن مسرح مثخناً بالجراح في جمادى الآخرة، وعهد إلى شبيب بن يزيد، فاقتفى شبيب هو وسورة بن الحر، فانهزم سورة بعد قتال شديد. ثم سار شبيب فلقي سعيد بن عمرو الكندي، فاقتتلوا، ثم انصرف شبيب فهجم على الكوفة، وقتل بها أبا سليم مولى عنبسة بن أبي سفيان والد

(5/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 329
ليث بن أبي سليم، وقتل بها عدي بن عمرو، وأزهر بن عبد الله العامري، ثم خرج عن الكوفة فوجه الحجاج لحربه زائدة بن قدامة الثقفي ابن عم المختار، في جيش كبير، فالتقوا بأسفل الفرات، فهزمهم وقتل زائدة، فوجه الحجاج لحربه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فلم يقاتله. وكان مع شبيب امرأته غزالة، وكانت معروفة بالشجاعة، فدخلت مسجد الكوفة تلك الليلة وقرأت وردها في المسجد، وكانت نذرت أن تصعد المنبر فصعدت. ثم حار الحجاج في أمره مع شبيب، فوجه لقتاله عثمان بن قطن الحارثي، فالتقوا في آخر العام، فقتل عثمان وانهزم جمعه بعد أن قتل يومئذ ممن معه ستمائة نفس، منهم مائة وعشرون من) كندة، وقتل من الأعيان: عقيل بن شداد السلولي، وخالد بن نهيك الكندي، والأبرد بن ربيعة الكندي. واستفحل أمر شبيب، وتزلزل له عبد الملك بن مروان، ووقع الرعب في قلوبهم من شبيب، وحار الحجاج، فكان يقول: أعياني شبيب.

(5/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 330
4 (حوادث سنة سبع وسبعين)
فيها توفي: أبو تميم الجيشاني أبو عبد الله بن مالك بمصر. وشريح القاضي وفيه خلاف. وفيها سار شبيب بن يزيد، فنزل المدائن، فندب الحجاج لقتاله أهل الكوفة كلهم، عليهم زهرة بن حوية السعدي، شيخ كبير قد باشر الحروب. وبعث إلى حربه عبد الملك من الشام سفيان بن الأبرد، وحبيباً الحكمي في ستة آلاف. ثم قدم عتاب بن وراق على الحجاج مستعفياً من عشرة المهلب بن أبي صفرة، فاستعمله الحجاج على الكوفة، ولجمع جميع الجيش خمسين ألفاً. وعرض شبيب بن يزيد جنده بالمدائن، فكانوا ألف رجل، فقال: يا قوم إن الله ينصركم وأنتم مائة أو مائتان، فأنتم اليوم مئون. ثم ركب، فأخذوا يتخلفون عنه ويتأخرون، فلما التقى الجمعان تكامل

(5/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 331
مع شبيب ستمائة، فحمل في مائتين على ميسرة الناس فانهزموا، واشتد القتال، وعتاب بن ورقاء جالس هو وزهرة بن حويه على طنفسة في القلب، فقال عتاب: هذا يوم كثر فيه العدد وقل الغناء، والهفي على خمسة من رجال تميم. وتفرق عن عتاب عامة الجيش، وحمل عليه شبيب، فقاتل عتاب ساعة وقتل، ووطئت الخيل زهرة فهلك، فتوجع له شبيب لما رآه صريعاً، فقال له رجل من قومه: والله يا أمير المؤمنين إنك لمنذ الليلة لمتوجع لرجل من الكافرين قال: إنك لست أعرف بضلالتهم مني، إني أعرف من قديم أمرهم ما لا تعرف، لو ثبتوا عليه كانوا إخواننا. وقتل في المعركة: عمار بن يزيد الكلبي، وأبو خيثمة بن عبد الله. ثم قال شبيب لأصحابه: ارفعوا عنهم السيف، ودعا الناس إلى طاعته وبيعته، فبايعوه، ثم هربوا) ليلاً. هذا كله قبل أن يقدم جيش الشام، فتوجه شبيب نحو الكوفة، وقد دخلها عسكر الشام، فشدوا ظهر الحجاج وانتعش بهم، واستغنى بهم عن عسكر الكوفة، وقال: يا أهل الكوفة لا أعز الله من أراد بكم العز، الحقوا بالحيرة، فانزلوا مع اليهود والنصارى، ولا تقاتلوا معنا. وحنق بهم، وهذا مما يزيد فيه بغضاً. ثم إنه وجه الحارث بن معاوية الثقفي في ألف فارس في الكشف، فالتمس شبيب غفلتهم والتقوا، فحمل شبيب على الحارث فقتله، وانهزم من معه.

(5/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 332
ثم جاء شبيب فنزل الكوفة. وحفظ الناس السكك، وبنى شبيب مسجداً بطرف السبخة، فخرج إليه أبو الورد مولى الحجاج في عدة غلمان فقاتل حتى قتل. ثم خرج طهمان مولى الحجاج في طائفة، فقتله شبيب. ثم إن الحجاج خرج من قصر الكوفة، فركب بغلاً، وخرج في جيش الشام، فلما التقى الجمعان نزل الحجاج وقعد على كرسي، ثم نادى: يا أهل الشام، أنتم أهل السمع والطاعة والصبر واليقين، لا يغلبن باطل هؤلاء حقكم، غضوا الأبصار، واجثوا على الركب، وأشرعوا إليهم بالأسنة. وكان شبيب في ستمائة، فجعل مائتين معه كردوساً، ومائتين مع سويد بن سليم، ومائتين مع المحلل بن وائل، فحمل سويد عليهم، حتى إذا غشي أطراف الأسنة وثبوا في وجوههم يطعنونهم قدماً قدماً، فانصرفوا، فأمر الحجاج بتقديم كرسيه، وصاح في أصحابه فحمل عليهم شبيب، فثبتوا، وطال القتال، فلما رأى شبيب صبرهم نادى: يا سويد احمل على أهل هذا السكة لعلك تزيل أهلها عنها، فتأتي الحجاج من وراءه ونحن من أمامه، فحمل سويد على أهل السكة، فرمي من فوق البيوت، فرد. قال أبو مخنف: فحدثني فروة بن لقيط الخارجي قال: فقال لنا شبيب يومئذ: يا أهل الإسلام، إنما شرينا الله، ومن شرى الله لم يكثر عليه ما أصابه، شدة كشداتكم في مواطنكم المعروفة، وحمل على الحجاج، فوثب أصحاب الحجاج طعناً وضرباً، فنزل شبيب وقومه، فصعد الحجاج على مسجد شبيب في نحو عشرين رجلاً وقال:

(5/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 333
إذا دنوا فارشقوهم بالنبل، فاقتتلوا عامة النهار أشد قتال في الدنيا، حتى أقر كل فريق للآخر.) ثم إن خالد بن عتاب بن ورقاء قال للحجاج: ائذن لي في قتالهم، فإني موتور وممن لا يتهم في نصيحة، فأذن له، فخرج في عصابة ودار من ورائهم، فقتل مصاداً أخا شبيب، وغزالة امرأة شبيب، وأضم النيران في عسكره. فوثب شبيب وأصحابه على خيولهم، فقال الحجاج: احملوا عليهم فقد أرعبوا، فشدوا عليهم فهزموهم، وتأخر شبيب في حامية قومه. فذكر من كان معه شبيب أنه جعل ينعس ويخفق برأسه وخلفه الطلب، قال: فقلت له: يا أمير المؤمنين التفت فانظر من خلفك، فالتفت غير مكترث ثم أكب يخفق، ثم قلت: إنهم قد دنوا، فالتفت ثم أقبل يخفق. وبعث الحجاج إلى خيل أن دعوه في حرق النار، فتركوه ورجعوا. ومر أصحاب شبيب بعامل للحجاج على بلد بالسواد فقتلوه، ثم أتوا بالمال على دابة فسبهم شبيب على مجيئهم بالمال وقال: اشتغلتم بالدنيا، ثم رمى بالمل في الفرات. ثم سار بهم إلى الأهواز وبها محمد بن موسى بن طلحة بن عبيد الله، فخرج لقتاله وسأل محمد المبارزة، فبارزه شبيب وقتله. ومضى إلى كرمان فأقام شهرين ورجع إلى الأهواز فندب له الحجاج جيش الشام: سفيان بن الأبرد الكلبي، وحبيب بن عبد الرحمن الحكمي، فالتقوا على جسر دجيل، فاقتتلوا حتى حجز بينهم الليل، ثم ذهب شبيب، فلما صار على جسر دجيل قطع الجسر، فوقع شبيب وغرق،

(5/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 334
وقيل: نفر به فرسه فألقاه في الماء وعليه الحديد، فقال له رجل: أغرقاً يا أمير المؤمنين قال: ذلك تقدير العزيز العليم فألقاه دجيل إلى ساحله ميتاً، فحمل على البريد إلى الحجاج، فأمر به فشق بطنه وأخرج قلبه، فإذا هو كالحجر، إذا ضرب به الأرض نبا عنها، فشقوه فإذا بداخلاه قلب صغير. وقال ابن جرير الطبري في تاريخه: ثم أنفق الحجاج الأموال، ووجه سفيان بن الأبرد في طلب القوم، قال: وأقام شبيب بكرمان، حتى إذا انجبر واستراش كر راجعاً، فيستقبله ابن الأبرد في ثلاثة كراديس، فاقتتلوا أكثر النهار، وثبت الفريقان، وكر شبيب وأصحابه أكثر من ثلاثين كرة، وابن الأبرد ثابت، ثم آل أمرهم إلى أن ازدحموا عند الجسر، واضطر شبيب أصحاب ابن الأبرد إلى الجسر، ونزل في نحو مائة، فتقاتلوا إلى الليل قتالاً عظيماً، ثم تحاجزوا. وقال أبو مخنف: حدثني فروة قال: ما هو إلا أن انتهينا إلى الجسر، فعبرنا شبيب في الظلمة وتخلف في آخرنا فأقبل على فرسه، وكانت بين يديه حجرة فنزل فرسه عليها وهو على) الجسر، فاضطربت الماذيانة ونزل حافر الفرس على حرف السفينة فنزل في الماء فلما سقط قال: ليقضي الله أمراً كان مفعولاً فانغمس ثم ارتفع فقال: ذلك تقدير العزيز العليم. قال: وقيل كان معه رجال قد أصاب من عشائرهم وأبغضوه، فلما تخلف في الساقة اشتوروا فقالوا: نقطع به الجسر، ففعلوا، فمالت السفن، ونفر فرسه فسقط وغرق.

(5/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 335
ثم تنادوا بينهم: غرق أمير المؤمنين فأصبح الناس فاستخرجوه وعليه الدرع. قال أبو مخنف: فسمعتهم يزعمون أنه شق بطنه فأخرج قلبه، فكان مجتمعاً صلباً، كأنه صخرة، وأنه كان يضرب به الأرض فيثب قامة الإنسان. وسيأتي في ترجمته من أخباره أيضاً. وفيها أمر عبد العزيز بن مروان بجامع مصر، فهدم وزيد فيه من جهاته الأربع. وأمر ببناء حصن الإسكندرية، وكان مهدوماً منذ فتحها عمرو بن العاص. وفيها افتتح عبد الملك بن مروان هرقلة وهي مدينة معروفة داخل بلاد الروم. وحج بالناس أبان بن عثمان بن عفان. وفيها وغل عبد الله بن أمية بن عبد الله الأموي بسجستان، فأخذ عليه الطريق، فأعطى مالاً حتى خلوا عنه، فعزله عبد الملك بن مروان ووجه مكانه موسى بن طلحة بن عبيد الله.

(5/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 336
4 (حوادث سنة ثمان وسبعين)
توفي فيها: جابر بن عبد الله الأنصاري. وزيد بن خالد الجهني. وعبد الرحمن بن غنم الأشعري. وأبو المقدام شريح بن هانيء. وقال خليفة: فيها أمر الحجاج على سجستان عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي، فوجه عبيد الله أبا بردعة فأخذ عليه المضيق، وقتل شريح بن هانيء الحارثي، وأصاب العسكر ضيق وجوع شديد، حتى هلك عامتهم. قال محمد بن جرير: وقد قيل إن هلاك شبيب بن يزيد كان في سنة ثمان. وكذلك قيل في هلاك قطري بن الفجاءة، وعبيدة بن هلال.) وعبد ربه الكبير، رؤوس الخوارج. وقال خليفة: فيها ولي خراسان المهلب بن أبي صفرة.

(5/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 337
وقال ابن الكلبي: فيها غزا محرز بن أبي محرز أرض الروم وفتح أزقلة، فلما قفل أصابهم مطر شديد من وراء درب الحدث، فأصيب فيه ناس كثير. وفيها قتل سليمان بن كندير القشيري، قتله أصحاب الحجاج. وفيها جرت حروب ووقعات بإفريقية والمغرب، وولي فيها إمرة المغرب كله موسى بن نصير اللخمي، فسار إلى طنجة وقدم على مقدمته طارق بن زياد الصدفي مولاهم الذي افتتح الأندلس، وأصاب فيها المائدة التي يتحدث أهل الكتاب أنها مائدة سليمان عليه السلام. وفيها حج بالناس ابن أمير المؤمنين الوليد. وفيها وثبت الروم على ملكهم فخلعته وقطعت أنفه ونفته إلى بعض الجزائر. قاله المسبحي. وفيها فرغ الحجاج من بناء واسط، سميت بذلك لأنها وسط ما بين الكوفة والبصرة. وقيل: بنيت سنة ثلاث وثمانين.

(5/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 338
4 (حوادث سنة تسع وسبعين)
فيها توفي: عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي. وعبيد الله بن أبي بكرة بسجستان. وقطري بن الفجاءة بطبرستان، بخلف فيه. وفيها استعمل الحجاج على البحرين محمد بن صعصة الكلابي وضم إليه عمان فخرج عليه الريان النكري، فهرب محمد وركب البحر حتى قدم على الحجاج. وفيها ولى الحجاج هارون بن ذراع النمري ثغر الهند وأمره بطلب العلافيين، وهما محمد ومعاوية ابنا الحارث من بني سامة بن لؤي، كانا قد قتلا عامل الحجاج هناك، فظفر هارون بأحدهما فقتله، وهرب الآخر. وفيها غزا الوليد ابن أمير المؤمنين من ناحية ملطية، فغنم وسبى. وقال عوانة بن الحكم: أول قبيل غزاهم موسى بن النصير من البربر

(5/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 339
الذين قتلوا عقبة بن نافع، فسار إليهم بنفسه فقتل وسبى، وهرب ملكهم كسيلة.) يقال: بلغ سبيهم عشرين ألفاً. قال ابن جرير: وفيها أصحاب أهل الشام الطاعون حتى كادوا يفنون من شدته. وقال غيره: فيها كان مصرع قطري بن الفجاءة واسم الفجاءة جعونة بن مازن بن يزيد التميمي المازني أبو نعامة، خرج في زمن مصعب بن الزبير، وبقي بضع عشرة سنة يقاتل ويسلم عليه بالخلافة وبأمرة المؤمنين، وتغلب على بلاد الفرس. ووقائعه مشهورة، قد ذكر منها المبرد قطعة في كامله. وقد سير الحجاج لقتاله جيشاً بعد جيش وهو يهزمهم. وحكي عنه أنه خرج في بعض الحروب على فرس أعجف، وبيده عمود خشب، فبرز إليه رجل فكشف قطري وجهه، فولى الرجل، فقال: إلى أين قال: لا يستحس الإنسان أن يفر من مثلك. توجه لقتاله سفيان بن الأبرد الكلبي، فظهر عليه وظفر به وقتله. وقيل: بل عثرت به فرسه فاندقت فخذه، فلذلك ظفروا به بطبرستان، وحمل رأسه إلى الحجاج.

(5/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 340
وقيل: إن الذي قتله سورة بن الدرامي. وكان قطري مع شجاعته المفرطة وإقدامه من خطباء العرب المشهورين بالبلاغة والشعر، وله أبيات مذكورة في الحماسة، والله أعلم.

(5/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 341
4 (حوادث سنة ثمانين)
فيها توفي: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. وأسلم مولى عمر. وأبو إدريس الخولاني الفقيه. وعبد الرحمن بن عبد القاري. وناعم بن أجيل المصري، وعبد الله بن زرير الغافقي. وجنادة بن أبي أمية. وجبير بن نفير، بخلف فيهما. وفيها صلب عبد الملك معبداً الجهني على إنكاره القدر. قاله سعيد بن عفير.)

(5/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 342
وفيها توفي: سويد بن غفلة قاله أبو نعيم وعبيد الله بن أبي بكرة. قاله ابن معين. وشريح القاضي. قاله ابن نمير. والسائب بن يزيد. قاله بعضهم. وحسان بن النعمان الغساني بالروم. وفيها كان سيل الجحاف، وهو سيل عظيم جاء بمكة حتى بلغ الحجر الأسود، فهلك خلق كثير من الحجاج. قال مصعب الزبيري: سمعت محمد بن نافع الخزاعي قال: كان من قصة الجحاف أن أهل مكة قحطوا، ثم طلع في يوم قطعة غيم، فجعل الجحاف يضرط به ويقول: إن جاءنا شيء فمن هذا، فما برح من مكانه حتى جاء سيل فحمل الجمال وغرق الجحاف. وفيها غزا البحر من الإسكندرية عبد الواحد بن أبي الكنود حتى بلغ قبرس. وفيها هلك أليون الملك عظيم الروم لا رحمه الله. وفيها سار يزيد بن أبي كبشة فالتقى هو والريان النكري بالبحرين، ومع الريان امرأة من الأزد تقاتل، اسمها جيداء، فقتل هو وهي وعامة أصحابهما، وصلب هو.

(5/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 343
وفيها أول فتنة ابن الأشعث: وذلك أن الحجاج كان شديد البغض لعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الكندي، يقول: ما رأيته قط إلا أردت قتله. ثم إنه أبعده عنه وأمره على سجستان في هذا العام بعد موت عبيد الله بن أبي بكرة، فسار إليها ففتح فتوحاً، وسار ينهب بلاد رتبيل ويأسر ويخرب، ثم بعث إليه الحجاج مع هذا كتباً يأمره بالوغول في تلك البلاد ويضعف همته ويعجزه، فغضب ابن الأشعث وخطب الناس، وكان معه رؤوس أهل العراق فقال: إن أميركم كتب إلي بتعجيل الوغول بكم في أرض العدو، وهي البلاد التي هلك فيها إخوانكم بالأمس، وإنما أنا رجل منكم، أمضي إذا مضيتم وآبى إذا أبيتم، فثار إليه الناس فقالوا: لا بل تأبى على عدو الله ولا نسمع له ولا نطيع. وقال عامر بن واثلة الكناني: إن الحجاج ما يرى بكم إلا ما رأى القائل الأول: احمل عبدك على الفرس، فإن هلك هلك،) وإن نجا فلك إن الحجاج ما يبالي، إن ظفرتم أكل البلاد وحاز المال، وإن ظفر عدوكم كنتم أنتم الأعداء البغضاء، اخلعوا عدو الله الحجاج وبايعوا عبد الرحمن بن محمد ابن الأشعث، فنادوا: فعلنا فعلنا، ثم أقبلوا كالسيل المنحدر، وانضم إلى ابن الأشعث جيش عظيم، فعجز عنهم الحجاج، واستصرخ بأمير المؤمنين، فجزع لذلك عبد الملك بن مروان، وجهز العساكر الشامية في الحال، كما سيأتي في سنة إحدى وثمانين إن شاء الله تعالى. والحمد لله وحده.

(5/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 344
1 (تراجم أهل هذه الطبقة)

4 (حرف الألف)

4 (إبراهيم بن الأشتر)
واسمه مالك بن الحارث النخعي الكوفي. كان أبوه من كبار أمراء علي. وكان إبراهيم من الأمراء المشهورين بالشجاعة والرأي، وله شرف وسيادة، وهو الذي قتل عبيد الله بن زياد يوم الخازر، ثم كان مع مصعب ابن الزبير، فكان من أكبر أمرائه، وقتل معه سنة اثنتين وسبعين.

(5/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 345
4 (الأحنف بن قيس)
ابن معاوية بن حصين، أبو بحر التميمي الذي يضرب به المثل في

(5/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 346
الحلم. من كبار التابعين وأشرافهم. اسمه الضحاك، ويقال: صخر، وغلب عليه الأحنف لاعوجاج رجليه. وكان سيداً مطاعاً في قومه. أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ووفد على عمر. وحدث عن: عمر، وعثمان، وعلي، وأبي ذر، والعباس، وابن مسعود. روى عنه: الحسن البصري، وعمرو بن جاوان، وعروة بن الزبير، وطلق بن حبيب، وعبد الله بن عميرة، ويزيد بن عبد الله بن الشخير، وخليد العصري. وكان من أمراء علي يوم صفين. قال ابن سعد: كان الأحنف ثقة مأموناً قليل الحديث، وكان صديقاً لمصعب بن الزبير، فوفد عليه إلى الكوفة، فتوفي عنده.) قال سليمان بن أبي شيخ: كان أحنف الرجلين جميعاً، ولم يكن له إلا بيضة واحدة.

(5/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 347
قال: وكان اسمه صخر بن قيس أحد بني سعد، وأمه امرأة من باهلة، فكانت ترقصه وتقول:
(والله لولا حنف برجله .......... وقلة أخافها من نسله)
ما كان في فتيانكم من مثله وقال المرزباني: قيل إن اسمه الحارث، وقيل: حصين. وقال أبو أحمد الحاكم: هو افتتح مرو الروذ، وكان الحسن، وابن سيرين في جيشه ذلك. و قال علي بن زيد، عن الحسن، عن الأحنف قال: بينا أنا أطوف في زمن عثمان إذ لقيني رجل من بني ليث، فقال: ألا أبشرك قلت: بلى. قال: أما تذكر إذ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومك بني سعد أدعوهم إلى الإسلام، فجعلت أخبرهم وأعرض عليهم، فقلت: إنه يدعو إلى خير، وما أسمع إلا حسناً، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم اغفر للأحنف. وكان الأحنف يقول: فما شيء أرجى عندي من ذلك. رواه أحمد في مسنده. والبخاري في تاريخه. وقال علي بن زيد، عن الحسن، عن الأحنف قال: قدمت على عمر فاحتبسني عنده حولاً، فقال: يا أحنف، إني قد بلوتك وخبرتك فرأيت علانيتك حسنة، وأنا أرجو أن تكون سريرتك مثل علانيتك، وإنا كنا نتحدث إنما يهلك هذه الأمة كل منافق عليم. وقال العلاء بن الفضل بن أبي سوية: ثنا العلاء بن حريز قال: حدثني

(5/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 348
عمر بن مصعب بن الزبير، عن عمه عروة، حدثني الأحنف بن قيس أنه قدم على عمر بفتح تستر، فقال: يا أمير المؤمنين، قد فتح الله عليك تستر، وهي من أرض البصرة، فقال رجل من المهاجرين: يا أمير المؤمنين، إن هذا، يعني الأحنف، الذي كف عنا بني مرة حين بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدقاتهم، وقد كانوا هموا بنا، قال الأحنف: فحبسني عمر عنده بالمدينة سنة، يأتيني في كل يوم وليلة، فلا يأتيه عني إلا مل يحب، فلما كان رأس السنة دعاني فقال: يا أحنف هل تدري لم حبستك قلت: لا. قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرنا كل منافق عليم، فخشيت أن تكون منهم، فاحمد الله يا أحنف. قلت: وكان الأحنف فصيحاً مفوهاً. قال أحمد العجلي: هو بصري ثقة، وكان سيد قومه، وكان أعور أحنف، دميماً فصيراً كوسجاً،) له بيضة واحدة، حبسه عمر عنده سنة يختبره، فقال عمر: هذا والله السيد. قلت: ذهبت عينه بسمرقند. ذكره الهيثم. وقال معمر، عن قتادة قال: خطب الأحنف عند عمر، فأعجبه منطقه، فقال: كنت أخشى أن تكون منفقاً عالماً، وأرجو أن تكون مؤمناً، فانحدر إلى مصرك.

(5/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 349
قلت: مصره هي البصرة. وعن الأحنف قال: ما كذبت منذ أسلمت إلا مرة، سألني عمر عن ثوب بكم أخذته فأسقطت ثلثي الثمن. وقال خليفة: توجه ابن عامر إلى خراسان وعلى مقدمته الأحنف. وقال ابن سيرين: كان الأحنف يحمل، يعني في قتال أهل خراسان، ويقول:
(إن على كل رئيس حقا .......... أن يخضب الصعدة أو يندقا)
قال: وسار الأحنف إلى مرو الروذ، ومنها إلى بلخ، فصالحوه على أربعمائة ألف، ثم أتى الأحنف خوارزم، فلم يطقها، فرجع. وقال ابن إسحاق: خرج ابن عامر من خراسان قد أحرم من نيسابور بعمرة، وخرج على خراسان الأحنف فجمع أهل خراسان جمعاً كبيراً، واجتمعوا بمرو، فقاتلهم الأحنف وهزمهم وقتلهم، وكان جمعاً لم يجتمع مثله قط. وقال أيوب السختياني، عن محمد قال: نبئت أن عمراً ذكر بني تميم فذمهم فقام الأحنف فقال: إنك ذكرت بني تميم فعممتهم بالذم، وإنما هم من الناس، فيهم الصالح والطالح، فقال: صدقت. فقام الحتات وكان يناوئه فقال: يا أمير المؤمنين ائذن لي فلأتكلم، قال: اجلس، فقد كفاكم سيدكم الأحنف.

(5/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 350
وقال علي بن زيد، عن الحسن قال: وكتب عمر إلى أبي موسى: ائذن للأحنف، وشاوره، واسمع منه. وقال الحسن البصري: ما رأيت شريف قوم كان أفضل من الأحنف. وقال خالد بن صفوان: كان الأحنف يفر من الشرف والشرف يتبعه. وقال والد حماد بن زيد: قيل للأحنف: إنك شيخ كبير، وإن الصيام يضعفك قال: إني أعده لسفر طويل.) وقال حماد بن زيد: حدثني زريق بن رديح، عن سلمة بن منصور، عن رجل قال: كان الأحنف عامة صلاته بالليل، وكان يضع إصبعه على السراج فيقول: حس. ثم يقول: يا أحنف ما حملك على أن صنعت كذا وكذا يوم كذا وكذا. غيره يقول: ابن ذريح. وقال أبو كعب صاحب الحرير: ثنا أبو الأصفر، أن الأحنف أصابته جنابة في ليلة باردة، فلم يوقظ غلمانه، وذهب يطلب الماء، فوجد ثلجاً فكسره واغتسل. وقال مروان الأصغر: سمعت الأحنف يقول: اللهم إن تغفر لي فأنت أهل لذلك. وإن تعذبني فأنا أهل لذلك. وقال جرير، عن مغيرة: قال الأحنف: ذهبت عيني من أربعين سنة، ما شكوتها إلى أحد.

(5/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 351
ويروى أنه وفد على معاوية فقال: أنت الشاهر علينا سيفك يوم صفين والمخذل عن عائشة أم المؤمنين فقال: لا تؤنبنا بما مضى منا، ولا ترد الأمور على أدبارها، فإن القلوب التي أبغضناك بها بين جوانحنا، والسيوف التي قاتلناك بها على عواتقنا، في كلام غيره، فقيل: إنه لما خرج قالت أخت معاوية: من هذا الذي يتهدد قال: هذا الذي إن غضب غضب لغضبه مائة ألف من تميم، لا يدرون فيم غضب. وقال ابن عون، عن الحسن قال: ذكروا عند معاوية شيئاً، والأحنف ساكت: فقال معاوية: يا أبا بحر، ما لك لا تتكلم: قال: أخشى الله إن كذبت وأخشاكم إن صدقت. وعن الأحنف قال: عجبت لمن يجري في مجرى البول مرتين، كيف يتكبر. وقال سليمان التيمي: قال الأحنف: ما أتيت باب هؤلاء إلا أن أدعى، ولا دخلت بين اثنين حتى يدخلاني بينهما، ولا ذكرت أحداً بعد أن يقوم من عندي إلا بخير. وعن الأحنف قال: ما نازعني أحد فكان فوقي إلا عرفت له قدره، ولا كان دوني إلا رفعت قدري عنه، ولا كان مثلي إلا تفضلت عليه. وقال ابن عون، عن الحسن، قال الأحنف: لست بحليم، ولكني أتحالم. وبلغنا أن رجلاً قال للأحنف: لئن قلت واحدة لتسمعن عشراً، فقال له: لكنك لئن قلت عشراً لم تسمع واحدة.

(5/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 352
وإن رجلاً قال له: بم سدت قومك؟ قال: بتركي من أمرك ما لا يعنيني كما عندك من أمري ما) لا يعنيك. وعنه قال: ما ينبغي للأمير أن يغضب، لأن الغضب في القدرة لقاح السيف والندامة. وقال الأصمعي: قال عبد الملك بن عمير: قدم علينا الأحنف الكوفة مع مصعب، فما رأيت خصلة تذم إلا رأيتها فيه، كان ضئيلاً، صغير الرأس، متراكب الأسنان، مائل الذقن، ناتيء الوجه، باخق العينين، خفيف العارضين، أحنف الرجل، فكان إذا تكلم جلا عن نفسه. باخق: منخسف العين. وقال ابن الأعرابي: الأحنف الذي يمشي على ظهر قدميه. وقال غيره: هو أن تقبل كل رجل على صاحبتها. وللأحنف أشياء مفيدة أورد الحافظ ابن عساكر جملة منها. وكان زياد بن أبيه كثير الرعاية للأحنف، فلما ولي بعده ابنه عبيد الله تغيرت حال الأحنف عند عبيد الله، وصار يقدم عليه من دونه، ثم إنه وفد على معاوية بأشراف أهل العراق، فقال لعبيد الله: أدخلهم على قدر مراتبهم، فكان في آخرهم الأحنف، فلما رآه معاوية أكرمه لمكان سيادته، وقال له: يا أبا بحر إلي، وأجلسه معه، وأقبل عليه، وأعرض عنهم، فأخذوا في شكر عبيد الله، وسكت الأحنف، فقال معاوية له: لم لا تتكلم قال: إن تكلمت خالفتهم، فقال: اشهدوا أني قد عزلت عبيد الله، فلما خرجوا كان فيهم من يروم الإمارة، ثم أتوا معاوية بعد ثلاث، وذكر كل واحد شخصاً، وتنازعوا، فقال معاوية: ما تقول يا أبا بحر قال: إن وليت أحداً من أهل بيتك لم تجد من يسد مسد عبيد الله، قال: قد أعدته، فلما خرجوا خلا

(5/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 353
معاوية بعبيد الله وقال: كيف ضيعت مثل هذا الذي عزلك وأعادك وهو ساكت؟ ! فلما عاد عبيد الله إلى العراق، جعل الأحنف خاصته وصاحب سره. وقال عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك، عن أبي شريح المعافري، عن عبد الرحمن بن عمارة بن عقبة قال: حضرت جنازة الأحنف بالكوفة، فكنت فيمن نزل قبره، فلما سويته رأيته قد فسح له مد بصري، فأخبرت بذلك أصحابي، فلم يروا ما رأيت. رواها ابن يونس في تاريخ مصر. توفي الأحنف سنة سبع وستين في قول يعقوب الفسوي. وقال غيره: توفي سنة إحدى وسبعين.) وقال غير واحد: توفي في إمرة مصعب على العراق. ولم يعينوا سنة، رحمه الله.
4 (أسماء بنت أبي بكر الصديق)
أم عبد الله ذات النطاقين، آخر المهاجرين والمهاجرات وفاة، وأمها

(5/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 354
قتيلة بنت عبد العزى العامرية. لها عدة أحاديث. روى عنها: عبد الله، وعروة ابنا الزبير، وابناهما عبادة، وعبد الله، ومولاها عبد الله، وابن عباس، وأبو واقد الليثي، وتوفيا قبلها، وفاطمة بنت المنذر بن الزبير، وعباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، وابن أبي مليكة، وأبو نوفل معاوية بن أبي عقرب، ووهب بن كيسان، والمطلب بن عبد الله، ومحمد بن المنذر، وصفية بنت شيبة. وشهدت اليرموك مع ابنها عبد الله وزوجها. وهي وابنها وأبوها وجدها صحابيون. روى شعبة، عن مسلم القري قال: دخلنا على أم ابن الزبير، فإذا هي امرأة ضخمة عمياء، نسألها عن متعة الحج، فقالت: قد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها. قال ابن أبي الزاد: كانت أكبر من عائشة بعشر سنين. قلت: فعمرها على هذا إحدى وتسعون سنة.

(5/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 355
وأما هشام بن عروة فقال: عاشت مائة سنة ولم يسقط لها سن. وقال ابن أبي مليكة: كانت أسماء تصدع فتضع يدها على رأسها فتقول: بذنبي وما يغفره الله أكثر. وقال هشام بن عروة: أخبرني أبي، عن أسماء قالت: تزوجني الزبير، وما له شيء غير فرسه، فكنت أعلفه وأسوسه، وأدق النوى لناضحه، وأعلفه، وأستقي، وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، فكان يخبز لي جارات من الأنصار، وكن نسوة صدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي، وهي على ثلثي فرسخ، فجئت يوماً والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جماعة، فدعاني فقال: إخ إخ. ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته، فمضى، فلما أتيت أخبرت الزبير، فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إلي) أبو بكر بعد ذلك بخادم، فكفتني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني. وقال إبراهيم بن المنذر: ثنا عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، عن هشام بن عروة قال: ضرب الزبير أسماء، فصاحت لعبد الله بن الزبير، فأقبل، فلما رآه قال: أمك طالق إن دخلت قال: أتجعل أمي عرضة ليمينك، فاقتحم عليه وخلصها، فبانت منه. وقال حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، إن الزبير طلق أسماء، فأخذ

(5/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 356
عروة وهو يومئذ صغير. وقال أسامة بن زيد، عن ابن المنكدر قال: كانت أسماء سخية النفس. وقال أبو معاوية: ثنا هشام، عن فاطمة بنت المنذر قالت: قالت أسماء: يا بناتي تصدقن ولا تنتظرن الفضل فإنكن إن انتظرتن الفضل لن تجدنه، وإن تصدقن لن تجدن فقده. وقال علي بن مسهر، عن هشام بن عروة، عن القاسم بن محمد قال: سمعت ابن الزبير يقول: ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة وأسماء، وجودهما يختلف، أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء، حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه، وأما أسماء فكانت لا تدخر شيء لغد. قال ميمون بن مهران: كانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط تحت الزبير، وكانت فيه شدة على النساء، وكانت له كارهة تسأل الطلاق، فطلقها واحدة، وقال: لا ترجع إلي أبداً. وقال أيوب، عن نافع، وسعد بن إبراهيم، إن عبد الرحمن بن عوف طلقها ثلاثاً، يعني لتماضر، فورثها عثمان منه بعد انقضاء العدة، ثم قال سعد: وكان أبو سلمة أمه تماضر بن الأصبغ. وروى عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن تماضر، حين طلقها الزبير بن العوام، وكان أقام عندها سبعاً، ثم لم ينشب أن طلقها.

(5/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 357
وقال مصعب بن سعد: فرض عمر ألفاً ألفاً للمهاجرات، منهن أم عبد، وأسماء. وقالت فاطمة بنت المنذر: إن جدتها أسماء كانت تمرض المرضة، فتعتق كل مملوك لها. وقال الواقدي: كان سعيد بن المسيب من أعبر الناس للرؤيا، أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر، وأخذت عن أبيها. وقال الواقدي: ثنا موسى بن يعقوب، عن إبراهيم بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن أبي ربيعة، عن أمه: إن أسماء كانت تقول وابن الزبير يقاتل الحجاج: لمن كانت الدولة اليوم فيقال لها:) للحجاج. فتقول: ربما أمر الباطل. فإذا قيل لها: كانت لعبد الله، تقول: اللهم انصر أهل طاعتك ومن غضب لك. وقال هشام بن عروة، عن أبيه قال: دخلت على أسماء أنا وعبد الله، قبل أن يقتل بعشر ليال، وإنها لوجعة، فقال لها عبد الله: كيف تجدينك قالت: وجعة، قال: إن في الموت لعافية. قالت: لعلك تشتهي موتي، فلا تفعل، وضحكت، وقالت: والله ما أشتهي أن أموت حتى يأتي علي أحد طرفيك، إما أن تقتل فأحتسبك، وإما أن تظفر فتقر عيني، وإياك أن تعرض علي خطة لا توافق، فتقبلها كراهية الموت. إسحاق الأزرق، عن عوف الأعرابي، عن أبي الصديق الناجي، أن الحجاج دخل على أسماء فقال: إن ابنك ألحد في هذا البيت، وإن الله أذاقه من عذاب أليم. قالت: كذب، كان براً بوالديه، صواماً قواماً، ولكن قد

(5/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 358
أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيخرج من تثقيف كذابان، الآخر منهما شر من الأول، وهو مبير. إسناده قوي. وقال ابن عيينة: ثنا أبو المحياه، عن أمه قالت: لما قتل الحجاج ابن الزبير دخل على أمه أسماء وقال ها: يا أمه، إن أمير المؤمنين أوصاني بك فهل لك من حاجة فقالت: لست لك بأم، ولكني أم المصلوب على رأس البنية، وما لي من حاجة، ولكن أحدثك: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج في ثقيف كذاب ومبير فأما الكذاب، فقد رأيناه تعني المختار بن أبي عبيد وأما المبير فأنت، فقال لها: مبير المنافقين. أبو المحياه هو يحيى بن يعلى التيمي. وقال يزيد بن هارون: أنبأ الأسود بن شيبان، عن أبي نوفل، عن أبي عقرب، أن الحجاج لما قتل ابن الزبير صلبه، وأرسل إلى أمه أن تأتيه، فأبت، فأرسل إليها لتأتين أو لأبعثن من يسحبك بقرونك، فأرسلت إليه: والله لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني. فلما رأى ذلك أتى إليها فقال: كيف رأيتني صنعت بعبد الله قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، وقد بلغني أنك كنت تعيره بابن ذات النطاقين، وذكرت الحديث، فانصرف ولم يراجعها. وقال حميد بن زنجويه: ثنا ابن أبي عباد، ثنا سفيان بن أبي عيينة، عن منصور بن عبد الرحمن، عن أمه قالت: قيل لابن عمر أن أسماء في ناحية المسجد، وذلك حين قتل ابن الزبير) وهو مصلوب، فمال إليها، فقال: إن هذه الجثث ليست بشيء، وإنما الأرواح عند الله، فاتقي الله، وعليك بالصبر. فقالت: وما يمنعني وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من

(5/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 359
بغايا بني إسرائيل. رواه حرملة بن يحيى، عن سفيان بن المبارك. أنا مصعب بن ثابت، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه قال: قدمت قتيلة بنت عبد العزى على بنتها أسماء بنت أبي بكر وكان أبو بكر طلقها في الجاهلية بهدايا، زبيب وسمن وقرظ، فأبت أن تقبل هديتها، وأرسلت إلى عائشة: سلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لتدخلها وتقبل هديتها. ونزلت لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين. الآية. شريك، عن الركين بن الربيع قال: دخلت على أسماء بنت أبي بكر وهي كبيرة عمياء، فوجدتها تصلي، وعندها إنسان يلقنها: قومي اقعدي افعلي. وقال ابن أبي مليكة: دخلت على أسماء، فقالت: بلغني أن هذا صلب ابن الزبير، اللهم لا تمتني حتى أوتى به أحنطه وأكفنه، فأتيت به بعد ذلك قبل موتها، فجعلت تحنطه بيدها وتكفنه بعد ما ذهب بصرها. قال ابن سعد: ماتت أسماء بعد وفاة ابنها بليال. ويروى عن ابن أبي مليكة قال: كفنته وصلت عليه، وما أتت عليه جمعة حتى ماتت.
4 (الأسود بن يزيد)
ابن قيس النخعي، الفقيه أبو عمرو، ويقال أبو عبد الرحمن، أخو

(5/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 360
عبد الرحمن، ووالد عبد الرحمن، وابن أخي علقمة بن قيس، وخال إبراهيم بن زيد النخعي. وكان أسن من علقمة. روى عن: معاذ بن جبل، وعبد الله بن مسعود، وبلال، وحذيفة، وأبي موسى الأشعري، وعائشة، وقرأ عليه القرآن: يحيى بن وثاب، وإبراهيم النخعي، وأبو إسحاق. وكان من العبادة والحج على أمر كبير. فروى شعبة، عن أبي إسحاق قال: حج الأسود ثمانين من بين حجة وعمرة. وقال ابن عون: سئل الشعبي، عن الأسود بن يزيد فقال: كان صواماً قواماً حجاجاً.

(5/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 361
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: ثنا عبد الله بن صندل، ثنا تفضيل بن عياض، عن ميمون،) عن منصور، عن إبراهيم قال: كان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين: وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليال. وقال يحيى بن سعيد القطان: ثنا يزيد بن عطاء، عن علقمة بن مرثد قال: كان الأسود يجتهد في العبادة، يصوم حتى يخضر ويصفر، فلما احتضر بكى، فقيل له: ما هذا الجزع فقال: ما لي لا أجزع، والله لو أتيت بالمغفرة من الله لأهمني الحياء منه مما قد صنعت، إن الرجل ليكون بينه وبين آخر الذنب الصغير، فيعفو عنه، فلا يزال مستحيياً منه. في وفاته أقوال، أحدها سنة خمس وسبعين.
4 (أسلم مولى عمر بن الخطاب)
العدوي أبو زيد، ويقال أبو خالد، من سبي عين التمر. وقيل: حبشي. وقيل: من سبي اليمن. وقد اشتراه عمر بمكة لما حج بالناس سنة

(5/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 362
إحدى عشر في خلافة الصديق. وقال الواقدي: سمعت أسامة بن زيد بن أسلم يقول: نحن قوم من الأشعريين، ولكنا لا ننكر منة عمر رضي الله عنه. سمع: أبا بكر، وعمر، وعثمان، ومعاذاً، وأبا عبيدة، وابن عمر، وابن عمر، وكعب الأحبار. روى عنه: ابنه زيد، والقاسم بن محمد، ومسلم بن جندب، ونافع ابن مولى عمر. قال الزهري، عن القاسم، عن أسلم قال: قدمنا الجابية مع عمر، فأتينا بالطلاء وهو مثل عقيد الرب. وقال الواقدي: حج عمر بالناس سنة إحدى عشرة، فابتاع فيها أسلم. وقال الواقدي أيضاً: ثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: اشتراني عمر سنة اثنتي عشرة، وهي السنة التي قدم فيها بالأشعث بن قيس أسراً، فأنا أنظر إليه في الحديد يكلم أبا بكر، وهو يقول له: فعلت وفعلت، حتى كان آخر ذلك أسمع الأشعث يقول: يا خليفة رسول الله استبقني لحربك، وزوجني أختك، فمن عليه أبو بكر وزوجه أخته أم فروة، فولدت له محمد بن الأشعث. وقال جويرية، عن نافع: حدثني أسلم مولى عمر الأسود الحبشي: والله ما أريد عيبه. وعن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: قال ابن عمر: يا أبا خالد، إني أرى

(5/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 363
أمير المؤمنين يلزمك لزوماً لا يلزمه أحداً من أصحابك، لا يخرج سفراً إلا وأنت معه، فأخبرني عنه، قال: لم يكن) أولى القوم بالظل، وكان يرحل رواحلنا ويرحل رحله وحده، ولقد فزعنا ذات ليلة وقد رحل رحالنا وهو يرحل رحله ويرتجز:
(لا يأخذ الليل عليك بالهم .......... والبسن له قميص واعتم)

(وكن شريك رافع وأسلم .......... واخدم الأقوام حتى تخدم)
رواه القعمدي، عن يعقوب بن حماد، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه. قال أبو عبيد: توفي أسلم سنة ثمانين.
4 (أميمة بنت رقيقة)
واسم أبيها عبد بن بجاد التيمي، وهي بنت أخت خديجة بنت خويلد لأمها. عدادها في صحابيات أهل المدينة. روى عنها: ابنتها حكيمة، وعبد الله بن عمرو، ومحمد بن المنكدر، وصرح ابن المنكدر بأنه سمع منها، وبأنها بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث في الموطأ.

(5/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 364
4 (أوس بن ضمعج الكوفي العابد.)
ثقة كبير مخضرم. روى عن: سلمان الفارسي، وأبي مسعود البدري الأنصاري، وعائشة. روى عنه: إسماعيل بن رجاء، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي، وإسماعيل بن أبي خالد. توفي سنة ثلاث أو أربع وسبعين.

(5/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 365
4 (حرف الباء)

4 (بجالة بن عبدة التميمي البصري.)
كاتب جزء بن معاوية، عم الأحنف بن قيس. روى عن: عبد الرحمن بن عوف، وابن عباس، وقال: جاءنا كتاب عمر رضي الله عنه. روى عنه: الزبير بن الخريت، ويعلى بن حكيم، وطالب بن السميدع. ووفد على يزيد بن معاوية.
4 (البراء بن عازب)
ابن الحارث أبو عمارة الأنصاري الحارثي المدني، نزيل الكوفة.

(5/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 366
صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه، وعن أبي بكر، وغيره.) روى عنه: أبو جحيفة السوائي، وعبد الله بن يزيد الخطمي، الصحابيان، وعدي بن ثابت، وسعد بن عبيدة، وأبو عمر زادان، وأبو إسحاق السبيعي، وآخرون. واستصغر يوم بدر، وشهد غير غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو إسحاق، عن البراء: استصغرني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر فردني،

(5/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 367
وغزوت معه خمس عشرة غزوة، وما قدم علينا المدينة حتى قرأت سوراً من المفصل. شعبة، وجماعة، عن أبي السفر، رأيت على البراء خاتم ذهب. وقال البراء: كنت أنا وابن عمر لدة. توفي سنة اثنتين وسبعين، وقيل: سنة إحدى وسبعين.
4 (بسر بن أبي أرطأة)
عمير بن عويمر بن عمران، ويقال: بسر بن أرطأة، أبو عبد الرحمن

(5/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 368
العامري القرشي، نزيل دمشق. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم حديثين، وهما اللهم أحسن عاقبتنا. وحديث: لا تقطع الأيدي في الغزو. روى عنه جنادة بن أبي أمية، وأيوب بن ميسرة، وأبو راشد الحبراني، وغيرهم. قال الواقدي: ولد قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين. وقال ابن يونس المصري: كان صحابياً شهد فتح مصر: وله بها دار وحمام، وكان من شيعة معاوية، وولي الحجاز واليمن له، ففعل أفعالاً قبيحة، وشوش في آخر أيامه. قلت: وكان أميراً سرياً شجاعاً بطلاً فاتكاً، ساق ابن عساكر أخباره في

(5/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 369
تاريخه، فمن أخبث أخباره التي ما عملها الحجاج، على أن الصحيح أن بسراً لا صحبة له. قال الواقدي، وأحمد بن حنبل، وابن معين: لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وبسر صغير. قال موسى بن عبيدة: ثنا زيد بن عبد الرحمن بن أبي سلامة، عن أبي الزيات، وآخر، سمعا أبا ذر يتعوذ من يوم العورة، قال زيد: فقتل عثمان، ثم أرسل معاوية بسر بن أرطأة إلى اليمن، فسبى نساء مسلمات، فأقمن في السوق. وقال ابن إسحاق: قتل بسر: عبد الرحمن، وقثم ولدي عبيد الله بن عباس باليمن.) وروى ابن سعد، عن الواقدي، عن داود بن جسرة، عن عطاء بن أبي مروان قال: بعث معاوية بسر بن أبي أرطأة إلى الحجاز واليمن يقتل من كان في طاعة علي، فأقام بالمدينة شهراً لا يقال له: هذا ممن أعان على قتل عثمان، إلا قتلة. وكان عبيد الله على اليمن، فمضى بسر إليها فقتل ولدي عبيد الله، وقتل عمرو بن أراكة الثقفي، وقتل من همدان أكثر من مائتين، وقتل من الأبناء طائفة. وذلك بعد قتل علي، وبقي إلى خلافة عبد الملك. ويروى عن الشعبي أن بسراً هدم بالمدينة دوراً كثيرة، وصعد المنبر وصاح: يا دينار، شيخ سمح عهدته ها هنا بالأمس، ما فعل يعني عثمان يا أهل المدينة لولا عهد أمير المؤمنين ما تركت بها محتلماً إلا قتلته، ثم مضى

(5/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 370
إلى اليمن فقتل بها ابني عبيد الله بن عباس، صبيين مليحين، فهامت أمهما بهما. قلت: وقالت فيهما أبيات سائرة، وبقيت تقف للناس مكشوفة الوجه، وتنشد في الموسم منها:
(ها من أحسن بابني الذين هما .......... كالدرتين تجلى عنهما الصدف)

4 (بشر بن مروان)
ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي. كان سمحاً جواداً ممدحاً. ولي إمرة العراقين لأخيه عبد الملك. وله دار بدمشق عند عقبة المتان، وجمع له أخوه إمرة العراقين. فعن الضحاك العتابي قال: خرج أيمن بن خريم إلى بشر بن مروان،

(5/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 371
فقدم فرأى الناس يدخلون عليه بلا استئذان، فقال: من يؤذن الأمير بنا قالوا: ليس عليه حجاب، فأنشأ يقول:
(يرى بارزاً للناس بشر كأنه .......... إذا لاح في أثوابه قمر بدر)

(بعيد مراة العين مارد طرفه .......... حذار الغواشي رجع باب ولا ستر)

(ولو شاء بشر أغلق الباب دونه .......... طماطم سود أو صقالبة حمر)

(ولكن بشراً يسر الباب للتي .......... يكون له في جنبها الحمد والشكر)
فقال: تحتجب الحرم، وأجزل صلته. وقال أبو مسهر: ثنا الحكم بن هشام قال: ولى عبد الملك أخاه بشراً على العراقين، فكتب إليه حين وصله الخبر: يا أمير المؤمنين إنك قد شغلت إحدى يدي، وهي اليسرى، وبقيت الأخرى فارغة. فكتب إليه بولاية الحجاز واليمن، فلما بلغه الكتاب حتى وقعت القرحة في يمينه، فقيل) له: نقطعها من مفصل الكف، فجزع، فما أمسى حتى بلغت المرفق، ثم أصبح وقد بلغت الكتف، وأمسى وقد خالطت الجوف، فكتب إليه: أما بعد، فإني كتبت إليك يا أمير المؤمنين، وأنا في أول يوم من أيام الآخرة، قال: فجزع عليه عبد الملك، وأمر الشعراء فرثوه. وقال علي بن زيد بن جدعان: قال الحسن: قدم علينا بشر بن مروان البصرة وهو أبيض بض، أخو خليفة، وابن خليفة، فأتيت داره، فلما نظر إلى الحاجب قال: من أنت قلت: الحسن البصري. قال: ادخل، وإياك أن تطيل الحديث ولا تمله، فدخلت فإذا هو على سرير عليه فرش قد كاد أن يغوص فيها، ورجل متكيء على سيفه قائم على رأسه، فسلمت، فقال: من أنت قلت: الحسن البصري. فأجلسني، ثم قال: ما تقول في زكاة أموالنا، ندفعها للسلطان أم إلى الفقراء قلت: أي ذلك فعلت أجزأ عنك، فتبسم، ثم رفع رأسه إلى الذي على رأسه، فقال: لشيء ما يسود من سود، ثم عدت إليه من العشي، وإذا هو قد اندحر من سريره إلى أسفل وهو يتململ، والأطباء حوله، ثم عدت من الغد والناعية

(5/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 372
تنعاه، والدواب قد جزوا نواصيها. ودفن في جانب الصحراء. ووقف الفرزدق على قبره ورثاه بأبيات، فما بقي أحد إلا بكى. قال خليفة: مات سنة خمس وسبعين، وهو أول أمير مات في البصرة. توفي وعمره نيف وأربعون سنة.

(5/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 373
4 (حرف االتاء)

4 (توبة بن الحمير)
صاحب ليلى الأخيلية، أحد المتيمين. وكان لا يرى ليلى إلا متبرقعة، وكان يشن الغارة على بني الحارث بن كعب، وكانت بين أرض بني عقيل وبين مهرة، فكمنوا له وقتلوه، فرثته ليلى الأخيلية بأبيات. ومن شعره قوله:
(فإن تمنعوا ليلى وحسن حديثها .......... فلن تمنعوا مني البكا والقوافيا)

(5/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 374
(فهلا منعتم إذ منعتم كلامها .......... خيالاً يمسينا على النأي هاديا)

(لعمري لقد أسهرتني يا حمامة ال .......... عقيق وقد أبكيت من كان باكيا)

(ذكرتك بالغور التهامي فأصعدت .......... شجون الهوى حتى بلغن التراقيا)
وله شعر سائر جيد.) ذكر ترجمته ابن الجوزي تقريباً في حدود سنة ست وسبعين.

(5/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 375
4 (حرف الثاء)

4 (ثابت بن الضحاك بن خليفة،)
أبو زيد الأنصاري الأشهلي. قال ابن سعد: توفي في فتنة ابن الزبير، وكان له ثمان سنين أو نحوها عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عنه أبو قلابة الجرمي في الحلف بملة سوى الإسلام.

(5/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 376
وفي البخاري: عن أبي قلابة، أن ثابت بن الضحاك أخبره أنه بايع تحت الشجرة. رواه البخاري بإسناد نازل. وهذا يدل على أن ابن سعد غلط في عمره كما ترى.

(5/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 377
4 (حرف الجيم)

4 (جابر بن عبد الله)
ابن عمرو بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري

(5/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 378
السلمي أبو عبد الله، ويقال أبو عبد الرحمن، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبنو سلمة بطن من الخزرج. روى الكثير عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن: أبي بكر، وعمر، ومعاذ، وأبي عبيدة، وخالد بن الوليد. وقد روى عن: أم كلثوم بنت الصديق، وهي تابعية. روى عنه: سعيد بن المسيب، ومجاهد، وعطاء، وأبو سلمة، وأبو جعفر، والحسن بن محمد بن الحنفية، وسالم بن أبي الجعد، والشعبي وزيد بن أسلم، وأبو الزبير، وعاصم بن عمر بن قتادة، وسعيد بن مينا، ومحارب بن دثار، وخلق سواهم. فعن جابر قال: كنت في الجيش الذين مع خالد بن الوليد الذين أمدهم أبو عبيدة وهو يحاصر دمشق. قال عروة، وموسى بن عقبة: جابر بن عبد الله شهد العقبة. وقال ابن سعد: شهد العقبة مع السبعين، وكان أصغرهم، وأراد شهود بدر، فخلفه أبوه على أخواته، وكن تسعاً وخلفه يوم أحد فاستشهد يومئذ، وكان أبوه عقبياً بدرياً من النقباء. وقال الثوري، عن جابر يعني الجعفي عن الشعبي، عن جابر قال: كنا مع رسول الله) صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، وأخرجني خالي وأنا لا أستطيع أن أرمي الحجر. وروي عن جابر قال: حملني خالي الجد بن قيس في السبعين الذين

(5/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 379
وفدوا على رسول الله من الأنصار، فخرج إلينا ومعه العباس. وذكر البخاري، عن عمرو، عن جابر أنه شهد العقبة. وفي مسند الحسن بن سفيان: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: كنت أمتح لأصحابي الماء يوم بدر. قال الواقدي: هذا وهم من أهل العراق. قلت: صدق، فإن زكريا بن إسحاق روى عن أبي الزبير، عن جابر قال: لم أشهد بدراً ولا أحداً، منعني أبي فلما قتل لم أتخلف عن غزوة. أخرجه البخاري. ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: شهدنا بيعة العقبة سبعون رجلاً، فوالينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعباس يمسك بيده. وقال عمرو بن دينار: سمعت جابراً يقول كنا يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم اليوم خير أهل الأرض. وقال أبو عبيدة الحداد عبد الواحد بن واصل: ثنا ليث بن كيسان، عن أبي الزبير، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي: هل تزوجت قلت: نعم. قال: بكر أو ثيب قلت: بل ثيب قال: فهلا بكراً تضاحكها وتضاحكك، قلت: يا نبي الله إنها وإنها، وإنما أردت لتقوم على أخواتي، قال: أصبت أرشدك الله. وبه عن جابر قال: استغفر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البعير خمساً وعشرين مرة. صححه الترمذي.

(5/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 380
قلت: بغير جابر له طرق كثيرة. وأخرج مسلم من حديث أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يصعد ثنية المرار فإنه يحط عنه ما حط عن بني إسرائيل، فكان أول من صعدها خيلنا خيل بني الخزرج، وتتابع الناس، فقال: كلكم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر، تعال يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والله لأن أجد ضالتي أحب إلي من أن يستغفر لي) صاحبكم. وقال ابن المنكدر: سمعت جابراً يقول: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدني لا أعقل، فتوضأ وصب علي من وضوئه، فعقلت. وقال هشام بن عروة: رأيت لجابر بن عبد الله حلقة في المسجد يؤخذ عنه. وقال ابن المنكدر: سمعت جابراً يقول: دخلت على الحجاج: فلما سلمت عليه. وقال زيد بن أسلم: إن جابراً كف بصره. وقال الواقدي، عن أبي بن عباس بن سهل، عن أبيه قال: كنا بمنى، فجعلنا نخب جابراً بما نرى من إظهار قطف الخز والوشي، يعني السلطان وما يصنعون، فقال: ليت سمعي قد ذهب كما ذهب بصري حتى لا أسمع من حديثهم شيئاً ولا أبصره.

(5/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 381
وروى الواقدي بإسناده أن جابراً دخل على عبد الملك لما حج، فرحب به، فكلمه في أهل المدينة أن يصل رحابهم، فلما خرج في أمر له بخمسة آلاف درهم، فقبلها. وقال محمد بن عباد المكي: ثنا حنظلة بن عمرو الأنصاري، عن أبي الحويرث قال: هلك جابر بن عبد الله، فحضرنا في بني سلمة، فلما خرج سريره من حجرته إذا حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب بين عمودي السرير، فأمر به الحجاج أن يخرج من بين العمودين، فيأبى عليهم فسأله بنو جابر إلا خرج فخرج، وجاء الحجاج حتى وقف بين العمودين حتى وضع، فصلى عليه، ثم جاء إلى القبر، فإذا حسن بن حسن قد نزل في القبر، فأمر به الحجاج أن يخرج فأبى، فسأله بنو جابر بالله، فخرج، فاقتحم الحجاج الحفر حتى فرغ منه. هذا حديث منكر، فإن جابراً توفي والحجاج على إمرة العراق. قال يحيى بن بكير، والواقدي، وغير واحد: توفي سنة ثمان وسبعين. وقال أبو نعيم: توفي سنة سبع وسبعين، وقيل: إنه عاش أربعاً وتسعين سنة.
4 (جبير بن نفير)
ابن مالك بن عامر، أبو عبد الرحمن الحضرمي الحمصي.

(5/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 382
أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن: أبي بكر، وعمر، وأبي ذر، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وأبي هريرة، وعائشة، وجماعة. وروى عنه: ابنه عبد الرحمن، وسليم بن عامر، وأبو الزاهرية حدير بن كريب، ومكحول،) وخالد بين معدان، وشرحبيل بن مسلم، وربيعة بن يزيد، وآخرون. قال سليم بن عامر، عن جبير بن نفير قال: استقبلت الإسلام من أوله، فلم أزل أرى في الناس صالحاً وطالحاً. وكان جبير من علماء أهل الشام. قال بقية. ثنا علي بن زبيد الخولاني، عن مرثد بن سمي، عن جبير بن نفير، أن يزيد بن معاوية كتب إلى أبيه أن جبير بن نفير قد نشر في مصري حديثاً، فقد تركوا القرآن، قال: فبعث إلى جبير، فجاء فقرأ عليه كتاب يزيد، فعرف بعضه وأنكر بعضه فقال معاوية: لأضربنك ضرباً أدعك لمن بعدك نكالاً، وقال: يا معاوية، لا تطغ في، أن الدنيا قد انكسر عمادها، وانخسفت أوتادها، وأحبها أصحابها، قال: فجاء أبو الدرداء فأخذ بيد جبير وقال: لئن كان تكلم به جبير لقد تكلم به أبو الدرداء، ولو شاء جبير أن يخبر أن ما سمعه مني لفعل.

(5/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 383
هذا حديث منكر، جبير لم يكن له ذكر في أيام أبي الدرداء، بل كان شاباً لم يؤخذ عنه بعد، وأخرى فيزيد كان صغيراً بمرة في أيام أبي الدرداء، ولعل بعضه قد جرى. وقد روى جبير أيضاً، عن أبي مسلم الخولاني، وأم الدرداء، ومالك بن يخامر. قال أبو عبيد، وأبو حسان الزيادي: توفي جبير بن نفير سنة خمس وسبعين. وقال ابن سعد، وخليفة، وعلي بن عبد الله التميمي: توفي سنة ثمانين.
4 (جنادة بن أبي أمية)
الأزدي الدوسي، واسم أبيه كبير، وله صحبة.

(5/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 384
روى جنادة عن: معاذ، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وعمر بن الخطاب، وبسر بن أرطأة. روى عنه: ابنه سليمان وبسر بن سعيد، ومجاهد، ورجاء بن حيوة، والصنابحي مع تقدمه، وأبو الخير مرثد اليزني، وعلي بن رباح، وقيس بن هانيء، وعبادة بن نسي، وآخرون. وولي البحر لمعاوية، وشهد فتح مصر، وقد أدرك الجاهلية. قال إبراهيم بن الجنيد، سمعت يحيى بن نعيم، وقيل له: جنادة بن أبي أمية الذي روى عنه مجاهد له صحبة قال: نعم، قلت: هو الذي يروي عن عبادة بن الصامت قال: هو هو. وعد ابن سعد، وأحمد بن عبد الله العجلي، وطائفة في تابعي أهل الشام، وهو الحق.) وله حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن صح فيكون مرسلاً. قال أبو سعيد بن يونس: توفي سنة ثمانين. قال المدائني: توفي سنة خمس وسبعين، وتابعه يحيى بن نعيم. وقال الهيثم بن عدي: توفي سنة سبع وسبعين. وقال علي بن عبد الله التميمي: توفي سنة ست وثمانين.
4 (جهيم العنزي)
روى عن: عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وعمار بن

(5/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 385
ياسر، وسعد. وعنه: أبو عون الثقفي، وحصين بن عبد الرحمن. ذكره ابن أبي حاتم. وقيل: اسمه جهم.

(5/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 386
4 (حرف الحاء)

4 (الحارث بن الأزمع العبدي، ويقال الوادعي.)
عن: عمر، وابن مسعود، وعمرو ابن العاص. وعنه الشعبي، وأبو إسحاق السبيعي. قال أبو حاتم.
4 (الحارث بن سعيد الكذاب)
الذي ادعى النبوة بالشام. دمشقي، يقال إنه مولى مروان بن الحكم. فروى الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن حسان قال: كان الحارث الكذاب دمشقياً، وكان مولى لأبي الجلاس، وكان له أب بالحولة. وكان متعبداً زاهداً لو لبس جبة من ذهب لرؤيت عليه زهادة، وكان إذا أخذ في التحميد لم يسمع السامعون إلى كلام أحسن من كلامه، فكتب إلى أبيه وهو بالحولة: يا أبتاه أعجل علي، فقد رأيت أشياء أتخوف أن يكون الشيطان قد

(5/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 387
عرض لي، قال: فزاده أبوه غياً فكتب إليه: أقبل على ما أمرت به إن الله يقول: في الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم ولست بأفاك ولا أثيم. وكان يجيء إلى أهل المسجد رجل فيذاكره أمره، ويأخذ عليهم العهد والميثاق إن رأى ما يرضى قبل، وإلا كتم عليه، وكان يريهم الأعاجيب، يأتي رخامة في المسجد فينقرها بيده) فتسبح، ويطعمهم فاكهة الصيف في الشتاء، ويقول: اخرجوا حتى أريكم الملائكة، فيخرجهم إلى دير مران فيريهم رجالاً على خيل. فتبعه بشر، كثير، وفشا الأمر في المسجد، وكثر أصحابه، فوصل الأمر إلى القاسم بن مخيمرة، قال: فعرض على القاسم وأخذ عليه العهد والميثاق، ثم قال: إني نبي. قال: كذبت يا عدو الله، ولا عهد لك عندي، قال: فقال له أبو إدريس الخولاني: بئس ما صنعت إذ لم تلن حتى تأخذه، الآن يفر، قال: وقام من مجلسه فدخل على عبد الملك بن مروان، فأعلمه بالأمر، وطلب فلم يقدروا عليه، وخرج عبد الملك فنزل الصنبرة واتهم عامة عسكره بالحارث أن يكونوا يروا رأيه. وأتى الحارث بيت المقدس مختفياً، وكان أصحابه يخرجون يلتمسون الرجال يدخلونهم عليه، وكان رجل من أهل البصرة قد أتى بيت المقدس، فأدخل عليه، فأخذ في التحميد، فسمع البصري كلاماً حسناً، ثم أخبره بأمره وأنه نبي، فقال: إن كلامك حسن، ولكن في هذا نظر، ثم خرج، ثم عاد إليه، فأعاد عليه كلامه، فقال: قد وقع في قلبي كلامك، وقد آمنت بك، هذا الدين المستقيم، فأمر أن لا يحجب، فأقبل البصري يتردد إليه ويعرف

(5/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 388
مداخله وحيله وأين يهرب، حتى اختص به، ثم قال: ائذن لي، قال: إلى أين قال: إلى البصرة أكون داعياً لك بها، فأذن له، فأسرع إلى عبد الملك وهو بالصنبرة، ثم صاح: النصيحة النصيحة، فأدخل وأخلي، فقال له: ما عندك قال: الحارث، فلما ذكر الحارث طرح نفسه من سريره وقال: أين هو قال: ببيت المقدس يا أمير المؤمنين، وقص شأنه، قال: أنت صاحبه، وأنت أمير بيت المقدس، وأمير ما ها هنا، فمرني بما شئت، قال: ابعث معي أقواماً لا يفقهون الكلام، فأمر أربعين رجلاً من أهل فرغانة، فقال: انطلقوا مع هذا فأطيعوه، فلما قدم أعطاه الكتاب فقال: مرني بما شئت، فقال: اجمع لي إن قدرت كل شمعة ببيت المقدس، وادفع كل شمعة إلى رجل، ورتبهم على أزقة البلد، فإذا قلت أسرجوا، فأسرجوا جميعاً، ففعل ذلك، وتقدم البصري وحده إلى منزل الحارث، فأتى الباب، فقال للحاجب: استأذن لي على نبي الله، فقال: في هذه الساعة ما نؤذن عليه حتى نصبح، قال: أعلمه أني إنما رجعت شوقاً إليه قبل أن أصل، فدخل فأعلمه كلامه وأمره، قال: ففتح الباب، ثم صاح البصري أسرجوا، فأسرجت الشموع حتى كأنه النهار، ثم قال: من مر بكم فاضبطوه، ودخل كما هو إلى الموضع الذي يعرفه، فنظر فإذا هو لا يجده، فطلبه فلم يجده، فقال أصحابه: هيهات، تريدون أن تقتلوا نبي الله، قد رفع إلى السماء، قال:) فطلبه في شق كان قد هيأه سرباً، قال: اربطوا، فربطوه، قال: فبينا هم يسيرون به إذ قال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم. الآية. فقال أهل فرغانة: هذا كرآننا فهات كرآنك، فسار به حتى أتى به عبد الملك، فأمر بخشبة فنصبت، وصلبه، وأمر رجلاً بحربة فطعنه، فأصاب ضلعاً من أضلاعه،

(5/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 389
فكفت الحربة، فجعل الناس يصيحون: الأنبياء لا يجوز فيهم السلاح. فلما رأى ذلك رجل من المسلمين تناول الحربة ومشى إليه فطعنه فأنقذه. قال الوليد بن مسلم: فبلغني أن خالد بن يزيد بن معاوية دخل على عبد الملك فقال: لو حضرت ما أمرتك بقتله، قال: ولم قال: كان به المذهب، فلو جوعته ذهب ذلك عنه. قال الوليد، عن المنذر بن نافع أنه سمع خالد بن اللجلاج يقول لغيلان: ويحك يا غيلان، ألم نأخذك في شبيبتك ترامي النساء في شهر رمضان بالتفاح، ثم صرت حارثياً تحجب امرأته، وتزعم أنها أم المؤمنين، ثم صرت قدرياً زنديقاً. وقال موسى بن عامر: ثنا الوليد بن مسلم، ثنا ابن جابر قال: دخل القاسم بن مخيمرة على أبي إدريس فقال: إن حارثاً لقيني فأخذ عهدي لأسمعن منه، فإن قبلته قبلته وإن سخطته كتمت علي. فزعم أن رسول الله، قلت: إنه أحد الدجالين الذين أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الساعة لا تقوم حتى يخرج ثلاثين دجالاً، كلهم يزعم أنه نبي، وهو أحدهم، فارفع شأنه إلى عبد الملك، فقال أبو إدريس: أسأت، لو أدنيته إلينا حتى نأخذه، قال: ورفع أمره إلى عبد الملك فطلبه وتغيب، فأخذه عبد الملك فصلبه، فحدثني من سمع عتبة الأعور يقول: سمعت العلاء بن زياد يقول: ما غبطت عبد الملك بشيء من ولايته إلا بقتله حارثاً. وقال ضمرة بن ربيعة: ثنا علي بن أبي حملة قال: لما ظهر الحارث أتاه مكحول، وعبد الله بن أبي زكريا، وجعلا له الأمان، وسألاه عن أمره، فأخبرهما، فكذبا وردا عليه، وقالا: لا أمان لك، ثم أتيا عبد الملك

(5/389)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 390
فأخبراه، قال: وهرب الحارث حتى أتى بيت المقدس، فبعث في طلبه حتى أتي به فقتله. وقال عبد الوهاب بن الضحاك العرضي: ثنا شيخ يكنى أبا الربيع، وقد أدرك ناساً من القدماء قال: لما أخذ الحارث ببيت المقدس حمل على البريد، وجعلت في عنقه جامعة من حديد، فأشرف على عقبة بيت المقدس، فتلا: قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما) يوحي إلي ربي قال: فتقلقلت الجامعة ثم سقطت من يده ورقبته إلى الأرض، فوثب إلي الحرس فأعادوها، فلما أشرف على عقبة أخرى قرأ آية أخرى، فسقطت من رقبته ويده، فأعادوها عليه، فلما تقدموا على عبد الملك حبسه، وأمر رجالاً كانوا معه في السجن من أهل الفقه والعلم أن يعظوه ويخوفوه بالله، ويعلموه أن هذا من الشيطان، فأبى أن يقبل منهم، فأمر به فصلب، وطعنه رجل بحربة، فانثت الحربة، فقال الناس: ما ينبغي لمثل هذا أن يقتل، ثم أتاه حرسي برمح فطعنه بين ضلعين من أضلاعه، ثم هزه فأنفذه، قال: وسمعت غير واحد ولا اثنين يقولون: إن الذي طعنه بالحربة فانثنت قال له عبد الملك: أذكرت الله حين طعنته قال: نسيت، أو قال: لا، قال: فاذكر الله ثم اطعنه، قال: فطعنه فأنفذها. قيل: كان ذلك سنة تسع وسبعين.
4 (الحارث بن سويد التيمي الكوفي.)

(5/390)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 391
روى عن: عمر، وعلي، وعبد الله بن مسعود، وغيرهم. وكان كبير القدر، رفيعاً، ثقة نبيلاً. روى عنه: إبراهيم التيمي، وعمارة بن عمير، وغيرهما. كنيته أبو عائشة.
4 (حبة بن جوين العرني الكوفي،)
أبو قدامة. روى عن: علي، وابن مسعود، وحذيفة. وعنه: مسلم الملائي، وسلمة بن كهيل، والحكم بن عتبة. وكان من شيعة علي، شهد معه النهروان.

(5/391)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 392
ضعفه يحيى بن معين. وقال النسائي: ليس بالقوي. قال ابن سعد: توفي سنة ست وسبعين. وهو ضعيف له أحاديث.
4 (حسان بن كريب الرعيني،)
أبو كريب مصري، شهد فتح مصر. وحدث عن: عمر، وعلي، وأبي ذر، وأبي مسعود البدري. وعنه: مرثد اليزني، وواهب بن عبد الله المعافري، وكعب بن علقمة، وعبد الله بن هبيرة) السبائي، وآخرون. روى يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد، عنه، عن علي قال: القائل الفاحشة والذي سمع في إثم سواء. قاله البخاري في تاريخه، عن أبي موسى الزمن، عن وهب بن جرير، عن أبيه، عن يحيى بن أيوب عن يزيد.
4 (حسان بن النعمان الغساني)
من أمراء عرب الشام، يقال إنه ابن النعمان بن المنذر. روى عن عمر.

(5/392)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 393
ولاه عبد الملك بن مروان غزو المغرب في سنة بضع وسبعين. روى عنه من المصريين أبو قبيل حي بن يؤمن. وكان غازياً مجاهداً، وكان له بدمشق دار. قال خليفة في سنة سبع وخمسين: وجهه معاوية إلى إفريقية، فصالحه من يليه من البربر، ووضع عليهم خراج. وفي سنة ثمان وسبعين قفل حسان من القيروان واستخلف سفيان بن ملك الثقفي وقد على عبد الملك، فرده على إفريقية، وزاده أطرابلس. وفي سنة ثمانين غزا حسان بأهل الشام البحر. وقيل في سنة أربع وسبعين أغذى عبد الملك حسان بن النعمان المغرب، فبلغ القيروان، فبعثت الكاهنة ابنها، فطلب حسان، فهزمه وحصره حتى أكلوا الدواب، ثم حمل حسان والمسلمون فأفرجوا لهم، ونزل العسكر بقصور حسان. وكتب حسان إلى عبد العزيز بن مروان يستمده، فأمده بجيش عظيم، فسار إلى الكاهن، وجرت بينهم حروب. ثم قتلت الكاهنة وابنها. وافتتح حسان عدة حصون، وصالح أهل إفريقية والبربر، وافتتح فاس ومصر القيروان. قال أبو سعيد بن يونس: توفي حسان بأرض الروم سنة ثمانين.
4 (حارثة بن مضرب العبدي الكوفي.)

(5/393)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 394
عن: علي، وعمار، وابن مسعود، وسلمان. وعنه: أبو إسحاق السبيعي.) قال أحمد بن حنبل: حسن الحديث.
4 (حارثة بن وهب الخزاعي،)
أخو عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمه، وأمهما أم كلثوم بنت جرول الخزاعية. له صحبة ورواية، نزل الكوفة. وروى أيضاً عن حفصة عمة أخيه. وعنه: معبد بن خالد، وأبو إسحاق، والمسيب بن رافع.
4 (حطان بن عبد الله الرقاشي)
البصري. ثقة مشهور.

(5/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 395
روى عن: علي بن أبي طالب، وأبي موسى، وأبي الدرداء، وعبادة. وعنه: أبو مجلز لاحق، ويونس بن جبير، والحسن البصري، وغيرهم. وقد قرأ القرآن على أبي موسى. قرأ عليه: الحسن. وثقه ابن المديني.
4 (حمران بن أبان)
من سبي عين التمر. كان للمسيب بن نجبة، فابتاعه منه عثمان رضي الله عنه وأعتقه. سكن البصرة، وحدث عن: عثمان، وابن عمر، ومعاوية.

(5/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 396
روى عنه: عروة، وأبو سلمة، وجامع بن راشد، والحسن البصري، ونافع مولى ابن عمر، ومحمد بن المنكدر، وزيد بن أسلم، وبكر بن عبد الله بن الأشج، وبيان بن بشر، وآخرون. وكانت له بدمشق دار. وعن قتادة قال: كان عثمان يصلي بالناس، فإذا أخطأ فتح عليه حمران. وقال الأصمعي: قال أبو عاصم: حدثني رجل من ولد عبد الله بن عامر قال: حدثني أبي، أن حمران بن أبان مد رجله، فابتدره معاوية وعبد الله بن عامر لكي يغمزانه، وكان الحجاج قد أغرم حمران مائة ألف، فبلغ ذلك عبد الملك بن مروان، فكتب إليه: إن حمران أخو من مضى وعم من بقي، فاردد عليه ما أخذت منه، فدعا بحمران، فقال: كم أغرمناك قال: مائة ألف،) فبعث بها إليه مع غلمان، فقال: هي لك مع الغلمان. وقسمها حمران بين أصحابه، وأعتق الغلمان. وإنما أغرمه الحجاج لأنه كان ولي بعض نيسابور. وعن الزهري قال: كان عثمان يأذن عليه مولاه حمران. وقال يحيى بن بكير: ثنا الليث أن عثمان اشتكى شكاة، فخاف فأوصى، واستخلف عبد الرحمن بن عوف، وكان عبد الرحمن في الحج، وكان الذي ولي كتابه حمران، فاستكتمه وعوفي، فقدم عبد الرحمن، فلقيه حمران فأخبره، فقال: أيش فعلت لا بد أن أخبره، قال: إذاً والله يهلكني. فقال: والله ما يسعني فأترك ذلك لئلا يأمنك على مثلها، ولكن لا أفعل حتى أستأمنه لك فأخبره، فدعا به عثمان فقال: إن شئت جلدتك مائة، وإن شئت

(5/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 397
فاخرج عني، فاختار الخروج، فخرج إلى الكوفة. وقال خليفة. مات بعد سنة خمس وسبعين.
4 (حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق)
عبد الله بن أبي قحافة التيمي. روت عن: أبيها، وعمتها عائشة، وأم سلمة. روى عنها: عراك بن مالك، ويوسف بن ماهك، وعبد الرحمن بن سابط.
4 (حنظلة أبو خلدة بصري قديم.)
روى عن: عمر، وعلي، وابن مسعود، وعمار. وعنه: سوادة بن أبي الأسود، وجويرية بن بشير، وأبو ثمامة محمد بن مسلم. ذكره ابن أبي حاتم، وغيره.
4 (حيان بن حصين)
أبو الهياج الأسدي والد منصور.

(5/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 398
سمع: علياً، وعماراً. وعنه: أبو وائل، وعامر الشعبي، وابنه جرير.

(5/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 399
4 (حرف الخاء)

4 (خرشة بن الحر الكوفي.)
) كان يتيماً في حجر عمر، وأخته سلامة لها صحبة. يروي عن: عمر، وأبي ذر، وعبد الله بن سلام. وعنه: ربعي بن خراش، وأبو زرعة بن عمرو بن جرير، والمسيب بن رافع، وسليمان بن مسهر، وآخرون. توفي سنة أربع وسبعين.

(5/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 400
4 (حرف الراء)

4 (رافع بن خديج)
ابن رافع بن عدي بن يزيد الأنصاري الخزرجي.

(5/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 401
شهد أحدا والخندق، واستصغر يوم بدر. ويقال: أصابه سهم يوم أحد فنزعه وبقي النصل إلى أن مات. وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أشهد لك يوم القيامة. وشهد رافع صفين مع علي، وله عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث. روى عنه: بشير بن يسار، وحنظلة بن قيس الزرقي، والسائب بن يزيد، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، ونافع، وابنه رفاعة بن رافع، وحفيده عباية بن رفاعة، وآخرون. شعبة: عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك: رأيت ابن عمر أخذ بعمودي جنازة رافع بن خديج، فجعله على منكبيه يمشي بين يدي السرير، حتى انتهى إلى القبر، وقال: إن الميت يعذب ببكاء الحي. توفي في أول سنة أربع وسبعين، وصلى عليه ابن عمر، وعاش ستاً وثمانين سنة، رحمه الله تعالى. وكان يتعانى المزارع ويفلحها. قال خالد بن يزيد الهدادي وهو ثقة: ثنا بشر بن حرب قال: كنت في جنازة رافع بن خديج ونسوة يبكين ويولولن على رافع، فقال ابن عمر: إن رافعاً شيخ كبير لا طاقة له بعذاب الله، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الميت يعذب ببكاء أهله عليه.

(5/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 402
4 (الربيع بنت معوذ بن عفراء الأنصارية)
النجارية.) لها صحبة، دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة بنى بها. روت عدة أحاديث، وطال عمرها. روى عنها: خالد بن ذكوان، وعبادة بن الوليد بن عبادة بن االصامت، وسليمان بن يسار، وأبو سلمة، ونافع، وعمرو بن شعيب، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وآخرون.
4 (ربيعة بن عبد الله بن الهدير القرشي)
التيمي عم محمد بن المنكدر. روى عن: عمر، وطلحة بن عبيد الله. روى عنه: ابن المنكدر، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وربيعة الرأي، وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث وسبعين أو بعدها.

(5/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 403
4 (حرف الزاي)

4 (زفر بن الحارث بن عبد عمرو بن معاز)
، أبو الهذيل الكلابي. من أمراء العرب. سمع: عائشة، ومعاوية. روى عنه: ثابت بن الحجاج، وغيره. سكن البصرة، ثم الشام، وكان أميراً على أهل قنسرين يوم صفين، وشهد يوم راهط مع الضحاك بن قيس، وهرب فتحصن بقرقيسياء. وله شعر. توفي في خلافة عبد الملك.

(5/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 404
4 (زهير بن قيس البلوي المصري.)
شهد فتح مصر وسكنها ويقال له صحبة. قتلته الروم ببرقة، وذلك أن الصريح أتاهم بمصر أن الروم نزلوا على برقة، فأمره عبد العزيز بن مروان بالنهوض، وكان واجداً عليه لأنه قاتله بناحية أيلة، إذ دخل مروان مصر، وسير ابنه عبد العزيز إلى مصر على طريق أيلة، فخرج زهير على البريد مغاضباً في أربعين رجلاً، فلقي الروم فأراد أن يكف حتى يلحقه الناس، فقال فتى معه: جبنت أبا شداد: فقال: قتلتنا فقتلت نفسك، ثم لاقى العدو، فقتل هو وأصحابه، وذلك في سنة ست وسبعين.) له حديث تفرد به عنه سويد بن قيس، مجهول.
4 (زياد بن حدير أبو المغيرة الأسدي الكوفي.)
سمع: علياً، وعمر. وعنه: الشعبي، وإبراهيم بن مهاجر، وحفص بن حميد. قال أبو حاتم: ثقة. وقال حفص بن حميد: يكنى أبا عبد الرحمن.

(5/404)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 405
4 (زيد بن خالد الجهني)
أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو طلحة. صحابي مشهور، نزل الكوفة بعد المدينة. وحدث عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عثمان، وأبي طلحة الأنصاري. روى عنه: ابنه خالد، وبسر بن سعيد، وعطاء بن يسار، وأبو سلمة، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن يسار، وجماعة. توفي بالكوفة فيما قيل ولم أر للكوفيين عنه رواية. وتوفي سنة ثمان وسبعين.
4 (زينب بنت أبي سلمة)
عبد الله بن عبد الأسد بن هلال المخزومية، ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم،

(5/405)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 406
وأخت عمر، ولدتهما أم سلمة بالحبشة. روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أمهات المؤمنين الأربعة: أمها، وزينب بنت جحش، وعائشة، وأم حبيبة. روى عنها: حميد بن نافع، وعراك بن مالك، وعروة، وعلي بن الحسين، والقاسم بن محمد، وعبيد الله بن عبد الله، وأبو قلابة الجرمي، وكليب بن وائل، وعمرو بن شعيب، ومحمد بن عمرو بن عطاء، وابنها أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة، وآخرون. روى عبد الله بن لهيعة، عن عمرو بن شعيب قال: حدثتني زينب بنت أبي سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند أم سلمة، فجعل الحسن في شق، والحسين في شق، وفاطمة في حجره فقال: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد وأنا وأم سلمة جالستان، فبكت أم سلمة، فقال: ما يبكيك قالت: خصصتهم وتركتني وبنتي، قال: أنت وابنتك من أهل) البيت. هذا حديث جيد السند. توفيت قريباً من سنة أربع وسبعين.

(5/406)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 407
4 (حرف السين)

4 (سراقة بن مرداس الأزدي البارقي)
، شاعر مشهور. هرب من المختار ابن أبي عبيد إلى دمشق، وكان قد هجاه. وكان مع بشر بن مروان بالعراق. وكانت بينه وبين جرير مهاجاة.

(5/407)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 408
وذكرنا له بيتين في المختار.
4 (سعد بن مالك هو أبو سعيد. يأتي بكنيته.)

4 (سعيد بن وهب الهمداني الخيواني الكوفي.)
قال ابن سعد في الطبقات: سمع سعيد بن وهب من معاذ بن جبل باليمن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لزوماً لعلي، كان يقال له القراد للزومه إياه. أنبأ أبو نعيم: ثنا يونس بن أبي إسحاق قال: رأيت سعيد بن وهب، وقد كان عريف قومه. وقال يونس: ورأيته مخضوباً بالصفرة. قال ابن سعد: توفي سنة ست وثمانين. كذا قال. وروى عن: سلمان الفارسي، وخباب بن الأرت. وعنه: ابنه عبد الرحمن، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهما. وثقه يحيى بن معين. وتوفي سنة ست وسبعين.

(5/408)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 409
4 (سلمة بن أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي،)
ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابن أم سلمة، له رؤية ولا يحفظ له رواية. قال ابن سعد: زوج النبي صلى الله عليه وسلم سلمة بن أبي سلمة أمامة بنت حمزة بن المطلب، وقال: هل جزيت سلمة يقول ذلك لأن سلمة هو ابن زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد جزاه بما صنع.) ثم قال: توفي سلمة بالمدينة في خلافة عبد الملك بن مروان.
4 (سليم بن عتر)
أبو سلمة التجيبي المصري، قاضي مصر وقاصها ومذكرها، وكان يسمى الناسك لشدة عبادته. حضر خطبة عمر بالجابية. وحدث عن: عمر، وعلي، وأبي الدرداء، وأم المؤمنين حفصة. روى عنه: علي بن رباح، وأبو قبيل، ومشرح بن عاهان، وعقبة بن مسلم، والحسن بن ثوبان، وابن عمه الهيثم بن خالد. قال الدارقطني: وكان سليم بن عتر يقص وهو قائم، وكان رجلاً صالحاً قال وروي أنه كان يختم كل ليلة ثلاث ختمات، ويأتي امرأته

(5/409)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 410
ويغتسل ثلاث مرات، وأن امرأته قالت بعد موته: رحمك الله، لقد كنت ترضي ربك وترضي أهلك. وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة قال: اختصم إلى سليم بن عتر في ميراث، فقضى بين الورثة، ثم تناكروا فعادوا إليه، فقضى بينهم، وكتب كتاباً بقضائه، وأشهد فيه شيوخ الجند، فكان أول من سجل لقضائه. وقال ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، أن سليم بن عتر كان يقرأ القرآن كل ليلة ثلاث مرات. وقال ضمام بن إسماعيل، عن الحسن بن ثوبان، عن سليم بن عتر قال: لما قفلت من البحر تعبدت في غار بالإسكندرية سبعة أيام، ما أكلت ولا شربت ولولا أني خشيت أن أضعف لزدت. وقال ابن بكير: ثنا ابن لهيعة، حدثني أبو قبيل قال: لما استخلف يزيد كره عبد الله بن عمرو بيعته، وكان مسلمة بن مخلد بالإسكندرية، فبعث إليه مسلمة كريب بن أبرهة، وعابس بن سعيد، ومعهما سليم بن عتر، وهو يومئذ قاص أهل الشام وقاضيهم، فوعظوا عبد الله في بيعة يزيد، فقال: والله لأنا أعلم بأمر يزيد منكم، وأنا لأول الناس أخبر به معاوية أنه سيستخلف، ولكني أردت أن يلي هو بيعتي. وقال الكريب أتدري ما مثلك يا كريب كقصر في صحراء غشيه الناس، قد أصابهم الحر، فدخلوا يستظلون فيه، فإذا هو ملآن من مجالس الناس وإن صوتك في العرب كريب بن أبرهة، وليس عندك شيء. وأما أنت يا عابس، فبعت آخرتك) بدنياك. وأما أنت يا سليم كنت قاصاً، فكان معك ملكان يعينانك ويذكرانك، ثم صرت قاضياً ومعك شيطانان يزيغانك ويفتنانك. قال ابن يونس: توفي بدمياط سنة خمس وسبعين.

(5/410)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 411
وثقه أحمد العجلي.
4 (سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم)
أبو عبد الرحمن، كان عبداً لأم سلمة فأعتقته، وشرطت عليه أن يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ما عاش. له صحبة ورواية. روى عنه: ابناه عبد الرحمن، وعمر، وسعيد بن جمهان، والحسن البصري، ومحمد بن المنكدر، وسالم بن عبد الله، وصالح أبو الخليل، وأبو ريحانة عبد الله بن مطر، وقتادة وغيرهم. واسمه مهران، وقيل: رومان، وقيل: قيس، وقيل غير ذلك.

(5/411)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 412
وقد حمل مرة متاع القوم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم له: ما أنت إلى سفينة، فلزمه. وروى أسامة بن زيد، عن ابن المنكدر، عنه أنه ركب البحر، فانكسر بهم المركب، فألقاه البحر إلى الساحل، فلقي الأسد فقال له: أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدله الأسد على الطريق، وذكر الحديث.
4 (سلمة بن الأكوع)
هو سلمة بن عمرو بن سنان بن عبد الله بن قشير الأسلمي المدني،

(5/412)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 413
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحد من بايع تحت الشجرة. والأكوع لقب سنان. روى عنه: ابنه إياس، ومولاه يزيد بن أبي عبيد، ويزيد بن خصيفة، وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والحسن بن محمد بن الحنفية. كنيته: أبو مسلم، ويقال: أبو عامر، ويقال: أبو إياس. قال يزيد بن أبي عبيد: رأيت أبا سلمة يصفر لحيته. وقال عرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة، عن أبيه قال: كان شعارنا ليلة بيتنا هوازن مع أبي بكر، أمره علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمت أمت، وقتلت بيدي ليلتئذ سبعة أهل) أبيات. وقال عطاف بن خالد، عن عبد الرحمن بن رزين: أتينا سلمة بن الأكوع بالربذة، فأخرج إلينا يداً ضخمة كأنها خف البعير، فقال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: بيدي هذه، فأخذنا يده فقبلناها. وقال الحميدي: ثنا علي بن يزيد الأسلمي: ثنا إياس بن سلمة، عن أبيه قال: أردفي رسول الله صلى الله عليه وسلم مراراً، ومسح على وجهي، مراراً، واستغفر لي مراراً، عدد ما في يدي من الأصابع.

(5/413)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 414
وقال حماد بن مسعدة: ثنا يزيد، عن سلمة أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في البدو، فأذن له. وقال حماد بن مسعدة، عن يزيد بن أبي عبيدة قال: لما ظهر نجدة وجبا الصدقات قيل لسلمة ألا تباعد منهم فقال: والله لا أتباعد ولا أبايعه، قال: ودفع صدقته إليهم، قال: وأجاز الحجاج سلمة بجائزة فقبلها. ابن عجلان، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع قال: رأيت سلمة تبن الأكوع يحفي شاربه أخي الحلق. وقال ابن سعد: ثنا عمر بن محمد، ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن زياد بن مينا قال: كان ابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد، وأبو هريرة، وجابر، ورافع بن خديج، وسلمة بن الأكوع، وأبو واقد الليثي، وعبد الله بن بحينة، مع أشباه لهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتون بالمدينة، ويحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من لدن توفي عثمان، إلى أن توفوا. وقال سلمة: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات. وقال إياس بن سلمة، ما كذب أبي قط، رضي الله عنه. وفي البخاري، من حديث يزيد بن أبي عبيد قال: لما قتل عثمان خرج سلمة بن الأكوع إلى الربذة وتزوج هناك، وجاءه أولاد، فلم يزل بها إلى قبل أن يموت بليال، فنزل المدينة.

(5/414)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 415
قال الواقدي، وجماعة: توفي سنة أربع وسبعين. وأوردنا من أخباره في المغازي.)
4 (سويد بن منجوف بن ثور)
بن عفير السدوسي البصري. رأى علياً وسمع أبا هريرة، ووفد على معاوية. وهو والد علي بن سويد. روى عنه المسيب بن رافع. قال خليفة: توفي سنة اثنتين وسبعين.

(5/415)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 416
4 (حرف الشين)

4 (شبث بن ربعي بن حصين التميمي اليربوعي،)
أحد الأشراف، كان ممن خرج على علي، ثم أناب ورجع. قال حفص بن غياث: سمعت الأعمش يقول: شهدت جنازة شبث، فأقاموا العبيد على حدة، والجواري على حدة، والخيل على حدة، والجمال

(5/416)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 417
على حدة، وذكر الأصناف، ورأيتهم ينوحون عليه يلتدمون، ذكره ابن سعد. وقد روى عن: علي، وحذيفة. وعنه محمد بمن كعب القرظي، وسليمان التيمي. له حديث واحد في سنن.
4 (شبيب بن يزيد)
ابن نعيم بن قيس بن عمرو بن الصلت الشيباني الخارجي، خرج بالموصل، فبعث إليه الحجاج خمسة قواد، فقتلهم واحد بعد واحد. ثم سار إلى الكوفة وقاتل الحجاج وحاصره، كما ذكرنا. وكانت امرأته غزالة من الشجاعة والفروسية بالوضع العظيم مثله، هرب الحجاج منها ومنه، فعيره بعض الناس بقوله:
(أسد علي وفي الحروب نعامة .......... فتخاء تنفر من صفير الصافر)

(هلا برزت إلى غزالة في الوغى .......... بل كان قلبك في جناحي طائر)

(5/417)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 418
وكانت أمه جهيزة تشهد الحروب. وقال بعضهم: رأيت شبيباً وقد دخل المسجد وعليه جبة طيالسة، عليها نقط من أثر المطر، وهو طويل، أسمط، جعد، آدم، فبقي المسجد يرتج له.) ولد سنة ست وعشرين، وغرق بدجيل سنة سبع وسبعين. ويقال: إنه أحضر إلى عبد الملك بن مروان رجل وهو عتبان الحروري، فقال له عبد الملك ألست القائل:
(فإن يك منكم كان مروان وابنه .......... وعمرو ومنكم هاشم وحبيب)

(فمنا حصين والبطين وقعنب .......... ومنا أمير المؤمنين شبيب)
فقال: يا أمير المؤمنين، إنما قلت ومنا أمير المؤمنين، ونصبه على النداء، فاستحسن قوله وأطلقه. وجهيزة هي التي يضرب بها المثل في الحمق، لأنها لما حملت قالت: في بطني شيء ينقز، فقيل: أحمق من جهيزة. ويروى عنها ما يدل على عدم الحمق، فإن عمر بن شبة قال: حدثني خلاد بن يزيد الأرقط قال: كان شبيب ينعى لأمه، فيقال لها: قتل، فلا تقبل،

(5/418)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 419
فلما قيل لها: إنه غرق، قبلت، وقالت: إني رأيت حين ولدته أنه خرج مني شهاب نار، فعلمت أنه لا يطفئه إلا الماء.
4 (شريح بن الحارث)
ابن قيس بن الجهم بن معاوية بن عامر القاضي: أبو أمية الكندي

(5/419)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 420
الكوفي قاضيها. ويقال: شريح بن شراحيل، ويقال: ابن شرحبيل، ويقال: إنه من أولاد الفرس الذي كانوا باليمن. وقد أدرك الجاهلية، ووفد من اليمن بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وولي قضاء الكوفة لعمر. وروى عنه: وعن: علي، وعبد الرحمن بن أبي بكر. روى عنه: الشعبي، وإبراهيم النخعي، ومحمد بن سيرين، وقيس بن أبي حازم، ومرة الطيب، وتميم بن سلمة. وهو مع فضله وجلالته قليل الحديث. وثقه يحيى بن معين. وعن ابن سيرين قال: سئل شريح: ممن أنت قال: ممن أنعم الله عليه بالإسلام، وعدادي في كندة. وقال: كان شريج شاعراً، راجزاً، قائفاً، وكان كوسجاً. وقال الشعبي: كان شريح أعلمهم بالقضاء، وكان عبيدة يوازيه في علم القضاء، وأما علقمة فانتهى إلى قول عبد الله لم يجاوزه، وأما

(5/420)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 421
مسروق، فأخذ من كل، وأما الربيع بن خثيم فأقل) القوم علماً وأشدهم ورعاً. وقال أبو وائل: كان شريح يقل غشيان عبد الله للاستغناء. وقال زكريا بن أبي زائدة: ثنا عاصم، عن عامر الشعبي أن عمر بعث ابن سور على قضاء البصرة، وبعث شريحاً على قضاء الكوفة. وقال مجالد، عن الشعبي أن عمر رزق شريحاً مائة درهم على القضاء. وقال هشيم: ثنا سيار، عن الشعبي قال: لما بعث شريحاً على القضاء قال: أنظر مل تبين لك في كتاب الله، فلا تسأل عنه أحداً، وما لم يتبين لك في كتاب الله فاتبع فيه السنة، وما لم يتبين لك في السنة فاجتهد فيه رأيك. وقال ابن عيينة، عن أبي إسحاق الشيباني، عن الشعبي قال: كتب عمر إلى شريح إذا أتاك أمر في كتب الله فاقض به، فإن لم يكن في كتاب الله في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض به، فإن لم يكن في كتاب الله ولا في سنة رسول الله فاقض بما قضى به أئمة الهدى، فإن لم يكن في كتاب الله ولا في سنة رسوله، ولا فيما قضى به أئمة الهدى فأنت الخيار، إن شئت

(5/421)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 422
تجتهد رأيك، وإن شئت تؤآمرني، ولا أرى مؤآمرتك إياي إلا أسلم لك. وقال الثوري، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم: أن علياً جمع الناس في الرحبة وقال: إني مفارقكم، فاجتمع في الرحبة رجال أيما رجال، فجعلوا يسألونه حتى نفد ما عندهم، ولم يبق إلا شريح، فجثا على ركبتيه وجعل يسأله، فقال له علي: اذهب، فأنت أقضى العرب. وقال حجاج بن أبي عثمان، عن ابن سيرين، عن شريح أنه كان إذا قيل له: كيف أصبحت قال: أصبحت وشطر الناس علي غضاب. وقال مجاهد: اختصم إلى شريح في ولد هرة، فقالت امرأة: هو ولد هرتي، وقالت الأخرى: هو ولد هرتي. فقال شريح: ألقها مع هذه فإن هي قرت ودرت واسبطرت فهي لها، وإن هي هرت وفرت واقشعرت وفي لفظ: وازبأرت فليس لها. اسبطرت: امتدت للإرضاع. وتزبئر: تنتفش. وقال ابن عون، عن إبراهيم أن رجلاً أقر عند شريح بشيء ثم ذهب ينكر فقال: قد شهد عليك ابن أخت خالتك.) وقال جويرية، عن مغيرة قال: شريح يدخل يوم الجمعة بيتاً يخلو فيه، لا يدري الناس ما يصنع فيه.

(5/422)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 423
وقال أبو المليح الرقي، عن ميمون بن مهران قال: لبث شريح في فتنة ابن الزبير تسع سنين لا يخبر، فقيل له: قد سلمت قال: فكيف بالهوى. وقال أبو عوانة، عن الأعمش قال: كان شريح يقرأ بل عجبت ويسخرون ويقول: إنما يعجب من لا يعلم، فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: كان شريح شاعراً معجباُ برأيه، عبد الله بن مسعود أعلم بذلك. وروى شريك، عن يحيى بن قيس الكندي قال: أوصى شريح أن يصلى عليه بالجبانة، وأن لا يؤذن به أحد، ولا تتبعه صائحة، وأن لا يجعل على قبره ثوب، وأن يسرع به في السير، وأن يلحد له. قال أبو نعيم: مات شريح وهو ابن مائة وثمان سنين، سنة ثمان وسبعين. وكذا قال في موته الهيثم بن عدي، والمدائني. وقال خليفة، وابن نمير: سنة ثمانين. وجاء أنه استعفى من القضاء قبل موته بسنة.
4 (شريح بن هانيء)
أبو المقدام الحارثي المذحجي الكوفي: أدرك الجاهلية.

(5/423)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 424
وروى عن: أبيه، وعلي بن أبي طالب وكان من أصحابه وعمر، وعائشة، وسعد، وأبي هريرة. روى عنه: ابناه محمد، والمقدام، والشعبي، والقاسم بن مخيمرة، وحبيب بن أبي ثابت، ويونس بن أبي إسحاق. وشهد تحكيم الحكمين، ووفد على معاوية يشفع في كثير بن شهاب، فأطلقه له. وروى الواقدي، عن مجالد، عن الشعبي، عن زياد بن النضر أن علياً بعث أبا موسى ومعه أربعمائة رجل، عليهم شريح بن هانيء. ومعهم ابن عباس يصلي بهم ويلي أمرهم، يعني إلى دومة الجندل. وقال سليمان بن أبي شيخ: كان شريح بن هانيء جاهلياً إسلامياً، قال في إمرة الحجاج:
(أصبحت ذا بث اقاسي الكبرا .......... قد عشت بين المشركين أعصرا)
)
(ثمت أدركت النبي المنذرا .......... وبعده صديقه وعمرا)

(والجمع في صفينهم والنهرا .......... ويوم مهران ويوم تسترا)

(5/424)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 425
(وبا جميراوات والمشقرا .......... هيهات ما أطول هذا عمرا)
قال القاسم بن مخيمرة: ما رأت حارثياً أفضل من شريح بن هانيء. ووثقه ابن معين وغيره. وذكر أبو حاتم السجستاني أنه عاش مائة وعشرين سنة. وقال خليفة: وفي سنة ثمان وسبعين ولى الحجاج عبيد الله بن أبي بكرة سجستان، فوجه أبا برذعة، فأخذ عليه المضيق، وقتل شريح بن هانيء.

(5/425)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 426
4 (حرف الصاد)

4 (صلة بن زفر العبسي الكوفي.)
روى عن: ابن مسعود، وعمار بن ياسر، وحذيفة، وغيرهم. روى عنه: إبراهيم النخعي، والشعبي، وأبو إسحاق السبيعي، وآخرون. توفي سنة اثنتين وسبعين، وكان من جلة الكوفيين وثقاتهم، له قلب منور.

(5/426)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 427
4 (حرف العين)

4 (عاصم بن ضمرة السلولي الكوفي)
صاحب علي، له عدة أحاديث عنه. روى عنه: الحكم بن عيينة، وحبيب بن أبي ثابت، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهم. وهو حسن الحديث. وقال النسائي: ليس به بأس. ولينة ابن عدي، ووثقه جماعة.

(5/427)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 428
4 (عبد الله بن جعفر)
ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو جعفر الهاشمي الجواد

(5/428)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 429
ابن الجواد. له صحبة ورواية. ولد بالحبشة من أسماء عميس، ويقال: لم يكن في الإسلام أسخى منه. وروى أيضاُ عن: أبويه، وعن عمه علي. روى عنه: بنوه إسماعيل، وإسحاق، ومعاوية، وابن مليكة، وسعد بن إبراهيم، وعباس بن سهل بن سعد، وعبد الله بن محمد بن عقيل، والقاسم بن محمد، وآخرون.) وهو آخر من رأى النبي صلى الله عليه وسلم من بني هاشم، سكن المدينة ووفد على معاوية وابنه وعبد الملك. قال مهدي بن ميمون: ثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علين عن عبد الله بن جعفر قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه، فأسر إلي حديثاً لا أحدث به أحداً فدخل حائطاً، فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه الحديث. وقال ضمرة، عن علي بن أبي حملة قال: وفد عبد الله بن جعفر على يزيد، فأمر له بألفي ألف.

(5/429)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 430
وقال إسماعيل بن عياش، عن هشام بن عروة، عن أبيه: إن عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن جعفر بايعا النبي صلى الله عليه وسلم وهما ابنا سبع سنين، فلما رآهما تبسم وبسط يده وبايعهما. وقال فطر بن خليفة، عن أبيه، عن عمرو بن حريث قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن جعفر وهو يلعب بالتراب فقال: اللهم بارك له في تجارته. وقال إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي: إن ابن عمر كان إذا سلم على عبد الله بن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين. وقال جرير بن حازم: ثنا محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم بعدما أخبرهم بقتل جعفر بن أبي طالب بعد ثلاثة، فقال: لا تبكوا أخي بعد اليوم. ثم قال: ائتوني ببني أخي، فجيء بنا كأننا أفرخ، فقال: ادعوا لي الحلاق، فأمره، فحلق رؤوسنا، ثم قال: أما محمد فشبه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبه خلقي وخلقي،، ثم أخذ بيدي فأشالها وقال: اللهم اخلف جعفراً في أهله وبارك لعبد الله في صفقته، قال: فجاءت أمنا فذكرت يتمنا، فقال: العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة حديث صحيح. وعن أبان بن تغلب قال: ذكر لنا أن عبد الله بن جعفر قدم على معاوية، وكان يفد في كل سنة، فيعطيه ألف ألف درهم ويقضي له مائة حاجة، وذكر أن أعرابياً وقف في الموسم على مروان بالمدينة، فسأله فقال: ما عندنا ما نصلك، ولكن عليك بابن جعفر، فأتاه الأعرابي، فإذا ثقله قد سار، وراحلة بالباب عليها متاعها، وسيف معلق، فخرج عبد الله، فأنشأ الأعرابي يقول:)
(أبو جعفر من أهل بيت نبوة .......... صلاتهم للمسلمين طهور)

(5/430)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 431
(أبا جعفر ضن الأمير بماله .......... وأنت على ما في يديك أمير)

(أبا جعفر يا بن الشهيد الذي له .......... جناحان في أعلى الجنان يطير)

(أبا جعفر ما مثلك اليوم أرتجي .......... فلا تتركني بالفلاة أدور)
فقال: يا أعرابي سار الثقل، فعليك الراحلة بما عليها، وإياك أن تخدع عن السيف، فإني أخذته بألف دينار. قال عفان: ثنا حماد بن زيد، أنبأ هشام، عن محمد قال: مر عثمان بسبخة فقال: لمن هذه قيل: لفلان، اشتراها عبد الله بن جعفر بستين ألفاً. قال: ما يسرني أنها لي بنعلي. قال: فجزأها عبد الله ثمانية أجزاء، وألقى فيها العمال، ثم قال عثمان لعلي: ألا تأخذ على يدي ابن أخيك وتحجر عليه، اشترى سبخة بستين ألفاً، ما يسرني أنها لي بنعلي. قال: فأقبلت، فركب عثمان ذات يوم فمر بها، فأعجبته، فأرسل إلى عبد الله أن ولني جزءين منها، قال: أما والله دون أن ترسل إلى الذين سفهتني عندهم فيطلبون ذلك إلي، فلا أفعل، ثم أرسل إليه: إني قد فعلت. قال: والله لا أنقصك جزءين من مائة وعشرين ألفاً، قال: قد أخذتهما. وروى الأصمعي، عن رجل، أن عبد الله بن جعفر أسلف الزبير ألف ألف، فلما توفي قال ابن الزبير لعبد الله بن جعفر: إني وجدت في كتب أبي أن له عليك ألف ألف درهم. قال: هو صادق، فاقبضها إذا شئت، ثم لقيه بعد فقال: إنما وهمت عليك، المال لك عليه، قال: فهو له، قال: لا أريد ذلك. قلت: هذه الحكاية من أبلغ ما بلغنا في الجود. وعن الأصمعي قال: جاءت امرأة إلى عبد الله بن جعفر بدجاجة

(5/431)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 432
مسموطة فقالت: بأبي أنت هذه الدجاجة كانت مثل بنتي تؤنسني وآكل من بيضها، فآليت أن لا أدفنها إلا في أكرم موضع أقدر عليه، ولا والله ما في الأرض موضع أكرم من بطنك، قال: خذوها منها واحملوا إليها من الحنطة كذا، ومن التمر كذا، ومن الدراهم كذا، وعدد شيئاً كثيراً، فلما رأت ذلك قالت: بأبي إن الله لا يحب المسرفين. قال محمد بن سيرين: جلب رجل سكراً إلى المدينة، فكسد عليه فبلغ عبد الله بن جعفر، فأمر قهرمانه أن يشتريه وأن يهبه الناس.) ولعبد الله رضي الله عنه من هذا الأنموذج أخبار في السخاء. قال الواقدي، ومصعب الزبيري: توفي سنة ثمانين. وقال المدائني: توفي سنة أربع أو خمس وثمانين. قال: ويقال: سنة ثمانين. وقال أبو عبيد: سنة أربع وثمانين، ويقال سنة تسعين.
4 (عبد الله بن أبي حدرد)
الأسلمي أبو محمد بن سلامة بن عمير، له صحبة ورواية. وروى أيضاً عن: عمر.

(5/432)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 433
روى عنه: ابنه القعقاع، وأبو بكر بن حزم، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، والزهري، وسفيان بن فروة الأسلمي. وشهد الجابية مع عمر. وقال ابن سعد: شهد الحديبية وخيبر، وتوفي سنة إحدى وسبعين، وهو ابن إحدى وثمانين. وفي الصحيح من حديث عبد الله بن كعب بن مالك أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينا عليه في المسجد حتى ارتفعت أصواتهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا كعب ضع الشطر، قال: قد فعلت. وقال غير واحد إنه توفي سنة إحدى وسبعين، إلا خليفة فقال: سنة اثنتين وسبعين. وقد طول أبو أحمد الحاكم ترجمة عبد الله بن أبي حدرد، وساقها في كراس، وذكر أنه لا صحبة له، ولم يصنع شيئاً بل أفادنا العلم بأن له صحبة. وقد علقت حاشية في ذلك في ترجمته في تاريخ دمشق.
4 (عبد الله بن حوالة شذ)
أبو سعيد بن يونس فقال: قدم مصر مع مروان.

(5/433)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 434
يقال: توفي سنة ثمانين. قلت: وقد مر في سنة ثمان وخمسين، ورخه جماعة.
4 (عبد الله بن خازم بن أسماء بن الصلت،)
أبو صالح السلمي أمير خراسان، أحد الأبطال المشهورين والشجعان المذكورين، ويقال له صحبة، ولا يصح.) روى عنه سعيد بن الأزرق، وسعد بن عثمان الرازي. وقد استعمله ابن عامر على خراسان في أيام عثمان، وقد حضر مواقف

(5/434)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 435
مشهورة وأبلى فيها، وولي خراسان زماناً، وافتتح الطبسين. وقد مر في الحوادث من أخباره.
4 (عبد الله بن الزبير)
ابن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد الله بن قصي بن كلاب، أبو بكر،

(5/435)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 436
وأبو خبيب القرشي الأسدي. أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة. له صحبة ورواية، وروى أيضاً عن: أبيه، وأبي بكر، وعمر وعثمان. روى عنه: أخوه عروة، وابناه عامر، وعباد، وابن أخيه محمد بن عروة، وعبيدة السلماني، وطاوس، وعطاء، وابن أبي مليكة، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو الزبير المكي، وعمرو بن دينار، وثابت البناني، ووهب بن كيسان، وسعيد بن مينا، وابن ابنه مصعب بن ثابت، وابن ابنه الآخر يحيى بن عباد، وخلق سواهم. وشهد وقعة اليرموك، وغزا القسطنطينية، وغزا المغرب، وله مواقف مشهورة، وكان فارس قريش في زمانه. بويع بالخلافة في سنة أربع وستين، وحكم على الحجاز، واليمن، ومصر، والعراق، وخراسان، وأكثر الشام، ولد سنة اثنتين من الهجرة وتوفي

(5/436)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 437
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله ثمان سنين وأربعة أشهر. روى شعيب بن إسحاق الدمشقي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، وفاطمة بنت المنذر قال: خرجت أسماء حين هاجرت حبلى، فنفست بعبد الله بقباء، قالت: أسماء: ثم جاء بعد سبع سنين ليبايع النبي صلى الله عليه وسلم أمره بذلك الزبير، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم حين رآه مقبلاً، ثم بايعه. وقال الواقدي، عن مصعب بن ثابت، عن أبي الأسود يتيم عروة قال: لما قدم المهاجرون أقاموا لا يولد لهم، فقالوا سحرتنا يهود، حتى كثرت في ذلك القالة، فكان أول مولود ولد بعد الهجرة عبد الله بن الزبير، فكبر المسلمون تكبيرة واحدة حتى ارتجت المدينة، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر فأذن في أذنيه بالصلاة.) وقال مصعب بن عبد الله، عن أبيه قال: كان عارضا ابن الزبير خفيفين، فما اتصلت لحيته حتى بلغ ستين سنة. وقال أبو يعلى في مسنده: ثنا موسى بن محمد بن حيان، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا هنيد بن القاسم: سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير، سمعت أبي يقول: إنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم، فلما فرغ قال: يا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد، فلما برز عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمد إلى الدم فشربه، فلما رجع قال: ما صنعت بالدم، قال: عمدت إلى أخفى موضع علمت فجعلته فيه، قال: لعلك شربته، قال: نعم. قال: ولم شربت الدم، ويل للناس منك، وويل لك من الناس. قال موسى بن إسماعيل: حدثت به أبا عاصم فقال: كانوا يرون أن

(5/437)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 438
القوة التي به من ذلك الدم. ورواه تمتام، عن موسى. وقال خالد الحذاء، عن يوسف أبي يعقوب، عن محمد بن حاطب، والحارث قال: طالما حرص ابن الزبير على الإمارة، قلت: وما ذاك قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بلص فأمر بقتله، فقيل له: إنه سرق، قال: اقطعوه، ثم جيء به في إمرة أبي بكر وقد سرق، وقد قطعت قوائمه، فقال أبو بكر: ما أجد لك شيئاً إلا ما قضى فيك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أمر بقتلك، فأمر بقتله أغيلمة من أبناء المهاجرين، أنا فيهم، فقال ابن الزبير: أمروني عليكم، فأمرناه علينا، فانطلقنا به إلى البقيع، فقتلناه. وقال الحارث بن عبيد: ثنا أبو عمران الجوني أن نوفاً قال: إني لأجد في كتاب الله المنزل أن ابن الزبير فارس الخلفاء. وقال مهدي بن ميمون: ثنا محمد بن أبي يعقوب، أن معاوية كان يلقى ابن الزبير فيقول: مرحباً بابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويأمر له بمائة ألف. وقال ابن جريج، عن ابن أبي مليكة قال: ذكر ابن الزبير عند ابن عباس فقال: قاريء لكتاب الله، عفيف في الإسلام، أبوه الزبير، وأمه أسماء، وجده أبو بكر، وعمته خديجة، وخالته عائشة، وجدته صفية، والله لأحاسبن له نفسي محاسبة لم أحاسب بها لأبي بكر وعمر. وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مصلياً أحسن صلاة من ابن الزبير.) وقال مجاهد: كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود، وحدث أن

(5/438)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 439
أبا بكر كان كذلك. وقال ثابت البناني: كنت أمر بابن الزبير وهو يصلي خلف المقام كأنه خشبة منصوبة لا يتحرك. وقال يوسف بن الماجشون، عن الثقة بسنده قال: قسم ابن الزبير الدهر على ثلاث ليال، فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح. وقال يزيد بن إبراهيم التستري، عن عبد الله بن سعيد، عن مسلم بن يناق المكي قال: ركع ابن الزبير يوماً ركعة، فقرأنا البقرة وآل عمران والنساء والمائدة، وما رفع رأسه. وقال يزيد بن إبراهيم، عن عمرو بن دينار قال: كان ابن الزبير يصلي في الحجر، وحجر المنجنيق يصيب طرف ثوبه، فما يلتفت إليه. وقال هشام بن عروة، عن ابن المنكدر قال: لو رأيت ابن الزبير يصلي كأنه غصن تصفقها الريح، والمنجنيق يقع ها هنا، ويقع ها هنا. وقال أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق قال: ما رأيت أحداً أعظم سجدة بين عينيه من ابن الزبير. قال مصعب بن عبد الله: حدثني أبي، عن عمر بن قيس، عن أمه أنها دخلت على عبد الله بن الزبير بيته، فإذا هو يصلي، فسقطت حية على ابنه هاشم، فصاحوا: الحية الحية، ثم رموها، فما قطع صلاته.

(5/439)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 440
وعن أم جعفر بنت النعمان أنها سلمت على أسماء بنت أبي بكر، وذكر عندها عبد الله بن الزبير فقالت: كان ابن الزبير قوام اليل صوام النهار، وكان من يسمى حمامة المسجد. وقال ميمون بن مهران: رأيت عبد الله بن الزبير يواصل من الجمعة إلى الجمعة، فإذا أفطر استعان بالسمن حتى يلين بالسمن. وروى ليث، عن مجاهد قال: ما كان باب في العبادة يعجز الناس عنه إلا تكفله ابن الزبير، ولقد جاء سيل طبق البيت فجعل يطوف سباحة. وعن عثمان بن طلحة قال: كان ابن الزبير لا ينازع في شجاعة ولا عبادة ولا بلاغة. وقال إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن أنس: إن عثمان أمر زيد بن ثابت، وابن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوا القرآن في المصاحف، وقال:) إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم. وقال أبو نعيم: ثنا عبد الواحد بن أيمن قال: رأيت على ابن الزبير رداء عدنياً يصلي فيه، وكان صيتاً، إذا خطب تجاوب الجبلان، وكانت له جمة إلى العنق ولحية صفراء. وقال مصعب بن عبد الله: ثنا أبي والزبير بن خبيب قالا: قال ابن الزبير: هجم علينا جرجير في عسكرنا في عشرين ومائة ألف، فأحاطوا بنا ونحن في عشرين ألفاً، يعني في غزوة إفريقية، قال: واختلف الناس على ابن أبي سرح، فدخل فسطاطه، ورأيت غرة من جرجير بصرت به خلف

(5/440)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 441
عساكره على برذون أشهب، معه جاريتان تظلان عليه بريش الطواويس، بينه وبين جيشه أرض بيضاء، فأتيت ابن أبي سرح، فندب لي الناس، فاخترت ثلاثين فارساً، وقلت لسائرهم: البثوا على مصافكم، وحملت وقلت للثلاثين: احموا لي ظهري، فخرقت الصف إليه، فخرجت صامداً، وما يحسب هو وأصحابه إلا أني رسول إليه، حتى دنوت منه، فعرف الشر، فتبادر برذونه مولياً، فأدركته فطعنته، فسقط، ثم احتززت رأسه، فنصبته على رمحي، وكبرت، وحمل المسلمون، فارفض العدو ومنح الله أكتافهم. وقال معمر، عن هشام بن عروة قال: اخذ عبد الله بن الزبير من وسط القتلى يوم الجمل، وبه بضع وأربعون ضربة وطعنة. وعن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: أعطت عائشة للذي بشرها أن ابن الزبير لم يقتل عشرة آلاف درهم. وعن عروة قال: لم يكن أحد أحب إلى عائشة بعد رسول الله وبعد أبي بكر من عبد الله بن الزبير. وقال الواقدي: ثنا ربيعة بن عثمان، وابن أبي ميسرة وغيرهما قالوا: لما جاء نعي يزيد في ربيع الآخر سنة أربع وستين قام ابن الزبير فدعا إلى نفسه، وبايعه الناس، ودعا ابن عباس ومحمد بن الحنفية إلى البيعة فأبيا حتى يجتمع الناس له، فبقي يداريهما سنين، ثم أغلظ عليهما ودعاهما فأبيا. قال مصعب بن عبد الله وغيره: كان يقال لابن الزبير عائذ بيت الله. وقال ابن سعد: أنا محمد بن عمر، حدثني عبد الله بن جعفر، عن

(5/441)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 442
عمته أم بكر، وحدثني شرحبيل بن أبي عون، عن أبيه، وحدثني ابن أبي الزناد، وغيرهم أيضاً قد حدثني بطائفة من) هذا الحديث، قالوا: لم يزل عبد الله بن الزبير بالمدينة في خلافة معاوية. فذكر الحديث إلى أن قال: فخرج ابن الزبير إلى مكة، ولزم الحجر ولبس المغافر، وجعل يحرض على بني أمية، ومشى إلى يحيى بن حكيم الجمحي والي مكة، فبايعه ليزيد، فقال: لا أقبل هذا حتى يؤتى به في جامعة ووثاق، فقال له ابنه معاوية بن يزيد: يا أمير المؤمنين ادفع الشر عنك ما اندفع، فإن ابن الزبير رجل لجوج ولا يطيع لهذا أبداً، وإن تكفر عن يمينك فهو خير، فغضب وقال: إن في أمرك لعجباً، قال: فادع عبد الله بن جعفر فسله عما أقول، فدعاه فذكر له قولهما، فقال عبد الله: أصاب أبو ليلى ووفق، فأبى أن يقبل، وامتنع ابن الزبير أن يذل نفسه وقال: اللهم إني عائذ ببيتك، فمن يومئذ سمي العائذ. وأقام بمكة لا يعرض له أحد، فكتب يزيد إلى والي المدينة عمرو بن سعيد أن يوجه إليه جنداً، فبعث لقتاله أخاه عمراً في ألف، فظفر ابن الزبير بأخيه وعاقبه، ونحى ابن الزبير الحارث بن يزيد عن الصلاة بمكة، وجعل مصعب بن عبد الرحمن بن عوف يصلي بالناس، وكان لا يقطع أمراً دون المسور بن مخرمة، ومصعب بن عبد الرحمن، وجبير بن شيبة، وعبد الله بن صفوان بن أمية يشاورهم في الأمور ولا يستبد بشيء، ويصلي بهم الجمعة، ويحج بهم، وكانت الخوارج وأهل الأهواء كلهم قد أتت ابن الزبير، وقالوا: عائذ بيت الله، وكان شعاره لا حكم إلا لله. فلم يزل على ذلك، وحج عشر سنين بالناس آخرها سنة إحدى وسبعين ودعا إلى نفسه فبايعوه، وفارقته الخوارج، فولى على المدينة أخاه مصعباً، وعلى البصرة الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، وعلى الكوفة عبد الله بن مطيع، وعلى مصر عبد الرحمن بن جحدم الفهري، وعلى اليمن آخر، وعلى خراسان آخر، وأمر على الشام الضحاك بن قيس، فبايع له عامة الشام، وأطاعه الناس، إلا

(5/442)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 443
طائفة من أهل الشام مع مروان. قلت: ثم قوي أمر مروان، وقتل الضحاك، وبايعه أهل الشام، وسار في جيوشه إلى مصر فأخذها، واستعمل عليها ولده عبد العزيز. وعاجلته المنية، فقام بعده ابنه عبد الملك، فلم يزل حتى أخذ البلاد، ودانت له العباد. وقال شعيب بن إسحاق: ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، أن يزيد كتب إلى ابن الزبير: إني قد بعثت إليك بسلسلة فضة، وقيد من ذهب، وجامعة من فضة، وحلفت لتأتيني في ذلك، قال فألقى الكتاب وقال:)
(ولا ألين لغير الحق أسأله .......... حتى يلين لضرس الماضغ الحجر)
قال خليفة: ثم حضر ابن الزبير الموسم سنة ثنتين وسبعين، فحج بالناس، ولم يقفوا الموقف، وحج الحجاج بن يوسف بأهل الشام، ولم يطوفوا بالبيت. وروى الدراوردي، عن هشام بن عروة قال: أول من كسا الكعبة الديباج عبد الله بن الزبير، وإن كان ليطيبها حتى يجد ريحها من دخل الحرم. زاد غيره: كانت كسوتها الأنطاع. وقال عبد الله بن شعيب الحجبي: إن المهدي لما جرد الكعبة كان فيما نزع عنها كسوة من ديباج، مكتوب عليها لعبد الله أبي بكر أمير المؤمنين.

(5/443)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 444
وروى أبو عاصم، عن عمر بن قيس قال: كان لابن الزبير مائة غلام، يتكلم كل غلام منهم بلغة، وكان ابن الزبير يكلم كل واحد منهم بلغته، وكنت إذا نظرت إليه في أمر الدنيا قلت هذا رجل لم يرد الله طرفة عين، وإذا نظرت إليه في أمر آخرته قلت هذا رجل لم يرد الدنيا طرفة عين. وروى الأعمش، عن أبي الضحى قال: رأيت على رأس ابن الزبير من المسك ما لو كان لي كان رأس مال. قلت: وكان في ابن الزبير بخل ظاهر، مع ما أوتي من الشجاعة. قال الثوري، عن عبد الملك بن أبي بشير، عن عبد الله بن مساور قال: سمعت ابن عباس يعاتب ابن الزبير في البخل ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن الذي يبيت وجاره جائع. وقال عبيد الله بن عمرو الرقي، عن ليث بن أبي سليم قال: كان ابن عباس يكثر أن يعنف ابن الزبير بالبخل، فقال: لم تعيرني فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن المؤمن لا يشبع وجاره وابن عمه جائع. وقال يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن ابن أبزى، عن عثمان: أن ابن الزبير قال له حيث حصر: إن عندي نجائب قد أعددتها لك، فهل لك أن تحول إلى مكة فيأتيك من أراد أن يأتيك قال: لا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يلحد بمكة كبش من قريش اسمه عبد الله، عليه مثل نصف أوزار الناس. رواه أحمد في مسنده عن إسماعيل بن أبان،) عن القمي.

(5/444)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 445
وقال عباس الترقفي: ثنا محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يلحد بمكة رجل من قريش يقال له عبد الله، عليه نصف عذاب العالم، فوالله لا أكونه، فتحول منها، فسكن الطائف. قلت: محمد هو المصيصي، ضعيف، احتج به أبو داود، والنسائي. وللحديث شاهد. قال الإمام أحمد: ثنا أبو النضر، ثنا إسحاق بن سعيد، ثنا سعيد بن عمرو قال: أتى عبد الله بن عمرو عبد الله بن الزبير وهو في الحجر فقال: يا ابن الزبير إياك والإلحاد في حرم الله، فإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يلحد بها رجل من قريش، لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتها، قال: فانظر أن لا تكونه يا بن عمرو، فإنك قد قرأت الكتب وصحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإني أشهدك أن هذا وجهي إلى الشام مجاهداً. وقال الزبير بن كبار: حدثني خالد بن وضاح، حدثني أبو الخصيب نافع مولى آل الزبير، عن هشام بن عروة قال: رأيت الحجر من المنجنيق يهوي حتى أقول: لقد كاد أن يأخذ لحية ابن الزبير، وسمعته يقول: والله إن أبالي إذا وجدت ثلاثمائة يصبرون صبري لو أجلب علي أهل الأرض. وقال الواقدي: ثنا إسحاق بن عبد الله عن المنذر بن الجهيم الأسلمي قال: رأيت ابن الزبير يوم قتل وقد خذله من كان معه خذلاناً شديداً، وجعلوا يخرجون إلى الحجاج، وجعل الحجاج يصيح: أيها الناس علام تقتلون أنفسكم، من خرج إلينا فهو آمن لكم عهد الله وميثاقه، وفي حرم الله وأمنه، ورب هذه البنية لا أغدر بكم، ولا لنا حاجة في دمائكم، فيسلك إليه نحو من

(5/445)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 446
عشرة آلاف، فلقد رأيت ابن الزبير وما معه أحد. وعن إسحاق بن أبي إسحاق قال: حضرت قتل ابن الزبير، جعلت الجيوش تدخل عليه من أبواب المسجد، فكلما دخل قوم من باب حمل عليهم وحده حتى يخرجهم، فبينا هو على تلك الحال إذا جاءت شرفة من شرفات المسجد فوقعت على رأسه فصرعته، وهو يتمثل:
(أسماء يا أسماء لا تبكيني .......... لم يبق إلا حسبي وديني)
وصارم لاثت به يميني وقال الواقدي ثنا فروة بن زبيد، عن عباس بن سهل بن سعد، قال: سمعت ابن الزبير يقول: ما) أراني اليوم إلا مقتولاً، لقد رأيت في ليلتي كأن السماء فرجت لي فدخلتها، فقد والله مللت الحياة وما فيها، ولقد قرأ في الصبح يومئذ متمكناً ن والقلم حرفاً حرفاً، وإن سيفه لمسلول إلى جنبه، وإنه ليتم الركوع والسجود كهيئته قبل ذلك. وقال الواقدي: حدثني عبد الله بن نافع، عن أبيه قال: سمع ابن عمر التكبير فيما بين المسجد إلى الحجون حين قتل ابن الزبير، فقال ابن عمر: لمن كان كبر حين ولد ابن الزبير أكثر وخير ممن كبر على قتله. وقال عبد الرزاق: أنبأ معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين قال: قال ابن الزبير: ما شيء كان يحدثنا به كعب إلا قد أتى على ما قال، إلا قوله: ثقيف يقتلني، وهذا رأسه بين يدي، يعني المختار. وقال عبد الوهاب، عن عطاء، عن زياد بن أبي الجصاص، عن

(5/446)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 447
علي بن زيد، عن مجاهد، أن ابن عمر قال لغلامه: لا تمر بي على ابن الزبير، يعني وهو مصلوب. قال: فغفل الغلام فمر به، فرفع رأسه، فرآه، فقال: رحمك الله، ما علمتك إلا صواماً قواماً وصولاً للرحم، أما والله إني لأرجو مع مساويء ما قد عملت من الذنوب أن لا يعذبك الله. قال: ثم التفت إلي فقال: حدثني أبو بكر الصديق: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا. وقال ابن أبي الدنيا في كتاب الخلفاء: وصلب ابن الزبير منكساً، وكان آدم نحيفاً، ليس بالطويل، بين عينيه أثر السجود، يكنى: أبا بكر، وأبا خبيب، وبعث عماله على الحجاز والمشرق كله. وقال ابن المبارك، عن جويرية بن أسماء، عن جدته، أن أسماء بنت أبي بكر غسلت ابن الزبير بعدما تقطعت أوصاله، وجاء الأذن من عبد الملك بن مروان إلى الحجاج أن يأذن لها، وحنطته وكفنته وصلت عليه، وجعلت فيه شيئاً حين رأته يتفسخ إذا مسته. قال مصعب بن عبد الله: حملته فدفنته في المدينة في دار صفية بنت حيي، ثم زيدت دار صفية في المسجد، فهو مدفون مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما. قال ابن إسحاق وجماعة كثيرة: قتل في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين، وله نيف وسبعون سنة. وقال ضمرة، وأبو نعيم، وعثمان بن أبي شيبة: قتل سنة اثنتين وسبعين.) والصحيح ما تقدم.

(5/447)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 448
4 (عبد الله بن زرير الغافقي المصري،)
من شيعة علي ومحبيه. وفد على علي من مصر. يروي عنه: مرثد اليزني، وعياش القتباني، وعبد الله بن هبيرة السبائي. توفي سنة ثمانين.
4 (عبد الله بن سعد بن خيثمة الأنصاري)
الأوسي. له صحبة، شهد الجابية وخيبر، فشهدها وله فيما قال الواقدي سبع عشرة سنة. وتوفي بعد مقتل ابن الزبير بالمدينة. واستشهد أبوه يوم بدر، وجده يوم أحد. وقد تفرد رباح بن أبي معروف، عن المغيرة بن حكيم، وكل منهما ثقة، قال: سألت عبد الله بن سعد بن خيثمة: أشهدت بدراً قال: نعم، والعقبة مع أبي رديفاً. رواه عاصم، وأبو داود، وأبو أحمد الزبيري، عن رباح.

(5/448)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 449
4 (عبد الله بن سلمة المرادي)
عن علي، وابن مسعود، وصفوان بن عسال، وجماعة. وعنه: عمرو بن مرة، وأبو إسحاق، وأبو الزبير المكي. وثقه العجلي. وقال البخاري: لا يتابع في حديثه. وقال عمرو بن مرة: كان قد كبر، فكان يحدثنا فنعرف وننكر. ويقال: لقي عمر.
4 (عبد الله بن شهاب أبو الجزل.)
روى عن: عمر وعائشة.

(5/449)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 450
وعنه: الشعبي وخيثمة بن عبد الرحمن، وشبيب بن غرقدة. ذكره ابن أبي حاتم.
4 (عبد الله بن الصامت الغفاري البصري،)
من جلة التابعين.) روى عن: عمه أبو ذر الغفاري، وعمر بن الخطاب، وجماعة. وقد تأخرت وفاته عن هذه الطبقة، فسيعاد إن شاء الله تعالى.
4 (عبد الله بن صفوان)
ابن أمية بن خلف بن وهب، أبو صفوان الجمحي المكي.

(5/450)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 451
ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عن: أبيه، وعمر، وأبي الدرداء، وحفصة، وصفية بنت أبي عبيد. وغيرهم. روى عنه: حفيده أمية بن صفوان بن عبد الله، وابن أبي مليكة، وسالم بن أبي الجعد، وعمرو بن دينار، والزهري. وكان من سادات قريش وأشرافهم، وله دار بدمشق. قال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن سلام، حدثني يزيد بن عياض بن جعدبة قال: لما قدم معاوية مكة لقيه عبد الله بن صفوان على بعير، فسايره، فقال أهل الشام: من هذا الأعرابي الذي ساير أمير المؤمنين فلما انتهى إلى مكة إذا الجبل أبيض من غنى عليه، فقال: يا أمير المؤمنين هذه ألفا شاة أجزرتكها، فقسمها معاوية في جنده، فقالوا: ما رأينا أسخى من ابن عم أمير المؤمنين هذا الأعرابي. وروى ابن أبي مليكة: أن عمر بن عبد العزيز قال له: ما بلغ ابن صفوان ما بلغ قلت: سأخبرك، والله لو أن عبداً وقف عليه يسبه ما استنكف عنه، إنه لم يكن يأتيه أحد قط إلا كان أول خلق الله تسرعاً إليه بالرجال، ولم يسمع بمفازة إلا حفرها، ولا ثنية إلا سهلها. وعن مجاهد، أنه وصف ابن صفوان بالحلم والاحتمال. وقال الزبير: حدثني محمد بن سلام، عن أبي عبد الله الأزدي

(5/451)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 452
قال: وفد المهلب بن أبي صفرة الأزدي على ابن الزبير، فأطال الخلوة معه، فجاء ابن صفوان فقال: من هذا الذي قد شغلك منذ اليوم قال: هذا سيد العرب بالعراق قال: ينبغي أن يكون المهلب، فقال المهلب: من هذا الذي يسأل عني يا أمير المؤمنين قال: سيد قريش بمكة. قال: ينبغي أن يكون عبد الله بن صفوان. وقال يحيى بن سعيد: رأيت رأس ابن الزبير، ورأس عبد الله بن مطيع، ورأس عبد الله بن صفوان أتي بها إلينا المدينة. رواه ابن عيينة، عن يحيى.) وقال خليفة: قتل وهو متعلق بأستار الكعبة مع ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين.
4 (عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي)
المدني.

(5/452)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 453
رأى النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه حديثاً أخرجه النسائي. وروى أيضاً عن: عمه عبد الله بن مسعود، وعمر بن الخطاب، وعمار، وأبي هريرة. روى عنه: ابناه الفقيه عبيد الله، وعون الزاهد، ومحمد بن سيرين، وأبو إسحاق السبيعي. قال ابن سعد: كان ثقة، رفيعاً، كثير الحديث والفتيا. توفي سنة أربع وسبعين.
4 (عبد الله بن عمر بن الخطاب.)
أبو عبد الرحمن القرشي العدوي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن وزيره.

(5/453)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 454
هاجر به أبوه قبل أن يحتلم، واستصغر عن أحد، وشهد الخندق وما

(5/454)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 455
بعدها مع النبي صلى الله عليه وسلم. وهو شقيق حفصة أم المؤمنين، أمهما زينب بنت مظعون. روى علماً كثيراً عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر، وعمر، والسابقين. روى عنه: بنوه حمزة، وسالم، وبلال، وزيد، وعبد الله، وعبيد الله، ومولاه نافع، ومولاه عبد الله بن دينار، وسعيد بن المسيب، وعروة، وسعيد بن جبير، وطاوس، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة، والشعبي، وأبو سلمة، وزيد ابن أسلم، وأبوه أسلم، وآدم بن علي، وبشر بن حرب، وجبلة بن سحيم، وثابت البناني، وعمرو بن دينار، وثوير بن أبي فاختة، وأبو الزبير المكي، وخلق كثير. قال أبو بكر بن البرقي: كان ربعة، وكان يخضب بالصفرة، وتوفي بمكة سنة أربع وسبعين. وقال ابن يونس: شهد فتح مصر. وقال غيره: شهد الغزو بفارس. وقال أبو إسحاق: رأيت ابن عمر آدم جسيماً ضخماً له إزار إلى نصف الساقين يطوف. وقال أبو معاوية: ثنا هشام بن عروة قال: رأيت ابن عمر له جمة. وروى حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أنس، وسعيد بن

(5/455)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 456
المسيب قالا: شهد ابن عمر بدراً، قال الواقدي: وهذا غلط بين.) وقال نافع، عن ابن عمر قال: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة، فلم يجزني، وأجازني يوم الخندق. وقال أبو إسحاق، عن البراء قال: عرضت أنا وابن عمر يوم بدر، فاستصغرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى سالم، وغيره، عن ابن عمر قال: كنت غلاماً، عزباً شاباً، وكنت أنام في المسجد، فرأيت كأن ملكين أتياني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، لها قرون كقرون البقر، فرأيت فيها ناساً قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، فلقينا ملك فقال، لن ترع، فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل. قال: فكان عبد الله لا ينام بعد من الليل إلا قليلاً. وفي رواية صحيحة قال: إن عبد الله رجل صالح. وقال الأعمش، عن إبراهيم قال: قال عبد الله بن مسعود: إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد الله بن عمر. وقال ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله قال: لقد رأيتنا

(5/456)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 457
ونحن متوافرون، وما فينا شاب هو أملك لنفسه من عبد الله بن عمر. وقال أبو سعد البقال: ثنا أبو حصين، عن شقيق، عن حذيفة قال: ما منا أحد لو فتش إلا فتش عن جائفة أو منقلة إلا عمر وابنه. وقال سالم بن أبي الجعد، عن جابر قال: ما منا أحد أدرك الدنيا إلا وقد مالت به، إلا ابن عمر. وعن عائشة قال: ما رأيت أحداً ألزم للأمر الأول من ابن عمر. وقال أبو سفيان بن العلاء أخو أبي عمرو، وعن ابن أبي عتيق قال: قالت عائشة لابن عمر: ما منعك أن تنهاني عن مسيري قال: رأيت رجلاً قد استولى عليك وظننتك لن تخالفيه، يعني ابن الزبير. وقال شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي سلمة قال: مات ابن عمر وهو في الفضل مثل أبيه. وقال قتادة، وغير، عن سعيد بن المسيب قال: لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر، وكان يوم مات خير من بقي. وعن طاوس قال: ما رأيت أورع من ابن عمر.)

(5/457)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 458
وقال جويرية، عن نافع: إن ابن عمر كان ربما لبس المطرف الخز ثمنه خمسمائة درهم. أبو أسامة: ثنا عمر بن حمزة، أخبرني سالم، عن ابن عمر قال: لأظن قسم لي منه ما لم يقسم لأحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم. يعني الجماع. تفرد به عمر، وهو ثقة. عبد الرحمن بن مهدي: ثنا عثمان بن موسى، عن نافع، أن ابن عمر تقلد سيف عمر يوم قتل عثمان، وكان محلى، قلت: كم كانت حليته قال: أربعمائة. وقال محمد بن سوقة: سمعت أبا جعفر محمد بن علي يقول: كان ابن عمر إذا سمع من النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً لا يزيد ولا ينقص، لم يكن أحد من الصحابة في ذلك مثله. وقال ابن وهب: أخبرني مالك، عمن حدثه: أن ابن عمر كان يتبع أمر النبي صلى الله عليه وسلم وآثاره وحاله ويهتم به حتى كان قد خيف على عقله من اهتمامه بذلك. وقال خارجة بن مصعب، عن موسى بن عقبة، عن نافع قال: لو نظرت إلى ابن عمر إذا اتبع أثر رسول الله لقلت هذا مجنون. وقال عبد العزيز الماجشون، عن عبد الله بن عمر، عن نافع: أن ابن عمر كان يتبع أثار رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مكان صلى فيه، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل تحت شجرة، فكان ابن عمر يتعاهدها فيصب في أصلها الماء لكيلا تيبس.

(5/458)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 459
وعن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو تركنا هذا الباب للنساء. قال: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات. متفق على صحته. وقال عاصم بن محمد العمري، عن أبي قال: ما سمعت ابن عمر ذكر النبي صلى الله عليه وسلم إلا بكى. وقال يوسف بن ماهك: رأيت ابن عمر عند عبيد بن عمير وهو يقص، فرأيت ابن عمر وعيناه تهراقان دمعاً. وقال أبو شهاب: ثنا حبيب بن الشهيد قال: قيل لنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله قال: لا تطيقونه، الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما. وقال عبد العزيز بن أبي روداد، عن نافع، إن ابن عمر كان إذا فاتته العشاء في جماعة أحيا بقية ليلته.) وقال ابن المبارك: أنبأ عمر بن محمد بن زيد: أخبرني أبي أن عبد الله بن عمر كان يصلي ما قدر له، ثم يصير إلى الفراش، فيغفى إغفاءة الطائر، ثم يقوم فيتوضأ ويصلي، يفعل ذلك في الليل أربع مدات أو خمسة. وقال نافع: كان ابن عمر لا يصوم في السفر، ولا يكاد يفطر في الحضر.

(5/459)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 460
وقال سالم: ما لعن ابن عمر خادماً، له إلا مرة، فأعتقه. وقال محمد بن مطرف، عن أبي حازم، عن عبد الله بن دينار قال: خرجت مع ابن عمر إلى مكة فعرسنا، فانحدر علينا راع من جبل، فقال له ابن عمر: أراع أنت قال: نعم. قال: بعني شاة من الغنم قال: إني مملوك. قال: قل لسيدك أكلها الذئب. قال: فأين الله عز وجل قال ابن عمر: فأين الله، ثم بكى، واشتراه بعد فأعتقه. وروى أسامة بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر نحواً منه. وقال عبيد الله، عن نافع قال: ما أعجب ابن عمر شيء إلا قدمه. وقال يزيد بن هارون: أنبأ محمد بن عمرو بن حماس، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: خطرت هذه الآية لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون، فما وجدت شيئاً أحب إلي من جاريتي رميثة، فعتقتها، فلولا أني لا أعود في شيء جعلته لله لنكحتها، فأنكحتها نافعاً، فهي أم ولده. وقال قتيبة: ثنا محمد بن يزيد بن خنيس، ثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع قال: كان رقيق عبد الله ربما شمر أحدهم فيلزم المسجد فيعتقه، فيقولون له: إنهم يخدعونك، فيقول: من خدعنا بالله انخدعنا له، وما مات حتى أعتق ألف إنسان أو زاد، وكان يحيي الليل صلاة. الفضل بن موسى الشيباني، وغيره، عن أبي حمزة السكري، عن إبراهيم الصائغ، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان له كتب ينظر فيها قبل أن يخرج إلى الناس.

(5/460)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 461
الصائغ صدوق، قال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال ابن وهب: أنبأ عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله، ثنا أبي أن ابن عمر كاتب غلاماً له بأربعين ألفاً، فخرج إلى الكوفة، فكان يعمل على حمر له حتى أدى خمسة عشر ألفاً، فجاءه إنسان فقال: أمجنون أنت ها هنا تعذب نفسك وابن عمر يشتري الرقيق، ويعتق إرجع فقل له قد عجزت، فجاء إليه فقال: قد عجزت وهذه صحيفتي فامحها، قال: لا، ولكن امحها إن شئت،) فمحاها، ففاضت عيناه، وقال: اذهب فأنت حر، قال: أصلحك الله، أحسنت، أحسن إلى ابني هذين. قال: هما حران. قال: أحسن إلى أميهما. قال: هما حرتان، فأعتق الخمسة. وقال عاصم بن محمد العمري، عن أبيه قال: أعطى عبد الله بن جعفر ابن عمر بنافع عشرة آلاف درهم أو ألف دينار، فدخل على صفية امرأته فأخبرها، قالت: فما تنتظر قال: فهلا ما هو خير من ذلك هو حر لوجه الله. وقال معمر، عن الزهري قال: أراد ابن عمر أن يلعن خادماً، فقال: اللهم الع، فلم يتمها، وقال: إن هذه الكلمة لا أحب أن أقولها. وعن نافع قال: أتى ابن عمر ببضعة وعشرين ألفاً، فما قام حتى فرقها وزاد عليها. وروى برد بن سنان، عن نافع قال: إن كان ابن عمر ليقسم في المجلس الواحد ثلاثين ألفاً، ثم يأتي عليه شهر ما يأكل مزعة من لحم.

(5/461)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 462
وقال أيوب، عن نافع قال: بعث معاوية إلى ابن عمر بمائة ألف، فما حال عليها الحول. وقال حماد، عن أيوب، عن نافع قال: اشتهى ابن عمر العنب في مرضه في غير وقته، فجاؤوه بسبع حبات عنب بدرهم فجاء سائل، فأمر له به ولم يذقه. وقال مالك بن مغول، عن نافع إن ابن عمر أتي بجوارش فكرهه وقال: ما شبعت منذ كذا وكذا. وقال جعفر بن محمد، عن نافع أن المختار بن أبي عبيد كان يرسل إلى ابن عمر بالمال، فيقبله ويقول: لا أسأل أحداً، ولا أرد ما رزقني الله عز وجل. قلت: والمختار هو أخو صفية زوجة ابن عمر. وقال قبيصة، ثنا سفيان، عن أبي الوازع، قلت لابن عمر: لا يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم، فغضب وقال: إني لأحسبك عراقياً، وما يدريك ما يغلق عليه ابن أمك بابه. وقال أبو جعفر الرازي، عن حصين قال: قال ابن عمر: إني لأخرج وما لي حاجة إلا لأسلم على الناس ويسلمون علي. قال مالك: كان إمام الناس عندنا بعد زيد بن ثابت عبد الله بن عمر، مكث ستين سنة يفتي الناس.

(5/462)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 463
وقال أسامة بن زيد، عن عبد الله بن واقد قال: رأيت ابن عمر قائماً يصلي، فلو رأيته مقلولياً،) ورأيته يفت المسك في الدهن يدهن به. وقال معمر: سمعت عبد الملك بن أبي جميلة، عن عبد الله بن موهب أن عثمان قال لابن عمر: اقض بين الناس، قال: أوتعفيني يا أمير المؤمنين قال: فما تكره من ذلك وقد كان أبوك يقضي قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان قاضياً فقضى بالعدل فبالحري أن يفلت منه كفافاً فما أرجو بعد ذلك. أخرجه الترمذي. وقال عبد الله بن إدريس، عن ليث، عن نافع قال: لما قتل عثمان جاء علي بن أبي طالب إلى ابن عمر فقال: إنك محبوب إلى الناس، فسر إلى الشام، فقال ابن عمر: بقرابتي وصحبتي النبي صلى الله عليه وسلم والرحم التي بيننا، فلم يعاوده. وقال ابن عيينة، عن عمر، عن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر قال: بعث إلي علي: إنك مطاع في أهل الشام، فسر، فقد أمرتك عليهم، فقلت: أذكرك الله وقرابتي من رسول الله وصحبتي إياه إلا ما أعفيتني، فأبى علي، فاستعنت عليه بحفصة، فأبى، فخرجت ليلاً إلى مكة، فقيل له: قد خرج إلى الشام، فبعث في أثري، فأرسلت إليه حفصة: إنه لم يخرج إلى الشام، إنما خرج إلى مكة. وقال مسعر، عن أبي حصين قال: قال معاوية: من أحق بهذا الأمر منا وابن عمر شاهد، قال: فأردت أن أقول أحق منك من ضربك عليه وأباك، فخفت الفساد.

(5/463)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 464
وروى عكرمة، عن خالد، وغيره، عن ابن عمر قال: خطب معاوية بعد الحكمين فقال: من أراد أن يتكلم فليطلع إلي قرنة، فلنحن أحق بهذا الأمر، قال: فحللت حبوتي وأردت أن أقول: أحق به من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق الجمع وتسفك الدماء، فذكرت ما أعد الله في الجنان. وقال جرير بن حازم، عن يعلى، عن نافع قال: قدم أبو موسى، وعمرو للتحكيم، فقال أبو موسى: لا أرى لهذا الأمر غير عبد الله بن عمر، فقال عمرو لابن عمر: أما تريد أن نبايعك فهل لك أن تعطي مالاً عظيماً، على أن تدع هذا الأمر لمن هو أحرص عليك منه، فغضب وقام، فأخذ ابن الزبير بطرف ثوبه، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إنما قال تعطى مالاً على أن أبايعك فقال: والله لا أعطي عليها ولا أعطى عليها ولا أقبلها إلا عن رضا من المسلمين. وقال خالد بن نزال الأيلي، عن سفيان، عن مسعر، عن علي بن الأقمر قال: قال مروان لابن) عمر: ألا تخرج إلى الشام فيبايعوك قال: فكيف أصنع بأهل العراق قال: تقاتلهم بأهل الشام، قال: والله ما يسرني أن يبايعني الناس كلهم إلا أهل فدك، وإني أقاتلهم فقتل منهم رجل واحد، فقال مروان:
(إني أرى فتنة تغلي مراجلها .......... والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا)
قلت: أبو ليلى هو معاوية بن يزيد.

(5/464)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 465
وقال أبو عوانة، عن مغيرة، عن فطر قال: قال رجل لابن عمر: ما أحد شر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم منك، قال: ولم قال: إنك لو شئت ما اختلف فيك اثنان، قال: ما أحب أنها أتتني ورجل يقول: لا، وآخر يقول: بلى. وقال يونس بن عبيد، عن نافع قال: كان ابن عمر يسلم على الخشبية والخوارج وهم يقتتلون، فقال: من قال: حي على الصلاة أجبته، ومن قال: حي على قتل أخيك المسلم وأخذ ماله، فلا. وقال الزهري: أخبرني حمزة بن عبد الله بن عمر قال: أقبل علينا بن عمر فقال: ما وجدت في نفسي من أمر هذا الأمة ما وجدت في نفسي من أن أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله، فقلنا له: ومن ترى هذه الفئة الباغية قال: ابن الزبير بغى على هؤلاء القوم، فأخرجهم من ديارهم ونكث عهدهم. العوام بن حوشب، عن عياش العامري، عن سعيد بن جبير قال: لما احتضر ابن عمر قال: ما آسى على شيء من الدنيا إلا على ثلاث: ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل، وأني لم أقاتل هذه الفئة الباغية التي نزلت بنا، يعني الحجاج. قلت: هذا ظن من بعض الرواة، وإلا فهو قد قال الفئة الباغية ابن الزبير كما تقدم، والله أعلم. وقال أيوب، عن نافع قال: أصابت ابن عمر عارضة المحمل بين إصبعيه عند الجمرة، فمرض، فدخل عليه الحجاج، فلما رآه ابن عمر أغمض عينيه، قال: فكلمه فلم يكلمه، فغضب وقال: إن هذا يقول: إني

(5/465)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 466
على الضرب الأول. وقال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص: إن ابن عمر قدم حاجاً، فدخل عليه الحجاج وقد أصابه زج رمح، فقال: من أصابك قال: أصابني من أمرتموه بحمل السلاح في مكان لا يحل فيه حمله، رواه البخاري. قال الأسود بن شيبان: ثنا خالد بن نمير قال: خطب الحجاج فقال: إن ابن الزبير حرف كتاب) الله، فقال له ابن عمر: كذبت كذبت، ما يستطيع لا ذلك وأنت معه، فقال: اسكت فإنك قد خرفت وذهب عقلك يوشك شيخ أن يضرب عنقه فيجر، قد انتفخت خصيتاه، يطوف به صبيان أهل البقيع. وقال أيوب، وغيره، عن نافع قال: قدم معاوية المدينة، فحلف على المنبر ليقتلن ابن عمر، فلما دنا من مكة تلقاه الناس، فقال له عبد الله بن صفوان: إيهاً، جئتنا لتقتل ابن عمر قال: ومن يقول هذا، ومن يقول هذا. زاد ابن عون، عن نافع قال: والله لا أقتله. وقال مالك: بلغ ابن عمر سبعاً وثمانين سنة.

(5/466)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 467
قلت: بلغ أربعاً وثمانين سنة، لأنه قال: إنه كان يوم الخندق ابن خمس عشرة سنة. قال ضمرة بن ربيعة، والهيثم، وأبو نعيم، وابن المديني، وأبو بكر بن شيبة، وأبو مسهر: توفي سنة ثلاث وسبعين. وقال سعيد بن عفير، وخليفة: توفي سنة أربع. قلت: هذا أصح، لأنه صلى على رافع بن خديج. وعن نافع، وغيره، أن ابن عمر أوصى عند الموت: ادفنوني خارج الحرم، فلم نقدر على ذلك من الحجاج، قال: فدفناه بفخ في مقبرة المهاجرين. زاد بعضهم: وصلى عليه الحجاج.
4 (عبد الله بن عياش بن ربيعة)
بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي. قال خليف: قتل بسجستان سنة ثمان وسبعين مع عبيد الله بن أبي بكرة، كذا قال في تاريخه. وقال في الطبقات: إن الذي قتل مع عبيد الله بسجستان عبد الله بن عياش المخزومي الذي ولد بأرض الحبشة.

(5/467)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 468
4 (عبد الله بن عياش)
ابن أبي ربيع عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي. ولد بأرض الحبشة، وله رؤية وشرف، وكان من أقرأ أهل المدينة لكتاب الله وأقومهم به. قرأ على أبي بن كعب، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمع من: عمر، وأبيه، وابن) عباس. روى عنه: ابنه الحارث، وسليمان بن يسار، وسعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، وزياد مولى ابن عياش، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع مولاه أيضاً، ونافع مولى ابن عمر. قال سعيد بن داود الزبيري: ثنا مالك، قال نافع، سمعت من عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة حديثاً لا أدري عمن حدث به قال: يبعث الله ريحاً بين يدي الساعة لا تدع أحداً في قلبه من الخير إلا أماتته. وقد قرأ على ابن عياش القرآن مولاه أبو جعفر أحد العشرة، وذكر أنه كان يمسك المصحف على مولاه عبد الله.

(5/468)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 469
والذي أعتقد أن أبا الحارث عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة بقي إلى هذا الزمان، وأنه لم يمت سنة ثمان وأربعين كما غلط بعضهم وصحف سبعين بأربعين.
4 (عبد الله بن مطيع)
ابن الأسود القرشي العدوي المدني. ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحدث عن أبيه. روى عنه: الشعبي، وغيره. وله حديث في صحيح مسلم. وقد ولاه ابن الزبير على الكوفة، فلما غلب عليها المختار هرب عبد الله وقدم مكة، فكان مع ابن الزبير، وكان أحد الشجعان المذكورين، وكان على قريش يوم الحرة أيضاً. الواقدي: حدثني إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عيسى بن طلحة قال: قلت لعبد الله بن مطيع: كيف نجوت يوم الحرة؟ قال: كنا نقول: لو

(5/469)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 470
أقاموا شهراً ما فعلوا بنا شيئاً، فلما صنع بنا وولى الناس ذكرت قول الحارث بن هشام:
(وعلمت أني إن أقاتل واحداً .......... أقتل ولا يضرر عدوي مشهدي)
فتواريت، ثن لحقت بابن الزبير، ثن قال عيسى: قال عبد الملك بن مروان: نجا ابن مطيع من مسلم بن عقبة، ثم لحق بابن الزبير، ونجا ولحق بالعراق، وكثر علينا في كل وجه، ولكن من رأي الصفح عنه وعن غيره من قومي. وعن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: استعمل أبي على الكوفة ابن مطيع.) وعن عروة قال: فقدم المختار الكوفة، وحرض الناس على ابن مطيع، وقويت شوكته، فهرب ابن مطيع من الكوفة، ولحق بابن الزبير، فكان معه بمكة إلى أن توفي قبل ابن الزبير بيسير في الحصار، أصابه حجر المنجنيق فقتله بمكة مع ابن الزبير وهو في عشر السبعين.
4 (عبد الله بن همام أبو عبد الرحمن السلولي)
الكوفي، أحد الشعراء الفصحاء. مدح يزيد بن معاوية بعد أن هجاه لما استخلف بقوله من أبيات:
(شربنا الغيظ حتى لو سقينا .......... دماء بني أمية ما روينا)

(ولو جاءوا برملة أو بهند .......... لبايعنا أميرة مؤمنينا)

(5/470)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 471
4 (عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي مولى)
نافع بن عبد الحارث. استنابه نافع على مكة حين انتقل عمر بن الخطاب إلى عسفان، فقال: من استخلفت على أهل الوادي قال: ابن أبزى، وقال: إنه قاريء لكتاب الله عالم بالفرائض، ثم إن عبد الرحمن سكن الكوفة ووليها مرة. وله صحبة ورواية، وروى أيضاً عن: أبي بكر، وعمر، وأبي بن كعب، وعمار. روى عنه: أبناه سعيد، وعبد الله، والشعبي، وعلقمة بن مرثد، وأبو إسحاق السبيعي، وجماعة. وذكر ابن الأثير أن علياً استعمله على خراسان. ويروى عن عمر قال: ابن أبزى ممن رفعه الله بالقرآن.
4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود)
الهذلي الكوفي.

(5/471)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 472
توفي أبوه وله ست سنين، وقد حفظ عن أبيه شيئاً. وروى عن: علي، والأشعث بن قيس، ومسروق، وغيرهم. روى عنه: ابناه القاسم ومعن وهما علواء افلكوفة وسماك بن حرب وأبو اسحاق وأخرون. وثقة ابن معين وقال: لم يسمع لاهو ولا أخوه أبو عبيدة من أبيهما شيئاً قلت: وحدثه في الصحيحين عن مسروق وحديثة في السنين الأربعة عن أبيهوهو قليل الحديث. عبد الرحمنبن عبد القادري ع المدني) والقارة وعضل أخوان من ذرية مدركة بن إلياس قال أبو داود: لأتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير، قلت: روى عن عمر والي طلحة بن زبر بن سطل وأبي أيوب خالد بن زيد.

(5/472)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 473
وروى عنه: عروة وعبيد الله بن عبد الله والأعرج والزهري وغيرهم. وعاش ثمانياً وسبعين سنة، توفي سنة ثمانين، وهو من ثقات التابعين الكبار.
4 (عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله القرشي)
التيمي، ابن أخي طلحة ابن عبيد الله. له صحبة ورواية، أسلم يوم الحديبية، وقيل يوم الفتح. وروى أيضاً عن: عمه، وعثمان بن عفان، وغيرهم. روى عنه: بنوه، وعثمان، ومعاذ، وهند، وسعيد بن المسيب، وأبو سلمة، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، ومحمد بن المنكدر، وغيرهم. وكان يقال له شارب الذهب. وهو ابن أخت عبد الله بن جدعان التيمي. قتل مع ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين.
4 (عبد الرحمن بن عسيلة)
أبو عبد الله المرادي الصنابحي نزيل الشام.

(5/473)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 474
هاجر فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل قدومه بخمس اليال أو ست ليال. وروى عن: أبي بكر، ومعاذ، وبلال، وعبادة بن الصامت، وغيرهم. روى عنه: عطاء بن يسار، ومحمود بن لبيد، ومكحول، وأبو عبد الرحمن الحبلي، ومرثد بن عبد الله اليزني، وربيعة بن يزيد، وجماعة. وكان صالحاً، عارفاً، كبير القدر. قال محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، عن الصنابحي قال: دخلت على عبادة بن الصامت وهو في الموت، فبكيت، فقال: مه، لم تبكي، فوالله لئن استشهدت لأشهدن لك، ولأن شفعت لأشفعن لك، ولئن استطعت لأتبعنك. ثم قال: ما من حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم فيه خير إلا حدثتكموه، إلا حديث واحد، وسوف أحدثكموه في الموت وقد أحيط بنفسي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من شهد أن لا إله إلا الله وأن) محمداً رسول الله حرم الله عليه النار. رواه مسلم. وقال محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن عبد الرحمن الصنابحي قال: ما فاتني النبي صلى الله عليه وسلم إلا بخمس ليال، قبض وأنا بالجحفة، فقدمت المدينة، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

(5/474)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 475
متوافرون، فسألت بلالاً عن ليلة القدر، فلم تعتم. فقال: ليلة ثلاث وعشرين. وقال ابن عون: ثنا رجاء بن حيوة، عن محمد بن الربيع قال: كنا عند عبادة بن الصامت، فأقبل الصنابحي، فقال عبادة: من سره أن ينظر إلى رجل كأنما زقي به فوق سبع سماوات فعمل على ما رأى فلينظر إلى هذا. قال يحيى بن معين: عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي أدرك عبد الملك بن مروان، وكان يجلس معه على السرير، يروي عن أبي بكر، قال: وعبد الله الصنابحي يروي عنه المدنيون، يشبه أن يكون له صحبة. وقال علي بن المديني: الذي روى عنه قيس بن أبي حازم في الحوض هو الصنابح بن الأعسر الأحمسي، له صحبة، وأبو عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث. وقال يعقوب بن شيبة: هؤلاء الصنابحيون إنما هم اثنان فقط: الصنابح الأحمسي، وهو: الصنابح بن الأعسر، فمن قال الصنابحي فيه فقد أخطأ، يروي عنه الكوفيون، قيس بن أبي حازم، وغيره. وعبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، يروي عنه أهل الحجاز وأهل الشام، دخل المدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث أو أربع ليال. روى عن: أبي بكر، وبلال، وأرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم. فمن قال: أبو

(5/475)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 476
عبد الرحمن الصنابحي فقد أخطأ، ومن قال: عبد الرحمن الصنابحي فقد أخطأ، وجعل كنيته اسمه. قلت: توفي بدمشق.
4 (عبد الرحمن بن غنم الأشعري)
نزيل فلسطين. روى عن: عمر، وعلي، ومعاذ بن جبل، وأبي ذر، وأبي الدرداء، وأبي مالك الأشعري.) روى عنه: ابنه محمد، وأبو سلام ممطور الحبشي الأسود، وأبو إدريس الخولاني، وشهر بن حوشب، ومكحول، ورجاء بن حيوة، وعبادة بن نسي، وإسماعيل بن عبيد الله، وصفوان بن سليم. قال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله، بعثه عمر إلى الشام يفقه الناس. وكان أبوه ممن هاجر مع أبي موسى.

(5/476)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 477
وقال أبو القاسم البغوي: ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مختلف في صحبته. قلت: وخرج أحمد بن حنبل في مسنده له أحاديث، وهي مراسيل فيما يغلب على الظن. وذكره يحيى بن بكير في الصحابة. وذكر عن الليث، وابن لهيعة أنهما قالا: له صحبة. وقال الترمذي: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال أبو مسهر: وبفلسطين عبد الرحمن بن غنم الأشعري، وهو رأس التابعين. وقال الهيثم، وخليفته: توفي سنة ثمان وسبعين.
4 (عبيد الله بن أبي بكرة)
أبو حاتم الثقفي الأمير، ابن صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، أمير سجستان.

(5/477)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 478
ولد سنة أربع عشرة، وكان أحد الكرام الأجواد. روى عن: أبيه، وعلي بن أبي طالب. روى عنه: سعيد بن جمهان، ومحمد بن سيرين، وغيرهما. وقد ولي قضاء البصرة. قال خليفة: وفي سنة ثلاث وخمسين عزل عبيد الله بن أبي بكرة عن سجستان، وكان قد وليها في سنة خمسين، ثم وليها في إمرة الحجاج. كان عبيد الله بن أبي بكرة أسود اللون. قال أبو هلال، عن أبي جمرة قال: أول من رأيناه يتوضأ بالبصرة هذا الوضوء عبيد الله بن أبي بكرة، فقلت: انظروا إلى هذا الحبشي يلوط إسته، يعني يستنجي بالماء. وقال أحمد العجلي: وهو تابعي ثقة. وقال محمد بن سلام الجمحي، عن مؤرج قال: كان عبيد الله بن أبي بكرة من الأجواد، فاشترى) جارية يوماً بمال عظيم، فطلب دابة تحمل عليها، فجاء رجل فنزل عن دابته، فحملها عليها، وقال له: اذهب بها إلى منزلك. وقال جرير بن حازم: كان عبيد الله بن أبي بكرة ينفق على جيرانه، ينفق على أربعين داراً عن يمينه، وأربعين عن يساره، وأربعين أمامه، وأربعين ورائه، سائر نفقاته، ويبعث إليهم بالتحف والكسوة ويزوج من أراد منهم التزويج، ويعتق في كل عيد مائة عبد. وروى قريش بن أنس أن محمد بن المهلب بن أبي صفرة وجه إلى

(5/478)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 479
عبيد الله بن أبي بكرة أنه أصابتني علة، فوصف لي لبن البقر، قال: فبعث إليه بسبعمائة بقرة ورعاتها. وروى المدائني، عن سلمة بن محارب وذكره الكلبي أنه يزيد بن مفرغ الحميري قدم على عبيد الله بن أبي بكرة بسجستان، فأمر له بخمسين ألفاً، فانصرف وهو يقول:
(يسائلني أهل العراق عن الندى .......... فقلت: عبيد الله حلف المكارم)

(فتى حاتمي في سجستان داره .......... وحسبك منه أن يكون كحاتم)

(سما لبناء المكرمات فنالها .......... بشدة ضرغام وبذل الدراهم)
وقال خليفة: توفي سنة تسع وسبعين بسجستان.
4 (عبيد الله بن قيس الرقيات القرشي)
العامري الحجازي، أحد الشعراء المجودين. مدح مصعب بن الزبير، وعبد الله بن جعفر، وكان مولده في أيام عمر. وهو القائل:
(خليلي ما بال المطايا كأنها .......... نراها على الأدبار بالقوم تنكص)

(5/479)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 480
الأبيات المشهورة. وقيل لأبيه: قيس الرقيات لأن له جدات عدة يسمين رقية.
4 (عبيد بن نضيلة أبو معاوية الخزاعي)
الكوفي المقريء، مقريء أهل الكوفة. سمع: المغيرة بن شعبة، ومسروقاً، وعبيد السلماني، وأرسل عن ابن مسعود، وقرأ القرآن على علقمة. قرأ عليه: حمران بن أعين، ويحيى بن وثاب، وروى عنه: إبراهيم النخعي، وأشعث بن سليم،) والحسن العرني. قيل: إنه توفي في ولاية بشر بن مروان العراق، وكان مقريء أهل الكوفة في زمانه، ويقال: قرأ على ابن مسعود، رواه يحيى بن آدم، عن الكسائي، عن أبي محمد الأنصاري، عن الأعمش قال: قرأت على يحيى بن وثاب، قلت: فيحيى على من قرأ قال: على عبيد بن نضيلة، وقرأ عبيد على ابن مسعود.
4 (عبيد بن عمير)
ابن قتادة أبو عاصم الليثي الجندعي المكي الواعظ المفسر.

(5/480)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 481
ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. وروى عن: عمر، وعلي، وأبي، وأبي ذر، وعائشة، وأبي موسى، وابن عباس، وأبيه عمير. روى عنه: ابنه عبد الله، وعطاء بن أبي رباح، وابن أبي مليكة، وعمرو بن دينار، وعبد العزيز بن رفيع، وأبو الزبير، وطائفة سواهم. وكان ابن عمر رضي الله عنهما يحضر مجلسه، وكان ثقة إماماً. قال حماد بن سلمة، عن ثابت قال: أول من قص عبيد بن عمير على عهد عمر بن الخطاب. وقال أبو بكر بن عياش، عن عبد الملك، عن عطاء قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة، فقالت له: خفف فإن الذكر ثقيل، تعني إذا وعظت. وقال عبد الواحد بن أيمن: رأيت عبيد بن عمير له جمة إلى قفاه، ولحيته صفراء.

(5/481)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 482
توفي قبل وفاة ابن عمر بيسير، وقيل: توفي سنة أربع وستين.
4 (عبيدة بن عمرو السلماني)
المرادي، من سلمان بن ناجية بن مراد. كان أحد الفقهاء الكبار بالكوفة. أسلم زمن الفتح، ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ عن: علي، وابن مسعود. روى عنه: إبراهيم النخعي، والشعبي، ومحمد بن سيرين، وعبد الله بن سلمة المرادي، وأبو حسان مسلم الأعرج، وأبو إسحاق السبيعي، وآخرون. قال الشعبي: كان عبيدة يوازي شريحاً في القضاء. وقال أحمد العجلي: كان عبيدة أعور، وكان أحد أصحاب ابن مسعود الذين يفتون ويقرئون.

(5/482)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 483
وقال ابن سيرين: ما رأيت رجلاً كان أشد توقياً من عبيدة.) وكان ابن سيرين مكثراً عن عبيدة. هشام، عن ابن سيرين: سمعت عبيدة يقول: أسلمت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، وصليت ولم ألقه. هشام بن حسان، عن محمد، عن عبيدة قال: اختلف الناس في الأشربة، فما لي شراب منذ ثلاثين سنة إلا العسل واللبن والماء. هشام بن حسان، عن محمد: قلت لعبيدة: إن عندنا من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من قبل أنس، فقال: لأن يكون عندي منه شعرة أحب إلي من كل صفراء وبيضاء على ظهر الأرض. توفي على الصحيح سنة اثنتين وسبعين. قال أبو أحمد الحاكم: كنيته أبو مسلم، وأبو عمرو.
4 (العرباض بن سارية)
أبو نجيح السلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد أصحاب الصفة التي

(5/483)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 484
بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن البكائين الذين نزل فيهم ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم الآية. سكن حمص. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي عبيدة. روى عنه: جبير بن نفير، وأبو رهم السماعي، وعبد الرحمن بن عمرو السلمي، ويحيى بن أبي المطاع، وخالد بن معدان، والمهاجر بن حبيب، وحجر بن حجر، وحبيب بن عبيد، وآخرون. قال ابن وهب: ثنا سعيد بن أيوب، عن سعد بن إبراهيم، عن عروة بن رويم، عن العرباض بن سارية، وكان يحب أن يقبض، فكان يدعو: اللهم كبرت سني ووهن عظمي، فاقبضني إليك، قال: فبينا أنا يوماً في مسجد دمشق أصلي وأدعو أن أقبض إذا أنا بفتى شاب من أجمل الناس، وعليه دواج أخضر، فقال: ما هذا الذي تدعو به قال: فقلت: كيف أدعو يا بن أخي قال: قل: اللهم حسن العمل وبلغ الأجل، فقلت: من أنت يرحمك الله قال: أنا رتباييل الذي يسل الحزن من صدور المؤمنين، ثم التفت فلم أر أحداً.) وقال إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد قال: قال عتبة بن عبد السلمي: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه رجل وله اسم لا يحبه غيره، ولقد أتيناه وإنا لسبعة من بني سليم، أكبرنا العرباض بن سارية، فبايعناه. وقال إسماعيل بن عياش: ثنا أبو بكر بن عبد الله بن حبيب بن عبيد، عن العرباض بن سارية قال: لولا أن يقال: فعل أبو نجيح لألحقت مالي

(5/484)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 485
سبله، ثم لحقت وادياً من أودية لبنان، فعبدت الله حتى أموت. وقال النضر بن شميل: ثنا شعبة، عن أبي الفيض: سمعت عمر أبا حفص الحمصي قال: أعطى معاوية المقدام حماراً من المغنم، فقال له العرباض بن سارية: ما كان لك أن تأخذه، وما كان له أن يعطيك، كأني بك في النار تحمله على عنقك، فرده. قال أبو مسهر، وغيره: توفي سنة خمس وسبعين.
4 (عطية بن بسر المازني)
أخو عبد الله، ولها صحبة. ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليهما فقدما له تمراً وزبداً، وكان يحب الزبد. قال صدقة، عن ابن جابر، عن سليم بن عامر، عن ابني بسر ولم يسمهما.
4 (عطية السعدي ابن عروة،)
ويقال: ابن سعد، ويقال: ابن

(5/485)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 486
عمرو بن عروة بن القين. له صحبة ورواية، ونزل البلقاء بالشام، وله ذرية بالبلقاء. روى عنه: ابنه محمد أبو عروة، وربيعة بن يزيد، وإسماعيل ابن أبي المهاجر، وعطية بن قيس. قال معمر، عن سماك بن الفضل، عن عروة بن محمد بن عطية، عن أبيه، عن جده، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اليد المعطية خير من اليد السفلى.
4 (عقبة بن صهبان الأزدي البصري.)
روى عن: عثمان، وعائشة، وعياض بن عمار، وغيرهم. روى عنه: الصلت بن دينار، وقتادة، وعلي بن زيد بن جدعان. قال ابن سعد: توفي في أول ولاية الحجاج على العراق، قال: وكان ثقة.)
4 (علقمة بن وقاص الليثي العتواري المدني.)
جد محمد بن

(5/486)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 487
عمرو بن علقمة. سمع: عمر، وعائشة، وابن عباس. روى عنه: ابناه عمرو، وعبد الله، ومحمد بن إبراهيم التيمي والزهري، وابن أبي مليكة. وثقه ابن سعد، وكان قليل الرواية.
4 (عمارة بن رؤيبة الثقفي.)
صحابي معروف، نزل الكوفة، كنيته أبو زهيرة. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن علي. روى عنه: ابنه أبو بكر بن عمارة، وأبو إسحاق السبيعي، وعبد الملك بن عمير، وحصين بن عبد الرحمن. وهو الذي رأى بشر بن مروان يخطب رافعاً يديه، فقال: قبح الله هاتين

(5/487)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 488
اليدين، وكان ذلك في سنة ثلاث أو أربع وسبعين.
4 (عمر بن أبي سلمة)
ابن عبد الأسد بن هلال، أبو حفص المخزومي المدني، ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولد بأرض الحبشة في السنة الثانية من الهجرة، على ما قال ابن عبد البر، وهو خطأ، وذلك لأن مولده قبل. وعن ابن الزبير قال: هو أكبر مني بسنتين. قلت: لما توفي والده أبو سلمة في سنة ثلاث كان له أربعة أولاد: عمر، وهو الأكبر فيما أرى، وسلمة، وزينب، ودرة، وقد تزوج عمر، واستفتى النبي صلى الله عليه وسلم عن القبلة للصائم، وقد تزوج نبي الله بأمه أم سلمة سنة أربع، وورد أنه هو الذي زوج أمه، وأنه كان صبياً مميزاً.

(5/488)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 489
وكان يوم الخندق في أطم حسان بن ثابت مع النساء، فكان يحمل ابن الزبير لينظر، فهذه الأشياء تدل على أن مولده قبل عام الهجرة ولا بد. وكان عند أمه أم سلمة، وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا بني سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك.) وروى عن أمه. روى عنه: عروة، وابن المسيب، ووهب بن كيسان، وقدامة بن إبراهيم، وثابت البناني، وأبو وجزة السعدي يزيد بن عبيد، وابنه محمد بن عمر، وغيرهم. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه من الرضاع. قال ابن سعد: توفي في خلافة عبد الملك. ثم رأيت ابن الأثير قد ورخ موته سنة ثلاث وثمانين، فيؤخر.
4 (عمرو بن أخطب أبو زيد الأنصاري)
الخزرجي الأعرج.

(5/489)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 490
غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة غزوة ومسح رأسه وقال: اللهم جمله فبلغ مائة سنة، ولم يبيض من شعره إلا اليسير. نزل البصرة وله بها مسجد. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث. روى عنه: ابنه بشير، ويزيد الرشك، وعلباء بن أحمر، وأنس بن سيرين، وأبو قلابة الجرمي، وجماعة.
4 (عمرو بن الأسود)
ويقال عمير بن الأسود، أبو عياض العنسي الحمصي، ويقال: إنه سكن داريا، وقيل: كنيته أبو عبد الرحمن، من كبار تابعي الشام. روى عن: عمر، وابن مسعود، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وأم حرام بنت ملحان، وغيرهم.

(5/490)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 491
روى عنه: مجاهد، وخالد بن معدان، وأبو راشد الحبراني، ويوسف بن سيف. قال أبو زرعة الدمشقي، وأبو الحسن بن سميع: عمرو بن الأسود هو عمير بن الأسود، يكنى أبا عياض. قلت وحديثه في صحيح البخاري في الجهاد: عمير بن الأسود. وقال أحمد في مسنده: ثنا أبو اليمان، ثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن حمزة بن حبيب، وحكى ابن عمير قالا: قال عمر بن الخطاب: من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله صلى الله عليه) وسلم فلينظر إلى هدي عمر بن الأسود، رواه محمد بن حرب، وغيره، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن ضمرة فقط، عن عمرو بن الأسود أنه مر على عمر. وقال عبد الوهاب بن نجدة، ثنا بقية، عن أرطأة بن المنذر، حدثني زريق أبو عبد الله الألهاني، أن عمرو بن الأسود قدم المدينة، فرآه ابن عمر يصلي، فقال: من سره أن ينظر إلى أشبه الناس صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هذا، ثم بعث إليه ابن عمر بقرى وعلف ونفقة. فقبل القرى والعلف ورد النفقة، فقال بن عمر: ظننت أنه سيفعل ذلك.

(5/491)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 492
أخبرنا أحمد بن إسحاق الأبرقوهي. أنا الفتح بن عبد الله، أنبأ أبو غالب محمد بن علي، ومحمد بن أحمد، ومحمد بن عمر القاضي قالوا: نا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة، أنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، ثنا جعفر الفريابي، ثنا إبراهيم بن العلاء الحمصي، ثنا إسماعيل بن عياش، عن بحير بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الأسود العنسي أنه كان إذا خرج إلى المسجد قبض بيمينه على شماله، فسأل عن ذلك، فقال: مخافة أن تنافق يدي. قلت: لئلا يخطر بها في مشيته. وقال إسماعيل بن عياش: حدثني شرحبيل، عن عمرو بن الأسود أنه كان يدع كثيراً من الشبع مخافة الأشر.
4 (عمرو بن حريث القرشي)
المخزومي، له صحبة.

(5/492)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 493
قال خليفة: توفي سنة ثمان وسبعين بالكوفة. قلت: والصحيح أنه توفي سنة خمس وثمانين.
4 (عمرو بن عتبة)
ابن فرقد السلمي الكوفي الزاهد. عن: عبد الله بن مسعود، وسبيعة الأسلمية. وعنه: الشعبي، وحوط بن رافع العبدي، وعبد الله بن ربيعة، وعيسى بن عمر الهمداني، لكن لك يدركه. قال علي بن صالح بن حي: كان عمرو بن عتبة يرعى ركاب أصحابه وغمامة تظله، وكان يصلي والسبع يضرب بذنبه يحميه.) وقال الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الله بن ربيعة قال: قال

(5/493)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 494
عتبة بن فرقد: يا عبد الله ألا تعينني على ابني فقال عبد الله: يا عمرو، أطع أباك. فقال: يا أبه، إنما أنا رجل أعمل في فكاك رقبتي فدعني، فبكى أبوه ثم قال: يا بني إني لأحبك حبين، حباً لله، وحب الوالد لولده، قال: يا أبه إنك كنت أتيتني بمال بلغ سبعين ألفاً، فإن أذنت لي أمضيته. قال: قد أذنت لك، فأمضاه حتى ما بقي منه درهم. وعن أحمد بن يونس اليربوعي، عمن حدثه قال: قام عمرو بن عتبة يصلي، فقرأ حتى بلغ وأنذرهم يوم الآزفة الآية. فبكى حتى انقطع، ثم قعد، فعل ذلك حتى أصبح. ويروى أن حنشاً جاءه في الصلاة، فالتف على رجله، فلم يترك صلاته. وروى عبد الله بن المبارك عن عيسى بن عمر قال: كان عمرو بن عتبة بن فرقد يخرج على فرسه ليلاً، فيقف على القبور، فيقول: يا أهل القبور قد طويت الصحف، وقد رفعت الأعمال، ثم يبكي ويصف قدميه حتى يصبح فيرجع فيشهد صلاة الصبح. رواها النسائي عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك في السنن، وعيسى لم يدرك عمراً.

(5/494)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 495
وعن بعض التابعين قال: كان عمرو بن عتبة يفطر على رغيف ويتسحر برغيف. وقال فضيل، عن الأعمش قال: قال عمرو بن عتبة بن فرقد: سألت الله ثلاثاً فأعطاني اثنتين وأنا أنتظر الثالثة: سألته أن يزهدني في الدنيا فما أبالي ما أقبل وما أدبر، وسألته أن يقويني على الصلاة فرزقني منها، وسألته الشهادة، فأنا أرجوها. وقال إبراهيم النخعي، عن علقمة قال: خرجنا ومعنا مسروق، وعمرو بن عتبة، ومعضد العجلي غازين، فلما بلغنا ماسبذان، وأميرها عتبة بن فرقد، فقال لنا ابنه عمرو: إنكم إن نزلتم عليه صنع لكم نزلاً، ولعل أن تظلموا فيه أحداً، ولكن إن شئتم قلنا في ظل هذه الشجرة وأكلنا من كسرنا، ثم رحنا، ففعلنا، فلما قدمنا الأرض قطع عمرو بن عتبة جبة بيضاء فلبسها فقال: والله إن تحدر الدم على هذه لحسن، فرمى، فرأيت الدم ينحدر على المكان الذي وضع يده عليه، فمات رحمه الله. وقال هشام الدستوائي: لما توفي عمرو بن عتبة دخل بعض أصحابه على أخته، فقال: أخبرينا عنه، فقالت: قام ذات ليلة فاستفتح سورة حم فلما بلغ هذه الآية وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين فما جاوزها حتى أصبح.) له حديث واحد عند ابن ماجه، وحكاية عند النسائي، وهو في طبقة

(5/495)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 496
أبي وائل، وشريح، وعلقمة، ومسروق، والقدماء من حيث الوفاة. أما أبو عتبة بن فرقد فمن أشراف بني سليم، شهد فتح خيبر فيما قيل، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وولي إمرة الموصل لعمر بن الخطاب، وله بها مسجد معروف ودار، ولا أعلم لعتبة رواية.
4 (عمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاص)
بن أمية القرشي الأموي. روى عن: أبيه، وأسامة بن زيد، وهو قليل الحديث. روى عنه: علي بن الحسين، وسعيد بن المسيب، وأبو الزناد. توفي في حدود الثمانين، وكان زوج رملة بنت معاوية.
4 (عمرو بن ميمون)
الأودي المذحجي أبو عبد الله.

(5/496)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 497
أدرك الجاهلية، ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، وقدم الشام مع معاذ بن جبل، ثم نزل الكوفة. وروى عن: عمر، وعلي، ومعاذ، وابن مسعود، وأبي أيوب، وأبي هريرة، وجماعة. روى عنه: أبو إسحاق، والشعبي، وعبدة بن أبي لبابة، ومحمد بن سوقة، وحصين بن عبد الرحمن، وآخرون. ووثقه ابن معين. قال أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن معاذ قال: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير. وفي المسند: ثنا الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، حدثني عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون الأودي قال: قدم

(5/497)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 498
علينا معاذ اليمن رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشحر، رافعاً صوته بالتكبير، أجش الصوت، فألقيت عليه محبتي، فما فارقته حتى حثوت عليه التراب، ثم نظرت إلى أفقه الناس بعده، فأتيت ابن مسعود، وذكر الحديث. وقال عمرو بن ميمون: رأيت قردة في الجاهلية اجتمع عليها قردة فرجموها، فرجمتها معهم.) رواه البخاري. وقال أبو إسحاق: حج عمرو بن ميمون ستين ما بين حجة وعمرة. وقال منصور، عن إبراهيم قال: لما كبر عمرو بن ميمون أوتد له في الحائط، وكان إذا سئم من القيام أمسك به، أو يربط حبلاً فيتعلق به. وقال يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه قال: كان عمرو بن ميمون إذا رؤي ذكر الله تعالى. وقال عاصم بن كليب: رأيت عمرو بن ميمون، وسويد بن غفلة التقيا، فاعتنق كل واحد منهما صاحبه. قال أبو نعيم: توفي سنة أربع وسبعين. وقال الفلاس: سنة خمس وسبعين.

(5/498)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 499
4 (عمير بن جرموز المجاشعي)
قاتل حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، قتله تقرباً بذلك إلى علي، وقال لما جاء يستأذن عليه بشر قاتل الزبير بالنار، فندم وسقط في يده، وبقي كالبعير الأجرب، كل يتجنبه ويهول عليه ما صنع، ورأى منامات مزعجة. ولما ولي مصعب بن الزبير إمرة العراق خافه ابن جرموز، ثم جاء بنفسه إلى مصعب وقال: أقدني بالزبير، فكاتب أخاه ابن الزبير في ذلك، فكتب إلى مصعب: أنا أقتل ابن جرموز بالزبير ولا بشسع نعله أقتل أعرابياً بالزبير، خل سبيله، فتركه، فكره الحياة لذنبه، وأتى بعض السواد، وهنالك قصر عليه زج فأمر إنساناً أن يطرحه عليه، فطرحه عليه فقتله.
4 (عمير بن ضابيء البرجمي)
من أعيان أهل الكوفة. اتهمه الحجاج بأنه من قتلة عثمان، فقتله بذلك أول ما دخل أميراً على الكوفة في سنة خمس.

(5/499)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 500
4 (عمير بن أبي اللحم)
له صحبة، شهد خيبر مع مولاه، وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه: محمد بن إبراهيم التيمي، ويزيد بن أبي عبيد، ويزيد ابن عبد الله بن الهاد، ومحمد بن زيد بن المهاجر، عداده في أهل المدينة.
4 (عميرة بن سعد الشبامي الهمداني.)
) سمع علياً. وعنه: طلحة بن مصرف، وعرار بن سويد. يكنى أبا السكن.

(5/500)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 501
4 (عوف بن مالك)
الأشجعي الغطفاني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. شهد الفتح، وله أحاديث. وعنه: أبو هريرة، وأبو مسلم الخولاني، وجبير بن نفير، وكثير بن مرة، وأبو إدريس الخولاني، والشعبي، وراشد بن سعد، ويزيد بن الأصم، وسالم أبو النضر، وشداد أبو عمار، وسليم بن عامر، وآخرون. وشهد غزوة مؤتة. قال عاصم بن علي: نا المسعودي، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي قال: رأيت كأن سيفاً من السماء تدلى، وأن الناس تطاولوا، وأن عمر فضلهم بثلاثة أذرع. قلت: وما ذاك قال: لأنه خليفة من خلفاء الله، ولا يخاف في الله لومة لائم، وأنه يقتل شهيداً قال: فقصصتها على الصديق، فطلب عمر، فلما جاء قال: يا عوف قصها عليه،

(5/501)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 502
فلما أبنت له أنه خليفة من خلفاء الله قال: أكل هذا يرى النائم. فلما ولي عمر رآني بالجابية وهو يخطب، فدعاني فأجلسني، فلما فرغ من الخطبة قال: قص علي رؤياك فقلت له: ألست قد جبهتني عنها قال: خدعتك أيها الرجل. فلما قصصتها عليه قال: أما الخلافة فقد أوتيت ما ترى، وأما أن لا أخاف في الله لومة لائم، فإني أرجو أن يكون الله قد علم مني ذلك، وأما أن أقتل فأنى لي بالشهادة وأنا في جزيرة العرب. ولقد رأيت مع ذلك كأن ديكاً ينقر سرتي، وما أمتنع عنه بشيء. وقال ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي مسلم الخولاني قال: قال: حدثني الحبيب الأمين أما هو إلي فحبيب، وأما هو عندي فأمين عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة أن ثمانية أو تسعة فقال: ألا تبايعون رسول الله فرددها ثلاثاً، فقدمنا أيدينا فبايعناه، وذكر الحديث. وقال عمارة بن زاذان: ثنا ثابت عن أنس قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عوف بن مالك والصعب بن جثامة.) وقال الواقدي: كانت راية أشجع يوم الفتح مع عوف بن مالك.

(5/502)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 503
وقال يزيد بن زريع: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي المليح، عن عوف قال: عرس بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوسد كل إنسان منا ذراع راحلته، فانتبهت في بعض الليل، فإذا أنا لا أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند راحلته، فأفزعني ذلك، فانطلقت ألتمسه، فإذا أنا بمعاذ وأبي موسى، وإذا هما قد أفزعهما ما أفزعني، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا هزيزاً على أعلى الوادي كهزيز الرحى. قال: فأخبرناه بما كان من أمرنا، فقال: أتاني الليلة آت من ربي عز وجل فخيرني بين الشفاعة، وبين أن يدخل نصف أمتي الجنة، فاخترت الشفاعة، فقلت: أنشدك الله يا نبي الله والصحبة لما جعلتنا من أهل شفاعتك، قال: فإنكم من أهل شفاعتي، قال: فانتهينا إلى الناس، فإذا هم قد فزعوا حين فقدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال هلال بن العلاء: ثنا حسين بن عياش، ثنا جعفر بن برقان، ثنا ثابت بن الحجاج قال: شتونا في حصن دون القسطنطينية، وعلينا عوف بن مالك الأشجعي، فأدركنا رمضان ونحن في الحصن، فقال عوف: قال عمر: صيام يوم ليس من رمضان، وإطعام مسكين يعدل صيام يوم من رمضان، ثم جمع بين إصبعيه. قال ثابت: هو تطوع، من شاء صامه ومن شاء تركه، يعني الإطعام. وروى جبير بن نفير قال: قال عوف بن مالك: ما من ذنب إلا وأنا أعرف توبته، قيل: يا أبا عبد الرحمن وما توبته قال: أن تتركه ثم لا تعود إليه. قلت: وقيل إن كنيته أبو محمد، وقيل أبو حماد، وقيل أبو عمرو، وقيل أبو عبد الله.

(5/503)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 504
قال الواقدي وخليفة: توفي سنة ثلاث وسبعين، وتوفي بالشام. قاله أبو عبيد.
4 (عياض بن عمرو الأشعري)
سمع: أبا عبيدة، وخالد بن الوليد، وعياض بن غنم الفهري، وجماعة. روى عنه: الشعبي، وسماك بن حرب، وحصين بن عبد الرحمن. وأحسبه نزل الكوفة. قال الشعبي: مر عياض بن عمرو الأشعري في يوم عيد فقال: مالي لا أراهم يقلسون فإنه من السنة. قال هشيم: التقليس الضرب بالدف.) وقال أحمد في مسنده: ثنا غندر نا شعبة، عن سماك: سمعت عياضاً الأشعري قال: شهدت اليرموك وعلينا خمسة أمراء: خالد بن الوليد،

(5/504)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 505
وأبو عبيدة بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، وعياض هو ابن غنم، وقال عمر: إذا كان قتال فعليكم أبو عبيدة، قال: فكتبنا إليه: إنه قد جاش إلينا الموت، فاستمددناه، فكتب إلينا، إنه قد جاءني كتابكم تستمدوني، وأنا أدلكم على من هو أعز نصراً وأحصن جنداً: الله تبارك وتعالى فأشهدوه، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم قد نصر يوم بدر في أقل من عدتكم، قال: فقاتلناهم فهزمناهم وقتلناهم أربع فراسخ، وأصبنا أموالاً، قال: فتشاوروا، فأشار علينا عياض أن نعطى عن كل رأس عشرة، قال: وقال أبو عبيدة: من يسابقني فقال له شاب: أنا إن لم تغضب، قال: فسبقه: فرأيت عقيصتي أبي عبيدة تنقزان وهو خلفه على فرس عربي.

(5/505)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 506
4 (حرف الغين)

4 (غضيف بن الحارث)
ابن زنيم، أبو أسماء السكوني. مختلف في صحبته. روى عن: عمر، وأبي عبيدة، وأبي ذر، وبلال، وأبي الدرداء. روى عنه: ابنه عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن عائذ اليماني، وحبيب بن عبيد، ومكحول، وعبادة بن نسي، وسليم بن عامر، وشرحبيل بن مسلم، وأبو راشد الحبراني، وجماعة. وسكن حمص. فروى العلاء بن يزيد الثمالي: ثنا عيسى بن أبي رزين الثمالي: سمعت غضيف بن الحارث قال: كنت صبياً أرمي نخل الأنصار، فأتوا بي

(5/506)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 507
النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح برأسي وقال: كل ما سقط ولا ترم نخلهم. رواه خيثمة الأطرابلسي، عن سليمان بن عبد الحميد قال: سمعت العلاء فذكره، فإن صح هذا الحديث فهو صحابي. ويقويه ما روى معن، عن معاوية، بن صالح، عن يونس بن سيف، عن غضيف بن الحارث الكندي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم واضعاً يده اليمنى على اليسرى في الصلاة. وقال يونس المؤدب: ثنا حماد عن برد أبي العلاء، عن عبادة بن نسي، عن غضيف بن الحارث أنه مر بعمر بن الخطاب فقال: نعم الفتى غضيف. فلقيت أبا ذر بعد ذلك، فقال: أي) أخي استغفر لي، قلت: أنت صاحب رسول اله صلى الله عليه وسلم، وأنت أحق أن تستغفر لي، قال: إني سمعت عمر، يقول: نعم الفتى غضيف، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ضرب الحق على لسان عمر وقلبه. وروى نحوه مكحول، عن غضيف. قال ابن سعد: غضيف بن الحارث الكندي ثقة، في الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام. وقال ابن أبي حاتم: له صحبة، وقيل فيه الحارث بن غضيف، وقال أبي، وأبو زرعة: الصحيح أنه غضيف بن الحارث له صحبة. وقال أبو الحسن بن سميع: غضيف بن الحارث الثمالي من الأزد، حمصي. وقال أبو اليمان، عن صفوان بن عمرو: إن غضيف بن الحارث كان

(5/507)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 508
يتولى لهم صلاة الجمعة بحمص إذا غاب خالد بن يزيد. وقال بقية، عن أبي بكر بن عبد الله، عن حبيب بن عبيد، عن غضيف قال: بعث إلي عبد الملك بن مروان فقال: يا أبا أسماء، قد جمعنا الناس على أمرين، رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة، والقصص بعد الصبح والعصر، قال غضيف: أما إنها أمثل بدعتكم عندي، ولست مجيبك إلى شيء منهما، قال: لم قلت: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة. فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة. رواه أحمد في المسند.

(5/508)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 509
4 (حرف الفاء)

4 (فروة بن نوفل الأشجعي الكوفي.)
لأبيه صحبة. سمع: أباه، وعلياً، وعائشة. روى عنه: هلال بن يساف، ونصر بن عاصم الليثي، وأبو إسحاق السبيعي. وروى أبو إسحاق أيضاً، عن رجل، عنه.

(5/509)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 510
4 (حرف القاف)

4 (قرط بن خيثمة البصري)
عن: علي بن أبي طالب، وأبي موسى. وعنه: مسلم بن مخراق، وأبو الأسود، وطلق بن خساف، وداوود بن نفيع.) قاله ابن أبي حاتم عن أبيه.
4 (قطري بن الفجاءة)
واسم أبيه جعونة بن مازن بن يزيد التميمي المازني، أبو نعامة، رأس

(5/510)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 511
الخوارج في زمانه. كان أحد الأبطال المذكورين، خرج في خلافة ابن الزبير، وبقي يقاتل المسلمين، ويستظهر عليهم بضع عشرة سنة، وسلم عليه بإمرة المؤمنين، وقد جهز إليه الحجاج جيشاً بعد جيش، وهو يستظهر عليهم ويكسرهم، وتغلب على نواحي فارس وغيرها، ووقائعه مشهورة. وقيل لأبيه الفجاءة لأنه قدم على أهله من سفر فجاءة. ولقطري، وكان من البلغاء:
(أقول لها وقد طارت شعاعاً .......... من الأبطال ويحك تراعي)

(فإنك لو سألت بقاء يوم .......... على الأجل الذي لك لم تطاعي)

(فصبراً في مجال الموت صبراً .......... فما نيل الخلود بمستطاع)

(ولا ثوب الحياة بثوب عز .......... فيطوي عن أخي الخنع اليراع)

(سبيل الموت غاية كل حي .......... وداعيه لأهل الأرض داع)

(ومن لم يعتبط يسأم ويهرم .......... وتسلمه المنون إلى انقطاع)

(وما للمرء خير في حياة .......... إذا ما عد من سقط المتاع

(5/511)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 512
) .......... في سنة تسع وسبعين اندقت عنقه، إذ عثرت به فرسه كما تقدم، وقيل: بل قتل.

(5/512)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 513
4 (حرف الكاف)

4 (كثير بن الصلت بن معديكرب)
الكندي المدني أخو الزبير. قدم المدينة في خلافة الصديق وروى عنه، وعن: عمر، وعثمان، وزيد بن ثابت. روى عنه: يونس بن جبير، وأبو علقمة مولى ابن عوف. روى أبو عوانة في مسنده من حديث نافع، عن ابن عمر: أن كثير بن الصلت كان اسمه قليلاً، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً. وخالفه سليمان بن بلال، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، فجعل الذي غير اسم كثير بن الصلت عمر رضي الله عنه.) وقال ابن سعد: كان له شرف وحال جميلة، وله دار بالمدينة كبيرة بالمصلى.

(5/513)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 514
وقال أحمد العجلي: تابعي ثقة. وقال غيره: كان كاتباً لعبد الملك بن مروان على الرسائل.
4 (كثير بن مرة)
أبو شجرة، ويقال: أبو القاسم الحضرمي الحمصي. سمع: عمر، وروى عن: معاذ بن جبل، ونعيم بن همار، وعمرو بن عبسة، وتميم الداري، وعبادة بن الصامت، وعوف بن مالك، وجماعة. روى عنه: مكحول، وخالد بن معدان، ويزيد بن أبي حبيب، وعمرو بن جابر المصريان، وأبو الزاهرية حدير بن كريب، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير، وسليم بن عامر. ويقال إنه أدرك سبعين بدرياً. قاله يزيد بن أبي حبيب. وشهد الجابية مع عمر. روى نصر بن علقمة، عن أخيه محفوظ: عن ابن عائذ قال: قال كثير بن مرة لمعاذ ونحن بالجابية: من المؤمنون قال معاذ: أمبرسم ! والكعبة

(5/514)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 515
إن كنت لأظنك أفقه مما أنت، هم الذين أسلموا وصاموا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة. قال أبو مسهر: أدرك كثير بن مرة عبد الملك، يعني وفاة عبد الملك. قاله البخاري. قلت: فيؤخر إلى الطبقة التاسعة.
4 (كريب بن أبرهة)
ابن مرثد أبو رشدين الأصبحي المصري، الأمير، أحد الأشراف. روى عن: أبي الدرداء، وحذيفة، وكعب الأحبار. قال يزيد بن أبي حبيب: إن عبد العزيز بن مروان قال لكريب بن أبرهة: أشهدت خطبة عمر بالجابية قال: حضرتها وأنا غلام أسمع ولا أدري ما يقول. وقال ابن يونس: كريب شهد فتح مصر، وأدركت قصره بالجيزة، هدمه ذكاء الأعور، وبنى عوضه قيسارية ذكاء يباع فيها البز، قال: وولي كريب الإسكندرية لعبد العزيز بن مروان أمير مصر، وتوفي سنة خمس وسبعين.) وقال أحمد العجلي: هو ثقة من كبار التابعين.

(5/515)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 516
قلت: روى عنه: ثوبان بن شهر، وسليم بن عتر، وأبو سليط شعبة، والهيثم بن خالد التجيبي، ووفد على معاوية. وعن يعقوب بن عبد الله بن الأشج قال: رأيت كريب بن أبرهة يخرج من عنده عبد العزيز، فيمشي تحت ركابه خمسمائة من حمير.
4 (كميل بن زياد النخعي شريف مطاع)
من كبار شيعة علي رضي الله عنه. روى عن: عثمان، وعلي، وابن مسعود. قتله الحجاج. روى عنه: أبو إسحاق، وعبد الرحمن بن عائش، والأعمش، وجماعة. وثقه ابن معين.

(5/516)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 517
4 (حرف اللام)

4 (ليلى الأخيلية)
الشاعرة المشهورة. كانت من أشعر النساء، لا يقدم عليها في الشعر غير الخنساء. وقيل: إن النابغة الجعدي هجاها فقال:
(وكيف أهاجي شاعراً رمحه استه .......... خضيب البنان لا يزال مكحلا)
فأجابته:

(5/517)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 518
(أعيرتني داء بأمك مثله .......... وأي حصان لا يقال لها هلا)
ودخلت على عبد الملك بن مروان وقد أسنت، فقال لها: ما رأى توبة منك حتى عشقك قالت: ما رأى الناس منك حتى جعلوك خليفة، فضحك وأعجبه. ويقال: إنه قال لها: هل كان بينكما سوء قط قالت: لا والذي ذهب بنفسه، إلا أنه غمز يدي مرة. وقال أبو الحسن المدائني، عمن حدثه، عن مولى لعنبسة بن سعيد بن العاص قال: دخلت يوماً على الحجاج، فأدخلت إليه امرأة، فطأطأ رأسه، فجلست بين يديه فإذا امرأة قد أسنت، حسنة الخلق، ومعها جاريتان لها، فإذا هي ليلى الأخيلية، فقال: يا ليلى، ما أتى بك قالت: إخلاف) النجوم، وقلة الغيوم، وكلب البرد، وشدة الجهد، وكنت لنا بعد الله الرفد، والناس مستنون، ورحمة الله يرجون، وإني قد قلت في الأمير قولاً، قال: هاتي، فأنشأت تقول:
(أحجاج لا يفلل سلاحك إنما ال .......... منايا بكف الله حيث يراها)

(إذا هبط الحجاج أرضاً مريضة .......... تتبع أقصى دائها فشفاها)

(شفاها من الداء العضال الذي بها .......... غلام إذا هز القناة سقاها)

(إذا سمع الحجاج رزء كتيبة .......... أعد لها قبل النزول قراها)
ثم ذكر باقي القصة بطولها وأن الحجاج وصلها بمائة ناقة، وقال

(5/518)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 519
لجلسائه: هذه ليلى الأخيلية التي مات توبة الخفاجي من حبها، أنشدينا بعض ما قال فيك، قالت: نعم، قال في:
(وهل تبكي ليلى إذا مت قبلها .......... وقام على قبري النساء النوائح)

(كما لو أصاب ليلى الموت بكيتها .......... وجاد لها دمع من العين سافح)

(وأغبط من ليلى بما لا أناله .......... ألا كلما قرت به العين صالح)

(ولو أن ليلى الأخيلية سلمت .......... علي ودوني جندل وصفائح)

(لسلمت تسليم البشاشة أو زقا .......... إليها صدي من جانب القبر صائح)
قال الحجاج: فهل رابك منه شيء قالت: لا والذي أسأله أن يصلحك، غير أنه قال لي مرة، ظننت أنه قد خضع لأمر، فأنشأت أقول:
(وذي حاجة قلنا له لا تبح بها .......... فليس إليها ما حييت سبيل)

(لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه .......... وأنت لأخرى فارغ وخليل)

4 (لمازة بن زبار)
أبو لبيد الجهضمي البصري.

(5/519)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 520
روى عن: عمر وعلي، وأبي موسى الأشعري، وغيرهم. وعنه: الربيع بن سليم، والزبير بن الخريت، ويعلى بن حكيم، ومطر بن جمران، وطالب بن السميدع. ووفد على يزيد. قال ابن سعد: سمع من علي وله أحاديث صالحة، وكان ثقة. وقال أحمد: أبو لبيد صالح الحديث.) سيعاد.

(5/520)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 521
4 (حرف الميم)

4 (مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني،)
جد مالك بن أنس. روى عن: عمر، وعثمان، وطلحة بن عبيد الله، وعائشة، وأبي هريرة، وكعب الحبر. روى عنه: ابناه أنس، وأبو سهل نافع، وسالم أبو النضر، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وسليمان بن يسار، وغيرهم. وكان ثقة فاضلاً. توفي سنة أربع وسبعين.
4 (مالك بن مسمع أبو غسان الربعي البصري.)

(5/521)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 522
كان سيد ربيعة في زمانه، وكان رئيساً حليماً، يذكر في نظراء الأحنف بن قيس في الشرف. ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وله وفادة على معاوية. قال خليفة: مات سنة ثلاث وسبعين.
4 (محمد بن إياس بن البكير.)
عن: أبي هريرة، وعبد الله بن عمرو. وعنه: أبو سلمة بن عبد الرحمن، ونافع مولى ابن عمر، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وغيرهم.
4 (محمد بن حاطب بن الحارث القرشي)
الجمحي، أخو

(5/522)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 523
الحارث بن حاطب. له صحبة، وحديثان، واحد في الضرب بالدف في النكاح. وروى عن: علي أيضاً. روى عنه: بنوه الحارث، وعمر، وإبراهيم، وحفيده عثمان بن إبراهيم بن محمد، وسعد بن إبراهيم الزهري، وسماك بن حرب، وأبو بلج، يحيى بن سليم، وهو رضيع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. وقيل: هو أول من سمي في الإسلام محمداً.) ولد بمكة، وقيل: ولد بالحبشة. وفي الصحابة محمد بن مسلمة كبير مشهور لكنه سمي محمداً قبل الإسلام. توفي ابن حاطب هذا في سنة أربع وسبعين.
4 (مسروح بن سندر الجذامي،)
مولى روح بن زنباع، كنيته أبو الأسود. قدم مصر بعد فتحها بكتاب عمر. روى عنه: مرثد بن عبد الله اليزني، وربيعة بن لقيط. وهو قليل الحديث.

(5/523)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 524
4 (مصعب بن الزبير)
ابن العوام بن خويلد بن أسد، أبو عيسى، ويقال أبو عبد الله القرشي الأسدي المدني. حكى عن أبيه. روى عنه: الحكم بن عيينة. ووفد على معاوية، واستعمله أخوه على البصرة، وقتل المختار بن أبي عبيد، ثم عزله أخوه، واستعمله بعد ذلك على العراق، فأقام بها يقاوم عبد الملك بن مروان ويحاربه إلى أن قتل. وأمه الرباب بنت أنيف الكلبي.

(5/524)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 525
وكان يسمى آنية النحل من كرمه وجوده. وفيه يقول عبيد الله بن قيس الرقيات:
(إنما مصعب شهاب من الل .......... ه تجلت عن وجهه الظلماء)

(ملكه ملك عزة ليس فيه .......... جبروت منه ولا كبرياء)

(يتقي الله في الأمور وقد أف .......... لح من كان همه الإتقاء)
وفيه يقول أيضاً:
(لولا الإلة ولولا مصعب لكم .......... بالطف قد ضاعت الأحساب والذمم)

(أنت الذي جئتنا والدين مختلس .......... والحر معتبد والمال مقتسم)

(ففرج الله عمياها وأنقذنا .......... بسيف أروع من عرنينه شمم)

(مقلد بنجاد السيف فضله .......... فعل الملوك لا عيب ولا قرم)
)
(في حكم لقمان يهدي مع نقيبته .......... يرمي به الأعداء وينتقم)

(وبيته الشرف الأعلى سوابغها .......... في الدارعين إذا ما سألت الخدم)
قال مصعب الزبيري: ومصعب يكنى أبا عبد الله، ولم يكن له ولد اسمه عبد الله. وقال إسماعيل بن أبي خالد: ما رأيت أميراً قط أحسن من مصعب. وقال عمر بن أبي زائدة: قال الشعبي: ما رأيت أميراً قط على منبر أحسن من مصعب. وقال المدائني: كان مصعب يحسد على الجمال، فنظر يوماً وهو يخطب إلى أبي خيران الحماني، فصرف وجهه عنه، ثم دخل ابن جودان

(5/525)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 526
الجهضمي، فسكت وجلس، ودخل الحسن فنزل عن المنبر. وقال عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال: اجتمع في الحجر عبد الله، ومصعب، وعروة بنو الزبير، وعبد الله بن عمر، فقالوا: تمنوا، فقال عبد الله بن الزبير: أما أنا فأتمنى الخلافة، وقال عروة: أما أنا فأتمن أن يؤخذ عني العلم، وقال مصعب: أما أنا فأتمنى إمرة العراق، والجمع بين عائشة بنت طلحة، وسكينة بنت الحسين، وقال ابن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة، فنالوا ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غفر له. قال خليفة: في سنة تسع وستين جمع ابن الزبير العراق لأخيه مصعب. وقال محمد بن عبد العزيز الزهري، عن أبيه قال: ما رأيت الملك بأحد قط أليط منه بمصعب بن الزبير. وقال علي بن زيد بن جدعان قال: بلغ مصعباً عن عريف الأنصار شيء فهم به، فدخل عليه أنس بن مالك فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: استوصوا بالأنصار خيراً، إقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم، فألقى مصعب نفسه عن السرير، وألزق خده بالبساط، وقال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرأس والعين، وتركه. رواه الإمام أحمد. وقال مصعب بن عبد الله: أهديت لمصعب نخلة من ذهب عثاكلها من صنوف الجواهر، فقومت بألفي ألف دينار، وكانت من متاع الفرس، فدفعها إلى عبد الله بن أبي فروة. وقال أبو عاصم النبيل: كان ابن الزبير إذا كتب للرجل بجائزة ألف درهم جعلها مصعب مائة ألف.)

(5/526)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 527
وسئل سالم بن عبد الله: أي ابني الزبير أشجع قال: كلاهما جاء الموت وهو ينظر إليه. وعن الكلبي قال: قال عبد الملك يوماً لجلسائه: من أشجع العرب قيل: شبيب، قطري، فلان، فلان، فقال: إن أشجع العرب لرجل ولي العراقين خمس سنين، فأصاب ألف ألف، وألف ألف، وألف ألف، وتزوج سكينة بنت الحسين، وعائشة بنت طلحة، وأمة الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز، وأمه رباب بنت أنيف الكلبي، وأعطي الأمان، فأبى ومشى بسيفه حتى مات، ذاك مصعب بن الزبير. وروى أبو بكر بن عياش، عن عبد الملك بن عمير قال: دخلت القصر بالكوفة، فإذا رأس الحسين بين يدي عبيد الله بن زياد، ثم دخلت القصر بالكوفة، فإذا رأس عبيد الله بين يدي المختار، ثم دخلت القصر، فإذا رأس المختار بين يدي مصعب بن الزبير، ثم دخلت بعد، فرأيت رأس مصعب بين يدي عبد الملك بن مروان. وعن عامر بن عبد الله بن الزبير، قال: قتل مصعب يوم الخميس، النصف من جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين. وقال غيره: قتل وله أربعون سنة. ولابن قيس الرقيات يرثيه:
(إن الرزية يوم مس .......... كن والمصيبة والفجيعه)

(بابن الحواري الذي .......... لم يعده يوم الوقيعه)

(غدرت به مضر العرا .......... ق وأمكنت منه ربيعه)

(فأصبت وترك يا ربي .......... ع وكنت سامعة مطيعه)

(يا لهف لو كانت له .......... بالدير يوم الدير شيعه)

(أو لم تخونوا عهده .......... أهل العراق بنو اللكيعه)

(5/527)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 528
(لوجدتموه حين يح .......... در لا يعرس بالمضيعه)

4 (معبد بن خالد الجهني)
أبو زرعة. له صحبة ورواية. كان صاحب لواء جهينة يوم الفتح، وكان ألزمهم للبادية. أخذ عن أبي بكر الصديق أيضاً. روى عنه: عمرو بن دينار، وغيره.) ولا رواية له في شيء من الكتب السنة. وعاش ثمانين سنة. توفي سنة اثنتين وسبعين. فأما معبد الجهني صاحب القدر فسيأتي.
4 (معدان بن أبي طلحة اليعمري الشامي.)

(5/528)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 529
قال ابن معين: أهل الشام يقولون: معدان بن طلحة، وهم أثبت فيه. وثقه أحمد العجلي وغيره. روى عن: عمر، وأبي الدرداء، وثوبان. روى عنه: الوليد بن هشام المعيطي والسائب بن حبيش الكلاعي، وسالم بن أبي الجعد، ويعيش بن الوليد، وغيرهم. ذكره أبو زرعة في الطبقة التي تلي الصحابة.
4 (المنذر بن الجارود العبدي)
من وجوه أهل البصرة. ولي إمرة اصطخر لعلي رضي الله عنه، ووفد على معاوية، ثم ولي السند من قبل عبيد الله بن زياد. يقال إنه قتل في زمن الحجاج. وقال ابن إسحاق: قدم الجارود بن عمرو بن حنش العبدي على النبي صلى الله عليه وسلم وكان نصرانياً. وقال غيره: للجارود صحبة. وقتل في خلافة عمر بفارس. كنية المنذر أبو الأشعث، ويقال أبو عتاب.

(5/529)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 530
حرف النون
4 (ناعم بن أجيل الهمداني المصري،)
مولى أم سلمة. سبي في الجاهلية فاشترته أم سلمة فأعتقته فروى عنها، وعن: علي، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو.) روى عنه: عبيد الله بن المغيرة، والأعرج، ويزيد بن أبي حبيب، وآخرون. وكان أحد الفقهاء بمصر. توفي سنة ثمانين.
4 (نافع مولى أم سلمة أيضاً من القدماء.)
روى عن أم سلمة في صحة صوم الجنب حديثاً تفرد به عنه عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

(5/530)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 531
4 (نبيط بن شريط الأشجعي)
له صحبة ورواية. زوجه النبي صلى الله عليه وسلم فريعة بنت أسعد بن زرارة، وعاش دهراً. روى عنه: ابنه سلمة، ونعيم بن أبي هند، وأبو مالك الأشجعي سعد بن طارق.
4 (النزال بن سبرة الهلالي الكوفي.)

(5/531)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 532
روى عن: عثمان، وعلي، وابن مسعود. روى عنه: الشعبي، والضحاك بن مزاحم، وعبد الملك بن ميسرة، وإسماعيل بن رجاء الزبيدي. وثقه أحمد العجلي وغيره.

(5/532)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 533
4 (حرف الهاء)

4 (هرم بن حيان)
العبدي الربعي ويقال الأزدي البصري. روى عن: عمر. روى عنه: الحسن البصري، وغيره. وكان من سادة العباد، ولي بعض الحروب في أيام عمر وعثمان بأرض فارس. قال ابن سعد: كان عاملاً لعمر، وكان ثقة له فضل وعبادة. وقيل سمي هرماً لأنه بقي في بطن أمه سنتين حتى طلعت ثنيتاه.

(5/533)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 534
قال أبو عمران الجوني، عن هرم بن حيان أنه قال: إياكم والعالم الفاسق، فبلغ عمر، فكتب إليه وأشفق منها: ما العالم الفاسق فكتب: يا أمير المؤمنين ما أردت إلا الخير، يكون إمام يتكلم) بالعلم، ويعمل بالفسق، ويشبه على الناس فيضلوا. قلت: إنما أنكر عليه عمر أنهم لم يكونوا يعدون العالم إلا من عمل بعلمه. وروى الوليد بن هشام القحذمي، عن أبيه، عن جده، أن عثمان بن العاص وجه هرم بن حيان إلى قلعة فافتتحها عنوة. وقال الحسن البصري: خرج هرم وعبد الله بن عامر بن كريز، فبينما رواحلهما ترعى إذ قال هرم: أيسرك أنك كنت هذه الشجرة قال: لا والله، لقد رزقني الله الإسلام، وإني لأرجو من ربي، فقال هرم: لكني والله لوددت أني كنت هذه الشجرة، فأكلتني هذه الناقة، ثم بعرتني، فاتخذت جلة، ولم أكابد الحساب، ويحك يا ابن عامر إني أخاف الداهية الكبرى. قال الحسن: كان والله أفقههما وأعلمهما بالله. وقال قتادة: كان هرم بن حيان يقول: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم. وقال صالح المري: قال هرم: صاحب الكلام على إحدى منزلتين، إن قصر فيه خصم، وإن أغرق فيه أثم. وقال قتادة: قال هرم: ما رأيت كالنار نام هاربها، ولا كالجنة نام طالبها.

(5/534)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 535
وقال الحسن: مات هرم بن حيان في يوم صائف، فلما دفن جاءت سحابة قدر قبره فرشته ثم انصرفت. وقال حميد بن هلال، وغيره: قيل لهرم: ألا توصي قال: قد صدقتني نفسي في الحياة وما لي شيء أوصي، ولكن أوصيكم بخواتيم سورة النحل. قال ابن عساكر: قدم هرم بن حيان دمشق في طلب أويس القرني.
4 (همام بن الحارث النخعي)
يروي عن، عمر: وعمار، والمقداد بن الأسود، وحذيفة وجماعة، روى عنه: إبراهيم النخعي، وسليمان بن يسار، ووبرة بن عبد الرحمن. وثقه يحيى بن معين. وقال ابن سعد: توفي زمن الحجاج. وقال حصين، عن إبراهيم النخعي: إن همام بن الحارث كان يدعو:

(5/535)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 536
اللهم اشفني من النوم) بالسير، وارزقني سهراً في طاعتك. فكان لا ينام إلا هنيهة وهو قاعد. وقال ابن الجوزي: كان الناس يتعلمون هديه وسمته، وكان طويل السهر، رحمة الله عليه.

(5/536)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 537
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن الحكم)
ابن أبي العاص بن أمية الأموي. روى: عن معاذ. روى عنه: سلمة بن أسامة. وولي المدينة لابن أخيه عبد الملك، ثم ولي حمص. قال الواقدي، عن بعض أصحابه قال: كان يحيى بن الحكم على المدينة، وكان فيه حمق فوفد على عبد الملك بلا إذن، فعزله. وذكر العتبي أن عبد الملك بن مروان قال: كيف لنا بمثل التي يقول فيها يحيى بن الحكم:
(هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة .......... لفاء غامضة العينين معطار)

(خوذ من الخفرات البيض لم يرها .......... بساحة الدار لا بعل ولا جار)

(5/537)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 538
وعن جنادة بن مروان، عن أبيه قال: قدم عبد الملك بن مروان حمص، فأمر بإسحاق بن الأشعث، فقتل صبراً، فتكلم أهل حمص فنودي: الصلاة جامعة وصعد المنبر. وقال: ما حديث بلغني عنكم يا أهل الكوفة فقام إليه عبد الرحمن بن ذي الكلاع فقال: يا أمير المؤمنين لسنا بأهل الكوفة، ولكنا الذين قاتلنا معك مصعب بن الزبير، وأنت تقول يومئذ: والله يا أهل حمص لأوسينكم ولو بما ترك مروان، وعليك يومئذ قباؤك الأصفر، فقال له رجل: اعزل عنا سفيهك يحيى بن الحكم. فقال: ارحل عن جوار القوم.
4 (يزيد بن الأسود الجرشي)
أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقدم الشام، وسكن بقرية زبدين في الغوطة، وله دار بداخل باب شرقي. قال سعيد بن عبد العزيز، عن يونس بن ميسرة قال: قلت ليزيد بن الأسود: يا أبا الأسود، كم أتى عليك قال: أدركت العزى تعبد في قرية قومي. وقال أبو إسحاق الفزاري، عن صفوان بن عمرو، عن أبي اليمانرجل تابعيعن يزيد بن) الأسود أنه قال لقومه: اكتبوا في الغزو، قالوا: قد

(5/538)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 539
كبرت قال: سبحان الله، اكتبوني فأين سوادي في المسلمين قالوا: أما إذا فعلت فأفطر وتقو على العدو، قال: ما كنت أراني أبقى حتى أعاتب في نفسي. والله لا أشبعها من طعام، ولا أوطئها من منام حتى تلحق بالذي خلقها. وقال أبو اليمان: ثنا صفوان، عن سليم بن عامر، إن السماء قحطت، فخرج معاوية وأهل دمشق يستسقون، فلما قعد معاوية على المنبر قال: أين يزيد بن الأسود الجرشي فناداه الناس، فأقبل يتخطى الناس، فأمره معاوية فصعد المنبر فقعد عند رجليه، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك بخيرنا وأفضلنا، اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بيزيد بن الأسود، يا يزيد ارفع يديك إلى الله، فرفع يزيد يديه، ورفع الناس، فما كان بأوشك أن ثارت سحابة كأنها ترس، وهبت لها ريح فسقينا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم. وقال سعيد بن عبد العزيز، ويحيى بن أبي عمر السيباني وغيرهما، إن الضحاك بن قيس استسقى بيزيد بن الأسود، فما برحوا حتى سقوا. وقال سعيد بن عبد العزيز: إن عبد الملك لما خرج مصعب بن الزبير رحل معه يزيد بن الأسود، فلما التقوا قال: اللهم احجز بين هذين الجبلين، وول الأمر أحبهما إليك، فظفر عبد الملك. روى الحسن بن محمد بن بكار، عن أبي بكر عبد الله بن يزيد القرشي قال: حدثني بعض المشيخة أن يزيد بن الأسود الجرشي كان يسير هو

(5/539)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 540
ورجل في أرض الروم، فسمع منادياً يقول: يا يزيد إنك لمن المقربين، وإن صحبك لمن العابدين، وما نحن بكاذبين. قال علي بن الحسن بن عساكر الحافظ: بلغني أن يزيد بن الأسود كان يصلي العشاء الآخرة بمسجد دمشق، ويخرج إلى زبدين، فتضيء إبهامه اليمنى، فلا يزال يمشي في ضوئها حتى يبلغ زبدين. قلت: وقد حضره واثلة بن الأسقع عند الموت.
4 (يزيد بن شريك التيمي الكوفي،)
من تيم الرباب لا تيم قريش. روى عن: عمر، وعلي، وأبي ذر، وحذيفة. روى عنه: ابنه إبراهيم التيمي، وإبراهيم النخعي، والحكم بن عتبة، وغيرهم.) وثقه يحيى بن معين. محمد بن جحادة عن سليمان، عن إبراهيم التيمي قال: كان على أبي قميص من قطن، فقلت: يا أبه، لو لبست فقال: لقد قدمت البصرة، فأصبت آلافاً فما اكترثت بها فرحاً، ولا حدثت نفسي بالكره أيضاً، ولوددت أن كل لقمة طيبة أكلتها في فم أبغض الناس إلي، إني سمعت أبا الدرداء

(5/540)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 541
يقول: إن ذا الدرهمين يوم القيامة أشد حساباً من ذي الدرهم. سفيان الثوري، عن همام قال: لما قص إبراهيم التيمي أخرجه أبوه رحمه الله.
4 (يزيد بن عميرة الزبيدي،)
ويقال الكندي، ويقال السكسكي الحمصي. روى عن: أبي بكر، وعمر، ومعاذ بن جبل، وغيرهم. روى عنه: أبو إدريس الخولاني، وشهر بن حوشب، وأبو قلابة الجرمي، وعطية بن قيس، وغيرهم. وهو قليل الحديث. قال أحمد بن عبد الله العجلي: شامي ثقة من كبار التابعين. وقال أبو مسهر: أكبر أصحاب مالك بن يخامر وكان رأس القوم يزيد بن عميرة الزبيدي.

(5/541)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 542
4 (الكنى)

4 (أبو إدريس الخولاني)
اسمه عائذ الله بن عبد الله، فقيه أهل دمشق، وقاضي دمشق. وقيل اسمه عبد الله بن إدريس بن عائذ الله بن عبد الله بن عتبة. ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم عام حنين.

(5/542)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 543
وحدث عن: أبي ذر، وأبي الدرداء، وحذيفة، وعبادة بن الصامت، وأبي موسى، والمغيرة بن شعبة، وأبي هريرة، وعقبة بن عامر، وعوف بن مالك، وشداد بن أوس، وابن عباس، وأبي مسلم الخولاني، وجماعة. روى عنه: مكحول، وأبو سلام الأسود، وأبو قلابة الجرمي، والزهري، وربيعة بن يزيد، ويحيى بن يحيى الغساني، وأبو حازم الأعرج، ويونس بن ميسرة، وآخرون كثيرون. قال العباس بن سالم الدمشقي، وهو ثقة: سمعت أبا إدريس الخولاني قال: لم أنس عبد الله بن) مسعود قائماً على درج كنيسة دمشق يحدثنا بالأحاديث. قال أبو زرعة الدمشقي: قلت لدحيم: أي الرجلين عندك أعلم: جبير بن نفير، أو أبو إدريس الخولاني قال: أبو إدريس عندي المقدم، ورفع من شأن جبير لإسناده وأحاديثه. وقال الزهري: حدثني أبو إدريس، وكان من فقهاء أهل الشام. وقال مكحول: ما رأيت مثل أبي إدريس الخولاني. عن سعيد بن عبد العزيز قال: كان أبو إدريس عالم الشام بعد أبي الدرداء. وقال محمد بن شعيب بن شابور، أخبرني يزيد بن عبيدة أنه رأى أبا إدريس في زمن عبد الملك، وأن حلق المسجد بدمشق يقرأون القرآن

(5/543)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 544
يدرسون جميعاً، وأبو إدريس جالس إلى بعض العمد، فكلما مرت حلقة بآية سجدة بعثوا إليه يقرأ بها، فأنصتوا له وسجد بهم، وسجدوا جميعاً بسجوده، وربما سجد بهم اثنتي عشرة سجدة، حتى إذا فرغوا من قراءتهم قام أبو إدريس يقص. ثم قدم القصص بعد ذلك. وقال خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه قال: كنا نجلس إلى أبي إدريس الخولاني فيحدثنا، فحدث يوماً بغزاة حتى استوعبها، فقال رجل: أحضرت هذه الغزاة قال: لا، فقال: قد حضرتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنت أحفظ لها مني. وقال سعيد بن عبد العزيز: عزل عبد الملك بلالاً عن القضاء وولى أبا إدريس. وقال الوليد عن ابن جابر: إن عبد الملك عزل أبا إدريس عن القصص وأقره على القضاء، فقال: عزلتموني عن رغبتي، وتركتموني في رهبتي. وقال أبو عمر بن عبد البر: سماع أبي إدريس عندنا من معاذ صحيح. قال خليفة: توفي سنة ثمانين.
4 (أبو بحرية التراغمي)
الحمصي. اسمه عبد الله بن قيس. شهد خطبة الجابية.

(5/544)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 545
وحدث عن: معاذ، وأبي هريرة، ومالك بن يسار. روى عنه: خالد بن معدان، وضمرة بن حبيب، ويزيد بن قطب، ويونس بن ميسرة، وأبو بكر بن أبي مريم، وغيرهم.) أدرك الجاهلية. ووثقه ابن معين، وغيره، وفي لقي ابن أبي مريم له نظر. قال بقية: حدثني أبو بكر بن أبي مريم، عن يحيى بن جابر، عن أبي بحرية قال: إذا رأيتموني ألتفت في الصف فأوجئوا في لحيي حتى أستوي. وحكى عبد الله القطربلي، عن الواقدي أن عثمان كتب إلى معاوية: أن أغز الصائفة رجلاً مأموناً على المسلمين، رفيقاً بسياستهم، فعقد لأبي بحرية عبد الله بن قيس الكندي، وكان فقيهاً ناسكاً يحمل عنه الحديث، وكان عثماني الهوى حتى مات في زمن الوليد، وكان معاوية وخلفاء بني أمية تعظمه. يؤخر إلى الطبقة التاسعة.
4 (أبو تميم الجيشاني)
اسمه عبد الله بن مالك بن أبي الاسحم المصري أخو سيف.

(5/545)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 546
ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وقدما المدينة زمن عمر. روى أبو تميم عن: عمر، وعلي، وأبي ذر، وقرأ القرآن على معاذ بن جبل. روى عنه: عبد الله بن هبيرة، وكعب بن علقمة، ومرثد بن عبد الله اليزني، وبكر بن سوادة، وغيرهم. قال يزيد بن أبي حبيب: كان من أعبد أهل مصر. قلت: توفي في سنة سبع وسبعين. نقله سعيد بن عفير. وقال أبو عبد الرحمن المقريء: ثنا ابن لهيعة، حدثني ابن هبيرة: سمعت أبا تميم الجيشاني يقول: أقرأني معاذ بن جبل القرآن حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن. قلت: وتعلم معاذ كثيراً من القرآن من ابن مسعود، قاله الأعمش، عن إبراهيم النخعي. قال ابن مسعود: جاء معاذ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم أقرئه، فأقرأته ما كان معي، ثم كنت أنا وهو نختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا.

(5/546)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 547
4 (أبو ثعلبة الخشني)
اسمه على أشهر ما قيل جرثوم بن ناشم. له صحبة ورواية، وروى أيضاً عن: أبي عبيدة، ومعاذ. روى عنه: سعيد بن المسيب، وجبير بن نفير، وأبو إدريس الخولاني، وأبو رجاء العطاردي،) وأبو الزاهرية، وعمير بن هانيء. وسكن الشام، وكان يكون بداريا. وقيل: إنه سكن قرية البلاط وله ذرية بها. وقال الدارقطني وغيره: بايع بيعة الرضوان، وضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم يوم خيبر، وأرسله إلى قومه فأسلموا.

(5/547)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 548
وقال أحمد في مسنده: ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله اكتب لي بأرض كذا وكذا بالشام لم يظهر عليها النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا تسمعون ما يقول هذا فقال أبو ثعلبة: والذي نفسي بيده لتظهرن عليها. قال: فكتب له بها. وقال عمر بن عبد الواحد الدمشقي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن إسماعيل بن عبيد الله قال: بينا أبو ثعلبة الخشني، وكعب جالسين، إذ قال أبو ثعلبة: يا أبا إسحاق، ما من عبد تفرغ لعبادة الله إلا كفاه الله مؤونة الدنيا، قال: أي شيء سمعته من رسول الله صلى اله عليه وسلم أم شيء تراه قال: بل شيء أراه، قال: فإن في كتاب الله المنزل من جمع همومه هماً واحداً، فجعله في طاعة الله، كفاه الله ما أهمه، وكان رزقه على الله، وعمله لنفسه، ومن فرق همومه، فجعل في كل واد هماً، لم يبال الله في أيها هلك، ثم تحدثا ساعة، فمر رجل يختال بين بردين، فقال أبو ثعلبة: يا أبا إسحاق بئس الثوب ثوب الخيلاء، فقال: أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بل شيء أراه، قال: فإن في كتاب الله المنزل: من لبس ثوب خيلاء لم ينظر الله إليه حتى يضعه عنه، وإن كان يحبه. وقال خالد بن محمد الوهبي والد أحمد: سمعت أبا الزاهرية قال: سمعت أبا ثعلبة يقول: إني لأرجو أن لا يخنقني الله عز وجل كما أراكم تخنقون عند الموت، قال: فبينما هو يصلي في جوف الليل قبض وهو ساجد.

(5/548)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 549
قال أبو حسان الزيادي: توفي سنة خمس وسبعين.
4 (أبو جحيفة السوائي)
اسمه وهب بن عبد الله، ويقال له وهب الخير من صغار الصحابة، توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو مراهق، وكان صاحب شرطة علي، وكان إذا خطب علي يقوم تحت منبره.) روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وعن علي، والبراء. روى عنه: علي بن الأقمر، وسلمة بن كهيل، والحكم بن عتبة، وابنه عون بن أبي جحيفة، وإسماعيل ابن أبي خالد، وغيرهم. توفي سنة إحدى وسبعين، والأصح أنه توفي سنة أربع وسبعين، وقيل: إنه بقي إلى سنة نيف وثمانين.
4 (أم خالد الأموية)
بنت خالد بن سعيد بن العاص بن أمية الأموية، اسمها أمة.

(5/549)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 550
ولدت لأبيها بالحبشة. ولها صحبة ورواية حديثين. وتزوجها الزبير بن العوام فولدت له عمراً، وخالداً. روى عنها: سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، وموسى بن عقبة. وأظنها آخر من مات من النساء الصحابيات. الواقدي: حدثني جعفر بن محمد بن خالد، عن أبي الأسود، عن أم خالد بنت خالد: سمعت النجاشي يوم خرجنا يقول لأصحاب السفينتين: أقرئوا جميعاً رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام، قالت: فكنت فيمن أقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من النجاشي السلام. أبو نعيم، والطيالسي قالا: ثنا إسحاق بن سعيد، حدثني أبي، حدثتني أم خالد بنت خالد قالت: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة، فقال: من ترون أكسو هذه فسكتوا، فقال: ائتوني بأم خالد، فأتي بي أحمل، فألبسنيها بيده وقال: أبلي وأخلقي يقولها مرتين، وجعل ينظر إلى علم الخميصة أحمر وأصفر، فقال: هذا سنا يا أم خالد هذا سنا ويشير بإصبعه إلى العلم. والسنا بلسان الحبش: الحسن. قال إسحاق: فحدثتني امرأة من أهلي أنها رأت الخميصة عند أم خالد.
4 (أبو سالم الجيشاني)
اسمه سفيان بن هانيء المصري.

(5/550)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 551
شهد فتح مصر، ووفد على علي رضي الله عنه.) وروى عن: علي وأبي ذر، وزيد بن خالد الجهني. روى عنه: ابنه سالم، وابن ابنه سعيد بن سالم، وبكر بن سوادة، ويزيد بن حبيب، وعبد الله بن أبي جعفر.
4 (أبو سعيد الخدري)
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان من فضلاء الصحابة بالمدينة. وهو

(5/551)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 552
سعيد بن مالك بن سنان بن ثعلبة بن عبيد الأنصاري الخزرجي الخدري. روى الكثير عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن: أبي بكر، وعمر، وأخيه لأمه قتادة بن النعمان. روى عنه: زيد بن ثابت، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وسعيد بن المسيب، وطارق بن شهاب، وسعيد بن جبير، وأبو صالح السمان، وعطاء بن يسار، والحسن، وأبو الوداك، وعمرو بن سليم الزرقي، وأبو سلمة، ونافع مولى ابن عمر، وخلق. وقتل أبوه يوم أحد. قال أبو هارون العبدي: كان أبو سعيد الخدري لا يخضب، كانت لحيته بيضاء خضلاء.

(5/552)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 553
وقال ابن سعد، وغيره، شهد أبو سعيد الخندق وما بعدها من المشاهد. وحدثنا محمد بن عمر، ثنا سعيد بن أبي زيد، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، عن جده قال: عرضت يوم أحد على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن ثلاث عشرة فجعل أبي يأخذ بيدي فيقول: يا رسول الله إنه عبل العظام، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصعد في النظر يصوبه، ثم قال: رده فردني. وقال ابن المبارك: أنا إسماعيل بن عياش، حدثني عقيل بن مدرك، يرفعه إلى أبي سعيد الخدري، أن رجلاً أتاه فقال: أوصني يا أبا سعيد، قال: عليك بتقوى الله، فإنها رأس كل شيء، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن، فإنه روحك في أهل السماء وذكرك في أهل الأرض، وعليك بالصمت إلا في حق فإنك تغلب الشيطان. وقال حنظلة بن أبي سفيان، عن أشياخه، إنه لم يكن أحد من أحداث أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أعلم من أبي سعيد الخدري. وقال وهب بن جرير: ثنا أبو عقيل الدورقي: سمعت أبا بصرة يحدث قال: ودخل أبو سعيد يوم) الحرة غاراً، فدخل فيه عليه رجل ثم خرج، فقال لرجل من أهل الشام: أدلك على رجل تقتله، فلما انتهى الشامي إلى باب الغار، قال لأبي سعيد، وفي عنق أبي سعيد السيف: أخرج إلي، قال: لا أخرج وإن تدخل علي أقتلك، فدخل الشامي عليه، فوضع أبو سعيد السيف، وقال: بؤ بإثمي وإثمك وكن من أصحاب النار، قال: أبو سعيد

(5/553)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 554
الخدري أنت؟ قال: نعم. قال: فاستغفر لي غفر الله لك. خالد بن مخلد: ثنا عبد الله بن عمر، عن وهب بن كيسان قال: رأيت أبا سعيد الخدري يلبس الخز. الثوري، عن ابن عجلان، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع: رأيت أبا سعيد يحفي شاربه كأخي الحلق. قال الواقدي والجماعة: توفي سنة أربع وسبعين. وقال ابن المديني قولين لم يتابع عليهما. وقال إسماعيل القاضي: سمعته يقول: توفي سنة ثلاث وستين. وقال البخاري: قال علي: مات بعد الحرة بسنة.
4 (أبو سعيد بن المعلى الأنصاري)
المدني، قيل اسمه رافع. له صحبة ورواية. روى عنه: حفص بن عاصم، وعبيد بن حنين. توفي سنة ثلاث وسبعين. قال الواقدي: توفي سنة أربع وسبعين، يعني أبا سعيد بن المعلى. وقال ابن سعد: هو أبو سعيد بن أوس بن المعلى بن لوذان من بني جشم بن الخزرج.

(5/554)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 555
4 (أبو الصهباء البكري صهيب.)
عن: علي، وابن مسعود، وابن عباس. وعنه: سعيد بن جبير، وطاوس، وأبو نضرة، ويحيى بن الجزار. قال أبو زرعة الرازي: مدني ثقة. وقال البخاري: سمع علياً، وابن مسعود.)
4 (أبو عامر الهوزني)
عبد الله بن لحي الحمصي، والد أبي اليمان عامر. من قدماء التابعين، أدرك الإسلام، من أوله، وسمع: عمر، ومعاذ بن جبل، وبلالاً، وعبد الله بن قرط، ومعاوية، وجماعة. وشهد خطبة الجابية.

(5/555)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 556
روى عنه: أبو سلام الأسود، وراشد بن سعد، وأزهر الحرازي، وابنه أبو اليمان، وحيوة بن عمر. وقال أبو زرعة الدمشقي: كان من أصحاب أبي عبيدة. ووثقه محمد بن عبد الله بن عمار.
4 (أبو عبد الله الأشعري)
الشامي الدمشقي. روى عن: معاذ، وخالد بن الوليد، وأبي الدرداء، ويزيد بن أبي سفيان. روى عنه: أبو صالح الأشعري، وإسماعيل بن أبي المهاجر، وزيد بن واقد.
4 (أبو عبد الرحمن السلمي)
مقريء الكوفة بلا مدافعة. اسمه عبد الله بن حبيب بن ربيعة.

(5/556)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 557
قرأ القرآن على: عثمان، وعلي، وابن مسعود، وسمع منهم ومن عمر. روى حسين بن علي الجعفي، عن محمد بن أبان، عن علقمة بن مرثد قال: تعلم أبو عبد الرحمن القرآن من عثمان، وعرض على علي. روى عنه: إبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، وعلقمة بن مرثد، وعطاء بن السائب، وإسماعيل السدي، وغيرهم. وأقرأ بالكوفة من خلافة عثمان إلى إمرة الحجاج، قرأ عليه عاصم بن أبي النجود. توفي سنة أربع وسبعين، وقيل سنة ثلاث، وقيل توفي في إمرة بشر بن مروان، وقيل غير ذلك. وأما قول ابن قانع إنه توفي سنة خمس ومائة، فوهم لا يتابع عليه. وعليه تلقن عاصم القرآن. قال أبو إسحاق: أقرأ أبو عبد الرحمن في المسجد أربعين سنة.) وقال عطاء بن السائب: دخلنا على أبي عبد الرحمن نعوده، فذهب بعضهم يرجيه، فقال: أنا أرجو ربي وقد صمت له ثمانين رمضاناً.

(5/557)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 558
وقال حجاج، عن شعبة إنه لم يسمع من عثمان ولا من ابن مسعود، وهذا فيه نظر، فإن روايته عن عثمان في الصحيح، وفي كتب القراءآت إنه قرأ على عثمان، وعلي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت. قال أبو بكر بن عياش، عن عاصم إن أبا عبد الرحمن قرأ على علي رضي الله عنه. وقال ابن مجاهد في كتاب السبعة: أول من أقرأ الناس بالكوفة بالقراءة التي جمع الناس عليها عثمان أبو عبد الرحمن السلمي، فجلس في مسجدها الأعظم، ونصب نفسه لتعليم القرآن أربعين سنة. قلت: روايته عن عمر في سنن النسائي. و يقال إنه أضر بآخره، رحمه الله تعالى. قال الداني: أخذ القراءة عرضاً عن: عثمان، وعلي، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت. عرض عليه: عاصم، وعطاء بن السائب، ويحيى بن و ثاب، وأبو إسحاق، وعبد الله بن عيسى بن أبي ليلى، ومحمد بن أبي أيوب، وعامر الشعبي، وإسماعيل بن أبي خالد. وكان من المعمرين. شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة أن أبا عبد الرحمن أقرأ في خلافة عثمان إلى أن توفي في إمارة الحجاج.
4 (أبو عطية الوادعي الكوفي)
روى عن: ابن مسعود، وعائشة.

(5/558)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 559
وعنه: محمد بن سيرين، وخيثمة بن عبد الرحمن، وعمارة بن عمير، وأبو إسحاق، وغيرهم. وثقه ابن معين. وقد ورد أن الأعمش روى عنه، فإن كان قد سمع منه فيؤخر عن هنا.
4 (أبو غطفان المري الحجازي)
روى عن: سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وأبي هريرة، وابن عباس، وغيرهم.) روى عنه: إسماعيل بن أمية، وقانط بن شيبة الزهري، ويعقوب بن عتبة بن الأخنس، وآخرون.
4 (أبو قرصافة الكناني،)
جندرة بن خيشنة رضي الله عنه.

(5/559)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 560
صحابي معروف، نزل عسقلان وروى أحاديث. روى ضمرة بن ربيعة، عن بلال بن كعب قال: زرنا يحيى بن حسان أنا وإبراهيم بن أدهم في قريته، فقال: أمنا في هذا المسجد أبو قرصافة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أربعين سنة، يصوم يوماً ويفطر يوماً، فولد لأبي غلام، فدعاه في اليوم الذي يصومه فأفطر. رواه البخاري في الأدب له.
4 (أبو مراوح الغفاري ويقال الليثي المدني.)
قال مسلم: اسمه سعد. قلت: روى عن: أبي ذر، وحمزة بن عمرو الأسلمي. وعنه: عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وزيد بن أسلم، وغيرهم. وكان ثقة نبيلاً، يقال: إنه ولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
4 (أبو معرض الأسدي أخو خزيمة.)

(5/560)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 561
كوفي شاعر، اسمه مغيرة بن عبد الله ويعرف بالأقيشر. ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وبقي إلى أن وفد على عبد الملك بن مروان. وهو القائل في أم الخبائث:
(تريك القذى من دونها وهي دونه .......... لوجه أخيها في الإناء قطوب)

(كميت إذا شجت وفي الكأس وردة .......... لها في عظام الشاربين دبيب)
وقيل له الأقيشر لأنه كان أحمر الوجه أقشر. وله شعر كثير.
4 (أبو عمار الهمذاني)
اسمه عريب بن حميد، عداده في الكوفيين. سمع: عمار بن ياسر، وقيس بن سعد. وعنه: أبو إسحاق السبيعي، والقاسم بن مخيمرة.)
4 (أبو قرة الكندي كوفي،)
اسمه سلمة بن معاوية بن وهب. عن: ابن مسعود، وسلمان، والمغيرة بن شعبة، وعلقمة. وعنه: الشعبي، وتميم بن حذلم الضبي، وأبو إسحاق.
4 (أبو الكنود يقال: عبد الله بن عمران الأزدي،)
ويقال: عبد الله بن

(5/561)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 562
عويمر، ويقال: عبد الله بن عامر. سمع: ابن مسعود، وخباب بن الأرت. وعنه: أبو إسحاق السبيعي، وأبو سعد الأزدي. وهو مقل.
4 (أبو كنف العبدي)
سمع: ابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وأبا هريرة. وعنه: عبد الله بن مرة الخارقي، وعامر الشعبي.
4 (أبو نملة الأنصاري الظفري)
قيل اسمه عمار بن معاذ بن زرارة. قال أبو أحمد الحاكم: له صحبة. أدرك الحرة، وقتل يومئذ ابناه عبد الله، ومحمد. ومات هو بعد ذلك في ولاية عبد الملك بن مروان. روى عنه: ابنه نملة بن أبي نملة شيخ الزهري. وله حديث في سنن أبي داود: إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم.

(5/562)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 563
4 (أبو يحيى الكوفي)
هو حكيم بن سعد الحنفي. عن: علي، وعمار، وأبي موسى. وعنه: عمران بن ظبيان، وليث بن أبي سليم، وجعفر بن عبد الرحمن. قال ابن معين: ليس به بأس.
4 (أبو تحيى الأعرج المعرقب مولى)
) معاذ بن عفراء الأنصاري. اسمه مصدع، قاله عمرو بن دينار. وقال ابن معين: أبو يحيى الأعرج اسمه زياد. روى عن: علي، وعائشة، وابن عباس. وعنه: سعيد بن أبي الحسن، وسعد بن أوس العدوي.
4 (أبو مسلم الجليلي)
من أهل جبل الجليل، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وكان معلم كعب الأحبار،

(5/563)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 564
أسلم في عهد عمر، وقيل في عهد معاوية. حكى عنه: أبو مسلم الخولاني، وأبو قلابة، وحزام بن حكيم، وجبير بن نفير، ومسلم بن مشكم، وشريح بن عقيل، ولقمان بن عامر، وغيرهم. روى قاسم الرحال، عن أبي قلابة أن أبا مسلم الجليلي أسلم على عهد معاوية، فأتاه أبو مسلم الخولاني فقال: ما منعك أن تسلم على عهد أبي بكر وعمر فقال: إني وجدت في التوراة أن هذه الأمة ثلاث أصناف، صنف يدخل الجنة بغير حساب، وصنف يحاسبون حساباً يسيراً، وصنف يصيبهم شيء ثم يدخلون الجنة، فأردت أن أكون من الأولين، فإن لم أكن منهم كنت ممن يحاسب حساباً يسيراً، فإن لم أكن منهم كنت من الآخرين. صالح المري، عن أبي عبد الله الشامي، عن مكحول، عن أبي مسلم الخولاني أنه لقي أبا مسلم الجلولي، وكان مترهباً، نزل من صومعته أيام عمر وأسلم، فقال: تركت الإسلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر، وذكر الحديث. الجريري، عن عقبة بن وساج: كان لأبي مسلم الخولاني جار يهودي يكنى أبا مسلم كان يمر به فيقول: يا أبا مسلم أسلم تسلم، فمر به يوماً وهو يصلي، وذكر شبه حديث أبي قلابة. قال ابن معين: أبو مسلم الجليلي، ويقال: الجلولي، شامي.
4 (الأغر بن سليك)
ويقال ابن حنظلة الكوفي.

(5/564)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس الصفحة 565
عن: علي، وأبي هريرة. وعنه: سماك بن حرب، وعلي بن الأقمر، وأبو إسحاق السبيعي.) روى له النسائي. آخر الطبقة الثامنة والحمد لله أولاً وآخراً.

(5/565)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 5
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة التاسعة أحداث)

1 (الحوادث من سنة إلى)

4 (حوادث سنة احدى وثمانين)
توفي فيها: أبو القاسم محمد بن الحنفية. وسويد بن غفلة. وعبد الله بن شداد بن الهاد. وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود. وفيها خلع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الطاعة، وتابعه الناس، وسار يقصد الحجاج، وقد ذكرنا في السنة الماضية سبب خروجه. قال المدائني: لما أجمع ابن الأشعث المسير من سجستان وقصد العراق، لقي ذراً الهمداني، فوصله وأمره أن يحض الناس، فكان يقص كل يومٍ، وينال من الحجاج، ثم سار الجيش وقد خلعوا الحجاج، ولا يذكرون خلع عبد الملك بن مروان. وقال غيره: فاستصرخ الحجاج بعبد الملك، ثم سار، وقدم الحجاج طليعته، فالتقى ابن الأشعث وهم عند دجيل يوم الأضحى، فانكشف عسكر الحجاج وانهزم إلى البصرة، فتبعه ابن الأشعث، وكان مع ابن الأشعث خلقٌ

(6/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 6
من المطوعة من البصرة، فدخلوها، فخرج الحجاج إلى طف البصرة. قال ابن عون: فرأيت ابن الأشعث متربعاً على المنبر يتوعد الذين تخلفوا عنه توعداً شديداً ن. قال غيره: فبايعه على حرب الحجاج وعلى خلع عبد الملك جميع أهل البصرة من القراء والعلماء، ثم خندق ابن الأشعث على البصرة وحصنها. وفيها غزا موسى بن نصير كعادته بالمغرب، فقتل وسبى أهل طبنة وفيها أصابت الصاعقة صخرة بيت المقدس.) وفيها قتل بحير بن ورقاء الصريمي وكان من كبار القواد بخراسان، قاتله ابن خازم وظفر به فقتله، ثم قتل بكير بن وساج، فحمل عليه رهط بكير فقتلوه بعد ذلك

(6/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 7
وفيها حج بالناس سليمان بن عبد الملك بن مروان، وحجت معه أم الدرداء.

(6/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 8
4 (احداث سنة اثنتين وثمانين)
فيها: قتل جماعة مع ابن الأشعث. ومات: سفيان بن وهب الخولاني. وأبو عمر زاذان الكندي. وفيها كانت وقعة الزاوية بالبصرة بين ابن الأشعث وبين جيش الحجاج. ولابن الأشعث مع الحجاج وقعات كثيرة: منها وقعة دجيل المذكورة يوم عيد الأضحى، وهذه الوقعة، ووقعة دير الجماجم، ووقعة الأهواز. فيقال إنه خرج مع ابن الأشعث ثلاثةٌ وثلاثون ألف فارس، ومائةٌ وعشرون ألف راجل، فيهم علماء وفقهاء وصالحون، خرجوا معه طوعاً على الحجاج. وقيل: كان بينهما أربعٌ وثمانون وقعة في مائة يوم، فكانت منها ثلاثٌ وثمانون على الحجاج، وواحدة له. قال ابن جرير الطبري: كانت وقعة دير الجماجم في شعبان سنة

(6/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 9
اثنتين، قال ابن جرير: وفي قول بعضهم هي في سنة ثلاثٍ وثمانين. فذكر هشام بن الكلبي، عن أبي مخنف لوط بن يحيى قال: حدثني أبو الزبير الهمداني قال: خرجت مع ابن الأشعث، وخرج أهل الكوفة يستقبلونه، فقال لي: اعدل عن الطريق لا يرى الناس جراحتكم، فإني لا أحب أن يستقبلهم الجرحى، فلما دخل الكوفة مالوا إليه كلهم، وحفت به حمدان، إلا أن طائفةً من تميم أتوا مطر بن ناجية، وقد كان وثب على قصر الكوفة، فلم يطق قتال الناس، فنصب ابن الأشعث السلالم على القصر فأخذوه، وأتوا بمطر بن ناجية، فقال لابن الأشعث، فقال لابن الأشعث: استبقني فإني أفضل فرسانك وأعظمهم غناءً عنك، فحبسه، ثم عفا عنه، فبايعه وبايعه الناس بالكوفة، ثم أتاه أهل البصرة، وتفوضت إليه المسالح والثغور، وجاءه عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بعد أن قاتل الحجاج) بالبصرة ثلاثة أيام. وأقبل الحجاج من البصرة يسير من بين القادسية والعذيب، فنزل دير قرة، وكان أراد نزول القادسية، فجهز له ابن الأشعث عبد الرحمن بن العباس، فمنعه من نزولها، ونزل عبد الرحمن الهاشمي دير الجماجم، فكان الحجاج بعد يقول: أما كان عبد الرحمن يزجر الطير حيث رآني نزلت بدير قرة، ونزل بدير الجماجم. واجتمع جل الناس على قتال الحجاج لظلمه وسفكه الدماء، فكانوا مائة ألف مقاتل فجاءته أمداد الشام، فنزل وخندق عليه، وكذا خندق ابن الأشعث على الناس، ثم كان الجمعان يلتقون كل يوم، واشتد الحرب، وثبت الفريقان. وأشار بنو أمية على عبد الملك بن مروان، وقالوا: إن كان إنما يرضى أهل العراق أن تنزع عنهم الحجاج فانزعه عنهم تخلص لك طاعتهم، فبعث ابنه عبد الله بن عبد الملك، وكتب إلى أخيه محمد بن مروان بالموصل، فسار إليه، وأمرهما أن يعرضا على أهل العراق نزع الحجاج عنهم، وأن يجري عليهم العطاء، وأن ينزل ابن الأشعث أي بلدٍ شاء من العراق، يكون

(6/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 10
عليه والياً، فإن قبلوا فاعزلا عنهم الحجاج، ومحمد أخي مكانه، وإن أبوا فالحجاج أميركم كلكم وولي القتال، قال: فقدموا على الحجاج، فاشتد عليه ذلك، وشق عليه العزل، فراسلوا أهل العراق، فجمع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الناس وخطبهم، وأشار عليهم بالمصالحة، فوثب الناس من كل جانب وقالوا: إن الله قد أهلكهم، وأصبحوا في الأزل والضنك والمجاعة والقلة فلا نقبل. وأعادوا خلع عبد الملك ثانيةً، وتعبؤا للقتال، فكان على ميمنة ابن الأشعث حجاج بن جارية الخثعمي، وعلى ميسرته الأبرد بن قرة التميمي، وعلى الخيل عبد الرحمن بن العباس الهاشمي، وعلى الرجالة محمد بن سعد بن أبي وقاص، وعلى المجنبة عبد الله بن رزام الحارثي، وعلى المطوعة والصلحاء جبلة بن زحر الجعفي. وكان على ميمنة الحجاج عبد الرحمن بن سليم الكلبي، وعلى ميسرته عمارة بن تميم اللخمي، وعلى الخيالة سفيان بن الأبرد الكلبي، فاقتتلوا أياماً، وأهل العراق تأتيهم الأمداد والخيمات من البصرة، وجيش الحجاج في ضيق وغلاء سعر. فيقال إن يوم دير الجماجم كان في ربيع الأول، ولا شك أن نوبة دير الجماجم كانت أياماً، بل) أشهراً، اقتتلوا هناك مائة يوم، فلعلها كانت في آخر سنة اثنتين، وأوائل سنة ثلاثٍ. فعن أبي الزبير الهمداني قال: كنت في خيل جبلة بن زحر، وكان على القراء، فحمل علينا عسكر الحجاج مرة بعد أخرى، فنادانا عبد الرحمن بن أبي ليلى: يا معشر القراء، ليس الفرار بأحدٍ من الناس بأقبح منكم، وبقي

(6/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 11
يحرض على القتال. وقال أبو البختري: أيها الناس، قاتلوهم على دينكم ودنياكم. وقال سعيد بن جبير نحواً من ذلك، وكذا الشعبي. وقال بعضهم: قاتلوهم على جورهم واستذلالهم الضعفاء، وإماتتهم الصلاة. قال: ثم حملنا عليهم حملةً صادقةً، فبدعنا فيهم، ثم رجعنا، فمررنا بجبلة بن زحر صريعاً فهدنا ذلك، فسلانا أبو البختري، فنادونا: يا أعداء الله هلكتم، قتل طاغوتكم. وقال خالد بن خداش: ثنا غسان بن مضر قال: خرج القراء مع ابن الأشعث، وفيهم أبو البختري، وكان شعارهم يومئذ يا ثارات الصلاة. وقيل إن سفيان بن الأبرد حمل على ميسرة ابن الأشعث، فلما دنا منها هرب الأبرد بن قرة التميمي، ولم يقاتل كبير قتال، فأنكرها منه الناس، وكان شجاعاً لا يفر، وظن الناس أنه خامر، فلما انهزم تقوضت الصفوف، وركب الناس وجوههم. وكان ابن الأشعث على منبرٍ قد نصب له يحرض على القتال، فأشار عليه ذوو الرأي: انزل وإلا أسرت، فنزل وركب، وخلى أهل العراق، وذهب، فانهزم أهل العراق كلهم، ومضى ابن الأشعث مع ابن جعدة بن هبيرة في أناسٍ من أهل بيته، حتى إذا حاذوا قرية بني جعدة عبر في معبر الفرات، ثم جاء إلى بيته بالكوفة، وهو على فرسه، وعليه السلاح لم ينزل،

(6/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 12
فخرجت إليه بنته، فالتزمها، وخرج أهله يبكون، فوصاهم وقال: لا تبكوا، أرأيتم إن لم أترككم، كم عسيت أن أعيش معكم، وإن أمت فإن الذي يرزقكم حي لا يموت، وودعهم وذهب. وقال الحجاج: اتركوهم فليتبددوا، ولا تتبعوهم، ونادى مناديه: من رجع فهو آمن، ثم جاء إلى الكوفة فدخلها، وجعل لا يبايع أحداً منها إلا قال له: اشهد على نفسك أنك كفرت، فإذا قال نعم بايعه، وإلا قتله، فقتل غير واحد ممن تحرج أن يشهد على نفسه بالكفر. وجيء برجل فقال الحجاج: ما أظن هذا يشهد على نفسه بالكفر، فقال الرجل: أخادعي عن نفسي، أنا أكفر أهل الأرض، وأكفر من فرعون ذي الأوتاد، فضحك وخلاه.) وأما محمد بن سعد بن أبي وقاص فنزل بعد الوقعة بالمدائن، فتجمع إليه ناس كثير، وخرج عبيد الله بن عبد الرحمن بن سمرة العبشمي، فأتى البصرة وبها ابن عم الحجاج أيوب بن الحكم، فأخذ البصرة، وقدم عليه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، وجاء إليه الخلق، وقال ابن سمرة له: إنما أخذت البصرة لك، ولحق محمد بن سعد بهم، فسار الحجاج لحربهم، وخرج الناس معه إلى مسكن على دجيل. وتلاوم أصحاب ابن الأشعث على الفرار، وتبايعوا على الموت، فخندق ابن الأشعث على أصحابه، وسلط الماء في الخندق، وأتته النجدة من خراسان، فاقتتلوا خمس عشرة ليلةً أشد القتال، وقتل من أمراء الحجاج زياد بن غنيم القيني. ثم عبأ الحجاج جيشه وصرخ فيهم وحمل بهم، فهزم أصحاب ابن الأشعث، وقتل أبو البختري، وابن أبي ليلى، وكسر بسطام بن مصقلة في أربعة آلافٍ جفون سيوفهم وثبتوا، وقاتلوا قتالاً شديداً، كشفوا فيه عسكر

(6/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 13
الحجاج مراراً، فقال الحجاج: علي بالرماة، قال: فأحاط بهم الرماة، فقتلوا خلقاً منهم بالنبل، وانهزم ابن الأشعث في طائفةٍ، وطلب سجستان، فأتبعهم جيش الحجاج، عليهم عمارة بن تميم، فالتقوا بالسوس، فاقتتلوا ساعةً، ثم انهزم ابن الأشعث، فأتى سابور، واجتمعت إليه الأكراد، ثم قاتلهم عمارة، فقتل عمارة وانهزم عسكره، ثم مضى ابن الأشعث إلى بست، وعليها عامله، فأنزله وتفرق أصحاب ابن الأشعث، فوثب عامل بست عليه فأوثقه، وأراد أن يتخذ بالقبض عليه يداً عند الحجاج. وقد كان رتبيل سمع بمقدم ابن الأشعث، فسار في جيوشه حتى أحاط ببست، فراسل عاملها يقول له: والله لئن آذيت ابن الأشعث لا أبرح حتى أستنزلك، وأقتل جميع من معك، فخافه، ودفع إليه ابن الأشعث، فأكرمه رتبيل، قال ابن الأشعث: إن هذا كان عاملي فغدر بي وفعل ما رأيت، فأذن لي في قتله، قال: قد أمنته، ثم مضى ابن الأشعث مع رتبيل إلى بلاده، فأكرمه وعظمه. وكان مع ابن الأشعث عدد كثير من الأشراف والكبار، ممن لم يثق بأمان الحجاج، ثم تبع أثر ابن الأشعث خلق من هذه البابة حتى قدموا سجستان، ونزلوا على عبد الله بن عامر البعار، فحصروه، وكتبوا إلى ابن الأشعث بعددهم وجماعتهم، وعليهم كلهم عبد الرحمن بن العباس الهاشمي، فقدم عليهم ابن الأشعث بمن معه، ثم غلبوا على مدينة سجستان، وعذبوا ابن عامر) وحبسوه، ثم لم يشعر ابن الأشعث إلا وقد فارقه عبيد الله بن عبد الرحمن بن سمرة، وسار في ألفين، فغضب ابن الأشعث ورجع إلى رتبيل، وقيل غير ذلك. وقيل: ساروا مع الهاشمي فقاتلهم يزيد بن المهلب، فأسر منهم

(6/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 14
وهزمهم، وفي تفصيل ذلك اختلاف ومن بقية سنة اثنتين وثمانين: قال عوانة بن الحكم: كان بينهم إحدى وثمانون وقعة، كلها على الحجاج، إلا آخر وقعة كانت على ابن الأشعث، وقتل من القراء بدير الجماجم خلق. وقال شعبة، عن عمرو بن مرة قال: أتى القراء يوم دير الجماجم أبا البختري الطائي يؤمرونه عليهم، فقال: إني رجل من الموالي، فأمروا رجلاً من العرب، فأمروا جهم بن زحر الخثعي عليهم. وقال سلمة بن كهيل: رأيت أبا البختري بدير الجماجم، وشد عليه رجل بالرمح فطعنه، وانكشف ابن الأشعث فأتى لبصرة، وتبعه الحجاج، فخرج منها إلى أرض دجيل الأهواز، واتبعه الحجاج، فالتقوا بمسكين، فانهزم ابن الأشعث، وقتل من أصحابه ناسٌ كثير، وغرق منهم ناس كثير. وقال عمرو بن مرة: افتقد بمسكن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الله بن شداد، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود. وقال ابن عيينة: حدثني أبو فروة قال: افتقد ابن أبي ليلى بسوراء، وأسر الحجاج ناساً كثيراً منهم: عمران بن عصام، وعبد الرحمن بن مروان، وأعشى همدان، قال أبو اليقظان: قتلهم جميعاً.

(6/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 15
وقال خليفة: أول وقعةٍ كانت في يوم النحر سنة إحدى وثمانين، والوقعة الثانية في المحرم سنة اثنتين بالزاوية، والوقعة الثالثة بظهر المربد في صفر، والوقعة الرابعة بدير الجماجم في جمادى، والوقعة الخامسة ليلة دجيل في شعبان سنة اثنتين. قال: ثم سار ابن الأشعث يريد خراسان، وتبعه طائفةٌ قليلةٌ، فتركهم وصار إلى خراسان، فقام بأمر الحرب عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة الهاشمي، ومعه القراء، فالتقى هو ومتولي هراة مفضل بن المهلب بن أبي صفرة، فهزمه المفضل، ثم قتل عبد الرحمن، وأسر عدة منهم: محمد بن سعد بن أبي وقاص، والهلقام بن نعيم.) وكان عبد الرحمن قد ولي بلاد فارس وغزا الترك، ثم خلع عبد الملك وفعل الأفاعيل، ودعا إلى نفسه. قال خليفة: تسمية القراء الذين خرجوا مع ابن الأشعث. مسلم بن يسار المزني، وأبو مرانة العجلي، وقد قتل، وعقبة بن عبد الغافر العوذي فقتل، وعقبة بن وساج البرساني، وقتل، وعبد الله بن غالب الجهضمي، فقتل، وأبو الجوزاء الربعي، وقتل، والنضر بن أنس بن مالك، وعمران والد أبي جمرة الضبعي، وأبو المنهال سيار بن سلامة الرياحي، ومالك بن دينار، ومرة بن دباب الهداوي وأبو نجيد الجهضمي، وأبو شيخ الهنائي، وسعيد بن أبي الحسن البصري، وأخوه الحسن، وقال: أكرهت على الخروج.

(6/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 16
وقال أيوب السختياني: قيل لابن الأشعث إن أحببت أن يقتلوا حولك كما قتلوا حول الجمل مع عائشة فأخرج الحسن. ومن أهل الكوفة: سعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الله بن شداد، والشعبي، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، والمعرور بن سويد، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، وأبو البختري، وطلحة بن مصرف، وزبيد بن الحارث الياميان، وعطاء بن السائب. قال أيوب السختياني: ما صرع أحدٌ مع ابن الأشعث إلا رغب له عن مصرعه، ولا نجا منهم أحد إلا حمد الله الذي سلمه. وقال عوانة بن الحكم: قتل الحجاج بمسكن خمسة آلاف أو أربعة آلاف أسير. وقال خليفة: فيها يعني سنة اثنتين قتل قتيبة بن مسلم: عمر بن أبي الصلت، وأخاه، وموسى بن كثير الحارثي، وبكير بن هارون البجلي. وفيها كانت غزوة محمد بن مروان بأرمينية، فهزم العدو، ثم صالحوه، فولى عليهم أبا شيخ بن عبد الله، فغدروا به وقتلوه.

(6/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 17
وفيها فتح عبد الملك بن مروان حصن سنان من ناحية المصيصة. وفيها كانت غزوة صنهاجة بالمغرب. وأسر يوم الجماجم محمد بن سعد، فضربت عنقه صبراً، وقتل ماهان الأعور القاص، والفضيل بن بزوان يومئذٍ. وقال مالك بن دينار: لما كان يوم الزاوية قال عبد الله بن غالب أبو قريش الجهضمي: إني) لأرى أمراً ما بي صبر، روحوا بنا إلى الجنة، فقاتل حتى قتل، فكان يوجد من ريح قبره المسك. وكان عابداً له أوراد، سمعته يقول: رحم الله بني ماتوا ولم أتمتع من النظر إليهم. روى ابن غالب عن: أبي سعيد الخدري. وروى عنه: عطاء السليمي، وغيره.

(6/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 18
4 (احداث سنة ثلاثٍ وثمانين)
كانت فيها غزوة عطاء بن رافع صقلية، وخرج عمران بن شرحبيل على البحر، وجعل على الإسكندرية عبد الملك بن أبي الكنود. وفيها عزل أبان بن عثمان عن المدينة، وولي هشام بن إسماعيل المخزومي. وفي سنة ثلاثٍ بنى الحجاج مدينة واسط. واستعمل على فارس محمد بن القاسم الثقفي وأمره بقتل الأكراد. وفيها بعث الحجاج عمارة بن تميم القيني إلى رتبيل في أمر ابن الأشعث، فقيد هو وجماعةٌ في الحديد، وقرن به في القيد أبو العنز، وساروا بهم إلى الحجاج، فلما كانوا بالرخج طرح ابن الأشعث نفسه من فوق بنيان فهلك هو وقرينه، فقطع رأسه وحمل إلى الحجاج، فرأسه مدفون بمصر وجثته بالرخج.

(6/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 19
وكان قد أمره مصعب بن الزبير عند قتل أبيه محمد بن الأشعث بن قيس الكندي. وفي سنة ثلاثٍ ضم عبد الملك بن مروان إلى أخيه محمد بن مروان إمرة أذربيجان وأرمينية مع إمرة الجزيرة، وبقي على ذلك إلى آخر أيام الوليد. وله غزوات وفتوحات كثيرة.

(6/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 20
4 (احداث سنة أربع وثمانين)
فيها توفي: عتبة بن الندر السلمي، صحابي شامي. والأسود بن هلال المحاربي. وزيد بن وهب الجهني. وعبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي. وعمران بن حطان السدوسي. وروح بن زنباع الجذامي.) وقيل فيها ظفروا بابن الأشعث وطيف برأسه في الأقاليم. وفيها قتل الحجاج أيوب بن القرية، وكان من فصحاء العرب وبلغائهم، خرج مع ابن الأشعث، واسمه أيوب بن زيد بن قيس أبو سليمان الهلالي، ثم ندم الحجاج على قتله.

(6/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 21
وفيها ولي إمرة الإسكندرية عياض بن غنم التجيبي. وبعث فيها عبد الملك بن مروان بالشعبي إلى مصر، إلى أخيه عبد العزيز بن مروان، فأقام عنده سنة. وفيها فتحت المصيصة، على يد عبد الله بن عبد الملك. وفيها افتتح موسى بن نصير بلد أولية من المغرب، فقتل وسبى، حتى قيل إن السبي بلغ خمسين ألفاً. وفيها غزا محمد بن مروان أرمينية فهزمهم وحرق كنائسهم وضياعهم، وتسمى سنة الحريق.

(6/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 22
4 (احداث سنة خمسٍ وثمانين)
فيها توفي: عبد الله بن عامر بن ربيعة. وعمرو بن حريث. وعمرو بن سلمة الجرمي. وواثلة بن الأسقع توفي فيها أو في التي تليها. وعمرو بن سلمة الهمداني. ويسير بن عمرو بن جابر. وعبد العزيز بن مروان. وفيها، على ما صرح ابن جرير الطبري هلاك ابن الأشعث، قال: فتتابعت كتب الحجاج إلى رتبيل أن ابعث إلي بابن الأشعث، وإلا فوالله لأوطئن أرضك ألف ألف مقاتل، ووعده بأن يطلق له خراج بلاده سبع سنين، فأسلمه إلى أصحاب الحجاج، فقيل إنه رمى بنفسه من علٍ فهلك. وقال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد أنه سمع مليكة بنت يزيد تقول: والله ما مات عبد الرحمن إلا ورأسه في حجري على فخذي،

(6/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 23
يعني من جرح به، فلما مات حز رأسه رتبيل وبعث به إلى الحجاج.) قلت: هذا قول شاذ، وأبو مخنف كذاب. وفيها غزا محمد بن مروان أرمينية، فأقام بها سنة، وولى عليها عبد العزيز بن حاتم بن النعمان الباهلي، فبنى مدينة دبيل ومدينة برذعة. وفيها قال ابن الكلبي: بعث عبد الله بن عبد الملك بن مروان وهو مقيم بالمصيصة يزيد بن حنين في جيشٍ، فلقيته الروم في جمعٍ كثير، فأصيب الناس، وقتل ميمون الجرجماني في نحو ألف نفسٍ من أهل أنطاكية، وكان ميمون أمير أنطاكية من موالي بني أمية، مشهورٌ بالفروسية، وتألم غاية الألم لمصابهم. وفيها عزل يزيد بن المهلب بن أبي صفرة عن خراسان، وولي أخوه

(6/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 24
المفضل يسيراً، ثم عزل وولي قتيبة بن مسلم. وفيها قتل موسى بن عبد الله بن خازم السلمي، وكان بطلاً شجاعاً وسيداً مطاعاً، غلب على ترمذ وما وراء النهر مدة سنين، وحارب العرب، من هذه الجهة، والترك من تيك الجهة، وجرت له وقعات، وعظم أمره، وقد ذكرنا والده في سنة نيف وسبعين، وآخر أمر موسى أنه خرج ليلةً في هذا العام ليغير على جيشٍ فعثر به فرسه، فابتدره ناسٌ من ذلك الجيش فقتلوه. وقد استوفى ابن جرير أخباره وحروبه. وقيل قتل سنة سبع وثمانين. وبعث عبد الملك على مصر ابنه عبد الله، وعقد بالخلافة من بعده لابنيه الوليد، ثم سليمان، وفرح بموت أخيه، فإنه عزم على عزله من ولاية العهد، فجاءه موته.

(6/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 25
4 (احداث سنة ست وثمانين)
توفي فيها: أبو أمامة الباهلي. وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي. وعبد الملك بن مروان. وقبيصة بن ذؤيب. وفيها وقيل سنة ثمان وهو أصح عبد الله بن أبي أوفى. وفيها كان طاعون الفتيات، سمي بذلك لأنه بدأ في النساء، وكان بالشام وبواسط وبالبصرة.) وفيها سار قتيبة بن مسلم متوجهاً إلى ولايته، فدخل خراسان، وتلقاه دهاقين بلخ، وساروا معه، وأتاه أهل صاغان بهدايا ومفتاح من ذهب، وسلموا بلادهم بالأمان.

(6/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 26
وفيها افتتح مسلمة بن عبد الملك حصن بولق وحصن الأخرم. وعقد عبد الملك لابنه عبد الله على مصر، فدخلها في جمادى الآخرة، وعمره يومئذٍ سبعٌ وعشرون سنة، ثم أقره أخوه الوليد عليها لما استخلف، وأما ابن يونس فذكر أن الوليد عزل أخاه عبد الله عن مصر بقرة بن شريك أول ما استخلف. وفيها هلك ملك الروم الأخرم بوري لا رحمه الله، قبل أمير المؤمنين عبد الملك بشهر. وفيها توفي يونس بن عطية الحضرمي قاضي مصر، فولي ابن أخيه أوس بن عبد الله بن عطية القضاء بعده قليلاً وعزل، وولي القضاء مضافاً إلى الشرط أبو معاوية عبد الرحمن بن معاوية بن حديج، ثم عزل بعد ستة أشهر بعمران بن عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة. وولي الخلافة الوليد بعهدٍ من أبيه.

(6/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 27
4 (احداث سنة سبعٍ وثمانين)
توفي فيها: عتبة بن عبد السلمي. والمقدام بن معديكرب الكندي. وعبد الله بن ثعلبة بن صعير، والأصح وفاته سنة تسع. ويقال فيها افتتح قتيبة بن مسلم أمير خراسان بيكند. وفيها شرع الوليد بن عبد الملك في بناء جامع دمشق، وكتب إلى أمير المدينة عمر بن عبد العزيز ببناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.

(6/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 28
وفي هذه السنة ولي عمر المدينة وله خمسٌ وعشرون سنة، وصرف عنها هشام بن إسماعيل، وأهين ووقف للناس، فبقي عمر عليها إلى أن عزله الوليد بن أبي بكر بن حزم. وفيها قدم نيزك طرخان على قتيبة بن مسلم، فصالحه وأطلق من في يده من أسارى المسلمين. وفيها غزا قتيبة نواحي بخارى، فكانت هناك وقعة عظيمة وملحمة هائلة، هزم الله فيها المشركين، واعتصم ناس منهم بالمدينة، ثم صالحهم، واستعمل عليها رجلاً من أقاربه، فقتلوا عامة أصحابه وغدروا، فرجع قتيبة لحربهم وقاتلهم، ثم افتتحها عنوةً، فقتل وسبى وغنم أموالاً) عظيمة.

(6/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 29
وفيها أغزى أمير المغرب موسى بن نصير عندما ولاه الوليد بن عبد الملك إمرة المغرب جميعه ولده عبد الله سردانية، فافتتحها وسبى وغنم. وفيها أغزى موسى بن نصير ابن أخيه أيوب بن حبيب ممطورة، فغنم وبلغ سبيهم ثلاثين ألفاً. وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك، فافتتح قمقم وبحيرة الفرسان، فقتل وسبى. ويسر الله في هذا العام بفتوحات كبار على الإسلام. وأقام للناس الموسم عمر بن عبد العزيز، فوقف غلطاً يوم النحر، فتألم عمر لذلك، فقيل له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم عرفة يوم يعرف الناس. وكانوا بمكة في جهد من قلة الماء، فاستسقوا ومعهم عمر، فسقوا، قال بعضهم: فرأيت عمر يطوف والماء إلى أنصاف ساقيه.

(6/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 30
4 (احداث سنة ثمانٍ وثمانين)
توفي فيها: عبد الله بن بسر المازني. وأبو الأبيض العنسي. وعبد الله بن أبي أوفى، على الصحيح. وفيها جمع الروم جمعاً عظيماً وأقبلوا فالتقاهم مسلمة ومعه العباس بن الخليفة الوليد، فهزم الله الروم، وقتل منهم خلق، وافتتح المسلمون من جرثومة وطوانة. وفيها غزا قتيبة بن مسلم، فزحف إليه الترك ومعهم الصغد وأهل فرغانة، وعليهم ابن أخت ملك الصين، ويقال بلغ جمعهم مائتي ألف، فكسرهم قتيبة، وكانت ملحمة عظيمة. وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك وابن أخيه العباس، وتعبؤا بقرى

(6/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 31
أنطاكية، ثم التقوا الروم وحج بالناس عمر بن الوليد بن عبد الملك. ويقال إن فيها شرع الوليد ببناء الجامع وكان نصفه كنيسة للنصارى، وعلى ذلك صالحهم أبو عبيدة بن الجراح، فقال الوليد للنصارى: إنا قد أخذنا كنيسة توما عنوة، يعني كنيسة مريم فأنا أهدمها، وكانت أكبر من النصف الذي لهم، فرضوا بإبقاء كنيسة مريم، وأعطوا النصف وكتب لهم بذلك، والمحراب الكبير هو كان باب الكنيسة، ومات الوليد وهم بعد في زخرفة بناء) الجامع، وجمع عليه الوليد الحجارين والمرخمين من الأقطار، حتى بلغوا فيما قيل اثني عشر ألف مرخم، وغرم عليها قناطير عديدةً من الذهب، فقيل إن النفقة عليه بلغت ستة آلاف ألف دينار، وذلك مائة قنطارٍ وأربعة وأربعون قنطاراً بالقنطار الدمشقي. وفيها أمر الوليد عامله على المدينة عمر بن عبد العزيز ببناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يزاد فيه من جهاته الأربع، وأن يعطي الناس ثمن الزيادات شاءوا أو أبوا. قال محمد بن سعد: ثنا محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن يزيد الهذلي قال: رأيت منازل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هدمها عمر بن عبد العزيز، فزادها في المسجد، وكانت بيوتاً باللبن، ولها حجر من جريد مطرورٌ بالطين، عددت تسعة أبياتٍ بحجرها، وهي ما بين بيت عائشة إلى الباب الذي يلي باب النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الواقدي: حدثني معاذ بن محمد، سمع عطاءً الخراساني يقول:

(6/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 32
أدركت حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من جريد النخل، على أبوابها المسوح من شعرٍ أسود، فحضرت كتاب الوليد يقرأ بإدخال الحجر في المسجد، فما رأيت باكياً أكثر باكياً من ذلك اليوم، فسمعت سعيد بن المسيب يقول: لو تركوها فيقدم القادم من الآفاق فيرى ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته. وعن عمران بن أبي أنس قال: ذرع الستر الشعر ذراع في طول ثلاثة. وفيها كتب الوليد، وكان مغرماً بالبناء، إلى عمر بن عبد العزيز بحفر الأنهار بالمدينة، وبعمل الفوارة بها، فعملها وأجرى ماءها، فلما حج الوليد وقف ونظر إليها فأعجبته. وقال عمر بن مهاجر وكان على بيت مال الوليد: حسبوا ما أنفقوا على الكرمة التي في قبلة مسجد دمشق، فكان سبعين ألف دينار. وقال أبو قصي إسماعيل بن محمد العذري: حسبوا ما أنفقوا على مسجد دمشق، فكان أربعمائة صندوق، في كل صندوق ثمانيةٌ وعشرون ألف دينار. قلت: جملتها على هذا: أحد عشر ألف ألف دينار ونيف. قال أبو قصي: أتاه حرسيه فقال: يا أمير المؤمنين تحدثوا أنك أنفقت الأموال في غير حقها، فنادى: الصلاة جامعة، وخطبهم فقال: بلغني كيت وكيت، ألا يا عمر قم فأحضر الأموال من بيت المال. فأتت البغال تدخل بالمال، وفضت في القبلة على الأنطاع، حتى لم يبصر من في) القبلة من في الشام، ووزنت بالقبابين، وقال لصاحب الديوان: أحص من قبلك ممن يأخذ رزقنا، فوجدوا ثلاثمائة ألف في جميع الأمصار، وحسبوا ما يصيبهم، فوجدوا عنده رزق ثلاث سنين، ففرح الناس، وحمدوا الله، فقال: إلى أن تذهب هذه الثلاث السنين قد أتانا الله بمثله ومثله، ألا وإني رأيتكم يا أهل دمشق تفخرون على الناس بأربع: بهوائكم، ومائكم، وفاكهتكم، وحماماتكم،

(6/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 33
فأحببت أن يكون مسجدكم الخامس، فانصرفوا شاكرين داعين. وروي عن الجاحظ، عن بعضهم قال: ما يجوز أن يكون أحدٌ أشد شوقاً إلى الجنة من أهل دمشق، لما يرون من حسن مسجدهم.

(6/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 34
4 (احداث سنة تسع وثمانين)
توفي فيها على الصحيح: عبد الله بن ثعلبة. ويقال: توفي فيها عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة. وأبو ظبيان. وأبو وائل، والصحيح وفاتهم في غيرها. وفيها افتتح عبد الله بن موسى بن نصير جزيرتي ميورقة ومنورقة، وهما جزيرتان في البحر، بين جزيرة صقلية وجزيرة الأندلس، وتسمى غزوة الأشراف، فإنه كان معه خلقٌ من الأشراف والكبار. وفيها غزا قتيبة ورذان خذاه ملك بخارى، فلم يطقهم، فرجع.

(6/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 35
وفيها أغزى موسى بن نصير ابنه مروان السوس الأقصى، فبلغ السبي أربعين ألفاً. وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك عمورية، فلقي جمعاً من الروم، فهزمهم الله تعالى. وفيها ولي خالد بن عبد الله القسري مكة، وذلك أول ما ولي. وفيها عزل عن قضاء مصر عمران بن عبد الرحمن، بعبد الواحد بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج، وله خمسٌ وعشرون سنة. وقد ذكر ابن جرير الطبري أن الواقدي زعم، أن عمر بن صالح حدثه، عن نافع مولى بني مخزوم قال. سمعت خالد بن عبد الله يقول على منبر مكة: أيها الناس، أيهما أعظم، خليفة الرجل على أهله، أم رسوله إليهم والله لو لم تعلموا فضل الخليفة إلا أن إبراهيم خليل الرحمن) استسقى فسقاه الله ملحاً أجاجًا، واستسقاه الخليفة فسقي عذباً فراتاً، بئراً حفرها الوليد بن عبد الملك عند ثنية الحجون، وكان ينقل ماؤها فيوضع في حوض من أدم إلى جنب زمزم، ليعرف فضله على زمزم. قال: ثم غارت البئر فذهبت، فلا يدري أين موضعها. قلت: ما أعتقد أن هذا وقع. والله أعلم.

(6/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 36
4 (احداث سنة تسعين)
توفي فيها: خالد بن يزيد بن معاوية. وأبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني المصري. وعبد الرحمن بن المسور الزهري. وأبو ظبيان الجنبي. ويزيد بن رباح. وعروة بن أبي قيس المصريان. وقال أبو خلدة: توفي فيها في شوال أبو العالية الرياحي. وقال ابن المديني: توفي جابر بن زيد سنة تسعين. وقال شعيب بن الحبحاب: توفي فيها أنس بن مالك. وقال خليفة: توفي فيها مسعود بن الحكم الزرقي. وفيها غزا قتيبة بن مسلم ورذان خداه الغزوة الثانية، فاستصرخ على قتيبة بالترك، فالتقاهم قتيبة، فهزمهم الله وفض جمعهم.

(6/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 37
وفيها غزا العباس ابن أمير المؤمنين، فبلغ الأرزن ثم رجع. وفيها أوقع قتيبة بأهل الطالقان بخراسان، فقتل منهم مقتلةً عظيمة، وصلب منهم طول أربعة فراسخ في نظام واحد، وسبب ذلك أن ملكها غدر ونكث، وأعان نيزك طرخان على خلع قتيبة. قاله محمد بن جرير. وفيها سار قرة بن شريك أميراً على مصر على البريد في شهر ربيع الأول، عوضاً عن عبد الله بن عبد الملك بن مروان، وقيل قبل ذلك، والله أعلم.)

(6/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 38
1 (تراجم رجال هذه الطبقة)

4 (الألف)
أبان بن عثمان بن عفان ابن أبي العاص الأموي، أبو سعيد. سمع: أباه، وزيد بن نابت. وعنه: عامر بن سعد، والزهري، وعمرو بن دينار، وأبو الزناد، وجماعة. ووفد على عبد الملك.

(6/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 39
قال ابن سعد: كان ثقةً له أحاديث عن أبيه، وكان به صمم ووضحٌ كثير، وأصابه الفالج قبل أن يموت. وقال خليفة: أبان وعمر وأمهما أم عمرو بنت جندب بن عمرو الدوسي، وأبان توفي سنة خمسٍ ومائة. وقال الواقدي: كانت ولاية أبان على المدينة سبع سنين. وقال الحكم بن الصلت: ثنا أبو الزناد قال: مات أبان قبل عبد الملك بن مروان. وقال يحيى القطان: فقهاء المدينة عشرة، فذكر منهم أبان. وقال مالك: حدثني عبد الله بن أبي بكر أن أبا بكر بن حزم كان يتعلم من أبان القضاء. وقال أبو علقمة الفروي: حدثني عبد الحكيم بن أبي فروة، عمن قال، قال عمرو بن شعيب: ما رأيت أحداً أعلم بحديثٍ ولا فقهٍ من أبان. أدهم بن محرز الباهلي الحمصي، الأمير، أول من ولد بحمص، شهد صفين مع معاوية، وكان

(6/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 40
ناصبياً سباباً. حكى عنه: عمرو بن مالك القيني، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وفروة بن لقيط. قال هشيم، عن أبي ساسان، حدثني أبي الصيرفي: سمعت عبد الملك بن عمير يقول: أتيت الحجاج وهو يقول لرجل: أنت همدان مولى علي فقال: سبه، قال: ما ذاك جزاؤه مني، رباني وأعتقني، قال: فما كنت تسمعه يقرأ من القرآن قال: كنت أسمعه في قيامه وقعوده وذهابه ومجيئه يتلو: فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيءٍ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتةً الآية. قال: فابرأ منه. قال: أما هذه فلا، سمعته يقول: تعرضون على سبي) فسبوني، وتعرضون على البراءة مني، فلا تبرأوا مني فإني على الإسلام، قال: أما ليقومن إليك رجلٌ يتبرأ منك ومن مولاك، يا أدهم بن محرز قم فاضرب عنقه، فقام يتدحرج كأنه جعل، وهو يقول: يا ثارات عثمان، فما رأيت رجلاً كان أطيب نفساً بالموت منه، فضربه فندر رأسه. إسناده صحيح. الأسود بن هلال المحاربي الكوفي، أبو سلام. من المخضرمين.

(6/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 41
روى عن: معاذ، وعمرو بن مسعود، وأبي هريرة. روى عنه: أشعث بن أبي الشعثاء، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو حصين عثمان بن عاصم الأسدي، وآخرون. وثقه يحيى بن معين. توفي سنة أربع وثمانين. الأعشى الهمداني الشاعر، هو أبو المصبح عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث، أحد الفصحاء المفوهين بالكوفة. كان له فضل وعبادة، ثم ترك ذلك، وأقبل على الشعر، وقد وفد على النعمان بن بشير إلى حمص ومدحه، فيقال إنه حصل له من جيش حمص أربعين ألف دينار، ثم إن الأعشى خرج مع ابن الأشعث، ثم ظفر به الحجاج فقتله، رحمه الله. وكان هو والشعبي كل منهما زوج أخت الآخر. الأغر بن سليك ويقال ابن حنظلة.

(6/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 42
كوفي. روى عن: علي، وأبي هريرة. وعنه: أبو إسحاق، وعلي بن الأقمر، وسماك بن حرب. مقل. أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية الأموي. روى عن: ابن عمر. روى عنه: عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، والمهلب بن أبي صفرة،) وأبو إسحاق السبيعي. وولي إمرة خراسان لعبد الملك. توفي سنة سبعٍ وثمانين.

(6/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 43
أيوب بن القرية واسم أبيه يزيد بن قيس بن زرارة بن سلم النمري الهلالي، والقرية أمه. كان أعرابياً أمياً، صحب الحجاج ووفد على عبد الملك، وكان يضرب به المثل في الفصاحة والبيان. قدم في عام قحط عين التمر، وعليها عامل، فأتاه من الحجاج كتابٌ فيه لغة وغريب، فأهم العامل ما فيه، ففسره له أيوب، ثم أملى له جوابه غريباً، فلما قرأه الحجاج علم أنه ليس من إنشاء عامله، وطلب من العامل الذي أملى له الجواب، فقال: لابن القرية، فقال له: أقلني من الحجاج، قال: لا بأس عليك، وجهزه إليه، فأعجب به، ثم جهزه الحجاج إلى عبد الملك، فلما خرج ابن الأشعث كان أيوب بن القرية ممن خرج معه، وذلك لأن الحجاج بعثه رسولاً إلى ابن الأشعث إلى سجستان، فلما دخل عليه أمره أن يقوم خطيباً، وأن يخلع الحجاج ويسبه أو ليضربن عنقه، فقال: أنا رسول، قال: هو ما أقول لك، ففعل، وأقام مع ابن الأشعث، فلما انكسر ابن الأشعث أتي بأيوب أسيراً إلى الحجاج، فقال: أخبرني عما أسألك، قال: سل، قال: أخبرني عن أهل العراق. قال: أعلم الناس بحقٍ وباطل، قال: فأهل الحجاز، قال: أسرع الناس إلى فتنة، وأعجزهم فيها، قال: فأهل الشام قال: أطوع الناس لأمرائهم، قال: فأهل مصر قال: عبيد من طلب، قال: فأهل الموصل قال: أشجع فرسان، وأقتل للأقران، قال: فأهل اليمن قال: أهل سمعٍ وطاعة، ولزوم للجماعة. ثم سأله عن قبائل

(6/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 44
العرب وعن البلدان، وهو يجيب، فلما ضرب عنقه ندم. وفي ترجمته طول في تاريخ دمشق، وابن خلكان. توفي سنة أربعٍ وثمانين.

(6/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 45
4 (الباء)
بحير بن ورقاء البصري الصريمي، أحد الأشراف والقواد بخراسان.) وهو الذي حارب ابن خازم السلمي وظفر به، وهو الذي تولى قتل بكير بن وساج بأمر أمية بن عبد الله الأموي، فعمل عليه طائفة من رهط بكير فقتلوه سنة إحدى وثمانين. بشير بن كعب بن أبي خ أبو أيوب الحميري العدوي البصري.

(6/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 46
يقال إن أبا عبيدة استعمله على شيءٍ من المصالح. روى عن: أبي ذر، وأبي الدرداء، وأبي هريرة. روى عنه: عبد الله بن بريدة، وطلق بن حبيب، وقتادة، والعلاء بن زياد، وثابت البناني، وغيرهم. وكان أحد القراء والزهاد. وثقه النسائي. وأما: بشير بن كعب العلوي شاعر كان في زمان معاوية، له ذكر.

(6/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 47
4 (التاء)
تياذوق الطبيب كان بارعاً في الطب، ذكياً عالماً، وكان عزيزاً عند الحجاج وله ألفاظ في الحكمة. توفي قريباً من سنة تسعين، وقد شاخ. صنف كناشاً كبيراً وكتاب الأدوية وغير ذلك. توفي بواسط.

(6/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 48
4 (الحاء)
الحارث بن أبي ربيعة المخزومي المكي المعروف بالقباع. ولي إمرة البصرة لابن الزبير، ووفد على عبد الملك. روى عن: عمر، وعائشة، وأم سلمة، وغيرهم. روى عنه: الزهري، وعبد الله بن عبيد بن عمير، والوليد بن عطاء، وعبد الرحمن بن سابط.)

(6/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 49
قال الأصمعي: سمي القباع لأنه وضع لهم مكيالاً سماه القباع. وقيل: كانت أمه حبشية. قال حاتم بن أبي صغيرة وغيره، عن أبي قزعة: إن عبد الملك قال: قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين، يقول سمعتها، تقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا عائشة لولا حدثان قومك بالكفر، لنفضت البيت حتى أزيد فيه من الحجر، فإن قومك قصروا عن البناء، فقال الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين، فأنا سمعت أم المؤمنين تحدث هذا، فقال: لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على بناء ابن الزبير. حجر بن عنبس الحضرمي أبو العنبس، ويقال أبو السكن. مخضرم كبير. صحب علياً وروى عنه، وعن وائل بن حجر. حدث عنه: سلمة بن كهيل، وموسى بن قيس. وذكره الخطيب في تاريخ بغداد، ووثقه وقال: قدم المدائن.

(6/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 50
حجر المدري اليماني عن: زيد بن ثابت، وعلي، وابن عباس. وعنه: طاووس، وشداد بن جابان. وله حديث في السنن الثلاثة. حسان بن النعمان أمير المغرب. قيل إنه هو حسان بن النعمان بن المنذر الغساني، ابن زعيم عرب الشام. حكى عنه أبو قبيل المعافري. وكان بطلاً شجاعاً غزاءً، ولي فتوحاتٍ بالمغرب ووفد على عبد الملك وغيره، وكانت له بدمشق دار. وجهه معاوية سنة سبعٍ وخمسين، فصالح البربر، وقرر عليهم الخراج.

(6/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 51
ثم وفد إلى الشام بعد نيفٍ وعشرين سنة، وكان قد تمكن بإفريقية، ودانت له، وهذبها بعد قتل الكاهنة، فلما ولي الوليد أرسل إلى نوابه يحرضهم على الجهاد ويبالغ، وأمرهم بعمل المراكب والإكثار منها، وبحرب الروم والبربر في البر والبحر، وعزل حسان فقدم عليه بتحفٍ عظيمة وأموال وجواهر، وقال: يا أمير المؤمنين إنما خرجت مجاهداً في سبيل الله وليس مثلي من) خان الله وأمير المؤمنين، فقال: أنا أردك إلى عملك، فحلف أنه لا ولي لبني أمية ولاية أبداً. وكان حسان يسمى الشيخ الأمين لثقته وأمانته. وأما أبو سعيد بن يونس فقال: إن موت حسان سنة ثمانين. حصين بن مالك بن الخشخاش، وهو حصين بن أبي الحر التميمي العنبري البصري، جد القاضي عبيد الله بن الحسن العنبري. عن: جده الخشخاش وله صحبة، وعن سمرة بن جندب، وعمران بن حصين. وعنه: ابنه الحسن، وعبد الملك بن عمير، ويونس بن عبيد، وقيل يونس، عن رجل، عنه.

(6/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 52
مات في حبس الحجاج. حكيم بن جابر بن طارق الأحمسي الكوفي. روى عن: أبيه، وعمر، وابن مسعود، وعبادة بن الصامت. وعنه: بيان بن بشير، وإسماعيل بن أبي خالد، وطارق بن عبد الرحمن البجلي، وغيرهم. وثقه ابن معين. حكيم بن سعد أبو تحيا الكوفي. حدث عن: علي، وأبي موسى، وأم سلمة. روى عنه: أبو إسحاق، وعمران بن ظبيان، وعبد الملك بن مسلم، وآخرون. شهد وقعة النهروان مع علي. وثقه أحمد العجلي. حمران بن أبان مولى عثمان، من سبي عين التمر، كان.

(6/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 53
للمسيب بن نجبة، فابتاعه عثمان. روى عن: عثمان، وعن معاوية. وعنه: عطاء بن يزيد الليثي، ومعاذ بن عبد الرحمن، وعروة بن الزبير، وزيد بن أسلم، وبكير بن الأشج، وبيان بن بشر، وطائفة. قال صالح بن كيسان: سباه خالد بن الوليد من عين التمر. وقال مصعب الزبيري: إنما هو حمران بن أبا، فقال بنوه: ابن أبان.) وقال ابن سعد: نزل البصرة، وادعى ولده أنهم من النمر بن قاسط. وقال قتادة: كان حمران يصلي مع عثمان، فإذا أخطأ فتح عليه. وعن الزهري أنه كان يأذن على عثمان. وقال عثمان بن أبي شيبة: كان كاتب عثمان، وكان محترماً في دولة عبد الملك، وطال عمره، وتوفي بعد الثمانين. حميد بن عبد الرحمن الحميري يقال: توفي سنة إحدى وثمانين.

(6/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 54
وسيأتي. حنش بن المعتمر ويقال ابن ربيعة الكناني، ثم الكوفي. روى عن: علي، وأبي ذر. ويأتي سنة مائة حنش الصنعاني وهو أصغر من ذا وأوثق. وأما هذا فروى عنه: الحكم بن عتيبة، وسماك، وسعيد بن أشوع، وإسماعيل بن أبي خالد. قال البخاري: يتكلمون في حديثه. وقال ابن عدي وغيره: لا بأس به.

(6/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 55
4 (الخاء)
خالد بن عمير البصري شهد خطبة عتبة بن غزوان. عنه: أبو نعامة عمرو بن عيسى العدوي، وحميد بن هلال. وثقه ابن حبان. خالد بن يزيد د ابن معاوية بن أبي سفيان، أبو هاشم الأموي الدمشقي، أخو معاوية، وعبد الرحمن.

(6/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 56
روى عن: أبيه، ودحية الكلبي. وعنه: رجاء بن حيوة، وعلي بن رباح، والزهري، وأبو الأعيس الخولاني. قال الزبير: كان خالد بن يزيد موصوفاً بالعلم وقول الشعر. وقال ابن سميع: داره هي دار الحجارة بدمشق.) وقال أبو زرعة: كان هو وأخوه من صالحي القوم. وقال عقيل، عن الزهري: إن خالد بن يزيد بن معاوية كان يصوم الأعياد كلها: الجمعة، والسبت، والأحد. ويروى أن شاعراً وفد عليه وقال:

(6/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 57
(سألت الندى والجود: حران أنتما .......... فقالا جميعاً: إننا لعبيد)

(فقلت: فمن مولاكما فتطاولا .......... علي وقالا: خالد بن يزيد)
فأمر له بمائة ألف درهم. وقد كان ذكر خالد للخلافة عند موت أخيه معاوية، ثم بويع مروان على أن خالداً ولي عهده، فلم يتم ذلك. وقال الأصمعي: ثنا عمرو بن عتبة، عن أبيه قال: تهدد عبد الملك خالد بن يزيد بالحرمان والسطوة، فقال: أتهددني ويد الله فوقك مانعة، وعطاؤه دونك مبذول. وقال الأصمعي: قيل لخالد بن يزيد: ما أقرب شيء قال: الأجل، قيل: فما أبعد شيء قال: الأمل، قيل: فما أرجى شيء قال: العمل. وعنه قال: إذا كان الرجل لجوجاً ممارياً معجباً برأيه، فقد تمت خسارته. توفي سنة تسعين، وقيل أربعٍ وثمانين، وقيل سنة خمس. وله ترجمة طويلة في تاريخ ابن عساكر. ونقل ابن خلكان أنه كان يعرف الكيمياء، وأنه صنف فيها ثلاث رسائل. وهذا لم يصح. وعن مصعب الزبيري قال: كان خالد بن يزيد يوصف بالحلم، ويقول الشعر.

(6/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 58
وزعموا أنه هو الذي وضع حديث السفياني، وأراد أن يكون للناس فيه طمع حين غلب مروان على الأمر. قال ابن الجوزي: هذا وهمٌ من مصعب، أمر السفياني قد تتابعت فيه روايات. خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي الكوفي، أبوه وجده صحابيان. يروى عن: أبيه، وعائشة وابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وعدي بن حاتم، وسويد بن غفلة،) وطائفة سواهم. ولم يلق ابن مسعود. روى عنه: عمرو بن مرة، وطلحة بن مصرف، ومنصور، والأعمش، وابن أبي خالد، وغيرهم. وكان رجلاً صالحاً، كبير القدر، لم ينج من فتنة ابن الأشعث بالكوفة

(6/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 59
إلا هو وإبراهيم النخعي. وحديثه في الكتب الستة. وكان سخياً كريماً يركب الخيل.

(6/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 60
4 (الذال)
ذر بن عبد الله الهمداني الكوفي. عن: سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، وعبد الله بن شداد، وسعيد بن جبير، وجماعة. روى عنه: الحكم بن عتيبة، وابنه عمر بن ذر، وسلمة بن كهيل، والأعمش، ومنصور. قال أبو داود، وغيره: كان مرجئاً.

(6/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 61
4 (الراء)
الربيع بن خثيم بن عائذ الثوري، أبو يزيد الكوفي. أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع: ابن مسعود، وأبا أيوب، وعمرو بن ميمون. وعنه: الشعبي، وإبراهيم، ومنذر الثوري، وهلال بن يساف، وآخرون. وكان عبداً صالحاً جليلاً ثقة نبيلاً، كبير القدر. ربيعة بن لقيط التجيبي المصري. عن: عمرو بن العاص، ومعاوية، وابن حوالة. وعنه: ابنه إسحاق، ويزيد بن أبي حبيب. وثقه أحمد العجلي. وله في مسند أحمد بن حنبل. روح بن زنباع أبو زرعة) الجذامي الفلسطيني، ويقال أبو زنباع.

(6/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 62
حدث عن: أبيه، وتميم الداري، وعبادة بن الصامت، وكعب الأحبار، وغيرهم. وعنه: ابنه روح بن روح، وشرحبيل بن مسلم، ويحيى الشيباني، وعبادة بن نسي، وجماعة. وكان ذا اختصاص بعبد الملك، لا يكاد يغيب عنه، وهو كالوزير له. ولأبيه زنباع بن روح بن سلامة صحبة، وكان لروح دار بدمشق في طرف البزوريين، أمره يزيد على جند فلسطين، وشهد يوم راهط مع مروان.

(6/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 63
وقال مسلم: له صحبة. ولم يتابع مسلماً أحدٌ. وروى ضمرة، عن عبد الحميد بن عبد الله قال: كان روح بن زنباع إذا خرج من الحمام أعتق رقبة. قال ابن زيد: مات سنة أربعٍ وثمانين. رياح بن الحارث د ن ق النخعي الكوفي. عن: علي، وابن مسعود، وعمار، وسعيد بن زيد. وعنه: حفيده صدقة بن المثنى بن رياح، والحسن بن الحكم النخعي، وحرملة بن قيس، وأبو حمزة الضبعي. ذكره ابن حبان في الثقات

(6/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 64
4 (الزاي)
زاذان أبو عمر الكندي مولاهم الكوفي البزاز الضرير، شهد خطبة عمر بالجابية، وحدث عن: علي، وابن مسعود، وسلمان، وحذيفة، وعائشة، وجرير بن عبد الله، والبراء، وابن عمر. روى عنه: أبو صالح السمان، وعمرو بن مرة، وعطاء بن السائب،

(6/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 65
وحبيب بن أبي ثابت، ومحمد بن سوقة، والمنهال بن عمرو، ومحمد بن جحادة. وكان ثقةً، قليل الحديث. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين عندهم.) وعن أبي هاشم الرماني قال: قال زاذان: كنت غلاماً حسن الصوت، جيد الضرب بالطنبور، وكنت أنا وصحب لي، وعندنا نبيذ، وأنا أغنيهم، فمر ابن مسعود، فدخل فضرب الباطية بددها، وكسر الطنبور، ثم قال: لو كان ما أسمع من حسن صوتك هذا يا غلام بالقرآن كنت، أنت أنت، ثم مضى، فقلت لأصحابي: من هذا قالوا: هذا ابن مسعود، فألقى في نفسي التوبة، فسعيت وأنا أبكي، ثم أخذت بثوبه، فقال: من أنت قلت: أنا صاحب الطنبور، فأقبل علي فاعتنقني وبكى، ثم قال: مرحباً بمن أحبه الله، اجلس مكانك، ثم دخل فأخرج إلي تمراً. وقال زبيد: رأيت زاذان يصلي كأنه جذع خشبة. وروى ابن نمير قال: قال زاذان يوماً: إني جائع، فسقط عليه من الروزنة رغيف مثل الرحى. وقال عطاء بن السائب: كان زاذان إذا جاءه رجل يشتري الثوب نشر الطرفين وسامه سومة واحدة. وقال شعبة: سألت سلمة بن كهيل عن زاذان فقال: أبو البختري أحب إلي منه. وقال إبراهيم بن الجنيد، عن يحيى بن معين: هو ثقة.

(6/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 66
وقال خليفة: توفي سنة اثنتين وثمانين. زر بن حبيش ع ابن حباشة بن أوس، أبو مريم الأسدي الكوفي. ويقال أبو مريم وأبو مطرف.

(6/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 67
أدرك الجاهلية، وعمر دهراً. حدث عن: عمر، وأبي بن كعب، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وعبد الرحمن بن عوف، وعمار بن ياسر، وحذيفة، والعباس، وصفوان بن عسال. وقرأ القرآن على: علي، وابن مسعود، وأقرأه. وقرأ عليه: عاصم، ويحيى بن وثاب، وأبو إسحاق، والأعمش، وحدث عنه: عاصم، وعبدة بن أبي لبابة، وعدي بن ثابت، والمنهال بن عمرو، وأبو إسحاق الشيباني، وأبو بردة بن أبي موسى، وإسماعيل بن أبي خالد. قال عاصم: كان زر من أعرب الناس، كان عبد الله بن مسعود يسأله عن العربية. وقال ابن سعد: كان ثقةً كثير الحديث. وقال همام: ثنا عاصم، عن زر قال: وفدت إلى المدينة في خلافة عثمان، وإنما حملني على) ذلك حرصي على لقاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيت صفوان بن عسال فقلت له: هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم، وغزوت معه ثنتي عشرة غزوة. وقال شيبان، عن عاصم، عن زر قال: خرجت في وفد من أهل الكوفة، وايم الله إن حرضني على الوفادة إلا لقاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدمت المدينة أتيت أبي بن كعب، وعبد الرحمن بن عوف، فكانا جليسي وصاحبي، فقال أبي: يا زر ما تريد أن تدع من القرآن آيةً إلا سألتني عنها. شعبة، عن عاصم، عن زر قال: كنت بالمدينة يوم عيد، فإذا عمر

(6/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 68
ضخم أصلع، كأنه على دابةٍ مشرف. حماد بن زيد، عن عاصم، عن زر قال: قدمت المدينة، فلزمت عبد الرحمن بن عوف وأبياً. وقال حماد بن زيد، عن عاصم قال: أدركت أقواماً كانوا يتخذون هذا الليل جملاً، يلبسون المعصفر، ويشربون نبيذ الجر، لا يرون به بأساً، منهم زر، وأبو وائل. وقال أبو بكر بن عياش، عن عاصم قال: كان أبو وائل عثمانياً، وكان زر بن حبيش علوياً، وما رأيت واحداً منهما قط تكلم في صاحبه حتى ماتا، وكان زر أكبر من أبي وائل، فكانا إذا جلسا جميعاً لم يحدث أبو وائل مع زر. وقال ابن أبي خالد: رأيت زر بن حبيش وإن لحييه ليضطربان من الكبر، وقد أتى عليه عشرون ومائة سنة. قال أبو عبيد: مات زر سنة إحدى وثمانين. وقال خليفة، والفلاس: سنة اثنتين. وعن عاصم قال: ما رأيت أقرأ من زر. زياد بن جارية التميمي دمشقي فاضل من قدماء

(6/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 69
التابعين، لا نعلم له رواية إلا عن حبيب بن مسلمة. روى عنه: مكحول، ويونس بن ميسرة بن حلبس وعطية بن قيس. وله دار غربي قصر الثقفيين. قال سعيد بن عبد العزيز: كان زياد بن جارية إذا خلا بأصحابه قال أخرجوا مخبآتكم. وقال الهيثم بن مروان العنسي: دخل زياد بن جارية مسجد دمشق وقد تأخرت صلاتهم) بالجمعة، فقال: والله ما بعث الله نبياً بعد محمد صلى الله عليه وسلم أمركم بهذه الصلاة. قال: فأخذ فأدخل الخضراء، فقطع رأسه، وذلك في زمن الوليد بن عبد الملك. قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن زياد بن جارية فقال: شيخ مجهول. زيد بن عقبة الفزاري الكوفي.

(6/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 70
عن: سمرة بن جندب. وعنه: ابنه سعيد، ومعبد بن خالد، وعبد الملك بن عمير. وكان ثقة. قاله النسائي. زيد بن وهب الجهني أبو سليمان، كوفي قديم اللقاء، رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقبض وهو في الطريق. سمع: عمر، وعلياً، وابن مسعود، وأبا ذر، وحذيفة بن اليمان. وقرأ القرآن على ابن مسعود.

(6/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 71
روى عنه: الأعمش، وحبيب بن أبي ثابت، وحصين بن عبد الرحمن، وإسماعيل بن أبي خالد، وعبد العزيز بن رفيع، وجماعة. توفي بعد وقعة الجماجم. وكان من الثقات.

(6/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 72
4 (السين)
سعد بن هشام بن عامر الأنصاري، ابن عم أنس بن مالك. عن: أبيه، وعائشة، وأبي هريرة. وعنه: زرارة بن أوفى، والحسن البصري، وحميد بن هلال، وحميد بن عبد الرحمن. وكان مقرئاً، صالحاً، فاضلاً، نبيلاً. سعيد بن علاقة وهو أبو فاختة، مولى أم هانيء

(6/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 73
بنت أبي طالب، ووالد ثوير بن أبي فاختة. وفد على معاوية، وروى عن: علي، وابن مسعود، وأم هانيء، وعائشة، والأسود بن يزيد. وعنه: ابنه، وعمرو بن دينار، ويزيد بن أبي زياد، وإسحاق بن سويد العدوي. وثقه العجلي.) سفيان بن وهب أبو أيمن الخولاني المصري. صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عنه، وعن عمر، والزبير. وغزا المغرب، وسكن مصر، وطال عمره. طلبه عبد العزيز بن مروان ليحدثه، فأتي به شيخٌ كبيرٌ محمول. روى عنه: أبو عشانة المعافري، وبكر بن سوادة، والمغيرة بن زياد، ويزيد بن أبي حبيب، وآخرون. عده في الصحابة أحمد بن البرقي، وابن أبي حاتم، وابن يونس، وذكره في التابعين ابن سعد، والبخاري.

(6/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 74
سليم بن أسود هو أبو الشعثاء. سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي، كنيته أبو عبد الرحمن، وقيل أبو حبتر، أحد الشجعان المذكورين. قيل إنه ولد يوم الفتح، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم سناناً. وقد استعمله زياد بن عبيد سنة خمسين على غزو الهند. وله رواية يسيرة. روى له النسائي، عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً، فهو مرسل. وروى عن: أبيه، وعمر، وابن عباس. وحديثه عن ابن عباس صحيح. روى عنه: سلمة بن جنادة، ومعاذ بن سمرة، وخبيب أبو عبد الصمد الأزدي، وخلد الأشج، وقتادة.

(6/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 75
وطال عمره وبقي إلى أواخر أيام الحجاج. وقد ولي غزو الهند سنة خمسين. سهم بن منجاب بن راشد الضبي الكوفي. شريف، لأبيه صحبة. روى عن: أبيه، والعلاء بن الحضرمي، وقرثع الضبي، وقزعة بن يحيى، وهو أصغر منه.) وعنه: إبراهيم النخعي، وأبو سنان ضرار بن مرة الشيباني، وعطية بن يعلى الضبي، وآخرون. سويد بن غفلة ع ابن عوسجة بن عامر، أبو أمية الكوفي من كبار المخضرمين، وقيل إنه

(6/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 76
صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه، ولم يصح، بل أسلم في حياته، وسمع كتابه إليهم، وشهد اليرموك. وحدث عن: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وأبي بن كعب، وبلال، وأبي ذر. روى عنه: أبو ليلى الكندي، والشعبي، وإبراهيم النخعي، وعبدة بن أبي لبابة، وسلمة بن كهيل، وعبد العزيز بن رفيع، وغيرهم. قال نعيم بن ميسرة: حدثني بعضهم، عن سويد بن غفلة قال: أنا لدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولدت عام الفيل وروى زياد بن خيثمة، عن عامر، يعني الشعبي قال: قال سويد بن غفلة: أنا أصغر من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين. وقال أحمد في مسنده: ثنا هشيم، أنا هلال بن خباب، ثنا ميسرة أبو صالح، عن سويد بن غفلة قال: أتانا مصدق النبي صلى الله عليه وسلم، فجلست إليه وسمعت عهده.

(6/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 77
وقال سفيان بن وكيع، عن يونس بن بكير، عن عمرو بن شمر، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أهدب الشعر، مقرون الحاجبين، واضح الثنايا، أحسن شعر وضعه الله على رأس إنسان. أخرجه ابن مندة في معرفة الصحابة. وقال مبشر بن إسماعيل، عن سليمان بن عبد الله بن الزبرقان، عن أسامة بن أبي عطاء، قال: كنت عند النعمان بن بشير، فدخل عليه سويد بن غفلة، فقال له النعمان: ألم يبلغني أنك صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم مرة قال: لا، بل مراراً، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نودي بالأذان، كأنه لا يعرف أحداً من الناس. قلت: الحديثان ضعيفان. وقد قال زهير بن معاوية: ثنا الحارث بن مسلم بن الرحيل الجعفي قال: قدم الرحيل وسويد بن غفلة حين فرغوا من دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم.) وقال أبو النضر هاشم بن القاسم: ثنا محمد بن طلحة، عن عمران بن مسلم قال: مر رجل من صحابة الحجاج على مؤذن جعفي وهو يؤذن، فأتى الحجاج فقال: ألا تعجب من أني سمعت مؤذناً يؤذن بالهجير قال: فأرسل فجاء به، فقال: ما هذا قال: ليس لي أمرٌ، إنما سويد الذي يأمرني بهذا، فأرسل إلى سويد، فجيء به، فقال: ما هذه الصلاة قال: صليتها

(6/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 78
مع أبي بكر، وعمر، وعثمان، فلما ذكر عثمان جلس وكان مضطجعاً، فقال: أصليتها مع عثمان قال: نعم. قال: لا تؤمن قومك، وإذا رجعت إليهم فسب علياً. قال: نعم، سمعاً وطاعة، فلما أدبر قال الحجاج: لقد عهد الشيخ الناس وهو يصلون الصلاة هكذا. وقال الخريبي: سمعت علي بن صالح يقول: بلغ سويد بن غفلة عشرين ومائة سنة، لم ير محتبياً قط ولا متسانداً، فأصاب بكراً، يعني في العام الذي توفي فيه. وقال عاصم بن كليب: تزوج سويد بن غفلة بكراً، وهو ابن مائةٍ وست عشرة سنة. وعن عمران بن مسلم قال: كان سويد بن غفلة إذا قيل له: أعطي فلان وولي فلان، قال: حسبي كسرتي وملحي. وعن علي بن المديني قال: دخلت منزل أحمد بن حنبل، فما شبهته إلا بما وصف من بيت سويد بن غفلة من زهده وتواضعه. توفي سنة إحدى وثمانين. قال ابن نمير، وأبو عبيد، وهارون بن حاتم، وغيرهم. وقال الفلاس: سنة اثنتين.

(6/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 79
4 (الشين)
شبث بن ربعي التميمي اليربوعي الكوفي. عن: علي بن أبي طالب، وحذيفة. وعنه: أنس بن مالك، ومحمد بن كعب القرظي، وسليمان التيمي.

(6/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 80
وكان من كبار الحرورية، ثم تاب وأناب شبيب أبو روح الوحاظي الحمصي. عن: رجل له صحبة، وأبي هريرة، ويزيد بن حمير. وعنه: عبد الملك بن عمير، وسنان بن قيس شامي، وحريز بن عثمان.) وقد وثق. شتير بن شكل خ م بن حميد، أبو عيسى العبسي الكوفي. عن: أبيه ولأبيه صحبة، وعن علي، وابن مسعود، وحفصة، وغيرهم.

(6/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 81
وعنه: الشعبي، وأبو الضحى، وبلال بن يحيى العبسي. وثقه النسائي. شراحيل بن آدة م على الصحيح، أبو الأشعث الصنعاني، صنعاء دمشق. في الكنى بعد المائة، فيحول إلى هنا. وأما ابن سعد فقال: توفي زمن معاوية، فوهم، لأن هذا الرجل روى عنه: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ويحيى بن الحارث الدماري، وطبقتهما. شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل،

(6/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 82
أبو عمرو القرشي السهمي. سكن الطائف، وحدث عن: جده، وابن عباس، وابن عمر، ومعاوية بن أبي سفيان. واختلف في سماعه من أبيه محمد، ولم يختلف أولو المعرفة في سماعه من جده. روى عنه: ابناه عمرو، وعمر، وثابت البناني، وعطاء الخراساني، وعثمان بن حكيم، وغيرهم. وأما أبوه محمد فقل من ذكر له ترجمة، بل هو كالمجهول. شقيق أبو وائل ع ابن سلمة الأسدي شيخ إمام معمر.

(6/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 83
روى عن: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود وقرأ عليه القرآن وحذيفة، وعائشة، وسلمان الفارسي، ومعاذ، وعمار، وسعد بن أبي وقاص، وطائفة. روى عنه: الشعبي، والحكم بن عتيبة، وحبيب بن أبي ثابت، وعمرو بن مرة، وعبدة بن أبي لبابة، وحصين بن منصور، والأعمش، وعاصم بن بهدلة، وخلق كثير. أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من الأذكياء الحفاظ، والأولياء العباد. قال أبو الأحوص: ثنا مسلم الأعور عن أبي وائل: كنت مع عمر بالشام، فمر دهقان فسجد له،) فقال: ما هذا قال: هكذا نفعل بالملوك. فقال: اسجد لربك الذي خلقك. قال ابن سعد: سمع أبو وائل بالشام من أبي الدرداء، وكان ثقة كثير الحديث.

(6/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 84
وقال عاصم بن أبي النجود: سمعت أبا وائل يقول: أدركت سبع سنين من سني الجاهلية. وقال أبو العنبس: سمعت أبا وائل يقول: بعث النبي صلى الله عليه وسلم وأنا غلام شاب. وقال هشيم، عن مغيرة، عن أبي وائل قال: أتانا مصدق النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيته بكبشٍ لي فقلت: صدق هذا، قال: ليس فيه صدقة. فقال الأعمش: قال لي أبو وائل: وقعت من جملي يوم الردة، أفرأيت لو مت، أليس كانت النار، وكنا قد هربنا من خالد بن الوليد يوم بزاخة، وسمعته يقول: كنت يومئذٍ ابن إحدى عشرة سنة. وقال إبراهيم النخعي: ما من قريةٍ إلا وفيها من يدفع عن أهلها به، وإني لأرجو أن يكون أبو وائل منهم. وقال: رأيت الناس وهم متوافرون، وهم يعدون أبا وائل من خيارهم. وقال عمرو بن مرة: قلت لأبي عبيدة: من أعلم أهل الكوفة بحديث عبد الله بن مسعود قال: أبو وائل. وقال عاصم بن أبي النجود: كان عبد الله إذا رأى أبا وائل قال:

(6/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 85
الثابت، وإذا رأى الربيع بن خثيم قال: وبشر المخبتين. وقال محمد بن فضيل بن غزوان، عن أبيه، عن شقيق أنه تعلم القرآن في شهرين وقال ابن المبارك ثنا سفيان قال: أمهم أبو وائل، فرأى من صوته، قال: كأنه أعجبه، فترك الإمامة. وقال عاصم بن بهدلة: كان أبو وائل إذا خلا ينشج، ولو جعل له الدنيا على أن يفعل ذلك وأحد يراه لم يفعل وقال جرير، عن مغيرة قال: كان إبراهيم التيمي يقص في منازل أبي وائل، فكان أبو وائل ينتفض انتفاض الطائر. وقال حماد بن زيد، عن عاصم قال: كان لأبي وائل خص يكون فيه هو وفرسه، فإذا غزا نقضه، وإذا رجع بناه. وقال أبو بكر، عن عاصم قال كان عطاء أبي وائل ألفين فإذا خرج عطاؤه أمسك ما يكفي أهله) سنةً، وتصدق بما سواه. وروى جعفر بن عون، عن المعلى بن عرفان: سمعت أبا وائل، وجاءه رجل فقال: ابنك على السوق، فقال: والله لو جئتني بموته كان أحب إلي، إني لأكره أن يدخل بيتي من عمل عملهم، فقال عاصم: كان ابنه على قضاء الكناسة.

(6/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 86
وقال الأعمش: قال لي شقيق: أسمع الناس يقولون: دانق، قيراط، أيهما أكبر، الدانق أو القيراط. وقال عاصم: ما رأيت أبا وائل ملتفتاً في صلاةٍ ولا غيرها، ولا سمعته سب دابة، إلا أنه ذكر الحجاج يوماً، فقال: اللهم أطعمه من ضريعٍ لا يسمن ولا يغني من جوع، ثم تداركها فقال: إن كان ذلك أحب إليك. ولا رأيته قائلاً لأحدٍ: كيف أصبحت، ولا كيف أمسيت. وقال عاصم: قلت لأبي وائل: شهدت صفين قال: نعم، وبئست الصفون كانت، فقيل له: أيهما أحب إليك، علي أو عثمان قال: علي، ثم صار عثمان أحب إلي من علي. وقال الأعمش: قال لي أبو وائل: إن أمراءنا هؤلاء ليس عندهم تقوى أهل الإسلام، ولا أحلام أهل الجاهلية. وقال ابن عيينة: ثنا عامر بن شقيق، سمع أبا وائل يقول: استعملني ابن زياد على بيت المال، فأتاني رجل بصك: أعط صاحب المطبخ ثمانمائة درهم، فقلت له: مكانك، فدخلت على ابن زياد فقلت: إن عمر استعمل ابن مسعود على القضاء وعلى بيت المال، وعثمان بن حنيف على ما سقى الفرات، وعمار بن ياسر على الصلاة والجند، ورزقهم كل يومٍ شاةً، فجعل نصفها وسقطها لعمار، لأنه على الصلاة، والجند، وجعل لعبد الله ربعها، ولعثمان ربعها، ثم قال: إن مالاً يؤكل منه كل يوم شاة لسريع الفناء. فقال ابن زياد: ضع المفاتيح واذهب حيث شئت. وقال عاصم، عن أبي وائل قال: بعث إلي الحجاج، فأتيته، فقال: ما اسمك قلت: ما بعث إلي الأمير إلا وقد عرف اسمي، قال: متى نزلت

(6/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 87
هذا البلد؟ قلت: ليالي نزله أهله، قال: إني مستعملك على السلسلة، قلت: إن السلسلة لا تصلح إلا برجالٍ يعملون عليها، وأما أنا فرجل ضعيف أخرق، أخاف بطانة السوء، فإن يعفني الأمير فهو أحب إلي، وإن يقحمني أقتحم، إني والله لأتعار من الليل، فأذكر الأمير، فلا أنام حتى أصبح، ولست له على عمل، والله ما رأيت الناس هابوا أميراً قط هيبتك، فإني والله ما أعلم رجلاً أحرى على ذم مني، وأما قولك: إن) يعفني الأمير، فإن وجدنا غيرك أعفيناك، ثم قال: تنصرف، قال: فمضيت فغفلت على الباب كأني لا أبصر، فقال: أرشدوا الشيخ قال خليفة: مات أبو وائل بعد الجماجم سنة اثنتين وثمانين. وذكر الواقدي أنه مات في خلافة عمر بن عبد العزيز.

(6/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 88
4 (الصاد)
صالح بن خوات بن جبير الأنصاري المدني. عن: أبيه، وخاله عمر، وسهل بن أبي حثمة. وعنه: ابنه خوات، والقاسم، ويزيد بن رومان، وعامر بن عبد الله بن الزبير. وثقه النسائي. صالح بن شريح السكوني الحمصي.

(6/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 89
حدث عن: أبي عبيدة بن الجراح، وأبي هريرة، ومعاوية، وغضيف بن الحارث، وجبير بن نفير. روى عنه: ابنه محمد، وعيسى بن أبي رزين، ومحمد بن زياد الإلهاني، وعمرو بن حريث. وذكر أبو الحسن والد تمام الرازي أنه كان كاتباً لأبي عبيدة. وقال ابن المبارك، عن عيسى بن أبي رزين قال: حدثني صالح بن شريح قال: رأيت أبا عبيدة رضي الله عنه يمسح على فراهيجتين. رواه جنادة بن مروان، عن عيسى أيضاً، فروى عمران بن بكار، أحد الأثبات، عن جنادة بن مروان وقد ضعف، عن عيسى بن أبي رزين، عن صالح بن شريح قال: كنت عند ابن قرط الثمالي بحمص، إذ أقبل أبو عبيدة من دمشق يريد قنسرين، فلما تغدى قال له ابن قرط: لو نزعت فراهيجيك وتوضأت، قال: ما نزعتهما منذ خرجت من دمشق، ولا أنزعهما حتى أرجع إليها. تفرد به جنادة، عن عيسى، عن صالح، ولا تقوم بهؤلاء الحجة. وقال البخاري: صالح بن شريح كاتب عبد الله بن قرط، وكان عبد الله أميراً لأبي عبيدة على حمص. سمع أبا عبيدة، والنعمان بن الرازية. قال أبو زرعة الدمشقي: بقي إلى وسط إمرة عبد الملك.) صدي بن عجلان أبو أمامة الباهلي. يأتي في الكنى من هذه الطبقة. صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف

(6/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 90
الجمحي المكي، زوج الدرداء بنت أبي الدرداء. روى عن: علي، وأبي الدرداء، وأم الدرداء، وابن عمر. وعنه: الزهري، وعمرو بن دينار، وأبو الزبير، وغيرهم. وثقه أحمد العجلي. قال عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي الزبير، عن صفوان بن عبد الله قال: قدمت الشام، فأتيت أبا الدرداء فلقيته بالسوق. وذكر الحديث ومتنه: دعاء الرجل مستجاب لأخيه بظهر الغيب. صفية بنت شيبة ابن عثمان الحجبي، القرشية العبدرية. يقال إنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم، ووهى ذلك الدارقطني.

(6/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 91
روت عن النبي صلى الله عليه وسلم في كتابي أبي داود، والنسائي، فهو مرسل. وروت عن: عائشة، وأم حبيبة، وأم سلمة، أمهات المؤمنين وغيرهن. روى عنها: ابنها منصور بن صفية وهو منصور بن عبد الرحمن الحجبي وسبطها ومحمد بن عمران الحجبي، ومحمد بن مسلم بن يناق، وإبراهيم بن مهاجر، وقتادة، ويعقوب بن عطاء بن أبي رباح، وعمر بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي، وآخرون. قال ابن معين: لم يسمع منها ابن جريح بل أدركها. وفي كتاب ابن ماجه، من حديث ابن إسحاق أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، دخل الكعبة وبها عيدان فكسرها. صفية بنت أبي عبيد بن مسعود الثقفي، أخت المختار الكذاب، زوجة ابن عمر. روت عن: عمر، وحفصة، وعائشة، وغيرهم.) روى عنها: سالم بن عبد الله، ونافع، وحميد الأعرج، وعبد الله بن دينار، وموسى بن عقبة وغيرهم.

(6/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 92
4 (الضاد)
ضبة بن محصن العنزي البصري. عن: عمر، وأبي موسى، وأم سلمة. وعنه: الحسن وقتادة، وميمون بن مهران وغيرهم. ذكره ابن حبان، في الثقات.

(6/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 93
4 (الطاء)
طارق بن شهاب ابن عبد شمس بن مسلمة الأحمسي البجلي. رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وغزا غير مرة في خلافة الصديق. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً، وروى عن: أبي بكر، وعمر، وبلال، وخالد بن الوليد، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وجماعة من الكبار.

(6/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 94
روى عنه: قيس بن مسلم، وسماك بن حرب، وعلقمة بن مرثد، وسليمان بن ميسرة، وإسماعيل بن أبي خالد، ومخارق بن عبد الله. قال قيس بن مسلم: سمعته يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزوت في خلافة أبي بكر، وعمر بضعاً وأربعين، أو قال: بضعاً وثلاثين من بين غزوة أو سرية. توفي طارق سنة ثلاثٍ وثمانين، وقيل سنة اثنتين وثمانين. وقال أحمد بن زهير، عن ابن معين إنه توفي سنة ثلاثٍ وعشرين ومائة، وهذا وهمٌ فاحش. الطفيل بن أبي بن كعب. يكنى أبا بطن لعظم بطنه. روى عنه: أبيه، وعمر، وابن عمر، وكان صديقاً لابن عمر. وعنه: عبد الله بن محمد بن عقيل، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وغيرهما. قال ابن سعد: ثقة قليل الحديث.

(6/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 95
4 (العين)
عابس بن ربيعة النخعي) عن: عمر، وعلي، وعائشة. وعنه: ابناه إبراهيم، وعبد الرحمن، وإبراهيم النخعي، وأبو إسحاق وغيرهم. وكان مخضرماً. عاصم بن حميد السكوني الحمصي.

(6/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 96
عن: عمر، ومعاذ بن جبل، وعائشة. وعنه: أزهر الحرازي، وعمرو بن قيس السكوني، وراشد بن سعد، وجماعة. وثقه الدارقطني. عامر بن سعد البجلي الكوفي. يروي عن: أبي مسعود البدري، وجرير البجلي، وأبي هريرة. روى عنه: العيزار بن حريث، وإبراهيم بن عامر الجمحي، وأبو إسحاق السبيعي. عباد بن زياد أخو عبيد الله بن زياد بن أبيه، أبو حرب.

(6/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 97
ولي إمرة سجستان لمعاوية بعد عبيد الله بن أبي بكرة، وكان يوم مرج راهط مع مروان. وله حديث في المسح على الخفين يرويه مالك، عن الزهري أنه سمع ذلك من عباد، عن عروة، وحمزة ابني المغيرة بن شعبة، عن أبيهما، لكن أخطأ مالك فيه، إذ نسب عباداً أنه من ولد المغيرة، ورواه جماعة على الصواب. وسيعاد، فإنه مات سنة مائة. عباد بن عبد الله بن الزبير كان عظيم القدر عند والده،

(6/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 98
استعمله على القضاء وغير ذلك، وكان صادق اللهجة. كانوا يظنون أن أباه يعهد إليه بالخلافة. روى عن: عائشة، وأبيه، وجدته أسماء. وعنه: ابنه يحيى، وابن عمه هشام بن عروة، وابن أبي مليكة، وابن أخيه عبد الواحد بن حمزة، وابن عمه محمد بن جعفر بن الزبير، وآخرون. عبد الله بن أم أوفى) علقمة بن خالد بن الحارث الخزاعي، ثم الأسلمي، أبو إبراهيم،

(6/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 99
ويقال أبو معاوية، ويقال أبو محمد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد من بايع بيعة الرضوان، وله عدة أحاديث. قال أبو يعفور، عنه: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزواتٍ نأكل الجراد. وبلغنا أنه قدم على أبي عبيدة بكتابٍ من عمر وهو محاصر دمشق. روى عنه: الشعبي، وعمرو بن مرة، وعدي بن ثابت، وسلمة بن كهيل، وطلحة بن مصرف، وإبراهيم بن مسلم الهجري، وإبراهيم السكسكي، وعبد الملك بن عمير، والأعمش، وأبو إسحاق الشيباني، وسعيد بن جهمان، وإسماعيل بن أبي خالد، وآخرون. وقال الواقدي، وخليفة، ويحيى بن بكير، وجماعة: توفي سنة ستٍ وثمانين. وقال البخاري: سنة سبعٍ أو ثمانٍ وثمانين. قلت: وهو آخر من مات من الصحابة بالكوفة. وممن مات في عشر المائة بيقين أو تجاوز المائة: عبد الله بن بسر ابن أبي بسر، أبو صفوان المازني، نزيل حمص.

(6/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 100
له صحبة ورواية. روى عنه: محمد بن عبد الرحمن اليحصبي، وراشد بن سعد، وخالد بن معدان، وأبو الزاهرية، ومحمد بن زياد الألهاني، وسليم بن عامر، وحريز بن عثمان، وصفوان بن عمرو، وحسان بن نوح، وغيرهم. وغزا قبرس مع معاوية، وهو أخو عطية بن بسر، والصماء بنت بسر، ولهم ولأبيهم صحبة. قال حريز: رأيت عبد الله بن بسر له جمة، لم أر عليه قميصاً ولا عمامة. وقال عبد الله بن محمد البغوي: ثنا زياد بن أيوب، ثنا ميسرة، ثنا حريز بن عثمان قال: رأيت عبد الله بن بسر وثيابه مشمرة، ورداؤه فوق القميص، وشعره مفروقٌ يغطي أذنيه، وشاربه مقصوص مع الشفة، وكنا نقف عليه ونتعجب له.

(6/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 101
وقال صفوان بن عمرو: رأيت في جبهة عبد الله بن بسر أثر السجود. وقال البخاري في تاريخه: ثنا داود بن رشيد، أبو حيوة شريح بن يزيد الحضرمي، عن إبراهيم بن محمد بن زياد الألهاني، عن أبيه، عن عبد الله بن بسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال له: يعيش هذا الغلام قرناً. فعاش مائة سنة. وقال الطبراني: ثنا محمد بن الحسن الأنماطي، ثنا حاجب بن الوليد، ثنا حيوة، فذكر نحوه، ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على رأسه وقال: يعيش هذا الغلام قرناً فعاش مائة سنة. وكان في وجهه ثؤلول، فقال: لا يموت هذا الغلام حتى يذهب هذا الثؤلول فلم يمت حتى ذهب. وقال عصام بن خالد: ثنا الحسن بن أيوب الحضرمي قال: أراني عبد الله بن بسر شامةً في قرنه، فوضعت إصبعي عليها، فقال: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعه عليها، ثم قال: لتبلغن قرناً. رواه أحمد في مسنده. وقال جنادة بن مروان: ثنا محمد بن القاسم الحمصي، سمع عبد الله بن بسر يقول: أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا حيساً ودعا لنا، ثم التفت إلي وأنا غلام، فمسح رأسي، ثم قال: يعيش هذا الغلام قرناً. قال: فعاش مائة سنة. روى نحوه سلمة بن جواس، عن محمد بن القاسم أنه كان مع عبد الله بن بسر في قريته، وزاد فيه: فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله، كم

(6/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 102
القرن؟ قال: مائة سنة. وروى صفوان بن عمرو، عن يزيد بن خمير: سال عبد الله بن بسر: كيف حالنا من حال من قبلنا قال: سبحان الله، لو نشروا من القبور ما عرفوكم إلا أن يجدوكم قياماً تصلون. وقال يحيى الوحاظي: حدثتنا أم هاشم الطائية قالت: رأيت عبد الله بن بسر يتوضأ فخرجت نفسه. وقال الواقدي: آخر من مات من الصحابة بالشام عبد الله بن بسر، توفي سنة ثمانٍ وثمانين، وله أربعٌ وتسعون سنة، ورخه فيها جماعة. وقال أبو زرعة الدمشقي: توفي سنة مائة. وقال عبد الصمد بن سعيد القاضي: توفي سنة ستٍ وتسعين. وقال يزيد بن عبد ربه: توفي في إمرة سليمان بن عبد الملك.

(6/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 103
عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري أبو محمد المدني، حليف بني زهرة. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ومسح على رأسه، ووعى ذلك.) وقيل: بل ولد عام الفتح، وشهد الجابية. وحدث عن: عمر، وسعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة، وجابر، وأبيه ثعلبة. روى عنه: الزهري، وأخو الزهري عبد الله، وعبد الله بن الحارث بن زهرة. وكان شاعراً نسابة. قال مالك، عن ابن شهاب: إنه كان يجالس عبد الله بن ثعلبة، وكان يتعلم منه الأنساب وغير ذلك، فسأله عن شيءٍ من الفقه، فقال: إن كنت

(6/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 104
تريد هذا فعليك بسعيد بن المسيب. قال خليفة، وطائفة: توفي سنة تسعٍ وثمانين. وممن روى عنه: سعد بن إبراهيم الزهري، وعبد الحميد بن جعفر. عبد الله بن الحارث بن جزء أبو الحارث الزبيدي. شهد فتح مصر وسكنها، وهو آخر الصحابة بها موتاً. له أحاديث. روى عنه الأئمة: عبيد الله بن المغيرة، وعقبة بن مسلم، وسليمان بن زياد الحضرمي، ويزيد بن أبي جبيب، وعمرو بن جابر الضرمي، وآخرون. توفي بقرية سفط القدور من أسفل مصر، سنة ست وثمانين، وقد عمي.

(6/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 105
وقيل: توفي سنة خمس، وقيل: سنة سبعٍ، أو سنة ثمانٍ وثمانين. والأول أصح. وهو ابن أخي محمية بن جزء. عبد الله بن الحارث بن نوفل ابن عبد المطلب بن هاشم، أبو محمد الهاشمي النوفلي المدني،

(6/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 106
نزيل البصر. ولقبه ببه. فذكر الزبير بن بكار أن أمه، وهي هند أخت معاوية بن أبي سفيان كانت تنقزه وتقول:
(يا ببه يا ببه: .......... لأنكحن ببه)

(جاريةً خدبه .......... تسود أهل الكعبة)
اصطلح أهل البصرة على تأميره عليهم عند هروب عبيد الله بن زياد إلى الشام، وكتبوا إلى ابن الزبير بالبيعة له، فاستعمله عليهم) روى عن: عمر، وعثمان، وعلي، وأبي بن كعب، والعباس، وحكيم بن حزام، وصفوان بن أمية، وأم هانيء بنت أبي طالب، وكعب الأحبار، وجماعة. وأرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد الجابية. روى عنه: ابناه إسحاق، وعبد الله، وأبو التياح يزيد بن حميد، والزهري، وعبد الملك بن عمير، ويزيد بن أبي زياد، وهو مولاه، وعمر بن عبد العزيز، وأبو إسحاق، وآخرون. وذكر ابن سعد: أنه ثقة تابعي، أتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتفل في فيه ودعا له. قال: وخرج هارباً من البصرة إلى عمان من الحجاج عند فتنة ابن الأشعث فمات بعمان سنة أربعٍ وثمانين. وقال أبو عبيد: توفي سنة ثلاث.

(6/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 107
عبد الله بن الحارث الزبيدي م الكوفي المكتب. روى عن: ابن مسعود، وجندب بن عبد الله، وطليق بن قيس. وعنه: حميد الأعرج الكوفي لا المدني، وأبو سفيان ضرار بن مرة، وعمرو بن مرة الجملي. قال ابن معين: ثبت. عبد الله بن خليفة الهمداني الكوفي روى عن: عمر، وجابر بن عبد الله. روى عنه: أبو إسحاق السبيعي، وابنه يونس بن أبي إسحاق. وله رواية في تفسير ابن ماجه. عبد الله بن الخليل ويقال: ابن أبي الخليل الحضرمي الكوفي.

(6/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 108
عن: علي، وعمر، وزيد بن أرقم، وابن عباس. وعنه: إسماعيل بن رجاء، والشعبي، وأبو إسحاق، والأعمش. عبد الله بن ربيعة بن فرقد السلمي.) يقال: له صحبة، فإن لم تكن فحديثه مرسل. وله عن: ابن مسعود، وعبيد بن خالد السلمي، وابن عباس. روى عنه: عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعمرو بن ميمون الأودي، ومنصور بن المعتمر ابن أخي عتاب بن ربيعه السلمي، وعطاء بن السائب، وعلي بن الأقمر. وقال شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن ربيعة، فقال في حديثه: وكانت له صحبة، ولم يتابع عليه. توفي بالكوفة بعد الثمانين تقريباً. وربيعة مشدد. عبد الله بن الزبير بن سليم ويقال ابن الأسلم بن الأعشى أبو كبير، ويقال أبو سعد الأسدي

(6/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 109
الكوفي الشاعر. وفد على معاوية ويزيد فامتدحهما. وضبط اسم أبيه عبد الغني وغيره، وقال: هو الشاعر الذي أتى ابن الزبير مستحملاً، فحرمه ابن الزبير، فقال: لعن الله ناقةً حملتني إليك، قال: وهو وراكبها. وعن إسماعيل بن جعفر أن عبد الله بن الزبير الأسدي دخل على مصعب بالعراق، فقال له مصعب: أنت القائل:
(إلى رجبٍ أو غرة الشهر بعده .......... توافيكم بيض المنايا وسودها)

(ثمانين ألفاً دين عثمان دينها .......... مسومة جبريل فيها يقودها)
ففزع وقال: نعم أمتع الله بك، فعفا عنه وأعظم جائزته. يقال: مات في أيام الحجاج.

(6/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 110
عبد الله بن زرير الغافقي المصري. روى عن: عمر، وعلي. روى عنه: عياش القتباني، ومرثد بن عبد الله اليزني، وبكر بن سوادة، وعبد الله بن هبيرة، والحارث بن يزيد، وغيرهم. توفي سنة ثمانين، وقيل سنة إحدى وثمانين.) وقد مر اسمه. عبد الله بن سرجس م المزني البصري، حليف بني مخزوم. له صحبة، صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر له. وروى أيضاً عن عمر.

(6/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 111
روى عنه: عثمان، بن حكيم، وقتادة، وعاصم الأحول، وغيرهم. قال عاصم الأحول: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن له صحبة. قال ابن عبد البر: لا يختلفون في ذكره في الصحابة على مذهبهم في اللقاء والسماع، وأما عاصم فأحسبه أراد الصحبة التي يذهب إليها العلماء، وأولئك قليل كالعشرة. عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي المدني، أبو الوليد. كان يأتي الكوفة، وكانت أمه سلمى بنت عميس تحت حمزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه، فلما استشهد تزوجها شداد، فولدت له هذا. روى عن: أبيه، وطلحة بن عبيد الله، ومعاذ، وعلي، وابن مسعود،

(6/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 112
وعائشة، وأم سلمة، وجماعة. روى عنه: الحكم بن عتيبة، وعبد الله بن شبرمة، ومنصور، وأبو إسحاق الشيباني، وسعد بن إبراهيم الزهري، ومعاوية بن عمار الدهني، وذر الهمداني. وعده خليفة في تابعيي أهل الكوفة. وقال ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة: روى عن عمر، وعلي، وكان ثقةً قليل الحديث شيعياً. قال محمد بن عمر: كان يأتي الكوفة كثيراً فينزلها، وخرج مع ابن الأشعث فقتل ليلة دجيل سنة اثنتين. وقال عطاء بن السائب: سمعت عبد الله بن شداد يقول: وددت أني قمت على المنبر من غدوةٍ إلى الظهر، فأذكر فضائل علي عليه السلام، ثم أنزل فتضرب عنقي. رواها خالد الطحان، ثنا عطاء، فذكرها.) عبد الله بن شرحبيل بن حسنة لم يلحق الرواية عن أبيه. وروى عن: عثمان، وعبد الرحمن بن أزهر، ووفد على معاوية من المدينة. روى عنه: الزهري، وسعد بن إبراهيم، وأبو إسحاق مولى ابن عباس. عبد الله بن ضمرة السلولي

(6/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 113
عن: أبي الدرداء، وأبي هريرة، وكعب الأحبار. وعنه: أبو صالح السمان، وعطاء بن قرة، وأبو الزبير المكي، وجماعة. وهو أخو عاصم بن ضمرة. عبد الله بن أبي طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حزام، والد الفقيه إسحاق، وأخو أنس بن مالك لأمه. ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي حملت به أم سليم ليلة مات ابنها، فأصبح أبو طلحة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أعرستم الليلة؟ بارك الله لكم في ليلتكم.

(6/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 114
وقيل إن الصبي الذي توفي تلك الليلة هو أبو عمير الذي مازحه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما ولد عبد الله هذا قال أنس: حملته وأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسلتني به أمي وأرسلت معي تمرات فحنكه النبي صلى الله عليه وسلم منها بعد أن مضغها، وسماه عبد الله. توفي عبد الله بالمدينة زمن الوليد، وقيل: قتل بفارس، وكان له عشرة أولاد كلهم قرأ القرآن، وروى أكثرهم العلم، واشتهر منهم إسحاق، وعبد الله، رويا عنه. وروى عنه: أبو طوالة، وسليمان مولى الحسن بن علي. وله رواية عن أبيه، وأخيه أنس. عبد الله بن عامر بن ربيعة بن محمد العنزي، وعنز أخو

(6/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 115
بكر بن وائل المدني حليف بني عدي بن كعب. استشهد أخوه وسميه عبد الله يوم الطائف، وكان أبوه عامر من كبار الصحابة. روى عنه: أبيه، وعمر، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف. وولد سنة ست من الهجرة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومع كون الحديث فيه) إرسال هو في سنن أبي داود. روى عنه: عاصم بن عبيد الله، وأبو بكر بن حفص الوقاصي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والزهري، وغيرهم. توفي سنة خمسٍ وثمانين. عبد الله بن عكيم الجهني قيل إنه توفي سنة ثمانٍ

(6/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 116
وثمانين، واختلفوا في صحبته، وهو القائل: أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهرين: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب. روى عنه غير واحد. قال موسى الجهني، عن ابنة عبد الله بن عكيم قالت: كان أبي يحب عثمان، وكان عبد الرحمن بن أبي ليلى يحب علياً وكان متآخيين، فما سمعتهما يذكرانهما بشيءٍ قط، إلا أني سمعت أبي يقول: لو أن صاحبك صبر أتاه الناس. وكان عبد الله بن عكيم قد صلى خلف أبي بكر، وأسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. عبد الله بن عمرو بن غيلان بن سلمة الثقفي. نزل دمشق، وولاه معاوية إمرة البصرة. وحدث عن: ابن مسعود، وكعب الأحبار، وغيرهما. روى عنه: يزيد بن ظبيان الجنبي، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية،

(6/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 117
وقتادة بن دعامة. ولي البصرة بعد سمرة بن جندب سنة خمسٍ وخمسين. عبد الله بن عوف أبو القاسم الكناني الدمشقي القاري. رأى عثمان، وروى عن: أبي جمعة الأنصاري، وبشير بن عقربة، وكعب. روى عنه: الزهري، ورجاء بن أبي سلمة. يحول من هذه الطبقة، فإن عمر بن عبد العزيز استعمله في شيءٍ. عبد الله بن غالب الحداني البصري، عابد أهل البصرة وقاصهم، يكنى أبا فراس، وقيل أبا قريش. له عن: أبي سعيد الخدري حديثٌ واحد.) روى عنه: عطاء السلمي، ومالك بن دينار، وعون بن أبي شداد، وأبو مسلمة سعيد بن يزيد، وقتادة، والقاسم بن الفضل الحداني، وغيرهم.

(6/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 118
أنبأني أحمد بن سلامة، عن مسعود بن أبي منصور، وأبي المكارم اللبان قالا: أنا أبو علي، ثنا أبو نعيم، ثنا أبو بحر محمد بن الحسن، ثنا محمد بن غالب، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا صدقة بن موسى، حدثني مالك بن دينار، عن عبد الله بن غالب الحداني، عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خصلتان لا تجتمعان في مؤمن: البخل، وسوء الخلق. وأنبئت عن اللبان، أنا أبو علي، أنا أبو نعيم، ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس، ثنا أبو داود، ثنا صدقة بهذا، رواه الترمذي، عن الفلاس، عن أبي داود، قال نصر بن علي: ثنا نوح بن قيس، ثنا عون بن أبي شداد، أن عبد الله بن غالب كان يصلي الضحى مائة ركعة ويقول: لهذا خلقنا وبهذا أمرنا، ويوشك أولياء الله أن يكفوا ويحمدوا. قال نصر: ونا نوح بن قيس، عن أخيه خالد، عن قتادة أن عبد الله بن غالب كان يقص ي المسجد، فمر عليه الحسن فقال: يا عبد الله، لقد شققت على أصحابك. فقال: ما أرى أعينهم انفقأت، ولا ظهورهم اندقت، والله يأمرنا يا حسن أن نذكره كثيراً، وتأمرنا أن نذكره قليلاً كلا لا تطعه واسجد واقترب، ثم سجد. قال الحسن: بالله ما رأيت كاليوم، ما أدري أسجد أم لا. قال غسان بن مضر: ثنا سعيد بن يزيد قال: سجد عبد الله بن غالب، ومضى رجل إلى الجسر فاشترى حاجة ورجع، وهو ساجد. جعفر بن سليمان: ثنا مالك بن دينار قال: سمعت ابن غالب يقول في دعائه: اللهم إنا نشكو إليك سفه أحلامنا، ونقص علمنا، واقتراب،

(6/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 119
آجالنا، وذهاب الصالحين منا. القواريري: ثنا جعفر بن سليمان، ثنا أبو فلان قال: لما كان يوم الزاوية رأيت ابن غالب دعا بماءٍ فصبه على رأسه، وكان صائماً في الحر، وحوله أصحابه، فكسر جفن سيفه، وقال لأصحابه: روحوا إلى الجنة، فنادى عبد الملك بن المهلب: أبا فراس أنت آمن أنت آمن، فلم يلتفت، وضرب بسيفه حتى قتل، فلما دفن كانوا يأخذون من تراب قبره كأنه مسكٌ يصرونه في ثيابهم. وقال يحيى القطان: قتل عبد الله بن غالب في الجماجم سنة ثلاثٍ وثمانين، رحمه الله تعالى. عبد الله بن فروخ.) سمع: أبا هريرة، وعائشة. وعنه: أبو سلام الأسود، وشداد أبو عمار، وزيد بن سلام. قال أحمد العجلي: هو شامي ثقة. وقال أبو حاتم: روى عنه مبارك الزبيري، وهو مجهول. قلت: ما هو بمجهول. عبد الله بن فيروز الديلمي أبو بشر، وقيل أبو

(6/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 120
بسر، أخو الضحاك بن فيروز. عن: أبيه، وأبي بن كعب، وابن مسعود، وحذيفة، وزيد بن ثابت، وغيرهم. وعنه: وهب بن خالد الحمصي، وعروة بن رويم اللخمي، وربيعة بن يزيد، ويحيى بن أبي عمرو السيباني، وآخرون. وكان يسكن ببيت المقدس، ووثقه ابن معين. روى محمد بن سيرين، عن عبد الله بن الديلمي قال: كنت ثالث ثلاثة ممن يخدم معاذ بن جبل.

(6/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 121
عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي المدني. قيل له صحبة، وليس بشيء. حدث عن: أبيه، وابن عمر، وزيد بن خالد الجهني. روى عنه: ابنه المطلب، وإسحاق بن يسار أبو محمد، وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. ووفد على عبد الملك، وكان قاضي المدينة في أيامه، وولي له بالبصرة أيضاً. عبد الله بن معانق أبو معانق الأشعري الشامي، وقيل الأزدي روى عن: أبي مالك الأشعري، وعبد الرحمن بن غنم، وعبد الله بن سلام. وعنه: شهر بن حوشب، ويحيى بن أبي كثير، وأبو سلام ممطور، وبسر بن عبيد الله. قال البرقاني، عن الدارقطني: مجهول لا شيء، قال: أما الجهالة فمعدومة.

(6/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 122
عبد الله بن معقل بن مقرن المزني، أبو الوليد الكوفي. لأبيه صحبة.) وهو أخو عبد الرحمن بن معقل. روى عن: أبيه، وعلي، وابن مسعود، وكعب بن عجرة. روى عنه: أبو إسحاق، وعبد الملك بن عمير، ويزيد بن أبي زياد، وأبو إسحاق الشيباني وغيرهم. قال أحمد العجلي: ثقة من خيار التابعين، وقال: توفي سنة ثمانٍ وثمانين. عبد الله بن معبد الزماني البصري

(6/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 123
روى عن: ابن مسعود، وأبي قتادة الأنصاري، وأبي هريرة. روى عنه: غيلان بن جرير، وقتادة، وثابت البناني، وغيرهم. عبد الله بن نجي الحضرمي الكوفي عن: أبيه، وعلي، وعمار، وحذيفة. وعنه: أبو زرعة بن عمرو بن جرير، والحارث العجلي، وجابر الجعفي، وغيرهم. وثقه النسائي. عبد الله بن أبي الهذيل

(6/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 124
أبو المغيرة العنزي الكوفي، العابد الورع. روى عن: أبي بكر، وعمر، وعلي، وعمار، وأبي بن كعب، وابن مسعود، والكبار. روى عنه: الأجلح الكندي، وإسماعيل بن رجاء، وسلمة بن عطية، وعطاء بن السائب، وواصل الأحدب، وأبو التياح الضبعي ووثقه النسائي. قال أبو التياح: ما رأيته إلا وكأنه مذعور. وقال العوام بن حوشب: قال عبد الله بن أبي الهذيل: إني لأتكلم حتى أخشى الله، وأسكت حتى أخشى الله عبد الرحمن بن آدم البصري صاحب السقاية، وهو إن شاء الله عبد الرحمن مولى أم برثن، أو عبد الرحمن بن برثن، أو ابن برثم، وكانت أم برثن قد تبنته، وهو مجهول الأب. قال الدارقطني: عبد الرحمن بن آدم، إنما نسب إلى آدم أبي البشر. قلت: روى عن: أبي هريرة، وعبد الرحمن بن عمرو، وجابر.)

(6/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 125
وعنه: أبو العالية الرياحي وهو أكبر منه، وقتادة، وسليمان التيمي، وعوف الأعرابي. قال المدائني: استعمل عبيد الله بن زياد عبد الرحمن بن أم برثن، ثم غضب عليه، فعزله وأغرمه مائة ألف، فخرج إلى يزيد، قال: فنزلت على مرحلةٍ من دمشق، وضرب لي خباء وحجرة، فإني لجالسٌ إذا كلبٌ سلوقي قد دخل في عنقه طوقٌ من ذهب، فأخذته، وطلع فارسٌ، فلما رأيته هبته، فأدخلته الحجرة، وأمرت بفرسه فجرد، فلم ألبث أن توافت الخيل، فإذا هو يزيد بن معاوية، فقال لي بعدما صلى: من أنت فأخبرته، فقال: إن شئت كتبت لك من مكانك، وإن شئت دخلت. قال: فأمر فكتب إلى عبيد الله: أن رد عليه مائة ألفٍ، فرجعت، قال: وأعتق عبد الرحمن يومئذٍ في المكان الذي كتب له فيه الكتاب ثلاثين مملوكاً، وقال لهم: من أحب أن يرجع معي فليرجع، ومن أحب أن يذهب فليذهب، وكان عبد الرحمن يتأله. قال المدائني: ورمى غلاماً له يوماً بسفود فأخطأه، وأصاب ابنه، فنثر دماغه، فخاف الغلام، فدعاه وقال: اذهب فأنت حر، فما أحب أن ذلك كان بك لأني رميتك متعمداً، فلو قتلتك هلكت، وأصبت ابني خطأً، ثم عمي عبد الرحمن بعدٌ، ومرض، فدعا الله أن لا يصلي عليه الحكم، يعني ابن أيوب أمير البصرة، ومات في مرضه، وشغل الحكم فلم يصل عليه. وقال جويرية بن أسماء: إن أم برثن كانت تعالج الطيب، وتخالط نساء عبيد الله بن زياد، فأصابت غلاماً لقطته فربته وتبنته، وسمته عبد الرحمن، فنشأ، فولاه عبيد الله، وكان يقال له عبد الرحمن بن أم برثن. قلت: وكان الحكم على البصرة، فلما خرج ابن الأشعث سنة اثنتين

(6/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 126
وثمانين هرب الحكم ولحق بالحجاج، فهذا يدل على أن عبد الرحمن مات قبل خروج ابن الأشعث. عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني البصري القاضي روى عن: أبي ذر، وابن مسعود، وأبي هريرة. روى عنه: دراج أبو السمح، والحارث بن يزيد الحضرمي، وعبد الله بن ثعلبة، وابنه عبد الله بن عبد الرحمن، ونضلة بن كليب. وكان أمير مصر عبد العزيز قد جمع له القضاء والقصص وبيت المال، وكان رزقه في العام ألف دينار، ولا يدخرها، رحمه الله. كنيته أبو عبد الله، وتوفي سنة ثلاثٍ وثمانين.) عبد الرحمن بن عوسجة الهمداني كان على ميمنة ابن الأشعث، فقتل يوم الزاوية سنة اثنتين وثمانين. وقد حدث عن البراء بن عازب.

(6/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 127
روى عنه: طلحة بن مصرف، وقبان النهمي، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهم. قال النسائي: ثقة. وقيل: كان يوم الزاوية سنة ثلاثٍ وثمانين. وقد روى أيضاً عن علقمة، وغيره. عبد الرحمن بن أبي ليلى أبو عيسى الأنصاري الكوفي، ويقال أبو محمد الفقيه المقريء.

(6/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 128
روى عن: عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي ذر، وأبي بن كعب، وصهيب، وقيس بن سعد بن عبادة، وأبي أيوب، والمقداد وروايته عن معاذ في السنن الأربعة، ولم يلحقه وطائفة سواهم. ولأبيه صحبة. ولد في وسط خلافة عمر، وهو يصغر عن السماع عنه، بل رآه يمسح على الخفين. روى عنه: الحكم بن عتيبة، وعمرو بن مرة، وعبد الملك بن عمير، وحصين بن عبد الرحمن، والأعمش، وكان قد أخذ عن علي القرآن. قال محمد بن سيرين: جلست إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى وأصحابه يعظمونه كأنه أمير. وقال ثابت البناني: كنا إذا قعدنا إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى قال لرجل: اقرأ القرآن فإنه يدلني على ما تريدون، نزلت هذه الآية في كذا، وهذه في كذا. وقال عطاء بن السائب، عن ابن أبي ليلى: أدركت عشرين ومائةً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار، إذا سئل أحدهم عن شيءٍ ود أن أخاه كفاه. وروي عن أبي حصين أن الحجاج استعمل ابن أبي ليلى على القضاء، ثم عزله، ثم ضرب ليسب علياً رضي الله عنه، وكان قد شهد النهروان مع علي. وعن عبد الله بن الحارث، أنه اجتمع بابن أبي ليلى فقال: ما شعرت أن النساء ولدن مثل هذا. قلت: وكان ابن أبي ليلى قد خرج على الحجاج، فيمن خرج من

(6/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 129
العلماء والصلحاء مع ابن) الأشعث، فغرق ليلة دجيل، وقيل قتل في وقعة الجماجم، واسمه عبد الرحمن بن يسار، وقيل: ابن بلال، وقيل ابن داود بن أحيحة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبا بن كلفة. وقال ابنه محمد بن عبد الرحمن: وفد أبي على معاوية. وقال شعبة بن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى قال: صحبت علياً في الحضر والسفر، وأكثر ما يحدثون عنه باطل. وقال الأعمش: رأيت ابن أبي ليلى وقد ضربه الحجاج، وكأن ظهره مسح، وهو متكئ على ابنه، وهم يقولون له: العن الكذابين، فيقول: لعن الله الكذابين ثم يقول: الله الله، علي بن أبي طالب، عبد الله بن الزبير، المختار بن أبي عبيد. قال: وأهل الشام كأنهم حمير لا يدرون ما يقول، وهو يخرجهم من اللعن. وقال عمرو بن مرة: افتقد عبد الرحمن بمسكن. وقال شعبة: قدم عبد الله بن شداد وابن أبي ليلى، فاقتحم بهما فرساهما الفرات، فذهبا. وقال أبو نعيم: قتل بوقعة الجماجم. عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ابن قيس الكندي، أمير سجستان.

(6/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 130
قد ذكرنا حروبه للحجاج، وآخر الأمر أنه رجع إلى الملك رتبيل، فقال له علقمة بن عمرو: لا أدخل معك لأني أتخوف عليك، وكأني بكتاب الحجاج قد جاء إلى رتبيل يرغبه ويرهبه، فإذا هو قد بعث بك سلماً أو قتلك، ولكن ها هنا خمسمائة قد تبايعنا على أن ندخل مدينةً ونتحصن فيها، ونقاتل حتى نعطي أماناً أو نموت كراماً، فقال: أما لو دخلت معي لواسيتك وأكرمتك. فأبى عليه، فدخل عبد الرحمن إلى رتبيل، وأقام الخمسمائة حتى قدم عمارة بن تميم، فقاتلوا حتى أمنهم ووفى لهم. وتتابعت كتب الحجاج إلى رتبيل في شأن ابن الأشعث، إلا أن بعث به إليه، وترك له الحمل الذي كان يؤديه سبع سنين. ويروى أن عبد الرحمن أصابه سل ومات، فقطعوا رأسه، وبعثوا به إلى الحجاج. ويروى أن الحجاج بعث إلى رتبيل: إني قد بعثت إليك عمارة في ثلاثين ألفاً يطلبون ابن الأشعث، فأبى أن يسلمه، وكان مع ابن الأشعث عبيد بن أبي سبيع، فأرسله مرة إلى رتبيل، فخف على رتبيل، واختص به، فقال القاسم بن محمد بن الأشعث لأخيه: إني لا آمن غدر هذا،) فاقتله، فهم

(6/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 131
به، وبلغه ذلك، فخاف، فوشى به إلى رتبيل، وخوفه الحجاج، وهرب سراً إلى عمارة، فاستعجل في ابن الأشعث ألف ألف، وكتب بذلك عمارة إلى الحجاج، فكتب إليه: أن أعط عبيداً ورتبيل ما طلبا، فاشترط أشياء فأعطيها، وأرسل إلى ابن الأشعث وإلى ثلاثين من أهل بيته، وقد أعد لهم الجوامع والقيود فقيدهم، وأرسلهم جميعاً إلى عمارة، فلما قرب ابن الأشعث ألقى نفسه من قصرٍ فمات، وذلك في سنة أربعٍ وثمانين. عبد الرحمن بن عمرو بن سهل الأنصاري وهو عبد الرحمن بن سهل. سمع: سعيد بن زيد، وسعد بن أبي وقاص، وقيل لقي عثمان. وعنه: طلحة بن عبد الله بن عوف، وابنه عمرو بن عبد الرحمن، والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب. ويقال: قتل يوم الحرة، فيقدم. عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة م بن نوفل الزهري المدني، أبو المسور الفقيه.

(6/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 132
سمع: أباه، وسعد بن أبي وقاص، وأبا رافع. روى عنه: ابن جعفر، وحبيب بن أبي ثابت، والزهري. وكان ثقةً قليل الحديث توفي سنة تسعين. عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي أبو بكر الفقيه، أخو الأسود وابن أخي علقمة. روى عن: عثمان، وسلمان، وابن مسعود، وحذيفة، وجماعة. وعنه: إبراهيم النخعي، وأبو صخرة جامع بن شداد، وعمارة بن عمير، وأبو إسحاق السبيعي، ومنصور، وابنه محمد بن عبد الرحمن. وثقه يحيى بن معين، وغيره. وتوفي في حدود سنة اثنتين وثمانين. عبد العزيز بن مروان أبو الأصبغ الأموي، أمير مصر، وولي عهد المؤمنين بعد أخيه

(6/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 133
عبد الملك بعهدٍ من مروان، إن) صححنا خلافة مروان، فإنه خارج على ابن الزبير باغ، فلا يصح عهده إلى ولديه، إنما تصح إمامة عبد الملك من يوم قتل ابن الزبير. ولما ملك مروان الشام وغلب عليها سار إلى مصر، فاستولى عليها،

(6/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 134
واستخلف عليها عبد العزيز ولده، فبقي عليها إلى أن مات. روى عن: أبيه، وأبي هريرة، وعقبة بن عامر، وابن الزبير. وشهد بقتل عمرو بن سعيد الأشدق بدمشق. وكانت داره الخانقاه السميساطية، وانتقلت من بعده إلى ابنه عمر بن عبد العزيز. روى عنه: ابنه، والزهري، وكثير بن مرة، وعلي بن رباح، وابن أبي مليكة، وبحير بن ذاخر. وقال ابن سعد: كان ثقةً قليل الحديث. وقال النسائي: ثقة. وقال ابن وهب: ثنا يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سويد بن قيس، قال: بعثني عبد العزيز بن مروان بألف دينار إلى ابن عمر، فجئته فدفعت بن مروان بألف دينار إلى ابن عمر، فجئته فدفعت إليه الكتاب، فقال: أين المال فقلت: حتى أصبح. فقال: لا والله، لا أبيت الليلة ولي ألف دينار، فجئته بها ففرقها. وقال ابن أبي مليكة: شهدت عبد العزيز بن مروان يقول عند الموت: يا ليتني لم أكن شيئاً، يا ليتني كهذا الماء الجاري. وقال داود بن المغيرة: لما حضرت عبد العزيز الوفاة قال: ائتوني بكفني، فلما وضع بين يديه ولاهم ظهره، فسمعوه وهو يقول: أف لك أف لك ما أقصر طويلك وأقل كثيرك.

(6/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 135
وعن حماد بن موسى قال: لما احتضر أتاه بشيرٌ يبشره بماله الذي كان بمصر حين كان عاملاً عليها عامه، فقال: هذا مالك، هذه ثلاثمائة مدي من ذهب، فقال: ما لي وله، والله لوددت أنه كان بعراً حائلاً بنجد. قال خليفة: مات سنة أربع وثمانين. قلت: وهو غلط. وقال سعيد بن عفير، ومحمد بن سعد، وأبو حسان الزيادي وغيرهم: توفي سنة خمسٍ وثمانين، زاد الزيادي فقال: في جمادى الأولى.) وقال أبو سعيد بن يونس: قال الليث بن سعد: توفي في جمادى الآخرة سنة ستٍ وثمانين. قلت: وكأن هذا أيضاً وهمٌ، والصحيح قول الجماعة. وقد كان مات بمصر قبله بستة عشر يوماً ابنه الأصبغ فحزن عليه، ومرض، ومات بحلوان، وهي المدينة التي بناها على مرحلة من مصر وحمل إلى مصر في النيل. ولما بلغ عبد الملك بن مروان موته بايع بولاية العهد لابنيه الوليد ثم سليمان، بعد أن كان هم بخلع أخيه. عبد الملك بن مروان ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن

(6/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 136

(6/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 137
قصي بن كلاب الخليفة، أبو الوليد القرشي الأموي. بويع بعهدٍ من أبيه في خلافة ابن الزبير، وبقي على مصر والشام، وابن الزبير على باقي البلاد مدة سبع سنين، ثم غلب عبد الملك على العراق، وما والاها في سنة اثنتين وسبعين، وبعد سنةٍ قتل ابن الزبير، واستوسق، الأمر لعبد الملك. ولد سنة ست وعشرين. قال ابن سعد: وكان عابداً ناسكاً بالمدينة قبل الخلافة، وشهد يوم الدار مع أبيه، وهو ابن عشر سنين، وحفظ أمرهم: قال: واستعمله معاوية على المدينة وهو ابن ست عشرة سنة. قلت: هذا لا يتابع ابن سعدٍ عليه أحدٌ من استعمال معاوية له على المدينة. وقال صالح بن وجيه: قرأت في كتاب صفة الخلفاء في خزانة المأمون: كان عبد الملك رجلاً طويلاً، أبيض، مقرون الحاجبين، كبير العينين، مشرف الأنف، رقيق الوجه، حسن الجسم، ليس بالقضيف ولا البادن، أبيض الرأس واللحية. قلت: سمع عثمان، وأبا هريرة، وأبا سعيد، وأم سلمة، وبريرة مولاة عائشة، وابن عمر، ومعاوية. روى عنه: عروة، وخالد بن معدان، وإسماعيل بن عبيد الله،

(6/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 138
ورجاء بن حيوة، وربيعة بن يزيد، ويونس بن ميسرة، والزهري، وحريز بن عثمان، وطائفة. قال عبد الله بن العلاء بن زبر، عن يونس بن ميسرة، عن عبد الملك، أنه قال وهو على المنبر: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من امرئٍ مسلم لا) يغزو في سبيل الله أو يجهز غازياً، أو يخلفه بخيرٍ إلا أصابه الله بقارعةٍ قبل الموت. قال مصعب بن عبد الله: أول من سمي في الإسلام عبد الملك: عبد الملك بن مروان. وقال يعقوب بن إبراهيم بن سعد: أمه هي عائشة بنت معاوية بن أبي العاص. وقال ضمرة، عن رجاء بن أبي سلمة، عن عبادة بن نسي قال: قيل لابن عمر: إنكم معشر أشياخ قريش يوشك أن تنقرضوا، فمن نسأل بعدكم فقال: إن لمروان ابناً فقيهاً فسلوه. وقال النضر بن محمد، عن عكرمة بن عمار، عن محمد بن أيوب اليمامي، عن سحيم مولى أبي هريرة: أن عبد الملك بن مروان دخل عليهم وهو غلامٌ شابٌ، فقال: هذا يملك العرب. محمد بن أيوب مجهول. وقال جرير بن حازم، عن نافع قال: لقد رأيت المدينة وما بها شاب

(6/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 139
أشد تشميراً، ولا أفقه، ولا أنسك، ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك بن مروان. وقال أبو الزناد: فقهاء المدينة: سعيد بن المسيب، وعبد الملك بن مروان، وعروة بن الزبير، وقبيصة بن ذؤيب. وعن ابن عمر قال: ولد الناس أبناءً، وولد مروان أباً. وعن عبدة بن رياح الغساني، أن أم الدرداء قالت: يا أمير المؤمنين تعني عبد الملك ما زلت أتخيل هذا الأمر فيك منذ رأيتك. قال: وكيف ذاك قالت: ما رأيت أحسن منك محدثاً، ولا أحلم منك مستمعاً. وقال سعيد بن داود: قال مالك: سمعت يحيى بن سعيد يقول: أول من صلى في المسجد بين الظهر والعصر عبد الملك بن مروان وفتيان معه، كانوا إذا صلى الإمام الظهر قاموا فصلوا إلى العصر، فقيل لسعيد بن المسيب: لو قمنا فصلينا كما يصلي هؤلاء، فقال سعيد: ليست العبادة بكثرة الصلاة ولا الصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله، والورع عن محارم الله. وروى إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي قال: ما جالست أحداً إلا وجدت لي عليه الفضل، إلا عبد الملك بن مروان، فإني ما ذاكرته حديثاً إلا زادني فيه، ولا شعراً إلا زادني فيه. وقال خليفة: قال لي أبو خالد: أغزى مسلمة بن مخلد معاوية بن حديج سنة خمسين، وكتب معاوية إلى مروان، أن ابعث عبد الملك على بعث المدينة إلى المغرب، فقدم عبد الملك، فدخل إفريقية مع معاوية بن حديج، فبعثه ابن حديج إلى حصنٍ، فحصر أهله، ونصب عليه المنجنيق.) وقال حماد بن سلمة: أنبأ حميد عن بكر بن عبد الله المزني، أن يهودياً

(6/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 140
أسلم، وكان اسمه يوسف، قد قرأ الكتب، فمر بدار مروان، فقال: ويلٌ لأمة محمد من أهل هذه الدار. فقلت له: إلى متى قال: حتى تجيء راياتٌ سودٌ من قبل خراسان. وكان صديقاً لعبد الملك بن مروان، فضرب يوماً على منكبه وقال: اتق الله في أمة محمد، إذا ملكتهم. فقال: دعني ويحك، ودفعه، ما شأني وشأن ذلك فقال: اتق الله في أمرهم. قال: وجهز يزيد جيشاً إلى أهل مكة، فقال عبد الملك: أعوذ بالله، أيبعث إلى حرم الله فضرب يوسف بمنكبه وقال: جيشك إليهم أعظم. وقال أحمد بن إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني: ثنا أبي، عن أبيه قال: لما نزل مسلم بن عقبة المدينة دخلت مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فجلست إلى جنب عبد الملك، فقال لي عبد الملك: أمن هذا الجيش أنت قلت: نعم. قال: ثكلتك أمك، أتدري إلى من تسير إلى أول مولودٍ ولد ف الإسلام، وإلى ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى ابن ذات النطاقين، وإلى من حنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما والله إن جئته نهاراً وجدته صائماً، ولئن جئته ليلاً لتجدنه قائماً، فلو أن أهل الأرض أطبقوا على قتله لأكبهم الله جميعاً في النار. فلما صارت الخلافة إلى عبد الملك، وجهنا مع الحجاج حتى قتلناه. وقال ابن عائشة: أفضى الأمر إلى عبد الملك والمصحف في حجره، فأطبقه وقال: هذا آخر العهد بك. وقال الأصمعي: ثنا عباد بن مسلم بن زياد، عن أبيه قال: ركب عبد الملك بن مروان بكراً، فأنشأ قائده يقول:
(يأيها البكر الذي أراكا .......... عليك سهل الأرض في ممشاكا)

(ويحك هل تعلم من علاكا .......... خليفة الله الذي امتطاكا)
لم يحب بكراً مثل ما حباكا فلما سمعه عبد الملك قال: إيهاً يا هناه، قد أمرت لك بعشرة آلاف درهم.

(6/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 141
وقال الأصمعي: قيل لعبد الملك: يا أمير المؤمنين، عجل عليك الشيب، فقل: وكيف لا، وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة. وروى عبيد الله بن عائشة، عن أبيه قال: كان عبد الملك إذا دخل عليه رجل من أفقٍ من) الآفاق قال: اعفني من أربع، وقل بعدها ما شئت: لا تكذبني فإن المكذوب لا رأي له، ولا تجبني فيما لا أسألك، فإن فيما أسألك عنه شغلاً، ولا تطرني فإني أعلم بنفسي منك، ولا تحملني على الرعية، فإني إلى الرفق بهم أحوج. وقال يحيى بن بكير: سمعت مالكاً يقول: أول من ضرب الدنانير عبد الملك، وكتب عليها القرآن. وقال مصعب بن عبد الله: كتب عبد الملك على الدينار: قل هو الله أحدٌ وفي الوجه الآخر: لا إله إلا الله، وطوقه بطوق فضة، وكتب فيه ضرب بمدينة كذا، وكتب في خارج الطوق محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق. وقال موسى بن سعيد بن أبي بردة: لحن جليسٌ لعبد الملك بن مروان، فقال رجل: زد ألف، فقال له عبد الملك، وأنت فزد ألفاً. وقال يوسف بن الماجشون: كان عبد الملك بن مروان إذا قعد للحكم قيم على رأسه بالسيوف. وروى الأصمعي، عن محمد بن حرب الزيادي قال: قيل لعبد الملك

(6/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 142
ابن مروان: من أفضل الناس؟ قال: من تواضع عن رفعةٍ وزهد عن قدرة، وأنصف عن قوة. وروى جرير بن عبد الحميد لعبد الملك:
(لعمري لقد عمرت في الدهر برهةً .......... ودانت لي الدنيا بوقع البواتر)

(فأضحى الذي قد كان مما يسرني .......... كلمح مضى في المزمنات الغوابر)

(فيا ليتني لم أعن بالملك ساعةً .......... ولم أله في لذات عيشٍ نواضر)

(وكنت كذي طمرين عاش ببلغةٍ .......... من الدهر حتى زار ضنك المقابر)
وقال إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني: حدثني أبي، عن أبيه، قال: كان عبد الملك بن مروان كثيراً ما يجلس إلى أم الدرداء في مؤخر المسجد بدمشق، فقالت له مرةً: بلغني يا أمير المؤمنين أنك شربت الطلاء بعد النسك والعبادة، فقال: إي والله، والدماء، قد شربتها. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: إن عبد الملك كان أبخر، وأنه ولد لستة أشهر. وذكر ابن عائشة، عن أبيه أن عبد الملك كان فاسد الفم. وقال الشعبي: خطب عبد الملك فقال: اللهم إن ذنوبي عظام، وإنها

(6/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 143
صغار في جنب عفوك، فاغفرها لي يا كريم.) قالوا: توفي عبد الملك في شوال سنة ست وثماني، وخلافته المجمع عليها من وسط سنة ثلاثٍ وسبعين. وقيل: إنه لما احتضر دخل عليه الوليد ابنه، فتمثل:
(كم عائدٍ رجلاً وليس يعوده .......... إلا ليعلم هل تراه يموت)
وتمثل أيضاً:
(ومشتخبرٌ عنا يريد بنا الردى .......... ومستخبراتٌ والعيون سواجم)
فجلس الوليد يبكي، فقال: ما هذا، تحن حنين الأمة إذا مت فشمر وائتزر والبس جلد النمر، وضع سيفك على عاتقك، فمن أبدى ذات نفسه فاضرب عنقه، ومن سكت مات بدائه. وقال علي بن محمد المدائني: لما أيقن عبد الملك بالموت دعا مولاه أبا علاقة فقال: والله لوددت أني كنت منذ ولدت إلى يومي هذا حمالاً. ولم يكن له من البنات إلا واحدة، وهي فاطمة، وكان قد أعطاها قرطي مارية، والدرة اليتيمة، وقال: اللهم إني لم أخلف شيئاً أهم منها إلي فاحفظها، فتزوجها عمر بن عبد العزيز، وأوصى بنيه بتقوى الله، ونهاهم عن الفرقة والاختلاف، وقال: انظروا مسلمة واصدروا عن رأيه يعني أخاهم فإنه مجنكم الذي به تجتنون ونابكم الذي عنه تفترون، وكونوا بني أم بررة، وكونوا في الحرب أحراراً، وللمعروف مناراً، فإن الحرب لم تدن منيةً قبل وقتها، وإن المعروف يبقى أجره وذكره، واحلولوا في مرارة، ولينوا في شدة، وكونوا كما قال ابن عبد الأعلى الشيباني:
(إن القداح إذا اجتمعن فرامها .......... بالكسر ذو حنقٍ وبطشٍ أيد)

(عزت فلم تكسر، وإن هي بددت .......... فالكسر والتوهين للمتبدد)

(6/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 144
يا وليد اتق الله فيما أخلفك فيه، واحفظ وصيتي، وخذ بأمري، وانظر إلى أخي معاوية، فإنه ابن أمي، وقد ابتلي في عقله بما علمت، ولولا ذلك لآثرته بالخلافة، فصل رحمه، واحفظني فيه، وانظر أخي محمد بن مروان، فأقره على الجزيرة، ولا تعزله، وانظر أخاك عبد الله، فلا توآخذه، وأقرره على عمله بمصر، وانظر ابن عمنا هذا علي بن عبد الله بن عباس، فإنه قد انقطع إلينا بمودته وهواه ونصيحته، وله نسبٌ وحق، فصل رحمه واعرف حقه، وانظر الحجاج فأكرمه، فإنه هو الذي وطأ لكم المنابر، وهو سيفك يا وليد، ويدك على من ناوأك، فلا تسمعن فيه قول أحدٍ، وأنت إليه أحوج منه إليك. وادع الناس إذا مت إلى البيعة، فمن قال) برأسه هكذا، فقل بسيفك هكذا، ثم تمثل بقول عدي بن زيد:
(فهل من خالدٍ إما هلكنا .......... وهل بالموت يا للناس عار)
وعاش إحدى وستين سنة، وكان له سبعة عشر ولداً. قال ابن جرير الطبري: فمن أولاده: الوليد، وسليمان، ومروان الأكبر، وعائشة، وأمهم ولادة بنت العباس بن ربيعة بن مازن. ويزيد، ومروان الأصغر، ومعاوية، وأم كلثوم، وأمهم عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. وهشام، وأمه أم هشام بنت هشام بن إسماعيل المخزومي. وأبو بكر، وأمه عائشة بنت موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي. والحكم، ومات قديماً، أمه أم أيوب بنت عمرو بن عثمان بن عفان. وفاطمة، وأمها أم المغيرة بنت المغيرة بن خالد بن العاص المخزومية.

(6/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 145
ومسلمة، وعبد الله، والمنذر، وعنبسة، والحجاج، لأمهات أولاد. وتزوج أيضاً بأم أبيها بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وبنت علي بن أبي طالب. عبد الملك بن أبي ذر الغفاري. روى عن: أبيه، وسلمان الفارسي. وقدم الشام غازياً صحبة سلمان الفارسي، ثم سكن مصر مدةً. روى عنه: أبو تميم الجيشاني، وحنش الصنعاني، وقيس بن شريح، وعلي بن أبي طلحة، وجعفر بن ربيعة، وآخرون. عبيد الله بن الأسود ويقال ابن الأسد الخولاني، ربيب ميمونة أم المؤمنين. روى عنها، وعن: عثمان، وابن عباس، وزيد بن خالد.

(6/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 146
روى عنه: بسر بن سعيد، وعاصم بن عمر بن قتادة. عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي. ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو شقيق عبد الله.) قيل له رؤية، وروايته في النسائي. روى عنه: ابنه عبد الله، وعطاء، وابن سيرين، وسليمان بن يسار. وكان أحد الأجواد. قال ابن سعد في الطبقات في الطبقة الخامسة من الصحابة: كان أصغر من عبد الله بسنةٍ واحدة. سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رجلاً تاجراً، مات بالمدينة، فذكر الواقدي أنه بقي إلى زمن يزيد.

(6/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 147
قلت: وولي اليمن لعلي، وحج بالناس. وقيل إنه أعطى رجلاً مرةً مائة ألف. قال البخاري، والفسوي: مات زمن معاوية. وقال خليفة وغيره: سنة ثمانٍ وخمسين. وقال أبو عبيد، وأبو حسان الزيادي: مات سنة سبعٍ وثمانين. عبيد الله بن عدي بن الخيار يؤخر إلى الطبقة الآتية. عبيد بن حصين أبو جندل النميري المعروف بالراعي، وذلك لكثرة وصفه للإبل في شعره وكان من فحول الشعراء في صدر

(6/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 148
الإسلام، له ذكر. وقد هجاه جرير بقصيدته التي يقول فيها:
(فغض الطرف إنك من نميرٍ .......... فلا كعباً بلغت ولا كلابا)
عبيد بن السباق المدني الثقفي. روى عن: زيد بن ثابت، وجويرية أم المؤمنين، وأسامة بن زيد، وسهل بن حنيف، وابن عباس. روى عنه: ابنه سعيد، والزهري، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف. وهو من علماء أهل المدينة. عبد خير بن يزيد ويقال عبد خير بن يجمد بن خولي

(6/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 149
الهمداني، أبو عمارة الكوفي.) أدرك الجاهلية، وسمع: علياً، وابن مسعود، وزيد بن أرقم، وغيرهم. وقال: جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عنه: الشعبي، وأبو إسحاق السبيعي، وخالد بن علقمة، وإسماعيل السدي، وحصين بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب، وآخرون. وثقه العجلي، وغيره. عتبة بن عبد السلمي أبو الوليد، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. له عدة أحاديث.

(6/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 150
روى عنه: ابنه يحيى، وخالد بن معدان، وراشد بن سعد، ولقمان بن عامر، وعبد الله بن ناسح الحضرمي، وعامر بن زيد البكالي وطائفة. قال إسماعيل بن عياش، عم ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد قال: قال: قال عتبة بن عبد: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى الاسم لا يحبه حوله، ولقد أتيناه وإنا لسبعةً من بني سليم، أكبرنا العرباض بن سارية، فبايعناه جميعاً. وعن عتبة بن عبد قال: كان اسمي عتلة، فسماني النبي صلى الله عليه وسلم عتبة. وقال الواقدي: عاش أربعاً وتسعين سنة. وورخه أبو عبيد، وطائفة في سنة سبع وثمانين. توفي بحمص. عتبة بن الندر السلمي له صحبة، وحديثان، نزل الشام.

(6/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 151
روى عنه: خالد بن معدان، وعلي بن رباح. وذكره في الصحابة: البغوي، والطبراني، وابن المنذر، وابن البرقي. وتفرد بحديثه سويد بن عبد العزيز. وقال ابن سعد: كان ينزل دمشق. وقال خليفة: توفي سنة أربعٍ وثمانين. عروة بن أبي قيس) مولى عمرو بن العاص، المصري الفقيه. روى عن: عبد الله بن عمرو، وعقبة بن عامر. روى عنه: بكير بن الأشج، وعبيد الله بن أبي جعفر، وسعيد بن عبد الله بن راشد، وسلام بن غيلان، وعبد العزيز بن صالح. وكان من الفقهاء. يؤخر، فإن ابن يونس قال: توفي قريباً من سنة عشرٍ ومائة، على أن بعضهم ورخه أنه توفي سنة تسعين. عروة بن المغيرة بن شعبة الثقفي الكوفي، أخو حمزة، وعقار.

(6/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 152
ولي إمرة الكوفة من قبل الحجاج. روى عنه: الشعبي، وعباد بن زياد ابن أبيه، ونافع بن جبير بن مطعم. وكان شريفاً مطاعاً لبيباً، وكان أفضل الإخوة، وكان أحول. توفي سنة بضعٍ وثمانين. روى اليسير عن والده وعقار أخوه روى عنه: فإنه روى عن: أبيه، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو. وعنه: مجاهد، ويعلى بن عطاء العامري، وحسان بن أبي وجزة، وعبد الملك بن عمير، وجماعة. له حديث في الكتب الثلاثة وهو: لم يتوكل من اكتوى أو استرقى، وفي لفظ الكتب الثلاثة فقد بريء من التوكل.

(6/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 153
عريب بن حميد أبو عمار الدهني الهمداني الكوفي. روى عن: علي، وعمار، وقيس بن سعد بن عبادة. روى عنه: طلحة بن مصرف، وأبو إسحاق السبيعي، والأعمش، وغيرهم. وهو بكنيته أشهر. عقبة بن عبد الغافر) الأزدي العوذي البصري. روى عن: أبي سعيد الخدري، وعبد الله بن مغفل. روى عنه: سليمان التيمي، ويحيى بن أبي كثير، وابن عون، وقتادة، وغيرهم. قيل هلك في وقعة الجماجم.

(6/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 154
وثقه أحمد العجلي وغيره. وقال مرة بن دباب: مررت بعقبة بن عبد الغافر وهو جريح في الخندق، فقال لي: يا فلان، ذهبت الدنيا والآخرة. وقال حماد بن زيد: قال أيوب ذكر القراء الذي خرجوا مع ابن الأشعث، فقال: لا أعلم أحداً منهم قتل إلا رغب له عن مصرعه، ولا نجا فلم يقتل إلا ندم على ما كان منه. عمران بن حطان ابن ظبيان السدوسي البصري، أحد رؤوس الخوارج.

(6/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 155
روى عن: عائشة، وأبي موسى الأشعري، وابن عباس. روى عنه: محمد بن سيرين، ويحيى بن أبي كثير، وقتادة. قال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثاً من الخوارج، ثم ذكر عمران بن حطان، وأبا حسان الأعرج. وقال الفرزدق: كان عمران بن حطان من أشعر الناس، لأنه لو أراد أن يقول مثلنا لقال، ولسنا نقدر أن نقول مثل قوله. وروى سلمة بن علقمة، عن ابن سيرين قال: تزوج عمران بن حطان امرأة من الخوارج، فكلموه فيها، أو فكلموها فيه، فقال: سأردها إلى الجماعة، يعني قال: فصرفته إلى مذهبها. وذكر المدائني أنها كانت ذات جمال، وكان دميماً قبيحاً، فأعجبته مرة، فقالت: أنا وأنت في الجنة. قال: من أين علمت قالت: لأنك أعطيت مثلي، فشكرت، وابتليت بمثلك، فصبرت، والشاكر والصابر في الجنة. وقال الأصمعي: بلغنا أن عمران بن حطان كان ضيفاً لروح بن زنباع، فذكره لعبد الملك وقال: اعرض عليه أن يأتينا، فأعلمه روح ذلك، فهرب، ثم كتب إلى روح:
(يا روح كم من كريم قد نزلت به .......... قد ظن ظنك من لخمٍ وغسان)
)
(حتى إذا خفته زايلت منزله .......... من بعدما قيل عمران بن حطان)

(قد كنت ضيفك حولاً ما تروعني .......... فيه طوارق من إنس ومن جان)

(6/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 156
(حتى أردت بي العظمى فأوحشني .......... ما يوحش الناس من خوف ابن مروان)

(فاعذر أخاك ابن زنباع فإن له .......... في الحادثات هناتٍ ذات ألوان)

(لو كنت مستغفراً يوماً لطاغيةٍ .......... كنت المقدم في سري وإعلاني)

(لكن أبت لي آيات مفصلة .......... عقد الولاية في طه وعمران)
وعن قتادة قال: لقيني عمران بن حطتن فقال: يا أخي احفظ عني هذه الأبيات:
(حتى متى تسقى النفوس بكأسها .......... ريب المنون وأنت لاهٍ ترتع)

(أفقد رضيت بأن تعلل بالمنى .......... وإلى المنية كل يومٍ تدفع)

(أحلام نومٍ أو كظلٍ زائلٍ .......... إن اللبيب بمثلها لا يخدع)

(فتزودن ليوم فقرك دائباً .......... واجمع لنفسك لا لغيرك تجمع)
ومن شعره في قاتل علي رضي الله عنه:
(يا ضربةً من تقي ما أراد بها .......... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا)

(إني لأذكره حيناً فأحسبه .......... أوفى البرية عند الله ميزانا)

(أكرم بقومٍ بطون الطير أقبرهم .......... لم يخلطوا دينهم بغياً وعدوانا)

(6/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 157
فبلغ شعره عبد الملك، فأدركته الحمية، فنذر دمه، ووضع عليه العيون، فلم تحمله أرضٌ حتى أتى روح بن زنباع، فأقام في ضيافته، فقال: ممن أنت؟ قال: من الأزد، فبقي عنده سنة، فأعجبه إعجاباً شديداً، فسمر روح ليلةً عند عبد الملك، فتذاكرا شعر عمران بن حطان هذا، فلما انصرف روح تحدث مع عمران، وأخبره بالشعر الذي ذكره عبد الملك، فأنشده عمران بقيته، فلما أتى عبد الملك قال: إن في ضيافتي رجلاً ما سمعت منك حديثاً قط إلا حدثني به وبأحسن منه، ولقد أنشدته البارحة البيتين اللذين قالهما عمران في ابن ملجم، فأنشدني القصيدة كلها، فقال: صفه لي، فوصفه له، فقال: إنك لتصف صفة عمران بن حطان، اعرض عليه أن يلقاني، قال: نعم. فانصرف روح إلى منزله وقص على عمران الأمر، فهرب وأتى الجزيرة، ثم لحق بعمان، فأكرموه، فأقام بها حياته. وورد أن سفيان الثوري كان يتمثل بأبيات عمران بن حطان هذه:)
(أرى أشقياء الناس لا يسأمونها .......... على أنهم فيها عراةٌ وجوع)

(أراها وإن كانت تحب فإنها .......... سحابة صيفٍ عن قليلٍ تقشع)

(كركبٍ قضوا حاجاتهم وترحلوا .......... طريقهم بادي العلامة مهيع)
توفي سنة أربعٍ وثمانين. قاله ابن قانع.

(6/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 158
عمران بن طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن كعب التيمي المدني. روى عن: أبيه، وأمه حمنة بنت جحش، وعلي بن أبي طالب. روى عنه: ابنا أخيه إبراهيم بن محمد، ومعاوية بن إسحاق، وسعد بن طريف. وله وفادة إلى معاوية. قال أحمد بن عبد الله العجلي: هو تابعي ثقة. قال ابن سعد: قد انقرض ولده. وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي سماه. عمران بن عصام أبو عمارة الضبعي، والد أبي جمرة. من علماء أهل البصرة، وممن خرج على الحجاج مع ابن الأشعث،

(6/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 159
وكان صالحاً، عابداً، مقرئاً، يقص بالبصرة. روى عن: عمران بن حصين، وقيل عن رجلٍ، عن عمران، وهو الصحيح. قال المثنى بن سعيد: أدركت عمران بن عصام، وهو إمام مسجد بني ضبيعة، يؤمهم في رمضان، ويختم بهم في كل ثلاثٍ، ثم أمهم قتادة، فكان يختم في كل سبع. روى عنه: قتادة، وأبو التياح، وابنه أبو جمرة. وظفر به الحجاج فامتحنه، وقال: أتشهد على نفسك بالكفر قال: ما كفرت بالله منذ آمنت به، فقتله في سنة ثلاثٍ وثمانين. عمر بن أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أبو

(6/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 160
حفص المخزومي المدني، ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم. له صحبة ورواية. وروى عن أمه أيضاً.) وعنه: أبو أمامة بن سهل، وعروة، وعطاء بن أبي رباح، وثابت البناني، ووهب بن كيسان، وأبو وجزة السعدي يزيد بن عبيد، وجماعة. قال عروة: مولده بالحبشة. وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن الزبير قال: كنت أنا وعمر بن أبي سلمة يوم الخندق مع النسوة في أطم حسان، فكان يطأطيء لي مرة، فأنظر، وأطأطيء له مرة فينظر. وقال ابن عبد البر: كان مع علي يوم الجمل، فاستعمله على فارس وعلى البحرين. توفي سنة ثلاثٍ وثمانين بالمدينة. قلت: وكان شاباً في أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وتزوج إذ ذاك، واستفتى النبي صلى الله عليه وسلم عن تقبيل زوجته وهو صائم. وهو أكبر من أختيه: درة، وزينب، وقد مات أبوهم سنة ثلاثٍ، فلعل مولد عمر قبل عام الهجرة بعامٍ أو عامين.

(6/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 161
وقد روى الزبير بن بكار، عن علي بن صالح، عن عبد الله بن مصعب، عن أبيه قال: كان ابن الزبير يذكر أنه كان في فارع حسان يوم الخندق، ومعهم عمر بن أبي سلمة، فإني لأظلمه يومئذٍ، وهو أكبر مني بسنتين فأقول له: تحملني حتى أنظر، فإني أحملك إذا نزلت، فإذا حملني ثم سألني أن يركب، قلت: هذه المرة. قلت: هو آخر من مات من الصحابة من بني مخزوم. عمر بن عبيد الله بن معمر ابن عثمان، أبو حفص القرشي التيمي الأمير، أحد وجوه قريش

(6/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 162
وأشرافها وشجعانها المذكورين، وكان جواداً ممدحاً. ولي فتوحات عديدة، وولي البصرة لابن الزبير. وحدث عن: ابن عمر، وجابر، وأبان بن عثمان. روى عنه: عطاء بن أبي رباح، وابن عون. ووفد على عبد الملك، فتوفي بدمشق، وقد ولي إمرة فارس. قال المدائني: ولد هو، وعمر بن سعد أبي وقاص، وعمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عام قتل عمر. وقال الوليد بن هشام القحذمي: قام رجل إلى المهلب فقال: أيها الأمير أخبرنا عن شجعان) العرب. قال: أحمر قريش، وابن الكلبية، وصاحب النعل الديزج، فقال: والله ما نعرف من هؤلاء أحداً، قال: بلى، أما أحمر قريش فعمر بن عبيد الله بن معمر، والله ما جاءتنا سرعان خيلٍ قط إلا ردها، وأما ابن الكلبية فمصعب بن الزبير، أفرد في سبعة، وجعل له الأمان، فأبى حتى مات على بصيرته. وأما صاحب النعل الديزج فعباد بن الحصين الحبطي، والله ما نزل بنا شدةٌ إلا فرجها، فقال له الفرزدق، وكان حاضراً: إنا لله، فأين أنت عن عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن خازم قال: إنما ذكرنا الإنس ولم نذكر الجن. وقال حميد الطويل، عن سليمان بن قتة قال: بعث معي عمر بن عبيد الله بألف دينار إلى عبد الله بن عمر، والقاسم بن محمد، فأتيت ابن عمر وهو يغتسل في مستحمه، فأخرج يده، فصببتها فيها، فقال: وصلته رحمٌ لقد

(6/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 163
جاءتنا على حاجة، فأتيت القاسم، فأبى أن يقبل، فقالت امرأته: إن كان القاسم ابن عمه فأنا ابنة عمته فأعطنيها، فأعطيتها. وذكر الحرمازي أن إنساناً من الأنصار وفد على عمر بن عبيد الله بن معمر بفارس، فوصله بأربعين ألفاً. ويروى أن عمر بن عبيد الله اشترى مرةً جارية بمائة ألف، فتوجعت لفراق سيدها وقالت أبياتاً، وهي:
(هنيئاً لك المال الذي قد أصبته .......... ولم يبق في كفي إلا تفكري)

(أقول لنفسي وهي في كرب غشيةٍ .......... أقلي فقد بان الخليط أو أكثري)

(إذا لم يكن في الأمر عندك حيلةٌ .......... ولم تجدي بداً من الصبر فاصبري)
فقال مولاها:
(ولولا قعود الدهر بي عنك لم يكن .......... يفرقنا شيءٌ سوى الموت فاعذري)

(أأوب بحزنٍ من فراقك موجعٌ .......... أناجي به قلباً طويل التذكر)

(عليك سلامٌ لا زيارة بيننا .......... ولا وصلٌ إلا أن يشاء ابن معمر)
فقال: خذها وثمنها. وقال مسلمة بن محارب: خرج عمر بن عبيد الله بن معمر زائراً لابن أبي بكرة بسجستان، فأقام أشهراً لا يصله، فقال له عمر: إني اشتقت إلى الأهل، فقال عبيد الله: سوءة من أبي حفص أغفلناه، كم في بيت المال، قالوا: ألف ألف وسبعمائة ألف قال: احملوها إليه، فحملت إليه.) رواها المدائني، وغيره، عن مسلمة. قال المدائني: توفي سنة اثنتين وثمانين. عمر بن علي بن أبي طالب ابن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي.

(6/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 164
روى عن أبيه. روى عنه ابنه محمد، ووفد على الوليد ليوليه صدقة أبيه. قال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن سلام، حدثني عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي قال: سألت أبي، فحدثني عن أبيه، قال: عمر بن علي: ولدت لأبي بعدما استخلف عمر، فقال له: يا أمير المؤمنين ولد لي الليلة غلامٌ، فقال: هبه لي. قال: هو لك. قال: قد سميته عمر ونحلته غلامي مورقاً. قال ابن الزبير: فلقيت عيسى فحدثني بذلك. قال مصعب بن عبد الله عمر، ورقية ابنا علي توءم أمهما الصهباء التغلبية من سبي خالد بن الوليد أيام الردة. وقال أحمد العجلي: هو تابعي ثقة. وذكر مصعب: أن الوليد لم يعطه صدقة علي، وكان عليها الحسن بن الحسن بن علي، وقال: لا أدخل على بني فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرهم، فانصرف غضبان ولك يقبل منه صلة. وقيل: إن عمر بن علي قتل مع مصعب بن الزبير أيام المختار. قلت: فلعله أخوه وسميه، وإنما المعروف أن الذي قتل مع مصعب

(6/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 165
عبيد الله بن علي، وذلك في سنة اثنتين وسبعين. عمرو بن حريث المخزومي بن عمرو بن عثمان المخزومي، أخو سعيد. ولد قبل الهجرة، وله صحبة ورواية. وروى أيضاً عن: أبي بكر، وابن مسعود، وسكن الكوفة. روى عنه: ابنه جعفر، والحسن العرني، ومغيرة بن سبيع، والوليد بن سريع، وعبد الملك بن عمير، وإسماعيل بن أبي خالد.

(6/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 166
وآخر من رآه خلف بن خليفة، شيخ الحسن بن عرفة، فابن عرفة من أتباع التابعين.) توفي عمرو سنة خمسٍ وثمانين. عمرو بن سلمة أبو بريد الجرمي البصري. وقيل: أبو يزيد، الذي كان يصلي بقومه وهو صبي في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ويقال: هو له وفادة مع أبيه وصحبةٌ ما. روى عن أبيه. روى عنه: أبو قلابة الجرمي، وأبو الزبير المكي، وعاصم الأحول، وأيوب السختياني. قيل: توفي سنة خمسٍ وثمانين، وهو أقدم شيخ لأيوب. ورخ موته أحمد بن حنبل. عمرو بن سلمة الهمداني الكوفي

(6/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 167
سمع: علياً، وابن مسعود، وحضر النهروان مع علي. روى عنه: الشعبي، وزياد بن أبي زياد. قال البخاري: ودفن هو وعمرو بن حريث في يومٍ واحد. قلت: وأبوه بكسر اللام كالجرمي المذكور قبله. وأما عمرو بن سلمة بالفتح فشيخ مجهول للواقدي. وله شيخ آخر قزويني. يروي عنه أبو الحسن القطان. عمرو بن عثمان بن عفان الأموي، أخو أبان، وسعيد.

(6/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 168
روى عن: أبيه، وأسامة بن يزيد. وعنه: علي بن الحسين، وسعيد بن المسيب، وأبو الزناد، وابنه عبد الله بن عمرو. له حديث: لا يرث المسلم الكافر في الكتب الستة. عنترة بن عبد الرحمن أبو وكيع الشيباني. روى عن: علي، وأبي الدرداء، وابن عباس. روى عنه: ابنه هارون بن عنترة، أبو عبد الملك، وعبد الله بن عمرو بن مرة الشيباني، وأبو) سنان الشيباني.

(6/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 169
4 (الفاء)
فروخ بن النعمان أبو عياش المعافري. عن: علي، ومعاذ، وابن مسعود، وعبادة بن الصامت، وغيرهم. حدث بمصر. روى عنه: يزيد بن أبي حبيب، وبكر بن سواد، وخالد بن أبي عمران. ذكره ابن يونس.

(6/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 170
4 (القاف)
قبيصة بن ذؤيب أبو سعيد الخزاعي المدني، الفقيه.

(6/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 171
يقال: إنه ولد عام الفتح، وأتي به النبي صلى الله عليه وسلم بعد موت أبيه ليدعو له. روى عن: أبي بكر، وعمر، وأبي الدرداء، وعبد الرحمن بن عوف، وبلال، وعبادة بن الصامت، وتميم الداري، وغيرهم. روى عنه: ابنه إسحاق، ومكحول، ورجاء بن حيوة، وأبو الشعثاء جابر بن زيد، وأبو قلابة الجرمي، وإسماعيل بن أبي المهاجر، والزهري، وهارون بن رياب. وآخرون. وكان على الخاتم والبريد لعبد الملك بن مروان، وسكن دمشق، وأصيبت عينه يوم الحرة، وله دارٌ بباب البريد. وكناه ابن سعد: أبا إسحاق، وقال: شهد أبوه ذؤيب بن حلحلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفتح، وكان يسكن قديداً، وكان قبيصة آثر الناس عند عبد الملك، وكان على الخاتم والبريد، فكان يقرأ الكتب إذا وردت، ثم يدخل بها على الخليفة، وكان ثقةً مأموناً كثير الحديث. مات سنة ست أو سبع وثمانين. وقال البخاري: سمع أبا الدرداء، وزيد بن ثابت. وقال أبو الزناد: كان عبد الملك بن مروان رابع أربعةٍ في الفقه والنسك،

(6/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 172
هو وابن المسيب، وعروة، وقبيصة بن ذؤيب. وقال محمد بن راشد المكحولي: ثنا حفص بن نبيه الخزاعي، عن أبيه، أن قبيصة بن ذؤيب) كان معلم كتاب. وعن مجالد بن سعيد قال: كان قبيصة كاتب عبد الملك. وعن مكحول قال: ما رأيت أحداً أعلم من قبيصة. وعن الشعبي أنه قال: كان قبيصة أعلم الناس بقضاء زيد بن ثابت. وروى ابن لهيعة، عن ابن شهاب قال: كان قبيصة بن ذؤيب من علماء هذه الأمة. قال علي بن المدائني وجماعة: توفي سنة ست وثمانين، وقيل سنة سبعٍ أو سنة ثمانٍ. قدامة بن عبد الله بن عمار الكلابي. له صحبة، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم يرمي الجمار، رواه عنه أيمن بن نابل المكي أحد صغار التابعين.

(6/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 173
قيس بن عائذ أبو كاهل الأحمسي، نزيل الكوفة. رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقةٍ، وحبشي ممسكٌ بخطامها. رواه أحمد في مسنده، ثنا محمد بن عبيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عنه. قيس بن عباد سوى ق أبو عبد الله القيسي الضبعي البصري، روى عن: عمر، وعلي، وأبي بن كعب، وأبي ذر، وعمار بن ياسر، وجماعة. روى عنه: الحسن، وابن سيرين، وأبو مجلز لاحق بن حميد، وأبو

(6/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 174
نضرة المنذر بن مالك، وغيرهم. وكان كثير العبادة والغزو، ولكنه شيعي، وقد رحل إلى المدينة، وصلى مع عمر. وروى الحكم بن عطية، عن النضر بن عبد الله: أن قيس بن عباد وفد إلى معاوية، فكساه ريطةً من رياط مصر، فرأيتها عليه قد شق علمها. وقال ابن سعد: كان ثقةً قليل الحديث. وقال يونس المؤدب: ثنا عبيد الله بن النضر، عن أبيه، عن قيس بن عباد: أنه كانت له فرسٌ عربية، كلما نتجت مهراً حمل عليه إذا أدرك في سبيل الله، وكان إذا صلى بهم الغداة لم) يزل يذكر الله حتى يرى السقائين قد مروا بالماء، مخافة أن يصير أجاجاً أو يصير غوراً، أو حتى تطلع الشمس من مطلعها، مخافة أن تطلع من مغربها. وعن أبي مخنف قال: عاش قيس بن عباد حتى قاتل مع ابن الأشعث، وبلغ الحجاج فعائله، وأنه يلعن عثمان، فأرسل إليه فضرب عنقه. قلت: ابن مخنف واهٍ. قيصر الدمشقي. عن ابن عمر. وعنه: مكحول، ويزيد بن أبي حبيب، وجعفر بن ربيعة. قال أبو حاتم: ليس به بأس.

(6/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 175
4 (الكاف)
كثير بن العباس م د ن بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي. روى عن: أبيه، وعمر، وعثمان، وأخيه عبد الله بن عباس. وقيل إنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه: الأعرج، والزهري، وأبو الأصبغ مولى بني سليم. قال مصعب بن عبد الله: كان فقيهاً فاضلاً لا عقب له، وأمه أم ولد. وقال ابن أبي الزناد: كان يسكن بقريةٍ على فراسخ من المدينة. وورد أنه كان من أعبد الناس، رحمه الله. كليب بن شهاب بن المجنون الجرمي الكوفي.

(6/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 176
روى عن: أبيه، وعلي، وأبي موسى الأشعري، وأبي هريرة، وجماعة. روى عنه: ابنه عاصم، وإبراهيم بن مهاجر. ووثقه أبو زرعة، وغيره. كميل بن زياد ابن نهيك بن هيثم النخعي الصهباني الكوفي.) حدث عن: عمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وأبي هريرة.

(6/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 177
روى عنه: عبد الرحمن بن عابس، والعباس بن ذريح، وعبد الله بن يزيد الصهباني، وأبو إسحاق السبيعي، والأعمش. وقدم دمشق زمن عثمان، وشهد صفين مع علي، وكان شريفاً مطاعاً ثقةً عابداً على تشيعه، قليل الحديث، قتله الحجاج. قاله ابن سعد. وقال المدائني: وفي الكوفة من العباد: أويس، وعمرو بن عنبسة، ويزيد بن معاوية النخعي، والربيع بن خثيم، وهمام بن الحارث، ومعضد الشيباني، وجندب بن عبد الله، وكميل بن زياد. ووثقه ابن معين، وغيره. وقال محمد بن عبد الله بن عمار: كميل رافضي ثقة. وقال هشام بن عمار: ثنا أيوب بن حسان، ثنا محمد بن عبد الرحمن قال: منع الحجاج النخع أعطياتهم حتى يأتوه بكميل بن زياد، فلما رأى ذلك كميل أقبل على قومه فقال: أبلغوني الحجاج فأبلغوه، فقال الحجاج: يا أهل الشام، هذا كميل الذي قال لعثمان أقدني من نفسك، فقال كميل: فعرف حقي، فقلت: أما إذ أقدتني فهو لك هبة، فمن كان أحسن قولاً أنا أو هو، فذكر الحجاج علياً، فصلى عليه كميل، فقال الحجاج: والله لأبعثن إليك إنساناً أشد بغضاً لعلي من حبك له، فبعث إليه ابن أدهم الحمصي فضرب عنقه. وقال المدائني: مات كميل سنة اثنتين وثمانين، وهو ابن تسعين سنة. أنبأ ربا، عن محمد بن أبي زيد، أنبأ محمود بن إسماعيل، أنبأ ابن فادشاه، ثنا الطبراني، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا عبد الله بن رجاء، أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن كميل بن زياد، عن أبي هريرة قال: قال

(6/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 178
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدلك على كنزٍ من كنوز الجنة قلت: بلى. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا منجى من الله إلا إليه.

(6/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 179
4 (الميم)
محمد بن أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، ابن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم. مدني قليل الرواية.) روى عن أبيه. روى عنه: سعيد بن عبيد بن السباق، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وعبد الله بن دينار، ويزيد بن قسيط. وثقه ابن سعد، يقال: توفي سنة ستٍ وتسعين. محمد بن إياس بن البكير بن عبد ياليل الليثي المدني، من أولاد البدريين.

(6/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 180
روى عن: عائشة، وأبي هريرة، وابن عباس. روى عنه، أبو سلمة بن عبد الرحمن، ونافع، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان. محمد بن حاطب ورخه أبو نعيم في سنة ستٍ وثمانين. وقد مر في الطبقة الماضية. محمد بن سعد سوى د. بن أبي وقاص، أبو القاسم الزهري. روى عن: أبيه، وعثمان، وأبي الدرداء.

(6/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 181
روى عنه: ابناه إبراهيم، وإسماعيل، وأبو إسحاق السبيعي، ويونس بن جبير، وإسماعيل بن أبي خلد، وجماعة. له أحاديث عديدة، وأسر يوم دير الجماجم، فقتله الحجاج. محمد بن علي بن أبي طالب أبو القاسم الهاشمي، ابن الحنفية، واسمها خولة بنت جعفر من سبي اليمامة، وهي من بني حنيفة. ولد في صدر خلافة عمر، ورأى عمر. وروى عن: أبيه، وعثمان، وعمار بن ياسر، وأبي هريرة، وغيرهم.

(6/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 182
روى عنه: بنوه الحسن، وعبد الله، وعمر، وإبراهيم، وعون، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وسالم بن أبي الجعد، ومنذر الثوري، وعمرو بن دينار، وأبو جعفر محمد بن علي، وجماعة. ووفد على معاوية، وعلى عبد الملك. قال أبو عاصم النبيل: صرع محمد بن الحنفية مروان يوم الجمل وجلس على صدره، فلما وفد) على ابنه ذكره بذلك، فقال: عفواُ يا أمير المؤمنين، فقال: والله ما ذكرت ذلك وأنا أريد أن أكافئك به. قال الزبير بن بكار: سمته الشيعة المهدي، فأخبرني عمي قال: قال كثير عزة:
(هو المهدي أخبرناه كعبٌ .......... أخو الأحبار في الحقب الخوالي)
فقيل لكثير: ولقيت كعباً قال: قلته بالوهم. وقال أيضاً:
(ألا إن الأئمة من قريشٍ .......... ولاة الحق أربعة سواء)

(علي والثلاثة من بنيه .......... هم الأسباط ليس بهم خفاء)

(فسبطٌ سبط إيمان وبر .......... وسبطٌ غيبته كربلاء)

(وسبطٌ لا تراه العين حتى .......... يقود الخيل يقدمها لواء)

(تغيب لا يرى عنهم زماناً .......... برضوى عنده عسلٌ وماء)
قال الزبير: وكانت شيعة محمد بن علي يزعمون أنه لم يمت. وفيه يقول السيد الحميري:

(6/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 183
(ألا قل للوصي فدتك نفسي .......... أطلت بذلك الجبل المقاما)

(أضر بمعشرٍ والوك منا .......... وسموك الخليفة والإماما)

(وعادوا فيك أهل الأرض طر ا .......... مقامك عنهم ستين عاماً)

(وما ذاق ابن خولة طعم موتٍ .......... ولا وارت له أرضٌ عظاما)

(لقد أمسى بمورق شعب رضوى .......... تراجعه الملائكة الكلاما)

(وإن له به لمقيل صدقٍ .......... وأنديةً تحدثه كراما)

(هدانا الله إذ حزتم لأمرٍ .......... به وعليه نلتمس التمام)

(تمام مودة المهدي حتى .......... تروا راياتنا تترى نظاما)
وقال السيد أيضاً:
(يا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى .......... وبنا إليه من الصبابة أولق)

(حتى متى وإلى متى وكم المدى .......... يا بن الوصي وأنت حي ترزق)
وقال ابن سعد: مولده في خلافة أبي بكر.) وقال الواقدي: ثنا ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: رأيت أم محمد بن الحنفية سنديةً سوداء، وكانت أمةً لبني حنيفة، ولم تكن منهم، وإنما صالحهم خالد بن الوليد على الرقيق، ولم يصالحهم على أنفسهم. وقال فطر بن خليفة، عن منذر: سمعت ابن الحنفية قال: كانت رخصةً لعلي رضي الله عنه قال: يا رسول الله إن ولد لي بعدك ولدٌ أسميه باسمك، وأكنيه بكنيتك؟ قال: نعم.

(6/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 184
قلت: وكان يكنى أيضاً بأبي عبد الله، فقال أبو مالك الأشجعي: ثنا سالم بن أبي الجعد أنه كان مع ابن الحنفية في الشعب، فقلت له ذات يوم: يا أبا عبد الله. وذكر النسائي الكنيتين. وعن ابن الحنفية قال: ولدت لسنتين بقيتا من خلافة عمر. رواه محمد بن حميد، بإسنادٍ صحيحٍ إلى ابن الحنفية، لكن ابن حميد ضعيف. وقد قال زيد بن الحباب: ثنا الربيع بن منذر الثوري، حدثني أبي، سمع ابن الحنفية يقول: دخل عمر وأنا عند أختي أم كلثوم، فضمني وقال: ألطفيه بالحلواء. وقال عبد الواحد بن أيمن: جئت محمد بن الحنفية وهو مكحول مخضوب بحمرة، وعليه عمامة سوداء. وقال سالم بن أبي حفصة، عن منذر، عن ابن الحنفية قال: حسن وحسين خير مني، ولقد علما أنه كان يستخليني دونهما، وأني صاحب البغلة الشهباء وقال الزهري: قال رجل لمحمد بن الحنفية: ما بال أبيك كان يرمي بك في مرامٍ لا يرمي فيها الحسن والحسين قال: لأنهما كانا خديه، وكنت يده، فكان يتوقى بيده عن خديه. وقال غيره: لما جاء نعي معاوية خرج الحسين وابن الزبير إلى مكة، وأقام ابن الحنفية حتى سمع بدنو جيش مسرفٍ أيام الحرة، فرحل إلى مكة،

(6/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 185
فقعد مع ابن عباس، فلما مات يزيد دعاهما ابن الزبير إلى بيعته، فأبيا حتى تجتمع له البلاد، فكاشرهما، ثم وقع بينهم شر، وغلظ الأمر حتى خافاه، ومعهما النساء والذرية، فأساء جوارهم وحصرهم، وأظهر شتم ابن الحنفية، وأمرهم وبني هاشم أن يلزموا شعبهم بمكة، وجعل عليهم الرقباء، وقال فيما قال: والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فخافوا. قال سليم بن عامر: فرأيت ابن الحنفية محبوساً بزمزم، فقلت: لأدخلن عليه، فدخلت فقلت: ما لك وهذا الرجل قال: دعاني إلى البيعة. فقلت: إنما أنا من المسلمين، فإذا اجتمعوا عليك، فأنا) كأحدهم. فلم يرض بهذا، فاذهب، فأقريء ابن عباسٍ السلام وقل: ما ترى فدخلت على ابن عباس وهو ذاهب البصر، فقال: من أنت قلت: من الأنصار. قال: رب أنصاريٍ هو أشد علينا من عدونا، فقلت: لا تخف، أنا ممن لك كله، وأخبرته، فقال: قل له لا تطعه ولا نعمة عينٍ، إلا ما قلت، ولا تزده عليه، فأبلغته، فهم أن يقدم الكوفة وبلغ ذلك المختار بن أبي عبيد، فثقل عليه قدومه. قلت: وقد كان يدعو إليه قال: إن في المهدي علامة يقدم بلدكم هذا، فيضربه رجلٌ في السوق ضربةً بالسيف لا تضره ولا تحيك فيه. فبلغ ذلك ابن الحنفية، فأقام، فقيل له: لو بعثت إلى شيعتك بالكوفة فأعلمتهم ما أنتم فيه، فبعث أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة، فقدم عليهم وقال: إنا لا نأمن ابن الزبير على هؤلاء، وأخبرهم بما هم فيه من الخوف، فجهز المختار بعثاً إلى مكة، فانتدب منه أربعة آلاف، فعقد لأبي عبد الله الجدلي عليهم، وقال له: سر، فإن وجدت بني هاشم في الحياة فكن لهم أنت ومن معك عضداً، وانفذ لما أمروك به، وإن وجدت ابن

(6/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 186
الزبير قد قتلهم، فاعترض أهل مكة حتى تصل إلى ابن الزبير، ثم لا تدع من آل الزبير شعراً ولا ظفراً. وقال: يا شرطة الله، لقد أكرمكم الله بهذا المسير، ولكم بهذا الوجه عشر حججٍ وعشر عمر. فساروا حتى أشرفوا على مكة، فجاء المستغيث: أعجلوا، فما أراكم تدركونهم، فانتدب منهم ثمانمائة، عليهم عطية بن سعد العوفي، فأسرعوا حتى دخلوا مكة، فكبروا تكبيرةً سمعها ابن الزبير، فانطلق هاباً، وتعلق بأستار الكعبة، وقال: أنا عائذ الله. قال عطية: ثم ملنا إلى ابن عباس، وابن الحنفية، وأصحابهما في دورٍ وقد جمع لهم الحطب، فأحيط بهم الحطب حتى بلغ رؤوس الجدر، لو أن ناراً تقع فيه ما رؤي منهم أحدٌ، فأخرناه عن الأبواب، فأقبل أصحاب ابن الزبير، فكنا صفين نحن وهم في المسجد نهارنا، ولا ننصرف إلا إلى الصلاة حتى أصبحنا، وقدم أبو عبد الله الجدلي في الجيش، فقلنا لابن عباس وابن الحنفية: ذرونا نرح الناس من ابن الزبير، فقالا: هذا بلد حرمه الله ما أحله لأحدٍ إلا للنبي صلى الله عليه وسلم ساعةً، فامنعونا وأجيرونا، قال: فتحملوا، وإن منادياً لينادي في الجبل، ما غنمت سريةٌ بعد نبيها ما غنمت هذه السرية، إن السرية إنما تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا، فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى، ثم انتقلوا إلى الطائف وأقاموا.) وتوفي ابن عباس، فصلى عليه ابن الحنفية، وبقينا مع ابن الحنفية، فلما كان الحج وحج ابن الزبير وافى ابن الحنفية في أصحابه إلى عرفة، فوقف ووافى نجدة بن عامر الحنفي الحروري في أصحابه، فوقف ناحيةً، وحجت بنو أمية على لواءٍ، فوقفوا بعرفة. وعن محمد بن جبير أن ابن الزبير أقام الحج تلك السنة، وحج ابن

(6/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 187
الحنفية في الخشبية، وهو أربعة آلاف، نزلوا في الشعب الأيسر من منى، ثم ذكر أنه سعى في الهدنة والكف حتى حجت كل طائفة من الطوائف الأربع، قال: ووقفت تلك العشية إلى جنب غبن الحنفية، فلما غابت الشمس التفت إلي فقال: يا أبا سعيد ادفع، ودفعت معه، فكان أول من دفع. وقال الواقدي: حدثني جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير، عن عثمان بن عروة، عن أبيه: ح، ونا إسحاق بن يحيى بن طلحة، وغيره، قالوا: كان المختار لما قدم الكوفة أشد شيءٍ على ابن الزبير، وجعل يلقي إلى الناس أن ابن الزبير كان يطلب هذا الأمر لأبي القاسم يعني ابن الحنفية ثم ظلمه إياه، وجعل يذكر ابن الحنفية وحاله وورعه، وأنه يدعو له، وأنه بعثه، وأنه كتب له كتاباً، وكان يقرأه على من يثق به ويبايعونه سراً، فشك قومٌ وقالوا: أعطينا هذا الرجل عهودنا أن زعم أنه رسول محمد بن الحنفية، وابن الحنفية بمكة، ليس هو منا ببعيد، فشخص منهم قومٌ فأعلموه أمر المختار، فقال: نحن قومٌ حيث ترون محبوسون، وما أحب أن لي الدنيا بقتل مؤمن، ولوددت أن الله انتصر لنا بمن شاء، فاحذروا الكذابين، وانظروا لأنفسكم ودينكم، فذهبوا على هذا. وجعل أمر المختار يكبر كل يومٍ ويغلظ، وتتبع قتلة الحسين فقتلهم، وبعث ابن الأشتر في عشرين ألفاً إلى عبيد الله بن زياد فقتله، وبعث المختار برأسه إلى محمد بن الحنفية وعلي بن الحسين، فدعت بنو هاشم للمختار، وعظم عندهم.

(6/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 188
وكان ابن الحنفية يكره أمره، ولا يحب كثيراً مما يأتي به. ثم كتب إليه المختار: لمحمد بن علي، من المختار الطالب بثأر آل محمد. وقال ليث بن أبي سليم، عن منذر الثوري، عن ابن الحنفية قال: سمعت أبا هريرة يقول: لا حرج إلا في دم امرئٍ مسلمٍ. فقلت لابن الحنفية: تطعن على أبيك قال: لست أطعن على أبي، بايع أبي أولو الأمر، فنكث ناكثٌ فقاتله، ومرق مارقٌ فقاتله، وإن ابن الزبير يحسدني على مكاني هذا، ود أني ألحد في الحرم كما ألحد.) وقال قبيصة: ثنا سفيان، عن الحارث الأزدي قال: قال ابن الحنفية: رحم الله امرأً أغنى نفسه، وكف يده، وأمسك لسانه، وجلس في بيته له ما احتسب وهو مع من أحب ألا إن أعمال بني أمية أسرع فيهم من سيوف المسلمين، ألا إن لأهل الحق دولةً يأتي بها الله إذا شاء، فمن أدرك ذلك منكم ومنا كان عندنا في السنام الأعلى، ومن يمت فما عند الله خيرٌ وأبقى. وقال أبو عوانة: ثنا أبو جمرة قال: كانوا يسلمون على محمد بن علي: سلام عليك يا مهدي، فقال: أجل، أنا رجلٌ مهدي، أهدي إلى الرشد والخير، اسمي محمد، فليقل أحدكم إذا سلم: سلامٌ عليك يا محمد، أو يا أبا القاسم. وقال ابن سعد: قالوا: وقتل المختار سنة ثمانٍ وستين، فلما دلت سنة تسعٍ أرسل ابن الزبير أخاه عروة إلى محمد بن الحنفية أن أمير المؤمنين

(6/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 189
يقول لك: إني غير تاركك أبداً حتى تبايعني، أو أعيدك في الحبس، وقد قتل الله الكذاب الذي كنت تدعي نصرته، وأجمع أهل العراق علي، فبايع، وإلا فهي الحرب بيني وبينك. فقال: ما أسرع أخاك على قطع الرحم والاستخفاف بالحق، وأغفله من تعجيل عقوبة الله، ما يشك أخوك في الخلود، والله ما بعثت المختار داعياً ولا ناصراً، وللمختار كان أشد انقطاعاً إليه منه إلينا، فإن كان كذاباً فطالما قر به على كذبه، وإن كان غير ذلك فهو أعلم به، وما عندي خلاف، ولو كان عندي خلاف ما أقمت في جواره، ولخرجت إلى من يدعوني، ولكن ها هنا، والله لأخيك قرن يطلب مثل ما يطلب أخوك، كلاهما يقاتلان على الدنيا، عبد الملك بن مروان، والله لكأنك بجيوشه قد أحاطت برقبة أخيك، وإني لأحسب أن جوار عبد الملك خير لي من جوار أخيك، ولقد كتب إلي يعرض علي ما قبله ويدعوني إليه. قال عروة: فما يمنعك من ذلك قال: أستخير الله، وذلك أحب إلى صاحبك. فقال بعض أصحاب ابن الحنفية: والله لو أطعتنا لضربنا عنقه، فقال: وعلى ماذا جاء برسالةٍ من أخيه، وليس في الغدر خير، وأنتم تعلمون أن رأيي لو اجتمع الناس علي كلهم إلا إنسان واحد لما قاتلته. فانصرف عروة فأخبر أخاه وقال: والله ما أرى أن تعرض له، دعه فليخرج عنك، ويغيب وجهه، فعبد الملك أمامه لا يتركه يحل بالشام حتى يبايعه، وهو لا يفعل أبداً، حتى يجتمع عليه الناس، فإما حبسه أو قتله. وقال أبو سلمة التبوذكي: ثنا أبو عوانة، عن أبي جمرة قال: كنت مع محمد بن علي، فسرنا من الطائف إلى أيلة، بعد موت ابن عباس بزيادةٍ على أربعين ليلة، وكان عبد الملك قد كتب لمحمد) عهداً، على أن يدخل في أرضه هو وأصحابه، حتى يصطلح الناس على رجلٍ، فلما قدم محمدٌ الشام كتب إليه عبد الملك: إما أن تبايعني، وإما أن تخرج من أرضي،

(6/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 190
ونحن يومئذٍ سبعة آلاف، فبعث إليه: على أن تؤمن أصحابي. ففعل، فقام فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: فقام فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: إن الله ولي الأمور كلها، وحاكمها، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، كل ما هو آتٍ قريب، عجلتم بالأمر قبل نزوله، والذي نفسي بيده إن في أصلابكم لمن يقاتل مع آل محمدٍ ما يخفى على أهل الشرك أمر آل محمد، وأمر آل محمد مستأخر، والذي نفس محمد بيده ليعودن فيهم كما بدأ، الحمد لله الذي حقن دماءكم، وأحرز دينكم، من أحب منكم أن يأتي مأمنه إلى بلده آمناً محفوظاً فليفعل. فبقي معه تسعمائة رجلٍ، فأحرم بعمرة وقلد هدياً، فلما أردنا أن ندخل الرحم تلقتنا خيل ابن الزبير، فمنعتنا أن ندخل، فأرسل إليه محمد: لقد خرجت وما أريد أن أقاتلك، ورجعت وما أريد أن أقاتلك، دعنا ندخل، فلنقض نسكنا، ثم نخرج عنك. فأبى، ومعنا البدن قد قلدناها، فرجعنا إلى المدينة، فكنا بها حتى قدم الحجاج، وقتل ابن الزبير، ثم سار إلى العراق، فلما سار مضينا فقضينا نسكنا، وقد رأيت القمل يتناثر من محمد بن الحنفية، ثم رجعنا إلى المدينة، فمكث ثلاثة أشهر، ثم توفي. قلت: هذا خبر صحيح، وفيه أنهم قضوا نسكهم بعد عدة سنين. وقال ابن شعبان: أنبأ محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن جعفر، عن صالح بن كيسان، عن الحسن بن محمد بن الحنفية قال: لم يبايع أبي الحجاج لما قتل ابن الزبير، فبعث إليه: قد قتل عدو الله. فقال أبي: إذا بايع الناس بايعت. قال: والله لأقتلنك، قال: إن لله في كل يومٍ ثلاثمائة وستين لحظةً، في كل لحظةٍ منها ثلاثمائة وستون قضية، فلعله أن يكفيناك في قضية. قال: فكتب بذلك الحجاج إلى عبد الملك، فأتاه كتابه فأعجبه، وكتب به إلى صاحب الروم، وذلك أن ملك الروم كتب إليه يتهدده، أنه قد جمع له جموعاً كثيرةً.

(6/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 191
ثم كتب عبد الملك: قد عرفنا أن محمداً ليس عنده خلاف، وهو يأتيك ويبايعك فارفق به. فلما اجتمع الناس قال ابن عمر له: ما بقي شيءٌ، فبايع، فكتب بالبيعة إلى عبد الملك، وبايع الحجاج. وقال إسحاق بن منصور السلولي: ثنا الربيع بن المنذر، عن أبيه، أنه رأى على محمد بن الحنفية حبرة تجلل الغزار، وكان له برنس خز. وقال ابن عيينة: ثنا أبو إسحاق الشيباني: أنه رأى محمد بن الحنفية بعرفة واقفاً، عليه مطرف) خز. وقال يعلى بن عبيد: ثنا سفيان بن دينار قال: رأيت محمد بن الحنفية ورأسه ولحيته مخضوبين بالحناء والكتم. وروى إسرائيل، عن عبد الأعلى: أن ابن الحنفية سئل عن الخضاب بالوسمة، فقال: هو خضابنا أهل البيت. وقال يعقوب بن شيبة: ثنا صالح بن عبد الله الترمذي، ثنا محمد بن

(6/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 192
الفضيل، عن سالم بن أبي حفصة، عن منذر الثوري قال: رأيت محمد بن الحنفية يتلوى على فراشه وينفخ، فقالت امرأته: يا مهدي ما يلويك من أمر عدوك هذا ابن الزبير. قال: والله ما بي هذا، ولكن بي ما يؤتى في حرمه غداً، ثم رفع يديه إلى السماء: فقال: اللهم إنك تعلم أني كنت أعلم مما علمتني أنهلا يخرج منها إلا قتيلاً يطاف به في الأسواق. عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن الحسن الأسدي، ثنا عبد ربه أبو شهاب، عن ليث، عن محمد بن بشر، عن محمد بن الحنفية قال: أهل بيتين من العرب يتخذهم الناس أنداداً من دون الله، نحن، وبنو عمنا هؤلاء، يعني بني أمية. وقال أبو زبيد عنتر، عن سالم بن أبي حفصة، عن منذر، عن ابن الحنفية قال: نحن أهل بيتين من قريش، نتخذ من دون الله أنداداً، نحن، وبنو عمنا. وروى ابن المبارك، عن يحيى بن سعيد المدني وليس بالأنصاري قال: رأى محمد بن الحنفية أنه لا يموت حتى يملك أمر الناس، فأرسل إلى سعيد بن المسيب فسأله فقال: لا يملك ولا أحدٌ من ولده، وإن هذا الملك من بني أبيك لفي غيرك. وقال محمد بن فضيل، عن رضا بن أبي عقيل، عن أبيه قال: كنا جلوساً على باب ابن الحنفية في الشعب، فخرج إلينا غلام فقال: يا معشر الشيعة، إن أبي يقرئكم السلام، ويقول لكم: إنا لا نحب اللعانين ولا الطعانين، ولا نحب مستعجلي القدر. وقال سفيان الثوري، عن أبيه: إن الحجاج أراد أن يضع رجله على المقام، فزجره ابن الحنفية.

(6/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 193
وقال الواقدي: إن زيد بن السائب قال: سألت عبد الله بن محمد بن الحنفية: أين دفن أبوك فقال: بالبقيع، قلت: أي سنة قال: سنة إحدى وثمانين، وهو ابن خمس وستين سنة، مات في المحرم.) وقال أبو عبيد، والفلاس: توفي سنة إحدى وثمانين. وقال أبو نعيم: توفي سنة ثمانين. وقال المدائني: توفي سنة ثلاثٍ وثمانين. وهذا غلط. وقال علي بن المدائني: توفي سنة اثنتين أو ثلاثٍ وتسعين، وهذا أفحش مما قبله. ماهان الحنفي أبو سالم الأعور الكوفي، ويقال له المسبح. روى عن: ابن عباس، وغيره. وعنه: عمار الدهني، وجعفر بن أبي المغيرة، وطلحة بن الأعلم، وجماعة. قال فضيل بن غزوان: كان لا يفتر من التسبيح، فأخذه الحجاج وصلبه، وكان يسبح ويعقد، قال: فطعن، وقد عقد تسعاً وستين.

(6/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 194
وقال إبراهيم بن أبي حنيفة: رأيت ماهان الحنفي حيث صلب، فجعل يسبح حتى عقد على تسعٍ وعشرين، فطعن، فرأيته بعد شهرٍ عاقداً عليها، وكنا نؤمر بالحرس على خشبته، فنرى عنده الضوء. قال أبو داود السجستاني: قطع الحجاج أربعته وصلبه. وقال البخاري: قتل الحجاج ماهان أبا سالم الحنفي، قال: وقال بعضهم: ماهان أبو صالح، وهو وهم. قال ابن أبي عاصم: قتل سنة ثلاثٍ وثمانين. محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب، أبو عمير التميمي، الدارمي، الكوفي. أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم. رواه أبو عمران الجوني. وكان سيد أهل الكوفة، وأجود مضر، وصاحب ربع تميم. وفد على عبد الملك بن مروان، ثم سار إلى أخيه عبد العزيز بن

(6/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 195
مروان، وقد شهد صفين مع علي. وقيل فيه:
(علمت معد والقبائل كلها .......... أن الجواد محمد بن عطارد)
) مرثد بن عبد الله أبو الخير اليزني المصري. ويزن بطنٌ من حمير. روى عن: أبي أيوب الأنصاري، وأبي بصرة الغفاري، وزيد بن ثابت، وعمرو بن العاص، وعقبة بن عامر، وعبد الله بن عمرو، وجماعة. وكان يلزم عقبة. روى عنه: عبد الرحمن بن شماسة، وجعفر بن ربيعة، ويزيد بن أبي حبيب، وعبيد الله بن أبي جعفر، وعياش بن عباس القتباني، وغيرهم. وكان أحد الأئمة الأعلام. وقال أبو سعيد بن يونس: كان مفتي أهل مصر في أيامه، وكان عبد العزيز بن مروان، يعني أمير مصر، يحضره مجلسه للفتيا، قال: وقال ابن عون: توفي سنة تسعين. مرة الطيب ويلقب أيضاً مرة الخير، لعبادته وخيره، وهو

(6/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 196
ابن شراحيل الهمداني الكوفي. مخضرم كبير القدر. روى عن: أبي بكر، وعمر، وأبي ذر، وابن مسعود، وأبي موسى الأشعري. روى عنه: أسلم الكوفي، وزبيد اليامي، وإسماعيل السدي، وحصين بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب، وإسماعيل بن أبي خالد، وجماعة. وثقه يحيى بن معين. ابن عيينة: سمعت عطاء بن السائب يقول: رأيت مصلى مرة الهمداني مثل مبرك البعير. وقال عطاء أو غيره: كان مرة يصلي كل يومٍ ستمائة ركعة. ونقل عنه أنه سجد حتى أكل التراب جبهته.

(6/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 197
المستورد بن الأحنف الكوفي عن: ابن مسعود، وحذيفة، وصلة بن زفر. روى عنه: سعد بن عبيدة، وعلقمة بن مرثد، وأبو حصين عثمان بن عاصم. وثقه علي بن المديني. مسعود بن الحكم بن الربيع، أبو هارون الأنصاري، الزرقي، المدني.) ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. وروى عن: عمر، وعلي، وعبد الله بن حذافة السهمي. روى عنه: بنوه عيسى، وإسماعيل، وقيس، ويوسف، ومحمد بن المنكدر، والزهري، وأبو الزناد. قال الواقدي: كان سرياً مثرياً ثقة. وقال خليفة: مات سنة تسعين.

(6/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 198
معاذة بنت عبد الله أم الصهباء العدوية، العابدة البصرية. روت عن: علي، وعائشة، وهشام بن عامر الأنصاري. روى عنها: أبو قلابة الجرمي، ويزيد الرشك، وعاصم الأحول، وأيوب، وعمر بن ذر، وإسحاق بن سويد، وآخرون. ووثقها ابن معين. وبلغنا أنها كانت تحيي الليل وتقول: عجبت لعينٍ تنام وقد علمت طول الرقاد في ظلم القبور. ولما قتل زوجها صلة بن أشيم وابنها في بعض الحروب، اجتمع النساء عندها، فقالت: مرحباً بكن إن كنتن جئتن لتهنئنني، وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن. وكانت تقول: والله ما أحب البقاء إلا لأتقرب إلى ربي بالوسائل، لعله يجمع بيني وبين أبي الصهباء وولده في الجنة. ورخها ابن الجوزي في سنة ثلاثٍ وثمانين.

(6/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 199
معبد بن سيرين أخو محمد، ومولى أنس بن مالك، وهو أقدم إخوته مولداً ووفاةً. روى عن: عمر، وأبي سعيد الخدري. روى عنه: أخوان محمد، وأنس. معبد الجهني البصري أول من تكلم بالقدر. روى عن: ابن عباس، ومعاوية، وابن عمر، وعمران بن حصين، وحمران بن أبان، وغيرهم.) روى عنه: معاوية بن قرة، وزيد بن رفيع، وقتادة، ومالك بن دينار، وعوف الأعرابي، وسعد بن إبراهيم، وآخرون. وثقه ابن معين.

(6/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 200
وقال أبو حاتم: صدوق في الحديث. قلت: هو معبد بن عبيد الله بن عويمر، ويقال: معبد بن عبد الله بن عكيم، ولد الذي روى: لا تنتفعوا من الميتة بإهابٍ ولا عصب. وقيل: هو معبد بن خالد. وكان من أعيان الفقهاء بالبصرة. قال يعقوب بن شيبة: حدثني محمد بن إسحاق بن أحمد، عمن حدثه، عن عبد الملك بن عمير قال: اجتمعت القراء إلى معبد الجهني، وكان ممن شهد دومة الجندل موضع الحكمين، فقالوا له: قد طال أمر هذين الرجلين، فلو لقيتهما فسألتهما عن بعض أمرهما، فقال: لا تعرضوني لأمرٍ أنا له كارهٌ، والله ما رأيت كهذا الحي من قريش، كأن قلوبهم أقفلت بأقفال الحديد، وأنا صاير إلى ما سألتم، قال معبد: فخرجت فلقيت أبا موسى الأشعري، فقلت له: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنت من صالحي أصحابه، واستعملك، وقبض وهو عنك راضٍ، وقد وليت أمر هذه الأمة، فانظر ما أنت صانعٌ، فقال: يا معبد غداً ندعو الناس إلى رجلٍ لا يختلف فيه اثنان، فقلت في نفسي: أما هذا فقد عزل صاحبه، فطمعت في عمرو بن العاص، فخرجت فلقيته وهو راكب بغلته يريد المسجد، فأخذت بعنانه، فسلمت عليه فقلت: يا أبا عبد الله، إنك قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنت من صالحي أصحابه، قال: بحمد الله. قلت: واستعملك، وقبض راضياً عنك. قال: بمن الله. ثم نظر إلي شزراً، فقلت: قد وليت أمر هذه الأمة، فانظر ما أنت صانعٌ، فنزع عنانه من يدي، ثم قال: إيهاً تيس جهينة، ما أنت وهذا؟ لست

(6/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 201
من أهل السر ولا العلانية، والله ما ينفعك الحق ولا يضرك الباطل، فأنشأ معبد يقول:
(إني لقيت أبا موسى فأخبرني .......... بما أردت وعمرو ضن بالخبر)

(شتان بين أبي موسى وصاحبه .......... عمرو لعمرك عند الفضل والخطر)

(هذا له غفلةٌ أبدت سريرته .......... وذاك ذو حذرٍ كالحية الذكر)
قال أبو موسى إسحاق الجوزجاني: كان قوم يتكلمون في القدر احتمل الناس حديثهم لما عرفوا) من اجتهادهم في الدين والصدق والأمانة، لم يتوهم عليهم الكذب، وإن بلوا بسوء رأيهم، فمنهم: قتادة، ومعبد الجهني، وهو رأسهم. وقال محمد بن شعيب: سمعت الأوزاعي يقول: أول من نطق في القدر رجلٌ من أهل العراق، يقال له سوسن، كان نصرانياً فأسلم، ثم تنصر، فأخذ عنه معبد الجهني، وأخذ غيلان عن معبد. وقال محمد بن حمير: ثنا محمد بن زياد الإلهاني قال: كنا في المسجد، إذ مر بمعبد الجهني إلى عبد الملك، فقال الناس: إن هذا لهو البلاء، فسمعت خالد بن معدان يقول: إن البلاء كل البلاء إذا كانت الأئمة منهم. وقال مرحوم العطار: حدثني أبي وعمي قالا: سمعنا الحسن يقول: إياكم ومعبداً الجهني، فإنه ضال مضل. وقال جرير بن حازم، عن يونس بن عبيد، قال: أدركت الحسن وهو يعيب قول معبد، يقول: هو ضال مضل، قال: ثم تلطف له معبد، فألقى في نفسه ما ألقى.

(6/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 202
وعن مسلم بن يسار قال: إن معبداً يقول بقول النصارى. وقال عمرو بن دينار: قل لنا طاووس: احذروا معبداً الجهني فإنه كان قدرياً. وقال جعفر بن سليمان: ثنا مالك بن دينار قال: لقيت معبداً الجهني بمكة بعد فتنة ابن الأشعث وهو جريح، وقد قاتل الحجاج في المواطن، فقال: لقيت الفقهاء والناس، لم أر مثل الحسن، يا ليتنا أطعناه، كأنه نادمٌ على قتال الحجاج. وقال حمزة بن ربيعة، عن صدقة بن يزيد قال: كان الحجاج يعذب معبداً الجهني بأصناف العذاب، ولا يجزع ولا يستغيث، قال: فكان إذا ترك من العذاب يرى الذبابة مقبلةً تقع عليه، فيصيح ويضج، فيقال له فيقول: إن هذا من عذاب بني آدم، فأنا أصبر عليه، وأما الذباب فمن عذاب الله، فلست أصبر عليه، فقتله. قلت: وعذاب بني آدم من عذاب الله، لأنه تعالى هو الذي سلط عليه الحجاج، وأما القدرية فلا يعتقدون أن الله أراد ذلك ولا قدره. وقال سعيد بن عفير: في سنة ثمانين صلب عبد الملك معبداً الجهني بدمشق. وقال خليفة: مات قبل التسعين. المعرور بن سويد) أبو أمية الأسدي الكوفي.

(6/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 203
عن: ابن مسعود، وأبي ذر، وغيرهما. وعنه: واصل الأحدب، وسالم بن أبي الجعد، وعاصم بن بهدلة، والأعمش، ومغيرة اليشكري. وثقه ابن معين. وقال أبو حاتم: قال الأعمش: رأيته وهو ابن عشرين ومائة سنة، أسود الرأس واللحية. المقدام بن معد يكرب ابن عمرو بن يزيد الكندي، أبو كريمة على الصحيح، وقيل: أبو

(6/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 204
زيد، وقيل: أبو صالح، ويقال: أبو بشر، ويقال أبو يحيى، نزيل حمص، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. له عدة أحاديث. روى عنه: جبير بن نفير، والشعبي، وخالد بن معدان، وشريح بن عبيد، وأبو عامر الهوزني، والحسن، ويحيى ابنا جابر، وعبد الرحمن بن أبي عوف، وسليم بن عامر، ومحمد بن زياد الألهاني، وجماعة، وابنه يحيى، وحفيده صالح بن يحيى. روى أبو مسهر، وغيره، عن يزيد بن سنان، عن أبي يحيى الكلاعي قال: أتيت المقدام في المسجد، فقلت: يا أبا يزيد، إن الناس يزعمون أنك لم تر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: سبحان الله، والله لقد رأيته وأنا أمشي مع عمي، فأخذ بأذني هذه، وقال لعمي: أترى هذا، يذكره أباه وأمه. وقال محمد بن حرب الأبرش: ثنا سليمان بن سليم، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلحت يا قديم إن مت ولم تكن أميراً ولا جابياً ولا عريفاً. قال خليفة: والفلاس، أبو عبيد: مات سنة سبعٍ وثمانين، زاد الفلاس: وهو ابن إحدى وتسعين سنة. وقال غيره: قبره بحمص. وقال علي بن عبد الله التميمي: مات سنة ثمانٍ وثمانين. قلت: وحديثه في صحيح البخاري في البيوع.

(6/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 205
المهلب بن أبي صفرة د ت ن ظالم بن سراق بن صبح بن كندي بن عمرو، الأمير أبو سعيد

(6/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 206
الأزدي العتكي، أحد) أشراف أهل البصرة، ووجوههم، وفرسانهم، وأبطالهم، ودهاتهم، وأجوادهم. قيل: ولد عام الفتح في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وغزا في خلافة عمر. قلت: أحسب هذا الكلام في حق أبيه. وروى عن: سمرة بن جندب، والبراء، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر، وغيرهم. روى عنه: سماك بن حرب، وأبو إسحاق السبيعي، وعمر بن سيف، وآخرون. الثوري، عن أبي إسحاق، عن المهلب بن أبي صفرة: حدثني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن بيتم الليلة فليكن شعاركم: حم لا ينصرون. وقال ابن سعد: كان أبو صفرة من أزد دباء فيما بين عمان والبحرين، ارتد قومه، فقاتلهم عكرمة بن أبي جهل، وظفر بهم، فبعث بذراريهم إلى الصديق، فيهم أبو صفرة غلام لم يبلغ، ثم نزل البصرة في إمرة عمر. وقال ابن عون: كان المهلب يمر بنا ونحن في الكتاب رجلٌ جميل. وقال خليفة: في سنة أربعٍ وأربعين غزا المهلب أرض الهند، وولي الجزيرة لابن الزبير سنة ثمانٍ وستين، وولي حرب الخوارج كما ذكرنا، ثم ولي خراسان. وقد ورد من غير وجهٍ أن الحجاج بالغ في إكرام المهلب لما رجع من حرب الأزارقة، فإنه بدع فيهم وأبادهم، وقتل منهم في وقعةٍ واحدة أربعة

(6/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 207
آلاف وثمانين. قال حماد بن زيد، عن جرير بن حازم، عن الحسن بن عمارة، عن أبي إسحاق قال: ما رأيت أميراً قط أفضل من المهلب بن أبي صفرة، ولا أسخى، ولا أشجع لقاءً، ولا أبعد مما تكره، ولا أقرب مما تحب. وقال محمد بن سلام الجمحي: كان بالبصرة أربعةٌ، كل رجل منهم في زمانه لا نعلم في الأنصار مثله: الأحنف في حلمه وعفافه ومنزلته من علي عليه السلام، والحسن في زهده وفصاحته وسخائه ومحله من القلوب، والمهلب بن أبي صفرة، فذكر أمره، وسوار بن عبد الله القاضي في عفافه وتحريه للحق. وعن المهلب قال: يعجبني في الرجل خصلتان: أن أرى عقله زائداً على لسانه، ولا أرى لسانه زائداً على عقله. وقال قتادة: سمعت المهلب بن أبي صفرة وكان عاقلاً يقول: نعم الخصلة السخاء تسد) عورة الشريف، وتمحق خسيسه الوضيع، وتحبب المزهو. وقال روح بن قبيصة، عن أبيه، قال المهلب: ما شيءٌ أبقى للملك من العفو، وخير مناقب الملك العفو. قال خليفة، وأبو عبيد: مات المهلب سنة اثنتين وثمانين. وقال آخر: توفي غازياً بمرو الروذ في ذي الحجة. وقال خالد بن خداش: حدثني ابن أبي عيينة قال: توفي المهلب في

(6/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 208
ذي الحجة سنة ثلاثٍ، وله ست وسبعون سنة، وولي بعده ابنه يزيد خراسان. ميسرة أبو صالح الكوفي شهد قتال الحرورية مع علي، وسمع منه ومن غيره. روى عنه: سلمة بن كهيل، وهلال بن خباب، وعطاء بن السائب. ميسرة الطهوي أبو جميلة الكوفي، صاحب راية علي. روى عن: علي، وعثمان. وعنه: ابنه عبد الله، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وعطاء بن السائب، وحصين بن عبد الرحمن. ميمون بن أبي شبيب أبو نصر الربعي الكوفي. روى عن: علي، ومعاذ بن جبل، وأبي ذر، وعمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود، وعائشة، وغيرهم.

(6/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 209
روى عنه: الحكم بن عتيبة، وحبيب بن أبي ثابت، ومنصور بن منصور بن زاذان. كان تاجراً خيراً فاضلاً. وله ذكر في مقدمة صحيح مسلم. توفي سنة ثلاثٍ وثمانين.

(6/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 210
4 (النون)
ناجية بن كعب الأسدي الكوفي. عن: علي، وعمار، وابن مسعود.) وعنه: أبو إسحاق، ويونس بن أبي إسحاق، وأبو حسان الأعرج، ووائل بن داود. قال أبو حاتم: شيخ. وقال ابن المديني: إنما هو ناجية بن خفاف. نصر بن عاصم الليثي البصري صاحب العربية.

(6/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 211
يقال إنه أول من وضع العربية. حكاه أبو داود السجستاني، وغيره. وحدث عن: مالك بن الحويرث، وأبي بكرة الثقفي، وغيرهما. روى عنه: حميد بن هلال، وقتادة، والزهر ي، وعمرو بن دينار، وملك بن دينار الزاهد. ووثقه النسائي. وقال أبو داود: كان من الخوارج. وقال الداني: قرأ القرآن على أبي الأسود. قرأ عليه: عبد الله بن أبي إسحاق، وأبو عمرو بن العلاء. نوفل بن فضالة البكالي الشامي، ابن امرأة كعب الأحبار. روى عن: علي، وأبي أيوب الأنصاري، وكعب. وعنه: يحيى بن أبي كثير، ونسير بن ذعلوق، وآخرون. كان يقص. نوفل بن مساحق بن عبد الله القرشي العامري الحجازي.

(6/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 212
روى عن: عمر، وعثمان بن حنيف، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. روى عنه: ابنه عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، وصالح بن كيسان، وغيرهم. وكان على صدقات المدينة، وكان أحد الفقهاء، ولي القضاء سنة ست وثمانين. وتوفي بعد ذلك، وله بدمشق دار، وكان أحد الأشراف الأجواد.

(6/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 213
4 (الهاء)
) الهرماس بن زياد أبو حدير الباهلي. رأى النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بمنى على ناقته. روى عنه: حنبل بن عبد الله، وعكرمة بن عمار. هزيل بن شرحبيل خ الأودي الكوفي. روى عن: علي، وابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وأبي موسى.

(6/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 214
روى عنه: الشعبي، وأبو قيس عبد الرحمن بن ثروان، وطلحة بن مصرف، وأبو إسحاق السبيعي. هشام بن إسماعيل ابن هشام بن الوليد بن المغيرة، أبو الوليد المخزومي المدني، حمو عبد الملك بن مروان وأميره على المدينة، وهو الذي ضرب سعيد بن المسيب لما امتنع من البيعة بولاية العهد للوليد وسليمان، ورأى أن ذلك لا يجوز، وقال: أنظر ما يصنع الناس، فضربه هشام ستين سوطاً، وطوف به وسجنه، فبعث عبد الملك إلى هشام يعنفه ويلومه. قال أبو المقدام: مروا علينا بسعيد بن المسيب، ونحن في الكتاب، وقد ضرب مائة سوط، وعليه تبان شعرٍ، وأوهموه أنهم يسلبونه. وقد أرسل هشام عن النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه: محمد بن إبراهيم التيمي، ومحمد بن يحيى بن حسان، وقدم دمشق. وقيل: هو أول من أحدث دراسة القرآن في جامع دمشق في السبع.

(6/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 215
وهو جد هشام بن عبد الملك لأمه، ولما ولي الوليد عزله عن المدينة بعمر بن عبد العزيز. وقال الواقدي: حدثني ابن أبي سمرة، عن سالم مولى أبي جعفر قال: كان هشام بن إسماعيل يؤذي علي بن الحسين وأهل بيته، يخطب بذلك على المنبر، وينال من علي، فلما ولي المدينة عزله، وأمر بأن يوقف للناس، فقال سعيد بن المسيب لولده محمد: لا تؤذه فإني أدعه لله وللرحم، ومر عليه علي بن الحسين، فسلم عليه، فقال هشام: الله أعلم حيث يجعل رسالاته. وقد كان سليمان بن عبد الملك شفع فيه إلى الوليد حتى خلاه وعفا عنه.

(6/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 216
4 (الواو)
) واثلة بن الأسقع ابن كعب بن عامر الليثي، وقيل ابن أبي الأسقع بن عبد العزى بن

(6/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 217
عبد ياليل، أبو الخطاب، ويقال أبو الأسقع، ويقال أبو شداد. أسلم والنبي صلى الله عليه وسلم يتجهز إلى تبوك، فشهدها معه، وكان من فقراء أهل الصفة. له أحاديث، وروى أيضاً عن: أبي مرثد الغنوي، وأبي هريرة. روى عنه: مكحول، وربيعة بن يزيد، وشداد أبو عامر، وبسر بن عبيد الله، وعبد الواحد البصري، ويونس بن ميسرة، وإبراهيم بن أبي عبلة وآخرون، آخرهم وفاةً معروف الخياط شيخ دحيم، وغيره. وشهد فتح دمشق، وسكنها، ومسجده معروفٌ بدمشق إلى جانب حبس باب الصغير وداره إلى جانب دار ابن البقال. قال أبو حاتم الرازي، وجماعة: ثنا سليم بن منصور بن عمار، ثنا أبي، ثنا معروف أبو الخطاب الدمشقي: سمعت واثلة بن الأسقع يقول: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت، فقال: اغتسل بماءٍ وسدر. وقال هشام بن عمار، ثنا معروف الخياط قال: رأيت واثلة يملي على الناس الأحاديث وهم يكتبونها بين يديه، ورأيته يخضب بالصفرة، ويعتم بعمامةٍ سوداء يرخي لها من خلفه قدر شبرٍ، ويركب حماراً. وقال الأوزاعي: ثنا أبو عمار، رجلٌ منا، حدثني واثلة بن الأسقع قال: جئت أريد علياً فلم أجده، فقالت فاطمة: انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه، فاجلس، قال: فجاءه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلا، ودخلت معهما، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حسناً وحسيناً، وأجلس كل واحدٍ منهما على فخذه، وأدنى فاطمة من حجره وزوجها، ثم لف عليهم ثوبه فقال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً اللهم هؤلاء أهلي، فقلت:

(6/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 218
يا رسول الله، وأنا من أهلك قال: وأنت من أهلي، قال واثلة: إنها لمن أرجى ما أرجو. قال أبو حاتم الرازي: سكن واثلة البلاط خارجاً من دمشق على ثلاثة فراسخ، القرية التي كان يسكن فيها بسرة بن صفوان ثم تحول ونزل بيت المقدس وبها مات.) قلت: إنما هي على فرسخٍ واحد من دمشق. قال إسماعيل بن عياش، وابن معين، والبخاري: توفي سنة ثلاثٍ وثمانين. وقال أبو مسهر، وعلي بن عبد الله التميمي، ويحيى بن بكير، وأبو عمر الضرير، وغيرهم: توفي سنة خمسٍ وثمانين، وله ثمانٍ وتسعون سنة. وقال سعيد بن بشير: كان آخر الصحابة موتاً بدمشق واثلة بن الأسقع. وراد كاتب المغيرة بن شعبة ومولاه. روى عنه، وعن معاوية وهو قليل الحديث. روى عنه: الشعبي، ورجاء بن حيوة، والقاسم بن مخيمرة، وعبدة بن أبي لبابة، والمسيب بن رافع.

(6/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 219
وفاء بن شريح الحضرمي مصري. عن: المستورد بن شداد، ورويفع بن ثابت، وسهل بن سعد. وعنه: زياد بن نعيم، وبكر بن سوادة، وغيرهما. الوليد بن عبادة بن الصامت سوى د أبو عبادة الأنصاري. ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عن أبيه فقط. روى عنه: سليمان بن حبيب المحاربي، ويزيد بن أبي حبيب، والأعمش، وابنه عبادة بن الوليد.

(6/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 220
4 (الياء)
يحيى بن جعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ المخزومي. سمع: جدته أم هانيء بنت أبي طالب، وأبا هريرة، وزيد بن أرقم. روى عنه: مجاهد، وأبو الزبير، وعمرو بن دينار، وحبيب بن أبي ثابت. وثقه أبو حاتم الرازي. يحيى بن الجزار) م العرني الكوفي، من غلاة الشيعة.

(6/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 221
روى عن: علي بن أبي طالب، وعائشة، وابن عباس، وجماعة. روى عنه: حبيب بن أبي ثابت، والحكم بن عتيبة، وعمرو بن مرة، والحسن العرني. وثقه أبو حاتم، وغيره. يزيد بن خمير اليزني لا الرحبي، وكلاهما حمصي، وهذا الكبير، وذاك من طبقة قتادة. روى عن: أبي الدرداء، وعوف بن مالك، وكعب الأحبار. روى عنه: بسر بن عبيد الله الحضرمي، وشريح بن عبيد، وشبيب بن نعيم، وفضيل بن فضالة الحمصيون. يزيد بن رباح أبو فراس الرومي كان رباح مولى لعبد الله بن عمرو بن العاص.

(6/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 222
روى عن: عبد الله بن عمرو، وأم سلمة، وابن عمر. روى عنه أهل مصر: بكر بن سوادة، ويزيد بن أبي حبيب، وجعفر بن ربيعة. توفي سنة تسعين. يسير بن جابر خ م ن هو يسير بن عمرو بن جابر، أبو الخيار العبدي البصري.

(6/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 223
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وله عشر سنين، فيقال إنه رآه. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر أن ذلك مرسل. وروى عن: عمر وعلي، وابن مسعود، وسهل بن حنيف. روى عنه: زرارة بن أوفى، ومحمد بن سيرين، وأبو نضرة العبدي، وأبو عمران الجوني، وأبو إسحاق الشيباني وغيرهم. وأبو نضرة يسميه: أسير بن جابر. وهو راوي حديث أويس القرني الذي في صحيح مسلم. توفي سنة خمسٍ وثمانين، وسنه خمسٌ وثمانون سنة. وحديثه عن سهل متفقٌ عليه.) يونس بن عطية الحضرمي قاضي مصر وصاحب الشرطة. توفي سنة سبعٍ وثمانين، وولي بعده القضاء ابن أخيه أويس بن عبد الله بن عطية، ثم عزل.

(6/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 224
4 (الكنى)
أبو الأبيض العنسي الشامي حدث عن: حذيفة بن اليمان، وأنس بن مالك. روى عنه: ربعي بن حراش، ويمان بن المغيرة، وإبراهيم بن أبي عبلة، وغيرهم. ويقال اسمه عيسى. قال يمان بن المغيرة: ثنا أبو الأبيض قال: قال لي حذيفة: أقر أيامي لغير يومٍ أرجع إلى أهلي فيشكون الحاجة. وقال علي بن أبي حملة: لم يكن أحدٌ بالشام يستطيع أن يعيب الحجاج علانيةً إلا ابن محيريز، وأبو الأبيض العنسي، فقال الوليد لأبي الأبيض: لتنتهين أو لأبعثن بك إليه. وقال الوليد بن مسلم: قتل في غزوة طوانة سنة ثمانٍ وثمانين جماعةٌ منهم أبو الأبيض العنسي.

(6/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 225
أبو الأحوص عوف بن مالك بن نضلة الجشمي الكوفي. روى عن: ابن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وأبي مسعود البدري، وابنه مالك. روى عنه: مسروق مع تقدمه، والحكم بن عتيبة، وعلي بن الأقمر، وأبو إسحاق السبيعي، وعبد الملك بن عمير، وعبد الله بن مرة، وآخرون. وثقه ابن معين، وغيره. قتله الخوارج. أبو الأحوص. عن: أبي ذر. وعنه: الزهري. مجهول.

(6/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 226
أبو إدريس تقدم.) أبو أيوب الحميري وهو بشير بن كعب. قد ذكر. أبو أيوب الأزدي سوى ت العتكي البصري، يقال: اسمه يحيى بن مالك. وقيل: حبيب بن مالك. روى عن: أم المؤمنين جويرية، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وسمرة بن جندب، وابن عباس. روى عنه: أبو عمران الجوني، وقتادة، وثابت البناني، وغيرهم. ويقال له المراغي، فقيل هو نسبة إلى قبيلةٍ من الأزد، وقيل هو موضعٌ بناحية عمان. أبو أمامة الباهلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: نزيل حمص، اسمه صدي بن عجلان بن

(6/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 227
وهب بن عريب من أعصر بن سعد بن قيس عيلان. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عمر، وأبي عبيدة، ومعاذ، وغيرهم. روى عنه: خالد بن معدان، وسالم بن أبي الجعد، وسليم بن عامر، وشرحبيل بن مسلم، ومحمد بن زياد الألهاني، وأبو غالب حزور، ورجاء بن حيوة، والقاسم أبو عبد الرحمن، وطائفة. توفي النبي صلى الله عليه وسلم وله ثلاثون سنة. وروي أنه ممن بايع تحت الشجرة.

(6/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 228
وقال محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن رجاء بن حيوة، عن أبي أمامة قال: أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني غزواً فأتيته فقلت: ادع الله لي بالشهادة، فقال: اللهم سلمهم وغنمهم فسلمنا وغنمنا، وقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: عليك بالصوم فإنه لا مثل له فكان أبو أمامة وامرأته وخادمه لا يلفون إلا صياماً. وقال أبو غالب، عن أبي أمامة قال: أرسلني النبي صلى الله عليه وسلم إلى باهلة، فأتيتهم وهم على طعام لهم، فرحبوا بي وأكرموني، وقالوا: كل، فقلت: جئت أنهاكم عن هذا الطعام، وأنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤمنوا به، فكذبوني وردوني، فانطلقت من عندهم وأنا جائع ظمآن، قد نزل بي جهدٌ شديد، فنمت فأتيت في منامي بشربةٍ من لبنٍ، فشربت فشبعت ورويت فعظم بطني، فقال القوم: رجلٌ من أشرافكم وخياركم رددتموه، اذهبوا إليه فأطعموه،) فأتوني بطعامهم وشرابهم، فقلت: لا حاجة لي في طعامكم وشرابكم، فإن الله قد أطعمني وسقاني، فنظروا إلى حالتي التي أنا عليها، فآمنوا بي وبما جئتهم به من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، ويونس بن محمد المؤدب، عن صدقة بن هرمز، كلاهما عن أبي غالب. وقال إسماعيل بن عياش: حدثني محمد بن زياد قال: رأيت أبا أمامة أتى على رجلٍ ساجدٍ يبكي ويدعو، فقال: أنت أنت، لو كان هذا في بيتك. وقال يحيى الوحاظي: ثنا يزيد بن زياد القرشي، ثنا سليمان بن حبيب

(6/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 229
قال: دخلت علي أبي أمامة مع مكحول، وابن أبي زكريا، فنظر إلى أسيافنا، فرأى فيها شيئاً من وضحٍ، فقال: إن المدائن والأمصار فتحت بسيوفٍ ما فيها الذهب ولا الفضة، فقلنا: إنه أقل من ذلك، فقال: هو ذاك، أما إن أهل الجاهلية كانوا أسمح منكم، كانوا لا يرجون على الحسنة عشر أمثالها، وأنتم ترجون ذلك ولا تفعلونه، فقال مكحول لما خرجنا: لقد دخلنا على شيخ مجتمع العقل. وقال سليم بن عامر: كنا نجلس إلى أبي أمامة، فيحدثنا حديثاً كثيراً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: اعقلوا وبلغوا عنا ما تسمعون. وقال الوليد بن مسلم: ثنا بن جابر، عن مولاة لأبي أمامة قالت: كان أبو أمامة يحب الصدقة، ولا يقف به سائلٌ إلا أعطاه، فأصبحنا يوماً وليس عنده إلا ثلاثة دنانير، فوقف به سائلٌ، فأعطاه ديناراً، ثم آخر فكذلك، ثم آخر فكذلك، قلت: لم يبق شيءٌ، ثم راح إلى مسجده صائماً، فرققت له، واقترضت له ثمن عشاء، وأصلحت فراشه، فإذا تحت المرفقة ثلاثمائة دينار، فلما دخل ورأى ما هيأت له حمد الله وتبسم وقال: هذا خيرٌ من غيره، ثم تعشى، فقلت: يغفر الله لك جئت بما جئت به، ثم تركته بموضع مضيعة، قال: وما ذاك قلت: الذهب. ورفعت المرفقة، ففزع لما رأى تحتها وقال: ما هذا ويحك قلت: لا علم لي. فكثر فزعه. وقال معاوية بن صالح، عن الحسن بن جابر قال: سألت أبا أمامة عن كتابة العلم، فلم ير به بأساً. وقال إسماعيل بن عياش: ثنا عبد الله بن محمد، عن يحيى بن أبي كثير، عن سعيد الأزدي، ورواه عتبة بن السكن الفزاري، عن أبي زكريا، عن حماد بن زيد، عن سعيد، واللفظ) لإسماعيل قال: شهدت أبا أمامة وهو في النزع، فقال لي: يا سعيد إذا أنا مت فافعلوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال

(6/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 230
لنا: إذا مات أحدكم فنثرتم عليه التراب فليقم رجلٌ منكم عند رأسه، ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة، فإنه يسمع، ولكنه لا يجيب، ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة، فإنه يستوي جالساً، ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة، يقول: أرشدنا يرحمك الله، ثم ليقل: أذكر ما خرجت عليه من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله رباً، وبمحمدٍ نبياً، وبالإسلام ديناً، فإنه إذا فعل ذلك أخذ منكر ونكير أحدهما بيد صاحبه ثم يقول له اخرج بنا من عند هذا، ما نصنع به وقد لقن حجته. قال المدائني، وخليفة وجماعة: توفي سنة ستٍ وثمانين. وشذ إسماعيل بن عياش فقال: توفي سنة إحدى وثمانين. أبو أمية الشعباني الدمشقي قال أبو مسهر، وجماعة: اسمه يحمد. روى عن: معاذ، وكعب الخير، وأبي ثعلبة الخشني. عنه: عمرو بن جارية اللخمي، وعبد السلام بن مكلبة، وعبد الملك بن سفيان الثقفي. أدرك الجاهلية.

(6/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 231
أبو البختري الطائي مولاهم الكوفي الفقيه العابد، اسمه سعيد بن فيروز. روى عن: علي، وابن مسعود، وروايته عنهما مرسلة، وسمع ابن عباس، وأبا برزة الأسلمى، وابن عمر، وأبا سعيد. روى عنه: عمرو بن مرة، وعطاء بن السائب، ويونس بن خباب، ويزيد بن أبي زياد. وثقه ابن معين وغيره. وكان مقدم القراء مع ابن الأشعث، فقتل في وقعة الجماجم، وكان نبيلاً جليلاً. قال حبيب بن أبي ثابت: اجتمعت أنا وسعيد بن جبير، وأبو البختري، فكان أبو البختري أعلمنا وأفقهنا رحمه الله.

(6/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 232
أبو الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي البصري.) روى عن: عائشة، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو. روى عنه: أبو الأشهب العطاردي، وعمرو بن مالك النكبري، وبديل بن ميسرة وجماعة. يقال: قتل في وقعة الجماجم. وكان قوياً. روى نوح بن قيس، عن سليمان الربعي قال: كان أبو الجوزاء يواصل في الصوم سبعة أيام، ويقبض على ذراع الشاب فيكاد يحطمها، رحمه الله. أبو حذيفة واسمه سلمة بن صحيبة، أو صهيب

(6/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 233
الهمداني الكوفي. عن: علي، وحذيفة، وابن مسعود، وعائشة. وعنه: خيثمة بن عبد الرحمن، وأبو إسحاق السبيعي، وعلي بن الأقمر. أم الدرداء الصغرى ع هجيمة، وقيل جهيمة الأوصابية الحميرية. روت عن: زوجها أبي الدرداء وقرأت عليه القرآن، وسلمان الفارسي، وكعب بن عاصم الأشعري، وعائشة، وأبي هريرة. وكانت فاضلةً عالمةً زاهدةً، كبيرة القدر. روى عنها: جبير بن نفير، وأبو قلابة، ورجاء بن حيوة، وسالم بن أبي الجعد، ويونس بن ميسرة، ومكحول، وعطاء الكيخاراني، وإسماعيل بن

(6/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 234
عبيد الله، وزيد بن أسلم، وأبو حازم سلمة بن دينار، وإبراهيم بن أبي عبلة، وعثمان بن حيان الدمشقي. قال أبو مسهر: أم الدرداء هجيمة بنت حيي الوصابية، وأم الدرداء الكبرى خيرة بنت أبي حدرد صحابية. وجاء عن سعيد بن عبد العزيز: هجيمة، وجهيمة. وقال محمد بن سليمان بن أبي الدرداء: اسم أم الدرداء الفقيهة التي مات عنها أبو الدرداء وخطبها معاوية هجيمة بنت حيي الأوصابية. وقالت أم جابر، وابن أبي العاتكة: كانت أم الدرداء يتيمةً في حجر أبي الدرداء، تختلف معه في برنسٍ تصلي في صفوف الرجال، وتجلس في حلق القراء تعلم القرآن، حتى قال لها أبو الدرداء يوماً: الحقي بصفوف النساء.) وقال عبد الله بن صالح: ثنا معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن أم الدرداء، أنها قالت لأبي الدرداء عند الموت: إنك خطبتني إلى أبوي في الدنيا فأنكحوك، وأنا أخطبك إلى نفسك في الآخرة، قال: فلا تنكحين بعدي، فخطبها معاوية، فأخبرته بالذي كان، فقال: عليك بالصيام. رواه فرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أم الدرداء، وزاد فيه: وكان لها جمالٌ وحسن. وقال عمرو بن ميمون بن مهران، عن أبيه، عن أم الدرداء قالت: قال لي أبو الدرداء: لا تسألي أحداً شيئاً، فقلت: إن احتجت، قال: تتبعي الحصادين فانظري ما يسقط منهم، فخذيه واخلطيه، ثم اطحنيه وكليه.

(6/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 235
قال مكحول: كانت أم الدرداء فقيهة. وروى المسعودي، عن عون بن عبد الله قال: كنا نأتي أم الدرداء، فنذكر الله عندها. وقال يونس بن ميسرة: كان النساء يتعبدن مع أم الدرداء، فإذا ضعفن عن القيام في صلاتهن تعلقن بالحبال. وقال عيسى بن يونس، عن ابن جابر، عن عثمان بن حيان قال: سمعت أم الدرداء تقول: إن أحدهم يقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن الله لا يمطر عليه ديناراً ولا درهماً، وإنما يرزق بعضهم من بعض، فمن أعطي شيئاً فليقبل، فإن كان عنه غنياً فليضعه في ذي الحاجة، وإن كان فقيراً فليستعين به. وقال إسماعيل بن عبيد الله: كان عبد الملك بن مروان جالساً في صخرة بيت المقدس، وأم الدرداء معه جالسةٌ، حتى إذا نودي للمغرب قام، وقامت تتوكأ على عبد الملك حتى يدخل بها المسجد فتجلس مع النساء، ومضى عبد الملك إلى المقام فصلى بالناس. وقال إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، عن أبيه، عن جده قال: كان عبد الملك كثيراً ما يجلس إلى أم الدرداء في مؤخر المسجد بدمشق. وعن عبد ربه بن سليمان قال: حجت أم الدرداء سنة إحدى وثمانين. كانت لأم الدرداء حرمةٌ وجلالةٌ عجيبة.

(6/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 236
أبو سالم الجيشاني حليف لهم، اسمه سفيان بن هانيء المصري.) شهد فتح مصر، ووفد على علي رضي الله عنه، وكان مصرياً علوياً، وهذا نادر، فإن أكثرهم عثمانيون. روى عن: أبي ذر، وعلي، وزيد بن خالد الجهني، وغيرهم. وعنه: ابنه سالم، وبكر بن سوادة، ويزيد بن أبي حبيب، وعبد الله بن أبي جعفر، وحفيده سعيد بن سالم بن أبي سالم، وآخرون. وتوفي بالإسكندرية في خلافة عبد الملك. أبو راشد الحبراني الحمصي، قيل اسمه أخصر، وقيل النعمان.

(6/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 237
روى عن: علي، وعبادة بن الصامت، وكعب الأحبار. وغزا مع أبي الدرداء، وشهد غزوة قبرس. روى عنه: شريح بن عبيد، ومحمد بن زياد الألهاني، ولقمان بن عامر، والزبيدي، وغيرهم. قال أحمد العجلي: تابعي ثقة، لم يكن في دمشق في زمانه أفضل منه. وقال صفوان بن عمرو: رأيت أبا راشد الحبراني يصفر لحيته. قلت: ويحتمل أنه بقي بعد هذه الطبقة. أبو الشعثاء المحاربي الكوفي سليم بن أسود. روى عن: حذيفة، وأبي ذر، وأبي أيوب الأنصاري، وأبي موسى، وعائشة، وأبي هريرة، وابن عمر، وجماعة. روى عنه: ابنه الأشعث، وأبو صخرة جامع بن شداد، وإبراهيم بن

(6/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 238
مهاجر، وحبيب بن أبي ثابت. قال أبو حاتم الرازي: لا يسأل عن مثله. وقال غيره: قتل يوم الزاوية مع ابن الأشعث. وقال الواقدي: شهد مع علي كل شيء. أبو صادق الأزدي الكوفي عن: أخيه ربيعة بن ناجد وغيره. وأرسل عن علي، وأبي هريرة.) وعنه: سلمة بن كهيل، والحارث بن حصيرة، وشعيب بن الحبحاب، والقاسم بن الوليد الهمداني، وجماعة. قال النسائي: اسمه عبد الله بن ناجد. أبو صالح الحنفي الكوفي اسمه عبد الرحمن بن قيس روى عن: علي، وابن مسعود، وأبي هريرة، وغيرهم.

(6/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 239
روى عنه: بيان بن بشر، وسعيد بن مسروق الثوري، وأبو عون محمد بن عبيد الله الثقفي، وإسماعيل بن أبي خالد. وثقه يحيى بن معين. روى أحاديث يسيرة. أبو ظبيان هو حصين بن جندب بن عمرو الجنبي الكوفي، والد قابوس. روى عن: عمر، وعلي، وحذيفة إن صحت روايته عن هؤلاء، وروى عن: أسامة بن زيد، وجرير بن عبد الله، وابن عباس، وغيرهم. وثقه جماعة. وروى عنه: ابنه قابوس، وحصين بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب، والأعمش، وآخرون.

(6/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 240
توفي سنة تسعٍ وثمانين، وقيل سنة تسعين. ورد أنه غزا قسطنطينية مع يزيد. أبو ظبية السلفي ثم الكلاعي الحمصي. قال ابن منده: يقال فيه أبو طبية بطاء مهملة وهذا وهم، فعلى الأول مسلم، والحسين القباني، وابن ماكولا، وآخرون. شهد خطبة عمر بالجابية. وروى عن: معاذ، وعمرو بن عبسة، والمقداد بن الأسود، وعمرو بن العاص. روى عنه: شهر بن حوشب، وثابت البناني، وشريح بن عبيد، ومحمد بن سعد الأنصاري. قال عمر بن عطية، عن شهر بن حوشب قال: دخلت المسجد، فإذا أبو أمامة جالسٌ، فجلست) إليه، فجاء شيخ يقال له أبو ظبية، من أفضل رجلٍ بالشام، إلا رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أبو زرعة: لا أعرف أحداً سميه. ووثقه ابن معين.

(6/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 241
وقال الدارقطني: ليس به بأس. أبو العالية الرياحي قال أبو قطن، عن أبي خلدة إنه توفي يوم الإثنين في شوال سنة تسعين. وسيعاد في سنة ثلاثٍ وتسعين. أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود الهذلي، أخو عبد

(6/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 242
الرحمن، يقال: اسمه عامر، وكان ممن علماء الكوفة. روى عن أبيه مرسلاً، وعن: أبي موسى، وكعب بن عجرة، وعائشة، وجماعة. وعنه: إبراهيم النخعي، وسالم الأفطس، وسعد بن إبراهيم، وخصيف الجزري، وأبو إسحاق السبيعي، وآخرون. توفي سنة إحدى وثمانين. أبو عطية الوادعي سوى ق الهمداني الكوفي، مالك بن عامر، وقيل: ابن أبي عامر، وقيل: ابن حمرة، وقيل اسمه عمرو بن

(6/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 243
جندب، وقيل غير ذلك. نع: ابن مسعود، وعائشة، وأبي موسى، ومسروق. وعنه: ابن سيرين، وأبو الشعثاء المحاربي، وعمارة بن عمير، وحصين، والأعمش، وآخرون. أبو عنبة الخولاني ق له صحبة، وشهد اليرموك، وصحب معاذ بن جبل، وسكن حمص. روى عنه: محمد بن زيد الألهاني، وأبو الزاهرية حدير، وبكر بن زرعة، وطلق بن سمير، وغيرهم. قال ابن ماجه: ثنا هشام بن عمار، ثنا الجراح بن مليح، ثنا بكر بن زرعة: سمعت أبا عنبة الخولاني، وكان ممن صلى إلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل الدم في) الجاهلية. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم لطاعته. قال ابن معين: قال أهل حمص إنه من كبار التابعين، وأنكروا أن تكون هل صحبة.

(6/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 244
وقال أحمد في مسنده: ثنا سريج بن النعمان، ثنا بقية، عن محمد بن زياد، حدثني أبو عنبة قال سريج وله صحبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بعبد خيراً عسله قيل: وما عسله قال: يفتح له عملاً صالحاً ثم يقبضه عليه. وقال ابن سعد: له صحبة. وقال أبو زرعة الدمشقي: أسلم أبو عنبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي، وصحب معاذاً. أخبرني بذلك حيوة، عن بقية، عن محمد بن زياد. وقال الدارقطني: مختلفٌ في صحبته. وقال إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم: قد رأيته وكان هو وأبو فالج الأنماري قد أكلا الدم في الجاهلية، ولم يصحبا النبي صلى الله عليه وسلم. أبو فاختة هو سعيد بن علاقة. ذكر. أبو قتادة العدوي البصري يقال له صحبة، اسمه

(6/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 245
تميم بن نذير ويقال: نذير بن قنفذ. روى عن: عمر، وعمران بن حصين، وأسير بن جابر، وجماعة. وعنه: أبو قلابة، وحميد بن هلال، وإسحاق بن سويد. وثقه ابن معين. أبو كبشة السلولي الدمشقي خ د ت ن روى عن: عبد الله بن عمرو، وسهل بن الحنظلية. روى عنه: حسان بن عطية، وأبو سلام الأسود، وربيعة بن يزيد. قال أحمد العجلي: هو شامي ثقة. قال الوليد بن مزيد البيروتي: ثنا ابن جابر، حدثني ربيعة بن يزيد قال: قدم أبو كبشة دمشق في ولاية عبد الملك، فقال له عبد الله بن عامر: لعلك قدمت تسأل أمير المؤمنين شيئاً فقال: وأنا أسأل أحداً بعد الذي حدثني سهل بن الحنظلية، قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم الأقرع) وعيينة فسألاه،

(6/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 246
فدعا معاوية فأمره بشيءٍ، فانطلق فجاء بصحفتين، فألقى إلى كل واحدٍ واحدةً، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعته فقال: إنه من يسأل عن ظهر غنىً فإنما يستكثر من جمر جهنم. فقلت: يا رسول الله، وما ظهر الغنى قال: أن تعلم أن عند أهلك ما يغديهم أو يعشيهم فأنا أسأل أحداً بعد هذا شيئاً. أبو كبشة السكوني. عن: حذيفة، وسعد بن أبي وقاص. وعنه: إياد بن لقيط، وغيره. اسمه البراء السكوني، من قال غير ذلك فقد صحف، ذكره البخاري ومسلم، وغيرهما فقالوا: أبو كبشة. وأما عبد الغني المصري فقال: أبو كيسة بالياء المثناة والسين المهملة. أبو كثير الزبيدي الكوفي زهير بن الأقمر، وقيل: عبد الله بن مالك، وقيل: جمهان، وقيل: هما رجلان.

(6/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 247
روى عن: علي، والحسن بن علي، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو. وعنه: عبد الله بن الحارث الزبيدي المؤدب. وثقه النسائي. أبو الكنود الأزدي الكوفي ق عبد الله بن عامر، أو ابن عويمر وقيل: عمرو بن حبشي، وقيل: عبد الله بن سعد. عن: علي، وابن مسعود، وخباب. وعنه: أبو سعد الأزدي القاري، وأبو إسحاق السبيعي، وإسماعيل بن أبي خالد. له حديث في سنن ابن ماجه. أبو مريم د الثقفي المدائني، ويقال الحنفي الكوفي، وكأنهما اثنان. روى عن: علي، وأبي الدرداء، وعمار، وأبي موسى. وعنه: نعيم، وعبد الملك ابنا حكيم المدائني. قال أبو حاتم: اسمه قيس.)=

6. : تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام.
تأليف: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 248
أبو مريم الحنفي الكوفي، إياس بن صبيح، قاله ابن المديني.

(6/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 249
روى عن: عمر، وعثمان. وعنه: ابنه عبد الله، ومحمد بن سيرين، والأعمش، وآخرون. قال أبو أحمد الحاكم: هو أول من قضى بالبصرة، استعمله أبو موسى. أبو معمر الأزدي عبد الله بن سخبرة.

(6/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 250
كان أحد العشرة المعدودين من أصحاب ابن مسعود بالكوفة. روى عنه: الأعمش، ومجاهد، وعبد الكريم المعلم. قال ابن معين: كوفي ثقة. أبو النجيب العامري بخ د ن مولى عبد الله بن سعد ابن أبي سرح المصري، ويقال أبو نجيب بالتاء اسمه ظليم. روى عن: ابن عمر، وأبي سعيد الخدري. وعنه: بكر بن سوادة. قال عمرو بن سواد: توفي بإفريقية سنة ثمانٍ وثمانين، وكان فقيهاً. آخر الطبقة التاسعة ولله الحمد والمنة

(6/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 251
5 (الطبقة العاشرة أحداث)

1 (الحوادث من سنة إلى)

4 (احداث سنة إحدى وتسعين)
توفي فيها: سهل بن سعد. والسائب بن يزيد. والسائب بن خلاد الأنصاري. وأنس بن مالك، في قول حميد الطويل، وغيره. وكذا في سهل، والذي بعده خلاف. وفيها: محمد ابن أمير اليمن أخو الحجاج بن يوسف. وعبد الأعلى بن خالد الفهمي المصري نائب قرة بن شريك على مصر. وفيها سار قتيبة بن مسلم في جمع عظيم إلى مرو الروذ، فهرب مرزبانها، فصلب قتيبة ولديه، ثم سار إلى الطالقان، فلم يحاربه صاحبها، فكف قتيبة عنه، وقتل لصوصاً كثيرة بها، واستعمل عليها عمرو بن مسلم، ثم سار إلى أن وصل الفارياب، فخرج إليه ملكها سامعاً مطيعاً، فاستعمل

(6/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 252
عليها عامر بن مالك، ثم دخل بلخ، وأقام بها يوماً، فأقبل نيزك، فعسكر ببغلان، فاقتتل هو وقتيبة أياماً، ثم أعمل قتيبة الحيل على نيزك، ووجه إليه من خدعه، حتى جاء برجليه إلى قتيبة من غير أمان، فجاء معتذراً إليه من خلعه، فتركه أياماً ثم قتله، وقتل سبعمائة من أصحابه. وفيها عزل الوليد عمه محمد بن مروان عن الجزيرة وأذربيجان، وولاها أخاه مسلمة بن عبد الملك، فغزا مسلمة في هذا العام إلى أن بلغ الباب من بحر أذربيجان، فافتتح مدائن وحصوناً، ودان له من وراء الباب. وفيها افتتح قتيبة أمير خراسان شومان، وكس، ونسف، وامتنع عليه

(6/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 253
أهل فرياب، فأحرقها، وجهز أخاه عبد الرحمن بن مسلم إلى السغد إلى طرخون أموالاً، وتقهقر إلى أخيه إلى بخارى، فانصرفوا حتى قدموا مرو، فقالت السغد لطرخون: إنك قد رضيت بالذل وأديت الجزية، وأنت) شيخٌ كبير، فلا حاجة لنا فيك، ثم عزلوه وولوا عليهم غوزك، فقتل طرخون نفسه، ثم إنهم عصوا ونقضوا العهد. وفيها حج أمير المؤمنين الوليد. ثم إنه كتب في هذه السنة أو بعدها إلى عمر بن عبد العزيز متولي المدينة أن يهدم بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ويوسع بها المسجد. فعن عمران بن أبي أنس قال: كان على أبوابها المسموح من الشعر، ذرعت الستر فوجدته ثلاثة أذرعٍ في ذراع، ولقد رأيتني في مجلسٍ فيه جماعة، وإنهم ليبكون حين قريء الكتاب بهدمها، فقال أبو أمامة بن سهل: ليتها تركت حتى يقصر المسلمون عن البناء، ويرون ما رضي الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ومفاتيح خزائن الدنيا بيده.

(6/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 254
4 (احداث سنة اثنتين وتسعين)
توفي فيها: مالك بن أوس بن الحدثان. وإبراهيم بن يزيد التيمي. وخبيب بن عبد الله بن الزبير. وطويس المغني صاحب الألحان. وفيها ولي قضاء مصر عياض بن عبيد الله بن ناجذ. وفيها افتتح محمد بن القاسم بن أبي عقيل الثقفي مدينة أرمائيل صلحاً ومدينة قنزبور. وسار قتيبة بن مسلم إلى رتبيل فصالحه. وحج بالناس عمر بن

(6/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 255
عبد العزيز. وافتتح إقليم الأندلس، وهي جزيرة عظيمة متصلة ببر القسطنطينية من جهة الشمال، والبحر الكبير من غربيها وقد خرج منه بحر الروم من جنوبيها، ثم دار إلى شرقيها، ثم استدار إلى شماليها قليلاً. وهي جزيرة مثلثة الشكل، افتتح المسلمون أكثرها في رمضان منها على يد طارق أمير طنجة، من قبل مولاه أمير المغرب موسى بن نصير. وطنجة هي أقصى المغرب، فركب طارق البحر وعدى من الزقاق لكون الفرنج اقتتلوا فيما بينهم واشتغلوا، فانتهز الفرصة. وقيل: بل عبر بمكاتبة صاحب الجزيرة الخضراء ليستعين به على عدوه، فدخل طارق) واستظهر على العدو، وأمعن في بلاد الأندلس، وافتتح قرطبة، وقتل ملكها لذريق، وكتب إلى موسى بن نصير بالفتح، فحسده موسى على الانفراد بهذا الفتح العظيم، وكتب إلى الوليد يبشره بالفتح وينسبه إلى نفسه، وكتب إلى طارق يتوعده لكونه دخل بغير أمره، ويأمره أن لا يتجاوز مكانه حتى يلحقه، وسار مسرعاً بجيوشه، ودخل الأندلس ومعه حبيب بن أبي عبيدة الفهري، فتلقها طارق وقال: إنما أنا مولاك، وهذا الفتح لك. وأقام موسى بن نصير غازياً وجامعاً للأموال نحو سنتين، وقبض على طارق، ثم استخلف على الأندلس ولده عبد العزيز بن موسى، ورجع

(6/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 256
بأموالٍ عظيمة، وسار بتحف الغنائم إلى الوليد. ومما وجد بطليطلة لما افتتحها: مائدة سليمان عليه السلام، وهي من ذهبٍ مكللة بالجواهر، فلما وصل إلى طبرية بلغه موت الوليد وقد استخلف سليمان أخاه، فقدم لسليمان ما معه. وقيل: بل لحق الوليد وقدم ما معه إليه. وقيل إن هذه المائدة كانت حمل جمل. وتتابع فتح مدائن الأندلس. وفي هذا الحين فتح الله على المسلمين بلاد الترك وغيرها، فلله الحمد والمنة. وكان أكثر جند موسى بن نصير البربر، وهم قوم موصفون بالشهامة والشجاعة، وفيهم صدقٌ ووفاء، ولهم هممٌ عالية في الخير والشر، وبهم ملك البلاد أبو عبد الله الشيعي، وبنو عبيد، وتاشفين، وابنه يوسف، وابن تومرت، وعبد المؤمن، والملك فيهم إلى اليوم. وفيها توجه طائفةٌ من عسكر موسى بن نصير في البحر إلى جزيرة سردانية، فأخذوها وغنموا، ولكنهم غلوا فلما عادوا سمعوا قائلاً يقول: اللهم غرق بهم، فغرقوا عن آخرهم، ثم استولى عليها الفرنج. وقد غزاها مجاهد العامري سنة ست وأربعمائة، ثم استردها الفرنج في العام كما سيجيء إن شاء الله تعالى، وبه العون.

(6/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 257
4 (احداث سنة ثلاثٍ وتسعين)
توفي فيها: أنس بن مالك، على الأصح.) وأبو الشعثاء جابر بن زيد. وأبو العالية الرياحي، على الأصح. وزرارة بن أوفى البصري قاضي البصرة. وبلال بن أبي الدرداء. وعبد الرحمن بن يزيد بن جارية الأنصاري. وفيها افتتح محمد بن القاسم الثقفي الديبل وغيرها، ولاه الحجاج ابن عمه، وهو ابن سبع عشرة سنة. وفيه يقول يزيد بن الحكم:
(إن الشجاعة والسماحة والندى .......... لمحمد بن القاسم بن محمد)

(قاد الجيوش لسبع عشرة حجة .......... يا قرب ذلك سؤدداً من مولد)
قال كهمس بن الحسن: كنت معه، فجاءنا الملك داهر في جمعٍ كثيرٍ ومعه سبعٌ وعشرون فيلاً، فعبرنا إليهم، فهزمهم الله، وهرب داهر، فلما كان

(6/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 258
في الليل أقبل داهر ومعه جمعٌ كثير مصلتين، فقتل داهر وعامة أولئك، وتبعنا من انهزم، ثم سار محمد بن القاسم فافتتح الكيرج وبرهما. قال عوانة بن الحكم: وفي أولها غزا موسى بن نصير، فأتى طنجة، ثم سار لا يأتي على مدينةٍ فيبرح حتى يفتحها، أو ينزلوا على حكمه، ثم ساروا إلى قرطبة، ثم غرب وافتتح مدينة باجة ومدينة البيضاء، وجهز البعوث، فجعلوا يفتتحون ويغنمون. قال خليفة: وفيها غزا قتيبة بن مسلم خوارزمٍ، فصالحوه على عشرة آلاف رأس، ثم سار إلى سمرقند، فقاتلوه قتالاً شديداً، وحاصرهم حتى صالحوه على ألفي ألف ومائتي ألف، وعلى أن يعطوه تلك السنة ثلاثين ألف رأس. قال: وفيها غزا العباس ابن أمير المؤمنين أرض الروم، ففتح الله على يديه حصناً. وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك، فافتتح ما بين الحصن الجديد من ناحية ملطية. وغزا مروان ابن أمير المؤمنين الوليد فبلغ خنجرة. وحج بالناس ابن أمير المؤمنين عبد العزيز بن الوليد.

(6/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 259
وقال ابن جرير الطبري: سار قتيبة بن مسلم إلى سمرقند بغتةً في جيشٍ عظيم، فنازلها، فاستنجد بملك الشاش وفرغانة، فأنجدوهم، فنهضوا ليبيتوا المسلمين، فعلم قتيبة، فانتخب فرساناً) مع صالح بن مسلم وأكمنهم على جنبتي طريق الترك، فأتوا نصف الليل، فخرج الكمين عليهم، فاقتتلوا قتالاً لم ير الناس مثله، ولم يفلت من الترك إلا اليسير. قال بعضهم: أسرنا طائفة فسألناهم، فقالوا: ما قتلتم منا إلا ابن ملك، أو بطلاً، أو عظيماً، فاحتزرنا الرؤوس، وحوينا السلب، والأمتعة العظيمة، وأصبحنا إلى قتيبة، فنفلنا ذلك كله، ثم نصبنا المجانيق على أهل السغد، وجد في قتالهم حتى قارب الفتح، ثم صالحهم، وبنى بها الجامع والمنبر. قال: وأما الباهليون فيقولون: صالحهم على مائة ألف رأس، وبيوت النيران، وحلية الأصنام، فسلبت ثم أحضرت إلى بين يديه، فكانت كالقصر العظيم يعني الأصنام فأمر بتحريقها، فقالوا: من حرقها هلك. قال قتيبة: أنا أحرقها بيدي، فجاء الملك غوزك فقال: إن شكرك علي واجبٌ، لا تعرضن لهذه الأصنام، فدعا قتيبة بالنار وكبر، وأشعل فيها بيده، ثم أضرمت، فوجدوا بعد الحريق من بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب والفضة خمسين ألف مثقال. ثم استعمل عليها عبد الله أخاه، وخلف عنده جيشاً كثيفاً، وقال: لا تدعن مشركاً يدخل من باب المدينة إلا ويده مختومة، ومن وجدت معه حديدةً أو سكيناً فاقتله، ولا تدعن أحداً منهم يبيت فيها، وانصرف قتيبة إلى مرو.

(6/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 260
4 (احداث سنة أربعٍ وتسعين)
فيها توفي: علي بن الحسين. وسعيد بن المسيب. وعروة بن الزبير. وأبو سلمة بن عبد الرحمن. ومالك بن الحارث السلمي. وأبو بكر بن عبد الرحمن. وربيعة بن عبد الله بن الهدير. وتميم بن طرفة. وفي بعضهم خلاف.) وفيها غزا قتيبة بن مسلم بلد كابل وحصرها حتى افتتحها، ثم غزا فرغانة، فحصرها وافتتحها عنوة، وبعث جيشاً فافتتحوا الشاش وفيها قتل محمد بن القاسم الثقفي صصة بن داهر.

(6/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 261
وفيها افتتح مسلمة سندرة من أرض الروم. وغزا العباس بن الوليد فافتتح مدينتين من الساحل. وغزا عبد العزيز بن الوليد حتى بلغ غزالة. وحج بالناس الأمير مسلمة. وفتح الله على الإسلام فتوحاً عظيمة في دولة الوليد، وعاد الجهاد شبيهاً بأيام عمر رضي الله عنه. وفي شعبان عزل عمر بن عبد العزيز عن المدينة، ووليها عثمان بن حيان المري بعده سنتين وشهراً حتى عزله سليمان بن عبد الملك. قال مالك: وعظ محمد بن المنكدر وأصحابه نفراً في شيءٍ، وكان فيهم مولى لابن حيان، فبعث لابن المنكدر وأصحابه فضربهم لكلامهم في النهي عن المنكر، وقال: تتكلمون في مثل هذا. قال ابن شوذب: قال عمر بن عبد العزيز: أظلم مني من ولى عثمان بن حيان الحجاز، ينطق بالأشعار على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وولى قرة بن شريك مصر، وهو أعرابي، جافٍ أظهر فيها المعازف، والله المستعان.

(6/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 262
4 (احداث سنة خمسٍ وتسعين)
فيها توفي: سعيد بن جبير شهيداً. وإبراهيم النخعي. ومطرف بن عبد الله بن الشخير. وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. وأخوه حميد. وعبد الرحمن بن معاوية بن حديج قاضي مصر. وفيها أو سنة ست جعفر بن عمرو بن أمية.) وفيها الحجاج. وفيها قال خليفة: افتتح محمد بن القاسم المولتان. وقفل موسى بن نصير من المغرب إلى الوليد، وحمل الأموال على

(6/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 263
العجل، ومعه ثلاثون ألف رأس. وفيها افتتح مسلمة مدينة الباب من أرمينية وخربها، ثم بناها مسلمة بعد ذلك بتسع سنين. وحدثني أبو مروان الباهلي، عن رجلٍ من باهلة حضر مسلمة قال: نزل مسلمة على مدينة الباب، فأتاه رجل فسأله أن يؤمنه على نفسه وأهله، ويدله على عورة المدينة، فأعطاه ذلك، فدخل المسلمون، وبدر بهم العدو، فاقتتلوا قتالاً شديداً، فلما كان من السحر كبر شيخ وقال: الظفر ورب الكعبة، فأظهر الله مسلمة. وفيها غزا قتيبة الشاش ثانياً، فأتته وفاة الحجاج، فرجع إلى مرو. ويقال: فيها توفي صلة بن أشيم. وأبو عثمان النهدي. وزرارة بن أوفى. وسعيد بن المسيب. والحسن بن محمد بن الحنفية. وأبو تميمة طريف بن مجالد الهجيمي. والفضل بن زيد الرقاشي أبو سنان، أحد العابدين.

(6/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 264
4 (احداث سنة ستٍ وتسعين)
فيها توفي: الوليد بن عبد الملك. وقتل قتيبة بن مسلم. وفيها توفي: محمود بن لبيد. ومحمود بن الربيع في قول. وعبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان.) وقرة بن شريك القيسي. وأبو بكر بن عبد العزيز بن مروان. وآخرون بخلافٍ فيهم. وفيها استخلف سليمان، فأغزى الصائفة أخاه مسلمة. وغزا العباس بن الوليد، فافتتح طوبس والمرزبانين، وأصيب جدار العذري الشامي ومن معه بأرض الروم، وهو جد عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان لأمه، وقد روى عنه.

(6/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 265
4 (احداث سنة سبعٍ وتسعين)
فيها توفي: قيس بن أبي حازم أو في سنة ثمانٍ. وطلحة بن عبد الله بن عوف. وسعيد بن مرجانة. وعبد الرحمن بن جبير المصري. ومحمود بن لبيد في قول. والحسن بن الحسن بن علي. وعبد الله بن كعب بن مالك. والسائب بن خباب. وفي بعضهم خلفٌ يأتي في تراجمهم. وموسى بن نصير. وفيها غزا يزيد المهلب جرجان. قال المدائني: غزاها ولم تكن يومئذٍ مدينةً، إنما هي جبالٌ محيطةٌ بها، وتحول صول الملك إلى البحيرة جزيرة في البحر، وكان يزيد في ثلاثين ألفاً، فدخلها يزيد، فأصاب أموالاً، ثم خرج إلى البحيرة، فحاصره، فكان

(6/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 266
يخرج فيقاتل، فمكثوا كذلك أشهراً، ثم انصرف يزيد في رمضان. وذكر الوليد بن هشام: أن يزيد صالحهم على خمسمائة ألف درهم في العام. وروى حاتم بن مسلم، عن يونس بن أبي إسحاق أنه شهد ذلك مع يزيد، قال: صالحهم على خمسمائة ألف، وبعثوا إليه بثياب وطيالسة وألف رأس.) وقال خليفة: وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك برجمة، وحصن ابن عوف، وافتتح أيضاً حصن الحديد، سردوسل، وشتى بنواحي الروم. وأقام الحج الخليفة سليمان. وفيها بعث سليمان بن عبد الملك على المغرب محمد بن يزيد مولى قريش، فولي سنتين فعدل، ولكنه عسف بآل موسى بن نصير، وقبض على ابنه عبد الله بن موسى وسجنه، ثم جاءه البريد بأن يقتله، فولي قتل عبد الله:

(6/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 267
خالد بن خباب، وكان أخوه عبد العزيز بن موسى على الأندلس، ثم ثاروا عليه فقتلوه في سنة تسعٍ وتسعين، لكونه خلع طاعة سليمان، قتله وهو في صلاة الفجر حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري.

(6/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 268
4 (احداث سنة ثمانٍ وتسعين)
فيها توفي: كريب مولى ابن عباس. وعبد الله بن محمد بن الحنفية. وأبو عمرو الشيباني. وسعد بن عبيد المدني أبو عبيد. وعبد الرحمن بن الأسود النخعي. وعمرة بنت عبد الرحمن. وعبد الله بن عبد الله بن عتبة الفقيه. وآخرون مختلفٌ فيهم. وفيها غزا يزيد بن المهلب بن أبي صفرة طبرستان، فسأله الأصبهبذ الصلح، فأبى، فاستعان بأهل الجبال والديلم، وكان بينهم مصاف كبير، واقتتلوا قتالاً شديداً، ثم هزم الله المشركين، ثم صولح الأصبهبذ على سبعمائة ألف، وقيل خمسمائة في السنة، وغير ذلك من المتاع والرقيق. وقال المدائني: غدر أهل جرجان بمن خلف يزيد بن المهلب عليهم

(6/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 269
من المسلمين، فقتلوهم، فلما فرغ من صلح طبرستان سار إليهم، فتحصنوا، فقاتلهم يزيد أشهراً، ثم أعطوا بأيديهم، ونزلوا على حكمه، فقاتل المقاتلة، وصلب منهم فرسخين، وقاد منهم اثني عشر ألف نفسٍ إلى وادي جرجان فقتلهم، وأجرى الماء في الوادي على الدم، وعليه أرحاء تطحن بدمائهم، فطحن) واختبز وأكل، وكان قد حلف على ذلك. قال خليفة: وفيها شتى مسلمة بضواحي الروم، وشتى عمر بن هبيرة في البحر، فسار مسلمة من مشتاه حتى صار إلى القسطنطينية في البر والبحر، إلى أن جاوز الخليج، وافتتح مدينة الصقالبة، وأغارت خيل برجان على مسلمة، فهزمهم الله، وخرب مسلمة ما بين الخليج وقسطنطينية. وقال الوليد بن مسلم: حدثني شيخ أن سليمان بن عبد الملك سنة ثمانٍ وتسعين نزل بدابق، وكان مسلمة على حصار القسطنطينية. وقال زيد بن الحباب: ثنا الوليد بن المغير، عن عبيد الله بن بشر الغنوي، عن أبيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها فدعاني مسلمة، فحدثته بهذا الحديث، فغزاهم. قال ابن المديني: راويه مجهول. وقال سعيد بن عبد العزيز: أخبرني من أدرك ذلك ان سليمان بن عبد الملك هم بالإقامة ببيت المقدس، وجمع الناس والأموال بها، وقدم عليه موسى بن نصير من المغرب، ومسلمة بن عبد الملك، فبينما هو على ذلك إذ جاءه الخبر أن الروم خرجت على ساحل حمص فسبت جماعةً فيهم امرأة لها ذكر، فغضب وقال: ما هو إلا هذا، نغزوهم ويغزونا، والله لأغزونهم غزوة أفتح فيها القسطنطينية أو أموت دون ذلك. ثم التفت إلى مسلمة وموسى بن

(6/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 270
نصير فقال: أشيروا علي. فقال موسى: يا أمير المؤمنين، إن أردت ذلك فسر سيرة المسلمين فيما فتحوه من الشام ومصر إلى إفريقية، ومن العراق إلى خراسان، كلما فتحوا مدينة اتخذوها داراً وحازوها للإسلام، فابدأ بالدروب فافتح ما فيها من الحصون والمطامير والمسالح، حتى تبلغ القسطنطينية وقد هدمت حصونها وأوهيت قوتها، فإنهم سيعطون بأيديهم. فالتفت إلى مسلمة فقال: ما تقول قال: هذا الرأي إن طال عمرٌ إليه، أو كان الذي يبني على رأيك، ولا تنقضه، رأيت أن تعمل منه ما عملت ولا يأتي على ما قال خمس عشرة سنة، ولكني أرى أن تغزي جماعةً من المسامين في البر والبحر القسطنطينية فيحاصرونها، فإنهم ما دام عليهم البلاء أعطوا الجزية أو فتحوها عنوة، ومتى ما يكون ذلك، فإن ما دونها من الحصون بيدك. فقال سليمان: هذا الرأي. فأغزى جماعة أهل الشام والجزيرة في البر في نحو عشرين ومائة ألف، وأغزى أهل مصر) وإفريقية في البحر في ألف مركب، عليهم عمر بن هبيرة الفزاري، وعلى الكل مسلمة بن عبد الملك. قال الوليد بن مسلم: فأخبرني غير واحدٍ أن سليمان أخرج لهم الأعطية، وأعلمهم أنه عزم على غزو القسطنطينية والإقامة عليها، فاقدروا لذلك قدره، ثم قدم دمشق فصلى بنا الجمعة، ثم عاد إلى المنبر فكلم الناس، وأخبرهم بيمينه التي حلف عليها من حصار القسطنطينية، فانفروا على بركة الله تعالى، وعليكم بتقوى الله ثم الصبر، وسار حتى نزل دابقاً، فاجتمع إليه الناس، ورحل مسلمة. وفيها ثار حبيب بن أبي عبيدة الفهري، وزياد بن النابغة التميمي

(6/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 271
بعبد العزيز بن موسى بن نصير متولي الأندلس فقتلوه وأمروا على الأندلس أيوب ابن أخت موسى بن نصير. ثم الأمور ما زالت مختلفة بالأندلس زماناً لا يجمعهم والٍ، إلى أن ولي السمح بن مالك الخولاني في حدود المائة، واجتمع الناس عليه. وأما مسلمة فسار بالجيوش، وأخذ معه إليون الرومي المرعشي ليدله على الطريق والعوار، وأخذ عهوده ومواثيقه على المناصحة والوفاء، إلى أن عبروا الخليج وحاصروا القسطنطينية، إلى أن برح بهم الحصار، وعرض أهلها الفدية على مسلمة، فأبى أن يفتحها إلا عنوة، قالوا: فابعث إلينا إليون فإنه رجل منا ويفهم كلامنا مشافهةً، فبعثه إليهم، فسألوه عن وجه الحيلة، فقال: إن ملكتموني عليكم لم أفتحها لمسلمة، فملكوه، فخرج وقال لمسلمة: قد أجابوني أنهم يفتحونها، غير أنهم لا يفتحونها ما لم تنح عنهم، قال: أخشى غدرك، فحلف له أن يدفع إليه كل ما فيها من ذهب وفضة وديباج وسبي، وانتقل عنها مسلمة، فدخل إليون فلبس التاج، وقعد على السرير، وأمر بنقل الطعام والعلوفات من خارج، فملأوا الأهراء وشحنوا المطامير، وبلغ الخبر مسلمة، فكر راجعاً، فأدرك شيئاً من الطعام، فغلقوا الأبواب دونه، وبعث إلى إليون يناشده وفاء العهد، فأرسل إليه إليون يقول: ملك الروم لا يبايع بالوفاء، ونزل مسلمة بفنائهم ثلاثين شهراً، حتى أكل الناس في العسكر الميتة، وقتل خلق، ثم ترحل.

(6/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 272
4 (احداث سنة تسع وتسعين)
فيها توفي: الخليفة سليمان بن عبد الملك.) وعبد الله بن محيريز. ونافع بن جبير بن مطعم. وأبو ساسان حضين بن المنذر. وعبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي. ومحمود بن الربيع، على الصحيح. وآخرون بخلاف. وفيها أغارت الخزر على أرمينية وأذربيجان، وأمير تلك البلاد عبد العزيز بن حاتم الباهلي، فكانت وقعة قتل الله فيها عامة الخزر، وكتب بالنصر عبد العزيز الباهلي إلى عمر بن عبد العزيز أول ما ولي الخلافة. وكانت وفاة سليمان بن عبد الملك بدابق غازياً يوم الجمعة، عاشر صفر.

(6/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 273
وأمر عمر بن عبد العزيز بحمل الطعام والدواب إلى مسلمة بن عبد الملك، وأمر من كان له حميمٌ أن يبعث إليه، فأغاث الناس، وأذن لهم في القفول من غزو القسطنطينية. وفيها قدم يزيد بن المهلب بن أبي صفرة من خراسان، فما قطع الجسر إلا وهو معزول، وقدم عدي بن أرطاة والياً على البصرة من قبل عمر بن عبد العزيز، فأتى يزيد بن المهلب يسلم عليه، فقبض عليه عدي وقيده وبعث به إلى عمر بن عبد العزيز، فحبسه حتى مات. وبعث عمر الجراح بن عبد الله الحكمي على إمرة خراسان، وقال له: لا تغزوا، وتمسكوا بما في أيديكم. وحج بالناس أبو بكر بن حزم. وعزل عمر عن إمرة مصر عبد الملك بن رفاعة بأيوب بن شرحبيل. واستقضى على الكوفة الشعبي. وجعل الفتيا بمصر إلى جعفر بن ربيعة، ويزيد بن أبي حبيب،

(6/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 274
وعبيد الله بن أبي جعفر. وقال عبدة بن عبد الرحمن: ثنا بقية، ثنا محمد بن زياد الألهاني قال: غزونا القسطنطينية، فجعنا حتى هلك ناسٌ كثير، فإن كان الرجل ليخرج إلى قضاء الحاجة والآخر ينظر إليه، فإذا فرغ أقبل ذاك إلى رجيعه فأكله، وإن كان الرجل ليخرج إلى المخرج فيؤخذ فيذبح ويؤكل، وإن الأهراء من الطعام كالتلال لا نصل إليها، يكايد بها أهل قسطنطينية المسلمين.) قال خليفة: فلما استخلف عمر أذن لهم في القدوم. وفيها استعمل عمر على إفريقية إسماعيل بن عبيد الله المخزومي مولاهم، فوصل إليها سنة مائة، وكان حسن السيرة، فأسلم خلقٌ من البربر في ولايته.

(6/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 275
4 (احداث سنة مائة)
فيها توفي: أبو أمامة بن سهل بن حنيف. وأبو الزاهرية. وتميم بن مسلمة. وخارجة بن زيد بن ثابت. ودخين بن عامر. وسالم بن أبي الجعد. وسعيد بن أبي الحسن البصري. وبسر بن سعيد الزاهد المدني. وفي بعضهم خلاف. ويقال: فيها توفي: أبو عثمان النهدي. ومسلم بن يسار. وشهر بن حوشب. وأبو خالد الوالبي. وفيها ولد حماد بن زيد. ويقال: فيها توفي: حنش الصنعاني، وعيسى بن طلحة بن عبيد الله.

(6/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 276
وأبو الطفيل. وعبد الله بن مرة الهمداني.) وأبو عبد الرحمن الحبلي. وعبد الله بن عبد الملك بن مروان. وفيها غزا الصائفة الوليد بن هشام المعيطي. وأقام الموسم للناس أبو بكر بن حزم.

(6/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 277
1 (تراجم رجال أهل هذه الطبقة)

4 (الألف)
إبراهيم بن سويد النخعي الأعور. عن: عبد الرحمن بن يزيد، وعلقمة. وعنه: الحسن بن عبيد الله، وسلمة بن كهيل، وزبيد اليامي، وغيرهم. إبراهيم بن عبد الله بن قارظ ويقال عبد الله بن إبراهيم بن قارظ الكناني المدني. رأى عمر، وعلياً، وروى عن: أبي هريرة، وجبر، وأبي قتادة الأنصاري، والسائب بن يزيد، وغيرهم.

(6/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 278
روى عنه: ابن أخيه سعيد بن خالد، وسلمان الأغر، وعمر بن عبد العزيز، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ويحيى بن أبي كثير، وآخرون. إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس. عن: عم أبيه عبد الله، وعن أبيه، وميمونة أم المؤمنين. وعنه: أخوه عباس، ونافع مولى ابن عمر، وسليمان بن سحيم، وابن جريج. إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي المدني، وأمه أم كلثوم بنت الصديق. روى عن: جده، وخالته، وعائشة، وأمه، وجابر بن عبد الله. وعنه: ابناه إسماعيل، وموسى، والزهري، وأبو حازم سلمة، والضحاك بن عثمان. إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف سوى ت أبو إسحاق،

(6/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 279
ويقال أبو محمد الزهري المدني.) روى عن: أبيه، وعمر، وعثمان، وعلي، وسعد، وعمار، وجبير بن مطعم. روى عنه: ابناه: سعد، وصالح، والزهري، وعطاء بن أبي رباح، ومحمد بن عمرو، وغيرهم. وأمه هي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وأخواه أبو سلمة، وحميد. ورد أنه شهد الدار مع عثمان. توفي سنة ستٍ وتسعين. ووثقه النسائي، وغيره. إبراهيم النخعي ع ابن يزيد بن قيس بن الأسود، أبو عمران النخعي الكوفي، فقيه العراق.

(6/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 280
روى عن: علقمة، ومسروق، وخاله الأسود بن يزيد، والربيع بن خثيم، وشريح القاضي، وصلة بن زفر، وعبيدة السلماني، وسيد بن غفلة، وعابس بن ربيعة، وهمام بن الحارث، وهني بن نويرة، وخلق.

(6/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 281
ودخل على عائشة رضي الله عنها وهو صبي. روى عنه: منصور، والأعمش، وحماد بن أبي سليمان، وأبو إسحاق الشيباني، وعبيدة بن معتب، والعلاء بن المسيب، وعبد الله بن شبرمة، وابن عون، وعمرو بن مرة، ومغيرة بن مقسم، ومحمد بن سوقة، وطائفة. وتفقه به جماعة، وكان من كبار الأئمة. قيل: إنه لما احتضر جزع جزعاً شديداً، فقيل له في ذلك، فقال: وأي خطر أعظم مما أنا فيه، أتوقع رسولاً يرد علي من ربي، إما بالجنة وإما بالنار، والله لوددت أنها تلجلج في حلقي إلى يوم القيامة. توفي إبراهيم سنة ستٍ، وقيل سنة خمسٍ وتسعين، وله تسعٌ وأربعون سنة على الصحيح. وقيل ثمان وخمسون سنة. وقال يحيى القطان: توفي بعد الحجاج بأربعة أشهر أو خمسة. قلت: مات الحجاج في رمضان سنة خمس. وقال محمد بن سعد: دخل على عائشة، وسمع زيد بن أرقم، والمغيرة بن شعبة، وأنس بن مالك.) روى عنه: الشعبي، ومنصور، ومغيرة بن مقسم، وغيرهن من التابعين. وقال عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن طلحة بن مصرف، عن إبراهيم قال: دخلت على أم المؤمنين عائشة. وعن حماد بن أبي سليمان قال: لقد رأينا ننتظر إبراهيم، فيخرج والثياب عليه معصفرة، ونحن نرى أن الميتة قد حلت له. قال ابن عيينة، عن الأعمش قال: جهدنا على إبراهيم النخعي أن نجلسه إلى سارية، وأردناه على ذلك فأبى، وكان يأتي المسجد وعليه قباء وريطة معصفرة.

(6/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 282
قال: وكان يجلس مع الشرط. قال أحمد بن حنبل: كان إبراهيم ذكياً حافظاً، صاحب سنة. وعن الشعبي إنه قيل له: مات إبراهيم، فقال: ما ترك بعده خلفٌ. وقال نعيم بن حماد: ثنا جرير، عن عاصم قال: تبعت الشعبي، فمررنا بإبراهيم، فقام له إبراهيم عن مجلسه، فقال له الشعبي: أنا أفقه منك حياً، وأنت أفقه مني ميتاً، وذاك أن لك أصحاباً يلزمونك، فيحيون علمك. وكان إبراهيم رحمه الله أعور. قال هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم: كانوا يكرهون أن يظهر الرجل ما خفي من عمله الصالح. وقال مالك: كان إبراهيم النخعي رجلاً عالماً، وكان الشعبي أقدم وأكثر حديثاً. وقال أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب، عن أبيه: كنت فيمن دفن إبراهيم النخعي ليلاً سابع سبعة، أو تاسع تسعة، فقال الشعبي: أدفنتم صاحبكم قلت: نعم، قال: أما إنه ما ترك أحداً أعلم أو أفقه منه، قلت: ولا الحسن، وابن سيرين قال: ولا الحسن وابن سيرين، ولا من أهل البصرة، ولا من أهل الكوفة، ولا من أهل الحجاز. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: مات مختفياً من الحجاج. وقال جرير، عن مغيرة قال: كان إبراهيم النخعي إذا طلبه إنسان لا

(6/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 283
يحب أن يلقاه، خرجت الجارية فقالت: اطلبوه في المسجد. وقال قيس، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: أتى رجل فقال: إني ذكرت رجلاً بشيءٍ، فبلغه عني، فكيف أعتذر، قال: تقول: والله إن الله ليعلم ما قلت من ذلك من شيء.) وقال حماد بن زيد: ما كان بالكوفة رجل أوحش رداً للآثار من إبراهيم لقلة ما سمع، فذكر لحماد قول إبراهيم: في الفأرة جزاءٌ إذا قتلها المحرم. قال الداني: أخذ القراءة عرضاً عن علقمة، والأسود. قرأ عليه: الأعمش، وطلحة بن مصرف. وقال وكيع، عن شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم بدعة. إبراهيم بن يزيد التيمي تيم الرباب، أبو سماء الكوفي الفقيه العابد.

(6/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 284
روى عن: أبيه يزيد بن شريك، والحارث بن سويد، وعمرو بن ميمون الأودي، وأنس بن مالك، وغيرهم. روى عنه: بيان بن بشر، ويونس بن عبيد، والأعمش، وآخرون. قتله الحجاج، وقيل: مات في حبسه سنة اثنتين أو أربعٍ وتسعين، وهو شاب لم يبلغ أربعين سنة وكان كبير القدر. قال أبو أسامة سمعت الأعمش يقول: قال إبراهيم التيمي: ربما أتى علي شهر لا أطعم طعاماً ولا أشرب شراباً، لا يسمعن هذا منك أحد. وقال الأعمش: كان إذا سجد كأنه إذا سجد كأنه جذم حائط تنزل على ظهره العصافير. الأخطل النصراني الشاعر اسمه غياث بن غوث التغلبي، شاعر بني أمية، وهو من نظراء جرير

(6/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 285
والفرزدق، لكن تقدم موته عليهما. وقد قيل للفرزدق: من أشعر الناس قال: كفاك بي إذا افتخرت، وبجرير إذا هجا. وبابن النصرانية إذا امتدح. وكان عبد الملك بن مروان يجزل عطاء الأخطل ويفضله في الشعر على غيره. وله:
(والناس همهم الحياة ولا أرى .......... طول الحياة يزيد غير خبال)

(وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد .......... ذخراً يكون كصالح الأعمال)
قال محمد بن سلام: حدثني محمد بن عائشة قال: قال إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل:) خرجت مع أبي إلى دمشق، فإذا كنيسة، وإذا الأخطل في ناحيتها، فسأل عني فأخبر، فقال: يا فتى إن لك شرفاً وموضعاً وإن الأسقف قد حبسني، فأنا أحب أن تأتيه وتكلمه في إطلاقي، قلت: نعم، فذهبت إلى الأسقف، فقال لي: مهلاً، أعيذك بالله أن تكلم في مثل هذا، فإنه ظالمٌ يشتم الناس ويهجوهم، فلم أزل به حتى قام معي، فدخل

(6/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 286
الكنيسة فجعل يتوعده ويرفع عليه العصا، ويقول: تعود، وهو يتضرع إليه ويقول: لا، قال: فقلت: يا أبا مالك، تهابك الملوك وتكرمك الخلفاء، وذكرك في الناس، فقال: إنه الدين، إنه الدين. وعن أبي عبيد قال: لما أنشد الأخطل كلمته لعبد الملك التي قول فيها:
(شمس العداوة حتى يستقاد لهم .......... وأعظم الناس أحلاماً إذا قدروا)
قال: خذ بيده يا غلام فأخرجه ثم ألق عليه من الخلع ما يغمره، ثم قال: إن لكل قومٍ شاعراً، وإن شاعر بني أمية الأخطل، فمر به جرير فقال: كيف تركت خنازير أمك قال: كثيرة، وإن أتيتنا قريناك منها، قال: فكيف تركت أعيار أمك قال: كثيرة، وإن أتيتنا حملناك على بعضها. وعن الأصمعي قال: دخل الأخطل على عبد الملك، فقال: ويحك، صف لي السكر، قال: أوله لذةٌ، وآخره صداع، وبين ذلك ساعة لا أصف لك مبلغها، فقال: ما مبلغها قال: لملكك يا أيمر المؤمنين أهون علي من شسع نعلي، وأنشأ يقول:
(إذا ما نديمي علني ثم علني .......... ثلاث زجاجات لهن هدير)

(خرجت أجر الذيل حتى كأني .......... عليك أمير المؤمنين أمير)
أرقم بن شرحبيل الأودي الكوفي

(6/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 287
أخذ عن: عبد الله بن مسعود، وصحب ابن عباس إلى الشام. روى عنه: أخوه هزيل بن شرحبيل، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو قيس الأودي، وعبد الله بن أبي السفر. قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث. وقال أبو زرعة: كوفي ثقة. أسلم بن يزيد أبو عمرتن التجيبي المصري، مولى عمير بن تميم.) روى عن: أبي أيوب الأنصاري، وعقبة بن عامر، وأم سلمة، وصفية أمي المؤمنين، وجماعة. وعنه: سعيد بن أبي هلال، ويزيد بن أبي حبيب، وعبد الله بن عياض. وكان وجيهاً في مصر، وكانت الأمراء يسألونه. وثقه النسائي. أسير بن جابر ويقال يسير سيأتي، وقد تقدم.

(6/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 288
الأغر أبو مسلم المدني نزيل الكوفة. عن: أبي هريرة، وأبي سعيد وكانا اشتركا في عتقه. وعنه: علي بن الأقمر، وأبو إسحاق، وطلحة بن مصرف، وعطاء ابن السائب، وجماعة. وأما أبو عبد الله الأغر ففي الكنى. أنس بن مالك ع ابن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن

(6/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 289
عدي بن النجار، أبو حمزة الأنصاري النجاري الخزرجي، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وآخر أصحابه موتاً. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً كثيراً، وعن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وأسيد بن الحضير، وأبي طلحة، وعبادة بن الصامت، وأمه أم سليم، وخالته أم حرام، وابن مسعود، ومعاذ، وأبي ذر، وطائفة. روى عنه: الحسن، وابن سيرين، والشعبي، ومكحول، وعمر ابن عبد العزيز، وأبو قلابة، وطائفة من هذه الطائفة، ثم إسماعيل بن عبيد الله، وقتادة، وثابت، والزهري، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وابن المنكدر، وخلقٌ كثير من هذه الطبقة، وحميد الطويل، ويحيى بن سعيد

(6/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 290
الأنصاري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وسليمان التيمي، وآخرون من هذه الطبقة الثالثة، وعمر بن شاكر، وكثير بن سليم، وناس قليل من هذه الطبقة التي انقرضت بعد السبعين ومائة، لكن ليس فيها من يحتج به. وروى عنه بعدهم ناس متهمون بالكذب كخراش، وإبراهيم بن هدبة، ودينار أبو مكيس، حدثوا) في حدود المائتين. فعن أنس قال: كناني النبي صلى الله عليه وسلم ببقلة أجتنيها، يعني حمزة. وفي الصحيح، عن أنس قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشرٍ، وكان أمهاتي يحثثنني على خدمته. وقال علي بن زيد بن جدعان وليس بالقوي، عن سعيد بن المسيب، عن أنس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن ثمان سنين، فأخذت أمي بيدي، فانطلقت بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إنه لم يبق رجلٌ ولا امرأةٌ من الأنصار إلا وقد أتحفك بتحفة، وإني لا أقدر على ما أتحفك به، إلا ابني هذا، فخذه فليخدمك ما بدا لك، فخدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنسن، فما ضربني ولا سبني سبةً، ولا عبس في وجهي. رواه الترمذي بأطول من هذا. وقال عكرمة بن عمار: ثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، حدثني أنس قال: جاءت بي أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أزرتني بنصف خمارها وردتني ببعضه، فقالت: هذا أنيس ابني أتيتك به يخدمك، فادع الله له، فقال: اللهم أكثر ماله وولده. قال أنس: فوالله إن مالي لكثير وإن ولدي وولد ولدي يتعادون على نحو من مائة اليوم.

(6/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 291
وروى نحوه جعفر بن سليمان، عن ثابت. وقال شعبة، عن قتادة، عن أنس: أن أم سليم قالت: يا رسول الله، أنس خادمك، ادع الله له، فقال: اللهم أكثر ماله وولده، فأخبرني بعض ولدي أنه دفن من ولدي وولد ولدي أكثر من مائة. وقال الحسين بن واقد: حدثني ثابت، عن أنس قال: دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم أكثر ماله وولده وأطل حياته فالله أكثر مالي حتى أن كرماً لي ليحمل في السنة مرتين، وولد لصلبي مائة وستة. أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن سنة اثنتين وتسعين وستمائة، أنا محمد بن خلف سنة ست عشرة، ثنا أبو طاهر السلفي، أنا أحمد، ومحمد ابنا عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني، أنا علي بن محمد الفرضي، ثنا أبو عمرو حكيم، ثنا أبو حاتم الرازي، ثنا محمد بن عبد) الأنصاري، حدثني حميد، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سليم، فأتته بتمر وسمن، فقال: أعيدوا تمركم في وعائكم وسمنكم في سقائكم فإني صائم، ثم قال في ناحية البيت، فصلى بنا صلاةً غير مكتوبة، فدعا لأم سليم ولأهل بيتها، فقالت أم سليم: يا رسول الله إن لي خويصة، قال: وما هي قالت: خادمك أنس، فما ترك خير آخرةٍ ولا دنيا إلا دعا لي به، ثم قال: اللهم ارزقه مالاً وولداً وبارك له فيه، فإني لمن أكثر الأنصار مالاً. وحدثتني ابنتي أمينة أنه دفن من صلبي إلى مقدم الحجاج البصرة تسعةٌ وعشرون ومائة.

(6/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 292
وقال الترمذي: ثنا محمود بن غيلان، ثنا أبو داود، عن أبي خلدة قال: قلت لأبي العالية: سمع أنس من النبي صلى الله عليه وسلم قال: خدمه عشر سنين، ودعا له، وكان له بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين، وكان فيها ريحان يجيء منه ريح المسك. أبو خلدة احتج به البخاري. وقال ابن سعد: ثنا الأنصاري، عن أبيه، عن مولى لأنس أنه قال له: شهدت بدراً فقال: لا أم لك، وأين غبت عن بدرٍ قال الأنصاري: خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلام يخدمه. وقد رواه عمر بن شبة، عن الأنصاري، عن أبيه، عن ثمامة قال: قيل لأنس، فذكر مثله. قلت: لم أر أحداً من أصحاب المغازي قال هذا. وعن موسى بن أنس قال: غزا أنس ثمان غزوات. وقال ثابت البناني قال أبو هريرة: ما رأيت أحداً أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم سليم، يعني أنساً. وقال أنس بن سيرين: كان أنس أحسن الناس صلاةً في الحضر والسفر. وقال الأنصاري: حدثني أبي، عن ثمامة قال: كان أنس يصلي حتى تقطر قدماه دماً مما يطيل القيام. وقال جعفر بن سليمان: ثنا ثابت قال: جاء قيم أرض أنس فقال: عطشت أرضوك، فتردى أنس، ثم خرج إلى البرية، ثم صلى ودعا، فثارت

(6/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 293
سحابةٌ وغشت أرضه ومطرت حتى ملأت صهرية له، وذلك في الصيف، فأرسل بعض أهله فقال: انظر أين بلغت، فإذا هي لم تعد أرضه إلا يسيراً.) روى نحوه الأنصاري، عن أبيه، عن ثمامة. وقال همام بن يحيى، حدثني من صحب أنساً قال: لما أحرم لم أقدر أن أكلمه حتى حل من شدة إبقائه على إحرامه. وقال ابن عون، عن موسى بن أنس: أن أبا بكر بعث إلى أنس بن مالك ليوجهه على البحرين ساعياً، فدخل عليه عمر فقال: إني أردت أن أبعث هذا على البحرين، وهو فتىً شاب، فقال له عمر: ابعثه، فإنه لبيبٌ كاتبٌ، فبعثه، فلما قبض أبو بكر قدم على عمر، فقال: هات ما جئت به، قال: يا أمير المؤمنين البيعة أولاً، فبسط يده. وقال حماد بن سلمة: أنا عبيد الله بن أبي بكر، عن أنس قال: استعملني أبو بكر على الصدقة، فقدمت وقد مات، فقال عمر: يا أنس، أجئتنا بظهرٍ قلت: نعم. قال: جئتنا بالظهر، والمال لك. قلت: هو أكثر من ذلك. قال: وإن كان، فهو لك. وكان أربعة آلاف. وقال ثابت، عن أنس قال: صحبت جرير بن عبد الله، فكان يخدمني، وقال: إني رأيت الأنصار يفرحون برسول الله، فلا أرى أحداً منهم إلا خدمته. قال خليفة بن خياط: كتب ابن الزبير بعد موت يزيد بن معاوية إلى

(6/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 294
أنس، فصلى بالناس بالبصرة أربعين يوماً. وقال الأعمش: كتب أنس بن مالك إلى عبد الملك بن مروان، يعني لما آذاه الحجاج: إني خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين، والله لو أن النصارى أدركوا رجلاً خدم نبيهم لأكرموه. وقال جعفر بن سليمان: ثنا علي بن زيد قال: كنت بالقصر، والحجاج يعرض الناس ليالي ابن الأشعث، فجاء أنس بن مالك، فقال الحجاج: يا خبيث جوالٌ في الفتن، مرةً مع علي، ومرةً مع ابن الزبير، ومرةً مع ابن الأشعث، أما والذي نفسي بيده لأستأصلنك كما تستأصل الصمغة، ولأجردنك كما يجرد الضب. قال: يقول أنس: من يعني الأمير قال: إياك أعني، أصم الله سمعك، فاسترجع أنس، وشغل الحجاج، وخرج أنسٌ، فتبعناه إلى الرحبة، فقال: لولا أني ذكرت ولدي وخشيته عليهم بعدي لكلمته بكلامٍ لا يستحييني بعده أبداً. وقال عبد الله بن سالم الأشعري، عن أزهر بن عبد الله قال: كنت في الخيل الذين بيتوا أنس بن مالك، وكان فيمن يؤلب على الحجاج، وكان مع عبد الرحمن بن الأشعث، فأتوا به الحجاج،) فوسم في يده: عتيق الحجاج. وقال الأعمش: كتب أنس إلى عبد الملك: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع

(6/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 295
سنين، وإن الحجاج يعرضني لحوكة البصرة، فقال: يا غلام، اكتب إليه: ويلك قد خشيت أن لا يصلح على يدك أحدٌ، فإذا جاءك كتابي هذا. فقم إلى أنس حتى تعتذر إليه، قال الرسول: فلما جئته قرأ الكتاب ثم قال: أمير المؤمنين كتب بما هنا قلت: إي والله، وما كان في وجهه أشد من هذا، قال: سمعٌ وطاعة، فأراد أن ينهض إليه، فقلت: إن شئت أعلمته، فأتيت أنساً، فقلت: ألا ترى قد خافك، وأراد أن يقوم إليك، فقم إليه، فأقبل يمشي حتى دنا منه، فقال: يا أبا حمزة غضبت قال: كيف لا أغضب تعرضني لحوكة البصرة قال: إنما مثلي ومثلك كقول الذي قال: إياك أعني واسمعي يا جارة، أردت أن لا يكون لأحدٍ علي منطق. وقال عمرو بن دينار، عن أبي جعفر قال: رأيت أنس بن مالك أبرص، وبه وضحٌ شديدٌ، ورأيته يأكل، فيلقم لقماً كباراً. وقال عفان: ثنا حماد بن سلمة، ثنا حميد، عن أنس قال: يقولون: لا يجتمع حب علي وعثمان في قلب مؤمن، وقد جمع الله حبهما في قلوبنا. وقال يحيى بن سعيد الأنصاري، عن أمه أنها رأت أنساً متخلقاً بالخلوق، وكان به برصٌ، فسمعني وأنا أقول لأهله: لهذا أجلد من سهل بن سعد، وهو أكبر من سهل. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لي. وقال خليفة: قال أبو اليقظان: مات لأنس في طاعون الجارف ثمانون ابناً، ويقال سبعون في سنة تسعٍ وستين.

(6/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 296
وقال معاذ بن معاذ: ثنا عمران، عن أيوب قال: ضعف أنس عن الصوم، فصنع جفنةً من ثريد، ودعا ثلاثين مسكيناً فأطعمهم. قلت: أنس، رضي الله عنه، ممن استكمل مائة سنة بيقينٍ، فإنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر. وقد قال شعيب بن الحبحاب: توفي سنة تسعين. وقال أحمد بن حنبل: ثنا معتمر عن حميد: أن أنساً مات سنة إحدى وتسعين، وكذا قال قتادة، والهيثم بن عدي، وسعيد بن عفير، وأبو عبيدة.) وقال الواقدي: سنة اثنتين وتسعين، تابعه معن بن عيسى، عن ابنٍ لأنس بن مالك. وقال سعيد بن عامر، وإسماعيل بن علية، وأبو نعيم، والمدائني، والفلاس، وخليفة، وقعنب، وغيرهم سنة ثلاث. وقال محمد بن عبد الله الأنصاري: اختلف علينا مشيختنا في سن أنس، فقال بعضهم: بلغ مائةً وثلاث سنين. وقال بعضهم: بلغ مائةً وسبع سنين. وقال يحيى بن بكير: نوفي أنس وهو ابن مائة وسنة. قلت: وفي الصحابة. أنس بن مالك الكعبي القشيري أبو أمية.

(6/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 297
له حديث واحد لفظه: إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة. روى عنه: أبو قلابة الجرمي، وعبد الله بن سوادة القشيري. حديثه في السنن. أوس بن ضمعج م الحضرمي، ويقال النخعي الكوفي.

(6/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 298
عن: سلمان، وأبي مسعود الأنصاري، وعائشة. وعنه: إسماعيل بن رجاء، وإسماعيل السدي، وإسماعيل بن خالد، وأبو إسحاق السبيعي، وابنه عمران بن أوس. قال ابن أبي خالد: كان من القراء الأول، وذكر له فضلاً، وأثنى عليه شعبة. روى له الخمسة حديثاً واحداً في الإمامة. أوسط البجلي الحمصي ق بخ ابن إسماعيل، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن عمرو. نزل دمشق، وروى عن: أبي بكر، وعمر. وعنه: سليم بن عامر الخبايري، ولقمان بن عامر، وحبيب بن عبيد. له حديثٌ واحد في سؤال العافية، عن الصديق.

(6/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 299
أيمن الحبشي) مولى عتبة بن أبي لهب الهاشمي، وعتيق ابن مخزوم، وهو والد عبد الواحد بن أيمن. روى عن: عائشة، وسعد، وجابر. لم يرو عنه إلا ابنه. قال أبو زرعة: ثقة. قلت: لم يخرج له إلا البخاري. أيوب بن بشير بن سعد بن النعمان الأنصاري المعاوي المدني أبو سليمان. ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأرسل عنه، وروى عن: عمر، وحكيم بن حزام. وتوهم أنه أخو النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة. وروى عنه: أبو طوالة، وعاصم بن عمرو بن قتادة، والزهري. قال ابن سعد: كان ثقةً، شهد الحرة وجرح بها جراحات كثيرة، ومات بعد ذلك.

(6/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 300
أيوب بن خالد بن صفوان بن أوس الأنصاري النجاري المدني، نزيل برقة. عن: أبيه، وجابر، وزيد بن خالد الجهني، وعبد الله بن رافع مولى أم سلمة. وعنه: عمر مولى عفرة، وإسماعيل بن أمية، وموسى بن عبيدة، ويزيد بن أبي حبيب. وهو راوي حديث: خلق الله التربة يوم السبت الذي رواه مسلم. أيوب بن سليمان بن عبد الملك بن مروان ولي غزو الصائفة، ورشحه أبو لولاية العهد، فمات قبل أبيه بأيام. وفيه يقول جرير:
(إن الإمام الذي ترجى نوافله .......... بعد الإمام ولي العهد أيوب)

(6/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 301
4 (الباء)
بجالة بن عبدة التميمي العنبري البصري، كاتب جزء بن معاوية. عن: ابن عباس، وعبد الرحمن بن عوف، وعن كتاب عمر في المجوس. وعنه: عمرو بن دينار، وقشير بن عمرو، وقتادة. وثقه أبو زرعة، وذكره الحافظ في نساك أهل البصرة.)

(6/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 302
بسر بن سعيد المدني مولى بني الحضرمي السيد العابد الفقيه. روى عن: عثمان، وسعد بن أبي وقاص، وزيد بن ثابت، وأبي هريرة، وطائفة. روى عنه: بكير، ويعقوب ابنا عبد الله بن الأشج، وسالم أبو النضر، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وزيد بن اسلم، وآخرون. وثقه النسائي، وقبله يحيى بن معين. وقال محمد بن سعد: كان من العباد المنقطعين والزهاد، كثير الحديث، وورد أن الوليد سأل عمر بن عبد العزيز: من أفضل أهل المدينة قال: مولى لبني الحضرمي يقال له بسر. وقيل: إن رجلاً وشى على بسر عند الوليد بأنه يعيبكم، فأحضره وسأله، فقال: لم أقله، واللهم إن كنت صادقاً فأرني به آيةً، فاضطرب الرجل حتى مات. توفي سنة مائة.

(6/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 303
وقال مالك: مات بسر وما خلف كفناً. بسر بن محجن الديلي المدني روى عن: أبيه في صلاة الجماعة. وعنه: زيد بن أسلم، حديثه في الموطأ. والأصح أنه بشر بالكسر، وشين معجمة. وقال مالك وغيره: بالضم والإهمال. بشير بن نهيك أبو الشعثاء البصري عن: بشير بن الخصاصية، وأبي هريرة، وله عنه صحيفة.

(6/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 304
وعنه: أبو الوليد بركة المجاشعي، وأبو مجلزلاحق، والنضر بن أنس، وخالد بن سمير، ويحيى بن سعيد الأنصاري. وكان صالحاً من الثقات. وشذ أبو حاتم فقال: لا يحتج به. بشير بن كعب العلوي تقدم. بلال بن أبي الدرداء) الدمشقي، أبو محمد ولي إمرة دمشق. وحدث عن: أبيه، وامرأة أبيه أم الدرداء. روى عنه: خالد بن محمد الثقفي، وحميد بن مسلم، وعلي بن زيد ابن جدعان، وإبراهيم بن أبي عبلة، وحريز بن عثمان، وأبو بكر بن أبي مريم. قال أبو مسهر: كان أسن من أم الدرداء. وقال البخاري في تاريخه: بلال بن أبي الدرداء أمير الشام. وقال سعيد بن عبد العزيز: إن أبا الدرداء ولي القضاء، ثم فضالة بن عبيد، ثن النعمان بن بشير، ثم بلال بن أبي الدرداء، فلما استخلف

(6/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 305
عبد الملك عزله بأبي إدريس الخولاني. وقال أبو عبيد: توفي سنة ثلاثٍ وتسعين. بلال بن أبي هريرة الدوسي. روى عن أبيه. روى عنه: الشعبي، ويعقوب بن محمد بن طحلاء، وغيرهما. شهد صفين مع معاوية، وبقي إلى خلافة سليمان. قال رجاء بن أبي سلمة، عن عبد الله بن أبي نعم: إنه دخل على سليمان بن عبد الملك، وإلى جانبه بلال بن أبي بردة على السرير.

(6/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 306
4 (التاء)
تميم بن سلمة الكوفي عن: شريح القاضي، وعبد الرحمن بن هلال العبسي، وعروة بن الزبير، ولا تعلم له رواية عن الصحابة. روى عنه: طلحة بن مصرف، ومنصور، والأعمش. ووثقه ابن معين. وتوفي سنة مائة. تميم بن طرفة الطائي الكوفي.

(6/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 307
يروي عن: جابر بن سمرة، وعدي بن حاتم.) روى عنه: سماك بن حرب، وعبد العزيز بن رفيع، والمسيب بن رافع. وثقه النسائي. توفي سنة أربعٍ وتسعين.

(6/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 308
4 (الثاء)
ثابت بن عبد الله بن الزبير ابن العوام، أبو مصعب، ويقال: أبو حكمة الأسدي الزبيري. روى عن: سعد بن أبي وقاص، وقيس بن مخرمة. وعنه: نافع، وإسحاق والد عباد بن إسحاق. ووفد على عبد الملك بعد مقتل والده، ثم على سليمان بن عبد الملك. قال الزبير بن بكار: كان لسان آل الزبير جلداً وفصاحةً وبياناً. وحدثني عمي مصعب قال: لم يزل بنو عبد الله خبيب، وحمزة، وثابت، عند جدهم منظور بن زبان بالبادية، حتى تحرك ثابت فقال: الحقوا بنا بأبينا، فزعموا أن ثابتاً جمع القرآن في ثمانية أشهر، فزوجه أبوه، وكان يشهد القتال مع أبيه ويبارز، وكان قد أشار على أبيه أن يخرج من مكة، فلم يطعه، وقيده خوفاً من هربه. له أخبار في تاريخ دمشق.

(6/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 309
ثعلبة بن أبي مالك القرظي حليف الأنصار، إمام مسجد بني قريظة. قال مصعب الزبيري: سنه سن عطية القرظي، وقصته كقصته. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر، وعثمان، وجماعة. وعنه: الزهري، ويزيد بن الهاد، وعمه مولى عفرة، ويحيى بن سعيد، وجماعة.

(6/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 310
4 (الجيم)
جابر بن زيد أبو الشعثاء. في الكنى. جعفر بن عمرو سوى د بن أمية الضمري المدني، أخو عبد الملك بن مروان من الرضاعة.) روى عن: أبيه، ووحشي بن حرب، وأنس بن مالك. روى عنه: سليمان بن يسار، وأبو قلابة، والزهري، وغيرهم. وثقه أحمد العجلي. توفي سنة خمسٍ أو ست وتسعين.

(6/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 311
جميل بن عبد الله ابن معمر، أبو عمرو العذري، الشاعر المشهور، صاحب بثينة. روى عن: أنس بن مالك. ووفد على عمر بن عبد العزيز. وهو القائل:
(ألا ليت ريعان الشباب جديد .......... ودهراً تولى يا بثين يعود)

(فكنا كما كنا نكون وأنتم .......... صديقٌ وإذ ما تبذلين زهيد)

(لكل حديثٍ عندهن بشاشةٌ .......... وكل قتيلٍ عندهن شهيد)

(6/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 312
وله يرويه ثعلب:
(خليلي فيما عشتما هل رأيتما .......... قتيلاً بكى من حب قاتله قبلي)

(أفي أم عمرو تعذلاني هديتما .......... وقد تيمت قلبي بها عقلي)
وله يرويه الصندلى:
(أريتك إن أعطيتك الود عن قلى .......... ولم يك عندي إن أبيت إباء)

(أتاركتي للموت أنت فميتٌ .......... وعندك لي لو تعلمين شفاء)

(فواكبدي من حب من لا يجيبني .......... ومن عبراتٍ ما لهن فناء)
وأنشد ابن الأنباري لجميل:
(خليلي عوجا اليوم عني فسلما .......... على عذبة الأنياب طيبة النشر)

(فإنكما إن عجتما بي ساعةً .......... شكرتكما حتى أغيب في قبري)

(وما لي لا أبكي وفي الأيك نائحٌ .......... وقد فارقتني شختة الكشح والخصر)

(أيبكي حمام الأيك من فقد إلفه .......... وأصبر مالي عن بثينة من صبر)

(يقولون: مسحورٌ يجن بذكرها .......... فأقسم ما بي من جنونٍ ولا سحر)

(وأقسم لا أنساك ما ذر شارقٌ .......... وما أورق الأغصان في ورق السدر)
)
(ذكرت مقامي ليلة الباب قابضاً .......... على كف حوراء المدامع كالبدر)
فكدتولم أملك إليها صبابةًأهيم، وفاض الدمع مني على النحر
(أيا ليت شعري هل أبيتن ليلةً .......... كليلتنا حتى يرى ساطع الفجر)

(فليت إلهي قد قضى ذاك مرةً .......... فيعلم ربي عند ذلك ما شكري)

(ولو سألت مني حياتي بذلتها .......... وجدت بها إن كان ذلك عن أمري)
ولجميل:
(ألا ليت شعري هل أبيتن ليلةً .......... بوادي القرى إني إذاً لسعيد)

(إذا قلت ما بي يا بثينة قاتلي .......... من الحب قالت ثابتٌ ويزيد)

(6/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 313
(وإن قلت ردي بعض عقلي أعش به .......... مع الناس قالت ذاك منك بعيد)

(فلا أنا مردودٌ بما جئت طالباً .......... ولا حبها فيما يبيد يبيد)
وله:
(لما دنا البين بين الحي واقتسموا .......... حبل النوى فهو في أيديهم قطع)

(جادت بأدمعها ليلى فأعجبني .......... وشك الفراق فما أبكي ولا أدع)

(يا قلب ويحك لا عيش بذي سلمٍ .......... ولا الزمان الذي قد مر يرتجع)

(أكلما مر حي لا يلايمهم .......... ولا يبالون أن يشتاق من فجعوا)

(علقتني بهوىً منهم فقد كربت .......... من الفراق حصاة القلب تنصدع)
وله مطلع قصيدة:
(ألا أيها النوام وحكم هبوا .......... أسائلكم هل يقتل الرجل الحب)
قال الزبير بن بكار: قال عباس بن سهل الساعدي: بينا أنا بالشام، إذ لقيني رجلٌ فقال: هل لك في جميلٍ نعوده، فإنه ثقيل فدخلنا عليه وهو يجود بنفسه، وما يخيل إلي أن الموت بكر به، فقال: يا بن سهل، ما تقول في رجلٍ لم يشرب الخمر قط، ولم يزن، ولم يقتل نفساً يشهد أن لا إله إلا الله قلت: أظنه قد نجا، فمن هو قال: أنا. فقلت: ما أحسبك سلمت، أنت تشبب منذ عشرين سنة ببثينة. فقال: لا نالتني شفاعة محمدٍ صلى الله عليه وسلم إن كنت وضعت يدي عليها لريبةٍ. فما برحنا حتى مات، رحمه الله تعالى.

(6/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 314
4 (الحاء)
) حبيب بن صهبان بخ الأسدي الكاهلي الكوفي. عن: عمر، وعمار. وعنه: الأعمش، وأبو حصين الأسدي، والمسيب بن رافع. الحجاج بن يوسف ابن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود الثقفي، أمير العراق، أبو محمد.

(6/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 315
ولد سنة أربعين، أو إحدى وأربعين.

(6/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 316
وروى عن: ابن عباس، وسمرة بن جندب، وأسماء بنت الصديق، وابن عمر. روى عنه: ثابت البناني، وقتيبة بن مسلم، وحميد الطويل، ومالك بن دينار. وكان له بدمشق آدر. ولي إمرة الحجاز، ثم ولي العراق عشرين سنة. قال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون. وقال أبو عمرو بن العلاء: ما رأيت أحداً أفصح من الحسن والحجاج، والحسن أفصحهما. وقال علي بن زيد بن جدعان: قيل لسعيد بن المسيب: ما بال الحجاج لا يهيجك كما يهيج الناس قال: لأنه دخل المسجد مع أبيه، فصلى، فأساء الصلاة، فحصبته، فقال: لا أزل أحسن صلاتي ما حصبني سعيد. وفي صحيح مسلم أن أسماء بنت أبي بكر قالت للحجاج: أما إن

(6/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 317
رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذاباً ومبيراً، فأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فلاف إخالك إلا إياه. وقال أبو عمر الحوضي: ثنا الحكم بن ذكوان، عن شهر بن حوشب: أن الحجاج كان يخطب وابن عمر في المسجد، فخطب الناس حتى أمسى، فناداه ابن عمر: أيها الرجل الصلاة، فأقعد، ثم ناداه الثانية، فأقعد، ثم ناداه الثالثة، فأقعد، فقال لهم: أرأيتم إن نهضت أتنهضون قالوا: نعم. فنهض فقال: الصلاة فلا أرى لك فيها حاجة، فنزل الحجاج فصلى، ثم دعا به فقال: ما حملك على ما صنعت قال: إنما نجيء للصلاة فإذا حضرت الصلاة فصل لوقتها، ثم نقنق بعد ذلك ما شئت من نقنقة. وقال أبو صالح كاتب الليث: حدثني حرملة بن عمران، عن كعب بن علقمة قال: قدم مروان) مصر ومعه الحجاج بن يوسف وأبوه، فبينا هو في المسجد مر بهم سليم بن عتر، وكان قاص الجند، وكان خياراً، فقال الحجاج: لو أجد هذا خلف حائط المسجد ولي عليه سلطانٌ لضربت عنقه، إن هذا وأصحابه يثبطون عن طاعة الولاة، فشتمه والده ولعنه وقال: ألم تسمع القوم يذكرون عنه خيراً، ثم تقول هذا أما والله إن رأيي فيك أنك لا تموت إلا جباراً شقياً. وكان أبو الحجاج فاضلاً. وعن يزيد بن أبي مسلم الثقفي قال: كان الحجاج على مكة، فكتب

(6/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 318
إليه عبد الملك بولايته على العراق، فخرج في نفرٍ ثمانية أو تسعة على النجائب. قال عبد الله بن شوذب: ما رؤي مثل الحجاج لمن أطاعه، ولا مثله لمن عصاه. وروى ابن الكلبي، عن عوانة بن الحكم قال: سمع الحجاج تكبيراً في السوق وهو في الصلاة، فلما انصرف صعد المنبر وقال: يا أهل العراق، وأهل الشقاق والنفاق، ومساوئ الأخلاق، قد سمعت تكبيراً ليس بالتكبير الذي يراد به الله في الترهيب، ولكنه الذي يراد الترغيب، إنها عجاجةٌ تحتها قصفٌ، أي بني اللكيعة، وعبيد العصا، وأولاد الإماء، ألا يرقأ الرجل منكم على ظلعه، ويحسن حمل رأسه، وحقن دمه، ويبصر موضع قدمه، والله ما أرى الأمور تثقل بي وبكم حتى أوقع بكم وقعةً تكون نكالاً لما قبلها، وتأديباً لما بعدها. وقال سيار أبو الحكم: سمعت الحجاج على المنبر يقول: أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، رجل خطم نفسه وزمها، فقادها بخطامها إلى طاعة الله، وعنجها بزمامها عن معاصي الله. وقال مالك بن دينار: سمعت الحجاج يخطب فقال: امرؤٌ رد نفسه قبل أن يكون الحساب إلى غيره، امرؤ نظر إلى ميزانه، فما زال يقول امرؤ حتى أبكاني. وعن الحجاج قال: امرؤٌ عقل عن الله أمره امرؤٌ أفاق واستفاق وأبغض

(6/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 319
المعاصي والنفاق، وكان إلى ما عند الله بالأشواق. وعن الحجاج أن خطب فقال: أيها الناس الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذاب الله. فقام إليه رجل فقال: ويحك ما أصفق وجهك، وأقل حياءك، تفعل ما تفعل، ثم تقول مثل هذا فأخذوه، فلما نزل دعا به فقال: لقد اجترأت، فقال: يا حجاج، أنت تجتريء على الله فلا تنكره على نفسك، وأجتريء أنا عليك فتنكره علي، فخلى سبيله. وقال شريك، عن عبد الملك بن عمير قال: قال الحجاج يوماً: من كان له بلاء فليقم فلنعطه) على بلائه، فقام رجل فقال: أعطني على بلائي. قال: وما بلاؤك قال: قتلت الحسين. قال: وكيف قتلته قال: دسرته بالرمح دسراً، وهبرته بالسيف هبراً، وما أشركت معي في قتله أحداً، قال: أما إنك وإياه لن تجتمعا في موضع واحد. فقال له اخرج. وروى شريك، عن عبد الملك بن عمير. ورواه صالح بن موسى الطلحي، عن عاصم بن بهدلة أنهم ذكروا الحسين رضي الله عنه، فقال الحجاج: لم يكن من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يحيى بن يعمر: كذبت أيها الأمير، فقال: لتأتيني على ما قلت ببينةٍ من كتاب الله، أو لأقتلنك. فقال قوله تعالى: ومن ذريته داود وسليمان وأيوب إلى قوله وزكريا ويحيى وعيسى فأخبر الله تعالى أن عيسى من ذرية آدم بأمه، قال: صدقت، فما حملك على تكذيبي في مجلسي قال: ما أخذ الله على الأنبياء لتبيننه للناس ولا تكتمونه. قال: فنفاه إلى خراسان. وقال أبو بكر بن عياش، عن عاصم: سمعت الحجاج، وذكر هذه

(6/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 320
الآية: فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا، فقال: هذه لعبد الله، لأمين الله وخليفته، ليس فيها مثوبة، والله لو أمرت رجلاً يخرج من باب هذا المسجد فأخذ من غيره لحل لي دمه وماله، والله لو أخذت ربيعة بمضر لكان لي حلالاً، يا عجباً من عبد هذيل يزعم أنه يقرأ قرآناً من عند الله، ما هو إلا رجز من رجز الأعراب، والله لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه. رواها واصل بن عبد الأعلى شيخ مسلم، عن أبي بكر. قاتل الله الحجاج ما أجرأه على الله، كيف يقول هذا في العبد الصالح عبد الله بن مسعود قال أبو بكر بن عياش: ذكرت قوله هذا للأعمش، فقال: قد سمعته منه. ورواها محمد بن يزيد، عن أبي بكر، فزاد: ولا أجد أحداً يقرأ علي قراءة ابن أم عبد إلا ضربت عنقه، ولأحكنها من المصحف ولو بضلع خنزير. وروها ابن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة. وقال الصلت بن دينار: سمعت الحجاج يقول: ابن مسعود رأس المنافقين، لو أدركته لأسقيت الأرض من دمه. وقال ضمرة، عن ابن شوذب قال: ربما دخل الحجاج على دابته حتى يقف على حلقة الحسن، فيستمع إلى كلامه، فإذا أراد أن ينصرف يقول: يا حسن لا تمل الناس. قال: فيقول: أصلح الله الأمير، إنه لم يبق إلا من لا حاجة له.)

(6/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 321
وقال الأصمعي: قال عبد الملك للحجاج: إنه ليس أحد إلا وهو يعرف عيبه، فعب نفسك. قال: أعفني يا أمير المؤمنين، فأبى عليه، فقال: أنا لجوجٌ حقودٌ حسودٌ، فقال: ما في الشيطان شر مما ذكرت. وقال عبد الله بن صالح: ثنا معاوية بن صالح، عن شريح بن عبيد، عمن حدثه، قال: أخبر عمر بأن أهل العراق قد حصبوا أميرهم، فخرج غضبان، فصلى فسها في صلاته، حتى جعلوا يقولون: سبحان الله، سبحان الله، فلما سلم أقبل على الناس، فقال: من ها هنا من أهل الشام فقام رجل، ثم آخر، ثم قمت أنا، فقال: يا أهل الشام استعدوا لأهل العراق، فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ، اللهم إنهم قد لبسوا علي فالبس عليهم، وعجل عليهم بالغلام الثقفي، يحكم فيها بحكم الجاهلية، لا يقبل من محسنهم، ولا يتجاوز عن مسيئهم. وقال يزيد بن هارون: أنا العوام بن حوشب، حدثني حبيب بن أبي ثابت قال: قال علي رضي الله عنه لرجل: لا مت حتى تدرك فتى ثقيف، قيل: يا أمير المؤمنين، ما فتى ثقيف قال: ليقالن له يوم القيامة: اكفنا زاويةً من زوايا جهنم، رجلٌ يملك عشرين سنة، أو بضعاً وعشرين سنة، لا يدع لله معصيةً إلا ارتكبها. وقال جعفر بن سليمان: ثنا مالك بن دينار، عن الحسن: أن علياً كان على المنبر فقال: اللهم إني ائتمنتهم. فخافوني، ونصحتهم فغشوني، اللهم فسلط عليهم غلام ثقيف يحكم في دمائهم وأموالهم بحكم الجاهلية. وقال الواقدي: ثنا ابن أبي ذئب، عن إسحاق بن يزيد: قال رأيت أنساً

(6/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 322
رضي الله عنه مختوماً في عنقه ختمة الحجاج، أراد أن يذله بذلك. قال الواقدي: قد فعل ذلك بغير واحدٍ من الصحابة، يريد أن يذلهم بذلك، وقد مضت لهم العزة بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال جرير بن عبد الحميد، عن سماك بن موسى الضبي قال: أمر الحجاج أن توجأ عنق أنس، وقال: أتدرون من هذا هذا خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلته به لأنه سيء البلاء في الفتنة الأولى، غاش الصدر في الفتنة الآخرة. وروى إسماعيل بن أبي خالد، قال الشعبي: يأتي على الناس زمانٌ يصلون فيه على الحجاج. وعن أيوب السختياني قال: أراد الحجاج قتل الحسن مراراً، فعصمه الله منه، واختفى مرةً في) بيت علي بن زيد سنتين. قلت: لأن الحسن كان يذم الأمراء الظلمة مجملاً، فأغضب ذلك الحجاج. وعن مالك بن دينار قال: إن الحجاج عقوبةٌ سلطه الله عليكم، فلا تستقبلوا عقوبة الله بالسيف، ولكن استقبلوها بالدعاء والتضرع. وقال أبو عاصم النبيل: حدثني جليسٌ لهشام بن أبي عبد الله قال: قال عمر بن عبد العزيز لعنبسة بن سعيد: أخبرني ببعض ما رأيت من عجائب الحجاج. قال: كنا جلوساً عنده ليلةً، فأتي برجلٍ، فقال: ما أخرجك هذه

(6/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 323
الساعة ! وقد قلت: لا أجد فيها أحداً إلا فعلت به ! قال: أما والله لا أكذب الأمير، أغمي على أمي منذ ثلاثٍ، فكنت عندها، فلما أفاقت الساعة قالت: يا بني، أعزم عليك إلا رجعت إلى أهلك، فإنهم مغمومون لتخلفك عنهم، فخرجت، فأخذني الطائف، فقال: ننهاكم وتعصونا اضرب عنقه. ثم أتي برجلٍ آخر، فقال: ما أخرجك هذه الساعة قال: والله لا أكذبك، لزمني غريمٌ فلما كانت الساعة أغلق الباب وتركني على بابه، فجاءني طائفك فأخذني، فقال: اضربوا عنقه. ثم أتي بآخر، فقال: ما أخرجك هذه الساعة قال: كنت مع شربةٍ أشرب، فلما سكرت خرجت، فأخذوني، فذهب عني السكر فزعاً، فقال: يا عنبسة ما أراه إلا صادقاً، خلوا سبيله، فقال عمر لعنبسة، فما قلت له شيئاً فقال: لا. فقال عمر لآذنه: لا تأذن لعنبسة علينا، إلا أن يكون في حاجة. وقال بسطام بن مسلم، عن قتادة قال: قيل لسعيد بن جبير: خرجت على الحجاج قال: إني والله ما خرجت عليه حتى كفر. وقال هشام بن حسان: أحصوا ما قتل الحجاج صبراً، فبلغ مائة ألفٍ وعشرين ألفاً. وقال عباد بن كثير، عن قحذم قال: أطلق سليمان بن عبد الملك في غداةٍ واحدةٍ واحداً وثمانين ألف أسيراً، وعرضت السجون بعد موت الحجاج، فوجدوا فيها ثلاثة وثلاثين ألفاً، لم يجب على أحدٍ منهم قطعٌ ولا صلبٌ. وقال الهيثم بن عدي: مات الحجاج، وفي سجنه ثمانون ألفاً، منهم ثلاثون ألف امرأة. وعن عمر بن عبد العزيز قال: لو تخابثت الأمم، وجئنا بالحجاج

(6/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 324
لغلبناهم، ما كان يصلح لدنيا ولا لآخرة، ولي العراق، وهو أوفر ما يكون من العمارة، فأخس به حتى صيره أربعين ألف ألف، ولقد أدي إلي في عامي هذا ثمانون ألف ألف وزيادة.) وقال جعفر بن سليمان: ثنا مالك بن دينار قال: كنا إذا صلينا خلف الحجاج، فإنما نلتفت إلى ما علينا من الشمس، فقال: إلى ما تلتفتون، أعمى الله أبصاركم، إنا لا نسجد لشمسٍ ولا لقمرٍ، ولا لحجرٍ، ولا لوبر. وقال عاصم بن أبي النجود: ما بقيت لله حرمة إلا وقد انتهكها الحجاج. وقال طاوس: إني لأعجب من أهل العراف، يسمون الحجاج مؤمناً، وقال سفيان، عن منصور قال: ذكرت لإبراهيم لعن الحجاج أو بعض الجبابرة، فقال: أليس الله يقول: ألا لعنة الله على الظالمين وكفى بالرجل عمىً. أن يعمى عن أمر الحجاج. وقال ابن عون: قيل لأبي وائل: تشهد على الحجاج أنه في النار فقال: سبحان الله أحكم على الله. وقال عوف: ذكر الحجاج عند ابن سيرين، فقال: مسكين أبو محمد، إن يعذبه الله فبذنبه، وإن يغفر له فهنيئاً. وقال رجل للثوري: اشهد على الحجاج وأبي مسلم أنهما في النار.

(6/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 325
فقال: لا، إذا أقرا بالتوحيد. وقال العباس الأزرق، عن السري بن يحيى قال: مر الحجاج في يوم جمعةٍ، فسمع استغاثةً، فقال: ما هذا قيل: أهل السجون يقولون: قتلنا الحر، فقال: قولوا لهم: اخسؤا فيها ولا تكلمون، قال: فما عاش بعد ذلك إلا أقل من جمعة. وقال الأصمعي: بنى الحجاج واسطاً في سنتين وفرغ منه سنة ست وثمانين. وقال مسلم بن إبراهيم: ثنا الصلت بن دينار قال: مرض الحجاج، فأرجف به أهل الكوفة، فلما عوفي صعد المنبر وهو يتثنى على أعواده، فقال: يا أهل الشقاق والنفاق والمراق، نفخ الشيطان في مناخركم، فقلتم: مات الحجاج، فمه، والله ما أرجو الخير إلا بعد الموت، وما رضي الله الخلود لأحدٍ من خلقه إلا لأهونهم عليه إبليس، وقد قال العبد الصالح سليمان: رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدي فكان ذلك، ثم اضمحل وكأن لم يكن، يا أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، كأني بكل حي ميت، وبكل رطب يابس، وبكل امرئٍ في ثياب طهور إلى بيت حفرته، فخد له في الأرض خمسة أذرع طولاً في ذراعين عرضاً، فأكلت الأرض من لحمه، ومصت من صديده ودمه.) وقال محمد بن المنكدر: كان عمر بن عبد العزيز يبغض الحجاج، فنفس عليه بكلمة قالها عند الموت: اللهم اغفر لي فإنهم يزعمون أنك لا تفعل.

(6/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 326
وقال إبراهيم بن هشام الغساني، عن أبيه، عن جده، أن عمر بن عبد العزيز قال: ما حسدت الحجاج عدو الله على شيءٍ حسدي إياه على حبه القرآن وإعطائه أهله، وقوله حين احتضر: اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل. وقال الأصمعي: قال الحجاج لما احتضر:
(يا رب قد حلف الأعداء واجتهدوا .......... بأنني رجل من ساكني النار)

(أيحلفون على عمياء ويحهم .......... ما علمهم بكثير العفو ستار)
فأخبر الحسن فقال: إن نجا فبهما. وقال عثمان بن عمرو المخزومي: ثنا علي بن زيد قال: كنت عند الحسن، فأخبر بموت الحجاج، فسجد. وقال حماد بن أبي سليمان: قلت لإبراهيم النخعي: مات الحجاج، فبكى من الفرح. قال أبو نعيم، وجماعة: توفي ليلة سبعٍ وعشرين في رمضان سنة خمسٍ وتسعين. قلت: عاش خمساً وخمسين سنة. قال ابن شوذب، عن أشعث الحداني قال: رأيت الحجاج في منامي بحالٍ سيئة، قلت: ما فعل بك ربك قال: ما قتلت أحداً قتلةً، إلا قتلني بها، قلت: ثم مه. قال: ثم أمر بي إلى النار، قلت: ثم مه. قال: ثم أرجو ما يرجو أهل لا إله إلا الله، فكان ابن سيرين يقول: إني لأرجو له، فبلغ ذلك الحسن، فقال: أما والله ليخلفن الله رجاءه فيه. ذكر ابن خلكان أنه مات بواسط، وعفي قبره وأجروا عليه الماء.

(6/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 327
وعندي مجلد في أخبار الحجاج فيه عجائب، لكن لا أعرف صحتها. حرملة مولى أسامة بن زيد عن: مولاه، وعن زيد بن ثابت ولزمه مدةً حتى نسب إليه، وعن: علي، وابن عمر. وعنه: أبو بكر بن حزم، وأبو جعفر الباقر، والزهري. حسان بن بلال المزني البصري.) عن: عمار بن ياسر، وحكيم بن حزام، وغيرهما. وعنه: أبو بشر جعفر بن أبي وحشية، وعبد الكريم بن أبي المخارق، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير. وثقه علي بن المديني. حسان بن أبي وجزة مولى قريش.

(6/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 328
عن: عبد الله بن عمرو بن العاص، وعقار بن المغيرة. وعنه: مجاهد، ويعلى بن عطاء. له في السنن، عن عقار، عن أبيه حديث: ما توكل من اكتوى واسترقى. الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو محمد المدني. روى عن: أبيه، وعبد الله بن جعفر. وعنه: ابنه عبد الله، وابن عمه الحسن بن محمد بن الحنفية، وسهيل بن أبي صالح، وإسحاق بن يسار، والوليد بن كثير، وفضيل بن مرزوق. قال الليث بن سعد: حدثني ابن عجلان، عن سهيل، وسعيد بن أبي سعيد مولى المهري، عن حسن بن حسن بن علي أنه رأى رجلاً وقف على

(6/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 329
البيت الذي فيه قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو له ويصلي عليه، فقال للرجل: لا تفعل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تتخذوا بيتي عيداً، ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني. هذا حديث مرسل. قال الزبير: أم الحسن هذا هي خولة بنت منظور الفزاري، وهي أم إبراهيم، وداود، وأم القاسم، بنو محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي، قال: وكان الحسن وصي أبيه، وولي صدقة علي، قال له الحجاج يوماً وهو يسايره في موكبه بالمدينة، إذ كان أمير المدينة: أدخل عمك عمر بن علي معك في صدقة علي، فإنه عمك وبقية أهلك، قال: لا أغير شرط علي. قال: إذا أدخله معك. فسافر إلى عبد الملك بن مروان، فرحب به ووصله، وكتب له إلى الحجاج كتاباً لا يجاوزه. وقال زائدة، عن عبد الملك بن عمير: حدثني أبو مصعب أن عبد الملك كتب إلى هشام بن إسماعيل عامل المدينة: بلغني أن الحسن بن

(6/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 330
الحسن يكاتب أهل العراق، فإذا جاءك كتابي) فاستحضره. قال: فجيء به، فقال له علي بن الحسين: يا بن عم، قل كلمات الفرج لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم، ل إله إلا الله رب السماوات السبع ورب الأرض رب العرش الكريم قال: فخلي. ورويت من وجهٍ آخر، عن عبد الملك بن عمير: لكن قال: كتب الوليد إلى عثمان المري: انظر الحسن بن الحسن فاجلده مائة ضربةٍ، وقفه للناس يوماً، ولا أراني إلا قاتله، قال: فعلمه علي بن الحسين كلماتٍ للكرب. وقال فضيل بن مرزوق: سمعت الحسن بن الحسن يقول لرجلٍ من الرافضة: إن قتلك قربةٌ إلى الله، فقال: إنك تمزح. فقال: والله ما هو مني بمزاح. وقال مصعب الزبيري: كان فضيل بن مرزوق يقول: سمعت الحسن يقول لرجلٍ من الرافضة: ويحكم أحبونا، فإن عصينا الله فأبغضونا، فلو كان الله نافعاً أحداً بقرابته من رسول الله لغير طاعةٍ لنفع أباه وأمة. توفي سنة سبعٍ وتسعين. الحسن بن عبد الله العرني الكوفي سوى ت

(6/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 331
عن: ابن عباس، وعمرو بن حريث، وعبيد بن نضلة، وعلقمة بن قيس، ويحيى بن الجزار. وعنه: عزرة بن عبد الرحمن، وسلمة بن كهيل، والحكم بن عتيبة، وأبو المعلى يحيى بن ميمون، وغيرهم. وثقه أبو زرعة، وغيره. الحسن بن محمد بن الحنفية أبو محمد، وأخو أبي هاشم عبد الله، وكان الحسن هو المقدم في الهيئة والفضل.

(6/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 332
روى عن: جابر، وابن عباس، وأبيه محمد بن الحنفية، وسلمة بن الأكوع، وأبي سعيد الخدري، وعبيد الله بن أبي رافع. روى عنه: الزهري، وعمرو بن دينار، وموسى بن عبيدة، وأبو سعد البقال، وآخرون. قال عمرو بن دينار: ما رأيت أحداً أعلم، بما اختلف فيه الناس من الحسن بن محمد، ما كان زهريكم إلا غلاماً من غلمانه.) وقال مسعر: كان الحسن بن محمد يفسر قول النبي صلى الله عليه وسلم ليس منا ليس مثلنا. وقال سلام بن أبي مطيع، عن أيوب السختياني: قال: أنا أكبر من المرجئة، إن أول من تكلم في الإرجاء رجلٌ من بني هاشم يقال له الحسن بن محمد. وقال عطاء بن السائب، عن زاذان، وميسرة، أنهما دخلا على الحسن ابن محمد بن علي بن أبي طالب، فلاماه على الكتاب الذي وضعه في الإرجاء، فقال: لوددت أني مت ولم أكتبه. وقال يحيى بن سعيد، عن عثمان بن إبراهيم بن حاطب: أول من تكلم في الإرجاء الحسن بن محمد، كنت حاضراً يوم تكلم، وكنت في حلقته مع عمي، وكان في الحلقة جندب وقوم معه، فتكلموا في عثمان، وعلي، وطلحة، وآل الزبير، فأكثروا، فقال الحسن: سمعت مقالتكم هذه، ولم أر مثل أن يرجأ عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، فلا يتولوا ولا يتبرأ منهم، ثم قام، فقمنا، وبلغ أباه محمد بن الحسن ما قال، فضربه بعصاً فشجه، وقال: لا تولي أباك علياً قال: وكتب الرسالة التي ثبت فيها الإرجاء بعد ذلك.

(6/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 333
قال ابن سعد: هو أول من تكلم في الإرجاء، وكان من ظرفاء بني هاشم وعقلائهم، ولا عقب له. وأمه جمال بنت قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصي. قلت: الإرجاء الذي تكلم به معناه أنه يرجئ أمر عثمان وعلي إلى الله، فيفعل فيهم ما يشاء، ولقد رأيت أخبار الحسن بن محمد في مسند علي رضي الله عنه ليعقوب بن شيبة، فأورد في ذلك كتابه في الإرجاء، وهو نحو ورقتين، فيها أشياء حسنة، وذلك أن الخوارج تولت الشيخين، وبرئت من عثمان وعلي، فعارضتهم السبائية، فبرئت من أبي بكر، وعمر، وعثمان، وتولت علياً وأفرطت فيه، وقالت المرجئة الأولى: نتولى الشيخين ونرجيء عثمان وعلياً فلا نتولاهما ولا نتبرأ منهما. وقال محمد بن طلحة اليامي: قال: اجتمع قراء الكوفة قبل الجماجم فأجمع رأيهم على أن الشهادات والبراءآت بدعة، منهم أبو البختري. وقال إبراهيم بن عيينة، ثنا عبد الواحد بن أيمن قال: كان الحسن بن محمد إذا قدم مكة نزل على أبي، فيجتمع عليه إخوانه، فيقول لي: اقرأ عليهم هذه الرسالة، فكنت اقرأها: أما بعد، فإنا نوصيكم بتقوى الله ونحثكم على أمره، إلى أن قال: ونضيف ولايتنا إلى الله ورسوله، ونرضى من أئمتنا بأبي بكر، وعمر أن يطاعا، ونسخط أن يعصيا، ونرجيء أهل الفرقة، فإن أبا بكر،) وعمر، لم تقتتل فيهما الأمة، ولم تختلف فيهما الدعوة، ولم يشك في أمرهما، وإنما الإرجاء فيما غاب عن الرجال ولم يشهدوه، فمن أنكر علينا الإرجاء وقال: متى كان الإرجاء قلنا: كان على عهد موسى، إذ قال له فرعون: فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتابٍ، إلى أن قال: منهم شيعة متمنية ينقمون المعصية على أهلها ويعلمون بها، اتخذوا أهل بيتٍ من العرب إماماً، وقلدوهم دينهم، يوالون على حبهم، ويعادون

(6/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 334
على بغضهم، جفاةٌ للقرآن، أتباع للكهان، يرجون الدولة في بعثٍ يكون قبل قيام الساعة، حرفوا كتاب الله وارتشوا في الحكم، وسعوا في الأرض فساداً، وذكر الرسالة بطولها. وقال ابن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: قرأت رسال الحسن بن محمد على أبي الشعثاء، فقال لي: ما أحببت شيئاً كرهه، ولا كرهت شيئاً أحبه. عن محمد بن الحكم، عن عوانة قال: قدم الحسن بن محمد الكوفة بعد قتل المختار، فمضى إلى نصيبين، وبها نفرٌ من الخشبية، فرأسوه عليهم، فسار إليهم مسلم بن الأسير من الموصل، وهو من شيعة ابن الزبير، فهزمهم وأسر الحسن، فبعث به إلى ابن الزبير، فسجنه بمكة فقيل: إنه هرب من الحبس، وأتى أباه إلى منى. قال العجلي: هو تابعي ثقة. وقال أبو عبيدة: توفي سنة خمس وتسعين. وقال خليفة: مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. حصين بن قبيصة الفزاري الكوفي. عن: علي، وابن مسعود، والمغيرة. وعنه: عبد الملك بن عمير، والركين بن الربيع الفزاري، والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود. ذكره ابن حبان في الثقات. حصين أبو ساسان في الكنى.

(6/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 335
حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي المدني.) روى عن: أبيه، وعمه عبد الله، وأبي هريرة، وعبد الله بن بحينة، وأبي سعيد بن النعلى. روى عنه: عمر، وعيسى، ورباح بنوه، وابن عمه سالم بن عبد الله، ونسيبه عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، وسعد بن إبراهيم، وابن شهاب الزهريان، وخبيب بن عبد الرحمن، وغيرهم. وكان من سروات بني عدي، مجمعٌ على ثقته. الحكم بن أيوب بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي، ابن عم الحجاج. روى عن: أبي هريرة

(6/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 336
وعنه: الجريري. وقال أبو حاتم: مجهول. وقال خليفة: ولي البصرة لما قدم الحجاج العراق، فلما وثب ابن الأشعث على البصرة لحق بالحجاج. حمزة بن أبي أسيد مالك بن ربيعة الأنصاري الساعدي المدني. روى عن: أبيه، والحارث بن زياد الأنصاري. روى عنه: ابناه مالك، ويحيى، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وعبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل. وقال ابن الغسيل: توفي زمن الوليد. حمزة بن المغيرة بن شعبة الثقفي عن أبيه في المسح.

(6/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 337
وعنه: بكر بن عبد الله المدني، وإسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، وغيرهما. حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، وأمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط من المهاجرات، وهي أخت عثمان بن عفان لأمه. روى عن: سعد، ابن أخيه إبراهيم، وقتادة بن أبي مليكة، والزهري، وصفوان بن سليم، وغيرهم.) وقيل: إنه أدرك عمر، والصحيح أنه لم يدركه. وكان فقيهاً نبيلاً شريفاً. وثقه أبو زرعة وغيره. وتوفي سنة خمسٍ وتسعين، وأما سنة خمس ومائة فغلطٌ.

(6/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 338
حميد بن عبد الرحمن الحميري البصري عن: أبي هريرة، وأبي بكرة، وابن عمر، وثلاثةٍ من ولد سعد بن أبي وقاص، وسعد بن هشام، وغيرهم. وعنه: عبد الله بن بريدة، وابن سيرين، ومحمد بن المنتشر، وقتادة، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية، وداود بن عبد الله الأودي، وجماعة. قال العجلي: تابعي ثقة، ثم قال: كان ابن سيرين يقول: هو أفقه أهل البصرة. قلت: رواه منصور بن زاذان، وعن ابن سيرين. وقال هشام، عن ابن سيرين: كان حميد بن عبد الرحمن أعلم أهل المصرين يعني الكوفة والبصرة.

(6/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 339
حنش بن عبد الله ابن عمرو بن حنظلة، أبو رشدين السبائي الصنعاني، صنعاء دمشق لا صنعاء اليمن. روى عن: فضالة بن عبيد، وأبي هريرة، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، ورويفع بن ثابت. روى عنه: ابنه الحارث، وقيس بن الحجاج، وعبد الله بن هبيرة، وخالد بن أبي عمران، وعامر بن يحيى المعافري، والجلاح أبو كثير، وربيعة بن سليم. وغزا المغرب، وسكن إفريقية، ولهذا عامة أصحابه مصريون. وتوفي غازياً بإفريقية سنة مائة.

(6/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 340
وثقه العجلي وأبو زرعة. وأما أبو سعيد بن يونس فقال: حنش الصنعاني كان مع عليٍ بالكوفة، وقدم مصر بعد قتل علي، وغزا المغرب مع رويفع بن ثابت، وكان فيمن ثار مع ابن الزبير، فأتي به عبد الملك بن مروان في وثاق، فعفا عنه، وله عقب بمصر، وهو أول من ولي عشور إفريقية، وبها توفي) سنة مائة. وكذا قال الواقدي في وفاة حنش الصنعاني. قلت: وهم ابن يونس وابن عساكر في أنه صاحب علي، لأن صاحب علي اسمه كما ذكرنا حنش بن ربيعة أو ابن المعتمر، وهو كناني كوفي، وقد روى عنه جماعةٌ من الكوفيين، كالحكم بن عتيبة، وإسماعيل بن أبي خالد، الذين لم يروا مصر ولا إفريقية، فتبين أنهما رجلان. ولحنش صاحب علي ترجمة في الكامل لابن عدي، وقال ما أظن أنه يروي عن غيرهما. قلت: وقد تقدمت ترجمته. حنظلة بن علي الأسلمي المدني يروي عن: حمزة بن عمرو الأسلمي، وأبي هريرة، وخفاف بن إيماء، وغيرهم. روى عنه: عبد الرحمن بن حرملة، وعمران بن أبي أنس، والزهري،

(6/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 341
وأبو الزناد، وآخرون. وثقه النسائي. حنظلة بن قيس سوى ت الأنصاري الزرقي المدني. يروي عن: عمر، وعثمان إن صح، وعن أبي اليسر السلمي، ورافع بن خديج، وغيرهما. وكان عاقلاً ذا رأي ونبل وفضل. روى عنه: الزهري، وربيعة الرأي، ويحيى بن سعيد. وكان من الثقات. حوشب بن سيف أبو هريرة السكسكي، ويقال المعافري الحمصي. عن: فضالة بن عبيد، ومعاوية، ومالك بن يخامر. وعنه: صفوان بن عمرو، وشداد بن أفلح المغراني. وثقه أحمد العجلي.

(6/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 342
4 (الخاء)
خارجة بن زيد ابن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لواذن، أبو زيد الأنصاري الخزرجي

(6/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 343
النجاري المدني الفقيه،) وأمه أم سعد بنت أحد النقباء سعد بن الربيع. روى عن: أبيه، وعمه يزيد، وأم العلاء الأنصارية، وعبد الرحمن بن أبي عمرة. روى عنه: ابنه سليمان، والزهري، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، وعثمان بن حكيم، وأبو الزناد، وغيرهم. وكان يفتي بالمدينة مع عروة وطبقته، عدوه من الفقهاء السبعة. وثقه العجلي وغيره. قال مصعب بن عبد الله: كان خارجة بن زيد، وطلحة بن عبد الله بن عوف في زمانهما يستفتيان وينتهي الناس إلى قولهما، ويقسمان المواريث من الدور والنخل والأموال بين أهلها، ويكتبان الوثائق للناس. وقال معن القزاز: ثنا زبد بن السائب أن سليمان بن عبد الملك أجاز خارجة بن زيدٍ بمالٍ فقسمه. وقال يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة: سمعت خارجة ابن زيد يقول: والله لقد رأيتنا ونحن غلمانٌ شبابٌ في زمان عثمان فدفن في مؤخر البقيع. وقال الواقدي: ثنا محمد بن بشر بن حميد المدني، عن أبيه قال: قال رجاء بن حيوة: يا أمير المؤمنين قدم قادمٌ الساعة فأخبرنا أن خارجة بن زيدٍ

(6/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 344
مات، فاسترجع عمر بن عبد العزيز، وصفق بإحدى يديه على الأخرى وقال: ثلمة والله في الإسلام. قال الواقدي، والهيثم بن عدي، والجماعة: توفي سنة تسعٍ وتسعين، وقيل عاش سبعين سنة. خالد بن سعد الكوفي مولى أبي مسعود البدري. عن: مولاه، وحذيفة، وعائشة، وأبي هريرة. وعنه: إبراهيم النخعي، والأعمش، ومنصور، وحبيب بن أبي ثابت، وأبو حصين الأسدي. وثقه ابن معين. خالد بن المهاجر بن خالد بن الوليد م بن المغيرة المخزومي.

(6/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 345
عن: ابن عباس، وابن عمر، وعبد الرحمن بن أبي عمرة. وعنه: الزهري، ومحمد بن أبي يحيى الأسلمي، وإسماعيل بن رافع، وثور بن يزيد.) وكان شاعراً شريفاً، اتهم معاوية بأن يكون سقى عمه عبد الرحمن بن خالد سماً، فنابذ بني أمية، وكان عم ابن الزبير. روى عنه مسلم. قال الزبير بن بكار: اتهم معاوية أن يكون دس إلى عمه عبد الرحمن بن خالد طبيباً يقال له ابن أثال، فسقاه في شربةٍ سماً، فاعترض ابن أثال فقتله. قلت: وقيل إن الذي قتل ابن أثال هو خالد بن عبد الرحمن بن خالد. خبيب بن عبد الله بن الزبير ابن العوام الأسدي.

(6/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 346
توفي سنة ثلاثٍ أو اثنتين وتسعين. قال ابن جرير الطبري: ضربه عمر بن عبد العزيز إذ كان أمير المدينة بأمر الخليفة الوليد خمسين سوطاً، وصب على رأسه قربةً في يومٍ بارد، وأوقفه على باب المسجد يوماً، فمات رحمه الله. قلت: روى عن: أبيه، وعائشة. وعنه: ابنه الزبير، ويحيى بن عبد الله بن مالك، والزهري، وغيرهم. وقيل: إنه أدرك كعب الأحبار، وكان من النساك. قال الزبير بن بكار: أدركت أصحابنا يذكرون أنه كان يعلم علماً كثيراً لا يعرفون وجهه ولا مذهبه فيه، يشبه ما يدعي الناس من علم النجوم. ولما مات ندم عمر وسقط في يده واستعفى من المدينة، وكانوا إذا ذكروا له أفعاله الحسنة وبشروه يقول: فكيف بخبيب. وقيل: أعطى أهله ديته، قسمها فيهم. وقال مصعب الزبيري: أخبرني مصعب بن عثمان أنهم نقلوا خبيباً إلى دار عمر بن مصعب بن الزبير، فاجتمعوا عنده حتى مات. قال: فبينا هم جلوس إذ جاءهم الماجشون يستأذن عليهم وهو مسجى، وكان الماجشون يكون مع عمر، فقال له عبد الله بن عروة: كأن صاحبك في مريةٍ من موته، اكشفوا عنه، فلما رآه رجع، قال الماجشون: فأتيت عمر فوجدته كالمرأة الماخض قائماً وقاعداً، فقال لي: ما وراءك فقلت: مات الرجل، فسقط إلى الأرض فزعاً،) واسترجع، فلم يزل يعرف فيه ذلك حتى مات، واستعفى من المدينة وامتنع من الولاية. وكان يقال له: إنك فعلت فأبشر، فيقول: فكيف بخبيب. قال مصعب بن عبد الله: وحدثت عن يعلى بن عقبة قال: كنت أمشي

(6/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 347
مع خبيب وهو يحدث نفسه، إذ وقف ثم قال: سأل قليلاً فأعطي كثيراً، وسأل كثيراً فأعطي قليلاً، فطعنه فأذراه فقتله، ثم أقبل علي فقال: قتل عمرو بن سعيد الساعة، ثم ذهب فوجد أن عمراً قتل يومئذٍ، وله أشباه هذا فيما يذكر. خلاد بن السائب بن خلاد الأنصاري الخزرجي المدني. عن: أبيه، وزيد بن خالد الجهني. وعنه: حيان بن واسع، وعبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، والمطلب بن عبد الله بن حنطب، والزهري، وقتادة. خلاس بن عمرو الهجري البصري.

(6/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 348
روى عن: علي، وعمار بن ياسر، وعائشة، وأبي هريرة. وعنه: قتادة، وداود بن أبي هند، وعوف الأعرابي. وثقه أحمد، وغيره. ويروي عن علي، وإنما ذلك كتابٌ وقع له فرواه. وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لم يسمع خلاس من أبي هريرة شيئاً. خليد بن عبد الله العصري البصري قرأ القرآن على: زيد بن صوحان، وروى عن أبي الدرداء، وسلمان الفارسي، وعلي، والأحنف. روى عنه: قتادة، وأبان بن أبي عياش، وأبو الأشهب العطاردي بن جعفر، وغيرهم. وهو ثقة.

(6/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 349
4 (الدال)
دخين بن عامر الحجري أبو ليلى، كاتب عقبة بن عامر.) روى عن: عقبة. وعنه: بكر بن سوادة، والمغيرة بن نهيك، وأبو الهيثم المصري، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم. قال ابن يونس: قتلته الروم بتنيس، سنة مائة رحمه الله. درباس مولى عبد الله بن عباس مكي قرأ على مولاه ابن عباس وقرأ عليه: عبد الله بن كثير، وابن محيصن، وزمعة بن صالح. قال أبو عمرو الداني.

(6/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 350
4 (الراء)
ربيعة بن عباد الديلي الحجازي رأى النبي صلى الله عليه وسلم بسوق ذي المجاز، وشهد اليرموك. روى عنه: ابن المنكدر، وهشام بن عروة، وزيد بن أسلم، وأبو الزناد. وقال البخاري، وغيره: له صحبة. وأبوه بالكسر والتخفيف، قيده عبد الغني. وقيده بالفتح والتخفيف ابن منده، وهو قول منكر. ومنهم من قال: عباد بالضم. ومنهم من قال: عباد مشدد. قال خليفة، وغيره: توفي في خلافة الوليد، وقد شهد اليرموك. قلت: لا شك في سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة، وإنما أسلم بعد ذلك،

(6/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 351
ولم يرد نص أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسلم. ربيعة بن عبد الله بن الهدير توفي سنة ثلاثٍ وتسعين، وله سبعٌ وثمانون سنة. ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. روى عن: طلحة، وعمر بن الخطاب. وعنه: ابنا أخيه محمد، وأبو بكر ابنا المنكدر، وعثمان بن عبد الرحمن التيمي، وربيعة الرأي، وغيرهم.) ذكره ابن حبان في كتاب الثقات. ربيعة بن لقيط ابن حارثة التجيبي المصري. حدث عن: معاوية، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن حوالة. وشهد صفين مع الشاميين.

(6/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 352
روى عنه: ابنه إسحاق، ويزيد بن أبي حبيب. وثقه أحمد العجلي. قال يزيد بن أبي حبيب: أخبرني ربيعة بن لقيط أنه كان مع عمرو بن العاص عام الجماعة، وهم راجعون من مسكن، ومطروا دماً عبيطاً. قال ربيعة: فلقد رأيتني أنصب الإناء فيمتلئ دماً عبيطاً، فظن الناس أنما هي، يعني الساعة، وماج الناس بعضهم في بعض، فقام عمرو فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: يا أيها الناس، أصلحوا ما بينكم وبين الله، ولا يضركم لو اصطدم هذان الجبلان. رواه ابن المبارك في الزهد. ورواه ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن يزيد عن ربيعة، ولفظه: إنهم كانوا مع معاوية حين قفلوا من العراق، فأمطرت السماء بدجلة دماً عبيطاً، وظنوا الظنون وقالوا القيامة، وذكر الحديث. الربيع بن خثيم ابن عائذ، أبو يزيد الثوري الكوفي، الزاهد، أحد الأعلام.

(6/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 353
أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى عن: ابن مسعود، وأبي أيوب الأنصاري، وعمرو بن ميمون الأودي. وهو قليل الرواية. وعنه: الشعبي، وإبراهيم النخعي، وهلال بن يساف، ومنذر الثوري، وهبيرة بن خزيمة، وآخرون. قال عبد الواحد بن زناد: ثنا عبد الله بن الربيع بن خثيم، ثنا أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال: كان الربيع بن خثيم إذا دخل على ابن مسعود لم يكن له إذنٌ لأحدٍ حتى يفرغ كل واحدٍ) من صاحبه، فقال له ابن مسعود: يا أبا يزيد، لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك، وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين. أخبرنا إسحاق الأسدي: أنا ابن خليل، أنا أبو المكارم اللبان، أنا أبو علي، أنا أبو نعيم، ثنا الطبراني، ثنا عبدان بن أحمد، ثنا أزهر بن مروان، ثنا عبد الواحد فذكره، بالإسناد إلى أبي نعيم، ثنا أبو حامد بن صلة، ثنا السراج، ثنا هناد، ثنا أبو الأحوص، عن سعيد بن مسروق، عن منذر الثوري، قال: كان الربيع إذا أتاه الرجل يسأله قال له: اتق الله فيما علمت وما استؤثر به عليك، فكله إلى عالمه، لأنا عليكم في العمد أخوف مني

(6/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 354
عليكم في الخطأ، وما خيركم اليوم بخير، ولكنه خيرٌ من آخر شر منه، وما تتبعون الخير حق اتباعه، وما تفرون من الشر حق فراره، ولا كل ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم أدركتم، ولا كل ما تقرأون تدرون ما هو، ثم يقول: السرائر السرائر اللاتي تخفون من الناس، وهي لله بوادٍ، التمسوا دواءهن، وما دواؤهن إلا أن تتوب ثم لا تعود. الثوري، عن منصور، عن إبراهيم قال: قال فلان: ما أرى الربيع بن خثيم تكلم بكلامٍ منذ عشرين سنة إلا بكلمة تصعده. الثوري، عن نسير بن ذعلوق، عن إبراهيم التيمي قال: أخبرني من صحب ابن خثيم عشرين عاماً ما سمع منه كلمةً تعاب. الثوري، عن رجل، عن أبيه قال: جالست الربيع بن خثيم سنين، فما سألني عن شيءٍ مما فيه الناس، إلا أنه قال لي مرة: أمك حية الثوري، عن أبيه قال: كان إذا قيل للربيع بن خثيم كيف أصبحتم قال: ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا. خلف بن خليفة، عن سيار، عن أبي وائل قال: انطلقت أنا وأخي حتى دخلنا على الربيع بن خثيم، فإذا هو جالسٌ في مسجده، فسلمنا عليه، فرد وقال: ما جاء بكم قلنا: جئنا لنذكر الله معك ونحمده، فرفع يديه وقال:

(6/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 355
الحمد لله الذي لم تقولا جئنا لتشرب ونشرب معك، ولا لنزني معك، رواها آخر عن أبي وائل. وعن الربيع بن خثيم قال: كل ما لا يبتغى به وجه الله يضمحل. الأعمش، عن منذر الثوري: أن الربيع بن خثيم قال لأهله: اصنعوا لي خبيصاً وكان لا يكاد) يتشهى عليهم شيئاً قال فصنعوه، فأرسل إلى جارٍ له مصاب، فجعل يأكل ولعابه يسيل، قال أهله: ما يدري ما أكل. قال الربيع: لكن الله يدري. سفيان الثوري، عن سرية الربيع بن خثيم قالت: كان الربيع يدخل عليه الداخل وفي حجره المصحف يقرأ فيه فيغطيه. وعن بنت الربيع بن خثيم قالت: كنت أقول: يا أبتاه ألا تنام فيقول: يا بنية، كيف ينام من يخاف البيات أبو نعيم: ثنا سفيان، عن أبي حيان، عن أبيه قال: كان الربيع بن خثيم يقاد إلى الصلاة وبه الفالج، فقيل له: يا أبا يزيد، قد رخص لك، قال: إني أسمع حي على الصلاة، فإن استطعتم أن تأتوها ولو حبواً. الثوري، عن أبيه، عن بكر بن ماعز قال: كان في وجه الربيع بن خثيم شيء، فكان فمه يسيل، فرأى في وجهي المساءة، فقال: يا أبا بكر، ما يسرني أن هذا الذي بي بأعتى الديلم على الله.

(6/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 356
وقال الثوري: قيل للربيع بن خثيم: لو تداويت، فقال: ذكرت عاداً وثمود وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً، كانت فيهم أوجاع، وكانت لهم أطباء، فما بقي المداوى ولا المداوي، إلا وقد فني. ابن عيينة: ثنا مالك بن مغولٍ، عن الشعبي قال: ما جلس ربيع في مجلسٍ منذ اتزر بإزارٍ، يقول: أخاف أن أرى حاملاً، أخاف أن أرد السلام، أخاف أن لا أغمض بصري. الثوري، عن نسير بن ذعلوق قال: ما رؤي الربيع بن خثيم متطوعاً في مسجد الحي قط غير مرة. مسعر، عن عمرو بن مرة: سمعت الشعبي يقول: ثنا الربيع بن خثيم عند هذه السارية، وكان من معادن الصدق. وعن منذر قال: كان ربيع بن خثيم إذا أخذ عطاءه قسمه، وترك قدر ما يكفيه. وعن ياسين الزيات قال: جاء بن الكواء إلى الربيع بن خثيم فقال: دلني على من هو خيرٌ منك. قال: نعم، من كان منطقه ذكراً، وصمته تفكراً، ومسيره تدبراً، فهو خيرٌ مني.

(6/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 357
وعن الشعبي قال: كان الربيع بن خثيم أشد أصحاب ابن مسعود ورعاً. زائدة، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن الربيع بن خثيم، عن عمرو بن ميمون، عن عبد) الرحمن بن أبي ليلى، عن امرأةٍ من الأنصار، عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيعجز أحدكم أن يقرأ ليلةً بثلث القرآن فأشفقنا أن يأمرنا بأمرٍ نعجز عنه، فسكتنا، قال: إنه من قرأ: الله الواحد الصمد، فقد قرأ ليلتئذٍ ثلث القرآن. أخبرناه أحمد بن أبي الخير، إجازةً عن أبي المكارم المعدل، أنبأ أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم، ثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا محمد بن غالب، ثنا أبو حذيفة، ثنا زائدة فذكره، وفيه خمسةٌ من التابعين، بعضهم عن بعض. الربيع بن عميلة م الفزاري الكوفي. عن: ابن مسعود، وعمار، وسمرة بن جندب، وأخيه يسير بن عميلة. وعنه: ابنه الركين، وهلال بن يساف، وعبد الملك بن عمير، والحكم بن عتيبة. وثقه ابن معين.

(6/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 358
4 (الزاي)
زرارة بن أوفى أبو حاجب العامري، قاضي البصرة. كان من كبار علماء البصرة وصلحائها. سمع: عمران بن حصين، وأبا هريرة، وابن عباس. روى عنه: أيوب، وقتادة، وداود بن أبي هند، وبهز بن حكيم

(6/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 359
القشيري، وعوف الأعرابي، وآخرون. وثقه النسائي، وغيره. وثبت أنه قرأ في صلاة الصبح، فلما تلا فإذا نقر في الناقور خر ميتاً، وذلك في سنة ثلاثٍ وتسعين. زهدم بن مضرب الأزدي الجرمي البصري، أبو مسلم. عن: أبي موسى، وعمران بن حصين. وعنه: أبو قلابة، وأبو جمرة الضبعي، والقاسم بن عاصم الوراق، وقتادة.) زياد بن جارية الدمشقي له حديث مرسل، وقيل له صحبة. وله عن: حبيب بن مسلمة في النفل.

(6/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 360
روى عنه: مكحول، ويونس بن ميسرة، وعطية بن قيس، وأنكر زمن الوليد بن عبد الملك تأخير الجمعة، فأخذوه وقتلوه. زياد بن ربيعة الحضرمي المصري وقد ينسب إلى جده، فيقال: زياد بن نعيم. روى عن: زياد بن الحارث الصدائي، وابن عمر، وأبي أيوب الأنصاري، وغيرهم. وعنه: بكر بن سوادة، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وجماعة. توفي سنة خمسٍ وتسعين. زياد بن صبيح الحنفي المكي ويقال البصري. عن: ابن عباس، والنعمان بن بشير، وابن عمر. وعنه: سعيد بن زياد، والأعمش، ومنصور، ومغيرة بن مقسم. وثقه النسائي، وغيره. زيد بن وهب الجهني الكوفي مخضرم، وقد ذكر. قال ابن مندويه: مات سنة ست وتسعين.

(6/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 361
4 (السين)
سالم البراد د ن أبو عبد الله، كوفي. عن: أبي مسعود البدري، وأبي هريرة. وعنه: إسماعيل بن أبي خالد، وعطاء بن السائب، وعبد الملك بن عمير. وثقه ابن معين. سالم بن أبي الجعد) الأشجعي مولاهم الكوفي الفقيه،

(6/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 362
أخو عبد الله، وعبيد، وزياد، وعمران، ومسلم، وأشهرهم سالم. روى عن: ابن عباس، وثوبان، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمرو، والنعمان بن بشير، وعبد الله بن عمر، وأنس، وأبيه رافع أبي الجعد، وجماعة. روى عنه: قتادة، ومنصور، والأعمش، والحكم، وحصين بن عبد الرحمن، وآخرون. كان ثقة نبيلاً. توفي سنة مائة، وقيل قبلها، ويقال بعدها بسنة. وقد روى أيضاً عن: عمر، وعلي في سنن النسائي وذلك مرسل. سالم أبو الغيث ع مولى عبد الله بن مطيع العدوي المدني.

(6/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 363
عن: أبي هريرة فقط. وعنه: سعيد المقبري، وثور بن زيد، وصفوان بن سليم، وعثمان بن عمر التيمي، وآخرون. وثقه ابن معين. السائب بن مالك وقيل ابن يزيد، أو زيد الثقفي، مولاهم الكوفي. عن: علي، وعمار، وعبد الله بن عمرو، وغيرهم. وعنه: ابنه عطاء بن السائب، وأبو إسحاق السبيعي. وثقه العجلي. السائب بن يزيد ع ابن سعيد بن ثمامة، أبو يزيد الكندي المدني، ابن أخت نمر، يعرفون

(6/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 364
بذلك، وكان سعيد بن ثمامة حليف بني عبد شمس. قال السائب: حج بي أبي مع النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين. وقال: خرجت مع الصبيان إلى ثنية الوداع نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك. وقال: ذهبت بي خالتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنه وجعٌ، فمسح رأسي ودعا لي، ورأيت بين كتفيه خاتم النبوة.)

(6/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 365
وقد روى أيضاً عن: عمر، وعثمان، وخاله العلاء بن الحضرمي، وطلحة، وحويطب بن عبد العزى، وجماعة. روى عنه: إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، والزهري، والجعد بن عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد، وابنه عبد الله بن السائب، وعبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، ويزيد بن عبد الله، وعمر بن عطاء بن أبي الخوار، وآخرون. قال أبو معشر السندي، عن يوسف بن يعقوب، عن السائب قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قتل عبد الله بن خطل يوم الفتح، استخرجوه من تحت الأستار، فضرب عنقه بين زمزم والمقام، ثم قال: لا يقتل قرشي بعد هذا صبراً. وقال عكرمة بن عمار: ثنا عطاء مولى السائب قال: كان السائب رأسه أسود من هامته إلى مقدم رأسه، وسائر رأسه ومؤخره وعارضه ولحيته أبيض، فقلت له: ما رأيت أعجب شعراً منك فقال لي: أو تدري مم ذاك يا بني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بي وأنا ألعب، فمسح يده على رأسي، وقال: بارك الله فيك فهو لا يشيب أبداً. يعني: موضع كفه. وقال يونس، عن الزهري قال: ما اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضياً، ولا أبو بكر، ولا عمر، حتى قال عمر للسائب ابن أخت نمر: لو روحت عني بعض الأمر حتى كان عثمان. وقال عبد الأعلى الفروي: رأيت على السائب بن يزيد مطرف خز، وجبة خز، وعمامة خز.

(6/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 366
وقال الواقدي، وأبو مسهر، وجماعة: توفي سنة إحدى وتسعين، وهو ابن ثمانٍ وثمانين سنة، ويروى عن الجعد بن عبد الرحمن أن وفاته سنة أربع وتسعين. سعد بن إياس أبو عمرو الشيباني. في الكنى. سعد بن عبيد هو أبو عبيد في الكنى. سعيد بن جبير ع ابن هشام الأسدي الوالبي مولاهم أبو عبد الله الكوفي، أحد الأئمة الأعلام.

(6/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 367
سمع: ابن عباس، وعدي بن حاتم، وابن عمر، وعبد الله بن مغفل، وغيرهم. وروى عن: أبي) موسى الأشعري عند النسائي، وذلك منقطع وروى عن أبي هريرة، وعائشة، وفيه نظر. قرأ عليه: المنهال بن عمرو، وأبو عمرو بن العلاء. وروى عنه: جعفر بن المغيرة، وجعفر بن أبي وحشية، وأيوب السختياني، والأعمش، وعطاء بن السائب، والحكم بن عتيبة، وحصين بن عبد الرحمن، وخصيف الجزري، وسلمة بن كهيل، وابنه عبد الله بن سعيد، وابنه الآخر عبد الملك، والقاسم ابن أبي بزة، ومحمد بن سوقة، ومسلم البطين، وعمرو بن دينار، وخلق كثير. وقال ابن عباس وقد أتاه أهل الكوفة يسألونه فقال: أليس فيكم سعيد ابن جبير. وعن أشعث بن إسحاق قال: كان يقال لسعيد بن جبير: جهبذ العلماء. وقال إبراهيم النخعي: ما خلف سعيد بن جبير بعده مثله. وروي أنه كان أسود اللون. خرج مع ابن الأشعث على الحجاج، ثن إنه اختفى وتنقل في النواحي اثنتي عشرة سنة، ثم وقعوا به، فأحضروه إلى الحجاج، فقال: يا شقي بن كسير يعني ما أنت سعيد بن جبير أما قدمت الكوفة وليس يؤم بها إلا عربي فجعلتك إماماً قال: بلى. قال: أما وليتك القضاء، فضج أهل الكوفة وقالوا: لا يصلح للقضاء إلا عربي، فاستقضيت أبا بردة بن أبي موسى وأمرته أن لا يقطع أمراً دونك قال: بلى، قال: أما جعلتك في سماري

(6/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 368
وكلهم رؤوس العرب قال: بلى، قال: أما أعطيتك مائة ألف تفرقها على أهل الحاجة قال: بلى، قال: فما أخرجك علي قال: بيعة كانت في عنقي لابن الأشعث. فغضب الحجاج وقال: أما كانت بيعة أمير المؤمنين في عنقك من قبل يا حرسي اضرب عنقه. فضرب عنقه، رحمه الله، وذلك في شعبان سنة خمس وتسعين بواسط، وقبره ظاهر يزار. وقال معتمر بن سليمان، عن أبيه قال: كان الشعبي يرى التقية، وكان سعيد بن جبير لا يرى التقية، وكان الحجاج إذا أتي بالرجل قال له: أكفرت إذا خرجت علي فإن قال: نعم، تركه، وإن قال: لا، قتله، فأتي بسعيد بن جبير، فقال له: أكفرت إذ خرجت علي قال: ما كفرت منذ آمنت. قال: اختر أي قتلة أقتلك فقال: اختر أنت فإن القصاص أمامك. وقال ربيعة الرأي: كان سعيد بن جبير من العباد العلماء، فقتله الحجاج، وجده في الكعبة وناساً فيهم طلق بن حبيب، فساروا بهم إلى العراق، فقتلهم من غير شيء تعلق به عليهم، إلا بالعبادة، فلما قتل سعيداً خرج منه دم كثير، حتى راع الحجاج، فدعا طبيباً، فقال: ما بال دمه كثيراً قال: قتلته ونفسه معه.) وقال عمرو بن ميمون، عن أبيه: مات سعيد بن جبير وما على الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه.

(6/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 369
وعن هلال بن يساف قال: دخل سعيد بن جبير الكعبة فقرأ القرآن في ركعة. وقال عبد الملك بن أبي سليمان: عن سعيد إنه كان يختم القرآن في كل ليلتين. وله ترجمة جليلة في الحلية. قال ابن عيينة، عن أبي سنان قال: لدغت سعيد بن جبير عقربٌ، فأقسمت أمه عليه ليسترقين، فناول الرقاء يده التي لم تلدغ. وقال إسماعيل بن عبد الملك: كان سعيد بن جبير يؤمنا في رمضان، فيقرأ ليلة بقراءة ابن مسعود، وليلة بقراءة زيد بن ثابت. وقال عبد السلام بن حرب، عن خصيف قال: أعلمهم بالطلاق سعيد بن المسيب، وأعلمهم بالحج عطاء، وأعلمهم بالحلال والحرام طاوس، وأعلمهم بالتفسير مجاهد، وأجمعهم لذلك كله سعيد بن جبير. وقال حماد بن يزيد: ثنا الفضل بن سويد، ثنا الضبي قال: كنت في حجر الحجاج فقدموا سعيد بن جبير، وأنا شاهد، فأخذ الحجاج يعاتبه كما يعاتب الرجل ولده، فانفلتت من سعيد كلمة فقال إنه عزم علي، يعني ابن الأشعث. ويروى أن الحجاج رؤي في النوم، فقيل: ما فعل الله بك فقال: قتلني بكل قتيل قتلته، قتلة، وقتلني بسعيد بن جبير سبعين قتلة. روي أنه لما احتضر كان يغوص ثم يفيق ويقول: مالي ومالك يا سعيد بن جبير. قلت: صح أنه قال لابنه: ما يبكيك، ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة، وذلك حين دعي ليقتل، رحمه الله. رواها الثوري، عن عمر بن

(6/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 370
سعيد بن أبي حسين. سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى الكوفي عن: أبيه في الكتب الستة. وعنه: ذر الهمداني، وقتادة، وزبيد اليامي، وعطاء بن السائب، والحكم بن عتيبة، وغيرهم. سعيد بن عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد بن أبي الفيض بن أمية القرشي الأموي أحد الأشراف بالبصرة.) كان نبيلاً جواداً ممدحاً، له وفادة على سليمان بن عبد الملك. قال مصعب الزبيري: زعموا أنه أعطى شاعراً ثلاثة آلاف دينار. سعيد بن مرجانة أبو عثمان مولى بني عامر بن لؤي. ومرجانة هي أمه. كان من علماء المدينة. حدث عن: أبي هريرة، وابن عباس. روى عنه: إسماعيل بن أبي حكيم، وزيد بن أسلم، وعلي بن الحسين، مع جلالته وقدمه، وابناه: أبو جعفر الباقر، وعمر، وواقد بن محمد العمري، وغيرهم. ولد في خلافة عمر، وتوفي سنة سبع وتسعين.

(6/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 371
سعيد بن المسيب ع ابن حزن بن أبي وهب بن عائذ بن عمران بن مخزوم، الإمام أبو محمد القرشي المخزومي المدني عالم أهل المدينة بلا مدافعة. ولد في خلافة عمر لأربع مضين منها، وقيل لسنتين مضتا منها. ورأى عمر، وسمع: عثمان، وعلياً، وزيد بن ثابت، وسعد بن أبي وقاص، وعائشة، وأبا موسى الأشعري، وأبا هريرة، وجبير بن مطعم، وعبد الله بن زيد المازني، وأم سلمة، وطائفة من الصحابة. روى عنه: الزهري، وقتادة، وعمرو بن دينار، ويحيى بن سعيد، وبكير

(6/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 372
ابن الأشج، وشريك بن أبي نمر، وداود بن أبي هند، وآخرون. قال أسامة بن زيد، عن نافع، قال ابن عمر: سعيد بن المسيب هو والله أحد المفتين. وقال قتادة: ما رأيت أحداً أعلم من سعيد بن المسيب. وكذا قال مكحول، والزهري. وقال ابن وهب عن مالك، قال: غضب سعيد بن المسيب على الزهري وقال: ما حملك على أن حدثت بني مروان حديثي فما زال غضبان عليه حتى أرضاه بعد. وقال ابن وهب: ثنا مالك أن القاسم بن محمد سأله رجل عن شيء، فقال: أسألت أحداً غيري قال: نعم عروة، وفلاناً وسعيد بن المسيب، فقال: أطع ابن المسيب، فإنه سيدنا وعالمنا. وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، سمع مكحولاً يقول: طفت الأرض كلها في طلب العلم،) فما لقيت أحداً أعلم من سعيد بن المسيب. وقال حماد بن زيد، عن يزيد بن حازم: إن ابن المسيب كان يسرد الصوم. وعن ابن المسيب قال: ما شيء عندي اليوم أخوف من النساء. وقال مالك: كان يقال لابن المسيب رواية عمر، فإنه كان يتبع أقضية عمر يتعلمها، وإن كان ابن عمر ليرسل إليه يسأله. مجاشع بن عمرو، عن أبي بكر بن حفص، عن سعيد بن المسيب قال: من أكل الفجل وسره أن لا يوجد منه ريحه فليذكر النبي صلى الله عليه وسلم عند أول قضمه. وقال بعضهم عن ابن المسيب، قال: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة. وعنه قال: حججت أربعين حجة.

(6/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 373
وعنه قال: ما نظرت إلى قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة، يعني لمحافظته على الصف الأول. وكان سعيد ملازماً لأبي هريرة، وكان زوج ابنته. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان رجلاً صالحاً لا يأخذ العطاء، وله أربعمائة دينار يتجر بها في الزيت. وقال علي بن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علماً منه، هو عندي أجل التابعين. وقال أحمد بن حنبل وغيره: مرسلات سعيد بن المسيب صحاح. قلت: قد مر في ترجمة هشام بن إسماعيل أنه ضرب سعيد بن المسيب ستين سوطاً. وقال ابن سعد: ضرب سعيداً حين دعاه إلى بيعة الوليد، إذ عقد له أبوه عبد الملك بالخلافة، فأبى سعيد وقال: أنظر ما يصنع الناس، فضربه هشام وطوف به وحبسه، فأنكر ذلك عبد الملك ولم يرضه، فأخبرنا محمد بن عمر ثنا عبد الله بن جعفر، وغيره، أن عبد العزيز بن مروان توفي، فعقد عبد الملك لابنيه العهد، وكتب بالبيعة لهما إلى البلدان، وأن عامله يومئذ على المدينة هشام المخزومي، فدعا الناس إلى البيعة، فبايعوا، وأبى سعيد بن المسيب أن يبايع لهما، وقال: حتى أنظر، فضربه ستين سوطاً، وطاف به في تبان من شعر حتى بلغ به رأس الثنية، فلما كروا به قال: إلى أين قالوا: السجن. قال: والله لولا أني ظننت أنه الصلب ما لبست هذا التبان أبداً، فردوه إلى السجن.

(6/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 374
وكتب هشام إلى عبد الملك بخلافه، فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع به، ويقول: سعيد) والله أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه، وإنا لنعلم ما عند سعيد شقاق ولا خلاف. وعن عبد الله بن يزيد الهذلي قال: دخلت على سعيد بن المسيب السجن، فإذا هو قد ذبحت له شاة، فجعل الإهاب على ظهره، ثم جعلوا له بعد ذلك قضباً رطباً، وكان كلما نظر إلى عضديه قال: اللهم انصرني من هشام. وروي أن أبا بكر بن عبد الرحمن دخل على سعيد السجن، فجعل يكلمه ويقول: إنك خرقت به ولم ترفق، فقال: يا أبا بكر اتق الله وآثره على ما سواه، وأبو بكر يقول: إنك خرقت به، فقال: إنك والله أعمى البصر والقلب، ثم ندم هشام بعد وخلى سبيله. وقال يوسف بن يعقوب الماجشون، عن المطلب بن السائب قال: كنت جالساً مع سعيد بن المسيب بالسوق، فمر بريد لبني مروان، فقال له سعيد: من رسل بني أمية أنت قال: نعم. قال: فكيف تركتهم قال: بخير. قال: تركتهم يجيعون الناس ويشبعون الكلاب قال: فاشرأب الرسول، فقمت إليه، فلم أزل أرجيه حتى انطلق، ثم قلت لسعيد: يغفر الله لك، تشيط بدمك بالكلمة هكذا تلقيها، قال: اسكت يا أحيمق، فوالله لا يسلمني الله ما أخذت بحقوقه. وقال سلام بن مسكين: ثنا عمران بن عبد الله قال: أرى نفس سعيد ابن المسيب كانت أهون عليه في الله من نفس ذباب. وعن علي بن الحسين زين العابدين قال: سعيد بن المسيب أعلم الناس بما

(6/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 375
تقدم من الآثار وأفقههم في رأيه. وقال مالك: بلغني أن سعيد بن المسيب قال: إن كنت لأسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد. وقال ابن يونس الفوي: دخلت المسجد فإذا سعيد بن المسيب جالس وحده، فقلت: ما له قالوا: نهى أن يجالسه أحد. وكان ابن المسيب إماماً أيضاً في تعبير الرؤيا. قال أبو طالب: قلت لأحمد بن حنبل: سعيد بن المسيب عن عمر حجة قال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، إذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل قال ابن خيثمة في تاريخه: ثنا لوين، ثنا عبد الحميد بن سليمان، عن أبي حازم، عن ابن المسيب قال: لو رأيتني لبالي الحرة، وما في المسجد غيري، ما يأتي وقت صلاة إلا سمعت) الأذان من القبر، ثم أقيم فأصلي، وإن أهل الشام ليدخلوا المسجد زمراً فيقولون: انظروا إلى هذا الشيخ المجنون. قلت: عبد الحميد ليس بثقة. وقال وكيع: ثنا مسعر، عن سعد بن إبراهيم، سمع سعيد بن المسيب يقول: ما أحد أعلم بقضاءٍ قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر مني. ومن مفردات سعيد بن المسيب أن المطلقة ثلاثاً تحل للأول بمجرد عقد الثاني من غير وطء. توفي سعيد في قول الهيثم، وسعيد بن عفير، ومحمد بن عبد الله ابن نمير، وغيرهم: في سنة أربع وتسعين. وقال أبو نعيم وعلي بن المديني: سنة ثلاث وتسعين. وقال يحيى القطان وغيره: توفي سنة إحدى أو اثنتين وتسعين.

(6/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 376
وقال محمد بن سواء: ثنا همام، عن قتادة قال: مات سنة تسع وثمانين. وقال أبو عبد الله الحاكم: فأما أئمة الحديث فأكثرهم على أنه توفي سنة خمس ومائة. ثنا الأصم، ثنا حنبل، ثنا علي بن عبد الله قال: مات سعيد بن المسيب في سنة خمس ومائة. سعيد بن وهب الهمداني الكوفي. قال ابن معين: توفي سنة ستٍ وتسعين. والصواب سنة ستٍ وسبعين كما قدمناه، وهو من كبار التابعين، وروى اليسير. سعيد بن أبي الحسن يسار أخو الحسن البصري روى عن: أمه خيرة، وأبي هريرة، وأبي بكر الثقفي، وابن عباس. روى عنه: قتادة، وسليمان التيمي، وخالد الحذاء، وعوف الأعرابي، وجماعة. وثقه النسائي.

(6/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 377
توفي سنة مائة، ويقال إنه مات قبل الحسن بسنة، والأول أثبت. وآخر من روى عنه علي بن علي الرفاعي. سليمان بن سنان المزني مولاهم البصري. عن: أبي هريرة، وابن عباس. وعنه: يزيد بن أبي حبيب، وجعفر بن ربيعة. قاله ابن يونس.) سليمان بن عبد الملك ابن مروان بن الحكم القرشي الأموي أمير المؤمنين أبو أيوب. وكان من خيار ملوك بني أمية، ولي الخلافة في جمادى الآخرة سنة ستٍ وتسعين بعد الوليد بالعهد المذكور من أبيه. وروى قليلاً عن: أبيه، وعبد الرحمن بن هنيدة.

(6/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 378
روى عنه: ابنه عبد الواحد، والزهري. وكانت داره موضع سقاية جيرون، وله دار بناها بدرب محرز بدمشق، فجعلها دار الخلافة، وجعل لها قبة صفراء كالقبة الخضراء التي بدار الخلافة، وكان فصيحاً مفوهاً مؤثراً للعدل، محباً للغزو، وجهز الجيوش مع أخيه مسلمة لحصار القسطنطينية، فحاصرها مدة حتى صالحوا على بناء جامع بالقسطنطينية. ومولده سنة ستين. وقالت امرأة: رأيته أبيض عظيم الوجه مقرون الحاجبين، يضرب شعره منكبيه، ما رأيت أجمل منه. وقال الوليد بن مسلم: حدثني غير واحد أن البيعة أتت سليمان وهو يشارف البلقاء، فأتى، بيت المقدس، وأتته الوفود فلم يروا وفادة كانت أهيأ من الوفادة إليه، كان يجلس في قبة في صحن المسجد مما يلي الصخرة، ويجلس الناس على الكراسي، وتقسم الأموال وتقضى الأشغال. وقال سعيد بن عبد العزيز: ولي سليمان وهو إلى الشباب والترفه ما هو، فقال لعمر بن عبد العزيز: يا أبا حفص، إنا وقد ولينا ما قد ترى، ولم يكن لنا بتدبيره علم، فما رأيت من مصلحة العامة فمر به، فكان من ذلك أنه عزل عمال الحجاج، وأخرج من كان في سجن العراق، ومن ذلك كتابه: أن الصلاة كانت قد أميتت فأحيوها وردوها إلى وقتها، مع أمورٍ حسنة كان يسمع من عمر فيها، فأخبرني من أدرك ذلك أن سليمان هم بالإقامة ببيت المقدس واتخذها منزلاً، ثم ذكر ما قدمنا في سنة ثمانٍ وتسعين، من نزوله بقنسرين مرابطاً. وحج سليمان في خلافته سنة سبعٍ وتسعين.

(6/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 379
وعن الشعبي قال: حج سليمان، فرأى الناس بالموسم، فقال لعمر بن عبد العزيز، أما ترى هذا الخلق الذي لا يحصي عددهم إلا الله ولا يسع رزقهم غيره قال: يا أمير المؤمنين هؤلاء اليوم رعيتك، وهم غداً خصماؤك فبكى سليمان بكاءً شديداً ثم قال: بالله أستعين.) وقال حماد بن زيد، عن يزيد بن حازم قال: كان سليمان بن عبد الملك يخطبنا كل جمعة، لا يدع أن يقول: أيها الناس إنما أهل الدنيا على رحيل لم تمض بهم نية ولم تطمئن لهم دار حتى يأتي وعد الله وهم على ذلك. لا يدوم نعيمها ولا تؤمن فجائعها، ولا يتقى من شر أهلها، ثم يقرأ: أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون. وعن ابن سيرين قال: يرحم الله سليمان بن عبد الملك، افتتح خلافته بإحيائه الصلاة لوقتها، واختتمها باستخلافه عمر بن عبد العزيز. وكان سليمان ينهى عن الغناء، وقيل كان من الأكلة المذكورين، فذكر محمد بن زكريا الغلابي وليس بثقة ثنا محمد بن عبد الرحيم القرشي عن أبيه، عن هشام بن سليمان قال: أكل سليمان بن عبد الملك أربعين دجاجة تشوى له على النار على صفة الكباب، وأكل أربعاً وثمانين كلوة بشحومها وثمانين جردقة. وقال محمد بن حميد الرازي، عن ابن المبارك: أن سليمان حج فأتى الطائف، فأكل سبعين رمانة وخروفاً وست دجاجات، وأتي بمكوك زبيب طائفي، فأكله أجمع. وعن عبد الله بن الحارث قال: كان سليمان بن عبد الملك أكولاً.

(6/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 380
وقال إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى: ثنا أبي، عن أبيه قال: جلس سليمان بن عبد الملك في بيت أخضر على وطاء أخضر عليه ثياب خضر، ثم نظر في المرآة فأعجبه شبابه وجماله فقال: كان محمد صلى الله عليه وسلم نبياً، وكان أبو بكر صديقاً، وكان عمر فاروقاً، وكان عثمان حيياً، وكان معاوية حليماً، وكان يزيد صبوراً، وكان عبد الملك سائساً، وكان الوليد جباراً، وأنا الملك الشاب. فما دار عليه الشهر حتى مات. وروى محمد بن سعيد الدارمي، عن أبيه قال: كان سليمان بن عبد الملك ينظر في المرآة من فرقه إلى قدمه ويقول: أنا الملك الشاب، فلما نزل بمرج دابق حم وفشت الحمى في عسكره، فنادى بعض خدمه، فجاءت بطست، فقال لها: ما شأنك قالت: محمومة. قال فأين فلانة قالت: محمومة، فما ذكر أحداً إلا قالت: محمومة، فالتفت إلى خاله الوليد بن القعقاع العبسي وقال:
(قرب وضوءك يا وليد فإنما .......... هذي الحياة تعلةٌ ومتاع)
فقال الوليد:
(فاعمل لنفسك في حياتك صالحاً .......... فالدهر فيه فرقة وجماع)
) ومات في مرضه. وعن الفضل بن المهلب قال: عرضت لسليمان سعلةٌ وهو يخطب، فنزل وهو محموم، فما جاءت الجمعة الأخرى حتى دفن. وقال الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن حسان الكناني قال: لما مرض سليمان بدابق قال لرجاء بن حيوة: من لهذا الأمر بعدي، أستخلف ابني قال: ابنك غائب، قال: فابني الآخر، قال: صغير، قال: فمن ترى قال: أرى أن تستخلف عمر بن عبد العزيز، قال: أتخوف إخوتي لا يرضون، قال: فول عمر، ومن بعده يزيد بن عبد الملك، وتكتب كتاباً وتختم عليه وتدعوهم إلى بيعته مختوماً، قال: لقد رأيت ائتني بقرطاس، فدعا بقرطاس، فكتب فيه العهد،

(6/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 381
ودفعه إلى رجاء، وقال: اخرج إلى الناس فليبايعوا على ما فيه مختوماً، فخرج، فقال: إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا لمن في هذا الكتاب، قالوا: ومن فيه قال: هو مختوم لا تخبرون بمن فيه حتى يموت. قالوا: لا نبايع. فرجع إليه فأخبره، فقال: انطلق إلى صاحب الشرطة والحرس، فاجمع الناس ومرهم بالبيعة، فمن أبى فاضرب عنقه، قال: فبايعوه على ما فيه. قال رجاء بن حيوة: فبينا أنا راجع إذ سمعت جلبة موكب، فإذا هشام، فقال لي: يا رجاء قد علمت موقعك منا، وإن أمير المؤمنين صنع شيئاً ما أدري ما هو، وأنا أتخوف أن يكون قد أزالها عني، فإن يكن قد عدلها عني فأعلمني ما دام في الأمر نفس حتى ينظر، فقلت: سبحان الله، يستكتمني أمير المؤمنين أمراً أطلعك عليه، لا يكون ذا أبداً، قال: فأدارني ولاحاني، فأبيت عليه، فانصرف، فبينا أنا أسير إذ سمعت جلبة خلفي، فإذا عمر بن عبد العزيز وقال لي: يا رجاء إنه قد وقع في نفسي أمر كبير من هذا الرجل، أتخوف أن يكون قد جعلها إلي ولست أقوم بهذا الشأن، فأعلمني ما دام في الأمر نفس لعلي أتخلص منه ما دام حياً، قلت: سبحان الله يستكتمني أمير المؤمنين أمراً أطلعك عليه، قال: وثقل سليمان، فلما مات أجلسته مجلسه وأسندته وهيأته وخرجت إلى الناس، فقالوا: كيف أصبح أمير المؤمنين قلت: أصبح ساكناً، وقد أحب أن تسلموا عليه وتبايعوا بين يديه على ما في الكتاب، فدخلوا وأنا قائم عنده، فلما دنوا قلت: إنه يأمركم بالوقوف، ثم أخذت الكتاب من عنده وتقدمت إليهم وقلت: إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا على ما في هذا الكتاب، فبايعوا وبسطوا أيديهم. فلما بايعتهم وفرغت قلت: آجركم الله في أمير المؤمنين، قالوا: فمن ففتحت الكتاب فإذا فيه العهد لعمر بن عبد العزيز، فتغيرت) وجوه بني عبد الملك، فلما سمعوا: وبعده يزيد بن عبد الملك كأنهم تراجعوا فقالوا: أين عمر، فطلبوه فإذا هو في المسجد، فأتوه فسلموا عليه بالخلافة، فعقر به فلم يستطع النهوض حتى أخذوا بضبعيه، فدنوا به إلى المنبر وأصعدوه، فجلس طويلاً لا يتكلم، فقال رجاء: ألا تقومون إلى أمير المؤمنين فتبايعونه، فنهض القوم إليه فبايعوه رجلٌ رجلٌ ومد يده إليهم،

(6/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 382
قال فصعد إليه هشام بن عبد الملك، فلما مد يده إليه قال: يقول هشام إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال عمر: إنا لله وإنا إليه راجعون، حين صار يلي هذا الأمر أنا وأنت. ثم قال: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إني لست بفارض ولكني منفذ، ولست بمبتدع ولكني متبع، وإن من حولكم من الأمصار والمدن إن هم أطاعوا كما أطعتم فأنا واليكم، وإن هم أبوا فلست لكم بوالٍ. ثم نزل فأتاه صاحب المراكب فقال: ما هذا قال: مركب الخليفة. قال: لا حاجة لي فيه، ائتوني بدابتي، فأتوه بدابته فانطلق إلى منزله، ثم دعا بدواة فكتب بيده إلى عمال الأمصار. قال رجاء: كنت أظن أنه سيضعف، فلما رأيت صنعه في الكتاب علمت أنه سيقوى. وقال عمرو بن مهاجر: صلى عمر بن عبد العزيز المغرب، ثم صلى على جنازة سليمان بن عبد الملك. وقال ابن إسحاق: توفي يوم الجمعة في عاشر صفر سنة تسعٍ وتسعين. قال الهيثم وجماعة: عاش خمساً وأربعين سنة. وقال آخرون عاش أربعين سنة. وقيل تسعاً وثلاثين سنة، وخلافته سنتان وتسعة أشهر وعشرون يوماً. سميط بن عمير أو ابن عمرو أو ابن سمير أبو عبد الله السدوسي البصري. يقال إنه سار إلى عمر، وروى عن: أبي موسى، وعمران بن حصين، وأنس وقيل الذي روى عن أنس آخر. وعنه: عاصم الأحول، وعمران بن حدير، وسليمان التيمي.

(6/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 383
فرق بينهما أبو حاتم، وخالفه الدارقطني. سهل بن سعد ع ابن مالك أبو العباس الساعدي الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأبيه أيضاً) صحبة. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بن كعب، وغيره. روى عنه: ابنه عباس بن سهل، والزهري، وأبو حازم الأعرج. وهو: آخر من مات من الصحابة بالمدينة وقد قارب المائة سنة. وقال عبد المهيمن بن عباس بن سهل، عن أبيه قال: كان اسم سهل بن سعد حزناً فسماه النبي صلى الله عليه وسلم سهلاً. وقال عبيد الله بن عمر: تزوج سهل بن سعد خمس عشرة امرأة. وروي أنه حضر وليمة فيها تسعة من مطلقاته، فلما خرج وقفن له وقلن: كيف أنت يا أبا العباس. أخبرنا يحيى بن أحمد بالإسكندرية ومحمد بن الحسين بمصر قالا: أنا محمد بن عمار، أنا عبد الله بن رفاعة، أنبأ أبو الحسن

(6/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 384
الخلعي، أنا عبد الرحمن بن عمر البزاز، أنبأ أبو الطاهر أحمد بن محمد الميني، ثنا يونس بن عبد الأعلى، ثنا سفيان، عن الزهري، عن سهل بن سعد، سمعه يقول: اطلع رجل من حجر في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم ومع النبي صلى الله عليه وسلم مدرى يحك به رأسه، فقال: لو أعلم أنك تنظرني لطعنت به في عينك، إنما جعل الاستئذان من أجل النظر. اتفقوا على أنه مات سنة إحدى وتسعين، إلا ما ذكر أبو نعيم، والبخاري أنه مات سنة ثمانٍ وثمانين. سواء الخزاعي. عن: حفصة، وعائشة، وأم سلمة. وعنه: معبد بن خالد، والمسيب بن رافع، وعاصم بن أبي النجود.

(6/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 385
4 (الشين)
شبيل بن عوف أبو الطفيل الأحمسي البجلي الكوفي. مخضرم سمع عمر. وعنه: إسماعيل بن أبي خالد.) وهو والد الحارث، ومغيرة. شهر بن حوشب م مقرون الأشعري الشامي، مولى أسماء بنت يزيد رضي الله عنها.

(6/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 386
روى عن: مولاته، وأبي هريرة، وعائشة، وابن عباس، وعبد الله ابن عمرو، وخلق. وقرأ القرآن على ابن عباس، وأرسل عن سلمان، وبلال، وأبي ذر. روى عنه: قتادة، ومعاوية بن قرة، وداود بن أبي هند، والحكم بن عيينة، وأشعث بن عبد الله الحداني، وأبو بشر جعفر بن إياس، ومقاتل بن حيان، وأبو بكر الهذلي، وثابت البناني، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وعبيد الله بن أبي زياد المكي، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وطائفة آخرهم عبد الحميد بن بهرام. قال أبان بن سمعة: قلت لشهر: يا أبا سعيد، وبها كناه مسلم، والنسائي. وعن حنظلة، عن شهر قال: عرضت القرآن على ابن عباس سبع مرات. وعن أبي نهيك قال: قرأت على ابن عباس، وابن عمر، وجماعة، فما رأيت أحداً أقرأ لكتاب الله من شهر بن حوشب. رواه البخاري في ترجمة شهر، ثم قال: سمع من أبي هريرة، وأبي سعيد، وأم سلمة، وجندب بن عبد الله، وعبد الله بن عمرو. وقال علي بن عباس: ثنا عبد الحميد بن بهرام قال: أتى على شهر بن حوشب ثمانون سنة، ورأيته يعتم بعمامة سوداء، طرفها بين كتفيه، وعمامة أخرى، قد أوثق بها وسطه سوداء، ورأيته مخضوباً خضابةً سوداء في حمرة، ووفد على بلال بن مرداس الفزاري بحولايا، فأجازه بأربعة آلاف درهم فأخذها. وقال إسماعيل بن عياش: ثنا عثمان بن نويرة قال: دعي شهر بن

(6/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 387
حوشب إلى وليمة وأنا معه، فأصبنا من طعامهم، فلما سمع شهر المزمار وضع إصبعه في أذنيه وخرج. قال حرب الكرماني: قلت لأحمد بن حنبل: شهر بن حوشب، فوثقه وقال: ما أحسن حديثه. وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: شهر ليس به بأس. قال الترمذي: قال محمد يعني البخاري: شهر حسن الحديث، وقوى أمره وقال: إنما تكلم فيه ابن عون، ثم روى عن رجل عنه. وقال العجلي: ثقة.) وقال عباس الدوري عن ابن معين: شهر ثبت. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: شهر ممن لا يحتج بحديثه ولا يتدين به. وقال مسلم بن إبراهيم: ثنا زياد بن الربيع، ثنا أعين الإسكاف قال: آجرت نفسي من شهر بن حوشب إلى مكة، وكان له غلام ديلمي مغنٍ، وكان إذا نزل منزلاً قال له: تنح فاخل، فاستذكر غناءك، ثم يقبل علينا فيقول: إن هذا ينفق بالمدينة. وقال يحيى بن أبي بكر، عن أبيه قال: كان شهر بن حوشب على بيت المال، فأخذ خريطة فيها دراهم، فقيل فيه:
(لقد باع شهرٌ دينه بخريطةٍ .......... فمن يأمن القراء بعدك يا شهر)

(أخذت بها شيئاً طفيفاً وبعته .......... من ابن جريرٍ إن هذا هو الغدر)
وقال يحيى القطان، عن عباد بن منصور قال: حججت مع شهر بن حوشب فسرق عيبتي.

(6/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 388
وقال النضر بن شميل، عن ابن عون قال: إن شهراً تركوه، قال النضر: يعني طعنوا به. وقال شهر بن حوشب: من ركب مشهوراً من الدواب أو لبس مشهوراً من الثياب أعرض الله عنه، وإن كان على الله كريماً. قال عبد الحميد بن بهرام: توفي سنة مائة، تابعه المدائني، وخليفة، والهيثم، وآخرون. ويروى أنه توفي سنة ثمانٍ وتسعين، ولا يصح. وقال الواقدي: توفي سنة اثنتي عشرة ومائة. شويس بن جياش بالجيم أبو بالحاء المهملة اختلفوا فيه عن: عمر، وعتبة بن غزوان. وعنه: عاصم الأحول، وأبو نعامة عمرو بن عيسى العدوي، وجعفر بن كيسان العدوي، وغيرهم. ذكره ابن حبان في الثقات. له حديث في الشمائل.

(6/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 389
4 (الصاد)
) صالح بن أبي مريم أبو الخليل الضبعي، مولاهم البصري. عن: سفينة، وأبي سعيد، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، وأبي علقمة الهاشمي، وجماعة. وأرسل عن أبي موسى، وأبي قتادة الأنصاري. وعنه: مجاهد، وعطاء وهما أسن منه وقتادة، وأيوب السختياني، ومنصور، وأبو الزبير المكي. وثقه ابن معين، والنسائي، وقد أرسل عن أبي سعيد. صفوان بن محرز المازني البصري، أحد الأئمة العابدين.

(6/389)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 390
روى عن: أبي موسى الأشعري، وابن عمر، وعمران بن حصين، وحكيم بن حزام. روى عنه: جامع بن شداد، وقتادة، وبكر بن عبد الله المزني، وثابت البناني، ومحمد بن واسع، وعلي بن يزيد، وعاصم الأحول، وآخرون. ذكره ابن سعد فقال: ثقة له فضل وورع. وقال غيره: كان قد اتخذ لنفسه سرباً يبكي فيه، وكان واعظاً عابداً. وقال عثمان بن مطر، وهو ضعيف، عن هشام، عن الحسن قال: لقيت أقواماً كانوا فيما أحل الله لهم أزهد منكم فيما حرم الله عليكم، وصحبت أقواماً كان أحدهم يأكل على الأرض وينام على الأرض، منهم صفوان بن محرز كان يقول: إذا أويت إلى أهلي وأصبت رغيفاً فجزى الله الدنيا عن أهلها شراً، والله ما زاد على رغيف حتى مات، كان يظل صائماً، ويفطر على رغيف، ويصلي حتى يصبح، ثم يأخذ المصحف فيتلو حتى يرتفع النهار، ثم يصلي، ثم ينام إلى الظهر، فكانت تلك نومته حتى فارق الدنيا، ويصلي من الظهر إلى العصر، ويتلو في المصحف إلى أن تصفر الشمس. صفوان بن أبي زيد بخ ن وقيل ابن يزيد المدني. عن: أبي سعيد الخدري، وابن اللجلاج واسمه حصين بن اللجلاج، وقيل خالد، وقيل القعقاع، وقيل أبو العلاء عن أبي هريرة.) وعنه: سهيل بن أبي صالح، وعبيد الله بن أبي جعفر المصري، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وصفوان بن سليم. له أحاديث يسيرة، وثقه ابن حبان.

(6/390)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 391
صفوان بن يعلى سوى ق بن أمية التميمي حليف قريش. عن: أبيه. وعنه: عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن الحسن، والزهري.

(6/391)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 392
4 (الضاد)
الضحاك بن فيروز الديلمي الأنباري اليماني، نزيل الشام. عن: أبيه. وعنه: أبو وهب الجيشاني، وكثير الصنعاني. له عن أبيه: أسلمت وتحتي أختان يا رسول الله.

(6/392)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 393
4 (الطاء)
طارق بن زياد المغربي البربري مولى موسى بن نصير الأمير. ويقال هو مولى الصدف. عدى البحر من الزقاق السبتي إلى الأندلس، فنزل بالجبل المنسوب إليه في رجب سنة اثنتين وتسعين، في اثني عشر ألفاً إلا اثني عشر نفساً، سائرهم من البربر، وفيهم قليل من العرب. وذكر ابن القوطية أن طارقاً لما ركب البحر غلبته عينه فرأى النبي صلى الله عليه وسلم وحوله الصحابة وقد تقلدوا السيوف وتنكبوا القسي فدخلوا قدامه، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: تقدم يا طارق لشأنك، فانتبه مستبشراً وبشر أصحابه ولم يشك في الظفر، قال: فشن الغارة وافتتح سائر المدائن، وولي سنة واحدة، ثم دخل مولاه موسى، فأتم ما بقي من الفتح في سنة ثلاث وتسعين. طريف بن مجالد خ أبو تميمة الهجيمي البصري، وهو بكنيته أشهر.)

(6/393)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 394
عن: أبي موسى الأشعري، وجندب بن عبد الله، وابن عمر، وأبي هريرة. وعن أبي عثمان النهدي، وأبي جرير الهجيمي. وعنه: قتادة، وحكيم الأثرم، والمثنى بن سعيد، وجعفر بن ميمون، وخالد الحذاء، والجريري، وسليمان التيمي، وآخرون. وثقه ابن معين وغيره. توفي سنة خمس وتسعين، قاله الفلاس. وقال الواقدي: سنة سبع. طلحة بن عبد الله بن عوف خ القرشي الزهري، قاضي المدينة في أيام يزيد بن معاوية. يروي عن: عمه عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، وسعيد بن زيد، وابن عباس، وغيرهم. روى عنه: الزهري، وسعد بن إبراهيم، وأبو الزناد، وأبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر. وكان فقيهاً نبيلاً عالماً جواداً ممدحاً، وهو طلحة الندى أحد الطلحات

(6/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 395
الموصوفين بالكرم. توفي سنة سبع وتسعين. وثقه جماعة. طويس صاحب الغناء اسمه عيسى بن عبد الله أبو عبد المنعم المدني المغني كان ممن يضرب به المثل في الحذق بالغناء وقال الشاعر:
(تغنى طويس والسريجي بعده .......... وما قصبات السبق إلا لمعبد)
وكان أحول، مفرطاً في الطول. ويقال في المثل: أشأم من طويس لأنه ولد في اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قيل، وفطم في يوم وفاة الصديق، وبلغ يوم مقتل عمر، وتزوج يوم مقتل عثمان، وولد له يوم مقتل علي. توفي بالسويداء على مرحلتين من المدينة، في درب الشام سنة اثنتين وتسعين. وأصل اسمه طاوس.

(6/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 396
4 (العين)
) عامر بن لدين أبو سهل الأشعري وقيل أبو عمرو، وقيل أبو بشر، شامي من أهل الأردن. ولي القضاء لعبد الملك بن مروان، وحدث عن: بلال، وأبي هريرة، وأبي ليلى الأشعري. وعنه: سليمان بن حبيب، وعروة بن رويم، والحارث بن معاوية. قال العجلي: تابعي ثقة لم يخرجوا له شيئاً. عباد بن تميم المازني الأنصاري المدني. عن: عمه عبد الله بن زيد، وأبي بشير قيس بن عبيد الأنصاري، وجماعة. وولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه: عبد الله، ومحمد ابنا أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم،

(6/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 397
والزهري، ويحيى بن سعيد، ومحمد بن يحيى بن حبان. عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير. عن: جدة أبيه أسماء، وعائشة ابنتي الصديق، وجابر. وعنه: هشام بن عروة، والسري بن عبد الرحمن المدني. قال الزبير في النسب: كان سرياً سخياً حلواً، يضرب المثل بحسنه. قال الأحوص يصف امرأة:
(لها حسن عبادٍ وجسم ابن واقدٍ .......... وريح أبي حفصٍ ودين ابن نوفل)
ابن واقد هو عثمان بن واقد بن عبد الله بن عمر، وأبو حفص هو عمر ابن عبد العزيز، وابن نوفل إنسان كان بالمدينة، وله حديث في الثاني من حديث زغبة، أخرجه خ في كتاب الأدب، وآخر في مسند أحمد، أخرجه مسلم. عباد بن زياد ابن أبيه أخو عبيد الله بن زياد. عن: حمزة، وعروة ابني المغيرة في الوضوء. وعنه: مكحول، والزهري.) قال مصعب الزبيري: أخطأ فيه مالك خطأ قبيحاً حيث يقول عن

(6/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 398
عباد بن زياد: من ولد المغيرة، والصواب: عن عباد، عن رجل من ولد المغيرة. وقال خليفة: عزل معاوية عبيد الله بن أبي بكرة عن سجستان، وولاها عباد بن زياد، فغزا حتى بلغ بيت الذهب، وجمع له الهند فهزم الله الهند، وبقي عباد على سجستان سبع سنين. وقال أبو حسان الزيادي: مات سنة مائة. قال غيره: مات بجيرود من عمل دمشق. عباس بن سهل الساعدي قيل إنه توفي في خلافة الوليد بن عبد الملك، وقيل قبل العشرين ومائة، كما يأتي. عباية بن رفاعة الأنصاري الزرقي المدني.

(6/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 399
عن: جده رافع بن خديج، وأبي عبس بن جبر الأنصاري، وعبد الله بن عمر. روى عنه: إسماعيل بن مسلم المكي، ويزيد بن أبي مريم، وأبو حيان يحيى بن سعيد التيمي، وسعيد بن مسروق الثوري، وغيرهم. وثقه ابن معين. عبد الله بن بسر المازني الصحابي قال عبد الصمد بن سعيد القاضي وغيره: توفي سنة ستٍ وتسعين. وقال أبو زرعة: مات قبل سنة مائة قد مر في الطبقة الماضية. قال يزيد بن عبد الله الجرجسي: توفي سنة ستٍ وتسعين. عبد الله بن الحارث أبو الوليد، البصري، زوج أخت محمد بن سيرين.

(6/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 400
روى عن: عائشة، وأبي هريرة، وابن عباس. وعنه: أيوب، وخالد الحذاء، وعاصم الأحول، وابنه يوسف بن عبد الله، وجماعة. وثقه أبو زرعة، وليس هو بالمشهور. عبد الله بن رباح أبو خالد الأنصاري المدني، نزيل البصرة.) روى عن: أبي بن كعب، وعمار بن ياسر، وعمران بن حصين، وكعب الأحبار. روى عنه: ثابت البناني، وأبو عمران الجوني، وقتادة، وخالد الحذاء. وهو ثقة. جليل القدر. قال شعبة، عن أبي عمران الجوني: وقفت مع عبد الله بن رباح ونحن نقاتل الأزارقة مع المهلب، فبكى، فقلت: ما يبكيك فقال: قد كان في قتال أهل الشرك غنى عن قتال أهل القبلة. عبد الله بن زياد أبو مريم الأسدي الكوفي. عن: علي، وابن مسعود، وعمار. وعنه: شمر بن عطية، وأشعث بن أبي الشعثاء، وأبو حصين عثمان ابن عاصم، وغيرهم.

(6/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 401
عبد الله بن ساعدة أبو محمد الهذلي المدني يروي عن عمر. قاله ابن سعد، وقال: توفي سنة مائة. عبد الله بن الصامت م ابن أخي أبي ذر الغفاري. عن: عمه، وعمر، وعثمان، وعائشة، وحذيفة، والحكم، ورافع ابني عمرو الغفاري. وعنه: أبو عمران الجوني، وحميد بن هلال، وأبو العالية البراء، ومحمد بن واسع، وعمرو بن مرة، وأبو نعامة السعدي، وجماعة. وقال النسائي: ثقة. عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أبو يحيى الهاشمي المدني أخو إسحاق، ومحمد. روى عن: أبيه، وابن عباس، وعبد الله بن خباب بن الأرت، وعبد الله بن شداد. روى عنه: أخوه عون الزهري، وعاصم بن عبيد الله، وعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب. وكان من صحابة سليمان بن عبد الملك.

(6/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 402
قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، قتلته السموم بالأبواء سنة سبعٍ وتسعين وهو مع سليمان،) فصلى عليه. عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي مولاهم الكوفي. عن أبيه. وعنه: أجلح الكندي، وأسلم المنقري، وسلمة بن كهيل، ومنصور بن المعتمر، وجماعة. عبد الله بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي. ولي الغزو في أيام أبيه، وبنى المصيصة، وكانت داره بمحلة القباب عند باب الجامع. وولي إمرة مصر بعد عمه عبد العزيز إلى أن عزل سنة تسعين بقرة بن شريك. وعن معن، عن مالك قال: مات بسر بن سعيد ولم يدع كفناً، ومات عبد الله بن عبد الملك وترك ثمانين مدىً ذهب. توفي سنة مائة. عبد الله بن أبي عتبة الأنصاري مولى أنس بن مالك. عن: مولاه، وعائشة، وأبي سعيد، وأبي الدرداء وكأنه مرسل وجابر، وغيرهم. وعنه: قتادة، وثابت، وعلي بن زيد بن جدعان، وحميد الطويل. وثقه ابن حبان.

(6/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 403
عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان أبو محمد الأموي، سبط ابن عمر. مدني، كان يقال له المطرف من حسنه وملاحته، وهو والد محمد الديباج. روى عن: ابن عباس، ورافع بن خديج، والحسين بن علي، وجماعة. روى عنه: أبو بكر بن حزم، والزهري، وابنه محمد الديباج. وكان شريفاً كبير القدر جواداً، مدحه الفرزدق، وموسى شهوات. توفي بمصر سنة ستٍ وتسعين. وعن جميل أنه قال لبثينة: ما رأيت عبد الله بن عمرو بن عثمان يخطر على البلاط إلا أخذتني) الغيرة عليك وأنت بخبائك. عبد الله بن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري. روى عن أبيه فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عنه: يحيى بن أبي كثير، وأبو حازم الأعرج، وزيد بن أسلم وحصين بن عبد الرحمن، وإسماعيل بن أبي خالد. مات في خلافة الوليد، وكان من علماء أهل المدينة وثقاتهم. قال ابن حبان: توفي سنة خمسٍ وتسعين.

(6/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 404
عبد الله بن أبي قيس م ويقال ابن قيس، أبو الأسود، ويقال عبد الله بن أبي موسى مولى عطية، شامي حمصي. روى عن: أبي الدرداء، وأبي ذر وعائشة، وابن الزبير. روى عنه: عيسى بن راشد، ويزيد بن خمير، ومحمد بن زياد الألهاني، ومعاوية بن صالح. قال أبو حاتم: صالح الحديث، ووثقه النسائي. عبيد الله بن قيس أبو بحرية. في الكنى. عبد الله بن قيس الرقيات المدني المشهور الذي يقول في كثيرة زوجة علي بن عبد الله بن عباس:
(عاد له من كثيرة الطرب .......... فعينه بالدموع تنسكب)

(كوفية نازحٌ محلتها .......... لا أممٌ دارها ولا صقب)

(والله ما إن صبت إلي ولا .......... يعرف بيني وبينها نسب)

(إلا الذي أورثت كثيرة في ال .......... قلب وللحب سورةٌ عجب)
عبد الله بن كعب بن مالك توفي سنة سبعٍ أو ثمانٍ وتسعين.

(6/404)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 405
وقد ذكرناه في الطبقة الماضية فيحول.) عبد الله بن كعب الحميري مولى عثمان رضي الله عنه. عن: عمر ابن أبي سلمة، وأبي بكر بن عبد الرحمن. وعنه: عبد ربه بن سعيد الأنصاري، وابن إسحاق، وغيرهما. يؤخر. عبد الله بن محمد بن الحنفية أبو هاشم الهاشمي العلوي المدني. روى عن: أبيه، وعن صهر له صحابي من الأنصار. روى عنه: الزهري، وعمرو بن دينار، وسالم بن أبي الجعد، وابنه عيسى أبو محمد. وهو نزر الحديث. وفد على سليمان بن عبد الملك فأدركه أجله بالبلقاء في رجوعه. قال مصعب الزبيري: كان أبو هاشم صاحب الشيعة، فأوصى

(6/405)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 406
إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس والد السفاح، ودفع إليه كتبه وصرف الشيعة إليه. وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث وكان الشيعة يلقونه وينتحلونه، فلما احتضر أوصى إلى محمد بن علي، وقال: أنت صاحب هذا الأمر، وهو في والدك، وصرف الشيعة إليه ودفع إليه كتبه. وقال الزهري مرة أخرى: ثنا الحسن، وعبد الله ابنا محمد بن علي. وكان عبد الله يجمع أحاديث السبائية. وقال أبو أسامة: أحدهما مرجيء يعني الحسن والآخر شيعي. قال يعقوب بن شيبة: ثنا سليمان بن منصور ثنا حجر بن عبد الجبار: سمعت عيسى بن علي وذكر أبا هاشم فقال: كان قبيح الخلق، قبيح الهيئة، قبيح الدابة، فما ترك شيئاً من القبح إلا نسبه إليه، قال: وكان لا يذكر أبي عنده أبوه هو علي بن عبد الله إلا عابه، فبعث إلى ابنه محمد بن علي إلى باب الوليد بن عبد الملك، فأتى أبا هاشم، فكتب عنه العلم، وكان يأخذ بركابه، فكفه ذلك عن أبينا، وكان أبي يلطف محمداً بالشيء يبعث به إليه من دمشق، فيبعث به محمد إلى أبي هاشم. وأعطاه مرة بغلة فكبرت عنده، قال: وكان قوم من أهل خراسان يختلفون إلى أبي) هاشم، فمرض واحتضر، فقال له الخراسانية: من تأمرنا نأتي بعدك قال: هذا، قالوا: ومن هذا قال: هذا محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، قالوا: وما لنا ولهذا قال: لا أعلم أحداً أعلم منه ولا خيراً منه، فاختلفوا إليه. قال عيسى: فذاك سببنا بخراسان. وروي عن جويرية بن أسماء، وعن غيره أن سليمان بن عبد الملك دس على عبد الله من سمه لما انصرف من عنده، فهيأ أناساً، وجعل عندهم لبناً

(6/406)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 407
مسموما، فتعرضوا له في الطريق، فاشتهى اللبن وطلبه منهم، فشربه، فهلك، وذلك بالحميمة في سنة ثمانٍ وتسعين، وقيل سنة تسع وتسعين. حديثه بعلوٍ في جزء البانياسي. عبد الله بن محيريز ع ابن جنادة بن وهب القرشي الجمحي المكي أبو محيريز، نزيل بيت المقدس. لا أعلم أحداً ذكر أباه في الصحابة، والظاهر أنه من مسلمة الفتح. روى عن: عبادة بن الصامت، وأبي محذورة المؤذن الجمحي، وكان زوج أمه، ومعاوية، وأبي سعيد، والصنابحي وغيرهم. واسم أبي محذورة سلمة بن معير. روى عنه: خالد بن معدان، ومكحول، وحسان بن عطية، والزهري، ويحيى الشيباني أبو زرعة، وإسماعيل بن عبيد الله، وإبراهيم بن أبي عبلة، وجماعة.

(6/407)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 408
وكان كبير القدر عالماً عابداً قانتاً لله. قال الأوزاعي: كان ابن أبي زكريا يقدم فلسطين فيلقى ابن محيريز فتتقاصر إليه نفسه لما يرى من فضل ابن محيريز. وقال عمرو بن عبد الرحمن بن محيريز: كان جدي يختم في كل جمعة، وربما فرشنا له فراشاً، فيصبح على حاله لم ينم عليه. وقال مروان الطاطري: ثنا رباح بن الوليد قلت: وقد وثقه أبو زرعة النصري، حدثني إبراهيم بن أبي عبلة قال: قال رجاء بن حيوة: إن يفخر علينا أهل المدينة بعابدهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فإنا نفخر عليهم بعبادنا عبد الله بن محيريز.) وقال محمد بن حمير، عن ابن أبي عبلة، عن رجاء قال: إن كان أهل المدينة يرون ابن عمر فيهم إماماً فإنا نرى ابن محيريز فينا إماماً، وكان صموتاً معتزلاً في بيته. روى رجاء بن أبي سلمة، عن خالد بن دريك قال: كانت في ابن محيريز خصلتان ما كانتا في أحدٍ ممن أدركت، كان أبعد الناس أن يسكت عن حقٍ في الله من غضب ورضاً، وكان من أحرص الناس أن يكتم من نفسه أحسن ما عنده. وقال ضمرة، عن رجاء بن أبي سلمة، عن مقبل بن عبد الله الكناني قال: ما رأيت أحداً أحرى أن يستر خيراً من نفسه، ولا أقول لحق إذا رآه من ابن محيريز. ولقد رأى على خالد بن يزيد بن معاوية جبة خزٍ، فقال: أتلبس الخز فقال: إنما ألبسها لهؤلاء وأشار إلى عبد الملك فغضب ابن محيريز وقال له: ما ينبغي أن تعدل خوفك من الله بأحد من الناس. وعن الأوزاعي قال: من كان مقتدياً فليقتد بمثل ابن محيريز، فإن الله لم يكن ليضل أمةً فيها ابن محيريز.

(6/408)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 409
وقال يحيى بن أبي عمرو السيباني: قال لنا ابن محيريز إني أحدثكم فلا تقولوا حدثنا ابن محيريز، فإني أخشى أن يصرعني ذلك يوم القيامة مصرعاً يسوؤني. وقال عبد الواحد بن موسى: سمعت ابن محيريز يقول: اللهم إني أسألك ذكراً خاملاً. وقال رجاء بن أبي سلمة: كان ابن محيريز يجيء إلى عبد الملك بالصحيفة فيها النصيحة فيقرئه إياها، فإذا فرغ منها أخذ الصحيفة. وعن رجاء بن حيوة قال: بقاء ابن محيريز أمانٌ للناس. وقال ضمرةٌ: مات في ولاية الوليد. وقال خليفة: مات في زمن عمر بن عبد العزيز. وعبد الله بن مرة الهمداني الكوفي. يروي عن: البراء بن عازب، وابن عمر، ومسروق. روى عنه: منصور، والأعمش. وثقه ابن معين. توفي سنة مائة. عبد الله بن مسافع) بن عبد الله الأكبر بن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة الحجبي المكي.

(6/409)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 410
سمع من: عمته صفية، وابن عمته مصعب بن عثمان. وعنه: منصور بن صفية، وابن جريج. ومات مرابطاً مع سليمان بن عبد الملك. له حديثٌ في سجود السهو في السنن. عبد الله بن وهب بن زمعة بن الأسود الأسدي الزمعي المدني الأصغر، أن أخاه عبد الله الأكبر قتل يوم الدار. عن: أم سلمة، وابن عمر، ومعاوية. وعنه: هاشم بن هاشم بن عتبة، والزهري، وسالم أبو النضر، وحفيده يعقوب بن عبد الله بن عبد الله. ذكره ابن حبان في الثقات. عبد الله بن يزيد الحبلي أبو عبد الرحمن. يذكر في الكنى. عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي. أبو بحر، ويقال أبو حاتم. سمع: أباه، وعلياً.

(6/410)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 411
روى عنه: محمد بن سيرين، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية، وخالد بن الحذاء، وآخرون. وهو أول مولود بالبصرة، وكان ثقةً جليل القدر، قد وفد مع أبيه على معاوية. قال أبو عمرو الداني: قال شعبة: كان عبد الرحمن أقرأ أهل البصرة. قال هدبة بن خالد: ثنا عبد الواحد بن صفوان: سمعت عبد الرحمن بن أبي بكرة يقول: أنا أنعم الناس، أنا أبو أربعين، وعم أربعين، وخال أربعين، وأبي أبو بكرة وعمي زياد، وأنا أول مولود ولد بالبصرة، فنحرت علي جزور. وقال مخلد بن الحسين، عن هشام، عن ابن سيرين قال: اشتكى رجل فوصف له لبن الجواميس، فبعث إلى عبد الرحمن بن أبي بكرة: ابعث إلينا بجاموسة، قال: فبعث إلى قيمه: كم حلوب لنا قال: تسعمائة. قال: ابعث بها إليه. وقد رويت هذه الحكاية لعبيد الله بن أبي بكرة،) وهي به أشبه. قال المدائني، وابن معين: توفي سنة ستٍ وتسعين. عبد الرحمن بن أذينة العبدي قاضي البصرة. يروي عن: أبيه أذينة بن سلمة، وأبي هريرة. وعنه: الشعبي، وقتادة، وأبو إسحاق، ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي. وثقه أبو داود. وولاه الحجاج قضاء البصرة سنة ثلاثٍ وثمانين، وبقي إلى حدود سنة خمسٍ وتسعين ومات.

(6/411)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 412
عبد الرحمن بن الأسود ابن يزيد بن قيس أبو حفص النخعي الكوفي. يروي عن: أبيه، وعمه علقمة بن قيس، وعائشة، وابن الزبير. وأدرك عمر. روى عنه: الأعمش، وإسماعيل بن خالد، ومحمد بن إسحاق، وحجاج بن أرطأة، ومالك بن مغول، وزبيد اليامي، وأبو إسرائيل الملائي، وعبد الرحمن المسعودي، وأبو بكر النهشلي، وآخرون. وكان فقيهاً عابداً ثقة فاضلاً. قال حماد بن زيد: ثنا الصقعب بن زهير، عن عبد الرحمن بن الأسود قال: كان أبي يبعثني إلى عائشة رضي الله عنها، فلما احتلمت أتيتها، فناديت من وراء الحجاب: يا أم المؤمنين، ما يوجب الغسل فقالت: أفعلتها يا لكع إذا التقت المواسي. وقال إسماعيل بن أبي خالد: قلت لعبد الرحمن بن الأسود: ما منعك أن تسأل كما سأل إبراهيم قال: إنه كان يقال: جردوا القرآن. وقال زبيد، عن عبد الرحمن بن الأسود إنه كان يصلي بقومه في رمضان اثنتي عشرة ترويحةً، ويصلي لنفسه بين كل ترويحتين اثنتي عشرة ركعة، ويقرأ بهم ثلث القرآن كل ليلة، وكان يقوم بهم ليلة الفطر.

(6/412)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 413
وروى مالك بن مغول، عن رجل قال: دخلت المسجد يوم جمعة، فإذا عبد الرحمن بن الأسود) قائم يصلي، فعددت له ستاً وخمسين ركعة، ثم صلى الجمعة، ثم قام، فعددت له مثلها حتى سهوت أو ترك. وقال حفص بن غياث، عن ابن إسحاق قال: قدم علينا عبد الرحمن بن الأسود حاجاً فاعتلت رجله، فقام يصلي على قدمٍ حتى أصبح. وقال موسى بن إسماعيل: ثنا ثابت بن يزيد، ثنا هلال بن خباب قال: كان عبد الرحمن بن الأسود، وعقبة مولى رويم، وسعد أبو هشام، يحرمون من الكوفة، ويصومون يوماً ويفطرون يوماً حتى يرجعوا. ويروى أن عبد الرحمن بن الأسود صام حتى أحرق الصوم لسانه. وقال الشعبي: أهل بيت خلقا للجنة، علقمة، والأسود، وعبد الرحمن. وعن الحكم قال: لما احتضر عبد الرحمن بن الأسود بكى، فقيل: ما يبكيك قال: أسفاً على الصلاة والصوم، ولم يزل يقرأ القرآن حتى مات. ورؤي له أنه من أهل الجنة. قال خليفة: مات سنة ثمانٍ أو تسعٍ وتسعين. وذكر ابن عساكر أنه وفد على عمر بن عبد العزيز. عبد الرحمن بن بشر بن مسعود الأنصاري المدني الأزرق. عن: أبي مسعود الأنصاري، وخباب، وأبي هريرة، وأبي سعيد. وعنه: إبراهيم النخعي، ومحمد بن سيرين، وأبو حصين الأسدي، وأبو بشر جعفر بن إياس، وآخرون.

(6/413)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 414
عبد الرحمن بن البيلماني الشاعر روى عن: سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وابن عباس، وعمرو بن عبسة، وابن عمر، وغيرهم. روى عنه: حبيب بن أبي ثابت، وزيد بن أسلم، وربيعة الرأي، ومحمد ابنه. لينه أبو حاتم. توفي في خلافة الوليد، وقيل كان أشعر شعراء اليمن. عبد الرحمن بن جبير) المصري المؤذن يروي عن: عقبة بن عامر الجهني، وعبد الله بن عمرو، وغيرهما. روى عنه: بكر بن سوادة، وكعب بن علقمة، وعبد الله بن هبيرة، ويزيد بن أبي حبيب المصريون. قال ابن لهيعة: كان عالماً بالفرائض، وكان عبد الله بن عمرو معجباً به يقول إنه لمن المخبتين. وقال النسائي: ثقة. وقال أبو سعيد بن يونس: هو مولى نافع بن عبد عمرو القرشي العامري. شهد فتح مصر. توفي سنة سبعٍ أو ثمانٍ وتسعين.

(6/414)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 415
عبد الرحمن بن عائذ الأزدي الثمالي الحمصي، أبو عبد الله، يقال له صحبة ولا يصح. روى عن: عمر، ومعاذ، وأبي ذر، وعلي، وعمرو بن عبسة، وعوف بن مالك الأشجعي، والعرباض، وغيرهم. روى عنه: محفوظ بن علقمة، وراشد بن سعد، وإسماعيل بن أبي خالد، وسليم بن عامر، ويحيى بن جابر، وثور بن يزيد، وصفوان بن عمرو. وقال يحيى بن جابر: كان من حملة العلم ويتطلبه من الصحابة وغيرهم. وقال غيره: لما مات خلف كتباً وصحفاً من علمه، وخرج مع ابن الأشعث فأسر يوم الجماجم وأدخل على الحجاج فعفا عنه. وثقه النسائي. قال بقية: حدثني ثور بن زيد قال: كان من أهل حمص يأخذون كتب ابن عائذ، فما وجدوا فيها من الأحكام، عمدوا بها على باب المسجد قناعةً بها ورضاً بحديثه. وحدثني أرطأة بن المنذر قال: اقتسم رجال من الجند كتب ابن عائذ بينهم بالميزان لقناعته فيهم.

(6/415)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 416
روى جنادة بن مروان عن أبيه قال: لما أتي الحجاج بعبد الرحمن بن عائذ يوم الجماجم، وكان به عارفاً، قال: كيف أصبحت قال: كما لا يريد الله، ولا يريد الشيطان، ولا أريد، قال: ويحك ما تقول قال: نعم يريد الله أن أكون عابداً زاهداً، وما أنا كذلك، ويريد الشيطان أن أكون فاسقاً) مارقاً، وما أنا كذلك، وأريد أن أكون مخلىً في سربي آمناً في أهلي، وما أنا كذلك. فقال الحجاج: أدب عراقي ومولدٌ شامي وجيراننا إذ كنا بالطائف، خلوا عنه. عبد الرحمن بن محيريز أخو عبد الله بن محيريز الجمحي الشامي، وهو الصغير. وروى عن: فضالة بن عبيد، وزيد بن أرقم، وغيرهما. وعنه: إبراهيم بن محمد بن حاطب، ومكحول، وأبو قلابة الجرمي. صدوق. عبد الرحمن بن معاوية بن حديج الكندي التجيبي المصري. قاضي مصر لعبد العزيز بن مروان وصاحب شرطته ونائبه على مصر إذا غاب، ولهذا قال شعبة بن عفير: جمع له القضاء وخلافة السلطان. روى عن: أبيه، وأبي بصرة الغفاري، وعبد الله بن عمر. وروى عنه: يزيد بن أبي حبيب، وعقبة بن مسلم، وواهب المعافري، وسويد بن قيس. ووفد على الوليد بن عبد الملك ببيعة أهل مصر له. توفي سنة خمسٍ وتسعين. كنيته أبو معاوية، ولم يخرجوا له شيئاً.

(6/416)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 417
عبد الرحمن بن يزيد بن جارية الأنصاري خ المدني، أخو مجمع، وابن أخي مجمع. ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عن: عمه، وأبي لبابة بن عبد المنذر، وخنساء بنت خذام. روى عنه: القاسم بن محمد، والزهري، وعبد الله بن محمد بن عقيل. وروي عن الأعرج قال: ما رأيت بعد الصحابة أفضل منه. وقال ابن سعد: كان ثقة، ولي قضاء المدينة في خلافة الوليد، وهو قليل الحديث. توفي عبد الرحمن سنة ثلاثٍ وتسعين. عبد الرحمن بن وعلة م ويقال ابن أسميفع السبائي المصري. عن: ابن عباس، وابن عمر.) وعنه: أبو الخير مرثد اليزني، وزيد بن اسلم، وجعفر بن ربيعة، وآخرون.

(6/417)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 418
وثقه ابن معين وغيره، وكان أحد الأشراف بمصر. عبد الملك الشاب الناسك العابد ولد عمر بن عبد العزيز. قال عبد الله بن يونس الثقفي، عن سيار أبي الحكم قال: قال ابنٌ لعمر بن عبد العزيز يقال له عبد الملك: يا أبه أقم الحق ولو ساعةً من نهار. وكان يفضل على عمر. وقال يحيى بن يعلى المحاربي: ثنا بعض المشيخة قال: كنا نرى أن عمر بن عبد العزيز إنما أدخله في العبادة ما رأى من ابنه عبد الملك. وقال أبو المليح، عن ميمون بن مهران قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: إلق عبد الملك، فأتيته فقلت لغلامه: استأذن لي، فسمعت صوته: ادخل، فدخلت، فإذا خوانٌ بين يديه، عليه ثلاثة أقرصةٍ وقصعةٌ فيها ثريد، فقال: كل فما منعني من الأكل إلا الإبقاء عليه، فاعتللت بشيء، فلما فرغ دعا غلامه وأعطاه فلوساً، فقال: جئنا بعنبٍ، فجاء بشيءٍ صالح، وكان عمر منع من العصير، فرخص العنب، فقال: الله كان منعك الإبقاء علينا فكل من هذا فإنه رخيص، قلت: من أين معاشك قال: أرضٌ لي أستدين عليها، قلت: فلعلك تستدين من رجلٍ يشق عليه وهو يحتمل ذلك لمكانك قال: لا إنما هي دراهم لصاحبتي استقرضها، قلت: أفلا أكلم أمير المؤمنين يجري عليك رزقاً، فأبى ذلك وقال: والله ما يسرني أن أمير المؤمنين أجرى علي شيئاً من صلب ماله دون إخوتي الصغار، فكيف يجري علي من فيء المسلمين. وقال فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، أن عمر بن عبد العزيز قال له: إن ابني عبد الملك آثر ولدي عندي، وقد زين علي علمي بفضله،

(6/418)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 419
فاستثره لي تم ائتني بعلمه وعقله، فأتيته، فجاء غلامه فقال: قد أخلينا الحمام، فقلت: الحمام لك قال: لا، قلت: فما دعاك إلى أن تطرد عنه غاشيته وتدخل وحدك فتكسر على الحمامي غلته، ويرجع من جاءه متعيناً قال: أما صاحب الحمام فإني أرضيته، قلت: هذه نفقة سرفٍ يخالطها كبرٌ. قال: يمنعني أن الرعاع يدخلون بغير إزار وكرهت أدبهم على الإزار فقد وعظتني موعظةً انتفعت بها فاجعل لي من هذا فرجاً، فقلت: ادخل ليلاً، فقال: لا جرم لا أدخله نهاراً ولولا شدة) برد بلادنا ما دخلته، فأقسمت عليك لتكتمن هذه عن أبي فإني معتبك، قلت: فإن سألني: هل رأيت منه شيئاً، أتأمرني أن أكذب وإنما أبغي عقله مع ورعه فقال: معاذ الله، ولكن قل: رأيت عيباً ففطنته، له، فأسرع إلى ما أحببت، فإنه لن يسألك عن التفسير، لأن الله قد أعاذه من بحث ما ستر الله. وقال يعلى بن الحارث المحاربي: سمعت سليمان بن حبيب المحاربي قال: جلست مع عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز، فقلت: هل خصك أمير المؤمنين أو جعل لك مطبخاً أو كذا فقال: إني في كفايةٍ، ويحك يا سليمان إن الله قد أحسن إلى أمير المؤمنين، وتولاه فأحسن معونته منذ ولاه، والله لأن تخرج نفس أمير المؤمنين أحب إلى من أن تخرج نفس هذا الذباب، قلت: سبحان الله، فقال: هو في نعم الله في عنايته بالخاصة والعامة، ولست آمن عليه أن يجيئه بعض ما يصرفه عن دينه. وقال عبد الله بن صالح: حدثني يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: قال عمر بن عبد العزيز: لولا أن أكون زين لي من أمر عبد الملك ما يزين في عين الوالد لرأيته أهلاً للخلافة. وقال جويرية: ثنا نافع قال: قال عبد الملك بن عمر لأبيه: ما يمنعك أن تمضي للذي تريد والذي نفسي بيده ما أبالي لو غلت بي وبك القدور، فقال: الحمد لله الذي جعل لي من ذريتي من يعينني على هذا الأمر، يا بني لو تأهب الناس بالذي تقول لم آمن أن ينكروها فإذا أنكروها لم أجد بداً من

(6/419)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 420
السيف، ولا خير في خيرٍ لا يجيء إلا بالسيف، إني أروض الناس رياضة الصعب، فإن يطل بي عمر، فإني أرجو أن ينفذ الله مشيئتي، وإن تغدو علي منية فقد علم الله الذي أريد. وقال حسين الجعفي، عن محمد بن أبان قال: جمع عمر بن عبد العزيز قراء أهل الشام فيهم ابن أبي زكريا الخزاعي فقال: إني جمعنكم لأمر قد أهمني، هذه المظالم التي في أيدي أهل بيتي ما ترون فيها فقالوا: ما نرى وزرها إلا على من اغتصبها، فقال لابنه عبد الملك: ما ترى قال: ما أرى من قدر على ردها فلم يردها والذي اغتصبها إلا سواءً، فقال: صدقت أبي بني الحمد لله الذي جعل لي وزيراً من أهل عبد الملك ابني. وقال سفيان الثوري: قال عمر بن عبد العزيز لابنه: كيف تجدك قال: في الموت. قال: لأن تكون في ميزاني أحب إلي من أن أكون في ميزانك، فقال: والله يا أبه، لأن يكون ما تحب) أحب إلي من أن يكون ما أحب. قيل إنه عاش تسع عشرة سنة، ومات سنة مائة أو نحوها، وله حكايات في زهده وخوفه. عبد الملك بن يعلى الليثي قاضي البصر. عن أبيه، وعن رجل صحابي من قومه، وعن عمران بن حصين، وعن محمد بن عمران بن حصين. وعنه: قتادة، وأيوب السختياني، وحميد الطويل، وجماعة آخرهم

(6/420)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 421
معاوية بن عبد الكريم الضال. قال ابن حبان: مات سنة مائة، كذا قال ولا أراه إلا بقي بعد ذلك، فإن قرة بن خالد، ومعاوية بن عبد الكريم رويا عنه وأدركاه. لم يخرجوا له عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. سمع: أباه، وعلي بن أبي طالب، وكان كاتبه، وأبا هريرة. روى عنه: الحسن بن الحنفية، والحكم بن عتيبة، وعبد الرحمن الأعرج، وعلي بن الحسين، وابنه محمد بن علي، وابن ابنه جعفر الصادق، والزهري، وآخرون. وثقه أبو حاتم. عبيد الله بن عبد الله ع ابن عتبة بن مسعود، أبو عبد الله الهذلي المدني الضرير، أحد الفقهاء السبعة، وأخو عون. روى عن: عائشة، وأبي هريرة، وابن عباس، وأبي سعيد، وجماعة.

(6/421)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 422
روى عنه: الزهري، وصالح بن كيسان، وعراك بن مالك، وأبو الزناد، وآخرون كثيرون. وكان إماماً حجةً حافظاً مجتهداً. قال: ما سمعت حديثاً قط فأشاء أن أعيه إلا وعيته. وقال عمر بن عبد العزيز: ما رويت عن عبيد الله ابن عبد الله أكثر مما رويت عن جميع الناس، ولو كان حياً ما صدرت إلا عن رأيه. وقال يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني، عن أبيه قال: كنت أسمع عبيد الله يقول: ما سمعت حديثاً قط فأشاء أن أعيه إلا وعيته.) وقال مالك: كان عبيد الله بن عبد الله كثير العلم، وكان ابن شهاب يخدمه ويصحبه، حتى أن كان لينزح له الماء. وسئل عراك بن مالك: من أفقه من رأيت قال: أعلمهم سعيد بن المسيب، وأغزرهم في الحديث عروة، ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بحراً إلا فجرته. وقال الزهري: أدركت أربعة بحور، فذكر منهم عبيد الله. قال: وسمعت شيئاً كثيراً من العلم، فظننت أني التقيت، حتى لقيت عبيد الله بن عبد الله. وعن عمر بن عبد العزيز قال: لأن يكون لي مجلسٌ من عبيد الله أحب إلي من الدنيا. قال الواقدي: مات سنة ثمانٍ وتسعين. وقال الهيثم بن عدي: سنة سبع وتسعين.

(6/422)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 423
وكان عبيد الله أيضاً من الشعراء، وقيل: هو مؤدب عمر بن عبد العزيز. وقال عبد الرحمن: رأيت الحسين يحمل جنازة عبيد الله بن عبد الله بن عتبة. عبيد الله بن عدي بن الخيار بن عدي بن نوفل النوفلي. توفي في آخر خلافة الوليد. فيحول من الطبقة الماضية إلى هنا العجاج أبو رؤبة صاحب الرجز، هو أبو الشعثاء عبد الله بن رؤية بن صخر التميمي. روى عن: أبي هريرة. وعنه: ابنه رؤبة. وفد على الوليد، ومات في خلافته بعد أن كبر وأقعد، وهو أول من رفع الرجز وشبهه بالقصيد وجعل له أوائل. ولقي بالعجاج ببيتٍ قاله.

(6/423)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 424
عروة بن الزبير ع ابن العوام بن خويلد بن أسد، الإمام الفقيه أبو عبد الله القرشي الأسدي المدني. روى عن: أبيه الزبير، وعلي، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وأسامة بن زيد، وزيد بن ثابت، وحكيم بن حزام، وعائشة، وأبي هريرة، وابن عباس، وطائفة. وكان ثباً حافظاً فقيهاً عالماً بالسيرة، وهو أول من صنف المغازي.) روى عنه: بنوه هشام، وهو أجلهم، ويحيى، وعثمان، وعبد الله ومحمد، وابن أخيه محمد بن جعفر، وحفيده عمر بن عبد الله، وأبو الأسود يتيمه، وابن المنكدر، والزهري، وصالح بن كيسان، وأبو الزناد، وصفوان بن سليم، وخلق. ولد سنة تسع وعشرين: قاله مصعب.

(6/424)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 425
وقال خليفة: ولد سنة ثلاث وعشرين. ومصعب أخبر بنسبه، ويقويه قول هشام بن عروة، عن أبيه قال: أذكر أن أبي الزبير كان ينقزني ويقول:
(مباركٌ من ولد الصديق .......... أبيضٌ من آل أبي عتيق)
ألذه كما ألذ ريقي ويقوي قول خليفة ما روى الزبير بن بكار، عن محمد بن الضحاك الحزامي قال: قال عروة: وقفت وأنا غلامٌ وقد حصروا عثمان. روى الفسوي في تاريخه عند ذكر عروة قال: حدثني عيسى بن هلال السليحي، ثنا أبو حيوة شريح بن يزيد، ثنا شعيب، عن الزهري، عن عروة قال: كنت غلاماً لي ذؤآبتان، فقمت أركع، فبصر بي عمر بن الخطاب ومعه الدرة فقررت منه، فأحضر في طلبي حتى تعلق بذؤآبتي، فنهاني، فقلت: يا أمير المؤمنين لا أعود. قلت: هذا حديث منكر مع نظافة رجاله. وقال هشام، عن أبيه قال: رددت أنا وأبو بكر بن عبد الرحمن يوم الجمل واستصغرنا. قال يحيى بن معين: كان عمره يومئذ ثلاث عشرة سنة. وقال هشام، عن أبيه: ما ماتت عائشة حتى تركتها قبل ذلك بثلاث سنين. وقال مبارك بن فضالة، عن هشام، عن أبيه قال: لقد رأيتني قبل موت عائشة بأربع حجج وأنا أقول: لو ماتت اليوم ما ندمت على حديثٍ عندها إلا

(6/425)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 426
وقد وعيته. ولقد يبلغني عن الرجل من المهاجرين الحديث فآتيه فأجده قد قال، فأجلس على بابه فأسأله عنه، يعني إذا خرج. وروى عثمان بن عبد الحميد بن لاحق البصري، عن أبيه قال: قال عمر بن عبد العزيز: ما أحدٌ أعلم من عروة وما أعلمه يعلم شيئاً أجهله. وقال أبو الزناد: فقهاء المدينة أربعة: ابن المسيب، وعروة، وقبيصة، وعبد الملك بن مروان.) وقال أبو عيينة، عن الزهري قال: رأيت عروة بحراً لا تكدره الدلاء. وكان يتألف الناس على حديثه. وعن حميد بن عبد الرحمن قال: لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنهم ليسألون عروة. وقال معمر، عن هشام بن عروة: إن أباه حرق كتباً له، فيها فقه، ثم قال: لوددت أني كنت فديتها بأهلي ومالي. وعن أبي الزناد قال: ما رأيت أحداً أروى للشعر من عروة. وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: العلم لواحدٍ من ثلاثة، لذي حسب يزينه، أو ذي دينٍ يسوس به دينه، أو مختلط بسلطان يتحفه بعلمه. ولا أعلم أحداً أشرط لهذه الخلال من عروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز.

(6/426)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 427
وقال عبد الله بن شوذب: كان عروة يقرأ القرآن كل يوم في المصحف نظراً، ويقوم به الليل، فما تركه إلا ليلة قطعت رجله، وكان وقع فيها الأكلة فنشرها، وكان إذا كان أيام الرطب يثلم حائطه، ثم يأذن للناس فيدخلون فيأكلون ويحملون. وقال معمر، عن الزهري قال: وقعت في رجل عروة الآكلة فصعدت في ساقه، فدعا به الوليد، ثم أحضر الأطباء وقالوا: لا بد من قطع رجله، فقطعت، فما تضور وجهه. وقال عامر بن صالح، عن هشام بن عروة: إن أباه خرج إلى الوليد بن عبد الملك، حتى إذا كان بوادي القرى، وجد في رجله شيئاً فظهرت به قرحة، ثم ترقى به الوجع فلما قدم على الوليد قال: يا أبا عبد الله اقطعها. قال: دونك، فدعا له الطبيب وقال له: اشرب المرقد. فلم يفعل، فقطعها من نصف الساق، فما زاد على أن يقول: حس حس. فقال الوليد: ما رأيت شيخاً قط أصبر من هذا. وأصيب عروة في هذا السفر بابنه محمد، ركضته بغلةٌ في إصطبل، فلم نسمع منه كلمةً في ذلك، فلما كان بوادي القرى قال: لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً اللهم كان لي بنون سبعة فأخذت منهم واحداً وأبقيت لي ستةً، وكان لي أطرافٌ أربعةٌ فأخذت طرفاً وأبقيت ثلاثةً، فإن ابتليت لقد عافيت، ولئن أخذت لقد أبقيت. ولهذه الحكاية طرق.) وعن عبد الله بن عروة أن أباه نظر إلى رجله في الطست فقال: الله

(6/427)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 428
يعلم أني ما مشيت بها إلى معصية قط، وأنا أعلم. وقال هشام بن عروة: كان أبي يسرد الصوم، ومات وهو صائم، جعلوا يقولون له: أفطر، فلم يفطر، وأقام بمكة ابن الزبير تسع سنين وأبي معه. وعن أبي الأسود أن عبد الله بن عمر زوج بنته سودة من عروة. وقال علي بن المديني: ثنا سفيان قال: قتل ابن الزبير، فسار عروة من مكة بالأموال، فأودعها بالمدينة، وأسرع إلى عبد الملك، فقدم عليه قبل وصول الخبر، فقال للبواب: قل لأمير المؤمنين: أبو عبد الله بالباب، فقال: من أبو عبد الله قال: قل له كذا، فدخل، فقال: ها هنا رجلٌ عليه أثر السفر، قال: كيت وكيت. قال: ذاك عروة بن الزبير فأذن له، فلما رآه زال عن موضعه، وجعل يسأله: كيف أبو بكر، يعني ابن الزبير قال: قتل رحمه الله، قال: فنزل عن السرير فسجد، فكتب إليه الحجاج: إن عروة قد خرج والأموال عنده، قال: فكلمه عبد الملك في ذلك، فقال: ما تدعون الشخص حتى يأخذ بسيفه فيموت كريماً فلما رأى ذلك، كتب إلى الحجاج أن أعرض عن ذلك. وقال هشام بن عروة: ما سمعت أحداً من أهل الأهواء يذكر أبي بشرٍ. وقال معاوية بن إسحاق، عن عروة قال: ما بر والده من شد طرفه إليه. وقال نوفل بن عمارة، عن هشام بن عروة قال: لما فرغ أبي من بناء قصره بالعقيق، وحفر بئاره، دعا جماعةً فأطعمهم.

(6/428)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 429
وقال أبو ضمرة، عن هشام قال: لما اتخذ قصره بالعقيق قالوا: جفوت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني رأيت مساجدهم لاهية، وأسواقهم لاغية، والفاحشة في فجاجهم عالية، فكان فيما هنالك عما هم فيه عافية. قال أبو نعيم، وابن المديني، وخليفة: مات سنة ثلاث وتسعين. وقال الهيثم، والواقدي، والفلاس: سنة أربع وتسعين. وقال يحيى بن بكير: سنة خمس. عروة بن المغيرة بن شعبة أبو يعفور، أخو عقار، وحمزة.) ولي بالكوفة الصلاة زمن الوليد، وكان سيد ثقيفٍ في وقته. روى عن: أبيه، وعائشة. وعنه: الحسن البصري، وبكر بن عبد الله المزني، ونافع بن جبير بن مطعم، وآخرون. عطاء بن فروخ الحجازي ن ق عن: عثمان بن عفان، وعبد الله بن عمرو. وعنه: علي بن زيد بن جدعا، ويونس بن عبيد. وثقه ابن حبان.

(6/429)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 430
عطاء بن مينا المدني وقيل البصري روى عن: أبي هريرة. وكان من صلحاء الناس وفضلائهم. روى عنه: سعيد المقبري، وأيوب بن موسى، وعمرو بن دينار، والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب. عطاء بن يسار قيل سنة أربعٍ وتسعين، وقيل سنة سبعٍ وتسعين، وقيل: سنة ثلاثة ومائة، كما يأتي إن شاء الله تعالى. عقبة بن وساج الأزدي البصري روى عن: عمران بن حصين، وعبد الله بن عمرو، وأنس، وغيرهم. روى عنه: قتادة، ويحيى السيباني، وإبراهيم بن أبي عبلة، وأبو عبيدة حاجب سليمان. ونزل الشام.

(6/430)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 431
قال ابن معين: ثقة. علقمة بن وائل بن حجر م الحضرمي الكندي أخو عبد الجبار. روى عن: أبيه، والمغيرة بن شعبة. روى عنه: سماك بن حرب، وعبد الملك بن عمير، وعمرو بن مرة، وعوف الأعرابي، وآخرون.) علي بن الحسين بن الإمام علي ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي المدني زين

(6/431)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 432
العابدين، أبو الحسن ويقال أبو الحسين، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله. روى عن: أبيه، وعمه الحسن، وابن عباس، وعائشة، وأبي هريرة، وجابر، ومسور بن مخرمة، وأم سلمة، وصفية أمي المؤمنين، وسعيد بن المسيب، ومروان، وغيرهم. روى عنه: بنوه محمد الباقر، وزيد، وعمر، وعبد الله، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحكم بن عتيبة، وهشام بن عروة، ومسلم البطين، والزهري، وزيد بن أسلم، وأبو الزناد، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الله بن مسلم بن هرمز. وحضر مصرع والده الشهيد بكربلاء، وقدم إلى دمشق، ومسجده بها معروف بالجامع. قال الفسوي: ولد سنة ثلاث وثلاثين. وقال ابن سعد: أمه غزالة، وأخوه علي الأكبر قتل مع أبيه. وقال القعنبي: ثنا محمد بن هلال: رأيت علي بن الحسين يعتم بعمامةٍ بيضاء يرخيها من ورائه. وقال الزهري: ما رأيت قرشياً أفضل من علي بن الحسين، وكان مع أبيه يوم قتل، وله ثلاث وعشرون سنة، وهو مريض، فقال عمر بن سعد بن أبي وقاص: لا تعرضوا لهذا المريض. قال: وكان علي من أحسن أهل بيته طاعةً وأحبهم إلى مروان وإلى عبد الملك.

(6/432)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 433
وقال زيد بن أسلم: ما رأيت فيهم مثل علي بن الحسين قط. وقال أبو حازم الأعرج: ما رأيت هاشمياً أفضل من علي بن الحسين. وقال زيد بن أسلم: كان من دعاء علي بن الحسين: اللهم لا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها، ولا تكلني إلى المخلوقين فيضيعوني. وقال حجاج بن أرطأة، عن أبي جعفر أن أباه علي بن الحسين قاسم الله ماله مرتين، وقال: إن الله يحب المؤمن المذنب التواب. وقال أبو حمزة الثمالي: إن علي بن الحسين كان يحمل الخبز على ظهره بالليل يتتبع به المساكين في ظلمة الليل، ويقول: إن الصدقة في ظلمة الليل تطفئ غضب الرب. وقال جرير بن عبد الحميد، عن شيبة بن نعامة: قال: كان علي بن الحسين يبخل، فلما مات) وجدوه يعول مائة أهل بيت بالمدينة. وقال سعيد بن مرجانة: أعتق علي بن الحسين غلاماً أعطاه به عبد الله بن جعفر عشرة آلاف درهم. وقال الزهري: أخبرني علي بن الحسين أنهم لما رجعوا من الطف كان أتى به يزيد أسيراً في رهطٍ هو رابعهم.

(6/433)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 434
وعن سعيد بن المسيب قال: ما رأيت رجلاً أورع من علي بن الحسين. وقال المدائني: عن سعيد بن خالد، عن المقبري قال: بعث المختار بن أبي عبيد إلى علي بن الحسين بمائة ألف درهم فكره أن يقبلها، وخاف أن يردها، فأخذها فاحتبسها عنده، فلما قتل المختار، كتب في أمرها إلى عبد الملك، فكتب إليه: يا بن عم خذها فقد طيبتها لك. وقال المدائني، عن عبد الله بن أبي سليمان: كان علي بن الحسين إذا مشى لا يخطر بيده، وكان إذا قام إلى الصلاة أخذته رعدةٌ فقيل له في ذلك، فقال: تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي. وقال ابن المديني: ثنا عبد الله بن هارون بن أبي عيسى، حدثني أبي، عن حاتم بن أبي صغيرة قال: دخل علي بن الحسين على محمد بن أسامة بن زيد في مرضه، فجعل يبكي، فقال: ما شأنك قال: علي دينٌ. قال: كم قال: بضعة عشر ألف دينار، قال: فهي علي. وعن علي بن الحسين قال: إني لأستحيي من الله أن أسأل للأخ من إخواني الجنة وأبخل عليه بالدنيا، فإذا كان يوم القيامة قيل لي: لو كانت الجنة بيدك لكنت بها أبخل وأبخل. وقال ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري: سألت علي ابن الحسين عن القرآن فقال: كتاب الله وكلامه. وقال عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه: سأل رجلٌ علي بن الحسين:

(6/434)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 435
ما كان منزلة أبي بكر وعمر من النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كمنزلتهما الساعة، وأشار بيده إلى القبر. وقال أبو عبيدة، عن أبي إسحاق الشيباني، عن القاسم بن عوف الشيباني قال: قال علي بن الحسين جاءني رجل فقال: جئتك في حاجة وما جئتك حاجاً ولا معتمراً، قلت: وما حاجتك قال: جئت لأسألك متى يبعث علي، فقلت له: يبعث والله يوم القيامة ثم تهمه نفسه. وقال الثوري، عن عبيد الله بن موهب قال: جاء قوم إلى علي بن الحسين فأثنوا عليه، فقال: ما) أجرأكم وأكذبكم على الله، نحن من صالحي قومنا فحسبنا أن نكون من صالحيهم. وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: سمعت علي بن الحسين وكان أفضل هاشمي أدركته يقول: يا أيها الناس أحبونا حب الإسلام. فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عاراً. وقال الأصمعي: لم يكن للحسين عقبٌ إلا من ابنه علي، ولم يكن لعلي ولد إلا من بنت عمه أم عبد الله بنت الحسن، فقال له مروان: لو اتخذت السراري لعل الله أن يرزقك منهن. فقال: ما عندي ما أشري به. قال: فأنا أقرضك، فأقرضه مائة ألف درهم فاتخذ السراري، فولد له جماعة، لم يأخذ منه مروان ذلك المال. وقال ابن عيينة: حج علي بن الحسين، فلما أحرم أصفر لونه وانتفض،

(6/435)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 436
ووقه عليه الرعدة ولم يستطع أن يلبي، فقيل له: مالك لا تلبي قال: أخشى أن أقول لبيك، فيقال لي: لا لبيك، فلما لبى غشي عليه، وسقط من راحلته، ولم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه. وقال مالك: أحرم علي بن الحسين، فلما أراد أن يقول: لبيك، أغمي عليه حتى سقط من ناقته، فهشم، ولقد بلغني أنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة. قال: وكان يسمى بالمدينة: زين العابدين لعبادته. وقال أحمد بن عبد الأعلى الشيباني: حدثني أبو يعقوب المدني قال: كان بين حسن بن حسن وبين علي بن الحسين شيء، فجاء حسن فما ترك شيئاً إلا قاله وعلي ساكت، فذهب حسن، فلما كان الليل أتاه علي، فقرع بابه، فخرج إليه، فقال له: يا بن عم إن كنت صادقاً فغفر الله لي، وإن كنت كاذباً فغفر الله لك، والسلام عليك. فالتزمه حسن وبكى حتى رثى له. قال أبو نعيم: ثنا عيسى بن دينار ثقة قال: سألت أبا جعفر عن المختار فقال: قام علي بن الحسين على باب الكعبة فلعن المختار، فقال له رجلٌ: جعلت فداك، تلعنه وإنما ذبح فيكم قال: إنه كان يكذب على الله وعلى رسوله. وقال أبو نعيم: ثنا أبو إسرائيل، عن الحكم، عن أبي جعفر قال: إنا لنصلي خلفهم في غير تقية، وأشهد على أبي أنه كان يصلي خلفهم في غير تقية. وقال عمر بن حبيب شيخٌ للمدائني عن يحيى بن سعيد قال: قال

(6/436)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 437
علي بن الحسين: والله ما قتل عثمان على وجه الحق. قال غير واحد: كان علي بن الحسين يخضب بالحناء والكتم، وروي أنه كان له كساءٌ أصفر) يلبسه يوم الجمعة. وقال عثمان بن حكيم: رأيت على علي بن الحسين كساء خز وجبة خز. وروى مالك بن إسماعيل، عن حسين، عن زيد بن علي، عن عمه أن علي ابن الحسين كان يشتري كساء الخز بخمسين ديناراً يشتو فيه، ثم يبيعه ويتصدق بثمنه. وقال القعنبي: ثنا محمد بن هلال قال: رأيت علي بن الحسين يعتم ويرخي خلف ظهره. وقال الزبير بن بكار: ثنا عمي ومحمد بن الضحاك ومن لا أحصي أن علي بن الحسين قال: ما أود أن لي بنصيبي من الذل حمر النعم. وقال إبراهيم بن المنذر: ثنا حسين بن زيد، ثنا عمر بن علي أن علي بن الحسين كان يلبس كساء خز بخمسين ديناراً، يلبسه في الشتاء، فإذا كان الصيف تصدق بثمنه، ويلبس في الصيف ثوبين ممشقين من ثياب مصر، ويقرأ: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق. وعن جعفر الصادق أن علي بن الحسين كان إذا سار على بغلته في

(6/437)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 438
سكك المدينة، لم يقل لأحدٍ: الطريق، وكان يقول: الطريق مشترك ليس لي أن أنحي عنه أحداً. وروي أن هشام بن عبد الملك حج قبل الخلافة، فكان إذا أراد استلام الحجر زوحم عليه، وكان علي بن الحسين إذا دنا من الحجر تفرقوا عنه إجلالاً له، فوجم لذلك هشام وقال: من هذا فما أعرفه وكان الفرزدق واقفاً فقال:
(هذا الذي تعرف البطحاء وطأته .......... والبيت يعرفه والحل والحرم)

(هذا ابن خيرٍ عباد الله كلهم .......... هذا التقي النقي الطاهر العلم)

(إذا رأته قريشٌ قال قائلها .......... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم)

(يكاد يمسكه عرفان راحته .......... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم)

(يغضي حياءً ويغضى من مهابته .......... فلا يكلم إلا حين يبتسم)

(هذا ابن فاطمةٍ إن كنت جاهله .......... بجده أنبياء الله قد ختموا)
وهي طويلة مشهورة، فأمر هشام بحبس الفرزدق، فحبس بعسفان. وبعث إليه علي بن الحسين باثني عشر ألف درهم، وقال: اعذر أبا فراسٍ، فردها وقال: ما قلت ذلك إلا غضباً لله ولرسوله، فردها علي وقال: بحقي عليك لما قبلتها فقد علم الله نيتك ورأى) مكانك، وقبلها. وهجا هشاماً بقوله:
(أيحبسني بين المدينة والتي .......... إليها قلوب الناس يهوي منيبها)

(يقلب رأساً لم يكن رأس سيدٍ .......... وعينين حولاوين بادٍ عيوبها)

(6/438)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 439
قلت: وليس للحسين رضي الله عنه عقبٌ إلا من زين العابدين، وأمه أمةٌ، وهي سلافة بنت يزدجرد آخر ملوك فارس. وقيل: غزالة كما تقدم، خلف عليها بعد الحسين مولاه زبيد فولدت له عبد الله بن زبيد، قاله محمد ابن سعد. وهي عمة أم الخليفة يزيد بن الوليد. قال أبو جعفر الباقر: عاش أبي ثمانين وخمسين سنة. وقال الواقدي: حدثني حسين بن علي بن الحسن أن أباه مات سنة أربعٍ وتسعين، وكذا قال البخاري، وأبو عبيد، والفلاس، وروى عن جعفر ابن محمد. وقال يحيى بن عبد الله بن حسن بن الهاشمي الحسني: مات في رابع عشر ربيع الأول ليلة الثلاثاء. وقال أبو نعيم وخليفة: توفي سنة اثنتين وتسعين. وقال ابن معين: سنة ثلاثٍ. وقال يحيى بن بكير: سنة خمس. والأول الصحيح. علي بن ربيعة الوالبي الأسدي الكوفي أبو المغيرة. روى عن: علي، والمغيرة بن شعبة، وأسماء بن الحكم الفزاري، وابن عمر. روى عنه: سعد بن عبيد الطائي، وسلمة بن كهيل، وعثمان بن المغيرة، وعاصم بن بهدلة، وأبو إسحاق، وإسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفيراء. وثقه ابن معين.

(6/439)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 440
علي بن عبد الله الأزدي م الكوفي البارقي، أبو عبد الله بن أبي الوليد. سمع: أبا هريرة، وابن عمر. وعنه: يعلى بن عطاء، وأبو الزبير، وموسى بن عقبة، وحميد الطويل، وآخرون. عمارة بن عمير الليثي ع أبو سليمان الكوفي.) روى عن: علقمة والأسود، وشريح القاضي، والحارث بن سويد، وأبي عطية الوادعي. روى عنه: الحكم بن عتيبة وزبيد اليامي، ومنصور الأعمش. قال ابن المديني: له ثمانين حديثاً. وقال غيره: توفي في خلافة سليمان، وكان ثقة نبيلاً. عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري. عن: سبيعة الأسلمية. عمرو بن أوس بن أبي أوس الثقفي المكي.

(6/440)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 441
روى عن: أبيه، وعبد الله بن عمرو، وأبي رزين العقيلي، وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وجماعة. روى عنه: محمد بن سيرين، وعمرو بن دينار، وأبو إسحاق السبيعي، وعبد الرحمن بن البيلماني. وكان من الفقهاء الثقات. عمرو بن الحارث أبو عبد الله العامري مولاهم الدمشقي. كان على خاتم الوليد بن عبد الملك. عن: عائشة، ومحمود بن الربيع، وأبي بحرية عبد الله بن قيس. وعنه: الزهري، وإسحاق بن أبي فروة. عمرو بن سلمة الجرمي أحسبه بقي إلى بعد التسعين. وقد تقدم. عمرو بن الشريد سوى ت بن سويد الثقفي الطائفي.

(6/441)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 442
روى عن: أبيه، وأبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وسعد بن أبي وقاص. روى عنه: عمرو بن شعيب، وبكير بن عبد الله بن الأشج، ويعلى بن عطاء، وإبراهيم بن) ميسرة. وثقه أحمد العجلي. عمرو بن سليم بن خلدة الزرقي المدني. روى عن: أبي حميد الأنصاري، وأبي قتادة الحارث بن ربعي، وأبي هريرة، وأبي سعيد. روى عنه: سعيد المقبري، وبكير بن الأشج، وعامر بن عبد الله بن الزبير، والزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وجماعة. عمرو بن مالك الجنبي المصري روى عن: فضالة بن عبيد، وأبي سعيد الخدروي. روى عنه: أبو هانيء حميد بن هانيء، ومحمد بن شمير الرعيني. وثقه ابن معين. عمران بن الحارث أبو الحكم السلمي الكوفي. سمع: ابن عباس، وابن عمر.

(6/442)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 443
روى عنه: سلمة بن كهيل، وقتادة، وحصين بن عبد الرحمن. وهو قليل الحديث. عمرة بنت عبد الرحمن ابن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية الفقيهة. كانت في حجر عائشة فأكثرت عنها، وروت أيضاً عن: أم سلمة، ورافع بن خديج، وأختها لأمها أم هشام بنت حارثة بن النعمان. روى عنها: ابنها أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن، وابناه حارثة، ومالك، وابن أختها أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وابناه محمد، وعبد الله، والزهري، ويحيى بن سعيد، وآخرون. وكان ثقة حجةً خيرةً كثيرة العلم. روى الزهري وفي الإسناد إليه ابن لهيعة أن القاسم بن محمد قال له: إن كنت تريد حديث عائشة فعليك بعمرة فإنها من أعلم الناس بحديثها، وكانت تحت حجرها. توفيت سنة ثمانٍ وتسعين، ويقال: سنة ستٍ ومائة.) روى أيوب بن سويد، عن يونس، عن الزهري، عن القاسم بن محمد أنه قال لي: يا غلامٌ أراك تحرص على طلب العلم، أفلا أدلك على وعائه قلت: بلى. قال: عليك بعمرة فإنها كانت في حجر عائشة، فأتيتها فوجدتها بحراً لا ينزف.

(6/443)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 444
عنبسة بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية أبو خالد، ويقال أبو أيوب، أخو عمرو الأشدق. روى عن: أبي هريرة، وأنس بن مالك. روى عنه: أبو قلابة، والزهري، وأسماء بن عبيد، ومحمد بن عمرو بن علقمة. وثقه ابن معين. وقال الدارقطني: كان جليساً للحجاج. عوف بن الحارث الأزدي المدني رضيع عائشة وابن أختها لأمها. روى عن: عائشة، وأخيه رميثة بنت الحارث، وأبي هريرة، وأم سلمة. روى عنه: الزهري، وعامر بن عبد الله بن الزبير، وبكير بن الأشج، وهشام بن عروة. العلاء بن زياد ابن مطر بن شريح، أبو نصر العدوي البصري.

(6/444)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 445
أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً. وحدث عن: عمران بن حصين، وأبي هريرة، وعياض بن حماد المجاشعي، ومطرف بن عبد الله بن الشخير، وغيرهم. وعنه: الحسن، وأسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، وقتادة، ومطر الوراق، وإسحاق بن سويد العدوي، وأوفى بن دلهم، وجماعة. وقد كان زاهداً خاشعاً قانتاً لله بكاءً. له ترجمة في حلية الأولياء. ذكر ابن حبان أنه توفي بالشام في آخر ولاية الحجاج سنة أربعٍ وتسعين. قال قتادة: كان العلاء بن زياد قد بكى حتى غشي بصره، وكان إذا أراد أن يتكلم أو يقرأ جهشه البكاء، وكان أبوه زياد بن مطر قد بكى حتى عمي. وعن عبد الواحد بن زيد قال: أتى رجل العلاء بن زياد فقال: أتاني آتٍ في منامي وقال: ائت) العلاء بن زياد فقل له: لم تبك، قد غفر لك. فبكى، وقال: الآن حين لا أهدأ. وقال سلمة بن سعيد: رأى العلاء بن زياد أنه من أهل الجنة، فمكث ثلاثاً لا ترقأ له دمعةٌ ولا يكتحل بنوم، ولا يذوق طعاماً، فأتاه الحسن فقال: أي أخي، أتقتل نفسك أن بشرت بالجنة، فازداد بكاءً على بكائه، فلم يفارقه

(6/445)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 446
الحسن رضي الله عنه حتى أمسى، وكان صائماً فطعم شيئاً. رواها محمد بن الحسن البرجلاني، عن عبيد الله بن محمد العبسي، عن سلمة. وقال جعفر بن سليمان الضبعي: سمعت مالك بن دينار يسأل هشام بن زياد العدوي قلت هو أخو صاحب الترجمة عن هذا الحديث، فحدثنا به يومئذ، قال: تجهز رجل من أهل الشام للحج، فأتاه آتٍ في منامه: ائت البصرة، فائت بها الحسن بن زياد فإنه رجل ربعةٌ أقصم الثنية بسامٌ فبشره بالجنة، فقال: رؤيا ليست بشيء. فأتاني في الليلة الثانية، ثم في الليلة الثالثة، وجاءه بوعيدٍ، فأصبح وتجهز إلى العراق، فلما خرج من البيوت، إذا الذي أتاه في منامه يسير بين يديه، فإذا نزل فقده، فلم يزل حتى دخل البصرة، قال هشام: فوقف على باب العلاء، فخرجت إليه، فقال لي: أنت العلاء فقلت: لا، وقلت: أنزل رحمك الله فضع رحلك، فقال: لا، أين العلاء، فقلت: في المسجد، وأتيت العلاء فصلى ركعتين، وجاء، فلما رأى الرجل تبسم فبدت ثنيته فقال: هذا والله صاحبي، فقال العلاء: هلا حططت رحل الرجل، ألا أنزلته، قال: قلت له فأبى، فقال العلاء: انزل رحمك الله، فقال: أخلني، فدخل العلاء منزله وقال: يا أسماء تحولي إلى المنزل الآخر، ودخل الرجل وبشره برؤياه، ثم خرج، فركب، قال: وقام العلاء فأغلق بابه وبكى ثلاثة أيام، أو قال: سبعة أيام، لا يذوق فيها طعاماً ولا شراباً ولا يفتح بابه، فسمعته يقول في حال بكائه: أنا أنا، وكنا نهابه أن نفتح بابه، وخشيت أن يموت، فأتيت الحسن، فذكرت ذلك له، فجاء فدق عليه، ففتح وبه من الضر شيءٌ الله به عليم، وكلمه الحسن، ثم قال: رحمك الله ومن أهل الجنة إن شاء الله، أفقاتلٌ نفسك أنت قال هشام: فحدثنا العلاء لي وللحسن بالرؤيا، وقال: لا تحدثوا بها ما كنت حياً.

(6/446)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 447
وقال قتادة، عن العلاء بن زياد قال: ما يضرك شهدت على مسلم بكفرٍ أو قتلته. وقال هشام بن حسان: كان قوت العلاء بن زياد رغيفاً كل يوم، قال: وكان يصوم حتى يخضر، ويصلي حتى يسقط، فدخل عليه أنس والحسن فقالا: إن الله لم يأمرك بهذا كله، فقال: إنما أنا عبدٌ مملوكٌ لا أدع من الاستكانة شيئاً إلا جئته.) وقال هشام بن حسان، عن أوفى بن دلهم قال: كان للعلاء بن زياد مالٌ ورقيقٌ، فأعتق بعضهم وباع بعضهم، وتعبد، وبالغ، فكلم في ذلك، فقال: إنما أتذلل لله لعله يرحمني. قلت: علق البخاري في تفسير حم المؤمن قولاً في: لا تقنطوا من رحمة الله. وروى حميد بن هلال، عن العلاء بن زياد قال: رأيت في النوم الدنيا عجوزاً شوهاء هتماء، عليها من كل زينة ولحية، والناس يتبعونها، فقلت: ما أنت قالت: الدنيا، قلت: أسأل الله أن يبغضك إلي. قالت: نعم إن أبغضت الدراهم. العيزار بن حريث العبدي الكوفي.

(6/447)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 448
روى عن: ابن عباس، والنعمان بن بشير، والحسين بن علي، وعروة البارقي. روى عنه: ابنه الوليد، وأبو إسحاق السبيعي، ويونس بن أبي إسحاق السبيعي، وجرير بن أيوب البجلي. وثقه ابن معين، وكأنه تأخر. عيسى بن طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي المدني، أبو محمد. روى عن: أبيه، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، ومعاوية. روى عنه: محمد بن إبراهيم التيمي، وطلحة بن يحيى، والزهري، وغيرهم. وكان من حلماء قريش وأشرافهم، وفد على معاوية. وثقه ابن معين. روى أيوب بن عباية، عن سليمان بن مرباع قال: دخل رجلٌ إلى عيسى بن طلحة فأنشد عيسى:
(يقولون: لو عزيت قلبك لارعوى .......... فقلت: وهل للعاشقين قلوب)

(عدمت فؤادي كيف عذبه الهوى .......... أما لفؤادي من هواه طبيب)

(6/448)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 449
فقام الرجل فأسبل إزاره ومضى إلى باب الحجرة يتبختر ثم يرجع، حتى عاد لمجلسه طرباً، وقال: أحسنت، فضحك عيسى وجلساؤه لطربه. مات عيسى في حدود سنة مائة.) عيسى بن هلال الصدفي المصري. عن: عبد الله بن عمرو. روى عنه: دراج أبو السمح، وكعب بن علقمة، ويزيد بن أبي، وعياش بن عباس المصريون.

(6/449)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 450
4 (الغين)
غزوان أبو مالك الغفاري كوفي. يروي عن: ابن عباس، والبراء، وعبد الرحمن بن أبزى. وعنه: سلمة بن كهيل، وحصين، وإسماعيل السدي. وثقه ابن معين. وهو بالكنية أشهر. غزوان بن يزيد الرقاشي البصري أحد الخائفين، أصاب ذراعه شرارةٌ فلما آلمته حلف أن لا ياره الله ضاحكاً حتى يعلم أفي الجنة هو أم في النار، فلبث أربعين سنةً لم ير ضاحكاً مكشراً. رواها إبراهيم بن عجلان، عن يزيد الرقاشي أن غزوان أصاب ذراعه، فقيل إنه بلغ الحسن فقال: عزم غزوان ففعل. وروى يحيى بن كثير، عن شيخ له أن غزوان كان إذا سافر هدم خصه فإذا رجع أعاده.

(6/450)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 451
غنيم بن قيس م أبو العنبر المازني الكعبي البصري. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ووفد على عمر رضي الله عنه، وغزا مع عتبة بن غزوان. وروى عن: أبيه، وسعد بن أبي وقاص، وأبي موسى الأشعري. روى عنه: ثابت بن عمارة، وسليمان التيمي، وخالد بن الحذاء، وعاصم الأحول، وسعيد الجريري. وكان من جلة البصريين.

(6/451)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 452
4 (الفاء)
) فروة بن مجاهد اللخمي الفلسطيني. أرسل حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عن عقبة بن عامر، وغيره. روى عنه: حسان بن عطية، والمغيرة بن المغيرة الرملي، وأسيد بن عبد الرحمن. قال ابن أبي حاتم: كانوا لا يشكون أنه من الأبدال. وقال الوليد بن مسلم: أخبرني مغيرة بن مغيرة، عن فروة بن مجاهد أخبرهم أن طاغية الروم لما دعاه وأصحابه إلى قتال برجان ووعدهم تخلية سبيلهم إن نصرتهم عليهم، فأجبناه إلى ذلك، فقال لي أصحابي: كيف نقاتلهم بلا دعوة إلى الإسلام فقلت: لا يجيبنا الطاغية، ولكني سأرفق، فقلت للطاغية: إن رأيت أن تأذن لنا في إقامة الصلاة، ونجمعها معشر المسلمين بين الصفين، ثم قولوا أنتم: جاءنا مددٌ من العرب، فتكون صلاتنا مصدقاً لما قلتم من ذلك فأجابنا إلى ذلك، وأقمنا الصلاة، فصلينا، ثم قاتلناهم، فنصرنا الله عليهم، وخلى سبيلنا.

(6/452)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 453
الفضيل بن زيد أبو سنان الرقاشي أحد زهاد البصرة وعبادها، له ذكرٌ توفي سنة خمسٍ وتسعين.

(6/453)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 454
4 (القاف)
قتيبة بن مسلم ابن عمرو بن الحصين بن ربيعة، أبو حفصٍ الباهلي. أمير خراسان كلها بعد إمرة الري، وكان من الشجاعة والجزم والرأي بمكانٍ، وهو الذي افتتح خوارزم وبخارى وسمرقند، وقد كانوا كفروا ونقضوا، ثم افتتح فرغانة والترك في سنة خمسٍ وتسعين. وولي خراسان عشر سنين. وقد سمع، من: عمران بن حصين، وأبي سعيد الخدري. ولما مات الوليد بن عبد الملك نزع الطاعة، فلم يوافقه على ذلك أكثر الناس.

(6/454)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 455
وكان قتيبة قد عزل وكيع بن حسان بن قيس الغداني عن رياسة تميم، فحقد عليه، وسعى في تأليب الجند، ثم وثب على قتيبة في أحد عشر من أهله، فقتلوه في ذي الحجة سنة تسعٍٍ وتسعين، وله ثمان وأربعون سنة. وقتل أبو صالح، أبوه، مع مصعب بن الزبير.) وباهلة قبيلة منحطةٌ بين العرب، كما قيل:
(وما ينفع الأصل من هاشمٍ .......... إذا كانت النفس من باهله)
وقال آخر:
(ولو قيل للكلب يا باهلي .......... عوى الكلب من لؤم هذا النسب)
وعن قتيبة أنه قال لهريرة بن مسروح: أي رجلٍ أنت، لو كان أخوالك من غير سلول فلو بادلت بهم. قال: اصلح الله الأمير، بادل بهم من شئت وجنبني باهلة. وقيل: لبعضهم: أيسرك أنك باهلي وأنك دخلت الجنة قال: أي والله بشرط أن لا تعلم أهل الجنة أني باهلي. ويروى أن أعرابياً لقي آخر فقال: ممن أنت قال: من باهلة، فرثى له الأعرابي، فقال: وأزيدك، إني لست من صميمهم بل من مواليهم، فأخذ الأعرابي يقبل يديه ويقول: ما ابتلاك الله بهذه الرزية في الدنيا إلا وأنت من أهل الجنة.

(6/455)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 456
قلت: قتيبة لم ينل ما ناله بالنسب، بل بالشجاعة والرأي والدهاء والسعد وكثرة الفتوحات. قرة بن شريك بن مرثد بن حرام العبسي القنسريني، أمير مصر من قبل الوليد، وكان ظالماً فاسقاً جباراً. قال أبو سعيد بن يونس: كان خليعاً، مات على إمرة مصر في سنة ستٍ وتسعين، بعد أن وليها سبع سنين، أمره الوليد ببناء جامع الفسطاط والزيادة فيه، قال: وقيل إنه كان إذا انصرف الصناع من بناء الجامع دخله فدعا بالخمر والطبل والمزمار ويقول: لنا ليلٌ ولهم نهار، وكان من أظلم خلق الله. همت الإباضية باغتياله، وتبايعوا على ذلك، فعلم بهم، فقتلهم. قال ابن شوذب وغيره: قال عمر بن عبد العزيز: الوليد بالشام، والحجاج بالعراق، وعثمان بن حيان المري بالحجاز، وقرة بمصر، امتلأت الأرض والله جوراً. ويروى أن نعي الحجاج وقرة وردا على الوليد في يوم واحد، وليس بشيء، فإن قرة عاش بعد الحجاج ستة أشهرٍ. قزعة بن يحيى أبو الغادية البصري، مولى زياد ابن أبيه، وقيل مولى غيره.

(6/456)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 457
حدث عن: أبي هريرة، وأبي سعيد، وابن عمر، وعبد الله بن عمر.) وروى عنه: مجاهد، وقتادة، وعمرو بن دينار، وعبد الملك بن عمير، وربيعة بن يزيد القصير، وعاصم الأحول، وعروة بن رويم، وآخرون. وكان كثير الحج، ويسبق الحجاج إلى مكة في أيام معاوية. وهو من الثقات. قسامة بن زهير المازني البصري. حدث عن: أبي موسى الأشعري، وأبي هريرة. روى عنه: قتادة، وهشام بن حسان، وعوف الأعرابي. قال ابن سعد: كان ثقةً إن شاء الله، قال: وتوفي في إمرة الحجاج.. قلت: وقع حديثه عالياً في القطيعيات. قيس بن أبي حازم عبد عوف بن الحارث، ويقال عوف بن عبد الحارث الأحمسي

(6/457)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 458
البجلي، من كبار علماء الكوفة. توفي النبي صلى الله عليه وسلم وقيس في الطريق قد قدم ليبايعه، ولأبيه صحبة. روى عن: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ومعاذ، وخالد بن الوليد، والزبير، وابن مسعود، وحذيفة، وخباب بن الأرت، وسعد بن أبي وقاص، وأبي موسى، وجرير بن عبد الله، وطائفة من المهاجرين. روى عنه: الحكم بن عتيبة، وأبو إسحاق، وطارق بن عبد الرحمن، وإسماعيل بن أبي خالد، وبيان بن بشر، والأعمش، وعمر بن أبي زائدة، ومجالد بن سعيد، وعيسى بن المسيب، وجماعة. وكان كوفياً عثمانياً، وذلك نادر. روى حفص بن سلم السمرقندي وهو متهمٌ واهٍ عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيسٍ قال: دخلت المسجد مع أبي، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وأنا ابن سبعٍ أو ثمان سنين. وقال جعفر الأحمر، عن السري بن إسماعيل، عن قيس قال: أتيت رسول الله لأبايعه، فجئت وقد قبض، وأبو بكر قائمٌ في مقامه. كان قيس مع خالد حين قدم الشام من السماوة.) وقال الحكم بن عتيبة، عن قيس قال: أمنا خالد بن الوليد باليرموك في ثوب واحد. وقال مجالد، عن قيس قال: دخلت على أبي بكر في مرضه، وأسماء بنت عميس تروحه، فكأني أنظر إلى وشمٍ في ذراعها، فقال لأبي: يا أبا حازم قد أجزت لك فرسك.

(6/458)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 459
وقال ابن المديني: قيسٌ سمع من أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وسعد، والزبير، وطلحة، وسعيد بن زيد، وأبي مسعود، وجرير، وجماعة. وكان عثمانياً. وروى عن بلال ولم يلقه. قال ابن عيينة: ما كان بالكوفة أروى من الصحابة منه. وقال أبو داود: روى عن تسعةٍ من العشرة، لم يرو عن عبد الرحمن بن عوف. وقال معاوية بن صالح، عن ابن معين قال: قيس بن أبي حازم أوثق من الزهري. وقال ابن أبي خالد: ثنا قيس بن أبي حازم هذه الأصطوانة. وقال ابن المديني: قال لي يحيى بن سعيد: قيس بن أبي حازم منكر الحديث، ثم ذكر له حديث كلاب الحوأب. وقال إسماعيل بن أبي خالد: أمنا قيسٌ كذا وكذا، فما رأيته متطوعاً في مسجدنا، وكان عثمانياً. وقال يحيى بن أبي غنية: ثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: كبر قيسٌ حتى جاوز المائة بسنين كثيرةٍ حتى خرف وذهب، فاشتروا له جاريةً سوداء أعجمية في عنقها قلائد من عهنٍ وودعٍ وأجراس، فجعلت عنده، وأغلق عليهما، فكنا نطلع عليه من وراء الباب، فيأخذ تلك القلائد فيحركها بيده

(6/459)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 460
ويضحك في وجهها. قال يعقوب السدوسي: قالوا: كان يحمل على علي، والمشهور عنه أنه كان يقدم عثمان، ولذلك تجنب كثيرٌ من قدماء الكوفيين الرواية عنه. قال الهيثم: مات في آخر خلافة سليمان. وقال يحيى بن معين، وخليفة، وأبو عبيدة: توفي سنة ثمانٍ وتسعين. وغلط الفلاس وقال: توفي سنة أربع وثمانين. قيس بن حبتر النهشلي الكوفي. حدث بالجزيرة عن: ابن عباس.) روى عنه: علي بن بذيمة، وعبد الكريم بن مالك الجزري، وغالب بن عبادة. وثقه ن. قيس بن رافع الأشجعي القيسي المصري، أحد العلماء. روى عن: أبي هريرة، وابن عمر. وعنه: يزيد بن أبي حبيب، وعبد الكريم بن الحارث، والحسن بن ثوبان، وإبراهيم بن نشيط، وعياش بن عقبة. قال عبد الكريم بن الحارث عن قيس: ويلٌ لمن كان دينه دنياه وهمه بطنه.

(6/460)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 461
قيس بن كليب الحضرمي حاجب الأمراء بمصر. حجب عمرو بن العاص، وعتبة بن أبي سفيان بعده، ثم عقبة بن عامر، ومسلمة بن مخلد، وسعيد بن مخلد، وسعيد بن مخلد، وسعيد بن يزيد، وعبد الرحمن بن جحدم، وعبد العزيز بن مروان، وعمر بن مروان، وعبد الله بن عبد الملك بن مروان. روى عنه: أبو قبيل المعافري. وبقي إلى حدود التسعين.

(6/461)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 462
4 (الكاف)
كريب بن أبي مسلم المكي مولى ابن عباس، كنيته أبو رشدين. أدرك عثمان، وروى عن: زيد بن ثابت، وعائشة، وأسامة بن زيد، وأم هانئ، وأم سلمة، وابن عباس، وغيرهم. روى عنه: ابناه رشدين، ومحمد، وبكير بن الأشج، وسلمة بن كهيل، وإبراهيم، ومحمد، وموسى بنو عقبة، وعمرو بن دينار، ومخرمة بن سليمان، والزهري، وصفوان بن سليم، وطائفة. وبعثته أم الفضل والدة ابن عباس إلى معاوية رسولاً. وثقه ابن معين وغيره. وقال موسى بن عقبة: وضع عندنا كريب حمل بعيرٍ أو عدل بعيرٍ من كتب ابن عباس،) فكان علي بن عبد الله بن عباس إذا أراد الكتاب كتب إليه: أبعث إلي بصحيفة كذا وكذا، قال: فننسخها ونبعث إليه إحداهما، رواها

(6/462)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 463
أحمد بن يونس، عن زهير بن معاوية، عنه. وعن موسى بن عقبة وغيره: أن كريباً توفي سنة ثمانٍ وتسعين. وثقه ابن معين، وقد رأى عثمان رضي الله عنه. كنانة بن نعيم العدوي البصري. روى عن: قبيصة بن المخارق، وأبي برزة الأسلمي. روى عنه: عدي بن ثابت، وهارون بن رياب، وثابت البناني، وعبد العزيز بن صهيب. وكان ثقةً قليل الرواية.

(6/463)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 464
4 (الميم)
مالك بن أوس بن الحدثان أبو سعيد النصري المدني. أدرك الجاهلية. ورأى أبا بكر، وقيل: له صحبة، ولم يصح. روى عن: عمر، وعلي، وعثمان، وطلحة، والعباس، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وجماعة. روى عنه: عكرمة بن خالد، ومحمد بن جبير، وابن مطعم، وابن المنكدر، والزهري، وأبو الزبير، ومحمد بن عمرو بن عطاء، ومحمد بن عمرو بن حلحلة، وآخرون. وحضر الجابية وبيت المقدس مع عمر، وكان عريفاً على قومه في زمن عمر، وكان من أفصح العرب.

(6/464)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 465
وقد ذكره في الصحابة أحمد بن صالح المصري، وابن خزيمة. قال الفلاس وغيره: توفي سنة اثنتين وتسعين. ونقل الواقدي أنه ركب الخيل في الجاهلية. مالك بن الحارث السلمي الرقي ويقال: الكوفي. روى عن: أبيه، وابن عباس، وعبد الله بن ربيعة، وعلقمة.) وعبد الله بن يزيد النخغيين. روى عنه: منصور، والأعمش. ووثقه ابن معين. وتوفي سنة أربعٍ وتسعين. مالك بن مسمع أبو غسان الربعي من أشراف أهل البصرة وسادتهم. ذكره ابن عساكر وقال: ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووفد على معاوية. قال خليفة: مات سنة ثلاثٍ وتسعين. محمد بن أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، ابن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(6/465)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 466
مدني قليل الرواية. روى عن أبيه. روى عنه: سعيد بن عبيد بن السباق، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وعبد الله بن دينار، ويزيد بن عبد الله بن قسيط. وثقه ابن سعد. يقال: توفي سنة ستٍ وتسعين. محمد بن ثابت بن شرحبيل، أبو مصعب العبدري المدني، عن: أبي هريرة، وعقبة بن عامر، وابن عمر. وعنه: ابناه: مصعب، وإبراهيم، ومحمد بن إبراهيم التيمي، ويزيد بن عيبد الله بن قسيط، وآخرون. له حديثٌ في كتاب الأدب للبخاري. محمد بن جبير بن مطعم ابن عدي بن نوفل بن عبد مناف، أبو سعيد القرشي النوفلي المدني، أخو نافع. روى عن: أبيه، وعمر بن الخطاب، وابن عباس، ومعاوية. ووفد على معاوية.) روى عنه: بنوه: جبير، وعمر، وإبراهيم، وسعيد، وابن شهاب،

(6/466)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 467
وسعد بن إبراهيم الزهريان، وعمرو بن دينار، وآخرون. وكان من علماء قريش وأشرافها. روى محمد بن إسحاق، عن ابن قسيط، أن محمد بن جبير بن مطعم احتسب بعلمه وجعله في بيتٍ وأغلق عليه باباً، ودفع المفتاح إلى مولاةٍ له، وقال لها: من جاءك يطلب منك مما في هذا البيت شيئاً فادفعي إليه المفتاح، ولا تذهبين من الكتب شيئاً. قال ابن سعد: كان ثقةً قليل الحديث. وقال الواقدي: توفي بالمدينة في خلافة عمر بن عبد العزيز، وقيل في خلافة سليمان بن عبد الملك. محمد بن أبي سفيان بن العلاء بن جارية الثقفي الدمشقي، أبو بكر، ويقال أبو عامر. روى عن أم حبيبة أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوبٍ علي وعليه وفيه: كان ما كان، رواه معاوية بن صالح، عن ضمرة بن حبيب، أخبرني محمد بن أبي سفيان، فذكره. وقال صالح بن كيسان، عن الزهري، عن محمد بن أبي سفيان، عن يوسف بن الحكم، عن محمد بن سعد، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: من يرد

(6/467)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 468
هوان قريشٍ أهانه الله. وروى الزبيدي، عن أبي عمر الأنصاري، عن محمد بن أبي سفيان، سمع قبيصة بن ذؤيب، عن بلال في الأذان. محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان القرشي العامري مولاهم المدني. روى عن: أبي هريرة، وابن عباس، وفاطمة بنت قيس، وجابر، وأبي سعيد. روى عنه: عبد الله بن بريد مولى الأسود، والزهري، ويحيى بن أبي كثير، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، ويحيى بن سعيد، وآخرون. وهو ثقة. محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي أخو الفقيه أبي بكر.) روى: عن عائشة.

(6/468)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 469
وعنه: الزهري. وهو مقل لا يكاد يعرف. محمد بن عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي. روى عن: أبيه، وعمه الأسود، وعم أبيه علقمة. روى عنه: الحسن بن عمرو الفقيمي، وزبيد اليامي، والحكم، ومنصور الأعمش، والأكابر. قال أبو زرعة: كان رفيع القدر من الجلة. وقال ابن معين: ثقة. محمد بن عروة بن الزبير بن العوام، الذي ضربه فرسٌ فمات. قال الزبير بن بكار، كان بارع الجمال يضرب بحسنه المثل.

(6/469)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 470
روى عن: عمه عبد الله بن الزبير، وعن أبيه. روى عنه: أخوه هشام، والزهري. محمد بن عمرو بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي العلوي المدني. روى عن: جابر، وابن عباس. روى عنه: سعد بن إبراهيم، ومحمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، وأبو الجحاف داود بن أبي عوف. وثقه أبو زرعة الرازي، والنسائي. محمد بن يوسف الثقفي أخو الحجاج. كان أمير اليمن. قال عبد الرزاق بن همام، عن أبيه، عن عبد الملك بن خشك، عن حجر المدري قال: قال علي بن أبي طالب: كيف بك إذا أمرت أن تلعنني قلت: وكائنٌ ذلك قال: نعم. قلت: فكيف أصنع قال: العني ولا تبرأ مني. قال: فأمره محمد بن يوسف أن يلعن علياً، فقال: إن الأمير أمرني أن) ألعن علياً فالعنوه. لعنه الله، فما فطن لها إلا رجلٌ.

(6/470)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 471
قلت: حجر المدري وثقه العجلي. وعن وهب بن منبه قال: صليت أنا وطاوس المغرب خلف محمد بن يوسف، فلما سلم قام طاوس فشفع بركعة ثم صلى المغرب. وقيل إنه كان ظلوماً غشوماً. وعن عمر بن عبد العزيز قال: الوليد بالشام والحجاج بالعراق، ومحمد بن يوسف باليمن، وعثمان بن حيان بالحجاز، وقرة بن شريك بمصر، امتلأت والله الأرض جوراً. قال سعيد بن عفير: مات باليمن في رجب سنة إحدى وتسعين. محرر بن أبي هريرة الدوسي اليماني. روى عن: أبيه، وابن عمر. روى عنه: عبد الله بن محمد بن عقيل، والزهري، والمثنى بن الصباح. توفي في أيام عمر بن عبد العزيز. محمود بن الربيع ع أبو سراقة بن عمرو الأنصاري

(6/471)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 472
الخزرجي، أبو محمد، ويقال أبو نعيم، وأمه جميلة بنت أبي صعصعة بن زيد النجارية الأنصارية المدنية. عقل من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجةً مجها في وجهه من بئرٍ في دارهم وله أربع سنين. وحدث عن: أبي أيوب الأنصاري، وعتبان بن مالك، وعبادة بن الصامت. روى عنه: رجاء بن حيوة، ومكحول، والزهري، وعبد الله بن عمرو بن الحارث. وقد روى عنه أنس بن مالك مع تقدمه. قال ابن سميع وغيره: هو ختن عبادة ابن الصامت، نزل بيت المقدس. وقال ابن معين: له صحبة. وقال أمد العجلي: ثقةٌ من كبار التابعين. وقال ابن عساكر: اجتاز بدمشق غازياً إلى القسطنطينية. وقال الواقدي: مات سنة تسع وتسعين، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة، وكذا ورخه علي بن عبد) الله التميمي. وقال خليفة: سنة ستٍ وتسعين. محمود بن عمرو بن يزيد بن السكن الأنصاري المدني. روى عن: جده يزيد، وعمته أسماء بنت يزيد، وسعيد بن أبي وقاص، وأبي هريرة. روى عنه: يحيى بن أبي كثير، وحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ الأشهلي.

(6/472)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 473
محمود بن لبيد م بن عقبة، أبو نعيم الأنصاري الأشهلي المدني. ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أحاديث، لكن حكمها الإرسال على الصحيح. وروى عن: عمر، وعثمان، وقتادة بن النعمان، ورافع بن خديج. روى عنه: بكير بن عبد الله بن الأشج، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وعاصم بن عمر بن قتادة، والزهري، وغيرهم. وانقرض عقبه، وفي أبيه نزلت الرخصة فيمن لا يستطيع الصوم. قال البخاري: له صحبة. وقال ابن عبد البر: هو أسن من محمود بن الربيع. توفي ابن لبيد سنة سبع، وقيل: سنة ستٍ وتسعين. مرقع بن صيفي التميمي الأسدي الكوفي. روى عن: عم أبيه حنظلة بن أبي الربيع الكاتب، وجده رباح بن الربيع، وأبي ذر. روى عنه: ابنه عمر، وأبو الزناد، وموسى بن عقبة، ويونس بن أبي إسحاق، وغيرهم.

(6/473)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 474
مروان بن عبد الملك يروى أنه وقع بينه وبين أخيه سليمان في خلافته كلامٌ، فقال: يا بن اللخناء، ففتح مروان فاه ليجيبه، فأمسك عمر بن عبد العزيز بفيه، وقال: أنشدك الله، إمامك وأخوك وله السن، فسكت، وقال: قتلتني والله، قال: كلا إن شاء الله، قال: هو ما أقول لك، لقد رددت في جوفي أحر من) النار، قال: فوالله ما أمسى حتى مات، فوجد عليه سليمان وجداً شديداً. مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز كان أنجب مواليه، وكان بربري الجنس. روى عنه: ابنه سعيد بن مزاحم، والزهري، وعيينة أبو سفيان الهلالي. وكان ذا فضل وعبادة. وعن عمر بن عبد العزيز قال: أول من أيقظني لشأني مزاحم، حبست رجلاً فكلمني في إطلاقه، فقلت: لا أخرجه، فقال: يا عمر، أحذرك ليلة تمخض بيوم القيامة، والله لقد كدت أن أنسى اسمك مما أسمع قال الأمير، وأمر الأمير فوالله ما هو إلا أنى قال ذاك، فكأنما كشف عني غطاءٌ، فذكروا أنفسكم رحمكم الله. قلت: قال له هذا هو أميرٌ على المدينة قبل الخلافة. وقال الثوري: قال عمر بن عبد العزيز لمزاحم مولاه: قد جعلتك عيناً علي إن رأيت مني شيئاً فعظني ونبهني عليه. توفي مزاحم سنة مائة.

(6/474)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 475
مسلم بن يسار د ن ق د أبو عبد الله البصري الفقيه الزاهد، مولى بني أمية، وقيل مولى طلحة ابن عبيد الله التيمي. روى عن: عبادة بن الصامت ولم يلقه، وعن: ابن عباس وابن عمر، وأبي الأشعث الصنعاني، وأبيه يسار. ويقال: لأبيه صحبة. روى عنه: ابن سيرين، وقتادة، ومحمد بن واسع، وأيوب، وثابت البناني، وآخرون. قال ابن عون: كان لا يفضل عليه أحد في زمانه. وقال ابن سعد: كان ثقة فاضلاً عابداً ورعاً. وقال علي بن أبي حملة: قدم علينا مسلم بن يسار دمشق، فقالوا له: يا أبا عبد الله لو علم الله أن بالعراق من هو أفضل منك أتانا به، فقال: كيف لو رأيتم أبا قلابة الجرمي. رواها ضمرة عن علي.

(6/475)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 476
وقال هشام، عن قتادة: كان مسلم بن يسار يعد خامس خمسةٍ من فقهاء البصرة.) وقال هشام بن حسان، عن العلاء بن زياد أنه كان يقول: لو كنت متمنياً لتمنيت فقه الحسن، وورع ابن سيرين، وصواب مطرف، وصلاة مسلم ابن يسار. وقال حميد بن الأسود، عن ابن عون قال: أدركت هذا المسجد وما فيه حلقةٌ تنسب إلى القفقه إلا حلقة مسلم بن يسار. وقال ابن عون، عن عبد الله بن مسلم بن يسار أن أباه كان إذا صلى كأنه وتدٌ لا يميل هكذا ولا هكذا. وقال غيلان بن جرير: كان مسلم بن يسار إذا صلى كأنه ثوبٌ ملقى. وقال ابن شوذب: كان مسلم بن يسار يقول لأهله إذا دخل في صلاته: تحدثوا فلست أسمع حديثكم. وجاء أنه وقع حريقٌ في داره وأطفأوه، فلما ذكر به بعد قال: ما شعرت. رواها سعيد بن عامر الضبعي، عن معدي بن سليمان. وقال هشام ابن عمار، وغيره: ثنا أيوب بن سويد، ثنا السري بن يحيى، حدثني أبو عوانة، عن معاوية بن قرة قال: كان مسلم بن يسار يحج

(6/476)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 477
كل سنةٍ، ويحج معه رجال من إخوانه تعودوا ذلك، فأبطأ عاماً حتى فاتت أيام الحج، فقال لأصحابه: أخرجوا، فقالوا: كيف قال: لا بد أن تخرجوا، ففعلوا استحياءً منه، فأصابهم حين جن عليهم الليل إعصارٌ شديد حتى كاد لا يرى بعضهم بعضاً، فأصبحوا وهم ينظرون إلى جبال تهامة، فحمدوا الله عز وجل، فقال: ما تعجبون من هذا في قدرة الله تعالى. وقال قتادة: قال مسلم بن يسار في الكلام في القدر: هما واديان عميقان، يسلك فيهما الناس، لن يدرك غورهما، فاعمل عمل رجلٍ تعلم أنه لا ينجيك إلا عملك، وتوكل توكل رجلٍ تعلم أنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك. وقال ابن عون: لما وقعت الفتنة يعني نوبة ابن الأشعث، خف مسلم فيها، وأبطأ الحسن، وارتفع الحسن واتضع مسلم. وقال أيوب السختياني: قيل لابن الأشعث: إن أردت أن يقتلوا حولك كما قتلوا حول جمل عائشة، فأخرج معك مسلم بن يسار، فأخرجه مكرهاً. وقال أيوب، عن أبي قلابة: قال لي مسلم بن يسار: إني أحمد الله إليك أني لم أضرب فيها) بسيف. قلت: فكيف بمن رآك بين الصفين؟ فقال:

(6/477)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 478
هذا لا يقاتل إلا على حق فقاتل حتى قتل، فبكى والله، حتى وددت أن الأرض انشقت فدخلت فيها. قال أيوب في القراء الذين خرجوا مع ابن الأشعث: لا أعلم أحداً منهم قتل إلا رغب له عن مصرعه أو نجا إلا ندم على ما كان منه. وقال ابن عيينة: قال الحسن، لما مات مسلم بن يسار: وامعلماه. قال خليفة والفلاس. مات سنة مائة. وقال الهيثم: سنة إحدى ومائة. قلت: له ترجمة حافلة في تاريخ ابن عساكر. ومن طبقته: مسلم بن يسار المصري أبو عثمان الطنبذي رضيع عبد الملك بن مروان. وطنبذ من قرى مصر. روى عن: أبي هريرة، وعبد الله بن عمر.

(6/478)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 479
روى عنه: بكر بن عمرو المعافري، وأبو هانيء، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وجماعة. وهو صدوق. مصدع أبو يحيى الأعرج م عن: علي بن أبي طالب إن صح وعن: عائشة، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو. روى عنه: سعد بن أوس العدوي، وهلال بن يساف، وعمار الدهني، وشمر بن عطية بن السائب، وغيرهم. يقال له المعرقب. مطرف بن عبد الله بن الشخير ابن عوف بن كعب، أبو عبد الله الحرشي العامري البصري، أحد الأعلام.

(6/479)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 480
حدث عن: عثمان، وعلي، وأبي ذر، وأبيه، وعمار بن ياسر، وعمران بن حصين، وعائشة، وعياض بن حماد، وعبد الله بن مغفل. روى عنه: أخوه يزيد أبو العلاء، وحميد بن هلال، والحسن، وقتادة، ومحمد بن واسع، وثابت،) والجريري، وغيلان بن جرير، وداود بن أبي هند، وأبو التياح، وآخرون، ولقي أبا ذر بالشام. وقال ابن سعد: روى عن أبي بن كعب، وعثمان، وعلي، وكان ثقةً له فضل وورعٌ وأدب. وقال غيره: كان أسن من الحسن بعشرين سنة. وقال ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن مطرف قال: لقيت علياً فقال لي: يا أبا عبد الله ما بطأ بك أحب عثمان ثم قال: لئن قلت ذاك لقد كان أوصلنا للرحم وأتقانا للرب. وقال مهدي بن ميمون: قال مطرف: لقد كان خوف النار يحول بيني وبين أن أسأل الله الجنة. وقال ابن عيينة: قال مطرف: ما يسرني أني كذبن كذبةً واحدةً وأن لي الدنيا وما فيها. وقال أبو نعيم: ثنا عمارة بن زاذان قال: رأيت على مطرف بن الشخير مطرف خز أخذه بأربعة آلاف درهم. وقال مهدي بن ميمون، عن غيلان بن جرير: إن مطرفاً كان يلبس المطارف والبرانس والموشى، ويركب الخيل، ويغشى السلاطين، ولكنه إذا

(6/480)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 481
أفضيت إليه أفضيت إلى قرة عينٍ. وقال حميد بن هلال: أتى مطرف بن عبد الله الحرورية يدعونه إلى رأيهم فقال: يا هؤلاء إنه لو كان لي نفسان بايعتكم بإحداهما وأمسكت الأخرى، فإن كان الذي تقولون هدىً أتبعتها الأخرى، وإن كان ضلالةً هلكت نفسٌ وبقيت لي نفسٌ، ولكن هي نفسٌ واحدةٌ فلا أغرر بها. وقال قتادة: قال مطرف: لأن أعافى فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر. وقال مسلم بن إبراهيم: ثنا عقيل الدروقي، ثنا يزيد قال: كان مطرف يبدو، فإذا كانت ليلة الجمعة جاء ليشهد الجمعة، فبينا هو يسير في وجه الصبح سطع من رأس سوطه نورٌ له شعبتان، فقال لابنه عبد الله وهو خلفه: أتراني لو أصبحت فحدثت الناس بهذا كانوا يصدقوني فلما أصبح ذهب. وروى نحوها من وجهٍ آخر، عن غلام مطرف، عنه. وقال مهدي بن ميمون، عن غيلان، قال: أقبل مطرف من البادية، فبينا هو يسير إذ سمع في طرف سوطه كالتسبيح. وقال معمر، عن قتادة قال: كان مطرف يسير مع صاحب له، فإذا طرف سوط أحدهما عنده ضوء. وقال سليمان بن المغيرة: كان مطرف إذا دخل بيته سبحت معه آنية بيته.)

(6/481)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 482
وقال جرير بن حازم، عن حميد بن هلال، قال: كان بين مطرف وبين رجل من قومه شيءٌ، فكذب على مطرف، فقال له: إن كنت كاذباً فعجل الله حتفك، فمات الرجل مكانه، واستعدى أهله زياداً على مطرف، فقال: هل ضربه هل مسه قالوا: لا. قال: دعوة رجلٍ صالح وافقت قدراً. وروى نحوها عن غيلان بن جرير، عن مطرف. وقال سليمان بن حرب: كان مطرف مجاب الدعوة، قال لرجلٍ: إن كنت كذبت فأرنا به، فمات مكانه. وقال مهدي بن ميمون، عن غيلان قال: كان ابن أخي مطرف حبسه السلطان فلبس مطرف خلقان ثيابه، وأخذ عكازاً وقال: أستكين لربي لعله أن يشفعني في ابن أخي. وقال أبو بكر الهذلي: كان مطرف يقول لإخوانه: إذا كانت لكم حاجةً فاكتبوها في رقعةٍ لأقضيها لكم فإني أكره أن أرى ذل السؤال في الوجه. قال الفلاس: توفي سنة خمسٍ وتسعين. وقال ابن سعد وغيره: توفي بعد سنة سبع وثمانين. وقال خليفة: مات سنة ستٍ وثمانين. قال العجلي: لم ينج من فتنة ابن الأشعث بالبصرة إلا مطرف، وابن سيرين. معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله القرشي التيمي أخو عثمان. حدث عن: أبيه، وحمران بن أبان، ويقال إنه أدرك زمان عمر.

(6/482)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 483
روى عنه: محمد بن إبراهيم التيمي، والزهري، وابن المنكدر، وعبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وجماعة. معاوية بن سبرة السوائي العامري أبو العبيدين الكوفي الأعمى. عن: ابن مسعود. وعنه: سلمة بن كهيل، وأبو إسحاق، ومسلم البطين. وثقه ابن معين، وهو مقل.) توفي سنة ثمانٍ وتسعين، وله في بخ. معاوية بن سويد بن مقرن المزني الكوفي. روى عن: أبيه، والبراء بن عازب. روى عنه: سلمة بن كهيل، وأشعث بن أبي الشعثاء، وأبو السفر، وعمرو بن مرة. واسم أبي السفر سعيد بن محمد. معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي المدني. روى عن: أبيه، ورافع بن خديج، والسائب بن يزيد.

(6/483)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 484
روى عنه: ابنه عبد الله، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والزهري، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وآخرون. وهو قليل الحديث نبيلٌ فاضل، وفد على يزيد بن معاوية وبقي إلى أن وفد على ويزيد بن عبد الملك، وكان صديقاً ليزيد بن معاوية خاصاً به. وذكر جويرية بن أسماء أن معاوية وفى عن أبيه عبد الله بن جعفر من الديون ألف ألف درهمٍ. المغيرة بن أبي بردة سار في هذا الزمان، بل في سنة مائة إلى غزو البحر. روى عن: أبي هريرة، وقيل عن أبيه، عن أبي هريرة في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته. روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وغيره. المغيرة بن أبي شهاب المخزومي. قرأ على عثمان بن عفان. وعليه قرأ عبد الله بن عامر الدمشقي. نقل القصاع أنه توفي سنة إحدى وتسعين وله تسعٌ وثمانون سنة. المغيرة بن عبد الله اليشكري الكوفي. روى عن: أبيه عبد الله بن أبي عقيل اليشكري، والمغيرة بن شعبة، والمعرور بن سويد.)

(6/484)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 485
روى عنه: أبو صخرة جامع بن شداد، وعلقمة بن مرثد، وأبو إسحاق السبيعي، ومحمد بن جحادة، وجماعة. موسى بن نصير أبو عبد الرحمن اللخمي أمير المغرب، كان مولى امرأة من لخم، وقيل مولى لبني أمية، وكان أعرج. روى عن: تميم الدراي. روى عنه: ابنه عبد العزيز، ويزيد بن مسروق اليحصبي. وشهد مرج راهط، وولي غزو البحر لمعاوية، فغزا جزيرة قبرس وبنى هناك حصوناً كالماغوصة وحصن يانس. وقيل: إنه ولد سنة تسع عشرة. وقد ذكرنا افتتاحه الأندلس، وجرت له عجائب وأمورٌ طويلة هائلة. وقيل انتهى إلى آخر حصن من حصون الأندلس، فاجتمع الروم لحربه، فكانت بينهم وقعةٌ مهولة، وطال القتال، وجال المسلمون جولةً وهموا بالهزيمة، فأمر موسى بن نصير بسرادقه فكشف عن ثيابه وحرمه حتى يرون، وبرز بين الصفوف حتى رآه الناس، ثم رفع يديه بالدعاء والتضرع والبكاء، فأطال، فلقد كسرت بين يديه أغماد السيوف، ثم فتح الله ونزل النصر.

(6/485)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 486
قال جرير بن عبد الحميد، عن سفيان بن عبد الله إن عمر بن عبد العزيز سأل موسى بن نصير عن أعجب شيء رآه في البحر، فقال: انتهينا إلى جزيرة فيها ست عشرة جرةٍ خضراء، مختومة بخاتم سليمان عليه السلام، فأمرت بأربعة منها، فأخرجت، وأمرت بواحدة فنقبت، فإذا شيطان يقول: والذي أكرمك بالنبوة لا أعود بعدها أفسد في الأرض، ثم نظر فقال: والله ما أرى بها سليمات ولا ملكه، فانساخ في الأرض، فذهب، فأمرت بالبواقي فردت إلى مكانها. وقال الليث بن سعد: إن موسى بن نصير بعث ابنه مروان على جيشٍ، فأصاب من السبي مائة ألفٍ، وبعث ابن أخيه في جيشٍ فأصاب من السبي مائة ألفٍ أخرى، فقيل لليث: من هم قال: البربر، فلما جاء كتابه بذلك، قال الناس: إن ابن نصير والله أحمق، من أين له أربعون ألفاً يبعث بهم إلى أمير المؤمنين في الخمس فبلغه ذلك فقال: ليبعثوا من يقبض لهم أربعين ألفاً، فلما فتحوا الأندلس جاء رجلٌ فقال: ابعث معي أدلك على كنزٍ، فبعث معه فقال لهم: انزحوا ها) هنا، فنزحوا فسال عليهم من الياقوت والزبرجد ما أبهتهم فقالوا: لا يصدقنا موسى، فأرسلوا إليه، فجاء ونظر، قال الليث: إن كانت الطنفسة لتوجد منسوجةً بقضبان الذهب، تنظم السلسلة الذهب باللؤلؤ والياقوت، فكان البربريان ربما وجداها فلا يستطيعان حملها حتى يأتيا بالفأس فيقسمانها. ولقد سمع يومئذ منادٍ ينادي ولا يرونه: أيها الناس إنه قد فتح عليكم باب من أبواب جهنم. وقيل: لما دخل موسى إفريقية وجد أكثر مدنها خاليةً لاختلاف أيدي البربر عليها، وكانت البلاد في قحطٍ، فأمر الناس بالصوم والصلاة وإصلاح

(6/486)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 487
ذات البين، وخرج بهم إلى الصحراء ومعه سائر الحيوانات، وفرق بينها وبين أولادها، فوقع البكاء والضجيج، وأقام على ذلك إلى نصف النهار، ثم صلى وخطب، ولم يذكر الوليد، فقيل له: ألا تدعو لأمير المؤمنين فقال: هذا مقامٌ لا يذكر فيه إلا الله، فسقوا حتى رووا وأغيثوا. قال أبو شبيب الصدفي: لم نسمع في الإسلام بمثل سبايا موسى بن نصير. وقيل: إن موسى تمادى في سيره بأرض الأندلس مجاهداً حتى انتهى إلى أرض تميد بأهلها، فقال له جنده: إلى أين تريد أن تذهب بنا، حسبنا ما بأيدينا فرجع وقال: لو أطعتموني لوصلت إلى القسطنطينية. ولم افتتح موسى أكثر الأندلس رجع إلى إفريقية وله نيفٌ وستون سنةً، وهو راكب على بغلٍ اسمه كوكب وهو يجر الدنيا بين يديه جراً، أمر بالعجل تجر أوقار الذهب والجواهر والتيجان والثياب الفاخرة ومائدة سليمان، ثم استخلف ولده بإفريقية، وأخذ معه مائةً من رؤوس البربر، ومائة وعشرين من الملوك وأولادهم، وقدم مصر في أبهةٍ عظيمة، ففرق الأموال، ووصل الأشراف والعلماء، ثم سار يطلب فلسطين، فتلقاه روح بن زنباع، فوصله بمبلغٍ كبيرٍ، وترك عنده بعض أهله وخدمه، فأتاه كتاب الوليد بأنه مريض، ويأمره بشدة السير ليدركه، وكتب إليه سليمان بن عبد الملك يبطئه في سيره فإن الوليد في آخر نفسٍ، فجد في السير، فآلى سليمان إن ظفر به ليصلبنه، وأراد سليمان أن يبطئ ليتسلم ما جاء به موسى، فقدم قبل موت الوليد بأيام، فأتاه بالدر والجوهر والنفائس وملاح الوصائف والتيجان والمائدة، فقبض ذلك كله، وأمر بباقي الذهب والتقادم فوضع ببيت المال، وقومت المائدة بمائة ألف

(6/487)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 488
دينار، ولم يحصل لموسى رضا الوليد، واستخلف سليمان فأحضره وعنفه وأمر به فوقف في يوم شديد الحر وكان سميناً) بديناً فوقف حتى سقط مغشياً عليه وعمر بن عبد العزيز واقف يتألم له، فقال سليمان: يا أبا حفص ما أظن إلا أنني خرجت من يميني، ثم قال: من يضمه فقال يزيد بن المهلب: أنا أضمه. قال: فضمه إليك ولا تضيق عليه، فأقام عنده أياماً، وتوسط بينه وبين سليمان وافتدى منه بألف ألف دينار، ويقال: إن يزيد قال له: كم تعد من مواليك وأهل بيتك قال: كثير. قال يزيد: يكونون ألفاً قال: وألف ألف، وقال يزيد: وأنت على هذا وتلقي بيدك إلى التهلكة، أفلا أقمت في قرار عزك وسلطانك وبعثت بالتقادم، فإن أعطيت الرضا، وإلا فائت على عزك قال: لو أردت ذلك لصار، ولكني آثرت الله ولم أر الخروج، قال يزيد: كلنا ذلك الرجل، أراد بذلك قدومه هو على الحجاج. وقال سليمان يوماً لموسى: ما كنت تفزع إليه عند حربك قال: الدعاء والصبر، قال: فأي الخيل رأيتها أصبر قال الشقر، قال: فأي الأمم أشد قتالاً قال: هم أكثر من أصف، قال: فأخبرني عن الروم، قال: أسدٌ في حصونهم، عقبانٌ على خيولهم، نساءٌ في مراكبهم، إن رأوا فرصةً افترصوها، وإن رأوا غلبةً فأوعال تذهب في الجبال، لا يرون الهزيمة عاراً، قال: فأخبرني عن البربر، قال: هم أشبه العجم بالعرب لقاءً ونجدة وصبراً وفروسيةً وشجاعةً، غير أنهم أغدر الناس، ولا وفاء لهم ولا عهد، قال: فأخبرني عن أهل الأندلس، قال: ملوك مترفون وفرسان لا يجبنون، قال: فأخبرني عن الفرنج، قال: هناك العدد والجلد والشدة والبأس والنجدة، قال: فكيف كانت الحرب بينك وبينهم قال: أما هذا فوالله ما هزمت لي رايةٌ قط، ولا بدد جمعي، ولا نكب المسلمون معي منذ اقتحمت الأربعين إلى أن

(6/488)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 489
بلغت الثمانين، ثم قال: والله لقد بعثت لأخيك الوليد بتورٍ من زبرجدٍ أخضر كان يجعل فيه اللبن حتى يرى فيه الشعرة البيضاء، ثم جعل يعدد ما أصاب من الجوهر والزبرجد حتى بهت سليمان وتعجب. وبلغنا أن النصيري من ولد موسى بن نصير قال: دخل موسى مع مروان مصر، فتركه مع ابنه عبد العزيز بن مروان، ثم كان مع بشر بن مروان وزيراً بالعراق. وقال الفسوي: ولي موسى إفريقية سنة تسعٍ وسبعين، فافتتح بلاداً كثيرة، وكان ذا حزمٍ وتدبير. وذكر النصيري أن موسى بن نصير قال يوماً: أما والله لو انقاد الناس إلي لقدتهم حتى أوقفهم على رومية ثم ليفتحنها الله علي يدي إن شاء الله. ولم قدم مصر سنة خمسٍ وتسعين توجه إلى الوليد، فلما جلس الوليد يوم جمعةٍ على المنبر أتى) موسى وقد ألبس ثلاثين رجلاً التيجان، على كل واحدٍ تاج الملك وثيابه، ودخل بهم المسجد في هيئة الملوك، فلما رآهم الوليد، بهت ثم حمد الله وشكر، وهم وقوف تحت المنبر، وأجاز موسى بجائزةٍ عظيمة، وأقام موسى بدمشق حتى مات الوليد واستخلف سليمان، وكان عاتباً على موسى، وحبسه وطالبه بأموال عظيمة، ثم حج سليمان ومعه موسى بن نصير، فمات بالمدينة. وقيل: مات بوادي القرى. وقيل: لم يسمع في الإسلام بمثل سبايا موسى بن نصير وكثرتهم. وروى أن موسى قال لسليمان يوماً: يا أمير المؤمنين لقد كانت الشياه

(6/489)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 490
الألف تباع بمائة درهم، ويمر الناس بالبقرة لا يلتفتون إليها، وتباع الناقة بعشرة دراهم، ولقد رأيت العلج الفاره وامرأته وأولاده يباعون بخمسين درهماً. ميسرة أبو صالح الكوفي مولى كندة. روى عن: علي، وعن سويد بن غفلة، وشهد قتال الخوارج مع علي. وعنه: سلمة بن كهيل، وهلال بن خباب، وعطاء بن السائب. وثقه ابن حبان.

(6/490)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 491
4 (النون)
ناعم بن أجيل مولى أم سلمة، أبو عبد الله. همداني النسب، أصابه سباء في الجاهلية. روى عن: علي، وابن عباس، وكعب بن عدي. وعنه: عبد الرحمن بن هانيء الأعرج، ويزيد بن أبي حبيب، وعبيد الله بن المغيرة، والحارث بن يزيد، وغيرهم. نافع بن جبير ابن مطعم بن عدي بن نوفل القرشي النوفلي المدني، أبو محمد،

(6/491)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 492
وقيل أبو عبد الله أخو محمد بن جبير. روى عن: أبيه، وعلي، والعباس، والزبير، وعثمان بن أبي العاص، وعائشة، وجرير بن عبد) الله، وأبي هريرة، وابن عباس. روى عنه: حكيم بن عبد الله بن قيس، والزهري، وعمرو بن دينار، وصالح بن كيسان، وصفوان بن سليم، وسعد بن إبراهيم، وعبد الله بن الفضل الهاشمي، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، وموسى بن عقبة، ومحمد بن سوقة، وآخرون. قال ابن سعد: كان ثقةً أكثر حديثاً من أخيه محمد. وقال ابن المديني: أصحاب زيدٍ الذين كانوا يأخذون عنه ويفتون بفتواه منهم من لقيه ومنهم من لم يلقه، وهم اثنا عشر رجلاً، فذكر منهم نافع بن جبير. وقال عبد الرحمن بن خراش: كان ثقةً أحد الأئمة، وروي أنه كان يحج ماشياً وراحلته تقاد معه، وكان من الفصحاء الألباء. قال ابن عيينة، عن مسعر: إن الحجاج قال لنافع بن جبير، وذكر ابن عمر، فقال: أهو الذي قال لي كذا وكذا، ليتني ضربت عنقه، قال: أراد الله بك خيراً مما أردت بنفسك، قال: صدقت، ثم قال الحجاج: عمر الذي يقول: سيكون للناس نفرةٌ من سلطانهم، أعوذ بالله أن يدركني وإياكم ذلك أهواء متبعة، وما كان على عمر لو أدرك ذلك، فقال بالسيف هكذا وهكذا، وقال نافع: أما إنه كان من خير الأمراء قال: صدقت. وقال الوليد بن عبد الله بن جميع: رأيت نافع بن جبير يخضب بالسواد. وروى معن، عن ثابت بن قيس قال: رأيت نافع بن جبير مربوطة

(6/492)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 493
أسنانه بخرصان الذهب. وقيل: غزا الديلم زمن الحجاج. توفي بالمدينة سنة تسع وتسعين، قاله غير واحد. نافع بن عباس ع أبو عياش مولى أبي قتادة الأنصاري. روى عن: مولاه، وعن أبي هريرة. وعنه: عمر بن كثير بن أفلج، والزهري، وصالح بن كيسان. وهو قليل الحديث. نافع بن عجير بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب المطلبي.) عن: عمه ركانة، وأبيه علي. وعنه: عبد الله بن علي المطلبي، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وولده محمد بن نافع. ذكره ابن حبان في الثقات. النعمان بن أبي عياش سوى د أبو سلمة الأنصاري الزرقي المدني، فاضل نبيل. روى عن: أبي سعيد الخدري، وجابر، وخولة بنت عامر. روى عنه: سهيل بن أبي صالح، وسمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، وصفوان بن سليم، وأبو حازم الأعرج، وعبد الله الماجشون، ومحمد بن أبي حرملة، وموسى بن عبيدة، وابن عجلان.

(6/493)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 494
4 (الهاء)
هانيء بن كلثوم بن عبد الله الكناني، ويقال الكندي الفلسطيني. أراده عمر بن عبد العزيز على إمرة فلسطين فأبى عليه. روى عن: ابن عمر، ومعاوية، ومحمود بن الربيع. روى عنه: خالد بن دهقان، وأسيد بن عبد الرحمن، ويحيى بن أبي عمرو السيباني وغيرهم. وكان شريفاً جليلاً عابداً مجاهداً غازياً. توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز. هلال بن يساف أبو الحسن الأشجعي مولاهم الكوفي، من كبار التابعين. روى: عن أبي الدرداء، وسعيد بن زيد مرسلاً، وعن: عائشة، وعمران بن

(6/494)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 495
حصين، وسويد بن مقرن، وسمرة بن جندب، والبراء بن عازب، وعن طائفة من التابعين. وروى عنه: حصين بن عبد الرحمن، وعبدة بن أبي لبابة، ومنصور، والأعمش، وسعيد بن مسروق الثوري، وآخرون. وثقه ابن معين وغيره. هنيدة بن خالد الخزاعي) ويقال النخعي. كانت أمه تحت عمر بن الخطاب. روى عن: علي، وحفصة، وعائشة، وغيرهم. وعنه: الحسن بن عبيد الله النخعي، وأبو إسحاق السبيعي، والحر بن الصباح، وإسحاق بن سويد العدوي، وآخرون. وثقه ابن حبان. الهيثم بن شفي أبو الحصين الرعيني الحجري المصري. يروي عن: أبي عامر الحجري، وعبد الله بن عمرو، وأبي ريحانة. روى عنه: عياش بن عباس القتباني، وأبو الخير مرثد اليزني، ويزيد بن أبي حبيب. قال: الدارقطني: وشفي بالفتح والتخفيف، وغلط من ضمه.

(6/495)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 496
4 (الواو)
واسع بن حبان بن منقذ بن عمرو الأنصاري المدني. روى عن: عبد الله بن زيد بن عاصم المازني الأنصاري، وابن عمر، ورافع بن خديج. روى عنه: ابنه حبان، وابن أخيه محمد بن يحيى بن حبان. قال أبو زرعة: مدني ثقة. الوليد بن عبد الملك ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، أبو العباس الأموي،

(6/496)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 497
استخلف بعهدٍ من أبيه بعده. قال العتبي عن أبيه: كان دميماً، إذا مشى تبختر في مشيته، وكان أبواه يترفانه، فشب بلا أدب، وكان سائل الأنف. وقال سعيد بن عفير: كان الوليد طويلاً أسمر، به اثر جدري، وبمقدم لحيته شمطٌ ليس في رأسه ولا لحيته غيره، أفطس. وروى ابن يحيى الغساني أن روح بن زنباع قال: دخلت يوماً على عبد الملك وهو مهموم، فقال: فكرت فيما أوليه أمر العرب فلم أجده، فقلت: أين أنت عن الوليد قال: إنه لا يحسن) النحو. قال: فقال لي: رح إلي العشية فإني سأظهر كآبةً، فسلني، قال: فرحت إليه، والوليد عنده، فقلت له: لا يسوءك الله ما هذه الكآبة قال: فكرت فيمن أوليه أمر العرب، فلم أجده، فقلت: وأين أنت عن ريحانة قريشٍ وسيدها الوليد فقال لي: يا أبا زنباع إنه لا يلي العرب إلا من تكلم بكلامهم. قال: فسمعها الوليد، فقام من ساعته، وجمع أصحاب النحو، وجلس معهم في بيت وطين عليه ستة أشهرٍ، ثم خرج وهو أجهل مما كان، فقال عبد الملك: أما إنه قد أعذر. وقد غزا الوليد أرض الروم في خلافة أبيه غير مرة، وحج بالناس سنة ثمانٍ وسبعين. وروى العتبي أن عبد الملك أوصى بنيه عند الموت بأمور، ثم قال للوليد: لا ألفينك إذا مت تعصر عينيك وتحن حنين الأمة، ولكن شمر وائتزر

(6/497)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 498
والبس جلد نمرٍ ودلني في حفرتي وخلني وشأني، ثم ادع الناس إلى البيعة، فمن قال هكذا، فقل بالسيف هكذا. وبويع الوليد في شوال. وروى سعيد بن عامر الضبعي عن كثير أبي الفضل الطفاوي قال: شهدت الوليد بن عبد الملك صلى الجمعة والشمس على الشرف، ثم صلى العصر. قلت: كثير هو ابن يسار، بصري. روى عنه: حماد بن زيد، وأبو عاصم النبيل، وجماعة. لم يضعف، وبنو أمية معروفون بتأخير الصلاة عن وقتها. وقال ضمرة، عن علي بن أبي عبلة، سمع عبد الله بن عبد الملك بن مروان قال: قال لي الوليد: كيف أنت والقرآن قلت: يا أمير المؤمنين أختمه في كل جمعة، قلت: فأنت يا أمير المؤمنين قال: وكيف مع الأشغال، قلت: على ذاك، قال: في كل ثلاث. قال علي: فذكرت ذلك لإبراهيم بن أبي عبلة فقال: كان يختم في رمضان سبع عشرة مرة. وقال ضمرة: سمعت إبراهيم بن أبي عبلة يقول: رحم الله الوليد وأين مثل الوليد، افتتح الهند والأندلس وبنى مسجد دمشق، وكان يعطيني قصاع الفضة أقسمها على قراء بيت المقدس. وقال عمر بن عبد الواحد الدمشقي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبيه قال: خرج الوليد بن عبد الملك من الباب الأصغر، فوجد رجلاً عند الحائط عند المئذنة الشرقية يأكل وحده، فجاء فوقف على رأسه، فإذا هو يأكل خبزاً وتراباً، فقال: ما شأنك انفردت من الناس قال: أحببت الوحدة، قال: فما حملك على أكل التراب، أما في بيت مال المسلمين ما يجرى) عليك قال: بلى ولكن رأيت القنوع، قال: فرد الوليد إلى مجلسه ثم أحضره، فقال: إن لك لخبراً لتخبرني به وإلا ضربت ما فيه عيناك، قال: نعم، كنت جمالاً ومعي ثلاثة أجمال موقرة طعاماً حتى أتيت مرج الصفر فقعدت في خربةٍ

(6/498)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 499
أبول فرأيت البول ينصب في شق، فاتبعته حتى كشفته، فإذا غطاء علي حفير، فنزلت، فإذا مال صبيبٌ، فأنخت رواحلي وأفرغت أعكامي، ثم أوقرتها ذهباً وغطيت الموضع، فلما سرت غير يسير وجدت معي مخلاةً فيها طعام، فقلت: أنا أنزل الكسوة ففرغتها ورجعت لأملأها فخفي عني الموضع، وأتعبني الطلب، فرجعت إلى الجمال فلم أجدها، ولم أجد الطعام، فآليت على نفسي ألا آكل شيئاً إلا الخبز بالتراب، فقال الوليد: كم لك من العيال فذكر عيالاً. قال: يجرى عليك من بيت المال، ولا تستعمل في شيء، فإن هذا هو المحروم. قال ابن جابر: فذكر لنا أن الإبل جاءت إلى بيت مال المسلمين فأناخت عنده، فأخذها أمين الوليد فطرحها في بيت المال. رواته ثقات، قاله الكناني. وقال المفضل الغلابي: ثنا نمير بن عبد الله الصنعاني، عن أبيه قال: قال الوليد بن عبد الملك: لولا أن الله ذكر آل لوطٍ في القرآن ما ظننت أن أحداً يفعل هذا. وقال ابن الأنباري: ثنا أبو عكرمة الضبي أن الوليد بن عبد الملك قرأ على المنبر: يا ليتها كانت القاضية، وتحت المنبر عمر بن عبد العزيز وسليمان بن

(6/499)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 500
عبد الملك، فقال سليمان: وددتها والله. وعن أبي الزناد قال: كان الوليد لحاناً كأني أسمعه على منبر النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا أهل المدينة. قلت: وكان الوليد جباراً ظالماً، لكنه أقام الجهاد في أيامه، وفتحت في خلافته فتوحات عظيمة كما ذكرنا. قال حماد بن زيد: حدثني خالد بن نافع، حدثني ابن عيينة، عن المهلب بن أبي صفرة، عن يزيد بن المهلب قال: لما ولاني سليمان بن عبد الملك خراسان ودعني عمر بن عبد العزيز فقال لي: يا يزيد اتق الله، إني حين وضعت الوليد في لحده إذا هو يركض في أكفانه، يعني ضرب الأرض برجله. قال سعيد بن عبد العزيز: هلك الوليد بدير مران فحمل على أعناق الرجال فدفن بباب الصغير.) قال أبو عمر الضرير وغيره: توفي في نصف جمادى الآخرة سنة ستٍ وتسعين. وقال خليفة: عاش إحدى وخمسين سنة. قلت: كانت خلافته تسع سنين وثمانية أشهر، وبلغنا أن البشير لما جاء الوليد بفتح الأندلس جاءه أيضاً بشيرٌ بفتح مدينةٍ من خراسان، قال الخادم: فأعلمته وهو يتوضأ، فدخل المسجد وسجد لله طويلاً وحمده وبكى. وقيل: كان يختن الأيتام ويرتب لهم المؤدبين ويرتب للزمنى من يخدمهم وللأضراء من يقودهم من رقيق المسلمين، وعمر مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ووسعه، ورزق الفقهاء والفقراء والضعفاء، وحرم عليهم سؤال الناس، وفرض لهم ما يكفيهم وضبط الأموال أتم ضبطٍ.

(6/500)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 501
4 (الياء)
يحنس بن أبي موسى المدني مولى مصعب بن الزبير. روى عن: ابن عمر، وأبي سعيد، وأرسل عن عمر، والزبير. روى عنه: قطن بن وهب، ومحمد بن إبراهيم التيمي، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وغيرهم. وثقه النسائي. يحيى بن سعيد بن العاص م الأموي المدني أخو عمر، والأشدق، وعنبسة، وعبد الله. لما قتل عبد الملك أخاهم عمراً سيرهم إلى المدينة. روى هذا عن: أبيه، وعثمان، وعائشة. روى عنه: الربيع بن سبرة، والزهري.

(6/501)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 502
يحيى بن عمارة ع بن أبي حسن الأنصاري المازني المدني. عن: أبي سعيد، وعبد الله بن زيد بن عاصم، وأنس بن مالك. روى عنه: ابنه عمرو بن يحيى، والزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعمارة بن غزية، وأبو طوالة عبد الله. وثقه النسائي.) يحيى بن يعمر العدواني البصري أبو سليمان، ويقال: أبو عدي، قاضي مرو أيام قتيبة بن مسلم. روى عن: أبي ذر، وعمار بن ياسر، وعائشة، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وأبي الأسود الدؤلي، وقرأ عليه القرآن وغيرهم.

(6/502)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 503
روى عنه: عبد الله بن بريدة، وقتادة، ويحيى بن عقيل، وعطاء الخراساني، وسليمان التيمي، وإسحاق بن سويد، وآخرون. قال أبو داود: لم يسمع من عائشة. وقيل: إنه أول من نقط المصحف، وكان أحد الفصحاء أخذ العربية عن أبي الأسود، وكان الحجاج قد نفاه، فقبله قتيبة، وولاه القضاء بخراسان، فكان إذا انتقل من بلدٍ إلى بلد استخلف على القضاء بها. ثم إن قتيبة عزله لما بلغه عنه شرب المنصف. وقال الداني: روى عنه القراءة عرضاً عبد الله بن أبي إسحاق، وأبو عمرو ابن العلاء. قال أحمد بن زهير: ثنا عمرو بن مرزوق، أنبأ عمران القطان، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن عبد الله بن فطيمة، عن يحيى بن يعمر قال: قال عثمان رضي الله عنه: في القرآن لحنٌ ستقيمه العرب بألسنتها. قال خليفة: توفي يحيى بن يعمر قبل التسعين. يحيى بن وثاب سنة 153.

(6/503)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 504
يزيد بن الحكم ابن أبي العاص بن بشر الثقفي البصري الشاعر. حدث عن: عمه عثمان بن أبي العاص. روى عنه: معاوية بن قرة، وعبد الرحمن بن إسحاق القرشي. وفي الأغاني بإسنادٍ ضعيف أن الحجاج دعا يزيد بن الحكم الثقفي فولاه كور فارس، ودفع إليه عهده بها، فلما دخل عليه ليودعه استنشده، فأنشده قوله يفتخر:
(وأبي الذي صلب ابن كسرى رايةً .......... بيضاء تخفق كالعقاب الطائر)
فغضب الحجاج وعزله، فقال في الحجاج:
(فورثت جدي مجده ونواله .......... وورثت جدك أعنزاً بالطائف)
) ثم لحق بسليمان بن عبد الملك فامتدحه فوصله وجعل له في السنة عشرين ألفاً. ومن شعره:
(شريت الصبا والجهل بالحلم والتقى .......... وراجعت عقلي والحليم يراجع)

(أبى الشيب والإسلام أن أتبع الهوى .......... وفي الشيب والإسلام للمرء وازع)
يزيد بن طريف البجلي. قال محمد بن يزيد الواسطي، عن إسماعيل بن أبي خالد: حدثني يزيد بن طريف قال: توفي أخي عثمان بن طريف أيام الجماجم، فلما دفن وضعت رأسي على قبره، إذ سمعت صوت أخي أعرفه ضعيفاً يقول: الله ربي، قال الآخر: فما دينك قال: الإسلام ديني.

(6/504)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 505
يزيد بن عبد الرحمن الأودي الكوفي، جد عبد الله بن إدريس. روى عن: علي، وأبي هريرة، وغيرهما. وعنه: ابناه إدريس، وداود، ويحيى بن أبي الهيثم العطار. يزيد مولى المنبعث المدني عن: أبي هريرة، وزيد بن خالد. روى عنه: ابنه عبد الله، وربيعة الرأي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وغيرهم. يزيد بن هرمز المدني كان رأس الموالي يوم وقعة الحرة. روى عن: أبي هريرة، وابن عباس. روى عنه: قيس بن سعد المكي، والزهري، والحارث بن عبد الرحمن ابن أبي ذباب، وآخرون. وثق.

(6/505)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 506
يسير بن عمرو ويقال: يسير بن جابر، ويقال: أسير، يقال: له صحبة، وقيل: رؤية، وهو أشبه. روى عن: عمر، وعلي، وسهل بن حنيف، وسلمان. وعنه: زرارة بن أوفى، وأبو قتادة العدوي، وأبو نضرة العبدي، وأبو إسحاق السيباني.) يقال: ولد في حدود عام بدر. قال العوام بن حوشب: مات سنة خمسٍ وثمانين. يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي الطائفي. عن: الشريد بن سويد، وعبد الله بن عمرو، وجماعة. وعنه: النعمان بن سالم، وإبراهيم بن ميسرة، ومحمد بن عبد الله بن مسيكة، وغيرهم. يوسف بن عبد الله بن سلام ابن الحارث، أبو يعقوب المدني حليف الأنصار.

(6/506)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 507
سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجلسه في حجره، وله رؤيةٌ وروايةٌ حديثين حكمهما الإرسال. وروى عن: عثمان، وعلي، وأبيه. روى عنه: عمر بن عبد العزيز، وعيسى بن معقل، ويزيد بن أبي أمية الأعور، ومحمد بن المنكدر، ويحيى بن سعيد، وعون بن عبد الله، ويحيى ابن أبي الهيثم العطار، وغيرهم. وشهد موت أبي الدرداء بدمشق. قال حفص بن غياث، عن محمد بن أبي يحيى، عن يزيد الأعور، عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذ كسرةً فوضع عليها تمرةً وقال: هذه إدام هذه. فأكلها. وقال ابن سعد في الطبقة الخامسة من الصحابة: يوسف بن عبد الله بن سلام وهو رجل من بني إسرائيل من ولد يوسف نبي الله عليه السلام، وكان ثقةً وله أحاديث صالحة. وقال ابن أبي حاتم: له رؤية. وقال البخاري: إن له صحبةً، وسمعت أبي يقول: ليست له صحبة. وقال العجلي: تابعي ثقة. وقال خليفة: توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز.

(6/507)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 508
يونس بن جبير أبو غلاب الباهلي البصري. حكى صلاة أبي موسى الأشعري بأصبهان، وروى عن: جندب بن عبد الله البجلي، وابن عمر،) وحطان الرقاشي. وهو قليل الحديث. روى عنه: ابن سيرين، وقتادة، وابن عون. ووثقه ابن معين. روي أنه أوصى أن يصلي عليه أنس بن مالك.

(6/508)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 509
4 (الكنى)
أبو الأشعث الصنعاني الدمشقي م أصح ما قيل: إن اسمه شراحيل بن آدة. روى عن: عبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وأبي هريرة، وثوبان، وأبي ثعلبة الخشني، وأوس بن أوس الثقفي. وعنه: حسان بن عطية، وأبو قلابة الجرمي، ويحيى بن الحارث الذماري، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وآخرون. وثقه أحمد العجلي وغيره. وقال ابن سعد: هو يماني نزل دمشق. وقال ابن عساكر: لعله من صنعاء دمشق.

(6/509)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 510
أبو أسماء الرحبي الدمشقي م قال ابن زبر: والرحبة قريةٌ رأيتها عامرةً بينها وبين دمشق ميل. اسمه عمرو بن مرثد، وقيل: عمرو بن أسماء. روى عن: أبي ذر في صحيح مسلم، وعن ثوبان، وشداد بن أوس، وأبي هريرة، وغيرهم. روى عنه: أبو الأشعث الصنعاني، وأبو سلام ممطور، وشداد أبو عمار، وأبو قلابة، وربيعة بن يزيد، ويحيى بن الحارث الذماري، وآخرون. وثقه العجلي. أبو أمامة بن سهل بن حنيف الأنصاري الأوسي المدني، واسمه أسعد، وإنما يعرف بالكنية، وسمي

(6/510)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 511
بجده أسعد بن زرارة النقيب. ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه، وحدث عن: أبيه، وعمر، وعثمان، وزيد بن) ثابت، ومعاوية، وابن عباس. روى عنه: الزهري، وسعد بن إبراهيم، وأبو الزناد، ومحمد بن المنكدر، ويحيى بن سعيد، ويعقوب بن الأشج، وابناه: محمد، وسهل. وكان من علماء المدينة. قال أبو معشر نجيح: رأيته وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الزهري: أخبرني أبو أمامة وكان من علية الأنصار وعلمائهم ومن أبناء الذين شهدوا بدراً. وحسن الترمذي في جامعه من حديث عبد الرحمن بن الحارث، عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن أبي أمامة بن سهل قال: كتب معي عمر إلى أبي عبيدة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له. وقال يوسف الماجشون، عن عتبة بن مسلم قال: آخر خرجةٍ خرجها عثمان بن عفان يوم الجمعة، فلما استوى على المنبر حصبه الناس، فحيل بينه وبين الصلاة، فصلى للناس يومئذٍ أبو أمامة بن سهل بن حنيف. قالوا: توفي سنة مائة. أبو بحرية هو عبد الله بن فيس الكندي التراغمي

(6/511)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 512
الحمصي. شهد خطبة عمر بالجابية، وروى عن: معاذ، وأبي الدرداء، وأبي هريرة. روى عنه: خالد بن معدان، ويزيد بن قطيب، وضمرة بن حبيب، ويونس بن ميسرة، وابنه بحرية، وأبو ظبية الكلاعي، وأبو بكر بن أبي مريم. وكان فاضلاً ناسكاً مجاهداً. روي عن الواقدي أن عثمان كتب إلى معاوية أن أغز الصائفة رجلاً مأموناً على المسلمين، رفيقاً بسياستهم، فعقد لأبي بحرية عبد الله بن قيس وكان ناسكاً فقيهاً يحمل عنه الحديث حتى مات في زمن الوليد بن عبد الملك، وكان معاوية وخلفاء بني أمية تعظمه. أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة القرشي العدوي المدني الفقيه.) روى عن: أبيه، وجدته الشفاء، وأبي هريرة، وابن عمر. روى عنه: محمد بن إبراهيم التيمي، والزهري، وصالح بن كيسان، ويزيد بن عبد الله بن قسيط. وقد روى له البخاري مقروناً بآخر. أبو بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي الفقيه.

(6/512)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 513
أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. الأصح أن اسمه كنيته، ويقال: اسمه محمد، وله عدة إخوة هو أجلهم. روى عن: أبيه، وعمار بن ياسر، وأبي مسعود البدري، وعائشة، وعبد الرحمن بن مطيع، وأبي هريرة، وأسماء بنت عميس، وجماعة. روى عنه: ابناه عبد الملك، وعبد الله، والشعبي، والحكم بن عتيبة، والزهري، وسمي مولاه، وعمرو بن دينار، والقاسم بن أخيه، محمد، وخلق منهم أيضاً ابناه عمر، وسلمة، وأشهر أولاده عبد الله شيخ ابن إسحاق في المغازي، وآخر من روى عنه عبد الواحد بن أيمن. قال الزبير: وكان يسمى الراهب، وكان من سادة قريش. وقال ابن سعد: ولد في خلافة عمر، وكان يقال له راهب قريش لكثرة صلاته، وكان مكفوفاً. وقال سليم وغيره: كنيته أبو عبد الرحمن. وقال ابن سعد: كان فقيهاً ثقةً كثير الحديث عاقلاً سخياً.

(6/513)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 514
وقال هشام ابن عروة: رأيت عليه كساء خز. وقال الواقدي: كان عبد الملك بن مروان مكرماً لأبي بكر مجلا له، يقول: إني لأهم بالشيء أفعله بأهل المدينة لسوء أثرهم عندنا، فأذكر أبا بكر بن عبد الرحمن، فأستحيي منه، وأدع ذلك الأمر له. قال خليفة: مات سنة ثلاث وتسعين. وقال أبو عبيد، وابن نمير، والبخاري: سنة أربعٍ. أبو بكر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي. كان أسن من عمر أخيه لأبويه، وكان خيراً فاضلاً، له ابنان:) الحكم ومروان. قال ابن يونس: توفي سنة ستٍ وتسعين. أبو تميمة الهجيمي اسمه طريف بن مجالد. من فضلاء أهل البصرة. تقدم. قال الفلاس: توفي سنة خمس وتسعين. أبو جميلة الطهوي الكوفي صاحب راية علي

(6/514)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 515
رضي الله عنه. روى عن: علي، وعثمان. وعنه: ابنه عبد الله، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وعطاء بن السائب، وجماعة. اسمه ميسرة بن يعقوب. وثقه ابن حبان. أبو حازم الأشجعي الكوفي اسمه سلمان مولى عزة الأشجعية. روى عن أبي هريرة فأكثر، وعن: ابن عمر، والحسين بن علي. روى عنه: منصور، والأعمش، وفرات القزاز، ومحمد بن جحادة، وفضيل بن غزوان، ونعيم بن أبي هند، ويزيد بن كيسان، وجماعة. وثقه أحمد، وابن معين. وتوفي في خلافة عمر بن عبد العزيز. وقيل: إنه جالس أبا هريرة خمس سنين. أبو خالد الوالبي الكوفي اسمه هرمز، ويقال هرم.

(6/515)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 516
روى عن: أبي هريرة، وابن عباس. وعنه: منصور، والأعمش، وفطر بن خليفة. أبو رافع الصائغ المدني ثم البصري مولى آل عمر، اسمه نفيع، يقال إنه أدرك الجاهلية. وروى عن: عمر، وأبي بن كعب، وأبي موسى، وأبي هريرة، وكعب الأحبار، وجماعة سواهم.) روى عنه: الحسن البصري، وبكر المزني، وقتادة، وعلي بن زيد جدعان، وعطاء بن أبي ميمونة، وآخرون. وثقه أحمد العجلي وغيره. وقال أبو حاتم: ليس به بأس. وقال ثابت البناني: لما أعتق بكى، وقال: كان لي أجران فذهب أحدهما. أبو رزين م اسمه مسعود بن مالك الأسدي الكوفي.

(6/516)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 517
روى عن: ابن مسعود، وعلي، وأبي هريرة، وعمرو بن أم كلثوم، وابن عباس، وغيرهم. روى عنه: منصور، والأعمش، ومغيرة بن مقسم، وعطاء بن السائب، وإسماعيل بن أبي خالد، وجماعة. وكان فقيهاً مسناً. قال أبو بكر بن أبي داود: ضربت رقبته على منارة جامع البصرة، ورمي برأسه. أبو الزاهرية حدير بن كريب الحمصي. سمع: أبا أمامة، وعبد الله بن بسر، وجبير بن نفير. وروى عن: أبي الدرداء، وحذيفة، وجماعة مرسلاً. روى عنه: إبراهيم بن أبي عبلة، وسعيد بن سنان، والأحوص بن حكيم، ومعاوية بن صالح. قال أحمد بن محمد بن عيسى في تاريخه: زعموا أنه أدرك أبا الدرداء، وكان أمياً لا يكتب. وثقه ابن معين وغيره. قال قتيبة: ثنا شهاب بن خراش، عن حميد بن أبي الزاهرية، عن أبيه

(6/517)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 518
قال: أغفيت في صخرة بيت المقدس، فجاءت السدنة فأغلقوا علي الباب، فما انتبهت إلا بتسبيح الملائكة، فوثبت مذعوراً، فإذا المكان مصفوف. فدخلت معهم في الصف. قال ابو عبيد وغيره: مات سنة مائة. وقال المدائني: في إمرة عمر بن عبد العزيز. وأما ابن سعد وخليفة فقالا: سنة تسعٍ وعشرين ومائة.) أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي. اسمه فيما قيل: هرم وقيل: اسمه باسم أبيه، فإن أباه مات في حياة جده وكفله جده. وقيل: إنه رأى علياً. روى عن: جده، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وخرشة بن الحر، وغيرهم. روى عنه: عمه إبراهيم، وحفيداه جرير، ويحيى ابنا أيوب بن أبي زرعة البجلي، والحارث العكلي، وعبد الله بن شبرمة، وعمارة بن القعقاع، وموسى الجهني، وعلي بن مدرك، ويحيى ين سعيد التيمي، وآخرون. وكان ثقةً نبيلاً شريفاً كثير العلم، وفد مع جده على معاوية.

(6/518)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 519
أبو ساسان اسمه حضين بن المنذر الرقاشي البصري، ويكنى أيضاً بأبي محمد. روى عن: عثمان، وعلي، وأبي موسى الأشعري، والمهاجر بن قنفذ. روى عنه: الحسن، وداود بن أبي هند، وعبد الله الداناج، وابنه يحيى بن حضين. ووفد على معاوية، وكان قد شهد صفين مع علي ثم نزل مرو في آخر

(6/519)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 520
عمره، وكان قتيبة بن مسلم يستشيره في أموره. وقيل: إنه كان حامل راية علي يوم صفين. وروى عنه أبو إسحاق السبيعي، ثم قال: كان صاحب شرطة علي. وعن المازني قال: قيل لحضين بن المنذر: بم سدت قومك قال: بحسب لا يطعن فيه، ورأيٍ لا يستغنى عنه، ومن تمام السؤدد أن يكون الرجل ثقيل السمع، عظيم الرأس. وقال أبو أحمد العسكري: كان من سادات ربيعة، وكان يبخل، وفيه يقول علي رضي الله عنه:
(لمن رايةٌ سوداء يخفق ظلها .......... إذا قيل قدمها حضين تقدما)
قال: ثم ولاه إصطخر. وفيه يقول زياد الأعجم:
(يسد حضين بابه خشية القرى .......... بإصطخر والشاة السمين بدرهم)
وعن قتيبة بن مسلم، وذكر الحضين فقال: هو باقعة العرب وداهية الناس. وقال خليفة: أدرك خلافة سليمان بن عبد الملك. وقال غيره: توفي سنة سبع وتسعين.) أبو سخلية عن: علي، وأبي ذر. وسلمان.

(6/520)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 521
وعنه: الخضر بن القواس، ومحمد بن عبيد الله العرزمي، وفضيل بن مرزوق. وله في مسند علي. أبو سعيد المقبري كيسان مولى الجندعيين، كان ينزل المقابر بالمدينة، ويقال له صاحب العباء. روى عن: عمر، وعلي، وعبد الله بن سلام، وأبي هريرة، وعقبة بن عامر، وعبد الله بن وديعة، وغيرهم. روى عنه: ابنه سعيد، وحفيده عبد الله بن سعيد، وأبو صخر حميد بن زياد، وعمرو بن أبي عمرو مولى المطلب. توفي في خلافة الوليد، وهو من كبار التابعين وثقاتهم. أبو سعيد مولى المهري مدني ثقة. روى عن أبي ذر، إن صح، وعن: أبي سعيد الخدري، وابن عمر. وعنه: ابناه سعيد، ويزيد، وسعيد المقبري، ويحيى بن أبي كثير،

(6/521)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 522
ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي. أبو سفيان مولى عبد الله بن أبي أحمد بن جحش الأسدي المدني. روى عن: أبي هريرة، وأبي سعيد. وعنه: داود بن الحصين، وخالد بن رباح، وغيرهما. اسمه: قزمان، وقيل: وهب، وهو قليل الحديث، ثقة. أبو سلمة بن عبد الرحمن ابن عوف الزهري المدني الفقيه. قال مالك: اسمه كنيته، وقيل: اسمه عبد الله، وقيل إسماعيل. روى عن: أبيه، وعثمان، وأبي قتادة الأنصاري، وأبي أسيد الساعدي، وأبي هريرة، وابن عباس، وحسان بن ثابت، وطائفة من الصحابة والتابعين.)

(6/522)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 523
وكان يناظر ابن عباس ويماريه، فحرم بذلك كثيراً من علمه، قال الزهري. وروى عنه: سالم أبو النضر، وابن أخيه سعد بن إبراهيم، وأبو الزناد، ويحيى بن أبي كثير، والزهري، وأبو حازم الأعرج، وابنه عمر بن أبي سلمة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وخلق سواهم. قال إسماعيل بن أبي خالد: قدم علينا أبو سلمة: زمن بشر بن مروان، وكان أبو سلمة زوجه ابنته. وقال عمرو بن دينار: قال أبو سلمة: أنا أفقه من بال، فقال ابن عباس: في المبارك. رواها ابن عيينة عنه. وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود قال: كان أبو سلمة مع قومٍ، فرأوا قطيعاً من غنم، فقال: اللهم إن كان في سابق علمك أن أكون خليفةً فاسقنا من لبنها، فانتهى إليها، فإذا هي تيوسٌ كلها. وقالت له عائشة مرةً، وهو حدثٌ: إنما مثلك مثل الفروج يسمع الديكة تصيح فيصيح. وكان إماماً حجةً، واسع العلم. قال الزهري: أدركت أربعةً بحوراً: عروة، وسعيد بن المسيب، وأبو سلمة، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة. وعن الشعبي قال: قدم أبو سلمة الكوفة، فكان يمشي بيني وبين رجلٍ، فسئل عن أعلم من بقي، فتمنع ساعةً ثم قال: رجلٌ بينكما. وقال ابن مهين: توفي سنة أربعٍ وتسعين. وقال خليفة: سنة ثلاثٍ. وقال الواقدي: سنة أربع ومائة.

(6/523)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 524
أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي اليحمدي، مولاهم البصري الخوفي. والخوف ناحية من عمان. كان من كبار أصحاب ابن عباس. وروى عنه: عمرو بن دينار، وقتادة، وأيوب السختياني. قال عطاء، عن ابن عباس قال: لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد لأوسعهم علماً عما في كتاب الله.) وعن ابن عباس قال: تسألوني عن شيء وفيكم جابر بن زيد. وعن عمرو بن دينار قال: ما رأيت أحداً أعلم من أبي الشعثاء.

(6/524)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 525
وقال ابن الأعرابي: كانت لأبي الشعثاء حلقة في جامع البصرة يفتي فيها قبل الحسن، وكان من المجتهدين في العبادة. وكانوا يفضلون الحسن عليه، حتى خف الحسن في أمر ابن الأشعث. وقال أيوب: رأيت أبا الشعثاء وكان لبيباً. وقال قتادة يوم موته: اليوم دفن علم أهل البصرة، أو قال: عالم العراق. وعن إياس بن معاوية قال: أدركت أهل البصرة ومفتيهم جابر بن زيد. وقال أبو الشعثاء: لو ابتليت بالقضاء لركبت راحلتي وهربت. وقال أحمد بن حنبل والفلاس، والبخاري، وغيرهم: توفي سنة ثلاثٍ وتسعين. وقال بعضهم: سنة ثلاثٍ ومائة. أبو صالح الحنفي الكوفي، اسمه عبد الرحمن بن قيس على الصحيح. وقال إسحاق بن راهويه: اسمه ماهان. عن: علي، وابن مسعود، وعائشة، وأبي هريرة، وجماعة. وعنه: عمرو بن مرة، وإسماعيل بن أبي خالد، وبيان بن بشر، وأبو عون محمد بن عبيد الله الصقفي، وجماعة. وثقه ابن معين.

(6/525)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 526
أبو الضحى مسلم بن صبيح الكوفي العطار، مولى همدان. روى عن: ابن عباس، وجرير بن عبد الله، والنعمان بن بشير، وعلقمة، ومسروق. روى عنه: منصور، والأعمش، وأبو يعفور عبد الرحمن بن عبيد، وعباد بن منصور، وفطر بن خليفة، وجماعة. وثقه أبو زرعة، وغيره. وقال خليفة: توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز. أبو الطفيل ع عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو الليثي الكناني. آخر من رأى

(6/526)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 527
النبي صلى الله عليه وسلم) في الدنيا بالإجماع، وكان من شيعة علي. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم استلامه الركن، وعن أبي بكر، وعمر، ومعاذ بن جبل، وعلي، وابن مسعود. روى عنه: الزهري، وحبيب بن أبي ثابت، وأبو الزبير، وعلي بن زيد بن جدعان، وسعيد الجريري، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، ومعروف بن خربوذ، وفطر بن خليفة. قال معروف: سمعته يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلامٌ شاب يطوف بالبيت على راحلته، يستلم الحجر بمحجنه. وقال محمد بن سلام الجمحي، عن عبد الرحمن الهمداني قال: دخل أبو الطفيل على معاوية فقال له: ما أبقى لك الدهر من ثكلك علياً قال: ثكل العجوز المقلات والشيخ الرقوب، قال: فكيف حبك له قال: حب أم موسى لموسى، وإلى الله أشكو التقصير. كان أبو الطفيل من أعوان علي رضي الله عنه، وحضر معه حروبه.

(6/527)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 528
قال خليفة: وأقام بمكة حتى مات سنة مائة أو نحوها. قال: ويقال: سنة سبع ومائة. وجاء عنه أنه قال: أدركت من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان سنين. وقال البخاري: ثنا موسى، ثنا مبارك، عن كثير بن أعين قال: أخبرني أبو الطفيل بمكة سنة سبع ومائة. وقال وهب بن جرير: سمعت أبي يقول: كنت بمكة سنة عشرٍ ومائة، فرأيت جنازةً فسألت عنها، فقالوا: هذا أبو الطفيل. هذا هو الصحيح لثبوت إسناده وهو مطابقٌ لما قبله. أبو ظبيان ع الجنبي الكوفي، حصين بن جندب بن عمرو بن الحارث. روى عن: حذيفة، وأسامة بن زيد، وسلمان الفارسي، وعلي، وعمر،

(6/528)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 529
وابن عباس، وجرير، وجماعة. وعنه: ابنه قابوس، وحصين بن عبد الرحمن، والأعمش، وعطاء بن السائب، وسماك بن حرب، وآخرون. وثقه جماعة. وتوفي سنة تسعين على الصحيح، وقيل: سنة خمسٍ وتسعين.) أبو العالية الرياحي ع مولى امرأةً من بني رياح بن يربوع، حي من تميم. أحد علماء البصرة وأئمتها، اسمه رفيع بن مهران. أسلم في إمرة الصديق ودخل عليه، وصلى خلف عمر، وقرأ القرآن علي أبي بن كعب، وروى عن: عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي ذر، وعائشة، وأبي موسى، وأبي أيوب الأنصاري، وابن عباس.

(6/529)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 530
قال الداني: أخذ القراءة عرضاً عن أبي، وزيد بن ثابت، وابن عباس، ويقال: قرأ على عمر. روى عنه: القراءة عرضاً شعيب بن الحبحاب، والأعمش، والربيع بن أنس. قلت: وجماعة. ويقال: قرأ عليه أبو عمرو بن العلاء، حدث عنه: قتادة، وأبو خلدة خلد بن دينار، وداود بن أبي هند، والربيع بن أنس الخراساني، وخالد الحذاء، وثابت، ومحمد بن واسع، وعاصم الأحول، وعوف الأعرابي. قال قتادة: قال أبو العالية: قرأت القرآن بعد وفاة نبيكم بعشر سنين. وقال خالد أبو المهاجر، عن أبي العالية قال: كنت بالشام مع أبي ذر. وقال معتمر وغيره: ثنا هشام، عن حفصة بنت سيرين قالت: قال لي أبو العالية: قرأت القرآن على عمر ثلاث مرار. وقال أبو خلدة: سمعت أبا العالية يقول: كنا عبيداً مملوكين، منا من يؤدي الضرائب، ومنا من يخدم أهله، فكنا نختم كل ليلة، فشق علينا، حتى شكا بعضنا إلى بعض، فلقينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمونا أن نختم كل جمعةٍ، فصلينا ونمنا ولم يشق علينا. وقال أبو خلدة: ذكر الحسن لأبي العالية فقال: رجل مسلم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأدركنا الخير، وتعلمنا قبل أن يولد الحسن، وكنت آتي ابن عباس وهو أمير البصرة، فيجلسني على السرير، وقريشٌ أسفل، فتغامزت قريشٌ بي، فقالت: يرفع هذا العبد على السرير ففطن بهم، فقال: إن هذا العلم يزيد الشريف شرفاً، ويجلس المملوك على الأسرة.

(6/530)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 531
وقال جرير، عن مغيرة قال: كان أشبه أهل البصرة علماً بإبراهيم النخعي أبو العالية. وقال أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية قال: كنت أرحل إلى الرجل) مسيرة أيام لأسمع منه، فأتفقد صلاته، فإن وجدته يحسنها أقمت عليه، وإن أجده يضيعها رحلت ولم أسمع منه، وقلت: هو لما سواها أضيع. وقال شعيب بن الحبحاب: حابيت أبا العالية في ثوبٍ فأبى أن يشتريه مني. وقال أبو خلدة: قال أبو العالية: لما كان زمان علي ومعاوية وإني لشاب القتال أحب إلي من الطعام الطيب، فتجهزت بجهاز حسنٍ حتى أتيتهم، فإذا صفان ما يرى طرفاهما، إذا كبر هؤلاء كبر هؤلاء، وإذا هلل هؤلاء هلل هؤلاء، فراجعت نفسي فقلت: أي الفريقين أنزله كافراً، ومن أكرهني على هذا، فما أمسيت حتى رجعت وتركتهم. وقال عاصم الأحول: كان أبو العالية إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام تركهم. وقال معمر، عن عاصم، عن أبي العالية قال: أنتم أكثر صلاةً وصياماً ممن كان قبلكم، ولكن الكذب قد جرى على ألسنتكم. قال أبو حاتم: ثنا حرملة: سمعت الشافعي يقول: حديث أبي العالية الرياحي رياح، وقال أبو حاتم: يعني الذي يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الضحك في الصلاة أن على الضاحك الوضوء.

(6/531)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 532
وقال أبو بكر بن أبي داود: ليس أحدٌ بعد الصحابة أعلم بالقرآن من أبي العالية، وبعده سعيد بن جبير. قال أبو خلدة: توفي سنة تسعين في شوال. وقال البخاري وغيره: سنة ثلاثٍ وتسعين. وقال المدائني: سنة ستٍ ومائة. أبو العباس الشاعر المكي الأعمى، اسمه السائب بن فروخ، وهو والد العلاء. سمع: عبد الله بن عمرو، وابن عمر. وعنه: عطاء، وعمرو بن دينار، وحبيب بن أبي ثابت. وهو قديم الوفاة، وثقه أحمد بن حنبل، وله حديثان أو ثلاثة. أبو عبد الله الأغر المدني مولى جهينة، اسمه سلمان.) روى عن: أبي هريرة، وعبد الله بن عمرو. روى عنه: ابناه عبد الله، وعبيد الله، وبكير بن عبد الله بن الأشج، والزهري، وصفوان بن سليم، وزيد بن رباح، ومحمد بن عمرو بن علقمة. وأما أبو مسلم الأغر الكوفي، عن أبي هريرة، فرجل آخر، وقد

(6/532)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 533
جعلهما واحداً الحافظ عبد الغني المصري، وقبله ابن خزيمة فوهما. قال شعبة: كان الأغر قاصاً من أهل المدينة رضياً. أبو عبد الله الجدلي الكوفي عبد بن عبد، وقيل عبد الرحمن بن عبد. عن: سلمان الفارسي، وأبي مسعود البدري، وخزيمة بن ثابت، وعائشة، وأم سلمة. وعنه: أبو إسحاق السبيعي، وإبراهيم النخعي، وعطاء بن السائب، وشمر بن عطية، ومسلم البطين. وثقه ابن معين، وغيره. أبو عبد الله الأشعري الدمشقي. روى عن: معاذ، وأبي الدرداء وخالد بن الوليد، وشرحبيل بن حسنة. روى عنه: أبو صالح الأشعري، ويزيد بن أبي مريم، وإسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر. أبو عبد الرحمن الحبلي م ع عبد الله بن يزيد المعافري

(6/533)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 534
المصري، نزيل إفريقية، وأحد أئمة التابعين. روى: عن أبي ذر وذلك في جامع الترمذي وعن: أبي أيوب الأنصاري، وعبد الله بن عمرو، وجابر بن عبد الله، وعقبة بن عامر، وفضالة بن عبيد، وجماعة. وعنه: حيي بن عبد الله المعافري، وأبو هانيء حميد بن هانيء، وعقبة بن مسلم، وقيس بن الحجاج، وعياش بن عباس، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وآخرون. وثقه ابن معين، وغيره. قال الحارث بن يزيد فيما قاله عنه ابن لهيعة: قلت لحسن بن عبد الله: أخبرني عن قوله تعالى: كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون قال: هذه والله صفة سليم بن عتر، وأبي عبد الرحمن الحبلي.) قال ابن يونس: يقال: توفي سنة مائة بإفريقية وكان رجلاً صالحاً فاضلاً. أبو عبيد مولى ابن أزهر اسمه سعد بن عبيد المدني الزهري مولاهم.

(6/534)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 535
روى عن: عمر، وعثمان، وعلي. روى عنه: الزهري، وسعيد بن خالد القارظي. وكان فقيهاً مقرئاً ثقةً نبيلاً، توفي سنة ثمانٍ وتسعين. وابن أزهر هو عبد الرحمن بن أزهر الزهري. له صحبة. أبو عثمان النهدي البصري عبد الرحمن بن مل. أدرك الجاهلية وسمع من: عمر، وابن مسعود، وحذيفة، وبلال، وسلمان، وعلي، وأبي موسى، وسعيد بن زيد، وابن عباس، وطائفة. روى عنه: قتادة، وأيوب، وعاصم الأحول، وحميد الطويل، وداود بن أبي هند، وخالد الحذاء، وسليمان التيمي، وعمران بن حدير. وشهد اليرموك، وحج في الجاهلية مرتين، ثم أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأدى الصدقة إلى عماله، وصحب سلمان الفارسي ثنتي عشرة سنة، وكان كبير الشأن صواماً قواماً قانتاً لله حنيفاً. ورد أنه كان يصلي حتى يغشى عليه، وكان ثقةً إماماً ثبتاً، هاجر إلى

(6/535)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 536
المدينة في أول خلافة عمر. روى حميد الطويل عنه أنه قال: بلغت مائةً وثلاثين سنة. وروى عنه عاصم قال: رأيت يغوث صنماً من رصاص يحمل على جملٍ أجرد فإذا بلغ وادياً برك فيه، وقالوا: قد رضي لكم ربكم هذا الوادي. وقال عبد الرحيم بن سليمان، عن عاصم الأحول قال: سئل أبو عثمان وأنا أسمع: هل أدركت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: نعم أسلمت على عهده وأديت إليه ثلاث صدقاتٍ ولم ألقه، وغزوت اليرموك والقادسية وجلولاء ونهاوند وتستر وأذربيجان ورستم. وروي أنه سكن الكوفة، فلما قتل الحسين تحول إلى البصرة، وحج ستين حجة ما بين حجة وعمرة.) وقال علي بن زيد عنه: أتيت عمر بالبشارة يوم نهاوند. وقال معتمر بن سليمان، عن أبيه قال: كان أبو عثمان يصلي حتى يغشى عليه. وقال معاذ بن معاذ: كانوا يرون أن عبادة سليمان التيمي أخذها من أبي عثمان. وقال سليمان التيمي: إني لأحسب أن أبا عثمان كان لا يصيب ذنباً، كان ليله قائماً ونهاره صائماً. وقال أبو حاتم الرازي: كان عريف قومه وكان ثقةً. وقال الفلاس: توفي سنة خمسٍ وتسعين. وقال المدائني، وجماعة: توفي سنة مائة.

(6/536)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 537
أبو عمرو الشيباني سعد بن إياس الكوفي من بني شيبان بن ثعلبة بن عكابة. روى عن: علي، وابن مسعود، وحذيفة، وغيرهم. روى عنه: منصور والأعمش، وسليمان التيمي، والوليد بن العيزار، وإسماعيل بن أبي خالد، وأبو معاوية عمرو بن عبد الله النخعي، وآخرون. وعمر مائةً وعشرين سنة. قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أرعى إبلاً بكاظمة. وقال: كنت يوم القادسية ابن أربعين سنة. وقال عاصم بن أبي النجود: كان أبو عمرو الشيباني يقرئ القرآن في المسجد الأعظم، فقرأت عليه ثم سألته عن آية فاتهمني بهوىً. وقال ابن معين: كوفي ثقة. أبو الغيث هو سالم المدني مولى عبد الله بن مطيع العدوي.

(6/537)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 538
روى عن: أبي هريرة فقط. روى عنه: ثور بن زيد، وصفوان بن سليم، وجماعة. وثقه ابن معين. أبو لبيد الجهضمي بصري اسمه لمازة بن زبار. روى عن: عمر، وعلي، وأبي موسى، وجماعة.) روى عنه: الزبير بن الخريت، ويعلى بن حكيم، وطالب بن السميدع، والربيع بن سليم، ووفد على يزيد بن معاوية. وقال ابن معين: قد رأى حماد بن زيد أبا لبيد، وأبو لبيد رأى علياً. وقال ابن سعد: سمع من علي وكان ثقةً. وعن حماد بن زيد قال: رأيت أبا لبيد يصفر لحيته وكانت تبلغ سرته، وقد قاتل علياً يوم الجمل، وقيل له: أتحب علياً قال: كيف أحب رجلاً قتل من قومي ألفين وخمسمائة في يوم. وقال وهب بن جرير، عن أبيه، عن أبي لبيد: وكان شتاماً.

(6/538)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 539
وقيل لابن معين: من كان يشتم قال: نرى أنه كان يشتم علياً رضي الله عنه. يؤخر إلى طبقة الحسن البصري من أجل رواية جرير عنه. أبو ليلى الكندي مولاهم الكوفي. روى عن: عثمان، وسلمان الفارسي، وخباب بن الأرت، وغيرهم. وروى عن سويد بن غفلة. روى عنه: أبو إسحاق السبيعي، وأبو جعفر الفراء، وعثمان بن أبي زرة الثقفي، وعبد الملك بن أبي سليمان، وغيرهم. وثقه ابن معين. أبو مدينة السدوسي البصري اسمه عبد الله بن حصين. قيل له صحبة، ولم يصح. سمع: أبا موسى الأشعري، وابن عباس، وغيرهما. روى عن: قتادة، وثابت البناني. أخبر أبو موسى المديني: أنبأ الحداد، ثنا أبو نعيم، ثنا الطبراني، ثنا محمد بن هشام المستملي، ثنا عبيد الله بن عائشة، ثنا حماد، عن ثابت، عن أبي مدينة الدارمي وكانت له صحبة قال: كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر والعصر إلى آخرها، ثم يسلم أحدهما على الآخر.)

(6/539)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 540
قلت: هذا حديثٌ غريبٌ جداً ورواته مشهورون. أبو مرة مولى عقيل بن أبي طالب الهاشمي المدني، واسمه يزيد. روى عن: عقيل، وأبي الدرداء، وعثمان بن عثمان، وأم هانيء بنت أبي طالب، وعمرو بن العاص، وأبي هريرة. روى عنه: أبو جعفر محمد بن علي، وسالم أبو النضر، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، ويزيد بن الهاد، وموسى بن عبيدة، وأبو حازم الأعرج. وكان ثقةً فاضلاً. أبو المهلب الجرمي البصري م عم أبي قلابة. روى عن: عثمان، وتميم الداري، وأبي مسعود البدري، وعمران بن حصين، وجماعة. روى عنه: أبو قلابة، ومحمد بن سيرين، وعوف الأعرابي. أبو نجيح يسار مولى الأخنس بن شريق الثقفي المكي.

(6/540)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 541
أرسل عن: عمر وسعيد، وقيس بن عبادة، وروى عن: معاوية، وابن عمر، وعبيد بن عمير الليثي وطائفة. وعنه: ابنه عبد الله بن أبي نجيح، وعمرو بن دينار، وميمون أبو مغلس، وآخرون. وثقه وكيع، وجماعة. أبو الهيثم كان تحت حجر أبي سعيد الخدري فأكثر عنه، كان أبوه أوصى به إليه، واسمه سليمان بن عمرو العتواري. سكن مصر وحدث عن: أبي سعيد، وأبي هريرة، وأبي بصرة الغفاري. روى عنه: دارج أبو السمح، وكعب بن علقمة، وعبيد الله بن المغيرة، وغيرهم. وثقه ابن معين من رواية أحمد بن أبي خيثمة، عنه. أبو الوداك) اسمه جبر بن نوف الهمداني

(6/541)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس الصفحة 542
البكالي الكوفي. عن: أبي سعيد. وعنه: مجالد بن سعيد، وإسماعيل بن أبي، خالد، وقيس بن وهب، وأبو التياح، وعلي بن أبي طلحة، ويونس بن أبي إسحاق وآخرون. وثقه ابن معين. أبو يونس مولى عائشة روى عن: عائشة. روى عنه: زيد بن أسلم، والقعقاع بن حكيم، وأبو طوالة عبد الله بن عبد الرحمن. عداده في أهل المدينة. آخر الطبقة العاشرة، والحمد لله.

(6/542)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 7
5 (الطبقة الحادية عشرة)

1 (الحوادث من سنة إلى)

4 (لحوادث سنة إحدى ومائة)
توفي فيها: ذكوان أبو صالح السمان. ربعي بن حراش العبسي الكوفي. عمارة بن عبد العزيز الأموي. القاسم بن مخيمرة فيها في قول. محمد بن مروان والد مروان الحمار. مقسم مولى ابن عباس. و فيها استخلف يزيد بن عبد الملك بن مروان في رجب.

(7/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 8
4 (حوادث سنة اثنتين و مائة)
توفي فيها: الضحاك بن مزاحم صاحب التفسير. عدي بن أرطأة أمير البصرة.) مجاهد في قول جماعة. يزيد بن المهلب بن أبي صفرة الأمير. يزيد بن أبي مسلم الثقفي كاتب الحجاج. أبو المتوكل التاجي. علي بن داود. و فيها كانت وقعة العقر، و هو موضع بقرب كربلاء من العراق بين يزيد ابن المهلب و بين مسلمة بن عبد الملك بن المروان، قتل فيها يزيد و كسر جيشه و انهزم آل المهلب، ثم ظفر بهم مسلمة فقتل فيهم و بدع، و قل من نجا منهم، وكان يزيد قد خرج على الخلافة لما توفي عمر بن عبد العزيز. قال الكلبي: نشأت و هم يقولون ضحى بنو أمية يوم كربلاء بالدين و يوم العقر بالكرم.

(7/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 9
قال خليفة بن خياط: ثم بعث مسلمة بن عبد الملك هلال بن أحوز المازني إلى قندابيل في طلب آل المهلب فالتقوا، فقتل المفضل بن المهلب و انهزم أصحابه و خدمه، و قتل هلال بن الاحوز جماعةً من آل المهلب، و لم يتعرض للنساء و بعث بهم إلى يزيد بن عبد الملك، فحدثني حاتم بن مسلم أن يزيد بن عبد الملك لما قدم بآل المهلب عليه قال: من كان له قبل آل المهلب دم فيلقم، فقام ناس، فدفعهم إليهم حتى قتل نحوٌ من ثمانين نفساً. و روى المدائني، عن المفضل بن محمد أن الحجاج عزل يزد بن المهلب عن خراسان، و كتب بولايتها إلى المفضل بن المهلب، فوليها سبعة أشهرٍ، فافتتح باذغيس و غيرها، و قسم الغنيمة بين الناس، فأصاب الرجل ثمانمائة درهم. قلت: وثق المفضل، و له حديث عن النعمان بن البشير في سنن أبي داود و النسائي من رواية ابنه حاجب عنه، و روى عنه أيضاً ثابت البناني، و جرير بن حازم، و كان جواداً ممدحاً.

(7/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 10
4 (حوادث سنة ثلاث و مائة)
توفي فيها: عطاء بن يسار مولى ميمونة في قوله. عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث. عمر بن الوليد بن عبدة، مصري مقل.) مجاهد، فيها أو في سنة اثنين. مصعب بن سعد بن أبي وقاص بن طلحة بن عبيد الله. يحيى بن وثاب مقريء الكوفة. يزيد بن الأصم نزيل الرقة. يزيد بن حصين السكوني. و فيها قتل أمير الأندلس السمح بن مالك الخولاني، قتلته الروم يوم التروية.

(7/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 11
4 (حوادث سنة أربعة و مائة)
توفي فيها: خالد بن معدان الكلاعي الحمصي. عامر بن سعد، فيها، قيل قبل المائة. عامرالشعبي عالم العراق. عبد الله بن يزيد أبو قلابة الجرمي. عبد الرحمن بن حسان بن ثابت الشاعر. عبد الأعلى بن عدي البهراني. عبد الأعلى بن الهلال السلمي أبو النضر. عمير مولى آل العباس. مجاهد في فول القطان. و ابن المديني. يحيى بن عبد الرحمن بن الحطاب اللخمي. أبو بردة بن أبي موسى الأشعري. أبو سلمة بن عبد الرحمن، فيها في قول.

(7/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 12
وفيها كانت وقعة نهر الران، فالتقى المسلمون و الكفار، و على المسلمين الجراح بن عبدالله الحكمي، و على أولئك ابن الخاقان، و ذلك بقرب باب الأبواب، و نصر الله الإسلام و ركب المسلمون أقفية الترك قتلاً و أسراً و سبياً.

(7/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 13
4 (حوادث سنة خمس ومائة)
توفي فيها:) أبان بن عثمان بن عفان في قول. رزيق بن حيان بن الفزاري مولاهم. سعيد بن المسيب. في قول المدائني، والصحيح سنة بضعٍ وتسعين كما تقدّم. سليمان بن بريدة الأسلمي. سنان بن أبي سنان الدّؤلي. عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب. عبيد بن حنين المدني. عمارة بن خزيمة بن ثابت الأنصاري. والمسيّب بن رافع الأسديّ. يزيد بن عبد الملك بن مروان. وفيها زحف الخاقان وخرج من الباب في جمع عظيم من الترك وقصد أرمينية، فسار إليه الجرّاح الحكميّ فاقتتلوا أياماً، ثم كانت الهزيمة على الكفّار، وذلك في شهر رمضان.

(7/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 14
4 (حوادث سنة ستٍّ ومائة.)
توفّي فيها: بكر بن عبد الله المزني في قول. سالم بن عبد الله بن عمر العدوي الفقيه. طاوس بن كيسان اليماني. أبو مجلز لاحق بن حميد السّدوسي. وفيها عزل متولّي العراق عمر بن هبيرة بخالد بن عبد الله القسري فدخل خالد واسط بغتة وأبو المثنّى عمر بن هبيرة يتهيّأ لصلاة الجمعة ويسرّح لحيته، فقال عمر: هكذا تقوم الساعة بغتةً، فقيّده خالد وألبسه مدرعة صوفٍ وحبسه، ثم إنّ غلمان ابن هبيرة اكتروا داراً إلى جانب السجن فنقبوا سرباً إلى السّجن وأخرجوه منه، فهرب إلى الشّام، واستجار بالأمير مسلمة أخي الخليفة، فأجاره، ثم لم ينشب أن مات، وقد ولي العراق ثلاثة أعوام. وفيها غزا مسلم بن سعيد بن أسلم فرغانة، فلقيه ابن خاقان في جمع كبيرٍ من تركستان، فقتل ابن أخي خاقان في طائفةٍ كبيرة.)

(7/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 15
وفيها استعمل خالدٌ القسريّ على إقليم خراسان أخاه أسد بن عبد الله نيابةً عنه. وفيها دخل الجرّاح الحكميّ وغوّر في أرض الخزر، فصالحته الّلان، وأعطوه الجزية وخراج أرضهم. وفيها حجّ بالنّاس خليفة الوقت هشام، والله أعلم.

(7/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 16
4 (حوادث سنة سبع ومائة)
توفي فيها: سليمان بن يسار المدني مولى أمّ سلمة رضي الله عنها. وعطاء بن يزيد اللّيثي المدني. وعكرمة البربريّ مولى ابن عبّاس. وأبو رجاء العطاردي بخلفٍ فيه. والقاسم أبو محمد بن أبي بكر الصّدّيق. وكثيّر عزّة الخزاعي. وفيها عزل الجرّاح الحكميّ عن إمرة أذربيجان وأرمينية بمسلمة بن عبد الملك، فنهض مسلمة فغزا قيصريّة الروم وافتتحها بالسيف. وفيها غزا أسد بن عبد الله القسريّ متولّي خراسان بلاد غرشستان، فانكسر المسلمون واستشهد طائفةٌ ورجع الجيش مجهودين جائعين.

(7/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 17
4 (حوادث سنة ثمانٍ ومائة)
توفي فيها: بكر بن عبد الله المزني في قولٍ. محمد بن كعب القرظي المدني. يزيد بن عبد الله الشّخّير أبو العلاء. أبو نضرة العبديّ المنذر. وفيها غزا أسد بن عبد الله القسريّ بلاد الغور، فالتقوه في جيشٍ لجب، فهزمهم أسد. وفيها زحف ابن الخاقان إلى أذربيجان ونازل مدينة ورثان، ورماها بالمجانيق، فسار إليه متولّي تلك الناحية الحارث بن عمرو، فالتقوا، فانهزم ابن الخاقان، وقتل خلقٌ من جيشه،) واستشهد أيضاً الحارث بن عمرو.

(7/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 18
وفيها غزا ولد الخليفة معاوية بن هشام أرض الروم، فجهّز بين يديه البطّال إلى خنجرة فافتتحها.

(7/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 19
4 (حوادث سنة تسعٍ ومائة)
توفي فيها: بشر بن صفوان الكلبيّ أمير المغرب. سعد بن أبي الحسن البصريّ. أبو حرب بن أبي الأسود الدّؤلي. أبو نجيح يسار المكيّ والد عبد الله. وفيها غزا في الصّيف معاوية بن هشام بن عبد الملك وافتتح حصناً من أرض الروم، وغزا أيضاً مسلمة فجهّز جيشاً شتّوا بأذربيجان.

(7/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 20
4 (حوادث سنة عشر ومائة)
توفي فيها: إبراهيم بن محمد بن طلحة التّيمي الأعرج. جرير التّيمي الشاعر. الحسن البصريّ سيّد زمانه. أبو الطّفيل عامر بن واثلة في قولٍ. عطية بن قيس المذبوح في قول. الفرزدق وهو همّام بن غالب. محمد بن سيرين البصري. ونعيم بن أبي هند الأشجعيّ الكوفي. وفيها غزا مسلمة بلاد الخزر، وتسمى غزوة الطين، التقى هو وملك الخزر واقتتلوا أياماً، وكانت ملحمةً مشهورة هزم الله فيها الكفار في سابع جمادى الآخرة.

(7/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 21
وفيها افتتح معاوية ولد هشام حصنين كبيرين من أرض الروم. وفيها قدم إلى إفريقية عبيدة بن عبد الرحمن الذّكواني أميراً عليها، فجهّز ولده وأخاه، فالتقوا) المشركين، فنصر الله تعالى وأسر طاغية القوم وولّوا مدبرين.

(7/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 22
1 (تراجم أعيان هذه الطبقة على حروف المعجم)

4 (حرف الألف)

4 (أبان بن عثمان بن عفان م بن أبي العاص بن أمية، أبو سعيد القرشي الأموي المدني،)
وإنما أعدته للخلف في موته. روى عن: أبيه وعن زيد بن ثابت. وعنه: ابنه عبد الرحمن، والزهري، وأبو الزناد، ونبيه بن وهب، وغيرهم. وكان أحد فقهاء المدينة الثّقات.

(7/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 23
قال ابن سعد: كان به وضحٌ كثير وصممٌ وأصابه الفالج قبل موته بسنة. توفي أبان بالمدينة في قول خليفة سنة خمسٍ ومائة. وقيل: مات قبل عبد الملك بن مروان، فالله أعلم.
4 (إبراهيم بن عبد الله بن حنين ع أبو إسحاق المدني مولى آل العبّاس.)
روى عن أبيه وأبي هريرة، وأرسل عن عليّ رضي الله عنه. وعنه زيد بن أسلم وأسامة بن زيد، والليثي، وابن عجلان، ومحمد بن عمرو، ومحمد بن إسحاق، وآخرون. وكان ثقة.
4 (إبراهيم بن عبد الله م د ن بن معبد بن عباس بن عبد المطلب

(7/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 24
الهاشمي المدني.)
سمع ابن عباس، وميمونة أم المؤمنين. وعنه: سليمان بن سحيم، ونافع مولى ابن عمر، وابن جريج. وكان ثقة.
4 (إبراهيم بن محمد بن طلحة بخ م بن عبيد الله القرشيّ التيمي المدني أبو إسحاق.)
روى عن: سعيد بن زيد، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعدّة، وكان من سادة التابعين قوالاً بالحق بليغاً وقوراً كبير القدر. روى عنه: سعد بن إبراهيم القاضي، وعبد الله بن محمد بن عقيل، ومحمد بن زيد بن المهاجر، وطلحة بن يحيى أحد بني عمّه، ومحمد بن عبد الرحمن الطلحي، وآخرون.) ووفد على عبد الملك فأجلسه على فرشه فنصحه ووعظه. قال العجلي: تابعيٌّ ثقةٌ رجلٌ صالح. وقال ابن سعد: كان يسمى أسد قريش، كان شريفاً صبّاراً أعرج وليّ خراج العراق لابن الزّبير. توفي سنة عشرٍ ومائة.

(7/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 25
4 (الأحوص الشاعر)
أبو عاصم، ويقال أبو عثمان بن عبد الله بن محمد بن عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري. نفاه عمر بن عبد العزيز إلى دهلك لكثرة هجائه. قال عقيل بن خالد: كنت بالمدينة، فجاء رجل فلطم عراك بن مالك الغفاري وجر برجله، وانطلق به إلى مركب في البحر، فنفاه إلى دهلك، وأخرج منها الأحوص، فكان أهلها يقولون: جزى الله عنّا يزيد بن عبد الملك خيراً، أخذ عنّا رجلاً علّم أولادنا الباطل وأقدم علينا رجلاً علّمنا الخير. والحوص هو ضيقٌ في آخر العين. وقيل: بل الذي نفاه هو سليمان بن عبد الملك. وكان يشبب بعاتكة بنت يزيد بن معاوية إذ يقول:

(7/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 26
(يا بيت عاتكة التي أتغزّل .......... حذر العدى وبه الفؤاد موكّل)

(إني لأمنحك الصدود وإنني .......... قسماً إليك مع الصدود لأميل)

(ولقد نزلت من الفؤاد بمنزلٍ .......... ماكان غيرك والأمانة ينزل)

(ولقد شكوت إليك بعض صبابتي .......... ولما كتمت من الصبابة أطول)

(هل عيشنا بك في زمانك راجعٌ .......... فلقد تفحش بعدك المتعلل)

(أعرضت عنك وليس ذاك لبغضةٍ .......... أخشى مقالة كاشحٍ لا يعقل)

4 (إسحاق بن عبد الله د بن الحارث بن نوفل، أبو يعقوب الهاشمي البصري.)
عن: أبيه، وابن عباس، وأم الحكم بنت الزبير بن عبد المطلب. وعنه: قتادة، وحمبد الطويل، وعوف، وداود بن أبي هند، وآخرون.) وثقه أحمد بن عبد الله العجلي.
4 (إسحاق بن قبيصة ق بن ذؤيب الخزاعي الدمشقي.)

(7/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 27
عن أبيه. وعنه: برد بن سنان، وأسامة بن زيد الليثي، وعثمان بن عطاء الخراساني، وغيرهم. وكان ناظر ديوان الزمني بدمشق، له حديث واحدٌ عند ابن ماجه.
4 (إسحاق مولى زائدة م د ن روى عن سعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة، وله عن أبيه عن)
أبي هريرة. روى عنه: ابنه عمر بن إسحاق المدني، وأسامة بن زيد الليثي، وبكير بن عبد الله بن الاشج، والعلاء بن عبد الرحمن، وآخرون. وثقه ابن معين.
4 (أسلم العجلي د ت ن عن أبي موسى الأشعري، وبشر بن شغاف، وأبي مراية العجلي.)

(7/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 28
وعنه: ابنه أشعث، وشميط بن عجلان، وسليمان التيمي. وثقة ابن معين.
4 (الأسود بن سعيد الهمذاني د الكوفي، عن جابر بن سمرة، وابن عمر.)
وعنه: زياد بن خيثمة، ومعن بن يزيد، وأبو إسرائيل الملائي. له حديث في الملاحم.
4 (أصبغ عن نباتة ق الدرامي ثم المجاشعي الكوفي، أبو القاسم، عن: علي، وعمر، وعمار،)
وأبي أيوب. وعنه ثابت البناني، والأجلح بن عبد الله، ومحمد بن السائب الكلبي، وفطر بن خليفة، وآخرون.

(7/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 29
قال ابن معين: ليس بثقة وقال النسائي: متروك. وقال الدار قطني: منكر الحديث. وقال العقيلي: كان يقول بالرجعة.
4 (أيفع بن عبد الكلاعي شاميٌ أظنه خطب بحمص.)
روى عن ابن عمر وأرسل حديثين عن النبي صلى الله عليه وسلم.) روى عن صفوان بن عمرو وقال: أمر علينا مرةً في الغزو، وسمعته مرة يقول على منبر حمص، قد غلط غير واحد وعده في الصحابة، منهم عبدان المروزي، وأبو بكر الإسماعيلي، وأبو الفتح الأزدي، واغتروا بما أرسل. قال محمد بن المثنى: توفي سنة ستٍ.
4 (أيوب بن بشير د بن كعبٍ العدوي البصري.)
له وفادةٌ على سليمان بن عبد الملك. روى عن رجلٍ تابعي.

(7/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 30
وعنه: خالد بن ذكوان، وقتادة، وسماك المربدي. وهو مقلٌ لا يكاد يعرف.
4 (أيوب بن شرحبيل بن أكسوم بن أبرهة بن الصباح الأصبحي الحميري، وأمه أم أيوب بنت)
مالك بن نويرة. ولي مصر لعمر بن عبد العزيز. روى عنه أبو قبيل، وعبد الرحمن بن مهران. قال ابن يونس: مات في رمضان سنة إحدى ومائة.

(7/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 31
4 (حرف الباء)

4 (بسر بن عبيد الله ع الحضرمي الشامي.)
عن: واثلة بن الأسقع، ورويفع بن ثابت، وغيرهما من الصحابة، وأبي إدريس الخولاني. وعنه: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وثور بن يزيد، وزيد بن واقد، وآخرون. وكان ثقةً جليل القدر. قال أبو مسهر: هو أحفظ أصحاب أبي إدريس رحمه الله.
4 (بشر بن صفوان الكللبي أمير إفريقية.)
ولي المغرب سبعة أعوام، ولما احتضر ولي على الناس قعاس بن قرط الكلبي.

(7/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 32
توفي بشر سنة تسعٍ ومائة.
4 (بشير بن يسار المدني ع مولى الأنصار.)
عن: رافع بن خديج، وسهل بن أبي حثمة، وسويد بن النعمان، ومحيصة بن مسعود.) وعنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة الرأي، والوليد بن كثير، ومحمد بن إسحاق، وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. وقال ابن سعد: كان فقيهاً أدرك عامة الصحابة. قلت: وليس هو أخاً لسليمان بن يسار.
4 (بعجة بن عبد الله خ م ت ن ق بن بدر الجهني، من بادية الحجاز.)
عن أبيه، وأبي هريرة، وعقبة بن عامر.

(7/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 33
وعنه: يحيى بن أبي كثير، وأبو حازم المديني، وأسامة بن زيد بن أسلم، ويزيد بن أبي حبيب. وثقة النسائي.
4 (بكر بن عبد الله ع)
ابن عمرو المزني، أبو عبد الله البصري، أحد الأعلام. عن: المغيرة بن شعبة، وابن عباس، وابن عمر، وأنس، وابن رافع، وجماعة. وعنه: ثابت البناني، وعاصم الأحول، وسليمان التيمي، وحبيب العجمي، ومبارك بن فضالة، وصالح المري، وأبو عامر الخزاز، وغالب القطان، وآخرون. قال ابن سعد: كان ثقة ثبتاً كثيرا الحديث حجةً فقيهاً. قال سليمان التيمي: الحسن شيخ البصرة، وبكر المزني فتاها. وقال عبد الله بن بكر المزني: حدثتني أختي أنها سمعت أبانا يقول: عزمت على نفسي أن لآ أسمع قوماً يذكرون القدر إلا قمت فصليت ركعتين.

(7/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 34
وقال عبد الله بن بكر أيضاً: سمعت فلاناً يحدث عن أبي أنه كان واقفاً بعرفه فرق فقال: لولا أني فيهم لقلت: قد غفر لهم. أبو هلال، عن غالب، عن بكر أنه لما ذهب به للقضاء قال: إني سأخبرك عني أني لا علم لي والله بالقضاء، فإن كنت صادقاً فما ينبغي لك أن تستعملني، وإن كنتت كاذباً فيما ينبغي لك أن تستعمل كاذباً. حميد الطويل، عن بكر قال: إني لأرجو أن أعيش عيش الأغنياء وأموت موت الفقراء، فكان لذلك يلبس كسوته ثم يجيء إلى المساكين فيجلس معهم يحدثهم ويقول: إنهم يفرحون بذلك.) معتمر بن سليمان: سمعت أبي يذكر أن بكر بن عبد الله كان قيمة كسوته أربعة آلاف، وكانت أمه ذات ميسرةٍ، وكان لها زوجٌ كثير المال. عبيد الله بن عمرو التقي، عن كلثوم بن جوشن قال: اشترى بكر بن عبد الله طيلساناً بأربعمائة درهم، فأراد الخياط أن يقطعه، فذهب ليذر عليه تراباً، فقال له بكر: كما أنت، فأمر بكافورٍ فسحق، ثم ذره عليه. عمرو بن عاصم الكلابي: ثنا عتبة بن عبد الله العنبري: سمعت بكراً المزني يقول في دعائه: أصبحت لا أملك ما أرجو ولا أدفع عن نفسي ما أكره، أمري بيد غيري، ولا فقير أفقر مني.

(7/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 35
أبو الأشهب: سمعت بكر بن عبد الله يقول: اللهم ارزقنا رزقاً يزيد لك شكراً، وإليك فاقةً وفقراً، وبك عمن سواك غنى. مبارك بن فضالة قال: حضر الحسن جنازة بكر بن عبد الله على حمار، فرأى الناس يزدحمون فقال: ما يؤزرون أكثر مما يؤجرون، كان القوم ينظرون، فإن قدروا على عمل الجنازة أعقبوا إخوانهم. قال مؤمل بن إسماعيل: توفي بكر سنة ستٍ ومائة. وقال غير واحدٍ: سنة ثمانٍ ومائة، وأظنه أصح.
4 (بكر بن ماعز أبو حمزة الكوفي.)
روى عن: عبد الله بن يزيد الأنصاري، والربيع بن خيثم. وعنه: يونس بن أبي إسحاق السبيعي، ونسير بن ذعلوق، وسعد بن مسروق الكوفي، وغيرهم. وثقه يحيى بن معين.

(7/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 36
4 (حرف التاء)

4 (تبيع بن عامر الحميري ن ابن امرأة كعب الأحبار. نزل الشام.)
يقال إنه أسلم زمن الصديق. روى عن: أبي الدرداء، وكعب. وعنه: مجاهد، وعطاء، وأبو قبيل المصري، وحكيم بن عمير الحمصي، وحيان أبو النضر، وغيرهم. وكان يقال له تبيع صاحب الملاحم، قرأ الكتب ونظر في سير الأولين.) توفي سنة إحدى ومائة. يكنى أبا غطيف، قاله ابن يونس وإنه كلاعيٌ من ألهان. وكناه البخاري أبا عبيد.

(7/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 37
وكناه صاحب تاريخ حمص: أبا عبيدة، مات بالإسكندرية.
4 (تميم بن نذير أبو قتادة العدوي البصري.)
عن: عمر بن الخطاب، وعمران بن حصين، وعبادة بن الصامت. وعنه: حميد بن هلال، وإسحاق بن سويد. وثقة ابن معين.

(7/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 38
4 (حرف الثاء)

4 (ثمامة بن حزن م ت س القشيري البصري. مخضرمٌ قدم على عمر وله خمسٌ وثلاثون)
سنة. وثقه ابن معين. وروى عن: عمر، وعثمان، وأبي الدرداء، وعائشة، وغلط من قال له صحبة. روى عنه: الجريري، والأسود بن شيبان، والقاسم بن الفضل الحراني. وثقة ابن معين، وحديثه من أعلى شيءٍ في صحيح مسلم.

(7/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 39
4 (حرف الجيم)

4 (جابر بن زيد أبو الشعثاء، فقيه أهل البصرة، قد مر.)
وقال ابن سعد: توفي سنة ثلاثٍ ومائة.

(7/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 40
4 (جرير بن الخطفي)
وهو جرير بن عطية بن حذيفة بن بدر بن سلمة، أبو حزرة التميمي البصري الشاعر المشهور. مدح يزيد بن معاوية ومن بعده من الأمويين، وإليه المنتهى وإلى الفرزدق في حسن النظم. فعن أبي عبيدة، عن عثمان التيمي قال: رأيت جريراً وما يضم شفتيه من التسبيح، فقلت: ما ينفعك هذا وأنت تقذق المحصنات فقال: سبحان الله والحمد لله ولا الله لا الله والله أكبر. إن) الحسنات يذهبن السيئانت وعد من الله حقٌ. وعن بشار قال: كان جرير يحسن ضروباً من الشعر لا يحسنها الفرزدق. روى عن محمد بن سلام الجمحي عن يونس قال: كان الفرزدق يتضور

(7/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 41
ويجزع إذا أنشد لجرير، وكان جرير أصبرهما. قال بشار بن برد: أجمع أهل الشام على جرير والفرزدق والأخطل، والأخطل دونهما، وممن فضل جريراً على الفرزدق: ابن هرمة، وعبيدة بن هلال. قال يونس بن حبيب: قال الفرزدق لامرأته النوار: أنا أشعر أم ابن المراغة قالت: غلبك على حلوه وشكرك في مره. وقال محمد بن سلام: ذاكرت مروان بن أبي حفصة فقال:
(ذهب الفرزدق بالفخار وإنما .......... حلو القريض ومره لجرير)
هشام بن الكلبي، عن أبيه، أن أعرابياً مدح عبد الملك بن مروان فأحسن، فقال له عبد الملك: تعرف أهجي بيتٍ في الإسلام قال: نعم، قول جرير:
(فغض الطرف إنك من نميرٍ .......... فلا كعباً بلغت ولا كلاباً)
قال: أصبت، فهل تعرف أرق بيت قيل في الإسلام قال: نعم، قول جرير.
(إن العيون التي في طرفها مرض .......... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا)

(يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به .......... وهن أضعف خلق الله أركانا)
قال: أحسنت، فهل تعرف جريراً قال: لا والله وإني إلى رؤيته لمشتاق، قال: فهذا جرير، وهذا الأخطل، وهذا الفرزدق، فأنشأ الأعرابي يقول:

(7/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 42
(فحيا الإله أبا حزرةٍ .......... وأرغم أنفك يا أخطل)
فأنشأ الفرزدق يقول:
(بل أرغم الله آنفاً أنت حامله .......... يا ذا الخنا ومقال الزور والخطل)

(ما أنت بالحكم لترضى حكومته .......... ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل)
فغضب جرير وقال أبياتاً، ثم وثب فقبل رأس الأعرابي وقال: يا أمير المؤمنين جائزتي له وكانت كل سنة خمسة عشر ألفاً فقال عبد الملك: وله مثلها مني. قال نفطويه: حدثني عبد الله بن أحمد المزني أن جارية قالت للحجاج: يدخل عليك جرير) فيشبب بالحرم، قال: ما علمته إلا عفيفاً، قالت: فأخلني وإياه، فأخلاهما، فقالت: يا جرير، فنكس رأسه، وقال هأنذا، قالت: بالله أنشدني قولك:
(أوانس أما من أردن عناءه .......... فعانٍ ومن أطلقن فهو طليق)

(دعون الهوى ثم ارتمين قلوبنا .......... بأسهم أعداءٍ وهن صديق)
فقال: ما أعرف هذا ولكني القائل:
(ومن يأمن الحجاج أما نكاله .......... فصعبٌ وأما عهده فوثيق)

(يسر لك البغضاء كل منافقٍ .......... كما كل ذي دينٍ عليك شفيق)
ولجرير:

(7/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 43
(يا أم ناجية السلام عليكم .......... قبل الرحيل وقبل يوم المعدل)

(لو كنت أعلم أن آخر عهدكم .......... يوم الرحيل فعلت ما لم أفعل)
توفي جرير سنة عشرٍ ومائة بعد الفرزدق بشهر.
4 (جعفر بن عمرو بن حريث م د ن ق أبو عون المخزومي الكوفي.)
عن: أبيه وعن جده لأمه عدي بن حاتم. وعنه: مساور الوراق، وحجاج بن أرطأة، ومعن أبو القاسم المسعودي، وغيرهم. وهو جد المحدث جعفر بن عون العمري.
4 (جميع بن عمير أبو الأسود التيمي تيم الله بن ثعلبة، كوفي جليل.)
عن: عائشة: وابن عمر. وعنه: صدقة بن سعيد، وكثير النواء، وحكيم بن جبير، وأبو الجحاف دواو بن أبي عوف، والصلت بن بهرام، وآخرون. قال أبو حاتم: كوفيٌ من عتق الشيعة محله الصدق.

(7/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 44
وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال محمد بن عبد الله بن نمير: هو من أكذب الناس، كان يقول الكراكي تفرخ في السماء ولا تقع فراخها. وقال ابن حيان: رافضيٌ يضع الحديث.

(7/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 45
4 (حرف الحاء)
)
4 (الحارث بن مخمر أبو حبيب الظهراني الحمصي، ولي قضاء حمص وقضاء دمشق زمن)
الوليد. وروايته عن: عمر، وأبي الدرداء منقطعة، وسمع من النواس بن سمعان. وعنه: القاسم بن مخيمرة، وصفوان بن عمرو، وحريز بن عثمان. وثقه أحمد بن حنبل. وقال إسماعيل بن عياش، عن حريز بن عثمان، وعن الحارث بن مخمر، عن أبي الدرداء، قال: الإيمان ينقص ويزداد.

(7/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 46
4 (حبان بن رفيدة الكوفي عن الحسن، ومسروق.)
وعنه: أبو إسحاق، ابنه يونس بن أبي إسحاق، ويحيى الجابر. قال ابن معين ثقة.
4 (حبان بن جزيء السلمي ت ق عن أخيه خزيمة وأبيه ولهما صحبة وأبي هريرة.)
وعنه: عبد الكريم بن أبي المخارق، وعبد الله بن عثمان خثيم، وزينب بنت أبي طليق، وآخرون. له حديث عن الترمذي، وابن ماجه.
4 (حبيب بن سالم م كاتب النعمان بن بشير ومولاه.)
روى عن: أبي هريرة، والنعمان بن بشير.

(7/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 47
وعنه: خالد بن عرفطة، ومحمد بن المنتشر، وجماعة. وهو ثقة.
4 (حبيب بن الشهيد أبو مرزوق التجيبي، شيخ مصريٌ وليس بالبصري.)
وفد على عمر بن عبد العزيز وروى عنه، وعن حنش الصنعاني. وعنه: يزيد بن أبي حبيب، وجعفر بن ربيعة، وغير واحد. وثقه أحمد العجلي، وهو مشهور بالكنية، وكان ينزل بطرابلس المغرب، وكان فقهياً. قال ابن يونس: توفي سنة تسعٍ مائة.
4 (حبيب بن يسار ت ن الكندي الكوفي.)
عن: ابن عباس، وزيد بن أرقم، وعبد الله بن أبي أوفى.) وعنه: زكريا بن يحيى الكندي، وأبو الجارود زياد بن المنذر، ويوسف بن صهيب، وآخرون. وثقه ابن معين وغيره، وحديثه قليل.

(7/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 48
4 (الحسن البصري ع)
ابن أبي الحسن يسار، أبو سعيد مولى زيد بن ثابت، ويقال: مولى جميل بن قطبة، إمام أهل البصرة بل إمام أهل العصر، ولد بالمدينة سنة إحدى وعشرين من الهجرة في خلافة عمر، وكانت أمه خيرة مولاةً لأم سلمة، فكانت تذهب لأم سلمة في الحاجة وتشاغله أم سلمة بثديها، فربما در عليه، ثم نشأ بوادي القرى.

(7/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 49
وقد سمع عن عثمان وهو يخطب، وشهد يوم الدار، ورأى طلحة وعلياً. وروى عن: عمران بن حصين، والمغيرة بن شعبة، وعبد الرحمن بن سمرة، وأبي بكرة، والنعمان بن بشير، وجندب بن عبد الله، وسمرة بن جندب، وابن عباس، وابن عمر، وجابر، وعمرو بن ثعلب، وعبد الله بن عمرو، ومعقل بن يسار، وأبي هريرة، والأسود بن سريع، وأنس بن مالك، وخلق كثير من الصحابة وكبار التابعين كالأحنف بن قيس، وحطان الرقاشي، وقرأ عليه القرآن، وصار كاتباً في إمرة معاوية للربيع بن زياد متولي خراسان. روى عنه: أيوب، وثابت، ويونس بن عون، وحميد الطويل، وهشام بن حسان، وجرير بن حازم، ويزيد بن إبراهيم، ومبارك بن فضالة، والربيع بن صبيح، وأبان بن يزيد العطار، وأشعث بن سوار، وأشعث بن جابر، وأشعث بن عبد الملك، وأبو الأشهب العطاردي، وقرة بن خالد، وشبيب بن شيبة، وحزم القطعي، وسلام بن مسكين، وشميط بن عجلان، وأممٌ لا يحصون. قال غير واحد من الكبار: لم يسمع الحسن من أبي هريرة. وقال علي بن المديني: لم يسمع الحسن من أبي موسى الأشعري ولا من عمرو بن ثعلب ولا من الأسود بن سريع ولا من عمران ولا من أبي بكرة. قلت: وكان يدلس ويرسل ويحدث بالمعاني، ومناقبه كثيرةٌ ومحاسنه غزيرةٌ، كان رأساً في العلم والحديث، إماماً مجتهداً كثير الإطلاع، رأساً في

(7/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 50
القرآن وتفسيره، رأساً في الوعظ والتذكير، رأساً في الحلم والعبادة، رأساً في الزهد والصدق، رأساً في الفصاحة والبلاغة، رأساً في الأيد والشجاعة.) روى الأصمعي، عن أبيه قال: ما رأيت زنداً أعرض من زند الحسن البصري، كنا عرضه شبراً. وقال محمد بن عبد الله الأنصاري: أصل الحسن البصري من ميسان. وعن أبي بردة قال: ما رأيت أحداً أشبه بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الشيخ، يعني الحسن. وروى جرير بن حازم عن حميد بن هلال قال: قال لنا أبو قتادة العدوي: إلزموا هذا الشيخ فما رأيت أحداً أشبه بعمر رضي الله عنه منه، يعني الحسن. وعن أنس بن مالك قال: سلوا الحسن فإنه حفظ ونسينا. وقال مطر الوراق: لما ظهر الحسن جاء كأنما كان في الآخرة، فهو يخبر عما عاين. وروى ضمرة بن ربيعة، عن الإصبع بن زيد، حدثني العوام بن حوشب قال: ما أشبهه الحسن إلا بنبي أقام في قومه ستين عاماً يدعوهم إلى الله تعالى. وقال عيسى بن يونس، عن الفضيل أبي محمد: سمعت الحسن

(7/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 51
يقول: أنا يوم الدار ابن أربع عشرة سنةٍ جمعت القرآن، فأنظر إلى طلحة بن عبيد الله، وذكر قصةً. وقال غالب القطان، عن بكر المزني قال: من سره أن ينظر إلى أفقه من رأينا فلينظر إلى الحسن. مجالد، عن الشعبي قال: ما رأيت الذي كان أسود من الحسن. قال الحسن: احتملت سنة صفين. وعن أمه الحكم قالت: كان الحسن يجيء إلى حطان الرقاشي، فما رأيت شاباً قط كان أحسن وجهاً منه. غندر، عن شعبة قال: رأيت الحسن وعليه عمامةً سوداء. وقال سلام بن مسكين، رأيت على الحسن طيلساناً كأنما يجري فيه الماء. وخميصةً كأنها خز. وقال محمد بن سعد: ذكر عن الحسن أنه قال: كان أبواي لرجلٍ من التجار، فتزوج إمرأةً من بني سلمة من الأنصار، فساقهما إلى المرأة من مهرها فأعتقتهما، ويقال بل كانت أمه مولاةً لأم سلمة، فولد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر، قال: فيذكرون أن أمه ربما غابت فيبكي، فتعطيه أم سلمة ثديها تعلله به إلى أن تجيء أمه، فدر عليه ثديها فشربه، فيرون أن تلك الحكمة) والفصاحة من بركة ذلك. أبو داود الطيالسي، عن خالد بن عبد الرحمن بن بكير، ثنا الحسن قال: رأيت عثمان يخطب وأنا ابن خمس عشرة سنةٍ قائماً وقاعداً. معن بن عيسى القزاز: ثنا محمد بن عمرو، سمعت الحسن يقول: سمعت

(7/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 52
أبا هريرة يقول: الوضوء مما غيرت النار، قال الحسن: فلا أدعه أبداً. مسلم بن إبراهيم: ثنا هلال، سمعت الحسن يقول: كان موسى لا يغتسل إلا مستتراً، فقيل له: ممن سمعت هذا قال من أبي هريرة. مسلم بن إبراهيم: ثنا ربيعة بن كلثوم، سمعت الحسن يقول: ثنا أبو هريرة قال: عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً: الغسل يوم الجمعة، والوتر قبل النوم، وصيام ثلاثةٍ من كل شهر. وهيب، عن أيوب قال: لم يسمع الحسن من أبي هريرة، وقال مثله حماد، عن علي بن زيد. حماد بن سلمة، عن حميد قال: كان علم الحسن في صحيفةٍ مثل هذه، وعقد عفان بالإبهامين والسبابتين. حماد بن سلمة، عن يزيد بن الرشك قال: كان الحسن على القضاء. عمر بن أبي زائدة قال:: جئت بكتابٍ من قاضي الكوفة إلى إياس بن معاوية، فجئت وقد عزل واستقضي الحسن. قال ابن أبي عروبة: رأيت الحسن يصفر لحيته. وقال جرثومة مولى بلال بن أبي بردة: رأيت الحسن يصفر لحيته في كل جمعة.

(7/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 53
وقال أبو خلدة: رأيت الحسن يصفر لحيته. وقال عفان: ثنا حماد بن سلمة قال: رأيت على الحسن ثوباً سعيدياً مصلباً وعمامةً سوداء. أحمد بن عبد الله بن يونس، ثنا عيسى بن عبد الرحمن: رأيت الحسن البصري عليه عمامةٌ سوداء مرخيةً من ورائه، وعليه قميص وبردٌ صغير مرتدياً به. حماد بن سلمة، عن حميد ويونس بن عبيد قالا: قد رأينا الفقهاء، فما رأينا أجمع من الحسن. حماد بن زيد، عن أيوب قال: قيل لابن الأشعث: إن سرك أن يقتلوا حولك كما قتلوا حول عائشة فأخرج الحسن فأرسل إليه فأكرهه.) عفان: ثنا سليم بن أخضر: ثنا ابن عون قال: قالوا: لابن الأشعث: أخرج هذا الشيخ، يعني الحسن، قال ابن عون: فنظرت إليه بين الجسرين عليه عمامةٌ سوداء، فغفلوا عنه، فألقى نفسه في بعض تلك الأنهار حتى نجا منهم، وكاد يهلك يومئذ. سلام بن مسكين: ثنا سليمان بن علي الربعي قال: لما كانت فتنة ابن الأشعث، إذ قاتل الحجاج، انطلق عقبة بن عبد الغافر، وأبو الجوزاء، وعبد الله بن غالب في طائفةٍ فدخلوا على الحسن، فقالوا: يا أبا سعيد ما تقول في قتال هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام، وأخذ المال الحرام، وترك

(7/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 54
الصلاة وفعل وفعل؟ قال: أرى أن لا تقاتلوه فإنها إن تكن عقوبةً من الله، فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم، وإن يكن بلاءً فاصبروا حتى يحكم الله، فخرجوا وهم يقولون: نطرح هذا العلج، قال: وهم قومٌ عرب، وخرجوا مع ابن الأشعث فقتلوا. حماد بن زيد، عن أبي التياح، عن الحسن قال:: والله ما سلط الحجاج إلا عقوبة فلا تعترضوا عقوبة الله بالسيف، ولكن عليكم بالسكينة والتضرع. روح بن عبادة: ثنا حجاج الأسود قال: تمنى رجلٌ فقال ليتني بزهد الحسن، وورع ابن سيرين، وعبادة عامر بن عبد قيس، وفقه سعيد بن المسيب، وذكر مطرفاً بشيءٍ، فنظروا فوجدوا ذلك كاملاً كله في الحسن. روح بن عبادة: ثنا حجاج الأسود قال: تمنى رجلٌ فقال: ليتني بزهد الحسن، وورع ابن سيرين، وعبادة عامر بن عبد قيس، وفقه سعيد بن المسيب، وذكر مطرفاً بشيءٍ، فنظروا فوجدوا ذلك كاملاً كله في الحسن. روحٌ: ثنا حماد بن سلمة، عن الجريري، أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قال للحسن: أرأيت ما تفتي الناس، أشيئاً سمعته أم برأيك فقال: لا والله ما كل ما نفتي به سمعناه، ولكن رأينا لهم خيرٌ من رأيهم لأنفسهم. قال يزيد بن إبراهيم التستري: رأيت الحسن يرفع يديه في قصصه في الدعاء بظهر كفيه. وقال حماد بن سلمة عن حميد: كان الحسن يشتري كل يومٍ لحماً بنصف درهمٍ.

(7/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 55
وقال سلام بن مسكين: سمعت الحسن يقول: أهينوا هذه الدنيا، فوالله لأهنا ما تكون إذا أهنتموها. وقال حماد بن زيد، عن هشام، أن عطاء سئل عن شيءٍ فقال: لا أدري فقيل: إن الحسن يقول:) كذا وكذا، قال: إنه والله ليس بين جنبي مثل قلب الحسن. وقال حماد، عن حميد، عن الحسن قال: ابن آدم لم تكن فكونت، وسألت فأعطيت، وسئلت فمنعت، فبئس ما صنعت. قال سليمان بن المغيرة: ثنا يونس أن الحسن أخذ عطاءه فجعل يقسمه، فذكر أهله حاجةً، فقال: دونكم بقية العطاء، أما إنه لا خير فيه إن لم يصنع به هكذا. وقال حماد، عن حميد، عن الحسن قال: كثرة الضحك مما يميت القلب. قال أبو حرة: وكان الحسن لا يأخذ على قضائه. وقال يعقوب الحضرمي: ثنا عقبة بن خالد العبدي: سمعت الحسن يقول: ذهب الناس والنسناس، نسمع صوتاً ولا نرى أنيساً. وقال يزيد بن هارون: أنبأ هشام قال: بعث مسملة بن عبد الملك إلى الحسن بجبةٍ وخميصة فقبلهما، فربما رأيته وقد سدل الخميصة على الجبة. وقال وهب بن جرير: ثنا أبي: رأيت الحسن يصلي وعليه خميصةٌ

(7/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 56
كثيرة الأعلام، فلا يخرج يده منها إذا سجد. وقال حماد، عن حميد قال: لم يحج الحسن إلا حجتين. وقال همام، عن قتادة قال: كنا نصلي مع الحسن على البوادي، وكان الحسن يحلق رأسه كل عام يوم النحر. وقال حجاج بن نصير: ثنا عمارة بن مهران قال: كنت عند الحسن فدخل علينا فرقد وهو يأكل خبيصاً فقال: تعال فكل، فقال: أخاف أن لا أؤدي شكره، قال الحسن: ويحك وتؤدي شكر الماء البارد. قال حجاج، وثنا عمارة: حدثني الحسن أنه كان يكره الأصوات بالقرآن هذا التطريب. وروى ابن عيينة، عن أيوب السختياني، قال: لو رأيت الحسن لقلت إنك لم تجالس فقيهاً قط. وعن الأعمش قال: ما زال الحسن يعي الحكمة حتى نطق بها وقيل: كان الحسن إذا ذكر عند أبي حعفر الباقر قال: ذاك الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء. وعن صالح المري، عن الحسن قال: ابن آدم إنما أنت أيامٌ كلما ذهب يومٌ ذهب بعضك. وقال مبارك بن فضالة: سمعت الحسن يقول: فضح الموت الدنيا فلم يترك فيها لذي لب فرحاً.)

(7/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 57
قال قتادة: ما جمعت علم الحسن إلى علم أحدٍ إلا وجدت له عليه فضلاً، غير أنه كان إذا أشكل عليه شيءٌ كتب فيه إلى سعيد بن المسيب يسأله. وقال أيوب السختياني: كان الرجل يجلس إلى الحسن ثلاث حججٍ ما يسأله عن مسألة هيبةً له. وقال معاذ بن معاذ: قلت لأشعث: قد لقيت عطاء وعندك مسائل، أفلا سألته قال: ما لقيت أحداً، يعني بعد الحسن، إلا صغر في عيني. وقال محمد بن سلام الجمحي، عن همام، عن قتادة قال: يقال: ما خلت الأرض قط من سبعة رهطٍ بهم يسقون وبهم يدفع عنهم، وإني أرجو أن يكون الحسن أحد السبعة. وقال قتادة: ما كان أحدٌ أكمل مروءةً من الحسن. وقال يونس بن عبيد: لم أر أقرب قولاً من فعلٍ من الحسن. وقال أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: اختلفت إلى الحسن عشر سنين، فليس من يومٍ إلا أسمع منه ما لم أسمع قبل ذلك. روى حوشب، عن الحسن قال: يا ابن آدم والله إن قرأت القرآن ثم آمنت به ليطولن في الدنيا حزنك وليشتدن خوفك وليكثرن بكاؤك. قال إبراهيم بن عيسى اليشكري: ما رأيت أحداً أطول حزناً من الحسن، وما رأيته إلا حسبته حديث عهدٍ بمصيبة.

(7/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 58
وقال سفيان الثوري، عن عمران القصير قال: سألت الحسن عن شيءٍ فقلت: إن الفقهاء يقولون كذا وكذا، فقال: وهل رأيت فقيهاً بعينك، إنما الفقيه الزاهد في الدنيا البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه. وقال عبد الصمد بن عبد الوارث: ثنا محمد بن ذكوان، ثنا خالد بن صفوان قال: لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال: أخبرني عن حسن أهل البصرة قلت: أصلح الله الأمير، أخبرك عنه بعلم أما جاره إلى جنبه وجليسه في مجلسه، أشبه الناس سريرةً بعلانية وأشبه قولاً بفعلٍ، إن قعد على أمرٍ قام به، وإن قام على أمرٍ قعد به، وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به، وإن نهى عن شيءٍ كان أترك الناس له، رأيته مستغنياً عن الناس، ورأيت الناس محتاجين إليه، قال: حسبك با خالد، كيف يضلٌ قومٌ هذا فيهم. قال جعفر بن سليمان: سمعت هشام بن حسان، سمعت الحسن يحلف بالله ما أعز أحدٌ الدرهم) إلا ذل. وقال حزم بن أبي حزم: سمعت الحسن يقول: بئس الرفيقان: الدرهم والدينار لا ينفعانك حتى يفارقانك. قال أبو داود السجستاني في كتاب سؤالات الآجري له: كان الحسن يكون بخراسان، وكان يرافق مثل قطري بن الفجاءة، والمهلب بن أبي صفرة، كان من الشجعان. قال هشام بن حسان: كان الحسن أشجع أهل زمانه. وقال أبو عمرو بن العلاء: ما رأيت أفصح من الحسن.

(7/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 59
وقال جعفر بن سليمان: كان الحسن البصري من أشد الناس، وكان المهلب إذا قاتل المشركين يقدمه. وقال حماد بن زيد، عن ابن عون قال: لما ولي الحسن القضاء كلمني رجلٌ أن أكلمه في مال يتيمٍ يدفع إليه ويضمه قال: فكلمته، فقال: أتعرفه قلت: نعم، فدفعه إليه. قال سعيد بن أبي عروبة: كلمت مطراً الوراق في بيع المصاحف، فقال: خذ: كان حبرا الأمة أو قال فقيها الأمة لا يريان به بأساً: الحسن والشعبي. وقال عبد الله بن شوذب، عن مطر قال: دخلنا على الحسن نعوده فما كان في البيت شيء لا فراشٌ ولا بساطٌ ولا حصير إلا سريرٌ مرمولٌ هو عليه.
4 (ذكر غلط من نسبه إلى القدر)
قال حماد بن زيد، عن أيوب قال: لا أعلم أحداً يستطيع أن يعيب الحسن إلا به يعني القدر أنا نازلته في القدر غير مرةٍ حتى خوفته السلطان فقال: لا أعود فيه بعد اليوم، وقد أدركت الحسن والله ما يقوله. وقال أبو سلمة التبوذكي: ثنا أبو هلال، سمعت حميداً، وأيوب يقولان، فسمعت حميداً يقول لأيوب: لوددت أنه قسم علينا غرمٌ، وأن الحسن لم يتكلم بالذي تكلم به.

(7/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 60
وقال حماد بن زيد أيضاً، عن أيوب قال: كذب على الحسن ضربان من الناس: قومٌ القدر رأيهم لينفقوه بين الناس بالحسن، وقومٌ في صدورهم شنآنٌ وبغضٌ للحسن، وأنا نازلته غير مرةٍ في القدر حتى خوفته بالسلطان، فقال: لا أعود. وقال حماد بن سلمة، عن حميد: سمعت الحسن يقول: الله خلق الشيطان وخلق الخير والشر.) وقال سليمان بن حرب: ثنا أبو الأشهب، عن الحسن: وحيل بينهم وبين ما يشتهون. قال حيل بينهم وبين الإيمان. قال حماد بن سلمة، عن حميد قال: قرأت القرآن، كله على الحسن، ففسره لي أجمع على الإثبات، وسألته عن قوله تعالى: كذلك سلكناه في قلوب المجرمين. قال: الشرك سلكه الله في قلوبهم. وسألته عن قوله: ولهم أعمالٌ من دون ذلك. قال: أعمالٌ سيعملونها لم يعملوها. وقال حماد بن زيد، وعن خالد الحذاء قال: سأل رجلٌ الحسن فقال: ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك. قال: أهل رحمته لا يختلفون: ولذلك خلقهم. فخلق هؤلاء لجنته وهؤلاء لناره. قال خالد الحذاء: فقلت: يا أبا سعيد آدم خلق للسماء أم للأرض قال: للأرض خلق. قلت: أرأيت لو اعتصم فلم يأكل من الشجرة، قال: لم يكن بدٌ من أن يأكل منها،

(7/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 61
فقلت: ما أنتم عليه بفاتنين، إلا من هو صال الجحيم. قال: نعم، الشياطين، لا يضلون إلا من أحب الله له أن يصلي الجحيم. قال سليمان بن حرب: ثنا أبو هلال قال: دخلت على الحسن يوم جمعةٍ ولم يكن جمع، فقلت: يا أبا سعيد أما جمعت قال: أردت ذاك ولكن منعني قضاء الله. قال سليمان، وثنا حماد، عن حبيب بن الشهيد، ومنصور بن زاذان، قالا: سألنا الحسن عن ما بين الحمد لله رب العالمين، إلى قل أعوذ برب الناس. ففسره على الإثبات. قلت: على إثبات أن الأقدار لله. وقال ضمرة بن ربيعة، عن رجاء، عن ابن عون، عن الحسن قال: من كذب بالقدر فقد كفر. قال ابن عون: قيل لمحمد بن سيرين في الحسن وما كان ينحل إليه أهل القدر فقال: كانوا يأتون الشيخ بكلام مجملٍ لو فسره لهم لساءهم. قال أبو سعيد بن الأعرابي في كتاب طبقات النساك: كان يجلس إلى الحسن طائفةٌ من هؤلاء، وكان هو يتكلم في الخصوص حتى نسبته القدرية إلى الجبر، وتكلم في الاكتساب حتى نسبته السنة إلى القدر، كل ذلك لافتتانه وتفاوت الناس عنده، وتفاوتهم في الأخذ عنه، وهو بريء من

(7/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 62
القدر، ومن كل بدعةٍ، فلما توفي تكشفت أصاحبه وبانت سرائرهم وما كانوا يتوهمونه من قوله بدلائل يلزمونه بها لا نصاً من قوله، فأما عمرو بن عبيد فأظهر القدر. وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن الحسن، قال: الخير بقدرٍ والشر ليس بقدر، هكذا) رواه أحمد بن علي على الأبار في تاريخه، قال: ثنا مؤمل بن إهاب، ثنا عبد الرزاق قلت: هذه هي الكلمة التي قالها الحسن ثم أفاق على نفسه ورجع عنه وتاب منها. وقال ابن الأعرابي أيضاً: كان عامة نساك البصرة يأتونه ويسمعون كلامه، وكان عمرو بن عبيد، وعبد الواحد بن زيد من الملازمين له، وكان للحسن مجلسٌ خاصٌ في منزله، لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن، فإن سأله إنسانٌ غيرها تبرم به، وقال: إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر، فأما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث، والفقه، وعلوم القرآن، واللغة، وسائر العلوم، وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب، وكان منهم من يصحبه للحديث، ومنهم من يصحبه للقرآن والبيان، ومنهم من يصحبه للبلاغة، ومنهم من يصحبه للإخلاص وعلم الخصوص. قال أبو زرعة الرازي: كل شيءٍ قال الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت له أصلاً ثابتاً ما خلا أربعة أحاديث. وقال ابن سعد: كان الحسن جامعاً عالماً رفيعاً حجةً ثقةً عابداً كثير العلم فصيحاً جميلاً وسيماً، وما أرسله فليس بحجة. قال ابن علية: توفي الحسن في رجب سنة عشر ومائة. وقال عارم: ثنا حماد بن زيد قال: مات الحسن ليلة الجمعة، وغسله

(7/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 63
أيوب، وحميد، وأخرج حين انصرف الناس، وذهب بي أبي معه. وقيل: توفي في أول رجب، فصلوا عليه عقيب الجمعة وازدحموا عليه، حتى أن صلاة العصر لم تقم في جامع البصرة.
4 (الحسن بن مسلم سوى ت بن يناق المكي، كهلٌ ثقة، توفي في حياة والده.)
حدث عن: صفية بنت شيبة، وطاووس، ومجاهد. وعنه: سليمان التيمي، وإبراهيم بن نافع، وعمرة بن مرة، وابن جريج. وثقه يحيى بن معين. وقال ابن المديني: كان من أعلى أصحاب طاوس، ومات قبل طاوس وكان يحدث عن طاوس بحضرته، وقد بقي أبوه حتى سمع منه شعبة.
4 (الحصين بن مالك بن الخشخاش، أبو القلوص العنبري البصري، جد قاضي البصرة عبيد الله)
) بن الحسن. روى عن: أبيه، وجده ولهما صحبة وعمران بن حصين، وسمرة.

(7/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 64
وعنه: ابنه الحسن، وعبد الملك بن عمير، ويونس بن عبيد. وهو الحصين بن أبي الحر، وقيل إنه كبير السن، ولي عمالة ميسان لعمر بن الخطاب، وامتدت حياته، ويقال: مات في سجن الحجاج.
4 (حطان بن خفاف الجرمي أبو الجويرية، وهو بكنيته أشهر.)
روى عن: ابن عباس. وعنه: عاصم بن كليب. وثقه أحمد بن حنبل.
4 (حفصة بنت سيرين ع أم الهذيل البصرية.)
روت عن: أم عطية، وأم الرائح الرباب، وأنس بن مالك مولاها من أعلى، وأبي العالية. وعنها: أخوها محمد بن سيرين، وقتادة، وابن عون، وخالد الحذاء، وهشام بن حسان، وغيرهم. وعن إياس بن معاوية قال: ما أدركت أحداً أفضله على حفصة بنت

(7/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 65
سيرين، قرأت القرآن ولها اثنتا عشرة سنة، وعاشت سبعين سنة، فذكروا له الحسن وابن سيرين فقال: أما أنا فلا أفضل عليها أحداً. وقال مهدي بن ميمون: مكثت حفصة ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا قائلةً أو لأجل حاجة. قلت: كانت عديمة النظير في نساء وقتها، فقيهةً صادقةً فاضلةً كبيرة القدر، توفيت بعد المائة.
4 (الحكم بن عبد الله البصري م د ت ن الأعرج.)
روى عن: عمران بن حصين، وأبي هريرة، وابن عباس، ومعقل بن يسار. وعنه: ابن أخيه، أبو خشينة حاجب بن عمرو، وينس بن عبيد، وخالد الحذاء، والجريري، وآخرون. قال أحمد بن حنبل: ثقة.
4 (الحكم بن عبدل الأسدي الشاعر)
شاعرٌ مفلقٌ خبيث الهجاء، مدح الكبار، ووفد من الكوفة على عمر بن هبيرة بواسط. وشعره) سائرٌ مذكور في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، ما عندي الآن من شعره ما أورده.

(7/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 66
4 (الحكم بن مينا الأنصاري م ن ق رأى بلالاً رضي الله عنه يتوضأ بدمشق.)
وروى عن: أبي هريرة، وابن عباس. وعنه: سعد بن إبراهيم، والضحاك بن عثمان الحزامي، وأبو سلام ممطور، وحجاج بن أرطأة، وابنه شبيب بن الحكم. وثقه أبو زرعة.
4 (حكيم بن أبي حرة خ ق الأسلمي المدني.)
عن: ابن عمر، وسنان بن سنة. وعنه: ابن أخيه محمد بن عبد الله بن أبي حرة، وموسى بن عقبة، وعبيد الله بن عمر. وثقه أبو حاتم، وابن حبان.
4 (حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف الأنصاري الأوسي المدني.)
عن: ابن عمهم أبي أمامة بن سهل، ومسعود بن الحكم الزرقي،

(7/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 67
ونافع بن جبير. وعنه: أخوه عثمان، وعبد الرحمن بن الحارث بن عياش، ومحمد بن إسحاق. وثقه ابن حبان.
4 (حكيم بن عمير د ق بن الأحوص الحمصيّ.)
عن: العرباض بن سارية، وعتبة بن عبد، وجابر بن عبد الله، وأرسل عن عمر وغيره من كبار الصحابة. روى عنه: ابنه الأحوص بن حكيم، وأرطأة بن المنذر، وأبو بكر بن أبي مريم، ومعاوية بن صالح، وآخرون. قال أبو حاتم: لا بأس به. وقال صفوان بن عمرو: رأيت في جبهته أثر السجود رحمه الله.
4 (حكيم بن معاوية بن حيدة القشيريّ البصريّ، أبو بهز.)
روى عن: أبيه رضي الله عنه. وعنه: بنوه بهز، وسعيد، ومهران، وسعيد والجريري، وأبو قزعة سويد بن حجير.

(7/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 68
قال النّسائيّ وغيره: ليس به بأس، خرّج له أصحاب السّنن، وعلّق له البخاريّ في صحيحه.)
4 (حمّاد الأسدي الكوفي)
عن: عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس. وعنه: أبو العميس، وعبد الرحمن، وعيسى بن عبد الرحمن السّلميّ، وهو مقلّ.
4 (حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ع العدوي المدني.)
عن: أبيه، وعمّته حفصة، وعائشة أمّي المؤمنين. وعنه: الزّهريّ، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، موسى بن عقبة، وآخرون. وكان من ثقات التّابعين وفقهائهم، وسالم أجل منه.
4 (حمزة بن أبي أسيد مالك بن ربيعة السّاعديّ المدني.)
روى عن: أبيه، والحارث الصّدائيّ.

(7/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 69
وعنه: ابنه مالك، والزّهريّ، ومحمد بن عمرو، وعبد الرحمن بن الغسيل، وغيرهم. قال: الهيثم: توفي في أيام الوليد، وقيل: تأخّر.
4 (حميد بن عقبة أبو سنان الدمشقيّ.)
روى عن: أبي الدّرداء، وابن عمر. وعنه: يحيى بن أبي عمرو السّيبانيّ، والوليد بن سليمان بن أبي السّائب وأبو بكر بن أبي مريم. عداده في أهل فلسطين، وله حديثان.
4 (حميد بن مالك بن خثمّ، مدنيّ.)
عن: سعد، وأبي هريرة. وعنه: بكير بن الأشج، ومحمد بن عمرو بن حلحلة. له في الموطّأ وفي أدب البخاري حديث، وثّقه النّسائيّ.
4 (حوّط بن عبد الله بن رافع العبديّ عن: ابن مسعود وأراه منقطعاً وعن: تميم بن سلمة،)
وأبي الشّعثاء. وعنه: الأعمش، ومسعر، والصّلت بن بهرام.

(7/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 70
وثّقه ابن معين ولم يخرّجوا له.
4 (حيّان بن عمير م د ن الجريري البصري.)
عن: سمرة بن جندب، وابن عبّاس، وعبد الرحمن بن سمرة، وغيرهم.) وعنه: قتادة، والجريري، وسليمان التّيمي، وعوف بن أبي جميلة. له حديثٌ واحدٌ في الكتب، حديث الكسوف.

(7/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 71
4 (حرف الخاء)

4 (خالد بن معدان ع)
ابن أبي كرب، أبو عبد الله الكلاعيّ الحمصيّ. عن: ثوبان، ومعاوية، وأبي أمامة، وجبير بن نفير، وكثير بن مرّة، والمقدام بن معد يكرب، وطائفة.

(7/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 72
وعنه: بحير بن سعد، وثور بن يزيد، وجرير بن عثمان، وصفوان بن عمرو، وبنتة عبدة ابنة خالد، وآخرون. قال صفوان: سمعته يقول: لقيت سبعين صحابيّاً. قال أحمد بن حنبل: أمّا خالد بن معدان فلم يسمع من أبي الدّرداء. وقال أبو حاتم: لم يصحّ سماعه من عبادة بن الصّامت، فخالد بن معدان عن أبي هريرة متّصلٌ قد أدركه. وقال بحير بن سعد: ما رأيت أحداً ألزم للعلم منه، وكان علمه في مصحفٍ له أزرار وعرى. وعن حبيب بن صالح قال: ما خفنا أحداً من النّاس ما خفنا خالد بن معدان. وقال صفوان بن عمرو: رأيت خالد بن معدان إذا عظمت حلقته قام كراهية الشّهرة. وقال سفيان الثّوري: كا أقدّم على خالد بن معدان أحداً. وعن خالد بن معدان وكان من سادة التّابعين قال: لو كان للموت غاية تعرف ما سبقني أحدٌ إليه، إلا بفضل قوّة. وروي أنّه كان يسبّح في اليوم أربعين ألف تسبيحة. وبلغنا أنّه مات صائماً، رحمه الله. قال الهيثم بن عديّ، والمدائنيّ: توفي خالد بن معدان سنة ثلاثٍ ومائة.

(7/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 73
وقال جماعة من الحمصيّين: توفّي سنة أربعٍ، وثّقه العجليّ، والنّسائيّ. وكان كثير الجهاد.
4 (خليد بن عبد الله العصري أبو سليمان البصري.)
عن: أبي ذرّ، وأبي الدّرداء.) وعنه: قتادة، وأبو الأشهب العطاردي. وكأنّه قد تقدّم، فعن محمد بن واسع، قال: كان خليد العصريّ يصوم الدّهر. وقال عمر بن شهاب، عن قتادة، عن خليد قال: ألا إنّ كلّ حبيب يحبّ أن يلقى حبيبه فأحبّوا الله وسيروا إليه.

(7/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 74
4 (حرف الدال)

4 (داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود الثّقفيّ الطّائفيّ ثم المكّي.)
روى عن: ابن عمر، وسعيد بن المسيّب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن. وعنه قتادة، وابن جريج، وقيس بن سعد، وآخرون. وثّقه أبو زرعة وغيره. علّق له البخاري في صحيحه.
4 (دينار أبو عبد الله القرّاظ م ن مدنيٌّ جليل.)
روى عن: سعد بن أبي وقّاص، وأبي هريرة. وعنه: عمر بن نبيه الكعبيّ، ومحمد بن عمرو، وموسى بن عبيدة، وأسامة بن زيد اللّيثي، وآخرون.

(7/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 75
وكان ذال صلاح ووقار وفضل.
4 (دينار عقيصا أبو سعيد.)
عن: عليٍّ رضي الله عنه. وعنه: الأعمش، ومحمد بن جحادة، وفطر بن خليفة، وغيرهم. قال ابن معين: ليس بشيء.

(7/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 76
4 (حرف الذال)

4 (ذفيف مولى ابن عباس)
عن: ابن عبّاس. وعنه: حميد الأعرج المكّي وحده. توفّي سنة تسع ومائة، وله حديثٌ أو حديثان. ذكوان هو أبو صالح السّمّان، يأتي في الكنى.)
4 (ديّال بن حرملة الأسدي)
عن: ابن عمر، وجابر. وعنه: حجّاج بن أرطأة، وحصين بن عبد الرحمن وآخرون.

(7/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 77
4 (حرف الراء)

4 (راشد بن سعد الحمصيّ يقال فيها وقيل سنة ثلاث عشرة.)

4 (الرّاعي الشاعر المشهور)
هو أبو جندل عبيد بن حصين النّميريّ الذي هجاه جرير، حيث يقول:

(7/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 78
(فغضّ الطّرف إنّك من نميرٍ .......... فلا كعباً بلغت ولا كلابا)
ولقّب بالرّاعي لكثرة وصفه للإبل في نظمه، وفد على عبد الملك بن مروان، وللرّاعي ترجمة في تاريخ دمشق. قال محمد بن سلاّم الجمحيّ: ولقد هجا الرّاعي فأوجع، وهو القائل في ابن الرّقاع العامليّ الشّاعر:
(لو كنت من أحد يهجى هجوتكم .......... يابن الرّقاع ولكن لست من أحدٍ)

(تأبى قضاعة أن يعزى لكم نسباً .......... وابنا نزارٍ فأنتم بيضة البلد)
وأوّل قصيدة جرير التي هجاه بها:
(أقلّي اللّؤم عاذل والعتابا .......... وقولي إن أصبت لقد أصابا)

(إذا غضبت عليّ بنو تميمٍ .......... حسبت النّاس كلّهم غضابا)

(ألم تر أنّ كلب بني كليبٍ .......... أراد حياض دجلة ثم هابا)

(7/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 79
4 (ربعيّ بن حراش ع)
ابن جحش بن عمرو الغطفاني ثم العبسي الكوفي، أحد كبار التّابعين المعمّرين، وهو أخو الرجل الصّالح مسعود بن حراش الذي تكلّم بعد الموت. سمع: عمر بن الخطّاب بالجابية وعليّاً، وحذيفة، وأبا موسى، وأبا مسعود البدريّ، وأبا بكرة الثّقفي، وجماعة. وعنه: أبو مالك الأشجعيّ، ومنصور، وعبد الملك بن عمير، وحصين بن عبد الرحمن، وآخرون.) قال عمران بن عيينة: ثنا عبد الملك بن عمير، عن ربعيّ قال: خطبنا عمر بالجابية. وعن الكلبيّ قال: وكتب النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى حراش بن جحش فمزّق كتابه. وقال محمد بن عليّ السّمليّ: رأيت ربعيّ بن حراشٍ ومرّ بعشّار ومعه مالٌ، فوضعه على قربوس سرجه ثم غطّاه ومرّ.

(7/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 80
وقال الأصمعيّ: أتى رجلٌ الحجّاج فقال: إنّ ربعيّ بن حراش زعموا لا يكذب، وقد قدم ابناه عاصيين، فبعث إليه الحجّاج فقال: ما فعل ابناك قال: هما في البيت والله المستعان، فقال له الحجّاج: هما لك. وأعجبه صدقه. رواه الثّوريّ، عن منصور، فزاد: قالوا من ذكرت يا أبا سفيان قال: ذكرت ربعيّاً وتدرون من ربعيّ كان ربعيّ من أشجع، زعم قومه أنّه لم يكذب قطّ. قال عبد الرحمن بن حراش: ربعيّ بن حراش صدوق. وقال العجليّ: ثقة وقال البرجلانيّ: ثنا محمد بن جعفر بن عون، أخبرني بكربن محمد العابد، عن الحارث الغنويّ قال: آلي ربعيّ بن حراش ألاّ تفترّ أسنانه ضاحكاً حتى يعلم أين مصيره، قال الحارث فأخبر غاسله أنّه لم يزل مبتسماً على سريره ونحن نغسّله، حتى فرغنا منه. قال عليّ بن المديني: بنو حراش ثلاثة: ربعيّ، وربيع، ومسعود. قال هارون بن حاتم: ثنا أصحابنا أنّ ربعيّاً توفّي سسنة إحدى وثمانين. وقال خليفة: توفّي بعد الجماجم، سنة أثنتين وثمانين. وقال أبو بكر بن أبي شيبة، وابن المديني وغيرهما: توفّي في خلافة عمر بن عبد العزيز. وقال ابن نمير: توفّي سنة إحدى ومائة، وقال أبو عبيد سنة مائة، وقال ابن معين: سنة أربع ومائة.

(7/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 81
4 (رزيق بن حبّان م أبو المقدام الفزاريّ، مولاهم كاتب ديوان العشر بدمشق.)
روى عن: مسلم بن قرظة، وعمر بن عبد العزيز. وعنه: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وأخوه يزيد بن يزيد، ويحيى بن حمزة، فتحرّر وفاة هذا الشيخ، ورواية يحيى عنه. قال يحيي: إنّما كتب العلم في أوّل دولة بني العبّاس. وورد أنّه ولّي ديوان العشر بمصر للوليد) بن عبد الملك. قال أبو زرعة الدمشقي: توفّي في إمارة يزيد بن عبد الملك بأرض الروم من سهم أصابه في الغزاة. وقال عبو عبد الله بن مندة: توفّي سنة خمسٍ ومائة.

(7/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 82
4 (حرف الزاي)

4 (زهير بن سالم د ق العنسيّ بالنون أبوالمخارق.)
عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وغيره، وعن عبد الرحمن بن جبير بن نفير. وعنه: أبو وهب عبيد الله بن عبيد الكلاعيّ، وثور بن يزيد، وصفوان بن عمرو. وثّقه ابن حبّان، وهو مقلّ.

(7/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 83
4 (زياد الأعجم د ن ق)
وهو زياد بن سليم، أبو أمامة مولى عبد القيس، كانت في لسانه عجمهٌ، وقد شهد فتح إصطخر مع أبي موسى الأشعري، وطال عمره. وحدّث عن: أبي موسى وعبد الله بن عمرو. وعنه: طاوس، وهشام بن قحذم، وأخوه المحبّر بن قحذم، وغيرهم. وله وفادةٌ على هشام بن عبد الملك، وهو أحد فحول الشعراء، إمتدح عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وغيره، وله في المغيرة مدائح، وهو القائل يرثي المهلّب بن أبي صفرة بأبيات سائرة، منها.
(مات المهلّب بعد طول تعرّضٍ .......... للموت بين أسنّةٍ وصفائح)

(فإذا مررت بقبره فاعقر به .......... كوم الهجان وكلّ طرفٍ سابح.)

(7/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 84
(وانضح جوانب قبره بدمائها .......... فلقد يكون أخا دمٍ وذبائح.)

4 (زياد بن جبير ع بن حيّة الثقفيّ البصريّ.)
عن: أبيه، وسعد بن أبي وقّاص، والمغيرة بن شعبة، وعبد الله بن عمر. وعنه: ابنا أخيه سعيد، ومغيرة ابنا عبيد الله بن جبير، ويونس بن عبيد، وابن عون، والمبارك بن فضالة. وثّقه النّسائيّ وغيره.)
4 (زياد بن الحصين م ن ق بن قيس الحنظليّ البصري.)
عن: ابن عباس، وابن عمر، وأبي العالية. وعنه: الأعمش، وعاصم الأحول، وعوف الأعرابيّ، فوطر بن خليفة، وآخرون. وقيل: لم يلق ابن عبّاس، كناه بعضهم أبا جهمة.

(7/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 85
قال أبو حاتم: أبو جهمة، عن ابن عبّاس مرسل. وقال أحمد العجليّ: ثقة.
4 (زيد بن الحسن)
ابن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب الهاشميّ، والد أمير المدينة الحسن بن زيد. سمع: أباه، ابن عبّاس. وعنه: ابنه حسن والد السيدة نفيسة ويزيد بن عياض بن جعدبة، وعبد الرحمن بن أبي الموال، وأبو معشر السّندي. ذكره ابن حبّان في الثقات. وقد كان عمر بن عبد العزيز كتب في حقّه: أمّا بعد، فإن زيد بن الحسن شريف بني هاشم، فأدّوا إليه صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعنه يا هذا على ما استعانك عليه. ولزيد وفادةٌ على عبد الملك. قال أبو معشر نجيح: رأيته أتى الجمعة من ثمانية أميالٍ إلى المدينة. وقيل: كان النّاس يعجبون من عظم خلقته.

(7/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 86
وقد كان سليمان بن عبد الملك عزله عن صدقات آل عليّ عليه السلام. مات بالبطحاء على ستّة أميالٍ من المدينة وشيّعه الخلق، وكان جواداً ممدّحاً، عاش سبعين سنة، وقلّما روى. قال عبد الله بن وهب: حدّثني يعقوب قال: بلغني أنّ الوليد كتب إلى زيد بن الحسن يسأله أن يبايع لابنه، ويخلع سليمان بن عبد الملك من ولاية العهد، ففرّق زيد، وأجاب الوليد، فلمّا استخلف سليمان، وجد كتاب زيد بذلك إلى الوليد، فكتب سليمان إلى أبي بكر بن حزم، وهو أمير المدينة: أدع زيداً فأقرئه هذا الكتاب، فإن عرفه فاكتب إليّ، وإن هو نكل فحلّفه، قال: فخاف الله واعترف، وبذلك أشار عليه القاسم، فكتب بذلك ابن حزم، فكان جواب سليمان أن) اضربه مائة سوطٍ ودرّعه عباءةً ومشّه حافياً، قال: فحبس عمر بن عبد العزيز الرسول في عسكر سليمان، وقال حتى أكلّم أمير المؤمنين فيما كتب به، ومرض سليمان، ثم مات، فحرّق عمر الكتاب. وللشّعراء في زيدٍ مدائح.
4 (زيد بن علي أبو القموص العبدي البصري.)

(7/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 87
روى عن: طلحة بن عبيد الله، وقيس بن النّعمان، وابن عبّاس، والجارود بن المعلّى العبدي. وعنه: قتادة، وعوف الأعرابيّ، وغيرهما.

(7/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 88
4 (حرف السين)

4 (سالم بن أبي سالم الجيشاني م د ن واسم سفيان بن هانيء المصري.)
روى عن: أبيه، وعبد الله بن عمرو. عنه: ابنه عبد الله بن سالم، ويزيد بن أبي حبيب، وعبيد الله بن أبي جعفر، وغيرهم. له حديثٌ واحدٌ في الكتب.
4 (سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ع)
العدوي، أبو عمر، يقال: أبو عبد الله المدني الفقيه، أحد الأعلام.

(7/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 89
سمع: أباه، وعائشة، ورافع بن خديج، وأبا هريرة، وسفينة، وسعيد بن المسيب وغيرهم. وعنه: عمرو بن دينار، وابن شهاب، وصالح بن كيسان، وموسى، بن عقبة، وعبد الله بن عمرو، وحنظلة بن أبي سفيان، وخلق كثير. وقدم الشام وافداً على عبد الملك ببيعه والده له، ثم على الوليد وعلى عمر بن عبد العزيز. عباس الدوري: ثنا حماد بن عيسى الجهني، ثنا حنظلة بن أبي سفيان، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مد يديه في الدعاء لم يرسلهما حتى يمسح بهما وجهه. تفرد به جماعة، وهو شيخ صالح لين. وقال علي بن زيد، عن ابن المسيب، قال لي ابن عمر: تدري لم سميته سالماً قلت: لا، قال باسم سالم مولى أبي حذيفة. قال ابن سعد: كان سالم ثقةً كثير الحديث، عالياً من الرجال. وقال يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب قال: كان عبد الله بن عمر يشبه أباه، وكان سالم بن عبد) الله يشبه أباه.

(7/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 90
وقال أشهب، عن مالك قال: ولم يكن أحدٌ في زمان سالم بن عبد الله أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والقصد والعيش منه، كان يلبس الثوب بدرهمين، ويشتري الشمال يحملها. وقال سليمان بن عبد الملك لسالم، ورآه خشن السحنة: أي شيءٍ تأكل قال: الخبز والزيت، وإذا وجدت اللحم أكلته. وروى زيد بن عمر، عن نافع، قال: كان ابن عمر يلقى ولده سالماً، فيقبله ويقول: شيخٌ يقبل شيخاً. وقال خالد بن أبي بكر: بلغني أن ابن عمر كان يلام في حب سالم، فيقول:
(يلومونني في سالمٍ وألومهم .......... وجلدة بين العين والأنف سالم)
مالك عن يحيى بن سعيد قال:: قلت لسالمٍ: أسمعت كذا من ابن عمر فقال: مرةً واحدةً أكثر من مائة مرة. وعن أبي الزناد قال: كان أهل الكوفة يكرهون اتخاذ الإماء حتى نشأ فيهم علي بن الحسين، والقاسم، وسالم فقهاء، ففاقوا أهل المدينة علماً وتقي وعبادةً، فرغبوا حينئذٍ في السراري. وعن ابن المبارك قال: فقهاء أهل المدينة الذين يصدرون عن رأيهم سبعة: سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وسالم بن عبد الله، والقاسم، وعروة، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وخارجة بن زيد، لا يقضي القاضي حتى يرفع إليهم. رواها يعقوب الفسوي عن علي بن الحسن العسقلاني،

(7/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 91
عن ابن المبارك. وقال النسائي: فقهاء أهل المدينة هؤلاء فسمى المذكورين وعلي ابن الحسين، وأبا سلمة، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وعمر بن عبد العزيز، وأبا جعفر محمد بن علي. وقال ابن راهويه: أصح الأسانيد كلها الزهري، عن سالم، عن أبيه. همام بن يحيى، عن عطاء بن السائب، قال: دفع الحجاج إلى سالم بن عبد الله رجلاً ليقتله، فقال للرجل: أمسلمٌ أنت قال: نعم. قال: فصليت اليوم الصبح قال: نعم. فرده إلى الحجاج، فرمى بالسيف وقال: ذكر أنه مسلمٌ، وأنه صلى الصبح، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فقال: لسنا نقتله على صلاةٍ، ولكنه ممن أعان على قتل عثمان، فقال: هاهنا من هو أولى بعثمان مني، قال: فبلغ ذلك ابن عمر، فقال: مكيسٌ مكيس.) وقال علي بن زيد بن جدعان: دخلت على سالم، وكان لا يأكل إلا ومعه مسكين. وقال ضمرة، عن ابن شوذب قال: كان لسالم حمار هرم، فنهاه بنوه عن ركوبه، فأبى، فجدعوا أذنه، فأبى أن يدع ركوبه، فقطعوا ذنبه، فأبى أن يدعه، وركبه أجدع الأذنين مقطوع الذنب. وسفيان بن عيينة، عن عبد الله بن عبد العزيز العمري قال: كان سالم إذا خرج عطاؤه، فإن كان عليه دين قضاه، ثم يصل منه ويتصدق.

(7/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 92
سلمة بن الفضل: حدثني ابن أبي إسحاق قال: رأيت سالم بن عبد الله يلبس الصوف، وكان علج الخلق يعالج بيديه ويعمل. قال ابن عيينة: دخل هشام بن عبد الملك الكعبة، فإذا هو بسالم بن عبد الله، فقال: سلني حاجةً، قال: إني أستحي من الله أن أسأل في بيته غيره، فلما خرج خرج في أثره فقال: الآن قد خرجت فسلني حاجةً، فقال: والله ما سألت الدنيا من يملكها، فكيف أسألها من لا يملكها. وعن إبراهيم بن عقبة قال:: كان سالم إذا خلا حدثنا حديث الفتيان. وعن أبي سعيد قال: كان سالم غليظاً كأنه جمال، سئل: ما أدمك قال: الخل والزيت، قيل: فإن لم تشتهه قال: أدعه حتى أشتهيته. وعن ميمون بن مهران وقال: كان سالم على سمت والده عبد الله في عدم الرفاهية. العتبي، عن أبيه أن سالماً دخل في هيئةٍ رثةٍ وثياب غليظة، فرحب به سليمان بن عبد الملك، وأجلسه معه على السرير. قال ابن سعد: سالم ثقةٌ ورع كثير الحديث. روى ليث بن أبي سليم وابن شوذب، وطائفة أن سالماً توفي سنة ستٍ ومائة، زاد ابن سعد: وهشام يومئذٍ بالمدينة، كان حج تلك السنة، فوافق موت سالم. وعن أفلح وغيره، أن هشاماً صلى على سالم بالبقيع، لكثرة الناس،

(7/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 93
فلما رأى هشام كثرتهم قال لإبراهيم بن هشام المخزومي: إضرب على أهل المدينة بعث أربعة آلافٍ، فكان الناس إذا دخلوا الصائفة، خرج أربعة آلافٍ من أهل المدينة إلى السواحل، فكانوا هناك إلى قفول الناس ومجيئهم من الصائفة. قال أنس بن عياض: حج هشام، فأعجبته سحنة سالم، فقال له: ما تأكل قال الخبز والزيت، قال: فإذا لم تشتهه قال: أدعه حتى أشتهيه، فعانه هشام أي أصابه بالعين فمرض ومات،) فشهده هشام، وازدحم الناس في جنازته، فقال: إن أهل المدينة لكثيرٌ، فضرب عليهم بعثاُ خرج فيه جماعة لم يرجعوا، فتشاءم بهشام أهل المدينة، فقالوا عان فقيهنا، وعان بلدنا وأهله. وقال جويرية بن أسماء: حدثني أشعب قال: قال لي سالم بن عبد الله: لا تسأل أحداً غير الله. ويقال: توفي سالم في أول سنة سبع ومائة.
4 (سالم بن عبد الله النصري م د ن ق مولاهم المدني، وهو سالم سبلان، وهو سالم مولى)
المهري وهو سالم السدوسي مولاهم، وهو سالم

(7/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 94
مولى أوس بن الحدثان النصري، وهو سالم مولى شداد بن الهاد. عمر دهراً، وروى عن: سعد بن أبي وقاص، وعائشة، وأبي هريرة، وجماعة. وعنه: سعيد المقبري، وأبو الأسود يتيم عروة، ومحمد بن عمرو، ومحمد بن إسحاق، وآخرون. له عدة أحاديث، واحتج به مسلم وغيره.
4 (سالم أبو الزعيزعة الدمشقي. مولى مروان بن الحكم وكاتبه، وكاتب ابنه عبد الملك،)
وصاحب حرسه. روى عن: أبي هريرة. روى عنه: علي بن زيد بن جدعان، والنضر بن محرز، وعمرو بن عبيد. وهو مقل.
4 (سعد بن عبيدة ع أبو حمزة السلمي الكوفي، زوج ابنة أبي عبد الرحمن السلمي.)
حدث عن: ابن عمر والبراء بن عازب، والمستورد بن الأحنف، وجماعة. وعنه: إسماعيل السدي، ومنصور بن المعتمر، وزبيد اليامي،

(7/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 95
والأعمش، وفطر بن خليفة، وآخرون. وثقه النسائي وغيره.
4 (سعد أبو هاشم السنجاري حدث عن: ابن عباس، وابن عمر.)
وعنه: علي بن بذيمة، وخصيف، وعبد الكريم الجزري، وهلال بن خباب، وإسماعيل بن سالم. وثقه ابن معين، وقيل: هو بصريٌ نزل سنجار.
4 (سعيد بن سليمان)
) ابن زيد بن ثابت الأنصاري، قاضي المدينة، قال مالك: كان فاضلاً عابداً، أريد على القضاء فامتنع، فكلمه إخوانه من الفقهاء، وقالوا: القضية نقضيها بحقٍ أفضل من كذا وكذا من التطوع، فلم يجب، فأكره، فكان أول شيءٍ قضى به على الأمير عبد الواحد النصري متولي المدينة، أخرج من يده مالاً عظيماً للفقراء فقسمه، وبذلك السبب عزل عبد الواحد. قال مصعب بن عثمان الزبيري: كن عبد الواحد صالحاً بارزاً للأمراء، ولا يستر شيئاً، وكان إذا أتى برزقه في الشهر، وهو ثلاثمائة دينار يقول: إن الذي يخون بعدك لخائن.

(7/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 96
وروى أن القاسم بن محمد توجع لعزل عبد الواحد وجزع. قال الواقدي: لم يقدم على أهل المدينة والٍ أحب إليهم من عبد الواحد النصري، كان لا يوصل أمراً إلا استشاراً القاسم وسالماً.
4 (سعيد بن المسيب ع تقدم، وقد قال المدائني: توفي سنة خمسٍ ومائة، وهي رواية عن ابن)
معين، ومال إلى هذا الحاكم.
4 (سعيد بن أبي هند ع مولى سمرة.)
روى عن: أبي موسى الأشعري، وأبي هريرة، وابن عباس، وعبيدة السلماني، ومطرف بن عبد الله بن الشخير. وعنه: ابنه عبد الله بن سعيد، ويزيد بن أبي حبيب، ومحمد بن أبي إسحاق، ونافع بن عمر الجمحي، وآخرون. كان ثقة فاضلاً قال ابن سعد: توفي في أول خلافة هشام.
4 (سعيد بن أبي الحسن خ م)
يسار، أخو الحسن البصري.

(7/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 97
روى عن: أبي هريرة، وابن عباس. وعنه: قتادة، وعوف الأعرابي، ويحيى بن أبي إسحاق، وعلي بن علي الرفاعي، وآخرون. وثقه أبو زرعة وغيره. قال ابن حبان: مات بفارس سنة ثمانٍ، وقيل: سنة تسعٍ ومائة، وقيل: سنة مائة. ابن علية، عن يونس بن عبيد قال: لما مات سعيد بن أبي الحسن طال حزن الحسن عليه وبكى، فقلنا له: إنك إمامٌ يقتدى بك فقال: دعوني، فما رأيت الله تعالى عاب على يعقوب طول) الحزن. قال مبارك بن فضالة: دخل بكر بن عبد الله على الحسن وهو يبكي على أخيه، فقال: يا أبا سعيد، إنك تعلم الناس ويحتجون ببكائك عند المصيبة فحمد الله، وقد خنقته العبرة وقال: إن الله جعل هذه الرحمة في قلوب المؤمنين وإنما الجزع ما كان باللسان أو اليد، فرحم الله سعيداً ما علمت في الأرض من شدةٍ كانت تنزل بي إلا يود أنه وقى ذلك بنفسه.
4 (سليمان بن بريدة م بن الحصيب الأسلمي، ولد هو وأخوه عبد الله بن بريدة في بطنٍ في)
خلافة عمر، وكان ابن عيينة يفضله على أخيه عبد الله. روى عن: أبيه، وعمران بن حصين، وعائشة.

(7/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 98
وعنه: علقمة بن مرثد، ومحارث بن دثار، ومحمد بن جحادة، وجماعة. توفي سنة خمسٍ ومائة، رحمه الله تعالى.
4 (سليمان بن سعد الخشنى مولاهم الكاتب، قيل إن هذا هو أول من نقل حساب الديوان من)
الرومية إلى العربية. وكان من نبلاء الرجال، وكان كاتب عبد الملك بن مروان، والوليد، وسليمان، وعمر بن عبد العزيز. حكى عنه غير واحد، ولا رواية له. قال علي بن أبي حملة: قال عمر بن عبد العزيز لسليمان بن سعد: بلغني أن فلاناً عاملنا زنديق، قال: وما يضرك كان أبو النبي صلى الله عليه وسلم كافراً، فما ضره ذلك، فغضب عمر وقال: وما وجدت مثلاُ إلا ذا، فعزله.
4 (سليمان بن عبد الله مولى أم الدرداء وقائدها، ويقال له: سليم، يكنى أبا عمران.)
حدث عنها، وعن ذي الأصابع الصحابي، وعبد الله بن محيريز. وعنه: عثمان بن عطاء الخراساني، وعاصم بن رجاء بن حيوة، ومعاوية بن صالح، وغيرهم. قال أبو حاتم: صالح الحديث.

(7/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 99
4 (سليمان بنت عتيق المكي م د س ق)
عن: جابر، وابن الزبير، وطلق بن حبيب. وعنه: حميد بن قيس الأعرج، وزياد بن سعد، وابن جريج، وآخرون. وثقه النسائي.) أخبرنا أحمد بن إسحاق، ثنا أحمد بن صرما، والفتح بن عبد السلام، قالا: أنبأ أبو الفضل الأرموي، أنبأ أبو الحسن بن النقور، أنبأ علي بن عمر الحرمي، ثنا أحمد بن الحسن الصوفي، ثنا يحيى بن معين، ثنا ابن عيينة، عن حميد الأعرج، عن سليمان بن عتيق، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح، ونهى عن بيع السنين.

(7/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 100
4 (سليمان بن قتة البصري مولى بني تميم.)
قرأ القرآن عرضاً على ابن عباس، وسمع منه ومن معاوية، وعمرو بن العاص. قرأ عليه: عاصم الجحدري، وحدث عنه موسى بن أبي عائشة، وحميد بن الطويل، وأبان بن أبي عياش، وآخرون. وكان من كبار شعراء وقته، وثقه يحيى بن معن، وقته هي أمه. ومن شعره:
(وقد يحرم الله الفتى وهو عاقلٌ .......... ويعطي الفتى مالاً وليس له عقل)

4 (سليمان بن يسار المدنيّ ع)
أخو عطاء بن يسار، وعبد الله، وعبد الملك.

(7/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 101
كاتب سليمان أمّ سلمة رضي الله عنها، وروى عنها، وعن عائشة، وأبي هريرة، وميمونة، وزيد بن ثابت، وأبي رافع، والمقداد بن الأسود، وابن عبّاس، ورافع بن خديج، وطائفة. وعنه: الزّهري، وعمرو بن دينار، وعبد الله بن دينار، وسالم أبو النّضر، وصالح بن كيسان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأسامة بن زيد اللّيثي وآخرون. وكان فقيهاً إماماً مجتهداً، رفيق الذّكر. قال الحسن بن محمد بن الحنفيّة: سليمان عندنا أفهم من سعيد بن المسيّب. وقال مصعب بن عبد الله: ثنا مصعب بن سليمان قال: كان سليمان بن يسار من أحسن النّاس، فدخلت عليه أمرأةٌ فراودته، فامتنع، فقالت: إذاً أفضحك، فتركها في منزله وهرب، فحكي أنّه رأى في النّوم يوسف الصّدّيق عليه السّلام يقول: أنا يوسف الذي هممت، وأنت سليمان الذي لم تهمّ. وعن عبد الله بن يزيد قال: رأيت السّائل يأتي سعيد بن المسيّب في المسألة، فيقول: اذهب إلى سليمان بن يسار فإنّه أعلم من بقي.) وقال مالك: كان سليمان من علماء النّاس بعد ابن المسيّب.

(7/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 102
وقال ابن سعد: كان ثقةً عالماً فقيهاً، كثير الحديث. أخبرنا إسحاق الأسدي، أنبأ ابن خليل، أنا أبو المكارم اللّبّان، أنبأ أو عليّ المقريء، أنبأ أبو نعيم، ثنا أبو بكر بن خلاّد، ثنا الحارث بن أبي أسامة، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، ثنا ابن جريج، أخبرني يونس بن يوسف، عن سليمان بن يسار قال: تفرّق النّاس عن أبي هريرة، فقال له ناتل أخو أهل الشام: يا أبا هريرة، حدّثنا حديثاُ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أوّل الناس يقضى فيه يوم القيامة، ثلاثةٌ: رجلٌ استشهد، فأتي به، فعرّفه الله نعمة فعرفها، فقال: ما علمت فيها قال: قاتلت في سبيل حتى استشهدت، فقال: كذبت، إنما أردت أن يقال فلانٌ جريٌ، وقد قيل، فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النّار. ورجل تعلّم العلم وعلّمه، وقرأ القرآن، فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها قال: تعلّمت العلم وعلّمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنّك تعلّمت العلم ليقال: عالمٌ. وقرأت القرآن ليقال هو قاريء فقد قيل. فأمر به، فسحب على وجهه إلى النّار. ورجلٌ آتاه الله من أنواع المال، فأتي به فعرّفه نعمه، فعرفها، فقال: ما عملت فيها قال: ما تركت من شيء يجب أن ينفق فيه إلاّ أنفقت فيه لك، فقال: كذبت، إنّما أردت أن يقال: فلانٌ جوادٌ، فقد قيل، فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. وهذا حديثٌ صحيح.

(7/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 103
قال ابن سعد، وابن معين: ثقة. وقال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: قدم علينا سليمان بن يسار دمشق، فدعاه أبي إلى الحمّام، وصنع له طعاماً. وقال أحمد بن صالح المصري: كان أبوه يسار فارسيّاً. وقال الواقدي: يكنى أبا أيّوب. وقد ولّي سوق لأميرها عمر بن عبد العزيز. وقال ابن المديني، والبخاري، ومسلم، وآخرون: كنيته أبو أيّوب. وقال محمد بن أحمد المقدّمي: يكنى أبا عبد الرحمن. وعن قتادة قال: قدمت المدينة، فسألت عن أعلم أهلها بالطّلاق، فقيل: سليمان بن يسار.) وعن أبي الزّناد قال: كان سليمان بن يسار يصوم الدّهر، وكان أخوه عطاء يصوم يوماً ويفطر يوماً. قال ابن معين، وابن سعد، ومصعب بن عبد الله، والفلاّس، وعليّ بن عبد الله التّيميّ، والبخاري: توفّي سنة سبعٍ ومائة، وقال خليفة: سنة أربعٍ ومائة، وقال بعضهم: سنة أربعٍ وتسعين، وهو غلط، توفّي في عشر الثّمانين.
4 (سلامان بن عامر الشّعباني المصري عن فضالة بن عبيد،

(7/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 104
وأبي عثمان صاحب لأبي هريرة.)
وعنه: هعبد الرحمن بن شريح، وابن لهيعة. قال ابن يونس: كان رجلاً صالحاً، توفّي قريباً من سنة عشرين ومائة.
4 (سنان بن أبي سنان خ م ت، الدّيلي المدني.)
عن: أبي هريرة، وأبي واقد اللّيثي، وجابر. وعنه: الزّهري، وزيد بن أسلم. وثّقه العجلي.
4 (سوادة بن عاصم أبو حاجب العنزي البصري.)
عن: الحكم بن الأقرع الغفاريّ واسم أبيه عمرو، وعائذ بن عمرو المزني، وعبد الله بن الصّامت. وعنه: عاصم الأحول، وسليمان التّيمي، والجريري، وعمران بن حدير. وهو ثقة.
4 (سيار مولى يزيد بن معاوية نزل البصرة، وروى عن أبي

(7/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 105
أمامة، وابن عبّاس، وأبي إدريس)
الخولاني. وعنه: عبد الله بن بحير، وسليمان التيمي، وقرّة بن خالد، وآخرون. وما علمت أحداً تكلّم فيه.

(7/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 106
4 (حرف الشين)

4 (شرحبيل بن شفعة ت أبو يزيد الشامي.)
عن: شرحبيل بن حسنة، وعمرو بن العاص، وعتبة بن العاص، وعتبة بن عبد، وأبي عتبة الخولاني.) وعنه: يزيد بن خمير، وحريز بن عثمان. قال أبو داود: شيوخ حريز كلّهم ثقات.
4 (شعبة بن دينار د مولى ابن عبّاس، عن ابن عبّاس.)
وعنه بكير بن الأشجّ، وداود بن الحصين، وابن أبي ذئب، وآخرون. قال ابن معين: ليس به بأس، وضعّفه غيره.

(7/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 107
قال ابن عديّ: أرجو أنّه لا بأس به.
4 (شفيّ بن ماتع د ت ن)
الأصبحي المصري. عن: أبي هريرة، وعبد الله بن عمرو. وعنه: ابنه حسين، وأبو قبيل المعافري، وأبو هانيء حميد بن هانيء، وعنه ابن مسلم، وقيس بن الحجّاج، وربيعة بن سيف، وآخرون. وثّقه النّسائي. قال ابن يونس في تاريخه: كان شفيّ عالماً حكيماً، ثم ساق من حديث سعيد بن أبي أيّوب، عن النعمان بن عمرو، عن حسين بن شفيّ قال: كنّا جلوساً مع عبد الله بن عمرو بن العاص، فأقبل شفيّ، فقال عبد الله: جاءكم أعلم من عليها فلما جلس قال له عبد الله: أخبرنا يا أبا عبيد الله، ما الخيرات الثلاث، وما الشّرّات الثّلاث قال: الخيرات الثلاث: لسانٌ صدوق، وقلبٌ تقيٌ، وامرأةٌ صالحة. والشّرّات الثلاث: لسانٌ كاذبٌ، وقلبٌ كافرٌ، وامرأة سوء. قال عبد الله: قد قلت لكم. وروى أبو هانيء الخولاني، عن شفيّ قال: من كثر كلامه كثرت خطاياه.

(7/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 108
قال ابن يونس: توفّي سنة خمسٍ ومائة.
4 (شقيق بن عقبة الكوفي م عن البراء بن عازب.)
وعنه: الأسود بن قيس، وفضيل بن مرزوق، ومسعر بن كدام. وثّقه أبو داود السّجزي.
4 (شييم بن بيتان القتباني المصري د ت ن عن أبيه، وجنادة ابن أبي أميّة، ورويفع بن ثابت،)
وأبي سالم الجيشاني، وغيرهم.) وعنه: خير بن نعيم، وعياش بن عبّاس القتباني. وثّقه يحيى بن معين.

(7/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 109
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن أبي حسان الدني ت ن)
عن عبد الله بن حنظلة الغسيل، وسعيد بن المسيب، وأبي سلمة. وعنه: خالد بن الياس، وبكير بن الأشج، وابن أبي ذئب. وثّقه البخاريّ وقال: صالح بن حسان منكر الحديث. قلت: يجيء هذا بعد سنة خمسيبن ومائة.
4 (صالح بن أبي صالح ذكوان م ن السّمّان المدني، أبو عبد الرحمن، موته قريبٌ من موت)
والده.

(7/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 110
سمع: أباه، وأنس بن مالك. وعنه: هشام بن عروة، وبكير بن الأشجّ، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وابن أبي ذئب. وثّقه ابن معين. وهو مقلٌّ.
4 (صالح بن عبد الرحمن أبو الوليد الكاتب.)
كان فصيحاً جميلاً من سبي سجستان، سريع الحخفظ، عارفاً بالعربية، وهو أول من نقل الديوان من الفارسية إلى العربية. ويقال: بذل له كتّاب الفرس ثلاثمائة ألفٍ على أن لا يفعل ذلك فأبى، وبه تخرّج أهل العراق في كتابة الديوان، وكان سليمان بن عبد الملك قد ولاّه خراج اللعراق، ثم ولاّه يزيد، فتعقّبه أمير العراق عمر بن هبيرة الفزاريّ فقتله.
4 (صخر بن الوليد الفزاريّ أعرابي.)
روى عن: ابن ضليع وجزيّ بن بكير. روى عنه إسماعيل بن رجاء، والحارث بن حصيرة، وإسماعيل بن خالد، وغيرهم.

(7/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 111
4 (حرف الضاد)

4 (الضّحّاك بن عبد الرحمن ت ق بن عرزب، أبو عبد الرحمن الأشعري الشامي الطبراني،)
ولّي إمرة دمشق لعمر بن عبد العزيز.) وحدّث عن: أبي موسى الأشعري، وأبي هريرة، وعبد الرحمن بن غنم الأشعريّ، ووالده عبد الرحمن. وعنه: مكحول، ومحمد بن زياد الألهاني، وأبو طلحة الخولاني، وعبد الله بن العلاء بن زبر، وحريز بن عثمان، والأوزاعيّ، وآخرون. وثّقه أحمد العجلي وغيره. قال أبو مسهر: كان من خير الولاة.

(7/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 112
وقال عبد الله بن العلاء: سمعته يقول على منبر دمشق: حدثني أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة أن يقال: ألم أصح جسمك وأروك من الماء البارد. وعرزب بالباء أصحّ.
4 (الضّحّاك بن مزاحم الهلاليّ الخراسانيّ)
أبو محمد، وقيل: أبو القاسم صاحب التفسير، وله أخوان: محمد، ومسلم، كان يكون بسمرقند وببلخ. حدّث عن: ابن عبّاس، وابن عمر، وأبي سعيد الخدريّ، وأنس بن مالك، وسعيد بن جبير، والأسود، وعطاء، وطاوس، وغيرهم. وعنه: جويبر بن سعيد، وعمارة بن أبي حفصة، وأبو سعد البقّال سعيد

(7/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 113
بن المرزبان، وعبد العزيز بن أبي داود، وعمر بن الرمّاح، ونهشل بن سعيد، ومقاتل، وعليّ بن الحكم، وأبو روق عطيّة، وأبو جناب يحيى بن أبي حيّة الكلبي، وقرّة بن خالد، وآخرون. وثّقه أحمد بن حنبل، وابن معين، وضعّفه يحيى القطّان، وغيره، واحتجّ به النّسائيّ وغيره، وكان مدلّساً، وورد أنه كان فقيه مكتبٍ فيه ثلاثة آلاف صبيٍّ، وكان يركب حماراً ويدور عليهم. وله يدٌ طولى في التفسير والقصص. قال الثّوري: كان الضّحّاك يعلّم ولا ياخذ أجراًُ. وروي شعبة، عن مشاش قال: سألت الضّحّاك: هل لقيت ابن عبّاس قال: لا. وقال شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة قال: لم يلق الضّحّاك ابن عباس، إنّما لقي سعيد ابن جبير بالرّيّ فأخذ عنه التّفسير. قال يحيى بن سعيد: كان شعبة ينكر أن يكون الضّحّاك لقي ابن عباس قطّ، ثم قال يحيى: والضّحاك عندنا ضعيف. وروى أبو) جناب الكلبي عن الضّحّاك قال: جاورت ابن عباس سبع سنين. وقال قبيصة، عن قيس بن مسلم: كان الضّحّاك إذا أمسى بكى، فيقال له فيقول: لا أدري ما صعد اليوم من عملي. وروى الثّوريّ، عن أبي الوداك، عن أبي الضّحّاك قال: أدركتهم وما يتعلمون إلاّ الورع.

(7/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 114
وقال قرّة: كان هجّير الضّحّاك إذا سكت: لا حول ولا قوّة إلا بالله وروى ميمون أبو عبد الله، عن الضّحّاك قال: حقٌ على كل من تعلم القرآن، أن يكون فقيهاً، وتلا قوله تعالى: كونوا ربّانيّين بما كنتم تعلّمون الكتاب. وروى زهير بن معاوية، عن بشير أبي إسماعيل، عن الضّحّاك: كنت ابن ثمانين جلداً غزّاءً. قال غير واحد: توفي الضّحّاك سنة اثنتين ومائة. وقال أبو نعيم الكوفي: توفي سنة خمس ومائة. وقال الحسين بن الوليد: سنة ستٍّ ومائة.
4 (الضّحّاك المشرقي خ م أبو سعيد الكوفي، ومشرق بطنٌ من همدان. حدّث عن: أبي سعيد)
الخدريّ. وعنه: حبيب بن أبي ثابت، والزّهري، والأعمش، وآخرون. قيل: إسم أبيه: شراحيل، وقيل شرحبيل.
4 (ضمضم بن جوس الهفّاني اليمامي)

(7/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 115
عن أبي هريرة، وعبد الله بن حنظلة الغسيل. وعنه: يحيى بن أبي كثير، وعكرمة بن عمّار. وثّقه يحيى بن معين وغيره.

(7/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 116
4 (حرف الطاء)

4 (طاوس بن كيسان ع)
أبو عبد الرحمن اليماني الجندي أحد الأعلام، كان من أبناء الفرس الذين سيّرهم كسرى إلى اليمن، من موالي بحير بن ريسان الحميري، وقيل: هو مولى لهمدان.

(7/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 117
سمع: زيد بن ثابت، وعائشة، وأبا هريرة، وابن عباس، وزيد بن أرقم، وطائفة. وعنه: ابنه عبد الله، والزّهري، وإبراهيم بن ميسرة، وأبو الزّبير المكّي، وعبد الله بن أبي نجيح، وحنظلة بن أبي سفيان، وأسامة بن زيد اللّيثي، والحسن بن مسلم بن يناق، وسليمان التّيمي، وسليمان بن موسى الدمشقي، وعبد الملك بن ميسرة، وقيس بن سعد، وعكرمة بن) عمّار، وخلق كثير. قال عمرو بن دينار: ما رأيت أحداً مثل طاوس. وروى عطاء، عن ابن عباس قال: إنّي لأظنّ طاوساً من أهل الجنّة. وقال قيس بن سعد: كان طاوس فينا مثل ابن سيرين في أهل البصرة. وروى ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، قال مجاهد لطاوس: رأيتك يا أبا عبد الرحمن تصلّي في الكعبة والنّبيّ صلى الله عليه وسلم على بابها يقول لك: اكشف قناعك وبيّن قراءتك، قال: أسكت لا يسمع هذا منك أحد، ثم خيّل إليّ أنّه انبسط في الكلام، يعني فرحاً بالمنام. روى هشام بن حجير، عن طاوس قال: لا يتمّ نسك الشّابّ حتى يتزوّج. وقال عبد الرزاق، عن داود بن إبراهيم: إنّ الأسد حبس ليلةً النّاس في طريق الحجّ، فدق النّاس بعضهم بعضاً، فلما كان السّحر ذهب عنهم، فنزلوا وناموا وقام طاوس يصلّي، فقال له رجل ألا تنام قال: هل ينام أحدٌ السّحر. قال عبد الرزاق: وسمعت النّعمان بن الزّبير الصّنعانيّ يحدّث أنّ أمير اليمن بعث إلى طاوس بخمسمائة دينار، فلم يقبلها. وقال سفيان بن عيينة: قال عمر بن عبد العزيز لطاوس: ارفع حاجتك إلى أمير المؤمنين، يعني سليمان بن عبد الملك، قال: ما لي إليه من حاجةٍ، فكأنّه عجب من

(7/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 118
ذلك، قال: ابن عيينة فحلف لنا إبراهيم بن ميسرة قال: ما رأيت أحداً الشّريف والوضيع عنده بمنزلةٍ إلاّ طاوساً. قال ابن عيينة: وجاء ولد سليمان فجلس إلى جنب طاوس، فلم يلتفت إليه، فقيل له: ابن أمير المؤمنين، فلم يلتفت، ثم قال: أردت أن يعرف أن لله عباداً يزهدون فيما في يديه. وقال معمر، عن ابن طاوس قال: كنت لا أزال أقول لأبي: إنه ينبغي أن يخرج على هذا السلطان وأن يفعل به، قال: فخرجنا حجّاجاً فنزلنا في بعض القرى وفيها عاملٌ لنائب اليمن، يقال له أبو نجيح، وكان من أخبث عمّالهم، فشهدنا الصبح في السمجد، فإذا أبو نجيح قد علم بطاوس، فجاء فقعد بين يديه، فسلّم عليه، فلم يجبه، ثم كلّمه، فأعرض عنه، ثم عدل إلى الشّقّ الآخر، فأعرض عنه، فلما رأيت ما به قمت إليه، فمددت بيده، وجعلت أسائله، وقلت: إن أبا عبد الرحمن لم يعرفك، فقال: بلى معرفته بي فعلت بي ما رأيت، قال: فمضى وهو ساكت، فلما دخلنا المنزل قال لي: يا لكع، بينما أنت تريد أن تخرج عليهم بسيفك، لم تستطع أن تحبس عنهم لسانك.) حفص بن غياث، عن ليث قال: كان طاوس إذا تشدّد الناس في شيء رخّص فيه، وإذا رخّص الناس في شيءٍ شدّد فيه، قال ليث: وذلك العلم. عنبسة بن عبد الواحد، عن حنظلة بن أبي سفيان قال: ما رأيت عالماً قطّ يقول لا أدري أكثر من طاوس. وقال الثّوريّ: كان طاوس يتشيّع. وقال معمر: أقام طاوس على رقيق له حتى فاته الحجّ. قال جرير بن حازم: رأيت

(7/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 119
طاوساً يخضب بحنّاء شديد الحمرة. وقال فطر: كان طاوس يتقنّع ويصبغ بالحنّاء. وقال عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي: رأيت طاوساً وبين عينيه أثر السّجود. وروى سفيان الثّورريّ، عن رجل قال: كان من دعاء طاوس: اللهم احرمني المال والولد وارزقني الإيمان والعمل. وقال معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: عجبت لإخوتنا من أهل العراق يسمّون الحجّاج مؤمناً. وقال ابن جريج: ثنا إبراهيم بن ميسرة، أن محمد بن يوسف استعمل طاوساً على بعض الصّدقة، فسألت طاوساً: كيف صنعت قال: كنا نقول للرجل: تزكّى رحمك الله بما أعطاك الله، فإن أعطانا أخذنا، وإن تولّى لم نقل تعال. وروى عبد السلام بن هشام، عن الحرّ بن أبي الحصين العنبري، أنّ طاوساً مرّ برآسٍ قد أخرج رأساً فغشي عليه. وعن عبد الله بن بشر قال: كان طاوس إذا رأى تلك الرؤوس المشويّة لم يتعشّ تلك الليلة. عن عبد الرزّاق، عن معمر، أن رجلاً كان يسير مع طاوس، فسمع غراباً فقال: خير، فقال طاوس: أيّ خير عند هذا، أو شرٍّ، لا تصحبني. ابن أبي نجيح: إنّ طاوساً قال لأبي: من قال واتّقى الله خيرٌ ممّن صمت واتّقى الله. عبد الملك بن ميسرة عن طاوس قال: أدركت خمسين من

(7/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 120
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنبئت عن اللّبان، أنبأ أبو علي الحدّاد، أنبأ أبو نعيم، ثنا سليمان بن أحمد، ثنا إسحاق، ثنا عبد الرزاق، عن النعمان بن الزبير الصّنعانيّ أن محمد بن يوسف، أو أيّوب بن يحيى بعث إلى طاوس بخمسمائة دينار، وقيل للرسول: إن أخذها منك فإن الأمير سيحسن إليك، فقدم بها على طاوس الجند، فأراده على أخذها فأبى، فغفل طاوس، فرمى بها الرجل في كوّة البيت، ثم ذهب، وقال: أخذها، ثم بلغهم عن طاوس شيء يكرهونه، فقال: ابعثوا إليه، فليبعث إلينا بمالنا، فجاءه الرسول فقال: المال الذي بعث به الأمير، قال: ما قبضت منه شيئاً، فرجع الرسول، وعرفوا أنّه) صادقٌ، فبعثوا إليه الرجل الأول، فقال له: المال الذي جئتك به، قال: هل قبضت منك شيئاً قال: لا. قال: فانظر حيث وضعته، فمدّ يده، فإذا بالصّرّة قد نبت عليها العنكبوت، فأخذها. روى عبد الرزّاق، عن أبيه قال توفي طاوس بمزدلفة، أو بمنى، فلما حمل أخذ عبد الله ابن الحسن بقائمة السرير، فما زايله حتى بلغ القبر. قال عبد الله بن شوذب: شهدت جنازة طاوس بمكة سنة خمسٍ ومائة. وقال الواقديّ، والهيثم بن عديّ، ويحيى القطّان وآخرون: توفي سنة ستٍّ ومائة، وقيل: سنة بضع عشرة، وهو غلط. وقيل: توفي يوم التّروية من ذي الحجّة، وصلى عليه الخليفة هشام، ثم بعد أيام صلّى هشام بالمدينة على سالم بن عبد الله، وأخباره مستوفاة في التهذيب.

(7/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 121
4 (طلق بن حبيب العنزي البصريّ م)
عن: ابن عبّاس، وجابر بن عبد الله، وأنس، وابن الزّبير، والأحنف بن قيس. وعنه: منصور، والأعمش، وسليمان التّيمي، وعوف الأعرابيّ، ومصعب ابن شيبة، وجماعة، وكان صالحاً عابداً شديد البرّ بأمه طيّب الصّت بالقرآن، فعن طاوس قال: ما رأيت أحداً أحسن صوتاً منه، وكان ممّن يخشى الله. وروى عاصم الأحول، عن بكر المزني قال: لما كانت فتنة ابن الأشعث، قال طلق بن حبيب: اتّقوها بالتّقوى، فقيل له صف لنا التّقوى، قال: العمل بطاعة الله، على نور من الله، رجاء ثواب الله، وترك معاصي الله، على نورٍ من الله، مخافة عذاب الله. وروى سعد بن إبراهيم الزّهري، عن طلق قال: إنّ حقوق الله أعظم من أن يقوم بها العباد، وإنّ نعم الله أكثر من أن تحصى ولكن أصبحوا تائبين وأمسوا تائبين. وقال ابن الأعرابيّ: كان يقال: فقه الحسن، وورع ابن سيرين، وحلم مسلم بن يسار، وعبادة طلق. وكان طلق يتكلّم على النّاس ويعظ.

(7/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 122
قال حمّاد بن زيد، عن أيّوب، قال: ما رأيت أحداً من أعبد من طلق من حبيب. قيل إنّ الحجّاج قتل طلب بن حبيب مع سعيد بن جبير، وهذا لم يصحّ. قال أبو حاتم الرازي: طلق صدوق، كان يرى الإرجاء. وقال ابن عيينة: سمعت عبد الكريم يقول: كان طلق لا يركع إذا افتتح البقرة، حتى يبلغ العنكبوت، وكان يقول: كان طلق لا يركع هذا افتتح البقرة، حتى يبلغ العنكبوت، وكان يقول: أشتهي أن أقوم حتى يشتكي صلبي.) قال غندر: ثنا عوف، عن طلق بن حبيب أنّه كان يقول في دعائه: اللّهمّ إنّي أسالك علم الخائفين لك، وخوف العالمين بك، ويقين المتوكّلين عليك، وتوكّل الموقنين بك، وإنابة المختبتين إليك، وإخبات المنيبين إليك، وشكر الصّابرين لك، وصبر الشّاكرين لك، ولحاقاً بالأحياء المرزوقين عندك.

(7/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 123
4 (حرف العين)

4 (عامر بن سعد بن أبي وقاص ع الزّهري المدني، وله ثمانية إخوة: سمع أباه، وأسامة بن)
زيد، وأبا هريرة، وعائشة، وجابر بن سمرة. وعنه: ابنه داود، وابنا أخويه، والزّهري، وعمرو بن دينار، وموسى بن عقبة وآخرون. وكان ثقة شريفاً، كثير الحديث، توفي سنة أربعٍ ومائة.

(7/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 124
4 (عامر بن شراحيل ع)
الشّعبيّ، شعب همدان، أبو عمرو، علاّمة أهل الكوفة في زمانه، ولد في وسط خلافة عمر، وروى عن: عليّ يسيراً، وعن المغيرة بن شعبة، وعمران بن حصين، وعائشة، وأبي هريرة، وجرير البجلي، وعدي بن حاتم، وابن عباس، ومسروق، وخلق كثير، وقرأ القرآن على علقمة، وأبي عبد الرحمن السّلمي. قرأ عليه: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وروى عنه إسماعيل بن أبي خالد، وداود بن أبي هند، والأعمش، وابن عون، ومجالد، وأبو حنيفة، ويونس بن أبي إسحاق، ومنصور بن عبد الرحمن، وخالق كثير.

(7/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 125
قال أحمد بن عبد الله العجلي: مرسل الشّعبي صحيح، لا يكاد يرسل إلا صحيحاً. قال الشّعبي: ولدت عام جلولاء، قاله ابن عيينة، عن السّريّ بن إسماعيل، أحد الضعفاء، وجلولاء كانت سنة سبع عشرة. وقال عاصم الأحول: كان الشّعبيّ أكثر حديثاً من الحسن، وأكبر منه بسنتين، ولد لأربع بقين من خلافة عمر. وقال خليفة: ولد سنة إحدى وعشرين، وقيل غير ذلك، شعبة، عن منصور بن عبد الرحمن الغداني، عن الشّعبيّ قال: أدركت خمسمائةً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أكثر. وقال ابن شبرمة: سمعت الشّعبيّ يقول: ما

(7/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 126
كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا، ولا حدّثني رجل بحديثٍ قطّ إلاّ حفّظته، ولا أحببت أن يعيده عليّ. رواه محمد بن فضل عنه. وقال ابن عيينة: ثنا ابن شبرمة، سمعت الشّعبيّ يقول: ما سمعت منذ) عشرين سنة رجلاً يحدّث بحديثٍ إلاّ وأنا أعلم به منه، ولقد نسيت من العلم ما لو حفظه رجلٌ لكان به عالماً. وقال نوح بن قيس الطّامي، عن يونس بن مسلم، عن وادع الراسبيّ، عن الشّعبيّ قال: ما أروي شيئاً أقلّ من الشعر، ولو شئت لأنشدتكم شهراً لا أعيد. رواه عبيد الله القواريريّ، عن نوح أيضاً، لكنّه قال: عن يونس، ووادع، كلاهما عن الشّعبيّ، قال أبو أمامة: كان عمر في زمانه، وكان بعده ابن عبّاس، وكان بعده الشّعبيّ، وكان بعده الثّوريّ في زمانه. قال محمود ابن غيلان: وكان بعد الثّوري يحيى بن آدم. وقال شريك، عن عبد الملك بن عمير قال: مرّ ابن عباس بالشّعبيّ وهو يقرأ المغازي، فقال: كأنّه كان شاهداً معنا، ولهو أحفظ لها منّي وأعلم. وقال أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين قال: ما رأيت أفقه من الشّعبيّ. قلت: ولا شريح، قال: تريد أن تكذّبني. وقال أشعث بن سوار، عن ابن سيرين، قال: قدمت الكوفة وللشّعبيّ حلقةٌ عظيمة، والصّحابة يومئذٍ كثير، وروى سليمان التّيمي، عن أبي مجلز قال: ما رأيت فقيهاً أفقه من الشّعبي. وقال مكحول: ما رأيت أعلم بسنّةٍ ماضيةٍ من الشّعبيّ. وقال عاصم الأحول: ما رأيت أحداً أعلم من الشّعبيّ. وقال داود بن أبي هند:

(7/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 127
ما جالست أحداً أعلم الشّعبيّ. وقال أبو معاوية: سمعت الأعمش يقول: قال الشّعبيّ: ألا تعجبون من هذا الأعور، يأتيني باللّيل فيسألني، ويفتي بالنّهار، يعني إبراهيم النّخعيّ. وروى أبو شهاب الخيّاط، عن الصّلت بن بهرام قال: ما رأيت أحداً بلغ مبلغ الشّعبيّ أكثر منه، يقول: لا أدري، وقال ابن عون: كان الشّعبيّ إذا جاءه شيءٌ اتّقاه، وكان إبراهيم يقول ويقول، وكان منقبضاً، وكان الشّعبيّ منبسطاً، إلاّ في الفتوى. وقال محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: كان الشّعبيّ صاحب آثار، وكان إبراهيم النّخعيّ صاحب قياس. وقال سلمة بن كهيل: ما اجتمع الشّعبيّ وإبراهيم إلاّ سكت إبراهيم. وقال ابن شبرمة: سئل الشّعبيّ عن شيءٍ فلم يجب، فقال رجلٌ عنده: أبو عمرو يقول فيه كذا، فقال الشّعبيّ: هذا في المحيا، فأنت في الممات أكذب عليّ. قال ابن عائشة: وجّه عبد الملك بن مروان بالشّعبيّ إلى ملك الروم، فلما رجع قال عبد الملك: تدري يا شعبيّ ما كتب به ملك الروم قلت: وما كتب قال كتب: العجب لأهل دينك كيف لم يستخلفوا رسولك قلت: يا أمير المؤمنين، لأنّه رآني ولم ير أمير المؤمنين. رواها الأصمعيّ، وفيها: يا شعبيّ إنّما أرد أن يغريني بقتلك، فبلغ ذلك ملك الروم، فقال: والله ما أردت إلاّ ذلك.) جابر بن نوح الحماني: حدّثني مجالد، عن الشّعبيّ قال: لما قدم

(7/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 128
الحجّاج العراق سألني عن أشياء من العلم فوجدني بها عارفاً، فجعلني عريفاً على الشعبيّين ومنكباً على جميع همدان، وفرض لي، فلم أزل عنده بأشرف منزلةٍ، حتى كان ابن الأشعث، فأتاني قرّاء أهل الكوفة، وقالوا: يا أبا عمرو إنّك زعيم القرّاء، فلم يزالوا حتى خرجت معهم، فقمت بين الصّفّين أذكر الحجّاج وأعيبه بأشياء، فبلغني أنّ الحجّاج قال: ألا تعجبون من هذا الشّعبيّ الخبيث، أما لئن أمكنني الله منه لأجعلنّ الدنيا عليه أضيق من مسك حمل، قال: فما لبثنا أن هزمنا، فجئت إلى بيتي وأغلقت عليّ فمكثت تسعة أشهر، فندب النّاس لخراسان، فقال قتيبة بن مسلم: أنا لها، فولاّه خراسان، ونادى مناديه: من لحق بقتيبة فهو آمنٌ، فاشترى مولىً لي حماراً وزوّدني، فخرجت، فكنت في العسكر، فلم أزل معه حتى أتينا فرغانة، فجلس ذات يوم وقد سرّ، فنظرت إليه فقلت: أيّها الأمير، عندي علمٌ، قال: ومن أنت قلت: أعيذك، لا تسأل عن ذلك، فعرف أنّي ممّن يختفي، فدعا بكتابٍ وقال: اكتب نسخةً، قلت: لست تحتاج إلى ذلك، فجعلت أملّ عليه، وهو ينظر، حتى فرغ من كتاب الفتح، قال: فحملني على بغلةٍ، وبعث إليّ بسرقٍ من حرير، وكنت عنده في أحسن منزلةٍ، فإنّي ليلةً أتعشّى معه، إذا أنا برسول الحجّاج بكتابٍ فيه: إذا نظرت في كتابي هذا، فإنّ صاحب كتابك الشّعبيّ، فإن فاتك قطعت يدك على رجلك وعزلتك، قال: فالتفت إليّ وقال: ما عرفتك قبل السّاعة، فاذهب حيث شئت

(7/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 129
من الأرض، فوالله لأحلفنّ له بكلّ ممكن يمين، فقلت: أيّها الأمير، إنّ مثلي لا يخفى، قال: فأنت أعلم، وبعثني إليه وقال: إذا وصلتم إلى خضراء واسط فقيّدوه، ثم أدخلوه على الحجّاج، فلما دنوت من واسط استقبلني يزيد بن أبي مسلم، فقال: يا أبا عمر إنّي أضنّ بك على القتل، إذا دخلت، فقل: كذا وكذا، فلما دخلت قال: لا مرحباً ولا أهلاً، فعلت بك وفعلت، ثم خرجت عليّ وأنا ساكت، فقال: تكلّم. قلت: أصلح الله الأمير، كلّ ما قلته حقّ، ولكنّا قد اكتحلنا بعدك السّهر وتحلّسنا الخوف، ولم نكن مع ذلك بررةً أتقياء، ولا فجرةً أقوياء، وهذا أوان حقنت لي دمي، واستقبلت بي التّوبة، قال: قد فعلت ذلك. وقال الأصمعيّ: لما أدخل الشّعبيّ على الحجّاج قال: هيه يا شعبيّ، فقال: أحزن بنا المبرك واكتحلنا السّهر، واستحلسنا الخوف، فلم نكن فيما فعلنا بررةً أتقياء، ولا فجرةً أقوياء، قال: لله درّك. وقال جهم بن واقد: رأيت الشّعبيّ يقضي في أيام عمر بن عبد العزيز. ومالك بن مغول،) عن الشّعبيّ قال: ما بكيت من زمانٍ إلا بكيت عليه. مجالد عن الشّعبيّ، أنّ رجلاً لقيه وامرأة، فقال: أيّكما الشّعبيّ، فقلت: هذه. وقيل: كان الشّعبيّ ضئيلاً نحيفاً، فقيل له في ذلك، فقال: زوحمت في الرّحم، وكان توأماً. مجالد، عن الشّعبيّ قال: فاخرت أهل البصرة فغلبتهم بأهل الكوفة، والأحنف ساكت، فلمّا رآني قد غلبتهم، أرسل غلاماً له، فجاءه بكتابٍ فقال

(7/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 130
لي: هاك اقرأ، فقرأته، فإذا فيه من المختار إليه يذكر أنه نبيٌّ، فقال الأحنف: أفيها مثل هذا رواها الفسويّ عن الحميدي، ثنا سفيان، عن مجالد. وكان الشّعبيّ يذمّ الرأي ويفتي بالنّصّ، قال مجالد: سمعت الشّعبيّ يقول: لعن الله رأيت. وروى الثّوريّ، عمّن سمع الشّعبيّ يقول: ليتني أنفلت من علمي كفافاً لا عليّ ولا لي. قال محمد بن جحادة: سئل الشّعبيّ عن شيء لم يكن عنده فيه شيء، فقيل له: قل فيه برأيك، فقال: وما تصنع برأيي، بل على رأيي. روى سفيان، عن عبد الله بن أبي السّفر، عن الشّعبيّ قال: ما أنا بعالمٍ، وما أترك عالماً. قال أبو يحيى الحماني: حدّثني أبو حنيفة قال: رأيت الشّعبي يلبس الخزّ، ويجالس الشّعراء، فسألته عن مسلمة فقال: مايقول فيها بنوإستها، يعني الموالي، وقال الحسن بن صالح بن حي، عن أبيه، قال: رأيت على الشّعبيّ عمامةً بيضاء، قد أرخى طرفها ولم يردّها. وقال عبد الله بن إدريس: سمعت ليثاً يقول: رأيت الشّعبيّ وما أدري ملحفته أشدّ حمرةً أو لحيته. وقال أبو نعيم: ثنا أبو أميّة الزيّات قال: رأيت على الشّعبيّ مطرف خزٍّ أصفر. وقال روح، عن ابن عون قال: رأيت على الشّعبيّ قلنسوة خزٍّ خضراء. وقال دواد بن أبي هند: كان يلبس المعصفر. وقال عبيد بن عبد

(7/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 131
الملك: رأيت الشّعبيّ جالساً على جلد أسد. وروى قيس بن الربيع، عن مجالد قال: رأيت على الشّعبيّ قباء سنّور. جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السّائب، عن الشّعبيّ قال: ما اختلفت أمّةٌ بعد نبيّها إلاّ ظهر أهل باطلها على أهل حقّها. قتيبة: ثنا عبد الواحد بن زياد، عن الحسن بن عبد الرحمن، قال: رأيت الشّعبيّ يسلّم على موسى النّصرانيّ فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فكلّم في ذلك، فقال: أوليس في رحمة الله، لو لم يكن في رحمته هلك. المدائني، عن أبي بكر الهذلي قال: قال الشّعبيّ: أرأيتم لو قتل الأحنف بن قيس، وقتل طفلٌ،) أكانت ديتهما سواءً، أم يفضّل الأحنف لعقله وحلمه قلت: بل سواءً، قال: فليس القياس بشيء. أبو يوسف القاضي: ثنا مجالد، عن الشّعبيّ قال: نعم الشيء الغوغاء يسدّون السّبل، ويطفئون الحريق، ويشغبون على ولاة السّوء، ابن شبرمة قال: ولّي ابن هبيرة الشّعبيّ القضاء، وكلّفه أن يسامره فقال: لا أستطيع، فأفردني بأحدهما. إسحاق الأزرق، عن الأعمش: سأل رجل الشّعبيّ فقال: ما اسم امرأة إبليس قال: ذاك عرسٌ ما شهدته. سلمة بن كهيل وغيره، عن الشّعبيّ قال: شهدت عليّاً رضي الله عنه جلد شراحة يوم الخميس، ورجمها من الغد، وقال جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(7/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 132
قال إسماعيل بن مجالد: توفي الشّعبيّ سنة أربعٍ ومائة، وله اثنتان وثمانون سنة. وقال الواقديّ كم سنة خمسٍ ومائة. وقال الفلاّس: مات في أول سنة ستٍّ ومائة، وقيل غير ذلك. عامر بن واثلة أبو الطّفيل الكنانيّ.
4 (عاصم بن عمرو البجلي ويقال أبن عوف. هو أحد من قدم مع حجر بن عديّ إلى عذراء)
فسلم وأطلق. روى عن: أبي أمامة، وعمرو بن شرحبيل، وغيرهما. وعنه: أبو إسحاق السّبيعيّ، وفرقد السّبخي، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وحجّاج بن أرطأة، ومالك بن مغول. قال أبو حاتم: صدوق.
4 (عبادة بن الوليد سوى ت بن عبادة بن الصّامت الأنصاريّ المدني، أبو الصّامت، وهو أخو)
يحيى. روى عن: جدّه، وعائشة، وأبي أيّوب، وأبيه، والربيع بنت معوّذ. وعنه: أبو حرزة يعقوب بن مجاهد، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، وعبيد

(7/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 133
الله بن عمر، وابن إسحاق، وآخرون. وثّقه أبو زرعة.
4 (عائشة بنت طلحة ع)
ابن عبيد الله التّيمي، وأمّها أمّ كلثوم ابنة الصّدّيق، تزوّجت بابن خالها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وبعده بمصعب بن الزّبير، فأصدقها مصعب مائة ألف دينار، وكانت أجمل أهل زمانها وأحسنهنّ وأرأسهنّ، فلما قتل مصعب تزوّجها عمر بن عبيد الله وأصدقها أيضاً ألف) ألف، حتى قال بعض الشعراء:
(بضع الفتاة بألف ألفٍ كاملٍ .......... وتبيت سادات الجيوش جياع.)
حدّثت عن خالتها عائشة رضي الله عنها. وعنها: حبيب بن أبي عمرو، وابن أخيها طلحة بن يحيى، وابن أخيها الآخر معاوية بن إسحاق، وابن ابن أخيها موسى بن عبد الله بن إسحاق،

(7/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 134
وفضيل الفقيمي وغيرهم. وفدت على هشام بن عبد الملك، فأكرمها واحترمها. وثّقها يحيى بن معين. ومن أعجب ما تمّ لها. ما روى هشيم قال: أنا مغيرة، عن إبراهيم، أنّ عائشة بنت طلحة قالت: إن تزوّجت مصعباًُ فهو عليها كظهر أمّها، فتزوّجته، فسألت عن ذلك فأمرت أن تكفّر، فأعتقت غلاماً لها، ثمنه ألفان. رواه سعيد في سننه.
4 (عبد الله بن أبي أمامة د ق بن ثعلبة الأنصاريّ البلوي المدني.)
روى عن: أبيه، وعن عبد الله بن كعب. وعنه: صالح بن كيسان، ومحمد بن إسحاق، وأسامة بن زيد اللّيثي، ومحمد بن يوسف بن مهاجر. وثّقه ابن حبّان.
4 (عبد الله بن باباه م ويقال ابن بابيه المكيّ.)
له عن جبير بن مطعم، ويعلى بن أمية، وعبد الله بن عمرو. وعنه: حبيب بن أبي ثابت.

(7/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 135
4 (عبد الله بن حنين ع المدني، مولى العبّاس، ويقال: مولى عليّ ابن أبي طالب، وهو والد)
إبراهيم المذكور. روى عن: عليّ، وأبي أيّوب، وابن عبّاس، والمسور بن مخرمة. وعنه: ابنه إبراهيم، ومحمد بن المنكدر، وشريك بن أبي نمر، وأسامة بن زيد، وآخرون. حديثه في الأصول الستة.
4 (عبد الله بن رافع م أبو رافع المدني، مولى أمّ سلمة، عن: أمّ سلمة، وأبي هريرة.)
وعنه: سعيد المقبري، وأفلح بن سعيد، وموسى بن عبيدة، وأسامة بن زيد اللّيثي، وابن إسحاق، وأيّوب بن خالد، وخلق. وثّقه أبو زرعة.)
4 (عبد الله بن رافع أبو سلمة الحضرميّ المصري عن: عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عمر،)
وعمرو بن معد يكرب، وابن جزء الزّبيدي. وعنه: جعفر بن ربيعة، وعيّاش ابن عبّاس، وسعيد بن أبي هلال،

(7/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 136
وسليمان بن راشد، وعيّاش بن عقبة، وإسحاق بن أبي فروة. قال أبو زرعة: ثقة.
4 (عبد الله بن زيد ت ق أو ابن يزيد المدشقيّ الأزرق القاصّ، كان يقصّ في غزو الروم مع)
مسلمة، روى عن: عوف بن مالك الأشجعي، وعقبة بن عامر. وعنه: بكير بن عبد الله بن الأشج، وأخوه يعقوب، وأبو سلام ممطور، وزيد بن سلاّم، وابن أبي حفصة، وآخرون.
4 (عبد الله بن سعيد بن جبير الكوفي خ م ت ن أخو عبد الملك. سمع أباه.)
وعنه: إسحاق السّبيعي، وأيّوب السّختياني. قال السّختياني: كانوا يعدّونه أفضل من أبيه، يعني في العبادة.
4 (عبد الله بن أبي سلمة الماجشون م د ن مولى آل المنكدر.)

(7/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 137
روى عن عائشة، وأم سلمة، وابن عمر فقيل لم يلقهم، وعن عبد الله بن عبد الله بن عمر، والنعمان بن أبي عياش، وعمرو بن قيس الزّرقيّين، وجماعة. وعنه: ابنه عبد العزيز، وحكيم بن عبد الله بن قيس، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، ومحمد بن إسحاق، وآخرون. وثّقه النّسائيّ. وقال حفيده عبد الملك بن عبد العزيز: توفي جدي سنة ستٍّ ومائة.
4 (عبد الله بن شقيق العقيليّ البصري م روى عن: أبيه، وعمر بن الخطاب، وعثمان،)
وعلي وعائشة، وأبي ذرّ. وعنه: ابن سيرين، وقتادة، وأيوب السّختياني، وخالد الحذّاء، وعاصم الأحول، وعوف الأعرابيّ، وآخرون. وثّقه غير واحد، وعمّر دهراً. قال أحمد بن حنبل: ثقة. وكان سليمان التّيميّ سيّء الرأي فيه لكونه كان ينال من عليّ بعض الشّيء، قيل: توفي سنة ثمان ومائة.
4 (عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب سوى ق العدوي

(7/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 138
المدني، وصيّ أبيه. سمع: أباه،)
) وأبا هريرة، وأسماء بنت زيد بن الخطّاب. وعنه: عبد الرحمن بن القاسم، والزّهري، ومحمد بن جعفر بن الزّبير، ومحمد بن يحيى بن حبّان، وغيرهم. وثّقه وكيع. توفي سنة خمس، قبل أخيه سالم بعام.
4 (عبد الله بن عروة بن الزّبير سوى د بن العوّم، أبو بكر الأسديّ المدني، له جماعة إخوة،)
وهو أكبرهم، وأبوه أكبر منه بخمس عشرة سنة. روى عن: الحسن بن عليّ، وحكيم بن حزام، وأبي هريرة، وابن عمر، وجدّته أسماء. وعنه: أخوه هشام، والزّهري، وحنظلة بن أبي سفيان، والضّحّاك بن عثمان الحزاميّ، ونافع القاريء، وغيرهم. وهو الذي خرج رسولاً من عمّه ابن الزبير إلى حصين بن نمير السّكوني. وكان سيّداً نبيلاً فصيحاً، يشبّه بعمّه عبد الله في بيانه، وبنو عروة، هو، ويحيى، ومحمد، وعثمان، وهشام، وعبيد الله.
4 (عبد الله بن عوف أبو القاسم الكناني الشامي. رأى عثمان رضي الله عنه، وروى عن: أبي)
جمعة الأنصاريّ، وبشير بن عقربة، وكعب الأحبار.

(7/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 139
وعنه: الزّهري، وحجر بن الحارث، ورجاء بن أبي سلمة. وقد ولّي خراج فلسطين، لعمر بن عبد العزيز.
4 (عبد الله بن غابر ن ق أبو عامر الألهاني الحمصيّ. أدرك عمر رضي الله عنه، وحدّث)
عن: ثوبان، وعتبة بن عبد، وأبي أمامة، وعبد الله بن بسر. وعنه: أرطأة بن المنذر، وثور بن يزيد، وحريز بن عثمان، ومعاوية بن صالح.
4 (عبد الله بن أبي قيس النّصريّ م أبو الأسود الحمصي.)
روى عن: عمر، وأبي ذرّ، وأبي الدرداء وأرى ذلك منقطعاً وروى عن عائشة، وابن عمر. وعنه: محمد بن زياد الألهاني، ويزيد بن خمير، ومعاوية بن صالح. وثقه النّسائيّ.
4 (عبد الله بن قدامة أبو سوار العنقريّ، قاضي البصرة، وأبو قاضيها، روى عن: أبي برزة)
الأسلميّ. وعنه: توبة العنبريّ. ذكره أبو حاتم الرازي ولم يضعفه.)

(7/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 140
4 (عبد الله بن أبي عتيق خ م ن ق)
محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصّدّيق التّيمي، والد محمد، وعبد الله. عن: أمّ المؤمنين عائشة، وابن عمر. وعنه: شريك بن أبي نمر، وعمرو بن دينار، ويعقوب بن مجاهد، وخالد بن سعد، وابن إسحاق، وغيرهم. قال مصعب الزّبيري: كان أمرأً صالحاً، وفيه دعابة، مرّ به رجلٌ معه كلب، فقال له: ما اسمك قال: وثّاب. قال: فما اسم كلبك قال عمرو: فقال: واخلافاه. وحكى مصعب الزّبيري قال: لقي ابن أبي عتيق عبد الله بن عمر فقال: إنّ إنساناً هجاني، فقال:
(أذهبت مالك غير مترك .......... في كل مومسةٍ وفي الخمر)

(ذهب الإله بما تعيش به .......... فبقيت وحدك غير ذي وفر)
فقال له: أرى أن تصفح، فقال: والله لأفعلنّ به لا يكنّى فقال ابن عمر: سبحان الله لا تترك الهزل، وافترقا، ثمّ لقيه فقال: قد أولجت فيه. فأعظم ذلك ابن عمر وتألّم فقال: امرأتي والله التي قالت البيتين. قال مصعب: وأمرأته هي أمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله، وكانت قد غارت عليه، وله مزاح ونوادر.
4 (عبد الله بن موهب الشّاميّ ولّي قضاء فلسطين لعمر بن عبد

(7/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 141
العزيز، وحدّث عن تميم)
الدّاريّ، وأبي هريرة، ومعاوية، وابن عمر، وغيرهم، وعن قبيصة بن ذؤيب. وعنه: ابنه يزيد، وأبو إسحاق السّبيعي، والزّهري، وعبد الملك بن أبي جميلة، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وآخرون. والأصحّ أنّه لم يدرك تميماً، وإنّما هو: ابن موهب عن قبيصة عن تميم. وقد روى عنه: ابن أبي غيلان الفلسطينيّ، قال: ثلاثٌ إذا لم تكن في القاضي فليس بقاضٍ: يسأل وإن كان عالماً، ولا يسمع من أحد دعوى إلاّ مع خصمه، ولا يقضي إلاّ بعد أن يفهم.
4 (عبد الله بن واقد م د ق بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. عن: جدّه، وعائشة.)
وعنه: الزّهري، وفضيل بن غزوان، وعمر بن محمد العمري، وأسامة بن زيد، ورآه مالك. ثم وجدت وفاته سنة سبع عشرة ومائة، ورّخه ابن سعد فيؤخّر.
4 (عبد الله بن يسار الجهني الكوفي د ن شيخ معمّر. روى عن: عليّ، وحذيفة، وسليمان بن)
) صرد، وغيرهم.

(7/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 142
وعنه: منصور، والأعمش، وجابر الجعفي، وسعيد بن أشوع، وفطر بن خليفة، وآخرون. وثّقه النّسائيّ.
4 (عبد الله الهيّ م مولى مصعب بن الزّبير. روى عن عائشة، وفاطمة بنت قيس، وأبي)
سعيد الخدريّ، وابن عمر، وعروة بن الزّبير. وعنه: أبو إسحاق السّبيعي وإسماعيل السّدّي، وإسماعيل بن أبي خالد، والعبّاس بن ذريح، والصّلت بن بهرام، وآخرون. وهو من تابعي أهل الكوفة وثقاتهم.
4 (عبد الأعلى بن عديّ ن ق البهراني الحمصي القاضي. عن ثوبان، وعتبة بن عبد، وعبد)
الله بن عمرو بن العاص، وأرسل عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم. وعنه: أحوص بن حكيم، ولقمان بن عامر، وحريز بن عثمان، وصفوان بن عمر، وأبو بكر بن أبي مريم الغسّانيّ. وثّقه ابن حبّان. وقال يزيد بن عبد ربّه: توفي سنة أربعٍ ومائة.
4 (عبد الأعلى بن هلال أبو النّضر السّلميّ الحمصي. روى عن

(7/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 143
العرباض بن سارية، وواثلة)
بن الأسقع، وأبي أمامة. وعنه: الزّهري، وسعيد بن سويد، ويزيد بن الأيهم. وروايته في مسند الإمام أحمد، وما علمت به بأساً.
4 (عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفّان الأمويّ المدني، أحد سادات بني أميّة)
وكبرائهم. سمع أباه. روى عنه: عمر بن سليمان العمري، وعبد الله، ومحمد ابنا أبي بكر بن حزم، وموسى بن محمد بن إبراهيم التّيمي، وآخرون. قال موسى بن محمد التّيمي: ما رأيت أحمد للدين والحكمة والشرف منه. وقال مصعب بن عثمان: كان عبد الرحمن بن أبان يشتري أهل البيت، ثم يكسوهم، ثم يعرضهم عليه ويعتقهم، ويقول: أنتم أحرار أستعين بكم على غمرات الموت، فمات وهو نائمٌ في مسجده. قال الزّبير بن بكّار: كان عبد الرحمن من خيار المسملين، كان كثير الصّلاة، فرآه عليّ بن عبد الله بن عبّاس، فأعجبه هديه ونسكه وقال: أنا أقرب رحماً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) منه، وأولى بهذه الحال، فما زال مجتهداً حتى مات.
4 (عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي ع أول مولود ولد بالبصرة.)

(7/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 144
روى عن: أبيه، وعن الأسود بن سريع، وعن عليٍّ إن صحّ. وعنه: أبو بشر جعفر بن أبي وحشيّة، وابن عون، والجريري، ويونس بن عبيد، وخالد الحذّاء، وإسحاق بن سويد، آخرون. وكان ثقةً كبير القدر. قال ابن سعد: نحروا جزوراً يوم مولده وهم بالخريبة، فكفتهم، وكانوا قدر ثلاثمائة رجلٍ. قلت: لم أر أحداً ضبط وفاته، وهي بعد المائة بقليل.
4 (عبد الرحمن بن جابر ع عبد الله الأنصاري. روى عن: أبيه، وعن أبي بردة بن نيار.)
وعنه: سليمان بن يسار، وهو أكبر منه، وعاصم بن عمر بن قتادة، ومسلم بن أبي مريم، وحزام بن عثمان، وآخرون. وكان ثقةً، قاله العجليّ والنّسائيّ. وقال ابن سعد: لا يحتجّ به.

(7/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 145
4 (عبد الرحمن بن حسّان بن ثابت ق)
الأنصاريّ المدنيّ، الشّاعر ابن الشاعر، المؤيّد بروح القدس، وهو ابن خالة إبراهيم ابن النّبيّ صلى الله عليه وسلم. روى عن: أمّه سيرين القبطيّة، وعن أبيه، وزيد بن ثابت. وعنه: ابنه سعيد، وعبد الرحمن بن بهمان. له حديثٌ عند ابن ماجه. ويقال: إنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وصحب عمر. وفي مسند أحمد من حديث بهمان، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور، ولكن ابن بهمان لا يعرف. روى معمر بن راشد، عن عبد الله محمد بن عقيل، أن معاوية لما قدم المدينة، لقيه أبو قتادة الأنصاري، فقال معاوية: تلقاني الناس كلهم غيركم با معشر الأنصار قال: لم يكن لنا دوابٌ، قال: فأين النواضح قال: عقرناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر، ثم قال أبو قتادة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(7/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 146
قال لنا: إنكم سترون بعدي أثرةً قال معاوية: فما أمركم قال: أمرنا بأن نصبر، قال فاصبروا، فبلغ ذلك عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، فقال:
(ألا أبلغ معاوية بن حربٍ .......... أمير المؤمنين نثا كلامي)

(فإنا صابرون ومنظروكم .......... إلى يوم التغابن والخصام)
) أبو عبيد: ثنا محمد بن كثير، عن الأوزاعي، أن يزيد قال لمعاوية: ألا ترى إلى عبد الرحمن بن حسان يشبب بابنتك ويقول:
(هي زهراء مثل لؤلؤة الغ .......... واص ميزت من جوهرٍ مكنون)
فقال: صدق، قال: فإنه يقول:
(فإذا ما نسبتها لم تجدها .......... في سناءٍ من المكارم دون)
فقال: صدق، قال: فإنه يقول:
(ثم خاصرتها إلى القبة الخض .......... راء نمشي في مرمرٍ مسنون)
فقال معاوية: كذب. قوله خاصرتها: أخذت بيدها. توفي سنة أربع ومائة.
4 (عبد الرحمن بن سعد المدني م د ق رأى عمر بن الخطاب.)
وروى عن: أبي هريرة، وأبي سعيد.

(7/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 147
وعنه: هشام بن عروة، وعمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر، وابن أبي ذئب، وغيرهم. وهو مولى الأسود بن نفيل، وثقه النسائي.
4 (عبد الرحمن بن سعد الكوفي مولى عبد الله بن عمرو بن العاص. روى عن: مولاه، وعن)
أخيه عبد الله. وعنه: منصور، وأبو إسحاق، وحماد بن أبي سليمان، وأبو شيبة عبد الرحمن بن إسحاق. ذكره ابن أبي حاتم.
4 (عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي أبو محمد، عاش ثمانين سنة. روى عن: أبيه)
حديثاً، وعن عثمان. وعنه: أبو حازم الأعرج، وخالد الحذاء، وحفيداه: عمرو، ومحمد ابنا عثمان بن عبد الرحمن. وهو مقل.
4 (عبد الرحمن بن شماسة المهري المصري م عن:

(7/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 148
زيد بن ثابت، وعمرو بن العاص،)
وعبد الله بن عمرو، وعقبة بن عامر، وروى عن أبي ذر، فلعله مرسل. وعنه: يزيد بن أبي حبيب، وكعب بن علقمة، وحرملة بن عمران، وآخرون. توفي في أول خلافة يزيد بن عبد الملك، وقد وثقه العجلي.)
4 (عبد الرحمن بن الضحاك، بن قيس الفهري، أحد أشراف العرب، ولي إمرة المدينة، فأحسن)
إلى أهلها. روى الواقدي أنه خطب فاطمة بنت الحسين بن علي رضي الله عنها، فأبت، فألح عليها، فشكته إلى الخليفة يزيد بن عبد الملك، فغضب لها وعزله، وغرمه أربعين ألف دينارٍ، وطوف به في جبة صوفٍ. وأبوه المقتول يوم مرج راهط.
4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب خ م د ن بن مالك الأنصاري السلمي المدني، وروى)
عن: جده، وعمه عبيد الله بن كعب، وأبي هريرة، وجابر. وعنه: الزهري، ومحمد بن أبي أمامة بن سهل، وعبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكان أحد الفقهاء بالمدينة.
4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار م القرشي المكي،

(7/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 149
الملقب بالقس، لعبادته ودينه،)
وهو صاحب سلّامة وله معها أخبار، وكان قد هويها. روى عن: أبي هريرة، وجابر، وشداد بن الهاد، وعبد الله بن بابيه، وجماعة. وعنه: عكرمة بن خالد المخزومي، وعبد الله بن عبيد بن عمير، وابن جريج.
4 (عبد الرحمن بن عمرو بن عبسة د ت ق السلمي الشامي.)
عن: العرباض بن سارية، وعتبة بن عبد. وعنه: ابنه جابر، وخالد بن معدان، ومحمد بن زياد الألهاني، وغيرهم. وهو صدوق إن شاء الله.
4 (عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري ع المدني القاص، في اسم أبيه أقوال. روى عن:)
أبيه وله صحبه وعن عثمان، وأبي هريرة، وعبادة بن الصامت، وزيد بن خالد الجهني. وروايته عن عثمان في صحيح مسلم. روى عنه: إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وشريك بن أبي نمر، ومحمد بن يحيى بن حبان، وهلال بن أبي ميمونة، ويزيد بن يزيد بن جابر، وعبد الرحمن بن أبي الموال. وثقه محمد بن سعد.

(7/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 150
4 (عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي د ن قاي حمص. وروى عن: مرو بن العاص، وأبي)
هند البجلي، والمقدام بن معد يكرب. وعنه: ثزر بن يزيد، والزبيدي، وحريز بن عثمان، وصفوان بن عمرو.)
4 (عبد الرحمن بن كعب ع بن مالك الأنصاري السلمي المدني.)
عن: أبيه، وأبي قتادة الأنصاري، وجابر بن عبد الله. وعنه: الزهري، وسعد بن إبراهيم، وهشام بن عروة، وأبو عامر صالح بن رستم الخزاز، وابناه: كعب، وعبد الله.
4 (عبد الرحمن بن مطعم ع بن عبد الله، أبو المنهال البناني البصري، وقيل الكوفي، نزيل)
مكة. حدث عن: ابن عباس، والبراء بن عازب. وعنه: حبيب بن أبي ثابت م ن وسليمان الأحول خ وعمرو بن دينار ع وعبد الله بن كثير ع.

(7/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 151
4 (عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي ع)
أبو الحكم الكوفي، عن المغيرة بن شعبة، وأبي هريرة، وأبي سعيد. عنه: ابنه الحكم، وسعيد بن مسروق، وصالح بن صالح بن حي، وعمارة بن القعقاع، وفضل بن غزوان، وفضيل بن مرزوق، ويزيد بن مردانبة. وكان من الثقات العابدين. قال بكير بن عامر: كان لو قيل له قد توجه إليك ملك الموت، ما كان عنده زيادةٌ، وكان يمكث نصف شهرٍ لا يأكل. وروى محمد بن فضيل، عن أبيه، قال: كان عبد الرحمن بن أبي نعم يحرم من السنة إلى السنة، ويقول: لبيك، لو كان رياءً لا ضمحل. وقيل: إنه أنكر على الحجاج كثرة سفكه للدماء، فهمَّ به، فقال له: من في بطنها أكثر ممن على ظهرها. رواها أبو بكر بن عياش، عن مغيرة. وروى حفص بن غياث، عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: كنا نجمع مع عبد الرحمن بن أبي نعم، وهو يلبي بصوت حزين، ثم يأتي خراسان وأطراف الأرض، ثم يوافي مكة وه و محرمٌ، وكان يفطر في الشهر مرتين.

(7/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 152
أخبرنا إسحاق الصفار، أنا يوسف الخليل، أنا اللبان، أنا أبو علي، أنا أبو نعيم، ثنا سليمان، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم، ثنا يزيد بن مردانبة، والحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم، عن عبد الرحمن بن أبي نعم، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
4 (عبد الرحمن بن هلال العبسي الكوفي م د س ق عن: جرير بن عبد الله.)
) وعنه تميم بن سلمة، وبيان بن بشر، ومجالد بن سعيد، ومحمد بن أبي إسماعيل، وثقه النسائي.
4 (عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية)
ابن أبي سفيان الأموي الدمشقي، كان من خيار بني أمية وصلحائهم. سمع ثوبان. وعنه: أبو طوالة عبد الله بن عبد الرحمن، وأبو حازم سلمة بن دينار، ومحمد بن قيس، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وغيرهم.

(7/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 153
روى رجاء بن أبي سلمة، وعن الوليد بن هشام، قال: كان عمر بن عبد العزيز يرق لعبد الرحمن بن يزيد، لما هو عليه من النسك، فرفع ديناً عليه إلى عمر، وهو أربعة آلاف، فوعده أن يقضي عنه وقال: وكل أخاك الوليد، فوكله، وقال عمر للوليد: إني أكره أن أقضي عن رجلٍ واحدٍ أربعة آلاف دينار، وإن كنت أعلم أنه أنفقها في حق، قال: يا أمير المؤمنين، يقال: من أخلاق المؤمن أن ينجز ما وعد، قال: ويحك، وضعتني هذا الموضع، فلم يقض عنه شيئاً. قال المفضل الغلابي: كان يقال: جماعة كلهم عبد الرحمن، وكلهم عابد قرشي: عبد الرحمن بن زياد بن أبي سفيان، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن أبان بن عثمان، وعبد الرحمن بن يزيد بن معاوية. وعن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: اجتهد عبد الرحمن بن يزيد في العبادة حتى صار كالشن. فلت لعل هذا الرجل أفضل عند الله من آبائه.
4 (عبد الرحمن بن يعقوب الجهني م مولى الحرقة. أكثر عن أبي هريرة.)
روى عنه: ابنه العلاء بن عبيد الرحمن، وابن عجلان، وسالم أبو النضر، ومحمد بن عمرو بن علقمة. قال أبو عبد الرحمن النسائي: ليس به بأس.

(7/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 154
4 (عبد العزيز بن أبي بكرة د ت ق الثقفي البصري. روى عن أبيه.)
وعنه: ابنه بكار بن عبد العزيز، وسار أبو حمزة، وأبو كعب صاحب الحرير، واسمه عبد ربه، وبحر بن كنيز السقاء.
4 (عبد العزيز بن جريج المكي مولى قريش. عن: عائشة، وابن عباس، وابن أبي مليكة،)
) وسعيد بن كثير، وروى عن أم حميد أيضاً، عن عائشة. وعنه: ابنه عبد الملك شيخ مكة، وخصيف الجزري. قال البخاري: لا يتابع في حديثه. وذكره ابن حبان في الثقات. وفي رواية أحمد في مسنده: ثنا محمد بن سلمة، عن خصيف، عن عبد العزيز بن جريج: سألت عائشة عن الوتر. حسنه الترمذي.
4 (عبد العزيز بن عبد الله د ت ن بن خالد بن أسيد بن

(7/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 155
أبي العيص ابن أمية الأموي المكي)
أمير مكة. روى عن: أبيه محرش الكعبي. وعنه: حميد الطويل، ومزاحم مولى عمر بن عبد العزيز، وابن جريج. وثقه النسائي، وقد حج فأقام الموسم سنة ثمانٍ وتسعين. وحكى الزبير بن بكار أن سليمان بن عد الملك لما حج في خلافته قال: من سيد أهل مكة قالوا له: عبد العزيز بن عبد الله، وعمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية يتنازعان الشرف، فقال: ما سوي عمرو بعبد العزيز في سلطاننا وهو ابن عمنا، ألا وهو أشرف منه، ثم خطب ابنه عمروٍ وتزوج بها، وكان عبد العزيز جواداً ممدحاً. توفي برصافة هشام بن عبد الملك زائراً له، فرثاه أبو صخر الهذلي بأبياتٍ.
4 (عبد العزيز بن الوليد)
ابن عبد الملك بن مروان الأمير أبو الأصبغ الأموي، وهو ابن أخت عمر بن عبد العزيز، سعى أبوه الوليد في خلع سليمان من العهد وتولية عبد

(7/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 156
العزيز هذا فلم يتم له ما رامه، وقد ولي نيابة دمشق لأبيه، وداره بناحية الكشك قبليّ دار البطّيخ العتيقة، وله ذرّية بالمرج بقرية الجامع. وروي عن مالك بن أنس قال: أراد الوليد أن يبايع لابنه، فأراد عمر بن عبد العزيز على ذلك فقال: لسليمان بيعةٌ في أعناقنا، فأخذه الوليد وطيّن عليه، ثم فتح عنه بعد ثلاثٍ فأدركوه وقد مالت عنقه. وقال أبو زرعة الدمشقي: فكان ذلك الميل فيه حتى مات. وحكى نحو هذا محمد بن سلاّم الجمحيّ لكنّه قال: خنق بمنديلٍ حتى صاحت أخته أمّ البنين، فشكر سليمان لعمر ذلك وعهد إليه بالخلافة. وقد حجّ عبد العزيز بالناس سنة ثلاثٍ وتسعين، وغزا الروم في سنة أربعٍ) وتسعين، وكان من ألبّاء بني أميّة وعقلائهم. روى الوليد بن مسلم، عن عامر بن شبل، عن عبد العزيز بن الوليد، أنّ عمر بن عبد العزيز قال له: يا بن أختي، بلغني أنك سرت إلى دمشق تدعو إلى نفسك، ولو فعلت مانازعتك. قال عامر بن شبل: أنا ممّن سار مع عبد العزيز إلى دمشق، فجاءنا الخبر بأن عمر بن عبد العزيز قد بويع ونحن بدير الجلجل، فانصرفنا.
4 (عبد الملك بن أبي بكر ع بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي)
المدني، اخو الحارث وعمر. روى عن: أبيه، وخلاّد بن السّائب، وخارجة بن زيد، وقيل: إنّه روى عن أبي هريرة. روى عنه: الزّهري، وأبو حازم الأعرج، وابن جريج وآخرون. وكان

(7/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 157
جواداً سخيّاً سريّاً، قرنه البخاريّ بغيره.
4 (عبد الملك بن رفاعة بن خالد الفهميّ المصريّ الأمير. ولّي مصر للوليد وسليمان، فلما)
استخلف عمر بن عبد العزيز عزله بأيّوب بن شرحبيل، ثم إنه ولي مصر لهشام بن عبد الملك، في أول سنة تسعٍ، فمات بعد خمسة عشر يوماً، وولي مصر بعده أخوه الوليد بن رفاعة.
4 (عبد الملك بن المغيرة الطّائفيّ روى عن: عباس، وأوس بن أبي أوس الثقفي، وعبد الرحمن)
بن البيلماني. وعنه: حجّاج بن أرطأة، وعمير بن عبد الرحمن الخثعميّ، وجماعة. وثّقه أبو حاتم البستي، ولم يخرّج له أحدٌ من أصحاب الكتب السّتّة.
4 (عبد الملك بن المغيرة ق بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم أبو محمد)
الهاشمي المدنيّ. روى عن: علي، وأبي هريرة، وابن عمر، وما أحسبه أدرك عليّاً. روى عنه: ابنه يزيد بن عبد الملك النّوفليّ، وبكير بن عبد الله بن الأشجّ، والزّهري، ومحمد بن عمرو بن علقمة. وثّقه يحيى بن معين.
4 (عبد الملك بن نافع الشيباني الكوفي قيل هو عبد الملك بن أبي

(7/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 158
القعقاع. روى عن ابن عمر.)
وعنه: أبو إسحاق الشيباني، وإسماعيل بن أبي خالد، والعوّام بن حوشب. له حديث واحد يستغرب.)
4 (عبد الملك بن يسار س مولى ميمونة، أخو عطاء، وسليمان، وعبد الله، مدنيون. روى)
عنه أخوه سليمان.
4 (عبد الواحد بن عبد الله خ بن بسر، أبو بسر النصري الشامي. روى عن أبيه عبد الله)
بن بسر، وعبد الله بن بسر المازني، وواثلة بن الأسقع.

(7/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 159
وعنه: ابن عجلان، وحريز بن عثمان، والأوزاعي، وعمر بن رؤبة. وثّقه يحيى بن معين. قال أبو زرعة الدمشقي: هو جدنا، ولي إمرة حمص وإمرة المدينة، وكان محمود السيرة.
4 (عبيد الله بن الأرقم بن أبي الأرقم القرشي المخزوميّ، من أبناء المهاجرين. وفد على عمر)
بن عبد العزيز، وخرج إلى الغزو، فاستشهد، رحمه الله تعالى، لا أعلم له رواية.
4 (عبيد الله بن عبدالله بن عمر بن الخطاب ع العدوي المدني: سمع أباه، وصميتة اللّيثيّة.)
وعنه: الزّهري، ويزيد بن أبي حبيب، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشيّة، ومحمد بن إسحاق، وعبيد الله بن عمر، وآخرون. يكنّى أبا بكر، وهو ثقة قليل الحديث، توفي سنة خمسٍ ومائة.
4 (عبيد الله بن مقسم القرشي سوى ت مولاهم المدني. عن أبي هريرة، وابن عمر، وعن)
أبي صالح السمان، والقاسم بن محمد. وعنه: أبو حازم، وسهيل بن أبي صالح، ويحيى بن أبي كثير، وابن عجلان، وآخرون.

(7/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 160
وثّقه أبو داود.
4 (عبيد بن جريج التّيمي سوى ت مولاهم المدني. عن أبي هريرة، وابن عمر، وغيرهما.)
وعنه: سعيد المقبري، وزيد بن أسلم، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، وسليمان بن موسى. وثّقه أبو زرعة.
4 (عبيد بن حصين النّميري الشاعر، وهو المشهور بالرّاعي. قد ذكر ومن شعره:)

(إن الزمان الذين ترجو هودايه .......... يأتي على الحجر القاسي فينفلق)

(ما الدهر والناس إلا مثل وارده .......... إذا مامضى عنقٌ منها بدا عنق)

4 (عبيد بن حنين المدني ع أبو عبد الله، مولى آل زيد بن الخطاب، عن: أبي موسى)
الأشعري، وزيد بن ثابت، وأبي هريرة، وابن عباس، وجماعة. وعنه سالم أبو النّضر، وأبو) الزناد، وأبو طوالة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وآخرون، وله أخوان: عبد الله، ومحمد. توفي سنة خمسٍ ومائة.

(7/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 161
4 (عبيدة بن سفيان م بن الحارث الحضرميّ المدنيّ. روى عن أبي هيرة، وأبي الجعد)
الضّمري، وزيد بن خالد، وعنه: بسر بن سعيد، وإسماعيل بن أبي حكيم، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وكان ثقة قليل الحديث.
4 (عبيدة بن أبي المهاجر سمع من: معاوية، وأرسل عن حذيفة، وكعب الأحبار، وعنه: ابنه)
يزيد ن عبيدة، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر.
4 (عثمان بن حيّان م ن بن معبد المزني مولى أمّ الدرداء أو مولى عتبة بن أبي سفيان، غزا)
الروم في سنة خمسٍ ومائة، وحدّث عن أم الدرداء. وعنه: هشام بن سعد، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وهو الذي كان على المدينة في خلافة الوليد، وكان ظلوماً عسّافاً جائراًَ، كان يروي في خطبه الشّعر على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن شوذب: قال عمر بن عبد العزيز: الوليد بالشام، والحجاج بالعراق، ومحمد بن يوسف باليمن، وعثمان بن حيان بالحجاز، وقرة بن

(7/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 162
شريك بمصر، امتلأت والله الأرض جوراً. قال ابن وهب حدّثنا مالك أن ابن حيان المرّي إذ كان أميراً على المدينة: وعظ محمد بن المنكدر وأصحابه نفراً في شيء، وكان فيهم مولى لابن حيّان، فرفع ذلك إلى ابن حيّان فضرب ابن المنكدر وأصحابه لإنكارهم وقال: تتكلّمون في مثل هذا.
4 (عجلان المدني م ن روى عن مولاته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة، وزيد بن ثابت، وأبي)
هريرة. وعنه: ابنه محمد بن عجلان، وبكير بن الأشج، قال النّسائيّ: لا بأس به.
4 (عدي بن أرطأة الفزاريّ الدمشقيّ)
أخو زيد، ولي البصرة لعمر بن عبد العزيز. وحدث عن: عمرو بن عبسة، وأبي أمامة الباهلي. وعنه: أبو سلاّم الأسود، وبكير بن عبد الله المزني، وبريد بن أبي مريم، وعروة بن قبيصة. قال عبّاد بن منصور: سمعت عديّ بن أرطأة يخطب على منبر المدائن، فوعظ حتى بكى وأبكانا ثم قال: كونوا كرجلٍ قال لابنه: يا بنيّ لا تصلّ صلاةً إلا ظننت أنك لا تصلي بعدها غيرها.)

(7/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 163
وقال عبد الرزاق: أنبأ معمر أنّ عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن أرطأة: أمّا بعد، فإنّك غررتني بعمامتك السّوداء، ومجالستك القراء، وإرسالك العمامة من ورائك، وأظهرت لي الخير، وقد أظهرنا الله على كثير مما تكتمون زاد غيره: قاتلكم الله، أما تمشون بين القبور قال خليفة: وفي سنة تسع وتسعين قدم عدي والياً من قبل عمر على البصرة، فأتى يزيد بن المهلب يسلم عليهة، فقيده عدي وبعث به إلى عمر بن عبد العزيز، فحبسه. قلت: فلما توفي عمر انفلت يزيد من الحبس، وقصد البصرة ودعا إلى نفسه، وتسمى بالقحطاني، ونصب رايات سوداء، وقال: أدعو إلى سيرة عمر بن الخطاب، فقام الحسن البصري في الناس خطيباً، فذم يزيد وخروجه، فأرسل يزيد بن عبد الملك أخاه مسلمة في جيشٍ، فحارب ابن المهلب، فظفر به فقتله، فوثب ابنه معاوية بن يزيد، فقتل عدي بن أرطأة وجماعةً صبراً. قال الدار قطنيّ: عديّ يحتجّ بحديثه. قلت: قتل سنة اثنتين ومائة.
4 (عديّ بن زيد العامليّ الشاعر)
المعروف بابن الرقاع، مدح الوليد بن عبد الملك وغيره، وهاجى

(7/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 164
جريراً، وكان أبرص، وفيه يقول الراعي.
(لو كنت من أحدٍ يهجى هجوتكم .......... بابن الرقاع ولكن لست من أحد)

(تأبى قضاعة أن تعرف لكم نسباً .......... وابنا نزارٍ فأنتم بيضة البلد.)
قال محمد بن سلاّم: ثنا أبو الغرّاف قال: دخل جرير على الوليد وعنده ابن الرقاع، فقال لجرير: أتعرف هذا قال: لا يا أمير المؤمنين، قال: هذا رجل من عاملة، قال: الذي يقول الله تعالى: عاملةٌ ناصبةٌ. تصلى ناراً حاميةً ثم أنشأ يقول.
(يقصر باع العاملي عن العلا .......... ولكن أير العاملي طويل)
فقال ابن الرقاع:
(أأمّك يا ذا خبرتك بطوله .......... أم أنت أمرؤٌ لم تدر كيف تقول)
فقال: لا، بل لم أدر كيف أقول، فوثب ابن الرقاع إلى الوليد فقبّل رجله، وقال أجرني منه، فقال الوليد: لئن سميته لأسرجنّك ولألجمنك وليركبنك فتعيّرك الشعراء بذلك.)

(7/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 165
4 (عدي بن زيد بن الحمار)
العباديّ التميمي الشاعر: جاهليّ نصرانيّ من فحول الشعراء، ذكرته هنا تمييزاً له من ابن الرّقاع العامليّ، وأظنّه مات قبل الإسلام أو في زمن الخلفاء الراشدين. ذكره محمد بن سلاّم في الطبقة الرابعة من شعراء الجاهلية، وقال: هم أربعة فحول: طرفة بن العبد، وعبيد بن الأبرص، وعلقمة بن عبدة، وعديّ بن زيد بن الحمار، وأما أبو الفرج صاحب الأغاني فقال: ابن الخمار بخاء معجمة مضمومة. روى إسحاق بن زياد، عن شبيب بن شيبة، عن خالد بن صفوان قال: أوفدني يوسف بن عمر في وفد العراق إلى هشام بن عبد الملك فقال: هات يابن صفوان، قلت: إنّ ملكاً من الملوك خرج متنزّهاً في عامٍ مثل عامنا هذا إلى الخورنق، وكان ذا علم مع الكثرة والغلبة، فنظر وقال لجلسائه لمن هذا قالوا: للملك، قال: فهل رأيتم أحداً أعطي مثل ما أعطيت قال: وكان عنده رجل من بقايا حملة الحجّة، فقال: إنّك قد سألت عن أمرٍ أفتأذن لي بالجواب فقال: نعم، قال: أرأيت ما أنت فيه، أشيءٌ لم تزل

(7/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 166
فيه أم شيءٌ صار إليك ميراثاً، وهو زائلٌ عنك إلى غيرك، كما صار إليك قال: كذا هو، قال: فتعجب بشيءٍ يسير لا تكون فيه إلاّ قليلاً وتنقل عنه طويلاً، فيكون عليك حساباً، قال: ويحك فأين المهرب، وأين المطلب وأخذته قشعريرة. قال: إمّا أن تقيم في ملكلك فتعمل فيه بطاعة الله على ما ساءك وسرّك، وإمّا أن تنخلع من ملكلك وتضع تاجك وتلقى عليك أطمارك وتعبد ربّك، قال: إنّي مفكّرٌ الليلة وأوافيك السّحر، فلمّا كان السّحر قرع عليه بابه فقال: إنّي اخترت هذا الجبل وفلوات الأرض، وقد لبست عليّ أمساحي فإن كنت لي رفيقاً لا تخالف، فلزما والله الجبل حتى ماتا. وفيه يقول عديّ بن زيد العباديّ:
(أيها الشامت المعيّر بالدّه .......... ر أأنت المبرّأ الموفور)

(أم لديك العهد الوثيق من الأي .......... ام بل أنت جاهلٌ مغرور)

(من رأيت المنون خلّدن أم من .......... ذا عليه من أن يضام خفير)

(أين كسرى كسرى الملوك أبو سا .......... سان أم أين قبله سابور)

(وبنو الأصفر الكرام ملوك ال .......... رّوم لم يبق منهم مذكور)

(وأخو الحضر إذ بناه وإذ دج .......... لة تجبى إليه والخابور)
)
(شاد مرمراً وجلّله كل .......... ساً فللطّير في ذراه وكور)

(لم يهبه ريب المنون فباد ال .......... ملك عنه فبابه مهجور)

(وتذكّر ربّ الخورنق إذ أش .......... رف يوماً وللهدى تذكير)

(7/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 167
(سرّه حاله وكثرة ما يم .......... لك والبحر معرضٌ والسدير)

(فارعوى قلبه وقال: وما غب .......... طة حيٍّ إلى الممات يصير)
وزاد بعضهم في هذه القصيدة:
(ثم بعد الفلاح والمك والإمّ .......... ة وارتهم هناك القبور)

(ثم صاروا كأنّهم ورقٌ ج .......... فّ فألوت به الصّبا والدّبور)
وزدت أنا:
(فافعل الخير ما استطعت ولا تب .......... غ فكلٌّ ببغيه مأسور)

(واتّق الله حيث كنت وأتبع .......... سيّء الفعل صالحاً فهو نور)
قال: فبكى هشام حتى أخضلّ لحيته، وأمر بنزع أبنيته، وطيّ فرشة، ولزم قصره، فأقبلت الموالي والحشم على خالد بن صفوان بن الأهتم وقالوا: ماذا أردت إلى أمير المؤمنين، أفسدت عليه لذّته فقال: إليكم عنّي فإنّي عاهدت الله أن لا أخلوا بملك إلاّ ذكّرته الله تعالى، قال: فبعث هشام إلى كلّ واحدٍ من الوفد بجائزة، وكانوا عشرة أنفسٍ، وبعث إلى خالد بمثل جميع ما وجّه إليهم. رواه غير واحدٍ عن بهلول بن حسّان الأنباري، عن إسحاق بن زياد بنحوه. ومن شعر عدّي بن زيد هذه الكلمة السّائرة، رواها أبو بكر الهذلي وخلف الأحمر:

(7/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 168
(أين أهل الديار من قوم نوح .......... ثم عادٍ من بعدهم وثمود)

(أين آباؤنا وان بنوهم .......... أين آباؤهم وأين الجدود)

(سلكوا منهج المنايا فبادوا .......... وأرانا قد حان منّا ورود)

(بينما هم على الأسرّة والأن .......... ماط أفضت إلى التراب الخدود)

(ثم لم ينقض الحديث ولكن .......... بعد ذاك الوعيد والموعود)

(وأطبّاء بعدهم لحقوهم .......... ضلّ عنهم سعوطهم واللّدود)

(وصحيحٌ أضحى يعود مريضاً .......... هو أدنى للموت ممّن يعود)

4 (العريان بن الهيثم س بن الأسود النّخعي الكوفي. رأى عبد الله بن عمرو بن العاص)
) بدمشق، وكان قد وفد مع والده الهيثم على يزيد. وحدّث عن أبيه، وقبيصة بن جابر. وعنه: عبد الملك بن عمير، وعليّ بن زيد بن جدعان. وولّي شرطة الكوفة في أيام خالد القسري، وكان شريفاً مطاعاً في قومه، خرّج له النّسائيّ.
4 (عراك بن مالك الغفاريّ المدني ع الفقيه الصالح من جلّة

(7/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 169
التّابعين. روى عن: أبي هريرة،)
وعائشة، وابن عمر، وزينب بنت أبي سلمة. وعنه: ابنه خثيم بن عراك، وبكير بن الأشجّ، ويزيد بن أبي حبيب، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وجعفر بن ربيعة، وآخروه. وثّقه أبو حاتم وغيره، وكان يصوم الدّهر. قال عمر بن عبد العزيز: ما أعلم أحداً أكثر صلاةً من عراك بن مالك. وكان عراك يحرّض عمر على انتزاع ما بأيدي بني أميّة من المظالم، فوجدوا عله، فلما استخلف يزيد بن عبد الملك نفاه إلى دهلك، فلم يطل مقامه بها، وانتقل إلى الله تعالى في أيام يزيد بن عبد الملك. عروة بن أبي قيس مولى عمرر بن العاص، فقيه فاضل. روى عنه: عبد الله بن عمرو، وعقبة بن عامر. وعنه: بكير بن الأشج، وعبيد الله بن أبي جعفر، وسعيد بن راشد، وعبد العزيز بن صالح، وآخرون. قال أبو سعيد بن يونس: توفي قريباً من سنة عشرٍ ومائة.
4 (عروة بن عياض القرشي القاري م س أمير مكة لعمر بن عبد العزيز. روى عن: عبد الله)
بن عمرو، وأبي سعيد، وجابر بن عبد الله. وعنه: عمرو بن دينار، وسعيد بن حسّان، وابن جريج، وهو ثقة غزير الحديث.

(7/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 170
4 (عروة بن محمد بن عطيّة السّعدي د الأمير. روى عن أبيه، عن جده.)
وعنه: رجاء بن أبي سلمة، وحنظلة بن أبي سفيان، وأبو وائل القاصّ، وعبد الرحمن بن يزيد، وولي إمرة اليمن لعمر بن عبد العزيز وقبله، وكان ذا زهدٍ وصلاح. ولما استخلف يزيد عزله، فخرج عن اليمن بسيفه ورمحه ومصحفحه فقط راكباً راحلته، وروى حنظلة بن أبي سفيان عنه) قال: لما استعملت على اليمن، قال لي أبي: إذا غضبت فانظر إلى السّماء فوقك والأرض تحتك، ثم أعظم خالقهما.
4 (عزرة بن عبد الرحمن م د ت س بن زرارة الخزاعيّ الكوفيّ الأعور، عن عائشة)
مرسلاً، وسعيد بن جبير، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، والحسن العرني. وعنه: قتادة، وسليمان التّيمي، وداود بن أبي هند، وعاصم الأحول، وآخرون، وثّقه عليّ بن المديني، ويحيى.
4 (عطاء بن يزيد اللّيثي ع أبو محمد الجندعي المدني. نزل

(7/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 171
الشام، وحدّث عن تميمي)
الداريّ، وأبي هريرة، وأبي أيّوب الأنصاريّ، وأبي ثعلبة الخشني، وأبي سعيد الخدريّ. وعنه: أبو صالح السّمّان، وابنه سهيل بن أبي صالح، والزّهري، وأبو عبيد الحاجب، وآخرون، وعمّر اثنتين وثمانيني سنة، وكان من علماء التابعين وثقاتهم، توفي سنة سبعٍ ومائة، وقيل سنة خمسٍ ومائة.
4 (عطاء بن يسار ع)
أبو محمد المدني الفقيه، مولى ميمونة أم المؤمنين، وهو أخو سليمان، وعبد الله، وعبد الملك، وكان قاصّاً واعظاً ثقةً جليل القدر. أرسل عن أبي ابن كعب وغيره، وحدّث عن أبي أيوب، وزيد بن ثابت، وأسامة بن زيد ومعاوية بن الحكم، وعائشة، وأبي هريرة، وطائفة. وعنه: زيد بن أسلم، وصفوان بن سليم، وعمرو بن دينار، وهلال بن أبي ميمونة على الأرجح وشريك بن أبي نمر. قال ابن وهب: حدّثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: كان أبو حازم يقول: ما رأيت رجلاً كان ألزم لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من عطاء بن يسار، قال عبد الرحمن بن زيد، قال أبي: كان عطاء يحدّثنا حتى يبكينا أنا

(7/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 172
وأبو حازم، ثم يحدّثنا حتى يضحكنا، ويقول: مرّة هكذا، ومرّة هكذا. ذكره ابن عساكر، وكان ثقة، توفّي سنة ثلاثٍ ومائة، وقيل قبل المائة. روى ابن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: ما رأيت أحداً كان أزين لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من عطاء بن يسار، وقال أبو داود: قد سمع من ابن مسعود.
4 (عطية بن قيس م)
) أبو يحيى الكلبي مولاهم الحمصي الدمشقي المقريء، ويعرف بالمذبوح. قرأ القرآن على أمّ الدرداء، وأرسل عن أبي بن كعب، وأبي الدرداء، وحدّث عن معاوية، وعبد الله بن عمرو، وجماعة من الصحابة. وعنه: ابنه سعد، وسعيد بن عبد العزيز، والحسن بن عمران العسقلاني، وعلي بن أبي حملة وقرأوا عليه وأبو بكر بن أبي مريم، وآخرون، وسأعيده لاختلافهم في موته. روى سعيد بن عبد العزيز عنه قال: غزوت فارساً زمن معاوية، فبلغ نفلي مائتي دينار، فتحنا شمّاسة، وقال الوليد بن مسلم: ذكرت لسعيد بن عبد العزيز قدم عطيّة بن قيس، فقال: لقد سمعته يقول إنّه كان فيمن غزا القسطنطينة زمن معاوية. وقال دحيم: كان هو وإسماعيل بن عبيد الله قارئ الجند. وقال عبد

(7/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 173
الواحد بن قيس: كان الناس يصلحون مصاحفهم على قراءة عطيّة بن قيس وهم جلوسٌ على درج الكنيسة من المسجد. قال سعيد بن عبد العزيز: ما كان أحد يطمع أن يفتح في مجلسه ذكر الدنيا. قال الحسن بن محمد بن بكّار: سمعت أبا مسهر يقول: كان مولد عطيّة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة سبعٍ، ومات سنة عشرين ومائة. وأما البخاري فقال: قال يزيد بن عبد ربه: أنبأ عبد الأعلى بن مسهر، حدّثني سعد بن عطية أن أباه مات سنة إحدى وعشرين ومائة، وهو ابن مائةٍ وأربع سنين. وكذا رواه جماعة عن ابن مسهر.
4 (عطية مولى سلم بن زياد الدمشقي عن حذيفة بن اليمان، وعبد الله بن معانق الأشعريّ.)
وعنه عبد الرحمن بن أبي ميسرة، وبرد بن سنان، وثور بن يزيد. قال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة.
4 (عكرمة بن عبد الرحمن خ م د س بن الحرث بن هشام بن المغيرة، أبو عبد الله)
المخزومي، أخو أبي بكر، سمع أباه، وأمّ سلمة، وعبد الله بن عمرو. وعنه: ابناه عبد الله، ومحمد، والزّهري، ويحيى بن محمد بن صيفي.

(7/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 174
قال ابن سعد: ثقة. وقال ابن حبان: توفي سنة ثلاثٍ ومائة.
4 (عكرمة البربري ع)
ثم المدني، أبو عبد الله مولى ابن عباس أحد العلماء الربّانيّين. روى عن ابن عبّاس، وعائشة، وعليّ بن أبي طالب وذلك في سنن النّسائيّ وعن أبي هريرة، وعقبة بن عامر، وعبد الله) بن عمرو، وأبي سعيد، وابن عمرو، وعنه: أيّوب السّختياني، وثور بن يزيد وثور بن زيد الدّيلي، وأبو بشر، وخالد الحذّاء، وداود بن أبي هند، وعاصم الأحول، وعباد بن منصور، وعقيل بن خالد، وعبد الرحمن بن الغسيل، ويحيى بن أبي كثير، وخلق كثير، وأفتى في حياة مولاه، وقال: طلبت العلم أربعين سنة، ملكه ابن عباس، إذ ولي البصرة، لعلي بن أبي طالب، فلا يبعد سماعه من علي. قال يزيد بن زريع: كان عكرمة بربرياً للحصين بن أبي الحرّ العنبريّ، فوهبه لابن

(7/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 175
عباس حين ولي البصرة. ابن عيينة، عن عمرو: سمع أبا الشعثاء يقول: هذا عكرمة مولى ابن عباس، هذا أعلم الناس. ابن جريج: أخبرني عتبة بن محمد بن الحارث، أن عكرمة مولى ابن عباس أخبره قال: وفد ابن عباس على معاوية، فكانا يسمران إلى شطر الليل أو أكثر، فرأيت معاوية أوتر بركعة، قال عبد الحميد بن بهرام: رأيت عكرمة أبيض اللحية، عليه عمامة بيضاء، طرفها بين كتفيه، قد أدارها تحت حنكه، وقميصه إلى الكعبين، ورداؤه أبيض، قدم على بلال بن مرداس الفزاريّ والى المدائن فأجازه بثلاثة آلاف. حمّاد بن زيد، عن الزبير بن الخرّيت، عن عكرمة قال: كان ابن عباس يضع في رجلي الكبل على تعليم القرآن والفقة والسنن. حماد بن سلمة، عن داود، عن عكرمة: قرأ ابن عبّاس: لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذّبهم. فقال: لم أدر، أنجوا أم هلكوا، فما زلت أبيّن له أبصّره حتى عرف أنهم قد نجوا، فكساني حلة. أبوحمزة السّكّري، عن يزيد النّحوي، عن عكرمة، قال ابن عباس: انطلق فأفت، فمن جاءك يسألك عما يعنيه فأفته. ابن سعد: ثنا محمد بن عمر، عن أبي بكر بن أبي سبرة قال: باع علي بن عبد الله بن عباس عكرمة من خالد بن يزيد بن معاوية بأربعة آلاف

(7/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 176
دينار. فقال عكرمة: ما خير لك، بعت علم أبيك فاستقال خالداً، فأقاله وأعتق عكرمة. روى أحمد بن أبي خيثمة، عن مصعب الزّبيري مثله. وعن شهر بن حوشب قال عكرمة حبر الأمة. وقال مغيرة: قيل لسعيد بن جبير: تعلم أحداً أعلم منك قال: نعم، عكرمة. وقال الشعبي: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة. وقال قتادة: أعلم الناس بالتفسير عكرمة. وقال عمرو بن) دينار: كنت إذا سمعت عكرمة يحدّث عنهم كأنه مشرفٌ عليهم ينظر إليهم. قال أيوب السختياني: قال عكرمة: إني لأخرج إلى السوق فأسمع الرجل يتكلم بالكلمة، فينفتح لي خمسون باباً من العلم. وقال لنا عكرمة مرة: أيحسن حسنكم مثل هذا قلت: وكان عكرمة كثير التّطواف، كثير العلم ويأخذ جوائز الأمراء. قال شبابة: أخبرني موسى بن يسار قال: رأيت عكرمة قادماً من سمرقند وهو على حمار تحته جوالقان حرير، أجازه بذلك عامل سمرقند، فقيل له: ما جاء بك إلى هنا قال: الحاجة. وقال عبد الرزاق: حدّثني أبي قال: قدم عكرمة الجند، فحمله طاوس على نجيبٍ له، فقال: إني ابتعت علمه بهذا الجمل. قال معمر: سمعت أيوب يقول: إني لفي سوق البصرة إذا رجل

(7/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 177
على حمار فقيل لي: هذا عكرمة، واجتمع الناس، فما قدرت على شيء أسأله، فجعلوا يسألونه وأنا أحفظ. قيل لأيّوب: يكانوا يتّهمونه قال: أما أنّا فلم أكن أتهمه. ابن لهيعة: قال أبو الأسود: هيّجت عكرمة على السّير إلى إفريقية، فلما قدمها اتّهموه، قال: وكان قليل العقل خفيفاً، كان قد سمع الحديث من ذا ومن ذا، فيحدّث به مرّة عن هذا ومرة عن هذا، فيقولون: ما أكذبه. قال ابن لهيعة، وكان يحدّث برأي نجدة الحروريّ، أتاه فأقام عنده ستة أشهر، ثم أتى ابن عباس فسلّم عليه، فقال ابن عباس: قد جاء الخبيث. القاسم بن الفضل الحدّاني: ثنا زياد بن مخراق قال كتب الحجّاج إلى عثمان بن حيّان المرّي: سل عكرمة عن يوم القيامة أمن الدنيا هو أو من الآخرة. حماد بن زيد، عن أيوب: سمعت رجلاً قال لعكرمة: فلانٌ سبّني في النّوم، قال: اضرب ظلّه ثمانين. أيّوب: بلغني عن سعيد بن جبير قال: لو كفّ عكرمة عن بعض حديثه لشدّت إليه المطايا. وقال طاوس: لوترك من حديثه واتّقى الله لشدّت إليه الرحال. ومن كلامهم في عكرمة، وثّقه يحيى بن معين وغيره، وكان أحمد بن حنبل والبخاري والجمهور يحتجّون به، قال أبو حاتم الرازي: يحتجّ به

(7/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 178
إذا كان عن ثقة، أصحاب ابن عباس عيالٌ في التفسير على عكرمة. وقال ابن عدي: إذا روى عنه ثقة فهو مستقيم الحديث، ولا بأس به. روح بن عبادة: ثنا عثمان بن مرة: قلت: للقاسم بن محمد: كيف ترى في هذه الأوعية، فإن عكرمة يحدث عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم النّقير والدّبّاء والحنتم،) فقال عكرمة كذّاب. ضمرة بن ربيعة، عن أيّوب بن زيد قال: قال ابن عمر لنافع: لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس، هذا ضعيف السّند، وقد رواه أبو خلف عبد الله بن عيسى، عن يحيى البكّاء، وهو ضعيف، أنه سمع ابن عمر يقوله. أبو نعيم: ثنا أيمن بن نابل، حدّثني رجل عن ابن المسيّب أنه قال لغلامه برد: لا تكذب علي كما كذب عبد ابن عباس. رواه إبراهيم بن سعد عن أبيه، عن ابن المسيّب أنه قال لبرد: لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس. حماد بن زيد، عن أيوب، عمن مشى بين سعيد بن المسيّب وعكرمة في رجلٍ نذر نذراً في معصية الله فقال سعيد يوفي به، وقال عكرمة: لا يوفي به، فأخبر الرجل سعيداً بقول عكرمة، فقال سعيد: لا ينتهي عكرمة حتى يلقى في عنقه حبل ويطاف به، فجاء الرجل إلى عكرمة فأبلغه، فقال: أنت

(7/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 179
رجل سوء كما أبلغتني عنه، فأبلغه عنّي، قل له: هذا النذر لله أم للشيطان، والله لئن قال: لله ليكذبنّ، وإن قال: للشّيطان، ليكفّرنّ، ولئن زعم أنه لغيرالله فما فيه وفاء. هشام بن عمّار: ثنا سعيد بن يحيى، ثنا فطر بن خليفة: قلت: لعطاء: إن عكرمة يقول: قال ابن عباس سبق الكتاب المسح، فقال: كذب عكرمة، سمعت ابن عباس يقول: لا بأس بالمسح، ثم قال عطاء: وإن كان بعضهم ليرى أنّ المسح على القدمين يجزيء. رواه محمد بن فضيل، عن فطر مثله. جرير بن عبد الحميد، عن يزيد بن أبي زياد قال: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس، وعكرمة مقيد، قلت: ما هذا قال: إنه يكذب على أبي. مسلم بن إبراهيم: ثنا الصّلت أبو شعيب: سألت محمد بن سيرين، عن عكرمة قال: ما يسوؤني أن يدخل الجنة، ولكنه كذّاب. قال أبو أحمد بن عدي: ثنا ابن أبي عصمة، ثنا أبو طالب أحمد بن حميد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كان عكرمة من أعلم الناس، ولكنه يرى رأي الصّفريّة، ولم يدع موضعاً إلا خرج إليه: خراسان، والشام، واليمن، ومصر، وإفريقية، كان يأتي الأمراء فيطلب جوائزهم، ويقال: إنما أخذ أهل إفريقية رأي الصّفريّة من عكرمة. قال وهيب: شهدت يحيى بن

(7/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 180
سعيد الأنصاري وأيّوب السّختياني فذكرا عكرمة، فقال يحيى: كان كذّاباً، وقال أيّوب: لا.) إبراهيم بن المنذر: حدثني مطرف: سمعت مالكاً يكره أن يذكر عكرمة ولا يرى أن يروى عنه. قال أحمد بن حنبل: ما علمت أن مالكاً حدث فسمي عكرمة إلا في حديثٍ، وقال الشافعي: قال مالك: لا أرى لأحدٍ أن يقبل حديث عكرمة. يحيى القطان: حدّثوني والله عن أيّوب أنّه ذكر له عكرمة وأنّه لا يحسن الصلاة، فقال أيّوب: وكان يصلّي. الفضل بن موسى السّيناني، عن رشدين قال: رأيت عكرمة قد أقيم في لعب النّرد. قال يزيد بن هارون: قدم عكرمة، فأتاه أيوب، وسليمان التّيمي، ويونس، فبينا هو يحدّثهم، إذ سمع صوت غناءٍ، فقال اسكتوا، ثم قال: قاتله الله لقد أجاد، فأمّا سليمان ويونس فما عادا إليه. عمرو بن خالد الحرّاني: ثنا خلاّد بن سليمان الحضرميّ، عن خالد بن أبي عمران قال: كنّا بالمغرب وعندنا عكرمة في وقت الموسم، فقال عكرمة: وددت أن بيدي حربةٌ أعترض بها من شهد الموسم، قال: فرفضه أهل إفريقية. عليّ بن المدينيّ، عن يعقوب الحضرميّ، عن جدّه قال وقف عكرمة على باب المسجد فقال: ما فيه إلاّ كافر، قال: وكان يرى رأي الإباضية، قال ابن المديني: كان يرى رأي نجدة. وقال مصعب الزّبيريّ: كان يرى

(7/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 181
رأي الخوارج، وادّعى على ابن عباس أنه كان يرى رأي الخوارج، نقله أحمد بن أبي خيثمة، عن مصعب. وقال خالد بن نزار الإيلي: ثنا عمر بن قيس، عن عطاء بن أبي رباح أن عكرمة كان إباضيّاً. إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك، عن أبيه قال: أتي بجنازة عكرمة وكثيّر عزّة بعد العصر، فما علمت أحداً من أهل المسجد حلّ حبوته إليهما. قال الدراورديّ: ماتا في يومٍ واحد فما شهدهما إلاّ سودان المدينة. قال جماعة: توفيا سنة خمسٍ ومائة، وقال الهيثم بن عدي وغيره: سنة ستٍّ ومائة، وقال أبو نعيم، وأبو بكر بن أبي شيبة وجماعة: سنة سبعٍ، وقال يحيى بن معين والمدائني: سنة خمس عشرة ومائة، وأظن هذا القول غلطاً، لم يبق إلى هذا التاريخ قطّ.
4 (علباء بن أحمر اليشكريّ البصري م ت ن ق روى عن: أبي زيد عمرو بن أحطب رضي)
الله عنه، وعن عكرمة. وعنه: عزرة بن ثابت، وداود بن أبي الفرات، وحسين بن واقد المروزي، وحسين بن قيس الرّحبيّ، وثّقه يحيى بن معين.)
4 (عار بن سعد القرظ ق بن عائذ المؤذّن. عن أبيه، وأبي هريرة.)

(7/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 182
وعنه ابنه سعد، وابن أخيه حفص بن عمر، وأبو المقدام هشام بن زياد.
4 (عمار بن سعد التّجيبيّ أحد من شهد فتح مصر، وعمّر دهراً. وحدّث عن: أبي الدرداء،)
وعمرو بن العاص. وعنه: الضحاك بن شرحبيل، وعطاء بن دينار، توفي سنة خمس ومائة.
4 (عمارة بن أكيمة اللّيثي ثم الجندعي، حجازيّ. روى عن أبي هريرة. لم يرو عنه غير)
الزّهري. حديثه في السنن.
4 (عمارة بن خزيمة بن ثابت الأنصاري. روى عن: أبيه ذي الشهادتين، وعمه، وعثمان)
بن حنيف، وعمرو بن العاص. وعنه: الزّهري، ويزيد بن الهاد، وعمرو بن خزيمة المزني، وأبو جعفر

(7/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 183
الخطمي عمير بن يزيد، وثّقه النّسائيّ. توفي سنة خمسٍ ومائة.
4 (عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة)
عمر بن المغيرة بن عبد الله المخزومي، أحد فحول الشعراء بالحجاز. وفد على عبد الملك بن مروان، وامتدحه، فوصله بمالٍ عظيمٍ لشرفه وبلاغة نظمه، ووفد على عمر بن عبد العزيز. وحدّث عن سعيد بن المسيّب. وقيل: إنّه ولد في زمن عمر رضي الله عنه. روى عنه: مصعب بن شيبة، وعطاف بن خالد، وأخشى أن تكون رواية عطاف عنه منقطعة، فما أراه بقي إلى حدود العشرين ومائة، فإنه من طبقة جرير والفرزدق، وعبد الله بن قيس الرّقيّات. حكى الهيثم بن عديّ أنّ عبد الملك بن مروان بعث إلى عمر بن أبي ربيعة المخزومي، وإلى جميل بن معمر العذري، وإلى كثيّر عزّة، وأوقر ناقةً

(7/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 184
ذهباً وفضّة، ثم قال: لينشدني كل واحدٍ منكم ثلاثة أبياتٍ، فأيكم كان أغزل شعراً، فله النّاقة وما عليها، فقال عمر بن أبي ربيعة:
(فيا ليت أني حيث تدنو منيّتي .......... شممت الذي ما بين عينيك والفم)

(وليت طهوري كان ريقك كله .......... وليت حنوطي من مشاشك والدم)

(وليت سليمى في المنام ضجيعتي .......... لدى الجنّة الخضراء أو في جهنّم)
) وقال جميل:
(حلفت يميناً يا بثينة صادقاً .......... فإن كنت فيها كاذباً فعميت)

(حلفت لها بالبدن تدمي نحورها .......... لقد شقيت نفسي بكم وعييت)

(ولو أن راقي الموت يرقى جنازتي .......... بمنطقها في النّاطقين حييت)
فقال كثيّر:
(بأبي وأمي أنت من معشوقة .......... ظفر العدو بها فغيّر حالها)

(ومشى إليّ ببين عزّة نسوةٌ .......... جعل المليك خدودهنّ نعالها)

(لو أنّ عزّة خاصمت شمس الضّحى .......... في الحسن عند موفّقٍ لقضى لها)
فقال عبد الملك: خذ النّاقة يا صاحب جهنّم. وكان يقال: من أراد رقّة الغزل والنّسيب فعليه بشعر عمر بن أبي ربيعة. ومن شعره رواه الأنباريّ:
(لبثوا ثلاث منىً بمنزل قلعةٍ .......... وهم على عرضٍ لعمرك ما هم)

(متجاورين بغير دار إقامةٍ .......... لو قد أجدّ رحيلهم لم يندموا)

(7/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 185
(ولهنّ بالبيت العتيق لبانةٌ .......... والبيت يعرفهنّ لو يتكلّم)

(لو كان حيّاً قبلهنّ ظعائناً .......... حيّا الحطيم وجوههنّ وزمزم)

(لكنّه ممّا يطيف بركنه .......... منهنّ صمّاء الصّدا مستعجم)

(وكأنهنّ وقد صدرن عشيّةً .......... بيضٌ بأكناف الخيام منظّم)
وفي كتاب النّسب للزّبير بن بكّار لعمر بن أبي ربيعة:
(نظرت إليها بالمحصّب من منى .......... ولي نظرٌ لولا التّحرّج عارم)

(فقلت: أشمسٌ أم مصابيح بيعةٍ .......... بدت لك تحت السّجف أم أنت حالم)

(بعيدة مهوى القرط إمّا لنوفلٌ .......... أبوها وإمّا عبد شمسٍ وهاشم)

(فلم أستطعها غير أن قد بدا لنا .......... عشيّة راحت وجهها والمعاصم)
قال الزّبير: وثنا سلم بن عبد الله بن مسلم بن جندب، عن أبيه قال: أنشد ابن أبي عتيق سعيد بن المسيّب، قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:
(أيّها الرّاكب المجدّ ابتكارا .......... قد قضى من تهامة الأوطارا)

(إن يكن قلبك الغداة جليدا .......... ففؤادي بالحبّ أمسى معارا)
)
(ليت ذا الدّهر كان حتماً علينا .......... كلّ يومين حجّة واعتمارا)
فقال سعيد: لقد كلّف المسلمسن شططا. وروى الأصمعيّ، عن صالح بن أسلم قال: قال لي عمر بن أبي ربيعة: إنّي قد أنشدت من الشّعر ما بلغك، وربّ هذه البنيّة ما حللت إزاري على فرجٍ حرامٍ قطّ. وروي أنّ عمر بن أبي ربيعة غزا البحر، فاحترقت سفينته واحترق، رحمه الله.

(7/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 186
4 (عمر بن خلدة قاضي المدينة في خلافة عبد الملك، لهشام بن إسماعيل المخزومي أمير)
المدينة، وكان رجلاً مهيباً عفيفاً، لم يرتزق على القضاء شيئاً. قال ربيعة الرأي: كان يقضي في المسجد. وقال مالك: كان ابن خلدة قاضي عمر بن عبد العزيز وغيره يقضون في المسجد، وكان ابن خلدة يجلس مع خارجة بن زيد، ومع ربيعة، فكانوا يقولون، آذيتنا وأبرمتنا، فيقول: لا تقيموني من عندكم دعوني أتحدّث معكم، فإذا جاء الخصمان تحوّلت إليهما ثم عدت. وذكر الواقديّ، عن ابن أبي ذئب قال: حضرت عمر بن خلدة يقول لخصمٍ: اذهب يا خبيث فاسجن نفسك، فذهب الرجل وليس معه حرسيٌّ، وتبعناه ونحن صبيان حتى أتى السّجّان فحبس نفسه.
4 (عمر بن عبد الله بن عروة خ م ن بن الزّبير، توفّي شابّاً.)
روى القليل عن جدّه. وعنه: ابن جريج، ومحمد بن إسحاق بن يسار. وكان ثقة خياراً.

(7/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 187
4 (عمر بن عبد العزيز)
ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أميّة بن عبد شمسٍ بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب، أمير المؤمنين أبو حفصٍ القرشيّ الأمويّ رضي الله عنه وأرضاه، ولد بالمدينة سنة ستّين، عام توفي معاوية أو بعده بسنة، وأمّه هي أمّ عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب. روى عن: أبيه، وأنس،

(7/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 188
وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وابن قارظ، وأرسل عن عقبة بن عامر، وخولة بنت حكيم، وروى أيضاً عن عامر بن سعد، ويوسف بن عبد الله بن سلاّم، وسعيد بن المسيّب، وعروة بن الزّبير، وأبي بكر بن عبد الرحمن، والربيع بن سبرة، وطائفة. وعنه: أبو سلمة بن عبد الرحمن أحد شيوخه، ومحمد بن المنكدر، والزّهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومسلمة بن عبد الملك، ورجاء بن حيوة، وعبد الله بن العلاء بن زيد، ويعقوب بن) عتبة، وولداه: عبد الله، وعبد العزيز، وخلق كثير، وكانت خلافته تسعةً وعشرين شهاراً، كأبي بكرٍ الصديق. قال الخريبي: ولد عام قتل الحسين رضي الله عنه. وقال إسماعيل الخطبيّ: رأيت صفته في كتابٍ: أبيض، رقيق الوجه، جميلاً، نحيف الجسم، حسن اللحية، غائر العينين، بجبهته أثر حافر دابة، ولذلك سمي أشجّ بني أمية، وقد وخطه الشّيب، قال ثروان مولى عمر بن عبد العزيز: إنّه دخل إلى إصطبل أبيه وهو غلام، فضربه فرسه فشجّه، فجعل أبوه يمسح عنه الدم ويقول: إن كنت أشجّ بني أميّة إنّك لسعيد. رواه ضمرة عنه. نعيم بن حماد، عن ضمام بن إسماعيل، عن أبي قبيل، أن عمر بن عبد العزيز بكى وهو غلام، فقالت أمّه: ما يبكيك قال: ذكر الموت وكان قد جمع القرآن وهو غلامٌ صغير فبكت أمه. سعيد بن عفير، وعن يعقوب، عن أبيه، أن عبد العزيز بن مروان أمير مصر بعث ابنه عمر إلى المدينة يتأدّب بها، وكتب إلى صالح بن كيسان أن يتعاهده، وكان يختلف إلى عبيد الله بن عبد الله يسمع منه العلم، فبلغه أن عمر ينتقص عليّاً، فقال له: متى بلغك أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم ففهم، وقال: معذرة إلى الله وإليك لا أعود.

(7/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 189
وقال غيره: لما توفي عبد العزيز، طلب عبد الملك عمر بن عبد العزيز إلى دمشق، فزوّجوه بابنته فاطمة، وكان الذين يعيبون عمر من حسّاده لا يعيبونه إلاّ بالإفراط في التّنعّم والاختيال في المشية، هذا قبل الإمرة، فلمّا ولي الوليد الخلافة، أمّر عمر على المدينة فوليها من سنة ستٍّ وثمانين، إلى سنة ثلاثٍ وتسعين، وعزل، فقدم الشام، ثم إن الوليد عزم على أن يعزل أخاه سليمان من العهد وأن يجعل ولي عهده ولده عبد العزيز بن الوليد، فأطاعه كثيرٌ من الأشراف طوعاً وكرهاً، وصمّم عمر بن عبد العزيز، وامتنع، فطيّن عليه الوليد، كما ذكرنا في ترجمة عبد العزيز. قال أبو زرعة عبد الأحد بن الليث الفتياني: سمعت مالكاً يقول: أتى فتيان إلى عمر بن عبد العزيز فقالوا: إن أبانا توفي وترك مالاً عند عمّنا حميد الأمجي، فأحضره عمر، وقال له: أنت القائل:
(حميد الذي أمجٌ داره .......... أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع)
)
(أتاه المشيب على شربها .......... فكان كريماً فلم ينزع)
قال: نعم. قال: ما أراني إلا حادّك، أقررت بشربها، وأنك لن تنزع عنها، قال: أين يذهب بك، ألم تسمع الله يقول: والشعراء يتّبعهم الغاوون. ألم تر أنّهم في كل وادٍ يهيمون. وأنّهم يقولون ما لا يفعلون قال: أولى لك يا حميد ما أراك إلا قد أفلت، ويحك يا حميد، كان أبوك رجلاً صالحاً وأنت رجل سوءٍ، قال: أصلحك الله وأيّنا يشبه أباه، كان أبوك

(7/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 190
رجل سوءٍ، وأنت رجلٌ صالحٌ، قال: إن هؤلاء زعموا أن أباهم توفي وترك مالاً عندك، قال: صدقوا، وأحضره بختم أبيهم، ثم قال: إن أباهم مات منذ كذا وكذا، وكنت أنفق عليهم من مالي، وهذا مالهم، قال: ما أحدٌ أحق أن يكون عنده منك، فامتنع. وقال زيد بن أسلم: قال: أنس رضي الله عنه: ما صلّيت وراء إمامٍ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاةً برسول الله من هذا الفتى، يعني عمر بن عبد العزيز، وكان عمر أميراً على المدينة، قال زيد بن أسلم: فكان يتمّ الركوع والسجود، ويخفّف القيام والقعود. رواه العطّاف بن خالد، عن زيد بن أسلم. قال عمر بن قيس الملائي: سئل محمد بن علي بن الحسين، عن عمر ابن عبد العزيز، فقال: هو نجيب بني أمية، وإنه يبعث يوم القيامة أمّةً وحده. قال سفيان الثوري، عن عمرو بن ميمون بن مهران، عن أبيه قال: كانت العلماء مع عمر بن عبد العزيز تلامذةً أبو مصعب، عن مالك: بلغني أن عمر بن عبد العزيز حين خرج من المدينة، التفت إليها وبكى، ثم قال: يا مزاحم أتخشى أن نكون ممّن نفته المدينة معمر، عن الزّهري قال: سمرت مع عمر بن عبد العزيز ليلةً فقال: كل ما حدّثت الليلة قد سمعته، ولكنك حفظت ونسيت. قال عبد العزيز بن

(7/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 191
الماجشون: ثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: يا آل عمر، كنّا نتحدّث وفي لفظ: يزعم الناس أنّ الدنيا لا تنقضي حتى يلي رجلٌ من آل عمر، يعمل مثل عمل عمر، قال: فكان بلال بن عبد الله بن عمر بوجهه شامة، وكانوا يرون أنه هو، حتى جاء الله بعمر بن عبد العزيز، أمّه بنت عاصم بن عمر. قال التّرمذيّ في تاريخه: ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا عفان بن عثمان بن عبد الحميد بن لاحق، عن جويرية، عن نافع: بلغنا أن عمر قال: إن من ولدي رجلاً بوجهه شينٌ، يلي فيملأ الأرض عدلاً، قال نافع: فلا أحسبه إلا عمر بن عبد العزيز.) مبارك بن فضالة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع قال: كان ابن عمر يقول: ليت شعري من هذا الذي من ولد عمر في وجهه علامةٌ، يملأ الأرض عدلاً. أيوب بن محمد بن الوزّان، ومحمد بن عبد العزيز قالا: ثنا ضمرة بن ربيعة، عن السّريّ بن يحيى، عن رياح بن عبيدة قال: خرج عمر بن عبد العزيز إلى الصلاة، وشيخٌ متوكّيءٌ على يده، فقلت في نفسي: إن هذا لشيخٌ جافٍ، فلما صلى ودخل لحقته، فقلت: أصلح الله الأمير، من الشيخ الذي كان يتّكيء على يدك قال: يا رياح رأيته قلت: نعم. قال: ما أحسبك إلا رجلاً صالحاً، ذاك أخي الخضر، أتاني فأعلمني أنّي سألي أمر هذه الأمة، وأنّي سأعدل فيها. رواته ثقات.

(7/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 192
جرير بن حازم، عن هزّان بن سعيد: حدثني رجاء بن حيوة قال: لما ثقل سليمان بن عبد الملك، رآني عمر بن عبد العزيز في الدار فقال: يا رجاء، أذكّرك الله أن تذكّرني أو تشير بي، فوالله ما أقدر على هذا الأمر، فانتهرته وقلت: إنّك لحريصٌ على الخلافة، أتطمع أن أشير عليه بك، فاستحيا، ودخلت، فقال لي سليمان: يا رجاء، من ترى لهذا الأمر قلت: اتّق الله، فإنك قادمٌ على ربك وسائلك عن هذا الأمر، وما صنعت فيه، قال: فمن ترى قلت: عمر بن عبد العزبز. قال: كيف أصنع بعهد عبد الملك إليّ، وإلى الوليد في ابني عاتكة، أيّهما بقي قلت تجعله من بعده، قال: أصبت، هات صحيفةً، فكتب عهد عمر، ويزيد بن عبد الملك من بعده، ثم دعوت رجالاً فدخلوا عليه، فقال: عهدي في هذه الصحيفة مع رجاء، اشهدوا واختموا الصحيفة، فما لبث أن مات، فكففت النساء عن الصياح، و خرجت إلى الناس، فقالوا: كيف أمير المؤمنين قلت: لم يكن منذ اشتكى أسكن منه الساعة، قالوا لله الحمد. الوليد بن المسلم، عن عبد الرحمن بن حسّان الكنانيّ قال: لما مرض سليمان بدابق، قال لرجاء بن حيوة: من للأمر أستخلف ابني قال: ابنك غائب، قال: فالآخر، قال: صغير، قال: فمن ترى قال: أرى أن تستخلف عمر بن عبد العزيز، قال: أتخوف بني عبد الملك قال: ولّ عمر، و من بعده يزيد، واختم الكتاب، و تدعوهم إلى بيعته مختوماً، قال: لقد رأيت، ائتني بقرطاس، فدعا بقرطاسٍ، و كتب العهد، و دفعه إلى رجاء، و قال: اخرج إلى الناس فليبايعوا على ما فيه مختوماً، فخرج إليهم، فامتنعوا، فقال: انطلق إلى صاحب الحرس و الشّرط فاجمع الناس ومرهم بالبيعة، فمن أبى فاضرب عنقه، ففعل، فبايعوا على ما في الكتاب، قال رجاء:) فبينا أنا راجع إذا بموكب هشام، فقال: تعلم موقعك منّا، و إنّ أمير المؤمنين قد صنع شيئاً

(7/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 193
ما أدري ما هو، و أنا أتخوّف أن يكون قد أزالها عنّي، فإن يكن عدلها عنّي فأعلمني ما دام في الأمر نفسٌ، قلت: سبحان الله، يستكتمني أمير المؤمنين أمراً أطلعك عليه، لا يكون ذا أبداً قال: فأدارني و ألاحني، فأبيت عليه، وانصرف، فبينا أنا أسير، إذ سمعت جلبةً خلفي، فإذا عمر بن عبد العزيز، فقال لي: يا رجاء إنه قد و قع في نفسي أمرٌ كبير أتخوف أن يكون هذا الرجل قد جعلها إلي، و لست أقوم بهذا الشأن، فأعلمني ما دام في الأمر نفسٌ، لعلي أتخلص منه ما دام حياً، قلت سبحان الله، يستكتمني أمير المؤمنين أمراً أطلعك عليه فأدارني و ألاحني، فأبيت عليه، و ثقل سليمان، و حجب الناس، فلما مات أجلسته و سندته و هيأته، و خرجت إلى الناس، فقالوا: كيف أصبح أمير المؤمنين قلت: أصبح ساكناً، و قد أحب أن تسلموا عليه و تبايعوا بين يديه، و أذنت للناس، فدخلوا، و قمت عنده، فقلت إن أمير المؤمنين يأمركم بالوقوف، ثم أخذت الكتاب من عنده، و تقدمت إليهم، و قلت: إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا على ما في هذا الكتاب، فبايعوا و بسطوا أيديهم، فلما بايعبهم و فرغت، قلت لهم: آجركم الله في أمير المؤمنين، قالوا: فمن ففتحت الكتاب، فإذا عمر بن عبد العزيز، فتغيرت وجوه بني عبد الملك، فلما قرأوا: بعده يزيد فكأنهم تراجعوا، فقالوا: أين عمر فطلبوه، فأذا هو في المسجد، فأتوا فسلموا عليه بالخلافة، فعقر به فلم يستطع النهوض، حتى أخذوا بضبعيه فأصعدوه المنبر، فجلس طويلاً لا يتكلم، فلما رآهم رجاء جالسين، قال: ألا تقومون إلى أمير المؤمنين فتبايعونه رجلاً رجلاً، و مد يده إليهم، فصعد إليه هشام، فلما مد يده إليه قال: يقول هشام إنا لله و إنا إليه راجعون، فقال: إنا لله حين صار يلي هذا الأمر إنا و أنت، ثم قام فحمد الله، ثم قال: أيها الناس إني لست بقاضٍ و لكني منفذ، ولست بمبتدعٍ، و لكني متبعٌ، و إن أبوا فلست لكم بوالٍ، ثم نزل يمشي، فأتاه صاحب المراكب، فقال: ما هذا قال مركب

(7/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 194
الخلافة، قال: إئتوني بدابتي، ثمن إنه كتب إلى العمال في الأمصار، قال رجاء: كنت أظن أنه سيضعف، فلما رأيت صنعه في الكتاب علمت أنه سيقوى. قال عمر بن مهاجر: صلى عمر بن عبد العزيز المغرب، ثم صلى على سليمان بن عبد الملك. قال ابن إسحاق وغيره: وذلك يوم الجمعة عاشر صفر سنة تسعٍ. قلت: وكان عمر في خلافة سليمان كالوزير له.) أحمد بن حنبل: ثنا سفيان: حدثني من شهد دابق، وكان مجتمع غزو الناس، فمات سليمان، وكان رجاء صاحب مشورته وأمره، فأعلم الناس بموته، وصعد المنبر، وقال: إن أمير المؤمنين كتب كتاباً وعهد عهداً ومات، أفسامعون أنتم مطيعون قالوا: نعم، وقال هشام بن عبد الملك: نسمع ونطيع إن كان فيه استخلاف رجلٍ من بني عبد الملك، قال: فجذبه الناس حتى سقط وقالوا: سمعنا وأطعنا، فقال رجاء: قم يا عمر، فقال عمر: والله إن هذا لأمر ما سألته الله قط. وعن الضحاك بن عثمان قال: لما انصرف عمر عن قبر سليمان، قدموا له مراكب سليمان، فقال:
(فلولا التقى ثم النهي خشية الردى .......... لعاصيت في حب الصبي كل زاجر)

(قضى ما قضى فيما مضى ثم لا ترى .......... له صبوةٌ أخرى الليالي الغوابر)
لا قوة إلا بالله، قدموا بغلتي خالد بن مرداس: ثنا الحكم بن عمر قال: شهدت عمر بن عبد العزيز حين جاءه أصحاب المراكب يسألونه العلوفة ورزق خدمها، قال: ابعث بها

(7/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 195
إلى أمصار الشام يبيعونها فيمن يزيد، واجعل أثمانها في مال الله، تكفيني بغلتي هذه الشهباء. سفيان بن وكيع: ثنا ابن عيينة، عن عمرو بن زاذان مولى عمرو بن عبد العزيز قال له، إذا رجع من جنازة سليمان: مالي أراك مغتماً قال: لمثل ما أنا فيه فليغتم، ليس أحدٌ من الأمة إلا وأنا أريد أن أوصل إليه حقه غير كاتبٍ إلي فيه، ولا طالبه مني. اسماعيل بن عياش، عن عمرو بن مهاجر، أن عمر بن عبد العزيز لما استخلف قام في الناس، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إنه لا كتاب بعد القرآن، ولا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ألا وإني لست بقاضٍ، ولكني منفذ، ولست بمبتدع، ولكني متبعٌ، إن الرجل الهارب من الإمام الظالم ليس بظالمٍ، ألا لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق. رواه معتمر بن سليمان، عن عبد الله بن عمر، وزاد فيه: لست بخيرٍ من أحدٍ منكم، ولكني أثقلكم حملاً. أيوب بن سويد الرملي: ثنا يونس، عن الزهري قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى سالم بن عبد الله، يكتب إليه بسيرة عمر بن الخطاب في الصدقات، فكتب إليه بالذي سأل، وكتب إليه: إنك إن عملت بمثل عمل عمر في زمانه، ورجاله في مثل زمانك ورجالك، كنت عند الله خيراً من عمر.) حماد بن يزيد، عن أبي هاشم أن رجلاً جاء إلى عمر بن عبد العزيز فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن شماله، فإذا رجلان يختصمان، وأنت بين يديه جالس، فقال لك: يا عمر إذا عملت فاعمل بعمل هذين لأبي بكر وعمر فاستحلفه عمر بالله لرأيت هذا فحلف له فبكى. ورويت من وجهٍ آخر، وأن الرائي عمر نفسه. قال ميمون ابن مهران: إن الله يتعاهد الناس بنبيٍ بعد نبي، وإن الله تعاهد الناس

(7/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 196
بعمر بن عبد العزيز. حماد بن سلمة، عن حماد، أن عمر بن عبد العزيز لما استخلف بكى، فقال: يا أبا فلان أتخشى علي قال: كيف حبك للدرهم قال: لا أحبه، قال: لا تخف فإن الله سيعينك. جرير، عن مغيرة، قال: جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين استخلف، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له فدك ينفق منها، ويعود منها على صغير بنيهم، ويزوج منها أيمهم، وإن فاطمة رضي الله عنها سألته أن يجعلها لها، فأبى، فكانت كذلك حياة أبي بكر ثم عمر، قال: ثم أقطعها مروان، ثم صارت لعمر بن عبد العزيز، فرأيت أمراً منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة، ليس لي بحقٍ، وإني أشهدكم أني قد رددتها على ما كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عبد الله بن صالح: حدثني الليث قال: فلما ولي عمر بن عبد العزيز بدأ بلحمته، وأهل بيته، فأخذ ما بأيديهم، وسمى أموالهم مظالم، ففرغت بنو أمية إلى عمته فاطمة بنت مروان، فأتته ليلاً، فأنزلها عن دابتها، فلما أخذت مجلسها قالت: يا عمة أنت أولى بالكلام فتكلمي، قالت: تكلم يا أمير المؤمنين، قال: إن الله بعث نبيه رحمةً، ثم اختار له ما عنده، فقبضه الله، وترك لهم نهراً شربهم سواءٌ، ثم قام أبو بكر، فترك النهر على حاله، ثم ولي عمر فعمل عمل صاحبه، ثم لم يزل النهر يشق منه يزيد، ومروان، وعبد الملك، والوليد، وسليمان، حتى أفضى الأمر إلي، وقد يبس النهر الأعظم، ولن يروى أصحاب النهر الأعظم حتى يعود النهر إلى ما كان عليه،

(7/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 197
فقالت: حسبك قد أردت كلامك ومذاكرتك، فأما إذا كانت مقالتك هذه فلست بذاكرةٍ لك شيئاً، فرجعت إليهم فأبلغتهم كلامه. هشام بن عمار، ثنا أيوب بن سويد، عن فرات بن سليمان، عن ميمون ابن مهران: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: لو أقمت فيكم خمسين عاماً ما استكملت فيكم العدل، إني لأريد) الأمر فأخاف أن لا تحمله قلوبكم، فأخرج منه طمعاً من طمع الدنيا، فإن أنكرت قلوبكم هذا سكنت إلى هذا. ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، قلت لطاوس: هو المهديّ يعني عمر بن عبد العزيز قال: هو مهديٌّ وليس به، إنه لم يستعمل العدل كلّه. ابن عون قال: كان ابن سيرين إذا سئل عن الطلاء قال: نهى عنه إمام هدىً، يعني عمر بن عبد العزيز. حرملةً: سمعت الشافعيّ يقول: الخلفاء خمسةً: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وعمر بن عبد العزيز، وقد ورد عن أبي بكر بن عياش نحوه. ابن وهب: حدثني ابن زيد، عن عمر بن أسيد قال: والله ما مات عمر بن عبد العزيز حتى جعل الرجل يجيء بالمال العظيم فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون، فما يبرح حتى يرجع بماله كله، قد أغنى عمر الناس. سعيد بن عامر: ثنا جويرية قال: دخلنا على فاطمة ابنة علي بن أبي طالب، فأثنت على عمر بن عبد العزيز فقالت: لو كان بقي لنا ما احتجنا بعد إلى أحدٍ. إبراهيم الجوزجاني: ثنا محمد بن الحسن الأسدي: ثنا عمر بن ذر، حدثني عطاء بن أبي رباح، حدثتني فاكطمة امراة عمر بن عبد العزيز أنها دخلت عبليه وهو جالس في مصلاّه تسيل دموعه على لحيته، فقلت: يا أمير المؤمنين ألشيءٍ حدث قال: يا فاطمة إنّي تقلّدت من أمر أمّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم أسودها وأحمرها، فتفكّرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري

(7/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 198
المجهود، والمظلوم المقهور، والغريب الأسير، والشيخ الكبير، وذي العيال الكثير، والمال القليل، وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد فعلمت أن ربي سائلي عنهم يوم القيامة، فخشيت أن لا تثبت لي حجةً، فبكيت. الفريابي: ثنا الأوزاعي أن عمر بن عبد العزيز كان جالساً في بيته، وعنده أشراف بني أمية، فقال: تحبون أن أولّي كل رجلٍ منكم جنداً فقال رجل منهم: لم تعرض علينا ما لا تفعله قال: ترون بساطي هذا، إني لأعلم أنه يصير إلى بلى وفناءٍ، وإني أكره أن تدنسوه بأرجلكم، فكيف أوليكم ديني، أوليكم أعراض المسمين وأبشارهم، هيهات لكم هيهات فقالوا له: لم أما لنا حقٌّ: قال: ما أنتم وأقصى رجل من المسلمين عندي في هذا الأمر إلا سواء إلا رجلاً من المسلمين حبسه عني طول شقته.) حماد بن سلمة: أنبأ حميد قال: أملى علينا الحسن رسالةً إلى عمر بن عبد العزيز فأبلغ، ثم شكا الحاجة والعيال، فقلت: يا أبا سعيد لا تهجن هذا الكتالب بالمسألة، اكتب هذا في غير ذا، قال: دعنا منك، فأمر بعطائه، قال: قلت: يا أبا سعيد اكتب إليه في المشورة فإن أبا قلابة قال: كان جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي، فما منعه ذالك أن أمره الله بالمشورة، فقال نعم، فكتب بالمشورة، فأبلغ فيها ايضاً. أبو إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي أن عمر بن عبد العزيز كان إذا أراد أن يعاقب رجلاً حبسه ثلاثة أيام، ثم عاقبه، كراهية أن يعجل في أول غضبه. معاوية بن صالح الحمصي حدثني سعيد بن سويد أن عمر بن عبد العزيز صلى بهم الجمعة، ثم جلس وعليه قميص مرقوع الجيب من بين يديه ومن خلفه، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين إن الله قد أعطاك، فلو لبست،

(7/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 199
فنكس ملياً ثم رفع رأسه فقال: أفضل القصد عند الجدة، وأفضل العفو عند المقدرة. سعيد بن عامر، عن جويرية بن أسماء قال: قال عمر بن بعد العزيز: إن نفسي نفسٌ تواقةٌ، لم تعط من لدنيا شيئاً إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه، قال سعيد: يريد الجنة. حماد بن واقد: سمعت مالك بن دينار يقول: الناس يقولون: إني زاهدٌ، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها. الفسويّ: حدثني إبراهيم بن هشام بن يحيى، حدثني أبي، عن عبد العزيز بن عمر قال: دعاني المنصور قال: كم كانت غلّة عمر بن عبد العزيز حين أفضت إليه الخلافة قلت: خمسون ألف دينار، فقال: كم كانت غلته يوم مات قلت: ما زال يردها حتى كانت مائتي دينار. وحدثني إبراهيم بن هشام، عن أبيه، عن جده عن مسلمة بن عبد الملك قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز، فإذا عليه قميصٌ وسخٌ فقلت لأمراته فاطمة، وهي أخت مسلمة، اغسلوا قميص أمير المؤمنين. قالت: نفعل، ثم عدت فإذا القميص على حاله، فقلت لها فقالت: والله ما له قميصٌ غيره. إسماعيل بن عياش، عن عمرو بن مهاجر، قال: كانت نفقة عمر بن عبد العزيز كل يوم درهمين. سعيد بن عامر، عن عون بن المعتمر قال: دخل عمر بن عبد العزيز

(7/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 200
على زوجته فقال: عندك) درهم نشتري به عنباً قالت: لا، أنت أمير المؤمنين لا تقدر على درهم قال: هذا أهون من معالجة الأغلال في جهنم. يحيى بن معين: ثنا مروان بن معاوية: ثنا يوسف بن يعقوب الكاهلي قل: كان عمر بن عبد العزيز يلبس الفروة الكبل، وكان سراج بيته على ثلاث قصبات، فوقهن طين. وعن عطاء الخراساني قال: أمر عمر بن عبد العزيز غلامه أن يسخن له ماءً، فانطلق فسخن قمقماً في مطبخ العامة، فأمره عمر أن يأخذ بردهم حطباً يضعه في المطبخ. ابن المبارك في الزهد: أنبأ إبراهيم بن نشيط: ثنا سليمان بن حميد، عن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع أنه دخل على فاطمة بنت عبد الملك، فقال لها: أخبريني عن عمر، قالت: ما اغتسل من جنابةٍ منذ استخلف. يحيى بن حمزة: ثنا عمرو من مهاجر أن عمر ين عبد العزيز كان يسرج عليه الشمعة ما كان في حوائج المسلمين، فإذا فرغ من حوائجهم أطفأها، ثم أسرج عليه سراجه. خالد بن مرداس: ثنا الحكم قال: كان لعمر بن عبد العزيز ثلاثمائة حرسيٌ، وثلاثمائة شرطي، قشهدته يقول لحرسه: إن لي عليكم بالقدر حاجزاً، وبالأجل حارساً، من أقام منكم فله عشرة دنانير، ومن شاء فليلحق بأهله.

(7/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 201
إسماعيل بن عياش، عن عمرو بن مهاجر قال: اشتهى عمر بنت عبد العزيز تفاحاً، فأهدى له رجلٌ من أهل بيته تفاحاً، فقال: ما أطيب ريحه وأحسنه، ارفعه يا غلام للذي أتى به، وأقريء فلاناً السلام، وقل له: إن هديتك وقعت عندنا بحيث نحب، فقلت: يا أمير المؤمنين، إبن عمك ورجلٌ من أهل بيتك، وقد بلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الهدية، فقال: ويحك، إن الهدية كانت للنبي صلى الله عليه وسلم هديةً، وهي اليوم لنا رشوةٌ. ضمرة بن ربيعة، عن عبد العزيز بن أبي الخطاب، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: قال لي رجاء بن حيوة: ما أكمل مروءة أبيك، سمرت عنده ليلةٍ فعشي السراج، فقال لي: ما ترى السراج قد عشي، قلت بلى، قال: وإلى جانبه وصيف راقد قلت: ألا أنبهه قال: لا، أفلا أقوم قال: ليس من مروءة الرجل استخدامه ضيفه، فقام إلى بطة الزيت وأصلح السراج، ثم رجع، وقال قمت وأنا عمر بن عبد العزيز ورجعت وأنا عمر بن عبد العزيز. حماد بن سلمة، عن رجاء أبي المقدام الرّمليّ، عن نعيم كاتب عمر بن عبد العزيز قال: إنه) ليمنعني من كثيرٍ من الكلام مخافة المباهاة. سليمان بن حرب: ثنا جرير بن حازم، ثنا المغيرة بن حكيم: قالت لي فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز إنه يكون في الناس من هو أكثر صلاة وصياماً من عمر بن عبد العزيز، وما رأيت أحداً قط أشدّ فرقاً من ربه من عمر، كان إذا صلى العشاء قعد في مسجده، ثم يرفع يده، فلم يزل يبكي حتى تغلبه عينه، ثم ينتبه، فلا يزال يدعو رافعاًُ يديه يبكي حتى تغلبه عينه. روى مثله

(7/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 202
ابن المبارك، عن جرير بن حازم، وزاد: يفعل مثل ذلك ليلة أجمع. هشام بن الغاز، عن مكحول قال: لو حلفت لصدقت، ما رأيت أزهد ولا أخوف لله من عمر بن عبد العزيز. أبو جعفر الرملي: ثنا النضر بن عربي قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز، فكان لا يكاد يبكي، إنما هو ينتفض أبداً، كأن عليه حزن الخلق. الفسوي: حدثني إبراهيم بن هشام بن يحيى، حدثني أبي، عن جدي، عن ميمون بن مهران، قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: حدثني، فحدثته حديثاً بكى منه بكاءً شديداً، فقلت: يا أمير المؤمنين، لو علمت لحدثتك حديثاً ألين منه. قال: يا ميمون إنا نأكل هذه الشجرة العدس، وهي ما علمت، مرقةٌ للقلب معزرةٌ للدمعة، مذلةٌ للجسد. عن عطاء قال: كان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلةٍ الفقهاء، فيتذاكرون الموت والقيامة، ثم يبكون، حتى كأن بين أيديهم جنازة. وعن سعيد بن أبي عروبة وغيره، أن عمر بن عبد العزيز كان إذا ذكر الموت اضطربت أوصاله. قال معاوية بن يحيى: حدثني أرطأة قال: قيل لعمر بن عبد العزيز: لو جعلت على طعامك أميناً لا تغتال، وحرساً إذا صليت، وتنح عن الطاعون قال: اللهم إن كنت تعلم أني أخاف يوماً دون يوم القيامة، فلا تؤمن خوفي.

(7/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 203
روي عن ابن أبي عبلة، عو الوليد بن هشام قال: لقيني يهودي فقال: إن عمر بن عبد العزيز سيلي، ثم لقيني آخر ولاية عمر، فقال: صاحبك قد سقي فمره فليتدارك، فأعلمت عمر، فقال: قاتله الله، وما أعلمه لقد علمت الساعة التي سقيت فيها، ولو كان شفائي أن أمسح شحمة أذني وأوتي بطيبٍ فأرفعه إلى أنفي ما فعلت. رواه الناس عن ضمرة عنه، ولكن بعضهم قال: عمرو) بن مهاجر، بدل الوليد. مروان بن معاوية، عن معروف بن مشكان، عن مجاهد قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: ما يقول الناس في قلت: يقولون مسحور، قال: ما أنا بمسحورٍ، ثم دعا غلاماً له فقال: ويحك ما حملك على أن تسقيني السم قال: ألف دينارٍ أعطيتها، على أن أعتق، قال: هاتها، فجاء بها، فألقاها في بيت المال، وقال: اذهب حيث لا يراك أحد. قلت: كانت بنو أمية قد تبرمت بعمر، لكونه شدد عليهم، وانتزع كثيراً مما في أيديهم مما قد غصبوه، وكان قد أهمل التحرز، فسقوه السم. سفيان بن عيينة: قلت لعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: ما آخر ما تكلم به أبوك عند موته فقال: كان له من الولد أنا، وعبد الله، وعاصم، وإبراهيم، وكنا أغيلمةً، فجئنا كالمسلمين، عليه والمودعين له، فقيل له: تركت ولدك ليس لهم مالٌ، ولم تؤوهم إلى أحد فقال: ما كنت لأعطيهم ما ليس لهم، وما كنت لآخذ منهم حقاً هو لهم، وإن وليي فيهم الله الذي يتولى الصالحين، وإنما هم أحد رجلين، رجلٌ صالح أو فاسق، وقيل إن الذي كلمه فيه خالهم مسلمة. حماد بن زيد، عن أيوب، قيل لعمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين،

(7/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 204
لو أتيت المدينة، فإن مت دفنت في موضع القبر الرابع، موضع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: والله لأن يعذبني الله بكل عذاب إلا النار، أحب إلي من أن يعلم الله مني أني أراني لذلك الموضع أهلاً. روى عبد الله بن شوذب، عن مطر الوراق مثله. جرير بن حازم: حدثني المغيرة بن حكيم: قالت لي فاطمة بنت عد الملك: كنت أسمع عمر في مرضه يقول: اللهم أخف عليهم أمري ولو ساعةً من نهار، فقلت له يوماً: ألا أخرج عنك، فإنك لم تنم، فخرجت عنه، فجعلت أسمعه يقول: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين. مراراً، ثم أطرق فلبث طويلاً لا يسمع له حسٌ، فقلت لوصيف: ويحك أنظر، فلما دخل صاح، فدخلت فوجدته ميتاً، قد أقبل بوجهه على القبلة، ووضع إحدى يديه على فيه. والأخرى على عينيه. هلال بن العلاء الرقي: ثنا أبي، ثنا عبد الرحمن بن عوف الرقي، عن عبيد بن حسان قال: لما احتضر عمر بن عبد العزيز قال: اخرجوا عني، فقعد مسلمة، وفاطمة على الباب فسمعوه يقول: مرحباً بهذه الوجوه، ليست بوجوه إنسٍ ولا جانٍ، ثم قال: تلك الدار الآخرة الآية، ثم) هدأ الصوت، فقال مسلمة لفاطمة: قد قبض صاحبك، فدخلوا فوجدوه قد قبض. روى هشام بن حسان، عن خالد الربعي قال: إنا نجد في التوارة أن

(7/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 205
السموات والأرض تبكي على عمر بن عد العزيز أربعين صباحاً. جعفر بن سليمان، عن هشام قال: لما جاء نعي عمر بن عبد العزيز قال: الحسن البصري: مات خير الناس. سليمان بن عمر بن الأقطع: ثنا أبو أمية الخصي غلام عمر بن عبد العزيز قال: بعثني عمر بن عبد العزيز بدينارين إلى أهل الدير، فقال: إن بعتموني موضع قبري، وإلا تحولت عنكم. ابن وهب، عن مالك، أن صالح بن علي لما قدم الشام سأل عن قبر عمر بن عبد العزيز، فلم يجد أحداً يخبره، حتى دل على راهب فقال: قبر الصديق تريدون، هو في تلك المزرعة. محمد بن سعد في الطبقات وغيره: أنا عباد بن عمرو الواشجي: ثنا مخلد بن يزيد لقيته من نحو خمسين سنةً، وكان فاضلاً خيراً عن يوسف بن ماهك قال: بينا نحن نسوي التراب على قبر عمر بن عبد العزيز، إذ سقط علينا كتابٌ من السماء فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، أمانٌ من الله لعمر بن عبد العزيز من النار. الوليد بن هشام القحذفي، عن أبيه، عن جده أن عمر توفي يوم الجمعة لخمس بقين من رجب، سنة إحدى ومائة، بدير سمعان، من أعمال حمص، وصلى عليه يزيد بن عبد الملك، وهو ابن تسعٍ وثلاثين سنةً وستة

(7/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 206
أشهر. وقال أبو عمر الضرير: توفي بدير سمعان، لعشر بقين من رجب، وآخرون قالوا: في رجب، ولم يؤرخوا اليوم. ومناقبه طويلةٌ اكتفينا بهذا.
4 (عمر بن كثير بن أفلح خ م مولى أبي أيوب الأنصاري.)
عن: ابن عمر، وسفينة، وابن سفينة، ونافع مولى أبي قتادة. وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وأخوه سعد بن سعيد، وابن عون. قال النسائي: ثقة.
4 (عمر بن عبيرة)
ابن معية بن سكين، أبو المثنى الفزاري أمير العراقين، وليهما ليزيد ابن عبد الملك، فلما استخلف هشام عزله، قال الوليد بن مسلم: في سنة سبعٍ وتسعين غزا مسلمة القسطنطينة، وكان على أهل البحر عمر بن هبيرة.) قال غير واحد: وجمعت إمرة العراق في أول سنة ثلاثٍ مائة لابن هبيرة، فروى عبد الله بن بكر السهمي عن بعض أصحابه أن عمر بن هبيرة جمع فقهاء البصرة والكوفة فقال: إن أمير المؤمنين يكتب إلي في أمور أعمل بها؟

(7/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 207
فقال الشعبي: أنت مأمورٌ، والتبعة على من أمرك، فأقبل ابن هبيرة على الحسن فقال: ما تقول قال: قد قال هذا، قال: فقل أنت، قال: اتق الله، فكأنك بملك الموت قد أتاك فاستنزلك عن سريرك هذا، وأخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، فإن الله ينجيك من يزيد، ولا ينجيك زيد من الله، فإياك أن تعرض لله بالمعاصي، فإنه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق، قال: فخرج عطاؤهم وفضل الحسن. قال ابن عون: أرسل عمر بن هبيرة إلى ابن سيرين، فأتاه فقال: كيف تركت أهل مصر قال: تركتهم والظلم فيهم فاشِ، فغضب، وأبو الزناد حاضرٌ، فجعل يقول: أصلحك الله، إنه شيخٌ، إنه شيخ. وعن سليمان بن زياد قال: لما استخلف هشام بعث على العراق خالد بن عبد الله القسري، فدخل واسط، وقد تهيأ ابن هبيرة للجمعة، والمرآة في يده يسوي عغمته، إذ قيل: هذا خالدٌ قد دخل، فقال: هكذا تقوم الساعة بغتةً، فأخذه خالد فقيده وألبسه عباءةً، فقال: بئس ما سننت على أهل العراق، أما تخاف أن تؤخذ بمثل هذا قال: فاكترى موالي ابن هبيرة داراً نقبوا منها سرباً إلى السجن، كما ذكرنا في الحوادث، وقد تولى العراقين أيضاً ولده يزيد بن عمر بن هبيرة.
4 (عمر بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم. كان لعاباً متنعماً، وكان يقال له فحل بني)
مروان، لأنه كان يركب معه ستون ابناً لصلبه.

(7/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 208
4 (عمرو بن الوليد بن عبدة المصري ق مولى عمرو بن العاص.)
عن قيس بن سعد بن عبادة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأنس بن مالك. وعنه: يزيد بن أبي حبيب فقط. توفي سنة ثلاثٍ مائة.
4 (عمرو بن هرم الأزدي البصري م ت ن ق عن: أبي الشعثاء، وربعي بن حراش، وسعيد)
بن جبير، وطائفة. وعنه: حبيب بن أبي حبيب الحرمي، وسالم المرادي، وأبو بشر جعفر بن إياس. وثقه أبو داود السجستاني.
4 (عمران بن عبد الرحمن ابن الأمير شرحبيل بن حسنة الكندي المصري القاضي، أبو)
) شرحبيل. روى عن أبي خراش، صحابي. وعنه: عياش بن عباس القتابي، وموسى بن أيوب الغافقي. قال ابن يونس: كان قاضي مصر وصاحب شرطها في سنة تسع وثمانين وقبلهما، ثم ولي مصر سنة ثلاثٍ ومائة.
4 (عمران بن ملحان ع هو أبو رجاء. سيأتي.)

(7/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 209
4 (عمير مولى أم الفضل خ م د ن وقيل مولى ابنها عبد الله بن عباس. عن: ابن عباس،)
وأسامة بن زيد، وأبو جهيم بن الحارث بن الصمة، وأم الفضل ابنة الحارث. وعنه سالم أبو النضر، والأعرج، وإسماعيل بن رجاء الزبيدي. وثقه النسائي، ومات سنة أربعٍ ومائة.
4 (عنبسة بن سحيم الكلبي الأمير، متولي بلاد الأندلس من قبل بني أمية. قال ابن يونس: توفي)
سنة سبع ومائة.
4 (عياض بن عبد الله ع بن سعد بن أبي سرح العامري الحجازي، ولد أمير المصرية)
لعثمان، نشأ بمصر، القرشي المكي. حدث بمصر والحجاز عن: أبي هريرة، وأبي سعيد، وابن عمر. وعنه: بكير بن الأشج، وزيد بن أسلم، وسعيد المقبري وهو من أقرانه وابن عجلان، وإسماعيل بن أمية، وداود بن قيس، وعبيد الله بن عمر، وآخرون. ثقةٌ حجة.
4 (عيسى بن عاصم الكوفي د ن ق عن: القاضي شريح،

(7/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 210
وزر بن حبيش، وعدي بن عدي)
الكندي. وعنه: معاوية بن صالح، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وسلمة بن كهيل، وجرير بن حازم، وغيرهم وكان صدوقاً نزل أرمينية.

(7/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 211
4 (حرف الفاء)

4 (الفرزدق)
مقدم شعراء العصر: أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية

(7/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 212
بن عقال التميمي البصري. روى عن: علي بن أبي طالب وكأنه مرسل وعن أبي هريرة، والحسين، وابن) عمر، وأبي سعيد، والطرماح الشاعر. وعنه الكميت الشاعر، ومروان الأصغر، وخالد الحذاء، وأشعث بن عبد الملك، والصعق بن ثابت، وآخرون، وابن لبطة بن الفرزدق، وحفيده أعين بن لبطة. ووفد على الوليد وسليمان، ومدحهما، ولم أر له وفادةً على عبد الملك. وذكر ابن الكلبي أنه وفد على معاوية، ولم يصح. قال ابن دريد: كانت غليظ الوجه جهماً، لقب الفرزدق، وهو الرغيف الضخم، شبه وجهه ذلك. قال مسدد: ثنا ربعي بن عبد الله، سمع الجارود قال: أتى رجل من بني رياح، يقال له ابن وثيل الفرزدق بماءٍ يظهر الكوفة، على أن يعقر هذا مائة من الإيل، وهذا مائةً من الإبل إذا وردت الماء، فلما وردت قاما إليها بالسيوف يكسعان عراقيبها، فخرج الناس على الحمير والبغال يريدون اللحم، وعلي رضي الله عنه بالكوفة، فخرج على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينادي: لا تأكلوا من لحومها فإنه أهل لغير الله. قال جرير، عن معاوية قال: لم يكن أحدٌ من أشراف العرب بالبادية أحسن ديناً من صعصعة جد الفرزدق، ولم يهاجر، وهو الذي أحيا الوئيدة، وبه يفتخر الفرزدق حيث يقول:
(وجدي الذي منع الوائدا .......... ت فأحيا الوئيد فلم يوأد)
فقيل: إنه أحيا ألف موؤدةٍ، وحمل على ألف فرس. وقد روى

(7/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 213
الروياني في مسنده حديث وفادة صعصعة بن ناجية المجاشعي، وأنه جد الفرزدق. روى معاوية بن عبد الكريم، عن أبيه قال: دخلت على الفرزدق، فتحرك، فإذا في رجليه قيد، قلت: ما هذا يا أبا فراس قال: حلفت أن لا أخرجه من رجلي حتى أحفظ القرآن. وقال أبو عمرو بن العلاء: لم أر بدوياً أقام بالحضر إلا فسد لسانه غير رؤبة والفرزدق. وقال ابن شبرمة: كان الفرزدق أشعر الناس. وقال يونس بن حبيب النحوي: ما شهدت مشهداً قط، وذكر فيه جرير والفرزدق فأجمع ذلك المجلس وأهله على أحدهما، وكان يونس يقدم الفرزدق بغير إفراط. وقال ابن داب: الفرزدق أشعر عامة، وجرير أشعر خاصة. قال محمد بن سلام الجمحي: أتى الفرزدق الحسن فقال: إني هجوت إبليس، فاسمع. قال: لا حاجة لنا بما تقول، قال: لتسمعن أو لأخرجن فلأقولن للناس: إن الحسن ينهى عن هجاء إبليس، قال: أسكت فإنك عن لسانه تنطق.) وقيل لابن هبيرة: من سيد أهل العراق قال الفرزدق هجاني ملكاً، ومدحني سوقة. روى الأصمعي، عن أبي عمرو قال: دخل الفرزدق على بلال بن أبي بردة فقال: لو لم يكن لليمن إلا أبو موسى حجم النبي صلى الله عليه وسلم، فوجم بلال ساعةً ثم قال: ترى أنه ذهب على هذا، أو ليس كثيرٌ لأبي موسى أن يحجم النبي صلى الله عليه وسلم، ما فعل هذا قبل ذلك ولا بعده، قال الفرزدق: أبو موسى كان أعلم بالله من أن يجرب الحجامة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(7/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 214
وكان الفرزدق زير نساءٍ وصاحب زي على ما ذكر الجاحظ، وقال: وكان لا يحسن بيتاً واحداً في صفاتهن واستمالة أهوائهن، ولا في صفة عشقٍ وتباريح حب، وجرير ضده في إرادتهن، وخلافه في وصفهن، أحسن خلق الله تشبيباً، وأجودهم نسبياً، وهذا ظاهرٌ معروف. الأصمعي: ثنا أبو مودود، ثنا شفقل رواية الفرزدق قال: طلق الفرزدق امرأته النوار ثلاثاً، وقال لي: يا شفقل، امض بنا إلى الحسن حتى نشهده على طلاق نوار، قلت: أخشى أن يبدو لك فيها، فيشهد عليك الحسن فتجلد ويفرق بينكما، فقال: لا بد منه، فمضينا إلى الحسن في حلقته، فقال له الفرزدق: يا أبا سعيد، علمت أني قد طلقت النوار ثلاثاً، فقال: قد شهدنا عليك، ثم بدا له بعد فأعادها، فشهد عليه الحسن، ففرق بينهما، فأنشا الفرزدق يقول:
(ندمت ندامة الكسعي لما .......... مضت مني مطلقة نوار)

(وكانت جنتي فخرجت منها .......... كآدم حين أخرجه الضرار)

(فلو أني ملكت يدي وقلبي .......... لكان علي للقدر الخيار)
روى الأصمعي وغيره أن النوار ماتت، فخرج الحسن في جنازتها، فقال الفرزدق: يا أبا سعيد، يقول الناس حضر هذه الجنازة خير الناس وشر الناس، فقال الحسن: لست بخير الناس ولست بشرهم، ما أعدت لهذا اليوم يا أبا فراس قال: شهادة أن لا الله إلا الله منذ ثمانين سنة، وفي رواية: منذ سبعين سنة، قال الحسن: نعم العدة، ثم أنشأ الفرزدق يقول:
(أخاف وراء القبر إن لم يعافني .......... أشد من القبر التهاباً وأضيقا)

(إذا جاءني يوم القيامة قائدٌ .......... عنيفٌ وسواقٌ يسوق الفرزدقا)

(7/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 215
(لقد خاب من أولاد آدم من مشى .......... إلى النار مشدود القلادة أزرقا)
وفي رواية:)
(يساق إلى نار الجحيم مسربلاً .......... سرابيل قطرانٍ لباساً محرقاً)

(إذا شربوا فيها الحميم رأيتهم .......... يذوبون من حر الصديد تمزقا)
قال: فأبكى الناس. وللفرزدق مما رواه أبو محمد بن قتيبة:
(إن المهالبة الكرام تحملوا .......... دفع المكاره عن ذوي المكروه)

(زانوا قديمهم بحسن حديثهم .......... وكريم أخلاقٍ بحسن وجوه)
أبو العيناء: ثنا أبو زيد النحوي، عن أبي عمرو بن العلاء قال: حضرت الفرزدق وهو يجود بنفسه، فما رأيت أحسن ثقةً بالله منه، قال: وذلك في أول سنة عشرٍ ومائة، فلم أنشب أن قدم جرير من اليمامة، فاجتمع إليه الناس، فما أنشدهم ولا وجدوه كما عهدوه، فقلت له في ذلك، فقال: أطفأ والله الفرزدق جمرتي، وأسال عبرتي، وقرب منيتي، ثم رد إلى اليمامة، فنعي لنا في رمضان من السنة. قلت: وكتاب مناقضات جرير والفرزدق مشهورٌ، وفيه كثيرٌ من شعرهما.
4 (فضيل بن عمرو الفقيمي م ت ن ق أحد علماء الكوفة. روى

(7/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 216
عن إبراهيم النخعي، وسعيد)
بن جبير، وعائشة بنت طلحة، ومجاهد، ومات شاباً قبل أن يتكهل. روى عنه أخوه الحسن، وأبان بن تغلب، وحجاج بن أرطأة، والعلاء بن المسيب، وأبو إسرائيل إسماعيل بن خليفة الملائي. قال ابن معين: ثقة حجة. قلت: توفي سنة عشر ومائة.
4 (فضيل بن فضالة الهوزني الشامي ن أرسل عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن)
عبد الله بن بسر، وفضالة بن عبيد. وعنه: محمد بن الوليد الزبيدي، وصفوان بن عمرو، ومعاوية بن صالح، وكان ثقة.

(7/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 217
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ع)
عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشي التيمي المدني الفقيه، أبو محمد، وقيل أبو عبد الرحمن، أحد الأعلام. ولد في خلافة عثمان، وكان خيراً من أبيه بكثير، نشأ بعد قتل أبيه في حجر عمته أم المؤمنين رضي الله عنها، فسمع منها، ومن ابن) عباس، وابن عمر، ومعاوية، وصالح بن خوات، وفاطمة بنت قيس، وطائفة.

(7/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 218
روى عنه: ابنه عبد الرحمن بن القاسم، والزهري، وربيعة، وابن المنكدر، وجعفر بن محمد، وابن عون، وأفلح بن حميد، وأيوب السختياني، وآخرون، وحديثه أعلى شيءٍ عند مسلم، فإنه روى في صحيحه عن القعنبي، عن أفلح عنه أحاديث، وكان فقيهاً إماماً مجتهداً ورعاً عابداً ثقةً حجة، قال عبد الله بن شوذب، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: ما أدركنا أحداً بالمدينة نفضله على القاسم بن محمد. وقال أيوب السختياني: ما رأيت رجلاً أفضل من القاسم، لقد ترك مائة ألفٍ هي له حلال، ورأيت عليه قلنسوة خزٍ، رواه سليمان بن حرب، عن وهيب، سمع أيوب يقول ذلك. وقال ابن عيينة: أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم، وعروة، وعمرة، وقال علي بن المديني: ثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم وكان أفضل أهل زمتانه أنه سمع أباه وكان أفضل أهل زمانه فذكر حديثاً. وعن أبي الزناد قال: ما رأيت فقيهاً أعلم من القاسم بن محمد. وقال عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال: ما رأيت أحداً أعلم بالسنة من القاسم بن محمد. وقال ابن معين: عبيد الله، عن القاسم، عن عائشة ترجمة مشبكة بالذهب. ابن إدريس، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال: سبعةٌ من أهل المدينة نظراء، إذا اختلفوا أخذ بقول أحدهم: سعيد بن المسيب، وعروة، والقاسم، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله، وخارجة بن زيد، وسليمان بن يسار، وعن الزهري قال: صارت الفتوى إلى أبي

(7/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 219
سلمة، والقاسم، وسالم. وقال يحيى القطان: فقهاء المدينة عشرة، فذكر منهم القاسم. يونس بن بكير: ثنا ابن إسحاق قال: جاء أعرابيٌ إلى القاسم بن محمد فقال: أنت أعلم أم سالم قال: ذاك منزل سالم، لم يزده على ذا. ابن أبي الزناد، عن أبيه قال: ما رأيت أحداً أحد ذهناً من القاسم، إن كان ليضحك من أصحاب الشبه كما يضحك الفتى. خالد بن خراش: ثنا مالك قال: كان القاسم رجلاً عاقلاً، وكان ابنه يحدث عنه أن الذنوب لاحقةٌ بأهلها. حماد بن زيد، عن أيوب: سمعت يحيى يسأل القاسم فيقول: لا أدري، لا أعلم. فلما أكثر قال: والله لا نعلم كل ما تسألونا عنه.) حماد، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم قال: لأن يعيش الرجل جاهلاً بعد أن يعلم حق الله خيرٌ له من أن يقول ما لا يعلم. قال مالك: ما حدث القاسم مائة حديثٍ. قال ابن وهب: حدثني مالك أن عمر بن عبد العزيز قال: لو كان لي في الأمر شيء لوليت القاسم بن محمد الخلافة. قلت: إنما بايعوا عمر بن عبد العزيز بالخلافة مشروطاً بأن الأمر من بعده ليزيد، فلهذا قال: لو كان لي من الأمر. قال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن الضحاك الحزامي، عن أبيه قال: قال عمر بن عبد العزيز: لو كان إلي أن أعهد ما عدوت أحد رجلين: صاحب الأحوص، يعني إسماعيل بن أمية، وكان خيارأً، أو أعيمش بني تيم، يعني

(7/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 220
القاسم. قال الواقدي: حدثني أفلح بن حميد قال: فبلغت القاسم فقال: إن القاسم ليضعف عن أهليه فكيف بأمر الأمة. قال ابن عون: كان القاسم ممن يأتي بالحديث بحروفه، ابن وهب: ثنا مالك، عن يحيى بن سعيد قال: كان القاسم لا يكاد يردٌ على أحد ولا يعيب عليه، فتكلم ربيعة يوماً فأكثر، فلما قام القاسم وهو متكيءٌ علي قال لي: لا أبا لغيرك، أترى الناس كانوا غافيلن عما يقول صاحبنا. حميد الطويل، عن سليمان بن قته قال: أرسلني عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي إلى القاسم بخمسمائة دينار، فأبى أن يقبلها. وقال حماد بن زيد، عن عبيد الله قال: كان القاسم لا يفسر، يعني القرآن. وعن أبي الزناد قال: ما كان القاسم يجيب إلا في الشيء الظاهر، وقال ابن عون: إن القاسم قال في شيء: أرى ولا أقول إنه الحق. وقال عكرمة بن عمار: سمعت القاسم، وسالماً يلعنان القدرية. قال زيد بن يحيى الدمشقي: ثنا عبد الله بن العلاء، قال: سألت القاسم يملي علي أحاديث، فقال: إن الأحاديث كثرت على عهد عمر رضي الله عنه، فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلما أتوه بها أمر بتحريقها، ثم قال: مثناة

(7/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 221
كمثناة أهل الكتاب قال: فمنعني القاسم يومئذٍ أن أكتب حديثاً. قال الواقدي: كان مجلس القاسم وسالمٍ في المسجد واحداً، ثم جلس فيه بعدهما عبد الرحمن بن القاسم، وعبيد اللله بن عمر، ثم جلس فيه بعدهما مالك بين القبر والمنبر. أفلح بن حميد، عن القاسم قال: اختلاف الصحبة رحمة. ومحمد بن معاوية النيسابوري قال، ابن أبي الموال قال: رأيت القاسم يأتي المسجد أول النهار فيصلي ركعتين، ثم يجلس بين الناس) فيسألونه. سليمان بن بلال، عن ربيعة، قال: كان القاسم قد ضعف جداً، فكان يركب من منزله حتى يأتي مسجد منى، فينزل عند المسجد، فيمشي من عند المسجد إلى الجمار ويرميها. قال حنظلة بن أبي سفيان: رأيت على القاسم خاتماً من ورق حلقة فيها اسمه، في خنصره اليسرى. وقال محمد بن هلال: رأيت القاسم لا يحفي شاربه جداً. وقال أبو نعيم: ثنا خالد بن إلياس قال: رأيت على القاسم جبة خزٍ، وكساء خزً، وعمامة خز، وقد أفلح بن حميد: كان القاسم يلبس جبة خز، وقال العطاف بن خالد: رأيت القاسم وعليه جبة خز صفراء، ورداء مقبب.

(7/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 222
وقال أبو نعيم: ثنا معاذ بن العلاء قال: رأيت القاسم بن محمد، فرأيت على رحله قطيفةً من خزٍ، غبراء، وعليه رداءٌ معصفر، وقال عبد الله بن العلاء بن زيد: دخلت على القاسم بن محمد، وهو في قبوة معصفرةٍ، وتحته فراش معصفر، وقال معن: حدثني خالد بن أبي بكر قال: رأيت على القاسم، عمامةً بيضاء، قد سدل خلفه منها أكثر من شبر. وقال غيره: كان القاسم يخضب رأسه ولحيته بالحناء، وقال آخر: لم أره يخضب. وقال فطر بن خليفة: رأيت القاسم يصفر لحيته. وقال القعنبي: ثنا محمد بن صالح، عن سليمان بن عبد الرحمن قال: مات القاسم بقديد، فقال: كفنوني في ثيابي التي كنت أصلي فيها، قميصي وإزاري وردائي، هكذا كفن أبو بكر، والحي أحوج إلى الجديد. وقال خالد بن أبي بكر: أوصى القاسم أن لا يبنى على قبره، وقال عبد العزيز الماجشون: مات بقديد ودفن بالمشلل، وبينهما ثلاثة أميال. قال الواقدي: مات سنة ثمانٍ ومائة، وكان قد ذهب بصره. وقال خليفة:

(7/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 223
مات في آخر سنة ستٍ، أو أول سنة سبعٍ ومائة. وقال الهيثم، وابن بكير: سنة سبع. قال ابن المديني، وأبو عبيد، وجماعة: سنة ثمانٍ. وقيل: سنة اثنتي عشر ومائة، وهو قولٌ شاذٌ.
4 (القاسم بن محمد الثقفي الشامي عن معاوية، وأسماء بنت أبي بكر.)
وعنه: قيس بن الأحنف، وعثمان بن الأحنف، وعثمان بن المنذر. وقيل: إن الذي روى عن معاوية هو القاسم أبو عبد الرحمن.)
4 (القاسم بن مخيمرة في الطبقة الآتية.)

4 (القطامي الشاعر المشهور)
عمرو بن شييم، ويقال شييم بن عمرو التغلبي، كان نصرانياً

(7/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 224
فأسلم ومدح الوليد بن عبد الملك، وغيره، وهو صاحب هذه الكلمة السائرة التي أولها:
(إنا محيوك فاسلم أيها الطلل .......... وإن بليت وإن طالت بك الطيل)

(وما هداني لتسليمٍ على دمنٍ .......... بالعمر غيرهن الأعصر الأول)

(والناس من يلق خيراً قائلون له .......... ما يشتهي ولأم المخطيء الهبل)

(قد يدرك المتأني بعض حاجته .......... وقد يكون مع المستعجل الزلل)

(وربما فات قوماً بعض أمرهم .......... من التأني وكان الحزم لو عجلوا)

(والعيش لا عيسش إلا ما تقر به .......... عينٌ ولا حال إلا سوف تنتقل)

(أما قريشٌ فلن تلقاهم أبداً .......... إلا وهم خير من يحفى وينتعل)

(قومٌ هم أمراء المؤمنين وهم .......... رهط الرسول فما من بعده رسل)

4 (القعقاع بن حكيم المدني م عن: عائشة، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وعلي بن)
الحسين، وأبي صالح السمان، وجماعة. وعنه: سمي، وسهيل بن أبي صالح، وزيد بن أسلم، وابن عجلان. وثقه أحمد بن حنبل، وغيره.
4 (قيس بن الحارث د عن عبادة بن الصامت، وأبي سعيد الخدري، وغيرهما.)

(7/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 225
وعنه عمر بن عبد العزيز، ويحيى بن يحيى الغساني، وإسماعيل ابن عبيد الله بن أبي المهاجر، وغيرهم. وثقه أحمد بن عبد الله العجلي.
4 (قيس بن عباية أبو نعامة الحنفي البصري.)
عن ابن عباس، وعبد الله بن مغفل. وعنه: أيوب السختياني، وسعيد الجريري، وخالد الحذاء، وعثمان بن غياث، وغيرهم. وهو بالكنية أشهر، وثقه غير واحد.

(7/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 226
4 (حرف الكاف)

4 (كثير بن عبيد د مولى أبي بكر الصديق.)
) عن عائشة، وزيد بن ثابت، وأبي هريرة. وعنه: ابنه سعيد، وحفيده عنبسة، عن سعيد، وابن عون، ومجالد بن سعيد.

(7/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 227
4 (كثير عزة الشاعر المشهور)
هو كثير بن عبد الرحمن بن الأسود الخزاعي، أبو صخر المدني، قدم الشام، ومدح عبد الملك بن مروان وغيره. قال الزبير بن بكار: كان شيعياً يقول بتناسخ الأرواح، ويقرأ في أي صورةٍ ما شاء ركبك، قال: وكان خشبياً يؤمن بالرجعة، يعني رجعة علي رضي الله عنه إلى الدنيا. قال عمر بن عثمان الحمصي: ثنا خالد بن يزيد عن جعونة قال: كان لا يقوم خليفة من بني أمية إلا سب علياً، فلم يسبه عمر بن عبد العزيز حين استخلف، فقال كثير:

(7/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 228
(وليت فلم تشتم علياً ولم تخف .......... بنيه ولم تتبع سجية مجرم)

(وقلت فصدقت الذي قلت بالذي .......... فعلت فأضحى راضياً كل مسلم)
وكان قد أحب عزة وشبب بها، فمن ذلك:
(وإني وتهيامي بعزة بعد ما .......... تخليت مما بيننا وتخلت)

(لكالمرتجى ظل الغمامة كلما .......... تبوأ منها للمقيل اضمحلت)

(وقلت لها: يا عز كل مصيبةٍ .......... إذا ذللت يوماً لها لنفس ذلت)
قال يونس بن حبيب النحوي: كان عبد الله بن إسحاق يقول: كثير أشعر أهل الإسلام، ورأيت ابن أبي حفصة يعجبه مذهبه في المديح جداً، يقول: كان يستقصي المديح، وكان فيه خطلٌ وعجبٌ، وكانت له عند قريشٍ منزلةٌ وقدرٌ. و روى سعيد بن يحيى الأموي، عن أبيه قال: لقيت امرأةٌ كثير عزة و كان قليلاً دميماً فقالت: من أنت قال: كثير عزة، فقالت: تسمع بالمعيدي خيرٌ من أن تراه، قال: مهٍ أنا الذي أقول:
(فإن أك معروق العظام فإنني .......... إذا ما وزنت القوم بالقوم وازن)
قالت: و كيف تكون القوم وازناً و أنت لا تعرف إلا بعزة قال: و الله لئن قلت ذاك لقد رفع الله بها قدري، و زين بها شعري، و إنها لكلما قلت:
(و ما روضة بالحزن طاهرة الثرى .......... يمج الندى جثجاثها و عرارها)
)
(بأطيب من أردان عزة موهناً .......... وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها)

(7/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 229
(من الخفرات البيض لم تلق شقوةً .......... و بالحسب المكنون صافٍ نجارها)

(فإن برزت كانت لعينك قرةً .......... وإن غبت عنها لم يعممك عارها)
قال الزبير بن بكار: قال عمر بن عبد العزيز: إني لأعرف صلاح بني هاشم و فسادهم بحب كثير، لأنه كان خشبياً يؤمن بالرجعة. قال جويرية بن أسماء: مات كثير و عكرمة في يوم واحد، فاحتفلت قريشٌ في جنازة كثير، و لم يوجد لعكرمة من يحمله. قال الغلابي: ماتا في سنة خمسٍ و مائة. و قال جماعة: سنة سبعٍ و مائة.
4 (كردوس الثعلبي د ن الكوفي القاص.)
روى عن ابن مسعود، و حذيفة، وأبي موسى، و عائشة. و عنه: عبد الملك بن عمير، و ابن عون، و منصور بن المعتمر، و آخرون.

(7/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 230
4 (حرف اللام)

4 (لمازة بن زبار أبو لبيد الجهضمي البصري.)
روى عن عمر، و أبي موسى الأشعري. و عنه: الزبير بن الخريت، و يعلى بن حكيم، و جماعة. حضر وقعه الجمل مع عائشة، و قد وثقه ابن سعد، و قال أحمد بن حنبل: صالح الحديث. و قال: حماد بن زيد: رأيت أبا لبيد يصفر لحيته، وكانت تبلغ سرته. و قال وهب بن جرير، عن أبيه، عن أبي لبيد، و كان شتاماً، قال ابن

(7/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 231
معين: نرى أنه كان يشتم علياً رضي الله عنه. و روى الزبير بن الخريت، عن أبي لبيد قال: وفدنا إلى يزيد فقالوا: هو يشرب الخمر، فهاجت ريحٌ فألقت خيمته، فإذا هو قد نشر المصحف و هو يقرأ. قلت: ما يلائم الشيعي على بغض هذا الناصبي اليزيدي الذي ينال من علي و يروي مناقب يزيد.

(7/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 232
4 (حرف الميم)

4 (مالك بن أسماء)
) ابن خارجة الفزاري الشاعر، وفد على عبد الملك بن مروان، و حكى العتبي، أنه كان عاملاً للحجاج على الحيرة، و كان صهراً له، فبلغه عنه شيءٌ فعزله، فلما ورد عليه قال: أنت القائل:
(حبذا ليلتي بحيث نسقى .......... قهوةً من شرابنا و نغنى)

(حيث دارت بنا الزجاجة حتى .......... حسب الجاهلون أنا جننا)

(و نزلنا بنسوةٍ عطراتٍ .......... وسماعٍ و قرقفٍ فنزلنا)

(7/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 233
فقال: بل أنا القائل:
(ربما قد لقيت أمس كئيباً .......... أقطع الليل عبرةً و نحيبا)

(أيها المشفق الملح حذاراً .......... إن للموت طالباً و رقيبا)

(فصل ما بين ذي الغنى و أخيه .......... أن يعار الغني ثوباً قشيبا)
فرق الحجاج و رقت عينه، ثم حبسه، و بعث إلى أهل عمله يكشف عليه، فقالوا بينهم: هذا صهر الأمير، يغضب عليه اليوم، و يرضى عنه غداً، فلما دخلوا قال كبيرهم: ما ولينا أحدٌ قط أعف منه، فأمر بضرب الكبير ثلاثمائة سوطٍ، ثم سأل أصحابه، فرفعوا كل شيءٍ، فقال له الحجاج: ما تقول يا ملك قال: أصلح الله الأمير، مثلي و مثلك و مثل هؤلاء، و المضروب مثل أسدٍ كان يخرج إلى الصيد فيصحبه ذئبٌ و ثعلبٌ، فاصطادوا حمار وحشٍ و تيساً و أرنباً، فقال الأسد للذئب: و من يكون القاضي فقال: و ما الحاجة إليه الحمار لك، و التيس لي، و الأرنب للثعلب، فضربه الأسد ضربة وضع رأسه بين يديه، ثم قال للثعلب: من يقسم هذا قال: أنت، أصلحك الله، قال: بل أنت، أنا الأمير، و أنت القاضي، قال: فالحمار لغدائك، و التيس لعشائك، و الأرنب تتفكه به، فقال: ويحك يا أبا الحصين، ما أعدلك من علمك القضاء قال: علمنيه رأس الذئب، فالشيخ المضروب هو الذي علم هؤلاء. فضحك الحجاج، و وصل المضروب، وخلى سبيل مالك. رواها أيضاً عبد الله بن أبي سعد الوراق، عن أبي جعفر الضبي، عن عاصم بن الحدثان، عمن شهد الحجاج. و روى الزبير بن بكار بإسنادٍ قال: كان الحجاج ينشد قول مالك بن أسماء:

(7/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 234
(يا منزل الغيث بعد ما قنطوا .......... و يا ولي النعماء و المنن)

(يكون ما شئت أن يكون و ما .......... قدرت أن لا يكون لم يكن)
)
(لو شئت إذ كان حبها عرضاً .......... لم ترني وجهها و لم ترني)

(يا جارة الحي كنت لي سكناً .......... و ليس بعض الجيران بالسكن)

(أذكر من جارتي و مجلسها .......... طرائفاً من حديثها الحسن)

(و من حديث يزيدني مقةً .......... ما لحديث المحبوب من ثمن)
ثم يقول الحجاج: فض الله فاه ما أشعره. قال: مصعب الزبيري و غيره: رأى ابن أبي ربيعة رجلاً في الطواف قد بهر الناس بحسنه، فسأل عنه، فقيل: هو مالك بن أسماء الفزاري، فجاءه و عانقه و قال: أنت أخي، قال: فمن أنا و من أنت. روى عمر بن شبة عن رجل، لمالك بن أسماء بن خارجة:
(أمغطى مني على بصري بال .......... حب أم أنت أكمل الناس حسنا)

(و حديثٍ ألذه هو مما .......... تشتهيه النفوس يوزن وزنا)

(منطقٌ صائبٌ و تلحن أحيا .......... ناً و خير الحديث ما كان لحناً)

(7/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 235
4 (مجاهد بن جبر ع)
أبو الحجاج المكي المقريء المفسر، أحد الأعلام، مولى السائب بن أبي السائب المخزومي، وولد في خلافة عمر. وسمع سعد بن أبي وقاص، وعائشة، وأم هانيء، وأبا هريرة، وأسيد بن ظهير، وابن عباس ولزمه مدةً طويلة وعبد الله بن عمرو، ورافع بن خديج، وابن عمر، وخلقاً سواهم.

(7/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 236
وعنه: عكرمة، وطاوس، وجماعةٌ من أقرانه، وقتادة، ومنصور، والأعمش، وعمرو بن دينار، وأيوب السختياني، وابن عون، وعمر بن ذر، وعبد الله بن أبي نجيح، ومعروف بن مشكان، وخلق. روى محمد بن عبد الله الأنصاري: ثننا الفضل بن ميمون، سمع مجاهداً يقول: عرضت القرآن على ابن عباسٍ ثلاثين مرة. محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد قال: عرضت القرآن على ابن عباسٍ ثلاث عرضاتٍ، أقف عند كل آيةٍ، أسأله فيم نزلت وكيف كانت. محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: ثنا الشافعي، ثنا إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين قال: قرأت على شبل بن عباد، وقرأ على ابن كثير، وأخبره ابن كثير أنه قرأ على مجداهد، وقرأ على ابن) عباس. قال الثوري: خذوا التفسير، على أربعةٍ: مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والضحاك، وقال خصيف: كان مجاهد أعلمهم بالتفسير. وقال قتادة: أعلم من بقي بالتفسير مجاهد. قال أبو بكر بن عياش: قلت: للأعمش: ما لهم يتقون تفسير مجاهد قال: كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب. قال ابن المديني: سمع مجاهدٌ عائشة، وقال القطان: لم يسمع مها. قال محمد بن عبد الله الأنصاري قال ابن جريج: لأن أكون سمعت من مجاهد فأقول: سمعت مجاهداً، أحب إلي من أهلي وما لي. قال ابن

(7/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 237
معين وجماعة: مجاهدٌ ثقة. وقيل: سكن الكوفة بأخرة. قال سلمة من كهيل: ما رأيت أحداً يريد بهذا العلم وجه الله إلا هؤلاء الثلاثة: عطاء، ومجاهد، وطاوس. بقية، عن حبيب بن صالح: سمعت مجاهداً يقول: استفرغ علمي القرآن. شعبة، عن رجلٍ سمع مجاهداً يقول: صحبت ابن عمر، وأنا أريد أن أخدمه، فكان يخدمني. وروى إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد قال: ربما أخذ لي ابن عمر بالركاب. وقال الأعمش: كنت إذ رأيت مجاهداً ازدريته مبتذلاً، كأنه خربندجٌ ضل حماره وهو متهم. الأجلح، عن مجاهد قال: طلبنا هذا العلم وما لنا فيه نية، ثم رزق الله النية بعد. وقال منصور: قال مجاهد: لا تنوهوا بي في الخلق. وقال حصين، عن مجاهد: بينا أنا أصلي، إذا قام مثل الغلام ذات ليلةٍ، فشددت عليه لآخذه، فوثب، فوقع خلف الحائط، حتى سمعت وقعته، ثم قال: إنهم يهابونكم كما تهابونهم من أجل ملك سليمان. وعن الأعمش قال: كنت إذا نظرت إلى مجاهدٍ كأنه جمال فإذ نطق خرج من فيه اللؤلؤ.

(7/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 238
قال حميد الأعرج: كان مجاهد يكبر من: والضحى. وروى الواقدي، عن ابن جريج قال: بلغ مجاهد ثلاثاً وثمانين سنة. قال أحمد بن حنبل: ثنا حماد بن خالد، سمعت شيوخنا يقولون: توفي مجاهد سنة ثلاثٍ ومائة، وكذا قال الواقدي، عن سيف بن سليمان، وتبعه سعيد بن عفير، وأبو عبيد. وقال الهيثم بن عدي، والمدائني، وأبو نعيم، وعثمان بن أبي شيبة، وآخرون: توفي سنة اثنتين ومائة، زاد بعضهم: توفي وهو ساجد. وقال يحيى بن القطان وغيره: مات سنة أربعٍ ومائة.
4 (محمد بن أوس بن ثابت الأنصاري عن أبي هريرة وعنه: الحارث ابن يزيد، وأبو الأسود)
) محمد بن عبد الرحمن. وغزا مع موسى بن نصير، وكان على بحر تونس، وليه سنة اثنتين ومائة، ولما قتل أمير إفريقية يزيد بن أبي مسلم اجتمع أهلها فأمروا عليهم محمد بن أوس، رحمه الله.
4 (محمد بن زيد ع بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي. روى عن: سعيد بن زيد، وابن)
عباس، وجده. وعنه بنوه الخمسة: عاصم، وعمر، وواقد، وزيد، وأبو بكر، والأعمش، وغيرهم، وله وفادة على هشام بن عبد الملك. وثقه أبو حازم وغيره.
4 (محمد بن سويد ن بن كلثوم القرشي الفهري. ولي إمرة

(7/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 239
دمشق لسليمان بن عبد الملك،)
ثم إمرة الطائف لعمر بن عبد العزيز. روى عن عم أبيه الضحاك بن قيس، وعنه: مكحول، والزهري، وثقه أحمد العجلي.
4 (محمد بن سيرين)
أبو بكر الأنصاري البصري، الإمام الرباني، صاحب التعبير، مولى أنس بن مالك، كان سيرين جرجرايا، فكاتب أنساً على مالٍ جليلٍ فوفاه، قال أنس بن سيرين: ولد أخي محمد لسنتين بقيتا في خلافة عثمان، وولدت بعده بسنة، سمع: أبا هريرة، وعمران بن حصين، وابن

(7/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 240
عباس، وابن عمر، وعدي بن حاتم، وأنساً، وعبيدة السلماني، وشريحاً، وطائفة. وعنه: قتادة، وأيوب، ويونس بن عبيد، وابن عون، وخالد الحذاء، وعوف، وقرة بن خالد، وأبو هلال محمد بن سليم، وهشام بن حسان، ومهدي بن ميمون، وجرير بن حازم، ويزيد بن إبراهيم، وعقبة الأصم، وخلق سواهم. قال هشام بن حسان، عن محمد قال: حج بنا ونحن سبعة ولد سيرين، فلما دخلنا على زيد بن ثابت قيل له: هؤلاء بنو سيرين، فقال: هذان لأم، وهذان لأم وهذان لأم، وهذا لأم، فما أخطأ واحداً، وكان معبد أخا محمد لأبويه. قال هشام: أدرك محمد بن سيرين ثلاثين صحابياً. قال عمر بن شبة: ثنا يوسف بن عطية قال: رأيت محمد بن سيرين، وكان قصيراً، عظيم البطن، وله وفرة، يفرق شعره، كثير المزاح والضحك، يخضب بالحناء. قال ابن عون: كان محمد يأتي بالحديث على حروفه، وكان الحسن صاحب معنى، وقال عون) بن عمارة: ثنا هشام بن هشام، حدثني أصدق من أدركت من البشر محمد بن سيرين، وقال حبيب بن الشهيد: كنت عند عمرو بن دينار فقال: والله ما رأيت مثل طاوس قط، فقال أيوب وكان جالساً: والله لو رأى محمد بن سيرين لم يقله. وقال معاذ بن معاذ: سمعت

(7/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 241
ابن عون يقول: ما رأيت مثل محمد بن سيرين، وعن خليف بن عقبة قال: كان ابن سيرين نسيج وحده، وقال شعيب بن الحبحاب: كان الشعبي يقول لنا: عليكم بذلك الأصم، يعني ابن سيرين. وقال ابن يونس: كان ابن سيرين أفطن من الحسن في أشياء. وقال جعفر بن سليمان عن عوف قال: كان محمد بن سيرين حسن العلم بالفرائض والقضاء والحساب، ولكن والله ما رأيت أحداً قط كان أدرك على طريق الجنة من الحسن، وقال أشعث: كان ابن سيرين إذا سئل عن الحلال والحرام تغير لونه حتى يكون كأنه ليس بالذي كان. قال مورق العجلي: ما رأيت أحداً أفقه في ورعه ولا أورع في فقه من محمد بن سيرين. وقال أبو قلابة: من يستطيع ما يطيق محمد بن سيرين يركب مثل حد السنان. وقال أبو عوانة: رأيت ابن سيرين مر في السوق، فما رآه أحد إلا ذكر الله تعالى. وروى الثوري، عن زهير الأقطع قال: كان ابن سيرين إذا ذكر الموت مات كل عضوٍ منه على حدته. وقال ابن عون: ما رأيت رجلاً كان أعظم رجاءً لأهل الإسلام من محمد، ولا رأيت أسخى منه، وقال مهدي بن ميمون: رأيت ابن سيرين يتكلم بأحاديث الناس وينشد الشعر ويضحك حتى يميل، فإذا جاء الحديث من السنة كلح وتقبض.

(7/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 242
وقال ثابت البناني: قال لي محمد: لم يكن يمنعني من مجالستكم إلا خوف الشهرة، فلم يزل بي البلاء حتى أخذ بلحيتي، فأقمت على المصطبة، فقيل: هذا ابن سيرين أكل أموال الناس، قال: وكان عليه دينٌ كثير. وذكر المدائني أنه اشترى زيتاً بأربعين ألفاً، فوجد فيه فأرة فبدره. قلت: شك، لأنه وجد الفأرة في زقٍ وقال: الفأرة كانت في المعصرة. قال يونس بن عبيد: كان ابن سيرين صاحب ضحك ومزاح، وقال هشيم بن منصور قال: كان ابن سيرين يضحك حتى تدمع عيناه، وكان الحسن يحدثنا ويبكي. وقال سليمان بن حرب: ثنا عمارة بن مهران قال: كنا في جنازة حفصة بنت سيرين، فوضعت الجنازة ودخل محمد بن سيرين صهريجاً يتوضأ، فقال الحسن: أين هو قالوا: يتوضأ، قال:) صباً صباً، دلكاً دلكاً، عذابٌ على نفسه وعلى أهله. قال حماد بن زيد: أنبأ ابن عون: سمعت ابن سيرين ينهى عن الجدال إلا رجاء إن كلمته أن يرجع. وقال محمد بن عمرو: سمعت محمد بن سيرين يقول: كاتب أنس بن مالك أبي أبا عمرة على أربعين ألف درهمٍ فأداها. قال عبيد الله بن أبي بكر بن أنس: هذه مكاتبة سيرين عندنا، وكان قنا. قال ابن شبرمة: دخلت على محمد بن سيرين بواسط، فلم أر أجبن عن فتيا ولا أجرأ على رؤيا منه. قال يونس بن عبيد: لم يكن يعرض

(7/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 243
لمحمد بن سيرين أمران في دينه إلا أخذ بأوثقهما. وقال هشام بن حسان: كان ابن سيرين يتجر، فإذا ارتاب في شيءٍ تركه. وقال ابن عون: كان محمد من أشد الناس إزراءً على نفسه. وقال غالب القطان: خذوا بحلم ابن سيرين، ولا تأخذوا بغضب الحسن. حماد بن سلمة، عن أيوب: كان ابن سيرين يصوم يوماً ويفطر يوماً. وقال ابن عون: كان يصوم محمد عاشوراء يومين، ثم يفطر بعد ذلك يومين. وقال جرير بن حازم: كنت عند ابن سيرين فذكر رجلاً فقال: ذاك الأسود، ثم قال: إنا لله، أراني قد اغتبته. وقال معاذ، عن ابن عون إن عمر بن عبد العزيز بعث إلى الحسن فقبل، وبعث إلى ابن سيرين فلم يقبل. وقال ضمرة بن ربيعة، عن رجاء قال: كان الحسن يجيء إلى السلطان ويعيبهم، وكان ابن سيرين لا يجيء إليهم ولا يعيبهم. وقال هشام ما رأيت أحداً عند سلطان أصلب من ابن سيرين. وقال حماد بن زيد، عن أيوب: رأيت الحسن في المنام مقيداً، ورأيت ابن سيرين في النوم مقيداً. أبو شهاب الحناط، عن هشام: أن ابن سيرين اشترى طعاماً بيعاً منونياً

(7/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 244
فأشرف فيه على ربح ثمانين ألفاً، فعرض في قلبه شيء فتركه قال هشام والله ما هو برباً. قال ابن سعد: سألت محمد بن عبد الله الأنصاري عن سبب الدين الذي ركب محمد بن سيرين حتى حبس، قال: اشترى طعاماً بأربعين ألف درهم، فأخبر عن أصل الطعام بشيءٍ فكرهه فتركه، أو تصدق به، فحبس على المال، حبسه مالك بن المنذر. قال هشام بن حسان: ترك محمد أربعين ألفاً في شيءٍ ما ترون به اليوم بأساً. ويروى عن ابن سيرين قال: إني لأعرف الذي حمل علي الدين، قلت لرجل منذ أربعين سنة:) يا مفلس. قال أبو سليمان الداراني وقد بلغه هذا: قلت ذنوبهم فعرفوا من أين أتوا، وكثرت ذنوبنا فلم ندر من أين نؤتى. وقال المدائني: كانوا يرون أنه عير مرة رجلاً بالفقر، فابتلى به. وقال قريش بن أنس: ثنا عبد الحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار أن السجان قال لابن سيرين: إذا كان الليل فأذهب إلى أهلك، فإذا أصبحت فتعال، قال: لا والله لا أعينك على خيانة السلطان. وقال السري بن يحيى: ترك محمد ربح أربعين ألفاً، قال لي التيمي: والله لقد تركها في شيء ما يختلف فيه العلماء أنه لا بأس به. قال معمر: جاء رجل إلى ابن سيرين فقال: رأيت كأن حمامةً التقمت لؤلؤةً فخرجت منها أعظم مما كانت، ورأيت حمامةً التقمت لؤلؤةً، فخرجت أصغر مما دخلت، ورأيت حمامةً أخرى التقمت لؤلؤةً، فخرجت منها كما دخلت سواء، فقال ابن سيرين: أما التي خرجت أعظم مما دخلت،

(7/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 245
فذاك الحسن يسمع الحديث فيجوده بمنطقه، ويصل فيه من مواعظه، واما التي خرجت أصغر مما دخلت، فهو محمد بن سيرين يسمع الحديث فينقص منه، وأما التي خرجت كما دخلت، فهو قتادة، فهو أحفظ الناس. ابن المبارك، عن عبد الله بن مسلم المروزي قال، كنت أجالس ابن سيرين فتركته وجالست الاباضية، فرأيت كأني مع قوم يحملون جنازة النبي صلى الله عليه وسلم فأتيت ابن سيرين فذنرته له فقال: مالك جالست أقواما يريدون أن يدفنوا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وعن هشام بن حسان قال: قص رجل على ابن سيرين فقال: رأيت كأن بيدي قدحاً من زجاج فيه ماء، فانكسر القدح وبقي الماء فقال له اتق الله، فإنك لم تر شيئاً، فقال: سبحان الله قال ابن سيرين: فمن كذب فما علي ستلد امرأتك وتموت ويبقى ولدها، فلما خرج الرجل قال: والله ما رأيت شيئاً، فما لبث أن ولد له وماتت امرأته قال: ودخل آخر فقال: رأيت كأني وجارية سوداء، نأكل في قصعة سمكة، قال: أتهيء لي طعاماً وتدعوني قال: نعم، ففعل، فلما وضعت المائدة، إذا جارية سوداء، فقال له ابن سيرين: هل أصبت هذه قال: لا، قال: فادخل بها المخدع، فدخل بها، فصاح: يا أبا بكر، رجل والله قال: هذا الذي شاركك في أهلك. أبو بكر بن عياش، عن مغيرة بن حفص قال: سئل ابن سيرين فقال: رأيت نأن الجوزاء تقدمت الثريا، فقال هذا الحسن يموت قبلي ثم أتبعه، وهو أرفع مني.) وقد جاء عن ابن سيرين في التفسير عجائب يطول الكتاب بذكرها، وكان له في ذلك تأييد إلهي. قال حماد بن زيد: ثنا أنس بن سيرين قال: كان لمحمد سبعة أوراد، فإذا فاته شيء من الليل قرأه بالنهار. وقال حماد، عن ابن عون: إن محمداً كان يغتسل كل يوم.

(7/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 246
قلت: كان عنده وسواس، وقد ذكرنا تطويله في الوضوء يوم وفاة أخته. قال مهدي بن ميمون: رأيت محمداً إذا توضاْ فغسل رجليه بلغ عضلة ساقيه. وقال قرة بن خالد وغيره: كان نقش خاتم ابن سيرين كنيته أبو بكر. قال مهدي: رأيته يتختم في الشمال. وقال محمد بن عمرو: سمعت ابن سيرين يقول: عققت عن نفسي بختية. وقال مهدي بن ميمون: رأيت ابن سيرين يلبس طيلساناً ويلبس كساء أبيض في الشتاء وعمامة بيضاء وفروة ز وقال سليمان بن المغيرة: رأيت ابن سيرين يلبس الثياب الثمينة والطيالس والعمائم. وقال يحيى بن خليف: ثنا أبو خلدة قال: رأيت ابن سيرين يتعمم بعمامة بيضاء لاطية، قد أرخى ذوائبها من خلفه، ورأيته يخضب بالصفرة. وقال أبو الاشهب: رأيت عليه ثياب كتان. وقال معن بن عيسى: ثنا محمد بن عمرو: رأيت ابن سيرين خضب بحناء وكيم، ورأيته لا يحفي شاربه. وقال حميد الطويل: أمر ابن سيرين سويداً أن يجعل له حلة حبرة يكفن فيها. وقال هشام بن حسان: حدثتني حفصة بنت سيرين قالت: كانت أم

(7/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 247
محمد حجازية، وكان يعجبها الصبغ، وكان محمد إذا اشترى لها ثوياً اشترى ألين ما يجد، فإذا كان عيدٌ صبغ لها ثياباً، وما رأيته رافعاً صوته عليها، كان إذا كلمها كالمصغي إليها. قال بكار بن محمد، عن ابن عون إن محمداً كان إذا كان عند أمه لو رآه رجلٌ لا يعرفه، ظن به مرضاً من خفض كلامه عندها. أزهر، عن ابن عون قال: كان إذا ذكروا عند محمد رجلاً بسيئة ذكره هو بأحسن ما يعلم، وجاءه ناس فقالوا: إنا نلنا منك، فاجعلنا في حلٍ، فقال: لا أحل لكم شيئاً حرمه الله. قال جعفر بن برقان: ثنا ميمون بن مهران قال: قدمت الكوفة وأنا أريد أن أشتري البز: فأتيت ابن سيرين بالكوفة، فساومته، فجعل إذا باعني صنفاً من أصناف البز قال: هل رضيت فأقول: نعم، فيعيد ذلك علي ثلاث مرارٍ، ثم يدعو رجلين فيشهدهما، وكان لا يشتري ولا يبيع) بهذه الدراهم الحجاجية، فلما رأيت ورعه ما تركت شيئاً من حاجتي أجده عنده إلا اشريته، حتى لفائف البز. أبو كدينة، عن ابن عون قال: كان ابن سيرين إذا وقع عنده درهم زيف او ستوق لم يشتر به فمات يوم مات وعنده خمسمائة ستوقة وزيوف. عارم: ثنا حماد، عن غالب قال: رأيت محمداً وذكر مزاحه فسألته عن هشام فقال: توفي البارحة، أما شعرت فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون.

(7/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 248
4 (ذكر وفاته)
قال عبد الوهاب بن عطاء: أنا ابن عون قال: كانت وصية ابن سيرين: ذكر ما أوصى به محمد بن أبي عمرة بنيه وأهله، أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم، وأن يطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصيهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب: يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون أوصيكم أن لا يدعوا أن يكونوا إخوان الأنصار ومواليهم في الدين، فإن العفاف والصدق خيرٌ وأبقى وأكرم من الزنا والكذب، وأوصي فيما أترك إن حدث بي حدثٌ قبل أن أغير وصيتي قال ابن سعد: أنبأ بكار بن محمد، حدثني أبي، عن أبيه عبد الله بن محمد بن سيرين قال: لما ضمنت عن أبي دينه قال: بالوفاء، قلت: بالوفاء، فدعا لي بخير، فقضى عبد الله عنه ثلاثين ألف درهمٍ، فما مات عبد الله حتى قومنا ماله ثلاثمائة ألف درهمٍ أو نحوها. وقال أيوب: أنا زررت على محمد، يعني القميص لما كفنه. وروى أيوب، عن محمد أنه كان يأمر أن يجعل لقميص الميت أزرار ويكف. قال غير واحدٍ: مات ابن سيرين بعد الحسن بمائة يوم، وذلك في سنة عشرٍ ومائة، وعاش بضعاً وثمانين سنة، وقد مر مولده أنه في خلافة عمر.

(7/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 249
قال خالد بن خداش: ثنا حماد بن زيد قال: مات ابن سيرين لتسعٍ مضين من شوال سنة عشرٍ ومائة. قل أبو صالح كاتب الليث: حدثني يحيى بن أيوب أن رجلين تواخيا فتعاهدا إن مات أحدهما قبل صاحبه أن يخبره بما وجد، فمات أحدهما فرآه صاحبه في النوم، فسأله عن الحسن البصري، قال: ذاك ملك في الجنة لا يعصي، قال: فابن سيرين قال: ذاك فيما شاء واشتهى، وشتان ما) بينهما، قال: فبأي شيء أدرك الحسن قال: بشدة الخوف والحزن. وقال المحاربي: ثنا الحجاج بن دينار قال: كان الحكم بن جحل صديقاً لابن سيرين، فحزن على ابن سيرين حتى كان يعاد، ثم قال بعد: رأيته في المنام في حال كذا وكذا، فسألته لما سرني: فما صنع الحسن قال: رفع فوقي بسبيعين درجة، قلت: بم، فقد كنا نرى أنك فوقه قال: بطول الحزن. رواهما جماعة عن المحاربي.
4 (محمد بن طلحة د ق بن يزيد بن ركانة القرشي المطلبي المكي، ثم المدني. عن: إبراهيم)
بن سعد بن أبي وقاص، وعكرمة، وسالم ابن عبد الله. وعنه: عمرو بن دينار مع تقدمه، ومحمد بن إسحاق، وجماعة، قيل: توفي في أول خلافة هشام، وثقه يحيى بن معين، وتوفي أخوه يزيد بن طلحة بعده بيسير.

(7/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 250
4 (محمد بن عباد ع بن جعفر القرشي المخزومي المكي.)
عن جده لأمه عبد الله بن السائب، وأبي هريرة، وابن عباس، وجابر، وجماعة. وعنه: زياد بن إسماعيل، وابن جريج، والأوزاعي، وآخرون. وكان ثقة نبيلاً.
4 (محمد بن كعب القرظي ع)
أبو حمزة، ويقال: أبو عبد الله، وهو محمد بن كعب بن حيان بن سليم. كان أبوه من سبي بني قريظة فنزل الكوفة، وولد بها محمد فيما قيل. وقد أخبرنا محمد بن قايماز وغيره قالوا: أنبأ بن اللتي، أنا أبو الوقت، أنا أبو إسماعيل الحافظ، أنا عبد الجبار بن الجراح، أنبأ ابن محبوب، ثنا أبو عيسى الترمذي: سمعت قتيبة يقول: بلغني أن محمد بن كعب القرظي ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: نشأ محمد بالكوفة، ثم تحول به أبوه إلى المدينة، واشترى بها

(7/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 251
أملاكاً. روى عن علي، وابن مسعود، وأبي الدرداء، وأبي أيوب، وفضالة بن عبيد، وأبي هريرة، وكعب بن عجرة، وزيد بن أرقم، وابن عباس، وجابر، وشبث بن ربعي، وأبان بن عثمان، وغيرهم، وأحسب روايته عن علي وذويه مرسلة. وقد قال أبو دواد: سمع من علي، وابن مسعود. وعنه: محمد بن المنكدر، وزيد بن أسلم، والحكم بن عتيبة، ويزيد بن الهاد، وابن عجلان، وأسامة بن زيد الليثي، وعاصم بن محمد العمري، وأبو المقدام هشام بن زياد، وأبو معشر) نجيح، وعبد الرحمن بن أبي الموالي، وآخرون. روى عنه أبو المقدام قال: قدمت على عمر بن عبد العزيز بخناصرة وكان عهدي به وهو أمير على المدينة حسن الجسم والشعر، وقد حال لونه ونحل جسمه. قال ابن سعد: كان محمد بن كعب ثقةً عالماًُ كثير الحديث ورعاً من حلفاء الأوس. وذكر البخاري ان أباه كعباً كان ممن لم ينبت يوم قريظة فترك. وثنا ابن بشار ثنا أبو بكر، ثنا الضحاك بن عثمان، عن أيوب بن موسى، سمعت محمد بن كعب القرظي، سمعت ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة. الفسوي: ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا نافع بن يزيد، ثنا أبو صخر،

(7/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 252
عن عبد الله بن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج من أحد الكاهنين رجل يدرس القرآن دراسةً لا يدرسها أحد بعده. قال نافع بن يزيد: قال ربيعة: فكنا نقول: هو محمد بن كعب. والكاهنان: قريظة والنضير. رواه ابن وهب عن عمرو بن الحارث، عن أبي صخر حميد بن زياد بنحوه. يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني، عن أبيه: سمعت عون بن عبد الله يقول: ما رأيت أحداً أعلم بتأويل القرآن من القرظي. زهير بن عباد: حدثني أبو كثير البصري قال: قالت: أم محمد بن كعب: يا بني لو لا أني أعرفك صغيراً طيباً كبيراً طيباً لظننت أنك أذنبت ذنباً موبقاً لما أراك تصنع بنفسك قال: يا أمتاه، وما يؤمنني أن يوكن الله تعالى قد أطلع علي وأنا في بعض ذنوبي فمقتني فقال: اذهب فلا أغفر لك، مع أن عجائب القرآن توردني على أمورٍ حتى إنه لينقضي الليل ولم أفرغ من حاجتي. ابن المبارك: ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن موهب: سمعت محمد بن كعب يقول: لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح بإذا زلزلت، والقارعة، وأتردد وأتفكر، أحب إلي من أن أهذ القرآن ليلي هذاً، أو قال: أنثره نثراً.

(7/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 253
بسرة بن صفوان: ثنا أبو معشر، عن محمد بن عبيد قال: رجع محمد بن كعب إلى منزله من الجمعة، فلما كان ببعض الطريق جلس هو وأصحابه، فقال لهم: ما تتمنون أن تفطروا عليه قالوا كلهم: طبيخ، قال: تعالوا ندعوا الله أن يرزقنا طبيخاً، فدعوا الله، فإذا خلفهم مثل رأس) الجزور يفور، فأكلوا. موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب قال: إذا أراد الله بعبدٍ خيراً زهده في الدنيا وفقهه في الدين وبصره بعيوبه. نعيم بن حماد: ثنا ابن المبارك، عن عبد العزيز قال: أصاب محمد بن كعب القرظي مالاً، فقيل له: ادخر لولدك، قال: لا، ولكن أدخره لنفسي عند ربي، وأدخر ربي لولدي. أبو القداد هشام بن زياد، عن محمد بن كعب، أنه سئل عن علامة الخذلان، قال: أن يستقبح الرجل ما كان يستحسن، ويستحسن ما كان قبيحاً. عن محمد بن فضيل قال: كان لمحمد بن كعب جلساء كانوا من أعلم الناس بالتفسير، وكانوا مجتمعين في مسجده الربذة، فجاءت زلزلة، فسقط عليهم المسجد، فماتوا جميعاً تحته. قال حجاج الأعور، وأبو معشر، وأبو نعيم، وقعنب: توفي محمد بن كعب القرظي سنة ثمانٍ ومائة. وقال أبو الهيثم، والفلاس، وخليفة، وأبو عبيد وآخرون: سنة سبع عشرة ومائة. وروى هذا ابن سعد، عن الواقدي فقال أحمد بن أبي خيثمة، عن ابن معين: سنة عشرين ومائة، وهو قول عن الهيثم

(7/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 254
أيضاً. وغلط أبو عمر الضرير فقال: سنة تسعٍ وعشرين ومائة. وسأعيده في الطبقة الآتية مختصراً.
4 (محمد بن مروان بن الحكم)
ابن أبي العاص الأموي الأمير. سمع أباه، وعنه: الزهري، وغيره. ولي الجزيرة لأخيه عبد الملك، وأمه أم ولد. روى الأصمعي، عن عيسى بن عمر قال: كان محمد بن مروان قوياً في بدنه، شديد البأس، فكان عبد الملك يحسده على ذلك، وكان يفعل أشياء لا يزال يراها منه، فلما استوثق الأمر بعد الملك جعل يبدي له الشيء بعد الشيء مما في نفسه، ويقابله بما يكره، فلما رأى محمد ذلك تهيأ للرحيل إلى أرمينية، وأصلح جهازه، ورحلت إبله، ودخل يودع أخاه، فقال له: ما بعثك على ذلك فأنشأ يقول:
(وإنك لا ترى طرداً لحر .......... كالصاق به بعض الهوان)

(فلو كنا بمنزلة جميعاً .......... جريت وأنت مضطرب العنان)
فقال: أقسمت عليك إلا ما أقمت، فوالله لا رأيت مركوهاً بعدها، فأقام.) ولمحمدٍ عدة وقعات ومصافاتٍ مع الروم لعنهم الله، ذكرها ابن عائذ وغيره. وهو والد مروان الخليفة. قال خليفة: توفي سنة إحدى ومائة.

(7/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 255
4 (محمد بن المنتشر ع بن الأجذع الهمداني الكوفي، عن أبيه وعمه مسروق، وأم المؤمنين)
عائشة، وابن عمر. وعنه: ابنه إبراهيم، وعبد الملك بن عمير، ومجالد بن سعيد، وآخرون.
4 (محمد بن نشر الهمداني مؤذن محمد بن الحنفية. روى عن: ابن الحنفية، وعلي بن الحسين،)
ومسروق. وعنه: علي بن الحزور، وليث بن أبي سليم، وكثير النوا، ومجالد. خرج له البخاري في الأدب خارج الصحيح.
4 (محمد بن يزيد مولى الأنصار من صحابة عمر بن عبد العزيز.)
روى عنه: داود بن أبي هند، ولما قتل أهل إفريقية متوليهم يزيد بن أبي مسلم لعسفه أخرجوا محمد بن يزيد من سجنه وأمروه عليهم، فأقره يزيد بن عبد الملك. وكان قد كتب الرسائل لعبد الملك بن مروان، وقلما روى.

(7/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 256
4 (محمد بن يوسف ت بن عبد الله بن سلام المدني. روى عن أبيه، وأبي سعيد الخدري،)
وعبد الله بن الزبير. وعنه: عثمان بن الضحاك، وعبد الملك بن عمير، ومحمد بن عجلان.
4 (مسافع بن عبد الله م د ت بن شيبة بن عثمان القرشي العبدري الحجبي المكي، أبو)
سليمان، عن أبيه عبد الله الأكبر، وعمته صفية، والحسين ابن علي، وعبد الله بن عمرو، وجده شيبة. وعنه: ابن عمه مصعب بن شيبة، وابن عمته منصور بن صفية، والزهري، وجويرية بن أسماء. وثقه العجلي وغيره.
4 (مسلم بن جندب الهذلي ت)
أبو عبد الله قاص أهل المدينة وقارئهم، قرأ القرآن على عبد الله بن عياش القارئ، وابن عمر،) روى عن أبي هريرة، وحكيم بن حزام، وابن عمر. قرأ عليه القرآن نافع، وهو أحد شيوخه الخمسة، وحدث عنه: ابنه عبد

(7/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 257
الله، وزيد بن أسلم، ومحمد بن عمرو بن حلحلة، وابن أبي ذئب، وآخرون، رزقه عمر بن عبد العزيز دينارين في الشهر، وكان قبل ذلك يقص بلا رزق. قال أبو بكر بن مجاهد: كان مسلم بن جندب من فصحاء الناس. قال عمر بن عبد العزيز: من أحب أن يسمع القرآن فليسمع قراءة مسلم بن جندب. وقال أحمد بن يزيد الحلواني، عن قالون: كان أهل المدينة لا يهمزون، حتى همز ابن جندب فهمزوا قوله مستهزؤون و يستهزي. قلت: ذكره أبو عمرو الداني، ولم يذكر أنه قرأ على غير عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة. قال ابن حبان في كتاب الثقات: توفي مسلم بن جندب سنة ستٍ ومائة. وقال ابن سعد: توفي في خلافة هشام.
4 (مسلم بن مشكم الخزاعي د س ق أو عبيد الله الدمشقي كاتب أبي الدرداء، روى عن أبي)
الدردراء، وأبي ثعلبة الخشني، وعوف بن مالك الأشجعي، وعمرو بن غيلان الثقفي. وقيل: إنه قرأ القرآن على أبي الدرداء. روى عنه: زيد بن واقد، وجعفر بن الزبير، وعبد الله بن زبر، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وآخرون. وثقه دحيم، وكان كبير القدر طويل العمر.

(7/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 258
4 (مسلم بن يسار عابد أهل البصرة وعالمهم مع الحسن، ومن كان يضرب به المثل في صلاته)
وخشوعه، ومن قال الحسن البصري لما توفي، وامعلماه. قد ذكر في الطبقة الماضية، قال خليفة والفلاس: مات سنة مائة، وقال الهيثم: سنة إحدى ومائة.
4 (مسلم بن يسار روى عن: عبد الله بن عمر.)
وعنه: عمر بن دينار، هذا حجازي.
4 (مسلم بن يسار أبو عثمان الطنبذي. روى عن: أبي هريرة. وعنه: عمرو بن أبي نعيمة،)
وغيره، وكان رضيع عبد الملك بن مروان.
4 (المسيب بن رافع ع أبو العلاء الأسدي الكاهلي الكوفي.)
روى عن: جابر بن سمرة، وأبي سعيد الخدري، والبراء بن عازب، وجماعة.) وعنه: ابنه العلاء بن المسيب، وعاصم بن أبي النجود، وأبو إسحاق السبيعي، ومنصور، والأعمش، وآخرون. قال ابن معين: لم يسمع أحداً من

(7/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 259
الصحابة إلا البراء بن عازب، وأبا إياس عامر بن عبدة. قال معن بن عيسى القزاز: حدثني إسحاق بن يحيى بن طلحة أن عمر بن هبيرة دعا المسيب بن رافع ليوليه القضاء، فقال: ما يسرني أني وليت القضاء وأن لي سواري مسجدكم هذا ذهباً. ذكره ابن سعد فقال: قالوا: توفي المسيب بن رافع سنة خمسٍ ومائة.
4 (مصعب بن سعد ع بن أبي وقاص أبو زرارة الزهري المدني، عن أبيه، وعلي، وطلحة)
بن عبيد الله، وصهيب، وابن عمر، وآخرين. وعنه: سماك بن حرب، والحكم بن عتيبة، وإسماعيل السدي، وموسى الجهني، والزبير بن عدي، وجماعة. ذكره ابن سعد وقال: كان ثقةً كثير الحديث، توفي رحمه الله سنة ثلاثٍ ومائة.
4 (مضارب بن حزن ق التيمي المجاشعي البصري. عن: أبي هريرة، ومعاوية، وأم الدرداء.)
وعنه قتادة، والجريري، وغيرهما. وثقه العجلي.

(7/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 260
4 (معاذ بن رفاعة خ د ت س بن رافع الزرقي المدني أخو عبيد بن رفاعة، روى عن أبيه،)
وجابر بن عبد الله. وعنه: ابن ابن أخيه رفاعة بن يحيى، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، ومحمد بن إسحاق، وآخرون. ثقة.
4 (معاوية بن عبد الله س ق بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي المدني. وفد)
على يزيد بن معاوية، وطالت حياته إلى أن وفد على يزيد بن عبد الملك، فيحول من الطبقة الماضية إلى هنا. روى عن: أبيه، ورافع بن خديج، والسائب بن يزد. روى عنه: ابنه عبد الله، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والزهري، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وآخرون. وقليل الحديث، نبيل فاضل، وفد على يزيد بن معاوية، وبقي إلى أن وفد على يزيد بن عبد الملك، وكان صديقاً ليزيد بن معاوية خاصاً به. وذكر جويرية بن أسماء أن معاوية وفى عن أبيه عبد الله بن جعفر من الديون ألف ألف درهم.)
4 (معبد بن كعب خ م س ق بن مالك الأنصاري السلمي

(7/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 261
المدني. عن: أبي قتادة، وجابر بن)
عبد الله، ولم يروا عن أبيه بل عن أخويه عبد الله، وعبيد الله عن أبيهما. وعنه العلاء بن عبد الرحمن، ووهب بن كيسان، وعقيل بن خالد، ومحمد بن إسحاق، وقع لنا حديثه عالياً في الدارمي وهو: ثنا أحمد بن خالد، ثنا ابن إسحاق عنه، عن أبي قتادة حديث من قال علي ما لم أقل.
4 (مغيث بن سمي الأوزاعي الشامي ق عن عبد الله عمرو، وابن الزبير، وابن عمر، وكعب)
الأحبار. وعنه: عاصم بن أبي النجود، وزيد بن واقد، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وغيرهم، ويقال إنه أدرك ألفاً من الصحابة، وكان اخبارياً صاحب كتب كوهب، وأبي الجلد، وثقه أبو داود.
4 (المغيرة بن أبي بردة ويقال المغيرة بن عبد الله بن أبي بردة، حجازي. روى عن أبي)
هريرة، وزياد بن نعيم. وعنه: سعيد بن سلمة المخزومي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ويزيد بن محمد القرشي، وموسى بن أشعث البلوي.
4 (المغيرة بن سبيع العجلي ت س ق عن عمرو بن

(7/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 262
حريث، وابن بريدة، له حديثان. روى)
عنه: أبو فروة الهمداني، وأبو التياح يزيد بن حميد، وأبو سنان الشيباني الكبير.
4 (المغيرة بن شبيل الأحمسي الكوفي عن جرير بن عبد الله البجلي، وطارق بن شهاب،)
وقيس بن أبي حازم. وعنه: جابر الجعفي، والأعمش، ويونس بن أبي إسحاق، وكان ثقة.
4 (ممطور أبو سلام الدمشقي م)
الأعرج الأسود الحبشي، وهذه نسبته إلى حي من حمير لا إلى الحبشة. من ثقات الشاميين وعلمائهم الأعلام. روى عن: علي، وأبي ذر، وعبادة بن الصامت، وحذيفة بن اليمان، وثوبان، وعمرو بن عبسة، والنعمان ابن بشير، وأبي أمامة، وأبي أسماء الرحبي، وعبد الرحيم بن غنم، وطائفة. وعنه حفيداه: زيد، ومعاوية ابنا سلام بن أبي سلام، ومكحول، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وابن زبر، والأوزاعي، وآخرون. روى عنه بالإجازة يحي بنت أبي كثير جماعة أحاديث. وقد) استقدمه عمر بن عبد العزيز في خلافته من دمشق إلى خناصرة ليشافهه بما سمع في ذكر الحوض من

(7/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 263
ثوبان، فقال لعمر: شققت علي، فاعتذر إليه. وثقه أحمد بن عبد الله العجلي. وقال أبو مسهر الدمشقي: سمع أبو سلام ببيت المقدس من عبادة بن الصامت. قلت: وهو بكنيته أشهر.
4 (منذر بن يعلي ع أبو يعلى النوري الكوفي. لازم محمد بن الحنفية، وحفظ عنه، وعن)
الربيع بن خثيم، وسعيد بن جبير. وعنه: سعيد بن مسروق الثوري، والأعمش، ومحمد بن سوقة، وفطر بن خليفة، وآخرون. وثقه يحيى بن معين.
4 (مهاجر بن عكرمة د ت س بن عبد الرحمن المخزومي المدني. عن: جابر بن عبد الله،)
وعن ابن عمه عبد الله بن أبي بكر. عنه: يحيى بن أبي كثير، وسويد بن حجير.
4 (مهاجر بن عمرو النيال د ت ق عن ابن عمر، وعنه: عثمان بن أبي زرعة الثقفي، وليث)
بن أبي سليم، وصفوان بن عمرو الحمصي.

(7/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 264
له فيمن لبث ثوب شهرة.
4 (مورق العجلي ع)
أبو المعتمر، بصري كبير القدر، وأظنه توفي في الطبقة الماضية. روى عن عمر وأبي الدرداء، وأبي ذر، وابن عمر، وجندب، وعبد الله بن جعفر، وجماعة. وعنه: توبة العنبري، وقتادة، وعاصم الأحول، وحميد الطويل، وإسماعيل بن أبي خالد. قال ابن سعيد: كان ثقةً عابداً، توفي في ولاية عمر بن هبيرة على العراق. قال يوسف بن عطية: ثنا معلى بن زياد قال: قال مورق العجلي: ما من أمرٍ يبلغني أحب إلي من موت أحب أهلي إلي، وقال: تعلمت الصمت في عشر سنين وما قلت شيئاً قط إذا غضبت أندم عليه إذا زال غضبي. وقال حماد بن زيد، عن جميل بن مرة قال: كان مورق يجيئنا فيقول: أمسكوا لنا هذه الصرة فإن احتجتم فأنفقوها، فيكون آخر عهده بها. قال جعفر بن سليمان: كان مورق يتجر فيصيب) المال، فلا تأتي عليه جمعة وعنده منه شيء.

(7/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 265
4 (موسى بن طلحة ع)
ابن عبيد الله، أبو عيسى القرشي التيمي المدني نزيل الكوفة. روى عن أبيه: وعثمان، وعلي وأبي ذر، وأبي أيوب، وعائشة، وأبي هريرة. وعنه: ابنه عمران، وحفيده سليمان بن عيسى، وبنو إخوته معاوية، وموسى ابنا إسحاق بن طلحة، وطلحة، وإسحاق ابنا يحيى، وسماك بن حرب، وبيان بن بشر، وعبد الملك بن عمير، وعثمان بن عبد الله بن موهب، وولداه محمد، وعمرو ابنا عثمان، وآخرون. قال أبو حاتم الرازي: هو أفضل ولد طلحة بعد محمد. قلت: ولد لطلحة جماعة أولاد، فأجلهم محمد، وقد قتل مع أبيه يوم الجمل، ثم أفضلهم موسى، ثم عيسى، وقد مر سنة مائة، واخوتهم يحيى وله عدة بنين، ويعقوب كان أحد الأجواد قتل يوم الحرة، وزكريا وهو ابن أم كلثوم بنت الصديق، وإسحاق وله عدة أولاد بالكوفة، وعمران وكان له أولاد انقرضوا. ذكر ذلك ابن سعد بعد ترجمة موسى بن طلحة، ويقال: كان يسمى المهدي. وثقه أحمد العجلي وغيره.

(7/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 266
وقال الأسود بن شيبان، عن خالد بن سمير قال: لما ظهر المختار الكذاب بالكوفة هرب منه ناس، فقدموا علينا البصرة، فكان منهم وموسى بن طلحة، وكان في زمانه يرون أنه المهدي فغسشيناه، فإذا هو رجل طويل السكوت شديد الكآبة والحزن إلى أن رفع رأسه فقال: والله لأن أعلم أنها فتنة لها انقضاء أحب إلي من كذا وكذا وأعظم الخطر فقال له رجل: يا أبا محمد، وما الذي ترهب أن يكون أعظم من الفتنة قال: الهرج، قالوا: وما الهرج قال: الذي كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثونا القتل القتل حتى تقوم الساعة وهم على ذلك. وروى صالح بن موسى الطلحي، عن عاصم بن أبي النجود قال: فصحاء الناس ثلاثة: موسى بن طلحة التيمي، وقبيصة بن جابر الأسدي، ويحيى بن يعمر، وقال مثل ذلك عبد الملك بن عمير، وعن موسى بن طلة قال: صحبت عثمان رضي الله عنه ثنتي عشرة سنة. وقال ابن موهب: رأيت موسى بن طلحة يخضب بالسواد. وقال عيسى بن عبد الرحمن: رأيت على موسى بن طلحة برنس خز. توفي آخر سنة ثلاثٍ ومائة على الصحيح.)

(7/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 267
4 (حرف النون)

4 (نافع أبو محمد الغفاري المدني الأقرع روى عن أبي قتادة الحارث ابن ربعي مولاه، وأبي)
هريرة. وعنه: الزهري، وسالم أبو النضر، وسعد بن إبراهيم، وصالح بن كيسان، وعمر بن كثير بن أفلح، وسالم بن أبي سالم البراد. وقيل: ولاؤه لعقيله الغفارية.
4 (النضر بن أنس بن مالك ع بن النضر الأنصاري البصري، عن أبيه وابن عباس، وزيد)
بن أرقم، وبشير بن نهيك. وعنه: قتادة، وعاصم الأحول، وسعيد بن أبي عروبة، وحرب بن

(7/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 268
ميمون، وثقه النسائي.
4 (نعيم بن أبي هند الأشجعي الكوفي م ت س ق واسم أبيه النعمان بن أشيم، وهو ابن عم)
سالم بن أبي الجعد، وابن عم أبي مالك الأشجعي. ولأبيه صحبة، روى عن: أبيه ونبيط بن شريط، وسويد بن غفلة، وأبي وائل، وربعي بن حراش، وآخرين. وعنه: ابن عمه أبو مالك سعد بن طارق، وسلمة بن نبيط بن شريط، وسليمان التيمي، ومحمد بن جحادة، وشعبة، وشيبان النحوي، وهما آخر من حدث عنه. وثقه النسائي، وقال الفلاس: توفي سنة عشرٍ ومائة.

(7/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 269
4 (حرف الهاء)

4 (هلال بن سراج الحنفي اليمامي روى عن: أبيه، وأبي هريرة، وعبيد الله بن عمر.)
روى عنه: يحيى بن أبي كثير، والدخيل بن إياس، ويحيى بن مطر، وغيرهم.
4 (هلال بن عبد الرحمن بن المصري مولى قريش. عن عبد الله بن عمرو، ومسلمة بن مخلد.)
وعنه: حفص بن الوليد، ويزيد بن أبي حبيب، وعبد العزيز بن عبد الملك بن مليل. وفد على عمر بن عبد العزيز، وكذا ابن سراج له وفادة.

(7/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 270
4 (الهيثم بن الأسود)
أبو العريان المذحجي الكوفي أحد المعمرين الشعراء، وله شرف وبلاغة وفصاحة، أدرك علياً رضي الله عنه، وسمع عبد الله بن عمرو، وغزا القسطنطينة سنة ثمانٍ وتسعين مع مسلمة. روى عنه: ابنه العريان، والأعمش، وغيرهما.) وهو صاحب الأبيات المشهورة الرجز في الكبر. قال أحمد العجلي: ثقةٌ من خيار التابعين. قال محمد بن زياد بن الأعرابي: قال عبد الملك بن مروان للهيثم بن الأسود: ما مالك قال: الغنى عن الناس والبلغة الجميلة، فقيل له: لم لم تخبره قال: إني إن أخبرته أنني غنيٌ حسدني، وإن أخبرته أنني فقير حقرني. حبان بن علي العنزي، عن عبد الملك بن عمير، عن عمرو بن حريث قال: دخل رجل على الهيثم بن الأسود فقال: كيف تجدك يا أبا العريان قال: أجدني والله قد اسود مني ما أحب أن يبيض، وابيض مني ما أحب أن يسود، واشتد مني ما أحب أن يلين، ولان مني ما أحب أن يشتد، وسأنبئك عن آيات الكبر:
(تقارب الخطو وضعفٌ في البصر .......... وقله الطعم إذا الزاد حضر)

(وقلة النوم إذا الليل اعتكر .......... وكثرة النسيان في ما يدكر)

(7/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 271
(وتركي الحسناء من قبل الطهر .......... والناس يبلون كما تبلى الشجر.)

4 (الهيثم بن مالك الطائي الشامي الأعمى. عن: النعمان بن بشير، وعبد الرحمن بن عائذ،)
وغيرهما. وعنه: صفوان بن عمرو، وحريز بن عثمان، ويزيد بن أيهم، وأبو بكر بن أبي مريم، ومعاوية بن صالح الحمصيون. له في الأدب للبخاري.

(7/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 272
4 (حرف الواو)

4 (وضاح اليمن لقب بالوضاح لحسنه، واسمه عبد الله بن إسماعيل بن عبد كلال، قيل: إنه وفد)
على الوليد بن عبد الملك، فأحسن صلته، له حكاية في اعتلال القلوب للخرائطي في محبته لأم البنين، وله أشعارٌ مليحة.

(7/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 273
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الرحمن م بن حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، أبو محمد المدني، حليف بني)
أسد بن عبد العزى، روى عن: أسامة بن زيد، وعائشة، وابن عمر، وعثمان بن عبد الرحمن التيمي.) وعنه: أسامة بن زيد الليثي، وبكير بن الأشج، ومحمد بن عمرو، وهشام بن عروة. وثقه النسائي وغيره، ولد في إمرة عثمان، وتوفي سنة أربعٍ ومائة.
4 (يحيى بن أبي المطاع الأردني ق هو ابن أخت بلال بن رباح، روى عن: العرباض بن)
سارية ومعاوية بن أبي سفيان. وعنه: عطاء الخراساني، وعبيد الله بن العلاء بن زبر، والوليد بن سليمان بن أبي السائب. وثقه دحيم.

(7/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 274
4 (يحيى بن وثاب الأسدي خ م ت س ق)
مولاهم قاريء أهل الكوفة. أخذ القراءة عرضاً عن علقمة، والأسود، وعبيدة، ومسروق، وزر، وأبي عمرو الشيباني، وأبي عبد الرحمن السلمي. روى عنه القراءة عرضاً: طلحة بن مصرف، والأعمش، وأبو حصين، وحمران بن أعين. قاله أبو عمرو الداني. وقال محمد بن جرير الطبري: كان مقريء أهل الكوفة في زمانه. قال الأعمش: كان يحيى بن وثاب لا يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، في عرض ولا في غيره، وقال أبو بكر بن عياش: كنت إذا قرأت على عاصم قال: اقرأ قراءة يحيى بن وثاب، فإنه قرأ على عبيد بن نضيلة كل يومٍ آية. وروى يحيى بن عيسى، عن الأعمش قال: كان يحيى بن وثاب من أحسن الناس قراءةً، وكان إذا قرأ لم تحس في المسجد حركةً، كأن ليس في المسجد أحد. وقال: عبيد الله بن موسى: كان الأعمش يقول: يحيى بن وثاب أقرأ من بال على التراب. وعن غير واحد قالوا: قرأ يحيى بن وثاب على عبيد بن نضيلة. وقال أحمد بن جبير الأنطاكي: ثنا الكسائي ثنا زائدة قال: قلت للأعمش: على من قرأ يحيى قال: على علقمة، والأسود، ومسروق.

(7/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 275
وقال يحيى بن آدم: حدثني حسن بن صالح، قال: قرأ يحيى على علقمة، وقرأ علقمة على ابن مسعود. قلت: وحدث عن ابن عباس، وابن عمر، ومسروق، وأبي عبد الرحمن السلمي. وعنه: الأعمش، وعاصم بن أبي النجود، وأبو العميس، وأبو حصين عثمان بن عاصم وآخرون، وكان من جلة العلماء، له قدر وفضل وعبادة، قال الأعمش: كنت إذا رأيت يحيى بن وثاب) قلت: هذا قد وقف للحساب، وإذا كان في الصلاة كأنما يخاطب رجلاً. وقال محمد بن سعد: كان ثقةً قليل الحديث، صاحب قرآن. توفي بالكوفة سنة ثلاثٍ ومائة.
4 (يزيد بن الأصم م)
أبو عوف العامري البكائي الكوفي، نزيل الرقة. روى عن: خالته أم المؤمنين ميمونة، وعن ابن خالته عبد الله بن عباس، وأبي هريرة ومعاوية. وعنه: ابنا أخيه عبد الله، وعبيد الله ابنا عبد الله، والزهري، وجعفر بن برقان، وأبو إسحاق الشيباني سليمان، وكان ثقةً إماماً، كثير الحديث، وأمه هي برزة بنت الحارث الهلالية.

(7/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 276
عن عبيد الله بن عبد الله بن الأصم، عن عمه قال: دخلت على خالتي ميمونة، فوقفت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلي فبينا أنا كذلك، إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستحيت خالتي، لوقوفي في مسجده، فقالت: يا رسول الله، ألا ترى إلى هذا الغلام وريائه، فقال: دعيه، فلأن يرائي بالخير، خير من أن يرائي بالشر. هذه حديث منكر لا يصح بوجهٍ. وقد أخرج ابن مندة يزيد في الصحابة معتمداً على هذا الخبر الساقط، وقال: اسم الأصم عمرو، وقيل يزيد بن عبد عمرو. توفي يزيد بن الأصم سنة ثلاثٍ ومائة. قاله الواقدي وأبو عبيدة. وقال خليفة: سنة أربعٍ.
4 (يزيد بن حصين بن نمير السكوني الحمصي، من أشراف العرب.)
سمع: أباه، وروى عن معاذ بن جبل. وكان من أمراء مروان بن الحكم وبنيه. حكى عنه علاء بن رباح، وغير واحد. توفي سنة ثلاثٍ ومائة.
4 (يزيد بن الحكم)
ابن أبي العاص الثقفي البصري الشاعر، له نظم فائق وشعر سائر. مدح سليمان بن عبد الملك وغيره، وروى عن عمه عثمان بن أبي العاص. وعنه: معاوية بن قرة، وعبد الرحمن بن إسحاق القرشي. وقد ولاه

(7/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 277
الحجاج لشرفه وقرابته منه مملكة فارس، فلما دخل ليودعه أنشد أبياتاً يفتخر فيها، منها:)
(وأبي الذي سلب ابن كسرى رايةً .......... بيضاء تخفق كالعقاب الطائر)
فغضب الحجاج من فخره وعزله، فهجاه، ولحق بسليمان بن عبد الملك، فقال له سليمان: كم كان الحجاج جعل لك على ولاية فارس قال: عشرين ألفاً، قال: هي لك ما عشت. ومن شعره:
(شربت الصبا والجهل بالحلم والتقى .......... وراجعت عقلي والحليم يراجع)

(أبى الشيب والإسلام أن أتبع الهوى .......... وفي الشيب والإسلام للمرء وازع)

4 (يزيد بن حبان التيمي الكوفي م د ت ن عن زيد بن أرقم وغيره.)
وعنه: ابن أخيه أبو حيان يحيى بن سعيد التيمي، وسعيد بن مسروق، وفطر بن خليفة. وثقه النسائي.
4 (يزيد بن شريح الحضرمي الحمصي د ت ق عن عائشة، وثوبان وأبي أمامة وكعب، وأبي)
حي المؤذن شداد بن حي. وعنه: حبيب بن صالح، ويحيى بن جابر الطائي، وثور بن يزيد، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وآخرون.

(7/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 278
قال الدارقطني: يعتبر به.
4 (يزيد بن صهيب الفقير سوى ت أبو عثمان الكوفي. روى عن ابن عمر، وأبي سعيد،)
وجابر بن عبد الله. وعنه: جعفر بن برقان، وأبو حنيفة، ومسعر، وآخرون قال أبو حاتم وغيره: صدوق.
4 (يزيد بن عبد الله بن الشخير ع أبو العلاء العامري البصري، أحد الأئمة، عن: أبيه، وأخيه)
مطرف، وعمران بن حصين، وعائشة، وعثمان بن أبي العاص، وأبي هريرة، وعياض بن حماد وطائفة. وعنه: قتادة، والجريري، والحذاء، وسليمان التيمي، وكهمس، وقرة بن خالد، وكان يقول: أنا أكبر من الحسن بعشر سنين، وكان ثقةً فاضلاً، ورد أنه كان يقرأ في المصحف حتى يغشى عليه. توفي سنة ثمانٍ ومائة، وقيل: سنة إحدى عشرة.

(7/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 279
4 (يزيد بن عبد الملك)
) ابن مروان بن الحكم أمير المؤمنين، أبو خالد الأموي الدمشقي، ولي الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز بعهدٍ من أخيه سليمان، معقود في تولية عمر بن عبد العزيز كما ذكرنا، وأمه عاتكة بنت يزيد بن معاوية. ولد سنة إحدى أو اثنتين وسبعين. قال سعيد بن عفير: كان جسيماً أبيض مدور الوجه أفقم لم يشب. قال عبد العزيز، عن ابن جابر: بينا نحن عند مكحول، إذ أقبل يزيد بن عبد الملك، فهممنا أن نوسع له، فقال مكحول: دعوه يجلس حيث انتهى به المجلس، يتعلم التواضع. أبو ضمرة، عن محمد بن موسى بن عبد الله بن بشار قال: إني لجالس في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حج يزيد بن عبد الملك قبل أن يكون خليفةً، فجلس مع المقبري، وابن أبي الغياث، إذ جاء أبو عبد الله القراظ، فوقف عليه فقال: أنت يزيد بن عبد الملك فالتفت يزيد إلى الشيخين فقال: أمجنونٌ هذا فذكروا له فضله وصلاحه وقالوا: هذا أبو عبد الله القراظ صاحب أبي هريرة، حتى رق له ولان، فقال: نعم أنا يزيد، فقال له: ما أجملك، إنك تشبه أباك إن وليت من أمر الناس شيئاً، فاستوص بأهل المدينة خيراً، فأشهد على أبي هريرة لحدثني عن حبه وحبي صاحب هذا البيت وأشار إلى الحجرة أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى ناحية من المدينة، يقال لها بيوت السقيا، وخرجت معه، فاستقبل القبلة ورفع يديه فقال: إن إبراهيم

(7/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 280
خليلك دعاك لأهل مكة، وأنا نبيك ورسولك أدعوك لأهل المدينة، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم وقليلهم وكثيرهم، ضعفي ما باركت لأهل مكة، اللهم ارزقهم من ها هنا وها هنا وأشار إلى نواحي الأرض كلها اللهم من أرادهم بسوءٍ فأذبه كما يذوب الملح في الماء. ثم التفت إلى الشيخين فقال: ما تقولان قالا: حديثٌ معروفٌ مرويٌ، وقد سمعنا أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين هذين. وأشار كل واحدٍ منهما إلى قلبه، رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه عن الحزامي عنه. قال ابن وهب: ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال:: لما توفي عمر بن عبد العزيز وولي يزيد قال: سيروا بسيرة عمر بن عبد العزيز، قال: فأتى بأربعين شيخاً فشهدوا له: ما على الخلفاء حساب ولا عذاب. وقال روح بن عباد: ثنا حجاج بن حسان التيمي، ثنا سليم بن بشير قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى يزيد بن عبد الملك حين احتضر: سلامٌ عليك، أما بعد فإني لا أرى إلا ملماً بي، فالله، الله، في أمة محمدٍ فإنك تدع الدنيا لمن لا يحمدك، وتفضي إلى من) لا يعذرك، والسلام. قال الزبير بن بكار: ثنا هارون الفروي، حدثني موسى بن جعفر بن كثير، وابن الماجشون قالا: لما مات عمر بن عبد العزيز قال يزيد: والله ما عمر بأحوج إلى الله مني، فأقام أربعين يوماً يسيرة بسيرة عمر، فقالت حبابة لخصي له كان صاحب أمره: ويحك قربني منه حيث يسمع كلامي، ولك عشرة آلاف درهم، ففعل، فلما مر يزيد بها قالت:
(بكيت الصبا جهداُ فمن شاء لامني .......... ومن شاء آسى في البكاء وأسعدا)

(7/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 281
(ألا لا تلمه اليوم أن يتبلدا .......... فقد منع المحزون أن يتجلدا)
والشعر للأحوص، فلما سمعها قال: ويحك قل لصاحب الشرط يصلي بالناس. وقال يوماً: والله إني لأشتهي أن أخلوا بها فلا أرى غيرها، فأمر ببستانٍ له فهيء، وأمر حاجبه أن لا يعلمه بأحدٍ، قال: فبينما هو معها أسر شيء بها، إذا حذفها بحبة رمانٍ أو بعنبة، وهي تضحك، فوقعت في فيها، فشرقت فماتت، فأقامت عنده في البيت حتى جيفت أو كادت، واغتم لها، وأقام أياماً، ثم إنه خرج إلى قبرها فقال:
(فإن تسل عنك النفس أو تدع البكا .......... فباليأس أسلو عنك لا بالتجلد)

(وكل خليلٍ زارني فهو قائل .......... من أجلك هذا هامة اليوم أو غد)
ثم رجع، فما خرج من منزله إلا على النعش، قال الهيثم بن عمران العبسي: مات يزيد بن عبد الملك بسواد الأردن، مرض بطرفٍ من السل. وقال أبو مسهر: مات يزيد بأربد، وقال غير واحد: مات لخمسٍ بقين من شعبان سنة خمسٍ ومائة، وكانت خلافته أربع سنين وشهراً. يزيد بن مرثد الهمداني الصنعاني الدمشقي، أرسل عن: معاذ وأبي ذر، وأدرك عبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وعنه خالد بن

(7/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 282
معدان، والوضين بن عطاء، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وكان خاشعاً بكاءً عابداً عالماً، وهو الذي يقول: والله لو أن تواعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في الحمام لكان حرياً أن لا تنقطع دموع عيني. وقيل: إنه طلب للقضاء، فقعد يأكل في الطريق، فتخلص بذلك، ورغبوا عنه. وقد أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العنكبوت شيطانٌ فاقتلوه.
4 (يزيد بن أبي مسلم أبو العلاء الثقفي، مولاهم الأمير، كاتب الحجاج ووزيره وخليفته بعد موته)
) على العراق، أقره الوليد على إمرة العراق أربعة أشهرٍ، ومات الوليد، فعزله سليمان، وكان رأساً في الكتابة، فهم سليمان أن يجعله كاتبه، فقال عمر: نشدتك الله يا أمير المؤمنين أن تحيي ذكر الحجاج، قال: إني قد كشفت عليه فلم أجد عليه خيانةً، فقال عمر بن عبد العزيز: إبليس أعف منه في الدينار والدرهم، وقد أهلك الخلق، فترك ذلك، ثم ولاه إفريقية، فبقي على المغرب سنةً، وفتكوا به، لأنه أساء السيرة وظلم وفي المغاربة زعارةٌ ويبس فقتلوه وأراح الله منه في سنة اثنتين ومائة. وكان قصيراً قبيح الوجه، ذا بطنٍ، ثم ولوا عليهم محمد بن يزيد مولى الأنصار، وقد ذكرناه.
4 (يزيد بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي الأمير، قتل في صفر سنة

(7/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 283
اثنتين ومائة كما مر في)
ترجمة عدي بن أرطأة. وكان شريفاً جواداً بطلاً شجاعاً من جلة أمراء زمانه، ولكنه تحرك بحركةٍ ناقصة أفضت إلى استئصال شأفة أهل بيته، وقد تقدم بعض ذلك في الحوادث، والله أعلم.
4 (يزيد بن نمران الدمشقي ويقال يزيد بن غزوان المذحجي. روى عن: عمر، وأبي الدرداء،)
وعنه: مولاه سعيد، وإسماعيل بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وقد شهد مرج راهط مع مروان.

(7/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 284
4 (الكنى)

4 (أبو الأشعث الصنعاني الدمشقي م أصح ما قيل إنه اسمه شراحيل ابن آذة. تقدم.)

4 (أبو بردة بن أبي موسى الأشعري ع)
الفقيه، قاضي الكوفة. روى عن: أبيه، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وحذيفة، وعبد الله بن سلام، وأبي هريرة، وغيرهم.

(7/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 285
وعنه: حفيده يزيد بن عبد الله، بن أبي بردة، وابنه بلال، وبكير بن عبد الله الأشج، وثابت البناني، وقتادة، وأبو إسحاق الشيباني، وخلق كثير. وكان إماماً ثقةً واسع العلم، قيل اسمه عامر بن عبد الله بن قيس بن حضار، ولي قضاء الكوفة بعد شريح مدةً، ثم عزله الحجاج وولى أخاه أبا بكر. قال الروياني: ثمنا أحمد بن أخي ابن وهب، ثنا عمي، ثنا عبد الله بن عياش، عن أبيه، أن يزيد بن المهلب ولي خراسان فقال: دلوني على رجلٍ كاملٍ بخصال الخير، فدل على أبي بردة بن أبي موسى، فلما رآه رأى رجلاً فائقاً،) فلما كلمه رأى من مخبرته أفضل من مرآته فقال له: إني وليتك كذا وكذا من عملي، فاستعفاه، فأبى، فقال: حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من تولى عملاً وهو يعلم أنه ليس له بأهلٍ، فليبيتوا مقعده من النار. وروى سعيد بن أبي بردة، عن أبيه قال: أرسلني أبي إلى عبد الله بن سلام أتعلم منه. قال أبو نعيم: توفي سنة أربعٍ ومائة. وقال الواقدي: توفي سنة ثلاثٍ ومائة.
4 (أبو بكر بن أنس بن مالك الأنصاري م سمع أباه، وعتبان بن مالك، ومحمود بن الربيع،)
وعنه قتادة، وعلي بن زيد بن جدعان، ويونس ابن عبيد، وثقه أحمد العجلي.
4 (أبو بكر بن أبي موسى الأشعري ع الكوفي. عن: أبي

(7/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 286
هريرة، وأبيه أبي موسى، وابن)
عباس، وجابر بن سمرة. وعنه: أبو عمران الجوني، وأبو حمزة الضبعي، وحجاج بن أرطأة، ويونس بن أبي إسحاق، وآخرون، وكان كوفياً عثمانياً ولي قضاء الكوفة في زمن الحجاج.
4 (أبو بكر بن عمارة م د ت بن رؤيبة الثقفي البصري. روى عن: أبيه. وعنه إسماعيل بن)
أبي خالد، وعبد الملك بن عمير، ومسعر بن كدام.
4 (أبو بكر أخو عبد الله خ بن عبيد الله بن أبي مليكة التيمي المكي، عن: عائشة، وعثنمان)
بن عبد الرحمن التيمي، وعبيد بن عمير، وعنه: ابنه عبد الرحمن بن أبي بكر، وهشام بن عروة، وابن جريج، وغيرهم. خرج له البخاري مقروناً بغيره، وما علمت به بأساً.
4 (أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في الطبقة الآتية.)

4 (أبو حاجب هو سوادة بن عاصم العنزي، من رجال السنن.)

4 (أبو حرب بن أبي ألسود الدؤلي م د ت ق عن أبيه،

(7/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 287
وعبد الله بن عمرو بن العاص،)
وزاذان. وعنه: قتادة، وداود بن أبي هند، وابن جريج، وأبو اليقظان عثمان بن عمير، وهو بصري مشهور صدوق، له أحاديث. وقد قرأ القرآن على والده، قرأ عليه حمران بن أعين، وغيره.
4 (أبو رجاء العطاري ع)
وهو عمران بن مليحان، وقيل ابن تيم. مخضرم أدرك الجاهلية، أسلم بعد الفتح، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه ابن عبد البر في كتاب الصحابة. وقيل: إنه رأى أبا بكر) الصديق. حدث عن: عمر، وعلي، وعمران بن حصين، وابن عباس، وسمرة، وتلقن القرآن من أبي موسى الأشعري، وعرضه على ابن عباس، وكان تلاّءً لكتاب الله. قرأ عليه: أبو الأشهب العطاردي وغيره، وحدث عنه أيوب السختياني، وابن عون، وعوف الأعرابي، وسعيد بن أبي عروبة، وسلم بن زرير، وصخر ابن جويرية، ومهدي بن ميمون، وخلق كثير. سمعه جرير بن حازم يقول:

(7/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 288
بلغنا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن على ماءٍ لنا، فانطلقنا نحو الشجرة هاربين بعيالنا، فبينا أنا أسوق بالقوم، إذ وجدت كراع ظبيٍ طريٍ فأخذته فأتيت المرأة فقلت: هل عندك شعير فقالت: قد كان في وعاءٍ لنا عام أول شيء من شعير، فما أدري بقي منه شيء أم لا، فأخذته فنفضته، فاستخرجت منه ملء كفٍ من شعير، فرضخته بين حجرين، ثمك ألقيته والكراع في برمة، ثم قمت على بعيرٍ ففصدته إناءً من دمٍ، ثم أوقدت تحته، ثم أخذت عوداً، فلبكته به لبكاً شديداً حتى أنضجته، ثم أكلنا. فقلت له: ما طعم الدم؟ قال: حلو. قال الأصمعي: ثنا أبو عمرو قال: قلت لأبي رجاء: ما تذكر قال: أذكر قتل بسطام، ثم أنشد:
(وخز على الألاءة لم يوسد .......... كأن جبينه سيفٌ صقيل)
قال الأصمعي: قتل بسطام قبل الإسلام بقليل. أبو يلمة التبوذكي: ثنا أبو الحارث الكرماني ثقة قال: سمعت أبا رجاء يقول: أدركت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا شاب أمرد ولم أر ناساً كانوا أضل من العرب، كانوا يجيئون بالشاة البيضاء فيقيدونها، فيختلسها الذئب، فيأخذون أخرى مكانها فيقيدونها، وإذا رأوا صخرةً حسنة جاؤوا بها وصلوا إليها، فإذا رأوا أحسن منها رموها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أرعى الإبل على أهلي ن فلما سمعنا بخروجه لحقنا بمسيلمة. وقيل اسم أبي رجاء: عثمان بن تيم، وبنو عطارد بطنٌ من تميم، وبلغنا أن أبا رجاء كان يخضب رأسه دون لحيته. قال ابن الأعرابي: كان أبو رجاء عابداً، كثير الصلاة وتلاوة القرآن، كان يقول: ما آسي على شيءٍ من الدنيا إلا أن أعفر في التراب وجهي كل يومٍ خمس مرات. وقال أبو عمر بن عبد

(7/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 289
البر: كان أبو رجاء رجلاً فيه غفلة وله عبادة، عمر طويلاً أزيد من مائة وعشرين سنة، ومات سنة خمس ومائة. وقال غيره: مات سنة مائة. وقال غير واحد:) مات سنة سبعٍ ومائة. وقيل: مات سنة ثمانٍ ومائة. وقال ابن عبد البر: ذكر الهيثم بن عدي، عن أبي بكر بن عياش قال: اجتمع في جنازة أبي رجاء: الحسن البصري، والفرزدق، فقال الفرزدق: يا أبا سعيد، يقول الناس: اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم، فقال الحسن: لست بخيرالناس ولست بشرهم، لكن ما أعددت لهذا اليوم يا أبا فراس قال: شهادة أن لا الله لا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، ثم انصرف، فقال:
(ألم تر أن الناس مات كبيرهم .......... وقد كان قبل البعث بعث محمد)

(ولم يغن عنه اليوم سبعون حجة .......... وستون لما بات غير موسد)

(إلى حفرةٍ غبراء يكره وردها .......... سوى أنها مثوى وضيعٍ وسيد)

(ولو كان طول العمر يخلد واحداً .......... ويدفع عنه عيب عمر ممرد)

(لكان الذي راحوا به يحملونه .......... مقيماً ولكن ليس حيٌ بمخلد)

(نروح ونغدو والحتوف أمامنا .......... يضعن لنا حتف الردى كل مرصد)

4 (أبو السليل م ضريب بن نقير وقيل ابن نفير بالفاء الجريري البصري. روى عن:)
أبي ذر، وأبي هريرة ولم

(7/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 290
يلقهما وعبد الله بن رباح، وزهدم الجرمي. وعنه سليمان التميم، وسعيد والجريري، وكهمس، وآخرون، وثقوه.
4 (أبو سلام الحبشي، ممطور قد ذكر.)

4 (أبو سلمة بن عبد الرحمن قد توفي سنة أربعٍ ومائة.)
وقيل: توفي سنة أربعٍ وتسعين كما أوردناه.
4 (أبو السوار العدوي خ م ن بصريٌ نبيل ن اسمه حسان بن حريث. روى عن عمران بن)
حصين، وجندب بن سفيان، وعنه. قتادة، وابن عون، وقرة بن خالد، وثقوه.
4 (أبو صالح السمان ع)
ذكوان مولى جويرية الغطفانية، من كبار علماء أهل المدينة، كان يجلب السمن والزيت إلى الكوفة، قيل إنه شهد حصار يوم الدار، وسمع: سعد بن أبي وقاص، وأبا هريرة، وعائشة، وابن عباس، وأبا سعيد، وابن

(7/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 291
عمر، ومعاوية، وجماعة، وعنه: ابنه سهيل، والأعمش، وسمي، وزيد بن أسلم، وبكير بن الأشج، وعبد الله بن دينار، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن شهاب، وخلق.) ذكره أحمد بن حنبل فقال: ثقةٌ ثقة، من أجل الناس وأوثقهم، وقيل كان عظيم اللحية. وقال الميموني: سمعت أبا عبد الله يقول: كانت لأبي صالح لحيةٌ طويلة، فإذا ذكر عثمان بكى، فارتجت لحيته وقال: هاه هاه، وذكر أبو عبد الله من فضله، وقال حفص بن غياث، عن الأعمش: كان أبو صالح مؤذناً فأبطأ الإمام، فأمنا، فكان لا يكاد يجيزها من الرقة والبكاء، وقال أبو حاتم: ثقة، صالح الحديث، يحتج بحديثه. وقيل: إن أبا هريرة كان إذا رآه قال: ما على هذا ألا يكون من بني عبد مناف. وقال أبو خالد الأحمر: سمعت الأعمش يقول: سمعت من أبي صالح السمان ألف حديث. قلت: توفي سنة إحدى ومائة، رحمه الله.
4 (أبو السائب م مولى هشام بن زهرة، مدنيٌ مشهور لم يسم. روى عن: أبي هريرة وأبي)
سعيد. وعنه: الزهري، وبكير بن عبد الله بن الأشج، والعلاء بن عبد الرحمن، وشريك بن أبي نمر، ومحمد بن عمرو بن عطاء، وآخرون، وهو ثقةٌ مكثر.
4 (أبو سبرة النخعي الكوفي د ت ق قيل اسمه عبد الله بن عباس. روى عن فروة بن مسيك،)
وغيره، وأرسل عن عمر. وعنه: الحسن بن الحكم النخعي، والأعمش، وغيرهما.

(7/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 292
4 (أبو سعيد مولى عبد الله بن عامر م ت ق بن كريز القرشي المدني. عن أبي هريرة.)
وعنه: أسامة بن زيد، وابن عجلان، ودادو بن قيس، وصفوان بن سليم. وثقه ابن حبان.
4 (أبو شيخ الهنائي د ن حيوان، وقيل خيوان المقريء. قال: أتانا كتاب عمر، وقرأ على أبي)
موسى الأشعري، وحدث عن ابن عمر، ومعاوية. وعنه: قتادة، ومطر الوراق، ويحيى بن أبي كثير، ويونس بن مهران. قال شباب: وهو بصري، مات بعد المائة.
4 (أبو صادق الأزدي الكوفي ق مسلم بن يزيد، وقيل عبد الله بن ناجذ أخو ربيعة بن ناجذ،)
عن ربيعة بن ناجذ، وعن علي، وأبي هريرة مرسلاً، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، وعنه: الحارث بن حصيرة، والحكم، وسلمة بن كهيل، والقاسم بن الوليد الهمداني، وعثمان بن المغيرة، وجماعة. قال يعقوب بن شيبة: ثقة. وقال أبو حاتم: هو بابة أبي البختري.

(7/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 293
4 (أبو الصديق الناجي البصري ع بكر بن عمرو، وقيل ابن قيس.)
) سمع: عائشة، وأبا سعيد، وابن عمر، وعنه: الوليد بن مسلم البصري، وقتادة، وزيد العمي، وعامر الأحول، وآخرون، مجمع على ثقته.
4 (أبو الطفيل: قد ذكر.)

4 (أبو العالية البصري خ م البراء، قيل اسمه زياد، وقيل: كلثوم. حدث عن: ابن عباس،)
وابن عمر، وعبد الله بن الصامت، وعنه: أيوب السختياني، ومطر الوراق، ويونس بن عبيد، وسعيد بن أبي عروبة. وثقه أبو زرعة الرازي.
4 (أبو عبد الله القراظ دينار قد تقدم.)

4 (أبو العلاء بن الشخير ع)
هو يزيد بن عبد الله بن الشخير العامري البصري، أخو مطرف. روى

(7/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 294
عن أبيه: وأخيه، وعمران بن حصين، وعثمان بن أبي العاص، وعائشة، وأبي هريرة، وعياض بن حماد، وأحنف بن قيس. وعنه: قتادة، والجريري، وخالد الحذاء، وسليمان التيمي، وكهمس بن الحسن، وقرة بن خالد، وآخرون. وكان أحد العلماء الأثبات، ذكر أنه أكبر من الحسن بعشر سنين، فلعله ولد في خلافة الصديق، قال أبو هلال: ثنا أبو صالح العقيلي قال: كان يزيد بن الشخير يقرأ في المصحف حتى يغشى عليه. وقال أبو خلدة: رأيت أبا العلاء يصفر لحيته. وعن ثابت البناني قال: كان الحسن في مجلس، قفقيل لأبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير: تكلم، فقال: أو هناك أنا، ثم ذكر الكلام ومؤنته وتبعته. توفي أبو العلاء يزيد سنة ثمانٍ ومائة، وقيل سنة إحدى عشرة.
4 (أبو علقمة م مولى بني هاشم، سكن مصر، وحدث عن: عثمان، وابن مسعود، وأبي)
هريرة، وأبي سعيد الخدري، وغيرهم. وعنه: أبو الخليل صالح بن أبي مريم، وأبو الزبير المكي، ويعلى بن عطاء، وعبد الرحمن بن زياد الإفريقي، وغيرهم. قال أبو حاتم الرازي: أحاديثه صحاح. وقال أبو سعيد بن يونس: أبو علقمة الفارسي مولى لابن عباس، ولي قضاء إفريقية، وكان أحد الفقهاء.)
4 (أبو قتادة العدوي اسمه تميم، قد ذكر.)

(7/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 295
4 (أبو قلابة ع)
هو عبد الله بن زيد الجرمي البصري، أحد أعلام التابعين، روى عن عائشة، وابن عمر، ومالك بن الحويرث، وعمرو بن سلمة، وسمرة بن جندب، والنعمان بن بشير، وثابت بن الضحاك، وأنس بن مالك، وأنس بن مالك الكعبي، وأبي إدريس الخولاني، وزهدم الجرمي، وخالد بن اللجلاج، وأبي أسماء الرحبي، وعبد الله بن يزيد رضيع عائشة وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وقبيصة بن ذؤيب، وقبيصة بن مخارق، وأبي المليح الهذلي، وابي الأشعث الصنعاني، وخلق. وعنه: قتادة، وأيوب، ويحيى بن أبي كثير، وخالد الحذاء، وحميد الطويل، وعاصم الأحول، وداود بن أبي هند، وحسان بن عطية، وآخرون. وروايته عن عائشة مرسلة، وقد أخرجها مسلم والنسائي. وروى عن حذيفة، وأخرج ذلك أبو داود، وهو مرسل أيضاً. قال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وغيره: قيل لعبد الملك بن مروان:

(7/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 296
هذا أبو قلابة قدم، قال: ما أقدمه قال: متعوذاً من الحجاج، أراده على القضاء، فكتب له إلى الحجاج بالوصاة، فقال أبو قلابة: لن أخرج من الشام. قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث، ديوانه بالشام، قال سليمان بن داود الخولاني: قلت لأبي قلابة ما هذه الصلاة التي يصليها أميرالمؤمنين عمر بن عبد العزيز فقال: حدثني عشرةٌ من أفضل من أدركت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقراءته وركوعه وسجوه. قال مالك بن أنس: مات أبو قلابة، فبلغني أنه ترك حمل بغلٍ كتباً. وقال أيوب، عن أبي رجاء مولى أبي قلابة، إن عنبسة بن أبي سعيد قال لأبي قلابة: لا يزال هذا الجند بخير ما أبقاك الله بين أظهرهم. قال ابن عيينة: ذكر أيوب أبا قلابة فقال: كان والله من الفقهاء ذوي الألباب. وقال أبو حاتم الرازي: لا يعرف لأبي قلابة تدليس. ويروى أن أبا قلابة خرج حاجاً، فتقدم أصحابه في يومٍ صائفٍ وهو صائم، فأصابه عطشٌ شديد، فقال: اللهم إنك قادرٌ على أن تذهب عطشي من غير فطر، فأظلته سحابةٌ فأمطرت عليه، حتى بلت ثوبيه، وذهب عنه العطش.) وقال خالد الحذاء: كنا نأتي أبا قلابة، فإذا حدثنا بثلاثة أحاديث قال: قد أكثرت. قال أيوب السختياني: لم يكن ها هنا أعلم بالقضاء من أبي قلابة، لا أدري ما محمد. وقال: لما مات عبد الرحمن بن أذينة القاضي ذكر أبو قلابة

(7/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 297
للقضاء، فهرب حتى أتى اليمامة، فلقيته بعد فقلت له في ذلك ! فقال: ما وجدت مثل القاضي العالم إلا مثل رجلٍ وقع في بحرٍ فكما عسى أن يسبح حتى يغرق. قال أيوب: كان يراد على القضاء، فيفر، مرةً إلى الشام، ومرةً إلى اليمامة، وكان إذا قدم البصرة كان يختفي. عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: لا تجالسوا أهل الأهواء، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون، وقال صالح بن رستم: قال أبو قلابة لأيوب: يا أيوب، إذا أحدث الله لك علماً فأحدث له عبادة، ولا يكن همك أن تحدث به الناس. أيوب قال: مرض أبو قلابة، فعاده عمر بن عبد العزيز وقال: تشدد يا أبا قلابة، لا يشمت بنا المنافقون. قال حماد بن زيد: مرض أبو قلابة بالشام، فأوصى بكتبه لأيوب وقال: إن كان حياً وإلا فأحرقوها فأرسل أيوب فجيء بها عدل راحلة. شبابة: ثنا عقبة بن أبي الصهباء، عن أبي قلابة أنه كان يخضب بالسواد. قال علي بن أبي حملة: قدم علينا مسلم بن يسار دمشق، فقلنا له: لو علم الله أن بالعراق من هو أفضل منك لجاءنا به، فقال: كيف لو رأيتم أبا قلابة فما لبثنا أن قدم علينا أبو قلابة، وقال أيوب: رآني أبو قلابة وقد

(7/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 298
اشتريت تمراً رديئاً، فقال: ما علمت أن الله قد نزع من كل ردئ بركته وعن أبي قلابة قال: ليس شيءٌ أطيب من الروح، ما انتزع من شيءٍ إلا أنتن، وعن أبي قلابة قال: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال: دعنا من هذا وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال. قلت: وإذا رأيت المتكلم يقول: دعنا من الكتاب والسنة، وهات ما دل علي العقل، فاعلم أنه أبا جهل، وإذا رأيت العارف يقول: دعنا من الكتاب والسنة والعقل، وهات ما دل عليه الذوق والوجد، فاعلم أنه شرٌ من إبليس، وأنه ذو اتحاد وتلبيس. قال ابن الأعرابي: يقال: رجل قلابة، إذا كان أحمر الوجه. وقيل: إن أبا قلابة كان يسكن دارياً. قال خليفة: توفي سنة أربعٍ ومائة. وقال الواقدي: سنة أربعٍ أو خمسٍ ومائة، وقال المدائنيّ:) سنة ستٍّ أو سبعٍ ومائة، رحمه الله.
4 (أبو المتوكّل النّاجي البصريّ ع اسمه علي بن دؤاد، حدّث عن عائشة، وأبي هريرة، وابن)
عبّاس، وأبي سعيد الخدريّ، وجابر بن عبد الله.

(7/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 299
وعنه: قتادة، وحميد، وخالد الحذّاء، وإسماعيل بن مسلم العبدي، وعليّ بن عليّ الرفاعي، وأبو عقيل بشير بن عقبة، وكان ثقةً نبيلاً من جلّة التّابعين. توفّي سنة اثنتين ومائة.
4 (أبو مجلز ع)
هو لاحق بن حميد بن سعيد السّدوسي البصري الأعور، سمع: جندب ابن عبد الله العجلي، ومعاوية، وابن عبّاس، وسمرة بن جندب، وأنس بن مالك، وأرسل عن عمر، وحذيفة، والكبار، وعنه أيّوب السّختياني، وعاصم الأحول، وحبيب بن الشّهيد، وهاشم بن حسّان، وأبو هاشم الرمّاني يحيى بن دينار، وآخرون. وقد دخل خراسان صحبة أميرها قتيبة بن مسلم، وكان أحد علماء زمانه. قال شعبة: لم يسمع أبو مجلز من حذيفة. وقال هشام بن حسّان: كان أبو مجلز قصيراً قليلاً، فإذا تكلّم كان من الرجال. وقال أبو داود الطّيالسيّ: ثنا شعبة قال: هذا أبو مجلز تجيئنا عنه أحاديث كأنه شيعيّ، وتجيئنا عنه أحاديث كأنه عثمانيّ. وروى عمران بن حدير، عن أبي مجلز قال: شهدت بشهادةٍ عند زرارة

(7/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 300
ابن أوفى وحدي، فقضى بها وبئس ما صنع.
4 (أبو مصبح المقرائيّ د الأوزاعيّ الحمصي. عن: ثوبان، وشدّاد ابن أوس، وجابر، وكعب)
الأحبار، وواثلة، وطائفة، وعنه صبيح بن محرز، وحريز بن عثمان، والأوزاعيّ وجماعة، وثّقه أبو زرعة وغيره.
4 (أبو مرزوق التّجيبي د ق مولاهم البصريّ، حبيب بن الشهيد. عن: حنش الصّنعانيّ،)
ومغيرة بن أبي بردة. وعنه: يزيد بن أبي حبيب، وجعفر بن ربيعة، وكان أحد الفقهاء، نزل إفريقية فانتفعوا به. توفّي سنة تسعٍ ومائة.
4 (أبو المليح الهذلي ع ورّخه خليفة سنة ثمانٍ ومائة، وسيأتي.)

4 (أبو المنيب الحرشي الدمشقي د الأحدب. أرسل عن معاذ، وأبي هريرة، وجماعة، روى)
) عن ابن عمر، وغيره، وعنه: حسّان بن عطيّة، وعاصم الأحول، وثور بن يزيد، وطائفة. وثّقه أحمد العجلي وغيره، وهو قليل الحديث.

(7/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 301
4 (أبو نضرة العبدي م المنذر بن مالك بن قطعة العوقي، والعوقة بطن من عبد القيس،)
بصريٌّ كبير أدرك طلحة أحد العشرة، وروى عن: عليّ، وأبي موسى، وابن عباس، وعمران بن حصين، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وخلق. وعنه: قتادة، والجريري، وسليمان التّيمي، وداود بن أبي هند، وكهمس بن الحسن، وأبو الأشهب العطارديّ، وابن أبي عروبة، وعبد الله بن شوذب، والقاسم بن الفضل الحدانيّ، وآخرون. وثّقة ابن معين، وأبو زرعة. وقال ابن سعد: ثقة، وليس كل أحدٍ يحتج به. قلت: توفّي سنة ثمانٍ ومائة.
4 (أبو نهيك الأزدي د الفراهيدي البصري، صاحب القراءآت. يقال اسمه عثمان بن نهيك.)
روى عن: أبي زيد الأنصاري، وابن عباس، وعنه: قتادة، وزيادة بن سعد، وحسين بن واقد، وآخرون، وحدّث بمرو.

(7/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 302
4 (أبو يزيد المديني خ ن حدّث بالبصرة عن أبي هريرة، وأمّ أيمن مرسلاً، وأسماء بنت)
عميس، وروى عن عكرمة، وذكوان مولى عائشة، وهما من طبقته. وعنه: أيّوب السّختياني، وابن أبي عروبة، وجرير بن حازم، ومبارك بن فضالة. وثّقه ابن معين، الله سبحانه وتعالى أعلم. تمت الطبقة الحادية عشرة، والحمد لله.

(7/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 303
5 (الطبقة الثانية عشرة)

1 (الحوادث من إلى)

4 (حوادث سنة إحدى عشرة ومائة)
فيها توفّي: عطيّة العوفي، والقاسم بن مخيمرة في قول، ويزيد بن الشّخّير في قول. وفيها قال خليفة: عزل مسلمة بن عبد الملك عن أرمينية وأذربيجان، وأعيد الجرّاح بن عبد الله الحكميّ فسار إلى تفليس، وأغار على مدينة البيضاء التي للخزر فافتتحها ورجع، فجمعت الخزر جموعاً عظيمةً كثيرة مع ابن خاقان، فدخلوا أرمينية وحاصروا أردبيل. وفيها أغزى الأمير عبيدة الذّكواني من إفريقية مستنير بن الحارث في البحر، وفي مائةٍ وثمانين مركباً، وهجم الشتاء فقفل، وجاءت ريحٌ مزعجةٌ، فغرّقت عامّة تلك المراكب ومن فيها، فلم يسلم منها إلاّ سبعة عشر مركباً، فما شاء الله كان.

(7/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 304
4 (حوادث سنة اثنتي عشرة ومائة)
فيها توفي: رجاء بن حيوة، وشهر بن حوشب، في قول الواقدي، وابن سعد، وقال يحيى بن بكير: سنة إحدى عشرة، وقد مرّ سنة مائة. وقد قال شعبة: لقيت شهراً، فلم أعتدّ به. وفيها توفي: طلحة بن مصرّف، وعبد الرحمن بن أبي سعيد الخردي، وأبو عبد ربّ الدمشقيّ الزّاهد، والقاسم أبو عبد الرحمن الشامي، وأبو المليح الهذلي. وفيها زحف الجرّاح بن عبد الله الحكمي بالمسلمين من برذعة إلى ابن خاقان ليدفعه عن أردبيل، فالتقى الجمعان وعظم القتال، واشتدّ البلاء وانكسر المسلمون، وقتل خلقٌ منهم الجرّاح وكان أحد الأبطال رحمه الله، وغلبت الخزر، لعنهم الله، على أذربيجان، وبلغت خيولهم إلى الموصل، وحصل وهنٌ عظيمٌ على الإسلام لم يعهد. وفيها غزا المسلمون مدينة فرغانة، وعليهم أشرس بن عبد الله السّلمي، فالتقاهم الترك وأحاطوا بالمسلمين، وبلغ الخبر هشام بن عبد

(7/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 305
الملك، فبادر بتوليه جنيد بن عبد الرحمن المرّي على بلاد ما وراء النهر، ليحفظ ذلك الثّغر. وفيها أخذت الخزر أردبيل بالسيف، واستباحوها، فإنا لله وإنّا إليه راجعون، ثم وجّه هشام بن عبد الملك على أذربيجان سعيد بن عمير الحرشي فساق وبيّت الخزر، واستنقذ منهم بعض السّبي، ثم ركب في البحر وكسر طاغية الخزر، وقتل خلقٌ من الخزر ونزل النّصر.) وقال ابن الكلبيّ: خرج مسلمة بن عبد الملك في طلب التّرك، وذلك في البرد والثلج، فسار حتى جاوز الباب، وخلّف الحارث بن عمرو الطائي فب بنيان الباب وتحصينه وإحكامه، وبثّ سراياه، وافتتح حصوناً، فحرّق الملاعين أنفسهم في حصونهم عند الغلبة. وفيها كانت غزوة صقليّة، فغنم المسلمون وسبوا. وفيها سار معاوية ولد هشام بن عبد الملك فافتتح خرشنة من ناحية ملطية، والله أعلم.

(7/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 306

(7/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 307
4 (حوادث سنة ثلاث عشرة ومائة)
فيها توفي: حرام بن سعد بن محيصة المدني. وراشد بن سعد الحمصي، في قول ابن سعد. وأبو السّفر سعيد بن محمد. وطلحة بن مصرف في أول السنة، أو في آخر الماضية. وعبد الوهاب بن بخت. وعبد الله بن عبيد بن عمير اللّيثي المكّي. وعبد الله أبو محمد البطّال. ومعاوية بن قرّة أبو إياس المزني البصري. ومكحول الدمشقي الفقيه. ويوسف بن ماهك. وفيها غزا الجنيد المرّي ناحية طخارستان، فجاشت التّرك بسمرقند، فالتقاهم الجنيد بقرب سمرقند، فاقتتلوا أشدّ قتال، ثم تحاجزوا، فكتب الجنيد إلى سورة بن أبجر الدّارمي نائبة على سمرقند بالإسراع إليه، فخرج فلقيه التّرك على غرّةٍ، فقتلته في طائفة من جنده، ثم إن الجنيد التقاهم ثانيةً، فهزمهم ودخل سمرقند.

(7/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 308
وفيها أعيد مسلمة إلى إمرة أذربيجان، فأخذ متولّيها سعيد بن عمرو فسجنه، فجاء أمر هشام بأن يطلقه. وسأل مسلمة أهل حيزان الصّلح فأبوا عليه، فقاتلهم وجدّ في قتالهم، فطلبوا الصّلح والأمان، فحلف لهم ألاّ يقتل منهم رجلاً ولا كلباً، فنزلوا، فقتل الجميع إلاّ رجلاً واحداً وكلباً ورأى أنّ هذا سائغاً له، وأنّ الحرب خدعة. ثم إنّه سار إلى أرض شروان، فسأله ملكها الصّلح، فصالحهم وغوّر في بلادهم، فقصده خاقان، فالتقى الجمعان، واقتتلوا أشدّ قتال، وكان) العدوّ أن يظفروا، فتحيّز مسلمة بالنّاس، ثم التقاهم ثانياً انهزم فيها خاقان. وفيها كانت وقعة عظيمة هائلة بأرض الروم، انكسر فيها المسلمون وتمزّقوا، وكانوا ثمانية آلافٍ، عليهم مالك بن شبيب الباهليّ، وكان قد دخل عليهم في بلاد الروم، فحشدوا له، فاستشهد في هذه الوقعة مالك الأمير، وعبد الوهاب بن بخت، والبطّال الذي تضرب الأمثال بشجاعته.

(7/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 309
4 (حوادث سنة أربع عشرة ومائوة.)
فيها توفي: الحكم بن عتيبة، في قول شعبة. وعطاء بن أبي رباح على الصّحيح. وعلاء بن رباح على الصحيح. وأبو جعفر الباقر على الصحيح. ووهب بن منبّه في أوّل السنة. ويحيى بن ميمون الحضرميّ قاضي مصر. وفي أول السنة عزل هشام أخاه مسلمة عن أذربيجان والجزيرة بابن عمّه مروان بن محمد، فسار مروان بجيشه حتى جاوز نهر الزّمّ، فقتل وسبى، وأغار على الصّقالبة. وفيها غزا الجنيد المرّي بلاد الصّغانيان من التّرك ن فرجع ولم يلق كيداً. قال خليفة بن خياط: وفيها غزا معاوية بن هشام بلاد الروم وأسر المسلمون قسطنطين.

(7/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 310
وقال غيره: فيها ولّ إمرة المغرب عبيد الله بن الحبحاب السّلولي، فبقي عليها تسع سنين، وكان خبيراً حازماً وشاعراً كاتباً، وهو الذي بنى جامع تونس، وقد ولّي إمرة ديار مصر قبيل هذا، ومنها سار إلى إفريقية، واستخلف على مصر ولده القاسم، واستعمل على مملكة الأندلس عقبة بن حجّاج، وصرف عنبسة. وافتتح في أيامه عدّة فتوحات، وأوطأ البربر، خوفاً وهواناً وذلاًّ، وكان مقدّم جيوشه حبيب بن أبي عبيدة الفهري.

(7/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 311
4 (حوادث سنة خمس عشرة ومائة)
توفي: الحكم بن عتيبة، على الأشهر. والجنيد بن عبد الرحمن المرّي أمير خراسان. وعبد الله بن بريدة بن الحصيب. وعمر بن مروان بن الحكم.) وعمر بن سعيد النّخعيّ الكوفي. وفيها خرج عن الطّاعة الحارث بن سريج، وتغلب على مرو والجوزجان، فحاربه عاصم بن عبد الله، ثم إن الحارث قطع بهم نهر بلخ، فسار في طلبه أمير خارسان أسد بن عبد الله القسري، فالتقوا، فانهزم الحارث ونجا، وأسر أسد عدّةً من أصحابه وبدّع فيهم.

(7/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 312
4 (حوادث سنة ست عشرة ومائة.)
فيها توفي: أبو الحباب سعيد بن يسار. وعدي بن ثابت الوفي. وعمرو بن مرة المرادي الجملي. وعبد الملك بن ميسرة، وعون بن أبي جحيفة. والعيزار بن حريث. والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود في قول. ومحارب بن دثار القاضي. وميمون بن مهران الجوزري في قول. وفيها كتب هشام بن عبد الملك إلى ابن الحبحاب السّلولي تقليداً بولاية إفريقية، فخرج عليه عبد الأعلى بن جريج بطنجة، وكان صفريّاً، فالتقى عسكر ابن الحبحاب فهزمهم. وفيها بعث ابن الحبحاب جيشاً إلى بلاد السودان، فغنموا وسبوا. وفيها غزا المسلمون في البحر مما يلي صقلّية، فأصيبوا فلله الأمر.

(7/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 313
4 (حوادث سنة سبع عشرة ومائة)
فيها توفي: سعيد بن يسار، وقد ذكر. وعبد الله بن أبي زكريا الخزاعي. وسكينة بنت الحسين. وشريح بن صفوان بمصر. وعبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة. وعبد الرحنمن بن هرمز الأعرج. وعائشة بنت سعد.) وعمر بن الحكم بن ثوبان. وفاطمة بنت عليّ بن أبي طالب. وقتادة بن دعامة المفسّر، وقيل بعدها. ومحمد بن كعب القرظيّ في قول الواقديّ. وموسى بن وردان القاصّ بمصر. وميمون بن مهران، أو في عام أوّل. وأبو البدّاح بن عاصم المدني. ونافع مولى عبد الله بن عمر العدوي.

(7/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 314
وفيها جاشت الترك بخراسان ومعهم الحارث بن سريج الخارجيّ، وعليهم الخاقان الكبير، فعاثوا وأفسدوا، ووصلوا إلى بلد مرو الرّوذ، فسار أسدٌ القسريّ فالتقاهم فهزمهم، وكانت وقعةً هائلةً قتل فيها من الترك خلائق. وفيها افتتح مروان بن محمد متولّي أذربيجان ثلاثة حصون، وأسر تومانشاه، وبعث به إلى الخليفة هشام، فمنّ عليه وأعاده إلى مملكته. وفيها غزا ابن الحبحاب أمير المغرب فغنم وسلم.

(7/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 315
4 (حوادث سنة ثمان عشرة ومائة)
فيها توفي: أبو صخرة جامع بن شداد. وحكيم بن عبد الله بن قيس. وأبو عشانة حيّ بن يومن المعافريّ. وعبادة بن نسيّ الكندي. وعبد الله بن عامر مقريء الشام. وعبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرميّ. وعبد الرحمن بن سابط الجمحي. وعثمان بن عبد الله بن سراقة المدني. وعلي بن عبد الله بن عباس الهاشمي. وعمرو بن شعيب السّهمي.) ومعاذ بن عبد الله الجهني. ومعبد بن خالد الجدلي الكوفي. وأبو جعفر محمد بن عليّ الباقر، وفي قول ابن معين. وفيها غزا مروان الحمار ناحية ورتنيس، وظفر بملكهم فقتل وسبى. وغزا معاوية بن هشام بأرض الروم.

(7/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 316
4 (حوادث سنة تسع عشرة ومائة)
فيها توفي: إياس بن سلمة بن الأكوع، وحبيب بن أبي ثابت في قول، وحماد بن أبي سليمان في قول، وسليمان بن موسى الفقيه بدمشق، وقيس بن سعد الفقيه بمكة، ومعاوية بن هشام الأمير بأرض الروم. وفيها غزا مروان بن محمد غزوة السّائحة، فدخل بجيشه في باب الّلان، فلم يزل حتى خرج إلى بلاد الخزر، ومرّ ببلنجر وسمندر، وانتهى إلى البيضاء مدينة الخاقان، فهرب الخاقان. وفيها جهّز أمير إفريقية المغرب جيشاً، عليهم قثم بن عوانة، فأخذوا قلعة سردانية من بلاد المغرب، ورجعوا فغرق قثم بن عوانة هو وجماعة. فيها حجّ بالنّاس مسلمة بن هشام بن عبد الملك.

(7/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 317
4 (حوادث سنة عشرين ومائة.)
فيها توفي: أنس بن سيرين على الصحيح. وأسيد بن عبد الله القسريّ الأمير. والجلاّح أبو كثير القاصّ. والجارود الهذلي. وحماد بن أبي سليمان الفقيه في قول. وأبو معشر زياد بن كليب الكوفي. وعاصم بن عمر بن قتادة الصّفري. وعبد الله بن كثير مقريء أهل مكة. وعبد الرحمن بن مروان الأودي. وعدي بن عدي بن عميرة الكندي.) وعلقمة بن مرثد الكوفي. وعلي بن مدرك النّخعي الكوفي. وقيس بن مسلم الجدلي الكوفي. ومحمد بن إبراهيم التّيمي المدني الفقيه. ومحمد بن كعب القرظي في قول. ومسلمة بن عبد الملك. وواصل الأحدب. ويزيد بن رومان على الصّحيح.

(7/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 318
وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم على الصحيح. وفيها عزل خالد بن عبد الله القسريّ عن إمرة العراق بيوسف بن عمر الثّقفي، وكانت مدة ولاية خالد أربع عشرة سنة، فلمّا استخلف الوليد بعث به إلى يوسف فقتله.

(7/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 319
1 (ترجمة رجال هذه الطّبقة علي حروف المعجم)

4 (حرف الألف)

4 (أبان بن صال بن عمير حجازي ثقةٌ ورعٌ كبير القدر. روى عن: أنس، و مجاهد، و شهر بن)
حشوب، و الحسن، و عطاء. و عنه: محمد بن خالد الجندي و ابن إسحاق، و جماعة. مات في الكهولة.
4 (إبراهيم بن إسماعيل أبو إسماعيل، قيس مولى بني هاشم. عداده في أهل الكوفة. سمع أبا)
وائل، و نافعاً مولى ابن عمر. و عنه: سليمان التيمي، و مبارك بن فضالة، و العلاء بن المسيب. مات شاباً.
4 (إبراهيم بن عامر بن مسعود القرشي الكوفي. عن: عامر بن سعد، و سعيد ين المسيب. و)
عنه مسعر، و سفيان، و شعبة. صدقه أبو حاتم.

(7/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 320
4 (إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي خ د ن أبو إسماعيل الكوفي. عن عبد الله بن أبي)
أوفى، و أبي وائل، و أبي بردة. و عنه العوام بن حوشب، و مسعر، و المسعودي. قال النسائي: ليس بالقوي.
4 (إبراهيم بن عبيد م بن رفاعة الزرقي المدني. عن أبيه، و عائشة، و جابر. و عنه ابن)
) جريح، و ابن إسحاق، وابن أبي ذئب. وثقه أبو زرعة.
4 (الأزرق بن قيس الحارثي خ د ق ثقة كوفي. عن أبي برزة الأسلمي، و ابن عمر، و أبي)
ريمة. و عنه شعبة، و الحمادان، و المنهال، بن خليفة.
4 (إسحاق بن يسار المدني مولى محمد بن قيس بن مخرمة المطلبي. رأى معاوية و روى عن)
عروة، و عبيد الله بن عبد الله. و عنه ابنه صاحب السيرة، و يعقوب بن محمد بن طحلاء. وثقه ابن معين و غيره. له في كتاب مراسيل أبي داود.

(7/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 321
4 (أسد بن عبد الله بن يزيد، الأمير أبو عبد الله القسري متولي خراسان، و أخو أمير العراقين)
خالد بن عبد الله. كان شجاعاً مقداماً سائساً جواداً ممدحاً. روى عن أبيه، و الحجاج. و عنه سالم بن قتيبة، و سعيد بن خثيم، و غيرهما. و له دار بدمشق بالزقاقين عند دار البطيخ. و فيه يقول سليمان بن قتة:
(سقى الله بلخاً حزن بلخٍ و سهلها .......... و مروي خراسان السحاب المجمما)

(و ما بي لسقياه و لكن لحفرةٍ .......... بها غيبوا شلواً كريماً و أعظما)

(مراجم أقوامٍ و مردي عظيمة .......... و طلاب أوتارٍ عفرني عثمثما)

(7/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 322
(لقد كان يعطي السيف في البذع حقه .......... و يروي السنان الزاعبي المقوما)
قال: خليفة: توفي سنة عشرين و مائة، و أما أخوه فتأخر بعده مدة.
4 (اسماعيل بن أوسط البجلي أمير الكوفة. يرسل عن الصحابة، و له عن أبي كبشة الأنماري.)
و هو الذي قدم سعيد بن جبير للقتل. وثقه ابن معين. روى عنه المسعودي. توفي سنة سبع عشر و مائة.
4 (إسماعيل بن رجاء م بن ربيعة الزبيدي الكوفي، أبو إسحاق.)
عن إبراهيم النخعي، و أوس بن ضمعج، و عبد الله بن أبي الهذيل. و عنه الأعمش، و شعبة، و المسعودي، و غيرهم. وثقه غير واحد.

(7/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 323
4 (إسماعيل بن عبد الرحمن ن بن أبي ذؤيب، ويقال ابن ذؤيب الأسدي المدني. عن ابن)
عمر، و عطاء بن يسار. و عنه سعيد بن خالد القارظي، و عبد الله بن أبي نجيح. له حديثان، وثقه أبو زرعة.
4 (أكيل مؤذن إبراهيم النخعي عنه، وعن سويد بن غفلة، و عامر الشعبي. و عنه الزبير بن)
) عدي، و إسماعيل بن أبي خالد، و مالك بن مغول، و آخرون. قال بعضهم: كان أكيل ضريراً و اسمه معبد.
4 (أنس بن سيرين ع الأنصاري، مولاهم البصري، آخر بني سيرين موتاً. ولد في آخر)
خلافة عثمان، و دخل على زيد بن ثابت. و حدث عن ابن عباس، و جندب بن عبد الله، و ابن عمر، و مسروق، و جماعة. و عنه: ابن عون، و خالد بن حذاء، و شعبة، و الحمادان، و همام، و أبان، و خلق. وثقه ابن معين و غيره. توفي سنة عشرين و مائة على الصحيح. و يقال: توفي سنة ثماني عشرة.

(7/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 324
4 (إياد بن لقيط م د ت س السدوسي الكوفي. عن البراء بن عازب، و البراء بن قيس، و أبي)
رمثة البلوي، و يزيد بن معاوية العامري، و الحارث بن حسان صحابي. و عنه إبنه عبيد الله، و عبد الملك بن عمير مع تقدمه، و مسعر، و الثوري، و قيس بن الربيع، وعدة. وثقه ابن معين، و النسائي. و قال أبو حاتم: صالح الحديث.
4 (إياس بن سلمة ع بن الأكوع الاسلمي المدني. عن أبيه. و عنه: عكرمة بن عمار، و)
موسى بن عبيدة، و ابن أبي ذئب، و أبو العميس عتبة بن عبد الله، و يعلى بن الحارث المحاربي، و آخرون. وثقه ابن معين. مات سنة تسع عشرة و مائة.

(7/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 325
4 (حرف الباء)

4 (باذام أبو صالح و يقال: باذان مولى أم هانيء. عن مولاته و أخيها علي بن أبي طالب، و)
أبي هريرة، و ابن عباس. وعنه: أبو قلابة مع تقدمه و الأعمش، و السدي، و محمد بن السائب الكلبي، و محمد بن سوقة، و مالك بن مغول، و سفيان الثوري، و طائفة آخرهم عمار بن محمد. قال ابن معين: ليس به بأس، و إذا حدث عنه الكلبي فليس بشيء. و قال يحيى القطان: لم أر أحداً من أصحابنا تركه. و قال ابن عدي: عامة ما يرويه تفسير ما أقل ما له من المسند. و قال النسائي: ليس بثقة.

(7/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 326
4 (بحير بن ذاخر بن عمار، يبو علي المعارفي الناشري المصري، سياف الأمير سلمة بن)
مخلد. روى عن عمر بن العاص، و عقبة بن عامر، و مسلمة بن مخلد، و عبد العزيز بن مروان، و عبد الله بن عمرو، و طائفة. و عنه: ابنه علي بن بحير، و الأسود بن مالك الحميري، و عبد الله بن لهيعة، و غيرهم. و) كان أيضاً من حرس عبد العزيز بن مروان. جودة ابن ماكولا، و رد على من جعله رجلين، بل هما واحد.
4 (بريد بن أبي مريم السلولي البصري. عن أبيه مالك بن ربيعة، و له صحبة، و عن أبي)
موسى الأشعري، و عن أنس، و أبي الجوزاء السعدي. و عنه: أبو إسحاق، و ولده يونس بن إسحاق، و شعبة، و معمر، و آخرون. وثقه النسائي و غيره.
4 (بشير بن أبي عمرو الخولاني المصري. عن أبي فراس، و الوليد بن قيس، و عكرمة، و)
غيرهم. و عنه سعيد بن أبي أيوب، و حيوة بن شريح، و ابن لهيعة. وثقه أبو زرعة و غيره، و هو قليل الحديث.
4 (بكير بن الأخنس الكوفي م د ن ق عن أنس، و مجاهد، و عطاء،

(7/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 327
و جماعة، و قيل إنه)
روى عن ابن عباس. و و عنه: أيوب بن عائذ، وحمزة الزيات، ومسعر، وأبو عوانة، وأخرون، وثقه أبو حاتم وغيره.
4 (بكير بن فيروز الرهاوي عن أبي هريرة، وابن عباس وغيرهما. وعنه: زيد، ويحيى ابنا أبي)
أنيسة، وقتادة بن الفضل الرهاوي، وبشر بن ذكوان، وجماعة من أهل الرها، قاله أبو حاتم.
4 (بلال بن سعد ت)
ابن تميم، أبو عمرو الدمشقي، المذكر، واعظ أهل الشام وعالمهم. روى عن أبيه، وله صحبة، وعن معاوية، وجابر بن عبد الله، وغيرهم، وعنه: عبد الله بن العلاء، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وسعيد بن عبد العزيز، وطائفة.

(7/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع الصفحة 328
وكان من العلماء العاملين النفاعين بحسن مواعظه، وبليغ قصصه. قال الأوزاعي: كان من العبادة على شيءٍ لم نسمع أحداً قوي عليه، كان له كل يومٍ وليلةٍ ألف ركعة. وثقه أحمد العجلي، وغيره، وشبهه بعضهم بالحسن البصري، فقال أبو زرعة الدمشقي، كان لأهل الشام مثل الحسن بالعراق، وكان قاريء الشام، وكان جهير الصوت، حدثني رجلٌ من ولده أنه مات في إمرة هشام بن عبد الملك. وقال عبد الملك بن محمد: ثنا الأوزاعي قال: لم أسمع واعظاً قط أبلغ من بلال بن سعد. وقال عبد الرحمن بن يزيد بن تميم: سمعت بلال بن سعد يقول: يا أهل الخلود، يا أهل البقاء، إنكم لم تخلقوا للفناء، وإنما تنقلون من دارٍ إلى دار، كما نقلتم من الأصلاب إلى الأرحام، ومن) الأرحام إلى الدنيا، ومن الدنيا إلى القبور، ومن القبور إلى الموقف، ومن الموقف إلى الخلود في الجنة والنار. قرأت على أبي المعالي الأبرقوهي: أخبركم الفتح بن عبد الله: ثنا هبة الله بن حسين، أنا ابن النقور، ثنا عيسى بن الجراح، أنبأ أبو بكر بن نحيروز، ثنا محمد بن المثنى، ثنا الوليد بن مسلم، سمعت الأوزاعي، سمعت بلال بن سعد يقول: لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر من عصيت. وقال ابن عساكر: كان بلال بن سعد إمام الجامع بدمشق، وقال ==

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المستدرك للحاكم فيه8803 كل احاديثه كلها صحيح ما عدا 160.حديث بعد تعقب الذهبي فضعف100 حديث وابن الجوزي60. حديث يصبح كل الصحيح في المستدرك 8743.حديثا

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف 160 .حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي ...