88

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف160.حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي في الضعفاء له 60 حديثا أُخر فيكون  كل الضعيف في كل المستدرك 160 حديثا من مجموع 8803=الباقي الصحيح =8743.فهذه قيمة رائعة لمستدرك الحاكم

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

السبت، 20 أغسطس 2022

مجلد27.و28. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي.

 

27. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي. شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.

تاريخ الإسلام للذهبي

  الجزء الرابع والثلاثون 

 الصفحة 240
محمد بن أحمد الزتاني. وكان يروي أبوه أيضا عن أبي بكر المقريء. ومات قبل أبي نعيم الحافظ. محمد بن عبيد الله بن محمد كادش: أبو ياسر الحنبلي المحدث، أخو أبي العز. قرأ الكثير بنفسه ونسخ وحصل. وسمع: أقضى) القضاة أبا الحسين الماوردي، وابا محمد الجوهري، وأكثر عن طراد بن البطر، وطبقتهما. وهو من شيوخ السلفي. وكان قاريء أهل بغداد والمستملي بها. وكان يلحن قليلاً، وله صوت جهوري. محمد بن عمر بن عبد الله: أبو طاهر الكراني الإصبهاني. سمع: ابن أبي علي الذكواني، وغيره. وحدث. محمد بن عمر بن إبراهيم بن جعفر: أبو بكر الإصبهاني ابن عزيزة الفقيه.

(34/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 241
روى عن: ابن فاذشاه، وابن ريدة، وأبي القاسم عبد الرحمن بن محمد الذكواني، وعبيد الله بن العتر، وأبي ذر الصالحاني، وجماعة. وعنه: أبو سعيد بن محمد حامد، وأبو طاهر السلفي. محمد بن المنذر بن ظبيان بن المنذر: أبو البركات الكرخي المؤدب. سمع أبا القاسم بن بشران. وهو أحد الشيوخ السلفي في عض أمالي ابن بشران. وروى عنه أيضاً: إسماعيل السمرقندي، وعبد اللوهاب الأنماطي. وتوفي في صفر. قال أبو سعد السمعاني: سمعت ابن ناصر يقول: كان كذاباً. وقال السلفي: هو مع ظبيان. معالي العابد: أحد الزهاد المنقطعين إلى الله. كان مقيماً بمسجد ببغداد، وتحكى عنه الكرامات ومجاهدات. قال أبو محمد سبط الحناط: كان لا ينام إلا جالساً، ويبلس ثوباً واحداً في الصيف و الشتاء، فإذا برد شد المئزر على كتفه.

(34/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 242
مات في ذي الحجة.
4 (حرف النون)
نصر بن عبد الجار بن عبد الله بن عبد الجبار: أبو منصور التميمي القزويني الواعظ. سمع: أبا يعلى الخليل بن عبد الله الحافظ، وابا بكر أحمد بن الخضر القزويني، وجماعة. وبغداد: أبا محمد الجوهري، وابن الفتح العشاري. وسمع بأماكن، وجمع لنفسه معجمه. وكان من أهل الفضل والدين. وقدم بغداد في هذه السنة، وهو آخر العهد به. وروى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، والمعمر بن البيع، والسفي وقال: هو محدث ابن محدث ابن محدث، وبيتهم بقزوين. كتب بني مندة بإصبهان، وكتب أولاد السمعاني بمرو، وسألته عن مولده فقال: في سنة خمسٍ وعشرين وأربعمائة.
4 (حرف الياء)
يحيى بن إبراهيم بن أبي زيد:

(34/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 243
أبو الحسن اللواتي المرسي، المعروف بابن العياز. روى القراءآن عن: مكي بن أبي طالب، وأبي عمرو الداني، وجماعة. ورحل إلى المشرق. قال ابن بشوال: حج ولقي بمصر عبد الوهاب القاضي المالكي، وأخذ عنه التلقين من تأليفه. وأقرأ) الناس القرآن، وعمر وأسن. قلت: وسمع القراءآت من عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي، وهو آخر من روى عنهما. قال الحافظ أبو القاسم خلف بن بشكوال: أخبرنا عنه جماعة من شيوخنا، وسمعت بعضهم يضعفه وينسبه إلى الكذب وآدعاء الراوية عن أقوام لم يلقهم ولا كاتبوه. ويشبه أن يكون ذلك في وقت اختلاطه، لأن اختلط في آخر عمره. توفي بمرسية في ثالث المجرم وله تسعون سنة. قلت: روى عنه القراءآت: أبو عبد الله بن سعيد الداني، وعلي بن عبد الله بن ثابت الخزرجي، وأبو داود، وسليمان بن يحيى بن سعيد المقريء، وآخرون. وقد وقع لنا إسناده بالقراءآت عالياً للإمام علم الدين القاسم الأندلسي، فإنه تلا بها على أبي جعفر الحصار، عن أبي عبد الله بن سعيد المذكور.

(34/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 244
وقد روى الموطأ عن يونس بن عبد الله بن مغيث. يحيى بن منصور: أبو ذكريا الصوفي الجنزي، والد الإمام محمد بن يحيى الفقيه. سكن بنيسابور، ونفق على نظام الملك، وصاده بحسن كلامه. وسيرته قصيرة. شيخ رباطه، توفي في رمضان بنيسابور.

(34/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 245
4 (وفيات سنة سبع وتسعين وأربعمائة)

4 (حرف اللف)
أحمد بن إبراهيم بن يونس: الخطيب أبو الحسين المقدسي. سمع ببلده: أبا الغنائم محمد بن محمد بن الفراء، وأبا عثمان بن ورقاء، وأبا زكريا عبد الرحيم البخاري. سمع منه: عبد الرحمن، وعبد الله ابنا صابر. وتوفي بدمشق. احمد بن بندار بن إبراهيم: أبو ياسر البقال القطان، أخو أبي المعالي ثابت. سمع: بشربن الفاتني، وأبا علي بن دوما، وأبا طاهر محمد بن علي العلاف، وجماعة. روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وأبو المعمر المبارك بن أحمد واثنيا عليه، وشهدة، والسلفي، وجماعة. ومات في رجب.

(34/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 246
أحمد بن علي بن الحسين: أبو المعالي ابن الحداد البغدادي و الدلال المستعمل. سمع: أبا علي بن المذهب، والعشاري، والجوهري. وعنه: أبو نصر النورباني، وأبو طاهر السلفي. مات في ربيع الآخر ببغداد. أحمد بن محمد بن أحمد بن حمزة: القاضي أبو الحسن الكوفي، الثقفي. سمع: أبا طاهر محمد بن محمد بن الحسن الصباغ، ومحمد بن إسحاق بن فدويه، ومحمد بن علي بن الحسن العلوي، وطائفة. وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني ببغداد. وسمع ببغداد من: البرمكي، وأحمد بن محمد بن حبيب الفارسي. روى عنه: إسماعيل بن السمر قندي، وعبد الوهابب) الأنماطي، وأبو الحسن بن الخلي الفقيه، والسلفي. وثقة عبد الوهاب الأنماطي. وقال أبي النرسي: توفي في سادس عشر رجب. قلت: وله خمس وسبعون سنة. أحمد بن محمد بن بشرويه: الإصبهاني. قد مر في سنة إحدى وتسعين. وقال يحيى بن مندة: مات في صفر سنة سبعٍ.

(34/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 247
أحمد بن علي بن الحسن بن زكريا: أبو بكر الطريثيثي، ثم البغدادي الصوفي المعروف بابن زهراء. قال السمعاني: شيخ له قدم في التصوف. رأى المشايخ وخدمهم، وكان حسن التلاوة. صحب أبا سعد النيسابوري. وسمع: أباه، وابن الحسين القطان، وأبا القاسم اللاكائي الحافظ، وأبا القاسم الحرفي، وأبا الحسن بن مخلد، وأبا علي بن شاذان، وجماعة. قلت: روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وابن ناصر، وأبو الفتح بن البطي، وأبو طاهر السلفي، وطائفة آخرهم موتاً أبو الفضل خطيب الموصل. وسمع منه: الكبار: عبد الغافر الألمعي، وهبة الله الشيرازي، وعمر الرؤآسي، وابن طاهر المقدسي. قال السمعاني: صحيح السماع في أجزاء، لكنه أفسد سماعاته بأن روى منها شيئاً، وادعى أنه سمعه من أبي الحسن بن رزقويه، ولم يصح سماعه منه. وقال فيه شجاع الذهلي: مجمع على ضعفه، وله سماعات صحيحة خلط بها غيرها. وقال أبو القاسم بن السمرقندي: دخلت على أحمد بن زهراء الطريثيثي وهو يقرأ عليه جزء من حديث ابن رزقوية، فقلت: متى فقال: في سنة اثنتي

(34/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 248
عشرة وأربعمائة. فقلت: وابن رزقويه في هذه السنة توفي. وأخذت الجزء من يده، وقد سمعوا فيه، فضربت على التسميع، فقام وخرج من المسجد. وقال ابن ناصر: كان كذأبا لايحتج بروايته. قلت: ولهذا كان السلفي يقول: أنا الطريثيثي من أصل سماعه. وقال في معجمه: هذا من أجل شيخ شاهدته ببغداد، من شيوخ الصوفية، وأكثرهم حرمة وهيبة عند الصحابة. قد افتدى بأبي سعيد بن أبي الخير المهيني فيما أظن. وأنا عن جماعة لم يحدثنا عنهم سواه. ولم يقرأ عليه إلا من أصول سماعة، وهي كالشمس وضوحاً. وكف بصره بآخر. وكتب له أبو علي الكرماني أجزاءً طرية، فحدث بها اعتماداً عليه، ولم يكن ممن يعرف طرق المحدثين ودقائقه وإلا لكان من الثقات الأثبات. وذكره ابن الصلاح في طبقات الشافعية. وقال أبو المعمر الأنصار: مولده في شوال سنة إحدى عشرة. وتوفي في جمادى الآخرة. قلت: قرأت بخط السلفي أنه سمع الطريثيثي يقول: ولدت في شوال سنة اثنتي عشر وأربعمائة. أحمد بن محمد بن الحسين العكبري: ثم الواسطي المقريء أبو الحسن. قرأ القرءآت على أصحاب أبي علي بن علان.) وسمع: الحسن بن موسى الغندجاني.

(34/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 249
وقدم بغداد فقرأ بها على: سليمان بن أحمد السرقسطي، ورزق الله التميمي. وسمع: أبا القاسم البسري. وأقرأ الناس. وهو الذي سمع محمد بن علي الكتاني المحتسب، ولما مات رثاه خميس الحوزي. روى عنه: الكتاني المذكور. أرتاش، ويقال التاش، بن السلطان تتش بن ألب رسلان: أخو صاحب دمشق دقاق. سجنه أخوه بعلبك، فلما مات دقاق أطلقه الأمير طغتكين وأقدمه دمشق، واقامه في السلطنة في هذه السنة، ثم خرج سراً بعد ثلاثة أشهر لأمر تخيله من طغتكين، فذهب إلى بغدوين ملك الفرنج طمعاً في أن يكون له ناصراً، فلم يحصل منه على أمل فتوجه على الرحبة إلى الشرق الأوسط، فهلك هناك. إسماعيل بن علي بن حسن: الشيخ أبو علي الجاجرمي النيسابوري الأصم الزاهد كان حسن الطريقة صالحاً واعظاً. ولد سنة ست وأربعمائة، وسمع: أبا عبد الله بن باكويه الشيرازي، وأبا بكر أحمد بن محمد بن الحارث، وأبا سعيد فضل الله بن أبي الخير المهيني، وعبد القاهر بن طاهر التميمي، وأبا عثمان الصابوني، وجماعة.

(34/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 250
وخرج له صالح المؤذن فوائد. روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وجماعة من شيوخ السمعاني، وقال: دفن عند ابن خزيمة. وذكره عبد الغافر فقال: شيخ ظريف، خفيف الحركة، اشتغل مدة بنيسابور، وكان واعظاً بكاءً حصل له قبول زائد. توفي في المحرم. إسماعيل بن عبد الله بن عبد الرحمن: أبو علي النيسابوري القلانسي، عرف بالتركي. شيخ صالح، سمع من: أبي سعيد الصيرفي. وعنه: عمر بن أحمد الصفار، ومحمد بن محمد السنجي، وأبو الأسعد بن القشيري. مات في المحرم، وهو في عشر المائة. إسماعيل بن أبي الفضل محمد بن عثمان: أبو الفرج القومساني، ثم الهمذاني، الحافظ، شيخ همذان.

(34/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 251
قال شيرويه: هو شيخ البلد والمشير إليه بالصلاح والديانة. روى عن: أبيه محمد بن عثمان بن أحمد بن مزين، وجده عثمان، وابن هبيرة، وعمر بن جاباره البهري، وأبي الحسين بن المهتدي بالله، والصريفيني، وابن النقور، وابن عزو النهاوندي، وهارون بن طاهر بن ماهلة، وطائفة. وكان حافظاً ثقة صدوقاً، حسن المعرفة بالرجل والمتون، أمينا مأموناً، وحيد عصره في حفظ شرائع الإسلام وشعاره. وكان ابن ثمان وخمسين سنة. توفي في المحرم، وتوليت غسله. قلت: قال السمعاني: ثنا عنه غير واحد، وهو القائل لابن طاهر المقدسي: ثلاثة لا أحبهم لتعصبهم: الحاكم، وأبو نعيم، والخطيب. زذكره السلفي ممن أجاز له، وأنه مشهور بالمعرفة التامة بالحديث. اشير بن أبي منصور: الأمير أبو) الحسين المروزي العبادي الواعظ، قدم نيسابور ووعظه فأبدع وأعجب المستمعين بحسن إيراده، ونكت انفاسه، وملاحة قصصه. وظهر له القبول عند الخاص والعام بغرابه إشاراته، ووقع كلماته المطابقة لجلالته. وكان له سكون وهيبة واناة وتؤدة، وطريقة غريبة في تمهيد كلام سني غير مسبوق على نسق واحد، مشحون بالإشارات الدقيقة والعبارات الرشيقة الحلوة.

(34/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 252
خرج إلى العراق ولقي ببغداد قبولاً بالغاً، ثم عاد إلى نيسابور، وأقام بها مدة، وسلم إليه المدرسة بباب الجامع المنيعي، فسكنها، ولم يزل قبوله في ازدياد. وسمع الحديث في كبره، ولم يحدث. ومات كهلاً في جمادى الآخرة. قال ابن النجار: هو والد الواعظ المشهور أبي منصور بن المظفر. قدم أبو الحسين الأمير بغداد سنة خمس وثمانين وأربعمائة ليحج، فحج وعاد وعظ، وازدحموا، وازداد التعصب له إلى أن منع من الجلوس فرد إلى بلده. وكان. وكان بديع الأفاظ حلو الإيراد، غريب النكت. سمع من: أبي الفضل بن خيرون، وغيره. وحدث بمرو. قال ابن السمعاني: سمعت علي بن علي الأمين يقول: اتفق أن واحداً به علة جاء إلى العبادي، قرأ عليه شيئاً، فعوفي. فمضيت معه إلى زيارة قبر أحمد، فلما خرجنا إذا جماعة من العميان والزمنى على الباب، فقالوا للأمير: نسألك أن تقرأ علينا. فقال: لست بعيسى بن مريم، وذلك قول وافق القدر. وقيل: إن بعض الناس دخل على العبادي، فقال له: قم اغتسل. فقام، وكان جنباً. وجاء عنه زهد وتعبد، وتكلم على الخواطر، وتاب على يده خلق كثير، وكان أماراً بالمعروف، مريقاً الخمور، مكسراً للملاهي، وصلح أهل بغداد تلك الأيام، والله يرحمه ويغفر له.

(34/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 253
4 (حرف الجيم)
جامع بن محمد بن عبد الحميد: أبو سهل النيسابوري. قال السمعاني: ثقة، صالح. سمع على: محمد الطرازي. روى عنه: محمد بن محمد السنجي، وغيره.

(34/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 254
4 (حرف الحاء)
الحسن بن الحسين بن محمد: أبو محمد الكاأبي الدمشقي. رئيس دمشق المعروف بابن الصوفي. سمع: محمد بن عوف المزني. وحدث باليسير واصلهم من حلب. الحسين بن عبد الملك بن محمد بن يوسف: أبو محمد اليوسفي البغدادي ابن الشيخ الأجل. سمع: ابن غيلان، وإسحاق البرمكي، وجماعة. وحدث. روى عنه: السلفي، وابن الخلي، وخميس، وجماعة. وكان) ذا أموال وحشمة. الحسين بن إبراهيم بن أحمد: أبو عبد الله الإصبهاني النظنزي الأديب. صاحب التصانيف الأدبية. وله النظم والنثر. سمع: أبا بكر بن ريذة، وغيره. وحدث. أظن أن السلفي روى عنه.

(34/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 255
قال يحيى بن مندة: مات في المحرم. الحسين بن علي بن أحمد بن محمد: أبو عبد الله بن البسيري البندار. محدث بغداد وابن محدثها، كان رجلاً صالحاً. تفرد بالرواية عن عبد الله السكري. وسمع أيضاً من: أبو علي بن سكرة، وسعد الخير النصاري، والسفي، وشهدة، وأبو الفتح بن شاتيل، وأبو هاشم الدوشاني، وآخرون كثيرون، آخرهم ابن شاتيل. توفي في جمادى الآخرة، وولد سنة تسع أو عشر. قال السلفي: لم يرو لنا عن السكري سواه.

(34/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 256
قال: وروى عن: ابن مخلد، والبرقاني، وأبي علي بن شاذان.
4 (حرف الدال)
دقاق: شمس الملوك أبو نصر بن تتش بن ألب أرسلان. ولي دمشق بعد قتل أبيه تاج الدولة، وذلك في سنة سبعً وثمانين. وكان دقاق بحلب، فرسلع خادم أبيه ونائبه بقلعة دمشق سراً من أخيه رضوان ملك حلب، فخرج دقاق وقدم دمشق فتملكها. ثم عمل هو والأتابك طغتكين زوج أمه على خادم أبيه المذكور، واسمه ساوتكين، فقتلاه. ثم إن رضوان قدم دمشق وحاصرها، فلم يقدر عليه، فرجع. ثم إن دقاق عرض له مرض تطاول به إلى أن توفي في ثامن عشر رمضان. فغلب طغتكين على دمشق، وأقام في اسم الملك بن طغتكين طفل له سنة. ثم مات الطفل بعد قليل واستقل الأتابك ظهير الدين طغتكين بمملكة دمشق وأعمالها. وقيل إن أم دقاق رتبت له جارية فسمت له عنقود عنب نقبته بإبرة فيها

(34/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 257
خيط مسموم، ثم أطعمته، فندمت بعد ذلك، وتهرى ومات وذفن بخانكاه الطواويس.
4 (حرف الزاي)
زيد بن علي بن عبد الله: أبو القاسم الفسوي الفارسي النحوي. ذكر أن أبا علي الفارسي النحوي خاله، فلعله خال أبيه أو أمه، وإلا فما يمكن أن يكون أبو علي أخا أمه لقدم زمانه. قدم الشام، وأخذ الناس عنه بحلب، وسكن دمشق مدةً، وأملى بها شرح الإيضاح لأبي علي، وشرح الحماسة، وحدث عن أبي الحسن بن أبي الحديد. سمع منه: عمر الدهستاني، وأبو المفضل يحيى القرشي. وكانت وفاته بأطرابلس. وقرأ عليه بحلب، أبو البركات عمر بن إبراهيم العلوي الكوفي كتاب الإيضاح. رواه عنه.)

(34/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 258
4 (حرف الطاء)
طاهر بن أسد بن طاهر بن علي بن هاشم بن نزار: أبو ياسر الطباخ الأجمي الشيرازي. ثم البغدادي. ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. وسمع: أبا القاسم بن بشران، وعبد الباقي بن محمد الطحان. روى عنه: أبو القاسم السلفي، وآخرون. وقع لنا حديثه عالياً. وقد قال السمعاني: كان يعرف النجوم، وكان متميزاً. سكن دار الخلافة، وكان صاحب الفنجان للصلوات والساعات. توفي في منتصف رجب.
4 (حرف العين)
عبد الله بن إسماعيل:

(34/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 259
أبو محمد الإشبيلي. قال ابن بشكوال: كان من أهل العلم التام والحفظ للحديث والفقه. كان يميل في فقهه إلى النظر واتباع الحديث. وكان متقشفاً. سكن المغرب مدةً، وولي قضاء أغمات. ثم نقل إلى قضاء الحضرة، متقلدها إلى أن توفي. وكان مشكور السيرة، حسن المخاطبة، كثيراً ما يقول لمن يحكم عليه: خذوا بيدي سيدي إلى السجن. وله تصنيفان في شرح المدونة، ومختصر ابن أبي زيد ملئت علماً. عبد الرحمن بن عمر بن عبد الرحمن: أبو مسلم السمناني، ثم البغدادي ابن ابن القاضي أبي جعفر السمناني. سمع: أبا علي بن شاذان. روى عنه: أسماعيل بن السمر قندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو طاهر السلفي، وجعفر بن عبد الله الدامغاني، وآخرون. وثقه الأنماطي. وولده سنة ست عشرة وأربعمائة، وتوفي في تاسع عشر المحرم. وقال السلفي: كان حنيفاً أشعرياً

(34/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 260
قلت: أخذ الكلام عن جده أبي جعفر. عبد الرحمن بن قاسم: أبو المطرف الشعبي المالقي. قال ابن بشكوال: روى عن: أبي العباس أحمد بن أبي الربيع الإلبيري، وقاسم بن محمد المأموني، وإسماعيل بن حمزة، والقاضي يونس بن عبد الله إجازة، وغيرهم. وكان ذاكراً للمسائل، فقيهاً، مشاوراً. سمع الناس منه: وعمر وأسن، وشهر بالعلم والفضل. ولد سنة اثنتين وأربعمائة. وتوفي في عاشر رجب. وقال فيه القاضي عياض: فقيه بلدهم وكبيرهم في الفتاوى والراوية. سمع بالمرية من قاسم المأموني، وتفقه عند أبي الحسن بن عيسى المالقي. واجاز له يونس القاضي و الشنتجالي. روى عنه شيخنا أبو عبيد الله بن سليمان، وولي قضاء بلدة في ايام الصنهاجي. ثم عزله، وجعل سجنه دار الأشياء بلغته عنه. فلما دخل المرابطون دعاه أمير المسلمين للقضاء، فامتنع، واشار عليه بأبي مروان بن حسنون، فقلده جملة القضاة، فكان أبو مروان لا يقطع امراً دونه.) وبينه وبين ابن الطلاع في الوفاة جمعة. العلاء بن حسن بن وهب بن الموصلايا

(34/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 261
: أبو سعد البغدادي الكاتب المنشيء بدار الخلافة. أسلم، وكان نصرانياً، على يد المقتدي بالله، وحسن إسلامه. وله الرسائل المشهورة الرائقة، والشعار الفائقة. عمر دهراً، وكف بصره. وتوفي في جمادى الولى. ذكره ابن خلكان وقال: لقبه أمين الدولة. وقال صاحب المرآة: خدم في كتابة الإنشاء خمساً وستين سنة، وأسلم سنة أربع وثمانين. ثم ناب في الوزارة مرات. وكان كريم الأخلاق، حسن الفعال، أفصح أهل زمانه، كان ظاهر اللسان. كان يملي على ابن أخته العلامة أبي نصر الإنشاء إلى أن مات فجأة. وكان الوزير عميد الدولة ابن جهير يثني عليه وعلى تفهمه، ويقول: هما يمينا الدولة وأميناها. أنبأ أحمد بن سلامة الخياط: أنبأنا العماد والكاتب في الخريدة: أنشدني عبد الرحيم ابن الأخوة البغدادي، أنشدني أبو سعد بن الموصلايا لنفسه:
(ياخليلي، خلياني ووجدي .......... فملام العذول ماليس يجدي)

(ودعاني فقد دعاني إلى الحك .......... م غريم الغريم للدين عندي)

(فعساه يرق إذ بملك الرق .......... بنقدٍ من وصله أو بوعدي)

(34/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 262
(ثم من ذا يجيز عنه إذا جا .......... ر ومن ذا على تعديه يعدي)
قال ابن الثير: كان أمين الدولة أبو سعد بن الموصلايا كثير الصدفة، جميل المحضر، صالح النية. وقف أملاكه على أبواب البر. ولما مات خلع على ابن أخته أبي نصر، ولقب نظام الحضرتين. وقلد ديوان الإنشاء. قال ياقوت في تاريخ الأدباء: خرج توقيع الخليفة بإلزام الذمة بلبس الغيار، فأسلم بعضهم وهرب طائفة. وفي ثاني يوم اسلم الرئيسان أبو سعد ابن الموصلايا صاحب ديوان الإنشاء، وابن أخته أبو نصر ابن صاحب الخبر على يد الخليفة، بحيث يريانه ويسمعان كلامه. ناب أبو سعد في الوزارة عدة نوب، ورسائله وأشعاره مدونة متداولة. أخذ عنه: أبو منصور بن الجواليقي، وأبو حرب الخياط، وعلي بن الحسن بن دينار، وآخرون. ومن شعره:
(أحن إلى روض التصأبي وأرتاح .......... وأمتح من حوض التصافي وأمتاح)

(واشتاق ريماً كلما رمت صيدة .......... تصد يدي عنه سيوف وأرماح)

(غزال إذا ما لاح أو فاح نشره .......... تعذب أرواح وتعذب أرواح)

(34/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 263
(وتفتضح العذار فيهم إذا بدوا .......... ويفتضح اللاحون منهم إذا لاحوا)
) ومات بعده بسنة وأشهر ابن أخته. أبو نصر هبة الله: صاحب ديوان الإنشاء. علي بن الحسن: أبو القاسم العلوي الخراساني. قال السمعاني: كان عالماً، ورعاً، رئيساً. سمع عبد الرحمن بن حمدان النصرويي، وتوفي بأبيورد. علي بن الحسين بن أبي نزار: الشيخ أبو المعالي المرستي. أحد الرؤساء ببغداد. سمع في الكهولة من: أبي محمد الجوهري. روى عنه: السلفي. عاش تسعين سنة. علي بن عبد الرحمن بن هارون بن عيسى بن هارون بن الجراح

(34/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 264
الرئيس أبو الخطاب الشافعي، الكاتب، البغدادي، المقريء، النحوي. كان حسن الإقراء والأخذ. ختم عليه خلق. وصنف منطومة في القراءآت. سمع: أبا القاسم بن بشران، ومحمد بن عمر بن بكير النجار، وغيرهما. روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعمر المغازلي، والسلفي، وخطيب الموصل، وجماعة. وذكر السلفي فقال: إمام في اللغة، وشعره في أعلى درجة. وخطه من أحسن الخطوط، والقول يتسع في فضائله، وكان يصلي بأمير المؤمنين المستظهر بالله التراويح. وقال غيره: ولد سنة تسعٍ أو عشرة وأربعمائة، وتوفي في العشرين من شهر ذي الحجة سنة سبعٍ. عيسى بن الحافظ أبي ذر عبد بن أحمد: أبو مكتوم الأنصاري الهروي، ثم السروي. تزوج أبو ذر في العرب في سروات بني شبابة، وسكن هناك مدةً، وولد أبو مكتوم في حدود سنة خمس عشرة وأربعمائة. سمع من أبي عبد الله الصنعاني صاحب التقوى جملة من مسند عبد الرزاق. وسمع من أبيه صحيح البخاري، وكتاب الدعوات لأبيه، وغير ذلك.

(34/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 265
روى عنه الصحيح جماعة، منهم: أبو التوفيق مسعود بن سعيد الأندلسي، وأبو عبيد نعمة بن زيادة الله الغفاري، وعلي بن حميد بن عمار المكي. وروى عنه بالإجازة أبو طاهر السلفي. أخبرنا عبد المؤمن الحافظ قال: قرأت على ابن رواج: أخبركم السلفي قال: قد اجتمعنا أنا وأبو مكتوم بن أبي ذر في عرفات سنة سبعٍ وتسعين لما حججت مع والدي، فقال لي الإمام أبو بكر محمد بن السمعاني: إذهب بنا إليه نقرأ عليه شيئاً. فقلت: هذا الموضع موضع عبادة، فإذا دخلنا إلى مكة نسمع عليه، ونجعله من شيوخ الحرم. فاستصوب ذلك. وقد كان ميمون بن ياسين الصنهاجي من أمراء المرابطين رب في السماع منه بمكة، واستقدمه من سراة بني شباب، واشترى منه صحيح البخاري اصل أبيه الذي سمعه منه بجملة كبيرة، وسمعه عليه في عدة أشهر، قبل وصول الحجيج. فلما حج ورجع من عرفات إلى مكة رحل إلى السراة مع النفر الأول من أهل النفر. قلت: وانقطع خبره من هذا الوقت. ورواية الصحيح في وقتنا من) طريقه حسنة عالية. رواه جماعة عن أم حرمي، عن ابن عمار، عنه.
4 (حرف الميم)
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن النقور: أبو منصور بن أبي الحسين البزاز. سمع: أباه، وأبا إسحاق البرمكي، وأبا القاسم التنوخي، وجماعة. روى عنه: السلفي، وابنه أبو بكر عبد الله. وقال السلفي: لم يكن بذاك، ولكنه سمع الكثير، وكان ابنه أبو بكر يسمع معنا.

(34/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 266
محمد بن عبد الله بن محمد: أبو الفضل البغدادي، الناقد السمسار. سمع: ابن غيلان، وأبا منصور محمد بن محمد ابن السواق. وعنه: أبو المعمر الأنصاري، والسلفي. وكان شيعياً. مات في المحرم. محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز: أبو مطيع المديني، صاحب الأمالي المشهورة. نسبه عبد الرحيم بن أبي ألوفا الإصبهاني فقال: محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز بن عبد الله بن أحمد بن زكريا. قلت: وبعد زكريا أحمد بن محمد بن يحيى بن الليث بن الضب بن عوف الضبي المجلد الناسخ المصاحف المعروف بالمصري. مسند أهل إصبهان. عاش بضعاً وتسعين سنة. وتفرد بالرواية عن جماعة. سمع: من الحافظ أحمد بن موسى بن مردويه ثلاث مجالس، وأبي سعيد محمد بن علي النقاش، وأبي منصور معمر بن أحمد بن زياد الصوفي، وعبد الله محمد بن عقيل البارودي، والحسين بن إبراهيم الإكمالي، والفضل بن عبيد الله، وأبي بكر بن أبي علي، وأبي زرعة روح بن مجد الرازي، والحافظ بن أبي نعيم، وجماعة. روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وأبو طاهر السلفي، ومحمد بن معمر اللنباني، وأبو حنيفة محمد بن عبد الله الخطيبي، وأحمد بن ينال التركي، وعبد الله بن أحمد أبو الفتح الخرقي، ومحمد بن عبد الله بن علي الإصبهاني

(34/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 267
المقريء، وعمر بن أبي سعد، وخلق من الإصبهانيين. أخبرنا إسماعيل بن الفراء، أنا أبو محمد بن قدامة، أنا أبو حنيفة محمد بن عبد الله القاضي، أنا أبو مطيع: ثنا أحمد بن موسى الحافظ، ثنا أحمد بن هشام بن حميد الحصري: نبا يحيى بن أبي طالب، أنا علي بن عاصم، أنا حصين، عن عامر، هو الشعبي، عن عروة البارقي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخيل معقود بنواصيها الخير، قيل: ماذلك قال: الأجر والمغنم إلى يوم القيامة: متفق عليه من حديث حصين. قال السمعاني: كان شيخاً صالحاً معمراً، أديباً فاضلاً. محمد بن فرج: أبو عبد الله مولى محمد بن يحيى، المعروف بابن الطلاع القرطبي، الفقيه المالكي، مفتي الأندلس ومسندها في الحديث. ولد في سلخ ذي الحجة سنة) أربع وأربعمائة. ذكره ابن بشكوال فقال: بقية الشيوخ الأكابر في وقته، وزعيم المفتين بحضرته. روى عن: يونس بن عبد الله القاضي، ومكي بن أبي طالب، وأبي

(34/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 268
عبد الله بن عابد، وحاتم بن محمد، وأبي علي الحداد الأندلسي، وابن عمرو المرشاني، ومعاوية بن محمد العقيلي، وأبي عمر القطان. قال: وكان فقيهاً عالماً، حافظاً للفقه، حاذقاً بالفتوى، مقدماً في الشوروى، مقدماً في علل الشروط، مشاركاً في أشياء، مع دين وخير وفضل، وطول صلاة، قوالاً بالحق وإن أوذي فيه، لا تأخذه في الله لومة لائم، معظماً عند الخاصة، والعامة يعرفون له حقه. ولي الصلاة بقرطبة، وكان مجوداً لكتاب الله. أفتى الناس بالجامع، وأسمع الحديث، وعمر حتى سمع منه الكبار والصغار، وصارت الرحلة إليه. ألف كتأبا حسناً في أحكام النبي صلى الله عليه وسلم قرأته على أبي رحمه الله عنه. وتوفي لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب، وشهده جمع عظيم. وقال القاضي عياض: كان صالحاً قوالاً بالحق، شديداً على أهل البدع، غير هيوب للأمراء، شوور عند موت ابن القطان، إلى أن دخل المرابطون فأسقطوه من الفتيا لتعصبه عليهم، فلم يستفت إلى أن مات. سمع منه عالم كثير، ورحل الناس إليه من كل قطر لسماع الموطأ ولسماع المدونة لعلوه في ذلك. وحدث عنه أبي علي بن سكرة، وقال في مشيخته التي خرجها له عياض: سمع يونس بن عبد الله بن مغيث، وحمل عنه الموطأ وسنن النسائي. وكان أسند من بقي، صحيحاً، فاضلاً، عنده بلة تام بأمر دنياه وغفله، ويؤثر عنه في ذلك طرائف. وكان شديدا على أهل البدع، مجانباً لمن يخوض في غير الحديث. وروى اليسع بن حزم عن أبيه قال: كنا مع ابن الطلاع في بستانه، فإذا بالمعتمد بن عباد يجتاز من قصره، فرأى ابن الطلاع، فنزل عن مركوبه، وسال دعاءه وتذمم وتضرع، ونذر وتبرع، فقال له: يامحمد انتبه من غفلتك وسنتك. قلت: وآخر من روى عنه على كثرتهم: محمد بن عبد الله بن خليل القيسي اللبلي نزيل مراكش، وبقي إلى سنة سبعين وخمسمائة.

(34/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 269
وقد أجاز لنا رواية الموطأ أبو محمد بن هارون الطائي قال: ثنا القاسم أحمد بن بقي ماذلك قال: الأجر. قال: ثنا محمد بن عبد الحق الخزرجي القرطبي قال: ثنا الطلاع بإسناده. وروى عنه: علي بن حنين، ومحمد بن عبد الله بن خليل كتاب الموطأ، وهما من شيوخ ابن دحية. المؤمل بن أحمد بن المؤمل: أبو البركات المصيصي الدمشقي. سمع: ابن سلوان، ورشأ) بن نظيف، والأهوازي. سمع منه: أبو محمد بن صابر وقال: كان يكذب في انتمائه إلى عثمان رضي الله عنه.
4 (حرف الياء)
يزيد: مولى المعتصم بالله محمد بن معن بن صمادح. أبو خالد، من أهل المري. روى الكثير عن: أبي العباس العذري. قال ابن بشكوال: روى عنه غير واحد من شيوخنا، وكان معتنياً بالأثر وسماعه، ثقة في روايته. وكان مقرئاً فاضلاً. توفي في المحرم. قلت: روى عنه: أبو العباس بن العريف الزاهد، وأبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن عاصم الثقفي.

(34/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 270
4 (وفيات سنة ثمان وتسعين وأربعمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن الحسين بن محمد بن إبراهيم: أبو طالب البصري، ثم البغدادي الكرخي الخباز. شيخ عامي صحيح السماع. سمع سنة إحدى وعشرين وأربعمائة من عبد الملك بن بشران. وتوفي في جمادى الآخرة. وهو من شيوخ السلفي في البشرانيات. أحمد بن خلف بن عبد الملك بن غالب: أبو جعفر بن القلعي، من أهل غرناطة. روى عن: حاتم بن محمد، وأبي عبد الله بن عتاب، وجماعة. قال ابن بشكوال: كان ثقة صدوقاً. أخذ الناس عنه، وتوفي في ربيع الآخر. أحمد بن عبد الله بن محمد الخطيب: أبو منصور الهاشمي المعروف بابن الدبخ الكوفي. سمع: محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، ومحمد بن فدويه. وعنه: المبارك بن أحمد الأنصاري، وأبو طاهر السلفي.

(34/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 271
توفي في ذي الحجة. أحمد بن نصر بن أحمد: أبو منصور الخراساني الخوجاني الواعظ. قدم بغداد في هذا العام. وروى عن: أبي عثمان الصابوني. سمع منه: عبد الوهاب الأنماطي، وأبو طاهر السلفي، وغيرهما. أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسن: الحافظ أبو علي البرداني البغدادي. ولد سنة ست وعشرين وأربعمائة، وأول سماعه في ثلاثٍ وثلاثين من أبي طالب العشاري. قال السمعاني: كان أحمد المتميزين في صنعة الحديث وأحد حفاظه، خرج لنفسه وللشيوخ، وكتب الكثير. وكان ثقة صالحاً. سمع: عبد العزيز بن علي الأزجي، وأبا الحسن القزويني، وأبا طالب بن

(34/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 272
غيلان، وأبا إسحاق البرمكي، وأبا محمد الجوهري، والقاضي أبا يعلى، وأبا بكر الخطيب، وطبقتهم. وكان حنبلياً واستملى لأبي يعلى. حدثنا عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ. قلت: وقد جمع مجلداً في المقامات النبيوية،) انتخبه السلفي، وسمعه منه، وهو مما يرى اليوم بعلو بالنسبة إليه. توفي في حادي وعشرين شوال. قال السلفي: كان أبو علي أحفظ وأعرف من شجاع الذهلي. وكان ثقة ثبتاً، له مصنفات. قال: وكأنا حنبليين. قلت: وروى عنه: علي بن طراد الوزير، وأحمد بن المقرب، وجماعة. قرأت بخط أبي علي: أنبأ عثمان بن محمد بن دوست العلاف إجازة كتبها لي سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة، وفيها مات، أنا أبو بكر الشافعي، فذكر حديثاً. وقد سأله السلفي في كراسٍ عن جماعة من الرجال، فأجابه جواب عارفٍ محقق. أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك بن موسى: أبو بكر سبط الحافظ أبي بكر بن مردويه الحافظ.

(34/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 273
سمع أبا منصور محمد بن سلمان الوكيل، وعمر بن عبد الله بن الهيثم الواعظ، وغلما محسن، والحسين بن إبراهيم الحمال، وأبا بكر بن أبي علي الذكواني، وعبد الله بن أحمد بن قولويه التاجر، وأحمد بن إبراهيم الثقفي الواعظ، وجماعة. قال السلفي: كتبنا عنه كثيراً، وكان رجل ثقة جليلاً، سمعته يقول: كتب الحافظ. قلت: روى عنه: أبو رشيد إسماعيل بن غانم، وعدة. توفي بسوذرجان، إحدى قرى إصبهان. قال يحيى بن مندة: ولد سنة تسع وأربعمائة، وكان كثير السماع، واسع الرواية. قلت: بقي حفيده علي بن عبد الصمد إلى سنة يحدث عن الثقفي، أما هو فرأيت له طرق طلب العلم تذكر على معرفته، وحفظه، لم يلحق الأخذ عن جده.
4 (حرف الباء)
بركياروق:

(34/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 274
السلطان أبو المظفر ركن الدين ابن السلطان الكبير ملكشاه بن ألب آرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق السلجوقي ويلقب أيضاً شهاب الدولة تملك بعد موت أبيه، وكان أبوه قد ملك مالم يملكه غيره. وكان السلطان سنجر نائب أخيه ركن الدين على بلاد خراسان. وكان ملازماً للشرب. بقي في السلطنة أثنتي عشرة سنة، وتوفي ببروجرد في شهر ربيع الأول، وقتل الآخر. وأما أخوه سنجر، فمتدت أيامه، وعاش إلى بعد سنة خمسين وخمسمائة. وبركياروق فتح أباء الموحدة. تمرض بإصبهان بالسل والبواسير، فسار منا في محفة طالباً بغداد، فضعف في الطريق وعجز. ولما احتضر خلع على ولده ملكشاه، وله نحو خمس سنين، وجعله ولي عهده بمشورة الأمراء، وحلفوا له، ومات وهو ببرود جرد، ودفن بإصبهان في تربة له. وعاش خمساً وعشرين سنة، قاسى فيها من الحروب واختلاف الأمور) ما لم يقاسه أحد، واختلفت به الأحوال ما بين انخفاض وارتفاع، فلما قوي أمره، وصار كبير البيت السلجوقي أدركته المنية. وكان متى خطب له ببغداد وقع الغلاء، ووقعت المعايش، ومع ذلك يحبونه ويختارونه. وكان فيه حلم وكرم وعقل وصفح، عفا الله عنه.
4 (حرف الثاء)
ثابت بن بندار بن إبراهيم بن بندار:

(34/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 275
أبو المعالي الدينوري الأصل، البغدادي، المقريء البقال. قال السمعاني: كان صالحاً، ثقة، فاضلاً، واسع الرواية. أقرأ القرآن، وحدث بالكثر. سمع: أبا القاسم الحرفي، وأبا بكرالبرقاني، وأبا علي بن شاذان، وعثمان بن دوست، وأبا علي دوما. روى لنا عنه: ابنه يحيى، ابن السمر قندي، وابن ناصر، وعبد الخالق بن أحمد اليوسفي، وجماعة كثيرة بمرو، وبلخ، وبوشنج. وقرأت بخط والدي: ثابت ثابت. وقال عبد الوهاب الأنماطي: ثقة مأمون. وقال غيره: كان يعرف بابن الحمامي، ولد سنة ست عشرة وأربعمائة. وقرأعلى: ابن الصقر الكاتب، وأبي تغلب الملحمي. قرأ عليه سبط الخياط، وأحمد بن محمد بن شنيف. وروى عنه: أبو طاهر السلفي، وأحمد بن المبارك المرقعاني، وأحمد وعمر ابنا تيمان المستعمل، وشهدة الكاتبة، وأبو علي بن سكرة. توفي في جمادى الأولى. وحدث عنه بالإجازة الفقيه نصر المقدسي.
4 (حرف الحاء)
الحسن بن علي بن محمد بن محمد بن عبد العزيز:

(34/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 276
أبو بكر الطائي المرسي النحوي، ويعرف بالفقيه الشاعر لغلبة الشعر عليه. روى عن: أبي عبد الله بن عتاب، وأبي عمر بن القطان، وأبي محمد بن المأموني، وأبي بكربن صاحب الأحباس، وابن أرفع رأسه. وجالس أبا الوليد بن مقيل. وله كتاب المقنع في النحو. توفي في رمضان، وله ست وثمانون سنة. الحسين بن علي بن الحسين: أبو عبد الله الطبري الفقيه. نزيل مكة ومحدثها. ولد سنة ثمان عشرة وأربعمائة بآمل طبرستان، ورحل نيسابور سنة تسعٍ وثلاثين. سمع صحيح مسلم من عبد الغافر الفارسي، وسمع: عمرو ابن مسرور، وأبا عثمان الصابوني وسمع بمكة صحيح البخاري من كريمة. قال السمعاني: كان حسن الفتاوى، تفقه على ناصر بن الحسين العمري المروزي، وصار له بمكة أولاد وأعقاب. قلت: روى عنه: إسماعيل الحافظ، وأبو طاهر السلفي، وأبو غالب الماوردي، وأحمد بن محمد العباسي المكي، ورزين بن معاوية العبدري)

(34/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 277
مصنف جامع الأصول، وأبو علي بن سكرة، وأبو بكر محمد بن العربي القاضي، وأبو الحجاج يوسف بن عبد العزيز الميورقي، ووجيه الشحامي، وخلق بن المغربة. قال ابن سكرة في مشيخته التي خرجها عياض له: هو شافعي أشعري جليل. قال: وبعضهم يكنيه بأبي علي، ويدعى إمام الحرمين، لازم التدريس لمذهب الشافعي والتسميع بمكة نحواً من ثلاثين سنة، وكان أسند من بقي في صحيح مسلم، يعني بمكة سمعه منه عالم عظيم. وكان من أهل العلم والعبادة. وجرت بينه وبين أبي محمد هياج بن عبيد الشافعي وغيره من الحنابلة ممن يقول من أصحاب الحديث بالحرف والصوت خطوب. وقال هبة الله بن الأكفاني: توفي بمكة في العشر الأواخر من شعبان. وقال ابن السمعاني: سمعت أنه انتقل إلى اصبهان، فمات بها. الحسين بن محمد بن أحمد:

(34/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 278
الحافظ أبو علي الغساني الجياني. ولم يكن من جيان، إنما نزلها أبوه في الفتية، وأصلهم من الزهراء. رئيس المحدثين بقرطبة، بل الأندلس. قال ابن بشكوال: روى عن: حكم بن محمد الجذامي، وأبي عمر بن عبد البر، وأبي شاكر القبري عبد الواحد، وأبي عبد الله بن عتاب، وحاتم بن محمد، وأبي عمر الحذاء، وسراج بن عبد الله القاضي، وأبي الوليد الباجي، وأبي العباس العذري، وجماعة كثيرين سمع منهم وكتب عنهم. وكان من جهابذة المحدثين زكبار العلماء المسندين، وعني بالحديث وضبطه، وكان بصيراً باللغة، وألإعراب، والغريب، والشعر، والأنساب، جمع من ذلك كله مالم يجمعه أحد في وقته. ورجل الناس غليه، وعولوا في الرواية عليه. وجلس لذلك بجامع قرطبة. وسمع من الأعلام، وأنبا عنه غير واحد، وصفوه بالجلالة، والحفظ، والنباهة، والتواضع، والصيانة. قال السهيلي في الروض: حدثني أبو بكر بن طاهر، عن أبي علي الغساني، أن أبا عمر بن عبد البر قال له: أمانة الله في عنقك، متى عبرت على اسم من أسماء الصحابة لم أذكره، إلا ألحقته في كتأبي الذي في الصحابة. وقال ابن بشكوال: قال شيخنا أبو الحسن بن مغيث: كان من أكمل من رأيت علماً بالحديث، ومعرفة بطرقه وحفظاً لرجاله. عانى كتب اللغة، وأكثر من رواية الأشعار، وجمع من سعة الرواية مالم يجمعه أحد. أدركناه، وصحح من الكتب مالم يصححه غيره من الحفاظ. كتبه حجة بالغة.

(34/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 279
جمع كتاباً في رجال الصحيحين سماه تقييد المهمل وتمييز المشكل وهو كتاب حسن مفيد، أخذه الناس عنه. قال ابن بشكوال: وسمعناه على القاضي أبي عبد الله بن الحجاج، عنه، وتوفي يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان، ومولده في) المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة. وكان قد لزم داره قبل موته بمدة لزمانه لحقته. قلت: روى عنه: محمد بن أحمد بن إبراهيم الباهلي شيخ العماني، والسلفي في سماع تقييد المهمل، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم الجياني المشهور بالبغدادي، وأبو علي بن سكرة، وأبو العلاء زهر بن عبد الملك الإيادي، وعبد الله بن أحمد بن سماك الغرناطي، وعبد الرحمن بن أحمد بن أبي ليلى الأنصاري الحافظ، ويوسف بن يبقى النحوي، وخلق كثير، آخرهم فيما أرى وفاءً: محمد بن عبد الله بن خليل التنيسي مسند مراكش، سمع منه صحيح مسلم، وتوفي في سنة سبعين وخمسمائة.
4 (حرف السين)
سقمان، ويقال سكمان، ابن أرتق بن أكسب التركماني: ولي هو وأخوه إيل غازي إمرة القدس الشريف بعد أبيهما، فقصدهما الأفضل شاهنشاه أمير الجيوش، وأخذ منهما في شوال سنة إحدى وتسعين، فتوجها إلى الجزيرة، واخذ ديا بكر، ثم توفي سقمان بين طرابس وماردين

(34/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 280
هي إلى اليوم لذريته. وقد ساق صاحب الكامل أخباره في أماكن، إلى أن ذكر وفاته، فحكى أن ابن عمار طلبه ليكشف عن الفرنج على مالٍ يعطيه، وأن صاحب دمشق مرض وخاف على دمشق، فطلبه ليسلم إليه البلد، فسار إلى دمشق ليملكها، ويتجهز منها لغزو الفرنج، فأخذته الخوانيق، وتوفي بالقريتين، ونقل فدفن بحصن كيفا. قال: وأما ملكه ماردين فإن صاحب الموصل كبربوقا قصد آمد، فجاء سقمان ليكشف عنها، فالتقوا، وكان عماد الدين زنكي بن آقسنقر حينئذ صبياً مع كبربوقا، فتظهر سقمان عليهم، فألقى الصبي إلى الأرض، وصاح مماليك أبيه: قاتلوا عن زنكي. فصدقوا حينئذ في القتال، فانهزم سقمان، وأسروا ابن أخيه فسجنوه بماردين، وهي لإنسان مغني للسلطان بركياروق، غناه مرة، فأعطاه ماردين، فمضت زوجة أرتق تسأل لصاحب الموصل أن يطلق الشاب من حبس ماردين، فأطلقه، فنزل تحت ماردين، وبقي يفكر كيف يتملكها. وكان الأكراد الذين يجاورونها قد طمعوا في صاحبها المغني، وأغاروا على ضياع ماردين، فبعث ياقوتي ابن أخي سقمان، أعني الذي كان مسجوناً بها، إلى صاحبها يقول: قد صار بيننا مودة، وأريد أن أعمر بلدك، وأمنع الأكراد منه، وأقيم في الربض. فأذن له، فبقي يغير من بلاد خلاط إلى أطراف بغداد، وصار ينزل معه بعض أجناد القلعة، وهو يكرمهم، ويكسبون معه، إلى أن صار ينزل معه أكثرهم، فلما عادوا من) الغارة أمسكهم وقيدهم، وساق إلى القلعة، فنادى أهاليهم: إن فتحتم الباب وإلا ضربت أعناقهم. فامتنعوا، فقتل إنساناً منهم، فسلموا القلعة إليه. ثم جمع جمعاً، وأغار على جزيرة ابن عمر، فجاء صاحبها جكرمش، وكان ياقوتي قد مرض، فأصابه سهم فسقط. وجاء جكرمش، فوقف عليه وهو يجود بنفسه، فبكى عليه، فمضت امرأة أرتق إلى ابنها سقمان، وجمعت التركمان، وطابت بثار ابن ابنها، وحاصر سقمان نصيبين.

(34/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 281
وملك ماردين علي أخو ياقوتي، ودخل في طاعة صاحب الموصل، وسار إلى خدمته، واستناب بها أميراً، فعمل عليه سقمان وقال: إن ابن اختك يريد أن يسلم ماردين لجكرمش، فتملكها سقمان.
4 (حرف العين)
عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن يوسف بن بشر: أبو محمد المعافري القرطبي. من بيت فقهٍ وقضاء. روى عن: حكم بن محمد، وحاتم بن محمد، وأبي عبد الله بن عتاب، وأبي عمر بن الحداد. وكان حسن الطريقة، ذا سمتٍ وهديٍ صالح، وله اعتناء بالعلم والرواية. سمع منه الناس. توفي أبو محمد بن بشر في المحرم، وله أربع وثمانون سنة، ومات معه ابنه عبيد الله قاضي الجماعة. عبد الرحمن بن محمد بن الحسين بن الجنيد: الحاكم أبو نصر النيسابوري الحنفي. شيخ صالح. سمع: أبا الحسن بن علي بن محمد الطرازي، وأبي سعد الصيرفي. وعنه: عبد الله بن الفراوي، وعمر بن الصفار، وعبد الخالق بن زاهر، وأبو طاهر السنجي. مات في شوال في عشر التسعين.

(34/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 282
عبد الله بن محمد بن عبد العزيز: أبو غالب بن الدهان الطرائفي. بغدادي سمع،: ابن غيلان وغيره. وعنه: السلفي. وقال شجاع الذهلي: لا بأس به. علي بن خلف بن ذي النون بن أحمد بن عبد الله بن هذيل. أبو الحسن العبسي القرطبي الإشبيلي الأصل، المقريء، أحد الأعلام والزهاد والأئمة والأوتاد، أولو العلم والعمل. سمع من: أبي محمد بن خزرج. ورحل فأخذ بمصر عن: أبي العباس بن نفيس تلاوة، وأبي عبد الله القضاعي كتاب الشهاب، وعليه يعول الناس فيه. وروى عن: أبي محمد بن الوليد الأندلسي، والفقيه نصر المقدسي. أخذ عنه: عبد الجليل بن عبد العزيز الأموي، وعبد الله بن موسى القرطبي، ويحيى بن محمد بن سعادة المثريء. قال ابن بشكوال: كان رحمه الله من جلة المقرئين، وفضلائهم، وعلمائهم، وخيارهم. وأقرأ الناس بالمسجد الجامع بقرطبة، وأسمعهم الحديث. وكان ثقة، شهر بالخير والزهد في الدنيا، والتقلل والصلاح والتواضع،) وشهرت إجابة دعوته، وعلمت في غير ما قصة.

(34/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 283
توفي لثلاث عشر ما تبقى من جمادى الأولى، وكانت جنازته مشهودة. ومولده في سنة سبع عشرة وأربعمائة. علي بن محمد بن محمد بن قنين. أبو الحسن العبدي الكوفي الخزار. قدم في هذه السنة بغداد، وحدث بها عن أبي طاهر محمد بن محمد بن الصباغ، سمعه في سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربعمائة. روى عنه: أبو بكر بن السمعاني، وأبو طاهر السنجي. علي بن محمد بن إسماعيل العراقي: أبو الحسن الشافعي، ويلقب بقاضي القضاة. ولي القضاء بطوس، وتفقه على: أبي محمد الجويني. وسمع: أبا حفص ابن مسرور، وأبا عثمان إسماعيل الصابوني، وابن المهتدي بالله، وعدة. روى عنه: أبو طاهر محمد بن محمد السنجي. توفي بطوس في اول رمضان، وله أربع وثمانون سنة. عيسى بن عبد الله بن القاسم: الواعظ أبو المؤيد الغزنوي. كاتب، شاعر، متفنن، متعصب للأشعري.

(34/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 284
قدم بغداد ووعظ وحصل له قبول عظيم، ثم ذهب، فمات بإسفراين في هذه السنة.
4 (حرف الفاء)
الفضل بن عبد العزيز بن محمد بن الحسين بن الفضل بن يعقوب: أبو عبد الله بن أبي قاسم بن الشيخ أبي الحسن بن القاطل المتوثي. قال السمعاني: هو والد شيخنا هبة الله الشاعر. كان من أولاد المحدثين، وكان بقية بيته. سمع: محمد بن علي كردي، وأبا طالب بن غيلان، وغيرهما. وروى لنا عنه: عبد الوهاب الحافظ، ومحمد بن ناصر، وأبو طاهر السنجي المروزي.

(34/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 285
قلت: وروى عنه: السلفي. وقع لي جزء من طريقه. ولد سنة ثمان عشرة وأربعمائة. وتوفي لست بقين من ربيع الأول. فيد بن عبد الرحمن بن محمد بن شاذي: أبو الحسين الشعراني الهمذاني. قدم بغداد سنة تسعين حاجاً. وحدث: وسمع: أبا الفضل عمر بن إبراهيم الهروي، وعلي بن شعيب القاضي، وأبا منصور أحمد بن عمر، وأبا مسعود البجلي، وأحمد بن زنجويه، منصور بن رامش، وعلي بن إبراهيم سختام، ومحمد بن عيسى محدث همذان، وأحمد بن عبد الواحد بن شاذي. قال السمعاني: كان صالحاً، مكثراً، صدوقاً، من أولاد المحدثين، عمر حتى انتشرت عنه الرواية. روى لنا عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعمر المغازلي، وأبو طاهر السنجي، وغيرهم. ولد فيد في جمادى الأولى سنة سبع عشرة وأربعمائة، وتوفي في أواخر ربيع الآخر. قلت: وممن روى عنه: أبو الفتوح الطائي، ومحمد بن محمد السنجي. مات بهمذان.)
4 (حرف الميم)
محمد بن أحمد بن محمد بن قيداس: أبو طاهر التوثي الحطاب، من محلة التوثة.

(34/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 286
سمع أبا علي بن شاذان، وأبا القاسم الحرفي. وأجاز له أبو الحسين بن بشران. ولد في سنة عشر وأربعمائة. وتوفي في المحرم. روى عنه: أبو طاهر السلفي. محمد بن عبد السلام بن أحمد بن محمد: الشريف أبو الفضل النصاري البزار. كان ثقة صالحاً، من بيت حديثٍ وخير. سمع: أبا القاسم الحرفي. وأبا علي بن شاذان، وأبا بكر البرقاني. وغيرهم. روى عنه: أبو طاهر السلفي، وشهدة، وأبو المظفر يحيى بن علي الخيمي، وأبو طاهر السنجي، وخطيب الموصل. ومات في ربيع الآخر، وله أربع وثمانون سنة. محمد بن علي بن الحسن بن أبي الصقر. أبو الحسن الواسطي الفقيه الشافعي الكاتب.

(34/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 287
أحد الشعراء، له ديوان في مجلداً وعاش بضعاً وثمانين سنة. روى عنه: السلفي، وغيره تفقه على إسحاق الشيرازي، وكان يتردد ما بين واسط وبغداد. وحدث عن: عبيد الله بن القطان. روى عنه: كثير بن شماليق ناصر ايضاً. ومن شعره:
(من عارض الله في مشيئته .......... فما من الدين عنده خبر)

(لا يقدر الناس باجتهادهم .......... إلا على ما جرى به القدر)
وعمل فيهم أشعاراً.

(34/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 288

(34/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 289
محمد بن فتوح بن علي بن وليد: أبو عبد الله الأنصاري الطلبيري، قاضي غرناطة. روى عن: أبي جعفر بن مغيث، والطلمنكي، وأبي عمر بن عبد البر، وأبي عمر بن سميق، وجماعة. وكان عالماً بالرأي والوثائق. توفي بمالقة في صفر. محمد بن محمود بن عبد الله بن القاسم: أبو عبد الله الرشيدي النيسابوري الفقيه. خدم أبا عثمان الصابوني، وكان تقياً رضي الأخلاق، منفقاً على أهل العلم. سمع: ببغداد من: أبي طالب بن غيلان ويحتمل أنه سمع من أصحاب

(34/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 290
الأصم، فإنه أدر لهم. وأملى مجالس. وتوفي في شوال وله سبع وثمانون سنة. وقد سمع من أبي سعد فضل الله المهيني. روى عنه: أبو البركات بن الفراوي، وأبو طاهر السنجي، وعمر بن أحمد الصفار، وأبو نصر أحمد بن عبد الوهاب، وجماعة. محمد بن محمد بن محمد بن الطيب: أبو الفضل ابن الصباغ البزار. سمع: ابن دوست العلاف، وأبا القاسم بن بشران. وعمه: سبط الحناط، وابن ناصر، والسلفي. مات في صفر.
4 (حرف النون)
) نصر الله بن أحمد بن عثمان: أبو علي الخشنامي النيسابوري. ثقة صالح: قاله أبو سعد السمعاني. سمع: أبا عبد الرحمن السلمي، وأبا بكر الحيري، وعلي بن أحمد بن عبدان، وأبا سعيد الصيرفي. وصار مسند خراسان. وطال عمره، وما أراه يروي عن السلمي إلا

(34/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 291
حضوراً، فإن السمعاني قال: ولد في رمضان سنة تسعٍ وأربعمائة. قال: وتوفي في شعبان. روى لنا عنه خلق. قلت: وقع لنا حديثه في جزء الفلكي. وروى عنه: حفيده مسعود ابن أحمد، ومحمد بن محمد السنجي، وعبد الخالق بن زاهر، وعمر بن الصفار، وخلق. نصر الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد: أبو المكارم الوكيل، شيخ بغداد. سمع من: القاضيين: أبي الطيب الطبري، وأبي يعلى بن الفراوي. عنه: أبو طاهر السلفي، وأبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين. توفي في المحرم.
4 (حرف الهاء)
هبة الله بن الحسين بن علي: الكاتب تاج الرؤساء أبو نصر ابن أخت أمين الدولة بن الموصلايا، وقد أسلما معاً. لأبي نصر رسائل مدونة، وعاش سبعين سنة.

(34/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 292
ذكره ابن خلكان: أبو نصر بن الموصلايا صاحب ديوان الإنشاء بدار الخلافة، قلد الديوان بعد عمه أبي سعيد، فبقي نحو سنتين، ومات عن سبعين سنة، وكان يبخل، إلا أنه كان كثير الصدقة، ولم يخلف وارثاً.

(34/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 293
4 (وفيات سنة تسع وتسعين وأربعمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن خلف: أبو عمر الأموي القرطبي المؤدب. جود القرآن على أبي عبد الله الطرفي المقريء. وسمع من حاتم بن محمد. روى عنه: القاضي أبو عبد الله بن الحاج. أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن بندار: القائد أبو الفضل بن الكريدي. سمع أبا القاسم عبد الرحمن بن الطبيز، وأحمد بن محمد العتيقي، وأبا بكر أحمد بن حريز السلماني، وعلي بن السمسار. قال ابن عساكر: ثنا عنه أبو الحسن النابلسي، وعبد الله بن خليفة وغالب بن أحمد، وأبو الحسن بن مهدي الهلالي، وآخرون. وتوفي في جمادى الأولى بدمشق. أحمد بن الفضل بن أبي القاسم الإصبهاني: أبو الفضل القصار، شيخ صالح.

(34/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 294
سمع: ابن القاسم سبط بحرويه. وبمكة: سعد بن علي، وهياج بن عبد الزاهد. توفي من البرد بطريق مكة. روى عنه: السلفي. أحمد بن علي) بن عبد الغفار: أبو طاهر البيع البغدادي. روى عن أبي تمام، عن علي بن محمد الواسطي، وأبي الحسن محمد بن أحمد بن الحسين السكري. روى عنه: السلفي، وعبد الخالق بن يوسف، وعمر بن ظفر المغازلي. وقد سمع: أبا محمد الخلال، وضاع سماعه. توفي في رمضان عن نيف وثمانين سنة. أحمد بن محمد: أبو بكر الموازيني الإسكاف، شيخ بغدادي. سمع منه: السلفي. توفي في صفر.
4 (حرف الباء)
بدر النشوي: أبو النجم الصوفي: سافر الكثير، وصحب المشايخ، وسكن بغداد، وسمع بها من: أبي القاسم بن البسري، وأبي نصر الزينبي. وحدث.

(34/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 295
روى عنه: السلفي، ومحمد بن عبد الله بن حبيب بن العامري، ومحمد بن علي بن فولاذ الطبري. سمعوا من هذا العام. وقال: أنا في عشر الثمانين. بنجر بن علي بن محمد بن عمويه: أبو الوفاء الزنجاني، ثم الهمذاني. قال شيرويه: كهل، سمعنا. روى عن: أبي الفرج البجلي، وعبد الحميد بن الحسن الفقاعي، ومحمد بن الحسين، وعامة مشايخنا. مات في صفر، وكان صالحاً متديناً صدوقاً.
4 (حرف الحاء)
الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان بن منصور بن عبد الله بن دلف ابن الأمير أبي دلف العجلي ابن الشهر زوري: العطار أبو منصور، من ساكني خرابة ابن جرادة. قرأ القرآن على: أبي نصر أحمد ابن مسرور. وسمع من: أحمد بن علي الثوري، وأبي علي المذهب، وطائفة. قرأ عليه ولده شيخ القراء المبارك.

(34/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 296
وحدث عنه هو، والسلفي. مات في جمادى الآخرة. ذكره ابن النجار.
4 (حرف الدال)
دارا بن العلاء بن أحمد: أبو الفتح الفارسي الكاتب البليغ. ذو النظم النضير كاتب السلطان ملكشاه. سمع مع نظام الملك من: ابن شيرويه الإصبهاني، وطائفة. وأخذ عنه: السلفي، وهزارست. أرخه ابن النجار.
4 (حرف الحاء)
الحسين بن إبراهيم: أبو عبد الله النطنزي الإصبهاني، النحوي، الملقب بذي اللسانين. من كبار أئمة العربية. الحسين بن سعد الآمدي: الأديب. حدث بإصبهان عن ابن غيلان، وبها توفي.)
4 (حرف الخاء)
خمارتكن:

(34/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 297
أبو منصور الجستاني، أمير الحاج. قال السلفي: قرأنا عليه بالمدينة النبوية: أخبركم أبو محمد الجوهري. توفي بمراغة في المحرم.
4 (حرف السين)
سهل بن أحمد بن علي: الحاكم أبو الفتح الأرغياني الفقيه الشافعي الزاهد، أحد الأئمة. تفقه على القاضي حسين وأخذ الأصول والتفسير عن شهفور الإسفرائيني بطوس. وأخذ عن أبي المعالي الجويني علم الكلام.

(34/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 298
وولي القضاء بناحيته أرغيان، وهي قرى كثيرة من عمال نيسابور. ثم تعبد وترك القضاء وآوى إلى الخانقاه، ووقف عليها، ولزم العبادة، وصحب الزاهد حسن السمناني. وله فتاوى مجموعة معروفة به. وقد سمع: أبا حفص بن مسرور، وأبا عثمان الصابوني، وهذه الطبقة فأكثر. روى عنه: أبو طاهر السنجي، وغيره. توفي في يوم النحر.
4 (حرف العين)
عبد الله بن علي بن إسحاق بن العباس: أبو القاسم الطوسي، أخو نظام الملك. قال السمعاني: أحد مشايخ نيسابور في عصره، العفيف في نفسه، النظيف في ملابسه ومجالسه وصلواته، المواظب على قراءته للقرآن في أكثر أحواله. دخل نيسابور في طلب العلم، وسمع الحديث وكان من أولاد الدهاقين، لهم ضيعة موروثة، وكان يتجمل بها.

(34/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 299
ثم استمر به الحال إلى أن ترقى أمر أخيه، فما غير هيئته. سمع: أبا حسان محمد بن أحمد المزكي، وأبا عثمان الصابوني، وحفص ابن مسرور. سمع منه والدي. روى لنا عنه جماعة. وحدث ببغداد، ثنا عنه بها ابن السمر قندي. وكان مولده في سنة أربع عشرة وأربعمائة، ومات في جمادى الآخرة. عبد الله بن عمر بن الخواص البغدادي: أبو نصر الدباس. سمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا القاسم التنوخي. روى عنه: المبارك بن أحمد، والسلفي، وغيرهما. قال السلفي: كان مشهوراً بالصلاح، وسماعة صحيح. عبد العزيز بن محمد بن أحمد: أبو مسلم الشيرازي اللغوي النحوي. له عدة مصنفات. قال السلفي: كان من أفراد الدهر واعيان العصر، متفنناً، نحوياً، لغوياً فقيهاً، متكلماً، شاعراً. له مصنفات كثيرة وكان حافظاً للتواريخ. ما رأينا في معناه مثله. توفي في ذي الحجة وقد نيف على التسعين. حضرت الصلاة عليه. علي بن) الحسن بن عبد السلام بن أبي الخرور: الأزدي الدمشقي، أبو الحسن. سمع: أبا الحسن بن السمسار، ومحمد بن عوف، وأبا عثمان الصابوني.

(34/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 300
وعنه: الخضر بن عبدان، ونصر بن أحمد السوسي. توفي في ربيع الأول. وكان يقرأ على القبور. علي بن هبة الله بن الحسن بن أبي صادق: أبو سعد الحيري النيسابوري. حدث في آخر هذه السنة، ولا اعلم متى مات. سمع: علي بن محمد الطرازي صاحب الأصم، وأبا عمر، ومحمد بن عبد الله الرزجاهي، وأبا عبد الله بن باكويه، ومحمد بن إبراهيم المزكي. روى عنه: عبد الله التفتازاني. علي بن عبد الرحمن بن يوسف:

(34/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 301
أبو الحسن الأنصاري العبادي الطليطلي، ويعرف بابن اللونقه. روى عن: أبي المطرف بن سلمة، وأبي سعيد الوراق، وابن عبد البر النمري. وكان فقيهاً، ورعاً، بصيراً بالطب، أخذه عن أبي المطرف بن واقد. توفي بقرطبة في هذه السنة أو في التي قبلها. روى عنه: ابنه الحسن. عمر بن المبارك بن عمر بن عثمان بن الخرقي:

(34/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 302
أبو الفوارس المحتسب البغدادي. قال السمعاني: شيخ صالح دين خير. سمع أبا القاسم بن بشران. ثنا عبد الوهاب الأنماطي، وعمر المغازلي، ومحمد بن محمد السنجي.

(34/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 303
قلت: وروى عنه السلفي في البشرانيات. توفي في نصف جمادى الآخرة.
4 (حرف الميم)
محمد بن أحمد بن علي بن عبد الرزاق: الشيخ أبو نصور الخياط البغدادي المقريء الزاهد. قال السمعاني: ثقة صالح عابد، يقريء الناس ويلقن. قلت: سمع: أبا القاسم بن بشران، وأبا بكر محمد بن عمر بن الأخضر الفقيه، وعبد الغفار بن محمد المؤدب وحدث عنه بمسند الحميدي. وقرأ القرآن على الشيخ أبي نصر ابن مسرور المقريء. وكا قديم المولد، فلو أنه سمع في حدود العشر وأربعمائة، فكان يمكن أن يقرأعلى أبي الحسن الحمامي ولكن هذه الأشياء قسمية. روى عنه جماعة منهم: سبطاه أبو عبد الله الحسين، والمقريء الكبير أبو محمد عبد الله شيخنا الكندي، وابن ناصر، وأبو طاهر السلفي، وأبو الفضل خطيب الموصل، وسعد الله بن الدجاجي، وأحمد الباجسرائي. قال السمعاني: كان له ورد بين العشائين، يقرأ فيه سبعاً من القرآن قائماً وقاعداً، حتى طعن في السن وكان صاحب كرامات. قال ابن ناصر: كانت له كرامات. وقال أبو منصور بن خيرون: ما رأيت مثل يوم صلي على أبي منصور.

(34/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 304
الخياط من كثرة الخلق والتبرك بالجنازة. وقال السمعاني: وقد رؤي بعد موته في المنام، فقيل) له: مافعل الله بك قال: غفر لي بتعليمي الصبيان فاتحة الكتاب. وكان إمام مسجد ابن جرده بالحرم الشريف، واعتكف فيه مدة يعلم العميان القرآن لله، ويسأل لهم، وينفق عليهم. قال ابن النجار في تاريخه: إلى أن بلغ عدد من أقرأهم القرآن من العميان سبعين ألفاً. قال: هكذا رأيته بخط أبي نصر اليونارتي. قلت: هذا غلط لا ريب فيه، لعله اراد أن يكتب سبعين نفساً، فكتب سبعين ألفاً. ولا شك أن من ختم عليه القرآنسبعون أعمى يعز وقوع مثله. قال السلفي: ذكر لي المؤتمن الساجي في ثاني جمعة من وفاة منصور: اليوم ختموا على رأس قبره ماءتين وإحدى وعشرين ختمة، يعني أنهم كانوا قد قرأوا الختم قبل ذلك إلى سورة الإخلاص، فاجتمعوا هناك، ودعوا عقيب كل ختمة. قال السلفي: وقال أبي علي بن الأمير العكبري، وكان رجلاً صالحاً: حضرت جنازة أبي منصور، فلم ار أكثر خلقاً منها، فاستقبلنا يهودي، فرأى كثرة الزحام والخلق فقال: اشهد أن هذا هو الحق، واسلم. توفي يوم الأربعاء سادس عشر محرم سنة تسع، ودفن بمقبرة باب حرب.

(34/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 305
محمد بن إبراهيم بن محمد بن خلف: أبو نعيم الواسطي ابن الجماري. روى مسند مسدد، عن أحمد بن المظر العطار. روى عنه: علي بن نغوبا، وهبة الله بن البوقي، وهبة الله بن الحلخت، وأبو طالب محمد بن علي الكتاني. وثقة الحافظ خميس الحوزي. آخر ما حدث في هذه السنة. ولم تؤرخ وفاته. محمد بن عبد الله بن يحيى: أبو البركات بن الوكيل، الخباز، المقريء، الشيرجي. أحد الفضلاء بالكرخ. قرأ القراءآت على: أبي العلاء الواسطي، والحسن بن الصقر، وعلي بن طلحة البصري، ومحمد بن بكير النجار.

(34/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 306
وتفقه على: أبي الطيب الطبري. وسمع ديوان المتنبي من علي بن أيوب. وسمع: أبا القاسم بن بشران. قرأ عليه: أبو الكرم الشهروزري، والسلفي، والسبط الحناط. وروى عنه: أبو بكر محمد بن منصور السماعي، وابن ناصر، والسلفي، وأبو بكر عبد الله بن النقور. قال ابن ناصر: كان رجلاً صالحاً، أتهم بالإعتزال، ولم يكن يذكره، ولا يدعو إليه. وقال أبو المعمر المبارك بن أحمد: دخلت عليه مع المؤتمن الساجي في مرضه، فقال له المؤتمن: يا شيخنا، بلغنا عنك أشياء. فقال: ذلك صحيح، وانا قد رجعت إلى الله، وتبت عن ذلك الاعتقاد. ولد في رمضان سنة ست وأربعمائة، ومات في ربيع الأول، وله ثلاث وتسعون سنة. محمد بن عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن أبي البقاء. أبو الفرج البصري، قاضي القضاة بالبصرة. كان عالماً، فهماً، فصيحاً، كثير المحفوظ، مهيباً تام المروءة، متديناً. قدم بغداد وسمع:) الطبري، والتنوخي، وأبا الحسن الماوردي. وكان يقريء كتب الأدب. توفي في المحرم بالبصرة.

(34/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 307
وقد سمع بالكوفة من: محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي. وبالبصرة من: الفضل بن محمد القصباني، وعيسى بن موسى الأندلسي من أبي غالب بن أحمد بن بشران. وأملى مجالس بجامع البصرة. روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وأبو علي بن سكرة الصدفي وقال: كان من أعلم الناس بالعربية واللغة. وله تصانيف، ما رأيت مجلساً أوقر من مجلسه. وقال السلفي: أنا عبد المؤمن بن خلف، عن ابن رواج، عنه قال: كتب غلي أبو الفرج قال: أنبأ محمد بن علي بن بشر البصري، أنا طاهر بن عبد الله، أنا أبو خليفة، نا مسدد، عن عيسى بن يونس، نا معاوية بن يحيى، عن القاسم، عن أبي أمامة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اسلم على يد رجلٍ فلاؤه قال السلفي: كان من أجلاء القضاة، وبنى داراً للعلم بالبصرة في غاية الحسن والزخرفة، ووقف بها اثني عشر ألف مجلدة، ثم ذهبت عند فتنة العرب والترك لما نهبت البصرة. المعمر بن محمد بن علي بن إسماعيل: أبو البقاء الكوفي، الحبال، الخراز، المعروف في بلده. بخريبة.

(34/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 308
روى بالكوفة وبغداد عن الكبار. سمع: القاضي جناح بن نذير المحاربي، وزيد بن أبي هاشم العلوي، وأبا الطيب أحمد بن علي الجعفري. روى عنه: عبد اللوهاب الأنماطي، وكثير بن سماليق، والمبارك بن أحمد الأنصاري، وعبد الخالق اليوسفي، وابن ناصر، والسلفي. قال السمعاني شيخ ثقة، صحيح السماع، انتشرت عنه الرواية، وعمر حتى روى كثيراً. وقال: قليل السماع، غلا أنه بورك له فيما سمع. روى لنا أبو طاهر السنجي، وأبو المعالي الحلواني بمرو وأبو القاسم إسماعيل الحافظ بإصبهان. وقد سأله هزارست بن عوض عن مولده، فقال: سنة عشرٍ وأربعمائة. وقال أبو بكر بن طرخان، والحسين بن خسرو: وسألناه عن مولده فقال: سنة ثلاث عشرة. توفي في جمادى الآخرة بالكوفة. مكي بن جبير بن عبد الله بن مكي بن أحمد: أبو محمد الهمذاني الشعار. سمع من: شيخه أبي القاسم نصر بن علي، وابن حميد، وابن أبي الليث، وأبي سعد بن الصفار، وأبي سعد بن ممسوس وأبي طالب بن الصباح، وهارون بن مالهة، وابن مأمون، وعامة مشايخ همذان. ورحل إلى بغداد، فسمع من أبي محمد الجوهري، وأبي جعفر بن المسلمة. وجمع كتباً كثيرة في العلوم. قال شيرويه: كنا نسمع بقراءته من مشايخ البلد ومن القادميم، وكان حسن السيرة، شديداً في السنة، متعصباً لأهل الأثرة، مؤمناً، متواضعاً.

(34/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 309
قلت روى عنه أبو طاهر) محمد بن محمد السنجي: أبو الفتوح محمد بن محمد الطائي، وطائفة سواهم. توفي في ثامن وعشرين جمادى الآخرة. مهارش بن مجلي بن عكيث: أبو الحارث مجير الدين العقيلي أمير العرب بعانة والحديثة. كان كثير الصلاة والخير والبر، يتصدق كل يوم بثلاثمائة رطل خبز. ولما خرج أرسلان البساسيري في سنة خمس و أربعمائة على الخليفة القائم، انحاز الخليفة، فآوى إلى مهارش هذا كما تقدم، فكان يخدم الخليفة بنفسه تلك السنة. ورد القائم شاكراً له. وقد مدحه مهارش بقصيدة، وبعث بها إليه، أولها:
(لولا الخليفة ذو الأفضال والمنن .......... نجل الخلائف آل الفرض والسنن)

(ما بعث قومي وهم خير الأنام ولا .......... أصبحت أعرف بغداد أو تعرفني)

(حاربت فيه ذوي القربى، وبعت به .......... ما كنت أهواه من دارٍ ومن سكن)

(ما استحق سواي مثل منزلتي .......... ما دام عدلك هذا اليوم ينصفني)
توفي عن سن عالية. محمد بن محمد بن محمد بن الطيب بن سعيد بن الصباغ:

(34/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 310
أبو الفضل البغدادي البزاز. ولد الشيخ أبي الحسين. سمع: عثمان بن محمد بن دوست العلاف، وعبد الملك بن بشران، وجماعة. وعنه: ابن ناصر، وعبد الخالق اليوسفي، وأبو محمد سبط الحناط، والسلفي. قال شجاع الذهلي: مات في أول ربيع الأول سنة تسعٍ. وأما أبو عامر العبدري فقال: مات في صفر سنة ثمانٍ وتسعين كما ذكرناه. وقال: في العشرين منه. قلت: ومولده سنة عشرين أو إحدى وعشرين وأربعمائة. نقله ابن النجار.

(34/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 311
4 (وفيات سنة خمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن الحسين بن علي بن عمروية: أبو منصور النيسابوري. سمع: أباه وأبا سعيد النصروني، وعبد الغافر الفارسي، والكنجروذي. وتوفي في سادس شعبان وله أربع وثمانون سنة. أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد: أبو الفتح الحداد المقريء الإصبهاني التاجر، سبط الحافظ أبي عبد الله بن مندة. كان شيخاً جليل القدر، ورعاً، خيراً، كثير الصدقات. تفرد بالإجازة من إسماعيل بن ينال المحبوبي الذي يروي عن ابن محبوب جامع الترمذي. وأجاز له أبو سعيد الصيرفي، وعلي بن محمد الطرازي. وسمع: أبا سعيد محمد بن علي النقاش، وعلي بن عبد كويه، وأحمد بن إبراهيم بن يزداد غلام محسن، وأبا سهل عمر بن أحمد بن) عمر الفقيه، وأبا بكر

(34/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 312
محمد بن الحسين الدشتي، وأبا سعيد الحسين بن محمد عبد الله بن حسنويه، وعبد الواحد بن أحمد الباطرقاني، وأبا الفرج محمد بن عبد الله بن شهريار، وطائفة كبيرة. روى عنه: أبو طاهر السلفي، وأبو الفتح عبد الله الخرقي، وجماعة. بإصبهان وعبد الوهاب الأنماطي، وصدقة بن محمد ببغداد. وقد قرأ القراءآت على: أبي عمر الخرقي، وشاكر بن علي الأسواري. وبمكة على: أبي عبد الله الكارزيني، وهو آخر أصحابه وفاةً، وعبد الله السلفي العاصمي إلى حم عسق. وكان مولده في سنة ثمانٍ وأربعمائة. وتوفي في ذي القعدة. أحمد بن محمد بن مظفر: الإمام أبو المظفر الخوافي الغيه الشافعي، عالم أهل طوس مع الغزالي. كان من أنظر أهل زمانه، وهو رفيق الغزالي في الإشتغال على إمام الحرمين. وخواف: قرية من أعمال نيسابور.

(34/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 313
وكما رزق الغزالي السعادة في تصانيفه، رزق الخوافي السعادة في مناظرته. توفي بطوس. أحمد بن محمد بن أحمد بن زنجويه. الفقيه أبو بكر الزنجاني. ولد سنة ثلاث وأربعمائة، وتوفي في عشر المائة. سمع ببغداد من: أبي علي بن شاذان، وغيره. وسمع من: القاضي أبي عبد الله الحسن بن محمد الفلاكي، وأبي طالب الدسكري، وأبي طالب عبد الله بن عمر الشاذني، وعبد القاهر بن طاهر البغدادي، والحسن بن علي بن معروف الزنجاني، وجماعة.

(34/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 314
قال شيرويه: كان فقيهاً متقناً، رحلت إليه مع ابن شهردار، وسمعنا منه بزنجان. قلت: وروى عنه: سعيد بن أبي شكر بإصبهان، والحافظ محمد بن طاهر، وأبو طاهر السلفي. لا أعلم متى توفي، لكنه حدث في العام. وكان شيخ ناحيته ومسندها ومفتيها. تفقه بأبي الطيب الطبري، وسمع مسند الإمام أحمد الفلاكي سنة نيف وعشرين، بسماعة من القطيعي. وسمع غريب أبي عبيد، من ابن هارون التغلبي، عن علي بن عبد العزيز، عنه. وقرأ لأبي عمرو، على ابن الصقر صاحب زيد بن أبي بلال. وكان الرحلة إليه، ومدار الفتيا عليه. ورأيت له ترجمة بخط الحافظ عبد الغني سمعها من أبي طاهر السلفي، فيها بعض ما قدمنا، وأنه تلا بحرف أبي عمرو على الحسن بن علي بن الصقر الكاتب. وقرأ كتاب المرشد على مؤلفه أبي يعلى بن السراج. وتلا عليه بما في المرشد من الروايات. وكتب بنيسأبور تفسير إسماعيل الضرير، عنه. وسمع من أبي علي بن باكويه الشيرازي. وكانت الرحلة إليه لفضله وعلو إسناده. سمعته يقول: افتى من سنة تسعٍ وعشرين. وقيل لي عنه إنه لم يفت خطأ قط، وأهل بلده يبالغون في الثناء عليه، الخواص والعوام،) ويذكرون ورعه، وقلة طعمه. أحمد بن عبد الله بن محمد: الشيخ أبو منصور بن الذنج، الهاشمي. الموسوي، الكوفي، الخطيب. ولد سنة وأربعمائة، وحدث ببغداد عن: العلوي، وابن فدويه. وعنه: أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين، والسلفي. لم أجد وفاته.

(34/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 315
إسماعيل بن أحمد بن محمد بن حبان: أبو عبد الله النسوي الصوفي. من خواص أبي القاسم القسري. سمع: عمرو ابن مسرور، وغيره. روى عنه: أبو طاهر السنجي. ومات في صفر.
4 (حرف الجيم)
جعفر بن أحمد: أبو محمد البغدادي السراج القاريء. سمع: أبا علي بن شاذان، وأبا محمد الخلال، وعبيد الله بن عمرو بن شاهين، ومحمد بن إسماعيل بن عمر بن سنبك، وأحمد بن علي التوزي.

(34/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 316
وعلي بن عمر القزويني، وابن غيلان، والبرمكي، والتنوخي، وأبا الفتح عبد الواحد بن شيطا، وغيرهم ببغداد والحافظ أبا نصر عبيد الله السجزي، وأبا بكر محمد بن إبراهيم الأردستاني بمكة وأبا القاسم الحنائي، وأبا بكر الخطيب بدمشق وعبد العزيز الضراب بن الحسين، وجماعة بمصر. وخرج له الحافظ أبو بكر الخطيب خمسة أجزاء مشهورة مروية. روى عنه: ابنه ثعلب، وإسماعيل بن السمر قندي، وعبد الوهاب الأنماطي، ومحمد بن ناصر، ومحمد بن البطي، وأبو طاهر السلفي، وسلمان بن مسعود الشحام، وأبو الحسن بن الخلي الفقيه، وعبد الحق بن يوسف، وشهدة الكاتبة، وأبو الفضل خطيب الموصل، وخلق كثير. وكتب بخطه الكثير. وصنف كتاب مصارع العشاق، وكتاب حكم الصبيان، وكتاب مناقب السودان. ونظم الكثير في الفقه، واللغة، والمواعظ وشعره حلو سهل في سائر فنون الشعر. وكان له اعتناء بالحديث. انتخب السلفي من كتبه أجزاء عديدة. وحدث ببغداد، ودمشق، ومصر. قال شجاع الذهلي. كان صدوقاً، ألف في فنون شتى. وقال أبو علي الصدفي: هو شيخ فاضل، جميل، وسيم، مشهور، يفهم. عنده لغة وقراءآت. وكان الغالب عليه الشعر. ونظم التنبيه لابن إسحاق الشيرازي، ونظم مناسك الحج. وذكره الفقيه أبو بكر بن العربي، فقال: ثقة، علم، مقريء، له أدب ظاهر، واختصاص بالخطب.

(34/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 317
وقال السلفي: سألته عن مولده، فقال: إما في آخر سنة سبع عشرة، وإما في أول سنة ثمان عشرة وأربعمائة ببغداد. وقال السلفي: وكان ممن يفتخر برؤيته وروايته لديانته ودرأيته، وله تواليف مفيدة. وفي شيوخه كثرة. وأعلامهم إسناداً ابن شاذان. وقال حماد الحراني: سئل السلفي عن جعفر) السراج فقال: كان عالماً بالقراءآت، والنحو، واللغة، وله تصانيف وأشعار كثيرة. وكان ثقة، ثبتاً. وقال ابن ناصر: كان ثقة، مأموناً، عالماً، فهماً، صالحاً، نظم كتباً كثيرة، منها المبتدأ لوهب بن منبه، وكان قديماً يستملي على القزويني، وأبي محمد الخلال

(34/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 318
توفي في صفر رحمه الله.

(34/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 319
4 (حرف الخاء)
خلف بن محمد.

(34/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 320
أبو القاسم الأنصاري القرطبي، المعروف بابن السراج. مكثر عن حاتم بن محمد. وكان رجلاً صالحاً ورعاً يشار إليه بإجابة الدعوة، وكان الناس يقصدونه ويتبركون بلقائه ودعائه، وسمعوا منه. توفي ليلة سبعٍ وعشرين من رمضان.
4 (حرف العين)
عباس بن محمد بن أحمد البرداني: أبو الفضل سمع: محمد بن محمد بن غيلان، وغيره. توفي في ربيع الأول. عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله: أبو الحسن التجيبي الطليطلي ابن المشاط. روى عن: أحمد بن مغيث، وجماهر بن عبد الرحمن، وأبي محمد الفارقي. قال ابن بشكوال: كان من أهل العلم، مقدماً في الفهم، حافظاً، ذكياً، لغوياً أديباً، شاعراً، متيقظاً. جمع كتباً في غير ما فن. اخبرني عنه أبو الحسن بن مغيث، وقال: تردد في الأحكام بناحية إشبيلية، ثم صرف عنها، وقصد مالقة فسكنها، وبها توفي في سابع رمضان، وشهده جمع عظيم. عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن محمد: الفامي

(34/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 321
الفارسي، أبو محمد، الفقيه الشافعي قدم بغداد سنة ثلاثٍ وثمانين وأربعمائة على تدريس النظامية، وكان مدرسها يومئذٍ الحسين بن محمد الطبري، فتقرر أن يدرس كل واحد منها يوماً. فبقيا على ذلك سنة وعزلا. فأملى أبو محمد بجامع القصر عن: أبي بكر أحمد بن الحسين بن الليث، الشرازي الحافظ، ومحمد بن أحمد بن حمدان بن عبدك، وعلي بن بندار الحنفي، وجماعة من شيراز. قال أبو علي بن سكرة: قدم عبد الوهاب الفامي وانا ببغداد، وخرج كافة العلماء والقضاة لتلقيه. وكان يوم قريء منشوره يوماً مشهوداً، سمعت عليه كثيراً، وسمعته يقول: صنفت سبعين تأليفاً في ثمانية عشر عاماً. ولي كتاب في التفسير ضمنه مائة ألف بيت شاهداً. أملى بجامع القصر، وحفظ عليه تصحيف شنيع. ثم أجلب عليه وطولب، ثم رمي بالإعتزال حتى فر بنفسه. وقال السمعاني: أنا أبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ: سمعت أحمد بن ثابت الطرقي) الحافظ يقول سمعت غير واحد ممن أثق به، أن عبد الوهاب الشيرازي أملى ببغداد حديثاً متنه صلاة في أثر صلاة كتاب في عليين، فصحف وقال: كناز في عليين. وكان الإمام محمد بن ثابت

(34/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 322
الخجندي حاضراً فقال: ما معناه فقال: النار في الغليس يكون أضوأ. قال الطرقي: وسألته بعض اصدقائي عن جامع أبي عيسى الترمذي: هل لك بسماع فقال ما الجامع، ومن أبو عيسى ما سمعت بهذا قط. ثم رأيته بعد ذلك يعده في مسموعاته. قال الطرفي: ولما أراد أن يملي بجامع القصر قلت له: لو استعنت بحافظ ما، ينتقي الأحاديث، ويرتبها على ماجرت به عادتهم فقال: إنما يفعل ذلك من قلت معرفته بالحديث، أنا حفظي يغنيني، وامتحنت بالإستملاء. فأول ما حدث رأيته يسقط من الإسناد رجلاً، ويبدل رجلاً برجل، ويجعل الواحد رجلين، وفضائح أعجز عن ذكرها. ففي غير موضعٍ، نا الحسن بن سفيان، عن يزيد بن زيرع، فأمسك أهل المجلس، وأشاروا إلي، فقلت: سقط إما محمد بن منهال، أو أمية بن بسطام. فقال: اكتبوا كما في اصلي. واورد: أنا سهل بن بحر أنا سألته، فقال: إننا سالبة، وأما تبديل عمرو بعمر، وكذا جميل بجميل، وقال في سعيد بن عمرو والأشعثي: سعيد بن عمر، والأشعثي، فجعل واو عمرو واو العطف، فقلت: إنما نسبه، فقال: لا. فقلت: فمن الشعثي قال: فضول منك. وقال في الطور: الكود. وقال السمعاني: كانت له يد في المذهب. وحدث عن عبد الواحد بن يوسف الخزار، وأبي زرعة أحمد بن يحيى الخطيب، والحسن بن محمد بن عثمان بن كرامة، وجماعة من الفارسيين. روى لنا عنه: عبد الوهاب الأنماطي، والحسين بن عبد الملك الخلال، ومحمود بن ماشاذة. وقال يحيى بن مندة: أبو محمد الفامي أحفظ من رأيناه لمذهب الشافعي. صنف كتاب تاريخ الفقهاء، وقال فيه: مات جدي أبو الفرج عبد الوهاب سنة

(34/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 323
أربع عشرة وأربعمائة، وفيها ولدت. وقال غيره: توفي في الرابع والعشرين من رمضان بشيراز. علي بن طاهر بن جعفر: أبو الحسن الدمشقي، النحوي. سمع: أبا عبد الله بن سلوان: وأبا نصر الكفرطابي، وعلي بن الخضر السلمي، وأبا القاسم الحنائي، وأبا القاسم السميساطي. روى عنه: جمال الإسلام أبو الحسن، وأبو المعالي محمد بن يحيى الفرشي، وجميل بن تمام، وحفاظ بن الحسن، والخضر بن هبة الله بن طاوس، وأبو المعالي بن صابر. قال ابن عساكر: كان ثقة. وكان له حلقة في الجامع وثق عندها كتبه. توفي في ربيع الأول.
4 (حرف الميم)
) محمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن خذاداذا: أبو غالب العاقلاني، البقال، الفامي، البغدادي، الشيخ الصالح المحدث.

(34/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 324
سمع من أبي علي بن شاذان، وأبي بكر البرقاني، وأحمد بن عبد الله بن المحاملي، وطائفة. روى عنه أبو بكرالسمعاني، وإسماعيل بن محمد بن التيمي، وابن ناصر، والسلفي، وخطيب الموصل، وشهدة، وخلق. أثنى عليه عبد الوهاب الأنماطي. وقال ابن ناصر: كان كثير البكاء من خشية الله. قلت: عاش ثمانين سنة أو أزيد، وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة خمس مائة. وهو أخو الشيخ الإمام، المحدث، العالم المفيد، بقية النقلة المكثرين، أبو الحسين البغدادي، الصيرفي ابن الطيوري. ولد سنة إحدى عشرة وأربعمائة. سمع: أبا القاسم الحرفي، وأبا علي بن شاذان، ثم أبا الفرج

(34/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 325
الطناجيري، وأبا محمد الخلال، وابن غيلان، وأبا الحسن العتيقي، ومحمد بن علي الصوري، وعلي بن أحمد الغالي، وأبا طالب العشاري، وعدداً كثيراً. وارتحل فسمع بالبصرة أبا علي بن الشاموخي، وغيره. قال السمعاني: أكثر عنه والدي، وثنا عنه أبو طاهر السنجي، وأبو المعالي الحلواني بمرو، وإسماعيل بن محمد بإصبهان، وخلق يطول ذكرهم. وكان المؤتمن الساجي سيء الرأي فيه، وكان يرميه بالكذب ويصرح بذلك. وما رايت أحداً من مشايخنا الثقات يوافقه، فإنني سالت جماعة مثل عبد الوهاب الأنماطي، وابن ناصر، وغيرهما، فاثنوا عليه ثناء حسناً، وشهدوا له بالطلب والصدق والأمانة، وكثرة السماع. وسمعت سلمان بن مسعود الشحام يقول: قدم علينا أبو المغانم بن النرسي، فانقطعنا عن مجلس ابن الطيورس أياماً، واشتغلنا بالسماع منه. فلما مضينا إلى ابن الطيوري قال لنا: لم انقطعتم عني هذه الأيام قلنا: قدم شيخ من الكوفة كنا نسمع منه. قال: فانشرا علي ما عنده. قلنا: حدث علي بن عبد الرحمن البكائي. فقال الشيخ أبو الحسين، واخرج لنا شدةً من حديث البكائي، وقال: هذا من حديثه، سماعي من أبي الفرج بن الطناجيري. قال السمعاني: وأظن أن هذه الحكاية سمعها من الحافظ ابن ناصر. ولد ابن الطيوري في سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وقد روى عنه: السفي، وشهدة، وعبد الحق اليوسفي، وخطيب الموصل، وأبو السعادات. وذكره أبو علي بن سكرة فقال: الشيخ الصالح الثقة. كان ثبتاً فهماً، عفيفاً، متطنناً، صحب الحفاظ ودرب معهم. وسمعت أبا بكر ابن الخاضبة يقول: شيخنا أبو الحسين ممن يستشفى بحديثه.

(34/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 326
وقال ابن ناصر في أماليه: ثنا الثبت الصدوق أبو الحسين. وقال السلفي: ابن الطيوري محدث كبير، مفيد، ورع، لم يشتغل قط بغير الحديث،) وحصل ما لم يحصله أحد من التفاسير، والقراءآت، وعلوم القرآن، والمسانيد، والعلل، والكتب المصنفة، والأدبيات في الشعر. رافق الصوري، واستفاد منه، والنخشبي، وطاهر النيسابوري. وكتب عنه مسعود السجزي، والحميدي، وجعفر بن الحكاك، فأكثروا عنه. ثم طول السلفي الثناء عليه: وذكر أبو نصر بن ماكولا فقال: صديقنا أبو الحسين ابن الحمامي مخففاً، سمع: أبا علي بن شاذان، وخلقاً كثيراً بعده وهو من أهل الخير والعفاف والصلاح. قال ابن سكرة: ذكر لي شيخنا أبو الحسين أن عنده نحو ألف جزءٍ بخط الدارقطني، أو أخبرت عنه بمثل ذلك. وأخبرني أن عنده نحو ألف جزءٍ بخط الدارقطني، أو أخبرت عنه بمثل ذلك. وأخبرني أن عنده لابن أبي الدنيا أربعة وثمانين مصنفاً. وقال علي بن أحمد النهراوي: توفي في نصف ذي القعدة.

(34/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 327
المبارك بن فاخر بن محمد بن يعقوب بن فاخر بن محمد بن يعقوب: أبو الكرم ابن الدباس، النحوي. من كبار أئمة العربية واللغة، له فيها باع طويل. ولد سنة ثمانٍ وأربعمائة. وقيل: سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وهو أصح، والأول غلط. أخذ عن: أبي القاسم عبد الواحد بن برهان الأسدي.

(34/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 328
وسمع الحديث من أبي الطيب الطبري، وأبي محمد الجوهري. أخذ عنه: الشيخ أبو محمد سبط الحناط. وروى عنه: أبو المعمر النصاري، وجماعة. وله كتاب المعلم في النحو، وكتاب نحو العرف، وكتاب شرح خطبة أدب الكتاب. وكان ابن ناصر يرميه بالكذب، ويقول: كان يدعي سماع ما لم يسمعه. وقال أبو منصور بن خيرون: كانوا يقولون إنه كذاب. توفي في ذي القعدة. مطهر بن أحمد بن عمر بن صالح:

(34/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 329
أبو الفرج الهمذاني. روى عن: أبي طالب بن الصباح، وهارون بن طاهر، وأبي الفتح بن الضراب، وابن غزو، وعامة مشايخ همذان الذين أدركهم. قال شيرويه: كان صدوقاً، حسن السيرة، لين الجانب، فاضلاً. مات في جمادى الآخرة.
4 (حرف الياء)
يحيى بن سعيد بن حبيب: أبو زكريا المحاربي الجياني. قرأ بالسبع على: أبي عبد الله محمد بن أحمد الفراء الزاهد. وسمع من: محمد بن عتاب الفقيه، وسراج القاضي. واقرأ الناس بقرطبة، ثم استقضي بجيان، وخطب بها. قال عياض شيخ صالح مسن، اندلسي، سكن فاس، وقدم سبتة مراراً، وحج. وكان مباركاً في الأصول، مائلاً إلى النظر، لكن لم يكن يستعمل. يوسف بن تاشفين:

(34/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 330
السلطان أبو يعقوب اللمتوني المغربي البربري، الملقب بأمير المسلمين،) وبأمير المرابطين، وبأمير الملثمين. والأول هو الذي استقر. كان أحد من ملك البلاد، ودانت بطاعته العباد، واتسعت ممالكه، وطال عمره. وقل عدد أحد من ملوك الإسلام ماعمر. هو الذي بنى مدينة مراكش، وهو الذي أخذ الأندلس من المعتمد بن عباد وأسره. فمن أخباره أن بر البربر الجنوبي كان لزناتة، فخرج عليهم من جنوبي المغرب من البلاد التي تتاخم ارض السودان الملثمون عليهم أبو بكر بن عمر، وكان رجلاً خيراً ساذجاً، فأخذت الملثمة البلاد من زناتة من تلمسان إلى البحر الأكبر. فسمع أبو بكر أن امرأة ذهبت ناقتها في غارةٍ فبكيت وقالت: ضيعنا أبو بكر بدخوله إلى المغرب. فتألم واستعمل على المغرب يوسف بن تاشفين هذا، ورجع أبو بكر إلى بلاد الجنوب. وكان ابن تاشفين بطلاً شجاعاً، عادلاً، اختطف مراكش، وكان مكمناً للصوص مأوى الحرامية، فكان المارون بن يقول بعضهم لبعض: مراكش. وكان بناء مدينة مراكش في سنة خمسٍ وستين وأربعمائة، اشتراها يوسف بماله الذي خرج به من الصحراء. وكان في موضعها غابة من الشجر وقرية. فيها جماعة من البربر، فاختطها، وبنى بها القصور والمساكن الأنيقة. وهي في مرجٍ

(34/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 331
فسيحٍ وحولها جبال على فراسخ منها، وبالقرب منها جبل عليه الثلج، وهو الذي يعدل مزاجها. وقيل: كانت لعجوزٍ مصمودية. فاسكن مراكش الخلق، وكثرت جيوشه وبعد صيته، وخافته ملوك الأندلس، وكذلك خافته ملوك الفرنج لأنها علمت أنه ينجد الأندلسيين عليهم. وكان قد ظهر للملثمين في الحروب ضربات بالسيوف تقد الفارس، وطعنات تنظم الكلى، فكتب إليه المعتمد يتلطف به، ويسأله أن يعرض عن بلاده لما رأى همته على قصد الأندلس، وأنه تحت طاعته. فيقال كان في المتاب: فإنك إن أعرضت عنا نسبت إلى كرم، ولم تنسب إلى عجز، وإن أجبنا داعيك نسبنا إلى عقلٍ، ولم ننسي إلى وهن، وقد اخترنا لأنفسنا أجمل نسبتينا. وإن في استبقائك ذوي البيوت دواماً لأمرك وثبوت. وأرسل له تحفاً وهدايا. وكان بربرياً لا يكاد يفهم، ففسر له كاتبه، على لسانه: من يوسف بن تاشفين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية من سالمكم، وسلم إليكم، حكمة التأييد والنصر فيما حكم عليكم، وإنكم في أوسع إباحة مما بأيديكم

(34/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 332
من الملك، وانتم مخصوصون منا بأكرم إيثار، فاستديموا وفاءنا بوفائكم، واستصلحوا إخاءنا بإصلاح إخائكم، والله ولي التوفيق لنا ولكم، والسلام. ففرح بكتابه ابن عباد وملوك الأندلس، وقويت نفوسهم على دفع الفرنج، ونووا أن رأوا من ملك الفرنج ما يريبهم أن يستنجدوا بابن تاشفين. وصارت لابن تاشفين) بفعله محبة في نفوس أهل الأندلس ثم إن الأذفونش ألح على بلاد ابن عباد، فقال ابن عباد في نفسه: إن دهينا من مداخلة الأضداد، فأهون الأمرين أمر الملثمين، ورعاية أولادنا جمالهم أهون من أن يرعوا خنازير الفرنج. وبقي هذا الرأي نصب عينه، فقصده الأذفونش في جيشٍ عرمرم، وجفل الناس، فطلب من ابن تاشفين النجدة، والجهاد. وكان ابن تاشفين على أتم أهبةٍ، فشرع في عبور جيشه. فلما رأى ملوك الأندلس عبور البربر للجهاد، استعدوا أيضاً للنجدة، وبلغ ذلك الأذفونش، فاستنفر دين النصرانية، واجتمع له جنود لا يحصيهم إلا الله. ودخل مع ابن تاشفين شيء عظيم من الجمال، ولم يكن أهل جزيرة الأندلس يكادون يعرفون الجمال، ولا تعودتها خيلهم، فتجافلت منها ومن رغائها وأصواتها. وكان ابن تاشفين يحدق بها عسكره، ويحضرها الحروب، فتنفر خيل الفرنج عنها. وكان الأذفونش نازلاً بالزلاقة بالقرب من بطليوس، فقصده حزب الله،

(34/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 333
وقدم ابن تاشفين بين يديه كتاباً إلى الفرنج يدعوهم إلى الإسلام، أو الحرب، أو الجزية. ثم اقبلت الجيوش، ونزلت تجاه الفرنج أولاً، وأن يكون ابن تاشفين ردفاً له. ففعلوا ذلك، فخذل الفرنج، استمر القتل فيهم، فقيل: إنه لم يفلت منهم إلا الأذفونش في أقل من ثلاثين. وغنم المسلمون غنيمة عظيمة. وذلك في سنة تسع وسبعين وأربعمائة. وعف يوسف عن الغنائم، وآثر بها ملوك الأندلس ليتم له الأجر، فأحبوه وشكروا له. وكانت ملحمة عظيمةٍ قل أن وقع في الإسلام مثلها. وجرح فيها ملك الفرنج، وجمعت رؤوس الفرنج، فكانت كالتل العظيم.

(34/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 334
ثم عزم ابن عباد عى أمير المسلمين يوسف، ورام أن ينزل في ضيافته. فأجابه فأنزله الله في قصوره على نهر إشبيلية. فرأى أماكن نزهة، كثيرة الخير والحسن والرزق. وبالغ المعتمد بن عباد وأولاده في خدمة أمير المسلمين، وكان رجلاً بربرياً. قليل التنعم والتلذذ والرفاهية، فرأى ما هاله من الحشمة والعرش والأطعمة الفاخرة، فأقبل خواصه عليه ينبهونه على تلك الهيئة ويحسنونها، ويقولون: ينبغي أن تتخذ ببلادك نحو هذا. فأنكر عليهم، وكان قد دخل في الشيخوخة وفنيت إرادته، وأدمن على عيش بلاده. ثم أخذ يعيب طريقة المعتمد وتنعمه المفرط، وقال: من يتعانى هذه اللذات لا يمكن أن يعدل كما ينبغي أباداً. ومن كان هذا همته في حفظ بلاده ورعيته. ثم سال يوسف: هل يفعل المعتمد هذا التنعم في كل أوقاته فقيل له: بل كل زمانه على هذا. فسكت، وأقام عنده أياماً، فأتى المعتمد رجل عاقل ناصح، فخوفه من غائلة ابن تاشفين، وأشار عليه بأن يقبض عليه، وأن لا يطلقه حتى يأمر كل من بالأندلس) من عسكره أن يرجع من حيث جاء: ثم تتفق أنت وملوك الأندلس على حراسة البحر من سفينة تجري له، ثم تتوثق منه الأيمان أن لا يغدر، ثم تطلقه، وتأخذ منه على ذلك رهائن. فأصغى المعتمد إلى مقالته واستوصبها، وبقي يفكر في انتهاز الفرصة، وكان له ندماء قد انهمكوا معه في اللذات، فقال أحدهم لهذا الرجل: ما كان أمير المؤمنين، وهو إمام أهل المكرهات ممن يعامل بالحيف ويغدر بالضيف. قال: إنما الغدر أخذ الحق ممن هو له، لا دفع المرء عن نفسه. قال النديم: بل كظم مع وفاءٍ، خير من حزم مع جفاء. ثم إن ذلك الناصح استدرك الأمر وتلافاه، وشكر له المعتمد، وأجازه، فبلغ الخبر ابن تاشفين، فاصبح غادياً. فقدم له المعتمد هدايا عظيمة، فقبلها وعبر إلى سبتة. وبقي جل عسكره بالجزيرة يستريحون.

(34/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 335
وأما الأذفونش، فقدم إلى بلده بأسوأ حال، فسأل عن أبطاله وبطاركته، فوجد أكثرهم قد قتلوا، وسمع نوح الثكالى عليهم، فلم يأكل ولا التذ بعيشٍ حتى مات غماً، وخلف بنتاً، فتحصنت بطليطلة. ثم أخذ عسكر ابن تاشفين يغيرون، حتى كسبوا من الفرنج ما تجاوز الحد، وبعثوا، بالمغانم إلى مراكش. واستأذن مقدمهم سير بن أبي بكر لابن تاشفين في المقام بالأندلس، وأعلمه أنه قد افتتح حصوناً، ورتب فيها، وأنه لا يستقيم الأمر إلا بإقامته. فكتب إليه ابن تاشفين يأمره بإخراج ملوك الأندلس من بلادهم وإيجافهم في العدوة، فإن أبوا عليه حاربهم. وليبدأ بالثغور: ولا تتعرض للمعتمد. فابتدأ سير بملوك بني هود يستنزلهم من قلعة روطة، وهي منيعة إلى الغاية، وماؤها ينبوع في أعلاها، وبها من الذخائر المختلفة ما لا يوصف. فلم يقدر عليها، فرحل عنها. ثم جند أجناداً على زي الفرنج، وأمرهم أن قصدوها كالمغيرين، وكمن هو العسكر، ففعلوا ذلك. فرآهم ابن هود، فاستضعفهم، ونزل في طلبهم، فخرج عليه سير فأسره وتسلم القلعة. ثم نازل بني ظاهر بشرق الأندلس، فسلموا إليه، ولحقوا بالعدوة. ثم نازل بني صمادح بالمرية، فمات ملكهم في الحصار، فسلموا المدينة. ثم نازلوا المتوكل عمر بن الفطس ببطليوس، فخامر عليه أصحابه، فقبضوا عليه، ثم قتل صبراً. ثم إن سير كتب إلى ابن تاشفين أنه لم يبق بالجزيرة غير المعتمد فأمره أن

(34/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 336
يعرض عليه التحول إلى العدوة بأهله وماله، فإن أبى فنازله. فلما عرض عليه سير ذلك لم يجب، فسار وحاصره اشهراً ثم دخل عليه البلد قهراً، وظفر به، وبعثه إلى العدوة مقيداً، فحبس بأغمات إلى أن مات. وتسلم سير الجزيرة كلها. وقال ابن دحية أو غيره: نزل يوسف على مدينة فاس في سنة أربع وستين وأربعمائة) وحاصرها. ثم أخذها، فأقر العامة، ونفا البربر والجند عنها، بعد أن حبس رؤوسهم، وقتل منهم، وكان مؤثراً إلى يوم العلم والدين، كثير المشورة لهم. وكان معتدل القامة، أسمر، نحيفاً، حازماً، سائساً. وكان يخطب لبني العباس. وهو أول من سمي بأمير المسلمين. وكان يحب العفو والصفح، وفيه خير وعدل. وقال أبو الحجاج البياسي في كتاب تذكير الغافل: إن يوسف بن تاشفين جاز البحر مرة ثالثة، وقصد قرطبة، وهي لابن عباد، فوصلها سنة ثلاثٍ وثمانين، فخرج إليه المعتمد بالضيافة، وجرى معه على عادته. ثم إن ابن تاشفين أخذ غرناطة من عبد الله بن بلقين بن باديس، وحبسه،

(34/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 337
فطمع ابن عباد في غرناطة، وأن يعطيه ابن تاشفين إياها، فعرض له بذلك، فأعرض عنه ابن تاشفين إلى مراكش في رمضان من السنة. فلما دخلت سنة اربع عزم على العبور إلى الأندلس لمنازلة المعتمد بن عباد، فاستعد له ابن عباد، ونازلته البربر، فاستغاث بالأذفونش، فلم يلتفت إليه. وكانت إمرة يوسف بن تاشفين عند موت أبي بكر بن عمر أمير المسلمين سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وكانت الدولة قبلها لزناتة، وكانت دولة ظالمة فاجرة. وكان ابن تاشفين وعسكره فيهم يبس وديانة وجهاد، فافتتح البلاد، وأحبته الرعية. وضيق لثمامه هو وجماعته. فقيل: إنهم كانوا يتملثمون في الصحراء كعادة العرب، فلما تملك ضيق ذلك اللثام. قال عزيز: وما رأيته عياناً أنه كان لي صديق منهم بدمشقٍ، وبيننا مودة. فأتيته، فدخلت وقد غسل عمامته، وشد سرواله على رأسه، وتلثم به. هذا بعد أن انقضت دولتهم، وتفرقوا في البلاد.

(34/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 338
وحكى لي ثقة أنه راى شيخاً من الملثمين بالمغرب متردياً في نهر يغسل ثيابه وهو عريان، وعورته بادية، ويده اليمنى يغسل بها، ويده اليسرى يستر بها وجهه. وقد جعل هؤلاء اللثام جنة، فلا يعرف الشيخ منهم من الشباب، فلا يزيلونه ليلاً ولا نهاراً، حتى أن المقتول منهم في المعركة لا يكاد يعرفه اهله، حتى يجعلوا على وجهه لثاماً. ولبعضهم:
(قوم لهم درك العلا في حميرٍ .......... وإن انتموا صناجةً فهم هموا)

(لما حووا إحراز كل فيلةٍ .......... غلب الحياة عليهم، فتلثموا)
وتزوج ابن تاشفين بزينب زوجة أبي بكر بن عمر، وكانت حاكمة عليه، وكذلك جميع المثمين يكبرون نساءهم، وينقادون لأمرهم، وما يسمون الرجل منهم إلا بأمه. وهنا حكاية، وهي أن ابن خلوف القاضي الأديب كان له شعر، فبلغ زينب هذه أنه مدح حواء امرأة سير بن أبي) بكر، وفضلها على جميع النساء بالجمال، فأمرت بعزله عن القضاء. فسار إلى أغمات، واستأذن عليها، فدخل البواب فاعلمها به، فقالت: يمضي إلى التي مدحها ترده إلى القضاء. فابلغه، فعز عليه، وبقي بالحضرة أياماً حتى نفيت نفقته، فأتى خادمها فقال: قد أردت بيع هذا المهر، فأعطني مثقالين أتزود بهما إلى أهلي، وخذه فأنت أولى. فسر الخادم وأعطاه، ودخل مسروراً بالمهر، وأخبر الست، فرقت له، وقالت: ائتني به. فأسرع وأدخله عليها، فقالت: تمدح حواء وتسرف، وزعمت أنه ليس في النساء أحسن منها، وما هذه منزلة القضاة. فقال في الحال:

(34/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 339
(أنت بالشمس لاحقة .......... وهي بالأرض لاصقه)

(فمتى ما مدحتها .......... فهي في سير طالقة)
فقالت ياقاضي طلقتها. قال: نعم. ثلاثة وثلاثة وثلاثة. فضحكت حتى افتضحت، وكتبت إلى يوسف يرده إلى القضاء. قلت: ولا ريب أن يوسف ملك من الملوك، بدت منه هنات وزلالات، ودخل في دهاء الملوك وغدرهم. ولما أخذ إشبيلية من المعتمد شن عسكر بان تاشفين الغارة بإشبيلية، وخلوا أهلها على برد الديار، وخرج الناس من بيوتهم يسترون عوراتهم بأيديهم، واقتضت الأبكار. وتتابعت الفتوحات لابن تاشفين، وكانت فقهاء الأندلس قالوا: له لا يجب طاعتك حتى يكون لك عهد من الخليفة. فأرسل إلى العراق قوماً من أهله بهدايا. وكتاباً، يذكر فيه ما فعل بالفرنج. فجاءه أمر المستظهر بالله أحمد رسول بهدية، وتقليد وخلعة، وراية. وكان يقتدي بآراء العلماء، ويعظم أهل الدين. ونشأ ولده علي في العفاف والدين والعلم، فولاه العهد في سنة تسعٍ وتسعين وأربعمائة. وتوفي يوسف في يوم الإثنين ثالث المحرم سنة خمسمائة، ورخه ابن خلكان، وقبله عز الدين ابن الأثير، وغيرهما. وعاش تسعين سنة. قال اليسع بن حزم: فمن فضله أنه لما أراد بناء مراكش ادعى قوم مصامدة فيها أرضاً، فأرضاهم بمالً عظيم. وكان يلبس العباء، ويؤثر الحياء، ويقصد مقاصد العز في طرق المعالي، ويكره السفاف، ويحب الشرف المتعالي، ويقلد العلماء، ويؤثر الحكماء، يتدبر مرضاتهم. وإذا دخل عليه من طول ثيابه وجرها... إليه وجهه، وأعرض عنه، فإن كان ذا ولاية عزله. وكان كثير الصدقة عظيم البر والصلة للمساكين، رحمه الله.

(34/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 340
يوسف بن علي الزنجاني: أبو القاسم الشافعي من كبار أصحاب أبي إسحاق الشيرازي. مات في صفر.)

(34/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 341
4 (المتوفون تقريباً)
أحمد بن محمد بن عبد الرحمن: أبو العباس الأنصاري، الشارقي الواعظ. حج وسمع كريمة، وتفقه على أبي إسحاق الشيرازي. ودخل العراق وفارس، وسكن سبتة، وفاس. وكان صالحاً، ديناً، ذاكراً، بكاءً، واعظاً. توفي بشرق الأندلس في نحو الخمسمائة. قال ابن بشكوال. أحمد بن محمد بن الفضل بن شهريار: أبو علي الإصبهاني. سمع: أبا الفرج محمد بن عبد الله بن شهريار، وغيره. وكان من أبناء التسعين. روى عنه: السلفي، وأبو طاهر السنجي. مات قبل الخمسمائة بقليل. أحمد بن عبد الله السوذرجاني: عبد الرحيم بن محمد بن أحمد: أبو منصور الشرابي الإصبهاني

(34/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 342
توفي قبل الخمسمائة أو بعدها. روى عن: أبي بكر محمد بن الحسن بن الليث الصفار صاحب ابن خميروية الهروي. روى عنه: أبو سعد محمد بن عبد الواحد الصائغ. عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد. أبو بكر ابن الإمام أبي عثمان الصابوني النيسابوري. خلف أباه في حضور المجالس، وكان له قبول تام لأجل والده. وكان مليح الشمائل، متجملاً بهياً. بقي على التصون قليلاً، ثم لعب واخذ في الصيد والتنزه، فقبر أمره، ثم أصاب في الآخر نقرس وزمن، فباع بقية ضيعةٍ له. سمع: أباه، وعمه أبا يعلى، وأبا حفص ابن مسرور. روى عنه: محمد بن الحسين الأملي، وعبد الله بن الفراوي، وعمر بن أحمد الصفار، وآخرون. وقد سمع صحيح مسلم من عبد الغافر الفارسي. روى عنه أيضاً: هبة الله بن محمد بن حسنة، وتيمان بن أبي الفوارس، وأبو رشيد بن إسماعيل بن غانم، وأبو الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي، وعدد كبير. أسعد بن مسعود بن علي: أبو إبراهيم النيسابوري، أحد الرؤساء والعلماء. تأدب على منصور بن عبد الملك الثعالبي. وسمع من: الحيري، والصيرفي. ومن جده أبي نصر العتبي، وقال: مات جدي سنة أربع عشرة. روى عنه: مسعود بن أحمد الحوافي، وأبو طاهر السنجي، وعبد الخالق الشحامي، وجماعة.

(34/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 343
تزهد بأخرة. عاش بضعاً وثمانين سنة. غالب بن عيسى بن نعم الخلف: أبو تمام الأنصاري الأندلسي. طوف الشام، والعراق، واليمن. وجاور مكة. سمع أبا محمد الجوهري، وجماعة ببغداد وأبا غالب بن بشران النحوي بواسطة وأبا العلاء بن سليمان بالمعرة وأحمد بن الفضل الباطرقاني بإصبهان. سمع منه: أبو بكر السمعاني في سنة ثمانٍ وتسعين بمكة، وقال: كان قد نيف على المائة وزمن وعمر. المظفر بن الحسين بن إبراهيم بن هرثمة: أبو منصور) الفارسي الرجاني، ثم الغزنوي. قال السمعاني: شيخ، إمام، فقيه، عارف بالحديث وطرقه. صنف تصانيف في الحديث. وسمع بغزنة حنبل بن أحمد بن حنبل البيع، وبالهند أبا الحسن محمد بن الحسن البصري، وببغداد أبا الطيب الطبري، وأبا القاسم التنوخي، وبدمشق أبا عبد الله بن سلوان، وبمصر أبا الحسن الطفال، وعبد الملك بن مسكين. قدم بلخ فحدث بها. روى عنه: أبو شجاع عمر البسطامي، وأبو حفص بن عمر الأشهبي، وغيرهما. وتوفي بعد التسعين وأربعمائة.

(34/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 344
عباد بن الحسين بن غانم الطائي: الوزير أبو منصور. وزر لبعض ملوك العجم، وحدث ببغداد عن ابن ريدة الإصبهاني. روى عنه: أبو الوفاء أحمد بن الحصين، وأبو طاهر السلفي. إبراهيم بن علي بن الحسن. أبو أحمد البصري البجيرمي. سمع: إبراهيم بن طلحة بن غسان. وعنه: السلفي. محمد بن المظفر بن عبيد الله النهاوندي: المعدل. سمع: القاضي أحمد بن عبد الرحمن الراوي عن البكاشي. أخذ عنه السلفي بنهاوند. محمد الإصبهاني الزجاج. سمع: علي بن ماشذة، وأبا علي أحمد بن محمد بن حسن المرزوقي، وأبا بكر بن أبي علي، والحسين أحمد بن سعد الرازي. قال السلفي: لم يرو منا عن المرزوقي سواه. محمد بن إدريس بن خلف: أبو تمام القرتائي البصري.

(34/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 345
روى عن: إبراهيم بن طلحة بن غسان. سمع منه: السلفي بالبصرة. سعد بن علي بن حميد: أبو علان المضري المراغي. روى عن: أحمد بن الحسين التراسي. وعن: السلفي. علي بن هبة الله التراسي: عن: أحمد بن الحسين التراسي. وعنه: السلفي، وغيراه. محمد بن علي بن عبد الرزاق: أبو الحسن الإصبهاني الكاغدي. شيخ مسن، مسند. روى عن: علي بن ميلة الفرضي. روى عنه: السلفي. أحمد بن أبي هاشم: أبو طالب القرشي الإصبهاني.

(34/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 346
سمع أبا سعيد محمد بن علي النقاش، وأبا سعيد الحسن بن محمد بن حسنويه الكاتب، ومحمد بن عبد الله بن شاذان الأعرج. روى عنه: السفي عنهم، وعن: أبي بكر بن أبي علي. محمد بن أحمد بن سعيد: أبو المظفر الإصبهاني الفاشاني المعدل. سمع: سفيان بن محمد بن حسنويه، وأبا نعيم. وعنه: السلفي. لاحق بن محمد بن أحمد: أبو القاسم التميمي، الإصبهاني الإسكاف. سمع: أبا علي أحمد بن محمد بن يزداد، والا بكر بن أبي علي، وإبراهيم بن علي الخياط، والفضل بن شهريار، وأبا عبد الله اللجمال، وابن عبدويه، وأبا حفص الزعفراوي، وأبا نعيم. وأجاز له أبو سعيد النقاش، وعلي بن ميلة، والقاضي أبو بكر الحيري. روى عنه السلفي فاكثر عنه، ولم يؤرخ وفاته. محمد بن أحمد بن) جعفر: أبو صادق الإصبهاني. سمع: الفضل بن عبيد الله بن شهريار، وأبا بكر بن أبي علي الذكواني. وجماعة. وعنه: السلفي وقال: كان كاتباً مكثراً، من رؤساء البلد.

(34/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 347
محمد بن الحسين بن محمد: أبو إبراهيم البالوي النيسابوري. صالح سديد. سمع الإمام أبا إسحاق الأسفرائيني، وحدث عنه بثلاثة أجزاء. وعاش إلى سنة ثلاثٍ وتسعين. روى عنه: أبو طاهر السنجي، وأبو البركات الفراوي، وعبد الخالق الشحامي. محمد بن عبد العزيز بن أحمد: أبو بكر الإصبهاني العسال. سمع: أبا نعيم الحافظ، وسفيان بن محمد بن حسنويه. وعنه: السلفي. حمد بن عمر بن سهلويه. أبو العلاء الإصبهاني الشرابي سمع: أبا نعيم الحافظ، ويوسف بن حسن الرازي. وعنه: السلفي. أحمد بن الحسن بن أحمد بن علي بن الخصيب: الفقيه أبو سعيد الجرباذقاني الخانساري. سمع: أبا طاهر بن عبد الرحيم الكاتب، وأحمد بن الفضل الباطرقاني.

(34/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 348
روى عنه السلفي جزءاً من حديثه سمعناه. عبد الله بن يوسف: الحافظ أبو محمد الجرجاني القاضي. صنف فضائل الشافعي، وفضائل أحمد بن حنبل، وغير ذلك. وسمع الكثير. قال أبو النضر الفامي: توفي بعد العشرين وأربعمائة. عمر بن محمد بن عمر بن علوية: أبو الفتح الإصبهاني. سمع: أبا بكر الذكواني. وحدث في سنة اثنتين وتسعين، وهو إن شاء الله من شيوخ السلفي. وآخر من روى عنه: أبو الفتح الخرقي. سداد بن محمد بن أحمد بن جعفر: القاضي أبو الرجاء الخلقاني الإصبهاني. روى عن: أبي نعيم الحافظ، والهيثم بن محمد الخراط، وأبي القاسم عبد الله بن الحسن المطيعي. قال السلفي: كان مكثراً من الطلب والمعرفة، وتكلم فيه بغير حجة. روى عنه: السلفي، وجماعة.

(34/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 349
وآخر أصحابه أبو الفتح الخرقي. محمد بن أحمد بن طاهر بن حمد: أبو غالب البغدادي. حدث في هذه السنة بواسط عن أبي القاسم التنوخي بالطوالات. رواها عنه أبو طالب محمد بن علي الكتاني. إسماعيلبن الحسين بن حمزة: السيد أبو الحسن العوي الهروي. رئيس محتشم، كبير الشأن، علي الرتبة ببلده. سمع: أبا عثمان بن العباس القرشي، وغيره. روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل، وذكر أنه عاش إلى سنة نيفٍ وتسعين وأربعمائة، وأنه حدث بنيسابور سنة أربع وتسعين. عبد الملك بن الحسن بن بتنة:

(34/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 350
أبو محمد الأنصاري. شيخ صالح، مجاور بمكة. سمع: أبا القاسم علي بن الحسين بن محمد الفسوي، والشيخ عبد العزيز بن بندار الشيرازي. سمع منه: أبو طاهر السلفي، وابو بكر السمعاني، وغيرهما بمكة. ذكره السلفي في معجمه، وأنه حج سبعاً وسبعين) حجة، وزار النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مرة. وله في كل سنة مائة عمرة في رجب، وشعبان ورمضان، وذي الحجة. وبتنة: بكسر الباء والتاء، ثن تشديد النون، ورأيتها مرة بفتحها. محمد بن عبد الله بن أبي داود: أبو الحسن الفارسين ثم المصري الوراق، الكتبي. شيخ فاضل. حدث عن: أبي عبد الله بن نظيف، وغيره. وكان ذا هيئة ومعرفة. وروى عنه: أبو علي بن سكرة، وابو بكر بن الفزاري، وقال: شيخ مفيد له علو. قلت: بقي إلى حدود الخمسمائة، وأظن سمع منه الشريف الخطيب أبو الفتوح. محمد بن خلف بن قاسم الخولاني: الإشبيلي. أبو عبد الله. يروي عن: ابن حزم، وأبي محمد بن خزرج.

(34/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 351
قرأ عليه: أبو العباس أحمد بن محمد صحيح مسلم في سنة أربعٍ وتسعين وأربعمائة. المظهر بن الفضل بن عبد الوهاب بن أحمد بن بطة: أبو علي الإصبهاني. ولد سنة ست وأربعمائة. وسمع: أبا عبد الجمال، وأبا نعيم، وجماعة. وعنه: السلفي. المظهر بن علي: أبو الفتح البندنيجي المالحاني. سمع: الجوهري. روى عنه: السلفي. لقيه في سنة سبعٍ وتسعين. إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن اسود: أبو إسحاق الغساني المريي. من علماء أهل المرية من الأندلس. روى عن: أبيه إبراهيم، وحاتم بن محمد، وأبي عمر بن عبد البر، وأبي لأصبغ عيسى بن محمد، وطائفة. وكان شديد العناية بالرواية. ذكر البار فقال: روى عنه: ابنه القاضي أبو عبد الله محمد، وعبد الرحيم بن محمد الخزرجي، وأبو عبد الله بن إحدى عشرة

(34/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 352
توفي نحو الخمسمائة. أحمد بن نصر بن أحمد: أبو العلاء الهمذاني. روى عن: ابن حميد، وابن الصباح، وهارون بن ماهلة، وأبي الفرج بن عبد الحميد، ونصر بن علي الفقيه، وعدد كبير. روى عنه السلفي، وغيره. وكان حافظاً أديباً ناصراً للسنة عارفاً بمذهب أحمد، ثقة. أملى مجالس من حفظه. ياتي في سنة. عبد الله بن إبراهيم بن هاشم: أبو محمد القيسي المريي الفقيه، ويعرف بحفيد هاشم. شرح كتاب التفريع لابن الجلاب في ست مجلدات، واجمع أهل المرية على تقديمه للقضاء، فقال: إن فعلتم فررت عن أهلي وولدي، والله أسألكم. فتركوه. قرأ عليه صهره الخطيب أبو عبد الله الحمزي. وكان موجوداً في حدود الخمسمائة. محمد بن جابار بن علي: الواعظ المذكر أبو الوفاء الهمذاني. ممن أجاز للسلفي سنة اربعً وتسعين. ذكره شيرويه فقال: صالح، دين، زاهد، صدوقن متعصب للحنابلة جدا.

(34/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 353
روى عن: علي بن حميد، وحميد بن المأمون، وطائفة. سمعت منه أحاديث. الحسن بن الفتح بن حمزة بن الفتح: أبو القاسم الهمذاني الأديب.) من أولاد الوزراء والأعيان. كما يرجع إلى معرفة باللغة، والمعاني، والبيان. قدم بغداد سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة، فكتب عنه: هزارت الهرروي، والحسين بن خسرو. ذكر السمعاني، ولم يذكر له وفاة. وقال السلفي: كان من أهل الفضل والتقدم في الفرائض، والتفسير، والآداب، وله تفسير حسن، وشعر فائق. علقت عنه حكايات وشعر. وقد صحب أبا إسحاق الشيرازي، وتفقه عليه. وله:
(نسيم الصبا إن هجت يوماً بأرضها .......... فقولي لها حالي علت عن سؤآلك)

(فها أنذا إن كنت يوماً تعتبي .......... فلم يبق لي إلا حشاشة هالك.)
قال ابن صلاح: رايت مجلدين من تفسيره من تجزئة ثلاث مجلدات، واسمه كتاب البديع في البيان عن غوامض القرآن فوجدته ذا عناية بالعربية الكلام ضعيف الفقه. الحسين بن أحمد بن أحمد:

(34/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والثلاثون الصفحة 354
القاضي أبو عبد الله بن الصفار. من فقهاء همذان. كان ينوب عن القضاة بها. وهو من رواة الزهد. أخذ عن ابن المذهب. سمع: ابن الكسار، وبشر بن الفاتني، والحسن بن دوما النعالي، والحسين بن علي الطناجيري، وابن غيلان، وخلقاً سواهم. كتب عنه: أبو شجاع شيرويه الديلمي وقال: كان صحيح السماع، من الأشعريه. وذكر ابن السمعاني، ولم يذكر له وفاة. علي بن الحسن بن أبي سهل: أبو القاسم النيسابوري الأدمي السراج. شيخ مبارك، سمع: علي بن محمد الطرازي، وجماعة. وبقي إلى سنة بضعٍ وتسعين. روى عنه: محمد بن محمد السنجي، وعبد الله بن الفراوي، ومحمد بن أحمد الصفار، وجماعة.

(34/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 5
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الحادية والخمسون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى وخمسمائة)

4 (فتنة العميد على سيف الدولة صدقة بن مزيد)
كان سيف الدولة صدقة قد صار ملك العرب في زمانه، وبنى مدينة الحلة وغيرها. وقبل ذلك كان صاحب عمود وسيف، فعظم شأنه، وارتفع قدره، وصار ملجأً لمن يستجير. وكان معيناً للسلطان محمد على حروبه مع أخيه، وناصراً له، فزاد في إقطاعه مدينة واسط، وأذن له في أخذ البصرة. ثم افتن ما بينهما العميد أبو جعفر محمد بن الحسين البلخي مع ما كان يفعله صدقة من إجارة من يلتجيء إليه من أعداء السلطان محمد. وشغب العميد السلطان عليه، ثم زاد عليه بأن صبغه بأنه من الباطنية، ولم يكن كذلك كان شيعياً. وسخط السلطان على سرخاب بن دلف صاحب ساوة، فهرب منه، فأجاره صدقة، فطلبه السلطان منه، فامتنع. إلى أمور أخر، فتوجه السلطان إلى العراق. فاستشار صدقة أصحابه، فأشار إليه ابنه دبيس بأن ينفذه إلى السلطان بتقادم وتحف وخيل، وأشار سعيد بن حميد صاحب جيش صدقة بالحرب، فأصغى إليه، وجمع العساكر، وبذل الأموال، فاجتمع له عشرون ألف فارس، وثلاثون ألف راجل. فأرسل إليه المستظهر ينهاه عن الخروج، ويعده بأن يصلح أمره. وأرسل السلطان يطلبه ويطيب قلبه، ويأمره بالتجهز معه لقصد غزو الفرنج، فأجاب بأنهم ملأوا قلب السلطان علي، ولا آمن من سطوته. وقال صاحب جيشه: لم يبق لنا في صلح السلطان مطمع.

(35/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 6
4 (دخول السلطان بغداد)
ودخل السلطان بغداد في العشرين من ربيع الآخر جريدة لا يبلغ عسكره ألفي فارس، فلما اطمأن ببغداد، وتحقق معاندة صدقة له بعث شحنة بغداد سنقر البرسقي في عسكر، فنزل على صرصر، وبعث بريداً يستحث عساكره فأسرعوا إليه.
4 (الحرب بين السلطان وصدقة بن مزيد)
ثم نشبت الحرب بين الفريقين شيئاً فشيئاً، وتراسلوا في الصلح غير مرة، فلم يتفق، وجرت لهم أمور طويلة. ثم التقى صدقة والسلطان في تاسع عشر رجب، فكانت الأتراك ترمي الرشقة) عشرة الآف سهم، فتقع في خيل العرب وأبدانهم. وبقي أصحاب صدقة كلما حملوا منعهم نهر بين الفريقين من الوصول، ومن عبر إليهم لم يرجع. وتقاعدت عبادة وخفاجة شفقة على خيلها. وبقي صدقة يصيح: يا آل خزيمة، يا آل ناشرة، ووعد الأكراد بكل جميل لما رأى من شجاعتهم. وكان راكباً على فرسه المهلوب، ولم يكن لأحد مثله، فجرح الفرس ثلاث جراحات. وكان له فرس آخر قد ركبه حاجبه أبو نصر، فلما رأى الترك قد غشوا صدقة هرب عليه، فناداه صدقة، فلم يرد عليه. وحمل صدقة على الأتراك وضرب غلاماً منهم في وجهه بالسيف، وجعل يفتخر ويقول: أنا ملك العرب، أنا صدقة. فجاءه سهم في ظهره، وأدركه بزغش مملوك أشل، فجذبه عن فرسه فوقع فقال: يا غلام أرفق. فضربه بالسيف قتله، وحمل رأسه إلى السلطان، وقتل من أصحابه أكثر من ثلاثة الآف فارس، وأسر ابنه دبيس، وصاحب جيشه سعيد بن حميد.

(35/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 7
4 (ترجمة صدقة بن منصور)
وكان صدقة كثير المحاسن بالجملة، محبباً إلى الرعية، لم يتزوج على امرأته، ولا تسرى عليها. وكان عنده ألوف مجلدات من الكتب النفيسة. وكان متواضعاً محتملاً، كثير العطاء.
4 (سفر فخر الملك ابن عمار إلى بغداد)
وأما طرابلس، فلما طال حصارها، وقلت أقواتها، وعظمت بليتها ولا حول ولا قوة إلا بالله، من الله عليهم سنة خمسمائة بميرة جاءتهم من البحر، فتقووا شيئاً. واستناب فخر الملك أبو علي بن عمار على البلدان ابن عمه، وسلف المقاتلة رزق ستة أشهر. وسار منها إلى دمشق ليمضي إلى بغداد فأظهر ابن عمه العصيان، ونادى بشعار المصريين، فبعث فخر الملك إلى أصحابه، فأمرهم بالقبض عليه، ففعلوا به ذلك. واستصحب فخر الملك معه تحفاً ونفائس وجواهر وحلى غريبة، فاحترمه أمير دمشق وأكرمه، ثم سار إلى بغداد، فدخلها في رمضان قاصداً باب السلطان، مستنفراً على الفرنج، فبالغ السلطان محمد في احترامه. وكان يوم دخوله مشهوداً. ورتب له الخليفة الرواتب العظيمة. ثم قدم للسلطان التقادم، وحادثه السلطان في أمر قتال الفرنج، فطلب النجدة، وضمن الإقامة بكفاية العساكر، فأجابه السلطان. وقدم للخليفة أيضاً، وحضر دار الخلافة وخلع عليه. وجرد السلطان معه عسكراً لم يغن شيئاً.

(35/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 8
4 (دخول فخر الملك جبلة)
) ثم وصل إلى دمشق في المحرم سنة اثنتين، وتوجه بعسكر دمشق إلى جبلة، وأطاعه أهلها.
4 (القبض على جماعة ابن عمار)
وأما أهل طرابلس فراسلوا المصريين يلتمسون والياً وميرة في البحر، فجاءهم شرف الدولة ومعه الميرة الكثيرة، فلما دخلها قبض على جماعة من أقارب ابن عمار، وأخذ نعمهم وذخائرهم، وحمل الجميع إلى مصر في البحر.
4 (إظهار السلطان العدل ببغداد)
وفي شعبان أطلق السلطان الضرائب والمكوس ببغداد، وكثر الدعاء له، وشرط على وزير الخليفة العدل وحسن السيرة، وأن لا يستعمل أهل الذمة، وعاد إلى إصبهان بعد إقامة نحو الستة أشهر، فأحسن فيها ما شاء. وكتب في يوم أربعمائة فقير. ومضى يوماً إلى مشهد أبي حنيفة، فانفرد وغلق عليه الأبواب يصلي ويتعبد، وكف غلمانه عن ظلم الرعية، وبالغ في ذلك.
4 (بناء حصن عند صور)
وفيها حاصر بغدوين ملك الفرنج صور، وبنى تلقاءها حصناً، وضيق

(35/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 9
عليهم، فبذل له متوليها سبعة الآف دينار، فرحل عنها.
4 (منازلة الفرنج صيدا)
ونازل صيدا ونصب عليها البرج الخشب، وقاتلها في المراكب. وجاء أصطول ديار مصر ليكشف عنها، فقاتلهم أصطول الفرنج، وظهر المسلمون، وبلغ الفرنج مسير عسكر دمشق نجدة لأهل صيدا، فتركوها ورحلوا عنها.
4 (أسر صاحب طبرية)
وأغار أمير دمشق طغتكين على طبرية، فخرج ملكها جرفاس لعنه الله فالتقوا، فقتل خلق من عسكره وأسر هو، وفرح المسلمون.

(35/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 10
4 (سنة اثنتين وخمسمائة)

4 (حصار مودود الموصل)
كان السلطان قد بعث الأمير مودود إلى الموصل فحاصرها مدة، وانتزعها من يد جاولي سقاووا. وكان جاولي قد سار في سنة خمسمائة في المحرم منها، قد بعثه السلطان محمد إلى الموصل والأعمال التي بيد جكرمش، وكان جاولي سقاووا قبل هذا قد استولى على البلاد التي) بخوزستان وفارس، فأقام بها سنتين، وعمر قلاعها، وظلم وعسف، وقطع، وشنق، ثم خاف جاولي من السلطان، فبعث إليه السلطان الأمير مودود، فتحصن جاولي، وحصره مودود ثمانية أشهر، ثم نزل بالأمان ووصل إلى السلطان فأكرمه، وأمره بالمسير لغزو الفرنج، وأقطعه الموصل ونواحيها.
4 (الحرب بين جاولي وجكرمش)
وكان جكرمش لما عاد من عند السلطان قد التزم بحمل المال وبالخدمة، فلما حصل ببلاده لم يف بما قال، فسار جاولي إلى بغداد ثم إلى الموصل، ونهب في طريقه البواريج بعد أن أمن أهلها، ثم قصد إربل، فتجمع جكرمش في ألفين، وكان جاولي في ألف، فحمل جاولي على قلب جكرمش فانهزم من فيه، وبقي جكرمش وحده لا يقدر على الهزيمة، فعالج به فأسروه. ونازل

(35/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 11
جاولي الموصل فحاصرها وبها زنكي بن جكرمش، ومات جكرمش أمام الحصار عن نحو ستين سنة.
4 (تملك قلج أرسلان الموصل)
وأرسل غلمان جكرمش إلى الأمير صدقة بن مزيد وإلى قسيم الدولة البرسقي وإلى صاحب الروم قلج أرسلان قتلمش يستدعون كلا منهم ليكشف عنهم، ويسلمون إليه الموصل. فبادر قلج أرسلان، وخاف جاولي فترحل. وأما البرسقي شحنه بغداد فسار فنزل تجاه الموصل بعد رحيل جاولي بيوم، فما نزلوا إليه، فغضب ورجع، وتملكها قلج أرسلان، وحلفوا له في رجب. وأسقط خطبة السلطان محمد، وتألف الناس بالعدل وقال: من سعى إلي في أحد قتلته.
4 (منازلة جاولي الرحبة)
وأما جاولي فنازل الرحبة يحاصرها، ثم افتتحها بمخامرة وأنهبها إلى الظهر. وسار في خدمته صاحبها محمد بن سباق الشيباني.
4 (غرق قلج بالخابور)
ثم سار قلج أرسلان ليحارب جاولي، فالتقوا في ذي القعدة فحمل قلج أرسلان بنفسه، وضرب يد صاحب العلم فأبانها، ووصل إلى جاولي فضربه بالسيف. فقطع الكزاغند فقط. وحمل أصحاب جاولي على الآخرين فهزموهم فعلم قلج أرسلان أنه مأسور، فألقى نفسه في الخابور، وحمى نفسه من أصحاب جاولي، فدخل به فرسه في ماء غميق، فغرق، وظهر بعد أيام، فدفن) ببعض قرى الخابور.

(35/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 12
4 (تملك جاولي الموصل)
وساق جاولي إلى الموصل، ففتح أهلها له وتملكها، وكثر رجاله وأمواله، ولم يحمل شيئاً من الأموال إلى السلطان. فلما قدم السلطان بغداد لحرب صدقة جهز عسكراً لحرب جاولي، وتحصن هو بالموصل وعسف وظلم، وأهلك الرعية.
4 (دخول مودود الموصل)
ونازل العسكر الموصل في رمضان سنة إحدى وخمسمائة وافتتحوه بمعاملة من بعض أهله، ودخلها الأمير مودود، وأمن الناس، وعصت زوجة جاولي بالقلعة ثمانية أيام، ثم نزلت بأموالها.
4 (أخذ جاولي بالس)
وأما جاولي فإنه كان في عسكره بنواحي نصيبين. وجرت له أمور طويلة، وأخذ بالس وغيرها، وفتك ونهب المسلمين.
4 (وقعة جاولي وصاحب أنطاكية)
ثم فارقه الأمير زنكي بن اقسنقر، وبكتاش النهاوندي، وبقي في ألف فارس، فخرج لحربه صاحب أنطاكية تنكري في ألف وخمسمائة من الفرنج، وستمائة من عسكر حلب، فانهزم جاولي لما رأى تقلل عسكره، وسار نحو الرحبة، وقتل خلق من الفريقين.
4 (صفح السلطان عن جاولي)
ثم سار جاولي إلى باب السلطان، وهو بقرب إصبهان، فدخل وكفنه تحت

(35/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 13
إبطه، فعفا عنه. وكان السلطان محمد كثير الحلم والصفح.
4 (غزوة طغتكين إلى طبرية)
وفيها سار طغتكين متولي دمشق غازياً إلى طبرية، فالتقى هو وابن أخت صاحب القدس بغدوين. وكان المسلمون ألفي فارس سوى الرجالة، وكانت الفرنج أربعمائة فارس وألفي راجل. فاشتد القتال، وانهزم المسلمون فترجل طغتكين، فتشجع العسكر وتراجعوا، وأسروا ابن أخت بغدوين، ورجعوا منصورين. وبذل في نفسه ثلاثين ألف دينار، وإطلاق خمسمائة أسير فلم يقنع منه طغتكين بغير الإسلام، ثم ذبحه بيده، وبعث بالأسرى إلى بغداد.)
4 (مهادنة طغتكين وبغدوين)
ثم تهادن طغتكين وبغدوين على وضع الحرب أربع سنين.
4 (أخذ الفرنج عرقة)
ثم سار طغتكين لتسلم حصن عرقة، أطلقه له ابن عمار لعجزه عن حفظه، فقصده السرداني بالفرنج، فتقهقر عسكر طغتكين ووصلوا إلى حمص كالمنهزمين، وأخذ السرداني عرقة بالأمان من غير كلفة.
4 (وزارة ابن جهير)
وفيها عزل الخليفة هبة الله بن المطلب بأبي القاسم علي بن أبي نصر بن جهير.

(35/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 14
4 (زواج المستظهر بالله)
وفيها تزوج المستظهر بالله بأخت السلطان محمد على مائة ألف دينار، وعقد العقد القاضي أبو العلاء صاعد بن محمد النيسابوري الحنفي، وقبل العقد ابن نظام الملك، وذلك بإصبهان.
4 (شحنة بغداد)
وفيها ولي شحنكية بغداد مجاهد الدين بهروز.
4 (مقتل قاضي إصبهان)
وفيها قتلت الباطنية قاضي إصبهان عبيد الله بن علي الخطيبي بهمذان، وكان يحرض عليهم، وصار يلبس درعاً تحت ثيابه حذراً منهم. قتله أعجمي يوم الجمعة في صفر.
4 (مقتل قاضي نيسابور)
وقتلوا يوم الفطر أبا العلاء صاعد بن محمد قاضي نيسابور وقتل قاتله، واستشهد كهلاً.
4 (أخذ الفرنج قافلة من دمشق)
وفيها تجمع قفل كبير، وسار من دمشق طالبين مصر، فأخذتهم الفرنج.
4 (قتل الباطنية بشيزر)
وفيها ثار جماعة من الباطنية لعنهم الله في شيزر على حين غفلة من أهلها، فملكوها وأغلقوا الباب، وملكوا القلعة، وكان أصحابها أولاد منقذ قد

(35/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 15
نزلوا يتفرجون على عيد النصارى، فبادر أهل شيزر إلى الباشورة، فأصعدهم النساء في حبال من طاقات، ثم صعد أمراء الحصن، واقتتلوا بالسكاكين، فخذل الباطنية في الوقت، وأخذتهم السيوف، وكانوا مائة، فلم ينج منهم) أحد.
4 (مقتل الروياني شيخ الشافعية)
وفيها قتلت الباطنية شيخ الشافعية أبا المحاسن عبد الواحد الروياني.
4 (أخذ طرابلس)
وفيها على ما ذكر أبو يعلى حمزة أخذت طرابلس.

(35/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 16
4 (سنة ثلاث وخمسمائة)

4 (سقوط طرابلس بيد الفرنج)
قال ابن الأثير: في حادي عشر ذي الحجة تملك الفرنج طرابلس، وكانت قد صارت في حكم صاحب مصر من سنتين، وبها نائبه، والمدد يأتي إليها، فلما كان في شعبان وصل أصطول كبير من الفرنج في البحر، عليهم ريمند بن صنجيل، ومراكبه مشحونة بالرجال والميرة، فنزل على طرابلس مع السرداني ابن أخت صنجيل الذي قام بعد موت صنجيل، وهو منازل لها، فوقع بينهما خلف وقتال، فجاء تنكري صاحب أنطاكية نجدة للسرداني، وجاء بغدوين صاحب القدس، فأصلح بينهما، ونزلوا جميعهم على طرابلس، وجدوا في الحصار في أول رمضان، وعملوا أبراجاً وألصقوها بالسور، فخارت قوى أهلها وذلوا، وزادهم ضعفاً تأخر الأصطول المصري بالنجدة والميرة، وزحفت الفرنج عليها، فأخذوها عنوة، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ونجا واليها وجماعة من الجند التمسوا الأمان قبل فتحها، فوصلوا إلى دمشق.

(35/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 17
4 (أخذ بانياس)
وسار تنكري إلى بانياس فأخذها بالأمان.
4 (أخذ جبلة)
ونزل بعض الفرنج على جبلة وبها فخر الملك بن عمار الذي كان صاحب طرابلس، فحاصروها أياماً، وسلمت بالأمان لقلة الأقوات بها، وقصد ابن عمار شيزر، فأكرمه سلطان بن علي بن منقذ الكناني، فاحترمه وسأله أن يقيم عنده، فسار إلى دمشق فأكرمه طغتكين وأقطعه الزبداني. وذكر سبط الجوزي: أخذ طرابلس في سنة اثنتين، وذكر الخلاف فيه.
4 (محاصرة حصن الألموت)
) وفيها سار وزير السلطان محمد، وهو أحمد بن نظام الملك فحاصر الألموت، وبها الحسن بن الصباح، ثم رحل عنها لشدة البرد.

(35/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 18
4 (إقامة السلطان ببغداد)
وفي ربيع الآخر قدم السلطان بغداد، فأقام بها أشهراً.
4 (جرح الباطنية ابن نظام الملك)
وفي شعبان ظفر باطني على الوزير ابن نظام الملك فجرحه، فتعلل أياماً وعوفي، وسقي الباطني خمراً وقرر، فأقر جماعة بمسجد المأمونية، فأخذوا وقتلوا.
4 (موت صاحب آمد)
وفيها مات إبراهيم بن ينال صاحب آمد، وكان ظلوماً غشوماً، نزح كثيراً من أهل آمد عنها لجوره. وتملك بعده ابنه.
4 (تعويق محمد بن ملكشاه عن الغزو)
وفيها عزم محمد بن ملكشاه على غزو الفرنج، وتهيأ. ثم عرضت له عوائق.
4 (أخذ الفرنج طرسوس وحصن شيزر)
وفيها أخذ تنكري صاحب أنطاكية طرسوس، وقرر على شيزر ضريبة في السنة وهي عشرة الآف دينار. وتسلم الحصن.

(35/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 19
4 (سنة أربع وخمسمائة)

4 (سقوط بيروت)
نزل بغدوين وابن صنجيل على بيروت، وجاءت الفرنج الجنوية في أربعين مركباً، وأحاطوا بها، ثم أخذوها بالسيف.
4 (سقوط صيدا)
ثم نازلوا صيدا في ثالث ربيع الآخر، فأخذوها في نيف وأربعين يوماً، وأمنوا أهلها، فتحول خلق من أهلها إلى دمشق، وأقام أكثر الناس رعية للفرنج، وقرر عليهم في السنة قطيعة عشرين ألف دينار.
4 (عصيان نائب عسقلان)
وكان نائب بعسقلان شمس الخلافة، فراسل بغدوين صاحب القدس وهادنه وهاداه، وخرج عن) طاعة صاحب مصر، فتحيلوا للقبض عليه فعجزوا.

(35/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 20
ثم إنه أخرج الذي عنده من عسكر مصر خوفاً منهم، وأحضر جماعة من الأرمن واستخدمهم، فمقته أهل عسقلان وقتلوه، ونهبوا داره، فسر بذلك أمير الجيوش الأفضل، وبعث إليها أميراً.
4 (أخذ الفرنج حصني الأثارب وزردنا)
وفيها نازل صاحب أنطاكية حصن الأثارب، وهو على بريد من حلب، فأخذوه عنوة، وقتل ألفي رجل، وأسر الباقين. ثم نازل حصن زردنا، وأخذه بالسيف. وجفل أهل منبج، وأهل بالس، فقصدت الفرنج البلدين، فلم يروا بها أنيساً. تعاظم البلاء وعظم بلاء المسلمين، وبلغت القلوب الحناجر، وأيقنوا باستيلاء الفرنج على سائر الشام، وطلبوا الهدنة، فآمتنعت الفرنج إلا على قطيعة يأخذونها. فصالحهم الملك رضوان السلجوقي صاحب حلب على اثنتين وثلاثين ألف دينار، وغيرها من الخيل والثياب، وصالحهم أمير صور على شيء، وكذا صاحب شيزر، وكذا صاحب حماه علي الكردي، صالحهم هذا على ألفي دينار، وكانت حماه صغيرة جداً.

(35/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 21
4 (ثورة الناس ببغداد)
وسار طائفة من الشام إلى بغداد يستنفرون الناس، واجتمع عليهم خلق من الفقهاء والمطوعة، واستغاثوا وكسروا منبر جامع السلطان، فوعدهم السلطان بالجهاد. ثم كثروا وفعلوا أبلغ من ذلك بكثير من جامع القصر، وكثر الضجيج، وبطلت الجمعة، فأخذ السلطان في أهبة الجهاد.
4 (وزارة الميبذي)
وفيها عزل وزير السلطان محمد نظام الملك بن أحمد بن نظام الملك ووزر الخطير محمد بن حسين الميبذي.
4 (زواج الخليفة ببنت السلطان)
وفي رمضان دخل الخليفة ببنت السلطان ملكشاه، وزينت بغداد وعملت القباب، وكان وقتاً مشهوداً.
4 (الريح السوداء بمصر)
) وفيها هبت بمصر ريح سوداء مظلمة أخذت بالأنفاس، حتى لا يبصر الرجل يده، ونزل على الناس رمل، وأيقنوا بالهلاك. ثم تجلى قليلاً وعاد إلى الصفرة. وكان ذلك من العصر إلى بعد المغرب.

(35/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 22
4 (مهادنة طغتكين بغدوين)
وفيها غدر بغدوين ونازل طبرية، وبرز طغتكين إلى رأس الماء، ثم وقعت هدنة. وفيها حيف على المسلمين وإذلال، ولم ينجدهم لا جيش الشرق ولا جيش مصر، واستنصرت الفرنج بالشام.

(35/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 23
4 (سنة خمس وخمسمائة)

4 (محاصرة المسلمين الرها)
وفيها سارت عساكر العراق والجزيرة لقتال الفرنج، فحاصروا الرها، ولم يقدروا عليها، واجتمعت جموع الفرنج، فلم يكن وقعة.
4 (مسير المسلمين إلى الشام)
ثم سار المسلمون وقطعوا الفرات إلى الشام ونازلوا تل باشر خمسة وأربعين يوماً، ورحلوا فجاءوا إلى حلب، فأغلق في وجوههم صاحبها رضوان بابها، ومات مقدمهم سقمان القطبي، واختلفوا ورجعوا، وما فعلوا شيئاً، إلا أنهم أطمعوا في المسلمين عساكر الفرنج.
4 (حصار صور)
فتجمعت الملاعين، وساروا مع بغدوين فحاصروا صور.

(35/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 24
قال ابن الأثير: عملوا عليها ثلاثة أبراج خشب، علو البرج سبعون ذراعاً، وفيه ألف رجل فألصقوها بالسور. وكان نائب المصريين بها عز الملك، فأخذ المسلمون حزم حطب، وكشفت الحماة بين أيديهم إلى أن وصلوا إلى البرج، فألقوا الحطب حوله، وأوقدوا النار فيه، وأشغلوا الفرنج عن النزول من البرج بالنشاب، وطرشوهم بجرار ملأى عذرة في وجوههم، فخبلوهم، وتمكنت النار، فهلك من في البرج إلا القليل. ثم رموا البرجين الآخرين بالنفط فآحترقا. وطلبوا النجدة من صاحب دمشق، فسار إلى ناحية بانياس، واشتد الحصار. قلت: وجرت فصول طويلة.)
4 (غارات طغتكين)
وكان تلك الأيام يغير طغتكين على الفرنج وينال منهم وأخذ لهم حصناً في السواد، وقتل أهله. وما أمكنه مناجزة الفرنج لكثرتهم.
4 (إحراق المراكب بصيدا)
ثم جمع وسار إلى صور، فخندقوا على نفوسهم ولم يخرجوا إليه، فسار إلى صيدا وأغار على ضياعها، وأحرق نحو عشرين مركباً على الساحل. وبقي الحصار على صور مدة، وقاتل أهلها قتال من آيس من الحياة، فدام

(35/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 25
القتال إلى المغل، فخافت الفرنج أن يستولي طغتكين على غلات بلادهم، وبذل لهم أهل صور مالاً ورحلوا عنها.
4 (الملحمة بالأندلس)
وفيها كانت ملحمة كبيرة بالأندلس بين علي بن يوسف بن تاشفين وبين الأذفونش لعنه الله، نصر فيها المسلمون، وقتلوا وأسروا وغنموا ما لا يعبر عنه. فخاف الفرنج منها، وامتنعوا من قصد بلاد ابن تاشفين، وذل الأذفونش حينئذ وخاف فإنها وقعة عظيمة أبادت شجعان الفرنج. وانصرف ابن الأذفونش حينئذ جريحاً، فهلك في الطريق. وكان أبوه قد شاخ وارتعش.

(35/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 26
4 (سنة ست وخمسمائة)

4 (موت بسيل الأرمني)
فيها مات الملك بسيل الأرمني صاحب الدروب، فسار تنكري صاحب أنطاكية الفرنجي ليملكها فمرض، فعاد ومات بعد أيام. وتملك أنطاكية بعده سرخالة ابن أخته.
4 (موت قراجا صاحب حمص)
وفيها مات قراجا صاحب حمص، وقام بعده ولده قرجان. وكلاهما ظالم.
4 (قدوم القادة للجهاد في الإفرنج)
وفي أواخر السنة، خاض الفرات صاحب الموصل مودود بن التون تكين، وصاحب سنجار تميرك، والأمير اياز بن إيلغازي بنية الجهاد، فتلقاهم صاحب دمشق طغتكين إلى سلمية، وكان كثير المودة بمودود. وكانت الفرنج قد تابعت الغارات على حوران، وغلت الأسعار بدمشق، فاستنجد طغتكين بصديقه مودود، فبادر إليه، فاتفق على قصد بغدوين صاحب القدس، فساروا حتى صاروا إلى الأردن، ونزل بغدوين على الصنبرة وبينهما الشريعة.)

(35/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 27
4 (سنة سبع وخمسمائة)

4 (موقعة المسلمين والفرنج عند الشريعة)
في ثالث عشر المحرم التقى عسكر دمشق الجزيرة وعسكر الفرنج بقرب طبرية، وصبر الفريقان، واشتد الحرب، وكانت وقعة مشهورة، ثم انكسرت الفرنج ووضع المسلمون فيهم السيف، وأسروا خلقاً، وأسر ملكهم بغدوين، لكن لم يعرف، فأخذ الذي أسره سلاحه وأطلقه، فنجا جريحاً، ثم مات بعد أشهر. وغرق منهم في الشريعة طائفة. وغنم المسلمون الغنيمة. ثم جاء عسكر أنطاكية وعسكر طرابلس، فقويت نفوس المنهزمين وعاودوا الحرب، فثبت لهم المسلمون فآنحاز الملاعين إلى جبل، ورابط المسلمون بإزائهم يرمونهم بالنشاب، فأقاموا كذلك ستة وعشرين يوماً، وهذا شيء لم يسمع بمثاله قط، وعدموا الأقوات. ثم سار المسلمون إلى بيسان، فنهبوا بلاد الفرنج وضياعهم من القدس

(35/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 28
إلى عكا، ورجعوا فنزلوا بمرج الصفر، وسافرت عساكر الموصل.
4 (اغتيال مودود صاحب الموصل)
ودخل مودود في خواصه دمشق، وأقام عند صاحبه طغتكين، وأمر عساكره بالبحر في الربيع ونزل هو وطغتكين يوم الجمعة في ربيع الأول للصلاة، ومشى ويده في يد طغتكين في صحن الجامع، فوثب على مودود باطني جرحه في مواضع، وقتل الباطني وأحرق. قال أبو يعلى حمزة: ولما قضيت الجمعة تنفل بعدها مودود، وعاد هو والأتابك وحولهما من الأتراك والديلم والأحداث بأنواع السلاح من الصوارم والصمصامات والخناجر المجردة ما شاكل الأجمة المشتبكة، فلما حصلا في صحن الجامع وثب رجل لا يؤبه له، فقرب من مودود كأنه يدعو له ويتصدق عليه، فقبض ببند قبائه، وضربه بخنجر أسفل سرته ضربتين، هذا والسيوف تنزل عليه. ومات مودود ليومه صائماً. وكان فيه عدل وخير. فقيل: إن الإسماعيلية قتلته. وقيل: بل خافه طغتكين، فجهز عليه الباطني، وذلك بعيد. قال ابن الأثير: حدثني والدي رحمه الله أن ملك الفرنج كتب إلى

(35/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 29
طغتكين أن ملك الفرنج كتب إلى طغتكين كتاباً فيه: وإن أمة قتلت عميدها، يوم عيدها، في بيت معبودها، لحقيق على الله أن يبيدها.) ودفن مودود في تربة دقاق بخانكاه الطواويس، ثم حمل بعد ذلك إلى بغداد، فدفن في جوار الإمام أبي حنيفة، ثم نقل إلى أصبهان. وتسلم صاحب سنجار حواصله وحملها إلى السلطان محمد، فأقطع السلطان الموصل والجزيرة لأقسنقر البرسقي، وأمره أن يتوافق هو والأمير عماد الدين زنكي ابن أقسنقر، وتشاوروا في المصلحة لنهضته وشهامته.
4 (نقل المصحف العثماني إلى دمشق)
وكان بطبرية مصحف. قال أبو يعلى القلانسي: كان قد أرسله عثمان رضي الله عنه إلى طبرية، فحمله أتابك طغتكين منها إلى جامع دمشق.
4 (وفاة الوزير ابن جهير)
وفيها مات الوزير أبو القاسم علي بن جهير، وولي وزارة الخليفة بعده ربيب الدين أبو منصور الحسين بن الوزير أبي شجاع.

(35/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 30
4 (وفاة الملك رضوان)
وفيها توفي الملك رضوان صاحب حلب، وولي بعده ألب أرسلان الأخرس فقتل أخوين له مباركشاه وملكشاه، وقتل رأس الباطنية أبا طاهر الصائغ في جماعة من أعيانهم، فرحلوا عن حلب، وكان لهم بها منعة وشوكة قوية. وكان رضوان قد عمل لهم دار دعوة بحلب لقلة دينه، وكان ظالماً فاتكاً يقرب الباطنية، ويستعين بهم، وقتل أخويه بهرام، وأبا طالب، وكان غير محمود السيرة.
4 (ثورة الباطنية بشيزر)
وفيها، ذكر سبط الجوزي ثورة الباطنية بشيزر، وقد مر لنا ذلك قبل هذه السنة.
4 (مهادنة بغدوين أهل صور)
وفيها هادن بغدوين أهل صور، وأتتهم النجدة والإقامات من مصر في البحر.

(35/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 31
4 (سنة ثمان وخمسمائة)

4 (خروج البرسقي لحرب الفرنج)
في أولها قدم أقسنقر البرسقي على مملكة الموصل، وسير معه السلطان محمد ولده مسعوداً في جيش كبير لحرب الفرنج. فنازل البرسقي الرها في خمسة عشر ألف راكب، فحاصرها شهرين، ثم رحل لقلة الميرة، وعاد إلى شحنان، فقبض على إياز بن إيلغازي، ونهب أعمال) ماردين. ثم تسلم حصن مرعش من الفرنج صلحاً.
4 (حرب صاحب ماردين والبرسقي)
وأما صاحب ماردين فغضب لخراب بلاده ولأسر ولده، فنزل وحشد، ونزل معه ابن أخيه صاحب حصن كيفا ركن الدولة داود بن سقمان، فالتقى هو والبرسقي في أواخر السنة، فانهزم البرسقي وخلص أياز، ولكن خاف إيلغاز من السلطان، فسار إلى دمشق، وكان صاحبها خائفاً من السلطان أيضاً لأنه نسب قتل مودود صاحب الموصل إليه، فاتفقا على الامتناع والاعتضاد بالفرنج، فأجابهما إلى المعاوية صاحب أنطاكية وجاء، فآجتمعوا به على بحيرة حمص، وتحالفوا وآفترقوا.

(35/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 32
4 (أسر إيلغازي وإطلاقه)
وسار إيلغازي إلى ديار بكر، فنزل بالرستن ليستريح، وشرب فسكر، فتبعه صاحب حمص، فأسره ودخل به حمص، ثم طلب أن يصاهره ويطلقه، ويأخذ ولده إياز رهينة، فأطلقه خوفاً من طغتكين.
4 (وفاة سلطان الهند)
وفيها مات سلطان الهند وغزنة علاء الدولة مسعود، وجرت بعده أمور سقتها في ترجمته.
4 (الزلزلة بالجزيرة والشام)
وفيها جاءت زلزلة مهولة بالجزيرة والشام، هلك خلق كثير تحت الهدم.
4 (وفاة الشريف بدمشق)
وفيها مات الشريف النسيب بدمشق.
4 (مقتل صاحب حلب)
وفيها قتل صاحب تاج الدولة ألب أرسلان بن الملك رضوان بن تتش، قتله غلمانه. وكان المستولي عليه الخادم لؤلؤ. وملكوا بعده سلطان شاه أخاه بإشارة الخادم.

(35/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 33
4 (هلاك بغدوين)
وفيها هلك بغدوين الفرنجي صاحب القدس من جراحة، أصابته في مصاف طبرية.
4 (موت صاحب مراغة)
) وفيها مات الأمير أحمديل صاحب مراغة، وكان شجاعاً جواداً، إقطاعه تغل في العام أربعمائة ألف دينار، وعسكره خمس الآف دينار. وثب عليه ثلاثة من الباطنية، فقتلوه وقتل. بل قتل بعد ذلك بقليل، وكذا بغدوين تأخر موته فيحرر ذلك.

(35/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 34
4 (سنة تسع وخمسمائة)

4 (عصيان صاحبي ماردين ودمشق على السلطان)
لما بلغ السلطان عصيان صاحب ماردين وصاحب دمشق غضب، وبعث الجيوش لحربهما، فساروا وعليهم برسق صاحب همذان في رمضان من السنة الماضية، وعدوا الفرات في آخر العام، فأخذوا حماه عنوة ونهبوها، وهي لطغتكين، فاستعان بالفرنج فأعانوه.
4 (استرجاع كفر طاب من الفرنج)
وسار عسكر السلطان وهم خلق كثير، فأخذوا كفر طاب من الفرنج واستباحوها.
4 (خذلان المسلمين أمام الفرنج)
ثم ساروا إلى المعرة، فجاء صاحب أنطاكية في خمسمائة فارس وألفي راجل، فوقع على أثقال العساكر، وقد تقدمتهم على العادة، فنهبوها وقتلوا السوقية والغلمان، وأقلبت العساكر متفرقة، ولم يشعروا بشيء، فكان الفرنج يقيلون كل من وصل. وأقبل برسق مقدم العساكر في مائة فارس، فرأى الحال، فصعد تلا هناك، والتجأ إليه الناس وعليهم ذل وانكسار، فأشار على برسق أخيه بأننا ننزل وننجو. فنزل بهم على حمية، وساق وراءهم الفرنج نحو

(35/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 35
فرسخ. ثم ردوا، فتمموا الغنيمة والأسر، وأحرقوا كثيراً من الناس، واشتد البلاء، وتبدل فرح المسلمين خوفاً وحزناً، لأنهم رجوا النصر من عساكر السلطان، فجاء ما لم يكن في الحساب، وعادت العساكر بأسوأ حال، نعوذ بالله من الخذلان.
4 (موت برسق وأخيه)
ومات برسق، وأخوه زنكي بعد سنة قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً.
4 (استرداد رفنية من الفرنج)
وجالت الفرنج بالشام، وأخذوا رفنية، فساق إليهم طغتكين على غرة، واسترد رفنية، وأسر وقتل.)
4 (إجتماع طغتكين بالسلطان)
ثم رأى المصلحة أن يتلافى أمر السلطان، فسار بنفسه إلى بغداد بتقادم وتحف للسلطان والخليفة، فرأى من الإكرام والتبجيل ما لا مزيد عليه، وشرف بالخلع، وكتب له السلطان منشوراً بإمرة الشام جميعه. وكان السلطان هذه السنة قد قدم بغداد واجتمع بعه طغتكين في ذي القعدة.

(35/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 36
4 (مصالحة بغدوين والأفضل)
قال سبط الجوزي: وفيها صالح بغدوين صاحب القدس الأفضل متولي الديار المصرية. وكان بغدوين صاحب القدس قد سار إلى السنجة المعروفة مما يلي العريش، فأخذ قافلة عظيمة جاءت من مصر، فهادنه الأفضل، وأمن الناس قليلاً.

(35/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 37
4 (سنة عشر وخمسمائة)

4 (قتل صاحب مراغة)
الأصح أن أحمديل صاحب مراغة قتل في أول سنة عشر ببغداد بدار السلطان، وكان جالساً إلى جانب طغتكين صاحب دمشق أتاه رجل فبكى وبيده قصة، وتضرع إليه أن يوصلها إلى السلطان محمد، فأخذها منه، فضربه بسكين، فجذبه أحمديل في الحال، وبرك فوقه، فوثب باطني آخر، فضرب أحمديل بسكين، فأخذتهما السيوف. ووثب رفيق لهما والسيوف تنزل عليهما، فضرب أحمديل ضربة أخرى، فهبروه أيضاً.
4 (موت جاولي)
وفيها مات جاولي الذي كان قد حكم على الموصل، ثم أخذها السلطان منه، فخرج على الطاعة. ثم إنه قصد السلطان لعلمه بحلمه، فرضي عنه. وأقطعه بلاد فارس، فمضى إليها وحارب ولاتها وحاصرهم، وأوطأهم ذلاً إلى أن مات.
4 (محاصرة ابن باديس تونس)
وفيها حاصر علي بن يحيى بن باديس مدينة تونس وضيق عليها، فصالحه

(35/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 38
صاحبها أحمد بن خراسان على ما أراد.
4 (فتح ابن باديس جبل وسلات)
وفيها افتتح ابن باديس جبل وسلات وحكم عليه. وهو جبل منيع كان أهله يقطعون الطريق،) فظفر بهم، وقتل منهم خلقاً.
4 (فتنة مشهد الرضا)
وفي يوم عاشوراء كانت فتنة في مشهد علي بن موسى الرضا بطوس خاصم علوي فقيهاً، وتشاتما وخرجا، فاستعان كل منهما بحزبه، فثارت فتنة عظيمة هائلة، حضرها جميع أهل البلد، وأحاطوا بالمشهد وخربوه، وقتلوا جماعة، ووقع النهب، وجرى ما لا يوصف، ولم يعمر المشهد إلى سنة خمس عشرة وخمسمائة.
4 (حريق بغداد)
ووقع ببغداد حريق عظيم، ذهب للناس فيه جملة.
4 (هرب ابن صنجيل بالبقاع)
وقال أبو يعلى بن القلانسي: وفي سنة عشر ورد الخبر بأن بدران بن صنجيل صاحب طرابلس جمع وحشد، ونهض إلى البقاع، وكان سيف الدين سنقر البرسقي صاحب الموصل قد وصل إلى دمشق لمعونة الأتابك طغتكين، فتلقاه وسر به، فاتفقا على تبييت الفرنج، فساقاً حتى هجما على الفرنج وهم غارون، فوضعوا فيهم السيف قتلاً وأسراً، فقيل هلك منهم نحو ثلاثة الآف

(35/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 39
نفس، وهرب ابن صنجيل، وغنم المسلمون خيلهم وسلاحهم، ورجعوا. ورد البرسقي إلى الموصل، وقد استحكمت المودة بينه وبين طغتكين.
4 (مقتل الخادم لؤلؤ)
وفيها قتل الخادم لؤلؤ المستولي على حلب. وكان قد قتل ألب أرسلان بن رضوان، وشرع في قتل غلمان رضوان، فعملوا عليه وقتلوه. والصحيح أنه قتل في السنة الآتية.
4 (حج الركب العراقي)
وفيها حج بالركب العراقي أمير الجيوش الحبشي مولى المستظهر بالله، ودخل مكة بالأعلام والكؤوسات والسيوف المسللة، لأنه أراد إذلال أمير مكة وعبيده.

(35/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 40
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الحادية والخمسون وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن الحسن بن أحمد بن يزداد. أبو العز المستعملي. روى عن: الجوهري، والعشاري. أحمد بن الحسين بن أحمد. أبو طاهر بن النقار الحميري. ولد بالكوفة سنة ثمان عشرة وأربعمائة، ونشأ ببغداد. وكان يعرف القراءآت ويفهمها. قرأ على: خاله أبي طالب بن النجار. وقرأ الأدب على أبي القاسم بن برهان، ثم انتقل إلى دمشق وإلى مصر، وسكن طرابلس. وبدمشق توفي في رمضان.

(35/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 41
أحمد بن عبد الله بن سبعون. أبو بكر القيسي، القيرواني، ثم البغدادي. سمع: أبا الطيب الطبري، وأبا محمد الجوهري. وعنه: ابنه عبد الله، وعمر بن ظفر. إبراهيم بن مياس القشيري الدمشقي. سمع: أبا عبد الله بن سلوان، وأبا القاسم الحنائي، وأبا الحسين بن المهتدي بالله، وغيره ببغداد. سمع منه: الصائن هبة الله، وغيره. توفي في شعبان، وله خمس وستون سنة.

(35/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 42
إسماعيل بن عمرو بن محمد بن أحمد. أبو سعيد بن أبي عبد الرحمن البحيري، النيسابوري. ثقة، صالح، محدث، من بيت الحديث. وكان صحيح القراءة. قال السمعاني: سمع بإفادته خلق، وتفقه على ناصر العمري.) وكان يقرأ دائماً صحيح مسلم للغرباء والرحالة على أبي الحسين عبد الغافر الفارسي، وكف بصره بأخرة. سمع من: أبي بكر أحمد بن علي بن منجويه الحافظ، وأبي حيان المزكي، وأبي العلاء صاعد بن محمد، وعبد الرحمن بن حمدان النصروي. روى لنا عنه: إسماعيل بن جامع بمرو، وواكد بن محمد العالم بسمنان، وأبو شجاع البسطامي ببخارى، وأبو القاسم الطلحي بإصبهان. قال ابن النجار: كان نظيفاً، عفيفاً، اشتغل بالتجارة وبورك له فيها، وحصل جملة. وقال ابن السمعاني: وقرأت بخط والدي قال: سمعت أبا سعيد البحيري يقول: قرأت صحيح مسلم على عبد الغفار أكثر من عشرين مرة. وولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وتوفي في آخر السنة بنيسابور.

(35/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 43
وقد أملى مجالس بنيسابور، وتوفي ابنه محمد قبله. إسماعيل بن يحيى بن حسين. أبو نصر الملاح. بغدادي. حدث بشيء يسير عن الجوهري. وتوفي في صفر.
4 (حرف التاء)
تميم بن المعز بن باديس بن المنصور بن بلكين بن زيري بن مناد. السلطان أبو يحيى الحميري الصنهاجي، ملك إفريقية بعد أبيه.

(35/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 44
كان حسن السيرة، محباً للعلماء، قصده الشعراء من النواحي، وآمتدحه الحسن بن رشيق القيرواني، وغيره. وكان ملكاً جليلاً، شجاعاً، مهيباً، فاضلاً، شاعراً، جواداً، ممدحاً. ولد سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، ولم يزل بالمهدية منذ ولاه أبوه إياها من صفر سنة خمس وأربعين إلى أن توفي أبوه بعد أشهر في شعبان. ومن شعره:
(سل المطر العام الذي عم أرضكم .......... أجاء بمقدار الذي فاض من دمعي)
)
(إذا كنت مطبوعاً على الصد والجفا .......... فمن أين لي صبر فأجعله طبعي)
ولابن رشيق فيه، وأجاد:
(أصح وأعلى ما سمعناه في النوى .......... من الخبر المأثور منذ قديم)

(أحاديث ترويها السيول عن الحيا .......... عن البحر عن كف الأمير تميم)
وفي أيامه أجتاز ابن تومرت بإفريقية وأظهر الإنكار على من خرج عن الشرع، وراح إلى مراكش. آمتدت دولة تميم إلى هذه السنة، وتوفي في رجب.

(35/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 45
وخلف من البنين أكثر من مائة ولد، ومن البنات ستين على ما ذكره حفيده العزيز بن شداد بن تميم، وملك بعده ولده يحيى وقد تكهل، فأحسن السيرة في الرعية، وافتتح حصناً كبيراً امتنع على أبيه، ولم يزل مظفراً منصوراً.
4 (حرف الخاء)
الحسن بن محمد بن عبد العزيز. أبو علي التككي. بغدادي صالح، صحيح السماع. سمع: أبا علي بن شاذان. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وسلمان الشحام، وأبو طاهر السلفي، وأبو بكر بن النقور. توفي في رمضان. أخبرنا ابن الفراء: أنا ابن قدامة، أنا عبد الله بن أحمد بن النرسي: أنا الحسن بن محمد، أنا أبو علي بن شاذان، أنا عثمان، وهو ابن السماك: ثنا موسى بن سهل، ثنا إسماعيل بن علية، نا حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليدخل العبد الجنة بالأكلة أو الشربة يحمده عليها. هذا حديث غريب على شرط الصحيح، مع لين في موسى الوشاء. حمزة بن هبة الله بن سلامة.

(35/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 46
أبو يعلى العثماني، الدمشقي. روى عن: علي بن الخضر السلمي، وغيره.) سمع منه: أبو محمد بن صابر، وغيره.
4 (حرف الراء)
رزماشوب بن زايار. الإمام، الأديب، أبو نصر الديلمي. أرخه السلفي في السنة. مات في رمضان. وروى عنه في جزء ابن قلبنا، وقال: كان من أفراد الدهر، ونوادر العصر. له نظم رائق، ونثر فائق، ورياسة.
4 (حرف الصاد)
صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد.

(35/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 47
الأمير سيف الدولة ابن بهاء الدولة الأسدي، الناشري، صاحب الحلة السيفية. كان يقال له ملك العرب. وكان ذا بأس وسطوة. نافر السلطان محمد بن ملكشاه، وأفضت بينهما الحال إلى الحرب، فتلاقيا عند النعمانية، فقتل صدقة في المعركة يوم الجمعة سلخ جمادى الآخرة وحمل رأسه إلى بغداد. وكانت وفاة أبيه سنة تسع وسبعين، ووفاة جده في سنة ثلاث وسبعين.
4 (حرف العين)
عبد الرحمن بن حمد بن الحسن بن عبد الرحمن. أبو محمد الذوني، الصوفي، الزاهد. من بيت زهد وعبادة، من قرية الدون، ويقال: دونة. وهي على عشر فراسخ من همذان، مما يلي الدينور. روى كتاب السنن للنسائي، عن ابن الكسار، وهو آخر من حدث به عنه. قرأه عليه السلفي بالدون في سنة خمسمائة، وقال: قال لي ابنه أبو سعد: لوالدي خمسون سنة ما أفطر بالنهار.

(35/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 48
وقال شيرويه في تاريخه: كان صدوقاً، متعبداً، سمعت منه السنن، ورياضة المتعبدين. وقال السلفي: كان سفياني المذهب، ثقة. بلغنا أنه توفي في رجب. قال: وولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة في رمضان.) وقال غيره: سمع السنن في شوال سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. وحدث عنه: أبو بكر محمد بن منصور السمعاني، وأبو العلاء الحسن بن أحمد العطار، والسلفي، وأبو زرعة المقدسي، وأبو الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي، وأحمد بن ينال الترك، وعبد الرزاق بن إسماعيل القومساني الهمذاني، وابن عمه المطهر بن الكريم، ومحمد بن سليمان، وأبو الفتوح الطائي، وأبو الحسن سعد الخير الأندلسي، وخلق. وأجاز للحافظ أبي القاسم بن عساكر. عبد الرحمن بن خلف بن مسعود. أبو الحسن الكناني القرطبي. روى عن: حكم بن محمد، ومحمد بن عتاب، وابن عمر بن القطان. وكان معتنياً بالسماع الكثير، وكان يعظ ويذكر في مسجده. وهو دين، ثقة، عالم. عبد الكريم بن المسلم بن محمد بن صدقة. الشبلي، العطار. سمع: أبا القاسم الحنائي، وعبد العزيز الكتاني. وهو دمشقي، قليل الرواية.

(35/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 49
4 (حرف الميم)
محمد بن أحمد بن مسعود بن مفرج. أبو عبد الله الأندلسي، الشسلبي، الفقيه. كان مفتي تلك الناحية. تفقه على: أبيه. وسمع صحيح البخاري بإشبيلية من أبي عبد الله بن منظور. وكان بصيراً بالفتوى، إماماً، ثقة. توفي في ذي الحجة. محمد بن سليمان بن يحيى. أبو عبد الله القيسي، المقريء. قرأ على أصحاب عمرو الداني بالروايات. ومات كهلاً.) محمد بن عبد الملك بن عبد القاهر بن أسد. أبو سعد الأسدي، البغدادي، المؤدب. سمع: أبا علي بن شاذان، وابن بشران، وغيرهما. روى عنه: السلفي، وعبد الحق، وخطيب الموصل، وجماعة. ضعفه ابن ناصر لأنه كان يلحق سماعاته مع أبيه، وكان الإلحاق بيناً طرياً.

(35/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 50
توفي في رمضان وقد جاوز الثمانين بيسير. قال السمعاني: ألحق سماعه في أجزاء. محمد بن عبد الواحد بن علي. أبو الغنائم ابن الأزرق. سمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا محمد الخلال، وعبد العزيز بن علي الأزجي. روى عنه: عمر بن عبد الحربي، وأبو المعمر الأنصاري، وجماعة. ويعرف بابن الشهرستاني. وممن روى عنه مسعود بن أبي علان شيخ أحمد بن طبرزد. محمد بن العراقي بن أبي عنان القزويني، الطاوسي. أبو جعفر. حدث في شوال من السنة بهمذان، عن محمد بن الحسين المقومي بأحاديث. وكان صالحاً، قدوة. محمد بن عمر بن قطري. أبو بكر الزبيدي، الإشبيلي.

(35/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 51
سمع من: أبي الوليد الباجي، وجماعة. ورحل إلى المشرق. وسمع من: أبي بكر الخطيب، وجماعة. وكان عالما بالنحو والأصول. توفي بسبتة

(35/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 52
محمد بن محمود بن حسن بن محمد بن يوسف.) أبو الفرج ابن العلامة أبي حاتم الأنصاري القزويني. من آمل طبرستان. فقيه، دين، صالح، صاحب معاملة. حج سنة سبع وتسعين، وأملى بمكة مجلساً. وضاع ابن له قبل وصوله المدينة. قال بعضهم: فرأيناه في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يتمرغ في التراب ويتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم في لقي ولده، والخلق حوله، فبينا هو في تلك الحال إذ دخل ابنه من باب المسجد، فاعتنقا زماناً. رواها السمعاني، عن أبي بكر بن أبي العباس... المروزي، أنه حج تلك السنة، ورآه يتمرغ في التراب، والخلق مجتمعون عليه، وهو يقول: يا رسول الله جئتكم من بلد بعيد زائراً، وقد ضاع آبني، لا أرجع حتى ترد علي ولدي. وردد هذا القول، إذ دخل ابنه، فصرخ الحاضرون. سمع: أباه، ومنصور بن إسحاق الحافظ، وسهل بن ربيعة، وأبا علي الحسيني. روى عنه: ابن ناصر، والسلفي، وابن الخل، وشهدة، وآخرون.

(35/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 53
توفي بآمل في المحرم سنة إحدى. وكان أبوه من كبار الفقهاء. محمد بن هبة الله بن محمد بن الحسن بن المأمون الهاشمي. أبو نصر. سمع: أبا محمد الجوهري. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري وأثنى عليه. توفي في ربيع الأول. قال ابن النجار: سمع أيضاً من: أبي علي بن المذهب، وابن المحسن التنوخي. وكان من سروات بيته، صالحاً، متديناً. روى عنه: أبو طاهر السلفي، وعبد الحق اليوسفي. منصور بن الحسن بن عاذل. أبو الفرج البجلي، البوازيجي. والبوازيج: بين تكريت والموصل. قدم بغداد، وتفقه بأبي إسحاق الشيرازي، ولازمه.) وسمع من: ابن المهتدي بالله، وغيره، روى عنه: علي بن أحمد اليزدي، ومحمد بن أبي الغنائم التكريتي. وكان من العقلاء، الصلحاء. ولي قضاء البوازيج، وعاش إلى هذا العام.

(35/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 54
4 (حرف الهاء)
هبة الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون. أبو طاهر بن أبي الحسين بن أبي نصر النرسي، البغدادي، المعدل، الشاهد. من أولاد المحدثين. سمع: أبا طالب بن غيلان، وعبد الملك بن عمر الرزاز. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طاهر السنجي، وغيرهما. وتوفي في ربيع الآخر.
4 (حرف الياء)
يحيى بن محمد بن بذال. أبو نصر الحريمي، الطاهري، ولد محمد. شيخ صالح. سمع: أبا إسحاق البرمكي، والجوهري. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري. توفي في رمضان.

(35/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 55
4 (وفيات سنة اثنتين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أبق بن عبد الرزاق. الأمير أبو منصور، عضب الدولة، الذي بالتربة العضبية، خارج باب الفراديس. أخو الأمراء الكبار، من خواص صاحب دمشق تاج الدولة تتش. وهو الذي مدحه ابن الخياط بقصيدته الطنانة:
(سلوا سيف ألحاظه الممتشق .......... أعند القلوب دم للحدق)
) أحمد بن عبد العزيز. الدلال، البغدادي، المعروف بالخرمي. روى عن: أبي الحسن القزويني يسيراً. روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعبد الله بن منصور الموصلي. توفي في جمادى الأولى. أحمد بن علي بن أحمد بن سعيد. الخطيب أبو حاتم النيسابوري، الصوفي.

(35/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 56
سمع: أبا عثمان الصابوني. وحدث ببغداد. روى عنه: سعد الخير الأنصاري، والسلفي. حدث في هذه السنة، ولا أعلم متى توفي. مولده سنة إحدى وعشرين. أحمد بن علي بن حسين. الشابرخواستي، القاضي أبو طاهر، الصالح، الزاهد، العابد. روى عن علي بن القاسم البصري، عن أبي روق الهزاني. روى عنه السلفي في البلد التاسع والعشرين. توفي في هذه السنة.
4 (حرف الباء)
بدر بن خلف بن يوسف. أبو نجم الفركي، والفرك: قرية من قرى إصبهان. سمع: أبا نصر الكسار، وغيره. وعاش ثلاثاً وثمانين سنة. روى عنه أبو طاهر السلفي قطعة من ذاك الجزء المتبقي من سنن النسائي. وسمع من أبي نصر إبراهيم بن الكساري أيضاً.

(35/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 57
4 (حرف الحاء)
الحسين بن علي بن الحسين.) أبو الفوارس ابن الخازن الكاتب، الديلمي. روى عن: أبي محمد الحوهري. حدث عنه: السلفي وقال: كان أحسن الناس خطاً. قلت: هو صاحب الخط الفائق، كان مشتهراً بلعب النرد. وقيل إنه نسخ خمسمائة مصحف، وكتب من مقامات الحريري عدة نسخ، ومن الأغاني ثلاث نسخ. ولم يخلف وارثاً. وكان يسكن بدرب حبيب ببغداد. وله شعر جيد، فمنه:
(عنت الدنيا لطالبها .......... وآستراح الزاهد الفطن)

(كل ملك نال زخرفها .......... حسبه مما حوى كفن)

(يقتني مالاً ويتركه، .......... في كلا الحالتين مفتتن)

(أكره الدنيا وكيف بها، .......... والذي تسخو به وسن)

(لم تدم قبلي على أحد، .......... فلماذا الهم والحزن)
توفي فجأة في ذي الحجة. وقيل: توفي سنة تسع وتسعين. وسيأتي في سنة ثمان عشرة ابن الخازن الشاعر الكاتب.

(35/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 58
حمد بن عبد الله بن أحمد بن حنة. أبو أحمد المعبر، إصبهاني، فقيه، مشهور. سمع: أبا الوليد الحسن بن محمد الدربندي، وأبا طاهر بن عبد الرحيم الكاتب، وأحمد بن محمد بن النعمان الصائغ، ومنصور بن الحسين سبط بحروية، وجماعة. وأملى عدة مجالس. روى عنه: أبو طاهر السلفي، وأبو الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي، وآخرون. قال السلفي: ذكره ابن نقطة فقال: خرج له إسماعيل بن محمد بن الفضيل الحافظ فوائده. وكان يؤم في الجامع الأعظم ثلاث صلوات، ويفتي، ويعبر الرؤيا. وكان من شيوخ الصوفية. قال لي إسماعيل بن محمد بن الفضيل: النزول عن أبي الصلت الطهراني، ومحمد بن عزيزة، وحمد بن حنة، أحب إلي من العلو عمن سواهم فهم لا يدرون ما) يروون.
4 (حرف الزاي)
زيد بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن حسن بن القاسم بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب. أبو هاشم الحسيني الهمذاني، رئيس البلد وأميره. روى عن أبي سعد جامع بن محمد الأديب حديثاً واحداً. وكان هيوباً، مطاعاً، سائساً. جمع الأموال، وظلم، وعسف. وكان يطرح

(35/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 59
الشيء الذي يساوي درهماً بثلاثة دراهم وأكثر. واستعبد الناس، وعمر دهراً. توفي في رجب وله ثلاث وتسعون سنة. وهو ابن بنت الصاحب إسماعيل بن عباد.
4 (حرف الصاد)
صاعد بن محمد بن عبد الرحمن. أبو العلاء البخاري، القاضي. قال السمعاني: هو من أهل إصبهان، الإمام المقدم في زمانه على أقرانه فضلاً، وعلماً، وزهداً، وتواضعاً. تفقه على مذهب أبي حنيفة حتى صار مفتي إصبهان. سمع من أصحاب ابن المقريء ولقي ببغداد ابن النقور، وبمكة أبا علي الحسن بن عبد الرحمن الشافعي. قتل في جامع إصبهان يوم عيد الفطر وله خمس وخمسون سنة. قتله باطني.
4 (حرف الطاء)
طاهر بن سعيد بن فضل الله بن أبي الخير. أبو الفتح الميهني. والد أحمد. وأبي القاسم.

(35/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 60
كان من أهل الخير، ومن بيت المشيخة والتصوف. أقام ببغداد مدة يسمع ويطلب، وسافر الكثير، ولقي الكبار. وسمع من: جده الشيخ أبي سعيد فضل الله، وخلف بن أحمد الأبيوردي، وأبي القاسم القشيري، وأبي علي الحسن بن غالب المقريء البغدادي، وأبي الغنائم بن المأمون.) روى عنه: أبو شجاع عمر بن محمد البسطامي، وغيره. توفي في جمادى الآخرة. وكان ذا تعبد وتأله وخير.
4 (حرف العين)
عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم. أبو علي الدينوري، المؤذن. حدث عن: عبد الرزاق بن الفضيل الكلاعي. سمع منه: سهل بن بشر مع تقدمه، وأبو محمد بن صابر. عبد الله بن سعيد بن حكم. الزاهد، أبو محمد القرطبي، المقتلي. قرأ القرآن على أبي محمد مكي بن أبي طالب. وكان آخر من قرأ عليه. وكان أحد العباد الزهاد، المتبرك بهم.

(35/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 61
عبيد الله بن عمر بن محمد بن أحيد. أبو القاسم الكشاني، الخطيب. ثقة، إمام، مشهور. أملى مدة سنين، وطال عمره. سمع: محمد بن الحسن الباهلي، وعلي بن أحمد السنكباثي، وأبا سهل عبد الكريم الكلاباذي، وأبا نصر أحمد بن عبد الله بن الفضل، وعبد العزيز ابن أحمد الحلواني. قال السمعاني: ثنا عنه إبراهيم بن يعقوب الكشاني، وأبو العلاء آصف بن محمد النسفي، وعطاء بن مالك النقاش، وآخرون كثيرون بما وراء النهر. ولد في حدود سنة عشر وأربعمائة. وتوفي في رجب. عبد الله بن يحيى. أبو محمد التجيبي، الأندلسي، الأقليشي، ويعرف بابن الوحشي. أخذ القراءآت بطليطلة عن أبي عبد الله المغامي. وسمع من: خازم بن محمد، وأبي بكر بن جماهر.) وكان من أهل المعرفة والذكاء. وآختصر كتاب مشكل القرآن لابن فورك، وولي أحكام أقليش.

(35/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 62
عبد الله بن أبي بكر. أبو القاسم النيسابوري، البزاز، الفقيه شيخ الحنفية في عصره، ومناظرهم، وواعظهم. سمع من: أبي الحسين عبد الغافر الفارسي، وغيره، وأبي طاهر محمد ابن علي الإسماعيلي البخاري، سمع منه الشمائل. قال: أنبا إبراهيم بن خلف، أنا الهيثم الشاشي، ثنا الترمذي. توفي في جمادى الآخرة. عبد الباقي بن محمد بن سعيد بن أصبع. أبو بكر الأنصاري، الحجازي، الأندلسي، ويعرف بابن بريال. روى عن: المنذر بن المنذر، وهشام بن أحمد الكناني، وابن عم الطلمنكي، والقاسم بن فتح. وكان نبيلاً، حافظاً، ذكياً، شاعراً، محسناً. قال ابن بشكوال: ثنا عنه غير واحد من شيوخنا. وتوفي في شعبان ببلنسية. وكان مولده سنة ست عشرة وأربعمائة. قلت: أخذ عنه ابن العريف وله سماع أيضاً من أبي عمر بن عبد البر، عرض عليه القرآن. عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد.

(35/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 63
أبو المحاسن الروياني، الطبري، فخر الإسلام، القاضي أحد الأئمة الأعلام. له الجاه العريض، والقبول التام في تلك الديار. سمع: أبا منصور محمد بن عبد الرحمن الطبري، وأبا محمد عبد الله بن جعفر الخبازي، وأبا حفص بن مسرور، وأبا بكر عبد الملك بن عبد العزيز، وأبا عبد الله محمد بن بيان الفقيه، وأبا غانم أحمد بن علي الكراعي، وعبد الصمد بن أبي نصر العاصمي البخاري، وأبا نصر أحمد بن محمد البلخي، وأبا عثمان الصابوني، وجده أبا العباس أحمد بن محمد بن أحمد الروياني، وتفقه عليه. وسمع بمرو، وغزنة، وببخارى من طائفة. روى عنه: زاهر الشحمامي وأبو رشيد إسماعيل بن غانم، وأبو الفتوح الطائي، وعبد الواحد بن يوسف، وإسماعيل بن محمد التيمي الحافظ، وأبو طاهر السلفي، وجماعة كثيرة.) ولد في ذي الحجة سنة خمس عشرة وأربعمائة، وتفقه ببخارى مدة، وبرع في المذهب، حتى كان يقول فيما بلغنا: لو احترقت كتب الشافعي أمليتها من حفظي.

(35/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 64
وله مصنفات في المذهب ما سبق إليها منها: كتاب بحر المذهب وهو من أطول كتب الشافعية، وكتاب مناصيص الشافعي، وكتاب الكافي، وكتاب حلية المؤمن. وصنف في الأصول والخلاف. وكان قاضي طبرستان. قال السلفي: بلغنا أنه أملى بآمل، وقتل بعد فراغه من الإملاء، بسبب التعصب في الدين، في المحرم. قال: وكان العماد محمد بن أبي سعد صدر الري في عصره يقول: القاضي أبو المحاسن، شافعي عصره. وقال معمر بن الفاخر: قتل بجامع آمل يوم الجمعة ثالث عشر المحرم قتلته الملاحدة. وكان نظام الملك كثير التعظيم له. رويان: بلدة بنواحي طبرستان. عبد الواحد بن محمد بن عمر بن هارون. الفقيه أبو عمر الولاشجردي. وولاشجرد من قرى كنكور، وهي قرية من همذان.

(35/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 65
كان فقيهاً، ديناً، خيراً. سمع ببغداد في رحلته من: أبي الحسين بن المهتدي بالله، والصريفيني، والخطيب. وتوفي بكنكور. عبيد الله بن علي بن عبيد الله. أبو إسماعيل الخطيبي الفقيه، قاضي القضاة بإصبهان. سمع عبد الرزاق بن شمة. روى عنه السلفي: وقال: قتل بهمذان شهيداً، وأنا بها، في صفر رحمه الله. قتلته الباطنية. عبيد الله بن عمر بن محمد بن أحيد. الخطيب، العالم، أبو القاسم الكشاني.) ثقة، مكثر، معمر، ولد في حدود سنة عشر وأربعمائة، وروى الكثير. وأملى عن: محمد بن الحسن الباهلي، وعلي بن أحمد بن ربيع الشنكباثي، وأبي سهل عبد الكريم الكلاباذي، وطائفة. وعنه: إبراهيم بن يعقوب الكشاني، وأبو العلاء آحف بن محمد

(35/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 66
الخالدي، وعطاء بن مالك بن أحمد النقاش، وأبو المعالي محمد بن نصر المديني، وآخرون. مات في سادس عشر رجب عن نيف وتسعين سنة. عبيد الله بن محمد بن طلحة. الدامغاني، القاضي، ابن أخت قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الدامغاني. شهد عند خاله في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وولي قضاء ربع الكرخ سنة سبعين. وكان صالحاً، ورعاً، عفيفاً. سمع: أبا القاسم التنوخي، وعبد الكريم بن محمد بن المحاملي. روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعمر بن ظفر، وأبو طاهر السلفي. وتوفي في صفر. وكان مولده بالدامغان سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. علي بن أحمد بن علي بن الإخوة. المحدث، المفيد، أبو الحسن البيع، الحريمي. من كبار المحدثين. سمع: الخطيب، وأبا الغنائم بن المأمون، وغيره. انتقى عليه أبو علي البرداني.

(35/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 67
وكتب عنه: أبو عامر العبدري، وابن ناصر. مات كهلاً. علي بن الحسين بن عبد الله بن عريبة. أبو القاسم الربعي، البغدادي. تفقه على أقضى القضاة، أبي الحسن الماوردي، وأبي الطيب الطبري. ولم يبرع في المذهب. ثم صحب أبا علي بن الوليد وغيره من شيوخ المعتزلة، وأخذ عنهم.) وقد سمع: أبا القاسم بن بشران، وأبا الحسين بن مخلد البزار. روى عنه: أبو بكر محمد بن منصور السمعاني، وعبد الخالق بن أحمد اليوسفي، وأبو طاهر السنجي، وابن ناصر، وأبو طاهر السلفي، وأبو محمد بن الخشاب النحوي، وشهدة. قال شجاع الذهلي: كان يذهب إلى الإعتزال. وقال أبو سعد السمعاني: سمعت أبا المعمر الأنصاري إن شاء الله، أو غيره يذكر أنه رجع عن ذلك، وأشهد المؤتمن الساجي وغيره على نفسه بالرجوع عن رأيهم، والله أعلم. قال: وسمعت علي بن أحمد اليزدي يقول: قال لي أبو القاسم الربعي: ولدت في سنة أربع عشرة وأربعمائة.

(35/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 68
توفي في ثالث وعشرين رجب. علي بن عبد الرحمن. أبو الحسن السمنجاني، الفقيه. أحد الأئمة. تفقه ببخارى على أبي سهل الأبيوردي. وسمع من: محمد بن عبد العزيز القنطري، وغيره. روى عنه: تامر بن علي الصوفي، وإسماعيل بن محمد الحافظ، والسلفي. توفي في شعبان. علي بن عبد الوهاب بن موسى. أبو الكرم الهاشمي، الخطيب. بغدادي جليل. حدث مجلسين عن أبي علي بن المذهب. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري. علي بن أبي طالب محمد بن علي بن عبيد الله. المؤدب، أبو الحسن الهمذاني، ثم البغدادي. روى عن أبي الطيب الطبري، وأبي محمد الجوهري.
4 (حرف الميم)
محمد بن عبد القادر.

(35/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 69
أبو الحسين بن السماك البغدادي.) روى عن: ابن غيلان، وغيره. روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وأبو طاهر السلفي. وتوفي في رجب. وكان واعظاً. رماه ابن ناصر بالكذب كأبيه. محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن ثابت بن الحسن. المهلبي، الخجندي، أبو بكر، صدر الدين، ويعرف بصدر العراق على الإطلاق في زمانه. كذا قال أبو سعد في الذيل. وكان إماماً، مناظراً، وواعظاً، جواداً، سمحاً، مهيباً. كان يروي الحديث، في وعظه من حفظه. وكان السلطان محمود يصدر عن رأيه. وكان بالوزراء أشبه منه بالعلماء. وقد درس ببغداد وناظر، وسمع من أبي علي الحداد. يؤخر خمسين سنة. محمد بن عبد الكريم بن خشيش.

(35/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 70
أبو سعد البغدادي. سمع: أبا علي بن شاذانن وغيره. روى عنه: أبو طاهر السلفي، وشهدة، وأبو السعادات القزاز. وسمع جزء ابن عرفة من أبي مخلد. وكان شيخاً صالحاً، صحيح السماع. توفي في عاشر ذي القعدة، وله تسع وثمانون سنة. محمد بن يحيى بن مزاحم. أبو عبد الله الأشبوني، ثم الطليطلي. المقريء مصنف كتاب الناهج في القراءآت. وقد رحل إلى مصر وأكثر السماع، وحمل عن القضاعي وطبقته. مات في أول السنة. وذكره أحمد بن محمد بن حرب المستملي أنه قرأ عليه القرآن، وأنه قرأ على أبي عمرو) الداني. محمد بن يوسف بن عطاف. أبو عبد الله الأزدي، قاضي المرية. روى عن: أبي القاسم عبد الرحمن بن مالك، وأبي عبد الله بن القزاز،

(35/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 71
الفقيه. وغيرهما من علماء الأندلس. وكان فقيهاً، مدرساً، يناظر عليه، ويجتمع في علم الرأي إليه. أخذ عنه: أبو بكر بن أسود، وعبد الرحيم بن الفرس، وأبو عبد الله بن أبي يد، وأبو الحسن بن اللواتي، وغيرهم. توفي بالمرية. مسعود بن عثمان بن خلف. أبو الخيار الشنتمري. رحل وسمع من: أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي. وكان شيخاً صالحاً. توفي بمرسية. منصور بن أحمد بن الفضل بن نصر بن عصام. أبو القاسم المنهاجي، الأسفزاري، الفقيه الصالح. كان ورعاً، حسن السيرة، ظهر له القبول التام بالجبال ونواحيها، وبنى بهمذان وغيرهما خانقاهات، وكثر عليه المريدون، وآزدحم، عليه الناس، وتبركوا بلقائه. وكان قد تفقه بمرو على الإمام أبي المظفر السمعاني، ولزمه مدة. وسمع ببغشور جامع الترمذي من أبي سعد محمد بن علي البغوي الدباس. وقتل فتكاً على باب خانقاه المقري بهمذان في شوال.

(35/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 72
4 (حرف الهاء)
هبة الله بن أحمد بن محمد بن علي بن إبراهيم بن سعد الزهري ابن الموصلي. أبو عبد الله، من أهل باب المراتب ببغداد. شيخ صالح، صحيح السماع.) سمع: عبد الملك بن بشران، والحسين بن علي بن بطحا. روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعبد الخالق اليوسفي، وابن ناصر، والسلفي، وخطيب الموصل، وشهده، وآخرون. وكان مولده في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وقيل في ربيع الآخر. وتوفي في شوال. هبة الله بن محمد بن بديع. الوزير أبو النجم الإصبهاني. سمع: أباه، وأبا طاهر بن عبد الرحيم الكاتب، وإبراهيم سبط بحرويه، وغيرهم. وآنتقى عليه الحافظ أحمد بن محمد بن شيرويه. روى عنه: أبو نصر اليونارتي، وأبو مسعود عبد الجليل كوتاه، وأبو طاهر السلفي. وقدم دمشق، ووزر بحلب لرضوان بن تتش.

(35/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 73
ثم استوزره طغتكين أتابك مدة، ثم صادره في هذا العام، وخنق، وألقي في جب بقلعة دمشق. وكان مولده في سنة ست وثلاثين وأربعمائة.
4 (حرف الياء)
يحيى بن علي بن محمد بن الحسن بن بسطام. أبو زكريا الشيباني، التبريزي، الخطيب، اللغوي، أحد الأعلام في علم اللسان. رحل إلى الشام، وقرأ اللغة والأدب على أبي العلاء بن سليمان بالمعرة، وعلى عبيد الله بن علي الرقي، وأبي محمد الدهان اللغوي.

(35/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 74
وسمع بصور من سليم بن أيوب الفقيه، ومن عبد الكريم بن محمد السياري. وسمع كتباً عديدة أدبته من أبي بكر الخطيب، ومن أبي ثمال، ومن ابن برهان. وأقام بدمشق مدة، ثم سكن بغداد وأقرأ بها اللغة. روى عنه: أبو منصور موهوب بن الجواليقي، وابن ناصر الحافظ، وسعد الخير الأندلسي، وأبو طاهر السلفي، وأبو طاهر محمد بن أبي بكر السنجي. وقد روى عنه شيخه الخطيب في تصانيفه. وكان موثقاً في اللغة ونقلها. تخرج عليه خلق، وصنف شرح الحماسة، وشرح ديوان المتنبي، وشرح سقط الزند، وشرح) السبع قصائد المعلقات، وكتاب تهذيب غريب الحديث. وكانت له نسخة بتهذيب اللغة للأزهري فحمله في مخلاة على ظهره من تبريز إلى المعرة. ودخل إلى مصر أيضاً، وأخذ عن أبي الحسن طاهر بن بابشاذ، وغيره.

(35/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 75
ومن شعره:
(خليلي ما أحلى صبوحي بدجلة .......... وأطيب منه بالصراة غبوقي)

(شربت على الماءين من ماء كرمة .......... فكانا كدر ذائب وعقيق)

(على قمري أفق وأرض تقابلا .......... فمن شائق حلو الهوى ومشوق)

(فما زلت أسقيه وأشرب ريقه .......... وما زال يسقيني ويشرب ريقي)

(وقلت لبدر التم: تعرف ذا الفتى .......... فقال: نعم، هذا أخي وشقيقي)
ومما رواه عن شيخه ابن نحرير من شعره:
(يا نساء الحي من مضر .......... إن سلمى ضرة القمر)

(إن سلمى لا فجعت بها .......... أسلمت طرفي إلى السهر)

(فهي إن صدت وإن وصلت .......... مهجتي منها على خطر)

(وبياض الشعر أسكنها .......... في سواد القلب والبصر)
كان أبو زكريا يقريء الأدب بالنظامية. وقال أبو منصور بن محمد بن عبد الملك بن خيرون: ما كان بمرضي الطريقة، وذكر منه أشياء.

(35/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 76
توفي في جمادى الآخرة لليلتين بقيتا منه. وعاش إحدى وثمانين سنة. وقال ابن نقطة: ثقة في علمه، مخلطاً في دينه، لعبة بلسانه. وقيل إنه تاب من ذلك. وقال ابن ناصر، عن أبي زكريا: التبريزي، بكسر التاء. يحيى بن المفرج. أبو الحسين اللخمي، المقدسي، الفقيه، الشافعي.) قاض الإسكندرية. تفقه على الفقيه نصر المقدسي، وحدث عنه.

(35/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 77
4 (وفيات سنة ثلاث وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن إبراهيم بن محمد. الدينوري، ثم الدمشقي. سمع: رشأ بن نظيف، وأبا عثمان الصابوني، وجماعة. سمع منه: أبو محمد بن صابر. أحمد بن علي بن أحمد. أبو بكر بن العلثي، الحنبلي، العبد الصالح. كان أحد المشهورين بالصلاح والزهد، وإجابة الدعوة. وظهر له قبول زائد. تفقه على القاضي أبي يعلى، وحدث عنه بشيء يسير. روى عنه: علي بن المبارك بن الصوفي، وابن ناصر، وأبو طاهر محمد بن أبي بكر السنجي.

(35/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 78
وكان في صباه يعمل في صنعة الجص والإسفيذاج، ويتنزه عن التصوير. وورث من أبيه عقاراً، فكان يبيع منه شيئاً بعد شيء، ويتقوت به. حج في هذا العام، وتوفي عشية عرفة بعرفة محرماً، فحمل إلى مكة، وطيف به، ودفن عند قبر الفضيل بن عياض. وقيل: كان إذا حج يجيء إلى قبر الفضيل، ويخط بعصاه، ويقول: يا رب ها هنا، يا رب هنا هنا. فاتفق أنه مات ودفن عنده، رحمهما الله. وروى عنه السلفي، وقال: كان من زهاد بغداد، ومن القوالين بالحق، والناهين عن المنكر. أحمد بن المظفر بن الحسين بن عبد الله بن سوسن. أبو بكر البغدادي، التمار.

(35/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 79
حدث عن: أبي علي بن شاذان، وأبي القاسم الحرفي، وأبي القاسم ابن بشران. روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وابن سلفه، وآخرون. وكان ضعيفاً.) قال السمعاني: كان يلحق سماعاته في الأجزاء. قاله شجاع الذهلي. توفي في صفر، وله اثنتان وتسعون سنة. وقال عبد الوهاب الأنماطي: هو شيخ مقارب. أحمد بن هبة الله بن محمد بن المهتدي بالله. الخطيب، أبو تمام ابن الغريق، الهاشمي، البغدادي. سمع: جده القاضي أبا الحسين محمد بن علي. وحدث. وتوفي في جمادى الآخرة. وكان من كبار المعدلين. روى عنه: السلفي. إسماعيل بن إبراهيم بن العباس. أبو الفضل الحسيني، أخو أبي القاسم النسيب. كان إماماً كبير القدر، ولي قضاء دمشق وخطابتها بعد والده.

(35/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 80
وسمع: أبا الحسين أحمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي. سمع منه: أبو محمد بن صابر. وتوفي في صفر عن ثلاث وثمانين سنة.
4 (حرف الحاء)
حمد بن الفضل بن محمد. الإصبهاني، الخواص، أبو محمد. توفي في ذي الحجة، وصلى عليه القاضي أبو زرعة، واجتمع لجنازته خلق كثير.
4 (حرف العين)
عبد الله بن عمر بن البقال. أبو الكرم المقريء، البغدادي. سمع: الحسن بن المقتدر، وابن غيلان، وأبا طاهر محمد بن علي العلاف. روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وأبو بكر بن النقور. وتوفي في ذي القعدة وله سبع وسبعون سنة.) علي بن علي بن شيران. أبو القاسم الواسطي المقريء، المجود للقراءآت. كان حافظاً للقراءآت، جيد الأخذ. قدم بغداد في شعبان من السنة. وحدث عن: الحسن بن أحمد الغندجاني.

(35/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 81
روى عنه: علي بن أحمد اليزدي. وقال سعد الله بن محمد الدقاق: كان يميل إلى الإعتزال. علي بن محمد بن الحبيب بن شماخ. أبو الحسن الغافقي. من أهل مدينة غافق بالأندلس. روى عن: أبيه، والقاضي أبي عبد الله بن السفاط. وكان من أهل المعرفة والنبل والذكاء. ولي قضاة بلدة مدة. وحمدت سيرته. عمر بن عبد الكريم بن سعدويه بن وهمت.

(35/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 82
أبو الفتيان الدهستاني، الرواسي، الحافظ، الرحال. رحل إلى خراسان، والعراق، والحجاز، والشام، ومصر، والسواحل. وكان أحد الحفاظ المبرزين، حسن السيرة، جميل الأمر. كتب ما لا يوصف كثرة. وسمع: أبا عثمان الصابوني، وأبا حفص بن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي، وطائفة. وببغداد: أبا يعلى بن الفراء، وابن النقور. وبمرو، ومصر. وسمع بدهستان. أبا مسعود البجلي وبه تخرج. وسمع بحران: مبادر بن علي بن مبادر. روى عنه: شيخه أبو بكر الخطيب، وأبو حامد الغزالي، وأبو حفص عمر بن محمد الجرجاني، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق، وشيخه نصر المقدسي الفقيه، وهبة الله بن الأكفاني، وإسماعيل بن محمد التيمي الحافظ، ومحمد بن أبي الحسين الجويني، وآخرون، والسلفي بالإجازة.

(35/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 83
ودخل طوس في آخر عمره، وصحح عليه أبو حامد الغزالي الصحيحين.) ثم خرج من طوس إلى مرو قاصداً إلى الإمام أبي بكر السمعاني بآستدعائه إياه، فأدركته المنية بسرخس، فتوفي في ربيع الآخر كما هو مؤرخ على بلاطة قبره. قال أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني الحافظ: ما رأيت في تلك الديار أحفظ منه، لا بل في الديار كلها. كان كتاباً، جوالاً، دار الدنيا لطلب الحديث. لقيته بمكة، ورأيت الشيوخ يثنون عليه ويحسنون القول فيه. ثم لقيته بجرجان، وصار من إخواننا. وقال أبو بكر بن السمعاني: قال لي إسماعيل بن محمد بن الفضيل بإصبهان: كان عمر خريج أبي مسعود البجلي. سمعته يقول: دخل أبو مسعود دهستان، فآشترى من أبي رأساً، ودخل المسجد يأكله. فبعثني والدي إليه، فقال لي: تعرف شيئاً فقلت: لا. فقال لوالدي: سلمه إلي فسلمني أبي إليه، فحملني إلى نيسابور، وأفادني، وآنتهى أمري إلى حيث آنتهى. وقال خزيمة بن علي المروزي الأديب: سقطت أصابع عمر الرواسي في الرحلة من البرد الشديد. وقال الدقاق في رسالته: إن عمر حدث بطوس بصحيح مسلم من غير أصله، وهذا أقبح شيء عند المحدثين. وحدثني أن مولده بدهستان سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. وأنه سمع منه هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي في سنة ست وخمسين وأربعمائة. قال ابن نقطة في كتابه الإستدارك: سمعت غير واحد من أهل العلم، أن أبا الفتيان سمع من ثلاثة الآف وستمائة شيخ. وقال الرواسي: أريد أن أخرج إلى مرو وسرخس على الطريق، وقد قيل إنها مقبرة العلم، فلا أدري كيف يكون حالي بها.

(35/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 84
قال الراوي: فبلغنا أنه توفي بها. قال ابن طاهر، وغيره: الرواسي نسبة إلى بيع الرؤوس. وقال ابن ماكولا: كتب الرواسي عني، وكتبت عنه، ووجدته ذكياً. وقال السمعاني: سمعت أبا الفضل أحمد بن محمد السرخسي يقول: لما قدم عمر بن أبي الحسن الرواسي سرخس روى بها وأملى. حضر مجلسه جماعة كثيرة فقال: أنا أكتب أسماء الجماعة على الأصل بخطي. وسأل الجماعة وأثبت، ففي المجلس الثاني حضرت الجماعة، فأخذ القلم وكتب اسماءهم كلهم عن ظهر قلب، بحيث ما آحتاج أن يسألهم. أو كما قال.) ثم سمعت محمد بن محمد بن أحمد يقول: حضرت هذا المجلس، وكان الجمع إثنان وسبعون نفساً. وقال عبد الغافر بن إسماعيل: عمر بن أبي الحسن الرواسي، مشهور، عارف بالطرق. كتب الكثير، وجمع الأبواب، وصنف، وكان سريع الكتابة. وكان على سيرة السلف، مقلاً، معيلاً. خرج من نيسابور إلى طوس، فأنزله الغزالي عنده وأكرمه، وقرأ عليه الصحيح، ثم شرحه.

(35/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 85
4 (حرف الميم)
محمد بن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن سندة. الإصبهاني، المطرز، أبو سعد، خازن الرئيس أبي عبد الله. سمع: الحسين بن إبراهيم الجمال، وأبا نعيم، أحمد بن عبد الله الحافظ، وأبا علي بن يزداد غلام محسن، وأبا الحسن بن عبد كويه، ومحمد بن عبد الله العطار. كنيته أبو سعد. ولد في ربيع الأول سنة إحدى عشرة وأربعمائة. روى عنه: أبو طاهر السلفي، وسعد الخير الأندلسي، وأبو طاهر محمد ابن محمد السنجي، وجماعة من الإصبهانيين. وروى عنه حضوراً الحافظ أبو موسى المديني وقال: توفي في الثاني

(35/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 86
والعشرين من شوال سنة ثلاث، وهو أول من حضرت عنده للسماع. قال السمعاني: ثقة، صالح. وقال السلفي في معجمه: كان في الفضل على غاية من الجلالة، قرأنا عليه عن غلام محسن، وابن مصعب، وجماعة. وقرأت عليه القرآن، عن أبي بكر بن البقاء المقريء صاحب أبي علي بن حبش، وغيره. خرج له غانم بن محمد الحافظ خمسة أجزاء، سمعناها. محمد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن. أبو بكر القرشي، الزهري، البخاري. كان فقيهاً، صالحاً، مسناً، خيراً. سمعه أبوه من جماعة من المتقدمين، وعمر حتى حدث وأملى.) وتوفي في رجب، وله ثمانون سنة. محمد بن علي بن محمد. أبو عبد الله الطليطلي. سمع من: عبد الرحمن بن سلمة، وقاسم بن هلال، وأبي الوليد الباجي. وولي خطابة فاس، ثم سبتة. وكان أعمى، صالحاً. توفي خطيباً بسبتة في المحرم. محمد بن عبد العزيز بن السندواني. أبو طاهر البغدادي، شيخ صالح من أهل نهر الدجاج.

(35/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 87
حدث عن: أبي الحسن القزويني، وأبي إسحاق البرمكي. روى عنه: أبو طالب بن خضير. وتوفي في ربيع الأول. المحسر بن محمد بن أحمد بن الحسين. أبو طاهر الإسكاف، الإصبهاني. حدث بالمعجم الكبير للطبراني عن: ابن أبي الحسين بن فاذشاه. قال معمر، وغيره: مات في ربيع الآخر.
4 (حرف الهاء)
هبة الله بن محمد بن علي. أبو المعالي الكرماني، ويعرف بابن المطلب الوزير. وزر للخليفة مدة. وسمع من: أبي الحسين بن المهتدي بالله. وما كأنه حدث. ولد سنة أربعين وأربعمائة، وتوفي في ثاني شوال. وكان كاتباً مجيداً حاسباً بارعاً، تفرد في زمانه بعلم الديوان والتصرف. ومدة وزارته سنتان وأربعة أشهر. وكان ذا بر ومعروف وجلالة.)

(35/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 88
4 (وفيات سنة أربع وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن أبي الفتح عبد الله بن محمد بن أحمد بن القاسم. أبو العباس الإصبهاني، الخرقي. سمع: ابن ريذة، وأبا القاسم بن أبي بكر الذكواني، ومحمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب، وغيرهم. روى عنه: ابنه أبو الفتح عبد الله، والحافظ أبو موسى المديني، وجماعة. توفي في السابع والعشرين من ذي القعدة. نعم. روى عنه السلفي، وجماعة من شيوخ ابن اللتي الذين بالإجازة. وخرق: موضع بإصبهان. قال السلفي: كان يقول: سمعت ببغداد من أبي علي بن شاذان مع سليمان الحافظ. أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله. أبو المكارم بن السكري، الكاتب، البغدادي. سمع: الحسن بن المقتدر بالله.

(35/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 89
روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وغيره، والسلفي. إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر بن أحمد. أبو عبد الله ابن الشيخ أبي الحسين الفارسي، ثم النيسابوري. زوج بنت القشيري. سمع في صباه من: أبي حسان محمد بن أحمد المزكي، وأبا سعد عبد الرحمن بن حمدان النصروي، وأحمد بن محمد بن الحارث النحوي، ومحمد ابن عبد العزيز النيلي. ورحل سنة ثلاث وخمسين، وبقي يطوف عشر سنين في خوزستان وفارس. وكتب قريباً من ألف جزء بخطه. وسمع ببغداد: عبد الصمد بن المأمون، وقبله أبا محمد الجوهري، وجماعة. روى عنه: عبد الله بن الفراوي، وعبد الخالق بن الشحامي، وأبو شجاع عمر البسطامي، وأم سلمة، والحافظ عبد الغافر، وعمر بن الصفار، وأبو بكر التفتازاني، وطائفة سواهم.) وتوفي في ذي القعدة. وكان مولده في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. قال السمعاني: كان فاضلاً، عالماً، لم يفتر من السماع والتحصيل.

(35/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 90
4 (حرف الحاء)
الحسين بن علي. أبو عبد الله بن الحبال، الحنبلي، المقريء. سمع: أبا محمد الخلال، والغساني. مات في ذي القعدة. حمزة بن محمد بن علي. أبو يعلى، أخو طراد الزينبي، الهاشمي. توفي في رجب، في سادس عشره. قال السلفي: كان أبو يعلى جليل القدر. ولد سنة سبع وأربعمائة. وروى لنا عن أبي العلاء الواسطي، وأبي محمد الخلال. وذكر لي أنه قرأ الفصيح على علي بن عيسى الربعي. قلت: وكذا ورخ ابن السمعاني مولده، ولو أن حمزة سمع في صغره مثل أخيه طراد، لسمع من أبي الحسين بن بشران، وهلال الحفار، ولصار مسند الدنيا في عصره، وأنا أتعجب كيف لم يسمعوه. قال السلفي: قال لي أبو يعلى: قد سمعت على القاضي أبا الحسين التوزي، وأبي الحسن بن فشش المالكي. وتمول الوزير ابن أبي الريان على حملي إلى أبي الحسن بن الحمامي المقريء، فلم يتفق ذلك، ولا سمعت منه. قلت: عاش سبعاً وتسعين سنة.

(35/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 91
4 (حرف العين)
عبد الغفار بن عبد الملك بن عبد الغفار. أبو منصور البصري الأديب، من شيوخ همذان. ثقة صدوق. له رحلة إلى بغداد. سمع من: أبي الحسين ابن النقور، وطبقته.) توفي في رجب. وقد روى اليسير. عبد المنعم بن علي بن أحمد بن الغمر. أبو القاسم الكلابي، الدمشقي، الوراق، المعروف بالمديد. سمع: أبا عبد الله بن سلوان، وأبا القاسم بن الفرات، وأبا علي الأهوازي، ورشأ بن نظيف، وأبا الحسين بن أبي نصر، وجماعة. روى عنه: الصائن هبة الله بن عساكر، وأبو المعالي بن صابر، وغيرهما. وكان مولده في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. وأول سماعه بعد الأربعين. وتوفي في ثامن ذي القعدة. فذكر ابن الأكفاني أنه نزل في بركة حمام حارة فمات. عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الله بن محمد بن علي. أبو الفرج السيبي، ثم البغدادي. كان يعرف النحو واللغة، وأدب أولاد الخليفة.

(35/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 92
سمع: أبا محمد الصريفيني. توفي في المحرم، وقد جاوز الثمانين، في طريق الحج، ودفن بالمدينة المنورة. علي بن الحسين بن المبارك. أبو الحسن، ابن أخت المزرفي. إمام مسجد درب السلسلة. كان إماماً فاضلاً، حسن الإقراء ختم عليه خلق. وكان قد قرأ على: أبي بكر الخياط، وأبي علي بن البنا، وغيرهما. قرأ عليه القرآن سعد الله الدقاق وقال: كان أوحد عصره في حسن الأداء، والقراءة الحسنة، والنغمة الطيبة. وما كان لسانه يفتر عن ذكر الموت. توفي في ربيع الآخر. علي بن محمد بن علي إلكيا.

(35/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 93
أبو الحسن الهراسي، الطبرستاني، الفقيه الشافعي، عماد الدين. تفقه بنيسابور مدة على إمام الحرمين، وكان مليح الوجه، جهوري الصوت، فصيحاً، مطبوع) الحركات، زكي الأخلاق. ثم خرج إلى بيهق، فأقام بها مدة، ثم قدم العراق، وولي تدريس النظامية ببغداد إلى أن توفي. وحظي بالحشمة والجاه والتجمل، وتخرج به الأصحاب. وروى شيئاً يسيراً عن أبي المعالي، وغيره. روى عنه: سعد الخير الأنصاري، وعبد الله بن محمد بن غلاب الأنباري، وأبو طاهر السلفي. وكان يستعمل الحديث في مناظراته. وإلكيا: بالعجمي هو الكبير القدر، المقدم. توفي أول المحرم.

(35/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 94
وكان مولده في سنة خمسين. وأربعمائة. وقد رمي إلكيا، رحمه الله، بأنه يرى في المناظرة رأي الإسماعيلية، وليس كذلك، بل وقع الإشتباه على القائل بإن صاحب الألموت ابن الصباح يلقب بإلكيا أيضاً. فافهم ذلك، وأما الهراسي فبريء من ذلك.

(35/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 95
قرأت على العلامة أبي محمد عبد المؤمن بن خلف الحافظ: أخبركم أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي الحافظ سنة تسع وثلاثين إملاء، أنه قرأ من حفظه على أبي الحسن علي بن المفضل الحافظ قال: ثنا أبو طاهر بن سلفة الحافظ، ثنا أبو الحسن علي بن محمد الطبري إلكيا: أنا إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف: أنا والدي أبو محمد، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، ثنا أبو العباس الأصم، ثنا الربيع بن سليمان، ثنا الشافعي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المتبايعان كل واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا، إلا بيع الخيار. متفق عليه. وممن يشتبه بإلكيا الهراسي معاصره الإمام القاضي: أبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبرستاني الآملي. سمع من الحافظ عبد الله بن جعفر الخباز بآمل في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، ومن أبي يعلى الخليلي، وأبي جعفر ابن المسلمة، وابن المأمون. وله قصيدة رثى بها إمام الحرمين.

(35/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 96
ذكره ابن الصلاح في الشافعية، ولم يذكر له وفاة. وكأنه مات قبل هذا الأوان، فالله أعلم.) روى عنه: قاضي آمل ابن أخته أبو جعفر محمد بن الحسين بن أميركا.
4 (حرف الميم)
محمد بن أحمد بن علي ابن الصندلي. أبو بكر المقريء البابصري. سمع: أبا محمد الخلال. وحدث. روى عنه: سعد الله بن محمد الدقاق. ومات في صفر. محمد بن صالح بن حمزة بن محمد. أبو يعلى ابن الهبارية، الهاشمي، العباسي الشريف البغدادي نظام الدين. أحد الشعراء المشهورين. أكثر شعره في الهجاء والسخف.

(35/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 97
وكان ملازماً لخدمة نظام الملك. وله كتاب نتائج الفطنة في نظم كليلة ودمنة. وديوان شعره في ثلاث مجلدات. وهو القائل:
(رأيت في النوم عرسي وهي ممسكة .......... ذقني، وفي كفها شيء من الأدم)

(معوج الشكل مسود به نقط .......... لكن أسفله في هيئة القدم)

(حتى تنبهت محمر القذال، فلو .......... طال الرقاد على الشيخ الأديب عم)
قال العماد الكاتب: توفي بكرمان سنة أربع وخمسمائة.

(35/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 98

(35/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 99
وهبار جد لأمه. وقيل: توفي سنة تسع، فسأعيده هناك. محمد بن أحمد بن محمد بن أبي النضر.

(35/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 100
أبو بكر البلدي، النسفي، المحدث. منسوب إلى بلد نسف، يعني أنه ليس من قرى نسف. حدث بالكتب الكبار كالصحيح لعمر بن محمد بن بجير. سمع من: جعفر بن محمد المستغفري، وأحمد بن علي المايمرغي، وغيرهما. قال ابن السمعاني: ثنا عنه نحو من عشرين نفساً.) وقال عمر بن محمد النسفي في كتاب القند إنه توفي في ثالث صفر سنة خمس وخمسمائة، وإنه ولد في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. قال أبو سعد: كان إماماً فاضلاً، وعمر العمر الطويل حتى روى الكثير. وسمع: أباه أبا نصر، ومحمد بن يعقوب السلامي، وأبا مسعود أحمد بن محمد البجلي، والحسين بن إبراهيم القنطري. روى لنا عنه أحمد بن عبد الجبار البلدي، والحسن بن عبد الله المقريء، ومسعود بن عمر الدلال، وميمون بن محمد الدربي. محمد بن الحسين.

(35/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 101
أبو جعفر السمنجاني. إمام مسجد راعوم. تفقه ببخارى على: أبي سهل الأبيوردي. وبمرو الروذ على: القاضي حسين. وأملى ببلخ. قال السمعاني: ثنا عنه جماعة بما وراء النهر، وخراسان، ومات ببلخ. محمد بن علي بن محمد. أبو الحسن بن الحديثي، البغدادي، عرف بآبن الشداد. سمع: أبا طالب بن غيلان. وعنه: أبو المعمر الأنصاري، والسلفي. محمد بن عمر بن أبي العصافير. الخزرجي، الجياني. أبو عبد الله. كان فقيهاً مبرزاً، تفقه على أبي مروان بن مالك بقرطبة. ورحل فأخذ عن عبد الحق بن هارون الفقيه. وشوور في الأحكام. وطال عمره، وشاخ.
4 (حرف الياء)
يحيى بن علي بن الفرج.

(35/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 102
أبو الحسين المصري، الخشاب، المقريء، الأستاذ.) قرأ على: أبي العباس بن نفيس، ومصنف العنوان أبي الطاهر إسماعيل بن خلف، ومحمد بن أحمد القزويني، وأبي الحسين الشيرازي، وجماعة. قرأ عليه الشريف أبو الفتوح الخطيب شيخ أبي الجود، وغيره. وتوفي في هذه السنة. فأما: علي بن أحمد. المصيصي، الأبهري، الضرير، صاحب أبي علي الأهوازي، فلم أظفر له بترجمة، وهو أكبر شيخ للشريف الخطيب. تلا عليه بعد عام خمسمائة.

(35/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 103
4 (وفيات سنة خمس وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن كوشيذ. أبو غالب الإصبهاني. توفي في غرة جمادى الأولى، وله ثمانون سنة. من شيوخ الحافظ أبي موسى المديني، سمع منه جميع الكبير للطبراني، عن ابن ريذة. أحمد بن عمر بن عطية. أبو الحسين الصقلي، المؤدب. سمع: أبا القاسم السميساطي، وعبد العزيز الكتاني. وكان يؤدب في مسجد رحبة البصل. قال الحافظ ابن عساكر: أدركته وأجاز لي، وتوفي في ربيع الآخر، وهو ثقة.

(35/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 104
سأله ابن صابر عن مولده فقال: سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. أصبغ بن محمد بن أصبغ. أبو القاسم الأزدي، القرطبي، العلامة، كبير المفتين بقرطبة. روى الكثير عن: حاتم بن محمد. وتفقه على أبي جعفر رزق. وأخذ عن: أبي مروان بن سراج، وأبي علي الغساني.) وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر بن الحذاء ما رووه. وكان من جلة العلماء وكبار الفقهاء، بارعاً في المذهب، قدوة في الشروط لا يجارى. وأم بجامع قرطبة. وكان مجوداً للقرآن، فاضلاً، متصوناً، عزيز النفس. سمع الناس منه، وناظروا عليه. توفي في صفر. وولد في سنة خمس وأربعين. إبراهيم بن سعد بن إبراهيم. النيسابوري. شيخ، صالح، دلال. سمع: أبا حفص بن مسرور، وأبا عثمان الصابوني، وجماعة. توفي فجأة. إبراهيم بن محمد. الفقيه أبو إسحاق الجرجاني، الزاهد، نزيل إسفراين. ذكره عبد الغافر، وأنه توفي سنة خمس تخميناً، وقال: أحد الأولياء والعباد، وأرباب الفنون، المشتغلين بمراعاة الأنفاس مع الله، المعرضين عن الدنيا بنى دويرة بإسفراين.

(35/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 105
إلى أن قال: وكان من أصحاب الكرامات الظاهرة، رحمه الله.
4 (حرف الباء)
بركات بن الفضل بن محمد. التغلبي، الفارقي. سمع: أبا الحسين بن المهتدي بالله، وأبا الحسين بن النقور، وابن البطر، وجماعة في كهولته. مولده بميافارقين سنة سبع وعشرين وأربعمائة. وتوفي بصور. قال ابن عساكر: ثنا عبدان بن رزين، ثنا بركات الفارقي في سنة تسع وثمانين وأربعمائة، أنا ابن البطر.
4 (حرف التاء)
تمرتاش بن... كين التركي.) روى عن: أبي جعفر ابن المسلمة. ذكره شجاع الذهلي في معجمه.
4 (حرف الحاء)
الحسن بن إسماعيل بن حفص. أبو المعالي المصري. روى عن: أبي القاسم بن القطاع. روى عنه: أبو محمد العثماني. الحسن بن عبد الأعلى. أبو علي الكلاعي، السفاقسي.

(35/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 106
أخذ ببلده عن أبي الحسن اللخمي. وسمع بالأندلس من: أبي عبد الله بن سعدن، وأبي علي الغساني. وسكن سبتة، وأريد على قضاء الجزيرة فآمتنع. وكان فقيهاً، متكلماً، عارفاً بالهندسة والفرائض. مات كهلاً. الحسن بن عبد الواحد بن أحمد بن الحصين. أبو القاسم الدسكري، ويعرف بابن الفقيه، وكيل الخليفة المستظهر، وناظر المخزن. ذهب رسولاً إلى إصبهان. وحدث عن: الصريفيني، وابن النقور. روى عنه: محمد بن عبد الخالق الجوهري، وطائفة.
4 (حرف الخاء)
خلف بن سليمان بن خلف بن محمد بن فتحون. أبو القاسم الأندلسي. من أهل أوريوله. روى عن: أبيه، وابن الوليد الباجي، وطاهر بن مفوز. وكان فقيهاً، أديباً، شاعراً، مفلقاً. ولي قضاء شاطبة، ودانية.) روى عنه: ابنه محمد، وزياد بن محمد. وكان يصوم الدهر. وله مصنف في الشروط، رحمه الله.

(35/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 107
4 (حرف السين)
سعد بن محمد بن المؤمل. أبو نصر النيسابوري. سمع: أبا حفص بن مسرور. قال يحيى بن مندة: سمعت منه، وقدم إصبهان مراراً. مات في ربيع الآخر، وله إحدى وسبعون سنة.
4 (حرف العين)
عبد الله بن علي بن عبد الله بن محمد بن علي ابن الآبنوسي. أبو محمد، أخو أبي الحسن أحمد الفقيه. كان أحد وكلاء القاضي أبي عبد الله الدامغاني، وغيره من القضاة. وكان قد اشتغل وحصل، وسمع الحديث من: التنوخي، والجوهري، وأبي طالب العشاري. وسمع التاريخ من الخطيب. روى عنه: محمد بن محمد السنجي، وعبد الله الحلواني بمرو، وجماعة ببغداد، والسلفي. قال أبو بكر السمعاني: سمعت أبا محمد الآبنوسي يقول: كنت لا أسمع مدة من التنوخي لما أسمع من مليه إلى الإعتزال، ثم سمعت منه حتى صرت عنده أعز من كل أحد، وكان يسميني يحيى بن معين. ولد سنة ثمان وعشرين. وتوفي في يوم الثلاثاء سادس عشر جمادى الأولى.

(35/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 108
عبد الملك بن محمد بن حسين. البزوغاني، الحربي، أبو محمد. روى عن: أبي الحسن القزويني. روى عنه: محمد بن محمد السنجي، وأبو المعمر، وغيرهما، وعبد الحق. مات في المحرم.) عبد الواحد بن أحمد بن عمر بن السمرقندي. أبو طاهر، أخو عبد الله، وإسماعيل. سمع: أبا محمد الصريفيني، وابن النقور. ومات في صفر، ولم يرو. علي بن محمد بن علي بن محمد بن يوسف بن يعقوب. أبو الحسن بن أبي طاهر ابن العلاف البغدادي. من بيت الحديث والقراءة.

(35/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 109
وكان أحد حجاب الخليفة. عمر حتى رحل إليه الناس، وكان ذا طريقة جميلة وخصال حميدة. وهو آخر من روى عن الحمامي. وسمع عبد الملك بن بشران أيضاً. روى عنه: ابنه أبو طاهر محمد، ومحمد بن محمد السنجي، والسلفي، وخطيب الموصل، وأبو بكر بن النقور، وخلق كثير. وآخر من حدث عنه أبو السعادات القزاز. وقال أبو بكر السمعاني بعد أن ذكر من لحق من أصحاب ابن بشران فسمى ابن العلاف، وقال: هو أجل أصحابه عندي. سمعته يقول: ولدت في المحرم سنة ست وأربعمائة، وسمعت من أبي الحسين بن بشران. وقال: وعظ والدي الناس سبعين سنة. توفي في الثالث والعشرين من المحرم سنة خمس. وكمل تسعاً وتسعين سنة.
4 (حرف الميم)
المبارك بن سعيد. أبو الحسن الأسدي، البغدادجي، التاجر، ويعرف بابن الخشاب. سمع: القضاعي، وأبا بكر الخطيب. ودخل الأندلس تاجراً، فحدث بتاريخ بغداد. سمع منه: أبو علي الغساني، والكبار. وسمع هو من أبي مروان بن سراج.) قال ابن يشكوال: كان من أهل الثقة والثروة. رجع إلى بغداد. وقال ابن السمعاني: كان أحد الشهود المعدلين. مات في ذي القعدة.

(35/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 110
المبارك بن فاخر بن محمد بن يعقوب. الأستاذ، إمام النحو، أبو الكرم ابن الدقاق. ولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، ولازم ابن برهان الأسدي. وروى عن: الجوهري، وابن المسلمة، والقاضي أبي يعلى، وغيره. أخذ عنه: ابن ناصر، والسلفي، وابن السجزي. وصنف، وتصدر، وبرع. توفي في ذي القعدة. حط عليه ابن ناصر وكذبه.

(35/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 111
محمد بن أحمد بن أبي النضر بن موسى بن سعيد بن منذر بن صاحب. البلدي، أبو بكر النسفي. محدث ما وراء النهر. قد ذكرناه في السنة الماضية، والأصح وفاته في هذه، فينقل إلى هنا. محمد بن حيدرة بن مفوز بن أحمد بن مفوز. أبو بكر المعافري، الشاطبي. روى عن: عمه طاهر، وأبي علي الغساني وأكثر عنهما. وأخذ أيضاً عن: أبي مروان بن سراج، ومحمد بن فرج الطلاع. وأجاز له أبو عمر بن الحذاء، وأبو الوليد الباجي. وكان حافظاً للحديث وعلله، عارفاً برجاله، متقناً، ضابطاً، عارفاً، بالأدب، والشعر، والمعاني، كامل العناية بذلك. أسمع الناس بقرطبة، وخلف أبا علي شيخه في مجلسه، وأقرأ على ابن حزم في جزء، وتصدر وعلم إلى أن توفي سنة خمس وخمسمائة. وكان مولده سنة ثلاث وستين، رحمه الله.) محمد بن عبد الرحمن بن سعيد. أبو عبد الله بن المحتسب القرطبي، المقريء. أخذ عن: أبي محمد بن أبي شعيب، وأبي مروان بن سراج. وكان نحوياً، لغوياً، علامة.

(35/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 112
أخذ الناس عنه. محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم. أبو سعد الإصبهاني المديني، يعرف بسر فرتج الثاني. كان من أجلاء الكتبة. روى عن: أبي نعيم الحافظ. وحدث عنه جماعة، منهم أبو موسى المديني، وهو من كبار شيوخه. توفي في آخر يوم من السنة. وقد حدث ببغداد. وروى عنه: أبو الفتح بن البطي، والسلفي. وقد خدم بالشام. محمد بن علي بن محمد. شيخ الحنابلة، أبو الفتح الحلواني، الزاهد. توفي يوم الأضحى، وشيعه خلائق. صحب القاضي أبا يعلى قليلاً، ثم برع على الشريف أبي جعفر. وأفتى، ودرس، وتعبد، وتأله.

(35/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 113
محمد بن عيسى بن حسن. القاضي أبو عبد اله التميمي، الفقيه، المالكي، السبتي. أخذ عن: أبي محمد المسيلي، ولزمه مدة. وتفقه أيضاً على أبي عبد الله بن العجوز. وسمع بالمرية صحيح البخاري على ابن المرابط. ورحل إلى قرطبة، فأخذ عن: عبد الملك بن سراج، وأبي علي الغساني، ومحمد بن فرج. وكتان حسن السمت، وافر العقل، مليح الملبس.) تفقه به أهل سبتة، وكان يسمى: الفقيه العامل. تفقه عليه: أبو محمد بن شبونة، والقاضي عياض، وأبو بكر بن صلاح. ورحل إليه الناس من النواحي، وبعد صيته، وآشتهر اسمه، ونجب من أصحابه خلق. وكان خيراً، رقيق القلب، سريع الدمعة، مؤثراً للطلبة. بنى جامع سبتة، وعزل نفسه من القضاء بأخرة. ثم ولوه قضاء الجماعة بفاس، فلم تعجبة الغربة، فرجع، وتوفي بسبتة في جمادى الآخرة. قاله تلميذه أبو عبد الله محمد بن حمادة الفقيه، وبالغ في تعظيمه حتى قال: كان إمام المغرب في وقته. ولم يكن في قطر من الأقطار منذ يحيى بن يحيى الأندلسي من حمل الناس عنه أكثر منه، ولا أكثر نجابة من أصحابه. وقال عياض: مولده سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.

(35/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 114

(35/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 115
محمد بن محمد بن محمد بن أحمد. الإمام زين الدين أبو حامد الغزالي، الطوسي، الفقيه الشافعي، حجة الإسلام. قرأ قطعة من الفقه بطوس على أحمد الراذكاني، ثم قدم نيسابور في طائفة من طلبة الفقه، فجد وآجتهد، ولزم إمام الحرمين أبا المعالي حتى تخرج

(35/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 116
عن مدة قريبة، وصار أنظر أهل زمانه، وواحد أقرانه، وأعاد للطلبة، وأخذ في التصنيف والتعليق. وكان الإمام أبو المعالي مع علو درجته وفرط ذكائه، لا يطيب له تصديه للتصنيف، وإن كان في الظاهر مبتهجاً به. ثم إن أبا حامد خرج إلى المعسكر، فأقبل عليه نظام الملك، وناظر الأقران بحضرته، فظهر اسمه، وشاع أمره، فولاه النظام تدريس مدرسته ببغداد، ورسم له بالمصير إليها، فقدمها، وأعجب الكل مناظرته. وما لقي الرجل مثل نفسه. ثم أقبل على علم الأصول، وصنف فيها وفي المذهب والخلاف، وعظمت حشمته ببغداد، حتى كانت تغلب حشمة الأمراء والأكابر، فآنقلب الأمر من وجه آخر، وظهر عليه بعد مطالعة العلوم الدقيقة، وممارسة التصانيف طريق التزهد والتأله فترك الحشمة، وطرح الرتبة، وتزود للمعاد، وقصد بيت الله، وحج، ورجع على طريق الشام، وزار القدس، وأقام بدمشق مدة سنين، وصنف بها إحياء علوم الدين وكتاب الأربعين، والقسطاس، ومحك النظر، وغير ذلك.) وأخذ في مجاهدة النفس، وتغيير الأخلاق، وتهذيب الباطن، وآنقلب شيطان الرعونة، وطلب الرئاسة والتخلق بالأخلاق الذميمة، إلى سكون النفس، وكرم الأخلاق، والفراغ عن الرسوم، وتزيا بزي الصالحين. ثم عاد إلى وطنه، لازماً بيته، مشتغلاً بالتفكير، ملازماً للوقت، فبقي على ذلك مدة. وظهرت له التصانيف. ولم يبد في أيامه مناقضة لما كان فيه، ولا آعتراض لأحد على مآثره، حتى انتهت نوبة الوزارة إلى فخر الملك، وقد سمع وتحقق بمكان أبي حامد وكمال فضله، فحضره وسمع كلامه، فطلب منه أن لا تبقى أنفاسه وفوائده عقيمة، لا آستفادة منها ولا آقتباس من أنوارها، وألح عليه كل الإلحاح، وتشدد في الإقتراح إلى أن أجاب إلى الخروج، وقدم نيسابور. وكان الليث غائباً عن عرينه، والأمر خافياً في مستور قضاء الله ومكنونه. ورسم

(35/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 117
له بأن يدرس بالمدرسة النظامية، فلم يجد بداً من ذلك. قال هذا كله وأكثر منه عبد الغافر بن إسماعيل في تاريخه. ثم قال: ولقد زرته مراراً، وما كنت أحدس في نفسي مع ما عهدته في سالف الزمان عليه من الزعارة، وإيحاش الناس، والنظر إليهم بعين الإزدراء، والإستخفاف بهم كبراً وخيلاء وآعتراراً بما رزق من البسطة في النطق، والخاطر، والعبارة، وطلب الجاه، والعلو في المنزلة أنه صار على الضد، وتصفى من تلك الكدورات. وكنت أظن أنه متلفع بجلباب التكلف، متنمس بما صار إليه، فتحققت بعد السبر والتنقير أن الأمر على خلاف المظنون، وأن الرجل أفاق بعد الجنون. وحكى لنا في ليال كيفية أحواله، من آبتداء ما ظهر له بطريق التأله، وغلبة الحال عليه، بعد تبحره في العلوم، وآستطالته على الكل بكلامه، والإستعداد الذي خصه الله به في تحصيل أنواع العلوم، وتمكنه من البحث والنظر، حتى تبرم بالإشتغال بالعلوم العرية عن المعاملة، وتفكر في العاقبة، وما ينفع في الآخرة فآبتدأ بصحبة أبي علي الفارمذي، فأخذ منه استفتاح الطريقة، وآمتثل ما كان يشير بع عليه من القيام بوظائف العبادات، والإمعان في النوافل، وآستدامة الأذكار والاجتهاد والجد، طلباً للنجاة، إلى أن جاز تلك العقاب، وتكلف تلك المشاق، وما حصل على ما كان يرومه. ثم حكى أنه راجع العلوم، وخاض في الفنون، وعاود الجد في العلوم الدقيقة، وآلتقى بأربابها، حتى تفتحت له أبوابها، وبقي مدة في الوقائع، وتكافؤ الآداب، وأطراف المسائل.) ثم حكى أنه فتح عليه باب من الخوف، بحيث شغله عن كل شيء،

(35/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 118
وحمله على الإعراض عما سواه، حتى سهل ذلك عليه. وهكذا إلى أن آرتاض كل الرياضة، وظهرت له الحقائق، وصار ما كنا نظن به ناموساً وتخلقاً، طبعاً وتحققاً. وأن ذلك أثر السعادة المقدرة له من الله تعالى. ثم سألناه عن كيفية رغبته في الخروج من بيته، والرجوع إلى ما دعي إليه من أمر نيسابور. فقال معتذراً: ما كنت أجوز في ديني أن أقف عن الدعوة، ومنفعة الطالبين، وقد خف علي أن أبوح بالحق، وأنطق به، وأدعو إليه. وكان صادقاً في ذلك. فلما خف أمر الوزير، وعلم أن وقوفه على ما كان فيه ظهور وحشة وخيال طلب جاه وحشمة، ترك ذلك قبل أن يترك، وعاد إلى بيته، وآتخذ في جواره مدرسة لطلبة العلم، وخانقاه للصوفية، ووزع أوقاته على وظائف الحاضرين، من ختم القرآن، ومجالسته أصحاب القلوب، والقعود للتدريس لطالبه، إلى أن توفاه الله بعد مقاساة أنواع من القصد، والمناوأة من الخصوم، والساعين به إلى الملوك، وكفاية الله إياه، وحفظه وصيانته عن أن تنوشه أيدي النكبات، أو ينتهك ستر دينه بشيء من الزلات. وكانت خاتمة أمره إقباله على طلب حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومجالسة أهله، ومطالعة الصحيحين. ولو عاش لسبق الكل في ذلك الفن بيسير من الأيام. ولم يتفق له أن يروي، ولم يعقب إلا البنات. وكان له من الأسباب إرثاً وكسباً ما يقوم بكفايته، وقد عرضت عليه أموال فما قبلها. ومما كان يعترض به عليه، وقوع خلل من جهة النحو يقع في أثناء كلامه، وروجع فيه، فأنصف من نفسه، وآعترف بأنه ما مارسه، وآكتفى بما كان يحتاج إليه في كلامه، مع أنه كان يؤلف الخطب، ويشرح الكتب بالعبارة التي يعجز الأدباء والفقهاء عن أمثالها.

(35/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 119
ومما نقم عليه أيضاً ما ذكر من الألفاظ المستبشعة بالفارسية في كتاب كيمياء السعادة والعلوم، وشرح بعض الصور والمسائل، بحيث لا يوافق مراسم الشرع، وظواهر ما عليه قواعد الإسلام. وكان الأولى به، والحق أحق ما يقال، ترك ذلك التصنيف، والإعراض عن الشرح له، فإن العوام ربما لا يحكمون أصول القواعد بالبراهين والحجج، فإذا سمعوا أشياء من ذلك تخيلوا منه ما هو المضر بعقائدهم، وينسبون ذلك إلى بيان مذهب الأوائل على أن المنصف اللبيب إذا) رجع إلى نفسه، علم أن أكثر ما ذكره مما رمز إليه إشارات الشرع، وإن لم يبح به. ويوجد أمثاله في كلام مشايخ الطريقة مرموزة، ومصرحاً بها، متفرقة. وليس لفظ منه إلا وكما يشعر أحد وجوهه بكلام موهوم، فإنه يشعر بسائر وجوهه بما يوافق عقائد أهل الملة، فلا يجب إذاً حمله إلا على ما يوافق، ولا ينبغي أن يتعلق به في الرد عليه متعلق، إذا أمكنه أن يبين له وجهاً. وكان الأولى به أن يترك الإفصاح بذلك كما تقدم. وقد سمعت أنه سمع من سنن أبي داود، عن القاضي أبي الفتح الحاكمي الطوسي. وسمع من أبي عبد الله محمد بن أحمد الخواري، مع آبنيه الشيخين: عبد الجبار، وعبد الحميد، كتاب المولد لابن أبي عاصم، عن أبي بكر أحمد بن محمود بن الحارث، عن أبي الشيخ، عنه. قلت: ما نقم عبد الغافر على أبي حامد من تلك الألفاظ التي في كيمياء السعادة فلأبي حامد أمثاله في بعض تواليفه، حتى قال فيه، أظنه تلميذه ابن العربي: بلغ شيخنا أبو حامد الفلاسفة، وأراد أن يتقيأهم فما آستطاع. رأيت غير واحد من الأئمة يقولون، إنه رد على الفلاسفة في مواضع، ووافقهم عليها في بعض تواليفه، ووقع في شكوك، نسأل الله السلامة واليقين، ولكنه مثال حسن القصد.

(35/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 120
وللإمام أبي عبد الله محمد بن علي المازري الصقلي كلام على الإحياء يدل على تبحره وتحقيقه، يقول فيه: وبعد فقد تكررت مكاتبتكم في استعلام مذهبنا في الكتاب المترجم بإحياء علوم الدين، وذكرتم أن آراء الناس فيه اختلفت، فطائفة انتصرت وتعصبت لإشهاره، وطائفة منه حذرت وعنه نفرت، وطائفة لعيبه أظهرت، وكتبه حرقت، ولم تنفردوا أهل المغرب باستعلام ما عندي، بل كاتبني أهل المشرق مثل ذلك، فوجب عندي إبانة الحق. ولم نتقدم إلى قراءة هذا الكتاب سوى نبذ منه. فإن نفس الله العمر، مددت في هذا الكتاب للأنفاس، وأزلت عن القلوب الإلتباس. وآعلموا أن هذا الرجل، وإن لم أكن قرأت كتابه، فقد رأيت تلامذته وأصحابه، فكل منهم يحكي لي نوعاً من حاله وطريقته، استلوح منها من مذاهبه وسيرته، ما قام لي مقام العيان، فأنا أقتصر في هذا الإملاء على ذكر حال الرجل، وحال كتابه، وذكر جمل من مذاهب الموحدين، والفلاسفة، والمتصوفة وأصحاب الإشارات. فإن كتابه متردد بين هذه الطرائق الثلاث، لا تعدوها، ثم أتبع ذلك بذكر حيل أهيل مذهب على أهل مذهب آخر، ثم أبين عن طرق الغرور، وأكشف عما فيه من خيال الباطل، ليحذر من الوقوع في حبائل صائده.) ثم أثنى المازري على أبي حامد في الفقه، وقال: هو بالفقه أعرف منه بأصوله، وأما علم الكلام الذي هو أصول الدين، فإنه صنف فيه أيضاً، وليس بالمستبحر فيها، ولقد فطنت لسبب عدم استبحاره، وذلك لأنه قرأ علوم الفلسفة قبل إستبحاره في فن الأصول، فأكسبته قراءة الفلسفة جرأة على المعاني، وتسهلاً للهجوم على الحقائق، لأن الفلاسفة تمر مع خواطرها، وليس لها حكم شرع يزعها، ولا يخاف من مخالفة أئمة تتعبها. وعرفني بعض أصحابه أنه كان له عكوف على رسائل إخوان الصفاء، وهي إحدى وخمسون رسالة،

(35/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 121
ومصنفها فيلسوف قد خاض في علم الشرع والنقل، فخرج ما بين العلمين، وذكر الفلسفة، وحسنها في قلوب أهل الشرع بآيات يتلو عندها، وأحاديث يذكرها. ثم كان في هذا الزمان المتأخر رجل من الفلاسفة يعرف بابن سينا، ملأ الدنيا تواليف في علوم الفلسفة، وهو فيها إمام كبير، وقد أداه قوته في الفلسفة إلى أن حاول رد أصول العقائد إلى علم الفلسفة، وتلطف جهده حتى تم له ما لم يتم لغيره. وقد رأيت جملاً من دواوينه، ووجدت هذا الغزالي يعول عليه في أكثر ما يشير إليه من علوم الفلسفة. إلى أن قال: وأما مذاهب الصوفية، فلست أدري على من عول فيها، ولكني رأيت فيما علق عنه بعض أصحابه، أنه ذكر كتب ابن سينا وما فيها، وذكر بعد ذلك كتب أبي حيان التوحيدي، وعندي أنه عليه عول في مذاهب الصوفية. وقد أعلمت أن أبا حيان ألف ديواناً عظيماً في هذا الفن، ولم ينقل إلينا شيء منه. ثم ذكر المازري توهنه أكثر ما في الإحياء من الأحاديث. وقال: عادة المتورعين أن لا يقولوا: قال مالك، قال الشافعي. فيما لم يثبت عندهم. وفي كتابه مذاهب وآراء في العمليات هي خارجة عن مذاهب الأئمة. واستحسانات عليها طلاوة، لا تستأهل أن يفتى بها. وإذا تأملت الكتاب وجدت فيه من الأحاديث والفتوى ما قلته، فيستحسن أشياء مبناها على ما لا حقيقة له، مثل قص الأظفار أن تبدأ بالسبابة، لأن لها الفضل على بقية الأصابع، لأنها

(35/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 122
المسبحة، ثم نقص ما يليها من الوسطى، لأنها ناحية اليمين، ونختم بإبهام اليمنى. وذكر في ذلك أثراً. وقال: من مات بعد بلوغه ولم يعلم أن الباريء قديم، مات مسلماً إجماعاً. ومن تساهل في حكاية الإجماع في مثل هذا الذي الأقرب أن يكون فيه الإجماع يعكس ما قال، الحقيق أن لا يوثق بما فعل.) وقد رأيت له في الجزء الأول أنه ذكر أن في علومه هذه ما لا يسوغ أن تودع في كتاب. فليت شعري، أحق هو أو باطل فإن كان باطلاً فصدق، وإن كان حقاً، وهو مراده بلا شك، فلم لا يودع في الكتب، ألغموضه ودقته فإن كان هو فهمه، فما المانع لأن يفهمه غيره. قال الطرطوشي محمد بن الوليد في رسالة لابن المظفر: فأما ما ذكرت من أمر الغزالي، فرأيت الرجل وكلمته، ورأيته جليلاً من أهل العلم، قد نهضت به فضائله، واجتمع فيه العقل والفهم، وممارسة العلوم طول عمره. وكان على ذلك معظم زمانه، ثم بدا له عن طريق العالم، ودخل في غمار العمال، ثم تصوف، فهجر العلوم وأهلها، ودخل في علوم الخواطر، وأرباب العقول، ووساوس الشيطان، ثم شابها بآراء الفلاسفة، ورموز الحلاج، وجعل يطعن على الفقهاء والمتكلمين. ولقد كاد أن ينسلخ من الدين. فلما عمل الإحياء عمد يتكلم في علوم الأحوال ومرامز الصوفية، وكان غير أنيس بها، ولا خبير بمعرفتها، فسقط على أم رأسه وشحن كتابه بالموضوعات.

(35/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 123
وقال أبو عمرو بن الصلاح: فصل لبيان أشياء مهمة أنكرت على الغزالي في مصنفاته، ولم يرتضها أهل مذهبه وغيرهم من الشذوذ في تصرفاته، منها قوله في المنطق: هو مقدمة العلوم كلها، ومن لا يحيط به، فلا ثقة له بمعلومه أصلاً، وهذا مردود، فكل صحيح الذهن منطقي بالطبع، وكيف غفل الشيخ أبو حامد حال مشايخه من الأئمة، وما رفعوا بالمنطق رأساً.

(35/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 124
قال ابن الصلاح: وأما كتاب المضنون به على غير أهله، فمعاذ الله أن يكون له. شاهدت على نسخة بخط القاضي كمال الدين محمد بن عبد الله ابن الشهرزوري أنه موضوع على الغزالي، وأنه مخترع من كتاب مقاصد الفلاسفة، وقد نقضه بكتاب التهافت. وقال أبو بكر الطرطوشي: شحن الغزالي كتابه الإحياء بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أعلم كتاباً على بسطة الأرض أكثر كذباً على رسول الله منه. ثم شبكه بمذاهب الفلاسفة، ومعاني رسائل إخوان الصفاء وهم قوم يرون النبوة إكتساباً. فليس نبي في زعمهم أكثر من شخص فاضل، تخلق بمحاسن الأخلاق، وجانب سفاسفها، وساس نفسه، حتى ملك قيادها، فلا تغلبه شهواته، ولا يقهره سوء أخلاقه، ثم ساس الخلق بتلك الأخلاق. وزعموا أن المعجزات حيل ومخاريق.

(35/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 125
وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في ترجمته: ثم حج، ودخل الشام، وأقام بها نحواً من عشر) سنين، وصنف، وأخذ نفسه بالمجاهدة، وكان مقامه بدمشق في المنارة الغربية من الجامع. وقد سمع صحيح البخاري من أبي سهل محمد بن عبيد الله الحفصي. وقدم دمشق في سنة تسع وثمانين. قلت: وجالس بها الفقيه نصر المقدسي. وقال القاضي شمس الدين بن خلكان إنه لزم إمام الحرمين، فلما توفي خرج إلى نظام الملك، فبالغ في إكرامه، وولاه نظامية بغداد، فسا إليها في سنة أربع وثمانين، وأقبل عليه أهل العراق، وآرتفع شأنه. ثم ترك ذلك في سنة ثمان وثمانين، وتزهد، وحج، ورجع إلى دمشق، فآشتغل بها مدة بالزاوية الغربية، ثم انتقل إلى بيت المقدس، وجد في العبادة، ثم قصد مصر، وأقام مدة بالإسكندرية، ويقال إنه عزم على المضي إلى الأمير يوسف بن تاشفين سلطان مراكش، فبلغه نعيه. ثم إنه عاد إلى وطنه بطوس. وصنف التصانيف: البسيط، والوسيط، والوجيز، والخلاصة في الفقه، وإحياء علوم الدين. وفي الأصول: المستصفى، والمنخول، واللباب، وبداية الهداية، وكيمياء السعادة، والمأخذ، والتحصين، والمعتقد، وإلجام العوام، والرد على الباطنية، والإقتصاد في إعتقاد الأوائل، وجواهر القرآن، والغاية القصوى، وفضائح الإباحية، وعود الدور. وله: المنجل في علم الجدل، وكتاب تهافت الفلاسفة، وكتاب محك النظر، ومعيار العلم، والمضنون به على غير أهله.

(35/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 126
وشرح الأسماء الحسنى، ومشكاة الأنوار، والمنقذ من الضلال، وحقيقة القولين، وغير ذلك من الكتب. وقد تصدر للإملاء. ولد سنة خمسين وأربعمائة. وقال عبد الغافر: توفي يوم الإثنين رابع عشر جمادى الآخرة سنة خمس، ودفن بمقبرة الطابران، وهي قصبة بلاد طوس. وقولهم: الغزالي، والعطاري، والخبازي، نسبة إلى الصنائع بلغة العجم، وإنما ينبغي أن يقال الغزال، والعطار، ونحوه. وللغزالي أخ واعظ مدرس له القبول التام في التذكير واسمه:) أبو الفتوح أحمد. درس بالنظامية ببغداد، نيابة عن أخيه لما ترك التدريس، قليلاً، وبقي إلى حدود سنة عشرين وخمسمائة. وقال ابن النجار في تاريخه: الغزالي إمام الفقهاء على الإطلاق، ورباني الأمة بالإتفاق، ومجتهد زمانه، وعين أوانه. برع في المذهب، والأصول، والخلاف، والجدل، والمنطق، وقرأ الحكمة، والفلسفة، وفهم كلامهم، وتصدى للرد عليهم. وكان شديد الذكاء، قوي الإدراك ذا فطنة ثاقبة، وغوص على المعاني، حتى قيل إنه ألف كتابه المنخول، فلما رآه أبو المعالي قال: دفنتني وأنا حي، فهلا صبرت حتى أموت، لأن كتابك غطى على كتابي. ثم روى ابن النجار بسنده، أن والد الغزالي كان رجلاً من أرباب المهن يغزل الصوف، ويبيعه في دكانه بطوس، فلما احتضر أوصى بولديه محمد وأحمد إلى صديق له صوفي صالح، فعلمهما الخط، وفني ما خلف لهما أبوهما، وتعذر عليهما القوت، فقال: أرى لكما أن تلجأ إلى المدرسة كأنكما طالبين للفقه، عسى يحصل لكما مقدار قوتكما. ففعلا ذلك.

(35/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 127
وقال أبو العباس أحمد الخطيبي: كنت يوماً في حلقة الغزالي، رحمه الله، فقال: مات أبي، وخلف لي ولأخي مقداراً يسيراً، ففني، بحيث تعذر القوت علينا، وصرنا إلى مدرسة نطلب الفقه، ليس المراد سوى تحصيل القوت. وكان تعلمنا لذلك لا لله. فأبى أن يكون لله. وقال أسعد الميهني: سمعت الغزالي يقول: هاجرت إلى أبي نصر الإسماعيلي بجرجان، فأقمت إلى أن أخذت عنه التعليقة. قال ابن النجار: وقرأت على أبي القاسم الأسدي العابد بالثغر، عن أبي محمد عبد الله بن علي الأشيري قال: سمعت أبا محمد عبد المؤمن بن علي القيسي، سمعت أبا عبد الله محمد عبد الله بن تومرت السوسي يقول: أبو حامد الغزالي قرع الباب وفتح لنا. قال ابن النجار: بلغني أن أبا المعالي الجويني كان يصف تلامذته يقول الغزالي بحر مغرق، إلكيا أسد مخرق، والخوافي نار تحرق. وقال أبو محمد العثماني، وغيره: سمعنا محمد بن يحيى بن عبد المنعم العبدري المؤدب يقول: رأيت بالإسكندرية سنة خمسمائة كأن الشمس طلعت من مغربها، فعبره لي عابر ببدعة تحدث فيهم، فبعد أيام وصل الخبر بإحراق كتب الغزالي بالمرية.) وقال أبو عامر العبدري الحافظ: سمعت أبا نصر أحمد بن محمد بن عبد

(35/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 128
القاهر الطوسي يحلف بالله أنه أبصر في نومه كأنه ينظر في كتب الغزالي، فإذا هي كلها تصاوير. قلت: للغزالي غلط كثير، وتناقض في تواليفه، ودخول في الفلسفة، وشكوك. ومن تأمل كتبه العقلية رأى العجائب. وكان مزجي البضاعة من الآثار، على سعة علومه، وجلالة قدره، وعظمته. وقد روى عنه أبو بكر بن العربي الإمام صحيح البخاري، بروايته عن الحفصي، فيما حكى ابن الحداد الفاسي، ولم يكن هذا بثقة، فالله أعلم.

(35/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 129
(أنا صب مستهام .......... وهموم لي عظام)

(طال ليلي دون صحبتي .......... سهرت عيني وناموا)

(بي غليل وعليل .......... وغريم وغرام)

(ففؤادي لحبيبي .......... ودمي ليس حرام)

(ثم عرضي لعذولي .......... أمة العشق كرام)
مقاتل بن عطية بن مقاتل. أبو الهيجا البكري، الحجازي. الأمير شبل الدولة. من أولاد أمراء العرب. دخل خراسان، وغزنة لوحشة وقعت بينه وبين إخواته، وآختص بالوزير نظام الملك وصاهره، ثم عاد إلى بغداد لما قتل النظام. وله شعر جيد. ثم قصد كرمان ليمتدح وزيرها ناصر الدين مكرم بن العلاء، فوفد عليه،

(35/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 130
فوصله بألفي دينار لما أنشده قصيدته:
(دع العيس تذرع عرض الفلا .......... إلى ابن العلاء وإلا فلا)
ثم إنه دخل هراة، وأحب بها امرأة، وقال فيها الأشعار، ثم مرض، وغلبت عليه السوداء، وتوفي في حدود هذه السنة، في ربيع الأول بمرو وله ديوان.
4 (حرف الهاء)
هبة الله بن علي بن الفضل.) أبو سعد الشيرازي، الأديب. سمع: أبا طالب محمد بن محمد بن غيلان. روى عنه: محمد بن أحمد بن علي زفرة المفيد الإصبهاني، وغيره. وتوفي في صفر عن: أربع وسبعين سنة.
4 (حرف الياء)
يوسف بن عبد العزيز بن عديس. أبو الحجاج الأنصاري، الأندلسي. مكثر عن: أبي عمر بن عبد البر. وسمع بطليطلة من جماهر بن عبد الرحمن. وسكنها وتفقه بها. وكان حافظاً، ذكياً، متقناً، مصنفاً.

(35/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 131
روى عنه: أبو عامر بن حبيب الشاطبي. توفي في نصف شوال.

(35/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 132
4 (وفيات سنة ست وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن الفرج بن عمر. أبو نصر الدينوري، الإبري، والد شهدة. شيخ، زاهد، ثقة، خير. سمع: أبا يعلى بن الفراء، وأبا الغنائم بن المأمون، وجماعة. روى عنه: بنته. وتوفي في جمادى الأولى من السنة. أحمد بن أبي عاصم. الصيدلاني، الهروي. أحد المعمرين. سمع: أبا يعقوب القراب الحافظ. قال أبو سعد السمعاني: أجاز لي مروياته في سنة ست هذه. أحمد بن محمد بن عمر بن إبراهيم.) أبو منصور الكرماني، ثم الإصبهاني، الواعظ، الزاهد، ويعرف بابن إدريس.

(35/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 133
روى عن: أبي طاهر بن عبد الرحيم. روى عنه: أبو موسى الحافظ وقال: توفي في تاسع صفر. ودفن عند قبر حممة الدوسي. أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد ابن القاريء. أبو غالب الهمذاني، الخفاف، العدل. كان شيخاً مسناً، معمراً، من أهل الشهادات. وجد سماعه في كتب المحدثين. روى عن: أبي سعيد بن شبانة، ومنصور بن عبد الرحمن الحنبلي، والحسين بن عمر النهاوندي الصوفي. روى عنه: السلفي، وشهردار بن شيرويه. وأظن الحافظ أبا العلاء روى عنه. وآخر من روى عنه أبو الكرم علي بن عبد الكريم. وقد حدث في سنة ست هذه. ولم يذكر له شيرويه وفاة. أحمد بن عبد الرحمن بن الحسين. الأستاذ أبو الحسين الكرماني، الزاهد، شيخ الصوفية. ذكره عبد الغافر الفارسي فقال: أحد أولياء الله، ومن أفراد عصره مجاهدة ومعاملة وخلقاً مشاهدة. ورد نيسابور، وأقام عند أبي القاسم القشيري، وسلك طريق الإرادة ونفذ منها. وكان أبو القاسم يعتني به. وحصل من العلوم ما يحتاج إليه من الأصول والفروع، وجمع كتب أبي القاسم وسمعها، ثم غلب عليه قوة الحال، فصار مستغرقاً في الإرداة. وكان ظريف اللقاء، مقبول المشاهدة، رخيم الصوت، ولم يزل في صحبة

(35/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 134
الشيخ أبي القاسم إلى أن توفي، فعاد إلى كرمان، وقد طاب وقته مرة، فخرج من الكتب التي حصلها، ووضعها في الوسط، فأشار عليه أبو القاسم بحفظ ذلك. وقال: احفظها وديعة عندك، ولم يأذن له في بيعها ولا هبتها، فكان يستصحبها، يصونها ولا يطالعها، ويقول: إنها وديعة للإمام عندي. واشتغل بما كان له من الأحوال العالية الصافية، ثم بعدما صار إلى كرمان، بقي شيخ وقته، ووقع له القبول عند الملوك، والوزراء، والأكابر، واستكانوا له، وتبركوا به. وما كان يرغب فيهم ولا) يأخذ أموالهم، بل كان يجتنبهم، ويختار العزلة والإنزواء ببعض القرى. جاء نعيه إلى نيسابور في سنة أربع وسبعين وأربعمائة، ثم ظهر خلاف ذلك، وعاش إلى سنة ست وخمسمائة، فجاء نعيه في منتصف ربيع الأول. سمع الكثير، وما روى إلا القليل. قلت: عاش سبعين أو ثمانين سنة. أحمد بن علي بن محمد بن عبدوس. أبو حامد بن الحذاء النيسابوري. ذكره عبد الغافر فقال: شيخ مستور من أقارب الحاكم الحسكاني. سمع من: صاعد بن محمد. وسمع مسند العشرة من أبي سعد النصروي. وسمع فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل من النصروي، بسماعه من أبي بكر القطيعي سنة سبع وستين. أنا عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد: نا أبي وقرىء عليه بدلالة الوالد عليه. واسم أبي سعد عبد الرحمن بن حمدان. ولد أحمد في سنة ثمان عشرة، وتوفي في شوال. روى عنه: عمر بن أحمد الصفار، وجماعة من مشيخة عبد الرحيم السمعاني.

(35/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 135
أحمد بن عبد الواحد بن محمد ابن الدباس. أبو سعد، ويعرف بابن السقلاطوني وبابن الحريري. حدث عن: أبي محمد الجوهري. وعنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طاهر السلفي. توفي في شعبان. أحمد بن أبي نصر. البغدادي، الغضاري. سمع: الحسن بن محمد الخلال. روى عنه: المبارك بن كامل، وأبو طالب بن خضير. توفي في ذي الحجة، ودفن بباب حرب، رحمه الله.) إبراهيم بن حمزة بن ينكي بن محمد بن علي. أبو محمد الخداباذي، البخاري. حج سنة خمسمائة، فسمع بالبصرة، وسمع بمكة أبا محمد بن بتنة. روى عنه ابنه حمزة ببخارى. توفي بالمدينة، ودفن بالبقيع يوم عاشوراء.

(35/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 136
إدريس بن هارون بن الحسين. أبو محمد البغدادي، الصائغ، المقريء. شيخ صالح، روى قليلاً عن أبي الحسين بن النقور. وتوفي في رمضان. روى عنه: السلفي، وأبو عامر العبدري. وما زال يسمع إلى أن مات. إسماعيل بن أحمد بن محمد بن أحمد. أبو الرجاء ابن الشيخ أبي الفتح الحداد الإصبهاني. روى عن: أبي بكر بن ريذة، وعبد العزيز بن أحمد بن ماذويه، وأبي طاهر بن عبد الرحيم. روى عنه: المبارك بن المبارك السراج، والمبارك بن أحمد الأنصاري، وأبو طاهر السلفي. سكن بغداد، ثم سكن مصر، وبها توفي. إسماعيل بن الحسن بن علي بن حمدون. أبو القاسم السنجبستي الفرائضي، القاضي، مسند وقته. ولد في حدود سنة عشر وأربعمائة. وسمع: أبا بكر أحمد بن الحسن الحيري، والصيرفي، وأبا علي الحسن البلخي.

(35/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 137
وسمع منه الآباء والأبناء، وعمر دهراً طويلاً، وكان ذا مروءة وحشمة. روى عنه: محمد بن محمد السنجي، وأبو شجاع عمر بن محمد البسطامي، ومحمد بن الحسين الواعظ بواسط، وأبو الفتوح الطائي، وجماعة كثيرة. توفي في شهر صفر بسنجبست. وثقه عبد الغافر.) وسنجبست: على مرحلة من نيسابور. وكان يدخل البلد ويحدث.
4 (حرف الجيم)
جعفر الحنبلي. المعروف بالدرزيجاني، الفقيه. صاحب القاضي أبى يعلى بن الفراء. ذكره أبو الحسين بن الفراء في طبقات أصحاب أحمد.

(35/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 138
وقد لقن خلقاً القرآن. وكان جواداً، مهيباً، ذا سطوة وجلالة. وهو جعفر بن الحسن. وبالغ في تعظيمه ابن النجار، وأنه كان يختم كل يوم القرآن في ركعة واحدة، وأنه تفقه على أبي يعلى.
4 (حرف الحاء)
حبيبة بنت عبد العزيز بن موسى بن سباع. الأندلسية، زوجة أبي القاسم بن مدبر. سمعت: أبا عمر بن عبد البر، وأبا العباس العذري. وكان لها خط مليح ومعرفة، وفيها دين. وولدت سنة سبع وثلاثين. الحسين بن الحاكم أحمد بن عبد الرحيم. الإسيماعيلي أبو سعيد. سمع من: أبي الحسين عبد الغافر، وجماعة. وتوفي في ذي الحجة. الحسن بن محمد بن محمود بن سورة. أبو سعيد النيسابوري، سبط شيخ الإسلام أبي عثمان الصابوني. ذكره عبد الغافر فقال: فاضل، عالم، عهدناه أفضل أهل بيته. سمع من جده ومشايخ عصره، وسمع من الواحدي تفسيره. وعقد مجلس الإملاء.)

(35/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 139
توفي في شوال في آخر الكهولة. حمد بن إسماعيل بن حمد بن محمد. أبو الحسن الهمذاني، المعروف بالشيخ الزكي. كان صدوقاً حجاجاً. سمع: ابن غيلان، والخلال، والطناجيري، وعبد العزيز بن علي الأزجي، وابن المذهب. روى عنه: عبد الخالق بن يوسف، والسلفي. وتوفي في نصف ربيع الأول بالمدينة، ودفن بالبقيع. روى عنه السلفي في البلد الأول من أربعيه. حمد بن محمد بن أحمد بن منصور. أبو القاسم الإصبهاني، القصاب، والصوفي، الطويل. حمد بن محمد بن أبي بكر. أبو شكر الإسكاف. حمد بن طاهر بن أحمد. أبو الفضل الأنماطي، المؤذن. إصبهاني يروي عن الباطرقاني.

(35/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 140
روى عنه: أبو موسى المديني. حيدرة بن أحمد بن حسين. أبو تراب الأنصاري، الدمشقي المقريء، المعروف بالخروف. سمع: أبا الحسين بن مكي، وأبا القاسم الحنائي، وأبا بكر الخطيب. قال ابن عساكر: سمعت منه جزءاً من تاريخ بغداد. وكان مكثراً. وتوفي في ربيع الأول. قلت: وهو أقدم شيخ لابن عساكر موتاً.
4 (حرف الخاء)
خلف بن محمد. الشيخ أبو القاسم بن المريي.) كان من سكان المرية من الأندلس. قال ابن الدباغ: رأيته سنة ست وخمسمائة. سمع من: أبي العباس العذري. ولقي أبا عمرو عثمان بن سعيد الداني. وكان عنده أدب.
4 (حرف الصاد)
صاعد بن منصور بن إسماعيل بن صاعد.

(35/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 141
أبو العلاء النيسابوري، الخطيب، القاضي، المدرس، قاضي القضاة. كان إمام الحرمين يثني عليه، وكان محبوباً، مقبولاً، رضي الأخلاق، خلف أباه في الخطابة، والتدريس، والوعظ، ثم ولي قضاة خوارزم. وحج، وأقام ببغداد مدة، ثم عاد إلى نيسابور، وعقد مجلس الإملاء. سمع جده: أبا الحسن، وعمه أبا علي، وأباه القاضي أبا القاسم، وعمر بن مسرور، وأبا عثمان الصابوني، وعبد الغافر الفارسي، والحسن بن محمد الدربندي، وجماعة. روى عنه: أبو عثمان إسماعيل العصائدي، وأبو شجاع عمر البسطامي، وغيرهما. توفي في رمضان.
4 (حرف الطاء)
طونة بنت عبد العزيز بن موسى بن طاهر. العالمة، زوجة أبي القاسم بن مدبر. أخذت عن أبي عمر بن عبد البر، وكتبت تصانيفه. وكانت حسنة الخط. عاشت سبعين سنة.

(35/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 142
4 (حرف العين)
العباس بن أحمد بن محمد. أبو الفضل الحسنوي، النيسابوري، الشقاني، الفقيه، المحدث. أنفق عمره في طلب الحديث، وأفاد، وكتب، وكان رقيق الحال، فقيراً، قانعاً.) سمع: عبد الرحمن بن حمدان النصروبي، وأحمد بن محمد بن الحارث التميمي الإصبهاني، وأبا حسان محمد بن أحمد بن جعفر، ومحمد بن إبراهيم المزكي، وجماعة كثيرة. وقل أن يوجد بنيسابور جزء إلا قد سمعه. روى عنه: محمد بن محمد السنجي، وعمر بن محمد البسطامي، وعبد الرحيم بن الإخوة، وآخرون كثيرون. وتوفي في ذي الحجة. وكان من المسندين بنيسابور. وكان أبوه أبو العباس من الأئمة. وابنه أبو بكر محمد: يروي عن القشيري. سوف يأتي. والآخر اسمه أحمد، يأتي أيضاً. عبد الله بن الحسن بن هلال بن الحسن.

(35/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 143
أبو القاسم الأزدي، الدمشقي. سمع: أبا علي الأهوازي، وأبا عبد الله بن سعدان، ورشأ بن نظيف، وسحنام، وجماعة سواهم. وكان يسكن بقرية سقبا، ولم يكن الحديث من شأنه. روى عنه: الصائن هبة الله، وجماعة. توفي في سقبا، في ذي القعدة، وبها دفن. عبد الجبار بن عبيد الله بن أبي سعد محمد بن ظورويه. أبو بكر الإصبهاني، الدلال، الصفار. ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. وسمع من: أبي نعيم. روى عنه: أبو موسى المديني، وغيره. ومات في ربيع الآخر. عبد الملك بن عبد الله بن أحمد بن رضوان. أبو الحسين المراتبي، من أهل باب المراتب. كان صالحاً، خيراً، رئيساً، كثير الصدقة.) وكان صاحب ديوان الرسائل لأمير المؤمنين المستظهر بالله. روى عن: أبي محمد الجوهري. وعنه: أبو المعمر الأنصاري. وتوفي في شوال.

(35/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 144
علي بن عبد الملك بن محمد بن شاذان. أبو الحسن الطوسي، الجوهري، الصوفي، الزاهد، سمع الكثير بنفسه من: أبي حفص بن مسرور، وأبي الحسين عبد الغافر، وأبي سعد الكنجروذي. ورحل فسمع من: أبي يعلى بن الفراء، وابن المهتدي بالله. روى عنه: علي بن الحسن المقريء، ومحمد بن أبي بكر السنجي، وغيرهما. قال ابن السمعاني: توفي بعد سنة أربع وخمسمائة، وكان مقرئاً، صالحاً. قلت: إنما كتبته هنا على سبيل التقريب، لا أنه توفي في هذا العام. علي بن ناصر بن محمد بن الحسن. أبو الفضل العلوي المحمدي. من ولد محمد بن الحنفية. وكان نقيب مشهد باب التبن. وكان يسكن الكرخ، وله معرفة بالأنساب. سمع: أبا محمد الجوهري. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طالب بن خضير، وغيرهما. وحدث في هذه السنة، ولم تؤرخ وفاته.
4 (حرف الفاء)
الفضل بن أحمد بن محمد بن متوبه. أبو عمرو الكاكوتي. كان يقال لأبيه كاكو.

(35/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 145
سمع من: عبد الغافر الفارسي، وأبي عثمان الصابوني، وابن مسرور بإفادة والده. قال أبو سعد السمعاني: أجاز لي، وحدثني عنه جماعة. وتوفي ليلة عيد الفطر. وكان مولده في سنة تسع وثلاثين.) ومن الرواة عنه ولده، وبقي إلى سنة أربع وخمسين. وروى أبوه أحمد كاكو عن: أبي عبد الله بن نظيف. الفضل بن محمد بن عبيد بن محمد بن محمد بن مهدي. أبو محمد القشيري، النيسابوري. شيخ، ثقة، مشهور، من بيت العدالة والصلاح. كان مبالغاً في الاحتياط في الشهادات، ومن أعيان العدول. كان صوفياً، مليحاً، خيراً. سمع: عبد الرحمن بن حمدان النضرويي، وعبد القاهر أبا منصور البغدادي، وأبا حسان المزكي، وأبا الحسين الفارسي. وحدث ببغداد لما حج. روى عنه: أبو الفتح محمد بن عبد السلام الكاتب، وغيره. ولد سنة عشرين وأربعمائة. وتوفي في رمضان. وهو آخر عبيد القشيري، سيأتي. فضل الله بن محمد بن أحمد بن أبي جعفر.

(35/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 146
أبو محمد بن أبي الفضل الطبسي. من أولاد المحدثين. سافر الكثير، وسمع، ونسخ. سمع ببلده: أباه، وأبا عثمان العيار، وأبا بكر البيهقي، وعبيد الله بن محمد بن مندة. وبنيسابور. وسمع ببغداد من: أبي الفضل بن خيرون. وبالبصرة من: أبي علي القشيري. وبإصبهان من: إبراهيم بن محمد القفال. روى عنه: عبد العزيز بن محمد بن سيما، وجماعة. وأجاز للجنيد القايني في هذه السنة. ولم تضبط وفاته.
4 (حرف الميم)
محمد بن أبلي القاسم الفضل بن محمد بن عبد الله.) أبو بكر الإصبهاني الأعسر، القرابي القصار. عبد صالح، يقال إنه كان من الأبدال. روى عن: ابن ريذة. روى عنه: أبو موسى في معجمه. وتوفي في ذي الحجة. محمد بن محمد بن أيوب بن محسن.

(35/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 147
أبو محمد القطواني، السمرقندي. وقطوان: على خمسة فراسخ من سمرقند كان إماماً في الوعظ، له القبول. التام من الخاص والعام، سمع من جماعة، وحدث. روى عنه جماعة من أهل سمرقند. وكان مولده في سنة أربع وأربعين وأربعمائة. رماه فرسه فآندقت عنقه. وتوفي من الغد في سادس رجب. محمد بن محمد بن الحسن بن عيشون. موفق الملك، أبو الفضل المنجم. كان رأساً في صنعة التنجيم بالعراق، وله شعر رقيق. روى عنه: أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين. فمن شعره:
(أنت يا مغرور ميت .......... فتأهب للفراق)

(وذر الحرص على الرز .......... ق، فما أنت بباق)

(فالأماني والمنايا .......... تتجارى في سباق)

(لك بالأخرى اشتغال .......... فتهيأ للتلاق)
محمد بن موسى بن عبد الله. القاضي أبو عبد الله التركي، البلاساغوني، الحنفي.

(35/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 148
سمع ببغداد من شيخه القاضي أبي عبد الله الدامغاني، ومن: أبي الفضل ابن خيرون. ونزل بدمشق.) روى عنه: أبو البركات الحضري عبد الحارثي. وولي قضاء القدس مدة، فشكوه وعزل. ثم ولي قضاء دمشق، وكان قد عزم على نصب إمام حنفي بجامع دمشق، من محبته في مذهبه، وعين إماماً، فآمتنع أهل دمشق من الصلاة خلفه، وصلوا بأجمعهم في دار الخيل، وهي القيسارية التي قبل المدرسة الأمينية. وهو الذي رتب الإقامة في الجامع مثنى مثنى، فبقي إلى أن أزيل في أيام صلاح الدين في سنة سبعين. قال ابن عساكر: سمعت أبا الحسن بن قبيس الفقيه يذمه، ويذكر أنه كان يقول: لو كان لي أمر لأخذت من الشافعية الجزية. وكان مبغضاً للمالكية أيضاً. توفي في جمادى الآخرة. محمود بن يوسف بن حسين. أبو القاسم التفليسي، الشافعي. قدم بغداد، وتفقه بها على الشيخ أبي إسحاق.

(35/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 149
سمع من: أبي يعلى بن الفراء، وعبد الصمد بن المأمون، وجماعة. ورجع إلى بلاده. روى عنه: الطيب بن محمد الغضائري. وتوفي في هذه السنة أو بعدها. مصعب بن محمد بن أبي الفرات. أبو العرب القرشي العبدري، الصقلي، الشاعر المشهور. دخل الأندلس عند تغلب الروم على صقلية. وحظي عند المعتمد بن عباد. وديوانه بأيدي الناس. روى عن: أبي عمر بن عبد البر. أخذ عنه: أبو علي بن عريب أدب الكاتب لابن قتيبة، ثم إنه صار في آخر أمره إلى صاحب ميورقة ناصر الدولة، فتوفي هناك. وله:
(كأن أديم الأرض كفاك إن يسر .......... به راكب تقبض عليه الأناملا)
)

(35/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 150
(فأين يفر المرء عنك بجرمه .......... إذا كان في كفيك يطوي المراحلا)
المعمر بن علي بن المعمر بن أبي عمامة. أبو سعد الحنبلي، الواعظ. بغدادي كبير، درس، وأفتى، وناظر، وحفظ الكثير من النوادر والغرر، وآنفراد بالكلام على لسان الوعظ، وآنتفع الخلق بمجالسه. وكان يبكي الحاضرين ويضحكهم، وله قبول عظيم. وله من سرعة الجواب، وحدة الخاطر، ما شاع وذاع، ووقع عليه الإجماع. وكان يؤم المقتدي بالله في التراويح وينادمه. وسمع من: أبي طالب بن غيلان، والخلال، والأزجي، والحسن بن المقتدر، وجماعة. روى عنه: ابن ناصر، وأبو المعمر الأنصاري. ولد في سنة تسع وعشرين وأربعمائة. وتوفي في ربيع الأول. قاله ابن النجار.

(35/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 151
4 (حرف النون)
ناجية بنت أبي عبد الله محمد بن أحمد بن الحسن بن جردة.

(35/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 152
وتعرف بست السعود، الحاجبة. روت عن: أبي محمد الجوهري. روى عنها: أبو المعمر الأنصاري. وتوفيت في شوال، ودفنت بالحربية.

(35/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 153
4 (وفيات سنة سبع وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن أحمد بن هبة الله. أبو الفتح العراقي. روى عن: الأمير حسن بن المقتدر، والحسن بن محمد الخلال، وأبي القاسم التنوخي. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري. وتوفي في شوال وله تسع وثمانون سنة.) وقد سمع ديوان المطرز منه. وعنه أيضاً: المبارك بن خضير، وغيره. أحمد بن عثمان بن علي بن قرايا. أبو الحسن البغدادي البزاز. سمع: الحسين بن جعفر السلماسي، صاحب أبي حفص بن شاهين. روى عنه: المبارك بن كامل، والسلفي. أحمد بن أبي نصر القصاري. البغدادي.

(35/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 154
سمع: أبا محمد الخلال. مات في ذي الحجة. أحمد بن علي بن بدران بن علي. أبو بكر الحلواني، البغدادي، المعروف بخالوه. شيخ صالح، دين. سمع الكثير بنفسه، وكتب، وخرج له الحميدي فوائد عن شيوخه. سمع: أبا بكر محمد بن علي بن شبانة الدينوري، وأبا الطيب الطبري، وأبا الحسن الماوردي، والجوهري. روى عنه: أبو القاسم السمرقندي، والسلفي، وأبو طالب بن خضير، وخطيب الموصل أبو الفضل، وخلق آخرهم ابن كليب. ذكره ابن ناصر فقال: شيخ صالح، ضعيف، لا يحتج بحديثه، ولم يكن له معرفة بالحديث. ولد في حدود سنة عشرين وأربعمائة. وتوفي

(35/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 155
في جمادى الآخرة سنة ست، وأوصى أن يدفن بجنب إبراهيم الحربي. وقال السلفي: كان ثقة، زاهداً. وقال ابن النجار: قرأ بالروايات على أبي علي الحسن بن غالب، وعلي بن محمد بن فارس الخياط. وسمع الكثير وخرج تخريجات. وأثنى عليه الحميدي.) قرأ عليه أبو الكرم الشهرزوري. أحمد بن محمد بن عبد الله بن عمروس. الفقيه، أبو العباس المالكي. من أهل محلة النصرية ببغداد. كان صالحاً، خيراً، عارفاً بمذهب مالك. ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وأجاز له أبو علي بن شاذان، وأحمد بن الباداء. قال شجاع الذهلي: قرأت عليه بهذه الإجازة من نحو ثلاثين سنة. وقال غيره: كان أبوه إماماً مبرزاً في مذهب مالك. وتوفي في ثالث عشر رمضان. حدث عنه: المبارك بن خضير، ونصر الله بن القزاز. أحمد بن محمد بن عبد السلام بن قيداس. أبو نصر. سمع: أبا بكر محمد بن علي الدينوري المقريء، وأبا بكر بن بشران. روى عنه: أبو محمد بن الخشاب. وتوفي في هذه السنة أو بعدها.

(35/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 156
أحمد بن محمد بن عبد الله. أبو منصور الصيرفي، المراتبي. روى عن أبي الحسن القزويني يسيراً. روى عنه: المبارك، وعبد الوهاب الصابوني. إبراهيم بن عبد الواحد بن أبي ذر محمد بن إبراهيم بن علي. الصالحاني، الإصبهاني. توفي في جمادى الآخرة. وهو من شيوخ أبي موسى الحافظ. روى عن ابن ريذة. إسماعيل بن الحسين بن حمزة. أبو الحسين العلوي، الهروي، العمري، من ولد عمر بن علي بن أبي طالب. ولد سنة تسع وأربعمائة.) وسمع: سعيد بن العباس القرشي. مات في سابع المحرم، وله مائة إلا سنتين. إسماعيل بن الإمام أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى. شيخ القضاة أبو علي البيهقي، الخسروجردي.

(35/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 157
حدث عن أبيه، وعن: أبي حفص بن مسرور، وأبي عثمان الصابوني، وعبد الغافر الفارسي. روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وإسماعيل بن أبي سعد الصوفي. وأجاز لأبي سعد السمعاني. وتوفي في جمادى الآخرة في بيهق. وكان قد سافر عنها نحو ثلاثين سنة، وعاد إليها قبل وفاته بأيام. وسكن خوارزم مدة، ثم بلخ وكان إماماً، مدرساً، فاضلاً، عالماً. ولد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.
4 (حرف الحاء)
الحسين بن عقيل بن سنان. الخفاجي، الحلبي، المعدل، الأصولي، الشيعي. له كتاب المنجي من الضلال في الحرام والحلال، فقه، بلغ عشرين مجلدة، ذكر فيه خلاف الفقهاء، يدل على تبحره.
4 (حرف الخاء)
خيرون بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون الدباس. أخو محمد. سمع الكثير من: أبي علي بن المذهب، وأبي إسحاق البرمكي، والجوهري.

(35/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 158
روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وغيره. وتوفي في المحرم.
4 (حرف الراء)
رابعة بنت محمود بن عبد الواحد. أم الغيث الإصبهانية.) سمعت: سعيد بن أبي سعيد العيار، وأبا بكر الباطرقاني. وحدثت ببغداد لما حجت. روى عنها: عمر بن ظفر. رضوان ابن سلطان دمشق تتش بن ألب رسلان السلجوقي. ولي سلطنة حلب بعد أبيه إلى أن مات بها في هذه السنة. وولي بعده ابنه ألب رسلان الأخرس، وله ست عشرة وكان رضوان لما مات أبوه بالري في القتال. أقيمت السكة والخطبة بدمشق أياماً لرضوان، ثم استقر على إمرة حلب ونواحيها. ومنه أخذت الفرنج أنطاكية سنة اثنتين وتسعين. وقد ذكر من سيرته المذمومة في الحوادث.

(35/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 159
4 (حرف السين)
سراج بن عبد الملك بن سراج بن عبد الله. الإمام أبو الحسين بن العلامة اللغوي أبي مروان. وقد مر أبوه بعد الثمانين وأربعمائة. سمع: أباه، وأبا عبد الله بن عتاب. وخلف أباه بالأندلس في معرفة الأدب. وكان من أذكياء العالم. توفي بقرطبة. قاله ابن الدباغ.

(35/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 160
4 (حرف الشين)
شجاع بن فارس بن الحسين بن فارس بن الحسين بن غريب بن بشير بن عبد الله بن منخل بن ثور بن مسلمة بن سعنة بن سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة. الحافظ أبو غالب الذهلي، السهروردي، ثم البغدادي، الحريمي. قال ابن السمعاني: نسخ بخطه من التفسير، والحديث، والفقه، ما لم ينسخه أحد من الوراقين. قال لي عبد الوهاب الأنماطي: دخلت عليه يوماً، فقال لي: توبني. فقلت: من أي شيء قال: كتبت شعر ابن الحجاج بخطي سبع مرات.) سمع: أبا طالب بن غيلان، وعبد العزيز بن علي الأزجي، والأمير أبا محمد بن المقتدر، وأبا محمد الجوهري، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وطبقتهم، ومن بعدهم، إلى أن سمع من جماعة من طبقته. روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو طاهر السلفي، وعمر بن ظفر، وسلمان بن جزوان، وطائفة من الطلبة. وملكت بخطه عدة أجزاء.

(35/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 161
قال عبد الوهاب: قل ما يوجد بلد من بلاد الإسلام إلا وفيه شيء بخط شجاع الذهلي، وكان مفيد وقته ببغداد، ثقة، سديد السيرة. أفنى عمره في الطلب. وكان قد عمل مسودة تاريخ بغداد ذيلاً على تاريخ الخطيب، فغسله في مرض موته. توفي في ثالث جمادى الأولى، وولد في سنة ثلاثين.
4 (حرف العين)
عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر بن جحشويه. أبو محمد الطوابيقي، الآجري، الحربي، القصار. شيخ صالح، سمع: أبا الحسن القزويني، والجوهري. روى عنه: المبارك بن خضير، ومحمد بن جعفر بن عقيل، وغيرها. وتوفي في صفر. عبد الله بن مرزوق بن عبد الله. الهروي، أبو الخير الحافظ، مولى أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري. كان أصم، غير أنه تعلم ورزق فهم الحديث. وكان حسن السيرة. جميل الأمر، متقناً، متثبتاً. سمع: أبا إسماعيل الأنصاري، وغيره بهراة، وأبا عمرو بن مندة، وغيره بإصبهان، وأبا القاسم بن البسري، وطبقته ببغداد، وأبا الفضل محمد بن أحمد الحافظ بطبس.

(35/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 162
وجال في الآفاق، ثم سكن إصبهان. روى عنه: حنبل الفخاري، وأبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضيل. الإصبهاني، وآخرون. توفي في جمادى الآخرة.) وأكبر شيخ له أبو عمر المليحي. عبد القدر بن محمد. أبو محمد الصدفي، القروي، المعروف بابن الحناط، نزيل المرية. روى عن: أبي بكر أحمد بن محمد بن يحيى الصقلي، وعبد الرحمن بن محمد الخرقي، وأبي مروان عبد الملك بن زيادة الله الطبي، سمع منه بالقيروان، ومحمد بن الفرج، سمع منه بمصر، وعبد الله بن محمد القرشي، والفقيه عبد الحق الصقلي، وغيرهم. وكان صالحاً، زاهداً، معتنياً بالعلم والرواية. روى عنه جماعة. وتوفي في ربيع الأول عن بضع وثمانين سنة. عبد الوهاب بن أحمد بن عبيد الله بن الصحنائي. أبو غالب البغدادي، المستعملي. سمع: أبا محمد الخلال، وعلي بن محمد بن قشيش، وأبا طالب بن غيلان، وأبا القاسم الأزجي.

(35/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 163
روى عنه: عمر بن ظفر، وأبو المعمر الأنصاري، وعبد الحق اليوسفي، وآخرون. توفي في ذي الحجة. وكان مولده في سنة عشرين وأربعمائة. علي بن الحسين المردستي. أبو الفوارس الحاجب. سمع: أبا محمد الجوهري. وكان شيعياً من بيت حشمة. علي بن علي بن عبد السميع بن الحسين. الهاشمي، العباسي، أبو الحارث. سمع: أبا طالب بن غيلان. وحدث. سمع منه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طاهر السلفي. علي بن محمد بن علي بن أحمد بن إسماعيل.) الواعظ، أبو منصور الأنباري. كان يسكن دار الخلافة. سمع الكثير، وانتشرت عنه الرواية. سمع: ابن غيلان، وأبا بكر بن بشران، وأبا إسحاق البرمكي، وجماعة. وقرأ بالروايات على أبي علي الشرمقاني.

(35/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 164
وتفقه على القاضي أبي يعلى. روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعبد الخالق اليوسفي، وأبو المعمر الأزجي، وجماعة. توفي في ذي الحجة، وولد سنة خمس وعشرين. وهو من علماء الحنابلة. عمر بن أحمد بن رزق. أبو بكر بن الفصيح التجيبي، الأندلسي. من أهل المرية. روى عن: أبي عمرو الداني المقريء، وغيره. قال ابن بشكوال: كان ثقة فيما رواه. أخذ الناس عنه. أخبرني بأمره يحيى بن محمد صاحبنا.
4 (حرف الميم)
مالك بن عبد الله. أبو الوليد العتبي، السهلي، القرطبي، اللغوي. من أئمة الأدب. سمع من: محمد بن عتاب، وحاتم بن محمد، وأبي مروان بن حيان المؤرخ، وسراج القاضي. روى الناس عنه كثيراً. ومات بقرطبة.

(35/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 165
محمد بن أحمد بن الحسين بن عمر. الإمام أبو بكر الشاشي، الفقيه، الشافعي، مؤلف المستظهري، بميافارقين سنة تسع وعشرين وأربعمائة. وتفقه على الإمام أبي عبد الله محمد بن بيان الكازروني.

(35/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 166
وتفقه على قاضي ميافارقين أبي منصور الطوسي تلميذ الأستاذ أبي محمد الجويني. ثم رحل) أبو بكر إلى العراق، ولازم الشيخ أبا إسحاق، وكان معيد درسه. وكان يتردد إلى أبي نصر بن الصباغ، فقرأ عليه الشامل. وسمع الحديث من الكازروني شيخه، ومن ثابت بن أبي القاسم الخياط. وبمكة من أبي محمد هياج الحطيني. وسمع ببغداد من: أبي بكر الخطيب، وجماعة. روى عنه: أبو المعمر الأزجي، وأبو الحسن علي بن أحمد اليزدي، وأبو بكر بن النقور، وشهدة، والسلفي، وغيرهم. وتفقه به جماعة. قال القاضي ابن خلكان: أبو بكر الشاشي، الفارقي، المعروف بالمستظهري، الملقب فخر الإسلام. كان فقيه وقته. ودخل نيسابور صحبة الشيخ أبي إسحاق، وتكلم في مسألة بين يدي إمام الحرمين وتعين في الفقه ببغداد بعد أستاذه أبي إسحاق. وانتهت إليه رئاسة الطائفة الشافعية، وصنف تصانيف حسنة، من ذلك كتاب حلية العلماء في المذهب ذكر فيه مذهب الشافعي، ثم ضم إلى كل مسألة اختلاف الأئمة فيها، وسماه المستظهري، لأنه صنفه للإمام المستظهر بالله. وصنف أيضاً في الخلاف. وولي تدريس النظامية ببغداد بعد شيخه، وبعد

(35/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 167
ابن الصباغ، والغزالي. ثم وليها بعد موت إلكيا الهراسي سنة أربع وخمسمائة في المحرم. ودرس بمدرسة تاج الملك وزير ملكشاه. وتوفي في خامس وعشرين شوال، ودفن مع شيخه أبي إسحاق في قبر واحد. وقيل: دفن إلى جانبه. وكان أشعرياً، أصولياً.

(35/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 168
محمد بن إبراهيم بن سعيد بن نعم الخلفاء. أبو عبد الله الرعيني، الأندلسي. سمع بسرقسطة من أبي الوليد الباجي، ورحل وحج. وقرأ القراءآت على أبي معشر الطبري. وكان مولده في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.) وتوفي بأوريوله. وكان ثقة، خياراً. محمد بن الحسين بن وهبان. أبو المكارم الشيباني. عن: القاضي الطبري، والجوهري. سمع لنفسه من ابن غيلان. محمد بن طاهر بن علي بن أحمد.

(35/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 169
الحافظ أبو الفضل المقدسي، ويعرف بابن القيسراني، الشيباني. له الرحلة الواسعة. سمع ببلده من: نصر المقدسي، وابن ورقاء، وجماعة. ودخل بغداد سنة سبع وستين، فسمع من: الصريفيني، وابن النقور، وطبقتهما. وحج، وجاور فسمع من: أبي علي الشافعي، وسعد الزنجاني، وهياج الحطيني. وصحب الزنجاني، وتخرج به في التصوف، والحديث، والسنة، ورحل بإشارته إلى مصر، فسمع بها من أبي إسحاق الحبال. وبالإسكندرية من الحسين بن عبد الرحمن الصفراوي. وبتنيس من علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الحداد، حدثه عن جده، عن أحمد بن عيسى الوشاء، عن عيسى بن زغبة وذلك من أعلى ما وقع له في الرحلة المصرية. وسمع بدمشق من أبي القاسم بن أبي العلاء الفقيه.

(35/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 170
وبحلب من الحسن بن مكي الشيرازي. وبالجزيرة العمرية من أبي أحمد عبد الوهاب بن محمد اليمني، عن أبي عمر بن مهدي. وبالرحبة من الحسين بن سعدون. وبصور من القاضي علي بن محمد بن عبد الله الهاشمي. وبإصبهان من: عبد الوهاب بن مندة، وإبراهيم بن محمد القفال، وطائفة. وبنيسابور من: الفضل بن المحب، وموسى بن عمران، وأبي بكر بن خلف. وبهراة من: محمد بن أبي مسعود الفارسي، وكلار، وبيبى، وشيخ الإسلام. وبجرجان من: إسماعيل بن مسعدة، والمظفر بن حمزة البيع.) وبآمد من قاسم بن أحمد الخياط الإصبهاني، وهو من كبار شيوخه، سمع سنة أربع وثمانين وثلاثمائة من محمد بن أحمد بن جشنس، صاحب ابن صاعد. وبأستراباذ من: علي بن عبد الملك الحفصي، حدثه عن هلال الحفار. وببوشنج من: عبد الرحمن بن محمد بن عفيف كلار. وبالبصرة من: عبد الملك بن شغبة. وبالدينور من: أحمد بن عيسى بن عباد الدينوري، عن ابن لال الهمذاني. وبالري من: إسماعيل بن علي الخطيب، عن يحيى بن إبراهيم المزكي. وبسرخس من: محمد بن عبد الملك المظفري، عن أحمد بن محمد بن الفضل الكرابيسي، عن محمد بن حمدويه المروزي.

(35/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 171
وبشيراز من: علي بن محمد بن علي الشروطي، عن الحسن بن أحمد ابن محمد بن الليث الحافظ إملاء سنة إحدى وأربعمائة، ثنا ابن البختري ببغداد. وبقزوين من: أبي بكر محمد بن إبراهيم بن علي العجلي الإمام، عن أبي عمر بن مهدي، قدم عليهم. وبالكوفة من: أبي القاسم الحسين بن محمد، من طريق آبن أبي غرزة. وبالموصل من: هبة الله بن أحمد المقريء، عن محمد بن علي بن بحشل، عن محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب. وبمرو: محمد بن الحسن المهربن دقشابي، عن أحمد بن عبدوس النسوي. وبمرو الروذ من: الحسن بن محمد الفقيه، عن الحيري. وبنوقان من: محمد بن سعيد الحاكم، عن السلمي. وبنهاوند من: عمر بن عبيد الله القاضي، عن عبد الملك بن بشران. وبهمذان من: عبد الواحد بن علي الصوفي، عن محمد بن علي بن حمدويه الطوسي. وبالمدينة النبوية من: طراد الزينبي. وبواسط من صدقة بن محمد المتولي. وبساوة من: محمد بن أحمد الكامخي. وبأسداباذ من: أبي الحسن علي بن محمد المحلمي، عن الحيري.) وبالأنبار من: أبي الحسن علي بن محمد بن محمد الخطيب. وبإسفراين من: عبد الملك بن أحمد العدل، عن علي بن محمد بن علي السقاء. وبآمل طبرستان من: الفضل بن أحمد البصري، عن جده، عن أبي أحمد ابن عدي.

(35/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 172
وبالأهواز من: عمر بن محمد بن حيكان النيسابوري، عن ابن ريذة. وببسطام من: أبي الفضل محمد بن علي السهلكي، عن الحيري. وبخسروجرد من: الحسن بن أحمد البيهقي، عن الحيري. فهذه أربعون مدينة قد سمع فيها الحديث، وسمع في بلدان أخر تركتها. روى عنه: شيرويه الهمذاني، وأبو جعفر محمد بن الحسن الهمذاني، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وعبد الوهاب الأنماطي، وابن ناصر، والسلفي، وطائفة كبيرة، آخرهم موتاً محمد بن إسماعيل الطرسوسي الإصبهاني. قال أبو القاسم بن عساكر: سمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ يقول: أحفظ من رأيت محمد بن طاهر. وقال يحيى بن مندة في تاريخه: كان أحد الحفاظ، حسن الإعتقاد، جميل الطريقة، صدوقاً، عالماً بالصحيح والقيم، كثير التصانيف، لازماً للأثر. وقال السلفي: سمعت ابن طاهر يقول: كتبت صحيح البخاري ومسلم وابن داود سبع مرات بالوراقة، وكتبت سنن ابن ماجة بالوراقة عشر مرات، سوى التفاريق بالري. وقال ابن السمعاني: سألت أبا الحسن محمد بن أبي طالب عبد الملك الفقيه بالكرج، عن محمد بن طاهر، فقال: ما كان على وجه الأرض له نظير. وعظم أمره، ثم قال: كان داودي المذهب. قال لي: اخترت مذهب داود. فقلت: له: ولم قال: كذا اتفق. فسألته عن أفضل من رأى، فقال: سعد الزنجاني، وعبد الله بن محمد الأنصاري. وقال أبو مسعود الحاجي: سمعت ابن طاهر يقول: بلت الدم في طلب الحديث مرتين. مرة ببغداد، ومرة بمكة. وذاك أني كنت أمشي حافياً في حر

(35/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 173
الهواجر، فلحقني ذلك. وما ركبت دابة قط في طلب الحديث. وكنت أحمل كتبي على ظهري، إلى أن استوطنت البلاد. وما سألت في) حال الطلب أحداً. وكنت أعيش على ما يأتي من غير مسألة. وقال ابن السمعاني يقول: سمعت بعض المشايخ يقول: كان ابن طاهر يمشي في ليلة واحدة قريباً من سبعة عشر فرسخاً. وكان يمشي على الدوام بالليل والنهار عشرين فرسخاً. أخبرنا إسحاق الأسدي، أنا ابن خليل، أنا خليل بن أبي الرجاء الرازاني، نا محمد بن عبد الواحد الدقاق قال: محمد بن طاهر كان صوفياً ملامتياً، سكن الري، ثم همذان. له كتاب صفوة الصوفية. له أدنى معرفة بالحديث في باب شيوخ البخاري ومسلم، وغيرهما. شاهدناه بجرجان، ونيسابور. ذكر لي عنه حديث الإباحة، أسأل الله أن يجنبنا منها، وممن يقول بها من الرجال والنساء، والأخابث الكحلية من جوانية زماننا، وصوفية وقتنا، وأن ينقذنا من المعاصي كلها، وهم قوم ملاعين، لهم رموز ورطانات، وضلالة، وخذلان، وإباحات، إن قولهم عند فعل الحرام المنع شؤم، والسراويل حجاب. وحال

(35/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 174
المذنبين من شربة الخمور والظلمة، يعني خير منهم. وقال ابن ناصر: محمد بن طاهر ممن لا يحتج به. صنف كتاباً في جواز النظر إلى المرد، أورد فيه حكاية يحيى بن معين أنه قال: رأيت جارية بمصر مليحة صلى الله عليها. فقيل له: تصلي عليها فقال: صلى الله عليها وعلى كل مليح. ثم قال ابن ناصر: كان يذهب مذهب الإباحة. يعني في النظر إلى الملاح. وإلا فلو كان يذهب إلى إباحة مطلقة لكان كافراً، والرجل مسلم متبع للأثر، شيء. وإن كان قد خالف في أمور مثل جواز السماع، وقد صنف فيه مصنفاً ليته لا صنفه. وقال ابن السمعاني: سألت عنه إسماعيل الحافظ، فتوقف، ثم أساء الثناء عليه. وسمعت أبا القاسم بن عساكر يقول: جمع ابن طاهر أطراف الصحيحين، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وأخطأ فيه في مواضع خطأ فاحشاً. رأيته يخط عند أبي العلاء العطار. وقال ابن ناصر: محمد بن طاهر كان لحنة وكان يصحف. قرأ وإن جبينه

(35/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 175
ليتقصد عرقاً بالقاف فقلت: بالفاء، فكابرني. وقال السلفي: كان فاضلاً يعرف، ولكنه كان لحنة. حكى لي المؤتمن قال: كنا بهراة عند عبد الله الأنصاري، وكان ابن طاهر يقرأ ويلحن، فكان الشيخ يحرك رأسه ويقول: لا حول ولا قوة) إلا بالله. وقال ابن طاهر: ولدت في شوال سنة ثمان وأربعين ببيت المقدس، وأول ما سمعت سنة ستين. ورحلت إلى بغداد سنة سبع وستين. ثم رجعت إلى بيت المقدس، فأحرمت من ثم إلى مكة. وقال ابن عساكر: كان ابن طاهر له مصنفات كثيرة، إلا أنه كثير الوهم، وله شعر حسن، مع أنه كان لا يحسن النحو. وله كتاب المختلف والمؤتلف. وقال ابن طاهر في المنثور: رحلت من مصر إلى نيسابور، لأجل أبي القاسم الفضل بن المحب صاحب أبي الحسين الخفاف، فلما دخلت عليه قرأت في أول مجلس جزءين من حديث أبي العباس السراج فلم أجد لذلك حلاوة، واعتقدت أني نلته بغير تعب، لأنه لم يمتنع علي، ولا طالبني بشيء، وكل حديث من الجزءين يسوى رحلة. وقال: لما قصدت الإسكندرية كان في القافلة من رشد إليها رجل من أهل الشام، ولم أدر ما قصده في ذلك. فلما كانت الليلة التي كنا في صبيحتها

(35/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 176
ندخل الإسكندرية رحلنا بالليل، وكان شهر رمضان، فمشيت قدام القافلة، وأخذت في طريق غير الجادة، فلما أصبح الصباح، كنت على غير الطريق بين جبال الرمل، فرأيت شيخاً في مقثأة، فسألته عن الطريق، فقال: تصعد هذا الرمل، وتنظر البحر وتقصده، فإن الطريق على شاطيء البحر. فصعدت الرمل، ووقعت في قصب الأقلام، وكنت كلما وجدت قلماً مليحاً اقتلعته، إلى أن اجتمع من ذلك حزمة عظيمة، وحميت الشمس وأنا صائم، وكان الصيف. فتعبت، فأخذت أنتقي الجيد، وأطرح سواه، إلى أن بقي معي ثلاثة أقلام لم أر مثلها طول كل عقدة شبرين وزيادة: فقلت إن الإنسان لا يموت من حمل هذه. ووصلت إلى القافلة المغرب، فقام إلي ذلك الرجل وأكرمني. فلما كان في بعض الليل رحلت القافلة، فقال لي: إن في هذه الليلة مكس، ومعي هذه الفضة، وعليها العشر، فإن قدرت وحملتها معك، لعلها تسلم، فعلت في حقي جميلاً. فقلت: أفعل. قال: فحملتها ووصلت الإسكندرية وسلمت، ودفعتها إليه فقال: تحب أن تكون عندي، فإن المساكنة تتعذر. فقلت: أفعل. فلما كان المغرب صليت، ودخلت عليه، فوجدته قد أخذ الثلاثة الأقلام، وشق كل واحد منها) نصفين، وشدها شدة واحدة، وجعلها شبه المسرجة وأقعد السراج عليها. فلحقني من ذلك من الغم شيء لم يمكني أن آكل الطعام معه، وآعتذرت إليه، وخرجت إلى المسجد، فلما صليت التراويح، أقمت في المسجد، فجاءني القيم وقال: لم تجر العادة لأحد أن يبيت في المسجد. فخرجت وأغلق الباب، وجلست على باب المسجد، لا أدري إلى أين أذهب، فبعد ساعة عبر الحارس، فأبصرني، فقال لي: من أنت فقلت: غريب من أهل العلم، وحكيت له القصة. فقال: قم معي. فقمت معه، فأجلسني في مركزه، وثم سراج جيد، وأخذ يطوف ويرجع إلى عندي، واغتنمت أنا السراج، فأخرجت الأجزاء، وقعدت

(35/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 177
أكتب إلى وقت السحر، فأخرج إلي شيئاً من المأكول، فقلت: لم تجر لي عادة السحور. وأقمت بعد هذا بالإسكندرية ثلاثة أيام، أصوم النهار، وأبيت عنده، وأعتذر إليه وقت السحر، ولا يعلم إلى أن سهل الله بعد ذلك وفتح. وقال: أقمت بتنيس مدة على أبي محمد بن الحداد ونظرائه، فضاق بي، ولم يبق معي غير درهم، وكنت في ذلك أحتاج إلى خبز، وأحتاج إلى كاغذ، فكنت أتردد إن صرفته في الخبر لم يكن لي كاغذ، وإن صرفته في الكاغذ لم يكن لي خبز، ومضى على هذا ثلاثة أيام ولياليهن لم أطعم فيها، فلما كان بكرة اليوم الرابع قلت في نفسي: لو كان لي اليوم كاغذ لم يمكن أن أكتب فيه شيئاً لما بي من الجوع، فجعلت الدرهم في فمي، وخرجت لأشتري الخبز، فبلعته، ووقع علي الضحك، فلقيني أبو طاهر بن حطامة الصائغ، المواقيتي بها وأنا أضحك، فقال لي: ما أضحكك فقلت: خير. فألح علي وأبيت، فحلف بالطلاق لتصدقني لم تضحك فأخبرته. وأخذ بيدي، وأدخلني منزلة، وتكلف لي ذلك اليوم أطعمة، فلما كان وقت صلاة الظهر خرجت أنا وهو إلى الصلاة، فآجتمع به بعض وكلاء عامل تنيس، فسأله عني، فقال: هو هذا. فقال: إن صاحبي منذ شهر أمرني أن أوصل إليه في كل يوم عشرة دراهم، قيمتها ربع دينار، وسهوت عنه. قال: فأخذ منه ثلاثمائة درهم، وجاءني وقال: قد سهل الله رزقاً لم يكن في الحساب. وأخبرني بالقصة، فقلت: تكون عندك، ونكون على ما نحن من الإجتماع إلى وقت الخروج، فإنني) وحدي. ففعل. وكان بعد ذلك يصلني ذلك القدر، إلى أن خرجت من البلد إلى الشام. وقال: رحلت من طوس إلى إصبهان لأجل حديث أبي زرعة الرازي الذي أخرجه مسلم عنه في الصحيح، ذاكرني به بعض الرحالة بالليل، فلما

(35/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 178
أصبحت شددت علي، وخرجت إلى إصبهان، فلم أحلل عني حتى دخلت على الشيخ أبي عمرو، فقرأته عليه، عن أبيه، عن أبي بكر القطان، عن أبي زرعة، ودفع إلي ثلاثة أرغفة وكمثراتين، ثم خرجت من عنده إلى الموضع الذي نزلت فيه، وحللت عني. وقال: كنت ببغداد في أول الرحلة الثانية من الشام، وكنت أنزل برباط الزوزني وكان به صوفي يعرف بأبي النجم، فمضى علينا ستة أيام لم نطعم فيها، فدخل علي الشيخ أبو علي المقدسي الفقيه، فوضع ديناراً وآنصرف، فدعوت بأبي النجم وقلت: قد فتح الله بهذا، أي شيء نعمل به. فقال: تعبر ذاك الجانب، وتشتري جبزاً، وشواءً، وحلواء، وباقلى أخضر، وورداً، وخساً بالجميع، وترجع. فتركت الدينار في وسط مجلدة معي وعبرت، ودخلت على بعض أصدقائنا، وتحدثت عنده ساعة، فقال لي: لأي شيء عبرت. فقلت له. فقال: وأين الدينار؟

(35/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 179
فظننت أني قد تركته في جيبي، فطلبته فلم أجده، فضاق صدري ونمت، فرأيت في المنام كأن قائلاً يقول لي: أليس قد وضعته في وسط المجلدة فقمت من النوم، وفتحت المجلدة، وأخذت الدينار، واشتريت جميع ما طلب رفيقي، وحملته على رأسي، ورجعت إليه وقد أبطأت عليه، فلم أخبره بشيء إلى أن أكلت، ثم أخبرته، فضحك وقال: لو كان هذا الأكل لكنت أبكي. وقال: كنت ببغداد في سنة سبع وستين، فلما كان عشية اليوم الذي بويع فيه المقتدي بأمر الله دخلنا على الشيخ أبي إسحاق جماعة من أهل الشام، وسألناه عن البيعة، كيف كانت فحكى لنا ما جرى، ثم نظر إلي، وأنا يؤمئذ مختط، وقال: هو أشبه الناس بهذا. وكان مولد المقتدي في الثاني عشر من جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، ومولدي في سادس شوال من هذه السنة. قال أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر: أنشدني أبي لنفسه:)
(لما رأيت فتاة الحي قد برزت .......... من الحطم تروم السعي في الظلم)

(ضوء النهار بدا من ضوء بهجتها .......... وظلمة الليل من مسودها الفحم)

(خدعتها بكلام يستلذ به .......... وإنما يخدع الأحرار بالكلم)
وقال المبارك بن كامل الخفاف: أنشدنا ابن طاهر لنفسه:
(ساروا بها كالبدر في هودج .......... يميس محفوفاً بأترابه)

(فاستعبرت تبكي، فعاتبتها .......... خوفاً من الواشي وأصحابه)

(فقلت: لا تبك على هالك .......... بعدك ما يبقى على ما به)

(للموت أبواب، وكل الورى .......... لا بد أن تدخل من بابه)

(وأحسن الموت بأهل الهوى .......... من مات من فرق أحبابه)
وله:
(خلعت العذار بلا منة .......... على من خلعت عليه العذارا)

(35/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 180
(وأصبحت حيران لا أرتجي .......... جناناً، ولا أتقي فيه نارا)
وقال شيرويه في تاريخ همذان: محمد بن طاهر سكن همذان، وبنى بها داراً. وكان ثقة، صدوقاً، حافظاً، عالماً بالصحيح والسقيم، حسن المعرفة بالرجال والمتون، كثير التصانيف، جيد الخط، لازماً للأثر، بعيداً من الفضول والتعصب، خفيف الروح، قوي السير في السفر، كثير الحج والعمرة. كتب عن عامة مشايخ الوقت.

(35/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 181
قال شجاع الذهلي: مات ابن طاهر عند قدومه بغداد من الحج يوم الجمعة في ربيع الأول. وقال أبو المعمر: توفي يوم الجمعة النصف من ربيع الأول ببغداد.

(35/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 182
محمد بن أبي العباس أحمد بن محمد أحمد بن إسحاق. الرئيس أبو المظفر الأموي، المعاوي، الأبيوردي، اللغوي، الشاعر المشهور، من أولاد عنبسة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية. كان أوحد عصره، وفريد دهره في معرفة اللغة والأنساب، وغير ذلك. وله تصانيف كثيرة مثل تاريخ أبيورد ونسا. وكان حسن السيرة، جميل الأمر، منظرانياً من الرجال، وكان فيه تيه

(35/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 183
وتكبر. وكان يفتخر بنسبه ويكتب: العبشمي المعاوي، لا أنه من ولد معاوية بن أبي سفيان، بل من ولد معاوية بن محمد) بن عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان. وله شعر فائق، وقسم ديوان شعره إلى أقسام، منها العراقيات، ومنها النجديات، ومنها الوجديات. وأثنى عليه أبو زكريا بن مندة في تاريخه بحسن العقيدة، وحميد الطريقة، وكمال الفضلية. وقال ابن السمعاني: صنف كتاب المختلف، وكتاب طبقات العلم، وما آختلف وآئتلف من أنساب العرب. وله في اللغة مصنفات ما سبق إليها. سمع: إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وأبا بكر بن خلف الشيرازي، ومالك بن أحمد البانياسي، وعبد القاهر الجرجاني النحوي. وسمعت غير واحد من شيوخي يقولون: إنه كان إذا صلى يقول: اللهم ملكني مشارق الأرض ومغاربها. وذكره عبد الغافر فقال: فخر العرب، أبو المظفر الأبيوردي، الكوفني، الرئيس، الأديب، الكاتب، النسابة، من مفاخر العصر، وأفاضل الدهر. له الفضائل الرائقة، والفصول الفائقة، والتصانيف المعجزة، والتواليف المعجبة،

(35/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 184
والنظم الذي نسخ أشعار المحدثين، ونسج فيه على منوال المعري ومن فوقه من المفلقين. رأيته شاباً قام في درس إمام الحرمين مراراً، وأنشأ فيه قصائد طوالاً كباراً، يلفظها كما يشاء زبداً من بحر خاطره، كما نشأ ميسر له الإنشاء، طويل النفس، كثير الحفظ، تلتفت في أثناء كلامه إلى النثر والوقائع والاستنباطات الغريبة. خرج إلى العراق، وأقام مدة يجذب فضله بطبعه، ويشتهر بين الأفاضل كمال فضله، ومتانة طبعه حتى ظهر أمره، وعلا قدره، وحصل له من السلطان مكانه ونعمة. ثم كان يرشح من كلامه نوع تشبث بالخلافة، ودعوة إلى آتباع فضله، آدعاء استحقاق الإمامة. تبيض وساوس الشيطان في رأسه وتفرخ، ويرفع الكبر بأنفه، ويشمخ، فاضطره الحال إلى مفارقة بغداد، ورجع إلى همذان، فأقام بها يدرس ويفيد، ويصنف مدة. ومن شعره:
(وهيفاء لا أصغي إلى من يلومني .......... عليها، ويغريني أن يعيبها)

(أميل بإحدى مقلتي إذا بدت .......... إليها، وبالأخرى أراعي رقيبها)
)
(وقد غفل الواشي فلم يدر أنني .......... أخذت لعيني من سليمى نصيبها)
وله:
(أكوكب ما أرى يا سعد أم نار .......... تشبها سهلة الخدين معطار)

(بيضاء إن نطقت في الحي أو نظرت .......... تقاسم الشمس أسماع وأبصار)

(والركب يسيرون والظلماء راكدة .......... كأنهم في ضمير الليل أسرار)

(فأسرعوا وطلا الأعناق مائلة .......... حيث الوسائد للنوام أكوار)
عن حماد الحراني قال: سمعت السلفي يقول: كان الأبيوردي والله

(35/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 185
من أهل الدين والخير والصلاح والعفة، قال لي: والله ما نمت في بيت فيه كتاب الله، أو حديث رسول لله، احتراماً لهما أن يبدو مني شيء لا يجوز. أنشدنا أبو الحسين النوبي، أنا جعفر، نا السلفي: أنشدنا الأبيوردي لنفسه:
(وشادن زارني على عجل .......... كالبدر في صفحة الدجا لمعا)

(فلم أزل موهناً لحديثه .......... والبدر يصغي إلي مستعما)

(وصلت خدي بخده شغفاً .......... حتى التقى الروض والغدير معا)
وقال أبو زكريا بن مندة: سئل الأديب أبو المظفر الأبيوردي عن أحاديث الصفات، فقال: نقر ونمر. وقال أبو الفضل بن طاهر المقدسي: أنشدنا أبو المظفر الأبيوردي لنفسه:
(يا من يساجلني وليس بمدرك .......... شأوي، وأين له جلالة منصبي)

(لا تتعبن فدون ما حاولته .......... خرط القتادة وآمتطاء الكواكب)

(والمجد يعلم أينا خير أبا .......... فاسأله يعلم أي ذي حسب أبي)

(جدي معاوية الأغر سمت به .......... جرثومة من طينها خلق النبي)

(ورثته شرقاً رفعت مناره .......... فبنو أمية يفخرون به وبي)
وقيل: إنه كتب رقعة إلى الخليفة المستظهر بالله، وعلى رأسها: المملوك المعاوي، فحك الخليفة الميم، فصار العاوي، ورد إليه الرقعة.

(35/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 186
ومن شعره:
(تنكر لي دهري ولم يدر أنني .......... أعز وأحداث الزمان تهون)
)
(فبات يريني الخطب كيف اعتداؤه .......... وبت أريه الصبر كيف يكون)
ومن شعره:
(نزلنا بنعمان الأراك وللندى .......... سقيط به ابتلت علينا المطارف)

(فبت أعاني الوجد والركب نوم .......... وقد أخذت منا السرى والتنائف)

(وإذا خوداً إن دعاني على النوى .......... هواها أجابته الدموع الذوارف)

(لها في مغاني ذلك الشعب منزل .......... لئن أنكرته العين فالقلب عارف)

(وقفت به والدمع أكثره دم .......... كأني من جفني بنعمان راعف)
أنشدنا أبو الحسن ببعلبك: أنشدنا أبو الفضل الهمذاني: أنشدنا السلفي: أنشدنا الأبيوردي لنفسه:
(من رأى أشباح تبر .......... حشيت ريقة نحله)

(فجمعناها بذوراً .......... وقطعناها أهله)
توفي بإصبهان في ربيع الأول مسموماً.

(35/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 187

(35/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 188
محمد بن عبد الله بن عبد الواحد بن عبد الله بن عبد الواحد بن عبد الله بن محمد بن الحجاج بن مندويه. أبو منصور الإصبهاني، الشروطي، المعدل. سمع: أبا نعيم. روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: توفي في الثامن، وقيل السادس، والعشرين من جمادى الآخرة. محمد بن عيسى بن محمد اللخمي. أبو بكر الأندلسي، الشاعر، المعروف بابن اللبانة الداني. كان من جلة الأدباء وفحول الشعراء، معين الطبع، واسع الذرع، عزيز الأدب، قوي العارضة، متصرفاً في البلاغة. له تصانيف. له كتاب مناقل الفتنة، وكتاب نظم السلوك في وعظ المملوك، وكتاب سقيط الدر ولقيط الزهر في شعر ابن عباد، ونحو ذلك. وديوان شعره موجود.

(35/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 189
أخذ عنه: أبو عبد الله بن الصفار. وتوفي بميورقة.) وقد سقت من شعره في ترجمة المعتمد بن عباد. وكان من كبراء دولة محمد بن صمادح. وهو القائل في صاحب ميورقة مبشر العامري:
(وضحت وقد فضحت ضياء النير .......... فكأنما التحفت ببشر مبشر)

(وتبسمت عن جوهر فحسبته .......... ما قلدته محامدي من جوهر)

(وتكلمت فكان طيب حديثها .......... متعب منه بطيب مسك وإذفر)

(هزت بنغمة لفظها نفسي، كما .......... هزت بذكراه أعالي المنبر)

(ولئمت فاها فاعتقدت بأنني .......... من كفه سوغت لثم الخنصر)

(بمعاطف تحت الذوائب خلتها .......... تحت الخوافق ما له من سمهري)

(ملك أزرة برده ضمت على .......... بأس الوصي وعزمة الإسكندر)
وهي طويلة. محمد بن محمد بن أحمد بن محمد. الآبنوسي، أبو غالب بن أبي الحسين. روى عن أبيه.

(35/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 190
وعنه: المعمر بن أحمد، وأبو طاهر السلفي. مات في شوال، وله ثمانون سنة. محمد بن مكي بن دوست. أبو بكر البغدادي. يروي عن: أبي محمد الجوهري، والقاضي أبي الطيب. وعنه: السلفي، وابن خضير. محمد بن وهبان. أبو المكارم البغدادي. روى عن: أبي الطيب الطبري، وأبي محمد الجوهري. توفي في صفر. روى عنه: المبارك بن كامل. المفضل بن عبد الرزاق.) سديد الدين، أبو المعالي الإصبهاني، صاحب ديوان الحسن ببغداد. ولد بعد الأربعين وأربعمائة. وتفقه على: أبي بكر محمد بن ثابت الخجندي. وولي ديوان العرض، ورأى من الجاه والمال ما لم يكن لعارض. قدم بغداد مع السلطان بركياروق سنة أربع وتسعين وأربعمائة فأقام بها، فسفر له أبو نصر بن الموصلايا كاتب الإنشاء في الوزارة، وطلب، وخلع عليه خلع الوزارة. وكان ابن الموصلايا يجلس إلى جانبه فيسدده، لأنه كان لا يعرف الإصطلاح، ثم عزل بعد عشرة أشهر. وكانت حاشيته سبعين مملوكاً من الأتراك، فآعتقل بدار الخلافة سنة، ثم أطلق بشفاعة بركياروق، فتوجه إلى

(35/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 191
المعسكر، فولاه السلطان الإستيفاء، ثم صودر، وجرت له أمور. توفي في ربيع الأول. ورخه أبو الحسن الهمذاني. ملكة بنت داود بن محمد. الصوفية، العالمة. سمعت بمصر سنة اثنتين وخمسين من الشريف أحمد بن إبراهيم بن ميمون الحسيني. وبمكة من كريمة. وسكنت مدة بدويرة السميساطي بدمشق. سمع منها: غيث بن علي، وقال: سألتها عن مولدها، فذكرت أنه على ما أخبرتها أمها في ربيع الأول سنة وأربعمائة، بناحية جنزة، ونشأت بتفليس. توفيت بشوال سنة سبع، ولها مائة وخمس سنين. قال ابن عساكر: أجازت لي، وحضرت دفنها بمقبرة باب الصغير. المؤتمن بن أحمد بن علي بن الحسين بن عبد الله. الحافظ أبو نصر الربعي، الديرعاقولي، ثم البغدادي، المعروف بالساجي. أحد أعلام الحديث. حافظ كبير، متقن، حجة، ثقة، واسع الرحلة، كثير الكتابة، ورع، زاهد.

(35/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 192
سمع: أبا الحسين بن النقور، وعبد العزيز بن علي الأنماطي، وأبا القاسم ابن البسري، وأبا القاسم عبد الله بنم الجلال، وأبا نصر الزينبي، وإسماعيل بن مسعدة، وخلقاً ببغداد. وأبا بكر الخطيب بصور وأبا عثمان بن ورقاء ببيت المقدس والحسن بن مكي الشيرازي) بحلب. ولم أره سمع بدمشق، ولا كأنه رآها. ودخل إلى إصبهان فسمع: أبا عمرو عبد الوهاب بن مندة، وأبا منصور بن شكرويه، وطبقتهما. وبنيسابور: أبا بكر بن خلف. وبهراة: أبا إسماعيل الأنصاري، وأبا عامر الأزدي، وهؤلاء وأبا علي التستري وجماعة بالبصرة. ثم سمع ببغداد ما لا يحصر، ثم تزهد وآنقطع. روى عنه: سعد الخير الأنصاري، وأبو الفضل بن ناصر، وأبو المعمر الأنصاري، ومحمد بن محمد السنجي، وأبو طاهر السلفي، وأبو سعد البغدادي، وأبو بكر بن السمعاني، ومحمد بن علي بن فولاذ، وطائفة. قال ابن عساكر: سمعت أبا الوقت عبد الأول يقول: كان الإمام عبد الله بن محمد الأنصاري إذا رأى المؤتمن يقول: لا يمكن أحد أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دام هذا حياً. حدثني أخي أبو الحسين هبة الله قال: سألت السلفي، عن المؤتمن الساجي، فقال: حافظ متقن، لم أر أحسن قراءة منه للحديث، تفقه في صباه على الشيخ أبي إسحاق، وكتب الشامل، عن ابن الصباغ بخطه، ثم خرج إلى الشام، فأقام بالقدس زماناً. وذكر لي أنه سمع من لفظ أبي بكر الخطيب حديثاً واحداً، بصور، غير أنه لم يكن عنده نسخة. وكتب ببغداد كتاب الكامل لابن عدي، عن ابن مسعدة الإسماعيلي وكتب بالبصرة السنن عن التستري. وانتفعت بصحبته ببغداد، ونعي إلي وأنا بثغر سلماس، وصلينا عليه صلاة الغائب يوم الجمعة.

(35/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 193
وقال أبو النضر الفامي: أقام المؤتمن بهراة نحو عشر سنين، وقرأ الكثير، وكتب الجامع للترمذي ست كرات. وكان فيه صلف نفس، وقناعة، وعفة واشتغال بما يعنيه. وقال أبو بكر محمد بن منصور السمعاني: ما رأيت بالعراق من يفهم الحديث غير رجلين: المؤتمن الساجي ببغداد، وإسماعيل بن محمد التيمي بإصبهان. وسمعت المؤتمن يقول: سألت عبد الله بن محمد الأنصاري، عن أبي علي الخالدي، فقال: كان له في الكذب قصة، ومن الحفظ حصة. وقال السلفي: لم يكن ببغداد أحسن قراءة للحديث منه، يعني الساجي، كان لا يمل قراءته وإن) طالت. قرأ لنا على أبي الحسين بن الطيوري كتاب الفاضل للرامهرمزي في مجلس. وقال يحيى بن مندة الحافظ: قدم المؤتمن الساجي إصبهان، وسمع من والدي كتاب معرفة الصحابة وكتاب التوحيد والأمالي، وحديث ابن عيينة لجدي، فلما أخذ في قراءة غرائب شعبة بلغ إلى حديث عمر في لبس الحرير فلما انتهى إلى آخر الحديث كان الوالد في حال الإنتقال إلى الآخرة، وقضى نحبه عند انتهاء ذلك بعد عشاء الآخرة. هذا ما رأينا وشاهدنا وعلمنا. ثم قدم أبو الفضل محمد بن طاهر سنة ست وخمسمائة، وقرأنا عليه جزءاً من مجموعاته، وقرأ عليه أبو نصر اليونارتي جزءاً من الحكايات فيه. سمعت أصحابنا بإصبهان يقولون: إنما تمم المؤتمن الساجي كتاب معرفة الصحابة على أبي عمرو بعد موته، وذلك أنه كان يقرأ عليه وهو في النزع، ومات وهو يقرأ عليه. وكان يصاح به: نريد أن نغسل الشيخ. قال يحيى: فلما سمعت هذه الحكاية قلت: ما جرى ذلك، يجب أن

(35/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 194
تصلح هذا، فإنه كذب وزور. وكتب اليونارتي في الحال على حاشية النسخة صورة الحال. وأما قراءة معرفة الصحابة فكان قبل موت الوالد بشهرين. وكان المؤتمن والله، متورعاً، زاهداً، صابراً على الفقر، رحمه الله. وقال أبو بكر محمد بن فولاذ الطبري: أنشدنا المؤتمن لنفسه.
(وقالوا كن لنا خدناً وخلاً .......... ولا والله أفعل ما شاءوا)

(أحابيهم ببعضي أو بكلي .......... وكيف وجلهم نعم وشاء)
وقال ابن ناصر: سألت المؤتمن عن مولده فقال: في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة. وتوفي في صفر سنة سبع. وصليت عليه. وكان عالماً، فهماً، ثقة، مأموناً. مودود بن ألتونكين. سلطان الموصل.

(35/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 195
قتل بدمشق في رمضان صائماً، كما هو مذكور في الحوادث.
4 (حرف النون)
ناصر بن أحمد بن بكران. القاضي أبو القاسم الخويي. قدم بغداد وتفقه على: أبلي إسحاق الشيرازي.) وسمع: أبا الحسين بن النقور. وقرأ العربية وبرع فيها. روى عنه: السلفي، وقال: كتبنا عنه بخوي. وكان شيخ الأدب ببلاد أذربيجان بلا مدافعة، وله ديوان شعر ومصنفات. وولي القضاء مدة كأبيه. توفي في ربيع الآخر. نصر بن عبد الجبار بن منصور بن عبد الله بن عبد الرحمن. أبو منصور التميمي، القزويني، الواعظ، المعروف بالقرائي. من أهل قزوين. كان واعظاً، صالحاً، صدوقاً، قدم بغداد. وسمع: أبا محمد الجوهري، وأبا طالب العشاري. وسمع بقزوين من: أبي يعلى الخليل بن عبد الله الحافظ. روى عنه: إسماعيل بن أبي الفضل الناصحي، وطيب بن محمد الأبيوردي، وأظن السلفي سمع منه. وقد حدث في سنة سبع وخمسمائة، ولا أعلم وفاته. وقد جمع لنفسه معجماً.

(35/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 196
4 (حرف الهاء)
هادي بن إسماعيل بن الحسن بن علي بن أبي محمد الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. الشريف أبو المحاسن العلوي، الحسيني، الإصبهاني. قال السمعاني: كان له تقدم ووجاهة، وصيت وشهرة ببلده. ورد بغداد حاجاً، فتوفي بها بعد حجه. روى عن: أبي طاهر بن عبد الرحيم، وأبي عثمان العيار. روى عنه: أبو موسى المديني، وأبو المعمر الأنصاري، وأبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الإصبهاني، وعبد الحق بن يوسف. توفي في ثالث عشر ربيع الأول، وهو أخو داعي. وقد تقدم في سنة تسعين وأربعمائة وفاة سميه هادي بن الحسن العلوي. وفي سنة خمس) وتسعين ذكر والده إسماعيل. وقال السلفي في معجم إصبهان: قرأنا عليه، وعلى أبيه، وأخيه، وهذا فأحسنهم خلقاً، وكتابة، وخطاً. وأنشدنا فيه أبو عبد الله النضري:
(لهادي بن إسماعيل خلال أربع .......... بها غدا مستوجباً للإمامة)

(خطاب ابن عباد وخط ابن مقلة .......... وخلق ابن يعقوب وخلق أمامة)

4 (حرف الياء)
يحيى بن أحمد بن حسين. أبو زكريا الغضائري، الدربندي. سمع بمصر: أبا عبد الله القضاعي وبمكة: كريمة المروزية وبآمد: أبا

(35/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 197
منصور بن أحمد الإصبهاني وبنيسابور: أبا القاسم القشيري. روى عنه: إسماعيل بن الفضيل بطبرستان، وغيره. وكان عالماً، فاضلاً، صالحاً، ورعاً، متميزاً. كان حياً في سنة سبع. يحيى بن عبد الله بن الجداء. أبو بكر الفهري، اللبلي، نزيل إشبيلية. كان جامعاً لفنون من العلم، وشوور في الأحكام بإشبيلية. وتوفي في جمادى الأولى. يحيى بن عبد الوهاب بن عثمان بن الفضل. أبو سالم بن المخبزي، البغدادي، ابن خال أبي الحسين بن الطيوري. صالح، خير. سمع: أبا الطيب الطبري، والجوهري. روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، والسلفي، وأبو المعمر الأنصاري، وغيرهم. ومات في جمادى الأولى.

(35/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 198
4 (وفيات سنة ثمان وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن بغراج.) أبو نصر البغدادي. سمع: أبا الحسن القزويني، وغيره، وأبا محمد الخلال. توفي يوم عاشوراء. روى عنه: المبارك بن كامل، وابن ناصر. وقد قرأ بالروايات على أبي الخطاب الصوفي، وأبي ياسر محمد بن علي الحمامي. قرأ عليه يوسف بن إبراهيم الضرير. وكان شيخاً صالحاً، كثير التلاوة. توفي في المحرم، وهو أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن بغراج. أحمد بن الحسن. المخلطي، أبو العباس الحنبلي، الفقيه.

(35/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 199
من علماء بغداد وثقاتهم. سمع من: القاضي أبي يعلى. أحمد بن خالد الطحان. توفي في رجب ببغداد. روى عن: أبي يعلى أيضاً. أحمد بن عبيد الله بن أبي الفتح محمد بن أحمد. أبو غالب المعير، البغدادي، المقريء. ابن خال أبي طاهر بن سوار. قرأ لابن عمرو على عبد الله بن مكي السواق، عن أبي الفرج الشنبوذي. قال المبارك بن كامل: قرأت عليه برواية أبي عمرو. وقد سمع: محمد ابن محمد بن غيلان، ومحمد بن الحسين الحراني، وأبا محمد الخلال، وأبا الفتح المحاملي، وأحمد بن علي التوزي، وجماعة. روى عنه: السلفي، وابن ناصر، وأبو المعمر الأنصاري، وأبو الحسين عبد الحق. وكان ثقة، مقرئاً، صالحاً. وتوفي في جمادى الأولى، وله ثمانون سنة.

(35/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 200
أحمد بن محمد بن أحمد.) أبو نصر البغدادي، سبط الأقفالي، الزاهد. سمع: أبا محمد الجوهري. وعنه: السلفي. سقط من سطح فمات في جمادى الأولى. أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن غلبون. أبو عبد الله الخولاني، القرطبي، ثم الإشبيلي. روى عن أبيه الحافظ أبي عبد الله الخولاني كثيراً. وسمع معه من: أبي عمر، وعثمان بن أحمد القشطالي، وأبي عبد الله الأحدب، وأبي محمد الشنتجالي، وعلي بن حمويه الشيرازي. وأجاز له يونس بن عبد الله القاضي، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو عمرو المرشاني الذي له إجازة أبي بكر الآجري، وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي، وأبو عمران الفاسي، ومكي بن أبي طالب، وأبو عمرو الداني المقرئان. قال ابن بشكوال: وكان شيخاً، فاضلاً، عفيفاً، منقبضاً، من بيت علم، ودين، وفضل. ولم يكن عنده كبير علم أكثر من روايته عن هؤلاء الجلة. وكانت عنده أيضاً أصول يلجأ، ويعول عليها. أخذ عنه جماعة من شيوخه وكبار أصحابنا. قال لي أبو الوليد بن الدباغ إن هذا ولد سنة ثمان عشرة وأربعمائة وتوفي في شعبان، وله تسعون سنة.

(35/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 201
وهو خال أبي الحسن شريح. وقد أجاز لابن الدباغ. وسمع من خلق منهم علي بن الحسين اللواتي. وقرأ عليه ابن الدباغ الموطأ، بسماعه من عثمان بن أحمد، والحرمي. روى عنه كتابة أبو... أحمد بنت محمد بن عبد العزيز بن بغراج. أبو نصر السقلاطوني. كان مولده في سنة ثلاث وعشرون. وذد ذكر في أول السنة فنسب إلى أبيه. إبراهيم بن محمد بن مكي بن سعد. الفقيه أبو إسحاق الساوي، الملقب بشيخ الملك.) فاضل معروف، مشتغل بالتجارة والدهقفة. وكان يعد من دهاة الرجال. روى عن: أبي الحسين عبد الغافر، وأبي عثمان الصابوني، والحاكم أبي عبد الرحمن الشاذياخي، وغيرهم. ومرض مدة، وقاسى حتى توفي في سلخ صفر. إسماعيل بن المبارك بن وصيف.

(35/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 202
أبو خازم الحنبلي. تفقه على أبي يعلى بن الفراء، وسمع منه. ومن: أبي محمد الجوهري. وتوفي في رجب. روى عنه: المبارك بن كامل وبالإجازة ابن كليب. ألب رسلان ابن السلطان رضوان ابن السلطان تتش بن ألب التركي. ولي إمارة حلب في جمادى الآخرة بعد أبيه صاحب حلب وله ست عشرة سنة. وولي تدبير مملكته البابا لؤلؤ، فقتل أخويه ملكشاه ومباركاً، وقتل جماعة من الباطنية، والقرامطة، وكانت دعوتهم قد ظهرت في أيام أبيه. ثم قدم دمشق في رمضان من سنة سبع، فتلقاه طغتكين والأعيان، وأنزلوه في القلعة، وبالغوا في خدمته، فأقام أياماً، ثم عاد إلى حلب وفي خدمته طغتكين، فلما وصلا إلى حلب لم ير منه طغتكين ما يحب، ففارقه ورد إلى دمشق. ثم إن ألب رسلان ساءت سيرته بحلب، وانهمك في المعاصي واغتصاب الحرم، وخافه البابا لؤلؤ، فقتله في ربيع الآخر سنة ثمان، ونصب في السلطة أخاً له طفلاً عمره ست سنين. ثم قتل لؤلؤ ببالس في سنة عشر.

(35/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 203
4 (حرف الباء)
بغدوين. ملك الفرنج الذي أخذ القدس. هلكلعنه الله من جراح أصابته يوم مصاف طبرية. وقيل: بل توفي بعد ذلك كما هو في الحوادث.)
4 (حرف الخاء)
خلف بن محمد بن خلف. أبو القاسم بن العربي، الأنصاري، الأندلسي. من أهل المرية. روى عن: أحمد بن عمر العذري، وأبي بكر ابن صاحب الأحباس، وأبي علي الغساني. وكان معنياً بالآثار، جامعاً لها. كتب بخطه علماً كثيراً ورواه. وكان متقناً، أديباً، شاعراً. يذكر أنه لقي أبا عمرو الداني، وأخذ عنه قليلاً. وكان مولده في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.
4 (حرف الدال)
دعجاء بنت أبي سهل الفضل بن محمد بن عبد الله الإصبهاني الكاغدي. روت عن جدها أحمد بن محمد بن محمد بن زنجويه، عن ابن فورك القباب.

(35/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 204
روى عنها: أبو موسى المديني. دلال بنت الخطيب أبي الفضل محمد بن عبد العزيز بن المهتدي بالله. سمعت: أباها، وأبا علي بن المذهب. روى عنها: ابن ناصر. أرخها ابن النجار.
4 (حرف الراء)
ريحان. غلام أبي عبد الله بن جردة البغدادي. روى عنه أبو المعمر الأنصاري، عن أبي علي بن البنا. توفي في ربيع الآخر.
4 (حرف السين)
سالم بن إبراهيم بن الحسن. أبو عبد الله الجرار، البغدادي، المراتبي. سمع: أبا يعلى بن الفراء.) وعنه: أبو المعمر. سبيع بن المسلم بن علي بن هارون.

(35/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 205
المعروف بابن قيراط. أبو الوحش الدمشقي، المقريء، الضرير. قرأ لابن عامر على رشأ بن نظيف، والأهوازي، وسمع منهما. ومن: عبد الوهاب بن برهان بصور، وأبي القاسم السميساطي، وجماعة. وانتهت إليه الرئاسة في الدعوة بدمشق، وصار أعلى الناس فيها إسناداً. وكان يقريء القرآن من ثلث الليل إلى قريب الظهر. وأقعد، فكان يؤتى به محمولاً إلى الجامع. قال ابن عساكر: سمعت منه: وكان ثقة. ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة. وتوفي في شعبان سنة ثمان. سراج بن عبد الملك بن سراج بن عبد الله. الوزير أبو الحسين القرطبي. روى عن أبيه كثيراً وعن: محمد بن عتاب الفقيه. وبرع في الآداب واللغة، وحمل الناس عنه الكثير. وله شعر رائق. مات في جمادى الآخرة وقد ناطح السبعين. وهو من بيت علم وجلالة.

(35/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 206
سليمان بن حسين. أبو مروان الأنصاري، الأندلسي. سمع بقرطبة: أبا عبد الله محمد بن عتاب، وأبا عمران بن القطان، وحاتم بن محمد. وبشرق الأندلس: أبا عمر بن عبد البر، وأبا الوليد الباجي. وولي قضاء لاردة. روى عنه: ابنه أبو الوليد يحيى، والحافظ أبو محمد القلني. وعاش أكثر من تسعين سنة. سعيد بن إبراهيم بن أحمد.) أبو الفتح الإصبهاني، الصفار. يروي عن: أبي طاهر بن عبد الرحيم. روى عنه: الحافظ أبو موسى. توفي في ذي الحجة.

(35/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 207
سعيد بن محمد بن سعيد. أبو الحسن الجمحي، الأندلسي، المعروف بابن قوطة الفرجي. من أهل مدينة الفرج. له راحلة في القراءآت، قرأ فيها على عبد الباقي فارس، وغيره. وأخذ أيضاً عن: أبي عمرو الداني، وأبي الوليد الباجي. وأقرأ الناس ببلده. وأخذ عنه غير واحد. توفي سنة ثمان أو تسع وخمسمائة.
4 (حرف العين)
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن حزمون. أبو الأصبغ القرطبي. روى عن: حاتم بن محمد، وأبي جعفر بن رزق وناظر عليه. وأجاز له أبو العباس العذري. وكان إماماً بصيراً بالفتوى، أخذ الناس عنه وتفقهوا له. وولي الإمامة بجامع قرطبة. وتوفي بشعبان وله ثمان وستون سنة. عبد الله بن الحسين بن أحمد بن جعفر. أبو جعفر النوبي، الهمذاني. شيخ صالح، مسن، هو آخر من روى عن أبي منصور محمد بن عيسى الهمذاني. وسمع أيضاً من والده، وتوفي والده سنة أربع وثلاثين وأربعمائة،

(35/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 208
ومن: أبي حاتم أحمد بن الحسن بن خاموش الرازي، وجعفر بن محمد بن مظفر، وجماعة.) قال شيرويه الحافظ: سمعت منه، وكان صدوقاً، حسن السيرة، عدلاً، مرضياً. توفي في السادس والعشرين من رمضان. وقال السلفي في معجمه: كان من أعيان الهمذانيين وشهودهم. وكان له كتاب وأصول جيدة. وما كتبته عنه قد أودعته بسلماس. قلت: سمع منه: محمد بن السمعاني، ومحمد بن محمد السنجي، والسلفي. ومات في رمضان. عثمان بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمد بن الفضل. أبو عمرو الأسدي، الفضلي، البخاري. كان شيخاً، معمراً، صالحاً، عالماً. سمع: إبراهيم بن الريورثوني، وعلي بن الحسين السغدي، القاضي. قال ابن السمعاني: ثنا عنه جماعة كثيرة. وعاش اثنتين وثمانين سنة وكان ابنه السيف عبد العزيز قاضي بخارى. علي بن أحمد بن علي بن فتحان. أبو الحسن الشهرزوري، البغدادي. شيخ كبير مسن، صالح. سمع مجلساً من إملاء أبي القاسم بن بشران. وسمع أيضاً أبا علي بن المذهب. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، والسلفي، وابن الخشاب، وجماعة.

(35/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 209
توفي في جمادى الآخرة، وولد سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. علي بن إبراهيم بن العباس بن الحسين بن العباس بن الحسن بن الرئيس أبي الجن حسين بن علي بن محمد بن علي بن إسماعيل بن الصادق جعفر بن محمد. الشريف، النسيب أبو القاسم الحسيني، الدمشقي، الخطيب. كان صدراً، نبيلاً، مرضياً، ثقة، محدثاً، مهيباً، سنياً، ممدوحاً بكل لسان خرج له شيخه الخطيب عشرين جزءاً سمعها بكاملها وعلى أكثر تصانيف الخطيب خطه وسماعه. وأول سماعه في سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة. وكان مولده في سنة أربع وعشرين. وقرأ القرآن على أبي علي الأهوازي، وغيره.) وسمع: أبا الحسين محمد بن عبد الرحمن التميمي، ورشأ بن نظيف، ومحمد بن علي المازني، وسليمان بن أيوب الفقيه، وأبا عبد الله القضاعي، وكريمة المروزية، وأبا القاسم الحنائي، وأبا بكر الخطيب، وجماعة. روى عنه: هبة الله الأكفاني، والخضر بن شبل الحارثي، وعبد الباقي بن محمد التميمي، وعبد الله أبو المعالي بن صابر، والصائن، وأبو القاسم إبنا ابن عساكر، وخلق سواهم. قال ابن عساكر: كان ثقة مكثراً، له أصول بخطوط الوراقين. وكان

(35/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 210
متسنناً، وسبب تسننه مؤدبه أبو عمران الصقلي وكثرة سماعه للحديث. سمع منه شيخه عبد العزيز الكتاني، وسمعت منه كثيراً. وحكي لي أنني لما ولدت سأل أبي: ما سميته وكنيته فقال: أبو القاسم علي. فقال: أخذت اسمي وكنيتي. قال لي أبو القاسم السميساطي، أو قال أبو القاسم بن أبي العلاء، إنه ما رأى أحداً اسمه علي وكني أبا القاسم إلا كان طويل العمر. وذكر أنه صلى على جنازة، فكبر عليها أربعاً. قال: فجاء صاحب مصر إلى أبيه يعاتبه في ذلك، فقال له أبوه: لا تصل بعدها على جنازة. قلت: كان صاحب مصر رافضياً. قال ابن عساكر: كانت له جنازة عظيمة، ووصى أن يصلي عليه أبو الحسن الفقيه جمال الإسلام، وأن يسنم قبره، وأن لا يتولاه أحد من الشيعة. وحضرت دفنه. وتوفي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر، ودفن في المقبرة الفخرية في المصلى، ولقبه نسيب الدولة، وإنما خفف فقيل: النسيب. علي بن محمد بن محمد بن محمد بن جهير. الوزير، ابن الوزير، ابن الوزير زعيم الدولة أبو القاسم. ولي نظر ديوان الزمام في أيام جده، ووزر للمستظهر بالله مرتين، تخللهما الوزير أبو المعالي بن المطلب. وكان عاقلاً، حليماً، سديد الرأي، معرقاً في الوزارة.

(35/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 211
مات في أوائل الشيخوخة.
4 (حرف الميم)
) محمد بن إبراهيم بن محمد. الأستاذ أبو بكر بن الصناع، المقريء، الملقب بالهدهد. من أهل بلنسية. أخذ القراءآت عن أبي داود، وكان أنبل أصحابه. أخذ عنه: أبو عبد الله بن أبي إسحاق المريي وأقرأ بقرطبة. وتوفي كهلاً. محمد بن سليمان. أبو بكر الكلاعي، الإشبيلي، الكاتب المعروف بابن القصيرة. رأس أهل البلاغة في زمانه. أخذ عن: أبي مروان بن سراج، وغيره. وكان من أهل الأدب البارع، والتفنن في أنواع العلوم. وتوفي عن سن عالية، وقد خرف. محمد بن عبد الواحد بن الحسن. أبو غالب الشيباني، البغدادي، القزاز. قرأ القراءآت على: الشرمغاني، وأبي الفتح بن شيطا. وحدث عن: أبي إسحاق البرمكي، والجوهري، والعشاري، وجماعة. وكان مولده سنة ثلاثين وأربعمائة. نسخ الكثير، وسمع، وسمع ولده أبا منصور عبد الرحمن.

(35/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 212
وتوفي في رابع شوال. وكان ثقة، مقرئاً، فاضلاً، حاذقاً بالقراءآت. روى عنه: حفيده نصر الله بن عبد الرحمن، وسعد الله الدقاق، ويحيى ابن السدنك. محمد بن علي بن محمد. القاضي أبو سعيد المروزي الدهان. سمع: أبا غانم الكراعي، وابن عبد العزيز القنطري، وجماعة. أجاز للسمعاني، وعنده تفسير ابن راهويه، يرويه عن الحاكم محمد بن عبد العزيز القنطري، عن الحاكم محمد بن الحسين الحدادي، عن محمد بن يحيى بن خالد المروزي، عنه.) ولد في حدود سنة ثلاثين وأربعمائة. وقيل: مات سنة عشر. محمد بن علي بن محمد بن عبد العزيز بن حمدين. أبو عبد الله، قاضي القضاة بقرطبة. تفقه على والده. وروى عنه، وعن: محمد بن عتاب، وجماعة. وكان من أهل التفنن في العلوم. وكان حافظاً، ذكياً، فطناً، أديباً، شاعراً، لغوياً أصولياً. ولي القضاء سنة تسعين، فحمدت سيرته.

(35/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 213
وتوفي في المحرم سنة ثمان وخمسمائة. وكان مولده سنة تسع وثلاثين وأربعمائة. محمد بن المختار بن محمد بن عبد الواحد بن عبد الله بن المؤيد بالله. أبو العز الهاشمي، العباسي، المعروف بابن الخص. والد الشيخ أبي تمام وأحمد. نزيل خراسان. من أهل الحرم الطاهري، شريف، ثقة، صالح، دين، سمع الكثير، وعمر حتى حمل عنه. روى عن: أبي الحسن القزويني، وأبي علي بن المذهب، وعبد العزيز الأزجي، والبرمكي. روى عنه: أبو علي الرحبي، وأحمد بن السدنك، وابن كليب. وتوفي في عاشر المحرم وله ثمانون سنة. ميمون بن محمد بن محمد بن معتمد بن محمد بن محمد بن مكحول بن الفضل. الإمام، الزاهد، أبو المعين المكحولي، النسفي رضي الله عنه. قال عمر بن محمد النسفي في كتاب القند: هو أستاذي. كان بسمرقند

(35/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 214
مدة، وسكن بخارى، يغترف علماء الشرق والغرب من بحاره، ويستضيئون بأنواره. توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة، وعمره سبعون سنة. قلت: روى عنه شيخ الإسلام محمود بن أحمد الشاغرجي، وعبد الرشيد بن أبي حنيفة الوأو الجي.
4 (حرف الهاء)
) هبة الله بن الحسن بن محمد. الحافظ، الزاهد، أبو الخير الأبرقوهي. رحل إلى إصبهان. وسمع من: أبي طاهر بن عبد الرحيم، وطبقته. وقع لنا من حديثه. روى عنه: أبو طاهر السلفي، وأبو موسى المديني، وأبو الفتح الخرقي. وآخرون. توفي بأبرقوه في شعبان، وكان قد عمر. قال السلفي: كان قاضي أبرقوه، وهي بقرب يزد. وكان من المكثرين، من أهل الفضل، ثقة.

(35/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 215
4 (وفيات سنة تسع وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن أبي القاسم الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد. أبو العباس الإصبهاني، المعروف بنجوكه. روى عن: أبي نعيم الحافظ. وتوفي في عشر التسعين. روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: توفي في ثامن شوال. أحمد بن الحسين بن أبي ذر محمد بن إبراهيم بن علي. أبو العباس، الصالحاني، الواعظ. الرجل الصالح. ولد في حدود سنة أربع وعشرين وأربعمائة. وحدث عن جده أبي ذر. روى عنه: أبو موسى وقال: توفي في ربيع الآخر. وقال غيره: في ربيع الأول. إبراهيم بن حمزة بن نصر.

(35/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 216
أبو طاهر الجرجرائي، ثم لدمشقي، المقريء، المعدل. قرأ على أبي بكر أحمد الهروي صاحب الأهوازي.) وسمع: الحسن بن علي اللباد، وأبا بكر الخطيب. وعنه: أبو القاسم بن عساكر وقال: توفي في ربيع الأول. إبراهيم بن غالب. أبو إسحاق الفقيه، الشافعي، ابن الآمدية. من علماء الإسكندرية. روى عنه: أبو محمد العثماني. إسماعيل بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر بن أبي سعيد بن ملة. أبو عثمان المحتسب، الواعظ، الإصبهاني، صاحب المجالس المروية. سمع: أبا بكر بن ريذة، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وجماعة من أصحاب ابن المقري، وغيره. وأملى بجامع المنصور. روى عنه: ابن ناصر، وظاعن بن محمد الخياط، وجماعة آخرهم موتاً عبد المنعم بن كليب. وكان ضعيفاً.

(35/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 217
قال ابن ناصر: وضع حديثاً وأملاه، وكان يخلط. توفي في ثاني ربيع الأول بإصبهان. قلت: روايته عن ابن ريذة حضور، فإنه قال: ولدت في رجب سنة ست وثلاثين. قلت: ومات ابن ريذة سنة أربعين. وقال أبو نصر اليونارتي في معجمه: إسماعيل بن ملة كان من الأئمة المرضيين، يرجع في كل فن من العلم إلى حظ وافر. وروى عنه السلفي فقال: هو من المكثرين. يروي عن عبد العزيز فاذويه، وأبي القاسم عبد الرحمن من أبي بكر الذكواني. وكان يعظ. وأبوه يروي عن عمر بن أبي محمد بن زكريا البيع.
4 (حرف الجيم)
جامع بن أبي بكر الحسن بن علي. أبو الحسن الفارسي. سمع: أباه، وأبا حفص بن مسرور، وجماعة.) وتوفي في شعبان. جامع بن الحسن بن علي. أبو علي البيهقي. ذكر أبو علي السمعاني أنه حضر عليه بقراءة والده، وأنه كان معمراً. سمع من: أبي بكر أحمد بن محمد بن الحارث الإصبهاني، والفضل بن عبد الله الأبيوردي. وأن مولده بعد العشرين وأربعمائة. ومات في شعبان أيضاً.

(35/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 218
4 (حرف الحاء)
الحسن بن نصر بن عبيد الله بن عمر بن محمد بن علان. النهاوندي، أبو عبد الله بن المرهف. فقيه فاضل، قدم بغداد. وسمع: أبا محمد الجوهري، وجماعة. وحدث بإصبهان، ونهاوند. روى عنه: مهدي بن إسماعيل العلوي. وتوفي في المحرم. حمد بن نصر بن أحمد بن محمد بن معروف. أبو العلاء الأديب، ويعرف بالأعمش. همذاني، حافظ، مكثر، ثقة. سمع بهمذان من: عبيد الله بن أبي عبد الله بن مندة، وأبي مسلم بن غزو النهاوندي، وأبي محمد بن ماهلة. وولد في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. قال أبو سعد السمعاني: أجاز لي في ذي القعدة سنة تسع. قلت: روى عنه: السلفي، وأبو العلاء العطار، وجماعة. وكان مع بصره بالحديث عارفاً بمذهب أحمد، ناصراً للسنة، وافر الحرمة. أملى عدة مجالس من حفظه، رحمه الله تعالى.) وكان أحد الأدباء بارعاً في فضائله. وقع لنا من روايته في السلماسية، مات سنة اثنتي عشرة. وسيعاد فيضم ما هنا إلى هناك.

(35/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 219
4 (حرف الشين)
شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرو بن خسركان. الحافظ، أبو شجاع الديلمي، الهمذاني، مؤرخ همذان، ومصنف كتاب الفردوس. سمع الكثير بنفسه، ورحل. سمع: أبا الفضل محمد بن عثمان القومساني، ويوسف بن محمد بن يوسف المستملي، وسفيان بن الحسين بن محمد بن فنجويه الدينوري، وعبد الحميد بن الحسن الفقاعي الدلال، وأبا الفرج علي بن محمد بن علي الجريري البجلي، وأحمد بن عيسى بن عباد الدينوري، وخلقاً سواهم. وببغداد: أبا منصور عبد الباقي بن محمد العطار، وأبا القاسم بن البسري، وخلقاً. وبإصبهان: أبا عمرو بن مندة، وغيره. وبقزوين والجبال. قال فيه يحيى بن مندة: شاب كيس، حسن الخلق والخلق، زكي القلب،

(35/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 220
صلب في السنة، قليل الكلام. روى عنه ابنه شهردار، ومحمد بن الفضل الإسفرائيني، ومحمد بن أبي القاسم الساوي، وأبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ، وآخرون. وتوفي في تاسع عشر رجب. وهو متوسط المعرفة، وليس هو بالمتقن. ولد سنة خمس وأربعين وأربعمائة. وكان صلباً في السنة. دخل إصبهان في سنة خمس وخمسمائة، فروى عنه أبو موسى المديني، وطائفة.
4 (حرف الصاد)
صدقة بن محمد بن صدقة. أبو الكرم الإسكاف. شيخ صالح بغدادي. سمع: أبا يعلى بن الفراء، وأبا الحسين بن المهتدي بالله.) روى عنه: عمر بن ظفر.
4 (حرف الظاء)
ظفر بن عبد الملك. الخلال، والإصبهاني. ورخه عبد الرحيم الحاجي. توفي في ربيع الأول. كأنه أخو الحسين.

(35/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 221
4 (حرف العين)
عبد الله بن بننان. أبو محمد النحوي، نزيل إشبيلية. روى عنه: أبي عبد الله بن يونس الحجازي، وعاصم بن أيوب، وابن الحجاج الأعلم. روى عنه: أبو الوليد بن خيرة، وأبو عامر بن ربيع الأشعري، وهارون بن أبي الغيث، وأبو الحسن بن فيل. وكان حافظاً لكتب الآداب، ذاكراً للكامل للمبرد، وأمالي القالي. علم الناس النحو بقرطبة. وكان حياً في هذه السنة. قاله ابن الأبار. عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت. أبو محمد الأموي، الأندلسي. خطيب شاطبة. روى كثيراً عن أبي عمر بن عبد البر. وعن: أبي العباس العذري. وكان زاهداً، ورعاً، فاضلاً، منقبضاً. سمع منه جماعة، ورحلوا إليه، واعتمدوا عليه. ولد سنة ست وأربعين وأربعمائة. وقال: زارنا ابن عبد البر مرة في منزلنا، فحفظت من لفظه يقول:
(ليس المزار على قدر الوداد، ولو .......... كانا كفيين كنا لا نزال معاً)
) عبد الله بن عبد العزيز بن المؤمل. الأديب، أبو نصر الزيتوني.

(35/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 222
كان إخبارياً، علامة. روى عن: أحمد بن عمر النهرواني، وعلي بن محمود الزوزني، ومحمد بن الحسين بن الشبل، وجماعة من الشعراء. روى عنه: عبد الخالق اليوسفي، وعبد الرحيم ابن الإخوة، والسلفي، وآخرون. قال السمعاني: ما كان مرضي السيرة. كان جماعة من شيوخي يسيئون الثناء عليه. توفي في ذي القعدة، وله تسعون سنة. عبد الوهاب بن أحمد بن عبيد الله بن الصحنائي. أبو غالب المستعمل. عن: جده لأمه عبد الوهاب بن أحمد الدلال، وابن غيلان، وعبد العزيز الأزجي، وعدة. وعنه: عمر المغازلي، وآخرون. مات في ذي الحجة عن تسعين سنة. علي بن أحمد بن سعيد. أبو الحسن اليعمري، الشاعر، الأندلسي، الأديب. أخذ بقرطبة عن أبي مروان بن سراج. وأقرأ العربية والأدب. وكان كاتباً، شاعراً، فقيهاً. توفي وهو في عشر الثمانين.

(35/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 223
علي بن عبد الله بن محمد. أبو الحسن النيسابوري، الواعظ. وأصله من إصبهان. سمع: أبا حفص بن مسرور، وأبا الحسين بن عبد الغافر، وغيرهما. قال السلفي: بلغني أنه توفي سنة تسع وخمسمائة. وقال ابن عساكر: أجاز لي سنة عشر.) قلت: سأعيده سنة عشر. علي بن محمد بن عبد الله. أبو الحسن الجذامي، الأندلسي، من أهل المرية، ويعرف بالبرجي، بفتح الباء. أخذ القراءآت عن: أبي داود، وابن الدش. وسمع من أبي علي الغساني. وكان مقرئاً حاذقاً، وفقيهاً، مفتياً، من أهل الخير، والصلاح، والتفنن في العلم. قال ابن الأبار: دارت له مع قاضي المرية مروان بن عبد الملك قصة غريبة في إحراق ابن حمدين كتب الغزالي وأوجب فيها حين اسفتي تأديب محرقها، وضمنه قيمتها. وتبعه على ذلك أبو القاسم بن ورد، وعمر بن الفصيح. أخذ عنه: عمر بن نمارة، والشيخ أبو العباس بن العريف.

(35/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 224
علي بن محمد بن علي. أبو الحسن الأندش، النيسابوري، الشعري. ولد سنة خمس عشرة وأربعمائة. وسمع: أبا العلاء صاعد بن محمد، وابن مسرور. قال السمعاني: حضرت عليه جزء ابن نجيد. ومات في رمضان.
4 (حرف الغين)
غيث بن علي بن عبد السلام بن محمد. أبو الفرج الصوري، الأرمنازي. خطيب صور، ومحدثها مفيدها.

(35/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 225
سمع: أبا بكر الخطيب، وعلي بن عبيد الله الهاشمي، وجماعة. وقدم دمشق، وسمع: أبا نصر بن طلاب، وأبا الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، وجماعة. ورحل إلى تنيس، فسمع بها في سنة تسع وستين من: رمضان بن علي. وبمصر، والإسكندرية. وكتب الكثير، وسود تاريخاً لصور. وكان ثقة، ثبتاً، حسن الخط.) روى عنه: شيخه الخطيب شعراً.

(35/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 226
وسكن دمشق في الآخر، وبها توفي في صفر، وله ست وستون سنة. وروى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وجماعة.

(35/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 227
4 (حرف القاف)
قوام بن زيد بن عيسى. الإمام أبو الفرج القرشي، التيمي، البكري، الدمشقي، المري، الفقيه الشافعي. سمع: أبا بكر الخطيب بدمشق، والصريفيني، وابن النقور ببغداد. روى عنه: الصائن بن عساكر، وأخوه الحافظ، وعبد الصمد بن سعد النسوي، وغيرهم. قال الحافظ ابن عساكر: كان شيخاً ثقة. حدث عنه الفقيه نصر الله المصيصي. وتوفي في رمضان، وحضرت دفنه. قلت: عاش سبعاً وسبعين سنة.

(35/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 228
4 (حرف الميم)
محمد بن الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن القاسم الزينبي بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل. العلوي الإصبهاني. شيخ جليل معمر. يروي عن: أبي سعد عبد الرحمن بن أحمد بن عمر الصفار. روى عنه: أبو موسى المديني. وتوفي في ثاني رمضان. كنيته أبو العساف. محمد بن الخلف بن إسماعيل. أبو عبد الله الصدفي، البلنسي، المعروف بابن علقمة الكاتب. صنف تاريخ بلنسية، وحمله الناس عنه على سوء ما رصفه. توفي في شوال، وقد جاوز الثمانين. محمد بن أبي العافية.) أبو عبد الله الإشبيلي النحوي، المقريء. إمام جامع إشبيلية. أخذ عن: أبي لحجاج الأعلم النحوي. وكان بارعاً في النحو، واللغة. حمل الناس عنه. وقد قرأ بالقراءآت على أبي عبد الله محمد بن شريح. محمد بن علي بن الحسن بن أبي المضاء محمد بن أحمد بن أبي المضاء.

(35/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 229
أبو المضاء البعلبكي، ويعرف بالشيخ الدين. سمع: أبا بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتاني، وجماعة. روى عنه: الصائن هبة الله. وأجاز للحافظ أبي القاسم. توفي في شعبان وله أربع وثمانون سنة. وأول سماعه سنة ست وأربعين وأربعمائة. محمد بن سعد. الإمام أبو بكر البغدادي، الحنبلي، الغسال، المقريء، الملقب بالتاريخ. حدث عن: أبي نصر الزينبي، وعدة. وكان رأساً في حفظ القرآن، وحسن الصوت، خيراً، ثقة، صالحاً. كبير القدر، محسناً إلى الناس.

(35/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 230
كانت جنازته مشهودة. عاش بضعاً وأربعين سنة. محمد بن كمار بن حسن بن علي. الفقيه أبو سعيد الدينوري، ثم البغدادي. قال: ولدت سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وكانت زوجة أبي بكرر الخطيب ترضعني، فلما كبرت أسمعني من: ابن غيلان، وأبي محمد الخلال، وأبي إسحاق البرمكي، وأبي الحسن القالي، وغيرهم. وقرأت القرآن على أبي الحسن القزويني، وسمعت منه الحديث. وقرأت المقنع على القاضي أبي الطيب الطبري، ثم علقت تعليقة كاملة في الخلاف عن أبي) إسحاق الشيرازي، وقرأت الفرائض على أبي عبد الله الوني، إلا أن كتبي ذهبت كلها في النهب، ولم يبق عندي منها شيء إلا ما بقي بأيدي الناس من مسموعي. ووزنا عشرة دنانير حتى سمعنا المسند من ابن المذهب. وسمعت من الأزجي، يعني عبد العزيز، كتاب يوم وليلة للمعمري. قلت: روى عنه: الحسين بن خسرو البلخي، والسلفي، عن البرمكي، والفالي. ثم آنحدر إلى واسط، وبها مات في جمادى الآخرة سنة تسع. محمد ابن الهبارية. هو محمد بن محمد بن صالح بن حمزة بن محمد بن عيسى بن محمد بن

(35/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 231
عبد الله بن محمد بن داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، أبو يعلى الهاشمي، العباسي، البصري. والهبارية هي من جداته، وهي من ذرية هبار بن الأسود بن المطلب. قرأ الأدب ببغداد، وخالط العلماء، وسمع الحديث، ومدح الوزراء والأكابر. وله معرفة بالأنساب، وصنف كتاب الصادح والباغم والحازم والعازم، نظمه لسيف الدولة صدقة، وضمنه حكماً وأمثالاً، ونظم كليلة ودمنة. وله كتاب مجانين العقلاء، وغير ذلك. وله كتاب ذكر الذكر وفضل الشعر. وقد بالغ في الهجو حتى هجا أباه وأمه. وشعره كثير سائر، فمنه قصيدة شهيرة: أولها:
(حي على خير العمل .......... على الغزال والغزل)
يقول فيها:
(لو كان لي بضاعه .......... أو في يدي صناعه)

(ألقى بها المجاعه .......... لم أخلع الخلاعه)
ولم أفق من الخذل
(ولا درست مسأله .......... ولا رحلت بعمله)

(ولا قطعت مجهله .......... ولا طلبت منزله)
ولا تعلمت الجدل)
(ولا دخلت مدرسه .......... سباعها مفترسه)

(وجوههم معبسه .......... ما لي وتلك المنحسه)
لولا النفاق والخبل
(الأصفر المنقوش .......... شيدت به العروش)

(به الفتى يعيش .......... وباسمه يطيش)
مولاه ما شاء فعل
(يا عجباً كل العجب .......... لا أدب ولا حسب)

(35/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 232
(ولا تقى ولا نسب .......... يغني الفتى عن الذهب)
سبحانه عز وجل
(بؤساً لرب المحبره .......... وعيشه ما أكدره)

(ودرسه ودفتره .......... يا ويله ما أدبره)
إن لم تصدقني فسل
(إصعد إلى تلك الغرف .......... وانظر إلى قلب الحرف)

(وآبك لفضلي والشرف .......... وآحكم لضري بالسرف)
وآضرب بخذلاني المثل وله أيضاً القصيدة الطويلة التي أولها:
(لو أن لي نفساً هربت لما .......... ألقى، ولكن ليس لي نفس)

(ما لي أقيم لدى زعانفة .......... شم القرون أنوفهم فطس)

(لي مأتم من سوء فعلهم .......... ولهم بحسن مدائحي عرس)
وهجا في هذه القصيدة الوزير، والنقيب، وأرباب الدولة بأسرهم فأطيح دمه، فاختفى مدة، ثم سافر ودخل إصبهان، وانتشر ذكره بها، وتقدم عند أكابرها، فعاد إلى طبعه الأول، وهجا نظام الملك، فأهدر دمه، فاختفى، وضاقت عليه الأرض. ثم رمى نفسه على الإمام محمد بن ثابت الخجندي، فتشفع فيه، فعفا عنه النظام، فاستأذن في مديح، فأذن له فقام، وقال قصيدته التي أولها:
(بعزة أمرك دار الفلك .......... حنانيك فالخلق والأمر لك)
) فقال النظام: كذبت، ذاك هو الله تعالى. وتمم القصيدة، ثم خرج إلى كرمان وسكنها، ومدح بها، وهجا على جاري طبيعته. وحدث هناك عن: أبي جعفر ابن المسلمة.

(35/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 233
سمع منه: محمد بن عبد الواحد الدقاق، ومحمد بن إبراهيم الصيقلي في آخر سنة ثمان وتسعين. وروى عنه: القاضي أحمد بن محمد الأرجاني، الشاعر، حديثاً عن مالك البانياسي. قال ابن النجار: فأخبرنا محمد بن معمر القرشي كتابة، أن أبا غالب محمد بن إبراهيم أخبره: أنا أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح العباسي الشاعر بكرمان، أنا ابن المسلمة سنة ستين وأربعمائة، أنا أبو الفضل الزهري، أنبا الفريابي، ثنا إبراهيم بن الحجاج، نا عبد الوارث، نا محمد بن حجادة، فذكر حديثاً. وقد روى عنه من شعره: عمر بن عبد الله الحربي، وأبو الفتح محمد بن علي النطنزي، وأحمد بن محمد بن حفص الكاتب، وآخرون. ومن غرر قصائده قوله:
(يا صاحبي هات المدامة هاتها .......... فصبيحة النيروز من أوقاتها)

(كرمية، كرمية، ذهبية .......... لهبية، بكراً تقوم بذاتها)

(رقت وراقت في الزجاج فخلتها .......... جادت بها العشاق من عبراتها)

(من كف هيفاء القوام كأنما .......... عصرت سلاف الخمر من وجناتها)

(السحر في ألحاظها، والغنج في .......... ألفاظها، والدل في حركاتها)

(أو ما ترى فصل الربيع وطيبه .......... قد نبه الأرواح من رقداتها)

(والطير تصدح في الغصون كأنما .......... مدحت نظام الملك في نغماتها)

(فآنهض بنا وآنشط لنأخذ فرصة .......... من لذة الأيام قبل فواتها)

(يا صاحبي سرى فلا أخفيكما .......... ما أطيب الدنيا على علاتها)

(قم فآسقنيها بالكبير، ورح إلى .......... راح تريح النفس من كرباتها)

(إن مت فخلني وغوايتي .......... إن الغواية حلوة لجناتها)

(35/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 234
(ولقد جريت على الصباية والصبى .......... وجذبت أقراني إلى غاياتها)
)
(ثم آرعويت وما بكفي طائل .......... من لذة الدنيا سوى تبعاتها)
وهي قصيدة طويلة. قال الأرجاني: سألت ابن الهبارية عن مولده، فقال: سنة أربع عشرة وأربعمائة. وقال أبو المكارم يعيش بن الفضل الكرماني الكاتب: مات بكرمان في جمادى الآخرة سنة تسع وخمسمائة. ولابن الهبارية:
(وإذا البيادق في الدسوت تفرزنت .......... فالرأي أن يتبيذق الفرزان)

(خذ جملة البوى ودع تفصيلها .......... ما في البرية كلها إنسان)
مغاور بن الحكم. أبو الحسن السلمي، الشاطبي، المؤدب. أخذ القراءآت عن: أبي الحسن بن الدش. وأقرأ الناس. أخذ عنه: ابنه محمد، وأبو عبد الله بن بركة، وعبد الغني بن مكي. مهذب الدولة. أمير البطائح. هو أبو العباس أحمد بن محمد بن عبيد بن أبي الجبر الكناني. أديب، فاضل، شاعر، إخباري، دون شعره.

(35/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 235
ولي البطيحة وأعمالها. وتولى النظر بواسط وأعمالها، مضافاً إلى إمرة البطيحة. ولم يزل آباؤه وأجداده أمراء البطيحة. وله شعر في المستظهر بالله. توفي في المحرم.
4 (حرف الهاء)
هابيل بن محمد بن أحمد بن هابيل. أبو جعفر الألبيري، الأندلسي. أخذ بقرطبة عن: أبي القاسم بن عبد الوهاب المقريء، وأبي مروان الطبني، وأبي مروان بن سراج.) روى عنه: أبو الحسن بن الباذش المقريء. وتوفي في رمضان سنة تسع، ويحتمل أن تكون سنة سبع. هبة الله بن أحمد بن هبة الله بن الرحبي. أبو القاسم الدباس. من أولاد الشيوخ. سمع: أبا الحسن القزويني، وأحمد بن محمد الزعفراني، وعلي بن المحسن. روى عنه: عمر المغازلي، وأبو المعمر الأنصاري. هبة الله بن المبارك بن موسى بن علي.

(35/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 236
أبو البركات السقطي، المفيد. أحد من عني بهذا الشأن، وسمع ببغداد، وإصبهان، والموصل، والكوفة، والبصرة، وواسط. وتعب وبالغ. وكان فيه فضل ومعرفة باللغة. جمع الشيوخ، وخرج الفوائد، وقيل إنه ذيل على تاريخ الخطيب، وما ظهر ذلك. وله معجم في مجلد، آدعى فيه لقي أناس كأبي محمد الجوهري، ولم يدركه وضعفه شجاع الذهلي، وكذبه ابن ناصر. روى عنه: ابنه أبو العلاء وجيه، وأبو المعمر الأزجي، وعبد القادر الجيلي، وغيرهم. وتوفي في ربيع الأول، سامحه الله.

(35/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 237
هبة الله بن محمد بن علي بن المطلب. أبو المعالي الكرماني، الكاتب الوزير. من رؤساء بغداد. تفرد في عصره بكتابة الحساب والديوان. ووزر للمستظهر سنتين ونصف، ثم عزل. وكان فقيهاً شافعياً. سمع: عبد الصمد بن المأمون، وطبقته. وله معروف وصدقات. روى اليسير. ولقبه مجد الدين. ولد سنة، وكان من الأذكياء حسن المحاضرة.) عزل سنة اثنتين وخمسمائة. ومات سنة تسع. هشام بن أحمد بن سعيد. أبو الوليد القرطبي، المعروف بابن العواد. تلميذ أبي جعفر أحمد بن رزق، وأخذ أيضاً عن: أبي مروان بن سراج، ومحمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغساني. وكان من جلة الأئمة وأعيان المفتين بقرطبة. مقدماً في الرأي والمذهب على جميع أصحابه، ذا دين وورع، وآنقباض عن الدولة، وإقبال على نشر العلم وبثه، واسع الخلق، حسن اللقاء، محبباً إلى الناس، حليماً متواضعاً. دعي إلى القضاء فامتنع.

(35/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 238
تفقه به خلق كثير نفعهم الله به. توفي في صفر، وشيعه عالم كثير، ومتولي قرطبة. مولده في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وعاش سبعاً وخمسين سنة، رحمه الله، ورضي عنه.
4 (حرف الياء)
يحيى بن السلطان تميم بن المعز بن باديس. الملك أبو طاهر الحميري، الصنهاجي صاحب إفريقية وبلادها. تسلطن بعد أبيه، وخلع على الأمراء، ونشر العدل، وافتتح قلاعاً لم يتمكن أبوه من فتحها. وكان كثير المطالعة لكتب الأخبار والسير، شفوقاً على الرعية والفقراء، مقرباً للعلماء، جواداً، ممدحاً. وفيه يقول أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت:
(وآرغب بنفسك إلا عن ندى ووغى .......... فالمجد أجمع بين البأس والجود)

(كدأب يحيى الذي أحيت مواهبه .......... ميت الرجاء بإنجاز المواعيد)

(معطي الصوارم والهيف النواعم وال .......... جرد الصلادم والبزل الجلاميد)

(إذا بدا بسرير الملك محتبياً .......... رأيت يوسف في محراب داود)

(35/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 239
توفي يحيى يوم الأضحى فجأة أثناء النهار، وخلف ثلاثين ولداً ذكراً، وقام بالملك بعده ابنه علي، فبقي ست سنين ومات، فأقاموا في المملكة ابنه الحسن ابن علي، وهو صبي ابن ثلاث) عشرة سنة، فآمتدت دولته إلى أن أخذت الفرنج أطرابلس المغرب بالسيف، وقتلوا أهلها في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، فخاف الحسن وخرج هارباً من المهدية هو وأكثر أهلها. ثم إنه التجأ إلى السلطان عبد المؤمن بن علي. ومما تم ليحيى أن ثلاثة غرباء كتبوا إليه أنهم كيمائيون، فأحضرهم ليعملوا ويتفرج. وكان عنده الشريف أبو الحسن وقائد الجيش إبراهيم، فجذب أحدهم سكيناً، وضرب يحيى، فلم يصنع شيئا، ورفسه يحيى ألقاه على ظهره، ودخل المجلس وأغلقه، وأما الثاني، فضرب الشريف قتله، وجذب الأمير إبراهيم السيف وحط عليهم، ودخل الغلمان فقتلوا الثلاثة، وكانوا من الباطنية.

(35/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 240
4 (وفيات سنة عشر وخمسمائة.)

4 (حرف الألف)
أحمد بن الحسين بن علي بن قريش. أبو العباس البغدادي، البناء، النساج، المقريء. سمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا إسحاق البرمكي، وجماعة. روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وأحمد بن الطلاية الزاهد، وابن ناصر، والسلفي، وفارس الحفار. ومات في رجب وله خمس وثمانون سنة. وكان صالحاً ثقة. أجاز لابن كليب. أحمد بن عبد الله بن مظفر بن محمد بن ماجة. أبو الرجاء الإصبهاني. روى عن: ابن ريذة، وغيره. روى عنه: أبو موسى الحافظ. أحمد بن محمد بن عمر. المركزي أبو البركات. شيخ مؤدب ببغداد.

(35/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 241
كان يروي عن: إسحاق البرمكي. وعنه: السلفي، وأبو المعمر الأنصاري. مات في نصف شعبان.) أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن سليم. أبو الفضل بن أبي بكر بن أبي علي. من بيت حديث. توفي في صفر. روى عنه: أبو موسى المديني، عن علي بن أحمد بن يوسف. إبراهيم بن أحمد. أبو الفضل المخرمي، البغدادي. روى عن: الصريفيني، وابن النقور. إسماعيل بن الفضل بن إسماعيل. أبو القاسم بن أبي عامر التميمي، الجرجاني. قدم في هذه السنة بغداد ليحج، فحدث عن عبد الرحمن بن سعيد العسكري، عن أبي أحمد الغطريفي. روى عنه: المبارك بن كامل، وروح بن أحمد الحديثي قاضي القضاة، ويحيى بن هبة الله البزاز، وأحمد بن سالم المقريء، وأبو الفتح عبد الوهاب بن الحسن الفرضي.

(35/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 242
4 (حرف الحاء)
حبيب بن أبي مسلم محمد بن أحمد بن يحيى. الفقيه الزاهد الكبير، أبو الطيب الطهراني، الإصبهاني. روى عن: أبي طاهر بن عبد الرحيم. وعنه: أبو موسى، وغيره. توفي ليلة الثلاثاء، ثاني عشر ربيع الأول. وهو من شيوخ السلفي ومن أقاربه. الحسن بن أحمد بن يحيى. أبو أحمد بن أبي سلمة الكاتب، النيسابوري، أحد المعروفين بالفضل والشعر. سمع من: الأمير أبي الفضل عبيد الله بن أحمد الميكالي، وأبي الحسين عبد الغافر. روى عنه: ولده أحمد.) وتوفي في ربيع الأول. الحسن بن عبد الكريم. أبو حرب العباسي، الإصبهاني، النقيب. سمع: أبا أحمد المكفوف.

(35/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 243
كتب عنه: يحيى بن مندة. توفي في المحرم.
4 (حرف الخاء)
خميس بن علي بن أحمد بن علي بن الحسن. الحافظ، أبو الكرم الواسطي، الحوزي. ورد بغداد، وسمع: أبا القاسم بن البسري، وطبقته. وسمع بواسط: علي بن محمد النديم، وهبة الله بن الجلخت، وخلقاً سواهم، وكتب وجمع. روى عنه: أبو الجوائز سعد بن عبد الكريم، وأبو طاهر السلفي، وآخر من روى عنه أبو بشر عبد الله بن عمران الباقلاني، المقريء. وله شعر جيد، فمنه:
(إذا ما تعلق بالأشعري .......... أناس، وقالوا: وثيق العرى)

(وطائفة رأت الإعتزال .......... صواباً، وما هو فيما ترى)

(وأخرى روافض لا تستحق .......... إذا ذكر الناس أن تذكرا)

(فنحن معاشر أهل الحديث .......... علقنا بأذيال خير الورى)

(فمن لم يكن دأبه دأبنا .......... فنحن وأحمد منه برا)

(35/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 244
وقد سأل السلفي خميساً عن أهل واسط المتأخرين، فأجابه في جزء، وانتفى عليه جزءاً سمعناه، وكان يثني عليه ويقول: كان عالماً ثقة، يملي علي من حفظه. وقد ذكره ابن نقطة، فذكر معه الحسن بن إبراهيم بن سلامويه. قال: والحوز قرية بشرقي واسط. حدث عن عبد العزيز بن علي الأنماطي، ومحمد بن محمد العكبري النديم. قال: وكان له معرفة بالحديث والأدب.) قال: ومولده في شعبان سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة. ومات أيضاً في شعبان.
4 (حرف الطاء)
طاهر بن أحمد بن الفضل. أبو القاسم الإصبهاني، الخطاط، المعروف بالبزاز. توفي في شعبان، وله تسعون سنة. روى عن: ابن ريذة.

(35/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 245
وعنه: أبو موسى المديني.
4 (حرف العين)
عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت. أبو محمد الأندلسي، ثم الشاطبي، البلالي. وبلالة من عمل شاطبة. دين، عاقل، عالم. سمع من: ابن عبد البر، وأبي العباس العذري. وعنه: أبو الوليد يوسف بن الدباغ، وقال: سمعت منه كتاب الصحابة، وكتابي التقصي، وكتاب الأنباء. وقرأت عليه الموطأ والسيرة. أنا بجميع ذلك، عن أبي عمر، وقال: كان بيننا وبين أبي مصاهرة. ومولده في سنة ست وأربعين وأربعمائة. عبد الغفار بن محمد بن الحسين بن علي بن شيرويه بن علي. أبو بكر الشيرويي، النيسابوري، التاجر. سمع: أبا بكر الحيري، وأبا سعيد الصيرفي. وهو آخر من روى في الدنيا عنهما. وروى عن: أبي حسان المزكي، وأحمد بن محمد بن الحارث النحوي، ووالده.

(35/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 246
روى عنه: الحافظ أبو سعد السمعاني، وأبو الفتوح الطائي، وعبد المنعم الفراوي، وخلق كثير. وروى عنه بالإجازة: ذاكر بن كامل الخفاف، وأبو المكارم أحمد بن محمد اللبان.) وكان مولده في ذي الحجة سنة أربع عشرة. وتوفي في ثامن عشر ذي الحجة، وقد استكمل ستاً وتسعين سنة. قال السمعاني في كتاب الأنساب: كان صالحاً، عابداً، معمراً، رحل إليه من البلاد، وسمع الحيري، والصيرفي، وعبد القاهر بن طاهر، ومحمد ابن إبراهيم المزكي. وقد دخل إصبهان، وسمع بها من ابن ريذة، وأبي طاهر بن عبد الرحيم. أحضرني والدي مجلسه. وكان أبوه يروي عن المخلص. وهو فقد أجاز لمن شاء الرواية عنه. وهو من قرية كونابذ، ثم عربت، فقيل: جنابذ، بفتح الباء. وهي من قهستان من رساتيق نيسابور. وكان صالحاً، عفيفاً، تجر إلى البلاد مضاربة بأموال الناس، ثم عجز، وانقطع لتسميع الحديث. وكان مكثراً. ومن شيوخه أبو سعيد نصر الدين بن أبي الخير الميهني، وأبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي. ألحق الأحفاد بالأجداد، وسمع منه من دب ودرج. وسار ذكره، ولم تتغير حواسه، إلا بصره فضعف.

(35/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 247
ومن شيوخه: أبو عبد الله بن باكويه السراج. قال الفضل بن عبد الواحد الإصبهاني: سمعت الرئيس الثقفي يقول: لا جادنا من خراسان ناصر إلا بأبي بكر الشيرويي، فإنه أخيرهم وأنفعهم. قال السلفي: سمعت منه الكثير، ولي ثلاث سنين ونصف بقراءة أبي. وسمع أخي في الخامسة، فمن ذلك جزء سفيان، وخمسة أجزاء من ثمانية من مسند الشافعي خمسة أجزاء من ثمانية أجزاء. عبد الله بن عبد الرحمن بن يونس. أبو محمد بن خيرون الأندلسي، القضاعي. محدث مكثر عن ابن عبد البر. وسمع: مكثر عن ابن عبد البر. وسمع: أبا الوليد الباجي، وابن دلهاث.) وكان عارفاً بالفقه، والشعر. ولي قضاء قربيطر. روى عنه: أبو محمد بن علقمة، ومحمد بن يعيش، وعبد الوهاب التجيبي، وآخرون. علي بن أحمد بن محمد بن بيان. أبو القاسم بن الرزاز، البغدادي. مسند الدنيا في عصره. روى عنه خلق لا يحصون.

(35/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 248
سمع: أبا الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد، وطلحة بن الصقر الكتابي، وأبا علي بن شاذان، وأبا القاسم بن بشران الواعظ، وأبا القاسم الحرفي، وأبا العلاء الواسطي، وجماعة. ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. وكانت إليه الرحلة من الأقطار. وهو آخر من حدث بنسخة ابن عرفة. قال أبو سعد السمعاني: وكان يأخذ على روايتها ديناراً عن كل واحد على ما سمعت. وأجاز لي، وحدثني عنه جماعة كثيرة. سمعت أبا بكر محمد بن عبد الباقي يقول: كان أبو القاسم بن بيان يقول: أنتم ما تطلبون الحديث والعلم، أنتم تطلبون العلو، وإلا ففي دربي جماعة سمعوا مني هذا الجزء، فاسمعوه منهم، ومن أراد أن يسمع مني يزن ديناراً. سمعت أبا بكر محمد بن عبد العطار بمرو يقول: وزنت الذهب لأبي القاسم بن بيان، حتى سمعت منه جزء ابن عرفة. وكذا ذكر لي محمد بن أبي العباس بسمرقند، أنه أعطاه ديناراً حتى سمع منه. قلت: روى عنه: أبو الفتوح الطائي، والسلفي، وخطيب الموصل، وأحمد بن محمد بن قضاعة، وأحمد بن محمد المنبجي، وأبو محمد عبد الله بن الخشاب النحوي، ومحمد بن عبد الباقي ابن النرسي، والمبارك بن محمد بن سكينة، ووفاء بن أسعد التركي، والحافظ أبو العلاء العطار، ومحمد بن بدر الشيحي، ومحمد بن جعفر بن عقيل، وأبو الفرج محمد بن أحمد حفيد ابن نبهان، وأبو الفتح بن شاتيل، وأحمد بن المبارك بن درك، وأحمد بن أبي الوفاء الصائغ، وأبو السعادات نصر الله القزاز، وأبو منصور عبد الله بن عبد السلام، وعبد المنعم بن كليب.

(35/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 249
توفي في سادس شعبان.) علي بن عبد الله بن محمد. أبو الحسن النيسابوري، الواعظ. توفي في سلخ المحرم، وله نيف وتسعون سنة. روى بإصبهان عن: ابن حفص بن مسرور. وعنه: أبو موسى الحافظ، وأبو طاهر السلفي، ومحمد بن حمزة الزنجاني، وأبو غانم بن زينة، وزيد بن حمزة الطوسي. وروى عنه بالأجازة أبو القاسم بن عساكر. وقد سمع: أبا عثمان الصابوني، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي. وبدمشق: أبا القاسم الجنائي. روى عنه: الفقيه نصر المقدسي، قلت: وهو أكبر منه، وأبو موسى. وذلك يدخل في السابق واللاحق. قال السلفي: أبو الحسن علي بن عبد الله بن الصباغ، ذكر أنه يعرف بنيسابور بالإصبهاني، وبإصبهان بالنيسابوري. وكان يعقد المجلس في جامع إصبهان، ثقة.
4 (حرف الغين)
غانم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد.

(35/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 250
أبو سهل بن الشيخ أبو الفتح الحداد. يروى عن: أبي القاسم بن أبي بكر الذكواني، والإصبهانيين. وعنه: أبو موسى، وجماعة. وحدث ببغداد عن: الذكواني، وأبي طاهر بن عبد الرحيم، وأبي نصر الكسائي. توفي في ربيع الأول. وهو أخو صاحب الأموال الجزيلة أبي سعيد الحداد ووالد محمد ومحمود. سمع أيضاً من أبي طاهر بن عبد الرحيم، وأبي الوليد الدربندي، وإبراهيم بن محمد الكسائي، وعدة. أجاز للسمعاني.
4 (حرف الميم)
المبارك بن الحسين بن أحمد.) الغسال أبو الخير البغدادي، الشافعي، المقريء. كان صالحاً، ثقة، متميزاً. قرأ القرآن على: أبي القاسم بن الغوري، وأبي بكر محمد بن علي الخياط، وأبي علي الحسن بن غالب المقريء، وأبي بكر ابن الأطروش، وأبي بكر اللحياني. ورحل إلى واسط في طلب القراءآت، فقرأ على أبي علي غلام الهراس، وتصدر للإقراء، وقصده الطلبة. وكان محافظاً، مجوداً، يتكلم على معاني القرآن.

(35/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 251
وسمع الحديث من: أبي محمد الخلال، وأبي جعفر ابن المسلمة، وأبي يعلى بن الفراء. روى عنه: أبو طاهر محمد بن محمد السنجي، وعلي بن أحمد المحمودي، وسعد الله بن محمد. وآخر من روى عنه: عبد المنعم بن كليب. وقد أجاز لابن السمعاني. وكان مولده قبل الثلاثين وأربعمائة. وتوفي في غرة جمادى الأولى والغسال بغين معجمة. المبارك بن محمد بن علي. أبو الفضل الهمذاني. سمع: أبا يعلى بن الفراء، وابن المسلمة. وأجاز له أبو محمد الجوهري. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وغيره. توفي في ربيع الآخر. محفوظ بن أحمد بن الحسن بن الحسين.

(35/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 252
الإمام، أبو الخطاب الكلوذاني، الأزجي، شيخ الحنابلة. كان مفتياً، صالحاً، ورعاً، ديناً، وافر العقل، خبيراً بالمذهب، مصنفاً فيه، حسن العشرة والمجالسة. له شعر رائق. صنف كتاب الهداية المشهور في المذهب، ورؤوس المسائل. وتفقه على: أبي يعلى. وسمع: أبا محمد الجوهري، وأبا طالب العشاري، وأبا علي محمد بن الحسين الجازري، حدث عنه بكتاب الجليس والأنيس للمعافى.) روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، والمبارك بن خضير، وأبو الكرم بن الغسال. وتفقه عليه أئمة. وكان مولده في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. ولأبي الخطاب قصيده في العقيدة يقول فيها:
(قالوا: أتزعم أن على العرش استوى .......... قلت: الصواب كذاك خبر سيدي)

(قالوا: فما معنى استواه أبن لنا، .......... فأجبتهم: هذا سؤآل المعتدي.)
قال السمعاني: أنشدنا دلف بن عبد الله بن التبان بسمرقند في فتوى جاءت إلى أبي الخطاب:

(35/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 253
(قل للإمام أبي الخطاب مسألة .......... جاءت إليك، وما إلا سواك لها:)

(ماذا على رجل رام الصلاة، فإذ .......... لاحت لناظره ذات الجمال لها)
فكتب في الحال:
(قل للأديب الذي وافى بمسألة: .......... سرت فؤآدي لما أن أصخت لها)

(إن الذي فتنته عن عبادته .......... خريدة ذات حسن فانثنى ولها)

(إن تاب، ثم قضى عنه عبادته .......... فرحمة الله تغشى من عصى ولها)
توفي في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة.

(35/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 254
محمد بن أحمد بن طاهر بن حمد. أبو منصور البغدادي، الخازن. أخو أبي غالب المتوفى سنة أربع وتسعين. سمعا معاً من: أبي طالب بن غيلان، وأبي القاسم بن المحسن التنوخي، وجماعة. روى عنه: أبو منصور بن الجواليقي، وابن ناصر. وروى عن هذا عبد المنعم بن كليب. وكان من رؤوس الشيعة وفقهائهم، وفيه اعتزال. وقد أدب أولاد نقيب الطالبيين. وعاش نيفاً وتسعين سنة. أخذ النحو عن ابن برهان، والثمانيني. توفي في شعبان. محمد بن الشيخ أبي علي الحسن بن أحمد بن البناء. أبو نصر الحنبلي.)

(35/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 255
بغدادي من بيت العلم والرواية. سمع: أبا محمد الجوهري، وأبا بكر محمد بن عبد الملك بن بشران. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وغيره. وتوفي في ربيع الأول وله أربع وسبعون سنة. محمد بن الحسين بن محمد بن إبراهيم. الدمشقي أبو طاهر الحنائي. من أهل بيت حديث، وعدالة، وسنة، وكان ثقة، صدوقاً. سمع: أباه أبا القاسم الحنائي، وأبا الحسين محمد، وأبا علي أحمد ابني عبد الرحمن بن أبي نصر، ومحمد بن عبد الواحد الدارمي، وابن سحنام، والأهوازي، ورشأ بن نظيف، ومحمد بن عبد السلام بن سعدان، ومحمد بن علي بن سلوان، والحسن بن علي بن شواش، وطائفة سوام. روى عنه: الحافظان السلفي، وابن عساكر، والصائن ابن عساكر، وأبو طاهر بن الحصني، والخضر بن شيل الحارثي، والخضر بن طاوس، والفضل بن البانياسي، وأبو المعالي بن صابر. ولد سنة ثلاث وثلاثين. وأول سماعه في سنة تسع وثلاثين وأربعمائة. وتوفي في ثالث جمادى الآخرة عن سبع وسبعين سنة. محمد بن عبد المنعم بن حسن بن أنس. السمرقندي، ابن الفقيه.

(35/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 256
تفقه على السيد أبي شجاع بن حمزة العلوي. وسمع: أبا عمارة بن أحمد. روى عنه: عمر السلفي. وتوفي بسمرقند في رابع عشر رجب. محمد بن علي بن ميمون بن محمد الحافظ. أبو الغنائم النرسي، الكوفي، المقريء. ويعرف بأبي. ثقة، مفيد، سمع الكثير بالكوفة، وببغداد. وكان ينوب عن خطيب الكوفة. وسمع: محمد بن علي بن عبد الرحيم العلوي، وأبا طاهر محمد بن العطار، ومحمد بن إسحاق) بن فدويه، ومحمد بن محمد بن خازم بن نفط، وجماعة بالكوفة وكريمة المروزية، وعبد العزيز بن بندار الشيرازي بمكة، وأبا الحسن أحمد بن محمد الزعفراني، وأحمد بن محمد بن قفرجل، وعبد الكريم بن محمد المحاملي، وأبا الفتح بن شيطا، وأبا بكر بن بشران، وأبا عبد الله بن حبيب القادسي، وأبا القاسم التنوخي، وأبا إسحاق البرمكي، وأبا الطيب الطبري، وأبا منصور بن السواق ببغداد. وقدم الشام زائراً بيت المقدس.

(35/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 257
وسمع بالشام، وكان يقول: ما بالكوفة أحد من أهل الحديث والسنة إلا أبياً. وكان مولده سنة أربع وعشرين وأربعمائة. روى عنه: أبو الفتح نصر المقدسي الفقيه مع تقدمه، وابن كليب إجازة وبينهما في الموت مائة وست وسنين، ومحمد بن ناصر، ومعالي بن أبي بكر الكيال، ومسلم بن ثابت النحاس، ومحمد بن حيدرة بن عمر الحسيني، وخلق كثير. وسمع منه الحفاظ: أبو عبد الله الحميدي، وجعفر بن يحيى الحكاك، وأبو بكر بن الخاضبة، وأبو مسلم عمر بن علي الليثي في سنة ستين وأربعمائة. وجمع لنفسه معجماً، وخرج مجاميع حساناً، ونسخ الكثير. وممن روى عنه من القدماء: عبد المحسن بن محمد الشيحي التاجر. وقال: أول سماعي للحديث سنة اثنتين وأربعين. وأول رحلتي سنة خمس. أدركت البرمكي، فسمعت منه ثلاثة أجزاء ومات. وقد وصفه عبد الوهاب الأنماطي بالحفظ والإتقان، وقال: كانت له معرفة ثاقبة. وقال محمد بن علي بن فولاذ الطبري: سمعت أبا الغنائم الحافظ يقول: كنت أقرأ القرآن على المشايخ وأنا صبي، فقال الناس: أنت أبي، وذلك لجودة قراءتي. قلت: قرأ على محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، عن قراءته على أبي عبد الله الجعفي. قرأ عليه أبو الكرم الشهر زوري لعاصم. وروى عنه السلفي أجزاء وقعت لنا.

(35/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 258
وقال ابن ناصر: كان حافظاً، ثقة، متقناً، ما رأينا مثله. كان يتهجد، ويقوم الليل. قرأ عليه أبو طاهر بن اللفة حديثاً فأنكره، وقال: ليس هذا من حديثي. فسأله عن ذلك، فقال:) أعرف حديثي كله، لأني نظرت فيه مراراً، فما يخفى علي منه شيء. وكان يقدم كل سنة من سنة ثمان وتسعين في رجب، فيبقى ببغداد إلى بعد العيد ويرجع. ونسخ بالأجرة ليستعين على العيال. وأول ما سمع سنة اثنتين وأربعين. وكان أبو عامر العبري يثني عليه ويقول: ختم هذا الشأن بأبي رحمه الله. مرض أبي ببغداد، وحمل إلى الكوفة، فأدركه أجله بالحلة السيفين. وحمل إلى الكوفة مشياً، فدفن بها، وذلك في شعبان. ومات يوم سادس عشره.

(35/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 259
محمد بن علي بن محمد. القصار، الإصبهاني. ويعرف بمكرم. من شيوخ بغداد. روى عن: القزويني، وابن لؤلؤ، وأبي محمد الجوهري. روى عنه: المبارك بن كامل، وقال: توفي في رجب. محمد بن علي بن محمد بن علي بن خزيمة. أبو بكر الخزيمي، النسوي، العطار، الفقيه، المزكي. سمع: جده محمد بن علي، وأبا عامر الحسن بن محمد النسوي. أجاز لأبي سعد بن السمعاني، وقال: توفي في رجب، وثنا عنه عبد الخالق بن زاهر. محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار. الإمام أبو بكر ابن العلامة أبي المظفر التميمي، السمعاني، المروزي، الحافظ، والد الحافظ أبي سعد.

(35/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 260
قال ولده: نشأ في عبادة وتحصيل، وحظي من الأدب وثمرته نظماً ونثراً بأعلى المراتب، وكان متصرفاً في الفنون بما يشاء، وبرع في الفقه والخلاف، وزاد على أقرانه بعلم الحديث، ومعرفة الرجال، والأنساب، والتواريخ، وطرز فضله بمجالس تذكيره الذي تصدع صم الصخور عن تحذيره، ونفق سوق تقواه عن الملوك والأكابر. وسمع: والده، وأبا الخير محمد بن أبي عمران الصفار، وأبا القاسم الزاهري، وعبد اله بن) أحمد الطاهر، وأبا الفتح عبيد الله الهاشمي. ورحل إلى نيسابور فسمع: أبا علي نصر الله بن أحمد الخشنام، وعلي بن أحمد المؤذن، وعبد الواحد بن القشيري. ودخل بغداد سنة سبع وتسعين، فسمع بها: ثابت بن بندار، ومحمد بن عبد السلام الأنصاري، وأبا سعد بن خشيش، وأبا الحسين بن الطيوري، وطبقتهم. وبالكوفة: أبا البقاء المعمر الحبال، وأبا الغنائم النرسي. وبمكة، والمدينة. وأقام ببغداد مدة يعظ بالنظامية. وقرأ التاريخ على أبي محمد الأبنوسي، عن الخطيب، ثم رحل إلى همذان في سنة ثمان وتسعين، فسمع بها وبإصبهان من أبي بكر أحمد بن محمد ابن مردويه، وأبي الفتح أحمد بن محمد الحداد، وأبي سعد المطرز. ورجع إلى مرو. قال: ثم رحل بي وبأخي سنة تسع وخمسمائة إلى نيسابور، وأسمعنا من الشيروي، وغيره. وتوفي في صفر، وله ثلاث وأربعون سنة، وقد أملى مائة وأربعين مجلساً بجامع مرو، كل من رآها اعترف له أنه لم يسبق إليها. وكان يروي في الوعظ والحديث بأسانيده. وقد طلب مرة للذين يقرأون في مجلسه، فجاءه لهم ألف دينار من الحاضرين. وقيل له في مجلس الوعظ: ما يدرينا أنه يضع الأسانيد في الحال ونحن لا

(35/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 261
ندري، وكتبوا له بذلك رقعة، فنظر فيها، وروى حديث: من كذب علي متعمداً.. من نيف وتسعين طريقاً، ثم قال: إن كان أحد يعرف فقولوا له يكتب عشرة أحاديث بأسانيدها، ويخلط الأسانيد، ويسقط منها، فإن لم أميزها فهو كما يدعي. ففعلوا ذلك امتحاناً له، فرد كل إسم إلى موضعه. وفي هذا اليوم طلب لقراء مجلسه، فأعطاهم الناس ألف دينار. هذا معنى ما ثنا شيخنا محمد بن أبي بكر السنجي وسمعت إسماعيل بن محمد الإصبهاني الحافظ يقول: لو صرف والدك همته إلى هدم هذا الجدار لسقط. وقال السلفي فيه فيما سمعت أبا العز البستي ينشده عنه:
(يا سائلي عن علم الزمان .......... وعالم العصر لدى الأعيان)
)

(35/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 262
(لست ترى في عالم العيان .......... كابن أبي المظفر السمعاني)
وله:
(هو المزني كان أبا الفتاوى .......... وفي علم الحديث الترمذي)

(وجاعظ عصره في النثر صدقاً .......... وفي وقت التشاعر بحتري)

(وفي النحو الخليل بلا خلاف .......... وفي حفظ اللغات الأصمعي)
قلت: روى عنه: السلفي، وأبو الفتوح الطائي، وخلق من أهل مرو.

(35/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 263
محمد بن منصور بن محمد بن الفضل. الشيخ أبو عبد الله الحضرمي، الإسكندراني، المقريء. قرأ لورش على أحمد بن نفيس. وسمع من جماعة. قرأ عليه أحمد بن الحطيئة وروى عنه العثمانيات.

(35/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 264
ورخ موته ابن المفضل. محمود بن سعادة بن أحمد بن يوسف. أبو القاسم الهلالي، السلماسي. سمع: أحمد بن حريز السلماسي، الفقيه، وأبا يعلى الخليلي، وأبا عثمان الصابوني. قدم عليهم. وهو من بيت رئاسة وصلاح. روى عنه: السلفي، وقال: توفي في سنة عشر، وسماعه من الخليلي سنة اثنتين وعشرين. ومات وقد قارب المائة. مسعود بن حمزة أبو الوفاء الحداد. سمع: أبا محمد الجوهري. روى عنه: المبارك بن أحمد، وغيره. توفي سنة إحدى عشرة.
4 (حرف النون)
نصر بن أحمد بن إبراهيم.) أبو الفتح الهروي، الحنفي، الزاهد، العابد. سمع: جده لأمه أبا المظفر منصور بن إسماعيل صاحب ابن خميرويه، وإسحاق القراب، وأبا الحسن الدباس، وجماعة. وخرج له شيخ الإسلام ثلاث مجلدات. وكان أسند من بقي بهراة وأعبدهم، رحمه الله. آخر الطبقة الحادية والخمسين

(35/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 265
بعون الله وتوفيقه تم تحقيق هذه الطبقة الحادية والخمسين من تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام لمؤرخ الإسلام الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي المتوفى سنة ه.، وقام بضبط النص، وتخريج أحاديثه، وتوفيق مادته، والإحالة إلى مصادره، والتعليق عليه، خادم العلم وطالبه الحاج أبو غازي عمر عبد السلام تدمري، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، عضو الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ الأمة في اتحاد المؤرخين العرب، وكان الفراغ منه عند أذان عصر يوم الجمعة الواقع في ذي القعدة ه. الموافق أيار مايو م. وذلك بمنزله بساحة النجمة بطرابلس المحروسة. والله الموفق.

(35/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 266

(35/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 267

(35/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 268

(35/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 269
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الثانية والخمسون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى عشر وخمسمائة)

4 (زلزلت بغداد يوم عرفة)
وفيها زلزلت بغداد يوم عرفة ووقعت دور، وحوانيت بالجانب الغربي.
4 (مهاجمة الفرنج حماه)
وفيها هجمت الفرنج حماه في الليل، وقتلوه بها مائة وعشرين رجلاً.
4 (رحيل العساكر عن الألموت)
وفيها ترحلت العساكر، وتركت حصار الألموت عندما بلغها موت السلطان محمد، بعد أن كادوا يفتحونها.
4 (غرق سنجار بالسيل)
وفيها غرقت سنجار. جاءها سيل عرم، وهدم سورها. خلق كثير، حتى أن السيل أخذ باب المدينة وذهب به عدة فراسخ، واختفي تحت التراب الذي جره السيل، ثم ظهر بعد سنوات.

(35/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 270
وسلم طفل في سرير له، حمله السيل، فتعلق السرير بثوبه، وعاش وكبر.
4 (مقتل لؤلؤ الخادم)
وفيها قتل قوم من الأتراك لؤلؤاً الخادم صاحب حلب وهو متوجه إلى قلعة جعبر.
4 (وفاة السلطان محمد بن ملكشاه)
والسلطان محمد بن ملكشاه، فيها توفي أيضاً بإصبهان، وقام بالأمر بعده ابنه محمود، وله أربع عشرة سنة، وفرق خزائنه في العسكر. وقيل كانت أحد عشر ألف ألف ديناراً عيناً، وما يناسب ذلك من العروض.
4 (هلاك بغدوين)
وفيها هلك بغدوين صاحب القدس

(35/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 271
4 (هلاك ملك القسطنطينية)
وفيها هلك ملك القسطنطينية، لعنهما الله.

(35/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 272
4 (سنة اثنتي عشرة وخمسمائة)
)
4 (حريق محلات ببغداد)
فيها كان حريق كبير ببغداد، احترقت الريحانيتين ومسجد ابن عبدون.
4 (إعدام ابن الجزري)
وفيها قبض على صاحب المخزن أبي طاهر بن الجزري وأعدم. وأخذ من داره أربعمائة ألف دينار مدفونة.
4 (وفاة ولدي المسترشد بالله)
وتوفي ولد المسترشد بالله الكبير، ثم الصغير بالجدري، فبكى عليه المسترشد بالله حتى أغمي عليه.
4 (مصادرة ابن كمونة)
وقبض على ابن كمونة وصدور، وأخذ منه مال كثير.
4 (إمارة الموصل)
وفيها كان على إمرة الموصل مسعود بن السلطان ملكشاه، له أربع عشرة

(35/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 273
سنة، وأبو بكر جيوش بك، ووزيره فخر الملك أبو علي بن عمار صاحب طرابلس.
4 (الخلعة لابن مزيد)
وفيها خلع على دبيس بن مزيد جبة، وفرجية، وطوق، وعمامة، وفرس، وسيف، ومنطقة ولواء، وحمل إليه نقيب النقباء نجاح، وكان يوماً مشهوداً.
4 (حجابة ابن طلحة)
وصرف عن الحجابة أبو جعفر بن الدامغاني، وولي أبو الفتوح بن طلحة.
4 (شحنكية بغداد)
وفيها ولي شحنكية بغداد أقسنقر البرسقي، وعزل مجاهد الدين بهروز الخادم، وتحول بهروز إلى تكريت، وهي له. ثم ولي شحكنية بغداد منكبرس، فحاربه البرسقي.
4 (وفاة الخليفة المستظهر)
ومات الخليفة المستظهر بعد أيام، وبويع المسترشد ولده فنزل أبو الحسن علي بن المستظهر في مركب هو وثلاثة نفر، وانحدروا إلى الحلة إلى عند دبيس، فأكرمه وخدمه، وأهم ذلك المسترشد، وطلبه من دبيس، فتلطف في المدافعة عنه.)

(35/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 274

(35/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 275
4 (سنة ثلاث عشرة وخمسمائة)

4 (انفصال ابن المستظهر بالله عن الخليفة)
وفيها انفصل على الحلة الأمير أبو الحسن بن المستظهر بالله، فمضى إلى واسط، ودعى إلى نفسه، واجتمع معه جيش، وملك واسط وأعمالها، وجبى الخراج. وشق ذلك على الخليفة، فبعث ابن الأنباري كاتب الإنشاء إلى دبيس، وعرفه وقال: أمير المؤمنين يعول عليك. فأجاب، وجهز صاحب جيشه عنان في جمع كبير، فلما سمع أبو الحسن ترحل من واسط في عسكره ليلاً، فأضلوا الطريق، وساروا ليلهم أجمع حتى وصلوا إلى عسكر دبيس، فلما لاح لهم العسكر انحرف أبو الحسن عن الطريق، فتاه مع عدد من خواصه، وذلك في تموز، ولم يكن معهم ماء، فأشرفوا على التلف، فأدركه نصر بن سعد الكردي، فسقاه، وعادت نفسه إليه، ونهب ما كان معه من مال، وحمله إلى دبيس إلى النعمانية، فأقدمه إلى بغداد خيم بالرقة، وبعث به إلى المسترشد بعد تسليم عشرين ألف دينار قررت عليه. وكانت أيامه أحد عشر شهراً وشهر وزيره ابن زهمويه على جمل، ثم

(35/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 276
قتل في الحبس. فقيل: إن الأمير أبا الحسن دخل على أخيه المسترشد، فقبل قدمه فبكيا جميعاً، ثم قال له: قضحت نفسك، وباعوك مع العبيد. وأسكنه في داره التي كان فيها وهو ولي عهد. ورد جواريه وأولاده، وأحسن إليه. ثم شدد عليهن بعد ذلك.
4 (الخطبة بولاية العهد)
وفيها خطب بولاية العهد للأمير أبي جعفر منصور بن المسترشد، وله اثنا عشر سنة.
4 (الوقعة بين السلطان سنجر وابن أخيه)
وفي جمادى الأولى كانت الوقعة بين السلطانين سنجر ومحمود ابن أخيه وزوج ابنته. وذلك أن سنجر لما بلغه موت أخيه السلطان محمد دخل عليه حزن مفرط، وجلس للعزاء على الرماد وصاح، وأغلق البلد أياماً، وعزم على قصد العراق ليملكه، وندم على قتل وزيره أبي جعفر محمد بن فخر الملك ابن نظام الملك لأمور بدت منه، وأخذ أمواله، وكان له من الجواهر والأموال ما لا يوصف، فالذي وجدوا له من العين ألف ألف دينار. فلما قتله استوزر بعده شهاب الإسلام عبد الرزاق ابن أخي نظام الملك. ولما سمع محمود بحركة عمه سنجر نحوه راسله ولاطفه وقدم له تقادم، فأبى إلا القتال أو) النزول له عن السلطنة. فتجهز محمود، وتقدم على مقدمة أمير

(35/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 277
حاجب في عشرة الآف. ووصل محمود إلى الري فخلها، ثم ضجر منها وتقدم منها، وجاء إلى خدمته منصور أخو دبيس، وجماعة أمراء، وأصبح معه ثلاثون ألفاً، وأقبل سنجر في نجو مائة ألف، وكانت الوقعة بصحراء ساوة، وكان مع سنجر خمسة ملوك على خمسة أسرة وأربعون فيلاً، عليها البركصطوانات والرايات والزينة الباهرة، وألوف من الباطنية، وألوف من كفار الترك، فلما التقوا هبت ريح سوداء أظلمت الدنيا، أظهر في الجو حمرة منكرة، وآثار مزعجة، خاف الناس، ثم انكشفت الظلمة واقتتلوا، فانكسرت ميمنة سنجر، ثم ميسرته، وثبت هو في القلب والفيل معه، وكذا بقي محمود في القلب وحده، وتفرق أكثر جيشه في النهب، فحمل سنجر بالفيلة، فولت الخيل منها، فتأخر محمود ولم ينهزم، فلم يتبعه سنجر لأنه أى مجنبتيه قد انهزموا، وثقله ينهب، وكثير من امرائه قد قتلوا، ووزيره قد أسر، ورأى ثبات ابن أخيه، فأخذ في المخادعة فأرسل إلى ابن أخيه محمود يقول: أنت ابن أخي وولدي، وما أؤآخذك، إنك محمول على ما صنعت، ولا أؤآخذ أصحابك، لأنهم لم يطلعوا على حسن نيتي لهم. فقال محمود: وأنا مملوكه. ثم جاء بنفسه، وسنجر قد جلس على سرير، فقبل الأرض، فقام له سنجر، واعتنقه وقبله، وأجلسه معه، وخلع عليه خلعة عظيمة، كان على سرج فرس الخلعة جوهر بعشرين ألف دينار. وأكل معه، وخلع على أمرائه. وأفرد له إصبهان يكون حاكماً عليها، وعلى مملكة فارس وخوزستان، وجعله ولي عهده، وزوجه بابنته. ثم عاد إلى خراسان. ثم جاءت رسله بالتقادم إلى الخليفة.

(35/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 278
4 (هزيمة صاحب أنطاكية بأرض حلب)
وفيها اجتمع طغتكين وايلغازي، وخرج صاحب أنطاكية في عشرين ألفاً، فالتقوا في أرض حلب، فانهزموا الملعون، وقتل من أصحابه خلق، وأسر خلق. ولم ينج إلا الأقل، وفرح المؤمنون بهذه الوقعة الهائلة. وقد ذكرها أبو يعلى حمزة فقال: ولم يمض ساعة إلا والإفرانج على الأرض سطح واحد، فارسهم وراجلهم، بحيث لم يفلت منهم شخص يخبر خبرهم، وقتل طاغيتهم صاحب أنطاكية. ولم يتفق مثل هذا الفتح للمسلمين.)
4 (الفتنة بين الآمر والأفضل أمير الجيوش)
وفيها وقعت الفتنة والمباينة بين الأفضل أمير الجيوش وبين الآمر، واحترز كل منهما، وحرض الأفضل على اغتيال الآمر. ودس إليه السم مراراً، فلم يقدر. وجرت لهما أمور طويلة.
4 (الخلعة لابن صدقة)
وفيها خلع على أبي علي بن صدقة، ولقب جلال الدين.

(35/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 279
4 (هدايا السلطان سنجر للخليفة العباسي)
ووردت كتب من السلطان سنجر، فيها أقطاع للخيفة بخمسين ألف دينار وللوزير ببضعة الآف دينار. ثم جاء من سنجر هدايا، ثلاثين تختاً من الثياب، وتحف وعشرة مماليك.
4 (التضييق على الأمير أبي الحسن)
وفي آخر السنة زاد التضييق على الأمير أبي الحسن، وسد عليه الباب، وكان ينزل إليه ما يصلحه من طاقة.
4 (قتل منكبرس)
وفيها ولي منكبرس شحكنكية بغداد، وظلم وعسف، وعتر الرعية، وضج الناس وأغلفت الأسواق إلى أن قلعة الله وطلبه السلطان، وقتله صبراً.
4 (شحنكية بهروز)
ثم أعيد الخادم بهروز إلى الشحنكية.
4 (وفاة ربيب الدولة)
ومات فيها وزير السلطان ربيب الدولة.
4 (وزارة السميرمي)
ووزر بعده الكمال السميرمي.

(35/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 280
4 (ظهور قبور الخليل، وإسحاق، ويعقوب عليهم السلام)
وفيها ظهر قبر إبراهيم الخيل، وقبر إسحاق، ويعقوب صلى الله عليهم وسلامه، ورآهم كثير من الناس لم تبل أجسادهم. وعندهم في المغارة قناديل من ذهب وفضة. قاله حمزة بن أسد التميمي في تاريخه على ما حكاه ابن الأثير.)

(35/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 281
4 (سنة أربع عشرة وخمسمائة)

4 (الخطبة واللقب للسلطان سنجر وابن أخيه)
فيها هطب للسلطان سنجر ولابن أخيه السلطان محمود معاً في موضع واحد، وسمي كل واحد شاهنشاه. ولقب سنجر: عضد الدولة ولقب محمود: جلال الدولة.
4 (نقل أبي الفتح من الحجابة)
وفي صفر نقل أبو الفتوح حمزة بن علي من الحجابة إلى وكالة الخليفة وإلى نظر المخزن.
4 (تمرد العيارين ببغداد)
وتمرد العيارون، وأخذوا زوارق منحدرة إلى بغداد، وفتكوا بأهل السواد وأسرفوا، وهجموا على محلة العتابين، فحفظوا أبواب المحلة ونهبوها عنوة، فأمر الخليفة بإخراج أتراك دارية لقتالهم، فخرجوا وحاصروهم في الأجمة خمسة عشر يوماً. ثم إن العيارين نزلوا في السفن، وانحدوا إلى شارع دار الرقيق ودخلوا المحلة، وأفلتوا منها إلى الصحارى. وقصد أعيانهم دار الوزير أبي علي بن صدقة بباب العامة في ربيع الأول، وأظهروا التوبة. وخرج فريق منهم لقطع

(35/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 282
الطريق، فقتلهم أهل السواد بأوانا، وبعثوا برؤوسهم إلى بغداد.
4 (زواج دبيس بن صدقة)
وفيها ورد قاضي الكوفة أبو جعفر عبد الواحد بن أحمد الثقفي من جهة سيف الدولة دبيس إلى الأمير إيلغازين بن أرتق خطب منه ابنته لدبيس، فزوجه بها، ونفذها في صحبته.
4 (الخلف بين السلطان محمود وأخيه)
وفيها وقع الخلف بين السلطان محمود وأخيه مسعود، فتلطفه محمود، فلم يصلح، فانحاز البرسقي إلى محمود، وانهزم مسعود وعسكره، واستولى على أموالهم. وقصد مسعود جبلاً، فأخفى نفسه، ثم أحضروه إلى السلطان محمود بالأمان، واعتنقا، وبكيا طويلاً. ولما بلغ دبيس اشتغال محمود أخذ في أذية السواد، وانجفل أهل نهر عيسى، ونهر الملك، وأتى غسان صاحب جيشه، فحاصر بعقوبا، وأخذها، وسبى الحرم والأولاد. وكان دبيس يعجبه اختلاف السلاطين فلما خاف من مجيء محمود أمر بإحراق الغلات والأتيان، وبعث إليه) الخليفة ينذره، فلم ينفع. وبعث إليه السلطان محمود يتألفه، فلم يهتز لذلك، وقدم بغداد ونازلها بإزاء دار الخليفة، فوجل منه الناس، وأخرج نقيب الطالبين، وتهدد دار

(35/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 283
الخلافة، وقال: إنكم استدعيتم السلطان، فإن إنتم صرفتموه، وإلا فعلت وفعلت. فأنفذ إليه أنه لا يمكن رد السلطان، بل نسعى في الصلح. فانصرف دبيس، فسمع أصوات أهل باب الأزج يسبونه، فعاد وتقدم بالقبض عليهم، وضرب جماعة منهم بباب النوبي.
4 (خروج الخزر إلى بلاد الإسلام)
وفيها، قال ابن الأثير: خرج الكرج، وهم الخزر، إلى بلاد الإسلام. وكانوا قديماً يغيرون، فأمتنعوا أيام ملكشاه. فلما كان في هذه السنة خرجوا فارس، فالتقى الجمعان، فانكسر المسلمون، واصطدام المنهزمون، وتبعهم الكفار يقتلون ويأسرون، فقتلوا أكثرهم، أسروا أربعة الآف رجل، ونجا طغرل أخو السلطان دبيس. ونازلت الكرج تفليس، وحصروها مدة إلى سنة خمس عشرة، وأخذوها بالسيف.
4 (المصاف بين السلطان محمود وأخيه)
وفيها في ربيع الأول كان المصاف بين السلطان محمود وأخيه الملك مسعود، وكان بيد مسعود أذربيجان والموصل، وعرمه إحدى عشرة سنة. وسبب الحرب أن دبيس بن صدقة كان يكاتب أتابك الملك مسعود، ويحثه على طلب السلطنة لمسعود، وكان مع مسعود قسيم الدولة، اقسنقر البرسقي الذي كان

(35/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 284
شحنة بغداد قد أقطعه مراغه والرحبة، وكان معادياً لدبيس، فكاتب دبيس للأتابك جيوش بك يحرضه على القبض على البرسقي، فعرف البرسقي، ففارقهم إلى محمود، فأكرمه ورفع محله. واتصل أبو إسماعيل الحسين بن علي الإصبهني الطغرائي مصنف لامية العجم بمسعود. وكان ولد الظغرائي يكتب لمسعود، فلما وصل الطغراني استوزره مسعود قبل أن يعزل أبا علي بن عمار الذي كان صاحب طرابلس، فحسن أيضاً لمسعود الخروج على أخيه محمود، وخطب لمسعود بالسلطنة، ودقت له النوبة في الأقوات الخمس. فأقبل محمود، والتقوا ند عقبة أسداباذ، ودام القتال طوال النهار، وانهزم جيش مسعود، وأسر منهم خلق، منهم الطغرائي، ثم قتل بحضرة السلطان محمود، وحرب خواص مسعود به إلى جبل، فاختفى به وبعث يطلب الأمان، فرق له السلطان محمود وأمنه.) ثم قووا نفس مسعود، وساروا به إلى الموصل، فلحق البرسقي، ورد به، واعتنقه أخوه وبكيا، وعد ذلك من مكارم محمود. ثم جاء جيوش بك وخاطر، فعفا عنه أيضاً السلطان.
4 (ظهور ابن تومرت بالمغرب)
وفي هذا الوقت كان ظهور ابن تومرت بالمغرب، كما هو مذكور في ترجمته وانتشرت دعوته في جبال البربر، إلى أن صار من أمره ما صار.

(35/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 285
4 (إنهزام دبيس من بغداد)
وفي رجب قدم السلطان محمود، فتلقاه الوزير، ونثر عليه أهل باب الأزج الدنانير، فبعث دبيس زوجته بنت عميد الدلوة بن جهير إلى السلطان، فقدم عشرين ألف دينار، وثلاثة عشر فرساً، فما وقع الرضا عنه، وطولب بأكثر من هذا، فأصر على اللجاج، ولم يبذل شيئاً آخر، فمضى السلطان إلى ناحيته، فبعث يطلب الأمان، وغالط لينهزم، فلما بعث إليه خاتم الأمير دخل البرية.
4 (الأمر بإراقة الخمور)
وفيها أمر الخليفة بإراقة الخمور إلى سوق السلطان، ونقض بيوتهم.
4 (رد الوزير السميرمي)
وفيها رد وزير السلطان الوزير المعروف بالسميرمي المكوس والضرائب. وكان السلطان محمد قد أسقطها سنة إحدى وخمسمائة، ورجع السلطان، فتلقاه الوزير والموكب، فطلب الإفراج عن الأمير أبي الحسن أخي المسترشد بالله، فنذل له ثلاثمائة ألف دينار ليسكت عن هذا.
4 (إنهزام المسلمين أمام ابن ردمير ملك الإفرنج)
وفيها نازل ملك الفرنج ابن ردمير مدينة قتنده، فحاصرها، وهي قريبة من مرسية، فجاء عسكر المسلمين، فطلب المصاف، فانهزم المسلمون، وقتل خلق، منهم ابن الفراء، وابن سكرة، واستطال ابن ردمير لعنه الله.

(35/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 286
4 (سنة خمس عشرة وخمسمائة)

4 (وفاة جدة السلطان محمود)
فيها بلغ السلطان محمود وفاة جدته، فرد من الصيد، عمل غزاءها ببغداد، وتلكم أبو سعد) إسماعيل بن أحمد، وأبو الفتوح أحمد الغزالي الطوسيان.
4 (عزل ابن طراد عن النقابة وإعادته)
وفيها استدعى علي بن طراد النقيب الحاجب من الديوان، وقرأ عليه الوزير توقيعاً بان قد استغني عن خدمتك. فمضى ولزم بيته. وكانت بنته متصلة بالأمير أبي عبد الله بن المستظهر، وهو المقتفي. وفي ربيع الأول انحدر أبو طالب علي بن أحمد السميرمي وزير السلطان متفرجاً، فلما حاذى باب الأزج عبر إليه علي بن طراد وحدثه، فوعده، ثم تلكم في حقه، فأعيد إلى النقابة.
4 (إنقضاض كوكب)
وفيه انقض كوكب صارت من ضوئه أعمدة عند انقضاضه، وسمع عند ذلك هدة كالزلزلة.
4 (خلعة القضاء للهروي)
وفيه خلع على القاضي أبي سعد الهروي خلعة القضاء، قلده السلطان

(35/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 287
محمود القضاء بجميع الممالك سوى العراق مراعاة لقاضي القضاة أبي القاسم الزينبي، وركب إلى داره ومعه كافة الأمراء.
4 (احتراق دار المملكة)
وفي جمادى الآمرة احترقت دار المملكة التي استجدها بهروز الخادم، وكان بها السلطان نائماً على سطح، فنزل وخرب في سفينة، وذهب من الفرش والآلات والجواهر ما يزيد ثمنه على ألف ألف دينار، وغسل الغسالون التراب، وظفروا بالذهب والحلي قد تسبك، ولم يسلم من الدار ولا خشبة، وأمر السلطان ببناء دار على المسناة المستحدثة، وأعرض عن الدار التي احترقت، وقال: إن أبي لم يمتع بها ولا آمتد بقاؤه بعد انتقاله إليها. وقد ذهبت أموالنا فيها.
4 (أحتراق جامع بإصبهان)
واحترق بإصبهان جامع كبير أنفقت عليه أموال، يقال إنه غرم على أخشابه ألف ألف دينار.
4 (إنعقاد مجلس السلطان)
وفي شعبان عقد مجلس، وحلف السلطان للخليفة على المناصحة والطاعة. ثم نفذ هدية إلى الخليفة. وجلس الخيفة في الدار الشاطئية، وهي من الدور البديعة التي أنشأها المقتدي، وتممها المسترشد، فجلس في قبته، وعليه ثوب مصمت وعمامة رصافية، وعلى كتفه البردة، وبين) يديه القضيب.

(35/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 288
ورتب وزيره ابن صدقة الأمور. وأتى وزير السلطان أبو طالب السميرمي والمستوفي وخواص دولتهم، ثم وقف ابن صدقة عن ياسر السدة، وأبو طالب السميرمي عن يمينها. وأقبل السلطان محمود ويده في يد أخيه مسعود، فلما قرب استقبله الوزيران والكبار، وحجبوه إلى بين يدي الخيفة، فلما قاربوا كشفت الستارة لهما، ووقف السلطان في الموضع الذي كان وزير واقفاً فيه، وأخوه إلى جانبه، فخدما ثلاث مرات ووقفاً، والوزير ابن صدقة يذكر له عن الخليفة أنسه به وتقربه وحسن اعتقاده فيه. ثم أمر الخليفة بإفاضة الخلع عليه، فحمل إلى مجلس لذلك، ثم وقف الوزيران بين يدي الخليفة يحضران الأمراء أميراً أميراً، فيخدم ويعرف خدمته، فيقبل الأرض وينصرف. ثم عاد السلطان وأخوه، فمثلاً بين يدي الخليفة، وعلى محمود الخلع السبع والطواق، والسواران، والتاج، فخدما. وأمر الخيلفة بكرسي، فجلس عليه السلطان، ووعظه الخليفة وتلى عليه قوله تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره. ومن يعلم مثقال ذرة شراً يره وأمره بالإحسان إلى الرعية، ثم أذن للوزير أبي طالب في تفسير ذلك عليه، ففسره، وأعاد عنه أنه قال: وفقتني الله لقبول أوامر مولانا أمير المؤمنين، وارتسامها بالسعادات. فلما فعلاً قال: اقمع بهما الكفار والملحدين. وعقد ل بيده لواءين حملا معه، وخرج، فقدم له في صحن الدار فرس من مراكب الخليفة، بمركب جديد صيني، وقيد بين يديه أربعة أفراس بمراكب الذهب.

(35/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 289
4 (الأمطار ببغداد)
وفيها كان ببغداد أمطار عظيمة متوالية، ثم وقع ثلج، عظيم وكبر حتى كان علو ذراع.
4 (الثلج بالبصرة)
قال ابن الجوزي: وقد ذكرنا في كتابنا هذا، يعني المنتظم أن الثلج وقع في سنين كثيرة في أيام الرشيد، وفي أيام المقتدر، والمعتمدة، وفي أيام المطيع، والطائع، والقادر، والقائم، وما سمع بمثل هذا الواقع في هذه السنة، فإنه بقي خمسة عشر يوماً ما ذاب، وهلك شجر الأترج، والنارنج والليمون، ولم يعهد سقوط ثلج بالبصرة إلا في هذه السنة.
4 (خروج دبيس إلى الحلة ومصالحته)
ودخل دبيس الحلة، فأخرج أهلها، فازدحموا على المعابر، فغرق منهم نحو الخمسمائة، ودخل) أخوه النيل، فأخرج شحنة السلطان منها، وأخذ ما فيها من الميرة، فحث الخليفة السلطان على دبيس، فندب السلطان الأمراء لقصد دبيس، فلما قصدوه أحرق دار أبيه، وذهب إلى النيل، فأتى العسكر الحلة، فوجودها فارغة، فقصدوه وهو بنواحي النيل، ثم صالحوه. خلف السلطان.
4 (إقطاع الموصل لآقسنقر)
وفي صفر أقطع السلطان أقسنقر البرسقي الموصل وأعمالها، وبعثه إليها،

(35/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 290
وأمره بجهاد الفرنج، فسار إليها في عسكر كبير، واستقر بها.
4 (حكم إيلغازي بماردين)
وكان الأمير إيلغازي بن أرتق في هذه المدة حاكماً على ماردين وحلب، وابنه سليمان بحلب، فعزل سلميان منها سليمان منها لكونه أراد أن يعصي على أبيه.
4 (إلزامه الباعة المكوس)
وفيها أعيدت المكوس، وألزمت الباعة أن يدفعوا إلى السلطان ثلثي ما يأخذونه من الدلالة، وفرض على كل ثوب من السلاطوني ثمانية قراريط. ثم قيل للباعة: زنوا خمسة الآف شكراً للسلطان، فقد أرم بإزالة المكوس.
4 (مرض الوزير وشفاؤه)
ومرض وزير السلطان، فعاده السلطان وهنأه بالعافية، فاحتمل واحتفل وعمل، أعني الوزير، وليمة عظيمة إلى الغاية، فيها الملاهي والأغاني، نابه عليها خمسون ألف دينار.
4 (وفاة ابن يلدرك)
وفيها توفي علي بن يلدرك التركي، وكان شاعراً مترسلاً ظريفاً، توفي في صفر ببغداد. قال أبو الفرج بن الجوزي: نقلت من خط ابن عقيل قال: حدثني الرئيس أبو الثناء علي بن يلدرك، وهو من خبرته بالصدق، أنه كان في سوق نهر

(35/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 291
المعلى، وبين يديه رجل على رأسه قفص زجاج، وهو مضطرب المشي، يظهر منه عدم المعرفة بالحمل، فما زلت أترقب سقوطه. قال: فسقط، فتكسر الزجاج، فبهت الرجل، ثم أخذ عند الإفاقة من البكاء يقول: هذا والله جميع بضاعتي، والله لقد أصابني بمكة مصيبة عظيمة توفي على هذه، ما دخل على قلبي مثل هذه. واجتمع حوله جماعة يرثون لهن ويبكون عليه، وقالوا: ما الذي أصابك بمكة قال: دخلت قبة زمزم، وتجردت للإغتسال، وكان في يدي دملج ثمانون مثقلاً، فخلعته) واغتسلت، وأنسيته، وخرجت. فقال رجل من الجماعة: خذه، له معي سنين. فدهش الناس من إسراع جبر مصيبته.
4 (منازلة ابن تاشفين قرطبة)
وفيها نازل الملك علي بن يوسف بن تاشفين البربري مدينة قرطبة وحاصرها، وأذل الناس، فذللوا له، وبذلوا له أموالاً عظيمة، حتى ترحل عنهم. وكانوا قد خرجوا عليه لكونه بعث على نيابه قرطبة قائداً ظالماً، فأراد عبد من عبيده أن يكره امرأة ويضطهدها علانية، فضربه الناس، فآل الأمر إلى قتال، حتى تسوروا على القائد وأخرجوه، بعد أن كادوا يقتلوه. وجرت فتنة عظيمة. وكان البربر في هذه السنين غالبين على الأندلس، وفيهم قلة دين. وقبل سفر ابن تاشفين وقف له بجامع مراكش محمد بن تومرت الفقيه، وكلمه بكلام فج، فقال: أيها الأمير، وإنك حلت بين بصرك وبين الحق، فظلمت التقليد، وقلدت قوماً أكلوا الدينا بالآخرة، وأنا أناظرهم بين يديك، وأصقل نرآتك، حتى تأمر بالاحتياط عليه. وأحضر به جماعة من أهل الأصول والفروع.

(35/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 292
4 (سنة ست عشرة وخمسمائة)

4 (مصالحة البرسقي ودبيس بن صدقة)
فيها كلم الخيفة الوزير أبا طالب السميرمي في أمر دبيس، وأن في قرية من بغداد خطراً، فنؤثر مقام أقسنقر البرسقي عندنا لنصحه، فوافق السلطان محمود على ذلك. ثم خرج في ربيع الأول من بغداد، وكانت إقامته بها سنة وسبعة أشهر ونصف. وخلع على البرسقي، وكلم في شأن دبيس، فتوجه إلى صرصر، وتصاف العسكران، وانجلت الوقعة عن هزيمة البرسقي، وكان في خمسة الآف فارس، ودبيس في أربعة الآف، بأسلحة ناقصة، إلا أن رجالته كانت كثيرة. ورأى البرسقي في المسيرة خللاً، فأمر بحط خيمته لتنصب عندهم ليشجعهم بذلك، وكان ذلك ضلة من الرأي، لأنهم لما رأوها حطت أشفقوا فانهزموا، وكان الحر شديداً، فهلكت البراذين والهمالج عطشاً، وترقب الناس من دبيس الشر، فلم يفعل، وأحسن السيرة، وراسل الخيفة وتلطف، وتقررت قواعد الصلح.
4 (وزارة الزينبي)
ثم جرت أمور، وولي علي بن طراد الزينبي نيابة الوزارة، وعزل ابن صدقة، ولم يؤذ.)

(35/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 293
4 (وزارة عثمان بن نظام الملك)
ثم قدما قاضي القضاة أبو سعد الهروي من العسكر بتحف من سنجر، وأن السلطان محمود قد استوزر عثمان بن نظام الملك، وعول عثمان علي أبي سعد بأن يخاطب الخليفة في أن يستوزر أخاه أحمد بن نظام الملك، وأنه لا يستقيم له وزارة بدار الخلافة.
4 (نزول ابن صدقة حديثة الفرات)
فتخير ابن صدقة حديثة الفرات ليكون عند سليمان بن مهارش. فأخرج وخفر، فوقع عليه يوسف الكرامي، وجرت له معه قصص.
4 (وزارة أحمد بن النظام)
واستدعى أبو نصر أحمد بن النظام من داره نقيب النقباء علي بن طراد، وابن طلحة، ودخل الخليفة وحده وخرج مسروراً، وخلع عليه للوزارة.
4 (تألم دبيس من معاملة الخليفة له)
وفي رمضان بعث دبيس طائفة، فنهبوا أكثر من مائة ألف رأس، فأرسل الخليفة يقبح ما فعل، فبث ا في نفسه، وما يعامل به من الأمور الممضة، منها أنهم ضمنوا له إهلاك عدوه ابن صدقة الوزير، فأخرجوه من الضيق إلى السعة، ومنها أنه طلب إخراج البرسقي من بغداد، فلم يفعلوا، ومنها أنهم وعدوه في حق أخيه منصور أن يطلقوه. وكان قد عصى على السلطان بركيا روق وخطب لمحمد، فلما ولي محمد

(35/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 294
صار به بالخطبة، جاءه عند محمد، وقرر مع أخيه أن لا يتعرض لصدقه، وأقطعه الخيفة الأنبار، ودمما، ولفلوجة، وأعطاه واسط، وأذن له في أخذ البصرة، فصار يدل على السلطان الإدلال الذي لا يحتمله، وإذا وقع إليه زاد التوقيع، وطال مقام الرسول على مواعيد لا ينجزها، وأوحش أصحاب السلطان، وعادى البرسقي، وكان أيضاً قد أظهر سب الصحابة بالحلة، فأخذ العميد أبو جعفر ثقة الملك فتاوى فيما يجب على من سب، وكتب المحاضر فيما يتم في بلاد ابن مزيد من ترك الصلوات، وأنهم لا يتعتقدون الجمعة ولا الجماعات، ويتظاهرون بالمحرمات، فكتب الفقهاء بأنه يتعين قتالهم. ثم قصد العميد باب السلطان وقال: إن حال ابن مزيد قد عظمت، وقد قلت فكرته في أصحابك، واستبد بالأموال، وأراه الفتوى وقال: هذا سرخاب قد لجأ إليه، وهو عل غاية من بدعته التي) هي مذهب الباطنية. وكانا قد اتفقا على قلب الدولة وإظهار مذهب الباطنية.
4 (إحتماء سرخاب بابن مزيد)
وكان السلطان قد تغير على سرخاب، فهرب منه إل الحلة، فتلقاه دبيس بالإكرام، فراسله السلطان، وطالبه بتسليم سرخاب، فقال: لا أسلم من لجأ إلي، وإن السلطان قصده. فاستشار أولاده، فقال ابنه دبيس: تسلم إلي مائة ألف دينار، وتأذن لي أن أنتقي ثلاثمائة فرس من الإصطبلات، وتجرد معي ثلاثمائة فارس، فإني أقصد باب السلطان، وأعتذر عنك، وأخذمه بالمال والخيل ويقرر معه أن لا يتعرض لأرضك. فقال غيره: الصواب أن لا تصانع من تغيرت فيك نيته. فقال: هذا الرأي. وجمع عشرين ألف فارس، وثلاثين ألف راجل، وتمت وقعة هائلة، ثم قتل صدقة. وقد مر ذلك.

(35/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 295
4 (خروج الخليفة لقتال دبيس)
ونشأ دبيس، ففعل القبائح، ولقي الناس منه فنون الأذى، وطغى وبغى فنفذ إليه المسترشد يهدده، فتواعد وأوعد، وأرسل، وبعث طلائعه، فانزعج أهل بغداد. فلما كان ثالث شوال صلب البرسقي تسعة، قيل: إنهم مجهزون من دبيس لقتل البرسقي، وعبر البرسقي في ذي القعدة. ونصب الخيفة سرادقه عند رقة ابن دحروج، ونصب هناك الجسر. وبعث القاضي أبا بكر الشهرزوري إل دبيس ينذره. وفي الكلام: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً. فاحتد وغضب وجمع، فكانت فرسانه تزيد على ثمانية الآف، ورجالته عشرة الآف. ونزل المسترشد بالله راكباً من باب الغربة، ثم عبر في الزبزب، وعليه القباء، والعمامة، وبيده القضيب، وعلى كتفه البردة النبوية، وعلى رأسه طرحة، ومعه وزيره أحمد بن نظام الملك، وقاضي القضاة الزينبي، والنقيبان، والهاشميون، والقضاء، فنزل بالمخيم، وأقام به أياماً
4 (مقتل الوزير السميرمي)
وفيها قتل الوزير أبو طالب السميرمي ببغداد
4 (وزارة شمس الملك)
وولي وزارة السلطان محمود بعده شمس الملك عثمان بن نظام الملك، فأبطل ما جدده السميرمي من المكوس.
4 (مقتل الأمير جيوش بك)
) وفي رمضان قتل السلطان محمود الأمير جيوش الأمير جيوش بك. وكان تركياً من

(35/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 296
مماليك السلطان محمد، وكان مهيباً شجاعاً. قتله محمود خوفاً، فأمن عائلته.
4 (وفاة إيلغازي)
وفيها مات إيلغازي صاحب ماردين، وحلب، وميافارقين.
4 (إقطاع البرسقي واسط وأعمالها)
وفيها أقطع السلطان محمود قسيم الدولة البرسقي واسطاً وأعمالها، مضافاً إلى ولاية الموصل، وشحكنيكة العراق. فسير إلى واسط عماد الدين زنكي بن اقسنقر.
4 (الغزنزي الواعظ ببغداد)
وفيها وصل إلى بغداد أبو الحسن الغزنوي، فوعظ، وأقبلوا عليه،
4 (ورود أبي الفتوح الإسفرائيني بغداد)
ثم ورد بعد أبو الفتوح الإسفرائيني، ونزل بربا أبى سعد، وتكلم بمذهب الأشعري، ثم سلم إليه رباط الأرجوانية.

(35/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 297
4 (سنة سبع عشرة وخمسمائة)

4 (الحرب بين المسترشد ودبيس)
في أولها رحل المسترشد بالله، ثم نزل بقرية تعرف بالحديثة من نهر الملك، وأتاه البرسقي وجماعة من الأمراء، وحلفوا على المناصحة والمبالغة في الحرب. وقرأ محمد بن عمر الأهوزاي على المسترشد جزء ابن عرفة وهو سائر. ثم سار إلى النيل. ورتب البرسقي بنفسه الجيش صفوفاً، فكانوا نحو الفرسخ عرضاً، وجعل بين ك ل صفين مجالاً للخيل، ووقف الخيفة في موكبه من ورائهم، بحيث يراهم: فرتب دبيس عسكره صفاً واحداً، والرجالة بين يدي الفرسان بالتراس الكبار، ووقف في القلب، ومنى عسكره، ووعدهم نهب بغداد. فلما تراءى الجمعان حملت رجاله دبيس، وكان قد استصحب معه القيان والمخانيث بالدفوف والزمر يحرضون عسكره، ولم يسمع في عسكر الخليفة إلا القرآن والكر والدعاء، فحمل عنبر الكردي على صنف الخليفة، فتراجعوا وتأخروا، ثم جرد الخليفة سيفه وصعد على تل، فقال عسكر دبيس إن عنبراً خامر، فلم يصدق، فلما رأى المهد والعلم والموكب قد صعدوا أيقن غدر) عنبر بن أبي العسكر، فهرب ووقعت الهزيمة. وعبر دبيس الفرات بفرسه،

(35/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 298
وأدركته الخيل، ففاتهم، فقيل: إن عجوزاً هناك قالت: دبيس دبير خبيث. فقال: دبير من لم يجيء. وقتل خلق من رجالته، وأسر خلق كبير. وقتل ممن عسكر الخليفة عشرون فارساً، وعاد منصوراً.
4 (بناء سور بغداد)
ودخل بغداد يوم عاشوراء. وأمر بجباية الأموال ليعمل سوراً على بغداد، فجبى شيء كثير، ثم أعيد إليهم، فعظم دعاؤهم له، وشرعوا في عمل السور في صفر. وكان كل جمعة يعمل أهله محلة يخرجون بالطبول والخيالات.
4 (ختان أولاد الخيفة)
وعزم الخليفة على ختان أولاده وأولاد إخوته، فكانوا اثنا عشر صبياً، فغلقت بغداد، وعمل الناس القباب، وعملت خاتون قبة باب النوبي، وعلقت عليها من الديباج والجواهر ما أدهش الأبصار، وعملت قبة على باب السيد العلوي، عليها غرائب الحلي والحلل، من ذلك ستران من الديباج الرومي، طول الستر نحو عشرين ذراعاً، على الواحد اسم المتقي لله، وعلى الآخر اسم المعتز بالله، وبقوا أسبوعاً.

(35/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 299
4 (أعمال دبيس المنكرة)
وجاء الخبر أن دبيس ذهب إلى غزية، فدعاهم إلى الشقاق، فقالوا: ما عادتنا معاداة الملوك، فذهب إلى بني المنتفق، فخالفوه، وقصد البصرة، وكبس مشهد طلحة على مال وجعلوا على ل رأس شيئاً.
4 (القبض على الوزير شمس الملك)
وفيها قبض السلطان محمود على وزيره شمس الملك عثمان بن نظام الملك، لأن سنجر طلبه منه، فقال أبو نصر المستوفي له: متى ذهب إلى سنجر لم تأمنه، فاقتله وابعث برأسه. فقتله وبعث إلى الخليفة ليعزل أخاه، فانقطع في منزله، وناب في الوزارة علي بن طراد.
4 (وزارة ابن صدقة)
ثم طلب الوزير ابن صدقة من الحديثة، فأخضر، واستوزر في ربيع الآخر.
4 (استيلاء الأميربن بهرام على حران)
وفيها استيلاء الأميربلك بن بهرام بن أرتق على حران، وسار منها فنزل على حلب وضيق) عليها، وبها ابن عمه بدر الدولة سليمان بن عبد الجبار،

(35/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 300
فسلمها إليه بالأمان، فدخلها وتزوج بنت الملك رضوان.
4 (التدريس في نظامية بغداد)
وقدم ابن الباقرحي ومعه كتب محمود وسنجر بتدريس نظامية بغداد. ثم وصل في شعبان أسعد المهيني بتدريسها، وصرف ابن الباقرحي.
4 (موت ابن قراجا صاحب حماه)
وفيها سار محمود بن قراجا صاحب حماه إلى حصن فامية، ونهب ودخلها، فأصابه سهم، وعاد فمرض ومات، وكان ظالماً جائراً، فاستولى طغتكين صاحب دمشق على حماه، ورتب بها والياً وعسكراً.
4 (مقتل بلك صاحب حلب)
وفيها التقى بلك صاحب حلب بالفرنج، فهزمهم وقتل منهم خلقاً، وعاد إلى منبج فحاصرها وبها الأمير حسان، فأتاه سهم غرب قتله.
4 (تحول تمرتاش عن حلب)
وتسلم حسام الدين تمرتاش حلب فسكنها، رتب بها نوابه، ثم سار إلى ماردين لأنه رأى الشام في بلاء وحروب مع الفرنج مستمرة، وكان يحب الفاهية والراحة، فأخذت حلب منه.

(35/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 301
4 (سنة ثمان عشرة وخمسمائة)

4 (ظهور الباطنية بآمد)
وردت الأخبار بأن الباطنية ظهروا بآمد وكثروا، فنفر إليهم أهل أمد، فقتلوا منهم سبعمائة رجل.
4 (رد شحنكية بغداد إلى برتقش)
وردت شحنكية بغداد إلى سعد الدولة برتقش الزكوي، وأمر البرسقي بالعود إلى الموصل.
4 (تأهب الخيفة لمواجهة ابن صدقة)
وورد الخبر بان دبيس بن صدقة التجأ إلى الملك طغرلبك أخي السلطان محمود بعد عوده من الشام، وأنهما على قصد بغداد، فتأهب الخليفة، وجمع الجيوش من كل ناحية.

(35/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 302
4 (الوباء ببغداد والبصرة)
) وجاء الوباء ببغداد وإلى البصرة في ربيع الأول.
4 (زواج الخليفة)
وتزوج الخليفة ببنت السلطان سنجر.
4 (قتل جماعة من الباطنية)
وفيها أخذ جماعة من الباطنية كانوا قد قدموا في قافلة، فقتلوا في بغداد. قيل: جاءوا لقتل الوزير ابن صدقة والأمير نظر. واخذ في الجملة ابن أيوب قاضي عكبرا ونهب، فقيل: كانت عنده مدارج من كتب الباطنية، وأخذ آخر كان يعينهم.
4 (القبض على أستاذ الدار)
وفيها قبض على ناصح الدولة أستاذ الدار وصودر، وقرر عليه أربعون ألف دينار.
4 (مقتل بلك صاحب حلب)
وفيها التقى صاحب حلب بلك بن بهرام هو والفرنج، فهزمهم وقتل منهم خلقاً، وعاد فاصر منبج، وهي لحسان البعلبكي، فجاءه سهم غرب قتله، وكان معه ابن عمته تمرتاش بن إيلغاري، فحمله قتيلاً إلى ظاهر حلب، وتسلمها في ربيه الأول من السنة، واستقر بها. ثم رتب بها نائباً له ورد ورد إلى ماردين لأنه رأى الشام كثيرة الحروب مع الفرنج، وكان يحب الراحة، فلما رد أخذت حلب منه.

(35/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 303
4 (محاصرة الإفرانح صور)
وفيها أخذت الفرنج صور، وكان بها عسكر للعبيديين ونائب إلى سنة ست وخمسمائة، فحاصرتها الفرنج، وخربوا ضياعها، ثم نجدهم صاحب دمشق طغتكين، وأمدهم بما يصلحهم، ولم يقطع منها خطبة المصريين، فبعث إليه صاحب مصر يشكره ويثني عليه، وجهز لها أسطولاً.
4 (القبض على والي صور)
واستقام أمرها عشر سنين لأمر مسعود الطغتكيني، لكنه كثرت الشكاية منه، فجاء أصطول من مصر، ومعهم أمر أن يقبضوا على مسعود، فخرج مسعود للسلام على مقدم الأصطول، وطلع إلى الركب، فقبض عليه المقدم، ونزل إلى البلد، فاستولى عيه، وبعث مسعوداً إلى مصر، فأكرموه ورودوه إلى دمشق، فرضي طغتكين بذلك.)
4 (عودة الفرنج لمحاصرة صور وسقوطها)
وتحركت الفرنج، وفويت أطماعهم، فرأى المصريون أن يردوا أمرها إلى طغتكين، وراسلوه بذلك، فملكها، ورتب بها الجند، فنازلها الفرنج، وجدوا في الحصار، وقلت بها الأقوات. وسار طغتكين إلى بانياس ليرهب الفرنج، فما فكروا فيه، واستنجد بالمصريين، فما نجدوه، وتمادت الأيام، وأشرف أهلها على الهلاك، فراسل طغتكين ملك الفرنج، على أن يسلمها إليه، ويمكن أهلها من حمل ما يقدرون عليه من الأمتعة، فأجابه إلى ذلك، ووفى بالعهد، وتفرقت أهلوها في البلاد، ودخلها الفرنج في الثلث والعشرين من جمادى الأولى. وكانت من أمنع حصون الإسلام، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ودامت في يد الفرنج إل سنة تسعين وستمائة.

(35/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 304
4 (عزل البرسقي عن بغداد)
وفيها عزل عن بغداد البرسقي، وولي سعد الدولة برتقش الزكوي، لأن المسترشد نفر عن البرسقي، وطلب من السلطان أن يصرفه، فأجابه.
4 (إكرام السلطان لعماد الدين زنكي)
وسار عماد الدين زنكي من البصرة، وكانت إقطاعه، إلى خدمة السلطان محمود، فأكرمه ورده على إمرة البصرة.
4 (ملك البرسقي حلب)
وفي ذي الحجة ملك البرسقي مدينة حلب، وكانت الفرنج لما ملكوا صور طمعوا، وقويت نفوسهم، ثم وصل إليهم دبيس بن صدقة، قبحه الله، فطمعهم أيضاً في المسلمين، وقال: إن أهل حلب شيعة، ويميلون إلي، ومتى رأوني سلموها إلي، فاكون نائباً لكم. فساروا معه، وحاصروا حصاراً شديداً، فاستنجد أهلها بالبرسقي، فسار إليها بجيوشه، فترحل الفرنج عنها وهو يراهم، فلم يهجمهم، ودخل حلب وتب أمرها.

(35/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 305
4 (سنة تسع عشرة وخمسمائة)

4 (القبض على دبيس)
في صفر برز الخليفة إلى صحراء الشماسية بجيوشه، ثم رحل فنزل الدسكرة. وجاء دبيس وطغرلبك فدبروا أن يكبسوا بغداد ليلاً، ويحفظ دبيس المخايض، وينهب طغرلبك بغداد، فمرض طغرلبك تلك الليلة، وجاء المطر، وزاد الماء، وضج الناس بالإبتهال إلى الله تعالى،) وأرجف عند الخيفة بأن دبيساً دخل بغداد، فرحل مجداً إلى النهروان، فلم يشعر دبيس إلا برايان الخليفة، فلما رآها دهش، وقبل الأرض، وقال: أنا العبد المطرود، أما أن يعفى عن العبد المذنب، فلم يجبه أحد، فأعادو القول والتضرع، فرق له الخليفة، وهم بالعفو عنه، فصرفه عن ذلك الوزير أبو علي بن صدقة، وبعث الخليفة نظر الخادم إلى بغداد بالبشارة، ونودي في البلد بأن يخرج العسكر لطلب دبيس، والإسراع مع الوزير ابن صدقة. ودخل الخليفة. وسار دبيس وطغرلبك إلى سنجر مستجيرين به، هذا من أخيه، وهذا من الخليفة، فأجارهما، وليسا عليه فقالا: قد طردنا الخليفة وقال: هذه البلاد لي. فقبض سنجر على دبيس وسجنه خدمة للخليفة.
4 (شكوى برتقش من الخليفة)
في رحب راح سعد الدولة برتقش، فاجتمع بالسلطان خالياً وأكثر

(35/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 306
الشكوى من الخليفة، وحقق عنده أنه يطلب الملك، وأنه خرج من بيته نوبتين وكسر من قصده، وإن لم يفكر في حسم ذلك اتسع الخرق. وسترى حقيقة ذلك إذا دخلت بغداد. والذي يحلمه على ذلك وزيره. وقد كاتب أمراء الأطراف، وجمع الأكراد والعرب. فحصل في نفس محمود ما دعاه إلى المجيء إلى بغداد.
4 (رواية ابن الجوزي عن قتل آقسنقر)
وفيها قتلت الباطنية بالموسل آقسنقر البرسقي في مقصورة الجامع، فيما ذكر ابن الجوزي. والصحيح سنة عشرين.
4 (كسرة الفرنح للبرسقي)
وفيها قدم البرسقي فنازل كفرطاب، وأخذها من الفرنج، ثم عمل مصافاً مع الفرنج، وكانوا خلقاً، فكسروه، وقتلوا نحوا الألف من المسلمين، وأسروا خلقاً.
4 (هزيمة المسلمين أمام بغدوين)
زفيها جمع بغدوين الصغير صاحب القدس وحشد، وأغار على حوران، فخرج لحربة طغتكين في خلق كثير وتركمان قدموا للجهاد، وخلق من أحداث دمشق، من المرج، والغوطة بالعدد التامة، فالتقوا بمرج الصفر، فحملت الملاعين على المسلمين، فهزموهم إلى عقبة سحوراء، وقتلوا أكثر الرجالة، وما نجا إلا من له فرس جواد. وجاء طغتكين وقد أسرت أبطاله، وما شك) الناس أن الفرنج يصبحون البلد، فحازوا الغنائم والأسرى ورجعوا، فلا قوة إلا بالله.

(35/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 307
4 (منازلة ابن ردمير بلاد الأندلس)
وفيها عسكر اللعين ابن ردمير الذي استولى على شرق الأندلس في جيش بأربعة الآف فارس بفاوة من سرقطية، ثم عل بلنسية، ثم مرسية، ومر على جزيرة شقير، فنازلهم أياماً. وكان على الأندلس تميم بن يوسف بن تاشفين، ومقامه بغرناطة، فجمع الجيوش. والتف على ابن أردمير سواد عظيم من نصارى البلاد، فوطيء بلاد الإسلام يغير وينهب. وقصده المسلمون، فالتقوا، فأصيب خلق من المسلمين وغاب ابن أردمير في بلاد الإسلام أكثر من سنة، ورجع بغنائم لا تحصى.

(35/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 308
4 (سنة عشرين وخمسمائة)

4 (كتاب سنجر إلى السلطان محمود)
لما علم السلطان محمود بقتال الخليفة لطغرلبك فرح، وكاتب الخليفة وقال: قد علمت ما فعلت لأجلي، وأنا خادمك. وتراسلا بالأيمان والعهود عل أنهما ينقصان على سنجر، فعلم سنجر، وبعث إلى محمود يقول: أنت صبي، والخليفة قد عزم على أن يمكر بك وبي، فإذا اتفقتما علي ففرغ مني، عاد إليك، فلا تصغ إليه. وأنا فما لي ولد ذكر، وأنت لما ضربت معي مصافاً فظفرت بك، لم أسيء إليك وقتلت من كان سبباً لقتالنا، وأعدتك إلى السلطنة، وجعلتك ولي عهدي، وزوجتك ابنتي، فلما توفيت زوجتك الأخرى، فسر إلى بغداد بالعساكر، وأمسك الوزير أب صدقة، واقتل رؤوس الأكراد وخذ آلة السفر التيعلمها، وتقول للخليفة: ما تحتاج إلى هذا، أنا سيفك وخادمك، فإن فعل وإلا أخذته بالشدة، وإلا لم يبق لي ولا لك معه أمر. وبعث إليه رجلاً، وقال: هذا يكون وزيرك. فثنى عزمه.
4 (انزعاج الخليفة من قدوم السلطان إلى بغداد)
فكتب صاحب الخبر إلى الخليفة بذلك، فنفذ الخليفة إليه سديد الدولة ابن الأنباري يقول له: ينبغي أن تتأخر في هذه السنة لقلة الميرة. فقال: لا بد لي من المجيء وتوجه. فلما سمع الخيفة نفذ رسولاً وكتاباً إلى وزير السلطان، يأمره برد السلطان عن المجيء، فأبى، أجاب بجواب ثقل سماعه على الخيفة، وشرع ف يعمل آلة القتال، وجمع الجيش. ونودى ببغداد في ذي القعدة بعبور الناس إلى الجانب الغربي، وازدحم الخلق، وبعد أيام بدا

(35/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 309
للخليفة وقال: أنا) أخلي البلد له، وأحقن دماء المسلمين ونودي بالعبور إلى الجانب الشرقي، واشتدت الأمطار حتى كادت الدور أن تغرق، وانتقل الخليفة إلى مخيمه بالجانب الغربي تحت الرقة، فعرف السلطان، وقرب ن بغداد، فبعث برتقش الزكوي، وأسعد الطغرائي، فذهبا إلى الخيفة، وأديا رسالة السلطان وتألمه من إنزعاج الخليفة. ثم حشيا في آخر الرسالة، فقال المسترشد: أنا أقول به يجب أن تتأخر في هذه السنة، ولا يقبل، ما بيني وبينه إلا السيف. وقال لبرتقش: أنت كنت السبب في مجيئه وأنت أفسدته. وهم بقتله، فمنعه الوزير وقال: هو رسول. فرجعا بكتاب الخيفة وبالسالة، فاستشاط غضباً، وأمر بالرحيل إلى بغداد.
4 (صلاة الخليفة بالناس يوم الأضحى)
وفي يوم الأضحى نصبت خيمة عظيمة، وصلى المسترشد الخليفة بالناس، وكان المكبرون خطباء الجوامع ابن الغريق، وابن المهتدي، وابن التريكي. وصعد المنبر، ووقف ولي عهده الراشد بالله دونه، وبيده سيف مشهور، فقال: الله أكبر، ما سحت الأنواء، وأشرق الضياء، وطلعت ذكاء، وعلت على الأرض السماء، الله أكبر، ما همع سحاب، ولمع سارب، وأنجح طلاب، وسر قادم بإياب. وذكر خطبة بليغة، ثم جلس، ثم قام فخطب وقال: اللهم أصلحني في ذريتي، وأعني على ما وليتني، وأودعني شكر نعمتك، ووفقتي وانصرني. فلما أنهاها وتهيأ للنزول بدره أبو المظفر محمد بن أحمد بن عبد العزيز الهاشمي فأنشده:
(عليك سلام الله يا خير من علا .......... على منبر قد حف أعلامه النصر)

(35/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 310
(وأفضل من أم الأنام وعمهم .......... بسيرته الحسنى وكان له الأمر)

(وأفضل أهل الأرض شرقاً ومغرباً .......... ومن جده من أجله نزل القطر)

(لقد شرفت أسماعنا منك هطبة .......... وموعظة فضل يلين لها الصخر)

(ملأت بها كل القلوب مهابة .......... فقد رجفت من خوف تخويفها مصر)

(وزدت بها عدنان مجداً مؤثلً .......... فأضحى لها بين الأنام بك الفخر)

(وسدت بني العباس حتى لقد غدا .......... تباهي بك السجاد والعلم البحر)

(فلله عصر أنت فيه إمامه .......... ولله دين أنت فيه لنا الصدر)

(بقيت على أليام والملك كلما .......... تقادم عصر أنت فيه أتى عصر)

(وأصبحت بالعيد السعيد مهنئاً .......... تشرفنا فيه صلاتك والنحر)
) ونزل، فنحر البدنة بيده، وكان يوماً لم ير مثله من دهره. ثم دخل السرادق، ووقع البكاء على الناس، ودعوا له بالنصر، وجعمت السفن جميعها على الجانب الغربي، وانقطع عبور الناس بالكلية.
4 (وصول السلطان إلى حلوان)
وبلغ السلطان حلوان، فأرسل من هناك الأمير زنكي إلى واسط، فأزاح عنها عفيف الخادم، فلحق بالخليفة، ولم يبق بالجانب الشرقي سوى الحاجب لحفظ دار الخلافة، وسدت أبوابها كلها سوى باب النوبى، ونزل السلطان بالشماسية في ثامن عشر ذي الحجة، ونزل عسكره في دور الناس. وترددت

(35/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 311
الرسل إلى الخليفة تتلطف به، وتطلب الصلح وهو يمتنع ثم وقف عسكر السلطان بالجانب الشرقي، والعامة بالجانب الغربي يسبون الأتراك، ويقولون: يا باطنية، ما ملاحدة. عصيتم أمير المؤمنين، فعقودكم باطلة وأنكحتكم فاسدة: وتراموا بالنشاب.
4 (وصول ابن ردمير إلى قرب قرطبة)
ظفيها عاث ملك الفرنج بان ردمير، لعنه الله، بالأندلس، وشق بلاد المسلمين جميعها، وسبى ونهب، حتى انتهى إلى قرب قرطبة، فحشد المسلمون وقصدوه، فكبسهم وقتل منهم مقتلة، ثم عاد نحو بلاده، وهو الذي كسر المسلمين أيضاً سنة أربع عشرة وخمسمائة. ثم حاصر سنة ثمان وعشرين مدينة أفراغه، وأهلكه الله.
4 (هياج الإسماعيلية بخراسان)
وفيها هاجت الإسماعيلية بخراسان، ونصر عليهم عسكر سنجر، وقتلوا منهم مقتلة كبيرة.
4 (مقتل البرسقي)
وفيها قتل البرسقي.

(35/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 312
4 (تكاثر الإسماعيلية بالشام)
وفيها كثرت الإسماعيلية بالشام، وكان الناس والكبار يخافونهم، فرأى طاهر بن سعد الدين المزدقاني من المصلحة أن يسلم إلى رئيسهم بهرام حصناً، فأعطاه طغتكين بانياس وتأمل الناس
4 (وقعة مرج الصفر)

4 (استفحال الباطنية بحلب والشام)
) وفيها استفحل أم ربهرام داعي الباطنية بحلب والشام، وعظم الخطب وهو على غاية الاختفاء، يغير الزي، ويطوف البلاد والقلاع، ولا يعرف إلا أن حصل بدمشق بتقرير قرره إيلغازي بن أرتق مع طغتكين، فأكرم اتقاء لشره، وما كذب العناية به، فتبعه جهلة وسفهاء من العامة وأهل البر وتحزبوا معه. ووافقه الوزير طاهر بن سعد المزدقاني، وإن لم يكن عل عقيدته. وأعانه على بث شره، وخفى سره ليكون عوناً له. ثم التمس من طغتكين حصناً يحتمي بهن فأعطاه بانياس سنة عشرين هذه، فصار إليها يجمع إليها أوباشا اسغواهم محالة وخداعة، فعظمت البلية بهم، وتألم العلماء وأهل الدين، وأحجموا عن الكلام فيهم بالتعرض لهم، خوفاً من شرهم، لأنهم قتلوا جماعة من الأعيان، بحيث لا ينكر عليهم ملك ولا وزير، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

(35/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 313
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الثانية والخمسون وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى عشرة وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن إبراهيم بن أحمد. أبو جعفر بن إبراهيم بن أحمد. أخذ عن: أبي جعفر أحمد بن رزق. وسمع الكثير من: حاتم بن محمد. وشوور في الأحكام. وولي خطابه قرطبة. توفي في جمادى الآخرة وله أربع وستون سنة. أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الحق. أبو جعفر الخزرجي القرطبي المقريء. روى عن: أبى القاسم الخزرجي، وأبي عبد الله الطرفي المقرئين ونظرائهما. وقرأ على الأستاذ مكي بن أبي طالب أحزاباً من القرآن. وأقرأ الناس دهراً. وعمر وعاش تسعين سنة، وتوفي في ربيع الأول. قال ابن بشكوال: جالسته وأنا صغير.)

(35/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 314
أحمد بن محمد بن عبد الله. أبو الوفا بن الخضر، الكاتب، المحدث. سمع الكثير بنفسه، وكتب وعلق. روى عن: أبي نصر الزينبي، وعاسم بن الحسن فمن يعجهما بحيث أنه أكثر عن أصحابه الجوهري. روى عنه: الحسين بن خسرو السلفي. وله شعر جيد. أحمد العربي. الرجل الصالح. رأى أبا الحسن القزويني، وقرأ عليه شيئاً من القرآن. ذكره أحمد بن صالح فقال: ولي لله، حزر الجمع في جنازته بمائة ألف. وصلى عليه أبو الحسين بن الفراء بوصية منه. ودفن بقرب قبر معروف، وكان من المنطقين الملهمين، ومن بقايا ببغداد. توفي في رمضان. قال المبارك بن كامل الحمصي: ممن حضره ينيف على سبعين ألفاً. أسعد بن طبيب خراسان عبد الرحمن بن علي بن أبي صادق أبو الفضل النيسابوري الطيب. كان أبوه جالينوس زمانه. سمع أسعد من: أبي عثمان البحيري، وأبي سعد الكنجروذي. قال أبو سعد السمعاني: أسمعني منه والدي حضوراً. وعاش نحواً من ثمانين سنة.

(35/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 315
4 (حرف الباء)
بختيار السلار. نائب طغتكين على دمشق. كان ورعاً نزهاً، ديناً حسن السيرة، وافر الحرمة، أمراً بالمعروف نهاء عن المنكر، كثير المحاسن.) توفي في شعبان، وحزن عليه الناس، وولي شحنكية دمشق بعده ابنه عمر السلار. بغدوين. هو بردويل الفرنجل الطاغية الذي افتتح القدس وغيرها من مدن الشام. وكان شجاعاً مهيباً خبيثاً. وقد استفحل شره، وكثر جنده، فجمع العساكر وسار ليأخذ الديار المصرية من بني عبيد، إلى أن قارب تنيس، فسبح في النيل، فانتقض عليه جرح كان به، فرجع ونزل بداء الموت بالسبخة المعروفة، فمات، فشقوا بطنه، ورموا بحشرته هناك، فهي ترجم إلى اليوم، وحملوه فدفنوه بالقمامة بالقدس في ذي الحجة سنة إحدى عشرة، وكان قد جاء القمص صاحب الرها إلى القدس زائراً، فوصى بغدوين له بالملك من بعده. فبعث يطلب عقد الهدنة مع طغتكين، فسار طغتكين إلى طبرية فنهبها وما حولها، وسار عسقلان، وكاتب المصريين، فجاءته سبعة الآف فارس، وأقاموا بعسقلان شهرين، ولم يؤثروا في الفرنج، ورجع طغتكين.

(35/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 316
4 (حرف الحاء)
الحسين بن أحمد. أبو عبد الله بن الشقاق البغدادي. لم يكن له نظير في الفرائض ببغداد، ولا في الحساب. روى عنه خطيب الموصل من شعره. وعليه تفقه أبو حكيم الخبري، وغيره. وممن روى عنه: ابن ناصر، أبو طالب بن العجمي الحلبي، والسلفي، وقال: كان آية من آيات الزمان، ونادرة من نوادر الدهر. قال ابن النجار: وسمع من أبي الحسين بن المهتدي بالله، وكان شقاقاً للقرون للعشي. قرأ الفرائض والحساب على الخبري، وعبد الملك بن إبراهيم الهمذاني. ومات في ذي الحجة عن إحدى وسبعين سنة. الحسين بن محمد بن الحسين. الوزير أبو منصور ابن الوزير الكبير أبي شجاع الروذراوري، ثم البغدادي. وزر أبوه للمقتدي، ووزر هو للمستظهر سنة ثمان وخمسمائة. ثم خرج إلى إصبهان، فمات بها.) ذكره ابن الدبيثي.
4 (حرف العين)
عباد بن محمد بن المحسن.

(35/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 317
أبو القاسم الجعفري الإصبهاني. من بيت شرف وتقدم. سمع تفسير أبي الشيخ أب أبي أحمد محمد بن علي ابن المكفوف، عن مؤلفه. وسمع: أبا سعد عبد الرحمن بن عمر الصفار، وعلي بن مهران. قال السمعاني: أجاز لنا في ذي القعدة سنة عشرة. قلت: لعل السلفي سمع منه. عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن صابر بن عمر. المحدث أبو محمد السلمي الدمشقي، ويعرف بابن سيده. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، وأبا الفتح نصراً المقدسي، وخلقاً بعدهم. قال ابن عساكر: سمعنا بقراءته الكثير، وكان ثقة متحرزاً. ولد سنة إحدى وستين وأربعمائة. قلت: روى عنه الحافظان: السلفي، وابن عساكر. وتوفي في رمضان. وهو والد أبي المعالي عبد الله. قال السلفي: كان قاريء الحديث بدمشق، وكان ثقة، سيء الخلق، بخيلاً بالإفادة. عبد الرحيم بن يحيى بن إسماعيل.

(35/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 318
أبو الفضائل الأموي العثماني الديباجي. روى عن جده لأمه أبي حفص البوصيري. وعنه: ولده أبو محمد عبد الله العثماني. ورخه ابن المفضل، وقال: تكلم في سماعه. علي بن أحمد بن كرز. أبو الحسن الأنصاري الغرناطي المقريء. روى عن: أبي القاسم بن عبد الوهاب المقريء، وغانم بن دليل، وأبي عبد الله بن عتاب،) وجماعة. وعني بالإقراء وسماع العلم. وكان ثقة فاضلاً.
4 (حرف الغين)
غانم بن محمد بن عبيد الله بن عمر بن أيوب بن زياد. أبو القاسم بن أبي نصر الإصبهاني البرجي. وبرج قرية من قرى إصبهان. سمع أبا نعيم، من ذلك مسند الحارث بن أبي أسامة، أنبا ابن خلاد النصيبي، ولأبي نعيم فوت معروف. وسمع من ابن فاذشاه وأجاز له: أبو علي بن شاذان، وأبو القاسم بن بشران، والحسين بن شجاع الموصلي أجازوا له في سنة تسع عشرة وأربعمائة والحسين بن إبراهيم الحمال.

(35/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 319
وعاش تسعين سنة أو نحوها. روى عنه: السلفي، وأبو بكر محمد بم منصور السمعاني، وأبو العلاء الحسن بن أحمد العطار، ومعمر بن الفاخر، وأبو طاهر محمد بن محمد السنجي، وأبو موسى المديني، وأبو سعد محمد بن عبد الواحد الصائغ الحفاظ والفضل بن القاسم الصيدلاني، مسعود بن أبي منصور الجمال، ومحمد بن عبيد بن الشيخ أبي علي الحداد. وآخر من روى عنه بالإجازة أبو المكارم اللبان. قال السمعاني: أجاز لي، وهو شيخ صالح، سديد، ثقة، مكثر. عمر العمر الطويل، وكان من تلاميذ محمد الخابوطي. سمع: أبا نعيم، وابن فاذشاه، والفضل بن محمد القاشاني، ومحمد بن عبد الله بن شهريار، وعمر بن محمد بن عبد الله بن الهيثم، وأبا الفتح محمد بن عبد الرزاق بن أبي الشيخ. ومن مسموعه مسند الطيالسي، من أبي نعميم، وسمع الحلية سوى أجزاء من موضعين، وجزء محمد بن عاصم، وجزء الجابري. ثم سمى السمعاني عدة مرويات. قال أبو موسى: وفاته في سابع وعشرين ذي القعدة. وسأله أبي عن مولده فقال في ذي القعدة سنة.
4 (حرف الميم)
) محمد بن أحمد بن عبد الله بن فاذويه. أبو الفضل ابن العجمي الواسطي البزاز.

(35/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 320
سمع: أبا الحسن بن مخلد، والحسن بن أحمد الغندجاني. وببغداد من: ابن المسلمة، وابن النقور. وروى الكثير. روى عنه: أبو طالب الكتاني المحتسب، وهبة الله بن نصر الله بن الجلخت، وأحمد بن سالم البرجويي، وعدة. وأملي بجامع واسط. وثقة أبو الكرم الحوزي، وأثنى على فهمه. توفي بواسط في صفر. محمد بن الحسن بن عبد الله بن باكبر. الكاتب الشيعي. تولى في الأعمال السلطانية. وسمع: الحسن بن علي الشاموخي بالبصرة، وعبد السلام بن سالبة الصوفي بفارس، سمع منه تفسير النقاش، بروايته عن أبي القاسم علي بن محمد الزيدي الحراني، عنه. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وهبة الله بن محمد بن مميك الشيرازي. قال ابن ناصر: حاله أشهر من أن يذكر، صاحب المظالم، لا تحل الرواية عنه. توفي في ربيع الأول عن بضع وثمانين سنة.

(35/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 321
محمد بن سعيد بن إبراهيم بن سعيد بن نبهان. أبو علي الكاتب. من أهل الكرخ. سمع: أبا علي بن شاذان، وبشر بن الفاتني، وابن دوما النعالي، وجده لأمه أبا الحسين الصابيء. وطال عمره، وألحق الصغار بالكبار. روى عنه: حفيده محمد بن أحمد، ومحمد بن جعفر بن عقيل، وأبو ظاهر بن سلفة، ودهيل بن) كاره، وعيسى بن محمد الكلوذاني. وآخر من روى عنه عبد المنعم بن كليب. ذكره ابن السمعاني فقال: شيخ عالم فاضل مسن، من ذوي الهيئات. وهو آخر من روى عن ابن شاذان، ولي منه إجازة. وقال ابن ناصر: كان فيه تشيع، وكان سماعه صحيحاً. وبقي قبل موته بسنة ملقى على ظهره لا يعقل، من قرأ عليه في تلك الحال فقد أخطأ وكذب

(35/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 322
عليه، فإنه لم يكن يفهم ولا يعقل ما يقرأ عليه من أول سنة إحدى عشرة. وسمعته يقول: مولدي سنة إحدى عشرة وأربعمائة. ثم سمعته مرة أخرى يقول: سنة خمس عشرة. فقلت له ذلك، فقال: أردت أن يدفع عني العين، وإلا فمولدي سنة إحدى عشرة. وقال ابن السمعاني: سمعت أبا العلاء بن عقيل يقول: كان شيخنا ابن نبهان إذا مكث عنده أصحاب الحديث وطولوا قال: قوموا، فإن عندي مريضاً. بقي على هذا سنتين، فكانوا يقولون: مريض ابن نبهان لا يبرأ. توفي ابن نبهان ليلة الأحد السابع عشر من شوال، وقد استكمل مائة سنة. قال ابن النجار: وقرأ بخط ابن ناصر: كان ابن نبهان قد بلغ ستاً وتسعين سنة، وسمعه جده هلال بن المحسن من ابن شاذان أول أمره على معاملة الظلمة، وكان رافضياً، وقد تغير في سنة إحدى عشرة. قال: والصحيح أن مولده سنة خمس عشرة، وكذلك وجد بخط الحميدي. وذكر ابنه، وجده بخط جده ابن الصابيء. محمد بن علي بن طالب. أبو الفضل البغدادي الخرقي الحنفي، ويعرف بابن زبيبا.

(35/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 323
حدث عن: علي بن المذهب، وأبي المذهب، وأبي بكر بن بشران، وأبي حفص بن أبي طالب المكي، وأبي محمد الجوهري. وتوفي في شوال. قال ابن ناصر: كان كثير السماع، ولم يكن في دينه مرضياً. كان يذهب إلى أن النجوم هي المدبرة للعالم. لا تجوز الرواية عنه.) قلت: وكان بزازاً، أجاب لابن كليب. وروى عنه: الصائن ابن عساكر، وأبو المعمر المبارك بن أحمد. المبارك بن طالب. الإمام أبو السعود الحلاوي الحنبلي صاحب الزاهد أبي منصور الخياط. سمع: ابن هزارمرد، وأبا علي بن البنا. وتلا على ابن البنا، على الخياط. سمع منه: ابن ناصر، وغيره. وكان أماراً بالمعروف، زاهداً، وحسن التلاوة. مات في ربيع الأول.
4 (حرف النون)
نصر بن أحمد بن إبراهيم بن أسد بن أحمد

(35/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 324
أبو الفتح الحنفي الهروي. وساق السمعاني نسبه إلى حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. وقال: هو من أهل العلم والسداد والصلاح. أفنى عمره في كتابه العلم. حدث بالكثير، وتفرد بالرواية الكثيرة. سمع: أباه، وجده أبا العباس إبراهيم، وجده لأمه منصور بن إسماعيل الحنفي، وأبا عثمان سعيد بن العباس القرشي، وإسحاق بن أبي إسحاق القراب، وعبد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن الفضيل الفضيلي. وحدثني عنه جماعة بهراة، ومرو، وبوسنج. ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، ومات بهراة في سابع شعبان. قلت: هذا كان مسند تلك الديار في عصره. وقد مر أيضاً في سنة عشر، ولكن هذا أصح.
4 (حرف الهاء)
هبة الله بن المبارك بن عبد الجبار بن الطيوري. الأخرس. سمعه أبوه من أبي الحسين بن الزينبي. وتوفي رحمه الله في شوال. هبة الله بن المبارك بن أحمد. أبو المعالي ابن الدواتي الكاتب.)

(35/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 325
من أهل باب المراتب. كان ينسخ بالأجرة. سمع: ابن غيلان، وأبا الحسين التوزي، وأبا الحسن القزويني، والبرمكي. قال ابن ناصر: لم يكن في دينه بذاك، وكان يتهم بالرفض والإعتزال. وكان جمع نحو مائتي دينار، وهو يظهر الفقر، فأخذت منه في الحمام وبقي متحسراً عليها. وترك من كان يحسن إليه مراعاته. أخبرني جماعة أنه لم ير في جمعة قط في الجامع.
4 (حرف الياء)
يمن. أبو الخير مولى المستطهر بالله. كان مهيباً وقوراً، سمحاً، جواداً، فطناً، ذا رأي ومعرفة، ولي إمرة الحاج، ونفذ رسولاً غير مرة إلى السلطان. وسمع: أبا عبد الله النعالي. وحدث بإصبهان. وكان يلقب أمير الجيوش. توفي في ربيع الآخر.

(35/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 326
4 (وفيات سنة اثنتي عشرة وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد المستظهر بالله. أمير المؤمنين أبو العباس ابن المقتدي بالله أمير المؤمنين أبي القاسم عبد الله ابن الأمير محمد الذخيرة ابن القائم بأمر الله أبي جعفر عبد الله ابن القادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد الهاشمي العباسي. بويع بالخلافة بعد موت المقتدي في ثامن عشر المحرم سنة سبع وثمانين، وعمره ستة عشر عاماً وشهران، فإن ولد في شوال سنة سبعين، وصلى بالناس الظهر، ثم صلى على والده. وكان ميمون الطلعة، حميد الأيام. وزر له أبو منصور بن محمد بن جهير.

(35/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 327
وولي القضاء له) أبو بكر بن المظفر الشامي قليلاً، ومات فولي بعده القضاء أبو الحسن علي بن محمد بن علي الدامغاني. ووزر له بعد عميد الدولة أبي منصور سديد الدولة أبو المعالي الإصفهاني، ثم زعيم الرؤساء أبو القاسم علي بن عميد الدولة بن جهير، ثم مجد الدين أبو المعالي هبة الله بن المطلب، ثم نظام الدين أبو منصور الحسين بن أبي شجاع الوزير. قال ابن الأثير: كان لين الجانب، كريم الأخلاق، يسارع في أعمال البر، وكانت أيامه أيام سرور للرعية، فكأنها من حسنها أعياد. وكان حسن الخط، جيد التوقيعات، لا يقاربه فيها أحد، يدل على فضل غزير، وعلم واسع. ومات بعلة التراقي، وهي دمل تطلع في الحلق. وكان سمحاً جواداً. قال ابن الجوزي: كان حافظاً للقرآن، محباً للعلماء والصالحين، منكراً للظلم. ومن شعره:
(أذاب حر الهوى في القلب ما جمدا .......... لما مددت يدي إلى رسم الوداع يدا)

(وكيف أسلك نهج الاصطبار وقد .......... أرى طرائق مهوى الهوى قددا)

(إن كنت انقض عهد الحب في خلدي .......... من بعد حبي، فلا عاتبتكم أبداً)
وكانت خلافته خمساً وعشرين سنة وثلاثة أشهر وأياماً ولم تصف له الخلافة، بل كانت أياماً مضطربة، كثيرة الحروب. وغسله شيخ الحنابلة ابن

(35/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 328
عقيل، وصلى عليه ابنه المسترشد بالله الفضل، وخلف من الأولاد هذا، والمقتفي لأمر الله، ومحمداً، وعلياً، وأبا طالب العباس، وإبراهيم، وعيسى، وإسماعيل. وتوفيت بعده بقليل جدته أرجوان الأرمنية والدة المقتدي، ولا يعلم خليفة عاشت بعده جدته إلا هو. قال السلفي: قال لي أبو الخطاب ابن الجراح: صليت بالمستظهر بالله في رمضان فقرآت: إن ابنك سرق رويناها عن الكسائي، فلما سلمت قال: هذه قراءة حسنة، فيها تنزيه أولاد الأنبياء عن الكذب. وللصارم مرجاً البطائحي الشاعر فيه:
(أصبحت بالمستظهر بن المقتدي .......... بالله بن القائم بن القادر)
)
(مستعصماً أرجو نوافل جوده .......... وبأن يكون على العشيرة ناصري)

(فيقر مع كبري قراري عنده، .......... ويفوز من مدحي بشعر سائر)
فوقع المستظهر: يخير بين الصلات والإنحدار، أو المقام والإدبار. فاختار الإنحدار. ولمرجا هذا شعر كثير، أكثره في الهجو. توفي أمير المؤمنين إلى رضوان الله في يوم الأربعاء الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر من هذه السنة. أحمد بن محمد بن أحمد بن علي. أبو العباس بن الزوال الهاشمي العباسي المأموني المعدل. سمع: القاضي أبا يعلي، وأبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، وجماعة.

(35/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 329
وقد قرأ القرآن على: محمد بن علي الخياط، وأبي علي بن البنا توفي في المحرم عن سبعين سنة. أحمد بن محمد بن عبد السلام بن قيداس. البغدادي، أبو نصر المقريء. سمع: أبا طالب محمد بن الحسين بن بكير، أبا طاهر بن العلاف، وأبا بكر بن بشران. وعنه: أبو محمد بن الخشاب، وأبو العز محمد بن محمد بن الخراساني. ولد سنة أربع وثلاثين. قلت: إن صح مولده، فروايته عن أبي بكر حضوراً غلط. قال أبو الحسن بن الزاغوني: توفي ابن قيداس المقريء بالحريم في جمادى الأولى. وقد قرأ القرآن، وسمع الحديث. أرجوان. وتدعى قرة العين، الأرمنية. والدة الخليفة المقتدي، وجدة المستظهر. عاشت في العز والجاه حتى رأت البطن الرابع من أولادها. وكانت صالحة، كثيرة الصدقة. حجت مرات ولها رباط بمكة، ورباط ببغداد، ولها حشمة وهيبة ومعروف وبر، رحمها الله. عاشت إلى هذا الوقت.)
4 (حرف الباء)
بكر بن محمد بن علي بن الفضل بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم.

(35/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 330
العلامة أبو الفضل الأنصاري الجابري، من ولد جابر بن عبد الله البخاري الزرنجري. وزرنجر من قرى بخارى الكبار. ويعرف بشمس الأئمة أبي الفضل. كان فقيه تلك الديار، ومفتي ما وراء النهر. وكان يضرب به المثل في حفظ مذهب أبي حنيفة. قال لنا أبو العلاء الفرضي: كان الإمام على الإطلاق، والموفود إليه من الآفاق. رافق في أول أمره برهان الأئمة سراج الأمة الماضي عبد العزيز بن عمر ابن مازة تفقها معاً على شمس الأئمة محمد بن أبي سهل السرخسي. ولد أبي الفضل في سنة سبع وعشرين وأربعمائة. وسمع الحديث في صغره، وأدرك الكبار. وتفقه أيضاً على شمس الأئمة أبي محمد عبد العزيز بن أحمد الحلوائي، وكان أبوه محمد يروي عن إسماعيل بن أحمد الفضائلي، وغيره. سمع: أباه، وأبا حفص عمر بن منصور بن خنب، وأبا مسعود أحمد بن محمد البجلي، وميمون بن علي الميموني، أبا سهل أحمد بن علي

(35/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 331
الأبيوردي، وإبراهيم بن علي الطبري، ويوسف بن منصور السياري الحافظ، وأبا بكر محمد بن سليمان الكاخستوائي. وسمع صحيح البخاري من أبي سهل المذكور. أنبا أبو علي بن حاجب الكشاني. وقال أبو سعد السمعاني: وورد بغداد حاجاً قبل الخمسمائة، وتفرد بالرواية عن جماعة. وكتب لي بالإجازة بمسموعاته. وكان يسمى أبا حنيفة الأصغر. سألوه عن مسألة فقال: كررت عليها أربعمائة مرة. وكانت له معرفة بالأنساب والتواريخ. وثنا عنه جماعة منهم: عمر بن محمد بن ظاهر الفرغاني، وأبو جعفر أحمد بن محمد الحلمي البلخي، ومحمد بن يعقوب نزيل سرخس، وعبد الحليم بن محمد البخاري. تفقه على شمس الأئمة: ابنه عمر، وتوفي ابنه عمر سنة وشيخ

(35/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 332
الإسلام برهان الدين علي بن أبي بكر الفراغاني، وجماعة. وتوفي في تاسع عشر شعبان. الحسن بن عمر بن الحسن بن عمر. أبو القاسم الهوزني الإشبيلي.) روى عن: أبيه، وأبي محمد بن الباجي، وأبي عبد الله بن منصور وحج، وسمع بالمهدية من: عبد الله بن منصور الحضرمي. وبمصر من: محمد بن بركات. وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بن وليد. وكان فقيهاً مشاوراً، فاضلاً، رحل الناس إليه. وتوفي في ذي القعدة. وكان مولده في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة. الحسين بن محمد بن علي بن الحسن. نور الهدى أبو طالب الهاشمي العباسي الزينبي، الفقيه الحنفي، رئيس الطائفة الحنفية. كان إمام معظماً كبير الشأن، مكرماً للغرباء، بارعاً في المذهب. ولد سنة عشرين وأربعمائة. وسمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا القاسم الأزهري، وأبا القاسم التنوخي، والحسن بن المقتدر. وسمع بمكة الصحيح من كريمة. وتفرد به عنها ببغداد.

(35/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 333
وسمعه منه الناس. روى عنه: عبد الغافر الكاشغري، ومات قبله بأربعين سنة أو أكثر، وابن أخيه علي بن طراد الوزير، والصائن هبة الله بن عساكر. وسمع منه الصحيح عبد المنعم بن كليب وقد قرأ القرآن على الزاهد أبي الحسن القزويني. وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني. وقد مدحه الغزي الشاعر بقصيدة حسنة. توفي في صفر، وله اثنتان وتسعون سنة، فهو وأخوه أبو نصر محمد، وطراد ماتوا في عشر المائة. وتفردوا في وقتهم. ولم يزل نور الهدى مدرس مدرسة شرف الملك، وترسل إلى ملوك الأطراف. وولي نقابة العباسيين والطالبيين. ثم استعفى بعد أشهر، فأعفي، وأحضر أخوه، طراد من الكوفة، كان نقيبها، فولي نقابة العباسيين. حمد بن نصر بن أحمد.

(35/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 334
الحافظ أبو العلاء الهمذاني الأعمش الأديب.) أجاز لأبي سعد السمعاني، وقال: كان عارفاً بالحديث حافظاً ثقة، مكثراً. سمع الكثير بنفسه وأملى وحدث. سمع: أبا مسلم بن غزو النهاوندي، وأبا الحسن عبيد الله بن مندة، وهارون بن ماهلة الهمذاني، وطبقتهم. ومولده بهمذان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. ومات في عاشر شوال. أنبأ أحمد بن عبد الكريم، أنبا نصر بن جرو، أنبا أبو طاهر السلفي: سعمت حمد بن نصر الحافظ بهمذان: سمعت علي بن حميد الحافظ: سمعت طاهر بن عبد الله الحافظ يقول: سمعت حمد بن عمر الزجاج الحافظ يقول: لما أملى صالح بن أحمد التميمي الحافظ بهمذان كانت له رحى، فباعها بسبعمائة دينار، ونثرها على محابر أصحاب الحديث. رواها أبو سعد السمعاني، عن شيخ له، عن السلفي، فكأنس لقيته وسمعتها منه، مع أن حمد بن نصر، رحمه الله، قد أجاز لأبي سعد.
4 (حرف الراء)
رابعة بنت الإمام أبي حكيم عبد الله بن إبراهيم الخبري. أم الفضل والدة الحافظ ابن نصر.

(35/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 335
امرأة صالحة، سمعت: أباها، وأبا محمد الجوهري، وأبا جعفر ابن المسلمة. روى عنها: ابنها، وأبو المعمر الأنصاري. وتوفيت في ذي القعدة.
4 (حرف الطاء)
طلحة بن أحمد بن طلحة بن أحمد بن الحسن بن سليمان بن الحارث. أبو البركان الكندي العاقولي ولد بدير العاقولي، وهي على خمسة عشر فرسخ من بغداد. ودخل بغداد سنة ثمان وأربعين، واشتغل بالعلم. وقرأ على القاضي أبي يعلى كتاب الخصال، وسمع منه، ومن: أبي محمد الجوهري، وأبي الحسن بن حسنون النرسي، وجماعة. روى عنه: هبة الله الصائن، ومحمد بن أبي القاسم بن حمزة الشاوي، وابن ناصر، وغيرهم.) وكان من الأئمة الصالحين.

(35/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 336
توفي في شعبان ببغداد، وله ثمانون سنة.
4 (حرف العين)
عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل. أبو الفضائل الأموي العثماني الديباجي، والد العثمانيين. قال ابن المفضل: روى عن جده لأمه أبي حفص البوصيري. روى عنه: ولده أبو محمد العثماني. ثم قال ابن المفضل الحافظ: وقد تكلم في سماعه. مات في المحرم. عبد الكريم بن أحمد بن قاسم بن أبي عجينة. الشيخ أبو محمد القباري، والمعروف بالخلقاني الإسكندراني، المؤذن المعمر. من شيوخ السلفي. قال فيه: كان يقال إنه ابن مائة وعشرين سنة. أنبا عن أحمد بن إبراهيم الرازي، وغيره. وسمعت أبا عبد الله بن الحطاب الرازي، وجماعة يقولون: ما عندنا أكبر منه سناً. قال أبو عبد الله: وقد بلغ مائة وعشرين سنة أو دونها بقليل، وبلغني انه بقي ثلاثاً وستين سنة لا يأكل لحماً إلا لحم الصيد الذي يصيده بنفسه، ومنه قوته. ولم يأكل اللبن ولا الجبن هذه المدة تورعاً. وكان يأكل من القبار المباح، ويعبر المنامات ويصيب، وهو أمي لا يكتب. رأيته وهو حاضر الذهن يبصر

(35/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 337
ويسمع، ويعبر المنامات، ولا يتتعتع في حرف. وقد سمع على أين العباس الرازي كثيراً. وتوفي في رجب، رحمه الله تعالى. قال السلفي: وقد كنت أداعبه وأقول: أنت مكبر، مخبر، معبر فيبتسم. وقد ذكر لي أن رأى أبا عمران الفاسي لما قدم الإسكندرية حاجاً. قال: وكان مخبر. وكان مالكياً. كان مع كبر سنه يقصدني إلى أن مات محمولاً كأنه قفة. عبد الكريم بن علي بن محمد بن علي بن فورجة.) أبو الخير الإصبهاني. ولد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. وروى عن: أبي الحسين بن فاذشاه، وأبي طاهر بن عبد الرحيم. روى عنه: أبو موسى المديني، وغيره. وآخر من روى عنه حضوراً أبو جعفر الصيدلاني. توفي في ثامن عشر شوال. ومما يوري الزهد لأسد، سمعه من ابن فاذشاه، وكتاب ثواب الأعمال لأبي الشيخ، رواه عن الفضل بن محمد بن سعيد، عنه. عبيد بن محمد بن عبيد. أبو العلاء القشيري النيسابوري التاجر، من بيت عدالة ورواية.

(35/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 338
سمع: عبد الرحمن بن حمدان النصروبي، وعبد القاهر بن طاهر البغدادي، وأبا حسان محمد بن أحمد المزكي، وأبا حفص بن مسرور. وسافر في شبيبته إلى المغرب تاجراً، وأقام هناك مدة، وحصل أموالاً، ثم عاد إلى نيسابور ولزم داره. وكان قليل المخالطة. وحدث ببغداد مع أخيه لما قدم للحج وقد مر أخوه الفضل من سنوات. روى عنهما: أبو الفتح محمد بن عبد السلام. سمع منهما في سنة سبع وثمانين. وسأله اليونارتي عن مولده فقال: في سنة سبع عشرة وأربعمائة. وذكر أنه غاب عن نيسابور نيفاً وعشرين سنة. ووصفه عبد الغافر في تاريخه: بالصدق والعدالة والعبادة، وصحة السماع، ولإنفاق على الفقراء. وتصدق في آخر عمره بصدقات كثيرة. وثقل سمعه. وتوفي في شعبان. قال أبو سعد السمعاني: كان والدي أحضرني للسماع عليه في سنة تسع وخمسمائة.

(35/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 339
وتوفي في ثامن عشر شعبان سنة، رحمه الله. قاله ابن النجار. عيسى بن شعيب بن إبراهيم. الزاهد المعمر أبو عبد الله السجزي الصوفي نزيل هراة.) ولد بسجستان بعد سنة عشر وأربعمائة. وسمع من علي بن بزي الحافظ وبهراة من عبد الوهاب بن محمد الخطابي وبغزنة الخليل بن أبي يعلى. وحمل ولده أبا الوقت على كتفه من هراة إلى بوسنج، فأسمعه الصحيح. قال أبو سعد السمعاني: شيخ صالح، مسن، حريص على السماع. أجاز لي مروياته. مولده في سنة عشرين وأربعمائة، وتوفي بمالين هراه في ثاني عشر شوال وله مائة وسنتان.
4 (حرف الميم)
محمد بن أحمد بن عبد الرحمن. أبو عبد الله الأنصاري الطليطلي المقريء ويعرف بابن فرقاش. نزيل فارس. له مصنف في القراءآت.

(35/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 340
أخذ عن: المغامي، وأبي الحسن الألبيري. قرأ عليه في هذا العام بغرناطة: أبو إسحاق الغرناطي. محمد بن أحمد بن عون. أبو عبد الله المعافري القرطبي. روى عن: حاتم بن محمد، وأبي عبد الله بن عتاب. وكان فقيهاً، إماماً، ورعاً، متصاوناً، كثير الكتب. ومات في ذي القعدة، فصلى عليه ابنه أبو بكر. محمد بن الحسين بن محمد. فخر القضاة أبو بكر الأرسابندي المروزي. وأرسابند من قرى مرو. تفقه على الأستاذ أبي منصور السمعاني. ورحل إلى بخارى، فتفقه عل القاضي الزوزني صاحب أبي زيد. وبرع حتى صار يضرب به المثل في علم النظر. وحج، سمع من رزق الله التميمي. روى عنه: صاحباه أبو الفضل عبد الرحمن بن أميرويه الكرماني، وقاضي مرو محمد بن عبد الله الصائني، وغيرهما من كبار الحنفية.) وتوفي ربيع الأول.

(35/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 341
محمد بن عتيق بن أبي بكر محمد بن أبي نصر. أبو عبد الله التميمي القيرواني الأشعري المتكلم، ويعرف بابن أبي كديه. درس الأصول بالقيروان على أبي عبد الله الحسين بن حاتم الأزدي صاحب ابن الباقلاني. وسمع بمصر من أبي عبد الله القضاعي. وقدم الشام، فأخذ عنه أبو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي. ودخل العراق، وأقرأ علم الكلام بالمدرسة النظامية. وكان صلباً في الإعتقاد. توفي ببغداد في ذي الحجة. وقد سمع بالأندلس من ابن عبد البر. وقرأ بالروايات بمصر على أبي العباس بن نفيس. وسمع ببغداد من عبد الباقي العطار، وصاحب المخلص. وأقام بالشام مدة، ثم قدم بغداد ثانياً، وأقرأ بها القرآن أيضاً. قرأ عليه: أبو الكرم الشهرزوري. وحدث عنه: عبد الحق اليوسفي بكتاب الشهاب، فقال فيه ابن عقيل: ذاكرته، فرأيته مملوءاً علماً وحفظاً. وقال السلفي في معجمه: كان مشاراً إليه في علم الكلام، وقال لي: أنا أدرس علم الكلام من سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. وكان مقدماً على

(35/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 342
نظرائه، مبجلاً عند من ينتحل مذهبه، مجانباً عند مخالفيه. جرت بينه وبين الحنابلة فتن، وأوذي غاية الإيذاء. وأتى من شعر صديقه الحسن بن رشيق. وقال لي إنه قرأ أيضاً الكلام ببلده على أبي طاهر علي بن محمد بن عرس الموصلي صاحب ابن الباقلاني. وإنه سمع من أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد الخرقي. قلت: عاش تسعين سنة أو جاوزها. وسأله السلفي عن مسألة الإستواء، فذكر أن أحد الوجهين لأبي الحسن الأشعري أن يحمل على ما ورد ولا يفسر.

(35/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 343
محمد بن عيسى بن محمد بن بقاء. أبو عبد الله الأنصاري الأندلسي. أحد القراء المجودين.) قرأ على أبي داود صاحب أبي عمرة الداني. وأقرأ بدمشق. قرأ عليه جماعة من الدمشقيين. وكان فاضلاً، تاركاً للتكلف حفظه للحكايات. يسكن في دار الحجارة. توفي في ذي القعدة وله ثمانية وخمسون سنة. محمد بن محمد بن علي بن حكيم. أبو عبد الله الباهلي القرقوي، الأندلسي، المري. سمع: أبا خالد يزيد مولى المعتصم، وأبا علي الغساني. وحدث بتقييد المهمل لأبي علي بالإسكندرية، فأخذه عنه: السلفي، وأبو محمد العثماني، وأخوه أبو الفضل العثماني. وروى عنه بالإجازة: بركات الخشوعي. ووصفه السلفي بالحفظ، وقال: ثنا من حفظه، من أبي بكر حازم بن محمد الطليلطي. وكان من أهل المعرفة بقوانين الحديث. أخذ ذلك عن أبي علي الجياني، وغيره. وقد كتب عني.

(35/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 344
قال ابن الأبار: توفي في رجب سنة اثنتي عشرة. قال السلفي: توفي في رجوعه من الحج بالبادية. محمود بن الفضل بن محمود بن عبد الواحد. أبو نصر الصباغ الإصبهاني الحافظ، نزيل بغداد. بالغ في الطلب، وكتب بخطه السريع كثيراً لنفسه ولغيره. وكان حميد الطريقة مفيداً لغوياً. نسخ الكتب الكبار. وقد سمع: عبد الرحمن وعبد الوهاب ابني أبي عبد الله من مندة، وأبا الفضل البزاني، وأبا بكر بن ماجة. وحدث ببغداد بشيء يسير عن عائشة بنت الحسين الوركانية. قال شيرويه الديلمي: قدم علينا همذان سنة اثنتين وخمسمائة، وكان حافظاً ثقة، يحسن هذا الشأن، حسن السيرة، عارفاً بالأنساب والأسماء، مفيداً لطلبه العلم. وقال غيره: توفي في جمادى الأولى ببغداد، وقد سمع بها من رزق الله التميمي، وطراد،) وطبقتهما، وخلقاً من أصحاب أبي علي بن شاذان. ثم خلقا من أصحاب ابن غيلان. وبالغ حتى كتب عن أصحاب الصريفيني، وعلي بن البسري. روى عنه: ابن ناصر، وأبو الفتح بن عبد السلام، والمبارك بن كامل. قال

(35/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 345
السلفي: كان رفيقنا محمود بن الفضل يطلب الحديث، ويكتب العالي والنازل فعاتبته في كتبه النازل، فقال: والله، إذا رأيت سماع هؤلاء لا أقدر على تركه. فرأيته بعد موته، فقلت: ما فعل الله بك قال: غفر لي بهذا. وأخرج من كمه جزءاً. مروان بن عبد الملك. الفقيه. ولي قضاء المرية. وجرت له قصة مع أبي الحسن البرجي المفرئ في إحراق كتب أبي حامد الغزالي الذي اتبعه عليها أبو القاسم بن ورد وغيره. وتوفي بالمرية سنة اثنتي عشرة.
4 (حرف الياء)
يحيى بن عثمان بن الحسين بن عثمان. أبو القاسم بن الشواء البغدادي، البيع، الفقيه الحنبلي، تلميذ القاضي أبي يعلى، كتب أكثر تواليفه. وسمع: أبا محمد الجوهري، وأبا جعفر ابن المسلمة. أجاز لابن كليب. مات في جمادى الآخرة سنة 512. يحيى بن محمد بن حسان.

(35/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 346
أبو محمد القلعي الأندلسي المقريء، من قلعة أيوب. أخذ القراءات عن أبي جعفر عبد الوهاب بن حكم ورحل فأخذ عن أبي عبد الله بن الحداد الأقطع القراءآت بالمهدية، وعن أبي عبد الله الطرابلسي الأشقر. وتصدر ببلده للإقراء. أخذ عنه: أبو عمرو البلخي. وكان صالحاً صواماً.) توفي في سنة اثنتي عشرة أو نحوها.

(35/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 347
4 (وفيات سنة ثلاث عشرة وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
احمد بن الحسن بن طاهر. ألو المعالي الفتح بغدادي جليل. روى عن: أبي الطيبي الطبري، وأبي يعلى بن الفراء. قال المبارك بن كامل: توفي في رجب روى عنه: ابن ناصر، والمبارك بن خضر، وعبد الحق اليوسفي. أحمد بن محمد بن شاكر. أبو سعيد الطرسوسي، ثم البغدادي الخرزي. شيخ مستور يبيع الخرز في رحبة الجامع. سمع: أبا الحسن القزويني، والجوهري، وابن غيلان. وحدث. وتوفي في صفر. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وذاكر بن كامل. وعاش خمساً وتسعين سنة. وقد كان يمكنه أن يسمع من أبي علي بن شاذان.

(35/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 348
قرأ القرآن على القزويني أيضاً. قاله ابن النجار. ويقال له: البارزي، وكذا يقال لبياع الخرز والخواتم. روى عنه السلفي وقال فيه: الموازيني العتابي.
4 (حرف الحاء)
الحسين بن علي بن داعي بن زيد بن علي. الشهيد أبو عبد الله العلوي الحسني النسابة النيسابوري. سمع بإفادة أبيه أبي الحسن الزاهد من: أبي حفص بن مسرور، وأبي سعد الكنجروذي، وأبي الحسين عبد الغافر، وجماعة. وختم به كثير من الأجزاء، فإنه كان من المكثرين في السماع.) وتوفي في المحرم. وكان رحمه الله تعالى معتنياً بالأنساب ودقائقها.
4 (حرف الخاء)
خليص بن عبيد الله بن أحمد. أبو الحسن العبدري البلنسي. روى عن: أبي عمر بن عبد البر، وأبي الوليد الباجي، وجماعة. وكتب بخطه علماً كثيراً، ولم يكن بالضابط لما كتب. قال ابن بشكوال: سمعت بعضهم يضعفه وينسبه إلى الكذب. قلت: روى عنه السلفي بالإجازة.

(35/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 349
4 (حرف العين)
عبد الباقي بن محمد بن عبد الواحد. أبو منصور البغدادي الغزال، والد يحيى بن عبد الباقي. شيخ صالح عابد. سمع: أبا محمد الجوهري، وأبا الغنائم بن المأمون. روى عنه جماعة. وتوفي في رجب. علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن عبد الله. الإمام أبو الوفاء البغدادي، الظفري، شيخ الحنابلة، وصنف التصانيف.

(35/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 350
كان يسكن الظفرية، ومسجده بها معروف. ولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. وسمع: أبا بكر محمد بن عبد الملك بن بشران، وأبا الفتح بن شيطا المقريء، وأبا محمد الجوهري، والقاضي أبا يعلى، والحسن بن غالب المقريء، وجماعة. روى عنه: أبو حفص المغازلي، وأبو المعمر الأنصاري، ومحمد بن أبي بكر السنجي، والسلفي، وخطيب الموصل، وآخرون. وتفقه على القاضي أبي يعلى، وعلى الموجودين بعده.) وقرأ علم الكلام على أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم بن التبان البغداديين صاحبي القاضي أبي الحسين البصري.

(35/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 351
أنبئت عن حماد الحراني قال: سمعت السلفي يقول: ما رأت عيني مثل الشيخ أبي الوفاء بن عقيل الفقيه. ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه لغزارة علمه، وحسن إيراده، وبلاغه كلامه، وقوة حجته. ولقد تكلم يوماً مع شيخنا أبي الحسن إلكنا في مسألة، فقال له شيخنا: هذا ليس بمذهبك. فقال له أبو الوفاء: أكون مثل أبي علي الجبائي، وفلان، وفلان لا أعلم شيئاً أنا لي اجتهاد، حتى ما طالبني خصم بحجة، كان عندي ما أدفع به عن نفسي وأقوم له بحجتي. فقال شيخنا: كذلك الظن بك. قلت: وكان إماماً مبرزاً، مناظراً، كثير العلم، له يد طولى في علم الكلام. وكان يتوقد ذكاء. له كتاب الفنون لم يصنف في الدنيا أكبر منه. حدثني من رأى المجلد الفلاني بعد الأربعمائة يحكي فيه بحوثا شريفة ومناظرات وتواريخ ونوادر، وما قد وقع له. قال رحمه الله: عصمني الله في شبابي بأنواع من العصمة، وقصر محبتي على العلم، وما خالطت لعاباً قط، ولا عاشرت إلا أمثالي من طلبه العلم، وأنا في عشر الثمانين، أجد من الحرص على العلم أسند ما كنت أجده وأنا ابن عشرين، وبلغت لاثنتي عشرة سنة. وأنا اليوم لا أرى نقصاً في الخاطر والفكر والحفظ، وحدة النظر بالعين لرؤية الأهلة الخفية، إلا أن القوة ضعيفة.

(35/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 352
قال ابن الجوزي: وكان ديناً، حافظاً للحدود. توفي له ولدان، فظهر منه من الصبر ما يتعجب منه. وكان كريماً ينفق ما يجد، وما خلف سوى كتبه وثياب بدونه، وكانت بمقدار. وتوفي بكرة الجمعة ثاني عشر جمادى الأولى. وكان الجمع يفوت الإحصاء. قال شخنا ابن ناصر: حزرتهم بثلاثمائة ألف. أخبرنا إسحاق الأسدي: أنا أبو البقاء يعيش، أنبا عبد الله بن أحمد الخطيب، أنبا أبو الوفاء علي بن عقيل الفقيه: أنبا أبو محمد الجوهري، أنبا أبو بكر القطيعي، ثما بشر بن موسى، نبا هوذ، نبا عوف، عن سعيد بن أبي الحسن قال: كنت عند ابن عباس إذ أتاه رجل فقال: إنما معيشتي من صنعة يدي التصاوير. فقال ابن عباس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صور صورة عذبه الله بوم القيامة حتى ينفخ فيها، وليس بنافخ فيها أبداً.)

(35/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 353
فرنا له الرجل واصفر، فلما رأى ذلك منه قال: فإن لم يكن من ذلك بد فعليك بالشجر وما لا روح فيه. رأيت شيخنا وغيره من علماء السنة والأثر يحطون على ابن عقيل لما تورط فيه من تأويل الجهمية، وتحريف النصوص، نسأل الله الستر والسلامة. وقد توفي في سادس عشر جمادى الآخرة، وقيل في جمادى الأولى، فالله أعلم. وقال أبو الفرج بن الجوزي فيه: فريد دهره، وإمام عصره، وكان حسن السيرة والصورة، ظاهر المحاسن. قرأ بالروايات على أبى الفتح بن شيطا، وأخذ النحو عن أبي القاسم بن برهان. وقال: قرأت على القاضي أبي يعلى من سنة سبع وأربعين إلى أن توفي. حطيت من قربه بما لم يحظ به أحد من أصحابه مع حداثة سني. وكان أبو الحسن الشيرازي إمام الدنيا وزاهدها، وفارس المناظرة وواحدها، يعلمني المناظرة، وانتصفت بمصنفاته. ثم ذكر جماعة من شيوخه. قال: وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء، وكان ذلك يحرمني علماً نافعاً. وأقبل علي أبو منصور بن يوسف، وقدمني على الفتاوى، وأجلسني في حلقة البرامكة بجامع المنصور لما مات شيخي

(35/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 354
سنة ثمان وخمسين. وقام بكل مؤونتي وتجملي، وأما أهل بيتي فأي بيت، أي كلهم أرباب أقلام وكتابة وأدب وعانيت من الفقر والنسخ بالأجرة شدة، مع عفة وتقى. ولا أزاحم فقيهاً في حلقة، ولا تطلب نفسي رتبة من رتب أهل العلم القاطعة عن الفائدة، وأوذيت من أصحابي حتى طلب الدم. وأوذيت في دولة النظام بالطلب والحبس. وقال ابن الأثير في تاريخه: كان قد اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته على أبي علي بن الوليد، فأراد الحنابلة قتله، فاستجار بباب المراتب عدة سنين، ثم أظهر التوبة. قال ابن الجوزي: وتكلم على المنبر بلسان الوعظ مدة، فلما كانت سنة خمس وسبعين، وجرت الفتنة ترك الوعظ. وذكر سبط ابن الجوزي في ترجمة ابن عقيل حكايات، ثم قال: ومنها ما حكاه ابن عقيل عن نفسه، قال: حججت، فالتقطت عقد لؤلؤ منظوم في خيط

(35/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 355
أحمر، فإذا بشيخ أعمى ينشده، ويبذل لملتقطه مائة دينار. فرددته عليه وقال: خذ الدنانير. فامتنعت. قال: وخرجت إلى الشام، وزرت القدس، ونزلت إلى دمشق، وقصدت بغداد، وكانت أمي باقية،) فاجتزت بحلب، وأويت إلى مسجد وأنا جائع بردان، فقدموني فصليت بهم، فعشوني، وكانت ليلة رمضان، وقالوا: إمامنا توفي من أيام، ونسألك أن تصلي بنا هذا الشهر. ففعلت. فقالوا: لإمامنا الميت بنت. فتزوجت بها، فأقمت معها سنة، وولد لي منها ولد. ثم مرضت في نفاسها، فتأملتها ذات يوم، وإذا خيط أحمر في عنقها، وإذا به العقد الذي لقيته بعينه. فقلت لها: يا هذه، إن لهذا العقد قصة. وكيت لها، فبكت وقالت: أنت هو والله، لقد كان أبي يبكي ويقول: اللهم ارزق بنتي مثل الذي رد علي العقد. وقد استجاب الله منه. ثم ماتت، فأخذت العقد والميراث، وعدت إلى بغداد. ومنها ما حكاه أيضاً عن نفسه قال: كان عندنا بالظفرية دار كلما سكنها ناس أصبحوا موتى. فجاء مرة رجل مقريء، فقال: أكروني إياها. فقالوا: قد عرفت حالها. قال: قد رضيت. فبات بها وأصبح سالماً. فعجب الجيران، وأقام بها مدة، ثم انتقل، فسئل عن ذلك فقال: لما دخلتها صليت العشاء، وقرأت شيئاً، وإذا بشاب قد صعد من البئر، فسلم علي، فبهت، فقال: لا بأس عليك، علمني شيئاً من القرآن. فشرعت أعلمه. فلما فزعت قلت: هذه الدار كيف حديثها قال: محن قوم من الجن مسلمون نقرأ ونصلي، وهذه الدار ما يكتريها إلا الفساق، فيجتمعون على الخمر، فنخنقهم. قلت: وفي الليل أخاف منك فأجعل مجيئك في النهار. قال: نعم. فكان يصعد من البئر في النهار، ووالفته. فبينما هو قاعد

(35/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 356
عندي يقرأ إذا بمعزم في الدرب يقول: المرقي من الدبيب ومن العين ومن الجن. فقال: إيش هذا قلت: هذا معزم يعرف أسماء الله، ويفعل ما تسمع. فقال: اطلبه. فقمت وأدخلته، فإذا بالجني قد صار ثعباناً في السقف، فضرب المعزم المندل وعزم، فما زال الثعبان يتدلى حتى سقط في وسط المندل. فقام ليأخذ ويدعه في الزنبيل، فمنعته، فقال: أتمنعني من صيدي فأعطيته ديناراً وأخرجته. فانتفض الثعبان، وخرج الجني وقد ضعف واصفر وذاب، فقلت: ما لك) قال: قتلني هذا الرجل بهذه الأسامي، وما أظنني ألفح، فاجعل بالك الليلة، متى سمعت من البئر صراخاً فانهزم. قال: فسمعت تلك الليلة النعي، فانهزمت. قال ابن عقيل: وامتنع أحد أن يسكن تلك الدار. ولابن عقيل في الفنون، قال: الأصح لاعتقاد العوام ظواهر الآي، لأنهم ما يثبتون بالإثبات. فمتى محونا ذلك من قلوبهم زالت الحشمة. فتهافتهم في التشبيه أحب إلي من إغراقهم في التنزيه. لأن التشبيه يغمسهم في الأثبات، فيخافون ويرجعون والتنزيه يرمي بهم إلى التقى، ولا طمع ولا مخافة في التقى. ومن تدبر الشريعة رآها غامسة للمكلفين في التشبيه بالألفاظ التي لا يعطي ظاهرها سواه، لقول الأعرابي: أو يضحك ربنا قال: نعم. فلم يكفهر لقوله، بل تركه وما وقع له.
4 (حرف الكاف)
كتائب بن علي بن حمزة بن الخضر. السلمي الدمشقي الجابي، أبو البركات ابن المقصص الحنبلي. سمع: أبا بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتاني.

(35/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 357
ورحل إلى بغداد وإصبهان، وسمع: مالكاً البانياسي، وغيره. قال السلفي: قال لي كتائب: لما دخلت إلى إصبهان كتب عني الحافظ يحيى بن مندة، وكتب عني عمر الدهستاني وقت قدومه دمشق وقال: اسمك غريب نحتاج إليه في معجم الشيوخ. وقال الحافظ ابن عساكر: سمعت أبا محمد بن الأكفاني يقول للحافظ أبي طاهر الإصبهاني: بلغني أنك سمعت من ابن المقصص قال: نعم، دخل إلينا في الدويرة، وسمعنا منه فقال: هذا كان في صباه يغني ويأخذ الجرز على الغناء. فاعتذر إليه أبو طاهر بأنه ما علم بذلك. ولد كتائب سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وتوفي قريباً من سنة ثلاث عشرة وخمسمائة.
4 (حرف الميم)
محمد بن أحمد بن الحسين بن محمويه.) أبو عبد الله اليزدي، أخو أبي الحسن. سافر في طلب القراءآت إلى البلاد، وكان طيب الصوت يبكي من يسمعه. وقد حدث عن أبي إسحاق الشيرازي. وكان مولده في سنة خمس وخمسين. وقرأ على أصحاب الحمامي، وغيره.

(35/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 358
محمد بن عبد الباقي بن محمد بن يسر. أبو عبد الله الدوري السمسار. شيخ صالح، ثقة، بغدادي. سمع: أبا محمد الجوهري، وأبا طالب العشاري، وأبا بكر بن بشران، وغيرهم. ولد في سنة. وتوفي في صفر. روى عنه: أبو عامر العبدري، وابن ناصر، والسلفي، وذاكر بن كامل، والصائن ابن عساكر، وجماعة. قال ابن السمعاني: كان شيخاً صالحاً، ثقة، خيراً. وقال ابن نقطة: هو محمد بن عبد الباقي بن محمد بن أبي البسر. وآخر من حدث عنه بالإجازة عبد المنعم بن كليب. محمد بن محمد بن القاسم بن منصور. أبو بكر بن عمران العمراني النسوي النسفي، الوزير. ثم ترك الوزارة في آخر عمره. وتوفي في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة. قاله مصنف القند، وحدث عنه قال: أنبا الدهقان إبراهيم بن محمد الحاجي الحليمي.

(35/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 359
المبارك بن علي بن الحسين. أبو سعد المخزومي، الفقيه الحنبلي. أحد شيوخ المذهب. ولي القضاء بباب الأزج، وكان إماماً مفتياً، ذكياً، كثير المحفوظ، جميل السيرة، مليح العشرة. تفقه على: السيف أبي جعفر بن أبي موسى الهاشمي، وعلى: القاضي يعقوب بن إبراهيم الطبري.) وسمع: القاضي أبا يعلى، وأبا الحسين بن المقتدي بالله، وجماعة. وكان مولده في سنة. وتوفي ليلة الجمعة ثامن عشر المحرم. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري. وتفقه به جماعة كثيرة. ودفن بجنب المروذي في مدرسته بباب الأزج، ثم شهرت بالشيخ عبد القادر تلميذه، رضي الله عنهم. المؤمل بن محمد بن الحسين بن علي بن عبد الواحد بن إسحاق بن المعتمد على الله بن المتوكل ابن المعتصم بن الرشيد.

(35/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 360
أبو البقاء العباسي الواسطي الخطيب، ويعرف بابن المنبور. سكن بغداد، وأم بالنظامية. وسمع: أبا الحسين بن النقور. سمع منه: الصائن هبة الله بن عساكر، وغيره.
4 (حرف الياء)
يوسف بن محمد. أبو الفضل القيرواني، ابن النحوي. روى عن أبي الحسن اللخمي صحيح البخاري، وعن الأبي عبد الله المازري. وكان عارفاً بالفقه وأصول الدين، وله تصانيف. وكان لا يرى التقليد. روى عنه: القاضي موسى بن حماد، وغيره. وعاش ثمانين سنة. وله رحلة إلى الأندلس.

(35/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 361
4 (وفيات سنة أربع عشرة وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي ليلى. أبو القاسم المرسي. روى عن: هشام بن أحمد بن وضاح المرسي، وأبي الوليد الباجي، وأبي العباسي العذري. وكان فقيهاً فاضلاً، شروطياً، استقضي بشلب.) ومات فجأة عن سنة. أحمد بن الخطاب بن حسن. أبو بكر البغدادي الحنبلي، ويعرف بابن صوفان الغسال. قرأي بالروايات على: أبي علي بن البنا. وسمع من: عبد الصمد بن المأمون، والصريفيني. روى عنه: ذاكر بن كامل. ومات رحمه الله في ذي القعدة. قاله ابن النجار.

(35/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 362
أحمد بن عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الله. أبو البركات السبي البغدادي. مؤدب أولاد المستظهر بالله. سمع: أبا محمد الصريفيني، وأبا الحسين بن النقور، وأبا القاسم بن البسري. وكان كثير الصدقات والمعروف. وحدث، وولي نظر المخزن سنة وثمانية أشهر، وخلف مائة ألف دينار أو نحوها، وأوصى بثلث ماله. وعاش ستاً وخمسين سنة وثلاثة أشهر. روى عنه: الخليفة المقتفي، والمبارك بن كامل. وتوفي في المحرم سنة أربع عشرة. أحمد بن محمد بن علي بن أحمد. أبو المعالي ابن البخاري، البزاز. بغدادي. قال أبو بكر المفيد: هو ابن البخوري فجعل البخاري كما جرت عادة البغاددة في تقليب الألفاظ. كان جدة يبخر الناس يوم الجمعة بالمبخرة، وكان شيخاً مستوراً خيراً. سمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا علي بن المذهب، وأبا محمد الجوهري.

(35/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 363
روى عنه: هبة الله بن عساكر، وأبو المعمر الأنصاري، وأبو منصور الدقاق، والسلفي، وابن أبي عصرون، وجماعة. وتوفي في جمادى الآخرة وله أربع وثمانون سنة. إسماعيل بن محمد بن أبي بكر محمد بن عبد الرحمن. أبو القاسم المديني.) روى عن: ابن ريذة. وتوفي في ذي القعدة فجأة في التشهد الأول من صلاة العصر، وهو إمام. روى عنه أبو موسى الحافظ. وبالإجازة ابن السمعاني. عرف بالكاغذي.
4 (حرف الثاء)
ثابت بن سعيد بن ثابت بن قاسم بن ثابت. أبو القاسم السرقسطي العوفي، قاضي سرقسطة. من بيت فضل وجلالة وعلم، رحمه الله.
4 (حرف الحاء)
الحسن بن خلف بن عبد الله بن بليمة.

(35/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 364
أبو علي القروي المقريء الأستاذ. نزيل الإسكندرية، ومصنف كتاب تلخيص العبارات بلطيف الإشارات، في القراءات. ولد سنة سبع أو ثمان وعشرين وأربعمائة، وعني بالقراءآت في صغره، فقرأ بالقيروان على: أبي بكر القصري، والحسن بن علي الجلولي، وأبى العالية البندوني، وعثمان بن بلال العابد، وعبد الملك بن داود القسطلاني. وقرأ على أبي عبد الله محمد بن سفيان الفقيه مصنف كتاب الهادي. ثم رحل إلى مصر، وقرأ بها سنة خمس وأربعين على محمد بن أحمد بن علي القزويني تلميذ طاهر بن غلبون، وعلى: عبد الباقي بن فارس، وأبي العباس أحمد بن سعيد بن نفيس. وتصدر للإقرار والإفادة. قرأ عليه: أبو القاسم عبد الرحمن بن عطية شيخ الصفراوي، وأبو العباس أحمد بن الحطيئة. وتوفي في ثالث عشر رجب سنة أربع عشرة. وكان هو وابن الفحام أسند من بقي بديار مصر، وماتا بالإسكندرية. الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد.

(35/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 365
العميد مؤيد الدين، وأبو إسماعيل الإصبهاني، صاحب ديوان الإنشاء ويعرف بالطغرائي. كان يتولى الطغراء، وهي العلامة التي تكتب على التواقيع.) ولي من قبل السلطان محمد بن ملكشاه. ثم ولي الوزارة لابنه السلطان مسعود بن محمد. وكان من أفراد الدهر، وحامل لواء الشعر. كامل الظرف، لطيف المعاني. وهو صاحب لامية العجم المشهور:
(أصالة الرأي صانتني عن الخطل .......... وحلية الفضل زانتني لدى العطل)
ومن شعره في قصيدة مدح بها نظام الملك:
(إذا مادجى ليل العجاجة لم تزل .......... بأديهم حمر إلى الهند منصوب)

(عليها سطور الضرب يعجبها الفتا .......... صحائف يغشاها من النقع تثريب)
وله:
(تمنيت أن ألقاك في الدهر مرة .......... فلم أك في هذا التمني بمرزوق)

(سوى ساعة التوديع دامت فكم مني .......... أنالت وما قامت بها أملاً سوق)

(فيا ليت أن الدهر كل زمانه .......... وداع، ولكن لا يكون بتفريق)
وله:
(يا قلب ما لك والهوى من بعدما .......... طاب السلو وأقصر العشاق)

(أو ما بدا لك في الإفاقة والألى .......... نازعتهم كأس الغرام أفاقوا)

(مرض النسيم وصح والداء الذي .......... أشكوه لا يرجى له إفراق)

(وهذى خفوق البرق والبرق الذي .......... تطوى عليه أضالعي خفاق)

(35/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 366
وله يرثي غلاماً:
(يا ارض تيهاً فقد ملكت به .......... أعجوبة من محاسن الصور)

(إن قدمت مقلتي فلا عجب، .......... فقد حثوا تربه على بصري)

(لا غرو إن أشرقت مضاجعه .......... فإنها من منازل القمر)
وذكره أبو البركات ابن المستوفي في تاريخ إربل، وأنه ولي الوزارة بمدينة إربل مدة. وذكره العماد الكاتب في كتاب نصرة الفترة وعصرة الفطرة، وهو تاريخ الدولة السلجوقية، وذكر أنه كان ينعت بالأستاذ، وكان وزير السلطان مسعود بالموصل. وأنه لما جرى المصاف بين مسعود وبين أخيه السلطان محمود بقرب همذان، فكانت النصرة لمحمود، وانهزم مسعود، أسر الطغرائي، وذبح بين يدي محمود. وذلك في ربيع الأول سنة أربع عشرة.) وقيل: في سنة ثلاث عشرة. وجاوز الستين سنة. وقيل: قتله طغرل أخو بيده.

(35/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 367
الحسين بن محمد بن فيرة بن حيون بن سكرة. أبو علي الصدفي السرقسطي الأندلسي الحافظ. أخذ ببلده عن: أبي الوليد الباجي، وغيره. ورحل فسمع ببلنسية من أبي العباس بن دلهاث، وبالمرية من محمد بن سعدون القروي الفقيه. وحج سنة إحدى وثمانين ودخل مصر على أبي إسحاق الحبال، وقد منعه

(35/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 368
المستنصر العبيدي الرافضي من التحديث. قال: فأول ما فاتحته الكلام أجابني على غير سؤالي، حذراً أن أكون مدسوساً عليه، حتى بسطته وأعملته أنني من أهل الأندلس أريد الحج، فأجاز لي لفظاً وامتنع من غير ذلك. وأخبرني أن مولده سنة إحدى وتسعين، وأنه سمع من عبد الغني بن سعيد سنة سبع وأربعمائة، وأنه توفي سنة ثمان. ورحل أبو علي إلى العراق، فسمع بالبصرة من: جعفر بن محمد بن الفضل العباداني، وعبد الملك بن شغبة. وبالأنبار: الخطيب أبا الحسن علي بن محمد بن محمد الأقطع. وببغداد: علي بن الحسين بن قريش بن الحسن صاحب ابن الصلت الأهوازي، وعاصم بن الحسن الأديب، وأبا عبد الله الحميدي، ومالك بن أحمد البانياسي. وبواسط: أبا المعالي محمد بن عبد السلام بن أحمولة. وتفقه ببغداد على: أبي بكر الشاشي، وأخذ عنه التعليقة الكبرى. وأخذ بالشام عن الفقيه نصر المقدسي. ورجع إل بلاده في سنة تسعين بعلم كثير، وأسانيد شاهقة واستوطن مرسية، وجلس للإسماع بجامعها. ورحل الناس إليه وكان عالماً بالحديث وطرقه، عارفاً بعلله ورجاله، بصيراً بالجرح والتعديل. مليح الخط، جيد الضبط كثير الكتابة، حافظاً لمصنفات الحديث، ذاكراً لمتونها وأسانيدها. وكان قائماً على الصحيحين مع جامع أبي عيسى. ولي قضاء مرسيه ثم استعفى منه فأعغي، وأقبل) على نشر العلم وتأليفه.

(35/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 369
وكان صالحاً ديناً، خيراً، عاملاً بعلمه، حليماً، متواضعاً. قال ابن بشكوال: هو أجل من كتب إلي بالإجازة. وخرج له القاضي عياض مشيخة، فذكر في أولها ترجمة لأبي علي في أوراق، وأنه أخذ عن مائة وستين شيخاً، وأنه جالس نحو أربعين شيخاً من الصالحين والفضلاء، وأنه أكره على القضاء فوليه، ثم اخفتى حتى أعفي منه. وأنه قرأ بروايات على أبي الفضل بن خيرون، ولقالون على رزق الله التميمي. وأن الفقيه نصر بن إبراهيم كتب عنه ثلاثة أحاديث قلت: روى عنه بدمشق: أنبا صابر، وأبو المعالي محمد بن يحيى القرشي. وبالمغرب: القاضي عياض، وخلق. وقد سمع منه عياض صحيح مسلم، حدثه به عن العذري، عن أبي العباس أحمد بن الحسن الرازي. استشهد أبو علي الصدفي في وقعة قتندة بثغر الأندلس، لست بقين من ربيع الأول وهو من أبناء الستين. وكانت هذه الوقعة على المسلمين. وكان عيش أبي علي من كسب بضاعة مع ثقات إخوانه. حمد بن محمد بن أحمد بن مندويه. أبو القاسم الإصبهاني القاضي. ولد في حدود الثلاثين.

(35/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 370
وسمع: أبا بكر بن ريذة. روى عنه: السمعاني بإجازة. ومن مسموعاته: الفتن لنعيم بن حماد، عن ابن ريذة. مات في شعبان.
4 (حرف الخاء)
خلف بن محمد بن عبد الله بن صواب. أبو القاسم التجيبي القرطبي. روى عن: سراج بن عبد الله القاضي، وأبي عبد الله الطفري المقريء، وأبي محمد بن شعيب،) وأبي محمد البسكلاري وطائفة سواهم. وكان فاضلاً ثقة قديم الطلب، ذا عناية بلقى الشيوخ، عارفاً بالقراءات وطرقها. كتب بخطه علماً كثيراً. قال ابن بشكوال: وأجاز لي ما رواه. وسمع منه جلة أصحابنا. وعمر وكف بصره في آخر عمره. ولم ألق في شيوخنا أسن منه. ولد في المحرم سنة أربع وعشرين وأربعمائة. وتوفي في ثالث جمادى الأولى، وصلى عليه قاضي الجماعة أبو الوليد بن رشد. قلت: لعله قرأ على ابن شعيب.
4 (حرف العين)
عبد الرحمن بن محمد بن نجا بن محمد بن علي بن شاتيل. الدباس. أخو عبد الله، وعم عبيد الله، ووالد قاضي المدائن حمد.

(35/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 371
أبو البركات الأزجي. سمع: أبا جعفر بن المسلمة، وأبا بكر محمد بن علي الخياط. وتوفي في ذي القعدة. روى عنه: عبد الله بن شاتيل، وغيره. عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع. أبو الحسن الأندلسي المريي، الفقيه الأستاذ. تلميذ أبي محمد عبد الله بن سهل. ورى عن: أبي عمر بن عبد البر، وأبي تمام القطيني النحوي، وخلف بن إبراهيم المقريء الطليطلي، وابن سهل، وغيرهم. وأقرأ الناس بجامع المرية. أخذ عنه: أبو عبد الله محمد بن الحسن بن غلام النرسي، وغيره. قال أبن بشكوال، كان شيخاً صالحاً، مجوداً للقرآن، حسن الصوت به. وسمعت صاحبنا أبا عبد الله القطان يثني عليه، ويصحح سماعه من ابن عبد البر. مولدوه قبل الثلاثين وأربعماية. وتوفي بالمرية في شعبان، وله بضع وثمانون سنة.) عبد العزيز بن علي بن عمر.

(35/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 372
الدينوري، ثم البغدادي أبو حامد. أحد ذوي اليسار المعروفين يفعل الخيرات والإيثار. روى قليلاً عن: أبي محمد الجوهري، وابن النقور. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو العباس بن خالد. وهو والد المحدث أبي بكر محمد بن عبد العزيز الدينوي، وجد شيخ الأبرقوهي محمد بن هبة الله بن عبد العزيز. روى عنه: عبد الحق اليوسفي. عبيد الله بن نصر. أبو محمد الزعفراني والد العلامة أبي الحسن، والمسند أبي بكر. كان صالحاً من أهل القرآن. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وجماعة. روى عنه: ذاكر بن كامل. وتوفي في صفر.
4 (حرف الميم)
محمد بن إبراهيم بن محمد. أبو عبد الله الأبيوردي المقري الصوفي، نزيل بغداد. قرأ بالروايات على: أبي معشر الطبري بمكة. وسمع من: إسماعيل بن مسعدة، وغيره.

(35/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 373
قرأ عليه: أبو العلاء العطار الهمذاني، برواية أبي عمرو. وروى عنه: هو، والسلفي، وعبد الملك بن علي الهراسي، وسعد الله بن محمد المقريء. وتوفي في شوال، وله نيف وثمانون سنة. محمد بن علي بن محمد بن إسحاق. أبو الفوارس الكرخي. قيل إنه من كرخ البصرة.) سمع: أبا بكر بن بشران، وأبا جعفر بن المسلمة. روى عنه: المبارك بن كامل، وغيره. وتوفي في ربيع الآخر. وعنه أيضاً حفيده عبد الرحمن بن محمد. محمد بن علي بن محمد الدينوري. القصاب المؤدب، أبو بكر. شاعر بليغ، كان يؤدب بدرب الدواب. أخذوا عنه من شعره. وتوفي في المحرم. كتبوا عنه كثيراً، وهو مشهور.

(35/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 374
محمد بن محمد بن علي. أبو الفتح الفراوي الواعظ. كان حسن الوعظ، حلو الإيراد، مليح الإشارة. قدم بغداد وعقد بها مجلس الوعظ والإملاء. وحدث عن: أبي القاسم القشيري، وغيره. وكانت وفاته بالري. قال ابن الجوزي: لكنه كان يروي الكثير من الموضوعات. قال: وكذلك مجالس الغزالي الواعظ وابن العبادي فيها العجائب المتخرصة والمعاني التي لا توافق الشريعة. وهذه المحنة تعم أكثر القصاص، بل كلهم، لاختيارهم ما ينفق على العوام. وذكره ابن النجار.

(35/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 375
محمود بن إسماعيل بن محمد بن محمد. أبو منصور الإصبهاني الصيرفي الأشقر. راوي المعجم الكبير عن أبي الحسين أحمد بن محمد بن فاذشاه. وهو محمد بن أبي العلاء. ولد في ربيع الآخر سنة إحدى عشرين وأربعمائة.) وسمع المعجم وغيره في سنة إحدى وثلاثين. وسمع: أبا بكر محمد بن عبد الله بن شاذان الأعرج. روى عنه: أبو القاسم إسماعيل التيمي في كتاب الترغيب، وأبو طاهر السلفي، وأبو موسى المديني، وأبو بكر محمد بن أحمد المهاد، ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي، ومحمد بن أبي زيد الكراني. وآخر من روى عنه أبو جعفر الصيدلاني سمع منه حضوراً. قال السلفي: كان رجلاً صالحاً، وله اتصال ببني مندة، وبإفادتهم سمع الحديث. وقال أبو موسى: توفي في ذي القعدة. محمود بن مسعود بن عبد الحميد.

(35/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 376
أبو بكر الشعيبي البوزجندي، وبوزجندة بلدة بفرغانة. ولد سنة أربعين وأربعمائة تقريباً. قال ابن السمعاني: كان إماماً، فاضلاً، مفتياً، متقنناً، مناظراً، مبرزاً، تفقه على الإمام محمد بن أبي سهل السرخسي، وحظي من الملوك. وجاء رسولاً إلى المستظهر بالله من جهة الخاقان صاحب ما وراء النهر، وأكرم مورده. سمع من: شيخه ابن أبي سهل، وأبي بكر محمد بن علي بن حيدرة الجعفري، والمشطب الفرغاني، وعطاء بن علي الأديب. روى عنه: محمد وعمر ابنا أبي بكر محمد بن عثمان السنجي، ومحمود بن أبي بكر الصابوني، وغيرهم. قال عمر بن محمد النسفي في كتاب القند: توفي قاضي القضاة أبو بكر الشعيبي بسمرقند في سابع ربيع الأول، وحمل تابوته إلى بخارى. محمد بن يحيى بن عبد الله بن زكريا. القاضي الزاهد أبو عبد الله بن الفراء الأندلسي، قاضي المرية. روى عن: أبي العباس العذري كثيراً وعن: أبي عبد الله بن المرابط، وأبي محمد بن العسال. وكان إماماً زاهداً، صالحاً، ورعاً متواضعاً، قوالاً بالحق، مقبلاً على الآخرة. لما شرعوا في جباية المعونة كتب إلي علي بن يوسف بن تاشفين: إن الله قلدك أمر المسلمين ليبلوك فيما آتاك) مما يزلفك لديه أو يدنيك بين يديه. وهذا المال الذي يسمى المعونة جبي من أموال اليتامى والمساكين بالقهر والغصب، وأنت المسؤول عنه: والمجيب على النقير والقطمير، والكل في صحيفتك.

(35/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 377
ولعل بعض فقهاء السوء أشار عليك بهذا، واحتج لك بأن عمر أخذ من المسلمين معونة جهز بها جيشاً، فإن عمر لم يفعل حتى توجه إلى القبلة، وحلف أنه ليس في بيت المال درهم، وإن تجهيز ذلك الجيش مهم، فيلزمك أن تفعل كعمر. فلما وقف على هذا الكتاب قال: صدق، هم والله أشاروا علي، وما بيت المال يحتاج. ثم رد ثلث الأموال إلى أربابها. ولم يكن بين يدي ابن الفراء شرطي قط. استشهد ابن الفراء في وقعة كتندة، ويقال قتندة، رحمه الله وقد أراد ابن تاشفين مرة مصادرته، وأن يقيده، فدفع الله عنه بصدقه ودينه. المعمر بن محمد بن الحسين. أبو نصر الأنماطي البيع، بغدادي صالح، مكثر كثير التلاوة، مقريء، فاضل. حدث بتاريخ الخطيب عنه. وسمع: أبا محمد الجوهري، وابن المسلمة، وأبا الحسين ابن الأبنوسي، وجماعة. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو العباس بن هالة، وهبة الله بن عساكر، وآخرون آخرهم ذاكر بن كامل. كان يؤدب الصبيان. وزعم الحافظ أب ناصر أنه كان ضعيفاً، ألحق سماعه في جزءين من تاريخ الخطيب، فقلت له: لم فعلت هذا. قال: لأني سمت الكتاب كله. توفي في شعبان، عن تسعين سنة. قلت: لا يؤثر قدح ابن ناصر فيه، فإن الرجل كان فيه نباهة، وما يمنع من

(35/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 378
أنه كان له فوت، فأعيد له بعد كتابة الطبقة، ثم ألحق اسمه، بل الضعيف من يروي الموضعات، ولا يتلكم عليها. مكي بن أحمد بن محمد بن مظفر.) أبو بكر البغدادي المقريء الحنبلي. قرأ بالروايات على: غلام الهراس، وابن موسى الخياط، وأبي علي بن البنا. وكانت رحلته إلى غلام الهراس في سنة خمس وخمسين. قرأ عليه طائفة منهم: أحمد بن محمد بن شقيق، ومقبل بن الصدر. وحدث عنه: أبو طالب بن خضير. توفي في رمضان سنة أربع عشرة.
4 (حرف الياء)
يونس بن أبي سهولة بن فرج. أبو الوليد الشنتجالي، نزيل دانية. لقي أشياخ طليطلة كأبي محمد بن عباس، وأبي المطرف بن سلمة. وكان إماماً مدرساً مشاوراً. تحدث عنه: أبو عبد الله ابن برنجال، وأبو عبد الله بن سعيد بن غلام الفرس، وأبو إسحاق بن خليفة. توفي بدانية في ربيع الأول.

(35/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 379
4 (وفيات سنة خمس عشرة وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن عبد الرحمن بن جحدر. أبو جعفر الأنصاري الشاطبي. روى عن: طاهر بن مفوز، ومحمد بن سعدون القروي، وعلي بن عبد الرحمن المقريء. وكان حافظاً للفقه، بصيراً بالفتوى. ثقة ضابطاً. وولي القضاء بشاطبة، ثم صرف.
4 (حرف الحاء)
الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن علي بن مهرة. أبو عي الإصبهاني الحدادي المقريء. مسند إصبهان في القراءآت والحديث. ولد في شعبان سنة تسع عشرة وأربعمائة، فسمع الحديث في سنة أربع وعشرين وأربعمائة، وبعدها. وعاش بعدما سمع إحدى وتسعين سنة.)

(35/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 380
سمع: أبا بكر محمد بن علي بن مصعب، وأبا نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، فأكثر عنه إلى الغاية، وأبا الحسين بن فاذشاه، ومحمد بن عبد الرزاق بن أبي الشيخ، وهارون بن محمد الكاتب، وأبا القاسم عبد الله بن محمد العطار المقريء، وأبا سعد عبد الرحمن بن أحمد بن عمر الصفار، وعلي بن أحمد بن مهران الصحاف، وأحمد بن محمد بن بزدة الملنجي، وأحمد بن محمد بن الأسود الشروطي، أبا نصر الفضل بن محمد القاشاني، محمد بن عبد الله التبان، وأبا احمد محمد بن علي بن سيويه المكفوف، ومحمد بن عبد الله بن مهران البقال، وأبا ذر محمد بن إبراهيم الصالحاني، أبا بكر بن ريذة، وطائفة كبيرة. وخرج نفسه معجماً سمعناه، أو لعله بتخريج ولده الحافظ عبيد الله. وقرأ بالروايات على: أبي القاسم عبد الله بن محمد العطار مقريء إصبهان، صاحب أبي جعفر التميمي الصابوني، ومحمد بن جعفر بن جعفر الذي قرأ على جعفر بن محمد بن الطيار. وقرأ على: أبى الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي الزاهد، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، أحمد بن بزدة، وجماعة. قال السمعاني في تحبيره: رحل الناس إليه، ورأى من العز ما لم يره أحد في عصره. وكان خيراً، صالحاً، مقرئاً ثقة، صدوقاً. وهو أجل شيخ أجاز لي. وحدثني عنه جماعة كثيرة. ومن مسموعه على أبي نعيم: كتاب التوبة والإعتذار، وكتاب شرف الصبر، وكتاب ذم الرياء والسمعة، وكتاب الحث على كسب الحلال،

(35/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 381
وكتاب حفظ اللسان، وكتاب تثبيت الإمامة، وكتاب رياضة الأبدان، وكتاب فضل التهجد، وكتاب الإيجاز وجوامع الكلم، وكتاب خصائص فضل علي، وكتاب الخطب النبوية، وكتاب لباس السواد، وكتاب تعظيم الأولياء، وكتاب الساعين، وكتاب التعبير، وكتاب رفع اليدين في الصلاة، وكتاب تجويز المزاح. وكتاب الهدية، وكتاب حرمة المساجد، وكتاب فضل الجار، وكتاب فضل السحور، وكتاب الفرائض، وكتاب اثنتين وسبعين فرقة، وكتاب مدح الكرام، وكتاب الجواب عن: ثم أورثنا الكتاب، وكتاب إسماع الكليم، وكتاب سحنة العقلاء، وكتاب حديث الطير، وكتاب لبس الصوف، وكتاب الأربعين في الأحكام وأربعي الصوفية، وكتاب الإستسقاء، وكتاب الخسف، وكتاب الصيام والقيام، وكتاب الرؤية، وكتاب قراءآت النبي صلى الله عليه وسلم، وكتاب معرفة الصحابة، وكتاب علوم الحديث، وتاريخ إصبهان،

(35/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 382
وكتاب) الأخوة، وكتاب العلم، وكتاب الحلية، وكتاب المتواضعين، وكتاب القراءة خلف الإمام، وكتاب التشهد، وكتاب حسن الظن، وكتاب المؤآخاة، وكتاب وعيد الزناة، وكتاب الشهداء، وكتاب القدر، وكتباً غير ذلك، والجميع تأليف أبي نعيم، وسماعه منه. روى عنه: معمر بن الفاخر، وأبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني العطار. وقرأ عليه بالروايات وأكثر عنه، وأبو طاهر السلفي، أبو موسى المديني، أبو مسعود الحاجي، أبو الفتح عبد الله الخرقي، وأبو الفضل خطيب الموصل وأبو سعد الصائغ، ويحيى الثقفي، والفضل بن القاسم الصيدلاني، ومحمد بن الحسن بن الفضل الأدمي، والأديب محمد بن أحمد المصلح، وعبد الرحيم بن محمد الخطيب، ومسعود بن أبي منصور الخياط، وخليل بن بدر الراراني، ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي، وأبو المكارم اللبان، ومحمد بن أبي زيد الكراني، أبو جعفر الصيدلاني، وله عنه حضور كثير، ولم يسمع منه مع إمكان ذلك. وآخر من روى عنه بالإجازة عفيفة الفارقانية، وعاشت بعده إحدى وتسعين سنة. قال أبو سعد السمعاني: كان عالماً ثقة، صدوقاً، من أهل العلم

(35/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 383
والقرآن والدين. قرأ القرآن بروايات، وعمر العمر الطويل، حتى حدث بالكثير ورحل الناس إليه. كان والده يخرج إلى حانوته ليعمل في الحديد ويأخذ بيد الحسن، ويدفعه في مسجد أبي نعيم، فأكثر عنه، حتى صار بحيث لا يفوته إلا ما شاء الله. قال ابن نقطة: سمع من أبي نعيم الموطأ، عن الطبراني، عن علي بن عبد العزيز، عن القعنبي، عن مالك. ح وعن ابن خلاد النصيبي، عن تمتام، عن القعنبي، عن مالك. وسمع من أبي نعيم مسند الإمام أحمد، عن ابن الصواف بعضه، وتمامه عن القطيعي، كلاهما عن عبد الله، عن أبيه. وسمع منه مسند الطيالسي، ومسند الحارث بن أبي أسامة، ولكن لأبي نعيم فوت في مسند الحارث، وذلك جزءان معلومان: الثالث عشر، والسادس والعشرون، وكتاب السنن لأبي مسلم رواه له عن فاروق الخطابي، وبعضه عن حبيب القزاز. وسمع منه المستخرجين عل الصحيحين، وكتاب الحلية، وأشياء كثيرة، والمعجم الأوسط للطبراني، ومسانيد سفيان الثوري، وعوالي الأوزاعي، والجود، ومسند الشاميين والسنن) المخرجة من كتب عبد الرزاق، وجامع عبد الرزاق ومغازيه، الكل سمعه من أبي نعيم، أنبا الطبراني. وسمع من أبي نعيم كتاب غريب الحديث لأبي عبيد، وكتاب مقتل الحسين، وكتاب الشواهد، وكتاب القضاء بسماعه الكل من الطبراني، عن علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد. وسمع من أبي نعيم فوائد سمويه، وفوائد أبي علي بن الصواف، ومسند الطيالسي، والطبقات لابن المديني، وتاريخ الطالبيين للجعابي، وجزء محمد بن عاصم، وجزء ابن الفرات، وأربعي الآجري. وسمع ابن ريذة المعجم الكبير للطبراني.

(35/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 384
4 (حرف الخاء)
خلف بن سعيد بن خير. أبو القاسم الطليطلي الزاهد، نزيل قرطبة. كان يلقن القرآن، وقد قرأ على: أبي عبد الله المغامي. وأخذ أيضاً عن: عبد الصمد بن سعدون. وكان ورعاً، قانعاً، متواضعاً، متبراكاً به، وحسن الأخلاق مذكوراً بإجابه الدعوة وكان ينوب في جامع قرطبة. توفي في نصف ذي العقدة. وكانت جنازته مشهورة قل أن سمع بمثلها، رحمه الله تعالى.
4 (حرف الراء)
روزبة بن موسى بن روزبة. أبو الحسن الخزاعي الفقيه. ولي القضاء بغير موضع بمصر، ثم استعفى من القضاء. وكان مولده في رجب سنة عشرين وأربعمائة. قال السلفي: روى لنا عن نصر بن عبد العزيز الشيرازي، وأبي إسحاق الحبال. وتوفي في رجب. وكان حسن الخلق والخلق، كثير العبادة.

(35/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 385
قال ابنه: كان أبي يختم في اليوم والليلة، ويقوم الليل رحمه الله.)
4 (حرف السين)
سعيد بن فتح. أبو الطيب الأنصاري الأندلسي القلعي المقريء، من قلعة أيوب. أخذ القراءآت عن: أبي داود، وابن الدس، وابن البياز، وأبي القاسم بن النحاس. وسمع من جماعة. وتصدر للإقرار بمرسية، وعلم، وكان ماهراً مجوداً، أديباً، محققاً. أخذ عنه: أبو عبد الله بن فرج المكانسي، وغيره. وتوفي بقرطبة في هذه السنة أو في التي بعدها.
4 (حرف الشين)
شاهنشاه الأفضل. أمير الجيوش أبو القاسم ابن أمير الجيوش بدر الجمالي الأرمني. كان بدر هو الكل، وكان المستنصر مقهوراً معه، وتوفي سنة ثمانين. فلما مات قام الأفضل مقام أبيه. وقضيته مع نزار بن المستنصر وغلامه أفتكين متولي الإسكندرية مشهورة في أخذهما وإحضارهما إلى القاهرة، ثم لم يظهر لهما خبر بعد ذلك. وذلك في سنة ثمان وثمانين أيضاً.

(35/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 386
فأما أفتكين فقتل ظاهراً، وأما نزار فيقال إن المستعلي أخاه بنى عليه حائطاً. ونزار المذكور هو الذي تنسب إليه الإسماعيلية أرباب قلعة الألموت. وكان الأفضل داهية، شهماً، مهيباً كأبيه، فحل الرأي، جيد السياسة. أقام في الخلافة الآمر ولد المستعلي بعد موت المستعلي، ودبر دولته، وحجر عليه، ومنعه من شهواته، فإنه كثير اللعب، فحمله ذلك على قتله، فأوثب عليه جماعة. وكان يسكن بمصر، فلما ركب من داره وثبوا عليه فقتلوه في سلخ رمضان في هذه السنة. وخلف من الأموال ما لم يسمع بمثله. قال ابن الأثير: كانت ولايته ثمانية وعشرين سنة، وكان الإسماعلية يكرهونه لأسباب، منها تضييقه على إمامهم، وتركه ما يجب عندهم سلوكه معهم، وتركه معارضه أهل السنة في اعتقادهم، والنهي عن معارضتهم، وإذنه للناس في إظهار معتقداتهم، والمناظرة عليها.) قال: وكان حسن السيرة، عادلاً. يحكى انه لما قتل وظهر الظلم بعده اجتمع جماعة، واستغاثوا إلى الخليفة. وكان من جملة قولهم: إنهم لعنوا الأفضل. فسألهم عن سبب لعنته، فقالوا: إنه عدل وأحسن السيرة، ففارقنا بلادنا وأوطاننا، وقصدنا بلاده لعدله، فقد أصابنا هذا الظلم، فهو كان سبب ظلمنا. فأمر الخليفة بالإحسان إليهم إلى الناس. وقيل إن الآمر بأحكام الله وضع عليه من قتله، وكان ق فسد ما بينهما. وكان أبو عبد الله البطائحي هو الغالب على أمر الأفضل، فأسر إليه الأمر أن يعمل على تلافه، ووعده بمنصبه، فلما قتل ولي البطائحي وزارة الآمر، ولقب بالمأمون، وبقي إلى سنة تسع عشرة وصلب.

(35/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 387
وقال سبط الجوزي في ترجمة الأفضل، ووضعها في سنة ست عشرة، وكأنه وهم، قال: إن الأفضل ولد بعكا سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. قال أبو يعلى بن القلانسي: وكان الأفضل حسن الإعتقاد، سنياً، حميد السيرة مؤثراً للعدل، كريم الأخلاق، صادق الحديث. لم يأت الزمان بمثله، ولا حمد التدبير عند فقده. واستولى الآمر على خزائنه، وجميع أسبابه. وكان الأفضل جواداً ممدحاً، مدحه جماعة، منهم قاضي مصر القاضي الرشيد أحمد بن القاسم الصقلي صاحب الديوان الشعر. قال القاضي شمس الدين: قال صاحب الدول المنقطعة: خلف الأفضل ستمائة آلف ألف دينار، ومائتين وخمسين إردب دراهم، وخمسة وسبعين ألف ثوب ديباج، وثلاثين راحلة أحقاق ذهب، عراقي ودواة منت ذهب مجوهرة قيمتها اثنا عشر ألف دينار ومائة مسمار من ذهب وزن المسمار مائة مثقال، في كل مجلس منها عشرة، على كل مسمار منديل مشدود مذهب، فيه بذلة بلون من الألوان، أيما أحب منها لبسه، وخمسمائة صندوق كسوة لخاصته. وخلف من الرقيق والخيل والبغال والطيب والتجمل ما لم يعلم قدره إلا الله، ومن الجواميس والبقر والغنم ما يستحي من ذكر عدده، بلغ ضمان ألبانها في العام ثلاثين ألف دينار. وقلت: كذا قال هذا الناقل ستمائة ألف ألف دينار، والعهدة عليه. وفي الجملة فإن الأفضل هذا تصرف في الممالك، وكنز الأموال، وجمع

(35/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 388
ما لم يجمعه ملك. وكان ملكه سبعاً وعشرين سنة.) وفي أيامه تغلبت الفرنج، لعنهم الله، على القدس، وأنطاكية، وعكا، وطرابلس، وصور، وصيدا، وبيروت، وقيسارية، وعدة حضون سوى ذلك وكذا كل ملك نهمته في جمع الأموال يبخل عن استخدام الجيوش، ويفرط. فلله الأمر كله. قال ابن الأثير في كامله: وثب عليه ثلاثة، فضربوه بالسكاكين، فقتلوه، وحمل وبه رمق إلى داره، ونزل الآمر بأحكام الله إلى داره، وتوجع له، فلما مات نقل من أمواله ما لا يعلمه إلا الله. وبقي الخليفة الآمر في داره أربعين يوماً أو نحوها، والكتاب بين يديه، والدواب تحمل وتنقل ليلاً ونهاراً، ووجد له من الأعلاق النفسية، والأشياء المعدومة، وما لا يوجد لغيره، وحبس أولاده. شمس النهار بنت الحافظ أبي علي أحمد بن محمد البرداني. أم الفضل، زوجة أبي منصور عبد الرحمن بن زريق القزاز. سمعها أبوها من: أبي جعفر ابن المسلمة، وغيره. روى عنها: أبو المعمر الأنصاري.
4 (حرف الطاء)
طلحة بن الحسن بن أبي ذر محمد بن إبراهيم الصالحاني. الأديب أبو الطيب. ولد سنة ست وعشرين وأربعمائة. وسمع من: جده، وابن ريذة. روى عنه: أبو موسى، وقال: توفي في صفر. وأجاز لابن السمعاني، وقال: فمن مسموعاته: كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم

(35/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 389
وشمائله لأبي الشيخ، يرويه عن جده أبي ذر، عنه وكتاب السنة الصغير لأبي الشيخ، وعن جده، والبر والصلة لأبي الشيخ بالإسناد، وكتاب القدر لعلي بن محمد الطنافسي، وكتاب الصوم لابن أبي عاصم، وعن جده، عن القباب، عنه.
4 (حرف العين)
عبد الله بن إدريس. أبو محمد السرقسطي المقريء.) كان من أهل الضبط. أخذ عن: عبد الوهاب بن حكم، وغيره. وتصدر بجامع سبتة للإقراء. وقرأ عليه: القاضي عياض، وغيره. عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن. أبو ياسر البرداني، أخو أبي علي. شيخ صالح خير. سمع: أباه، وأبا الحسن القزويني، أبا إسحاق البرمكي، وأبا محمد الجوهري، وجماعة. روى عنه: علي بن طراد، وشعبة بن عمر الإصبهاني، والصائن هبة الله، والسلفي، وجماعة. عبد الوهاب بن حمزة.

(35/389)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 390
أبو سعد الحنبلي صاحب أبي الخطاب. كان فقيهاً مفتياً، معدلاً. سمع: أبا محمد الصريفيني، ابن النقور. روى عنه: أبو حكيم إبراهيم بن دينار النهرواني. وتوفي في شعبان. علي بن جعفر بن علي بن محمد بن عبد الله بن حسين بن أحمد بن محمد بن زيادة الله بن محمد بن الأغلب. الأغلبي أبو القاسم بن القطاع، السعدي الصقلي، الكاتب اللغوي. ولد بصقلية في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وأخذ بها عن: أبي بكر محمد بن علي بن البر اللغوي، غيره. وبرع في النحو، وصنف التصانيف. ونزح عن صقلية حين أشرف الفرنج على تملكها، وقدم مصر في حدود الخمسمائة، فبالغوا في إكرامه، وأحسنت إليه الدولة. وله كتاب الأفعال، من أجود الكتب في معناه، وكتاب أبينة الأسماء

(35/390)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 391
جمع فيه فأوعب، وله مصنف في العروض، وكتاب الذرة الخطيرة في المختار من شعراء الجزيرة، جزيرة صقلية،) وأورد فيه لمائة وسبعين شاعراً، وكتاب لمح الملح. وكان نقاد المصريين ينسبوه إلى التساهل في الرواية. وذلك لأنه لما قدم سألوه عن كتاب الصحاح للجوهري، فذكر أنه لم يصل إلى صقلية. ثم أنه لما رأى اشتغالهم فيه ركب له إسناداً، وأخذه الناس عنه مقلدين له. قال السلفي: سمعت عبد الواحد بن غلاب يقول: سمعت أبا القاسم بن القطاع يقول: لما خرجت من المغرب، شيعني شيخي أبو بكر محمد بن علي ابن البر التميمي اللغوي، وقال: توجه حيث أردت، فما يرى مثلك. قال ياقوت الحموي: كان أبوه جعفر ذا طبقة عالية في اللغة والنحو، وجده علي شاعر محسن، مدح الحاكم، وولي ديوان الخاصة. وجد أبيه من الشعراء أيضاً. وكذلك جدهم الأعلى الحسين بن أحمد. وكان أبو القاسم بن القطاع يعلم ولد الأفضل أمير الجيوش، إلى أن ذكر أنه مات سنة. وكان ذكياً شاعراً، رواية للأدب. وله في غلام اسمه حمزة:
(يا من رمى النار، في فؤآدي .......... وأنبط العين بالبكاء)

(اسمك تصحيفه بقلبي .......... وفي ثناياك برء دائي)

(أردد سلامي فإن نفسي .......... لم يبق منها سوى الذماء)
وله:
(وشادن في لسانه عقد .......... حلت عقودي وأوهنت جلدي)

(35/391)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 392
(عابوه جهلاً بها، فقلت لهم: .......... أما سمعتم بالنفث في العقد)
توفي رحمه الله بمصر في صفر. وهو من ولد زيادة الله بن الأغلب الأمير. علي بن زيد بن شهريار. أبو الوفاء الإصفهاني التاجر المقريء. في جمادى الأولى توفي. سمع: أبا الحسن الداوودي، وأبا عمر المليحي، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن مسعود بن الناقد، ويحيى بن ثابت، والسلفي.) من كبراء أهل إصبهان وثقاتهم. له بصر بالحديث. عاش سبعاً وسبعين سنة.
4 (حرف الميم)
محمد بن أحمد بن مبارك القطان. أبو عبد الله القرطبي. سمع: أبا علي الغساني، وأبا عبد الله أحمد بن محمد الخولاني. وكان مختصاً بالقراءة على الشيوخ لمعرفته وذكائه، وحسن قراءته، وكان الشيوخ يعظمونه ويكرمونه. توفي كهلاً. محمد بن الحسن بن علي.

(35/392)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 393
أبو عبد الله الخولاني الأندلسي المربي، ويعرف بالبلغي. رحل، وقدم دمشق. وحدث بها عن: خلف بن إبراهيم، والحسين بن بكير. وسمع من: سهل ابن بشر الإسفرائيني، وأبي حامد الغزالي، والشريف النسيب. وكان صالحاً، مقبلاً على شأنه، قانعاً باليسير، طلابة للعلم. روى عنه: هبة الله بن طاوس. وتوفي بالمرية في رمضان سنة خمس عشرة، وله ثلاث وسبعون سنة. محمد بن خليفة بن محمد بن حسين. أبو عبد الله النمري العراقي، الشاعر المعروف بالسنبسي، لأن أمه سنبسية وأصله من هيت. وأقام في الحلة عند صدقة بن مزيد، وكان شاعره وشاعر ولده دبيس. لكن لم يحسن له دبيس فتركه، وقدم بغداد، مدح الوزير أبا علي بن صدقة، فأجزل عطاءه. وأقام ببغداد. وله شعر رائق.

(35/393)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 394
روى عنه: السلفي، وعبد الرحيم ابن الإخوة، وهزارسب بن عوض، وغيرهم. وكان يعرف بالقائد السنبسي. وتوفي في أول العام، وقد عمي، وجاوز التسعين. قال عز الدين أبو القاسم بن رواحة: أنشدنا السلفي قال: أنشدني أبو عبد الله السنبسي لنفسه من) قصيدة:
(وكم ليلة قد سرتها غير مرة .......... إليها وقد نام الغيور المخلف)

(فبات حشاها تجت ركبتي بطانة .......... لكشحي وما عين من الناس تطرف)

(وما بينا إلا النطاق وحليها .......... وأبيض مسحور العذارين أهيف)

(فبت أجاريها الحديث وأشتكي .......... جوى الحب حتى كادت الشمس تشرف)

(فرأيت ولم تحلل معاقد مئزري .......... على ريبة أخزى بها حين أقرف)

(سوى رشفات من شفاه وكأنها .......... جني الورد من أغصانه حين يقطف)
أبرد أنفاسي بهن وألتويعلى كبدي ولله بالسر أعرف ومما شجاني يوم بانت حمولهاحمام بأعلى دمنة الدار هتف
(عشية راحوا بالنياق فغربوا .......... وأصبحت في آثارها أتعرف)

(بكيت إلى أن لان من ماء أدمعي .......... صميم الحصا أو كاد بالدمع ينطف)

(وما الحي بالحي الذين ألفتهم .......... ولا الدار بالدار التي كنت أعرف)
محمد بن عبد الباقي بن جعفر بن محمد بن مجالد. أبو منصور البجلي الكوفي الشاهد. سمع: الشريف محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، وعبيد الله بن علي بن أبي قربة، ومحمد بن عبد العزيز النهشلي العطار، ومحمد بن إسحاق بن فدوية، ودارم بن محمد، ومحمد ابني ممد بن عيسى بن حازم ومحمد بن حمزة التميمي الزيات وجماعة وخرجله أبي النرسي جزءاً عن شيوخه.

(35/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 395
وقدم بغداد تاجراً غيره مرة. روى عنه ابن ناصر، وعبد الوهاب بن الصابوني، وأبو طالب بن خضير وغيرهم. وثقة أبي. وقال يحيى بن سعد الله بن عبد الباقي البجلي: توفي عمي في السابع والعشرين من ربيع الأولي بالكوفة. قلت: وسمع منه: السلفي، والصائن ابن عساكر. ذكره الحافظ ابن عساكر وقال: أجاز لي. وذكر أنه قدم دمشق.) محمد بن علي بن عبيد الله. أبو بكر بن الدنف. بغدادي مقريء. سمع: عبد الصمد بن المأمون، وابن المسلمة. وكان إماماً صالحاً، خيراً، حنبلياً. توفي في شوال. وقد تفقه على أبي جعفر بن أبي موسى، وجلس للاشتغال مدة. روى عنه: ذاكر بن كامل، وابن بوش.
4 (حرف الهاء)
هزارسب بن عوض بن حسن.

(35/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 396
أبو الخير الهروي، المفيد، المحدث، نزيل بغداد. أحد من عني بهذا الشأن وتعب عليه. وكان يحرض الناس على السماع، ويفيدهم ويبالغ. وحصل أصولاً كثيرة. وتوفي قبل أوان الرواية. سمع: طراد الزينبي، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وأصحاب أبي علي بن شاذان. إلى أن سمع من أصحاب أبي الحسين بن النقور. وتوفي في ربيع الأول، وخطه دقيق مليح. روى عنه: بن أحمد البزدي، وذاكر بن كامل.
4 (حرف الياء)
يحيى بن صاعد بن سيار. الكناني، الهروي، الحنفي، أبو عمرو، قاضي قضاة هراة. قال أبو النصر عبد الرحمن الفامي: كان في العلوم بحراً لا يدرك قعره. عاش ثلاثاً وتسعين سنة.

(35/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 397
4 (وفيات سنة ست عشرة وخمسمائة)
)
4 (حرف الألف)
أحمد بن سعد بن خالد بن بشتغير. أبو جعفر اللخمي اللورقي. روى عن: أبي العباس العذري، وطاهر بن هشام، وجماعة. وأجاز له: أبو عمر بن عبد البر، وحاتم بن محمد. وكان واسع الرواية، كثير السماع، عالي الإسناد.
4 (حرف الجيم)
جامع بن عبد الصمد. أبو منصور الخلقاني الصوفي النيسابوري. روى عن: أبي الحسين عبد الغافر، وابن مسرور الكنجروذي، وجماعة.

(35/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 398
وتوفي في ذي القعدة. وكان كثير الصلاة والصيام، وله عناية بإحياء قبور المشايخ. سمع منه: أبو سعد السمعاني، وغيره.
4 (حرف الحاء)
الحسن بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد. أبو علي الباقرحي، ثم البغدادي. من أولاد المحدثين. رجل مستور كثير السماع. ولد سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. وسمع: أبا الحسن القزويني، وأبا بكر بن بشران، وأبا الفتح بن شيطا، وأبا طاهر محمد بن علي العلاف، وأبا إسحاق البرمكي، وأبا القاسم التنوخي. روى عنه جماعة. وله مشيخة سمعناها. روى عنه: ذاكر بن كامل، وأبو نصر بن يوسف. ومات في رجب.
4 (حرف الدال)
داود بن إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين ب داود.) السيد أبو جعفر ابن النقيب أبي المعالي العلوي النيسابوري.

(35/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 399
شيخ أهل بيته في وقته. سمع: أبا حفص بن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر، وأبا سعد الكنجروذي. توفي فيسادس صفر، وعنده صحيح مسلم.
4 (حرف السين)
سليمان بن الفياض. أبو الربيع الإسكندراني، الشاعر. تلميذ أمية بن الصلت قرأ عليه من الفلسفة والعلوم المهجورة شيئاً كثيراً. وكان من فحول الشعراء. دخل العراق، خراسان، والهند. وتوفي في الغبرة في حدود سنة ست عشرة، أو بعد ذلك بيسير. وله يقول:
(بيني وبينك ما لو شئت لم يضع .......... سر إذا ذاعت الأسرار لم يذع)

(به أحتمل، واستطل أصبر، أعز أهن .......... وول أقبل، وقل أسمع، ومر أطع)

4 (حرف العين)
عبد الجبار بن أبي بكر محمد بن حمديس. أبو محمد الصقلي الشاعر. أمتدح ملوك الأندلس بعد السبعين وأربعمائة، واختص بالمعتمد بن عباد، فحظي لديه لحسن شعره. فلما أسر المعتمد وسجن بأغمات قدم عليه أبو

(35/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 400
محمد وافياً ومعزياً. وانصرف إلى أفريقيا، فامتدح ملكها يحيى بن تميم الصنهاجي، ثم ابنه الحسن، وآخر العهد به سنة ست عشر. ومن شعره:
(حرك لمعناك لفظاً كي يزان به .......... وقل من الشعر سحراً أو فلا تقل)

(فالكحل لا يفتن الأبصار منظره .......... حتى يصير حشو الأعين النجل)
عبد الجبار بن عبد الله بن أحمد بن أصبغ. أبو طالب الأموي المرواني الهاشامي القرطبي. روى عن: محمد بن فرج الفقيه، وأبي جعفر بن رزق، وجماعة.) وجمع تاريخاً كبيراً. وكان أديباً إخبراياً، شاعراً ذكياً. ولد سنة خمسين وأربعين، وتوفي في رمضان. وقد لقي أبا عبيد البكري المؤرخ، وحمل عنه.

(35/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 401
عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف. أبو طالب بن أبي بكر البغداي. كان يسكن القرية داخل دار الخلافة. ولد سنة نيف وثلاثين وأربعمائة، وسمع المصنافت الكبار من: أبي علي بن المذهب، وأبي إسحاق البرمكي، وأبي بكر بن بشران، أبي محمد الجوهري، وجماعة. وتفرد في وقته بكثرة المرويات. روى عنه: السلفي، وأبو العلاء الهمذاني، والصائن ابن عساكر، وأبو طالب بن خضير، وأبو محمد بن الخشاب، أبو الحسن بن عساكر البطائحي، وأبو الحسين عبد الحق، وأبو بكر النقور، ولشيخ عبد القادر الجيلي، وأبو الحسين عبد الحق اليوسفي، وأبو منصور محمدبن أحمد الدقاق، ويحيى بن برش، وخلق سواهم. قال السمعاني: شيخ صالح، ثقة، دين، منحري في الرواية، كثير السماع. انتشرت عنه الرواية في البلدان، وحمل عنه الكثير. وقال السلفي: تربى أبو طالب على طريقة والده في الاحتياط التام في الدين من غير تكلف وكان كامل الفضل، حسن الجملة، ثقة، متحرياً إلى غاية ما عليها مويد. قل من رأيت مثله. وكان والده أبو بكر أوهد خلق الله. وقال محمد بن عطاف: توفي في آخر يوم الجمعة، وقيل ليلة السبت، ثامن عشر ذي الحجة، رضي الله عنه.

(35/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 402
علي بن أحمد بن حرب. أبو طالب السميرمي. وزير السلطان محمد. وسميرم: قرية من قرى إصبهان. كان مجاهداً بالظلم والفسق، بنى ببغداد داراً فظلم الناس، أخرب محلة التوثة، ونقل آلتها، فاستغاث أهلها، فحبسهم وغرمهم.) وهو الذي أعاد المكوس بعد أربع عشرة سنة. وكان يقول: قد فرشت حصيراً في جهنم، وقد استححيت من كثرة الظلم. قال هذا في الليلة التي قتل في صبيحتها. ركب في موكب عظيم وحوله السيوف المسللة، فمر بمضيق، فظهر رجل من دكة فضربه، فجاءت في البغلة، فهرب، فتبعه الأعوان والغلمان، وبقي منفرداً، فوثب عليه آخر فضربه في خاصرته، وجذب هرماه، ثم ضربه عدة جراحات ثم ذبحه. وقتل ذلك الرجل فوق الوزير، وقتل إثنان من أصحاب الوزير، وقتل ثلاثة كانوا من قاتله يقاتلون الغلمان فقتلوا. وذلك في سلخ صفر.

(35/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 403
علي بن محمد بن الحسين. أبو الحسن المداري، أخو أحم، وأبي السعود. بغدادي من باب المراتب. كان محتشماً متمولاً. سمع: أبا الحسين بن ألبنوسي، وأبا الحسن المكي. وعنه: أبو المعمر الأنصاري. مات في ذي الحجة عمر بن الأستاذ أبي بكر محمد بن الحسن الخراساني. المعروف بالحامدي الزاهد الصوفي، والأستاذ أبو عبد الرحمن. ذكره عبد الغافر فقال: من وجوه أصحاب أبي عبد الله الإمام في علم القراءآت وسمع صحيح مسلم من: أبي الحسين عبد الغافر. وسمع من: مر بن مسرور. وحدث. توفي في ثامن عشر ربيع الأول. حرف الميم محمد بن أحمد بن أبي عمر المظهر بن أبي نزار محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن بجير.

(35/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 404
الرئيس أبو عدنان الربعي الإصبهاني.) من أولاد المحدثين. ولد سنة أربع وثلاثين وأربعمائة. وسمع المعجم الصغير من ابن ريذة. ورى عنه: يحيى الثقفي، وأبو موسى وقال: توفي في ربيع الأول. وأجاز للسمعاني، وقال فيه: شيخ سديد، صالح، وهو والد شيخنا عبد المغيث، وعبد الجليل. وسمع من: جده المطهر، وجعفر بن محمد بن جعفر، وأبي القاسم عبد الرحمن بن محمد الذكواني. يروي كتاب الرهان للأسلمي، عن الذكواني، عن أبى عثمان، عن الشعراني، عنه، وكتاب معرفة شيوخ شعبة، ألفه أبو داود الطيالسي، بسماعه من الذكواني، عن أبي الشيخ، وكتاب العيد لأبي الشيخ، وألطعمة لابن أبي عاصم، والسنة ليعقوب الفسوي، المحنة جمع صالح بن أحمد وعدة تواليف ذكرها السمعاني. محمد بن عبد الله. أبو الوفاء الطوسي، المعروف بالمقدسي. شيخ الحرم في وقته. رأى الكبار وخدمهم. وكان سيدي الطريقة، مرضي الأمر. جاور مدة طويلة. وسمع من: هياج بن عبيد. وببغدادي من: أبي بكر الطريثيثي.

(35/404)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 405
وتوفي في حدود سنة ست عشرة، رحمه الله. محمد بن عبد الواحد بن محمد. الحافظ أبو عبد الله الدقاق، ألإصبهاني. قال: عرفت بين المحدثين بالدقاق بصديقي أبي علي الدقاق. فإنهم سألوني في وقت سماعي: بأي شيء تكتب تعريف سماعك فقلت: بالدقاق. وولدت بمحلة جرواءآن سنة بضع وثلاثين وأربعمائة، سمعت سنة سبع وأربعة م أبي المظفر الباطرقاني المقريء. وسمعت سنة من أصحاب أبي بكر بن المقريء، سمعت من أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد) الرازي المقريء قدم علينا، ومن سعيد بن أبي سعيد العيار. وأول من سمعت منه: السديد الأوحد، أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن مندة. وألو رحلتي في سنة ست وستين وأربعمائة. وأول ما أمليت الحديث بسرخس في سنة أربع وسبعين، فسمع مني: الإمام أبو عبد الله العميري، وأبو عروبة عبد الهادي الصاري، وأبو الفتح عبد الرزاق بن حسان المنيعي، وجماعة من شيوخي.

(35/405)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 406
وكان أبي من أهل البيوتات، لم يكن من المحتشمين، كان من أوساط المسلمين من أهل القرآن، معبراً، يرجع إلى قليل من العلم، سمع من أبي سعيد النقاش، وغيره. ثم إنه ذكر البلدان التي دخلها لسماع الحديث، فذكر نيسابور، وطوس، وسرخس، وهراة، ومرو، وبلخ، وجرجان، وبخاري، وسمرقند، وكرمان، إلى أن ذكر أكثر من مائة وعشرين موضعاً، ما بين مدينة إلى قرية. ولم يصل إلى العراق، ولا حج، مع كثرة ترحاله وتغربه. وقال: فأما المشايخ الدين كتبت عنهم بإصبهان، فأكثر من ألف شيخ إن شاء الله، وأما من كتبت عنهم في الرحلة، فأكثر من ألف أخرى، لأني سمعت بنيسابور، وهراة من نحو ستمائة شيخ. وكان الدقاق صالحاً، محدثاً، سنياً، أثرياً، قانعاً باليسير، فقيراً متقالاً. روى عنه: أبو طاهر السلفي، وخليل بن أبي الرجاء الراراني، وأبو سعد محمد بن عبد الواحد الصائغ. أخبرنا أبو علي الخلال ا، أم الفضل الأسدية أخبرتهم، عن عبد الرحيم بن أبي الوفاء الحاجي قال: توفي الشيخ الحافظ أبو عبد الله الدقاق ليلة الجمعة، وقت السحر، السادس من شوال، سنة ست عشرة. محمد بن علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء. أبو عبد الله ابن الفقيه أبي القاسم المصيصي، ثم الدمشقي المعدل. سمع: أباه، وأبا القاسم السميساطي، وأبا القاسم الحنائي، وعبد الدائم الدلال، وأبا بكر الخطيب، وجماعة. وكان ثقة صحيح السماع.

(35/406)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 407
روى عنه: أبو طاهر السلفي، وأبو القاسم بن عساكر، وعبد الرزاق التجار. وتوفي في رمضان، وله إحدى وسبعون سنة.) محمد بن علي بن منصور بن عبد الملك. أبو منصور القرائي، قيده ابن نقطة بضم القاف، وألف ساكنه، القراء القزويني، اللغوي، نزيل بغداد. أو ولد بها. قرأ القرآن على: أبي بكر بن موسى الخياط. وأقرأ عنه. وسمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا إسحاق البرمكي، وأبا الطيب الطبري، وأبا الحسن الماوردي. روى عنه: الصائن ابن عساكر، وجماعة آخرهم يحيى بن بوش. ومولده تقديراً في سنة أربع وثلاثين، وتوفي في شوال. والقرآء من أجداده. المعلا بن عبد العزيز. أبو محمد المرغيناني الحنفي.

(35/407)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 408
حج في أواخر عمره، وسكن بغداد يدرس بها ويفتي ويناظر. أملى عن: والده، ومحمد بن أبي سهل السرخس، وأبي المعالي محمد ابن محمد بن زيد الحسيني الحافظ. روى عن: الحسين بن خسرو، وعلي بن أبي سعد الخباز. مات في رمضان رحمه الله عن اثنتين وسبعين سنة. حرف الهاء هشام بن محمد ب سعيد. القدوة، أبو علي المغربي الطليطلي الزاهد، نزيل بغداد. من كبار المشايخ. له كلام في الحقيقة. ونظر في الزهد. حكى عنه جماعة. ذكره ابن النجار.
4 (حرف الياء)
يحيى بن محمد بن أبي نعيم. أبو نعيم الأبيوردي، شيخ الصوفيه بأبي ورد. حج سبع حجج، وكان من سادة القوم.) توفي رحمه الله ورضي عنه في صفر.

(35/408)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 409
4 (وفيات سنة سبع عشرة وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم. أبو سعد ابن الطيوري، الصيرفي، الكتبي، المقريء، المجود. البغدادي. أخو المبارك. شيخ صالح مكثر، اعتنى به أخوه، وسمعه وستجاز له. سمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا محمد الخلال، وأبا الطيب الطبري، وأبا طالب العشاري، وأبا محمد الجوهري، وآخرين. وأجاز له محمد بن علي الصوري الحافظ، وأبو علي الأهوازي المقريء. وكان دلالاً في الكتب، صدوقاً. روى عنه: السفلي، والحسين بن عبد الملك الخلال، والصائن ابن عساكر، وذاكر بن كامل، وجماعة آخرهم وفاة يحيى بن برش. وكان مولده في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة. وتوفي في رجب.

(35/409)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 410
قال ابن النجار: قرأ بالروايات على: أبي بكر محمد بن علي الخياط، وأبي علي بن البنا. وأجاز له: الحسن بن محمد الخلال، وعبد العزيز الأزجي أيضاً. أحمد بن هبة الله بن محمد بن أحمد بن حسنون. أبو نصر النرسي. من أهل باب المراتب. سمع: جدة أبا الحسين. وقيل إنه تغير بآخرة واختلط. توفي في ربيع الأول. وقد شهد عند أبي الحسن علي بن الدامغاني. وكان متديناً، حسن الطريقة. روى عنه: ابن ناصر، ويحيى بن بوش، أبو طاهر بن سلفة وقال: ذكر لي أبو منصور بن) النقور قال: قلما قمت من الليل إلا وسعمت قراءة أبي نصر بن النرسي في الصلاة. إبراهيم بن محمد بن خيرة. أبو إسحاق القونكي، نزيل قرطبة. روى بقونكة عن القاضي محمد بن خلف بن السقاط صحيح البخاري. وأكثر بقرطبة عن: أبي علي الغساني، وحازم بن محمد.

(35/410)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 411
وكان حافظاً للحديث، وهو من شيوخنا. قاله ابن بشكوال. وتوفي في شوال. إبراهيم بن محمد. أبو إسحاق الأنصاري. القرطبي الضرير. جود القرآن على أبي عبد الله المغامي. وسمع من: جماهر بن عبد الرحمن. وأقرأ الناس القراءآت. وكان ثقة صالحاً منقبضاً، مقبلاً على شأنه. توفي في شعبان. إسماعيل بن نصر بن بكر بن أحمد بن الحسين بن مهران. المقريء النيسابوري. سمع: أبا عثمان الصابوني، وأبا القاسم القشيري. أجاز لأبي سعد السمعاني. مات في صفر وكان من أولاد الأئمة.
4 (حرف الحاء)
حمزة بن العباس بن علي بن الحسن بن علي. الشريف أبو محمد العلوي الحسيني الإصبهاني الصوفي. توفي في سادس عشر جمادى الأولى.

(35/411)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 412
قال أبو موسى: سمع أبا طاهر بن عبد الرحيم الكاتب، وغير واحد بإصبهان.) وعنه: أبو موسى، وأبو سعد محمد بن عبد الواحد الصائغ، وأبو ظاهر السلفي، ومحمد بن عبد الخالق بن أبي سكر الجوهري، وجماعة سواهم، آخرهم موتاً عفيفة الفارقانية. وروى عنه بالإجازى أبو سعد السمعاني، وقال: مات سنة ست عشرة. وطول ترجمته بتسمية مسموعاته. وقال: كان شيخ الصوفية ومقدمهم، ويعرف ببرطلة. سيد، حسن السيرة، حميد الأمور، ورع عفيف. رحل الناس إليه. سمع: أبا أحمد محمد بن علي بن سمويه المكفوف، وابن ريذة، والحسين بن عبد الله بن فنجويه، وعلي بن القاسم الخياط، وابن النعمان القصاص، وأبا طاهر بن عبد الرحيم. وأجاز له: أبو الحسن بن صخر الأزدي من مكة، وأبو سعد عبد الرحمن بن أحمد الصفار. ومن مسموعاته: فوائد أبي علي بن فنجويه، خمسون جزءاً سمعها منه وكتاب التوحيد لعلي بن أحمد البوسنجي، رواه عن علي بن القاسم، عن أبي بكر الطاهري، عن محمد بن حامد الموصلي، عنه وكتاب الهادي للحافظ ابن مندة. وكان مولده في حدود سنة ثلاثين وأربعمائة.

(35/412)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 413
4 (حرف العين)
عبد الصمد بن أبي الفوارس أحمد بن الفضل. أبو نهشل العنبري الإصبهاني. من بني العنبر. ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة. وسمع: أبا بكر بن ريذة. وله أجازة من ابن فاذشاه، وعاينت أصل سماعه بالزهد لأسد من ابن فاذشاه سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. روى عنه: أبو موسى المديني، وأبو جعفر الطرسوسي، وجماعة. توفي في ذي الحجة. وروى عنه أيضاً: عبد الرحيم بن محمد بن حمويه الإصبهاني، ومسعود بن أبي منصور الجمال، ومسعود بن محمود بن خلف العجلي، وعبد الواحد بن أبي المطهر الصيدلاني.) وأجاز لأبي سعد السمعاني، وقال: كان معمراً مكثراً ن ووالده أبو الفوراس كانن من فضلاء الأدباء. وكان عبد الصمد من غلاة العبد رحمانية. سمع هارون بن محمد بن أحمد، وابن فإذا، وابن ريذة، وأبا بكر بن شاذان الأعرج. فمن مسموعاته: المعجم الكبير والمعجم الصغير للطبراين، رواهما عن ابن ريذة وكتاب فضائل القرآن لعبد الرزاق، رواه عن هارون، عن الطبراني، عن الديري، عنه وكتاب المواعظ لأبي عبيد وبر الوالدين لأبي الشيخ وفضائل القرآن لإسماعيل بن عمر البجلي، رواه عن أبي القاسم بن مهران، عن عبد العزيز بن محمد السعدي، عن محمد بن علي بن

(35/413)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 414
مخلد، عنه والموطأ، رواه عن أبي القاسم بن مهران، عن المعري، عن علي بن عبد الله بن عبان المكي القزاز، عن أبي مصف، عن مالك رحمه الله تعالى. عبد المنعم بن حفاظ بن أحمد بن خلف. أبو البركات بن البقلي، الأنصاري، الدمشقي. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء وبمصر: أبا الحسن الخلعي وبمكة: هياج بن عبيد. ووزر لصاحب حمص، ثم غضب عليه وكحله فأعماه. سمع منه جماعة. عبيد الله بن أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن الإصبهاني. الحداد، أبو نعيم الحافظ. رحل في الحديث، وعني بجمعه، ونسخ الكثير بخطه المليح. وكان يكرم الغرباء ويفيدهم، ويقرأ لهم، ويهبهم الأجزاء، وينسخ لهم، مع الدين والتقوى والبكاء والخشية والفضيلة التامة. جمع أطراف الصحيحين، وانتشرت عنه، واستحسنها كل من رآها. وانتقى على الشيوخ. سمع: أبا عمرو بن مندة، وسليمان بن إبراهيم، وأبا طاهر أحمد بن محمد النقاش، وحمد بن ولكيز. ورحل بعيد الثمانين، فسمع بنيسابور: أبا المظفر موسى بن عمران، وأبا بكر بن خلف.

(35/414)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 415
وبهراة: أبا عبيد الله العميري، وأبا سهل نجيب بن ميمون، وأبا الأزدي.) وببغداد: أبا الغنائم بن أبي عثمان، وابن طلحة النعالي، وجماعة. قال محمد بن عبد الواحد الدقاق: بإصبهان صديق لي هو ابن نعيم بن الحداد، أحد العلماء في فنون كثيرة، بلغ مبلغ الإمامة بلا مدافعة. وله عندي أياد كثيرة سفراً وحضراً. وجمع ما لم يجمعه أحد من أقرانه، وحصل ما لم يحصله أحد من إخوانه، من الكتب الكثيرة، والسماعات الغزيرة النفيسة. صدوق في جمعه وكتبه، أمين في قراءته، بارك الله فيه وفي عمره. قال السمعاني: سألت الحسين بن الحداد عن وفاة أخيه فقال: ي جمادى الأولى ثم كتب إلي معمر إنها في ربيع الأول. قلت: هذا غلط، فإن أبا موسى الحافظ روى عنه قال: توفي يوم الإثنين السادس والعشرين من جمادى الأولى. وكان مولده في سنة ثلاث وستين وأربعمائة. وقال أبو مسعود الحلبي: مات يوم الثلاثاء وقت الظهر السابع والعشرين من جمادى الأولى. قلت: كأنه ورخ ساعة دفنه، وورخ أبو موسى موته. وآخر من روى عنه بالإجازة عفيفة الفارقانية. علي بن محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد بن النقور. أبو الحسن البغدادي. شيخ صالح. سمع جده وحدث. توفي رحمه الله في ربيع الأول. علي بن منكدر بن محمد بن محمد.

(35/415)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 416
السيد أبو الحسن العلوي الحسيني الفارسي، الأمير الشاعر المفلق. توفي فجأة في شوال. ذكره عبد الغفر الفارسي. عيسى بن إسماعيل بن عيسى بن إسماعيل بن محمد. أبو زيد العلوي الحسيني الصوفي الأبهري. شيخ عارف نبيل، كثير الأسفار. له حال عجيب في السماع، وفيه كيس وظرف.) سمع في الكهولة من: فاطمة بنت أبي علي الدقاق، ومحمد بن علي العميري الهروي، ورزق الله التميمي، ومكي الرملي، وخلق. روى عنه: شهردار بن شيرويه، ومحمد بن أبي بكر السنجي، وجماعة. توفي في شوال بنيسابور.
4 (حرف الميم)
محمد بن أحمد بن عمر بن الطبر. أبو غالب البغدادي الحريري. روى عن: أبي الحسن ابن زوج الحرة، وأبي الطيب الطبري، وأبي طالب العشاري. توفي في صفر. وهو أخو هبة الله بن الطبر. محمد بن حيدر.

(35/416)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 417
أبو طاهر البغدادي، الشاعر المشهور. شاعر محسن، سائر القول. توفي في رجب. ومن شعره يقول:
(بنفسي التي عاد عود الأراك .......... عن ثغرها وهو للطيب عود)

(ولكن علا قدره في النفوس .......... من أن يحكم فيه الوقود)
محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد. أبو منصور بن أبي ياسر البراداني الخريمي. من بيت الحديث والفضيلة. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الغنائم بن المأمون. وعنه: علي بن أبي سعد الخباز، وأبو المعمر الأنصاري. وتوفي في أول العام وله نيف وستون سنة. محمد بن عثمان بن أبي بكر بن نصر. الإمام بكر السمرقندي الدباس أمير الحاج.) حج بأهل سمرقند مرات. وتوفي بسرخس.

(35/417)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 418
روى عنه: أبي الحسين بن النقور. وعنه: عمر بن محمد النسفي. مرشد بن يحيى بن القاسم. أبو صادق المديني، ثم المصري. سمع: أبا الحسن علي بن حمصة الحراني، وعلي بن ربيعة، علي بن محمد الفارسي، وأبا الحسن محمد بن الحسين الطفال، وداجن، والحيمي، وجماعة. وأجاز له علي بن منبر بن أحمد الخلال، والقاضي أبو الحسن بن جعفر، وغيرهما. قال السلفي: كان ثقة، صحيح الأصول، أكثرها بخط ابن بقا وبقراءته. روى عنه السلفي، ومحمد بن علي بن محمد الرحبي، وعسير بن علي المزارع، وإسماعيل بن قاسم الزيات، وعلي بن هبة الله الكاملي، وعبد الله بن بري النحوي، وأبو القاسم هبة الله بن علي البوصيري، وجماعة. توفي في ذي القعدة. موسى بن عبد الرحمن بن خلف بن موسى بن أبي تليد. أبو عمران الشاطبي. من بيت الرواية فإن جدهن الأعلى أبا تليد رحل وسمع من النسائي، وحدث بالسنن بالأندلس سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، وابنه موسى سمع من قاسم بن أصبغ وجماعة، حفيده خلف بن موسى سمع من عبد الوارث بن سفيان، وروى عنه ولده عبد الرحمن. وولد موسى سنة أربع وأربعين. وسمع كثيراً من أبي عمر بن عبد البر، وسماعه بخطو الثقات.

(35/418)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 419
روى عنه: ابن الدباغ وأثنى عليه، وقال: سمع كتاب الإستذكار، وكتاب التقصي. وحج، وسمع عيسى بن أبي ذر الهروي. وحدث. روى عنه جماعة: أبو عبد الله بن زرتون، وغيره.
4 (حرف الياء)
) يحيى بن عامر بن علي. أبو الحسين المقدسي الرملي، خطيب الأغربة بدمشق. سمع بالقدس: أبا عثمان محمد بن أحمد بن ورقاء وبدمشق: أبا القاسم بن أبي العلاء. توفي في رمضان وله سبع وستون سنة. أجاز للحافظ ابن عساكر.

(35/419)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 420
4 (وفيات سنة ثمان عشرة وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن محمد بن الفضل بن عبد الخالق. أبو الفضل بن الخازن الدينوري الأصل، والبغدادي. الكاتب الشاعر، صاحب الخط الفائق. وهو والد أبي الفتح نصر الله الكاتب المشهور أيضاً الذي توج بخطه مقامات الحريري كثيراً. ومن شعر أبي الفضل وقد دعاه صديق له إلى بستان وفيه حمام، فدخله وتغسل:
(وافيت منزله فلم أر حاجباً .......... إلا تلقاني بسن ضاحك)

(والبشر في وجه الغلام أمارة .......... لمقدمات حياء وجه المالك)

(ودخلت جنته وزرت جحيمه .......... فشكرت رضواناً ورأفة مالك)

(35/420)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 421
وله:
(من لي بأسمر حجبوه بمثله .......... في لونه والقد والعسلان)

(من رامه فليدرع صبراً على .......... طرف السنان وطرفه الوسنان)

(راح الصبا تثنيه لا ريح الصبا .......... سكران ولي من حبه سكران)
توفي في صفر سنة ثمان عشرة، وله سبع وأربعون سنة. وذكره ابن الجوزي في المنتظم في سنة اثنتي عشرة. وذكره ابنه وغيره سنة ثمان عشرة، وهو الصحيح. وقد ذكره العماد في الخريدة، وقال: ما بعد خط أبي الفوارس بن الخازن مثل خطه في الحسن. وكلاهما يقال له ابن الخازن، وقد تناسبا خطاً وفضلاً. فهو أبو الفضل وابن الفضل كنيته، ونسباً، وأدباً وحسباً. وكان ظريفاً، لبيباً، أديباً، أربياً، كاتباً حاسباً.) مر أبو الفوارس سنة. أحمد بن أبي الفتوح محمد بن أحمد بن علي. أبو العباس الخراساني الواعظ. حدث بإصبهان عن الحسن بن عبد الرحمن المكي الشافعي. وعنه: أبو موسى الحافظ. وسمع أيضاً من: سعيد بن أبي سعيد العيار، وعبد لوهاب بن مندة. وحج خمس حجج، وجاور، ووعظ ببغداد، ونفق عليهم لعذوبة منطقه ولزهده وورعه.

(35/421)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 422
قال معمر بن الفاخر: بن عند أحمد بن أبي الفتوح ابن الهراساني، ففرغ الدهن من السراج، فقال: أدنوا مني السراج. فأدنيته، فأصلح الفتيلة وقال: لا تقربوا منه. فكان يضيء إلى أن فرغت من مسخ جزءي جملة، ثم نمنا وهو يزهر. إسحاق بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن نوح. الخطيب أبو إبراهيم النسفي النوحي، الفقيه. أملي بسمرقند. وسمع منه أمم. روى عن محمد بن عبد الرحيم المقريء، ناقلة محمد بن علي الترمذي، روى كتاب تنبيه الغافلين عن مصنفه أبي الليث السمرقندي. وكان محمد هذا معمراً. قال أبو سعد السمعاني: عاش أزيد من مائة وعشر سنين. وروى النوحي عن: علي بن الحسين السعدي، وعلي بن الحسن بن مكي النسفي، وعمر بن أحمد بن شاهين السمرقند، والفقيه أحمد بن عبد العزيز بن أحمد الحلواني، وأبي مسعود أحمد بن محمد البجلي، وجماعة. وتوفي في جمادى الأولى. وكان من كبار الفقهاء أصحاب الرأي، وعاش خمساً وثمانين سنة. روى عنه: عمر بن الحسن الدرعي، وإبراهيم بن يعقوب الواعظ، ومحمد بن محمد بن السعدي المعلم، ومحمد بن يوسف النجانيكثي، وأسعد بن إبراهيم القطواني، ومحمد بن أحمد بن فارس الهاشمي، ومحمود بن علي النسفي، وعلي بن عبد الخالق السكري، وخلق من مشيخة عبد الرحيم بن السمعاني.)

(35/422)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 423
إسماعيل بن علي بن سعل المسيبي. شيخ الصوفية. سمع: أبا عثمان الصابوني، والقشيري. أجاز لأبي سعد السمعاني، وأرخه في معجمه. أسعد بن نصر. المهراني النيسابوري المقريء. سمع: أبا محمد عبد الله بن يوسف الجويني، وعبد الغافر الفارسي، والكنجروذي. أجاز للسعماني. مات في جمادى الأولى.
4 (حرف الحاء)
حمزة بن أبي علي محمد بن طاهر بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الملقب بطباطبا ابن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. الشريف أبو الفضل الإصبهاني العلوي. توفي يوم الجمعة سلخ السنة. من شيوخ أبي موسى.

(35/423)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 424
4 (حرف الدال)
داود الملك الكرجي. ملك الأبخاز الذي افتتح تفليس. مات في هذه السنة وهو على كفره.
4 (حرف العين)
عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن الهيثم. أبو طاهر الإصبهاني الذهبي الصباغ، المعروف بالدشتج وبالدشتي. آخر من حدث عن أبي نعيم الحافظ. توفي في ربيع الأول في ثاني عشر. روى عنه: أبو موسى المديني، وأحمد بن أبي الفضل الكراني، وعفيفة الفارقانية، وجماعة.) وعفيفة آخر من سمع منه. وروى عنه حضوراً: أبو جعفر، وعبد الواحد بن القاسم الصيدلانيات. وهو أيضاً آخر من حدث عن عبد الرحمن بن أحمد بن عمر الصفار. وسمع من: ابن ريذة، وأبي الوفاء مهدي بن محمد، وعبيد الله بن المعتز النبسابوري. سمع منه أيضاً حضوراً يحيى الثقفي.

(35/424)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 425
عثمان بن عبد الرحيم بن محمد. أبو عمرة الكبيكي النبيسابوري. حدث في هذا العام بإصبهان عن: عمر بن مسرور. روى عنه: أبو موسى المديني، وأبو إبراهيم أحمد بن القاسم الحسيني. سكن في أيام الشدة الثغر وكان شافعياً، فتمذهب لمالك. وكان كثير السماعات. ولد سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. وأدرك ابن الفارسي، والطفال. وسمع من: أبي زكريا البخاري، ونصر الشيرازي. وانتقيت من أصوله التي ارتاب فيه أكثر من مائة جزء، ووقفت فيها على لا أرتضيه. وخلف كتباً كثيرة. مات في شعبان. علي بن أحمد بن عبيد الله بن أبي الفتح. أبو الحسن بن المعبر. شيخ بغدادي من أولاد الشيوخ. شمع: ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، أبا محمد الصريفيني. وعنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طاهر السلفي، وأحمد بن محمد الزناتي. توفي في ربيع الأول. علي بن أبي سعد هاشم بن طاهر بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الشريف طباطبا.) العلوي أبو الحسين الإصبهاني، صاحب ابن ريذة.

(35/425)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 426
توفي في ذي الحجة قبل ابن عمه المذكور بعدة أيام، وله ست وتسعون سنة. وعنه: أبو موسى.
4 (حرف الفاء)
الفضل بن محمد بن أحمد بن أبي منصور. أبو القاسم الأبيوردي العطار. أحد شيوخ نيسابور. كان صالحاً عفيفاً، حسن السيرة، عابداً، جاور بمكة مدة. وسمع: فضل الله بن أبي الخير الميهني، وأبا عثمان الصابوني، وأبا القاسم القشيري. وروى عنه: عمر الفرغولي، وإبراهيم بن سهل المسجدي، ويوسف بن شعيب وجماعة. وأجاز لأبي سعد السمعاني، وهو الذي ترجمه وقال: توفي في سادس صفر بنيسابور. وقال عبد الغافر: شيخ مشهور، معمر، نيف على المائة. وكان كثير العبادة، مشتغلاً بنفسه. سمع الكثيرين، مثل: أبي الحسين عبد الغافر، وابن مسرور. وسمى جماعة، ثم قال: وسمع معجم البغوي من أبي نصر الإسفرائيني، رحل إليه إلى إسفراين.

(35/426)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 427
وعاش حتى قريء عليه الكثير. وقد سمع سنن الدارقطني عالياً، وانقطع إسناده بموته. رواه عن النواقاني، عنه. رواه عنه أبو سعد الصفار. وقال السمعاني: لقد عمر حتى أناف على المائة، وكان كثير العابدة. سمع محمد بن عبد العزيز النيلي، وعدة. روى لي عنه جماعة كثيرة، رحمه الله تعالى.
4 (حرف الكاف)
كامل بن ثابت. أبو تمام الصوري الفرضي. ولد سنة إحدى وثلاثين.) وسع بصور: أبا بكر الخطيب، وغيره. وبمصر: أبا الحسن الخلعي. روى عنه: السلفي، وقال: كامل كان كاملاً في فنون العلم، منها الفرائض، وله حلقة بمصر لإقراء الفرائض. وكان فريد عصره. قال لي: ألفت في الفرائض تصانيف، وولدت بعكا سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وأنا أدري الفرائض والحساب من ستين سنة. قرأت الفرائض على أبي عبد الله الوني، وعلى أبي الحسن الجهرمي. قال السلفي بعد أن روى عنه حديثاً وشيئاً من نظمه: توفي سنة ثمان عشرة، أبو سنة تسع عشرة بمصر.

(35/427)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 428
4 (حرف الميم)
محمد بن عبد العزيز بن أبي الخير بن علي. أبو عبد الله الأنصاري السرقسطي القرطبي. روى عن: أبي الوليد الباجي واختص به، وأبي العباس العذري، ومحمد بن سعدون القروي، وأبي داود المقريء. وقرأ القراءآت على أبي عبد الله المغامي فأحكمها. وكان عارفاً بالأصول والفروع، كامل المروءة، كثير البر. وقد أخذ عنه: أبو علي الغساني، والقاضي أبو عبد الله بن الحاج. قال ابن بشكوال: قرأت عليه كثيراً من روايته، وصحبته إلى أن توفي في رجب، وصلى عليه أخوه أبو جعفر. محمد بن نصر بن منصور. القاضي أبو سعد الهروي الحنفي. قدم دمشق ووعظ بها، ثم توجه إلى بغداد فولي قضاء الشام، وعاد قاضياً فأقام مدة، ثم رجع إلى العراق.

(35/428)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 429
وقد ولي القضاء في مدن كثيرة بالعجم. وكان في صباه يؤدب الصبيان، ثم ترقت حاله وبلغ ما بلغ. وكان من دهاة العالم. قتلته الباطنية لعنهم الله بجامع همذان في هذه السنة.) وله شعر رائق، فمنه يقول:
(البحر أنت سماحة وفضلاً .......... فالدر ينثر بين يديك وفيكا)

(والبدر أنت صباحة وملاحة .......... والخير مجموع لديك وفيكا)
وكان بفرد عين، ويلقب بزين الإسلام. وترسل من الديوان العزيز إلى الملوك، وبعد صيته وعظيمت رتبته. قال ابن النجار: ولي القضاء ببغداد سنة اثنتين وخمسمائة للمستظهر بالله على حريم دار لخلافة وما يليه من النواحي والأقطار، وديار مضر، وربيعة، وغير ذلك. وخوطب بأقصى القضاء زين الإسلام. واستناب في القضاء أبا سعد المبارك بن علي المخرمي الحنبلي بباب المراتب وباب الأزج، والحسن بن محمد الأسراباذي الحنفي باب النوبي، وأبا الفتح عبد الله بن البصاوي بسوق الثلاثاء. ثم عزل في شوال سنة أربع وخمسمائة، واتصل بخدمة السلاطين السلجوقي إلى أن قتل. وقد حدث بأحاديث مظلمة، رواها عنه الحسين بن محمد البلخي. وللغزي يهجوه:
(واهاً لإسلام غدا .......... والأعور الهروي زينه)

(أيزين الإسلام من .......... عميت بصيرته وعينه)
محمد بن وهب بن محمد بن وهب. أبو عبد الله بن نوح الغافقي الأندلسي. أحد الفقهاء.

(35/429)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 430
كان إماماً مشاوراً معظماً، ترعاه السلاطين. ونزل بلنسية، وولي قضاء سقر، وبها مات في صفر. حدث عنه: ابنه أيوب.

(35/430)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 431
4 (وفيات سنة تسع عشرة وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن عبد الملك بن موسى بن المظفر. القاضي أبو نصر الأشروسني، المعروف بكال.) من علماء ما وراء النهر. ولد سن ثلاث وثلاثين وأربعمائة. وحدث عن العلامة محمود بن حسن القاضي، فسمع منه المصنف. وفاته في ربيع الأول. أحمد بن محمد ب أحمد بن إبراهيم. أبو لبقاء البغدادي الملحي، المقريء، المؤدب. قرأ بالروايات على: أبي بكر محمد بن علي بن موسى الخياط، وأبي الخطاب ابن الجراح. وسمع من: أبي بكر الخطيب، وأبي محمد الصريفيني. روى عنه: المبارك بن كامل، وغيره. توفي في جمادى الأولى. وما علم أحداً قرأ عليه.

(35/431)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 432
4 (حرف الحاء)
الحسن بن الحسين ألب رسلان. الحافظ، الإمام أبو علي. روى عن: إسحاق بن أبي منصور. روى عنه: عمر النسفي في كتاب القند، وقال: توفي في تاسع عشر ربيع الآخر، وهو ابن مائة سنة وتسع وثلاثين سنة. وخرجت الحيات من المقبرة التي دفن بسمرقند.
4 (حرف العين)
علي بن إبرهيم بن عمر. أبو الحسن الناتلي، الحلبي، التاجر بنيسابور. سمع من: موسى بن عمران، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وأبي بكر بن خلف. وكان يفهم ويعرف. سمع منه ابن ناصر. وحدث عنه: أبو محمد بن الخشاب، ويحيى بن بوش. وكان مولده بحلب، وعاش سبعين سنة. علي بن الحسين بن عمر.) أبو الحسن بن الفراء الموصلي، ثم المصري. روى عنه: السلفي، وقال: من ثقات الرواة، وأكثر شيوخنا بمصر سماعاً. ومن شيوخه: عبد لعزيز بن الضراب أخذ عنه المجالسة، وعبد الباقي بن

(35/432)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 433
فارس، وأبو زكريا عبد الرحيم البخاري، وابن المحاملي، وأبو إبراهيم أحمد بن لقاسم بن ميمون العلوي، ومحمد بن مكي الأزدي، وكريمة المروزية بمكة، وابن الفراء بالقدس. وأصول أصول أهل الصدق. وقد انتخبت من أجزائه مائة جزء. وقال لي: ولدت في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة في أول يوم منها. وتوفي في ربيع الآخر. روى عنه: أبو القاسم البوصيري وبالإجازة أبو عبد الله الأرتاحي. علي بن القاسم بن محمد. أبو الحسن التميمي، المغربي، القسنطيني، والأشعري، المتكلم. سمع بدمشق البخاري من الفقيه نصر المقدسي. وأخذ الكلام عن أبي عبد الله محمد بن عتيق القيرواني. ورحل إلى العراق. وله تصنيف سماه تنزيه الإلهية وكشف فضائح المشبهة المشوية، خرج فيه عن قشوره. قال ابن عساكر: وكان يذكر عنه أنه يعمل الكيميا الفضة. توفي بدمشق. علي بن أبي القاسم محمود بن محمد. النصراباذي النيسابوري أبو الحسن، المتفنن في العلوم. أنفق عمره وماله على العلم.

(35/433)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 434
وحدث عن: أبي صالح المؤدب، وجماعة. وكان مكثراً بمرة. توفي في نصف شعبان. وسمع أيضاً من: علي بن محمد الدينوري نزيل غزنة، وأبي الحسن الواحدي، وطائفة. أجاز للسمعاني.
4 (حرف الميم)
) المأمون. أبو عبد الله بن البطائحي، وزير الديار المصرية. ولي الممالك بعد قتل الأفضل أمير الجيوش سنة ست عشرة. وكان أبوه من جواسيس أمير الجيوش بالعراق، فمات ولم يخلف شيئاً، وربي محمد هذا يتيماً، فاتصل بإنسان يعرف البنات بمصر، ثم صار حمالاً بالسوق، فدخل مع الحمالين إل دار الأفضل شاباً ضعيفاً، حلو الحركات، فأعجبه، فسأل عنه، فقيل: هو ابن فلان. فاستخدمه مع الفراشين. ثم تقدم عنده، وترقت حاله. وكان آخر أمره انه عمل على قتل الأفضل، وولي منصبه.

(35/434)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 435
وكان كريماً، شهماً، مقدماً ن سفاكاً للدماء. وفي الآخر راسل أخا الآمر بذلك، فأمسكه، ثم صلبه. محمد بن عبد الله بن حسين. أبو عبد الله بن حسن الكلبي المالقي، قاضي مالقة وابن قاضيها. وكان فصيحاً بليغاً، ماضي الأحكام. وولي قضاء مالقة. وابن قاضيها. وكان فصيحاً بليغاً، ماضي الأحكام. وولي قضاء مالقة. محمد بن عبد الرحمن بن موسى بن عياض. أبو عبد الله المخزومي الشاطبي المقريء المنتيشي، من قرية المنتيشة. أخذ القراءآت عن: أبي داود، وابن الدش، وابن شفيع، وأبي القاسم بن النحاس، ومنصور بن لخير، وجماعة. وسمع من: ابن سكرة، وجماعة. وتصدر للإقراء بشاطبة، فأخذ عنه الناس. وكان إماماً في التفسير، مقدماً في البلاغة، مشاركاً في أشياء. وكان يفسر كل جمعة. روى عنه أبو عبد الله المكناسي.) وتوفي وهو كهل. محمد بن واجب بن عمر بن واجب. أبو الحسن القيسي البلنسي، قاضي بلنسية. روى عن: أبي العباس الذري وأكثر عنه.

(35/435)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 436
وعن: أبي الوليد الباجي، وأبي الليث السمرقندي. قال ابن بشكوال: كتب إلينا بمروياته، وكان محبباً إل أهل بلده، رفيقاً بهم، عفيفاً. توفي في ذي الحجة، وله اثنان وسبعون سنة. منصور بن علي. روى عنه العثماني بالإسكندرية. ورخه ابن المفضل.

(35/436)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 437
4 (وفيات سنة عشرين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
أحمد بن علي بن غزلون. أبو جعفر الأموي الأندلسي. روى عن: أبي الوليد الباجي. قال ابن بشكوال: وهو معدود في كبار أصحابه وكان من أهل الحفظ والمعرفة والذكاء. أخذ عنه أصحابنا، وتوفي بالعدوة في نحو العشرين وخمسمائة. وقيل: توفي سنة أربع وعشرين، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين. أحمد بن محمد بن أحمد بن عيسى بن منظور. أبو القاسم القيسي الإشبيلي، قاضي إشبيلية. روى عن: أبيه، وابن عم أبيه أبي عبد الله محمد بن أحمد. واستقضى ببلده مدة طويلة. أخذ عنه ابن بشكوال. وعاش أربعاً وثمانين سنة. والصواب في جدهم محمد بدل عيسى، حرره ابن رشيد.) إسحاق بن عمر بن عبد العزيز.

(35/437)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 438
أبو القاسم النيسابوري الشجاعي الجميلي، الشاعر المشهور الشروطي. كان كثير الفنون، شاعراً مفلقاً، مجوداً في فنون الشعر، كثير القول. سمع: عمر بن مسرور، وعبد الغافر بن محمد الفارسي، وأبا عثمان الصابوني، والطبقة. وكان يختم أماليه بأشعاره الرائقة، وحسنت سريرته وتوبته في آخر أيامه. وكان ذا تجمل وحشمة. توفي في جمادى الآخرة، وعاش ثمانين سنة. روى عنه: أبو سعد السعماني بالإجازة. إسماعيل بن أحمد بن محمد بن مكرم. أبو القاسم الصيدلاني النيسابوري لعطار. كان والده أبو حامد محدث عصره. ولد أبوالقاسم سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. وسمع: عبد الغافر، والفارسي، وابن مسور، وعبد الله بن يوسف الجويني. أجاز للسمعاني.

(35/438)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 439
4 (حرف الباء)
بهرام بن بهرام بن فارس. أبو شجاع البغدادي البيع. أحد الرؤساء والمتمولين. ولد في المحرم سنة ثلاثين وأربعمائة. وسمع: أبا القاسم التنوخي، وأبا محمد الجوهري، وغيرهما. قال ابن السمعاني: صلح أمره فيآخره عمره، وحسنت طريقته، وكان له معروف كثير وصدقة جارية. قال أبو الفرج: كان سماعه صحيحاً. وكان كريماً بنى مدرسة للحنابلة بلواذا ودفن فيها. ووقف قطعة من أملاكه على الفقهاء. وتوفي في سادس عشر محرم.)
4 (حرف الجيم)
جابر بن عبد الله بن محمد بن علي بن مت. الأنصاري، شيخ هراة، أبو عطية ابن شيخ الإسلام أبي إسماعيل. كان زاهداً صلفاً، تام المروءة، ذا خيبة وجلالة. ولد سنة، وسمع الكثير من أصحاب عبد الرحمن بن أبي شريح، وغيرهم. وكان قليل العلم. وكان يعظ ويزدحمون عليه.

(35/439)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 440
سمع: أبا عمر المليحي، محلم بن إسماعيل الضبي، ومحمد بن عبد العزيز الفارسي. روى عنه طائفة. ومات في غرة ذي القعدة.
4 (حرف الطاء)
طرخان بن محمود الشيباني. أحد الأمراء الكبار بدمشق، وصاحب المدرسة التي بجيرون. توفي في رجب.
4 (حرف العين)
عبد الله بن طاهر بن محمد بن كاكو. أبو محمد الصوري، الواعظ، المعروف بالقاضي ابن زينة. واعظ الأعزية. قال ابن عساكر: كان كثير التطفيل. ذكر لي أنه سمع بمصر من أبي عبد الله القضاعي، وأنه تفقه ببغداد على أبي إسحاق الشيرازي، وأنه ولد سنة نيف وثلاثين وأربعمائة. اجتمعت به غير مرة.

(35/440)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 441
عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن. أبو القاسم الإصبهاني الصفار. أخو أبي على الدقاق الحافظ. روى عن: إبراهيم سبط بحرويه. وعنه: أبو موسى.) وتوفي في رمضان. عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن. أبو محمد الجيزباران. ذكره عبد الغافر فقال: شيخ معروف من أبناء المياسير وذوي النعم. سمع الكثير من: أبي حفص بن مسرور، وأبي عثمان الصابوني، أبي الحسين عبد الغافر، والكنجروذي، وأبي عثمان البحيري، وأبي بكر البيهقي، والمتأخرين. توفي سنة عشرين.

(35/441)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 442
وذكر السمعاني فيمن أجاز له، وقال فيه: التميمي البيع الجيزباراني المعروف بالجيزباران. مات في ربيع الأول. سمعت من ولده محمد الكثير، وأما والده فعاش مائة وخمس سنين. عبد العظيم بن سعيد اليحصبي. الداني، المقريء أبو محمد. روى عن: أبي سخل المقريء، وأبي الوليد الباجي، وأبي الحسن ابن الخشاب، وأبي القاسم الطليطلي. وأقرأ الناس بدانية. وتوفي في نحو العشرين وخمسمائة. علي بن محمد بن دري. أبو الحسن الطليطلي الغرناطي، خطيب غرناطة. روى عن: أبي عبد الله المغامي، وأبي الوليد الوقشي، وأبي المطرف ابن سلمة، وجماعة. وكان مقرئاً، فاضلاً، ضابطاً، عارفاً. أخذ الناس عنه. وتوفي رحمه الله في رمضان. عمر بن محمود بن غلاب. أبو حفص الإفريقي الباجي، باجة إفريقية، لا باجة الأندلس. توفي في صفر، وله ست وثمانون سنة.

(35/442)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 443
قال السلفي: علقت عنه حكايات عن شيوخه الذين صحبهم، كعبد الحق ابن محمد السبتي، وعبد الجليل بن مخلوف.)
4 (حرف الفاء)
فضل الله بن عمر بن أحمد بن محمد. أبو طاهر المعروف بليلى النسوي. سمع بدمشق: أبا القاسم الحسين بن محمد. وبصور: أبا بكر الخطيب. وبالقدس: عبد العزيز بن أحمد النصيبي. روى عنه: أبو سعد السعماني، وقال: كان شيخاً معمراً مشهوراً، سمع منه الكبار في مجلس نظام الملك مثل جدي أبي المظفر السمعاني، ووالدي، وعمي. وتوفي في رمضان ودفن برباط بمرو، وله تسعون سنة.
4 (حرف الميم)
محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد. أبي الوليد القرطبي المالكي، قاضي الجماعة بقرطبة. روى عن: أبي جعفر أحمد بن رزق الفقيه شيخه وعن: أبي علي الغساني.

(35/443)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 444
وأجاز له أبو العباس العذري. قال ابن بشكوال: وكان فقيهاً عاملماً، حافظاً للفقه، مقدماً فيه عل جميع أهل عصره، عارفاً بالفتوى على مذهب مالك وأصحابه، بصيراً بأقوالهم، نافذاً في علم الفرائض ولأصول، من أهل الرئاسة في العلم والبراعة في الفهم، مع الدين والفضل والوقار والحلم، والسمت الحسن والهدي الصالح. ومن تصانيفه: كتاب لمقدسات لأوائل كتب المدونة، وكتاب البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل، واختصار المبسوطة، واختصار مشكل الآثار للطحاوي، إلى غير ذلك. سمعنا عليه بعضها، وأجاز لنا سائرها. وسار في القضاء بأحسن سيرة وأقوم طريقة، ثم استعفى منه فأعفى. ونشر كتبه وتواليفه، وكان الناس يعولون عليه ويلجؤون إليه. وكان حسن الخلق، سهل اللقاء، كثير النفع لخاصته، وجميل العشرة لهم، حافظاً لعهدهم، باراً بهم.) توفي في حادي عشر ذي القعدة. وصلى عليه ابنه أبو القاسم، وعاش سبعين سنة. قلت: روى عنه: أبو الوليد ابن الدباغ فقال: كان أفقه أهل الأندلس في وقته، وقد صنف شرحاً للعتيبة، وبلغ فيه الغاية. قلت: وهو جد ابن رشد الفيلسوف.

(35/444)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 445
محمد بم خلف بن سليمان بن فتحون. أبو بكر الأندلسي الأوريولي الحافظ. روى عن: أبيه، وأبي الحسن طاهر بن مفوز. وأكثر عن: أبي علي بن سكرة، وغيره. وكان معتنباً بالحديث، عارفاً بالرجال، وله استدراك على ابن عبد البر في كتاب الصحابة في سفرين، وكتاب، آخر في أوهام الصحابة المذكور، وأصلح أيضاً أوهام معجم ابن قانع في جزء. وأجاز لابن بشكوال من مرسية. محمد بن الربيع. أبو سعد الهروي الجيلي. يروي صحيح البخاري عن: أبي عمر المليحي. ويروي جامع الترمذي عن جماعة. توفي في حدود العشرين. محمد بن عبد الخالق بن محمد. القاضي أبو المؤيد ابن القاضي أبي بكر. ولي قضاء سمرقند، ثم قضاء كس أكثر من ثلاثين سنة. وكان من خيار الحنفية. مات أبوه في سنة ثمانين وأربعمائة، وكان أبوه مستملي شمس الأئمة الحلواني بكس.

(35/445)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 446
مسعود بن الحسين. أبو المعالي الكشاني السمرقندي. نقله الخاقان من بخاري إلى سمرقند للتدريس بالمدرسة الخاقانية وولاه خطابة سمرقند، فبقي) على ذلك مدة. وتوفي في ربيع الأول، وله ثلاث وسبعون سنة. تفقه عليه غير واحد.

(35/446)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 447
1 (ومن هذه الطبقة ممن لا أعرف وفاته)

4 (حرف الألف)
أحمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أحمد بن سلمويه. أبو العباس النبيسابوري الصوفي، من أولاد المشايخ. مرة أبوه سنة ثمان وسبعين. وهو: شيخ صالح، سمع من: عبد الغافر الفارسي، وابن مسرور، وغيرهما. سمع منه: أبو سعد السمعاني حضوراً، وذكره في الأنساب في السلموني، وقال: توفي سنة عشرة وخمسمائة. أسعد بن أحمد بن أبي روح. القاضي العالم أبو الفضل الطرابلسي. رأس الشيعة بالشام، وتلميذ القاضي ابن البراج.

(35/447)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 448
جلس بعد ابن البراج بطرابلس لتدريس الرفض، وصنف التصانيف. وولاه ابن عمار قضاء طرابلس بعد ابن البراج. وله كتاب عيون الأدلة في معرفة الله، وكتاب التبصرة في خلاف الشافعي للإمامية، وكتاب البيان عن حقيقة الإنسان، وكتاب المقتبس في الخلاف بيننا وبين مالك بن أنس، وكتاب التبيان في الخلاف بيننا وبين النعمان، مسألة تحريم الفقاع، كتاب الفرائض، كتاب المناسك، كتاب البراهين، وأشياء أخرى ذكرها ابن أبي طيء في تاريخه، وأنه انتقل من طرابلس إلى صيدا، وأقام بها، وكان مرجع الإمامية بها إليه. فلم يزل بها إلى أن ملكت الفرنج صيدا. قال ابن أبي طيء. فأظنه قتل بصيدا عندما ملكت الفرنج البلاد. ورأيت من يقول إنه انتقل إلى دمشق. قال: وذكره ابن عساكر فقال: كان جليل القدر، يرجع إليه أهل عقيدته. قال: وكان عظيم الصلاة والتجهد، لا ينام إلا بعض الليل. وكان صمته أكثر من كلامه.)

(35/448)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 449
قلت: لم أره في تاريخ ابن عساكر. وحكى أبو اللطف الداراني، قال: ما استيقظت من الليل قط إلا وسمعت حسه بالصلاة. وبالغ في وصفه، وحكى له كرامة. وحكى الراشدي تلميذه قال: جمع ابن عمار بين أبي الفضل وبين مالكي مناظرة في تحريم الفقاع، وكان الشيخ جريئاً قصيحاً، فنطق بالحجة ووضح دليله، فانزعج المالكي وقال: كلني كلني. فقال: ما أنا على مذهبك. أراد أن مذهبه جواز أكل الكلب. وقال له ابن عمار يوماً: ما الدليل على حدث القآن قال: النسخ، والقديم لا يتبدل ولا يدخله زيادة ولا نقص. وقال له آخر: ما الدليل على أنا مخيرون في أفعالنا قال بعثه الرسل. وقال له أبو الشكر ب عمار: ما الدليل على المتعة قال: قول عمر: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا أنهى عنهما. فقبلنا روايته، ولم نقبل قوله في النهي. قلت: هلا قبلت رواية إمامك علي بن أبي طالب رضي الله عنه في النهي عن متعة النساء.

(35/449)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 450
4 (حرف العين)
علي بن عبد الله بن محمد بن الهيصم.

(35/450)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 451
الإمام أبو الحسن النيسابوري، أحد الوجوه. من أئمة أصحاب أبي عبد الله، البارع في الفنون. سمع الحديث في صباه، وسمع صحيح مسلم من: أبي الحسين عبد الغافر. وسمع من أبيه. وله أولاد نجباء. عيسى بن شعيب بن إبراهيم. أبو عبد الله السجري، شيخ صالح، خير. سكن هراة وولد سنة بها أبو الوقت.) سمع: علي بن بشري الليثي. قال أبو سعد السعماني: أجاز لي مسموعاته، ومات سنة نيف عشرة وخمسمائة. قلت مر سنة اثنتي عشرة.
4 (حرف الميم)
محمد بن أحمد بن الحسين. أبو منصور الرزاز الخلال. ويعرف بالرفاء. أخو أبي ثعلب. شيخ بغدادي عالي الإسناد. حدث في سنة عشرة. وكان ذا دين وصلاح وتلاوة. ولد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة في صفر.

(35/451)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 452
وسمع من: الحافظ أبي محمد الخلال، وأبي طالب العشاري، والجوهري. روى عنه: المبارك بن أحمد الأنصاري، وصالح ب زرعان التاجر، ويحيى بن بوش. ذكره ابن النجار. محمد بن عبد الجبار بن محمد بن الحسن. أبو سعد الجويمي الفارسي، المقريء الشيرازي. أحد من عني بالقراءآت، ورحل إلى الآفاق فيها. وصنف فيها التصانيف. قرا على: أبي القاسم هبة الله بن علي بن عراك المغربي التاجر، تلميذ أبي عمرو الداني، وأبي علي الأهوازي. وقرأ بالأهواز على: أبي بكر محمد بن عبد الكريم الفرغاني. وببغداد على: أبي الخطاب بن الجراح، وابن سوار. وسمع من: طراد، وجماعة. وسكن بغداد. قرأ عليه: المبارك بن كامل الخفاف، وهبة الله بن بدران العجان في سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وروى عنه: معمر بن الفاخر. محمد بن عبد الملك بن محمد.) أبو بكر الأشناني، المؤدب، الأديب، المعروف بالباقلاني. وأسنان من قرى بلد الخالص. سكن بباب الأزج يؤدب. روى عنه من شعره: من وجهر بن تركانشاه، وأبو نصر الرسولي، وأبو

(35/452)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 453
المعمر المبارك الأنصاري. قال أبوالمعمر: أنشدنا لنفسه:
(قل للمليحة في الخمار المذهب .......... ذهب الزمان وحبكم لم يذهب)

(وجمعت بين المذهبين فلم يكن .......... للحسن عن ذهبيهما من مذهب)

(نور الخمار ونور وجهك نزهة .......... عجباً لخدك. كيف لم يتلهب)

(وإذا رنت عيني لتسرق نظرة .......... قال الجمال لها: اذهبي لا تذهب)
أبو عدنان. محمد بن أبي نزار. المؤمل بن الجنيد بن محمد. أبو الفتوح الإسفرائيني، الصوفي. شيخ الصوفية. قال عبد: يختم في اليوم والليلة ويتجهد لصلاة الليل، ويقوم بحقوق الصوفية. سمع من: سعيد بن أبي سعيد العيار. وتوفي قبل العشرين وخمسمائة.
4 (حرف الهاء)
هبة الله بن علي بن العقاد. أبو الحسن العجلي، المؤدب. من فضلاء بغداد. روى عن: أبي طالب بن غيلان. قال ابن السمعاني: كان أدبياً لسناً، له بلا بلاغة وفصاحة وفيه دين وعفة. سمع بإفادة أبيه. نبا عنه: أبو المعمر الأزجي، ومحمد بن علي بن عبد السلار الكاتب.)

(35/453)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 454
4 (حرف الياء.)
يحيى بن علي بن عبد اللطيف. أبو لحسن التنوخي المعري، الأديب. ذكر انه سمع من أبي صالح محمد بن المهذب بالمعرة، وروى أناشيد عن عبد الباقي بن أبي حصين المعري، وغيره. كتب عنه: السلفي، وقال: هو حفظه للتواريخ وأخبار العرب والملوك، وأشعار لقدماء والمحدثين. قال لي قاضي دمشق أبو المعالي: هذا تاريخ الشام. قال السلفي: وكان يتحرى الصدق، ويذكر بالصلاح. وقال السلفي: أنشدنا يحيى بن علي قال: حفظني أبي هذين البيتين، ثم أمر غلامنا، فحملني إلى أبي لعلاء المعري، فقرأتهما عليه، وهما:
(إلى الله أشكو أنني كل ليلة .......... إذا نمت لم أعدم طوارق أوهام)

(فإن كان شراً فهو لا بد واقع .......... وإن كان خيراً فهو أضغاث أحلام)
يوسف بن أحمد بن عبد الله. أبو يعقوب اللجامي الغزنوي، الواعظ الشهير. سار ذكره في الآفاق، وتخرج به العلماء. وله رحلة إل العراق وغيرها. وعمر حتى صار يحمل في محفة. ذكره السمعاني هكذا فيمن أجاز له، وقال: سمع: أبا بكر بن ريذة الضبي، وخاله محمد ب أحمد بن حمدان الحدادي، ويوسف بن إسرائيل القاضي، وأبا محمد سعيد بن إسحاق المفسر، وأبا عثمان العيار، وعلي بن نصر الدينوري اللبان، وأبا جعفر محمد بن إسحاق البحاثي الزوزني.

(35/454)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والثلاثون الصفحة 455
توفي بغزنة في السنة التي توفي فيها القاضي الفخر. كذا قال، ولم أعرف وفاة الفخر.

(35/455)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 5
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الثالثة والخمسون حوادث)

1 (الحوادث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى وعشرين وخمسمائة)

4 (حرب الخليفة والسلطان في بغداد)
قد ذكرنا أن أهل بغداد كانوا بالجانب الغربي، وعسكر محمود في الجانب الشرقي، وتراموا بالنشاب. ثم إن جماعة من عسكر محمود حاولوا الدخول إلى دار الخلافة من باب النوبي، فمنعتهم الخاتون، فجاءوا إلى باب الغربة في رابع المحرم، ومعهم جمع من الساسة والرعاع، فأخذوا مطارق الحدادين، وكسروا باب الغربة، ودخلوا إلى التاج فنهبوا دار الخلافة من ناحية الشط، فخرج الجواري حاسرات تلطمن، ودخلن دار خاتون وضج الخلق، فبلغ الخليفة، فخرج من السرداق، وابن صدقة بين يديه، وقدموا السفن دفعةً واحدة، ودخل عسكر الخليفة، وألبسوا الملاحين السلاح، وكشفوا عنهم. ورمى العيارون أنفسهم في الماء وعبروا. وصاح المسترشد بالله بنفسه، يا آل بني هاشم. فصدق الناس معه القتال، وعسكر السلطان مشغولون بالنهب، فلما رأوا عسكر الخليفة ذلوا وولوا الأدبار، ووقع فيهم السيف، واختفوا في السراديب، فدخل وراءهم البغداديون وأسروا جماعة من الأمراء ونهب العامة دور، وقتلوا أصحاب السلطان، ودار وزيره، ودار العزيز أبي نصر المستوفي، وأبي البركات الطيب وأخذ من داره ودائع وغيرها بما قيمته ثلاثمائة ألف. وقتل من أصحاب السلطان عدةٌ وافرةٌ في الدروب والمضائق.

(36/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 6
ثم عبر الخليفة إلى داره في سابع المحرم بالجيش، وهم ثلاثين ألف مقاتل بالعوام وأهل البر، وحفروا بالليل خنادق عند أبواب الدروب، ورتب على أبواب المحال من يحفظها. وبقي القتال أياماً إلى يوم عاشوراء، انقطع القتال، وترددت الرسل، ومال الخليفة إلى الصلح والتحالف، فأذعن السلطان وأحب ذلك، وراجع الطاعة، واطمأن الناس، وطمت الخنادق. ودخل أصحاب السلطان يقولون: لنا ثلاثة أيام ما أكلنا خبزاً، ولولا الصلح لمتنا جوعاً.) فكانوا يسلقون القمح ويأكلونه. فما رؤي سلطانٌ حاصر فكان هو المحاصر، إلا هذا. وظهر منه حلم وافر عن العوام.
4 (إرسال الخلع إلى ابن طراد)
وبعث الخليفة مع علي بن طراد إلى سنجر خلعاً وسيفين، وطوقاً ولواءين، ويأمره بإبعاد دبيس من حضرته.
4 (مقتل وزير سنجر)
وجاء الخبر بأن سنجر قتل من الباطنية إثني عشر ألفاً، فقتلوا وزيره المعين، لأنه كان يحرض عليهم وعلى استئصالهم. فتجمل رجل منهم، وخدم سائساً لبغال المعين، فلما وجد الفرصة وثب عليه وهو مطمئن فقتله، وقتل بعده، وكان هذا الوزير ذا دين ومروءة، وحسن سيرة.

(36/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 7
4 (مرض السلطان محمود)
ومرض السلطان محمود في الميدان، وغشي عليه، ووقع من فرسه، واشتد مرضه. ثم تماثل فركب، ثم انتكس، وأرجف بموته ثم خلع عليه وهو مريض، وأشار عليه الطبيب بالرواح من بغداد، فرحل يطلب همذان، وفوض شحنكية بغداد إلى عماد الدين زنكي.
4 (القبض على المستوفي والوزير)
وبعد أيام جاء الخبر من همذان بأن السلطان قبض على العزيز المستوفي وصادره وحبسه، وعلى الوزير فصادره فحبسه وكان السبب أن الوزير تكلم على العزيز، وأن برتقش الزكوي تكلم على الوزير.
4 (وزارة أنوشروان)
ثم بعث السلطان إلى أنوشروان بن خالد الملقب بشرف الدين، فاستوزره، فلم يكن له ما يتجهز به حتى بعث له الوزير جلال الدين من عند الخليفة الخيم والخيل، فرحل إلى إصبهان في أول رمضان في السنة. أقام في الوزارة عشر أشهر، واستعفى وعاد إلى بغداد.
4 (تفويض بهروز ببغداد والحلة)
) وفي رمضان وصل مجاهد الدين بهروز إلى بغداد، وقد فوض إليه السلطان بغداد والحلة.

(36/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 8
4 (تفويض زنكي الموصل)
وفوض إلى زنكي الموصل، فسار إليها.
4 (وفاة مسعود بن آقسنقر)
ومات عز الدين مسعود بن آقسنقر البرسقي في هذه السنة. وكان قد وصل إلى الموصل بعد قتل والده، واتفق موته بالرحبة، فإنه سار إليها. وكان بطلاً شجاعاً، عالي الهمة. رد إليه السلطان جميع إقطاع والده، وطمع في التغلب على الشام، فسار بعساكره، فبدأ بالرحبة، فحاصرها، ومرض مرضاً حاداً، فتسلم القلعة، ومات بعد ساعة، وبقي مطروحاً على بساط، وتفرق جيشه، ونهب بعضهم بعضاً، فأراد غلمانه أن يقيموا ولده، فأشار الوزير أنوشروان بالأتابك زنكي لحاجة الناس إلى من يقوم بإزاء الفرنج، لعنهم الله.
4 (سؤال الإسفرائيني عن حديث)
وفيها سئل أبو الفتح الإسفرائيني في مجلسه ببغداد عن الحديث: لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات. فقال: لم يصح.
4 (خبر الإسفرائيني)
أبو الفتح الإسفرائيني، رضوان الله عليه من كبار أهل السنة ومن ذوي الكرامات الظاهرة. وما نسب إليه من الإستخفاف بالقرآن كذب وزور هو وغيره

(36/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 9
من الأشاعرة يصرحون بتكفير من استخف بالمصاحف وشيخنا الذهبي غير عادته بهم، وأذن برأيهم، والحديث في الصحيح. وقال يوماً على المنبر: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصبحت فقال: أعمى بين العميان، ضالاً بين الضالين. فاستحضره الوزير، فأقر، وأخذ يتأول تأولات فاسدة، فقال الوزير للفقهاء: ما تقولون فقال ابن سلمان مدرس النظامية: لو قال هذا الشافعي ما قبلنا منه، ويجب على هذا أن يجدد إيمانه وتوبته. فمنع من الجلوس بعد أن استقر أنه يجلس، ويشد الزنار، ثم يقطعه ويتوب، ثم يرحل.) فنصره قوم من الأكابر يميلون إلى اعتقاده، وكان أشعرياً. فأعادوه إلى الجلوس، وكان يتكلم بما يسقط حرمة المصحف من قلوب العوام، فافتتن به خلق، وزادت الفتن ببغداد. وتعرض أصحابه بمسجد ابن جردة فرجموه، ورجم معهم أبو الفتوح. وكان إذا ركب يلبس الحديد ومعه السيوف مسللة، ثم اجتاز بسوق الثلاثاء، فرجم ورميت عليه الميتات، ومع هذا يقول: ليس هذا الذي نتلوه كلام الله، إنما هو عبارة ومجاز. ولما مات ابن فاعوس انقلبت بغداد، وغلقت الأسواق، وكان عوام الحنابلة يصيحون على عادتهم: هذا يوم سني حنبلي لا أشعري ولا قشيري ويصرخون بأبي الفتوح هذا. فمنعه المسترشد بالله من الجلوس، وأمره أن يخرج من بغداد. وكان ابن صدقة يميل إلى السنة، فنصرهم. ثم ظهر عند إنسان كراس قد اشتراها، فيها مكتوب القرآن، وقد كتب بين الأسطر بالأحمار أشعار على وزن أواخر الآيات. ففتش على كاتبها، فإذا هو مؤدب، فكبس بيته، فإذا هو كراريس كذلك، فحمل إلى الديوان، وسئل عن ذلك، فأقر، وكان من أصحاب أبي الفتوح، فنودي عليه حمار، وشهر، وهمت العامة بإحراقه. ثم أذن لأبي الفتوح، فجلس.

(36/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 10
4 (ظهور الشيخ عبد القادر الحنبلي)
وظهر في هذه الأيام الشيخ عبد القادر الحنبلي، فجلي في الحلبة، فتشبث به أهل السنة، وانتصروا بحسن اعتقاد الناس به.
4 (وقعة مرج الصفر)
قال ابن الأثير: كانت وقعة مرج الصفر بين المسلمين، أنهم التقوا في أواخر ذي الحجة، واشتد القتال، فسقط طغتكين، فظن الجند أنه قتل فانهزموا إلى دمشق، وركب فرسه ولحقهم، فساقت الفرنج وراءهم، وبقية رجالة التركمان قد عجزوا عن الهزيمة، فحملوا على رجالة الفرنج، فقتلوا عامتهم، ونهبوا عسكر الفرنج وخيامهم، ثم عادوا سالمين غانمين إلى دمشق. ولما ردت خيالة الفرنج من وراء طغتكين، رأوا رجالتهم صرعى، وأموالهم قد راحت، فتموا) منهزمين. قال: وهذا من الغريب أن طائفتين تنهزمان.

(36/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 11
4 (وفيات سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة)

4 (وفاة ابن صدقة)
فيها توفي ابن صدقة الوزير، وناب في الوزارة علي بن طرد.
4 (مصالحة السلطان محمود وسنجر)
وفيها ذهب السلطان محمود إلى السلطان سنجر، فأصلحا بعد خشونة، ثم سلم سنجر إلى دبيساً وقال: تعزل زنكي ابن آقسنقر عن الموصل والشام. وتسلم البلاد إلى دبيس، وتسأل الخليفة أن يرضى عنه. فأخذه ورحل. وقال أبو الحسن الزاغوني: تقدم إلى نقيب النقباء ليخرج إلى سنجر، فرفع إلى الخزانة ثلاثين ألف دينار، وتقدم إلى شيخ الشيوخ ليخرج، فرفع إلى الخزانة خمس عشر ألف دينار ليعفى.
4 (الطموح للوزارة)
وتطاول للوزارة عز الدين بن المطلب، ابن الأنباري، وناصح الدولة ابن المسلمة، وأحمد بن نظام الملك، فمنعوا من الكلام في ذلك.

(36/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 12
4 (ملك زنكي حلب)
وفي أول السنة سار عماد الدين زنكي فملك حلب، وعظم شأنه، واتسعت دولته.

(36/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 13
4 (سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة)

4 (الختم على وقف مدرسة أبي حنيفة)
في المحرم دخل السلطان محمود بغداد، وأقام دبيس في بعض الطريق، واجتهد في أن يمكن دبيس فامتنع. وأمر السلطان بالختم على أموال وقف مدرسة أبي حنيفة ومطالبة العمال بالحساب، ووكل بقاضي القضاة الزينبي كذلك. وكان قد قيل للسلطان إن دخل المكان ثمانين ألفاً، ما ينفق عليه عشرة.
4 (وزارة علي بن طراد)
) وفي ربيع الآخرة خلع المسترشد علي أبي القاسم علي بن طراد واستوزره.
4 (إقرار زنكي في مكانه)
وضمن زنكي أن ينفذ السلطان مائة ألف دينار، وخيلاً، وثياباً، على أن يقر في مكانه. واستقر الخليفة على مثل ذلك، على أن لا يولي دبيس شيئاً.

(36/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 14
4 (بيع عقار للخليفة)
وباع الخليفة عقاراً بالحرم، وقريء لذلك، ومازال يصحح.
4 (دخول دبيس بغداد)
ثم إن دبيساً دخل إلى بغداد بعد جلوس الوزير ابن طراد، ودخل دار السلطان، وركب في الميدان ورآه الناس.
4 (تسليم الحلة بهروز)
وجاء زنكي فخدم. وسلمت الحلة والشحنكية إلى بهروز
4 (خطف دبيس ولداً للسلطان)
وكانت بنت سنجر التي عند ابن عمها السلطان محمود قد تسلمت دبيساً من أبيها، فكانت تشد منه وتمانع عنه، فماتت، ومرض السلطان محمود، فأخذ دبيس ولداً صغيراً لمحمود، فلم يعلم به حتى قرب من بغداد، فهرب بهروز من الحلة، فقصدها دبيس ودخلها في رمضان وبعث بهروز عرف السلطان، فطلب قزل والأجهيلي وقال: أنتما ضمنتما دبيساً، فلا أعرفه إلا منكما.
4 (أخذ دبيس الأموال من القرى)
وساق الأجهيلي يطلب العراق، فبعث دبيس إلى المسترشد: إن رضيت عني رددت أضعاف ما نفذ من الأموال. فقال الناس: هذا لا يؤمن. وباتوا تحت السلاح طول رمضان، ودبيس يجمع الأموال، ويأخذ من القرى، حتى قيل إنه

(36/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 15
حصل خمسمائة ألف دينار، وإنه قد دون عشرة آلاف، بعد أن كان قد وصل في ثلاثمائة فارس.
4 (مساومة دبيس للسلطان)
) ثم قدم الأجهيلي بغداد، وقبل يد الخليفة، وقصد الحلة. وجاء السلطان إلى حلوان، فبعث دبيس إلى السلطان رسالة وخمسة وخمسين مهراً عربية، وثلاثة أحمال صناديق ذهب، وذكر أنه قد أعد إن رضي عنه الخليفة ثلاثمائة حصان، ومائتين ألف دينار، وإن لم يرض عنه دخل البرية. فبلغه أن السلطان حنق عليه، فأخذ الصبي وخرج من الحلة، وسار إلى البصرة، وأخذ منها أموالاً كثيرة. وقدم السلطان بغداد، فبعث لحربه قزل في عشرة آلاف فارس، فسار دبيس ودخل البرية.
4 (غدر زنكي بسونج بن بوري)
وفي سنة ثلاث أظهر عماد الدين زنكي بن آقسنقر أنه يريد جهاد الفرنج، وأرسل إلى تاج الملوك بوري يستنجده، فبعث له عسكراً بعد أن أخذ عليه العهد والميثاق، وأمر ولده سونج أن يسير إليه من حماة. ففعل فأكرمهم زنكي، وطمنهم أياماً، وغدر بهم، وقبض على سونج، وعلى أمراء أبيه، ونهب خيامهم، وحبسهم بحلب، وهرب جندهم. ثم سار ليومه إلى حماة، فاستولى عليها، ونازل حمص ومعه صاحبها خرخان فأمسكه، فحاصرها مدة، ولم يقدر عليها ورجع إلى الموصل. ولم يطلق سونج ومن معه حتى اشتراهم تاج الملوك بوري منه بخمسين ألف دينار. ثم لم يتم ذلك. ومقت الناس زنكي على قبيح فعله.

(36/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 16
4 (مقتل ابن الخجندي)
وفيها وثبت الباطنية على عبد اللطيف بن الخجندي رئيس الشافعية بإصبهان، ففتكوا به.
4 (الفتنة في وادي التين)
وأما بهرام، فإنه عتى وتمرد على الله، وحدثته نفسه بقتل برق بن جندل من مقدمي وادي التيم لا لسبب، فخدعه إلى أن وقع في يده فذبحه. وتألم الناس لذلك لشهامته وحسنه وحداثة سنه، ولعنوا من قتله علانية، فحملت الحمية أخاه الضحاك وقومه على الأخذ بثأره، فتجمعوا وتحالفوا على بذل المهج في طلب الثأر.) فعرف بهرام الحال، فقصد بجموعه وادي التيم، وقد استعدوا لحربه، فنهضوا بأجمعهم نهضة الأسود، وبيتوه وبذلوا السيوف في البهرامية، وبهرام في مخيمه، فثار هو وأعوانه إلى السلاح، فأزهقتهم سيوف القوم وخناجرهم وسهامهم، وقطع رأس بهرام لعنه الله.
4 (الإنتقام من الباطنية في وادي التيم)
ثم قام بعده صاحبه إسماعيل العجمي، فجدوا في الإضلال والإستغواء، وعامله الوزير المزدقاني بما كان يعامل به بهراماً، فلم يمهله الله، وأمر الملك بوري بضرب عنقه في سابع عشر رمضان، وأحرق بدنه، وعلق رأسه، وانقلب البلد بالسرور وحمد الله وثارت الأحداث والشطار في الحال بالسيوف والخناجر يقتلون من رأوا من الباطنية وأعوانهم، ومن يتهم بمذهبهم، وتتبعوهم حتى

(36/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 17
أفنوهم، وامتلأت الطرق والأسواق بجيفهم. وكان يوماً مشهوداً أعز الله فيه الإسلام وأهله. وأخذ جماعةٌ أعيانٌ منهم شاذي الخادم تربية أبي طاهر الصائغ الباطني الحلبي، وكان هذا الخادم رأس البلاء، فعوقب عقوبة شفت القلوب، ثم صلب هو وجماعة على السور.
4 (الحذر من الباطنية)
وبقي صاحب دمشق يوسف فيروز، ورئيس دمشق أبو الذواد مفرج بن الحسن بن الصوفي يلبسان الدروع، ويركبان وحولهما العبيد بالسيوف، لأنهما بالغا في استئصال شأفة الباطنية.
4 (تسليم بانياس للفرنج)
ولما سمع إسماعيل الداعي وأعوانه ببانياس ما جرى انخذلوا وذلوا، وسلم إسماعيل إلى الفرنج، وتسلل هو وطائفة إلى البلاد الإفرنجية في الذلة والقلة.
4 (هلاك داعية الباطنية)
ثم مرض إسماعيل بالإسهال، وهلك وفي أوائل سنة أربعٍ وعشرين.
4 (موقعة جسر الخشب)
فلما عرف الفرنج بواقعة الباطنية، وانتقلت إليهم بانياس، قويت نفوسهم،

(36/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 18
وطمعوا في دمشق، وحشدوا وتألبوا، وتجمعوا من الرها، وأنطاكية، وطرابلس، والسواحل، والقدس، ومن البحر، وعليهم كندهر الذي تملك عليهم بعد بغدوين، فكانوا نحواً من ستين ألفاً، ما بين فارسٍ وراجل، فتأهب تاج الملوك بوري، وطلب التركمان والعرب، وأنفق الخزائن.) وأقبل الملاعين قاصدين دمشق، فنزلوا على جسر الخشب والميدان في ذي القعدة من السنة، وبرز عسكر دمشق، وجاءت التركمان والعرب، وعليهم الأمير مرة بن ربيعة وتعبوا كراديسٍ في عدة جهات، فلم يبرز أحد من الفرنج، بل لزموا خيامهم، فأقام الناس أياماً هكذا، ثم وقع المصاف، فحمل المسلمون، وثبت الفرنج، فلم يزل عسكر الإسلام يكر عليهم ويفتك بهم إلى أن فشلوا وخذلوا. ثم ولى كليام مقدم شجعانهم في فريقٍ من الخيالة، ووضع المسلمون فيهم السيف، وغودروا صرعى، وغنم المسلمون غنيمة لا تحد ولا توصف، وهرب جيش الفرنج في الليل، وابتهج الخلق بهذا الفتح المبين. ومنهم من ذكر هذه الملحمة في سنة أربعٍ كما يأتي، وانفرجت الكربة من نصر الله تعالى ما لم يخطر ببال. وأمن الناس، وخرجوا إلى ضياعهم، وتبدلوا بالأمن بعد الخوف.
4 (قتل الباطنية بدمشق)
وفيها قتل من كان يرمى بمذهب الباطنية بدمشق، وكان عددهم ستة آلاف

(36/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 19
4 (قتل الأسداباذي ببغداد)
وكان قد قتل ببغداد من مديدة إبراهيم الأسداباذي، وهرب ابن أخيه بهرام إلى الشام وأضل خلفاءه واستغواهم، ثم إن طغتكين ولاه بانياس، فكانت هذه من سيئات طغتكين، عفا الله عنه.
4 (قتال الباطنية في وادي التيم)
وأقام بهرام له بدمشق خليفة يدعو إلى مذهبه، فكثر بدمشق أتباعه. وملك بهرام عدة حصون من الجبال منها القدموس. وكان بوادي التيم طوائف من الدرزية والنصيرية والمجوس، واسم كبيرهم الضحاك، فسار إليهم بهرام وحاربهم، فكبس الضحاك عسكر بهرام، وقتل طائفة منهم، ورجعوا إلى بانياس بأسوأ حال.
4 (خيانة المزدقاني وقتله)
وكان المزدقاني وزير دمشق يعينهم ويقويهم. وأقام بدمشق أبا الوفاء، فكثر أتباعه وقويت شوكته، وصار حكمه في دمشق مثل حكم طغتكين.) ثم إن المزدقاني راسل الفرنج، لعنهم الله، ليسلم إليهم دمشق، ويسلموا إليه صور. وتواعدوا إلى يوم جمعة، وقرر المزدقاني مع الباطنية أن يحتاطوا ذلك اليوم بأبواب الجامع، لا يمكنون أحداً من الخروج، ليجيء الفرنج ويملك دمشق. فبلغ ذلك تاج الملوك بوري، فطلب المزدقاني وطمنه، وقتله وعلق رأسه على باب القلعة، وبذل السيف في الباطنية، فقتل منهم ستة آلاف. وكان ذلك فتحاً عظيماً في الإسلام في يوم الجمعة نصف رمضان. فخاف الذين ببانياس وذلوا،

(36/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 20
وسلموا بانياس إلى الفرنج، وصاروا معهم، وقاسوا ذلاً وهواناً.
4 (إنكسار الفرنج)
وجاءت الفرنج ونازلت دمشق، فجاء إلى بغداد في النفير عبد الوهاب الواعظ الحنبلي، ومعه جماعة من التجار، وهموا بكسر المنبر، فوعدوا بأن ينفذ إلى السلطان في ذلك. وتناخى عسكر دمشق والعرب والتركمان، فكسبوا الفرنج، وثبت الفريقان، ونصر الله دينه فقتل من الفرنج خلق، وأسر منهم ثلاثمائة، وراحوا بشر خيبة، ولله الحمد.

(36/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 21
4 (سنة أربع وعشرين وخمسمائة)

4 (المطر والحريق بالموصل)
وردت أخبار بأن في جمادى الأولى ارتفع سحاب أمطر بلد الموصل مطراً عظيماً، وأمطر عليهم ناراً أحرقت من البلد مواضع ودوراً كثيرة، وهرب الناس.
4 (كسرة الإفرنج عند دمشق)
وفيها كسرت الإفرنج على دمشق، وقتل منهم نحو عشرة آلاف، ولم يفلت منهم سوى أربعين. وصل الخبر إلى بغداد بذلك، وكانت ملحمة عظيمة.
4 (الملحمة بين ابن تاشفين وابن تومرت)
وفيها كانت ملحمة كبرى بين ابن تاشفين، وبين جيش ابن تومرت، فقتل من الموحدين ثلاثة عشر ألفاً، وقتل قائدهم عبد الله الونشريسي، ثم تحيز عبد المؤمن بباقي الموحدين. وجاء خبر الهزيمة إلى ابن تومرت وهو مريض، ثم مات في آخر السنة.

(36/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 22
4 (غدر زنكي بسونج مرة أخرى)
وفيها راسل زنكي ابن آقسنقر صاحب حلب تاج الملوك بوري يلتمس منه إنفاذ عسكره ليحارب) الفرنج، فتوثق منه بأيمانٍ وعهود، ونفذ إلى زنكي خمسمائة فارس، وأرسل إلى ولده سونج وهو على حماة أن يسير إلى زنكي، فأحسن ملتقاهم وأكرمهم، ثم عمل عليهم، وغدر بهم، وقبض على سونج وجماعة أمراء، ونهب خيامهم، وهرب الباقون.
4 (تملك زنكي حماة)
ثم زحف إلى حماة فتملكها، ثم ساق إلى حمص، وغدر بصاحبها خرخان بن قراجا واعتقله، ونهب أمواله، وتحلف منه أن يسلم حمص، ففعل، فأبى عليه بوابه بها، فحاصرها زنكي مدة، ورجع إلى الموصل ومعه سونج، ثم أطلقه بمالٍ كثير.
4 (مقتل الخليفة الآمر)
وفيها قتل صاحب مصر الخليفة الآمر بأحكام الله.

(36/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 23
4 (إستيلاء سنجر على سمرقند)
وفي سنة أربعٍ قتل أمير سمرقند، فسار السلطان سنجر فاستولى عليها، ونزل محمد خان من قلعتها بالأمان، وهو زوج بنت سنجر، وأقام سنجر بسمرقند مدة.
4 (إنكسار الإفرنج أمام زنكي عند الأثارب)
وأما أهل حلب فكانوا مع الفرنج الذين استولوا على حصن الأثارب في ضرٍ شديد لقربهم منهم. والأثارب على ثلاثة فراسخ من غربي حلب، فجاء عماد الدين زنكي في هذا العام وحاصره، فسارت ملوك الفرنج لنجدته وللكشف عنه، فالتقاهم زنكي، واشتد الحرب، وثبت الفريقان ثباتاً كلياً ثم وقعت الكسرة على الملاعين، ووضع السيف فيهم، وأسر فيهم خلق. وكان يوماً عظيماً. وافتتح زنكي الحصن عنوةً، وجعله دكاً.
4 (محاصرة زنكي حارم)
ثم نزل على حارم، وهي بالقرب من أنطاكية، فحاصرها، وصالحهم على نصف دخلها. ومنها ذلت الفرنج، وعلموا عجزهم عن زنكي، واشتد أزر المسلمين.

(36/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 24
4 (إنهزام صاحب ماردين أمام زنكي)
وعدّى زنكي الفرات، فنازل بعض ديار بكر، فحشد صاحب ماردين لقتاله، ونجده ابن عمه داود بن سقمان من حصن كيفا، وصاحب آمد، حتى صاروا في عشرين ألفاً، فهزمهم زنكي،) وأخذ بعض بلادهم.
4 (خلافة الحافظ بمصر)
وفيها مات الآمر بأحكام الله صاحب مصر، وولي بعده الحافظ.
4 (وفاة زوجة السلطان)
وفيها ماتت زوجة السلطان محمود خاتون بنت السلطان سنجر.
4 (مقتل صاحب أنطاكية)
وفيها قتل بيمند صاحب أنطاكية.
4 (وزارة ابن الصوفي بدمشق)
وفيها وزر بدمشق الرئيس مفرج ابن الصوفي.

(36/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 25
4 (ظهور عقارب طيارة)
وفيها ظهر عقارب طيارة، لها شوكتان، وخاف الناس منها وقد قتلت جماعة أطفال.
4 (ملك السلطان قلعة ألموت)
وفيها ملك السلطان محمود قلعة ألموت.

(36/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 26
4 (ومن سنة خمس وعشرين وخمسمائة)

4 (رواية ابن الأثير عن دبيس)
وقد ساق ابن الأثير قصة دبيس فقال: لما فارق البصرة قصد الشام، لأنه جاءه من طلبه إلى صرخد، وقد مات صاحبها، وغلبت سريته على القلعة، وحدثوها بما جرى على دبيس، فطلبته للتزوج به، وتسلم إليه صرخد بما فيها. فجاء إلى الشام في البرية، فضل ونزل بأناس من كلب بالمرج، فحملوه إلى تاج الملوك، فحبسه، وعرف زنكي صاحب الموصل، فبعث يطلبه من تاج الملوك، على أن يطلق ولده سونج ومن معه من الأمراء، وإن لم يفعل جاء وحاصره بدمشق، وفعل وفعل فأجاب تاج الملوك، وسلم إليه دبيساً، وجاءه ولده والأمراء. وأيقن دبيس بالهلاك للعداوة البليغة التي بينه وبين زنكي، ففعل معه خلاف ما ظن، وبالغ في إكرامه، وغرم عليه أموالاً كثيرة، وفعل معه ما يفعل مع أكابر الملوك. ولما جرى على الباطنية ما ذكرناه عام ثلاثةٍ وعشرين تحرقوا على تاج الملوك، وندبوا لقتله) رجلين، فتوصلا حتى خدما في ركابه، ثم وثبا عليه في جمادى الآخرة سنة خمسٍ، فجرحاه، فلم يصنعا شيئاً، وهبروهما بالسيوف، وخيط جرح بعنقه فبرأ، والآخر بخاصرته، فتنسر، وكان سبباً لهلاكه.

(36/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 27
4 (وفاة الدباس)
وفيها توفي الشيخ حماد الدباس الزاهد ببغداد
4 (عودة زنكي إلى الموصل)
قال ابن واصل: وفي المحرم سنة خمسٍ وعشرين توجه زنكي راجعاً من الشام إلى الموصل.
4 (رد العراق إلى زنكي)
وفي ربيع الآخر من السنة رد السلطان محمود أمر العراق إلى زنكي، مضافاً إلى ما بيده من الشام والجزيرتين.

(36/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 28
4 (سنة خمس وعشرين وخمسمائة)

4 (القبض على دبيس وبيعه)
فمن الحوادث أن دبيساً ضل في البرية، فقبض عليه مخلد بن حسان بن مكتوم الكلبي بأعمال دمشق، وتمزق أصحابه وتقطعوا، فلم يكن له منجى من العرب، فحمل إلى دمشق، فباعه أميرها ابن طغتكين من زنكي بن آقسنقر صاحب الموصل بخمسين ألف دينار. وكان زنكي عدوه، لكنه أكرمه وخوله المال والسلاح، وقدمه على نفسه.
4 (وفاة المسترشد)
وتوفي للمسترشد ابنٌ بالجدري، وعمره إحدى وعشرين.
4 (الحرب بين السلطان داود وعمه مسعود)
وتوفي السلطان محمود، فأقاموا ابنه داود مكانه، وأقيمت له الخطبة ببلاد

(36/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 29
الجبل وأذربيجان، وكثرت الأراجيف. وأراد داود قتل عمه مسعود بقيام عمه سنجر. وكان طغرل يوم المصاف على ميمنة عمه، وكان على المسيرة خوارزم بن أتسز بن محمد، فبأهم قراجا بالحملة، فحمل على القلب بعشرة آلاف، فعطف على حنيتي العشرة آلاف ميمنة سنجر وميسرته، فصار في الوسط، وقاتلوا قتال الموت وأثخن قراجا بالجراحات، ثم أسروه،) فانهزم الملك مسعود، وذلك في ثامن رجب. وقيل: وجاء مسعود مستأنساً إلى السلطان، فأكرمه وأعاده إلى كنجة وصفح عنه.

(36/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 30
4 (سنة ست وعشرين وخمسمائة)

4 (الحرب على السلطنة في بغداد)
فيها سار الملك مسعود بن محمد إلى بغداد في عشرة آلاف فارس، وورد قراجا الساقي معه سلجوق شاه بن محمد أخو مسعود، وكلاهما يطلب السلطنة. وانحدر زنكي من الموصل لينضم إلى مسعود أو سلجوق، فأرجف الناس بمجيء عمهما سنجر، فعملت السور وجنى العقار، وخرجوا جريدة بأجمعهم متوجهين لحرب سنجر، وألزم المسترشد قراجا بالمسير، فكرهه ولم يجد بداً من ذلك، وبعث سنجر يقول: أنا العبد، ومهما أريد مني فعلت. فلم يقبل منه. ثم خرج المسترشد بعد الجماعة، وقطعت خطبة سنجر، فقدم سنجر همذان، فكانت الوقعة قريباً من الدينور.
4 (رواية ابن الجوزي)
قال ابن الجوزي: وكان مع سنجر مائة ألف وستون ألفاً. وكان مع قراجا

(36/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 31
ومسعود ثلاثون ألفاً. وكانت ملحمة كبيرة، أحصي القتلى فكانوا أربعين ألفاً، وقتل قراجا، وأجلس طغرل على سرير الملك، وعاد سنجر إلى بلاده.
4 (هزيمة زنكي ودبيس)
وجاء زنكي ودبيس في سبعة آلاف ليأخذ بغداد، فبلغ المسترشد اختلاط بغداد، وكسرة عسكره، فخرج من السرداق بيده السيف مجذوب، وسكن الأمر. وخاف هو، وعاد من خانقين، وإذا بزنكي ودبيس قد قاربا بغداد من غربيها، فعبر الخليفة إليهم في ألفين، وطلب المهادنة، فاشتطا عليه، فحاربهما بنفسه وعسكره، فانكسرت ميسرته، فكشف الطرحة ولبس البردة، وجذب السيف، وحمل، فحمل العسكر، فانهزم زنكي ودبيس، وقتل من جيشهما مقتلة عظيمة، وطلب زنكي تكريت، ودبيس الفرات منهزمين.)
4 (هلاك بغدوين)
وفيها هلك بغدوين الرويس ملك الفرنج بعكا، وكان شيخاً مسناً، داهية، ووقع في أسر المسلمين غير مرة في الحروب، ويتخلص بمكره وحيله، وتملك بعده القومص كندانحور، فلم يكن له رأس، فاضطربوا واختلفوا ولله الحمد.

(36/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 32
4 (تملك شمس الملوك دمشق)
وتملك دمشق شمس الملوك بعد أبيه تاج الملوك بوري بن طغتكين، فقام بالأمر، وخافته الفرنج، ومهد الأمور، وأبطل بعد المظالم، وفرح الناس بشهامته وفرط شجاعته، واحتملوا ظلمه.
4 (وقعة همذان)
وفيها كانت وقعة بهمذان بين طغرل بن محمد وبين داود بن محمود بن محمد، فانتصر طغرل.
4 (وزارة أنوشروان)
وفيها وزر أنوشروان بن خالد للمسترشد بعد تمنع، واستعفى.
4 (هزيمة دبيس)
وعاد دبيس بعد الهزيمة يلوذ ببلاده، فجمع وحشد. وكانت الحلة وأعمالها في يد إقبال المسترشدي، وأمد بعسكرٍ من بغداد، فهزم دبيس، وحصل دبيس في أجمة فيها ماء وقصب ثلاثة أيام، لا يأكل شيئاً، حتى أخرجه جماس على ظهره وخلصه.

(36/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 33
4 (قدوم الملك داود بغداد)
وقدم الملك داود بن محمد إلى بغداد.
4 (القبض على الوزير شرف الدين)
وفيها قبض الخليفة على الوزير شرف الدين، وأخذ سائر ما في دياره.

(36/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 34
4 (سنة سبع وعشرين وخمسمائة)

4 (الخطبة بالسلطنة لمسعود)
خطب لمسعود بن محمد بالسلطنة ببغداد في صفر، ومن بعده لداود، وخلع عليهما وعلى الأمير آقسنقر الأحمديلي مقدم جيوش السلطان محمود، وهو المقيم داود بعده في الملك.) واستقر مسعود بهمذان.
4 (إنهزام طغرل)
وكانت وقعة انهزم فيها طغرل.
4 (مقتل آقسنقر)
ثم قتل آقسنقر، قتلته الباطنية.

(36/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 35
4 (غارة التركمان على بلاد طرابلس)
وفيها قصد أمير التركمان الجزريين بلاد الشام، فأغاروا على بلاد طرابلس، وصموا وسبوا، فخرج ملك طرابلس بالفرنج، فتقهقر التركماني، ثم كروا عليه فهزموه، وقتلوا في الفرنج فأكثروا وأطنبوا، فالتجأ إلى حصن بعرين، فحاصرته التركمان أياماً. وخرج في الليل هارباً، فجمعت الفرنج لنجدته ملوكهم، ورد فواقع التركمان ونال منهم.
4 (الخلاف بين الفرنج)
وفيها وقع الخلف بين الفرنج بالشام، وتحاربوا وقتل منهم، ولم يجر لهم بذلك سابقة.
4 (وقعة الأمير سوار بالفرنج)
وفيها واقع الأمير سوار نائب زنكي على حلب الفرنج، فقتل من الفرنج نحو الألف، ولله الحمد.

(36/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 36
4 (محاولة اغتيال شمس الملوك)
وفيها وثب على شمس الملوك صاحب دمشق مملوك نجدة، فضربه بسيفٍ لم يغن شيئاً، وقتلوه بعد أن أقر على جماعة وادعى أنه إنما فعل ذلك ليريح المسلمين من ظلمه وعسفه، فقتل معه جماعة.
4 (مقتل سونج)
وقتل شمس الملوك أخاه سونج الذي أسره زنكي، فحزن الناس عليه.
4 (إنهزام دبيس بواسط)
وفيها جمع دبيس جمعاً بواسط، وانضم إليه جماعة من واسط، فنفذ الخليفة لحربه البازدار وإقبال الخادم، فهزموه وأسروا بختيار.
4 (حصار المسترشد الموصل)
وعزم المسترشد على المسير إلى الموصل، فعبرت الكوسات والأعلام إلى الجانب الغربي في) شعبان، ونودي ببغداد: من تخلف من الجند حل دمه. ثم سار أمير المؤمنين في اثني عشر ألف فارس، ونفذ إلى بهروز يقول له: تنزل عن القلعة، وتسلم الأموال، وتدخل تحت الطاعة. فقال: أنا رجل كبير عاجز، ولكن أنفذ الإقامات وتقدمة. ففعل وعفى عنه. ووصل الخليفة الموصل في العشرين من رمضان، فحاصرها ثمانين يوماً، وكان القتال كل يوم. ووصل إليه أبو الهيج الكردي من الجبل في عساكر كثيرة.

(36/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 37
ثم إن زنكي بعث إلى الخليفة: إني أعطيك الأموال، فترحل عنا. فلم يجبه، ثم رحل، فقيل كان سبب رحيله أنه بلغه أن السلطان مسعوداً قد غار وقتل الأحمديلي، وخلع على دبيس.
4 (وعظ ابن الجوزي بجامع المنصور)
وقال ابن الجوزي: وتوفي شيخنا ابن الزاغوني، فأخذ بحلقته بجامع القصر أبو علي بن الراذاني، ولم أعطها لصغري، فحضرت عند الوزير أنوشروان، وأوردت فصلاً في الوعظ، فأذن لي في الجلوس بجامع المنصور، فحضر مجلسي أول يومٍ الكبار من أصحابنا عبد الواحد بن شنيف، وأبو علي ابن القاضي، وابن قسامي، وقوي إشتغالي بفنون العلم. وأخذت عن أبي بكر الدينوري الفقه، وعن ابن الجواليقي اللغة، وتتبعت مشايخ الحديث.
4 (أخذ بانياس من الفرنج)
وفيها أخذ شمس الملوك بانياس من الفرنج بالسيف، وقلعتها بالأمان، فلما نزلوا أسروهم. وقدم شمس الملوك دمشق مؤيداً منصوراً، والأسرى بين يديه ورؤوس القتلى. ورأى الناس ما أقر أعينهم، فلله الحمد. وكان يوماً مشهوداً.

(36/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 38
4 (وفاة صاحب مكة)
وفيها مات صاحب مكة أبو فليتة، وولي بعده أبو القاسم.
4 (حصار مدينة أفراغه بالأندلس)
) وفيها نازل ابن ردمير مدينة أفراغه، فحاصرها وبها ابن مردنش.

(36/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 39
4 (سنة ثمان وعشرين وخمسمائة)

4 (الخلعة لإقبال الخادم)
فيها خلع على إقبال الخادم خلعة الملك، ولقب بسيف الدولة ملك العرب.
4 (مصالحة زنكي)
ووقع الصلح مع زنكي بن آقسنقر، وجاء منه الحمل.
4 (وزارة ابن طراد)
وصرف عن الوزارة أنوشروان، وأعيد أبو القاسم بن طراد. وقبص على بطر الخادم وسجن وأخذت أمواله. وخلع على ابن طراد خلعة الوزارة، وأعطي فرساً برقية، وثلاثة عشر حمل كوسات، وأعلاماً ومهداً.

(36/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 40
4 (الخلعة لابن الأنباري)
وقدم رسول السلطان سنجر، فخلع عليه، وأرسل إلى سنجر مع رسوله ومع ابن الأنباري خلعاً عظيمة الخطر بمائة وعشرين ألف دينار.
4 (محاصرة بهروز)
وبعث الخليفة إلى بهروز الخادم، وهو بالقلعة، يطلب منه حملاً فأبى، فبعث جيشاً لقتاله، فحاصروه.
4 (خدمة السلحدار)
وقدم ألبقش السلحدار التركي طلباً للخدمة مع الخليفة.
4 (إستعراض الخليفة الجيش)
ثم إن الخليفة خلع على الأمراء، وعرض الجيش يوم العيد، ونادى: لا يختلط بالجيش أحد. ومن ركب بغلاً أو حماراً أبيح دمه. وخرج الوزير وصاحب المخزن والقاضي ونقيب النقباء وأركان الدولة في زي لم ير مثله من الخيل والزينة والعسكر والملبس، فكان الجيش خمسة عشر ألف فارس.
4 (توطد الملك لطغرل)
) وعاد طغرل إلى همذان وانضمت إليه عساكر كثيرة، وتوطد له الملك، وانحل أمر أخيه مسعود. وسببه أن الخليفة بعث بخلع إلى خوارزم شاه، فأشار دبيس على طغرل بأخذها، وإظهار أن الخليفة بعثها له. ففعل.

(36/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 41
4 (الخلاف بين الخليفة ومسعود)
وبعث الخليفة يحث مسعوداً على المجيء ليرفع عنه، فدخل إصبهان في زي التركمان، وخاطر إلى أن وصل بغداد في ثلاثين فارساً، فبعث إليه الخليفة تحفاً كثيرة. وعثر على بعض الأمراء أنه يكاتب طغرل، فقبض عليه الخليفة، فهرب بقية الأمراء إلى مسعود، وقالوا: نحن عبيدك، فإذا خذلتنا قتلنا الخليفة. فطلبهم الخليفة، فقال مسعود: قد التجأوا إلي. فقال الخليفة: إنما أفعل هذا لأجلك، أو يصيبك نوبة بعد نوبة. ووقع الاختلاف بينهما، وشاش العسكر، ومدوا أيديهم إلى أذى المسلمين، وتعذر المشي بين المحال، فبعث إليه الخليفة يقول له: تنصرف إلى بعض الجهات، وتأخذ العسكر الذين صاروا إليك. فرحل في آخر السنة والخواطر متوحشة. فأقام بدار الغربة. وجاءت الأخبار بتوجه طغرل إلى بغداد. فلما كان يوم سلخ السنة نفذ إلى مسعود الخلع والتاج، وأشياء بنحو ثلاثين ألف دينار نعم.
4 (هزيمة ابن ردمير وموته)
وفيها حاصر ملك الفرنج ابن ردمير مدينة أفراغه من شرق الأندلس، وكان إذ ذاك على قرطبة تاشفين ابن السلطان، فجهز الزبير اللمتوني بألفي فارس، وتجهز أمير مرسية وبلنسية يحيى بن غانية في خمسمائة وتجهز عبد الله بن عياض صاحب لاردة في مائتين، فاجتمعوا وحملوا الميرة إلى أفراغه. وكان ابن عياض فارس زمانه، وكان ابن ردمير في اثني عشر ألف فارس.) فأدركه العجب، وقال لأصحابه: اخرجوا خذوا هذه الميرة. ونفذ قطعة من جيشه، فهزمهم ابن عياض، فساق ابن ردمير بنفسه، والتحم الحرب،

(36/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 42
واستحر القتل في الفرنج، وخرج أهل أفراغه الرجال والنساء، فنهبوا خيم الروم. فانهزم الطاغية، ولم يفلت من جيشه إلا القليل، ولحق بسرقسطة، فبقي يسأل عن كبار أصحابه، فيقال له: قتل فلان، قتل فلان، فمات غماً بعد عشرين يوماً. وكان بلية على المسلمين، فأهلكه الله.
4 (فتح الموحدين لتادلة)
وفيها خرج عبد المؤمن في الموحدين من فافتتح تادلة ونواحيها، وسار في تلك الجبال يفتتح معموره.
4 (حرب تاشفين للموحدين)
وأقبل تاشفين من الأندلس باستدعاء ابنه، فانتدب لحرب الموحدين.
4 (مسير الفرنج إلى حلب)
وفيها سار صاحب القدس بالفرنج فقصد حلب، فخرج إليه عسكرها، فالتقوا، فانهزم المسلمون، وقتل منهم مائة فارس، ثم التقوا ونصر الله.
4 (محاولة اغتيال شمس الملوك)
وفيها وثب إيليا الطغتكيني في الصيد على شمس الملوك بأرض صيدنايا بالسيف، فغطس عنها، ورمى بنفسه إلى الأرض، وضربه ثانية، فوقعت في رقبة

(36/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 43
الفرس أتلفته. وتلاحقت الأجناد فهرب إيليا، ثم ظفروا به، فقتله صبراً، وقتل جماعة بمجرد قول إيليا فيهم، وبنى على أخيه حائطاً، فمات جوعاً. وبالغ في الظلم والعسف، وبنى دار المسرة بالقلعة، فجاءت بديعة الحسن.
4 (خلاف الإسماعيلية والسنة بمصر)
وفيها جاءت الأخبار من مصر بخلف ولدي الحافظ لدين الله عبد المجيد وهما: حيدرة، والحسن. وافترق الجند فرقتين، إحداهما مائلة إلى الإسماعيلية، و الأخرى إلى مذهب السنة. فاستظهرت السنة، وقتلوا خلقاً من أولئك، واستحر القتل بالسودان، واستقام أمر ولي العهد) حسن، وتتبع من كان ينصر الإسماعيلية من المقدمين والدعاة، فأبادهم قتلاً وتشريداً. قال أبو يعلى حمزة: فورد كتاب الحافظ لدين الله شمس الملوك بهذا الخلاف.
4 (نقض الفرنج الهدنة)
وفيها فسخت الفرنج الهدنة وأقبلت بخيلائها، فجمع شمس الملوك جيشه، واستدعى تركمان النواحي، وبرز في عساكره نحو حوران، فالتقوا. وكانت الفرنج في جمعٍ كثيف، فأقامت المناوشة بين الفريقين أياماً، ثم غافلهم شمس الملوك، ونهض ببعض الجيش، وقصد عكا والناصرة، فأغار وغنم، فانزعجت الفرنج، وردوا ذليلين، وطلبوا تجديد الهدنة.

(36/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 44
4 (سنة تسع وعشرين وخمسمائة)

4 (إخراج مسعود من بغداد)
قد ذكرنا أن الخليفة قال لمسعود: ارحل عنا. وأنه بعث إليه بالخلع والتاج، ثم نفذ إلى الجاولي شحنة بغداد، مصانعاً له على الخروج، وأمره إن هو دافع أن يرمي خيمته. ثم أحس منه أنه قد باطن الأتراك، واطلع منه على سوء نية، فأخرج أمير المؤمنين سرادقه، وخرج أرباب الدولة، فجاء الخبر بموت طغرل، فرحل مسعود جريدةً، وتلاحقته العساكر، فوصل همذان، واختلف عليه الجيش، وانفرد عنه قزل، وسنقر، وجماعة، فجهز لحربهم، وفرق شملهم، فجاء منهم إلى بغداد جماعة، وأخبروا سوء نيته، منهم البازدار، وقزل، وسنقر.
4 (القبض على أنوشروان)
وسار أنوشروان بأهله إلى خراسان لوزارة السلطان مسعود، فأخذ في الطريق.
4 (استرجاع زنكي المعرة)
وفيها افتتح الأتابك زنكي بن أقسنقر المعرة، فأخذها من الفرنج. وكان لها

(36/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 45
في أيديهم سبعٌ، وثلاثون سنة، ورد أملاكهم، وكثر الدعاء له.
4 (طاعة ابن زنكي للخليفة)
وفيها قدم الموصل ابن زنكي من عند والده بمفاتيح الموصل مذعناً بالطاعة والعبودية للخليفة، فخرج الموكب لتلقيه، وأكرم مورده.) ونزل وقبل العتبة.
4 (موت رسول دبيس)
وجاء رسول دبيس يقول: أنا الخاطيء المقر بذنبه. فمات رسوله، فذهب هو إلى مسعود.
4 (كتاب ابن الأنباري)
وجاء السديد بن الأنباري من عند السلطان سنجر، ومعه كتابه يقول فيه: أنا العبد المملوك. ثم توارت الأخبار بعزم مسعود على بغداد، وجمع وحشد، فبعث الخليفة إلى بكبة نائب البصرة، فوعد بالمجيء. ووصل إلى حلوان دبيس وهو سائس عسكر مسعود، فجهز الخليفة ألفي فارس تقدمه، وبعث إلى أتابك زنكي، وكان منازلاً دمشق.
4 (انفصال الأمراء عن جيش مسعود)
وبعث سنجر إلى مسعود أن هؤلاء الأمراء، وهم البازدار وابن برسق، وقزل، وبرتقش، ما يتركونك تنال غرضاً لأنهم عليك، وهم الذين أفسدوا أمر

(36/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 46
أخيك طغرل، فابعث إلي برؤوسهم. فأطلعهم على الكتاب، فقبلوا الأرض وقالوا: الآن علمنا أنك صافٍ لنا، فابعث دبيساً في المقدمة. ثم اجتمعوا وقالوا: ما وراء هذا خير، والرأي أن نمضي إلى أمير المؤمنين، فإن له في رقابنا عهداً. وكتبوا إليه: إنا قد انفصلنا عن مسعود، ونحن في بلاد برسق، ونحن معك، وإلا فاخطب لبعض أولاد السلاطين، ونفذه نكون في خدمته. فأجابهم: كونوا على ما أنتم عليه، فإني سائر إليكم. وتهيأ للخروج، فلما سمع مسعود ساق لكبسهم، فانهزموا نحو العراق، فنهب أموالهم. وجاءت الأخبار، فهيأ لهم الخليفة الإقامات والأموال.
4 (مهاجمة مقدمة جيش الخليفة)
وخرج عسكر بغداد والخليفة، وانزعج البلد. وبعث مسعود خمسة آلاف ليكسبوا مقدمة الخليفة، فبيتوهم وأخذوا خيلهم وأموالهم، فأقبلوا) عراة، ودخلوا بغداد في حالٍ رديئة. فأطلق لهم ما أصلح أمرهم. وجاء الأمراء الكبار الأربعة في دجلة فأكرموا وخلع عليهم، وأطلق لهم ثمانون ألف دينار، ووعدوا بإعادة ما مضى لهم.
4 (قطع الخطبة لمسعود)
وقطعت خطبة مسعود وخطب لسنجر، وداود.

(36/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 47
4 (استمالة مسعود الأطراف إليه)
ثم برز الخليفة، وسار في سبعة آلاف فارس، وكان مسعود بهمذان في آلفٍ وخمسمائة فارس ثم أفسد نيات الأطراف بالمكاتبة، واستمالهم حتى صار في نحو خمسة عشر ألف فارس، وتسلل إليه ألفا فارس من عسكر المسترشد. ونفذ زنكي إلى الخليفة نجدةً، فلم يلحق.
4 (أسر المسترشد)
ووقع المصاف في عاشر رمضان، فلما التقى الجمعان هرب جميع العسكر الذين كانوا مع المسترشد، وكان على ميمنته قزل، والبازدار، ونور الدولة الشحنة، فحملوا على عسكر مسعود، فهزموهم ثلاثة فراسخ ثم عادوا فرأوا الميسرة قد غدرت، فأخذ كل واحدٍ منهم طريقاً وأسر المسترشد وحاشيته، وأخذ ما معه، وكان معه خزائن عظيمة، فكانت صناديق الذهب على سبعين بغلاً أربعة آلاف ألف دينار، وكان الثقل على خمسة آلاف جمل، وخزانة السبق أربعمائة بغل. ونادى مسعود: المال لكم، والدم لي، فمن قتل أقدته. ولم يقتل بين الصفين سوى خمسة أنفس غلطاً. ونادى: من أقام من أصحاب الخليفة قتل. فهرب الناس، وأخذتهم التركمان، ووصلوا بغداد وقد تشققت أرجلهم، وبقي الخليفة في الأسر.

(36/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 48
4 (كتاب الخليفة إلى أستاذ الدار)
وبعث بالوزير ابن طراد وقاضي القضاة الزينبي، وبجماعةٍ إلى قلعة، وبعث شحنة بغداد ومعه كتاب من الخليفة إلى أستاذ الدار، أمره مسعود بكتابته، فيه: ليعتمد الحسين بن جهير مراعاة) الرعية وحمايتهم، فقد ظهر من الولد غياث الدنيا والدين، أمتع الله به في الخدمة ما صدقت به الظنون. فليجتمع وكاتب الزمام وكاتب المخزن إلى إخراج العمال إلى النواحي، فقد ندب من الجانب الغياثي هذا الشحنة لذلك، وليهتم بكسوة الكعبة، فنحن في إثر هذا المكتوب.
4 (ثورة أهل بغداد)
وحضر يد الفطر، فنفر أهل بغداد ووثبوا، ووثبوا على الخطيب، وكسروا المنبر والشباك، ومنعوه من الخطبة، وحثوا في الأسواق على رؤوسهم التراب يبكون ويضجون، وخرج النساء حاسراتٍ يندبن الخليفة في الطرق

(36/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 49
وتحت التاج، وهموا برجم الشحنة، وهاشوا عليهم، فاقتتل أجناده والعوام، فقتل من العوام مائة وثلاثة وخمسون نفساً، وهرب أبو الكرم الوالي، وحاجب الباب إلى دار خاتون، ورمى أعوان الشحنة الأبواب الحديد التي على السور، ونقبوا فيه فتحات، وأشرفت بغداد على النهب، فنادى الشحنة: لا ينزل أحدٌ في دار أحد، ولا يؤخذ لأحدٍ شيء، والسلطان جاي بين يدي الخليفة، وعلى كتفه الغاشية. فسكن الناس. وطلب السلطان من الخليفة نظر الخادم فنفذ أطلقه، وسار بالخليفة إلى داود، إلى مراغة.
4 (زلزلة بغداد)
وقال ابن الجوزي: وزلزلت بغداد مراراً كثيرة، ودامت كل يومٍ خمس أو ست مرات إلى ليلة الثلاثاء، فلم تزل الأرض تميد من نصف الليل إلى الفجر، والناس يستغيثون.
4 (تفاقم الأمر ببغداد)
وتصرف عمال السلطان في بغداد، وعوقوا قرى ولي العهد، وختموا على غلاتها، فافتك ذلك منهم بستمائة دينار، فأطلقوها. وتفاقم الأمر، وانقطع خبر العسكر، واستسلم الناس.

(36/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 50
4 (رسالة سنجر إلى مسعود بطاعة الخليفة)
ثم أرسل سنجر إلى ابن أخيه مسعود يقول: ساعة وقوف الولد غياث الدنيا والدين على هذا المكتوب يدخل على أمير المؤمنين ويقبل الأرض بين يديه، وتسأله العفو والصفح، وتتنصل غاية التنصل، فقد ظهرت عندنا من الآيات السماوية والأرضية ما لا طاقة لنا بسماع مثلها،) فضلاً عن المشاهدة من العواصف والبروق والزلازل، ودوام ذلك عشرين يوماً، وتشويش العساكر وانقلاب البلدان، ولقد خفت على نفسي من جانب الله وظهور آياته، وامتناع الناس من الصلوات في الجوامع، ومنع الخطباء ما لا طاقة لي بحمله، فالله الله بتلافي أمرك، وتعيد أمير المؤمنين إلى مقر عزه، وتسلم إليه دبيساً ليحكم فيه، وتحمل الغاشية بين يديه أنت وجميع الأمراء، كما جرت عادتنا وعادة آبائنا. فنفذ مسعود بهذه المكاتبة مع الوزير، ونظر، فدخلا على الخليفة، واستأذنا لمسعود، فدخل وقبل الأرض، ووقف يسأل العفو، فقال: قد عفي عن ذنبك، فاسكن وطب نفساً.
4 (شفاعة مسعود بدبيس)
ثم عامله مسعود بما أمره به عمه، وسأل من الخليفة أن يشفعه في دبيس، فأجابه، فأحضروه مكتوفاً بين أربعة أمراء، ومع واحد سيف مجذوب، وكفن منشور، وألقي بين يدي السرير، وقال مسعود: يا أمير المؤمنين هذا السبب الموجب لما تم، فإذا زال السبب زال الخلاف، ومهما تأمر نفعل به. وهو يبكي ويتضرع ويقول: العفو عند المقدرة، وأنا أقل وأذل. فعفى عنه وقال: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم فخلوه، وقبل يد أمير المؤمنين وأمرها على

(36/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 51
وجهه، وقال: بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما عفوت عني، وتركتني أعيش في الدنيا، فإن الخوف منك قد برح بي.
4 (نقض سور بغداد)
وأما بكبة شحنة بغداد، فإنه أمر بنقض السور ببغداد، فنقض مواضع كثيرة. وقال: عمرتموه بفرح، فانقضوه لذلك. وضربت لهم الدبادب، وردوا الباب الحديد الذي أخذ من جامع المنصور إلى مكانه.
4 (قتل الباطنية الخليفة المسترشد)
وقدم رسولٌ ومعه عسكر يستحث مسعود أمر جهة عمه على إعادة الخليفة إلى بغداد، فجاء في العسكر سبعة عشر من الباطنية، فذكر أن مسعوداً ما علم بهم، فالله أعلم، فركب السلطان والعساكر لتلقي الرسول، فهجمت الباطنية على الخليفة، ففتكوا به رحمه الله، وقتلوا معه جماعة من أصحابه، فعلم العسكر، فأحاطوا بالسرادق فخرج الباطنية وقد فرغوا من شغلهم، فقتلوا.) وجلس السلطان للعزاء، ووقع النحيب والبكاء وذلك على باب مراغة، وبها دفن.==

28. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي.
تأليف: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 52
وجاء الخبر، فطلب الراشد الناس طول الليل فبايعوه ببغداد، فلما أصبح شاع قتله، فأغلق البلد، ووقع البكاء والنحيب، وخرج الناس حفاةً مخرقي الثياب، والنساء منشرات الشعور يلطمن، ويقلن فيه المراثي على عادتهن، لأن المسترشد كان محبباً فيهم بمرة، لما فيه من الشجاعة والعدل والرفق بهم. فمن مراثي النساء فيه:
(يا صاحب القضيب ونور الخاتم .......... صار الحريم بعد قتلك رائم)

(اهتزت الدنيا ومن عليها .......... بعد النبي ومن ولي عليها)

(قد صاحت البومة على السرادق .......... يا سيدي ذا كان في السوابق)

(ترى تراك العين في حريمك .......... والطرحة السواد على كريمك)
وعمل العزاء في الديوان ثلاثة أيام، تولى ذلك ناصح الدولة ابن جهير، وأبو الرضا صاحب الديوان.
4 (بيعة الراشد بالخلافة)
ثم شرعوا في الهناء، وكتب السلطان إلى الشحنة بكبة أن يبايع للراشد.

(36/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 53
وجلس الراشد في الشباك في الدار المثمنة المقتدرية، وبايعه الشحنة من خارج الشباك، وذلك في السابع والعشرين من ذي القعدة. وظهر للناس وكان أبيض جسيماً بحمرةٍ مستحسنة. وكان يومئذٍ بين يديه أولاده وإخوته، ونادى بإقامة العدل ورد بعض المظالم.
4 (ظهور التشيع أيام الغدير)
وفي أيام الغدير ظهر التشيع، ومضى خلقٌ إلى زيارة مشهد علي ومشهد الحسين.
4 (منازلة زنكي دمشق)
وفيها نازل زنكي دمشق، وحاصرها أشد حصار، فقام بأمر البلدان أتم قيام، وأحبه الناس، فجاء زنكي رسول المسترشد بالله يأمره بالرحيل.
4 (مسير سنجر إلى غزنة وهرب ملكها)
وفي ذي القعدة سار السلطان سنجر بالجيوش إلى غزنة فأشرف عليها، وهرب منه ملكها،) فأمنه ونهاه عن ظلم الرعية، وأعاده إلى مملكته، وهو بهرام شاه. ورجع السلطان فوصل بلخ في شوال من سنة ثلاثين.

(36/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 54
4 (سنة ثلاثين وخمسمائة)

4 (رفض الراشد بالله مضمون كتاب المسترشد)
جاء برتقش بأمورٍ صعبة، فقالوا للراشد بالله: جاء مطالباً بخطٍ كتبه المسترشد بالله لتخليص من أسره بمبلغ، وهو سبعمائة ألف دينار، ويطالب لأولاد صاحب المخزن بثلاثمائة ألف، وبقسط على أهل بغداد خمسمائة ألف دينار. فاستشار الراشد الكبار، فأشاروا عليه بالتجنيد، وأرسل الخليفة إلى برتقش: أما الأموال المضمونة فإنما تكتب لإعادة الخليفة إلى داره، وذلك لم يكن، وأنا مطالب بالثأر، وأما مال البيعة، فلعمري، لكن ينبغي أن تعاد إلى أملاكي وإقطاعي، حتى يتصور ذلك. وأما الرعية فلا سبيل لكم عليهم، وما عندي إلا السيف. ثم أحضر بكبة وخلع عليه، وأعطاه ثلاثة آلاف دينار، وقال له: دون بهذه العسكر كله. وجمع العسكر، وبعث إلى برتقش يقول: قد تركنا البلد مع الشحنة والعميد، فلما جئت بهذه الأشياء فعلنا هذا.
4 (إنزعاج أهل بغداد)
وانزعج أهل بغداد، وباتوا تحت السلاح، ونقل الناس إلى دار الخلافة ودار خاتون متاعهم، وقيل للخليفة إنهم قد عزموا على كبس بغداد وقت الصلاة، فركب العسكر، وحفظ الناس البلد، وقطع الجسر، وجرى في أطراف البلد قتال قوي.

(36/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 55
وفي صفر قدم زنكي، والبازدار، وإقبال، عليهم ثياب العزاء، وحسنوا للراشد الخروج فأجابهم، واستوزر أبا الرضا بن صدقة، واتفقوا على حرب مسعود.
4 (دخول السلطان دار المملكة)
وجاء السلطان داود بن محمود فنزل بالمزرفة، ثم دخل دار المملكة، وأظهر العدل، وجاء إليه أرباب الدولة ومعهم تقدمة من الراشد، فقام ثلاث مرات، فقبل الأرض.
4 (تقديم صدقة بن دبيس الطاعة)
وجاء صدقة ولد دبيس ابن خمس عشرة سنة وقبل الأرض بإزاء التاج وقال: أنا العبد ابن العبد) جئت طائعاً.
4 (قطع الخطبة لمسعود)
وقطعت خطبة مسعود، وخطب لداود.
4 (القبض على إقبال الخادم)
وقبض على إقبال الخادم ونهب ماله، فتألم العسكر من الخليفة لذلك. ونفذ زنكي يقول: هذا جاء معي. ويعتب ويقول: لابد من الإفراج عنه. ووافقه على ذلك البازدار. وغضب كجبة ومضى إلى زنكي، فرتب مكانه غيره. واستشعر العسكر كلهم وخافوا، وجاء أصحاب البازدار وزنكي فخربوا

(36/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 56
عقد السور، فشاش البلد، وأشرف على النهب. وجاء زنكي فضرب بإزاء التاج، وسأل في إقبال سؤالاً تحته إلزام، فأطلق له.
4 (الإفراج عن ابن طراد)
وأما السلطان مسعود فإنه أفرج عن الوزير ابن طراد، وقاضي القضاة والنقيب وسديد الدولة ابن الأنباري. فأما نقيب الطالبيين أبو الحسن بن معمر فتوفي حين أخرج. وأما القاضي الزينبي فدخل بغداد سراً، وأقام الباقون مع مسعود.
4 (القبض على ابن جهير)
وقبض الراشد على أستاذ داره أبي عبد الله بن جهير، فخاف الناس من الراشد وهابوه.
4 (تأخر ابن صدقة عن الخليفة)
ثم نفذ زنكي إلى الراشد يقول: أريد المال الذي أخذ من إقبال، وهو دخل الحلة، وذلك مال السلطان. وتردد القول في ذلك، ثم نفذ الراشد إلى الوزير ابن صدقة وصاحب الديوان يقول: ما الذي أقعدكما وكانا قد تأخرا أياماً عن الخدمة خوفاً من الراشد، فقال ابن صدقة: كلما أشير به يفعل ضده، وقد كان هذا الخادم إقبال بإزاء جميع العسكر، وأشرت بأن لا يمسك، فما سمع مني،) وأنا لا أوثر أن تتغير الدولة وينسب إلي. فإن هذا ابن الهاروني الملعون قصد إساءة السمعة وإهلاك المسلمين.

(36/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 57
4 (قتل ابن الهاروني)
فقبض الخليفة على ابن الهاروني في ربيع الأول. فجاءت رسالة زنكي يشكو ما لقي من ابن الهاروني وتأثيراته في المكوس والحواضر، ويسأل تسلميه إلى المملوك ليقتله، فقال: ندبر ذلك. ثم أمر الوالي بقتله فقتله، وصلب ومثل به العوام، فسرقه أهله بالليل، وعفوا أثره. وظهر له أموال، ووصل إلى الخليفة من ماله مائتا ألف.
4 (إقطاع أملاك الوكلاء)
وأقطعت أملاك الوكلاء. وسببه أن زنكي طلب من الخليفة مالاً يجهز به العسكر لينحدروا إلى واسط، فقال: الأموال معكم، وليس معي شيء، فاقطعوا البلاد.
4 (مصانعة زنكي)
ثم استقر أن يدفع إلى زنكي ثلاثون ألفاً مصانعةً عن الأملاك ثم بات الحرس تحت التاج خوفاً من زنكي.
4 (وزارة ابن صدقة)
ثم أشار زنكي على ابن صدقة أن يكون وزيراً لداود، فخلع عليه بذلك. ثم استوثق زنكي من اليمين من الخليفة وعاهده، وقبل يده. وطلب الخليفة أبا الرضا بن صدقة فجاء، ففوض إليه الأمور كلها.

(36/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 58
4 (مسير الخليفة لحرب مسعود)
وأمر السلطان داود والأمراء بالمسير لحرب مسعود، فساروا، فبلغهم أنه رحل يطلب العراق، فردهم الراشد وحلفهم وقال: أريد أن أخرج معكم. فلما انسلخ شعبان خرج الخليفة ورحلوا، وخاض العامة، وشرعوا في إصلاح السور، ولبسوا السلاح، فكان الأمراء ينقلون اللبن على الخيل، وهم نقضوه. وجاءت كتبٌ، إلى سائر الأمراء من مسعود، فأحضروها جميعها إلى الخليفة، وأنكر شحنة) بغداد المكاتبة وأخفاها، ثم كتب جوابها إلى مسعود، فأخذه زنكي فغرقه.
4 (منازلة عسكر مسعود بغداد)
وفي وسط رمضان جاء عسكر مسعود فنازلوا بغداد، ووقع القتال، وخامر جماعة أمراء إلى الخليفة، فخلع عليهم وقبلهم، ثم بعد أيام كان وصول رسول مسعود يطلب الصلح، فقرئت الرسالة على الأمراء، فأبوا إلا القتال. وصلى الناس العيد داخل السور، فوصل يومئذٍ أصحاب مسعود فدخلوا الرصافة، وكسروا أبواب الجامع ونهبوا، وقلعوا شبابيك الترب وعاثوا. وجاء مسعود في رابع شوال في خمسة آلاف راكب على غفلة، وخرج الناس للقتال، ودام الحصار أياماً. وجاء ركابي لزنكي، فقتله العيارون فقال زنكي: أريد أن أكبس الشارع والحريم، وآخذ ما قيمته خمسمائة ألف دينار من الحرير والقماش والذهب والفضة.
4 (نهب مسعود النعمانية)
ونفذ مسعود عسكراً إلى واسط فأخذها، والنعمانية فنهبها، فتبعهم عسكر

(36/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 59
الخليفة ونودي: لا يبقى ببغداد أحد من العسكر.
4 (دخول الراشد بغداد)
وخرج الراشد فنزل على صرصر، واستشعر بعض العسكر من بعض، فخشي زنكي من البازدار والبقش، فعاد إلى ورائه، فرجع أكثر العسكر منهزمين، ودخل الراشد بغداد. وقيل إن مسعوداً كاتب زنكي سراً، وحلف له أنه يقره على الموصل والشام، وكاتب الأمراء أيضاً فقال: من قبض منكم على زنكي أو قتله أعطيته بلاده. فعرف زنكي بذلك، فأشار على الراشد أن يرحل صحبته. وفي رابع عشر ذي القعدة ركب الخليفة ليلاً وسار، وزنكي قائم ينتظره، فدخل دار برتقش. ولم ينم الناس، وأصبحوا على خوفٍ شديد. وخرج أبو الكرم الوالي يطلب الخليفة فأسر وحمل إلى مسعود، فأطلقه وأكرمه، وسلم إليه بغداد. ورحل الراشد يومئذٍ ولم يصحبه شيء من آلة السفر، لأنه لما بات في دار برتقش أصبحوا،) ودخل خواصه يصلحون له آلة السفر، فرحل على غفلة.
4 (دخول مسعود بغداد)
ودخل مسعود بغداد، ونهب دواب الجند، وجاء صافي الخادم فقال: لم يفعل الخليفة صواباً بذهابه، والسلطان له على نية صالحة. وسكن الناس. وأظهروا العدل، واجتمع القضاة والكبار عند السلطان مسعود، وقدحوا في الراشد، وبالغ في ذلك الوزير علي بن طراد. وقيل: بل أخرج السلطان خط الراشد: إني متى جندت أو خرجت انعزلت. فشهد العدول أن هذا خط الخليفة. والقول الأول أظهر.

(36/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 60
4 (كتابة محضر بحق الراشد)
ثم أحكم ابن طراد النوبة، واجتمع بكلٍ من القضاة والفقهاء، وخوفهم وهددهم إن لم يخلعوه. وكتب محضراً فيه: إن أبا جعفر بن المسترشد بدا منه سوء أفعال وسفك دماء، وفعل ما لا يجوز أن يكون معه إماماً. وشهد بذلك الهيتي، وابن البيضاوي، ونقيب الطالبيين، وابن الرزاز، وابن شافع، وروح بن الحديثي، وأخر. وقالوا: إن ابن البيضاوي شهد مكرهاً. وحكم ابن الكرخي قاضي البلد. بخلعه في سادس عشر ذي القعدة، وأحضروا أبا عبد الله محمد بن المستظهر بالله، وهو عم المخلوع.
4 (البيعة للمقتفي بالله)
قال سديد الدولة ابن الأنباري: أرسل السلطان إلى عمه السلطان سنجر: من نولي فكتب إليه: لا تولي إلا من يضمنه الوزير، وصاحب المخزن، وابن الأنباري فاجتمع مسعود بنا، فقال الوزير: نولي الزاهد الدين محمد بن المستظهر. فقال: وتضمنه قال: نعم.) وكان، صهراً للوزير على بنته، فإنها دخلت يوماً في خلافة المستظهر، فطلب محمد بن المستظهر هذا من أبيه تزويجها، فزوجه بها، وبقيت عنده، ثم توفيت. قلت: فبايعوه، ولقب المقتفي لأمر الله. ولقب بذلك بسبب. قال ابن الجوزي: قرأت بخط أبي الفرج بن الحسين الحداد قال: حدثني من أثق به أن المقتفي رأى في منامه قبل أن يستخلف بستة أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول

(36/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 61
له: سيصل هذا الأمر إليك، فاقتفي بي. فلقب المقتفي لأمر الله. ثم بويع اليوم الثاني البيعة العامة في محلٍ عظيم. وبعث مسعود بعد أن أظهر العدل، ومهد بغداد، فأخذ جميع ما في دار الخلافة من دواب، وأثاث، وذهب، وستور، وسرادق، ومساند، فلم يترك في إصطبل الخلافة سوى أربعة أفراس، وثمانية أبغال برسم الماء. فيقال: بأنهم بايعوا المقتفي على أن لا يكون عنده خيل ولا آلة سفر، وأخذوا من الدار جواري وغلماناً، ومضت خاتون تستعطف السلطان، فاجتازت بالسوق وبين يديها القراء والأتراك. وكان عندها حظايا الراشد وأولاده، فأطلق لهم القرى والعقار. ثم إن السلطان ركب سفينة، ودخل إلى المقتفي، فبايعه يوم عرفة. وفي ثاني الأضحى وصلت الأخبار بأن الراشد دخل الموصل، وبلغه أنه خلع من الخلافة.
4 (أتابكية دمشق)
وفي جمادى الأولى ولي أتابكية جيش دمشق الأمير أمين الدولة كمشتكين الأتابكي الطغتكيني، واقف الأمينية، متولي بصرى وصرخد، وأنزل في دار الأتابك بدمشق، وخلع عليه.
4 (قتل الأمير يوسف بن فيروز)
ثم بعد يومين قتل الأمير يوسف بن فيروز الحاجب في الميدان، وكان من

(36/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 62
أكبر الأمراء، تملك مدينة تدمر مدةً، وكان فيه ظلم وشر. شد عليه الأمير بزواش فقتله، ثم حمل إلى المسجد الذي بناه فيروز بالعقبة، فدفن في تربته.
4 (أتابكية بزواش)
) وجرت أمور ثم صرف أمين الدولة. وولي الأتابكية الأمير بزواش المذكور، ولقب بجمال الدين. وتوجه أمين الدولة مغاضباً إلى ناحية صرخد.
4 (السيل العظيم بدمشق)
وفيها، في أيار، جاء بدمشق سيلٌ عظيم لم يسمع بمثله، وطلعت على البلد سحابة سوداء، بحيث صار الجو كالليل، ثم طلع بعدها سحابة حمراء، صار الناظر يظنها كالنار الموقدة.
4 (كبس نائب حلب اللاذقية)
وفي شعبانها، اجتمعت عساكر حلب مع الأمير سوار نائب حلب، وكبسوا اللاذقية بغتة، فقتلوا وأسروا وغنموا. قال ابن الأثير: كانت الأسرى سبعة آلاف نفس بالصغار والكبار، ومائة ألف رأس من الدواب والمواشي، وخربوا اللاذقية، وخرجوا إلى شيزر سالمين. وفرح المسلمون بذلك فرحاً عظيماً. ولم يقدر الفرنج، لعنهم الله، على أخذ الثأر عجزاً ووهناً.

(36/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 63
5 (الطبقة الثالثة والخمسون وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى وعشرين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أحمد بن الشمس)
بن عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن الشمس عبيد الله بن محمد بن أبي عيسى بن المتوكل. أبو السعادات المتوكلي الهاشمي البغدادي. شريف صالح، حافظ لكتاب الله. سمع الكثير، وحدث عن: أبي بكر الخطيب، وابن المسلمة. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو الفرج بن الجوزي، وعبد الرحمن بن جامع بن غنيمة. قال أبو بكر المفيد: ختم أبو السعادات القرآن في التواريخ ليلة سبعٍ وعشرين من رمضان، ورجع إلى بيته، فوقع من السطح في محلة التوثة فمات لساعته، وعاش ثمانين سنة.
4 (أحمد بن ثابت بن محمد)

(36/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 64
أبو العباس الطرقي الحافظ، نزيل يزد. وطرق من قرى إصبهان، ويزد بين إصبهان وكرمان من نواحي إصطخر. كان حافظاً عارفاً بالفقه والأصول والأدب، حسن التصنيف. رحل وسمع: أباه، وأبا عمرو بن مندة، والمطهر بن عبد الواحد البزاني. ورحل إلى نيسابور، وإلى الأهواز، وهراة. قال ابن السمعاني: سمعت جماعة من الشيوخ يقولون إنه كان يقول: إن الروح قديمة. توفي بعد العشرين وخمسمائة بيزد. قال عبد الخالق بن أحمد بن يوسف: توفي في شوال سنة إحدى وعشرين. وقد سمع ببغداد من: أبي القاسم علي بن البسري، وأبي نصر الزينبي. وبهراة: شيخ الإسلام.

(36/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 65
4 (أحمد بن عبد السلام بن محمد المديني.)
أبو عبد الله الصوفي ابن الصوفي، شيخ الصوفية بنيسابور بدويرة السلمي. سمع من: أبي سعد الحبيبي، وأبي القاسم القشيري.) وله نفسٌ وقبول عند الصدور، وإنفاق على الصوفية ومعرفة برسومهم.
4 (أحمد بن محمد بن عبد الوهاب.)
أبو البركات الدباس، أخو الشيخ أبي عبد الله البارع. سمع: أبا يعلى بن الفراء، والحسن بن غالب المقريء. روى عنه: المبارك بن أحمد الأنصاري، وذاكر بن كامل، وابن يونس. مات في سابع شوال.
4 (أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن عبد العزيز بن حمدين.)
أبو القاسم الثعلبي الأندلسي، قاضي الجماعة بقرطبة. تفقه على أبيه، وسمع من: محمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغساني، وجماعة. وتقلد القضاء مرتين. وكان نافذاً في أحكامه، جزلاً في أفعاله، من بيت علم وجلالة. وتوفي على القضاء في ربيع الآخر، وصلى عليه ابنه أبو عبد الله، وعاش خمسين سنة.

(36/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 66
4 (حرف العين)

4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن يوسف.)
أبو الحسن بن عفيف، وعفيف جده لأمه، الأموي الطليطلي، نزيل قرطبة. سمع: قاسم بن محمد بن هلال، وجماهر بن عبد الرحمن. وأجاز له محمد بن عتاب مروياته. وكان فاضلاً عفيفاً يعظ الناس، ويصلي بجامع قرطبة. وكانت العامة تعظمه لصلاحه، ولم يكن بالضابط. كان كثير الوهم في الأسانيد. قال ابن بشكوال وقال: روينا عنه. وتوفي في جمادى الآخرة. وولد سنة بضعٍ وثلاثين وأربعمائة.
4 (عبد الوهاب بن عبد الله بن عبد العزيز.)
أبو محمد الصدفي القرطبي.) أخذ عن: أبي بكر المرادي. وتفقه على: أبي الوليد هشام بن أحمد. وكان ملازماً لمجلس أبي الوليد بن رشد. وكان حافظاً للفقه، ذاكراً للمسائل والفرائض والأصول. توفي في ذي الحجة.
4 (علي بن عبد الله بن محبوب.)
الطرابلسي المغربي. قال السلفي: قدم الإسكندرية متفقهاً، وكان له إهتمام بالتواريخ. صنف تويريخاً لطرابلس حدثني به. وكتب عنه. وكان فاضلاً في فنون. توفي بمكة.

(36/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 67
4 (علي بن عبد الواحد بن أحمد.)
أبو الحسن الدينوري، ثم البغدادي. سمع: أبا الحسن القزويني، وأبا محمد الخلال، وأبا محمد الجوهري، وغيرهم. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، والحافظ ابن عساكر، وأخوه الصائن، وابن الجوزي. قال ابن السمعاني: كان صاحب الخبر. توفي في جمادى الأولى.
4 (علي بن المبارك بن علي بن الفاعوس.)
أبو الحسن البغدادي، الإسكاف، الزاهد. كان شيخاً صالحاً، خيراً، متقشفاً، من أصحاب الشريف أبي جعفر بن أبي موسى. كان يقرأ للناس يوم الجمعة الحديث بلا سند، وكان صاحب إخلاص، وله قبولٌ تام عند العامة.

(36/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 68
سمع: أبا يعلى بن الفراء، وأبا منصور العطار. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر. قال أبو سعد السمعاني: سمعت أبا القاسم بدمشق يقول: ابن الفاعوس كان يتعسر في الرواية،) وأهل بغداد يعتقدون فيه. وأبو القاسم بن السمرقندي كان يقول إن أبا بكر ابن الخاضبة يقول لابن الفاعوس الحجري لأنه كان يقول: الحجر الأسود يمين الله حقيقةً. قلت: هذا تشغيب وأذية لرجلٍ صالح، وإلا فهذا نزاع محض في عبارة، وعرفنا مراده بقوله: يمين الله حقيقةً، كما تقول: بيت الله حقيقةً، وناقة الله حقيقةً، إن ذلك إضافة ملك وتشريف، فهي إضافة حقيقة، وإن شئت قلت: يمين الله مجازاً، وهو أفصح وأظهر، لأن في سياق الحديث ما يوضح ذلك. وهو قوله: فمن صافحه فكأنما صافح الله، يعني هو بمنزلة يمين الله في الأرض. قال غير واحد: نبا يحيى بن سليم، عن ابن جريح، سمعت محمد بن عباد بن جعفر المخزومي يقول: سمعت ابن عباس يقول: إن هذا الركن الأسود يمين الله في الأرض، يصافح به عباده مصافحة الرجل أخاه.

(36/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 69
ورواه عيسى بن يونس، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن ابن عباس. وروي بإسناد آخر، عن عبد الملك بن عبد الله بن أبي حسين، عن ابن عباس. ورواه عبد الرزاق، عن أبيه، عن وهب بن منبه. قوله: فإما أن يكون أراد به يمين الله، استغفر الله، حقيقة باعتبار صفة الذات، فهذا لا يعتقده بشرٌ، فضلاً عن أن يعتقده مسلم، بل ولا يدور في ذهن عاقل. وأما قوله: كان يتعسر بالرواية، فكان يفعل ذلك إزراءً على نفسه، وتفويتاً لحظه. وقد رأينا غير واحدٍ من الصالحين يمتنع من الرواية، لكن من فعل ذلك ثقالةً ونكادةً كابن يوسف الإربلي وغيره من شيوخنا، فهو مذموم. وقال أبو الفرج بن الجوزي: توفي في تاسع عشر شوال، وانقلبت بغداد بموته، وغلقت الأسواق، وضج العوام بذكر السنة، ولعن أهل البدع. ودفن بمقبرة الإمام أحمد.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن فضلويه الرازي.)
) العالمة المعروفة ببنت حمزة. واعظة مشهورة ببغداد، متعبدة، لها رباط تأوي إليه النساء. روت عن: ابن المسلمة، وأبي بكر الخطيب. روى عنها: أبو القاسم بن عساكر، وقال: توفيت في ربيع الأول. روى عنها: ابن ناصر، وأبو الفرج بن الجوزي.

(36/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 70
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن عبد الله بن الحسن ابن البصيدائي)
وبصيداء: من قرى بغداد. أبو البقاء أحد الرؤساء والأكابر. سمع: أبا محمد الجوهري، وغيره. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم الحافظ. توفي في صفر.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبيد بن سعادة.)
الزاهد الخير. من أهل الإسكندرية. قال السلفي: أنبأ عن: أبي العباس أحمد بن إبراهيم الرازي.
4 (يحيى بن عمرو بن بقاء.)
أبو بكر الحزامي المرجوني. نزل قرطبة، وأخذ بها عن: محمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغساني. وتفقه عند أبي الحسن بن حمدين. وكان حافظاً للفقه، بارعاً في الشروط، حصل منها ديناً. توفي في جمادى الأولى، وله بضعٌ وستون سنة.

(36/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 71
4 (وفيات سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة)

4 (حرف الحاء)
)
4 (الحسين بن علي بن صدقة.)
أبو علي الوزير جلال الدين، وزير المسترشد بالله. كان من رجال الدهر رأياً وحزماً وله في مخدومه المسترشد بالله:
(وجدت الورى كالماء طعماً ورقةً .......... وأن أمير المؤمنين زلاله)

(وصورت معنى العقل شخصاً مصوراً .......... وأن أمير المؤمنين مثاله)

(ولولا مكان الدين والشرع والتقى .......... لقلت من الإعظام: جل جلاله)
توفي في رجب. قاله ابن الجوزي. وقد تكرر ذكره في الحوادث. وذكره ابن النجار فقال: ولد بنصيبين سنة تسعٍ وخمسين، وخدم إبراهيم بن قرواش صاحب الموصل، فلما أمسك هرب جلال الدين إلى بغداد،

(36/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 72
ثم خدم بها، ولم يزل في ارتقاء إلى أن تزوج بإبنة الوزير ابن المطلب. ثم ولي وزارة في سنة ثلاث عشرة. ثم قبض عليه بعد ثلاث سنين، ونهبت داره ورضوا عنه ثم أعيد إلى الوزارة سنة سبع عشرة، فكان يوماً مشهوداً. وكان منسباً بليغاً أديباً.
4 (الحسين بن علي بن أبي القاسم.)
الشيخ أبو علي اللامشي السمرقندي الحنفي. قال السمعاني: إمام فاضل متدين يضرب به المثل في النظر وعلم الخلاف. وكان على طريقة السلف من طرح التكلف والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. روى شيخه دينار لنا عن القاضي محمد بن الحسن بن منصور النسفي. وسمع أيضاً من: الحافظ عبد الرحمن بن عبد الرحيم القصار، وأبي علي الحسين بن عبد الملك النسفي. وتوفي في رمضان. قال ابن الجوزي: قدم رسولاً من خاقان ملك سمرقند.) قال السمعاني: مر بمرو رسولاً من ملك سمرقند محمد بن سليمان. ولامش من قرى فرغانة. سمعت منه بقراءة عمي أبي القاسم. ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وكان قوالاً بالحق.

(36/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 73
4 (حرف السين)

4 (سهل بن إبراهيم المسجدي السبعي.)
أبو القاسم النيسابوري. يروي عن: أبي حفص بن مسرور، وعبد الغافر الفارسي، وأبي محمد الجويني. سمع منه حضوراً أبو سعد السمعاني. وكان والده يقرأ كل يوم سبعين، وابنه أحمد بن سهل يروي عن يعقوب بن أحمد الصيرفي. توفي سهل سنة نيف وعشرين. قال السمعاني: كان صالحاً حسن السيرة، كثير العبادة، سمع الكثير، وعمر الطويل، وتفرد عن جماعته. قلت: روى عن: أبي عثمان الصابوني، ودحية بن أبي الطيب الحلاب، والكنجرودي. روى عنه: حفيده محمد بن أحمد، وأبو المعالي بن الفراوي، وعبد

(36/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 74
الرحيم بن عبد الرحمن الشعري، وأبو سعد الصفار، وابن ياسر الجياني، وآخرون. وكان خادم مسجد المطرز دين صالح.
4 (حرف الطاء)

4 (طغتكين.)
الأمير أبو منصور، المعروف بأتابك. من أمراء تاج الدولة. زوجه بأم ولده دقاق. وكان مع تاج الدولة لما سار إلى الري لقتال ابن أخيه. فلما قتل تاج الدولة رجع إلى دمشق، وصار أتابك دقاق. فلما مات دقاق تملك بدمشق.) وكان شهماً، مهيباً، شديداً على الفرنج والمفسدين، ولقبه ظهير الدين. وهو والد تاج الملوك بوري بن طغتكين.

(36/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 75
قال ابن الأثير: توفي أتابك طغتكين، كذا سماه ابن الأثير في ثامن صفر، وهو من مماليك الملك تتش بن ألب أرسلان. وكان عاقلاً خبيراً، كثير الغزوات والجهاد للفرنج، حسن السيرة في رعيته، مؤثراً للعدل. وملك بعده ابنه بوري أكبر أولاده بوصيةٍ منه، فأقر وزير أبيه أبا علي طاهر بن سعد المزدغاني على وزارته. وقال سبط الجوزي: كان طغتكين شجاعاً، شهماً، عادلاً، حزن عليه أهل دمشق، ولم يبق فيها محلة ولا سوق إلا والمأتم قائم عليه فيه، لأنه كان حسن السيرة، ظاهر العدل، مدبراً للممالك. أقام حاكماً على الشام خمسة وثلاثين سنة. وسار ابنه سيرته ثم تغيرت نيته، وأضمر السوء لأصحاب أبيه، والظلم للرعية، وتمكن وزيره المزدغاني من أهل دمشق، وصادق الباطنية، واستعان بهم. وقبض بوري على خواص أبيه، فاسترابوا به، ونفرت القلوب منه. وقال أبو يعلى بن القلانسي: مرض أتابك طغتكين مرضاً أنهك قوته، وأنحل جسمه. وتوفي في ثامن صفر، فأبكى العيون، وأنكأ القلوب، وفت في الأعضاد، وفتت الأكباد، وازداد الأسف، فرحمه الله وبرد مضجعه. وماتت زوجته الخاتون شرف النساء، أم بوري، بعده بثلاثة أشهر، ودفنت بتربتها التي خارج باب الفراديس. قلت: ومات في هذه السنة ودفن بتربته، قبلي المصلى ثامن صفر.

(36/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 76
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن سعيد بن سليمان بن يربوع.)
الأستاذ الحافظ أبو محمد الأندلسي الشنتريني ثم الإشبيلي. نزيل قرطبة. سمع صحيح البخاري من محمد بن أحمد بن منظور، عن أبي ذر الهروي. وسمع من: أبي محمد بن خزرج، وحاتم بن محمد، وأبي مروان بن سراج، وأبي علي) الغساني. وأجاز له أبو العباس العذري. قال ابن بشكوال: وكان حافظاً للحديث وعلله، عارفاً برجاله وبالجرح والتعديل، ضابطاً، ثقة. كتب الكثير، وصحب أبا علي الغساني واختص به. وكان أبو علي يفضله، ويصفه بالمعرفة والذكاء. صنف كتاب الإقليد في بيان الأسانيد، وكتاب تاج الحلية وسراج البغية في معرفة أسانيد الموطأ، وكتاب المنهاج في رجال مسلم وسمعت منه مجالس.

(36/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 77
وتوفي في صفر. ومولده في سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة.
4 (عبد الرحمن بن سعيد بن هارون.)
أبو المطرف الفهمي السرقسطي المقرئ ابن الوراق. روى عن: أبي عبد الله المغامي، والحسن بن مبشر، وأبي داود، وغيرهم من القراء. وجود القراءآت. وسمع من: أبي الوليد الباجي. وأجاز له أبو عمر بن عبد البر. وأقرأ الجناس بجامع قرطبة، وأم بالناس فيه. أخذ الناس عنه، وكان ثقة. توفي في صفر، وله ثمانون سنة. أجاز لابن بشكوال.
4 (علي بن أستكين.)
الأمير أبو الحسن العميدي، الحاجي، النيسابوري. كان خفيف الروح، صالحاً عابداً. ترك الخدمة ولبس لباس الصالحين، وقنع بما له من ميراث. وحدث عن: أبي الحسن محمد بن محمد الحسيني العلوي، والحسن بن محمد الصفار، وأبي نصر عبد الرحمن التاجر، وغيرهم.) توفي بنيسابور.
4 (علي بن الحسن بن علي بن سعيد بن محمد.)
أبو الحسن الدمشقي العطار.

(36/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 78
كان أبوه مقدم الشهود ورئيسهم بدمشق، وكان مثرياً فاشترى لابنه جارية مغنية، فتعلم منها الغناء ثم افتقر وتعثر، فكان يغني في مجالس الخمر، ويغني ويشرب، ثم كبر وضعف. قال ابن عساكر: سمع الكثير من أبي القاسم السميساطي، وأبي القاسم الحنائي، وأبي بكر الخطيب، فأتيناه فرغبناه في التوبة، فتاب وترك الغناء، وسمعنا منه كتباً. توفي في صفر. وكان مولده في سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة.
4 (علي بن الحسن بن محمد بن محمد.)
الإمام أبو القاسم ابن الإمام أبي علي النيسابوري الصفار. فاضل، علامة، متفنن. روى عن: أبي عثمان البحيري، وأبي سعد الكنجروذي، وأحمد بن منصور المغربي، وأصحاب الخفاف. ثم عن: أصحاب الحاكم، وابن يوسف. ثم عن: أصحاب الحيري. وله النسخ والأجزاء. وكان بإسفراين وبها مات في رمضان.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أبي شجاع العبيدي.)
الأمير ابن الأمير، المأمون بن نور الدولة. كان المأمون وزير الآمر بأحكام الله العبيدي المصري ومدبر دولته، بقي على ذلك أربع سنين. ثم قبض الآمر عليه في سنة تسع عشرة وخمسمائة، ثم

(36/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 79
قتل في رجب سنة اثنتين وعشرين، وصلب بظاهر القاهرة.
4 (موسى بن أحمد بن محمد.)
) أبو القاسم النشادري، الفقيه الحنبلي. سمع الكثير، وقرأ بالروايات. وتفقه على أبي الحسن بن الزاغوني وناظر. وتوفي في رجب شاباً.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن علي بن محمد.)
أبو القاسم المروزي، ويعرف بقاضي مرغرن، وهي قرية من قرى مرو. محدث كثير المحفوظ، حريص على عقد المجالس. له قبول عند العامة، إلا أنه غير ثقة. كان لا يبالي ما يقول بحسب الوقت. سمع: أبا إسماعيل الأنصاري بهراة. وعاش نيفاً وستين سنة.

(36/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 80
4 (وفيات سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة)

4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن عبد الواحد بن محمد بن محمود بن أحمد.)
أبو الفضل الثقفي الإصبهاني، الرئيس، النبيل. سمع: ابن ريذة الثاني، وعبد الحمن بن أبي بكر بن أبي علي المعدل، وعبد الرزاق بن أحمد الخطيب، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وسعيد بن أبي سعيد العيار، ومحمد بن عبد الرحمن بن زياد الأرزناني. روى عنه: أحمد بن أبي منصور بن الزبرقان، والحافظ أبو موسى، وأسعد بن أبي طاهر الثقفي، وعبد الواحد بن أبي المطهر الصيدلاني، وعبد الجليل بن أبي نصر بن رجاء، ومحمد بن أحمد المهاد، وناصر بن محمد الويرج الإصبهانيون. وقد ذكره السمعاني في التحبير.

(36/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 81
يقال: كان صالحاً، سديداً، وكان خير من روى عن الرجال، عن ابن ريذة. ومن مروياته: شروط الذمة لأبي الشيخ، والسنة له، والعتق له، والضحايا والعقيقة له، والنوادر) له، وفوائد العراقيين له، وأحاديث طلحة بن مصرف له، وكتاب السبق والرمي له، وكتاب القطع والسرقة له، وغير ذلك. روى الجميع عن ابن عبد الرحيم، عنه. وكتاب الأدب لابن أبي عاصم، وكتاب معجم ابن المقريء و فوائده التي في خمسة عشر جزءاً، وكتاب حرملة، وكتاب الأسماء والكنى لأبي عروبة، وكتاب الجامع لأحمد بن الفرات، وسنن الشافعي، رواية ابن عبد الحكم، وكتاب الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم، وكتاب طبقات إصبهان لأبي الشيخ، وكتاب الصلاة لأبي نعيم الفضل بن دكين، وكتاب البكاء للفريابي، وكتاب شواهد الشعر لأبي عروبة. وسمع صحيح البخاري من سعيد العيار. وكان مولده في سنة أربعٍ وثلاثين وأربعمائة، وتوفي في تاسع جمادى الأولى، وله ثمانون سنة.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن المظفر بن الحسن بن المظفر بن يزيد.)
أبو علي بن أبي سعد السبط. كان أبوه سبط أبي بكر بن لال الهمذاني.

(36/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 82
سمع: أباه، وأبا محمد الجوهري، وأبا الحسين بن المهتدي بالله. روى عنه: ابنه هبة الله، ويحيى بن يوسف، وأبو القاسم بن عساكر، وآخرون. توفي في ربيع الأول. وثقه ابن عساكر.
4 (حمزة بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن داود.)
أبو الغنائم بن أبي البركات العلوي الحسني النيسابوري. كان جده محدث نيسابور. وكان هو حسن السيرة محدث بالكثير، وتفرد في وقته. وسمع: أباه، وأبا نصر محمد بن الفضل النسوي، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي، وأبا حفص بن مسرور، وعبد الرحمن بن محمد الأنماطي صاحب أبي بكر الإسماعيلي، وعمرو بن أبي عمرو البحيري.) وحج فسمع ببغداد من: القاضي أبي عبد الله الدامغاني، وأبي يوسف عبد السلام القزويني. وقال ابن السمعاني: أجاز لي، وحدثني عنه جماعة. وكان زيدي المذهب.

(36/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 83
توفي في سادس المحرم، وله ستٌ وتسعون سنة.
4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن سعد.)
الوزير كمال الدين أبو علي المزدغاني، وزير صاحب دمشق تاج الملوك بوري بن طغتكين. اتهم بمذهب الباطنية، فقتل في رمضان، ونصب رأسه على باب القلعة، ووضع الجند السيف في الباطنية بدمشق، فقتلوا منهم ستة آلاف نفس، كما مر في الحوادث.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن شاذان.)
أبو الفتح بن علويه السعيدي السرخسي، الفقيه. سمع: الليث بن الحسن الليثي، وزهير بن الحسن، والحافظ محمد بن محمد بن زيد العلوي. ولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. أجاز لابن السمعاني، وقال: مات يوم التروية بسرخس.
4 (عبد الله بن أبي المعمر شيبان بن عبد الله بن أحمد بن محمد.)

(36/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 84
الحافظ أبو محمد البرجي، الإصبهاني، المحتسب. ولد سنة سبعٍ وأربعين، وسمع: سبط حرويه، وجماعة. وكان عارفاً برجال الصحيحين. وكان صحافاً. روى عنه: أبو موسى المديني.
4 (عبيد الله بن محمد ابن الإمام أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي.)
أبو الحسن البيهقي الخسروجردي. لم يكن يعرف شيئاً من العلم، بل سمع الكتب من جده. وسمع من: أبي يعلى إسحاق بن عبد الرحمن الصابوني، وأبي سعد أحمد بن إبراهيم) المقريء. وقدم الحج بعد العشرين، فحدث ببغداد. روى عنه: ابن ناصر، وأبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو الفتح المندائي، وآخرون. قال ابن السمعاني: كره السماع منه جماعةٌ لقلة معرفته بالحديث، وسألت عنه أبا القاسم الدمشقي فقال: ما كان يعرف شيئاً. وكان يتغالى بكتب الإجازة ويقول: ما أجيز إلا بطسوج. قال: وسمع لنفسه في جزءٍ، عن جده تسميعاً طرياً. وكان سماعه فيما عداه صحيحاً.

(36/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 85
وقال أبو محمد بن الخشاب: سألته عن مولده فقال: سنة تسعٍ وأربعين. وقال ابن ناصر: مات في ثالث جمادى الأولى ببغداد. مرض ثلاثة عشر يوماً.
4 (علي بن عبد المجيد بن يوسف بن شعيب.)
أبو الحسن السلمي السمرقندي. أحد الأئمة. توفي في شوال وله اثنتان وثمانون سنة. روى عن: أبي حمية محمد بن أحمد الحنظلي. وعنه: عمر النسفي.
4 (علي بن عبد الواحد بن الحسن بن علي بن شواش.)
أبو الحسن الدمشقي المعدل. سمع: أبا الحسن بن قبيس، وأبا القاسم بن أبي العلاء. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وقال: كان أميناً على المواريث، ووقف الأشراف. وكان ثقة.
4 (عمر بن أبي عيسى أحمد بن عمر بن أبي عيسى.)
الإمام أبو بكر المديني الإصبهاني المقرئ.) ولد سنة أربعٍ أو خمسٍ وستين وأربعمائة بمدينة جي. ثم انتقل به أبوه إلى إصبهان وهو يرضع. روى عن: أبي عمرو بن مندة، وغيره. روى عنه: ابنه الحافظ أبو موسى، وقال: كانت له يد قوية في معرفة القراء والقراءآت وعلم الفرائض. وتوفي خامس رجب.

(36/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 86
4 (عيسى بن موسى بن سعيد.)
أبو الأصبغ الأنصاري البلنسي، ويعرف بالمتولي. روى عن: أبيه، وأبي داود المقريء. وأجاز له أبو الوليد الباجي. وقدم للشورى. وصدق في علم الرأي، واشتغل وأفتى ببلنسية. روى عنه: محمد بن سليمان القلعي. وتوفي في ربيع الأول.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن إسماعيل.)
أبو عامر الطليطلي، نزيل قرطبة. روى عن: أبي المطرف عبد الرحمن بن محمد، وأبي المطرف عبد الرحمن بن أسد، وأبي أحمد جعفر بن عبد الله، ومحمد بن خلف السقاط، ومحمد بن محمد بن جماهر، وجماعة. وأجاز له أبو الوليد الباجي، وأبو العباس العذري، وغيرهم. قال ابن بشكوال: كان معتنياً بلقاء الشيوخ، جامعاً للكتب والأصول. كانت عنده جملة كبيرة من أصول علماء بلده وفوائدهم، وكان ذاكراً لأخبارهم وأزمانهم. وقد سمع منه أصحابنا. وترك بعضهم التحديث عنه لأشياء اضطرب فيها شاهدتها منه مع غيري، وتوقفنا في الرواية عنه.) وقد كنت أخذت عنه كثيراً ثم زهدت فيه لأشياء أوجبت ذلك. توفي في ربيع الأول. وكان مولده سنة.
4 (محمد بن سعد بن الفرج بن مهمت.)
أبو نصر السيباني الحلواني المؤدب.

(36/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 87
شيخ بغدادي، فاضل، ثقة. روى عن: أبي الغنائم بن المأمون، وأبي الحسين بن المهتدي بالله، وابن النقور. وخرج له عبد الوهاب الأنماطي فوائد في جزء. وروى عنه: ابن ناصر، وأبو محمد بن سوفتين، وذاكر بن كامل.
4 (المقرب بن الحسين بن الحسن.)
أبو منصور العقيلي العيسوي النساج، والد أحمد الكرخي. شيخ صالح، خير. سمع: أبا يعلى بن الفراء، وأبا جعفر ابن المسلمة، وغيرهما. روى عنه: السلفي، وابن بوش. وتوفي رحمه الله في ربيع الأول.
4 (منصور بن هبة الله بن محمد الموصلي.)
أبو الفوارس الحنفي، من كبار أئمة المذهب. ولي القضاء بأماكن من السواد.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن محمد بن موسى بن عابد.)
أبو محمد الرياحي الأندلسي. قال ابن السمعاني: شيخ صالح، عفيف، سمع الكثير ونسخ، وبالغ في الطلب وكان ثقة صدوقاً. جاور مدة، وقدم بغداد، ومضى إلى ما وراء النهر. وكان موته ببخارى. سمع: أبا مكتوم عيسى بن أبي ذر، وعلي بن المفرج الصقلي، وأبا إسماعيل الأنصاري، وأبا) عبد الله العميري، وأبا بكر بن خلف الشيرازي.

(36/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 88
وسمع أيضاً بسمرقند، ونسف. وأكثر الترحال. وروى لي عنه: الأمير أبو علي أحمد بن محمد بن جبريل الطرازي، وجماعة سمعوا منه.

(36/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 89
4 (وفيات سنة أربع وعشرين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الملك بن رضوان.)
أبو نصر البغدادي المراتبي. شيخ صالح من باب المراتب. سمع: أبا محمد الجوهري وسماعه صحيح. روى عنه: محمد بن طاهر المقدسي مع تقدمه، وأبو القاسم بن عساكر. ومات في جمادى الآخرة وله إحدى وثمانون سنة. وقد أجاز له عبد العزيز الأزجي الحافظ. قال ابن النجار: روى لنا عنه أبو القاسم ابن السبط. وكان شيخاً صالحاً أميناً، كثير الصلاة والصدقة. سمع أيضاً أبا يعلى بن الفراء.
4 (أحمد بن عبد الواحد بن الحسن بن زريق.)
الشيباني البغدادي القزاز، عم أبي منصور عبد الرحمن بن محمد. شيخ صالح. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين بن النقور. توفي في شعبان. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو المعمر الأنصاري.

(36/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 90
4 (إبراهيم بن عثمان بن محمد.)
أبو إسحاق، وقيل أبو مدين الكلبي الغزي، الشاعر المشهور. أحد فضلاء الدهر، ومن يضرب به المثل في صناعة الشعر.) ذو الخاطر الوقاد، والقريحة الجيدة. تنقل في البلدان، ومدح الأعيان، وهجا جماعة. ودور في الجبال، وخراسان. وسار شعره. وقد سمع بدمشق من الفقيه نصر سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. قال ابن النجار: هو إبراهيم بن عثمان بن عياش بن محمد بن عمر بن عبد الله الأشهبي الكلبي. ثم قال: هكذا رأيت نسبه بخط محمد بن طرخان التركي. روى ببغداد كثيراً من شعره. وعنه من أهلها: محمد بن جعفر بن عقيل البصري، ومحمد بن علي بن المعوج، وعبد الرحيم بن أحمد ابن الأخوة. وروى السلفي عنه. وروى أيضاً عن يوسف بن عبد العزيز الميورقي، عنه.

(36/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 91
ومن شعره:
(أغيد للعين حين ترمقه .......... سلامةٌ في خلالها عطب)

(واخضر في وجنتيه .......... الماء ينبت العشب)

(يدير فينا بخده قدحا .......... يجتمع الماء فيه واللهب)
قلت: وقيل: هو إبراهيم بن يحيى بن عثمان بن محمد. أقام بالنظامية ببغداد سنين كثيرة. وله ديوان شعر مختار نحو ألفي بيت. وقال العماد في الخريدة: مدح ناصر الدين مكرم بن العلاء وزير كرمان بالقصيدة التي يقول فيها:
(حملنا من الأيام ما لا نطيقه .......... كما حمل العظم الكسير العصائبا)

(وليلٍ رجونا أن يدب عذاره .......... فما اختط حتى صار بالصبح سائبا)
قال ابن السمعاني: ما اتفق أني سمعت منه شيئاً، وكان ضنيناً بشعره، إلا أنه اتفق له الخروج من مرو إلى بلخ، فباع قريباً من عشرة أرطال من مسودات شعره من بعض القلانسيين،) ليفسدها في القلانس، فاشتراها منه بعض أصدقائي، وحملها إلي، فرأيت شعراً أدهشت من حسنه وجودة صنعته. فبيضت منه أكثر من خمسة آلاف بيت. ولد رحمه الله سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. وقال ابن نقطة في استدراكه على الأمير: نبا أبو المعالي محمد بن أبي الفرج البغدادي: حدثني سعد بن الحسن التوراني الخراساني الشاعر قال: كنا نسمع على إبراهيم الغزي ديوانه، فاختلف رجلان في إعراب بيت، فقال: قوموا، فوالله لا أسمعت بقيته، ولأبيعنّ ورقه للعطارين يصرون فيه الحوائج.

(36/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 92
ومن شعره:
(قالوا: تركت الشعر قلت: ضرورةً .......... باب الدواعي والبواعث مغلق)

(خلت الديار فلا كريم يرتجى منه .......... النوال، ولا مليحٌ يعشق)

(ومن العجائب أنه لا يشترى .......... ومع الكساد يخان فيه ويسرق)
وله:
(أإحتمال خد يوم وجرة، أم جيد .......... أم اللحظ فيما غازلتك المها الغيد)

(سفرن فقال الصبح: لست بسفيرٍ .......... ومسنّ، فقال البان: ما فيّ املود)

(وخوطي المهتز أمكن وصلها .......... وطرفٌ رقيت الحي بالنوم مصفود)

(لك النوم تحت السجف والطيب والحلى، .......... ولي عزماتي والعلندات والبيد)

(فقالت: أمط عنك القريض وذكره، .......... فما لك في نظم القصائد تجويد)
وله:
(طول حياةٍ ما لها طائل .......... نقص عندي كلما يشتهى)

(أصبحت مثل الطفل في ضعفه .......... تشابه المبتدأ والمنتهى)

(فلا تلم سمعي وإن خانني، .......... إن الثمانين وبلغتها)
وله:
(بجمع جفنيك بين البرء والسقم .......... لا تسفكي من دموعي بالفراق دمي)

(36/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 93
(إشارةٌ منك تكفيني، وأحسن ما .......... رد السلام، وغداة البين بالعنم)
)
(تعليق قلبي بذات القرط يؤلمه .......... فينكر القرط تعليقاً بلا ألم)

(وما نسيت، ولا أنسى تجشمها .......... ومنسم الجو غفلٌ، غير ذي علم)

(حتى إذا طاح منها المرط من دهشٍ .......... وانحل بالضم سلك العود في الظلم)

(تبسمت فأضاء الجو، فالتقطت .......... حبات متعثر في ضوء منتظم)
وله:
(إذا ما قل عقل المرء قلت همومه .......... ومن لم يكن ذا مقلةٍ كيف يرمد)

(وقد تصقل الضبات وهي كليلةٌ .......... وتصيد أحد السيف وهو مهند)
وله:
(إني لأشكو خطوباً لا أعينها .......... ليبرأ الناس من لومي ومن عذلي)

(كالشمع يبكي ولا يدرى، أعبرته .......... من حرقة النار، أو من فرقة العسل)
وله القصيدة السائرة:
(أحط عن الدرر الزهر اليواقيتا .......... واجعل لحج تلاقينا مواقيتا)

(36/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 94
(فثغرك اللؤلؤ المبيض لا الحجر ال .......... مسود طالبه يطوي السباريتا)

(لنا بذكراك أذكى الطيب رائحةً .......... ونور وجهك رد البدر مبهوتا)

(وفتية من كماة الترك ما تركت .......... للرعد كنانهم صوتاً ولا صيتا)

(قوم إذا قوبلوا كانوا ملائكةً .......... حسناً، وإن قوتلوا كانوا عفاريتا)

(مدت إلى النهب أيديهم وأعينهم، .......... وزادهم قلق الأخلاق تثبيتا)
وله:
(طفقت تقول أسيرة الكلل .......... لك ناظرٌ أهدى فؤادك لي)

(وأراك رائد مهمة قذف .......... ما عاقها القمران عن زحل)

(من ضنها بالطيف توعدنا .......... جود النبأ يعد في البخل)

(استغفر الله المركب في أسل .......... القدود لها ذم المقل)

(فاسنن عليك دلاص تسليةٍ .......... فاللحظ يبطل حجة البطل)

(بك من جواري السرب نازلةٌ .......... بالحسن بين مراكز الأسل)

(بدوية الحلل افتتنت بها .......... لما بدت خصرية الحلل)
)
(يا دميةً سفكت دمي عشاراً .......... أنا ابن بجدة حومة الوهل)

(ما ضقت يوماً بتحيتي لهم .......... إلا وكان نزالهم نزلي)

(ومن السفاهة مقت ذي معةٍ .......... ومن العناء عتاب ذي ملل)
وله:
(ورب خطيبٍ حللت عقدته .......... بمنزلٍ لا تحل فيه حبا)

(وما لك جئت نحوه ظلماً .......... فزرته مشرق المنى شحبا)

(36/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 95
(جاد بما يملأ الحقائب لي .......... وحدث بالمدح يملأ الحقبا)

(وكم تصيدته والصبى شركي .......... شرب ظبا لحاطمين ظبا)

(على عذير بروده نظمت .......... نوادرها حول بدره شهبا)

(يدق فيه الغمام أسهمه .......... فيكتسي من نصالها حسبا)

(ويعجم الطل ما يحط على صفحته .......... مر شمال وصبا)

(ضروب نقشٍ كأنما خلع الز .......... هر عليهن برده طربا)

(لو كن يتقين ظنهن صفي .......... الدولة الأحرف التي كتبا)
قال ابن السمعاني: خرج الغزي متوجهاً من مرو إلى بلخ في سنة أربعٍ وعشرين، فأدركته المنية في الطريق، فحمل إلى بلخ ودفن بها، وله ثلاثٌ وثمانون سنة.
4 (إسماعيل بن الفضل بن أحمد بن محمد بن علي الإخشيد.)

(36/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 96
التاجر الإصبهاني المعروف بالسراج. سمع: أبا القاسم بن أبي بكر الذكواني، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وعلي بن القاسم المقريء، وأبا العباس بن النعمان الصائغ، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وأبا الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، وجماعة. روى عنه: أبو طاهر السلفي، وكناه أبا سعيد ووثقه، وأبو موسى المديني، ويحيى الثقفي، وناصر الويرج، وخلف بن أحمد الفراء، وأسعد بن أحمد الثقفي، وأبو جعفر الصيدلاني، وآخرون. سمعه أبو موسى يقول: ولدت ليلة نصف شعبان سنة ستٍ وثلاثين وأربعمائة. قال: وكان أبي اسمه محمد، وكنيته أبو الفضل، فغلب عليه الفضل.) قلت: وكان من المكثرين في السماع والرواية، وقرأ القرآن على المشايخ. وكان تاجراً أميناً. كناه أبو سعد السمعاني أبو الفتح وقال: كان سديد السيرة. قرأ بروايات، ونسخ أجزاء كثيرة، وكان واسع الرواية، موثوقاً به. كتب لي الإجازة. فمن مسموعاته: طبقات الصحابة لأبي عروبة، في أربعةٍ وعشرين جزءاً، بروايته عن أبي طاهر بن عبد الرحيم، عن ابن المقري، عنه وكتاب الإشراف في اختلاف العلماء لابن المنذر، بروايته عن ابن عبد الرحيم، عن ابن المقري، عنه وكتاب السنن للحلواني، رواية الفضل الجندي، عنه. قلت: توفي رحمه الله في رمضان، وقيل في شعبان. وله فوائد مروية.
4 (حرف الخاء)

4 (خلف بن عمر بن عيسى.)
أبو القاسم الحضرمي القرطبي.

(36/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 97
روى عن: سراج بن عبد الملك. وتفقه عند: هشام بن أحمد الفقيه. قال ابن بشكوال: عن جماعة معنا. وكان رحمه الله من العلماء المتفننين. توفي في رجب.
4 (حرف السين)

4 (سهل بن إبراهيم بن أبي القاسم.)
أبو القاسم النيسابوري المسجدي النسفي، خادم مسجد المطرز. قال السمعاني، وقد أجاز له: كان شيخاً صالحاً، كثير العبادة، معمراً، متفرداً بالرواية عن مثل أبي سعيد بن أبي الخير الميهني، وأبي محمد الجويني، وأبي عبد الرحمن محمد بن أحمد بن محمد الشاذياخي.) وسمع من: عبد الغافر الفارسي، وابن مسرور. سمعني والدي منه أجزاء. ولد في حدود سنة ثلاثين، وحدث في آخر سنة ثلاث، ووفاته بعد ذلك.
4 (سهل بن محمود بن محمد بن إسماعيل.)
أبو المعالي البخاري البراني. وبرانية من قرى بخارى. كان إماماً، ذكياً، واعظاً، صالحاً، عابداً، حج على التجريد، وبقي مع وفاقه حافياً عرياناً، حتى توصلوا إلى مكة بعد الرفقة. وجاور بمكة حتى حج. ودخل اليمن، وركب البحر إلى كرمان. سمع: أباه، والمظفر بن إسماعيل الجرجاني. روى عنه: ابنه حمزة. وتوفي ببخارى.

(36/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 98
4 (حرف الطاء)

4 (طراد بن علي بن عبد العزيز.)
أبو فراس السلمي الدمشقي الكاتب المعروف بالبديع. مات متولياً بمصر. وكان مولده بدمشق في سنة أربع وخمسين. قال السلفي: علقت عنه شعراً. وكان آيةً في النظم والنثر. له مقامات ورسائل. قلت: ومن شعره في تاج الدولة تتش بن ألب رسلان:
(غزالٌ غزا قلبي بعينٍ مريضةٍ .......... لها ضعف أجفانٍ تهد قوى صبري)

(له لين أعطافٍ أرق من الهوى .......... وقلبٌ على العشاق أقسى من الصخر)
وهي طويلة.) ومن شعره أيضاً قوله:
(قيل لي: لما جلست في طرف القو .......... م وأنت البديع رب القوافي)

(قلت: آثرته لأن المنادي .......... ل يرى طرزها على الأطراف)

(وكفاني من الفخار بأني نازلٌ .......... في منازل الأشراف)

(36/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 99
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن علي بن عبد الملك أبو محمد الهلالي الغرناطي، يعرف بابن سمجون.)
أحد جلة العلماء والفقهاء. ولي قضاء غرناطة. وأخذه عنه: أبو جعفر بن البادش، وعبد الحق بن بونة. وعاش بضعاً وسبعين سنة. يروي عن: أبي علي الغساني، وطبقته.
4 (عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن صدقة.)
أبو محمد المصري، المجاور بمكة. ويعرف بابن الغزال. شيخ كبير صالح. سمع: أبا عبد الله القضاعي بمصر، وأبا القاسم الحنائي، والكتاني بدمشق وكريمة المروزية. وطال عمره وكف بصره. قال ابن عساكر: سمعت من لفظه حديثاً واحداً لصممٍ شديد كان به. لقناه الحديث. وذكر لي أن جده لقب بالغزال لسرعة عدوه. توفي أبو محمد في صفر. وقال السلفي: أجاز لي، وقد أخبرني عنه بإصبهان إسماعيل بن محمد الحافظ سنة ثلاثٍ وتسعين وأربعمائة. وحججت سنة تسعٍ وتسعين ولم أعلم به. سمع: عبد العزيز بن الضراب، وأبا محمد المحاملي، والمقريء أبا الحسين الشيرازي.) وكان مقرئأ صالحاً. وسمعت من أخيه إبراهيم بمصر.

(36/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 100
4 (عبد الحق بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الحق.)
أبو محمد الخزرجي القرطبي. روى عن: الفقيه محمد بن فرج واختص به وناظر عند: أبي جعفر بن رزق، وأبي الحسن بن حمدين. وأجاز له أبو العباس بن العذري. وكان فقيهاً إماماً شروطياً مدرساً. توفي في صفر، وله اثنان وسبعون عاماً.
4 (عبد العزيز بن محمد بن معاوية.)
أبو محمد الأنصاري الدورقي الأطروش. سكن قرطبة. وحدث عن: أبي بكر محمد بن مفوز، وأبي علي الصدفي، وأبي عبيد الله الخولاني. وكان حافظاً، عارفاً بالعلل والصحيح والسقيم والرجال، مقدماً في جميع ذلك على أهل وقته، قاله ابن بشكوال وجمع كتباً مفيدة. سمعنا منه، وكان حرجاً نكد الخلق. توفي في ربيع الآخر.
4 (عبد الملك بن عبد العزيز بن فيرة بن وهب.)
أبو مروان المرسي. سمع من: أبي علي الغساني، وغيره. وحج، ودخل بغداد، ودمشق وروى هناك. ولم يذكره ابن عساكر. وكان حافظاً للرأي، ذاكراً للمسائل، صالحاً خيراً. وعاش إحدى وسبعين سنة.

(36/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 101
4 (عبد المنعم بن مروان بن عبد الملك بن سمجون.)
) أبو محمد اللواتي الطنجي. نشأ بغرناطة وتفقه بها على: أبي محمد عبد الواحد بن عيسى. وسمع من: أبي علي الغساني. وكان فقيهاً، جزلاً، مهيباً. ولي قضاء إشبيلية بعد عزل أبي مروان الباجي. ثم نقل إلى قضاء غرناطة. وتوفي في شعبان.
4 (عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن سيدة.)
أبو المظفر الإصبهاني المقريء. توفي في رمضان.
4 (عثمان بن منصور بن عبد الكريم.)
أبو عمرو الطرازي النظامي. سكن بلخ، وحدث عن أبي الحسن محمد بن محمد الحسيني. روى عنه: عبد الله بن عمر الفقيه ببلخ، ومحمد بن الفضل المارشكي بطوس. وكان رجلاً جليل القدر، واعظاً، محتشماً.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت عبد الله بن أحمد بن القاسم بن عقيل.)

(36/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 102
أم إبراهيم، وأم الغيث، وأم الخير الجوزدانية. قال أبو موسى المديني: قدمت علينا من جوزدان، وكان مولدها نحو الخمس والعشرين وأربعمائة. وسمعت من: أبي بكر بن ريذة سنة خمسٍ وثلاثين. وهي آخر أصحابه. قلت: هي أسند أهل العصر مطلقاً، وهي للإصبهانيين كابن الحصين للبغداديين. سمعت من ابن ريذة المعجم الكبير والمعجم الصغير للطبراني، وكتاب الفتن لنعيم بن حماد.) روى عنها: أبو العلاء الهمذاني، وأبو موسى المديني، ومعمر بن الفاخر، وأبو جعفر الصيدلاني، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، وعائشة بنت معمر، وعفيفة بنت أحمد، وأبو سعيد محمد الأرجاني الحللي، وعبد الرحيم بن أحمد ابن الأخوة، وداود بن سليمان بن نظام الملك، وشعيب بن الحسن السمرقندي، وفاطمة بنت سعد الخير، لها عنها حضور، وجماعة كثيرة. أنبا أبو علي القلانسي: أنبأتنا كريمة: عن أبي مسعود عبد الرحيم الحاجي أنهل توفيت في غرة شعبان. وقال ابن نقطة: في رابع عشر رجب.
4 (فضل الله بن محمد بن وهب الله بن محمد.)
أبو القاسم الأنصاري المقرئ. أقرأ بجامع قرطبة مدة، وأخذ القراءآت عن: أبي محمد بن شعيب، وأبي عبد الله بن شريح.

(36/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 103
وسمع من: محمد بن فرج الطلاعي، وأبي محمد بن خزرج. روى عنه: ابن بشكوال، وقال: توفي في رمضان، وله سبعون سنة. وقرأ عليه بالروايات: علي بن محمد بن خاف، شاب قرطبي.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن سعدون بن مرجى بن سعدون.)
الإمام أبو عامر القرشي العبدري الميورقي المغربي، نزيل بغداد. أحد الحفاظ والعلماء المبرزين، ومن كبار الفقهاء الظاهرية. رحل إلى بغداد. وسمع: أبا عبد الله البانياسي، وأبا الفضل بن خيرون، وطراد بن محمد، ويحيى السبتي، والحميدي، وابن البطر، وخلقاً سواهم. قال القاضي أبو بكر محمد بن المغربي في معجمه: أبو عامر العبدري هو أنبل من لقيته. وقال ابن ناصر: كان فهماً، عالماً، متعففاً، مع فقره، وكان يذهب إلى أن المناولة كالسماع. وذكره السلفي في معجمه فقال: كان من أعيان علماء الإسلام بمدينة السلام، متصرفٌ في فنون من العلوم أدباً ونحوا، ومعرفةً بالأنساب. وكان داوودي المذهب، قرشي النسب.) كتب عني وكتبت عنه. ومولده بقرطبة من مدن الأندلس. قال ابن نقطة: نبا أحمد بن أبي بكر البندنيجي أن الحافظ ابن ناصر قال

(36/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 104
لما دفنوا أبا عامر العبدري: خلا لك الجو فبيضي واصفري مات أبو عامر حافظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن شاء فليقل ما شاء. وقال ابن عساكر: كان فقيهاً على مذهب داود، وكان أحفظ شيخٍ لقيته ذكر أنه دخل الشام في حياة أبي القاسم بن أبي العلاء، وسمعت أبا عامر وقد جرى ذكر مالك، فقال: جلفٌ جاف، ضرب هشام بن عمار بالدرة. وقرأت عليه الأموال لأبي عبيد، فقال، وقد مر قول لأبي عبيد: ما كان إلا حماراً مغفلاً لا يعرف الفقه. وقيل لي عنه إنه قال في إبراهيم النخعي: أعور سوء. فاجتمعنا يوماً عند ابن السمرقندي في قراءة الكامل، فنقل فيه قولاً عن السعدي، فقال: يكذب ابن عدي، إنما هو قول إبراهيم الجوزجاني. فقلت له: فهو السعدي فإلى كم نحتمل منك سوء الأدب. تقول في إبراهيم النخعي كذا، وتقول في مالك كذا، وفي أبي عبيد كذا فغضب وأخذته الرعدة وقال: كان ابن الخاضبة والبرداني وغيرهما يخافوني، فآل الأمر إلى أن تقول في هذا. قال له ابن السمرقندي: هذا بذاك. فقلت: إنما نحترمك ما احترمت الأئمة. فقال: والله قد علمت من علم الحديث ما لم يعلمه غيري ممن تقدم،

(36/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 105
وإني لأعلم من صحيح البخاري ومسلم ما لم يعلماه. فقلت مستهزئاً: فعلمك إذاً إلهامٌ. وهجرته. قال: وكان سيء الاعتقاد، ويعتقد من أحاديث الصفات ظاهرها. بلغني أنه قال في سوق باب الأزج يوم يكشف عن ساقٍ فضرب على ساقه وقال: ساقٌ) كساقي هذه. وبلغني أنه قال: أهل البدع يحتجون بقوله تعالى: ليس كمثله شيء أي في الإلهية، فأما في الصورة فهو مثلي ومثلك. قال الله تعالى: يا نساء النبي لستن كأحدٍ من النساء أي في الحرمة. وسألته يوماً عن أحاديث الصفات، فقال: اختلف الناس فيها، فمنهم من تأولها، ومنهم من امسك، ومنهم من اعتقد ظاهرها. ومذهبي آخر هذه الثلاثة مذاهب. وكان يفتي على مذهب داود بن علي، فبلغني أنه سئل عن وجوب الغسل على من جامع ولم ينزل، قال: لا غسل عليه، الآن فعلت ذلك بأم أبي بكر، يعني ولده، وكان بشع الصورة، زري اللباس. وقال ابن السمعاني: حافظ مبرز في صنعة الحديث، داوودي المذهب، سمع الكثير، ونسخ بخطه إلى آخر عمره. وكان يسمع وينسخ. وقال ابن ناصر: فيه تساهل في السماع، يتحدث ولا يصغي ويقول:

(36/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 106
يكفيني حضور المجلس. ومذهبه في القراءآت مذهب سوء. مات في ربيع الآخر. قلت: روى عنه أبو القاسم بن عساكر، ويحيى بن بوش، وأبو الفتح المندائي، وجماعة. وخمل ذكره لبدعته.
4 (محمد بن عبد الله بن تومرت.)
أبو عبد الله الملقب نفسه بالمهدي المصمودي، الهرغي، المغربي، صاحب دعوة السلطان عبد المؤمن ملك المغرب. كان يدعي أنه حسني علوي، وهو من جبل السوس في أقصى المغرب. نشأ هناك، ثم رحل إلى المشرق لطلب العلم، ولقي أبا حامد الغزالي، وإلكيا أبا الحسن الهراسي، وأبا بكر الطرطوشي.

(36/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 107
وجاور بمكة، وحصل طرفاً جيداً من العلم.) وكان متورعاً. متنسكاً، مهيباً، متقشفاً، مخشوشناً، أماراً بالمعروف، كثير الإطراق، متعبداً، يبتسم إلى من لقيه، ولا يصحبه من الدنيا إلى عصاةٌ وركوة. وكان شجاعاً، جريئاً، عاقلاً، بعيد الغور، فصيحاً في العرب، قد طبع على النهي عن المنكر، متلذذاً به، متحملاً المشقة والأذى فيه. أوذي بمكة لذلك، فخرج إلى مصر، وبالغ في الإنكار، فزادوا في أذاه وطرد. وكان إذا خاف من البطش وإيقاع الفعل به خلط في كلامه ليظنوه مجنوناً، فخرج إلى الإسكندرية، فأقام بها مدة. ثم ركب البحر إلى بلاده. وكان قد رأى في منامه وهو بالمشرق كأنه قد شرب ماء البحر جميعه كرتين، فلما ركب السفينة شرع ينكر، وألزمهم بالصلاة والتلاوة، فلما انتهى إلى المهدية، وصاحبها يومئذٍ يحيى بن تميم الصنهاجي، وذلك في سنة خمسٍ وخمسمائة، نزل بها في مسجد مغلق على الطريق. وكان يجلس في طاقته، فلا يرى منكراً من آلة الملاهي أو أواني الخمور إلا نزل وكسرها. فتسامع به الناس، وجاءوا إليه، وقرأوا عليه كتباً في أصول الديانة، وبلغ خبره الأمير يحيى، فاستدعاه مع جماعةٍ من الفقهاء، فلما رأى سمته وسمع كلامه أكرمه، وسأله الدعاء، فقال له: أصلحك الله لرعيتك. ثم نزح عن البلد إلى بجاية، فأقام بها ينكر كدأبه، فأخرج منها إلى قرية ملالة، فوجد بها عبد المؤمن بن علي القيسي، فيقال: إن ابن تومرت كان قد وقع بكتاب فيه صفة عبد المؤمن وصفة رجلٍ يظهر بالمغرب الأقصى من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم، يدعو إلى الله يكون مقامه ومدفنه بموضعٍ من المغرب، يسمى ت ي ن م ل، ويجاوز وقته المائة الخامسة. فوقع في ذهنه أنه هو. وأخذ يتطلب صفة عبد المؤمن فبلغ إلى أن رأى في الطريق شاباً قد بلغ أشده على الصفة التي معه، فقال: يا شاب ما اسمك قال: عبد المؤمن. فقال: الله أكبر، أنت بغيتي، فأين مقصدك؟

(36/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 108
قال: المشرق لطلب العلم. قال: قد وجدت علماً وشرفاً وصحبني شلة.) ثم نظر في حليته فوافقت، وقال: ممن أنت قال: من كومية. فربط الشاب، وألقى إليه سره. وكان ابن تومرت قد صحبه عبد الله الونشريسي ممن تهذب وتفقه، وكان جميلاً، فصيحاً في العربية، فتحدثا يوماً في كيفية الوصول إلى الأمر المطلوب، فقال لعبد الله: أرى أن تستر ما أنت عليه من العلم والفصاحة عن الناس، فتظهر من العي واللكن والجهل ما تشتهر به، لتجد الخروج عن ذلك، وإظهار العلم دفعةً واحدة، فيكون ذلك معجزة. ففعل ذلك. ثم استدنى محمد أشخاصاً أجلاداً في القوى الجسمانية، أغماراً، فاجتمع له ستة، فتوجهوا إلى مراكش، وملكها علي بن يوسف بن تاشفين، وكان ملكاً حليماً، عادلاً، متواضعاً، وكان بحضرته مالك بن وهيب الأندلسي الفقيه، فأخذ ابن تومرت في الإنكار، حتى أنكر على إبنة الملك، وذلك في قصةٍ طويلة، فبلغ خبره الملك، وأنه يحدث في تغيير الدولة، فكلم مالك بن وهيب في أمره، وقال: نخاف من فتح بابٍ يعسر علينا سده. وكان محمد وأصحابه مقيمين في مسجدٍ خراب بظاهر البلد، فأحضرهم في محفلٍ من العلماء، فقال الملك: سلواً هذا ما يبغي. فكلموه، وقال: ما الذي يذكر عنك من القول في حق الملك العادل الحليم المنقاد إلى الحق فقال: أما ما نقل عني، فقد قلته، ولي من ورائه أقوال، وأما قولك إنه يؤثر طاعة الله على هواه، وينقاد إلى الحق، فقد حضر اعتبار هذا القول عليه، ليعلم بتعريه عن هذه الصفة. إنه مغرورٌ بما تقولون له وتطرونه به، مع علمكم أن الحجة عليه متوجهة. فهل بلغك يا قاضي أن الخمر تباع جهاراً، وتمشي

(36/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 109
الخنازير بين المسلمين، وتؤخذ أموال اليتامى وعدد من ذلك أشياء، حتى ذرفت عينا الملك، وأطرق حياءً، ففهم الدهاة من كلامه طمعه في الملك. ولما رأوا سكوت الملك وانخداعه له لم يتكلموا، فقال مالك بن وهيب: إن عندي نصيحة، إن قبلها الملك حمد عاقبتها، وإن تركها لم آمن عليه. قال: وما هي قال: إني خائف عليك من هذا الرجل، وأرى أن تسجنه وأصحابه، وتنفق عليهم كل يومٍ ديناراً،) وإلا أنفقت عليه خزائنك. فوافقه الملك، فقال الوزير: أيها الملك، يقبح أن تبكي من موعظة هذا، ثم تسيء إليه في مجلسٍ واحد. وأن يظهر منك الخوف مع عظم ملكك، وهو رجل فقير لا يملك سد جوعه. فأخذت الملك العزة، واستهون أمره وصرفه، وسأله الدعاء. وقيل إنه لما خرج من عنده لم يزل وجهه تلقاء وجهه، إلى أن فارقه، فقيل له: نراك تأدبت مع الملك. فقال: أردت أن لا يفارق وجهي الباطل حتى أغيره ما استطعت. ولما خرج قال لأصحابه: لا مقام لنا بمراكش مع وجود ماله بن وهيب، فإنا نخاف مكره، وإنا لنا بأغمات أخاً في الله فنقصده، فلم نعدم منه رأياً ودعاء. وهو الفقيه عبد الحق بن إبراهيم المصمودي. فسافروا إليه فأنزلهم، وبثوا إليه سرهم، وما جرى لهم، فقال: هذا الموضع لا يحميكم، وإن أحصن الأماكن المجاورة لهذا البلد تين مل، وهي مسيرة يوم في هذا الجبل، فانقطعوا فيه برهةً ريثما ينسى ذكركم. فلما سمع ابن تومرت بهذا الاسم تجدد له ذكر اسم الموضع الذي رآه في الكتاب فقصده مع أصحابه. فلما أتوه رآهم أهل ذلك المكان على تلك الصورة فعلموا أنهم طلاب علم. قال: فتلقوهم وأكرموهم وأنزلوهم.

(36/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 110
وبلغ الملك سفرهم، فسر بذلك. وفشا مع أهل الجبل بوصول ابن تومرت، فجاءوه من النواحي يتبركون به، وكان كل من أتاه استدناه، وعرض عليه ما في نفسه من الخروج، فإن أجابه أضافه إلى خواصه، وإن خالفه أعرض عنه. وكان يستميل الشباب والأغمار، وكان ذوو الحلم والعقل من أهاليهم ينهونهم ويحذرونهم من اتباعه خوفاً عليهم من الملك، فكان لا يتم له مع ذلك حال. وطالت المدة، وكثرت أتباعه من أهل جبال درن، وهو جبل لا يفارقه الثلج، وطريقه ضيق) وعسر. قال اليسع بن حزم: لا أعلم مدينة من تينمل، لأنها بين جبلين، ولا يسع الطريق إليها إلا الفارس، وقد ينزل عن فرسه في أماكن صعبة، وفيها مواضع لا يعبر فيها إلا على خشب، فإذا أزيلت خشبة لم يمر أحد. وهذه الطريق مسافة يوم. فأخذ أصحابه يغيرون على النواحي سبياً وقتلاً، وتقوا وكثروا. ثم إنه غدر بأهل تينمل الذين آووه ونصروه، وأمر أصحابه، فقتلوا منهم مقتلةً عظيمة، قاتله الله. فقال له الفقيه الإفريقي، وهو أحد العشرة، عن ما فعل بأهل تينمل: هؤلاء قوم أكرمونا وأنزلونا دورهم قتلتهم فقال لأصحابه: هذا شك في عصمتي، خذوه فاقتلوه. فقتلوه، وعلقوه على جذع. قال: وكل ما أذكره من حال المصامدة فمنه ما شاهدته، ومنه ما أخذته بنقل التواتر. وكان في وصيته إلى قوم إذا ظفروا بمرابطٍ أو أحدٍ من تلمسان أن يحرقوه. فلما كان في عام تسعة عشر خرج إليهم يوماً، فقال: تعلمون أن البشير، الذي هو الونشريسي، إنه أمي لا يقرأ ولا يكتب وإنه لا يثبت على دابة، وقد جعله الله مبشراً لكم مطلعاً على أسراركم، وهو آية لكم، فإنه حفظ القرآن، وتعلم الركوب.

(36/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 111
ثم استعرضه القرآن، فقرأه لهم في أربعة أيام، وركب حصاناً وساقه، فتعجبوا وعدوا ذلك آية، وصح لابن تومرت بذلك ما أطواه على نفوسٍ سليمة لا يعرفون بواطن الأمور، فتحقق تصديقهم إياه. فقام خطيباً وقال: قال الله تعالى: ليميز الله الخبيث من الطيب فقال: منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون. وهذا البشير مطلع على الأنفس محدث، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن في أمتي محدثين. وإن عمر منهم. وقد صحبنا أقوامٌ أطلعه الله على سرهم ونفاقهم، ولابد من النظر فيهم، ويتمم العدل فيهم.) ثم نودي في جبال المصامدة: من كان مطيعاً للإمام فليقبل. فكانوا يأتون قبائل قبائل، فيعرضون عليه، فيخرجون قوماً على يمينه، ويعدهم من أهل الجنة، وقوماً على يساره، ويقول: هؤلاء شاكون في الأمر. حتى كان يؤتى بالرجل فيقول: ردوا هذا على اليمين، فإنه تائب، وقد كان قبل كافراً، ثم أحدث البارحة توبة، فيعترف بما أخبر به. واتفقت له فيهم عجائب. وكان يطلق أهل اليسار وهم يعلمون أن مآلهم إلى القتل فلا يفر منهم أحد. وكان إذا اجتمع منهم كثير قتلهم قراباتهم، يقتل الأب ابنه، والأخ أخاه، وابن العم ابن العم. فالذي صح عندي أنه قتل منهم سبعون ألفاً على هذه الصفة، ويسمونها التمييز. ولما كمل التمييز وجه جموعه مع البشير نحو أغمات، فالتقوا المرابطين فهزموهم، وقتل خلقٌ من المصامدة لكونهم ثبتوا، وجرح عمر الهنتاني جراحات، فحملوه على أعناقهم وهو كالميت، لا ينبض له عرق. فقال لهم البشير: إنه لا يموت حتى يفتح البلاد، ويغزو في الأندلس. وبعد مدة من استماتته فتح عينيه، فزادهم ذلك إيماناً بأمرهم. ولما أتوا عزاهم ابن تومرت وقال: يومٌ بيوم، وكذلك حرب الرسل.

(36/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 112
ونقل عبد الواحد بن علي التميمي المراكشي في كتاب المعجب الذي اختصرته، أن ابن تومرت رحل إلى بغداد، فأخذ الأصول عن أبي بكر الأصولي الشاشي، وسمع من المبارك بن عبد الجبار ابن الطيوري. وقال: إن أمير الإسكندرية نفاه منها فبلغني أنه استمر ينكر في المركب إلى أن ألقوه في البحر. فأقام نصف يومٍ يجري في ماء السفينة ولم يغرق، فأنزلوا إليه من أطلعه وعظموه، إلى أن نزل بجاية، ووعظ بها، ودرس، وحصل له القبول، فأمره صاحبها بالخروج منها خوفاً منه، فخرج، ووقع بعبد المؤمن وكان بارعاً في خط الرمل. ووقع بجفرٍ فيما قيل، وصحبهما من ملالة عبد الواحد الشرقي، فتوجه الثلاثة إلى أقصى المغرب.) وقيل إنه لقي عبد المؤمن ببلاد متيحة، فرآه يعلم الصبيان، فأسر إليه، وعرفه بالعلامات. وكان عبد المؤمن قد رأى رؤيا، وهي أنه يأكل مع أمير المسلمين علي بن يوسف في صحفةٍ قال: ثم زاد أكلي على أكله، ثم اختطفت الصحفة منه. فقصها على عابرٍ فقال: هذه لا ينبغي أن تكون لك، إنما هي لرجلٍ ثائر يثور على أمير المسلمين، إلى أن يغلب على بلاده. وسار ابن تومرت إلى أن نزل في مسجد بظاهر تلمسان، وكان قد وضع له هيبةً في النفوس. وكان طويل الصمت، كثير الإنقباض، إذا انفصل عن مجلس العلم لا يكاد يتكلم. أخبرني شيخٌ عن رجلٍ من الصالحين كان معتكفاً في ذلك المسجد أن ابن تومرت خرج ليلةً فقال: أين فلان قالوا: مسجون. فمضى من وقته ومعه رجلٌ، حتى أتى إلى باب المدينة، فدق على البواب دقاً عنيفاً. ففتح له بسرعة، فدخل حتى أتى الحبس، فابتدر إليه السجانون يتمسحون به. ونادى: يا فلان. فأجابه، فقال: أخرج، فخرج والسجانون باهتون لا يمانعونه، وخرج به حتى أتى المسجد. وكانت هذه عادته في كل ما يريد، لا يتعذر عليه. قد سخرت له الرجال. وعظم شأنه بتلمسان إلى أن انفصل عنها، وقد استحوذ على قلوب

(36/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 113
كبرائها. فأتى فاس، وأظهر الأمر بالمعروف، وكان جل ما يدعو إليه علم الاعتقاد على طريقة الأشعرية. وكان أهل المغرب ينافرون هذه العلوم، ويعادون من ظهرت عليه. فجمع والي فاس الفقهاء له، فناظرهم، فظهر عليهم لأنه وجد جواً خالياً وناساً لا علم لهم بالكلام، فأشاروا على المتولي بإخراجه. فسار إلى مراكش، وكتبوا بخبره إلى ابن تاشفين، فجمع له الفقهاء، فلم يكن فيهم من يعرف المناظرة إلا مالك بن وهيب، وكان متفنناً قد نظر في الفلسفة. فلما سمع كلامه استشعر حدته وذكاءه فأشار على أمير المسلمين ابن تاشفين بقتله، وقال: هذا لا تؤمن عائلته، وإن وقع في بلاد المصامدة قوي شره، فتوقف عن قتله ديناً، فأشار عليه) بحبسه، فقال: علام أسجن مسلماً لم يتعين لنا عليه حق. ولكن يخرج عنا. فذهب هو وأصحابه إلى السوس، ونزل تينمل. ومن هذا الموضع قام أمره، وبه قبره، فلما نزله اجتمع إليه المصامدة، فشرع في بث العلم والدعاء إلى الخير. وكتم أمره، وصنف لهم عقيدةً بلسانهم، وعظم في أعينهم، وأحبته قلوبهم. فلما استوثق منهم دعا إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونهاهم عن سفك الدماء، فأقاموا على ذلك مدة، وأمر رجالاً منهم ممن استصلح عقولهم بنصب الدعوة. واستمال رؤساء القبائل، وأخذ يذكر المهدي ويشوق إليه، وجمع الأحاديث التي جاءت في فضله، فلما قرر عندهم عظمة المهدي ونسبه ونعته، ادعى ذلك لنفسه، وقال: أنا محمد بن عبد الله، وسرد له نسباً إلى علي عليه السلام، وصرح بدعوى العصمة لنفسه، وأنه المهدي المعصوم، وبسط يده للمبايعة فبايعوه، فقال: أبايعكم على ما أبايع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وصنف لهم تصانيف في العلم، منها كتاب سماه أعز ما يطلب، وعقائد على مذهب الأشعري في أكثر المسائل إلا في إثبات الصفات، فإنه وافق المعتزلة في نفيها، وفي مسائل غيرها قليلة. وكان يبطن شيئاً من التشيع. ورتب أصحابه طبقات، فجعل منهم العشرة، وهم الأولون السابقون إلى إجابته. وهم الملقبون بالجماعة.

(36/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 114
وجعل منهم الخمسين، وهم الطبقة الثانية. وهذه الطبقات لا تجمعها قبيلة، بل هم من قبائل متفرقة. وكان يسميهم المؤمنين، ويقول لهم: ما على وجه الأرض من يؤمن إيمانكم، وأنتم العصابة المعنيون بقوله صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة بالمغرب ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله. وأنتم الذين يفتح الله بكم الروم، ويقتل بكم الدجال، ومنكم الأمير الذي يصلي بعيسى بن مريم. هذا مع جزيئات كان يخبرهم بها وقع أكثرها.) وكان يقول: لو شئت أن أعد خلفاءكم خليفةً خليفةً لعددت. فعظمت فتنة العوام به، وبالغوا في طاعته، إلى أن بلغوا حداً لو أمر أحدهم بقتل أبيه أو أخيه أو ابنه لقتله. وسهل ذلك عليهم ما في طباعهم من القسوة المعهودة في أهل الجبال، لاسيما الخاربة البربر، فإنهم جبلوا على الإقدام على الدماء، واقتضاه إقليمهم. حتى قيل إن الاسكندر أهديت له فرسٌ لا تسبق، لكنها لا تصهل، فلما حل بجبال درن، وهي بلاد المصامدة هذه، وشربت تلك الفرس من مياهها صهلت. فكتب الإسكندر إلى الحكيم يخبره، فكتب إليه: هذه بلاد سر وقسوة، فعجل بالخروج منها. وأنا فقد شاهدت من إقدامهم على القتل لما كنت بالسوس ما قضيت منه العجب. قال: وقوي أمر ابن تومرت في سنة خمس عشرة وخمسمائة، فلما كان في سنة سبع عشرة جهز جيشاً من المصامدة، جلهم من أهل تينمل والسوس، وقال لهم: اقصدوا هؤلاء المارقين المبدلين الذين تسموا بالمرابطين، فادعوهم إلى إماتة المنكر، وإزالة البدع، والإقرار بالإمام المهدي المعصوم، فإن أجابوكم فهم إخوانكم، وإلا فقاتلوهم، وقد أباحت لكم السنة قتالهم. وقدم عليهم عبد المؤمن، فسار بهم قاصداً مراكش، فخرج لقتالهم الزبير

(36/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 115
ابن أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين، فلما تراءى الجمعان كلموا المرابطين بما أمرهم به ابن تومرت، فردوا عليهم أسوأ رد، ووقع القتال، فانهزم المصامدة، وقتل منهم مقتلة، ونجا عبد المؤمن. فلما بلغ الخبر ابن تومرت قال: أليس قد نجا عبد المؤمن قيل: نعم. قال: لم يفقد أحد. ثم أخذ يهون عليهم، ويقرر عندهم أن قتلاهم شهداء، فزادهم حرصاً على الحرب. وقال الأمير عزيز في كتاب الجمع والبيان في أخبار القيروان إن ابن تومرت أقام بتينمل، وسمى أصحابه وأتباعه بالموحدين، والمخالفين أمره: مجسمين. وأقام على ذلك نحو العام، فاشتهر أمره سنة خمس عشرة، وبايعته هرغة على أنه المهدي، فجهز له علي بن يوسف جيشاً من الملثمين، فقال ابن تومرت لأصحابه الذين بايعوه: إن هؤلاء قد جاءوا في طلبي، وأخاف عليكم منهم، والرأي أن أخرج عنكم بنفسي إلى غير هذه البلاد) لتسلموا أنتم. فقام بين يديه ابن توفيان، من مشايخ هرغة، وقال له: تخاف شيئاً من السماء قال: لا، بل من السماء تنصر. فقال ابن توفيان: فدع كل من في الأرض يأتينا. ووافقه جميع قبيلته على ذلك القول. فقال: إنما أردت أن أختبر صبركم وثباتكم وأما الآن، فابشروا بالنصر، وأنكم تغلبون هؤلاء الشرذمة، وبعد قليل تستأصلون دولتهم، وترثون أرضهم. فالتقوا جيش الملثمين فهزموهم، وأخذوا الغنيمة، ووثقت نفوسهم بالمهدي، وأقبلت إليه أفواج القبائل من النواحي ووحدت قبيلة هنتانة، وهي من أقوى القبائل إلى أن قال: ثم نهج لهم طريق التودد والآداب، فلا يخاطبون الواحد منهم إلا بضمير الجمع في وقارٍ وبشاشة، ولا يلبسون إلا الثياب القصيرة الرخيصة، ولا يخلون يوماً من طراد ومناصفة ونضارة. وكان في كل قبيلةٍ قومٌ أشرارٌ مفسدون، فنظر

(36/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 116
ابن تومرت في ذلك، فطلب مشايخ القبائل ووعظهم، وقال: لا يصح دينكم إلا بالنهي عن المنكر، فابحثوا عن كل مفسد وانهوه، فإن لم ينته فاكتبوا أسماءهم، وارفعوها إلي. ففعلوا ذلك ثم أمرهم بذلك ثانياً وثلاثاً. ثم جمع الأوراق، فأخذ ما تكرر من الأسماء، فأفردها عنده. ثم جمع القبائل كلها وحضهم على أن لا يغيب منهم أحد. ودفع الأسماء التي أفردها إلى عبد الله الونشريسي، الملقب بالبشير، ثم جعل يعرضهم رجلاً رجلاً، فمن وجد اسمه أفرده في جهة الشمال، ومن لم يجده جعله في جهة اليمين. إلى أن عرض القبائل جميعها. ثم أمر بتكتيف جهة الشمال، وقال لقبائلهم: هؤلاء أشقياء من أهل النار قد وجب قتلهم. ثم أمر كل قبيلة أن تقتل أشقياءها، فقتلوا كلهم. وكانت واقعة عجيبة. وقال: بهذا الفعل يصح لكم دينكم ويقوى أمركم.) وعلى ذلك استمرت الحالة في جميع بلادهم. ويسمونه: التمييز. وكان له أصحاب عشرة يسمون أهل عشرة. وأصحاب من رؤوس القبائل سماهم أهل خمسين، كانوا ملازمين مجلسه. فأما العشرة: فعبد المؤمن، والشيخ أبو إبراهيم الهزرجي، والشيخ أبو حفص عمر بن يحيى الهنتاني المعروف بعمرانيني، والشيخ أبو محمد عبد الله البشير، والشيخ أبو محمد عبد الواحد الزواوي، وكان يعرف بطير الجنة، والشيخ أبو محمد عبد الله بن أبي بكر، والشيخ أبو حفص عمر بن أرناق، والشيخ أبو محمد واسناد الأغماتي، والشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن جامع، وآخر. فهؤلاء الذين سبقوا وتعرفوا به لأخذ العلم عنه. وكان اجتماعهم به أفراداً في حال تطوافه في البلاد، فآثرهم واختصهم. وفي أول سنة أربعٍ وعشرين جهز جيشاً زهاء عشرين ألف مقاتل، قدم عليهم البشير، ثم دونه عبد المؤمن، بعد أمورٍ وحروب. فساروا إلى مراكش، وحاصروها عشرين يوماً، فأرسل علي بن يوسف بن تاشفين إلى عامله على سجلماسة، فجمع جيشاً وجاء من جهة، وخرج ابن تاشفين من البلد من جهة، ووقع الحرب، واستحر يومئذٍ القتل بجيش المصامدة، فقتل أمريهم عبد الله

(36/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 117
البشير، فالتفوا على عبد المؤمن، ودام القتال إلى الليل. وصلى بهم عبد المؤمن صلاة الخوف والحرب قائمة. وتكاثر الملثمون، وتحيز المصامدة إلى بستانٍ هناك ملتفٍ بالشجر يعرف بالبحيرة، فلذا قيل وقعة البحيرة. وبلغت قتلاهم ثلاثة عشر ألفاً. وأنهي الخبر إلى المهدي فقال: عبد المؤمن سالم قيل: نعم. قال: ما مات أحد، الأمر قائم. وكان مريضاً، فأمر باتباع عبد المؤمن، وعقد له من بعده، وسماه أمير المؤمنين، وقال لهم:) هذا الذي يفتح الله البلاد على يده، فلا تشكوا فيه وأعضدوه بأموالكم وأنفسكم. ثم مات في آخر سنة أربعٍ وعشرين. قال اليسع بن حزم: سمى ابن تومرت اتباع المرابطين مجسمين، وما كان أهل المغرب يدينون إلا بتنزيه الله تعالى عما لا يجب له، وصفته بما يجب له، وترك الخوض فيما تقصر العقول عن فهمه. وكان علماء المغرب يعلمون العامة أن اللازم لهم أن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير إلى أن قال: فكفرهم ابن تومرت بوجهين، بجهل العرض والجوهر. وأن من لا يعرف ذلك لا يعرف المخلوق، ولم يعرف الخالق. الوجه الثني إن من لم يهاجر إليه ولم يقاتل المرابطين معه فهو كافر، حلال الدم والحريم. وذكر أن غضبه لله، وإنما قام حسبةً على قومٍ أغرموا الناس ما لا يجب عليهم. وهذا تناقض، لأنه كفرهم، وإن كانوا مسلمين. فأخذ المرابطين منهم النزر اليسير أشبه من قتلهم ونهبهم. وحصل له في نفوس أتباعه من التصديق له والبركة ما لا يجوزه الوصف. وقال القاضي شمس الدين: طالت المدة على ابن تومرت، فشرع في حيلة، وذلك أنه رأى أولاد المصامدة شقراً زرقاً، ولون الآباء سمر، قال لهم عن ذلك، فلم يجيبوه، فلما ألح عليهم فقالوا: نحن من رعية أمير المسلمين علي، وله علينا خراج. وفي كل سنة تصعد مماليكه إلينا، وينزلون في بيوتنا، ويخرجونا

(36/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 118
عنها، ويخلون بنسائنا وما لنا قدرة على دفع ذلك. فقال ابن تومرت: والله، الموت خيرٌ من هذه الحياة. كيف رضيتم بهذا، وأنتم أضرب خلق الله بالسيف وأطعنهم بالرمح قالوا: بالرغم منا. قال: أرأيتم لو أن ناصراً نصركم على هؤلاء، ما كنتم تصنعون قالوا: كنا نقدم أنفسنا بين يديه للموت، فمن هو قال: ضيفكم. فقالوا: السمع والطاعة.) فبايعهم، ثم قال: استعدوا لحضور هؤلاء بالسلاح. فإذا جاءوكم فأجروهم على عادتهم، ثم ميلوا عليهم بالخمور، فإذا سكروا فآذنوني بهم. فلما جاءوهم ففعلوا ذلك بهم وأعلموه، فأمر بقتلاهم، فلم تمض ساعة من الليل حتى أتوا على آخرهم، وأفلت منهم واحد، فلحق بمراكش، فأخبر الملك، فندم على فوات محمد من يده حيث لا ينفعه الندم. وجهز جيشاً. وعرف ابن تومرت أنه لابد من عسكرٍ يغشاهم. فأمر أهل الجبل بالقعود على أنقاب الوادي، فلما وصلت إليهم الخيل نزلت عليهم الحجارة من جانبي الوادي كالمطر، ودام القتال إلى الليل، فرجع العسكر، وأخبروا الملك، فعلم أنه لا طاقة لنا بأهل الجبل لتحصنهم، فأعرض عنهم. ثم قال ابن تومرت لعبد الله الونشريسي: هذا أوان إظهار فضائلك وفصاحتك دفعةً واحدة. ثم اتفقا على أن يصلي الصبح، ويقول بلسانٍ فصيح: إني رأيت في النوم أنه نزل بي ملكان من السماء، وشقا فؤادي، وغسلاه، وحشياه علماً وحكمة. فلما أصبح فعل ذلك، فدهشوا وعجبوا منه، وانقادوا إليه كل الإنقياد. فقال له ابن تومرت: فعجل لنا البشرى في نفسنا، وعرفنا أسعداء نحن أم أشقياء. فقال له: أما أنت فإنك المهدي القائم بأمر الله، من تبعك سعد، ومن خالفك شقي.

(36/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 119
ثم قال: أعرض أصحابك حتى أميز أهل الجنة من أهل النار. وعمل ذلك حيلةً، قتل فيها من خالف أمر ابن تومرت ثم لم يزل إلى أن جهز، بعد فصولٍ طويلة، عشرة آلاف مقاتل. وأقام هو في الجبل، فنزلوا لحصار مراكش، فأقاموا عليها شهراً، ثم كسروا كسرة شنيعة وهرب من سلم من القتل، وقتل الونشريسي المذكور. وقال عبد الواحد بن علي المراكشي: ثم جعلوا يشنون الغارات على قرى مراكش، ويقطعون عنها الجلب، ويقتلون ويسبون الحريم. وكثر الداخلون في دعوتهم المنحاشون إليهم، وابن تومرت في ذلك كله يكثر الزهد والتقلل والعبادة.) أخبرني من رآه يضرب على الخمر بالأكمام والنعال وعشب النخل كفعل الصحابة. وأخبرني من شهده وقد أتي برجلٍ سكران فحده، فقال يوسف بن سليمان، أحد الأعيان: لو شددنا عليه حتى يخبرنا من أين شربها. فأعرض عنه، فأعاد قوله، فقال: أرأيت لو قال شربتها في دار يوسف بن سليمان ما كنا نصنع فاستحى وسكت. ثم ظهر أن عبيد يوسف بن سليمان سقوه، فزادهم هذا ونحوه فتنةً بابن تومرت. قال اليسع بن حزم: ألف ابن تومرت كتاب القواعد، ومما فيه: إن التمادي على ذرةٍ من الباطل كالتمادي على الباطل كله. وألف لهم كتاب الإمامة، يقول فيه: حتى جاء الله بالمهدي، يعني نفسه، وطاعته صافية نقية، لا ضد له ولا مثل له، ولا ند في الورى. وإن به قامت السموات والأرض. قال اليسع: هذا نص قوله في الإمامة، وهذا نص تلقيته من قراءة عبد المؤمن بن علي. دون لهم هذا بالعربي وبالبربري. فلما قرأوا هذين الكتابين زادهم ذلك شدةً في مذهبهم من تكفير الناس بالذنوب، وتكفيرهم بالتأخر عن طاعة المهدي الذي قامت به السموات والأرض.

(36/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 120
هذا نص ما قاله اليسع. قال: وأمرهم بجمع العساكر، فخرجوا إلى ناحية مراكش، فوجدوا جيشاً للمرابطين، فالتقوا، فانهزم المرابطون هزيمة مات فيها أكثر من شهدها، وصبر فيها الموحدون. فلما كان في سنة إحدى وعشرين تألفوا في أربعين ألف راجل وأربعمائة فارس، ونزلوا يريدون حضرة مراكش فحدثني جماعة أنهم نزلوا على باب أغمات بعد أن خرج إليهم المرابطون في أكثر من مائة ألف، بين فارسٍ وراجل، فخذلوا ودخلوا المدينة في أسوأ حالة. فجاء من الأندلس ابن همبك في مائة فارس، فشجع أمير المسلمين، وخرج فقاتل، فانتصر المرابطون، وقتل من المصامدة نحوٌ من أربعين ألفاً، فما سلم منهم إلا نحو أربعمائة نفس. كذا قال اليسع. وقال ابن خلكان: حضرت ابن تومرت الوفاة، فأوصى أصحابه وشجعهم، وقال: العاقبة لكم.) ومات في سنة أربعٍ وعشرين إثر الوقعة التي قتل فيها الونشريسي، ودفن بالجبل، وقبره مشهورٌ معظم. ومات كهلاً. وكان ربعةً، أسمر، عظيم الهامة، حديد النظر، مهيباً. وقيل فيه: آثاره تغنيك عن أخباره حتى كأنك بالعيان تراه، قدمٌ في الثرى وهامة في الثريا، ونفس ترى إراقة ماء الحياء دون ماء المحيا. أغفل المرابطون ربطه حتى دب دبيب الفلق في الغسق، وترك في الدنيا دوياً. وكان قوته من غزل أخته رغيفاً في كل يومٍ، بقليل سمنٍ أو زيت. فلم ينتقل عن ذلك حين كثرت عليه الدنيا. ورأى أصحابه يوماً وقد مالت نفوسهم إلى كثرة ما غنموه، فأمر بإحراق جميعه، وقال: من كان يبتغي الدنيا فما له عندي إلا هذا، ومن كان يبتغي الآخرة فجزاؤه عند الله.

(36/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 121
ومن شعره:
(أخذت بأعضادهم إذ نأوا .......... وخلفك القوم إذ ودعوا)

(فكم أنت تنهى ولا تنتهي .......... وتسمع وعظاً ولا تسمع)

(فيا حجر الشحذ حتى متى .......... تسن الحديد ولا تقطع)
وكان يتمثل كثيراً من قول:
(تجرد من الدنيا فإنك إنما .......... خرجت إلى الدنيا وأنت مجرد)
ولم يتملك شيئاً من البلاد، وإنما قرر القواعد ومهدها، وبغته الموت. وكانت الفتوحات على يد عبد المؤمن. وقد كان الملك أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن في أيامه، وقد زار قبر ابن تومرت بمحضرٍ من الموحدين، فقام شاعر وأنشد هذه القصيدة، وفيها جمل مما كان يعتقده ابن تومرت يخبر به:
(سلامٌ على قبر الإمام الممجد .......... سلالة خير العالمين محمد)

(وشبهه في خلقه ثم في اسمه .......... وفي اسم أبيه والقضاء المسدد)

(أتتنا به البشرى بأن يملا الدنا .......... بقسطٍ وعدلٍ في الأنام مخلد)

(ويفتتح الأمصار شرقاً ومغرباً .......... ويملك عرباً من ثعير ومنجد)
)
(فمن وصفه أثني وأجلي وأن .......... علاماته خمس تبين لمهتدي)

(زمان واسم والمكان ونسبه .......... وفعل له في عصمة وتأبد)

(ويلبث سبعاً أو فتسعاً يعيشها .......... كذا جاء في نصٍ من النقل مسند)

(فقد عاش تسعاً مثل قول نبينا .......... فذلكم المهدي بالله يهتدي)
وخرج إلى مدح عبد المؤمن وبنيه. ولابن تومرت أخبار طويلة عجيبة.
4 (محمد بن علي بن أبي الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون.)

(36/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 122
أبو غانم الهاشمي. يروي عن: جده. وعنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو طاهر السلفي.
4 (محمد بن علي بن محمود.)
المعمر أبو منصور الزولهي التاجر، المعروف بالكراعي، ويقال إن اسمه أحمد. وكتب له محمد وأحمد من قرية زولاه، إحدى قرى مرو. شيخ صالح صائن، رحل إليه الناس، وصارت زولاه مقصد الطلبة والفقهاء بسببه. وكان آخر من روى عن جده لأمه أبي غانم الكراعي. وكان قدر مسموعاته قريباً من عشرين جزءاً. سمعت منه. قاله أبو سعد السمعاني. وقال: سمعت منه بقراءة السنجي إثني عشر جزءاً. ثم أحضره شيخنا الخطيب أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن المروزي في الخانقاه، وقرأ عليه الأجزاء المسموعة له، فسمعتها منه. ولد في العشرين من شوال سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. ومات في أواخر سنة أربعٍ وعشرين أو في أوائل سنة خمسٍ بقريته. قلت: هو في زمانه لأهل خراسان كفاطمة الجوزدانية لأهل إصبهان، وكابن الحصين لأهل بغداد، وكالرازي لأهل مصر.) وقد حدث عنه بالشام محمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن المروزي، وبقي إلى سنة ثمانين وخمسمائة.

(36/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 123
4 (منصور.)
أبو علي. الآمر بأحكام الله ابن المستعلي بالله أبي القاسم أحمد بن المستنصر بالله أبي تميم معد بن الظاهر بالله علي بن الحاكم بن العزيز بن المعز العبيدي المصري، صاحب مصر. كان رافضياً كآبائه. فاسقاً، ظالماً، جائراً، مستهزئاً لعاباً، متظاهراً باللهو والمنكر، ذا كبرٍ وجبروت. وكان مدبر سلطانه الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش. ولي الأمر وهو صبي، فلما كبر قتل الأفضل وأقام في الوزارة المأمون أبا عبد الله محمد بن مختار بن فاتك البطائحي، فظلم وأساء السيرة إلى أن قبض عليه الآمر سنة تسع عشرة وخمسمائة، وصادره ثم قتله في سنة اثنتين وعشرين وصلبه، وقتل معه خمسةً من إخوته. وفي أيام الآمر أخذت الفرنج عكا سنة سبعٍ وتسعين وأربعمائة، وأخذوا طرابلس الشام في سنة اثنتين وخمسمائة فقتلوا وسبوا، وجاءتها نجدة المصريين بعد فوات المصلحة وأخذوا عرفة، وبانياس، وجبيل. وتسلموا سنة إحدى عشرة وخمسمائة قلعة تبنين، وتسلموا صور سنة ثمان عشرة، وأخذوا بيروت بالسيف في سنة ثلاثٍ وخمسمائة، وأخذوا صيدا سنة أربع.

(36/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 124
ثم قصد الملك بردويل الإفرنجي مصر ليأخذها ودخل الفرما، وحرق جامعها، والفرما قريبة من قطيا من ناحية البحر، خربت وأحرق مساجدها، فأهلكه الله قبل أن يصل إلى العريش، فشق أصحابه بطنه وصبروه، ورموا حشوته هناك، فهي ترجم إلى اليوم بالسبخة، ودفنوه بقمامة. وكان هو الذي أخذ بيت المقدس، وعكا، وعدة حصونٍ من السواحل. وذلك كله بتخلف هذا المشؤوم الطلعة. وفي أيامه ظهر ابن تومرت وفي أيام أبيه أخذت الفرنج أنطاكية، والمعرة، والقدس. وجرى على الشام أمرٌ مهول من ظهر الرفض والسب، ومن استيلاء الفرنج والسبي والأسر، نسأل الله العفو والأمن.) وولد الآمر في أول سنة تسعين وأربعمائة، واستخلف وله خمس سنين، وبقي في الملك تسعاً وعشرين سنة وتسعة أشهر، إلى أن خرج من القاهرة يوماً في ذي القعدة، وعدى على الجسر إلى الجيزة، فكمن له قومٌ بالسلاح، فلما عبر نزلوا عليه بأسيافهم، وكان في طائفةٍ يسيرة، فردوه إلى القصر مثخناً بالجراح، فهلك من غير عقب، وهو العاشر من أولاد المهدي عبيد الله الخارج بسجلماسة، وبايعوا بالأمر ابن عمه الحافظ أبا الميمون عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بالله، فعاش إلى سنة أربعٍ وأربعين. وكان الآمر ربعةً، شديد الأدمة، جاحظ العينين، حسن الخط، جيد العقل والمعرفة. وقد ابتهج الناس بقتله لعسفه وسفكه الدماء، وكثرة مطاردته، واستحسانه الفواحش. وعاش خمساً وثلاثين سنة. وبنى وزيره المأمون بالقاهرة الجامع الأقمر.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن القاسم بن عطاء بن محمد.)

(36/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 125
أبو سعد المهراني النيسابوري. قدم بغداد، وسمع أبا محمد الصريفيني. وكان قد سمع من عبد الغافر الفارسي صحيح مسلم. وسمع من: أبي عثمان الصابوني، وأبي سعد الكنجروذي، وأبو نعيم بسرويه بن محمد. وولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. قال أبو سعد السمعاني: كان شيخا أصيلاً نبيلاً، نظيفاً، من بيت العلم والزهد والورع، حافظاً للقرآن، قانعاً بالكفاف. انزوى في آخر عمره، وترك الناس، وأقبل على العبادة. أجاز لي وحدثني عنه جماعة، منهم: سعيد بن محمد الطيوري، وأبو منصور علي بن محمد الغيد الطريثيثي. وتوفي في العشرين من جمادى الأولى بنيسابور، وعمره ثلاث وتسعون سنة. قلت: وروى عنه: أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الحياني.
4 (حرف الواو)
)
4 (وهب الله ابن الحافظ الكبير أبي القاسم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد بن)
محمد بن حشكان بن حسين بن عبد الله بن الحكم بن الوليد بن عقبة بن عامر بن عبد المجيد بن الأمير عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف.

(36/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 126
العبشمي، الكريزي، النيسابوري، ابن الحذاء. سمع: أباه، وأحمد بن محمد بن مكرم الصيدلاني، وأبا يعلى بن الصابوني. مات في سابع شوال عن أربعٍ وسبعين سنة. كنيته أبو الفضل.

(36/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 127
4 (وفيات سنة خمس وعشرين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن حامد بن محمد بن عبد الملك بن علي بن محمود بن هبة الله بن آله.)
وآله هو العقاب بالعجمي. عزيز الدين أبو نصر الإصبهاني المستوفي، عم العماد الكاتب. كان رئيساً نبيلاً، وكاتباً بليغاً، كثير البر والصلات. روى الحديث عن: أبي مطيع محمد بن عبد الواحد المديني. روى عنه: سعد الله بن الدجاجي، وغيره. وقد ولي مناصب في الدولة السلجوقية، ومدحه الشعراء. وفيه يقول الحسن بن أحمد بن حكينا:
(فميلوا بنا نحو العراق ركابكم .......... لنكتال من مال العزيز بصاعه)
وكان في الآخر متولي خزانة السلطان محمود بن محمد السلجوقي، فتزوج محمود ببنت عمه سنجر، فماتت عنده، فطالبه عمه بما كان خرج معها، فجحده محمود، وخاف من العزيز أن يشهد عليه بما وصل صحبتها لأنه كان مطلعاً على ذلك، فقبض عليه، وسيره إلى قلعة تكريت، وكانت له، فحبسه بها. ثم قتله على يد متوليها في أوائل سنة خمسٍ وعشرين، وله ثلاثٌ وخمسون سنة.

(36/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 128
4 (أحمد بن علي بن محمد.)
أبو السعود بن المجلي البغدادي البزاز.) شيخ، صالح، صبور على القراءة، ولم يكن يعرف شيئاً من الحديث. وكان يعظ ويذكر بجامع المنصور. سمعه أبوه هبة الله من: القاضي أبي يعلى بن الفراء، وعبد الصمد بن المأمون، وأبي جعفر ابن المسلمة، وابن المهتدي بالله، وأبي بكر الخطيب، وجماعة. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابن الجوزي، وأبو الفتوح بن غيث، والحسن بن عبد الرحمن الفارسي، وأبو الفتح المندائي، وجماعة. ولد سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة، وتوفي في ثامن ربيع الأول رحمه الله.
4 (حرف الحاء)

4 (حماد بن مسلم بن ددوة.)
أبو عبد الله الدباس الرحبي، رحبة مالك بن طوق.

(36/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 129
الزاهد العارف ولد بالرحبة، ونشأ ببغداد. وكان له كاركة للدبس، يجلس في غرفتها. وكان من الأولياء أولي الكرامات. صحبه خلق، فأرشدهم إلى الله تعالى، وظهرت بركته عليهم، وكان يتكلم على الأحوال. وقد كتبوا من كلامه نحواً من مائة جزء. وكان أمياً لا يكتب. قال عبد الرحمن بن محمد بن حمزة الشاهد: رأيت في المنام كأن قائلاً يقول لي: حماد شيخ العارفين والأبدال. وعن حماد قال: مات أبواي في يومٍ واحد، ولي نحو ثلاثين سنة. وكانا من أهل الرحبة. وقال أحمد بن صالح الجيلي: سمع من أبي الفضل بن خيرون، وكان يتكلم على آفات الأعمال في المعاملات، والرياضات، والورع، والإخلاص. وقد جاهد نفسه بأنواع المجاهدات، وزوال أكثر المهن والصنائع في طلب الحلال. وكان كأنه مسلوب الإختيار، مكاشفاً بأكثر الأحوال. ومن كلام الشيخ حماد: إذا أحب الله عبداً أكثر همه فيما فرط، وإذا أبغض عبداً أكثر همه فيما) قسمه له ووعده به. العلم محجةٌ، فإذا طلبته لغير الله صار حجة. وقال أبو سعد السمعاني: سمعت أبا نصر عبد الواحد بن عبد الملك يقول: كان الشيخ حماد يأكل من النذر، ثم تركه لما بلغه قوله عليه السلام إنه يستخرجه به من البخيل، فكره أكل مال البخيل. وصار يأكل بالمنام. كان الإنسان يرى في النوم أن قائلاً يقول له: أعط حماداً كذا فيصبح ويحمل ذلك إلى الشيخ.

(36/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 130
وقال الشيخ أبو النجيب عبد القاهر: مرض الشيخ حماد، فاحتاج إلى التنشق بماء ورد، فحمل إليه أبو المظفر محمد بن علي الشهرزوري الفرضي منه شيئاً، فلما وضع بين يديه قال: ردوه فإنه نجس. فردوه إلى أبي المظفر فقال: صدق الشيخ، كان قد وقع في طرفه نجاسة وتركته وحده لأريقه، فنسيت. وقال المبارك بن كامل: مات الشيخ العارف الورع الناطق بالحكمة حماد الدباس في سنة خمس، ولم أر في زماني مثله صحبته سنين وسمعت كلامه. وكان مكاشفاً يتكلم على الخواطر، مسلوب الإختيار، زيه زي الأغنياء، وتارة زيه زي الفقراء متلون، كيف أدير دار. وكان شيخ وقته، يشبه كلامه كلام الحصري. كانت المشايخ إذا جاءت إليه كالميت بين يدي الغاسل، لا يتجاسر الشخص أن يختلج. وقال ابن الجوزي قاتله الله: كان حماد الدباس على طريقة التصوف، يدعي المعرفة والمكاشفة وعلوم الباطن، وكان عارياً عن علم الشرع فلم ينفق إلا على الجهال. وكان ابن عقيل ينفر الناس عنه، حتى بلغه أنه يعطي كل من يشكو الحمى لوزةً وزبيبة ليأكلها فيبرأ، فبعث إليه ابن عقيل: إن عدت إلى مثل هذا ضربت عنقك. فكان يقول: ابن عقيل عدوي. وصار الناس ينذرون له النذور. ثم تركه، وصار يأخذ بالمنامات، وينفق على أصحابه ما يفتح له، ومات في رمضان.) قلت: وقد نقم ابن الأثير وأبو المظفر بن قزغلي في تاريخيهما على ابن الجوزي، حيث حط على الشيخ حماد، فقال أبو المظفر: ولو لم يكن لحماد من الفضائل التي اتصف بها في زهادته وطريقته، إلا أن الشيخ عبد القادر أحد تلامذته.

(36/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 131
4 (حرف الخاء)

4 (خلف بن مفرج بن سعيد.)
أبو القاسم بن الحبان الشاطبي الكناني. عاش تسعين سنة إلا أشهراً. وروى عن: أبي الوليد الباجي، وأبي عبد الله بن سعدون، وطاهر بن مفوز. وكان فقيهاً، مشاوراً، مدرساً. روى عنه: أبو عبد الله بن مفاوز، وعبد الغني بن مكي، وأبو عبد الله المكناسي.
4 (حرف الزاي)

4 (زهر بن عبد الملك بن محمد بن مروان بن زهر.)
أبو العلاء الإيادي الإشبيلي الطبيب. رحل إلى قرطبة فأخذ عن: أبي علي الغساني، وعبد الله بن أيوب، وأبي بكر بن مفوز. وأخذ الطب عن والده فمهر فيه، وصنف فيه حتى إن الأندلسيين ليفخرون به، وحل من السلطان محلاً عظيماً. وكانت إليه رئاسة إشبيلية. وكان بارعاً في الأدب، شاعراً، محسناً. روى عنه: ابنه أبو مروان، وأبو بكر بن أبي مروان، وأبو عامر بن يبق، وغيرهم.

(36/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 132
وكان محتشماً جواداً، لكن فيه بذاءة لسان. وله كتاب الخواص، وكتاب الأدوية المفردة، وكتاب الإيضاح في الطب، وكتاب حل سلوك الرازي على الكتب، وكتاب النكت الطبية، وغير ذلك. وكان أبوه أبو مروان من رؤوس الأطباء، وكان جده محدثاً، فقيهاً، مشهوراً. وتوفي بقرطبة منكوباً. ومن شعره:)
(يا راشقي بسهامٍ ما لها غرض .......... إلا الفؤاد وما منها لنا عوض)

(وممرضي بجفونٍ كلها غنجٌ .......... صحت وفي طبعها التحريض والمرض)

(جد لي ولو بخيالٍ منك يطرقني .......... وقد يسد مسد الجوهر العرض)

4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد بن نجا بن علي بن محمد بن شاتيل.)
أبو محمد المراتبي الدباس. شيخ صحيح السماع، أضر في آخر عمره. وسمع: أبا محمد الجوهري، وأبا محمد الصريفيني. وعنه: أبو المعمر، وأبو القاسم الحافظ. وكان لا يعرف شيئاً. وهو والد أبي الفتح عبيد الله. توفي في نصف المحرم.
4 (عبد الباقي بن الحسين بن إبراهيم.)
أبو الحسين النجاد، كشلة. بغدادي له دكان بسوق الثلاثاء. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، والصريفيني. وقرأ القراءآت على: أبي علي بن البنا.

(36/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 133
قال ابن السمعاني: حدثني عنه جماعة، وسمعت أنه ما كانت له سيرة حسنة. توفي في نصف المحرم أيضاً.
4 (عبد الباقي بن عامر بن زيد.)
أبو المجد الأنصاري الهروي، سبط أبي إسماعيل، شيخ الإسلام. واعظ حسن الإيراد، بارز العدالة، نبيل، عالم. سمع: جده، ومحمد بن عبد العزيز الفارسي، وأبا عطاء الجوهري. وأملى مجلساً بجامع المنصور. وتوفي رجب.)
4 (علي بن طاهر البغدادي.)
المغازلي. قال المبارك بن كامل: هو عم والدتي. عاش مائة وعشرين سنة. ورأى: أبا الحسن القزويني. وسمع قليلاً.
4 (عيسى بن حزم بن عبد الله بن اليسع.)
أبو الأصبغ الغافقي، نزيل المرية. أخذ القراءآت عن: أبيه. وروى عن: أبي داود، وابن الدوش، وجماعة.

(36/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 134
وتصدر للإقراء. وكان محموداً، محققاً، صالحاً. ولي خطة الشورى والخطابة بالمرية. وحدث عن: ابن الطلاع، وأبي علي الغساني. أخذ عنه: أبو القاسم بن حبيش، وأبو العباس البراذعي، وأبو عبد الله بن عباد الحنائي. ولا يعلم وفاته، لكنه حدث في هذا العام. وأكثر عنه ولده أبو يحيى اليسع صاحب المغرب.
4 (حرف الميم)

4 (مالك بن يحيى بن أحمد بن عامر.)
أبو عبد الله الإشبيلي، أحد رجال الكمال والارتسام بمعرفة العلوم على تفارقها. سمع من: أحمد بن محمد الخولاني، وغيره. ومات رحمه الله تعالى بمراكش عن اثنتين وسبعين سنة. ورخه ابن بشكوال.
4 (محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد.)
أبو عبد الله الرازي، ثم المصري.) المعدل الشاهد ويعرف بابن الخطاب. مسند الديار المصرية وشيخ الإسكندرية. ولد سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وعني به أبوه وأسمعه الكثير في سنة أربعين.

(36/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 135
سمع: أباه، وأبا الحسن بن حمصة الحراني، وعلي بن ربيعة، ومحمد بن الحسين الطفال، وعلي بن محمد الفارسي، وأحمد بن محمد بن الفتح الحكيمي، وأبا الفضل أحمد بن محمد السعدي، وأحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة، وأبا الفتح أحمد بن بابشاذ والد طاهر، وعبد الملك بن مسكين، ومحمد بن الحسين بن سعدون الموصلي، ومحمد بن الحسين بن الترجمان، وتتمة سبعة وأربعين شيخاً، تخرج عنهم في مشيخته، وترفد بالرواية عن كثيرٍ منهم، فانقطع إسنادٌ عالٍ بموته، رحمه الله. روى عنه: أبو طاهر السلفي، ويحيى بن سعدون القرطبي، وأبو محمد العثماني، وعبد الواحد بن عسكر المخزومي، وأبو القاسم علي بن مهدي الفقيه ابن قليتا، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وبدر الحذاء داوبي، وأبو طالب أحمد بن المسلم التنوخي، والفقيه أبو الطاهر إسماعيل بن عوف، وإسماعيل بن صالح بن ياسين، وخلق آخرهم موتاً عبد الرحمن بن موقا. وتوفي سادس جمادى الأولى، وله إحدى وتسعون سنة. ولو عاش أصحابه بعده كما عاش هو بعد شيوخه لتأخروا إلى سنة عشرٍ وستمائة. والسماع قسمية.
4 (محمد بن الحسن بن علي بن الحسن.)
الشيخ أبو غالب الماوردي الصادق. ولد بالبصرة سنة خمسين وأربعمائة. وسمع: أبا علي التستري، وعبد الملك بن شعبة، وجماعة بالبصرة. وأبا الحسين بن النقور، وعبد العزيز الأنماطي، وعبد الله بن الحسن الخلال ببغداد. وأبا عمر بن مندة، ومحمود بن جعفر الكوسج، والبراني بإصبهان.

(36/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 136
ومحمد بن أحمد بن علان أبا الفرج، وأبا الحسن محمد بن الحسن بن المنور الجهني بالكوفة. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو الفرج بن الجوزي، وأبو أحمد بن سكينة، وابن بوش،) وجماعة. قال ابن الجوزي: كتب بخطه الكثير، وكان يورق للناس. وكان صالحاً. توفي في رمضان ببغداد. قال: ورؤي في المنام فقال: غفر الله لي ببركات الحديث، وأعطاني جميع ما أملته.
4 (محمد بن داود بن عطية.)
أبو عبد الله العكي القلعي القيرواني الأصل. روى بالأندلس عن: عبد الجليل الربعي وأكثر عن أبي علي الغساني. واستقضى بتلمسان وبعدها بإشبيلية، ثم بفاس. وكان من جلة العلماء. وقد حدث. توفي في عاشر ذي القعدة في عشر الثمانين.
4 (محمد بن عمر بن عبد العزيز.)
أبو بكر البخاري الحنفي المقرئ المعروف بكاك. إمام أصحاب أبي حنيفة بمكة. كان فقيهاً، صالحاً، محدثاً. سمع: عبد الباقي بن يوسف المراغي، وأبا بكر أحمد بن سهل السراج، وجماعة.

(36/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 137
وعنه: أبو القاسم بن عساكر، ومحمود بن محمد بن بابشاذ، وغيرهما. وعاش أربعاً وسبعين سنة.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن محمود بن عبد الواحد بن حمد بن العباس بن الحصين.)
أبو القاسم الشيباني الهمذاني، ثم البغدادي، الكاتب. مسند العراق. ولد في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة في رابع ربيع الأول. وسمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا علي بن المذهب، وأبا محمد بن المقتدر، وأبا القاسم التنوخي،) والقاضي أبا الطيب الطبري. قال ابن السمعاني: شيخ ثقة، دين، صحيح السماع، واسع الرواية، عمر حتى صار أسند أهل عصره. ورحل إليه الطلبة، وازدحموا عنده. حدث بمسند أحمد وأحاديث أبي بكر الشافعي، واليشكريات. وهو آخر من حدث بهذه الكتب. وحدثني عنه: أبو بكر بن أبي القاسم الصفار، وأبو عبد الله حامد المديني الحافظ، وأبو أحمد معمر بن الفاخر، وأبو الخير عبد الحريم الإصبهاني، والحافظ أبو القاسم الشافعي، وجماعة كثيرة. وكانوا يصفونه بالسداد والأمانة والخيرية.

(36/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 138
وقال ابن الجوزي: بكر به أبوه وبأخيه عبد الواحد فأسمعهما، وعمر حتى صار أسند أهل عصره. وكان ثقة صحيح السماع. سمعت منه المسند جميعه، والغيلانيات جميعها، وغير ذلك. وأملى عدة مجالس باستملاء شيخنا ابن ناصر. قلت: هي أربعون مجلساً. قال: وتوفي في رابع عشر شوال، وصلى عليه ابن ناصر بوصيةٍ منه. توفي بعد الظهر يوم الأربعاء، وترك إلى يوم الجمعة، يعني حتى دفن. قال الحسين بن خسرو: دفن يوم الجمعة بباب حرب في اليوم الثالث من وفاته. قلت: حدث عنه: الحافظ أبو العلاء الهمذاني، والحافظ أبو موسى المديني، والإمام أبو الفتح بن المنى، وقاضي القضاة أبو الحسن علي بن أحمد بن الدامغاني، وقاضي الشام أبو سعد بن أبي عصرون، وأبو منصور عبد الله بن محمد بن حمديه، وأخوه أبو طاهر إبراهيم، وأبو محمد بن شدقيني، وعبد الرحمن بن سعود القصري، والعلامة مجير الدين أبو القاسم محمود بن المبارك الواسطي، ويحيى بن ياقوت النجار، وعبد الخالق بن هبة الله البندار، والقاضي عبيد الله بن محمد الساوي، وعلي بن المبارك بن جابر العدل، وعبد الرحمن بن أبي الكرم بن ملاح الشط،) وعبد الله بن أبي بكر بن الطويلة، وعلي بن عمر الحربي الواعظ، وعبد الله بن أبي المجد الحربي، وهبة الله بن أبي المجد الحربي، وهبة الله بن الحسن السبط، وعلي بن محمد بن علي الأنباري، وعبد الله بن نصر بن مزروع التلاحي، وعبد الرحمن بن أحمد العمري، والحسن بن إبراهيم بن أشنانة، وعبد الله بن محمد بن عليان الحربي، ولاحق بن قندرة، روى المسند سنة ستمائة، وفاطمة بنت سعد الخير، وأبو

(36/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 139
القاسم بن شدقيني، وعمر بن جريرة القطان، والمبارك بن إبراهيم بن مختار بن السبتي. وبقي بعد الستمائة من أصحابه: عبد الله بن عبد الرحمن بن أيوب البقلي: توفي سنة إحدى. وحنبل المكبر: توفي في أول سنة أربع وأبو الفتح محمد بن أحمد المندائي، وهو آخر من حدث بالمسند كاملاً: توفي في شعبان سنة خمسٍ، ودفن بداره بواسط. والحسين بن أبي نصر بن القارص الحريمي، وتوفي في شعبان أيضاً. وعبد الوهاب بن سكينة، وتوفي سنة سبعٍ في ربيع الآخر. وعمر بن طبرزد، وفيها توفي في رجب، وهو آخر أصحابه. وتوفي أبوه محمد بن عبد الواحد الكاتب سنة تسعٍ وستين.

(36/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 140
4 (وفيات سنة ست وعشرين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد ابن الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر الجمالي.)
الأرمني، ثم المصري، صاحب مصر وسلطانها، الملك الأكمل أبو علي، ابن صاحبها ووزيرها. ولما قتل أبوه في سنة خمس عشرة وخمسمائة، وأخذ الآمر بأحكام الله جميع أمواله سجن هذا مدة، فلما مات الآمر أشغلوا الوقت بعده بابن عمه الحافظ عبد المجيد إلى أن يولد حمل للآمر، فجاء بنتاً. وأخرجوا من السجن أبا علي عند موت الآمر، وجعلوا الأمور إليه. وكان شهماً شجاعاً مهيباً، عالي الهمة كأبيه وجده، فاستولى على الديار المصرية، وحفظ على الآمر، ومنعه من الظهور، وأدعه في خزانة، فلا يدخل إليه أحد إلا بأمر الأكمل. وعمد إلى القصر فأخذ جميع ما فيه إلى داره كما فعل الآمر بأبيه جزاءً وفاقاً، وأهمل الخلفاء) العبيديين والدعاء لهم، لأنك كان في تسنن كأبيه. وأظهر التمسك بالإمام المنتظر، فجعل الدعاء في الخطبة له، وأبطل من

(36/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 141
الأذان حي على خير العمل وغير قواعد الباطنية، فأبغضه الأمراء والدعاة. وأمر الخطباء بأن يخطبوا له بهذه الألقاب التي نص لهم عليها، وهي: السيد الأفضل الأجل، سيد ممالك أرباب الدولة، المحامي عن حوزة الدين، ناشر جناح العدل على المسلمين، ناصر إمام الحق في غيبته وحضوره والقائم بنصرته بماضي سيفه وصائب رأيه وتدبيره، أمين الله على عباده، وهادي القضاة إلى اتباع شرع الحق واعتماده، ومرشد دعاة المؤمنين بواضح بيانه وإرشاده، مولى النعم، ورافع الجور عن الأمم، ومالك فضيلتي السيف والقلم، أبو علي ابن السيد الأجل الأفضل، شاهنشاه أمير الجيوش. فكرهوه وصمموا على قتله، فخرج في العشرين من المحرم للعب بالكرة فكمن له جماعة، وحمل عليه مملوك إفرنجي للحافظ، فطعنه فقتله، وقطعوا رأسه، وأخرجوا الحافظ وبايعوه. ونهب دار أبي علي، وركب الحافظ إلى الدار فاستولى على خزائنه، واستوزر مملوكه أبا الفتح يانس الحافظي، ولقبه أمير الجيوش، فظهر شيطاناً ماكراً بعيد الغور، حتى خاف منه الحافظ، فتحيل عليه بكل ممكن، وعجز حتى واطأ فراشه بأن جعل له في الطهارة ماءً مسموماً، فاستنجى به، فعمل على سفله ودود، فكان يعالج بأن يلصق عليه اللحم الطري، فيتعلق به الدود، فترجع للعافية، وأتاه الحافظ عائداً، فقام له، وجلس الحافظ عنده لحظةً وانصرف، فمات من ليلته في السادس والعشرين من ذي الحجة من السنة، وكانت وزارته إحدى عشر شهراً. واستوزر الحافظ ولده ولي عصره الحسن الذي قتل سنة تسعٍ وعشرين.
4 (أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن محمد بن أحمد.)

(36/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 142
أبو العز بن كادش، السلمي البغدادي العكبري. سمع: أقضى القضاة أبا الحسن الماوردي، وهو آخر من حدث عنه، وأبا الطيب الطبري، وابن الفتح العشاري، وأبا محمد الجوهري، وأبا علي الجازري. روى الكثير، وأثنى عليه جماعة. قال ابن الجوزي: كان مكثراً ويفهم الحديث. وقال ابن السمعاني: شيخ مسند سمع بنفسه، وكان يفهم، وأجاز لي، ونبا عن جماعة.) ونبا ابن ناصر أنه سمع إبراهيم بن سليمان يقول: سمعت أبا العز بن كادش يقول: أنا وضعت حديثاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان ابن ناصر سيء الرأي فيه. وقال لي عبد الوهاب الأنماطي: كان مخلطاً. وأما أبو القاسم بن عساكر وأبو محمد بن الخشاب فأثنيا عليه. وروى عنه: ابن عساكر، ويحيى بن بوش، وهبة الله بن الحسن السبط، وأبو موسى المديني، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أيوب الحربي، وإبراهيم بن بركة البيع، وآخرون.

(36/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 143
وتوفي في جمادى الأولى، وله تسعون سنة أو جازها. قال ابن النجار: كان مخلطاً كذاباً لا يحتج به. قرأت بخط عمر بن علي القرشي القاضي: سمعت أبا القاسم علي بن الحسن الحافظ يقول: قال لي أبو العز بن كادش: وضع فلان حديثاً في حق علي، فوضعت حديثاً في حق أبي بكر، بالله أليس فعلت جيداً قال ابن النجار: رأيت لأبي العز كتاباً سماه الانتصار لدم القحاب على نظم جماعةٍ من الشعراء يقول فيه: أنشدتني فلانة المغنية، وأنشدتني ستوت المغنية بأوانا. وخطه رديء إلى الغاية في التعقد والتسلسل. قيل: مولده سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
4 (أحمد بن عمر بن خلف.)
أبو جعفر بن قبليل الهمداني، الغرناطي، الفقيه. روى عن: أبي علي الغساني، وأبي عبد الله الطلاعي، وأصبغ بن محمد. حدث عن: أبو عبد الله بن عبد الرحيم، وأبو خالد بن رفاعة، وأبو جعفر بن البادش، وأبو القاسم بن بشكوال. قال ابن الأبار: دارت عليه الفتيا ببلده. وكان من جلة الفقهاء المشاورين. توفي في ذي القعدة.

(36/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 144
4 (حرف الجيم)
)
4 (جهور بن إبراهيم بن محمد بن خلف.)
أبو الحزم التجيبي الأندلسي. حج وسمع صحيح مسلم من أبي عبد الله الطبري. قال ابن بشكوال: بإشبيلية لقيته وأجاز لي. وكان رجلاً فاضلاً، منقبضاً، مقبلاً على ما يعنيه تولى الصلاة بموضعه، يعني بقرية مورور.
4 (حرف الحاف)

4 (الحسين بن محمد بن خسرو.)
أبو عبد الله البلخي، ثم البغدادي. السمسار، مفيد أهل بغداد ومحدث وقته. سمع من: أبي الحسين الأنباري، والبانياسي، وعبد الواحد بن فهد العلاف، وأبي عبد الله الحميدي، وطبقتهم، وخلقٍ بعدهم. وسمع بإفادته جماعة كثيرة. روى عنه أبو القاسم بن عساكر، وأبو الفرج بن الجوزي، وجماعة. قال السمعاني: سألت أبا القاسم الحافظ فقال: ما كان يعرف شيئاً. وسألت ابن ناصر عنه فقال: كان يذهب إلى الإعتزال. وكان حاطب ليلٍ، يسمع من كل أحد. ومات ابن خسرو في شوال، رحمه الله.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أبي جعفر محمد بن عبد الله بن أحمد.)

(36/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 145
العلامة أبو محمد الخشني المرسي، الفقيه. أخذ بقرطبة عن: أبي جعفر أحمد بن رزق الفقيه. وتخرج به أبو محمد بن أبي جعفر. وسمع من حاتم بن محمد كتاب الملخص بسماعه من القابسي. وحج فسمع صحيح مسلم من الحسين بن علي الطبري. وقال القاضي عياض: سمع من: أبي عمر بن عبد البر، وأبي العباس العذري، وابن مسرور، والطليطلي.) وقال ابن بشكوال: روى عن: أبو الوليد الباجي، ومحمد بن سعدون القروي. وكان حافظاً للفقه على مذهب مالك، مقدماً فيه على جميع أهل وقته، بصيراً بالفتوى، مقدماً في الشورى، عارفاً بالتفسير، ذاكراً له. يؤخذ عنه الحديث، ويتكلم على بعض معانيه. انتفع به الطلبة. وكان رفيعاً في أهل بلده، معظماً فيهم، كثير الصدقة والذكر لله تعالى. كتب إلينا بإجازة مروياته. قال محمد بن حمادة الفقيه: كان غالباً عليه الفقه. دخلت عليه بمرسية سنة إحدى وعشرين وهو ينام، والقاريء يقرأ عليه، ولعابه يسيح عن فمه، فسألني عن سبتة وأهلها. ثم رفعت مسألةً فيمن خرج باغياً أو عادياً، فاضطر إلى الميتة، فقلت: مشهور مذهب مالك أنه لا يباح له أكلها. وقال عبد الله بن حبيب: له أكلها. فقال: ليس هو ابن حبيب إنما هو ابن الماجشون. ثم قال لصبي: قم إلى الخزانة، وأخرج السفر الفلاني، ثم اقلب منه كذا وكذا ورقة. قال: فإذا بالمسألة كما ذكر. فتعجبت من حفظه وهو على تلك الحال. وأجاز لي كتاب الموطأ.

(36/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 146
وحج فسمع منه بسبتة قاضينا أبو عبد الله بن عيسى التميمي، وجماعة. وطال عمره، ورحل الناس إليه من الأقطار. وقد سمع صحيح مسلم من أبيه أبي بكر، ومات أبوه في سنة أربعٍ وتسعين وأربعمائة، بسماعه من أبي حفص عمرو الهوزني المذبوح في سنة ستين وأربعمائة، بسماعه من عبد الله بن سعيد السبتجالي، عن أبي سعد بن عمرو بن محمد السنجري، عن الجلودي نازلاً. قال ابن بشكوال: ولد بمرسية سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة وتوفي في ثالث رمضان. يعرف بابن أبي جعفر.) عبد الله بن موسى بن عبد الله. أبو محمد القرطبي. روى عن: حازم بن محمد، ومحمد بن فرج، وأبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي المقريء. وحدث. قال ابن بشكوال: عني بالحديث عناية كاملة، وكان متفنناً في عدة علوم مع الحفظ الإتقان. وتوفي في صفر.
4 (عبد الرحمن ابن الفقيه محمد ابن الفقيه عبد الرحمن ابن الفقيه عبد الرحيم ابن الفقيه أحمد)
بن العجوز. الفقيه أبو القاسم الكتامي السبتي، قاضي الجزيرة الخضراء، ثم قاضي سلا. كان أحد الأعلام. قال القاضي عياض: حضرت مجلسه في تدريس المدونة، فما رأيت أحداً أحسن منه احتجاجاً، ولا أبين منه تعليلاً. وكان سل سمتُ وهمة.

(36/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 147
توفي بفاس. نبا عن أبيه، عن جده. عبد الكريم بن حمزة بن الخضر بن العباس. أبو محمد السلمي الدمشقي الحداد. سمع: أبا القاسم الحنائي، وأبا بكر الخطيب، ومحمد بن مكي الأزدي المصري، وعبد الدائم بن الحسن، وعبد العزيز الكتاني، وأبا الحسن بن أبي الحديد، وعبيد الله بن عبد الله الداراني، وجماعة. وأجاز له: أبو جعفر ابن المسلمة، وأبو الحسن بن مخلد الواسطي. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر وقال: كان ثقة مستوراً سهلاً، قرأت عليه الكثير، وتوفي في ذي القعدة وأبو طاهر السلفي، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، وإسماعيل الخبروي، وبركات الخشوعي، وأبو القاسم بن الحرستاني، وآخرون.) وكان من أسند شيوخ الشام في عصره.
4 (علي بن الحسين بن محمد بن مهدي.)
الأستاذ أبو الحسن البصري، الصوفي، العارف. دار في الشام، ومصر، والجزيرة، وأذربيجان، ولقي العباد. وكانت له مقامات، وأحوال، وكرامات. وسكن بغداد في الآخر. سمع: أبا الحسن الخلقي، والمثنى بن إسحاق القرشي الأذربيجاني. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر.

(36/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 148
ويروى أنه حضرت عنده إمرأة فقالت: يا سيدي، ضاع كتابي الذي شهدت فيه، وأريد أن تشهد. قال: ما أشهد إلا بشيء حلو. قال: فتعجب الحاضرون منه. فمضت وعادت ومعها كاغد حلواء. فضحك وقال: والله ما قلت لك إلا مزاحاً، إذهبي وأطعميه لأولادك. ولمح الكاغد الذي فيه الحلواء فقال: أرينيه. فأرته، فإذا هو كتابها، وفيها شهادته، فقال: ما ضاعت الحلواء، هذا كتابك. توفي أبو الحسن البصري في جمادى الأولى.
4 (عمر بن يوسف.)
القدوة، الزاهد، أبو حفص ابن الحذاء القيسي الصقلي، نزيل الثغر. سمع منه: السلفي، عن أبي بكر عتيق بن علي السمنطاري بصقلية: نبا أحمد بن إسحاق المهراني، ثنا ألو بكر بن خلاد، ثنا، تمتام، نبا القعنبي بحديث: الذي تفوته العصر. قال السلفي: كان من مشاهير الزهاد وأعيان العباد. له مجدٌ كبير عند أهل صقلية. وكان من أهل العلم. تمنع من الرواية كثيراً تورعاً، وجرى بيني وبينه خطبٌ طويل.) وقفت على سماعه من السمنطاري بموطأ القعنبي، بهذا الإسناد. ولد بصقلية سنة ثلاثين وأربعمائة، وحج سنة إحدى وخمسين. وقرأ على جماعة القرآن. توفي في المحرم، رحمه الله.

(36/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 149
4 (حرف الميم)

4 (منصور بن الخير بن تمكي.)
أبو علي المغراوي، المالقي، المقرئ الأحدب. حج، وأدرك أبا معشر الطبري وأخذ عنه. ولقي أبا عبد الله محمد بن شريح وأخذ عنه. وجالس أبا الوليد الباجي. وعني بالقراءآت، وصنف فيها كتباً أخذها عنه الناس. قال ابن بشكوال قال: وسمعت بعض شيوخنا يضعفه. توفي بمالقة في شوال. قلت: قرأ عليه: محمد بن أبي العيسى الطرطوشي، ومحمد بن عبيد الله بن العويص. وقيل إنه متهم في لقي أبي معشر، مع أنه رأس في القراءآت، قين بتجويدها وعللها. قال اليسع بن حزم: رحلت إليه، فوجدته بحراً في علوم القراءآت، بعيد الغور والغايات، فجلست واستفدت وتشكلت، فقال: ما حجة من جهر وحجة من أخفى فقلت: حجة الجهر فإذا قرأت القرآن فاستعذ، وأخفوا لئلا يتوهم أنها آية من القرآن. وذكر باقي الكلام.

(36/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 150
قال أحمد بن ثعبان: انصرفت من مكة، فلقيني منصور بن الخير فقال: ما فعل أبو معشر قلت: توفي. فلما حج رجع إلى الأندلس وقال: قرأت على أبي معشر.

(36/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 151
4 (وفيات سنة سبع وعشرين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد ابن الشيخ الإمام أبي علي الحسن بن أحمد بن عبد الله.)
) أبو غالب بن البنا البغدادي الحنبلي. شيخ صالح، كثير الرواية، عالي السند. سمع: أبا محمد الجوهري، وأبا الحسين بن حسنون النرسي، وأبا يعلى بن الفراء، وأبا الغنائم بن المأمون ووالده، وابن المهتدي، بالله وطائفة. وله مشيخة. وكان مولده في سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة. وأجاز له: أبو الطيب الطبري، وأبو إسحاق البرمكي، وأبو بكر بن بشران، والعشاري. وثقه ابن الجوزي، وروى عنه هو، و: أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المديني، وهبة الله بن مسعود البابذيني، ومحمد بن هبة الله أبو الفرج

(36/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 152
الوكيل، وعبد الوهاب بن الشيخ عبد القادر، وإسماعيل بن علي القطان، وعمر بن طبرزد، وخلق سواهم. وتوفي في صفر. وقيل في ربيع الأول. وتفرد بالأجزاء القطعيات التي لم يبق ببغداد شيء أعلى منها في وقته.
4 (أحمد بن عمار بن أحمد بن عمار بن المسلم.)
أبو عبد الله الحسيني الكوفي، مجد الشرف، الشاعر المشهور. مدح المسترشد، والوزير أبا علي بن صدقة. ومن شعره:
(وباكية أبكت فأبدت محاسناً .......... أراقت فراقت أنفس الركب عن عمد)

(حباباً على خمرٍ وليلٍ على ضحىً .......... وغصناً على دعصٍ وذرا على ورد)
وله:
(ناس يسيء برأيه ويرى .......... صرف الحوداث غير متهم)

(لك في الذي تبديه معذرةً .......... من نام لم ينفك في حلم)
عاش اثنتين وخمسين سنة.
4 (أسعد بن صاعد بن منصور بن إسماعيل.)
أبو المعالي النيسابوري الحنفي، خطيب نيسابور.) سمع: جده، وأبو بكر بن خلف الشيرازي، وموسى بن عمران الصوفي، وأبا بكر الشيروي.

(36/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 153
كان إليه الخطابة والوعظ والتدريس ببلده، وكان مقبولاً عند السلطان. توفي في ذي القعدة، وقد قدم بغداد رسولاً من السلطان سنجر، فسمع منه ابن عساكر، وغيره.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن علي بن جحشويه.)
المحدث المفيد أبو محمد البغدادي. سبط قريش. طلب بنفسه وكتب الكثير، وسمع من: النعالي، وطراد، وابن البطر، وطبقتهم. وحدث بأكثر مسموعاته. روى عنه: عبد الله بن أبي المجد الحربي، وغيره. قال ابن النجار: مات في شوال سنة سبعٍ وعشرين.
4 (عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد.)
أبو محمد الأزدي، الصقلي، الشاعر. له ديوان مشهور.

(36/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 154
دخل الأندلس ومدح المعتمد بن عباد. وتوفي هذه السنة في رمضان بجزيرة ميورقة. وجزيرة صقلية يحيط بها البحر، وهي بحذاء إفريقية. أخذتها النصارى في سنة أربعٍ وستين وأربعمائة.
4 (عبد الكريم بن إسحاق.)
أبو زرعة البزاز الرازي. قدم سنة إحدى وثمانين ببغداد، وسمع عاصم بن الحسن، وجماعة. وسمع بالري من: عبد الكريم الوزان وبإصبهان من: أبي عبد الله الرفقي. قال أبو سعد السمعاني: كان صدوقاً، ثقة. حدثنا عنه جماعة.) وعاش سبعاً وثمانين سنة.
4 (عبد الملك بن عبد الله بن داود.)
أبو القاسم الحمزي. من حمزي مدينة بالمغرب. قدم بغداد وسكنها. قدم على أبي علي التستري، فسمع منه سنن أبي داود. وسمع ببغداد من: أبي نصر الزينبي. سمع منه: أبو القاسم بن عساكر السنن، وحدث عنه هو، وأبو المعمر. توفي في ربيع الآخر.
4 (علي بن عبيد الله بن نصر بن عبيد الله بن سهل.)
الإمام أبو الحسن بن الزاغوني، شيخ الحنابلة ببغداد.

(36/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 155
سمع الكثير بنفسه، ونسخ بخطه. وولد سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. حدث عن: أبي جعفر بن المسلمة، وابن هزار مرد، وعبد الصمد بن المأمون، وعلي بن البسري، وأبي الحسين بن النقور، وجماعة. وقرأ بالروايات، وتفقه على يعقوب البرزبيني. وكان إماماً فقيهاً، متبحراً في الأصول والفروع، متفنناً، واعظاً، مناظراً، ثقة، مشهور بالصلاح، والديانة، والورع، والصيانة، كثير التصانيف. قال ابن الجوزي: صحبته زماناً، وسمعت منه، وعلقت عنه الفقه والوعظ. وتوفي في سابع عشر المحرم. وكان الجمع يفوت الإحصاء. وقال أبو سعد السمعاني: روى لنا عنه: علي بن أبي تراب، وأبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم الحافظ. وسمعت حامد بن أبي الفتح المديني: سمعت أبا بكر محمد بن عبيد الله بن الزاغوني يقول: حكى بعض الناس ممن يوثق بهم أنه رأى في المنام ثلاثة يقول واحد منهم: إخسف وواحد) يقول: أغرق وواحد يقول: أطبق. يعني البلد. فأجاب أحدهم: لا، لأن بالقرب منا ثلاثة أحدهم أبو الحسن بن الزاغوني، والثني أحمد بن الطلاية، والثالث محمد بن فلان من الحربية. قلت: وروى عنه: بركات بن أبي غالب السقلاطوني، ومسعود بن غيث

(36/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 156
الدقاق، وأبو القاسم بن معالي بن شدقيني، وأبو الحسن علي بن عساكر، وأبو موسى المديني، وأبو حفص بن طبرزد، وطائفة سواهم. وهو من متكلمي الحنابلة ومصنفيهم. أملى علي القاضي عبد الرحيم بن عبد الله، أنه قرأ بخط أبي الحسن بن الزاغوني: قرأ أبو محمد عبد الله بن أبي سعد الضرير علي القرآن من أوله إلى آخره، بقراءة أبي عمرو، رواية اليزيدي، طريقة ابن مجاهد، وكنت رأيت في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأت عليه القرآن من أوله إلى آخره بهذه القراءة المذكورة، وهو صلى الله عليه وسلم يسمع، وإني لما بلغت في سورة الحج إلى قوله تعالى: إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات الآية، أشار بيده أي إسمع، ثم قال: هذه الآية من قرأها غفر له ثم أشار أن إقرأ، فلما بلغت أول يس، قال لي: هذه السورة من قرأها أمن من الفقر فلما بلغت إلى سورة الإخلاص قال لي: هذه السورة من قرأها، فكأنما قرأ ثلث القرآن. فلما كملت الختمة قال لي: ما أعطى الله أحداً ما أعطي أهل القرآن. وإني قلت له كما قال لي. وكتب علي بن عبيد الله بن الزاغوني قال: وقرأ علي هذا الكتاب، يعني مختصر الخرقي، من أوله إلى آخره أبو محمد الضرير من حفظه، ورويته لي عن أبي القاسم الخرقي رحمه الله. وكتب ابن الزاغوني سنة تسعٍ وخمسمائة.

(36/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 157
4 (علي بن يعلى بن عوض.)
أبو القاسم الهاشمي العلوي العمري، من ولد عمر بن علي بن أبي طالب. شيخ جليل واعظ مشهور، صاحب قبول. من أهل هراة.) سمع من أبي عامر الأزدي، ونجيب بن ميمون، ومحمد بن علي العميري الزاهد. وورد بغداد فوعظ بها، وسمع من: أبي القاسم بن الحصين. وكان يورد في مجلس وعظه الأحاديث بأسانيدها، ويظهر السنة. قال ابن الجوزي: حصل له ببغداد مالٌ وكتب وقبول كثير، وحملت إليه وأنا صغير، وحفظني مجلساً من الوعظ، فتكلمت بين يديه يوم ودع الناس وسافر إلى مرو. وقال ابن السمعاني: سمعت منه حديثاً واحداً.
4 (عمر بن محمد بن محمد بن موسى.)
أبو جعفر الشاشي، نزيل قاشان، إحدى قرى مرو.

(36/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 158
تفقه على الإمام أبي الفضل التميمي، وسمع منه. ومنه: أبو عبد الله محمد بن الحسين المهربندشاني، وإسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني. وقدم بغداد قبل الثمانين وأربعمائة حاجاً، وسمع أبا عبد الرحمن بن ميمون المتولي. وحدث. توفي سنة سبعٍ وعشرين، فيحول إليها.
4 (حرف الكاف)

4 (كريم الملك.)
أبو الحسن. واسمه: أحمد بن عبد الرزاق. وزير الملك شمس الملوك صاحب دمشق. مات في ذي الحجة، وتأسف الناس عليه لحسن طريقته، وحميد خلاله، وكثرة تلاوته.
4 (كريمة بنت الحافظ أبي بكر محمد بن أحمد ابن الخاضبة.)
روت عن: أبي الحسين بن النقور. وعنها: أبو القاسم بن عساكر، وأبو المعمر الأنصاري، وغيرهما. وتوفيت في رجب. قال ابن السمعاني: رأيت نسخةً بتاريخ بغداد كاملةً بخطها.
4 (حرف الميم)
)
4 (محمد بن إدريس.)
أبو عبد الله الجذامي الغرناطي. حدث ب صحيح البخاري، عن بكار، عن أبي ذر الهروي، وكان فقيهاً، مفتياً.

(36/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 159
روى عنه: أبو خالد بن رفاعة.
4 (محمد بن الحسين بن علي.)
أبو بكر البغدادي المزرفي، ومزرفة بين عكبرا وبغداد، الفرضي الحاجي. ولد سنة تسعٍ وثلاثين وأربعمائة ببغداد. وسكن به أبوه مدة في أيام الفتنة بالمزرفة. وقرأ بالروايات وجود. وسمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن المهتدي بالله، وعبد الصمد بن المأمون، وأبا علي بن البنا، والصريفيني، وخلقاً سواهم. وتلا على أصحاب الحمامي. روى عنه: ابن عساكر، وأبو الفرج بن الجوزي، وأبو موسى المديني، وأبو الفتح المندائي، وطائفة. وأقرأ القراءآت. ويقول الحافظ ابن عساكر وغيره إنه مات ساجداً. مات في أول السنة. وقال ابن الجوزي: كان ثقة، عالماً، حسن العقيدة رحمه الله.
4 (منصور بن محمد بن محمد بن الطيب.)

(36/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 160
أبو القاسم العلوي العمري الهروي، المعروف بالفاطمي. كان فقيهاً، مناظراً، وواعظاً، رئيساً. كان رفيع المنزلة عند الخاص والعام، ذا ثروةٍ وأموال. يقال كان له ثلاثمائة وستون طاحونة. سمع بهراة من: جده لأمه أبي العلاء صاعد بن منصور الأزدي، ومحلم بن إسماعيل، ومحمد بن أبي عاصم العمري.) وبنيسابور من: أبي القاسم القشيري، وأبي شجاع المكيالي. وقدم بغداد مرتين. وروى عنه: ابن ناصر، والسلفي، ويحيى بن بوش. قال ابن السمعاني: كان شيخنا أبو الحسن الأزدي سيء الرأي فيه، قال: لا أروي عنه حرفاً. توفي أبو القاسم الفاطمي بهراة في رمضان. وقال السمعاني في التحبير: أجاز لنا، وكان فقيهاً مبرزاً مدققاً، مولده سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة.

(36/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 161
4 (وفيات سنة ثمان وعشرين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن علي بن إبراهيم.)
الشيخ أبو الوفاء الشيرازي، القدوة، الزاهد، الفيروز أباذي، شيخ الرباط الذي حذاء جامع المنصور ببغداد. قدم بغداد وسمع من: أبي طاهر الباقلاني، وأبي الحسن الهكاري شيخ الإسلام. وخدم المشايخ، وسكن بالرباط المذكور. ويعرف برباط الزوزني. قال ابن السمعاني: اتفقت الألسن على مدحه. صحب المشايخ بفارس، وكان يحفظ من كلام القوم وسيرهم وأحوالهم، ومن الأشعار المناسبة لذلك شيئاً كثيراً. واتفق أن أبا علي المغربي أحضر رجلاً يقال له محمد المغربي إلى الشيخ أبي الوفاء وأثنى عليه، وقال: إنه يصلح لخدمتك، فاستخدمه الشيخ وقربه، وكان يسعى في مهماته، فضاق منه أبو علي المغربي، فقال لأبي الوفاء: أريد أن تخرجه من الرباط ولا يخدمك.

(36/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 162
فقال: ما يحسن هذا. تثني على رجلٍ فتقربه، ثم تضيق منه فتخرجه. هذا لا يليق. فعمل أبو علي:)
(إن خلي أبا الوفا .......... في صفاي أبى الوفا)

(باع ودي بردٍ من .......... لطفه غاية الجفا)
وقال أبو الفرج بن الجوزي: كان أبو الوفاء على طريقة مشايخه في سماع الغناء والرقص. وكان يقول لشيخنا عبد الوهاب: إني لأدعو الله في وقت السماع. وكان شيخنا يتعجب ويقول: أليس يعتقد أن ذلك وقت إجابة، وهذا غاية القبح. وحكى أبو الوفاء أن فقيراً كان يموت وعياله يبكون، ففتح عينيه وقال: لمَ تبكون، ألموتي قالوا: لا، الموت لابد منه، ولكن نبكي على فضيحتنا، لأنه ليس لك كفن. فقال: إنما نفتضح لو كان لي كفن. قال ابن الجوزي: توفي أبو الوفاء في حادي عشر صفر. وصلى عليه خلق، منهم أرباب الدولة وقاضي القضاة. ودفن على باب الرباط. وعمل له الخادم نظر بعد يومين دعوة عظيمة، أنفق فيها مالاً على عادة الصوفية، واجتمع فيها خلق. وكان أبو الوفاء ينشد أشعاراً، أنشد مرة لأبي منصور الثعالبي:
(وخيط نم في حافات وجهٍ .......... له في كل يومٍ ألف عاشق)

(كأن الريح قد مرت بمسكٍ .......... وذرت ما حوته من الشقائق)

4 (أحمد بن علي بن الحسن بن سلمويه.)
أبو عبد الله النيسابوري الصوفي. شيخ طريفٌ معمر. ولد قبل الأربعين.

(36/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 163
وحدث عن: عبد الغافر بن محمد الفارسي، وعمر بن مسرور، وأبي سعد الكنجروذي. ورحل مع والده، وسمع من: أبي محمد الصريفيني، وغيره. وخدم أبا القاسم القشيري، وكان يقرئ بين يديه الأبيات بصوت رخيم لين. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي سنة أو قبلها.
4 (أحمد بن علي بن محمد بن السكن.)
) أبو محمد بن المعوج. سمع: علي بن البسري، وجماعة. وعنه: معمر بن الفاخر، ومحمود الخيام، وغيرهما.
4 (أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت.)
أبو الصلت الأندلسي الداني، مصنف كتاب الحديقة. كان عالماً بالفلسفة، ماهراً في الطب، إماماً فيه وفي علوم الأوائل. سكن الإسكندرية مدةً، وكان مولده بدانية في سنة ستين وأربعمائة. أخذ عن: أبي الوليد الوقشي قاضي دانية، وغيره. وقدم الإسكندرية سنة تسعٍ وثمانين، ونفاه الأفضل شاهنشاه من مصر في سنة خمسٍ وخمسمائة. ثم دخل إلى المهدية، وحل من صاحبها علي بن يحيى بن باديس بالمحل الجليل.

(36/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 164
وكان بارعاً في معرفة النجوم والوقت، بارعاً في الموسيقى وفي الشعر، حاذقاً بلعب الشطرنج. وله رسالة مشهورة في الأسطرلاب. وله كتاب الوجيز في علم الهيئة، وكتاب الأدوية المفردة، وكتاب في المنطق، وكتاب الانتصار في أصول الطب. صنف بعضها في سجن الأفضل. وقيل إن أمير الإسكندرية حبسه مدةً لأنه قدم إلى الإسكندرية مركبٌ موقرٌ نحاساً، فغرق وعجزوا عن استخراجه، فقال أبو الصلت: عندي فيه حيلة. فطاوعه الأمير، وبذل له أموالاً لعمل الآلات، وأخذ مركباً كبيراً فارغاً، وعمل على جنبيه دواليب بحبالٍ حرير، ونزل الغطاسون، فأوثقوا المركب الغارق بالحبال، ثم أديرت الدواليب، فارتفع المركب الغارق بما فيه إلى أن لاطخ المركب الذي فيه الدواليب وتم ما رامه، لكن انقطعت الحبال وهبط، فغضب الأمر للغرامة وسجنه. ومن شعره:
(إذا كان أصلي من تراب فكلها .......... بلادي، وكل العالمين أقاربي)

(ولابد لي أن أسأل العيس حاجةً .......... تشق على شم الذرى والغوارب)
) وله:
(وقائلةٍ: ما بال مثلك خاملٌ .......... أأنت ضعيف الرأي، أم أنت عاجز)

(فقلت لها: ذنبي إلى القوم أنني .......... لما لم يحوزوه من المجد حائز)
وله:
(ومهفهفٌ تركت محاسن وجهه .......... ما مجه في الكأس من إبريقه)

(36/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 165
(ففعالها من مقلتيه، ولونها .......... من وجنتيه، وطعمها من ريقه)
وله:
(عجبت من طرفك في ضعفه .......... كيف يصيد البطل الأصيدا)

(يفعل فينا وهو في غمده .......... ما يفعل السيف إذا جردا)
ومن شعره، وأوصى أن يكتب على قبره، وهو يدل على أنه مسلم الاعتقاد:
(سكنتك يا دار الفناء مصدقاً .......... بأني إلى دار البقاء أصير)

(وأعظم ما في الأمر أني صائرٌ .......... إلى عادلٍ في الحكم ليس يجور)

(فإن أك مجزياً بذنبي فإنني .......... بشر عقاب المذنبين جدير)

(وإن يك عفوٌ منه عني ورحمةٌ .......... فثم نعيمٌ دائمٌ وسرور)
توفي رحمه الله بمرض الإستسقاء بالمهدية في منسلخ العام، وقيل: في مستهل سنة تسعٍ.
4 (حرف الثاء)

4 (ثابت بن منصور الكيلي.)
أبو العز من أهل العراق. سمع الكثير ونسخ، وعني بالحديث. سمع: رزق الله التميمي، وعاصم بن الحسن، ومحمد بن إسحاق الباقرحي.

(36/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 166
قال ابن ناصر: هو صحيح السماع ما يعرف شيئاً. توفي في ذي الحجة. وقال غيره: كان يحفظ ويدري. وقال ابن النجار: خرج في فنون، وكان صدوقاً. روى لنا عنه: مظفر بن علي الخياط، وست الكتبة بنت يحيى الهمذاني.) وروى عنه: السلفي وقال: كان فقيهاً على مذهب أحمد. كتب كثيراً معنا وقبلنا، وكان ثقة زعر الأخلاق.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أحمد بن محمد بن جكينا.)
أبو محمد الحريمي الشاعر المشهور، صاحب الرشاقة، والحلاوة، والظرافة في شعره. وكان هجاءً، غواصاً على المعاني. ويلقب بالبرغوث. وهو القائل:
(ولائمٌ لام في التحالي .......... لما استباحوا دم الحسين)

(فقلت: دعني احقّ عضو .......... ألبسه بالحداد عيني)
مات في ربيع الأول، ترجمة ابن النجار.
4 (الحسن بن أبي الذكر محمد بن عبد الله بن حسين.)
القدوة، أبو عبد الله المصري، الجوهري، الزاهد، الناطق بالحكمة. قال السلفي: قرأنا عليه، عن أبي إسحاق الحبال، وغيره. وكان حلو الوعظ. وتوفي في جمادى الأولى.

(36/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 167
4 (حرف الخاء)

4 (الخفرة بنت مبشر بن فاتك.)
الدمشقية الجديدة. روت عن: محمد بن الحسين الطفال، وأبي طاهر محمد بن سعدون الموصلي، وغيرهما. روى عنها: أبو طاهر السلفي، وقال: توفيت في جمادى الأولى أيضاً. قلت: هي آخر من حدث عن الطفال. وكان أبوها محمود الدولة من أمراء المصريين، صنف في الطب، والمنطق، وغير ذلك.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن المبارك بن الحسن.)
) أبو محمد البغدادي المقرئ، ويعرف بابن ينال. سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصماً، وأبا الغنائم بن أبي عثمان. وتفقه على: أبي الوفاء بن عقيل، وأبي سعد البرداني. وباع ملكاً له واشترى كتاب الفنون وكتاب الفصول لابن عقيل، ووقفهما. وتوفي رحمه الله في جمادى الأولى.
4 (عبد الخلاق بن عبد الواسع بن عبد الهادي ابن شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله بن)
محمد بن علي.

(36/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 168
الأنصاري الهروي، أبو الفتوح بن أبي رفاعة، من أبي عروبة. كان حسن الأخلاق، حلو الشمائل. سمع محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون الواسطي. وحدث ببغداد. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر. وتوفي في شعبان.
4 (عبد الواحد بن شنيف.)
أبو الفرج البغدادي. تفقه على أبي علي البرداني. وكان فقيهاً، مناظراً، مجوداً. له مال ورئاسة. توفي في شعبان.
4 (علي بن أحمد بن علي.)
العلامة أبو حسن السجزي، ثم البلخي، الفقيه المعروف بالإسلامي. مقدم أصحاب أبي حنيفة، رحمه الله، ببلخ.

(36/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 169
عمر دهراً، وروى الكثير، وكان زاهداً، حسن السيرة. روى عنه بالإجازة: السمعاني، وقال: سمع: منصور بن إسحاق الحافظ، والوخشي، والعيار. فمن ذلك صحيح البخاري، سمعه من منصور ابن إسحاق، عن إسماعيل الكشاني، ويرويه) أيضاً عن أبي عثمان العيار. وسمع سنن أبي داود من الوخشي. مات في سلخ ربيع الآخر، وقيل: ليلة نصف ذي الحجة.
4 (علي بن عطية الله بن مطرق.)
أبو الحسن اللخمي، البلنسي، الشاعر المشهور بابن الزقاق. أخذ عن أبي محمد البطليوسي، وبرع في الآداب، وتقدم في صناعة الشعر، وامتدح الكبار، واشتهر اسمه، ودون شعره، ولم يبلغ الأربعين. سمع منه: الحافظ أبو بكر بن رزق الله.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن علي.)
أبو بكر القطان البغدادي، ويعرف بابن الحلاج. حدث عن: أبي الغنائم بن أبي عثمان. قال ابن الجوزي: كان خيراً، زاهداً، كثير العبادة، دائم التلاوة، حسن الأخلاق. كان الناس يتبركون به، وكنت أزوره. وقال غيره: سمع من: مالك البانياسي، وقرأ على أبي طاهر بن سوار. روى عنه: الحافظان ابن عساكر، وأبو موسى المديني.

(36/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 170
4 (محمد بن حبيب بن عبيد الله بن مسعود.)
أبو عامر الأموي الشاطبي. روى عن: طاهر بن مفوز، وأبي داود المقريء، ويوسف بن عديس. قال ابن بشكوال: أجاز لنا، وسمع منه أصحابنا ووصفوه بالجلالة والفضل والديانة. توفي بشاطبة.
4 (محمد بن سعيد بن مسعود.)
الإمام أبو الفضل المروزي، الزاهد، المسعودي، الواعظ. قال السمعاني: كان حسن الموعظة والنصح، سريع الدمعة، كان السلطان سنجر يزوره. سمع من جماعة، وحدث.) مولده في سنة إحدى وخمسين، ومات في جمادى الأولى.
4 (محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن زغيبة.)
أبو عبد الله الكلابي الأندلسي المرسي. ولد سنة خمسين وأربعمائة. وروى عن: أبي العباس العذري، والقاضي أبي عبد الله بن المرابط، وعبد الجبار بن أبي قحافة، وأبي علي الغساني، وجماعة. وكان ذاكراً للمسائل، عارفاً بالنوازل، حاذقاً بالفتوى. قاله ابن بشكوال. وقال: أجاز لنا وتوفي في ذي الحجة. أنبا محمد بن جابر، أنبا أحمد بن الغماز، أنبا أبو الربيع بن سالم، أنبا أبو محمد بن عبيد الله، أنبا ابن زغينة قراءةً، عن أحمد بن عمر العذري، عن أحمد بن الحسن الرازي، أنبا ابن عمرويه، ثنا ابن سفيان، نبا مسلم: قال ابن

(36/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 171
قعنب: نبا أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عائشة قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي لحرمه حين أحرم ولحله حين أحل قبل أن يطوف بالبيت.
4 (محمد بن علي بن عبد الواحد.)
أبو رشيد الآملي. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وحج، وجاور، وكان زاهداً متبتلاً، مشتغلاً بنفسه. قيل إنه فارق أصحابه من المركب، وأقام في جزيرة يتعبد، ثم رجع إلى آمل. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (معالي بن هبة الله بن الحسن بن الحبوبي.)
أبو المجد الدمشقي، البزاز. سمع: أبا القاسم المصيصي، ونصر المقدسي، وسهل بن بشر. روى عنه: ابن عساكر ووثقه، ومحمد بن حمزة بن أبي الصقر. توفي في سلخ رمضان. ويروي عنه: ابن الحرستاني.)

(36/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 172
4 (وفيات سنة تسع وعشرين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حبيب.)
الفقيه، أبو الطيب المقدسي، الواعظ، إمام جامع الرافقة. سمع من: نصر المقدسي، والحسين بن علي الطبري. وله ديوان شعر. وكان مستوراً، قصيراً، معيلاً. سمع منه: أبو القاسم بن عساكر في هذا العام بالرافقة، وهي الرقة الجديدة. وله يقول:
(يا واقفاً بين الفرات ودجلة .......... عطشان يطلب شربةً من ماء)

(إن البلاد كثيرةٌ أنهارها .......... وسحابها فكثيرة الأنواء)

(أرضٌ بأرضٍ والذي خلق الورى .......... قد قسم الأرزاق في الأحياء)
وله:
(يا ناظري ناظري دفنٌ على السهر .......... ويا فؤادي فؤادي منك في ضرر)

(ويا حياتي حياتي غير طيبةٍ .......... وهل تطيب بفقد السمع والبصر)

(36/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 173
(ويا سروري سروري قد ذهبت به .......... وإن تبقى قليلٌ فهو في الأثر)

(والعين بعدك يا عيني مدامعها .......... تسقي مغانيك ما يغني عن المطر)
وله:
(من لصبٍ نازح الدار .......... نهب أشواقٍ وأفكار)

(مستهام القلب محترقٍ .......... بهوىً أذكى من النار)

(فنيت بالبعد أرمقه .......... فهو يبكي بالدم الجاري)

(فإلى من أشتكي زمناً .......... عالني في حكمه الجاري)

(صرت أرضى بعد رؤيتكم .......... بخيالٍ أو بأخبار)

4 (إبراهيم بن الحسن بن محمد بن الحسين.)
الشريف، أبو إسحاق الحسيني، الكليمي، النقيب بالديار المصرية.) روى لنا عن: عبد العزيز بن الضراب، وأبي إسحاق الحبال، وعبيد الله ابن أبي مطر الإسكندراني. قاله السلفي. وقال: توفي في جمادى الآخرة وله خمسٌ وسبعون سنة.
4 (أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت.)
قال السلفي: توفي في أول سنة تسعٍ وعشرين. وقد تقدم في سنة ثمانٍ.

(36/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 174
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العبيدي.)
المصري. استوزره أبوه وجعله ولي عهده في سنة ستٍ وعشرين، فظلم وعسف وسفك الدماء، وقتل أعوان أبي علي الوزير الذي قبله، حتى قيل: إنه قتل في ليلةٍ أربعين أميراً، فخافه أبوه، وجهز لحربه جماعةً، فحاربهم، واختلطت الأمور، ثم دس أبوه من سقاه السم، فهلك في هذه السنة. ولكنه كان يميل إلى أهل السنة.
4 (الحسن بن المبارك بن أحمد الأنماطي.)
أخو الحافظ عبد الوهاب. حدث عن: أبي نصر الزينبي. توفي في جمادى الأولى.
4 (حرف الطاء)

4 (طغرل بن محمد بن ملكشاه السلجوقي.)
أحد الملوك السلجوقية. توفي بهمذان في أول السنة. وهو أخو السلطان محمود والسلطان مسعود.

(36/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 175
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إسماعيل بن عبد الملك.)
) الفقيه أبو القاسم الصدفي الإشبيلي. روى عن: أبي عبد الله محمد بن فرج، وأبي علي الغساني. وكان فقيهاً حافظاُ للمسائل، مفتياً معظماً ببلده. توفي في أوائل سنة.
4 (محمد بن أبي الخيار.)
العلامة أبو عبد الله العبدري، القرطبي، صاحب التصانيف. روى عن: أصبغ بن محمد، وأبي عبد الله بن حمدين. وتفقه بهما، وبالشهيد أبي عبد الله بن الحاج. ذكره ابن الأبار، وقال: كان من أهل الحفظ والاستبحار في علم الرأي. درس ونوظر عليه. وله ثنائية على المدونة، ورد على أبي عبد الله بن الفخار. وصنف كتاب السجاج، وكتاب أدب النكاح. ورأس قبل موته في النظر، فترك التقليد، وأخذ بالحديث، وبه تفقه: أبو الوليد بن خير، وأبو خالد بن رفاعة. قال أبو القاسم بن الشهيد بن الحاج: قرأت عليه المدونة تفقهاً وعرضاً. توفي إلى رحمة الله في عاشر ربيع الأول.
4 (محمد بن علي بن محمد العربي.)
أبو سعيد السمناني.

(36/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 176
سمع: أبا القاسم القشيري، وكان من مريديه. حدث وأملى، وروى عنه جماعة. ذكره ابن السمعاني فقال: أحد المشهورين بالفضل والعلم والزهد، وكان متحلياً بالأخلاق الزكية. رأيت الناس مجمعين على الثناء عليه. وتوفي قبل دخولي سمنان قبل سنة ثلاثين بسنة أو سنتين رحمه الله.
4 (المفضل بن عبد الله بن أبي الرجاء محمد بن علي بن أحمد بن جعفر.)
) أبو المعالي، التميمي، المعدل. إصبهاني جليل. روى عن: أبي مسلم بن مهربزد صاحب ابن المقري. روى عنه: أبو موسى الحافظ، وقال: سألته عن مولده فقال: سنة أربعٍ وخمسين. وتوفي في رجب.
4 (منصور بن محمد بن علي.)
أبو المظفر الطالقاني، نزيل مرو. قدمها وتفقه على الإمام أبي المظفر السمعاني. قال أبو سعد السمعاني: كان منبسطاً في شبيبته، دخالاً في الأمور، ثم حسنت طريقته، وترك ما لا يعنيه، واشتغل بالعبادة، وأقبل على المطالعة. حج وحدث ببغداد. وكان ليناً فصيحاً. سمع: جدي، والفضل بن أحمد بن متويه الصوفي، وإسماعيل بن الحسين العلوي. وكتبت عنه. وسمع منه: أبو القاسم بن عساكر ببغداد. توفي في رمضان بنواحي أبي ورد.

(36/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 177
4 (وفيات سنة ثلاثين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الحسن بن هبة الله.)
أبو الفضل ابن العالمة، عرف بالإسكاف. شيخ، صالح، مقرئ، إمام، فقيه، مجود، قنوع، خير، حسن التلاوة، محدث. سمع الكثير من: أبي الحسين بن النقور، وأبي محمد الصريفيني. وحدث وتوفي في شوال. وقد قرأ بالروايات على: أبي الوفاء بن القواس وتلقن على الزاهد أبي منصور الخياط. روى عنه: ابن الجوزي، وغيره.) وكان مولده في رمضان سنة تسعٍ وخمسين. ومن شيوخه في القراءآت، عبد السيد بن عتاب. أقرأ بالروايات مدة.
4 (أحمد بن علي بن محمد بن موسى المقريء.)
أبو بكر الإصبهاني، الأديب، المؤدب. روى عن: أبي الطيب بن شمة.

(36/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 178
روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: كان والدي وأخي في مكتبه، وتوفي في سادس شوال. وقال السمعاني في معجمه الملقب بالتحبير: يعرف بالزين العلم. ومن مسموعاته: فضل رمضان لسلمة بن شبيب، سمعه من أحمد بن الفضل الباطرقاني، عن محمد بن أحمد بن الحسين، عن الفضل بن الخصيب، عنه، وكتاب الحجة في القراءآت الثمان تأليف أبي الفضل الخزاعي، رواه عن الباطرقاني عنه.
4 (أحمد بن أبي الفضل محمد بن عبد العزيز بن عبد الواحد.)
أبو الرجاء القارئ. روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: لم أر مثله في طريقته من الطراز الأول. روى عن: أبي الحسين ابن المهتدي بالله.
4 (إبراهيم بن الفضل.)
أبو نصر الإصبهاني البئار المفيد. قال ابن السمعاني: رحل، وسمع، ونسخ، وجمع، وما أظن أن أحداً بعد محمد بن طاهر المقدسي رحل وطوف مثله، وجمع كجمعه، إلا أن الإدبار لحقه في آخر الأمر، وكان يقف في أسواق إصبهان، ويروي من حفظه بالسند. وسمعت أنه يضع في الحال.

(36/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 179
سمع: أبا الحسين بن النقور، وعبد الرحمن بن مندة، وأخاه أبا عمرو عبد الوهاب بن مندة، والفضل بن عبد الله بن المحب، وأبا عمرو المحمي، وأبا إسماعيل الأنصاري شيخ الإسلام، وخلقاً من معاصريهم. قال لي إسماعيل بن الفضل الحافظ: أشكر الله لئن ما لحقت إبراهيم البأر، وأساء الثناء عليه.) توفي البئار سنة ثلاثين. روى عنه جزءاً من حديثه: يحيى الثقفي، وداود بن سليمان بن أحمد بن نظام الملك، وأبو طاهر السلفي وقال: كان يسمى بدعلج، له معرفة، وسمعنا بقراءته كثيراً، وغيره أرضى منه. وقال معمر بن الفاخر: رأيت إبراهيم البئار واقفاً في السوق، وقد روى أحاديث منكرة بأسانيد صحاح، فكنت أتأمله تأملاً مفرطاً، ظناً مني أنه الشيطان على صورته. قال: وتوفي في شوال. قلت: كان أبوه يحفر الآبار. قال ابن طاهر المقدسي: حدثته عن مشايخ مكيين ومصريين، فبعد أيامٍ بلغني أنه حدث عنهم، فبلغت القصد إلى شيخ البلد، أبي إسماعيل الأنصاري، فسأله عن لقي هؤلاء بحضرتي، فقال: سمعت مع هذا. فقلت: ما رأيته قط إلا هنا. قال الشيخ: حججت قال: نعم. قال: فما علامات عرفات قال: دخلناها بالليل. قال: يجوز، فما علامة منى قال: كنا بها بالليل.

(36/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 180
قال: ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ لم يصبح لكم الصبح لا بارك الله فيك. وأمر بإخراجه من البلد، وقال: هذا دجال. ثم انكشف أمره بعد هذا حتى صار آيةً في الكذب.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسين بن محمد بن أحمد بن جعفر.)
أبو عبد الله النهربيني المقرئ الفقيه. سمع: ابن طلحة النعالي، ويحيى بن أحمد السبتي. قال ابن عساكر: ذكر لي أنه سمع من: أبي الحسين بن النقور، وسكن دمشق بالمدرسة) الأمينية. كتبت عنه، وكان خيراً، ثقة، يؤم بالناس في مسجد سوق الغزل المعلق، ويقريء القرآن. توفي بقرية الحديثة عند أخيه أحمد الفلاح بالغوطة.
4 (الحسين بن عبد الرزاق.)
أبو علي الأبهري الفقيه، المعروف بالقاضي الرحبة، قاضي همذان كان صدوقاً، محموداً في عمله، داهيةً، بعيد النظر والغور. سمع: علي بن محمد بن محمد الخطيب الأنباري، وجماعة ببغداد. وكان مولده في سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة. وتوفي في هذه السنة، أو في التي بعدها.

(36/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 181
4 (حرف الدال)

4 (دردانة بنت إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد الفارسي.)
أمة الغافر النيسابوري. والدة أبي حفص عمر بن أحمد الصفار. سمعت من: جدها أبي القاسم القشيري، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وأبي حامد الأزهري. وعنها: الحافظ ابن عساكر، والسمعاني. ماتت في صفر عن أربعٍ وثمانين سنة.
4 (حرف الشين)

4 (شهفيروز بن سعد بن عبد السيد.)
أبو الهيجا، البغدادي، الشاعر. رقيق النظم، لطيف الطبع. أنشأ مقامات. وقد سمع من: أبي جعفر ابن المسلمة. وعنه: ابن ناصر، ويحيى بن بوش، وجماعة. وكتب عنه: أبو علي البرداني، وسماه أحمد. مات في ربيع الأول عن سنٍ عالية.)
4 (حرف العين)

4 (عبد الواحد بن الفضل بن محمد بن علي.)
أبو بكر ابن القدوة أبي علي الفارمذي الطابرائي.

(36/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 182
كان جليل القدر، حسن الأخلاق، مكرماً للغرباء. سافر وصحب المشايخ. وكان بقية أولاد الشيخ. سمع ببغداد من أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان. وكان قد سمع بمرو من: أبي الخير محمد بن أبي عمران وبنيسابور من: أبي بكر بن خلف الشيرازي. قال ابن السمعاني: كتبت عنه بطوس. توفي في صفر.
4 (علي بن أحمد بن الحسن.)
الموحد أبو الحسن بن البقسلام الوكيل. من أعيان البغداديين ومتميزيهم. وله معروف كثير. ولد سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة. وسمع: أبا يعلى بن الفراء، وهناد بن إبراهيم النسفي، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن المهتدي بالله، وابن المأمون، والصريفيني، وأبا علي محمد بن وشاح، وخلقاً كثيراً. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو الفرج بن الجوزي، وعبد الله بن صافي الخازني. وسئل ابن عساكر عن علي الموحد فأثنى عليه ووثقه.

(36/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 183
وقال أبو بكر بن كامل: وإنما قيل البقسلام، لأن جده أو أباه مضى إلى قرية سلام، وكانت كثيرة البق، فكان يقول طول الليل: بق سلام، فلزمه ذلك لقباً. وقال ابن ناصر: كان أبو الحسن في خدمة الدولة، وكان يظلم جماعة من أهل السواد. وكان في أيام الفتنة ولم يكن من أهل السنة، ولا العارفين بالحديث، فلا يحتج بروايته.) وتوفي في رمضان.
4 (علي بن الخضر.)
أبو محمد البغدادي الفرضي. قرأ الفرائض على أبي حكيم الخبري، وأبي الفضل الهمذاني. وسمع: أبا الحسين بن النقور، وابن البسري. وكان قيماً بعلم الفرائض. توفي في ثالث ربيع الأول.
4 (علي بن عبد القاهر بن خضر.)
أبو محمد بن آسة الفرضي تلميذ الخبري. سمع: عبد الرحمن بن المأمون، وأبا جعفر ابن المسلمة. وعنه: هبة الله بن الحسن السبط. وكان شيخاً صالحاً. عاش 85 سنة. مات في ربيع الأول سنة 530.

(36/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 184
4 (عمر بن عبد الرحيم.)
أبو بكر الشاشي، المروزي الصوفي، نزيل رباط الشيخ يعقوب. ذكره ابن السمعاني فقال: شيخ مسن، حسن السيرة، كثير الصلاة والعبادة. صحب المشايخ. رأيته. وسمع من: جدي أبي المظفر، وأبي القاسم إسماعيل الزاهدي، وهبة الله الشيرازي الحافظ. كتبت عنه، وتوفي بمرو في سنة ثلاثين.
4 (عيسى بن محمد بن عبد الله بن عيسى بن مؤمل الزهري.)
الشنتريني. سمع من: أبي الوليد الباجي، والدلائي، وأبي شاكر وابن الفلاس، وأبي الحجاج الأعلم. ذكره ابن بشكوال فقال: رحل إلى المشرق وأخذ عن: كريمة المروزية، وأبي معشر الطبري،) وأبي إسحاق الحبال وذكر عنه أنه كان إذا قريء عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي بكاء كثيراً، يعني الحبال ولقي جماعة غير هؤلاء. أخذ الناس عنه، وسكن العدوة. وتوفي نحو الثلاثين وخمسمائة. كتبه لي القاضي عياض بخطه، وذكر أنه أخذه عنه.
4 (حرف الفاء)

4 (الفضل بن أبي الحسن بن أبي القاسم بن أبي علي بن أبي زيد.)
الميموني الآملي، أبو زيد، التاجر.

(36/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 185
كان محسناً لأهل العلم، حريصاً على الطلب. حصل الأصول، وأنفق المال في جمعها، وحج تسعاً وعشرين حجة. وورد بغداد غير مرة، ومات بطريق الحج بحلولا. سمع: أبا المحاسن الروياني بآمل، وأبا منصور الكراعي بمرو، وأبا علي الحداد بإصبهان، وأبا سعد الطيوري ببغداد. وحدث. قال ابن السمعاني: أجاز لي، وحدثني عنه: علي بن محمد بن جعفر الفاروثي وقال: توفي في شوال.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن محمد بن سعدويه.)
أبو سهل الإصبهاني المزكي. حدث ببغداد، وإصبهان بمسند الروياني عن أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، والمبارك بن علي الطباخ، والمؤيد ابن الأخوة، ويحيى بن بوش، وعبد الخالق بن الصابوني، وإبراهيم وعبد الله إبنا محمد بن أحمد بن حمديه. ومن شيوخه: إبراهيم بن منصور سبط بحرويه، والحافظ محمد بن الفضل الحلاوي، وآخرون.

(36/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 186
ولد سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة، وتوفي في ذي القعدة.
4 (محمد بن عبد الله بن أحمد بن حبيب.)
) أبو بكر العامري الصوفي الواعظ، ويعرف بابن الخباز. ولد سنة تسعٍ وستين وأربعمائة، أظن ببغداد. وسمع: رزق الله التميمي، وطراداً الزينبي، وابن البطر، وابن طلحة النعالي. ورحل وسمع من: عبد الغفار بن شيرويه، وعلي بن أبي صادق وبنيسابور، وبلخ، وهراة. روى عنه أبو الفرج بن الجوزي كتاب الشهاب. وكانت له معرفة بالحديث والفقه، وكان يعظ ويتكلم على طريقة التصوف والمعرفة من غير تكلف الوعاظ. وكم من يومٍ المنبر وفي يده مروحة، وليس عنده من يقرأ، كما يفعل الوعاظ. قرأت عليه كثيراً من الحديث والتفسير، وكان نعم المؤدب يأمر بالإخلاص وحسن القصد، وبنى رباطاً بقراح ظفر واجتمع فيه جماعة من المتزهدين فلما احتضر قال له أصحابه: أوصنا. قال: أوصيكم بتقوى الله ومراقبته في الخلوة، واحذروا مصرعي هذا، فقد عشت إحدى وستين سنة، وما كأني رأيت الدنيا. ثم قال لبعض أصحابه: أنظر هل ترى جبيني يعرق فقال: نعم. قال: الحمد لله هذه، علامة المؤمن.

(36/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 187
ثم بسط يده وقال:
(ها قد بسط يدي إليك فردها .......... بالفضل لا بشماتة الأعداء)
توفي في نصف رمضان، ودفن برباطه رحمه الله. والبيت من شعر أبي نصر القشيري.
4 (محمد بن علي بن أبي ذر محمد بن إبراهيم.)
أبو بكر الصالحاني الإصبهاني. والصالحان محلة. سمع: أبا طاهر بن عبد الرحيم. وهو آخر من حدث عنه. ومولده في سنة ثمانٍ وثلاثين وأربعمائة.) روى عنه خلق كثير منهم: أبو موسى المديني، وتميم بن أبي الفتوح المقريء، وخلف بن أحمد بن حميد، وسعد بن روح الصالحاني، وعبيد الله بن أبي نصر اللفتواني، ومحمد بن أبي عاصم بن زينة، ومحمد بن أبي نصر الحداد الضرير، وزاهر بن أحمد الثقفي، وأبو مسلم ابن الأخوة، وإدريس بن محمد العطار، ومحمود بن أحمد المصري، والمخلص محمد بن معمر بن الفاخر، وعين الشمس بنت أحمد الثقفية. ووصفه أبو موسى المديني بالصلاح، وقال: توفي في ثاني جمادى الآخرة. وهو آخر من روى حديث أبي الشيخ بعلو. قلت: وآخر أصحابه عين الشمس، وسماعها منه حضوراً.

(36/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 188
4 (محمد بن عبد الله بن أبي الحسن.)
قاضي مرو أبو جعفر الصايغي المروزي. إمام ورعٌ، كبير القدر، سديد الأحكام. كان خطيب مرو. تفقه على القاضي أبي بكر محمد بن الحسين الأرسابندي. وحدث عنه. عاش سبعين سنة.
4 (محمد بن علي بن عبد الله.)
أبو الفتح المضري الهروي. سمع: أبا عبد الله الفارسي، ويعلى بن هبة الله الفضيلي، وأبا عاصم الفضل، وبيبى الهرثمية. وببلخ: أبا حامد أحمد بن محمد. وبنيسابور: فاطمة بنت الدقاق، وجماعة. قدم بغداد، وحدث بجامع الترمذي. وكان صدوقاً مكثراً. روى عنه: هبة الله بن المكرم الصوفي، وعلي بن أبي سعيد الخباز، ويحيى بن بوش، وجماعة. توفي في ذي القعدة بخراسان.)
4 (محمد بن القاسم بن محمد.)

(36/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 189
أبو العز البغدادي، المقرئ، المعروف بابن الزبيدية. قرأ القراءآت وجودها، وقال الشعر الرائق، وتفقه. وسمع الكثير، ومدح المسترشد بالله. ومات شاباً.
4 (محمد بن موهوب.)
أبو نصر البغدادي الفرضي الضرير. له مصنفات في الفرائض. مؤرخ في المنتظم.
4 (محمد بن هشام بن أحمد بن وليد بن أبي حمزة.)
أبو القاسم الأموي المرسي. أخذ عن: أبي علي بن سكرة وصحب أبا محمد عبد الله بن أبي جعفر، وتفقه عنده. وناظر عند الفقيه هشام بن أحمد، وغيره. وكان من أهل الحفظ، والفهم، والذكاء. استقضي بغرناطة فنفع الله بها أهلها لصرامته، ونفوذ أحكامه، وقويم طريقته. توفي بمرسية في صدر رمضان.
4 (مظفر بن الحسين بن علي بن أبي نزار.)
أبو الفتح المردوستي. أحد الحجاب. ثم ترك الحجابة وتصوف وتزهد. سمع: أبا القاسم بن البسري، وأبا منصور العكبري. روى عنه: أبو المعمر، وأبو القاسم الحافظ. وولد في سنة ستٍ وخمسين وأربعمائة. وتوفي سنة ثلاثين، أو قبلها بأشهر.

(36/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 190
4 (مفرج بن الحسن.)
) أبو الذواد الكلابي، رئيس دمشق، وابن رئيسها، ويعرف بابن الصوفي محيي الدين. روى عن: الفقيه نصر المقدسي، وأبي الفضل بن الفرات. قرأ عليه أبو البركات بن عبيد صحيح البخاري. وكان ذا بر ومعروف وحشمة. ولي الوزارة، بعد قتل أبي علي المزدقاني، لتاج الملوك بوري، ثم صادره وآذاه، ثم أعاده إلى المنصب، إلى أن مات بوري، فوزر بعده لابنه شمس الملوك إسماعيل. ثم قتل ظلماً في رمضان. أغلظ للأمراء فقتلوه.
4 (حرف الهاء)

4 (هشام بن أحمد بن هشام.)
أبو الوليد الهلالي، الغرناطي، نزيل المرية. ويعرف بابن بقري. سمع عامة شيوخ المرية: طاهر بن هشام، وصحاج بن قاسم، وخلف بن أحمد الجرادي. ومن الطارئين عليها: القاضي أبي الوليد الباجي، ومن أبي العباس أحمد بن عمر العذري. ثم خرج سنة ثمانين وأربعمائة إلى غرناطة بلده، وولي الأحكام بها مدة وبغيرها. قال ابن بشكوال: كان من حفاظ الحديث المعتنين بالسبر عن معانيه، واستخراج الفقه منه، مع التقدم في حفظ الفقه، والبصر بعقد الوثائق، والتقدم في معرفة أصول الدين.

(36/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 191
روى عنه جماعة من أصحابنا. وولد في صفر سنة أربعٍ وأربعين. وتوفي بغرناطة في ربيع الأول.
4 (حرف الياء)

4 (يعيش بن مفرج اللخمي البابري.)
أبو البقاء، نزيل إشبيلية. سمع سنة خمسٍ وتسعين وأربعمائة جامع الترمذي ببابرة من أبي القاسم الهوزني، وحج، فسمع من: أبي عبد الله الرازي، وأبي طاهر السلفي.) وروى عنه: أبو بكر بن طبر. وسمع منه في هذه السنة أبو القاسم بن بشكوال كتاب المحدث الفاصل، بسماعه من السلفي، فابن بشكوال في هذا الكتاب في طبقة شيخنا أبي الفتح القرشي.

(36/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 192
1 (المتوفون ما بين العشرين والثلاثين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إسماعيل بن عيسى.)
أبو بكر الغزنوي، الجوهري، المفسر، أحد أئمة غزنة وفضلائهم. سافر إلى خراسان، والحجاز، والعراق، ولقي أبا القاسم القشيزي، وسمع منه، ومن: الحاكم أحمد بن عبد الرحيم السراج، وجماعة. وخرج لنفسه أربعين حديثاً، وعاش إلى بعد العشرين. وله شهرة بغزنة.
4 (أحمد بن الفضل بن محمود.)
الصاحب أبو نصر، سيد الوزراء، مختص الملوك والسلاطين، أحد الأعيان المشهورين. ذكره عبد الغافر فقال: أحد أكابر العراق، وخراسان، المجمع على علوم قدره كل إنسان، ارتضع ثدي الدولة في النوبة الملكشهائية ولقي أكابر المتصرفين، وتلمذ للأستاذين، ومارس الأمور العظام، وصحب الملوك، ومهر في أنواع التصرف ورسوم الدولة. وزاد على ما عهد من سني المراتب، وعلي المناصب، حتى اشتهر أنه بذل بعد الإعراض عن ملابسة الأشغال ومداخلة الأعمال في إرضاء الخصوم، وتدارك ما سلف له من المظالم، يتقرر من المظلوم آلافاً مؤلفة، وصارت أوقاته عن أوضار الأوزار منطقة. وبقي مدة عن طلب الولاية خالياً، وبرتبة الفقاعة خالياً، إلى أن ضرب الدهر ضرباته، ودار

(36/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 193
تبدل الأمور والأحوال دورانه، واستوفى أكثر الكفاة في الدولة أعمارهم، وانقرض من الصدور بقايا آثارهم. واحتاجت المملكة إلى من يلم شعثها، وينفي خبثها، ويحل صدر الوزارة مستحقها، ويرجحن بالظلم جانب النصفة وشتها، فاقتضى الرأي المصيب الاستضاءة في الملك بنور رأيه، فصار الأمر عليه فرض عين، ووقع الاختيار عليه من البين.) والتزم قصر اليد عن الرشا والتحف، وإحياء رسوم العدل والإنصاف. وهو الآن على المسيرة التي التزمها يستفرغ في مناقبة أهل العلم أكثر أوقاته، صرف الله عنه بوائق الدهر وآفاته. وذكر الكثير من هذا.
4 (حرف العين)

4 (عبد الملك الطبري.)
الزاهد، شيخ الحرم في زمانه. ذكره ابن السمعاني في ذيله فقال: كان أحد المشهورين بالزهد والورع: أقام بمكة قريباً من أربعين سنة على الجهد والاجتهاد وفي العبادة، والرياضة، وقهر النفس. وكان ابتداء أمره أنه كان يتفقه في المدرسة، فلاح له شيءٌ فخرج على التجريد إلى مكة، وأقام بها. وكان يلبس الخشن، ويأكل الخشب، ويزجي وقته على ذلك صابراً. سمعت أبا الأسعد هبة الرحمن القشيري يقول: لما كنت بمكة أردت زيارته فأتيته فوجدته محموماً منطرحاً، فتكلف وجلس، وقال: أنا إذا حممت أفرح بذلك، لأن النفس تشتغل بالحمى، فلا تشغلني عما أنا فيه، وأخلو بقلبي كما أريد. وقال الحسين الزغندي: رأيت حوضاً يقال له عنبر، والماء في أسفله، بحيث لا تصل إليه اليد، فرأيت غير مرةٍ أن الشيخ عبد الملك توضأ منه، وارتفع الماء إلى أن وصل إليه، ثم غار الماء، ونزل بعد فراغه.

(36/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 194
وكنت معه ليلةً في الحرم، وكانت ليلةً باردة، وكان ظهره قد تشقق من البرد، وكان عرياناً، فنام على باب المسجد، ووضع يده اليمنى تحت خده اليمنى، واليد اليسرى على رأسه، وكان يذكر الله. فقلت له: لو نمت في زاوية من زوايا المسجد كان يكنك من البرد. فقال: نمت في بعض الليالي، فرأيت شخصين دخلا المسجد، وتقدما إلي، وقالا لي: لا تنم في المسجد، فقلت لهما: من أنتما فقالا: نحن ملكان.) فانتبهت، وما نمت بعد ذلك في المسجد. وقلت له: أراك صبوراً على الجوع. قال: آكل قليلاً من ورق الغضا فأشبع.
4 (علي بن الحسين بن محمد بن مهدي.)
أبو الحسن المصري الصوفي، من مشايخ الصوفية الكبار. تغرب إلى الشام، ومصر، والجزيرة، واستقر ببغداد. وكان ذا عبادة، وطريقة جميلة. حدث عن: أبي الحسن الخلعي. وعنه: جماعة. توفي بعد سنة خمسٍ وعشرين.
4 (علي بن عبد القاهر بن الخضر بن علي.)
أبو محمد المراتبي الفرضي المعروف بابن آسة، لأن جده ولد تحت آسةٍ، فسمي بها. إمامٌ في الفرائض، صالح، خير، منقبض عن الناس. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون وجماعة. سمع منه: أبو القاسم بن عساكر. وأجاز لابن السمعاني. وتوفي بعد ثلاثٍ وعشرين.
4 (علي بن علي بن جعفر بن شيران.)

(36/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 195
أبو القاسم الضرير، الواسطي، المقريء. قرأ بالروايات على: أبي علي غلام الهراس. وحدث عن: الحسن بن أحمد الغندجاني. وتصدر للإقراء مدة مع أبي الفراء القلانسي. قرأ عليه: أبو بكر عبد الله بن منصور الباقلاني، وأبو الفتح نصر الله بن الكيال، وجماعة. وكان قدم بغداد في سنة ثلاث وخمسمائة، وحدث بها. روى عنه: علي بن أحمد اليزدي.) وقيل عنه إنه كان يميل إلى الإعتزال. توفي في سنة نيفٍ وعشرين بواسط.
4 (حرف الغين)

4 (غالب بن أحمد بن محمد بن إبراهيم.)
أبو نصر البغدادي الأدمي. القارئ بالألحان، المغني بالقضيب. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر. وامتنع بعضهم من السماع منه للغناء.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن الحسين بن علي بن قريش.)
أبو غالب البغدادي، النصري، الحنفي. سمع: عبد الصمد بن المأمون، وأبا يعلى بن الفراء، وجماعة.

(36/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 196
روى عنه: مسعود بن غيث الدقاق، وعمر بن طبرزد. وبقي إلى سنة.
4 (حرف الياء)

4 (يوسف بن أحمد بن حسدائي بن يوسف.)
الإسرائيلي المسلم الأندلسي، أبو جعفر، الطبيب. من أعيان الفضلاء في الطب، وله مصنفات. قدم ديار مصر، واتصل بالدولة، وكان خصيصاً بالمأمون وزير الآمر بأحكام الله، وشرح له بعض كتب أبقراط. وله كتاب الإجمال في المنطق. وهو من بيت طب وفلسفة، وأجداده من فضلاء اليهود وأخيارهم، لعنهم الله. آخر الطبقة الثالثة والخمسين من تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للحافظ شمس الدين الذهبي غفر الله له وللمسلمين أجمعين.)

(36/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 197

(36/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 198

(36/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 199
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الرابعة والخمسون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (القبض على أبي الفتوح بن طلحة)
وجباية الأموال ورد أبو البركات بن مسلمة وزير السلطان مسعود، فقبض على أبي الفتوح بن طلحة، وقرر عليه بحمل مائة ألف دينار من ماله ومن دار الخلافة، فبعث إليه المقتفي يقول: ما رأينا أعجب من أمرك، أنت تعلم أن المسترشد سار إليك بأمواله، فجرى ما جرى. وأن المسترشد ولي ففعل ما فعل، ورحل وأخذ ما تبقى، ولم يبق إلا الأثاث، فأخذته كله وتصرفت في دار الضرب، وأخذت التركات والجوالي، فمن أي وجهٍ نقيم لك هذا المال وما بقي إلا نخرج من الدار ونسلمها، فإني عاهدت أن لا آخذ من المسلمين حبةً ظلماً. قال: فأسقط ستين ألفاً، وقام أبو الفتوح صاحب المخزن من ماله بعشرة آلاف دينار، وأمر السلطان بجباية الأملاك، فلقي الناس من ذلك شدة، فخرج رجل صالح يقال له ابن الكواز إلى السلطان إلى الميدان، وقال: أنت المطالب بما يجري على الناس، فما يكون جوابك فانظر بين يديك، ولا تكن ممن إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم، فأسقط ذلك.
4 (الوباء بهمذان وإصبهان)
وجاءت الأخبار بأن الوباء شديد بهمذان وإصبهان. ثم عادت الجباية من الأملاك، وصودر التجار، ولم يترك إلا العقار الخاص.

(36/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 200
4 (بيعة سنجر للمقتفي)
وجاءت مكاتبة سنجر إلى ابن أخيه مسعود يأمره أن يدخل إلى المقتفي ويبايع عنه.
4 (بيعة زنكي صاحب الموصل)
ثم أخذت البيعة من زنكي صاحب الموصل. ودفع الراشد عن زنكي، فتوجه نحو أذربيجان.
4 (زواج المقتفي أخت السلطان)
وتزوج المقتفي بفاطمة أخت السلطان مسعود.)
4 (إستبانة ألبقش على بغداد)
وتوجه مسعود إلى بلاد الجبل، واستناب على بغداد ألبقش السلاحي، فورد سلجوق شاه، أخو مسعود، إلى واسط، فطرده البقش، وكان مستضعفاً.
4 (وقعة الملك داود والسلطان)
واجتمع الملك داود وعساكر أذربيجان، فواقعوا السلطان مسعوداً، وجرت وقعة هائلة. ثم قصد مسعود أذربيجان، وقصد داود همذان، ووصلها الراشد المخلوع يوم الوقعة. وتقررت القواعد أن الخليفة المقتفي يكتب لزنكي عشرة

(36/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 201
بلاد، ولا يعين الراشد. ونفذت إليه المحاضر التي أوجبت خلع الراشد، وأثبتت على قاضي الموصل، فخطب للمقتفي ومسعود. فلما سمع الراشد نفذ يقول لزنكي: غدرت قال: ما لي طاقة بمسعود.
4 (ذهاب الراشد إلى مراغة)
فمضى الراشد إلى داود في نفرٍ قليل، وتخلف عنه وزيره ابن صدقة، ولم يبق معه صاحب عمامة سوى أبي الفتوح الواعظ. ونفذ مسعود ألفي فارس لتأخذه، ففاتهم ومضى إلى مراغة، فدخل إلى قبر أبيه، وبكى وحثى التراب على رأسه. فوافقه أهل مراغة، وحملوا إليه الأموال، وكان يوماً مشهوداً.
4 (عودة الظلم إلى بغداد)
وقوي داود، وضرب المصاف مع مسعود، فقتل من أصحاب مسعود خلق، وعادت الجباية والظلم ببغداد.
4 (هرب وزير مصر الأرمني)
وفيها هرب الذي ولي الوزارة بالديار المصرية بعد الحسن ابن الحافظ العبيدي، وهو تاج الدولة بهرام الأرمني النصراني. وكان قد تمكن من البلاد، واستعمل الأرمن، وأساء السيرة في الرعية، فأنف من ذلك رضوان بن الوبخشي، فجمع جيشاً وقصد القاهرة، فهرب منه بهرام لعنه الله إلى الصعيد، ومعه خلق من الأرمن، فمنعه متولي أسوان من دخولها، فقاتله، فقتل السودان

(36/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 202
طائفة من الأرمن، فأرسل) يطلب الأمان من الحافظ فأمنه، فعاد إلى القاهرة، فسجن مدة، ثم ترهب وأخرج من الحبس.
4 (وزارة رضوان الأفضل بمصر)
وأما رضوان فوزر للحافظ، ولقب بالملك الأفضل، وهو أول وزير بمصر لقبوه بالملك. ثم فسد ما بينه وبين الحافظ، فهرب في شوال سنة ثلاثٍ وثلاثين، ونهبت أمواله وحواصله، فأتى الشام، فنزل على أمين الدولة كمشتكين صاحب صرخد، فأكرمه وعظمه. وجرت له أمور ذكرنا بعضها سنة ثلاثٍ وأربعين.
4 (جلوس ابن الخجندي بجامع الخليفة)
قال ابن الجوزي: ونودي في الأسواق لابن الخجندي الواعظ بالجلوس في جامع الخليفة، فجلس يوم الجمعة بعد الصلاة، ومنع من كان يجلس. ونودي له بالجلوس في النظامية، فاجتمع خلائق، وحضر الوزير والشحنة والمستوفي. ونظر، وسديد الدولة، وجماعة من القضاة. وحضرت يومئذٍ، وكان لا يحسن يعظ ولا يندار في ذلك.
4 (إعادة البلاد للخليفة)
وفي جمادى الأولى أعيدت بلاد الخليفة، ومعاملاته والتركات إليه، واستقر عن ذلك عشرة آلاف دينار. وعادت ببغداد الجبايات مرة خامسة بعنف وعسف.

(36/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 203
4 (إعادة الولاية لأبي الكرم)
وقبض الشحنة على أبي الكرم الوالي وقال: لم تتصرف بلا أمري فذهب أبو الكرم إلى رباط أبي النجيب، فتاب وحلق رأسه، ثم خلع عليه، وأعيد إلى الولاية، وكان كافياً فيها.
4 (مهاجمة الأمير بزواش إفرنج طرابلس)
وفيها سار عسكر دمشق وعليهم الأمير بزواش، فحاربوا عسكر طرابلس فنصروا، وقتل خلق من الفرنج، ورجع المسلمون بالغنائم والسبي الكثير.
4 (وقعة بعرين)
وفيها وقعة بعرين بقرب حماة، التقى الأتابك زنكي والفرنج، فنصر عليهم أيضاً، وأخذ قلعة بعرين.) وكان ذلك أول وهنٍ أدخله الله على الفرنج.
4 (تسلم زنكي بعلبك)
وسار زنكي إلى بعلبك، فسلمها إليه كمشتكين الخادم.

(36/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 204
4 (مهاجمة الروم بلاداً لابن لاون الأرمني)
ولما أخذ زنكي قلعة بعرين ثارت الروم، وقدموا في البحر من القسطنطينية. وسبق الفرسان إلى أنطاكية، ثم وصلت مراكبهم، فنازلوا أذنة والمصيصة، وهما لابن لاون الأرمني، فأخذها منه الروم،، ثم أخذوا عين زربة عنوةً، وتل حمدون ثم حاصروا أنطاكية في آخر سنة إحدى وثلاثين، وضيقوا على أهلها وبهما بيمند الفرنجي. ثم تصالح الأرمن والروم. ثم نازلوا حلب.
4 (حرب الموحدين والملثمين)
وفيها، وفي التي بعدها كان بين الموحدين والملثمين حروب عدة، ومنازلة طويلة ومضاربة. كان عبد المؤمن بالموحدين في الجبل والشعراء، وابن تاشفين قبالته في الوطاء. ثم جاءت أمطار عظيمة تلف فيها أصحاب ابن تاشفين، وهلكت خيلهم، وجاعوا.
4 (إحتجاب هلال رمضان)
وفي ليلة الثلاثين من رمضان رقب الهلال، فلم ير، فأصبح أهل بغداد صائمين أيام العدة. فلما أمسوا رقبوا الهلال، فما رأوه أيضاً، وكانت السماء جليةً صاحية ومثل هذا لم يسمع بمثله في التواريخ، وهو عجيب.

(36/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 205
4 (وفيات سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة)

4 (صلب العيارين ببغداد)
فيها ظفروا بأحد عشر عياراً، فصلبوا في الأسواق ببغداد، وصلب صوفي من رباط البسطامي لكم صبياً فمات.
4 (أخذ الروم بزاعة)
وفيها أخذ الروم بزاعة فاستباحوها، وجاء الناس يستنفرون.
4 (القبض على نائب بغداد)
) وفيها قبض على نائي بغداد، وولي مكانه بهروز الخادم.
4 (زواج السلطان ببنت دبيس)
وتزوج السلطان بسفرى بنت دبيس الأسدي. وسببه أن أولاد دبيس أقطعت أماكنهم واحتاجوا، فجاءت بنت دبيس وأمها بنت عميد الدولة جهير، وكانت بديعة الحسن، فدخلت على خاتون زوجة المستظهر لتشفع لها إلى السلطان، لبعيد عليها بعض ما أخذ منها، فوصفت له، فتزوجها، وأغلقت

(36/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 206
بغداد سبعة أيام للفرح، وضربت الطبول وشربت الخمور ظاهراً وكثر الفساد.
4 (صلب أحد رجال الشحنة)
وفي جمادى الآخرة قتل شحنة بعض البلدان صبياً مستوراً من المختارة، فأمر السلطان بصلب الشحنة فصلب، ورهطه العوام فقطعوه.
4 (زواج السلطان)
وفي رمضان وصف للسلطان مسعود أمرأةٌ بالحسن، فخطبها وتزوجها، وأغلق البلد ثلاثة أيام.
4 (قتل الباطنية الراشد)
وكان أمر الراشد بالله قد استفحل، واجتمعت عليه عساكر كثيرة، فدخل عليه الباطنية لعنهم الله فقتلوه.
4 (قتل ألبقش)
وفيها أمر السلطان بقتل ألبقش الذي كان نائب بغداد، فقتل، وقيل: غرق نفسه، فأخرجوه من الماء وقطعوا رأسه.
4 (تسلم الروم بزاعة)
وفيها نازل ملك الروم لعنهم الله مدينة بزاعة، فتسلموها بالأمان في

(36/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 207
رجب، وكان عدة من خرج منها خمسة آلاف وثمانمائة نفس، وتنصر قاضيها وجماعة من أغنيائها نحو أربعمائة نفس.
4 (منازلة الفرنج حلب)
ثم نازل حلب، فخرج إليه خلقٌ من أهلها، فقاتلوه، فقتل خلق من الروم، وقتل بطريقٌ كبير، ثم ملكوا قلعة الأثارب.)
4 (منازلة الفرنج شيزر)
ثم نازلوا شيزر وبها سلطان بن علي الكناني، فنصبوا عليها ثمانية عشر منجنيقاً، وعاثوا في الشام، وقتلوا ونهبوا، فضايقهم عماد الدين زنكي، ولم يقحم عليهم، ونفذ في الرسلية كمال الدين الشهرزوري القاضي إلى السلطان مسعود يستنجد به، فما نفع، ولطف الله، ورحلت الملاعين الروم عن الشام بتهويلٍ من زنكي بين الروم والأرمن.

(36/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 208
4 (وفيات سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة)

4 (الزلزلة بجنزة)
قال أبو الفرج بن الجوزي: كانت فيها زلزلة عظيمة بجنزة، أتت على مائتي ألف وثلاثين ألفاً، فأهلكهم الله، وكانت الزلزلة عشرة فراسخ في مثلها، فسمعت شيخنا ابن ناصر يقول: جاء الخبر أنه خسف بجنزة، وصار مكان البلد ماء أسود، وقدم التجار من أهلها، فلزموا المقابر يبكون على أهاليهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون. قلت: في مرآة الزمان مائتي ألف وثلاثين ألفاً، أعني الذين هلكوا في جنزة بالزلزلة. وكذا قال ابن الأثير في كامله ولكن ذكر ذلك سنة أربعٍ وثلاثين.

(36/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 209
4 (خطبة زوجة المستظهر لصاحب كرمان)
وفيها وصل رسول ابن قاروت صاحب كرمان إلى السلطان مسعود يخطب خاتون زوجة المستظهر بالله، ومعه التقادم والتحف. فجاء وزير مسعود إلى الدار يستأذنها، ونثرت الدنانير وقت العقد، وبعثت إليه، فكانت وفاتها هناك.
4 (إزالة المواخير ببغداد)
وفي ربيع الأول أزيلت المواخير والمكوس من بغداد، ونقشت الألواح بذلك.

(36/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 210
4 (قتل الوزير كمال الدين الرازي)
كان السلطان قد استوزر محمد بن الحسن كمال الدين الرازي الخازن، فأظهر العدل ورفع المكوس والضرائب، ثم دخل إليه ابن عمارة، وابن أبي قيراط، فدفعا في المكوس مائة ألف دينار، فرفع أمرهما إلى السلطان، فشهرا في البلد مسودين الوجوه، وحبسا. فلم يتمكن مع الوزير أعداؤه مما يريدون، فأوحشوا بينه وبين قراسنقر صاحب أذربيجان، فأقبل) قراسنقر في العساكر الكثيرة، وقال: إما يحمل رأسه إلي أو الحرب. فخوفوا السلطان مسعود من حادثة لا تتلافى، ففسح لهم في قتله على كرهٍ شديد، فقتله تتر الحاجب، وحمل رأسه إلى قراسنقر. واستولى الأمراء على مغلات البلاد وعجز مسعود، ولم يبق له إلا مجرد الاسم.
4 (خروج خوارزم شاه عن طاعة السلطان سنجر)
وفيها خرج خوارزم شاه عن طاعة السلطان سنجر، فسار سنجر لحربه وقاتله، وقتل في الوقعة ولدٌ لخوارزم شاه، ودخل سنجر خوارزم، وأقطعها ابن أخيه سليمان بن محمد، ورتب له وزيراً وأتابكاً، ورد إلى مرو فجاء خوارزم شاه، وهرب منه سليمان، فاستولى على البلد.
4 (أخذ الأتابك زنكي بعلبك)
وفيها قتل شهاب الدين محمود، وأحضروا أخاه محمداً من بعلبك، فتملك دمشق. فجاء زنكي الأتابك، فأخذ بعلبك بعد أن نصب عليها أربعة عشر منجنيقاً ترمي بالليل والنهار، فأشرف أهلها على الهلاك، وسلموا البلد،

(36/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 211
وعصى بالقلعة جماعة من الأتراك، ونزلوا بالأمان، فغدر بهم وصلبهم، فمقته الناس وأبغضوه، ونفر منه أهل دمشق وقالوا: لو ملك دمشق لفعل بنا مثل ما فعل بهؤلاء.
4 (الزلازل بالشام والجزيرة)
وفي صفر كانت زلازل هائلة بالشام والجزيرة، وخرب كثير من البلاد لاسيما حلب، فلما كثرا عليهم خرج أهلها إلى الصحراء. قال ابن الأثير: عدوا ليلةً واحدة أنها جاءتهم ثمانين مرة، ولم تزل تتعاهدهم بالشام من رابع صفر إلى تاسع عشره. وكان معها صوت وهدة شديدة.

(36/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 212
4 (وفيات سنة أربع وثلاثين وخمسمائة)

4 (عقد السلطان على بنت المقتفي)
في رجب عقد السلطان مسعود على بنت المقتفي لأمر الله.
4 (وقوع الوحشة بين الوزير والخليفة)
وتمكن الوزير أبو القاسم بن طراد من الدولتين تمكناً زائداً، ثم وقعت وحشة بينه وبين الخليفة.)
4 (عودة الحياة إلى رجل بعد الصلاة عليه)
وتوفي رجلٌ مبارك من أهل باب الأزج نودي عليه، واجتمع الناس في مدرسة الشيخ عبد القادر للصلاة عليه، فلما أريد غسله عطس وعاش.
4 (تكاثر كبسات العيارين ببغداد)
وفيها تكاثرت كبسات العيارين ببغداد، وصاروا يأخذون جهاراً، وعم الخطب.
4 (محاصرة زنكي دمشق)
وفيها حاصر زنكي دمشق، فذكر ابن الأثير أن زنكي ملك بعلبك،

(36/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 213
وسار فنزل داريا، وراسل جمال الدين محمد بن بوري يطلب منه دمشق، ويعوضه عنها أي بلدٍ يختار، فلم يجبه. فالتقى العسكران، فانهزم الدمشقيون، وقتل كثيرٌ منهم، ثم تقدم زنكي إلى المصلى، فالتقاه جمعٌ كبير من جند دمشق وأحداثها ورجال الغوطة، وقاتلوه، فانهزموا، وأخذهم السيف، فقتل فيهم وأكثر الأسر، ومن سلم عاد جريحا. وأشرف البلد على أن يؤخذ، لكن عاد زنكي فأمسك عدة أيامٍ عن القتال، وتابع الرسل إلى صاحب دمشق وبذل له بعلبك وحمص، فلم يجيبوه. فعاود القتال والزحف متتابعاً، فلم يقدر على البلد. وولي بعد موت محمد ابنه مجير الدين أبق، ودبر دولته أنز، فلما ألح عليهم زنكي بالقتال راسل أنز الفرنج يستنجد بهم، وخوفهم من زنكي إن تملك دمشق. فتجمعت الفرنج، وعلم زنكي، فسار إلى حوران لملتقاهم فهابوه ولم يجيئوا، فعاد إلى حصار دمشق، ونزل بعذرا، وأحرق قرى المرج وترحل. فجاءت الفرنج واجتمعوا بأنز، فسار بعسكر دمشق إلى بانياس، وهي لزنكي، فأخذها وسلمها إلى الفرنج. فغضب زنكي، وعاد إلى دمشق، فعاث بحوران وأفسد، وجاء إلى دمشق فخربوا واقتتلوا، وقتل جماعة. ثم رحل عنها ومع أصحابه شيء كثير من النهب. وسار إلى الموصل، فملك شهرزور وأعمالها.
4 (مقتل صاحب تلمسان)
) وفيها جهز عبد المؤمن جيشاً من الموحدين إلى تلمسان فخرج صاحبها محمد بن يحيى بن فانوا اللمتوني، فالتقاهم، فقتل وانهزم جيشه، وانتهبهم الموحدون.
4 (إستيلاء عبد المؤمن على جبال غماره)
وفيها استولى عبد المؤمن على جبال غمارة، ووحدوا وأطاعوا، وما برح

(36/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 214
عبد المؤمن يسير في الجبال، وتاشفين بن علي يحاذيه في الوطاء مدة طويلة، نحو سنتين، حتى قتل تاشفين.
4 (الخلف بين جيش مصر)
وفيها وقع الخلف بين جيش مصر، وقتل خلقٌ من الجند.

(36/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 215
4 (وفيات سنة خمس وثلاثين وخمسمائة)

4 (وزارة المظفر أبي نصر)
فيها استوزر أبو نصر المظفر محمد بن جهير. نقل من الأستاذ دارية إلى الوزارة، وعزل ابن طراد.
4 (إدعاء رجل الزهد ببغداد)
وفيها ظهر ببغداد رجل قدم إليها وأظهر الزهد والنسك، وقصده الناس من كل جانب، فمات ولدٌ لإنسان، فدفنه قريباً من قبر السبتي، فذهب ذلك المتزهد فنبشه، ودفنه في موضع، ثم قال للناس: اعلموا أنني رأيت عمر بن الخطاب في المنام، ومعه علي رضي الله عنهما، فسلما علي وقالا: في هذا الموضع صبي من أولاد علي بن أبي طالب. ودلهم على المكان، فحفروه، فإذا صبي أمرد، فمن الذي وصل إلى قطعة من أكفانه. وانقلبت بغداد، وخرج أرباب الدولة، وأخذ التراب للبركة، وازدحم الخلق، وبقوا يقبلون يد التزهد وهو يبكي ويتخشع. وبقي الناس على هذا أياماً، والميت مكشوف يراه الناس، ويتمسحون به. ثم أنتن. وجاء الأذكياء وتفقدوا الكفن، فإذا هو جديد، فقالوا: كيف يمكن أن يكون هذا هكذا من أربعمائة سنة ونقبوا على ذلك حتى جاء أبوه فعرفه وقال: هو والله ولدي، دفنته عند السبتي. فمضوا معه، فرأوا القبر قد نبش، فكشفوا فإذا ليس فيه ميت.

(36/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 216
وسمع المتزهد فهرب، ثم وقعوا به وقرروه، فأقر، فأركب حماراً، وصفع، في ربيع الأول.)
4 (تملك الإسماعيلية حصن مصيات)
وفي سنة خمسٍ وثلاثين ملكت الإسماعيلية حصن مصيات، كان واليه مملوكاً لصاحب شيزر، فاحتالوا عليه ومكروا به، حتى صعدوا إليه وقتلوه، وملكوا الحصن، وبقي بأيديهم إلى دولة الملك الظاهر.
4 (وفاة الوزير ابن الأنباري)
وفيها توفي الوزير سيد الدولة ابن الأنباري وزير الخليفة وبعده سنجر.
4 (إنهزام سنجر أمام الخطا)
وكان قد قتل إبناً لخوارزم شاه أتسز بن محمد في الوقعة المذكورة، فحنق خوارزم شاه، وبعث إلى الخطا فطمعهم في خراسان، وتزوج إليهم، وحثهم على قصد مملكة سنجر، فساروا في ثلاثمائة ألف فارس، فسار إليهم سنجر،

(36/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 217
فالتقوا بما وراء النهر، فانهزم سنجر بعد أن قتل من جيشه أحد عشر ألفاً، وأسرت زوجة السلطان سنجر، وانهزم إلى بلخ. فأسرع خوارزمشاه إلى مرو، فدخلها وقتل جماعة، وقبض على أعيانها. ولم يزل السلطان سنجر سعيداً هذا الوقت. فطلب ابن أخيه السلطان مسعود، وأمره أن يقرب منه وينزل الري.
4 (رواية ابن الأثير عن إسلام الترك)
قال ابن الأثير: وقيل إن بلاد تركستان، وهي كاشغر، وبلاساغون، وختن، وطراز، كانت بيد الترك الخانية، وهم مسلمون من نسل فراسياب. وسبب إسلامهم جدهم الأول أنه رأى في منامه كأن رجلاً ينزل من السماء، فقال له بالتركية: أسلم تسلم في الدنيا والآخرة. فأسلم في منامه، وأصبح فأظهر إسلامه. ولما مات قام بعده ولده موسى بن سنق ولم يزل الملك بتركستان في أولاده إلى أرسلان خان محمد بن سليمان بن داود بغراجان بن إبراهيم طمغاج بن أيلك أرسلان بن علي بن موسى بن سنق. فخرج عليه قدر خان فانتزع الملك منه، فظفر السلطان سنجر بقدر خان، وقتله في سنة أربعٍ وتسعين من إحدى، وله أربعون سنة.) وأعاد الملك إلى أرسلان خان. وكان من جنده

(36/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 218
نوع من الترك يقال لهم القارغلية، ونوع يقال لهم الغز الذين نهبوا خراسان سنة ثمانٍ وأربعين كما يأتي.
4 (القبض على المغربي الواعظ ببغداد)
وفيها أخذ المغربي الواعظ ببغداد مكشوف الرأس إلى باب النوبى، وجدوا في داره خابية نبيذ وعوداً وآلات اللهو، فكان ينكر ويقول امرأته مغنية والعود لها.
4 (تسليم البردة والقضيب للمقتفي)
وفيها وصل رسول السلطان سنجر ومعه البردة والقضيب، فسلمه إلى المقتفي لأمر الله، وكانا مع الراشد لما قتل بظاهر إصفهان.
4 (غارة الفرنج على عسقلان)
وفيها غارت الفرنج على عمل عسقلان، فخرج جندها وقتلوا جماعة، وهزموا الفرنج.

(36/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 219
4 (وفيات سنة ست وثلاثيين وخمسمائة)

4 (موت البهلوي رئيس الباطنية)
فيها مات رئيس الباطنية إبراهيم البهلوي، فأحرقه شحنة الري في تابوته.
4 (دخول ملك خوارزم مدينة مرو)
وفيها دخل ملك خوارزم أتسز بن محمد مدينة مرو، وفتك بها مراغمةً للسلطان سنجر حين تمت عليه الهزيمة، وقبض على رئيس الحنفية أبي الفضل الكرماني، وعلى جماعة من الفقهاء.
4 (إنجاز شق النهروان)
وفيها تم عمل شق النهروان، وخلع المقدم بهروز على الصناع جميعهم جباب ديباج رومي، وعمائم مذهبة. وبنى لنفسه هناك تربة. وجاء السلطان مسعود عقيب فراغه، وعند جريان الماء في النهر، فقعد بهروز والسلطان في سفينة، وسار في النهر المحفور، وفرح السلطان به. وقيل إنه عاتبه في تضييع المال، فقال: أنفقت عليه سبعين ألف دينار، أنا أعطيك إياها من ثمن التبن في سنة واحدة.)

(36/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 220
4 (شحنكية بغداد)
ثم إنه عزله عن شحنكية بغداد، وولى قزل.
4 (استفحال أمر العيارين)
وظهر من العيارين ما حير الناس. وذاك أن كل قومٍ منهم اجتمعوا بأمير واحتموا به، وأخذوا الأموال، وظهروا مكشوفين. وكانوا يكبسون الدور بالشموع، ويدخلون الحمامات، ويأخذون الثياب، فلبس الناس السلاح لما زاد النهب، وأعانهم وزير السلطان والنهب يعمل، والكبسات متوالية. ثم أطلق السلطان الناس في العيارين فتتبعوهم.
4 (العفو عن الوزير ابن طراد)
وفيها عفى الخليفة عن الوزير علي بن طراد بعد شفاعة السلطان مسعود فيه غير مرة إلى الخليفة المقتفي، وزادت حرمته، وعلت كلمته.
4 (هزيمة سنجر أمام كافر ترك)
وفيها كانت وقعة هائلة بين السلطان سنجر وبين كافر ترك بما وراء النهر، فانكسر سنجر، وبلغت الهزيمة إلى ترمذ، وأفلت سنجر، في نفر يسير، فوصل بلخ في ستة أنفس، وأخذت زوجته وبنته زوجة محمود، وقتل من جيشه مائة ألف أو أكثر. وقيل إنهم أحصوا من القتلى أحد عشر ألفاً، كلهم صاحب عمامة، وأربعة آلاف امرأة. وكان سنجر قد قتل أخا صاحب خوارزم، فاستنجد عليهم بكافر ترك، وكان مهادناً له وقد صاهره، فسار الملعون في ثلاثمائة ألف فارس، فأحاطوا

(36/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 221
بسنجر. ولم تر وقعةٌ أعظم منها. وكانت في المحرم، وقيل: في صفر.

(36/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 222
4 (أحداث سنة سبع وثلاثين وخمسمائة)

4 (إجتماع العسكر مع سنجر)
أرسل سنجر إلى السلطان مسعود أن يجمع الجيش وينزل الري، بحيث إن احتاجه طلبه لأجل النكبة الماضية من الترك. ووصل إلى مسعود عباس شحنة الري بعسكرٍ كثير، وخدمه.) ووصل إليه جماعة من الأمراء.
4 (أخذ زنكي الحديثة)
وفيها أخذ زنكي الحديثة واعتقل من فيها من آل مهارش.
4 (وفاة صاحب ملطية)
وفيها توفي محمد بن الدانشمند صاحب ملطية، فاستولى على بلاده الملك مسعود بن قلج أرسلان سليمان بن قتلمش السلجوقي صاحب قونية.
4 (الوباء بمصر)
وفيها كان بمصر وباء عظيم، وهلك الناس.

(36/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 223
4 (هلاك ملك الروم)
وفيها جاء طاغية الروم في جموعه يعبر إلى الشام، وخاف الناس. وتلقاه صاحب أنطاكية. ثم أهلك الله طاغية الروم في هذه السنة.
4 (موت قاضي دمشق)
وفيها مات قاضي دمشق المنتجب أبو المعالي محمد بن يحيى، وولي قضاء دمشق بعده ابنه أبو الحسن علي. بعث إليه بمنشور القضاء قاضي قضاة بغداد.

(36/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 224
4 (أحداث سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة)

4 (مصالحة السلطان مسعود وزنكي على مال)
جمع السلطان مسعود العساكر لقصد الموصل والشام، وترددت رسل زنكي. ثم تم الصلح على ثلاثمائة ألف دينار في نوب. فعجل ثلاثين ألفاً، ثم تقلبت الأحوال واحتاج إلى مدارة زنكي، وسقط المال، وقبض البعض.
4 (الصلح بين سنجر وخوارزم شاه)
وفيها سار السلطان سنجر وحاصر خوارزم، وكاد أن يفتحها عنوةً، فأخرج خوارزمشاه أتسز الرسل ببذل الطاعة والمال، ويعود إلى الإنقياد، ويعتذر عما تقدم. فصالحه سنجر، وانعقد الصلح.)
4 (فتوحات زنكي)
وافتتح زنكي في هذا العصر فتوحاتٍ عظيمة، وهابته الملوك، واتسعت ممالكه.

(36/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 225
4 (حرامية بغداد)
وكان البلاء شديداً ببغداد من الحرامية وأذيتهم، ثم صلب جماعة منهم، فسكن الناس قليلاً.
4 (قدوم المناظر النيسابوري بغداد)
وقدم السلطان بغداد، وقدم معه الحسن بن أبي بكر النيسابوري الحنفي أحد الكبار والمناظرين. قال ابن الجوزي: جالسته مدةً، وسمعت مجالسه كثيراً، وجلس بجامع القصر. وكان يلعن الأشعري جهراً على المنبر ويقول: كن شافعياً ولا تكن أشعرياً، وكن حنفياً ولا تكن معتزلياً، وكن حنبلياً ولا تكن مشبهاً. وما رأيت أعجب من الشافعية، يتركون الأصل ويتعلقون بالفرع. وكان يمدح الأئمة الأعلام، وزاد في الشطرنج نقلاً. وقد جلس في رجب في دار السلطنة، وحضر السلطان مجلس وعظه. وكان قد كتب على باب النظامية اسم الأشعري، فتقدم السلطان بمحوه وكتب مكانه اسم الشافعي. وكان أبو الفتوح الإسفرائيني يجلس ويعظ في رباطه، ويتكلم على محاسن مذهب الأشعري، فتقع الخصومات، فذهب أبو الحسن الغزنوي إلى السلطان وأخبره بالفتن وقال: إن أبا الفتو صاحب فتنة، وقد رجم ببغداد مراراً، والصواب إخراجه. فأخرج من بغداد، وعاد الحسن بن أبي بكر النيسابوري إلى وطنه.

(36/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 226
4 (ترجمة الإسفرائيني)
ويعرف الإسفرائيني المذكور بابن المعتمد، واسمه محمد بن الفضل بن محمد. ولد سنة أربعٍ وسبعين وسبعمائة بإسفراين، ودخل بغداد فاستوطنها. وكان يبالغ في التعصب لمذهب الأشعري. وكان بينه وبين الواعظ أبي الحسن الغزنوي حسدٌ وشنان، وكان كل واحدٍ منهما ينال من الآخر على المنبر. فلما بويع الراشد بالله، وخرج عن بغداد، خرج معه أبو الفتوح إلى الموصل.) فلما قتل الراشد سئل المقتفي فيه، فأذن له في العود إلى بغداد، فجاء وتكلم. واتفق مجيء الحسن بن أبي بكر النيسابوري فوعظ. ووجد الغزنوي فرصةً، فكلم السلطان في أبي الفتوح، فأصغى إليه. وقال ابن الجوزي: بلغني أن السلطان قال للحسن النيسابوري: تقلد دم أبي الفتوح حتى أقتله. قال: لا أتقلد. فوكل بأبي الفتو ح حتى أخرج من بغداد. ووقف عند السور خمسة عشر تركياً، شيعه خلق كثير، فلما وصولوا إلى السور ضربتهم الأتراك، فرجعوا. وأرسل إلى همذان، ثم سلم إلى عباس، فبعثه إلى إسفراين، واشترط عليه أنه متى خرج من بلد أهلك. وجاء حموه، والقاسم شيخ الرباط، وأبو منصور الرزاز، ويوسف الدمشقي، وأبو النجيب الشهرزوري إلى السلطان يسألون فيه، فلم يلتفت إليهم. ونودي في بغداد أن لا يذكر أحد مذهباً، ولا يثير فتنة. فلما وصل أبو الفتوح إلى بسطام توفي بها في ذي الحجة ودفن هناك. وعمل له العزاء في رباطه ببغداد، فحضره الغزنوي، فلامه بعض الناس وقال: ما لك أظهرت الحزن عليه وبكيت قال: أنا بكيت على نفسي. كان يقال فلان وفلان، فعدم النظير، ودنا الرحيل.

(36/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 227
4 (حصار تلمسان)
وفيها نازل عبد المؤمن تلمسان، وحاصرها مدةً طويلة، فكشف عنها تاشفين بن علي.

(36/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 228
4 (وفيات سنة تسعٍ وثلاثين وخمسمائة)

4 (غارة عسكر بعلبك على الفرنج)
فيها نهض عسكر بعلبك، فأغاروا على الفرنج، فقتلوا وسبوا، ثم التقوا الفرنج، فنصرهم الله، ورجعوا إلى بعلبك، وكذا فعل عسكر حلب. وأخذوا قفلاً كبيراً للفرنج، وجاءوا بالغنيمة، فلله الحمد.)
4 (فتح الرها)
وفيها نازل زنكي على الرها، وهي للفرنج، فنصب عليها المجانيق، ونقب سورها، وطرح فيها الحطب والنار، فانهدم، ودخلها، فحاربهم ونصر المسلمون، وغنموا وسبوا، وخلص منها خمسمائة أسير. فلما قتل زنكي استردها الفرنج، وقتلوا من بها من المسلمين، فلله الأمر.
4 (إنتهاب حجاج العراق)
وفيها حج بالناس من العراق نظر الخادم، فنهب أصحاب هاشم بن فليتة

(36/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 229
ابن القاسم العلوي الحسيني صاحب مكة الناس في أوسط الحرم، ولم يرقبوا منهم إلاًّ ولا ذمة.
4 (وفاة قاضي المرية)
وفيها تولى تدبير مملكة غرناطة أبو الحسن علي بن عمر الهمذاني قاضي المرية، وذلك عند انقضاء دولة الملثمين، فلم تطل أيامه، وتوفي عشر السبعين. وكان من كبار الفقهاء، ومن فصحاء الشعراء.
4 (جيش الى وهران)
وفيها وجه عبد المؤمن جيشاً مع أبي حفص الهناتي إلى وهران، فهاجمها وأخذها بغتة، فأسرع إليه تاشفين، ففر منها أبو حفص ونزل عندها. ثم هلك تاشفين كما ذكرنا في ترجمته.
4 (أحداث سنة أربعين وخمسمائة)

(36/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 230
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (ربنا أفرغ علينا صبراً)

5 (الطبقة الرابعة والخمسون وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن بركة بن يحيى البقال.)
صحيح السماع، بغدادي. يروي عن: أبي القاسم بن السري، وعاصم العاصمي. توفي في شعبان.
4 (أحمد بن خلف بن عيشون بن خيار.)
أبو العباس الجذامي، الإشبيلي، المقرئ، ابن النحاس. ويكنى أبا جعفر أيضاً. أخذ القراءآت عن: أبي عبد الله محمد بن شريح، وأبي الحسن العبسي، وأبي عبد الله السرقسطي، ومحمد بن يحيى العبدري. وأجاز له أبو علي الغساني، وجماعة.

(36/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 231
وتصدر للإقراء في أيام أبي داود، وابن الدوش. أخذ عنه: أبو جعفر بن الباذش، وأبو بكر بن خير، ونجبة بن يحيى. وكان يلقب بالمجود لحسن قراءته. وله مصنف في الناسخ والمنسوخ. توفي في رجب: وكان مولده سنة أربع خمسين وأربعمائة. تلا عليه بالسبع أبو جهير عبد العزيز السمناني.
4 (أحمد بن أبي العلاء بن أحمد العبدي.)
النبيل، أبو رشيد القاشاني، الإصبهاني. سمع من: البزاني، وأبا منصور بن شكروه. قال السمعاني: كتبت عنه في هذه السنة.
4 (أحمد بن عقيل بن محمد بن علي.)
أبو الفتح بن أبي الحوافر البعلبكي.) حدث عن: أبيه. روى عنه: ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد الحنفي وقال: توفي في

(36/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 232
ربيع الأول. وأبوه فارسي الأصل، فقيه روى عن عبد الرحمن بن أبي نصر.
4 (أحمد بن علي.)
أبو البركات بن الأبرادي، الفقيه الحنبلي، الرجل الصالح. تفقه على أبي الوفاء بن عقيل. وسمع من: أبي الحسن الأنباري، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، وغيرهما. وقف داره مدرسةً على الحنابلة، وهي بالبدرية. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأشرف بن أبي هاشم. توفي في رمضان.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد.)
أبو العباس النعالي، الأسداباذي، محدث، رحال. سمع الكثير، وتعب وجمع. ولم يكن له كبير فهم. سمع ببلده: أبا الحسين المحكمي. وببغداد: أبا نصر الزينبي، وأخاه طراداً، وجماعة. قال ابن السمعاني: ثنا عنه جماعة من أصحابنا. وتوفي في ذي القعدة.
4 (أحمد بن محمد بن ثابت بن حسن بن علي.)
أبو سعد، والد الإمام أبي بكر الخجندي، الإصبهاني.

(36/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 233
تفقه على واحد، وشاخ. وولي تدريس النظامية غير مرة. قال ابن السمعاني: رأيته بإصبهان لازماً بيته. سمع: علي بن عبد الرحمن بن عليك النيسابوري، والحسن بن عمر بن يونس الحافظ. وقرأ عليه جزءاً.) وتوفي في شعبان، وله ثمانٍ وثمانون سنة.
4 (أحمد بن أحمد بن محمد.)
أبو الحسن بن القصير، الغرناطي. روى عن: القاضي أبي الأصبغ عيسى بن سهل، ومحمد بن سابق، وأبي علي الغساني، وأبي عبد الله الكلاعي. وكان فقيهاً، حافظاً، مشاوراً ببلده، واستقضى بغير موضع. وتوفي ذي الحجة.
4 (أحمد بن محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أبي عثمان.)
أبو عبد الله بن أبي تمام الدقاق، الهمذاني، الشروطي. بغدادي أصيل. سمع: أباه، وعمه أبا الغنائم، وعبد الصمد بن المأمون، وهناد بن إبراهيم النسفي، وجماعة. قال ابن النجار: ثنا عنه أحمد بن صالح المصري. توفي في ذي الحجة وله ثمانٍ وسبعون سنة.

(36/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 234
4 (أحمد بن محمد بن أبي القاسم فليزة.)
أبو نصر الإصبهاني، الكاتب، الخوزي. كان يسكن سكة الخوزيين. سمع: أبا عمرو بن مندة، وجماعة. توفي في شوال في عشر السبعين. أخذ عنه أبو سعد السمعاني.
4 (إبراهيم بن محمد بن عبد الواحد بن عبدويه.)
أبو إسحاق الإصبهاني، الحللي. روى عن: أبي القاسم عبد الواحد بن أحمد. وعنه: أبو موسى المديني. توفي في ربيع الأول.
4 (إسماعيل بن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر صالح.)
) أبو محمد النيسابوري، القارئ. قال ابن نقطة: سمع صحيح مسلم من عبد الغافر بن محمد الفارسي، وأحاديث يحيى بن معين.

(36/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 235
وسمع من: أبي حفص بن مسرور وجماعة أجزاء. روى عنه: الحافظ أبو القاسم بن عساكر، وأبو العلاء الهمذاني، وأبو سعد السمعاني، والحسن بن محمد القشيري، وزينب الشعرية، وآخرون. وقال أبو سعد: شيخ، صالح، عفيف، صوفي، نظيف، مواظب على الجماعات، خدم الأستاذ أبا القاسم القشيري. وولد في رجب سنة تسعٍ وثلاثين وأربعمائة وتوفي يوم الجمعة العشرين من رمضان سنة إحدى وثلاثين. وقال أبو نقطة: روى عنه صحيح مسلم أبو سعد الحسن بن محمد بن المحسن القشيري. قال: أخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن قالت: أنا إسماعيل بن أبي القاسم القاريء، قراءةً عليه وأنا أسمع، في سنة أربعٍ وعشرين وخمسمائة، أنبا عمر بن مسرور، أن ابن نجيد، فذكر حديثاً. قلت: سمعت جزء ابن نجيد على غير واحدٍ بإجازة زينب المذكورة، بهذا الإسناد. وقد أجاز لأبي القاسم بن الحرستاني. وحدث عنه بأجزاء ابن مسرور.

(36/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 236
4 (حرف الباء)

4 (بركات بن عبد العزيز بن الحسين.)
أبو الحسن الدمشقي، الأنماطي. سمع: أبا بكر الخطيب، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد. وكان حافظاً للقرآن، مستوراً. قاله ابن عساكر. وقال: كان شيخاً مغفلاً. حدثني أبو الحسين القيسي أنه قال: إنهم يقولون إن صلاتي كافرة. فقال: إنما يقولون بدعة.) فقال: هو هذا. وكان يديم الخروج إلى مغارة الدم، ويصلي بالناس النوافل، ويعمم الصبيان يوم العيد. وتوفي في رمضان. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد.
4 (حرف التاء)

4 (تميم بن أبي سعيد بن أبي العباس.)
أبو القاسم الجرجاني، المؤدب. سمع مسند أبي يعلى، من أبي سعد الكنجروذي. وسمع من: أبي حفص عمر بن مسرور، وأبي عامر الحسين بن محمد بن علي النسوي القومسي، وأبي بكر أحمد بن منصور المغربي، وعلي بن محمد بن علي بن عبيد الله البحاثي راوي التقاسيم والأنواع، ومحمد بن محمد بن حمدون السلمي.

(36/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 237
وكان مسند هراة في زمانه. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وجماعة. وآخر من روى عنه أبو روح عبد المعز الهروي. قال ابن نقطة: ذكر لي يحيى بن علي المالقي ببغداد أنه لما قدم أبو جعفر بن خولة الغرناطي من الهند إلى هراة، أخرج إليهم بقية الأصل بمسند أبي يعلى، وفيه سماع أبي روح، من تميم. قال يحيى: فكمل له جميع المسند سماعاً منه بتلك المجلد. قلت: لا أعلم متى توفي تميم، لكنه كان باقياً في حدود هذه السنة بهراة. وسماعاته بنيسابور. وكان يؤدب. وسماع أبي روح منه في سنة تسعٍ وعشرين وخمسمائة. أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي، عن أبي روح: أنا تميم بن أبي سعيد، نا أبو سعد الكنجروذيسنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة قراءة عليه: أنا أبو عمرو بن حمدان، أبو يعلى، ثنا أبو الربيع الزهراني، ثنا فليح، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن أبا بكر بعثه في الحجة التي أمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في يوم النحر) في رهطٍ يوذن في الناس: أن لا يحج بعد العام مشركٌ، ولا يطوفن بالبيت عريان. أخرجه البخاري، عن الزهري، فوافقناه. وأخبرنا ابن الخلال: أنا عتيق السلماني، وغيره قالا: أنا أبو القاسم بن عساكر، أنا تميم الجرجاني بهراة في شعبان سنة ثلاثين، فذكر حديث بهز بن حكيم في البر، من جزء ابن نجيد. وقد قال ابن السمعاني إنه لما دخل هراة كان تميم قد توفي، وإنه أجاز له في سنة ثمانٍ وعشرين.

(36/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 238
وقد سمع منه أبو روح في هذه السنة أيضاً. وقال ابن السمعاني في التحبير: تميم بن أبي سعيد المؤدب، المعلم، القصاري، أكثر بإفادة خاله القاضي أبي محمد عبد الله بن يوسف الجرجاني. ثم سكن هراة. وكان مسنداً، ثقة، صالحاً، يعلم الصبيان. سمع: ابن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي، وأبا عثمان الحيري، وأبا عثمان الصابوني، والبيهقي، ومحمد بن عبد الله العمري الهروي، وأبا بكر محمد بن الحسن بن علي الطبري. وروى لي عنه جماعة. فمن جملة ما سمعه: معجم الحاكم. أنا البيهقي، عنه، ومسند أبي يعلى القدر الذي كان عند أبي سعيد، في خمسةٍ وثلاثين جزءاً، وكتاب المتفق للجوزقي، بروايته عن أبي بكر المغربي، للقدر الذي عنده منه، وكتاب الترغيب لحميد بن زنجويه. أنا أبو بكر المعمري، أنا ابن أبي شريح، أنا الراذاني، عنه، سوى الجزء الخامس من تجزئة عشرة، و صحيح ابن حبان، روايته عن البحاثي، عن محمد بن أحمد المروزي، عنه، وفوائد المغربي، انتقاء خاله عليه، ومعرفة علوم الحديث، للحاكم، عن الكنجروذي، عنه.

(36/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 239
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أحمد بن عبد الصمد بن محمد بن تميم.)
أبو القاسم التميمي، الدمشقي، الشاهد.) سمع من: أبي القاسم بن أبي العلاء، ونصر المقدسي، وسهل بن بشر، وأبي عبد الله بن أبي الحديد. وكتب بخطه الكثير. روى عنه: عبد الخالق بن أسد. وقال ابن عساكر: سمع منه أصحابنا، وأجاز لي. وتوفي في صفر ودفن بداره بباب البريد، ثم نقل بعد خمسٍ وعشرين سنة إلى جبل قاسيون. وكان مولده في سنة ستٍ وستين وأربعمائة.
4 (الحسن بن منصور بن محمد بن عبد الجبار.)
الشيخ أبو محمد التميمي، السمعاني، المروزي. عم الحافظ أبي سعد. قال: جمع الكثير ونسخه، وجمع جموعاً في الحديث. وقرأ عليه الكثير. وكان إماماً، زاهداً، ورعاً، وقوراً، تاركاً لمخالطة الناس. سمع: نظام الملك، ووالده، وعلي بن أحمد المديني، وخلقاً. ولد سنة ثمانٍ وستين وأربعمائة، دخل السراق في الليل فخنقوه لأجل مالٍ

(36/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 240
أودع عندهم، والله يرحمه، في غرة جمادى الأولى.
4 (الحسن بن هادي بن الحسين.)
أبو العز العلوي، الإصبهاني. سمع: أبا مسلم بن مهريزد، وعائشة الوركانية. قرأ عليه ابن السمعان ورقة. وجئناه مرةً، فصاح فينا، فقلنا: جئنالك لنقرأ حديث جدك صلى الله عليه وسلم فتكلم بكلامٍ يكفر الإنسان تدوينها، وضربت على سماعي منه. عاش نيفاً وثمانين سنة.
4 (الحسين بن محمد بن مرداس.)
أبو محمد البيهقي، الخسروجردي، وخسروجرد إحدى قرى بيهق.) سمع بقريته من: عبيد الله بن المعتز البيهقي. أخذ عنه: أبو سعد السمعاني، وغيره. مات في صفر سنة.
4 (الحسين بن محمد بن الحسين بن علي بن الفرخان.)
أبو عبد الله السمناني. ذكره ابن السمعاني فقال: شيخ صالح، صحب المشايخ وخدمهم.

(36/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 241
ورحل إلى نيسابور. وسمع: أبا القاسم القشيري، وأبا الحسن الواحدي المفسر، وأبا بكر أحمد بن خلف. وروى ببغداد الوسيط للواحدي. وقد رحل إلى بوشنج، وسمع بها من جمال الإسلام أبي الحسين الداودي. وكان مولده في سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وغيره. قال أبو سعد السمعاني: دخلت سمنان في أواخر صفر لأسمع منه، فذكر لي جماعة أنه مات من شهر، رحمه الله.
4 (حمزة بن شجاع بن أبي بكر محمد بن إبراهيم اللفتواني.)
أبو الوفاء. أسمعه أخوه الحافظ محمد بن أبي بكر من أبي عبد الله الثقفي، وجماعة. مات كهلاً في رجب. أخذ عنه السمعاني.
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن طلحة بن حسين بن أبي ذر محمد بن إبراهيم.)
الصالحاني، الإصبهاني، أبو الخير، الأديب. شاعر مفلق، أجاز له أحمد بن الفضل الباطرقاني.

(36/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 242
وسمع من: عائشة الوركانية. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وغيرهما.) وتوفي في رمضان.
4 (سهل بن علي بن عثمان.)
أبو نصر النيسابوري، التاجر، السفار، الشافعي. حضر درس أبي المعالي الجويني. وسمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وأبا الفتح نصر بن الحسن التنكتي. ودخل الأندلس، وحدث بالإسكندرية. قال القاضي عياض: حدثني بحكايات، وروى عنه: أبو محمد العثماني. توفي غريقاً منصرفه من المرية في سنة إحدى هذه.

(36/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 243
4 (حرف الشين)

4 (شبيب بن عبد الله بن محمد بت خورة.)
الإصبهاني، أبو المظفر. سمع: أحمد بن الباطرقاني. مات في رمضان عن ثمانين سنة.
4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن سهل بن بشر بن أحمد بن سعيد.)
أبو محمد الإسفرائيني، الصائغ، دمشقي من أولاد الشيوخ. ولد سنة خمسين وأربعمائة. وسمع: أباه المحدث أبا الفرج، وأبا القاسم الحنائي، وعبد الكريم بن الحسين الهلالي، وأبا الحسين محمد بن مكي الأزدي، وأبا بكر الخطيب، والكتاني، وابن أبي الحديد، وغيرهم. روى عنه: الحافظ أبو نعيم وقال: كان شيخاً عسراً، مع جهله بالحديث، وعدم ثقته. حك اسم أبيه من كتاب الشهاب للقضاعي، وأثبت بدله اسمه، وتوفي في ذي الحجة.

(36/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 244
قلت: روى عنه: عبد الرحمن بن علي الخرقي، وأبو القاسم عبد الصمد ابن محمد بن الحرستاني، وجماعة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد بن أحمد بن حملة.)
) أبو منصور الإصبهاني، الشروطي، المعروف بالكسائي. سمع: عبد الرحمن بن مندة، والمظفر البراثي، وأبا عيسى بن زياد، وأبا بكر بن ماجه. روى عنه: أبو موسى المديني، وأبو المجد زاهر الثقفي، وآخرون. توفي في أول سنة إحدى وثلاثين.
4 (عبد الجبار بن عبد الوهاب بن عبد الله بن محمد.)
أبو الحسن بن أبي الحسن بن الأستاذ أبي القاسم الدهان، النيسابوري، البيع. لم أظفر له بوفاة، لكني أعلم أنه كان في هذه الحدود. ذكره عبد الغافر فقال: شابٌ عهدناه في أيا م الصبا، سديد الطريقة، من بيت الثروة والمروءة. سمع من الأئمة مثل: البيهقي، وسعيد العيار، والطبقة. إلى أن توفي جده. سمع الانتخاب منه، وقريء عليه الكثير. قلت: روى عنه: السنن الكبير عبد الرحيم بن عبد المؤمن الشعري. وذكره أبو سعد السمعاني وأنه أجاز له في سنة سبعٍ وعشرين وقال:

(36/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 245
شيخ ثقة، من أهل الخير والأمانة. وكان عنده تصانيف أبي بكر البيهقي، وحدث بالكثير. وسمع: أبا طاهر محمد بن علي الزراد الحافظ، والبيهقي، وأبا يعلى الصابوني.
4 (عبد الرحمن بن الحسن بن محمد.)
الإمام أبو محمد ابن العلامة أبي عبد الله الطبري، الشافعي. ولد ببغداد، وبها نشأ. ووالده من أعيان أصحاب الشيخ أبي إسحاق. أنفق هذا أبو محمد الأموال والذخائر حتى ولي تدريس النظامية ببغداد. وقال ابن السمعاني: خرج عنه في الرشوة إلى الأكابر لتحصيل المدرسة ما لو أراد لبنى به مدرسة، تأمله. وورد علينا مرو، وكان شيخاً بهي المنظر، حسن الكلام في المسائل. ثنا عن أبي علي الحداد وقال: سمعت من الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وتفقهت عليه، وأصولي) ببغداد. وذكر أنه مولده في سنة. توفي بخوارزم في سنة إحدى وثلاثين وفي سنة ثلاثين.
4 (عبد الرزاق بن عبد الله بن الأستاذ أبي القاسم القشيري.)
أبو المكارمصالح، خير. سمع: جدته فاطمة بنت الدقاق، والفضل بن محمد. مات في صفر، أو في ربيع الأول. أخذ عنه: السمعاني، وغيره.

(36/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 246
4 (عبد العزيز بن علي بن عيسى.)
أبو الأصبغ الغافقي، المعروف بالشقوري، نزيل قرطبة. روى عن: أبي علي بن سكرة، وجماعة. وكان من كبار الفقهاء، كتب للقضاة بقرطبة. توفي يوم عيد الفطر.
4 (عبد الغني بن محمد بن عبد الغني بن محمد بن حنيفة.)
أبو القاسم الباجسري، من أبناء بعقوبا. كان صالحاً، فاضلاً، متميزاً، وله شعرٌ حسن. سمع: أبا القاسم بن البسري، وأبا نصر الزينبي. روى عنه: أبو الفضل بن ناصر، وأبو المعمر الأنصاري، وابنه أبو المعالي أحمد. وتوفي في شعبان ببعقوبا.
4 (عبد الكريم بن شريح.)
الفقيه أبو معمر الروياني، قاضي أهل طبرستان. إمام مناظر، سمع ببسطام، وآمل، وساوة من: محمد بن أحمد الكامخي وبإصبهان من: محمود الكوسج وبنيسابور من: محمد بن إسماعيل التفليسي.

(36/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 247
أخذ عنه السمعاني. مات في رمضان.)
4 (عبد الملك بن علي بن عبد الملك بن محمد بن يوسف.)
أبو الفضل بن أبي الحسن اليوسفي، البغدادي. طلب الحديث بنفسه، وأكثر، وحصل الأصول. وهو من بيت علم ورواية. سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، وعلي بن محمد بن محمد الأنباري. وحدث، وسمع منه جماعة. وتوفي في رابع ذي الحجة. وكان أبوه يروي عن أبي علي المذهب. روى عنه: عبد الرحمن بن محمد القصري، وصالح بن محمد الأزجي.
4 (عبيد الله بن الحسن بن عبيد الله بن شباب.)
أبو المعالي البروجردي، أخو القاضي شبيب. شيخ معمر، ممتع بحواسه. سمع من: أبي محمد نصر الزينبي. وحدث ببروجرد بالجعديات غير مرة. وتوفي، رحمه الله، في شهر ربيع الأول، عن تسعين سنة.

(36/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 248
4 (عبيد الله بن مسعود بن عبد العزيز.)
أبو البقاء الرازي، ثم البغدادي، القاضي. أخو عبد الله. سمع: أبا الحسين بن المهتدي بالله، والصريفيني. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، ويحيى بن بوش. توفي في جمادى الأولى.
4 (علي بن أحمد بن عبد الله.)
أبو الحسن الربعي، المقدسي، التاجر، الشافعي. قال ابن بشكوال: له سماع من أبي بكر، ومن نصر المقدسي. ودرس على أبي إسحاق الشيرازي.) وسكن المرية. أنبا عنه القاضي عياض وقال: أنبأ أبو الحسن هذا، عن أبي بكر الخطيب، عن أبي حازم العبدوي، فذكر حديثاً. قال: وتوفي سنة إحدى وثلاثين.
4 (علي بن محمد بن علي.)
أبو الحسن الهروي، الأديب، مؤدب أولاد الوزير أنوشروان بن خالد.

(36/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 249
حدث عن: البانياسي، ورزق الله التميمي.
4 (علي بن المبارك بن علي.)
أبو الحسن الدردائي، ودرداء من قرى بغداد. رئيس متمول. حدث عن: أبي القاسم بن البسري. روى عنه جماعة.
4 (حرف الكاف)

4 (كامل بن بجير بن فارس بن يوسف.)
الأديب، أبو الهيجا القرميسيني. شيخ صالح يؤدب الصبيان. سمع: أباه، ومكي بن بجير الهمذاني بهمذان، وأبا معشر الطبري بمكة. وحدث، وأجاز لابن السمعاني.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن علي.)

(36/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 250
أبو الحسن بن الأبرادي، الزاهد. تفقه وتعبد، وصحب أبا الحسين بن الناعوس، ووقف داراً له بالبدرية، مدرسة للحنابلة. وتوفي في ثاني رمضان ببغداد.
4 (محمد بن أحمد بن الحسن.)
أبو بكر البروجردي، الجوهري، رئيس بروجرد، بلدة عند همذان.) كان محتشماً متمولاً، رحل وعني بالحديث. وخرج معجماً لنفسه. سمع ببلده من جماعة، وبالكرخ من مكي السلار، وبهمذان من: صاوي الكامخي، وحمد بن منصور، وأحمد بن عمر البيع. وبإصبهان من: أبي العلاء محمد الفرساني، وأبي مطيع. وببسطام، وساوة، ودامغان. وسمع بنيسابور من: علي بن أحمد بن الأخرم، ونصر الله بن أحمد الخشنامي. وبمرو: أحمد بن عبد الوهاب المروزي. وبهراة: صاعد بن سليم القاضي، وأبا عطاء عبد الأعلى بن عبد الواحد المليحي. وببلخ من: أحمد بن محمد الخليلي.

(36/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 251
وببغداد من: علي بن محمد العلاف، وابن بيان، وخلق. روى عنه: المبارك بن كامل، ويحيى بن بوش. قال ابن ناصر: كان تاجراً، وما كان يعرف شيئاً من الحديث. وقال السمعاني: ولد سنة ستين، وتوفي في جمادى الأولى. قلت: كان يتجر ويسمع بهذه النواحي.
4 (محمد بن أبي علي الحسن بن محمد بن عبد الله.)
أبو جعفر الهمذاني، الحافظ. شيخ، صالح، ثقة مأمون، معمر، رحل إلى العراق في سنة ستين وأربعمائة فسمع بها، ولكن لم يكن معتنياً حينئذٍ بالسماع. ثم سمع بعد ذلك من: أبي الحسين بن النقور، وأبي القاسم بن البسري، وهذه الطبقة ببغداد. ورحل إلى نيسابور: فسمع: الفضل بن عبد أبا صالح المؤذن، وأصحاب العلوي، وأبي نعيم الإسفرائيني. وحج فسمع: أبا علي الشافعي، وسعد بن علي الزنجاني شيخ الحرم. وسمع بهراة شيخ الإسلام أبا إسماعيل. وسمع صحيح البخاري من أبي الخير محمد بن موسى الصفار.) وحدث بجامع أبي عيسى عن: أبي عامر الأزدي، ومحمد بن محمد بن العلاء، وأبي حامد ثابت بن أبي العباس بن سهلك القاضي، بسماعهم من الجراحي. وسمع جماعة بهمذان. وكان من أئمة السنة، ومن مشايخ الصوفية.

(36/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 252
قال ابن السمعاني: سافر الكثير إلى البلدان الشاسعة، وسمع، ونسخ بخطه. وما أعرف أن في عصره أحداً سمع أكثر منه. قال: وحكي عنه أنه قال: دخلت بغداد سنة ستين، فكنت أحضر الشيوخ، وأسمع، ولا أدعهم يكتبون اسمي، لأني كنت لا أعرف العربية، ثم دخلت البادية فلم أزل أدور مع الظاعنين من العرب حتى رجعت إلى بغداد، فقال لي الشيخ أبو إسحاق: رجعت إلينا عربياً. وكان يسميني الخثعمي، لإقامتي في بني خثعم في البادية. قال ابن السمعاني: وكان خطه رديئاً، وما كان له كبير معرفة بالحديث على ما سمعت. وسمعت محمد بن أبي طاهر الصوفي بإصبهان يقول: سمعت أبا جعفر بن أبي علي يقول: تعسر علي بعض شيوخي بجرجان، فحلفت أن لا أخرج منها أو لا أكتب كل ما عنده. فأقمت مدة. وكان يخرج إلي الأجزاء والرقاع، حتى كتبت جميع ما عنده. روى عنه: أبو العلاء الهمذاني. ومن القدماء: محمد بن طاهر المقدسي. وآخر من روى عنه: عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن المعزم الهمذاني. توفي في منتصف ذي القعدة، وهو الذي رد على إمام الحرمين في إثبات العلو لله، وقال: حيرني الهمذاني. وقد روى عنه ابن عساكر.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن محمد.)

(36/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 253
الهلالي، الخلوقي، المروزي، إمامٌ، مفتٍ، عارف بالمذهب. سمع: أبا الخير الصفار، ومحمد بن الحسن المهر بندقشائي، وجماعة. مات في ربيع الأول، عن ثمانٍ وسبعين سنة.)
4 (محمد بن علي.)
الخفاف بغدادي، يعرف بابن الكوفية. روى عن: أبي نصر الزينبي. وتوفي في رجب.
4 (محمد بن الفضل بن عبد الواحد.)
القاضي أبو الوفاء الناينجي الإصبهاني. ويعرف بابن حلة. كان يتولى القضاء بنايين، وهي ناحية من نواحي إصبهان. قال ابن السمعاني: شيخ كيس، سمع الكثير، وحصل الأصول.

(36/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 254
سمع: أبا بكر محمد بن أحمد بن ماجة، وإبراهيم بن محمد القفال، وطائفة، ورحل إلى بغداد فسمع من: طراد، وابن البطر. وخرج له أبو نصر اليونارتي. وتوفي بإصبهان.
4 (محمد بن الفضل بن محمد.)
أبو بكر الإصبهاني، الخاني، المقرئ، من مسندي إصبهان. روى عن: أبي مسلم بن مهريزد، وأحمد بن الفضل البطرقاني، وبكر بن حيد، وعلي بن محمد الحسناباذي، وجماعة. وعنه: السمعاني، وغيره. لم أظفر له بوفاة
4 (محمد بن محمد بن أحمد.)

(36/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 255
أبو نصر الخموشي، السرخسي. صدوق، مكثر، رئيس. ولد سنة. وسمع: زهير بن الحسن الجذامي، وعبد الله بن عباس العبدوسي، وغيرهما. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبوه.) مات في ربيع الآخر.
4 (محمد بن محمد بن الحسين بن القاسم بن خميس.)
أبو البركات الموصلي. من بيت العلم والفضيلة بالموصل. روى عن: أبي نصر أحمد بن عبد الباقي بن طوق. وعنه: الصائن هبة الله بن عساكر، والكمال محمد بن عبد الله بن الشهرزوري القاضي. وسماع الكمال منه ببغداد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. قال ابنه سليمان: توفي أبي في شوال هذه السنة، وكان مولده سنة.
4 (المبارك بن علي بن أبي الجود.)
أبو القاسم البغدادي، العتابي، من شارع العتابيين. كان أمين القاضي. سمع: أبا الحسين بن النقور.

(36/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 256
روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر. توفي في شعبان.
4 (مرشد بن علي بن نصر بن منقذ.)
أبو سلامة الشيزري. من بيت الإمرة، والفروسية، والحشمة. كان سمحاً، جواداً، شجاعاً، شاعراً، مليح الكتابة. كتب مصحفاً بالذهب، فجاء غايةً في الحسن. ولد سنة ستين وأربعمائة بحلب، وسافر إلى إصبهان، وبغداد. قال ابن عساكر: كان بارعاً في العربية، وبحسن الخط والشعر. حسن التلاوة، كثير الصيام. بطلاً شجاعاً. نسخ بخطه سبعين ختمة. حدثني ابنه الأمير محمد، قال: لما مات عمي صاحب شيزر أبو المرهف نصر بن علي أوصى) بشيزر لأبي، فقال: والله، لا وليتها، ولأخرجن من الدنيا كما دخلت إليها، فولاها أخاه أبا العشائر سلطان بن علي.

(36/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 257
ومن شعر مرشد:
(لنا منك يا سلمى عذابٌ وتعذيب .......... وجفنٌ قريحٌ دمعه فيك مسكوب)

(ووعدٌ كوعد الدهر للحر بالغنى .......... ولكنه بالمين والمطل مقطوب)
وهي قصيدة طويلة. قال أبو المغيث بن مرشد: كنت عند أبي وهو ينسخ مصحفاً، ونحن نتذاكر خروج الفرنج الروم، فرفع المصحف وقال: اللهم بحق من أنزلته عليه، إن قضيت بخروج الروم فخذ روحي ولا أراهم. فمات في رمضان سنة إحدى وثلاثين بشيزر، ونازلتها الروم في شعبان سنة اثنتين وثلاثين، ونصبوا عليها ثمانية عشر منجنيقاً، ثم رحلوا عنها بعد حصار أربعةٍ وعشرين يوماً.
4 (مكي بن الحسن بن المعافي.)
أبو الحرم السلمي، الجبيلي. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، ومقاتل بن معكود. وقال إنه سمع بطرابلس كتاب الشهاب من مصنفه. وولد بجبيل سنة أربعين، أو قبلها.

(36/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 258
روى عنه: الحافظان السلفي، وابن عساكر. وتوفي في جمادى الأولى. وكان كثير التلاوة في المصحف، متين الديانة، صالحاً.
4 (حرف النون)

4 (نصر بن الحسين بن الحسن.)
أبو القاسم بن الخبازة، البغدادي، الحنبلي، المقرئ. قرأ بالروايات على عبد القاهر العباسي صاحب الكارزيني، وعلى يحيى بن أحمد السبيتي صاحب الحمامي. وسمع من: طراد الزينبي، وجماعة.) وحدث وأقرأ. روى عنه: معمر بن الفاخر، وأبو الفرج بن الجوزي، وغيرهما.
4 (هبة الله بن أحمد بن عمر.)

(36/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 259
أبو القاسم البغدادي، الكريزي، المقرىء، المعروف بابن الطبر. قال الحافظ عبد الوهاب الأنماطي، شيخ مشهور، معمر، مقرىء، ثقة، صدوق، عارف بالقراءآت. ولد يوم عاشوراء سنة خمسٍ وثلاثين وأربعمائة، وقرأ القرآن على أبي بكر محمد بن علي بن موسى الخياط في سنة إحدى وستين، عن قراءته على أبي أحمد الفرضي، والسوسنجردي، وجماعة. قرأ عليه: التاج الكندي، وهو أقدم شيخ له. وسمع الحديث من: أبي الحسن محمد بن عبد الواحد ابن زوج الحرة، وأبي إسحاق البرمكي، وأبي طالب العشاري، وغيرهم. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المديني، ويحيى بن ياقوت النجار، وعبد الخالق بن هبة الله البندار، والحسن بن عبد الرحمن الفارسي الصوفي، وعبد الله بن أبي بكر ابن الطويلة، وعلي بن محمد بن علي الأنباري، وعبد الرحمن بن أحمد العمري، وفاطمة بنت سعد الخير، وبقاء بن حيد، وأبو الفتح محمد بن أحمد المندائي، وعمر بن طبرزد، والكندي، وآخرون. وقال أبو الفرج بن الجوزي: كان صحيح السماع، قوي التدين، ثبتاً، كثير الذكر، دائم التلاوة. وهو آخر من حدث عن ابن زوج الحرة. سمعت عليه الكثير، وقرأت عليه. وكانت قوته حسنة، كنت أجيء إليه في الحر فيقول:

(36/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 260
اصعد سطح المسجد، فيسبقني في الدرج. ومتع بسمعه وبصره وجوارحه إلى أن توفي في ثاني جمادى الأولى عن ستٍ وتسعين سنة وأشهر ودفن بالشونيزية. قلت: إنما توفي في جمادى الآخرة يوم الأربعاء، قاله أبو موسى المديني. وقال المبارك بن كامل: توفي في غرة جمادى الآخرة.) وقال ابن السمعاني: سمعت حامد بن أبي الفتح المديني يقول: مات يوم الأربعاء ثاني جمادى الآخرة ودفن يوم الخميس. وقال أبو موسى المديني: كان قد ذهب بصره وثم عاد بصيراً.
4 (هبة الله بن محمد بن الحسن.)
الكاتب الأزجي. سمع من: طراد الزينبي، وأبي الحسن بن أيوب. روى عنه: أبو القاسم الحافظ. وتوفي في رمضان.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البنا.)
أبو عبد الله بن أبي علي البغدادي. قال ابن السمعاني: شيخ صالح، من أهل الجانب الشرقي، حسن السيرة، مكثر، واسع الرواية. ومتع بما سمع، وعمر حتى حدث بالكثير.

(36/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 261
وكان حسن السيرة والأخلاق، متودداً، متواضعاً، براً بالطلبة، مشفقاً عليهم. سمعه أبوه من جماعة: أبي الحسن بن المهتدي بالله، وأبي الحسين بن الأبنوسي، وعبد الحميد بن المأمون، وأبي الحسين بن النقور. وأجاز لي، وحدثني عنه جماعة. وسمعت الحافظ عبد الله بن عيسى بن أبي حبيب الأندلسي يذكر هذا ويثني عليه، ويمدحه ويطريه. ويصفه بالعلم، والتمييز، والفضل، وحسن الأخلاق، وترك الفضول، وعمارة المسجد، وملازمته له. وقال: ما رأيت في الحنابلة ببغداد مثله، وكان شيخنا عمر بن عبد الله البسطامي كثير الثناء عليه، يصفه بالخير، والصلاح، والعلم، وكذلك كل من رأيته ممن سمع منه كان يثني عليه ويمدحه. قلت: روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى، وابن الجوزي، وابن طبرزد، ويحيى بن) ياقوت، وفاطمة بنت سعد الخير، وآخرون. ولد في ذي القعدة سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة. وتوفي في ثامن ربيع الأول، رحمه الله.

(36/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 262
4 (وفيات سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن محمد بن أبي ذر.)
أبو الوفاء الصالحاني، الإصبهاني. من شيوخ أبي موسى المديني. قال: سمعته يقول: ولدت في نصف رجب سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. وتوفي في شوال. وكان صالحاً عابداً، يحج كل سنةٍ عن الناس، فيقال إنه حج نيفاً وأربعين حجة. وحدث عن: عائشة الوركانية، وأبي سهل حمد بن دلكين، وجماعة. وروى عنه: ابن عساكر، وسعد الله بن الوادي.
4 (أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن أيوب.)
أبو القاسم النيسابوري، القري. وقر: محلة. إمامٌ فاضل خير، سكن أستوا. سمع: محمد بن إسماعيل التفليسي، وفاطمة بنت الدقاق.

(36/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 263
مات في هذه السنة. كذا ذكره. ابن السمعاني في شيوخه.
4 (أحمد بن سهل بن محمد الميهني.)
قاضي قرية ختن وخطيبها، من أعمال طوس. سمع من: جده أبي الفضل العارف. وعاش اثنتين وسبعين سنة.) مات في غرة صفر. ذكره السمعاني.
4 (أحمد بن طاهر بن علي بن عيسى.)
أبو العباس الأنصاري، الخزرجي، العبادي، من ولد مسعد بن عبادة رضي الله عنه، الأندلسي الداني، الفقيه. سمع الكثير من: أبي داود المقرىء، وأبي علي الغساني، وأبي الحسين ابن شفيع، وجماعة. ورحل إلى العدوة، وصنف، وأفتى نيفاً وعشرين سنة. قال ابن الأبار: كان ورعاً، فاضلاً، نبيلاً، له مجموع في رجال مسلم. روى عنه: ابنه محمد، وأبو العباس الإقليشي، وأبو عبد الله المكناسي. وكان يميل إلى القول بالظاهر.

(36/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 264
توفي في جمادى الأولى.
4 (أحمد بن ظفر بن أحمد.)
البغدادي المغازلي. أخو المحدث عمر بن ظفر. قال ابن السمعاني: شيخ صالح، مشتغل بكسبه. سمع: أبا الغنائم بن المأمون، وأبا محمد الصريفيني. وولد سنة، وتوفي في سادس رمضان. وسمعت منه جزءاً. وقال ابن الجوزي: سمعت منه، وكان ثقة.
4 (أحمد بن عبد الباقي بن الحسين بن منازل.)

(36/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 265
الشيباني، السقلاطوني، الحريمي، أبو المكارم. قال ابن السمعاني: كان شيخاً، صالحاً، فقيراً، معيلاً، مكتسباً. كتب الكثير، وسمع: أبا الحسين بن النقور، وأبا نصر الزينبي، وغيرهما. وكان مولده في صفر سنة ستين. وتوفي في أوائل صفر.) كتبت عنه يسيراً.
4 (أحمد بن علي بن غزلون.)
أبو جعفر الأموي، الأندلسي. قال ابن بشكوال: هو معدود في كبار أصحاب أبي الوليد الباجي، من أهل الحفظ، والمعرفة، والذكاء. توفي بالعدوة في نحو العشرين وخمسمائة، وقيل سنة، وقيل سنة وخمسمائة، وقد مر.
4 (أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد.)
الحافظ، أبو نصر الغازي. من كبار محدثي إصبهان. ولد في حدود سنة. قال ابن السمعاني: ثقة، دين، حافظ. واسع الرواية، كتب الكثير، وحصل الكتب. وما رأيت أكثر رحلة منه في شيوخي. سمع: أبا القاسم عبد الرحمن، وعبد الرحمن ابني أبي عبد الله بن مندة، وابن شكرويه، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وجماعة كثيرة بإصبهان وأبا الحسين بن النقور، وعبد الباقي بن محمد العطار، وأبا القاسم بن البسري،

(36/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 266
وجماعة ببغداد والفضل بن المحب، وأبا بكر بن خلف الشيرازي، وطائفة بنيسابور وشيخ الإسلام أبا إسماعيل، وأبا عامر محمود بن القاسم، وجماعة بهراة ومحمد بن عبد الملك المظفري بسرخس، وأبا علي التستري بالبصرة. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، والسلفي، وأبو موسى المديني،، والمؤيد ابن الأخوة، ومحمود بن أحمد المصري، وآخرون. قال السلفي: كان من أهل المعرفة والحفظ، سمعنا بقراءته كثيراً، وأملى علي شيئاً. وقال ابن السمعاني: سمعت عليه الكثير، ونقلت من تاريخه. وكان جماعة من أصحابنا يفضلونه على إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الطلحي في الإتقان والمعرفة، ولم يبلغ هذا الحد، لكنه كان أعلى سنداً من إسماعيل وما كان يفرق بين السماع والإجازة.) قلت: اين السماع والإجازة عنده في الاحتجاج وهناك سواء، إلا أنه لا يعرف السماع من الإجازة، فإن من له أدنى معرفة يدري أن السماع شيءٌ والإجازة شيء. قال السمعاني: توفي في ثالث رمضان ودفن في بغداد. وحضرت دفنه. زاد غيره: صلى عليه إسماعيل الحافظ.
4 (أحمد بن الفضل بن أحمد بن سمكويه.)
أبو العباس الإصبهاني، السمكوي، المهاد، الخياط. شيخ معمر عامي.

(36/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 267
روى الكثير عن جده لأمه أبي بكر محمد بن إبراهيم الحافظ، العطار، وعبد الرزاق بن الباطرقاني. أخذ عنه: السمعاني، وابن عساكر. مات بإصبهان.
4 (أحمد بن الفضل بن أحمد بن عبد الله.)
أبو العباس القصري، الإصبهاني، المميز، أحد الطلبة. سمع الحديث الكثير وعني به، وبالغ، وقرأ على الشيوخ. وعمر دهراً. سمع: عائشة الوركانية، وعبد الوهاب بن مندة. وعنه: السمعاني، وقال: بقي إلى هذه السنة، وقد جاوز الثمانين.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد ابن الحافظ الكبيربقي بن مخلد)
بن يزيد. أبو القاسم الأندلسي، القرطبي. سمع من: أبيه بعض ما عنده، ومن محمد بن أحمد بن منظور الإشبيلي. وصحب أبا عبد الله محمد بن فرج الفقيه. وانتفع بصحبته. وأجاز له أبو العباس العذري.) وبرع في الفقه وأفتى، وشوور في الأحكام. وهو من بيت علم وصيانة. وكان بصيراً بالأحكام، درباً بالفتوى، رأساً في معرفة الشروط وعللها. أخذ الناس عنه. روى عنه: أبو القاسم بن بشكوال وأبو بكر بن خير، وأبو القاسم بن الشراط، وآخرون.

(36/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 268
قال ابن بشكوال: سألت عن مولده، فقال: في شعبان سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة. قال: وتوفي في يوم الخميس سلخ ذي الحجة، وصلى عليه ابنه أبو الحسن.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد.)
أبو بكر بن أبي الفتح الدينوري، ثم البغدادي، الفقيه الحنبلي. سمع من: رزق الله التميمي، وجماعة. وتفقه على: أبي الخطاب. وبرع في المناظرة. وكان الإمام أسعد الميهني يقول: ما اعترض أبو بكر الدينوري على دليل أحد إلا ثلمه. قال ابن الجوزي: قال لي شيخنا أبو بكر الدينوري: كنت أتفقه على الإمام أبي الخطاب، وكنت في بدايتي أجلس في آخر الحلقة والناس فيها على مراتبهم، فجرى بيني وبين رجلٍ كان يجلس قريباً من الشيخ كلام. فلما كان في اليوم الآتي جلست على عادتي، فجاء ذلك الرجل، فجلس إلى جانبي، فقال له الشيخ: لم تركت مكانك فقال: أترك مثل هذا فاجلس معه. يزري علي. فوالله ما مضى إلا قليلٌ حتى تقدمت في الفقه، فصرت أجلس إلى

(36/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 269
جانب الشيخ، وبيني وبين ذلك الرجل رجال. توفي أبو بكر، رحمه الله، في جمادى الأولى. وكان من أئمة المذهب، إلا أنه كان لحاناً لا يعرف النحو. روى عنه: أبو طاهر إبراهيم بن محمد بن حمدية العكبري، وغيره.
4 (أحمد بن محمد بن عبد الملك بن عبد الغافر.)
) أبو نصر الأسدي، البغدادي. سمع: أبا الفرج المخبزي، وأبا بكر الخطيب.

(36/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 270
وحدث. توفي في ربيع الآخر. ويعرف بابن المطوعة. روى عنه: ذاكر بن كامل، وعبيد الله بن محمد الشاوي القارئ.
4 (أحمد بن محمد.)
أبو العباس الجذامي، المرسي، الزنقي. وزنقا: بزاي، ونون، وقاف، قرية من عمل مرسية. أخذ عن: أبي علي بن سكرة. وأخذ علم الأصول والكلام عن أبي بكر بن سابق الصقلي. وبرع في ذلك صنف، وبعد صيته. روى عنه: أبو جعفر بن الباذش، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم. مات بعد الثلاثين تقريباً.
4 (إبراهيم بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن حمدان.)
أبو تمام الصيمري، رئيس بروجرد. ولد سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع بها.

(36/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 271
وحج، وسمع بمكة من أبي معشر الطبري. وببغداد من: أبي إسحاق الشيرازي. توفي ببروجرد. وقد كان سمع بها من الحافظ يوسف بن محمد. روى عنه: أبو سعد بن السمعاني.
4 (إسماعيل بن الحافظ أبي صالح المؤذن أحمد بن عبد الملك بن علي.)
النيسابوري، أبو سعد الفقيه، أحد الأئمة. قال ابن السمعاني: كان ذا رأي، وعقل، وعلم.) برع في الفقه. وكان له عز ووجاهة عند الملوك. تفقه على: أبي المعالي الجويني، وأبي المظفر السمعاني. وسمعه أبوه أبو صالح المؤذن من طائفة كبيرة. وكان مولده في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة أو سنة اثنتين. سمع أبو سعد: أباه، وأبا حامد أحمد بن الحسن الأزهري، وأبا بكر أحمد بن منصور المغربي، الحاكم أحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي، وبكر بن محمد بن حيد التاجر، وشجاع بن طاهر المؤدب، ونسيب بن أحمد

(36/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 272
السبيعي، وأبا العلاء صاعد بن منصور بن محمد بن محمد الأزدي الهروي، وأبا القاسم عبد الكريم القشيري، وعمر بن سعيد بن محمد البحيري، والفقيه أبا الحسن علي بن يوسف الجويني، وأبا سهل محمد بن أحمد الحفصي، وأبا بكر محمد بن الحسين الخبازي المقريء، والمسيب بن محمد الأرغياني، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وغيرهم. وأجاز له أبو سعد الكنجروذي. روى عنه: الحافظ محمد بن طاهر مع تقدمه في معجم البلدان. وأنبأنا أحمد بن سلامة، عن محمد بن إسماعيل، أن محمد بن طاهر أجازهم، قال: سمعت أبا سعد إسماعيل بن أحمد النيسابوري ببردشير دار مملكة كرمان يقول: سمعت محمد بن أحمد الصيرفي، سمعت أبا عمرو البحيري الحافظ، سمعت محمد بن موسى الفقيه، سمعت إبراهيم بن محمد المروزي، سمعت محمد بن سعيد الرباطي، سمعت أحمد بن حنبل يقول: طلبنا هذا العلم بالذل، فلا نعطي بالذل. وروى عنه: أبو القاسم بن عساكر وأبو موسى المديني، وأبو الفرج بن الجوزي، والقاضي أبو سعيد عبد الله بن أبي عصرون، وعبد الخالق بن عبد الوهاب الصابوني الخفاف، وأبو القاسم هبة الله بن الحسن السبط، وأبو طاهر علي بن فاذشاه، وعبد الواحد بن أبي المطهر القاسم بن الفضيل الصيدلاني. وقال أبو موسى المديني: أنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح أحمد النيسابوري الواعظ، الكرماني المنزل.) قدم علينا مراراً رسولاً إلى السلطان من كرمان. وتوفي في آخر شوال. وقال ابن الجوزي: توفي ليلة الفطر.

(36/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 273
4 (زاد غيره: بكرمان.)
وقال أبو سعد السمعاني: كان ذا رأيٍ، وعقل، وتدبير، وفضل وافر، وعلم غزير. ظهر له العز، والجاه، والثروة. وبقي بكرمان. وقال ابن عساكر في تبيين كذب المفتري: كان إماماً في الأصول والفقه، حسن الطريقة، مقدماً في الذكر. وكان وجيهاً عند السلطان بكرمان، معظماً في أهلها، محترماً بين العلماء في سائر البلاد. قرأ الإرشاد على إمام الحرمين.
4 (حرف الباء)

4 (بختيار بن محمد بن الحسين بن محمد الإصبهاني الخلال.)
ابن عم الحسين بن عبد الملك الخلال. أجاز له عبد الرزاق بن شمة. سمع منه: أبو سعد لسمعاني سنة إحدى وثلاثين، ومات بعد ذلك. وكان معمراً.
4 (بدر بن ثابت بن روح.)
أبو الرجاء الإصبهاني، الراراني، الصوفي، الرجل الصالح. والد المعمر أبي سعيد خليل الراراني.

(36/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 274
سمع: إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطيان، وأبا الخير بن ررا، وجماعة. سمع منه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر. مات في رمضان عن نحو سبعين سنة.
4 (بدر بن عبد الله.)
أبو النجم الشيحي، الأرمني، مولى المحدث عبد المحسن الشيحي.) سمع الكثير من مولاه، وطال عمره. وحدث عن: أبي بكر الخطيب، وأبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، والصريفيني، وجماعة. وما كان يعرف شيئاً. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وجماعة. قال أبو سعد: سمعت بعض الطلبة يقول، والعهدة عليه: طلبت من بدر الشيحي إجازة لبعض الناس، فقال: كم تستجيزون ما بقي عندي إجازة أجيزها لكم. روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي وقال: كان سماعه صحيحاً. وتوفي في رابع وعشرين رمضان من ثمانين سنة، ودفن عند مولاه. قلت: آخر من حدث عنه أبو الفرج محمد بن هبة الله الوكيل.

(36/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 275
4 (بزواش.)
مقدم عساكر دمشق، سار بالجيش فحارب الفرنج ونصر عليهم، وجاء الجند بالسبي، وكان شجاعاً، فاتكاً، مفسداً، في شر وجهل. استوحش من صاحب دمشق شهاب الدين محمود بن بوري، فأقام بظاهر البلد. ثم راسله وخدعه، فدخل إليه فتركه أياماً، وقتله على يد الشمسية، وأخرج ملفوفاً في كساء، ودفن بقبته التي بالعقيبة، تعرف بقبة بزواش. وولي أتابكية العسكر بعده معين الدولة أنز.
4 (بقش السلاحي.)
من كبار أمراء الدولة. قال ابن الجوزي: قبض عليه السلطان، وحبس بتكريت. ثم أمر بقتله

(36/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 276
بعد قليل، فغرق نفسه، فأخرج من الماء وقطع رأسه وحمل إلى السلطان.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أحمد بن محمد.)
الواعظ أبو علي الأنصاري، الصوفي، الملقب بالبركان. سمع: رزق الله التميمي، والنعالي.) وعنه: السمعاني، وابن سكينة، وجماعة. مات في شوال.
4 (الحسن بن علي بن الحسن بن عبيد الله.)
أبو محمد العلويي، الحسيني، البلخي، الرئيس. أحد الكبار المذكورين بالسخاء والجود، ومحبة العلماء. كانت داره مجمع الفضلاء. سمع: أبا علي الوحشي، وغيره. وحدث بسنن أبي داود. روى عنه: محمد بن علي بن ياسر الحنائي.

(36/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 277
4 (الحسين بن تكمش بن بزدمر.)
أبو الفوارس التركي، ثم البغدادي. سمع: مالكاً البانياسي، ورزق الله التميمي. وتصوف، وصحب أبا بكر الطريثيثي. وكان حسن السيرة، له شعر وكلام في المعرفة. توفي في شعبان.
4 (الحسين بن طلحة بن الحسين بن أبي ذر محمد بن إبراهيم الصالحاني.)
أبو عبد الله. إصبهاني، جلد، مسند.

(36/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 278
كان يؤدب. حدث عن: أبي القاسم إبراهيم سبط بحرويه. روى عنه: ابن السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى، وآخرون. وتوفي في شوال، أو في ذي القعدة، قاله أبو موسى. وقال عبد الرحيم الحاجي: توفي في أواخر رجب. وكناه: أبا منصور. وقال ابن السمعاني: مولده في سنة.)
4 (الحسين بن عبد الملك بن الحسين بن محمد بن علي.)
الشيخ أبو عبد الله الإصبهاني، الخلال، الأديب، النحوي، البارع، المحدث، الأثري. سمع: أبا الفضل عبد الرحمن بن الحسين الرازي، وأحمد بن محمود الثقفي، وأبا طاهر عمر الحرفي، وإبراهيم بن منصور السلمي السبط، وعبد الرزاق بن هتمة، وأبا الفضل أحمد الباطرقاني، وسعيد بن أبي سعيد العيار، وعبيد الله وعبد الرحمن وعبد الوهاب أولاد ابن مندة، وطائفة. وقدم بغداد وسمع بها من: أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان وحدث بها بالبخاري، عن العيار. وكان أحد من عني بهذا لشأن. ولد في صفر سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم الدمشقي، وأبو موسى المديني، وأبو المجد زاهر بن أحمد الثقفي، وأبو نجيح فضل الله بن عثمان،

(36/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 279
والمؤيد ابن الأخوة، ومحمود بن أحمد المضري، وتقية بنت أموسان، ومحمد بن أبي نجيع النعماني، ومحمد بن معمر بن الفاخر، وخلق سواهم. قال ابن السمعاني: رأيته بعد أن أضر وكبر، وكان حسن المعاشرة والمحاورة، بساماً، كثير المحفوظ. قرأ عليه ابن ناصر صحيح البخاري. وكان عزيز النفس، قانعاً، لا يقبل من أحدٍ شيئاً، مع احتياجه. خرج له محمد بن أبي نصر اللفتواني معجماً في أكثر من عشرة أجزاء. قلت: سمع منه البخاري: عبد الرحمن بن جامع، وعبد الخالق بن وهاب الصابوني. وسمع منه مسند أبي يعلى بروايته عن سبط بحرويه: أبو القاسم بن عساكر، والمؤيد هشام ابن الأخوة، وزاهر الثقفي. وحدث بمسند الروياني، عن أبي الفضل الرازي. وكان ثقة صدوقاً، إماماً في العربية، كثير المحاسن. توفي، رحمه الله، في حادي عشر جمادى الأولى، وكان يلقب بالأثري.
4 (الحسين بن علي بن الحسين بن أحمد بن أشليها.)
أبو علي الدمشقي.) سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، ونصر المقدسي، وغيرهما. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد، وغيرهما. وتوفي في جمادى الأولى، وله اثنتان وثمانون سنة.
4 (حيدرة بن بدر.)
أبو يعلى العباسي، الهاشمي، ثم الرشيدي، الواسطي، المعدل.

(36/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 280
سمع شهاب القضاعي من الحميدي. رواه عنه أبو الفتح المندائي. مات في جمادى الأولى، قاله الدبيثي.
4 (حرف الخاء)

4 (خالد بن عمر بن محمد بن عبد الله.)
أبو الفتح الإصبهاني، أخو الحافظ أبي نصر الغازي. روى عن: أبي عمرو بن مندة. وعنه: أبو موسى المديني، وغير واحد. توفي في صفر.
4 (خلف بن يوسف بن فرتون.)
أبو القاسم بن الأبرش، الأندلسي، الشنتريني، النحوي. روى عن: عاصم بن أيوب، وأبي الحسين بن السراج، وأبي علي الغساني. وكان رأساً في العربية واللغات، مع الفضل، والدين، والخير، والإنقباض. وكان كثير التجول في الأندلس. ومن محفوظاته كتاب سيبويه.

(36/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 281
وهو القائل:
(لو لم يكن لي آباء أسود بهم .......... ولم يثبت رجال العرب لي شرفا)

(ولم أنل عند ملك العصر منزلةً .......... لكان في سيبويه الفخر لي وكفا)
توفي بقرطبة في ذي القعدة، ولم يقرأ عليه كثير أحدٍ لأخلاقه.
4 (حرف السين)

4 (سعدة بنت السلطان بركياروق.)
) زوجة السلطان مسعود. توفيت بهمذان.
4 (سعيد بن أبي الرجاء محمد بن أبي منصور بكر بن أبي الفتح بن بكر بن الحجاج.)
أبو الفرج الهمذاني، الصيرفي، الخلال، السمسار في الدور. ولد سنة أربعين تقريباً، وسمع سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة من أحمد بن محمد بن النعمان القضاض مسند العدني، بروايته عن ابن المقريء. وسمع مسند أحمد بن منيع، من الشيخ عبد الواحد بن أحمد المعلم. وحدث بالكتابين، وبمسند أبي يعلى، رواه ملفقاً عن إبراهيم سبط

(36/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 282
بحرويه، عن ابن النعمان. وحدث أيضاً عن: أحمد بن الفضل الباطرقاني، ومنصور بن الحسين، وعبد الله بن شبيب، وأبي نصر إبراهيم بن محمد الكسائي، وأبي جعفر أحمد بن محمد بن هاموشة، وأبي مسلم محمد بن علي بن مهربزد، وسعيد بن أبي سعيد العيار، وخلق. روى عنه: الحافظان ابن السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى، وأبو الخير عبد الرحيم بن موسى، وعبد الواحد بن محمد التاجر، ومحمد بن أبي القاسم بن الفضل، ومحمود بن أحمد الثقفي الخطيب، ومحفوظ بن أحمد الثقفي، وزاهر بن أحمد الثقفي، وأبو مسلم ابن الأخوة، وعائشة بنت معمر، وعين الشمس بنت أبي سعيد ابن سليم، وزليخا بنت أبي حفص الغضائري، وآخرون. وكان عبد الرحيم ابن الأخوة يقول: ثنا سعيد بن أبي الرجاء الدوري، لأنه كان يبيع الدور. وقد سئل أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل عنه فقال: كثير السماع، لا بأس به. وقال أبو سعد السمعاني: شيخ، صالح، مكثر، صحيح السماع. سمعه خاله الكثير، وعمر. وكان حريصاً على الرواية. سمعت منه الكثير، ولازمته. قال لي: رويت ببغداد جزءاً واحداً. توفي في تاسع عشر صفر. وخاله هو محمد بن أحمد الخلال.)
4 (حرف الطاء)

4 (طلحة بن أبي غالب بن عبد السلام.)
أبو محمد البغدادي، الرناني الفواكهي، سبط يوسف المهرواني.

(36/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 283
قال ابن السمعاني: كان فقيراً، مستوراً، صحيح السماع، مشتغلاً بالكسب يحرر النعال واللوالك. سمع من: القاضي أبي يعلى بن الفراء مجلسين وجزءاً. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المديني، وأبو اليمن الكندي، وآخرون. قال ابن السمعاني: لم يتفق لي السماع عنه. توفي في ربيع الآخر أو بعده. قلت: قل ما سمع هذا الشيخ.
4 (حرف العين)

4 (عبد الرحمن بن الحسين بن نصر بن عبيد الله بن المرهف.)
أبو القاسم النهاوندي، الفقيه. ولي القضاء مدة ببلده. وكان أبوه قد سكن بغداد، وولد بها أبو القاسم، وسمع من شيوخها من: هزارمرد الصريفيني، وأبي الحسين بن النقور، وطائفة. وحدث ببلده. قال أبو سعد السمعاني: خرجت من بروجرد إلى نهاوند قاصداً لأكتب عن أبي القاسم، فلما وصلت إليها لقيت جنازةً وجماعةً تشيعها، فسألت: جنازة من فقيل لي: جنازة القاضي أبي القاسم بن المرهف. فنزل بي من الحزن والتحسر ما الله به عليم. وكان قد توفي بهمذان، وحملوه إلى بلده نهاوند، ودفن بها في المحرم.
4 (عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة.)
أبو مروان اللخمي، الباجي، من علماء إشبيلية.

(36/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 284
روى عن: أبيه، وعمه أبي عبد الله محمد، وأبي عمر محمد، وابن عمه عبد الله بن علي. قال ابن بشكوال: كان من أهل الحفظ للمسائل، متقدماً في معرفتها، استقضي بإشبيلية مرتين.) وكان من أهل الصرامة والنفوذ في أحكامه. وقد ناظر الناس، وتفقهوا عليه. وحدث، وكف بصره. وتوفي في رجب، وله خمسٌ وثمانون.
4 (عبد الملك بن عبد الواحد بن الحسن.)
أبو الفضل بن زريق الشيباني، البغدادي القزاز. عم الشيخ أبي منصور عبد الرحمن. شيخ صالح، سمع: أبا الحسين بن النقور. قال ابن السمعاني: حدثني عنه جماعة من أصحابنا.
4 (عبد المنعم بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن.)
أبو المظفر بن القشيري النيسابوري. آخر من بقي من أولاد الشيخ. ولد سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع مسند أبي يعلى من أبي سعد الكنجروذي، وسمع مسند أبي عوانة من أبيه.

(36/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 285
وسمع من: أبي عثمان سعيد بن محمد البحيري، وأبي بكر البيهقي، وأبي الوليد الدربندي، وأبي بكر بن خلف المغربي، وجماعة بنيسابور. وأبا الحسين بن النقور، وأبا القاسم يوسف النهرواني، وعبد العزيز بن علي الأنماطي، وعبد الباقي بن غالب العطار ببغداد. وأبا علي الشافعي، وأبا القاسم الزنجاني بمكة. وحدث بنيسابور، وبغداد. روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وأبو الفتح محمد بن علي بن عبد السلام، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وعبد الرحيم بن الشعيري، وأخته أم المؤيد زينب، وجماعة. وقد ذكره ابن السمعاني فقال: شيخ، ظريف، مستور الحال، سليم الجانب، غير مداخل للأمور. نشأ في حجر أخيه أبي نصر، وحج معه. ثم خرج ثانياً إلى بغداد، وأقام بها مدة، وخرج إلى كرمان في أيام الصاحب مكرم ابن العلاء،) فأنعم عليه. سمعت منه مسند أبي عوانة وأحاديث السراج في اثني عشر جزءاً، والرسالة لوالده. وكان حسن الإصغاء إلى ما يقرأ عليه. كان ابن عساكر يفضله في ذلك على الفراوي. وفد بغداد ثالثاً، وحدث بها. توفي بين العيدين. وقد ذكره ابن أخته عبد الغافر في تاريخه. وقال في ترجمته: وقد خرج له أبوه جزءاً جزءاً القوائد، سمعت منه. وقال ابن النجار: قال السمعاني: لزم البيت، واشتغل بالعبادة وكتابة المصاحف رحمه الله.

(36/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 286
4 (عبد الواحد بن حمد بن عبد الواحد.)
أبو الوفا الإصبهاني، الشرابي، الصباغ، من شيوخ أبي موسى المديني. توفي في ثامن جمادى الأولى. سمع: أبا طاهر بن محمود الثقفي، وأبا القاسم إبراهيم سبط بحرويه، وأبا عثمان العيار. وكان محتاجاً، مقلاً، يطلب على الرواية. وكان ديناً محله الصدق. ولد سنة ستٍ وأربعين. روى عنه أيضاً ابن السمعاني.
4 (علي بن محمد بن عبيد الله بن بكار.)
أبو الحسين البغدادي، المقرئ، الوقاياتي. حدث عن: مالك البانياسي. وليس بثقة، كان يلحق اسمه في الطباق.
4 (علي بن الخضر السلمي، الدمشقي.)
المعدل. زوج بنت القاضي، الزكي، أبي الفضل.

(36/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 287
صحب الفقيه نصر المقدسي، وحدث عنه باليسير.)
4 (علي بن عبد الله بن محمد بن سعيد بن موهب.)
أبو الحسن الجذامي، الأندلسي، المريي. مكثر عن: أبي العباس العذري. وروى أيضاً عن: أبي إسحاق بن وردون القاضي، وأبي بكر ابن صاحب الأحباس القاضي. وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو الوليد الباجي. قال ابن بشكوال: كان من أهل المعرفة، والعلم، والذكاء، والفهم. صنف في التفسير كتاباً مفيداً، وله معرفة في أصول الدين وحج، وأخذ الناس عنه. وكتب إلينا بالإجازة. ولد في عاشر رمضان سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وتوفي في السادس عشر من جمادى الأولى، وله إحدى وتسعون سنة. كتب إلي سعد الخير وغيره أن أبا القاسم بن أخبرهم: أن عبد الله ابن محمد الأشيري بحلب سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة، أنا علي بن عبد الله بن موهب الجذامي، أنا أبو عمر بن عبد البر الحافظ: أنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، نا محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب: ثنا

(36/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 288
علي بن حرب، نا سفيان، عن عاصم سمع ذراً يقول: أتيت صفوان بن عسال، فقال: ما جاء بك قلت: ابتغاء العلم. قال: إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضىً بما يطلب. كذا رواه علي بن حرب موقوفاً.
4 (علي بن علي بن عبيد الله.)
أبو منصور البغدادي، الأمين. سمع الجعديات من الصريفيني. وسمع من: جعفر السراج، وأبي الحسن العلاف، وأبي عبد الله النعالي. روى عنه: ابنه عبد الوهاب ابن سكينة، وأبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى، وآخرون. كان يسكن دار الخلافة، ثم انتقل إلى ربطا صهره شيخ الشيوخ. قال ابن السمعاني في الذيل: شيخ كبير، متدين، ثقة خير، كثير الصلاة، والصدقة، والخيرات،) مبادراً إلى الطاعات، صام صوم داود خمسين سنة. وكان مع هذه العبادة حسن المعاشرة، دمث الأخلاق، صحب الكبار، وتخلق أخلاقهم. ما رأيت في البغداديين مثله. ولد في المحرم سنة تسعٍ وأربعين وأربعمائة، وتوفي في خامس ذي القعدة، وجاءنا نعيه ونحن بالحلة متوجهين إلى الحج. وروى ابن الجوزي وقال: كان تحت يده أموال اليتامى.
4 (علي بن قاسم بن مظفر بن علي.)
أبو الحسن بن الشهرزوري الموصلي الشافعي القاضي.

(36/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 289
قال ابن عساكر: ولي قضاء واسط، ثم قضاء الرحبة، ثم قضاء الموصل. وقد قدم مع قسيم الدولة زنكي حين حاصر دمشق. وكان حسن الاعتقاد، فهماً، رجلاً من الرجال. توفي بحلب في رمضان، وحمل تابوته إلى الرقة. وهو أحد الإخوة.
4 (علي بن هبة الله.)
البصري، البزاز، المغفل. سمع الكثير من: أبي علي بن المهتدي، وطبقته. وكتب بخطه. وله حكايات في التغفل، قيل رآه بعضهم ويداه مفتوحتان، كأنه يعانق شيئاً، فقيل: ما شأنك قال: طلبت أمي أجانة في هذا القدر. وقال آخر: لقيته ومعه كوز زيت يرشح، فأعلمته، فقلبه ليرى الخرم، فساح الزيت على ثيابه. وكان رجلاً خيراً.
4 (عمر بن محمد بن عمويه بن سعد بن الحسن بن القاسم بن علقمة ابن النضر بن معاذ بن)
عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق. التيمي، البكري، أبو حفص السهروردي، الصوفي، نزيل بغداد. تفقه على أبي القاسم الدبوسي، وخدم الصوفية في رباط الشرط بالجانب الشرقي.) وسمع: عاصم بن الحسن، ورزق الله التميمي، وغيرهما. سمع منه: أبو شجاع عمر البسطامي، وابن أخيه أبو النجيب عبد القاهر السهروردي. وكان جميل الأمر، مرضي الطريقة. لبس منه الخرقة أبو النجيب.

(36/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 290
وكان مولده سنة. وتوفي ثامن ربيع الأول. وهو إدراك شيخ الرباط المذكور.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت علي بن المظفر بن الحسين بن زعبل.)
البغدادي أبوها، النيسابورية، أم الخير. قال أبو سعد السمعاني: هي امرأة صالحة، من أهل القرآن. تعلم الجواري القرآن. سمعت من أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي جميع صحيح مسلم، وغريب الخطابي أيضاً، وغير ذلك. مولدها في سنة خمسٍ وثلاثين وأربعمائة، وتوفيت في أوائل المحرم سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: سنة ثلاث وثلاثين. قلت: روى عنها ابن السمعاني، وابن عساكر، والمؤيد، وزينب الشعرية.

(36/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 291
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن غالب.)
أبو بكر العامري، الأندلسي، الشلبي، خطيب شلب. أخذ العربية عن أبي الحجاج الأعلم، وبرع في الآداب، واشتهر بها، وطال عمره. وسمع صحيح البخاري من أبي عبد الله بن منظور. وتوفي في جمادى الأولى، وله ستٌ وثمانون سنة. قاله ابن بشكوال. وتوفي ابن منظور سنة سبعٍ وستين.)
4 (محمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد.)
أبو بكر المروروذي، ثم البلخي. من مسموعاته: جامع الترمذي، عن أبي عبد الله محمد بن محمد المحمدي، عن أبي القاسم الخزاعي، عن الهيثم بن كليب، عنه. حدث في هذا العام. قاله السمعاني.
4 (محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أحمد.)
أبو غالب الصيقلي، الدامغاني، ثم الجرجاني. نزيل كرمان. ولد سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة. ورحل في طلب الحديث، وسمع

(36/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 292
الكثير. وكان صالحاً ثبتاً، من أهل السنة. روى عن: الفضيل بن عبد الله المحب، وأبي عمرو بن مندة، وإسماعيل ابن مسعدة، وغيرهم. روى عنه: أبو موسى المديني. وتوفي في هذه السنة بكرمان. وكان كبير الصوفية هناك. وروى عنه: عبد الخالق بن الصابوني، وأبو سعد السمعاني.
4 (محمد بن حسين بن أحمد بن محمد.)
أبو عبد الله الأنصاري، الأندلسي، المريي. روى عن: أبي علي الغساني، وأبي محمد بن أبي قحافة، ويزيد بن أبي المعتصم، وعبد الباقي بن محمد. وصحب الشيخ أبا عمر بن التمتاش الزاهد. وكان متحققاً بالحديث ونقله، منسوباً إلى معرفة الرجال. له كتابٌ مليحٌ في الجمع بين الصحيحين. أخذه الناس عنه.) قال ابن بشكوال: كان ديناً، فاضلاً، متواضعاً، متبعاً للآثار والسنن، ظاهري المذهب. كتب إلينا بالإجازة. وتوفي في المحرم، وله ستٌ وسبعون سنة.

(36/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 293
وقال غيره: كان يعرف بابن أبي أحد عشر.
4 (محمد بن حمد بن عبد الله.)
أبو نصر الإصبهاني، الكبريتي، الفواكهي، القباني، الوزان. شيخ صالح. سمع: أحمد بن المفضل الباطرقاني، وأبا مسلم بن مهربزود. روى عنه: أبو سعد بن السمعاني، وأبو موسى المديني، وابن عساكر، وجماعة. توفي في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة، وآخر أصحابه محمود بن أحمد الثقفي.
4 (محمد بن حمد بن منصور العطار.)

(36/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 294
أبو نصر الإصبهاني. يروي عن: سعيد العيار، وغيره. وعنه: أبو موسى. توفي في نصف ربيع الأول.
4 (محمد بن حمزة بن إسماعيل.)
أبو المناقب العلوي، الحسيني، الهمذاني. قال ابن السمعاني: فاضل، شاعر، كتب الكثير بخطه، وطلب، وطاف على الشيوخ، وصنف، وجمع. ورحل إلى بغداد، وإصبهان، وحدث. وقال ابن ناصر: فيه تساهل في الأخذ والسماع، وهو ضعيف عند أهل بلده. سمع من: الشيخ أبي إسحاق الشيرازي لما ورد همذان. ومولده في سنة ستٍ وستين وأربعمائة. وتوفي في شوال. وقيل: توفي سنة ثلاثٍ.) روى عنه: ابن عساكر، وأبو محمد بن الخشاب.
4 (محمد بن عبد الملك بن محمد بن عمر.)

(36/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 295
الإمام، أبو الحسن الكرجي، الفقيه، الشافعي. ولد سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة. وسمع: مكي بن منصور السلار، وجده أبا منصور الكرجي. وسمع بهمذان: أبا بكر بن فنجويه الدينوري، وغيره. وبإصبهان: أحمد بن عبد الرحمن الذكواني. وببغداد الحسين بن العلاف، وابن نبهان. وحدث. روى عنه: ابن السمعاني، وأبو موسى المديني، وجماعة. قال ابن السمعاني: رأيته بالكرج، إمام، ورع، فقيه، مفتٍ، محدث خير، أديب، شاعر. أفنى عمره في جمع العلم ونشره. وكان لا يقنت في الفجر ويقول: قال الشافعي: إذا صح الحديث فاتركوا قولي وخذوا بالحديث. وصح عندي أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك القنوت في صلاة الصبح. وله القصيدة المشهورة في السنة، نحو مائتي بيت، شرح فيها عقيدة السلف، وله تصانيف في مذهب التفسير. كتبت عنه الكثير، وتوفي في شعبان. قلت: أول قصيدته:
(محاسن جسمي بدلت بالمعائب .......... وشيب فودي الحبائب)
منها:
(عقائدهم أن الإله بذاته .......... على عرشه مع علمه بالغرائب)
ومنها:
(ففي كرج، والله، من خوف أهلها .......... يذوب بها البدعي بأشر ذائب)

(36/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 296
(يموت ولا يقوى لإظهار بدعةٍ .......... مخافة حز الرأس من كل جانب)
ومن شعره:)
(العلم ما كان فيه قال حدثنا .......... وما سواه إنما خبط في الظلام)

(دعائم الدين آياتٌ مبينةٌ .......... وبيناتٌ من الأخبار أعلام)

4 (محمد بن علي بن أحمد.)
أبو عبد الله التجيبي، الغرناطي، النوالشي المقرئ الأستاذ. أخذ القراءآت علماً وإتقاناً عن: أبي داود بن نجاح، وابن البياز، وابن الدوش، وأبي الحسين العيشي، وخازم بن محمد القرطبي. قال ابن الآبار: تصدر للإقراء وبعد صيته لإتقانه وصلاحه. وأخذ الناس عنه. وقد وجدت سماع عبد المؤمن بن الخلوف الغرناطي المقريء منه على

(36/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 297
الرعاية لمكي في سنة اثنتين وثلاثين. ومن تلامذته: ابن عروس، وعبد الوهاب بن غياث وغيرهما.
4 (محمد بن عمر بن أميرجة.)
أبو المكارم الأشهبي، المحدث، الحافظ، نزيل بلخ. قال أبو سعد السمعاني: الأشهبي لقبٌ له، وهو حافظ. سافر إلى الهند، وجال في خراسان، وكتب الكثير. وسمع بهراة: الزاهد محمد بن علي العميري، وأبا عطاء عبد الأعلى بن المليحي. وببلخ: أحمد بن محمد الخليلي. وتوفي في شوال. ولقي بخراسان نصر الله الخشنامي. مولده سنة ستٍ وستين وأربعمائة.
4 (محمد بن الفضل بن محمد بن علي.)
أبو بكر الخالنجاني.

(36/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 298
شيخ صالح، مقرئ، معمر. سمع: أبو مسلم بن مهريزد، وأحمد الباطرقاني، وأبا منصور بكر بن حيد. كتب عنه: السمعاني، وغيره.) مات في رمضان.
4 (محمد بن محمد بن طاهر بن النعمان.)
أبو بكر الإصبهاني، الدلال. من أصحاب عبد الرحمن بن مندة. روى عنه، وعن أخيه أبي عمرو. سمع منه: السمعاني وقال: كبير مسن. ثم ورخه.
4 (محمد ابن الشريف أبي الفضل محمد بن عبد السلام بن أحمد.)
الأنصاري، البغدادي، أبو الحسن. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وأبا محمد الصريفيني، وابن النقور. روى عنه: ابن عساكر، والسلفي، وجماعة. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (محمد بن نجاح.)
أبو عبد الله الأموي، القرطبي، الفقيه المالكي. تفقه على أبي جعفر بن رزق. روى عن: أبي الحسن حمدين، وأبي علي الغساني، وأبي عبد الله محمد ابن فرج.

(36/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 299
وذكر لي أنه سمع على أبي القاسم حاتم بن محمد كتاب الملخص للقابسي، قاله ابن بشكوال. قال: وذكر أن أبا العباس العذري أجاز له، ورأيت له تخليطاً كثيراً ارتبت منه. توفي في جمادى الآخرة.
4 (محمد بن ناصر بن أحمد بن أبي عياض.)
أبو نصر السرخسي، العياضي، الواعظ الشهير. سمع: السيد أبا الحسين محمد بن محمد، وعبد الواحد بن عبد الرحمن الزبيري المعمر، وجماعة. مات رحمه الله في ذي الحجة. قاله السمعاني.)
4 (محمد بن أبي النجم بن محمد.)
أبو طاهر المروزي، الشوالي، الخطيب.

(36/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 300
رجل خير، ذكره ابن السمعاني فقال: سمع محمد بن أبي عمران الصفار، وأبا الفتح أحمد بن عبد الله الزندانقاني، وغيرهما. ورحل من قرية شوال إلى مرو، وحدث بصحيح البخاري، وانتخب له أجزاء.
4 (محمد بن أبي نصر محمود بن أحمد بن أبي نصر.)
الواعظ، أبو بكر الإصبهاني، المعروف بقل هو الله جران. روى عن: أبي مطيع. وعنه: أبو موسى المديني. ومات كهلاً بواسط غريباً، رحمه الله.
4 (معقل بن الحسين بن أبي نزار.)
البغدادي الحاجب. سمع: أبا القاسم بن البسري، وأبا منصور العكبري. روى عنه أبو القاسم بن عساكر، ويوسف بن مقلد. وتوفي في المحرم. وكان من كبار الحجاب، ثم إنه زاهد، متصوف.
4 (منصور الراشد بالله.)

(36/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 301
أمير المؤمنين أبو جعفر بن المسترشد بالله الفضل بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله عبد الله، الهاشمي، العباسي. ولد سنة اثنتين وخمسمائة. ويقال إنه ولد مسدوداً، وأحضروا الأطباء، فأشاروا بأن يفتح له مخرجٌ بآلةٍ من ذهب، ففعل ذلك به فنفع. وأمه أم ولد. خطب له أبوه بولاية العهد في سنة ثلاث عشرة. قال ابن واصل القاضي: حكي عمن كان يدخل إلى دار الخلافة ويطلع على أسرارهم، أن) الخليفة المسترشد أعطى ولده الراشد، وعمره أقل من تسع سنين، عدة جواري، وأمرهن أن يلاعبنه. وكانت فيهن جارية حبشية، فحملت من الراشد، فلما ظهر الحمل وبلغ ذلك المسترشد أنكره، فسألها، فقالت: والله ما تقدم إلي سواه، وإنه احتلم. فسأل باقي الجواري، فقلن كذلك. فأمر أن تحمل الجارية قطناً، ثم دخلها الراشد، ثم أخرجت القطن وعليه المني، ففرح المسترشد وهذا من أعجب الأشياء. ثم وضعت الجارية ولداً سماه أمير الجيش. وقد قيل إن صبيان تهامة يحتلمون لتسعٍ، وكذلك نساؤهم. وكان للراشد نيف وعشرون ولداً. بويع بالخلافة في ذي القعدة سنة تسعٍ وعشرين. وكان أبيض، مليحاً، تام الخلق، شديد الأيد، شجاعاً. قيل إنه كان في بستان دار الخلافة أيل عظيم الشك، اعترض في البستان، وأحجم الخدم عنه، فهجم هو عليه، وأمسك بقرنيه ورماه إلى الأرض وطلب منشاراً، وقطع قرنيه. وكان حسن السيرة، جيد الطوية، يؤثر العدل، ويكره الشر.

(36/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 302
وكان فصيحاً، أديباً، شاعراً، سمحاً، جواداً، لم تطل أيامه حتى خرج من بغداد إلى الموصل، ودخل ديار بكر، ومضى إلى أذربيجان، ومازندران، ثم عاد إلى إصبهان. وأقام على باب إصبهان إلى أن قتلته الملاحدة هناك. وكان بعد خروجه من بغداد وصول السلطان مسعود بن محمد إليها، فاجتمع بالكبار، وخلع الراشد بالله، وبايع عمه الإمام المقتفي. ودام الأمر سنةً للراشد قبل ذلك. قال ابن ناصر الحافظ: دخل السلطان محمود إلى بغداد وفي صحبته أصحاب المسترشد بالله الوزير على بن طراد، وصاحب المخزن ابن طلحة، وكاتب الإنشاء، فخرج الراشد بالله طالباً إلى الموصل في صحبة أميرها زنكي. وفي اليوم الثالث أحضروا ببغداد القضاة والعلماء عند الوزير علي بن طراد، وكتبوا محضراً) فيه شهادة طائفةٍ بما جرى من الراشد بالله من الظلم، وأخذ الأموال، وسفك الدماء، وشرب الخمر، واستفتوا العلماء في من فعل ذلك، هل تصح إمامته وهل إذا ثبت فسقه يجوز لسلطان الوقت أن يخلعه، ويستبدل به خيراً منه فأفتوا بجواز خلعه، وفسخ عقده ووقع الإختيار على تولية الأمير أبي عبد الله محمد بن المستظهر بالله، فحضر السلطان مسعود والأمراء إلى دار الخلافة، وأحضر الأمير أبو عبد الله، وحضر الوزير، وأبو الفتوح بن طلحة، وابن الأنباري الكاتب، وبايعوه، ولقب بالمقتفي لأمر الله، وبايع الخلق وعمره أربعون سنة، وقد وخطه الشيب. وخرج الراشد بالله من الموصل إلى بلاد أذربيجان، وكان معه جماعة، فقسطوا على مراغة مالاً، وعاثوا هناك، ومضوا إلى همذان فدخلوها. وقتلوا جماعة، وصلبوا آخرين، وحلقوا لحى جماعة من العلماء وأفسدوا. ثم مضوا إلى نواحي إصبعان فحاصروا البلد ونهبوا القرى. ونزل الراشد بظاهر إصبهان، ومرض مرضاً شديداً، فبلغنا أن جماعةً من العجم كانوا فراشين معه دخلوا عليه خركانةً في سابع وعشرين رمضان، فقتلوه بالسكاكين، ثم قتلوا كلهم. وبلغنا أنهم كانوا سقوه سماً، فلو تركوه لما عاش. وبنى له هناك تربةً، سامحه الله.

(36/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 303
قال ابن السمعاني: قتل فتكاً في سادس وعشرين رمضان صائماً، ودفن في جامع مدينة جي. وعقد له العزاء ببغداد. وعاش ثلاثين سنة. وقال العماد الكاتب: كان له الحسن اليوسفي، والكرم الحاتمي، بل الهاشمي استدعى والدي صفي الدين ليوليه الوزارة، فتعلل عليه. خلف ببغداد نيفاً وعشرين ولداً ذكراً. وقال ابن الجوزي: في سبب موته ثلاثة أقوال: أحدها، أنه سقي السم ثلاث مرات. والثاني، أنه قتله الفراشون. والثالث: أنه قتلته الباطنية. وجاء الخبر، فقعدوا له للعزاء يوماً واحداً.) وقد ذكر الصولي أن الناس يقولون أن كل سادسٍ يقوم للناس يخلع، فتأملت هذا، فرأيته عجباً. اعتقد الأمر لنبينا صلى الله عليه والسلام، ثم قام بعده أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والحسن فخلع، ثم معاوية، ويزيد، ومعاوية، بن يزيد، ومروان، وعبد الملك، وابن الزبير، فخلع وقتل ثم الوليد، وسليمان، وعمر، ويزيد، وهشام، والوليد، فخلع وقتل، ثم لم ينتظم لبني أمية أمر، فولي السفاح، والمنصور، والمهدي، والهادي، والرشيد، والأمين، فخلع وقتل ثم المأمون، والمعتصم، والواثق، والمتوكل، والمنتصر، والمستعين، فخلع وقتل، ثم المعتز، والمهتدي، والمعتمد، والمعتضد، والمكتفي، والمقتدر، فخلع، ثم رد، ثم قتل ثم القاهر، والراضي، والمتقي، والمستكفي، والمطيع، والطائع فخلع ثم القادر، والقائم، والمقتدي، والمستظهر، والمسترشد، والراشد، فخلع. قلت: وهذا الفصل منخرمٌ بأشياء، أحدها قوله: وعبد الملك وابن الزبير وليس الأمر كذلك بل ابن الزبير خامس، وبعده عبد الملك، أو كلاهما خامس أو أحدهما خليفة، والآخر خارج على نزاعٍ بين العلماء في أيهما خارج على الأمر. والثاني تركه لعدد يزيد الناقص وأخيه إبراهيم الذي خلع، ومروان،

(36/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 304
فيكون الأمير باعتبار عددهم تاسعاً، فلا يستقيم ما ادعاه. والمستعين خلعوه أيضاً كما قال، وخلعوا الذي بعده، وهو المعتز بالله، وقتلوا المهتدي بالله، رضي الله عنه، وخلعوا القاهر وسملوه. فليس الخلع مقتصراً على كل سادسٍ لو صح العدد.
4 (حرف النون)

4 (نوشروان بن خالد بن محمد.)
الوزير، أبو نصر القاشاني، الفيني، وفين: من قرى قاشان. وزير الدولتين جميعاً للخليفة المسترشد، وللسلطان محمود بن محمد. قال ابن السمعاني: كان قد جمع الله فيه الفضل الوافر، والعقل الكامل، والتواضع، والخيرية، ورعاية الحقوق. أدركته ببغداد وقد كبر وأسن وتضعضع، وأقعده العجز في داره بالحريم الظاهري. عاقني المرض عن الحضور عنده.) وقد حدث عن: عبد الله بن الحسن الكامخي العبادي. وسمع منه جماعة من أصحابنا. وكان هو السبب في إنشاء مقامات الحريري، وكان يميل إلى التشيع.

(36/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 305
قال ابن الجوزي: كان عاقلاً مهيباً، عظيم الخلقة. دخلت عليه فرأيت من هيبته ما أدهشني. وكان كريماً. سأله رجلٌ خيمةً، فلم تكن عنده، فأرسل إليه مائة دينار، وقال: إشتر بها خيمة. فكتب إليه الرجل، وهو أبو بكر الأرجاني الشاعر:
(لله در ابن خالد رجلاً .......... أحيا لنا الجود بعدما ذهبا)

(سألته خيمةً ألوذ بها .......... فجاء لي ملء خيمةٍ ذهبا)
وكتب إليه الحريري صاحب المقامات:
(ألا ليت شعري والتمني تعلةٌ .......... وإن كان ثمة راحة لأخي الكرب)

(أتدرون أني مذ نأت دياركم .......... وشط اقترابي من جنابكم الرحب)

(أكابد شوقاً ما يزال أواره .......... يقلبني في الليل جنباً على جنب)

(وأذكر أيام التلاقي فأنثني .......... لتذكارها بادي الأسى طائر اللب)

(ولي جنة في كل وقتٍ إليكم .......... ولا جنة الصاديء إلى البارد العذب)

(ومما شجا قلبي المعنى وشقه .......... رضاكم بإهمال الإجابة عن كتبي)

(وقد كنت لا أخشى مع الذنب جفوةً .......... فقد صرت أخشاها وما لي من ذنب)

(ولما سرى الوفد العراقي نحوكم .......... وأعوزني المسرى إليكم مع الركب)

(جعلت كتابي نائبي عن ضرورةٍ .......... ومن لم يجد ماءً تيمم بالترب)

(36/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 306
قال ابن النجار: أنوشروان الوزير، ولد بالري في رجب سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة، ووزر ثم عزل، ثم أعيد. وكان موصوفاً بالجود والإفضال، محباً للعلماء. أحضر ابن الحصين إلى داره يسمع أولاده مسند أحمد بقراءة ابن الخشاب. وأذن للناس في الدخول، فعامة من سمعه ففي داره.) روى عنه: أبو القاسم بن عساكر في معجمه. وسماعه من الساوي في سنة ثمانٍ وسبعين. توفي في رمضان، ودفن بداره، ثم نقل بعد ذلك إلى الكوفة، فدفن بمسجد علي عليه السلام. وفي تاريخ ابن النجار نقل من خط قاضي المرستان: توفي أنوشروان في ثاني عشر صفر سنة ثلاثٍ وثلاثين.
4 (حرف الياء)

4 (يونس بن محمد بن مغيث بن محمد بن يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث.)
أبو الحسين القرطبي، أحد الأئمة. روى عن: جده مغيث. وعن: القاضي أبي عمر بن الحذاء، وحاتم بن محمد، ومحمد بن بشير، وأبي مروان بن سراج، وأبي عبد الله بن منصور،

(36/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 307
ومحمد بن سعدون القروي، وأبي جعفر بن رزق، ومحمد بن فرج، والغساني، وغيرهم. قال ابن بشكوال: كان عارفاً باللغة والإعراب، ذاكراً للغريب والأنساب، وافر الأدب، قديم الطلب، نبيه البيت والحسب، جامعاً للكتب، رواية للأخبار، عالماً بمعاني الأشعار، أنيس المجالسة، فصيحاً، حسن البيان، مشاوراً في الأحكام، بصيراً بالرجال وأزمانهم وثقاتهم، عارفاً بعلماء الأندلس وملوكها. أخذ الناس عنه كثيراً، وقرأت عليه، وأجازني. ومولده في رجب سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة. وتوفي في ثامن جمادى الآخرة، وصلى عليه ابنه أبو الوليد. قلت: كان يونس من أسند من بقي بالأندلس وأجلهم. روى عنه: محمد بن عبد الله بن مفرج القنطري الحافظ، ومحمد بن عبد الرحمن بن عبادة الجياني المقرئ، ومحمد بن عبد الرحيم بن الفرس الغرناطي، ومحمد بن عبد الله بن ميمون العبدري الشاعر، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن عبيد الله الحجري، وعبد الله بن طلحة المحاربي الغرناطي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن حبيش، وعبد الرحمن بن محمد الشراط، وآخرون.) وأول سماعه بعد الستين وأربعمائة.

(36/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 308
4 (وفيات سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الحسين بن أحمد.)
أبو العباس البغدادي، المقرئ، العسال. قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، مستور. قرأت عليه يسيراً، عن أبي عبد الله البسري. وتوفي في شعبان.
4 (أحمد بن عبد الباقي بن الحسن بن منازل.)
أبو المكارم الشيباني، السقلاطوني، الحريمي، ابن عم ابن زريق القزاز. سمع الكثير من: أبي الحسين بن النقور، وأبي نصر الزينبي، وطائفة. ونسخ بخطه. روى عنه: أبو حامد عبد الله بن ثابت بن النحاس. مات في عاشر صفر. أثنى عليه عمر بن أحمد بن سهلان وسمع منه.

(36/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 309
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن أبي عقيل.)
أبو المكارم. ذكره الحافظ ابن المفضل في الوفيات هكذا، ولا أعرفه.
4 (أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة.)
الأموي، مولاهم المرسي، أبو العباس. سمع: أباه، وأبا بكر بن أبي جعفر، وهشام بن أحمد، وغيرهم. وأجاز له

(36/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 310
أبو عمر بن عبد البر، وأبو عمرو المقرئ. قاله ابن الأبار. وقال: حدث عنه ابنه القاضي أبو بكر محمد شيخنا. وتوفي في رمضان.) قلت: أبو عمرو هو عثمان بن سعيد الداني، وهو آخر من حدث عنه في الدنيا بالإجازة. والقاضي أبو بكر هو آخر من روى عن أبيه، وبقي إلى سنة تسعٍ وتسعين. وهو أكبر شيخ لأبي عبد الله الأبار المؤرخ. سمع التيسير من أبيه، عن المصنف إجازة.
4 (أحمد بن علي.)
أبو البقاء الظفري، البيطار. حدث عن: أحمد بن عثمان بن نفيس. وتوفي بالشونيزية.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد.)
أبو الفضل الطوسي، الشلانجردي، وشرنجرد: قرية من قرى طوس. كان رجلاً صالحاً، خيراً، استوطن به أبوه الإسكندرية، وأم بمسجد المواريث. قال السلفي: أنبا عن أبي الليث نصر بن الحسين التنكتي، وهبة الله بن عبد الوارث الشيرازي. وكان مولده في سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة. وتوفي في جمادى الأولى، وشيعه خلائق.

(36/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 311
4 (أحمد بن محمد بن عبد العزيز.)
أبو جعفر اللخمي، الأشبيلي، تلميذ أبي علي الغساني. قال ابن بشكوال: أخذ عنه معظم ما عنده. وكان أبو علي يصفه بالمعرفة والذكاء. ويرفع بذكره. وأخذ أيضاً عن: أبي الحجاج الأعلم، وأبي مروان بن سراج، وأبي بكر المصحفي. وكان من أهل المعرفة بالحديث والرجال، مقدماً في الإتقان، مع التقدم في اللغة والأدب والأخبار، ومعرفة أيام الناس. أخذت عنه وجالسته. وتوفي في ربيع الأول بقرطبة. قال ابن نقطة وغيره: يعرف بابن المرجي مستفاد من المرجي، بالجيم.) قلت: روى نع محمد بن عبد الله الشلبي، وعلي بن عتيق بن موسى.
4 (أحمد بن محمد بن الحسين بن نصرويه.)
الفراض، أبو العباس. من أهل باب المراتب. سمع: أبا عبد الله الحميدي، وابن طلحة النعالي.

(36/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 312
قال ابن السمعاني: شيخ صالح، فقير، تابع. كان يسمع معنا. وتوفي في إحدى الجماديين.
4 (أحمد بن منصور بن محمد بن القاسم بن خنب.)
أبو نصر النيسابوري، الصفار، والد عمر، وجد أبي سهل. سمع: أبا سهل الحفصي، وأبا سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ، وأبا القاسم القشيري. سمع منه: أبو سعد السمعاني وقال: كان شيخاً، متميزاً، عالماً، سديد السيرة، صالحاً. ولد سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة في شعبان. توفي في أول رمضان سنة ثلاثٍ. سمعت منه، ومن زوجته دردانة بنت إسماعيل بن عبد الغافر، ومن ولديهما عمر، وعائشة.
4 (أحمد بن هبة الله بن محمد بن الزينبي.)
أبو العباس. توفي بالبصرة في شغل للخليفة. روى عن: أبي نصر الزينبي. وعنه: ابن السمعاني، وابن عساكر.
4 (إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خفاجة.)

(36/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 313
أبو إسحاق الأندلسي، الشاعر المشهور. وديوانه موجود بأيدي الناس عاش ثلاثاً وثمانين سنة. وكان رئيساً مفخماً. له النظم المفلق، والنثر الرائق، وله تأليفٌ في غريب اللغة، وهو القائل:)
(وعشي أنسٍ أضجعتني نشوةٌ .......... فيه تمهد مضجعي وتدمث)

(خلعت علي الأراكة ظلها .......... والغصن يصغي والحمام يحدث)

(والشمس تجنح للغروب مريضة .......... والرعد يرقى والغمامة تخفت)

4 (إسماعيل بن محمد بن أحمد.)
أبو طاهر الإصبهاني، الوثابي، الشاعر. أضر في آخر عمره وافتقر. وقيل كان يخل بالصلوات. روى عن: أبي عمرو بن مندة.

(36/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 314
4 (أنوشروان.)
مر في عام أول، وهو هنا على قول.
4 (حرف التاء)

4 (تمام بن عبد الله الظني الدمشقي.)

(36/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 315
السراج. شيخ حافظ للقرآن. سمع: علي بن الحسن بن طاوس، وسهل بن بشر الإسفرائيني. روى عن: الحافظ ابن عساكر.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن سلامة بن ساعد.)
المنبجي، الفقيه، قاضي نهر عيسى. أبو علي. ورد بغداد، وتفقه بها على: القاضي أبي عبد الله الدامغاني. وقيل: كان معتزلياً. ولم يظهر عنه. حدث عن: أبي نصر الزينبي. وعنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، ومحمود بن الحسن المؤدب.)
4 (الحسن بن الفضل.)
أبو علي الإصبهاني، الأدمي، الفقيه، الأديب. أحد طلبة الحديث. سمع: أبا منصور بن شكرويه، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وطائفة. روى عنه: رجب بن مذكور، وغيره. أرخه ابن النجار في ربيع الأول من السنة.
4 (الحسين بن الخليل بن أحمد.)
الإمام أبو علي النسفي، الفقيه. نزيل سمرقند. سمع صحيح البخاري من الحسن بن علي الحمادي، صاحب أبي علي الكسائي، وحدث به.

(36/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 316
تفقه ببخارى على: أبي الخطاب الكعبي. وببلخ على: الإمام أبي حامد الشجاعي. ذكره ابن السمعاني فقال: إمام، فاضل، ورع، له يدٌ باسطة في النظر. وورد بغداد حاجاً في سنة ست عشرة، وحدث بها. ولي منه إجازة. توفي أبو علي هذا في الحادي والعشرين من رمضان. وأبو الخطاب هذا هو: محمد بن إبراهيم القاضي.
4 (حميد بن منصور.)
أبو نصر الدرعي، الهمذاني، الصوفي، المعروف بالشيخ الزاهد. نزيل بغداد، وخادم رباط بهروز. قال ابن السمعاني: كان صالحاً، كثير التهجد، دائم التلاوة، خدم الفقراء، وناطح التسعين. وسمع بهمذان: بجير بن منصور، ومحمد بن الحسين بن فنجويه. وسمعت منه، وقال: ثلاث وتسعون سنة. قال: وذلك في وسط سنة اثنتين. وتوفي في ثامن عشر رمضان سنة ثلاثٍ وثلاثين.) وصلى عليه أبو محمد سبط الخياط بوصيةٍ منه. وتوفي شيخه بجير سنة تسعين وأربعمائة.
4 (حرف الزاي)

4 (زاهر بن طاهر بن محمد بن محمد بن أحمد بن يوسف بن محمد بن المرزبان.)

(36/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 317
أبو القاسم بن أبي عبد الرحمن النيسابوري، الشحامي، الشروطي. المحدث المستملي. ولد في ذي القعدة سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة بنيسابور، واعتنى به أبوه فسمعه الكثير، وبكر به، واستجاز له الكبار. وسمع أيضاً مسند أبي يعلى من أبي سعد الكنجروذي والسنن الكبير للبيهقي، منه. وسمع الأنواع والتقاسيم من علي بن محمد البحاثي، عن محمد بن أحمد الزوزني، عن أبي حاتم البستي. وسمع كتاب شعب الإيمان والزهد الكبير والمدخل إلى السنن وبعض تاريخ الحاكم أو أكثره، من أبي بكر البيهقي. وسمع: أباه، وأبا يعلى إسحاق بن عبد الرحمن الصابزني، وأبا سعد الكنجروذي المذكور، وأبا عثمان سعيد بن أبي عمرو البجيري، وسعيد بن لأبي سعيد العيار، ومحمد بن محمد بن حمدون السلمي، وأبا القاسم عبد الكريم القشيري، وسعيد بن منصور القشيري، وأبا سعد أحمد بن إبراهيم بن أبي شمس، وأحمد بن منصور المغربي، وأبا بكر محمد بن الحسن المقريء، ومحمد بن علي الخشاب، وأبا الوليد الحسن بن محمد البلخي، وخلقاً سواهم في مشيخته التي وقعت لنا بالإجازة العالية. وأجاز له: أبو حفص بن مسرور الزاهد، وأبو محمد الجوهري، وأبو الحسين عبد الغافر الفارسي.

(36/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 318
وحدث بنيسابور، وبغداد، وهراة، وهمذان، وإصبهان، والري، والحجاز. واستملى بعد أبيه على شيوخ نيسابور كأبي بكر بن خلف الشيرازي فمن بعده. وكان شيخاً متيقظاً، له فهمٌ ومعرفة، فإنه خرج لنفسه عوالي مالك وعوالي سفيان بن عيينة، والألف حديث السباعيات.) وجمع عوالي وقع له من حديث ابن خزيمة في نيفٍ وثلاثين جزءاً، وعوالي وقع له من حديث السراج، نحواً من ذلك. وعوالي عبد الله بن هاشم، وعوالي عبد الرحمن بن بشر، وتحفة العيدين، ومشيخته. وأملى بنيسابور قريباً من ألف مجلس، وصار له أنس بالحديث. وكان ذا نهمة في تسميع حديثه، رحل في بذله كما يرحل غيره في طلب الحديث وكان لا يضجر من القراءة. قال ابن السمعاني: كان مكثراً متيقظاً، ورد علينا مرو قصداً للرواية بها، وخرج معي إلى إصبهان، لا له شغل إلا الرواية بها. وازدحم عليه الخلق. وكان يعرف الأجزاء. وجمع، ونسخ، وعمر. فقرأت عليه تاريخ نيسابور في أيامٍ قلائل، فكنت أقرأ من قبل طلوع الشمس إلى الظهر، ثم أصليوأقرأ إلى العصر، ثم إلى المغرب. وربما كان يقوم من موضعه. وكان يكرم الغرباء يعيرهم الأجزاء، ولكنه لا يخل بالصلاة إخلالاً ظاهراً وقت خروجه معي إلى إصبهان، فقال لي أخوه وجيه: يا فلان، اجتهد حتى تقعد هذا الشيخ ولا يسافر ويفتضح بترك الصلاة. وظهر الأمر كما قال أخوه، وعرف أهل إصبهان ذلك وشنعوا عليه، حتى ترك أبو العلاء أحمد بن محمد الحافظ الرواية عنه، وضرب على سماعاته منه. وأنا فوقت قراءتي عليه التاريخ، ما كنت أراه يصلي، وأول من عرفنا ذلك رفيقنا أبو القاسم الدمشقي، قال: أتيته قبل طلوع الشمس، فنبهوه فنزل ليقرأ عليه وما صلى، وقيل له في ذلك، فقال: لي عذر وأنا أجمع بين الصلوات كلها. ولعله تاب في آخر عمره، والله يغفر له.

(36/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 319
وكان خبيراً بمعرفة الشروط، وعليه العمدة في مجلس القضاء. قلت: روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وأبو بكر) محمد بن منصور السمعاني والد أبي سعد، ومنصور بن أبي الحسن الطبري، وصاعد بن رجاء الهمذاني، وعلي بن القاسم الثقفي، وعلي بن الحسين بن زيد الثقفي، وأسعد بن سعيد، ومحمود بن أحمد المقريء. وعبد الغني ابن الحافظ أبي العلاء العطار، وأبو العمد عبد الوهاب ابن سكينة، وزاهر بن أحمد الثقفي، وعبد اللطيف بن محمد الخوارزمي، ومحمد بن محمد بن محمد بن الجنيد، وعبد النبي بن عثمان الهمذاني، وإبراهيم بن بركة البيع المقريء، وعبد الله بن المبارك بن دوما الأزجي، وأبو الخير أحمد بن إسماعيل القزويني وإبراهيم بن محمد بن حمدية، وعبد الخالق ابن عبد الوهاب الصابوني، وثابت بن محمد المديني الحافظ، وعلي بن محمد بن يعيش الأنباري، ومحمد بن أبي المكارم أسعد القاضي، ومودود بن محمد الهروي ثم الإصبهاني، والمؤيد بن محمد الطوسي، وأبو روح عبد المعز الهروي، وزينب الشعرية. وتوفي في رابع عشر ربيع الآخر بنيسابور. ولا ينبغي أن يروى عن تارك الصلاة شيء البتة.

(36/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 320
4 (زهير بن علي بن زهير.)
أبو نصير الخدامي، بخاء مكسورة، السرخسي، ثم الميهني. سمع: عبد الرحمن بن محمد البوسنجي، والحافظ محمد بن محمد بن زيد الحسيني. ولد سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: مات في رمضان.
4 (حرف السين)

4 (سلامة بن غياض.)
أبو الخير الكفرطابي. من أئمة النحو. أخذ بمصر عن ابن القطاع. وصنف كتاباً عشر مجلدات في الأدب. أخذ عنه ابن الخشاب. كان حياً في هذا العام.)

(36/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 321
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن محمد بن علي بن محمد بن المعزم.)
أبو زيد الهمذاني، إمام الجامع بهمذان. شيخ فاضل، حسن الطريقة. سمع بهمذان: أبا إسحاق الشيرازي، وسفيان بن منجويه، وأحمد بن عمر الصدوقي. روى عنه: أبو سعد السمعاني. ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وتوفي بهمذان في أواخر شعبان.
4 (حرف الطاء)

4 (الطيب بن محمد بن أحمد.)
أبو بكر الأبيوردي، الغضائري. ذكره السمعاني في الذيل، فقال: شيخ صالح، دين، خير، من أهل القرآن. حسن الأخلاق. صحب المشايخ، وجال في الآفاق، وصحب السلفي، وسمع بقراءته من: محمد بن حامد المروزي، ومحمود بن أبي مخلد الطبري، وجماعة. قال: قدم علينا مرو، وانتخب له جزاءاً، وما رأيت في الصوفية أجمع للأخلاق الحسنة، مع التواضع التام والخدمة، على كبر السن مثله.

(36/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 322
وسمع بسلماس من محمود بن شعبان، وأبا الحسن بن نعمة الله. مات بأبيورد في أحد الربيعين.
4 (حرف الظاء)

4 (ظالم بن زيد بن علي بن شهريار.)
أبو النجم الإصبهاني، البيع. سمع: شجاع بن علي المعقلي، وعبد الجبار بن برزة الواعظ، وجماعة. أخذ عنه السمعاني، وقال: مات في رمضان عن نيفٍ وثمانين سنة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف.)
) أبو القاسم البغدادي، الحربي، النجار. أخو الحافظ عبد الخالق، وعبد الواحد. ولد في مستهل عام اثنتين وخمسين وأربعمائة. وسمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، ومحمد بن علي بن الغريق، والصريفيني، وابن النقور. روى عنه: السلفي، وابن السمعاني، وابن عساكر وعبد المجيب بن زهير، وعبد الله بن طليب، ومحاسن بن أبي بكر، وتامر بن جامع القطان، وحسين بن عثمان الكوفي القطان، وضياء بن جندل، وعمر بن عبد الكريم

(36/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 323
الحمامي، ونفيس بن عبد الجبار، وأبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، وهو آخر من حدث عنه. قال ابن السمعاني: دين خير، من بيت الحديث. صالح، جاور بمكة سنين، وسمع منه والدي بمكة مجلساً أملاه ابن هزارمرد الصريفيني. وجرت أموره على سدادٍ واستقامة إلى آخر عمره. وتوفي في العشرين من رجب بالحربية وله سنة.
4 (عبد الله بن علي بن أحمد بن علي.)
أبو محمد اللخمي، الشاطبي. سمع من جده لأمه الحافظ أبي عمر بن عبد البر، وأجاز له تواليفه في سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وكان مولده في سنة ثلاثٍ وأربعين. وسمع الصحيحين من أبي العباس العذري، وصحيح البخاري من القاضي أبي الوليد الباجي. وولي قضاء مدينة أغمات. وأخذ عنه جماعة. وأجاز لأبي القاسم بن بشكوال، وأغفله ولم يذكره في الصلة. توفي في صفر وله تسعون سنة. وقيل: توفي سنة اثنتين. ذكره أبو عبد الله الأبار.) روى عنه: حفيده ابن بنته عمر بن عبد الله الأغماتي، وعيسى بن الملجوم.
4 (عبد الله بن محمد بن عبد الله بن خلف.)
أبو محمد بن أبي تليد الخولاني، الشاطبي. المعروف بالحمصي. أخذ القراءآت عن: أبي الحسين بن الدوش.

(36/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 324
وسمع من: طاهر بن مفوز، وأبي عمران بن أبي تليد. وتصدر للإقراء بشاطبة، وحدث، وكان فاضلاً، صالحاً، مجاب الدعوة. روى عنه: أبو عمر بن عباد.
4 (عبد الله بن محمد بن محمد بن سعد.)
أبو جعفر البصري، البرذعي الشاهد. شيخ متميز، ذو بيئة. سمع: أبا علي التستري. وعنه: أبو سعد السمعاني. سمع سنن أبي داود. ومات في شوال.
4 (عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن علي بن جعفر بن زريق.)
أبو القاسم الأسدي، المضري، النسفي، ثم الإصبهاني، الخطيبي، الحنفي. خطيب الجامع الكبير بإصبهان. ولد في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة. وسمع: أبا الخطيب عبد الرزاق بن شمة، وأبا بكر أحمد بن الفضل الباطرقاني، والشريف أحمد بن حاتم البكري. وحدث بإصبهان، وبغداد. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وأبو الفرج بن الجوزي، ومحمود بن أحمد المضري، وجماعة. وهو ابن عم قاضي إصبهان عبيد الله الخطيبي.)

(36/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 325
4 (عبد الرحمن بن كليب.)
أبو محمد الحموي، المقرئ، الفرضي. قال ابن عساكر: كان علامةً في الفرائض، والحساب. وكان يعلم الصبيان في مكتبه، ولا يأخذ منهم شيئاً. لما توفي لم يبق أحدٌ بحماه إلا شهد جنازته.
4 (عبد العزيز بن عثمان بن إبراهيم.)
أبو محمد الأسدي، الفقيه، البخاري، قاضي بخارى. قدم بغداد، وسمع: أبا طالب بن يوسف، وجماعة. وأملى ببخارى، وبها توفي. وكان رئيساً، كبير الشأن، عالماً. روى عنه: محمد بن عمر القلانسي.
4 (عبد العزيز بن ناصر بن المحاملي.)
أبو القاسم. حدث عن: أبي الحسن الأنباري، وحمد الإصبهاني الحداد. سمع منه: أبو بكر المفيد، وغيره.
4 (عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال بن يوسف.)
الأنصاري، القرطبي، والد الحافظ خلف. يكنى: أبا مروان. أخذ القراءآت عن: يحيى بن حبيب، وغيره. ولازم أبا عبد الله محمد بن فرج الفقيه زماناً. وكان عارفاً بمذهب مالك، رأساً في معرفة الشروط، كثير التلاوة.

(36/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 326
توفي في جمادى الآخرة، وله نحوٌ من ثمانين سنة. ذكره ابنه في الصلة. وقرأ شيخه ابن حبيب على محمد بن أحمد الفراء تلميذ مكي.
4 (عبد الواحد بن حمد.)
) ورخه بعضهم سنة ثلاثٍ، والصواب سنة اثنتين.
4 (عطية بن علي بن عطية بن علي بن الحسن.)
أبو الفضل القيرواني، القرشي، العتبي. يعرف بابن الأدخان. جاور بمكة مع أبيه مدة، وولد بها. وقدما بغداد فسكنها عطية إلى أن توفي بها. وكان ظريفاً، كيساً، مطبوعاً، حسن الشعر. حدث عن: أبي معشر الطبري، وغيره. روى عنه: السلفي في مشيخته. وتوفي في صفر سنة ثلاث.
4 (علي بن أفلح.)
أبو القاسم البغدادي، الكاتب، الشاعر. له النظم والنثر، والهجو الكثير السائر. ذكره أبو الفرج بن الجوزي فقال: كان المسترشد بالله قد خلع عليه ولقبه جمال الملك، وأعطاه أربعة آدر في درب الشاكرية، عمر بها وأنشأها داراً عليةً مليحة، وأعطاه الخليفة خمسمائة دينار، وأطلق له مائة جذع، ومائتي ألف آجرة، وأجرى عليه معلوماً، فظهر أنه يكاتب دبيساً، فنم عليه بوابه لكونه

(36/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 327
طرده، فهرب ابن أفلح، وأمر المسترشد بنقض الدار. وكان قد غرم عليها عشرين ألف دينار. وكان فيها حمام، ولمستراحها أنبوبٌ، إن فرك يميناً جرى ماءٌ ساخن، وإن فرك شمالاً جرى ماءٌ بارد. ثم ظهر بتكريت، واستجار بهرون الخادم. ثم آل الأمر إلى أن عفا عنه. ومن شعره:
(دع الهوى لأناسٍ يعرفون به .......... قد مارسوا الحب حتى لان أصعبه)

(بلوت نفسك فيما لست تخبره .......... والشيء صعبٌ على من لا يجربه)
)
(أهن اصطباراً وإن لم تستطع جلداً .......... فرب مدرك أمرٍ عز مطلبه)

(أحيوا الضلوع على قلبٍ يحيرني .......... في كل يومٍ ويعييني تقلبه)

(تنازع الريح من نجدٍ يهيجه .......... ولامع البرق من نعمان يطربه)

4 (علي بن المسلم بن محمد بن علي بن الفتح.)

(36/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 328
أبو الحسن السلمي، الدمشقي، الفقيه الشافعي، الفرضي، جمال الإسلام. سمع: أبا نصر بن طلاب، وأبا الحسن بن أبي الحديد، وعبد العزيز الكتاني، ونجا العطار، وغنائم بن أحمد، وعلي بن محمد المصيصي، والفقيه نصر بن إبراهيم، وجماعة. وتفقه على: القاضي أبي المظفر المروزي. وأعاد الدرس للفقيه نصر، وبرع في الفقه. قال الحافظ ابن عساكر: وبلغني أن أبا حامد الغزالي قال: خلفت بالشام شاباً إن عاش كان له شأن، فكان كما تفرس فيه. ودرس في حلقة الغزالي بالجامع مدة. ثم ولي تدريس الأمينية سنة أربع عشرة وخمسمائة. سمعنا منه الكثير، وكان ثقة، ثبتاً، عالماً بالمذهب والفرائض، وكان يحفظ كتاب تجريد التجريد لأبي حاتم القزويني. وكان حسن الخط موفقاً في الفتاوى. كان على فتاويه عمدة أهل الشام. وكان كثير عيادة المرضى وشهود الجنائز، ملازماً للتدريس والإفادة، حسن الأخلاق. وله مصنفات في الفقه والتفسير. وكان يعقد مجلس التذكير، ويظهر السنة، ويرد على المخالفين، ولم يخلف بعده مثله. قلت: روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابنه القاسم، والسلفي، وخطيب دومة عبد الله بن حمزة الكرماني، وعبد الوهاب بن علي الزبيري المعدل، وأبو الحزم مكي بن علي، ويحيى بن الخضر الأرموي، وإسماعيل الجنزوي، وبركات الخشوعي، ومحمد بن الخصيب، وطائفة آخرهم وفاةً القاضي أبو القاسم الحرستاني. وقد أملى عدة مجالس.) وقع لنا من طريقه بعلو معجم ابن جميع.

(36/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 329
ذكره ابن عساكر أيضاً في طبقات الأشاعرة من كتاب تبيين كذب المفتري، فقال: تفقه أولاً على القاضي أبي المظفر عبد الجليل بن عبد الجبار المروزي، وغيره. وعني بكثرة المطالعة والتكرار، فلما قدم الفقيه نصر المقدسي دمشق لازمه. ولزم الغزالي مدة مقامه بدمشق، وهو الذي أمره بالتصدر بعد موت الفقيه نصر، وكان يثني على علمه وفهمه. وكان عالماً بالتفسير، والأصول، والفقه، والتذكير، والفرائض، والحساب، وتعبير المنامات. وتوفي في ذي القعدة ساجداً في صلاة الفجر، رحمه الله تعالى.
4 (علي بن المطهر بن مكي بن مقلاص.)
أبو الحسن الدينوري، الشافعي. تفقه على: أبي حامد الغزالي. وسمع من: نصر بن البطر، ونحوه. وكان فقيهاً صالحاً. توفي ليلة السابع والعشرين من رمضان ببغداد رحمه الله.

(36/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 330
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت السيد ناصر بن الحسين.)
أم المجتبة، العلوية الإصبهانية. شريفة معمرة. سمعت الكثير من: عبد الرزاق بن شمة، وإبراهيم سبط بحرويه، وسعيد بن أبي سعيد العيار. وعنها: ابن عساكر، والسمعاني وقال: ماتت سنة ثلاث.
4 (فاطمة بنت محمد بن محمد بن فرحية المقرئ، الدينوري.)
بغدادية. روت عن أبي القاسم علي بن الحسين الربعي أحاديث يسيرة. وتوفيت في حدود هذه السنة ببغداد.
4 (حرف الميم)
)
4 (محمد بن أحمد بن الحسين بن أبي بشر.)
الإمام أبو بكر المروزي، الخرقي، المتكلم. رحل إلى نيسابور فتفقه وأحكم الكلام. وسمع من: أبي بكر بن خلف، وجماعة. وسكن قريته يفتي ويعظ، وهي خرق، على ثلاثة فراسخ من مرو، بها سوق وجامع.

(36/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 331
مات في شوال في عشر الثمانين. روى عنه: ابن السمعاني.
4 (محمد بن أحمد بن عثمان.)
أبو عامر البلنسي، الرياني، الأديب. كان من جلة الشعراء. عاش ستاً وثمانين سنة. أخذ عنه: أبو عبد الله بن نابل. وكان من طبقة أبي إسحاق الخفاجي، فماتا في هذا العام.
4 (محمد بن يحيى بن باجة.)
أبو بكر الأندلسي، السرقسطي، الشاعر، الفيلسوف، المعروف بابن الصائغ. منسوب إلى انحلال العقيدة وسوء المذهب. وكان يعتقد أن الكواكب تدبر العالم. وقد استولى الفرنج على سرقسطة في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وباجة: هي الفضة في لسان فرنج المغرب. وكان آية في آراء الأوائل والفلاسفة. وهم به المسلمون غير مرة، وسعوا في قتله. وكان عارفاً بالعربية، والطب، وعلم الموسيقى.

(36/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 332
قال أبو الحسن علي بن عبد العزيز ابن الإمام: هذا مجموع من أفعال أبي بكر بن الصائغ في العلوم الفلسفية. قال: وكان في ثقابة الذهن ولطف الغوص على المعاني الدقيقة أعجوبة دهره، فإن هذه الكتب) الفلسفية كانت متداولة بالأندلس من زمان الحكم جالبها، فما انتهج الناظر فيها قبله بسبيل كما تبدد عن ابن حزم، وكان من أجل نظار زمانه، وكان أبو بكر أثقب منه نظراً فيها. قال: ويشبه أن هذا لم يكن بعد أبي نصر الفارابي مثله في الفنون التي تكلم عليها، فإنه إذا قرنت أقاويله بأقاويل ابن سينا، والغزالي، وهما اللذان فتح عليهما بعد الفارابي بالمشرق في فهم تلك العلوم، ودونا فيها، بان لك الرجحان في أقاويله، وحسن فهمه، لأقاويل أرسطو. قلت: وكان ابن الإمام من تلاميذ ابن باجة. كان كاتباً، أديباً، وهو غرناطيٌ أدركه الموت بقوص. ومن تلامذة ابن باجة أبو الوليد بن رشد الحفيد. توفي ابن باجة بفاس، وقبره بقرب قبر القاضي أبي بكر بن العربي المعافري. ومات قبل الكهولة وله مصنفات كثيرة. ومن شعره:
(ضربوا القباب على أقاحة روضةٍ .......... خطر النسيم بها ففاح عبيرا)

(وتركت قلبي سار بين حمولهم .......... دامي الكلوم يسوق تلك العيرا)

(لا والذي جعل الغصون معاطفاً .......... لهم وصاغ الأقحوان ثغورا)

(ما مر بي ريح الصبا من بعدهم .......... إلا شهقت له، فعاد سعيرا)

(36/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 333
وقد ذكر أبا بكر بن باجة أيضاً أليسع بن حزم في تأليفه فقال فيه: هو الوزير، الفاضل، الأديب، العالم بالفنون، المعظم في القلوب والعيون. أرسل قلمه في ميادين الخطابة فسبق، وحرك بعاصف ذهنه من العلوم ما لا يكاد يتحرك. إلى أن قال: ومن مثل أبي بكر جاد به الزمان على الخواطر والأذهان، كلامه في الهيئة والموسيقى كلام فاضل، تعقب كلام الأوائل، وحل عقد المسائل، وإني لأتحقق من عقله ما يشهد له بالتقييد للشريعة ولا شك إنه في صباه عشق، وصبا، وسبح في أنهار المجانة وحياً، وشعر ولحن، وامتحن نفسه في الغناء فمحن، وأنطق جماد الأوتار، وركب من الخلاعة كل عار.
4 (محمد بن خلف بن إبراهيم.)
أبو بكر بن المقري أبي القاسم بن النحاس القرطبي. أخذ القراءآت عن أبيه.) وسمع من: ابن الطلاع، وأبي علي الغساني. وتفقه وبرع في العلم.

(36/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 334
توفي في ربيع الآخر.
4 (محمد بن أبي نصر شجاع بن أحمد بن علي الإصبهاني.)
أبو بكر اللفتواني، الحافظ، المفيد. سمع: أبا عمرو عبد الوهاب بن مندة، وسهل بن عبد الله الغازي، وسليمان بن إبراهيم الحافظ. ورحل إلى بغداد بعد العشرين، وحدث بها. وقد سمع من: رزق الله التميمي، وطراد النقيب. لكن بإصبهان. ولم يزل يسمع ويقرأ إلى حين وفاته. روى عنه: أبو موسى المديني، وابن السمعاني، وجماعة. وأبوه من شيوخ السلفي، وابنه عبيد الله ممن أجاز للفخر بن البخاري. وكان شيخاً صالحاً، فقيراً، ثقة، متعبداً. ولد سنة سبعٍ وستين وأربعمائة، وتوفي في حادي وعشرين جمادى الأولى. وأثنى عليه أبو موسى المديني، وقال: لم أر في شيوخي أكثر كتباً وتصنيفاً منه. استغرق عمره في طلب الحديث وكتبه وتصنيفه ونشره. وقال ابن السمعاني: كان شيخاً، صالحاً، كثير الصلاة، حسن الطريقة، خشنها. لقيته بإصبهان، وسمعت منه الكثير. وما دخلت عليه إلا وهو

(36/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 335
مشتغل بخبر، إما أن يصلي، أو ينسخ، أو يتلو. وكان يقرأ قراءةً غير مفهومة، وهو عارف بالحديث وطرقه. كتب عن من أقبل وأدبر. وخطه لا يمكن قراءته لكل أحد. وكان يقول: يكفي من السماع شمه.
4 (محمد بن الحسين بن الحسن بن الحسين بن ربينة.)
الشيخ أبو غانم بن أبي ثابت الإصبهاني، الواعظ، المفسر، المحدث.) سمع الحديث الكثير، وقرأ وأفاد وتصدر. سمع: جده لأمه محمد بن الحسن بن سليم، وأخاه عمر بن الحسن، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني، وعمر بن أحمد بن عمر السمار، وخلائق. وسمع ببغداد سنة أربع عشرة من الموجودين. سمع منه ابن الجوزي، بقراءة ابن ناصر. ولد في أول سنة إحدى وثمانين.

(36/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 336
ومات في سلخ المحرم.
4 (محمد بن حمد.)
أبو منصور الإصبهاني، العطار، الطيبي. شيخ متعبد ومتيقظ، خير. سمع: إبراهيم بن منصور سبط بحرويه، وسعيد العيار، وجماعة. وعنه: ابن عساكر، والسمعاني. حدث بأجزاء من مسند أبي يعلى. وعاش بضعاً وثمانين سنة.
4 (محمد بن ظفر بن عبد الواحد بن أحمد.)
الإصبهاني، أبو بكر المعدل. من شيوخ أبي موسى. توفي في صفر. يروي عن: محمد بن عبد العزيز الغزال، عن الجرجاني.
4 (محمد بن عبد الغني بن عمر بن عبد الله بن فندلة.)
أبو بكر الإشبيلي، الأديب، اللغوي. تلميذ أبي الحجاج الأعلم. وأخذ أيضاً عن: أبي محمد بن خزرج، وأبي مروان بن سراج. وذكر أنه سمع بقرطبة من محمد بن عتاب كتباً ذكرها. قال ابن بشكوال: ويبعد ما ذكره.) والله أعلم. وقد أخذ عنه.

(36/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 337
وتوفي في عقب شوال وله تسعون سنة إلا أشهراً.
4 (محمد بن عبد المتكبر بن الحسن بن عبد الودود.)
أبو جعفر بن المهتدي بالله الهاشمي، العباسي، الخطيب. قاضي باب البصرة ببغداد. روى عن: أبي القاسم بن البسري، وغيره. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني. وقال: كان خطيب جامع المنصور. وحمدت سيرته في القضاء. قال ابن عساكر: توفي سنة ثلاث. وقال ابن السمعاني: توفي سنة أربعٍ وثلاثين.
4 (محمد بن غانم بن أبي الفتح أحمد بن محمد بن سعيد.)
الحداد، الإصبهاني، أبو عبد الله البيع. شيخ كبير، ثقة، كثير السماع. سمع من جده، وطائفة. وقدم بغداد مع جده للحج، وسمع من: مالك البانياسي، وابن البطر. قال ابن السمعاني: قرأت عليه أربعة أجزاء، خرجها له يحيى بن مندة.
4 (المبارك بن عثمان بن حسين.)
أبو منصور بن الشوا، الدقاق، الأزجي. روى عن: مالك البانياسي. حدث عنه: أبو المعمر، وابن عساكر.
4 (مجاهد بن أحمد بن محمد.)

(36/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 338
أبو بكر المجاهدي، البوشبجي، الطبيب. شيخ صالح.) سمع: جمال الإسلام الداوودي. أخذ عنه: السمعاني بالإجازة. مات في ذي الحجة.
4 (محمود بن بوري بن طغتكين.)
الملك شهاب الدين أبو القاسم. ولي دمشق بعد قتل أخيه شمس الملوك. وكانت أمه زمرد هي الغالبة عليه والمدبرة له، إلى أن تزوجها زنكي والد الملك نور الدين، وخرجت إليه إلى حلب. فقام بتدبير الأمور معين الدولة أنز مملوك جده. قال ابن عساكر: وكانت الأمور تجري في أيامه على إستقامة إلى أن وثب عليه جماعةٌ من خدمه، وقتلوه في شوال. وقدم أخوه محمد بن بعلبك، فتسلم القلعة والبلد من غير منازعة. قال أبو يعلى حمزة: قتل ليلة جمعةٍ بيد غلمانه الملاعين ألبقش الأرمني الذي اصطنعه وقربه، ويوسف الخادم الذي وثق به لدينه، والفراش الراقد حوله. فكانوا ثلاثتهم يبيتون حول فراشه، فقتلوه في جوف الليل وهو نائم، وأخفوا سرهم، بحيث خرجوا من القلعة، فظهر الأمر، وطلب ألبقش فهرب، وأمسك الآخران، فصلبا على باب الجابية.

(36/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 339
4 (المنذر بن سعد بن سعيد بن أبي الخير فضل الله بن أحمد الميهني.)
أبو الثناء الصوفي. شيخ صالح، عفيف، لازمٌ لتربة جده، ناهضٌ بحقوق الواردين. ولد في حدود سنة. وحدث عنه ابن السمعاني.
4 (حرف النون)

4 (ناصر بن سهل.)
أبو سعد النوقاني.) عالم، فقيه، ثقة. سمع: محمد بن سعيد الفرخزاذي، وأبا عاصم عبد الرحمن الجوهري. مات في شوال عن تسعين سنة.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن سهل بن عمر بن أبي عمر محمد بن الحسين بن محمد بن أبي الهيثم.)

(36/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 340
أبو محمد البسطامي، النيسابوري، المعروف بالسيدي. ولد في ربيع الأول سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة. ذكره ابن المعاني فقال: عالم، خير، كثير العبادة والتهجد، ولكنه كان عسر الخلق، بسر الوجه، لا يشتهي الرواية، ولا يحب أصحاب الحديث. كنا نقرأ عليه بجهدٍ جهيد وبالشفاعات. سمع: أبا حفص عمر بن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي، وأبا عثمان البحيري، وأبا سعيد الكنجروذي، وأبا يعلى إسحاق الصابوني، وأبا بكر البيهقي، وجماعة. وسمعت منه الموطأ إلا كتاب المساقاة والقراض. وتوفي في الخامس والعشرين من صفر. قلت: وروى عنه الحافظ ابن عساكر، والمؤيد الطوسي، وأجاز لأبي القاسم بن الحرستاني، وغيره. وكان زوج بنت إمام الحرمين أبي المعالي الجويني. وكان من الفقهاء

(36/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 341
بنيسابور. وقد روى أجزاء كثيرة تفرد بها، منها جزء ابن نجيد، وبعض الحفاظ استثنى من الموطأ كتاب الفرائض. وهذا الفوت كله قديم. فاته زاهر بن أحمد.

(36/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 342
4 (وفيات سنة أربع وثلاثين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن جعفر بن أحمد بن مهدويه الأنباري.)
) سمع: أبا طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر. وعنه: ابن السمعاني.
4 (أحمد بن جعفر بن الفرج.)
أبو العباس الحربي. شيخ صالح، عابد. له سمت وهيبة وسكون. يروي عن أبي طلحة النعالي. قال ابن الجوزي: كان يقال إنه رئي بعرفات في سنةٍ ما حج فيها. وتوفي في رمضان. وقال ابن النجار أحمد الأكاف الزاهد، كان ورعاً، زاهداً، دائم الفكرة، سريع الدمعة، مخفياً لأحواله، مجاب الدعوة، ظاهر الكرامات، يعد في درجة الشيخ أبي الحسن القزويني.

(36/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 343
روى لنا عنه أبو علي عبد الله بن طليب. قال كرم بن أحمد: كان أحمد بن جعفر يعمل معنا سنين في السقلاطون، فما رأيته يحدث بما لا يعنيه. وكان يقول: أقصروا عما ليس فيه فائدة، فإنه يكتب عليكم. وكان إذا جاءه من يقبل يده يكره ذلك ويقول: من أنا حتى تقبل يدي رحمه الله.
4 (أحمد بن محمد بن الحسين الباباني، الواسطي.)
مقرئ صالح، سكن بغداد. حدث عن: أبي القاسم بن فهد، وابن البطر. وتوفي في شعبان. روى عنه: ابن عساكر، والسمعاني.
4 (أحمد بن محمد بن الحسين بن سرطان الأنباري.)
سمع من: الخطيب بن الأخضر. وعنه: ابن السمعاني. عاش بضعاً وسبعين سنة.)
4 (أحمد بن محمد بن المسلم.)
أبو القاسم الهاشمي، الدمشقي. سمع: أبا القاسم السميساطي وكان عنده جزءٌ واحدٌ من موطأ ابن وهب. سمعه منه في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.

(36/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 344
وكان لا بأس به. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر. وتوفي في ثامن المحرم. ودفن بمقابر الكهف. وهو آخر من حدث عن السميساطي.
4 (أحمد بن منصور بن المؤمل.)
أبو المعالي الغزال. بغدادي. سمع: أبا الحسين بن النقور، وأبا بكر بن حمدويه، وأبا نصر الزينبي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن طبرزد، وحنبل المكبر، وآخرون. قال ابن الجوزي: كان خيراً، ويسقي الأدوية بالمارستان العضدي، ويعبر الرؤيا. أتاه رجل يوم الجمعة الثامن والعشرين من ربيع الآخر فقال: رأيتك أنك قدمت في هذا الموضع. وأشار إلى خربةٍ مقترنةٍ بالمارستان. ففكر ساعةً ثم قال: ترحموا علي. ومضى فصلى الجمعة ورجع، فوصل قريباً من ذلك الموضع، وسقط ميتاً، رحمه الله.
4 (أحمد بن عمر بن أحمد التنجكردي الطوسي.)
الضرير، الواعظ. سمع: أبا بكر بن خلف، وموسى بن عمران الصوفي. قال السمعاني: سمعت منه الأربعين للحاكم. مات في المحرم.)
4 (إبراهيم بن إسماعيل بن إسحاق بن شيث.)

(36/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 345
الإمام أبو إسحاق الأنصاري، الزاهد، المعروف بالصفار. زاهد، عابد، كبير القدر، قوال بالحق، شهير. أراد بعض الملوك قتله لذلك. سمع: أباه أبا أحمد الشهيد، ويوسف بن منصور السياري الحافظ. مات في ربيع الأول. أجاز للسمعاني.
4 (إبراهيم بن سليمان بن رزق الله.)
أبو الفرج الورديسي، الضرير. وورديس قرية عند اسكاف من النهروان، وبها ولد. وكان يسكن بباب الأزج. قال ابن الجوزي: كان فهماً للحديث، حافظاً لأسماء الرجال، ثقة. سمع الكثير، وحدث باليسير. سمع: رزق الله التميمي، وابن البطر. وتوفي في سابع ربيع الأول. قلت: سمع جماعة كثيرة. روى عنه: يحيى بن بوش.
4 (إبراهيم بن طاهر بن بركات بن إبراهيم بن علي.)
أبو إسحاق القرشي الخشوعي، الدمشقي، الرفاء، الصواف. سمع: أبا القاسم علي بن محمد المصيصي، والفقيه نصر بن إبراهيم، وجعفر بن أحمد السراج.

(36/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 346
وسمع ولده أبا طاهر كثيراً. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابنه أبو طاهر بركات، وعبد الخالق بن أسد. وقال ابن عساكر: كان ثقة خيراً. توفي في شعبان.
4 (أسد بن علي بن عبد الله بن أبي الحسن ابن القائد محمد بن الحسن الغساني الحلبي.)
) ويكنى أبا الفضل. ذكره يحيى بن أبي طيء في تاريخه، فقال: هو عم والدي. وكان فقيهاً، قارئاً نحوياً. ولد سنة خمسٍ وثمانين. وتوفي ببلاد قم، ولم يعقب. وكان قد قرأ القراءآت قبل أن يبلغ، ثم قرأ الأصول على مذهب الإمامية، وصنف كتاباً في مناقب أهل البيت، وشرح ديوان أبي تمام.
4 (حرف الثاء)

4 (ثابت بن حميد.)
المستوفي. من أعيان بغداد. قال ابن الجوزي: قبض عليه الوزير البروجردي، وحبسه في سرداب بهمذان في الشتاء بطاق قميص، فمات من البرد. وأخذ من ماله ثلاثمائة ألف دينار.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن محمد بن أبي سعيد بن شرف.)

(36/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 347
أبو الفضل الجذامي، القيرواني، نزيل الأندلس شاعر عصره. قال ابن بشكوال: ولد سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة، ودخل الأندلس في سنة سبعٍ وأربعمائة مع والده. قال: واستوطن برجة من ناحية المرية. روى عن: أبيه وعن: عبد الله بن المرابط، وأبي الوليد الوقشي، وأبي سعيد الوراق، وغيرهم. كان من جلة الأدباء وكبار الشعراء. وكان شاعر وقته غير مدافع، وطال عمره، فأخذ الناس عنه، وله تصانيف حسان في الأمثال، والأخبار، والآداب، والأشعار. وكتب إلينا بإجازة ما رواه وصنفه.) وتوفي في منتصف ذي القعدة. وكان من خلصاء صاحب المرية ابن صمادح. قال اليسع بن حزم: ومنهم شيخنا الحكيم الوزير جعفر بن شرف، له حفظ كالسيل، وجري إلى المعالي كالخيل. ما عسى أن أصف به من برع في كل فن، وأصبح على أترابه له الفضل والمن، مع تواضع نفس. قال لي: أنشدت المعتصم بن صمادح في روضةٍ حللنا بها بعد تعب:
(رياضٌ تعشقها سندسٌ .......... توشت معاطفها بالزهر)

(مدامعها فوق خدي رياً .......... لها نظرةٌ فتنت من نظر)

(لكل مكانٍ بها جنةٌ .......... وكل طريقٍ إليها سقر)
وله من الكتب كتاب الحش والتجميش في الطبيعيات والإلهيات، وكتاب عقيل وعليم حاكى به كليلة ودمنة وله شعرٌ، كثير. وأخذ يبالغ اليسع ابن حزم في إطرائه.

(36/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 348
4 (جوهر الحبشي.)
خادم السلطان سنجر. كان مستولياً علة مملكته محكماً فيه. جاءه الباطنية في زي النساء واستغاثوا ثم قتلوه. وذلك بالري.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن عمر.)
أبو علي الطوسي، البيع. من أهل نيسابور، متميزٌ بها. سمع: أبا صالح المؤذن، وأبا إسحاق الشيرازي الفقيه، وجماعة. ولد على رأس الستين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد، وقال: مات رحمه الله في غرة جمادى الآخرة.)
4 (الحسن بن نصر بن الحسن.)

(36/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 349
ويعرف بابن المغني. أبو محمد الدينوري، البزاز. ولد بالري، وسكن بغداد. وكان يتجر بالبز في خان الخليفة. سمع: أبا القاسم بن البسري. وبصور من الفقيه نصر المقدسي. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني. وعاش ثمانين سنة. وتوفي في حدود هذه السنة، لأنه كان باقياً فيها.
4 (حمزة بن الحسن بن مفرج.)
أبو يعلى الأزدي، الدمشقي، المقرئ، الدلال في الكتب. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، وسهل بن بشر. روى عنه: ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد. توفي في صفر. وكان مستوراً.
4 (حرف الراء)

4 (رابعة بنت معمر بن أحمد بن محمد اللنباني.)
أم الفتوح الإصبهانية، زوجة الحافظ أبي سعد البغدادي. سمعت المطهر البزاني، وابن ماجة الأبهري. قال السمعاني: سمعت منها جزء لوين. ماتت رابع المحرم.

(36/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 350
4 (حرف الزاي)

4 (زفرة الإصبهاني المفيد.)
قال السمعاني: هو أبو بكر محمد بن أحمد بن علي. حرص وما فاته شيخ بإصبهان.) ولم يكن يعرف شيئاً أصلاً، وصار يعرف أسماء الكتب والأجزاء، حتى أن صاحبنا الشهاب محمد بن أبي الوفا قرأ يوماً فقال: حمزة بن محمد الكتاني. فصاح فيه زفرة، وقال: الكناني: فتعجبوا من صوابه الشهاب. سمع: أبا الفتح الحداد، وهبة الله بن علي الشيرازي. وقرأت عليه الأول من حديث أبي بكر الشافعي، عن الشيرازي، عن ابن غيلان، عنه. مات في جمادى الأولى، رحمه الله.
4 (حرف الشين)

4 (شبيب بن الحسين بن عبيد الله بن الحسين بن شباب.)
القاضي، أبو المظهر البروجردي، الفقيه، الشافعي. قال ابن سمعان: قدم بغداد بعد السبعين وأربعمائة وتفقه على أبي إسحاق. وبرع في العلم. وهو إمامٌ مفتٍ، مناظر، أديب، شاعر، مليح المناظرة حلو النطق، متواضع. سمع: الفقيه أبا إسحاق، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وأبا نصر الزينبي. وبإصبهان: أبا بكر محمد بن أحمد بن ماجه. وببروجرد: يوسف بن محمد بن يوسف الهمذاني الخطيب، صاحب ابن لال.

(36/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 351
وسألته عن مولده فقال: في رجب سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وقرأت عليه أجزاء ببروجرد، وكان قاضيها وكان من مفاخر العراق. وتوفي بعد رجوعه من حجته الثانية لأربعٍ خلون من ربيع الأول ببغداد. ودفن عند أستاذه الشيخ أبي إسحاق. وقد كتب عنه السلفي.
4 (حرف العين)

4 (عباد بن محمد بن عبد الله بن أبي الرجاء.)
أبو نهشل التميمي، الإصبهاني، المعدل. من شيوخ أبي موسى المديني. توفي في ثامن ذي القعدة.)
4 (عبد الله بن أسعد بن أحمد بن محمد بن محمد بن حيان.)
أبو سعد النسوي، النيسابوري. ذكره ابن السمعاني فقال: شيخ صالح، مرضٍ، من أولاد المشايخ، خدم الكبار وصحبهم، وشدا طرفاً من العلم. وسمعه أبوه من: أبي بكر بن خلف، وأبي المظفر موسى بن عمران. كتبت عنه، وكان ثقةً، متيقظاً. ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وتوفي، رحمه الله، في ذي القعدة بنيسابور.
4 (عبد الرزاق بن محمد بن سهل.)
أبو الفتح الإصبهاني، الشرابي.

(36/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 352
قال السمعاني: مقرئ، فاضل، حسن السيرة، حسن الإقراء، ختم جماعة بإصبهان. ورحل في الحديث إلى خراسان، وكرمان، والبصرة. وسمع: رزق الله التميمي، وأبا المظفر السمعاني جدي، وأبا عبد الله النعالي، وابن البطر، ومظفر بن محمد العباداني البصري. وسمع بكرمان: أبا محمد بن محمد بن عبد الرزاق الكرماني. سمعت منه جزءاً خرجه بنفسه. ولد ظناً في السبعين وأربعمائة، وتوفي في صفر. قلت: سمعنا من طريقه الرد على الجهمية لعثمان الدارمي، على زينب ببعلبك، بإجازتها من عبد العظيم بن عبد اللطيف الإصبهاني الشرابي، قال: أخبرتنا ضوء النساء بنت عبد الرزاق الشرابي، أنا أبي، أنا الخطيب محمد بن عبد الله الهروي، أنا ثابت بن محمد بن أحمد السعدي، أنا أبي، أنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم القرشي، عن المؤلف. وثابت تقدم في سنة ستين وأربعمائة. وهذا الكتاب بنزول درجتين، لكنه كتابٌ نفيس.
4 (عبد السلام بن الفضل.)
أبو القاسم الجيلي، الشافعي. أقام ببغداد مدةً، وتفقه في النظامية على الكيا أبي الحسن الهراسي.) وولي قضاء البصرة، وسمع بمكة صحيح مسلم من الحسين بن علي الطبري. وتوفي في خامس جمادى الآخرة.

(36/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 353
قال ابن الجوزي: برع في الفقه والأصول. وكان وقوراً، له هيئة. وجرت أحكامه على السداد. وكان أبو العباس البصري الواعظ يقول: ما بالبصرة شيء يستحسن غير القاضي عبد السلام والجامع.
4 (عبد السلام بن محمود.)
أبو الخير الحسناباذي، الإصبهاني. ثقة، عالم، فاضل. ولد في رمضان سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة. سمع: أحمد الباطرقاني، وشجاع بن علي. وعنه: السمعاني، وقال: مات في صفر.
4 (عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن عبد الرحمن.)
أبو القاسم المديني، دولجة. رحل إلى خراسان، والعراق، وغير موضع. قال ابن السمعاني: ما كان يفهم شيئاً، ويقرأ قراءةً مدغمة غير مفهومة. وكان خطه كقوله. أظن أنه كان شيخاً صالحاً، خيراً، فقيراً. سمع ببغداد من: ابن البطر، وجماعة. وبإصبهان: أبا المطيع، وخلقاً كبيراً. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني وقال: توفي في ذي القعدة، وهو ابن عمة والدي.
4 (علي بن عبد الرحمن بن محمد.)

(36/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 354
أبو الحسن النيسابوري، الشروطي، الحافظ المزكي الحاكم.) سمع: أبا بكر محمد بن القاسم الصفار، وعبد الرحمن بن رامش. وعنه: السمعاني وقال: ولد سنة خمسين وأربعمائة، ومات رحمه الله في ربيع الآخر.
4 (عمر بن عبد الله بن أحمد بن محمد.)
أبو العباس الأرغياني، الأحدب. أخو أبي نصر الفقيه. شيخ، صالح، فقيه. سمع: أبا القاسم القشيري، وأبا حامد الأزهري، وجماعة. وتفقه على ابن الحريني. سمع منه: أبو سعد السمعاني. مات في رمضان عن نحو تسعين سنة.
4 (عمر بن علي بن أحمد.)
أبو حفص الفاضلي، النوقاني، النحوي. قال السمعاني: إمام، فاضل، مناظر، متواضع. سمع: الفضل بن محمد الزجاجي، وأبا بكر بن خلف، وجماعة. كتب عنه بنوقان طوس.

(36/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 355
وتوفي رحمه الله في غرة صفر.
4 (عنبر بن عبد الله الحبشي.)
أبو المسك، المعروف بعنبر الستري، لأنك كان يحمل أستار الكعبة من بغداد. وقد جاور سنين، وكان صالحاً كثير المعروف. قال ابن السمعاني: سمعت منه بمكة في الحجتين. روى عنه: عبد الله النعالي، وابن البطر. خرج له ابن ناصر جزءين. وتوفي في ذي الحجة.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت الفقيه أبي حكيم عبد الله بن إبراهيم الخبري الفرضي الشافعي.)
) خالة ابن ناصر الحافظ. قال السمعاني: امرأة خيرة، دينة، ستيرة. سمعت: ابن المسلمة، وأبا منصور علي بن الحسن الكاتب، ويوسف المهرواني، وأبا منصور العكبري. وحدثت بالكثير، وتفردت في عصرها برواية الموفقيات للزبير بن بكار، عن أبي منصور الكاتب بفوت. وكان مولدها في جمادى الأولى. روى عنها: ابن ناصر، وابن السمعاني، وأبو الفرج بن الجوزي، وابن سكينة، وعبد الله بن مسلم بن النحاس، وطائفة. وتوفيت في خامس رجب.

(36/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 356
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إسماعيل بن الفضيل بن محمد بن الفضيل.)
الفضيلي، الأنصاري، الهروي، المزكي. سمع: محلم بن إسماعيل الضبي، وأبا عمر المليحي، وسعيد بن أبي سعد العيار. روى عنه: الهرويون. وعنه: ابن السمعاني، وابن عساكر، وأبو روح، وغيرهم. وتوفي بمرو غريباً في صفر، وحمل إلى هراة. وقد ذكره ابن السمعاني في معجمه فقال: أملى مدةً بجامع هراة، وورد مرو وأنا بالعراق، وأجاز لي. يروي صحيح البخاري عن أبي عمر المليحي، عن النعيمي، وكتاب العلل ومعرفة الرجال رواية عباس الدوري، عن ابن معين. يروي عن: حكيم الإسفرائيني. قلت: ما أظن ابن السمعاني سمع منه.
4 (محمد ابن تاج الملوك بوري بن طغتكين.)
الملك جمال الدين أبو المظفر، صاحب دمشق.) ولاه أبوه بعلبك، فأقام بها مدة إلى أن دبر على أخيه الملك شهاب الدين

(36/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 357
محمود بن بوري من قتله، ثم قدم من بعلبك، وتسلم دمشق في شوال من السنة الماضية. وكان سيء السيرة. لم تطل مدته ولا متعه الله، فمات في شعبان من هذه السنة وأجلس في الملك ابنه أبق. وزاد تعجب الناس من قصر مدة جمال الدين، ودفن بتربة جده طغتكين بظاهر دمشق.
4 (محمد بن الحسن بن منصور.)
أبو الفتوح الإصبهاني، المعلم، المؤذن. سمع: عبد الرحمن، وعبد الوهاب ابني أبي عبد الله المطهر البراني. وعنه: السمعاني، وقال: مات في ذي القعدة عن بضعٍ وثمانين سنة.
4 (محمد بن عبد المتكبر بن الحسن بن عبد الودود بن المهتدي بالله.)
أبو جعفر الهاشمي، خطيب جامع المنصور. كان حسن السيرة بهي المنظر. سمع: أبا القاسم بن البسري، وطراد الزينبي، وعاصماً. وعنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني، ويوسف بن المبارك الخفاف. وتوفي في جمادى الأول، وله تسع وستون سنة.

(36/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 358
4 (محمد بن علي بن محمد بن أحمد.)
أبو جعفر بن أبي القاسم بن الشيخ أبي جعفر السمناني، ابن الرحبي، الوراق، الوكيل بباب القضاة. كان من مناحيس الوكلاء. ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وحدث عن: عبد الصمد بن المأمون، وأبي بكر الخطيب، والصريفيني، وجماعة. وحدث بسنن أبي داود عن الخطيب. روى عنه: ابن السمعاني، وعلي بن يحيى بن الطراح، وأبو الفتح المندائي، وجماعة. قال ابن السمعاني: شيخ كبير، كان الزمان قد قعد به، واختلت أحواله. وكان صحيح السماع، ويدفع الحق عن أربابه.) قلت: هذا شأن كل الوكلاء حتى لقد دب هذا المرض إلى وكلاء بيت المال. توفي في المحرم.
4 (محمد بن محمد بن محمد بن عطاف.)
أبو الفضل الهمذاني، الجزري. ولد بجزيرة ابن عمر، وسكن بغداد. وسمع الأكابر، وصحب الأئمة. وكان يرجع إلى فضلٍ وتمييز وديانة. سمع: رزق الله، وابن البطر، وجماعة. روى عنه: أبو سعد السمعاني وقال: سألته عن مولده فقال: سنة أربع وستين وأربعمائة. توفي في تاسع عشر شوال.

(36/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 359
قلت: عمل لنفسه معجماً، وصنف الطب النبوي. روى عنه: ولده سعيد.
4 (محمد بن محمود بن محمد بن علي بن شجاع.)
أبو نصر الشجاعي، السرخسي، الفقيه، المعروف بالسره مرد. قال السمعاني: قدم من خراسان، وتفقه ببغداد على السيد علي بن أبي يعلى الأبوسي، ثم رجع إلى بلاده. وهو شيخ حسن، كبير القدر، فاضل، ورع، كثير التهجد، والصيام، والذكر. كان يفتي ويناظر، ويذهب مذهب الشافعي، ويذب عنه. سمع: أبا نصر محمد بن عبد الرحمن القرشي آخر أصحاب زاهر بن أحمد، وأبا القاسم العبدوسي، وعمه أبا حامد أحمد بن محمد الشجاعي الفقيه، وأبا القاسم عبد الرحمن الفوراني الفقيه، وأبا علي نظام الملك، والسيد أبا المعالي محمد بن محمد بن زيد، وغيرهم. روى عنه: ابن السمعاني المذكور، وابن عساكر، وجماعة. قال ابن السمعاني: سمعت منه بمرو جزءاً، ثم ارتحلت إليه إلى سرخس. ومولده سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وتوفي في تاسع عشر ذي الحجة.) ودفن بمدرسته بسرخس. وقد سمعته يقول: دخلت جامع طوس، فلقيت جماعةً يسمعون جزءاً على شيخ يرويه عني، فلما رأوني عرفوني وفرحوا، وقاموا فقرأوا الجزء علي. أخبرنا محمد بن محمود بمرو، أنا أبو القاسم عبد الله بن العباس العبدوسي، أنا زاهر بن أحمد، فذكر حديثاً.
4 (محمد بن ناصر بن منصور بن أحمد بن علجة.)

(36/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 360
أبو الفضائل الإصبهاني، عميد بغداد. وقد ولي الوزارة للخاتون زوجة أمير المؤمنين المقتفي، وحمدت ولايته. قال ابن السمعاني: دخلت عليه ببغداد، وهو مريض، فتكلف وقعد بجهدٍ وتأدب. سمع: أبا مسعود سليمان بن إبراهيم الحافظ، والرئيس الثقفي، وجماعة. ولد بإصبهان في سنة سبعٍ وستين، وتوفي في أول سنة.
4 (محمد بن نصر.)
أبو الفتح الصوفي، المعروف بالمقريء الهمذاني. شيخ معمر، خادم للصوفية، ذو همة وسعيٍ، وإطعام ومروءة، وكان يصله أهل إصبهان بأموالٍ عظيمة. قال السمعاني: سمعته يقول، وقد جاوز الثمانين: كان لي بهمذان خمسة آلاف، يعطيني ألفٌ منهم خمسة آلاف دينار، وألفٌ منهم أربعة آلاف، وألفٌ ثلاثةً، وألفٌ دينارين دينارين وألفٌ ديناراً ديناراً، فاليوم لم يبق منهم أحمد. سمع: عبدوس بن عبد الله، ومحمد بن جابار. كتبت عنه جزءاً. ولد تقديراً سنة خمسين وأربعمائة، ومات في المحرم.
4 (المختار بن محمد بن المختار بن محمد بن عبد الواحد بن المؤيد بالله.)
الهاشمي، أبو الفضل بن أبي العز، أخو أبي تمام أحمد. من أهل الحريم الطاهري، ويعرف بابن الخص. سمع: نصر الزينبي، وغيره.)

(36/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 361
روى عنه: أبو سعد السمعاني، ويوسف بن كامل.
4 (المهدي بن محمد بن إسماعيل بن مهدي بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى بن)
إسحاق بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق. أبو البركات بن أبي جعفر العلوي، الموسوي، الواعظ. ولد بإصبهان في سنة ثلاثٍ وثمانين وأربعمائة، ونشأ ببغداد. قال ابن السمعاني: هكذا أملى علي نسبه. وقال السيد النسابة أحمد بن علي بن السقاء: هذا نسبٌ مختلط، وكان مليح الوعظ، متودداً، ظريفاً، كثير الترداد إلى إصبهان. ثم صاهر شيخنا إسماعيل بن أبي سعد. وسمع: ابن البطر، وأبا عبد الله النعالي، وثابت بن بندار. كتبت عنه بمرو. خسف بجنزة سنة أربعٍ وثلاثين، وهلك فيها عالمٌ لا يحصون من المسلمين، منهم المهدي بن محمد العلوي.
4 (موسى بن سيد.)
أبو بكر الأموي، خطيب الجزيرة الخضراء. حج، وجاور وسمع صحيح مسلم من الحسين الطبري. سمع منه: أبو بكر بن خير في هذه السنة.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن الحسين بن يوسف.)

(36/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 362
أبو القاسم البغدادي، المعروف بالبديع الأصطرلابي. الشاعر المشهور. ذكره القاضي شمس الدين بن خلكان فقال: كان وحيد دهره في عمل الآلات الفلكية، وحصل له من جهتها مالٌ طائل في خلافة المسترشد. ومما أورد له العماد في الخريدة، والحظيري في زينة الدهر، ويقال إنهما لغيره:
(أهدي لمجلسه الكريم وإنما .......... أهدي له ما حزت من نعائمه)
)
(البحر يمطره السحاب وما له .......... فضلٌ عليه لأنه من مائه)
وكان كثير الخلاعة والمجون. اختار ديوان ابن حجاج، ورتبه على مائة وواحدٍ وأربعين باباً، وسماه درة التاج في شعر ابن حجاج. توفي بعلة الفالج ببغداد في هذا العام. وقال ابن أبي أصيبعة: هو طبيب، عالم، وفيلسوف متكلم، غلبت عليه الحكمة وعلم الكلام، والرياضي. وكان صديقاً لأمين الدولة بن التلميذ. قال ابن النجار: بديع الزمان، وحيد دهره، وفريد عصره، في علم الهيئة، والهندسة، والرصد، وصنعة الآلات. وله شعر مليح.

(36/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 363
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن بطريق.)
أبو القاسم الطرسوسي، ثم الدمشقي. قال ابن عساكر: كان حافظاً للقرآن، مستوراً. توفي في رمضان. سمع: أبا الحسين بن محمد بن مكي، وأبا بكر الخطيب. روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم وهو أكبر شيخ للقاسم، وعبد الخالق بن أسد.
4 (يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين.)
القاضي أبو المفضل القرشي الدمشقي، قاضي دمشق. ويعرف بابن الصائغ. قال ابن أخته الحافظ ابن عساكر: سمع: عبد العزيز الكتاني، والحسن ابن علي بن البري، وحيدرة بن علي، وعبد الرزاق بن الفضيلي، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وغيرهم. ورحل إلى بغداد فسمع بها من: عبد الله بن طاهر التميمي الفقيه، وغيره. وتفقه على أبي بكر الشاشي.)

(36/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 364
وتفقه بدمشق على القاضي المروزي، وصحب الفقيه نصر المقدسي مدةً. وكان عالماً بالعربية. قرأ على أبي القاسم الفاسي، وقال لي: ولدت سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة. وقد ولي القضاء نيابةً عن القاضي أبي عبد الله محمد بن موسى البلاساغوني، ثم ناب عن أبي سعد محمد بن نصر الهروي، وقتل أبو سعد وجدي على القضاء. خرج إلى الحج على طريق بغداد سنة عشر، فكان ولده القاضي أبو المعالي هو الحاكم. وكان ثقةً، حلو المحاضرة، فصيح اللسان. أنا جدي، أنا عبد الرزاق سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة بقراءة أبي الفرج الحنبلي، فذكر حديثاً. وقال ابن السمعاني: كان جميل الأمر، مرضي السيرة. كان الناس يحمدونه في قضاياه وأحكامه. وهو أبو شيخنا محمد بن يحيى قاضي دمشق، وجد رفيقنا أبي القاسم. وكان مقلاً من الحديث. أجاز لي. قلت: روى عنه: القاسم بن الحافظ، وعبد الخالق بن أسد، وجماعة. وتوفي في الخامس والعشرين من ربيع الأول، ودفن عند مسجد القدم بتربة.

(36/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 365
4 (وفيات سنة خمس وثلاثين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن جعفر بن أحمد بن الخصيب.)
أبو العباس القيسي، القرطبي، المقرئ، المعروف بالقيشطالي. وقد تبدل الشين جيماً. أخذ القراءآت عن أبي القاسم بن النحاس، وحدث عن أبي محمد بن عتاب. وأقرأ القرآن والعربية. روى عنه: أبو الحسن بن ربيع، وأبو عبد الله بن العويص، وأبو العباس بن مضاء، وغيرهم.
4 (أحمد بن سعد بن علي بن الحسن بن القاسم بن عنان.)
)

(36/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 366
أبو علي العجلي، الهمذاني، المعروف بالبديع. ولد سنة ثمانٍ وخمسين. وسمعه أبوه، ثم رحل هو بنفسه إلى إصبهان، وبغداد، والكوفة، والري. سمع: بكر بن حيد صاحب أبي الحسين القنطري، وأبا إسحاق الشيرازي، ويوسف بن محمد الهمذاني الخطيب، وأبا الفرج بن عبد الحميد، وأبا طاهر بن الزاهد، وعامة همذانيين وسليمان بن إبراهيم الحافظ، والقاسم بن الفضل الرئيس بإصبهان، وأبا الغنائم محمد بن أبي عثمان، وابن البطر، وجماعة ببغداد ومكي بن علان بالكرج. روى كتاب المتحابين لابن لال، سماعاً عن أبي الفرج علي بن محمد بن عبد الحميد، عنه. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وابن الجوزي، وطائفة. قال ابن السمعاني: شيخ، إمام، فاضل، ثقة، كبير، جليل القدر، واسع الرواية، حسن المعاشرة. وله نظم جيد. وقد ذكره شيرويه في الصفات، فقال: صدوق، فاضل، يرجع إلى نصيب من كل العلوم أدباً، وفقهاً، وحديثاً، وتذكيراً. وكان يراعي الناس ويداريهم، ويقوم بحقوقهم، مقبولاً بين الخاص والعام. وقال غيره: توفي سنة ستٍ وثلاثين في رجب، وقبره يزار، رحمه الله.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن هالة.)

(36/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 367
أبو العباس الرناني، ورنان، من قرى إصبهان. كان من أعيان القراء. قرأ على: أبي علي الحداد وبواسط على أبي العز القلانسي. وسمع من غانم البرجي فمن بعده. وببغداد من طائفة بعد العشرين وخمسمائة. ونسخ الكثير، وخرج للشيوخ، وختم خلقاً. وتوفي بالحلة السيفية، مرجعه من الحج، فجأةً في صفر. وقد خرج الحافظ إسماعيل بن محمد التيمي عشرة أجزاء له.
4 (إسماعيل بن أبي القاسم بن عبد الواحد.)
) الإمام، أبو سعيد الخرجردي، وهي بليدة من أعمال بوسنج. فاضل عالم عابد، نزل هراة، وحدث عن: أبي صالح المؤذن، وأبي عمرو المحمي، وابن خلف الشيرازي. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي في جمادى الأولى. قلت: هو الآتي في سنة ست.
4 (إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي بن أحمد بن طاهر.)

(36/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 368
الحافظ الكبير، أبو القاسم التيمي، الطلحي، الإصبهاني، المعروف بالحوزي، الملقب بقوام السنة. ولد سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة في تاسع شوال. وسمع من: أبي عمرو بن مندة، وعائشة بنت الحسن الوركانية، وإبراهيم بن محمد الطيان، وأبي الخير بن ررا، وأبي منصور بن شكرويه، وابن ماجة الأبهري، وأبي عيسى بن عبد الرحمن بن محمد بن زياد، وطائفة من أصحاب ابن خرشيذ قوله. ورحل إلى بغداد، فأدرك أبا نصر الزينبي، وهو أكبر شيخٍ له، فسمع منه، ومن: عاصم الأديب، ومالك البانياسي، والموجودين. ورحل إلى نيسابور فسمع: أبا نصر محمد بن سهل السراج، وعثمان بن محمد المحمي، وأبا بكر بن خلف، وجماعة من أصحاب ابن محمش. وسمع بعدة بلاد، وجاور بمكة سنة، وصنف التصانيف، وأملى، وتكلم في الجرح والتعديل. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، ويحيى بن محمود الثقفي، وعبد الله بن محمد بن حمد الخباز، والقاضي أبو الفضائل محمود بن أحمد العبدكوي، وأبو نجيح فضل الله بن عثمان، وأبو المجد زاهر بن أحمد، والمؤيد ابن الأخوة، وآخرون. قال أبو موسى في معجمه: أبو القاسم إسماعيل ابن الشيخ، الصالح حقيقة، أبي جعفر محمد بن الفضل الحافظ، إمام أئمة وقته، وأستاذ علماء عصره، وقدوة أهل السنة في زمانه، حدثنا عنه غي واحدٍ من مشايخنا في حال حياته بمكة، وبغداد، وإصبهان. وأصمت في صفر سنة أربعٍ وثلاثين، ثم فلج

(36/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 369
بعد مدة، وتوفي بكرة يوم الأضحى، وصلى عليه أخوه أبو المرضي، واجتمع في جنازته جمعٌ لم نر مثلهم كثرةً، رحمه الله.) قلت: وقد أفرد أبو موسى له ترجمةً في جزءٍ كبير مبوب، فافتتحه بتعظيم والده أبي جعفر محمد بن الفضل، ووصفه بالصلاح، والزهد، والأمانة، والورع. ثم روى عن أبي زكريا يحيى بن مندة أنه قال: أبو جعفر عفيف، دين، لم نر مثله في الديانة والأمانة في وقتنا، قرأ القرآن على أبي المظفر بن شبيب، وسمع من سعيد العيار، ومات في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. قال أبو موسى: ووالدته من أولاد طلحة رضي الله عنه، وهي بنت محمد بن مصعب. فقال أبو القاسم في بعض أماليه عقيب حديثٍ رواه عن شيخٍ له، عن أبي بكر محمد بن علي بن إبراهيم بن مصعب: كان أبو بكر عم والدي، وهو من أوائل أهل إصبهان، له أوقاف كثيرة في البلد. قال أبو موسى: قال أبو القاسم إسماعيل: سمعت من عائشة الوركانية وأنا ابن أربع سنين. وقد سمع إسماعيل أيضاً من أبي القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك القادم إصبهان في سنة إحدى وستين، ولا أعلم أحداً عاب عليه قولاً ولا فعلاً، ولا عانده أحدٌ في شيءٍ إلا وقد نصره الله. وكان نزه النفس عن المطامع، لا يدخل على السلاطين، ولا على المتصلين بهم. قد خلى داراً من ملكه لأهل العلم، مع خفة يده، ولو أعطاه الرجل الدنيا بأسرها لم يرتفع ذلك عنده، ويكون هو وغيره ممن لم يعطه شيئاً سواء. يشهد بجميع ذلك الموافقون والمخالفون. بلغ عدد أماليه هذا القدر، وكان يحضر مجلس إملائه المسندون، والأئمة، والحفاظ. ما رأيناه قد استخرج إملاءه كما يفعله المملون، بل كان يأخذ معه آجر، فيملي منها على البديهة. أخبرنا أبو زكريا يحيى بن مندة الحافظ إذناً في كتاب الطبقات:

(36/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 370
إسماعيل بن محمد الحافظ أبو القاسم، حسن الإعتقاد، جميل الطريقة، مقبول القول، قليل الكلام، ليس في وقته مثله. وقال أبو مسعود عبد الجليل بن محمد كوتاه: سمعت أئمة بغداد يقولون: ما رحل إلى بغداد بعد أحمد بن حنبل أفضل وأحفظ من الشيخ الإمام إسماعيل. قال أبو موسى: إن الدليل على أنه إمام المائة الخامسة الذي أحيا الله به الدين.) قال: لا أعلم أحداً في ديار الإسلام يصلح لتأويل هذا الحديث إلا هذا الإمام. قلت: تكلف أبو موسى في هذا الكتاب تكلفاً زائداً، وجعل أبا القاسم على رأس الخمسمائة، وإنما كان اشتهاره من العشرين وخمسمائة ونحوها، وإلى أن مات. هذا إذا سلم له أنه أجل أهل زمانه في العلم. وقال أيضاً: فإن اعترض معترضٌ بقول أحمد: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث برجلٍ من أهل بيتي. قيل له: لم يرد أن يكون من بني هاشم أو بني المطلب. قلت: لم يقل أحدٌ هذا أصلاً، ولا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالاعتراض باطل. ثم إنه أخذ يتكلف عن هذا، وقال: كتبت أنه صلى الله عليه وسلم أراد من قريش. وهذا الإمام الذي تأولته على الحديث من قريش من أولاد طلحة بن عبيد الله من جهة الأم. ثم شرع ينتصر بأن ابن أخت القوم منهم. وهذا يدل على أن إمامنا قرشي. وعن أبي القاسم إسماعيل قال: ما رأيت في عمري أحداً يحفظ حفظي.

(36/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 371
قال أبو موسى: وكان رحمه الله يحفظ مع المسانيد الآثار والحكايات. سمعته يقول يوماً: ليس في الشهاب للقضاعي من الأحاديث إلا قدر خمسين حديثاً، أو نحو ذلك. قال أبو موسى: وقد قرأ عدة ختمات بقراءآت على جماعة، وأما علم التفسير، والمعنى، والإعراب، فقد صنف فيه كتاباً بالعربية وبالفارسية وأما علم الفقه فقد شهر فتاويه في البلد والرساتيق، بحيث لم ينكر أحدٌ شيئاً من فتاويه في المذهب، وأصول الدين، والسنة. وكان يجيد النحو. وله في النحو يد بيضاء. صنف كتاب إعراب القرآن. ثم قال: أنا أبو سعد محمد بن عبد الواحد، نا أبو المناقب محمد بن حمزة بن إسماعيل العلوي بهمذان: ثنا الإمام الكبير، بديع وقته، وقريع دهره، أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل، فذكر حديثاً.) سألت أبا القاسم إسماعيل بن محمد يوماً، وقلت له: أليس قد روي عن ابن عباس في قوله تعالى: استوى قعد قال: نعم. قلت له: يقول إسحاق بن راهويه: إنما يوصف بالقعود من عمل القيام. فقال: لا أدري أيش يقول إسحاق. وسمعته يقول: أخطأ ابن خزيمة في حديث الصورة، ولا يطعن عليه بذلك، بل لا يؤخذ عنه هذا فحسب. قال أبو موسى: أشار بذلك إلى أنه قل من إمام إلا وله زلة فإذا ترك ذلك الإمام لأجل زلته ترك الكثير من الأئمة، وهذا لا ينبغي أن يفعل. وكان من شدة تمسكه بالسنة، وتعظيمه للحديث، وتحرزه من العدول عنه، ما تكلم فيه من حديث نعيم بن حماد الذي رواه بإسناد في النزول بالذات. وكان من اعتقاد الإمام إسماعيل أن نزول الله تعالى بالذات. وهو مشهور من مذهبه، قد كتبه في فتاوى عدة، وأملى فيه أمالي، إلا أنه كان يقول: وعلى بعض رواته مطعن. سمعت محمد بن محمش: سمعت الإمام أبا مسعود يقول: ربما كنا

(36/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 372
نمضي مع الإمام أبي قاسم إلى بعض المشاهد المعروفة، فكلما استيقظنا من الليل رأيناه قائماً يصلي. وسمعت من يحكي عنه باليوم الذي قدم بولده ميتاً، وجلس للتعزية، جدد الوضوء في ذلك اليوم قريباً من ثلاثين مرة. كل ذلك يصلي ركعتين. وسمعت غير واحدٍ من أصحابه أنه كان يملي شرح مسلم عند قبر ولده أبي عبد الله، فلما كان ختم يوم الكتاب عمل مأدبةً وحلاوة كثيرة، وحملت إلى المقبرة. وكان أبو عبد الله محمد قد ولد نحو سنة خمسمائة، ونشأ فصار إماماً في العلوم كلها، حتى ما كان يتقدمه كبير أحدٍ في وقته في الفصاحة، والبيان، والذكاء، والفهم. وكان أبوه يفضله على نفسه في اللغة، وجريان اللسان. وقد شرح في الصحيحين فأملى في شرح كل واحدٍ منهما صدراً صالحاً. وله تصانيف كثيرة مع صغر سنه، ثم اخترمته المنية بهمذان في سنة ستٍ وعشرين.) وكان والده يروي عنه إجازةً، وكان شديد الفقد عليه. سمعت أبا الفتح أحمد بن الحسن يقول: كنا نمشي مع أبي القاسم يوماً، فوقف والتفت إلى الشيخ أبي مسعود الحافظ وقال: أطال الله عمرك، فإنك تعيش طويلاً، ولا ترى مثلك. وهذا من كراماته. قال أبو موسى: صنف أبو القاسم التفسير في ثلاثين مجلدة كباراً، وسماه الجامع. وله كتاب الإيضاح في التفسير أربع مجلدات، وكتاب الموضح في التفسير ثلاث مجلدات، وكتاب المعتمد في التفسير عشر مجلدات، وكتاب التفسير بالإصبهاني عدة مجلدات، وكتاب السنة مجلدة، وكتاب الترغيب والترهيب، وكتاب سير السلف مجلدة ضخمة، وشرح صحيح مسلم، كان قد صنفه ابنه فأتمها، وكتاب دلائل النبوة مجلدة، وكتاب المغازي مجلدة، وكتاب صغير في السنة، وكتاب في الحكايات، مجلدة ضخمة، وكتاب الخلفاء في جزء، وتفسير كتاب الشهاب باللسان الإصبهاني، وكتاب التذكرة نحو ثلاثين جزءاً. وقد تقدمت أماليه. قال الحافظ ابن ناصر: حدثني أبو جعفر محمد بن الحسين بن محمد ابن أخي الحافظ إسماعيل قال: حدثني أحمد الأسواري الذي تولى غسل عمي،

(36/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 373
وكان ثقة، أنه أراد أن ينحي عن سوءته الخرقة لأجل الغسل، فجبذها إسماعيل من يده، وغطى بها فرجه، فقال الغاسل: أحياة بعد موت وقال ابن السمعاني: هو أستاذي في الحديث، وعنه أخذت هذا القدر: وهو إمام في التفسير، والحديث، واللغة، والأدب، عارف بالمتون والأسانيد، وكنت إذا سألته عن الغوامض والمشكلات أجاب في الحال بجوابٍ شافٍ. وسمع الكثير ونسخ، ووهب أكثر أصوله في آخر عمره. وأملى بجامع إصبهان قريباً من ثلاثة آلاف مجلس. وسمعته يقول: والدك ما كان يترك مجلس إملائي. وكان والدي يقول: ما رأيت بالعراق ممن يعرف الحديث أو يفهمه غير اثنين: إسماعيل الحوزي بإصبهان، والمؤتمن الساجي ببغداد. قال أبو سعد: استفدت منه الكثير، وتتلمذت له.) وسألته عن أحوال جماعة. وسمعت أبا القاسم الحافظ بدمشق يثني عليه، وقال: رأيته وقد ضعف وساء حفظه. وأثنى عليه أبو زكريا ابن مندة في تاريخ إصبهان. وذكره محمد بن عبد الواحد الدقاق فقال: عديم النظير، لا مثيل له في وقته. كان والده ممن يضرب به المثل في الصلاح والرشاد. قال السلفي: كان فاضلاً في العربية ومعرفة الرجال. سمعت أبا عامر العبدري يقول: ما رأيت شاباً ولا شيخاً قط مثل إسماعيل. ذاكرته فرأيته حافظاً للحديث، عارفاً بكل علم، متقناً. استعجل علينا بالخروج. وسمعت أبا الحسن بن الطيوري يقول غير مرة: ما قدم علينا من خراسان مثل إسماعيل بن محمد، رحمه الله.

(36/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 374
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن محمد بن مكي بن أبي طالب بن محمد بن مختار.)
أبو عبد الله القيسي، اللغوي، القرطبي. له اليد الباسطة في علم اللسان. روى عن: أبيه ولزم عبد الملك بن سراج، واختص به. قال ابن بشكوال: قال لي صحبت أبا مروان خمسة عشر عاماً أو نحوها، وأجاز لي أبو علي الغساني. وأخذ عن خلف بن رزق. قال: وكان عالماً بالآداب واللغات، متقناً لها، ضابطاً لجميعها، صنف فيها. اختلفت إليه وسمعت منه وقال لي: ولدت بعد الخمسين وأربعمائة بيسير. ثم قال ابن بشكوال: توفي الوزير أبو عبد الله بن مكي لتسعٍ بقين من المحرم سنة خمس. قلت: آخر أصحابه موتاً أبو جعفر بن يحيى، عاش إلى سنة عشر وستمائة.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن علي.)
) الكاتب أبو علي الدوامي. سمع: ابن البطر. وعنه: عبيد الله، سمع منه في هذه السنة. يخدم خطبة القائم الدوامية.

(36/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 375
4 (الحسين بن مفرج بن حاتم.)
الواعظ، أبو علي المقدسي. أحد فقهاء الشافعية بالثغر المحروس. وهو عم والد الحافظ بن الفضل. ذكره في الوفيات، وقال: توفي في نصف شعبان. روى عن: القاضي الرشيد المقدسي. روى عنه: ابنه أبو عبد الله، وأبي، وأبو طاهر السلفي، وأبو محمد العثماني.
4 (حمزة بن الحسين.)
ويقال له: حمزة بن سعادة. أبو يعلى البستي، ثم البغدادي، المقرئ، الصوفي، نزيل نيسابور. سمع أبا المظفر موسى بن عمران، وعبد الباقي بن يوسف المراغي. قال ابن السمعاني: قال لي إنه سمع بمكة من كريمة. توفي في ثالثٍ وعشرين ذي القعدة.
4 (حمزة بن محمد بن أحمد بن سلامة.)
أبو يعلى بن أبي الصقر بن أبي جميل القرشي، الدمشقي، البزاز. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء المصيصي، والفقيه نصر بن إبراهيم. روى عنه: ابنه محمد، وأبو القاسم الحافظ، وعبد الخالق بن أسد، وجماعة. وتوفي في صفر. ودفن بمقبرة باب الصغير.

(36/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 376
4 (حرف الراء)

4 (رزين بن معاوية بن عمار.)
) أبو الحسن العبدري، الأندلسي، السرقسطي، الحافظ. جاور بمكة دهراً، وسمع بها البخاري من: عيسى بن أبي ذر الهروي ومسلماً من: الحسين الطبري. وله مصنف مشهور جمع فيه الكتب الستة. روى عنه: قاضي الحرم أبو المظفر محمد بن علي بن الحسن الطبري، والشيخ أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي والد أبي عمر، والحافظ أبو موسى المديني، وغيرهم. وقع لنا من حديثه، أناه العماد عبد الحافظ: أنبا الموفق رحمه الله، عن أبيه، عنه. وتوفي في المحرم بمكة. وله في الكتاب زيادات واهية.
4 (رستم بن الفرج.)
البغدادي، التاجر، نزيل خراسان.

(36/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 377
حدث عن: أبي الحسين بن الطيوري، وغيره. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: توفي تقريباً.
4 (حرف السين)

4 (سلطان بن إبراهيم.)
أبو الفتح المقدسي، الفقيه الشافعي. قال ابن نقطة في الإستدراك: قال السلفي: مات في أواخر جمادى الأولى سنة خمسٍ وثلاثين. مر سنة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن يوسف بن سمجون.)
أبو محمد السرقسطي، نزيل بلنسية. حج، فلقي بطنجة المقرئ أبا الحسين الخضري الضرير، فأخذ عنه قصيدته في قراءة نافع. وولي خطابة شاطبة. وأخذ عنه: أبو الحسن بن هذيل، وغيره.
4 (عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن عبد الجبار بن توبة.)
) أبو منصور الأسدي العكبري، ثم البغدادي، أخو أبي الحسين محمد.

(36/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 378
قال ابن السمعاني: كان شيخاً صالحاً، ثقة، خيراً، قيماً بكتاب الله، صحب الشيخ أبا إسحاق الشيرازي وخدمه. وكان حسن الإصغاء للسماع، كثير البكاء. حضر عبد الصمد بن المأمون. وسمع: أبا محمد الصريفيني، وابن النقور، وأبا القاسم بن البسري. قال ابن السمعاني: وكتبت عنه الكثير. قلت: وآخر من حدث عنه: التاج الكندي. وروى عنه: يوسف بن مبارك الخفاف، وعبد العزيز بن الأخضر. قال ابن السمعاني: توفي في ثالث جمادى الآخرة. وقال لي: ولدت في جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وأربعمائة.
4 (عبد الحميد بن محمد بن أحمد.)
القاضي أبو علي الخوازي، البيهقي، أخو عبد الجبار. سمع: البيهقي، والقشيري، وأبا سهل الحفصي، وجماعة. قال ابن السمعاني: سمعت منه بخسروجرد. ومات في نصف رجب.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد بن الحسن بن مبارك.)
أبو منصور بن زريق الشيباني، القزاز، البغدادي، الحريمي.

(36/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 379
قال ابن السمعاني: كان شيخاً، صالحاً، متودداً، سليم الجانب، مشتغلاً بما يعنيه، من أولاد المحدثين. سمعه أبوه وعمه وشجاع الذهلي كثيراً، وعمر. وكان صحيح السماع، وتفرقت أجزاؤه وبيعا عند الحاجة. سمع التاريخ من الخطيب سوى الجزء الثالث والثلاثين، فإنه قال: توفيت والدتي، واشتغلت بدفنها والصلاة عليها، ففاتني هذا الجزء، وما أعيد لي، لأن الخطيب كان قد اشترط في الابتداء أن لا يعاد فوتٌ لأحد.) ثم حصل لي أصل شيخنا أبي منصور بالتاريخ، بخط شجاع الذهلي، وعلى كل جزء منه سماع لأبي غالب محمد بن عبد الواحد القزاز، ولابنه عبد الرحمن، ولأخيه عبد المحسن. وكان على وجه السادس والسابع والثلاثين إجازة لأبي غالب وأبي منصور، عن الخطيب. فكأنهما ما سمعا الجزأين من الخطيب وما كنا نعرف إجازته عن الخطيب، فشهد شجاع أن لهما إجازته. وقرأنا عليه السابع والثلاثين بالسماع، وهو إجازة، لأن شجاعاً كان شديد البحث عن السماعات، ولو عرف ذلك لأثبته. خصوصاً إذا كان كتب النسخة له. قال أبو سعد: فمن قال إن أبا منصور سمع السابع والثلاثين فقد وهم. وسمع: أبا الحسين بن المهتدي بالله، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا علي بن وشاح، وأبا الغنائم بن المأمون. وكتبت عنه الكثير. وكان شيخاً صبوراً، حسن الأخلاق، قليل الكلام. قال: ولدت، أظن، في سنة ثلاثٍ وخمسين. وتوفي في رابع عشر شوال، وصلى عليه أخوه أبو الفتح. قرأت بخط الحافظ ضياء الدين المقدسي قال: شاهدت مجلدةً من تاريخ الخطيب بخط الإمام الحافظ أبي البركات الأنماطي فيها: السابع

(36/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 380
والثلاثين. وقد نقل الأنماطي سماع القزاز فيه وهي في وقف الزيدي. قلت: وكذلك رواه الكندي للناس، عن القزاز سماعاً متصلاً. وروى عنه: ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وابن الجوزي، وأحمد بن علي بن بذال، وأحمد بن الحسن العاقولي، وعمر بن طبرزد، وأبو اليمن الكندي، وأحمد بن يحيى الدبيقي، وخلق سواهم. وروى عنه بالإجازة: المؤيد الطوسي، وغيره. وممن روى عنه: أبو السعادات القزاز.
4 (عبد الصمد بن أحمد بن سعيد.)
) أبو محمد الجياني. روى عن: أبي الأصبغ بن سهل، وأبي نصر الغساني، وأبي محمد بن العسال. ذكره ابن الأبار، وقال: كان رحمه الله مائلاً إلى القول بالظاهر، ومن أهل المعرفة بالحديث. له كتاب المستوعب في أحاديث الموطأ. وقد سمعوا منه الموطأ في سنة خمسٍ وثلاثين. قلت: ولم يؤرخ وفاته.
4 (عبد المنعم بن عبد الواسع بن عبد الهادي ابن شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبيد الله.)
الأنصاري، الهروي، أبو المروح بن أبي رفاعة. ذكره ابن السمعاني فقال: إمام، جميل السيرة، مرضي الطريقة، ذو سمتٍ، ووقار، وعفة، وحياء. حريص على سماع الحديث وطلبه. سافر وتغرب، وسمع الكثير، وحصل الأصول، وحج وجاور سنة.

(36/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 381
وسمع من: ابن الحصين. ودخل إصبهان، وكان قد سمع ببلده من: نجيب بن ميمون، ومحمد بن علي العميري، وأبي عطاء المليحي. كتبت عنه بإصبهان. وتوفي بهراة في ذي القعدة.
4 (عبد المنعم بن أبي أحمد نصر بن يعقوب بن أحمد بن علي.)
الإصبهاني، المقرئ. أبو المطهر. شيخ مسن. روى عن: أبي طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وهو جده لأمه. روى عنه: أبو موسى المديني، وقال: توفي في رجب. وروى عنه: أبو سعد السمعاني، وجماعة.
4 (عبد الوهاب بن شاه بن أحمد بن عبد الله.)
) أبو الفتوح النيسابوري، الشاذياخي، الخرزي. كان شيخاً صالحاً يبيع الخرز في حانوتٍ بنيسابور. سمع الرسالة من القشيري، وصحيح البخاري من أبي سهل محمد بن أحمد الحفصي.

(36/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 382
وسمع من: أبي حامد الأزهري، وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، وأبي صالح المؤذن، وشبيب البستيغي، وحسان المنيعي، ونصر بن علي الطوسي الحاكمي، وأحمد بن محمد بن مكرم. روى عنه: ابن السمعاني في معجمه، وقال: كان من أهل الخير والصلاح. ولد سنة ثلاثٍ وخمسين. وتوفي في الحادي والعشرين من شوال. روى عنه: ابن عساكر، وإسماعيل بن علي المغيثي، ومنصور بن الفروي، والمؤيد الطوسي، وزينب بنت الشعري، وغيرهم. وسمع منه جميع صحيح البخاري منصور، والمؤيد، وزينب، والمغيثي المذكورون. قاله ابن نقطة.
4 (عطاء بن أبي سعد بن عطاء.)
أبو محمد الثعلبي، الهروي، الصوفي، الفقاعي. صاحب شيخ الإسلام أبي إسماعيل.

(36/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 383
محدث، رحال، وصوفي عمال. ولد سنة أربع وأربعين وأربعمائة بمالين هراة، وسمع من أبي إسماعيل. وبنيسابور من: فاطمة بنت الدقاق. وببغداد من: أبي نصر محمد بن محمد الزينبي، وأبي القاسم علي بن البسري، وأبي يوسف عبد السلام القزويني، وجماعة كثيرة. روى عنه: أولاده الثلاثة وقد سمع أبو سعد السمعاني منهم، عن أبيهم. وممن روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، ومحمود بن الفضل الإصبهاني. قال ابن السمعاني: كان ممن يضرب به المثل في إرادة شيخ الإسلام والجد في خدمته وله آثار، وحكايات، ومقامات وقت خروج شيخ الإسلام إلى بلخ في المحنة.) وجرى بينه وبين الوزير النظام مقالات وسؤآلات في هذه الحادثة. وكان نظام الملك يحتمل ذلك كله من عطاء. وسمعت أن عطاء قد م إلى الخشبة ليصلب، فنجاه الله تعالى لحسن الاعتقاد والجد الذي كان له فيما مر فيه. فلما أطلق قام في الحال إلى التظلم وما فتر. وخرج مع النظام إلى الروم ماشياً. وسمعت أنه كان في المدة التي كان شيخ الإسلام غائباً فيها عن وطنه ما ركب عطاء دابةً، ولا عبر على قنطرة، بل كان يمشي مع الخيل، ويخوض الأنهار، ويقول: شيخي في المحنة والغربة، فلا أستريح. وما استراح إلى أن ردوا شيخه إلى وطنه. وسمعت محمد بن عطاء يقول: سمعت والدي يقول: كنت في طريق الروم أعدوا مع موكب النظام، فوقع نعلي، فما التفت لها، ورميت الأخرى، وجعلت أعدو. فأمسك النظام الدابة وقال: أين نعالك قلت: وقع إحداهما، فما وقفت عليها خشية أن تفوتني وتسبقني. فقال: هب أنه قد وقع إحداهما، فلم خلعت الأخرى ورميتها قلت: لأن شيخي عبد الله الأنصاري أخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يمشي الإنسان في نعلٍ

(36/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 384
واحد، فما أردت أن أخالف السنة. فأعجب النظام ما فعل وقال: أكتب إن شاء الله حتى يرجع شيخك إلى هراة. وقال لي: اركب بعض الجنائب، فأبيت وقلت: شيخي في المحنة وأنا أركب الجنائب وعرض عليه مالاً، فلم يقبله. وقدم أبي بإصبهان إلى الخشبة ليصلب عليها بعد أن حبسوه مدة، فقال له الجلاد: صل ركعتين. فقال: ليس ذا وقت صلاة، اشتغل بما أمرت، فإني سمعت شيخي يقول: إذا علقت الشعير على الدابة في أسفل العقبة لا توصلك في الحال إلى أعلاها. الصلاة نافعة في الرخاء، لا في حالة اليأس. ووصل مسرعٌ من السلطان ومعه الخاتم بتسريحه، فترك.) وكانت الخاتون امرأة السلطان معينة في حقه. قال: فكلما أطلق رجع في الحال إلى التظلم والتشنيع. سمعت أبا الفتوح عبد الخالق بن زياد يقول: أمر بعض الأمراء أن يضرب عطاء الفقاعي في محنة الشهيد عبد القادر ابن شيخ الإسلام مائة سوط. فبطح على وجهه، وكان يضرب إلى أن ضربوا ستين، فشكوا كم كان خمسين أو ستين، فقال عطاء: وهو مكبوبٌ على وجهه: خذوا بالأقل احتياطاً. وحبس بعد الضرب مع جماعةٍ من النساء، وكان في الموضع أترسة، فقام بجهد من الضرب، وأقام الأترسة بينه وبين النساء وقال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الخلوة مع غير محرم. قال محمد بن عطاء: توفي أبي تقديراً سنة خمسٍ وثلاثين.

(36/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 385
4 (علي بن الحسن بن علي بن عبد الواحد.)
السلمي، الدمشقي، أبو الحسن بن البري. سمع من عمه عبد الواحد جزء ابن أبي ثابت. قرأه عليه ابن عساكر.
4 (علي بن محمد بن إسماعيل بن علي.)
الإمام، أبو الحسن السمرقندي، المعروف بالأسبيجابي. ولد سنة أربع وخمسين وأربعمائة. وسمع من: علي بن أحمد بن الربيع الشيكاني. روى عنه: عمر النسفي، وقال: توفي في ذي القعدة. وقد ذكره السمعاني في معجمه فعظمه وقال: يعرف بشيخ الإسلام، لم يكن أحدٌ في زمانه بما وراء النهر يعرف مذهب أبي حنيفة مثله، ظهر له الأصحاب، وطال عمره في نشر العلم. كتب إلي بمروياته.

(36/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 386
4 (علي بن محمد بن علي بن الحسن بن أبي المضاء.)
الفقيه، أبو الحسن البعلبكي، الشافعي. تلمذ لنصر المقدسي، وصحبه مدة، وسمع منه.) ومن: أبيه محمد، والحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وقال: توفي في ربيع الأول ببعلبك.
4 (علي بن محمد بن لب بن سعيد.)
أبو الحسن القيسي، الداني، المقرئ. روى عن: أبي عبد الله المغامي، وأبي داود. وأخذ عنه: ابن رزق أبو بكر، وأبو بكر بن خير، وأبو الحسن نجبة، وآخرون. استشهد بعد هذا العام بيسير.
4 (علي بن يوسف بن تاشفين.)
صاحب المغرب. قيل: توفي فيها، والأصح سنة سبعٍ كما سيأتي.
4 (عمر بن محمد بن حيذر، بذال معجمة.)
أبو حفص المروزي، البرمويي، العارف.

(36/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 387
قال السمعاني: شيخ صالح، ثقة، دين، جميل الأمر، جواد النفس، أمي لا يكتب، غير أن له كلاماً حسناً في علم القوم إذا سئل. ما رأيت في فنه مثله، وكان مزيناً بالشريعة، واستعمال السنن، والعزلة، والإنفراد. سمع بقراءة والدي، أنا عبد الله بن محمد بن الحسن المهربندقشائي، وأبا الخير محمد بن أبي عمران الصفار، وبمكة أبا شاكر أحمد بن علي العثماني. سمعت منه، وكنت أكثر من زيارته، وقرأت صحيح البخاري في رباطه. وتوفي في الحادي والعشرين من جمادى الآخرة.
4 (حرف الفاء)

4 (الفتح بن محمد بن عبد الله بن خاقان.)
الأديب أبو نصر القيسي، الإشبيلي، صاحب كتاب قلائد العقيان، جمع فيه من شعراء المغرب طائفة كبيرة، وتكلم عليها فأجاد. وله كتاب مطمح الأنفس في ملح أهل الأندلس، يدل كلامه فيه على تبحره.

(36/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 388
وكان كثير الأسفار والتجول، خليع العذار.) أمر السلطان بقتله، فذبح في سنة خمسٍ هذه، وقيل: بل في سنة تسعٍ وعشرين، فالله أعلم. ذكره القاضي ابن خلكان.
4 (حرف القاف)

4 (قرسنقر.)
الأتابك، صاحب خراسان وأران. من مماليك الملك طغرل بن السلطان محمد بن ملكشاه. وكان شجاعاً، مهيباً، ظلوماً، غشوماً، عظيم المحل. كان السلطان مسعود يخافه ويداريه، وقتل الوزير كمال الدين الرازي من أجله. وقد مات له إبنان تحت الزلزلة بجنزة. ومرض بالسل، ومات بأردبيل.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الجبار بن توبة.)
أبو الحسن الأسدي، العكبري، أخو عبد الجبار.

(36/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 389
ولد سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة، وقرأ القراءآت بروايات. وكان حسن التلاوة. قرأ على أصحاب الحمامي، وقرأ شيئاً من الفقه على أبي إسحاق الشيرازي. وكان له سمتٌ حسنٌ ووقار. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وأبا الغنائم بن المأمون، وأبا محمد الصريفيني، وابن النقور. قال ابن السمعاني: صالح خير، قرأ بروايات، وكان حسن الأخذ. قرأت عليه الكثير، وكنت أقدم السماع عليه على غيره. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وأبو اليمن الكندي، وآخرون. توفي في صفر. وقد أنا بكتاب السبعة لابن مجاهد: أبو حفص القواص، أنا الكندي في كتابه، أنا ابن توبة.
4 (محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم.)
) أبو عبد الله الخوارزمي، القصاري. ولد في رمضان سنة إحدى وستين وأربعمائة ببغداد. وسمع حضوراً من: أبي محمد الصريفيني. وحدث. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (محمد بن إبراهيم بن جعفر.)

(36/389)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 390
أبو عبد الله الدمشقي، الكردي، المقرئ. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وغيره. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم. وكان يلقن.
4 (محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الربيع بن ثابت بن)
وهب بن مشجعة بن الحارث بن عبد الله بن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاعره، وأحد الثلاثة الذين خلفوا كعب بن مالك الأنصاري. القاضي أبو بكر بن أبي طاهر، البغدادي، الحنبلي، البزاز. ويعرف أبوه بصهر هبة، ويعرف هو بقاضي المرستان. مسند العراق، بل مسند الآفاق. ولد في عاشر صفر سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، ويقال له النصري، لأنه من محلة النصرية. ويقال له السلمي، لأن كعب بن مالك من بني سلمة. سمعه أبوه حضوراً في الرابعة من أبي إسحاق البرمكي جزء الأنصاري،

(36/390)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 391
وسمعه من علي بن عيسى الباقلاني أمالي القطيعي و الوراق. ثم سمعه الكثير بإفادة جاره عبد المحسن بن محمد الشيحي التاجر من: أبي محمد الجوهري، وأبي الطيب الطبري، وعمر بن الحسين الخفاف، وأبي طالب العشاري، وأبي الحسين بن حسنون النرسي، وعلي بن عمر البرمكي، والحسن بن علي المقرئ، وأبي الحسين بن الأبنوسي، وأبي الحسن بن أبي طالب المكي، وأبي يعلى بن الفراء، وأبي الغنائم بن المأمون،) وأبي الفضل هبة الله بن المأمون، وغيرهم. وتفرد برواية عنهم، سوى أبي يعلى، وأبي الغنائم. وسمع بمصر من أبي إسحاق الحبال. وبمكة من: أبي معشر الطبري، وأبي الحسين الصقلي. وأجاز له أبو القاسم التنوخي، وأبو الفتح بن شيطا المقريء، وأبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي. وتفقه على القاضي أبي يعلى ابن الفراء، وشهد عند قاضي القضاة أبي الحسين بن الدامغاني. روى عنه خلق لا يحصون، منهم من مات في حياته، ومنهم من تأخر، وهم: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وأبو موسى المديني، وابن الجوزي، وعبد الله بن مسلم بن جوالق، والمكرم بن هبة الله الصوفي، وأبو أحمد بن تزمش الخياط، وسعيد بن عطاف، وعلي بن محمد بن يعيش الأنباري، وعبد الله بن المظفر بن البواب، وعبد الخالق بن هبة الله البندار، ويوسف بن المبارك بن كامل الخفاف، وعبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي، وعمر بن طبرزد، وعبد العزيز بن الأخضر، وزيد بن الحسن الكندي، وعبد العزيز بن معالي بن سينا، وأبو علي ضياء بن الخريف، والحسين بن سعيد بن شنيف، وأحمد بن يحيى بن الدبيقي. وآخر من روى عنه بالإجازة المؤيد الطوسي.

(36/391)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 392
وقد تكلم فيه ابن عساكر بكلام فج وحش، فقال: كان يتهم بمذهب الأوائل، ويذكر عنه رقة دين. قال: وكان يعرف الفقه على مذهب أحمد، والفرائض، والحساب، والهندسة. ويشهد عند القضاة، وينظر في وقف المارستان العضدي. وسرد أبو موسى نسبه كما ذكرنا، ثم قال: هو أملاه علي، وكان إماماً في فنون العلم. قال: وكان يقول: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وما من علم إلا وقد نظرت فيه، وحصلت منه الكل أو البعض، إلا هذا النحو، فإني قليل البضاعة فيه. وما أعلم أني ضيعت ساعةً من عمري في لهوٍ ولعب. وقال ابن الجوزي: ذكر لنا القاضي أبو بكر أن منجمين حضرا حين ولد، فأجمعا أن العمر اثنتان وخمسون سنة.) قال: وهانا قد جاوزت التسعين. قال ابن الجوزي: وكان حسن الصورة، حلو المنطق، مليح المعاشرة، كان يصلي في جامع المنصور، يجيء في بعض الأيام فيقف وراء مجلسي وأنا على منبر الوعظ، فيسلم علي. واستملى عليه شيخنا ابن ناصر بجامع القصر. وقرأت عليه الكثير، وكان ثقة، فهماً، ثبتاً، حجة، متفنناً في علومٍ كثيرة، متفرداً في علم الفرائض، قال لي يوماً: صليت الجمعة وجلست أنظر إلى الناس، فما رأيت أحداً أشتهي أن أكون مثله.

(36/392)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 393
وكان قد سافر فوقع في أسر الروم، وبقي سنةً ونصفاً، وقيدوه وغلوه، وأرادوه أن ينطق بكلمة الكفر، فلم يفعل، وتعلم منهم الخط الرومي. وسمعته يقول: من خدم المحابر خدمته المنابر. وسمعته يقول: يجب على المعلم أن لا يعنف، وعلى المتعلم أن لا يأنف. ورأيته بعد ثلاثٍ وتسعين سنة صحيح الحواس، لم يتغير منها شيء، ثابت العقل، يقرأ الخط الدقيق من بعد. ودخلنا عليه قبل موته بمديدة فقال: نزلت في أذني مادة، فقرأ علينا من حديثه، وبقي على هذا نحواً من شهرين، ثم زال ذلك، وعاد إلى الصحة، ثم مرض فأوصى أن يعمق قبره زيادةً على العادة، وأن يكتب على قبره قل هو نبأٌ عظيمٌ أنتم عنه معرضون، وبقي ثلاثة أيام لا يفتر من قراءة القرآن، إلى أن توفي قبل الظهر ثاني رجب. قال ابن السمعاني: ما رأيت أجمع للفنون منه، نظر في كل علم، وبرع في الحساب والفرائض، وسمعته يقول: ثبت من كل علم تعلمته إلا الحديث وعلمه. ورأيته وما تغير من حواسه شيء. وكان يقرأ الخط البعيد الدقيق. وكان سريع النسخ، حسن القراءة للحديث. وكان يشتغل بمطالعة الأجزاء التي معي، وأنا مكب على القراءة، فاتفق أنه وجد جزءاً من حديث أبي الفضل الخزاعي، قرأته بالكوفة على الشريف عمر بن إبراهيم الحسيني، بإجازته من محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، وفيه حكايات مليحة فقال: اتركه عندي.) فلما رجعت من الغد أخرج الجزء وقد نسخه جميعه، وقال: اقرأه حتى أسمعه.

(36/393)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 394
فقلت: يا سيدي، كيف يكون، وأنا أفتخر بالسماع منك فقال: ذاك بحاله. فقرأته، فقال للجماعة: اكتبوا إسمي. قلت: رأيت الجزء بخطه في وقف الضيائية، وفي أوله بخطه: نا أبو سعد السمعاني. وقال: قال لي: أسرتني الروم، وكان الغل في عنقي خمسة أشهر، وكانوا يقولون لي: قل: المسيح ابن الله، حتى نفعل ونصنع في حقك. فما قلت. وتعلمت خطهم لما حبست. كان يعرف علم النجوم، وسمعته يقول: عن الذباب إذا وقع على البياض سوده، وعلى السواد بيضه، وعلى التراب برغثه، وعلى الجرح يقيحه. وسمعت منه الطبقات لابن سعد، والمغازي للواقدي، وأكثر من مائتي جزء. قال لي: ولدت بالكرخ، وانتقل بنا أبي إلى النصرية ولي أربعة أشهر. وذكر ابن السمعاني أكثر ما نقلناه عن ابن الجوزي. وقال ابن نقطة: حدث القاضي أبو بكر بصحيح البخاري، عن أبي الحسين ابن المهتدي بالله، عن أبي الفتح بن أبي الفوارس، عن أحمد بن عبد الله النعيمي. قلت: والنعيمي هو شيخ أبي عمر المليحي الذي أكثر عنه صاحب شرح السنة.

(36/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 395
4 (محمد بن عبد القادر بن الحسن بن المنصور بالله.)
أبو الحسين المنصوري، الهاشمي. شيخ مسن، كثير الفكر، أصابه فالج. وحدث عن: أبي القاسم بن البسري، ويوسف المهرواني. وتوفي في سابع رجب.
4 (محمد بن فرج بن جعفر بن أبي سمرة.)
أبو عبد الله القيسي، نزيل غرناطة، أحد القراء. عن: أحمد بن عبد الحق الخزرجي، وأبي القاسم بن النحاس.) وحدث عن: غالب بن عطية، وغيره. وأقرأ القراءآت والنحو. روى عنه: أبو الأصبغ بن المرابط. وتوفي في حدود سنة خمسٍ.
4 (محمد بن المنتصر بن حفص النوقاني.)
الفقيه، المفتي، الزاهد الورع. كان عارفاً بالمذهب. سمع: محمد بن سعيد الفرخزاذي وبهراة: محمد بن علي العميري.

(36/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 396
قال السمعاني: سمعت منه تفسير الثعلبي بروايته عن الفرخزاذي، عنه. مات رحمه الله في رجب.
4 (محمود بن علي بن أبي علي بن يوسف.)
أبو القاسم الطرازي. قال السمعاني: إمام، فاضل، دين، ورع، حسن الأخلاق، تفقه على القاضي أبي سعد بن أبي الخطاف. وورد على المسترشد بالله من قبل الخاقان. وكان مولده بطراز سنة، وتوفي ببخارى في شعبان، وخلف بها أولاداً نجباء.
4 (موسى بن حماد.)
أبو عمران الصنهاجي، المالكي، قاضي مراكش. كان فقيهاً، إماماً، حاذقاً لمذهب مالك، مقدماً في معرفة الأحكام. من جلة قضاة زمانه العادلين. وله رواية يسيرة. توفي في ذي القعدة.
4 (حرف الياء)

4 (يوسف بن أيوب بن يوسف بن الحسين بن وهرة.)

(36/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 397
أبو يعقوب الهمذاني.) من أهل ضياع همذان. نزل مرو، وكان من سادات الصوفية. ذكره ابن السمعاني، وقال: هو الإمام الورع. التقي، الناسك، العامل بعلمه، والقائم بحقه، صاحب الأحوال والمقامات الجليلة، وإليه انتهت تربية المريدين، واجتمع في رباطه جماعة من المنقطعين إلى الله، ما أتصور أن يكون في غيره من الربط مثلهم. وكان من صغره إلى كبره على طريقة مرضية، وسدادٍ، واستقامة. خرج من قريته إلى بغداد، وقصد الشيخ أبا إسحاق، وتفقه عليه، ولازمه مدة، حتى برع في الفقه، وفاق أقرانه، خصوصاً في علم النظر. وكان أبو إسحاق يقدمه على جماعةٍ كثيرة من أصحابه، مع صغر سنه، لمعرفته بزهده، وحسن سيرته، واشتغاله بنفسه. ثم ترك كل ما كان فيه من المناظرة، وخلا بنفسه، واشتغل بعبادة الله تعالى، ودعوة الخلق إليها وإرشاد الأصحاب إلى الطريق المستقيم. وسمع من شيخه: أبي إسحاق، وأبي الحسين بن المهتدي بالله، وأبي بكر الخطيب، وأبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، والصريفيني، وابن النقور. وببخارى محمد: أبي الخطاب محمد بن إبراهيم الطبري وبسمرقند من: أبي بكر أحمد بن محمد بن الفضل الفارسي.

(36/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 398
وبإصبهان من: حمد بن أحمد بن ولكيز، وغانم بن محمد بن عبد الواحد الحافظ، وآخرين. وكتب الكثير، غير أن أجزاءه تفرقت بين كتبه، وما كان يتفرغ إلى إخراجها، فأخرج لنا أكثر من عشرين جزءاً، فسمعناها. وقد دخل بغداد سنة ستٍ وخمسمائة، ووعظ بها، وظهر له قبولٌ تام، وازدحم الناس عليه. ثم رجع وسكن مرو. وخرج إلى هراة، وأقام بها مدة، ثم طلب منه الرجوع إلى مرو، فرجع. ثم خرج ثانياً إلى هراة. ثم رجع إلى هراة، ثم خرج من هراة فأدركه الأجل بين هراة وبغشور.) وكان يقول: دخلت جبل زز لزيارة الشيخ عبد الله الجوي، وكان قد أقام عنده مدةً، ولبس من يده الخرقة، قال: فوجدت ذلك الجبل معموراً بأولياء الله، كثير المياه والأشجار، وعلى رأس كل عينٍ رجلٌ مشتغل بنفسه، صاحب مقامٍ ومجاهدة. فكنت أدور عليهم وأزورهم. ولا أعلم في ذلك الجبل حجراً لم تصبه دمعتي. وهذا من بركة أحمد بن فضالة شيخ عبد الله الجوي. سمعت الشيخ الصالح صافي بن عبد الله الصوفي ببغداد يقول: حضرت مجلس شيخنا يوسف بن أيوب في المدرسة النظامية، وكان قد اجتمع العالم، فقام فقيه يعرف بابن السقاء وآذاه، وسأله غير مسألة، فقال: اجلس، فإني أجد من كلامك رائحة الكفر، ولعلك تموت على غير الإسلام. قال صافي: فاتفق بعد مدة قدم رسولٌ نصراني من الروم، فمضى إليه ابن السقاء، وسأله أن يستصحبه، فقال له: يقع لي أن أدخل في دينكم فقبله الرسول، وخرج معه إلى القسطنطينية، والتحق بملكها وتنصر. وسمعت من أثق به أن ابني الإمام أبي بكر الشاشي قاما في مجلس وعظه، وقالا له: إن كنت تنتحل معتقد الأشعري وإلا فانزلي ولا تعظ ههنا.

(36/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 399
فقال يوسف: اقعد، لا أمتعكما الله بشبابكما. فسمعت جماعة أنهما ماتا ولم يتكهلا. سمعت السيد إسماعيل بن أبي القاسم بن عوض العلوي يقول: سمعت الإمام يوسف بن أيوب يقول للشيخ لؤلؤ الحي، وكان من أصحابه قديماً، ثم عرج عليه، ووقع فيه، ورماه بأشياء: هذا الرجل يقتل، وسترون ذلك. وكان كما جرى على لسانه، قتل قريباً من سرخس بعد وفاة يوسف. وقال أبو المظفر السمعاني: ما قدم علينا من العراق مثل يوسف الهمذاني. وقد تكلم معه بمرو في مسألة البيع الفاسد، فجرى بينهما تسعة عشر نوبة، يعني بالنوبة المجلس في هذه المسألة. قال أبو سعد السمعاني: سمعت الإمام يوسف رحمه الله يقول: خلوت نوباً عدة، كل مرة أكثر) من خمس سنين أو أقل، وما كان يخرج حب المناظرة والإشتغال بالخلاف والمذاكرة من قلبي، وصرت إلى ما كنت أشتهي، فإن المناظرة كانت تقطع علي الطريق. سمعت أبا نصر عبد الواحد بن محمد الكرجي الزاهد يقول: سألت الشيخ أبا الحسين المقدسي: هل رأيت أحداً من أولياء الله قال: رأيت في سياحتي عجمياً بمرو يعظ، ويدعو الخلق إلى الله تعالى يقال له يوسف. قال أبو نصر: أراد بذلك الإمام يوسف بن أيوب الهمذاني. وأبو الحسين المقدسي كبير القدر، مشهور. قال أبو سعد: لما عزمت إلى الرحلة، دخلت على يوسف رحمه الله مودعاً، فصوب عزمي وقال: أوصيك، لا تدخل على السلاطين، وأبصر ما تأكل لا يكون حراماً. توفي في ربيع الأول، وكان مولده تقديراً سنة أربعين أو إحدى وأربعين.

(36/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 400
قلت: وقد روى عنه: ابن عساكر، وأبو الروح الهروي، وجماعة. فأخبرنا أحمد بن هبة الله بن عساكر، أنا أبو روح عبد المعز بن محمد إجازةً، أنا يوسف بن أيوب الزاهد، بقراءة حمزة بن عسول، أنا أبو محمد بن النقور سنة ثلاث وستين وأربعمائة، أنبا علي بن عمر الحربي، ثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، ثنا يحيى بن معين، ثنا معن، عن مالك، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يصافح امرأةً قط. وأنا به أحمد بن إسحاق: أنا أحمد بن صرما، والفتح بن عبد الله قالا: أنا محمد بن عمر الفقيه أنا ابن النقور، فذكره. رواه النسائي في كتاب حديث مالك من تأليفه، عن معاوية بن صالح الأشعري، عن ابن معين.

(36/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 401
4 (وفيات سنة ست وثلاثين وخمسمائة.)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن سلامة بن يحيى الدمشقي الأبار.)
سمع: أحمد بن علي بن الفرات، وسهل بن بشر. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وقال: توفي في شوال.) أحمد بن عبد الله بن جابر. أبو عمر الأزدي، الإشبيلي. سمع من: أبي عبد الله بن منظور صحيح البخاري. وسمع: عبد الله بن علي النكاجي، والعاص بن خلف. أم بمسجد ابن بقي، وأقرأ القرآن نحواً من ستين سنة. وكان مشتهراً بالصلاح. حدث عنه: ابن بشكوال، وابن جهير.

(36/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 402
وقارب تعسين سنة.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن ينال.)
أبو منصور الصوفي الإصبهاني، الترك، والد أبي العباس محمد الترك. سمع: عائشة الوركانية، وعبد الجبار بن برزة الرازي، وشجاعاً المصقلي. ومات في عشر التسعين.
4 (أحمد بن محمد بن الحسين.)
أبو الفائز ابن البزوري. سمع: محمد بن هبة الله اللالكائي في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وجده. توفي في رمضان.
4 (أحمد بن محمد بن علي بن محمود ماخرة.)

(36/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 403
أبو سعد بن أبي بكر بن الشيخ أبي الحسن الزوزني، ثم البغدادي. من قدماء الصوفية برباط شيخ الشيوخ إسماعيل. وهو مطبوع خفيف، يحفظ حكايات وأشعاراً. قال السمعاني: غير أنه كان منهمكاً في الشرب، سامحه الله. وقال أبو الفرج بن الجوزي: كانوا ينسبونه إلى التسمح في دينه. ولد في ذي الحجة سنة تسعٍ وأربعين وأربعمائة. وسمع القاضي: أبا يعلى وهو آخر أصحابه، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن المهتدي) بالله، وأبا محمد الصريفيني، وأبا علي بن وشاح، وأبا بكر الخطيب، وجماعة. قال ابن السمعاني: قرأت عليه الكثير. وحدثني محمد بن ناصر الحافظ قال: كان أبو سعد متسمحاً، فرأيته في النوم، فقلت: ما فعل الله بك قال: غفر لي. قلت: فأين أنت قال: في الجنة. قال ابن ناصر: لو حدثنيه غيري ما صدقته. قال ابن الجوزي: مرض أبو سعد الزوزني، وبقي خمسةً وثلاثين يوماً بعلة النصب لم يضطجع، ومات في تاسع عشر شعبان. قلت: روى عنه: أبو أحمد عبد الوهاب ابن سكينة، وأبو حامد بن النحاس، ويوسف بن كامل، والمحدث عبد الخالق بن أسد، وعمر بن طبرزد، وأبو الفرج بن الجوزي.

(36/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 404
4 (أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الطيب.)
أبو الحسين بن الصباغ. سمع: أباه، وأبا نصر الزينبي، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي. روى عنه: ابن عساكر، والسمعاني. وكان ظاهر الصلاح والخير. مات رحمه الله في آخر شوال ظناً.
4 (أحمد بن محمد بن موسى بن عطاء الله.)
أبو العباس بن العريف، الصنهاجي، الأندلسي، الصوفي، الزاهد، من أهل المرية. روى عن: يزيد مولى المعتصم، وعمر بن أحمد بن رزق، وعبد القادر بن محمد القروي، وخلف بن محمد بن العربي، وجماعة. قال ابن بشكوال: كانت عنده مشاركة في أشياء من العلم، وعناية بالقراءآت، وجمع الروايات، واهتمامٌ بطرقها وجملتها. وقد استجاز مني تأليفي هذا، يعني الصلة وكتبه عني.) واستجزته أنا أيضاً، ولم ألقه. وكان متناهياً في الفضل والدين، منقطعاً إلى الخير، وكان العباد وأهل الزهد يقصدونه ويألفونه، فيحمدون صحبته. سعي به إلى السلطان، فأمر بإشخاصه إلى حضرته بمراكش، فوصلها، وتوفي بها ليلة الجمعة الثالث والعشرين من صفر، واحتفل الناس لجنازته، وندم السلطان على ما كان منه في جانبه. وظهرت له كرامات. قلت: ولد ابن العريف في سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة، وكان العباد

(36/404)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 405
يأتونه ويجتمعون لسماع كلامه في العرفان، وبعد صيته، فثار الحسد في نفوس فقهاء بلده، فرفعوا إلى السلطان أنه يروم الثورة والخروج كما فعل ابن تومرت، فأرسل ابن تاشفين إليه وقيده، وحمل إلى مراكش، فتوفي في الطريق عند مدينة سلا. أما شيوخه: خلف، وعمر، فأخذا عن أبي عمرو الداني، وقد لبس الخرقة من أبي بكر عبد الباقي بن بريال وصحب ابن بريال أبا عمرو الطلمنكي. وآخر من بقي من أصحاب ابن العريف الزاهد موسى بن مسدي.
4 (إبراهيم بن أحمد بن محمد.)
الإمام، العلامة، أبو إسحاق المروروذي، الشافعي. تفقه على الإمام ابن المظفر السمعاني، وغيره. وصارت إليه الرحلة بمرو لقراءة الفقه عليه. تفقه عليه أبو سعد السمعاني، وغيره. قتل بمرو، رحمه الله، في ربيع الأول في وقعة الخوارزم شاه، وله ثلاثٌ وثمانون سنة. قال أبو سعد السمعاني: كان أبي أوصى بنا إليه، وكان يقوم بأمورنا أتم قيام. وكان من العلماء العاملين. علقت عنه كتاب الطهارة، وسمعت منه الكثير، وحدث بالكتب الكبار. سمع بمرو الروذ من جماعة.

(36/405)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 406
4 (إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث.)
الحافظ أبو القاسم ابن السمرقندي.) ولد بدمشق سنة أربعٍ وخمسين وأربعمائة في رمضان. وسمع من: أبي بكر الخطيب، وعبد الدائم بن الحسن، وأبي نصر بن طلاب، وعبد العزيز الكتاني، وأبي الحسن بن أبي الحديد، وغيرهم. ثم رحل به وبأخيه عبد الله، أبوهما المقريء أبو بكر إلى بغداد في حدود سنة تسعٍ وستين وأربعمائة، وسكنوها. وسمع بها من: ابن هزارمرد الصريفيني، وابن النقور، وعبد العزيز بن علي السكري، وعبد الباقي بن محمد العطار، وأبي نصر الزينبي، وابن البسري، ورزق الله، وخلق كثير. وعني بالرواية، وقدم دمشق زائراً بيت المقدس، وسمع من مكي الرميلي، وطال عمره، وروى الكثير. حدث عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم بن عساكر، والأعز بن علي العبدي، وإسماعيل بن أحمد الكاتب، وسعيد بن محمد بن محمد بن عطاف، ويحيى بن ياقوت الفراش، وعمر بن طبرزد، وأبو اليمن الكندي، وأبو الرضا محمد بن أبي تمام بن الزوا الهاشمي، وأبا الحسن بن علي بن أحمد بن

(36/406)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 407
هبل، وعبد العزيز بن الأخضر، وسليمان بن محمد الموصلي، وموسى بن سعيد ابن الصيقل الهاشمي، وخلق سواهم. قال ابن السمعاني: قرأت عليه الكتب الكبار والأجزاء، وسمعت الحافظ أبا العلاء العطار بهمذان يقول: ما أعدل بأبي القاسم الفقيه ابن السمرقندي أحداً من شيوخ العراق، وخراسان. وقال أبو شجاع عمر البسطامي: أبو القاسم إسناد خراسان، والعراق. وقال أبو القاسم: ما بقي أحدٌ يروي معجم ابن جميع غيري ولا بدمشق، ولا عن عبد الدائم بن الحسن غيري. ثم قال:
(وأعجب ما في الأمر أن عشت بعدهم .......... على أنهم ما خلفوا في من بطش)
وقال ابن عساكر: كان ثقة، مكثراً، صاحب أصول، وكان دلالاً في الكتب. وسمعته يقول: أنا أبو هريرة في ابن النقور، فإنه قل جزءٌ عندي قريء عليه إلا وقد سمعته مراراً. قال ابن عساكر: وعاش إلى أن خلت بغداد، وصار محدثها كثرةً وإسناداً، حتى صار يطلب) العوض على التسميع بعد حرصه على التحديث. وقد أملى في جامع المنصور الجمع زيادةً على ثلاثمائة مجلس. وكان له بخت في بيع الكتب. باع مرة صحيحي البخاري ومسلم في مجلدة لطيفة. بخط الحافظ أبي عبد الله الصوري بعشرين ديناراً. وقال لي: وقعت علي

(36/407)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 408
هذه المجلدة بقيراط، لأني اشتريتها وكتاباً آخر معها بدينار وقيراط، فبعت ذلك الكتاب بدينار. قال السلفي: وأبو القاسم ابن السمرقندي ثقة، له أنس بمعرفة الرجال، دون معرفة أخيه الحافظ أبي محمد. وقال ابن ناصر: كان دلالاً، وكان سيء المعاملة، يخاف من لسانه وكان ذا مخالطةٍ لأكابر البلدة وسلاطينها بسب الكتب. وقد قدم دمشق بعد الثمانين، وسمع من الفقيه نصر، وأخذ عنه أبو محمد بن صابر، وغيره. وقال ابن السمرقندي: ورواه عنه ابن الجوزي بالإجازة، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، كأنه مريض وقد مد رجليه: فدخلت وجعلت أقبل أخمص قدميه، وأمرغ وجهي عليها. فذكرته لأبي بكر ابن الخاضبة فقال: أبشر يا أبا القاسم بطول البقاء وبانتشار الرواية عنك، فإن تقبيل رجليه اتباع أثره، وأما مرضه فوهنٌ في الإسلام. فما أتى على هذا إلا قليل حتى وصل الخبر أن الفرنج استولت على بيت المقدس. توفي في السادس والعشرين من ذي القعدة، ودفن بباب حرب.
4 (إسماعيل بن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد.)

(36/408)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 409
أبو سعيد البوشنجي، الفقيه الشافعي. نزيل هراة. سمع: أبا صالح المؤدب، وأبا بكر بن خلف الشيرازي، وحمد بن أحمد. وقدم بغداد بعد الخمسمائة، فسمع: أبا علي بن نبهان، وغيره. وتفقه وبرع في المذهب، ودرس وأفتى، وصنف التصانيف. قال ابن السمعاني: كان كثير العبادة، خشن العيش، قانعاً باليسير.) سمعت منه وعاش خمساً وسبعين سنة. قال عبد الغافر فيذيله: شاب نشأ في عبادة الله، مرضي السيرة على منوال أبيه. وهو فقيه، مناظر، مدرس، زاهد.
4 (حرف الجيم)

4 (جميل بن تمام.)
المقدسي. أبو الحسن الطحان، المقرئ. حدث عن رجلٍ، عن عبد العزيز الكتاني. روى عنه: الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخه.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن عبد الرحيم بن أحمد.)
المعلم البزاز، المروزي. سمع: أبا الخير الصفار.

(36/409)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 410
قتل في ربيع الآخر في الوقعة الخوارزمشاهية بمرو، عن نيفٍ وسبعين سنة. سمع من السمعاني.
4 (الحسين بن أحمد بن علي بن الحسن بن فطيمة.)
أبو عبد الله بن أبي حامد البيهقي، الخسروجردي، القاضي قاضي بيهق. وبيهق: ناحية من أعمال نيسابور، قصبتها خسروجرد. ولد قبل الخمسين وأربعمائة. وسمع: أبا بكر البيهقي، وأبا القاسم القشيري، وأبا سعيد بن محمد بن علي الخشاب، وأبا منصور محمد بن أحمد السوري، وأبا بكر محمد بن القاسم الصفار، وأبا بكر أحمد بن منصور المغربي، وطائفة. يروي عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وغير واحد. قال ابن السمعاني: هو شيخ مسن، كثير السماع، حسن السيرة، مليح المجالسة، كيس، ما رأيت أخف روحاً منه، مع السخاء والبذل، سمعت منه الكثير، وكتب لي أجزاء بخطه.) ومن أعجب ما رأيت منه أنه ما كان له الأصابع العشر، فإنها قطعت بكرمان لعلةٍ لحقتها، فكان يأخذ القلم بكفيه، ويترك الورق تحت رجله، ويكتب بكفيه خطاً مليحاً، من أسرع ما يكون. وكان يكتب كل يومٍ خمس طاقات خطاً واسعاً، مقروءاً.

(36/410)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 411
وقد تفقه بمرو على جدي الإمام أبي المظفر. وحج بعد العشرين وخمسمائة. وتوفي بخسروجرد في ثالث عشر رمضان. وقد سمع من البيهقي كتاب معرفة السنن والآثار. وحكى ابن السمعاني أنه بالغ في إكرامه جداً، فقال: خرجت إلى قصد إصبهان، فتركت القافلة، وعرجت إلى خسروجرد مع رفيقٍ لي راجلين، فلما دخلنا دار الحسين سلمنا على أصحابه، وما التفت إلينا أحدٌ. ثم خرج إلينا فاستقبلناه، فأقبل علينا وقال: فيم جئتم قلت: لنقرأ عليك جزءين من معرفة الآثار للبيهقي. فقال: لعلكم سمعتم الكتاب من الشيخ عبد الجبار، وفاتكم هذا القدر. قلت: بلى. وكان في الجزءين فوتاً لعبد الجبار فقال: تكونون عندي الليلة، فإن لي مهماً، أريد أن أخرج إلى سبزوار فإن ابني كتب إلي: أن ابن استاذي خارجٌ في هذه القافلة، فأريد أن أسلم عليه، وأسأله أن يكون عندي أياماً. وسماني، فتبسمت، فقال: تعرفه فقلت: هو بين يديك. فقام وبرك وبكى، وكان يقبل رجلي، ثم أخرج الكتب والأجزاء، ووهبني بعض أصوله، فكنت عنده ثلاثة أيام.
4 (حرف الخاء)

4 (خاتون.)
زوجة المستظهر بالله أمير المؤمنين، وزوجة صاحب كرمان.

(36/411)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 412
قال ابن الجوزي: كانت دارها حمى.) ولها الهيئة والأصحاب. وورد الخبر إلى بغداد بموتها، فعقد لها العزاء في الديوان يومين.
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن أحمد بن سليمان.)
أبو الحسن المالكي، النهرفضلي، البصري، نزيل بغداد. شيخ صالح، قرأ طرفاً من مذهب مالك. وقرأ بالروايات. وكان صابراً على الفقر. سمع: أبا لفضل بن خيرون، وعبد المحسن الشيحي بن البطر. روى عنه: ابن السمعاني، وقال: توفي في رمضان.
4 (سعيد بن محمد بن منصور.)
الفارسي، ثم الطوسي، الواعظ، أبو منصور. سمع: عبد الرحمن بن الواحدي، وأبا بكر بن خلف، وجماعة. وأخذ عنه: أبو سعد الحافظ، وقال: مات في ذي القعدة.
4 (سهل بن الحسن بن محمد.)
أبو العلاء البسطامي، الصوفي، المعروف بالكافي، نزيل دمشق. أقام مدةً بسميساطية. من بيت خطابة وقضاء. روى عن أبيه، عن أبي عثمان الصابوني. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني. توفي في صفر بدمشق.

(36/412)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 413
4 (حرف الشين)

4 (شريفة بنت أبي عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي.)
النيسابورية. سمعت: عثمان بن محمد المحمي، وأبا بكر بن خلف، والصرام.) كتب عنها السمعاني، وقال: ماتت في عشر السبعين.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد بن علي بن المعزم.)
أبو الحسين الهمذاني، الضرير، أخو أبي زيد. صالح، سمع: أبا إسحاق الشيرازي، وغيره. مات في شوال.
4 (عبد الجبار بن محمد بن أحمد.)
الخواري، البيهقي، أبو محمد. وخوار: بليدة من أعمال الري. كان إمام الجامع المنيعي بنيسابور. وكان مفتياً، عالماً، يعرف مذهب الشافعي، وفيه تواضع وخير.

(36/413)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 414
ولد سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة. وتفقه عند إمام الحرمين أبي المعالي. وسمع: أبا بكر البيهقي، وأبا الحسين علي بن أحمد الواحدي، وأخاه أبا القاسم عبد الرحمن بن أحمد، وأبا القاسم القشيري، وغيرهم. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو الخير أحمد بن إسماعيل القزويني، وأبو الفضائل محمد بن فضل الله السالاري، وأبو سعد عبد الله بن عمر الصفار، ومنصور بن عبد المنعم الفراوي، وأبو المحاسن أحمد بن محمد الشوكاني الحافظ، وأبو الحسن المؤيد الطوسي، وآخرون. قال ابن السمعاني: فمن جملة ما سمعت منه بنيسابور كتاب معرفة السنن والآثار للبيهقي في خمس مجلدات، ورأيت في جزءين منه سماعاً ملحقاً. وذكر أبو محمد عبد الله بن محمد بن حبيب الحافظ أنه طالع أصل البيهقي، فلم يجد سماع شيخنا عبد الجبار في جزءين. وذكر شيخنا عبد الجبار أنه وجد سماعه بالجزءين. وأنا قرأت الجزءين ببيهق على القاضي الحسين بن أحمد بن فطيمة.) وكان الكتاب كله سماعه. قال ابن حبيب العامري المذكور: تصفحت الكتاب ورقةً ورقة، فوجدت سماعه، إلا في جزءين، أحدهما الخامس والأربعون، وهو من أول كتاب النكاح إلى آخر تسري العبد، والجزء السادس والخمسون، أوله ترجمة ما يحرم من الإسلام، وآخره حد اللواط. وسماعه في سنة ثلاثٍ وخمسين، وأكثره بقراءة والده محمد.

(36/414)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 415
قال السمعاني: وكتب شيخنا عبد الجبار بخطه: قد وجدت في الأصل سماعنا في الجزء الخامس والأربعين، والجزء السادس والخمسين من الأصل وقت قراءة الكتاب علي من نسخة الأصل بنيسابور في شهور سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. كتبه عبد الجبار بن محمد، بعد وقوفه على سماع جملة الكتاب على المصنف. توفي، رحمه الله، في تاسع عشر شعبان.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن محمد.)
أبو الفتوح السلمويي، اللباد. من فقهاء نيسابور. تفقه على أبي نصر عبد الرحيم بن القشيري. وبمرو على أبي بكر محمد بن منصور السمعاني. وكان إماماً، زاهداً، قدوة، تقياً، منقبضاً، قانعاً، كبير القدر، كثير الأسفار. سكن كرمان، وانتقل إلى إصبهان فتوفي بها. حدث بمرو عن الشيرويي.

(36/415)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 416
وكان مولده في سنة سبعٍ وسبعين وأربعمائة. وتوفي في رمضان بمدينة جي.
4 (عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن.)
أبو الحكم اللخمي، الإفريقي، المغربي، ثم الإشبيلي. الصوفي، العارف، المعروف بابن برجان. سمع صحيح البخاري من: أبي عبد الله محمد بن أحمد بن منظور. وحدث به.) روى عنه: أبو القاسم القنطري، وأبو محمد عبد الحق الإشبيلي، وأبو عبد الله بن جليل القيسي. وآخرون. ذكره أبو عبد الله الأبار فقال: كان من أهل المعرفة بالقراءآت، والحديث، والتحقق بعلم الكلام، والتصوف، مع الزهد، والاجتهاد في العبادة. وله تواليف مفيدة، منها: تفسير القرآن لم يكمله، وشرح أسماء الله الحسنى.

(36/416)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 417
وقد رواهما عنه أبو القاسط القنطري. توفي بمراكش مغرباً عن وطنه في هذه السنة. وقبره بإزاء قبر الزاهد أبي العباس بن العريف.
4 (عبد الكريم بن عبد المنعم بن هبة الله.)
أبو طالب بن الطرسوسي، الحلبي، الفقيه. سمع أباه أبا البركات. كتب عنه: السمعاني، وقال: ولد سنة أربعٍ وخمسين وأربعمائة. قلت: مات تقريباً في هذا العام.
4 (عبد الوهاب ابن الشيخ أبي الفرج عبد الواحد بن محمد بن علي الأنصاري.)
شرف الإسلام، أبو القاسم الشيرازي، ثم الدمشقي.

(36/417)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 418
الفقيه، الحنبلي، الواعظ. كان شيخ الحنابلة بدمشق بعد والده. وكان له القبول التام في وعظه. وبعثه السلطان رسولاً إلى المسترشد بالله يستنجده على الفرنج خذلهم الله. وقد روى شيئاً من مسند أحمد بالإجازة عن أبي طالب عبد القادر بن يوسف. وتوفي في صفر بدمشق. ووقف المدرسة الحنبلية التي قدام الرواحية بدمشق، وكان رئيساً محتشماً، عالماً. قال حماد الحراني: سمعت السلفي يثني عليه ويقول: كان فاضلاً له لسن. وكان كبيراً في أعين الناس والسلطان. وكان متقدماً، وكان ثقة.) سمع من والده، ومن غيره. وقال أبو يعلى حمزة أصيب بمرضٍ حاد أضعفه، وكان على الطريقة المرضية، والخلال الرضية ووفور العلم، وحسن الوعظ، وقوة الدين. وكان يوم دفنه يوماً مشهوداً من كثرة المشيعين له، والباكين عليه.
4 (عشائر بن محمد بن ميمون.)
أبو المعالي التميمي، المعري. نزيل حمص. صالح خير. ولد سنة خمسٍ وأربعين وحضر جنازة أبي العلاء بالمعرة. وسمع من: أبي عامر عبد الرزاق التنوخي. كتب عنه: السمعاني.

(36/418)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 419
بقي إلى هذا الوقت بحمص.
4 (علي بن محمد بن رسلان بن محمد.)
أبو الحسن المروزي، الكاتب. كان صاحب بلاغة، وفصاحة، وشعر، وترسل فائق. ذكره ابن السمعاني، فقال: لعله ما رأى مثل نفسه في فنه. وسمع من إسماعيل بن أحمد البيهقي. وكتب لي من شعره. وسمعت أن قصيدة أكثر من أربعين بيتاً كانت تقرأ عليه فيحفظها في نوبةٍ واحدة. قتل بمرو في الوقعة الخوارزمشاهية في ربيع الأول، وله نيفٌ وأربعون سنة.
4 (عمر بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مازة.)

(36/419)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 420
أبو حفص بن أبي المفاخر البخاري. علامة ما وراء النهر. تفقه على والده العلامة أبي المفاخر. وبرع في مذهب أبي حنيفة، وصار شيخ العصر.) وحاز قصب السبق في علم النظر. ورأى الخصوم وناظرهم، وظهر عليهم، وصار السلطان يصدر عن رأيه. وعاش في حرمةٍ وافرة، وقبول زائد، إلى أن رزق الله الشهادة على يد الكفرة، بعد وقعة قطوان وانهزام المسلمين. قال ابن السمعاني: سمعت أنه لما خرج هذه النوبة كان يودع أصحابه وأولاده وداع من لا يرجع إليهم. فرحمه الله تعالى ورضي عنه. سمع: أباه، وعلي بن محمد بن خدام. وحدث. ولقيته بمرو، وحضرت مناظرته. وقد حدث عن جماعةٍ من البغدادين كأبي سعد أحمد بن الطيوري، وأبي طالب بن يوسف. وكان يعرف بالحسام. ولد سنة ثلاثٍ وثمانين وأربعمائة. وسمع منه: أبو علي الحسن بن مسعود الدمشقي ابن الوزير، وغيره. وتفقه عليه خلق، وقتل صبراً بسمرقند في صفر في سنة ستٍ وثلاثين. وقيل: بل قتل في الوقعة المذكورة. وكان قد تجمع جيوشٌ لا يحصون من الصين، والخطا، والترك، وعلى الكل كوخان، فساروا لقصد السلطان

(36/420)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 421
سنجر. وسار سنجر في نحو مائة ألفٍ من عسكر خراسان، وغزنة، والغور، وسجستان، ومازندران، وعبر بهم نهر جيحون في آخر سنة خمسٍ وثلاثين، فالتقى الجيشان، فكانا كالبحرين العظيمين يوم خامس صفر. وأبلى يومئذٍ صاحب سجستان بلاءً حسناً، ثم انهزم المسلمون، وقتل منهم ما لا يحصى، وانهزم سنجر، وأسر صاحب سجستان، وقماج مقدم ميمنة المسلمين، وزوجة سنجر، فأطلقهم الكفار. قال ابن الأثير: وممن قتل الحسام عمر بن مازة الحنفي، المشهور. قال: ولم يكن في الإسلام وقعةٌ أعظم من هذه، ولا أكثر ممن قتل فيها بخراسان.) واستقرت دولة الخطا، والترك الكفار بما وراء النهر، وبقي كوخان إلى رجب سنة سبعٍ وثلاثين فمات فيه.
4 (عمر بن محمد.)
أبو حفص المروزي، الناطفي. كان بعمل الناطف، وكان رجلاً صالحاً، نيف على الثمانين. وروى عن: علي بن موسى الموسوي، وجماعة. وعنه: أبو سعد السمعاني.
4 (عمر بن محمد بن بدر.)
أبو الحسن الهمذاني، الغرناطي. سمع الموطأ من ابن الطلاع، وتفقه أبي الوليد بن رشد. وكان صالحاً زاهداً. روى عنه: أبو جعفر بن شراحيل، وغيره.

(36/421)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 422
4 (حرف الفاء)

4 (الفضل بن إسماعيل بن الفضيل بن محمد.)
الفضيلي، الهروي، أبو عاصم. سمع: أبا عطاء عبد الحمن الجوهري، وكلاب البوسنجي، ومحمد بن علي العميري، وطائفة. مات سنة نيفٍ وثلاثين تقريباً.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن محمد بن أسود.)
أبو بكر الغساني، الأندلسي، المريي. روى عن: الحافظ أبي علي الغساني، وغيره. له رحلة سمع فيها من أبي بكر الطرطوشي، المالكي، وأبي الحسن بن شرف. وولي قضاء مرسية مدةً طويلة، ولم تحمد سيرته. ثم صرف. وسكن مراكش، وبها توفي في رجب.)
4 (محمد بن أصبغ بن محمد بن محمد بن أصبغ.)
قاضي الجماعة بقرطبة وخطيبها أبو عبد الله. خاتمة الأعيان بقرطبة. روى عن أبيه واختص به.

(36/422)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 423
وقرأ بالروايات على أبي القاسم بن مدير المقرئ. وسمع من: محمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغساني. وجالس أبا علي بن سكرة. قال ابن بشكوال: كان من أهل الفضل الكامل، والدين، والتعاون والعفاف، والوقار، والسمت الحسن، والهدي الصالح. وكان مجوداً للقرآن، عالي الهمة، عزيز النفس. مخزون اللسان، طويل الصلاة، واسع الكف بالصلات، كثير المعروف والخيرات، معظماً عند الخاصة والعامة. وصرف في الآخر عن القضاء، وأقبل على التدريس وإسماع الحديث. وتوفي في الثاني والعشرين من رمضان. من أبناء الستين.
4 (محمد بن جعفر بن مهران.)
أبو بكر التميمي، الإصبهاني. سمع: عبد الوهاب بن مندة، والمطهر البزاني. وعنه: سليمان الموصلي، لقيه زمن الحج.
4 (محمد بن الحسن بن خلف بن يحيى.)
أبو بكر بن برنجال. رحل بعد الخمسمائة. وسمع من: محمد بن الوليد الطرطوشي، ومحمد بن منصور الحضرمي. وكان من أهل الحفظ والدراية. توفي في رجب، وقد نيف على الخمسين.)

(36/423)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 424
4 (محمد بن الحسين بن محمد.)
أبو الخير التكريتي، الملقب بالترك. من أهل رباط الزوزني ببغداد. سمع من: جعفر السراج.
4 (محمد بن سليمان بن مروان.)
أبو عبد الله القيسي، المعروف بالبوني، نزيل بلنسية. أحد الأئمة. روى عن: أبي علي الغساني، وأبي داود بن نجاح، وأبي الحسن بن الدوش، وابن الطلاع، وأبي علي الصدفي، وطائفة. قال ابن بشكوال: كانت له عناية كبيرة بالعلم والرواية والدين. مات رحمه الله في صفر سنة ست بالمرية.
4 (محمد بن عبد الملك بن عبد العزيز.)
أبو بكر القرطبي، اللخمي. أصله من إشبيلية. روى عن: أبي عبيد البكري، وأبي علي الغساني، وأبي الحسين بن سراج. وكان رأساً في اللغة والعربية، ومعاني الشعر، والبلاغة. كاتباً مجيداً. توفي في نصف ذي الحجة.
4 (محمد بن علي بن أحمد.)

(36/424)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 425
أبو طاهر الأنصاري، الدباس. سمع من أبي طاهر بن عبد الكريم بن رزمة، عن أبي الحسين بن بشران كتاب مداراة الناس لابن أبي الدنيا. وكان رجلاً صالحاً. روى عنه: سعد الله بن الوادي، وأبو سعد السمعاني، وعلي بن إبراهيم الواسطي. قال ابن النجار: توفي في ذي الحجة.)
4 (محمد بن علي بن عمر بن محمد.)
أبو عبد الله التميمي، الفقيه، المازري المحدث، أحد الأئمة الأعلام. مصنف شرح صحيح مسلم، وأسمعه المعلم بفوائد كتاب مسلم. وله كتاب إيضاح المحصول في الأصول. وله مصنفات في الأدب. وكان من أهل الحفظ والإتقان. توفي في ربيع الأول سنة ست، وله ثلاثٌ وثمانون سنة. ومازر بفتح الزاي، وقد تكسر، بليدة بجزيرة صقلية. روى عنه: عياض القاضي، وأبو جعفر بن يحيى الفرضي الوزعي. مولده بالمهدية من إفريقية، وبهامات. وألف كتاباً في شرح التلقين لعبد الوهاب، في عشر مجلدات، وهو من أنفس الكتب.

(36/425)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 426
بلغنا أن المازري مرض في أثناء عمره فلم يجد من يعالجه إلا يهودي، فلما عوفي على يده قال اليهودي: لولا التزامي بحفظ صناعتي لأعدمتك المسلمين. فأثر هذا عند المازري، وأقبل على تعلم الطب حتى برع فيه في زمن يسير، وصار يفتي فيه كما يفتي في العلم، رحمه الله.
4 (محمد بن علي بن محمد بن الحسين بن السكن.)
أبو طالب بن المعوج المراتبي. من أهل البيوتات ببغداد. سمع: أبا محمد الصريفيني، وأبا القاسم بن البسري، وجماعة. سمع منه: ابن السمعاني، وغيره. وكان من غلاة الشيعة. توفي في أحد الربيعين.
4 (محمد بن الفضل بن محمد بن أحمد.)
أبو سهل الأبيوردي، العطار. شيخ صالح، عفيف، عابد، من أهل نيسابور.)

(36/426)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 427
سمع: أبا القاسم القشيري، وأبا صالح المؤدب، وأبا سهل الحفصي. وتوفي في رجب. روى عنه: ابن السمعاني، والرحالون. وكان والده من كبار مشيخة نيسابور.
4 (محمد بن كامل بن ديسم بن مجاهد.)
أبو الحسن النضري، المقدسي. سمع من أبيه، ومن نصر المقدسي وتفقه عليه بصور، فلم ينجب. وأجاز له أبو بكر الخطيب. وكان شاهداً، فاتهم بشهادة الزور، وأسقطه خال ابن عساكر أبو المعالي محمد بن يحيى قاضي دمشق. ورتب على ختم دار الوكالة. وكان يرتزق من المكس. روى عن: ابن عساكر، وابنه القاسم بن علي، والسمعاني، وجماعة.

(36/427)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 428
وتوفي في ذي القعدة. قال السمعاني: وأجاز له أبو جعفر ابن المسلمة، وأبو علي غلام الهراس، فأجاز له جميع القراءآت.
4 (محمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن أحمد بن عمر.)
أبو الحسين السهلكي، خطيب بسطام، إحدى مدن قومس. كان بارعاً في الأدب. سمع: أبا الفضل محمد بن علي السهلكي، ونظام الملك، ورزق الله التميمي. قال ابن السمعاني: كتبت عنه ببسطام. توفي في ربيع الأول ببسطام.
4 (محمد بن مغاور بن حكم بن مغاور.)
أبو عبد الله السلمي، الشاطبي. يروي عن: أبيه، وأبي جعفر بن جحدر، وأبي عمران بن أبي تليد، وابن سكرة، وأبي الحسن) بن الدوش. وكان بصيراً بالمذهب، رأساً في الفتوى، جم الفوائد. توفي في شوال عن ثمانٍ وخمسين سنة.
4 (محمد بن مفرج بن سليمان.)
الشيخ أبو عبد الله الصنهاجي.

(36/428)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 429
سمع يسيراً من: أبي الوليد الباجي، وأبي عبد الله بن شبرين. وأخذ عنه: القاضي عياض.
4 (محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن محمود ماشاذة.)
أبو منصور الإصبهاني، الواعظ، الفقيه. ولد سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة. وتفقه على: أبي بكر الخجندي. وارتفع أمره وعرض جماعة، وصار المرجع إليه. وكان يعظ ويفسر بفصاحة. ووعظ ببغداد بعد العشرين، وحدث. روى عنه: أبو موسى المديني، وابن السمعاني، وسبطه داود بن محمد بن أبي منصور، وجماعة. روى عن: شجاع، وأحمد ابني المصقلي، وعائشة الوركانية، وأبي جعفر السمعاني، وأبي بكر بن سليم. وتوفي في حادي عشر ربيع الآخر بإصبهان، وعقد له العزاء ببغداد. قال ابن السمعاني: إمام، مفسر، واعظ، حلو الكلام، مليح الإشارة. كان له التقدم والجاه العريض، والحشمة وصار أوحد وقته، والمرجوع إليه في بلده. وطعن بالسكين عدة نوب، وحماه الله بفضله، ولم يؤثر فيه ذلك.

(36/429)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 430
وكان كثير الصلاة والذكر.
4 (المختار بن عبد الحميد بن منتصر.)
أبو الفتح البوسنجي، الأديب.) صاحب الوفيات. سمع من جده لأمه جمال الإسلام أبي الحسن الداوودي. توفي في رمضان. وقد قارب الثمانين.
4 (مرجان الحبشي الخادم.)
أبو الحسن، مولى المقتدي أمير المؤمنين. سمع من: النعالي، وابن البيع. روى عنه: يوسف بن المبارك بن كامل. وكان صالحاً عابداً، جاور مدة. وتوفي في شعبان.
4 (مظفر بن القاسم بن المظفر بن علي.)
أبو منصور بن الشهرزوري. ولد بإربل سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة، ونشأ بالموصل. وقدم بغداد، وتفقه بها على الشيخ أبي إسحاق، وسمع منه ومن أبي نصر الزينبي.

(36/430)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 431
ثم رجع إلى الموصل، وولي قضاء سنجار، وسكنها وكان قد أسن. سمع منه ابن السمعاني سنة ببغداد، وسنة خمسٍ بسنجار، وقال: كان شيخاً، فاضلاً، كثير العبادة. قلت: توفي تقريباً سنة ست.
4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن محمد بن محمد بن مخلد بن أحمد بن خلف بن مخلد بن امرئ القيس.)
أبو الكرم الأزدي، الواسطي ابن الجلخت. سمع: أباه، وأبا تمام علي بن محمد العبدي، القاضي، وأبا الحسن علي بن محمد الحوزي، وسعيد بن كثير الشاهد. وهو آخر أصحاب أبي تمام. ولد سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة.) وعنه: ابن السمعاني، وقال: انحدرت إليه إلى واسط، وهو شيخ ثقة، صالح، من بيت الحديث. حدث ببغداد سنة ست عشر. وروى عنه أيضاً: أبو علي يحيى بن الربيع، والقاضي أبو الفتح المندائي، وعلي بن علي بن نغوبا، والحسين بن عبد العزيز، وعلي بن عبد الله بن

(36/431)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 432
فضل الله، وهو آخر من روى عنه، كما أنه آخر من روى عن أبي تمام. قال فيه خميس الحوزي: ثقة صالح. وقال غيره: توفي في ذي الحجة بواسط.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن علي بن طاوس.)
أبو محمد البغدادي، ثم الدمشقي، إمام جامع دمشق. كان مقرئاً مجوداً، حسن الأخذ، ضابطاً متصدراً بالجامع من دهر، ختم عليه خلق. وقد سمع الكثير بنفسه، ونسخ ورحل وأملى، وكان صدوقاً، صحيح السماع. وثقه ابن عساكر، ووصفه بكثرة السماع، وقال: سمع أباه، وأبا العباس ابن قبيس، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، والفقيه نصر بن إبراهيم. وخرج إلى العراق، وإصبهان في صحبة والده، والفقيه نصر الله المصيصي في رسالة السلطان تاج الدولة تتش إلى السلطان ملكشاه، فسمع

(36/432)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 433
من: البانياسي، وعاصم بن الحسن، ورزق الله التميمي، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، وأبي الحسن علي بن محمد بن محمد الأنباري، وأبي منصور محمد بن علي بن شكرويه، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وعبد الرزاق الحسناباذي، وأبي عبد الله الثقفي. وأقرأ القرآن مدة. وكان قد قرأ للسبعة على والده أبي البركات. وكان مؤذناً في مسجد سوق الأحد، فلما ولي إمامة الجامع ترك المكتب، وكان صحيح الإعتقاد. ثنا إملاءً: أنا عاصم بقراءتي عليه، فذكر حديثاً. وقال ابن السمعاني: سمعت أنه يقع في أعراض الناس.) وكان بينه وبين الحافظ أبي القاسم الدمشقي شيء، ما صلى على جنازته. وقال السلفي: هو محدث ابن محدث، ومقرئ ابن مقرئ، وكان ثقة متصاوناً، من أهل العلم. وقال محمد بن أبي الصقر: ولد في صفر سنة إحدى وستين وأربعمائة. وقال ابن السمعاني: توفي ضحوة يوم الجمعة سابع عشر المحرم، وصلينا عليه بعد الصلاة، وشيعته إلى أن دفن في مقبرةٍ له بباب الفراديس. وكان الخلق كثيراً. قلت: روى عنه: ابن عساكر، والسلفي، وابن السمعاني، وابنه الخضر بن هبة الله، وأبو الفرج ابن الحرة الحموي، وأبو محمد القاسم بن عساكر، والقاضي أبو القاسم بن الحرستاني، وآخرون. وآخر من حدث عنه: أبو المحاسن ابن السيد الصفار. أخبرنا أحمد بن إسحاق، وإسماعيل بن عبد الرحمن، ومحمد بن علي،

(36/433)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 434
وأحمد بن عبد الرحمن بن مؤمن، وأحمد بن عبد الحميد قالوا: أنا محمد بن السيد بن أبي لقمة، أنا نصر الله بن محمد المصيصي الفقيه، وهبة الله بن طاوس المقرئ في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة سماعاً منهما قالا: أنا أبو القاسم علي بن محمد الفقيه، أنا عبد الرحمن بن عثمان، أنا خيثمة بن سليمان، نا الحسن بن مكرم: ثنا شاذان، ثنا الثوري، ثنا عمرو بن قيس قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: لا تكثروا الكلام لغير ذكر الله فتقسوا القلوب، وإن كانت لينة، فإن القلب القاسي بعيدٌ من الله، ولكن لا تعلمون. ولا تنظروا في ذنوب الناس كهيئة الأرباب، وانظروا في ذنوب أنفسكم كهيئة العبيد، فإنما الناس اثنان: مبتلى ومعافى، فاحمدوا الله على العافية، وارحموا المبتلى.
4 (هبة الله بن عبد الله بن أحمد بن المغربي.)
شيخ بغدادي، صالح. سمع من: الحسين بن البسري. روى عنه: ابن السمعاني. وكان بواب باب النوبي. وعاش ستاً وستين سنة.)
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن علي بن محمد بن علي.)
أبو محمد بن الطراح، البغدادي، المدبر.

(36/434)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 435
ولد قبل الستين وأربعمائة. وسمع: أبا الحسين بن المهتدي بالله، وأبا بكر الخطيب، وعبد الصمد بن المأمون، ومحمد بن أحمد بن المهتدي بالله الخطيب، وابن النقور، وجماعة. قال ابن السمعاني: كتبت عنه الكثير، وكان صالحاً، ساكناً، مشتغلاً بما يعنيه، قليل الفضول، كثير الرغبة في زيارة القبور والخير. وكان مدبر قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي. وسمعه أبوه، وحصل له النسخ. توفي في رابع عشر رمضان. قلت: وروى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو الفرج بن الجوزي، وابن طبرزد، والكندي، وابن الأخضر، وعبد الكريم بن المبارك البلدي، وسليمان الموصلي، ويحيى بن ياقوت الفراش، وآخرون.

(36/435)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 436
4 (وفيات سنة سبع وثلاثين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أبي الحسين بن أحمد.)
أبو الحارث الهاشمي، البغدادي، إمام جامع المنصور. روى عن: أبي الحسين بن الطيوري. وتوفي في ذي الحجة.
4 (أحمد بن علي بن الحسين العطار.)
دمشقي، حدث عن: أبي البركات أحمد بن طاوس. كتب عنه: أبو سعد السمعاني.
4 (أحمد بن علي بن عبد الله.)
أبو القاسم الحلاوي، بغدادي.) روى عن: أبي نصر الزينبي. وعنه: يوسف بن المبارك الخفاف. توفي في رجب.
4 (إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن سالم.)
أبو منصور الهيتي.

(36/436)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 437
ولد بهيت سنة ستين. وسمع: أبا نصر الزينبي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان. وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني. وبرع في المناظرة. وتوفي في شوال. قال ابن السمعاني: كان أنظر الحنفية في زمانه، وكان ينوب عن قاضي القضاة الزينبي في الحكومة إلى أن شاخ. وكان دخوله إلى بغداد في سنة ثلاثٍ وسبعين وأربعمائة. وقرأت علي كتاب البعث لابن أبي داود. قلت: روى عنه عبد الله بن مسلم بن ثابت.
4 (إبراهيم بن هبة الله بن علي.)
أبو طالب الديار بكري، الفقيه. قال ابن السمعاني: كان فقيهاً، فاضلاً، مناظراً، صالحاً، كثير الذكر والتلاوة، أقام ببغداد مدةً، وببلخ مدة، وسمع من مالك البانياسي، وجماعة. وتوفي ببلخ في المحرم. وقد سمع بإصبهان من أبي منصور بن شكرويه. قال أبو شجاع البسطامي: سمعت الإمام أبا طالب يقول: لما تركنا بناكر، وهي دار مملكة الملك محمد بن أبي حكيم أكرمني كثيراً، حتى أنه سبى أختين وهما أختا ملك الهند، فقال لي: قد تزوجت واحدةً وتركت أختها، حتى أجد لها كفؤاً، وأنت الكفؤ. فوهبها لي، فأعتقتها، وتزوجت بها، وحسن إسلامها.) فلما قتل ابن أبي حكيم نفذ أخو هذه الجارية، وقد تملك بعد أبيه، فقال: تعودي إلينا. فأبت وقالت: لا أرحل بلاد الكفر. فبعث يقول لها: ارجعي إلينا بزوجك، ونبني لكما مسجداً، وتكونون مكرمين. فأبت. فلما سافرت لحقتني حاملةً، فأولها مني وعلي قربه حتى لحقت بي.

(36/437)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 438
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن محمد بن علي.)
أبو محمد ذو الفقار، نقيب مشهد باب التبن. روى عن: أبي بن حشيش. وكان أديباً شاعراً ببغداد.
4 (الحسن بن محمد بن علي بن الحسن بن أبي المضاء.)
البعلبكي، أبو محمد. سمع من: الفقيه نصر المقدسي. وتوفي في جمادى الأولى. سمع منه بعض الطلبة.
4 (الحسن بن نصر.)
أبو محمد الدينوري البزار. ويعرف بابن المعبي. سمع: أبا القاسم بن البسري، ويوسف بن الحسن التفكزي، والفقيه نصر المقدسي بصور. وعنه: ابن عساكر، والسمعاني. مات في صفر في عشر التسعين.

(36/438)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 439
4 (الحسين بن علي بن أحمد بن عبد الله.)
أبو عبد الله المقرئ، البغدادي، سبط أبي منصور الخياط. سمع: أبا الغنائم بن المأمون، وأبا محمد الصريفيني، وأبا منصور العكبري، وأبا الحسين بن النقور.) وولد في سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة. قال ابن السمعاني: صالح، حسن الإقراء، دين، يأكل من كراء يده، سمع الكثير بإفادة ابن الخاضبة في مجلس عفيفٍ القائمي. وتوفي في ذي الحجة. روى عنه: ابن السمعاني، وابن الجوزي وقال: قرأت عليه القرآن، وأبو اليمن الكندي، وجماعة. وهو أخو الشيخ أبي محمد، وأكبر منه.
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن أحمد بن عبد الواحد.)
أبو القاسم بن الطيوري الأمين. شيخ إصبهان. سمع: أبا عمرو بن مندة. مات فجأةً في شوال. سمع منه: أبو سعد السمعاني، وغيره.

(36/439)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 440
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن البيضاوي.)
أبو الفتح، أخا قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي لأمه. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصمد بن المأمون، والصريفيني، وابن النقور. قال ابن السمعاني: كتبت عنه الكثير، وهو شيخ صالح، متواضع، متحرٍ في قضائه الخير والإنصاف، متثبت. وتوفي في نصف جمادى الأولى. قلت: وروى عنه: ابن الجوزي، والكندي، وجماعة.
4 (عبد الرزاق بن محمد بن أحمد بن محمد بن عيسى.)
أبو المحاسن الطبسي، نزيل نيسابور. كان مفيد الغرباء، قرأ لهم الكثير.) وكان حسن القراءة سريعها. قرأ صحيح مسلم ثماني عشرة مرة على الفراوي للناس، وكان كثير الصلاة، نظيف الظاهر، جميل الأمر. سمع: عبد الغفار الشيروي، وأبا علي الحداد، وغانماً البرجي، وابن بيان الرزاز، وغيرهم.

(36/440)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 441
وتوفي في ربيع الأول. روى عنه: أبو سعد السمعاني.
4 (عبد المجيد بن إسماعيل.)
القاضي أبو سعيد الهروي، قاضي الروم. تفقه بما وراء النهر على: البزدوي، والسيد الأشرف، وجماعة. وتخرج به الأصحاب. وله مصنفات في الأصول والفروع، وخطب ورسائل ونظم ونثر. قدم دمشق، ودرس ببغداد. ومات بقيسارية، وقد نيف على الثمانين. وكان من كبار الحنفية.
4 (عبد المجيد بن القاسم بن الحسن بن بندار.)
أبو عبد الرحيم الزيدي، الإستراباذي، الحاجي. دين، شيخ زيدي المذهب. سمع: ظفر بن الداعي، وغيره.

(36/441)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 442
وحدث في هذه السنة.
4 (عبد الواحد بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف.)
أبو محمد اليوسفي، البغدادي، أخو عبد الله، وعبد الخالق. شيخ صالح، دين، سافر الكثير، وطاف في الآفاق. وسمع من: أبي نصر الزينبي، وأخيه طراد النقيب وسمع من: أبي المحاسن الروياني، وأبي سعد بن أبي صادق الحيري، وأبي سعد المطرز. وأقام باليمن مدة.) ولد سنة سبعين وأربعمائة. وقدم من الحجاز بغداد في سنة خمسٍ وثلاثين وحدث، ثم رجع وركب البحر، فغرق في حدود سنة سبعٍ.
4 (عثمان بن محمد بن حمد بن محمد.)
أبو عمرو البلخي، ويعرف بالشريك. قال السمعاني: كان فاضلاً، حسن السيرة، من أهل العلم، مكثراً من الحديث، معمراً. سمع: أباه، وأبا علي الوخشي، ومحمد بن عبد الملك الماسكاني، وإسماعيل بن عثمان إمام جامع بلخ، وأبا سعيد الخليل بن أحمد السجزي. كتب إلي بمروياته.

(36/442)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 443
ومن مسموعاته: شرح الآثار للطحاوي، يرويه بواسطة ثلاثة، والموطأ يرويه عن عبد الوهاب بن أحمد الحديثي، عن زاهر السرخسي، وتفسير أبي الليث، رواه عن الوخشي، عن تميم بن زرعة وروى عن الوخشي عدة تفاسير كبار، وكتاب معاني الآثار للطحاوي، يرويه عن القاضي إبراهيم بن محمد بن سليمان الوراق، عن ابن المقرئ، عنه، وسنن أبي داود، يرويه عن الوخشي، عن أبي عمر الهاشمي، وعن أبي محمد بن النحاس المصري، وعن أبي محمد النيسابوري صاحب ابن داسة. توفي ببلخ في سلخ جمادى الأولى سنة.
4 (علي بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن علي بن عياض بن أبي عقيل.)
أبو طالب الصوري، ثم الدمشقي. كان أبوه وأجداده من قضاة صور، وهو شيخ مهيب، ساكن، حسن

(36/443)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 444
السيرة، يرجع إلى صيانة وديانة. سكن مصر مدة، وسمع بها من: أبي الحسن الخلعي، ومحمد بن عبد الله الفارسي. ودخل بغداد وسمع بها من: أبي القاسم بن بيان. قال ابن السمعاني: قرأت عليه المعجم لابن الأعرابي، ومولده بعد الستين بصور. وكان يلقب بالقاضي بهجة الملك.) توفي في ربيع الأول. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وابنه، وجماعة. قال ابن عساكر: أصله من حران. وسمع أيضاً من الفقيه نصر، وكان من أعيان من بدمشق. وكان ذا صلاة وصيام، وقوراً، مهيباً. حكى له عتيقه نوشتكين أنه سمعه في مرضه يقول: قرأت أربعة آلاف ختمة.

(36/444)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 445
4 (علي بن يوسف بن تاشفين.)
أمير المسلمين، صاحب المغرب. توفي والده في سنة خمسمائة، فقام بالملك مكانه، وتلقب بلقب أبيه أمير المؤمنين، وجرى على سنته في الجهاد، وإخافة العدو. وكان حسن السيرة، جيد الطوية، عادلاً، نزهاً، حتى كان إلى أن يعد من الزهاد المتبتلين أقرب، وأدخل من أن يعد من الملوك. واشتد إيثاره لأهل العلم والدين. وكان لا يقطع أمراً في جميع مملكته دون مشاورتهم. وكان إذا ولى أحداً من قضاته، كان فيما يعهد إليه أن لا يقطع أمراً دون أن يكون بمحضر أربعةٍ من أعيان الفقهاء، يشاورهم في ذلك الأمر، وإن صغر. فبلغ الفقهاء في أيامه مبلغاً عظيماً، ونفقت في زمانه كتب الفقه في مذهب مالك، وعمل بمقتضاها، وأنبذ وراءه ما سواها. وكثر ذلك حتى نسي العلماء النظر في الكتاب والسنن، ودان أهل زمانه بتكفير كل من ظهر منه الخوض في شيءٍ من علوم الكلام. وقرر الفقهاء عنده تقبيح الكلام وكراهية الصدر الأول له، وأنه بدعة، حتى استحكم ذلك في نفسه، وكان يكتب عنه كل الأوقات إلى البلاد بالوعيد على من وجد عنده شيءٌ من كتب الكلام. ولما دخلت كتب أبي حامد الغزالي رحمه الله إلى المغرب، أمر أمير المسلمين علي بن يوسف بإحراقها، وتوعد بالقتل من وجد عنده شيءٌ منها.) واشتد الأمر في ذلك إلى الغاية.

(36/445)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 446
واعتنى باستدعاء النساخ والكتاب، فاجتمع له ما لم يجتمع لسلطانٍ منهم، كأبي القاسم بن الحذاء الأحدب، وألب بكر محمد بن محمد بن القنطرية، وأبي عبد الله محمد بن أبي الخطال، وأخيه أبي مروان، وعبد المجيد بن عبدان. وطالت أيامه إلى أن التقى عسكر بلنسية مع العدو الملعون، فهزموا المسلمين، وقتلوا من المرابطين خلقاً كثيراً، وذلك بعد الخمسمائة، فاختلت بعدها حال علي بن يوسف، وظهرت في بلاده مناكر كثيرة، لاستيلاء أمراء المرابطين الذين هم جنده على البلاد الأندلسية، ثم ادعوا الاستبداد بالأمور، وانتهوا في ذلك إلى التصريح، وصار كل واحدٍ منهم يجهر بأنه خيرٌ من أمير المسلمين علي بن يوسف، وأنه أولى بالأمر منه. واستولى النساء على الأحوال، وصارت كل امرأةٍ من أكابر البربر مشتملةً على كل مفسدٍ وشرير، وقاطع سبيلٍ، وصاحب خمرٍ، وأمير المسلمين في ذلك يزيد تغافله، ويقوى ضعفه، وقنع بالإسم والخطبة. وعكف على العبادة، فكان يصوم النهار، ويقوم الليل، واشتهر عنه ذلك، وأهمل أمر الرعية غاية الإهمال. وكان يعلم من نفسه العجز، حتى أنه رفع مرة يديه وقال: اللهم قيض لهذا الأمر من يقوى عليه ويصلح أمور المسلمين. حكى عنه هذا عبد الله بن خيار. وقال اليسع بن حزم: ولي علي بن يوسف، فنشأت من المرابطين والفقهاء نشأة أهزلوا دينهم، وأسمنوا براذينهم، قلدهم البلاد، وأصاخ إلى رأيهم فخانوه، وأشاروا عليه بأخذ مملكة ابن هود، وقرروا عنده أن أموال المستنصر صاحب مصر أيام الغلاء حصلت كلها عند ابن هود، وأروه الباطل في صورة الحق.

(36/446)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 447
قلت: وثب عليه ابن تومرت كما ذكرنا، وجرت بين الطائفتين حروبٌ، ولم يزل أمر عبد المؤمن يقوى ويظهر، ويستولي على الممالك، وأمر علي بن يوسف في سفال وزوال، إلى أن توفي في هذا العام، وعهد إلى ابنه تاشفين، فعجز عن الموحدين، وأنزوى إلى مدينة وهران، فحاصره الموحدون بها، فلما اشتد عليه الحصار خرج راكباً، وساق إلى البحر، فاقتحمه) وغرق، فيقال إنهم أخرجوه وصلبوه، ثم أحرقوه. وذلك في عام أربعين. وانقطعت الدعوة لبني العباس بموت علي وابنه تاشفين. وكانت دولة بني تاشفين بمراكش بضعاً وسبعين سنة. توفي علي في سابع رجب، وله إحدى وستون سنة.
4 (عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن نعمان.)
النسفي، ثم السمرقندي. قال ابن السمعاني: كان إمامً، فاضلاً، مبرزاً، متفنناً. صنف في كل نوع من العلم، في التفسير، والحديث، والشروط، ونظم الجامع الصغير لمحمد بن الحسن، حتى صنف قريباً من مائة مصنف. وورد بغداد حاجاً في سنة سبعٍ وخمسمائة. وحدث عن: إسماعيل بن محمد النوحي، وطائفة.

(36/447)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 448
وتوفي النوحي سنة إحدى وثمانين. قال السمعاني: روى لنا عنه: إسماعيل بن أبي الفضل الناصحي. وكتب لي بالإجازة، وقال: شيوخي خمسمائة وخمسون رجلاً. قال ابن السمعاني: ولما وافيت من سمرقند، استعرت عدة كتبٍ مما جمعه وصنفه، فرأيت فيها أوهاماً كثيرة، خارجة عن الإحصاء، فعرفت أنه كان ممن أحب الحديث وطلبه، ولم يرزق فهمه. وكان له شعر حسن على طريقة الفقهاء والحكماء. وتوفي في ثاني عشر جمادى الأولى. ومولده سنة إحدى أو اثنتين وستين وأربعمائة. قلت: روى عنه كتاب القند في ذكر علماء سمرقند أبو بكر محمد بن محمد بن علي البغدادي الأديب، وأبو القاسم محمود بن علي النسفي. ومن شعره:
(كم ساكتٍ أبلغ من ناطقٍ .......... وراجلٍ أشجع من فارس)
)
(ولاحقٍ يسبق عرباً مضوا .......... بفضل دينٍ، وهو من فارس)

(36/448)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 449
4 (حرف الكاف)

4 (كوخان.)
ملك الخطا والترك. كان مليح الشكل، حسن الصورة، عظيم الهيبة، كامل الشجاعة. قاد الجيوش، وسار في ثلاثمائة ألف فارس، وهزم السلطان سنجر، وتملك سمرقند وما وراء النهر في العام الماضي، فما أمهله الله تعالى، وعجل بروحه إلى النار في رجب سنة سبع. وكان لا يمكن، أميراً من إقطاع، بل يعطيهم من خزائنه ويقول: متى أخذوا الإقطاع ظلموا الناس. وكان لا يقدم أميراً على أكثر من مائة فارس، حتى لا يقدر على العصيان. وكان يشدد في النهي عن الظلم، ويعاقب على السكر، ولا ينهى عن الزنا ولا يقبحه. وتملك بعده ابنةٌ له، فلم تطل مدتها، وتملك بعدها أمها زوجة كوخان، وحكمت أمة الخطا على ما وراء النهر، إلى أن أخذ البلاد منهم علاء الدين بن محمد الخوارزمي سنة اثنتي عشرة وستمائة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد.)

(36/449)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 450
أبو بكر البسطامي، ثم النيسابوري، البزاز. سمع الكثير من: الفضل بن المحب، فمن بعده. قال السمعاني: أثبت عنه مناقب البخاري محمد بن أبي حاتم البخاري، بروايته عن أبي بكر بن خلف. مات بسرخس.
4 (محمد بن الحسين بن أحمد بن يحيى بن بشر.)
أبو بكر الأنصاري، الميروقي. نزيل غرناطة. روى عن: أبي علي بن سكرة.) وحج، وسمع من: أبي عبد الله الرازي، وأبي بكر الطرطوشي بالإسكندرية. وكان فقيهاً صالحاً، محدثاً، ظاهري المذهب، يغلب عليه الزهد والصلاح. روى عنه: أبو بكر بن رزق، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم بن الفرس، وابنه عبد المنعم. وهرب في الآخر لبجاية من صاحب المغرب بعد أن حمل إليه هود أبو العباس بن العريف، وأبو الحلم بن برجان. وبقي إلى هذا العام.
4 (محمد بن الحسين بن عمر.)
أبو بكر الأرموي، الأذربيجاني، الفقيه الشافعي.

(36/450)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 451
كان عارفاً بالمذهب، تفقه على الشيخ أبي إسحاق. وسمع من: أبي الحسين بن النقور، وطبقته. قال ابن السمعاني: كان جميل السيرة. مرضي الطريقة، غير أنه كان ببغداد فقيه آخر يقال له محمد بن الحسين الأرموي أبو بكر الفقيه، فاشتبه اسمه مع اسمه فتحرج عن الرواية وامتنع، ودخلت عليه داره بباب السلسلة ببغداد وسألته عن مولده فقال: دخلت بغداد في سنة خمس وستين وأربعمائة. وما تحقق مولده. توفي في سابع المحرم، وهو في عشر المائة. علق عنه أبو المعمر الأنصاري.
4 (محمد بن خلف بن موسى.)
أبو عبد الله الأنصاري، الأندلسي، الألبيري، المتكلم، نزيل قرطبة. روى عن: أبي بكر محمد بن الحسن المرادي، ويوسف بن موسى الكلبي. ذكره الأبار فقال: كان حافظاً لكتب الأصول والإعتقادات، واقفاً على مذهب أبي الحسن الأشعري وأصحابه، مع المشاركة في الأدب. وله كتاب النكت والأمالي في النقض على الغزالي، ورسالة الانتصار على مذهب أئمة الأخبار، وكتاب شرح مشكل ما في الموطأ وصحيح البخاري. وحدث عنه: أبو الوليد بن خير، وأبو إسحاق بن قرقول، وأبو عبد الله بن الصيقل، وأبو خالد) المرواني. وذكر ابن الصيقل أن له رواية عن ابن الطلاع.

(36/451)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 452
وقال المرواني: ولد في سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة سبعٍ، رحمه الله تعالى.
4 (محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله.)
الخطيب، أبو الفضل الهاشمي، العباسي، البغدادي. ولد سنة تسعٍ وأربعين وأربعمائة. وسمع: أبا الغنائم بن المأمون، وأبا الحسين بن المهتدي، واحترق سماعه منهما. وحدث عن: أبي الحسين بن النقور، وعبد الله بن الحسن الخلال، وأبي القاسم بن البسري، وجده طاهر بن الحسين القواس، وطراد الزينبي. وحدث. وكان خطيب جامع القصر، صالح، خير. سرد الصوم نيفاً وخمسين سنة. قال: سمعت من: أبي المأمون، وابن المهتدي بالله، لكن احترقت كتبي. قلت: قرأ القرآن على: أبي الخطاب أحمد بن علي الصوفي صاحب الحمامي. وتلا عليه أبو اليمن الكندي بخمس روايات. وسمع منه هو، وابن طبرزد، وجماعة. وتوفي ثامن عشر جمادى الأولى.

(36/452)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 453
4 (محمد بن محمد بن المسلم بن هلال.)
أبو الفضل الأزدي، الشاهد، المعدل، الدمشقي. سمع: أبا الفتح المقدسي، وسهل بن بشر الإسفرائيني، وعبد الكريم الكفرطابي. ثم أكثر هو عنهم، وحصل الكتب النفيسة. وذكر أخوه عبد الواحد أنه ولد سنة أربعٍ وثمانين وأربعمائة.
4 (محمد بن محمد بن علي بن جناح.)
أبو الغنائم الكوفي، الهمذاني، المعدل.) قدم من همذان، وسمع: أبا البقاء بن الحبال بالكوفة، وأبا الحسن بن العلاف. قال ابن السمعاني: كتبت عنه يسيراً، وكانت الألسنة متفقة على شكره وتوفي في أوائل شوال.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن سيد بن معمر.)
أبو عبد الله المذحجي، المالقي. روى عن: أبيه، وابن المطرف الشعبي، وأبي عبد الله بن خليفة القاضي، وأبي عبد الله محمد بن فرج، وأبي مروان بن سراج، وأبي علي الغساني. قال ابن بشكوال: كان من أهل العلم والفضل والدين والعفاف. أخذ الناس عنه، وأجاز لي. وتوفي في أواخر ذي الحجة.
4 (محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن حسين بن محمد بن عبد الرحمن بن)
الوليد بن القاسم بن الوليد.

(36/453)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 454
القاضي أبو المعالي، ابن القاضي أبي المفضل المقدسي، الدمشقي، الفقيه الشافعي، المعروف بابن الصائغ قاضي دمشق. سمع: أبا القاسم المصيصي، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، وأبا الفتح المقدسي، وأبا محمد بن البري، وعبد الله بن عبد الرزاق، وطائفة بدمشق. وأبا الحسن الخلعي، ومحمد بن عبد الله بن داود الفارسي بمصر. وعلي بن عبد الملك الدبيقي الفقيه بعكاء. وتفقه على أبي الفتح المقدسي، وناب عن والده في القضاء لما حج أبوه سنة عشر، ثم استقل بالقضاء لما كبر أبوه، وبعد موته. وهو خال الحافظ ابن عساكر، قال فيه: كان نزهاً، عفيفاً، صليباً في الحكم. ولد في أوائل سنة سبعٍ وستين وأربعمائة، ومات في ربيع الأول، ودفن عند أبيه بمسجد القدم. قلت: روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وأبو سعد السمعاني، وطرخان بن ماضي التيمي، ثم الشاغوري، الفقيه، وطائفة آخرهم موتاً أبو المحاسن محمد بن أبي لقمة. وكان يلقب بالقاضي المنتجب. وهو والد القاضي الزكي.) قال السمعاني: كان محموداً، حسن السيرة، شفوقاً على المسلمين، وقوراً، حسن المنظر، متودداً. سمعت منه اثنتي عشر جزءاً من حديث القاضي الخلعي.

(36/454)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 455
4 (المبارك بن أحمد بن محمد بن الناعورة.)
أبو المكارم الجحدي، البغدادي، المقريء، ويعرف بابن أبي الحجر. قال ابن السمعاني: شيخ صالح، خير، حسن السيرة، رضي الوجه. قرأ القرآن على أبي الخير المبارك العسال، وختم على جماعة. وحدث عن: رزق الله التميمي، وطراد الزينبي. روى عنه: ابن السمعاني، وغيره. توفي في ربيع الأول.
4 (مسعود بن محمد بن حسان بن سعيد.)
أبو سعيد المنيعي، المخزومي، المروروذي. حاز قصب السبق في الصدقة والبر، وإيصال النفع إلى المسلمين، وهو من بيت حشمة وتقدم. سمع من: عمه عبد الرزاق بن حسان، وغيره. وكانت الألسنة متفقة على الدعاء له والثناء عليه، من كثرة ما أنفق من الأموال في حجته. ولد في حدود السبعين وأربعمائة بمرو الروذ، ومرض بمرو، فحمل مريضاً إلى بلده. وتوفي في شوال. وكان يقال له: الأمير.

(36/455)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 456
4 (مفلح بن أحمد بن محمد بن عبيد الله بن علي.)
أبو الفتح الدومي، ثم البغدادي، الوراق. ولد سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة. وسمع من: أبي بكر الخطيب، وأبي محمد بن هزارمرد الصريفيني، وأبي الحسين بن النقور، وأبي القاسم بن البسري، وغيرهم. قال ابن السمعاني: كتب عنه الكثير، وكان شيخاً لا بأس به. كان يقعد في قطيعة الفقهاء بالكرخ، ويكتب الرقاع بالأجرة.) وسمعت أنه جمع مالاً كثيراً ودفنه، فورثه ابنه منجح، وكان حريصاً. وتوفي في ثاني عشر المحرم. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وابن طبرزد، ويوسف بن المبارك، وابن محمد بن السياري. وذكر ابن النجار أنه من ذرية خالد بن الوليد المخزومي رضي الله عنه، وآخر أصحابه ترك بن محمد العطار.
4 (موسى بن علي بن قداح.)
أبو الفضل البغدادي، الخياط، المعروف بن حاجبك. سمع: عبد الله بن علي الدقاق، وابن طلحة النعال، وجماعة. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني.

(36/456)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 457
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن همام بن يحيى.)
أبو بكر السرقسطي، الكاتب المعروف بابن أرزق. كان بارع الكتابة، أديباً، نبيهاً. كتب مع أبيه للمستعين بن هود، ثم كتب ليوسف بن تاشفين صاحب الأندلس والمغرب، وابنه علي. واستدعاه علي بن يوسف إلى مراكش سنة، وتوفي بقرطبة.

(36/457)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 458
4 (وفيات سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الحسين بن محمد بن الحسين.)
أبو سعيد الكندري، الإسفرائيني، الأديب، من أولاد الفضلاء. قال ابن السمعاني: لقيته بجوسقان إسفراين، وقد شاخ وناطح التسعين، وتغير، واختل حاله. كتبت عنه يسيراً من الحديث وشعراً لوالده. مولده سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. وتوفي في آخر العام. قال: وكان أديباً، فاضلاً، عمر، وافتقر، وكان مشتغلاً بالعلم.) حكى أنه كان يصحب الصوفية، ويتكتم من كتابة الحديث قال: فسقطت مني دواةٌ، فقال صوفي: أستر عورتك. سمع: أبا إسحاق الشيرازي، وفاطمة بنت الدقاق، وجماعة.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن ينال.)
أبو منصور الإصبهاني، الصوفي، المعروف بالترك. شيخ مسن معمر، أفنى عمره في خدمة الصوفية. وله رباط بإصبهان.

(36/458)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 459
سمع: عبد الجبار بن برزة الرازي الواعظ، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وجماعة من أصحاب المرزبان الأبهري، وابن خرشيذ قوله. روى عنه: ابن السمعاني، وأبو موسى المديني، وغيرهما. توفي في صفر. وقال السمعاني: توفي سنة ستٍ عن بضعٍ وثمانين سنة.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن خالد.)
أبو سعد الخطيب. شيخ صالح، عالم، من أهل شرمقان، وهي بليدة بقرب إسفراين. سمع بنيسابور من: أبي تراب عبد الباقي المراغي، وبجرجان من أبي القاسم إبراهيم بن عثمان الخلالي. روى عنه: أبو سعد السمعاني. وعاش ستاً وسبعين سنة.
4 (أحمد بن هبة الله بن محمد بن الديناري.)
أبو المنصور. من أهل درب القيار. روى عن الشريف محمد بن عبد السلام. وعنه: ابن كامل. توفي في رمضان.)

(36/459)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 460
4 (إبراهيم بن أحمد بن خلف.)
أبو إسحاق السلمي، الفارسي، المحدث. المعروف بابن فرتول. ذكره الأبار فقال: هو جد صاحبنا أبي العباس أحمد دخل الأندلس، وروى عن: أبي علي الغساني، وأبي علي الصدفي. وسمع بسجلماسة صحيح البخاري، سنة ثلاثٍ وسبعين وأربعمائة، من بكار بن برهول. روى عنه: محمد بن أحمد بن منصور. توفي في جمادى الآخرة. قلت: توفي حفيده المؤرخ الحافظ سنة.
4 (إكز الحاجب الكبير.)
أسد الدين. من كبراء دمشق. ولي الحجابة سنتين أو أكثر. وله بدمشق مدرسة معروفة. فلما كان في جمادى الأولى من سنة ثمانٍ قبض عليه، وأخذت أمواله، وسملت عيناه، وسجن، وتفرق عنه أصحابه.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن أبي جعفر أحمد بن محمد بن رزق الأموي، القرطبي.)
أبو أحمد. عمر دهراً، وحدث عن أبيه. وأجاز له أبو العباس العذري. حدث عنه: أبو الحسن بن مؤمن، وأبو جعفر بن شراحيل. وسمع منه: محمد بن عبد العزيز النقوري في هذا العام. قاله أبو عبد الله الأبار.

(36/460)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 461
4 (حرف الحاء)
)
4 (الحسن بن محمد بن الحسين.)
الخطيب، أبو علي السلمي، الفارقي. سمع ببغداد من: رزق التيمي. وعنه: السمعاني، وابن عساكر. مات في ربيع الآخر.
4 (الحسين بن حمد بن محمد بن عمرويه.)
أبو عبد الله، شيخ الشافعية بإصبهان. سمع: أبا علي بن زياد، وأبا بكر بن ماجة. روى عنه: السمعاني. مات في عشر الثمانين في ذي القعدة.
4 (حفاظ بن الحسن.)
أبو الوفا الغساني، الدمشقي، المعروف بابن نصف الطريق. سمع من: علي بن طاهر النحوي. قال أبو القاسم بن عساكر: قرأت عليه أشياء بإجازة عبد العزيز الكتاني

(36/461)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 462
المطلقة.
4 (حكيم بن إبراهيم بن حكيم.)
الفقيه الدربندي. تفقه على أبي حامد الغزالي ببغداد. وسمع بمرو من الموفق بن عبد الكريم الهروي. توفي في شوال ببخارى.
4 (حرف الدال)

4 (داود بن محمود بن محمد بن ملكشاه.)
السلطان السلجوقي. قتل غيلةً، ونجا الذين قتلوه، فلم يقع على خبرهم.
4 (حرف السين)

4 (سليمان بن محمد بن حسين بن محمد.)
) أبو سعد البلدي، المتكلم، المعروف بالكافي، الكرجي، بالجيم، قاضي الكرج. تفقه بإصبهان على أبي بكر محمد بن ثابت الخجندي.

(36/462)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 463
وسمع: أبا بكر محمد بن أحمد بن ماجة الأبهري، وأبا سهل غانم بن محمد الحافظ. وبرع في الفقه، والأصول، والخلاف. واشتهر بحسن الإيراد، وقوة المناظرة والتحقيق. وقدم بغداد بعد العشرين وخمسمائة، وبحث مع أسعد الميهني في مسائل. أخذ عنه: ابن السمعاني نسخة لوين. وقال: له سمتٌ ووقار. وتوفي في سنة سبعٍ، وعندي في نسخة أخرى سنة ثمانٍ وثلاثين، في ذي القعدة. وقال ابن الجوزي: سنة سبعٍ، ومولده سنة ستين.
4 (حرف الشين)

4 (شيبان بن عبد الله بن شيبان بن عبد الله بن أحمد.)
أبو سعيد الأسدي، الإصبهاني، المحتسب، المؤدب، الملقن، الرجل الصالح. سمع: إبراهيم بن محمد الطيان، وابن ماجة، وجماعة. روى عنه: السمعاني، وقال: مات في رمضان. وجده شيبان، سمع من الحافظ ابن مندة.

(36/463)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 464
4 (حرف الصاد)

4 (صافي الأرمني.)
أبو الحسن، عتيق قاضي القضاة أبي عبد الله الشهرستاني. سمع من: الفقيه نصر المقدسي. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم. وكان خيراً كثير الصلاة. توفي في ربيع الأول.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد.)
) المرسي، ثم السبتي، النفزي، خطيب سبتة. سمع من حجاج بن قاسم صحيح البخاري، عن أبي ذر الهروي. وسمع من: أبي مروان بن سراج. وكان صالحاً ديناً، كثير الذكر لله تعالى، أثنى عليه القاضي عياض، ووثقه. أخذ عنه الناس. وكان مولده في سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة. وتوفي بقرطبة في ربيع الآخر.

(36/464)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 465
روى عنه: ابن بشكوال.
4 (عبد الخالق بن عبد الصمد بن علي بن الحسين بن عثمان بن البدن.)
أبو المعالي الصفار. شيخ بغدادي، متسبب، صالح، دين، ثقة. قيم بكتاب الله، كثير البكاء من خشية الله. سمع الكثير، وذهبت أصوله في الحريق. سمع: الحسين بن المهتدي بالله، وعبد الصمد بن المأمون، وأبا جعفر ابن المسلمة، وابن النقور، وجماعة. قال ابن السمعاني: قرأت عليه الكثير، وولد سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وتوفي في أحد الربيعين. قلت: وروى عنه: ابن عساكر، وابن الجوزي، وعمر بن طبرزد، وجماعة. قال ابن السمعاني: قرأت عليه الكثير، وولد سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وتوفي في أحد الربيعين. قلت: وروى عنه: ابن عساكر، وابن الجوزي، وعمر بن طبرزد، وجماعة. قال ابن نقطة: ثنا عنه أبو أحمد بن سكينة.
4 (عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن محمد.)
أبو زيد الخزرجي، القرطبي، المقرئ. من كبار القراء بقرطبة.) تصدر للإقراء بالجامع. وكان قد أخذ القراءآت عن: أبي جعفر أحمد بن عبد الرحمن الخزرجي، وأبي الأصبغ عيسى بن خيرة.

(36/465)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 466
روى عنه: يحيى بن عبد الرحمن المجريطي، وعبد الحق بن محمد الخزرجي، وأبو الحسن علي الشقوري. ولم تضبط وفاته، ولكنه أجاز لبعض الناس في هذه السنة.
4 (عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن بن بندار.)
الحافظ، أبو البركات الأنماطي، مفيد بغداد. سمع الكثير، وحصل العالي والنازل، ومازال يسمع، ويفيد، ويجمع إلى آخر عمره. ولد في رجب سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وسمع: أبا محمد الصريفيني، وأبا الحسين بن النقور، وأبا القاسم عبد العزيز الأنماطي، وأبا القاسم بن البسري، وأبا نصر الزينبي، وأبا الغنائم بن أبي عثمان، وعاصم بن الحسن، فمن بعدهم. وقرأ على أبي الحسين بن الطيوري جميع ما عنده. روى عنه: ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وأبو سعد السمعاني، وابن الجوزي، وعبد الوهاب ابن سكينة، وعمر بن طبرزد، ويوسف بن كامل، وعبد العزيز الأخضر، وعبد الواحد بن سعد الصفار، وأحمد بن أزهر، وعبد العزيز بن مينا، وعبد العزيز بن زهر، وأحمد الدبيقي، وخلق آخرهم عبد الرحمن بن

(36/466)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 467
أحمد بن هدية. وقد روى عنه من القدماء محمد بن طاهر المقدسي، وغيره. قال ابن السمعاني: هو حافظ، ثقة، كثير السماع، واسع الرواية، دائم البشر، سريع الدمعة عند الذكر، حسن المعاشرة، مليح المجاورة جمع الفوائد، وخرج التخاريج. ولعله ما بقي من العالي والنازل جزء إلا قرأه وحصل نسخته، إما بخطه، أو بخط غيره. ونسخ الكتب الكبار مثل: طبقات ابن سعد، وتاريخ الخطيب. وكان متفرغاً، مستعداً للتحديث، إما أن يقرأ عليه، أو ينسخ شيئاً. وكان لا يجوز الإجازة على الإجازة.) وجمع في ذلك شيئاً. قرأت عليه الكثير مثل الجعديات، ومسند يعقوب بن سفيان الفسوي، ومسند يعقوب بن شيبة، ما كان سماعه وانتقاء ابن البقال، على المخلص. وقال ابن ناصر: كان عبد الوهاب الأنماطي بقية الشيوخ، سمع الكثير، وكان يفهم. وكان ثقة صحيح السماع. ومضى مستوراً، ولم يتزوج قط. وقال السلفي: كان عبد الوهاب رفيقنا حافظاً، ثقة، لديه معرفة جيدة. وقال ابن الجوزي: كنت أقرأ عليه الحديث وهو يبكي، فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته. وكان على طريقة السلف. وانتفعت به ما لم انتفع بغيره. وذكره أبو موسى المديني في معجمه فقال: حافظ عصره ببغداد. توفي حادي عشر المحرم.
4 (عبيد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن سعدويه.)

(36/467)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 468
أبو الفضل ابن الشيخ أبي سهل الإصبهاني. سمع: جده أبا نصر، والمطهر بن عبد الواحد البزاني، وأبي منصور محمد بن علي بن شكرويه، وجماعة كثيرة. ذكره أبو سعد في الذيل فقال: سمعت منه الكثير، وهو شيخ، عالم، فاضل، عاقل، ثقة، ساكن، متميز، من بيت الحديث والتزكية بإصبهان. توفي في ذي الحجة. قرأت عليه تاريخ إصبهان لابن مردويه، يرويه عن أبي الخير بن ررا، عنه.
4 (عتيق بن أسد بن عبد الرحمن.)
أبو بكر الأنصاري. نشأ بمرسية، وأخذ القراءآت عن أبي الحسين بن البياز، وغيره. والحديث عن أبي علي الصدفي فأكثر عنه.) وتفقه بأبي محمد بن جعفر، وبرع في الفقه، وغلب عليه، وولي قضاء شاطبة، ودانية.

(36/468)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 469
ذكره أبو عبد الله الأبار فقال: كان نسيج وحده في الفقه وجودة الفتاوى، مع المشاركة في عدة فتون. روى عنه: أبو بكر مفوز بن طاهر، وأبو محمد بن سفيان، وغيرهما. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (علي بن الحسين بن محمد.)
أبو الحسن القصري، قصر كنكور: بين بغداد وهمذان. كان دليل الحاج. وحج نحواً من خمسين حجة. وصنف مجموعاً حسناً في مجلدين في معرفة طريق مكة. قال ابن السمعاني: هو شيخ لا بأس به، مشتغل بما يعنيه. سمع: مالكاً البانياسي، وابن البطر. وكتبت عنه. وتوفي بمنى صبيحة عيد النحر، رحمه الله.
4 (علي بن طراد بن محمد بن علي بن الحسن.)
الوزير الكبير، أبو القاسم ابن نقيب النقباء، الكامل أبي الفوارس

(36/469)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 470
الهاشمي، العباسي، الزينبي. وزير الخليفتين المسترشد، والمقتفي. ولد في شوال سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وأجاز له أبو جعفر ابن المسلمة. وسمع من: أبيه، وعمه أبي نصر، وأبي القاسم بن البسري، ورزق الله التميمي، وجماعة. قال ابن السمعاني: كان صدراً، مهيباً، قوراً، حاد الفراسة، دقيق النظر، ذا رأيٍ وتدبير، ومعرفة بالأمور العظام. وكان شجاعاً جريئاً. خلع الراشد الذي استخلف بعد أن قتل أبوه المسترشد، وجمع الناس على خلعه، وعلى مبايعة المقتفي لأمر الله في يومٍ واحد.) وكان الناس يتعجبون من ذلك. ولم يزل أمره مستقيماً، وأحواله على الترقي إلى أن تغير عليه المقتفي لأمر الله، وأراد القبض عليه، فالتجأ إلى دار السلطان مسعود بن محمد، إلى أن قدم السلطان بغداد، فأمر بحمله إلى داره مكرماً، وجلس في داره ملاصق دار الخلافة واشتغل بالعبادة. وكان طلق الوجه، دائم البشر، كثير التلاوة والصلاة وكل من كان له عليه رسم وإدرار من القراء والصلحاء كان يوصله إليهم بعد العزل، إلى أن توفاه الله تعالى حميداً مكرماً. قرأت عليه الكثير من الكتب والأجزاء، وكنت ألازمه، وأحضر مجلسه مرتين في الأسبوع، أقرأ عليه. وكان يكرمني غاية الإكرام ويخرج إلي الأجزاء والأصول. وتوفي في أول رمضان، ودفن في داره، ثم نقل إلى تربته بالحربية سنة أربعٍ وأربعين. قلت: وروى عنه: أبو منصور محمد بن أحمد بن محد بن عبد الباقي النرسي، وعمر بن طبرزد، وابن سكينة، وجماعة. وأوصى إلى ابن عمه قاضي

(36/470)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 471
القضاة علي بن الحسين الزينبي. وكان يضرب المثل بحسنه في صباه ولأبي عبد الله البارع فيه:
(قالوا: عليٌّ ملك الحسن قد .......... أقسم أن لا يشرب الخمرا)

(قلت: فما يصنع في ريقه .......... فقد حنث البدر وما برا)

(لو طلب الأجر لما حقق إلا .......... صداع، أو ما زنر الخصرا)

(لتبك شمس الراح من نسكه .......... فإنها قد فارقت بدرا)

4 (علي بن عبد الملك بن مسعود.)
أبو الحسن الهروي الأصل، الحلبي المولد، البغدادي الدار. ولد سنة. وسمع: أبا محمد نصر الصريفيني، وجماعة. روى عنه: ابن السمعاني، وقال: شيخ، صالح، مستور. توفي في المحرم.
4 (عمر بن محمد بن الحسين.)
) الإمام، الأديب، أبو جعفر الفرغولي، الدهستاني، نزيل مرو. مكثرٌ، سمع عبد الحكيم بن عبد الحليم بدهستان، وكامل بن إبراهيم

(36/471)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 472
بجرجان، وإسماعيل بن مسعدة، وأبو عثمان المحمي، وأبا بكر بن خلف، وخلق بالنواحي. وحصل الأصول. قال السمعاني: استمليت عليه، وأكثرت عنه. مات في جمادى الآخرة عن اثنتين وثمانين سنة.
4 (حرف الغين)

4 (غانم بن أحمد بن الحسن بن محمد بن علي الجلودي.)
أبو الوفاء الإصبهاني. ولد في ثاني عشر رجب، سنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة. وسمع من سعيد بن أبي سعيد العيار صحيح البخاري. روى عنه: أبو موسى المديني، وأبو القاسم بن عساكر، وابن السمعاني، وخلق آخرهم وفاةً: أبو الفتوح داود بن معمر بن الفاخر.

(36/472)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 473
سمع منه صحيح البخاري. وقرأته لولدي بالإجازة العامة منه، على ابن الشحنة، تبعاً لسماعه المتصل. وسمع أيضاً من: أبي نصر محمد بن علي الكاغدي. كره الأخذ عنه اللفتواني، وحط عليه، كان ذلك لميله إلى الأشعرية، والله أعلم. توفي في ثالث ذي الحجة.
4 (غانم بن أبي طاهر بن عبد الواحد بن أحمد بن خالد.)
أبو القاسم الإصبهاني، التاجر. سمع كتاب السنن لموسى بن طارق، من عبد الرزاق بن شمه، سوى الجزء الرابع، وانفرد بعلو هذا الكتاب. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابن السمعاني، وأبو عبد الله أحمد بن أبي العلاء الهمذاني العطار، وحفيده محمد بن أبي نصر بن غانم، وحفيده الآخر محمد بن أبي طاهر بن غانم الضرير، ومحمد بن عبد الله بن محمد الرويدشتي، وآخرون.) وتوفي في ثالث عشر رجب، وقد غلط معمر وقال: توفي سنة ست، وكأنه شين قلمٍ من معمر.

(36/473)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 474
قال السمعاني: كان سديداً، ثقة، مكثراً، سمع بإفادة ابن عمته محمد بن أحمد الجركاني، من ابن شمه، والباطرقاني، وأبي مسلم بن مهربزد، وعائشة الوركانية، وعبد الله بن محمد الكرماني. ومولده سنة اثنتين وخمسين بإصبهان.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت أبي الحسن علي بن عبد الله بن محمد.)
النيسابورية الأصل، الإصبهانية، الواعظة. ولدت بطريق الحجاز، ونشأت بإصبهان. وكانت دينةً، متعبدة، زاهدة، لها قدمٌ راسخٌ في التصوف و الزهد. سمعت القاضي عبد الله بن علي التميمي الإصبهاني. قال ذلك ابن السمعاني، وقال: قرأت عليها مجلسين من أماليه. وكان مولدها قبل الستين وأربعمائة، وتوفيت في رمضان.
4 (فاطمة بنت الشريف محمد بن عدنان بن محمد.)
أم عمرو الهاشمية، الزينبية، البغدادية. قال ابن السمعاني: امرأة صالحة افتقرت. سمعت من: أبي نصر الزينبي. روى عنها: ابن السمعاني. توفيت في ربيع الآخر.

(36/474)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 475
4 (حرف الكاف)

4 (الكندايجور الفرنجي.)
صاحب القدس. هلك ببيت المقدس، وأقيم في الملك ابنه صبي، وأم الصبي. ورميت الفرنج، خذلهم الله، بذلك. ذكره أبو يعلى.
4 (حرف الميم)
)
4 (محمد بن إبراهيم.)
أبو عبيد الله الجذامي، القرطبي. روى في هذا العام عن: ابن الطلاع، وأبي علي الجبائي. وعنه: علي بن أحمد الشقوري.
4 (محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم.)
أبو الحسن بن صرما الدقاق، الصائغ، ابن عمة الحافظ ابن ناصر. ولد يوم نصف شعبان سنة ستين وأربعمائة. وسمع من: ابن هزارمرد، والصريفيني، وأبي الحسين بن النقور، وجماعة. وكان شيخاً صالحاً، سيداً. روى عنه: ابن السمعاني، وابن الجوزي، وعمر بن طبرزد، وعبد الخالق بن أسد الدمشقي، وأبو اليمن الكندي، وآخرون. وتوفي في نصف شعبان أيضاً.
4 (محمد بن حكم بن محمد بن أحمد بن جعفر باقي.)

(36/475)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 476
أبو جعفر السرقسطي، النحوي، حفيد الصاحب ذي الوزارتين محمد، صاحب مدينة سالم الذي قتل بها في سنة عشرين وأربعمائة. روى هذا عن: أبي الوليد الباجي، ومحمد بن يحيى بن هاشم، وأبي الأصبغ بن عيسى، وأبي جعفر بن جراح، وجماعة. وولي قضاء مدينة فاس، ودرس، وأفتى، وأقرأ العربية والكلام. قال الأبار: كان ذا حظ من علم الكلام، حسن الأخلاق، قوالاً بالحق، شرح الإيضاح لأبي علي الفارسي، وكان واقفاً على كتب أبي علي، وكتب أبي الفتح بن جني، وأبي سعيد السيرافي. روى عنه: أبو الوليد بن خيرة، وأبو مروان بن الصيقل، وقاسم بن دحمان، وأبو محمد بن بونة، وأبو الحسن اللواتي. وتوفي بتلمسان في حدود سنة ثمانٍ وثلاثين.
4 (محمد بن حمد بن خلف بن أبي المنى.)
أبو بكر البندنيجي، البغدادي، المعروف بحنفش.)

(36/476)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 477
شيخ مسن، قدم في صباه، وتفقه على الإمام أبي سعد المتولي. حصل طرفاً من الخلاف، وكان يبحث ويتكلم. وسمع من: أبي محمد الصريفيني، وأبي الحسين بن النقور. قال ابن السمعاني: كان عسراً، سيء الأخلاق، يبغض المحدثين. وسمعت غير واحد يقول إنه يخل بالصلوات، وليس له طريقة محمودة. كتبت عنه شيئاً بجهدٍ جهيد، وكان أكثر الأوقات إذا سلمت عليه لا يرد. روى عنه: ابن سكينة، ويوسف بن المبارك. وكان حنبلياً، ثم صار حنفياً، ثم شافعياً. وقد رمي بالتعطيل.
4 (محمد بن الخضر بن إبراهيم.)
أبو بكر الخطيب، المحولي، خطيب المحول. كان من مشاهير القراء ببغداد. قرأ القرآن على أبي محمد رزق الله التميمي، وأبي طاهر أحمد بن سوار. وكان حسن الأخذ. ختم عليه جماعة، وروى عنه: ابن السمعاني. وقرأ عليه بالروايات: أبو اليمن الكندي، وهو آخر من لقيه. ومات في ذي القعدة وهو في عشر السبعين. وقال: لزمت ابن سوار خمس عشرة سنة. وقد قرأ بنهر الملك سنة أربعٍ وثمانين على أحمد بن الفتح بن عبد الجبار الموصلي صاحب الشريف الحراني.

(36/477)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 478
وقال أحمد بن شافع: كان أبو بكر الخطيب المجود يضرب به المثل في الإقراء، وتجويد الأخذ، والتحقيق. وكان حسن الخلق خطابةً، مع الخشوع، وحضور القلب. كان يقصد من الأماكن البعيدة لسماع خطبته.
4 (محمد بن طلحة بن علي بن يوسف.)
) أبو عبد الله الرازي، ثم البغدادي، العطار، من صوفية رباط أبي سعيد الزوزني. وكان قليل الدين. روى عن: أبيه وعن الصريفيني حضوراً. وعن: عبد العزيز الأنماطي، وابن البسري، وجماعة. روى عنه: ابن سكينة، ويوسف بن المبارك الخفاف. ومات في جمادى الآخرة.
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين.)
أبو الفتح بن فوران، الفقيه، من أهل الري. نزل آمل طبرستان. وكان فقيهاً، ظريفاً، واعظاً، لعاباً، ليس بمرضي الطريقة. وله شعر.

(36/478)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 479
4 (محمد بن علي بن خلف.)
أبو عبد الله التجيبي، الشاطبي. أخذ القراءآت عن ابن شفيع، وبعض القراءآت عن ابن الدوش. روى عنه: ابنه عبد الله. ومات رحمه الله في عشر الثمانين.
4 (محمد بن علي بن سعيد بن المطهر.)
أبو الفضل المطهري، البخاري. فاضل معمر، من أولاد المحدثين. قال السمعاني: قدم مرو، فأظن أني سمعت منه. أجاز لنا. سمع: أبا بكر محمد بن عبد الله الكرابيسي، والحافظ قتيبة بن محمد العثماني، وأبا عصمة عبد الواحد بن أحمد، وعبد الصمد بن محمد الرباطي، وعمر بن خنب الحافظ. ومن عواليه: تفسير الأشج. قال: أنبا به ابن خنب، أنا إبراهيم بن محمد بن عبد الله الرازي، أنا الحافظ عبد الرحمن بن أبي) حاتم، عنه. وتفسير هشيم أنا عمر بن منصور بن أحمد بن محمد بن موسى بن أفلح بن خنب الحافظ البزاز، أنا أبو بكر محمد بن إدريس الجرجرائي الحافظ، أنا محمد بن عيسى بن عبد الكريم بالرملة، أنا محمد بن إبراهيم بن بطال، أنا زياد بن أيوب، عن هشيم. وسمع خ من ابن خنب، بسماعه من إسماعيل بن حاجب. وسمع ت من طريق الهيثم بن كليب. وسمع د بعده، وتاريخ غنجار، عن رجلٍ، عنه، والمسند

(36/479)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 480
لوكيع، عالياً. مات رحمه الله في ذي القعدة، وله أربعٌ وثمانون سنة.
4 (محمد بن علي بن منصور.)
أبو الفضل السنجي، المروزي، الخوجاني، الغازي. كان يقدم مرو من قرية خوجان. وكان ثقة مكثراً. سمع بنفسه، ورحل وكتب. سمع جدي أبا المظفر، قاله أبو سعد. ثم قال: وسمع من: إسماعيل بن محمد الزاهدي وبنيسابور: أحمد بن سهل السراج. ولد سنة سبعٍ وستين بمرو، وبها توفي في صفر. خرجت له جزءاً.
4 (محمد بن الفضل بن أبي الحسن بن محمد.)
أبو بكر الإصبهاني، المؤدب، المعروف ببستة. شيخ صالح، مسن. سمع: أبا القاسم بن عبد الرحمن، وأبا عمرو ابن الحافظ ابن مندة. وتوفي في ذي الحجة أيضاً.
4 (محمد بن الفضل بن محمد.)

(36/480)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 481
أبو الفتوح الإسفرائيني، المعروف بابن المعتمد. إمامٌ في الوعظ، مليح المحاورة، فصيح العبارة، طريف الجملة والتفصيل.) سمع: أبا الحسن المديني بنيسابور، وشيرويه الديلمي بهمذان. روى عنه: ابن السمعاني، وقال: حضرت يوماً مجلسه في رباط أم الخليفة، وسألته عن مولده فقال: في سنة أربعٍ وسبعين وأربعمائة بإسفراين. وأزعج من بغداد، فخرج منها متوجهاً إلى خراسان، فأدركه الموت ببسطام في ثاني ذي الحجة، ودفن بجنب أبي يزيد البسطامي، رحمه الله. وهو مذكورٌ في حوادث هذه السنة. قال ابن النجار: كان من أفراد الدهر في الوعظ، فصيح العبارة، دقيق الإشارة، حلو الإيراد. وكان أوحد وقته في مذهب الأشعري، وله في التصوف قدمٌ راسخ، وكلام دقيق فائق. صنف في الحقيقة كتباً منها: كتاب كشف الأسرار على لسان الأخيار، وكتاب بيان القلب، وكتاب بث الأسرار. وكل كتبه نكت وإشارات. وهي مختصرة الحجم.

(36/481)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 482
ورد بغداد سنة خمس عشرة، وظهر له القبول التام، بين الخاص والعام، وكان يتكلم على مذهب الأشعري، فثار عليه الحنابلة، ووقعت فتن، فأمر المسترشد بإخراجه، فخرج إلى أن ولي المقتفي، فعاد واستوطن بغداد، فلم يزل يعظ ويظهر مظهر الأشعري إلى أن عادت الفتن، فأخرجوه من بغداد إلى بلده، فأدركه الأجل. ثم قال ابن النجار: قرأت في كتاب أبي بكر المارستاني: حدثني أبو الفتح مسعود بن محمد بن ماشاذة قال: قال لي الحافظ ابن ناصر: أحب أن تسأل أبا الفتوح: هل القرآن الذي تكلم الله به بحرفٍ وصوت فأتيت الشيخ أبا الفتوح، وحكيت له قول ابن ناصر، فقال لي: سلم على الحافظ أبي الفضل عني، وقل له: بحرف يكتب، وبصوت يسمع. قعدت إلى ابن ناصر، فصليت خلفه المغرب، وحدثته بالجواب، فحلف أن لا يمشي إلا حافياً، وخرج وأنا معه، فسبقته إليه وحدثته، فقال: أنا والله لا أخرج لتلقيه إلا حافياً إجلالاً لمجيئه. وخرج من الرباط، وقطع درب راجي، فتلاقيا حافيين، فاعتنقا، وقبل كل منهما صاحبه، وتحادثا ساعة.) قلت: فرح ابن ناصر ما له معنى، وعسى خبره لأنه يخالطه في الجواب، كما خبط هو في السؤال. وقال أبو القاسم بن عساكر: أبو الفتوح أجرأ من رأيته لساناً وجناناً، وأكثرهم فيما يورد إعراباً وإحساناً، وأسرعهم جواباً، وأسلمهم خطاباً، مع ما رزق بعد صحة العقيدة من السجايا الكريمة، والخصال الحميدة، من قلة المراءاة، لأبناء الدنيا، وعدم المبالاة بذوي الرتبة العالية، والإقبال على إرشاد الخلق، وبذل النفس في نصرة الحق. إلى أن قال: فمات غريباً شهيداً. وقد كنت لازمت حضور مجلسه ببغداد، فما رأيت مثله واعظاً ولا مذكراً. وقال ابن النجار: قرأت في كتاب أبي بكر المارستاني: حدثني قاضي القضاة أبو طالب بن الحديثي قال: كنت جالساً، فمر أبو الفتوح الإسفرائيني،

(36/482)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 483
وحوله جمٌّ غفير من عصبيته، ومنهم من يصيح ويقول: لا بحرف ولا صوت بل هي عبارة عن ذلك. فرجمه العوام، ورجم أصحابه، حتى لم يكد يبقى في الطريق ما يرجم به. وكان هناك كلبٌ ميت، فتراجموا به، وصار من ذلك فتنة كبيرة، لولا قربها من باب النوبي لهلك فيها جماعة. فاتفق جواز موفق الملك عثمان عميد بغداد، فهرب معظم أصحابه من حوله، صار قصارى أمره أن يلقي نفسه عن فرسه، ودخل في بعض الدكاكين، وأغلق الباب، ووقف من تخلف معه على الباب. حتى انقضت الفتنة. ثم ركب طائر العقل إلى المملكة، ودخل إلى السلطان مسعود، فحكى له الحال، فتقدم السلطان إلى الأمير قيماز بالقبض على أبي الفتوح، وحمله إلى همذان، وتسليمه من همذان إلى الأمير عباس ليحمله إلى إسفراين، ويشهد عليه أنه متى يخرج منها فقد أطاح دم نفسه.
4 (محمد بن القاسم بن المظفر بن علي بن الشهرزوري، ثم الموصلي.)

(36/483)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 484
أبو بكر. شيخ مسن، كبير القدر، فاضل، محترم. أكثر الأسفار في شبيبته، ورأى الأئمة.) وجد في خراسان، وولي القضاء بعدة أماكن في بلاد الجزيرة، والشام، وكان يلقب بقاضي الخافقين. تفقه ببغداد على أبي إسحاق، وسمع منه. ومن: أبي القاسم الأنماطي، وأبي نصر الزينبي. وبنيسابور من: أبي بكر بن خلف، وغيره. وحدث ببغداد، والموصل. ولد بإربل في سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة. روى عنه: ابن السمعاني، وابن عساكر، وعمر بن طبرزد، وجماعة. قال ابن عساكر: قدم دمشق مراراً، أحدهاً رسولاً من المسترشد لأخذ البيعة. أنا أبو بكر بن أبي أحمد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة بدمشق، أنا عثمان المحمي، فذكر حديثاً. توفي ببغداد في جمادى الآخرة. وقال علي بن يحيى الطراح: مات في ثاني ربيع الأول.

(36/484)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 485
4 (محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن حسين.)
أبو نصر الإصبهاني، الصائغ، المؤذن. شيخ صالح، تفرد بعدةٍ من تصانيف عبد الرحمن بن مندة، عنه. وسمع أيضاً من أخيه عبد الوهاب، وجماعة. أخذ عنه: السمعاني، وغيره.
4 (محمد بن يوسف بن عبد الله.)
أبو طاهر التميمي، السرقسطي. نزيل قرطبة. سمع كثيراً من: أبي علي الصدفي، وأبي عمران بن أبي تليد، وجماعة. قال ابن بشكوال: كان مقدماً في اللغة والعربية، شاعراً محسناً. له مقامات صنفها، أخذت عنه واستحسنت.

(36/485)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 486
توفي في جمادى الأولى. قلت: آخر من سمع منه وفاة خطيب قرطبة أبو جعفر بن يحيى.)
4 (المبارك بن محمد بن حسين.)
أبو القاسم بن البزوري، الدواني. كان يخدم نقيب الطالبيين. وهو صالح، ساكن، خير، راغب في حضور مجالس العلم. سمع: أبا الحسين بن النقور، ونصر بن معمر. وأجاز له: أبو بكر الخطيب، وأبو علي بن البنا. قال ابن السمعاني: قرأت عليه الكثير، وقال: ولدت سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة. قلت: وروى عنه عبد الخالق بن أسد.
4 (محسن بن النعمان.)
أبو الفضل البسطامي، المؤدب، فقير، صالح. ولد في حدود الخمسين وأربعمائة. وروى عن: محمد بن عبد الجبار الإسفرائيني، وطاهر الشحامي.
4 (محمود بن عمر بن محمد.)

(36/486)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 487
العلامة، أبو القاسم الزمخشري، الخوارزمي، النحوي، اللغوي، المتكلم، المعتزلي، المفسر. مصنف الكشاف في التفسير، والمفصل

(36/487)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 488
في النحو. وزمخشر: من قرى خوارزم. وكان يقال له جار الله، لأنه جاور بمكة زماناً. وولد بزمخشر، في رجب سنة سبعٍ وستين وأربعمائة. وقدم بغداد. وحدث. وأجاز لأبي طاهر السلفي، ولزينب الشعرية، وغيرهما. قال ابن السمعاني: كان ممن برع في علم الأدب، والنحو، واللغة، لقي الكبار، وصنف التصانيف في التفسير، والغريب، والنحو. وورد بغداد غير مرة، ودخل خراسان عدة نوب. وما دخل بلداً إلا واجتمعوا عليه، وتلمذوا له.) وكان علامة الأدب، ونسابة العرب. أقام بخوارزم تضرب إليه أكباد الإبل، ثم خرج منها إلى الحج، وأقام برهةً من الزمان بالحجاز حتى هبت على كلامه رياح البادية، ثم انكفأ راجعاً إلى خوارزم. ولم يتفق أني لقيته، وكتبت من شعره عن جماعةٍ من أصحابه. ومات ليلة عرفة. وقال القاضي ابن خلكان: كان إمام عصره، له التصانيف البديعة، منها الكشاف، ومنها الفائق في غريب الحديث، ومنها كتاب أساس البلاغة، وكتاب ربيع الأبرار وفصوص الأخبار، وكتاب تشابه أسماء الرواة، وكتاب النصائح الكبار، وكتاب ضالة الناشد، والرائض في الفرائض،

(36/488)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 489
والمنهاج في الأصول، والمفصل. وسمعت بعض المشايخ يحكي أن رجله سقطت وكان يمشي على جارف خشب، وسقطت من الثلج. وقيل إنه سئل عن قطع رجله، فقال: سببه دعاء الوالدة. كنت في الصغر اصطدت عصفوراً وربطه بخيط في رجله، فطار، ودخل في حرف، فجذبته، فانقطعت رجله، فتألمت أمي. وقالت: قطع الله رجلك كما قطعت رجله. فلما كبرت ورحلنا إلى بخارى سقطت عن الدابة، وانكسرت رجلي، وعملت عملاً أوجب قطعها. وكان متظاهراً بالإعتزال، وقد استفتح الكشاف بالحمد لله الذي خلق القرآن فقالوا له: متى تركته هكذا هجره الناس. فغيرها بجعل القرآن. وهي عندهم بمعنى خلق. ومن شعره يرثي شيخه أبا مضر منصور:
(وقائلة: ما هذه الدرر التي .......... تساقط من عينيك سمطين سمطين)

(فقلت: هو الدر الذي كان قد حشا .......... أبو مضر أذني تساقط مع عيني)
وقد كتب إليه السلفي إلى مكة يستجيزه، فأجازه بجزءٍ لطيف فيه لغة وفصاحة، يزر فيه على) نفسه.

(36/489)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 490
قلت: كان داعية إلى الإعتزال والبدعة.
4 (مقداد بن المختار.)
أبو الجوائز بن المطاميري، التكريتي، الشاعر المشهور. ذكره ابن النجار فقال: كان جيد القول رقيق الغزل، كثير النظم. روى عنه: الحسن بن جعفر بن المتوكل، وعلي بن أحمد بن محمويه الأزدي، وغيرهما. فمن شعره:
(ولما تناحوا للفراق غدية .......... رموا كل قلبٍ مطمئنٍّ برابع)
وقفنا نقوم بالأنفاس عوج الأضالع
(مواقف تدمي كل سواتره .......... صدوق الكرى نهانهاً غير هاجع)

(أنبأوا الواشي أن يلهجوا بنا .......... فلم نتهم إلا وشاة المدامع)

4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن محمد بن الحسن بن الصاحب.)
أبو الفض الحاجب.

(36/490)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 491
كان حاجب الديوان العزيز مدةً، ثم عزل. وحدث عن: أبي نصر الزينبي. ومولده في سنة ثلاثٍ وخمسين. وتوفي في ربيع الآخر. قاله ابن السمعاني.
4 (هلال بن الحسن بن علي.)
القاضي أبو بدر السعيدي، السرخسي. سمع السيد محمد بن محمد بن زيد الحسيني، وغيره. وأجاز لعبد الرحيم بن السمعاني.
4 (حرف الواو)

4 (واثق بن علي.)
) البغدادي، المقرئ. روى عن: هبة الله بن الحصين بدمشق.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن محمد بن عبد الغفار.)
أبو الوفاء الهمذاني الصباغ. متودد، كيس، من بيت تصوف. سمع: الحسن بن عبد الله بن ياسين إمام همذان، وأبا الفتح عبدوس بن عبد الله. كتب عنه: ابن السمعاني. وتوفي في ربيع الأول.

(36/491)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 492
4 (وفيات سنة تسع وثلاثين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن سهل بن إبراهيم.)
أبو عمر المساجدي، النيسابوري. سمع: أبا إسحاق الشيرازي، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وأبا المعالي الجويني، وغيرهم. روى عنه جماعة آخرهم المؤيد بن محمد الطوسي.
4 (أحمد بن علي بن محمد.)
الأنصاري، البغدادي، أبو العباس. سمع: الحسين بن علي بن البسري، والعلاف. وعنه: السمعاني، وابن عساكر. وكان صالحاً، زاهداً، جاوز الثمانين.
4 (أحمد بن محمد بن سعيد بن حرب.)
أبو العباس المسيلي، المقرئ. أخذ القراءآت عن: أبي داود بن نجاح، وخازم بن محمد، وأبي الحسين العبسي.

(36/492)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 493
وكان من أهل الحذق والتجويد.) صنف كتاباً التقريب في القراءآت السبع، وتصدر للإقراء بإشبيلية. أخذ عنه: عبد يحيى، وابن خير. وحدث في هذا العام.
4 (أحمد بن أبي الحسين بن أحمد بن ربيعة.)
أبو الحارث الهاشمي. إمام جامع المنصور. شيخ، صالح، حسن. سمع: أبا الحسين بن السيوري في حال كبره. ولد في سنة بضعٍ وستين وأربعمائة. وأخذ عنه ابن السمعاني قليلاً.
4 (أحمد بن محمد بن أبي عقيل أحمد بن عيسى.)
أبو بكر السلمي، الحريري. سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن، والحميدي، وجماعة. روى عنه: عبد الحق اليوسفي، وغيره. وله شعرٌ جيد. كان حياً في هذه السنة ثم انقطع خبره.
4 (إبراهيم بن محمد بن منصور بن عمر.)
أبو البدر الكرخي.

(36/493)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 494
صحب الشيخ أبا إسحاق، وقرأ عليه شيئاً من الفقه. وتفرد برواية أمالي ابن سمعون، عن خديجة بنت محمد الشاهجانية. وسمع أيضاً من: أبي محمد الصريفيني، وابن النقور، وعبد الصمد بن الميمون، وأبي بكر الخطيب، وغيرهم. وله مشيخة في جزء صغير سمعته. قال ابن السمعاني: ولد تقديراً في سنة خمسين وأربعمائة، وأصله من كرخ جدان. وكان يسكن في دار أبي حامد الإسفرائيني.) وهو شيخ، صالح، معمر، عجز عن المشي. قلت: روى عنه هو، والحافظ ابن عساكر، وعبد الوهاب ابن سكينة، وعبد الله بن عثمان سبط ابن هدية، وعبد العزيز بن معالي بن منينا، وعبد الملك بن المبارك الخريمي القاضي، وعمر بن طبرزد، وإسماعيل بن هبة الله ابن أبي نصر، والحسن بن مسلم الفارسي الزاهد، والناس لثقته وحسن سماعه. وتوفي في التاسع والعشرين من ربيع الأول. وآخر من روى عنه ترك بن محمد العطار.
4 (إبراهيم بن شيبان.)

(36/494)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 495
أبو طاهر النفيلي. قال ابن عساكر: لم يكن بالمرضي. أنا عن أبي نصر محمد بن محمد الزينبي. وان مولده ببانياس.
4 (حرف التاء)

4 (تاشفين)
أمير المسلمين، ابن أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين، المصمودي. سلطان الملثمين. وكانت تسميتهم بالمنقبين أولى، لأنهم يعملون اللثام على أكثر الوجه، حتى لا يكاد يعرف الشيخ من الشاب. وكانت دولتهم قريباً من تسعين سنة. خرجوا من برية المغرب من جهة الجنوب، كما تقدم في ترجمة سلطانهم أبي بكر المتوفى سنة اثنتين وستين وأربعمائة. ولي تاشفين هذا الأمر بعد موت أبيه سنة سبعٍ وثلاثين، وعبد المؤمن على كنفه، فلم يدعه يبلع ريقه، ولا قر له قرار. وكانت أيامه سنتين وشهرين. وكان فيها مقهوراً مع عبد المؤمن، وتيقن أن

(36/495)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 496
ملكهم سيزول، فأتى مدينة وهران، وهي حصينة) على البحر، ورأى إن أحاط به أمرٌ ركب منها في البحر إلى الأندلس، فإنه كان له بالأندلس آثار حميدة، وغزروات مشهورة، نصر فيها على الروم، إذ كان والياً عليها لأبيه. وكان بظاهر وهران ربوة على البحر، بأعلاها رباط يأوي إليه العباد، فصعد تاشفين إليه في ليلة السابع والعشرين من رمضان، واتفق أن عبد المؤمن أرسل منسراً إلى وهران فأتوها في اليوم السادس والعشرين، ومقدمهم الشيخ عمر بن يحيى صاحب ابن تومرت، فكمنوا تلك الليلة، وشعروا برواح تاشفين إلى ذلك المكان، فقصدوه وبيتوه، وأحرقوا الباب، فأيقن الشاب بالهلكة، فخرج راكباً فرسه، فركضه ليثب به النار وينجو، فشب الفرس واضطرب من النار، فتردى في جرفٍ هناك إلى جهة البحر على حجارة، فتهشم تاشفين، وتلف في الحال، وقتل من كان معه من الخواص. ومن ذلك الوقت نزل عبد المؤمن من الجبل إلى السهل، ثم توجه وتملك تلمسان سنة أربعين. ثم إنهم صلبوا تاشفين على خشبة. وعمل الموحدون عند أخذ تلمسان بأهلها مثل ما يعمله الفرنج، بل أشد، فلا قوة إلا بالله.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن يحيى.)
أبو الحكم الداني، المعروف بابن غتال. أخذ القراءآت عن أبي داود، وسمع منهز ومن: أبي علي بن سكرة. قال أبو عبد الله الأبار: كان أديباً، شاعراً، كاتباً، مفسراً. له خطبٌ عارض بها خطب ابن نباته، وأقرأ الناس العربية.

(36/496)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 497
روى عنه: أبو عبد الله المكناسي، وأبو محمد بن سفيان، وقرأ عليه: أبو الحسن بن هذيا كتاب الواضح للزبيدي. وتوفي مسجوناً من قبل الدولة.
4 (جقر بن يعقوب.)
الأمير نصير الدين أبو سعيد الهمذاني، نائب صاحب الموصل عماد الدين زنكي في الموصل. كان ظالماً، جباراً، سفاكاً للدماء، مستحلاً للأموال.) وفي ولايته قصد المسترشد بالله في ستة سبعٍ وعشرين الموصل، فنازلها وحاصرها مدة، ثم رجع ولم ينل منها مقصوداً. وكان بها أيضاً السلطان فروخ شاه ابن السلطان محمود المعروف بالخفاجي. وقال ابن الأثير: بل اسمه ألب أرسلان بن محمود. وكان عماد الدين زنكي أتابكه. وكان جقر يعانده ويعارضه في أموره، فلما سار عماد الدين لحصار إلبيرة قرر الخفاجي مع جماعةٍ من خواصه قتل جقر، فحضر في ثامن ذي القعدة سنة تسعٍ وثلاثين للخدمة، فقتلوه. وولى عماد الدين زنكي مكانه زين الدين علي بن بلكين والد مظفر الدين صاحب إربل، فأحسن السيرة، وعدل في الرعية. ويقال: كان جقر ذا عدلٍ وإنصاف. فالله أعلم.

(36/497)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 498
4 (حرف الدال)

4 (داود بن مناد بن عطية الله.)
أبو بكر الصنهاجي الداني. سمع: أبا داود المقريء، وأبا علي الصدفي. وأجاز له أبو علي الغساني. وكان صالحاً. كتب بخطه علماً كثيراً. وتوفي في رجب. وفي هذه السنة انقرضت قومه الملثمين بالأندلس. وعطية الله هو ابن المنصور الأمير.
4 (حرف السين)

4 (سعد بن عبد الكريم بن الشيخ أبي محمد الحسن بن أحمد بن موسى.)
الغندجاني، أبو الجوائز الواسطي. روى بالإجازة عن جده.) وسمع: أحمد بن عثمان بن نفيس. وعنه: أبو الفتح محمد بن المندائي. مات في ذي القعدة.
4 (سعيد بن الإمام أبي النضر أحمد بن محمد بن إبراهيم.)

(36/498)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 499
الميداني، النيسابوري، الأديب، ابن الأديب. صنف كتاب الأسماء في الأسماء، وحدث عن: أبي الحسن المديني. روى عنه: ابن عساكر، وغيره. وقيل: كنيته باسمه، وسماه السمعاني: سعيداً، وقال: سمع من أبي بكر بن خلف، وبهراة عبد الأعلى بن المليحي. مولده في سنة. ومات في ذي القعدة.
4 (سعيد بن محمد بن عمر.)
الإمام، أبو منصور الرزاز، الفقيه الشافعي. من كبار الأئمة ببغداد. وهو مدرس النظامية. تفقه على الغزالي، وأبي بكر الشاشي، وأبي سعد المتولي، وإلكيا الهراسي، وسعد الميهني.

(36/499)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 500
وكان ذا سمتٍ ووقار وجلالة. سمع من رزق الله التميمي، ونصر بن البطر. وولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة. ولي تدريس النظامية مدة، ثم عزل، وعاش حتى صار رئيس الشافعية. توفي في حادي عشر ذي الحجة، وصلى عليه ولده أبو سعد، وشيعه الأعيان والدولة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وجماعة.
4 (حرف الشين)

4 (شريح بن محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح بن يوسف بن شريح.)
الإمام أبو الحسن الرعيني، الإشبيلي، المقرئ، خطيب إشبيلية.) روى الكثير عن: أبيه، وعن: أبي عبد الله بن منظور، وعلي بن محمد الباجي، وأبي محمد بن خزرج. قال ابن الدباغ: وله إجازة من ابن حزم، أخبرني بذلك ثقة نبيل من أصحابنا، أنه أخبره بذلك. ولا أعلم في شيوخنا أحداً عنده عن ابن حزم غيره. وقد سألته هل أجاز لك ابن حزن فسكت. وأحسب سكت عن ابن حزم لمذهبه.

(36/500)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 501
قال ابن بشكوال: كان من جلة المقرئين، معدوداً في الأدباء والمحدثين، خطيباً، بليغاً، حافظاً، محسناً، فاضلاً، مليح الخط، واسع الخلق. سمع منه الناس كثيراً، ورحلوا إليه. واستقضي ببلده، ثم صرف عن القضاء. لقيته سنة ست عشرة وخمسمائة، فأخذت عنه. وقال لي: مولدي في ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وأربعمائة. وتوفي في جمادى الأولى. زاد غيره فقال: في الثالث والعشرين منه، في صدر الفتنة التي حدثت على المسلمين بالأندلس. وكانت جنازته مشهودة. واشتهرت رواية شريح بالأندلس. وحدث عنه: أبو جعفر أحمد بن علي الحصار، وأبو العباس أحمد بن محمد بن مقدام الرعيني، وهو آخر من قرأ عليه القرآن. توفي سنة ستٍ وأربعمائة. وتوفي ابن الحصار في سنة ثمانٍ وتسعين، وليس هو بشيخ علم الدين اللورقي، ذاك عاش بعد ذا عشر سنين. وروى عنه: إبراهيم بن محمد بن ملكون النحوي، وإبراهيم بن محمد الطرياني، ومحمد بن عبد الله بن الغاسل، واعتمد عليه في القرآن وأبو بكر محمد بن خير اللمتوني المقريء، ومحمد بن جعفر بن حميد بن مأمون البلنسي، وأبو بكر محمد بن الجد الفهري الحافظ. ومحمد بن إبراهيم الفخار، نزيل مراكش ومحمد بن يوسف بن مفرج الإشبيلي، نزل تلمسان،) وأقرأ عنه القراءآت، وبقي إلى سنة ستمائة، ومحمد بن علي بن حسنون الكتامي البياسي، وأقرأ أيضاً عنه القراءآت، وتوفي سنة أربعٍ وستمائة عن سنٍّ عالية ومحمد بن جابر الثعلبي المعروف بابن الرمالية الغرناطي، ونجبة بن يحيى الإشبيلي المقريء، وأبو محمد عبد الله بن عبيد الله الحجري، وعبد الله بن أحمد بن جمهور القيسي، وأبو محمد عبد الله بن علوش نزيل مراكش، وأبو

(36/501)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 502
القاسم عبد الرحمن بن يحيى الأموي، وعبد الرحمن بن محمد القرطبي الشراط، وعبد الرحمن بن علي الزهري الإشبيلي. سمع الزهري منه صحيح البخاري، وهو آخر من سمعه منه، وعاش إلى سنة ثلاث عشرة وستمائة. وتنافسوا في الأخذ عنه. وآخر من روى عن شريح في الدنيا بالإجازة القاضي أبو القاسم أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن بن بقي، توفي سنة خمسٍ وعشرين وستمائة، وهو الذي سمع منه شيخنا أبو محمد بن هارون الكاتب موطأ مالك. وأخذ عن شريح عددٌ كبيرٌ سوى من ذكرنا القراءآت والحديث. وكان قد قرأ على والده بكتاب الكافي في القراءآت من تصنيفه. وقد ذكرنا والده في سنة ستٍّ وسبعين وأربعمائة. قال اليسع بن حزم: وهو إمامٌ في التجويد والإتقان، علمٌ من أعلام البيان، بذ في صنعة الإقراء، وبرز في العربية، مع علمٍ بالحديث، وفقهٍ بالشريعة. وكان إذا صعد المنبر حن إليه جذع الخطابة، فسمع له أنين الإستطابة، مع خشوعٌ ودموع. رحلت إليه عام أربعةٍ وعشرين، فحملت عنه وأجازني. قلت: عاش شريح تسعاً وثمانين سنة، رحمه الله.
4 (حرف الصاد)

4 (صاعد بن محمد بن الحسين بن علي.)

(36/502)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 503
أبو العلاء السهلوي السرخسي. إمامٌ حسن السيرة، فاضل، سمعه أبوه من أبي الخير محمد بن أبي عمران، وعلي بن حمد المديني.) وتوفي بسرخس وله ثمانون سنة. أجاز لأبي المظفر بن السمعاني.
4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن المفضل.)
أبو المعالي الإصبهاني. روى عن: رزق الله التميمي. قدم بغداد في هذا العام. روى عنه: ابن السمعاني.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن حمدويه.)
أبو المعالي الحلواني، المروزي، البزاز. رحل وسمع مع أبي بكر السمعاني من: ثابت بن بندار، وأبي منصور الخياط، وأبي محمد بن حشيش، وبإصبهان من جماعةٍ من أصحاب أبي نعيم الحافظ. وكان قد سمع بنيسابور من: أبي بكر بن خلف الشيرازي، وغيره. قال ابن السمعاني: كان حلو الكلام، حسن المعاشرة، كثير الصلاة والصدقات. سافر إلى غزنة، فأقام بها مدة، واشترى كتباً كثيرة، وحصل الأصول، ورجع إلى

(36/503)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 504
مرو، وبنى رباطاً للمحدثين، ووقف فيه الكتب. سمع من: ابن السمعاني، وجماعة. وكان فقيهاً فاضلاً: ولد سنة إحدى وستين وأربعمائة، وتوفي، رحمه الله، في أوائل ذي الحجة بمرو.
4 (عبد الله بن سعدون بن نجيب بن سعدون بن حسان.)
أبو محمد التميمي، الوشقي، المقرئ الضرير. نزيل بلنسية. أخذ القراءآت على: أبي مطرف بن الوراق، وعبد الوهاب بن حكم، وخلف بن أفلح، وأبي داود، وأبي الحسين بن الدوش.) وكان أبو الحسن بن الهذيل ينكر أخذه عن أبي داود، ويقال إنه قرأ عليه ختمةً واحدة. وتصدر للإقراء. وأقرأ الناس. من أهل التجويد، والإتقان، والتعليل، والحذق بهذا الفن وبالعربية. أخذ عنه: أبو الربيع بن حوط الله، وأبو العطاء بن بدير، وأبو الوليد الأزدي، وغيرهم. قال ابن الأبار: مات قبل الأربعين.
4 (عبد الله بن عبد الرحمن بن مفيد.)
أبو محمد الطائي، القرطبي. روى عن: أبي الأصبغ بن سهل، وأبي مروان بن سراج. حدث عنه: ابنه محمد، وأبو عبد الله محمد بن الفخار. وهو آخر من حدث عن أبي الأصبغ. قال الأبار: بلغني أنه دخل على القاضي أبي الوليد بن رشد، فقام له فقال إرتجالاً:
(قام لي السيد الهمام .......... قاضي قضاة الورى الإمام)

(فقلت: قم لي ولا تقم لي .......... فقل ما يؤكل القيام)

(36/504)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 505
قال: وكان أبو محمد فقيهاً، زاهداً، وشاعراً محسناً.
4 (عبد الله بن محمد بن فهرويه.)
أبو الطيبي، من الطيب، بلدة بين واسط والأهواز. شيخ، صالح، مستور. سكن بغداد، وسمع من: ابن طلحة النعالي. قال ابن السمعاني: قرأت عليه أحاديث، وسألته عن مولده فقال، سنة إحدى وثمانين بالطيب. وتوفي في المحرم، أو صفر.
4 (عبد الحق بن خلف.)
أبو العلاء الكناني، الشاطبي، المعروف بابن الجنان، الشاعر. سمع من أبيه، وصحب أبا إسحاق بن خفاجة. وكان بصيراً بالشعر والبلاغة، بارعاً في الطب، واللغة، والعربية.) وأبوه أحد الفقهاء الذين أخذوا عن أبي الوليد الباجي. عاش أبو العلاء ستين سنة.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن يحيى.)
أبو المسعود المذاري، أخو أحمد الأصغر منه.

(36/505)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 506
سمع: مالكاً البانياسي، وعاصم بن الحسن. روى عنه: ابن السمعاني. وتوفي بواسط.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن الحسن بن الحسين بن هندويه بن حسنكويه.)
أبو الرضا الفارسي، ثم البغدادي. محدث، مكثر، مليح الخط، غير أنه اختلط وتسودن، وانقطع مدة، ثم انصلح. سمع من أصحاب أبي علي بن شاذان، ونحوهم. علق عنه ابن السمعاني. وتوفي في رجب.
4 (عبد الرزاق ابن الشافعي بن أبي القاسم بن أحمد.)
أبو الفتوح النيسابوري، السياري، العطار.

(36/506)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 507
رجل رئيس، متميز، خير، سخي، متصدق. سمع: أبا بكر بن خلف، وأبا بكر أحمد بن سهل. وببغداد: نصر بن البطر. توفي في رجب. ترجمه أبو سعد، وحدث عنه هو، والمؤيد الطوسي.
4 (عبد الملك بن أبي الخصال مسعود بن فرج.)
أبو مروان الغافقي، الكاتب، نزيل قرطبة. روى يسيراً عن: أبي بحر بن العاص. سمع منه: أبو عبد الله بن العويص، وغيره. وكان أديباً، حاذقاً، فصيحاً، مفوهاً، بليغاً، مدركاً، له رسائل بليغة.) استعمله الأمراء في الكتابة. قاله ابن الأبار.
4 (عبيد الله بن جامع بن الحسن بن علي.)
أبو بكر الفارسي، ثم النيسابوري الشروطي، المعدل. سمع: الفضل بن المحب، وأبا صالح المؤذن، وجماعة. ولد سنة ستين وأربعمائة، وتوفي رحمه الله في العشرين من شعبان.
4 (عبيد الله بن أبي عاصم عبد الله بن أبي الفضل بن أبي سعد.)
أبو نصر الهروي، الدهان، الصوفي. شيخ صالح، من أصحاب شيخ الإسلام عبد الله. سمع من: محمد بن عبد العزيز الفارسي، والفضيل بن الفضيلي. وخدم شيخ الإسلام عبد الله وصحبه، وتوفي بهراة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وسبطه أبو روح عبد المعز الصوفي. وهو الذي سمع أبا روح وحرص عليه.

(36/507)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 508
وكان مولده بعد الستين وأربعمائة. وأجاز لأبي المظفر عبد الرحيم بن السمعاني. وحدث ببغداد لما حج، فروى عنه: يحيى بن بوش، وأبو الفرج بن الجوزي، وغيرهما.
4 (عتيق بن الحسين.)
أبو بكر الرويدشتي، الإصبهاني. سمع سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة من سعيد العيار، وحدث في هذا العام. ولا أعلم متى مات. روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وأبو جعفر محمد بن أحمد بن حامد الإصبهاني شيخ الزكي البرزالي. نعم مات سنة أربعين، فيحول.
4 (عتيق بن عبد الجبار.)
أبو بكر الجذامي، البلنسي.) سمع من: أبي داود المقرئ وأكثر عن أبي حامد البطليوسي. وكان بارعاً في معرفة الشروط. كتب للقضاة ببلنسية قريباً من أربعين سنة.

(36/508)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 509
4 (عثمان بن علي بن محمد.)
أبو القاسم الجرموكي، النوقاني، الزاهد. شيخ تلك الديار ومقرئها. قال السمعاني: سمعت منه، وكان صالحا، مقرئاً، زاهداً، كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات. ما كان يفارق مجلسه إلا للوضوء. وكان معروفاً ببلده بالكرامات والكلام على المغيبات. سمع: علي بن الحسين النوقاني، ومحمد بن أحمد بن منصور العارف. مات في شوال.
4 (غرق بن علي.)
أبو الفتوح النيسابوري، السمذي. سمع: أبا بكر بن خلف، وعبد الرحمن بن أحمد الواحدي، وموسى بن عمران الصوفي. قال السمعاني: مات في ربيع الآخر.
4 (علي بن زيد بن علي السلمي.)
الدمشقي، المؤدب بمسجد السلالين. سمع من: خير المقدسي، وسهل بن بشر. روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم. وقال ابن عساكر: صلى بمسجد درب الحجر خمسين سنة احتساباً.

(36/509)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 510
وحفظ جماعة القرآن، وعاش ثمانياً وثمانين سنة. وتوفي في ذي القعدة.
4 (علي بن عبد الله بن ثابت بن محمد.)
أبو الحسن الأنصاري، الخزرجي، العبادي. من ولد عبادة بن الصامت، المقرئ المجود الغرناطي.) قرأ على أبيه، وقرأ القراءآت على أبي الحسين بن كرز. ورحل إلى دانية، فأخذ عن أبي داود، وبشاطبة عن ابن الدوش، وبمرسية عن ابن البياز، وسمع منهم. وأجاز له أبو عبد الله الطلاعي، وخازم بن محمد. وحج، وسمع من: الحسين بن علي الطبري، وأبي مكتوم عيسى بن عبد الهروي في سنة سبعٍ وتسعين، لكنه فاته تسع ورقات من البخاري. وتصدر للإقراء بغرناطة، وولي الصلاة والخطبة بها. وكان مقرئاً، مجاهداً، موصوفاً بالصلاح والفضل. أخذ عنه: أبو بكر بن رزق، وأبو عبد الله بن حميد، وعبد الصمد بن يعيش، وأبو جعفر بن حكم. وتوفي بغرناطة في ذي الحجة. وقد قارب السبعين. استشهد بظاهر البلد، رحمه الله. ترجمه الأبار.
4 (علي بن عبد الله بن داود.)

(36/510)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 511
أبو الحسن اللماتي، القيرواني، الفقيه، نزيل المرية. روى عن: أبي الحسن بن مكي اللواتي، وعبد القادر ابن الخياط، وأبي علي بن سكرة. قال الأبار: وكان فقيهاً مشاوراً متفنناً، له جمع بين الاستذكار. وانتقى وشرح في رقائق ابن المبارك، سماه رمز الحدائق. حدث عنه: أبو عبد الله النميري، وأبو محمد بن عائش، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، وجماعة. توفي في جمادى الأولى.
4 (علي بن عبد الكريم بن محمد الكعكي البغدادي.)
أبو الحسن. قال ابن السمعاني: شيخ صالح، له سمتٌ ووقار وسكون.) سمع من: مالك البانياسي، والنعالي، وابن البطر، وطائفة. ولد في حدود سنة ثمانٍ وستين وأربعمائة. روى عنه: ابن السمعاني. وتوفي في ذي القعدة. قلت: روى عنه أيضاً ابن سكينة. وقد تلا بالروايات على: رزق الله التميمي، وأبي الفضل بن خيرون. أقرأ وحدث، وكان من كبار الشافعية. ورحل في أعمال الدولة.
4 (علي بن محمد بن حمويه.)

(36/511)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 512
أبو الحسن ابن الزاهد أبي عبد الله الجويني. متودد، محبوب، عارف بالحقوق. بيته مجمع الفضلاء. سمع: أبا العباس بن أحمد الشقاني، والشيروي بنيسابور. وعمر الرؤآسي بطوس. وقرأ شيئاً من الفقه على الغزالي. روى عنه: ابن السمعاني. وتوفي في جمادى الآخر بنيسابور، وحمل إلى جوين.
4 (علي بن محمد بن مسلم.)
أبو الحسن النحوي، الإشبيلي، مولى الأمير محمد بن عباد، اللخمي. أخذ العربية عن: أبي عبد الله بن أبي العافية ولازمه مدة طويلة وقعد لإقرائها. وكان من كبار النحويين وجلتهم. أخذ عنه: أبو بكر بن طاهر الأدب، وأبو الحسن نجبة. وكان حياً في هذا العام.
4 (علي بن هبة الله بن عبد السلام بن عبد الله بن يحيى.)
أبو الحسن البغدادي، الكاتب.) ذكره ابن السمعاني فقال: سكن دار الجليلة بالقرية، شيخ كبير من بيت الرئاسة والتقدم، واسع الرواية، صاحب أصول حسنة مليحة.

(36/512)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 513
سمع بنفسه وأكثر، ونقل وجمع. وله خطٌ مليح. وأكثر سماعاته بقراءة أبي بكر ابن الخاضبة. سمع: أبا محمد الصريفيني، وأبا الحسن بن النقور، وأبا منصور العكبري، وأبا القاسم البسري، وخلقاً سواهم. قرأت عليه، وكان ينحدر إلى واسط من جهة الخليفة على الأعمال التي بها. قال لي: ولدت سنة. وتوفي في سابع رجب. قلت: وروى عنه: ابن عساكر، وبزغش عتيق ابن حمدان، وإسحاق بن علي البقال، وأبو شجاع محمد بن المقرون، والمبارك بن المبارك بن زريق الحداد، والوزير أبو طالب يحيى بن زبادة، ويوسف بن أبي حامد الأرموي، وسليمان بن محمد الموصلي، ويحيى بن ياقوت الفراش، وعمر بن طبرزد، وأبو اليمن الكندي، وخلق سواهم. توفي بزغش المذكور سنة ست عشرة وستمائة، وهو جد أبي منصور عبد الله بن محمد شيخ ابن جليل في جزء ابن عرفة. وأبو منصور هو والد الفتح شيخ الأبرقوهي.
4 (عمر بن جد أبي منصور عبد الله بن محمد شيخ ابن جليل في جزء ابن عرفة.)
وأبو منصور هو والد الفتح شيخ الأبرقوهي.
4 (عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن حمزة بن)
يحيى بن الحسين بن الشهيد زيد بن علي بن الحسين.

(36/513)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 514
أبو البركات العلوي، الحسيني، الزيدي، الكوفي، الحنفي، النحوي، إمام مسجد أبي إسحاق السبيعي. ولد سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، وأجاز له محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي شيخ أبي النرسي.) وسمع: أبا الفرج محمد بن أحمد بن علان، وأبا القاسم بن المنثور الجهني، ومحمد بن الحسن الأنماطي، وغيرهم بالكوفة، وأبا بكر الخطيب، وأبا الحسين بن النقور، وأبا القاسم بن البسري، وجماعة ببغداد. وقدم الشام، وسكن دمشق مدة، وحلب. وسمع الحديث، وذلك في سنة سبعٍ وخمسين مع والده. وقرأ بها النحو على أبي القاسم زيد بن علي الفارسي قرأ عليه الإيضاح لأبي علي، بروايته عن أبي الحسين الفارسي، عن خال الفارسي المؤلف. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المديني، وجماعة.

(36/514)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 515
قال السمعاني: شيخ مسن، كبير، فاضل، له معرفة بالفقه، والحديث، واللغة، والتفسير، والنحو. وله التصانيف الحسنة السائرة في النحو. وهو حسن العيش، صابر على الفقر والقلة، قانع باليسير. سمعته يقول: أنا زيدي المذهب، لكني أفتي على مذهب السلطان، يعني مذهب أبي حنيفة. وسمعت عليه الإيضاح لأبي علي، وكتبت عنه الكثير، وهو شيخ متيقظ، حسن الإصغاء، يكتب خطاً مليحاً على كبر السن. وقال أبو الحسن علي بن يوسف القصار: كان الشيخ أبو محمد سبط الخياط قرأ على الشريف عمر بن إبراهيم النحوي، وفيه يقول أبو محمد:
(فما له في الورى شكلٌ يماثله .......... وما له في التقى عدلٌ يناسبه)
وقال ابن الجوزي: كان يقول: دخل الصوري الكوفة، فكتب عن أربعمائة شيخ، وقدم علينا هبة الله بن المبارك السقطي، فأفدته عن سبعين شيخاً، واليوم ما بالكوفة أحد يروي الحديث غيري. ثم ينشد:
(لما دخلت اليمنا .......... لم أر فيها حسنا)

(36/515)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 516
(قلت: حرامٌ بلدةٌ .......... أحسن من فيها أنا)
وقال ابن عساكر: لم أسمع من عمر بن إبراهيم الزيدي في مذهبه شيئاً. وحدثني الوزير أبو علي الدمشقي أنه سأل عن مذهبه في الفتوى، وكان مفتي أهل الكوفة، فقال: أفتي بمذهب أبي حنيفة ظاهراً وبمذهب زيد تديناً.) وحكى لي أبو طالب بن الهراس الدمشقي أنه صرح له بالقول بالقدر، وبخلق القرآن. وقال الحافظ محمد بن ناصر: سمعت الحافظ أبي الغنائم النرسي يقول: عمر بن إبراهيم جارودي المذهب، ولا يرى الغسل من الجنابة. وقال ابن السمعاني: سمعت أبا الحجاج يوسف بن محمد بن مقلد التنوخي. يقول: كنت أقرأ على الشريف عمر بن إبراهيم أجزاء، فمر بي ذكر عائشة فقلت: رضي الله عنها. فقال: تدعو لعدوة علي هكذا ذكر لي، أو سمعناه. قال ابن السمعاني: ومع طول ملازمتي له لم أسمع منه شيئاً في الاعتقاد أنكره. غير أني كنت قاعداً على باب داره، فأخرج لي شدةً من مسموعاته، فرأيت فيها جزءاً مترجماً بتصحيح الأذان بحي على غير العمل. فأخذته لأطالعه، فأخذه وقال: هذا لا يصلح لك، وله طالب غيرك. توفي في سابع شعبان بالكوفة، وصلى عليه قدر ثلاثين ألفاً.

(36/516)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 517
قلت: وروى عنه: ابنه أبو المناقب حيدرة بن عمر، وحفيده أبو المعمر محمد بن حيدرة شيخ يوسف بن خليل. وقرأ عليه بالروايات يعيش بن صدقة الغزاني ولم يقع لي شيخه في القراءآت. وقد كتب أبو بكر قاضي المارستان جزءاً، عن أبي سعد السمعاني، عن الشريف عمر بن إبراهيم، رأيته بخطه.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت محمد بن أبي سعد أحمد بن الحسن بن علي بن أحمد البغدادي.)
أم البهاء الإصبهانية، الواعظة. شيخة، معمرة، مسندة. ولدت بعد الأربعين وأربعمائة. وسمعت من: أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، وإبراهيم بن منصور سبط بحرويه، وأحمد بن محمود الثقفي، وسعيد بن أبي سعيد العيار.)

(36/517)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 518
وسمعت من العيار صحيح البخاري وأشياء. قال ابن السمعاني: هي إمرأة صالحة، سمعها أبوها، وعمرت حتى تفردت. قلت: روى عنها: ابن السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى المديني، ومحمد بن أبي طالب بن شهريار، وعبد اللطيف بن محمد الخوارزمي، ومحمد بن محمد بن محمد الراراني، ومحمد بن جعفر أيوسان، وخلق آخرهم وفاةً ولد سبطها داود بن معمر بن الفاخر إلى رجب سنة. قال أبو موسى، وغيره: توفيت في الخامس والعشرين من رمضان سنة تسعٍ وثلاثين. قال أبو موسى: ولها قريبٌ من أربعٍ وتسعين سنة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد.)
أبو عبد الله الحمزي، الأندلسي، من أهل المرية. روى عن: أبي العباس العذري، وأبي عبد الله بن المرابط. وخطب ببلده. وحدث. أجاز لابن بشكوال.
4 (محمد بن إسماعيل بن محمد بن الحسين بن القاسم.)
أبو المعالي الفارسي، ثم النيسابوري. قال ابن السمعاني: هو ثقة، مكثر سمع السنن الكبير من البيهقي،

(36/518)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 519
وصحيح البخاري من سعيد العيار. وسمع من: أبي حامد الأزهري. وسمع كتاب المدخل إلى السنن من البيهقي المؤلف. قال: ومولده في شعبان سنة ثمانٍ وأربعين. وتوفي في ثالث جمادى الآخرة سنة تسعٍ. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني. وأجاز لابنه عبد الرحيم بن أبي سعد. ومن روى عنه السنن الكبير: منصور بن عبد المنعم الفراوي سماعاً وإجازة إن لم يكن) سمعه. قال ابن عطية: وذلك لأنه فقد من أصل البيهقي أجزاء من مواضع متفرقة. فكلما وجد من الأصل، وجد عليه سماع منصور بن الفارسي. قاله لنا عبد العزيز بن هلال. قال ابن نقطة: وسمع منه جماعةٌ من شيوخه منصور الفراوي، وإسماعيل بن علي بن حمك المغيثي، والمؤيد الطوسي، وزينب بنت عبد الرحمن الشعري في آخرين.
4 (محمد بن الحسن بن هلال بن حمصا.)
أبو المعالي العجلي، الدقاق. ناظر سوق الخضار. كان عسر الخلق. سمع: أبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن. وعنه: محمود بن شعار. مات في رمضان سنة تسعٍ.

(36/519)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 520
4 (محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون بن إبراهيم بن الشيخ.)
أبو منصور البغدادي، المقرئ، الدباس. شيخ معمر، ثقة، إمام صالح، بارع في القراءآت، صنف فيها كتاب المفتاح، وغيره. وتصدر للإقراء. وطال عمره. وله أيضاً في القراءآت كتاب الموضح. قرأ على جماعةٍ مذكورين في صدر هذين الكتابين، منهم عمه أبو الفضل بن خيرون، وجده لأمه أبو البركات عبد الملك بن أحمد، وشيخه عبد السيد بن عتاب. قرأ عليه: أبو اليمن الكندي بالقراءآت، ويحيى بن الحسين الأواني، وإبراهيم بن بقاء اللبان. وسمع من: أبي جعفر ابن المسلمة، وأبي بكر الخطيب، والصريفيني، وأبي الغنائم بن المأمون، وغيرهم. وأجاز له أبو محمد الجوهري، وتفرد عنه هو بإجازة أبي الحسين بن حسنون النرسي.)

(36/520)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 521
وحدث بكتاب النسب للزبير بن بكار، عن ابن المسلمة، وسمع أكثر تاريخ الخطيب. وكان ينسخه ويبيعه. مولده في رجب سنة أربعٍ وخمسين قبل موت الجوهري بأشهر. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المديني، وابن السمعاني، وابن الجوزي، وابن طبرزد، والكندي، وعبد الخالق بن أسد، وأحمد بن محمد بن سعد البروجردي الفقيه، وعلي بن محمد بن علي أخو سليمان الموصلي، وهو آخر من حدث عنه فيما علمت سمعاً وآخر من روى عنه بالإجازة أبو منصور محمد بن عفيجة. وقد ذكره ابن السمعاني فقال: ثقة، صالح، مشتغل بما يعنيه، ما له شغل غير التلاوة أو الإقراء. توفي في السادس والعشرين من رجب، وله خمسٌ وثمانون سنة. وقال ابن الخشاب: كان شافعياً من أهل السنة.
4 (محمد بن علي البسطامي.)
أبو عبد الله. من علماء نيسابور. سمع: أبا تراب عبد الله المراغي. أخذ عنه: ابن السمعاني، وقال: مات في المحرم.
4 (محمد بن أبي الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي.)

(36/521)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 522
أبو الحسن البغدادي. سمع: أبا نصر الزينبي. وكان خطيب جامع المنصور. توفي في صفر، وقد جاوز الستين.
4 (محمد بن محمد بن عبد الصمد بن دار.)
أبو قف. روى عن: طراد الزينبي. وعنه: ابن السمعاني، وعمر بن أحمد بن سهلان. توفي في المحرم.)
4 (محمد بن موسى بن وضاح.)
أبو عبد الله المرسي. سمع: أبا علي بن سكرة فأكثر، ورحل فسمع من: أبي بكر الطرطوشي، والسلفي، وعدة. قال ابن بشكوال: كان فاضلاً، عفيفاً، معتنياً بالعلم، مشاوراً. أجاز لنا. قلت: وروى عنه: صهره أبو الوليد بن الدباغ.
4 (المبارك بن علي بن عبد العزيز بن أحمد.)
أبو المكارم، السمذي، الهماني.

(36/522)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 523
سمع: أبا بكر أحمد بن حمدوه المقرئ، وأبا محمد الصريفيني، وأبا القاسم بن البسري. قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، مستور، راغبٌ إلى الخير وأهله. كان له دكان بمشرعة الخبازين، وثم قرأت عليه، وكان صدوقاً، أميناً. كان أبوه يحضره مجالس الإملاء بجامع المنصور، فأكثر ما سمع إملاءً من لفظ الشيوخ. ولد في حدود سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة، أو قبلها. وتوفي يوم عاشوراء. قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وعمر بن طبرزد، وعبد الوهاب بن جماز القلعي شيخٌ لابن خليل، وغيرهم. وآخر من روى عنه بالإجازة أبو منصور بن عفيجة.
4 (مجدود بن محمد بن محمود.)
أبو المعالي النيسابوري، الرشيدي، الجوهري، المتولي. قاال السمعاني: عارف بالأدب، والفلسفة، والعوم المهجورة، ولم يكن بذاك. سمع: أبا عمرو المحمي، وأبا بكر بن خلف. كتبت عنه.

(36/523)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 524
مات في ربيع الأول.
4 (محمود بن حمد بن مندويه.)
أبو المحاسن الإصبهاني، المعدل.) سمع: أبا عمرو بن مندة، والمظهر البزاني. كتب عنه السمعاني.
4 (المهذب بن إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حرب إبراهيم بن أميرك.)
أبو جعفر الحسيني، المرعشي، من ولد المرعش بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن زين العابدين، الدهستاني، الجرجاني. نزيل سارية. نشأ بجرجان، وسافر إلى خراسان، والعراق، والحجاز، والجزيرة، والجبال، وما وراء النهر. قال ابن السمعاني: كان بينه وبين والدي صداقة متأكدة وقت مقامه بمرو، وكان يرجع إلى فضلٍ، وتمييزٍ، ومعرفة. قال لي إنه سمع ببغداد من: أبي يوسف عبد السلام القزويني وبالكوفة: أبا الحسين أحمد بن محمد الثقفي. وبجرجان: إسماعيل بن مسعدة وبإصبهان: نظام الملك. كتبت عنه عن المتأخرين، ولم أر له أصلاً عن هؤلاء. وكان غالياً في التشيع. ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وتوفي بسارية في رمضان.

(36/524)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 525
4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن عبد الواحد بن أحمد.)
أبو الفضل ابن الفقيه الدسكري، الأحدب. روى عنه: ابنه حسن، وابن عساكر، وابن السمعاني. وكان ديناً، ورعاً. توفي في شوال.
4 (نصر بن القاسم بن الحسن.)
أبو الفتح الأنصاري، المقدسي، الفقيه المقرئ. قال الحافظ ابن عساكر: هو الذي لقنني القرآن.) وكان ثقة يصلي في مسجد عمر الذي على الدرج، ويلقن فيه. سمع من: أبي القاسم علي بن أبي العلا، وأبي محمد بن البري. وحدث. وعاش أكثر من ثمانين سنة.
4 (نوشتكين.)
أبو منصور الشهرياري، عتيق الشيخ أبي الوفا بن شهريار الإصبهاني. قال ابن السمعاني: كان شيخاً صالحاً. سمع: أبا عمرو بن مندة.

(36/525)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 526
وسمعت منه أحاديث إبراهيم بن أزهر رحمه الله لابن مندة. وكان تاجراً. توفي في شعبان.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الوهاب بن أحمد بن محمد بن أبي سهل.)
أبو القاسم الكنجروذي، النيسابوري، الصوفي. سمع: أبا المظفر موسى بن عمران، ونصر الله الحسنامي. ونزل مرو. وتوفي سنة ثمانٍ أو تسعٍ. وأجاز لأبي المظفر السمعاني.
4 (يوسف بن محمد بن دينار.)
أبو منصور الأزجي. سمع: أبو الحسين بن النقور. وعنه: هزارست بن عوض، وجماعة.
4 (يشكر بن محمد بن أبي بكر الحسني.)
الحدادي.

(36/526)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 527
شيخ معمر، صالح، كثير السماع.) قال السمعاني: أجاز لنا وأملى بجامع بخارى أكثر من عشرين سنة. سمع: محمد بن علي بن حيدرة الجعفري، ويحيى بن عبد الله السعدي، وأبا عصمة عبد الواحد بن يوسف. مات في شهر ربيع الأول من سنة تسعٍ.

(36/527)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 528
4 (وفيات سنة أربعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن العباس.)
أبو الرضا الهاشمي، المعروف بابن الرضا. سمع: أبا نصر الزينبي، وطراد بن محمد أخاه. روى عنه: عمر بن طبرزد، وغيره.
4 (أحمد بن عبد الله بن عامر.)
أبو جعفر، وأبو العباس المعافري، الداني، خطيب دانية. روى عن: عمه أبي زيد عبد الرحمن بن عامر، ويوسف بن أيوب، وأبي بكر بن برنجاب. وكان ماهراً بالعربية. روى عنه: أبو عمرو بن عياد، وأبو الحجاج بن أيوب صاحب الأحكام. وعاش نحواً من سبعين سنة.
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن حسين بن عاصم.)
أبو العباس الثقفي، الأندلسي.

(36/528)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 529
أخذ القراءآت عن: أبي عمران موسى بن سليمان، وسمع منه. ومن: أبي خالد يزيد مولى المعتصم بن صمادح، أوبي داود المقرئ، وابن الدوش، وابن البياز. وحج، وتصدر للإقراء بجامع المرية. روى عنه من الجلة: أبو بكر بن رزق، وأبو القاسم بن حبيش، وأبو يحيى اليسع بن حزم. توفي في حدود الأربعين.
4 (أحمد ابن قاضي القضاة أبي الحسين علي ابن قاضي القضاة محمد بن علي.)
الدامغاني، ثم البغدادي، الحنفي، أبو الحسين.) ولي بآخرة قضاء الكرخ، ثم قضاء الجانب الغربي كله، وباب الأزج. وجرت أموره على سدادٍ في القضاء. وحدث عن: أبي عبد الله النعالي، وطراد الزينبي. ترجمه ابن السمعاني، وقال: قرأت عليه جزءاً من حديث المحاملي. وتوفي في حادي عشر جمادى الآخرة، وله سبعٌ وخمسون سنة. روى عنه: ابن عساكر، وابن سكينة.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن علي بن أحمد بن سليمان.)
الحافظ أبو سعد بن أبي الفضل البغدادي، ثم الإصبهاني.

(36/529)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 530
ولد بإصبهان في صفر سنة ثلاثٍ وستين وأربعمائة. وسمع: أباه، وعبد الرحمن، وعبد الوهاب ابني الحافظ ابن مندة، وحمد بن ولكيز، وإبراهيم الطيان، ومحمد بن أحمد بن ماجة الأبهري، ومحمد بن أحمد بن أسيد المديني، ومحمد بن عمر سسويه، ومحمد بن بديع الحاجب، وأبا منصور بن شكرويه، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وطائفة سواهم. ورحل إلى بغداد وهو ابن ست عشرة سنة، فدخلها فوجد أبا نصر الزينبي قد مات. فسمع من: عاصم بن الحسن، ومالك البانياسي، وأبي الغنائم بن أبي عثمان. وأكبر شيخ عنده: عبد الجبار بن عبيد الله بن برزة الواعظ الرازي. وقد حدثه محمود بن جعفر الكوسج، عن جد أبيه الحسن بن علي البغدادي. وهم بيت قديم بإصبهان. روى عنه: الحافظ ابن ناصر، وابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو موسى المديني، وابن الجوزي، وابن طبرزد، ومحمد بن علي بن القبيطي، وطائفة من البغداديين، والإصبهانيين، آخرهم موتاً محمد بن محمد بن بدر الراراني. قاله ابن النجار. وقال ابن السمعاني: حافظ، ثقة، دين، خير، حسن السيرة، صحيح العقيدة، على طريقة السلف الصالح، تاركاً للتكلف، كان في بعض الأوقات

(36/530)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 531
يخرج من بيته إلى الشرق ببغداد، وإصبهان، وعلى رأسه طاقية.) ورأيته في طريق الحجاز. وقد تغير لونه، ويبست أشداقه من الصوم في القيظ. وكان يملي في بعض الأوقات وقد خلع قميصه. وقال في مشيخته: كان حافظاً كبيراً، تام المعرفة، يحفظ جميع الصحيح لمسلم، وكان يملي الأحاديث من حفظه. وقال: وقدم مرة من الحج، فاستقبله خلقٌ كثير من إصبهان وهو على فرس، فكان يسير بسيرهم، حتى وصل قريباً من إصبهان، ركض فرسه وترك الناس إلى أن وصل إلى البلد، وقال: أردت أن أستعمل السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوضع راحلته إذا رأى جدرات المدينة. وكان مطبوعاً، حلو الشمائل، إستمليت عليه بمكة، والمدينة، وكتب عني مذاكرةً. وأبطأ علي يوماً بداره، فخرج واعتذر وقال: أوقفتك. فقلت: يا سيدي، الوقوف على باب المحدث عز. فقال: لك بهذه الكلمة أستاذ فقلت: لا. قال: أنت أستاذها. سمعت الحافظ إسماعيل بن محمد الطلحي يقول: رحل أبو سعد البغدادي إلى أبي نصر الزينبي، فدخل بغداد وقد مات، فجعل أبو سعد يلطم على رأسه ويبكي، ويقول: من أين أجد علي بن الجعد، عن شعبة وقال الحافظ عبد الله بن مرزوق الهروي: أبو سعد البغدادي شعلة نار. قال ابن السمعاني: سمعت معمر بن عبد الواحد يقول: أبو سعد البغدادي يحفظ صحيح مسلم. وكان يتكلم على الأحاديث بكلامٍ مليح. وقال ابن النجار، وقد ذكر أبا سعد البغدادي في تاريخه: إمامٌ في

(36/531)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 532
الزهد، والحديث، واعظ. وممن كتب عنه: شجاع الذهلي، وابن ناصر. وكان إذا أكل طعاماً أغرورقت عيناه بالدموع، ثم يأكل ويقول: كان داود عليه السلام إذا أراد أن يأكل بكى.) وقال أبو الفتح محمد بن علي النطنزي: كنت بغداد، فاقترض مني أبو سعد بن البغدادي عشرة دنانير، فاتفق أن دخلت على السلطان مسعود بن محمد، فذكرت ذلك له، فبعث معي إليه خمسمائة دينار، فأبى أن يأخذها. قلت: حدث أبو سعد في بغداد بكتاب معرفة الصحابة لابن مندة، وكان يرويه ملفقاً عن أصحاب ابن مندة. فسمعه منه: محمد بن علي القنبيطي وسمعه كله من القنبيطي الشيخ جمال الدين يحيى بن الصيرفي. وقال أبو الفرج بن الجوزي: حج أبو سعد إحدى عشرة حجة، وسمعت منه الكثير، ورأيت أخلاقه اللطيفة، ومحاسنه الجميلة. وحج سنة تسعٍ وثلاثين، ورجع فتوفي بنهاوند في ربيع الأول سنة أربعين، وحمل إلى إصبهان.
4 (أحمد بن محمد بن عمر.)
أبو القاسم التميمي، المريي، المعروف بابن ورد. ذكره ابن بشكوال فقال: كان فقيهاً، حافظاً، عالماً، متفنناً. أخذ العلم: أبي علي الغساني، وأبي محمد بن العيار. وناظر عند الفقيهين ابن رشد، وابن العود، وشهر بالعلم والحفظ والإتقان في العلوم.

(36/532)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 533
وأخذ الناس عنه. واستقضي بغير موضع من المدن الكبار. ولد سنة خمسٍ وستين وأربعمائة. وتوفي في رمضان، وله خمسٌ وسبعون سنة. وقال غيره: كان أبو القاسم بن ورد من بحور العلم بالأندلس كتب إلي ابن هارون الطائي، عن أبي عبد الله الأبار أنه سمع أبا الربيع بن سالم يقول: سمعت أبا الخطاب بن جميل يقول: سمعت أبا موسى عيسى بن عمران المكناسي يقول: لم يكن بالأندلس مثل أبي القاسم بن ورد، لا أحابي من الأقوام أحداً. قلت: كان أبو موسى المكناسي من كبار الأئمة، أكثر عن ابن ورد. قلت: ورأيت له المجلد الثاني من شرح البخاري يقتضي أن يكون من حساب مائتي مجلدة.)
4 (إبراهيم بن أحمد بن رشيق.)
الطليطلي، أبو إسحاق المقرئ. نزيل دانية ثم سكن آش. أخذ القراءآت عن: أبي عبد الله المغامي صاحب الداني. وولي الخطابة. روى عنه: عبد الرحمن بن القصير، ويحيى بن محمد العقيلي، وأبو الحسن بن مؤمن. توفي هذا العام، أو قريباً منه.
4 (إدريس بن علي بن إدريس.)
أبو الفتاح البياري، الأديب، الشاعر. سمع: أبا الحسن الأخرم، وجماعة. مات في ذي الحجة عن أربعٍ وثمانين سنة.

(36/533)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 534
روى عنه: السمعاني. إسماعيل بن محمد بن أبي الفتح. أبو محمد الطرسوسي، النيلي. والد أبي جعفر. توفي في ربيع الأول بإصبهان.
4 (حرف الباء)

4 (بكر بن وجيه بن طاهر بن محمد.)
أبو الفخر النيسابوري، الشحامي. قال ابن السمعاني: كان صالحاً، عفيفاً، كثير العبادة. سمعه أبوه من أبي بكر بن خلف الشيرازي، وجماعة. وتوفي في الحادي والعشرين من ربيع الأول. أجاز لأبي مظفر بن السمعاني.
4 (بهروز بن عبد الله.)
أبو الحسن، مجاهد الدين الغياثي، الخادم، الأبيض.) ولي شرطة العراق نيفاً وثلاثين سنة، وعمر دار السلطان. وكان ابن

(36/534)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 535
عقيل يقول: ما رأيت مثل مناقضة بهروز، فإنه منع أن يجتمع في السفينة النساء والرجال، وجمع بينهم في الماخور. توفي في رجب. وكان صاحب كلمة في عمارة البلاد، واسع الصدر، عالي الهمة. وكانت تكريت إقطاعاً له، فاستناب عليها شاذي جد السلطان صلاح الدين. ولبهروز رباط كبير ببغداد.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسين بن الحسن بن عبد الله.)
الشيخ أبو عبد الله المقدسي، الحنفي، المقرئ. قدم من الشام شاباً إلى بغداد فاستوطنها. وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الدامغاني. وسمع من: أبي القاسم بن البسري، وأبي نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن. وقرأ بالروايات على صاحب الحمامي أبي الخطاب أحمد بن علي الصوفي. وولي إمامة مشهد أبي حنيفة. وطال عمره. وكان ديناً، حسن الطريقة. قال لابن السمعاني، وقد سأله عن مولده: لا أعرف، لكني دخلت بغداد في أول سنة سبعين ولي سبع عشرة أو ثمان عشرة سنة. وقال ابن النجار: روى عنه ابن السمعاني. وثنا عليه يوسف وعبد السلام إبنا إسماعيل اللمقاني، وأبو النجح إسماعيل بن محمد الحنفي. وقرأت بخط أحمد بن صالح الجيلي: وفاة أبي عبد الله المقدسي في جمادى الآخرى، وحضره القضاة والفقهاء.

(36/535)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 536
قال: وكان صحيح السماع والقراءة، صالحاً، ديناً. حدث وأقرأ.) قلت: وحدث عنه عمر بن طبرزد، وغيره.
4 (الحسين بن محمد بن الحسن.)
أبو علي بن الغصين البغدادي، القصار. حدث هذا العام. لم يحسن الثناء عليه أبو المعمر الأنصاري، وقال: لا شيء. سمع: مالكاً البانياسي، وجماعة.
4 (حيدر بن محمود بن حيدر.)
أبو القاسم الشيرازي، الخالدي. كان يذكر أنه من ذرية خالد بن الوليد رضي الله عنه. قدم بغداد، وتفقه مديدة على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وذكر أنه خرج إلى الشام وأقام بها مدة، وكان أميراً على أكثر بلادها. قال ابن السمعاني: علقت عنه شعراً، وذكر أنه سمع تفسير الثعلبي عن جده حيدر، عن المصنف. توفي في شعبان.
4 (حرف الراء)

4 (رستم بن محمد بن أبي عيسى عبد الرحمن بن زياد.)
القاضي أبو القاسم الإصبهاني. توفي في المحرم. قاله أبو مسعود الحاجي. سمع نسخة لوين من جده أبي عيسى.

(36/536)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 537
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن سماك.)
أبو محمد الغرناطي. سمع من: أبي مطرف الشعبي، وتفقه عليه، وأبي علي الغساني. وجلس للتدريس والمناظرة.) وولي خطبة الشورى ببلده، ثم ولي القضاء. تفقه به: أبو خالد بن رفاعة، وأبو عبد الله بن رفاعة. وتوفي في رمضان، وله أربعٌ وثمانون سنة.
4 (عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن خلف.)
أبو محمد الرشاطي، اللخمي، من أهل المرية. أكثر عن: الغساني، والصدفي. وكان له عناية تامة بالحديث، والرجال، والتواريخ. وله كتاب حسن في أنساب الصحابة ورواة الحديث. أخذه الناس عنه.

(36/537)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 538
وكان مولده سنة 466. وتوفي في حدود الأربعين.
4 (عبد الله بن محمد بن حسين.)
السيد، المعمر، أبو القاسم العلوي، الحسيني، الكوفي ثم الجوجاني وجوجان من نواحي نيسابور. توفي في حدود سنة أربعين، وقد قارب المائة أو بلغها. قال ابن السمعاني: مولده في حدود سنة أربعين وأربعمائة، وكان صالحاً كثير الخير والعبادة مع كبر السن. وثقل سمعه. سمع: أبا بكر محمد بن عبد الله الفارسي بنيسابور، والإمام أبا علي الفضل الفارمذي. حمل ابن السمعاني ولده عبد الرحيم إليه بالقصر، وبات عنده ليلة، وسمعا منه ذم الدنيا لأبي عبد الرحمن السلمي، وغير ذلك. وقد رأى الشيخ أبا القاسم عبد الله بن علي الكركاني، وسمع ببغداد أبا بكر الطريثيثي. قال ابن السمعاني: ما سمعت من شيخ أسن منه.
4 (عبد الله بن محمد بن يحيى بن فرج.)
أبو محمد العبدري، الزهيري، الأندلسي، من أهل المرية.

(36/538)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 539
أخذ القراءآت عن أبي داود بدانية. وسمع من: أبي علي بن سكرة.) وأقرأ بعد حماد نحواً من عشرين سنة. ثم نزل بجاية. حدث عنه: أبو العباس بن عبد الجليل التدميري. وتفي ببجاية.
4 (عبد الله بن مسعود بن محمد.)
الأمير أبو سعيد النسوي، الملقاباذي، حفيد عميد خراسان. فيه تعبد وانعزال عن الناس. سمع: موسى بن عمران، وأبا بكر بن صالح. روى عنه: أبو سعد الحافظ. وعاش ثمانياً وسبعين سنة.
4 (عبد الرحمن بن الحسين بن علي بن الخضر بن عبدان.)
أبو القاسم الأزدي، المقرئ، الدمشقي. كان يقرأ في السبع الكبير في الجامع، وسمع: القاضي أبا القاسم سعد بن أحمد الذي يروي عن ابن صخر. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم. وتوفي في جمادى الأولى. وهو قرابة الخضر بن الحسين.

(36/539)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 540
4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد.)
أبو بكر البحيري، النيسابوري. شيخ مسند، مقبول، ثقة، صالح، مشهور. حدث عن: أبي بكر البيهقي، وأحمد بن منصور المغربي، وأبي القاسم القشيري، وأبيه عبد الله، وعمه عبد الحميد، وإسماعيل بن عبد الرحمن الكيالي، وغيرهم. ومن مسموعاته: المتفق للجوزقي، تفرد به في وقته، عن المغربي وسمع أبا سهل الحفصي. وكان مولده في سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة، وهو من بيت حديث ورواية. روى عنه: ابن السمعاني، ومحمد بن فضل الله السلاري.) وأبوه أبو الحسن عبد الله شيخ عدل، حدث عن محمد بن أحمد بن عبدوس المزني، وأبي نعيم عبد الملك، وطبقتهما. وهو من شيوخ زاهر. وحدث عن أبي بكر هذا جماعة، وبالإجازة عبد الرحيم بن السمعاني، والمؤيد الطوسي.

(36/540)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 541
وتوفي في جمادى الأولى.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن نزار.)
أبو زيد الشاطبي، المالكي. روى عن: أبي الحسن طاهر بن مفوز، وأبي عبد الله الطلاعي، وجماعة. وكان فقيهاً، عاقلاً، عارفاً بالمذهب، مشاوراً، نبيلاً، حافظاً، ذا تواضع وديانة، وخير.
4 (عبد السلام بن إسماعيل بن أبي الفضل محمد بن عثمان القومساني.)
الهمذاني، أبو طاهر، ابن الحافظ أبي الفرج. سمع: أباه، وأبا الفتح عبدوس. ولد سنة، ومات في صفر. أخذ عنه: السمعاني، وغيره.
4 (عبد الصمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن العباس.)
أبو صالح الحنوي الشيباني، الذهلي. وحاني بليدة من آخر ديار بكر من ثغر الروم. شيخ صالح، مسن، فقير، راغب في الرواية.

(36/541)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 542
سمع: أبا القاسم بن أبي حرب الجرجاني، ورزق الله التميمي، والأنباري، وعاصم بن الحسن. روى عنه: محمد بن محمد السنجي، وأبو سعد السمعاني، وغير واحد. وتوفي في خامس رجب ببغداد، وله نيفٌ وثمانون سنة. وممن روى عنه: أبو أحمد ابن سكينة.
4 (عبد الفتاح بن إسماعيل.)
أبو بكر الصوفي، الهروي، البيع. سمع من: أبي إسماعيل الأنصاري مناقب أحمد.) قرأه عليه السمعاني، وقال: مات في شعبان.
4 (عبد الملك بن سلمة بن عبد الملك الوشقي.)
مولى بني أمية، أبو مروان بن الصيقل. جال في طلب العلم، وأخذ القراءآت عن: أبي المطرف بن الوراق، وأبي زيد بن حيوة، وأبي الحسن بن شفيع، وأبي القاسم بن النحاس. ولقي: أبا محمد بن عتاب، وأبا الوليد بن رشد، وطائفة فأكثر عنهم. وتصدر ببلنسية للإقراء والنحو مدة. وكان من أهل الضبط، والفصاحة، والذكاء. حدث عنه: أبو عمر بن عياد، وأبو جعفر بن نصرون، وأبو بكر بن هذيل، وأبو عبد الله بن نوح الغافقي. وتوفي كهلاً.

(36/542)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 543
4 (عتيق بن الحسين بن محمد.)
أبو بكر القطان، الرويدشتي، الإصبهاني. سمع: سعيداً العيار. روى عنه: السمعاني، وقال: صالح، مستور. مات يوم عرفة.
4 (عتيق بن علي بن مكي، الفزاري.)
المعروف بابن العربي، النيدي، السمسطاوي. سمع: أبا إسحاق الحبال، وأبا إسحاق الرازي. روى عنه: السلفي، وقال: كان تلآءً للقرآن، ظاهر الخير. توفي بالإسكندرية في شعبان.
4 (علي بن أبي ياسر أحمد بن بندار بن إبراهيم.)
أبو الحسن، المعروف بابن الشاه، الحلاج، القطان. شيخ متميز. سمع: أباه، وعمه ثابت بن بندار البقال، وأبا غالب الباقلاني.) قدم مرو، فسمع منه: أبو سعد السمعاني. وتوفي بغزنة في التجارة.

(36/543)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 544
4 (علي بن محمد بن سلامة.)
أبو الحسن ابن البالسي. ولد بالعراق سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، ونشأ بدمشق. وحدث عن: أبي البركات أحمد بن طاوس. وهو مدفون بمقبرة الكهف.
4 (حرف الكاف)

4 (كامل بن أحمد بن محمد بن أحمد بن سلامة.)
أبو التمام الدمشقي، المقرئ، الضرير. قرأ على أبي الوحش سبيع تلميذ الأهوازي. وسمع من جماعة. عرض عليه القرآن أبو القاسم بن عساكر. وقال: حج، وتوفي بمكة، رحمه الله.
4 (كثير بن سعيد بن عبد الله بن الحسين بن إسحاق بن ثماليق.)
أبو عبد الله الوكيل. كان حاذقاً بكتابة السجلات وفصل الدعاوى. سمع من: نصر بن البطر، وأبي بكر الطريثيثي، وجماعة.

(36/544)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 545
قال ابن السمعاني: كتبت عنه ببغداد والحرمين. وكان فيه ديانة وخير. توفي في صفر.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد.)
أبو بكر الباغبان، الإصبهاني، الصوفي، الصالح، أخو أبي الخير. سمع: عبد الوهاب بن مندة، وغيره.) وتوفي ثالث عشر شوال. كتب عنه أبو سعد السمعاني، وقال: كان من خواص عبد الرحمن بن مندة، فأكثر عنه. سمعت منه معرفة الصحابة، بسماعه من عبد الرحمن، عن أبيه. ولد بعد سنة ستين، وسمع من جماعة.
4 (محمد بن الحسين بن حمزة.)
أبو الفتح العلوي، الهروي. سمع: أبا عاصم الفضيلي. وعنه: أبو سعد السمعاني، وقال: مات في شوال.
4 (محمد بن عبد الله بن محمد.)

(36/545)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 546
أبو جعفر بن أبي جعفر الخشني، المرسي. تفقه بأبيه أبي محمد بن أبي جعفر الفقيه، وأخذ العربية عن أبي بكر بن الجرار. وكان فقيهاً، مبرزاً، قائماً على المدونة، متبحراً في العلم، يلقي مسائل المدونة من حفظه. وبه تفقه: هارون بن يمات، وأبو بكر بن أبي حمزة. وولي قضاء بلده عند خلع الملثمين. ثم تأمر ببلده ليمسك الناس عن الشر. وكان يقول: لست لها بأهل. ثم إنه تجهز في جموعه، وتوجه إلى غرناطة، وعمل مصافاً، فقتل وانهزم جيشه في هذا العام، وسنه دون الأربعين. وممن قتل معه: أبو بكر محمد بن يوسف بن خطاب السرقسطي، النحوي الشاعر.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن الطفيل.)
العبدي، الإشبيلي، أبو الحسين بن غنيمة، المقرئ الأستاذ. أخذ القراءآت عن أبي عبد الله السرقسطي. وروى عن: أبي داود بن نجاح، وأبي عبد الله بن فرج، وأبي علي الغساني، وخازم بن محمد وغيره. وحج، وأقام بالإسكندرية حتى أخذ عن أبي القاسم بن الفحام، وأحمد بن الحسين بن الميمون.) واشتهر بالصدق والإتقان. وأخذ الناس عنه. وله أرجوزة في القراءآت. ومن جملة أصحابه أبو بكر بن خير.

(36/546)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 547
توفي في حدود سنة أربعين، رحمه الله.
4 (محمد بن علي بن عبد المؤمن.)
القاضي أبو عبد الله الرعيني، الزينبي، الغرناطي. روى عن: أبي الأصبغ بن سهل، وأبي علي الغساني، ومحمد بن سابق. وولي الأحكام بغرناطة. روى عنه: ابنه إبراهيم، وأبو خالد بن رفاعة، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم.
4 (محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن حسين بن حمدان.)
أبو الفتح الثعلبي، الخشاب، الكاتب. نزيل مرو. أحد المشهورين بالبراعة في البلاغة والترسل، وحسن الخط. وله شعر رائق. قال ابن السمعاني: لكنه منهك مع الشيخوخة على الشرب. وكان يضرب به المثل في الكذب والمستحيلات ووضعها. قال فيه إبراهيم بن عثمان الغزي الشاعر:
(أرضاه إن نحت الأخشاب والده .......... فلم يطقه وأضحى ينحت الكذبا)
إلا أنه كان صحيح السماع. سمع بنيسابور: أبا القاسم القشيري، والفضل بن المحب، وأبا صالح المؤدب، وأبا سهل الجعفي. ولد سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة، ومات مسافراً بين مرو وسرخس في ثامن عشر رجب، ودفن بمرو.

(36/547)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 548
4 (مسعود بن جامع المراتبي الضرير.)
سمع: ابن طلحة النعالي.) كتب عنه: أبو محمد بن الخشاب في هذه السنة. وانقطع خبره.
4 (مسعود بن أبي سعد محمد بن سهل.)
القولوي، النيسابوري، وقولو: من محال نيسابور. سمع: علي بن أحمد المديني المؤدب، وأبا بكر أحمد بن سهل السراج. وقدم بغداد سنة أربعٍ وتسعين وأربعمائة. وسمع بها. قال ابن السمعاني: كتبت عنه بنيسابور، وكان شيخاً لا بأس به. توفي في رمضان.
4 (الموفق بن علي بن محمد بن ثابت.)
الفقيه أبو محمد الخرقي، المروزي، الثابتي، الشافعي. تلميذ محيي السنة البغوي. قال السمعاني: كان فقيهاً، ورعاً، زاهداً، متواضعاً، لم أر في أهل العلم مثله خلقاً وسيرة. وكان يصوم أكثر أيامه، ويتكلم. تفقه أيضاً على والدي. وقرأ الخلاف ببخارى على: أبي بكر الطبري وتلمذ له. وكان يحفظ المذهب.

(36/548)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 549
مات في رمضان.
4 (موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر بن الحسن بن الجواليقي.)
أبو منصور بن أبي طاهر البغدادي، النحوي اللغوي، إمام الخليفة المقتفي. ولد سنة ستٍ وستين وأربعمائة.

(36/549)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 550
وسمع: أبا القاسم بن البسري، وأبا طاهر بن أبي الصقر الأنباري، وطراد بن محمد، وابن البطر، وجماعة كثيرة. وسمع بنفسه، وكتب الكثير بخطه. روى عنه: ابنته خديجة، وابن السمعاني، والشريف عبيد الله بن أحمد المنصوري، وأبو الفرج) بن الجوزي، ويوسف بن المبارك، وأبو اليمن الكندي، وآخرون. قال ابن السمعاني: إمامٌ في اللغة والنحو، وهو من مفاخر بغداد. قرأ الأدب على أبي زكريا التبريزي، وتلمذ له، حتى برع فيه. وهو متدين، ثقة، ورع، غزير الفضل، وافر العقل، مليح الخط، كثير الضبط. صنف تصانيف، وانتشرت عنه، وشاع ذكره. وقال غيره: كان حجةً في نقل العربية، علامة، متفنناً في الآداب، تخرج به جماعة كثيرة. وتوفي في المحرم، قاله ابن شافع، وابن المفضل المقدسي، ومحمد بن حمزة بن أبي الصقر، وأبو الفرج بن الجوزي، وأبو موسى المديني، وآخرون. وأما ما ذكره ابن السمعاني أن أبا محمد عبد الله بن محمد بن جرير القرشي كتب إليه بوفاة أبي منصور بن الجواليقي في نصف المحرم سنة تسعٍ وثلاثين، فغلطٌ بيقين، واعتمد عليه القاضي ابن خلكان، وما عرف له غلط. قال ابن الجوزي: قرأ الأدب سبع عشرة سنة على أبي زكريا التبريزي، وانتهى إليه علم اللغة فأقرأها، ودرس العربية في النظامية بعد أبي زكريا مدة. فلما استخلف المقتفي اختص بإمامته.

(36/550)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 551
وكان المقتفي يقرأ عليه شيئاً من الكتب، وكان غزير العقل، متواضعاً في ملبسه ورياسته، طويل الصمت، لا يقول الشيء إلا بعد التحقيق والفكر الطويل. وكثيراً ما كان يقول: لا أدري. وكان من أهل السنة. سمعت منه كثيراً من الحديث وغريب الحديث. وقرأت عليه كتابه المعرب وغيره من التصانيف. وقال ابن خلكان: صنف التصانيف المفيدة، وانتشرت عنه، مثل شرح كتاب أدب الكاتب، وكتاب المعرب، وتتمة درة الغواص التي للحريري. وخطه مرغوبٌ فيه. وكان يصلي بالمقتفي بالله، فدخل عليه، وهو أول ما دخل، فما زاد على أن قال: السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله تعالى.) فقال ابن التلميذ النصراني، وكان قائماً وله إدلال الخدمة والطب: ما هكذا يسلم على أمير المؤمنين يا شيخ. فلم يلتفت إليه ابن الجواليقي، وقال: يا أمير المؤمنين، سلامي هو ما جاءت به السنة النبوية. وروى الحديث ثم قال: يا أمير المؤمنين، لو حلف الحالف أن نصرانياً أو يهودياً لم يصل إلى قلبه نوعٌ من أنواع العلم على الوجه لما لزمته كفارة، لأن الله ختم على قلوبهم، ولن يفك ختم الله إلا الإيمان. فقال: صدقت، وأحسنت. وكأنما ألجم ابن التلميذ بحجرٍ، مع فضله وغزارة أدبه.

(36/551)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 552
4 (حرف الياء)

4 (يوسف بن عبد الواحد بن محمد بن ماهان.)
أبو الفتح الإصبهاني، الكاتب. يروي عن أصحاب الحافظ ابن مندة. روى عنه: ابن عساكر، وأبو موسى المديني، وغيرهما. توفي في أواخر ربيع الأول.
4 (يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن بقي.)
أبو بكر الأندلسي، القرطبي، الشاعر المشهور، صاحب الموشحات البديعة، والمعاني الرشيقة. ذكره العماد الكاتب وورخه.

(36/552)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 553
وهو القائل:
(يا أفتك الناس لحاظاً وأحبهم .......... ريقاً متى كان فيك الصاب والعسل)

(في صحن خدك وهو الشمس طالعة .......... وردٌ يزيدك فيه الراح والخجل)

(إيمان حبك في قلبي مجددة .......... من خدك المكتب أو من لحظك المرسل)

(إن كنت تجهل أني عبد مملكةٍ .......... مرني بما شئت آتية وأتبتل)
وله:
(ومشمولةٍ في الكأس تحسب أنها .......... سماء عقيقٍ رصعت بالكواكب)

(بنت كعبة اللذات في حرم الصبى .......... فحج إليها اللهو من كل جانب)
)
4 (يرنقش الزكوي الأرمني.)
الخادم. ولي إمرة إصبهان وإمرة العراق وشحنكيتها. وكان خادماً لزكي الدين التاجر، فترقت به الحال إلى أن صار من كبار الدولة.

(36/553)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 554
4 (المتوفون في عشر الأربعين وخمسمائة ظناً ويقيناً)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن سعيد بن الإمام أبي محمد بن حزم.)
اليزيدي، مولاهم القرطبي أبو عمر، نزيل شلب. كان فقيهاً ظاهرياً كجده، عارفاً بأصولهم، داعياً إليه، صليباً فيه، مع معرفةٍ بالنحو والشعر. توفي رحمه الله بعد محنةٍ عظيمة من ضربه وحبسه وأخذ أمواله، مما نسب إليه من الثورة على السلطان، في حدود الأربعين.
4 (أحمد بن عبد الله بن بركة بن الحسين.)

(36/554)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 555
أبو القاسم بن ناجية، الحربي، الفقيه، الوسيط. أحد الأئمة ببغداد. تفقه على أبي الخطاب، وبرع في الفقه وناظر، ثم صار حنفياً، ثم تحول شافعياً. ثم ترك التقليد وتبع الدليل. وحدث عن: ثابت بن بندار. روى عنه: ابن السمعاني.
4 (أحمد بن محمد بن أبي سعيد.)
أبو العباس الطحان، البغدادي، المتقي. رجل خير يأكل من كسبه. سمع: أبا الحسين بن المهتدي بالله. توفي بعد الثلاثين.
4 (أحمد بن محمد بن علي بن أحمد.)
أبو اليقظان التنوخي، المعري، الأديب.) شاعر محسن. عمر تسعاً وتسعين سنة. وانتقل بأولاده إلى حلب حين هجم الفرنج، خذلهم الله، المعرة سنة ستٍ وسبعين. وقد سمع من أبي العلاء المعري ثلاثة قصائد. رواها عنه حفيده محمد بن مؤيد بن أحمد بن محمد.

(36/555)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 556
وتوفي سنة بضعٍ وثلاثين.
4 (إبراهيم بن عبد الملك بن محمد بن إبراهيم.)
الشحاذي، القزويني، المقرئ، شيخ صالح، خير، معمر. جاور بمكة مدةً، وقرأ القرآن على أبي معشر الطبري. وسمع ببغداد من: أبي إسحاق الشيرازي الفقيه، وغيره. روى عنه ابنه، وبالإجازة أبو سعد السمعاني.
4 (إسماعيل بن عبد الواحد.)
أبو الفخر الإصبهاني، التاجر. أكثر عن أصحاب أبي نعيم. ثم سمع من: أبي الحسن العلاف ببغداد، وجماعة. سمع منه: ابن الخشاب، وأبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي. وكان مولده في سنة تسعٍ وستين وأربعمائة.

(36/556)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 557
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن سعيد بن أحمد بن عمرو بن المأمون بن عمرو.)
أبو علي الجزري، الفقيه الشافعي. قدم في صباه بغدادٍ، وسمع: أبا القاسم عبد العزيز بن الأنماطي، وأبا القاسم البسري. وولي قضاء جزيرة ابن عمر. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وابن عساكر. ومولده في حدود سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وتفقه ببغداد.) ذكره ابن السمعاني، وقال: توفي في حدود سنة أربعين.
4 (الحسن بن محمد بن الحسن.)
شيخ الرافضة وعالمهم، أبو علي ابن شيخ الرافضة وعالمهم الشيخ أبي جعفر الطوسي. رحلت إليه طوائف الشيعة إلى العراق، وحملوا عنه. ذكره ابن أبي طيء في تاريخه فقال: كان ورعاً، عالماً، متألهاً، كثير الزهد والورع، قائماً بالتلاوة والأوراد، والاشتغال، والتصنيف. ولد بمشهد علي عليه السلام، وقرأ على أبيه جميع كتبه. حدثني عماد الدين أبو جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري قال: كان الشيخ أبو علي الطوسي

(36/557)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 558
من أعبد الناس وأفيدهم تألهاً، لم ير إلا قارئاً، أو مصلياً، أو معلماً، أو مشتغلاً. وكان بين عينيه الركن العتر من السجود، وكان يسترها. قال ابن رطبة: كان أبو علي خشناً في ذات الله، عظيم الخشوع والعبادة، معظماً عند الخاصة والعامة. وقال آخر: رأيت أبا علي رجلاً قد وهب نفسه لله، لم يجعل لأحدٍ معه فيها نصيباً، ولا أشك أنه كان من خواص الأبدال. قلت: وكان مقيماً بمشهد علي بالعراق. قال العماد الطبري: لو جازت الصلاة على غير النبي والإمام لصليت عليه. كان قد جمع العلم والعمل، وصدق اللهجة. وقد زار أبو سعد السمعاني المشهد، وسمع عليه، وأثنى عليه. وقال أبو منصور محمد بن الحسن النقاش: كنا نقرأ على الشيخ أبي علي بن أبي جعفر، وإن كان إلا كالبحر يتدفق بجواهر الفوائد. وكان أروى الناس للمثل، والشاهد، وأحفظ الناس للأصول، وأنقلهم للمذهب، وأرواهم للحديث. قلت: روى عن: أبي الغنائم النرسي، وغيره.

(36/558)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 559
4 (الحسن بن نصر.)
أبو محمد بن المعبي، البزاز. حدث عن: أبي القاسم بن البسري، والفقيه نصر المقدسي.) كتب عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني. وكان تاجراً ببغداد.
4 (حمد بن الحسن بن الفرج بن محمد.)
أبو الفرج الهمذاني المعروف بعجيب الزمان. ضرير، مطبوع. ذكره ابن السمعاني فقال: سمع: عبد الواحد علي بن بوغة، وعبدوس بن عبيد الله. سمع منه: ابن السمعاني بهمذان في سنة سبعٍ وثلاثين.
4 (حمد بن عبد الرحمن بن محمد بن شاتيل.)
القاضي أبو علي الأزجي، الحنبلي. ولي القضاء بسوقٍ الثلاثاء ثم بالمدائن. وحدث عن: النعالي، وابن البطر، وغيرهما.

(36/559)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 560
4 (حرف الزاي)

4 (زيد بن سعد بن علي بن أحمد بن علي.)
الشريف، أبو إسماعيل الحسني، العلوي، الهمذاني. سمع: عبدوس بن عبد الله، وأبا العلاء محمد بن طاهر. قال ابن السمعاني: كتبت عنه، وقال لي: ولدت سنة أربعٍ وسبعين وأربعمائة.
4 (حرف الشين)

4 (شعبة بن عبد الله بن عمر.)
أبو الخير الإصبهاني، الصباغ، التاجر. سمع الكثير ورحل. وسمع: رزق الله التميمي بإصبهان ونصر بن البطر، والنعالي، ببغداد وأبا نصر محمد بن علي بن ودعان الموصلي. قال ابن السمعاني: سمعت منه، وكان صدوقاً صحيح السماع. ولد سنة ثمانٍ وستين وأربعمائة. قلت: روى عنه أبو موسى المديني، وقال: توفي في صفر سنة.) تجول بكرمان.
4 (شجاع بن عمر بن بدر الجوهري النهاوندي.)
أبو البدر التاجر، نزيل همذان. حدث عن: أبي المظفر بن عمران الصوفي.

(36/560)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 561
روى عنه: أبو شجاع عمر البسطامي وأجاز لأبي سعد السمعاني، وقال: توفي بعد سنة ثلاثين.
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن هبة الله بن محمد بن عبد السلام بن جفان.)
أبو محمد الواعظ. بغدادي، سافر إلى الشام، والجزيرة، ووعظ، وظهر له القبول. سمع: نصر بن البطر، وأبا الفضل محمد بن عبد السلام. وعنه: السمعاني.
4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن محمد بن طاهر بن محمد بن الفضل بن يعقوب بن إسحاق بن سعد بن الحسن بن)
سفيان بن عامر. أبو نصر الشيباني، النسائي، قاضي شهرستان.
4 (حرف الظاء)

4 (ظفر بن هارون بن ظفر بن نصر.)
أبو الفتوح الربعي، الموصلي، ثم الهمذاني. سمع: ثابت بن الحسين التميمي. كتب عنه: أبو سعد بهمذان، وقال: ولد سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة.

(36/561)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 562
4 (ظفر بن علي بن حمد.)
أبو سعد الهمذاني، المستوفي. سمع الكثير، ونسخ الأجزاء. وسمع: فند بن عبد الرحمن الشعراني، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، وأبا علي بن نبهان،) وابن ينال، وهذه الطبقة. وجمع وخرج. وكان مولده سنة سبعين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن الجوزي. حدث سنة.
4 (حرف العين)

4 (عبد المغيث بن أبي عدنان.)
أبو تميم الإصبهاني. روى عن: أبي القاسم بن مندة، والمطهر البزاني، وأبي عيسى عبد الرحمن بن زياد، وابن ماجة الأبهري. روى عنه: زاهر بن أحمد الثقفي.
4 (عبد الملك بن أحمد بن مروان الأزدي.)

(36/562)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 563
الغرناطي، المالكي، ويعرف بابن البصير. فقيه، حافظ، بارع في الفقه، مشاورٌ، نبيل. روى عنه: أبو خالد بن رفاعة، وأبو إسحاق الغرناطي، وناظر عليه في المدونة، وأبو تمام العوفي، وابن أخيه عبد الرحمن بن أحمد. وتوفي قبل الأربعين وخمسمائة.
4 (عبد الصمد بن عمر الخرزي.)
سمع: أبا القاسم القشيري. وحدث في سنة. روى عنه: زينب الشعرية.
4 (عمر بن أحمد بن الحسين.)
أبو حفص الهمذاني، الوراق، الصوفي. محدث رحال. سمع: ابن الطيوري، والعلاف ببغداد وأبا بكر أحمد بن محمد بن رحمويه بزنجان وأبا الفتح) الحداد بإصبهان. وقرأ بدمشق على أبي الوحش سبيع، وسكن السميساطية. وكان صالحاً. روى عنه: ابن عساكر.
4 (عيسى بن عبد الله الكردي، الزاهد.)
قال ابن السمعاني: كان يسكن الموصل، وكان من أهل التجويد

(36/563)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 564
والتوكل. وله في قطع البادية والمقام أحوالٌ ومقامات. وكان كثير المجاهدة، صبوراً على الشدائد والجوع. وكان يستر حاله. وكان أهل الموصل يعتقدون فيه، ويتبركون به. وكان لا يخالطهم، وينزوي في موضع خارج الموصل، وإذا اشتد به الجوع غطى وجهه بخرقة ودخل فمد يده، فلا يعرف، ويعطى كسرة أو كسرتين. ولو عرفوه لأعطوه مبلغاً من المال. وكان أكثر مقامه بالحجاز. وورد بغداد مرات. سمعت منه بالمدينة النبوية. توفي قرب الأربعين بطريق الحجاز بذات عرق.
4 (عائشة بنت أبي البركات هبة الله بن المبارك السقطي.)
امرأة صالحة، خيرة، ستيرة. سمعها والدها من أبي الحسن بن الأخضر الأنباري، وغيره. روى عنها: أبو سعد السمعاني.
4 (عمرو بن محمد بن بدر.)
أبو الحسن الهمذاني، الغرناطي. ذكره ابن الأبار فقال: سمع الموطأ من أبي عبد الله بن الطلاع. وتفقه بأبي الوليد بن رشد.) وكان من أهل الزهد والصلاح. روى عنه: أبو جعفر بن شراحيل الهمذاني الغرناطي، وغيره. لقيه في سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة. قلت: أبو جعفر هو أحمد بن عبد الله شيخ لابن مسدي، يأتي في سنة ستٍّ وستمائة.
4 (عياش بن عبد الملك.)
أبو بكر الأزدي، البابري، ثم القرطبي.

(36/564)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 565
من أئمة القراء. أخذ عن: خازم بن محمد، وأبي القاسم بن النحاس، وعياش بن الخلف. وروى عنهم، وعن طائفة. وكان عبداً صالحاً. روى عنه: أبو عبد الله بن عبد الرحيم، وأبو عبد الله بن حفص، وأبو جعفر بن يحيى. توفي في نحو الأربعين.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن أحمد.)
أبو سعيد النيسابوري، العدني، نسبة إلى عمل الابراد. روى عن: فاطمة بنت الدقاق، ومحمد بن إسماعيل التفليسي. روى عنه: أبو سعد، وقال: توفي في سنة.
4 (محمد بن إسماعيل بن محمد.)
أبو بكر العذري، السرقسطي بن قورس. سمع من: عمه عبد الله بن محمد القاضي مسند البزاز، وأجاز له طراد الزينبي، وجماعة. وشوور في الأحكام. ثم ولي قضاء بلده. سمع منه: أبو جعفر بن الباذش، وأبو عبيد الله النميري.

(36/565)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 566
وتوفي بعد الثلاثين.
4 (محمد بن الحسن بن نديمة.)
) أبو بكر المروزي، الطبيب. قرأ عليه السمعاني صحيح البخاري بسماعه من أبي الخير بن أبي عمران، وقال توفي سنة نيفٍ وثلاثين.
4 (محمد بن علي بن عطية البلنسي.)
كان في حدود الأربعين وخمسمائة بالأندلس. انفرد بزمانه ببراعة خطه الفائق على وضع المغاربة.
4 (محمد بن علي بن محمد.)
القاضي أبو عبد الله الجياني، النفري. تفقه بقرطبة عند أبي الوليد بن العواد، وأبي الوليد بن رشد. وحدث عنهما، وعن ابن عتاب. وشوور في الأحكام، ونوظر في المدونة. وكان عارفاً، إماماً.
4 (محمد بن أبي سعيد الفرج بن عبد الله.)
السرقسطي، البزاز. حج، وسمع ببغداد من: ابن خيرون، وابن البطر، وأبي عبد الله الحميدي. وأقام بالإسكندرية، فروى عنه: أبو محمد الطحان، وأبو عبد الله الحضرمي، ومخلوف بن حازة، وكان يشهد. مات بعد الثلاثين.
4 (محمد بن محمد بن الحسين بن خميس.)

(36/566)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 567
أبو البركات الموصلي، الفقيه. من بيت علم وتقدم. حدث ببغداد والموصل عن: أبي نصر بن طوق. روى عنه: جماعة. قال ابن السمعاني: توفي قبل دخلتي إلى الموصل. قلت: فتكون وفاته بعد الثلاثين وخمسمائة.)
4 (محمد بن يوسف بن سليمان بن محمد بن خطاب.)
أبو بكر بن جزار، القيسي، السرقسطي، النحوي. نزيل مرسية. أخذ العربية عن: أبي بكر بن الفرضي، وأبي محمد البطليوسي. وسمع: أبا علي الصدفي. وجلس لتعليم العربية، وكان بارعاً فيها وفي الأدب والشعر. قتل سنة أربعين، فيحول إليها. روى عنه: أبو محمد بن عاب، وغيره.
4 (المبارك بن الحسين بن عبد المطلب بن نغوبا.)
الواسطي، أبو السعادات الشاهد. قال ابن السمعاني: شيخ كبير، كثير المحفوظ، مليح المجاورة، سالم لحواس، رأيته بواسط، وصعد معي إلى بغداد، وسمعت منه بأماكن. سمع: أبا القاسم بن البسري، وأبا إسحاق الشيرازي، وأبا الفتح

(36/567)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 568
نصر بن الحسن الشاشي. وسألته عن مولده، فقال في سنة خمسين وأربعمائة. وقال: نغوبا اسم قرية لجدي، كان يعبر إليها كثيراً، فنسب إليها، يعني لقب بها. قلت: روى عنه: أبو اليمن الكندي الجزء الثالث من المخلصيات، وابن أبي الفوارس، وابن ابنه علي بن علي، وأبو الفتح المندائي. وله ذرية رووا الحديث.
4 (محمود بن حامد بن محمد.)
أبو المظفر الكاغدي، الدهان، البناء. من شيوخ إصبهان. قال ابن السمعاني: كان شيخاً، صالحاً، مكثراً من الحديث، غير أنه كان من العبد الرحمانية أصلاً. سمع شيخه أبا القاسم عبد الرحمن بن مندة، وسمعت منه بإصبهان. وولد بعد الستين وأربعمائة.)
4 (محمود بن سعد بن أحمد بن محمود.)
أبو رجاء بن أبي الفرج بن أبي طاهر الثقفي، الإصبهاني. والد يحيى الثقفي وزوج بنت الحافظ إسماعيل التيمي. قال ابن السمعاني: كان حريصاً على طلب الحديث، وقراءته، وجمعه، وتحصيل النسخ. ورد بغداد وسمع بها الكثير، وحصل تاريخ الخطيب، وغيره من الكتب الكبار. غير أنه ليس له معرفة بالحديث.

(36/568)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 569
سمع: ابن عم جده القاسم بن الفضل الثقفي، وأبا نصر السمسار، وأبا مطيع المصري، وأبا القاسم بن مين، وابن نبهان. أخرج له حموه إسماعيل الحافظ ثلاثة أجزاء، فقرأتها عليه.
4 (مسيرة الزغيمي.)
أبو الخير، مولى بني المعوج. شيخ، صالح، خير، صعلوك. روى عن: أبي نصر الزينبي. كتب عنه: ابن السمعاني ببغداد. وروى عنه: عبد الوهاب ابن سكينة.
4 (مورق بن كثير بن الحسن بن المجد البالسي.)
الفقيه قدم بغداد، وتفقه على أبي بكر الشاشي حتى برع وصار من أعيان الشافعية. وكان ذا معرفة تامة باللغة، والأدب، ورجع إلى بالس. وسمع: أبا نصر الزينبي وأجازه الكامل، وأبا الفوارس، وأبا بكر الطريثيثي. وقد مر أبو سعد السمعاني بالبلد، وما اعتقد أن بها من يروي شيئاً، ثم لما وصل إلى بغداد ذكروه له، فندم على فواته.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن أبي غالب محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني.)
أبو القاسم. شيخ صالح، من أولاد محدثي بغداد.) كان منقطعاً في بيته. سمع: أباه، وعمه أبا طاهر، وأبا عبد الله النعمان، وجماعة.

(36/569)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 570
روى عنه: أبو سعد السمعاني.
4 (هبة الله بن محمد بن أبي الأصابع.)
أبو القاسم الحربي، المقرئ، الضرير. شيخ خير، صالح. كتب عنه ابن السمعاني، عن عبد الواحد بن علون الشيباني.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عطاف بن إبراهيم بن الربيع.)
أبو الفضل الموصلي، الزاهد. قال ابن السمعاني: شيخ، صالح، زاهد، متنسك، كثير العبادة، دائم التلاوة. صحب الصالحين، وخدمهم، وانتفع بهم. سمع: أبا نصر محمد بن علي بن ودعان، وأبا الحسن علي بن أحمد بن يوسف الهكاري. وجاور بمكة مدةً، ثم قدم الموصل. وحج لما حججت أيضاً، وانتفعنا. وآخر عهدي به في شوال سنة بالموصل، وقد ناطح الثمانين.
4 (يحيى بن علي بن محمد بن محمد.)
الأنباري، الخطيب، أبو نصر، ابن الخطيب أبي الحسن بن الأخضر. شيخ، صالح، متودد. سمع بالأنبار من: أبيه، وأبي بكر أحمد بن علي الخطيب، وأبي طاهر ين أبي الصقر. قال ابن السمعاني: كتبت عنه ببغداد، وبالأنبار، وإصبهان. ولد في سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة في صفر.
4 (يحيى بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم بن المحاملي.)

(36/570)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والثلاثون الصفحة 571
الفقيه أبو طاهر. جاور بمكة أزيد من خمسين سنة وكان مولده سنة ثلاثٍ وخمسين.) وقد روى عن والده، عن أبي الحسين بن بشران. سمع منه: أبو موسى المديني، وغيره بمكة.

(36/571)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 5
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الخامسة والخمسون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (إحدى وأربعين وخمسمائة)

4 (مقتل زنكي)
في ربيع الآخر وثب ثلاثة من غلمان زنكي من اقْسُنقُر، فقتلوه وهو يحاصر جعبر، فقام بأمر الموصل ابنه غازي، وبحلب نور الدين محمود.
4 (احتراق قصر المسترشد)
وفيها احترق قصر المسترشد الذي بناه في البستان، وكان فيه الخليفة، فسلِم، وتصدّق بأموال.

(37/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 6
4 (خلاف السلطان والخليفة حول دار الضرب)
وفي رجب قدم السلطان مسعود، وعمل دار ضرْب، فقبض الخليفة على الضّرّاب الذي تسبب في إقامة دار الضّرْب، فنفذ الشحنة وقبض على حاجب الخليفة، وأربعة من الخواص، فغضب الخليفة، وغلّق الجامع والمساجد ثلاثة أيام، ثم أُطلق الضّرّاب، فأطلقوا الحاجب، وسكن الأمر.
4 (موت ابنة الخليفة)
ووقع حائط بالدار على ابنة الخليفة، وكانت تصلح للزواج، واشتد حزنهم عليها، وجلسوا ثلاثة أيام.
4 (إبطال مَكْس حق البيع)
وفي ذي القعدة جلس ابن العبادي الواعظ، فحضر السلطان مسعود، فعرّض بذِكر حق البيع، وما جرى على الناس، ثم قال: يا سلطان العالم: أنت تهبُ في ليلة لمطرب بقدر هذا الذي يوجد من المسلمين، فاحسبني ذلك المطرب، وهبْه لي، واجعله شُكراً لله بما أنعم عليك. فأشار بيده: إني قد فعلت، فارتفعت الضجة بالدعاء له، ونودي في البلد بإسقاطه، وطيف بالألواح التي نقِش عليها تَرْك المُكوس في الأسواق، وبين يديها الدبادب والبُوقات، الى أن أمر الناصر لدين الله بقلع الألواح، وقال: ما لنا حاجة بآثار الأعاجم.)
4 (حج الوزير ابن جَهير)
وحج الوزير نظام الدين بن جَهير

(37/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 7
4 (حج المؤرخ ابن الجوزي)
قال ابن الجوزي: وحججت أنا بالزوجة والأطفال.
4 (ملك الفرنج طرابلس المغرب)
وفيها، قال ابن الأثير: ملَكَت الفرنج طرابلس المغرب. جهّز الملك رُجار صاحب صقلية في البحر أسطولاً كبيراً، فسار يوماً في ثالث المحرم، فخرج أهلها، ودام الحرب ثلاثة أيام، فاتفق أن أهلها اختلفوا، وخلَت الأسوار، فنصبت الفرنج السلالم، وطلعوا وأخذوا البلد بالسيف واستباحوه، ثم نادوا بالأمان، فظهر من سلِم، وعمّرتها الفرنج وحصّنوها.
4 (مقتل زنكي)
وفيها قُتل زَنكي.
4 (تسلّم صاحب دمشق بعلبك صُلحاً)
وفيها قصد صاحب دمشق بعلبك وحاصرها، وبها نائب زنكي الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي، فسلّمها صُلحاً له، وأقطعه خُبزاً بدمشق، وملّكه عدة قرى، فانتقل الى دمشق وسكنها.
4 (فتوحات عبد المؤمن بالمغرب)
وفيها سار عبد المؤمن بجيوشه بعد أن افتتح فاس الى مدينة سَلا فأخذها،

(37/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 8
ووحّدت مدينة سبتة، فأمّنهم، ثم سار الى مراكش، فنزل على جبل قريب منها، وبها إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين، فحاصرها أحد عشر شهراً، ثم أخذها عنوة بالسيف في أوائل سنة اثنتين وأربعين، واستوثق له الأمر ونزلها. وجاءه جماعة من وجوه الأندلسيين وهو على مراكش باذلين له الطاعة والبيعة، ومعهم مكتوب كبير فيه أسماء جميع الذين بايعوه من الأعيان. وقد شهد من حضر على من غاب. فأعجبه ذلك، وشكر هجرتهم، وجهّز معهم جيشاً مع أبي حفص عمر بن صالح الصنهاجي من كبار قُواده، فبادر الى إشبيلية فنازلها، ثم افتتحها بالسيف. وذكر اليَسَع بن حزم أن أهل مراكش مات منهم بالجوع أيام الحصار نيفٌ على عشرين ومائة ألف. حدّثنيه الدافنُ لهم. ولما أراد فتحها، داخلت جيوش الروم الذين بها أماناً، فأدخلوه من باب أغمات، فدخلها بالسيف،) وضرب عنق إسحاق المذكور، في عدة من القواد. قال اليَسَع: قُتل ذلك اليوم مما صحّ عندي نيف على السبعين ألف رجل.

(37/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 9
4 (اثنتين وأربعين وخمسمائة)

4 (ولاية ابن هبيرة ديوان الزمام)
فيها ولي أبو المظفر يحيى بن هُبيرة ديوان الزمام.
4 (مقتل بُزَبَة شِحنة إصبهان)
وفيها سار الأمير بُزَبة واستمال شحنة إصبهان، وانضاف معه محمد شاه، فأرسل السلطان مسعود عساكر أذربيجان، وكان بُزَبة في خمسة آلاف، فالتقوا، فكسرهم بزبة، واشتغل جيشه بالنهب، فجاء في الحال مسعود بعد المصافّ في ألف فارس، فحمل عليهم، فتقنطر الفرس ببُزبة، فوقع وجيء به الى مسعود، فوسّطه، وجيء برأسه فعُلِّق ببغداد.
4 (وزارة علي بن صَدَقة)
وعُزل أبو نصر جهير عن الوزارة بأبي القاسم علي بن صدقة، شافهه بالولاية المقتفي، وقرأ ابن الأنباري كاتب الإنشاء عهده.

(37/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 10
4 (محاربة سلاركُرد لابن دُبَيس)
وقدِم سلاركُرد على شِحنكية بغداد، وخرج بالعسكر لحرب علي بن دُبيس، فالتقوا، ثم اندفع علي الى ناحية واسط، ثم عاد وملك الحِلة.
4 (مباشرة أبي الوفا قضاء بغداد)
وباشر قضاء بغداد أبو الوفا يحيى بن سعيد بن المرخّم في الدّست الكامل، على عادة القاضي الهَرَويّ. وكان أبو الوفا بئس الحاكم، يرتشي ويُبطل الحقوق.
4 (بروز ابن المستظهر الى ظاهر بغداد)
وفي رمضان برز اسماعيل بن المستظهر أخو الخليفة من داره الى ظاهر بغداد، فبقي يومين، وخرج متنكراً، على رأسه شَكّة، وبيده قدح، على وجه التنزه، فانزعج البلد، وخافوا أن يعود ويخرج عليهم، وخاف هو أن يرجع الى الدار، فاختفى عند قوم، فأذِنوا له، فجاء أستاذ الدار والحاجب وخدموه وردّوه.)
4 (فتح نور الدين أرتاح)
وفيها سار نور الدين محمود بن زنكي صاحب حلب يومئذ ففتح أرتاح، وهي بقرب حلب، استولت عليها الفرنج، فأخذها عنوة. وأخذ ثلاثة حصون صغار للفرنج، فهابته الفرنج، وعرفوا أنه كبْسٌ نطّاح مثل أبيه وأكثر.

(37/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 11
4 (أخذ غازي دارا وحصاره ماردين ووفاته)
وفيها سار أخوه غازي صاحب الموصل الى ديار بكر، فأخذ دارا وأخربها ونهبها، ثم حاصر ماردين، فصالحه حسام الدين تِمرتاش بن إيلغازي، وزوّجه بابنته، فلم يدخل بها، ومرض ومات، فتزوجها أخوه قطب الدين.
4 (الغلاء بإفريقية)
وفيها، وفي السنين الخمس التي قبلها، كان الغلاء المُفرط بإفريقية، وعظُم البلاء بهم في هذا العام حتى أكل بعضهم بعضاً.
4 (زواج نور الدين محمود)
وفيها تزوج الملك نور الدين بالخاتون ابنة الأتابك معين الدين أُنُر، وأُرسلت إليه الى حلب.

(37/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 12
4 (ثلاث وأربعين وخمسمائة)

4 (هزيمة الفرنج عند دمشق)
فيها جاءت من الفرنج ثلاثة ملوك الى بيت المقدس، وصلوا صلاة الموت، وردوا على عكا، وفرّقوا في العساكر سبعمائة ألف دينار، وعزموا على قصد الإسلام. وظن أهل دمشق أنهم يقصدون قلعتين بقرب دمشق، فلم يشعروا بهم في سادس ربيع الأول إلا وقد صبّحوا دمشق في عشرة آلاف فارس، وستين ألف راجل، فخرج المسلمون فقاتلوا، فكانت الرّجّالة الذين برزوا لقتالهم مائة وثلاثين ألفاً، والخيالة طائفة كبيرة، فقُتل في سبيل الله نحو المائتين، منهم الفقيه يوسف الفندلاوي، والزاهد عبد الرحمن الحلحولي. فلما كان في اليوم الثاني، خرجوا أيضاً، واستشهد جماعة، وقتلوا من الفرنج ما لا يُحصى. فلما كان في اليوم الخامس، وصل غازي بن أتابك زنكي في عشرين ألف فارس، ووصل أخوه نور الدين محمود الى حماه رديفاً له. وكان في دمشق البكاء والتضرّع وفرش الرماد أياماً، وأُخرج مُصحف عثمان الى وسط الجامع. وضجّ النساء والأطفال مكشّفين الرؤوس، فأغاثهم) الله. وكان مع الفرنج قسيس ذو لحية بيضاء، فركب حماراً، وعلّق في حلقه الطّيب، وفي يديه صليبين، وقال للفرنج: أنا قد وعدني المسيح أن آخذ دمشق، ولا يردّني أحد. فاجتمعوا حوله، وأقبل يريد البلد، فلما رآه المسلمون صدقت نيّتُهم، وحملوا عليه، فقتلوه، وقتلوا الحمار، وأحرقوا الصلبان، وجاءت

(37/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 13
النجدة المذكورة، فهزم الله الفرنج، وقُتل منهم خلق.
4 (رواية ابن الأثير عن انهزام الفرنج)
قال ابن الأثير: سار ملك الألمان من بلاده في خلق كثير، عازماً على قصد الإسلام، واجتمعت معه فرنج الشام، وسار الى دمشق، وفيها مجير الدين أبَق بن محمد بن بُوري، وأتابكه معز الدين أُنُر، وهو الكل، وكان عادلاً، عاقلاً، خيّراً، استنجد بأولاد زنكي، ورتب أمور البلد، وخرج بالناس الى قتال الفرنج، فقويت الفرنج، وتقهقر المسلمون الى البلد. ونزل ملك الألمان بالميدان الأخضر، وأيقن الناس بأنه يملك البلد، وجاءت عساكر سيف الدين غازي، ونزلوا حمص، ففرح الناس وأصبح معين الدين يقول للفرنج الغرباء: إن ملك الشرق قد حضر، فإن رحلتم، وإلا سلّمت دمشق إليه، وحينئذ تندمون. وأرسل الى فرنج الشام يقول لهم: بأي عقل تساعدون هؤلاء الغرباء علينا، وأنتم تعلمون أنهم إن ملكوا أخذوا ما بأيديكم من البلاد الساحلية وأنا إذا رأيت الضعفَ عن حفظ البلد سلّمته الى ابن زنكي، وأنتم تعلمون أنه إن ملَك لا يبقى لكم معه مقام بالشام. فأجابوه الى التخلي عن ملك الألمان، وبذل لهم حصن بانياس،

(37/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 14
فاجتمعوا بملك الألمان، وخوّفوه من عساكر الشرق وكثرتها، فرحل وعاد الى بلاده، وهي وراء القسطنطينية. قلت: إنما كان أجل قدومه لزيارة القدس، فلما ترحّلوا سار نور الدين محمود الى حصن العزيمة، وهو للفرنج، فملكه. وكان في خدمته معين الدولة أنُر بعسكر دمشق.
4 (ظهور الدولة الغورية)
وفيها كان أول ظهور الدولة الغورية، وحشدوا وجمعوا. وكان خروجهم في سنة سبعٍ وأربعين.
4 (هرب رضوان وزير مصر ومقتله)
وفيها نقب الحبس رضوان، الذي كان وزير الحافظ صاحب مصر، وهرب على خيل أعدّت) له، وعبر الى الجيزة. وكان له في الحبس تسع سنين. وقد كنا ذكرنا أنه هرب الى الشام، ثم قدم مصر في جمع كبير، فقاتل المصريين على باب القاهرة وهزمهم، وقتل خلقاً منهم، ودخل البلد، فتفرّق جمعه، وحبسه الحافظ عنده في القصر، وجمع بينه وبين أهله، وبقي الى أن بعث الجيش يأتي من الصعيد بجموع كثيرة، وقاتل عسكر مصر عند جامع ابن طولون فهزمهم، ودخل القاهرة، وأرسل الى الحافظ يطلب منه رسم الوزارة عشرين ألف دينار، فبعثها إليه، ففرّقها، وطلب زيادة، فأرسل إليه عشرين ألف أخرى، ثم عشرين ألف أخرى. وأخذ الناس منه العطاء وتفرقوا. وهيأ الحافظ جمعاً كبيراً من العبيد وبعثهم، فأحاطوا به، فقاتلهم مماليكه ساعة. وجاءته ضربة فقُتل. ولم يستوزر الحافظ أحداً من سنة ثلاث وثلاثين الى أن مات.

(37/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 15
4 (ظهور الدعوة النزارية بمصر)
قال سِبط الجوزي: فيها ظهر بمصر رجل من ولد نزار بن المستنصر يطلب الخلافة، واجتمع معه خلق، فجهّز إليه الحافظ العساكر، والتقوا بالصعيد، فقُتل جماعة، ثم انهزم النزاري، وقُتل ولده.
4 (إبطال الأذان بحيّ على خير العمل بحلب)
وفيها أمر نور الدين بإبطال حيّ على خير العمل من الأذان بحلب، فعظُم ذلك على الإسماعيلية والرّافضة الذين بها.
4 (فتنة خاصّبك السلطان مسعود)
وكان السلطان مسعود قد مكّن خاصّبك من المملكة، فأخذ يقبض على الأمراء، فتغيروا على مسعود وقالوا: إما نحن، وإما خاصّبَك، فإنه يحملك على قتلنا. وساروا يطلبون بغداد، ومعهم محمد شاه ابن السلطان محمود، فانجفل الناس واختبطوا، وهرب الشِحنة الى تكريت، وقطع الجسر، وبعث المقتفي ابن العبّادي الواعظ رسولاً إليهم، فأجابوا: نحن عبيد الخليفة وعبيد السلطان، وما فارقناه إلا خوفاً من خاصّبَك، فإنه قد أفنى الأمراء، فقتل عبد الرحمن بن طُوَيرك، وعبّاساً، وبُزَبَه، وتَتر، وصلاح الدين، وما عن النفس عوض. وما نحن بخوارج ولا عُصاة، وجئنا لنُصلح أمرنا مع السلطان. وكانوا: ألبُقُش، وألذكز، وقيمز، وقرقوب، وأخو طُويرك، وطرنطاي،

(37/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 16
وعلي بن دُبيس. ثم) دخلوا بغداد، فمدّوا أيديهم، وأخذوا خاص السلطان، وأخذوا الغلات، فثار عليهم أهل باب الأزَج وقاتلوهم، فكتب الخليفة مسعود، فأجابه: قد برئت ذمة أمير المؤمنين من العهد الذي بيننا، بأنه لا يجنّد، فيحتاط للمسلمين. فجنّد وأخرج السُّرادقات، وخندق، وسدّ العقود، وأولئك ينهبون في أطراف بغداد، وقسّطوا الأموال على مَحال الجانب الغربي وراحوا الى دُجيل وأخذوا الحريم والبنات، وجاءوا بهنّ الى الخيم. ثم وقع القتال، وقاتلت العامة بالمقاليع، وقُتل جماعة. فطلع إليهم الواعظ الغزْنَوي فذمّهم وقال: لو جاء الفرنج لم يفعلوا هذا. واستنقذ منهم المواشي، وساقها الى البلد، وقبض الخليفة على ابن صدقة، وبقي الحصار أياماً، وخرج خلقٌ من العوام بالسلاح الوافر، وقاتلوا العسكر، فاستجرّهم العسكر، وانهزموا لهم، ثم خرج عليهم كمين فهربوا، وقُتل من العامة نحو الخمسمائة. ثم جاءت الأمراء، فرموا نفوسهم تحت التاج وقالوا: لم يقع هذا بعلمنا، وإنما فعله أوباش لم نأمرهم. فلم يقبل عُذرهم. فأقاموا الى الليل وقالوا: نحن قيامٌ على رؤوسنا، لا نبرح حتى تعفي عن جُرمنا. فجاءهم الخادم يقول: عفا عنكم أمير المؤمنين فامضوا. ثم سار العسكر، وذهب بعضهم الى الحلة، وبعضهم طلب بلاده.
4 (الغلاء والجوع)
ووقع الغلاء، ومات بالجوع والعري أهلُ القرى، ودخلوا بغداد يستعطون.

(37/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 17
4 (وفاة القاضي الزينبي)
ومات قاضي القُضاة الزّينبي، وقُلِّد مكانه أبو الحسن علي بن أحمد بن علي بن الدامغاني.
4 (دخول ملك صقلية مدينة المهدية)
وفيها الغلاء مستمر بإفريقية، وجلا أكثر الناس ووجد خلق في جزيرة صقلية، وعظُم الوباء. فاغتنم الملعون رُجار صاحب صقلية هذه الشدة، وجاء في مائتين وخمسين مركباً، ونزل على المهدية، فأرسل الى صاحبها الحسين بن علي بن يحيى بن تميم بن باديس: إنما جئت طالباً بثأر محمد بن رشيد صاحب فاس، وردّه الى فاس. وأنت فبيننا وبينك عهد الى مدة، ونريد منك عسكراً يكون معنا. فجمع الحسن الفقهاء والكبار وشاورهم، فقالوا: نقابل عدوّنا، فإن بلدنا حصين.) قال: أخاف أن ينزل البرَّ ويحاصرنا براً وبحراً ويمنعنا الميرة، ولا يحل لي أن أعطيه عسكراً يقاتل به المسلمين، وإن امتنعت قال: نقضت. والرأي أن نخرج بالأهل والولد، ونترك البلد، فمن أراد أن ينزح فلينزح. وخرج لوقته، فخرج الخلق على وجوههم، وبقي من احتمى بالكنائس عند أهلها، وأخذت الفرنج المهدية بلا ضربة ولا طعنة، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. فوقع النهب نحو ساعتين، ونادوا بالأمان. وسار الحسن الى عند أمير عرب تلك الناحية، فأكرمه. وصار الإفرنج من طرابلس الغرب الى قرب تونس. وأما الحسن، فعزم على المسير الى مصر، ثم عزم على المسير الى عبد المؤمن هو وأولاده، وهو التاسع من ملوك بني زيري. وكانت دولتهم بإفريقية مائتين وثمان سنين.

(37/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 18
4 (أربع وأربعين وخمسمائة)

4 (ارتفاع الغلاء عن بغداد)
في المحرّم ارتفع عن الناس ببغداد الغلاء، وخرج أهل القرى.
4 (مقتل صاحب أنطاكية)
وغزا نور الدين محمود بن زنكي فكسر الفرنج، وقتل صاحب أنطاكية. وكانت وقعة عظيمة، قُتل فيها ألف وخمسمائة من الفرنج، وأُسر مثلهم، وذلّ دين الصليب.
4 (فتح فامية)
ثم افتتح نور الدين حصن فامية، وكان على أهل حماة وحمص منه غاية الضرر.

(37/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 19
4 (وقوع جوسلين في الأسر)
وكان جوسلين، لعنه الله، قد ألهب الخلق بالأذية والغارات، وهو صاحب تل باشر، واعزاز، وعينتاب، والراوندان، وبهَسْنا والبيرة، ومرعش، وغير ذلك، فسار لحربه سلحدار نور الدين، فأسره جوسلين، فدسّ نور الدين جماعة من التركمان: من جاءني بجوسلين أعطيته مهما طلب. فنزلوا بأرض عنتاب، فأغار عليهم جوسلين، وأخذ امرأة مليحة فأعجبته، وخلا بها تحت شجرة، فكمن له التركمان وأخذوه أسيراً حقيراً، وأحضروه الى نور الدين، فأعطى الذي أسره عشرة آلاف دينار.) وكان أسرُه فتحاً عظيماً. واستولى نور الدين على أكثر بلاده.
4 (وزارة ابن هبيرة)
وفي ربيع الآخر استوزر الخليفة أبا المظفر بن هُبيرة، ولقبه: عون الدين.
4 (قصد ألبقش العراق وطلب السلطنة لملكشاه)
وفي رجب جمع ألبُقُش وقصد العراق، وانضم إليه ملكشاه بن السلطان محمود، وعلي بن دُبيس، وطرنطاي، وخلق من التركمان. فلما صاروا على بريد من بغداد، بعثوا يطلبون أن يسلطن ملكشاه، فلم يجبهم الخليفة، وجمع

(37/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 20
العسكر وتهيأ وبعث البريد الى السلطان مسعود يستحثه، فلم يتحرك، فبعث إليه عمه سنجر يقول له: قد أخربت البلاد في هوى ابن البلنكري، فنفّذه هو، والوزير، والجاولي، وإلا ما يكون جوابك غيري. فلم يلتفت لسنجر، فأقبل سنجر حتى نزل الريّ، فعلم مسعود، فسار إليه جريدةً، فترضّاه وعاد. ثم قدم بغداد في ذي الحجة واطمأن الناس.
4 (الحج العراقي)
وفيها حجّ بالعراقيين نظر الخادم، فمرض من الكوفة فردّ، واستعمل مكانه قَيماز الأرجواني. ومات نظر بعد أيام.
4 (الزلزلة ببغداد)
وفي ذي الحجة جاءت زلزلة عظيمة، وماجت بغداد نحو عشر مرات، وتقطّع بحلوان جبلٌ من الزلزلة. وهلك عالم من التركمان.
4 (وفاة صاحب الموصل)
وفيها مات صاحب الموصل سيف الدين غازي بن زنكي، وملَك بعده أخوه مودود. وعاش غازي أربعاً وأربعين سنة. مليح الصورة والشكل، وخلّف ولداً توفي شاباً، ولم يُعقب.

(37/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 21
4 (الخلاف بين رُجار وصاحب القسطنطينية)
وفيها وقع الخُلف بين رُجار الإفرنجي صاحب صقلية، وبين صاحب القسطنطينية. ودامت الحروب بينهم سنين، فاشتغل رُجار عن إفريقية.

(37/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 22
4 (ومن حوادث سنة أربع وأربعين وخمسمائة)

4 (رواية ابن القلانسي عن انتصار نور الدين على صاحب أنطاكية)
) قال أبو يَعلى التميمي في تاريخه: كان قد كَثُر فساد الفرنج المقيمين بعكا، وصور، والسواحل، بعد رحيلهم عن حصار دمشق، وفساد شروط الهدنة التي بين أُنُر وبينهم. فشرعوا في العبث بالأعمال الدمشقية، فنهض معين الدين أنُر بالعسكر مُغيراً على ضياعهم، وخيّم بحوران، وكاتَب العرب، وشنّ الغارات على أطراف الفرنج، وأطلق أيدي التركمان في نهب أعمال الفرنج، حتى طلبوا تجديد الهدنة والمسامحة ببعض المقاطعة، وترددت الرُسل، ثم تقررت الموادعة مدة سنتين، وتحالفوا على ذلك. ثم بعث أنُر الأمير مجاهد الدين بُزان بن مامين في جيش نجدةً لنور الدين على حرب صاحب أنطاكية، فكانت تلك الوقعة المشهودة التي انتصر فيها نور الدين على الفرنج، ولله الحمد والمِنة. وكان جمعه نحواً من ستة آلاف فارس سوى الأتباع، والفرنج في أربعمائة فارس، وألف راجل، فلم ينجُ منهم إلا اليسير، وقُتل ملكهم البلنس، فحُمل رأسه الى نور الدين. وكان هذا الكلب أحد الأبطال والفرسان المشهورين بشدة البأس، عظيم الخلقة والتباهي في الشرّ. ثم نازل نور الدين أنطاكية وحاصرها الى أن ذلّوا وسلموها بالأمان. فرتب فيها من يحفظها، فجاءتها أمداد الفرنج، ثم اقتضت الحال مهادنة من في أنطاكية وموادعتهم.

(37/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 23
4 (موت معين الدين أنُر)
وأما معين الدين أنُر فإنه مرض، وجيء به من حوران في محفة، ومات بدوسنطاريا في ربيع الآخر، ودُفن بمدرسته.
4 (الوحشة بين مؤيد الدين ومجير الدين)
ثم جرت واقعة عجيبة. استوحش الرئيس مؤيّد الدين من الملك مُجير الدين استيحاشاً أوجب جمعَ من أمكنه واقعةً من أحداث دمشق والجهلة، ورتّبهم حول داره، ودار أخيه زين الدولة حيدرة للاحتماء بهم، وذلك في رجب. فنفذ مجير الدين يطيّب نفوسهما، فما وُفِّق، بل جدّا في الجمع والاحتشاد من العوام والجُند، وكسروا السجن وأطلقوا من فيه، واستنفروا جماعة من الشواغرة وغيرهم، وحصلوا في جمعٍ كثير امتلأت بهم الطرق. فاجتمعت الدولة في القلة بالعُدد، وأخرِجت الأسلحة، وفرقت على الجند، وعزموا على الزحف الى جمع الأوباش، ثم تمهلوا حقناً للدماء، وخوفاً من نهب البلد، وألحوا على الرئيس وتلطّفوا الى أن أجاب، واشترط شروطاً أجيب الى بعضها، بحيث يكون ملازماً لداره، ويكون ولده وولد أخيه في الديوان، ولا) يركب الى القلعة إلا مستدعياً إليها. ثم حدث بعد ذلك عود الحال الى ما كانت عليه، وجمع الجمع الكثير من الأجناد والمقدّمين، والفلاحين، واتفقوا على الزحف الى القلعة وحصرها، وطلب من عيّنه من أعدائه، فنشبت الحرب، وجُرح وقُتل جماعة. ثم عاد كل فريق الى مكانه. ووافق ذلك هروب السّلار زين الدين اسماعيل شِحنة البلد وأخوه الى ناحية بعلبك. ولم تزل الفتنة هائجةً، والمحاربة متصلة، الى أن أُجيب الى إبعاد من التمس إبعاده من خواص مُجير الدين. ونُهبت دار السلار وأخيه، وخلع على

(37/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 24
الرئيس وأخيه، وحلف لهما مُجير الدين، وأعاد الرئيس الى الوزارة، بحيث لا يكون له في الأمر معترض ولا مُشارك.
4 (موت الحافظ لدين الله وخلافة الظاهر بمصر)
وأما مصر، فمات بها الحافظ لدين الله عبد المجيد العُبيدي، وأقيم بعده ابنه الظافر اسماعيل. ووزر له أمير الجيوش ابن مصال المغربي، فأحسن السيرة والسياسة. ثم اضطربت الأمور واختلفت العساكر، بحيث قُتل خلقٌ منهم.
4 (محبة الدمشقيين نور الدين)
وأما أعمال دمشق كحوران، وغيرها، فعبث بها الفرنج، وأجدبت الأرض، ونزح الفلاحون، فجاء نور الدين بجيشه الى بعلبك ليوقع بالفرنج، ففتح الله بنزول غيث عظيم، فعظُم الدعاء لنور الدين، وأحبه أهل دمشق وقالوا: هذا ببركته وحُسن سيرته.
4 (مصالحة نور الدين ومجير الدين)
ثم نزل على جسر الخشب في آخر سنة أربع، وراسل مُجير الدين، والرئيس يقول: إنني ما قصدتُ بنزولي هنا طلباً لمحاربتكم، وإنما دعاني كثرة شكاية أهل حوران والعُربان. أخذت أموالهم وأولادهم، ولا ينصرهم أحد فلا

(37/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 25
يسعني مع القدرة على نُصرتهم القعودُ عنهم، مع علم بعجزكم عن حفظ أعمالكم والذبّ عنها، والتقصير الذي دعاكم الى الاستصراخ بالإفرنج على محاربتي، وبذلكم لهم أموال الضعفاء من الرعية ظلماً وتعدياً. ولابد من المعونة بألف فارس يجرَّد مع مقدّم لتخليص ثغر عسقلان وغيره. فكان الجواب: ليس بيننا وبينك إلا السيف. فكثر تعجّب نور الدين، وأنكر هذا، وعزم على الزحف الى البلد، فجاءت أمطارٌ عظيمة منعته من ذلك.) ثم تقرر الصلح في أول سنة خمسٍ وأربعين، فإن نور الدين أشفق من سفك الدماء، فبذلوا له الطاعة، وخطبوا له بجامع دمشق بعد الخليفة والسلطان، وحلفوا له. فخلع نور الدين على مجير الدين خلعة كاملة بالطوق، وأعاده مكرّماً، محتَرَماً. ثم استدعى الرئيس الى المخيّم، وخلع عليه، وخرج إليه المقدَّمون، واختلطوا به، وردّ الى حلب.
4 (مضايقة الملك مسعود تل باشر)
وجاء الخبر بأن الملك مسعود نزل على تل باشِر وضايقها.
4 (عودة الحُجاج وما أصابهم)
ثم قدم حُجاج العراق وقد أُخذوا، وحكوا مصيبة ما نزل مثلُها بأحد. وكان ركباً عظيماً من وجوه خراسان وعُلمائها، وخواتين الأمراء خلق. فأُخذ جميع ذلك، وقُتل الأكثر، وسلِم الأقل، وهُتكت الحُرم، وهلك خلقٌ بالجوع والعطش.

(37/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 26
4 (رحيل مسعود عن تل باشر)
وأما مسعود، فإنه ترحّل عن تل باشِر.
4 (مصالحة مجاهد الدين لصاحب دمشق)
وتوجّه مجاهد الدين بُزان الى حصن صرخد، وهو له، لترتيب أحواله. وعرضت له نفرةٌ من صاحب دمشق ورئيسها، ثم طُلب، واصطلحوا على شرط إبعاد الحافظ يوسف عن دمشق، فأُبعد، فقصد بعلبك، فأكرمه متولّيها عطاء.
4 (اتصال الخلاف في مصر)
وأما مصر، فالأخبار واصلة بالخُلف المستمر بين وزيرها ابن مصال، وبين المظفّر ابن السلار على الأمر، فسكنت الفتنة. ثم ثار الجُند، وجرت أمور، وقُتل جماعة. نسأل الله العافية.

(37/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 27
4 (خمس وأربعين وخمسمائة)

4 (الأخبار بما جرى على الركب العراقي)
جاءت الأخبار بما جرى على ركب العراق. طمع فيهم أمير مكة، واستهون بقَيماز، وطمعت فيهم العرب، ووقفوا يطلبون رسومهم، فأشار بذلك قَيماز، فامتنع الناس عليه، ولما وصلوا الى الغرابيّ خرجت عليهم العرب، فأخذوا ما لا يُحصى، حتى أنه أُخذ من خاتون أخت السلطان مسعود ما قيمته مائة ألف دينار. وذهب للتجار أموال كثيرة. واستعْنَتَ العربُ، وتمزّق الناس،) وهربوا مُشاةً في البرية، فمات خلقٌ جوعاً وعطشاً وبَرداً، وطلى بعض النساء أجسادهن بالطين ستراً للعورة. وتوصّل قَيماز في نفرٍ قليل.
4 (الصلح بين نور الدين ومجير الدين)
وفيها كان الصلح. فإن نور الدين نازل دمشق وضايقها، ثم اتقى الله في دماء الخلق، وخرج إليه مُجير الدين أبق صاحب البلد، ووزيره الرئيس ابن الصوفي، وخلع عليهما، ورحل الى حلب والقلوب معه لما رأوا من دينه.

(37/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 28
4 (مطر الدم باليمن)
قال ابن الجوزي: وجاء في هذه السنة باليمن مطر كله دم، وصارت الأرض مرشوشة، وبقي أثره في ثياب الناس.
4 (دفاع الموحدين عن قرطبة)
وفيها جهّز عبد المؤمن بن علي ثاني مرة جيشاً من الموحّدين في إثني عشر ألف فارس الى قرطبة، لأن الفرنج نازلوها في أربعين ألفاً ثلاثة أشهر، وكادوا أن يملكوها، فكشف عنها الموحدون، ولطَف الله.
4 (مرض خاص بك ومعافاته)
وفيها مرض ابن البلنكري، وهو خاصّ بك التركماني أتابك جيش السلطان مسعود. فلما عوفي أسقط المُكوس.
4 (وفاة مختص الحضرة)
ثم مات بعد أيام ببغداد مختص الحضرة مكس البلد، وكان يبالغ في أذى الخلق ويقول: أنا قد فرشت حصيراً في جهنم.

(37/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 29
4 (ستّ وأربعين وخمسمائة)

4 (وعظ ابن العبّادي بجامع المنصور)
قدِم السلطان بغداد في رمضان، وسأل الواعظ ابن العبادي أن يجلس في الجامع المنصور. فقيل له: لا تفعل، فإن أهل الجانب الغربي لا يمكّنون إلا الحنابلة. فلم يقبل، وضمن له نقيب النُقباء الحماية. فجلس في ذي الحجة يوم جمعة، وحضر أستاذ دار، والرؤساء، وخلائق، فلما شرع في الكلام كثُر اللغط والضجات، ثم أُخذت عمائم وفُوَط، وجُذبت السيوف حول ابن) العبادي، فثبت، وسكن الناس. ثم وعظ.
4 (أسْر جوسلين)
وفيها أسر نور الدين جوسلين فارس الفرنج وبطلَها المشهور، وأخذ بلاده، وهي عَزاز، وعينتاب، وتل باشِر.

(37/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 30
4 (ومن سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة)

4 (تحشّد عساكر نور الدين قرب دمشق)
في عاشوراء نزل عسكر نور الدين بعذرا ونواحيها، ثم قصد من الغد طائفة منهم الى ناحية النّيرب والسهم، وكمنوا عند الجبل لعسكر دمشق، فلما خرجوا جاءهم النذير، فانهزموا الى البلد وسلموا. وانتشرت العساكر الحلبية بنواحي البلد، واستؤصلت الزروع والفاكهة من الأوباش، وغلت الأسعار. وتأهبوا الحفظ البلد. فجاءت رسُل نور الدين يقول: أنا أؤثر الإصلاح للرعية وجهاد المشركين، فإن جئتم معي في عسكر دمشق وتعاضدنا على الجهاد، فذلك المراد. فلم يُجيبوه بما يرضيه، فوقعت مناوشة بين العسكرين، ولم يزحف نور الدين رِفقاً بالمسلمين. ولكن خربت الغوطة والحواضر الى الغاية بأيدي العساكر وأهل الفساد، وعُدم التبن، وعظُم الخطب، والأخبار متوالية بإحشاد الفرنج، واجتماعهم لإنجاد أهل البلد. فضاقت صدور أهل الدين. ودام ذلك شهراً، والجيش النوري في جمْع لا يُحصى، وأمداده واصلة، وهو لا يأذن لأحد في التسرّع الى القتال. ولكن جُرح خلق.

(37/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 31
4 (تحالف الفرنج وعسكر دمشق)
ثم ترحّل بهم الى ناحية الأعوج لقرب الفرنج، ثم تحوّل الى عين الجرّ بالبقاع، فاجتمعت الفرنج مع عسكر دمشق، وقصدوا بصرى لمنازلتها، فلم يتهيأ لهم ذلك، وانكفأ عسكر الفرنج الى أعمالهم، وراسلوا مجير الدين والرئيس المؤيّد يلتمسون باقي المقاطعة المبذولة لهم على ترحيل نور الدين، وقالوا: لولا نحن ما ترحّل.
4 (غزوة الأسطول المصري الى سواحل الشام)
وورد الخبر بمجيء الأسطول المصري الى ثغور الساحل في هيئة عظيمة وهم سبعون مركباً حربية مشحونة بالرجال، قد أُنفِق عليها على ما قيل ثلاثمائة ألف دينار. فقربوا من يافا، فقتلوا وأسروا، واستولوا على مراكب الفرنج، ثم قصدوا عكا، ففعلوا مثل ذلك، وقتلوا خلقاً عظيماً من) حجاج الفرنج، وقصدوا صيدا، وبيروت، وطرابلس، وفعلوا بهم الأفاعيل. ولولا شغل نور الدين لأعان الأصطول. وقيل إنه عرض عسكره، فبلغوا ثلاثين ألفاً.
4 (مصالحة نور الدين وصاحب دمشق)
ثم عاد نحو دمشق، وأغارت جنوده على الأعمال، واستاقوا المواشي، ونزل بداريا، فنودي بخروج الجند والأحداث، فقلّ من خرج، ثم إنه قرُب من البلد، ونزل بأرض القطيعة، ووقعت المناوشة. فجاء الخبر الى نور الدين بتسلّم نائبه الأمير حسن تل باشر بالأمان، ففرح، وضُربت في عسكره الكوسات والبوقات بالبشارة. وتوقف عن قتال الدمشقيين ديانةً وتحرُّجاً. وترددت الرسل في الصلح على اقتراحات تردّد فيها الفقيه برهان الدين البلخي، وأسد الدين شيركوه، وأخوه، ثم وقعت الأيمان من الجهتين، فرحل

(37/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 32
الى بصرى لمضايقتها، وطلب من دمشق آلات الحصار، لأن واليها سرخاك قد عصى، ومال الى الفرنج، واعتضد بهم، فتألم نور الدين لذلك، وجهّز عسكراً لقصده.
4 (الوباء بدمياط)
وفيها كان الوباء المفرط بدمياط، فهلك في هذا العام والذي قبله أربعة عشر ألفاً، وخلت البيوت.
4 (استنابة مجير الدين بدمشق)
وفي شهر رجب سار صاحب دمشق مجير الدين أبق في خواصّه الى حلب، فأكرمه نور الدين، وقرر معه تقريرات أقرّ بها بعد أن بذل الطاعة والنيابة عنه بدمشق. ورجع مسروراً.
4 (هزيمة الفرنج أمام التركمان عند بانياس)
وفي شعبان قصدت التركمان بانياس، فخرجت الفرنج والتقوا، فعمل السيف في العدو، وانهزم مقدّمهم في نفرٍ يسير.
4 (غارة الفرنج على البقاع)
وأغارت الفرنج على قرى البقاع، فاستباحوها. فنهض عسكر من بعلبك وخلق من رجال البقاع، فلحقوا الفرنج وقد حبستهم الثلوج، فقتلوا خلقاً من الفرنج، واستنقذوا الغنائم.
4 (فتح أنطرطوس)
وافتتح نور الدين أنطرطوس في آخرها.)

(37/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 33
4 (سبع وأربعين وخمسمائة)

4 (فتح أنطرطوس وغيرها)
جاءت الأخبار بافتتاح أنطرطوس وقتل من بها من الفرنج، وأمِّن بعضُهم وافتتح نور الدين عدة حصور صغار. وظفر أهل عسقلان بفرنج غزة وقتلوا.
4 (دخول نور الدين دمشق)
ومن سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة، في أولها قدِم شيركوه رسولاً من نور الدين، فنزل بظاهر دمشق في ألف فارس، فوقع الاستيحاش منه، ولم يخرجوا لتلقّيه. وترددت المراسلات، ولم يتفق حال. ثم أقبل نور الدين في جيوشه، فنزل ببيت الآبار وزحف على البلد، فوقعت مناوشة، ثم زحف يوماً آخر، فلما كان في عاشر صفر باكَر الزّحف، وتهيأ لصدق الحرب، وبرز إليه عسكر البلد، ووقع الطِّراد، وحملوا من الجهة الشرقية من عدة أماكن، فاندفعوا بين أيديهم، حتى قربوا من سور باب كيسان والدباغة، وليس على السور آدمي، لسوء تدبير صاحب دمشق، غير نفرٍ يسير من الأتراك لا يعوَّل عليهم، فتسرّع بعض الرجالة الى السور، وعليه يهودية، فأرسلت إليه حبلاً، فصعد فيه، وحصل على السور، ولم يدرِ به أحد، وتبعه من تبعه، ونصبوا علماً وصاحوا: نور الدين يا منصور. فامتنع الجند والرعية من الممانعة محبة في نور الدين، وبادر بعض قطّاعي الخشب بفأسه، فكسر قفل الباب الشرقي، فدخل العسكر. وفتح باب توما، ودخل الجند، ثم دخل نور الدين، وسُرَّ الخلق.

(37/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 34
ولما أحس مجير الدين بالغلبة، انهزم الى القلعة، وطلب الأمان على نفسه وماله، ثم خرج الى نور الدين، فطيّب قلبه. وتسرّع الغوغاء الى سوق علي وغيره، فنهبوا، فنودي في البلد بالأمان. وأخرج مجير الدين ذخائره وأمواله من القلعة الى الأتابكية دار جدّه، ثم تقدّم إليه بعد أيام بالمسير الى حمص في خواصّه، وكتب له المنشور بها.
4 (إطلاق بُزان من الاعتقال)
وقد كان مجاهد الدين بُزان قد أُطلق يوم الفتح من الاعتقال، وأُعيد الى داره.
4 (وفاة ابن الصوفي)
ووصل الرئيس مؤيَّد الدين المسيّب ابن الصوفي الى دمشق متمرضاً، فمات ودُفن في داره.) وفرح الناس بهلاكه.
4 (وفاة السلطان مسعود)
وفيها جاءت الأخبار بموت السلطان مسعود بباب همذان. وذكر ابن هُبيرة في الإفصاح قال: لما تطاول على المقتفي أصحاب مسعود، وأساءوا الأدب، ولم يمكن المجاهرة بالمحاربة. اتفق الرأي على الدعاء عليه شهراً، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على رِعل وذكوان شهراً، فابتدأ هو والخليفة سراً، كل واحد في موضعه يدعو سحَراً، من ليلة تسع وعشرين من جمادى الأولى، واستمر الأمر كل ليلة، فلما تكمّل الشهر، مات مسعود على سريره، لم يزد على الشهر يوماً، ولا نقص يوماً، فتبارك الله رب العالمين.

(37/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 35
4 (سلطنة ملكشاه)
واتفق العسكر على سلطنة ملكشاه، وقام بأمره خاصّ بك. ثم إن خاصّ بك قبض على ملكشاه، وطلب أخاه محمداً من خوزستان، فجاءه وسلّم إليه السلطنة. فلما استقر قتل خاصّبك.
4 (هرب شحنة بغداد)
وهرب شِحنة بغداد لما سمع بموت مسعود. وأمر الخليفة: أي مَن تخلّف من الجُند عن الخدمة أبيح دمه.
4 (تدريس ابن النظام)
وأمر الخليفة ابن النّظام أن يمضي الى مدرستهم، ويدرّس بها من جهة السلطان.

(37/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 36
4 (القبض على الحَيص بَيْص)
وقبضوا على الحيص بيص، وأخرجوه من بيته حافياً مهاناً، وحُبس في حبس اللصوص.
4 (ضرب أبي النجيب وحبسه)
ثم أُحضر الشيخ أبو النجيب الى باب النوبي، وكُشف رأسُه، وضُرب خمس دِرَر، ثم حُبس.
4 (أخذ البديع الصوفي)
ثم أُخذ البديع الصوفي الواعظ صاحب أبي النجيب، واتُهم بالرفض، فشُهِّر وصُفع.
4 (احتفالات بغداد بالخليفة)
وبلغ الخليفة أن في نواحي واسط تخبيطاً، فسار بعسكره وراءه الناس، وسار الى واسط، فرتّب بها شحنة، ثم مضى الى الحلة، والكوفة، ثم عاد الى بغداد مؤيَّداً منصوراً، فغُلِّقت بغداد،) وزُيّنت، وعُملت القباب، وعمل الذهبيون بباب الخان العتيق قبة، عليها صورة مسعود، وخاصّ بك، وعباس، بحركات تدور، وعُملت قباب عديدة على هذا النموذج. وانطلق أهل بغداد في اللعب والخبال، واللهو الى يوم عيد النحر.
4 (ظهور الغورية وامتلاكهم بلخاً وغزْنة)
وفيها كان خروج الغورية، وحاربهم السلطان سَنْجر. وملكهم حسين بن حسين ملك جبال الغور، وهي من أعمال غزنة. فأول ما ملكوا بلخ، فقاتل سنجر، وأسره وعفا عنه وأطلقه، فسار حسين الى غزنة، وملكها بهرام شاه بن مسعود بن ابراهيم بن مسعود بن محمود بن سُبُكتكين، فانهزم من غير قتال،

(37/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 37
وتسلّم علاء الدين حسين الغوري غزنة، واستعمل عليها أخاه سيف الدين، وردّ الى الغور. فلما جاء الشتاء قدِم بهرام، وقام معه أهل غزنة، فقبض على سيف الدين وصلبه.
4 (وفاة بهرام شاه)
ثم لم يلبث بهرام شاه أن مات.
4 (تلقُّب علاء الدين بالسلطان المعظّم)
فأقاموا بعده ولده خُسروشاه، فقصده علاء الدين حسين، فهرب منه الى الهاوور سنة خمسين، وملك علاء الدين غزنة، ونهبها ثلاثة أيام، وقتل جماعة وبدّع، وتلقّب بالسلطان المعظّم. وشال الجتْرَ فوق رأسه على عادة السلاطين السلجوقية، واستعمل ابنَي أخيه، وهما غياث الدين أبو الفتح محمد بن سام، وأخوه السلطان شهاب الدين أبو المظفّر محمد، فأحسنا السيرة في الرعية، وأحبهما الناس، وانتشر ذكرها، وطال عمرهما، وملكا البلاد.
4 (عصيان ابنَي الأخ على السلطان)
وأول أمرهما أنهما أظهرا عصيان عمهما، فبعث إليهما جيشاً فهزموه، فسار بنفسه إليهما والتقوا، فأُسر عمهما علاء الدين فأحسنا إليه، وأجلساه على التخت، ووقفا في الخدمة، فبكى وقال: هذان صبيّان فعلا ما لو قدرت عليه منهما لم أفعله. وزوّج غياث الدين بابنته، وفوّض إليه الأمور من بعده، فلما مات استقلّ غياث الدين بالملك. ثم ملكت الغُزّ غزنة خمس عشرة سنة، وعسفوا وظلموا مدة، ثم حاربهم غياث الدين ونُصر عليهم فافتتح البلاد، وأحسن، وعدل.) وكانت الغُزّ تُركُمان ما وراء النهر.

(37/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 38
4 (رواية ابن الأثير عن الغُزّ)
قال ابن الأثير: لما تملّكت الخِطا ما وراء النهر، طردوا الغُزّ، فنزلوا بنواحي بلخ على مراعيها، واسم مقدّميهم: دينار، وبختيار، وطوطى، وأرسلان، وجقر، ومحمود، فأراد قُماج نائب سنجر على بلخ إبعادهم، فصانعوه، وبذلوا له مالاً، وأقاموا على حالة حسنة لا يُؤذون ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة. ثم عاودهم قماج، وأمرهم بالترحّل، فامتنعوا وتجمعوا، فخرج قماج إليهم في عشرة آلاف، فهزموه، ونهبوا عسكره وأمواله، وأكثروا القتل في العسكر والرعايا، وأسروا النساء والأطفال، وقتلوا الفقهاء، وعملوا العظائم، وخرّبوا المدارس، وانهزم قماج الى مَرو. وأرسل السلطان سنجر يتهددهم، فاعتذروا، وبذل له مالاً، فلم يُجبهم، وجمع عساكر من النواحي، فاجتمع معه ما يلزمه على مائة ألف فارس، والتقاهم فهزموه، وتبعوا عسكره قتلاً وأسراً، فصارت قتلى العسكر كالتلال. وقُتل الأمير علاء الدين قماج وأُسر السلطان وجماعة من أمرائه، فضربوا رقاب الأمراء. ونزل أمراء الغُزّ، فقبّلوا الأرض بين يدي سنجر، وقالوا: نحن عبيدك، ولا نخرج عن طاعتك، فقد علمنا أنك لم تُرد قتالنا، وإنما حُملت عليه، فأنت السلطان، ونحن العبيد، فمضى على ذلك شهران أو ثلاثة، ودخلوا معه الى مرو، وهي كرسي المُلك، فطلبها منه بختيار إقطاعاً، فقال: هذه دار المُلك، لا ينبغي أن يكون إقطاعاً لأحد. فصفا له وأخذه، فلما رأى ذلك، نزل عن سريره، ثم دخل خانكاه مروه، وتاب من الملك، واستولى الغُزّ على البلاد، وظهر من جورهم ما لم يُسمع بمثله، وولّوا على نيسابور والياً، فعلّق في السوق ثلاث غرائر، وقال: أريد ملء هذه ذهباً، فثار عليه العامة فقتلوه، وقتلوا من معه، فركبت الغز، ودخلوا بلد نيسابور، ونهبوها، وقتلوا الكبار والصغار، وأحرقوها، وقتلوا القُضاة والعلماء في البلاد كلها. ويتعذّر وصف ما جرى منهم على تلك البلاد، ولم يسلم منهم شيء سوى هَراة ودهسان، فامتنعت بحصانتها.

(37/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 39
4 (قصة الغزّ برواية أخرى)
وساق بعضُهم قصة الغُزّ وفيها طول. قال: وفارق السلطان سنجر جميعُ أمراء خراسان، ووزيره طاهرُ بن فخر المُلك بن نظام) المُلك، ولم يبق غير نفر يسير من خواصه، فلما وصلت الأمراء الى نيسابور، أحضروا سليمان شاه بن محمد ملكشاه، فدخل نيسابور في جمادى الآخرة من سنة ثمان وأربعين، وخطبوا له بالسلطنة، وساروا فواقعوا الغزّ، وقتلوا منهم مقتلة. فتجمّعت الغز للمصافّ، فلما التقى الجمعان انهزم الخراسانيون يقصدون نيسابور، وتبعتهم الغزّ، ودخلوا طوس، فاستباحوها قتلاً وسبياً، وقتلوا إمامها محمد الماركشي، ونقيب العلويين علياً الموسوي، وخطيبها اسماعيل بن عبد المحسن، وشيخ الشيوخ محمد بن محمد. ووصلوا الى نيسابور سنة تسع وأربعين في شوال، فلم يجدوا دونها مانعاً، فنهبوها نهباً، وقتلوا أهلها، حتى أنه أُحصي في محلّتين خمسة عشر ألف قتيل. وكانوا يطلبون من الرجل المال، فإذا أعطاهم المال قتلوه. وقتلوا الفقيه محمد بن يحيى الشافعي، ورثاه جماعة من العلماء، وممن قُتل الشيخ عبد الرحمن بن عبد الصمد الأكّاف الزاهد، وأحمد بن الحسن، الكاتب سِبط القُشَيري، وأبو البركات بن الفُراوي، والفقيه الصبّاغ أحد المتكلمين، وأحمد بن محمد بن حامد، وعبد الوهاب المولقاباذي، والقاضي صاعد بن عبد الملك بن صاعد، والحسين بن عبد الحميد الرازي، وخلق. وأحرقوا ما بها من خزائن الكتب، فلم يسلم إلا بعضُها، وفعلوا ما لا يفعله الكفار، وانحلّ أمر السلطان بالكلية، فاجتمع الأمراء، وراسلوا محمود بن محمد ابن أخت السلطان سنجر، وخطبوا له بخراسان، وأحضروه وملّكوه، وانقادوا له في شوال سنة تسع. وساروا معه الى الغزّ، وهم يحاصرون هَراة، فجرت بينهم حروب في أكثرها الظّفَر للغُزّ. وكان لسنجر مملوك أي أبَه، ولقبه المؤيّد، استولى على نيسابور، وطوس، ونَسا، وأبيوَرد، وأزاح الغزّ، وقتل منهم

(37/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والثلاثون الصفحة 40
خلقاً، وأحسن السيرة، وعظُم شأنه، وكُثر جمعه، والتزم بحمل مالٍ الى خاقان محمود بن محمد ابن أخت سنجر.
4 (أخذ الفرنج عسقلان)
قال ابن الأثير: وفيها أخذت الفرنج عسقلان، وكانت للظافر بالله وكان الفرنج كل سنة يقصدونها ويحضرونها المصريون، يرسلون إليها الأسلحة والذخائر والأموال. فلما قُتل ابن السّلار في هذا العام اغتنم الفرنج اشتغال المصريين، ونازلوها، وجدّوا في حصارها، فخرج المسلمون وقاتلوهم وطردوهم، فأيسوا من أخذها، وعزموا على الرحيل عنها، فأتاهم الخبر بأن) أهلها قد اختلفوا، وذلك لأنهم لما قهروا الفرنج داخلهم العجب، وادعى كل طائفة أن النصرة على يده، ووقع بينهم خصام على ذلك، حتى قُتل بينهم رجل، فعظُمت الفتنة، وتفاقم الشرّ، وتجادلوا، فقُتل بينهم جماعة، وزحفت الفرنج في الحال، فلم يكن على السور من يمنعهم، فملكوا البلد، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ==

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المستدرك للحاكم فيه8803 كل احاديثه كلها صحيح ما عدا 160.حديث بعد تعقب الذهبي فضعف100 حديث وابن الجوزي60. حديث يصبح كل الصحيح في المستدرك 8743.حديثا

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف 160 .حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي ...