88

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف160.حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي في الضعفاء له 60 حديثا أُخر فيكون  كل الضعيف في كل المستدرك 160 حديثا من مجموع 8803=الباقي الصحيح =8743.فهذه قيمة رائعة لمستدرك الحاكم

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الأحد، 21 أغسطس 2022

مجلد37.و38. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام.للذهبي

 

37. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام. شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون   

 الصفحة 84
وبالحضور العماد بن النابلسي. وتوفي في ثامن جمادي الآخرة، رحمه الله تعالى.
4 (عبد الواحد بن عبد الرحمن بن أبي المكارم عبد الواحد بن محمد بن المسلم بن الحسن بن)
هلال بن الحسين. العدل، مخلص الدين
4 (أبو المكارم الأزدي الدمشقي)
ولد سنة خمس وستين، وسمع سنة سبعين من الحافظ أبي القاسم ابن عساكر. وسمع من: أبي سعد بن أبي عصرن، وأسامة بن منقذ، وابن صدقة الحراني، وغيرهم. وكتب عنه الحافظ، وحدث عنه: الزكي البرزالي، وابن الحلوانية، ومجد الدين العديمي، وأبو علي بن الخلال، وأبو الفداء بن عساكر، والنجم بن صصرى الكاتب، والشرف بن عساكر، وجماعة سواهم من شيوخنا. وتوفي في الخامس والعشرين من رجب، رحمه الله.
4 (عثمان بن أسعد بن المنج)

4 (بن أبي البركات.)
الأجل عز الدين، أبو عمرو، وأبو الفتح التنوخي، الدمشقي، الحنبلي. والد شيخينا زين الدين المنجا، ووجيه الدين محمد.

(47/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 85
وصدر الدين أسعد واقف المدرسة الصدرية. ولد سنة سبع وستين وخمسمائة. وسمع بمصر من البوصيري، وببغداد من: ابن بوش، وعبد الوهاب ابن سكينة. ودرس بالمسمارية نيابةً عن أخيه القاضي شمس الدين عمر. وكان ذا مال وثروة ويتعانى التجارات والمعاملة. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، وأبو علي بن الخلال، وابناه الوجيه وزين الدين. وتوفي في مستهل ذي الحجة. وفيها توفي أخوه كما يأتي.
4 (علي بن إسماعيل بن خلف بن سكين.)
)
4 (أبو الحسن الإسكندراني المالكي)
سمع من: محمد بن عبد الرحمن الحضرمي القاضي. وذكر أنه سمع من السلفي. وولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. روى عنه الدمياطي، وقال: توفي في ذي الحجة.
4 (علي بن زيد بن علي بن مفرج.)

(47/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 86
4 (أبو الرضا الجذامي السعدي)
التسارستي، وتسارس من قرى برقة، ثم الإسكندراني، المالكي، الخياط، ثم الضرير. ولد سنة ستين وخمسمائة، وسمع من السلفي. وقدم دمشق في شبيبته. سمع منه: عمر بن الحاجب وقال: كان شاعراً فاضلاً حسن السمت. قلت: روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والشرف الدمياطي، والضياء السبتي، ونصر الله بن عياش، والتاج الغرافي، وجماعة. وقد تفرد بالرواية عنه أبو القاسم بن جماعة بالإسكندرية. وروى عنه بالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وغيره. وتوفي في الثامن والعشرين من رمضان. أخبرنا نصر الله، أنا علي بن زيد، أنا السلفي، أنا الفضل بن عبد العزيز: ثنا أحمد بن محمد الأنماطي، أنا أبو بكر الشافعي، ثنا محمد بن غالب، ثنا عبد الصمد بن النعمان، ثنا ورقاء بن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه. قال ابن عباس: أحسب كل شيء بمنزلة الطعام.
4 (علي بن إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن.)

4 (أبو الحسن ابن الفخار الشريشي)

(47/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 87
شيخ فاضل عالم. حدث عن: أبي الحسن بن لبال، وأبي عبد الله بن الفخار، وأبي محمد بن عبيد الله.) روى عنه: أبو عبد الله الأبار. وذكر الشريف عز الدين وفاته في ربيع الأول، وقال: كان مدار الفتوى عليه ببلده. وزاد أنه سمع من: أبي عبد الله بن زرقون وأنه توفي سنة اثنتين وأربعين.
4 (علي بن محمد بن علي بن أبي الفرج مهران بن علي بن مهران.)

4 (الإمام محيي الدين أبو الحسن القرميسيني)
الإسكندراني، الفقيه الشافعي. ولد سنة سبع وستين وخمسمائة. وتفقه على جماعة، وأتقن المذهب ولازم أبا العز مظفر بن عبد البر الشافعي المعروف بالمقترح. وسمع من الإمام: أبي طاهر إسماعيل بن عوف، وعبد العزيز بن فارس الشيباني الطبيب، ومحمد بن محمد الكركنتي. وتأدب وقال الشعر، وولي جامع الشافعية بالثغر، ودرس وأفتى وتخرج به جماعة مع الدين والصيانة. وهو من بيت فضل وتقدم. روى عن كتاب الفارقي، وغيره. حدث عنه: الحافظ أبو الحسن بن المفضل. وكان أبو الفرج من نبلاء التجار المسافرين، كتب عنه السلفي. روى عن المحيي: الحافظان المنذري والدمياطي. وتوفي في الحادي والعشرين من جمادى الأولى.

(47/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 88
4 (علي بن أبي الفخار هبة الله بن أبي منصور محمد بن هبة الله بن محمد.)

4 (الشريف أبو التمام الهاشمي)
العباسي، من ولد أخي السفاح بن محمد. ولي خطابة جامع فخر الدولة ابن المطلب. وسمع من: أبي الفتح بن البطي، وأبي زرعة، وأحمد بن المقرب، وسعد الله ابن الدجاجي، وغيرهم، وممن جاوز التسعين، فإنه ولد في أول يوم من عام أحد وخمسين. وحدث عن ابن المادح بنسخة محمد بن السري فيما بلغني، فهو آخر من أدرك ابن المادح. روى عنه: ابن الحلوانية، وأبو القاسم بن بلبان، والتقي ابن الواسطي، وسنقر القضائي الحلبي،) وجماعة. وكتب عنه: عمر بن الحاجب، والقدماء. وقال ابن نقطة: الثناء عليه غير طيب. قلت: قد عاش بعد هذا القول زماناً ولعله انصلح. وقد روى عنه بالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وأحمد بن سليمان الأرزوني، وفاطمة بنت الناصح بن عياش، وهدية بنت عبد الله بن مؤمن، وجماعة سواهم. توفي في ثاني جمادى الآخرة.
4 (علي بن يحيى بن أحمد بن عبد العزيز)

(47/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 89
الرئيس زين الدين أبو الحسن بن السدار الأنصاري، المصري، الكاتب، المنشىء البليغ. ولد بالقاهرة في الدولة العبيدية المصرية في سنة خمس وخمسين. وخدم في شبيبته. قال الحافظ عبد العظيم: كتب في ديوان الإنشاء للدولة الناصرية والعادلية والكاملية. وهو أخو الوجيه محمد المتوفي قبله. توفي في رابع شعبان. وقد حدث عن: العلامة أبي الطاهر بن عبد. روى عنه: الحافظ عبد العظيم. وأجاز للعماد ابن البالسي، وأضرابه.
4 (علي بن يحيى بن حسن)
الواسطي الأديب، أبو الحسن بن بطريق الشاعر. كان فقيهاً فاضلاً أصولياً، قدم الشام ومدح ملوكها، ثم عاد إلى بغداد. فمن شعره:
(أجمال من أحببته وجماله .......... حُلوان لولا هجره ودلاله)

(وعتابه وملاله لمحبّه .......... مُرّان لولا عطفه ووصاله)

(كم ذا أغضّ على القذا جفن الرّضا .......... وأقول يا قلبي عسى إقباله)

(وأرى اللّيالي تنقضي وما انقضى .......... عمري ووجدي ما انقضت أشغاله)

(47/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 90
(قلبي الّذي حمل الهوى وشكى الضنا .......... ما باله لا خففت أثقاله)
)
(قد كان يوعدني التّسلّي عنهم .......... لكن يوم البين بان مُحاله)

(لو أنّهم رحموه كنت عذرتُهُ .......... فيهم لكنّ دأبهم إهماله)
توفي في عاشر صفر، وهو في عشر السبعين. خدم في ديوان الإنشاء مدة.
4 (علي بن يرنقش.)

4 (الأمير أبو الحسن شجاع الدين الدمشقي)
توفي بالقاهرة في المحرم عن سن عالية. روى عن أبي الحسن علي بن الساعاتي شعراً. روى عنه: الزكي المنذري، وسأله عن مولده فقال: بدمشق في سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وهو أخو الأمير أبي شامة مسعود.
4 (عمر بن أسعد بن المنجا بن أبي البركات.)

4 (القاضي شمس الدين أبو الفتح التنوخي)
المعري الأصل، الدمشقي، الفقيه الحنبلي، مدرس المسمارية. ولي قضاء حران مدة، وكذا ولي أبوه قضاء حران. وكان عارفاً بالقضايا، بصيراً بالشروط، صدراً نبيلاً.

(47/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 91
ولد بحران وأبوه على قضائها في الدولة النووية، ونشأ بها وتفقه على والده. ثم قدم دمشق معه وسمع من: أبي المعالي بن صابر، وأبي سعد بن أبي عصرون، وأبي الفضل بن الشهرزوري قاضي دمشق، وابن صدقة الحراني. ورحل هو وأخوه عز الدين فسمعا من: يحيى بن بوش، وعبد الوهاب ابن سكينة، وعبد الوهاب بن أبي حبة. روى عنه: الحافظ أبو عبد الله البرزالي، ومجد الدين ابن العديم، وسعد الخير بن النابلسي، وأبو علي بن الخلال، وجماعة. وبالحضور: أبو المعالي بن البالسي. وآخر من حدث عنه بنت المعمرة المسندة ست الوزراء. توفي في ثامن عشر ربيع الآخر وله أربع وثمانون سنة.
4 (حرف الفاء)
)
4 (فاطمة بنت أبي الفتح)

1 (محمد بن محمد بن المعز الحراني، ثم البغدادي.)
عين النساء. روت عن: عبد الحق اليوسفي، وعبيد الله الشاتيلي. وتوفيت في تاسع ربيع الأول. روى لنا عنها بالإجازة الفخر بن عساكر، وبنت سليمان.
4 (حرف القاف)

4 (قريش بن فيروز)
أبو محمد الرومي، ثم البغدادي القطيعي، المقرىء، البواب. راوي التاريخ الكبير للبخاري، عن عبد الحق اليوسفي.

(47/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 92
ولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. وكان شيخاً مسناً، مليح الشكل والبزة. من مسموعه أيضاً كتاب الغرباء للآجري. روى عنه: جمال الدين محمد الشريشي، وتاج الدين علي الغرافي، وغيرهما. وبالإجازة: القاضيان ابن الخوبي وتقي الدين سليمان، وأبو الفضل بن البرزالي، وأبو المعالي ابن البالسي، وجماعة. توفي رحمه الله في الحادي والعشرين من شعبان.
4 (حرف الكاف)

4 (كريمة بنت أبي صادق)
عبد الحق بن هبة الله بن ظافر بن حمزة القضاعي، المصري، الشافعي. أم الفضل، شيخة صالحة، وهي أخت محمد. سمعت من: إسماعيل بن قاسم الزيات. روى عنها: الحافظان عبد العظيم وعبد المؤمن، وجماعة. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وغيره. وتوفيت في منتصف ذي الحجة. وقد حدث أبوها، وجدها.)
4 (كريمة فخر النساء)

4 (بنت المحدث أبي الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم بن الحسين.)

(47/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 93
الدمشقية. سمعت من: الخشوعي، وست الكتبة بنت الطراح. روى عنها: المجد ابن الحلوانية. ولم يحدثنا أحد عنها. توفيت في ثالث عشر ذي الحجة عن نحو خمسين سنة.
4 (كريمة بنت المحدث عبد الوهاب)
العدل الأمين أبي محمد عبد الوهاب بن علي بن الخضر بن عبد الله بن علي. الشيخة المعمرة، مسندة الشام، أم الفضل القرشية الزبيرية الدمشقية، بنت الحبقبق. ولدت سنة خمس أو ست وأربعين وخمسمائة. وسمعت أجزاء يسيرة من أبي يعلى حمزة بن الحبوبي، وعبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، وحسان بن تميم الزيات، وعلي بن مهدي الهلالي، وعلي بن أحمد الحرستاني على مقال فيه. وتفردت في الدنيا بالرواية عنهم. روت بالإجازة صحيح البخاري عن أبي الوقت، وهي آخر من روى عنه بالإجازة. وروت أيضاً الكثير كتابةً عن: مسعود الثقفي، وأبي عبد الله الرستمي، وأبي الخير محمد بن أحمد الباغبان، والقاسم بن الفضل الصيدلاني، ورجا بن حامد المعداني، وعبد الحاكم بن ظفر، ومحمود فورجة، وأبي الفتح بن البطي، والشيخ عبد القادر الجيلي، وخلق سواهم.

(47/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 94
وخرج لها الحافظ أبو عبد الله البرزالي مشيخة في ثمانية أجزاء وقد تفرد بروايتها عنها الزين إبراهيم بن الشيرازي. وكانت امرأة صالحةً طيبةً جليلة، طويلة الروح إلى الغاية على الطلبة، لا تضجر من التسميع. أخذ عنها حفاظ وأئمة، وحدثت نيفاً وأربعين سنة. روى عنها: الحفاظ شمس الدين ابن خليل، وزكي الدين البرزالي، وضياء الدين المقدسي، وزكي الدين المنذري، وشرف ابن النابلسي، وجمال الدين ابن الصابوني، وجمال الدين ابن الظاهري، وعلاء الدين ابن بلبان، وشمس الدين ابن هامل، وخديجة بنت تميمة، والشرف عمر) بن خواجا إمام، والصدر محمد بن حسن الأرموي، وزين الدين عبد الله الفارقي، والتقي بن مؤمن، وداود بن حمزة، وأخوه القاضي تقي الدين، وست الفخر بنت عبد الرحمن بن الشيرازي، وبنت عمها ست القضاة، والزين إبراهيم بن القواس، والشرف عبد المنعم بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان الأنصاري، وعيسى بن عبد الرحمن المطعم، والتاج علي بن أحمد الغرافي، وأبو المحاسن بن الحرفي، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن يوسف الذهبي، وخلق كثير. وبالحضور: أبو المعالي ابن البالسي، ومحمد بن الكركرية، وأبو الفضل ابن البرزالي. وتوفيت ببستانها بالميطور في رابع عشر جمادى الآخرة، ودفنت بسفح جبل قاسيون. وروى الحديث أخواها علي وصفية، وأبوها وعمها الحافظ عمر بن علي القرشي، وابنه عبد الله بن عمر.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن خلف.)
قاضي الجماعة
4 (أبو الوليد بن الحاج التجيبي)

1 (الأندلسي، القرطبي، المالكي.)

(47/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 95
ذكره الأبار فقال: سمع من مشايخ بلده، ودخل بلنسية وسمع من شيخنا أبي الربيع بن سالم. قال: وأجاز له: أبو القاسم بن بشكوال، وأبو بكر بن الجد، وأبو عبد الله ابن زرقون، ونظراؤهم. وولي قضاء قرطبة فحمدت سيرته، وعرف بالفضل ولين الجانب. ثم خرج من قرطبة لدخول الروم، لعنهم الله، إليها فولي قضاء إشبيلية. وقد حدث، وأخذ عنه. وتوفي بإشبيلية في أوائل جمادى الأولى. قلت: هو جد شيخنا الإمام أبي الوليد محمد بن أحمد بن أبي الوليد بن الحاج إمام مقصورة المالكية، بارك الله في عمره. وقال الشريف عز الدين أبو القاسم الحسيني في الوفيات له أن القاضي أبا الوليد هذا روى عن) أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد بن حبيش، ويحيى بن عبد الرحمن المجريطي. قال: وله مشيخة. وكان يفهم الحديث. توفي هو وابن عمه قاضي غرناطة في عام.
4 (محمد بن أحمد بن علي)

4 (الفقيه أبو عبد الله بن جارة الأزدي)
الإسكندراني. روى عنه الدمياطي حديثاً عن فتوح بن خلف صاحب السلفي.
4 (محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الصمد.)

4 (أبو عبد الله بن الطرسوسي الحلبي)

(47/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 96
سمع: أباه، وأبا سعد بن أبي عصرون، وأبا الفتح عمر بن علي الجويني، ويحيى بن محمود الثقفي. وحدث بحلب ودمشق. وكان صالحاً متزهداً منقبضاً. وكان والده من الزهاد الفضلاء. روى عن: أبي عبد الله الصاحب أبو المجد بن العديم، وغيره. وتوفي في المحرم وله سبعون سنة.
4 (محمد بن أبي جعفر)
وقيل ابن جعفر، بن يحيى بن محمد بن أبي فراس. الأمير حسام الدين أبو فراس الحلي. كان بطلاً شجاعاً محترماً ببغداد. ولي نيابة واسط، وحج بالناس خمس عشرة حجة نيابةً واستقلالاً. وكان قد عانده الوزير مؤيد الدين القمي، ففارق الركب العراقي، وقصد الملك الكامل صاحب مصر فأكرم مورده، فلما مات القمي عاد إلى العراق، فأعيد إلى رتبته وزعامته. وتوفي في شوال. وكانت له جنازة مشهودة، وحمل فدفن بمشهد الحسين، رضي الله عنه.
4 (محمد بن الحسين بن علي بن أبي البدر)

4 (أبو جعفر البغدادي الكاتب)
أحد من عني بالحديث، وسمع الكثير. وانتقى على جماعة.

(47/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 97
وسمع من: عبد الله بن دهيل بن كارة، وعبد العزيز ابن الأخضر، وهذه الطبقة.) وله إجازة من أبي منصور بن عبد السلام، وابن كليب. وسمع جزء ابن عرفة من خلق نحو المائتين. وفي حاله مقال.
4 (محمد بن رومي بن محمد بن رومي بن أحمد بن زنك.)

4 (أبو عبد الله الغوطي الحرداني)
ثم السقباني. حدث في هذا العام عن الحافظ ابن عساكر بجزء من حديثه. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والبدر بن الخلال، والعماد بن البالسي حضوراً. وكتب عنه ابن الحاجب، والقدماء.
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن أحمد بن خلف.)

4 (أبو الحسن ابن الحاج التجيبي)

4 (القرطبي، المالكي ابن عم القاضي أبي الوليد المذكور أنفاً.)
سمع من: أبي العباس المجريطي، وأبي جعفر بن يحيى، وأبي القاسم بن بقي، وجماعة. وأجاز له: أبو محمد بن عبيد الله، وأبو عبد الله بن زرقون، وأبو الوليد يزيد بن بقي، وجماعة. قال الأبار: ولي القضاء بغرناطة وبالجزيرة الخضراء، فحمدت سيرته وحدث.

(47/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 98
وتوفي بمراكش وله سبع وستون سنة.
4 (محمد بن عبد الملك بن عثمان.)

4 (شرف الدين أبو عبد الله المقدسي)
الحنبلي، الصالحي، أخو الزين أحمد. سمع: أبا طاهر الخشوعي، وجماعة. وبأصبهان من: عفيفة الفارقانية، وأسعد بن سعيد، والمؤيد ابن الأخوة، وجماعة. حدث هذه السنة بمصر فسمع منه عيسى الحميدي، وعبيد الإسعردي. وسمع منه بغزة كمال الدين ابن العديم، وغيره. حدث عنه: مجد الدين ابن الحلوانية، وبيبرس العديمي. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي. وروت عنه مريم أخت المحب حضوراً.
4 (محمد بن عقيل بن عبد الواحد بن أحمد بن حمزة بن كروس.)
) المحتسب جمال الدين،
4 (أبو المكارم السلمي الدمشقي)
ولد سنة أربع وستين وخمسمائة. وسم بها من: بهاء الدين القاسم بن عساكر، وابن حيوس. وكان رئيساً محتشماً قيماً بالحسبة. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، وغيره. ونا عنه محمد ابن خطيب بيت الأبار. ومات في سابع عشر شوال.

(47/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 99
4 (محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن محارب.)

4 (المحدث أبو عبد الله القيسي)
الغرناطي ثم الإسكندري. ولد بالإسكندرية سنة سبع وخمسين تقريباً أو قبل ذلك. وقال الأبار: ولد سنة أربع وخمسين. وسمع من: أبي الطاهر إسماعيل بن عوف، والقاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وعبد العزيز بن فارس، وحماد بن هبة الله الحراني، وابن موقا، ومنصور بن خميس، وجماعة. وسمع بمصر من: أبي القاسم البوصيري. وبدمشق من: أبي اليمن الكندي. وببغداد من: أبي محمد بن الأخضر. ودخل الأندلس قبل ذلك فسمع بمرسية من: أبي بكر محمد بن أحمد بن أبي حمزة، وبغرناطة من قاضيها أبي محمد عبد المنعم بن الفرس، وأبي جعفر أحمد بن علي بن حكم سمع منه الشفا بسماعه لجميعه من القاضي عياض. وسمع من: أبي بكر عبد الله بن طلحة المحاربي. وأجاز له أبو محمد التادلي روايته عن أبي محمد بن عتاب خاصة. وكان يقول إنه سمع من السلفي الأربعين البلدانية. وكانت له عناية جيدة بالحديث ومعرفة وإتقان. وكتب بخطه، وحصل الأصول. وطال عمره. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وأبو القاسم بن بلبان، والضياء عيسى السبتي، ونصر الله بن) عياش السكاكيني، وجماعة. توفي هو وكريمة القرشية في ليلة واحدة.

(47/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 100
حدثني ابن رافع أن الحافظ عبد الكريم أراه أصل سماع ابن محارب بالأربعين من السلفي. ورأيت بخط ابن عرام الشاذلي أن ابن محارب حدث بالأربعين السلفية في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وستمائة، بسماعه من الحافظ، فسمعها منه الدمياطي. والتقى عبيد الإسعردي، وعيسى بن يحيى السبتي، وعيسى بن أبي بكر الحميدي.
4 (محمد بن محمد بن أحمد بن مروان بن فهر.)

4 (أبو الفضل اللخمي)
عرف
4 (ابن أبي نباتة الإشبيلي)
روى عن: أبيه القاضي أبي بكر وعن: أبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، وأبي جعفر بن مضاء، وجماعة. قال الأبار: كان صاحب ضبط وتقييد. ثم ورخه بالسنة.
4 (محمد بن النفيس بن أبي القاسم.)

4 (أبو عبد الله الحربي السنكي)
بفتح السين والنون. وهو يشتبه بالسبكي. روى عن: علي بن الحسين بن بنات. ومات في المحرم.
4 (محمد بن نصر بن قميرة)
أخو المؤتمن. وله ستون سنة إلا سنة.
4 (محمد بن الخطيب أبي طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد.)

4 (العالم أبو عبد الرحمن الأسدي)

1 (الحلبي)
خطيب حلب وابن خطيبها.)

(47/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 101
ولد في حدود الستين وخمسمائة، ونيف على الثمانين. وحدث عن أبيه. ولأبيه ديوان خطب. وكانا شافعيين. روى عن هذا: مجد الدين العديمي في معجمه حديثاً واهياً. وتوفي في ربيع الأول. وله ذرية بحلب.
4 (محمد بن أبي سعد بن حسين.)

4 (أبو عبد الله الأسدي الحلبي)
شيخ زاهد جليل. ولد سنة ستين وخمسمائة. وسمع من: يحيى الثقفي. روى عنه: مجد الدين أيضاً. ومات بحلب في رمضان.
4 (محاسن بن أبي القاسم بن محمد الجوبري.)
الخباز المعروف
4 (ابن الرطيل)
سمع من: أبي القاسم الحافظ جزءاً. روى عنه: البرزالي، وابن الحلوانية في معجميهما. روى عنه بالحضور: أبو المعالي بن البالسي. وتوفي بجوبر في الرابع والعشرين من شعبان.
4 (معيوف بن نصر بن جميل.)
الزاهد أبو الفرج الواسطي، المعروف
4 (ابن المعلم)
قرأ القرآن وجوده، وحصل الأدب. وتفقه للشافعي. وقدم بغداد فسمع من: ابن كليب، وجماعة.

(47/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 102
وصحب الصالحين. قال ابن النجار: علقت عنه أناشيد، وكان صالحاً، كثير العبادة، متورعاً، لازماً للانقطاع، متواضعاً.) توفي ببغداد في ربيع الأول.
4 (مهلهل بن بدران)

4 (بن يوسف بن عبد الله بن رافع بن يزيد.)
الأمير الأجل، المحدث، أبو المنصور ابن الأمير مجد الملك الأنصاري الحساني، الجيتي، المصري، الحنبلي. من ولد حسان بن ثابت. وقد ساق الحافظ أبو محمد المنذري نسبه إلى حسان. سمع بنفسه في شبيبته من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، والأرتاحي، والنقيب محمد بن الحصين الفاطمي، وابن نجا، وبنت سعد الخير، والحافظ عبد الغني، وجماعة كثيرة. وقرأ ونسخ وحدث. وجيت قرية من عمل نابلس. ولد بمصر في حدود سنة سبع وستين وخمسمائة، وبها توفي في سابع عشر شعبان. روى عنه: الزكي عبد العظيم. وسمع منه شيخنا أبو محمد الدمياطي ولم يرو عنه، كأنه ضاع سماعه منه. وروى عنه: المجد ابن الحلوانية. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي.

(47/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 103
4 (حرف النون)

4 (نصر بن رضوان بن ثروان)
الفردوسي الداري، المقرىء الصالح الملقن بالجامع بحلقة الحنابلة. روى عن: الخشوعي، ويوسف بن معالي، والجنزوي. روى عنه: البرزالي، وابن الحلوانية، وأبو إسحاق المخرمي، وغيرهم. توفي في الخامس والعشرين من شعبان عن سنة.
4 (النظام القزويني)
صدر كبير قدم دمشق رسولاً من التتار على الملك الصالح إسماعيل، وركب الصالح لتلقيه، وكان في صحبته غلام، شراؤه عليه ألف دينار. فذبحه الغلام ودفن بقاسيون بعد أن أدى الرسالة.
4 (حرف الياء)
)
4 (يونس)
السلطان الملك الجواد مظفر الدين ابن الأمير مظفر الدين ممدود ابن الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد بن أيوب. كان في خدمة عمه الملك الكامل فوقع بينهما واقع، فغضب وسار إلى عمه الملك العظيم، فأقبل عليه وأحسن إليه. ثم عاد إلى مصر واصطلح مع الكامل. فلما مات الملك الأشرف جاء مع الكامل إلى دمشق، فلم يلبث

(47/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 104
الكامل أن مات، وتملك الملك الجواد دمشق. وكان جواداً كلقبه، ولكن كان حوله ظلمة. وهو مبذر لما في الخزائن. قصد الناصر داود والتقاه فانهزم الناصر. وكان المصاف على مكان يقال له ظهر حمار، فاحتوى الجواد على خزائن الناصر وذخائره، ثم دخل نابلس ونزل بدار المعظم، واحتوى على ما فيها. وولى نوابه بالقدس وأعمالها. فلما بلغ العادل بن الكامل ذلك خاف منه وأمره برد بلاد الناصر إليه وبالرجوع إلى دمشق. فترحل ودخل دمشق في تجمل عظيم، وزينت دمشق زينة ما سمع بمثلها، وتمكن واستقل بالسلطنة، إلا أن الخطبة للعادل قبل الجواد، فانتدب له عماد الدين ابن شيخ الشيوخ. وفي وقعة ظهر الحمار يقول الحماد بن عبد، وأجاد:
(يا فقيهاً قد ضلّ سبيل الرشاد .......... ليس يغني الجدال يوم الجلاد)

(كيف يُنجي ظهر الحمار هزيماً .......... من جواد يكرّ فوق جواد)
وكان يحب الصالحين والفقراء. وتقلبت به الأحوال وعجز عن مملكة دمشق وتقلقل، فكاتب الملك الصالح نجم الدين ابن الكامل فقدم وسلم إليه دمشق وعوضه بسنجار وعانة. وسار إلى الشرق فلم يتم له الأمر وأخذت منه سنجار وبقي في عانة. وسار إلى بغداد وأنعم عليه، وباع عانة للخليفة بجملة من الذهب. ثم سار إلى الديار المصرية وافداً على الملك الصالح، فهم بالقبض عليه، فتسحب إلى الكرك إلى عند الملك الصالح، فقبض عليه، ثم انفلت منه وقدم على الملك الصالح إسماعيل صاحب دمشق، فلم يبش له. فقصد ملك الفرنج الذي بالساحل، صيدا وبيروت، فأكرموه وشهد معهم وقعة قلنسوة، وهي من أعمال نابلس، قتلوا فيها ألف مسلم. فنعوذ بالله من مكر الله. وما أمكنه أن يدفع عن المسلمين بكلمة.) ثم بعث إليه إسماعيل الأمير ناصر الدين ابن يغمور ليحتال في القبض عليه بخديعة، فيقال إنه اتفق معه على إسماعيل.

(47/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 105
ثم إن إسماعيل ظفر بالجواد وسجنه بحصن عزتا، وسجن ابن يغمور بقلعة حلب. فطلب الفرنج الملك الجواد من إسماعيل وقالوا: لا بد لنا منه. فأظهر أنه قد مات، وأهله يقولون إنه خنقه، فالله أعلم. ودفن في شوال بقاسيون بتربة المعظم. ويقال كانت أمه إفرنجية.
4 (يونس بن منصور بن إبراهيم بن عبد الصمد بن معالي.)

4 (أبو بكر السقباني المؤذن)
كان شيخاً صالحاً يؤذن احتساباً. سمع من: الحافظ القاسم بن عساكر. كتب عند ابن الحاجب، والضياء ابن البالسي، وجماعة. وحدث عنه: ابن الحلوانية. وأبو علي بن الخلال. وبالحضور أبو المعالي بن البالسي. حدث في هذه السنة، وتوفي فيها أو بعدها.
4 (يونس بن يوسف بن سليمان بن محمد بن محمود بن أيوب.)

4 (المحدث أبو سهل الجذامي الأندلسي)
القصري، قصر عبد الكريم. كان يعرف بابن طربجة. له مشاركة جيدة في فنون من العلم. ذكره أبو عبد الله الأبار فقال: سمع من أبي الحسن نجية بن علي، وأبي ذر بن أبي ركب الخشني، وأبي محمد بن عبيد الله، وجماعة. وأجاز له أبو بكر بن الجد، وغيره. وطوف ونزل تونس ثم ولي قضاء طرابلس الغرب. ثم انتقل إلى القاهرة

(47/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 106
في سنة سبع وعشرين فحظي هناك، وخلف أبا الخطاب بن الجميل يعني ابن دحية بعد وفاته. قال: وكان يتمسح كثيراً فيما يحدث به. وتوفي في آخر سنة إحدى وأربعين.) قلت: روى عنه الدمياطي، وقال: كان قليل الرواية. كتبت عنه أناشيد للمغاربة. وتوفي في الثامن والعشرين من رمضان. وقال الشريف عز الدين: روى عن: الحافظ ابن عبد الواحد الغافقي، وغيره. وتولى مشيخة دار الحديث الكاملية دار الحديث الكاملية مدة. واختصر صحيح مسلم.
4 (الكنى)

4 (أبو شكر الشعيبي)
الزاهد، أحد الأولياء بميافارقين. والشعيبية من قرى ميافارقين. قال سعد الدين الجويني: كان من صلحاء الأبدال. صاحب علم وعمل ورياضات ومجاهدات. سألني السلطان الملك المظفر أن أقول له أن يأذن له في زيارته فلم يجب، وقال: أنا أدعو له أن يصلحه الله لنفسه ولرعيته ليجتهد أن لا يظلم. قال: وكان أكثر أوقاته يتكلم على الخاطر. وكان كثيراً ما يقول عقيب كلامه: اللهم ارحمنا. وسألته عن التتار قبل أن يطرقوا البلاد فزفر زفرةً ثم أنشد:

(47/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 107
(وما كلّ أسرار النّفوس مُذاعةٌ .......... وما كلّ حلّ الفؤاد يُقالُ)
خرج إلى قريته الشعيبية وقال لأولاده: احفروا لي قبراً فأنا أموت بعد يومين. فحفروا له، ثم مات في اليوم الذي عينه، رحمه الله ورضي عنه. وفيها ولد: وجيه الدين يحيى بن أحمد القونوي المقرىء، وصفي الدين أبو بكر بن أحمد السلامي، وأحمد بن محمد بن الرشيد أحمد بن محمد الأصبهاني المصري، سمع السبط وغيره، والمحدث شهاب الدين أحمد بن يونس بن أحمد بن بركة الإربلي، بالقاهرة والشرف أبو الفتح محمد بن عبد الرحيم بن البشر القرشين بالقرافة والتاج محمد بن أحمد بن محمد بن النصيبي، بحلب وطاهر بن عبد الله بن عمر بن العجمي الحلبي، والشمس محمد بن علي بن أبي الفتح بن السنجاري المؤدب،) وعبد الرحمن بن عبد الولي الفلاح سبط اليلداني، والجمال عبد الرحمن بن أحمد بن عمر بن شكر المقدسي. وعلي بن النصير بن الدفوفي المصري، ووالدي أحمد بن عثمان الذهبي.

(47/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 108
1 (سنة اثنتين وأربعين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن علي بن بختيار)
أبو القاسم الواسطي، ثم البغدادي. من أولاد الأمراء. له شعر حسن، فمنه:
(مل بي إلى الدّير من نجران مُصطبحاً .......... يا صاح قبل التفاف السّاق على السّاق)

(أما ترى الوُرق تشدوا في الغصون وكم .......... من ساق حرٍّ يغنينا على ساق)

(والنّور يُضحكهُ باكي الغمام فقُم .......... مشمّراً لارتشاف الكأس عن ساق)

(وهاتها كشُعاع الشّمس صافيةً .......... تغشى العيون رعاك اللّه من ساق)
ضعف وافتقر ولزم رباط أبيه إلى أن مات في جمادى الآخرة.

(47/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 109
وكان أبوه أستاذ دار الخلافة.
4 (أحمد بن القاضي أبي نصر)

4 (محمد بن هبة الله بن محمد.)
القاضي الرئيس تاج الدين أبو المعالي بن الشيرازي، الدمشقي. سمع من: جده، وأبي المجد الفضل بن البانياسي، وعبد الرزاق النجار، وابن صدقة الحراني. وأجاز له أبو طاهر السلفي. وكان صدراً رئيساً مبجلاً معدلاً، وافر الحرمة. روى عنه: الجمال محمد بن الصابوني، وابنه الشهاب أحمد، والفخر إسماعيل بن عساكر، وابن عمه عبد المنعم بن عساكر، ومحمد بن يوسف الذهبي، والزين إبراهيم بن عبد الرحمن حفيده، والمجد عبد الرحمن بن محمد الإسفرائيني، وأبو علي بن برة الخلال، وآخرون. ولد في صفر سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.) وتوفي في خامس رمضان.
4 (أحمد بن محمد ابن الوزير الكبير)
نصير الدين أبو الأزهر بن الناقد البغدادي.

(47/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 110
كان أبوه من كبار التجار. وولد في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. واشتغل وقرأ العربية وعانى الكتابة، وتقلب في المناصب. وتنقلت به الأحوال. وكان بينه وبين الخليفة الظاهر رضاع شرف به قبيل وفي زمانه. ثم ولي أستاذ دارية الخلافة في سنة سبع وعشرين بعد وفاة عضد الدين المبارك بن الضحاك، ثم ولي الوزارة في سنة تسع وعشرين. وكان في شبيبته متعبداً كثير التلاوة، ربما قرأ القرآن في ركعتين فنفعه ذلك. وعرض له في سنة أربع وثلاثين ألم المفاصل منعه عن القيام وعجز عن الحركة والخط. وهو محترم معظم إلى الغاية. واستناب من يكتب عنه. ولما كان يوم البيعة المستعصمية حضر في محفة وجلس بين يدي السدة، وإنما العادة أن يقف الوزير، فاغتفر ذلك لعجزه، وأُقر على رتبته. وبقي في الوزارة إلى أن مات، فوليها بعده المشؤوم الطلعة ابن العلقمي. توفي في سادس ربيع الأول، وغسله الإمام نجم الدين عبد الله البادرائي مدرس النظامية يومئذ، وشيعه عامة الدولة. وكان من رجالات العالم رأياً وحزماً وأدباً وكتابة وترسلاً وحسن سيرة، يرجع إلى دين وخير، فالله يرحمه ويسامحه. وولي في منصب ابن العلقمي الأستاذ دارية الصاحب محيي الدين ابن الجوزي.
4 (أحمد بن أبي الفتح)

4 (محمد بن أحمد بن المندائي.)
الواسطي، أبو العباس المذكور في السنة الماضية، ثم أنبأني ابن البزوري أنه توفي راجعاً من الحج في ثامن عشر محرم سنة اثنتين. وأنه خدم في خدم آخرها نيابة صدرية واسط.

(47/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 111
4 (إبراهيم بن إسحاق بن محمد بن علي)
أبو إسحاق العبدري الميورقي، المعروف
4 (ابن عائشة)
) قال الأبار: روى عن: أبي عبد الله ختن فقل وتفقه به، ومال إلى علم الرأي. وكان ديناً نزهاً. أسره العدو في الحادثة الكائنة على ميورقة، ثم خلص وقدم بلنسية. ثم ولي قضاء دانية. وسمعت منه بتونس، وبها توفي في ذي الحجة، وله بضع وستون سنة.
4 (إبراهيم بن صالح بن خلف بن أحمد)
الجهني، القاضي، الشاب الصالح الإمام جمال الدين أبو إسحاق. توفي وله ست، وثلاثون سنة. وهو أخو شيخنا محمد. قرأ القرآن على الفقيه زيادة، وبرع في مذهب الشافعي. وسمع من جماعة. وكان أحد الأذكياء. ولي قضاء بلبيس، ثم قضاء البهنسا فأدركه أجله بها في ربيع الأول، رحمه الله.
4 (إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن قسوم.)

4 (أبو إسحاق اللخمي الإشبيلي)
قال الأبار: روى عن: أبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، وأبي عمرو بن عظيمة صاحب شريح وأخذ عنه القراءآت.

(47/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 112
وروى أيضاً عن: أبي محمد بن عبيد الله، وأبي الحسن نجبة بن يحيى. وكان فقيهاً أصولياً ناسكاً، صادعاً بالحق. تغلب عليه العبادة. وهو أخو أبي بكر المتوفي قبل الأربعين. توفي هذا في شوال عن سن عالية.
4 (إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم بن علي.)
القاضي شهاب الدين،
4 (أبو إسحاق الهمذاني الحموي)
الشافعي، المعروف بابن أبي الدم، قاضي حماة. ولد بها في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ورحل فسمع ببغداد من: عبد الوهاب ابن سكينة. وحدث بحماة، وحلب، والقاهرة. وله نظم ونثر ومصنفات وترسل عن صاحب حماة. سمع منه: أبو بكر الدشتي شيخنا، وغير واحد. توفي في جمادى الآخرة بحماة. وله التاريخ الكبير المظفري.)

(47/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 113
4 (أرسلان شاه)
هو السلطان نور الدين صاحب شهروزور ابن الملك عماد الدين زنكي بن نور الدين رسلان شاه بن السلطان غياث الدين مسعود بن السلطان قطب الدين مودود بن أتابك بن زنكي بن قسيم الدولة أقسنقر بن عبد الله. التركي الأصل والنسب، الموصلي. كان محبوباً إلى والده فلما احتضر أخذ له العهد والميثاق على الأمراء والأعيان، وملك بعده شهرزور. وكان شجاعاً مهيباً لاقى التتار غير مرة. وقدم بغداد بعساكره في سنة أربع وثلاثين لنصرة الإسلام فبهر الأنام بجماله فإنه كان بديع الحسن. ولد في سنة أربع عشرة وستمائة، وتوفي يوم رابع عشر شعبان بقلعته.
4 (إسحاق بن الخضر بن كامل بن سالم.)

4 (الصفي أبو عبد الله السروجي)
ثم الدمشقي السكري، ابن المعبر. سكن قاسيون، وله بها عقب. وسمع من: يوسف بن معالي الكناني، والخشوعي، وحنبل، وغيرهم. وسئل عنه الضياء محمد، فقال: ثقة، دين. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه شرف الدين أحمد، والبدر ابن الخلال، وجماعة. وحضر عليه أبو المعالي ابن البالسي. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (إسماعيل بن زيد بن إسماعيل بن عقيل.)

4 (أبو الفضل العلوي الحسيني)
الخراساني، ثم الدمشقي.

(47/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 114
شيخ صالح، خرج له الزكي البرزالي مشيخة. أجاز له أبو الفضل خطيب الموصل، وأبو المعالي بن صالح. وسمع من: التاج محمد بن عبد الرحمن المسعودي، والقاسم بن عساكر، وحمزة بن أسعد) التميمي. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، وغيره. توفي في جمادى الأولى.
4 (أيبه)
الأمير الكبير زين الدين التركي، الناصري، الخليفتي. ويعرف بالأبسر. كان فارساً شجاعاً، ثم شاخ وانقطع بمنزله. وتوفي في رجب.
4 (حرف التاء)

4 (ترشك)
الأمير بهاء الدين الناصري، الخليفتي. توفي في المحرم. وكان من أعيان الدولة ببغداد.
4 (حرف الثاء)

4 (ثروان بن محمد بن ثروان)

4 (بن عبد الصمد القيسي، التدمري. شيخ تدمر.)
رجل صالح من بيت مشيخة وزهادة. مات في صفر عن بضع وخمسين سنة. صحب والده الذي ذكرناه في سنة سبع عشرة، وخلف بعده ولده الشيخ الزاهد عيسى ابن تسع سنين. وقد أدركنا الشيخ عيسى هذا.

(47/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 115
4 (حرف الحاء)

4 (حامد بن محمد بن علي)
الحربي، الخياط. سمع: أبا منصور بن عبد السلام.
4 (الحسن بن سالم بن علي بن سلام)
الصدر الكبير نجم الدين أبو محمد الطرابلسي الأصل، الدمشقي الكاتب. والد المحدث أبي عبد) الله محمد. ولد سنة خمس وستين وخمسمائة. وسمع من: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني، وطغدي الأميري، ومحمد بن أحمد الطالقاني، وعبد الرحمن بن الخرمي. وولي نظر الزكاة، ثم ولي نظر الدواوين. وكان سمحاً جواداً، حسن العشرة، يحب الصالحين. وفيه دين ومروءة. وله دار ضيافة في رمضان. ولكنه دخل في أشياء، وقام في أمر الصالح إسماعيل وفرق الذهب في بيته على الأمراء، حتى جاء وأخذ دمشق. فذكر الصاحب معين الدين ابن الشيخ: أوصاني الملك الصالح نجم الدين أنني إذا فتحت دمشق أن أعلق ابن سلام بيده على بابه. قلت: فستره الله تعالى بالموت قبل أن تفتح البلد بأشهر. ثم مات بعده ولده، وتمزقت أمواله ورئاسته مع أنه كان كبير البلد في وقته ورئيسهم. وقد نسب إلى تشيع، ولم يصح ذلك. وكان كثير الإحسان إلى الحنابلة.

(47/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 116
روى عنه: الشيخ تاج الدين، وأخو ابن الحلوانية، وابن الخلال، والنجم إبراهيم بن محمود العقربائي، والشرف محمد بن خطيب بيت الآبار. ومات في سادس عشر ذي الحجة.
4 (الحسن بن أبي الفضل)
شمس الدين ابن القصباني. البغدادي، التاجر الجوهري. كان المعتمد عليه في عصره في معرفة الجواهر وقيمها. وكان من كبار التجار وذوي الثروة. وكان من أعيان الرافضة. توفي في صفر، وكانت له جنازة حفلة.
4 (الحسين بن أحمد بن علي بن أحمد بن هبة الله.)

4 (الشريف أبو طاهر بهاء الدين)
ابن المهتدي بالله الهاشمي العباسي، نقيب بني هاشم بالعراق، وخطيب جامع القصر الشريف. كان صدراً محتشماً، كبير القدر، ذا دين وعدالة.) وتوفي في رجب، وشيعه الأعيان سوى الوزير وأستاذ الدار ابن الجوزي، وسوى الأميرين مجاهد الدين وعلاء الدين الدويدارين. قال ابن النجار: كان عاقلاً ديناً لكنه قليل العلم. روى شيئاً عن يحيى بن الحسين الأواني.

(47/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 117
4 (الحسين بن عمر بن عبد الجابر)
بن الرواس الواسطي. كان من أكبر أعوان الرفيع الجيلي، وممن عمل على أذية المسلمين وأخذ أموالهم بالباطل والتزوير، فقبض عليه وعذب وصودر ثم أعدم، فقيل إنه أخرج ليلاً وخنق عند تل النصارى بظاهر دمشق. ورمي أو قبر في شهر جمادى الأولى. وكان ظالماً جباراً، جسر الرفيع على جهنم، فقيل إنه أخذ من أموال المسلمين لنفسه ستمائة ألف درهم، وعصر وكسرت ساقاته وقيل إنه مات تحت الضرب، فانظر كيف عاقبة الظلم واعتبروا أيها الظلمة، وهذا خفيف بالنسبة إلى ما ادخر له في الآخرة.
4 (حمد الأبله)
الملقب بالأدغم. كان مولهاً ناقص العقل أو عادم العقل. وكان غير محترز من النجاسات على قاعدة المجانين. وكان يصيح به الصبيان: يا أدغم، فيثور ويصيح، وربما أذى نفسه بالضرب. وكان لأهل بغداد فيه اعتقاد، ويعدونه من أصحاب الكرامات. توفي في جمادى الآخرة، وازدحموا على نعشه، فوا عجباً لبني آدم ما أغفلهم وأغرهم.
4 (حرف الخاء)

4 (خاطب بن عبد الكريم بن أبي يعلى.)

(47/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 118
4 (أبو طالب الحارثي المزي)
ولد سنة سبع وأربعين. وسمع تاريخ المزة من الحافظ ابن عساكر. وأخذ عنه: الزكي البرزالي، وابن الجوهري، والكمال بن الدخميسي، والجمال بن شعيب، والقدماء. وحدث عنه: أبو علي بن الخلال، وأبو المحاسن بن الخرمي، ومحمد بن سالم النابلسي المؤذن، وأبو حامد ابن الصابوني، وعنبر وعبد الرحيم بن خلف المزيان.) وكان شيخاً معمراً من أهل البر. توفي في المحرم بالمزة.
4 (خليل بن بدر)
من رؤوس الضلال. قد كان قوي بأسه فاستولى على قلاع من أعمال سليمان شاه، وتقوى بالتتار. وكان بزي القلندرية، يشرب الخمر ويأكل الحشيش ويدعي أنه من الرفاعية. وأظهر الإباحة والزندقة، واجتمع له عدد كثير، فحاربهم سلمان شاه، فقتل خليل في المصاف، وقتل من أصحابه ألف ومائتان، وجرح خلق، وعلق رأس خليل، لعنه الله، على رأس خانقين، وهرب أخوه ومن نجا من أصحابه إلى التتار.

(47/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 119
4 (حرف الراء)

4 (رحمة بن الخضر بن مختار)
القاضي أبو الغيث الأشجعي، الشافعي. قاضي ذات الكوم. توفي به، وله نحو من سبعين سنة. وقال إنه سمع من البوصيري. توفي في ربيع الأول.
4 (حرف السين)

4 (سعد اليمني)
مولى الحافظ أبي المواهب بن صصرى، التغلبي. توفي بدمشق في جمادى الآخرة. وقد أجاز لأبي المعالي بن البالسي، وغيره.
4 (سليمان بن عبد الكريم بن عبد الرحمن بن سعد الله.)

4 (الفقيه أبو القاسم الأنصاري)
الدمشقي، المقرىء، المجود. سمعه خاله المحدث عبد العزيز السيباني من: الخشوعي، وابن طبرزد، وحماد الحراني، وجماعة. ورحل إلى بغداد فسمع من: أبي أحمد بن سكينة، ويحيى بن الربيع الفقيه، وسليمان الموصلي،) وجماعة. وكان مع فقهه عارفاً بالقراءآت مجوداً لها. قرأ عليه جماعة.

(47/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 120
روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وأبو علي بن الخلال، وإسماعيل بن عساكر، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة. وهو والد شيختنا فاطمة بنت سليمان. وقد روى عنه بالحضور العماد بن النابلسي، وغيره. وكان يؤدب. ويعرف بابن السيوري. توفي في ثامن عشر شعبان، وله سبع وستون سنة.
4 (سليمان بن علي.)
أبو الربيع الكتامي الأندلسي، الشلبي. صحب الحافظ أبا محمد بن حوط الله، ولازمه مدة. وحمل صحيح البخاري عن أبي الوليد بن خالد العبدري. وكان الغالب عليه الأدب مع الضبط والإتقان. توفي بميورقة.
4 (حرف الطاء)

4 (طيبرس بن أيبك.)
الأمير الكبير بهاء الدين ابن الأمير حسام الدين. من أمراء البغداديين. أمر بعد وفاة والده، وخلع عليه. وكان من الملاح، فتوفي وهو شاب طري، فتحزن بعض الناس عليه لحسنه.

(47/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 121
مات في شعبان.
4 (حرف الظاء)

4 (ظافر بن طاهر بن إسماعيل بن الحكم بن إبراهيم بن خلف.)
أبو المنصور الأزدي، الإسكندراني، المالكي، المطرز المعروف بابن شحم. ولد سنة أربع وخمسين. وسمع من: السلفي، وأبي الطاهر بن عوف، ومخلوف بن حارة الفقيه، والقاضي محمد بن عبد) الرحمن الحضرمي، وأخيه الفقيه أبي الفضل أحمد، وجماعة. وكان يؤم بمسجد. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والشرف الدمياطي، والتاج الغرافي، وجماعة. وبالإجازة: القاضيان ابن الخويي، وتقي الدين سليمان، وأبو المعالي بن البالسي، وجماعة. وتوفي في نصف ربيع الأول بالإسكندرية.
4 (ظبية.)
معتقة المحدث عبد الوهاب بن رواح. سمعت من: عبد المجيد بن محمد المراكشي. روى عنها: الدمياطي، وغيره. وماتت بالإسكندرية.

(47/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 122
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن عبد الواحد)

1 (بن علي بن الخضر.)
أبو بكر الحلبي الشافعي، الشروطي. روى عن حنبل بالعلى. وعنه: مجد الدين ابن العديم. توفي في جمادى الأولى.
4 (عبدا لله بن صبح بن حسون)
العسقلاني الأصل، التنيسي، ثم الدمياطي، المقرىء، الفرضي، الخطيب. روى بالإجازة عن نصر الله بن سلامة الهيتي، وأبي الفرج ابن الجوزي. حدث عنه الدمياطي وقال: هو أستاذي في القراءة والفرائض. مات في ذي القعدة، وله سبعون سنة.
4 (عبد الرحمن بن عبد المنعم)

4 (ابن الخطيب أبي البركات الخضر بن شبل بن الحسين بن علي بن عبد الواحد.)
عز الدين أبو محمد بن عبد الحارثي، الدمشقي، الشافعي.) ولد سنة اثنتين وستين وخمسمائة. وحدث عن: القاضي أبي سعد بن أبي عصرون، وعبد الرزاق النجار، وإسماعيل الجفري، وجماعة. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والفخر إسماعيل بن عساكر، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار. وتوفي في سابع المحرم وله ثمانون سنة. وهو أخو الكمال.

(47/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 123
4 (عبد السلام عبد الله)

1 (ابن شيخ الشيوخ عمر بن علي بن الزاهد العارف أبي عبد الله محمد بن حمويه.)
الجويني، شيخ الشيوخ، تاج الدين، أبو محمد. ولد سنة ست وستين وخمسمائة بدمشق. وسمع من: الحافظ أبي القاسم بن عساكر، ويحيى الثقفي، وأبي الفتح والده. وسمع ببغداد من شهدة. ودخل الديار المصرية، ثم دخل المغرب في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وأقام بها إلى سنة ستمائة، وأخذ بها عن: محمد بن حوط الله، وجماعة. وسكن مراكش. وكان فاضلاً مؤرخاً. له أدب وشعر وتواليف وله تواريخ. وكان عفيفاً متواضعاً لا يلتفت إلى بني أخيه لأجل رئاستهم، وقد كانوا كالملوك في دولة الملك الصالح نجم الدين. روى عنه: الحافظ زكي الدين المنذري، والمفتي زين الدين الفارقي، وشمس الدين محمد بن غانم الموقع، والبدر أبو علي بن الخلال، والركن أحمد

(47/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 124
الطاوسي، والفخر إسماعيل بن عساكر، وجماعة. وأبو المعالي بن البالسي بالحضور. وكان من كبار الصوفية وله بينهم حرمة وافرة. توفي في خامس صفر. ودخل مراكش وحظي عند ملكها أبي يوسف، فقال: قال لي يوماً: كيف ترى هذه البلاد يا أبا محمد وكيف هي من بلادك الشامية قلت: يا سدين بلاد حسنة أنيقة مكملة وفيها عيب واحد. قال: ما هو قلت: تنسي الأوطان. فتبسم وأمر لي بزيادة رتبة وإحسان.
4 (عبد العزيز بن عبد الصمد)
)
1 (بن محمد بن الجزري.)
الطبيب المصري. حدث عن: البوصيري، وغيره. وكان يطبب الفقراء ويؤثرهم بالأشربة وغيرها.

(47/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 125
4 (عبد العزيز بن عبد الواحد بن إسماعيل)
قاضي القضاة بدمشق، رفيع الدين، أبو حامد الجيلي، الشافعي، الذي فعل بالناس الأفاعيل. كان فقيهاً فاضلاً، متكلماً، مناظراً، متفلسفاً، رديء العقيدة معتراً. قدم الشام، وولي قضاء بعلبك في أيام صاحبها الملك الصالح إسماعيل، ووزيره أمين الدولة السامري فنفق عليهما، فلما انتقلت نوبة السلطنة بدمشق إلى إسماعيل ولاه القضاء، فاتفق وأمين الدولة في الباطن على المسلمين، فكان عنده شهود زور قد استعملهم ومدعون زور. فيحضر الرجل إلى مجلسه من المتمولين فيدعي عليه المدعي بأن له في ذمته ألف دينار أو ألفي دينار، فيبهت الرجل ويتحير وينكر، فيقول المدعي: لي شهود ويحضر أولئك الشهود فيلزمه الحكم، ثم يقول: صالح غريمك فيصالح على النصف أو أكثر أو أقل، فاستبيحت للناس أموال لا تحصى بمثل هذه الصورة. وفي جريدة صدر الدين عبد الملك بن عساكر بخطه أن القاضي الرفيع

(47/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 126
دخل من توجهه إلى بغداد رسولاً، وخرج لتلقيه الوزير أمين الدولة والمنصور ابن السلطان إسماعيل. ودخل في زحم عظيم وعليه خلعة سوداء وعلى جميع أصحابه. فقيل إنه لم يدخل بغداد ولا أخذت منه رسالة ورد، واشترى الخلع من عنده لأصحابه. وشرع الملك الصالح في مصادرة الناس على يد الرفيع الجيلي. وكتب إلى نوابه في القضاء يطلب منهم إحضار ما تحت أيديهم من أموال اليتامى. فهذا القاضي ما ولي قاضي مثله. كان يسلك طريق الولاة ويحكم بالرشوة، ويأخذ من الخصمين، ولا يعدل أحداً إلا بمال، ويأخذ ذلك جهراً، وفسقه ظاهر. وقد استعار أربعين طبقاً ليهدي فيها هدية إلى صاحب حمص فلم يردها. فسبى الناس بأفعاله جور الولاة وأصحاب الشروط. وغارت المياه في أيامه وبطلت طواحين كثيرة، وصار نهر ثورة يوم الفتوح لا يبلغ طاحونة مقرى. ومات في ولايته عجمي خلف مائة ألف وابنة، فما أعطى البيت فلساً.) وأذن الرفيع للنساء في دخول جامع دمشق، وقال: ما هو بأعظم من الحرمين فدخلن وامتلأ بالنساء والرجال ليلة النصف، وتأذى الناس بذلك حتى شكوا إلى السلطان، فمنع الناس منه. قال أبو المظفر بن الجوزي: حدثني جماعة أعيان أنه كان فاسد العقيدة، دهرياً، مستهتراً بأمور الشريعة، يجيء إلى صلاة الجمعة سكراناً. وأن داره كانت مثل الحانة، شهد بهذه الأشياء عندي جماعة عدول. وحكى لي جماعة أن الوزير السامري بعث به في الليل من دمشق إلى قلعة

(47/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 127
بعلبك على بغل بأكاف، فاعتقله واستأصله، ثم بعث به إلى مغارة أفقة في جبل لبنان فأهلكه بها. وبعث إليه عدلين شهدوا عليه ببيع أملاكه. فحدثني أحدهما قال: رأيته وعليه قندورة صغيرة، وعلى رأسه تخفيفة، فبكى وقال: معكم شيء آكل فلي ثلاثة أيام ما أكلت شيئاً. فأطعمناه من دارنا، وشهدنا عليه ببيع أملاكه للسامري، ونزلنا من عنده، فبلغنا أنهم جاءوا إليه، فأيقن بالهلاك وقال: دعوني أوصلي ركعتين. فقام يصلي وطول، فرفسه داود من رأس شقيف مطل على نهر إبراهيم، فما وصل إلى القرار إلا وقد تقطع. وحكى لي آخر أن ذيله تعلق بسن الجبل فضربوه بالحجارة حتى مات. وذكر ناصر الدين محمد بن المنيطري، عن عبد الخالق رئيس النيرب قال: لما سلم القاضي الرفيع إلى المقدم داود سيف النقمة وإلي أيضاً وصلنا به إلى الشقيف وفيه عين ماء فقال: علي غسل وأشتهي تمكنوني أغتسل وأصلي. فنزل واغتسل وصلى ودعا، ثم قال: افعلوا ما شئتم. فدفعه داود، فما وصل إلا وقد تلف. قال أبو المظفر: وحكى لي أعيان الدماشقة أن الموفق الواسطي هو كان أساس البلاء، فتح أبواب الظلم، وجسر الرفيع على جهنم، وأخذ لنفسه من أموال الناس ستمائة ألف درهم. وآخر أمر الموفق أنه عذب عذاباً ما عذبه

(47/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 128
أحد، وكسرت ساقاه ومات تحت الضرب، وألقي في مقابر النصارى، فأكلته الكلاب وصار عبرة. قلت: وبلغني أن سبب هلاك الرفيع وهذا أن الناس استغاثوا إلى الصالح إسماعيل من الرفيع ورافعوه، وكثرت الشنائع، فخاف الوزير السامري، وعجل بهلاكهما ليمحو التهمة عن نفسه ويرضي الناس، ولئلا يقرا عليه. وقيل إن السلطان كان عارفاً بالأمور، فالله أعلم. ولم يعد الناس قضية الرفيع وقتله محنة بل) نعمة، نسأل الله الستر والعافية. وكان القبض عليه في آخر سنة إحدى وأربعين. وذكر واقعته في سنة اثنتين ابن الجوزي، وغيره، فإن فيها اشتهر إعدامه. وقال الإمام أبو شامة: وفي ذي الحجة سنة إحدى قبض على أعوان الرفيع الجيلي الظلمة الأرجاس وكبيرهم الموفق حسين الواسطي ابن الرواس، وسجنوا ثم عذبوا بالضرب والعصر والمصادرة. ولم يزل ابن الرواس في العذاب والحبس إلى أن فقد في جمادى الأولى سنة اثنتين. قال: وفي ثاني عشر ذي الحجة أخرج الرفيع من داره وحبس بالمقدمية. قال: ثم أخرج ليلاً وذهب به فسجن بمغارة أفقة من نواحي البقاع، ثم انقطع خبره. وذكروا أنه توفي، منهم من قال: ألقي من شاهق. وقيل خنق. وولي القضاء محيي الدين ابن الزكي. قال ابن واصل: حكى لي ابن صبح بالقاهرة أنه ذهب بالرفيع إلى رأس شقيف، فعرف أني أريد رميه، فقال: بالله عليك أمهل حتى أصلي ركعتين. فأمهلته حتى صلاهما ثم رميته فهلك.

(47/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 129
وقال غيره: كان الرفيع فقيهاً بالعذراوية وبالشامية والفلكية، وكان يشغل الناس. وكان ذكياً كثير التحصيل. وصارت بينه وبين أمين الدولة علي بن غزال الوزير صحبة أكيدة، فولاه قضاء بعلبك، فلما توفي القاضي شمس الدين الخوئي طلبه أمين الدولة وولي قضاء دمشق. فصار له جماعة يكتبون محاضر زور على الأغنياء ويحضرونهم فينكرون، فيخرجون المحاضر فيعتقلهم بالجاروخية، فيصالحون على البعض، ويسير في السر إلى أمين الدولة ببعض ذلك. فكثرت الشكاوى. وبلغ السلطان، فأمر بكشف ما حمل إلى خزانة الدولة في مدته. وكان الوزير لا يحمل إلى الخزانة إلا اليسير. فقال الرفيع: الأمور عندي مضبوطة مكتوبة. فخافه الوزير وشغب عليه قلب السلطان وحذره غائلته، فقال: أنت جئت به وأنت تتولى أمره أيضاً. فأهلكه. ومن تعاليق عبد الملك بن عساكر قال: وليلة استهلت سنة اثنتين نزل الوالي ابن بكا إلى دار الرفيع واحتاطوا على ما فيها، وشرعوا بعد يوم في البيع، فمن ذلك أربعة عشر بغلة ومماليك، وتسعمائة مجلد وجوار وأثاث. وساروا بالقاضي فألبسوه طرطوراً وتوجهوا به نحو بعلبك. وولي القضاء ابن الزكي.) وذكر صاحبنا شمس الدين محمد بن إبراهيم في تاريخه قال: وفيها، يعني سنة اثنتين، غزل الرفيع الجيلي عن مدارسه. فكان في آخر السنة الماضية قد عزل عن القضاء، وسبب عزله وإهلاكه الوزير السامري، فإن الرفيع كتب فيه ورقة إلى الملك الصالح يقول: قد حملت إلى خزائنك ألف ألف دينار من أموال الناس. فقال الصالح: ولا ألف ألف درهم. وأوقف السامري على الورقة

(47/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 130
فأنكر. فبلغ الرفيع فقال: أنا أحاققه. فقال السامري: هذا قد أكل البلاد وأقام علينا الشناعات، والرأي عزله ليتحقق الناس أنك لم تأمره. فعزله وأعطى العادلية لكمال الدين التفليسي صهر الخوئي، والشامية الكبرى لتقي الدين محمد بن رزين الحموي، والعذراوية لمحيي الدين ابن الزكي. وأسقط محيي الدين عدالة أصحاب الرفيع وهم: العز بن القطان، والزين بن الحموي، والجمال بن سيدة، والموفق الواسطي، وسالم المقدسي، وابنه محمد. وكان الطامة الكبرى الموفق فإنه أهلك الحرث والنسل. وقال الموفق أحمد بن بي أصيبعة: كان بالعذراوية يشتغل في أنواع العلوم والطب. وقرأت عليه شيئاً من العلوم الحكمية والطب. وكان فصيح اللسان، قوي الذكاء، كثير الاشتغال والمطالعة. وولي قضاء بعلبك. وكان صديقاً للصاحب أمين الدولة وبينهما عشرة. وله من الكتب كتاب شرح الإشارات، والتنبيهات، واختصر كتاب الكليات من القانون وغير ذلك.
4 (عبيد الله بن محمد بن فتوح)
أبو الحسين النفزي الشافعي الفقيه. روى عن: أبيه، وأبي الخطاب بن واجب. وتفقه بإشبيلية على: أبي الحسين بن زرقون. ثم أقبل على العبادة والزهد. وكان حافظاً للفقه والحديث. ورخه الأبار.

(47/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 131
4 (علي بن إبراهيم بن عبد الغني)
أبو الحسن المصري، النحاس الزناجلي. والزناجل آنية من النحاس. حدث عن: عبد الله بن بري النحوي، وإسماعيل بن قاسم الزيات. روى عنه: الحافظ أبو محمد الدمياطي، وغيره.) ولم ألق أحداً روى لي عنه. وبالإجازة: العماد بن البالسي، وغيره. وتوفي في تاسع عشر المحرم.
4 (علي بن الأنجب)

1 (بن ما شاء الله بن حسن.)
الفقيه، المقرىء، أبو الحسن ابن الجصاص البغدادي، الحنبلي. قرأ القرآن بواسط على أبي بكر بن الباقلاني. وسمع من: يحيى بن بوش، وابن شاتيل، وابن كليب. وعاش بضعاً وسبعين سنة. وكان ينسخ بالأجرة، وله أدب وفضائل. وأحضر ليلقن مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير في صغره، فحصل جملة من المال والعقار. واتجر في الكتب.

(47/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 132
توفي في جمادى الأولى ببغداد. وذكر أنه سمع من شهدة.
4 (علي بن عبد الباقي بن علي)
الحاج أبو الحسن الدمشقي الصالحي. توفي في ربيع الآخر، ودفن بقاسيون. قال الضياء: روى شيئاً من الحديث أظنه عن ابن طبرزد.
4 (علي بن عبد الرحمن)
أبو الحسن بن الفقاعي، السعدي، المصري. روى عن: أبي الفتح محمود بن الصابوني، والمشرف بن المؤيد. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (علي بن عبد الصمد بن علي)
أبو الحسن بن الجنان الأندلسي، الفقيه. ذكر وفاته فيها عز الدين الحسيني، وقال: ولد في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وسمع من: الحافظ بن أبي بكر محمد بن عبد الله بن الجد، وأبي عبد الله محمد بن سعيد بن زرقون، وجماعة.)
4 (علي بن أبي طالب بن أبي القاسم)
الأنصاري، الدمشقي، عز الدين، أبو القاسم. وهو بكنيته أشهر. ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.

(47/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 133
وسمع من: الخشوعي. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والشيخ زين الدين الفارقي. وكان عدلاً بباب الجامع. توفي في ذي القعدة.
4 (علي بن أبي القاسم بن صالح)
أبو الحسن الدربندي، الصوفي، المعروف بابن الشريف. من أهل خانكاه الطواويس بدمشق. سمع من: الخشوعي، ومحمد بن الخصيب. روى عنه: ابن الحلوانية في معجمه. ومات في صفر.
4 (عمر الملك المغيث جلال الدين)

4 (ابن السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب بن السلطان الملك الكامل محمد بن العادل.)
توفي شاباً بقلعة دمشق في حبس عم والده الملك الصالح إسماعيل. وكان والده لما خرج من دمشق إلى فلسطين استناب ولده هذا بقلعة دمشق. فلما أخذ إسماعيل دمشق اعتقله. فلم يزل إلى أن توفي في ربيع الأول. فتألم أبوه لموته، واتهم عمه بأنه سقاه، وحاربه وتجهز له.

(47/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 134
4 (عمر بن عبد الرحيم)

4 (بن عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن.)
الفقيه الإمام كمال الدين، أبو هاشم بن العجمي الكلبي. ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة. وتفقه على الفقيه طاهر بن جميل. وسمع من: يحيى الثقفي. وحدث ودرس. وقيل إنه ذكر كتاب المهذب خمساً وعشرين مرة.) وكان شديد الوسواس في الطهارة، فدخل الحمام وقصد الخزانة ليتطهر منها، فضاق بها نفسه وخارت قواه فمات، رحمه الله. سمع منه: أبو عبد الله البرزالي، وعباس بن بزوان، وجماعة. وتوفي في حادي عشر رجب. وهو من بيت حشمة وعلم.
4 (عمر الملك السعيد بن السلطان شهاب الدين)

4 (غازي بن الملك العادل.)
ولد صاحب ميافارقين. كان شاباً مليحاً، شجاعاً، جواداً، فلما استولت التتار على ديار بكر وأخذوا خلاط، خرج شهاب الدين من بلاده خائفاً، واستنجد بالخليفة وبالملوك. وكان معه ابنه هذا وابن أخيه حسن بن تاج الملوك. فجاء حسن إلى عمر فضربه بسكين فقضى عليه وهرب، فأخذ في الحال وقتله عمه. فذكر سعد الدين ابن حمويه، وكان مع شهاب الدين قال: نزلنا بالهرماس من نواحي حصن كيفا، فقال السلطان لولده الملك السعيد: تعود إلى ميافارقين

(47/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 135
وتجمع الناس، وأروح أنا إلى مصر وبغداد لاستنفار الناس. فقال: ما أفارق السلطان. وجاء أمير حسن قعد إلى جانبه، ثم أخرج سكيناً ضرب بها عمر وهرب، ورمى بنفسه بثيابه في العين فغرق نفسه، فصاح السلطان: أمسكوه فعاد إلى السلطان ليضربه أيضاً، فوقف عمر بينه وبين أبيه وقال: يا عدو الله قتلتني وتقتل السلطان أيضاً فضربه بالسيف قطع خاصرته، فوقع وتكاثر الغلمان على حسن، فقال له السلطان: ويلك ما حملك على قتل ولدي من غير ذنب له إليك قال: اقتل إن كنت تقتل. فأمر به فقطعوه بين يديه. ثم سار إلى العراق ليستنفر على التتار.
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن محمد بن أحمد)

4 (بن محمد بن سليمان.)
الحافظ أبو القاسم بن الطيلسان الأنصاري، الأوسي، القرطبي. ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة أو نحوها. ذكره أبو عبد الله الأبار، فقال: روى عن جده لأمه أبي القاسم بن غالب الشراط، وأبي العباس) بن مقدام، وأبي محمد عبد الحق الخزرجي، وأبي الحكم بن حجاج، وجماعة من شيوخنا. وأجاز له: عبد المنعم بن الفرس، وأبو القاسم بن سمحون.

(47/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 136
وشيوخه ينيفون على المائتين. وتصدر للإقراء والإسماع. وكان مع معرفته بالقراءآت والعربية متقدماً في صناعة الحديث متقناً له. له من المصنفات: كتاب ما ورد من الأمر في شربة الخمر، وكتاب بيان المنن على قارىء الكتاب والسنن، وكتاب الجواهر المفصلات في المسلسلات، وكتاب غرائب أخبار المسندين ومناقب آثار المهتدين، وكتاب أخبار صلحاء الأندلس. أخذ عنه جماعة من أكابر أصحابنا، وكان أهلاً لذلك. خرج من قرطبة، وقت أخذ الفرنج لها، فنزل بمالقة، ولقي حظاً بها إلى أن توفي في ربيع الآخر.
4 (قمر بن هلال بن بطاح)
أبو هلال، وأبو الضوء القطيعي، الهراس، المكاري، ثم البقال. ويسمى عمر أيضاً. سمع من: شهدة الكاتبة، وتجني الوهبانية، وعبد الحق اليوسفي. وكان شيخاً أميناً. روى لنا عنه بالإجازة: القاضي تقي الدين سليمان، وأبو المعالي بن البالسي، وغيرهما. توفي في رجب.
4 (حرف الكاف)

4 (كامل بن أبي الفرج)
التيمي، البكري، البغدادي، الأديب الذي فاق أهل زمانه في تجليد الكتب، وله شعر حسن. توفي في المحرم، وله ست وسبعون سنة.

(47/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 137
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن الحسين)

4 (بن عبد الله بن الحسين بن رواحة بن إبراهيم.)
نفيس الدين، أبو البركات الأنصاري، الحموي الضرير. أخو عز الدين عبد الله.) ولد بحماة في رجب سنة أربع وستين وخمسمائة. وسمع بمكة من: عبد المنعم بن عبد الله الفراوي. وبالإسكندرية من: أبي طالب أحمد بن المسلم اللخمي، وأبي الطاهر بن عوف. وبمصر من: أبي القاسم البوصيري، وبحماة من: والده. وأضر في أثناء عمره. روى عنه: القاضي مجد الدين العديمي، والمحدث تقي الدين إدريس بن مزيز، والشهاب أحد الدشتي، وجماعة. وبالإجازة: العماد بن البالسي، وغيره. وسمعت من بنته فاطمة بحماة، وطرابلس. توفي في آخر يوم من السنة بحماة. وسمع منه: سنقر القضاعي، والأمير أحمد بن الأشتري، والخابوري.
4 (محمد بن عبد الله بن أبي كامل)
القاضي شمس الدين أبو عبد الله المصري الوراق، المعروف بالسنائي.

(47/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 138
قال الحافظ عبد العظيم: توفي في ثالث صفر، وقد علت سنه. وحدث عن السلفي بالإجازة. وكانت له خبرة تامة بالوراقة وأحكامها. وكان جده قاضي مصر.
4 (محمد بن عبد الستار بن محمد)
العمادي، الكردري، البراتقيني، وبراتقين قصبة من قصاب كردر من أعمال جرجانية خوارزم العلامة شمس الدين الأئمة أبو الوحدة. كان أستاذ الأئمة على الإطلاق، والموفود عليه من الآفاق. قرأ بخوارزم على برهان الدين ناصر بن عبد السيد المطرز، مصنف شرح المقامات. وتفقه بسمرقند على شيخ الإسلام برهان الدين علي بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغيناني، وسمع منه وتفقه ببخارى على العلامة بدر الدين عمر بن عبد الكريم الورسكي، وأبي المحاسن الحسن بن منصور قاضي خان، وجماعة.) وبرع في المذهب وأصوله. تفقه عليه خلق، ورحل إليه جماعة إلى بخارى منهم: ابن أخيه العلامة محمد بن محمود الفقيهي، وسيف الدين الباخرزي، وشيوخ الفرضي العلامة حافظ الدين محمد بن محمد بن نصر، وظهير الدين محمد بن عمر النوجاباذي، وجماعة ذكرهم الفرضي. ومن خطه نقلت هذا كله. ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة.

(47/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 139
وتوفي ببخارى في محرم سنة اثنتين وأربعين وستمائة، ودفن عند الإمام عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي البخاري.
4 (محمد بن عبد الوهاب بن يوسف)
شمس الدين ابن الإمام بدر الدين المصري، الحنفي، المعروف بابن المجن. حدث عن: أبي محمد القاسم بن عساكر. وكان والده من أعيان الحنفية ومردسيهم. توفي محمد في ربيع الأول.
4 (محمد بن علي بن علي)

4 (بن علي بن المفضل بن القامغار.)
الأديب الكاتب مهذب الدين ابن الخيمي، الحلي، العراقي، الشاعر. شيخ معمر، فاضل. ولد بالحلة في سنة تسع وأربعين وخمسمائة. قدم دمشق وأخذ بها عن: التاج الكندي. وسمع بمصر من: أبي يعقوب بن الطفيل، وأبي الحسين بن نجا، وبنت سعد الخير. واستوطن مصر. وكان من أعيان الأدباء. وكان يذكر أنه لقي ببغداد العلامة أبا محمد بن الخشاب وأنه هو لقبه: مهذب الدين.

(47/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 140
قال: ثم دخلتها سنة سبعين وقرأت بها الأدب على ابن القصار، والكمال الأنباري، وابن عبيدة، وابن عبيدة، وابن حميدة، وأبي الحسن بن الزاهدة. ثم سافرت إلى الشام بعد الثمانين. قال ابن النجار: كتبت عنه بالقاهرة، وهو شيخ فاضل كامل المعرفة بالأدب ويقول الشعر) الجيد، وله مصنفات كثيرة. وهو حسن الطريقة متدين متواضع. أنشدني لنفسه:
(أأصنام هذا العصر طُرّاً أكلُّكم .......... يعوق أما فيكم يغوث ولا ودُّ)

(لقد طال تردادي إليكم فلم أجد .......... سوى ربّ شانٍ في الغنى شأنه الرّدُّ)
وذكر له ابن النجار عدة مصنفات أدبية، وأنه توفي في ذي القعدة سنة إحدى وأربعين. كذا قال سنة إحدى. وقال: ذكر لي قال: دخلت بغداد مع أبي وأنا صغير وأسمعني من ابن الزاغوني. وروى عنه: الحافظ عبد المؤمن في معجمه. قال الشريف عز الدين: توفي في العشرين من ذي القعدة سنة اثنتين هذه، وهو أصح. وكذا قرأته بخط ابن خلكان.

(47/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 141
4 (محمد بن عياش بن حامد)

1 (بن محمود بن خليف.)
أبو عبد الله الساحلي، ثم الدمشقي الصالحي، والد شيخنا نصر الله. كان شيخاً صالحاً خيراً. روى عن: ابن الحسين أحمد بن الموازيني. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والجمال ابن الصابوني. وتوفي في الحادي والعشرين من جمادى الآخرة. ورخه الضياء فقال: كان خيراً ديناً.
4 (محمد بن محمد بن أبي السداد موفق)
مولى زكي اللمتوني، القاضي أبو عيسى المرسي. ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبي عبد الله محمد بن حميد، وجماعة. وأجاز له أبو بكر بن الجد، وأبو عبد الله بن زرقون، وجماعة. وتوفي في جمادى الآخرة. ورخه الأبار وقال: ناب في القضاء دهراً طويلاً بمرسية، ثم وليه استقلالاً. وأخذ عنه بعض أصحابنا. ولم يكن يبصر الحديث.
4 (محمد بن يوسف بن سعيد)
)
4 (بن مسافر بن جميل.)
أبو عبد الله الأزجي، القطان، الحنبلي. ولد سنة ثلاث وسبعين، وسمعه أبوه من أبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل، وعبيد الله بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وعبد الرحمن بن جامع.

(47/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 142
وكان فاضلاً ذكياً، حسن المشاركة في العلوم. وله مجاميع وفوائد. روى عنه: جمال الدين الشريشي، والشيخ علي بن عبد الدائم. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وفاطمة بنت سليمان، وأبو نصر ابن الشيرازي. وتوفي في ثالث رجب شهيداً من لقمة غص بها.
4 (محمد بن أبي بكر بن عبد الواحد)
أبو عبد الله البغدادي المعمار. روى عن: أبي الحسين عبد الحق اليوسفي. ومات في جمادى الأولى. ورخه الشريف عز الدين.
4 (محمود بن محمد بن عمر)

1 (بن شاهنشاه بن أيوب.)
صاحب حماة الملك المظفر تقي الدين ابن المنصور ناصر الدين ابن المظفر تقي الدين. كانت دولته خمساً وعشرين سنة وسبعة أشهر. ومرض بالفالج ثلاثين شهراً. ومات في ثامن جمادى الأولى. وتملك بعده الملك المنصور محمد ولده. قال ابن واصل: مات لثمان بقين من جمادى الأولى عن نحو من ثلاث وأربعين سنة. وخلف من الذكور المنصور والأفضل علياً. وكان المظفر شجاعاً

(47/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 143
إلى الغاية، ولم يعرف أحد من أهل بيته أفرس منه. وكان أبداً يحمل لتاً من حديد على كتفه في ركوب لا يقدر أحد على حمله. حضر حروباً كثيرة بين فيها. وكان فطناً ذكياً، قوي الفراسة، عظيم الهيبة، طيب الفاكهة، له ميل إلى الفضيلة. حصل لي منه حظ. وذلك قبل موته بسنة. وكان ناقص الحظ لم يزل مع جيرانه في حروب. وكان يرجو ظهور الصالح نجم الدين لينتقم به من أعدائه. وكان محباً فيه،) حريصاً بكل ممكن على قيام ملكه. فلما تملك الديار المصرية خطب له بحماة، وحصل عنده من السرور شيء عظيم، وزينت قلعة حماة زينة عظيمة حتى عمت الزينة جميع أبراجها، ونثرت الدنانير والدراهم وقت الخطبة. قال: وحين ظهر الصالح وتمكن عرض للملك المظفر من المرض ما عرض، وبقي سنتين وتسعة أشهر. ولم يكن موته بالفالج بل عرضت له حمى حادة أياماً، وتوفي إلى رحمة الله تعالى. وتملك ولده المنصور وعمره عشر سنين وثلاثة وأربعون يوماً، فقام بالأمور الأستاذ دار طغريل، وشيخ الشيوخ شرف الدين، والشجاع مرشد، والوزير بهاء الدين، والكل يرجعون إلى أوامر الصاحبة غادية بنت الملك الكامل زوجة المظفر. ولما بلغ السلطان موت المظفر حزن لموته حزناً عظيماً، وجلس للعزاء ثلاثة أيام. قلت: ومن ثم دام ملك حماة إلى آخر صبي للمنصور وابنه، لن الدولة ما زالت في بيت الصالح ومواليه، وهم متصافون متناصحون.
4 (مسعود

(47/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 144
أبو الخير الحبشي)
مولى الشريف أبي القاسم حمزة بن علي المخزومي العثماني، المصري. سمع من البوصيري، والقاسم ابن عساكر. روى عنه: الحافظان المنذري، والدمياطي. وتوفي في المحرم. ووصفه المنذري بالصلاح.
4 (منصور بن الشيخ أبي علي)

1 (حسان بن أبي القاسم.)
الجهني المهدوي، ثم الإسكندراني. روى بالإجازة عن السلفي. ومات في المحرم رحمه الله تعالى.
4 (المؤيد بن علي بن أحمد)
الفقيه أبو شجاع بن الشصاص، الحنفي. شيخ بغدادي. ولد في رمضان سنة خمس وستين.) وسمع من عبد الحق اليوسفي. توفي في آخر رجب، ولم يحدث. ومات بحلب. قاله ابن النجار.
4 (مهنا بن الحسن بن حمزة)
الأمير أبو البقاء المدني، العلوي، الحسيني. أقام ببغداد، وولي نظر الكوفة والحلة. ونفذ رسولاً إلى النواحي وفوض إليه وقف المدينة. ثم سار بحمل الكسوة الشريفة. توفي في المحرم ببغداد.
4 (حرف النون)

4 (ناصر بن منصور بن ناصر)

1 (بن حمدان.)

(47/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 145
نجيب الدين أبو الوفاء الفرضي، التاجر، السفار. ولد بفرض، بليدة بقرب الفرات من الشام في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. دخل خوارزم وسمع من: محمد بن فضل الله السالاري، ونجم الدين الكبري أحمد بن عمر. روى عنه: جمال الدين الفاضلي، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن يوسف الذهبي. وبالحضور أبو المعالي بن البالسي. وكان ذا ثورة ومال. وسكن بزبدين من الغوطة. توفي في السادس والعشرين من ربيع الأول. وهو آخر من ذكر في كتاب التكملة في وفيات النقلة للحافظ الزكي.
4 (حرف الهاء)

4 (هاشم بن الشرف بن الأعز)

4 (بن هاشم بن القاسم.)
الرئيس السيد شرف العلا، أبو المكارم العلوي، الكاتب. قال الشريف عز الدين: ولد بآمد سنة ثمان وستين. وسمع بدمشق من القاسم بن عساكر. وكتب الإنشاء بحلب مدةً في الدولة الظاهرية، ثم عاد إلى مدينة آمد وخدم صاحبها الملك المسعود بن العادل.) وكان عارفاً بالأخبار والتاريخ والنسب. ثم عاد إلى ديار مصر وبها توفي في ثامن رمضان.
4 (هبة الله بن صدقة)

4 (بن عبد الله بن منصور.)
الطبيب العالم، نفيس الدين ابن الزبير الكولمي.

(47/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 146
ولد في حدود سنة خمس وخمسين وخمسمائة بأسوان وسمع من الأمير أسامة بن منقذ بدمشق. ومن يوسف بن الطفيل بمصر. وبرع في علم الطبيعي. وولي رئاسة الأطباء بالديار المصرية. وكان فيه عدالة، وله نظر في مذهب الشافعي. روى عنه: الحافظان المنذري والدمياطي، وجماعة. وتوفي في خامس ربيع الآخر. وكولم، بفتح الكاف، بلد بالهند. قرأ الطب أولاً على ابن شوعة، ثم على الشيخ السديد. وبرع أيضاً في صناعة الكحل، واشتهر أيضاً بها. وخدم الكامل.
4 (هبة الله بن منصور بن منكير)
الإمام أبو الفضل الواسطي، المقرىء، النحوي. سمع من أبي الفتح المندائي جزء الأنصاري.
4 (حرف الياء)

4 (يوسف بن عبد المعطي)

1 (بن منصور بن نجا بن منصور.)
الصدر جمال الدين، أبو الفضل ابن المخيلي، الغساني، الإسكندراني، المالكي. من أكابر أهل الثغر. ومخيل من بلاد برقة. ولد سنة ثمان وستين وخمسمائة.

(47/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 147
وسمع من: السلفي، وأبي الطاهر بن عوف، وأبي الطيب بن مخلوف. ثنا عنه: الدمياطي، والضياء السبتي، ومحمد بن أبي القاسم الصقلي، وأبو الحسن علي بن) المنير، وأبو المعالي الأبرقوهي، وأبو عبد الله محمد بن سليمان بن النقيب المفسر. وروى عنه: جماعة سوى هؤلاء. وتفقه على مذهب مالك. وقال ابن الحاجب قال لي إنه دخل دمشق. توفي في سابع جمادى الآخرة.
4 (الكنى)

4 (أبو البدر بن جعفر بن كرم)

4 (بن أبي بكر البغدادي.)
ويعرف بابن الأعرج. سمع من شهدة كتاب محاسبة النفس لابن أبي الدنيا أجاز لأبي سعد، وابن الشيرازي، والمطعم، والبحيري. وعاش سبعاً وثمانين سنة. روى عنه بالإجازة والسماع غير واحد. ومات في الثالث والعشرين من رمضان.
4 (أبو سعد بن أبي المعالي بن تمام)
المصري الطبيب، عن أعيان الأطباء. عمر وانهرم وعجز أخيراً. ومات وقد قارب المائة. وكان جماعة من الأعيان يختارون علاجه ويرغبون فيه. توفي في المحرم.

(47/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 148
وفيها ولد: المؤرخ كمال الدين عبد الرزاق بن الفوطي والقاضي صدر الدين علي بن أبي القاسم بن محمد البصراوي، شيخ الحنفية بقلعة بصرى في رجب والعفيف إسحاق بن يحيى الآمدي، بآمد) والصلاح محمد بن أحمد بن تبع القصير والأسد عبد القادر بن عبد العزيز بن الملك المعظم والجمال أبو محمد إسماعيل بن محمد بن الفقاعي، بحماة والتاج أحمد بن محمد بن الكيال الضرير العباسي ومحمد بن محمد بن عبد الحكم السعدي ابن الماشطة ومحمد بن أبي الفتح بن صديق بن الخيمي التاجر، في ذي القعدة بدمشق وإسماعيل بن الحسين بن أبي التائب الأنصاري وشمس الدين محمد بن يوسف بن أفتكين وشيخ التعبير بمصر نجم الدين محمد بن أبي بكر بن محمود بن إبراهيم بن إبراهيم الحنبلي ابن الدقاق والشيخ محمد بن الصلاح موسى بن محمد بن راجح والنجم عبد الرحيم بن يحيى بن مسلمة المقبري والقاضي صدر الدين سليمان بن هلال الجعفري وأحمد بن علي الكلبي، عم الناس في ذي الحجة.

(47/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 149
1 (سنة ثلاث وأربعين وستمائة)
وهي سنة الخوارزمية توفي فيها بدمشق أمم لا يحصيهم إلا الله.
4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إسماعيل بن الواعظ)
الإمام أبي الحسن علي بن إبراهيم بن نجا الأنصاري. ولد سنة ثلاث وتسعين. وسمع من: جدته فاطمة بنت سعد الخير. وبدمشق من جماعة. توفي في أول جمادى الأولى.
4 (أحمد بن عبد الرحيم)

1 (بن أحمد بن خليفة.)
الحراني ثم الدمشقي. توفي في جمادى الآخرة، وله اثنتان وسبعون سنة. حدث عن: أبي الفوارس الحسن بن عبد الله بن شافع.
4 (أحمد بن عبد الرحيم بن علي)

(47/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 150
القاضي الأشرف أبو العباس ابن القاضي الفاضل. ولد سنة ثلاث وسبعين. وسمع من: القاسم بن عساكر، والأثير بن بنان، والعماد كاتب، وفاطمة بنت سعد الخير. وأقبل على الحديث في الكهولة واعتنى به، واجتهد في الطلب، وحصل الأصول الكثيرة. وسمع أولاده. وكان صدراً رئيساً، من نبلاء الرجال وممن يصلح للوزارة. توفي في سادس جمادى الآخرة بمصر. وقد قرأ القرآن على أبي القاسم الشاطبي. وتفقه على ابن سلامة، وقرأ النحو على مهذب الدين حسن بن يحيى اليمني. وسمع في الكهولة ببغداد من: أبي علي بن الجواليقي، وطبقته. وبدمشق من: ابن البن، وابن صصرى، وزين الأمناء، وخلق.) وأقام بدمشق مدة، ثم بمصر. ودرس بمدرسة أبيه. وكان مجموع الفضائل، كثير الأفضال على المحدثين والشيوخ. قال عمر بن الحاجب: استوزره الملك العادل سيف الدين فلما مات العادل عرضت عليه الوزارة فلم يقبلها، وأقبل على طلب الحديث حتى صار يضرب به المثل. وكان كثير الإنفاق على الشيوخ والطلبة. وقوراً، مهيباً، فصيحاً، سريع القراءة.

(47/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 151
حكى القاضي الصاحب شرف الدين ابن فضل الله أن الكامل صاحب مصر نفذ القاضي الأشرف رسولاً إلى الخليفة، فأظهر من الحشمة والصدقات والصلات أمراً عظيماً. وأن الذي أعطاه الخليفة من الجوائز فرقه كله في حاشية الخليفة. وحسب ما أنفقه ببغداد تلك الأيام فكان ستة عشر ألف دينار. سمعها منه علاء الدين الكندي.
4 (أحمد بن عبد الخالق)

1 (بن محمد بن هبة الله بن أبي هشام.)
صفي الدين أبو العباس القرشي، الدمشقي. نسخ الكثير وقرأ الحديث. وكانت عنده فضيلة ومعرفة. وعاش ثمانين سنة. وسمع: أبا الحسين أحمد بن الموازيني، والخطيب أبا القاسم الدولعي، وبرغش عتيق ابن شافع، وعلي بن محمد بن جمال الإسلام. كتب عنه: عمر بن الحاجب، والنجيب الصفار، وجماعة. أخبرنا محمد بن علي: أنا أحمد بن عبد الخالق حضوراً، أنا أحمد بن حمزة، أنا جدي كتابةً، أنا رشأ بن نظيف، نا الحسن بن إسماعيل، ثنا عبد الملك بن بحر، نا محمد بن إسماعيل الصائغ، نا يحيى بن معين، نا غندر، ثنا شعبة، عن حبيب التيمي، أن معاوية سأل رجلاً من عبد القيس علامة قال: ما تعدون المروءة فيكم قال: العفة والحرفة. توفي في خامس محرم.
4 (أحمد بن عمر بن أبي بكر)

4 (بن عبد الله بن سعد الجمال.)

(47/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 152
أبو عبد العباس المقدسين الحنبلي.) ولد سنة تسعين. وسمع من: الخشوعي، وابن طبرزد وبأصبهان من: عفيفة، وزاهر بن أحمد، وأبي الفخر أحمد بن سعيد، وابن الأخوة. روى عنه: الشيخ تاج الدين، وأخوه، وأبو بكر الدشتي، والقاضي تقي الدين سليمان، وجماعة. توفي في رجب.
4 (أحمد بن عيسى)

1 (بن العلامة موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة.)
الإمام الحافظ الزاهد القدوة، سيف الدين بن المجد الحنبلي. ولد سنة خمس وستمائة. وسمع: أبا اليمن الكندي، وأبا القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وأحمد بن عبد الله السلمي العطار، وموسى بن عبد القادر، وابن أبي لقمة، وجده. وتخرج بخاله الشيخ الضياء. ورحل إلى بغداد سنة ثلاث وعشرين، فسمع: الفتح بن عبد السلام، وعلي بن بورنداز، وهذه الطبقة. ثم رحل سنة ست وعشرين. وكتب بخطه المليح ما لا يوصف. وصنف

(47/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 153
وخرج، وسود مسودات لم يتمكن من تبييضها، وكان ثقة حجة، بصيراً بالحديث ورجاله، عاملاً بالأثر، صاحب عبادة وتهجد وإنابة. وكان إماماً فاضلاً ذكياً، حاد القريحة، تام المروءة، كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولو طال عمره لساد أهل زمانه علماً وعملاً، فرحمه الله ورضي الله عنه. ثنا عنه الشهاب أبو بكر الدشتي. ومات قبل أوان الرواية فإنه عاش ثمانياً وثلاثين سنة. وتوفي بعد أن كفن خلقاً كثيراً وتدي لذلك وسعى بكل ممكن، في أول شعبان. ومحاسنه جمة.
4 (أحمد بن كشاسب)

1 (بن علي بن أحمد)
الإمام كمال الدين أبو العباس الدزماري، الفقيه الشافعي، الصوفي.) روى عن: سراج الدين الحسين بن الزبيدي. وله تصانيف. أثنى عليه الإمام أبو شامة، وقال: كان فقيهاً صالحاً متضلعاً، من نقل وجوه المذهب وفهم معانيه. قال: وهو أخبر من قرأت عليه المذهب في صباي. وكان كثير الحج والخير. وقف كتبه.

(47/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 154
وهو الذي ذكره شيخنا علم الدين في خطبه وتفسيره. توفي في ربيع الآخر.
4 (أحمد بن محمد بن الحافظ عبد الغني)

4 (بن عبد الواحد.)
الإمام تقي الدين، أبو العباس ابن العز المقدسي، الحنبلي، الفقيه. ولد سنة إحدى وتسعين. وسمع من: الخشوعي، وحنبل، وجماعة. ورحل إلى أصبهان وسمع من: أبي الفخر أسعد، وعفيفة الفارقانية، وزاهر الثقفي. ورجع فلازم الفقه والإشتغال على جده لأمه موفق الدين، حتى برع في المذهب، وحفظ الكافي لجده جميعه. وقد تفقه ببغداد على: الفخر إسماعيل غلام ابن المني. وتميز وحصل ما لم يحصله غيره. ودرس وأفتى. ولم يكن للمقادسة في وقته أعلم منه بالمذهب. روى عنه: العز أحمد بن العماد، والشمس محمد بن الواسطي، والقاضي تقي الدين سليمان، ومحمد بن شرف، والخشاب، وغيرهم. وتوفي في الثامن والعشرين من ربيع الآخر. وكان فصيحاً مهيباً وقوراً، مليح الشكل، حسن الأخلاق وافر الحرمة، معظماً عند الدولة، كثير الإيثار، كبير المقدار، رحمه الله تعالى.

(47/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 155
أنا أبو الفداء ابن الخباز أن الخوارزمية نزلت حول دمشق، وخاف الناس، فأمر الشيخ التقي بتدريب الطرق في الجبل، وتحصيل العدد، وجمع الرجال والاحتراز. ثم ركب الخانات، يعني) مقدمين الخوارزمية، ووصلوا إلى الميطور، فخرج التقي والناس بالعدد، فإذا رسول قد جاء يبشر بالأمان، وأنهم لا يدخلون الجبل إلا بأمر الشيخ. فمضى الشيخ والجماعة حوله بالعدد إلى أن وصل إلى تلك الحواري شرقي الجبل والخانات على خيولهم، فلما رأوا الشيخ نزلوا عن الخيل والتقوا الشيخ ورحبوا به وقبلوا يده، ثم قالوا: طيبوا قلوبكم، فإن أذنتم لنا في العبور وإلا رجعنا. فأذن لهم، ولم يدخلوا في وسط السوق بل في سفح الجبل إلى العقيبة ثم إلى المزة ولم يتأذ أحد من أهل الجبل سوى حسن غلام الشرف بن المعتمد قاتلهم فقتلوه. ثم نصبت أعلامهم على أماكن مرتفعة أماناً منهم، ووفوا بالأمان.
4 (أحمد بن محمد)
أبو جعفر القيسي القرطبي، المعروف بابن أبي حجة. ذكره الأبار فقال: توفي بميورقة، وقد سمع من: أبي القاسم بن بشكوال، وابن مضاء، وغيرهما. وتصدر للإقراء والتعليم والنحو، واختصر التبصرة لمكي وصنف في النحو. سكن إشبيلية بعد خروجه من قرطبة، وأسرته الروم، وعذب وقاسى.
4 (أحمد بن محمود بن إبراهيم بن نبهان)

(47/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 156
الحافظ المفيد شرف الدين، أبو العباس ابن أبي الثناء الدمشقي، المعروف بابن الجوهري. أحد من عني بهذا الشأن وتعب عليه، ورحل وسهر وكتب الكثير، وحصل ما لم يحصله غيره. ثم أدركه الأجل شاباً، فالله يرحمه. سمع: أبا المجد القزويني، ومسلم بن أحمد الباري، ومكرم بن أبي الصقر، وهذه الطبقة. ورحل بعد الثلاثين، وسمع من: أبي الحسن القطيعي، وابن اللتي، والأنجب الحمامي، وطائفة من أصحاب ابن البطي، وشهدة. فأكثر ورجع بحديث كثير، ونسخ واستنسخ. ثم رحل إلى مصر فأكثر عن الصفراوي، والهمذاني، وابن بختيار، ونظرائهم. وأقدم معه أبا الفضل الهمذاني فأفاد الدمشقيين. وكانت له دنيا ومبرات، فأنفق سائر ذلك في الطب. وكان صدوقاً متقناً متثبتاً، غزير الفائدة، نظيف الخط، قليل الضبط لقلة بضاعته من العربية، لكنه كان ذكياً فطناً.) وكانت الصدرية قاعةً فاشتراها منه ابن المنجا ووقفها مدرسةً. ولما احتضر وقف كتبه وأجزاءه بالنورية وارتفق بها الطلبة. وأظنه حدث بشيء. توفي في صفر، رحمه الله تعالى. وهو خال أم شيخنا ابن الخلال.
4 (أحمد بن يحيى بن محمد بن صباح)
أبو العباس المصري المؤذن.

(47/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 157
روى عن: البوصيري. حدث عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية. ومات في صفر.
4 (إبراهيم بن عبد الرحمن)

1 (بن علي بن عبد العزيز.)
القاضي شرف الدين أبو إسحاق المخزومي، المصري، الكاتب. ويعرف بابن قريش. ولد سنة، اثنتين وسبعين بمصر. وسمع بها من: البهاء بن عساكر، وبنت سعد الخير. وكتب الخط الفائق وتأدب، وخدم في ديوان الإنشاء. كتب بخطه كثيراً. وكان فيه خير ومحبة للصالحين. وهو ابن أخت القاضي الفاضل. توفي بدمشق في جمادى الأولى.
4 (إبراهيم صدر الدين ابن اللهيب)
توفي بدمشق في جمادى الآخرة. ورخه أبو شامة مختصراً.
4 (إسحاق بن أبي القاسم)

4 (الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصري)
أبو إسماعيل التغلبي، الدمشقي. ولد سنة ثلاث وسبعين. وسمع من: القطب مسعود النيسابوري، وأحمد بن الموازيني، ويحيى الثقفي، ويوسف بن) معالي، وعمه أبي المواهب الحافظ، وإسماعيل الخدوي، وجماعة.

(47/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 158
روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه الخطيب شرف الدين، والشيخ زين الفارقي، والبدر بن الخلال، والفخر إسماعيل بن عساكر، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وطائفة. ومات في تاسع عشر جمادى الأولى.
4 (آسية بنت شجاع)

4 (بن مفرح بن قصة.)
قرأت وفاتها بخط الضياء في ربيع الأول.
4 (آمنة بنت إبراهيم بن عبد الله)
قرأت وفاتها بخط الضياء في ربيع الآخر، وقال: كانت كثيرة الصلاة بالليل والصيام. وأظنها روت بالإجازة.
4 (آمنة بنت حمزة)
أخت القاضي تقي الدين سليمان الحنبلي، وزوجة الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد. قال: توفيت في سلخ جمادى الأولى. وكانت دينة خيرة موافقة، حفظت علي القرآن العزيز، رحمها الله تعالى.
4 (حرف الباء)

4 (بردي خان)
ولقبه اختيار الدين الخوارزمي. أحد الخانات الأربعة الذين نازلوا دمشق. كان شيخاً خبيثاً ذا رأي ودهاء. وكان أمير حاجب السلطان جلال الدين خوارزم شاه. قال سعد الدين: توفي في رابع ربيع الآخر. ذكره في تاريخه.

(47/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 159
4 (بهرام شاه بن شاهنشاه)

4 (بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي.)
صاحب بعلبك. مات ببغداد، ولبس غلمانه المسوح، وقد وخطه الشيب وناهز الخمسين.
4 (حرف الجيم)

4 (جمال بن يوسف بن علي)
) الداراني. شيخ معمر. ولد سنة ثلاث وأربعين، وحدث عن ابن عساكر. حدث عنه: المجد ابن الحلوانية، والشيخ علي بن هارون. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي. ولا أعلم متى توفي، إلا أنه انقطع ذكره في هذا الوقت ومن قبله.
4 (الجلاب بن الحارس)
وزير صاحب اليمن الملك المسعود أقسيس. توفي في أثناء السنة باليمن.
4 (جهمة بنت هبة الله)

1 (بن علي بن حيدرة.)
السلمية الدمشقية، أم الخير. روت عن: أبي الحسين أحمد ابن الموازيني. وتوفيت في ذي الحجة.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن محمد بن عمر بن علي)

(47/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 160
الصاحب، الأمير، مقدم الجيوش، معين الدين، أبو علي ابن شيخ الشيوخ صدر الدين أبي الحسن. ولد بدمشق قبل التسعين، وتقدم في الدول الكاملية، وعظم شأنه في الدولة الصلاحية، ووزر للملك الصالح، وقدم دمشق بالجيوش المصرية والخوارزمية فحاصرها ثم تسلمها من الصالح إسماعيل. ومرض بالإسهال والدم. ومات وما متع في الثاني والعشرين من رمضان، وله نيف وخمسون سنة، ودفن بسفح قاسيون إلى جانب أخيه العماد. وكان بين حصول أمنيته وحلول منيته أربعة أشهر ونصف. وكان فيه كرم وسخاء ودين في الجملة. وأخرج الملك الصالح أخاه فخر الدين ابن الشيخ في أثناء السنة من الحبس بعد أن لاقى شدائد،) وسجنه ثلاث سنين. فأنعم عليه وقربه.
4 (الحسن بن ناصر بن علي)
أبو علي الحضرمي الهدوي المغربي، نزيل الإسكندرية. ولد سنة اثنتين وخمسين، وقيل سنة أربع وخمسين بالمغرب. وحدث عن: عبد المجيد بن دليل، وعبد الرحمن بن موقا. وكان صالحاً معمراً. روى عنه: شيخنا الدمياطي، وغيره. وقال: مات في سنة أربع.

(47/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 161
وقال الشريف: توفي في خامس ربيع الآخر سنة ثلاث فيحرر ذلك. وأجاز للبهاء ابن البرزالي، والعماد ابن البالسي.
4 (الحسين بن علي بن أحمد)

1 (بن المهتدي بالله.)
الهاشمي العباسي، أبو طالب، نقيب العراق. ورخه في أوائل السنة الشريفة عز الدين، وأنه روى عن يحيى بن الحسين الأواني. وقد ذكرناه في السنة الماضية وأنه الحسين بن أحمد، فالله أعلم.
4 (حرف الخاء)

4 (خديجة بنت الشيخ العماد)

4 (إبراهيم بن عبد الواحد.)
المقدسية. توفيت بالجبل في ثالث جمادى الأولى. قال الضياء: قد سمعت الحديث، ولا أدري هل روت أم لا
4 (خديجة بنت علي)

4 (بن الوزير أبي الفرج محمد بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء.)
امرأة صالحة، روت عن: تجني الوهبانية، وشهدة. روى لنا عنها بالإجازة: القاضي، وسعد الدين، والمطعم، والنجدي، وطائفة.) ماتت في جمادى الأولى، ولها ثلاث وسبعون سنة.

(47/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 162
4 (حرف الراء)

4 (راجح بن أبي بكر بن إبراهيم)
أبو محمد بن منجاب المنورقي، بالنون فيهما، الصوفي. روى بالإجازة عن الكندي. سمع منه: شيخنا الدمياطي، وقال: توفي بمكة في شوال.
4 (ربيعة خاتون)

1 (بنت نجم الدين أيوب بن شاذي.)
أخت الناصر والعادل. تزوجت أولاً بالأمير مسعود بن الأمير معين الدين أنز، فلما مات تزوجت بالملك مظفر الدين صاحب إربل فبقيت بإربل دهراً معه. فلما مات قدمت إلى دمشق، وخدمتها العالمة أمة اللطيف بنت الناصح ابن الحنبلي، فأحبتها وحصل لها من جهتها أموال عظيمة، وأشارت عليها ببناء المدرسة بسفح قاسيون، فبنتها ووقفتها على الناصح والحنابلة. وتوفيت بدمشق في دار العقيقي التي صيرت المدرسة الظاهرية. ودفنت بمدرستها تحت القبو. ولقيت العالمة بعدها شدائد من الحبس ثلاث سنين. بالقلعة والمصادرة، ثم تزوج بها الأشرف صاحب حمص ابن المنصور، وسافر بها إلى الرحبة فتوفيت هناك سنة ثلاث وخمسين.

(47/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 163
ولربيعة خاتون عدة محارم سلاطين، وهي أخت ست الشام. واستولى الصاحب معين الدين ابن الشيخ على موجودها فلم يمتع، وعاش بعدها أياماً قلائل. توفيت في ثامن عشر رجب عن سن عالية، رحمها الله تعالى.
4 (حرف الزاي)

4 (زينب بنت الجمال أبي حمزة)

1 (أحمد بن عمر ابن الشيخ أبي عمر.)
عمة القاضي تقي الدين سليمان. روت بالإجازة عن: مسعود الحمال. وتوفيت في جمادى الأولى.)
4 (زينب بنت أبي أحمد)

4 (عبد الواحد بن أحمد.)
أم محمد، أخت الحافظ الضياء. ولدت سنة اثنتين وستين وخمسمائة. وعاش إحدى وثمانين سنة. وروت بالإجازة عن: صالح بن الرحلة، وأبي العلاء الهمذاني، والسلفي. كتب عنها: أخوها، والسيف بن المجد. وروى عنها: شمس الدين محمد بن الكمال، وعائشة بنت المجد، والقاضي تقي الدين سليمان. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وغيره. قال أخوها الضياء: توفيت في الخامس والعشرين من ربيع الأول. قال: وكانت وفية خيرة، ذات مروءة وسعة خلق.
4 (حرف السين)

4 (سارة بنت عبيد الله)

1 (بن أحمد بن محمد بن قدامة.)
أم حمزة. وجدة قاضي القضاة تقي الدين سليمان. ولدت قبل التسعين وخمسمائة.

(47/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 164
وأجاز لها: السلفي، وخطيب الموصل، وجماعة. روت الحديث. وحدث عنها: شمس الدين محمد بن الكمال، والشرف أحمد بن أحمد القرضي، وعائشة بنت المجد، وحفيدها القاضي. وبالإجازة: العماد بن البالسي. وكانت صالحة كسائر عجائز الدير المبارك. وتوفيت في جمادى الأولى.
4 (سالم بن عبد الله)

1 (بن عبيد بن سعيد المالقي.)
قيم دار الحديث النورية، رجل صالح. سمع من: القاسم بن عساكر، وعمر بن طبرزد.) حمل عنه: الحافظ أبو عبد الله البرزالي، والجمال بن الصابوني. وأجاز لجماعة. وتوفي في ربيع الأول.
1 (سالم بن عبد الرزاق بن يحيى بن عمر بن كامل.)

4 (سديد الدين العقربائي)

1 (خطيب عقربا.)
كان فاضلاً، ينشىء الخطب. ولد سنة تسع وستين وخمسمائة، وسمع من: أبي المعالي بن صابر، ويحيى بن محمود الثقفي، وابن صدقة. روى عنه: ابن الحلوانية، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن محمد الكنجي، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار. وحضر علي ابن البالسي. توفي في نصف ربيع الأول.

(47/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 165
4 (سيف الدين بن قليج)
الأمير الكبير صاحب القليجية. توفي في شعبان بدمشق. ودفن بتربته التي في مدرسته بدمشق. وقد عمل نيابة دمشق. وكان أبوه من الأمراء الظاهرية الحلبية. واسم سيف الدين: علي. كتب عنه القوصي شعراً، وذكره في معجمه وقال: كانت مدرسته دار خالد بن الوليد.
4 (حرف الشين)

4 (شعبان بن إبراهيم بن أبي طالب)
الداراني، الحمصي الأصل، أخو محمد وعلي. سمعوا من الحافظ ابن عساكر. وكتب عنهم ابن الحاجب. روى عنه: ابن الحلوانية، وابن الخلال، وجماعة.) وتوفي في هذه السنة.
4 (شكر الله بن عبد اللطيف)

1 (بن محمد بن ثابت.)
الخوارزمي، ثم الأصبهاني أبو أحمد. من أولاد الشيوخ. ولد بأصبهان، وسمع فيما أظن من والده، وكتب في الإجازات. ومات، رحمه الله، في ربيع الآخر.

(47/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 166
4 (حرف الصاد)

4 (صاروخان)
أحد مقدمي الخوارزمية. كان شيخاً سميناً، قليل الفهم. وكان شحنة جمال السلطان، فمات هو وبردي خان على دمشق. مات هذا في جمادى الآخرة.
4 (الصفي)
الكلبي، المقرىء على الجنائز بدمشق في ربيع الأول.
4 (صفية بنت إسحاق بن الخضر)
سمعت الحديث، وماتت في ربيع الآخر. سمعت المسند كله من حنبل. وسمعت من: ابن طبرزد. وكانت من نساء الجبل.
4 (صفية بنت أحمد بن عمر)

1 (بن الشيخ أبي عمر المقدسي.)
عمة القاضي تقي الدين سليمان. توفيت هي وأختها زينب بنت أحمد في جمادى الأولى. وقد روتا إجازةً عن: مسعود الجمال، وعفيفة الفارقانية.
4 (صفية أم أحمد)

1 (ابنة الشيخ موفق الدين بن قدامة.)
) ولدت بعد السبعين وخمسمائة. وروت بالإجازة عن: أبي طاهر السلفي، وخطيب الموصل، وعبد الحق اليوسفي، وجماعة.

(47/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 167
سئل عنها الضياء فقال: كانت صاحبة أوراد، وهي كثيرة المعروف. قلت: روى عنها: ابن الكمال، وعائشة بنت المجد. وتوفيت في ربيع الآخر في أواخره. وروى عنها بالإجازة أيضاً أبو المعالي بن البالسي، وغيره.
4 (صفية بنت الناصح محمد)

1 (بن إبراهيم بن سعد.)
أم محمد. توفيت في جمادى الأولى. روت بالإجازة شيئاً يسيراً. سمع منها: الزكي البرزالي، والسيف بن المجد. وأنا عنها: القاضي تقي الدين.
4 (ابن أبي الجود)
الصوفي. خدم الملك المحسن بن صلاح الدين. وروى بالإجازة عن البوصيري.
4 (حرف الطاء)

4 (طلحة بن محمد بن طلحة)
الأموي الإشبيلي، المقرىء. أخذ عن: أبيه، وعمه أبي العباس. وأتقن القراءآت والعربية.

(47/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 168
وتصدر. مات في أول السنة.
4 (حرف العين)
)
4 (عبد الله بن عبد العزيز)
اليونيني، الزاهد، والد شيخنا أحمد.

(47/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 169
من أصحاب الشيخ عبد الله اليونيني. توفي في ثامن رجب. وكان من الصالحين الأولياء. حكى شيخنا ولده أحمد قال: عنفني مرةً وانزعج فقال: والك، أنا قضيت إلى يومي هذا صلاة أربعين سنة. وحدثني فقير قال: أفتاك أبوك سنة بثلاثة دراهم، اشترى بدرهم دقيق وبدرهم سمن وبدرهم عسل، وله وجعله ثلاثمائة وستين كبة، كان يفطر كل ليلة على كبة. وقيل إنه عمل مرةً مجاهدةً تسعين يوماً، يفطر كل ليلة على حمصة حتى لا يواصل. وقال الشيخ إسرائيل بن إبراهيم: كان الشيخ عبد الله بن عزيز إذا دخل رجب تمارض ويأكل في كل عشرة أيام أكلة. وحكى العماد أحمد بن محمد بن سعد قال: أخبرني الشيخ إبراهيم البطائحي قال: كان في المزة شاب يشرب، فقال الشيخ عبد الله بن عبد العزيز: أحضروه لعله يتوب. وكان يحسن إلى جماعة المزة. قال: فدعا إنسان الشيخ عبد الله وأصحابه وحضر الشاب، فأنشد فقير أبياتاً فطاب الشيخ، وكان ثمة شمعة فجعل الشيخ لحيته عليها وبقي النار تخرج من خللها. وكان الشيخ كث اللحية، فوقع الشاب على رجلي الشيخ وتاب، وجاء منه رجل صالح. وحكى غير واحد من أهل المزة أنهم شاهدوا الشيخ والنار تخرج من خلل لحيته وأن الشاب تاب. وهذه حكاية صحيحة. وقال الشيخ يوسف الزاهد: قدمت من الحج وأنا عريان، قال: فخطر لي

(47/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 170
أن ما في دمشق مثل الشيخ عبد الله بن عبد العزيز، فذكرته للشيخ محمد السلاوي فقال: وأزيدك، ما في الشام. وعن الشيخ علي الشبلي قال: احتاجت زوجتي إلى مقنعة وطالبتني، فقلت: علي دين خمسة دراهم فمن أين أشتري لك فنمت فرأيت كأن من يقول لي: إن أردت أن تنظر إلى إبراهيم الخليل فانظر إلى الشيخ عبد الله بن عبد العزيز. فلما أصبحت أتيته بقاسيون، فقال لي والك يا علي إجلس. وقام إلى منزله وعاد ومعه مقنعة وفي طرفها خمسة دراهم. فرجعت. وكان عندنا) ورد فجمعته المرأة وأتت به إلى بيت الشيخ عبد الله، فوجدت زوجته وما على رأسها سوى مئزر معقود تحت حنكها، رضي الله عنها. وحكى ولده الفقيه أحمد قال: قال أبي: والله ما نظرت إلى فقير إلا قلت: هذا خير مني. قلت: وبلغنا أن الشيخ عبد الله كان كثيراً الذكر كثير الإيثار مع الفقر، كبير القدر، بعيد الصيت. صحب الشيخ عبد الله اليونيني الكبير مدة. وقبره بسفح قاسيون بقرب التربة المعظمة، رحمه الله. وروى لنا ولده عن ابن الزبيدي. ومن مناقب ابن عزيز فيما رواه ابن العز عمر خطيب زملكا عن الشيخ مري خادم ابن عزيز أن الشيخ كان إذا رأى الفقير قال: ما تجي تعمل عندي في جب. فإذا أجاب قال: على شرط أي شيء جاءنا فتوح تأخذه. فكان إذا عمل الفقير عمق شبرين فإن أتي الشيخ بشيءٍ دفعه إليه. فإذا راح عمد الشيخ فطم ما حفره الفقير.
4 (عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عبد الله ابن النخال.)

(47/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 171
4 (أبو بكر البغدادي البواب)

4 (الرجل الصالح.)
سمع من شهدة كتاب المصافحة، والرابع من المحامليات، وغير ذلك. روى عنه: مجد الدين العديمي، وفتاه بيبرس، والشيخ محمد القزاز. وما أدري توفي في هذه السن أو على أثرها. وقد أجاز للمطعم، والبحيري، وبنت الواسطي، وطائفة.
4 (عبد الله بن عمر)

4 (بن أبي بكر بن عبد الله بن سعد.)
الشمس أبو محمد المقدسي، أخو الجمال أحمد. سمع من: حنبل، وابن طبرزد. روى عنه شيوخنا: أبو محمد الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والصدر الأرموي. ومات في جمادى الأولى.
4 (عبد الله بن الشيخ أبي عمر)
)
4 (محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة.)
الإمام الخطيب شرف الدين، أبو محمد المقدسي، خطيب جامع الجبل. كان فقيهاً عالماً، ديناً، ورعاً، صالحاً، قليل الكلام، وافر الحرمة، كبير القدر. ولد في رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسمع من: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، وجماعة. وبمصر من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، والأرتاحي. وببغداد: المبارك بن المعطوش، وأبا الفرج بن الجوزي، وعبد الله بن أبي المجد، وجماعة.

(47/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 172
واشتغل ببغداد وبدمشق على عمه الشيخ الموفق. روى عنه: الشيخ محمود الدبيثي، وابن أخيه أحمد بن محمد الدشتي، ومحمد بن محمد الكنجي، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وأبو علي بن الخلال، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، والنجم إسماعيل بن الخباز، وجماعة درجوا إلى الله تعالى والقاضي تقي الدين سليمان، وعيسى المطعم، وطائفة سواهم. وقد سمع منه: الشيخ الضياء، وذكره في شيوخه. وورخ وفاته في العشرين من جمادى الآخرة. ثم مات بعده بأسبوع.
4 (عبد الله بن أبي الفضل)

4 (محمد بن أبي محمد بن الوليد.)
أبو منصور البغدادي، الحافظ. أحمد من عني بهذا الشأن ورحل فيه. سمع: عبد العزيز بن الأخضر الحافظ، وعبد العزيز بن منيب، ومسعود بن بركة، وطائفة ببغداد. والحافظ عبد القادر بحران وأبا هاشم عبد المطلب بحلب والتاج الكندي، وابن الحرستاني بدمشق.

(47/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 173
وكان مشهوراً بجودة القراءة وسرعتها، وخطه ضعيف. طريقته تشبه طريقة عبد القادر الرهاوي شيخه، ومن كبار أئمة السنة. وله مصنفات وتاريخ مفيدة.) توفي كهلاً في ثالث جمادى الأولى.
4 (عبد الله بن نصر)

1 (بن علي بن المجاور الدمشقي.)
أديب فاضل. روى عنه الحافظ عبد العظيم شعراً. وتوفي عن إحدى وستين سنة بالفيوم.
4 (عبد الجليل بن عبد الجبار بن عبد الواسع بن عبد الجليل.)

4 (المحدث تاج الدين الأبهري)

1 (العدل.)
ولد بأبهر بزنجان سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وقدم دمشق فاشتغل بها ونسخ الكثير. وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، والكندي. روى عنه: المفتي أبو محمد الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والصدر الأرموي، والعماد بن البالسي، وجماعة. وخطه طريقة مشهورة. توفي في ربيع الأول. وكان صوفياً.

(47/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 174
4 (عبد الحق بن عبد الله بن عبد الواحد بن علان بن خلف.)

4 (أبو سليمان الخزرجي)

4 (المصرين ويعرف بابن الحجاج.)
محدث معروف ولد سنة اثنتين وسبعين. وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وأبي نزار ربيعة. وبدمشق: الخضر بن كامل، وابن الحرستاني. توفي في العشرين من جمادى الأولى. روى عنه: الدمياطي. وهو ابن عم عبد الله بن عبد الواحد.)
4 (عبد الحق بن عبد السلام بن عبد الحق)

4 (أبو محمد التميمي الصقلي)

4 (ثم الدمشقي، المؤدب بمسجد الرحبة.)
ولد سنة خمس وستين. وسمع من: يحيى الثقفي. روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، وجماعة سواهم. وبالإجازة أبو المعالي بن البالسي. توفي في سلخ ربيع الأول.
4 (عبد الرحمن بن عبد الله)

4 (بن الحافظ عبد الغني)
المقدسي. توفي شاباً.
4 (عبد الرحمن بن الحافظ عبد الغني)

4 (بن عبد الواحد بن علي.)

(47/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 175
الفقيه أبو سليمان المقدسي، محيي الدين. ولد سنة ثلاث وثمانين. وسمع من: أبيه، والخشوعي، وجماعة. وبمصر من: البوصيري، وابن ياسين، والأرتاحي. وببغداد من: أبي الفرج بن الجوزي، والمبارك بن المعطوش، وعبد الله بن أبي المجد، وعمر بن علي الواعظ، والحسن بن علي بن أشنانة. وتفقه على الشيخ الموفق. وكان فقيهاً، متقناً، صالحاً، خيراً، عابداً، مدرساً، من أعيان الحنابلة. قيل إنه حفظ الكتاب الكافي جميعه، وكان دائم البشر، حسن الأخلاق، لطيف الشمائل. روى عنه: الشيخ شمس الدين عبد الرحمن، والمجد ابن الحلوانية، وأبو الحسين ابن اليونيني، وأبو علي بن الخلال، والتاج عبد الخالق القاضي، وابنه عبد السلام، والشرف إبراهيم بن حاتم،) وأبو بكر بن الذكري، وأبو بكر بن الدشتي، وأبو الفضل سليمان بن حمزة الحاكم، وطائفة سواهم. وتوفي في التاسع والعشرين من صفر.
4 (عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن إسماعيل بن أبي سعد.)

4 (الشيخ أبو البركات)

4 (ابن شيخ الشيوخ النيسابوري، ثم البغدادي، ولد سنة سبعين وخمسمائة.)

(47/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 176
وسمع: أباه، وعمه صدر الدين عبد الرحيم، وأبا الفتح بن شاتيل، والقزاز. وكان صالحاً عابداً، ولي مشيخة الرباط البسطامي. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وأبو نصر بن الشيرازي، والبحيري، وبنت الواسطي، وخلق. قال الشريف: توفي في ثالث ذي القعدة.
4 (عبد الرحمن بن علي بن إبراهيم بن محمد بن إلياس.)

4 (نجم الأمناء أبو محمد الأزدي)

4 (الحمصي، ثم الدمشقي، التاجر.)
ولد بدمشق سنة ست وخمسين. وسمع من الحافظ أبي القاسم القشيري يسيراً. روى عنه: ابن الحلوانية، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وغيرهم. وتوفي في نصف شعبان يوم الجمعة. وروى لنا عنه شرف الدين عشرة أحاديث.
4 (عبد الرحمن بن عمر بن بركات)

1 (بن شحانة.)
المحدث العالم، سراج الدين، أبو محمد الحراني. توفي بميافارقين في جمادى الآخرة. وسماعاته كثيرة سنة نيف عشرة

(47/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 177
وستمائة بدمشق، وحلب، ومصر، والموصل. وكتب شيئاً كثيراً.) سمع: القاضي أبا القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب، والافتخار الهاشمي، ومسمار بن العويس، وخلقاً كثيراً. وكان ثقة، فهماً، حسن المذاكرة. روى عنه بالإجازة أبو نصر بن الشيرازي.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن عبد العزيز.)
وجيه الدين أبو القاسم اللخمي القوصي، الحنفي، الفقيه. ولد بقوص سنة خمس وخمسين وخمسمائة.

(47/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 178
وسمع بمصر من: عبد الله بن بري النحوي، وعلي بن هبة الله الكاملي، ومحمود بن أحمد بن الصابوني، والقاسم بن عساكر. وعنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وأبو الحسن الغرافي، وغيرهم. وكان أديباً شاعراً مع ما فيه من التبحر بمذهبه فإنه درس وأفتى وناظر وطال عمره. وتوفي في سابع ذي القعدة بالقاهرة.
4 (عبد الرحمن بن مقرب بن عبد الكريم)
الحافظ المفيد، أسعد الدين، أبو القاسم الكندي، الإسكندراني، المعدل. ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وقرأ بنفسه على: البوصيري، وعبد الرحمن بن موقا، وأبي الفضل الغزنوي، والأرتاحي، وبنت سعد الخير، وجماعة. ولزم الحافظ أبا الحسن بن المفضل وتخرج به، وخرج لنفسه عشرين جزءاً أبان فيها عن معرفة ونباهة. حدث عنه: أبو محمد الدمياطي، والزين محمد بن منصور الوراق، وجماعة. وتوفي في ثالث عشر صفر. وهو والد مقرب الراوي عن ابن عماد.

(47/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 179
4 (عبد الرحيم بن الإمام أبي الحسن علي بن إبراهيم بن نجا)

4 (أبو سعد الخير الأنصاري.)
ولد بدمشق سنة أربع وخمسين. وسمع من: والديه.) وأجاز له: أبو موسى المديني، وجماعة. وتهاون به أبوه ولم يسمعه في صغره ولا استجاز له. توفي بالقاهرة في ربيع الأول. وقد سمع منه الزكي المنذري. وروى عنه: الدمياطي، وغيره.
4 (عبد الرزاق بن أبي الغنائم)

1 (بن ياسين بن العلاء)
أبو محمد مهذب الدين الدقوقي، العراقي، الضرير، المقرىء، الشاعر. قدم الشام شاباً فسمع بها من عبد اللطيف بن أبي سعد لما قدمها ومن: القاسم بن عساكر، والمفضل بن عقيل، والخطيب الدولعي، وأبي بكر محمد بن يوسف الآملي، وغيرهم. روى عنه: زين الدين الفارقي، والبدر بن الخلال، والعماد بن البالسي، وغيرهم. ومات في ثامن شعبان بدمشق.
4 (عبد السلام بن ممدود بن أبي الوحش)
أبو محمد بن السيوري، الشيباني. سمع من: الخشوعي.

(47/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 180
وتوفي في رجب وله ستون سنة. حدث وأجاز.
4 (عبد السلام بن برتقش)
القضائي الزكوي. كان برتقش تسمى بإسحاق. روى عن: الخشوعي، وعبد اللطيف الصوفي. وعنه: ابن الحلوانية، وغيره. مات في جمادى الأولى.
4 (عبد السيد بن أبي الرجاء)

1 (مظفر بن أبي عبد الله محمد بن محفوظ بن صصرى.)
) أبو محمد التغلبي الدمشقي. حدث عن: عبد الكريم بن الهادي. وسمع منه الطلبة. ومات في سادس عشر ربيع الآخر. روى عنه: البهاء بن عساكر بالإجازة.
4 (عبد الكريم بن أبي الفتح)
الحبقي، الفقيه. دمشقي يروي عن: الخشوعي. ثنا عنه: الفخر بن عساكر. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (عبد اللطيف بن الحسن بن محمد بن الحسن بن عساكر.)

4 (أبو الحسن ابن زين الأمناء)
والد شيخنا عبد المنعم.

(47/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 181
كان صالحاً متزهداً. توفي، رحمه الله، في شوال.
4 (عبد المحسن بن حمود بن المحسن بن علي)
المولى أمين الدين، أبو الفضل التنوخي، الحلبي، الكاتب المنشىء البليغ. ولد سنة سبعين وخمسمائة. ورحل فسمع بدمشق من: حنبل، وابن طبرزد، وابن الزنف، وأبي اليمن الكندي، وطائفة. وعني بالأدب. وجمع كتاباً في عشرين مجلدة في الأخبار والنوادر، روى فيه بالأسانيد. وله ديوان شعر، وديوان ترسل. روى عنه: الشهاب القوصي، والزين الفارقي شيخنا، وأبو علي بن الخلال، والشيخ علي بن هارون، والعماد بن البالسي. ومن شعره:)
(اشتغل بالحديث إن كنت ذا فه .......... مٍ ففيه المراد والإيثار)

(فهو للعلم معلمٌ وبه .......... بين ذوي الدّين تحسن الآثار)

(47/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 182
(إنّما الرّأي والقياس ظلامٌ .......... والأحاديث للورى أنوار)

(كن بما قد علمته عاملاً .......... فالعلم دوحٌ منهنّ تجنى الثّمار)

(وإذا كنت عالماً وعليماً .......... بالأحاديث لن تمسّك النار)
وقد كتب أمين الدين ابن حمود لعز الدين أيبك صاحب صرخد ووزر له وكان ديناً كامل الأدوات. توفي في الرابع والعشرين من رجب.
4 (عبد الملك بن عبد الوهاب)

1 (بن زين الأمناء بن عساكر.)
أبو الوفاء. من علماء المحدثين وفضلائهم. كتب وأجاد وخرج. وقرأ على الشيوخ. ولو عاش لتعين. مات في المحرم وله اثنتان وثلاثون سنة.

(47/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 183
سمع: جده، وابن اللتي.
4 (عبد الوهاب بن معد بن أحمد بن الواثق)
أبو محمد العباسي البغدادي. روى عن: عبيد الله بن شاتيل. ومات في ثامن عشر صفر.
4 (عبيد الله بن جبارة)
المرداوي الصالحي، الفقيه الحنبلي. توفي بالجبل في جمادى الآخرة.
4 (عتيق بن أبي الفضيل)

4 (بن سلامة بن عبد الكريم بن ثابت.)
العدل أبو بكر السلماني، الشاهد تحت الساعات.) ولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبي القاسم الحافظ. وسمع أيضاً من: أبي المعالي علي بن خلدون، ومن: أبي طالب محمد بن الحسين بن عبدان. وكان كثير التلاوة مواظباً على الصلوات في جماعة. وعنده مزاح ودعابة. روى عنه: الحافظ زكي الدين البرزالي مع تقدمه، وأبو محمد الجزائري، وأبو الفضل الإربلي الذهبي، وأبو الفضل بن عساكر، وابن عمه الفخر، وأبو علي بن الخلال، والعلاء بن البقال، والخطيب شرف الدين الفزاري، وآخرون. وحضر عليه أبو المعالي بن البالسي جميع كتاب المجالسة بسماعه سوى الأول والثامن بفوت، والخامس على ابن عساكر.

(47/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 184
وحضر عليه الأربعين المساواة لابن عساكر، ومجلس فضل رجب وهو السادس بعد الأربعمائة. وحضر عليه عوالي حساناً، والأول والثاني من سباعيات الحافظ، وجزء أبي معاذ الشاه وما معه، وسداسيات الفراوي، وغير ذلك. توفي في الثاني والعشرين من ذي القعدة ودفن بمقبرة باب الفراديس.
4 (عثمان بن حامد)
الفقيه. توفي بدمشق في جمادى الآخرة.
4 (عثمان بن عبد الرحمن)

1 (بن عثمان بن موسى بن أبي نصر.)

(47/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 185
الإمام مفتي الإسلام تقي الدين أبو عمرو ابن الإمام البارع أبي القاسم صلاح الدين النصري، الكردي، الشهرزوري، الشافعي. ولد سنة سبع وسبعين، وتفقه على والده الصلاح بشهرزور، وكان والده شيخ تلك الناحية، ثم نقله إلى الموصل فاشتغل بها مدة، وبرع في المذهب. قال ابن خلكان في تاريخه: بلغني أنه كرر على جميع المهذب ولم يطر شاربه، ثم ولي الإعادة عنه العلامة العماد بن يونس.) قلت: وسمع من: عبيد الله بن أحمد بن السمين، ونصر الله بن سلامة الهيتي، ومحمود بن علي الموصلي، وعبد المحسن ابن خطيب الموصل، وعبد الله بن أبي السنان بالموصل. ورحل وله بضع وعشرون سنة إلى بغداد، فسمع بها من أبي أحمد عبد الوهاب ابن سكينة، وعمر بن طبرزد وبدبيس من: إسماعيل بن إبراهيم الخباز وبهمذان من: أبي الفضل بن المعزم، وجماعة. وبنيسابور من: منصور الفراوي، والمؤيد الطوسي، والقاسم بن الصفار، ومحمد بن الحسن الصرام، وأبي المعالي بن ناصر الأنصاري، وأبي النجيب إسماعيل القارىء، وزينب الشعرية.

(47/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 186
وبمرو من: أبي المظفر عبد الرحيم بن السمعاني، ومحمد بن إسماعيل الموسوي، وأبي جعفر محمد بن محمد السنجي، ومحمد بن عمر المسعودين وجماعة. ودخل الشام في سنة سبع عشرة أو قبلها فسمع من: الموفق شيخ الحنابلة، وزين الأمناء، وأخيه المفتي فخر الدين. وسمع بحلب من: أبي محمد ابن الأستاذ. وقد ورد دمشق قبل ذلك، وسمع من: القاضي جمال الدين بن الحرستاني. وسمع بحران من: الحافظ عبد القادر. ثم في النوبة الثانية درس بالقدس بالمدرسة الصلاحية، فلما خرب المعظم أسوار القدس قدم دمشق وولي تدريس الرواحية. وولي سنة ثلاثين مشيخة الدار الأشرفية، ثم تدريس الشامية الصغرى. وكان إماماً بارعاً، حجة، متبحراً في العلوم الدينية، بصيراً بالمذهب ووجوهه، خبيراً بأصوله، عارفاً بالمذاهب، جيد المادة من اللغة والعربية، حافظاً للحديث متفنناً فيه، حسن الضبط، كبير القدر، وافر الحرمة مع ما هو فيه من الدين والعبادة والنسك والصيانة والورع والتقوى. فكان عديم النظر في زمانه. قال ابن خلكان: كان أحد فضلاء عصره في التفسير، والحديث، والفقه، وله مشاركة في فنون عدة، كانت فتاويه مسددة، وهو أحد أشياخي الذين انتفعت بهم. وكان من العلم والدين على قدم حسن. أقمت عنده للاشتغال ولازمته سنة اثنتين وثلاثين. وقد جمعت فتاويه في مجلدة. وله إشكالات على الوسيط.)

(47/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 187
وقال ابن الحاجب في معجمه: إمام ورع، وافر العقل، حسن السمت، متبحر في الأصول والفروع، بالغ في الطلب حتى صار يضرب به فيه المثل، وأجهد نفسه في الطاعة والعبادة. قلت: وكان حسن الاعتقاد على مذهب السلف، يرى الكف عن التأويل، ويؤمن بما جاء عن الله ورسوله على مرادهما. ولا يخوض ولا يتعمق. وفي فتاويه: سئل عمن يشتغل بالمنطق والفلسفة فأجاب: الفلسفة أس السفه والانحلال، ومادة الحيرة والضلال، ومقال الزيغ والزندقة. ومن تفلسف عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالبراهين. ومن تلبس بها قارنه الخذلان والحرمان، واستحوذ عليه الشيطان، وأظلم قلبه عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. إلى أن قال: واستعمال الاصطلاحات المنطقية في مباحث الأحكام الشرعية من المنكرات المستبشعة، والرقاعات المستحدثة، وليس بالأحكام الشرعية، ولله الحمد، افتقار إلى المنطق أصلاً، وهو فقاقع قد أغنى الله عنها كل صحيح الذهن. فالواجب على السلطان، أعزه الله، أن يدفع عن المسلمين شر هؤلاء المشائيم، ويخرجهم من المدارس ويبعدهم. وللشيخ فتاو هكذا مسددة، فرحمه الله ورضي عنه. وكان معظماً في النفوس، حسن البزة، كثير الهيبة، يتأدب معه السلطان فمن دونه. تفقه عليه كثير منهم: الإمام شمس الدين عبد الرحمن بن نوح المقدسي، والإمام شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل أبو شامة، والإمام كمال الدين سلار، والإمام كمال الدين إسحاق، والإمام تقي الدين ابن رزين قاضي الديار المصرية، والعلامة شمس الدين ابن خلكان قاضي الشام. وروى عنه: الفخر عمر بن يحيى الكرجي، والمجد يوسف بن المهتار،

(47/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 188
وابنه محمد، والتاج عبد الرحمن شيخ الشافعية، والجمال أبو بكر محمد بن أحمد الشريشي، والزين عبد الله بن مروان مفتي الشافعية، والجمال عبد الكافي الربعي، والشرف أحمد الفزاري، والشرف أحمد بن عساكر، والكمال عبد الله بن قوام، والشهاب محمد بن مشرف، والشرف عمر بن خواجا إمام، والصدر محمد بن يوسف الأرموي، والشمس محمد بن يوسف الذهبي، والعماد محمد بن البالسي، والشرف ابن خطيب بيت الآبار، والقاضي أحمد بن علي الحنبلي، والشهاب محمد بن العفيف، وغيرهم.) وانتقل إلى رحمة الله في سحر يوم الأربعاء الخامس والعشرين من ربيع الآخر، وحمل على الرؤوس، وازدحم عليه الخلق. وكانت على جنازته هيبة وخشوع، فصلي عليه بالجامع، وشيعوه إلى عند باب الفرج، فصلي عليه بداخله ثانيةً، ورجع الناس لأجل حصار البلد بالخوارزمية، وخرج به دون العشرة ودفنوه بمقابر الصوفية، وقبره في طرفها الغربي على الطريق ظاهر. وعاش ستاً وستين سنة.
4 (عقيل بن نصر الله)

4 (بن عقيل بن المسيب بن علي بن محمد.)
شرف الدين أبو طالب بن أبي الفتيان بن أبي طالب بن أبي الفوارس ابن الرئيس أبي الحسن ابن الصوفي محمد الدمشقي. من بيت حشمة ورئاسة، وكان إمام مسجد الديماس، وله محفوظات، وفيه دين وتزهد. ولد سنة تسع وستين، وسمع من: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني.

(47/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 189
روى عنه: ابن الحلوانية، والشيخ تاج الدين، وأخوه الخطيب شرف الدين، والفخر بن عساكر، والركن أحمد الطاووسي، والشرف محمد ابن خطيب بيت الآبار. وحضوراً أبو المعالي بن البالسي. وتوفي في ربيع الأول.
4 (علي بن الحسن بن حمزة)
الغساني، الصيداوي، ثم الدمشقي. وسمع: محمد بن الخصيب. وحدث وأجاز. وتوفي في عاشر ربيع الآخر.
4 (علي بن الحسين بن علي بن منصور)
المسند الصالح المعمر، أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير البغدادي الأزجي، الحنبلي، المقرىء النجار، مسند الديار المصرية، بل مسند الوقت. ولد ليلة عيد الفطر سنة خمس وأربعين. وأجاز له أبو بكر محمد بن الزاغوني، ونصر بن نصر العكبري، ومحمد بن ناصر الحافظ،) وسعيد بن البناء، وأبو الكرم الشهرزوري، وأبو جعفر أحمد بن محمد العباسي، وجماعة. وكان يمكنه السماع من هؤلاء، فإنهم كانوا أحياءً في سنة خمسين وخمسمائة ببلده. وسمع بنفسه من: شهدة، ومعمر بن الفاخر، وعبد الحق اليوسفي، وعيسى بن أحمد الدوشابي، وأحمد بن الناعم، وأبي علي بن شيرويه، وجماعة. وهو آخر من روى بالإجازة عن أولئك، وبالسماع عن ابن الفاخر.

(47/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 190
وحدث ببغداد، ودمشق، ومصر، ومكة. وقدم دمشق سنة اثنتين وثلاثين فأقام بها سنتين. وحج وراح إلى مصر فأقام بها. وجاور بمكة أيضاً. وتوفي بمصر. قال التقي عبيد وغيره: كان شيخاً صالحاً كثير التهجد والعبادة والتلاوة، صابراً على أهل الحديث. وقال الشريف عز الدين: كان من عباد الله الصالحين كثير التلاوة، مشتغلاً بنفسه. توفي ليلة نصف ذي القعدة. قلت: حمل عنه أئمة وحفاظ. وأنا عنه: عبد المؤمن بن خلف الحافظ، والضياء عيسى السبتي، والجلال عبد المنعم القاضي، وأبو علي بن الخلال، وأبو الفضل الذهبي، وأبو العباس بن مؤمن، ومحمد بن يوسف الحنبلي، وعيسى المعاري، والقاضي تقي الدين سليمان، وأبو السعود محمد بن عبد الكريم المنذري، وزينب بنت القاضي محيي الدين، والجمال ابن مكرم الكاتب، ومحمد بن المظفر الفقيه، وصبيح الصوابي، وبيبرس القيمري، وشهاب بن علي، وشرف الدين أبو الحسن بن اليونيني، وغيرهم. وقد انفرد بدمشق عنه: بهاء الدين القاسم بن عساكر بجملة عالية. وآخر من روى عنه بالسماع وبالإجازة يونس الدبابيسي بالقاهرة.

(47/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 191
4 (علي بن شاهنشاه)
الأديب، أبو الحسن. له شعر كيس. توفي في سابع ذي القعدة. أظنه مصرياً، رحمه الله تعالى.
4 (علي بن عبد الرحمن بن علي بن أحمد.)
)
4 (أبو الحسن الزهري الإشبيلي)
سمع صحيح البخاري من أبيه. وأخذ القراءآت عن أبي بكر بن صاف. والعربية عن أبي إسحاق بن ملكون. وولي الخطابة في آخر عمره بجامع العدبس. وولي قضاء القضاة في أيام أبي مروان أحمد بن محمد الباجي قتيل ابن الأحمر. وقد حدث بيسير، وعمر دهراً. وتوفي، رحمه الله، في ربيع الآخر. بالأندلس. ذكره الأبار.
4 (سيف الدين علي بن قليج)
في حرف السين.
4 (علي بن محاسن بن عوانة بن شهاب)
القاضي نور الدولة أبو الحسن النميري الكفربطناني، ويعرف بقاضي كفربطنا.

(47/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 192
كان كبير القرية ومحتشمها، وعلى قبره جملون ومقرىء إلى جانب مسجد أبيه. حدث عن: الخشوعي. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن خطيب بيت الآبار. وحضر عليه أبو المعالي بن البالسي. توفي في خامس رمضان. ولأبيه رواية عن الحافظ ابن عساكر. ولابنه محمد رواية عن ابن اللتي. وسمعنا على بنت ابنه ست القضاة سنة بضع عشرة وسبعمائة بإجازة سبط السلفي.
4 (علي بن محمد بن عبد الصمد)

(47/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 193
العلامة علم الدين، أبو الحسن الهمداني، السخاوي، المصري، شيخ القراء بدمشق. ولد سنة ثمان أو تسع وخمسين وخمسمائة، وسمع بالثغر من: السلفي، وأبي القاهر بن عوف. وبمصر من: أبي الجيوش عساكر بن علي، وأبي القاسم البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وجماعة. وبدمشق من: ابن طبرزد، والكندي، وحنبل. وسمع الكثير من الإمام أبي القاسم الشاطبي، وقرأ عليه القراءآت، وعلى أبي الجود غياث بن) فارس، وعلى أبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي. وبدمشق على أبي اليمن الكندي، قرأ عليهما بالمبهج لسبط الخياط، ولكن لم يسند عنهما القراءآت، فرأيتهم يقولون إن الشاطبي قال له: إذا مضيت إلى الشام فاقرأ على الكندي ولا ترو عنه. وقيل إنه رأى الشاطبي في النوم فنهاه أن يقرىء بغير ما أقرأه. وكان إماماً علامة، مقرئاً، محققاً، مجوداً، بصيراً بالقراءآت وعللها، ماهراً بها، إماماً في النحو واللغة، إماماً في التفسير كان يتحقق بهذه العلوم الثلاثة ويحكيها. وكان يفتي على مذهب الشافعي. تصدر للإقراء بجامع دمشق، وازدحم عليه الطلبة وقصدوه من البلاد، وتنافسوا في الأخذ عنه. وكان ديناً خيراً متواضعاً، مطرحاً للتكلف، حلو

(47/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 194
المحاضرة، مطبوع النادرة، حاد القريحة من أذكياء بني آدم. وكان وافر الحرمة، كبير القدر، محبب إلى الناس. روى الكثير من العوالي والنوازل، وكان ليس له شغل إلا العلم والإفادة. قرأ عليه خلق كثير إلى الغاية، ولا أعلم أحداً من القراء في الدنيا أكثر أصحاباً منه. ومن مصنفاته: شرح الشاطبية في مجلدين، وشرح الرائية في مجلد في رسم المصحف، وكتاب جمال القراء وتاج الإقراء، وكتاب خير الدياجي في تفسير الأحاجي، وكتاب التفسير إلى الكهف في أربع مجلدات، وكتاب المفضل في شرح المفصل، وغير ذلك مما لم يحضر في ذكره. أقرأ عنه القراءآت: شمس الدين أبو الفتح محمد بن علي الأقصاري، وشهاب الدين أبو شامة، وزين الدين عبد السلام الزوادي، ورشيد الدين أبو بكر بن أبي الدر المكيني، وتقي الدين يعقوب الجرائدي، وجمال الدين إبراهيم الفاضلي، ورضي الدين جعفر بن دبوقا الحراني، وشمس الدين محمد بن الدمياطي، ونظام الدين محمد التبريزي، وشهاب الدين محمد بن مزهر. وروى عنه من شيوخنا الذين لقينهم الشيخ زين الدين الفارقي، والجمال عبد الواحد ابن كثير النقيب، وقد قرأ عليه القراءآت ونسي، ورشيد الدين إسماعيل بن المعلم وقد قرأ عليه القراءآت ونسي، والشمس محمد بن قايماز، وقد قرأ عليه القراءآت ونسي، رأيت إجازته بالقراءآت، وشرف الدين أحمد بن إبراهيم الخطيب وقد قرأ عليه لنافع وأبي عمرو، وأقرأ عنه، وشرف الدين إبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، وقد قرأ عليه ختمةً، والشهاب أحمد بن مروان التاجر) وقد قرأ القرآن، وعرض علي الشاطبية، وأبو علي بن الخلال، والزين إبراهيم بن الشيرازي، وأبو المحاسن بن الخرقي وقد قرأ

(47/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 195
عليه القرآن وجوده، وكمال الدين أحمد بن العطار، وإبراهيم بن أخي علاء الدين ابن النصير، وزين الدين أحمد بن محمود القلانسي، وقد قرأ عليه القراءآت وترك، والصدر إسماعيل بن يوسف بن مكتوم وقال: قرأت عليه ختمةً لأبي عمرو. وذكره القاضي ابن خلكان في تاريخه وقال: رأيته مراراً راكب بهيمة إلى الجبل وحوله اثنان أو ثلاثة يقرأون عليه في أماكن مختلفة دفعةً واحدة، وهو يرد على الجميع. قلت: وفي نفسي شيء من صحة الرواية على هذا النعت لأنه لا يتصور أن يسمع مجموعات الكلمات، فما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه. وأيضاً فإن مثل هذا الفعل خلاف السنة، ولا أعلم أحداً من شيوخ المقرئين كان يترخص في هذا إلا الشيخ علم الدين. وكان رحمه الله أقعد بالعربية والقراءآت من تاج الدين الكندي. ومحاسنه كثيرة، وفوائده غزيرة. ومن شعره:
(قالوا: غداً نأتي ديار الحمى .......... وينزل الرّكب بمغناهم)

(وكلّ من كان مُطيعاً لهم .......... أصبح مسروراً بلقياهم)

(قلت: فلي ذنبٌ فما حيلتي .......... بأيّ وجهٍ أتلقّاهم)

(قيل: أليس العفو من شأنهم .......... لا سيّما عمّن ترجّاهم)
وقد ذكره العماد الكاتب في السيل والذيل فقال: علي بن السخاوي، عرض له قاضي الإسكندرية على السلطان الملك الناصر صلاح الدين هذه القصيدة بظاهر عكا بالمعسكر المنصور في سنة ست وثمانين وخمسمائة وأثنى على

(47/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 196
فضله وأدبه وعلمه، وهي:
(بين الفوآدين من صبٍّ ومحبوب .......... يظلّ ذو الشّوق في شدّ وتقريب)

(صبر المتيّم في قرب الدّيار به .......... أولى من الصّبر في نأيٍ وتغريب)
وهي طويلة أورد فيها العماد قطعةً في مدح السلطان. وقد مدح الأديب رشيد الدين بقصيدته التي أولها:
(فاق الرّشيد فأمّت بحره الأُمم .......... وصدّ عن جعفر ورداً له أُمم)
وبين وفاتي المذكورين أكثر من مائة سنة.) قال أبو شامة: وفي ثاني عشر جمادى الآخرة توفي شيخنا علم الدين علامة زمانه، وشيخ أوانه بمنزله بالتربة الصالحية، ودفن بقاسيون. وكانت على جنازته هيبة وجلالة وأجناب. ومنه استفدت علوماً جمة، كالقراءآت، والتفسير، وفنون العربية، وصحبته من شعبان سنة أربع عشرة وستمائة. ومات وهو عني راض. قلت: وكان شيخ الإقراء بالتربة المذكورة، وله تصدير وحلقة بجامع دمشق. وكانت حلقته عند المكان المسمى بقبر زكريا مكان الشيخ علم الدين البرزالي الحافظ.
4 (علي بن محمد بن كامل)

4 (بن أحمد بن أسد.)

(47/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 197
أبو الحسن بن الشيخ أبي المحاسن التنوخي، الدمشقي. ولد سنة ثمان وسبعين. وسمع من: الخشوعي، ومن: أبيه. روى عنه: المجد ابن الحلوانية وغيره. وحدثنا عنه: محمد بن يوسف الذهبي، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وإبراهيم بن صدقة المخرمي. وتوفي في رمضان.
4 (علي بن....)
الدمشقي الحنفي. عرف
4 (ابن الحجة)

4 (علي بن مجاهد بن شبل)
أبو موسى الأنصاري، السويدي، الشروطي. بدمشق. سمع الكثير بنفسه وكتب الطباق على الخشوعي، والقاسم بن عساكر، والضياء الدولعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وابن طبرزد. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، والزين إبراهيم بن الشيرازي، ومحمد ابن) خطيب بيت الآبار، وآخرون. وتوفي في ربيع الآخر. روى عنه بالإجازة البهاء ابن عساكر.
4 (عمر بن نصر الله بن محمد بن محفوظ بن صصرى)

4 (أبو حفص التغلبي)

4 (الدمشقي، الجندي.)
سمع: القاضي أبا سعد بن عصرون، وأحمد بن الموازيني، وبركات الخشوعي.

(47/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 198
روى عنه: الشيخ تاج الدين وأخوه شرف الدين الخطيب، وأبو علي بن الخلال، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وآخرون. وتوفي في ربيع الآخر. روى عنه بالإجازة: البهاء ابن عساكر.
4 (عمر بن أبي بكر بن جعفر)
الفقيه الصالح، علاء الدين الكردي. توفي بدمشق. ذكره أبو شامة هكذا.
4 (عيسى بن حامد بن علي)
الداراني. سمع من: الحافظ أبي القاسم. كتب عنه الطلبة وحضر عليه من شيوخنا العماد بن البالسي. وتوفي في هذه السنة.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت الشيخ موفق الدين)

4 (بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة.)
توفيت عن نيف وخمسين سنة. وروى عنها القاضي بإجازتها من ابن القزاز ومن السلفي. وما كأنها أدركت ذلك.
4 (فاطمة بنت القاضي محيي الدين)
)
4 (أبي المعالي محمد بن علي بن محمد القرشي.)
من بيت فضل وحشمة.

(47/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 199
توفيت في ربيع الآخر. وقد روت عن أبيها.
4 (الفتح بن علي بن الفتح)
الأديب قوام الدين أبو إبراهيم البنداري الأصبهاني، الكاتب الشاعر. نزيل دمشق. سمع الكثير، وكتبوا عنه من نظمه. وله مديح في الشيخ الموفق. توفي في سابع ربيع الأول. وقد كتب في الإجازات.
4 (الفضل بن سالم بن مرشد)
أبو البركات التنوخي المعري، الكاتب صاحب الإنشاء والترسل لصاحب حماة. روى عن: أبيه، وعن: محمد بن عبد الواحد بن المهذب. وكان ذا حظوة وتقدم عند مخدومه. توفي بحماة في العشرين من جمادى الأولى. وله شعر جيد.
4 (الفضل بن نبا بن أبي المجد)

4 (الفضل بن الحسن بن إبراهيم.)
أبو المجد ابن البانياسي الحميري، الدمشقي. ولد بحلب سنة ثلاث وثمانين. وسمع من: جده لأمه الحافظ البهاء قاسم بن عساكر، وأبي طاهر الخشوعي. وكان فصيحاً أديباً شاعراً، لكنه تكلم في دينه وعقيدته، فالله أعلم. توفي بدمشق في تاسع رجب.
4 (الفلك المسيري)

(47/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 200
أبو زبر، واسمه عبد الرحمن بن هبة الله. كان صدراً كبيراً محتشماً، وافر الحرمة، ظاهر النعمة، كثير التيه والصلف. قال سعد الدين ابن الشيخ في تاريخه إن الملك الأشرف رسم على الفلك واحتاط على موجوده في سنة أربع وثلاثين، لكونه نقل إليه أنه كاتب أخاه الكامل.) قال: وكان له حظ عند الأشرف مع أنه كان يستجهله. كنت عند الأشرف يوماً فخرج الفلك لشغل وعاد، فقال: أين كنت يا ملك قال: يا مولانا سيرت الدواب إلى الإصطبل. فقال: عجب ما رحت معها يعني أنه من الدواب.
4 (حرف القاف)

4 (قيس بن إبراهيم)
الحلبي الشاعر. توفي في المحرم.
4 (حرف الكاف)

4 (كيخسرو بن قيقباذ بن كيخسرو)

(47/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 201
السلجوقي، صاحب الروم. تسلطن بعد أبيه وهو شاب فلعب. وقصد فرق من التتار أرزن الروم فحاصروها، وأخذوا منها أموالاً جمة، ثم نازلوا بعض بلاده، فجمع وحشد وسار إليهم، فهزموه وأسرت أمه. وبعد انهزامه ولي السلطنة ابن له عمره سبع سنين. مات كيخسرو في هذه السنة على ما ورخه ابن الساعي.
4 (حرف اللام)

4 (لؤلؤ)
الحارمي الأصل، وحارم من أعمال حلب، المصري. سمع مع مولاه نصر بن محمد بن أبي الفتون النحوي من: أبي القاسم البوصيري، والأرتاحي. توفي بالقاهرة يوم الفطر.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن تاج الأمناء)

4 (أبي الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عساكر.)
الرئيس العالم النسابة عز الدين أبو عبد الله الدمشقي. ولد سنة خمس وستين وخمسمائة. وسمع من: الحافظ أبي القاسم عم والده ومن: أبي المعالي بن صابر،

(47/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 202
وعبد الصمد بن سعد) النسوي، وأبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، وأبي طالب الخضر بن طاوس، وجماعة. روى عنه خلق منهم: العلامة تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، ورشيد الدين إسماعيل بن المعلم، والبدر بن الخلال، والفخر بن عساكر، وكماد الدين بن العطار، والنجم عبد العالي الشروطي، والبهاء بن عساكر، والزين إبراهيم بن الشيرازي. وكان رئيساً عالماً متجملاً، يركب البغلة ويلبس البزة الحسنة. وله تاريخ على الحوادث فيه الدره والبعرة وأشياء باردة، ولم يظهره الرجل، وإنما هو تعاليق في جريدة، ويسمى موائمة النسابة. توفي في ثالث جمادى الأولى، وله نظم حسن.
4 (محمد بن أبي جعفر أحمد بن علي)
الإمام المحدث تاج الدين أبو الحسن الفرضي، إمام الكلاسة وابن إمامها. ولد في أول سنة خمس وسبعين وخمسمائة بدمشق. وحج به أبوه سنة تسع فسمع في أواخر الخامسة من: عبد المنعم بن عبد الله الفراوي سباعياته الأربعين. ومن: عبد الوهاب ابن سكينة، وأبي يعلى محمد بن المطهر الفاطمي، وأبي غالب زهير شعرانة بمكة. وسمع بدمشق بعد ذلك من: أبي سعد بن أبي عصرون، وأحمد بن حمزة بن الموازيني، والفضل بن البانياسي، ويحيى الثقفي، والتاج محمد بن عبد الرحمن المسعودي، وابن صدقة الحراني، وطائفة سواهم.

(47/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 203
ثم أقبل في آخر عمره على الحديث إقبالاً كلياً، ونسخ الكثير، وقرأ على الشيوخ، ومشى مع الطلبة. وكان ثقة، خيراً، فاضلاً، صالحاً، محبباً إلى الناس. وروى الكثير. حدث عنه: الحافظ أبو عبد الله الإشبيلي مع تقدمه، وشرف الدين النابلسي، والشيخ تاج الدين، وأخوه، وأبو المحاسن بن الحرمي، وأبو عبد الله الدمياطي، والمفتي زين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والشيخ محمد بن محمد الكنجي، وخلق سواهم. وبالحضور: العماد بن البالسي، وغيره.) وقد سافر في شبيته إلى اليمن والهند، وتغرب مدةً. توفي إلى رحمة الله في خامس جمادى الأولى بدمشق. وكانت له جنازة حفلة، وحمل نعشه على الرؤوس، ودفن بسفح قاسيون عند أبيه.
4 (محمد بن أحمد بن سالم)

4 (بن أبي عبد الله.)
أبو عبد الله المقدسي، المعروف بالبدر، الناسخ. من أهل جبل الصالحية. وكان أبوه من الصالحين. ولد هذا سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: يوسف بن معالي، والخشوعي، وابن طبرزد. روى عنه جماعة. وكان مليح الخط، كريم النفس. توفي في الخامس والعشرين من رجب.
4 (محمد بن أحمد بن زهير)
الداراني.

(47/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 204
سمع بداريا من الحافظ ابن عساكر تاريخ داريا. روى عنه: أبو علي بن الخلال، وأبو المحاسن بن أبي الحرم بن الحرمي، وجماعة. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وغيره.
4 (محمد بن أحمد بن داود)
أبو عبد الله التونسي. قدم مصر، وسمع من البوصيري. وبدمشق من: ابن طبرزد، والكندي. وتوفي بمصر في ذي الحجة وله سبعون سنة.
4 (محمد بن إبراهيم بن عبد الملك)
أبو عبد الله الأزدي القارحي، الأندلسي، من أهل قيجاطة. قال ابن الزبير: يعرف بابن القرشية.) قلت: أخذ القراءآت ببلده عن: أبي عبد الله بن يربوع، وقيد عليه كتب العربية وسمع منه. ثم حج. وسمع بالقاهرة من: أبي عبد الله محمد بن عمر القرطبي، وذكر أنه لقي علي بن محمد التجيبي فأخذ عنه القراءآت تلاوةً، وكتاب التيسير. وحدثه بذلك عن المعمر سليمان بن طاهر، عن أبي عمرو الداني. وحدثه أيضاً عن أبي إسحاق المجتقوني، عن أبي عمرو. قال الأبار: وفي هذا كله نظر. وأخذ بدمشق عن الخشوعي، والقاسم بن عساكر. ورجع فأخذ القراءآت عن أبي جعفر الحصار.

(47/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 205
وأقرأ بمرسية وحدث بيسير. وتوفي في المحرم.
4 (محمد بن تميم بن أحمد)

4 (بن أحمد بن كرم.)
أبو القاسم ابن البندنيجي البغدادي، المعدل. سمع من: يونس، وعبد المنعم بن كليب، ومحمد بن حيدرة العلوي، وأبا الفتح المندائي. سمع بإفادة أبيه، فإن مولده في حدود الخمس والثمانين وكان من أعيان البغاددة وكفلائهم. روى عنه: أبو المعالي الأبرقوهي، وغيره. وكتب عنه: ابن الحاجب، والطلبة. توفي في ذي القعدة.
4 (محمد بن الحسن بن إسماعيل)

4 (بن مظفر بن الفرات.)
الإسكندراني، أبو عبد الله. روى عن: عبد الرحمن بن موقا. حدث عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. وكان من عدول الإسكندرية. توفي في صفر، رحمه الله تعالى.
4 (محمد بن سعيد بن أبي البقاء)
)
4 (الموفق بن علي.)
أبو بكر بن الخازن النيسابوري، ثم البغدادي، الصوفي. مسند بغداد.

(47/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 206
ولد في صفر سنة ست وخمسين. وسمع: أبا زرعة المقدسي، وأبا بكر أحمد بن المقرب، وشهدة، وأبا العلاء بن عقيل، وجماعة. روى عنه: مجد الدين عبد الرحمن بن العديم، وفتاه بيبرس، وعز الدين أحمد الفاروثي، وعلاء الدين علي بن بلبان، ورشيد الدين محمد بن أبي القاسم، وتقي الدين إبراهيم بن الواسطي، وشمس الدين عبد الرحمن بن الزين، ومحيي الدين محمد بن النحاس الحنفي، وابن عمه بهاء الدين أيوب، وركن الدين أحمد الطاووسي، وجمال الدين محمد بن أحمد الشريشي، وتاج الدين علي الغرافي، وخلق سواهم. وكان صيناً متديناً، حسن السمت. من أعيان الصوفية. كتب عنه الكبار مثل الدبيثي، وابن النجار. وقد أجاز للبهاء ابن عساكر، وابن الشيرازي، وسعد الدين، والمطعم، والبجدي، وهدية بنت مؤمن، وبنت الواسطي، وبنت المحب، وخلق. وتوفي في السابع والعشرين من ذي الحجة ببغداد.
4 (محمد بن شيبان بن ثعلب الصالحي.)
أخو المسند المعمر أحمد. توفي في جمادى الأولى. وما كأنه حدث.
4 (محمد بن عبد الله بن الحافظ عبد الغني)
أخو الإمام الشرف حسن. توفي شاباً في جمادى الأولى.
4 (محمد بن عبد الله بن أبي الفتح)

4 (بن مطيع الدولة)
الدمشقي الحنفي. توفي في شعبان وله ثمانون سنة.

(47/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 207
4 (محمد بن القاضي شرف الدين)
)
4 (عبد الله بن زين القضاة عبد الرحمن بن سلطان.)
شرف الدين القرشي. توفي في رمضان بدمشق.
4 (محمد بن البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم)
الفقيه تقي الدين، أبو الرضا المقدسي. ولد سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: إسماعيل الجنزوي، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، والخشوعي، وجماعة. وسفره أبوه مع الشيخ الضياء وأقاربه إلى مصر فسمع من: البوصيري، والأرتاحي، وجماعة. وسمع ببغداد من: أبي الفرج بن الجوزي، وأصحاب ابن الحصين. وكان فقيهاً فاضلاً، سليم الباطن، كثير السكوت. روى عنه: أبو علي بن الخلال، وأبو بكر الدشتي، وجماعة. وتوفي في سلخ شعبان.
4 (محمد بن عبد الرحمن)

4 (بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الجباب.)
العدل ظهير الدين، أبو إبراهيم التميمي، السعدي، الإسكندراني، المالكي. من بيت رواية وشهرة. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة.

(47/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 208
وسمع من: السلفي، وأبي محمد العثماني، وغيرهما. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، والتقي عبيد الإسعردي، والضياء عيسى السبتي، ونصر الله بن عياش الصالحي، وغيرهم. وسمع من السلفي كتاب الطبقات لمسلم، والأول من انتخاب السلفي على السراج، ومقطعات من شعر المتنبي، وجزء الجمال، وغير ذلك. ومات في خامس المحرم.
4 (محمد بن عبد العظيم بن عبد القوي)
الحافظ المتقن، رشيد الدين، أبو بكر بن الحافظ الكبير زكي الدين المنذري.) ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة في رمضان. وسمعه أبوه الكثير من عبد القوي بن الجباب، وأبي طالب بن حديد، والفخر الفارسي، وأصحاب السلفي. ثم أكب على الطلب بنفسه بعد الثلاثين، ورحل وسمع بدمشق وحلب. وكان ذكياً فطناً حافظاً. روى عنه: رفيقه الحافظ أبو محمد الدمياطي. وتوفي إلى رحمة الله شاباً في ذي القعدة. وصبر أبوه واحتسبه.
4 (محمد بن عبد الواحد)

4 (بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل.)

(47/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 209
الحافظ الحجة الإمام ضياء الدين، أبو عبد الله السعدي، المقدسي، ثم الدمشقي الصالحي، صاحب التصانيف النافعة. ولد بالدير المبارك في سنة تسع وستين وخمسمائة. وسمع من: أبي المعالي بن صابر، ومحمد بن أبي الصقر، وأبي المجد الفضل بن الحسين البانياسي، وأبي الحسين أحمد بن الموازيني، والخضر بن طاوس، ويحيى الثقفي، وأبي الفتح عمر بن علي الجويني، وابن صدقة الحراني، وإسماعيل الجنزوي، وخلق. ولزم الحافظ عبد الغني وتخرج به، وحفظ القرآن، وتفقه. ورحل أولاً إلى مصر سنة خمس وسبعين، فسمع: أبا القاسم البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، والأرتاحي، وبنت سعد الخير، وعلي بن حمزة، وجماعة. ورحل إلى بغداد بعد موت ابن كليب، فلهذا روى عن أصحابه، وفاته الأخذ عنه. وقد أجاز له ابن كليب ومن هو أكبر من ابن كليب كشهدة، والسلفي. فسمع من: المبارك بن المعطوش، وهو أكبر شيخ له ببغداد، وأبي الفرج بن الجوزي، وعبد الله بن أبي المجد، والبقاء بن حيد، وعبد الله بن أبي الفضل بن مزروع، وعبد الرحمن بن محمد ابن ملاح الشط، وطائفة من أصحاب

(47/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 210
قاضي المرستان، وابن الحصين. وعرض القرآن على عبد الواحد بن سلطان. ثم دخل أصبهان بعد موت أبي المكارم بن اللبان، وسمع من: أبي جعفر الصيدلاني، وأبي) القاسم عبد الواجد الصيدلاني، وخلف بن أحمد الفراء، والمفتي أسعد بن محمود العجلي، وأبي الفخر سعد بن سعيد بن روح، وأسعد بن أحمد الثقفي الضرير، وإدريس ابن محمد الساوالويه، وزاهر بن أحمد الثقفي، وهو أخو أسعد والمؤيد ابن الأخوة، وعفيفة الفارقانية، وأبي زرعة عبد الله بن محمد اللفتواني، وخلق سواهم. وبهمذان من: عبد الباقي بن عثمان بن صالح، وجماعة. ورجع إلى دمشق بعد الستمائة، ثم رحل إلى أصبهان ثانياً فأكثر بها وتزيد، وحصل شيئاً كثيراً من المسانيد والأجزاء. ورحل منها إلى نيسابور فدخلها ليلة وفاة منصور الفراوي، فسمع من المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، والقاسم الصفار. ورحل إلى هراة فأكثر بها عن أبي روح عبد المعز، وجماعة. ورحل إلى مرو فأقام بها نحواً من سنتين. وأكثر بها عن: أبي المظفر بن السمعاني، وجماعة. وسمع بحلب، وحران، والموصل. وقدم دمشق بعد خمسة أعوام بعلم كثير وكتب أصول نفيسة فتح الله عليه بها هبةً ونسخاً وشراءً. وسمع بمكة من أبي الفتوح بن الحصرين وغيره. ورجع ولزم الاشتغال والنسخ والتصنيف. وسمع في خلال ذلك على الشيخ الموفق وبابته. وأجاز له: السلفي، وشهدة، وأحمد بن علي بن الناعم، وأحمد بن

(47/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 211
يلدرك، وتجني الوهبانية، وابن شاتيل، وعبد الحق اليوسفي، وأخوه عبد الرحيم اليوسفي، وعيسى الدوشابي، ومحمد بن نسيم العيشوني، ومسلم بن كاتب النحاس، وأبو شاكر السقلاطوني، وعبد الله بن بري النحوي، وأبو الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي، وخلق كثير. ذكره ابن الحاجب تلميذه فقال: شيخنا أبو عبد الله شيخ وقته، ونسيج وحده علماً وحفظاً وثقة ودنيا، من العلماء الربانيين، وهو أكبر من أن يدل عليه مثلي. كان شديد التحري في الرواية، ثقة فيما يرويه، مجتهداً في العبادة، كثير الذكر، منقطعاً عن الناس، متواضعاً في ذات الله، صحيح الأصول، سهل العارية. ولقد سألت عنه في رحلتي جماعةً من العارفين بأحوال الرجال، فأطنبوا في حقه ومدحوه بالحفظ والزهد، حتى إنه لو تكلم في الجرح والتعديل لقبل منه. سألت أبا عبد الله البرزالي عنه فقال: حافظ ثقة، جبل دين.) وذكره ابن النجار في تاريخه فقال: كتب وحصل الأصول، وسمعنا بقراءته الكثير. وأقام بهراة ومرو مدةً، وكتب الكتب الكبار بهمة عالية، وجد واجتهاد، وتحقيق وإتقان. كتبت عنه ببغداد، ودمشق، وبنيسابور. وهو حافظ متقن، ثبت حجة، عالم بالحديث والرجال. ورع تقي، زاهد، عابد، محتاط في أكل الحلال، مجاهد في سبيل الله. ولعمري ما رأت عيناي مثله في نزاهته وعفته وحسن طريقته في طلب العلم. سألته عن مولده فقال: في جمادى الأولى سنة تسع وستين. ورأيت بخطه مولده في سادس جمادى الآخرة، فالله أعلم. قلت: الثاني هو الصحيح فإنه كذلك أخبر لعمر بن الحاجب. قلت: سمعت الحافظ أبا الحجاج المزي، وما رأيت مثله، يقول: الشيخ الضياء أعلم بالحديث والرجال من الحافظ عبد الغني، ولم يكن في وقته مثله. وحكى النجم بن الخباز عن العز عبد الرحمن بن محمد بن الحافظ قال: ما جاء بعد الدارقطني مثل شيخنا الضياء.

(47/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 212
وقال الشرف أبو المظفر بن النابلسي: ما رأيت مثل شيخنا الضياء.
4 (ذكر تصانيف الضياء)
كتاب الأحكام يعوز قليلاً في نحو عشرين جزءاً.... في ثلاث مجلدات، فضائل الأعمال في مجلد، الأحاديث المختارة خرج منها تسعين جزءاً، وهي الأحاديث التي تصلح أن يحتج بها سوى ما في الصحيحين، خرجها من مسموعاته. كتاب فضائل الشام ثلاثة أجزاء، كتاب فضائل القرآن جزء، كتاب الحجة، كتاب النار، كتاب مناقب أصحاب الحديث، كتاب النهي عن سب الأصحاب، كتاب سير المقادسة كالحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، والشيخ أبي عمر، وغيرهم في عدة أجزاء. وله تصانيف كثيرة في أجزاء عديدة لا يحضرني ذكرها. وله مجاميع ومنتخبات كثيرة. وله كتاب الموافقات في نيف وخمسين جزءاً. وبنى مدرسةً على باب الجامع المظفري، وأعانه عليها بعض أهل الخير، وجعلها دار حديث، وأن يسمع فيها جماعة من الصبيان، ووقف بها كتبه وأجزاءه. وفيها وقف الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والحافظ عبد الغني، وابن الحاجب، وابن سلام، وابن هامل، والشيخ علي الموصلي. وقد نهبت في نكبة الصالحية، نوبة غازان، وراح منها شيء كثير. ثم تماثلت) وتراجع حالها. وفيها، بحمد الله، الآن جملة نافعة للطلبة.

(47/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 213
وكان رحمه الله ملازماً لجبل الصالحية، قل أن يدخل البلد أو يحدث. ولا أعلم أحداً سمع منه بالمدينة، وإن كان فنزر يسير. أخذ عنه جماعة من شيوخه، وروى عنه: الحافظ أبو عبد الله البرزالي، والحافظ أبو عبد الله بن النجار، وجماعة. ومن شيوخنا: أبو العباس بن الظاهري، وأبو الفدا إسماعيل بن الفراء، والتقي أحمد بن مؤمن، والشيخ محمد بن حازم، والشيخ علي بن بقا، والنجم موسى الشقراوي، والنجم إسماعيل بن الخباز، وداود بن حمزة، ومحمد بن علي ابن الموازيني، وعثمان الحمصي، والشهاب أحمد الدشتي، وأبو علي بن الخلال، وعيسى بن المطعم، وأبو بكر بن عبد الدائم، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وزينب بنت عبد الله ابن الرضي، والقاضي المجد سالم بن أبي الهيجا، ومحمد بن يوسف الذهبي، ومسند الشام القاضي تقي الدين سليمان فأكثر عنه، فإني سمعته يقول: سمعت من شيخنا الضياء ألف جزء. وقرأت بخط المحدث محمد بن الحسن بن سلام قال: محمد بن عبد الواحد شيخنا، ما رأيت مثله في ما اجتمع له. كان مقدماً في علم الحديث، فكأن هذا العلم قد انتهى إليه وسلم له. ونظر في الفقه وناظر فيه. وجمع بين فقه الحديث ومعانيه. وشد طرفاً من الأدب وكثيراً من اللغة والتفسير. وكان يحفظ القرآن واشتغل مدة به، وقرأ بالروايات على مشايخ عديدة، وكان يتلوه تلاوةً عذبة. وجمع كل هذا مع الورع التام والتقشف الزائد، والتعفف والقناعة والمروءة والعبادة الكثيرة، وطلق النفس وتجنبها أحوال الدنيا ورعوناتها، والرفق بالغرباء والطلاب، والانقطاع عن الناس، وطول الروح على الفقير والغريب. وكان محباً لمن يأخذ عنه، مكرماً لمن يسمع عليه. وكان يحرض على الاشتغال، ويعاون بإعارة الكتب. وكنت أسأله عن المشكلات فيجيبني أجوبةً شافية عجز عنها المتقدمون، ولم يدرك شأوها المتأخرون. قرأت عليه الكثير، وما أفادني أحد كإفادته. وكان ينبهني على المهمات من العوالي، ويأمرني بسماعها، ويكرمني كثيراً.

(47/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 214
وقرأت عليه صحيح مسلم.) كانت له أريضة بباب الجامع ورثها من أبيه، وكان يبني فيها قليلاً قليلاً على قدر طاقته، فيسر بنا كثيراً عنها بهمته وحسن قصده وإجابة دعوته، ونزل فيها المشتغلون بالفقه والحديث وكان ما يصل إليه من وقف يوصله إليهم ويصرفه عليهم. ورام بعض الكبار مساعدته ببناء مصنع للماء فأبى ذلك وقال: لا حاجة لنا في ماله. وكان من صغره إلى كبره موصوفاً بالنسك، مشتغلاً بالعلم. قلت: توفي يوم الإثنين الثامن والعشرين من جمادى الآخرة، وله أربع وسبعون سنة وأيام، رحمه الله ورضي عنه.
4 (محمد بن علي بن منصور)
اليمني، شهاب الدين، المقرىء المحدث المعروف بابن الحجازي. أحد تلامذة الشيخ علم الدين السخاوي. سمع الكثير وكتب الأجزاء. وخطه مليح. وكان من فضلاء الشباب، رحمه الله. وهو وأبوه من أصحاب السخاوي. توفي في جمادى الآخرة. ورخه أبو شامة.
4 (محمد بن عمر بن عبد الكريم)
الإمام فخر الدين الحميري، الدمشقي، الشافعي المعروف بالفخر ابن المالكي. ولد ظناً في سنة ثمانين وخمسمائة.

(47/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 215
وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وحنبل بن عبد الله، وابن طبرزد. وأكثر عن المتأخرين كأبي محمد بن البن، وزين الأمناء. وعني بالرواية، وكتب الأجزاء والطباق. وخطه في غاية الحسن، دقيق معلق. صاحب أهل الخير والعلم. وكان ذا جلالة ووقار وزهد وخير. وكان له بيت بالمنارة الشرقية من جامع دمشق، وخزانة كتب تجاه محراب الصحابة، وهي التي بيد الشيخ علم الدين الآن. وكان كثير الملازمة لحلقة السخاوي، وروى معه الكثير. حدث عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، ومجد الدين ابن الحلوانية، والمحدث محمد بن محمد الكنجي، وأبو علي بن الخلال، وآخرون.

(47/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 216
وبالحضور: أبو المعالي بن البالسي، وبالإجازة غير واحد.) وتوفي نصف شعبان. وقيل في رجب. وكان قد ولي إمامة الكلاسة بعد الشيخ تاج الدين في السنة.
4 (محمد بن عمر بن عبد الله)

4 (بن سعد بن مفلح بن عبد الله.)
المقدسي، الحنبلي، فخر الدين. حدث عن: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني، والجنزوي، والخشوعي، وجماعة. وكان صالحاً زاهداً عابداً، صاحب ليل وأوراد، رحمه الله. روى عنه: الشيخ تاج الدين، وأخوه الشرف الخطيب، والبدر حسن بن الخلال، وجماعة. وبالحضور: أبو المعالي بن البالسي. ووصفه الضياء فقال: رجل خير ثقة، كثير الذكر. قلت: ولد سنة أربع وسبعين ظناً، ومات في الرابع والعشرين من ربيع الآخر. وكان وكيلاً بطاحونة مقرى.
4 (محمد بن المجد عيسى)

1 (بن الشيخ موفق)
أخو الحافظ سيف الدين أحمد. توفي شاباً في جمادى الأولى. وكان قد تفقه وسمع من جده. وما أظنه حدث.
4 (محمد بن قاسم بن منداس)
أبو عبد الله المغربي البجائي الجزائري. والجزائر من عمل بجاية. ويعرف أيضاً بالأشيري النحوي. ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وأخذ العربية بالجزائر عن: أبي موسى عيسى الجزولي النحوي، لقيه في سنة ثمانين وخمسمائة. وأخذ عن: أبي محمد بن عبيد الله، وأبي الحسن نجبة، وعلي بن عتيق. ولقي بقابس أبا القاسم بن مجكان، آخر الرواة عن أبي عبد الله المازري، فسمع منه. وأقرأ ببلده العربية وروى اليسير. وروى أيضاً بالإجازة العامة عن السلفي.) قال الأبار: أجازها وتوفي في أول المحرم.
4 (محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن عمر.)

4 (أبو عبد الله المعري الكاتب)

4 (ابن نقاش السكة أخو أحمد.)
سمع: البوصيري، والأرتاحي.

(47/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 217
روى عنه: شيخنا الدمياطي. وتوفي في حادي عشر ذي القعدة، قاله الشريف. ثم قال: وقيل توفي في ذي القعدة من سنة أربع وأربعين.
4 (محمد بن محمود بن الحسن)

4 (بن هبة الله بن محاسن.)
الحافظ الكبير محب الدين، أبو عبد الله بن النجار البغدادي، صاحب التاريخ الكبير.

(47/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 218
ولد في ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد المنعم بن كليب، ويحيى بن بوش، وذاكر بن كامل، والمبارك بن المعطوش، وأبي الفرج بن الجوزي، وأصحاب ابن الحصين، والقاضي أبي بكر فأكثر. وأول سماعه وله عشر سنين. وأول عنايته بالطب وله خمس عشرة سنة. وقرأ بنفسه على مثل ابن الجوزي. وتلا بعده كتباً كالمبهج وغيره مرات على أبي أحمد بن سكينة. وما علمته أقرأ. وله الرحلة الواسعة إلى الشام، ومصر، والحجاز، وأصبهان، وخراسان، ومرو، وهراة، ونيسابور. ولقي أبا روح الهروي، وعين الشمس الثقفية، وزينب الشعرية، والمؤيد الطوسي، وداود بن معمر، والحافظ أبا الحسين علي بن المفضل، وأبا اليمن زيد بن الحسن الكندي، وأبا القاسم بن الحرستاني، فمن بعدهم. وأكثر في كتب عن أصحاب ابن شاتيل وأصحاب أبي جعفر الصيدلاني. وسمع الكثير ونسخ، وحصل الأصول والمسانيد، وخرج لنفسه ولغير واحد. وجمع التاريخ الذي ذيل به على تاريخ بغداد للخطيب، واستدرك فيه على الخطيب فجاء في ثلاثين مجلداً، دل) على تبحره في هذا الشأن وسعة حفظه. وكان إماماً ثقةً، حجة، مقرئاً، مجوداً، حلو المحاجة، كيساً، متواضعاً، ظريفاً، صالحاً، خيراً، متنسكاً. أثنى عليه ابن نقطة والدبيثي، والضياء المقدسي، وهم من صغار شيوخه من حيث السند.

(47/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 219
وروى عنه: الجمال محمد بن الصابوني: والعز أحمد بن إبراهيم الفاروثي، والجمال أبو بكر الوائلي الشريشي، والتاج علي بن أحمد العراقي، والعلاء بن بلبان، والشمس محمد بن أحمد القزاز، وجماعة. وبالإجازة: القاضيان ابن الخوبي وتقي الدين سليمان، والحافظ أبو العباس أحمد بن الظاهري، وأبو المعالي بن البالسي. وقال ابن الساعي في تذييله على ابن الأثير إنه مات في منتصف شعبان، وإنه كان شيخ وقته. وكانت رحلته سبعاً وعشرين سنة. واشتملت مشيخته على ثلاثة آلاف شيخ سوى النساء. وله كتاب القمر المنير في المسند الكبير ذكر كل صحابي وما له من الحديث. وصنف كتاب كنز الأنام في السنن والأحكام، وله كتاب المختلف والمؤتلف ذيل به على ابن ماكولا، وكتاب المتفق والمفترق على منهاج كتاب الخطيب، وكتاب نسب المحدثين إلى الآباء والبلدان، وكتاب عواليه، وكتاب معجمه، وكتاب جنة الناظرين في معرفة التابعين، وكتاب الكمال في معرفة الرجال، وكتاب العقد الفائق في عيون أخبار الدنيا ومحاسن تواريخ الخلائق، وكتاب ذيل تاريخ بغداد وهو بيضه في ستة عشر مجلداً، وقرأته عليه كله، وكتاب المستدرك على تاريخ الخطيب، وكتاب الدرة اليتيمة في أخبار المدينة، وكتاب روضة الأولياء في مسجد إيلياء، وكتاب نزهة الورى في أخبار أم القرى، وكتاب الأزهار في أنواع الأشعار،

(47/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 220
وكتاب سلوة الوحدي، وكتاب غرر الفوائد في ست مجلدات، وكتاب مناقب الشافعي رحمه الله. وقد أوصى إلي ووقف كتبه بالنظامية، فنفذ إلي الشرابي مائة دينار لتجهيز جنازته. وكان من محاسن الدنيا. ورثاه جماعة. أخبرنا علي بن أحمد العلوي، أنا محمد بن محمود بن الحسن الحافظ سنة ثلاث وثلاثين وستمائة: نا عبد المعز بن محمد البزاز. ح، وأنا أحمد بن هبة الله عن عبد المعز، أنا يوسف بن أيوب الزاهد، أنا أحمد بن علي الحافظ،) أنا أحمد بن عبد الله الحافظ، أنا حبيب بن الحسن، أنا عبد الله بن أيوب، أنا أبو نصر التمار، أنا حماد بن علي بن الحكم، عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كتم علماً علمه الله ألجمه الله بلجام من نار. أنشدنا أبو المعالي محمد بن علي عن محمد بن محمود ابن النجار أن أبا بكر عبد الله بن علي الحنفي الفرغاني أنشده لنفسه.
(تحرّفديتكصدق الحديث .......... ولا تحسب الكذب أمراً يسيرا)

(فمن أثمر الصّدق في قوله .......... سيلقى سروراً ويرقى سريرا)

(ومن كان بالكذب مستهتراً .......... سيدعوا ثبوراً ويصلى سعيرا)
توفي ابن النجار، رحمه الله، في خامس شعبان ببغداد.

(47/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 221
4 (محمد بن المسلم بن أحمد بن علي)
أبو عبد الله المازني النصيبي، ثم الدمشقي. ولد سنة ثمانين وخمسمائة. وسمع الحديث وكتب الإجازات. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (محمد بن علان)
أبو الفضل الكاتب. توفي ببغداد في شعبان. وكان سريع الكتابة والإنشاء. ذكر أنه كتب في يوم واحد ستة عشر كراساً. وكان ينشيء الرسالة معكوسة، يبدأ بالحمدلة ويختم بالبسملة. مات في عشر السبعين.
4 (محمد بن أبي بكر بن سرايا)
أبو عبد الله الحراني المعروف بالمعين المنكر. سمع ببغداد من: أبي الفرج ابن الجوزي، وغيره. وحدث. وله وقائع عجيبة في إنكار المنكر بحران. وعاش أربعاً وسبعين سنة. ومات في ربيع الآخر.)
4 (محمد بن الميسي عز الدين)
شاب فاضل من أصحاب السخاوي. توفي في جمادى الأولى.
4 (محاسن بن المحارث)
الحربي. روى عن: عبد الخالق بن البندار. توفي في أول جمادى الآخرة ببغداد.

(47/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 222
4 (محاسن بن عبد الملك بن علي بن نجا)
الفقيه العلامة، ضياء الدين التنوخي، الحموي، الحنبلي، نزيل دمشق. تفقه على الشيخ الموفق وغيره. وسمع الكثير. وحدث عن: أبي طاهر الخشوعي. وأجاز لأبي المعالي بن البالسي، وطبقته. وكان إماماً صالحاً، قانعاً متعففاً، زاهداً، كبير القدر. ذكره الحافظ الضياء فقال: كان الضياء محاسن عالماً، نافعاً للخلق. وقال غيره: كان خبيراً بمذهب أحمد وبغيره من أقوال العلماء، قليل الشر، متواضعاً، خاملاً، ما نافس أحداً في منصب قط، ولا أكل من وقف. بل كان يتقوت من شكارة تزرع له بحوران. وما أذى مسلماً قط، ولا تنعم في مأكل ولا ملبس، ولا زاد على ثوب وعمامة صغيرة. وكان صاحب عبادة وصلاح. تفقه عليه جماعة، ومات في ثالث جمادى الآخرة، رحمه الله.
4 (محمود بن حميد بن حضير)
أبو حميد الداراني. شيخ صالح خير. سمع من الحافظ ابن عساكر. أخذ عنه الشرف أحمد بن الجوهري، والجمال بن شعيب. وروى عنه: أبو المحاسن بن الخرقي، وأبو علي الخلال، وأبو المعالي بن البالسي، وغيرهم.)

(47/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 223
وقال النجيب الصفار: توفي في شهور سنة اثنين وأربعين.
4 (محمود بن محمد بن يحيى بن بندار)
الفقيه العالم معين الدين أبو الثناء الأرموي، الشافعي، التاجر، جد قاضي القضاة شهاب الدين محمد بن الخويي لأمه. ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، ورحل في التجارة. وسمع بخوارزم من: محمد بن فضل الله السقالاري، وبدمشق من: العماد محمد بن محمد الأصبهاني الكاتب. وكان صاحب مال فافتقر وجلس مع الشهود، وحضر المدارس. روى عنه: البدر بن الخلال، والمجد ابن الحلوانية، وغيرهما. مات في ثامن ربيع الأول.
4 (مدرك بن أحمد بن مدرك بن حسن)
أبو المشكور البهراني، الحموي، المعروف بابن يعيش. ولد بحماة في سنة ستين وخمسمائة. وروى عن: أبيه. وبالإجازة عن: السلفي. روى عنه: فارس بن برير، وأبو حامد بن الصابوني، وغيرهما. وروى لي بالإجازة الخطيب موفق الدين محمد بن محمد الحموي. توفي في سلخ ذي القعدة. وكان فاضلاً ديناً. روى عنه أيضاً مجد الدين العديمي. وورخه ابن الظاهري سنة اثنتين.
4 (مفضل بن علي بن عبد الواحد)

(47/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 224
المحدث الرحال، أبو العز القرشي، الشافعي. ويعرف بابن خطيب القرافة. فقيه صالح متصون، كثير التحري، وهو من أهل السنة والدين والعدالة. كتب بخطه الكثير. وسمع بدمشق من: الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وجماعة. وبأصبهان: محمد بن محمد بن الجنيد وبنيسابور من: المؤيد، وزينب الشعرية وبهراة من:) أبي روح. وأجاز له السلفي ولأخيه. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، والفخر إسماعيل بن عساكر، والشرف محمد ابن خطيب بيت الأبار، وجماعة. وحضوراً: أبو المعالي بن البالسي. توفي في ثالث شوال، رحمه الله تعالى.
4 (المنتجب بن أبي العز بن رشيد)

(47/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 225
الإمام منتجب الدين أبو يوسف الهمداني، المقرىء، نزيل دمشق، وشيخ الإقراء بالزنجيلية، ومصنف شروح الشاطبية، وغير ذلك. كان صواماً مقرئاً فاضلاً، رأساً بالعربية. شرح الشاطبية شرحاً مطولاً مفيداً، وشرح النفس للزمخشري فأجاد. وروى عن: أبي حفص بن طبرزد، والكندي. وأخذ القراءآت عن أبي الجود غياث بن فارس. سمع منه الحديث: شرف الدين أحمد بن الجوهري، وأحمد بن محمود الشيباني، وبدر الأتابكي الخادم. وقرأ عليه الصائن الواسطي الضرير نزيل قونية، وشيخنا النظام محمد بن عبد الكريم التبريزي، وغيرهما. وكان سوقه كاسداً مع وجود السخاوي. توفي في ثالث عشر ربيع الأول. وقال الإمام أبو شامة: في سادس ربيع الأول توفي المنتجب الهمداني، وكان مقرئاً مجوداً. قرأ على أبي الجود والكندي، وانتفع بشيخنا أبي الحسن

(47/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 226
السخاوي في معرفة قصيد الشاطبي، ثم تعاطى شرح القصيد فخاض، ثم عجز عن سباحته، وجحد حق تعليم شيخنا له وإفادته له، والله يعفو عنا وعنه. سمعت الإمام التبريزي يقول: قرأت القرآن بأربع روايات على المنتجب، فكنت أقرأ عليه خفيةً من شيخنا علم الدين، لأن من كان يقرأ على السخاوي لا يجسر أن يقرأ على المنتجب، فتكلم في بعض الطلبة عند السخاوي، فقال الشيخ: هذا ما هو مثل غيره. هذا يقرأ ويروح وما يكثر أصولاً. وسامحني الشيخ علم الدين دون غيري.)
4 (منصور بن أبي الفتح)

4 (أحمد بن أبي غالب محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن السكن.)
أبو غالب البغدادي، المراتبي، الخلال، المعروف بابن المعوج. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، ومحمد بن إسحاق الضياء، وأبي محمد بن الخشاب النحوي، وأبي طالب المبارك بن خضير، وعبيد الله بن شاتيل. وكان شيخاً جليلاً ديناً، أميناً، عالي الرواية، سمع الناس منه. وروى عنه: مجد الدين العديمي. وأجاز لجماعة منهم: الفخر إسماعيل بن عساكر، وأبو معان محمد بن البالسي، ومحمد بن يوسف الذهبي، وفاطمة بنت سليمان، والقاضي تقي الدين سليمان، وعيسى المطعم، وسعد بن محمد، وأبو بكر بن عبد الدائم، وفاطمة بنت جوهر، وأحمد بن الشحنة، وأبو نصر بن الشيرازي، والنجدي، وبنت الواسطي. وتوفي في ثاني عشر جمادى الآخرة ببغداد، ويومئذ مات السخاوي أيضاً.

(47/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 227
4 (منصور بن محمد بن سعيد بن جحدر)
المصري. توفي بمصر في ذي القعدة. روى عن أبي يعقوب بن الطفيل.
4 (موسى بن محمد بن خلف بن راجح)
الشيخ صلاح الدين أبو الفتوح ابن الإمام شهاب الدين المقدسي الحنبلي. ولد في صفر سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وكان صالحاً، زاهداً، فقيراً، ديناً، عاقلاً، أديباً، شاعراً، بديع الخط، كثير الفضائل. روى عن: يوسف بن معالي، وبركات الخشوعي، ومحمود بن عبد المنعم، وجماعة. وسمع بواسط من: أبي الفتح المندائي. وببغداد من أصحاب قاضي المرستان. وكان كثير الأسفار، كريم النفس، حلو المحاضرة. له أصحاب وأتباع يحبونه ويقتدون به. روى عنه: الحافظ زكي الدين البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، والشيخ تاج الدين، وأخوه،) والشيخ محمد بن جوهر التلعفري، والفخر إسماعيل بن عساكر، والشيخ محمد بن محمد الكنجي. وقد كان صحب الشيخ علي القريثي، والشيخ عبد الله بن عبد العزيز، وأظنه صحب الشيخ عبد الله اليونيني. وحكى العز عمر بن أحمد الشروطي عن أبيه أنه رأى في المنام الصلاح موسى وقائلاً يقول: يا جان أرض عن موسى حتى نرضى عنك فهو أقرب إلينا من حبل الوريد. فكان بعد يخضع له.

(47/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 228
ومن شعره:
(لمن هذه الأنام في الرّوض ترتع .......... يشوقك مرأى منهنّ ومسمع)

(وألحان أطيارٍ عل الأيك أفصحت .......... فاشمت فؤاداً بالصّبابة مولع)

(أيا من حوى كلّ الملاحة وجهه .......... ومن جمعت فيه المحاسن أجمع)

(أما آن تحنو على ذب صبابةٍ .......... حليفٍ ضنى أحشاؤه تتقطّع)
وقرأت بخط البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم في مشيخته: أنشدني الزاهر العارف أبو عيسى بن موسى بن المقدسي لنفسه:
(يا غافلاً عن رشده متعامي .......... متورّطاً في ورطة الأيّام)

(أحسبت أنّ الفقر لبس عباءةٍ .......... أو كشف رأسٍ وحفا أقدام)

(الفقر في كلّ حظّ نفسك والهوى ...................... الإسلام)
توفي في السابع والعشرين من جمادى الآخرة. وكان ذا همة وعزم. مضى واشترى أسرى من الفرنج. وقد حبسه الملك الصالح نجم الدين مدةً بمصر.
4 (موسى بن يونس بن قسيم)
العزيزي الواعظ. كتب عنه النجيب بن شبيب... وقال: مات في رمضان وقد جاوز التسعين. وعمر.
4 (مؤمنة بنت عبد الدائم بن نعمة)
المقدسية أخت شهاب الدين أحمد.) لها إجازة. روت شيئاً، وماتت في جمادى الأولى.

(47/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 229
4 (حرف النون)

4 (الناصح الفارسي)
الأمير الكبير مقدم الجيوش الحلبية. جاء بالعسكر نجدةً لصاحب مصر فمات بدمشق وحمل إلى حلب. وكان فاسقاً يشرب الخمر.
4 (الن.... أخت مؤمنة بنت عبد الدائم بن نعمة المقدسي.)
روت بالإجازة أيضاً. وماتت في جمادى الآخرة.
4 (نبا بن أبي المكارم بن هجام)
نجم الدين أبو الثبان الطرابلسي، ثم المصري، الحنفي، الفقيه. سمع من: عبد الله بن بركة، وإسماعيل بن قاسم الزيات، ومحمد بن عبد الرحمن المسعودي، وجماعة. وولد بعد الستين بقليل. روى عنه: الحافظان المنذري والدمياطي، وأبو المعالي الأبرقوهي، وأبو حامد ابن الصابوني، وجماعة. وكان من فقهاء مدرسة السيرميين.

(47/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 230
مات في نصف جمادى الآخرة.
4 (نجم الدين القيمري)
أحد أمراء دمشق الموصوفين بالشجاعة والديانة. توفي في شوال.
4 (نصر الله بن أحمد)

4 (بن نجم بن عبد الوهاب ابن الحنبلي.)
أبو الفتح.) ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي. وأجاز له يحيى الثقفي. روى عنه: ابن الحلوانية، والشيخ تاج الدين، وأبو علي بن الخلال، والفخر ابن عساكر، والشرف محمد ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة. وتوفي في أواخر رمضان.
4 (نصر بن أحمد أبو المظفر)

4 (بن الشيخ عبد الرحمن بن علي بن المسلم ابن الخرقي.)
الدمشقي أبو المظفر. توفي في جمادى الأولى. كتب من الإجازات وحدث.
4 (نصر بن أبي السعود)

4 (بن المظفر بن الخضر بن بطة.)

(47/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 231
الفقيه أبو القاسم الأبرقوهي، البغدادي، الضرير، الحنبلي. حدث عن: أبي الفتح بن شاتيل، وابن كليب. وتوفي في جمادى الآخرة ببغداد. وكان فقيهاً، إماماً، مفتياً، مناظراً، أديباً، نحوياً، بارعاً في الخلاف والفقه. روى لنا عنه بالإجازة أبو المعالي الأبرقوهي. وعاش إحدى وثمانين سنة. وأجاز أيضاً لمطعم، ولسعد، والنجدي، وبنت مؤمن.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الرزاق)

4 (بن يحيى بن عمر بن كامل.)
الخطيب العدل جمال الدين، أبو زكريا الزبيدي، المقدسي، خطيب عقربا وابن خطيبها. ولد سنة تسع وستين وخمسمائة. وسمع: المعالي بن صابر، ويحيى الثقفي، وأسامة بن منقذ.) روى عنه: حفيداه علي وعمر ابنا إبراهيم، ومحمد بن داود ابن خطيب بيت الآبار، وأبو علي بن الخلال، والمجد ابن الحلوانية. وتوفي في ثامن عشر محرم. قال عمر بن الحاجب: كان يتهم في شهادته.

(47/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 232
4 (يحيى بن علي بن علي بن عنان)
أبو بكر بن البقال البغدادي، الغنوي، الفرضي. سمع الكثير من ابن شاتيل، وغيره. وعاش نيفاً وسبعين سنة. يعقوب بن محمد بن علي بن محمد بن شهاب الدين. أبو يوسف ابن المجاور الشيباني، الوزير الصاحب. ولد سنة ثمان وستين وخمسمائة. وسمع من: أبي المجد الفضل بن الحسين ابن البانياسي وأجاز له الحافظ أبو العلاء الهمذاني، ومحمد بن سلمان الهمذاني. روى عنه: ابن الحلوانية، والشهاب القوصي، والشرف أحمد بن عساكر، وابن عمه الفخر إسماعيل، وابن عمهما الشرف عبد المنعم، وابن عمهم البهاء أبو محمد الطيب، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن يوسف الذهبي، وأبو نصر محمد بن محمد بن الشيرازي. وبالحضور: أبو المعال بن البالسي، وغيره. وكان رأساً محتشماً، ذا عقل وديانة وسؤدد. وزر للملك الأشرف

(47/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 233
موسى، ووزر خاله أبو الفتح يوسف بن الحسين ابن المحاور للملك العزيز عثمان بن صلاح الدين. وتوفي في ثامن ربيع الأول بدمشق.
4 (يعيش بن علي بن يعيش)

4 (بن أبي السرايا محمد بن علي بن المفضل بن عبد الكريم بن محمد بن يحيى بن حيان ابن)
القاضي بشر بن حيان الأسدي. العلامة الموفق الدين أبو البقاء الأسدي الموصلي الأصل، الحلبي، النحوي. ولد بحلب في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة في رمضان.) وسمع بها من: القاضي أبي سعد بن أبي عصرون، ويحيى الثقفي، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن الطرسوسي. ورحل فسمع بالموصل من الخطيب أبي الفضل الطوسي مشيخته وغير ذلك.

(47/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 234
وكان يعرف بابن الصائغ. وكان من كبار أئمة العربية. تخرج به أهل حلب، وطال عمره وشاع ذكره. وأخذ النحو عن أبي السخاء الحلبي وأبي العباس المغربي، وليسا بالمشهورين. وقدم دمشق فجالس الكندي. وسأل عن قول الحريري في المقامة العاشرة:
(حتّى إذا لألأ الأُفق ذنب سرحان .......... وآن انبلاج الفجر وحان)
فتوقف وقال: علمت قصدك، وأنك أردت إعلامي بمكانتك من النحو. والمسألة أن يرفع الأفق وينصب ذنب وبالعكس أحسن وأصح. ويجوز رفع ذنب على البدل. وقيل بنصبهما. وذكر ابن خلكان أنه قرأ عليه سنة ست وبعض سنة سبع وعشرين معظم اللمع لابن جني. وقال: حضرته وقد شرح هذا البيت، فطول وأوضح، والشخص الذي يشرح له ساكت، منصت إلى الآخر ثم قال: يا سيدي، وأيش في المليحة ما يشبه الظبية قال: فروتها وذنبها. فضحك الجماعة وخجل الرجل. والبيت:
(يا ظبية الورى بين حلاحل .......... وبين النقاء آأنت أم أُمّ سالم)

(47/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 235
روى عنه: الصاحب كمال الدين ابن العديم، وابنه مجد الدين، وابن الحلوانية، وابن هابيل، وبهاء الدين أيوب بن النحاس، وأخوه أبو الفضل إسحاق، وبشير القضاعي، والحافظ أبو العباس بن الطاهري، وأبو بكر أحمد الدشتي وهو آخر من حدث عنه، وعبد الملك ابن العفيفة القصار. وكان ظريفاً مطبوعاً، خفيف الروح، طيب المزاج مع سكينة ورزانة. وله نوادر كثيرة. وكان طويل الروح حسن التصرف، وعامته فضيلاً. حدث تلامذته أنه أقرأ العربية والتصرف مدةً طويلة. وكان يعرف قديماً بابن الصائغ. شرح المفصل للزمخشري، والتصريف لأبي الفتح بن جني. وتوفي في الخامس والعشرين من جمادى الأولى بحلب، وله تسعون سنة.)
4 (يوسف بن إبراهيم بن يوسف)
الفقيه الإمام زين الدين، أبو الحجاج الكردي، الحصكفي، الشافعي. ولد بحصن كيفا سنة سبع وسبعين. ودخل بغداد. وسمع من: عبد العزيز بن الخضر، وابن سينا، والعلامة يحيى بن الربيع. وكانت له بدمشق حلقة للاشتغال والتدريس. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والبدر أحمد بن الصواف، ومحمد بن أحمد بن الكركية، وجماعة سواهم. وتوفي في سادس عشر جمادى الآخرة.
4 (يوسف بن عبد السيد)

4 (بن يوسف بن إبراهيم.)
الأنصاري، الدمشقي، الكتاني. روى عن: الخشوعي. روى عنه: ابن الحلوانية، ومحمد بن محمد الكنجي، والخطيب شرف الدين الفزاري، وغيرهم.

(47/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 236
ورخه ابن الشقيشقة.
4 (يوسف بن محمد بن يوسف)

4 (بن محمد بن أبي بداس.)
المقرىء الفقيه أبو محمد ابن الحافظ زكي الدين البرزالي، الإشبيلي، ثم الدمشقي، الشاهد. سمعه والده الكثير من أبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، وأبي عبد الله بن الزبيدي، وخلق. ومات ولم يحدث، فإنه مات شاباً وله إحدى وعشرون سنة أو نحوها، وخلف ولده العدل بهاء الدين أبا الفضل وله خمس سنين فكفله جده لأمه الشيخ علم الدين أبو محمد القاسم الأندلسي. توفي في جمادى الآخرة.
4 (يوسف بن يونس بن جعفر بن بركة)
أبو الحجاج البغدادي المقرىء، سبط ابن مدح البغدادي. ولد ببغداد سنة ثمان وستين وخمسمائة.) وسمع من: عبد الخالق بن عبد الوهاب الصابوني، ويحيى بن بوش. وبدمشق من: الخشوعي. وسكن دمشق وقرأ القراءآت على التاج الكندي، ولقن بالجامع مدة. روى عنه: الحافظ زكي الدين البرزالي مع تقدمه، والمجد ابن الحلوانية، ومحمد بن محمد الكنجي الصوفي، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن يوسف الذهبي، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار. وبالحضور أبو المعالي البالسي، وغيره. وتوفي في تاسع جمادى الآخرة بدمشق.

(47/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 237
4 (يوسف بن أبي الغنائم بن أبي بكر)
أبو الفتح ابن المقرىء بالألحان. كان شيخاً معمراً. سمع ببغداد من يحيى بن بوش. ومات بحلب في رابع جمادى الأولى.
4 (الكنى)

4 (أبو بكر بن أحمد بن عمر)
البغدادي، الزاهد، إمام مسجد حارة الحطب بدمشق. صاحب عبادة ومجاهدة. سمع بمصر من: أبي الفتح محمود بن أحمد الصابوني. وبدمشق من: إسماعيل الجنزوي، والكندي. قال عمر بن الحاجب: سألت شيخنا الضياء عنه فقال: بلغني أنه جاور بمكة سنة قرأ فيها ألف ختمة. قلت: روى عنه: أبو حامد بن الصابوني، وغيره. وكان يعرف بالمراوحي. وروى لنا عنه بالإجازة أبو المعالي بن البالسي، وغيره. ومات في نصف جمادى الآخرة.
4 (أبو بكر بن أحمد بن محمد)
) الدمشقي، الحنبلي، الخباز. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة. شيخ حسن السمت من أهل العقيبة، يعرف بالقاضي. روى عنه: يوسف بن معالي. أخذ عنه: المجد ابن الحلوانية، والشهاب أحمد بن الخرزي.

(47/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 238
وروى لنا عنه بالإجازة ابن البالسي. ومات في رابع ربيع الآخر.
4 (أبو عبد الله بن أحمد بن أبي بكر)
الدمشقي النجار. أحمد من أجاز ابن البالسي. ومات في شعبان. ورخه النجيب الصفار.
4 (أبو القاسم بن صديق بن سالم)
الأنصاري الدمشقي. أجاز لابن البالسي. وتوفي في رجب. ضبطه النجيب أيضاً.
4 (صاحب الروم ابن علاء الدين كيقباذ)
صاحب الروم. قال أبو المظفر بن الجوزي: كان شاباً لعاباً، صانع التتار والتزم لهم كل يوم بألف دينار. اعلم أنني لم أترك في هذه السنة أحداً بلغني موته من الناس فلهذا أثبت فيها خلقاً مجهولين دون غيرها من السنين.

(47/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 239
وفيها ولد: القاضي شرف الدين منيف بن سليمان السلمي بزرع في صفر وتاج الدين أحمد بن إدريس بن مرير بحماة في رجب وأبو معالي أحمد بن تاج الدين علي بن القسطلاني خطيب مصر وناصر الدين بن أيبك الشبلي المحدث بالقاهرة) وركن الدين عبد الله بن علي الخالدي الشافعي في صفر باليمن، سمع من ابن السبط وأحمد بن عثمان بن الشيرازي ببعلبك.

(47/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 240
1 (سنة أربع وأربعين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد الرحمن)

1 (بن حسين بن عبد العزيز.)
أبو العباس الكروكي، التيمي، الإسكندراني، المؤدب، المحدث. روى عن: ابن موقا، وغيره. وعنه: الدمياطي.
4 (أحمد بن علي بن معقل)
أبو العباس المهلبي الحمصي، العز، الأديب. ولد سنة سبع وستين وخمسمائة، ورحل إلى العراق. وأخذ الرفض بالحلة عن جماعة، والنحو ببغداد عن أبي البقاء العكبري والوجيه الواسطي. وبدمشق عن: أبي اليمن الكندي. حتى برع في العربية والعروض، وصنف فيهما. وقال الشعر الرائق العذب.

(47/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 241
وقد نظم الإيضاح والتكملة فأجاد. وقدم الكتاب للملك المعظم فأجازه بثلاثين دينار وخلعة. وكان أحول قصيراً. وافر العقل، غالياً في التشيع، ديناً متزهداً. وقد حكم له التاج الكندي بأن الكتاب المذكور أعلق بالأفكار وأثبت في القلوب من لفظ أبي علي الفارسي. واتصل سنة بضع عشرة بالملك الأمجد صاحب بعلبك، ونفق عليه، وأقام عنده. وقدر له جامكية. وعاش به رافضة تلك الناحية وأخذوا عنه. وله ديوان شعر مختص بأهل البيت فيه التنقيص بالصحابة. ومن شعره:
(أما والعيون النّجل خلقة صادقٍ .......... لقد بيّض التّفريق سود المفارق)

(وجرّعني كأساً من الموت أحمرا .......... غداة غدت بالبيض حمر الأيانق)
)
(حملن بدوراً في ظلام ذوائبٍ .......... تضلّ ولا يهدى بها قلب عاشق)

(أشرن لتوديعي حذار مراقبٍ .......... بقضبان درٍّ قُمّعت بعقائق)

(فلم أر آراماً سواهنّ كنَّساً .......... على فرشٍ موشيّةٍ ونمارق)

(وبكى فؤادي جازعٌ خافقٌ وقد .......... أرقت لبرقٍ من حمى الجزع خافق)

(وظبي من الأتراك أرهق مهجتي .......... هواه ولم يستوف سنّ المراهق)

(غدا قدّه غصناً رطيباً لعاطفٍ .......... وطلعته بدراً منيراً لرامق)
وله:
(ما لي أزوّر شيبي بالسّواد وما .......... من تعانى الزّور في فعلٍ ولا كلم)

(إذا بدر سرّ شيبٍ في عذار فتى .......... فليس يكتم بالحنّاء والكتم)

(47/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 242
توفي ابن معقل بدمشق في الخامس والعشرين من ربيع الأول.
4 (أحمد بن علي)
أبو العباس المالقي، المقرىء المجود. أخذ القراءآت عن: أبي جعفر أحمد بن علي الحصار ببلنسية. ومات فجأة في رجب.
4 (إبراهيم بن عبد العزيز)

4 (بن عبد الجبار.)
الحكيم البارع سعد الدين السلمي، الدمشقي، الطبيب. خدم الملك الأشرف. وكان على خير ودين. ومات في سادس جمادى الأولى. وكان مع تقدمه في الطب عالماً بالفقه على مذهب الشافعي. وهو الذي تولى عمارة الجوزية بدمشق. وعاش إحدى وستين سنة. وكان أبوه الموفق طبيب الملك العادل. وكان سعد الدين مجلس عام للإشتغال في الطب. وللصدر البكري فيه:
(حكيمٌ لطيفٌ من لطافة وصفه .......... يودّ المعافى السّقم حتّى يعوده)

4 (إبراهيم السلطان الملك المنصور ناصر الدين)

(47/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 243
صاحب حماة، ابن الملك المجاهد أسد الدين شيركوه صاحب حمص، ابن الأمير ناصر الدين) محمد ابن الملك المنصور أسد الدين شيركوه بن شاذي بن مروان. توفي عقيب كسرته للخوارزمية في صفر، وكانت وفاته بدمشق بالنيرب بالدهشة، وحمل إلى حمص. وكان سلطنته ست سنين ونصف. وتملك بعده ابنه الأشرف موسى وله يومئذ سبع عشرة سنة. وهو الذي كسر التتار على حمص في سنة تسع وخمسين. وكان الملك المنصور بطلاً شجاعاً ن عالي الهمة، وافر الهيبة، له أثر عظيم في هزيمة جلال الدين خوارزم شاه وعسكره مع الأشرف سنة سبع وعشرين وستمائة. فإن والده سيره نجدةً للأشرف. ثم كسر الخوارزمية بالشرق مرتين وأضعف ركنهم، لا سيما في سنة أربعين، فإنه سار بجيش حلب. إلى آمد، واجتمع بعسكر الروم، فصادف إغارة التتار على خرت برت، فخافهم فساق، وقصد الخوارزمية وهم مع الملك المظفر شهاب الدين غازي، ومعه خلق لا يحصون من التركمان، حتى قيل إن مقدمهم قال لغازي: أنا أكسر الحلبيين بالجوانبة الذين معي، وكان عدتهم فيما قبل سبعين ألف جوبان سوى الخيالة منهم. فالتقاهم صاحب حمص في صفر من سنة أربعين، فانكسر غازي والخوارزمية وانهزموا، ووقع الحلبيون في النهب في الخيم والخركاوات، فحازوا جميع ما في معسكر غازي، وأخذوا النساء الخوارزميات والتركمانيات. ونزل صاحب حمص في خيمة غازي، واستولى على خزائنه. وغنم الحلبيون ما لا يحصى ولا يحد ولا يوصف. وبيعت الأغنام بأبخس الأثمان.

(47/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 244
ثم إن صاحب حمص صالح الصالح نجم الدين وصفا له. وستر الخوارزمية الكسرة العظمى بعيون القصب. وكان محسناً إلى رعيته، سمحاً حليماً بخلاف أبيه. ثم إنه قدم دمشق في آخر أيامه فبالغ في خدمته الأمير حسام الدين بن أبي علي نائب الصالح. وكان قد بدأ به مرض السل فقوي به حتى خارت قواه، ومات رحمه الله تعالى.
4 (إبراهيم بن علي بن عبد الله بن ياسين)
العسقلاني، العدل جمال الدين الدمشقي، ويعرف بابن البلان. سمع العلم لأبي خيثمة ببغداد من علي بن محمد بن علي الموصلي. روى عنه: محمد بن محمد الكنجي، والفخر إسماعيل بن عساكر، وكيدر أحمد بن الصواف،) ومحمد ابن خطيب بيت الآبار. روى عنه حضوراً العماد بن البالسي. ومات في ربيع الآخر.
4 (إبراهيم بن يحيى)

4 (بن الفضل بن البانياسي)
كمال الدين أبو إسحاق الحميري، الدمشقي. ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، ومنصور الطبري، وحفظ كتاب التنبيه على الشيخ عيسى الضرير، وعلى القاضي محيي الدين محمد بن الزكي.

(47/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 245
وولي نظر جامع دمشق ونظر المارستان، كلاهما معاً. وكان أميناً، كافياً، رئيساً، نبيلاً. قال عمر بن الحاجب: سألته عن نسبتهم إلى بانياس فقال: كان لنا جد يرمي بالبندق، فصرع الطير ودعي لصاحب دمشق. قال: فأعطاه بانياس إقطاعاً، فكان يخزن رزها حتى يطلب وكان الباعة يقولون: عليكم بالبانياسي، فعرف بذلك. قلت: روى عنه الشيخ تاج الدين، وأخوه، وعمر ابن خطيب عقربا الجندي، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار. وبالإجازة أبو المعالي بن البالسي، والقاضي الحنبلي، وجماعة. ومات في صفر.
4 (إسماعيل بن جهبل)
الفقيه الإمام تاج الدين، أبو الفضل الحلبي، الشافعي. كان فقيهاً بصيراً بالمذهب، ديناً خيراً صالحاً، كريم النفس، سليم الصدر. توفي بحلب. قاله أبو شامة.
4 (إسماعيل بن علي بن محمد)
الكوراني، الزاهد، المقيم بمقصورة الحنفية من الجامع. كان زاهداً عابداً، أماراً بالمعروف، كبير القدر. وكان يغلظ للملوك وينصحهم وينكر عليهم، ولا) يقبل صلتهم. سمع بحلب من: أبي الحسن أحد بن محمد بن الطرسوسي.

(47/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 246
وحدث. وتوفي بدمشق في ثامن عشر شعبان، ودفن بمقابر الصوفية، وشيعه خلق.
4 (حرف الباء)

4 (بدر العلائي)
من الخدام الأشرفية الأعيان. سمع كثيراً من الحديث، وما أظنه حدث. وتوفي في جمادى الآخرة، رحمه الله تعالى.
4 (بركة خان)
الخوارزمي. من ملوك الخوارزمية الأربعة. وكان هو أجلهم وأميرهم. وكان مائلاً إلى الخير في الجملة، والرفق بالناس. وكان الملك الصالح نجم الدين أيوب قد صاهره وأحسن إليه، ثم خرج على الصالح وأعان وصار من حزب الملك الصالح إسماعيل، فانتدب لحربهم الملك المنصور صاحب حمص، وشمس الدين لؤلؤ نائب السلطنة بحلب والتركمان، والتقى الجمعان على بحيرة حمص، فقتل في المعركة بركة خان في ثامن المحرم من السنة، وحمل رأسه إلى حلب. ولم يقم للخوارزمية بعده قائمة. فإن في العام الماضي مات من رؤوسهم بردى خان وصاروخان.

(47/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 247
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن عدي بن أبي البركات)

4 (بن صخر بن مسافر بن إسماعيل.)
المقلب بتاج الدين، العارف شمس الدين، أبو محمد شيخ الأكراد. وجده أبو البركات هو أخو الشيخ عدي، رحمه الله عليه. وكان الحسن هذا من رجال العالم رأياً ودهاء، وله فضل وأدب وشعر جيد وتصانيف في التصوف. وله أتباع ومريدون يتغالون فيه. وبينه وبين الشيخ عدي من الفرق ما بين القدم والفرق.) وبلغ من تعظيم العدوية له فيما حدثني أبو محمد الحسن بن أحمد الإربلي قال: قدم واعظ على الشيخ حسن هذا فوعظ حتى رق حسن وبكى وغشي عليه، فوثب بعض الأكراد على الواعظ فذبحوه. ثم أفاق الشيخ حسن فرآه يتخبط في دمه فقال: ما هذا فقالوا: والا أيش هذا من الكلاب حتى يبكي سيدي الشيخ فسكت حفظاً لدسته وحرمته. قلت: وقد خاف منه الملك بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، وعمل عليه حتى قبض عليه وحبسه، ثم خنقه بوتر بقلعة الموصل خوفاً من الأكراد، لأنهم كانوا يشنون الغارات على بلاده، فخشي لا يأمرهم بأذى وإشارة فيخربون بلاد الموصل لشدة طاعتهم له. وفي الأكراد طوائف إلى الآن يعتقدون أن الشيخ حسن لا بد أن يرجع،

(47/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 248
وقد تجمعت عندهم زكوات ونذور ينتظرون خروجه، وما يعتقدون أنه قتل. ورأيت له كتاباً فيه عشرة أبواب، أحد الأبواب إثبات رؤية الله تعالى عياناً، وأن غير واحد من الأولياء رأى الله تعالى عياناً واستدل على ذلك، فنعوذ بالله من الخذلان والضلال. ومن تصانيفه: كتاب محك الايمان، وكتاب الجلوة الأرباب الخلوة، وكتاب هداية الأصحاب. وله ديوان شعر فيه أشياء من الاتحاد، فمن ذلك:
(وقد عصيت اللّواحي في محبّتها .......... وقلت كفّوا فهتك السرّ أليق بي)

(في عشق غانيةٍ في طرفها حورٌ .......... في ثغرها شنبٌ ويلي من الشّنب)

(فتنت عنّي بها يا صاح إذا برزت .......... وغبت إذا حضرت حقّاً ولم تغب)

(وصرت فرداً بلا ثانٍ أقوم به .......... وأصبح الكلّ والأكوان تفخر بي)

(وكلّ معناي معناها وصورتها .......... كصورتي وهي تدعى ابنتي وأبي)
وله دوبيت:
(الحكمة أن تشرب في الحانات .......... خمراً قرنت بسائر اللّذّات)

(من كفّ مهفهفٍ متى ما تُليت .......... آيات صفاته بدت في ذاتي)
وللحافظ شمس الدين الذهبي مؤلف هذا التاريخ، فإنه كتب ولكاتبه كان وكان.
(أمرد وقحبة وقهوة أوراد أرباب القوى .......... هذي طريق الجنّة أين طريق النّار)
ولحسن بن عدي المترجم من أُرجوزة:
(وشاهدت عيناي أمراً هائلاً .......... جلّ بأن ترى له مماثلاً)
)

(47/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 249
(فغبت عند ذاك عن وجودي .......... لمّا تجلّى الحقّ في شهودي)

(وعاينت عيناي ذات الباري .......... من غير شكٍّ ولا تماري)

(فكنت من ربيّ لا محاله .......... كقاب قوسين وأدنى حاله)
كذب وفجر قاتله الله أنى يؤفك. وله:
(سطا وله في مذهب الحبّ أن يسطو .......... مليحٌ له في كلّ جارحة قسط)

(ومن فوق صحن الخدّ للنّقط عارية .......... يُدلّ على ما يفعل الشّكل والنّقط)
وأقول: لا يكمل للرجل إيمائه حتى يبرأ من الحلولية والاتحادية الذين يقولون إن الله سبحانه وتعالى حل في الصور واتحدت، وأنه بذوات البشر. وعاش الشيخ حسن هذا ثلاثاً وخمسين سنة.

(47/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 250
4 (حماد بن حامد بن أحمد)
أبو البركات العرضي. رحل وسمع من: المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية. وحدث بسنجار. وبها توفي في هذه السنة.
4 (الحسن بن ناصر بن علي)

(47/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 251
الحضرمي، المهدوي، أبو علي. سمع من: عبد المجيد بن دليل. روى عنه: الدمياطي. وعاش تسعين سنة. توفي في ربيع الأول بالإسكندرية.
4 (حرف الدال)

4 (داود بن موسك بن جكوب موسك)
الأمير الكبير عماد الدين. توفي في شعبان أو في رجب.) كان في حبس الناصر بالكرك فمرض فأخرجه، وقد خرج في عنقه خراج فبطوه بغير اختباره فمات. وكان، رحمه الله، ذا فتوة ومروءة، كم أغاث ملهوفاً وأعان مكروباً، فرحمه الله وسامحه. وكانت له رئاسة، وله نفس شريفة. اتهمه الناصر بالمسير إلى صاحب مصر فسجنه. وهو أخو الأمير أبي الثناء محمود الذي روى الأربعين عن السلفي، ثنا ابن الخلال، بها. ولم أظفر بوفاة محمود بعد.
4 (حرف الصاد)

4 (صالح)
أبو البقاء الدولعي، أخو الخطيب جمال الدين محمد بن أبي الفضل. سمع من: حنبل المكبر وكتب في الإجازات. ومات في شوال.

(47/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 252
4 (حرف الضاد)

4 (ضوء بن مصبح بن فتوح)
جمال الدين، الفقيه الحنبلي، الوكيل. سمع من حنبل وحدث في هذا العام. ولم يلقه الدمياطي. روى لنا عنه إسحاق النحاس.
4 (حرف الطاء)

4 (طارق بن عبد الغني)
أبو منصور الشافعي، قاضي بلبيس. توفي بها وقد جاوز التسعين وانهرم. روى عن مؤدبه يريك بن عوض.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن المختار)
توفي في شوال بمصر، وله إحدى وستون سنة.)
4 (عبد الله بن يوسف بن زيدان)
أبو محمد المغربي الفاسي النحوي، الأصولي، المعدل. توفي بمصر كهلاً في جمادى الأولى.
4 (عبد الرحمن بن أحمد بن أبي بكر)
أبو القاسم الربعي المقرىء الصوفي. توفي بمصر في المحرم وله ثمانون سنة. صحب: أبا الربيع المالقي، والشيخ أبا عبد الله القرشي.

(47/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 253
4 (عبد الرحمن بن سلطان)

4 (بن جامع بن عويس.)
الفقيه ركن الدين التميمي، الدمشقي، الحنفي، أبو بكر. ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وسمع: محمد بن صدقة، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، ويوسف بن معالي. وكان إمام مسجد البياطرة قبل ولده شيخنا أي عبد الله محمد، جد صاحبنا أمين الدين محمد بن إبراهيم إمام المسجد يومئذ. روى لنا عنه: محمد بن محمد الكنجي، والمجد ابن الحلوانية، والبدر بن الخلال، والفخر بن عساكر، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار. وبالحضور العماد ابن البالسي. توفي في ثامن عشر صفر.
4 (عبد الرحمن ضياء الدين المالكي)
الغماري، الذي جلس مكان الشيخ أبي عمرو بن الحاجب لما انفصل عن دمشق، وجلس في حلقته بالجامع في زاوية المالكية ومدرستهم. وكان فقيهاً كريماً، شارعاً، فاضلاً. توفي في شعبان. قاله أبو شامة.
4 (عبد الرحيم بن محمد)

4 (بن بنين بن خلف)
) أبو الفضل المصري السمسار. روى عن: عشير بن علي، وابن ياسين، والبوصيري. ومات في ثالث ذي الحجة.

(47/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 254
سمع منه: الدمياطي.
4 (عبد العزيز بن عثمان)

4 (بن أبي طاهر بن مفضل.)
الشيخ عز الدين أبو محمد الإربلي، المحدث. إمام دار الحديث النورية. طلب الكثير وسمع بنفسه. وكان صاحب وقار وسمت حسن. سمع: الخشوعي والقاسم بن عساكر، وحنبل بن عبد الله. وبمصر من: الأرتاحي، وبنت سعد الخير. وسمع أيضاً من العماد الكاتب، ومن: عبد اللطيف بن أبي سعد. وكان أديباً فاضلاً حسن المشاركة في العلوم. كتب عنه القدماء كعمر ابن الحاجب وطبقته. وروى عنه: أبو محمد الجرائري، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو علي بن الخلال، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، ومحمد بن يوسف الذهبي، وإبراهيم بن صدقة المخرمي، وآخرون. ولد بإربل في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، ومات بالغوطة بجوبر في ثامن عشر ربيع الأول.
4 (عبد المحسن بن عبد الكريم)

4 (بن علوان.)
أبو محمد المخزومي المصري، المالكي العدل. سمع من: البوصيري، وغيره. ومات في شوال عن بضع وستين سنة.

(47/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 255
4 (عبد المنعم بن محمد)

4 (بن محمد بن أبي المضاء.)
) أبو المظفر البعلبكي، ثم الدمشقي، نزيل حماة. روى عن: أبي القاسم بن عساكر، والخضر بن طاوس. روى عنه: الشهاب أحمد بن الخرزي، والتقي إدريس بن عزيز. وكان من شهود حماة. توفي بها في الرابع والعشرين من ذي الحجة.
4 (عبد الوهاب ابن الحنفي)
القاضي شرف الدين نائب الحكم بدمشق. توفي في صفر.
4 (عثمان بن مسعود بن عبد الله)
الفقيه عز الدين الدمشقي، الحنفي. كان من فضلاء الحنفية. ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والفخر بن عساكر، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وغيرهم. وولي تدريس الصادرية. وتوفي في ربيع الآخر.
4 (علي بن الخضر بن بكران بن عمران)
أبو الحسن الربعي، الجزري. سمع بدمشق من: ابن طبرزد، وغيره. وبمصر من: البوصيري، والأرتاحي.

(47/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 256
وكان شيخاً صالحاً حافظاً لكتاب الله. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، وأبو المعالي ابن البالسي. مات في جمادى الآخرة.
4 (علي بن عبد الكافي)

4 (بن علي بن موسى)
الإمام الفقيه، نجم الدين، أبو الحسن الربعي، الصقلي، ثم الدمشقي، الشافعي. سمع: الخشوعي، والقاسم، والعماد الأصبهاني، وأبا المفضل بن الخصيب، وغيرهم. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، والبدر أحمد) بن الصواف، والزين إبراهيم ابن الشيرازي، وجماعة. ومات في ثاني رمضان.
4 (عيسى بن محمد بن حسان)
أبو القاسم الأنصاري، الشافعي، الحاكم. ولد بأسيوط سنة سبع وخمسين وخمسمائة. وسمع ببغداد من: منوجهر بن تركانشاه. وأجاز له أيضاً. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. توفي بأسوان في ثامن شوال.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن حسان بن رافع بن سمير)

(47/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 257
الخطيب صائن الدين، أبو عبد الله العامري، الدمشقي، المعدل، المحدث. سمع: الخشوعي، وعبد اللطيف الصوفي، وابن طبرزد، وخلق سواهم. وكتب الكثير، وعني بالحديث. وسمع أولاده وأقاربه، وكان فاضلاً مفيداً، مليح الكتابة، مشكور السيرة. كان يؤم بمسجد قصر حجاج ويخطب بجامع المصلى. روى عنه: الشيخ تاج الدين الفزاري، وأخوه أبو علي بن الخلال، وأبو عبد الله ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة. وتوفي في صفر، رحمه الله تعالى.
4 (محمد بن حماد بن أبي الحسن)

1 (سعد الله)
أبو بكر الحنبلي، الحلبي، مخلص الدين، الفقيه. سمع ببغداد، وحدث عن: أحمد بن يحيى الدبيقي، وأبي البقاء العكبري. سمع منه: الزكي البرزالي مع تقدمه، والنجيب الصفار. وثنا عنه محمد بن يوسف الذهبي، وغيره. توفي في رمضان.
4 (محمد بن عبد الظاهر)
)
4 (بن هبة الله بن النصيبي.)
الحلبي، أبو عبد الله المحدث. سمع: حنبلاً، وابن طبرزد، والإفتخار الهاشمي، وجماعة. وسمع أولاده، وكتب وحصل وعني بالطلب.

(47/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 258
وتوفي في سادس ربيع الأول بحلب.
4 (محمد بن علي بن خليفة)
أبو بكر الدمشقي المجلد الأنصاري، المعروف بالزكي البستاني. ولد سنة ست وسبعين. وسمع: الخشوعي، ومحمد بن الخصيب. وتوفي في ذي القعدة.
4 (محمد بن محمود بن عبد المنعم)
الإمام تقي الدين المراتبي، الحنبلي. كان فقيهاً إماماً بارعاً في مذهبه، ذا فنون. توفي بدمشق ودفن بالجبل في جمادى الآخرة. ذكره أبو شامة فقال: كان عالماً متفنناً، ولي به صحبة قديمة، وبعده لم يبق في مذهب أحمد بدمشق مثله. قلت: هو والد شيختنا خديجة ومحمود الأصم. تفقه على الشيخ الموفق، وغيره. وسمع من: أبي علي الأومي، وطائفة.

(47/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 259
4 (محمد بن محمد بن محمد)

4 (بن أبي صالح)
أبو صالح التجيبي الأندلسي المالقي، الزاهد. أخذ عن أبي محمد القرطبي، وجماعة. ونزل سبتة وأقرأ بها القرآن والعربية. وكان قدوةً في الزهد والورع، مشهوراً. توفي رحمه الله في ربيع الأول. وكانت جنازته مشهورة.
4 (محمود بن نصر الله)
)
4 (بن محمود بن كامل)
زكي الدين أبو الثناء الأنصاري الدمشقي التاجر ابن البعلبكي. ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن علي الخرقي، وغيره. وببغداد من عبد المنعم بن كليب. روى عنه: أبو الحسين علي بن اليونيني، وأبو علي بن الخلال، والصدر محمد الأرموي، وجماعة. ومات في ربيع الأول.
4 (معين الدين ابن الشهرزوري)
القاضي. رئيس فاضل. توفي بدمشق. قاله سعد الدين.

(47/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 260
4 (حرف النون)

4 (مسعود الجويني)

4 (وهو: نصر الله بن أحمد بن رسلان بن فتيان بن كامل.)
مجد الدين، أبو الفتح الأنصاري، الدمشقي، العدل. عرف بابن البعلبكي. سمع من: الخشوعي، وجماعة. وأجازه مسعود الجمال، وحضر جزء ابن عرفة على ابن كليب. روى عنه: أبو الحسين ابن اليونيني، والصدر محمد الأرموي. وحضوراً: محمد البالسي.
4 (نصر الله بن عين الدولة بن عيسى)
موفق الدين أبو الفتح الدمشقي الحنفي. سمع: الكندي، وجماعة وبحلب: الافتخار الهاشمي. وحدث. توفي في جمادى الأولى.)
4 (حرف الهاء)

4 (هاشم بن الشريف البهاء عبد القادر)

4 (بن عثمان بن عقيل بن عبد القاهر.)
تاج الدين أبو محمد الهاشمي، العباسي، الدمشقي، الشروطي، والد شيخنا محمد. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة.

(47/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 261
وسمع: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وحنبل بن عبد الله. روى عنه: المفتي أبو محمد الفارقي، وأبو علي بن الخلال، وأبو المعالي بن البالسي، وجماعة. توفي في سادس رمضان.
4 (هبة الله بن عبد الوهاب بن أحمد)
أبو القاسم بن النحاس. روى عن الأمير أسامة بن منقذ شيئاً من شعره. ومات في جمادى الآخرة.
4 (حرف الياء)

4 (يعيش بن محمد بن الحسن بن حفاظ)
أمين الدين أبو البقاء ابن الكويس العامري. ولد سنة ثمانين. وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر. وكان مقرئاً فاضلاً. روى عنه: الشيخ تاج الدين،

(47/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 262
وأخوه محمد ابن خطيب بيت الآبار، وآخرون. وبالحضور: أبو المعالي ابن البالسي. ومات في ثامن شوال.
4 (يوسف بن إسماعيل)

4 (بن إبراهيم بن عبد الله بن طلحة.)
أبو العز المقدسي، ثم الدمشقي، الحنبلي، التاجر، والد شيخنا الموفق، الشاهد. حدث عن الخشوعي. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، ومحمد الكنجي، والشيخ تاج الدين، وأخوه، ومحمد ابن خطيب) بيت الآبار، وغيرهم. وتوفي بحلب في ربيع الآخر.
4 (الكنى)

4 (أبو الحجاج الأقصري)
الزاهد، هو يوسف بن عبد الرحيم بن غزي القرشي الأقصري. له أتباع ومريدون. ألف مواقف كمواقف النقري. صحب الشيخ عبد الرزاق التينملي تلميذ أبي مرين. قال لي أبو عمرو المرابطي: وفاته على لوح عند قبره سنة أربع.
4 (أبو السعود بن أبي العشائر بن شعبان)
الباذبيني، ثم المصرين الزاهد، شيخ الفقراء السعودية. توفي في تاسع شوال. وكان صاحب عبادة وزهد وأحوال. وكان بالقرافة. له أتباع ومريدون. لم يبلغنا شيء من أخباره.
4 (أبو الليث)
الزاهد الحموي. صاحب عبادة ومجاهدة. كان يعمل الرياضة الأربعينية. وله زاوية مليحة بحماه، وأصحاب وأتباع.

(47/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 263
وكان يأتي بعلبك ويقيم بها. وصحب الشيخ عبد الله اليونيني الذي يقال له أسد الشام. توفي أبو الليث بحماة في هذه السنة. وفيها ولد: إمام الكلاسة وابن إمامها شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الخلاطي خطيب دمشق، رمضان وشمس الدين محمد بن الفخر عبد الرحمن بن يوسف البعلبكي الحنفي، في آخر السنة) وصدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن سعد الدين محمد بن المؤيد بن عبد الله بن علي بن محمد بن حمويه الجويني بآمل، في شعبان وشمس الدين أبو العلاء محمود بن أبي بكر النجاري الفرضي المحدث وأمين الدين سالم بن محمد بن حصرى أخو قاضي القضاة وشهاب الدين محمود بن سليمان الكاتب بحلب، في شعبان والقاضي شمس الدين محمد بن إبراهيم بن إبراهيم الأذرعي الحنفي، فيها تقريباً وأبو الحسن بن عبد الله بن الشيخ غانم بنابلس والشرف محمد بن عبد الله بن رقية المقدسي الغفرياتي والشهاب أحمد بن سامة والفخر عثمان بن عبد الرحمن بن أبي علي التنوطي المعري المقرىء والشيخ نور الدين علي بن يوسف بن حريز بن معضاد الشطبوني المصري، بالقاهرة في شوال والبرهان ابن إبراهيم بن عبد الكريم بن العنبري.

(47/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 264
1 (سنة خمس وأربعين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن علي)
أبو جعفر بن الفحام المالقي الناسخ. أجاز له أبو عبد الله بن زرقون. وسمع من: أبي القاسم بن سمحون، وابن نوح الغافقي، وابن عون الله الحصار. وكان أنيق الوراقة يعيش منها. وله مشاركة في النحو وغيره. وقد ذكره ابن فرقون في ذيل الصلة له، فسماه أبا العباس أحمد بن يوسف بن أحمد الأنصاري. وكان شهر بابن الفحام. اجتمعت به بمالقة وأجازني. ومن شيوخه عبد الرحمن بن أبي بكر بن صاف، وأبو بكر محمد بن طلحة، وجماعة.

(47/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 265
توفي بمالقة في جمادى الأولى عام خمسة وأربعين. وأظن ابن فرتون واهماً قد أدخل ترجمةً في ترجمة.
4 (أحمد بن يوسف.)
أبو العباس الأنصاري، الإشبيلي، ابن النجار. أحد المتصدرين للأقراء بإشبيلية. أخذ القراءآت عن أبي القاسم عبد الرحمن بن صاف. ومات في آخر العام والفرنج تحاصر إشبيلية.
4 (إبراهيم بن خيرخان)

4 (بن مودود بن خيرخان بن سيف الدولة قراجا.)
أبو إسحاق الحنفي، الدمشقي، المعدل. سمع: البوصيري، والخشوعي. وتوفي في المحرم. روى عنه: المجد ابن الحلوانية.
4 (إبراهيم بن عثمان)

4 (بن يوسف بن أورتق.)
) مسند العراق، أبو إسحاق الكاشغري، ثم البغدادي، الزركشي. ولد في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وسمعه أبوه من: أبي الفتح ابن البطي، وأحمد بن محمد الكاغدي، وأبي الحسن علي ابن تاج القراء، وأحمد بن عبد الغني الباجسرائي، وأبي بكر بن النقور، ويحيى بن ثابت، ونفيسة البزازة، وهبة الله بن يحيى البوقي، وجماعة.

(47/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 266
وطال عمره، واشتهر اسمه، ورحل إليه الطلبة. روى عنه: الحفاظ الكبار: البرزالي، وابن نقطة، والضياء، وابن النجار، والمحب عبد الله بن أحمد، وموسى بن أبي الفتح، وعبد الرحيم بن الحاج الزجاج، والمحيي يحيى بن محمد بن القلانسي، ومحمد بن عامر الغسولي، ومدرس الحلاوية الكمال إبراهيم بن عبد الله بن أمين الدولة، والتقي إبراهيم بن الواسطي، وأخوه محمد، والعز إسماعيل بن المقر، والتقي بن مؤمن، والمجد بن العديم قاضي القضاة وفتاه بيبرس وهو آخر من روى عنه، ومحيي الدين محمد بن النحاس، وابن عمه البهاء أيوب، والمجد محمد بن الظهير الحنفيون، وعبد اللطيف وعبد الكريم ابنا ابن المعدل، وأحمد بن محمد بن العماد، وعلي بن أحمد بن عبد الدائم، وشهدة بنت ابن العديم، ومحمد بن محمد بن النصيبي، وعلي بن عثمان الطيبي. وسمعنا من جماعة بإجازته، وهي متيسرة. قال ابن نقطة: سمعت منه، وسماعه صحيح. وقال عمر بن الحاجب: كان شيخاً شهلاً سمحاً، ضحوك السن، له أصول يحدث منها. وكان سليم الباطن، مشتغلاً بصنعته، إلا أنه كان يتشيع ولم يظهر منه إلا الجميل. وقال أبو طالب ابن الساعي: هو أول من رتب شيخاً بدار الحديث المستنصرية، وذلك في ذي القعدة سنة إحدى وأربعين. قلت: إنما وليها بعد موت شيخها ابن القبيطي. وقد عمر وساء خلقه، وبقي يحدث بالأجرة، ويعاسر على الطلبة. وحكاية المحب معه مشهورة، فإنه لما دخل بغداد بادر وذهب إليه بجزء ابن البانياسي ليقرأه عليه وهو على حانوت، فقال: ما بي فراغ الساعة. فألح عليه فتركه وراح، فتبعه وشرع يقرأ في الجزء. وقرأ ورقة، ووصل إلى بيته، فضربه بعصاه ضربتين، وقعت الواحدة في الجزء، ودخل وأغلق الباب. فرأيت ذلك بخط المحب. ثم استولى عليه في سنة ثلاث وأربعين الأمراض والهرم، وانقطع في بيته.)

(47/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 267
قال ابن النجار: هو صحيح السماع إلا أنه عسر جداً، يذهب إلى الاعتزال. قال: ويقال إنه يرى رأي الفلاسفة، ويتهاون بالأمور الدينية، مع حمق ظاهر فيه وقلة علم. ثم روى ابن النجار عنه حديثاً من جزء أحمد بن ملاعب. وهو آخر من كان في الدنيا بينه وبين مالك. وهم: ابن البطي وغيره، عن البانياسي، عن ابن الصلت، عن الهاشمي، عن أبي مصعب، عن مالك. توفي في حادي عشر جمادى الأولى، وفات الشريف وفاته.
4 (إبراهيم بن أبي عبد الله)

4 (بن أبي نصر.)
أبو إسحاق بن النحاس الحلبي العدل، ويعرف قديماً بابن عمرون. ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وسمع من: ابن طبرزد، والافتخار الهاشمي. ورحل إلى بغداد فسمع من: عبد العزيز بن الأخضر، وأحمد بن الدبيقي، وجماعة. وكتب الكثير، وعني بالحديث. روى عنه ابنه شيخنا بهاء الدين محمد النحوي.

(47/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 268
وتوفي سابع عشر المحرم.
4 (حرف التاء)

4 (تمام بن أحمد بن عبد الرحمن)

4 (بن علي.)
أبو المكارم شهاب الدين الأنصاري الدمشقي، المعروف بابن السيرجي. من بيت عدالة وكتابة وتقدم. سمع: الخشوعي، وعبد اللطيف الصوفي، وحنبل بن عبد الله. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والصدر محمد الأموي، والمجد عبد الرحمن بن الإسفرائيني، وجماعة. ومات في شعبان وقد قارب الستين. وأجاز لأبي نصر بن الشيرازي.
4 (حرف الحاء)
)
4 (الحسين بن الحسن بن علي بن حمزة)
نقيب الأشراف، قطب الدين، أبو عبد الله العلوي الحسيني، الأديب. اتفق أنه قال على سبيل التصحيف: نريد حلقة حديد، أي خليفة جديد. فنقلت إلى الإمام الناصر فقال: بل حلقتان. فقيده وسجنه بالكوفة إلى أن مات الناصر. ثم أخرج. تولى في أول الدولة المستنصرية النقابة، وحظي عند المستنصر. توفي في المحرم وقد جاوز السبعين، وخلف دنيا واسعةً، من ذلك ذهب عين عشرون ألف دينار.

(47/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 269
4 (حرف الخاء)

4 (خديجة بنت القاضي أبي المجد)

4 (عبد الرحمن بن علي بن قريش المخزومي.)
وتدعى ست النساء. روت بالإجازة عن: أبي الطاهر بن عوف. روى عنها: شيخنا الدمياطي.
4 (حرف الزاي)

4 (زينب بنت سالم)
البغدادية. روت بالإجازة عن شهدة.
4 (حرف السين)

4 (السبتي)
من صلحاء العراق ومشاهير المشايخ.
4 (سليمان بن داود)

4 (بن العاضد بالله عبد الله بن يوسف بن الحافظ.)

(47/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 270
العبيدي المصري. هلك في شوال سنة خمس وأربعين وستمائة بقلعة الجبل. قال القاضي جمال الدين بن واصل: سافرت إلى مصر سنة إحدى وأربعين وسمعت أن دعوة الإسماعيلية المصريين له، ولهم فيه اعتقاد عظيم. ورأيت من اجتمع به وتحدث معه فأخبرني) أنه في غاية الجهل والغباوة. قال ابن واصل: وكان قد أدخلت أمه إلى داود بن العاضد في الحبس، يعني أيام صلاح الدين، في زي مملوك، وملك سرقوطها داود، فحملت بسليمان، ثم حملت الجارية إلى الصعيد فولدت سليمان وترعرع، وأخفي أمره عن الدولة عند بعض الرعاة، فأعلم به الملك الكامل، فظفر به وحبسه. ولما زالت الدولة بموت العاضد قالت دعاتهم: الإمامة صارت لابنه داود، ولقبوه بينهم: الحامد لله، ومات داود هذا في السجن في سلطنة العادل. وأما سليمان فلم يخلف ولداً ذكراً. قال ابن واصل: سمعت من ينتمي إلى مذهبهم يدعي أن له ولداً قد أخفي. قال ابن واصل: وبقي منم اليوم رجلان محبوسان بقلعة الجبل... جدهما العاضد. وكان أحدهما واسمه القاسم قد بلغه أني صنفت تاريخاً فيهم، وأن بعضهم قال أصلهم يهود. فطلعت يوماً إلى القلعة المحروسة، ودخلت على باب الحبس، والقاسم هذا قاعد على الباب، فسأل عني، فعرف بي، فاستدعاني فأتيته، فقال: أنت ذكرت أن نسبنا يرجع إلى اليهود فخجلت منه وما أمكنني إلا الاعتراف، وأحلت الأمر على قول المؤرخين.

(47/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 271
قال: وبالجملة مذاهبهم ردية واعتقادهم في الإلهيات ينزح إلى رأي التفلسفة، وسموا الباطنية. لأنهم ينزلون القرآن على معان مخالفة لآرائهم ويصرفونه عن ظاهره.
4 (حرف الشين)

4 (شعيب بن يحيى)

4 (بن أحمد بن محمد بن عطية.)
أبو مدين القيرواني الأصل، الإسكندراني، التاجر ابن الزاغوني، نزيل مكة. ولد سنة خمس وستين وخمسمائة. وسمع من: السلفي. وجاور مدة. وكان معروفاً بالبر والإيثار. روى عنه: الزكي المنذري، والشرف الدمياطي، والجمال بن الطاهري، والرضى إبراهيم بن محمد الطبري، إمام المقام، وأخوه الصفي محمد بن محمد، والبهاء أيوب بن النحاس، وأخوه الأمين محمد، والمحب أحمد بن عبد الله الطبري الفقيه، وجماعة من المكيين. وتوفي في الثالث والعشرين من ذي القعدة وله ثمانون سنة.)
4 (... تاج النساء بنت قاضي القضاة جعفر بن عبد الواحد بن أحمد الثقفي.)
البغدادية. روت عن: عبيد الله بن شاتيل. وتوفيت في رمضان.

(47/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 272
روى عنها بالإجازة البهاء في معجمه.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن إبراهيم بن سعيد بن القائد)
القاضي أبو محمد الهلالي، وريغ معاملة من ناحية الجنوب ببلاد المغرب، ولد بها سنة إحدى وخمسين وخمسمائة تقريباً. وكتب إليه السلفي بالإجازة، ثم قدم الإسكندرية، وسمع من: الإمام أبي الطاهر بن عوف، والفقيه مخلوف بن جارة. وكان بصيراً بمذهب مالك. أعاد بمدرسة المالكية بمصر. وسمع من: أبي القاسم الشاطبي جميع الموطأ عن ابن هذيل، وولي قضاء الإسكندرية. وكان ورعاً، صليباً في الأحكام، ديناً مهيباً. وولي الخطابة أيضاً أربعين سنة. واستعفى من القضاء قبل موته بسنة. روى عنه: شيخنا الدمياطي وأثنى عليه. وتوفي في الثامن والعشرين من ربيع الآخر عن أربع وتسعين سنة.
4 (عبد الله بن زين الأمناء)

4 (أبي البركات الحسن بن محمد.)
نظام الدين الدمشقي، الشافعي، ابن عساكر. أخو عبد الوهاب وعبد اللطيف. توفي في هذه السنة.

(47/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 273
4 (عبد الله بن عبد الله)
أبو محمد عتيق عبدون الرهاوي. شيخ مسند، سمع ببغداد من: ذاكر بن كامل، ويحيى بن بوش، وعبد المنعم بن كليب، وداود بن) نظام الملك، وأخته بلقيس. روى لنا عنه: أبو المفضل إسحاق النحاس. وسمع منه: شيخنا ابن الظاهري، وجماعة. وتوفي بحران في جمادى الآخرة.
4 (عبد الله بن هلال)
الباجسرائي. سمع: ابن بوش، وابن كليب.
4 (عبد الله بن قاسم)

4 (بن عبد الله بن محمد بن خلف.)
أبو محمد اللخمي الحافظ الأندلسي، الحريري. ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وسمع من عبد الرحمن بن علي الزهري صحيح البخاري بسماعه من شريح. وسمع من: أبي الحسن بن عظيمة، وطائفة. وعني بالحديث أتم عناية، وصنف كتاب حديقة الأنوار في معرفة الأنساب، وكتاب المنهج الرضي في الجمع بين كتابي ابن بشكوال وابن الفرضي. وكان مع حفظه شاعراً مجوداً، مليح الحظ. توفي بإشبيلية في حصار الروم، لعنهم الله، بها في شوال سنة خمس، وفي

(47/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 274
خامس شعبان سنة ست دخلها الطاغية صاحب قشتالة صلحاً بعد أن حاصرها ستة عشر شهراً، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
4 (عبد الجبار بن بشار)
المقدسي، ثم الإسكندراني، المالكي. روى عن: ابن موق. وعنه: الدمياطي، وغيره. وأجاز: البهاء ابن البرزالي، والعماد ابن البالسي. وتوفي في المحرم.)
4 (عبد الخالق بن تروس بن قسطة)
مولى القاضي الزكي. روى عن: عبد اللطيف بن أبي سعد. ومات في جمادى الآخرة.
4 (عبد الرحمن بن أبي حرمي)

4 (فتوح بن بنين.)
أبو القاسم المكي، العطار، الكاتب، المعمر الفاضل، الوراق. ولد سنة بضع وأربعين وخمسمائة، و... ابن ناصر وأبا بكر بن الزاغوني، ولكن لم يكن له من يستجيز له. فلما شب سمع بنفسه صحيح البخاري من علي بن عمار المقرىء، بسماعه له من عيسى بن أبي ذر، عن أبيه.

(47/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 275
ثم رحل إلى الشام والعراق، سنة ثمانين وخمسمائة، فسمع ببغداد من: أبي الفتح بن شاتيل، ونصر الله القزاز. وبدمشق من: الفضل بن الحسين البانياسي، وأبي سعيد بن أبي عصرون، وغيرهما. وأجاز له أبو طاهر السلفي. روى عنه: الإمام محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري، والقاضي مجد الدين بن العديم، والحافظ شرف الدين الدمياطي، ورضي الدين إبراهيم بن محمد الطبري، وأخوه الصفي أحمد، وآخرون. قال الدمياطي: توفي في نصف رجب، وقد جاوز المائة.
4 (عبد الرحمن بن مكي بن جعفر)
أبو القاسم الأزجي الدباس. سمع: أبا الحسين عبد الخالق اليوسفي. ومات في ربيع الأول: كذا ذكره الشريف عز الدين، ولا أعرفه.
4 (عبد الرحمن بن يحيى بن عتيق)
أبو القاسم بن علاس الغساني الإسكندراني، المالكي، ويعرف بابن القصديري. ولد سنة أربع وستين وخمسمائة.) وسمع من: القاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وحماد الحراني. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وتوفي في شوال.
4 (عبد الرحيم بن الحافظ)

4 (القاضي أبي الحسن عمر بن علي.)
القرشي، الزبيري، أبو البركات الدمشقي، ثم البغدادي، ولد في رمضان سنة ثلاث وسبعين، وحضره أبوه على تجني الوهبانية، واستجاز له شهوة. ومات أبوه وهو طفل، فتولاه الله ونشأ ولداً مباركاً.

(47/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 276
وكان ورعاً، صالحاً، ديناً، سلفياً. توفي في الثاني والعشرين من شعبان. أجاز لابن الشيرازي، وسعد، والبجري، وبنت مؤمن.
4 (عبد المأمون بن محمد بن الحسن)
أبو محمد بن اللكاف البغدادي، المقرىء، الحنفي. كان شيخ الحنفية وعالمهم بالعراق. وقد سمع بدمشق من التاج الكندي، وأبي عبد الله بن البناء. وتوفي إلى رحمة الله تعالى في ربيع الأول.
4 (عبيد الله بن النيار)
الأجل تاج الدين البغدادي.
4 (علوان بن علي بن جميع)
الرجل الصالح، أبو علي الحراني. روى بالإجازة عن أبي زرعة المقدسي، وأحمد بن المقرب، وأبي بكر بن النقور، وجماعة. روى عنه: الشرف عبد الأحد ابن تيمية. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (علي بن إبراهيم بن علي)

4 (بن محمد بن بكروس.)
) الفقيه أبو الحسن التميمي، البغدادي، الحنبلي.

(47/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 277
ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع من: يحيى بن بوش، وابن كليب. روى لنا عنه الشيخ محمد بن أحمد القزاز. ومات في رجب.
4 (علي بن عبد الرحمن)

4 (بن أبي المكارم عبد الواحد بن هلال.)
الصدر شمس الدين، أبو الحسن الأزدي، الدمشقي. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وسمع من: العدل عبد الوهاب والد كريمة، وأبي محمد القاسم بن عساكر. روى عنه: الفخر إسماعيل بن عساكر، وغيره. وتوفي في الثامن والعشرين من شعبان.
4 (علي بن يعقوب)
الفقيه كمال الدين الدولي الشافعي. ولي قضاء بعلبك، ثم قضاء صرخد، ثم زرع. توفي في رمضان.
4 (علي بن أبي الحسن بن منصور)

(47/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 278
الشيخ أبو الحسن، وأبو محمد الحريري، مقدم الطائفة الفقراء الحريرية أولي الطيبة والسماعات والشاهد. كان له شأن عجيب ونبأ غريب. وهو حوراني من عشيرة يقال لهم بنو الرمان. ولد بقرية بسر، وقدم دمشق صبياً فنشأ بها. وذكر الشيخ أن مرجع قومه إلى قبيلة من أعراب الشام يعرفون ببني قرقر. وفي قرية مردا من جبل نابلس قوم من بني قرقر. وكانت أم الشيخ دمشقية من ذرية الأمير قرواش بن المسيب العقيلي، وكان خاله صاحب دكان بسوق الصاغة. قال النجم بن إسرائيل الشاعر: أدركته ورأيته.) قال: وتوفي والد الشيخ وهو صغير فنشأ في حجر عمه، وتعلم صنعة العتابي، وبرع فيها حتى فاق الأقران. ثم اقتطعه الله إلى جنابه العزيز فصحب الشيخ أبا علي المغربل خادم الشيخ رسلان. قرأت بخط الحافظ سيف الدين ابن المجد ما صورته: علي الحريري: وطيء أرض الجبل ولم يكن ممن يمكنه المقام به، والحمد لله. كان من أفتن شيء وأضره على الإسلام مظهراً سنة الزندقة والاستهزاء بأوامر الشرع ونواهيه. وبلغني من الثقات بدء أشياء يستعظم ذكرها من الزندقة والجرأة على الله. وكان مستخفاً بأمر الصلوات وانتهاك الحرمات.

(47/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 279
ثم قال: حدثني رجل أن شخصاً دخل الحمام فرأى الحريري فيه ومعه صبيان حسان بلا ميازر، فجاء إليه فقال ما هذا فقال: كأن ليس سوى هذا، وأشار إلى أحدهم تمدد على وجهك، فتمدد. فتركه الرجل وخرج هارباً مما رأى. وحدثني أبو إسحاق الصريفيني قال: قلت للحريري: ما الحجة في الرقص قال: قوله تعالى: إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَها. وكان يطعم وينفق ويهون أمور الدين فيتبعه كل مريب. وشاع خبره. وشهد عليه خلق كثير بما رأوا منه ومن أصحابه بما يوجب القتل. ورفع أمره إلى السلطان، فلم يقدم على قتله، بل سجنه مرة بعد أخرى، ثم أطلق والله المستعان على هذه المصيبة التي لم يصب المسلمون بمثلها. قلت: رحم الله السيف ابن المجد ورضي عنه، فكيف لو رأى كلام الشيخ ابن العربي الذي هو محض الكفر والزندقة لقال إن هذا الرجل المنتظر. ولكن كان ابن العربي منقبضاً عن الناس، وإنما يجتمع به آحاد الاتحادية، ولا يصرح بأمره لكل أحد، ولم يشتهر كتبه إلا بعد موته بمدة. ولهذا تمادى أمره، فلما كان على رأس السبعمائة جدد الله لهذه الأمة دينها بهتكه وفضيحته، ودار بين العلماء كتابه الفصوص. وقد حط عليه الشيخ القدوة الصالح إبراهيم بن معضاد الجعبري، فيما حدثني به شيخنا ابن تيمية، عن التاج البرنباري، أنه سمع الشيخ إبراهيم يذكر ابن العربي فقال: كان يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجاً. وأنبأنا العلامة ابن دقيق العيد أنه سمع الشيخ عز الدين بن عبد السلام يقول في ابن العربي: شيخ كذاب. وممن حط عليه وحذر من كلامه الشيخ القدوة الولي إبراهيم الرقي.)

(47/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 280
وممن أفتى بأن كتابه الفصوص فيه الكفر الأكبر قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، وقاضي القضاة سعد الدين الحارثي، والعلامة ركن الدين عمر بن أبي الحرم الكتاني، وجماعة سواهم. وأما الحريري فكان متهتكاً، قد ألقى جلباب الحياء، وشطح حتى افتضح، واشتهر مروقه واتضح. وأبلغ ما يقوله في هؤلاء... العلماء أن لكلامهم معاني وراء ما نفهمه نحن، مع اعترافهم بأن هذا الكلام من حيث الخطاب العري كفر وإلحاد، لا يخالف في ذلك عاقل منهم إلا من عاند وكابر. فخذ ما قاله الحريري في جزء مجموع كلامه يتداوله أصحابه بينهم قال: إذا دخل مريدي بلد الروم، وتنصر، وأكل لحم الخنزير، وشرب الخمر كان في شغلي. وسأله رجل: أي الطرق أقرب إلى الله حتى أسير فيه فقال له: اترك السير قد وصلت قلت: هذا مثل قول العفيف التلمساني:
(فلسوف تعلم أنّ سيرك لم يكن .......... إلاّ إليك إذا بلغت المنزلا)
وقال لأصحابه: بايعوني على أن نموت يهود، ونحشر إلى النار حتى لا يصاحبني أحد لعلة. وقال: ما يحسن بالفقير أن ينهزم من شيء، ويحسن به إذا خاف شيئاً قصده. وقال: لو قدم علي من قتل والدي وهو بذلك طيب وجدني أطيب منه. وللحريري في الجزء المذكور:
(أمرد يقدّم مداسي أخير من رضوانكم .......... وربع قحبةٍ عندي أحسن من الولدان)

(قالوا: أنت تدعى صالح ودع عنك هذا الخندق .......... قلت: السّماع يصلح لي بالشّمع والمردان)

(ما أعرف لآدم طاعةً إلاّ سجود الملائكة .......... وما أعرف آدم عصى اللّه تعظيم للرحمن)

(47/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 281
(إن كنت أُقجيّ تقدّم وإن كنت رمّاح انتبه .......... وإن كنت حشواً لمخدّةٍ أُخرج وردّ الباب)

(أوّد اشتهي قبل موتي أعشق ولو صورة حجر .......... أنا ممثّكلٌ محيرّ والعشق بي مشغول)
وقال النجم بن إسرائيل: قال لي الشيخ مرةً: ما معنى قوله تعالى: كُلَّما أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأهَا اللَّهُ فقلت: سيدي يقول وأنا أسمع. قال: ويحك من الموقد ومن المطفيء لا تسمع لله كلاماً إلا منك فيك. قلت: ومن أين لي قال: تمحو آنيتك. وقال: لو ذبحت بيدي سبعين نبياً ما اعتقدت أني مخطيء. يعني لو ذبحتهم لفعلت ما أراده الله مني، إذ لا يقع شيء في الكون إلا بإذنه سبحانه وتعالى.) قلت: وطرد ذلك أن الله تعالى أراد منا أن نلعن قتلة الأنبياء عليهم السلام، ونبرأ منهم، ونعتقد أنهم أصحاب النار، وأن نلعن الزنادقة، ونضرب أعناقهم، وإلا فلأي شيءٍ خلقت جهنم، واشتد غضب الله على من قتل نبياً، فكيف بمن يقتل نبياً، والله تعالى يحب الأبرار، ويبغض الفجار، ويخلدهم في النار، مع كونه أراد إيجاد الكفر والإيمان فهو... الشيء، فإنه لا يكون إلا ما يريد. ولكن لا يرضى حيازة الكفر ولا يحبه، نعم يريده ولا يسأل عما يفعل، ولا يعترض عليه، فإنه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، لا يخلق شيئاً إلا لحكمة، لكن عقولنا قاصرة عن إدراك حكمته، فالخلق ملكه، والأمر أمره لا معقب لحكمه، يخلد الكفار في النار بعدله وحكمته، ويخلد الأبرار في الجنة بفضله ورحمته. فجميع ما يقع في الوجود فبأمره وحكمته، وعدم علمنا بمعرفة حكمته لا يدل على أنه يخلق شيئاً بلا حكمة تعالى الله عن ذلك أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ ترْجَعُونَ.

(47/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 282
وقال أبو الحسن علي بن أنجب ابن الساعي في تاريخه: الفقير الحريري الدمشقي شيخ عجيب الحال، له زاوية بدمشق يقصده بها الفقراء وغيرهم من أبناء الدنيا، وكان يعاشر الأحداث ويصحبهم ويقيمون عنده، وكان الناس يكثرون القول فيه، وينسبونه إلى ما لا يجوز، حتى كان يقال عن إنه مباحي، ولم يكن عنده مراقبة ولا مبالاة، بل يدخل مع الصبيان الأحداث، ويعتمد معهم ما يسمونه تخريباً، والفقهاء ينكرون فعله، ويوجهون الإنكار نحوه، حتى إن سلطان دمشق أخذه مراراً وحبسه، وهو لا يرجع عن ذلك ويزعم أنه صحيح في نفسه. وكان له قبول عظيم ولا سيما عند الأحداث، فإنه كان إذا وقع نظره على أحد من الأحداث سواء كان من أولاد الأمراء أو أولاد الأجناد أو غيرهم يحسن ظنه فيه، ويميل إليه، ولا يعود ينتفع به أهله، بل يلازمه ويقيم عنده اعتقاداً فيه. وكان أمره مشكلاً، والله يتولى السرائر. ولم يزل على ذلك إلى حين وفاته. وكان فيه لطف. وله شعر، فمنه:
(كم تنعمني بصحبة الأجساد .......... كم تسهرني بلذّة الميعاد)

(جُد لي بمدامة تقوّي رمقي .......... والجنّة جُد بها على الزّهّاد)
وقال الإمام أبو شامة: الشيخ علي الحريري المقيم بقرية بسر، كان يتردد إلى دمشق، وتبعه طائفة من الفقراء المعروفين بالحريرية أصحاب الزي المنافي للشريعة وباطنهم شر من ظاهرهم، إلا من رجع منهم إلى الله تعالى.) وكان عند هذا الحريري من القيام بواجب الشريعة، ما لم يعرفه أحد من المتشرعين ظاهراً وباطناً، ومن إقامة شرائع الحقيقة ما لم يكن عنده أحد في عصره من المحافظة على محبة الله وذكره والدعاء إليه والمعرفة به. وأكثر الناس يغلطون في أمره الظاهر وفي أمره الباطن. ولقد أفتى فيه مشايخ العلماء، وما بلغوا منتهى فتياهم، وبلغ هو فيهم ما كانوا يريدون أن يبلغوه فيه. قلت: يعرض بابن عبد السلام لكونه أخرج من دمشق.

(47/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 283
قال: ولقد كان قدس الله روحه مكاشفاً لما في صدور خلق الله مما يضمرونه، بحيث قد أطلعه الله على سرائر خلقه وأوليائه. قلت: المكاشفة لما في ضمائر الصدور قدر مشترك بين أولياء الله وبين الكهان والمجانين. ولكن الشيخ شهاب الدين يتكلم من وراء العافية، ويحسن الظن بالصالحين والمجهولين، والله يثيبه على حسن قصده وصدق أدبه مع أولي الأحوال، ونحن فالله يثيبنا على مقاصدنا، والله هو المطلع على نياتنا ومرادنا، وهو حسبنا ونعم الوكيل. قال الله تعالى: وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحَونَ إِلى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ الآية ولله القائل:
(دُفٌّ ومزمار ونغمة شادنٍ .......... فمتى رأيت عبادةً بملاهي)

(يا لحرقة ما خسر دين محمد .......... و... عليه وملّة إلاّ هي)
ومن قول الحريري: الشعر باب السر. قل: بل باب الشر، فإنه ينسب النفاق في القلب. وقال عليه السلام: لأن يمتليء جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتليء شعراً. ونهى أصحابه عن غلق الباب وقت السماع حتى عن اليهود والنصارى وقال: دار الضرب التي للسلطان مفتوحة، وضارب الزغل يغلق بابه. وقال: لو اعتقدت أني تركت الخمر لعدت إليها. وله من هذا الهذيان شيء كثير. وذكر النسابة في تعاليقه قال: وفي سنة ثمان وعشرين وستمائة أمر الصالح بطلب الحريري فهرب إلى بسر، وسببه أن ابن الصلاح، وابن

(47/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 284
عبد السلام، وابن الحاجب أفتوا بقتله لما اشتهر عنه من الإباحة، وقذف الأنبياء عليهم السلام والفسق، وترك الصلاة. وقال الملك الصالح أخو السلطان: أنا أعرف منه أكثر من ذلك. وسجن الوالي جماعة من أصحابه، وتبرأ منه أصحابه) وشتموه، ثم طلب وحبس بعزتا، فجعل ناس يترددون إليه ف... الفقهاء، وأرسلوا إلى الوزير ابن مرزوق: إن لم تعمل الواجب فيه وإلا قتلناه نحن. وكان ابن الصلاح يدعو عليه في أثناء كل صلاة بالجامع جهراً، وكتب طائفة من أصحابه غير محضر بالبراءة منه. قلت: ومن كلامه المليح: ودرت طول عمري على من ينصفني فوجدت فرداً واحداً، فلما أنصفني ما أنصفته. وقال: أقمت شهراً لا أفتر عن الذكر، فكنت ليلةً في بيت مظلم فجف لساني، ولم يبق فيّ حركة سوى أني أسمع ذكر أعضائي بسمعي. وقال: ما يحسن أن تكون العبادة هي المعبود. وقال: أعلى ما للفقير الإندحاض. وكان الحريري يلبس الطويل والقصير والمدور والمفرج، والأبيض والأسود، والعمامة والمئزر والقلنسوة وحدها، وثوب المرأة والمطرز والملون. وسأله أصحابه لما حبس أن يسأل ويتشفع، فلم يفعل، فلما أقام أربع سنين زاد سؤالهم، فأمرهم أن يكتبوا قصةً فيها: من الخلق الضعيف إلى الري الشريف، ممن هو ذنب كله إلى من هو عفو كله، سبب هذه المكاتبة الضعف عن المعاتبة، أصغر خدم الفقراء علي الحريري.
(فقيرٌ ولكن من عفافٍ ومن تقى .......... وشيخ ولكن للفسوق إمام)
فسعوا بالقصة وأرادوا أن تصل إلى السلطان، فما قرأها أحد من الدولة

(47/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 285
إلا ورماها، فبلغه ذلك، فاحتد وقال: لأجل هذا ما أذنت لكم في السعي. وأقام في عزتا ست سنين وسبعة أشهر، يعني في الحبس. وأصاب الناس جدب، وكان هو في ذلك الوقت يركب الخيل العربية ويلبس الملبوس الجميل، ولم يكن في بيته حصير، وربما تغطى هو وأهله بجل الفرس. وقال: نسجت ثوب حرير كما جرت العوائد والثوب كالثياب المعتادة بالتخازين والأكمام والنيافق، والكل نسج لم يدخل فيه خيط ولا إبرة، فلما فرغ دوروه في البلد، وشهد الصناع بصحته تركته وبكيت، فقال لي إنسان: على أيش تبكي فقلت: على زمان ضيعته في فكري في عمل هذا كيف ما كان فيما هو أهم منه.) وقال لنا صاحبنا شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري في تاريخه: حكى لي زين الدين أبو الحرم بن محمد بن عسيرة الدمشقي الحريري قال: كان أبي مجاور الشيخ علي الحريري بدكان على رأس درب الصقيل، وكان قد وقف على الشيخ علي دراهم كثيرة، فحبسوه، ودخل الحبس وما معه درهم، فبات بلا عشاء، فلما كان بكرةً صلى بالمحبسين، وقعد يذكر بهم إلى ساعتين من النهار، وبقي كل من يجيئه شيء من المأكول من أهله يشيله، فلما قارب وقت الظهر أمرهم بمد ما جاءهم، فأكل جميع المحبسين وفضل منه، ثم صلى بهم الظهر، وأمرهم أن يناموا ويستريحوا، ثم صلى بهم العصر، وقعد يذكر بهم إلى المغرب، وكلما جاءهم شيء رفعه، ثم مدده بعد المغرب مع فضلة الغداء، فأكلوا وفضل شيء كثير. فلما كان في ثالث يوم أمرهم من عليه أقل من مائة درهم أن يجيبوا له من بينهم، فخرج منهم جماعة وشرعوا في خلاص الباقين، يعني الذين خرجوا. وأقام ستة أشهر، فخرج خلق كثير ثم إنهم جبوا له وأخرجوه، وعاد إلى دكانه. وصار أولئك المحبسون فيما بعد يأتونه العصر، ويطلعون به إلى عند قبر الشيخ رسلان فيذكر بهم. وربما يطلعون إلى الجسر العبدي، وكل يوم يتجدد له أصحاب إلى أن آل أمره إلى ما آل.

(47/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 286
وقال الجزري أيضاً: حدثني عماد الدين يحيى بن أحمد الحسيني البصروي ومؤيد الدين علي بن خطيب عقربا أن جمال الدين خطيب عقربا جد المؤيد والفلك المسيري الوزير وابن سلام طلعوا إلى قرية للفلك فعزموا على زيارة الحريري ببسر، فقال أحدهم: إن كان رجلاً صالحاً فعند وصولنا يطعمنا بسيسة، وقال الآخر: ويطعمنا بطيخ أحمر، وقال الآخر: ويحضر لنا فقعاً بثلج. فأتوه فتلقاهم أحسن ملتقى، وأحضر البسيسة، وأشار إلى من اشتهاها أن كل، وأحضر البطيخ وأشار إلى الآخر أن كل. ثم نظر إلى الذي اشتهى الفقاع وقال: كان عندي باب البريد. ثم دخل فقير وعلى رأسه دست فقاع وثلج فقال: اشرب بسم الله. وذكر المولى بهاء الدين يوسف بن أحمد بن العجمي، فيما حدثني به رجل معتبر عنه، أن الصاحب مجد الدين ابن العديم حدثه عن أبيه الصاحب كمال الدين قال: كنت أكره الحريري وطريقه، فاتفق أني حججت، فحج في الركب ومعه جماعة ومردان، فأحرموا وبقي يبدوا منهم في الإحرام أمور منكرة. فحضرت يوماً عند أمير الحاج فجاء الحريري، فاتفق حضور إنسان بعلبكي وأحضر ملاعق بعلبكية، ففرق علينا لكل واحد ملعقتين، وأعطى للشيخ الحريري) واحدةً، فأعطاه الجماعة ملاعقهم تكرمةً له، وأما أنا فلم أعطه ملعقتي، فقال: يا كمال الدين ما لك لا توافق الجماعة فقلت: ما أعطيك شيئاً. فقال: الساعة، تكسرها، أو نحو هذا. قال: والملعقتان على ركبتي، فنظرت إليهما فإذا بهما قد انكسرتا، فقلت: ومع هذا فما أرجع عن أمري فيك وهذا من الشيطان. أو قال هذا حال شيطاني. وقال ابن إسرائيل فيما جمعه من أخبار الحريري: صحبته حضراً وسفراً، وبلغ سبعاً وستين سنة. كذا قال ابن إسرائيل. قال: وتوفي في الساعة من يوم

(47/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 287
الجمعة السادس والعشرين من رمضان سنة خمس وأربعين من غير مرض. وكان أخبر بذلك قبل وقوعه بمدة. ثم قال ابن إسرائيل: وشهر أخبار موته في اليوم الذي مات فيه في ليلته بحيث إنه أوصى كما يوصي من هو بآخر رمق، وهو حينئذ أصح ما كان، وقبض جالساً مستقبل القبلة ضاحكاً. وحضرت وفاته وغسلته وألحدته. ورثيته بهذه القصيدة:
(خطبٌ كما شاء الإله جليل .......... ذهلت لديه بصائر وعقول)
قلت: وهي نيف وسبعون بيتاً. وبين أصحابه المحيا كل عام في ليلة سبعة وعشرين، وهي من ليالي القدر، فيحيون تلك الليلة بالدفوف والشبابات والملاح والرقص إلى السحر، اللهم لا تمكر بنا وتوفنا على سنة نبيك.
4 (عمر بن رسول الملك نور الدين)

(47/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 288
صاحب اليمن. قال سعد الدين في الخريدة: في سنة خمس وأربعين وفي ذي القعدة وصلنا الخبر أنه مات. تملك البلاد اليمنية بضع عشرة سنة، وقتل مماليكه في هذا العام. وولي السلطنة بعده ولده الملك المظفر يوسف بن عمر، واستقر ملكه بعد محاربة بينه وبين ابن عمه. وبقي يوسف في السلطنة نيفاً وأربعين سنة.
4 (عمر بن محمد بن عمر)

4 (بن عبد الله)
الأستاذ أبو علي الأزدي، الإشبيلي، النحوي، المعروف بالشلوبيني. والشلوبين بلغه أهل الأندلس هو الأبيض الأشقر. كان إمام العصر في معرفة العربية. ولد سنة اثنتين وستين وخمسمائة بإشبيلية.) قال الأبار: سمع من: أبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، وأبي محمد بن بونة، وأبي زيد السهيلي، وعبد المنعم بن الفرس. وأجاز له أبو القاسم بن حبيش، وأبو بكر بن خير، وأبو طاهر السلفي، كتب إليه من الثغر.

(47/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 289
قلت: وكان مختصاً بابن الجد وربي في حجره لأنه والده كان يخدم ابن الجد. وسمع الكثير. وأقبل على النحو ولزم أبا بكر محمد بن خلف بن صاف النحوي حتى أحكم الفن. وأما الأبار فقال: أخذ العربية عن أبي إسحاق بن ملكون، وأبي الحسن نجبة. وجمع مشيخته ونص على اتساع مسموعاته. وسمعت من ينكر عليه ذلك ويدفعه عنه. وكان في وقته علماً في العربية وصناعتها، لا يجارى ولا يبارى قياماً عليها واستبحاراً فيها. وقعد لإقرائها بعد الثمانين وخمسمائة، وأقام على ذلك نحواً من ستين سنة، ثم ترك في حدود الأربعين وستمائة لكبر سنه، وزهد الناس في العلم، وإطباق الفتنة، وتغلب الروم حينئذ على قرطبة وبلنسية ومرسية، وتصديهم لسائر الأندلس. وله تواليف مفيدة وتشابيه بديعة مع حسن الخط. وقد أخذ عنه عالم لا يحصون. سمعت عليه وأجاز لي ديوان أبي الطيب المتنبي. وتوفي نصف صفر. وقال ابن خلكان: قد رأيت جماعةً من أصحاب أبي علي الشلوبين، وكل منهم يقول: ما يتقاصر الشيخ أبو علي عن الشيخ أبي علي الفارسي. وقالوا: كان يه مع هذه الفضيلة غفلة وصورة بله. حتى قالوا: كان يوماً إلى جانب نهر وبيده كراريس يطالع، فوقع كراس في الماء، فغرقه بكراس آخر فتلفا. شرح المقدمة الجزولية شرحين. وبالجملة فإنه كان على ما يقال خاتمة أئمة النحو.

(47/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 290
قلت: عاش ثلاثاً وثمانين سنة.
4 (عمر بن أبي بكر بن عبد الفتاح)
أبو حفص الماليني الصوفي. حدث ببغداد عن: أبي روح عبد المعز الهروي. ومات في شوال ببغداد.)
4 (حرف الغين)

4 (غازي)
السلطان الملك المظفر شهاب الدين ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب بن شاذي. صاحب ميافارقين، وخلاط، وحصن منصور. كان سمحاً جواداً، وبطلاً شجاعاً، شهماً، مهيباً. قال أبو المظفر الجوزي: حضر مجلس بالرها سنة إحدى عشرة وستمائة وأنا قاصد خلاط، فأحسن إلي وكان لطيفاً ينشد الأشعار ويحكي الحكايات. وحج على درب العراق. وتسلطن بعده ابنه الشهيد الكامل ناصر الدين محمد. أنشدنا سعد الدين مسعود بن عبد الله بن عمر الجويني لنفسه في كتابه يرثي هذا السلطان:
(ألا روّى الإلهُ تراب قبرٍ .......... حللت به شهاب الدّين غازي)

(47/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 291
(وأسكنك المليك جنان عدنٍ .......... وكان لك المكافي والمجازي)

(فضلت النّاس مكرمة وجوداً .......... فما لك في البريّة من موازي)

(وكنت الفارس البطل المفدّى .......... مبيد القرن في يوم البرازي)
قال الشريف عز الدين الحسيني: توفي في رجب. وقال غيره: توفي سنة ست وأربعين فوهم.
4 (حرف الفاء)

4 (فضل بن الحسن)
الهكاري، الكردي، الزاهد، من أهل سفح قاسيون. كان على قدم من العبادة والقناعة والطاعة. قال الشيخ إسرائيل بن إبراهيم: حدثني الشيخ الفقيه اليونيني قال: بينما الشيخ عبد الله قاعداً نظر إلى الشيخ توبة وقال: يا توبة، أمرني مولاي أن آخذ العهد على شخص. ثم قام وتبعه الشيخ توبة، فبات بالربوة، وأصبح إلى الغسولة، وأخذ العهد على الشيخ فضل. وقال الشمس محمد بن الكمال: كان الشيخ فضل يصلي في جامع الجبل إلى جانب المنبر، فانقطع، فسأله التقي بن العز عن انقطاعه، وكان قد انتقل إلى عند قبة الحجة التي عند الميطور، فقال فضل: سمعت في الحديث أن الجار يسأل عن جاره فخشيت أن يسألكم الله عني) فتحولت.

(47/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 292
وكان لا يقبل من أحد شيئاً، فإذا ألح عليه وأعلمه أنه حلال أخذه. فإذا أتاه مرةً ثانية لم يقبله ويقول له: أجعلك حينما أكون أنتظرك، أو ما هذا معناه. وقال الخطيب عبد الله بن العز عمر: حدثني الشيخ أبو الزهر بن سالم قال: ذكر الشيخ سالم عند الملك الأشرف وأنه ترك الجندية وتزهد، وكان حاضراً الصلاح موسى بن راجح، فأثنى عليه، فقال السلطان: حتى نطلع نزوره. فبلغه، فسمعته يدعو بالليل: اللهم أشغل عبدك موسى عني بما شئت. قال: فما رجع ذكره. وكان له بنات ربما جاعوا. توفي، رحمه الله، في حدود هذا العام.
4 (حرف الكاف)

4 (كنانة بنت مرتضى)

4 (بن أبي الجود حاتم بن السلم)
أم إبراهيم الحارثية المصرية. سمعها أبوها من: إسماعيل بن قاسم الزيات، ومنجب بن عبد الله المرشدي، وعبد الرحمن بن محمد السيبي. وأجاز لها الشافعي. روى عنها: الحافظ المنذري، والدمياطي، وجماعة. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وغيره. توفيت في رجب.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن خليل)
السكوني أبو عمر.

(47/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 293
4 (محمد بن ثامر)
أبو عبد الله البستي، البغدادي، الزاهد. كان صالحاً عابداً متبتلاً، صواماً، قواماً، سليم الصدر، خشن العيش، قانعاً.) وله من الدولة إقبال وقبول زائد لا سيما من أستاذ الدار الدولة الناصرية الإمامية رشيق الشيرازي وغيره.
4 (محمد بن جعفر بن نجا)
كبير الإمامية، نجيب الدين الحلي الرافضي.
4 (محمد بن سعيد بن علي)
أبو عبد الله الأنصاري الغرناطي، الطراز، المحدث المجود الحافظ أبي عبد الله النميري. سمع: أبا القاسم بن سمحون، وعلي بن جابر، وطائفة. وأجاز له أبو اليمن الكندي. كان له عناية تامة بالرواية، معروفاً بالإتقان، موصوفاً بالبلاغة والبيان. توفي في شوال عن سبع وخمسين سنة. وقد طوله ابن الزبير.

(47/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 294
4 (محمد بن عبد الأول)

4 (بن علي بن هبة الله.)
أبو الوقت الركبدار المستنصري، الواسطي المقرىء، الملقب شجاع الدين. شيخ صالح، خير، أديب، شاعر، ماهر في فنه. كان ركبدار المستنصر بالله، وله حرمة وافرة. ولد سنة سبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي السعادات القزاز، وعبيد الله بن شاتيل، وأبي الخير أحمد بن إسماعيل الطالقاني، ومسعود بن النادر. حدث عنه: القاضي أبو المجد بن العديم، والإمام أبو بكر أحمد بن الشريشي، والشهاب أحمد بن الجزري، والمجد محمد بن خالد بن حمدون الحموي، والشيخ محمد بن أحمد القزاز. وروى عنه بالإجازة آخرون. وتوفي في الثالث والعشرين من ربيع الأول. وكان يصحب الفقراء، أجاز للبجدي، وبنت الواسطي، وبنت مؤمن. وكان الخليفة ربما باسطه.

(47/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 295
4 (محمد بن عوض بن سلامة)
أبو بكر البغدادي، الصوفي، الغراد. سمع من: عبيد الله بن شاتيل.) وعاش ستاً وثمانين سنة، وتوفي في المحرم. روى لنا عنه بالإجازة أبو المعالي بن البالسي.
4 (محمد بن مفضل بن الحسن)
أبو بكر اللخمي الأندلسي، خطيب المرية. كان فاضلاً شاعراً، أديباً، متصوفاً. سمع من: أبي الحسن بن زرقون.
4 (المنازل بن الوزير أبي الفرج)

4 (محمد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفر ابن رئيس الرؤساء.)
أبو الفتح ابن وزير المستضيء بالله. كان بارعاً في الفلسفة والهندسة والأدب والشعر والطب. وأقرأ علم الأوائل في داره. وولي صدرية المخزن في سنة خمس وستمائة أشهراً، وعزل. وكان محتشماً وافر الحرمة. عمل رباطاً للفقراء إلى جانب داره ووقف عليه. وتوفي في ذي القعدة وله نيف وثمانون سنة. ولم أر له رواية.

(47/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 296
بلى، سمع من: يحيى بن ثابت، وتجني. ومولده في رجب سنة ستين وخمسمائة. وأجاز لأبي نصر بن الشيرازي، ولمحمد النجدي. ورثاه تلميذه الموفق بن أبي الحديد.
4 (محمود بن علي بن الخضر)
أبو الثناء بن الشماع الدمشقي العامري. ولد سنة إحدى وثمانين. وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، وأبو الفضل بن البرزالي، وغيرهم. توفي في شعبان.
4 (مصطفى بن محمود)
)
4 (بن مرسي بن محمود.)
أبو علي الأنصاري المصري، نزيل مكة. كان يلقب صائن الدين. سمع: عبد الله بن بري النحوي، وأبا المفاخر المأموني. روى عنه: شيخنا الدمياطي، وجماعة.

(47/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 297
وكان فقيهاً فاضلاً. ولد بعد الستين وخمسمائة. وتوفي بمكة في رابع عشر جمادى الأولى، وقد جاور مدة سنتين، وسمع منه المكيون.
4 (مظفر بن عبد الله بن الشرف)
أبو المنصور القيسي، المحلي، الأديب المعروف بابن قديم. كان من كبار الأدباء المصريين. توفي في ذي القعدة، وعاش ستاً وخمسين سنة.
4 (مكرم بن أبي الحسن)

4 (رضوان بن أحمد بن أبي القاسم.)
الرئيس جلال الدين أبو المعز الأنصاري، الرويفعي من ولد رويفع بن ثابت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد ساق نسبه الشريف عز الدين، وقال: ولد بالقاهرة في صفر سنة اثنتين وثمانين. وسمع من: أبي الجود اللخمي، وعلي بن نصر بن العطار، وعبد الله بن محمد بن مجلي، وأبي الحسن بن المفضل الحافظ، وطائفة. وأجاز له خلق كثير. وخرج له المحدث أبو بكر بن مسد مشيخةً بالسماع والإجازة. وكان أحد المشايخ المشهورين بالأدب والفضل والتقدم وكثرة المحفوظات. وتقدم عند الدولة. قلت: وكان ذا حظوة وحشمة. وهو والد الرئيس المسند جمال الدين محمد. وممن أجاز له: البوصيري، والخشوعي، وأبو جعفر الصيدلاني. روى عنه: ابنه، وشيخنا الدمياطي، وقال فيه: هو جمال الدين ابن المغربي الإفريقي.

(47/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 298
توفي في سابع عشر رمضان.
4 (موسى بن إسماعيل بن فتيان)
) التميمي، السعدي، الحمصي، التاجر، الأديب. ويعرف بابن العصوب وبابن الدقيق. قتل غيلة بقوص، وهو كهل. وكان له معرفة بالنحو والشعر.
4 (حرف النون)

4 (نصر بن تركي)

4 (بن خزعل بن تركي.)
أبو غالب الحنظلي البصري، المسكي التاجر. سمع من: ابن كليب، وعبد الله بن أبي المجد. ومات في أول رجب.
4 (حرف الهاء)

4 (هاجر والدة الخليفة المستعصم بالله)
حجت وأنفقت أموالاً عظيمة في الحج. وتوفيت في هذه السنة، وشيعها الوزير فمن دونه مشياً.
4 (هبة الله بن الحسن)

4 (بن هبة الله بن الحسن بن علي.)
البغدادي، أبو المعالي ابن الدوامي، الملقب عز الكفاة، ابن الصاحب أبي علي.

(47/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 299
ولد في شوال سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسمع: تجني الوهبانية، وأبا الفتح بن شاتيل. وولي حاجب الحجاب مدةً. وكان أبوه وكيل الإمام الناصر، ثم ولي أبو المعالي حمل كسوة الكعبة، وولي صدر ديوان الزمام، وانحدر إلى أعمال واسط، فلم يؤذ أحداً، وحمدت سيرته، فعزل للين جانبه وخيره، كما عزل الذي قبله لخيانته. وكتب الإمام: يلحق الثقة العاجز بالخائن الجلد. فلزم الرجل منزله في حال تعفف، وانقطاع، وعبادة، وكثرة تلاوة، وصوم، وصدقة. روى لنا عنه: علاء لدين بيبرس العديمي. وروى عنه بالإجازة: القاضي شهاب الدين الخويي، والفخر إسماعيل المشرف، وغيرهما. وقد سمع منه ابن الحاجب، وابن النجار، والطلبة.) وتوفي في السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وأربعين وستمائة، وشيعه خلق. ورثاه أبو العز عبد الله بن جميل بقصيدة منها:
(أبدى مصلاّك البكاء وشأنه .......... من وردك التّكبير والتّهليل)

(وتعطّل المحراب من متهجّد .......... لخشوعه منه الدّموع تسيل)

(لم تبت في اللّيل الكتاب مرتّلاً .......... إلاّ وكان وسيله جبريل)
أخبرنا علاء الدين بيبرس قال: أنا ابن الدوامي سنة اثنتين وأربعين، أنا تجني بسندها. وسمع من تجني الرابع من المحامليات بقراءة ابن الحصري في سنة خمس وسبعين في المحرم. وقد أجاز لأحمد ابن الشحنة، والمطعم، وابن سعد، والنجدي، وهدبة بنت مؤمن، وجماعة.

(47/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 300
4 (يعقوب بن محمد)

4 (بن الحسن بن عيسى بن درباس.)
الأمير الكبير، شرف الدين أبو يوسف الهذباني، الكردي، الإربلي، ثم الموصلي، من أمراء الديار المصرية. ولد في حدود سنة ثلاث وستين وخمسمائة بالعمادية. وسمع بالموصل من: يحيى الثقفي، ومنصور بن أبي الحسن الطبري، وعبد الوهاب بن أبي حبة، وإسماعيل بن عبيد. وقيل إنه سمع من أبي الفضل خطيب الموصل. وذكره التقي عبد فقال: قرأ على أبي السعادات ابن الأثير أكثر مصنفاته، وحدث بها. قلت: وقدم دمشق وهو ابن عشرين سنة، فسمع من القاسم بن عساكر، وبمصر من الأثير بن بنان. وحدث بدمشق، والقاهرة. وولي شد الدواوين بدمشق. وكان بيته مأوى الفضلاء، وعنده أدب وفضيلة، وفقه، وفرائض. روى عن منصور الطبري مسند أبي يعلى. روى عنه: الحافظ أبو محمد الدمياطي، والعماد عبد الله بن حسان خطيب المصلى، وناصر الدين أحمد بن الماكساني. وروى عنه بمصر مسند أبي يعلى شيخ ما أظنه توفي بعد الآن. توفي في ثامن عشر ربيع الأول بمصر وقد سمع منه الصدر القونوي جامع الأصول ورواه.) قرأه عليه القطب الشيرازي.

(47/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 301
4 (يوسف بن القاضي زين الدين)

4 (علي بن يوسف بن عبد الله بن بندار.)
أبو الحجاج الدمشقي الأصل، المصري المعدل شرف الدين. عاش أربعاً وستين سنة. وحدث عن البوصيري، وإسماعيل بن ياسين. وهو أخو المعين أحمد. توفي في جمادى الآخرة. وهو من شيوخ الدمياطي.
4 (الكنى)

4 (أبو بكر)
الملك العادل سيف الدين ابن السلطان الملك الكامل محمد بن العادل. تملك الديار المصرية سنة خمس وثلاثين بعد موت والده، وهو شاب طري له عشرون سنة. قال الإمام أبو شامة: توفي الكامل وتولى بعده دمشق ومصر ابنه العادل أبو بكر. وكان نائبه على دمشق الملك الجواد يونس بن ممدود، فهم بمسك

(47/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 302
الجواد، فكاتب الجواد الملك الصالح وأقدمه إلى دمشق وسلمها إليه وعوضه عنها، وجرت أمور مذكورة في الحوادث وفي ترجمة الصالح. وعمل أمراء الدولة على العادل وعزلوه، وملكوا الصالح. وكانت سلطنة العادل بضعةً وعشرين شهراً. وحبسه أخوه فبقي في الحبس عشر سنين، ثم قتله أخوه، فما عاش بعده إلا سنةً وعشرة أشهر. فأنبأني سعد الدين مسعود ابن شيخ الشيوخ قال: في خامس شوال من سنة خمس وأربعين جهز الملك الصالح أخاه العادل مع نسائه إلى الشوبك، فبعث إليه الخادم محسن إلى الحبس وقال: يقول لك السلطان لا بد من رواحك إلى الشوبك. فقال: إن أردتم قتلي في الشوبك فهنا أولى، ولا أروح أبداً. فلامه وعذله، فرماه العادل بدواة، فخرج وعرف السلطان فقال: دبر أمره. فأخذ ثلاثة مماليك،) ودخلوا عليه ليلة ثاني عشر شوال فخنقوه بوتر، وقيل بشاش وعلق به، وأظهروا أنه شنق نفسه. وأخرجوا جنازته مثل الغرباء. قلت: عاش إحدى وثلاثين سنة. قال القاضي جمال الدين ابن واصل: كان العادل يعاني اللهو واللعب، ويقدم من لا يصلح ممن هو على طريقته، ويعرض عن أكابر الدولة ويهملهم، فنفروا منه لهذا، ومالوا إلى الصالح أخيه وكاتبوه وطلبوا لأهليته. واتفقت الأشرفية ورأسهم أيبك الاسم، وجوهر الكاملي كبير الخدام، وركبوا وأحاطوا بالدهليز، فرموه، وجعلوا العادل في خيمة صغيرة، ووكلوا به، فلم يتحرك معه أحد، ولزم كل أمير وطاقه، فسار الصالح مع ابن عمه الناصر داود يطويان المراحل. وبقي كل يوم يتلقاه طائفة من الأمراء، إلى أن وصل إلى بلبيس، فتسلم الملك ليلة الجمعة ثامن ذي القعدة سنة سبع وثلاثين، وزينت القاهرة، وفرح الناس لنجابته وشهامته. ونزل الناصر بدار الوزارة.

(47/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 303
4 (أبو الحسن بن الأعز)

4 (بن أبي الحسن البغدادي.)
الرفاء. سمع من: المبارك بن علي بن خضير. وحدث وطال عمره. وتوفي في مستهل رجب. وهو آخر من حدث عن هذا. سمعه مؤدبه. روى عنه إجازةً: البهاء بن عساكر. وسمي بركة، وسمي علياً. وفي رجب قال سعد الدين في جريدته: توفي الأمير ظهير الدين بن سنقر الحلبي، والأمير علاء الدين قراسنقر العادل، فاحتاط السلطان على موجوده، ولم يعقب. وفي شعبان مات الأمير صلاح الدين ابن الملك مسعود أقسيس، وكانت له جنازة حفلة. وفيها ولد: العلامة شمس الدين محمد بن أبي الفتح في أوائلها، ببعلبك) والمفتي مجد الدين إسماعيل بن محمد تقريباً، بحران والقاضي شرف الدين هبة الله بن القاضي نجم الدين بن البارزي، بحماة والإمام بدر الدين محمد بن عبد المجيد بن زيد النحوي، ببعلبك والصاحب محيي الدين بن فضل الله العدوي، بالكرك والفقيه أمين الدين محمد بن عبد الولي بن خولان، ببعلبك والتقي محمد بن بركات ابن القرشية وعلاء الدين علي بن محمد بن النضر الشروطي

(47/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 304
والشهاب أحمد ابن الحلبية الملقن بالجبل وفتح الدين أحمد بن عبد الواحد الزملكاني وعبد الله بن عبد الوهاب بن المحيي حمزة البهراني، بحماة وناصر الدين محمد بن إبراهيم بن البعلبكي الشاهد والبدر عبد اللطيف بن أبي القاسم بن تيمية، بحران، أحد التجار والأديب البارع شمس الدين محمد بن حسن بن سباع الدمشقي الصائغ الشاعر العروضي وبدار الدين محمد بن عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى القرشي، في المحرم والشريف يونس بن أحمد بن أبي الجن، في ذي الحجة وأبو بكر محمد بن أحمد بن علي بن عنتر السلمي الدمشقي والعماد إبراهيم بن الكيال وأبو بكر بن عبد الباري الإسكندراني التاجر، في صفر ثنا عن السبط ومحمد بن إبراهيم بن مري الطحان ومحمد بن الشجاع عبد الخالق بن محمد بن سري المزي والشيخ محمد بن الشيخ إبراهيم الأرموي والبدر سعد بن الجمال أبي عبد الله بن يوسف النابلسي ويوسف بن عمر بن الخشني، له حضور على السادي والشرف محمد بن العز بن صالح بن وهيب الحنفي) ومظفر الدين بن موسى بن الأمير عز الدين عثمان بن ميرك.

(47/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 305
1 (سنة ست وأربعين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إسماعيل بن قلوس)
المحدث نجم الدين الحنفي ابن المدرس العزية التي على الميدان. سمع الكثير ونسخ الأجزاء. قال التاج ابن عساكر: وجد في خندق باب النصر ميتاً، ودفن على أبيه.
4 (أحمد بن الحسن بن خضر بن ريش)
عز الدين أبو العباس القرشي، الدمشقي، المعدل. ولد سنة إحدى وسبعين. وسمع من جده لأمه الخضر بن طاوس نسخة أبي مسهر. كتب عنه: عمر بن الحاجب والقدماء. وروى عنه: أبو محمد الدمياطي، وأبو علي بن الخلال، والفخر بن عساكر، وأبو الفضل الذهبي، وجماعة. وتوفي بالمزة في رابع جمادى الآخرة.
4 (أحمد بن سلامة بن أحمد بن سلمان)

(47/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 306
الشيخ أبو العباس ابن النجار الحراني، الحنبلي. شيخ صالح زاهد، عابد، صاحب صلاة وصوم، من الراسخين في السنة. له طلب وتحصيل. رحل وسمع من: ابن كليب، وأبي طاهر بن المعطوش، وحماد بن هبة الله الحراني، وعبد الرحمن بن علي الحرمي، وجماعة. وحدث بدمشق وحران. روى عنه: الحافظ الضياء، والكبار. وحدثنا عنه: محمد بن قيماز الدقيقي، والقاضي تقي الدين سليمان، وعيسى المغازي، وغيرهم. وفي خطه سقم كثير. توفي في رجب أو في شعبان.)
4 (أحمد بن محمد بن أمية)
الحافظ أبو العباس العبدري، الميورقي، المحدث، الرحال. روى عنه الدمياطي من شعره. ومات في ذي الحجة كهلاً بالقاهرة. ومولده بميورقة.
4 (إبراهيم بن سهل)
اليهودي، شاعر أهل الأندلس. بل شاعر زمانه.

(47/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 307
غرق في البحر في هذا العام على ما حكاه أبو القاسم بن عمران السبتي، وسيأتي في الطبقة الآتية.
4 (إبراهيم بن محمد بن أحمد)
أبو إسحاق الأصبحي الإشبيلي. نزيل حصن القصر. أخذ القراءآت السبع عن أبي عبد الله بن مالك المرتلي في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وعاش إلى هذا الوقت. وكان أديباً فاضلاً، شاعراً، وكان شيخه أبو عبد الله محمد بن مالك من أصحاب أبي الحسن شريح والكبار. توفي أبو إسحاق في سنة ست هذه في آخرها.
4 (إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن أبي الوقار.)

4 (أبو الطاهر التنوخي الدمشقي)

4 (الصوفي.)
سمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد. وبمصر من البوصيري. وسكن مصر، دولي مشارفة البيمارستان. وكان من ذوي البيوتات. توفي في عاشر رمضان.
4 (إسماعيل بن سودكين بن عبد الله)
أبو الطاهر المكي النوري، الحنفي، الصوفي، المتكلم. ولد بالقاهرة في سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفضل الغزنوي، وأبي عبد الله الأرتاحي.) وسمع بحلب من: الافتخار، وعبد المطلب، وغيره.

(47/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 308
وصحب الشيخ المحيي ابن العربي مدةً، وكتب عنه كثيراً من تصانيفه. وكان على مذهبه فيما أحسب. وله نظم جيد وفضيلة. روى لنا عنه: أبو حفص بن القواس. ومات بحلب في الرابع والعشرين من صفر. وكان أبوه من مماليك السلطان نور الدين محمود، فتزهد هو وتصوف.
4 (أيبك المعظمي)
الأمير الكبير عز الدين صاحب المدرسة التي بالكشك والتربة التي على الشرف. وكان صاحب قلعة صرخد أعطاه إياها. استعاده الملك المعظم في سنة ثمان، وقيل سنة إحدى عشرة وستمائة، واستمر فيها إلى أن أخذها منه الصالح نجم الدين سنة، وقبض عليه وسجنه إلى أن مات سنة ست، ثم نقل إلى الشام فدفن بتربته. وكان المعظم قد أخذ صرخد من صاحبها ابن قراجا.
4 (حرف الباء)

4 (بشير بن حامد بن سليمان)

4 (بن يوسف بن سليمان بن عبد الله.)

(47/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 309
الإمام نجم الدين أبو النعمان القرشي، الهاشمي، الطالبي، الجعفري، الزينبي، التبريزي، الصوفي الفقيه. ولد بأردبيل في سنة سبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد المنعم بن كليب، ويحيى الثقفي، وأبي الفتح المندائي، وابن سكينة، وابن طبرزد، وجماعة. روى لنا عنه: الحافظ عبد المؤمن، والمحدث عيسى السبتي. وتوفي بمكة مجاوراً في ثالث صفر. وكان إماماً مشهوراً بالعلم والفضل، وله تفسير مليح في عدة مجلدات. وروى عنه أيضاً: الشيخ جمال الدين ابن الظاهري، والشيخ محب الدين الطبري، وعدة. قال ابن النجار في تاريخه بعد أن ساق نسبته إلى أبي طالب: تفقه ببغداد على أبي القاسم بن) فضلان، ويحيى بن الربيع. وحفظ المذهب والأصول والخلاف، وناظر وأفتى، وأعاد بالنظامية. سمع منه جماعة، وولي نظر مصالح الحرم وعمارة ما تشعث منه. وهو حسن السيرة، متدين. وقال لنا الحافظ قطب الدين: أنشدنا الإمام قطب الدين ابن القسطلاني قال: حكى لي نجم الدين بشير التبريزي قال: دخلت على ابن الحراني ببغداد، فسرقت مشايتي، فكتبت إليه:
(دخلت إليك يا أملي بشيراً .......... فلما أن خرجت خرجت بشرا)

(أعد يائي الّتي سقطت من اسمي .......... فيائي في الحساب تعدّ عشرا)
قال: فسير إلي نصف مثقال.

(47/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 310
4 (حرف السين)

4 (سليمان بن يحيى بن سليمان بن بدر)

4 (أبو عمرو القيسي)

4 (الإشبيلي.)
سمع: الحافظ أبا محمد بن حوط الله، وغيره. وقرأ بالعربية والأصول، ودرس، وولي خطة الشورى. توفي في رمضان.
4 (حرف الصاد)

4 (صفية بنت العدل عبد الوهاب)

4 (بن علي بن الخضر بن عبد الله بن علي.)
أم حمزة القرشية الأسدية، الزبيرية، الدمشقية، ثم الحموية، زوجة قاضي حماة محيي الدين حمزة البهراني. كانت أصغر من أختها كريمة، ولم يسمعها أبوها شيئاً، بل استجاز لها عمها، وأجاز لها مسعود الثقفي، والحسن بن العباس الرستمي، والقاسم بن الفضل الصيدلاني، ورجا بن حامد المعداني، ومعتمر بن الفاخر، وأبو الحسن علي ابن تاج القراء، وطائفة. وطال عمرها، وتفردت بإجازة جماعة.

(47/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 311
روى عنها: المجد ابن الحلوانية، والشرف الدمياطي، والجمال بن الظاهري، والتقي إدريس بن) مزيز، وأبو بكر أحمد الدشتي، والأمين محمد بن النحاس، وجماعة. وبالحضور: حفيدها عبد الله بن عبد الوهاب، وأحمد بن مزيز. قال الدمياطي: حضرت جنازتها بحماة في خامس رجب. وقد سمع منها القدماء: أبو الطاهر إسماعيل بن الأنماطي، وأبو الفتح بن الحاجب، وجماعة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد)
الحكيم العلامة، ضياء الدين ابن البيطار الأندلسي، المالقي، النباتي، مصنف كتاب الأدوية المفردة ولم يصنف مثله. كان ثقة فيما ينقله، حجة. وإليه انتهت معرفة النبات وتحقيقه وصفته وأسمائه وأماكنه. كان لا يجارى في ذلك. سافر إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الروم. وأخذ فن النبات عن جماعة، وكان ذكياً فطناً.

(47/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 312
قال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة: شاهدت معه كثيراً من النبات في أماكنه بظاهر دمشق. وقرأت عليه تفسيره لأسماء أدوية كتاب ديسقوريدوس فكنت أجد من غزارة علمه ودرايته وفهمه شيئاً كثيراً جداً. ثم ذكر الموفق فصلاً في براعته في النبات والحشائش، ثم قال: وأعجب من ذلك أنه كان ما يذكر دواءً إلا ويعين في أي مقالة هو في كتاب ديسقوريدوس وجالينوس وفي أي عدد هو من جملة الأدوية المذكورة في تلك المقالة. وكان في خدمة الملك الكامل، وكان يعتمد عليه في الأدوية المفردة والحشائش، وجعله بمصر رئيساً على سائر العشابين وأصحاب البسطات. ثم خدم بعد ذلك ابنه الملك الصالح. وكان متقدماً في أيامه، حظياً عنده. توفي ابن البيطار بدمشق في شعبان.
4 (عبد الله بن أحمد)

4 (بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن موسى بن حفص.)
أبو محمد الأنصاري الداني، نزيل شاطبة. سمع من: أسامة بن سليمان صاحب ابن الدباغ، وأبي القاسم بن إدريس، وأبي القاسم أحمد بن) بقي. وقرأ العربية والآداب: ورحل فسمع بالإسكندرية من محمد بن عباد، وبدمشق من الحسن بن صباح، وجماعة. ومال إلى علم الطب، وعني به، وشارك في فنون. أثنى عليه الأبار، وقال: كان من أهل التواضع والطهارة. صاحبته بتونس وسمعت منه كثيراً، ورحل ثانيةً إلى المشرق، فتوفي بالقاهرة في سلخ شعبان وهو في آخر الكهولة، رحمه الله تعالى.

(47/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 313
4 (عبد الله بن أحمد)

4 (بن محمد بن عطية.)
القيسي، المالكي. حج، وسمع من: مرتضى بن أبي الجود، وجعفر الهمذاني. وكان زاهداً صالحاً. ورخه الأبار.
4 (عبد الله بن الحسن)

4 (بن أبي الفتح منصور بن أبي عبد الله.)
القاضي الفقيه، أبو المكارم السعدي، الدمياطي، المقدسي الأصل. ولد سنة ثلاث وستين وخمسمائة. وقرأ القرآن على أبي الجيوش عساكر بن علي وتفقه على العلامة الشهاب الطوسي. ورحل إلى العراق، فسمع من: أبي منصور عبد الله بن عبد السلام، والحافظ أبي بكر محمد بن موسى الخازمي. وأجاز له الحافظان ابن عساكر، والسلفي. ودرس بالمدرسة الناصرية بدمياط، وولي القضاء والخطابة بها. روى عنه الحافظ شرف الدين المتوثي وقال: هو شيخي ومفقهي جلال الدين، صحبته سنين بدمياط، وتفقهت عليه وعلى أخيه القاضي أبي عبد الله الحسين. وروى عنه أيضاً: الحافظ عبد العظيم، وأبو المعالي الأبرقوهي، وأبو الحمد أتوش الافتخاري، وجماعة.) توفي بالقرافة في سابع عشر شعبان.

(47/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 314
4 (عبد الله بن الحسين)

4 (بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة بن إبراهيم بن عبد الله بن رواحة بن عبيد بن)
محمد بن عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرىء القيس بن عمرو. المسند عز الدين أبو القاسم الأنصاري الخزرجي، الحموي، الشافعي. ولد بجزيرة من جزائر المغرب، وهي جزيرة صقلية، وأبوه بها مأسور في سنة ستين وخمسمائة. وكان قد أسر أبواه وهو حمل، ثم يسر الله خلاصهما. وهو من بيت علم وعدالة. رحل به أبوه إلى الإسكندرية بعد السبعين، وسمعه الكثير من السلفي، فمن ذلك السيرة تهذيب ابن هشام، وقد سمعها من ابن رواحة ببعلبك شيخنا القاضي تاج الدين عبد الخالق. وتفرد عن السلفي بأجزاء كثيرة. وسمع من: عبد الله بن بري النحوي، وأبي المفاخر المأموني، والطالب أحمد بن رجا اللخمي، وعلي بن هبة الله الكاملي، وأبي الطاهر إسماعيل بن عوف، وأبي الجيوش عساكر بن علي، وأبي سعد بن أبي عصرون الشافعي، وجماعة. وسمع من والده قطعةً من شعره. وكذلك من تقية بنت غيث الأرمنازي الشاعرة.

(47/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 315
وقرأ الأدب على أبيه وعلى ابن بري. وتفقه. وكان يرتزق من الشهادة، وكان يأخذ على التحديث، الله يسامحه. حدني إسحاق الصفار وكان بعث شيخنا الحافظ ابن خليل إلى ابن رواحة يعتب عليه في أخذه على الرواية، فاعتذر بأنه فقير. وقرأت بخط أبي الفتح بن الحاجب: قال لي الحافظ ابن عبد الواحد: ذكر لي أخي الشمس أحمد أنه لما كان بحمص ورد عليه ابن رواحة فأراد أن يسمع منه، فذكر له جماعة من أهل حمص أن ابن رواحة يشهد بالزور فتركته. وقال أبو الفتح: قال لي تقي الدين أحمد بن العز: كل ما سمعته على ابن رواحة فقد تركته. وقال الزكي البرزالي: كان عنده تسامح قلب، وكان له شعر وسط يمتدح به ويأخذ الصلات، وحدث بأماكن عديدة.) وقال الحافظ زكي الدين عبد العظيم: سألته عن مولده فقال: في جزيرة مسينة بالمغرب سنة ستين. كان أبي سافر إلى المغرب فأسر، فولدت له هناك. روى عنه: زكي الدين، وأبو حامد بن الصابوني، وأبو محمد الدمياطي، وأبو العباس بن الظاهري، وأبو الفضل بن عساكر، وأبو الحسين بن اليونيني، وإدريس بن مزيز، وبنته ست الدار، وفاطمة بنت النفيس بن رواحة بنت أخيه، والبهاء بن النحاس، وأخوه، والكمال إسحاق، وأبو بكر الدشتي، والشرف عبد الأحد بن تيمية، والمفتي أبو محمد الفارقي، وفاطمة بنت جوهر، وفاطمة بنت سليمان، والشمس أحمد بن محمد بن العجمي، وخلق سواهم. وتوفي بين حماة وحلب. وحمل إلى حماة فدفن بها في ثامن جمادى الآخرة.

(47/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 316
4 (عبد الله بن علي بن محمد بن إبراهيم)
أبو محمد الأستاري، الأنصاري، نزيل إشبيلية. أخذ القراءآت عن أبي الحسن بن عظيمة. والنحو عن أبي علي الشلوبين. وحج فتفقه بتلك الديار، وسمع قطعة من جامع الترمذي على زاهر بن رستم، وعاد إلى إشبيلية. ودرس الأصول ومذهب مالك، ثم انتقل إلى سبتة واشتغل بها. توفي في آخر السنة.
4 (عبد الباري بن عبد الخالق)

4 (بن أبي البقاء صالح بن علي بن زيدان.)
أبو الفتح الأموي، المكي الأصل، المصري، العطار، المؤذن. سمع مع ابنه من أبي عبد الله الأرتاحي، وجماعة.

(47/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 317
وكان أبوه من أعيان الفضلاء. توفي عبد الباري في نصف شعبان.
4 (عبد الرحمن بن الخضر)

4 (بن الحسن بن عبدان.)
نجم الدين أبو الحسين الأزدي، الدمشقي، والد شيخنا الشمس أبي القاسم. ولد سنة تسعين وخمسمائة.) وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وحنبل، وطائفة فأكثر. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وأبو علي بن الخلال، وأبو الفدا بن عساكر، ومحمد بن محمد البجي، وجماعة. وبالحضور: أبو المعالي بن البالسي، وغيره. توفي في جمادى الأولى.
4 (عبد الرحمن بن عبد العزيز)

4 (بن علي بن عبد العزيز.)
أبو القاسم المخزومي، المصري، الشارعي شرف الدين ابن الصيرفي. توفي في ذي الحجة عن خمس وستين سنة. وحدث عن: البوصيري، وقاسم بن إبراهيم المقدسي، وجماعة. وهو من شيوخ الدمياطي.
4 (عبد الرحمن بن علي)

4 (بن عثمان بن يوسف بن إبراهيم.)
القاضي المكرم، أبو المعالي بن أبي الحسن القرشي، المخزومي، المقيري المصري، الشافعي. ولد سنة تسع وستين وخمسمائة. وسمع من: عبد الله بن بري النحوي، ومحمد بن علي الرضى، والبوصيري، وإسماعيل بن ياسين، والقاسم بن عساكر. وأجاز له السلفي، وعبد الحق اليوسفي، والحافظ ابن عساكر، وشهدة، وخطيب الموصل، وطائفة.

(47/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 318
وروى الكثير، وهو من بيت كتابة وجلالة. حدث عنه: الحافظ زكي الدين المنذري مع تقدمه. وثنا عنه الحافظ أبو محمد بن خلف، وبيبرس القيمري. وتوفي في سابع رمضان.
4 (عبد الرزاق ابن الإمام المفتي فخر الدين)

4 (أبي منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر.)
) أبو الفتوح الدمشقي، المعدل. ولد سنة أربع وسبعين. وسمع من: البوصيري. روى عنه: الدمياطي. وتوفي في رمضان.
4 (عبد القوي بن عبد الله بن إبراهيم)
الأستاذ أبو محمد بن المغربل السعدي، المصري، الأنماطي، المقرىء. قرأ القراءآت على أبي الجود وسمع منه. ومن: العماد الكاتب، وابن نجا الواعظ. وتصدر لإقراء القرآن بجامع السراجين بالقاهرة، مدةً، وانتفع به جماعة. توفي في العشرين من شوال.
4 (عبد المنعم بن محمد بن يوسف)
العدل، أبو محمد الأنصاري، المصري، الخيمي، الشافعي. والد الأديب محمد ابن الخيمي. سمع من: العماد الكاتب. وفي الحج من: جعفر بن آموسان.

(47/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 319
وتوفي في رجب بالقاهرة.
4 (عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس)
العلامة جمال الدين أبو عمرو بن الحاجب الكردي، الدويني الأصل، الأنطاكي المولد، المقرىء المالكي، النحوي، الأصولي، الفقيه، صاحب التصانيف المنقحة. ولد سنة سبعين أو إحدى وسبعين، هو شك بأسنا من عمل الصعيد. وكان أبوه جندياً كردياً حاجباً للأمير عز الدين موسك الصلاحي. فاشتغل أبو عمرو في صغره بالقاهرة وحفظ القرآن. وأخذ بعض القراءآت عن الشاطبي، رحمه الله، وسمع منه التيسير.

(47/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 320
وقرأ طرق المبهج على أبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي وقرأ بالسبع على أبي الجود. وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، والقاسم بن عساكر، وحماد الحراني، وبنت سعد الخير، وجماعة.) وتفقه على أبي منصور الأبياري، وغيره. وتأدب على الشاطبي، وأبي الثنا. ولزم الاشتغال حتى برع في الأصول والعربية. وكان من أذكياء العالم. ثم قدم دمشق ودرس بجامعها في زاوية المالكية، وأكب الفضلاء على الأخذ عنه. وكان الأغلب عليه النحو. وصنف في الفقه مختصراً، وفي الأصول مختصراً، وفي النحو والتصريف مقدمتين. وكل مصنفاته في غاية الحسن. وقد خالف النحاة في مواضع، وأورد عليهم الإشكالات وإلزامات مقحمة يعسر الإجابة عنها. ذكره الحافظ أبو الفتح عمر بن الحاجب الأميني فقال: هو فقيه مفتي مناظر، مبرز في عدة علوم، متبحر مع ثقة ودين وورع وتواضع واحتمال واطراح للتكلف. قلت: ثم نزح عن دمشق هو والشيخ عز الدين بن عبد السلام في الدولة الإسماعيلية عندما أنكرا على الصالح إسماعيل، فدخلا مصر، وتصدر هو بالمدرسة الفاضلية ولازمة الطلبة. قال القاضي شمس الدين بن خلكان: كان من أحسن خلق الله ذهناً. وجاءني مراراً بسبب أداء شهادات، وسألته عن مواضع في العربية مشكلة، فأجاب أبلغ إجابة بسكون كثير وتثبيت تام. ثم انتقل إلى الإسكندرية ليقيم بها، فلم تطل مدته هناك، وتوفي بها في السادس والعشرين من شوال.

(47/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 321
قلت: قرأ عليه بالروايات شيخنا الموفق محمد بن أبي العلاء، وحدث عنه الحافظان المنذري والدمياطي والجمال الباهلي وأبو محمد الجزائري، وأبو علي بن الخلال، وأبو الفضل الإربلي، وأبو الحسن بن البقال، وطائفة. وبالإجازة قاضي القضاة ابن الجوزي والعماد بن اليانشي. وأخذ عنه العربية شيخنا رضي الدين أبو بكر القسطنطيني. وقد رزقت تصانيفه قبولاً زائداً لحسنها وجزالتها.
4 (عثمان بن نصر الله بن عثمان)
أبو عمرو الشقاني، الصوفي. ولد بحلب سنة خمس وخمسين وخمسمائة، ورحل لمصر وسمع بها من: عشائر بن علي، وهبة الله البوصيري. روى عنه: الدمياطي، وغيره.) وبالإجازة: العدلان ابن البرزالي، وابن النابلسي. ومات، رحمه الله، في المحرم.
4 (علي بن المأمون أبي العلاء)

4 (إدريس بن المنصور بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي.)
القيسي، الخليفة المغربي، الملقب بالمعتضد وبالسعيد، أبو الحسن.

(47/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 322
ولي الأمر بعد أخيه عبد الواحد الملقب بالرشيد سنة أربعين، فبقي إلى أن خرج إلى ناحية تلمسان، وحاصر قلعةً هناك، فقتل على ظهر فرسه في صفر من هذا العام. وولي الأمر بعده المرتضى أبو حفص، فامتدت أيامه عشرين عاماً. وكان السعيد أسود اللون، فارساً، شجاعاً. مات في سلخ صفر سنة ست مقتولاً.
4 (علي بن جابر بن علي)
الإمام أبو الحسن الإشبيلي الدباج. مقرىء الأندلس. أخذ القراءآت عن أبي بكر بن صاف، وأبي الحسن نجبة بن يحيى. وأخذ العربية عن أبي ذر بن أبي ركب الخشني، وأبي الحسن بن خروف. وتصدر للإقراء والعربية نحواً من خمسين سنة. ذكره أبو عبد الله الأبار فقال: كان من أهل الفضل والصلاح، وأم بجامع العدبس. وكان مولده في سنة ست وستين وخمسمائة. وتوفي بإشبيلية في شعبان بعد دخول الروم الملاعين صلاحاً البلد بجمعة. فإنه هاله نطق النواقيس وخرس الأذان، فما زال يتأسف ويضطرب ارتماضاً لذلك إلى أن قضى نخبه، رحمه الله ورضي عنه.

(47/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 323
وقيل: مات يوم دخلوها. قلت: وكان أستاذاً في العربية، يقرىء كتاب سيبويه، وغيره. وكان حجةً في نقله، مسدداً في بحثه، رحمه الله.
4 (علي بن محمد بن علي)
الكركي، ثم المكي.) سمع من: يحيى بن ياقوت، وناصر بن رستم، ويونس الهاشمي، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وأهل مكة. مات في ذي الحجة.
4 (علي بن يحيى بن المخرمي)
أبو الحسن البغدادي، الفقيه. أحد الأذكياء الموصوفين.

(47/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 324
كان متوقد القريحة ومات شاباً. ورثاه أبو المعالي القاسم بن أبي الحديد. وقد ناب عن أخيه الرئيس أبي سعد المبارك في صدرية ديوان الزمام، فلما عزل أخوه أقبل على علم القرآن والحديث والعبادة. وكان سنياً سلفياً أثرياً، رحمه الله.
4 (علي بن يوسف بن إبراهيم)

4 (بن عبد الواحد.)

(47/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 325
الوزير الأكرم جمال الدين أبو الحسين الشيباني، القفطي، المعروف أيضاً بالقاضي الأكرم، وزير حلب. كان إماماً إخبارياً مؤرخاً، جم الفضائل، وافر الفوائد، صدراً محتشماً، معظماً، كريماً جواداً، كامل السؤدد، حلو الشمائل، له عدة تصانيف منها: كتاب أخبار النحاة وما صنفوه، وكتاب أخبار المصنفين وما صنفوه، وكتاب الكلام على الموطأ، وكتاب أخبار الملوك السلجوقية، وكتاب تاريخ مصر إلى دولة صلاح الدين في ست مجلدات، وتاريخ الألموت، وتاريخ اليمن، وتاريخ محمود بن سبكتكين وأولاده، وتاريخ آل مرداس. وخرج مشيخة للكندي. وله: إصلاح ما وقع في الصحاح. وجمع من الكتب ما لا يوصف، وقصد بها من الآفاق. ولم يكن يحب من الدنيا سواها. ولم يكن له دار ولا زوجة. وأوصى بكتبه للناصر صاحب حلب، وكانت تساوي خمسين ألف دينار.

(47/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 326
ومات في رمضان. وهو أخو المؤيد القفطي نزيل حلب أيضاً. وله حكايات عجيبة في غرامه بالكتب، وأظنه جاوز الستين من عمره، رحمه الله.
4 (عمر بن علي بن أبي المكارم)
)
4 (بن فتيان.)
الشيخ بهاء الدين، أبو حفص الأنصاري، الدمشقي، ثم المصري، الفقيه. كان أبوه أبو القاسم من كبار الفقهاء الشافعية. ولد البهاء في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسمع من: جديه أبي الحسن بن نجا، وفاطمة بنت سعد الخير، وأبي القاسم البوصيري، وجماعة. وخطب بجامع المقس بظاهر القاهرة. وحدث بدمشق، ومصر. روى عنه: أبو الفضل محمد بن يوسف الإربلي، وأبو محمد الدمياطي الحافظ، وأبو الحسن بن البقال، وجماعة. ومات في شعبان.
4 (عمر بن محمد بن علي بن حيدرة)
الظهير الرحبي، ثم الدمشقي، أبو حفص. كان منقطعاً متزهداً، وله زاوية.

(47/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 327
سمع: القاسم بن عساكر. كتب عنه ابن الحاجب. وروى عنه القاسم بن عساكر في معجمه. ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
4 (حرف الغين)

4 (غازي)
صاحب ميافارقين. قد مر عام أول. وقيل: مات في هذه السنة. وتملك بعده ولده الشهيد الملك الكامل محمد.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد)
أبو عبد الله العراقي، الحمدي، والحمد: قرية بالعراق. وكان يعرف بالقاص.) حدث عن: أبي الفرج بن الجوزي. ثنا عنه: أبو بكر الدشتي. وكان يقص في الأعزية بحلب، ويؤدب الصبيان. وسمع أيضاً من ابن بوش.
4 (محمد بن أحمد)

4 (بن عبد الله بن أسامة)
الفقيه شمس الدين الدمشقي، الشافعي. مدرس سنجار. حدث عن: عبد المنعم بن كليب، وغيره. وأقام بسنجار دهراً. وكان إماماً فاضلاً.

(47/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 328
توفي في صفر بسنجار، رحمه الله.
4 (محمد بن إسماعيل)

4 (بن حمزة بن أبي البركات.)
أبو عبد الله بن البطال البغدادي، الأزجي، الدقاق. سمع من: عبيد الله بن شاتيل، وعبد الله بن أحمد بن خميس، وغيرهما. أخذ عنه: المحب القدسي، وجماعة. وأنا عنه: أبو عبد الله محمد بن أحمد القزاز. وتوفي في رابع رجب.
4 (محمد بن أحمد بن خليل)

4 (بن إسماعيل.)
أبو عمر السكوني القيسي. من بيت علم وجلالة. روى عن: أبيه، وأعمامه، وأبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، وابن بشكوال. وكان من جلة العلماء، له تصانيف في الفقه، وولي القضاء بمواضع.
4 (محمد بن عتيق بن عبد الله)
)
4 (بن حميد.)

(47/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 329
الإمام أبو عبد الله التجيبي، الغرناطي، المعروف باللاردي، صاحب التصانيف. روى عن: أبيه أبي بكر. وسمع ببلنسية من: أبي عبد الله بن محمد. وولد في صفر سنة ثلاث وستين وخمسمائة. وكان من الأدباء العلماء. وكان حياً إلى هذا العام، وتوفي فيه أو على أثره. ذكره أبو عبد الله الأبار فقال: ولي القضاء وصنف. ومن تواليفه: أنوار الصباح في الجمع بين الكتب الستة الصحاح، وكتاب مطالع الأنوار ونفحات الأزهار في شمائل المختار، وكتاب النكت الكافية في الاستدلال على مسائل الخلاف بالحديث، وكتاب منهاج العمل في صناعة الجدل، وكتاب المسائل النورية إلى المقامات الصوفية.
4 (محمد بن عثمان بن أميرك)
النشاري، الخياط، نزيل الإسكندرية. أجاز له السلفي. سمع منه: شيخنا الدمياطي، وهو قيد وفاته.
4 (محمد بن علي بن محمد بن نباتة)
الوزير جلال الدين أبو الفتح الفارقي الكاتب. ولد بماردين سنة إحدى وسبعين. وروى شيئاً من شعره. ومات بميافارقين في ثالث عشر رجب. وكان صدراً رئيساً، وافر الحرمة.

(47/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 330
4 (محمد بن عمر بن محمد)

4 (بن الحوش.)
أبو عبد الله الإسعردي، المقرىء الحنبلي، التاجر. سمع من: المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، والقاسم بن الصفار. روى عنه: المجد بن الحلوانية، والجمال بن الصابوني، وغيرهما.) وتوفي بالقاهرة يوم عاشوراء. وحدث بدمشق.
4 (محمد بن المسلم بن نبهان)
نظام الدين التميمي، البغدادي، المقرىء. قال الشريف: توفي في الخامس والعشرين من رجب بالقاهرة، وتصدر لإقراء القرآن بالمدرسة الفاضلية مدةً، وانتفع به جماعة. لم يذكر على من قرأ. قرأ على أصحاب الشهرزوري. وتلا عليه الكمال المحلي، وغيره.
4 (محمد بن ناماور بن عبد الملك)

(47/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 331
القاضي أفضل الدين الخونجي، أبو عبد الله الشافعي. ولد سنة تسعين وخمسمائة. وولي قضاء مدينة مصر وأعمالها. ودرس بالمدينة الصالحية وأفتى، وصنف ودرس. قال الإمام أبو شامة: كان حكيماً منطقياً. وكان قاضي قضاة مصر. وقال ابن أبي أصيبعة: تميز في العلوم الحكمية، وأتقن الأمور الشرعية. قوي الاشتغال، كثير التحصيل. اجتمعت به، ووجدته الغاية القصوى في سائر العلوم. وقرأت عليه بعض الكليات من كتاب القانون للرئيس. وقد شرح الكتاب إلى النبض. وله مقالة في الحدود والرسوم، وكتاب الجمل في المنطق، وكتاب أدوار الحميات. ومات في خامس رمضان. ورثاه العز الضرير الإربلي فقال:
(قضى أفضل الدّنيا فلم يبق فاضلٌ .......... وماتت بموت الخونجي الفضائل)

(فيا أيّها الخبر الّذي جاء آخراً .......... فحلّ لنا ما لم تحلّ الأوائل)
وهي طويلة.
4 (محمد بن يحيى بن هشام)
العلامة أبو عبد الله الأنصاري، الخزرجي، الأندلسي، المعروف بابن البرذعي، النحوي.

(47/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 332
من أهل الجزيرة الخضراء. روى عن أبيه وأخذ عنه القراءآت. وأخذ العربية عن أبي ذر الخشني.) وسمع من جماعة. وكان رأساً في علم اللسان، عاكفاً على التعليم والتعليل والتصنيف. كان أبو علي الشلوبيني يثني عليه ويعترف له. صنف كتاب فصل المقال في أبنية الأفعال، وكتاب مسائل النخب في عدة مجلدات، وكتاب الإفصاح، وغير ذلك. توفي، رحمه الله تعالى، بتونس في جمادى الآخرة وقد نيف على السبعين.
4 (محمد بن يحيى بن أبي الحسن)

4 (ياقوت بن عبد الله.)
أبو الحسن الإسكندراني، المالكي، المقرىء. ولد بالإسكندرية في رجب سنة ثمان وستين، فأتى أبوه إلى السلفي ليسميه ويكنيه، فسماه محمداً، وكناه أبا الحسن. وسمع من: السلفي، ومن القاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وعبد الرحمن بن بوقا. وكانت له حلقة يوم الجمعة. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، وشرف الدين الدمياطي، وتاج الدين الغرافي، وجماعة. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وطبقته. توفي في سابع عشر ربيع الآخر.
4 (محمد بن أبي الكرم بن المعلى)

(47/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 333
القاضي عزيز الدين السنجاري، الحنفي. حدث بدمشق عن: أبي طاهر أحمد بن عبد الله خطيب الموصل وناب في القضاء عن القاضي جمال الدين يونس المصري. توفي بدمشق في شعبان.
4 (منصور بن سند بن منصور)

4 (بن أبي القاسم بن الحسين.)
أبو علي الإسكندراني السمسار النخاس، المعرف بابن الدباغ. ولد سنة ستين أو إحدى وستين.) وسمع من: السلفي. روى عنه: الجمال بن الصابوني، والضياء السبتي، والعلاء بن بلبان، والشرف الدمياطي، وآخرون. ومات في السادس والعشرين من ربيع الأول. والنخاس بخاء معجمة.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن مانع)
أمير عرب الشام، أبو عيسى. توفي في هذه السنة، ورخه سعد الدين.

(47/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 334
4 (الكنى)

4 (رشيد الدين)
أبو سعيد بن الموفق يعقوب النصراني، المقدسي، الطبيب. من أعيان الأطباء وعلمائهم المشاهير. أخذ النحو عن التقي خزعل بن عساكر، وأخذ الطب عن الحكيم رشيد الدين علي بن خليفة بن أبي أصيبعة، عم مؤرخ الأطباء. وهو أنجب تلامذة المدهور. واشتغل أيضاً على المهذب عبد الرحيم بن علي. وخدم الملك الكامل بالقاهرة، ثم بعده خدم الملك الصالح نجم الدين، فيما عرض للصالح وهو بدمشق آكلة في فخذه. كان يعالجه الرشيد أبو خليفة، فلما طال الأمر بالسلطان استحضر أبا سعيد بن الموفق وشكى حاله إليه، وكان بين هذا وبين ابن خليفة منافسة، فتكلم في أن أبا خليفة أخطأ في المعالجة، فنظر السلطان إلى أبي خليفة نظر غضب فقام وخرج. قال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة: ثم في أثناء ذلك المجلس بعينه قدام السلطان عرض لأبي سعيد المذكور فالج، وبقي ملقى بين يديه. فأمر السلطان بحمله إلى داره، فبقي كذلك أربعة أيام ومات في أواخر رمضان بدمشق. وله من المصنفات لا رحمه الله: كتاب عيون الطب وهو أجل كتاب صنف في الطب، ويحتوي على علاجات ملخصة مختارة. وله تعاليق على كتاب الحاوي في الطب.)

(47/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 335
وفيها ولد: القاضي شرف الدين عبد الغني بن يحيى بن محمد الحراني الحنبلي في رمضان بحران، وشرف الدين عبد الله بن الشرف حسن بن عبد الله بن الحافظ، وشرف الدين محمد بن محمد بن نصر الله بن المظفر بن القلانسي، ونجم الدين علي بن عبد الكافي بن عبد الملك المحدث، والزين أبو بكر بن يوسف المزي تقريباً، والزين عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي، ومحمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الملك بن الفصيح، وإمام مقرى ناصر الدين محمد بن أحمد بن محمد بن عمرو، والشهاب أحمد بن عبد الرحمن الصرخدي، سمع الخمسة من خطيب مرو. والجمال يوسف بن إسرائيل المقرىء بالكرك، وأمين الدين سالم بن أبي الدر القلانسي، والشمس محمد بن أحمد بن الزراد الصالحي، والنجم عبد الملك بن عبد القاهر بن تيمية، والشيخ عبد الرحمن بن أبي محمد القرامزي، والفخر عثمان بن أبي الوفاء الفزاري، والجمال يوسف ابن قاضي حران، وعلي بن السكاكري.

(47/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 336
1 (سنة سبع وأربعين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الفضل بن عبد القاهر بن محمد)

4 (أبو الفضل الأرموي الحلبي)
سمع من: يحيى الثقفي. روى عنه: الحافظ أبو محمد الدمياطي، وإسحاق الأسدي، وغيرهما. وتوفي في سباع عشر ربيع الآخر وله خمس وثمانون سنة. عنده نسخة نبيط.
4 (أحمد بن محمد بن أمية بن علي)

4 (أبو العباس العبدري)

4 (الميورقي، المحدث.)
توفي بالقاهرة في أول السنة، وقيل في آخر السنة الماضية. وله شعر جيد، روى عنه منه شيخنا الحافظ عبد المؤمن الدمياطي. ومات وقد قارب الخمسين.
4 (إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم)

4 (بن العكي.)
الشقراوي، الحنبلي. فقيه صالح. ولي خطابةً في البر. وروى عن: الخشوعي، والحافظ عبد الغني، وجماعة. روى لنا عنه: النجم، وأبو بكر الدشتي.

(47/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 337
حدث في شوال من هذه السنة. ولا أعلم متى مات.
4 (إبراهيم بن يعقوب)

4 (بن يوسف بن عامر.)
أبو إسحاق العامري المصري، المؤدب، المقريء، المالكي. عاش خمساً وثمانين سنة، وسمع من: البوصيري، وغيره.) وصنف مصنفاً في القراءآت، وتصدر للإقراء. روى عنه: الدمياطي. ومات في ربيع الأول.
4 (إدريس بن محمد بن محمد)

4 (بن موسى.)
أبو العلاء الأنصاري القرطبي. أخذ عن: أبي جعفر بن يحيى الخطيب، وأبي محمد بن حوط الله. ومال إلى العربية والآداب. وأقرأ ذلك بقرطبة. ثم نزل سبتة وأفاد بها. ومات في أواخر العام بها.
4 (إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن)
الحبشي النجاشي، أبو طاهر، خادم الضريح النبوي. سمع من: ابن طبرزد، والكندي. وذكر أنه من ولد النجاشي أصحمة رضي الله عنه. توفي في رابع عشر ربيع الآخر. أجاز لأبي المعالي ابن البالسي، وغيره.
4 (أيوب)

(47/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 338
السلطان الملك الصالح نجم الدين ابن السلطان الملك الكامل ناصر الدين أبي المعالي محمد بن السلطان الملك العادل أبي بكر محمد بن أيوب. ولد سنة ثلاث وستمائة بالقاهرة، فلما قدم أبوه دمشق في آخر سنة خمس وعشرين استنابه على ديار مصر، فلما رجع انتقد عليه أبوه أحوالاً، ومال عنه إلى الملك العادل ولده. ولما استولى الكامل على حران، وعلى حصن كيفا، وآمد، وسنجار سلطنه على هذه البلاد وأرسله إليها. فلما توفي الكامل تملك بعده ديار مصر ابنه العادل أبو بكر، فطمع الملك الصالح وقويت نفسه، وكاتب الأمراء، واستخدم الخوارزمية. فاتفق أن الملك الرحيم لؤلؤ صاحب الموصل قصد الصالح وهو بسنجار، فحاصره حتى أشرف على أخذ سنجار، فأخرج في

(47/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 339
السر القاضي السنجاري، وراح إلى الخوارزمية، فوعدهم ومناهم، فجاءوا وكشفوا عن سنجار، ودفعوا لؤلؤ) عن سنجار، وقيل كسروه. وكان الجواد بدمشق فضعف عن سلطنتها، وخاف من الملك العادل، فإنه أراد القبض عليه، فكاتب الملك الصالح واتفق معه على أن يعطيه سنجار، والرقة، وعانة بدمشق. فقدم الصالح دمشق وتملكها، وأقام بها أشهراً من سنة ست وثلاثين، ثم سار إلى نابلس، وراسل الأمراء المصريين واستمالهم. وكان عمه الصالح إسماعيل على إمرة بعلبك، فقويت نفسه على أخذ دمشق، وكاتب أهلها، وساعده الملك المجاهد صاحب حمص، وهجم على البلد فأخذها، فرد الملك الصالح أيوب ليستدرك الأمر، فخذله عسكره، وبقي في طائفة يسيرة، فجهز الملك الناصر داود من الكرك عسكراً قبضوا على الصالح بنابلس، وأتوا به إلى بين يدي الناصر، فاعتقله عنده مكرماً. وتغير المصريون على العادل، وكاتبهم الناصر، وتوثق منهم، ثم أخرج الصالح واشترط عليه إن تملك أن يعطيه دمشق، وأن يعطيه أموالاً وذخائر. وسار إلى غزة فبرز الملك العادل بجيشه إلى بلبيس وهو شاب غر، فقبض عليه مماليك أبيه، وكاتبوا الصالح يستعجلونه، فساق هو والناصر داود إلى بلبيس، ونزل بالمخيم السلطاني وأخوه معتقل في خركاه. فقام في الليل وأخذ أخاه في محفة، ودخل قلعة الجبل، وجلس على كرسي الملك. ثم ندم الأمراء، فاحترز منهم، ومسك طائفةً في سنة ثمان وثلاثين وستمائة. وقال ابن واصل: سار الصالح نجم الدين بعد الاتفاق بينه وبين ابن عمه الجواد إلى دمشق، وطلب النجدة من صاحب الموصل لما صالحه، فبعث إلي نجدةً. وكان الملك المظفر صاحب حماة معه قد كاتبه، فقدما دمشق فزينت، وتلقاه الجواد. ثم تحول الجواد إلى دار السعادة، وهي لزوجته بنت الأشرف، فكانت مدة تملكه دمشق عشرة أشهر.

(47/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 340
ثم ندم الجواد واستقل من جامع الصالح، فطلب جماعةً واستمالهم، فأتاه المظفر وعاتبه واستحلفه، وضمن له ما شرط له الصالح، فخرج من البلد وسار فتسلم سنجار وغيرها. فعند ذلك أخرب صاحب حمص سلمية، ونقل جميع أهلها إلى حمص أذى لصاحب حماة. فلما مات المجاهد رد أهلها وعمروها. وجاءت الخوارزمية، فاتفق معهم المظفر، ونازل حمص وجد في القتال، فراسل المجاهد الخوارزمية واستمالهم وبذل لهم مالاً، فأخذوه، فعرف المظفر فخافهم ورد إلى حماة، وعادت الخوارزمية إلى الشرق فأقاموا في بلادهم التي أقطعهم الملك الصالح.) ثم تواترت كتب المظفر ورسله على الصالح يحضه على قصد حمص، وقدم على الصالح عمه الصالح إسماعيل من بعلبك، فأظهر له الود وحلف له، ورجع إلى بلده ليومه. وأما العادل فانزعج بمصر لقدوم أخيه وأخذه دمشق، وخاف. ثم ورد على الصالح رسول ابن عمه الناصر داود بمؤآزرته بأخذ مصر له شرط أن تكون دمشق للناصر، فأجابه. ثم برز الصالح إلى ثنية العقاب، وأقام أياماً ليقصد حمص. وجاء أستاذ داره حسام الدين ابن أبي علي الهذباني من الشرق، فدبر الدولة بعقله وفضله. وجاءته القضاة من أمراء مصر سراً يدعونه إلى مصر ليملكها، فتحير هل يقصد مصر أو حمص. ثم رجح مصر فترحل على الفور، وبلغه مجيء جماعة أمراء من مصر مغفرين، ونزلوا بغزة. وكان مع الصالح نحو ستة آلاف فارس جياد، وفيهم عماه مجير الدين يعقوب وتقي الدين عباس وجماعة من الأمراء المعظمية، وجاءه الأمراء المصريون لخربة اللصوص، ومعه ولده المغيث عمر. وترك بقلعة دمشق ولده الصغير مع وزيره صفي الدين ابن مهاجر، فمات الصبي.

(47/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 341
ثم سار إلى نحو نابلس، وكان الناصر داود بمصر، فنزل بجيشه مدينة نابلس ثلاثة أشهر، ولما لم يقع اتفاق بين الصالح وابن عمه الناصر، ذهب الناصر إلى مصر فتلقاه العادل واتفقا على محاربة الصالح، ووعده العادل بدمشق. وتواترت على الصالح كتب أمراء مصر يستدعونه لأنه كان أمير من أخيه وأعظم وأخلق بالملك. وممن كاتبه فخر الدين ابن شيخ الشيوخ، فعلم به العادل فحبسه. واستعمل الصالح نوابه على أعمال القدس، وغزة، وإلى العريش. وجهز عسكراً إلى غزة، وضربت خيمته على العوجا، وعملوا الأزواد لدخول الرمل، وقدم عليه رسول الخلافة ابن الجوزي. وأرسل إلى الصالح إسماعيل ليمضي معه إلى مصر، فتعلل واعتذر، وسير إليه ولده الملك المنصور محموداً نائباً عنه، ووعده بالمجيء، وهو في الباطن عمال على أخذ دمشق. ودخلت سنة سبع وثلاثين فبرز العادل إلى بلبيس، وأخذ ابن الجوزي في الإصلاح بين الأخوين على أن تكون دمشق وأعمالها للصالح مع ما بيده من بلاد الشرق، ومصر للعادل. وكان مع ابن الجوزي ولده شرف الدين شاب ذكر كامل، فتردد في هذا المعنى بين الأخوين حتى تقارب ما بين الأخوين لولا ما حدث من العم إسماعيل، فإنه بقي يكاتب العادل ويقوي عزمه ويقول: أنا آخذ دمشق نائباً لك. ثم حشد وجمع، وأعانه صاحب حمص. ثم طلب ولده من الصالح،) زعم ليستخلفه ببعلبك ويقدم هو، فنفذه إليه، ونفذ ولده الملك المغيث ليحفظ قلعة دمشق، ولم يكن معه عسكر. وأما صاحب حماة فأشفق على الصالح وتحيل في إرسال عسكر ليحفظ له

(47/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 342
دمشق، فاظهر أنه متألم خائف، وأنه يريد أن يسلم حماة إلى الفرنج، وأن نائبه سيف الدين ابن أبي علي قد عرف بهذا منه، وأنه سيفارقه فأظهر الخلاف عليه، فخرج من حماة، وتبعه أكثر العسكر، وطائفة كثيرة من أعيان الحمويين خوفاً من الفرنج. ورام المظفر أن تتم هذه الحيلة فما تمت. فسار الأمير سيف الدين بالناس، وقوى المظفر الوهم بأن استخدم جماعةً من الفرنج وأنزلهم القلعة، فقوي خوف الرعية. وتبع سيف الدين خلف، فسار وراء المظفر يظهر أنه يسترضيه، فما رجع، فنزلوا على بحيرة حمص، فركب صاحب حمص وأتاهم واجتمع بسيف الدين مطمئناً. ولو حاربه سيف الدين بجمعه لما قدر عليه صاحب حمص، ولكان وصل إلى دمشق وضبطها ولعز على الصالح إسماعيل أن يأخذها. فسأل سيف الدين عن مقدمه فقال: هذا الرجل قد مال إلى الفرنج واعتضد بهم، فطلبنا النجاة بأنفسنا. فوانسه الملك المجاهد، وطلب منه دخول حمص ليضيفه، فأجابه سيف الدين وصعد معه إلى القلعة. وأظهر له الإكرام، ثم بعث إلى أصحابه فدخل أكثرهم حمص، ومن لم يجب هرب. ثم قبض المجاهد عليهم وضيق عليهم، واعتقل الأكابر وعاقبهم وصادرهم حتى هلك بعضهم في حبسه، وبعضهم خلص بعد مدة، وباعوا أملاكهم وأدوها في المصادرة. وهلك في الحبس سيف الدين علي ابن أبي علي، وهو أخو أستاذ دار الملك الصالح حسام الدين، ويا ما ذاق من الشدائد حتى مات. وضعف صاحب حماة ضعفاً كثيراً، واغتنم ضعفه صاحب حمص فسار وقصد دمشق مؤآزراً لإسماعيل، فصبحوا دمشقي في صفر سنة سبع، وأخذت بلا قتال. بل تسلق جماعة من خان ابن المقدم، ونزلوا فكسروا قفل باب الفراديس ودخلوا. ثم دخلوا القلعة، وقاتلوا المغيث ثلاثة أيام، فسلمت بالأمان، ودخل إسماعيل القلعة، وسجن المغيث في برج إلى أن مات.

(47/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 343
فلما وردت أخبار أخذ دمشق فارق الملك الصالح سائر الأمراء والجند وطلبوا بلدهم وأهاليهم، وترحل هو إلى بيسان، وفسدت نيات من معه، وعلموا أن لا ملجأ له، وأنه قد تلاشى بالكلية،) وقال له حتى أعمامه وأقاربه: لا يمكننا المقام معك، أهالينا بدمشق. فأذن لهم فترحلوا بأطلابهم وهو ينظر إليهم، حتى فارقه طائفة من مماليكه، ولم يبق معه إلا أستاذ داره وزين الدين أمير جاندار ونحو سبعين مملوكاً له. فلما جنه الليل أمر أن لا تشعل الفوانيس، ثم رحل في الليل ورد إلى جهة نابلس. فحكى لي الأمير حسام الدين قال: لما رحل السلطان من منزلته اختلفت كلمة من بقي معهم، وأشار بعضهم بالرجوع إلى الشرق فخاف أن يؤخذ لبعد المسافة وقال: ما أرى إلا التوجه إلى نابلس فالتجىء إلى ابن عمي الملك الناصر. فتوجه إلى نابلس. فلما طلعت الشمس ورأى مماليكه ما هو فيه من القلة واقعهم البكاء والنحيب. واعترضهم جماعة من العربان فقاتلوهم وانتصروا على العرب، ونزلوا بظاهر نابلس. وقوي أمر الصالح إسماعيل، وجاءته الأمراء وتمكن. وكان وزيره أمين الدولة سامرياً أسلم في صباه. وكان عمه وزيراً للأمجد صاحب بعلبك، ومات على دينه. وأما العادل بمصر فإنه استوحش من الناصر داود وتغير عليه، فخلاه الناصر، ورد إلى الكرك ومعه سيف الدين علي بن قليج فوافق ما تم على الصالح. فبعث إلى الصالح يعده النصر، وأشار عليه بالنزول بدار الملك العظيم بنابلس. ثم نزل الناصر بعسكره. ثم أمر يوماً بضرب البوق، وأوهم أن الفرنج قد أغاروا على ناحيته، فركب معه جماعة الصالح الذين معه، فحينئذ أمر الناصر بتسيير الملك الصالح إلى الكرك في الليل. فلم يصحب الصالح من غلمانه سوى

(47/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 344
الأمير ركن الدين بيبرس الكبير، وبعث معه جاريته أم خليل شجر الدر، فأنزل بقلعة الكرك بدار السلطنة. وتقدم الناصر إلى أمه وزوجته أن يقوما بخدمة الصالح، وبعث إليه يقول: إنما فعلت هذا احتياطاً لئلا يصل إليك مكروه من أخيك أو عمك، ولو لم أنقلك إلى الكرك لقصداك. ثم أمر شهاب الدين ونجم الدين ابني شيخ الإسلام بملازمة خدمة الصالح ومؤآنسته، وهما من أخص أصحاب الناصر ومن أجناده. وقد ولي الشهاب هذا تدريس الجاروخية بدمشق. ولما تملك الملك الصالح ديار مصر قصداه فأكرمهما وقدمهما، واستناب شهاب الدين على دار العدل. واستشهد نجم الدين على دمياط. وكان أولاد الناصر داود لا يزالان في خدمة الصالح بالكرك، ولم يفقد شيئاً من الإكرام. ثم خير الناصر أصحاب الصالح بين إقامتهم عنده مكرمين وبين السفر إلى أين أحبوا، فاختار أكثرهم المقام عنده، فكان منهم البهاء زهير، وشهاب الدين ابن أبي سعد الدين بن مكشبا، وكان) والده سعد الدين ابن عمة الملك الكامل. وأما الأستاذ دار حسام الدين ابن أبي علي وزين الدين أمير جندار فطلبا دمشق، فأذن لهما، فقدما على الصالح إسماعيل، فقبض على حسام الدين وأخذ جميع ماله وقيده، وقيد جماعةً من أصحاب الصالح نجم الدين، وبقوا في حبسه مدة. ثم حول حسام الدين إلى قلعة بعلبك وضيق عليه.

(47/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 345
ولما بلغ العادل ما جرى على أخيه أظهر الفرح ودقت البشائر وزينت مصر، وبعث يطلبه من الناصر فأبى عليه. فلما كان في أواخر رمضان سنة سبع طلب الملك الناصر داود الصالح نجم الدين فنزل إليه إلى نابلس، فضرب له دهليزاً والتف عليه خواصه، ثم أمر الناصر بقطع خطبة العادل، وخطب للصالح. ثم سارا إلى القدس وتحالفا وتعاهدا عند الصخرة على أن تكون مصر للصالح، والشام والشرق للناصر، ثم سار إلى غزة. وبلغ ذلك العادل فعظم عليه، وبرز إلى بلبيس، وسار إلى نجدته الصالح إسماعيل من دمشق، فنزل بالغور من أرض السواد. ثم خاف الناصر والصالح من جيش أمامهما وجيش خلفهما، فرجعا إلى القدس. فما لبثا أن جاءت النجابون بكتب المصريين يحثون الصالح، فقويت نفسه، وسار مجداً مع الناصر، وتملك مصر بلا كلفة، واعتقل أخاه. ثم جهز من أوهم الناصر بأن الصالح في نية القبض عليه فخاف وغضب وأسرع إلى الكرك. ثم تحقق الصالح فساد نيات الأشرفية وأنهم يريدون الوثوب عليه، فأخذ في تفريقهم والقبض عليهم. فبعث مقدم الأشرفية وكبيرهم أيبك الأسمر نائباً على جهة، ثم جهز من قبض عليه، فذلت الأشرفية، فحينئذ مسكهم عن بكرة أبيهم وسجنهم. وأقبل على شراء المماليك الترك والخطائية، واستخدم الأجناد. ثم قبض على أكثر الخدام شمس الدين الخاص، وجوهر النوبي، وعلى جماعة من الأمراء الكاملية، وسجنهم بقلعة صدر بالقرب من أيلة.

(47/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 346
وخرج فخر الدين ابن الشيخ من حبس العادل فركب ركبةً عظيمة، ودعت له الرعية لكرمه وحسن سيرته، فلم يعجب الصالح ذلك، وتخبل، فأمره بلزوم بيته واستوزر أخاه معين الدين. ثم شرع يؤمر غلمانه فأكثر من ذلك. وأخذ في بناء قلعة الروضة، واتخذها سكناً، وأنفق عليها أموالاً عظيمة. وكانت الجيزة قبل منتزهاً لوالده، فشيدها في ثلاثة أعوام، وتحول إليها.) وأما الناصر فإنه اتفق مع عمه الصالح إسماعيل والمنصور صاحب حمص فاتفقوا على الصالح. وأما الخوارزمية فإنهم تغلبوا على حران، وملكوا غيرها من القلاع، وعاثوا وأخربوا البلاد الجزرية، وكانوا شراً من التتار لا يعفون عن قتل ولا عن سبي، ولا في قلوبهم رحمة. وفي سنة إحدى وأربعين وقع الصلح بين الصالحين وصاحب حمص، على أن تكون دمشق للصالح إسماعيل، وأن يقيم هو والحلبيون والحمصيون الخطبة في بلادهم لصاحب مصر، وأن يخرج ولده الملك المغيث من اعتقال الصالح إسماعيل. فركب الملك المغيث وبقي يسير ويرجع إلى قلعة دمشق، ورد على حسام الدين ما أخذ له، ثم ساروا إلى مصر. واتفق الملوك على عداوة الناصر داود. وجهز الصالح إسماعيل عسكراً يحاصرون عجلون، وهي للناصر،

(47/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 347
وخطب لصاحب مصر في بلاده، وبقي عنده المغيث حتى تأتيه نسخ الأيمان، ثم بطل ذلك كله. قال ابن واصل: فحدثني جلال الدين الخلاطي قال: كنت رسولاً من جهة الصالح إسماعيل، فورد علي منه كتاب وفي طيه كتاب من الصالح نجم الدين إلى الخوارزمية يحثهم على الحركة ويعلمهم أنه إنما يصالح عمه ليتخلص المغيث من يده، وأنه باق على عداوته، ولا بد له من أخذ دمشق منه. فمضيت بهذا الكتاب إلى الصاحب معين الدين، فأوقفته عليه، فما أبدى عنه عذراً يسوغ. ورد الصالح إسماعيل المغيث إلى الاعتقال، وقطع الخطبة، ورد عسكره عن عجلون، وراسل الناصر واتفق معه على عداوة صاحب مصر. وكذلك رجع صاحب حلب وصاحب حمص عنه، وصاروا كلمةً واحدةً عليه. واعتقلت رسلهم بمصر. واعتضد صاحب دمشق بالفرنج، وسلم إليهم القدس، وطبرية، وعسقلان. وتجهز صاحب مصر للقتال وجهز البعوث، وجاءته الخوارزمية، فساقوا إلى غزة، واجتمعوا بالمصريين وعليهم ركن الدين بيبرس البندقدار الصالحي، وليس هو الذي ملك، بل هذا أكبر منه وأقدم، ثم قبض عليه الصالح نجم الدين وأعدمه. قال ابن واصل: فتسلم الفرنج حرم القدس وغيره، وعمورا قلعتي طبرية، وعسقلان وحصنوهما. ووعدهم الصالح بأنه إذا ملك مصر أعطاهم بعضها. فتجمعوا وحشدوا.

(47/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 348
وسارت عساكر الشام إلى غزة، ومضى المنصور صاحب حمص بنفسه إلى عكا فأجابوه.) فسافرت أنا إلى مصر، ودخلت القدس فرأيت الرهبان على الصخرة وعليها قناني الخمر، ورأيت الجرس في المسجد الأقصى، وأبطل الأذان بالحرم وأعلن الكفر. وقدم وأنا بالقدس الناصر داود إلى القدس فنزل بغريبه. وفيها ولى الملك الصالح قضاء مصر للأفضل الخونجي بعد أن عزل ابن عبد السلام نفسه بمديدة. ولما عدت الخوارزمية الفرات، وكانوا أكثر من عشرة آلاف، ما مروا بشيء إلا نهبوه، وتقهقر الذين بغزة منهم. وطلع الناصر إلى الكرك، وهربت الفرنج من القدس، فهجمت الخوارزمية القدس، فقتلوا من به من النصارى، وهدموا مقبرة القمامة، وأحرقوا بها عظام الموتى، ونزلوا بغزة وراسلوا صاحب مصر، فبعث إليهم الخلع والأموال، وجاءتهم العساكر، وسار الأمير حسام الدين ابن أبي علي بعسكر ليكون مركزاً بنابلس. وتقدم المنصور إبراهيم على الشاميين، وكان شهماً شجاعاً قد انتصر على الخوارزمية غير مرة، وسار بهم، ووافته الفرنج من عكا وغيرها بالفارس والراجل، ونفذ الناصر داود عسكره فوقع المصاف بظاهر غزة وانكسر المنصور شر كسرة واستحر القتل بالفرنج. قال ابن واصل: أخذت سيوف المسلمين الفرنج فأفنوهم قتلاً وأسراً، ولم يفلت منهم إلا الشارد، وأسر أيضاً من عسكر دمشق والكرك جماعة مقدمين، فحكي لي عن المنصور أنه قال: والله لقد قصرت ذلك اليوم، ووقع في قلبي أننا لا ننصر لانتصارنا بالفرنج.

(47/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 349
ووصلت عساكر دمشق معه في أسوأ حال. وأما بمصر فزينت زينةً لم تزين مثلها، وضربت البشائر، ودخلت أسارى الفرنج والأمراء، وكان يوماً مشهوداً بالقاهرة. ثم عطف حسام الدين ابن أبي علي وركن الدين بيبرس فنازلوا عسقلان وحاصروا الفرنج الذين تسلموها، فجرح حسام الدين، ثم ترحلوا إلى نابلس، وحكموا على فلسطين والأغوار، إلا عجلون فهي بيد سيف الدين بن قليج نيابةً للناصر داود. وبعث السلطان الصالح نجم الدين وزيره معين الدين ابن الشيخ علي على جيشه، وأقامه مقام نفسه، وأنفذ معه الخزائن، وحكمه في الأمور، وسار إلى الشام ومعه الخوارزمية، فنازلوا دمشق وبها الصالح والمنصور صاحب حمص، فدل الصالح إسماعيل فلم يظفر بطائل ورجع.) واشتد الحصار على دمشق وأخذت بالأمن لقلة من مع صاحبها، ولفناء ما بالقلعة من الذخائر، ولتخلي الحلبيين عنه، فترحل الصالح إسماعيل إلى بعلبك، والمنصور إلى حمص. وتسلم الصاحب معين الدين القلعة والبلد. ولما رأت الخوارزمية أن السلطان قد تملك الشام بهم وهزم أعداءه، صار لهم عليه إدلال كبير، مع ما تقدم من نصرهم له على صاحب الموصل وهو بسنجار، فطمعوا في الأحياز العظيمة، فلما لم يحصلوا على شيء فسدت نيتهم له، وخرجوا عليه، وكاتبوا الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري، وهو أكبر أمراء الصالح نجم الدين، وكان بغزة، فأصغى إليهم فيما قيل، وراسلوا صاحب الكرك، فنزل إليهم ووافقهم.

(47/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 350
قلت: وكانت أمه أيضاً خوارزمية، وتزوج منهم. ثم طلع إلى الكرك واستولى حينئذ على القدس ونابلس وتلك الناحية، وهربت منه نواب صاحب مصر. ثم راسلت الخوارزمية الملك الصالح إسماعيل، وحلفوا له، فسار إليهم، واتفقت كلمة الجميع على حرب صاحب مصر، فقلق لذلك، وطلب ركن الدين بيبرس فقدم مصر فاعتقله وكان آخر العهد به. ثم خرج بعساكره فخيم بالعباسية، وكان قد نفذ رسوله إلى المستعصم بالله يطلب تقليداً بمصر والشام والشرق، فجاءه التشريف والطوق الذهب والمركوب. فلبس التشريف الأسود والعمامة والجبة والفرس بالحلية الكاملة، وكان يوماً مشهوداً. ثم جاء الصالح إسماعيل والخوارزمية فنازلوا دمشق وليس بها كبير عسكر، وبالقلعة الطواشي رشيد، وبالبلد نائبها حسام الدين بن أبي علي الهذباني، فضبطها وقام بحفظها بنفسه ليلاً ونهاراً، واشتد بها الغلاء، وهلك أهلها جوعاً ووباءً. وبلغني أن رجلاً مات في الحبس فأكلوه، كذلك حدثني حسام الدين بن أبي علي، فعند ذلك اتفق عسكر حلب والمنصور صاحب حمص على حرب الخوارزمية وقصدوهم فتركوا حصار دمشق، وساقوا أيضاً يقصدونهم، فالتقى الجمعان، ووقع المصاف في أول سنة أربع وأربعين على القصب، وهي منزلة على بريد من حمص من قبليها، فاشتد القتال والصالح إسماعيل مع الخوارزمية فانكسروا عندما قتل مقدمهم الملك حسام الدين بركة خان، وانهزموا ولم تقم لهم بعدها قائمة. فقتل بركة خان مملوك من الحلبيين، وتشتتت الخوارزمية، وخدم طائفة منهم) بالشام، وطائفة بمصر، وطائفة مع كشلوخان ذهبوا إلى

(47/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 351
التتار وخدموا معهم، وكفى الله شرهم. وعلق رأس بركة خان على قلعة حلب. ووصل الخبر إلى القاهرة فزينت، وحصل الصلح التام والود بين السلطان وبين صاحب حمص والحلبيين. وأما المحارف الملك إسماعيل فإنه التجأ إلى حلب عند ابن ابن أخته الملك الناصر صلاح الدين، فأرسل صاحب مصر البهاء زهير إلى الناصر صاحب حلب يطلب منه إسماعيل، فشق ذلك على الناصر وقال: كيف يحسن بي أن يلتجىء إلي خال أبي وهو كبير البيت، وأبعثه إلى من يقتله وأخفر ذمته فرجع البهاء زهير. وأما نائب دمشق حسام الدين فإنه سار إلى بعلبك وحاصرها، وبها أولاد الصالح إسماعيل، فسلموها بالأمان، ثم أرسلوا إلى مصر تحت الحوطة هم والوزير أمين الدولة والأستاذ دار ناصر الدين ابن يغمور، فاعتقلوا بمصر، وصفت البلاد للملك الصالح. وبقي الناصر داود بالكرك في حكم المحصور. ثم رضي السلطان على فخر الدين ابن شيخ الشيوخ. وأخرجه من الحبس بعد موت أخيه الوزير معين الدين، وسيره فاستولى على جميع بلاد الناصر داود، وخرب ضياع الكرك، ثم نازلها أياماً، وقل ما عند الناصر من الملك والذخائر بها، وقل ناصره، فعمل قصيدةً يعاتب بها السلطان، ويذكر فيها ما له من اليد عنده من ذبه عنه وتمليكه ديار مصر، وهي:
(قل للّذي قاسمته ملك اليد .......... ونهضت فيه نهضة المستأسد)

(عاصيت فيه ذوي الحجى من أسرتي .......... وأطعت فيه مكارمي وتودُّدي)

(47/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 352
(يا قاطع الرّحم الّتي صلتي بها .......... كتبت على الفلك الأثير بعسجد)

(إن كنت تقدح في صريح مناسبي .......... فاصبر بعرضك للهيب المرصد)

(عمّي أبوك ووالدي عمٌّ، به .......... يعلو انتسابك كلّ ملكٍ أصيد)

(صالا وجالا كالأُسود ضوارياً .......... فارتدّ تيّار الفرات المربد)

(دع سيف مقولي البليغ يذب عن .......... أعراضكم بغريده المتوقّد)

(فهو الّذي قد صاغ تاج فخاركم .......... بمفصَّلٍ من لؤلؤٍ وزبرجد)
ثم أخذ يصف نفسه وجوده ومحاسنه وسؤدده، إلى أن قال:
(يا مُحرجي بالقول، والله الّذي .......... خضعت لعزّته جباه السُّجّد)
)
(لولا مقال الهجر منك لما بدا .......... منّي افتخارٌ بالقريض المُنشد)

(إن كنت قلت خلاف ما هو شيمتي .......... فالحاكمون بمسمع وبمشهد)

(والله يا ابن العمّ لولا خيفتي .......... لرميت ثغرك بالعداة المُرّد)

(لكنّني مّما يخاف حرامه .......... ندماً يُجرّعني سمام الأُسود)

(فأراك ربُّك بالهدى ما ترتجي .......... ليراك تفعل كلّ فعلٍ مُرشد)

(47/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 353
(لتعيد وجه المُلك طلقاً ضاحكاً .......... وتردّ شمل البيت غير مُبدّد)

(كيلا ترى الأيام فينا فرصة .......... للخارجين وضحكة للحُسّد)
ثم إن السلطان طلب الأمير حسام الدين ابن أبي علي وولاه نيابة الديار المصرية، واستناب على دمشق الصاحب جمال الدين يحيى بن مطروح. ثم قدم الشام، وجاء إلى خدمته صاحب حماة الملك المنصور، وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وصاحب حمص وهو صغير، فأكرمهما وقربهما، ووصل إلى بعلبك، ثم رد إلى دمشق. ثم قدم على نائب مصر حسام الدين والده بدر الدين محمد بن أبي علي، وقرابته علاء الدين، وكانا في حبس صاحب حمص، فلما مات أطلقهما ابنه، فتوفي بدر الدين بعد قدومه بيسير. ثم رجع السلطان ومرض في الطريق. حكى لي الأمير حسام الدين قال: لما ودعني السلطان قال: إني مسافر، وأخاف أن يعرض لي موت وأخي العادل بقلعة مصر فيأخذ البلاد، وما يجري عليكم منه خير، فإن مرضت ولو أنه حمى يوم فأعدمه، فإنه لا خير فيه، وولدي تورانشاه لا يصلح للملك، فإن بلغك موتي فلا تسلم البلاد لأحد من أهلي، بل سلمها للخليفة.

(47/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 354
وأما عسقلان وطبرية، فلما تسلمتها الفرنج من الصالح إسماعيل بنوها، وحصنوا القلعتين فنازلهما فخر الدين ابن شيخ الشيوخ بعدما ترحل عن حصار الكرك، ففتحهما وهدمهما. ودقت البشائر. وفتر السلطان عن أخذ حمص لانتماء صاحبها للأشرف، وأبوه إلى السلطان ومرايتهما له. ثم قدم الأشرف للسلطان قلعة شمسين فتسلمها. وأما حماة فكانت لابن أخته الملك المظفر وبها الصاحبة أخت السلطان، ثم تملكها الملك المنصور بن المظفر، وتزوج بنت أخت السلطان فاطمة خاتون ابنة الكامل، وكانت فاطمة) بحلب، وهي والدة صاحبها للآن الملك الناصر صلاح الدين ابن العزيز، فزوج أخته بصاحب حماة في هذه السنة، وجاءت إليه في تجمل عظيم. ثم دخلت سنة ست وأربعين فصرف السلطان نيابة مصر عن حسام الدين بجمال الدين ابن يغمور، وبعث الحسام بالمصريين إلى الشام، فأقاموا بالصالحية أربعة أشهر. قال ابن واصل: وأقمت مع حسام الدين هذه المدة، وكان السلطان في هذه المدة مقيماً بأشمون طناح، ثم رجعنا إلى القاهرة. وفيها خرجت الحلبيون وعليهم شمس الدين لؤلؤ الأميني، فنازلوا حمص ومعهم الملك الصالح إسماعيل يرجعون إلى رأيه، فنصبوا المجانيق وحاصروها شهرين، ولم ينجدها صاحب مصر، وكان السلطان مشغولاً بمرض عرض له في أنثييه، ثم فتح وحصل منه ناسور يعسر برؤه، وحصلت له في رئته قرحة ملتفة، لكنه عازم على إنجاد صاحب حمص، ولما اشتد الخناق بالأشرف صاحب

(47/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 355
حمص اضطر إلى أن أذعن بالصلح، وطلب العوض عن حمص تل باشر مضافاً إلى ما بيده، وهو الرحبة، فتسلمها الأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني، وأقام بها نواباً لصاحب حلب. فلما بلغ السلطان وهو مريض أخذ حمص غضب وعظم عليه، وترحل إلى القاهرة، واستناب بها ابن يغمور، وبعث الجيوش إلى الشام لاستنقاذ حمص. وسار السلطان في محفة، وذلك في سنة ست وأربعين، فنزل بقلعة دمشق وبعث جيشه فنازلوا حمص، ونصبوا عليها المجانيق، فمما نصب عليها منجنيق مغربي، ذكر لي الأمير حسام الدين أنه كان يرمي حجراً زنته مائة وأربعين رطلاً بالشامي. ونصب عليها قرابغا اثني عشر منجنيقاً سلطانية، وذلك في الشتاء. وخرج صاحب حلب بعسكره فنزل بأرض كفرطاب، ودام الحصار إلى أن قدم الباذرائي للصلح بين صاحب حلب وبين السلطان، على أن يقر حمص بيد صاحب حلب، فوقع الاتفاق على ذلك، وترحل عسكر السلطان عن حمص لمرض السلطان، ولأن الفرنج تحركوا وقصدوا مصر، وترحل السلطان إلى الديار المصرية لذلك وهو في محفة. وكان الناصر صاحب الكرك قد بعث شمس الدين الخسروشاهي إلى السلطان وهو بدمشق يطلب منه خبز والشوبك لينزل له عن الكرك، فبعث السلطان تاج الدين ابن مهاجر في إبرام ذلك إلى الناصر، فرجع عن ذلك لما سمع بحركة الفرنج، وطلب السلطان نائب مصر جمال الدين ابن يغمور، فاستنابه بدمشق، وبعث إلى نيابة مصر حسام الدين ابن أبي علي، فدخلها في) ثالث محرم سنة سبع. وسار السلطان فنزل بأشمون طناح ليكون في مقابلة الفرنج إن قصدوا دمياط. وتواترت الأخبار بأن ريد افرنس مقدم الإفرنسيسية قد خرج من بلاده في جموع عظيمة، وشتا بجزيرة قبرص، وكان من أعظم ملوك الفرنج وأشدهم بأساً.

(47/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 356
وريد بلسانهم الملك. وشحنت دمياط بالذخائر، وأحكمت الشواني. ونزل فخر الدين ابن الشيخ بالعساكر فنزل على جيزة دمياط، فأقبلت مراكب الفرنج فأرست بإزاء المسلمين في صفر. ثم شرعوا من الغد في النزول إلى البر الذي فيه المسلمون. وضربت خيمة حمراء لريد افرنس، وناوشهم المسلمون القتال، فقتل يومئذ الأمير نجم الدين ابن شيخ الإسلام، والأمير الوزيري، فترحل فخر الدين ابن الشيخ بالناس، وقطع بهم الجسر إلى البر الشرقي الذي فيه دمياط، وتقهقر إلى أشمون طناح، ووقع الخذلان على أهل دمياط، فخرجوا منها طول الليل على وجوههم حتى لم يبق بها أحد. وكان هذا من قبيح رأي فخر الدين فإن دمياط كانت في نوبة سنة خمس عشرة وستمائة أقل ذخائر وعدداً، وما قدر عليها الفرنج إلى بعد سنة، وإنما هرب أهلها لما رأوا هرب العساكر وعلموا مرض السلطان. فلما أصبحت الفرنج تملكوها صفواً بما حوت من العدد والأسلحة والذخائر والغلال والمجانيق، وهذه مصيبة لم يجر مثلها. فلما وصلت العساكر وأهل دمياط إلى السلطان، حنق على الكنانيين الشجعان الذين كانوا بها، وأمر بهم فشنقوا جميعاً، ثم رحل بالجيش وسار إلى المنصورة، فنزل بها في المنزلة التي كان أبوه نزلها، وبها قصر بناه الكامل. ووقع النفير العام في المسلمين، فاجتمع بالمنصورة أمم لا يحصون من المطوعة والحربان والحرافشة، وشرعوا في الإغارة على الفرنج ومناوشتهم وتخطفهم، واستمر ذلك أشهراً، والسلطان يتزايد مرضه، والأطباء قد أيأسته لاستحكام مرض السل به. وأما الكرك فإن صاحبها سافر إلى بغداد، فاختلف أولاده، وسار أحدهم إلى الملك الصالح، فسلم إليه الكرك، ففرح بها السلطان مع ما هو فيه من

(47/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 357
الأمراض، وزينت بلاده، وبعث إليها الطواشي بدر الدين الصوابي نائباً، وقدم عليه آل الناصر داود فبالغ في إكرامهم وأقطعهم أجناداً جليلة.) إلى أن قال ابن واصل في سيرة الصالح: وكان مهيباً، عزيز النفس، أبيها، عاليها، حيياً، عفيفاً، طاهر اللسان والذيل، لا يرى الهزل والعبث، شديد الوقار، كثير الصمت. اشترى من المماليك الترك ما لم يشتره أحد من أهل بيته، حتى صاروا معظم عسكره، ورجحهم على الأكراد وأمرهم، واشترى وهو بمصر خلقاً منهم وجعلهم بطانته والمحيطين بدهليزه وسماهم البحرية. حكى لي حسام الدين ابن أبي علي أن هؤلاء المماليك مع فرط جبروتهم وسطوتهم كانوا أبلغ من يعظم هيبة السلطان، فكان إذا خرج وشاهدوا صورته يرعدون خوفاً منه، وأنه لم يقع منه في حال غضبه كلمة قبيحة قط، أكثر ما يقول إذا شئتم: يا متخلف. وكان كثير الباه لجواريه فقط، ولم يكن عنده في آخر وقت غير زوجتين، إحداهما شجر الدر، والأخرى بنت العالمة تزوجها بعد مملوكه الجوكندار. وكان إذا سمع الغناء لا يتزعزع ولا يتحرك، وكذلك الحاضرون يلتزمون حالته كأنما على رؤوسهم الطير. وكان لا يستقل أحد من أرباب دولته بأمر، بل يراجعون بالقصص مع الخدام، فيوقع عليها بما يعتمده كتاب الإنشاء. وكان يحب أهل الفضل والدين، وما كان له ميل إلى مطالعة الكتب. وكان كثير العزلة والانفراد. قال ابن واصل: كان لا يجتمع بالفضلاء لأنه لم يكن له مشاركة بخلاف أبيه، وكان اجتماعه بالناس قليلاً، بل كان يقتصر على ندمائه المعروفين بحضور مجلسه. وكان له نهمة في اللعب بالصوالجة، وفي إنشاء الأبنية العظيمة الفاخرة.

(47/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 358
وقال غير ابن واصل في سيرة الملك الصالح: كان ملكاً مهيباً، جباراً ذا سطوة وجلالة، وكان فصيحاً، حسن المحاورة، عفيفاً على الفواحش، فأمر مماليكه الترك، وجرى بينه وبين عمه إسماعيل أمور وحروب إلى أن أخذ نوابه دمشق عام ثلاثة وأربعين، وذهب إسماعيل إلى بعلبك، ثم أخذت من إسماعيل بعلبك، وتعثر والتجأ إلى الناصر صاحب حلب. ولما خرج الملك الصالح من مصر إلى الشام خاف من بقاء أخيه، فقتله سراً، فلم يمتع، ووقعت الأكلة في فخذه بدمشق. ونزل الإفرنسيس ملك الفرنج بجيوشه على دمياط فأخذها، فسار إليه الملك الصالح في محفة حتى نزل بالمنصورة عليلاً، ثم عرض له إسهال إلى أن توفي ليلة النصف من شعبان بالمنصورة وأخفي موته حتى أحضر ولده الملك المعظم من حصن كيفا، وملكوه بعده.) فذكر سعد الدن أن ابن عمه فخر الدين نائب السلطنة دخل من الغد خيمة السلطان، وقرر مع الطواشي بحسن أن يظهر أن السلطان أمر بتخليف الناس لولده الملك المعظم ولولي عهده فخر الدين، فتقرر ذلك وطلبوا الناس، فحلفوا الأولاد للناصر، فوقفوا وقالوا: نشتهي أن ننظر السلطان، فدخل خادم وخرج وقال: السلطان يسلم عليكم وقال ما يشتهي أن تروه في هذه الحالة، وقد رسم أن تحلفوا فحلفوا. وجاءتهم من كل ناحية، راحت الكرك منهم واسودت وجوههم عند أبيهم بغدرهم، ومات السلطان الذي أملوه، ثم عقيب ذلك نفوهم من مصر. ونفذ الأمير فخر الدين نسخ الأيمان إلى البلد ليحلفوا للمعظم. قلت: وكانت أم ولده شجر الدر ذات رأي وشهامة، وقد وليت الملك مدى شهرين وأكثر، وجرت لها أمور، وخطب لها على المنابر. وبقي الملك بعده في مواليه الأتراك وإلى اليوم. وتربته بمدرسته بالصالحية بالقاهرة.
4 (حرف الثاء)

4 (ثابت)
الفقير. شيخ بستاني فلاح، له أصحاب ومحبون، وله زاوية بقصر حجاج.

(47/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 359
قال التاج عبد الوهاب بن عساكر: كان له عادة في كل جمعة لا يفيق ولا يصلي ولا يأكل ولا يعي اليوم كله إلى أن مات. وكانت له جنازة حفلة.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن عبد الجليل)
الفقيه أبو الفضل القلعي المالكي. سمع بدمشق من القاضي جمال الدين ابن الحرستاني. وحدث، ومات بالإسكندرية في شعبان.
4 (حرف الحاء)

4 (حرمي بن عبد الغني)

4 (بن عبد الله بن أبي بكر.)
أبو المكرم الأنصاري، المصري، الوراق، تقي الدين.) ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة. وسمع من: عشير بن علي، وعبد الله بن بري النحوي، وأحمد بن طارق الكركي، وغيرهم. روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وجماعة من المصريين. وروى عنه بالإجازة القاضي الحنبلي، والعماد ابن البالسي، وغيرهما. وتوفي في السابع والعشرين من ذي القعدة.
4 (الحسين بن موسى بن فياض)
الإمام أبو علي الإسكندراني. من وجوه علماء الثغر. درس وأفتى، ومات في رجب. روى عنه: شيخنا الدمياطي عن عبد الرحمن مولى ابن باقا.

(47/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 360
وقد سمع أيضاً من علي بن البنا المكي.
4 (الحسين بن الحسن بن منصور)
أبو عبد الله السعدي، المقدسي الأصل، الدمياطي، الشافعي القاضي الملقب بزين الدين أخو الشيخ عبد الله. روى عن الحازمي بالإجازة. قال شيخنا الدمياطي: هو شيخي ومفقهي، درست عليه التنبيه وبعض المهذب، ومنخول الغزالي في أصول الفقه، وجمل الزجاجي. قال: وسمعت منه تصنيفه في البدع والحوادث. وكان صالحاً زاهداً، ما ركب دابةً في ولايته القضاء قط. مات بالصعيد في أحد الجمادين.
4 (حرف السين)

4 (سليمان شاه بن سعد الدين)

4 (شاهنشاه بن المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي.)
الأيوبي الحموي، تمفقر في شبيبته وصحب الفقراء، وحمل الركوة وحج. ثم إنه كاتب والدة الملك الناصر ابن سيف الإسلام صاحب اليمن، وكانت تغلبت على زبيد) وضبطت الأموال، وبقيت متلفتةً إلى مجيء رجل من بني أيوب ليقوم في الملك. وشاد له الأمر، وذلك في حدود نيف وستمائة، فبعثت إلى مكة من يكشف لها الأمور، فوقع مملوكها بسليمان شاه، فسأله عن

(47/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 361
اسمه ونسبه فأخبره، فكتب إليها فطلبته، فسار إلى اليمن وتزوجها وملكته، فعظم شأنه وملأ البلاد ظلماً وجوراً، واطرح زوجته وتزوج عليها. وكاتب السلطان العادل فجعل أول كتابه: إنه من سليمان، وإنه بسم الله الرحمن الرحيم. فاستقل السلطان عقله وعلم أنه لا بد له من قصد اليمن، فلما تفرغ جهز سبطه الملك المسعود أقسيس بن الكامل بن العادل في جيش، فدخل اليمن واستولى على مدائنها وحصونها، وقبض على سليمان شاه، فبعث به وبزوجته بنت سيف الإسلام إلى مصر، فأجرى لهما الكامل ما يقوم بمصالحهما، فلم يزل مقيماً بمصر إلى سنة سبع وأربعين، فخرج إلى الغزاة فاستشهد بالمنصورة.
4 (سيدة بنت عبد الغني)
أم العلاء العبدرية الغرناطية، العالمة. كانت حافظة للقرآن، مليحة الخط، كثيرة العبادة والبر والمعروف وفك الأسارى. ونسخت بخطها إحياء علوم الدين، وغير ذلك في دور الملوك. وتوفيت بتونس. أرخها الأبار.
4 (حرف الصاد)

4 (صديق بن رمضان)

4 (بن علي بن عبد الله.)
أبو الفضل، وأبو بكر الدمشقي، الصوفي، نزيل حلب. ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.

(47/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 362
وسمع من: القاضي أبي سعد بن عصرون، ويحيى الثقفي. روى عنه: شيوخنا ابن الظاهري، والدمياطي، وإسحاق النحاس. وتوفي في السادس والعشرين من شوال رحمه الله تعالى.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد)
) أبو محمد الصنهاجي النابلسي الطنجي، المغربي. سمع بسبتة من: أبي محمد ابن عبيد الله وبفاس من: أبي عبد الله الفندلاوي. وسمع كتاب شعب الإيمان من مؤلفه عبد الجليل بن موسى. وأجاز له أبو القاسم بن الملجوم، وأبو العباس بن مضاء. وولي قضاء شريش، ثم غرب عن وطنه إلى تونس سنة اثنتين وأربعين. وكان مشاركاً في علم الكلام. كتب عنه أبو عبد الله الأبار، وذكر أنه كان حياً في سنة سبع هذه.
4 (عبد الصمد الحجازي)
الشريف الزاهد، نزيل دمشق. كان مقيماً في المسجد الذي بين القصاعين والفشقار. توفي في جمادى الأولى وازدحم الناس على نعشه، رحمه الله.
4 (عبد العزيز بن عبد الوهاب)

4 (بن إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف.)
الفقيه أبو الفضل بن الفقيه أبي محمد بن العلامة أبي الطاهر بن عوف

(47/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 363
القرشي، الزهري، العوفي، الإسكندراني، المالكي، رشيد الدين. ولد سنة سبع وستين وخمسمائة، وسمع الموطأ من جده. وسمع من: أبي الطيب عبد المنعم بن الخلوف. وبمكة من: زاهر بن رستم. والعجب كيف لم يسمع من السلفي فإنه من بيت العلم والرواية والصلاح، وكان ورعاً، زاهداً، خيراً. ثنا عنه الحافظ أبو بكر الدمياطي، وكان عنده موطأ مالك. وروى عنه جماعة من المصريين. وعاش ثمانين سنة، ومات في عاشر صفر.
4 (عبد العزيز بن محمود)
الدمشقي، الحنبلي. حدث عن حنبل، وابن طبرزد.) وكان يقرأ على الجنائز بحلب. ويعرف بابن الأغماتي. روى عنه: الدمياطي، وإسحاق الصفار.
4 (عبد الكريم بن عبد الرحمن)

4 (بن أبي القاسم بن محمد.)
أبو محمد الموصلي المعبر، المعروف بابن الترابي. نزيل القاهرة. روى عن: أبي الفضل خطيب الموصل قطعةً من مشيخته. روى عنه: شيخنا الدمياطي، وجماعة. وقد أنبأ ابن البالسي أن هذا الشيخ أجاز له في سنة سبع هذه من ديار مصر، قال: أنا أبو الفضل عبد الله في جمادى الأولى سنة ست وسبعين وخمسمائة، فذكر حديثاً.

(47/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 364
قلت: ولم أقع بتاريخ وفاته، وهذه السنة آخر العهد به.
4 (عجيبة بنت الحافظ أبي بكر)

4 (محمد بن أبي غالب بن أحمد بن مرزوق الباقداري البغدادي.)
وتدعى ضوء الصباح. شيخة مسندة مشهورة. تفردت في الدنيا بالإجازة عن جماعة. وسمعت من: عبد الله بن منصور الموصلي، وعبد الحق اليوسفي، وجماعة. وأجاز لها مسعود الثقفي، وأبو عبد الله الرستمي، وأبو خير الباغبان، وابن عمه رشيد الباغبان، وهبة الله بن أحمد الشبلي البغدادي، ورجاء بن حامد المعداني، وغيرهم. وخرجوا لها مشيخةً في عشرة أجزاء. ولدت في صفر سنة أربع وخمسين وخمسمائة، وكانت امرأة صالحة. روى عنها: المحب عبد الله، وأحمد بن عبد الله بن عبد الهادي، وموسى بن أبي الفتح المقدسيون، ومحمد بن عبد المحسن الواعظ، وجماعة. وتوفيت في صفر وقد تحملت ثلاثاً وتسعين سنة. أنا ابن البالسي، عن عجيبة، أنا عبد الله، أنا ابن الطيوري، أنا الحسين الطناجيري، أنا أحمد بن إبراهيم البزاز، نا نفطويه، نا محمد بن عبد الملك، ثنا يزيد بن هارون، نا محمد بن مطرف، عن حسان بن عطية، عن أبي أمامة، أن

(47/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 365
النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحياء والعي شعبتان) من الإيمان والبذاء والبيان شعبتان من النفاق. وقد أجازت أيضاً لمحمد الباجدي، وبنت الواسطي، وجماعة. وتفردت عنها الشيخة زينب بنت الكمال فروت عنها الكثير في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، بل وفي سنة سبع وثلاثين، وفي سنة تسع وثلاثين.
4 (عقيل بن أبي الفتح)

4 (محمد بن يحيى بن مواهب بن إسرائيل.)
أبو الفتوح البرداني الخباز. سمع: أباه، وأبا الفتح بن شاتيل، وأبا السعادات القزاز، وعبد الله بن أحمد بن خميس السراج. وكان شيخاً صحيح السماع، لا بأس به. روى عنه: المحب ابن العماد، وغيره. وسمعنا بإجازته من أبي المعالي بن البالسي.
4 (علي بن أبي القاسم بن غزي)

(47/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 366
أبو الحسن الدمياطي الزاهد. ولد سنة ست وسبعين وخمسمائة. وروى عنه: ابن جبير الكناني. روى عنه: الحافظ عبد المؤمن. وكان أحد المشايخ المشهورين بالعبادة والصلاح. أسرته الفرنج عند استيلائهم على دمياط، وكانوا يعظمونه ويحترمونه لشهر صلاحته. توفي برباطه بالقرافة الكبرى، وقبره بالرباط ظاهر.
4 (عمر بن عبد الوهاب)

1 (بن محمد بن طاهر بن عبد العزيز.)
صفي الدين، أبو البركات القرشي، الدمشقي، المعدل، المعروف بابن البراذعي. ولد سنة ستين وخمسمائة تقريباً، وسمع من أبي القاسم بن عساكر، وأبي سعد بن أبي عصرون، وجماعة. وله مشيخة خرجها الزكي البرزالي.) وكان من عدول تحت الساعات. روى عنه: البرزالي مع تقدمه، وحفيد البرزالي، وابن الحلوانية،

(47/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 367
والدمياطي، وابن الظاهري، وقاضي القضاة ابن الجويني، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وإسماعيل بن عساكر، ومحمد بن عتيق الشروطي، وأبو المعالي محمد بن البالسي، وجماعة كثيرة.
4 (حرف القاف)

4 (قيصر بن آقسنقر)

4 (بن قفجق بن تكش)
التركماني الصوفي. جاور بمكة نحواً من ستين سنة. وحدث عن يونس بن يحيى الهاشمي. أخذ عنه الأبيوردي، والدمياطي، وجماعة. ومات في سلخ المحرم.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إسماعيل)

4 (بن عبد الجبار بن أبي الحجاج شبل بن علي.)
القاضي الرئيس ضياء الدين، أبو الحسين بن القاضي أبو الطاهر الجذامي الصويتي، المقدسي، ثم المصري. الأديب الكاتب. ولد في تاسع صفر سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وأبي محمد بن عساكر، وجماعة بمصر، وأبي الفتح المندائي بواسط، وأبي أحمد عبد الوهاب بن سكينة ببغداد، والخشوعي، وجمعة بدمشق. وعني بالحديث وخرج لجماعة وكتب. وهو من بيت رئاسة وفضيلة. سمع منه: الجمال بن شعيب، والنجيب الصفار، والضياء بن البالسي.

(47/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 368
وحدث عنه الشرف الدمياطي، والعماد بن البالسي، وجماعة.) طعنه الفرنج بالمنصورة طعنةً فحمل إلى القاهرة وأدركه أجله بسمنهود في خامس ذي القعدة، رحمه الله. وكان صاحب ديوان الجيش الصالحي.
4 (محمد بن عبد الله بن علي)
أوحد الدين القرشي، الزبيري، الدمشقي. ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بدمشق. وسمع: أبا طاهر الخشوعي، وغيره. روى عنه: ابن الحلوانية، ومحمد بن محمد الكنجي، وجماعة. ويعرف بابن الكعكي. توفي في ثامن رجب. وقد أجاز لي ابنه عبد الله بن الأوحد، رحمهما الله تعالى.
4 (محمد بن عبد الرحمن)

4 (بن محمد بن عشائر.)
الموصلي القبيعي. حدث بحلب عن: حنبل المكبر. وعنه: الدمياطي، وغيره. وكان شاهداً بحلب. وروى لنا عنه إسحاق الأسدي.
4 (محمد بن عبد الكريم)

4 (بن محمد بن أحمد بن أبي علي.)

(47/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 369
أبو جعفر بن أبي علي السيدي، الأصبهاني، ثم البغدادي الحاجب. ولد في ذي القعدة سنة أربع أو ثمان وستين وخمسمائة على قولين له. وسمعه أبوه من: أبي الحسن عبد الحق اليوسفي، وأبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل، وتجني الوهبانية، ونصر الله القزاز، ومسعود بن النادر، وخلق. وروى الكثير، وطال عمره.) روى عنه: ابن النجار، والمحب عبد الله المقدسي، وجمال الدين أبو بكر الشريشي، وأبو جعفر بن المقير، وطائفة. وتوفي في هذه السنة. كذا ذكره الشريف ولم يعين الشهر. أجاز لسعد الدين، والنجدي، وعلي بن السكاكري، وست الفقها بنت الواسطي، وبنت مؤمن، وخطبا ابنة البالسي، وابن العماد الكاتب. قال ابن النجار: سمع جده الكثير، ورأيت كتبه مكشوطاً أماكن لأبيه، وقد جعل عوضها اسمه. ولعمري لقد خلط على نفسه، وهو حريص على الرواية مكتسب بها وليس له فهم. قلت: تفردت بنت الكمال بإجازته. وقد ذمه المحب، وذكر أنه خوفه من الله في ادعاء إجازة فيها ابن الخشاب وغيره، وإنما هي لأخ له اسمه باسمه مات صغيراً، فادعاها أبو جعفر. وكان أخوه الذي مات يكنى أبا جعفر أيضاً. ويؤيد ذلك أنه سمع بعض جزء الطب للجلال، على عبد الحق في محرم سنة سبعين حضوراً وله سنتان.

(47/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 370
ثم قال المحب المذكور: وهذا بلاء ذميم شديد. وسماع هذا يدل على أنه ولد سنة ثمان وستين، وليس له سماع إلا بعد السبعين. ولقد فاوضته وخوفته وأنكرت عليه، وحضر عندي بعد أيام، وأخرج الإجازة التي بخط ابن شافع، وقد ضرب على ذلك الاسم في غير موضع، فقلت: ما هذا قال: لا أدري من فعل هذا، ولعل أحداً قصد أذاي فعل هذا. وأخذ يصر على أن المضروب عليه اسمه مع ضعف في النطق وارتعاد وتغير لون. فقلت: المصلحة أن تخفي هذه الإجازة وأقنع بما لك من السماع الصحيح. وهذا أمر عظيم يسألك عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فخجل وانكسر، ولا قوة إلا بالله.
4 (محمد بن غنائم بن بيان)
الدمشقي الحنفي، الواعظ. سمع من: إسماعيل الجنزوي، والفقيه مسعود بن شجاع الحنفي. ومات في ذي القعدة.
4 (محمد بن محمد بن علي)
المضري البصري، ثم البغدادي شهاب الدين التاجر.) روى عن: ابن الأخضر. وتوفي بمصر. روى عنه: الدمياطي.
4 (حرف النون)

4 (نجم الدين ابن شيخ الإسلام)
من الأمراء الصالحية، قتل على دمياط، فقال الملك الصالح: ما قدرتم تقفون ساعةً بين يدي الفرنج لما دخلوا دمياط، ولا قتل من العسكر إلا هذا الضيف.

(47/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 371
وكان هذا قد قفز من عند صاحب الكرك، ولما هجم الفرنج ودخلوا دمياط من باب خرج ابن شيخ الإسلام والعسكر من باب، وتوقف الفرنج ساعةً، وخافوا من مكيدة. وخرج أهل دمياط على وجوههم حيارى بنسائهم وصغارهم، ونهبوا في الطرقات، وتوصلوا إلى القاهرة.
4 (حرف الواو)

4 (وهيب بن عبد الخالق)

4 (بن عبد الله بن ملهم.)
أبو العبوس الكناني، المصري، أبو الحسين الأديب. حدث عن: البوصيري، والأرتاحي. وله شعر حسن رائق.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الواحد)

4 (بن الشيخ أبي حفص عمر الهنتاني.)
الأمير أبو زكريا صاحب إفريقية وتونس. كان أبوه نائباً لآل عبد المؤمن على إفريقية، فلما توفي والده جاء من قبل المؤمني الأمير عبو، فولي مدةً على إفريقية، فقام عليه يحيى هذا ونازعه وقهره، وغلب على إفريقية وتمكن وامتدت أيامه، وتملك بضعاً وعشرين سنة. واشتغل عنه بنو عبد المؤمن بأنفسهم.

(47/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 372
توفي بمدينة بونة في جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين، أو في سنة تسع يحرر.
4 (يوسف بن حسين)
) الرقام الموصلين البغدادي، المحدث. من مشاهير الطلبة. ورخه ابن أنجب.
4 (يوسف ابن شيخ الشيوخ صدر الدين)

4 (أبي الحسين محمد ابن شيخ الشيوخ أبي الفتح عمر بن علي بن محمد بن حمويه بن محمد)
بن حمويه. الأمير الصاحب، مقدم الجيوش الصالحية، فخر الدين، أبو الفضل الحموي الجويني الأصل، الدمشقي. ولد بدمشق سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وسمع: منصور بن أبي الحسن الطبري، وغيره. وبمصر عن: محمد بن يوسف الغرنوي. وحدث. وكان رئيساً عاقلاً مدبراً، كامل السؤدد، وخليقاً للإمارة، محبباً إلى الناس، سمحاً جواداً، لم يبلغ أحد من إخوته الثلاثة إلى ما بلغ من الرتبة. وقد حبسه السلطان نجم الدين سنة أربعين، وبقي في الحبس ثلاثة أعوام، وقاسى

(47/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 373
ضراً شديداً، وكان لا ينام من القمل، ثم أخرجه وأنعم عليه، وجعل نائب السلطنة. وكان يتعانى شرب النبيذ، نسأل الله العفو. فلما توفي السلطان ندبوا فخر الدين إلى السلطنة فامتنع، ولو أجاب لتم له الأمر. بلغنا عنه أنه قدم دمشق مع السلطان فنزل دار سامة فدخل عليه العماد ابن النحاس فقال له: يا فخر الدين إلى كم ما بقي بعد اليوم شيء. فقال: يا عماد الدين، والله لأسبقنك إلى الجنة. فصدق الله إن شاء الله قوله، واستشهد يوم وقعة المنصورة. ولما مات الصالح قام فخر الدين بأمر الملك، وأحسن إلى الرعية، وأبطل بعض المكوس، وركب الشاويشية، ولو أمهله القضاء لكان ربما تسلطن. بعث الفارس أقطاي إلى حصن كيفا لإحضار الملك المعظم تورانشاه ولد السلطان، فأحضره وتملك. وقد هم المعظم هذا بقتله، فإن المماليك الذين ساقوا إلى دمشق يستعجلون المعظم أوهموه أن) فخر الدين قد حلف لنفسه على الملك. واتفق مجيء الفرنج إلى عسكر المسلمين، واندفاع العسكر بين أيديهم منهزمين، فركب فخر الدين وقت السحر ليكشف الخبر، وأرسل النقباء إلى الجيش، وساق في طلبه، فصادف طلب الديوية، فحملوا عليه، فانهزم أصحابه وطعن هو فسقط وقتل. وأما غلمانه فنهبوا أمواله وخيله. قال سعد الدين ابن عمه: كان يوماً شديد الضباب فطعنوه، رموه، وضربوا في وجهه بالسيف ضربتين، وقتل عليه جمداره لا غير، وأخذ الجولاني قدور حمامه الذي بناه بالمنصورة، وأخذ الدمياطي أبواب داره، فقتل يومئذ

(47/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 374
نجم الدين البهنسي والشجاع ابن بوش. والتقية الكاتب ونهب خيم الميمنة جميعها. ثم تراجع المسلمون وأوقعوا بالفرنج، فقتل منهم ألف وستمائة فارس. ثم ضربت الفرنج خيمهم في هذا البر، وشرعوا في حفر خندق عليهم. قال: ثم شلنا فخر الدين وهو بقميص لا غير. وأما داره التي أنشأها بالمنصورة ذاتها في ذلك النهار خربت حتى يقال كان هنا دار هي بالأمس كانت تصطف على بابها سناجق سبعين أميراً ينتظرون خروجه، فسبحان من لا يحول ولا يزول. ثم حمل إلى القاهرة، وكان يوم دفنه مشهوداً، حمل على الأصابع، وعمل له عزاء عظيم. قتل رحمه الله يوم رابع ذي القعدة. ومن نظمه دوبيت:
(صيرّتُ فمي لفيه باللّثم لثام .......... غصباً ورشقت من ثناياه مُدام)

(فاغتاض وقال: أنت في الفقه إمام .......... يقي خمرٌ وعندك الخمرُ حرام)
وله:
(في عشقك قد هجرتُ أُمّي وأبي .......... الرّاحةُ للغير وحظّي تعبي)

(يا ظالم في الهوى أما تُنصفي .......... وحّدتُك في العشق فلم تُشرك بي)
وله أيضاً من الشعر:
(وتعانقنا، فقُل ما .......... شئت من ماءٍ وخمر)

(وتعاقبنا فقُل ما .......... شئت من غنج وسحر)

(ثمّ لمّا أدبر اللّيلُ .......... وجاء الصُّبح يجري)

(قال: إيّاك تلاشى .......... بك بدري. قلت: بدري)
) وله:

(47/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 375
(إذا تحقّقتم بما عند عبدكم .......... من الغرام فذاك القدر يكفيه)

(أنتم سبيتم فؤادي وهو منزلكم .......... وصاحب البيت أدرى بالّذي فيه)

4 (يوسف بن محمود)

4 (بن الحسين بن الحسن بن أحمد.)
شمس الدين أبو يعقوب الساوي. الدمشقي المولد، المصري الصوفي، ويعرف بابن المخلص. ولد في ربيع الأول سنة ثمان وستين وخمسمائة. وسمع من: السلفي، والتاج محمد بن عبد الرحمن المسعودي، وعبد الله بن بري، والبوصيري، وغيرهم. روى عنه: الحافظ عبد العظيم. وطال عمره وشاع ذكره. نا عنه: أبو محمد الدمياطي، والشرف حسن بن الصيرفي، وأبو المعالي الأبرقوهي، وأبو الفتح بن القيسراني، والشرف محمد بن عبد الرحيم القرشي، والأمين محمد بن أبي بكر الصفار، وطائفة. وتوفي في حادي عشر رجب، وكان من صوفية خانقاه سعيد السعداء.

(47/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 376
4 (الكنى)

4 (أبو الحسين بن عبد الخالق)
الكناني، الأديب، المعروف بالبراد. اسمه وهيب، قد ذكر. وهو من شيوخ الدمياطي. وفيها ولد: شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد الولي بن جبارة المقرىء، شهاب الدين محمد بن أحمد بن شبل الجزري، مفتي المالكية، وسعد الدين سعد الله بن نجيح الحراني الأديب، وعلي بن عمر بن عبد الله بن عمر بن خطيب بيت الآبار، في جمادى الأولى، ومحمد بن يونس بن أحمد الحنفي المؤذن،) والنجم أبو بكر بن بهاء الدين محمد بن محمد بن خلكان، والصائن محمد بن عبد الله بن محمد بن حسان، في شوال، والشهاب أحمد بن أبي العز بن صالح الأذرعي، والنجم عبد الرحيم بن محمود بن أبي النور، وصفي الدين محمود بن أبي بكر الأرموي، المحدث بالقرافة، وشرف الدين أحمد بن عيسى بن الشيرجي، في ربيع الآخر، والنجم أحمد بن تاج الدين ابن القسطلاني، حضر أيضاً السبط، والجمال يوسف بن إبراهيم قاضي إبل السبوق، والبهاء محمد بن نصر الله بن سني الدولة، والعلاء علي بن محمد بن أبي بكر بن قاسم الإربلي، ثم الدمشقي التاجر، والنجم إبراهيم بن المسيب بن أبي الفوارس،

(47/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 377
وأمين الدين محمد بن محمد بن هلال الأزدي، ونور الدين علي بن يوسف بن جرير الشطنوفي المقرىء في قول، وشرف الدين محمد بن شريف بن يوسف بن الوحيد، الكاتب الزرعي بدمشق، والشرف يعقوب بن أحمد، أخو قاضي الحصن، وإبراهيم بن محمد بن الظاهري الصالحي.

(47/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 378
1 (سنة ثمان وأربعين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن محمد بن عبد العزيز)

4 (بن الحسين بن عبد الله بن الحسين بن أحمد.)
فخر القضاة أبو الفضل بن الجباب التميمي السعدي المصري المالكي العدل، ناظر الأوقاف. ولد سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسمع: السلفي، وأبا المفاخر بن المأموني، وعبد الله بن بري النحوي. وحدث بصحيح مسلم مرات عديدة عن المأموني. روى عنه: الحافظان المنذري والدمياطي، وجمال الدين ابن الظاهري، وفتح الدين ابن القيسراني، والشيخ محمد القزاز الحراني، وطائفة سواهم. وكان صحيح السماع. قال الدمياطي: قرأت عليه صحيح مسلم مرتين، وكان محسناً إلي، باراً بي.

(47/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 379
وقال غيره: كان أبوه وزيراً جليلاً. توفي ليلة الحادي والعشرين من رمضان.
4 (أحمد بن الرضى عبد الرحمن)

4 (بن محمد بن عبد الجبار.)
المقدسي. سمع: ابن طبرزد، جماعة. وعنه: الدمياطي، وقال: مات بين العيدين.
4 (أحمد بن يوسف بن علي)
الفقيه الشريف عماد الدين أبو نصر العلوي الحسني الموصلي، الحنفي. ولد سنة نيف وستين وخمسمائة، وتفقه على التاج حمد بن محمد الحنفي. وسمع من: الشريف أبي هاشم عبد المطلب، وغيره بحلب. روى عنه: الدمياطي وقال: توفي بحلب وإسحاق الصفار.
4 (إبراهيم بن ظافر)
) أبو إسحاق الدمياطي، المهندس المعروف بابن بقا المنجنيقي. سمع بدمشق من زين الأمناء، وبدمياط من إبراهيم بن سماقا قاضي دمياط. وأجاز له البوصيري وجماعة. روى عنه الدمياطي، وقال: قتلته الفرنج على رأس المنجنيق لما فتحوا دمياط في ذي القعدة.

(47/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 380
4 (إبراهيم بن محمود)

4 (بن سالم بن مهدي)
أبو محمد، وأبو إسحاق الأزجي، المقرىء، المصروف بابن الخير الحنبلي. ولد في آخر سنة ثلاث وستين. سمع الكثير من: أبي الحسين عبد الحق، وشهدة، وخديجة النهروانية، والحسن بن شيرويه، وعبد الله بن شاتيل وغيرهم. وأجاز له أبو الفتح بن البطي، وجماعة. وقرأ بالروايات على جماعة. وكان صالحاً، ديناً، فاضلاً، دائم البشر. روى الكثير وأقرأ مدةً طويلة، وطال عمره ورحل إليه. روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، ومجد الدين العديمي، وجمال الدين الشريشي، والخطيب عز الدين الفاروثي، وتقي الدين ابن الواسطي، والشيخ محمد السمعي، والشيخ محمد القزاز، والشيخ عبد الرحمن بن المقير، وأبو القاسم بن بلبان، وأبو الحسن الغرافي، وخلق كثير. وكان شيخنا الدمياطي يتندم لكونه لم يدر أن جزء الحفار سماعه إلا بعد موته، وقال لنا: مات في سابع عشر ربيع الآخر وكانت جنازته مشهودة. قال ابن النجار: كتب بخطه كثيراً من الكتب المطولات، ولقن خلقاً. كتب عنه شيئاً يسيراً على ضعف فيه.

(47/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 381
4 (إبراهيم بن محمود بن جوهر)
الشيخ الزاهد أبو إسحاق البعلبكي، الحنبلي، المقرىء البقاعي، والد شيختنا المعمرة فاطمة. روى عن: أبي اليمن الكندي وصحب الشيخ العماد مدةً، وقرأ عليه القرآن، وجمع له سيرةً حسنة في جزء مفرد، وكتب بخطه العلم والحديث. وتفقه على الشيخ الموفق، وغيره.) وكان من سادة المشايخ في وقته علماً وزهداً وعبادة. كان يلقن الناس ويحرص عليهم. وأقام بالعقيبة مدةً. ذكره الشيخ شمس الدين بن أبي عمر فقال: عرفته ثلاثين سنة، ما سمعت منه كلمة يعتذر منها. قلت: رجع في آخر عمره إلى بعلبك وحدث بها. روى لنا عنه: الشيخ قطب الدين موسى بن الفقيه، والشهاب ابن بابا جوك، والقاضي تقي الدين سليمان. وتوفي في نصف رجب، ودفن إلى جانب شيخه عبد الله اليونيني، رحمة الله عليهما. وقد صحب أيضاً الشيخ عبد الله البطائحي مدةً، وكان به خصيصاً.

(47/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 382
وكان الشيخ تقي الدين ابن الواسطي يثني على الشيخ إبراهيم بن جوهر كثيراً وقال: كان رجلاً محقاً.
4 (إسحاق بن سلطان)

4 (بن جامع بن عويش بن شداد.)
شرف الدين التميمي، الدمشقي، الحنفي، المؤذن بالعقيبة. سمع من: الخشوعي، وغيره. روى عنه: ابن الحلوانية، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو علي بن الخلال، وجماعة. وابن البالسي حضوراً. توفي في جمادى الأولى.
4 (إسماعيل)
السلطان الملك الصالح عماد الدين أبو الجيش ابن الملك العادل أبي بكر محمد بن أيوب بن شاذي، صاحب بعلبك، وبصرى، ودمشق.

(47/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 383
ملك دمشق بعد موت أخيه الملك الأشرف، وركب بأبهة السلطنة، وخلع على الأمراء، وبقي أياماً، فلم يلبث أن نازل دمشق الملك الكامل أخوه فأخذها منه، وذهب هو إلى بعلبك. ثم هجم هو وصاحب حمص على دمشق فتملكها في سنة سبع وثلاثين كما هو مذكور في الحوادث. وبدت منه هنات عديدة، واستعان بالفرنج على حرب ابن أخيه، وأطلق لهم حصن الشقيف. ثم) أخذت منه دمشق في سنة ثلاث وأربعين، وذهب إلى بعلبك فلم يقر له قرار، والتف عليه الخوارزمية. وتمت له خطوب طويلة فالتجأ إلى حلب. وراحت منه بصرى وبعلبك، وبقي في خدمة ابن ابن أخيه الملك الناصر. فلما سار الناصر لأخذ الديار المصرية ومعه الملك الصالح، أسر الصالح فيمن أسر وحبس بالقاهرة، ومروا به أسيراً على تربة ابن أخيه الصالح نجم الدين، فصاحت البحرية، وهم غلمان نجم الدين: يا خوند أين عينك تبصر عدوك. قال سعد الدين في تاريخه: وفي سلخ ذي القعدة أخرجوا الصالح إسماعيل من القلعة ليلاً، ومضوا به إلى الجبل، فقتلوه هناك، وعفي أثره. قلت: حصل له خير بالقتل والله يسامحه. وقد رأيت لديه الملك المنصور والملك السعيد والد الكامل. وقد روى عن أبيه جزءاً من المحامليات، قرأه عليه السيف ابن المجد. وكان له إحسان إلى المقادسة، ولكن جناياته على المسلمين ضخمة. قال ابن واصل: لما أتي بالملك الصالح إسماعيل إلى الملك المعز وإنما أتي صبيحة الوقعة، أوقف إلى جانبه. قال حسام الدين ابن أبي علي: فقال لي المعز: يا خوند حسام الدين، أما تسلم على المولى الملك الصالح

(47/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 384
قال: فدنوت منه وسلمت عليه. ثم دخل الملك المعز، وقد انتصر، القاهرة. قال ابن واصل: كان يوماً مشهوداً، فلقد رأيت الملك الصالح إسماعيل وهو بين يدي المعز، وإلى جانبه الأمير حسام الدين ابن أبي علي، فحكى لي حسام الدين قال: قلت له: هل رأيتم القاهرة قبل اليوم قال: نعم، رأيته مع الملك العادل وأنا صبي. ثم إنه اعتقل الصالح بالقلعة أياماً، ثم أتاه ليلة السابع والعشرين من ذي القعدة عز الدين أيبك الرومي وجماعة من الصالحية إلى الدار التي هو فيها، وأمروه أن يركب معهم، فركب، ومعهم مشعل، فمضوا به إلى باب القلعة من جهة القرافة، فأطفؤا المشعل وخرجوا به. وكان آخر العهد به. فقيل إنه خنق كما أمر هو بخنق الملك الجواد. قال: وكان ملكاً شهماً، يقظاً، محسناً إلى جنده، كثير التجمال. وكان أبوه العادل كثير المحبة) لأمه، وكانت من أحظى حظاياه عنده. ولها مدرسة وتربة بدمشق.
4 (أمين الدولة)
الصاحب أبو الحسن السامري ثم المسلماني، وزير الملك الصالح عماد الدين إسماعيل. قال أبو المظفر الجوزي: ما كان مسلماً ولا سامرياً، بل كان يتستر بالإسلام ويبالغ في هدم الدين. فقد بلغني أن الشيخ إسماعيل الكوراني قال له

(47/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 385
يوماً: لو بقيت على دينك كان أصلح لأنك تتمسك بدين في الجملة. أما الآن فأنت مذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. قال: وآخر أمره شنق بمضر، وظهر له من الأموال والجواهر ما لا يوصف. فبلغني أن قيمة ما ظهر له ثلاثة آلاف ألف دينار. ووجد له عشرة آلاف مجلد من الكتب النفيسة. قلت: وإليه تنسب المدرسة الأمينية ببعلبك. حبس بقلعة مصر مدة، فلما جاء الخبر الذي لم يتم بأخذ الملك الناصر صاحب الشام الديار المصرية كان السامري في الجب هو وناصر الدين بن يغمور أستاذ دار الصالح إسماعيل، وسيف الدين القيمري والخوارزمي، صهر الملك الناصر، فخرجوا من الجب وعصوا في القلعة، ولم يوافقهم القيمري، بل جاء وقعد على باب الدار التي فيها حرم عز الدين أيبك التركماني وحماها. وأما أولئك فصاحوا بشعار الملك الصالح، ثم كانت الكرة للترك الصالحية، فجاءوا وفتحوا القلعة وشنقوا أمين الدولة وابن يغمور والخوارزمي. وقد ذكرنا في ترجمة القاضي الجيلي بعض أخبار أمين الدولة، وهو أبو الحسن ابن غزال بن أبي سعيد، ولما أسلم لقب بكمال الدين. وكان المهذب السامري وزير الأمجد عمه، وكان أمين الدولة ذكياً، فطناً، واهياً، شيطاناً، ماهراً في الطب. عالج الأمجد واحتشم في أيامه، فلما تملك الصالح إسماعيل بعلبك وزر له ودبر مملكته، فما غلب على دمشق استقل بتدبير المملكة، وحصل لمخدومه أموالاً عظيمة، وعسف وظلم. ثم لما عجز الصالح عن دمشق وتسلمها نواب الصالح نجم الدين، احتاطوا على أمين الدولة واستصفوا أمواله، وبعثوه إلى قلعة مصر فحبس بها خمس سنين. وأكثر هو وجماعة من أصحاب الصالح.

(47/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 386
4 (الأياز بن عبد الله)
أبو الخير الشهرزوري القضائي، مولاهم.) شيخ مسن، سمع من: خطيب الموصل أبي الفضل عبد الله. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وأجاز للعماد ابن البالسي في هذا العام، وانقطع خبره.
4 (حرف التاء)

4 (تورانشاه بن أيوب)

4 (بن محمد بن العادل.)
السلطان الملك المعظم غياث الدين، ولد السلطان الملك الصالح نجم الدين.

(47/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 387
لما توفي الصالح جمع فخر الدين ابن الشيخ الأمراء وحلفوا لهذا، وكان بحصن كيفا، ونفذوا في طلبه الفارس أقطايا، فساق على البريد، وأخذ على البرية به أيضاً لئلا يعترضه أحد من ملوك الشام، فكاد أن يهلك من العطش، ودخل دمشق هو ومن معه، وكانوا خمسين فارساً، ساروا أولاً إلى جهة عانة وعدوا الفرات، وغربوا على بر السماوة. ودخل دمشق بأبهة السلطنة في أواخر رمضان، ونزل القلعة وأنفق الأموال، وأحبه الناس. ثم سار إلى الديار المصرية بعد عيد الأضحى، فاتفق كسرة الفرنج، خذلهم الله، عند قدومه، ففرح الناس وتيمنوا بطلعته. لكن بدت منه أمور نفرت منه القلوب، منها أنه كان في خفة وطيش. قال الشيخ قطب الدين: كان الأمير حسام الدين ابن أبي علي ينوب للصالح نجم الدين فسير القصاد عند موته سراً إلى المعظم بحصن كيفا يستحثه على الإسراع، فسار مجداً، ونزل بحصن كيفا ولده الملك الموحد عبد الله وهو ابن عشر سنين، وسار يعسف البادية خوفاً من الملوك الذين في طريقه، فدخل قلعة دمشق، ثم أخذ معه شرف الدين الوزير هبة الله الفائزي. وكان حسام الدين المذكور قد اجتهد في إحضاره مع أن والده كان يقول: ولدي ما يصلح للملك. وألح عليه الحسام أن يحضره فقال: أجيبه إليهم يقتلونه. فكان كما قال. وقال سعد الدين بن حمويه: قدم المعظم فطال لسان كل من كان خاملاً في أيام أبيه، ووجدوه مختل العقل، سيء التدبير. ودفع خبز فخر الدين ابن الشيخ بحواصله لجوهر الخادم للالاته. وانتظر الأمراء أن يعطيهم كما أعطى أمراء دمشق، فلم يروا لذلك أثراً. وكان لا يزال يحرك كتفه الأيمن مع نصف وجهه. وكثيراً ما يولع بلحيته، ومتى سكر

(47/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 388
ضرب الشمع بالسيف، فقال: هكذا أريد أن أفعل) بغلمان أبي. ويتهدد الأمراء بالقتل. فتشوش قلوب الجميع ومقتته الأنفس، وصادف ذلك بخلاً. قلت: لكنه كان قوي المشاركة في العلوم، حسن المباحث، ذكياً. قال أبو المظفر الجوزي: بلغني أنه كان يكون على السماط بدمشق، فإذا سمع فقيهاً يقول مسألةً قال: لا نسلم. يصيح بها. ومنها أنه احتجب عن أمور الناس، وانهمك على الفساد مع الغلمان على ما قيل، وما كان أبوه كذلك، وقيل إنه تعرض لحظايا أبيه. وكان يشرب، ويجمع الشموع، ويضرب رؤوسها بالسيف ويقول: كذا أفعل بالبحرية يعني مماليك أبيه. ومنها أنه قدم الأراذل وأخر خواص أبيه. وكان قد وعد الفارس أقطاي لما قدم إليه إلى حصن كيفا أن يؤمره فما وفى له، فغضب. وكانت أم خليل زوجة والده قد ذهبت من المنصورة إلى القاهرة، فجاء هو إلى المنصورة، وأرسل يتهددها ويطالبها بالأموال، فعاملت عليه. فلما كان اليوم السابع والعشرين من المحرم من هذا العام ضربه بعض البحرية وهو على السماط، فتلقى الضربة بيده، فذهبت بعض أصابعه، فقام ودخل البرج الخشب الذي كان قد عمل هناك، وصاح: من جرحني فقالوا: بعض الحشيشية. فقال: لا والله إلا البحرية. والله لأفنينهم. وخيط المزين يده وهو يتهددهم، فقالوا يما بينهم: تمموه وإلا أبادنا. فدخلوا عليه، فهرب إلى أعلى البرج، فرموا النار في البرج ورموا بالنشاب، فرمى بنفسه، وهرب إلى النيل وهو يصيح: ما أريد ملكاً، دعوني أرجع إلى الحصن يا مسلمين، أما فيكم من يصطنعني فما أجابه أحد. وتعلق بذيل الفارس أقطاي، فما أجاره،

(47/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 389
فقيل إنه هرب من النشاب، ونزل في الماء إلى حلقه، ثم قتلوه، وبقي ملقىً على جانب النيل ثلاثة أيام منتفخاً، حتى شفع فيه رسول الخليفة فواروه. وكان الذي باشر قتله أربعة، فلما قتل خطب على منابر الشام ومصر لأم خليل شجر الدر معشوقة الملك الصالح، وكانت ذات عقل وفطنة ودهاء. قال أبو شامة: قتلوه وأمرا عليهم شجر الدر، فأخبرني من شاهد قتله أنه ضرب أولاً، فتلقى السيف بيده فجرحت، واختبط الناس، ثم قالوا: بعد جرح الحية لا ينبغي إلا قتلها، فلبسوا) وأحاطوا بالبرج الذي صنع له في الصحراء لمغازلة الفرنج، فأمروا زراقاً بإحراق البرج، فامتنع، فضروا عنقه، وأمروا آخر فرماه بالنفط، فهرب من بابه، وناشدهم الله بالكف عنه، وأنه يقلع عما نقموا عليه، فما أجابوه، فدخل في البحر إلى حلقه، فضربه البندقداري بالسيف، وقيل: ضربه على عاتقه، فنزل السيف من تحت إبطه الأخرى. وحدثت أنه بقي يستغيث برسول الخليفة: يا أبي عز الدين أدركني. فجاء وكلمهم فيه، فردوه وخوفوه من القتل، فرجع، فلما قتلوه نودي: لا بأس، الناس على ما هم عليه، وإنما كانت حاجةً قضيناها. واستبدوا بالأمر، وسلطنوا عليهم عز الدين أيبك التركماني، ولقبوه بالملك المعز. وساروا إلى القاهرة. قال ابن واصل: ولما دخل المعظم قلعة دمشق قامت الشعراء، فابتدأ شاعر بقصيدة قال أولها:
(قُل لنا كيف جئت من حصن كيفا .......... حين أرغمت للأعادي أُنُوفا)
فقال المعظم في الوقت:
(الطّريق الطّريق يألف نحسٍ .......... مرّةً أمناً وطوراً مخوفا)

(47/389)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 390
فاستطرفه الناس واشتهر بذلك. ثم إنه سار فلما قطع الرمل ونزل قصر الصالحية وقع من حينئذ التصريح بموت أبيه. وكان مدة كتمان موته ثلاثة أشهر. وكان يخطب له ثم بولاية العهد للمعظم. ثم قدم إلى خدمته نائب سلطنة مصر حسام الدين بن أبي علي الذي كان أستاذ دار أبيه وأتابك جنده في حصن كيفا، فخلع عليه خلعةً تامة وسيفاً محلى وفرساً بسرج محلى، وثلاثة آلاف دينار. قال ابن واصل: وكنت يومئذ مع حسام الدين، فذكرني للسلطان، فأتيت وقبلت يده، ثم حضرت أنا وجماعة من علماء المصريين عنده، فأقبل علينا. وذكر ابن نباتة مشاكلة للخطيبين عماد الدين وأصيل الدين الإسعردي، فلم ينطقها لخلوهما من فضيلة، فقلت: إن بعض الناس رد عليه في قوله الحمد لله الذي إن وعدني وفا وإن أوعد عفا: كأنه نظر إلى قول الشاعر:
(لمخلف إيعادي .......... ومُنجز معدي)
وهذا مدح لآدمي، لكنه لا يكون مدحاً في حق الله إذ الحلف في كلامه محال عقلاً. فأقبل علي وقال: أليس الله يعفو بعد الوعيد) فقلت: يا خوند هذا حق، لكنه يكون وعيده مخلفاً، فإذا عفى عن شخص من المتواعدين علم أنه ما أراده بذلك العموم، أما إذا توعد شخصاً بعينه بعقوبة، فلو لم يعاقبه لزم الخلف في خبره، وهو محال. فأعجبه، وأخذ يحادثني في أشياء من علم الكلام وغيره من الأدب، فتكلم كلاماً حسناً. ثم رجح أبا تمام على المتنبي، وأشار إلى حسام الدين وقال: الأمير حسام الدين يوافقني على ترجيحه. ثم وصلنا إلى المنصورة لسبع بقين من ذي القعدة، فنزل بقصر أبيه، فلو أحسن إلى مماليك أبيه لوازروه، ولكنه اطرحهم وجفاهم ففسدت أحواله، وقدم

(47/390)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 391
جماعة من علماء القاهرة كابن عبد السلام، وابن الجميزي، وسراج الدين الأرموي، ووجدوا سوق الفضائل عنده نافقة.
4 (حرف الحاء)

4 (الحافظة)
اسمها أرغوان، عتيقة الملك العادل. وهي التي ربت الملك الحافظ صاحب قلعة جعبر. كانت بدمشق، وكانت تبعث إلى القلعة بالأطعمة والثياب إلى الملك المغيث عمر بن الملك الصالح نجم الدين أيوب وهو محبوس، فحقد عليها الصالح إسماعيل، وصادرها وأخذ منها أموالاً كثيرة. بنت لها تربةً مليحة فوق عين الكرش، ووقفت دارها بدمشق على خدامها، وعاشت زماناً.
4 (الحسن بن أبي طاهر)

4 (إبراهيم بن سعيد بن يحيى بن محمد بن الخشاب.)
الحلبي. من كبراء الحلبيين، وهم بيت الحشمة وتشيع. مات في جمادى الآخرة.
4 (الحسن بن الحسن بن محمد)

4 (بن العمراني.)
أبو محمد الموصلي، المعروف بابن الأثير شرف الدين. حدث عن: يحيى الثقفي، وعبد الله بن علي بن سويد التكريتي.

(47/391)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 392
روى عنه: شيخنا الدمياطي، وقال: توفي في ربيع الأول.)
4 (الحسن بن الحسين بن إبراهيم)

4 (بن غسان بن موسى.)
أبو علي الداري التميمي، الخليلي، العدل، التاجر. ولد ببلبيس سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسمع ببغداد من: عبد الله بن دهبل بن كارة. وكان من أعيان التجار المتمولين. توفي بمصر في سادس عشر رمضان، ومدحه الوزير فخر الدين عمر بن الخليلي.
4 (حرف الخاء)

4 (خديجة بنت المحدث أبي الميمون)

4 (عبد الوهاب بن عتيق بن هبة الله بن وردان.)
أم الخير المصرية. سمعها أبوها من: عبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي، وعبد المجيب بن زهير، وجماعة. وسمعت حضوراً من البوصيري. روى عنها: الدمياطي، وغيره. توفيت في ذي الحجة.
4 (خلجان بن عبد الوهاب)

4 (بن محمود.)
أبو محمد العمري، المصري، المالكي، الضرير، المقرىء. قرأ القراءآت، وتصدر لإقرائها بالجامع العتيق. وقرأ على الكبار فإنه ولد سنة أربع وستين وخمسمائة. وسمع من: البوصيري، وجماعة. وتوفي في سلخ ربيع الآخر. وكان فقيراً قانعاً، رحمه الله.

(47/392)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 393
4 (حرف الدال)

4 (داود بن سليمان)

4 (بن عبد الوهاب بن الشيخ عبد القادر.)
) أبو سليمان الجيلي، ثم البغدادي. سمع من: جده عبد الوهاب. روى عنه: شيخنا الدمياطي، وقال: توفي في ربيع الأول. ودفن عند آبائه بمقبرة الحلبة.
4 (حرف السين)

4 (سالم بن مساهل بن سالم)
الحجري، الإسكندراني. روى عن: حماد الحراني. وتوفي بالإسكندرية في نصف ربيع الآخر، رحمه الله تعالى.
4 (حرف الضاد)

4 (ضياء الدين القيمري)
من كبار الأمراء الناصرية. قتل بين يدي الملك المعز صبراً مع الأمير شمس الدين لؤلؤ بآخر رمل مصر.
4 (حرف العين)

4 (عامر بن مكي بن غالب)
البغدادي المقرىء، الخطيب، الضرير. سمع: عبد الوهاب بن سكينة، وجعفر بن أموسان.

(47/393)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 394
روى عنه: الدمياطي. وتوفي في شعبان.
4 (عبد الله بن محمد بن أيوب)
الخطيب، أبو محمد التجيبي الجياني. روى عن: أبي الحسين بن زرقون، وأبي الخطاب بن واجب. وألف جزءاً في السترة في الصلاة ومذاهب الناس فيها. سمع منه: ابن الزبير الثقفي، وقال: مات في ربيع الأول.
4 (عبد الله بن أحمد بن محمد)
)
4 (بن عطية.)
أبو محمد القيسي المالكي، المالقي. قال الشريف عز الدين: مولده سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الحجاج المالقي، وأبي محمد عبد الله بن القرطبي الحافظ. وأجاز له: أبو عبد الله بن زرقون، وخلق كثير. ورحل وحج وسمع من: مرتضى بن أبي الجود، وجعفر الهمداني. وكتب حديثاً كثيراً. وكان شيخاً مسناً من صلحاء المسلمين. توفي في هذه السنة. قلت: ذكره الأبار في سنة ست وأربعين مختصراً. وقد ذكره أبو جعفر بن الزبير في برنامجه وعظمه وأثنى عليه، وقال فيه: الزاهد العارف اللغوي الحافظ. أجاز له عبد الحق صاحب الأحكام، وأبو الطاهر بن عوف ثم سمى جماعة. قال: وأخذ في رحلته سنة تسع عشرة وستمائة عن نيف وستين شيخاً، وكان يغيب كثيراً عن مدينة مالقة بأملاكه.

(47/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 395
مولده سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ثمان.
4 (عبد الرحمن بن يوسف بن محمد)
أبو معتوق الحربي، المعروف بابن الكل. ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد المغيث بن زهير، ويعقوب بن يوسف المقرىء، والمبارك بن المبارك بن المعطوش، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وقال: توفي في أول رجب.
4 (عبد السلام بن علي بن هبة الله)
الفقيه أبو محمد المصري المعدل. روى عن محمد بن عبد الله بن البنا. ومات في المحرم بمصر.)
4 (عبد العزيز بن يوسف)

4 (بن أبي الفرج بن المهذب.)
أبو محمد التنوخي الحموي، ثم الدمشقي. سمع من: عبد اللطيف بن سعد، والقاسم بن عساكر، وحنبل. وكان صالحاً زاهداً، كثير الحج والتلاوة. روى عنه: ابن الحلوانية، وغيره. ومات في رجب.
4 (عبد الغني بن فاخر)
مهتار الفراشين بدار الخلافة. وكان حسن الزي، كثير التنعم جداً. نفقته في الشهر فوق مائة وخمسين ديناراً، وله عدة حظايا. وكان مهووساً بأمر الدن ويزعم أنه يستحضرهم. وله وقف وبر.

(47/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 396
وعاش نيفاً وسبعين سنة.
4 (عبد القدوس بن عرفة بن علي)
أبو أحمد بن البقلي، البغدادي، المقرىء. روى عن أبيه أبي المعالي جزءاً عن أبي الكرم الشهرزوري. أخذ عنه: الدمياطي، وغيره. مات في صفر.
4 (عبد المحسن بن زين بن سلطان)
الكناني، المقرىء، المصري. قرأ القراءآت، وتصدر لإقرائها بالقاهرة. وسمع من: علي بن المفضل الحافظ. توفي في العشرين من شعبان وله ثمان وسبعون سنة. روى عنه والدمياطي من شعره.
4 (عبد الملك بن عبد السلام)

4 (بن إسماعيل بن عبد الرحمن.)
) الفقيه مجد الدين، أبو محمد اللمغاني، ثم البغدادي، الحسني. روى عن: أحمد بن أزهر السباك، وغيره. وكان مدرس مشهد أبي حنيفة ببغداد. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في ذي الحجة.

(47/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 397
4 (عبد الوهاب بن ظافر)

4 (بن علي بن فتوح بن الحسين بن إبراهيم.)
المحدث المسند رشيد الدين، أبو محمد بن رواج، وهو لقب أبيه، الأزدي، أو القرشي، فيحرر، الإسكندراني، المالكي، الجوشني. ولد سنة أربع وخمسين، وسمع الكثير من: السلفي، ومخلوف بن مارة الفقيه، وأبي الطاهر بن عوف، وأبي طالب أحمد بن المسلم اللخمي، والمشرف بن علي الأنماطي، وأحمد ومحمد ابني عبد الرحمن الحضرمي، ومقاتل بن عبد العزيز البرقي، وظافر بن عطية اللخمي، ومحمد بن القاسم الفاسي، ويحيى بن عبد المهيمن بن قلينا، ومحمد بن محمد المراكشي، وعبد الواحد بن عسكر، وغيرهم. وكتب بخطه الكثير، وخرج لنفسه أربعين حديثاً. وكان فقيهاً لبيباً، فاضلاً، ديناً، صحيح السماع، متواضعاً، سهل الانقياد، وانقطع بموته شيء كثير. روى عنه: ابن نقطة، وابن النجار، والزكي المنذري، والرشيد العطار، وابن الحلوانية، والدمياطي، والضياء السبتي، والشرف حسين بن الصيرفي، والتاج علي الغرافي، والشهاب أحمد بن الدفوفي، والطواشي بلال المعيني، ومحمد بن النضير بن الأصفر، وشهاب بن علي، وأبو بكر بن ثابت البشطاري، ومحمد بن أبي القاسم الصقلي، والشمس عبد القادر بن الحظيري، والشرف محمد بن عبد الرحيم بن النشر، وخلق كثير. وحدث بالإسكندرية، والقاهرة.

(47/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 398
سمعت عبد المؤمن الحافظ يقول: قرأ ابن شحانة على ابن رواج فقال: الإبط، بكسر الباء، فقال: لا تحركه يفح صنانه.) توفي ابن رواج في ثامن عشر ذي القعدة، وختم أصحابه بيوسف بن عمر الجيني، يعني بالسماع.
4 (عثمان بن عبد الواحد)

4 (بن عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى بن علي.)
مجد الدين، أبو عبد الله القرشي، الدمشقي. سمع من: جده زين القضاة أبي بكر، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وحنبل، وغيرهم. وأضر بأخرة، وانقطع عن الناس. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي الخلال، والصدر الأرموي، والعماد بن البالسي، وآخرون. توفي في رجب.
4 (علي بن سالم بن أبي بكر)

4 (بن سالم.)
أبو القاسم البعقوبي، الخشاب. ولد قبل السبعين وخمسمائة، وسمع من: عبيد الله بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وغيرهما. كتب عنه: عمر بن الحاجب، والكبار. وروى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. وأجاز لجماعة من شيوخنا. وتوفي في الخامس والعشرين من رمضان ببغداد.

(47/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 399
4 (علي بن عبد المجيد)

4 (بن محمد بن محمد.)
أبو الحسن الكركنتي، الإسكندراني. وكركنت: من قرى القيروان. حدث عن: القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي. مات في رمضان.
4 (عمر بن إسحاق)
فخر الدين، أبو حفص الدورقي.) صدر معظم كبير، واسع الجاه، كان ذا رتبة. راتبه كل يوم خمسمائة رطل خبز، إلى مثل ذلك من اللحم والأدم. وكان خيراً سليم الصدر.
4 (حرف اللام)

4 (لؤلؤ)
الأمير الكبير شمس الدين، أبو سعيد الأميني الموصلي، كافل الممالك الشامية.

(47/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 400
ولد سنة خمس وثمانين وخمسمائة تقريباً. وسمع من: محمد بن وهب بن الزنف، وعمر بن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، ومجد الدين ابن العديم، وغيرهما. وكان بطلاً شجاعاً، كريماً، ديناً، عابداً، صالحاً، أماراً بالمعروف إلا أن فيه عقل الترك. كان مدبر الدولة الناصرية، فحرص كل الحرص على العبور إلى الديار المصرية وليفتحها لمخدومه، فسار به وبالجيوش، وعمل مع عسكر مصر مصافاً بقرب العباسة فانكسر المصريون، ثم تناخت البحرية بعد فراغ المصاف، وحملوا على لؤلؤ وهو في طائفة قليلة فأسروه، ثم قتلوه بين العباسة وبلبيس في تاسع ذي القعدة، وقتل معه جماعة. قال ابن واصل: وقطع المصاف فحمل الشاميون وثبت المعز في جماعة من البحرية، وتحيز بهم ومعه القارس أقطاي، وعزموا على قصد ناحية الشوبك. وبقي السلطان الملك الناصر تحت السناجق في جمع قليل أيضاً، وبعد عنه جيشه إذ ساقوا خلف المصريين إلى العباسة، وتم لهم النصر، ونصبوا دهليز السلطان بالعباسة. وحكى لي الأمير حسام الدين ابن أبي علي أن فرسه تقنطر به، فجاء جندي فركبه وقال له: قد تمت الكسرة علينا. قال: فشاهدت طلباً قريباً مني فقصدتهم، فرأيت رنكهم رنك المصريين فأتيتهم، فوجدت المعز وأقطاي في جماعة لا يزيدون على سبعين فارساً فسلمت على الملك المعز ووقفت، فقال لي: ترى هذا الجمع قلت: نعم. فقال: هذا الملك الناصر وجماعته.

(47/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 401
ثم إن المعز حمل على الناصر، فانهزم وكسرت سناجقه، ونهب ما معه، وأسر بعضهم، ونجا البعض. وانضاف بعض العزيزية إلى المعز وكثر جمعه، فلقد أساء شمس الدين لؤلؤ التدبير في تركه السلطان في قل من الناس خلفه، وكان ينبغي له وللعسكر أن يلازموه إلى أن ينزل) بالمنزلة. ولو فعلوا ذلك لملكوا البلاد. فأسر أصحاب المعز الملك الصالح إسماعيل والأشرف صاحب حمص، والمعظم ولدي السلطان صلاح الدين. وبلغ لؤلؤ هرب السلطان فقال: ما يضرنا بعد أن انتصرنا، هو يعود إذا تمكنا. ثم كر راجعاً في جمع، وحمل على الملك المعز، فحمل عليه أيضاً، فانكسر جماعة لؤلؤ، وأسر هو وضياء الدين القيمري، فحدثني حسام الدين ابن أبي علي قال: ما رأيت أحسن ثباتاً من لؤلؤ، ولا أشد صبراً. لم يتكلم بكلمة ولا ذل ولا خضع ولا اضطرب حتى أخذته السيوف.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن علي)
القاضي أبو القاسم الجياني، الأندلسي. من كبار المسندين. روى عن: ابن المجد، والسهيلي، وأبي عبد الله بن زرقون بالإجازة.
4 (محمد بن الحسين)

4 (بن عبد السلام بن عتيق.)
الإمام، قاضي الإسكندرية أبو عبد الله التميمي، السفاقسي المالكي، الخطيب. سمع من: ابن بوقا. وتوفي في ربيع الأول.
4 (محمد بن سليمان)

4 (بن علي بن سالم.)

(47/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 402
أبو عبد الله الحموي، ثم الدمشقي، الحنفي الواعظ. أخو أبي بكر. ولد سنة تسع وسبعين. وسمع بالقاهرة من الزوجين ابن نجا وفاطمة بنت سعد الخير. وبدمشق من: ابن طبرزد. روى عنه: أبو علي بن الخلال، وغيره. وتوفي في ذي القعدة بدمشق.
4 (محمد بن سنجر شاه)
)
4 (بن غازي بن مودود.)
الملك المعظم صاحب الجزيرة العمرية، وابن صاحبها. بقي في الملك ثلاثاً وأربعين سنة، ولقبه معز الدين. تزوج ابنه ببنت بدر الدين صاحب الموصل. وكان ديناً قبل السلطنة، فلما طالت أيامه تجبر وظلم وتفرعن. وكان صاحب مصر الكامل يهاديه ويراسله، وكذا الخليفة وصاحب الموصل ويحترمونه، لكونه بقية البيت الأتابكي. تملك الجزيرة بعد أبيه الملك المسعود زوج بنت صاحب الموصل، فبغى عليه صاحب الموصل وغرقه.
4 (محمد بن أبي بكر)

4 (عبد الله بن أبي السعادات.)
أبو عبد الله البغدادي، الدباس، الحنبلي. من كبار علماء الحنابلة. كان صالحاً، ديناً، خيراً، صابراً على تعليم العلم. أعاد بالمستنصرية مدةً.

(47/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 403
وسمع من: عبيد الله بن شاتيل، ونصر الله القزاز. وقرأ بنفسه على أصحاب ابن الحصين. توفي في شعبان. قاله الجزري. وقد ذكره ابن النجار، وروى عنه حديثاً، وأطنب في مدحه وتضخيمه، رحمه الله.
4 (محمد بن عبد القادر)

4 (بن محمد بن أبي سهل.)
أبو عبد الله الصوفي البندنيجي. شيخ صالح، سمع من: يحيى بن بوش. ومات في جمادى الآخرة. روى عنه: الدمياطي، ومجد الدين العديمي.
4 (محمد بن محمد بن عمر)
)
4 (بن أبي بكر بن منصور بن أبي سعد.)
مجد الدين أبو عبد الله الإسفرائيني الصوفي المعروف بابن الصفار. ولد يوم عاشوراء سنة سبع وثمانين وخمسمائة بإسفراين. وسمع بنيسابور من: المؤيد الطوسي، والقاسم بن عبد الله الصفار، وعثمان بن أبي بكر الخبوشاني، وزينب الشعرية، وغيرهم. وكان صوفياً محدثاً عالماً. ولي القراءة بدار الحديث من أول ما فتحت، وكان مليح القراءة، متزهداً، كثير السكون، صحيح الكتابة. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، والخطيب شرف الدين الفزاري، وبهاء الدين ابن المقدسي، وركن الدين الطاووسي، ومحمد بن محمد الكنجي، وجلال الدين النابلسي الحاكم، وجماعة.

(47/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 404
بالحضور: العماد ابن البالسي، وغيره. توفي بالسميساطية في تاسع عشر ذي القعدة.
4 (محمد بن الوزير نصير الدين)

4 (بن مهدي بن حمزة.)
أبو عبد الله العلوي، البغدادي، الأديب. ولي نظر الخزانة في دولة أبيه، فلما نكب أبوه حبس هذا، ثم أخرج عنه وخمل أمره. بقي إلى هذه السنة.
4 (محمود بن الحسين)

4 (بن أبي الفوارس.)
القاضي أبو الثناء الشهرزوري، الشافعي، قاضي كفرطاب. ولد بالطالقان، من نواحي شهرزور. وحدث عن: عمر بن طبرزد. توفي في رجب بكفرطاب.
4 (مسعود بن عبد الله)
أبو الخير التكروري الزاهد، صاحب المحدث عز الدين بن هلال.) سمع من: منصور الفراوي، وأبي روح عبد المعز، وزينب الشعرية. وسكن منية بني خصيب إلى حين وفاته. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وتوفي في صفر.
4 (مظفر بن عبد الملك)

4 (بن عتيق بن مكي.)

(47/404)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 405
أبو منصور الفهري، ابن الفوي، الإسكندراني، المالكي، الشاهد. ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وسمع من: السلفي. روى عنه: الدمياطي، وأبو القاسم بن بلبان، وعبد الرحمن بن عبد الوهاب بن عطية، وأبو محمد ابن الصيرفي، وأبو الهدى عيسى السبتي، وعدة. توفي سلخ ذي القعدة.
4 (حرف الهاء)

4 (هدية بنت محمد بن أحمد)

4 (بن خميس المغربي.)
أم الفتح الحلبية الواعظة. تروي عن: يحيى الثقفي. روى عنها: ابن الحلوانية، وابن الظاهري، والدمياطي، وسنقر الزيني، وإسحاق الصفار، وجماعة. وماتت في ثامن رجب.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عمر)
أبو المفضل البغدادي، التاجر، المطرز. حدث عن: حنبل، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وغيره.) ومات بالقاهرة. وكان يعرف بابن صهير.

(47/405)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 406
4 (يوسف بن خليل)

4 (بن قراجا بن عبد الله.)
الحافظ شمس الدين، أبو الحجاج الدمشقي الأدمي، نزيل حلب. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة بدمشق. وكان مشتغلاً بصنعته إلى أن صار ابن نيف وثلاثين سنة، فأخذ يسمع الحديث. فسمع من: يحيى الثقفي، وأحمد بن حمزة بن الموازيني، وابن صدقة الحراني. ثم طلب الحديث وكتب الطباق، ونسخ أجزاءً، وتخرج عنه الحافظ عبد الغني، وسمع منه الكثير. وكان شاباً فطناً، مليح الخط، فحسن له الحافظ الرحلة وإدراك الأسانيد العراقية، فرحل إلى بغداد سنة ثمان وثمانين، وسمع بها الكثير من ذاكر بن كامل، ويحيى بن بوش، وابن كليب، ورجب بن مدكور، وأبي منصور بن عبد السلام، وعبد الله بن المبارك الأزجي، وخلق من أصحاب ابن الحصين، وغيره.

(47/406)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 407
ورجع إلى بلده بحديث كثير، وقد فهم وحفظ، وصار من خيار الطلبة، فبقي متطلعاً إلى ما بأصبهان من العوالي في هذا الوقت، فرحل إليها في سنة إحدى وتسعين، وأدرك بها إسناداً في غاية العلو. أكثر عن أصحاب أبي علي الحداد. وسمع الكثير من: مسعود الحمال، وخليل بن بدر الداراني، وأبي الفضائل عبد الرحيم الكاغدي، وأبي جعفر محمد بن إسماعيل الطرسوسي، وأبي طاهر بن فاذشاه، وأبي المكارم اللبان، والكراني، وناصر الويرج، ومحمد بن أحمد المهاد، ومحمد بن الحسن الأصفهبذ، وخلق. وكتب الكتب الكبار والأجزاء، وحسن خطه، واتسع حفظه، وجلب إلى الشام خيراً كثيراً، ثم رحل إلى مصر وسمع من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وأبي الجود المقرىء، وفاطمة بنت سعد الخير، وجماعة. قال عمر بن الحاجب: سألت أبا إسحاق الصريفيني عنه، فقال: حافظ ثقة، عالم بما يقرأ عليه، لا يكاد يفوته اسم رجل.) وقال ابن الحاجب: وسألت الضياء عنه فقال: حافظ، سمع وحصل الكثير، وهو صاحب رحلة وتطواف. قال ابن الحاجب: هو أحد الرحالين بل واحدهم فضلاً وأوسعهم رحلة. نقل بخطه المليح ما لا يدخل تحت الحصر وهو طيب الأخلاق، مرضي الطريقة، متقن، حافظ، ثقة. قلت: روى عنه جماعة من كبار الحفاظ. وأنبا عنه: الحافظان الدمياطي، وابن الظاهري، ومحمد بن سليمان المغربي، ومحمد بن جوهر المقرىء، وعلي بن أحمد الهاشمي، والبهاء أيوب بن النحاس، وأخوه إسحاق، وعز الدين عبد العزيز بن العديم الحاكم، وأخوه عبد المحسن، وطاهر بن عبد الله بن العجمي، وعبد الملك بن حنيفة، وسنقر الزيني، وعبد الله بن محمد المخزومي، وأبو حامد المؤذن، وتاج الدين صالح الفرضي، وأبو بكر الدشتي، وآخرون.

(47/407)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 408
وممن يروي عنه في هذا الوقت، وهو سنة أربع عشرة، ابن ساعد بمصر، ونحوه بنت النصيبي بحماة، وابن أخيها محمد بن أحمد، وأحمد بن محمد بن العجمي، وإبراهيم وإسماعيل وعبد الرحمن بنو صالح بن العجمي بحلب، والعفيف إسحاق الآمدي، والأمين محمد بن النحاس بدمشق. وقد خرج لنفسه معجماً سمعته من ابن الظاهري، وعوالي وفوائد كثيرة سمعنا عامتها. وتفرد بأشياء كثيرة من حديث أصبهان لخرابها واستيلاء الهلاك عليها، مع أنه ما رحل إليها حتى مضى من عمره عنفوان الشبيبة، وصار ابن ست وثلاثين سنة. توفي، رحمه الله تعالى، في ليلة عاشر جمادى الآخرة بحلب.
4 (يونس بن خليل بن قراجا)
أبو محمد الدمشقي الأدمي. أخو الحافظ شمس الدين يوسف. ولد في أول سنة تسع وخمسين وخمسمائة. وسمع مع أخيه من الخشوعي، وغيره. ورحل معه إلى مصر متفرجاً، فسمع من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين ولزم صنعته إلى أن توفي.) روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه الخطيب شرف الدين، والبدر ابن الخلال، ومحمد بن يوسف الذهبي، والحافظ أبو محمد بن خلف، وأبو المعالي بن البالسي، وجماعة. توفي في الخامس والعشرين من المحرم بدمشق، وله تسعون سنة إلا سنة. وإجازته موجودة لجماعة.

(47/408)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 409
4 (الكنى)

4 (أبو بكر بن إسماعيل)

4 (بن جوهر بن مصر.)
الأنصاري، الدمشقي، الفراء، التاجر. حدث عن: يوسف بن معالي، والحسين بن عبد الله بن شواش. أخذ عنه ابن الحلوانية، والجمال ابن الصابوني. والتقى عبيد الإسعردي. وتوفي في رجب.
4 (أبو الفتح بن أبي الغنائم)

4 (بن هبة الله بن المبارك بن حيدرة.)
السلمي. سمع: حضوراً من أبي الحسين بن الموازيني. وتوفي في جمادى الآخرة. وفيها ولد: نور الدين علي بن أبي بكر بن بحتر الحنفي، في شوال، والمعين خطاب بن محمد بن نصار، وشمس الدين محمد بن إبراهيم بن علي الرقي القاضي، والشرف محمد بن فتح الدين عبد الله بن القيسراني، بحلب، والجمال عبد القاهر بن محمد بن عبد الواحد التبريزي الخطيب قاضي سلمية بحران، والملك الأوحد شادي ابن الملك الزاهر صاحب حمص، والشهاب أحمد بن محمد بن معالي الزعتر،) والشمس محمد بن الخضر نقيب المالكي، والمحيي يحيى بن يحيى الزوادي الشاهد، والفخر عثمان بن محمد بن قاضي القضاة ابن درباس،

(47/409)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 410
وعيسى بن عبد الغني بن حازم المقدسي، وشهدة بنت المكين أبي الحسن الحصني بمصر، والنور محمود بن أبي طالب بن مرضي الحموي، وإمام الدين محمد بن عمر بن محمد بن الفارسي، ويعقوب بن محمد التركماني، وأبو بكر بن عامر بن شريط، والشيخ أحمد بن محمد الحراني المقرىء، وعبد الرحمن بن العز الفراء، والشيخ أحمد بن الفخر، تقريباً، والتقي أحمد بن الشيخ العز الحنبلي، في شعبان، وأحمد بن قطب الدين محمد بن القسطلاني، والبدر عثمان بن عبد الصمد بن الحرستاني، ومحيي الدين يحيى ابن قاضي زرع الشيباني، تقريباً.

(47/410)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 411
1 (سنة تسع وأربعين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن محمد بن الحسين)

4 (بن عبد الصمد بن الحسين بن أحمد بن تميم.)
أبو بكر التميمي، الدمشقي، الكاتب. من أكابر الدمشقيين، ومن بيت قديم. سمع: القاسم بن عساكر، وعمر بن طبرزد، والكندي، وغيرهم. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، وأحمد بن محمد الصواف، وجماعة. وتوفي في سلخ رجب عن ثلاث وستين سنة.
4 (أحمد بن مسلم بن أبي الفتح)

4 (بن أبي غانم.)
أبو العباس، الجبلي، الحلبي. سمع من: يحيى الثقفي. وحدث بدمشق، وحلب. وتوفي في حلب ليلة رابع شعبان. قاله الشريف. ولم أر للدمياطي أخذاً عنه.

(47/411)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 412
وروى عنه: أبو حامد بن الصابوني، وقال: هو من جبلة بالساحل.
4 (أحمد بن نصر بن أبي القاسم)

4 (بن أبي الحسن.)
أبو العباس بن أبي السعود التميمي، الحنظلي، الأزجي. التاجر المعروف بابن قميرة، أخو يحيى. شيخ معمر، ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبي محمد عبد الله بن أحمد بن هبة الله بن النرسي نصف جزء وهو آخر من حدث عنه.) روى عنه: القاضي مجد الدين ابن العديم، والحافظ شرف الدين الدمياطي، والواعظ محمد بن الدواليبي. توفي في أوائل هذا العام. وقد روى عنه النجار وقال: شيخ متيقظ، حسن الطريقة، سافر كثيراً إلى خراسان، وخوارزم، والجزيرة، والشام، ومصر، وهو من أعيان التجار، ذوي الثروة الواسعة واليسار، رحمه الله تعالى.
4 (أحمد بن يوسف بن عبد الواحد)

4 (بن يوسف.)
الفقيه العلامة، أبو الفتح الأنصاري، الدمشقي، ثم الحلبي، الحنفي، الصوفي. تفقه وبرع في علم الخلاف والنظر، وطلب إلى بغداد فولي بها تدريس

(47/412)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 413
مذهبه بالمستنصرية مدةً. ثم استأذن في العود إلى وطنه، فعاد إلى حلب ودرس بها بالمقدمية وبمدرسة الحدادين. وولي مشيخة رباط سنقر شاه بعد موت أبيه. وروى عن: شيخه الافتخار الهاشمي، وغيره. توفي في شعبان.
4 (أحمد بن أبي البركات)
واسم أبي البركات الخضر بن الحسن بن محمد بن القاسم. أبو العباس القرشي الدمشقي، الطبيب المعروف بابن المجري. حدث عن: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد. وحدث بمصر، ومات بعجلون في ذي الحجة.
4 (إبراهيم بن عبد الله بن جابر)
التنوخي، الحموي، الشافعي، مدرس الصهيونية بحماه. أجاز له أبو الخير القزويني. وسمع من: أبيه. روى عنه: الدمياطي. مات في رمضان في عشر الثمانين.)
4 (إسماعيل بن يحيى بن أبي الوليد)
أبو الوليد الأزدي الغرناطي، العطار. سمع من: عبد المنعم الخزرجي، وأبي بكر بن حسنون وأخذ عنه القراءآت. وأجاز لبعض الفضلاء في هذه السنة، وانقطع خبره. وقال لي ابن عمران السنبتي: قرأ عليه شيخنا ابن الزبير القراءآت السبع.

(47/413)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 414
4 (الأعز بن فضائل)

4 (بن أبي نصر بن غباسوه بن العليق.)
أبو نصر البغدادي البابصري، ويعرف أيضاً بابن بندقة. سمع من: شهدة، وعبد الحق اليوسفي، وأبي المظفر أحمد بن حمدي، والمبارك بن محمد الزبيدي، وعبد الرحمن بن يعيش القواريري. وأجاز له أبو طاهر السلفي. وكان شيخاً صالحاً متيقظاً، حسن الطريقة، كثير التلاوة، عالي الرواية. تفرد بموطأ القعنبي عن شهدة، وبالقناعة لابن أبي الدنيا، وبكرامات الأولياء للخلال. روى عنه: ابن الحلوانية، ومجد الدين العديمي، وشرف الدين الدمياطي، وجمال الدين الشريشي، وجمال الدين سليمان بن رطلين، وآخرون. وحدث عنه بالإجازة القاضي ابن الحوري، وأبو المعالي بن البالسي، ومحمد النجدي. وعنه: عبد الملك بن تيمية، وابن عمه، وعلي بن السكاكري، وبنت مؤمن، وزينب بنت الكمال، وجماعة. وتوفي في سادس عشر رجب.
4 (حرف الباء)

4 (بركة بن عبد الرحمن بن عمارة)
الحريمي.

(47/414)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 415
روى عن: فارس بن المشاهر، وأفضل بن أبي الحسن الخباز. روى عنه: الدمياطي، وغيره.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن عبد الرحمن)
) أبو الفضل الحلبي، الزاهد، المعروف بالسراج. سمع من: الافتخار الهاشمي، وجماعة. ومات في شعبان.
4 (حرف الحاء)

4 (حمدان بن شبيب بن حمدان)
أبو الثناء الحزامي العطار، والد العلامة نجم الدين. روى عن: أبي ياسر بن أبي حبة. وعنه: الدمياطي، وابن الطاهري، وطائفة. مات في صفر بحران.
4 (حرف الخاء)

4 (الخضر بن الحسن بن عامر)
شمس الدين، أبو القاسم الحلبي، ابن قاضي الباب. ويدعى بعبد المجيد.

(47/415)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 416
سمع: يحيى الثقفي. وعنه: ابن الظاهري، والدمياطي، وإسحاق النحاس، وجماعة. ومات في ذي القعدة.
4 (حرف السين)

4 (سالم بن ثمال بن عنان)

4 (بن واقد بن مستفاد.)
أبو المرجا السنبستي، العرضي، ثم الدمشقي. ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وطلب الحديث وأكثر من السماع إلى الغاية لا سيما عن المتأخرين. وكان شيخاً صالحاً، حدث عن: التاج الكندي، وابن الحرستاني. وسمع من: ابن سليمان الموصلي، وأخيه. روى عنه: الدمياطي، والفارقي، ومحمد بن محمد الكنجي، وابن الخلال، وغيرهم. توفي في سلخ شعبان بدمشق.)
4 (.... بن إسماعيل.)
الأسدي، الدمشقي الرام. ولد في سنة أربع وستين وخمسمائة بالعقيبة. وحدث عن: حنبل، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي. وتوفي بقلعة دمشق في ذي القعدة.

(47/416)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 417
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أبي المكارم)

4 (عبد المنعم بن أبي الفضائل أحمد بن محمد بن فضائل بن عشائر.)
أبو حامد السلمي، الحنفي، الحلبي. شيخ صالح معمر. ولد في شهر جمادى الأولى سنة إحدى وستين وخمسمائة بحلب. وسمع من: أبيه ومن: الحسن بن علي البطليوسي، وأبي الفتح عمر بن علي الجويني. روى عنه: الدمياطي، وابن الظاهري، وجماعة. ومن القدماء: مجد الدين ابن العديم، وغيره. وتوفي في رابع شعبان. قرأ عليه الدمياطي رسالة القشيري عن الجويني، عن الشاذياخي.
4 (عبد الجليل بن محمد)

4 (بن عبد الله بن تغري بن القاسم.)
أبو محمد القرشي، المصري، الطحاوي، المالكي، الرجل الصالح. ولد سنة سبع وستين بطحا، وسمع بمنية بني خصيب من: علي بن خلف الكومي. ونسخ كثيراً بخطه من الحديث. وكان صحيح النقل، ثقة، فاضلاً، محدثاً. ولي خطابة الجامع الطولوني، وسمع من المتأخرين. وله إجازة من البوصيري وطبقته ولم يزل يطلب الحديث إلى حين وفاته.

(47/417)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 418
روى عنه الدمياطي، والأبرقوهي، وجماعة. وتوفي بالشارع في رابع رمضان.)
4 (عبد الخالق بن الأنجب)

4 (بن المعمر بن الحسن.)
الفقيه الملقب بالحافظ أبو محمد ضياء الدين العراقي، النشتبري المارديني، نزيل دنيسر، وماردين. سمع ببغداد من: أبي الفتح بن شاتيل، وأبي بكر الحازمي، وابن كليب، وأبي الفرج بن الجوزي. وسمع بمصر من: إسماعيل بن ياسين. وبدمشق من: إسماعيل الجنزوي، وبركات الخشوعي. قال عمر بن الحاجب: سألت الحافظ الضياء عنه فقال: صحبنا في السماع ببغداد، وما رأينا منه إلا الخير. وبلغنا أنه فقيه حافظ. وقال غيره: كان فقيهاً مناظراً متفنناً، كثير المواد.

(47/418)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 419
وقال الشريف عز الدين الحافظ: كان يذكر أنه ولد في سنة سبع وثلاثين وخمسمائة، وأنه أجاز له جماعة منهم أبو الفتح الكروخي. قلت: أحضر لنا الأمير أبو عبد الله محمد بن التيتي إجازةً عتيقة قد أجاز فيها لعبد الخالق بن الأنجب النشتبري ولغيره في سنة إحدى وأربعين جماعة من شيوخ نيسابور لعبد الله بن الفراوي، وعبد الخالق بن زاهر الشحامي، لكنها لعلها لأخ لصاحب الترجمة اسمه باسمه فيما أُرى. وقد رحل ابن الحاجب وغيره بعد العشرين ولم يعرف بهذه الإجازة، ولو عرف بها في ذلك الزمان لكانت من أعلى ما يروى، فكيف في هذا الوقت وكذا شيخنا الدمياطي لم يعبأ بهذه الإجازة ولا سمع عليه بها. وأما السراج ابن شحانة فقرأ عليه بها الأربعين لعبد الخالق الشحامي في سنة إحدى وأربعين وستمائة بجامع آمد. وقال الدمياطي: مات في الثاني والعشرين من ذي الحجة، وقد جاوز مائة. وكان فقيهاً عالماً. ثم قيد النشتبري بكسر أوله وثالثه. وقول الدمياطي إنه جاوز المائة فيه نزاع، فإن الحافظ ابن النجار قال: بلغني أنه ادعى الإجازة من موهوب بن الجواليقي، والكروخي وجماعة، وروى) عنهم. وما أظن سنة يحتمل ذلك. قلت: الإجازة صحيحة إن شاء الله مع إقراره بأنها له وبأنه ولد في حدود سنة أربعين وخمسمائة. روى عنه: الدمياطي، ومجد الدين بن العديم، وجمال الدين ابن الظاهري، وشمس الدين عبد الرحمن بن الزين، وابن التيتي المذكور. ومن القدماء: الحافظ أبو عبد الله البرزالي،

(47/419)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 420
وغيره. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وشيخنا أبو عبد الله بن الدباهي، وجماعة بقيد الحياة.
4 (عبد الدائم بن عبد المحسن)

4 (بن إبراهيم.)
الشيخ عماد الدين بن الدجاجي، الأنصاري، المصري. ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: إسماعيل الزيات، ومحمد بن عبد الرحمن المسعودي، وأبي الجيوش عساكر بن علي. روى عنه: الدمياطي، وعبيد الإسعردي، وإبراهيم بن عيسى الزيات، ومحمد بن عبد القوي بن عزرون، وجماعة. ومات في شهر ربيع الأول، وختم أصحابه بيوسف بن عمر الختني.
4 (عبد الرحمن بن عبد السلام)

4 (بن إسماعيل.)
القاضي العلامة أبو الفضل اللمغاني، ثم البغدادي، الحنفي، مدرس المستنصرية. كان شيخ المذهب في زمانه. أخذ عنه أئمة وفضلاء. وروى عن أبيه القاضي أبي محمد. روى عنه الدمياطي فقال: أخبرنا قاضي القضاة شرقاً وغرباً كمال الدين: أنا أبي، فذكر حديثاً.

(47/420)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 421
توفي في حادي عشر رجب عن خمس وثمانين سنة.
4 (عبد الرحمن بن محمد)

4 (بن عبد الرحمن.)
) الأستاذ أبو القاسم بن رحمون المصمودي، النحوي. أخذ العربية من ابن خروف. وكان ذا لسن وفصاحة. وكان يقرىء كتاب سيبويه. وله صيت وشهرة ومشاركة في فنون، ومعرفة جيدة بالنحو. مات بسبتة في صفر سنة تسع ورخه ابن الزبير.
4 (عبد الظاهر بن نشوان)

4 (بن عبد القاهر بن نجدة.)
الأمير رشيد الدين أبو محمد الجذامي، المصري، المقرىء، النحوي الضرير. من ذرية روح بن زنباع، رحمه الله. قرأ القراءآت على أبي الجود، والنحو على.... وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وأبي عبد الله الأرتاحي. وتصدر للإقراء مدة. وتخرج به جماعة. وكان مقرىء الديار المصرية في زمانه. قرأ عليه شيخنا النظام التبريزي ختمة. وأخذ عنه القراءآت عدة أئمة، وازدحموا عليه.

(47/421)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 422
وكان وجيهاً عند الخاصة والعامة. روى عنه: الدمياطي، والحداد. ومات في جمادى الأولى. وهو والد الكاتب البليغ القاضي محيي الدين.
4 (عبد العزيز بن يحيى)

4 (بن أبي بكر بن محمد بن يحيى.)
أبو نصر بن الزبيدي، الربعي، الفرسي، من ربيعة الفرس. كان أسند من بقي ببغداد. ولد سنة ستين وخمسمائة، وسمع من: أبي علي أحمد بن محمد الرحبي، وأبي المكارم محمد بن أحمد الظاهري. وسمع من: شهدة، والحسين بن علي السماك، وأبي نصر يحيى بن السدنك. ومن مروياته عشرة أجزاء من أول مصارع العشاق على شهدة.) روى عنه: الحافظ شرف الدين الدمياطي، وقال: توفي في سلخ جمادى الأولى. وأجاز لابن الشيرازي، وأحمد بن محمد البجدي، وعلي بن السكاكري، وعبد الملك بن تيمية، وابن عمه، وست الخطباء بنت البالسي، وطائفة.

(47/422)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 423
4 (عبد اللطيف بن علي بن النفيس)

4 (بن بورنداز.)
الحافظ المفيد نور الدين، أبو محمد بن أبي الحسن البغدادي. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وأجاز له ذاكر بن كامل، وغيره. وسمع من: أبيه، وجعفر بن موسان، وعبد العزيز بن منينا، فمن بعدهم. وحدث وكتب الكثير، وأفاد. أخذ عنه: الدمياطي، وغيره. وتوفي في الثامن والعشرين من ربيع الآخر عن ستين سنة.
4 (عبد الملك بن عبد الكافي)

4 (بن علي بن موسى بن حجاج.)
رضي الدين أبو محمد الربعي الشاهد، الصقلي، ثم الدمشقي، الشافعي. ولد سنة ست وثمانين، وسمع من: الخشوعي، ومحمد بن الخصيب، والعماد الكاتب. روى عنه: مجد الدين ابن الحلوانية، وابنه الخطيب جمال الدين عبد الكافي، وغيرهما. توفي في خامس شوال.
4 (عبيد الله بن عاصم)

4 (بن عيسى بن أحمد.)

(47/423)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 424
الخطيب أبو الحسن الأسدي، الرندي، خطيب رندة وعالمها، ومسند الأندلس في وقته. ولد في جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسمائة. وسمع من: الحافظين أبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، والخطيب أبي القاسم بن حبيش، وأبي عبد الله بن حميد، وأبي الحسن نجبة بن يحيى، وأبي زيد السهيلي. وكان من أهل العناية بالرواية. قال الشريف عز الدين: توفي في ذي الحجة برندة.)
4 (علي بن أبي الفتح)

4 (بن الوزير الكبير أبي الفرج ابن رئيس الرؤساء.)
كان مفسداً مقداماً. تبع يهودياً معه مال فهجم داره فقتله وأخذ المال، فصاحت الزوجة فقتلها، وخرج، فتبعه الجيران، فأخذ ووسط على باب النوبي.
4 (علي بن محمد بن علي)

4 (بن محمد بن يحيى.)
الصدر الحافظ، أبو الحسين الغافقي، السبتي الشاري، نزيل مالقة. والشارة بشرقي الأندلس. ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبي محمد بن عبيد الله.

(47/424)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 425
وسمع من: محمد بن غازي السبتي، وأبي الحسين بن خير. وأخذ العربية عن: أبي ذر الخشني، وأبي الحسن بن خروف. وأجاز له الإمام أبو زيد السهيلي. وسمع بفاس من أبي عبد الله الفندلاوي. وأخذ القراءآت عن: أبي زكريا الهوزني. وشارك في عدة فنون مع الشرف والحشمة والمروءة الظاهرية، واقتنى من الكتب شيئاً كثيراً، وحصل الأصول العتيقة، وروى الكثير. وكان محدث تلك الناحية. توفي في رمضان بمالقة. وحكى لي ابن عمران السبتي عن سبب إخراج أبي الحسين الشاري من سبتة إلى ابن خلاص، وكبار أهل سبتة عزموا على تمليك سبتة ليحيى بن عبد الواحد صاحب إفريقية، فقال الشاري: يا قوم خير إفريقية بعيد عنا وشرها. ورأيي مداراة ملك مراكش. فلم يهن على ابن خلاص، وكان مطاعاً، فهيأ مركباً وأنزل فيه أبا الحسن وغربه عن سبتة إلى مالقة، وترك أهله وماله بسبتة، وله بها مدرسة مليحة كبيرة. روى عنه: أبو جعفر بن الزبير وأثنى عليه. وسمع منه شيئاً كثيراً، رحمه الله تعالى.)
4 (علي بن هبة الله)

4 (بن سلامة بن المسلم بن أحمد بن علي.)

(47/425)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 426
الإمام العلامة مسند الديار المصرية، بهاء الدين أبو الحسن اللخمي، المصري، الشافعي، الخطيب، المدرس، ابن بنت أبي الفوارس الجميزي. ولد يوم عيد الأضحى سنة تسع وخمسين وخمسمائة بمصر، وحفظ القرآن وهو ابن عشر سنين أو أقل، ورحل به أبوه فسمع بدمشق من أبي القاسم بن عساكر الحافظ في سنة ثمان وستين صحيح البخاري بفوت قليل. ورحل مع أبيه إلى بغداد فقرأ بها القراءآت العشر على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي بكتابه الذي صنفه في القراءآت. وسمع منه الكتاب أيضاً. وهو آخر من قرأ القراءآت في الدنيا على البطائحي، بل وآخر من روى عنه بالسماع. وقرأ أيضاً بالقراءآت العشر على الإمام قاضي القضاة أبي سعيد بن أبي عصرون مما تضمنه كتاب الإيجاز تأليف أبي ياسر محمد بن علي المقرىء الحمامي، وهو من جملة تلامذته. فأخبرنا أبو الحسين اليونيني أنه سمع أبا الحسن بن الجميزي يقول: قرأت عليه، يعني على ابن عصرون، كتاب المهذب لأبي إسحاق الشيرازي، وكان قد قرأه على القاضي أبي علي الفارقي، عند المصنف، وذلك في سنة خمس وسبعين وبعدها. وألبسني في هذا التاريخ شيخنا أبو سعد الطيلسان وشرفني به على الأقران. وكتب لي لما ثبت عندي علم: الولد الفقيه الإمام بهاء الدين أبي الحسن بن أبي الفضائل، وفقه الله، ودينه وعدالته، رأيت تمييزه من بين أبناء جنسه وتشريفه بالطيلسان، والله يرزقه القيام بحقه.

(47/426)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 427
وكتب عبد الله بن محمد بن عصرون: سمعت عليه كتاب الوسيط للواحدي، وكتاب الوجيز له أيضاً، وكتاب الوقف والابتداء لابن الأنباري، وكتاب الإيجاز في القراءآت لأبي ياسر، أخبرني به عن أبي بكر المزرقي، وكتاب معالم السنن، للخطابي، وغير ذلك من الأجزاء. قلت: وهو آخر تلامذة أبي سعد في الدنيا. والعجب من القراء كيف لم يزحموا عليه ولا تنافسوا في الأخذ عنه، فإنه كان أعلى إسناداً من كل أحد في زمانه، فلعله كان تاركاً للفن. وسمع ببغداد من: شهدة الكاتبة، وعبد الحق اليوسفي، وأبي شاكر يحيى السقلاطوني، ومحمد بن نسيم العيشوني.) وسمع بالإسكندرية من: أبي طاهر السلفي، وتفرد عنه بأشياء، وعن غيره. وسمع من: أبي الطاهر بن عوف، وأبي طالب أحمد بن المسلم التنوخي. وسمع بمصر من: عبد الله بن بري النحوي، وأبي القاسم بن فيره الشاطبي، وقرأ عليه عدة ختمات ببعض الروايات، وسمع منه الموطأ وعدة كتب. وتفقه بمصر على: أبي إسحاق إبراهيم بن منصور العراقي، والشهاب محمد بن محمود الطوسي ودرس وأفتى دهراً. وخطب مدةً بجامع القاهرة. وكان رئيس العلماء في وقته، معظماً عند الخاصة والعامة، كبير القدر، وافر الحرمة، ولا تعلم أحداً سمع من السلفي وابن عساكر وشهدة سواه إلا الحافظ عبد القادر بن عبد الله. روى عنه خلق من أهل دمشق وأهل مكة وأهل مصر منهم: الزكيان

(47/427)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 428
المنذري والبرزالي، وابن النجار، والدمياطي، وابن دقيق العيد، وشرف الدين أبو الحسين اليونيني، وضياء الدين عيسى السبتي، وفخر الدين عثمان التوزري، وشهاب بن علي، ومحمد بن عبد الحميد المؤدب، ورضي الدين إبراهيم المطيري، وأخوه الصفي أحمد، والقاضي تقي الدين سليمان، وعبد الرحمن ويحيى ابنا محمد بن علي المكي، والأمين محمد بن النحاس، والشرف محمد بن عبد الرحيم القرشي. والمجبي محمد بن يوسف النحوي، وجماعة أحياء. توفي في الرابع والعشرين من ذي الحجة، وقد كمل التسعين.
4 (عمر بن محمد بن عمر)
أبو الفتح الأبيوردي، ثم الحلبي الصوفي الخياط. ولد بحلب سنة ست أو سبع وخمسين وخمسمائة، وعمر اثنتين وتسعين سنة. وحدث عنه: يحيى الثقفي. وكان خيراً متصوناً، روى عنه الحلبيون. مات في الثاني والعشرين من ذي القعدة.
4 (عيسى بن أبي الحرم)

4 (مكي بن الحسين بن يقظان بن أبي الحسن بن فتيان بن راجح بن عامر بن عجلان.)
الشيخ سديد الدين، أبو القاسم العامري، المصري، الشافعي، المقرىء، الحاكم، إمام جامع الحاكم.)

(47/428)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 429
ولد قبل السبعين وخمسمائة، وقرأ القراءآت على أبي القاسم الشاطبي، وسمع منه الشاطبية عرضاً من صدره. وتصدر للإقراء فتلا عليه جماعة منهم شيخنا الموفق بن أبي العلاء النصيبي، ونور الدين علي بن ظهير الكفتي. وممن روى عنه: القاضي مجد الدين العديمي، وتقي الدين يعقوب بن بدران الجرائدي، وشيخنا محمد بن رضوان السمسار، والقاضي دانيال الكركي يروي عنه الشاطبية وعن السخاوي قرأها عليه علي بن جودي المهراني. روى عنه الحافظ عبد العظيم أربعة أبيات من أول الشاطبية قال: أنشدنا الشاطبي من حفظي. توفي في الحادي والعشرين من شوال، رحمه الله تعالى.
4 (حرف القاف)

4 (قيصر بن أبي القاسم)

4 (بن عبد الغني بن مسافر)
الرئيس علم الدين تعاسيف السلمي، الدمشقي، الحنفي، الكاتب. ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وسمع بالقاهرة من: الأثير بن بيان، وأبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي. ونشأ بالقاهرة. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وكان ماهراً في علم الرياضي، بارعاً في الهندسة والحساب. ولي نظر

(47/429)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 430
الدواوين المصرية فلم تشكر سيرته، وكثر عسفه وظلمه. وقد ولي ولايات ببلاد الشرق. ومات بدمشق في رجب. سافر واشتغل على الكمال بن يونس.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن عبد العزيز)

4 (بن أبي القاسم عبد الرحيم بن عمرو بن سليمان بن الحسن بن إدريس بن أمير الأندلس)
المعتلي بالله يحيى بن علي بن حمود.) المحدث أبو جعفر الهاشمي العلوي، الحسني، الإدريسي، المصري. ولد سنة ثمان وستين وخمسمائة بالصعيد الأعلى، واشتغل، وحصل الأدب والتاريخ، وعني بالحديث. وسمع الكثير من: أبي القاسم البوصيري، وأبي الطاهر إسماعيل بن ياسين، وبنت سعد الخير، وأبي الفضل الغرنوي، فمن بعدهم. وخرج لجماعة. روى عنه: الدمياطي. وتوفي في الحادي والعشرين من صفر.
4 (محمد بن عبد الكافي)

4 (بن علي بن موسى.)
القاضي شمس الدين أبو عبد الله وأبو بكر الربعي، الصقلي، ثم الدمشقي. الفقيه الشافعي مدرس الأمينية.

(47/430)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 431
قال الشريف: توفي في تاسع عشر ذي الحجة، وقد ناب في القضاء مدةً بدمشق. وولد سنة سبعين وخمسمائة. وسمع من: الأمير أسامة بن منقذ. وقد تقدم ذكر أخويه النجم علي، والرضى عبد الملك. قلت: روى عنه: ابن الحلوانية، ومجد الدين ابن العديم، والحافظ الدمياطي، وأبو الفضل إسحاق الأسدي، وجماعة. وقد ولي قضاء حمص أيضاً، ومن أعيان الشافعية كان.
4 (محمد بن محمد بن أبي علي)

4 (بن أبي سعد بن عمرون.)
الشيخ أبو عبد الله الحلبي، النحوي، جمال الدين. ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة، تقديراً. وسمع من: ابن طبرزد، وأخذ النحو عن: الموفق يعيش، وغيره. وبرع في العربية وتصدر لإقرائها، وتخرج به جماعة.) وقد جالسه الإمام جمال الدين ابن مالك. وأخذ عنه شيخنا بهاء الدين ابن النحاس. وحدث عنه: الحافظ عبد المؤمن. وتوفي في ثالث ربيع الأول.
4 (محمد بن أبي البدر)

4 (مقبل بن فتيان بن مطر.)
العلامة المفتي، سيف الدين أبو المظفر بن المني النهرواني، ثم البغدادي، الحنبلي.

(47/431)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 432
ولد سنة سبع وستين وخمسمائة، وتفقه على عمه ناصح الإسلام أبي الفتح بعض التفقه. وسمع من: أبي الفوارس سعد بن الصفي الشاعر المعروف بالحيص بيص، وأسعد بن بلدرك، وشهدة، وأبي الحسين عبد الحق، وغيرهم. وكان فقيهاً مفتياً حسن الكلام في مسائل الخلاف، وغيرهم، عدلاً، متميزاً، محمود السيرة. سمع من أئمة وفضلاء. وطال عمره وعلا سنده. وقد رحل إلى واسط وقرأ بالعشرة على أبي بكر بن الباقلاني. وقد أم بمسجد المأمونية مسجد عمه، وخدم في ديوان التشريفات، ثم شهد على القضاة وأعاد بالمستنصرية. وكان يخضب بالسواد، ثم تركه. قاله ابن النجار. وروى عنه: ابن الحلوانية، وجمال الدين الشريشي، وشرف الدين الدمياطي، ومحمد بن بركة الشمعي، والشيخ محمد القزاز، وجماعة. توفي في سابع جمادى الآخرة. وأجاز لمحمد النجدي، وعلي بن السكاكري، وبنت مؤمن، وطائفة.
4 (محمد بن المؤيد)
الشيخ سعد الدين ابن حمويه الجويني. قيل: توفي بها، وقيل في سنة خمسين، وسيأتي.
4 (حرف النون)

4 (نفيس بن سعيد)

4 (بن نجم بن محمد.)
) أبو محمد الدارقزي، الصوفي، الحنبلي، من صوفية رباط البسطامي.

(47/432)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 433
ولد سنة ثلاث وستين وخمسمائة. وسمع من: عبيد الله بن شاتيل، وأحمد بن المبارك بن درك. روى عنه: الدمياطي، وقال: توفي في سابع ذي القعدة. وروى عنه: محمد بن الظهير الكازروني.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عيسى)

4 (بن إبراهيم بن مطروح.)
الأمير الصاحب جمال الدين، أبو الحسين، الأديب الشاعر. ولد بأسيوط سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. وسمع بقوص من: أبي الحسين علي بن البنا. وحدث، وقال الشعر الرائق. وقد أبدع في هذين البيتين:
(إذا ما سقاني ريقه وهو باسمٌ .......... تذكّرتُ ما بين العُذيب وبارق)

(ويذكرني من قدّه ومدامعي .......... مجرى عوالينا ومجرى السوابق)

(47/433)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 434
وخدم الملك الصالح نجم الدين في مدة نيابته بالديار المصرية عن والده الملك الكامل سنة خمس وعشرين. ولما توجه الصالح إلى حصن كيفا وملك البلاد، كان ابن مطروح في خدمته وأقام معه مدة. وبعده، ثم قدم عليه في سنة تسع وثلاثين إلى مصر فرتبه ناظر الخزانة، فلما تملك دمشق في سنة ثلاث وأربعين رتبه والياً للبلد، ولبس زي الأمراء، وارتفعت منزلته، فلما قدم الصالح دمشق سنة ست وأربعين عزله، وتنكر له لأمور نقمها عليه. ثم بقي ملازماً لخدمته وهو معرض عنه. فلما توفي الصالح لزم بيته. ومن شعره:
(علّقته من آل يعرب لحظةً .......... أمضى وأفتك من سيوف عُريبه)

(أسكنته في المنحنى من أضلعي .......... شوقاً لبارق ثغره وعذيبه)

(يا غائباً ذاك الفتور بطرفه .......... خلّوه لي أنا قد رضيت بعيبه)

(لدنٌ وما مر النّسيم بعطفه .......... أرجٌ وما نفخ العبير بجيبه)
) وله:
(من لي بغصن بالجمال مُمنطقٌ .......... حلو المعاني واللّمى والمنطق)

(مُثرى الرّوادف مُملقٌ من خصره .......... أسمعت في الدّنيا بمترّ مُملق)
منها.
(وأقول: يا أخت الغزال ملاحةً .......... فتقول: لا عاش الغزال ولا بقي)
وقد ادعى جعفر ابن شمس الخلافة أن هذا البيت الثالث له، وعمل كل منهما محضراً بأن البيت له، وشهد لكل واحد جماعة. قال ابن خلكان: حلف لي ابن مطروح أن البيت له، وكان محترزاً في أقواله لم يعرف منه الدعوى بما ليس له.

(47/434)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 435
وله:
(تثنّى كالهرّ الرُّدينيّ حائله .......... وقد عبقت بالطّيب منه غلائله)

(فعانقت غصناً لا يراه أخوه تُقىً .......... فيمكن إلاّ أن تهيج بلابله)

(من التُّرك ملحي في الصّميم وخاله .......... من الزّنج من ذا في الملاحة يماثله)

(فطافت بنا السرّا من كلّ جانبٍ .......... ورقّت حواشي ليلنا وشمائله)
وأوصى بأن يكتب على قبره دوبيت:
(أصبحت بقعر حفرةٍ مرتهنا .......... لا أملك من دنياي إلا كفنا)

(يا من وسعت عباده رحمته .......... من بعض عبادك المساكين أنا)
توفي بمصر في مستهل شعبان. روى عنه: الشهاب القوصي، وأبو المجد العديمي، وأبو العباس بن خلكان.
4 (يوسف بن علي)
أبو الحجاج البغدادي، العدل. روى عن: عبد الله بن دهبل بن كاره. وعنه: شيخنا الدمياطي. ومات في المحرم.
4 (يوسف بن أبي محمد بن سلامة)
) الحكيم أبو العز السنجاري، ثم الدمشقي الطبيب، الملقب بالجنيد. من مشاهير الأطباء. سمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، والمسلم بن حماد بن ميسرة. روى عنه: الحافظان أبو عبد الله البرزالي، وأبو محمد الدمياطي، وأبو علي بن الخلال، وأبو المعالي بن البالسي، وجماعة. وتوفي في ثامن عشر جمادى الآخرة، وله 74 سنة.

(47/435)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 436
4 (الكنى)

4 (أبو بكر بن سليمان)

4 (بن علي بن سالم.)
حسام الدين الحموي، ثم الدمشقي، الواعظ في الأعزية، الحنفي. ولد سنة بضع وخمسين وخمسمائة. وسمع من: الأمير أسامة بن منقذ، والخشوعي، والقاسم بن عساكر، وحنبل، وابن طبرزد. وأخذ الوعظ عن والده. ووعظ بمسجد أبي اليمن أكثر من خمسين سنة. روى عنه: الدمياطي، وأبو علي بن الخلال، وأبو محمد الفارقي الفقيه، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو المعالي بن البالسي، وجماعة سواهم لا أستحضرهم. وكان صالحاً خيراً معدلاً. توفي في سابع عشر ذي القعدة.
4 (أبو القاسم بن خليفة)

4 (بن يونس بن أبي القاسم بن خليفة.)
الحكيم سديد الدين الأنصاري، الخزرجي السعدي العبادي الكحال، المعروف بابن أبي أصيبعة، والد صاحب تاريخ الأطباء موفق الدين. ولد بالقاهرة سنة خمس وسبعين وخمسمائة، واشتغل بها هو وأخوه الطبيب رشيد الدين. وبرع السديد في الكحل ورزق حظوة. وكان في المارستان النور وقلعة دمشق، ومات بها في ربيع الآخر. وفيها ولد.) نجم الدين علي بن محمد بن عمر بن هلال الأزدي. والقاضي نجم الدين أحمد بن عبد المحسن الدمشقي.

(47/436)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 437
والقاضي بدر الدين عبد اللطيف ابن قاضي القضاة تقي الدين محمد بن رزين، والشرف محمد بن إسماعيل بن النشر القرشي، والشمس عبد الله بن محمد بن يوسف بن عبد المنعم النابلسي، وعزيز الدين يحيى بن الفخر الكرجي، وفتح الدين عمرو بن محمد بن أحمد بن البقال، وعبد المحسن بن عبد القدوس الشقراوي، الصالحي، والشمس أحمد بن يعقوب الطيبي، الكاتب الشاعر، وإبراهيم بن علي بن الخيمي المصري، وعز الدين عبد العزيز بن إدريس بن بزيز، وأمين الدين هبة الله بن مخلص الدين محمود بن هبة الله بن قرياص، وعبد الرحمن شيخنا العز بن الفراء بخلف، والصاحب عز الدين حمزة بن المؤيد التميمي ابن القلانسي، والشهاب أحمد بن عبد الكريم بن الكرشت الحنفي الشاعر.

(47/437)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 438
1 (سنة خمسين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن سعد بن عبد الله)

4 (بن سعد بن مفلح بن هبة الله بن نمير.)
أبو العباس الأنصاري، المقدسي، الصالحي، الحنبلي، المؤدب. روى عن: الخشوعي، وابن طبرزد. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وسعد الدين يحيى ابن أخيه. وأقعد بأخرة. وكان إنساناً مباركاً. توفي في نصف ذي القعدة بعد أخيه بشهر.
4 (أحمد بن محمد بن عبد الملك)
الجذامي القرطبي، نزيل سبتة. كان محدثاً، أديباً، بارعاً في الطب، بصيراً به. روى عن: أبي محمد بن عبيد الله وغيره. أقام بمراكش، وبها مات. وله إجازة من أبي عبد الله بن زرقون، ونجبة، وجماعة. روى عنه: ابن الزبير، وقال يعرف بالبطيط. عاش تسعين سنة.

(47/438)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 439
4 (أحمد بن محمد بن هبة الله)

4 (بن عثمان بن أبي الفتح.)
الفقيه أبو العباس ابن عروسة الواسطي، ثم الموصلي، الحنفي. روى عن: عبد الله بن أبي المجد، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في رمضان عن سبعين سنة. وكان مدرساً متميزاً، ترسل عن صاحب الموصل إلى العراق والشام غير مرة. ونزل الرقة ودرس بها. روى عنه بالإجازة: البهاء ابن عساكر، وغيره.)
4 (أحمد بن المفرج بن علي)

4 (بن عبد العزيز بن مسلمة.)
المعمر المسند، رشيد الدين، أبو العباس الدمشقي، ناظر الأيتام. ولد في ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وخمسمائة بدمشق. وسمع من: الحافظ أبي القاسم بن عساكر، وعبد الرحمن بن الحسين بن عبدان، وأبي اليسر شاكر التنوخي الكاتب. وأجاز له: الشيخ عبد القادر الجيلي، وابن البطي، وأبو الحسين ابن تاج القراء، وهبة الله بن هلال الدقاق، وأحمد بن المقرب، ويحيى بن ثابت، وأبو

(47/439)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 440
بكر بن النقور، وأبو محمد بن الخشاب، ومعمر بن الفاخر، وأحمد بن مبادر، وحيدرة بن عمر العلوي، والمبارك بن المبارك السمسار، وأحمد بن عبد الغني الباجسرائي، ونفيسة البزارة، ومحمد بن عبد الله بن العباس الحراني، وعبد الرحمن ابن يحيى الزهري، سمعا من: هبة الله الأنصاري، وأبو الحسن محمد بن إسحاق الصابيء، وحزينة بنت سعد بن الهاطر، وعبد الواحد بن الحسين، وخلق سواهم. وعمر دهراً، وروى الكثير. وتفرد عن أكثر هؤلاء بالرواية. وكان عدلاً، ساكناً، وقوراً، مهيباً، محمود السيرة. روى عنه: الدمياطي، والفارقي، وابن الخلال، وكمال الدين ابن العطار، والعماد بن البالسي، ورشيد بن كامل الأديب، والشمس محمد بن التاج، والشمس محمد بن الصلاح، وابن ابن أخيه عبد الرحيم بن يحيى، ومحمد أخو المحب، والبهاء ابن نوح المقدسي، ومحمود بن المراتبي، وبيبرس العديمي، وخلق غيرهم. وإجازته رخيصة بعد. توفي في ثامن عشر ذي القعدة.
4 (أحمد بن نصر الله)

1 (ويسمى عباس بن نصر الله، بن أبي بكر بن نصر بن صغير.)
أبو الفضل شمس الدين ابن القيسراني، المخزومي، الدمشقي، ناظر السبع الكبير. ولد سنة تسع وستين وخمسمائة. وسمع من: أبي الحسين أحمد بن الموازيني.) أخذ عنه: الجمال بن الصابوني، والمجد ابن الحلوانية، والضياء ابن البالسي، وابناه العماد وعبد الله.

(47/440)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 441
توفي في شوال. وفي صفر توفي نسيبه أبو المكارم.
4 (إسحاق بن أحمد)
الشيخ المفتي الفقيه، الإمام كمال الدين المغربي، الشافعي. أحد الفقهاء الكبار المشهورين بالعلم والعمل. قال أبو شامة: توفي بالرواحية. وكان عالماً زاهداً متواضعاً مؤثراً، دفن عند شيخه ابن الصلاح. قلت: كان معيداً عند ابن الصلاح نحواً من عشرين سنة. وكان متصدياً للإفادة والفتوى. تفقه به أئمة، وكان كبير القدر في الخير والصلاح، متين الورع، عرضت عليه مناصب فامتنع، ثم ترك الفتوى وقال: في البلد من يقوم مقامي. وكان يسرد الصوم، ويؤثر بثلث جامكيته، ويقنع باليسير، ويصل رحمه بما فضل عنه. وكان في كل رمضان ينسخ ختمة ويوقفها. وله أوراد كثيرة، ومحاسن جمة. مرض بالإسهال أربعين يوماً، وانتقل إلى الله عن نيف وستين سنة. وكان أسمر، تام القامة شيعه خلائق في ثامن وعشرين ذي القعدة سنة خمسين. وكان شيخنا أبو إسحاق الإسكندري يعظمه ويصف شمائله، رحمه الله.

(47/441)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 442
ووقت وفاته مات الشريف ابن غزلان من أكابر الشرفاء بدمشق ومن رؤوس الشيعة، ودفن عند قومه، فرآه بعض الأخيار في النوم فقال: ما فعل الله بك قال: غفر لي ولمن مات في ذلك اليوم ببركة الكمال إسحاق المعري. رأيت هذا كله في كراس فيه وفيات جماعة. ما أعلم من جمعه.
4 (إسحاق بن إبراهيم بن عامر)
أبو إبراهيم الطوسي، بفتح الطاء، الأندلسي. سمع: أبا عبد الله ابن زرقون وأجاز له مسند المغرب محمد بن عبد الله بن خليل القيسي. وانفرد في الدنيا عنه. وسمع من: أبي محمد بن عبيد الله.) وتلا بالسبع على أبي الحسن بن هشام. وعاش خمساً وثمانين سنة. روى عنه: أبو جعفر بن الزبير، وغيره. مات في جمادى الأولى بالأندلس.
4 (إسماعيل بن عبد الله الرومي)
مولى أبي العباس أحمد بن إبراهيم الحمصي. حدث عن الخشوعي. وعنه: الدمياطي. توفي في المحرم.

(47/442)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 443
4 (حرف الدال)

4 (الدويدار الكبير)
هو الملك علاء الدين الطيبرسي الظاهري، مولى الخليفة الظاهر. وكان عظيماً لديه، وعالي المرتبة عند المستنصر. زوجه بابنة بدر الدين صاحب الموصل، ووهبه ليلة عرسه مائة ألف دينار. وكان دخله في العام من ملكه وإقطاعه خمسمائة ألف دينار. وكان كريماً حسن السيرة. دفن في مشهد موسى الكاظم، ورثته الشعراء. أرخه ابن الساعي.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن عبد الرحمن)

4 (بن الحسن بن عبد الله بن أحمد.)
أبو محمد. ابن عم القاضي نجم الدين عبد الله بن الباذرائي وزوج ابنته. روى عنه: عبد الوهاب بن سكينة. وعنه: الدمياطي أيضاً.) توفي في رجب.
4 (الحسن بن محمد بن الحسن)

4 (بن حيدر بن علي.)

(47/443)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 444
العلامة رضي الدين، أبو الفضائل القرشي، العدوي، العمري، الصغاني الأصل، الهندي اللهوري المولد، البغدادي الوفاة، المكي الملحد، المحدث الفقيه الحنفي اللغوي، صاحب التصانيف. ولد بمدينة لوهور في عاشر صفر سنة سبع وسبعين وخمسمائة، ونشأ بغزنة، ودخل بغداد سنة خمس عشرة وستمائة. وذهب منها بالرسالة الشريفة إلى صاحب الهند سنة سبع عشرة فبقي مدةً. وقدم سنة أربع وعشرين. ثم أعيد إليها رسولاً عامئذ، فما رجع إلى بغداد إلى سنة سبع وثلاثين. وقد سمع بمكة من: أبي الفتوح نصر بن الحصري. وسمع باليمن من: القاضي إبراهيم بن أحمد بن أبي سالم القريضي. وسمع بالهند من: القاضي سعد الدين خلف بن محمد الحسناباذي، والنظام محمد بن الحسين المرغيناني.

(47/444)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 445
وببغداد من: أبي منصور سعيد بن محمد بن الرزار. وكان إليه المنتهى في معرفة اللسان العربي. صنف الكتاب مجمع البحرين في اللغة، إثنا عشر مجلداً وكتاب العباب الزاخر في اللغة، عشرون مجلداً ولم يتمه وكتاب الشوارد في اللغات، وكتاب الفحول وكتاب الأضداد وكتاب العروض وكتاب أسماء العادة وكتاب أسماء الأسد وكتاب أسماء الذئب وكتاب تعزيز بيتي الحريري وكتاب في علم الحديث وسائر هذه التصانيف لطاف. قال شيخنا الدمياطي، وجميعها لي لها نسخ. وله من المصنفات أيضاً كتاب مشارق الأنوار في الجمع بين الصحيحين وكتاب مصباح الدجى وكتاب الشمس المنيرة وكتاب اشرح البخاري في مجلد وكتاب در السحابة في وفيات الصحابة وكتاب الضعفاء وكتاب الفرائض وكتاب تذييل العزيزي وكتاب شرح أبيات المفصل وغير ذلك.) قال الدمياطي: وكان شيخاً صالحاً صدوقاً صموتاً عن فضول الكلام، إماماً في اللغة والفقه والحديث. قرأت عليه يوم الأربعاء، وتوفي ليلة الجمعة تاسع عشر شعبان. وحضرت دفنه بداره بالحريم الظاهري. ثم نقل، بعد خروجي من بغداد، إلى مكة فدفن بها. وكان قد أوصى بذلك، وأعد خمسين ديناراً لمن يحمله إلى مكة. أخبرنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ أنه قرأ على أبي الفضائل الحسن بن محمد القرشي وغيره ببغداد: أخبركم أبو الفتوح النهاوندي بمكة، أنا أبو طالب

(47/445)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 446
محمد بن محمد العلوي، أنا علي بن أحمد التستري، أنا أبو عمر القاسم بن جعفر، أنا أبو علي اللؤلؤي، ثنا أبو داود، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ويزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، عن محمد، عن عبيدة، عن علي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: حبسونا عن صلاة الوسطى، صلاة العصر، ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً.
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن خالد بن أبي عبد الله)

4 (محمد بن نصر بن صغير.)
أبو المكارم المخزومي، الخالدي، الحلبي، ابن القيسراني، نجم الدين. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وسمع بحلب من: عمر بن طبرزد. وحدث. وقد وزر أبوه الصاحب موفق الدين أبو البقاء لنور الدين محمد بن زنكي، وسيره رسولاً إلى مصر فسمع بها من: عبد الله بن رفاعة السعدي. وكان يكتب على طريقة ابن البواب. وأما أبو عبد الله فهو الشاعر المشهور، ذكره ابن عساكر في تاريخه وروى عنه. توفي النجم بدمشق في صفر. وهو عم شيخنا فتح الدين.
4 (سليمان بن محمد بن سليمان)

4 (بن علي بن شبيل.)

(47/446)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 447
العلامة البارع جمال الدين، أبو الربيع المذحجي، اليمني النحوي.) ولد بخلة، وهي قرية من قبلي عدن، في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وتوفي في المحرم بمدينة الفيوم. وكان من كبار النحاة. تخرج به جماعة. قاله الشريف عز الدين.
4 (حرف العين)

4 (عبد القادر بن حسان)

4 (بن رافع بن سمير بن ثابت.)
الخطيب شرف الدين أبو محمد العامري، الدمشقي، الشافعي، العدل، خطيب المصلى. ولد سنة ثلاث وثمانين. وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، ومحمد بن الخصيب، وابن طبرزد، وجماعة. روى عنه: زين الدين الفارقي، وشرف الدين الدمياطي، والبدر بن الخلال، والعماد بن البالسي، وجماعة. وكان عدلاً ديناً فصيحاً. خطب بالمصلى مدةً. وقيل: مات مسقوط العدالة لأمر حدث منه، فالله أعلم. ومات في أول رجب.
4 (عبد الواحد ابن خطيب زملكا)
العلامة البارع كمال الدين. قيل: مات في سادس عشر ذي الحجة من السنة.

(47/447)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 448
وورخه أبو شامة في الآتية في المحرم. وعاش نيفاً عن ستين سنة. وكان طويلاً كبير اللحية، ويلبس قصيراً.
4 (عبد الوهاب بن يوسف)

4 (بن محمد بن خلف.)
الفقيه أبو محمد ابن الفقيه أبي الحجاج، الأنصاري، القصري، المغربي، المالكي. الفقيه القدوة، المعروف بابن رشيق، بالتصغير شيخ عالم، صالح، خير، ذو مروءة وفتوة وتعفف وفقر.) حمل عن أبيه الراوي عن عياض، وأبي بكر بن العربي. وعن: عبد الجليل القصري مصنف شعب الإيمان. وتصدر بالجامع العتيق بمصر. كتب عنه الرشيد العطار حكاية. ومات ليلة عيد الفطر عن ثلاث وستين سنة. وأما محمد بن أبي بكر بن رشيق، بالضم والخفة، وأخوه حسين، فسمع منهما الدمياطي أربعي القشيري بسماعهما من ابن أبي المجد الحربي. وحدثني أبو عبد الله سبط ابن رشيق أن جده الزاهد عبد الوهاب بقي أياماً عديدة على وضوء واحد واشتهر هذا.

(47/448)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 449
وحدثنا أبو عبد الله عن أمه أن أباها قال لهم ليلة عيد الفطر: أنا مثل الليلة أموت. قالت: فصام رمضان كله في العام الآتي، وجلس اليوم الأخير منه يسبح ويذكر الله، ثم بقي إلى آخر النهار يقول: انظري هل غابت الشمس. فكنت أخرج وأعود فأقول: لا، ما غابت. فلما غابت توفي في الحال، رحمه الله ورضي عنه.
4 (علي بن محمد بن عبد الله بن الجهم)
الفقيه أبو الحسين القرشي، الجعفري، البصروي، نزيل القاهرة. توفي في شعبان، وقد شاخ وكمل التسعين. سمع من: العلامة عبد الله بن بري، وأبي الفضل الغزنوي.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن جبريل)

4 (بن أبي الفوارس بن جبريل.)
أبو عبد الله الدربندي، الصوفي، عماد الدين النصري. روى عن: عبد الخالق بن فيروز. وعنه: الدمياطي، وغيره. توفي في ذي القعدة.
4 (محمد بن الحسين بن محمد)
)
4 (بن الحسين بن ظفر.)
القاضي شمس الدين، أبو عبد الله العلوي، الحسيني، الأرموي، ثم المصري، الشافعي، المعروف بقاضي العسكر.

(47/449)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 450
ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وتفقه على شيخ الشيوخ صدر الدين أبي الحسين بن حمويه وصحبه مدةً. وسمع من: فاطمة بنت سعد الخير. ودرس بمدرسة زين التجار بمصر. وولي نقابة السادة وقضاء العساكر. وذهب في الرسلية إلى العراق. وكان من كبار الأئمة وصدور الديار المصرية، وله يد طولى في الأصول والنظر. توفي في ثالث عشر شوال. وكان مولده بأرمينية. روى عنه: الدمياطي، وغيره.
4 (محمد بن سعد بن عبد الله)

4 (بن سعد بن مفلح بن هبة الله بن نمير.)
المولى العالم شمس الدين أبو عبد الله الأنصاري، المقدسي، ثم الدمشقي، الصالحي، الحنبلي، الكاتب الأديب. ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الحسين أحمد بن الموازيني، ويحيى الثقفي، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، وابن صدقة الحراني، وإسماعيل الجنزوي، وجماعة.

(47/450)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 451
وأجاز له عبيد الله بن شاتيل، وأحمد بن ينال الترك، والحافظ أبو محمد المديني، وأبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز، وآخرون. وكان أديباً بليغاً، وشاعراً محسناً، وكاتباً منشئاً، يرجع إلى دين وصلاح وصيانة ورئاسة. كتب الإنشاء للملك الصالح عماد الدين، وطال عمره. وروى الكثير، وكتب عنه القدماء كالحافظ الضياء، وأبي الفتح بن الحاجب. وروى عنه: مجد الدين ابن العديم، وشرف الدين الدمياطي، والقاضي تقي الدين سليمان،) والفخر بن عساكر، والشرف ابن خطيب بيت الآبار، والعفيف إسحاق الآمدي، والفقيه علي بن عبد الحميد العندقي، وسعد الدين يحيى بن محمد ولده، وطائفة سواهم. وتوفي بسفح قاسيون ثاني شوال.
4 (محمد بن علي)

4 (بن عبد الله أبي السهل)
أبو الفضل الواسطي، ثم البغدادي، المقرىء، الخياط. شيخ صالح خير. ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة. وسمع: أبا الفتح محمد بن يحيى بن مواهب البرداني، وعبيد الله بن شاتيل، والفقيه أبا الخير أحمد بن إسماعيل القزويني، وغيرهم. روى عنه: قطب الدين محمد بن القسطلاني، وشرف الدين الدمياطي، والشيخ محمد بن محمد الكنجي، وداود بن أبي نصر البغدادي، وبيبرس العديمي، وآخرون.

(47/451)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 452
وأجاز لجماعة في الأحياء. وتوفي في منتصف المحرم. قال الدمياطي: قرأت عليه كتاب أسباب النزول للواحدي، وكتاب غريب الحديث لأبي عبيد.
4 (محمد بن علي بن محمود)

4 (بن حسام الدين طريف بن رسلان.)
جمال الدين أبو عبد الله بن العسقلاني، المصري ثم الدمشقي، الحنفي الضرير. ولد بمصر في سنة نيف وسبعين وخمسمائة. وسمع بنيسابور من: منصور الفراوي، والمؤيد الطوسي، وزينب الشعرية. وحج غير مرة، ودخل إلى ما وراء النهر في طلب الفقه والرواية. وكان فقيهاً فاضلاً، ديناً، خيراً. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وزين الدين الفارقي، وشمس الدين الدمياطي، والفخر بن عساكر، ومحمد بن محمد الكنجي، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة كثيرة. توفي في ثالث شعبان.)
4 (محمد بن غلبون)

4 (بن محمد بن عبد العزيز بن غلبون.)
أبو بكر الأنصاري، المرسي. سمع من: أبيه، وجماعة. وأجاز له: أبو عبد الله بن زرقون، وأبو الفضل بن حبيش. ومن المشرق: المحدث عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر الجيلي، وعبد الواحد بن سلطان المقرىء.

(47/452)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 453
ذكره الأبار فقال: كان ذا عناية بالرواية والفقه، مشاركاً في فنون. واختل قبل وفاته، وبيعت أكثر أصوله وهو لا يشعر. وتوفي في شعبان. وقد أخذت عنه سنة ست وثلاثين، يعني وهو في العافية، رحمه الله.
4 (محمد بن محمد بن سعد الله)

4 (بن رمضان بن إبراهيم.)
الفقيه تاج الدين، أبو عبد الله بن الوزان الحلبي، ثم الدمشقي، الحنفي. ولد بحلب سنة ثمان وستين وخمسمائة. وسمع بمصر من: أبي القاسم البوصيري، وفاطمة بنت سعد الخير، وأبي الحسن بن نجا الواعظ، والأرتاحي، وجماعة. وبالإسكندرية من: عبد الرحمن بن موقا. وبدمشق من: حنبل، وغيره. ودرس بالمدرسة الأسدية بظاهر دمشق على الشرف القبلي، وولي نظر المارستان مرةً. وكان عدلاً متميزاً فاضلاً. روى عنه: الدمياطي، والكنجي، وبهاء الدين محمد بن سني الدولة الشاهد، وأخوه أحمد الجندي، وأبو المعالي ابن البالسي، وجماعة. توفي في ثامن عشر المحرم.
4 (محمد بن محمد بن يحيى)

4 (بن الحسن بن حكيم.)
) أبو الحسن الحراني، ثم الحلبي. ولد سنة ست وستين وخمسمائة ببغداد.

(47/453)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 454
وسمع من: لاحق بن قندرة، وأبي القاسم بن شدقيني، وعبد الله بن دهبل، وابن طبرزد، وغيرهم. وروى عنه: القاضي مجد الدين العديمي، والحافظ شرف الدين النوبي، وغيرهما. وكان شيخاً صالحاً زاهداً. سمع جميع المسند للإمام أحمد، على ابن قندرة. ويقال إنه من ولد ثابت بن قرة الصابىء. توفي في المحرم بحلب.
4 (محمد بن محمود)

4 (بن عبيد الله بن محمد بن يوسف.)
أبو عبد الله بن الملثم المصري، العادلي. ولد سنة سبع وأربعين. وكان من أولاد طلبة العلم، فسمعه أبوه الكثير من: البوصيري، والأرتاحي، وعبد الخالق بن فيروز، وفاطمة بنت سعد الخير، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية. وتوفي ليلة عيد النحر. وهو أخو فاطمة.
4 (محمد بن المؤيد)

4 (بن عبد الله بن علي بن محمد بن حمويه.)

(47/454)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 455
الشيخ سعد الدين أبو إبراهيم الجويني، الصوفي. كان صاحب رياضات، وأحوال. وله كلام في التصوف على طريقة أهل الوحدة. وكان قد حج وأقام بقاسيون يتأله ويتعبد مدةً في زاوية له ومعه جماعة من الصوفية، ولهم سمت وجلالة وتعفف. فلما ضاق به الحال رجع إلى خراسان، واجتمع به جماعة من أمراء التتار، وأسلم على يده غير واحد منهم. وبنى بآمل خانكاه، ورزق القبول التام. ثم زار قبر جدهم القدوة الكبير محمد بن حمويه الجويني بحيراباذ من أعمال جوين فأقام عنده أسبوعاً وعبر إلى الله تعالى. وهو والد شيخنا صدر الدين إبراهيم الذي أسلم على يده قازان.) وتوفي والده الشيخ معين الدين أبو المفاخر المؤيد سنة خمس وستمائة، رحمه الله تعالى.
4 (محمد بن أبي المعالي)

4 (بن جعفر بن علي.)
أبو عبد الله الأنصاري، البعلبكي، ثم الدمشقي، الحنبلي، التاجر. ولد سنة أربع وثمانين.

(47/455)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 456
وسمع من: الخشوعي، وحنبل. روى عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية، والقاضي جلال الدن عبد المنعم، والفخر عبد الله بن المراكشي، وغيرهم. توفي في نصف ربيع الأول. لقبه: عماد الدين، ويقال له أبو المعالي أيضاً.
4 (موسى بن زكريا بن إبراهيم)
صدر الدين أبو عمران الحصكفي، الفقيه الحنفي، قاضي آمد. قدم حلب رسولاً. وحدث بالقاهرة وبها توفي في صفر وله سبعون سنة. روى شيئاً عن: الافتخار الهاشمي. وعنه: عبد المؤمن الدمياطي.
4 (موسى بن أبي الفتح)

4 (محمود بن أحمد بن علي بن أحمد.)
سعد الدين ابن الصابوني، المحمودي، الصوفي. ولد لأبيه بديار مصر قبل الثمانين وخمسمائة. وروى شيئاً بالإجازة عن والده. توفي في رمضان، وجاوز السبعين.
4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن أبي العز)

4 (هبة الله بن أبي محمد بن عبد الباقي.)

(47/456)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 457
فخر القضاة أبو الفتح بن بصاقة الغفاري المصري، الحنفي، الكاتب، الناصري، الأديب. شاعر مفلق، بديع النظم.) ذكره ابن النجار فقال: كان خصيصاً بالملك المعظم ثم بابنه داود، وقدم معه بغداد. وكتبنا عنه من شعره. ولد بقوص سنة تسع وسبعين وخمسمائة. قلت: روى عنه: الشهاب القوصي في معجمه شيئاً كثيراً من شعره. ومات في ثامن جمادى الآخرة بدمشق. ومن شعره ملغزاً.
(وحاملة محمولة غير أنّها .......... إذا حملت ألقت اليوم جنينها)

(منعّمة لم ترض خدمة نفسها .......... فغلمانها من حولها يخدمونها)

(لها حينئذٍ ما بين زوجين يعتدي .......... ولولاهما كان الترّهّب دينها)

(وقد شبّهت بالعرش في أنّ تحتها .......... ثمانية من فوقهم يحملونها)

(47/457)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 458
4 (نصر الله بن أبي الجود)

4 (حاتم بن عبد الجليل بن عبد الجبار بن حسن.)
سديد الدين، أبو القاسم الأنصاري، المصري. الكاتب الأديب. ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وسمع من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، والقاسم بن عساكر، والعماد الكاتب، وجماعة. وتقلب في الخدم الديوانية. روى عنه: الدمياطي، وغيره. توفي في جمادى الآخرة.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن محمد بن الحسين)

4 (بن مفرج بن حاتم بن حسن بن جعفر.)

(47/458)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 459
جمال الدين أبو البركات، المقدسي الأصل، الاسكندراني، الشافعي، المعروف بابن الواعظ. شيخ فاضل جليل من عدول الثغر. ولد سنة. وروى عن: السلفي، وعن: عبد الرحمن بن موقا.) روى عنه: الحافظان عبد العظيم المنذري، وعبد المؤمن الدمياطي، وقالا: مات في ثامن صفر. وقال المنذري: سماعه حضور. قلت: روى عنه بالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وغيره. وبالسماع أيضاً: مجد الدين ابن العديم، وقبله التقي اليلداني، وأحمد بن عبد الكريم بن الأغلاقي.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن أبي السعود)

4 (نصر بن أبي القاسم بن أبي الحسن بن قميرة.)
مؤتمن الدين أبو القاسم التميمي، الحنظلي، اليربوعي، الأزجي، التاجر السفار. أسند من بقي في العراق. ولد سنة خمس وستين وخمسمائة. وسمع من: شهدة، وتجني الوهبانية، وعبد الحق اليوسفي، ومحمد بن بدر الشيحي، والحسن بن شيرويه. وحدث ببغداد، ودمشق، ومصر، وحلب في تجارته.

(47/459)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 460
وأكثر عنه الخلق. وهو آخر من سمع في الدنيا من هؤلاء الخمسة. روى عنه: الحافظ مجد الدين ابن النجار، ومجد الدين ابن الحلوانية، والحافظان ابن الظاهري والدمياطي، والقاضي تقي الدين سليمان، وأبو بكر الدبيثي، والبهاء أيوب بن النحاس، وأخوه إسحاق، وبيبرس العديمي، والعماد بن البالسي، وإبراهيم بن التقي بن أبي اليسر، وعلي بن جعفر المؤدب، والشيخ عبد الرحمن بن المقير، وعبد الله بن الشيخ شمس الدين، ومحمد بن الصلاح موسى، والتقي عبد الله بن تمام، وخلق سواهم. توفي في السابع والعشرين من جمادى الأولى ببغداد، وله خمس وثمانون سنة.
4 (الكنى)

4 (أبو بكر بن سعد الله)

4 (بن جماعة بن حازم بن صخر.)
) الكناني، الحموي، الشافعي. شيخ صالح خير. روى عن: عمه أبي الفتح نصر الله بن جماعة. وهو من بيت الدين والصلاح. توفي في شعبان بحماة. وهو عم قاضي القضاة بدر الدين، رحمه الله. وفيها ولد: القدوة محمد بن عمر بن الزاهد أبي بكر بن قوام البالسي، ومعين الدين أبو بكر بن عبد اللطيف بن المغيزل، خطيب حماة، وعفيف الدين محمد بن المجد عبد الله بن الحسين الإربلي، يوم عاشوراء بحلب، وشاكر بن تقي الدين بن أبي اليسر. وعمر بن أحمد بن عبد الرحمن بن مؤمن،

(47/460)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 461
وقوام الدين حسن بن محمد بن الطباخ، وشهاب الدين أحمد بن محمد بن سليمان بن حمائل بن غانم الكاتب، والشيخ محمد بن نصر بن صالح المصري المقرىء، تقريباً، وشمس الدين محمد بن عمر بن أحمد بن عبد الدائم، المقرىء الضرير، والمعلم محمد بن المظفر الصالحي المهندس، والشيخ محمد بن المهيب عبد الله، في ثاني ربيع الأول، والشهاب أحمد بن كندي بن عمر، ولد في جمادى، وناصر الدين محمد بن الشيخ إبراهيم بن معضاد الجعبري، والزين علي بن مرزوق السلامي، بها، ومحمد بن يوسف بن عبد الله بن رجا البواب، وأقوش مولى شبل الدولة، بماردين، وعبد العزيز بن الشياح، ومحمد بن إبراهيم بواب الزكاة،) والشيخ إبراهيم بن المغريشة، وعلي بن يونس المؤدب، والشيخ محمد عيسى المجلد، والتقي حمزة بن المجدلي، وإسحاق بن إبراهيم بن الوزيري.

(47/461)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 462
1 (ذكر شيوخ كانوا في حدود الأربعين وبعدها)

4 (حرف الألف)

4 (إلياس بن الأنجب)

4 (بن يحيى بن عباس.)
أبو عبد الله البغدادي ابن الكيلاني، الغراد، ثم التاجر. قال ابن النجار: شيخ صالح. وجدنا سماعه في أجزاء من الحلية على ابن البطي. مولده في سنة. قلت: أجاز لابن الشيرازي، ولمحمد البجدي، وبنت مؤمن، وجماعة. أجاز لهم في سنة أربعين وستمائة.
4 (حرف الباء)

4 (بركة بن الأعز)

4 (بن أبي الحسن بن بركة.)
أبو الحسن البغدادي، الرفاء، المؤذن. سمع بإفادة مؤدبه شيئاً من: المبارك بن حصير. وهو شيخ صالح. أجاز لابن الشيرازي، وسعد الدين البجدي، وفقها بنت الواسطي، وجماعة.
4 (برة بنت عبد الوهاب بن برغش)
أمة الوهاب.

(47/462)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 463
سمعها أبوها من: عبد الله بن أحمد السراج، وخمارتاش الروسآئي. ومن مروياتها كتاب: يوم وليلة لابن شبيب العمري، سمعته من السراج سنة سبع وسبعين،) وهو مجلد. أجازت لابن الشيرازي، وابن المطعم، والبجدي، وبنت مؤمن، وجماعة.
4 (بنت العم بنت عبد المحسن)

4 (بن بريك بن عبد المحسن.)
الأزجية. سمعت سنة سبعين من أبيها جزءاً عن أُبي النرسي. أجازت للمطعم، وسعد الدين، والبجدي، وبنت الواسطي، وجماعة.
4 (حرف الصاد)

4 (صلف بنت قاضي القضاة جعفر)

4 (بن عبد الواحد بن الثقفي.)
سمعت من: ابن شاتيل. أجازت: لسعد، والبجدي، وبنت الواسطي، وبنت مؤمن، وطائفة.
4 (حرف الطاء)

4 (طلعة بنت راشد)

4 (بن عبد الله بن سليمان البقال الأزجي.)
سمعت حضوراً سنة سبعين من: عبد الحق اليوسفي. أجازت لابن الشيرازي، والمطعم، والبجدي، وهدية بنت مؤمن، وجماعة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن عبد الملك)

4 (بن مظفر بن غالب.)
أبو محمد الحريمي. سمعه أبوه في سنة تسع وسبعين من ابن شاتيل كتاب الشكر لابن أبي الدنيا.

(47/463)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 464
أجاز لسعد، والبجدي، وبنت الواسطي، وجماعة. قال ابن النجار: هو صالح لا بأس به.
4 (عبد الرحمن بن عبد الله)
)
4 (بن بختيار بن علي.)
أبو محمد اليمامي، الصوفي. واليمامية من أعمال واسط. سكن بغداد، وسمع من: أبي الحسين عبد الحق. قال ابن النجار: شيخ صالح حسن الطريقة، وهو الآن حي، وقد قارب الثمانين. قلت: أجاز لابن الشيرازي، ومحمد البجدي، وجماعة.
4 (عبد الملك بن المبارك)

4 (بن أبي القاسم بن قيبا.)
أبو منصور السقلاطوني. شيخ لا بأس به، مقل. ولد سنة سبع وخمسين. وسمع من: يحيى بن ثابت، وغيره. أجاز لابن عساكر، وابن الشيرازي، والبجدي، وبنت الواسطي، وجماعة.
4 (عقيل بن محمد)

4 (بن يحيى بن مواهب بن إسرائيل.)
أبو الفتوح البرداني الخباز. سمع: أباه، وابن شاتيل، والقزاز، وأبا محمد بن السراج. قال ابن النجار: صحيح السماع، لا بأس به. أجاز لابن الشيرازي، ومحمد البجدي، وجماعة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن محمود)

4 (بن أبي الطاهر بن معالي.)
أبو عبد الله بن النجاد البغدادي. سمع جزء الجرادي من أبي شاكر السقلاني. أجاز للمطعم، وسعد، والبجدي، وبنت مؤمن، وجماعة.

(47/464)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 465
فمن حديثه: أنا أبو شاكر، أنا محمد بن المختار، أنا علي بن عمر البرمكي، ثنا عبيد الله بن محمد بن علي ابن الجرادي الكاتب، ثنا عبد الوهاب بن عيسى، ثنا محمد بن شجاع، فذكر) حديثاً. قال ابن النجار: هذا الشيخ هو ممن لا يفرح بمثله.
4 (محمد بن علي)

4 (بن عبد الصمد بن الهني بن أحمد.)
الإمام أبو منصور البغدادي، المقرىء، الخياط، البواب. من كبار القراء ببغداد. سمع: ابن طبرزد، وابن منينا، وابن الأخضر. ورحل فأخذ عن الكندي، وابن الحرستاني، وعدة. وقرأ على أصحاب أبي الكرم الشهرزوري، فتلا بطرق المصباح على الشيخ عبد العزيز بن الناقد، وتلا على أبي الكرم. قرأ عليه بالسبع: الموفق عبد الله بن مظفر البعقوبي، وغيره. وروى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وعلي بن ممدود البندنيجي، وغيرهم. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وبقي إلى قريب الخمسين، بل إلى سنة خمس وخمسين وحدث فيها.
4 (المبارك بن محمد بن مزيد)
الخواص أبو الحسين البغدادي، الحنفي. سمع بعض مشيخة النسوي من أبي السعادات القزاز. وسمع من: ابن كليب، وعبد الغني بن أبي العلاء الهمذاني. سمع من عبد الغني جميع مسند العدني، قال: أنبا سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي. روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، وجماعة. وأجاز لطائفة من كهول شيوخنا، ولم أظفر بوفاته.

(47/465)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 466
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عباس)
أبو زكريا القيسي، القسنطيني المحدث. له رحلة إلى الأندلس، فأخذ عن: أبي عبد الله بن نوح، وأبي الخطاب بن واجب، والحسين بن) زلال، وطائفة. أجاز لأبي جعفر بن الزبير برنامجه في سنة تسع وأربعين.
4 (يحيى بن علي بن علي)

4 (بن عنان.)
أبو الحسن الغنوي البغدادي، المعروف بابن البقال الحنبلي الفرضي. أحد الأئمة. سمع: أبا الفتح بن شاتيل، ومن بعده فأكثر. ثم ترك العلم وعالج الديوان. ولد سنة إحدى وسبعين. أجاز لابن الشيرازي، وابن سعد، والبجدي، وبنت مؤمن، وبنت الواسطي، وجماعة.
4 (الكنى)

4 (أبو محمد بن أبي القاسم بن الأشرف)
العباسي المتوكلي. سمع من: أبي شاكر السقلاطوني. سمع منه ابن النجار. أجاز لابن سعد، وللبجدي، وجماعة. انتهت الطبقة الخامسة والستون من تاريخ الإسلام للذهبي أعانني الله على إكمالها آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، وهو المستعان لإتمام تحقيق بقية هذا السفر النافع، وعليه الاتكال.)

(47/466)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 5
بسم الله الرحمن الرحيم
{ربنا أفرغ علينا صبرا}
فصل
فقد انقرض في هذه الطبقة السادسة والستين خلق من العلماء والأعيان ورواة الآثار، منهم طائفة بالأندلس والمغرب لم تبلغنا أخبارهم، وطائفة بالمشرق وخراسان، وخلق ببغداد ذهبوا تحت السيف في سنة ست وخمسين، كالخليفة وأمرائه وحشمه، وطائفة من شيوخ الدمياطي وابن القسطلاني منهم أربعة أو أكثر من أصحاب أبي الفتح ابن شاتيل وأبي السعادات القزاز، وعدة من أصحاب ابن كليب، وابن الجوزي. وكذا راح في أخذ حلب جماعة من شرطنا تحت السيف كتبنا أكثرهم، رحم الله الجميع بكرمه. وهذه نبذة مما جرى في هذه الطبقة من الحوادث.

(48/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 6

حوادث سنة إحدى وخمسين وستمائة

[سلطان مصر]
استهلت وسلطان مصر الملك الأشرف بن صلاح الدين ابن أقسيس وأتابكه الملك المعز أيبك.
[سلطان الشام]
وسلطان الشام إلا اليسير الناصر يوسف.
[رجوع الأسرى من وقعة الصالحية]
وفيها رجع الباذرائي ونظام الدين ابن المولى من القاهرة بخلاص الذين أسرتهم البحرية في وقعة الصالحية بآخر الرمل في سنة ثمان وأربعين. وهم الملك المعظم تورانشاه بن السلطان صلاح الدين، وأخوه النضرة، والملك الأشرف ابن صاحب حمص، وأولاد الملك الصالح إسماعيل، وشهاب الدين القيمري.
[قدوم إبنة السلطان علاء الدين على زوجها السلطان الناصر]
وفي آخرها، وقيل في الآتية، قدمت إبنة السلطان علاء الدين من الروم على زوجها السلطان الملك الناصر، وفي خدمتها سوباشي معه خمسمائة

(48/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 7
فارس، وجهازها وثقلها على ألف جمل، ومحفتها بأطلس مكللة بالجوهر والذهب، فبسطت البسط بين يدي دابتها، وكان يوما مشهودا، وعمل لها عرس لم يسمع بمثله من الأعمال بدمشق. وهي بنت إبنة السلطان العادل.
[الصلح بين المصريين والسلطان]
وفيها تقرر الصلح بين المصريين والسلطان الناصر على أن تكون للمصريين غزة، والقدس، وحلفوا على ذلك.
[قطْع خُبز الأمير حسام الدين بمصر]
وقطع بمصر خبز الأمير حسام الدين بن أبي علي، فاستأذن في المضي إلى الشام، فأذن له، فقدم على الناصر فاحترمه وأعطاه خبزا جليلا.
[تعاظم الفارس أقطاي بمصر]
وعظم الفارس أقطاي الجمدار بمصر، وكان يركب بشاويش وعظمة، والتفت عليه البحرية والجمدارية. وكانوا في نية سلطنته. ونزل ركن الدين بيبرس البندقداري ببعض دار الوزارة، وصار من كبار أمراء الدولة، وكذلك سيف الدين بلبان الرشيدي، وشمس الدين سنقر الرومي، وشمس الدين سنقر الأشقر، وعز الدين الأخرم، وهم من حزب الفارس. والملك خائف من ثورتهم، وكانت الناصرية والعزيزية من حزبه، فأخذوا في الحيلة على إهلاك الفارس. وكانت الوقعة الجمعة، وخرج من دمشق ركب عظيم وسبيل كثير.

(48/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 8

[الغلاء بمكة]
ولكن كان الغلاء بمكة شديدا، أبيع شربة الماء بدرهم، والشاة بأربعين درهما. ومضوا وردوا على تيماء.
[مسير هولاكو إلى ما وراء النهر]
وفيها جهز طاغية ' المغل إلى بلاد ما وراء النهر أخاه هولاكو، فسار من قراقرم في جيش كثيف، فبادر أرغوان إلى خدمته فأقره على خراسان.
[منازلة عسكر الناصر عكا]
وفيها سار طائفة من عسكر الملك الناصر فنزلوا على عكا، ثم ملكوا كردانة وأحرقوا الطواحين.
[أخذ صيدا بالسيف]
وساقوا إلى صيدا فأخذوها بالسيف فهرب أهلها إلى قلعتها.
[تخريب قلعة الجيزة]
وفيها خربوا قلعة الجيزة.
[منع الوعاظ من الوعظ بالقاهرة]
وفيها منعوا الوعاظ بالقاهرة من الوعظ لكون العماد الواعظ قال على المنبر: خلق الله آدم بيده. وأشار إلى يده، فعزروه وعزموا على عقد مجلس فلم يتفق.
[نزوح خلق من بغداد إلى الشام]
وفيها نزح خلق من الجند من بغداد إلى الشام لقطع أرزاقهم.

(48/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 9

سنة اثنتين وخمسين وستمائة

[إقطاع أيدغدي]
فيها أقطع الملك المعز لأيدغدي العزيزي دمياط فوق خبزه.
[ظهور نار في أرض عدن]
وفيها جاءت الأخبار أن نارا ظهرت في أرض عدن بجبالها، وكان يطير شررها في الليل إلى البحر ويصعد منها دخان عظيم في النهار. وخاف أهل اليمن وتاب بعضهم.
[ظهور الخارجي المستنصر بالله بالمغرب]
وفيها ظهر بالمغرب خارجي وتسمى المستنصر بالله، وأظهر العدل، واستولى على إفريقية، وبنى برجا وكان يجلس فيه، ويجلس تحته القاضي،

(48/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 10
والوزير، والمحتسب، والوالي، يقضون أمور الناس بحيث يراهم ويسمعهم.
[عرس إبنة الملك علاء الدين]
وفيها رجع الشريف المرتضى الحلبي من الروم، وأحضر معه إبنة ملك الروم علاء الدين كيقباذ، وأمها إبنة السلطان الملك العادل، وقد تزوجها الملك الناصر، فعمل عرسه عليها بدمشق، وعُمِلت القباب، ولعب الجيش، واحتفلوا للعرس احتفالا عظيما.
[قَتْل أقْطاي وركوب المُعِزّ دَسْت السلطنة]
وفيها توجه الفارس أقطاي إلى الصعيد ثانيا فقتل ونهب وعسف، ولما رجع قتل بقلعة الجبل، وهرب حزبه من البحرية، ومن قعد منهم قبض عليه المعز وأودعهم السجن. وركبت العزيزية ونهبوا دور البحرية. وأبطل المعز يومئذ إسم الملك الأشرف، وأنزله إلى عماته القطبيات. وركب الملك المعز في دست السلطنة.

(48/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 11

[قدوم البحرية على صاحب الشام]
وقدم البحرية على صاحب الشام ورأسهم سيف الدين بلبان الرشيدي، وركن الدين بيبرس البندقداري، فبالغ في إكرامهم بالعطاء والخلع، فلزوه في التوجه إلى مصر لكونها مخبطة. فقدم على الجيش الملك المعظم عم أبيه، فدهمهم الشتاء وهم بالغور، وزادت الشريعة، ووقع في حوافر خيلهم مرض. وبقوا في الغور مدة، ثم نزلوا غزة، فبذل الملك المعز الأموال، ونزل العباسية، وخاف من العزيزية الذين قفزوا إلى مصر سنة ثمان وأربعين، لأنه بلغه أن الملك الناصر كاتبهم، فقبض على كبارهم، ونهب خيمهم. فبلغ ذلك الملك الناصر ففتر وضعفت همته.
[طغيان أقطاي]
وكان الفارس أقطاي قد طغى وتجبر بحيث إنه إذا ركب إلى القلعة يدوس موكبه الناس ويضربونهم، ولا يلتفت إلى المعز ولا إلى غيره، والخزائن بحكمه. ثم أراد أن يسكن القلعة وأن تخلى له دار السلطنة، وطاش وأسرف، فقتله المعز، وهربت ممالكيه.

(48/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 12

[رواية أيبك الفارسي في ' تاريخ ابن الجزري ']
قال شمس الدين الجزري في ' تاريخه ': فحدثني عز الدين أيبك الفارسي في سنة تسع وسبعين قال: طلع أستاذنا إلى القلعة في شعبان على عادته، فرتب له المعز عشرة منهم مملوكه قطز، الذي تسلطن، فقتلوه، فركبت البحرية وغلمان الفارس فبلغوا سبعمائة وأتوا القلعة، فرمى برأس الفارس إليهم، فهرب طائفة إلى الكرك إلى الملك المغيث، وطائفة إلى الشام، وطائفة طلبوا الأمان. وكنا أنا وخشداشتي في اثني عشر مملوكا قد أخذنا كل واحد فرساً وجنبيا وهجيناً، وطلعنا من القاهرة في الليل، وقصدنا البرية، فوقعنا في تيه بني إسرائيل، فبقينا خمسة أيام في البرية، ونحرنا بعض الهجن فأكلناه، ثم سرنا يوما وليلة، فلاح لنا في اليوم السابع عمارة فقصدناها، فلقينا صورة مدينة بأسوار وأبواب جميعها زجاج أخضر، فدخلناها فوجدنا الرمل ينبع في أماكن منها، وبعضه قد وصل إلى السقوف، وأكثر الأسواق ما فيها رجل بل الدكاكين على حالها، وفيها قماش، فكنا نمسه فيصير هباء، وكذلك أخشاب السقوف حتى النجاس قد تفتت. ووجدنا صينية نحاس فيها ميزان، فحين رفعناها تفتتت، ووجدنا فيها تسعة دنانير عليها صورة غزال وعليها حروف عبراني. فبقينا يومئذ ندور في تلك المدينة إلى أن وجدنا أثر رشح، فحفرنا نحو ذراعين، فظهرت بلاطة فقلعناها، فإذا صهريج ماء، فشربنا وسقينا الدواب، ونحرنا فرسا وهجينا، وشوينا اللحم على السيخ، ثم تزودنا من الماء ونحن لا ندري إلى أين نتوجه، فسرنا يوما وليلة، فوقعنا على قبيلة

(48/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 13
عرب من بني مهدي، فوصلونا إلى الكرك، فأكرمنا المغيث ثم قصدنا يهوديا لنصرف الدنانير وحكينا له، فصاح وغشي عليه، ثم قال: هذا ضرب في زمان موسى عليه السلام، وهذه المدينة بنيت لما كان موسى في التيه بالزجاج الأخضر عوض الحجارة وقد حصل لها طوفان رملي، فتارة ينقص الرمل فتظهر جدرانها، وتارة يغطيها الرمل. فبعناه الدنانير بمائة درهم، وأضافنا وأعلم يهود الكرك بنا، فكانوا يأتوننا ويسألوننا ويقولون: هذه المدينة الخضراء التي بناها موسى عليه السلام.
[رواية ابن الجزري عن المدينة الخضراء]
قال الجزري: ثم حججت أنا فاكتريت من معان مع شخص من بني مهدي إلى القدس فسألته، فقال: نحن بهذا التيه، وأنا ما رأيت شيئا، ولكن أخبرني أبي أنه تصيد في التيه فوقع بمدينة خضراء ورأى حيطانها زجاجا أخضر. قال: فلما رجعت أعلمت قومي، فأخذوا جمالا وأوسقوها زادا وماء، ثم قصدنا تلك الأرض فلم نرها وغيبت عنا. وبعد كل مدة يراها واحد مصادفة. ويقصدها عرب تلك الناحية باليهود ليزوروها، فقل من يراها.
[محاربة صاحب الموصل العدوية]
وفيها حارب صاحب الموصل العدوية، وقتل خلقا، وأسر عدة، وصلب منهم مائة نفس، وذبح مائة، وقتل كبيرهم وعلق. وبعث من نبش الشيخ عديا

(48/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 14
وأحرق عظامه. أنبأني بذلك الظهير ابن الكازروني في ' مجموع '.
[وثوب غانم بن راجح على أبيه بمكة]
ووثب غانم بن راجح بن قتادة الحسني في مكة بأبيه فقيده وزعم أنه جن، فسأله أن يخلي سبيله، فأعطاه جملا فركبه وهرب، وتمكن غانم بمكة

(48/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 15

سنة ثلاث وخمسين وستمائة

[نزول عسكر الناصر والمعزّ كلّ في ناحية]
دخلت وعسكر الملك الناصر نازل على العوجا، والملك المعز نازل على العباسة، وطال مقام الفريقين.
[إقطاع الناصر البحرية]
وكان الناصر قد أقطع البحرية أخبازا جليلة.
[حرب العزيزية والمُعِزّ والصلح بين الملكين]
قال ابن واصل: وفي رمضان عزمت العزيزية على القبض على المعز، وكاتبوا الناصر، ولم يوافقهم جمال الدين أيدغدي. واستشعر الملك المعز منهم وعرف الخبر، وعلموا هم فهربوا على حمية، وكبيرهم شمس الدين أقوش البري. ولم يهرب أيدغدي وأقام بخيمه، فجاء المعز راكبا إلى قرب مخيمه فخرج إليه أيدغدي، فأمر المعز فحمل على دابة، وقبض أيضا على الأمير الأتابكي فحبسا، ونهبت خيام العزيزية كلهم يومئذ بالعباسة. ثم اصطلح الملكان على أن من الورادة ورايح للمعز.

(48/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 16

ذكر أسماء أعيان البحرية
سيف الدين الرشيدي، عز الدين أزدمر السيفي، ركن الدين البندقداري، شمس الدين سنقر الأشقر، سيف الدين قلاوون الألفي، بدر الدين بيسري، شمس الدين سنقر الرومي، سيف الدين بلبان المستعربي.
[السيل بدمشق]
وفيها جاء سيل بدمشق عرم أخرب عدة دور بظاهر البلد وبلغ ارتفاعه ستة أذرع وزيادة.
[ولادة مولود للسلطان الناصر]
وفيها ولد الملك علاء الدين للسلطان الملك الناصر من ابنة صاحب الروم، واحتفلوا لذلك إلى الغاية.
[الفتنة بمِنَى]
وفيها جرت فتنة بمِنَى ونهب الوفد، فقتل جماعة وجرح خلق. فأرسل أمير مكة إدريس وأبو نمي إلى أمير المؤمنين يعتذران.

(48/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 17

سنة أربع وخمسين وستمائة

[الحكام في البلاد]
خليفة الوقت المستعصم بالله. وصاحب الشام الملك الناصر. وصاحب مصر المُعِزّ. وصاحب الكرك والشوبك المغيث بن عمر بن العادل أبي بكر بن الملك الكامل. وصاحب الموصل الملك الرحيم لؤلؤ. وصاحب ميافارقين الكامل محمد بن غازي بن الملك العادل. ونائب إربل تاج الدين ابن صلايا العلوي. ونائب حصون الإسماعيلية الثمانية رضي الدين أبو المعالي. وصاحب صهيون وبرزبه مظفر الدين عثمان بن منكورس. وصاحب حماه الملك المنصور. وصاحب تل باشر والرحبة وتدمر وزنوبيا الأشرف موسى بن الملك المجاهد إبراهيم ابن صاحب حمص. وصاحب مكة ابن قتادة الحسيني. وصاحب ماردين الملك السعيد إيل غازي الأرتقي. وصاحب اليمن الملك المظفر يوسف بن عمر.

(48/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 18
وصاحب الروم ركن الدين وأخوه عز الدين. وصاحب خراسان وما وراء النهر والخطا القاءآن ملك التتار.
ظهور النَّار بالمدينة
قال أبو شامة: جاء إلى دمشق كتب من المدينة بخروج نار عندهم في خامس جمادى الآخرة، وكتبت الكتب في خامس رجب، والنار بحالها بعد. ووصلت إلينا الكتب في شعبان. فأخبرني من أثق به ممن شاهدها بالمدينة أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب. قال: وكنا في بيوتنا بالمدينة تلك الليالي، وكأن في دار كل واحد سراجا. ولم يكن لها حر ولا لفح على عظمها، إنما كانت آية. قال أبو شامة: وهذه صورة ما وقفت عليه من الكتب: لما كانت ليلة الأربعاء ثالث جمادى الآخرة ظهر بالمدينة دوي عظيم ثم زلزلة عظيمة فكانت ساعة بعد ساعة إلى خامس الشهر، فظهرت نار عظيمة في الحرة قريبا من قريظة تنور لها من دورنا من داخل المدينة كأنها عندنا. وسالت أودية منها إلى وادي شطا مسيل الماء، وقد سدت مسيل شطا وما عاد يسيل. والله لقد طلعنا جماعة نبصرها فإذا الجبال تسيل نيرانه، وقد سدت الحرة طريق الحاج العراقي، فسارت إلى أن وصلت إلى الحرة، فوقفت ورجعت تسير في الشرق يخرج من وسطها مهود وجبال نار تأكل الحجارة،

(48/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 19
فيها أنموذج لما أخبر الله تعالى: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالقَصْرِ كأنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ}. وقد أكلت الأرض. ولها الآن شهر وهي في زيادة، وقد عادت إلى الحرار في قريظة طريق الحاج إلى بحيرة العراقي كلها نيران تشتعل نبصرها في الليل من المدينة كأنها مشاعل، وأما أم النيران الكبيرة فهي جبال نيران حمر، وما أقدر أصف هذه النار. ومن كتاب آخر: ظهر في شرقي المدينة نار عظيمة بينها وبين المدينة نصف يوم انفجرت من الأرض، وسال منها واد من نار حتى حاذت جبل أحد، ثم وقفت. ولا ندري ماذا نفعل. ووقت ظهورها دخل أهل المدينة إلى نبيهم صلى الله عليه وسلم مستغفرين تائبين إلى ربهم. ومن كتاب آخر: في أول جمادى الآخرة ظهر بالمدينة صوت كالرعد البعيد، فبقي يومين، وفي ثالث الشهر تعقبه زلزال فتقيم ثلاثة أيام، وقع في اليوم والليلة أربع عشرة زلزلة. فلما كان يوم خامسه انبجست الأرض من الحرة بنار عظيمة يكون قدرها مثل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي برأي العين من المدينة تشاهد، وهي ترمي بشرر كالقصر. وهي بموضع يقال له أخلين أو أخلبين. وقد سال من هذه النار واد يكون مقداره أربعة فراسخ، وعرضه أربعة أميال، وعمقه قامة ونصف، وهو يجري على وجه الأرض وتخرج منه مهاد وجبال صغار، ويسير على وجه الأرض، وهو صخر يذوب حتى يبقى مثل الأتل، فإذا اخمد صار أسود، وقبل الخمود لونه أحمر. وقد حصل إقلاع عن المعاصي وتقرب بالطاعات. وخرج أمير المدينة عن مظالم كثيرة. ومن كتاب قاضي المدينة سنان الحسيني يقول في التاريخ: ' لقد والله

(48/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 20
زلزلت مرة ونحن حول الحجرة النبوية، فاضطرب لها المنبر والقناديل. ثم طلع في رأس أخيلين نار عظيمة مثل المدينة المعظمة، وما بانت لنا إلا ليلة السبت وأشفقنا منها. وطلعت إلى الأمير وكلمته وقلت: قد أحاط بنا العذاب، ارجع إلى الله. فأعتق كل مماليكه ورد على جماعة أموالهم. فلما فعل ذلك قلت: اهبط معنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فهبط وبتنا ليلة السبت، الناس جميعهم والنسوان وأولادهن، وما بقي أحد لا في النخل ولا في المدينة إلا عند النبي صلى الله عليه وسلم، وأشفقنا منها، وظهر ضوءها إلى أن أبصرت من مكة، ومن الفلاة جميعها. ثم سال منها نهر من نار، وأخذ في وادي أخيلين وسد الطريق، ثم طلع إلى بحرة الحاج، وهو بحر نار يجري وفوقه حرة تسير إلى أن قطعت وادي الشظاه، وما عاد يجيء في الوادي سيل قط لأنها حرة، تجيء قامتين وثلاث علوها. والله يا أخي إن عيشتنا اليوم مكدرة، والمدينة قد تاب أهلها ولا بقي يسمع فيها رباب ولا دف ولا شرب. وتمت النار تسير إلى أن سدت بعض طريق الحاج، وكان في الوادي إلينا منها قتير، وخفنا أن تجيئنا، واجتمع الناس وباتوا عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد طفئ قتيرها الذي يلينا بقدرة الله عز

(48/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 21
وجل، وإلى الساعة ما نقصت بل ترمي مثل الجبال حجارة من نار، ولها دوي، ما تدعنا نرقد ولا نأكل ولا نشرب، وما أقدر أصف لك عظمها ولا ما فيها من الأهوال. وأبصرها أهل ينبع، وندبوا قاضيهم ابن سعد، وجاء وغدا إليها، وما أصبح يقدر يصفها من عظمها. وكتب يوم خامس رجب، والشمس والقمر من يوم ظهرت ما يطلعان إلا كاسفين. ومن كتاب آخر من بعض بني الفاشاني يقول: جرى عندنا أمر عظيم... إلى أن قال: من النار ظهر للناس ألسن تصعد في الهواء حمراء كأنها العلقة، وعظمت فقزع الناس إلى المسجد، وابتهلوا إلى الله عز وجل، وغطت حمرة النار السماء كلها حتى بقي الناس في مثل ضوء القمر، وأيقنا بالعذاب. وصعد القاضي والفقيه إلى الأمير يعظونه فطرح المكس، وأعتق رقيقة كلهم، ورد علينا كل ما لنا تحت يده، وعلى غيرنا. وبقيت كذلك أياما، ثم سالت في وادي أخيلين تنحدر مع الوادي إلى الشظاه، حتى لحق سيلانها ببحرة الحاج، والحجارة معها تتحرك وتسير حتى كادت تقارب حرة العراض. ثم سكنت ووقفت أياما، ثم عادت ترمي بحجارة من خلفها وأمامها حتى بنت جبلين خلفها وأمامها، وما بقي يخرج منها من بين الجبلين، لسان لها أياما. ثم إنها عظمت الآن وسناها إلى الآن، وهي تتقد كأعظم ما يكون. ولها كل يوم صوت عظيم من آخر الليل إلى ضحوه، والشمس والقمر كأنهما منكسفان إلى الآن. وكتب هذا ولها شهر.

(48/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 22
قلت: أمر هذه النار متواتر، وهي مما أخبر به المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث يقول: لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل بِبُصْرى. وقد حكى غير واحد ممن كان بِبُصرى في الليل ورأى أعناق الإبل في ضوئها. وقال أبو شامة: وفي ليلة السادس عشر، كذا قال، من جمادى الآخرة خسف القمر أول الليل، وكسفت الشمس في عبدة، كذا قال، وما احمرت وقت طلوعها وغروبها. وبقيت كذلك أياما متغيرة ضعيفة النور، واتضح بذلك ما صوره الشافعي من اجتماع الكسوف والعبد. قلت: هذا الكلام فيه ما فيه، وقوله كُسفت الشمس في العبدة دعوى ما علمت أحدا وافقه عليها ولا ورخها غيره. ثم بين مستنده باحمرار الشمس وضعف نورها، وهذا لا يسمى كسوفا أبدا. ولقد كنت في رحلتي إلى الإسكندرية وأنا في المركب أنظر إلى الشمس قبل غروبها بساعة، وهي كأنها نحاسة حمراء ما لها من النور شيء أصلا إلى أن تتوارى. وذلك لكثافة الأبخرة الأرضية. ومثل هذا إذا وقع لا تُصلَّى له صلاة الكسوف. والنبي صلى الله عليه وسلم لم نسمعه سمى ذلك كسوفا في وصف ليلة القدر بالآية التي ميزها بها فقال: إن الشمس تطلع من صبيحتها ولا شعاع لها. وأما كسوف الشمس والقمر فشيء ظاهر يبدو قليلا قليلاً في القُرْص إلى أن يذهب نورهما ولونهما، وتظهر الكواكب بالنهار. وقد يكون كسوفا ناقصا فيبقى شطر من الشمس كاسفا، وشطر نيّراً. وأما حساب أهل الهيئة لذلك فشيء ما علمته يحرم أبدا، وهو عندهم حساب قطعي، ومن نظر في مستندهم جزم به، بخلاف قولهم في تأثير الكسوف في الأرض من موت عظيم، أو حادث كبير، فإن هذا من الإفك والزور والهذيان الذي لا يحل لمسلم أن يعتقده. وذلك التأثير عند المنجمين ظن وحدس، والظن الكذب. الحديث. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ' إن الشمس والقمر لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان يخوف الله بهما عباده '.

(48/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 23

[غرق بغداد]
زادت دجلة زيادة مهولة إلى الغاية لم يعهد مثلها إلا من زمان، فغرق خلق كثير من أهل بغداد. ومات خلق تحت الهدم. وركب الناس في المراكب واستعانوا بالله تعالى وعاينوا التلف. فنقل أبو شامة قال: جاء كتاب من المدينة النبوية من بعض بني الفاشاني يقول فيه: وصل إلينا من العراق نجابة في جمادى الآخرة، وأخبروا عن بغداد أنه أصابها غرق عظيم حتى دخل الماء من أسوار بغداد، وغرق كثير من البلد، وانهدمت دار الوزير، وثلاثمائة وثمانون دارا، وانهدم مخزن الخليفة، وهلك شيء كثير من خزانة السلاح. وأشرف الناس على الهلاك، وعادت السفن تدخل إلى وسط البلد وتخرق أزقة بغداد. وقد وقع مثل هذا الغرق ببغداد في سنة أربع وخمسين وخمسمائة أيضا. وبعد ذلك غير مرة، فقد غرقت بغداد عدة مرات.
[فتنة الكرخ]
وفيها كانت فتنة الكرخ في ذي الحجة. قتل أهل الكرخ رجلا من قطفتا فحمله أهله إلى باب النوبي، ودخل جماعة إلى الخليفة وعظموا ذلك، ونسبوا أهل الكرخ إلى كل فساد، فأمر بردعهم. فركب الجند إليهم وتبعهم الغوغاء فنهب الكرخ وأحرقت عدة مواضع، وسبوا العلويات وقتلوا عدة. واشتد الخطب ثم أخمدت الفتنة بعد بلاء كبير، وصُلِب قاتل الأول.

(48/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 24

[خلاف وزير المستعصم والدويدار الصغير]
ونسب إلى مجاهد الدين الدويدار الصغير أنه عامل على خلع المستعصم وتولية ولده، فأسرع مجاهد الدين وحلف وسأل أن يواقف القائل عنه. ولبس اللأمة جنده واستوحش من الوزير، فهاشت العامة وعظم الأمر. وقتل جماعة كثيرة وجرح خلق. ثم كتب المستعصم أمانا بخطه للدويدار فرضي.
[حريق المسجد]
وفي ليلة الجمعة مستهل رمضان احترق مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان ابتداء حريقه من زاويته الغربية بشمال. دخل بعض القوم إلى خزانة ومعه مسرجة فعلقت في الآلات، ثم اتصلت بالسقف سريعا، ثم دبت في السقوف آخذة نحو القبلة، وعجز الناس عن إطفائها، فما كان إلا ساعة حتى احترقت سقوف المسجد كلها، ووقعت بعض أساطينه وذاب رصاصها، وكل ذلك قبل أن ينام الناس. واحترق سقف الحجرة النبوية، ووقع ما وقع منه في الحجرة، وترك على حاله لما شرعوا في عمارة سقفها وسقف المسجد. نقل هذا أبو شامة وغيره. ومما قيل في ذلك:
(لم يحترق حَرَمُ الرسول لحادثٍ .......... يُخْشَى عليه ولا دهاه العار)

(لكنّها أيدي الرّوافض لامَسَتْ .......... ذاك الجدار فطهّرته النّار)

(48/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 25

[ملْك هولاكو حصون الإسماعيلية]
وفيها كان خروج الطاغية هولاكو بن تولي بن جنكزخان، فسار في المغول من الأردو فملك الألموت وقلاع الإسماعيلية التي بنواحي الري. قال ابن الساعي: بعث هولاكو إلى مقدمة الباطنية ركن الدين فبعث أخاه في ثلاثمائة فقتلهم هولاكو وتهدد ركن الدين، فنزل إليه بأمان، ثم قتله وخرب قلعته، ثم خرب الألموت وسائر قلاع الباطنية، ثم ترحل قاصدا العراق وسير باجونوين إلى الروم فانهزم صاحبها إلى بلاد الأشكري، فملكت التتار سائر الروم، ونهبوا وقتلوا وفعلوا الأفاعيل.
[تأمين هولاكو صاحب ميافارقين]
وتوجه الملك الكامل محمد بن شهاب الدين غازي صاحب ميافارقين إلى خدمة هولاكو، فأكرمه وأمنه وأعطاه فرمانا ورجع إلى بلاده.
[التدريس في المدرسة الناصريّة]
وفيها فتحت المدرسة الناصرية بدمشق عند الفراغ من بنائها. وحضر الدرس يومئذ السلطان.
[الشروع في بناء الرباط الناصري]
وفيها شرعوا في بناء الرباط الناصري، واحتفلوا له، وجابوا له الحجر

(48/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 26
الأصفر من بلد حلب.
[اتفاق الناصر والمُعِزّ على محاربة هولاكو]
وفيها تواترت الأخبار بوصول هولاكو بجيشه إلى أذربيجان يقصدون العراق، فوردت قصاد الديوان العزيز على نجم الدين الباذرائي إلى دمشق بأن يتقدم إلى الملك الناصر بمصالحة الملك المعز، وأن يتفقا على حرب التتار، فأجاب الناصر إلى ذلك، ورد عسكره من غزة فدخلوا دمشق.
[القضاء بديار مصر]
وفيها عزل بدر الدين السنجاري عن قضاء ديار مصر، وولي تاج الدين ابن بنت الأعز.
[توقُّف الخليفة عن ردّ وديعة للملك الناصر]
وكانت للملك الناصر داود بن المعظم وديعة عند الخليفة، فتوقف في ردها واحتج بحجج باردة وجرت أمور قبيحة لم يعهد مثلها من أمير فضلا عن أمير المؤمنين. وكان الناصر داود قد حج، وعاد على العراق بسببها فأنزل بالحلة وأجري عليه راتب ضعيف، فعمل قصيدة تلطف فيها وعدد خدمه وخدم آبائه فما نفع، بل سيروا إليه من حاسبه على جميع ما اتصل إليه من النفقات والمأكول وما حملوه إليه من الهدايا في تردده، ثم أوصلوا إليه شيئا يسيرا، وقالوا: قد وصل إليك قيمة وديعتك فهات خطك بوصوله، وأنك لم يبق لك شيء. فكتب كارهاً. ولم يصل إليه من قيمتها العشر. وسافر فاجتمع عليه جماعة من الأعراب وخدموه وأرادوا به التوصل إلى العبث والفساد فأبى عليهم، وأقام عندهم. فخاف من ذلك صاحب الشام الملك الناصر فأحضر

(48/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 27
الملك الظاهر شاذي بن داود، وحلف له أنه لا يؤذي والده. فسار شاذي إلى أبيه وعرفه، فقدم دمشق فوجد الملك الناصر قد أوغر صدره فنزل بتربة والده بقاسيون، وشرط عليه أن لا يركب فرساً. ثم أذن له بركوب الخيل بشرط أن لا يدخل البلد ولا يركب في الموكب. واستمر ذلك إلى آخر السنة.
[انهدام خانقاه الطاحون بظاهر دمشق]
وفيها انهدمت خانقاه الطاحون بظاهر دمشق، فمات تحت الهدم شيخنا بدر الدين المراغي وآخر.

(48/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 28

سنة خمس وخمسين وستمائة

[موت المُعِزّ صاحب مصر]
في ربيع الأول مات الملك المعز أيبك التركماني صاحب مصر، قتلته زوجته شجر الدر، وسلطنوا بعده ولده المنصور علي بن أيبك.
[تردد رسل التتار إلى بغداد]
وفيها ترددت رسل التتار إلى بغداد، وكانت الفرامين منهم واصلة إلى ناس من بعد ناس من غير تحاش منهم في ذلك ولا خيفة، والخليفة والناس في غفلة عما يراد بهم ليقضي الله أمراً كان مفعولاً.
[توجيه الهدايا إلى هولاكو]
وفي رمضان توجه الملك العزيز بن السلطان الملك الناصر يوسف، وهو صبي مع الأمير الزين الحافظي وجماعة بهدايا وتحف إلى هولاكو.

(48/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 29

[اختلاف المصريّين]
وأما المصريون فاختلفوا وقبض على جماعة منهم وقتل آخرون.
[وزارة ابن بنت الأعزّ]
وولي الوزارة القاضي تاج الدين ابن بنت الأعزّ.
[الفتنة بين السُّنّة والشيعة]
وفيها كانت فتنة هائلة ببغداد بين السنة والشيعة أدت إلى خراب ونهب، وقتل جماعة من الفريقين، واشتد الأمر، ثم بعث الخليفة من سكن الفتنة.
[ظهور طائفة الحيدرية بالشام]
وفي هذا الوقت ظهر بالشام طائفة الحيدرية، يقصون لحاهم ويلبسون فراجي من اللباد وعليهم طراطير، وفي رقابهم حلق كبار من حديد. زعموا أن الملاحدة أمسكوا شيخهم حيدر وقصوا ذقنه. وهم يصلون ويصومون، ولكنهم قوم منحرفون. وكان أمر الدين ضعيفا من أيام الناصر بدوران الخمر والزنا وكثرة الظلم وعدم العدل، وظهور البدع، وغير ذلك.
[الوحشة بين الناصر والبحرية]
وفيها وقعت وحشة في نفس الملك الناصر من البحرية، وبلغه أنهم عزموا على الفتك به، فأمرهم بالانتزاح عن دمشق، ففارقوه مغاضبين له ونزلوا غزة، ثم انتموا إلى الملك المغيث صاحب الكرك، وخطبوا له بالقدس،

(48/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 30
وأخذوا حواصل غزة والقدس. ثم حصل الانتصار عليهم فانهزموا إلى البلقاء، ثم طمعوا المغيث في أخذ مصر له، وأنفق فيهم الأموال، وساروا، فجرت لهم وقعة مع المصريين فانكسروا وزينت مصر.
[طمع المغيث في الديار المصرية]
قال ابن واصل: انقاد المغيث للبحرية وأنزل إليهم بعض عسكره مع أتابكه الطواشي بدر الدين الصوابي الذي ملكه الكرك عند قتلة الملك المعظم ابن الصالح، فكان الصالح لما تملكها في آخر أيامه استناب بها الصوابي، وسير إليها خزانة عظيمة من المال، فضيعه المغيث على البحرية طمعاً في الديار المصرية. ثم سار جيش المغيث إلى مصر فبرز لحربهم جندها فكسروهم، وجرح سيف الدين الرشيدي وأسر، فانهزم الصوابي وركن الدين البندقداري وطائفة، ودخل جماعة منهم القاهرة مستأمنين، وكان قد جاء قبلهم عز الدين الأخرم فأُكرِم.
[خلعة الخليفة للملك الناصر]
وفيها قدم الشيخ نجم الدين الباذرائي بالخلعة الخليفية للملك الناصر بالسلطنة فركب بها، وكان يوماً مشهوداً. فلما رجع توجه معه إلى العراق الناصر داود في جماعة من أولاده، وكان قد أباعه الناصر داره المعروفة بدار سامة فصيرها مدرسة ؛ فلما وصلوا إلى قرقيسيا أشار الباذرائي عليه بالإقامة حتى يستأذن له. فأقام ولم يجئه إذن، فرد إلى الشام، وتوجه في البرية إلى أن وصل إلى تيه بني إسرائيل واجتمع إليه العربان.

(48/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 31

[إغارة التتار على الموصل]
وفيها أغارت التتار على بلاد الموصل وفتكوا.
[تصوُّف ابن حَمُّوَيْه]
وفيها بطل سعد الدين خضر بن حمويه وترك الجندية وزالت سعادته والتجأ إلى التصوف.
[وصف المفاسد بدمشق]
قال في ' تاريخه ': ولما عاندني الدهر في أموري، وباعد سروري، وكدر مشاربي، وعسر مآربي، وانقطعت الأرزاق، وانحل كيس الإنفاق، خرجت من مصر، فلما حللت بدمشق، مسقط رأسي، وجدتها وقد صوح واديها، وخلا من الأنيس ناديها، وارتفعت عنها البركات، وأحيط بها الظلم والظلمات. والأسواق كاسدة، والرعايا فاسدة. عدم ركبا، وظهرت الخيانات وشغل المودف، وعلت المنكرات، وأحدث من الرسوم ما لم يعهد، وحملوا أثقالا مع أثقالهم. إن استغاثوا بالملك أجابهم بالضرب والرد، وإن استنجدوا بالوزير عاملهم بالإعراض والصد، وإن سألوا الحاجب طلب الرشا بلا حمد. إلى أن قال: لا يحضرهم أحد على مائدة، ولا يرجع من عندهم بفائدة. قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم واستوثقوا من رتاج الباب والدار، يكذبون ويحلفون، ويغدرون ويُخْلِفون، وعلى حريم أصحابهم بالفاحشة يحلفون. قد قنع كل منهم بلومه، ولف ذنبه على خيشومه. قيل لوزيرهم: إنا نطيل الجلوس، فلو جعلت علامة لقيامنا. قال: إذا قلت يا غلام هات الغداء فانصرفوا. وقال صاحب ديوانهم لغلامه: هات غدائي وأغلق الباب. فقال: بل أغلق الباب وأجيء بالطعام. قال: أنت أحذق مني، فأنت حر لوجه الله بعد موتك. وحضر شاعر مائدة أكبر أمرائهم فرمى لقمة للهر، فقال الأمير: لا

(48/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 32
تطعمها فإنها هرة جيراننا. ومن غرائب الظلم أن رجلا جاء بحمل عسل، فأخذ للخوشخاناه، فطولب بمكس العسل، فقال: خذوا من تحت أيديكم. قالوا: ما نعرف ما تقول. فذهب بالبغل يبيعه، فأخذه أمير الإصطبل. وطولب بحقه في السوق فقال: أدفعوا لي ثمنه وخذوا حقكم. قالوا: ما نعلم ما تقول. وحبسوه على مكسه. فكتب إلى أهله. نفذوا لي دراهم حتى أستفك روحي، فقد راح العسل والبغل، وأنا محبوس على المكس. ومما يناسب هذه الحكاية أن امرأة ذهب عنها حُلِيٌّ بخمسة آلاف فوجده منادي بسوق الرحبة فرده عليها، فوهبته خمسمائة درهم فتمنع وقال: إنما رددته لله. فألزمته فأخذ الدراهم. فسمع به الوالي فأحضره وأخذ منه الدراهم وضربه وقال: ليش ما جيت بالحُلِيّ إلى عندنا؟ ثم ذكر كلاما طويلا من هذا النحو.
[مسير هولاكو إلى بغداد]
وفي سنة خمس سار هولاكو من همدان قاصدا بغداد، فأشار ابن العلقمي الوزير على الخليفة ببذل الأموال والتحف النفيسة إليه، فثناه عن ذلك الدويدار وغيره، وقالوا: غرض الوزير إصلاح حاله مع هولاكو. فأصغى إليهم وبعث هدية قليلة مع عبد الله ابن الجوزي، فتنمر هولاكو وبعث يطلب الدويدار وابن الدويدار وسليمان شاه فما راحوا. وأقبلت المغل كالليل المظلم، وكان الخليفة قد أهمد حال الجند وتعثروا وافتقروا، وقطعت أخبازهم، ونظم الشعر في ذلك، فلا قوة إلا بالله.

(48/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 33

سنة ست وخمسين وستمائة

[انهزام المتّفقين على قصد الديار المصرية]
دخلت والملك الناصر والبحرية، والملك المغيث متفقون على قصد الديار المصرية وطمعوا فيها لأن سلطانها صبي، فنزل الملك المغيث على غزة فخرج الأمير سيف الدين فظفر بعسكر مصر، ونزل بالعباسة لقتال الشاميين. ثم سار المغيث بالعساكر الشامية، فضرب مع المصريين رأسا في الرمل، فانكسر وأسرت طائفة من أمرائه، وهم أيبك الرومي، وأيبك الحموي، وزكي الدين الصيرفي، وابن أطلس خان الخوارزمي، فضربت أعناقهم صبرا بين يدي قطز، ودخلوا بالرؤوس إلى القاهرة، وهرب المغيث وأتابكه الصوابي والبندقداري في أسوأ حال وأنحسه إلى الكرك.
كائنة بغداد
كان هولاكو قد قصد الألموت، وهو معقل الباطنية الأعظم وبها المقدم

(48/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 34
علاء الدين محمد بن جلال الدين حسن المنتسب إلى نزار ابن المستنصر بن الظاهر بن الحاكم العبيدي الباطني، فتوفي علاء الدين وقام بعده ابنه شمس الشموس، فنزل إلى هولاكو بإشارة النصير الطوسي عليه، وكان النصير عنده وعند أبيه من قبل، فقتل هولاكو شمس الشموس وأخذ بلاده وأخذ الروم، وأبقى بها ركن الدين ابن غياث الدين كيخسرو صورة بلا معنى، والحكم والتصرف لغيره. وكان وزير العراق مؤيد الدين ابن العلقمي رافضيا جلدا خبيثا داهية، والفتن في استعار بين السنة والرافضة حتى تجالدوا بالسيوف، وقتل جماعة من الروافض ونهبوا، وشكا أهل باب البصرة إلى الأمير ركن الدين الدويدار والأمير أبي بكر ابن الخليفة فتقدما إلى الجند بنهب الكرخ، فهجموه ونهبوا وقتلوا، وارتكبوا من الشيعة العظائم، فحنق الوزير ونوى الشر، وأمر أهل الكرخ بالصبر والكف. وكان المستنصر بالله قد استكثر من الجند حتى بلغ عدد عساكره مائة ألف فيما بلغنا، وكان مع ذلك يصانع التتار ويهاديهم ويرضيهم، فلما استخلف المستعصم كان خليا من الرأي والتدبير، فأشير عليه بقطع أكثر الجند، وأن مصانعة التتار وإكرامهم يحصل بها المقصود، ففعل ذلك. وأما ابن العلقمي فكاتب التتار وأطمعهم في البلاد، وأرسل إليهم غلامه وأخاه، وسهّل عليهم فتح العراق، وطلب أن يكون نائبهم، فوعدوه بذلك

(48/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 35
وتأهبوا لقصد بغداد، وكاتبوا صاحب الموصل لؤلؤ في تهيئة الإقامات والسلاح. فأخذ يكاتب الخليفة سرا ويهيء لهم الآلات والإقامات. وكان الوزير هو الكل، وكان لا يوصل مكاتبات صاحب الموصل ولا غيره إلى الخليفة، وإن وصلت سرا إلى الخليفة أطلع عليها ابن العلقمي ورد الأمر إليه. وكان تاج الدين ابن صلايا نائب إربل يحذر الخليفة ويحرك عزمه، والخليفة لا يتحرك ولا يستيقظ. فلما تحقق حركة التتار نحوه سير إليهم شرف الدين ابن محيي الدين ابن الجوزي رسولا يعدهم بأموال عظيمة، ثم سير مائة رجل إلى الدربند يكونون فيه ويطالعون الأخبار، فمضوا فلم يطلع لهم خبر لأن الأكراد الذين هناك دلوا التتار عليهم فقتلوهم أجمعين فيما قيل. وركب هولاكو إلى العراق، وكان على مقدمته باجو نوين وفي جيشه خلق من الكرخ ومن عسكر بركة ابن عم هولاكو، ومدد من صاحب الموصل مع ولده الملك الصالح ركن الدين إسماعيل. وأقبلوا من جهة البر الغربي عن دجلة، فخرج عسكر بغداد وعليهم ركن الدين الدويدار، فالتقاهم يوم تاسوعاء على نحو مرحلتين من بغداد، فانكسر البغداديون بعد أن قتلوا عددا كثيرا من العدو، وأخذتهم السيوف وغرق بعضهم في الماء، وهرب الباقون. ثم ساق باجو نوين فنزل القرية مقابل دار الخلافة وبينه وبينها دجلة. وقصد هولاكو بغداد من جهة البر الشرقي، ثم إنه ضرب سورا على عسكره وأحاط ببغداد. فأشار الوزير على المستعصم بمصانعتهم وقال: أخرج إليهم أنا في تقرير الصلح. فخرج وتوثق لنفسه من التتار ورد إلى الخليفة وقال: إن الملك قد رغب في أن يزوج بنته بابنك الأمير أبي بكر ويبقيك في منصب الخلافة كما أبقى صاحب الروم في سلطنته، ولا يؤثر إلا أن تكون الطاعة له كما كان أجدادك مع السلاطين السلجوقية، وينصرف عنك بجيوشه فيجيبه مولانا إلى هذا فإن فيه حقن دماء المسلمين، ويمكن بعد ذلك أن يفعل

(48/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 36
ما يريد. والرأي أن تخرج إليه. فخرج في جماعة من الأعيان إلى هولاكو فأنزل في خيمة. ثم دخل الوزير فاستدعى الفقهاء والأماثل، ليحضروا العقد يعني. فخرجوا من بغداد فضُرِبت أعناقهم، وصار كذلك يخرج طائفة بعد طائفة فتُضرَب أعناقهم. ثم مد الجسر وبكر باجو نوين ومن معه فبذلوا السيف في بغداد، واستمر القتل والسبي في بغداد بضعا وثلاثين يوما، ولم ينج إلا من اختفى. فبلغنا أن هولاكو أمر بعد ذلك بعد القتلى فبلغوا ألف ألف وثمانمائة ألف وكسر. والأصح أنهم بلغوا ثمانمائة ألف. ثم نودي بعد ذلك بالأمان، وظهر من كان قد تخبأ وهم قليل من كثير. فممن هلك في وقعة بغداد الخليفة، وابناه أحمد وأبو بكر، وابن الجوزي وأولاده الثلاثة، والركن محمد بن محمد بن سكينة كهلا، وكبير الشافعية شهاب الدين محمود بن أحمد الزنجاني، والقدوة الشيخ علي الخباز، والأديب نحوي النظامية جمال الدين عبدا لله بن خنقز، وشيخ الخليفة صدر الدين علي بن النيار، وقريبه عبد الله بن عبيد الله، والعدل عبد الله بن عساكر البعقوبي، والشرف محمد بن سكينة أخو الركن، والعدل عبد الوهاب بن الصدر عبد الرحيم بن عبد الوهاب بن سكينة وأخوه عبد الرحمن، ويحيى بن سعد البردي العدل، ووالد الرشيد بن أبي القاسم، وعبد القاهر بن محمد بن الفوطي كاتب ديوان العرض. وفيها مات: علي بن الأخضر، والشاعر علي الرصافي، وحسين بن داود الواسطي المحدث، وعمر بن دهمان المحدث قتلا، وأحمد بن مسعود البعلي الجبيلي، وعبد الله بن ياسر البعلي، ووالد الشيخ علي البندنيجي العدل،

(48/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 37
ومحمد بن الهيثمي، والعدل علي بن أبي البدر. وأما الوزير ابن العلقمي فلم يتم [له] ما أراد، وما اعتقد أن التتر يبذلون السيف مطلقا، فإنه راح تحت السيف الرافضة والسنة وأمم لا يحصون، وذاق الهوان والذل من التتار، ولم تطل أيامه بعد ذلك. ثم ضرب هولاكو عنق باجو نوين لأنه بلغه عنه أنه كاتب الخليفة وهو في الجانب الغربي. وأما الخليفة فقتل خنقا، وقيل: غم في بساط، وقيل: رفسوه حتى مات. وقتل الأمير مجاهد الدين الدويدار، والشرابي، والأستاذ دار محيي الدين ابن الجوزي وولداه، وسائر الأمراء والحجاب والكبار. وقالت الشعراء قصائد في مراثي بغداد وأهلها وتمثل بقول سبط التعاويذي:
(بادت وأهلوها معاً فبيوتُهُمْ .......... ببقاء مولانا الوزير خراب)
وكانت كسرة عسكر الخليفة يوم عاشوراء، ونزل هولاكو بظاهر بغداد في الرابع عشر من المحرم، وبقي السيف يعمل فيها أربعة وثلاثين يوماً. وبلغنا أن آخر جمعة خطب فيها الخطيب ببغداد كانت الخطبة ' الحمد لله الذي هدم بالموت مشيد الأعمار، وحكم بالفناء على أهل هذه الدار '. وكان السيف يعمل في الجمعة الأخرى، فإنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم أجرنا في مصيبتنا التي لم يصب الإسلام وأهله بمثلها. ولتقي الدين إسماعيل بن أبي اليسر قصيدة مشهورة في بغداد، هي:
(لسائل الدَّمع عن بغداد أخبارُ .......... فما وقوفُك والأحباب قد ساروا)

(48/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 38

(يا زائرين إلى الزَّوراء لا تفدوا .......... فما بذاك الحمى والدّار ديّارُ)

(تاجُ الخلافة والرّبع الّذي شرُفَتْ .......... به المعالم قد عفّاه إقفارُ)

(أضحى لعصف البِلَى في ربْعه أثر .......... وللدُّموع على الآثار آثارُ)

(يا نار قلبي من نارٍ لحربِ وَغَى .......... شبَّتْ عليه ووافى الرَّبْعَ إعصارُ)

(علا الصّليبُ على أعلى منابرها .......... وقام بالأمر من يحويه زنّارُ)

(وكم حريم سَبَتْهُ التُّرْكُ غاصبةٌ .......... وكان من دون ذاك السّتْر أستارُ)

(وكم بُدُور على البدريّة انخسفت .......... ولم يعد لبُدور الحيّ إبدارُ)

(وكم ذخائر أضْحَت وهي شائعةٌ .......... من النُّهّاب وقد حازته كفَّارُ)

(وكم حدود أقيمت من سيوفهم .......... على الرّقاب وحُطّت فيه أوزارُ)

(ناديت والسَّبْيُ مهتوكٌ تجرّهم .......... إلى السِّفاح من الأعداء ذعّارُ)

(وهم يساقون للموت الّذي شهدوا .......... النّار يا ربّ من هذا ولا العارُ)

(والله يعلم أنّ القوم أغفلهم .......... ما كان من نِعم فيهنّ إكثارُ)

(فأهملوا جانب الجبّار إذ غفلوا .......... فجاءهم من جنود الكُفْر جبّارُ)

(يا للرجال بأحداثٍ يحدّثنا .......... بما غدا فيهم إعذار وإنذارُ)

(من بعد أسْرِ بني العبّاس كلّهم .......... فلا أنار لِوجه الصُّبع إسفارُ)

(ما راق لي قطُّ شيءٌ بعد بَيْنهِم .......... إلاّ أحاديث أرْويها وآثارُ)

(لم يبقَ للدّين والدّنيا وقد ذهبوا .......... شوقٌ لمجدٍ وقد بانوا وقد باروا)

(إنّ القيامة في بغدادَ قد وُجِدتْ .......... وحدّها حين للإقبال إدبارُ)

(آل النّبِيّ وأهل العِلْم قد سُبيوا .......... فَمَنْ ترى بعدهم يحويه أمصارُ)

(48/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 39

(ما كنتُ آمُلُ أن أبقى وقد ذهبوا .......... لكنْ أتت دون ما اختار أقدارُ)
في أبيات أخر، وجملتها ستة وستون بيتا. قال ابن الكازروني وغيره: ما زالوا في قتل وسبي وتعذيب عظيم لاستخراج الأموال مدة أربعين يوما، فقتلوا النساء والرجال والأطفال أهل البلد وأهل سائر القرى ما عدا النصارى، عين لهم شحاني حرسوهم، وانضم إليهم خلق فسلموا. وكان ببغداد عدة من التجار سلموا لفرمانات والتجأ إليهم خلق، وسلم من بدار ابن العلقمي، ودار ابن الدامغاني صاحب الديوان ودار ابن الدوامي الحاجب، وما عدا ذلك ما سلم إلا من اختفى في بئر أو قناة، وأحرق معظم البلد. وكانت القتلى في الطرق كالتلول. ومن سلم وظهر خرجوا كالموتى من القبور خوفاً وجوعاً وبرداً. وسلم أهل الحلة والكوفة. أمنهم القان، وبعث إليهم شحاني. وسلمت البصرة وبعض واسط. ووقع الباء فيمن تخلف، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
[وقعة المغيث مع المصريين]
وفيها كانت وقعة الملك المغيث مع المصريين فانكسر كما ذكرنا، وهرب هو وبدر الدين الصوابي والبندقداري الذي تسلطن، فوصلوا إلى أسوأ حال. وأما مصر فزينت في ربيع الآخر للنصر، وعاشت البحرية بعد الكسرة وأفسدوا، فجهز لحربهم الملك الناصر محيي الدين ابن أبي زكري ونور الدين علي بن الأكتع فالتقوا على غزة، فانتصرت البحرية وأسروا الأميرين

(48/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 40
وحملوهما إلى الكرك، وقويت شوكتهم، فبرز دهليز الملك الناصر، وعزم على قتالهم بنفسه، فقربت البحرية من دمشق، فهجم ركن الدين البندقداري في بعض الأيام على الدهليز وهو عند الجسورة، وقطع أطناب الدهليز.
[خيانة ابن العلقمي]
وولى هولاكو على العراق نوابه. وعزم ابن العلقمي على أن يحسن لهولاكو أن يقيم ببغداد خليفة علويًّا فلم يتهيأ ذلك له، واطرحته التتار، وبقي معهم على صورة بعض الغلمان، ثم مات كمدا لا رحمه الله، ولا خفف عنه.
[قتل ابن صَلايا]
وسار هولاكو قاصدا إلى أذربيجان فنزل إليه بدر الدين صاحب الموصل، فأكرمه ورده إلى الموصل، ونزل إليه تاج الدين ابن صلايا فقتله، فقيل إن صاحب الموصل كان في نفسه من ابن صلايا فقال لهولاكو: هذا شريف علوي، فربما تطاول إلى الخلافة، وتقوم معه خلق. فلهذا قتله هولاكو. ولم تطل لصاحب الموصل بعد ذلك حياة.
[محاصرة التتار ميّافارقين]
وفيها جاءت فرقة من التّتار فنازلت ميافارقين فحصروها.

(48/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 41

[كتاب هولاكو إلى صاحب الشام]
وفيها جاءت رسل قاءان من بلاد ما وراء النهر ورسل هولاكو إلى صاحب الشام، فصورة كتاب هولاكو: ' يعلم سلطان ملك ناصر - طال بقاؤه - إنه لما توجهنا إلى العراق وخرج إلينا جنودهم، فقتلناهم بسيف الله تعالى، ثم خرج إلينا رؤساء البلد ومقدموها، فكان قصارى كلامهم سببا لهلاك نفوسهم يستحق الإذلال، فأعدمناهم أجمعين، وذلك بما قدمت أيديهم وبما كانوا يكسبون. وأما ما كان من صاحب البلدة، فإنه خرج إلى خدمتنا، ودخل تحت عبوديتنا، فسألناه عن أشياء كذبنا فيها، فاستحق الإعدام. وكان كذبه ظاهرا، ووجدوا ما عملوا حاضرا. أجب ملك البسيطة، ولا تقولن: قلاعي المانعات ورجالي المقاتلات. ولقد بلغنا أن شذرات من العسكر التجأت إليك هاربة، وإلى جنابك لائذة.
(أين المَفَرُّ ولا مَفَرَّ لهاربٍ .......... ولنا البسيطان الثَّرَى والماءُ)
فساعة وقوفك على كتابنا تجعل قلاع الشام سماها أرضا، وطولها عرضا. والسلام. ومن كتاب ثان: ' خدمة ملك ناصر - طال عمره -، أما بعد، فإنا فتحنا بغدادا واستأصلنا ملْكها وملِكها، وكان ظن وقد ضن بالأموال، ولن ينافس في الرجال أن ملكه يبقى على ذلك الحال، وقد علا ذكره، ونما قدره، فخسف في الكمال بدره.
(إذا تمّ أمرٌ بدا نقْصُهُ .......... تَوَقَّعْ زوالاً إذا قيل تَمّ)
ونحن في طلب الإزدياد، على ممر الآباد، فلا تكن كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، وأبد ما في نفسك، إما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.

(48/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 42
أجب ملك البسيطة تأمن شره، وتنال بِرَّه، واسع إليه برجالك وأموالك، ولا تعوق رسولنا، والسلام '.
[قدوم الملك الكامل إلى دمشق وعَوده]
وفي صفر قدِم دمشق الملك الكامل بن المظفر بن العادل يستنجد الإسلام على التتار، فتباشروا للناس شيئا، ودخل البلد وزار قبر جده، ثم رد إلى بلاده ولم ينفر أحد لتيقن الناس بأخذ بغداد.
[وصول فرسان من العراق إلى دمشق]
ووصل نحو خمسمائة فارس من عسكر العراق، ذكروا أن التتار حالوا بينهم وبين بغداد. ثم جاء بعدهم نحو الثلاثمائة إلى دمشق.
[اشتداد الوباء بالشام]
وفي أثناء السنة اشتد الوباء بالشام ومات خلق بحيث أنه قيل إنه خرج من حلب في يوم واحد ألف ومائتا جنازة. وأما دمشق فكان فيها من المرض ما لا يحد ولا يوصف، واستغنى العطارون. ونفدت الأدوية، وعز الأطباء إلى الغاية، وأبيع الفروج بدمشق بثلاثة دراهم، وبحلب بعشرة دراهم. ومبدأ الوباء في جمادى الأولى لفساد الهواء بملحمة بغداد.

(48/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 43

سنة سبع وخمسين وستمائة

[القبض على البحرية بحلب]
في أولها سار الملك الناصر متبعا آثار البحرية، فاندفعوا بين يديه إلى الكرك، فنزل بركة زيزا، وعزم على حصار الكرك، وفي خدمته صاحب حماه الملك المنصور، فجاءت إليه رسل المغيث مع الدار القطبية، وهي إبنة الملك الأفضل قطب الدين ابن العادل يضرعون إليه في الرضا عن المغيث، فشرط عليهم أن يقبض على من عنده من البحرية، فأجاب ونفذهم إليه على الجمال، فبعثهم إلى قلعة حلب فحبسوا بها.
[دخول البندقداري في خدمة الناصر]
وأما ركن الدين البندقداري فهرب من الكرك في جماعة، وقدم على الملك الناصر، فأحسن إليهم وصفح عنهم، ورجع وفي خدمته البندقداري.
[أخْذ هولاكو قلعة اليمانية]
وفيها نزل هولاكو على آمد، وبعث رسله إلى صاحب ميافارقين

(48/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 44
الملك السعيد نجم الدين يطلبه، فسير إليه ولده الملك المظفر في خدمته سابق الدين بلبان، والقاضي مهذب الدين محمد بن مجلي، ومعهم تقادم، واعتذر بالمرض به فوافق وصولهم إليه أخذه لقلعة اليمانية وإنزاله منها حريم الملك الكامل صاحب ميافارقين، وولده الملك الناصر يوسف بن الكامل، والملك السعيد عمر، وابن أخيه الملك الأشرف أحمد، والملك الصالح أيوب بن الملك المشمر ابن تاج الملوك علي بن العادل. فلما رآهم ابن صاحب ماردين جزع وأدى الرسالة فقيل له: ليس مرضه بصحيح وإنما هو، متمارض محافظة للملك الناصر صاحب الشام، فإن انتصرت عليه اعتذر إلي بزيادة المرض، وإن انتصر علي بقيت له يد بيضاء عند الناصر، فلو كان للناصر قوة يدفعني لما مكنني من دخول هذه البلاد، وقد بلغني أنه بعث حريمه وحريم أمرائه وكبراء رعيته إلى مصر، ولو نزل صاحبكم إلي رعيت له ذلك. ثم أمر برد القاضي وحده، فعاد وأخبر مخدومه بصورة الحال، فتألم على إرساله ولده، وبعث رسولا إلى الملك الناصر يستحثه على الحركة، ويعرفه أنه متى وصل إلى حلب قدم إليه برجاله وأمواله. وسير في الظاهر إلى هولاكو بهدية، وفي الباطن إلى ولده يحرضه على الهروب. وسير إلى صاحبي الروم عز الدين وركن الدين ينكر عليهما كونهما في خدمة هولاكو، ويقول: إن بقَّى عليكما فإنما ذلك ليغر الملك الناصر، فأعملا الحيلة في الانفصال عنه، والحذر منه.
[الخوف من التتار بالشام]
وفي أواخر السنة وقعت الأراجيف بحركة التتار نحو الشام فانجفل الخلق.

(48/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 45

[رأي العزّ بن عبد السلام في جهاد التتار]
وفي آخرها قبض الأمير سيف الدين قطز المعزي على ابن أستاذه الملك المنصور علي بن المعز، وتسلطن ولقب بالملك المظفر. وسبب ذلك قدوم الصاحب كمال الدين ابن العديم رسولا يطلب النجدة على التتار، فجمع قطز الأمراء والأعيان، فحضر الشيخ عز الدين ابن عبد السلام والقاضي بدر الدين السنجاري، وجلس الملك المنصور في دست السلطنة، فاعتمدوا على ما يقوله الشيخ عز الدين، فكان خلاصته: إذا طرق العدو البلاد وجب على العالم كلهم قتالهم، وجاز أن يؤخذ من الرعية ما يستعان به على جهادهم، بشرط أن لا يبقى في بيت المال شيء، وأن تبيعوا ما لكم من الحوائص والآلات، ويقتصر كل منكم على فرسه وسلاحه، ويتساووا في ذلك هم والعامة. وأما أخذ أموال العامة مع بقاء ما في أيدي الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا.
[سلطنة قُطُز]
ثم بعد أيام يسيرة قبض على المنصور وقال: هذا صبي والوقت صعب، ولا بد من أن يقوم رجل شجاع ينتصب للجهاد. وكان الأميران علم الدين الغتمي وسيف الدين بهادر المعزيين حين جرى هذا المجلس غائبين لرمي البندق، فاغتنم قطز غيبتهما وتسلطن، فلما حضرا قبض عليهما، وسير القاضي برهان الدين السنجاري مع ابن العديم إلى

(48/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 46
الشام يعد الناصر بالنجدة.
[خوف الناصر من التتار وجُبْنه]
وبرز الملك الناصر والعساكر فنزلوا على برزة شمالي دمشق، واجتمع له عسكر كبير وتركمان وأتراك وعجم ومطوعة. ثم رأى تخاذل عسكره، وأنه لا طاقة له بالتتار لكثرتهم فخاف وجبن. وكان قد صادر الناس وجبى الأموال وما نفع.
[نكبة الحلبيّين أمام التتار]
وفيها عبر هولاكو بجيش عظيم الفرات بعد أن استولى على حران، والرها، والجزيرة، وأول من عدى أشموط بن هولاكو في ذي الحجة. فجاء الخبر من البيرة إلى حلب والنائب بها الملك المعظم تورانشاه، فجفل الناس منها، وعظم الخطب، وعم البلاء. وكانت حلب في غاية الحصانة وحسن الأسوار المنيعة وقلعتها كذلك وأبلغ. فلما كان في العشر الأخير من ذي الحجة قصدت التتار حلب ونزلوا على حيلان وتلك النواحي، ثم بعثوا طائفة من عسكرهم فأشرفوا على

(48/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 47
المدينة، فخرج إليهم عسكر المدينة ومعهم خلق من المطوعة، فساروا فرأوا التتار، فلما تحققوا كثرتهم كروا راجعين. وأمر نائب حلب أن لا يخرج بعد ذلك أحد، وكتب يستحث الملك الناصر في الكشف عنهم. فلما كان من الغد رحل التتار عن منزلتهم ونازلوا حلب، واجتمع عسكر البلد بالبواشير وإلى ميدان الحصا، وأخذوا في إجالة الرأي، فأشار عليهم نائب السلطنة أن لا يخرجوا، فلم يوافقه العسكر، وخرجوا ومعهم العوام والشطار، واجتمعوا بجبل بانقوسا، ووصل جمع التتار إلى ذيل الجبل، فحمل عليهم جماعة من العسكر فانهزم التتار مكيدة، فتبعوهم ساعة، ثم كثرت التتار عليهم، فهربوا إلى أصحابهم، ثم انهزم الجميع لما رأوا التتار مقبلين، فركبت التتار ظهورهم يقتلون فيهم. وقُتِل يومئذ الأمير علم الدين زريق العزيزي ونازلت التتار البلد في ذلك اليوم، ثم رحلوا عنها طالبين إعزاز، فتسلموها بالأمان. وخرجت السنة والناس في أمر عظيم من الخوف والجلاء والحيرة.

(48/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 48

سنة ثمان وخمسين وستمائة

[الحكّام في البلاد]
استهلت والوقت خال من إمام أعظم. وعلى الشام الناصر يوسف، وزال ملكه بعد أيام يسيرة. وصاحب مصر المظفر قطز تملك في أوائلها. وصاحب اليمن المظفر يوسف بن عمر. وصاحب ظفار موسى بن إدريس. وصاحب دله وبعض الهند ناصر الدين محمد بن أيتمش. وصاحب كرمان خاتون زوجة الحاجب بُراق. وصاحب شيراز أبو بكر بن أتابك سعد. وصاحب الموصل ابن بدر الدين. وصاحب ماردين السعيد غازي وصاحب الروم قلج رسلان وكيكاوس إبنا الملك كيخسرو من تحت أوامر التتر. وصاحب الكرك المغيث عمر.

(48/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 49
وصاحب مكة أبو نمي محمد بن أبي سعد وعمه إدريس. وصاحب المدينة جماز. وصاحب حماه الملك المنصور محمد. وصاحب حمص الأشرف موسى بن المنصور إبراهيم. وصاحب تونس محمد بن يحيى. وصاحب العراق و أذربيجان وخُراسان هولاكو بن تولي بن جنكزخان.
[اجتياح التتار حلب]
وفي المحرم قطع هولاكو الفرات فنزل النيرب والملاحة وتلك النواحي، وأرسل إلى أهل حلب: إنكم تضعفون عن لقائنا ونحن نقصد سلطانكم، فاجعلوا لنا عندكم شحنة بالقلعة وشحنة بالبلد، فإن انتصر علينا الملك الناصر فالأمر إليكم، فإن شئتم أبقيتم على الشحنتين، وإن شئتم قتلتموهما، وإن كانت النصرة لنا فحلب، وغيرها لنا وتكونون آمنين. فلم يجبه الملك المعظم تورانشاه إلى ذلك وقال: ما له عندنا إلا السيف. وكان الرسول بذلك صاحب أرزن، فما أعجبه جوابه وتألم للمسلمين [لما علم] الأمر. فنازل هولاكو حلب بجيوشه في ثاني صفر، وهجمت التتار البواشير وقتلوا أكثر من بها. وقتل يومئذ أسد الدين ابن الزاهر داود بن صلاح الدين، ولم يصبح عليهم ثالث صفر إلا وقد حفروا خندقا في طول

(48/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 50
قامة، وفي عرض أربعة أذرع، وبنوا حائطا ارتفاع خمسة أذرع كالسور عليهم وعملوا فيه أبوابا، ونصبوا على باب العراق الذي للبلد أكثر من عشرين منجنيقا، وألحوا بالرمي بها ليلا ونهارا، وأخذوا في نقب السور، فلم يزالوا إلى أن ظهروا أولا من حمام حمدان في ذيل قلعة الشريف، وركبوا الأسوار من كل ناحية في اليوم التاسع من صفر، فهرب المسلمون إلى جهة القلعة، ورمى خلق نفوسهم في الخندق، وبذلت التتار السيف في العالم، ودخل خلق إلى القلعة، وذلك يوم الأحد. وأصبحوا يوم الإثنين وهم على ما أمسوا عليه من القتل والسبي، وامتلأت الطرقات بالقتلى. وأحمي في البلد أماكن لفرمانات كانت بأيديهم، فمن ذلك دار شهاب الدين بن عمرون، ودار نجم الدين ابن أخي مردكين، ودار البازيار، ودار علم الدين قيصر الموصلي، والخانقاه التي فيها زين الدين الصوفي، وكنيسة اليهود، فنجا من القتل في هذه الأماكن أكثر من خمسين ألفا، واستتر أيضا جمع كثير، فقتل أمم لا يحصيهم إلا الله سبحانه وتعالى. وبقي القتل والأسر والحريق والبلاء إلى يوم الجمعة الرابع عشر من صفر، ثم نودي برفع السيف، وأذن المؤذنون يومئذ بالجامع، وأقيمت الخطبة والصلاة. ثم أحاطوا بالقلعة وحاصروها، وبالقلعة الملك المعظم.
[هرب الملك الناصر من دمشق]
ووصل الخبر بأخذ حلب إلى دمشق يوم السبت فهرب الملك الناصر من

(48/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 51
دمشق وزال ملكه. وكانت رسل التتار يومئذ بحرستا فدخلوا دمشق، وقرئ فرمان الملك بأمان أهل دمشق وما حولها، ووصل نائب هولاكو على دمشق في ربيع الأول فلقيه كبراء البلد بأحسن ملقى. وقرئ الفرمان، وجاءت التتار من جهة الغوطة مارّين من شرقيها إلى الكسوة.
[تعيين التفليسي بقضاء الشام]
وبعد أيام وصل منشور من هلاوون للقاضي كمال الدين عمر التفليسي بقضاء الشام، وماردين، والموصل، وينظر الأوقاف والجامع. وكان نائبا للقاضي صدر الدين ابن سني الدولة.
[تأمين حماه]
وأما حماه فكان صاحبها المنصور قد تقهقر إلى دمشق فنزل برزة. فجاء إلى حماه بطاقة برواح حلب، فوقع في البلد خبطة عظيمة، وخرج أهلها على وجوههم، وسافر بهم الطواشي مرشد. ثم بقي بها آحاد من الأعيان، فتوجهوا إلى حلب بمفاتيح البلد، وطلبوا عطف هولاكو عليهم وأن ينفد إليهم شحنة، فسير إليهم خسروشاه، رجل أعجمي فقدمها وأمن الرعية. وكان بقلعتها الأمير مجاهد الدين قيماز، فدخل في طاعته.
[دخول صاحب حماه إلى مصر]
وسار الملك الناصر ومعه صاحب حماه والأمراء نحو غزة، ثم سار إلى قطية، فتقدم صاحب حماه بجمهرة العساكر والجفال ودخل مصر. وبقي

(48/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 52
الناصر في عسكر قليل، منهم أخوه الملك الظاهر، والملك الصالح ابن صاحب حمص، والأمير شهاب الدين القيمري، فتوجهوا إلى تيه بني إسرائيل، وخاف من المصريين.
[استيلاء التتار على الشام]
ووصلت عساكر التتار إلى غزة واستولوا على الشام إلا المعاقل والحصون، فإن بعضها لم يستولوا عليه. وحاصروا قلعة حلب أياما، واستعانوا بمن بقي من أهل البلد يتترسون بهم، ثم تسلموها بالأمان.
[استيلاء التتار على قلعة دمشق]
وأما قلعة دمشق فشرعوا في حصارها وبها الأمير بدر الدين محمد بن قراجا، وأحاط بها خلق من التتار، وقطعوا الأخشاب، وأتوا بالمجانيق معهم، ونصبوا عليها أكثر من عشرين منجنيقا، وأصبحوا يلحون بها على برج الطارمة، فطلب أهلها الأمان في آخر النهار ما تشقق البرج، وخرجوا من الغد. ثم أخذت التتار جميع ما فيها، وسكنها النائب كتبغا، وخربوا شرفاتها إلى بانياس.

(48/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 53

[وقوع السّبي الكبير بنواحي نابلس]
وأما الفرقة التي طلبت حوران أولا فامتدوا إلى نابلس وتلك النواحي، فأهلكوا الحرث والنسل، وبذلوا السيف في نابلس، وقدموا إلى دمشق بالسبي، فكان الناس يشترونهم ويستفكونهم منهم بالدراهم المعدودة لكثرة من في أيديهم من السبي.
[استسلام الملك الناصر]
ثم ظفروا بالملك الناصر، وسلم نفسه إليهم بالأمان، فمروا به على دمشق، ثم ساروا به إلى هولاكو، فأحسن إليه وأكرمه، ورعى له مجيئه إليه، وبقي في خدمته هو وجماعة من أهله.
[الطواف برأس صاحب مِيَّافارقين بدمشق]
وفي جمادى الأولى طافوا بدمشق برأس الشهيد الملك الكامل صاحب ميافارقين الذي حاصره التتار سنة ونصفا، وما زال ظاهرا عليهم إلى أن فني أهل البلد لفناء الأقوات.
[وفاة القاضي ابن سنيّ الدولة]
وأما القاضيان محيي الدين ابن الزكي، وصدر الدين ابن سني الدولة فذهبا إلى هولاكو ثم رجعا، وانقطع الصدر ببعلبك مريضا ومات.

(48/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 54

[قراءة فرمان ابن الزكيّ بقضاء دمشق]
ودخل ابن الزكي فقرئ فرمانه بدمشق في جمادى الآخرة تحت النسر بقضاء القضاة، وأن يكون نائبه أخوه لأمه شهاب الدين إسماعيل بن حبش. وحضر قراءة الفرمان إيسبان نائب التتار وزوجته تحت النسر على طراحة وضعت لها، وهي بين زوجها وبين ابن الزكي. قال قطب الدين في ' تاريخه ': توجه محيي الدين وأولاده وأخوه لأمه شهاب الدين وابن سني الدولة إلى هولاكو فأدركوه قبل أن يقطع الفرات، ثم عادوا إلى بعلبك، ودخل محيي الدين في محفة وهو في تجمل عظيم، ومعه من الحشم والغلمان ما لا مزيد عليه، وصلى الجمعة في شباك الأمينية، وأحضر منبرا قبالة الشباك فقرئ تقليده، وهو تقليد عظيم جدا قد بالغوا في تفخيمه بحيث لا يخاطب فيه إلا بمولانا، وفيه أنه يشارك النواب في الأمور، وعليه الخلعة فرجية سوداء منسوجة بالذهب، قيل إنها خلعة الخليفة على صاحب حلب، أخذت من حلب. وعلى رأسه بقيار صوف بلا طيلسان.
[انتزاع ابن الزكيّ المدارس لنفسه وأصحابه]
قال أبو شامة: ثم شرع ابن الزكي في جر الأشياء إليه وإلى أولاده مع عدم الأهلية، فأضاف إلى نفسه وأقاربه العذراوية، والناصرية، والفلكية، والركنية، والقيمرية، والكلاسة. وانتزع الصالحية

(48/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 55
وسلمها إلى العماد ابن محيي الدين بن العربي، وانتزع الأمينية من علم الدين القاسم وسلمها إلى ولده عيسى، وانتزع الشومانية من الفخر النقشواتي وسلمها إلى الكمال بن النجار، وانتزع الربوة من محمد اليمني وسلمها إلى الشهاب محمود بن محمد بن عبد الله ابن زين القضاة، وولى ابنه عيسى مشيخة الشيوخ. وكان مع الشهاب أخيه لأمه تدريس الرواحية، والشامية البرانية. وبقي على الأمور إلى أن زالت دولة الطاغية هولاكو عن الشام، وجاء الإسلام فبذل أموالا كثيرة على أن يقر القضاء والمدارس في يده فأقر على ذلك شهرا، ثم سافر مع السلطان إلى مصر معزولا، وولي القضاء في ذي القعدة نجم الدين أبو بكر بن صدر الدين ابن سني الدولة.
[استيلاء التتار على عدة بلاد]
وفي جمادى الآخرة أو نحوه استولت التتار على عجلون، والصلت، وصرخد، وبصرى، والصبيبة، وخرقت شرفات هذه القلاع، ونهب ما فيها من الذخار. وأرسلوا كمال الدين عمر التفليسي إلى الكرك يأمرون المغيث بتسليمها، فأرسل إليهم ولده مع التفليسي، والملك القاهر بن المعظم، والمنصور ابن الصالح إسماعيل. فسار الجميع صحبة المقدم كتبغا وقد ظفر بالملك الناصر وهو على عجلون، فهرب الملك القاهر ورد إلى الكرك. وقال للمغيث: ما القوم شيء، فقو نفسك واحفظ بلدك. ثم سار إلى مصر، فحرض الجيش على الخروج، وهون شأن التتار، فشرعوا في الخروج. وسار كتبغا بمن معه إلى صفد، وهي للفرنج، فأنزلوا الإقامات، ونصبت لكتبغا خيمة عظيمة، ووصل إليه الزين الحافظي والقاضي محيي الدين وعليه الخلعة السوداء. ثم دخلوا دمشق في رجب. ثم سار في طائفة بالناصر وابنه

(48/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 56
وأخيه الظاهر إلى هولاكو.
[ضرب عنق ابن قراجا وغيره]
وفي شعبان أحضروا إلى دمشق بدر الدين محمد بن قراجا، ونقيب القلعة الجمال الحلبي المعروف بابن الصيرفي، ووالي قلعة بعلبك، فضربت أعناقهم.
[تسلُّم صاحب حمص نيابة الشام]
ووصل الملك الأشرف بن منصور بن المجاهد صاحب حمص فنزل في داره، وقُرئ فرمانه بتسليم نظره في البلاد، وأن يكون نائبا للملك على الشام جميعه. وسُلِّمت إليه حمص، وتدمر، والرحبة.
[استيلاء التتار على صيدا]
وفي رمضان وصل الخبر باستيلاء التتار على صيدا من بلاد الفرنج ونهبها.
[تعدية هولاكو الفرات]
وأما هولاكو فإنه عدى الفرات بأكثر الجيش ومعهم من السبي والأموال والخيرات والدواب ما لا يوصف، {إنما نملي لهم ليزدادوا إثما}

(48/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 57

[مراسلة الملك السعيد هولاكو]
ومرض الملك السعيد مرضا شديدا، ثم عوفي، وبعث إلى هولاكو يطلب منه سابق الدين بلبان، فبعثه إليه، وقد استماله هولاكو في مدة مقامه عنده. فلما اجتمع بمخدومه أخبره بما تم على أهل حلب. ثم أرسل السعيد إليه بهدية سنية، وأخبروه بما فيه السعيد. فسأل عن قلعة ماردين، فأخبروه أن فيها من الأموال والذخائر والأقوات كفاية أربعين سنة. فكتب إليه يعفيه من الحضور، وأرسل إليه ولده الملك المظفر ليطمئن قلبه.
[استيلاء التتار على ماردين]
وعاد سابق الدين إلى هولاكو برد الجواب، ثم قصد أستاذه الملك السعيد أن يرده من دنيسر ويمسكه، فلم يتفق، واتصل بهولاكو ولم يرجع. وعلم السعيد أن التتار لا بد لهم منه ومن حصاره، فنقل ما في البلد من الذخائر إلى القلعة. ثم بعد أربعة أيام وصلته رسل هولاكو بحربه، ووصل عقب ذلك طائفة من التتار فنازلت ماردين في ثالث جمادى الأولى، ولم يقاتلوا. وبقوا ستة عشر يوما. وقيل إن هولاكو كان معهم. ثم التمسوا فتح أبواب البلد ليدخلوا لشراء الأقوات وغيرها ويرحلون. ففتح لهم، فترددوا في الدخول والخروج ثلاثة أيام، ثم صعدوا على سور ماردين، ودقوا الطبل، وهجموا البلد بالسيف، فقاتلهم أهله ودربوا الشوارع وطردوهم، فدام القتال شهرين إلى أن فتح لهم بعض مقدمي البلد دربا فملكوه، ودخلوا منه إلى الجامع، وصعدوا المنابر، ورموا منها بالنشاب، فضعف الناس، واحتموا بالكنائس، وصعد بعضهم إلى القلعة، وملكت التتار البلد، ونصبوا المجانيق على القلعة، وهي ستة، فلم يصل إلى القلعة منها إلا ثلاثة أحجار.
[موت الملك السعيد]
واستمر الحصار إلى آخر السنة، ووقع الوباء بالقلعة، فمات الملك

(48/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 58
السعيد فيمن مات، وهلك الخلق. ورمى رجل نفسه من القلعة وأخبر التتار بموت السلطان، فبعثوا إلى إبنه الملك المظفر وطلبوا منه الدخول في الطاعة.
[كتاب هولاكو إلى الناصر]
وفي وسط العام قرئ بدمشق كتاب هولاكو بسبب الناصر، وذلك قبل أن يصل إليه. وهو: ' أما بعد، فنحن جنود الله، بنا ينتقم ممن عتا وتجبر، وطغى وتكبر، وبالله ما ائتمر. إن عوتب تنمر، وإن روجع استمر '. ونحن قد أهلكنا البلاد، وأبدنا العباد، وقتلنا النسوان والأولاد. فيا أيها الباقون، أنتم بمن مضى لاحقون، ويا أيها الغافلون أنتم إليهم تُساقون. ونحن جيوش الهلكة، لا جيوش الملكة، مقصودنا الانتقام، وملكنا لا يرام، ونزيلنا لا يُضام، وعدلنا في ملكنا قد اشتهر، ومن سيوفنا أين المفر؟
(أين المفرّ لا مفرّ لهاربٍ .......... ولنا البسيطان الثَّرَى والماءُ)

(ذلّت لهيبتنا الأسودُ وأصبحتْ .......... في قبضتي الأمراء والخلفاءُ)
ونحن إليكم صائرون، ولكم الهرب، وعلينا الطلب.
(ستعلم ليلى أيَّ دين تدايَنَتْ .......... وأي غريمٍ للتَّقاضي غريمُها)
دمرنا البلاد، وأيتمنا الأولاد، وأهلكنا العباد، وأذقناهم العذاب، وجعلنا عظيمهم صغيراً، وأميرهم أسيراً. تحسبون أنكم منا ناجون أو متخلصون، وعن قليل سوف تعلمون على ما تقدمون، وقد أعذر من أنذر '.

(48/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 59

[مفارقة بيبرس للناصر ودخوله مصر]
وأما ركن الدين بيبرس البندقداري فإنه فارق الملك الناصر من الرمل، واتفق هو والشهرزورية بغزة، وتزوج ببنت بركة خان أحد ملوكهم، ثم بعث علاء الدين طيبرس الوزيري إلى صاحب مصر ليحلف له على ما اقترحه عليه. فأجابه فساق ودخل مصر في الثاني والعشرين من ربيع الأول، فأكرمه الملك المظفر واحترمه، وقوى هو جنان المظفر على حرب التتار. ثم جاء بعد الملك القاهر من الكرك فهون أمر التتار. وكان شروع المصريين في الخروج إلى التتار في نصف شعبان.
[حال المسلمين في دمشق]
قلت: وكان الناس في دمشق آمنين من أذية التتار بالنسبة، وذلك لهيبة هولاكو، لأنه بلغنا أن مفاتيح دمشق لما أتته على حلب وهو فرحان بفتوح البلاد رمى بسرقوجه وقال للمغل: دوسوا عليه. فضربوا جوك وقالوا: العفو. فقال: هذا دمشق، من آذى دمشق وأهلها يموت. فلقد كان التتري يغمس مقرعته في القنبريس أو الدبس ويمصها، فيسبه القاضي ويصيح به وهو لا ينطق. ونحو هذا. لكن انتهكت الحرمات، وظهرت الفواحش والخمور، ورفعت النصارى رؤوسها. وكان التتار بين كافر ونصراني أو مجوسي، وما فيهم من يتلفظ بالشهادة إلا أن يكون نادرا. قال ابن الجزري: حدثني أبي قال: خرجت من الصلاة في الجمعة الثانية من رمضان، فوجدت دكاكين الخضراء فيها النصارى يبيعون الخمر، وبعض الفساق معهم وهم يشربون ويرشون على المصلين من الخمر، فبكيت بكاءً كثيراً إلى أن وصلت إلى دكاني بالرماحين. وقال أبو شامة: كانت النصارى بدمشق قد شمخوا بدولة التتار، وتردد

(48/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 60
إيسبان المقدم إلى كنيستهم، وذهب بعضهم إلى هولاكو فجاءوا بفرمان بأن يرفع دينهم، فخرجت النصارى يتلقونه، ودخلوا رافعي أصواتهم ومعهم الصليب مرفوع، وهم يرشون الخمر على الناس، وفي أبواب المساجد، ودخلوا من باب توما، وقفوا عند رباط البيانية، ونادوا بشعارهم، ورشوا الخمر في باب الرباط، وباب سيه ودرب الحجر، وألزموا الناس من الدكاكين بالقيام للصليب، ومن لم يفعل ذلك أحرقوا بابه وأقاموه غصبا، وشقوا القصبة إلى عند القنطرة في آخر سويقة كنيسة مريم، فقام بعضهم على الدكان الواسطي وخطب، وفضل دين النصارى وصغر من دين الإسلام، ثم عطفوا من خلف السوق إلى الكنيسة التي أخربها الله تعالى. وقيل: إنهم كانوا ينادون: ظهر الدين الصحيح دين المسيح. وذلك في الثاني والعشرين من رمضان. فصعد المسلمون والقضاة والعلماء إلى إيل سبان بالقلعة في ذلك، فأهانوهم، ورفعوا قسيس النصارى عليهم، وأخرجوهم من القلعة بالضرب والإهانة. ثم نزل إيل سبان من الغد إلى الكنيسة.
[موقعة عين جالوت]
وأقبل الملك المظفر بالجيوش حتى أتى الأردن. وسار كتبغا بالمغول،

(48/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 61
فنزل على عين جالوت من أرض بيسان. وكان شاليش المسلمين ركن الدين بيبرس البندقداري، فحين طلع من التل أشرف على التتار نازلين، ووقعت العين على العين، وكان بينه وبين السلطان مرحلة. فجهز البريدية في طلب السلطان وقلق وقال: إن ولينا كسرنا الإسلام. فجعلوا يقهقرون رؤوس خيلهم حتى ينزلوا عن التل إلى خلف. وضربت التتار حلقة على التل وتحيز البندقداري بعسكره فلم تمض ساعة حتى جاءته خمسمائة ملبسة من أبطال الإسلام، ثم بعد ساعة أخرى لحقتها خمسمائة أخرى. وأما التتار فاشتغلوا أيضا بأخذ أهبتهم للمصاف. وتلاحق الجيش ثم وقع المصاف. قال أبو شامة: لما كان ليلة سبع وعشرين من رمضان جاءنا الخبر بأن عسكر المسلمين وقع على عسكر التتار يوم الجمعة الخامس والعشرين من الشهر عند عين جالوت، وهزموهم وقتلوا فيهم، وقتلوا ملكهم كتبغا، وأُسر ابنه، فانهزم من دمشق النائب إيل سبان ومن عنده من التتار، فتبعهم أهل الضياع يتخطفونهم. وقال الشيخ قطب الدين اليونيني: خرج الملك المظفر بجيش مصر والشام إلى لقاء التتر، وكان كتبغا بالبقاع، فبلغه الخبر، فطلب الملك الأشرف، يعني الذي استنابه هولاكو على الشام والقاضي محيي الدين، واستشارهم، فمنهم من أشار بعدم الملتقى، وبأن يندفع بين يدي المظفر إلى أن يجيئه المدد من هولاكو، ومنهم من أشار بغير ذلك وتفرقت الآراء، فاقتضى رأيه هو الملتقى، وسار من فوره فالتقوا يوم الجمعة، فانكسرت ميسرة المسلمين كسرة شنيعة، فحمل الملك المظفر في التتار، وحمل معه خلق فكان النصر. قتل كتبغا ومعظم أعيان التتار، وقتِل منهم مقتلة عظيمة، وهرب من هرب

(48/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 62
وقيل إن الذي قتل كتبغا الأمير آقش الشمسي، وولت التتر الأدبار، وطمع الناس فيهم يتخطفونهم وينهبونهم. وعند الفراغ من المصاف حضر الملك السعيد بن عثمان بن العادل صاحب الصبيبة إلى بين يدي السلطان فلم يقبله وضرب عنقه.
[الانتقام من النصارى]
وجاء كتاب المظفر بالنصر، فطار الناس فرحا، وثار بعضهم بالفخر الكنجي فقتلوه بالجامع، لكونه خالط الشمس القمي، ودخل معه في أخذ أموال الجفال، وقُتِل الشمس ابن الماكسيني، وابن البغيل، وغيرهم من الأعوان. وكان (....) الثكل على النصارى لعنهم الله من أول أمس، لرفعهم الصليب وغير ذلك، فأسرعوا إلى دورهم ينهبونها ويخربونها، وأخربوا في كنيسة اليعاقبة، وأحرقوا كنيستهم الكبرى، كنيسة مريم، حتى بقيت كوما، وبقيت النار تعمل في أخشابها أياما. وقُتِل منهم جماعة، واختفى سائرهم. ونُهِب قليل من اليهود، ثم كفوا عنهم لأنهم لم يصدر منهم ما صدر من النصارى. وعيَّد المسلمون على خير عظيم، والحمد لله.

(48/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 63

[بدء الوحشة بين المظفّر وبيبرس]
ودخل السلطان الملك المظفر القلعة مؤيدا منصورا، وأحبه الخلق غاية المحبة. وعبر قبله البندقداري على دمشق، وسار وراء التتر إلى بلاد حلب، وطردهم عن البلاد. ووعده السلطان بحلب، ثم رجع عن ذلك فتأثر ركن الدين البندقداري من ذلك، وكان مبدأ الوحشة.
[تأمين ابن صاحب حمص]
وسير الملك الأشرف ابن صاحب حمص يطلب من السلطان أمانا على نفسه وبلاده، وكان قد هرب مع التتار من دمشق، ثم انملس منهم وقصد تدمر، فأمنه وأعطاه بلاده، فحضر إلى الخدمة، ثم توجه إلى حمص وتوجه صاحب حماه إلى حماه.
[تعيين وعزل أصحاب مناصب]
واستعمل السلطان على مكب علاء الدين ابن صاحب الموصل. واستعمل على دمشق حسين الكردي طبردار الملك الناصر الذي خدعه وأوقعه في أسر التتار، وعزل عن خطابة دمشق ابن الحرستاني، ووليها أصيل الدين الإسعردي إمام السلطان قطز، وقرئ تقليده، ثم عُزِل بعد شهر وأعيد عماد الدين ابن الحرستاني.

(48/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 64

[عَوْد المظفَّر إلى مصر]
وأقام المظفر نحو الشهر، وسار إلى الديار المصرية. ونقل الصاحب عز الدين ابن شداد أن المظفر لما ملك دمشق عزم على التوجه إلى حلب لينظف آثار التتار من البلاد، فوشى إليه واش أن ركن الدين البندقداري قد تنكر له وتغير عليه: وأنه عامل عليك. فصرف وجهه عن قصده، وعزم على التوجه إلى مصر وقد أضمر الشر للبندقداري. وأسر ذلك إلى بعض خواصه، فاطلع على ذلك البندقداري.
[قَتْل المظفَّر قُطُز]
ثم ساروا والحقود ظاهرة في العيون والخدود، وكل منهما متحرس من الآخر. إلى أن أجمع ركن الدين البندقداري على قتل المظفر. واتفق مع سيف الدين بلبان الرشيدي، وبهادر المعزي، وبيدغان الركني، وبكتوت الجوكندار، وبلبان الهاروني، وأنس الأصبهاني الأمراء. فلما قارب القصر الذي بالرمل عرج للصيد، ثم رجع، فسايره

(48/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 65
البندقداري وأصحابه، وحادثه، وطلب مه امرأة من سبي التتار، فأنعم له بها، فأخذ يده ليقبلها، وكانت تلك إشارة بينه وبين أولئك، فبادره بدر الدين بكتوت الجوكندار المعزي، فضربه بالسيف على عاتقه فأبانه، ثم رماه بهادر المعزي بسهم قضى عليه، وذلك يوم سادس عشر ذي القعدة.
[سلطنة بيبرس]
ثم ساروا إلى الدهليز وضربوا مشورة فيمن يملكوه عليهم، فاتفقوا على ركن الدين البندقداري. وتقدم الأمير فارس الدين أقطاي المعروف بالأتابك فبايعه، ثم تلاه الرشيدي. ولُقِّب بالملك القاهر. ثم ساق هو والأتابك، وقلاوون الذي تسلطن، والبيسري، وجماعة، وقصد قلعة مصر، ورتب أقوش النجيبي أستاذ داره، وعز الدين الأخرم أمير جندار. فخرج نائب الملك المظفر على القاهرة للقائه، وهو الأمير عز الدين الحلي، فصادف هؤلاء فأخبروه بما وقع، فحلف لركن الدين، ورد إلى القلعة ووقف على بابها ينتظره. وكانت القاهرة قد زينت لقدوم المظفر وهم في فرحة، فلما طلع الضوء لم يشعروا إلا والمنادي يقول: معشر الناس، ادعوا لسلطانكم الملك القاهر ركن الدنيا والدين. ووعدهم بالإحسان وإزالة... لأن المظفر كان قد أحدث على المصريين حوادث كثيرة، منها تصقيع الأملاك وتقويمها وزكاتها، وأخذ ثلث الزكاة، وثلث التركات، وعن كل إنسان دينار واحد، ومضاعف الزكاة، فبلغ ذلك في العام ستمائة ألف دينار، فأطلق لهم ذلك. وجلس على

(48/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 66
تخت الملك يوم الأحد، وذلك اليوم الثاني من قتله للمظفر، فأشار عليه الوزير زين الدين ابن الزبير وكان منشئا بليغا، بأن يغير هذا اللقب وقال: ما لقب به أحد فأفلح. لقب به القاهر بن المعتضد فسمل بعد قليل وخلع، ولقب به الملك القاهر ابن صاحب الموصل فسم. فأبطل السلطان هذا اللقب وتلقب بالملك الظاهر.
[تسلطُن نائب دمشق]
وأما نائب دمشق الحلبي فبلغه قتل المظفر، فخاف الأمراء بدمشق لنفسه، ودخل القلعة، وتسلطن، وتلقب بالملك المجاهد، وخطب له بدمشق في سادس ذي الحجة مع الملك الظاهر. وأمر بضرب الدراهم بإسميهما.
[غلاء الأسعار]
وغلت الأسعار وبقي الخبز رطل بدرهمين، ووقية الجبن بدرهم ونصف. وأما اللحم فكاد يعدم، وبلغ الرطل بخمسة عشر درهما.
[إبعاد الملك المنصور]
ولما استقر الملك الظاهر في السلطنة أبعد عنه الملك المنصور علي بن

(48/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 67
المعز أيبك وأمه وأخاه إلى بلاد الأشكري، وكانوا معتقلين بالقلعة.
[عمارة قلعة دمشق]
وفي ذي القعدة أمر الأمير علم الدين الحلبي بعمارة قلعة دمشق وإصلاحها، وركب بالغاشية والسيوف المجردة، وحمل له الغاشية ابن الملك العادل والزاهر ابن صاحب حمص والقضاة والمدرسون حوله. ففرح الناس وعملوا في بنائها.
[استنابة الملك السعيد على حلب]
وكان المظفر قد استناب على حلب الملك السعيد علاء الدين ابن صاحب الموصل، وقصد بذلك استعلام أخبار العدو، لأن أخاه الملك الصالح كان بالموصل، وأخاه المجاهد كان بالجزيرة، فتوجه السعيد إلى حلب بأمرائها وعسكرها، فأساء إليهم، وأراد مصادرة الرعية، فاجتمعت الأمراء على قبضه، وعوضوا عنه الأمير حسام الدين الجوكندار العزيزي، ثم بلغهم أن التتار قد قاربوا البيرة، وكانت أسوار حلب وأبراجها قد هدمت وهي سايبة كما هي الآن، فانجفل الناس منها.
[التدريس بالتربة الصالحية]
وفي شوال درّس ناصر الدين محمد بن المقدسي بالتربة الصالحية بعد والده. ولاّه المنصور بن الواقف.
[تقليد قاضي القضاة]
وقرئ تقليد قاضي القضاة محيي الدين بولايته القضاء والمدارس من جهة

(48/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 68
المظفر. ثم عزل بعد أيام بنجم الدين ابن سني الدولة.
[التدريس بالأمينية]
ودرّس بالأمينية قطب الدين ابن عصرون.
[عمارة القلعة]
وشرعوا في عمارة ما وَهى من قلعة دمشق.
[تراخي الأسعار]
وعمل أهل البلد وأهل الأسواق، وعظم السرور، وعُمِلت المغاني والدبادب لذلك، وبلغ اللحم في ذي القعدة الرطل بتسعة دراهم، ورطل الخبز بدرهمين، ورطل الجبن بإثني عشر درهما. وأسعار الأقوات من نسبة ذلك بدمشق. وبلغ صرف الدينار إلى خمسة وسبعين درهما. وأبيع في عيد النحر رأس الأضحية بستمائة درهم. وتزايد الأمر. نقل ذلك التاج ابن عساكر.
[قتل ابن الشحنة والقزويني]
وفيها واقع بهادر الشحنة والعماد القزويني صاحب الديوان علاء الدين، فأمر هولاكو بقتله، فطلب العفو فعفا عنه، وأمر بحلق لحيته فحلقت، فكان يجلس في الديوان ملثَّماً. ثم عظُم بعد ذلك، وقدم أخوه الوزير شمس الدين وظهرت براءته، وقال لبهادر: الشَّعْر إذا حُلِق يَنبت، والرأس إذا قطع لا ينبت. ثم دبر الحيلة في قتله وقتل العماد القزويني

(48/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 69

سنة تسع وخمسين وستمائة
استهلت وما للناس خليفة. وصاحب مكة الشريف أبو علي الحسني وعمه، وصاحب المدينة عز الدين بن حماد بن شيحة الحسني، وصاحب مصر الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحي، وصاحب دمشق الملك المجاهد عَلَم الدين سنجر الحلبي، وصاحب الموصل الملك الصالح إسماعيل بن لؤلؤ، وصاحب الجزيرة أخوه المجاهد إسحاق، وصاحب ماردين المظفر قُرا رسلان ابن السعيد، وصاحب الروم ركن الدين قلج رسلان بن غياث الدين كيخسرو بن علاء الدين وأخوه عز الدين كيكاوس، وصاحب الكرك والشوبك المغيث عمر بن العادل بن الكامل، وصاحب حماه المنصور محمد بن المظفر، وصاحب حمص والرحبة وتدمر الأشرف موسى بن إبراهيم بن شيركوه. والمستولي على حصون الإسماعيلية الشمالية رضي الدين أبو المعالي بن نجم الدين إسماعيل بن المشغراني.

(48/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 70
وصاحب مراكش المرتضى عمر بن إبراهيم بن يوسف، وصاحب تونس أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أبي محمد بن الشيخ أبي حفص عمر بن يحيى، وصاحب اليمن الملك المظفر يوسف بن الملك المنصور، وصاحب ظفار موسى بن إدريس الحضرمي، وصاحب رومه ناصر الدين محمود بن شمس الدين أيتمش، وصاحب كرمان تُرْكان خاتون زوجة الحاجب براق وإبنا أخي بُراق، وصاحب شيراز وفارس أبو بكر بن أتابك سعد، وصاحب خُراسان، والعراق، وأذربيجان، وغير ذلك: هولاكو بن قان بن جنكزخان، وصاحب دست القفجاق وتلك الديار بركة ابن عمر هولاوو.
[وقعة حمص]
وكانت في خامس المحرم. اجتمع عدد من التتار الذين نجوا من عين جالوت، والذين كانوا بحران والجزيرة. وكانوا قد هلكوا من القحط فأغاروا على حلب، وقتلوا أهلها بقرنيبا، ثم ساقوا إلى حمص لما علموا بقتلة الملك المظفر، وأن العساكر مختلفة، فوجدوا على حمص الأمير حسام الدين الجوكندار ومعه العسكر الذين كانوا بحلب، والملك المنصور صاحب حماه،

(48/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 71
والملك الأشرف صاحب حمص، وعدتهم ألف وأربعمائة، فحملوا على التتار وهم في ستة آلاف فارس حملة صادقة فكسروهم وركبوا أقفيتهم قتلا حتى أتى القتل على معظمهم، وهرب مقدمهم بيدرا في نفر يسير بأسوأ حال. وكانت الوقعة عند تربة خالد بن الوليد رضي الله عنه. وتسمى وقعة حمص ' القيقان ' لأن غير واحد حدث أنه رأى قيقانا عظيمة قد نزلت وقت المصاف على التتار تضرب في وجوههم. وحكى بدر الدين محمد بن عز الدين حسن القيمري، وكان صدوقا، قال: كنت مع صاحب حماه فوالله لقد رأيت بعيني طيوراً بيضاء وهي تضرب في وجوه التتار يومئذ. نقله عنه الجزري في ' تاريخه ' ز وقال أبو شامة: جاء الخبر بأن التتار كسروا بأرض حمص كسرة عظيمة وضربت البشائر، وكانت الوقعة عند قبر خالد إلى قريب الرستن، وذلك يوم الجمعة خامس المحرم، وقُتل منهم فوق الألف، ولم يُقتَل من المسلمين سوى رجل واحد. ثم جاءت رؤوسهم إلى دمشق. قلت: حكى أبي أنهم جابوها في شراع، وكنا نتعجب من كبر تلك الرؤوس لأنها رؤوس المُغْل. قال أبو شامة: وجاء الخبر بنزول التتار على حماة في نصف الشهر، فقدم صاحب حماه وصاحب حمص في طلب النجدة والاجتماع على قتالهم، فنزل الملك المجاهد الحلبي علم الدين عن سلطنة دمشق. قلت: بل اتفقوا على خلعه، وحصروه في القلعة، وجرى بينهم شيء من قتال، وخرج إليهم وقاتلهم، ثم رجع إلى القلعة. فلما رأى الغلبة خرج في الليل بعد أيام من دمشق من باب سر قريب من باب توما، وقصد بعلبك، فعصى في قلعتها، وبقي قليلا، فقدم علاء الدين طيبرس الوزيري وأمسك

(48/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 72
الحلبي من قلعة حلب، وقيده وسيره إلى مصر.
[الثلج بدمشق]
وفيها، في أواخر المحرم، وقع على دمشق ثلج عظيم لم يعهد مثله، فبقي يومين وليلتين، وبقي على الأسطحة أعلى من ذراع، ثم رُمي وبقي كأنه جبال في الأزقة، وتضرر الخلق به. وذلك في أول كانون الأصم.
[قتل الغرباء بحلب]
وأما التتار فقال قطب الدين أبقاه الله: ولما عاد من نجا من التتار إلى حلب أخرجوا من فيها، ثم نادوا: كل من كان من أهل البلد فليعتزل. فاختلط على الناس أمرهم ولم يفهموا المراد، فاعتزل بعض الغرباء عن أهل حلب، فلما تميز الفريقان أخذوا الغرباء وذهبوا بهم إلى ناحية [با بلى] فضربوا رقابهم، وكان فيهم جماعة من أقارب الملك الناصر رحمهم الله. ثم عدوا من بقي، وسلموا كل طائفة إلى رجل كبير ضمنوه إياهم.
[الغلاء بحلب]
ثم أحاطوا بالبلد أربعة أشهر، فلم يدخلها أحد ولا خرج منها أحد، فغلت الأسعار وهلكوا، وتعثروا، وبلغ رطل اللحم سبعة عشر درهما، ورطل السمك ثلاثين درهما، ورطل اللبن خمسة عشر درهما، وأُكِلَت الميتات.

(48/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 73

[سفر الجوكندار]
وأما الجوكندار فدخل مصر ثم عاد إلى حلب.
[ركوب السلطان]
وفي سابع صفر ركب السلطان الملك الظاهر في دست السلطنة من قلعة الجبل وهو أول ركوبه.
[إرسال سنجر الحلبي إلى القاهرة]
قال قطب الدين: وكتب إلى الأمراء يحرضهم على الحلبي، فخرجوا عن دمشق ونابذوه وفيهم علاء الدين البندقدار، يعني أستاذ الملك الظاهر، وبهاء الدين بغدي فتبعهم الحلبي وحاربهم، فحملوا عليه فهزموه، ودخل القلعة فأغلقها في حادي عشر صفر. ثم خرج من القلعة تلك الليلة، وأتى بعلبك في عشرين مملوكا. واستولى البندقدار على دمشق، وناب بها عن الملك الظاهر، وجهز لمحاصرة بعلبك بدر الدين ابن رحال، فحال وصوله دخل بعلبك وراسل الحلبي، ثم تقرر نزوله ورواحه إلى خدمة الملك الظاهر، فخرج من القلعة على بغلة، وسار فأدخل على الملك الظاهر ليلا، فقام إليه واعتنقه وأكرمه، وعاتبه عتاباً لطيفاً، ثم خلع عليه ورسم له بخَيْل (....). قلت: ثم حبسه. وقال أبو شامة: ثم رجعت التتار، فنزل صاحب صهيون وتخطف منهم جماعة، وقتلت الفداية الحشيشية صاحب سيس، لعنه الله. ووقع

(48/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 74
السيف بين التتر وابن صاحب سيس.
[تدريس ابن سنِيّ الدولة]
وفيها درّس القاضي نجم الدين ابن سني الدولة بالعادلية وعزل الكمال التفليسي، واعتقل بسبب الحياصة الناصري التي تسلمها التتار. وكانت رهناً بمخزن الأيتام على المال الذي اقترضه الملك الناصر.
[هزيمة الفرنج]
قال: وفيه، يعني ربيع الأول، خرج الفرنج في تسعمائة قنطارية، وخمسمائة تركُبُلّي، ونحو ثلاثة آلاف راجل، فأخذ الجميع قتلا وأسرا، ولم يفلت منهم سوى واحد. قلت: انتدب لقتالهم الفاخرية التركمان، فأخلوا لهم بيوتهم وهربوا، وكمنوا لهم، ثم نزلوا عليهم وبيتوهم، وأراح الله منهم. وكان خروجهم من عكا وصيدا.
[والعزاء بالملك الناصر]
وفي جمادى الأولى عُقِد العزاء بجامع دمشق للملك الناصر. جاء الخبر أنه ضُرِبت رقبته مع جماعة لما بلغهم أن المصريين كسروهم على عين جالوت.
[سفر أولاد صاحب الموصل إلى مصر]
وفيه ورد دمشق أولاد صاحب الموصل، وهما صاحب الجزيرة يومئذ وصاحب الموصل بعيالهم وأموالهم، ومعه طائفة من أهل البلاد، فمضوا إلى مصر. ثم رجعوا في أواخر السنة مع السلطان، ومضوا إلى بلادهم.

(48/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 75

[خلافة المستنصر بالله]
وفي رجب أقيم في الخلافة بمصر المستنصر بالله أحمد، ثم قدم دمشق هو والسلطان، فعملت لقدومهما القباب. واحتفل الناس لزينتها. وعدم في الشرق في آخر العام كما في ترجمته.
[تولية ابن خَلّكان القضاء]
وفي ذي الحجة عزل عن قضاء الشام نجم الدين ابن سني الدولة، وولي شمس الدين ابن خلكان الذي كان نائب الحكم بالقاهرة، ثم وكل بالمعزول وأُلزِم السفر إلى مصر. قال أبو شامة: كان جائرا وظالماً، وشاع عنه أنه أُودع كيسا فيه ألف دينار، فرد بدله كيسا فيه فلوس. وفُوِّضَ إلى ابن خلكان نظر الأوقاف وتدريس مدارس كانت بيد المعزول: العادلية، والعذراوية، والناصرية، والفلكية، والركنية، والإقبالية، والبهنسية.
[عودة السلطان إلى مصر]
وفي نصف ذي الحجة رجع السلطان إلى مصر.
[إقامة خليفة جديد يُلقِّب بالحاكم بأمر الله]
وفيها أقام الأمير شمس الدين أقوش البرلي المسمى برلو بحلب خليفة،

(48/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 76
ولقبه الحاكم بأمر الله، وخطب له، ونقش اسمه على الدراهم، فلما قدم السلطان الشام تزلزل أمره، وطلب العراق، ثم اجتمع بالإمام المستنصر بالله، ودخل في طاعة المستنصر.
[المصافّ بين المستنصر وبين التّتار]
وفي آخرها وقع المصاف بين المستنصر وبين التتار بالعراق، فعدم المستنصر، وقُتِل عدد من الصحابة وهرب الحاكم في جماعة وسلم. وممن عدم فيها كمال الدين ابن السنجاري، ويحيى بن العمري، وعبد الملك بن عساكر. وقد ذكرنا الوقعة في ترجمة المستنصر.
[الحرب بين سنجر الحلبي والبرلي]
واستعمل السلطان على حلب الأمير علم الدين سنجر الحلبي، وبعث معه عساكر لمحاربة برلو، وكان قد غلب على حلب. فلما قرُب الحلبي قصد البرلي الرقة، ودخل الحلبي حلب، وجهز عسكرا وراء البرلي، فأدركوه بالبرية فقال: أنا مملوك السلطان. وخدعهم. ثم وصل إلى حران، ثم أتى البيرة فتسلمها، وقوي أمره، وقصد حلب، فقفز إليه جماعة من عسكر حلب، فخاف الحلبي وهرب، فدخل البرلي حلب. فلما بلغ السلطان خرج من مصر بالجيش، ثم جهز علاء الدين أيدكين البندقدار نائبا على حلب ومحاربا للبرلي، فسار من دمشق في نصف ذي القعدة، فخرج البرلي عن حلب، وقصد قلعة القرادي، وحاصرها، وأخذها من التتار ونهبها.
[العفو عن صاحب الكرك]
وفيها كاتب الملك المغيث صاحب الكرك الملك الظاهر يستعطفه فرضي عنه.

(48/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 77

[ولاية السنجاري قضاء مصر]
وفي شوال وُلّي قضاء مصر برهان الدين السنجاري، وعزل تاج الدين ابن بنت الأعز.
[زواج بنت صاحب الموصل]
وفي شوال تزوج ببليك الخزندار الظاهري ببنت صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ، فأعطاه السلطان الصبيبة، وبانياس.
[الخلعة على صاحب حمص]
وقدم على السلطان وهو بدمشق الملك الأشرف صاحب حمص، فخلع عليه وأعطاه ثمانين ألف درهم، وزاده تل باشر.
[غارة الرشيدي على أرض أنطاكية]
وفي ذي الحجة سار الرشيدي في عسكر إلى أرض أنطاكية فأغار عليها.
[غدر التتار بأصحاب صاحب ماردين]
قال قطب الدين: في رمضان وقع الصلح بين التتار وبين الملك المظفر بن السعيد صاحب ماردين، فتوجه إليهم ومعه هدية سنية من جملتها باطية مجوهرة قيمتها أربعة وثمانون ألف دينار فأكرموه، ثم قتلوا أصحابه، وكانوا سبعين ألفا بلا ذنب ولا جرم، بل أرادوا قص جناحه.

(48/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 78

[المصافّ بين صاحب الروم وأخيه]
وفي رمضان وقع المصاف بين الأخوين ركن الدين صاحب الروم، وأخيه عز الدين بقرب قونية، فانتصر ركن الدين لأنه كان معه نجدة من التتر، وقتل من عسكر عز الدين خلق، وأسر جماعة فشنقوا. وأقام عز الدين بأنطاكية.

(48/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 79

سنة ستين وستمائة

[إظهار البرلي الطاعة للسلطان]
في أولها دخل البرلي إلى حلب مرة أخرى، فخرج البندقدار عنها، وأظهر البرلي طاعة السلطان. وكان شجاعا مذكورا لا يصطلى بناره.
[خبر حمار الوحش]
وقال ابن خلكان، رحمه الله: في أثنائها توجه عسكر الشام إلى أنطاكية، فأقاموا قليلا عليها، ثم رجعوا، فأخبرني بعضهم بغريبة، وهي أنهم نزلوا على جرود وهي بين دمشق وحمص فاصطادوا حُمْر وحش كثيرة، فذبح رجل حمارا وطبخ لحمه، فبقي يوما يوقد عليه فلا ينضج لحمه ولا يتغير ولا قارب النضج، فقام جندي فأخذ الرأس فوجد على أذنه وشما، فقرأه، فإذا هو بهرام جور. فلما أتوا أحضروا تلك الأذن إلي، فوجدت الوشم ظاهرا وقد رق شَعْر الأذن، وموضع الوشم أسود، وهو بالقلم الكوفي. وبهرام جور من ملوك الفرس كان إذا كثر عليه الوحش وشَمَهُ وأطلقه. وحمر الوحش من الحيوانات المعمرة، وهذا لعله عاش ثمانمائة سنة أو أكثر. انتهى قوله.

(48/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 80

[قدوم الحاكم بأمر الله إلى القاهرة]
وفي ربيع الآخر قدم القاهرة الحاكم بأمر الله ومعه ولده وجماعة، فأكرمه الملك الظاهر وأنزله بالبرج الكبير، وهو أحمد بن أبي علي القبي بن عليّ بن أبي بكر ابن أمير المؤمنين المسترشد بالله ابن المستظهر الهاشمي العباسي. محمد بن البنا الحاكم، وأخوه محمد، ونجم الدين ابن المنشا، وقصد حسين بن فلاح أمير بني خفاجة، فأقام عنده مدة، ثم توصل مع العرب إلى دمشق، وأقام عند الأمير عيسى بن مهنا والد مهنا مدة، فطالع به السلطان الملك الناصر، فأرسل يطلبه، فبغته مجيء التتار. فلما ملك الملك المظفر دمشق سير الأمير قليج البغدادي إلى ناحية العراق وأمره بتطلب الحاكم، فاجتمع به وبايعه على الخلافة، وتوجه في خدمته الأمير عيسى والأمير علي بن صقر ابن مخلول، وعمر بن مخلول، وسائر آل فضل، سوى أولاد حذيفة. فافتتح الحاكم بالعرب عانة، والحديثة، وهيت، والأنبار، وضرب مع القرادول رأسا بقرب بغداد في أواخر سنة ثمان وخمسين، فانتصر عليهم، وقُتِل من التتار خلْق، ولم يُقتَل من أصحابه غير ستة، فيقال، والله أعلم: قُتِل من التتار نحو ألف وخمسمائة فارس، منهم ثمانية أمراء. فجاء جيش للتتار عليهم قرابغا، فرد المسلمون على حمية، فتبعهم قرابغا إلى هيت ورد

(48/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 81
وأقام الحاكم عند ابن مهنا، فكاتبه علاء الدين طيبرس نائب دمشق يومئذ للملك الظاهر يستدعيه، فقدم دمشق في صفر، فبعثه إلى السلطان، في خدمته الثلاثة الذين خرجوا معه من بغداد. وكان المستنصر بالله قد تقدمه بثلاثة أيام إلى القاهرة، فما رأى أن يدخل على إثره خوفا من أن يُمسك، فهرب راجلا وصحبته الزين صالح البنا، وقصدا دمشق، ودلهما بدوي من عرب غزية، فاختفيا بالعقيبة، وحصلا ما يركبان، وقصدا سلمية، وصحبهما جماعة أتراك، فوجدوا أهل سلمية متحصنين خوفا من الأمير آقش البرلي، فوقع بينهم مناوشة من حرب، ونجا الحاكم وصاحبه، وقصد البرلي فقبل البرلي يده، وبايعه هو وكل من بحلب، وتوجهوا إلى حران، (فبايعه الشيخ شهاب الدين عبد الحليم ابن تيمية والد شيخنا وأهل حران). وجمع البرلي للحاكم جمعا كثيرا نحو ألف فارس من التركمان، وقصدوا عانة، فوافاهم الخليفة المستنصر، فأعمل الحيلة، وأفسد التركمان على الحاكم، ودخل الحاكم في طاعته وانقاد له، ووقع الاتفاق. فلما عُدِم المستنصر في الوقعة المذكورة في ترجمته قصد الحاكم الرحبة، وجاء إلى عيسى بن مهنا، فكاتب الملك الظاهر فيه، فطلبه، فقدم إلى القاهرة، فبايعوه وامتدت أيامه، وكانت خلافته نيِّفاً وأربعين سنة.
[موقعة التتار وعسكر البرلي]
قال أبو شامة: وفيها جاء الخبر بالتقاء التتر الذين بالموصل بعسكر

(48/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 82
البرلي، وجرت بينهم وقعة قتل فيها مقتلة عظيمة، وقُتِل عَلَمُ الدين سنجار المعروف بحكم الأشرفي، وابنه بكتوت الحراني.
[ولاية الحرّاني دمشق]
قال: وفيها وُلّي ولاية دمشق ونظر الجامع والمساجد الأمير الافتخار الحراني ؛ وكان شيخا كبيراً خيراً، ألزم أهل الأسواق بالصلاة وعاقب عليها، ومنع جماعة من الأئمة الاستنابة، وأرجع على بعضهم بما تناولهم منهم التاج الشحرور، والجمال الموقاني، والشمس ابن غانم، والشمس ابن عبد السلام. ونقص كثيرا من جامكياتهم المقررة.
[عودة كبير أولاد صاحب الموصل إلى بلده]
وأما أولاد صاحب الموصل فلما فارقوا المستنصر في العام الماضي أقاموا بسنجار، وكتب كبيرهم الملك الصالح إلى الموصل يستشير أهلها، فأشاروا عليه بالمجيء، فقدِم عليهم في العشرين من ذي الحجة ومعه ثلاثمائة فارس، وكان في الموصل أربعمائة فارس، فدخلها، وترك إخوته بسنجار. فلما بلغهم قتْل المستنصر ونزول التتار على الموصل لحصار أخيهم رجعوا، فأعطاهم الملك الظاهر أخبازاً، وأعطى الملك المجاهد إسحاق مبلغا من المال لخاصه، ولعلاء الدين مبلغا لخاصه.
[انكسار البرلي أمام التّتار]
وأما التتار فنازلوا الموصل ومعهم صاحب ماردين، ونصبوا عليها المجانيق وضايقوها، ولم يكن بها سلاح ولا قوت كثير، فغلا السعر، واستنجد الملك الصالح بالبرلي، فنجده من حلب، فسار إلى سنجار، فعزمت التتار على الهرب، فوصل إليهم الكلب الزين الحافظي وأخبرهم بأن البرلي في طائفة قليلة، وشجعهم، فسارت إليه التتار وهم في عشرة آلاف، والبرلي في

(48/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 83
ألف من التركمان والعرب، فتوقف عن لقائهم، ثم نزل إليهم في رابع عشر جمادى الآخرة، فكسروه وقُتِل جماعة من وجوه أصحابه، وانهزم جريحا، وأُسر طائفة من أصحابه بعد أن أبلوا بلاءً حسناً. ووصل البرلي إلى البيرة، ففارقه أكثر من معه، وقصدوا الديار المصرية.
[تأمير البرلي بمصر]
وجاءت رُسُل هولاكو إلى البرلي يطلبه إليه، فلم يجبه إلى ذلك، وكاتب الملك الظاهر فأمنه، فسار إلى مصر، فأعطاه السلطان إمرية سبعين فارساً، وخلع عليه.
[أخذ التتار الموصل وقتل الصالح]
وأما التتار فأخذوا الأسارى فأدخلوهم من النقوب إلى الموصل ليعرفوهم بكسرة البرلي. واستمر الحصار إلى شعبان من سنة ستين، ثم طلبوا ولد الملك الصالح، فأخرجه إليهم، ثم خلوه أياما، وكاتبوه بأن يسلم الموصل وهددوه، فجمع الأكابر وشاورهم، فأشاروا عليه بالخروج فقال: تقتلون لا محالة. فصمموا على الخروج، فخرج إليهم يوم نصف شعبان وقد ودع الناس، ولبس البياض، فلما وصل إليهم رسموا عليه. وكان الحصار قد طال جدًّا، وعلى سور البلد ثلاثون منجنيقاً ترمي العدو وعلى المغول سنداغو، وقد خندقوا على نفوسهم، وبالغوا في الحصار، حتى كل الفريقان. ثم سلمت الموصل، ونودي في الموصل بالأمان فاطمأنّ الناس، فشرع التتار في خراب السور. فلما طمّنوا الناس دخلوا البلد وبذلوا

(48/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 84
السيف تسعة أيام إلى أوائل رمضان. ووسطوا علاء الدين ولد الملك الصالح، وعلقوه على باب الجسر، ثم رحلوا في آخر شوال بالصالح فقتلوه في الطريق رحمه الله.
[استقلال أمراء بمصر]
وأما علاء الدين والملك المجاهد فاستقلوا أمراء بمصر.
[محاصرة قلعة الروم]
وأما ابن صاحب الروم عز الدين فإنه اختل أمره وضايقته التتر، فقصد الأشكري وسأله العون فقال: إن تنصرت أعنتك. فهم أن يفعل لينال غرضه من النصر على أخيه بالتنصر، فلامه أصحابه وقالوا: هذا ينفر عنك قلوب العسكر. فأمسك، وتغير خاطر الأشكري عليه وحبسه بقلعة، فأغارت طائفة من عسكر بركة على بعض بلاد الأشكري، وحاصروا تلك القلعة، فوقع الاتفاق على أنه إن سلَّم إليهم السلطان عز الدين رحلوا. فسلمه إليهم، فانطلقوا به إلى الملك بركة.
[الخُلف بين هولاكو وبركة]
ووقع الخلف بين هولاكو وبركة، وأظهر بركة عداوته، وبعث الرسل إلى الملك الظاهر بالمواددة واجتماع الكلمة، ويحرضه على حرب هولاكو ؛ ثم جرى بينهما مصاف، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
[القبض على نائب دمشق]
وفي شوال قدم الدمياطي الأمير والركني علاء الدين الأعمى الذي صار

(48/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 85
بالقدس، فقبضا على نائب دمشق طيبرس الوزيري، وحُمِل إلى مصر، وباشر الركني النيابة إلى أن قدم النجيبي.
[دخول أول دفعة من التتار في الإسلام]
وفي ذي الحجة وصل إلى دمشق من التتار نحو المائتين هاربين إلى المسلمين، فأعطوا أخبازاً. وهم أول من فر من التتار ودخل في الإسلام.
[معاقبة جماعة]
وقُتل العماد القزويني، أحد الحكام بالعراق، لخيانته. وأخذ متولي واسط مجد الدين صالح بن هذيل وعُذِّب وصودِر.
[تسليم واسط]
وسُلِّمت واسط إلى الملك منوجهر ابن صاحب همدان، فسار واستصحب معه فخر الدين مظفر بن الطراح فجعله نائبه في تدبيرها.
[قتل شِحنة بغداد]
وقُتِل في العام الآتي شِحْنة بغداد بهادر. وكان مسلما سائسا لا بأس به. وكان يُصلّي التراويح، ووُلّي بعده قُرَبُوقا شِحْنة [بغداد].
[خسف سبع جزائر للفرنج في البحر]
وفي ' تاريخ المؤيَّد ' قال: وفيها في في ربيع الآخر، أعني سنة 659،

(48/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 86
وردت الأخبار أن سبع جزائر في البحر خُسِف بها وبأهلها، ولبس أهل عكا السواد وبكوا وتابوا.
[تثبيت نسب الحاكم العباسي]
وفي آخر يوم من سنة ستين أثبتوا نسب الحاكم العباسي، وبويع بالخلافة بعد جمعة.
[استرجاع الروم القسطنطينية من الفرنج]
وفي سنة ستين تحزبت نصارى الروم وحشدوا، وأخذوا مدينة القسطنطينية من الفرنج. وكان الفرنج قد استولوا عليها من سنة ستمائة. أرخ ذلك الملك المؤيد رحمه الله. انتهت وقائع هذه الطبقة والحمد لله وحده

(48/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 87

بسم الله الرحمن الرحيم
{ربِّ أَعِنْ}
الطبقة السادسة والستون المُتَوَفّون في سنة إحدى وخمسين وستّمائة

- حرف الألف -
1 - أحمد بن الحسن بن عمر. أبو المجد المرادي، الخطيب. من كبار علماء الأندلس. كان عارفاً بالكلام. روى عن: أبي خالد بن يزيد بن رفاعة بالإجازة. ومات في شوال. 2 - أحمد بن سليمان بن أحمد بن علي. أبو العباس ابن المغربل السعدي، المصري، الشارعي. وُلد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة.

(48/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 88
وسمع من: القاسم بن إبراهيم المقدسي. روى عنه: الدمياطي، والمصريون. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وغيره. تُوُفّي في خامس ربيع الأول. 3 - أحمد بن غازي بن يوسف بن أيوب. الملك الصالح، صلاح الدين ابن السلطان الملك الظاهر بن السلطان الكبير صلاح الدين الأيوبي، صاحب عين تاب، وعم السلطان الملك الناصر صاحب الشام. وُلِد في صفر سنة ستمائة، وكان أكبر من أخيه الملك العزيز، وإنما أخروه عن سلطنة حلب لأنه ابن جارية، ولأن العزيز ابن الصاحبة بنت السلطان الملك العادل. وقد تزوج هذا بعد أخيه بامرأته فاطمة بنت السلطان الملك الكامل محمد. وكان مهيباً، وقوراً، متجملاً، وافر الحرمة. حدَّث عن: الافتخار الهاشمي. روى عنه الدمياطي نوبة، وذكر أنه امتنع من الرواية وقال: ما أنا أهل لذلك، بل أنا أسمع عليك. ثم سمع منه ووصله. تُوُفّي في شعبان ببلد عين تاب، وعمل ابن أخيه السلطان له العزاء بدار السعادة، ورثته الشعراء. وخلف ولدا ذكرا. 4 - أحمد بن يوسف بن أحمد.

(48/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 89
أبو الفضل المغربي القفصي. وقَفْصَة من بلاد إفريقية، وُلِد بها سنة ثمانين وخمسمائة. وقرأ الأدب، وعلوم الأوائل، والفلسفة. وقدِم دمشق، وسمع من التاج الكندي واشتغل عليه. وأخذ قبل ذلك بمصر عن الموفق عبد اللطيف. وله نَظْمٌ ونَثْر ومصنفات. رجع إلى بلاده ووُلّي قضاء قفصة، ثم رجع بعد ذلك إلى مصر وبها مات في المحرم. وهذا يُنعت بالشَّرَف التيفاشي. 5 - إبراهيم بن سليمان بن حمزة بن خليفة. الكاتب، جمال الدين ابن النجار القرشي، الدمشقي المجود. وُلِد بدمشق سنة تسعين وخمسمائة. وسمع من: التاج الكندي، وغيره. وحدَّث وكتب في الإجازات. وكتب عليه أبناء البلد. وكان الشهاب غازي المجود من أصحابه. وله شِعر وأدب. وقد سافر إلى حلب وبغداد.

(48/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 90
وتُوُفّي بدمشق في ربيع الآخر. وذكره ابن العديم رحمه الله في ' تاريخه ' فقال: كتب للأمجد صاحب بَعْلَبَكّ، وأقام في خدمته مدة، ثم سافر إلى الديار المصرية وتولى الإشراف بالإسكندرية، ثم عاد إلى دمشق. اجتمعت به وأنشدني شيئاً من نظْمه. وقد قرأ الأدب على الكندي، وفتيان الشاغوري. 6 - إبراهيم بن الخطيب أبي الحسن عليّ بن محمد بن عليّ بن جميل. أبو إسحاق المعافري المالقي، ثم المقدسي. وُلِد بالأرض المقدسة في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع بدمشق من: عبد اللطيف بن أبي سعد، والقاسم بن عساكر، والعماد الكاتب، وحنبل، وست الكتبة. وسمع بالقدس أيضا من طائفة ؛ وحدث بها. وأخذ عنه غيرُ واحد. 7 - إبراهيم بن عليّ بن أحمد. أبو إسحاق الأندلسي الشريشي المعروف بالبونسي، من قرية بونس،

(48/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 91
بباء موحدة. وذلك مستفاد مع التونسي واليونسي. قال الأبار: روى عن أبي الحسن بن هشام، وأبي عمرو بن غياث. وأخذ عنه غير واحد. وتوفي في وسط السنة، وله ثمان وسبعون سنة. وله مصنف في غرائب التصحيح. قلت: روى عنه محمد بن إبراهيم بن يربوع السبتي في حدود سبعمائة. 8 - إبراهيم بن مرتفع بن رسلان. أبو إسحاق المصري، الذهبي، الناسخ، المعروف بابن الساعاتي. سمع من: هبة الله ابن ست الملك بعض ' ديوانه '. وكان مليح الأذهاب والنسخ. وله شِعر، كتبوا عنه منه. 9 - إبراهيم بن يوسف بن بركة. أبو إسحاق الموصلي الخطيب، الشافعي، الكتبي، المعروف بابن ختة. شيخ معمر، فاته السماع من الكبار، فإنه وُلِد سنة أربع وخمسين. وقد روى بالإجازة عن: خطيب الموصل الفضل عبد الله بن أحمد. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في أول السنة. 10 - إسماعيل بن الفضل بن أبي الفضل بن خَلَف بن عبد الله بن يعقوب. الحكيم: أبو الفضل مهذب الدين التنوخي الحموي، الطبيب

(48/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 92
من كبار الأطباء بالقاهرة. وُلِد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. ومات في صفر.
- حرف الجيم -
11 - جُنْدُب بن عبد الله. ضياء الدين الحموي. توفي بحماة في هذه السنة أو في الماضية. وله شِعرٌ منه:
(ومشرفٌ ناظرُه عليك .......... يعمل فينا عَمَلَ المشْرَفيّ)

(أسرفَ إذْ أسرفَ في حُكمِهِ .......... والكَفَن بالمشرَف المشْرَفيّ)

- حرف الحاء -
12 - الحسن بن علي بن الحسين بن صَدَقَة. الحكيم البارع، أبو محمد الواسطي، المعروف بابن ميجال، بياء آخر الحروف ثم جيم، الطبيب المجاور بمكة. وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة بواسط. وسمع: أبا الفتح ابن المندائي، وابن الأخضر، وغيرهما. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. وتوفي في ذي القعدة بمكة، رحمه الله تعالى.

(48/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 93
13 - حمْد بن محمد. الجزري، الأديب الشاعر. صالح، دين، متعفف. كان يعمل المكاكي ويتصدق. وكان أهل الجزيرة أكرادا، ويقول خطيبهم: اللهم وارض عن معاوية الخال، ويزيد المفضال. وكان حمد شيعيا غاليا، فكان الأكراد يمقتونه ويكفرونه. وله قصيدة أولها:
(نارُ غرامي فيكَ ما تنطفي .......... ووجْدُ قلبي بك ما يشتفي)

(والجسمُ في حُبِّك أضحى وقد .......... أذابه السُّقْمُ فلم يُعْرَفِ)

(يا رشاً تفعل ألحاظُهُ .......... في القلبِ فِعْلَ الصّارِمِ المُرْهَفِ)
وهي طويلة فيها أنواع من الرفض.
- حرف الدال -
14 - داود بن ظاهر. الشجاع العسقلاني، والد شيخنا الفاضلي. مات في ذي الحجة.
- حرف الذال -
15 - ذاكر. واسمه محمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد، المحدث، قُطْبُ الدين، أبو الفضل الهمداني، الأبرقوهي، ثم المصري.

(48/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 94
وُلِد بأبرقوه سنة سبع وستمائة. وسمع بها حضورا من: أبي سهل عبد السلام السرقولي. وبهمذان من: إسماعيل بن الحسن الحمامي، ومحمد بن أحمد بن هبة الله الروذراوي. وبأصبهان من: عبد اللطيف بن محمد بن ثابت الخوارزمي. وسمع ببغداد من: الفتح بن عبد السلام، والمبارك بن أبي الجود. وبحران من: فخر الدين ابن تيمية. وبدمشق من: ابن أبي لقمة، وجماعة. وعُنِي بالحديث بعد موت والده. وسمع الكثير. وكتب وخرج لنفسه ' ثمانيات '. روى عنه: أخوه شيخنا أبو المعالي أحمد، وابن بلبان، والدمياطي، وغيرهم. ومات رحمه الله كهلا في خامس ربيع الأول بمصر.
- حرف الراء -
16 - الرِّضِيّ الهنديّ. من كبار الحنفية. وُلّي تدريس الصادرية بدمشق مدة بعد العز عرفة. ومات في جمادى الأولى. وكان موصوفا بالعلم والصلاح. ودرّس بعده الصادرية الفقيه أبو الهول. قاله التاج ابن عساكر.

(48/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 95

- حرف السين -
17 - سارة بنت محمد بن المحدّث أبي الفضل إسماعيل بن عليّ الجَنْزَويّ. أم عبد الرحيم الدمشقية. روت عن جدها. وروي عنها. توفيت في تاسع جمادى الآخرة بقاسيون. 18 - سعد الله بن أبي الفتح بن يعلى. أبو نصر المنبجي. سمع بهراة من: أبي روح عبد العز. ودخل خوارزم وأقام بها مدة. وكان أديبا شاعراً، فاضلاً، صوفيا. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، والحافظ عبد المؤمن الدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، والعماد بن البالسي، وجماعة. وتُوُفّي في السادس والعشرين من ذي الحجة.
- حرف الصاد -
19 - صالح بن شجاع بن محمد بن سيّدهم بن عمرو. أبو النقاء الكناني، المدلجي، المالكي، الخياط. وُلِد بمكة في شوال سنة أربع وستين وخمسمائة.

(48/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 96
وسمع بالقاهرة ' صحيح مسلم ' من أبي المفاخر المأموني. وأجاز له: أبو طاهر السلفي، وأبو محمد بن بري النحوي، وعثمان بن فرج العبدري، ومنجب بن عبد الله المرشدي، وجماعة. روى عنه: الحافظ ابن المنذري، والدمياطي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد القزاز، وطائفة من أهل بلده من شيوخنا. وحدَّث ' بصحيح مسلم ' مرات متعددة. وكان خياطا صالحا، خيرا، قانعا. وكان أبوه أبو الحسين من كبار القراء، أخذ عنه جماعة. تُوُفي صالح في سادس عشر المحرم. وآخر أصحابه البدر يوسف الختني. 20 - صَدَقَة بن الحسين بن محمد بن عليّ بن وزير. أبو الحسن الواسطي، ثم البغدادي. روى عن: ابن كليب. وعنه: الدمياطي، وقطب الدين ابن القسطلاني، ومحمد بن محمد الكنجي. مات في ذي الحجة

(48/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 97

- حرف العين -
21 - عبد الرحمن بن مكي بن عبد الرحمن بن أبي سعيد بن عتيق. جمال الدين، أبو القاسم، ابن الحاسب الطرابلسي، المغربي، ثم الإسكندراني، السبط. وُلد بالإسكندرية سنة سبعين وخمسمائة، وسمع من جده أبي طاهر السلطي قطعة صالحة من مروياته، وهو آخر من سمع منه. وسمع من ابن موقا جزءا، ومن: بدر الخداداذي، وعبد المجيد بن دليل، وأبي القاسم البوصيري، وجماعة. وأجاز له: جده، وشهده الكاتبة، وعبد الحق اليوسفي، والمبارك بن علي بن الطباخ، وأبو الحسن علي بن حميد بن عمار. روى ' صحيح البخاري ' عن عيسى بن أبي ذر الهروي، وخطيب الموصل أبي الفضل الطوسي، والقاضي العلامة أبي سعيد بن أبي عصرون، والحافظ أبي القاسم خلف بن بشكوال الأندلسي، ومنوجهر بن تركانشاه،

(48/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 98
وعبد الله بن بري، وعلي بن هبة الله الكاملي، وطائفة سواهم. وتفرد في زمانه، ورحل إليه الطلبة. وروى الكثير. ورحل هو في آخر عمره إلى القاهرة فبث بها حديثه، وبها مات. روى عنه أئمة وحفاظ منهم: زكي الدين المنذري، وشرف الدين الدمياطي، وقاضي القضاة تقي الدين القشيري، وتقي الدين عبيد الإسعردي، وضياء الدين عيسى السبتي، وشرف الدين حسن بن علي اللخمي، وضياء الدين جعفر بن عبد الرحيم الحسيني، وجلال الدين عبد الله بن هشام، ومنكبرس العزيزي نائب غزة، والكمال أبو محمد عبد الرحيم بن عبد المحسن الحنبلي، ومثقال الأشرفي، والركن عمر بن محمد العتبي، وأبو بكر بن عبد البادي الصعيدي، والأديب عبد المحسن بن هبة الله الفوي، وعبد المعطي ابن الباشق، وناصر الدين محمد بن عطاء الله بن الخطيب، وفخر الدين علي بن عبد الرحمن النابلسي، وأخوه شهاب الدين أحمد العابر، والعماد محمد بن يعقوب بن الجرائدي، والشهاب أحمد بن أبي بكر القرافي، و النور علي بن محمد بن شخيان، والتاج محمد بن محمد بن سليم الوزير، والفخر أحمد بن إسماعيل بن الحباب، والعماد محمد بن علي بن القسطلاني، وولده محمد، وناصر الدين محمد بن أحمد بن الدماغ، وناصر الدين محمد بن عمر بن ظافر البصري، ونور الدين علي بن عبد العظيم الرسي الشريف، ونور الدين علي بن عمر الواني. وخرِّج له المحدث أبو المظفر منصور بن سُلَيْم ' مشيخة ' في أربعة أجزاء. وكان شيخا ناقص الفضيلة، لا بأس فيه. توفي في ليلة رابع شوال بدار الشيخ أبي العباس بن القسطلاني بالفسطاط. وكان نازلا عندهم. وقد سمعنا أيضا بإجازته من جماعة منهم: خطيب حماة معين الدين أبو بكر بن المغيزل، والنجم محمود بن النميري، وست القضاة بنت محمد

(48/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 99
النميرية، والعماد محمد بن البالسي، وغيرهم. وانفردت عنه بنت الكمال بإجازته لما مات ابن الرضي، وابن عنتر سنة ثمان وثلاثين. 22 - عبد القادر بن الحسين بن محمد بن جميل. أبو محمد البغدادي، البندنيجي البواب. سمع من: أبي الحسين عبد الحق اليوسفي، وعبيد الله بن شاتيل، والقزاز. وأحسبه آخر من روى عن عبد الحق. روى عنه: الدمياطي، والكنجي، والبغداديون. ومات في سابع ذي القعدة. 23 - عبد القادر بن أبي نصر عبد الجبّار بن عبد القادر. أبو منصور ابن القزويني البغدادي، الحربي. وُلِد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح بن شاتيل، وعبد المغيث بن زهير، ويعقوب الحربي المقرئ. روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي. وكان مؤدبا يعرف بابن المديني. تُوُفّي في خامس جمادى الأولى. 24 - عبد الكريم بن مظفر بن سعد بن عمر بن الصفار. شمس الدين أبو الحسين التاجر، الأصم. كان من ذوي الثروة. حدث بمصر والشام وبغداد عن ابن كليب، و ' بجزء ' ابن عرفة.

(48/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 100
روى عنه: الدمياطي، والبدر محمد بن السويدي المستوفي، وعبد الحافظ الشروطي، وغيرهم. وبالإجازة: قاضي القضاة ابن الخويي، والعماد بن البالسي. وكان حيا في هذه السنة، ولم تضبط وفاته فيما أعلم رحمه الله تعالى. 25 - عبد الكريم بن منصور بن أبي بكر. أبو محمد الموصلي المحدث، الرجل الصالح، المعروف بالأثري الشافعي. سمع الكثير، وحدث عن: مسمار بن العويس، وجماعة. ومات كهلا في أواخر السنة. حدَّث عنه: الدمياطي، والشيخ محمد الكنجي. وله شِعْرٌ جيد. سمع منه الدمياطي بزاويته بقرية الحديثة من ضواحي بغداد، ونسب إلى الأثر لاعتنائه به. وقد سمع بالموصل من عبد المحسن ابن الخطيب ؛ وبدمشق من الشيخ الموفق. وبحلب وبغداد فأكثر. تُوُفّي في رمضان.

(48/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 101
26 - عبد الواحد بن عبد الكريم بن خَلَف. العلامة كمال الدين، أبو المكارم ابن خطيب زملكا الأنصاري، السماكي، الزملكاني، الفقيه الشافعي. كان من كبار الفضلاء، له معرفة تامة بالمعاني والبيان والأدب، ومشاركة جيدة في كثير من العلوم. ذكره الإمام أبو شامة فقال: كان عالماً خيراً متميزاً في علوم متعددة. ولي القضاء بصرخد، ودرّس ببَعْلَبَكّ، ثم توفي بدمشق في المحرم. قلت: وهو جد شيخنا العلامة كمال الدين محمد الشافعي. وله شِعر فائق. كتب عنه: رشيد الدين محمد بن الحافظ عبد العظيم، وناصر الدين محمد بن عربشاه، وناصر الدين محمد بن المهتار.

(48/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 102
27 - عثمان بن محمَّد بن عبد الحميد. التنوخي، البعلبكي، العدوي، الزاهد الكبير، شيخ دير ناعس. كان رضي الله عنه كبير القدر صاحب أحوال وكرامات وعبادة ومجاهدات. ذكره خطيب زملكا عبد الله بن العز عمر فقال: أخبرني إسماعيل بن رضوان قال: كان الشيخ عثمان يخرج مع إخوته إلى الحصاد فيأخذ معه إبريقاً ليتوضأ منه، فقال إخوته مرة: كم تبطلنا بصلاتك. وقام أحدهم برد الإبريق. فلما جاء وقت الصلاة قام إلى الإبريق وأخذه وتوضأ. فلما رأوه يتوضأ قالوا له: لا تعد تحصد نحن نكفيك. وحدثني أبو العباس أحمد بن عبد الله بن عزيز اليونيني قال: شاهدت الشيخ عثمان وقد ورد عليه فقراء، فأخرج إليهم في ميزر خبزا فأكلوا، فرأيت الذي فضل أكثر من الذي جاء به. وقال عبد الدائم بن أحمد بن عبد الدائم: وأخبرني العماد محمد بن عوصة قال: عرض للشيخ الفقيه مغص فقال لي: امض إلى الشيخ عثمان وقل له: قال لك الفقيه لئن لم يسكن وجع جوفه ليضربنك مائة عصاة. فقلت: يا

(48/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 103
سيدي وكيف تضربه؟ فقال: الشيخ عثمان أكرم على الله من أن أضربه. قال: وأخبرني ولده القدوة الشيخ محمد، عن أبيه قال: صلينا بعض الأيام الضحى، وإذا بالمسجد قد امتلأ جنا بحيث أني ما كنت أستطيع القيام. قال: فصحت صيحة ظهر النور من تحت المسجد واستوحيت بالمشايخ. قال: فجاؤوا واستحييت من الخليل عليه السلام كون أنه جاء في نصرتنا وما ودعته. وأخبرني الشيخ محمد قال: كنت في بعض الليالي جالس وإذا رجل قد أقبل وبيده حربة تلمع، ويخرج منها نار يظهر لهبها شرقا وغربا، فخرج إليه والدي وأخذ بيده فمشيا، فلما كان بعد الثلاثين ليلة رأيت ثلاثة رجال على خيل، فقام والدي إليهم فأخذ بمعرفة فرس أحدهم، ووقف مكبوب الرأس. فلما كان من الغد رأيت عند والدي رجل يحدثه ولا أرى شخصه، وهو يقول: جاء إلينا الشيخ عبد الله اليونيني ومعه حربة، والشيخ عبد القادر، والشيخ عدي وسمى الآخر، وهم ركاب خيل، وأخبرونا أن المسلمين منتصرين على العدو. فلما كان تلك الليلة رأيت والدي وهو يسير على السطح وهو يهدر كهدر الأسد. فلما كان آخر الليل صفق صفقتين. فورخ بعض الجماعة تلك الليلة وإذا هي ليلة كسروا الفرنج على المنصورة. أو ما هذا معناه.

(48/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 104
قال: وأخبرني القدوة إبراهيم بن الشيخ عثمان قال: رأيت عند أبي رجالا من لبنان، فسمعتهم يتحدثون، فذكروا شخصا، وقال أحدهم ما أعطى الفرقان فسئل عن الفرقان قال: يفرق بين الحلال والحرام. قال: وأخبرني أبي قال: كنت بين الفرزل ونيحا وإذا بطيور وهم يقولون: هذا قبر......... قال: وأخبرني شيخنا أبو العباس أحمد بن العماد بن إبراهيم المقدسي قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم بوداع الشيخ عثمان، فلما جئت لأودعه قام إلي وقال: جئت تودعني كما ودّعت الشيخ إبراهيم. قلت: نعم. قال: وأخبرني إبراهيم أن أباه لبس من الشيخ عبد الله اليونيني، وأنه اجتمع بالشيخ أبي الحسن الشعراني الذي بجبل لبنان. قلت: وللشيخ عثمان ذكر في ترجمة الشيخ الفقيه. وكان عديم النظير في زمانه - رحمه الله - وفيه خير وعبادة، وله أوراد. وتُوُفي في سادس شعبان من العام. 28 - عليّ بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن يوسف بن أحمد. القاضي أبو الحسن بن قطرال الأنصاري، الأندلسي، القرطبي.

(48/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 105
ذكره الأبار فقال: سمع أبا عبد الله بن حفص، وأبا القاسم بن رشد، وغيرهم، وأخذ قراءة نافع وعِلْم العربيّة عن أبي جعفر بن يحيى الخطيب. وسمع بغرناطة: أبا خالد بن رفاعة، وأبا الحسن بن كوثر. وسمع بالمنكب: عبد الحق بن بونه ؛ وبمالقة: أبا عبد الله ابن الفخار ؛ وبسبتة: أبا محمد بن عبيد الله. وأجاز له: أبو عبد الله بن زرقون، وأبو بكر بن الجد، وجماعة. وولي قضاء أُبَّذَة فأسره العدو بها إذ تغلبوا عليها سنة تسع وستمائة، ثم تخلص. ووُلّي قضاء شاطبة مدة، ثم وُلّي قضاء شريش، ثم قضاء قرطبة. ثم أعيد إلى قضاء شاطبة وخطابتها. ثم نزح عنها في آخر سنة ست وثلاثين وستمائة لتغلب العدو في صدر هذا العام على بلنسية. ووُلّي قضاء سبتة ثم قضاء فاس. وكان من رجال الكمال، علماً وعملاً، يشارك في عدة فنون، ويتميز بالبلاغة. أُخِذَت عنه بشاطبة جملة من روايته. وُلِد سنة ثلاث وستين وخمسمائة، وتُوُفّي بمرّاكُش في ربيع الأول بعد ولايته قضاء أغمات.

(48/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 106
29 - عليّ بن عبد الرحمن. الإمام موفق الدين، أبو الحسن البغدادي البصري، الحنبلي. سمع من: أحمد بن صرما، وزيد بن يحيى البيع. وأعاد بالمستنصرية. وتوفي شابا في شعبان. 30 - عليّ بن عبد الوهّاب بن محمد بن طاهر. القرشي، الدمشقي، أخو أبي حفص عمر بن البراذعي. سمع من: ابن طبرزد، والكندي. وحدَّث. ومات في شوال. 31 - عمر بن مكّي بن سرجا بن محمد. أبو حفص الحلبي المحدث، شهاب الدين. وُلِد بعد التسعين وخمسمائة. وسمع من: الإفتخار عبد المطلب الهاشمي، وأبي محمد بن علوان، وجماعة. وعني بالحديث، وسمع الكثير من المتأخرين وله شِعْر حسن. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، والعفيف إسحاق الآمدي، والكمال إسحاق الحلبي. وتُوُفّي في أواخر هذه السنة.
- حرف الغين -
32 - غالب بن حسن بن أحمد بن سيد بونه بُنه. الإمام القاضي أبو تمام الخزاعي الداني

(48/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 107
صحب قرابته القدوة أحمد بن سيد بونه. وروى عن: أبيه، وأبي عبد الله بن مزين. وكان فيما قال ابن الزبير مقرئا صالحا، قاضيا. قيل: كان له كل يوم ختْمة. رأيته بغرناطة، توفي سنة 651.
- حرف الميم -
33 - محمَّد بن سُنْقُر الحلبيّ. أبو الفضل. دمشقي. روى عن الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، وغيره. مات في صفر. 34 - محمد بن عبدان بن غريب أبو عبد الله الحراني، الصيدلاني، الملقب بعريب. حدث عن: عبد الوهاب بن أبي حبة. روى عنه: الدمياطي، وقال: توفي في حدود سنة 651. 35 - محمد بن عبد الله بن عثمان بن جعفر بن الشّيخ القُدوة أبي عبد الله اليُونينيّ الزّاهد. ذكره خطيب زملكا فقال: كان صاحب كرامات ورياضيات، زاهدا ورعا متواضعا، لا يمكن أحدا من تقبيل يده حتى يقبل أيضا يد ذلك الرجل. حدثني الحسن بن مظفر قال: طلعنا إلى زاوية الشيخ فتلقانا الشيخ محمد، فقال فيما حدثنا، يا فقراء، كان سيدي الشيخ قد جهزني إلى الحجاز،

(48/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 108
فلما كانت الليلة التي تُوُفّي فيها رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم يعزيني في الشيخ فورخنا تلك الليلة، فلما وصلنا وجدناه قد توفي فيها. قال خطيب زملكا: وقد اختلفوا على ما قيل فيمن يكون شيخا بعد الشيخ عبد الله، فقال بعضهم: الشيخ الفقيه، وقال آخرون: يكون الشيخ توبة، وقال بعضهم: الشيخ عبد الله بن عبد العزيز. فحدثني الشيخ إسرائيل قال: فرأى الشيخ الفقيه في النوم الشيخ عبد الله وهو يقول: أنت والشيخ توبة أصحابي، والشيخ عبد الله مريدي، وولدي محمد ما هو صغير. فلما أصبح أخبر الفقراء بما رأى، فلما قدم الشيخ محمد من الحج بسطوا له السجادة وقاموا حوله. توفي في رجب 36 - محمد بن عليّ. الشيخ الكبير الحريري المتقدم ذِكْرُه في الشطح والأحوال. كان ولده هذا رجلا صالحا، ديِّناً، خيّرا. ومن محاسنه أنه كان ينكر على أصحاب والده ويأمرهم باتباع الشريعة. ولما مات أبوه طلبوا منه الجلوس في المشيخة فشرط شروطاً لم يقدر أصحابه على التزامها، فتركهم وانعزل عنهم. وأقام بدمشق وبها توفي، ودُفِن عند الشيخ رسلان، رحمه الله. وعاش سبعا وأربعين سنة.

(48/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 109
37 - محمد بن عيسى. أبو بكر الأنصاري، الخزرجي، المالقي، الزاهد، نزيل مصر. أحد الأولياء والعباد. كان يأكل من كسْبه ولا يقبل من أحد شيئا. ذكره الحافظ عز الدين الحسيني فقال: كان أحد الزهاد الورعين، وعباد الله المنقطعين، مشتغلا بنفسه، يأكل من كسب يده مع جِدٍّ وعملٍ وفضلٍ وأدب. ولم يكن في زمانه من اجتمع فيه ما جُمِع له. توفي، رحمه الله، في الثامن والعشرين من ربيع الآخر، ودُفِن بسفح المقطم. وكان له مشهد عظيم جدا، وقبره معروف يزار ويتبرك به، رحمه الله. 38 - محمد بن يوسف. الإمام المحدث أبو عبد الله الهاشمي، الطنجالي. قال ابن الزبير: محدث فاضل، نحوي، ورع، زاهد. لازم المحدث أبا محمد عبد الله بن عطية، وسمع عليه. وأكثر عن: أبي الحسن علي بن محمد الغافقي. وقرأ على أبي القاسم بن الطيلسان، وعلى أبي سليمان ابن حوط الله، وطائفة وأجاز له في صِغَره أبو الخطاب بن واجب، وعدة. وكان من أبرع أهل زمانه خطا وأتقنهم، لا يجاري في ذلك. وكان يتكلم بجامع مالقة على ' صحيح البخاري ' غدوة. وكان كثير الورع. عاش نحواً من خمسين سنة، صحبته وسمعت منه وقيل إنه مات في سنة ثلاث كما يأتي.

(48/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 110
39 - محمد بن أبي المكارم مفضَّل بن محمد بن حسّان بن جواد بن عليّ بن خزرج. زين الدين، أبو العباس الأنصاري، الأسواني، المصري، الشافعي، العدل. وُلِد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عمه أبي الطاهر إسماعيل بن محمد، وإسماعيل بن ياسين، وفاطمة بنت سعد الخير، والعماد الكاتب. وأجاز له: منوجهر بن تركانشاه، ومحمد بن نصر بن الشعار، وغيرهما. وتقلب في الخِدَم الديوانية. وكان رئيسا نبيلا من بيت حشمة. روى عنه الدمياطي، وقال: توفي في ذي الحجة. 40 - محمد بن أبي الفتح بن أبي الحسن بن أحمد بن أبي الدنيا. أبو عبد الله البغدادي. وُلِد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وحدث عن عبد الله بن شاتيل، وأبي شجاع محمد بن المقرون.

(48/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 111
روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن الكنجي، وغيرهما. مات في المحرم. 41 - محمد. الواعظ الشاعر. من أعيان أدباء البغاددة. ورخه ابن أنجب. 42 - مظفَّر بن محمد بن مظفَّر بن شجاع بن مظفَّر بن البوّاب. أبو منصور. روى عن: ابن بوش، وابن كُلَيْب. روى عنه: خطيب الدين ابن القسطلاني، وشرف الدين التوني، ومحمد بن محمد الكنجي. ومات في جمادى الأولى. 43 - منصور بن سرّار بن عيسى بن سَلِيم. أبو علي الأنصاري، الإسكندراني، المالكي، المقرئ المؤدب المعروف بالمسدي. وُلِد سنة سبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن موقا، ومحمد بن محمد الكركنتي، ومنصور بن خميس وغيرهم. وكان من حُذّاق المقرئين. نظم ' أرجوزة في القراءات '. وسرّار: مُشَدَّد، وسَلِيمْ: بفتح أوله. وقيل إنه صنف تفسيراً.

(48/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 112
روى عنه: الدمياطي، والوجيه منصور بن سليم. توفي في رجب عن ثمانين سنة. 44 - موسى بن محمد بن موسى بن أحمد. الفقيه، نجم الدين، أبو عمران الكناني القمراوي، وقُمر: قرية من نواحي صَرْخد. كان شاعراً محسِناً. توفي وله ستون سنة. وهذه الأبيات له:
(قد مَلَّ مريضك عُوَّدُه .......... ورثى لأسيرك حُسّدُه)

(لم يُبْقِ هواك سوى نَفَسٍ .......... زَفَراتُ الشَّوقِ تُصَعِّدُه)

(هاروتُ يُعنعن فَنَّ السِّحرِ .......... إلى عينيك يسدّدُه)

(وإذا أغمضْتَ اللّحْظَ فتكْتَ، .......... فكيفَ وأنتَ تجرّدُه؟)

- حرف النون -
45 - نفيس بن محمود بن أبي القاسم بن محمد بن عُبَيْد الله. فخر الدين، أبو المظفر البعقوبي، ثم الدمشقي المقرئ، الشافعي العدل. وُلِد بالعراق سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وقدم دمشق فاستوطنها وسمع بها من: عمر بن طبرزد، وحنبل الرصافي.

(48/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 113
وقرأ القراءآت على السخاوي، وغيره. وحدث وأقرأ. روى عنه: أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الدمياطي، وأبو محمد بن خلف الدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي. توفي في ثامن عشر ربيع الآخر.
- حرف الواو -
46 - وهْبُ بن أحمد بن أبي العِزّ. شهاب الدين أبو العز القرشي، الحنفي، ويعرف بابن أبي العيش. حدث عن: حنبل، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وغيره.
- حرف الياء -
47 - يحيى بن خالد بن الأديب أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير. الصدر الكبير، شهاب الدين، أبو جعفر القرشي المخزومي الحلبي الكاتب المعروف بابن القيسراني. وُلِد سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وسمع بحلب من: عمر بن طبرزد. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. وكان من كبراء حلب. ولي الوزارة. هو وأبوه من بيت حشمة وتقدم. توفي في ربيع الآخر. توفي أبوه سنة 588، وتوفي أخوه أبو المكارم سعيد قبله سنة خمسين.

(48/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 114
وعمل الصاحب عز الدين ابن القيسراني عزاء عمه يحيى هذا بدمشق، وتكلم الوعاظ وكان له ثروة عظيمة ونعمة جسيمة، حتى قيل إن بذاره في العام ثلاثة آلاف مكوك بالحلبي. * * * وفيها وُلِد: الشيخ محمد بن أحمد بن تمام الصالحي، الخياط الزاهد. ونجم الدين أحمد ابن الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي قاضي الحنابلة، وكمال الدين موسى بن قاضي دمشق شمس الدين أحمد بن محمد بن خلكان الشافعي خطيب كفربطنا، في صفر ؛ وعلاء الدين علي بن محمد بن سلمان بن غانم الكاتب، ومحمد بن بكتمر العزي التُّرَيْكَيّ، ويوسف بن محمد بن سليمان بن أبي العز بن وهيب الحنفي في رجب، بالعذراوية ؛ وعبد الملك بن عمر الطوسي، بقلعة دمشق ؛ والمحيي ييحى بن السكاكري ؛ ويحيى بن يحيى بن عمران الجزري، الملق بالقاضي، وعلي بن أبي المعالي المعري بالمعرة ؛ وعبد الله بن إبراهيم بن محمد بن أبي القاسم بن القزويني بحلب، وقيل وُلِد سنة اثنتين ؛ ومحمد بن محمد بن عبد المنعم الخيمي المصري الشاعر أبوه ؛ ومحمد بن محمد بن عبد الباري بن حمزة المصري ؛ وفخر الدين عبد الرحمن بن عبد الله بن محبوب، في ثاني المحرم ؛ وإبراهيم بن أحمد بن سليمان بن مروان ابن البعلبكي، في شعبان ؛ وأبو بكر بن محمد بن الرضي القطان، بالصالحية.

(48/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 115

سنة اثنتين وخمسين وستمائة

- حرف الألف -
48 - أحمد بن أسعد بن حلوان. الحكيم البارع نجم الدين، أبو العباس، ولد الحكيم موفق الدين المعروف بابن المنفاخ، وهو لقب الموفق. ويعرف بابن العالمة دهن اللوز التي كانت عالمة دمشق. وهو دمشقي أصله من المَعَرّة. ولد سنة ثلاث وتسعين بدمشق. وكان أسمر، نحيفا، فصيحاً، بليغاً مفرط الذكاء. أخذ الطب عن المهذب الدخوار وبرع فيه وفي المنطق والأدب. وخدم بالطب الملك المسعود صاحب آمد. ثم وزر له. ثم غضب عليه وصادره، فأتى دمشق وأقرأ بها الأدب. وكان رئيساً متميزاً. ثم خدم الملك الأشرف الحمصي بتل باشر، وأقام عنده قليلاً.

(48/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 116
ومات في ثالث عشر ذي القعدة. قاله ابن أبي أُصَيْبَعَة. وقال: حكى لي أخوه القاضي شهاب الدين ابن العالمة، أخوه لأمه، أنه توفي مسموما. وله كتاب ' التدقيق في الجمع بين الأمراض والتفريق '، وكتاب ' هتك الأستار عن تمويه الدخوار '، وكتاب ' المدخل في الطب '، وكتاب: ' العِلَل والأمراض '، وشرح أحاديث نبوية. 49 - أحمد بن عبد الواسع بن أميركا بن شافع. أبو العباس الجيلي، ثم البغدادي. سمع من: عبد المؤمن ابن كُلَيْب، وبرغش عتيق ابن حمدي، والشيخ عبد الوهاب ابن الشيخ عبد القادر، ولامعة بنت المبارك بن كامل، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وأجاز لجماعة. تُوُفّي في ثاني رمضان. 50 - أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن عمر. أبو المكارم المصري الشافعي المعروف بابن نقاش السكة. وُلِد سنة ثمان وستين وخمسمائة. وسمع من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، ومحمد بن حمد الأرتاحي. وكان لديه فضل، وله نظم حسن. روى عنه: الدمياطي، والمصريون، ومجد الدين ابن الحلوانية. وبالإجازة: أبو الفضل بن البرزالي، وأبو المعالي ابن البالسي، وآخرون ومات في جمادى الأولى.

(48/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 117
51 - أحمد. الواعظ البليغ، عماد الدين الواسطي. أنبأنا سعد الدين بن حمويه قال: في ذي الحجة سنة إحدى وخمسين منعوا العماد الواسطي من الوعظ وجميع الوعاظ، يعني بمصر، لأنه قال على المنبر: خلق الله آدم بيده. وأشار إلى يده، فعزروه وأرادوا عقد مجلس له فلم يتفق. قال: وكان حافظا، حسن الإيراد، فصيحا، موزون الحركات. تُوُفّي في رجب. 52 - إبراهيم بن أحمد. أبو إسحاق ابن السبتي، البغدادي، العابر. سمع: عليَّ بن محمد بن السقا. وعنه: الدمياطي. 53 - إبراهيم بن محمد بن عُبَيْد الله بن يوسف. الخطيب أبو إسحاق الأوسي الأندلسي، القرطبي، المعدل، نزيل مالقة. سمع من: أبي محمد بن حَوْط الله، وأخيه أبو داود، وأبي محمد بن القرطبي، وأبي القاسم الملاحي. وأجازوا له. وحدث. وكان فاضلا ثقة. مات في جمادى الآخرة. 54 - إسماعيل بن أحمد بن الحسين بن محمد بن أحمد. رشيد الدين، أبو الفضل بن الشيخ الفقيه أبي العباس العراقي،

(48/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 118
الأواني، ثم الدمشقي الحنبلي الجابي بدار الطعم. وُلِد بُعَيْد السبعين وخمسمائة، وسمع من أبيه. وكانت له إجازات عالية فروى عن: السلفي، وشهدة، وعبد الحق، وخطيب الموصل، وأبي طالب محمد بن علي الكتاني الواسطي، وأبي العباس الترك، وأبي الفتح عبد الله بن أحمد الخراقي، وأبي المحاسن عبد الرزاق بن إسماعيل القومساني، وابن عمه المطهر بن عبد الكريم، والحافظ أبي موسى المديني. روى عنه: زكي الدين البرزالي مع تقدمه، وشرف الدين الدمياطي، وعبد الله بن عبد الرحمن المقدسي، وشمس الدين محمد بن التاج، وابن عمه محمد بن عبد الله، والجمال عبد الرحمن بن أحمد بن شُكْر، والعماد محمد بن البالسي، والعز إبراهيم بن الملك الحافظ، وطائفة سواهم. وكان حافظا للقرآن، فاضلاً، فصيح العبارة. وأوانا من قُرى بغداد. تُوُفّي في منتصف جمادى الأولى، ونيف على الثمانين. 55 - أقْطاي بن عبد الله.

(48/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 119
الجمدار، الصالحي، النجمي، الأمير الكبير، فارس الدين التركي، من كبار مماليك الملك الصالح. وكان شجاعا، جوادا كريما، نهّاباً وهّاباً. ذكر المولى شمس الدين الجزري في ' تاريخه ' أنه كان مملوكا للزكي إبراهيم الجزري المعروف بالجبيلي، اشتراه بدمشق ورباه، ثم باعه بألف دينار، فلما صار أميرا وأقطعوه الإسكندرية طلب من الملك الناصر إطلاق أستاذه المذكور، وكان محبوسا بحمص، فأطلقه وأرسله إليه، فبالغ في إكرامه، وخلع عليه، وبعثه إلى الإسكندرية، وأعطاه ألفي دينار. قلت: وكان طائشا، عاملا على السلطنة، وانضاف إليه البحرية كالرشيدي وركن الدين بيبرس البندقداري الذي صار سلطانا. وجرت له أمور ذكرنا منها في الحوادث. وسار مرتين إلى الصعيد فظلم وعسف وقتل وتجبر، وكان يركب في دست أيضا هو دَسْتُ السلطنة ولا يلتفت إلى الملك المعز أيبك ولا يعده، بل يدخل إلى الخزائن ويأخذ ما أراد. ثم إنه تزوج بابنة صاحب حماة، وبُعثت العروس في تجمل زائد، فطلب الفارس أقطايا القلعة من الملك المعز ليسكن فيها وصمم على ذلك، فقالت أم خليل شجر الدر لزوجها المعز: هذا ما يجيء منه خير. فتعاملا على قتله. قال شمس الدين الجزري: فحدثني عز الدين أيبك أحد مماليك الفارس قال: طلع أستاذنا إلى القلعة على عادته ليأخذ أموالا للبحرية، فقال له المُعِزّ: ما بقي في الخزائن شيء فامض بنا إليها لنعرضها. وكان قد رتب له في

(48/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 120
طريق الخزانة مملوكه قطز الذي تسلطن ومعه عشرة مماليك في مضيق، فخرجوا على أقطايا فقتلوه وأُغلِقت القلعة. فركبت البحرية ومماليكه وكانوا نحوا من سبعمائة فارس وقصدوا القلعة، فرمى برأسه إليهم فهربوا، وذهب طائفة منهم إلى الشام. وكان قتْلُه في شعبان.
- حرف الباء -
56 - بدرة بنت الإمام فخر الدين محمد بن أبي القاسم بن تيمية. أم البدر، زوجة العلامة المفتي مجد الدين أبي البركات بن تيمية. وجده شيخنا أبي العباس. تُوُفّيت قبل زوجها بليلة. وقد روت بالإجازة عن بعض أصحاب أبي علي الحداد. سمع منها: الدمياطي بإجازتها من أبي المكارم اللبان رحمها الله تعالى. 57 - البرهان الموصلي الزاهد. خال التاج ابن عساكر. كان مسنا عالما، كبير الإدراك، صاحب كشف وحال. قدم مصر ونزل في دار القاضي محيي الدين ابن الزكي. مات في ذي القعدة ودُفِن عند صهيب الرومي، رضي الله عنه. 58 - بكْبَرْس بن يَلَنقلح.

(48/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 121
أبو شجاع التركي، مولى الإمام الناصر لدين الله، ويعرف بنجم الدين الزاهد، وبالحاجي. كان فقيها عارفا بمذهب أبي حنيفة. حدث عن: عبد العزيز بن مينا. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، والقطب بن القسطلاني، ومحمد بن محمد الكنجي. وكان أيضا عارفا بالأصول. قال الدمياطي: كان مقدما على مماليك المستعصم بالله. وتُوُفّي في منتصف صفر. وقال ابن النجار في تراجم إياس: فقيهٌ جليل القدر، مُفْتٍ، له مصنفات. وهو صالح دَيِّن، قرأ الكثير بنفسه على أصحاب أبي الوقت.
- حرف الحاء -
59 - الحسن بن عبد القاهر بن الحسن بن عليّ بن القاسم بن المظفَّر بن عليّ. القاضي أبو علي الشهرزوري، شهاب الدين الموصلي. سمع من: يحيى الثقفي، ومن: ابن عمه أبي البركات عبد الرحمن بن محمد، وغيرهما. ووُلّي قضاء الموصل. روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، وغيرهما. وتُوُفّي في ثالث شعبان وله ثمان وثمانون سنة. وكان يمكنه السماع من أبي الفضل خطيب الموصل فما اتفق له، رحمه الله.

(48/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 122
60 - الحسين بن بدر الدين بن الحسين. فخر الدين النابلسي، والد الحافظ شرف الدين يوسف وحمد الدين خالد. تُوُفّي بدمشق عن أربع وتسعين سنة. أرخه التاج ابن عساكر. 61 - الحسين بن عليّ بن أبي جعفر محمد بن عدنان بن محمد بن عبد الله بن عمر بن أبي العلاء المسلّم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عليّ بن أبي جعفر الباقر. الشريف النقيب، أبو علي الهاشمي، العلوي، الحسيني، البغدادي، المعروف بابن المختار. روى عن: أبي منصور عبد الله بن محمد بن حَمُّوَيْه. وولي نقابة العراق. وهو من بيت جلالة وسُؤْدُد. والمختار لقب جدهم عمر. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في رمضان. 62 - حُمَيْد القُرْطُبيّ. هو المحدث البارع، الزاهد القدوة أبو بكر أحمد بن أبي محمد بن الحسين الأنصاري، الأندلسي. ذكره ابن الزبير في ' برنامجه ' فقال: قرأت عليه، وسمع بقراءتي. وروى عن: أبي محمد بن حوط الله، وابن واجب، وأبي زيد بن جميل. وأجاز له: عبد الصمد بن أبي القاسم بن رجاء، ويعيش بن القديم، وأبو

(48/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 123
محمد الزهري، وأبو الفتوح نصر بن الحصري، وخلق. وقلّ من رأيت في الورع مثله. اقتضى نظره الرجلة عن هذه البلاد فرارا بدينه، فتُوُفّي في مصر سنة اثنتين. وكان بارع الخط، حسن الضبط، بديع النظم، رحمه الله تعالى.
- حرف الدال -
63 - داود بن شجاع بن لؤلؤ. أبو الفضل البواب، البغدادي. وُلِد سنة خمس وثمانين. وسمع من: ذاكر بن كامل، وابن كُلَيْب، ويحيى بن بوش، وعبد الوهاب ابن سُكَيْنَة، وضياء بن الخريف. روى عنه: ابن الخير، والدمياطي. ومات في شعبان.
- حرف الشين -
64 - شُمَيْل بن مُهَلهل بن أبي طالب بن عدنان. أبو الحسن اللخمي، الإسكندراني، المالكي، التاجر. سمع من: أبي القاسم بن مخلوف بن جارة، والحافظ ابن المفضل المقدسي. وبدمشق من: أبي اليُمْن الكندي، وغيره. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في صفر.
- حرف العين -
65 - عائشة بنت المحدّث أبي الميمون عبد الوهّاب بن عتيق بن هبة الله بن أبي البركات بن دروان. أم الحسن المصرية.

(48/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 124
سمعها أبوها من: هبة الله البوصيري، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وعبد المجيد بن زهير، وغيرهم. وقد تقدمت أختها خديجة. روى عنها غير واحد من المصريين. وماتت في سادس رمضان. 66 - عبّاس بن بزوان بن طرخان بن بزوان بن أحمد. المحدث المفيد، أبو الفضل الشيباني، الموصلي كمال الدين، نزيل القاهرة. سمع من: الحكيم أبي الحسن بن هبل، ومسمار بن العويس، وأحمد بن سلمان بن الأصفر. ثم عُنِي بالحديث، وسمع الكثير بإربل، وحلب، ودمشق، ومصر. وكان حريصا على الطلب، مُكْثِراً. روى عنه: الدمياطي. ومات في شوال. 67 - عبد الله بن الحسن بن محمد بن عبد الله. المحدث الصالح، المعمر، الهكاري. ولد بنواحي العمادية، من أعمال المَوْصِل ؛ وحدث عن: حنبل ؛ سمع منه شيخنا الدمياطي ' صحيح البخاري ' بإجازته العامة من أبي الوقت، وقال: وُلِد في سنة سبع وأربعين وخمسمائة. وتُوُفّي بحلب في أواخر العام وله مائة وخمس سنين رحمه الله تعالى.

(48/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 125
68 - عبد الحميد بن عيسى بن عَمُّوَيْه بن يونس بن خليل. العلامة شمس الدين، أبو محمد الخسروشاهي، التبريزي، لأن خسروشاه قرية بقرب تبريز، المتكلم. وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة بخسروشاه، واشتغل بالعقليات على الشيخ فخر الدين الرازي ابن الخطيب. وسمع من: المؤيد الطوسي. وبرع في علم الكلام، وتفنن في العلوم، ودرس وقرأ وأفاد. اشتغل عليه: زين الدين ابن المرحل خطيب دمشق، وغيره. وأقام مدة بالكرك عند صاحبها الملك الناصر، وأخذ عنه أشياء من عِلم الكلام. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. ومات في الخامس والعشرين من شوال، ودُفِن بجبل قاسيون. ذكره ابن أبي أُصَيْبَعَة فقال: تميز في العلوم الحكمية وحرر الأصول

(48/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 126
الطيبة، وأتقن العلوم الشرعية. رثاه العز الضرير بقصيدة لاميّة، وله من الكتب ' مختصر المهذب ' لأبي إسحاق، ' مختصر الشفاء ' لابن سينا، ' تتمة الآيات البينات في المنطق '، وغير ذلك. 69 - عبد الحق بن أحمد بن محمود بن بدل. أبو عبد الرحمن البيلقاني. وُلِد بالمدينة النبوية في سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وقدم دمشق في صِغَره، وسمع من: أبي طاهر الخشوعي. وبدمشق تُوُفّي في الثاني والعشرين من شعبان. ذكره الشريف عز الدين. ولم أعرفه بعد. 70 - عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد السّلام بن عبد العزيز. أبو القاسم الأموي، الإسكندراني، الكاتب العدل، المعروف بابن النحوي. تُوُفّي بالقاهرة في شوال وله اثنتان وثمانون سنة. روى عن: عبد الرحمن بن موقا. وتقلب في الخدم، وولي نظر الأحباس بمصر مدة. روى عنه: الدمياطي، وغيره 71 - عبد الرحمن بن الحارث بن محاسن بن مبارك. أبو عبد الله البغدادي، الحربي. روى عن: عبد الله بن أبي المجد الحربي. ومات في رمضان. 72 - عبد الرحمن بن محمد بن رستم. أبو القاسم الموصلي الشيخ برهان الدين الزاهد. وُلِد سنة سبع وسبعين وخمسمائة بالعمادية، من أعمال الموصل ؛ وحدَّث بدمشق عن: عبد العزيز بن الأخضر. وكان فاضلا في فنون من العلم، منقبضا عن الناس، زاهداً عابداً قانعاً.

(48/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 127
روى عنه: الدمياطي وغيره. ومات في ذي القعدة، رحمه الله تعالى. 73 - عبد الرحمن بن مخلوف بن جماعة بن عليّ بن رجا. أبو القاسم النامي الإسكندراني، العدل. ثقة، صالح، حدث عن: عبد الرحمن بن موقا. روى عنه: حفيده أبو القاسم عبد الرحمن ابن مخلوف، وأبو محمد الدمياطي. وتُوُفّي في ربيع الآخر. 74 - عبد السّلام بن عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد. الإمام، شيخ الإسلام، مجدُ الدين أبو البركات ابن تيمية الحراني، الحنبلي، جد شيخنا تقي الدين. وُلِد في حدود التسعين وخمسمائة، وتفقه في صغره على عمه الخطيب فخر الدين. ورحل إلى بغداد وهو ابن بضع عشرة سنة في صحابة ابن عمه والسيف فسمع من: أبي أحمد عبد الله ابن سُكَيْنَة، وعمر بن طَبَرْزَد، وضياء بن الخُرَيْف، ويوسف بن كامل، وعبد العزيز بن الأخضر، وعبد العزيز بن منينا، وأحمد بن الحسين العاقولي، وعبد المولى ابن أبي تمام، ودرة بنت عثمان، وجماعة.

(48/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 128
وقرأ القراءآت على عبد الواحد بن سلطان صاحب سبط الخياط. وسمع بحران من: حنبل المكبر، والحافظ عبد القادر، وغير واحد. وروى عنه: أبو محمد الدمياطي، والإمام شهاب الدين عبد الحليم ولده، وأمين الدين عبد الله بن شقير، والزاهد محمد بن عمر بن زناطر، والجمال عبد الغني بن منصور المؤذن، ومحمد بن محمد الكنجي، ومحمد بن أحمد بن القزاز، وآخرون. وكان إماما حجة بارعا في الفقه والحديث، وله يد طولى في التفسير، ومعرفة تامة بالأصول، واطّلاع على مذاهب الناس. وله ذكاء مفرط ؛ ولم يكن في زمانه أحد مثله في مذهبه. وله من المصنفات النافعة التي انتشرت في الآفاق ' كالأحكام '، و ' شرح الهداية '، وقد بيض منه رُبْعه الأول ؛ وصنف ' أرجوزة في القراءآت '، وكتابا في ' أصول الفقه '. وحدثني شيخنا تقي الدين قال: كان الشيخ جمال الدين بن مالك يقول: أُلِينَ للشيخ مجد الدين الفقه كما أُلِين لداود الحديد. وحدثني أيضا أن الصاحب محيي الدين يوسف ابن الجوزي اجتمع بالشيخ المجد فانبهر له وقال: هذا ما عندنا ببغداد مثله. ولما حج التمسوا منه أن يقيم ببغداد فامتنع واعتل بالأهل والوطن. قال شيخنا: وكانت في جدنا حدة. وقد قرأ عليه القراءآت غير واحد، منهم الذي كان بحلب فلان القيرواني. وحج سنة إحدى وخمسين. وفيها حج من دمشق الشيخ شمس الدين ابن أبي عمر، فلم يُقْضَ لهما اجتماع.

(48/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 129
قال شيخنا: وحكى المراغي أنه اجتمع بالشيخ المجد فأورد عليه نُكْتة، فقال المجد: الجواب عنها من ستين وجها، الأول كذا، والثاني كذا، وسردها إلى آخرها. ثم قال للبرهان: قد رضينا منك بإعادة الأجوبة. فخضع وانبهر. قال: وكان الشيخ نجم الدين ابن حمدان مع براعته في المذهب وتوسعه فيه يقول: كنت أطالع على الدّرس وما أبقي ممكنا، فإذا أصبحتُ وحضرتُ عند الشيخ ينقل أشياء كثيرة لم أعرفها ولم أطَّلِع عليها. قال شيخنا: وكان جدنا عجبا في حفظ الأحاديث وسردها وحفظ مذاهب الناس وإيرادها بلا كلفة. وحدثني شيخنا أبو محمد بن تيمية أن جده ربّي بتيماء، وأنه سافر مع ابن عمه إلى العراق ليخدمه ويشتغل وله ثلاث عشرة سنة، فكان يبيت عنده فيسمعه يكرر على مسائل الخلاف فيحفظ المسألة. فقال الفخر إسماعيل: أيْش حفظ هذا التنين، يعني الصبي، فبدر وقال: حفظت يا سيدي الدرس. وعرضه في الحال. فبُهِتَ منه الفخر وقال لابن عمه: هذا يجيء منه شيء، وحرضه على الاشتغال. فشيخه في الخلاف الفخر إسماعيل. وعرض عليه مصنفه ' جنة الناظر '. وكتب له عليه في سنة ست وستمائة: عرض علي الفقيه الإمام العالم أوحد الفضلاء، أو مثل هذه العبارة، وأخرى نحوها، وهو ابن ستة عشر. وشيخه في الفرائض والعربية أبو البقاء العُكْبَرِي، وشيخه في القراءآت عبد الواحد المذكور ؛ وشيخه في الفقه أبو بكر بن غنيمة صاحب ابن المني. وأقام ببغداد ست سنين يشتغل، ثم قدم حران واشتغل بها أيضا على الشيخ الفخر. ثم رحل إلى بغداد سنة بضع عشرة، فازداد بها من العلوم، وصنف التصانيف. تُوُفّي إلى رحمة الله في يوم عيد الفطر بحران. 75 - عبد العزيز بن أبي بكر بن عليّ بن نجا بن أبي القاسم. عز الدين، أبو محمد بن الميلق الإسكندراني، الكاتب.

(48/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 130
سمع بمكة من: أبي الفتوح نصر بن الحصري، وعلي بن البنا. وله شِعْرٌ وأدب. سمع منه: الدمياطي، وغيره. ومات في رجب. 76 - عثمان بن برتقش المعظَّميّ. روى عن: حنبل، وابن طبرزد. ومات في ذي الحجة بدمشق. 77 - عليّ بن أبي نصر بن فاتح بن عبد الله. أبو الحسن البجائي. وأبوه رومي وأسلم. وحج علي، وسمع من يونس الهاشمي بمكة. وسمع: أبا القاسم بن الحرستاني بدمشق، وجماعة. وعاد إلى بجاية. وكان إماما متقنا، زاهدا، خيرا، عدلا. تُوُفّي في جمادى الآخرة. كتب عنه أبو عبد الله الأبار، وعاش ستا وثمانين سنة، وأبو العباس بن الغماز وقال: سمعت عليه بعض ' صحيح مسلم '. 78 - عيسى بن سلامة بن سالم بن ثابت. أبو العزائم، وأبو الفضل الحراني، الخياط، المعمر. وُلِد في آخر شوال سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح أحمد بن أبي الوفا، وحماد الحراني.

(48/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 131
وأجاز له أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي، وأخوه أحمد، ومحمد بن محمد بن السكن، وأبو بكر عبد الله بن النقور، وأبو محمد بن الخشاب، وأبو علي أحمد بن الرحبي، ويحيى بن ثابت، وسعد الله بن الدجاجي، والمبارك بن محمد البادرائي، وأحمد بن علي بن المعمر العلوي وشهدة، وخديجة بنت النهرواني، وجماعة. وروى الكثير ؛ وقد حدث بدمشق قديماً. روى عنه: شيخنا الدمياطي والجمال عبد الغني المؤذن، ومحمد بن زناطر الزاهد، وأمين الدولة ابن شقير، ومحمد بن درباس الحاكي، والشرف عبد الأحد بن تيمية، وجمال الدين أحمد بن الظاهري، وأحمد بن محمد الدشتي، وطائفة سواهم. وهو من جملة من جاوز المائة. تُوُفّي في أواخر هذه السنة بحران، وكان آخر من روى عن المذكورين بالإجازة سوى شهدة. وخاتم أصحابه قاسم بن الحبشي نزيل حلب.
- حرف الفاء -
79 - فَخَروار بن عثمان بن محمد. أبو الفخر الدوني، ثم المصري، الصوفي، تقي الدين الشافعي. وُلِد بالقاهرة قبل السبعين وخمسمائة، وقرأ القراءآت على أبي الجود اللخمي، وسمع من: أبي القاسم البوصيري، والأرتاحي، وفاطمة بنت سعد الخير. وحدث. روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، والمصريون. وكان موصوفا بالزهد والصلاح. تُوُفّي في صفر. 80 - فَرَجُ بنُ عبد الله.

(48/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 132
ناصح الدين، أبو المغيث الحبشي، القرطبي، الخادم، مولى أبي جعفر القرطبي، وعتيق المجد البهنسي. وُلِد سنة بضع وسبعين وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبي طاهر الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وعبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي، وعبد الرحمن بن سلطان القرشي، وحنبل، وابن طبرزد، ومولاه أبي جعفر. وسمع بحلب من الافتخار الهاشمي، وغيره. وكان شيخا صالحا، عفيفاً، كيِّساً، متيقظاً. سمع وحصّل وروى الكثير. ووقف كتبه على المحدثين. روى عنه: ابن الحلوانية، والكنجي محمد بن محمد، وعبد الغفار المقدسي، والعماد البالسي، والبرهان أبو إسحاق الإسكندراني، وأبو الحسن علي بن الشاطبي، وطائفة سواهم. تُوُفّي في رابع شوال.
- حرف القاف -
81 - القاسم بن إبراهيم بن هبة الله بن إسماعيل بن نبهان. القاضي، عماد الدين، أبو القاسم الحموي، الشافعي، المعروف بابن المقنشع، قاضي حماة. ترسل عن صاحب حماة، مرارا، ودخل الديار المصرية، وولي القضاء بها. ودرّس بحماة بالنورية، وبحلب بالأسدية. ورجع من مصر فأدركه أجله بدمشق بالمدرسة الزنجيلية. ودُفِن بسفح جبل قاسيون في المحرم.=

38. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام.للذهبي
تأليف: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 133

- حرف الميم -

82 - محمد بن أحمد بن خليل بن إسماعيل. القاضي أبو الخطاب السكوني، الأندلسي، الكاتب. من شيوخ ابن الزبير. ذكره فقال: كان روضة معارف، متقدما في الكتابة والعلوم الأدبية، لم ألق مثله، يخطب على البديه، ويكتب من غير تكلف. قُيِّد عنه من كلامه عند السلاطين بإشبيلية وغيرها. وكان مشاركا في العلوم، وقد كثر انتفاعي به. وكان عالي الرواية، ثبتا، وله معرفة بالرجال. لازمته سنين. وأجاز له: أبو عبد الله بن زرقون، وأبو القاسم السهيلي، والحافظ السلفي، فكان آخر من حدث عنه بتلك الديار عنه. وسمع من: أبي الحكم بن حجاج، وأبي العباس بن مقدام. وكان من الأسخياء الأجواد، وهذا طُرفة في المغاربة. 83 - محمد بن الحسين بن الزَّمّال. أبو عبد الله الجياني. سمع بمكة من: يونس بن يحيى الهاشمي، وغيره. وحدث بالإسكندرية. ومات في جمادى الآخرة. 84 - محمد بن خطلج. الدمشقي البزاز.

(48/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 134
روى عن: حنبل. ومات في ذي القعدة. من شيوخ الدمياطي. 85 - محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن. الشيخ كمال الدين، أبو سالم القرشي، العدوي، النصيبي، الشافعي، المفتي. وُلِد بالعمرية، من قرى نصيبين، سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وتفقه، وبرع في المذهب. وسمع بنيسابور من: المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية. وحدث بحلب، ودمشق. وكان صدرا معظما، محتشما، عارفا بالمذهب والأصول والخلاف. ترسل عن الملوك، وولي الوزارة بدمشق يومين ثم تركها، وتزهد وخرج عن ملبوسه، وانكمش عن الناس. وكان ذهابه إلى خراسان في طلب العلم، وناظر بها. روى عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية، ومجد الدين ابن العديم، وجمال الدين ابن الجوخي، وشهاب الدين الكفري المقرئ، وجماعة. وفي سنة ثمان وأربعين قال التاج ابن عساكر: خرج ابن طلحة عن جميع ما له من موجود ومماليك ودواب وملبوس، ولبس ثوبا قطنيا وتخفيفة. وكان

(48/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 135
يسكن الأمينية فخرج منها واختفى، ولم يُعْلم بمكانه. وسبب ذلك أن الناصر عينه للوزارة وكتب تقليده، فكتب هو إلى الناصر يعتذر. قلت: وقد دخل في شيء من الهذيان والضلال، وعمل دائرة وادعى أنه يستخرج منها علم الغيب وعلم الساعة، نسأل الله السلامة في الدين. ولعله إن شاء الله رجع عن ذلك. تُوُفّي في السابع والعشرين من رجب بحلب، وقد جاوز السبعين. 86 - محمد بن عليّ بن بقاء. أبو البقاء ابن السباك البغدادي. سمع من: أبي الفتح بن شاتيل، وأبي السعادات القزاز، وذاكر بن كامل، ويحيى بن بوش، وابن كليب.

(48/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 136
وروى الكثير. روى عنه: ابن القسطلاني، والدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، وغيرهم. وأجاز الجماعة. وتُوُفّي في السابع والعشرين من شعبان، رحمه الله. 87 - محمد بن محمد بن هبة الله بن عبد الصّمد بن الحسين بن أحمد بن تميم. الرئيس جمال الدين، أبو حامد التميمي، الدمشقي، الكاتب العدل. وُلِد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وحدث عن: ابن طاهر الخشوعي. روى عنه: مجد الدين ابن الحلوانية، والدمياطي، والكنجي، وجماعة. وتُوُفّي في الرابع والعشرين من رجب بدمشق، ودُفن بتربتهم بسفح قاسيون. 88 - محمد بن أبي المعالي هبة الله بن الحسين بن هبة الله بن الدّواميّ. أبو الحسن البغدادي. وُلِد سنة ست وثمانين وخمسمائة. وكان ظريفا نديما، صاحب نوادر وسرعة فهم، لا تمل مجالسته، مع وقار وأدب. وله نظم رائق.

(48/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 137
وحدث عن: أبي الفرج بن كليب. روى عنه: الدمياطي، وغيره. تُوُفّي في شهر رمضان. وأبوه راو عن تجني الوهبانية. 89 - مقلّد بن أحمد بن الخُرْداذيّ. تاجر كبير متمول، ورث عن أبيه أموالا جزيلة. فمات أبوه أحمد في هذه السنة. وكان له مداخلة للمغول، وتحدث مع القان في الصلح مع أمير المؤمنين. ثم قدم مع رسول القان. ومن أعجب شيء أن ولده مقلدا هذا كتب كتابه على بنت عمه على صداق مبلغه مائة ألف دينار. وهذا ما لم يُسمع بمثله قط إلا لخليفة أو نحوه. 90 - مكّيّ بن أبي الغنائم المُسَلَّم بن مكّيّ بن خَلَف بن المسلَّم بن أحمد بن محمد بن حصن بن صَقْر بن عبد الواحد بن عليّ بن عُلاّن. العدل المسند، سديد الدّين، أبو محمد القيسي، الدمشقي، الطيبي، أسند من بقي بالشام في زمانه. وُلِد في أول رجب سنة ثلاث وستين وخمسمائة، وتفرد في الدنيا بالرواية عن: أبي القاسم بن عساكر، وأبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، وأبي المعالي ابن خلدون. وروي أيضا عن: أبي المجد بن البانياسي. وأجاز له: أبو طاهر السلفي، ومحمد بن علي الرحبي، المصري.

(48/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 138
روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وابن الظاهري، وزين الدين الفارقي، وسبطاه، وأمين الدين سالم بن صصرى، وأخته أسماء، وأمها، والعماد بن البالسي، وأخوه عبد الله، وطلحة القرشي، ومحيي الدين يحيى بن أحمد المقدسي، وتاج الدين أحمد بن مرير الحموي، وإسماعيل وعبد الله إبنا ابن أبي التائب، والشرف عبد الله بن الشرف الحنبلي، وخلق سواهم. وكان شيخا حسنا، متوددا، صحيح السماع، من بيت رواية وتقدم ورئاسة. وهو أخو سعيد ومحمد، وقد سمعا أيضا من الحافظ ابن عساكر. تُوُفّي في العشرين من صفر بدمشق.
- حرف النون -
91 - ناصر بن ناهض بن أحمد بن محمد. الأديب أبو الفتوح اللخمي المصري، المعروف بالأديب الحصري. شاعر محسن مشهور. كتبوا عنه من نظمه. وكان يذكر أنه سمع من السلفي، وأنه وُلِد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة تقديراً. أنبأنا أبو حامد بن الصابوني أن الأديب أبا الفتوح الحصري أخبره وأنشده لنفسه. وقد أجازه رئيس قمحا رديئا فقال:
(يُباع شِعْرِي بلا نقدٍ لمنتقد .......... إلاّ بقمح خفيف الرُّوح والجسدِ)

(قمح إذا رَمَقَتْه العين تؤلمه .......... وهما فيقتصّ منها السُّوس بالرَّمَدِ)

(ما ذاك إلاّ لأحقاب له سَلَفَتْ .......... وآدمٌ لم يكن في الخُلْد في خَلدِ)

(فأسودُ مثلُ حظّي في عيونِهِمُ .......... وفارغ مثل آمالي بهم ويدي)

(إذا أخبرناه أبدى فوق صفحَته .......... حزناً على موت أهل الشِّعر بالكمدِ)

(48/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 139
تُوُفّي في سادس عشر ذي القعدة. 92 - نصر الله بن القاضي عليّ بن عبد الرّشيد بن عليّ بن نبهان. القاضي فخر الدين أبو منصور الهمداني. ولد بهمدان سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وقدم مع أبيه صغيرا إلى بغداد، فسمع حضورا من: عبد المنعم بن كُلَيْب، والمبارك بن المغطرس. سمع منه ومن: عبد الله بن أبي المجد الحربي، وجماعة. وتفقه وأحكم المذهب، وولي القضاء بالجانب الغربي وحدث. روى عنه: الدمياطي، ومحمد الكنجي، وغيرهما. تُوُفّي في نصف شعبان. أجاز لزينب خالة المحب، وللنجدي، والتقي ابن العز، وطائفة. 93 - نصر الله بن محمد بن إلياس بن عبد الرحمن بن عليّ بن أحمد بن فارس. الأجل، جمال الدين، أبو الفتح بن أبي بكر الأنصاري، الدمشقي، الكاتب المعروف بابن الشيرجي، أخو نجم الدين المظفر. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف الصوفي، وحنبل، وجماعة. وتفقه واشتغل وحصل. روى عنه: زين الدين الفارقي، وشرف الدين عبد المؤمن، وأبو علي بن الخلال، والعماد ابن البالسي. تُوُفّي في صفر. 94 - نصر بن موسى بن عيّاش بن عبد الله. أبو الفتح المصري، الحوفي الحنبلي. قدم دمشق في صباه فسمع من: حنبل، وابن طبرزد، وجماعة. وجده عياش بشين معجمه

(48/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 140
روى عنه: الدمياطي ومحمد الكنجي في معجميهما. وتُوُفّي في سادس عشر رمضان وقد شاخ وجاوز التسعين. 95 - النُّصْرَة أبو الفتح، ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي. تُوُفّي بحلب وقد قارب السبعين أو جاوزها.
- حرف الياء -
96 - يحيى بن محمد بن موسى. التجيبي، التلمساني. حج وجاور، وسمع بمكة من: أبي الحسن بن البناء. وسكن الإسكندرية، وجلس للوعظ في مسجده. وصنف في التفسير والرقائق. وتُوُفّي رحمه الله تعالى في تاسع شوال. 97 - يوسف بن عبد الكافي بن عبد الوهّاب بن رفاعة. عماد الدين، أبو الحجاج الإسكندراني، المحتسب المعروف بابن الكهف. روى عن: أبي رَوْح المطهر بن بكر البيهقي. ومات في شعبان. 98 - يوسف بن عليّ بن الحسن بن شروان. أبو المظفر البغدادي، المقرئ. سمع: ذاكر بن كامل، وابن كليب، وابن بوش، وغيرهم. وعنه: الدمياطي، وغيره.

(48/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 141
وكان شيخا صالحا، خيرا. تُوُفّي في سابع جمادى الآخرة. * * * وفيها وُلِد: بدر الدين محمد بن منصور الحلبي ابن الجوهري، في صفر ؛ ونظام الدين حسن بن مؤيد الدين أسعد بن القلانسي ؛ وناصر الدين أبو بكر بن عمران بن السلار ؛ والشمس محمد بن الفخر عليّ بن البخاري المقدسي ؛ والشمس محمد بن بلبان الجوزي القطان ؛ والكمال محمد بن إبراهيم بن أحمد بن عثمان بن القواس ؛ والمخلص عبد الواحد بن عبد الحميد بن هلال الأزدي ؛ وعلاء الدين علي بن يحيى بن تمام بن الجميزي ؛ وأبو العباس أحمد بن يوسف بن موسى التلي المصري، الشافعي ؛ وأبو الحسن علي بن إسماعيل بن قريش المخزومي، المصري ؛ ومحمد بن إبراهيم بن سلامة القرشي، سمعا من النجيب الحراني ؛ ومحمد بن المحدث أبي الحسن بن عبد العظيم الحصني، روى عن الرشيد ؛ والشمس يوسف بن محمد الكردي، سبط ابن أبي اليسر ؛ والحاج أحمد بن حمود الحراني بها يوم عاشوراء ؛ وأحمد بن محمد بن أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر، وُلِد بجماعيل ؛ وشهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن حرز الله ؛ والمجاهد سلمان بن لاحق الصرخدي المؤذين بدمشق ؛ والقاضي جلال الدين أحمد بن حسن، بالروم ؛ ومحمد بن كندي بن عمر بن كندي ؛ وعبد العزيز بن عبد الحق بن شعبان الصالحي ؛

(48/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 142

سنة ثلاث وخمسين وستمائة

- حرف الألف -
99 - أحمد بن عطاء بن حسن بن عطاء بن جُبَيْر بن جابر. أبو العباس الأذرعي، الصحراوي. فلاح الفاتكية. روى عن: عمر بن طبرزد. وكتب عنه: الزين الأبيوردي، والدمياطي، وغيرهما. وتُوُفّي في ذي القعدة عن سبعين سنة، ودفن بجبل الصالحية. وهو والد الصاحب شهاب الدين الحنفي، ووالد شيخنا أبي محمد الحسن بن أحمد الشروطي الذي روى لنا عن ابن الزبيدي. وكان حاجا صدوقا، تزوج الدمياطي بعده بامرأته أم شهاب الدين. 100 - أحمد بن الكمال عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد. الفقيه كمال الدين المقدسي، أخو شمس الدين. كتب أكثر تصانيف عمه الضياء، وقرأ عليه الكثير. وسمع من جماعة كأخيه. وروى اليسير لأنه مات قبل أوان الرواية، رحمه الله. تُوُفّي في ثامن جمادى الآخرة بالبقاع.

(48/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 143
وهو والد الضياء محمد، وزينب.
101 - إسماعيل بن حامد بن أبي القاسم عبد الرحمن بن المُرْجّا بن المؤمّل بن محمد بن عليّ بن إبراهيم بن يعيش. الأجل الرئيس، الفقيه شهاب الدين، أبو المحامد، وأبو الطاهر، وأبو العرب الأنصاري، الخزرجي، القوصي، الشافعي، وكيل بيت المال بالشام. وُلِد في المحرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة بقوص. وقدم القاهرة في سنة تسعين فلم يطول بها. وقدم الشام سنة إحدى وتسعين فاستوطنها. وقد سمع بقوص كتاب ' التيسير ' على أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن إقبال المريني، وقرأ عليه القرآن. وذكر أنه وُلِد بالمرية سنة تسع وتسعين وأربعمائة، وأنه تلميذ أبي عمرو الخضر بن عبد الرحمن القيسي المقرئ. قلت: ومولد الخضر في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، وكان يروي عن أبي داود وأبي الحسن بن شفيع.

(48/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 144
وقال القوصي: قدمت مصر بعد موت الشاطبي بأشهر، فلم أسمع من القاضي الفاضل غير بيتين. وسمعت من إسماعيل بن صالح بن ياسين مقطعات، ومن أبي عبد الله الأرتاحي، وغيرهما. وسمع بالمرية من الفقيه عليّ بن خلف بن معزوز التلمساني. وسمع بقوص سنة تسع وثمانين من الحافظ ابن المفضل لما حج. وسمع بدمشق من الخشوعي فأكثر، ومن: القاسم بن عساكر، والعماد الكاتب، وأحمد بن جيوش الغنوي، وأحمد بن ترمش، وأحمد بن الزنف، وأبي جعفر القرطبي، وأسماء بنت الران، وأختها آمنة، وابنها القاضي محيي الدين محمد بن الزكي، وعبد اللطيف ابن أبي سعد، ومحمود بن أسد، ومنصور بن علي الطبري، وعبد الملك بن ياسين الدولعي، وحنبل، وابن طبرزد، ومحمد بن سيدهم الهراس، ومحمد بن الخصيب، وخلق كثير. وعُني بالرواية، وأكثر من المسموعات. وخرج لنفسه ' معجما ' هائلا في أربع مجلدات ضخام ما قصر فيه، وفيه غلط كثير مع ذلك وأوهام وعجائب. وكان فقيها فاضلا، مدرّسا، أديبا، إخباريا، حفظة للأشعار، فصيحا مفوها.

(48/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 145
اتصل بالصاحب صفي الدين ابن شكر، وقال في ترجمته: هو الذي كان السبب فيما وليته وأوليته في الدولة الأيوبية من الأنعام، وهو الذي أنشأني وأنساني الأوطان. قلت: سيره ابن شُكْر رسولا عن الملك العادل إلى البلاد، وولي وكالة بيت المال، وتقدم عند الملوك. ودرَّس بحلقته بجامع دمشق التي الآن مدرّسها الشيخ علاء الدين ابن العطار. وكان يلازم لبْس الطيلسان المحنك والبزة الجميلة والبغلة. وقد مدحه جماعة من الأدباء وأخذوا جوائزه. روى عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية، والكنجي، والزين الأبيوردي، والبدر بن الخلال، والرشيد الرقي، والعماد ابن البالسي، والشمس محمد بن لزراد، وخلْق. وتُوُفّي في سابع ربيع الأول. 102 - أمَة اللّطيف بنت النّاصح عبد الرحمن الحنبليّ. العالمة. خدمت أخت العادل ربيعة خاتون زوجة صاحب اربل مدة وأحبتها، وحصل لها من جهتها أموال عظيمة، ولاقت بعدها شدائد وحبسا ومصادرة، وحبست بقلعة دمشق نحو ثلاث سنين، ثم أطلقت وتزوجت الأشرف ابن صاحب حمص، وسافر بها إلى الرحبة وتل باشر، وماتت سنة ثلاث وخمسين وستمائة غريبة. وظهر لها بدمشق من الأموال والذخائر واليواقيت ما يساوي ستمائة ألف درهم غير الأوقاف والأملاك. وكانت فاضلة صالحة عفيفة، لها تصانيف ومجموعات. ترجمها ابن الجوزي.

(48/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 146
103 - أياس بن عبد الله بن عتيق. القاضي أبو منصور المظفر بن عبد القاهر الشهرزوري أبو الخير، الموصلي الدار. سمع من خطيب الموصل سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة أحاديث نسطور الموضوعة. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. قال الشرقية عز الدين: تُوُفّي في هذه السنة.
- حرف التاء -
104 - التاج الأُرْمَويّ محمد بن الحسن. الشافعي، مدرّس الشافعية ببغداد. تُوُفّي عن نيِّفٍ وثمانين سنة. وكان قد صحب فخر الدين الرازي، وبرع في العقليات. وله جاه وحشمة بوجود إقبال الشرابي. وله عدة مماليك تُرْك ملاح وسراري. وفيه تواضع ورئاسة.

(48/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 147

- حرف الحاء -
105 - الحسين بن عمر بن طاهر. الفقيه، نور الدين أبو عبد الله الفارسي، إمام الحنفية بمحراب المدرسة الصالحية بالقاهرية. سمع من: حماد الحراني. وكان شيخا حسنا عفيفا فاضلا، له معرفة تامة بالطب. تُوُفّي في المحرم بالقاهرة. 106 - حليمة بنت عليّ بن أبي بكر بن محمد بن جمال الإسلام أبي الحسن عليّ بن المسلَّم السُّلَمي. أم الخير الدمشقية. روت عن: الخشوعي. روى عنها: أبو محمد الدمياطي، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد العلوي الغرافي. تُوُفّيت في ثالث شوال.
- حرف الخاء -
107 - الخضِر بن محمد بن أبي بكر بن الخضِر بن إبراهيم بن أحمد. أبو العباس الهكاري، الأموي، العتبي. من ولد الوليد بن عتبة بن أبي سفيان. وُلِد بمصر في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.

(48/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 148
وسمع بدمشق من الخشوعي. وحدث. وتُوُفّي في نصف شعبان.
- حرف الراء -
108 - رَيْحان الطُّوَاشيّ. شهاب الدين الحبشي، خادم بني سكينة. حدث عن: أبي محمد بن الأخضر، وأحمد بن الدبيقي. روى عنه: الدمياطي، وغيره.
- حرف السين -
109 - سعيد بن مُدرك بن عليّ بن محمد بن عبد الله بن سليمان. أبو المشكور التنوخي، المعري. وُلِد بالمعرة سنة ست وسبعين وخمسمائة، وقدم دمشق وحمل عن الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو العباس بن الظاهري، وأخوه إبراهيم. ومات في المحرم. وهو أخو القاضي أحمد. 110 - سيف الدّين القَيْمُريّ. صاحب المارستان الذي بجبل قاسيون. يقال إنه ابن صاحب قيمر.

(48/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 149
كان أميراً كبيراً، محتشما، بطلا، شجاعا من الأبطال المذكورين بالفروسية. وكان كريما جوادا. بنى له تربة كبيرة بقبة، وهي أقرب شيء إلى المارستان. تُوُفّي رحمه الله بنابلس، وحمل فدفن بتربته.
- حرف الشين -
111 - شبليّ بن الجُنَيْد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خَلِّكان. القاضي العالم، أبو بكر الزرزاري الإربلي، الشافعي. وُلِد بإربل في سنة ست وسبعين وخمسمائة. وروى بالإجازة عن: يحيى بن بوش، وابن كليب. وولي القضاء ببلد إخميم، وبهامات.
- حرف الصاد -
112 - صقر بن يحيى بن سالم بن يحيى بن عيسى بن صقر. الإمام، المفتي، المعمر، ضياء الدين، أبو المظفر، وأبو محمد الكلبي، الشافعي. وُلِد سنة تسع وخمسين ظنا. وتفقه في المذهب وجوده. وسمع من: يحيى بن محمود الثقفي، والخشوعي، وحنبل، وابن طبرزد. ودرّس مدة بحلب، وأفتى وأفاد.

(48/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 150
روى عنه: الدمياطي، وابن الظاهري، وأخوه أبو إسحاق إبراهيم، وسنقر القضائي، وتاج الدين الجعبري، وبدر الدين محمد بن النوري، والكمال إسحاق، والعفيف إسحاق، وجماعة سواهم. وكان موصوفا بالديانة والعلم. أضر بأخرة. وتُوُفّي في سابع عشر صفر. وتأخر من أصحابه راو إلى سنة ثلاثين وسبعمائة.
- حرف العين -
113 - عبد الرحمن بن أبي العزّ بن شواش بن عامر بن حميد. أبو القاسم القيسي، البعلبكي، ثم الميماسي، الإسكندراني، البرجي، الناسخ. سمع من: عبد الرحمن بن موقا. والبرج من ثغر الإسكندرية على البحر. روى عنه: الدمياطي. 114 - عبد العزيز بن عبد المجيد بن سلطان بن أحمد. الفقيه، برهان الدين، أبو محمد المصري، الشافعي. عرف بابن قراقيش. وُلِد سنة تسع وستين وخمسمائة. وسمع من: عشير بن علي الجيلي، والعماد الكاتب. وولي قضاء الجيزة وعقود الأنكحة بمصر. وكان إماما متقنا، مفتيا. روى عنه: أبو محمد بن خلف الحافظ. ومات في ربيع الأول.

(48/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 151
115 - عبد الكريم بن عبد القادر بن أبي الحسن بن عبد الباري. أبو محمد الأنصاري، المصري، الشافعي، القصار. حدث عن البوصيري، وطال عمره. وتُوُفّي في ثاني عشر ربيع الآخر عن إحدى وتسعين سنة. كتبوا عنه. 116 - عثمان بن رسلان بن فتيان بن كامل. أبو عمرو الأنصاري، البعلبكي، ثم الدمشقي التاجر، الحنبلي. سمع من: عبد الرحمن بن علي الخراقي، والخشوعي. وحدث بدمشق، ومصر. روى عنه: الدمياطي، وإبراهيم بن علي بن الحبوبي. وتُوُفّي في رمضان عن ثلاث وسبعين سنة 117 - عثمان بن نصر الله بن محمد بن محفوظ بن الحسن بن صَصْرى. فخر الدين، أبو عمرو التغلبي، تغلب بن وائل، الدمشقي. من بيت مشهور. روى عن: أبي اليمن الكندي، وغيره. وسمع من: عبد الكريم بن شجاع القيسي. كتب عنه القدماء. ومات في ثالث ذي الحجة، وهو أخو عمر. 118 - عليّ بن معالي بن أبي عبد الله بن غانم. أبو الحسن الرصافي، المقرئ على ترب الخلفاء بالرصافة. وُلِد سنة ثمان وستين وخمسمائة. وسمع من: ذاكر بن كامل، وطاعن الزبيري، ويحيى بن بوش، وابن كليب، فمن بعدهم.

(48/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 152
وعُنِي بالحديث وأكثر عن أصحاب ابن الحصين والقاضي أبي بكر. وكان يرجع إلى دين وورع وخير. وله أصول حسان. روى عنه: المحب عبد الله، والقطب القسطلاني، والدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، وآخرون. وأجاز لجماعة من الكهول الأحياء. وتُوُفّي، رحمه الله، في ذي الحجة، وقيل في شوال.
- حرف الميم -
119 - محمد بن أحمد بن حِصْن. الصالحي، العطار. روى عن: ابن طبرزد. حدث عنه: الدمياطي، وغيره. وتُوُفّي في هذه السنة. 120 - محمَّد بن الأمير خاصّ بك بن بزغش. الأجلّ، أبو عبد الله الشوباشي، المصري. وُلِد سنة أربع وسبعين، وسمع من: أبي الطاهر محمد بن بنان، وأبي الفضل الغزنوي، وجماعة. روى عنه: الشريف عز الدين، وغيره. وكان أبوه والي القاهرة مدة، تولاها هذا بعد أبيه قليلا وعزل. روى عنه عليّ بن عمر الواني سنة ثمان شعرة وسبعمائة جزء ' مسند صهيب ' للزعفراني. مات في ذي الحجة. وحدث عنه الدمياطي بحديث رواه عن يوسف بن الطفيل.

(48/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 153
121 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن مزيل بن نصر. أبو عبد الله القرشي المخزومي، المصري. روى عن: قاسم بن إبراهيم المقدسي، وأبي نزار ربيعة اليمني. ومات في جمادى الأولى. 122 - محمد بن المحدَّث أبي صادق عبد الحقّ بن هبة الله بن ظافر بن حمزة. أبو الفتح القضاعي، المصري، المؤذن الصوفي، المعروف بالزنبوري. وُلِد سنة ست وثمانين وخمسمائة. وسمع بإفادة أبيه من: البوصيري، والقاسم بن عساكر، وإسماعيل بن ياسين، وعبد الخالق بن فيروز، والعماد الكاتب، وأبي الحسن بن نجا الواعظ، وجماعة. وطلب بنفسه وأكثر وأفاد، خرج للشيوخ. روى عنه: الدمياطي، والتقي الإسعردي، والطلبة. وكان يقيم بمسجد زنبور فلهذا قيل له الزنبوري. تُوُفّي في منتصف ربيع الآخر، وآخر من حدث عنه يوسف الختني. 123 - محمد بن أبي المعالي عبد العزيز بن الواعظ أبي الحسن عليّ بن هبة الله بن خلدون. العدل، أبو عبد الله الدمشقي، الشافعي. روى عن: حنبل، وابن طبرزد. تُوُفّي في شوال. 124 - محمد بن محمد بن محمد بن عثمان.

(48/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 154
النظام، أبو عبد الله البلخي، ثم البغدادي، الحنفي، نزيل حلب. وُلِد ببغداد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وسافر إلى خراسان فتفقه بها. وسمع من: المؤيد الطوسي، ومحمد بن عبد الرحيم الفامي، وغيرهما. روى عنه: الدمياطي، وابن الظاهري، وولده عبد الوهاب بن البلخي، وتاج الدين صالح الجعبري، وبدر الدين محمد بن التوزي، وغيرهم. وحدث ' بصحيح مسلم ' عن المؤيد. وكان فقيها بارعا، مفتيا، بصيرا بالمذهب. دخل بخارى، وسمرقند، وسمع من: أبي بكر عمر بن أبي الفتح البخاري، ومحمد بن أحمد ابن أبي الخطاب السمرقندي. وسمع بخوارزم من: عبد الجليل بن إسماعيل. وبالري من: مسعود بن موجود الحنفي، وبحلب من: أبي عبد الله بن الزبيدي. ذكره الشريف في ' الوفيات '، وقال: تُوُفّي رحمه الله ليلة التاسع العشرين من جمادى الآخرة. 125 - محمد بن أبي بكر محمد بن عبد الله بن علوان بن عبد الله بن علوان بن عبد الله. الأجلّ، نجم الدين، أبو المكارم ابن الأستاذ الأسدي، الحلبي. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وحدث عن ابن طبرزد ' بالغيلانيّات '. وكان أديبا فاضلاً شاعراً. روى عنه: الدمياطي، وغيره. تُوُفّي في الخامس والعشرين من شوال.

(48/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 155
126 - محمد بن أبي بكر بن أحمد بن خَلَف. نور الدين، أبو عبد الله بن النور البلخي، ثم الدمشقي، المقرئ بالألحان. وُلِد بدمشق في سنة سبع وخمسين. وسمع في القاهرة من: التاج محمد بن عبد الرحمن المسعودي، والقاسم بن عساكر. وسمع بالإسكندرية في حياة السلفي من المطهر بن خلف الشحامي جزءا في ذي القعدة سنة خمس وسبعين عن وجيه الشحامي، وغيره. وسمع بالقاهرة بخانقاه سعيد السعداء في سنة 77 من منصور بن طاهر الدمشقي ' أربعي ' ابن ودعان الموضوعة، حدثه بها عن ابن المؤمل، عنه. وسمع بدمشق من: حنبل الرصافي، وأبي القاسم بن الحرستاني. واجتمع بأبي طاهر السلفي وأجاز له مروياته، وذكر أنه سمع منه. وهو صدوق مقبول القول، لكن لم يوجد له عنه شيء. وروى عنه الكثير بالإجازة. وخرج له جمال الدين محمد بن الصابوني جزءا من مشايخه. روى عنه: الدمياطي، وابن الظاهري، وأخوه إبراهيم، وجوزه مولاه البلخي، والشمس ابن الزراد، والمحيي ابن المقدسي إمام المشهد، والبدر محمد بن التوزي، والعماد محمد بن البالسي، والجمال علي بن الشاطبي، وآخرون. وروى عنه الحافظ عبد العظيم مع تقدمه. تُوُفّي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر، وله ست وتسعون سنة.

(48/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 156
قال أبو محمد الدمياطي: كان صالحا قديم السماع، وُلِد بدرب العجم. 127 - محمد بن يوسف بن أحمد. المحدث العالِم، أبو عبد الله الهاشمي، المالقي، المشهور بالطنجالي. حمل عنه أبو جعفر بن الزبير، وسمع بقراءته كثيرا على أبي الحسن الشاري. وله إجازة من أبي الخطاب بن واجب، وأبي عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الغرناطي ابن صاحب الأحكام. وكان رفيقا في الطلب لحُمَيّد القرطبي. قال ابن الزبير: كانا على سمت متقارب وصلاح تام وورع وزهد. مات الطنجالي في صفر سنة ثلاث. ومات حُمَيْد قبله بعام، رحمهما الله تعالى. 128 - المبارك بن مَزْيَد. البغدادي، الخواص. سمع ابن شاتيل. وتفرد بأجزاء. آخر من روى عنه بالإجازة أحمد الجزري. 129 - المبارك الحَبَشيّ. عتيق علي بن منصور الدمياطي الخراط. حدث بمصر عن: عبد المنعم بن كليب، وسماعه منه بقراءة ابن معتقه عبد السلام بن علي في سنة أربع وتسعين. روى عنه: الدمياطي، والمصريون. تُوُفّي في الخامس والعشرين من رجب، وقد جاوز التسعين. 130 - المُرْتَضَى.

(48/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 157
الشريف، أبو الفتوح، عز الدين بن أبي طالب أحمد بن محمد بن جعفر بن زيد بن جعفر بن أبي إبراهيم محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر الصادق بن محمد الباقر العلوي، الحسيني، الإسحاقي، الحلبي، نقيب الأشراف بحلب. وُلِد سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: النسابة أبي علي محمد بن أسعد الجواني، والافتخار الهاشمي، وأبي محمد بن علوان. وأجاز له يحيى الثقفي. وحدث بدمشق وحلب. وكان صدرا رئيسا وافر الحرمة. وهو الذي شَهَّر ابن العود على حمار بحلب لما سبّ الصحابة. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وروى عنه بالثغر: البرهان الغرافي. تُوُفّي فجأة في شوال بحلب. 131 - مسلّم بن بركات بن المسلّم. أبو البركات الحراني، المعروف بابن الرزيز الشروطي الشاهد. سمع من: أبي ياسر عبد الوهاب بن أبي حبة، وغيره. وسمع منه جماعة. وروى عن أبي موسى المديني بالإجازة. روى عنه: الدمياطي، وست النعم بنت نجم الدين ابن حمدان. 132 - مظفَّر بن محمود بن أحمد بن عساكر. أبو غالب الدمشقي، والد الحكيم بهاء الدين القاسم. حدّث عن: أبي القاسم الحرستاني. ومات كهلا في يوم عَرَفَة بعَرَفَة. وتوفيت زوجته بعده وهي بنت أبي الخوف، ودُفِنَا بمقبرة مكة.

(48/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 158

- حرف الياء -
133 - ياقوت. مولى سلام بن عبد الوهاب بن سلام ؛ أبو الدر الأرمني الدمشقي. سمع بالقاهرة مع مولاه من أبي يعقوب بن الطفيل. وحدَّث بدمشق. 134 - يوسف بن محمد بن إبراهيم. أبو الحجاج الأنصاري البياسي، الأديب. كان علامة إخباريا، لغويا بارعا في العربية وضروبها. وكان يحفظ ' الحماسة ' و ' ديوان أبي تمّام ' و ' ديوان المتنبّي ' و ' ديوان سقط الزّنْد ' للمعري، و ' السّبْع المعلّقات '. وله ' تاريخ على الحوادث ' في مجلدتين سماه ' كتاب الإعلام بالحروب الواقعة في صدر الإسلام ' إلى أيام الرشيد، وكتاب صنفه في مجلدتين قليل المثل سماه ' الحماسة ' صنفه بتونس وجوده، ونقل فيه أشعاراً فائقة، فمن ذلك قول الوأواء:
(بالله بالله عوجاً لي على سَكَني .......... وعاتباه لعلّ العتْب يعطفُه)

(وعرّضا بي وقُولا في حديثكما .......... ما بال عبدك بالهجران تَبْلغُه)

(فإنْ تبسّم قولا في مُلاطفةٍ .......... ما ضرّ لو بوِصالٍ منكِ تُسعفُه)

(وإنْ بدا لكما من مالكي غضب .......... فغالِطاهُ وقُولا ليس نَعرفُه)

(48/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 159
تُوُفّي البياسي بتونس في ذي القعدة، وقد جاوز الثمانين بيسير. وبياسة من الأندلس. 135 - يوسف بن أبي الحسن بن بركات. أبو العز الموصلي المعروف بابن الأعرج. تُوُفّي بسنجار في رمضان. يروي عن: عبد الله بن أبي المجد الحربي.
الكنى
136 - أبو بكر بن يوسف بن أبي الفَرَج بن يوسف بن هلال. المحدث المقرئ، ناصح الدين الحراني، الحنبلي المعروف بابن الزراد. وُلِد بحران سنة أربع عشرة وستمائة تقديرا، وقرأ القراءآت، وتفقه. وسمع بدمشق من: أبي عمرو بن الصلاح، وأبي الحسن السخاوي ؛ وبحلب من: ابن خليل، وابن رواحة، والطبقة. وأخذ القراءآت عن: الشيخ أبي عبد الله الفاسي، وغيره. وكتب الكثير، وخطه معروف، وكان ديّناً فاضلا. روى عنه الدمياطي في ' معجمه '، وكان رفيقه في الطلب. تُوُفّي بحلب في التاسع والعشرين من جمادى الأولى. 137 - أبو بكر بن أبي الفوارس ابن الأمير عَضُد الدوّلة مُرْهف ابن الأمير مؤيّد الدولة أسامة بن منُقذ الكِنانيّ، الكلبيّ. حسام الدين. من بيت الإمرة والفضيلة. وُلِد بالقاهرة سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. ومات في رمضان.

(48/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 160
روى عن: جده العضد من شِعره. 138 - أبو محمد بن عليّ بن عبد الرحمن. الخطيب مجدُ الدين الإخميمي، خطيب جامع مصر. صحب أبا الحسن مرتضى بن أبي الجود، وأبا العباس بن القسطلاني. وكان صالحا، عالما، مشهورا بالديانة، وله القبول التام من الناس. وكان حسن السمت، كريم الأخلاق، ساعيا في حوائج الناس، تام المروءة، كثير النفع للمسلمين، وقبره يُزار بالقرافة، رحمه الله. تُوُفّي في ذي القعدة. 139 - الأمين أبو سعد التفليسي. التاجر. أحد المتمولين. تُوُفّي غريباً بعكا. وكان قد استفك بها خمسين أسيرا فجاءوا حول تابوته إلى دمشق. ودُفِن بتربته بالجبل. * * * وفيها وُلد: العلامة كمال الدين أحمد بن الشيخ جمال الدين أبي بكر محمد بن أحمد البكري، الشريشي في رمضان بسنجار ؛ والقاضي شمس الدين محمد بن عثمان الحريري في صفر ؛ والقاضي إمام الدين عمر بن عبد الرحمن بن عمر القزويني بتبريز ؛ وشرف الدين أحمد بن فخر الدين سليمان بن عماد الدين ابن الشيرجي ؛ وتقي الدين أبو بكر بن شرف الصالحي الصوفي ؛ وأبو العباس أحمد بن المحب عبد الله بن أحمد في ربيع الأول ؛

(48/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 161
وأبو المجد عبد السّلام بن عبد العزيز بن الشّيخ مجد الدّين ابن تيمية بحران ؛ وأبو الهدى أحمد بن الشيخ شهاب الدين أبي شامة ؛ وبهاء الدين علي بن عز الدين عيسى بن الشيرجي ؛ وإبراهيم بن الشمس إبراهيم بن أبي بكر الجزري ثم الدمشقي التاجر، ابن الفاشوشة ؛ والتاج فايد الكاتب ؛ والأمين أحمد بن محمد بن تاج الدين علي بن القسطلاني، بمصر ؛ ومحمد بن مقلد بن الغساني بغسانة من أعمال مصر ؛ وصدر الدين محمد بن أبي بكر بن محمد بن البوري القرشي، بمصر، سمع هو والذي قبله من النجيب. والملك الكامل محمد بن عبد الملك بن إسماعيل الأيوبي بطريق الحج ؛ والشيخ كمال الدين عبد الوهاب ابن قاضي شهبة في شوال ؛ وقاضي صرخد شهاب الدين أحمد بن القاضي فخر الدين عثمان بن أحمد الزرعي ؛ وأحمد بن منصور بن صارم الدمياطي ؛ والشيخ زين الدين عمر بن أبي الخير الكناني الشافعي ؛ والشمس محمد بن عمر بن الياس الرهاوي في صفر ؛ والشهاب أحمد بن عمر بن زهير الزرعي، سمع من جده ؛ ورُكن الدين محمد بن المجد عبد الله الإربلي بحلب في ربيع الآخر ؛ وإسحاق بن محمد بن أبي العجائز الزجاج.

(48/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 162

سنة أربع وخمسين وستمائة

- حرف الألف -
140 - أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن عمر. أبو العباس القرشي، الإسكندراني، المؤدب. قرأ القراءآت على منصور بن خميس. وسمع من: محمد بن محمد الكركنتي. وحدَّث. تُوُفّي في المحرم. 141 - إبراهيم بن أدنبا. الأمير مجاهد الدين الصوابي، أمير جاندار الملك الصالح نجم الدين أيوب. كان من كبار الأمراء، وقد ولي ولاية دمشق. وله شِعْرُ وسط.

(48/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 163
142 - إبراهيم ابن الأمير عزّ الدّين أَيْبَك. مظفر الدين، ابن صاحب صرخد المعظمي. تُوُفّي فيها ودُفن بتربة أبيه التي على الشرف. 143 - إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن وثيق. أبو إسحاق الأموي، الإشبيلي، المقرئ المجود. ولد تُوُفّي قبل السبعين وخمسمائة. وذكر أنه قرأ بالروايات السبع على جماعة من سنة بضع وتسعين بالأندلس. ورأيت له مصنفا في التجويد والمخارج يدل على تبحره. وقال: قرأت كتاب ' الكافي ' لابن شريح سنة ست وتسعين على مشايخي بإشبيلية: أبي الحسين حبيب بن محمد بن حبيب الحميري، والخطيب أبي الحكم عبد الرحمن بن محمد بن عمرو بن أحمد بن محمد بن حجاج اللخمي، وأبي العباس أحمد بن مقدام الرعيني. وتلوت عليهم بالروايات، وعلى: أبي الحسن خالص بن التراب، وهو أول من قرأت عليه.

(48/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 164
قالوا: قرأنا على شريح بن محمد بن شريح الرعيني، عن أبيه، رحمه الله. وقال ابن وثيق: أنبا بكتاب ' التيسير ' أبو عبد الله بن زرقون إجازة عن أحمد بن محمد الخولاني إجازة، يعني من المصنف، كذلك. وكان ابن وثيق ينتقل في البلاد، قد أقرأ بالموصل، والشام، ومصر. أخذ عنه القراءآت: الأستاذ عماد الدين بن أبي زهران الموصلي، وأبو الحسن علي بن ظهير الكفني، وغيرهما. وروى عنه: الشيخ محمد بن جوهر التلعفري، والنفيس إسماعيل بن صدقة، وأبو عبد الله محمد بن علي بن زبير الجيلي، وغيرهم. وبقي إلى هذا الوقت. تُوُفّي في هذه السنة أو قبلها أو بعدها بيسير. وممن قرأ عليه شيخنا الفخر عثمان التوري، نزيل مكة، وكان عَلِيّ الإسناد في القراءآت. وُلِد بإشبيلية وتُوُفّي بديار مصر بالإسكندرية في رابع ربيع الآخر. وتلا ابن وثيق أيضا بالروايات على أبي العباس أحمد بن منذر بن جهور، وأخبره أنه قرأ على أبي عبد الله محمد بن خلف، وابن صاف أجل أصحاب شريح. 144 - إسماعيل بن عبد المجيد بن علاّش. الفقيه أبو الطاهر المالكي، المتكلم. قال الشريف: تُوُفّي في ثامن عشر شوال بالإسكندرية، وكان أحد المتصدرين بها. سمع كثيرا من: أبي عبد الله محمد بن محمد بن محارب.

(48/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 165

- حرف الباء -
145 - بدر الدّين المراغيّ. شيخ خانقاه الطاحون بدمشق. وقع به السلم من أعلى الخانقاه إلى الوادي فهلك في ذي الحجة. وقال أبو شامة: كان فقيها صالحا، تولى العقود مدة، ثم قضاء وادي بَرَدَى، ثم لزم الخانقاه، رحمه الله. 146 - بشارة الشَّبْليّ. الحسامي، الكاتب. مولى شِبْل الدولة، صاحب المدرسة والخانكاه عند ثورا. سمع بشارة مع مولاه من: حنبل، وعمر بن طبرزد، وغيرهما. روى عنه: الدمياطي، والأبيوردي، وجماعة. وهو رومي الجنس، وهو جد صاحبنا شرف الدين. تُوُفّي في نصف رمضان.
- حرف السين -
147 - سُنْقُر. أبو المكارم التركي، عتيق القاضي الأشرف أحمد ابن القاضي الفاضل. سمع الكثير ببغداد من: أبي علي بن الجواليقي، وعبد السلام الداهري

(48/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 166
وبدمشق من: أبي القاسم بن صَصْرَى. وبمصر من جماعة. وحدث بمصر.
- حرف العين -
148 - عامر بن حسّان بن عامر بن فتيان بن حمّود. المحدث أبو السرايا القيسي الأجدابي، الإسكندراين المالكي، الصواف المعروف بابن الوتار. ولِد في حدود التسعين وخمسمائة. وسمع من: عبد المجيب بن عبد الله بن زهير، والمطهر بن أبي بكر البيهقي، وعلي بن المفضل الحافظ، فمن بعدهم. وكتب الكثير وعُنِي بالحديث. وكان مفيد الإسكندري في وقته. وكان ثقة، صالحا فاضلا. روى عنه: الدمياطي، وجماعة. ومات في ذي القعدة كهلا. ودُفن بين المُنْياوَيْن. 149 - عبد الله بن أبي المجد الحسين بن أبي السعادات الحسن بن عليّ بن عبد الباقي بن محاسن. الشيخ عماد الدين، أبو بكر الأنصاري، الدمشقي الأصم، المعروف بابن النحاس.

(48/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 167
وُلِد في المحرم سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة بمصر، ونشأ بدمشق فسمع بها من القاضي أبي سعد بن أبي عَصْرُون، وهو آخر من حدث عنه. ومن: ابن صدقة الحراني، والفضل بن الحسين البانياسي، ويحيى بن محمود الثقفي، وإسماعيل الجنزوي، وأحمد بن حمزة ابن الموازيني، وعبد الرحمن بن الحسين بن عبدان، وست الكتبة. وسمع بإصبهان من: أحمد بن أبي نصر بن الصباغ، وعليّ بن منصور الثقفي، ومحمد بن مكي الحنبلي. وبنيسابور من: المؤيد الطوسي، ومنصور الفراوي، وغيرهما. وبحلب من: الإفتخار الهاشمي. روى عنه: الزكي البزرالي مع تقدمه، وأبو محمد الدمياطي، والشمس بن الزراد، والكمال محمد بن النحاس الكاتب، والجمال عليّ بن الشاطبي، والبدر محمد بن التوزي. وكان ثقة، صالحاً، فاضلاً، جليل القدر. حدث له صمم فكان يحدث من لفظه. وخرج له أبو حامد الصابوني جزءاً. ومات في الثاني والعشرين من صفر. وكان فاضلا عالما صالحا، له ملك يكفيه. 150 - عبد الله بن محمد بن شاهاوَرْ بن أنوشروان بن أبي النّجيب. الأسدي، الرازي، نجم الدين، أبو بكر، شيخ الطريقة والحقيقة. كان كبير الشأن، من أصحاب الأحوال والمقامات. أكثر الترحال إلى الحجاز، ومصر، والشام، والعراق، والروم، وأذربيجان، وأرّان، وخُراسان، وخُوارزْم.

(48/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 168
وُلِد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وأول رحلته سنة تسع وتسعين. وسمع: عبد المعز الهروي، ومنصور بن الفراوي، وأبا الجناب أحمد بن عمر الخبوقي، والمؤيد الطوسي، ومسمار بن العُوَيْس، وأبا رشيد محمد بن أبي بكر الغزال، وأبا بكر عبد الله بن إبراهيم بن عبد الملك الشحادي، وجماعة سواهم. روى عنه: داود بن شهملك الليري، ومحيي الدين محمد شاه الغزالي، وشمس الدين محمد بن حسن الساوجي، وكهف الدين إسماعيل بن عثمان القصري، وإمام الدين عبد الله بن داود بن معمر بن الفاخر، والحافظ شرف الدين الدمياطي، والشيخ محمد بن محمد الكنجي، وقطب الدين ابن القسطلاني. وتُوُفّي ببغداد في سادس شوال سنة أربع وخمسين وستمائة، ودُفِن بالشونيزية. أنبأني بأكثر هذا الفرضي، وأما الدمياطي فقال: تُوُفّي في أول عام ستة وخمسين، فيحرر هذا. 151 - عبد الباقي بن حسن بن عبد الباقي بن أبي القاسم. أبو ذر الصقلي، ثم المصري، المعروف بابن الباجي. سمع من: العماد الكاتب، وغيره. وحضر إسماعيل بن ياسين، وحدث. وكان أبوه من الطلبة المشهورين. 152 - عبد الرحمن بن إبراهيم بن هبة الله بن إسماعيل بن نبهان. الفقيه، أبو البركات، الحموي، الشافعي المعروف بابن المقنشع. وُلِد سنة أربع وسبعين وخمسمائة. ورحل إلى بغداد، وتفقه بها. وسمع من: أبي أحمد عبد الوهاب بن سُكَيْنَة، ويحيى بن الربيع الفقيه. وسمع بالموصل من: أحمد بن عبد الله بن الطوسي.

(48/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 169
وأجاز له أبو طاهر السلفي. وحدث بدمشق ومصر، وهو أخو القاضي أبي القاسم قاضي حماة. تُوُفّي بحمص في جمادى الأولى. 153 - عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن حفاظ. الشيخ زكي الدين، أبو محمد السلمي، الدمشقي، المعروف بابن الفويرة. وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة تقريبا. وحدث عن: أبي اليمن الكندي. وكان من المعدلين بدمشق. تُوُفّي فجأة ليلة منتصف ربيع الآخر. وكان إبنه بدر الدين من أعيان الحنفية. 154 - عبد الرحمن بن نوح بن محمد. الإمام شمس الدين التركماني، المقدسي الشافعي، المفتي، صاحب الشيخ تقي الدين ابن صلاح. كان فقيها مجودا، بصيرا بالمذهب، مدرسا. ولي تدريس الرواحية. وتفقه عليه جماعة. وسمع من: الحسين ابن الزبيدي، والمتأخرين.

(48/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 170
وروى شيئا يسيرا. وهو والد ناصر الدين ابن المقدسي الذي شنقوه في الدولة المنصورية، ووالد شيخنا بهاء الدين. تُوُفّي في ربيع الآخر عن نحو سبعين سنة. ونزل في آخر وقت عن نظر الرواحية وتدريسها لابنه، ولم يكن بأهل. 155 - عبد الرحيم بن أحمد بن الحسين بن كتائب. أبو المعالي ابن القناري، القرشي البعلبكي، العدل. وُلِد بدمشق سنة تسعين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وحنبل، وابن طبرزد. وحدث. روى عنه: الدمياطي، والفخر إسماعيل بن عساكر، والبدر محمد بن التوزي، والعماد بن البالسي، وجماعة. وكان من عُدُول بعلبك. وكان أبوه من عُدُول دمشق. والقناري بالفتح. تُوُفّي في سادس رمضان. 156 - عبد الصمد بن عبد القادر بن أبي الحسن. أبو محمد الأنصاري، المصري، الدقاق. وُلِد سنة أربع وسبعين بمصر. وسمع بدمشق من: الخشوعي. وحدث. تُوُفّي في جمادى الأولى. 157 - عبد العزيز بن عبد الرحمن بن أحمد بن هبة الله بن أحمد.

(48/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 171
أبو بكر بن قرناص الحموي. تُوُفّي بحماة في ذي القعدة. وقد حدّث بشيء من شِعْره. وهو من بيت مشهور. 158 - عبد العزيز بن عبد الغفّار بن أبي التّمام. هبة الله أبو محمد بن الحبوبي الدمشقي. حدث عن: عبد العزيز بن الأخضر. وتُوُفّي في ذي الحجة، ولم يرو عنهم الدمياطي. 159 - عبد العظيم بن عبد الواحد بن ظافر بن عبد الله بن محمد

(48/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 172
الأديب أبو محمد بن أبي الإصبع العدواني المصري. الشاعر المشهور، الإمام في الأدب. له تصانيف حسنة في الأدب، وشِعر رائق. وعاش نيِّفاص وستين سنة. وتُوُفّي بمصر في الثالث والعشرين من شوال. ومن شعره ورواه عنه الدمياطي:
(تصدَّقْ بوصلٍ إنَّ دمعيَ سائلُ .......... وزَوِّدْ فؤادي نظرةً فَهْوَ راحِلُ)

(أيا ثمراً من شمس وجنته لنا .......... وخط عِذَارَيْه الضُّحَى والأصائلُ)

(تنقلت من طرف إلى القلب في النوى .......... وهانتك للبدر التمام منازلُ)

(48/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 173

(إذا ذكرت عيناك للصّبّ درسها .......... من السّحر قامت بالدلال دلائل)

(جعلتُك بالتّمييزُ نُصْباً لناظري .......... فلم لا رفعتَ الهجرَ والهجرُ فاعِلُ)

(غدا القَدُّ غصناً منك يَعْطفهُ الصِّبا .......... فلا غَرْوَ إنْ هاجتْ عليه البلابلُ)
160 - عليّ بن محمد بن عُلَوِيّة. الزاهد القدوة، نزيل المحمدية من أعمال الصلح بواسط. له كرامات. 161 - عليّ بن يوسف بن أبي الحسن بن أبي المعالي. أبو الحسن الصوري، الدمشقي. وُلِد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. ورحل للتجارة فسمع بنيسابور من: المؤيد بن محمد الطوسي، وزينب الشعرية، والقاسم بن الصفار. وحدث بمصر ودمشق. وكان شيخا حسنا، له صدقة ومعروف. روى عنه: القاضي تقي الدين سليمان، والفخر ابن عساكر، وحمزة بن عبد الله المقدسي، والشَّرّف عبد الله بن الشيخ، وعلي بن إبراهيم المعري، وآخرون. وتُوُفّي في الثامن والعشرين من المحرم.

(48/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 174
162 - عمر. سراج الدين النهر فضلي، قاضي القضاة بالعراق. ذكره ابن أنجب. 163 - عمر بن محمد بن أبي القاسم الحسين بن أبي يَعْلَى حمزة بن الحسين. أبو حفص القضاعي، البهراني، الحموي، الشافعي. سمع من جده لأمه العدل أبي محمد عبد الوهاب بن علي القرشي وهو ابن صفية. روى عنه: الدمياطي. وتُوُفّي بحماة في ثاني شوال، وقد قارب الثمانين. 164 - عيسى بن أحمد بن إلياس بن أحمد. اليونيني الزاهد، صاحب الشيخ عبد الله اليونيني. كان زاهدا، عابدا، صواما، قواما، قانتا لله، حنيفا متواضعا لطيفا، كبير القدر، منقطع القرين. صحب الشيخ مدة طويلة. وكان من أجل أصحابه. لم يشتغل بشيء سائر عمره إلا بالعبادة ومطالعة كتب الرقائق، ولم يتزوج قط، لكنه عقد عقداً على عجوز كانت تخدمه. وكان يعامل الأكابر إذا زاروه بما يعامل به آحاد الناس. وقد زاره البادرائيّ رسول الخليفة فوصل إلى يُونين وأتى الزاوية، فلما صلّى الشيخ المغرب قام ليدخل إلى خلوته فعارضه بعض أصحابه وقال: يا سيدي هذا الرجل مجتاز وقد قصد زيارتك. فجاء البادرائي وسلم عليه وسأله الدعاء، وأخذ في محادثته، فقال الشيخ: رحِم الله من زار وخفف. وتركه ودخل.

(48/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 175
وكان يستحضر كثيرا من مطالعته لكتب الرقائق، وكان يكتب أوراقا بشفاعات فيسارع أولوا الأمر إلى امتثالها. وكان مع لُطْف أخلاقه ذا هيبة شديدة. وقد سرد الصوم أكثر من أربعين سنة. وكان لا يمشي إلى أحدٍ أبداً. وكان يقال له: سلاّب الأحوال، لأنه ما ورد عليه أحد من أرباب القلوب فسلك غير الأدب إلا سلبه حاله. قال الشيخ قطب الدين موسى بن الفقيه في ' تاريخه ': له كرامات ظاهرة، ولقد سلب جماعة من الفقراء أحوالهم. وكان والدي - رحمه الله - إذا خرج إلى يونين طلع إلى زاويته من بكرة، ويدخلان إلى الخلوة، فلا يزالان كذلك إلى الظهر. وكان بينهما وداد عظيم واتحاد ومحاببة في الله. وفي هذه السنة كان والدي يأمرني في كل وقت بقصد زيارته، فكنت بعد كلْ أيام أتردد إليه. قال: وأخبر الشيخ عيسى قبل موته بمدة أن مُلْكَ بني أيوب يزول ويملك بعدهم التُّرْك ويفتحون السّاحل بأسره. قال: وحكى بعضهم أنه توجه إلى طرابلس فوجد أسيراً فعرفه فقال له: لا تتخلى عني واشترني وأنا أعطيك ثمني حال وصولي إلى قريتي قرية رُعْبان. قال فاشتريته بستين ديناراً وجئت معه، فلم أجد له ولا لأولاده تلك الليلة عشاء، فندمت، فقال لي أهل القرية: نحن أيام البَيْدر نجمع لك ثمنه، فضاق صدري. فاتفق أني جئت إلى يونين فرأيت الشيخ عيسى ولم أكن رأيته قبل ذلك، فحين رآني قال: أنت الذي اشتريت الحاج سهل؟ قلت: نعم. فأعطاني شيئاً، فإذا ورقة ثقيلة. ففتحتها فإذا فيها الستين ديناراً التي وزنتها بعينها، فتحيرت وأخذتها وانصرفت. قال قطب الدين: وشكوا إليه التفاح وأمر الدودة، وسألوه كتابة حرز، فأعطاهم ورقة فشمعوها وعلقوها على شجرة، فزالت الدودة عن الوادي بأسره، وأخصبت أشجار التفاح بعد يبسها وحملت. وبقوا على ذلك سنين في حياة الشيخ وبعد موته. ثم خشوا من ضياع الحرز ففتحوه لينسخوه، فوجدوه

(48/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 176
قطعة من كتاب ورد على الشيخ من حماة، فندموا على فتحه، ثم شمعوه وعلقوه فما نفع، وركبت الدودة الأشجار. قال: وأراد بعض الناس بناء حمام بيونين وحصل الاهتمام بذلك، فقال الشيخ: هذا لا تفعلوه. فما وسِعَهم خلافه، فلما خرجوا قال بعضهم: كيف نعمل بالآلات؟ فقال رفيقه: نصبر حتى يموت الشيخ. فطلبهما إليه وقال: قلتم كذا وكذا، وهذا ما يصير وما تُعمّر في هذه القرية حمّام. وقد أراد نائبا الشام التُّجِيبيّ وعز الدين أيدُمُر بناء حمام بيونين فلم يقدر لهما. وقال خطيب زملكا في ترجمة الشيخ عيسى: سمعت شيخنا شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر يقول: كان الشيخ عيسى صاحب مطالعة في الكتب. قال: وحدثني عبد الرحمن بن إسماعيل قال: كان الشيخ عيسى يكون نظره على خبز يابس، وما عاب طعاما، وما لبس طول عمره سوى ثوب وعباءة وقلنسوة ما زاد عليها. وورد إلى زيارته البادرائي فخرج إليه وصافحه، ودخل وأغلق الباب، فنادى فلم يرد عليه، وقال: ما رأيت شيخا مثل هذا، أو قال: هذا هو الشيخ. وأخبرني الشيخ إسرائيل بن إبراهيم قال: كنت أخدم الشيخ عبد الله بن عبد العزيز في يُونين، وكان المشايخ والفقراء يزورونه من كل مكان، والشيخ عيسى ما يجيء إليه أحد، فخطر ببالي هذا، فبينا أنا عند الشيخ عبد الله وما عندنا أحد وقد خطر لي هذا إذ أخذ بأُذُني وقال: يا إسرائيل تأدَّب، الشيخ عيسى قد حصل له الحق أيش يعمل بي أنا. قال: فبادرت وطلعتُ إلى الشيخ عيسى، فلما رآني دق بإصبعه على أنفي، وكان إذا مزح مع أحد دق بإصبعه على أنفه، أو ما هذا معناه. وأخبرني محمد بن الشيخ عثمان بدَيْر ناعس قال: خرجت صحبة والدي إلى زيارة الفقيه إلى بعلبك، وكان يومئذ بيُونين، فأتيناها وسلمنا عليه، وجلس والدي، فقال له الشيخ الفقيه: ما تزور الشيخ عيسى وعليَّ الضمان. فقام والدي وأنا معه، فلما رآه الشيخ عيسى وقف ووقف والدي من بعد الظُّهر إلى

(48/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 177
قريب العصر، ثم خطا الشيخ عيسى وجاء إلى والدي فتعانقا وجلسا. فلما رجع والدي إلى عند الشيخ الفقيه قال له: ما أوفيتَ الضمان. قال: فسأل الفقراء والدي عن هذا فقال: كان لي ثلاثة وعشرون سنة حردان على الشيخ عيسى لكونه إذا جاء إليه صاحب حال يسلبه حاله، فلما رأيته وقف طويلا ورجع عما كان فيه. قال: وأخبرني الفقيه عبد الولي بن عبد الرحمن الخطيب قال: لما دخل الخوارزمية جاء وال لهم إلى يونين، وطلب من الفلاحين شيئا ما لهم به قوة، فشكا الفلاحون الشيخ عيسى. فاتفق أن الوالي طلع إلى عند الشيخ فقال له: ارفِقْ فهؤلاء فقراء. فقال: ما إلى هذا سبيل. قال: وبقي الشيخ يردد عليه ويقول ما إلى هذا سبيل، فنظر إليه وأطال النظر، وإذا به قد خبط الأرض وازْبَدَ ساعةً، فلما أفاق انكب على رِجِل الشيخ واعتذر ونزل، فقال للخوارزمية: من أراد أن يموت يطلع إلى القرية. أو ما هذا معناه. قال: وأخبرني الشيخ إسرائيل بن إبراهيم: ثنا الشيخ عيسى اليُونينيّ قال: طلعت صحبة عمي الشيخ عبد الخالق اليونيني - قلت: وقد تُوُفّي عبد الخالق سنة سبع عشرة وستمائة - إلى جبل لبنان، وكان ثم بركة كبيرة، فجلسنا عندها وبقربها حشيش له قرمية حلوة، فقال لي عمي: اجلس ههنا، وإذا جُعْتَ كُلْ من هذه الحشيش. قال: فإذا بأسد كبير قد استقبله، فخفت عليه وبقيت أقول: يا عمي يا عمي، وكان هناك قرمية شجرة فصعد عليها عمي وركب الأسد ثم سار به حتى غاب عني، فبقيت هناك يومين فلما كان اليوم الثالث إذا بعمي قد أقبل راكبا الأسد، فنزل على تلك القرمية ومضى الأسد. وقال الشيخ قطب الدين موسى: مرض الشيخ عيسى في أواخر شوال، وبقي أياما وأهل بعلبك يترددون إلى زيارته ويغتنمون بركته، ولما وصل خبر

(48/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 178
موته إلى بعلبك لم يبق في البلد إلا القليل خرجوا ليشهدوه، فكانوا منتشرين من البلد إلى يُونين، والمسافة فوق فرسخين. وحصل لوالدي من الحُزْن والوجوم لموته لا رأيته حصل له بموت غيره. ودُفِن إلى جانب عمه عبد الخالق. وتُوُفّي في رابع ذي القعدة ودُفِن بزاويته. 165 - عيسى بن طاهر بن نصر الله بن جهبل. أبو القاسم الحلبي، العدل، الحاسب. حدث عن: القاسم بن عساكر. وكان بارعا في الحساب والفرائض. روى عنه: الدمياطي، وغيره. تُوُفّي رحمه الله في غُرّة رمضان. 166 - عيسى بن موسى بن أبي بكر. أبو الروح الصقلي، ثم الدمشقي، المقرئ الحنفي. حدث عن: الكندي. ومات في تاسع ذي القعدة.
- حرف القاف -
167 - قلاون. أبو سعيد التُّركيّ، المُعَظَّميّ. حدَّث عن حنبل. ومات في شوال.
- حرف الكاف -
168 - كافور الحَبَشيّ. الطواشي، مولى الملك الأمجد بن الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين.

(48/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 179
روى عن: حنبل، وابن طبرزد. وهو من شيوخ الدمياطي.
- حرف الميم -
169 - محمد بن أبي المكارم أحمد بن عبد الواحد بن عبد السّلام. الأموي، الإسكندراني، المؤدب، المعروف بابن النحوي. روى عن: عبد الواحد بن موقا. وعنه: الدمياطي، وغيره. 170 - محمد بن الحسن بن عبد السّلام بن عتيق بن محمد. العدل، شرف الدين، أبو بكر التميمي، السفاقسي، ثم الإسكندراني، المالكي، المعروف بابن المقدسية لأنه ابن أخت الحافظ أبي الحسن بن المفضل المقدسي. وُلِد في المحرم سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وحضر عند أبي طاهر السلفي سماع ' المسلسل ' بالأولية، ولم يظهر له عنه سواه. وحضوره له وهو في أوائل السنة الثالثة. وأجاز له: هو، وبدر الخداداذي، وظافر بن عطية النحاس، وأبو الطاهر إسماعيل بن عوف الفقيه، وأبو طالب أحمد بن المسلم التنوخي. وسمع من: أبي الفضل أحمد بن عبد الرحمن الحضرمي في سنة أربع وثمانين. وسمع بمصر من: البوصيري ؛ وبمكة من: القاسم ابن عساكر.

(48/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 180
وخرّج له منصور بن سليم الحافظ ' مشيخة '. روى عنه: عبد الرحيم بن عثمان بن عوف، والشرف محمد، والوجيه عبد الوهاب إبنا عبد الرحمن الشقيري، والفخر محمد، والجلال يحيى إبنا محمد بن الحسين بن عبد السلام السفاقسي، والحافظ الدمياطي، وآخرون. وقد ناب في القضاء بالإسكندرية مدة. قاله الشريف عز الدين. وقال غيره: لا نعرف ذلك. تُوُفّي في ثالث جمادى الأولى ؛ وهو آخر من روى حضوراً عن السلفي. 171 - محمد بن الفضل بن عقيل بن عثمان بن عبد القاهر بن الرّبيع بن سليمان بن حمزة. أبو طالب الهاشمي، العباسي الصالحي، من ولد الأمير صالح بن علي. حدّث عن: الخشوعي، وأبي جعفر القرطبي، وعبد الخالق بن فيروز، وغيرهم. روى عنه: الدمياطي، والشمس الكنجي، والعماد بن البالسي، وغيرهم. وكان من شهود تحت الساعة. حج غير مرة. ومات في سادس عشر جمادى الآخرة، رحمه الله تعالى. 172 - محمد بن يونس بن بدران بن فيروز بن صاعد بن غالي. القاضي أبو حامد ابن قاضي القُضاة جمال الدين أبي الفضائل القرشي السيبي المصري، ثم الدمشقي الشافعي. وُلِد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. وسمع حضورا من الخشوعي. وسمع من: حنبل، والكندي.

(48/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 181
وتفقه ودرس، وحكم بدمشق نيابةً عن أبيه الجمال المصري، ودرّس بالشامية. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وتُوُفّي في نصف رجب. 173 - المبارك بن أبي بكر بن حَمْدان بن أحمد بن علوان. واسم أبي بكر أحمد. المؤرخ الأديب كمال الدين أبو البركات بن الشعار الموصلي، مصنف كتاب ' عقود الجمان في شِعر أهل الزمان '.

(48/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 182
سمع من: يعقوب بن صابر المنجنيقي ؛ ومن غيره. وهو من شيوخ الدمياطي. وتاريخه موجود بالسميساطية. وتُوُفّي في سابع جمادى الآخرة بحلب، وله إحدى وستون سنة.
- حرف الياء -
174 - ياقوت الطُّوَاشيّ. افتخار الدين الحبشي، العزي المسعودي، أبو الدر الخادم. سمع الكثير بالشام، والحجاز، ومصر، واجتهد وحصّل الأموال والكتب ووقفها. وسمع من: القاضي بهاء الدين يوسف بن شداد، وأبي الحسن بن الرماح، وجماعة. تُوُفّي بالمدينة النبوية. 175 - يعقوب. الأمير مجير الدين ابن السلطان الملك العادل أبي بكر بن أيوب الأيوبي. ويلقب بالملك المعز. وهو بمجير الدين أشهر. سمع من: عمر بن أبي السعادات بن صرما. وأجاز له: أبو روح عبد المعز الهروي، والمؤيد الطوسي

(48/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 183
روى عنه الدمياطي وقال: خرّجت له مشيخة لأنه طلب مني ذلك. وتُوُفّي في ذي القعدة بدمشق. قلت: صلّى عليه نجم الدين البادرائي، ودُفِن عند والده بالتربة، وعمل السلطان عزاءه. 176 - يوسف بن قُزْغْلي بن عبد الله. الإمام، الواعظ، المؤرخ شمس الدين، أبو المظفر التركي، ثم البغدادي العوني الحنفي. سِبْط الإمام جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي ؛ نزيل دمشق. وُلِد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.

(48/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 184
وسمع من: جدّه، وعبد المنعم بن كُلَيْب، وعبد الله بن أبي المجد الحربي. وبالموصل من: أبي طاهر أحمد، وعبد المحسن إبني الخطيب عبد الله بن أحمد الطوسي. وبدمشق من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وأبي عمر بن قدامة، وغيرهم. روى عنه: المعز عبد الحافظ الشروطي، والزين عبد الرحمن بن عُبَيْد، والنجم موسى الشقراوي، والعز أبو بكر بن عباس بن الشائب، والشمس محمد بن الزراد، والعماد محمد بن البالسي، وجماعة. وكان إماما، فقيها، واعظا، وحيدا في الوعظ، علاّمةً في التاريخ والسير، وافر الحرمة، محبباً إلى الناس، حُلْوَ الوعظ، لطيف الشمائل، صاحب قبول تام. قدم دمشق وهو ابن نيّفٍ وعشرين سنة، فأقام بها ونفق على أهلها، وأقبل عليه أولاد الملك العادل. وصنف في الوعظ والتاريخ وغير ذلك. وكان والده من موالي الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة. وقد روى عنه الدمياطي، عن عبد الرحمن بن أبي حامد بن عصية وقال: تُوُفّي في الحادي والعشرين من ذي الحجة. قال أبو شامة: تُوُفّي بمنزله في الجبل، وحضر جنازته خلق، السلطان فمن دونه. وكنت مريضا. قال: ودرّس بالشبلية مدة، وبالمدرسة البدرية التي قبالة الشبلية. وكان فاضلا عالما، ظريفا، منقطعا، منكرا، على أرباب الدول ما هم عليه من المنكرات، متواضعا. كان يركب الحمار وينزل إلى مدرسته العزية. وكان مقتصرا في لباسه، مواظباً للتصنيف والاشتغال، منصفا لأهل القضاء، مبايناً لأولي الخبرية

(48/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 185
والجهل، يأتي إليه الملوك زائرين وقاصدين. وفي طول زمانه في جاهٍ عريضٍ عند الملوك والعامة. وكان مجلسه مطربا، وصوته طيبا، رحمه الله. قلت: وحدثونا أن ابن الصلاح، رحمه الله، أراد أن يعظ، فقال له الملك الأشرف: لا تفعل، فإنك لا تقدر أن تكون مثل شمس الدين ابن الجوزي، ودونه فما يُرضى لك. فترك الوعظ بعد أن كان قد تهيّأ له. وقال عمر بن الحاجب: كان بارعا في الوعظ، كيِّس الإيراد، له صِيت في البلاد، وله يدٌ في الفقه واللغة العربية. وكان حُلْو الشمائل، كثير المحفوظ، فصيحا، حسن الصوت، يُنشيء الخطب ويحب الصالحين والعزلة، وفيه مروءة ودِين. وكان يجلس يوم السبت ويبسط الناس لهم من بُكرة الجمعة حتى يحصل للشخص موضع، ويحضره الأئمة والأمناء. ويقع كلامه في القلوب. قرأ الأدب على أبي البقاء، والفقه على الحصيري، ولبس الخرقة من عبد الوهاب ابن سُكَيْنَة. وحظي عند الملك المعظم إلى غاية. وكان حنبليا فانتقل حنفيا للدنيا وورع وبرع وأفتى. وصنف ' مناصب أبي حنيفة ' في مجلد، و ' معادن الإبريز في التفسير ' تسعة وعشرين مجلدا، و ' شرح الجامع الكبير ' في مجلدين. قلت: ويُقال في أبيه زُغْلي بحذف القاف. وقد اختصر شيخنا قطب الدين اليُونينيّ تاريخه المسمى و ' مرآة الزمان '، وذيّل عليه إلى وقتنا هذا.

(48/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 186

الكنى
177 - أبو الحسن بن يوسف بن أبي الفوارس. القيمري، الأمير. تقدم في حرف السين من السنة الماضية، وعرفناه بلقبه وهو الأمير الكبير سيف الدين الذي وقف المارستان بالجبل والتربة التي هي شماليه. تُوُفّي في شعبان من هذه السنة، كذا ذكره بعض المؤرخين، فالله أعلم. * * * وفيها وُلِد: الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن الكلبي المري، بحلب في ربيع الأول ؛ والعلاّمة أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي النحوي، في شوال ؛ والفقيه الصالح أبو الحسن علي بن إبراهيم الدمشقي ابن العطار، في ذي القعدة ؛ والقاضي عِزّ الدين عبد العزيز بن القاضي محيي الدين ابن الزكي القرشي ؛ والقاضي زين الدين عبد الله بن محمد الأنصاري ابن قاضي الخليل الشافعي، قاضي حلب ؛ وأحمد بن يوسف الدمانيسيّ، ثم الدمشقي، بدرب العجم ؛ وعلي بن يحيى بن تمام الحميري في شعبان ؛ ومحمد بن شيخنا عز الدين ابن النرّاء بالجبل ؛ وعلاء الدين علي بن عثمان بن حسان الخراط ؛ والضياء عبد الله بن عمر الطوسي

(48/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 187
والشرف أبو القاسم بن عبد السلام المصلي ؛ والشيخ حسام بن سليمان بن حسن بن موسى بن الشيخ غانم بالقدس ؛ وبدر الدين محمد بن محمد بن القواس الشاهد ؛ وأبو بكر ابن شيخنا العز أحمد بن عبد الحميد ؛ وثابت بن أحمد بن الرشيد العطار، القرشي، يروي عن جده ؛ وعلاء الدين علي بن إبراهيم بن قرباص بحماة ؛ وفاطمة، وحبيبة، وست العرب: بنات الشيخ العِز بالجبل ؛ وفخر الدين أحمد بن عز الدين محمد بن محمد بن النطاع الأنصاري المصري، يروي عن النجيب ؛ والشيخ محمد بن أبي بكر بن أبي طالب بن عبدان الدمشقي الذي كان إمام الربوة ؛ ويعقوب بن إسحاق العاملي الكفني ؛ وعبد الرحيم بن عبد العزيز بن إبراهيم ابن الرقوقي الصالحي، في رجب.

(48/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 188

سنة خمس وخمسين وستمائة

- حرف الألف -
178 - أحمد بن عبد الله بن موسى بن نصر بن مِقْدام. أبو العباس القدسي ؛ ثم الصالحي، العطار، الحنبلي. روى عن: حنبل، وابن طبرزد. وعنه: الدمياطي، والنجم إسماعيل بن الخباز، ومحمد بن الزراد، وغيرهم. تُوُفّي في تاسع عشر المحرم. 179 - أحمد بن علي بن زيد بن معروف. أبو العباس الكناني، العسقلاني، أخو فراس. سمع من: الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، وغيره. تُوُفّي في السابع والعشرين من شوال بدمشق. 180 - أحمد بن قَرَاطاي. الأمير رُكن الدين، أبو شجاع التُّركيّ، الإربلي، مولى السلطان مظفر الدين، صاحب إربل. وُلِد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.

(48/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 189
وحدّث عن: مسمار بن العُوَيْس. وله شِعْر جيّد. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وقدم دمشق في الرسلية من الديوان العزيز. تُوُفّي في ثامن عشر جمادى الآخرة ببغداد. وكان أبوه من أمراء إربل ثم غضب عليه أستاذه مظفر الدين وسجنه حتى مات. فلما تُوُفّي مظفر الدين قدم رُكن الدين أحمد وإخوته إلى حلب، وخدم عند الملك العزيز، وتقدم هو وأخوه محمد عنده، فلما تُوُفّي العزيز سار ركن الدين إلى بغداد وخدم، بها وزادت حُرمته، ومات فجأة. 181 - أحمد بن محمد بن المؤيَّد بن عليّ بن إسماعيل بن أبي طالب. أبو العباس الهمداني، أخو القاضي المحدث رفيع الدين إسحاق، الأبرقوهي، ثم المصري. وُلِد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الخالق بن فيروز، وفاطمة بنت سعد الخير، وغيرهما. وهو من بيت الحديث والرواية. روى عنه: الدمياطي، وبنت أخيه زاهدة الأبرقوهية، والمصريون. وكتب عنه الزين الأبيوردي. ومات في السابع والعشرين من ذي القعدة. 182 - أحمد بن السّديد مكّيّ بن المسلَّم بن مكّيّ بن خَلَف. الأجلّ، أبو المظفر بن علان القيسي، الدمشقي. روى عن: حنبل، وغيره. ومات في المحرم، وقد جاوز الستين.

(48/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 190
وهو من شيوخ الدمياطي، والكنجي. 183 - أحمد بن يوسف بن زِيرِي بن عبد الله. أبو العباس التلمساني المقرئ. قدم دمشق شابا، وسمع من: الخشوعي، وغيره. روى عنه: الدمياطي، والفخر إسماعيل ابن عساكر، والمفتي علاء الدين علي بن محمد الباجي، وكمال الدين أحمد بن العطار، والبدر أحمد بن الصواف، والعماد ابن البالسي. وتُوُفّي في سادس عشر جمادى الآخرة، وله بضع وثمانون سنة. قال أبو شامة: كان مقيما بالمنارة الشرقية بجامع دمشق. وكان شيخا معمرا، منقطعا عن الناس، محبا للعزلة. روى ' الأحكام الصُّغْرَى ' التي لعبد الحق، عن البرهان بن علوش المالكي نزيل دمشق، عن المصنف. 184 - إبراهيم بن أبي الطّاهر عبد المنعم بن إبراهيم بن عبد الله بن عليّ. الأنصاري، الخزرجي المصري التاجر المعروف بابن الدجاجيّ، الشارعي. وُلِد سنة نيّفٍ وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عبد الخالق بن فيروز، وإسماعيل بن ياسين، والأرتاحي، والعماد الكاتب. وهو من بيت الرواية. كتب عنه: الدمياطي، وجماعة

(48/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 191
وسمعنا بإجازته من أبي المعالي ابن البالسي. تُوُفّي في تاسع عشر ربيع الآخر. 185 - إسماعيل بن أبي البركات هبة الله بن أبي الرضا سعيد بن هبة الله بن محمد. الإمام عمادُ الدين، أبو المجد بن باطيش الموصلي، الفقيه الشافعي. وُلِد سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وسمع ببغداد من: جمال الدين ابن الجوزي، وأبي أحمد ابن سُكَيْنَة، وأبي شجاع ابن المقرون، وأبي حامد عبد الله بن جوالق، وعبد الواحد بن سلطان، ويحيى بن الحسن الأواني، وجماعة. وبحلب من: حنبل، وبدمشق من: الكِنْديّ، وابن الحرستاني، ومحمد بن وهْب بن الزنف، والخضر بن كامل. وبحرّان من: عبد القادر الحافظ. ودرّس وأفتى وصنف. وكان من أعيان الأئمة، وله معرفة بالحديث، ومجاميع في أسماء الرجال، وغير ذلك. وله كتاب ' طبقات أصحاب الشافعي '، وكتاب ' مشتبه النِّسْبة '، وكتاب

(48/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 192
' المغني في شرح غريب المهذب ولُغته وأسماء رجاله '. وكان عارفا بالأصول، حسن المشاركة في العلوم. روى عنه: الدمياطي، والبدر بن التوزي، والتاج صالح الحاكم، وابن الظاهري، وطائفة سواهم. وكان واصلا عند الأمير شمس الدين لؤلؤ نائب المملكة، وبينهما صُحبة من الموصل. ودرّس بالنورية بحلب وبغيرها، وتخرج به جماعة. وقد انتقى لنفسه جزءاً عن شيوخه. ودخل حلب أولا في سنة اثنتين وستمائة، ثم قدمها سنة عشرين وبها تُوُفّي رحمه الله في الرابع عشر من جمادى الآخرة، وقد جاوز الثمانين. 186 - إسحاق بن إبراهيم بن عامر. الشيخ أبو إبراهيم الغرناطي الطوسي، بفتح الطاء. قرا بمرّاكش وتأدب. أخذ بها القراءآت عن عليّ بن هشام الجذاميّ. وسمع من خال أمه أبي عبد الله بن زرقون بعض ' مسلم '، ومن: أبي محمد بن عُبَيْد الله. قال: وأجاز لي شيخ والدي أبو عبد الله بن خليل العبسي سنة سبعين، ولي ست سنين.

(48/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 193
وكان قد تفرد عن أبي علي الغساني. وكان الطوسي أديبا شاعراً عالماً، زمنا. وكان يتلو كل يوم ختمة. وهو آخر من حدَّث عن ابن خليل. عاش تسعين سنة، أرخه ابن الزبير، وقال: روى عنه جماعة من جِلّة أصحابنا، واختلفت إليه كثيراً 187 - إقبال. الحبشي ثم المصري، عتيق أبي الجود ندي الحنفي. سمع من: العماد الكاتب والأرتاحي. روى عنه: الدمياطي، والمصريون. وتُوُفّي في ثالث المحرم. 188 - أَيْبَك بن عبد الله. التركماني، السلطان الملك المعز، عز الدين، صاحب مصر.

(48/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 194
كان أكبر مماليك الملك الصالح نجم الدين، خدمه ببلاد الشرق، وكان جهاشنكيره، فلما قتل الملك المعظم بن الصالح اتفقوا على أيبك التركماني هذا، ثم سلطنوه. ولم يكن من كبار الأمراء، لكنه كان معروفا بالعقل والسداد والدين، وترك المسكر، وفيه كرم وسكون. فسلطنوه في أواخر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين، فقام الفارس أقطاي وسيف الدين الرشيدي وركن الدين البندقداري، وجماعة من الأمراء في سلطنة واحد من بيت المملكة، وأنفوا من سلطنة غلام، فأقاموا الأشرف يوسف بن الناصر يوسف بن المسعود أقسيس صاحب اليمن بن السلطان الملك الكامل، وكان صبيا له عشر سنين، وجعلوا أيبك التركماني أتابكه، وأخروه عن السلطنة، وذلك بعد خمسة أيام من سلطنته. ثم كان التوقيع يخرج وصورته: ' رسم بالأمر العالي السلطاني الأشرفي والملكي المعزي '. واستمر الحال والمعز هو الكل، والصبي صورة. وجرت أمور ذكرنا منها في الحوادث. وكان طائفة من الجيش المصري كاتبوا بعد هذا بمدة الملك المغيث الذي بالكرك وخطبوا له بالصالحية، فأمر الملك المعز بالنداء بالقاهرة أن الديار المصرية لأمير المؤمنين، وأن الملك المعز نائبه. ثم جددت الأيمان للملك الأشرف بالسلطنة، وللمعز بالأتابكية. وقد جرى للمعز مصاف من الناصر صاحب الشام، وانكسر المعز، ودخلت الناصرية مصر وخطبوا لأستاذهم، ثم انتصر المعز وانهزم الناصر إلى الشام. ووقع بعد ذلك الصلح بين الملكين. وكان على كتف المعز خشداشه الفارس أقطايا الجمدار، فعظم شأنه، والتف عليه البحرية. وكان يركب بالشاويش ويطلع إلى السلطنة، ولقبوه سرا

(48/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 195
بالملك الجواد، فقتله المعز، وتمكن من السلطنة. وتزوج في سنة ثلاث وخمسين بشجر الدر أم خليل صاحبة السلطان الملك الصالح. وكان كريما جوادا، كثير العطاء، حسن المداراة، لا يرى الجور ولا العسف، بنى بمصر مدرسة كبيرة. واتفق أنه خطب بنت السلطان بدر الدين صاحب الموصل وراسله، فغارت شجر الدر وعزمت على الفتك به وإقامة غيره. قال الشيخ قطب الدين: فطلبت صفي الدين ابن مرزوق، وكان بمصر، فاستشارته ووعدته بالوزارة، فأنكر عليها ونهاها عنه، فلم تُصِغْ إلى قوله، وطلبت مملوكا للطواشي محسن الصالحي وعرفته بأمرها ووعدته ومنَّته إنْ قَتَل المعز، ثم استدعت جماعة من الخدام واتفقت معهم. فلما كان يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من ربيع الأول لعب المعز أيبك بالكرة، وصعد إلى القلعة آخر النهار، وأتى الحمّام ليقلب عليه ماء، فلما قلع ثيابه وثب عليه سنجر الجوهري والخدام فرموه وخنقوه. وطلبت شجر الدر ابن مرزوق على لسان الملك المعز فركب حماره وبادر ودخل القلعة من باب السر، فرآها جالسة والمعز بين يديها ميتا، فأخبرته بالأمر فعظم عليه جدا، واستشارته فقال: ما أعرف ما أقول، وقد وقعت في أمر عظيم ما لك منه مخلص. ثم طلبت الأمير جمال الدين أيدغدي، العزيزي، وعز الدين أيبك الحلبي الكبير، وعرضت عليهما السلطنة ؛ فلما ارتفع النهار شاع الخبر واضطرب الناس ثم اتفقوا على سلطنة الملك المنصور علي بن الملك المعز وعمره يومئذ خمس عشرة سنة، وجعلوا أتابكه الأمير علم الدين سنجر الحلبي المشد. وأُخرِجت هي من دار السلطنة بعد أن امتنعت بها أياما. وجُعِلت في البرج الأحمر، وقبضوا على الجواري والخدّام وسنجر الجوهري، ثم صُلِب هو وأستاذه وجماعة من الخدام. وفي ثاني ربيع الآخر ركب الملك المنصور بالله السلطنة. وقال غيره: غارت شجر الدر ورتبت للمعز سنجر الجوهري مملوك

(48/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 196
الفارس أقطايا، فدخل عليه الحمّام لكمه فرماه، ولزم الخدام بمعاريه، وبقيت هي تضرب بالقبقاب وهو يستغيث ويضرع إليها إلى أن مات، رحمه الله. ومات في عَشْر الستين، وخُنِقتْ هي بعد كما يأتي. 189 - أيبك. الأمير الكبير عز الدين الحلبي. كان من أعيان أمراء الدولة الصالحية، وفي مماليكه عدة أمراء. وقد عُيِّنَ للسلطنة بعد قتل المعز التركماني. واتفق أنه في عاشر ربيع الآخر تقنطر به فرسه بظاهر القاهرة، فمات من ذلك. ويومئذ قبضوا على نائب السلطنة الجديد، وهو علم الدين سنجر الحلبي الصغير وسجنوه، واضطربت القاهرة، وهربت جماعة من الأمراء والجُنْد إلى الشام. قال ابن واصل: في عاشر ربيع الآخر قبض مماليك المعز وهم قطز، وسنجر الغتمي، وبهادر على أتابك الجيش الذي نُصِّبَ بعد قتل المعز الأمير عَلَم الدين سنجر الحلبي الصغير، لأنهم تخيلوا منه طمعا في الملك، وأنزلوه إلى الجُبّ، فوقع في البلد اضطراب شديد، وهرب أكثر الصالحية إلى جهة الشام، وتقنطر بالأمير عز الدين الحلبي الكبير فرسه، وكذلك الأمير ركن الدين خاص تُرك الصغير. فهلكا خارج القاهرة. وتبع العسكر المنهزمين فقبضوا على أكثرهم، وقبض على الوزير الفائزي، وفوضت الوزارة إلى قاضي قُضاة القاهرة بدر الدين السنجاري. وأخذت جميع أموال الفائزي ثم خُنِق.
- حرف الباء -
190 - بغدي. الأمير الكبير، بهاء الدين الأشرفي، ثم الصالحي، المعري، مقدم الحلقة المنصورة.

(48/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 197
وقعت خبطة في القاهرة فاجتمع أكثر الأمراء في دار بغدي الأشرفي بين القصرين بسبب تغير خاطر السلطان الملك المنصور بن المعز على سيف الدين قطز، ثم رضي عليه المنصور وخلع عليه، وسكنت الفتنة. فلما كان في رابع رمضان ركب مقدَّم العسكر بغدي الأشرفي والأمير بدر الدين بلغان الأشرفي في جماعة من العسكر، وأتوا قلعة مصر لحرب من بها من المعزية فتقلل جمعهما، وأسلمهما جندهما، وقُبِض عليهما بعد أن جُرح بغدي. ووثبت المعزية على الأمراء الأشرفية كأيبك الأسمر وأرز الرومي، والسابق الصيرمي فمسكوهم ونُهِبت حواصلهم. 191 - بهيّة. ستُّ البهاء بنت أبي الفتح إبراهيم بن بدر العطار. سمعت من: الكِنْديّ. وحدَّثت. وماتت في ربيع الآخر.
- حرف الخاء -
192 - خاصّ تُرْك. ركن الدين الصالحي. من كبار الأمراء، تقنطر به فرسه هو وعز الدين الحلبي المذكور، يوم القبض على عَلَم الدين الحلبي، فمات أيضاً. 193 - خُسْرُوا. شمس المُلْك، ركن الدين بن علاء الدين محمد بن الحسن بن الصباح الباطني، النزاري، صاحب قلعة الألموت، ورئيس الإسماعيلية ببلاد العجم، وصاحب الدعوة الملعونة. دامت الرئاسة فيه وفي أبيه وجدّه دهراً طويلاً، وكان سِنانُ كبير

(48/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 198
الإسماعيلية بالشام في دولة السلطان صلاح الدين من دعاة الحسن بن الصباح. ودعوتهم ودينهم كُفْرٌ وزندقة، والسلام. قدم هولاكو ونازل قلعة الألموت مدة في سنة خمس وخمسين إلى أن أخذها مظفر بركن الدين هذا فقتله، وقتل معه طائفة من الملاحدة. 194 - خليل بن أحمد بن خليل بن بادار بن عمر. أبو الصفا التبريزي، الصوفي. قدِم دمشق شابا. وسمع بها من: عمر بن طبرزد، وغيره. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وتُوُفّي في شوال وقد أسن وجاوز التسعين.
- حرف الشين -
195 - شَجَرُ الدُّرّ. جارية السلطان الملك الصالح، وأم ولده خليل. كانت بارعة الجمال، ذات رأي ودهاء وعقل. ونالت من السعادة ما لم ينلها أحد من نساء زمانها. وكان الملك الصالح يحبها ويعتمد عليها، ولما تُوُفّي على دمياط أخفت موته، وكانت تعلم بخطها مثل علامته وتقول: السلطان ما هو طيب. وتمنعهم من الدخول إليه.

(48/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 199
وكانت الأمراء والخاصكية يحترمونها ويطيعونها، وملّكوها عليهم أياما. وتسلطنت وخُطِب لها على المنابر إثر قتل السلطان الملك المعظم بن الصالح. ثم تزوج بها المعز، واستولت عليه وأشارت عليه بقتل الفارس أقطايا فقتله. ثم غارت منه لمّا خطب بنت لؤلؤ صاحب الموصل فقتلته في الحمّام، وقتلت وزيرها القاضي الأسعد. قال شيخنا قطب الدين، كان الصالح يحبها كثيرا، وكانت في صُحبته لما اعتُقل بالكرك، وولدت له هناك الأمير خليل، ومات صبيا. ولما قُتِل المعظم تملكت الديار المصرية وخُطِب لها على المنابر. وكانت تعلّم على المناشير وتكتب: ' والدة خليل '. وبقيت على ذلك ثلاثة أشهر، ثم استقرت السلطنة للأشرف. ثم تزوجها المعز، فكانت مستولية عليه ليس له معها كلام. وكانت تُركيّةً ذات شهامة وقوة نفس. وقيل إن المعز ملّ من احتجارها عليه واستطالتها، ورُبّما عزم على إهلاكها، فقتلته. فأخذها مماليكه بعد أن أمنوها فاعتقلوها في برج، والملك المنصور ابن المعز التركماني وأمه يحرضان على قتلها. فلما كانت بُكْرة يوم السبت حادي عشر ربيع الآخر أُلْقِيَت تحت قلعة مصر مقتولةً مسلوبةً، ثم حُمِلت إلى تُربتها التي بَنَتْها لها بقرب تُربة السيدة نفيسة. وكان الصاحب [بهاء] الدين ابن حِنَّا قد وَزَرَ لها. ولما قتلت المعز وتيقنت أنها مقتولة أودعت جملة من المال فذهبت، وأعدمت جواهر نفيسة كسرتها في الهاون. قال ابن واصل: كانت حسنة السيرة، لكن الغَيْرة حَمَلَتْها على ما فعلت. قال ابن أنجب: نُقِش اسمها على الدينار والدرهم. وكان الخطباء يقولون

(48/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 200
بعد الدعاء للخليفة: ' واحفَظِ اللَّهُمَّ الجِهَةَ الصّالحةَ، ملكةَ المسلمين، عِصْمَة الدّنيا والدّين، أمّ خليل المستعصميّة، صاحبةَ السّلطان الملك الصّالح '.
- حرف العين -
196 - عبد الله بن أبي القاسم عمر بن عبد الرّحيم بن عبد الرحمن بن الحَسَن بن عبد الرحمن بن طاهر بن محمد ابن محمد بن الحسين بن عليّ الكرابيسيّ. أبو حامد ابن العجميّ، الحلبيّ. تُوُفّي بين دمشق وحلب، وهو راجع من دمشق في سَلْخ ذي القعدة، وله إحدى وخمسون سنة. سمع من: أبيه، والافتخار الهاشمي، وجماعة. 197 - عبد الله بن عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماضي. أبو محمد المقدسي الحنبلي، المؤدب. سمع من: حنبل، وابن طبرزد، والكندي. وتُوُفّي في النصف من رمضان وله ثمان وخمسون سنة. روى عنه الدمياطي، وابن الخباز، وجماعة. 198 - عبد الله بن أبي الوفاء محمد بن الحَسَن بن عبد الله بن عثمان.

(48/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 201
الإمام نجم الدين أبو محمد البادرّائي البغدادي، الشافعي الفرضي. وُلِد سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وسمع من: عبد العزيز بن مَنِينا، وأبي منصور سعيد بن محمد الرزاز، وسعيد بن هبة الله الصباغ، وجماعة. وتفقه وبرع في المذهب، ودرّس بالمدرسة النظامية وترسل عن الديوان العزيز غير مرة. وحدث بحلب، ودمشق، ومصر، وبغداد. وبنى بدمشق المدرسة الكبيرة المشهورة به. وكان صدرا محتشما، جليل القدر، وافر الحرمة. قال شيخنا الدمياطي، أحسن إلي ولقيت منه أَثَرَةً وبرًّا في السفر والحضر ببغداد، ودمشق، والموصل، ومصر، وحلب. وصحبته تسع سنين. وقد ولّي قضاء القضاة ببغداد خمسة عشر يوما. قتل أبو شامة: ويوم ثامن عشر ذي الحجة عُمِل بدمشق عزاء الشيخ نجم الدين الباذرائي بمدرسته بدمشق. قلت: وكان فقيها عالما ديّنا، متواضعا، دمِثَ الأخلاق، منبسطا، وقد اشتهر أن الزين خالد بن يوسف الحافظ قال للبادرائي: تذكر ونحن بالنظامية والفقهاء يلقبونني ' حولتا ' ويلقبونك ' الدعشوش '. فتبسم وحملها. وكان يركب بالطرحة، ويسلم على من يمر به. عافاه الله من فتنة التتار الكائنة على بغداد، وتوفاه في أول ذي القعدة. وروى عنه أيضا: ركن الدين أحمد القزويني، وتاج الدين صالح الجعبري، وبدر الدين محمد بن التوزي الحلبي، ومحمد بن محمد الكنجي، وجماعة.

(48/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 202
وقد وُلّي القضاء على كُرْهٍ ما وعاجلته المنية. 199 - عبد الحقّ بن أبي منصور بن محمد بن الحسن. أبو التقي المنبجي التاجر. حدث عن: المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، وإسماعيل بن عثمان القارئ. روى عنه: الدمياطي، والبدر بن التوزي، والكمال إسحاق الأسدي. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وتُوُفّي في ثامن ذي القعدة بمدينة مَنْبِج. 200 - عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن أبي الحديد. عز الدين أبو حامد المدائني، المعتزلي، الفقيه الشاعر، الأديب، أخو الموفق.

(48/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 203
وُلِد سنة ست وثمانين وخمسمائة. روى بالإجازة عن: عبد الله بن أبي المجد الحربي. وهو معدود في أعيان الشعراء كأخيه. وله ديوان مشهور. وهو من شيوخ الدمياطي، وغيره. بل الصواب موت الأخوين في سنة ست وخمسين. 201 - عبد الرحمن بن عثمان بن حبيب. أبو محمد الزرزاري، قاضي عزاز. تُوُفّي بعزاز في رجب. وحدَّث عن: الإفتخار الهاشمي، وغيره. 202 - عبد الرحمن بن محمود. أبو محمد العكبري، الحنبلي. حدث عن: أبي القاسم ابن الحرستاني. ومات في شعبان. ودُفِن بجبل قاسيون. 203 - عبد الرحمن بن أبي الفهم عبد المنعم بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن عبد الله بن أحمد بن محمد.

(48/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 204
المحدث المعمر، تقي الدين، أبو محمد اليلداني، الدمشقي الشافعي. وُلِد بيلدان في أول سنة ثمان وستين وخمسمائة، وطلب الحديث على كِبَر ورحل فسمع من: ابن كليب، وابن بوش، والمبارك بن المعطوش، وهبة الله ابن الحسن السبط، وغياث بن الحسن بن البنا، وأعز بن علي الظهري، ودُلَف بن قوفا، والحسن بن أُشنانة، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وبقاء بن جُنَّد، وأبي علي بن الخُرَيْف، وعبد الله بن جوالق، وعبد الرحمن بن أحمد العمري، وخلْق كثير. وسمع بالموصل: أبا منصور مسلم بن علي السيحي. وبدمشق: أبا الحجاج يوسف بن معالي الكناني، والخشوعي، والبهاء بن عساكر، ونصر الله بن يوسف الحارثي: وعبد الخالق بن فيروز، وحنبل المكبر، وجماعة. وكتب الكثير بخطه. وكان ثقة، صالحا، مفيدا. روى عنه: سِبْطُه عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن الزراد، والبدر بن التوزي، والجمال علي بن الشاطبي، والشرف محمد ابن رقية، وأبو عبد الله محمد بن زباطر، ومحمد بن أحمد القصاص، وأبو المعالي بن البالسي، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمود العقرباني، ويحيى بن مكي العقرباني، والفقيه عبد الله بن محمد المراكشي، وزينب بنت عبد الله بن الرضي، وخلق سواهم. وتُوُفّي بيلدان، وكان خطيبا بها، في ثامن ربيع الأول، وانقطع بموته شيء كثير.

(48/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 205
قال أبو شامة: دُفِن بقريته، وكان شيخا صالحا، مشتغلا بالحديث سماعاً وإسماعاً ونسخاً إلى أن تُوُفّي. أخبرني أنه كان مراهقا حين طهّر نور الدين محمود بن زنكي ولده. وأنه حضر الطهور، ولعب الأمراء بالميدان، وأنه أتى من القرية مع الصبيان للفرجة. قلت: هذا بخلاف ما تقدم، والذي تقدم هو الذي ذكره الشريف في ' الوفيات '، والدمياطي، وغيرهما. وكتب هو بخطه في إجازة كتب فيها سنة إحدى وأربعين: ومولدي في مُسْتَهَلّ المحرم سنة ثمان وستين. قلت: هذا أصح والوهم من اليلداني، فإن الإمام شهاب الدين ثقة متقن. ثم قال شهاب الدين: وأخبرني أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له: يا رسول الله، ما أنا رجلٌ جيّد؟ فقال: بلى، أنت رجلٌ جيد. 204 - عبد [الرحيم] بن أبي جعفر أحمد بن عليّ بن طلحة. المحدث الحافظ، أبو القاسم الأنصاري، الخزرجي، الشاطبي، ثم السبتي المعروف بابن عُلَيْم. لَقَبَهُ أمين الدين. وُلِد سنة خمس وثمانين وخمسمائة. وسمع بقرطبة: أبا محمد بن حوط الله ؛ وبمراكش: أبا القاسم أحمد بن بقي. وحج سنة ثلاث عشرة وستمائة فسمع بمصر، ودمشق، وبغداد. فسمع: محمد بن عماد، والفخر الفارسي، وعبد القوي بن الجباب، وعلي بن أبي الكرم بن البناء المكي، والشهاب السُّهْرَوَرْديّ، وابن روزبة، والقطيعي، وأبا صادق بن صباح، وابن الزبيدي، وعز الدين أبا الحسن بن الأثير، وطائفة.

(48/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 206
ورجع إلى المغرب. قال الأبار: قدم تونس سنة اثنتين وأربعين فسمعت عليه جملة. وقال عز الدين الحسيني: رجع إلى المغرب وقد حصَّل جملة كثيرة من الحديث مصنفات وأجزاء، واستوطن تونس، وروى بها الكثير حتى كان يعرف فيها بالمحدث. وكان صدوقا، صحيح السماع، محبا في هذا الشأن. قال: وامتنع في آخر أيامه من التحديث. وقال: قد اختلط، وكان لذلك. تُوُفّي في الحادي والعشرين من ربيع الأول. سمع الوادياشي من جماعة من أصحابه بتونس. 205 - عبد الصّمد بن خليل بن مقلّد بن جابر. أبو محمد الأنصاري الدمشقي، الصّبّاغ، المعروف بسِبْط ابن جهيم. وُلِد بعد الستين وخمسمائة بدمشق. وحدث عن الأمير مؤيد الدولة أسامة بن منقذ بشيء من شِعره، وهو آخر من روى في الدنيا عنه. تُوُفّي في السادس والعشرين من ربيع الأول. ورضه الشريف. 206 - عبد العزيز بن مروان بن أحمد بن المفضَّل بن عقيل بن حَيْدَرة. البجلي، الدمشقي. روى عن: حنبل. وهو من شيوخ الدمياطي. مات في ذي الحجة. 207 - عبد الكريم بن نصر الله بن محمد بن المسلَّم بن المعلَّى بن عليّ بن أبي سُرَاقة.

(48/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 207
أبو القاسم الهمداني، الدمشقي. وُلِد في صفر سنة سبع وستين وخمسمائة. وسمع من: المبارك بن فارس الماوردي، والأمير أبي المظفر أسامة بن منقذ، وغيرهما. وهو أخو أبي بكر الفضل الذي روى عن حنبل، ولم أعرفهما بعد. وأما أبوهما فمن شيوخ ابن خليل، يروي عن نصر الله المصيصي. تُوُفّي أبو القاسم في سابع شعبان. 208 - عبد المُعطي بن عليّ بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن محارب. أبو محمد القيسي، الأندلسي، ثم الإسكندراني. سمّعه عمه أبو عبد الله محمد بن محمد بن أبي القاسم البوصيري. ورحل معه إلى دمشق وبغداد فسمع وحدث. وتُوُفّي بالصعيد في هذه السنة. 209 - عبد الوهّاب بن عبد الخالق بن عبد الله بن عليّ بن صَدَقَة. الفقيه الإمام، زين الدين، أبو محمد الأزدي الإسكندراني، المالكي، المعروف بابن السباك. وُلِد سنة تسع وثمانين. وسمع من: عبد المجيب بن زهير، وابن المفضل الحافظ. وحدَّث. وكان مدرّساً بالثغر. مات في ربيع الأول. 210 - عليّ بن محمد بن عليّ بن شُرَيْح. أبو الحسن الإسكندراني. روى عن: عبد الرحمن بن موقا. وعنه: الدمياطي. ومات في ثالث صفر.

(48/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 208
211 - عليّ بن محمد بن الرّضا بن حمزة بن أميركا. الشريف أبو الحسن الحسيني الموسوي، الطوسي، الأديب، الشاعر، المعروف بابن دفتر خوان. وُلِد بحماه، وبها تُوُفّي في ربيع الآخر وله ست وستون سنة. كان فاضلا شاعرا محسنا، له مصنفات أدبية. وقد امتدح المستنصر بالله وغيره. 212 - عمر بن سعيد بن عبد الواحد بن عبد الصّمد بن تحمس. أبو القاسم الحلبي. روى حضورا عن: يحى الثقفي. وسمع من: ابن طبرزد، وجماعته. روى عنه: الفخر بن علي بن البخاري، وأبو محمد الدمياطي، والتاج الجعبري، والبدر بن التوزي، وجماعة. وتُوُفّي في سادس ربيع الأول بحلب.
- حرف الغين -
213 - غازية بنت السّلطان الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيّوب.

(48/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 209
زوجة المظفر صاحب حماة، وأم الملك المنصور صاحب حماة والملك الأفضل أمير علي. لما مات زوجها كانت هي مدبرة دولة حماه ؛ وكانت ديّنةً صالحة، محتشمة. ولدت المنصور سنة اثنتين وثلاثين، والأفضل سنة خمس وثلاثين. وتُوُفّيت في تاسع عشر ذي القعدة. ويقال لها: الصّاحبة. ولمكان أبيها وأخيها السلطان الملك الصالح أيوب بقي مُلك حماة في ولدها. وربَّتْ عندها أختها، ثم زوجها بالسعيد عبد الملك ابن الصالح إسماعيل، فقدمت من حماة، وبنى بها في آخر سنة اثنتين وخمسين فولدت له الملك الكامل. ثم ماتت وللولد سنتان، فتُوُفّيَت بعد أختها صاحبة حماة بليال من شهر ذي القعدة بدمشق، فدفنوها بتربة والدها الملك الكامل، وشهد دفنها السلطان الملك الناصر يوسف. والعجب أن في الشهر ماتت الأخت الثالثة، وهي بنت الملك الكامل بن العادل زوجة الملك العزيز صاحب حلب. تُوُفّيت بالرستن، وكانت قد توجهت من دمشق إلى حماة. مات الثلاث في أسبوع.
- حرف الميم -
214 - محمد بن إبراهيم بن جَوبر. المحدث أبو عبد الله الأنصاري، المقرئ، البلنسي. سمع كتاب ' التيسير ' من أبي بكر بن أبي حمزة.

(48/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 210
وسمع ' الموطّأ ' و ' الشّفاء ' لعياض، وأشياء. يروي عنه: أبو إسحاق الغافقي، وأبو جعفر بن الزبير، وطائفة. وجوبر: بجيم مشوبة بشين. وقد قرأ بالروايات على أبي جعفر الحصار، وغيره. ثم وقفت على ترجمته لتلميذه ابن الزبير فقال محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم ابن جوبر العدل، أبو عبد الله الأنصاري، البزاز. روى عن: أبي حمزة، وأبي عمر بن عات، وأبي الخطاب بن واجب، ومحمد بن خَلَف بن...، وله سماع كثير على ابن واجب، وله اعتناء بالرواية، ورحلة في الأندلس وغرب العدوة. وألف ' برنامجاً '. وكان بزازا، كثير السكوت، دائم الوقار، عدلا، ضابطا. قرأ القرآن على أبي بكر الطرطوشي، عن ابن هذيل. وقد أخذ عنه: أبو عبد الله الطنجالي، وأبو إسحاق البلفيقي. ووفاته في ذي القعدة. 215 - محمد بن الحسين بن عبد الله. العلامة الكبير، تاج الدين أبو الفضائل الأرموي، المتكلم الأصولي،

(48/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 211
صاحب [الحاصل من] ' المحصول '، وتلميذ الإمام فخر الدين الرازي. روى عنه شيخنا الدمياطي شِعْراً سمعه من الفخر، وقال: مات قبل وقعة بغداد. قلت: عاش قريبا من ثمانين سنة. وكان من فُرسان المناظرين. 216 - محمد بن سيف. اليونيني، الزاهد. كان صالحا ورعا، كريما، كبير القدر، من أصحاب الشيخ عبد الله. وله زاوية بيُونين. تُوُفّي في هذه السنة، وخلفه في الزاوية ابن أخيه الشيخ الصالح سليمان بن علي بن سيف، رضي الله عنه. 217 - محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل.

(48/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 212
الإمام الأوحد، شرف الدين، أبو عبد الله السلمي، الأندلسي المرسي، المحدث، المفسر، النحوي. وُلِد بمرسية في ذي الحجة سنة تسع وستين، وقيل: سنة سبعين، وخمسمائة. وعُنِي بالعلم، وسمع ' الموطّأ ' بالمغرب بعلو من الحافظ أبي محمد عبد الله بن محمد بن عُبَيْد الله الحجري. وسمع من: عبد المنعم بن الفَرَس. وحج، ورحل إلى العراق، وخراسان، والشام، ومصر. وكان كثير الأسفار قديماً وحديثا. سمع من المنصور الفراوي، والمؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، وأبي روح الهروي. وببغداد من أصحاب قاضي المرستان، وخلْق. روى عنه: الحافظ أبو عبد الله بن النجار، مع تقدمه، الدمياطي

(48/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 213
ومحب الدين الطبري، والقاضيان تقي الدين الحنبلي، وجمال الدين محمد بن سومر المالكي، والخطيب شرف الدين الفزاري، وعماد الدين ابن البالسي، ومحمد بن يوسف الذهبي، ومحمد بن يوسف بن المهتار، وبهاء الدين إبراهيم بن القدسي، والشرف عبد الله بن الشيخ، والشمس محمد بن التاج، وسعد الدين يحيى بن سعد، ومحمود بن المراتبي، ومحمد بن نعمة، وعلي القصيري، ومحمود الأعسر، وخلق كثير من أهل مكة، ودمشق، ومصر. ذكره ابن النجار فقال: حج وقدم طالبا سنة خمس وستمائة، فسمع الكثير، وقرأ الفقه والأصول. ثم سافر إلى خراسان. وسمع بنيسابور، ومرو، وهراة، وعاد مجتازا إلى الشام، ثم حج وقدم بغداد في سنة أربع وثلاثين، ونزل بالمدرسة النظامية، وحدَّث ' بالسنن الكبير ' للبيهقي، و ' بغريب الحديث ' للخطابي، عن منصور الفراوي. وعلقت عنه من شعره. وهو من الأئمة الفضلاء في جميع فنون العلم. له فهم ثاقب وتدقيق في المعاني. وله مصنفات عديدة، وله النظم والنثر المليح. وهو زاهد متورع، كثير العبادة، فقير، مجود، متعفف، نزه النفس، قليل المخالطة، حافظ لأوقاته، طيب الأخلاق، متودد. ما رأيت في فنه مثله. أنشد لنفسه:
(مَن كان يرغب في النّجاة فما له .......... غير اتّباع المصطَفَى فيما أتى)

(ذاك السّبيلُ المستقيمُ وغيرُهُ .......... سُبُلَ الضّلالة والغواية والرّوى)

(فاتّبِعْ كتابَ الله والسُّنَنَ الّتي .......... صحَّت فذاك إذا اتّبعت هو الهُدى)

(وَدَعِ السّوالَ بِكَم وكيفَ فإنَّهُ .......... باب يجُرّ ذوي البصيرةِ للعَمَى)

(48/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 214

(الدّينُ ما قال الرسّول وصَحْبُهُ .......... والتّابعونَ ومن مناهجهم قفا)
وقال عمر بن الحاجب: سألت الحافظ ابن عبد الواحد عن المرسي فقال: فقيه، مناظر نحوي، من أهل السنة، صحبنا في الرحلة، وما رأينا منه إلا خيرا. وقال أبو شامة: كان متقنا محقق البحث، كثير الحج، مقتصدا في أموره، كثيرا للكتب معتنيا بالتفتيش عنها محصلا لها. وكان قد أعطي قبولا في البلاد. وقال الشريف: تُوُفّي في منتصف ربيع الأول بعريش مصر فيما بينه وبين الزعقة وهو متوجه إلى دمشق، ودفن ليومه بتل الزعقة. وكان من أعيان العلماء وأئمة الفضلاء، ذا معارف متعددة، بارعا في علم العربية وتفسير القرآن، وله مصنفات مفيدة، ونظم حسن. وهو مع ذلك متزهد، تارك للرئاسة، حسن الطريقة، قليل المخالطة للناس. تأخر من أصحابه أيوب الكحال ويوسف الختني. وترك كتبا عظيمة. قرأت بخط العلاء الكندي إنّ كُتُب المرسي كانت مودعة بدمشق، فرسم السلطان ببيعها، فكانوا في كل ثلاثاء يحملون منها جملة إلى دار السعادة لأجل البادرائي، ويحضر العلماء، فاشترى البادرائي منها جملة كثيرة، وبيعت في نحو من سنة. وكان فيها نفائس، وأحرزت كتبه ثمناً عظيما، وصنف تفسيرا كبيرا لم يتمه، والله أعلم.

(48/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 215
218 - محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم. أبو عبد الله التجيبي البلنسي، المحدث. ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسمع الكثير، وعني بهذا الشأن. وجمع لنفسه ' فهرسة ' ذكر فيها جماعة من شيوخه منهم: أبو بكر بن أبي حمزة، وابن نوح الغافقي، وابن زلال، والحصّار، وأبو بكر عتيق قاضي بلنسية. ولزم أبا الخطاب بن واجب فأكثر عنه. وهو ثقة مرضي. تُوُفّي في ذي القعدة بسبتة. 219 - محمد بن عبد السّلام بن أبي المعالي بن أبي الخير بن ذاكر بن أحمد بن الحسن بن شَهْرَيار. أبو عبد الله الكازروني، ثم المكي. سمع من: يحيى بن ياقوت البغدادي، وزاهر بن رستم. وحدث بحلب. روى عنه: الدمياطي، وأبو نصر محمد بن محمد الشيرازي. ومات بمكة في الثامن والعشرين من ذي الحجة عن بضعٍ وثمانين سنة، رحمه الله.

(48/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 216
220 - محمد بن عبد الواحد بن إسماعيل بن سلامة بن عليّ بن صَدَقَة. الحراني، ثم الدمشقي، التاجر. تُوُفّي في ربيع الأول. وقد روى بالإجازة عن: أبي الفرج ابن الجوزي. 221 - محمد بن عمر بن محمد بن عبد الله. عماد الدين السهروردي، ثم البغدادي، الصوفي. وُلِد سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفرج بن الجوزي، وعبد الوهاب ابن سكينة. وسمع بدمشق من: بهاء الدين القاسم ابن الحافظ. روى عنه: الدمياطي، وحفيده أبو القاسم عبد المحمود بن عبد الرحمن بن محمد السهروردي، وغيرهما. وكان يلقب بأبي جعفر بن الشيخ شهاب الدين. تُوُفّي في عاشر جمادى الآخرة. وثنا عنه إسحاق بن النحاس. وكان كبير القدر. 222 - محمد بن عمر بن محمد بن جعفر. أبو عبد الله الهمداني، المقرئ، الحنبلي. حدَّث عن: أبي الفتوح البكري. وكان رجلا صالحا، زاهدا، عالما. كتب عنه: الدمياطي، وغيره. وحكى عنه الحافظ أبو عبد الله. ومات في خامس جمادى الآخرة. 223 - محمد بن عِياض بن محمد بن عِياض بن موسى.

(48/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 217
القاضي أبو عبد الله اليحصبي، السبتي. روى عن: أيوب بن عبد الله الفهري، وجماعة. وأجاز له أبو جعفر الصيدلاني، وخلف. وكان كبير القدر، من قضاة العدل. وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة، وهو... صاحب التصانيف. 224 - محمد بن الإمام أبي القاسم بن فِيْرُّه بن خَلَف. أبو عبد الله الرعيني، الشاطبي، ثم المصري، المعدل. وُلِد بمصر في سنة ست أو سبع وسبعين وخمسمائة. وسمع من أبيه ' حرز الأماني في القراءآت '، ومن: البوصيري، والأرتاحي، وفاطمة بنت سعد الخير، وغيرهما. روى عنه: الفخر التوزري، ويوسف الختني، والعماد محمد بن الجرائدي بقوله. وبالإجازة أبو المعالي بن البالسي. وتُوُفّي في شوال. 225 - محمد بن محمد بن إبراهيم بن الخضِر. مهذب الدين، أبو نصر بن البرهان المنجم الحلبي، الحاسب، الشاعر، الآملي الأصل. وُلِد بحلب سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.

(48/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 218
وتُوُفّي بصرخد. له ديوان شعر، و ' مقدمة في الحساب '. 226 - محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن سليمان. أبو بكر الزهري، البلنسي، ويعرف بابن محرز. سمع من: أبيه ؛ ومن: خاليه أبي بكر وأبي عامر ابني الإمام أبي الحسن بن هذيل، وأبي محمد بن عبيد الله الحجري، وأبي العطاء وهب بن نذير، وجماعة. وأجاز له: أبو بكر بن خيرة، وأبو القاسم عبد الرحمن بن جبيس، وأبو الحسن بن الفرات، وأبو القاسم هبة الله البوصيري، وأبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي. ذكره أبو عبد الله الأبار فقال: كان أحد رجال الكمال علما وإدراكا وفصاحة، مع الحفظ للفقه والتفنن في العلوم وحفظ اللغات. وله شعر رائق بديع. سمعت منه كثيرا، وتُوُفّي ببجاية في ثامن عشر شوال. وولد في سنة تسع وستين وخمسمائة. قلت: روى عنه ابن الزبير أيضا، وابن الغماز. 227 - محمد بن محمود بن محمد بن حسن. الإمام أبو المؤيد الخوارزمي، الحنفي، الخطيب.

(48/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 219
وُلِد سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. وتفقه على نجم الدين طاهر بن محمد الحفصي، وغيره. وسمع بخوارزم من الشيخ نجم الدين الكبري. وولي قضاء خوارزم وخطابتها بعد أخذ التتار لها. ثم تركها وقدم بغداد وسمع بها، ثم حج وجاور، ورجع على مصر ؛ وقدم دمشق، ثم عاد إلى بغداد ودرّس بها. وحدّث بدمشق. ومات ببغداد في ذي القعدة. 228 - محمد بن مسلم بن سليمان بن هلال. أبو عبد الله الرقي. وُلِد سنة سبعين وخمسمائة بالرقة. ورحل فسمع من: هبة الله بن الحسن بن السبط، وأبي حامد عبد الله بن مسلم بن جوالق، وجماعة. وبدمشق من: حنبل المكبر، وأبي محمد عبد الوهاب بن هبة الله الجلالي ؛ وبهمدان من: محمد بن محمد بن أبي بكر الكرابيسي. وحدَّث بالرقة. وتُوُفّي في هذا العام. وكان شيخا فاضلا. 229 - محمد بن يحيى. أبو الفضل الموصلي، الطبيب، المعروف بابن السيحي. سمع من: عمه أبي منصور مُسَلَّم بن علي. روى عنه: الدمياطي وقال: مات في ربيع الآخر.

(48/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 220
230 - ماجد بن سليمان بن عمر. القاضي أبو العلاء القرشي، الفهري، المكي، قاضي مكة. حدُّث عن: يونس الهاشمي. وعاش إحدى وتسعين سنة. 231 - منصور بن عبّاس. الصاحب الإمام عميد الدين الحنبلي. ببغداد. رتب ' جامع المسانيد ' على الأبواب. وتُوُفّي يوم الأحد سلْخ ذي القعدة.
- حرف الهاء -
232 - هبة الله بن صاعد. الوزير شرف الدين، القاضي الأسعد الفائزي. خدم الملك الفائز إبراهيم بن الملك العادل. وكان نصرانيا فأسلم. وكان رئيسا كريما، خبيرا، متصرفا. ثم خدم الملك الكامل، ثم ابنه الملك الصالح. ووزر للملك المعز التركماني، وتمكن منه إلى أن ولاّه أمور الجيش. وقد كاتبه الملك المعز مرة: المملوك أيبك. وهذا لم يفعله ملك بمملوكه. ثم بعده وزر لولده الملك المنصور أياما. ثم قبض عليه سيف الدين قطز وصادره. قال قطب الدين في ' تاريخه ': قال القاضي برهان الدين السنجاري: دخلت عليه الحبس فسألني أن أتحدث في إطلاقه، على أن يحمل في كل يوم ألف دينار. فقلت له: كيف تقدر على هذا؟ قال: أقدر عليه إلى تمام السنة.

(48/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 221
وإلى سنة يفرج الله. فلم يلتفت مماليك المعز إلى ذلك وبادروا بهلاكه وخنق. وقيل: بل أطعموه بطيخا كثيرا، وربطوا إحليله حتى هلك بالحصر. وقد زوج ابنته بالصاحب فخر الدين بن حِنّا فأولدها الصاحب تاج الدين محمد بن محمد وأخاه زين الدين أحمد. وله من الولد: بهاء الدين بن القاضي الأسعد، كان فيه زهد ودين، فاحتاج وطلب أن يخدم في بعض الفروع. وللبهاء زهير الكاتب فيه قبل أن يُسلِم:
(لعن الله صاعداً .......... وأباه فصاعدا)

(وبنيه فنازلاً .......... واحداً ثمّ واحدا)

- حرف الياء -
233 - يحيى بن أسعد بن يحيى بن عساكر. أبو منصور الإسكندراني، نجم الدين الشروطي، الموقع. حدث عن: الحافظ: أبي الحسن بن المفضل، وجعفر بن رزيك. روى عنه: الدمياطي، وقال: كان موقّع الحكم. تُوُفّي في صفر بالإسكندرية. 234 - يحيى بن سليمان بن هادي. السبتي الرجل الصالح، نزيل القرافة. كان صاحب زاوية، وله أتباع ومريدون. وحصل له قبول تام من الخاصة والعامة. وشهر بالصلاح والدين. وقيل: إنه كان لا يأكل الخبز، وهذا يدل على قلة الإخلاص، نسأل الله السلامة في الدين. تُوُفّي في نصف شوال

(48/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 222
235 - [...] بن الحسين بن محمد بن الجَبّاب. السعدي، موفق الدين، أبو الحجاج المصري. روى عن: البوصيري، والأرتاحي. وقد حدّث من بيته جماعة. تُوُفّي في ثاني عشر ذي القعدة. 236 - يوسف بن أبي بكر. جمال الدين الجزري السفار، عم صاحبنا شمس الدين محمد المؤرخ. ذكر في ' تاريخه ' أنه تُوُفّي ببغداد، وأنه أعتق في عمره نحوا من ثلاثين نسمة، وأنه أوصى بثلث ماله صدقة، وخلف أربعة آلاف دينار وكسر، وولدين وبنتا. * * * وفيها وُلِد: قاضي القضاة نجم الدين أحمد بن محمد بن صصرى ؛ وشمس الدين محمد بن أبي بكر بن طرخان الصالحي ؛ والزاهد أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن قطرال الأندلسي بمراكش ؛ والشرف صالح بن محمد بن عربشاه المقرئ ؛ والشمس محمد بن أبي بكر بن أبي طالب، إمام الربوة، بخُلْف ؛ والشيخ محمد بن أبي الزهر بن سالم الغسولي ؛ وعبد الصمد بن العفيف عثمان بن عبد الصمد الذهبي ؛ وأحمد بن عبد الله بن الرضى المقدسي كحيل ؛ والفخر إسماعيل بن محمد بن عبد ربه المصري، الخياط ؛ وعلي بن منصور بن محمد اليمني الصوفي ثم المصري ؛ والكمال محمد بن محمد بن علي بن القسطلاني ؛ والشيخ محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن سراقة الأنصاري، رويا عن ابن البرهان ؛ وعزيز الدين حسين بن علي بن محمد بن

(48/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 223
العماد الكاتب في أواخرها ؛ ونصير الدين عبد الله بن محمد بن سعيد، في نصف شوال ؛ ومحمد بن عمر بن عبد الله ابن خطيب بيت الأبار بها ؛ والبهاء يوسف بن أحمد العجمي ؛ والصدر علي بن محمد بن محمد بن الأبزاري، يروي عن النجيب. والفخر محمد بن محمد بن محمد بن النطاع، بمصر، سمع النجيب ؛ والمعظم عيسى بن داود بن شيركوه ؛ والشهاب أحمد بن عبد الرحمن العز الواني، سمع ابن عبد الدائم.

(48/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 224

سنة ست وخمسين وخمسمائة

- حرف الألف -
237 - أحمد بن إبراهيم بن عيسى المجير. القرشي، الدمشقي، الكتبي، والد المحدث محمد بن المجير. تُوُفّي فيها. 238 - أحمد بن أسعد بن حلوان. الطبيب نجم الدين، المعروف بابن التفاخ. قرأ على صدقة السامري. ومهر في الطب، وصنف فيه مصنفات. وخدم صاحب آمد الملك المسعود، وصاحب صهيون. وأقام ببعلبك مدة. تُوُفّي بدمشق في عَشْر السبعين. وقد مر سنة اثنتين. 239 - أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر.

(48/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 225
الإمام أبو العباس الأنصاري، القرطبي، المالكي، الفقيه، المحدث، المدرّس، الشاهد، نزيل الإسكندرية. وُلِد بقرطبة سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسمع بها من علي بن محمد بن جعفر اليحصبي، ولا أعرفه ؛ وبتلمسان من: محمد بن عبد الرحمن التجيبي ؛ وبسبتة من: القاضي أبي محمد بن حوط الله. وقدم ديار مصر، وحدث بها. واختصر الصحيحين، ثم شرح ' مختصر مسلم ' بكتاب سماه ' المُفْهِم ' أتى فيه بأشياء مفيدة. وكان بارعا في الفقه والعربية، عارفاً بالحديث. تُوُفّي بالإسكندرية في رابع عشر ذي القعدة. ويعرف في بلاده بابن المزين. حمل عنه: القاضي جمال الدين المالكي، وجماعة. وقال الدمياطي، أخذت عنه، وأجاز لي مصنفاته. وله كتاب ' كشف القناع عن الوجه والسماع ' أجاد فيه وأحسن. وقد سمع أكثر ' الموطّأ ' في سنة ستمائة من عبد الحق بن محمد بن عبد الحق الخزرجي. أنبا أبي: أنبا ابن الطلاع بسنده: قرأت بخط أبي حيان أنه أحمد بن إبراهيم بن عمر بن أحمد نزيل الإسكندرية، يعرف بابن المزين، صنعة لأبيه ؛ وُلِد بقرطبة بعد الثمانين. سمع من: عبد الحق، وأبي جعفر بن يحيى، وأبي عبد الله التجيبي ؛ وأخذ نفسه بعلم الكلام، وأن الجوهر الفرد لا يقبل الانقسام، وتغلغل في تلك

(48/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 226
الشعاب. ثم نزع إلى علم الحديث وفقهه على تعصب. ولم يكن في الحديث بذاك البارع. وله اقتدار على توجيه المعاني بالاحتمال. وهي طريقة زل فيها كثير من العلماء. وذكر هذا القدر أيضا ابن مسدي في ' معجمه '. 240 - أحمد بن محمد بن أبي الوفاء بن أبي الخطّاب بن محمد بن الهزِبْر. الأديب الكبير، شرف الدين، أبو الطيب ابن الحلاوي الربعي، الشاعر، الموصلي، الجندي. وُلِد سنة ثلاث وستمائة، وقال الشعر الفائق. ومدح الخلفاء والملوك. وكان في خدمة بدر الدين صاحب الموصل. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وكان من ملاح الموصل، وفيه لطف وظرف وخسن عشرة وخفة روح. وله في الملك الناصر داود قصيدة بديعة، منها:
(أحيا بموعده قتيلَ وعيده .......... رشاً يشوب وصاله بصدوده)

(قمرٌ يفوق على الغزالة وجهه .......... وعلى الغزال بمقلتيه وجيده)
وله القصيدة الطنانة التي رواها الدمياطي في ' معجمه ' عنه، وهي:

(48/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 227

(حكاهُ من الغُصْن الرّطِيب ورِيقُه .......... وما الخمرُ إلاّ وجْنَتَاهُ ورِيقُهُ)

(هِلالٌ ولكنْ أُفْقَ قلبي محلُّهُ .......... غزالٌ ولكنْ سفْحُ عيني عقيقُهُ)

(أَقَرَّ لهُ من كلّ حُسْنٍ جليلُهُ .......... ووافَقَهُ من كلّ معنىً دقيقُهُ)

(بديُع اتتني راح قلبي أسيرَهُ .......... على أنّ دمعيَ في الغرام طليقُهُ)

(على سالِفَيْه للعِذار جديده .......... وفي شَفَتَيْه للسُّلافِ عَتيقُهُ)

(يهدّدُ منه الطَّرْفُ مَن ليس خصْمَهُ .......... ويُسكرُ منه الرّيقُ من لا يذوقُهُ)

(على مثله يَستحسنُ الصَّبُّ هَتْكه .......... وفي حبّه يجفو الصّديقَ صديقُهُ)

(من التُركِ لا يصيبه وجُدٌ إلى الحِمى .......... ولا ذِكْرُ باناتِ الغُوَيْر تشوقُهُ)

(له مَبْسمٌ يُنسي المُدام بريقِهِ .......... ويُخجلُ نوّارَ الأقاصي بَريقُهُ)

(تداويتُ من حَرّ الغرام ببَرْدِهِ .......... فأُضرم من ذاك الرحيق حريقُهُ)

(حكى وجهُهُ بدرَ السّماء فلو بدا .......... مع البدْر قال الناّس: هذا شقيقُهُ)

(وأشبه زهْر الرَّوْض حُسْناً وقد بدا .......... على عارِضَيْه آسُه وشقيقُهُ)

(وأشبهت من الخصْر سُقْماً فقد غدا .......... يحمّلني الخصرُ ما لا أطيقُهُ)
في أبيات أخر تركتها. سار مع لؤلؤ فمات بتبريز في جمادى الأولى كهلا. وهو القائل:
(جاء غلامي فشكا .......... أمر كميتي وبكى)

(وقال ليَ لا شكّ .......... بِرْذونك قد تشبَّكا)

(48/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 228

(قد سُقْتُهُ اليوم فما .......... مشى ولا تحرّكا)

(قلت: تخادعني فدعْ .......... حديثَكَ المعلَّكا)

(لو انّه مُسَيَّرٌ .......... لما غدا مشبّكا)

(فَمُذْ رأى حلاوةَ ألفاظ .......... منّي ضَحِكا)
241 - أحمد بن مدرك بن سعيد بن مدرك بن عليّ بن محمد. القاضي أبو المعالي التنوخي، المعري، قاضي المعرة. أخو سعيد وابن عم مظفر. وُلِد سنة أربع وسبعين وخمسمائة بالمعرة، وقدم دمشق فسمع من: الخشوعي، والخطيب أبي القاسم الدولعي، وغيرهما. روى عنه: الدمياطي، والبدر بن التوزي، والعفيف إسحاق، وجماعة. وجده محمد هو أبو المجد أخو الشيخ أبي العلاء بن سليمان المعري. مات بالمعرة في ربيع الأول، وهو من بيت قضاء وتقدم. 242 - أحمد بن مودود بن أبي القاسم. أبو العباس الخلاطي، ثم المكي، الصوفي. يروي عن: يحيى بن ياقوت. وعنه: الدمياطي. تُوُفّي بالقاهرة في ذي القعدة. 243 - إبراهيم بن أبي بكر إسماعيل بن عليّ الزّعبيّ.

(48/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 229
أبو إسحاق البغدادي، المراتبي، الحمامي. سمع من ابن شاتيل كتاب ' الشكر ' لابن أبي الدنيا، وغير ذلك. روى عنه: الدمياطي، وقطب الدين ابن القسطلاني، وعفيف الدين مزروع، ومحمد بن محمد الكنجي. وتفرد في وقته. مات في المحرم أيام الحصار. وقد أجاز عاما. 244 - إبراهيم الزّغبيّ الأسود. من أعيان الفقراء بدمشق. مات في جمادى الأولى، ودفن بالقبة إلى جانب الشيخ رسلان. 245 - إبراهيم بن هبة الله. أبو إسحاق بن بالجيش الموصلي. روى عن: ابن طبرزد، وغيره. وعنه: الدمياطي، وإسحاق الأسدي. قُتِل بحلب. 246 - إبراهيم بن يحيى بن أبي المجد. الإمام أبو إسحاق الأميوطي، الشافعي. وُلِد في حدود السبعين وخمسمائة. وتفقه على جماعة. وولي القضاء بالأعمال، ودرّس بالجامع الظاهري مدة، وأفتى.

(48/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 230
وكان من كبار الأئمة مع ما فيه من الدين والتواضع، والإيثار مع الإقتار، والإفضال مع الإقلال. وكان لطيف الشمائل، مطبوعا ؛ له شعر رائق. كتب عنه الشريف عز الدين وقال: تُوُفّي - رحمه الله - في سابع ذي القعدة. 247 - إسحاق بن عبد المحسن بن صَدَقَة. أبو أيوب البصري، الحنبلي، التاجر، راوي ' جزء ابن بجيد ' عن المؤيد الطوسي، سمعه سنة خمس عشرة. روى عنه: الدمياطي، والعماد ابن البالسي، وابن الظاهري، ومحمد بن إبراهيم ابن القواس، ويحيى بن يحيى بن بكران الجزري حضورا. وحدث في سنة خمس. وكأنه مات في سنة ست. 248 - أسعد بن إبراهيم بن حسن. الأجل مجد الدين النشابي، الكاتب، الإربلي. وُلِد بإربل سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وكان في صباه نشابيا. وتنقل في الجزيرة والشام، ثم وُلّي كتابة الإنشاء لصاحب إربل قبل العشرين

(48/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 231
وستمائة، ونفده رسولا إلى الخليفة. ثم كان في صحبته لما وفد إلى الخليفة الإمام المستنصر بالله في سنة ثمان وعشرين، وحضر مع مخدومه بين يدي المستنصر فأنشد مجد الدين في الحال:
(جلالةُ هيبةِ هذا المقامِ .......... تحيِّرُ عالِمَ عِلْم الكلامْ)

(كأنّ المناجي به قائماً .......... يناجي النّبيّ عليه السّلام)
ثم في سنة تسع وعشرين غضب عليه صاحب إربل وحبسه. ثم خدم بعد موت صاحب إربل ببغداد. ومن شعره:
(ولمّا رأى بالتّرك هتْكي ورام أنْ .......... يكتم منه بهجة لم تكتم)

(تشبّه بالأَعراب عند التثامه .......... بعارضه يا طِيب لثْم الملثّم)

(شكا خصره من ردفه فتراضيا .......... بفصلهما بند القباء المكرم)

(ورد جيوش العاشقين لأنّه .......... أتاهم بخطّ العارض المتحكم)
اختفى مجد الدين النشابي أيام التتار ببغداد، وسلم. ثم مات في أثناء السنة. 249 - إسماعيل بن محمد بن يوسف. برهان الدين أبو إبراهيم الأنصاري، الأندلسي، الأبدي. سمع بدمشق من: عمر بن طبرزد ؛ وبمكة من جماعة.

(48/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 232
وأم بالصخرة مدة. وكان فاضلا صالحا، شاعرا. وأبّدة، بالباء المشددة، بُلَيْدة بالأندلس. تُوُفّي في الثالث والعشرين من المحرم بالقدس. 250 - إياس. أبو الجود، وأبو الفتح، مولى التاج الكندي، مشرف الجامع الأموي، والمتكلم في بسطه وحصره وزيته. وكان حنفيا. حدَّث عن: معتقه الكندي. وكان مولده بأنطاكية في حدود الثمانين وخمسمائة. روى عنه: الدمياطي، وزين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال. تُوُفّي رحمه الله في جمادى الأولى.
- حرف الباء -
251 - بكُتوت العزيزيّ. الأمير الكبير، سيف الدين، أستاذ دار السلطان الملك الناصر. كان ذا حرمة وافرة، ورتبة عالية، ومهابة شديدة ويد مبسوطة، وبيده الإقطاعات الضخمة. وله الأموال الجمة. وكان شجاعا جيد السياسة. تُوُفّي مجردا بالنواحي القبلية، ودخل غلمانه وأعلامه منكسة والسروج مقلبة. ويقال إن ابن وداعة سمه في بطيخة. ومنذ تُوُفّي وقع الخلل وتغيرت أحوال الملك الناصر يوسف.
- حرف الحاء -
252 - حاصر بن محمد بن حاصر.

(48/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 233
أبو العلاء البلنسي، الحكيم، المحدث. سمع ببلنسية من: الحافظ أبي الربيع بن سالم الكلاعي ؛ وبتونس من جماعة، وبالإسكندرية وديار مصر من أصحاب السلفي. ومن: ابن المقر. وحدث. ومات في هذه السنة. 253 - الحسن بن أبي العباس أحمد بن أبي طاهر الحسن بن عبد الله بن الحسين. شرف الدين، أبو طاهر التميمي، المعري، ثم الدمشقي، الطبيب. سمع من: أبي سعد عبد الواحد بن علي بن محمد بن حمويه، وأبي طاهر الخشوعي. روى عنه: الدمياطي والعفيف إسحاق، والشمس ابن الزراد، ومحمد بن المحب، وغيرهم وحدث بدمشق ومصر. ومات في ثامن عشر ربيع الآخر وله ثمانون سنة. ودُفن بقاسيون. يروي ' مشيخة ' وجيه. 254 - الحسن بن كُرّ. الأمير الكبير فتح الدين البغدادي. من أكبر الزعماء. كان موصوفا بالشجاعة والكرم وأصالة الرأي. قيل إنه ما أكل شيئا إلا وتصدق بمثله. وكان يحب الفقراء. استشهد في ملتقى هولاكو. نقله الظهير الكازروني.

(48/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 234
255 - الحسن بن محمد بن أبي الفتوح محمد بن أبي سعد محمد بن محمد بن عَمْرُوك بن محمد بن عبد الله بن حسن بن القاسم بن عْلقمة بن النَّصْر بن مُعاذ بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن الصّديق أبي بكر رضي الله عنه. الشريف الحافظ، صدر الدين أبو علي القرشي، التيمي، البكري، النيسابوري، ثم الدمشقي، الصوفي. وُلِد بدمشق في سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وسمع بمكة من: جده، ومن أبي حفص عمر بن عبد المجيد الميانشي ؛ وبدمشق من: ابن طبرزد، وحنبل، وجماعة ؛ وبنيسابور من: المؤيد الطوسي، وزينب، والقاسم بن الصفار ؛ وبهراة من: أبي روح، وجماعة ؛ وبمرو من: أبي المظفر بن السمعاني ؛ وبإصبهان من: أبي الفتوح محمد بن محمد بن الجنيد، ومحمد بن أبي طالب بن شهريار، وعين الشمس الثقفية، وحفصة بنت حمكا، ومحمد بن أبي طاهر بن غانم، وداود بن معمر، وجماعة. وبهمدان من: أبي عبد الله محمد بن أحمد الروذراوري. وببغداد من: عبد العزيز بن الأخضر، ومن: الحسين بن شنيف، وأحمد بن الحسن العاقولي، وجماعة.

(48/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 235
وبإربل من: عبد اللطيف بن أبي النجيب السهروردي ؛ وبالموصل من: محمد بن عبد الرحمن الواسطي. وبحلب من: الإفتخار عبد المطلب، وبالقدس من: أبي الحسن علي بن محمد المعافري. وبالقاهرة من: أبي القاسم عبد الرحمن مولى ابن باقا، وطائفة من أصحاب ابن رفاعة، والسلفي. وعني بهذا الشأن أتم عناية، وكتب العالي والنازل، وخرج وصنف. وشرع في جمع تاريخ ذيلا ' لتاريخ دمشق '، وحصل منه أشياء حسنة، وعدم بعد موته. وروى الكتب الكبار ' كالأنواع ' لابن حبان، و ' الصحيح ' لأبي عوانة، ' والصحيح ' لمسلم، وخرّج ' الأربعين البلدية '. وسمع من: الشيخ تقي الدين ابن الصلاح بخراسان أحاديث عن أبي روح، وحمل عنهم خلق كثير منهم: الدمياطي، والقطب القسطلاني، والمحب عبد الله بن أحمد، وأخوه محمد بن أحمد، والشرف عبد الله بن الشيخ، والضياء محمد بن الكمال أحمد، والشمس محمد بن الزراد وهو راويته، والتاج أحمد بن مزيز، وأبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن الدقاق، والجمال علي بن الشاطبي، والعماد ابن البالسي، وأخوه عبد الله، والزين أبو بكر بن يوسف المقرئ، والبدر محمد بن التوزي، وعبد العزيز بن يعقوب الدمياطي، وأبو الفتح القرشي. وولي مشيخة الشيوخ بدمشق وحسبتها. ونفق سوقه في دولة المعظم. كان جدهم عمروك بن محمد من أهل مدينة طيبة فدخل نيسابور وسكنها. وأصاب الفالج أبا علي قبل موته بسنتين. وانتقل في أواخر عمره إلى مصر فتُوُفّي بها في حادي عشر ذي الحجة. وليس هو بالقوي. ضعفه عمر بن الحاجب فقال: كان إماما، عالما، لسنا، فصيحا، مليح الشكل، أحد الرحالين في الحديث، إلا أنه كان كثير البهت، كثير الدعاوَى، عنده مداعبة ومجون.

(48/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 236
داخل الأمراء وولي الحسبة، ثم ولاه المعظم مشيخة الشيوخ، وقرئ منشوره بالسميساطية، ودام على ذلك مدة. ولم يكن محمودا بعدد مظالم. وكان عنده نداوة لسان، سألت الحافظ ابن عبد الواحد عنه فقال: بلغني أنه كان يقرأ على الشيوخ، فإذا أتى إلى كلمة مشكلة تركها ولم يبينها. وسألت البرزالي عنه فقال: كان كثير التخليط. 256 - الحسين بن إبراهيم بن الحسين بن يوسف. الإمام شرف الدين، أبو عبد الله الهذباني، الإربلي، الشافعي، اللغوي. وُلِد سنة ثمان وستين وخمسمائة بإربل. وقدم الشام. فسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وحنبل، وابن طبرزد، ومحمد بن الزنف، والكندي، وطائفة. ورحل وهو كهل، فسمع ببغداد من: أبي علي بن الجواليقي، والفتح بن عبد السلام، وعبد السلام الداهري. وقد عُنِي عناية وافرة بالأدب، وحفظ ' ديوان المتنبي ' و ' الخطب النباتية ' و ' مقامات الحريري '. وكان يعرف هذه الكتب ويحل مشكلها ويقرئها. وتخرج به جماعة من الفضلاء. وكان دَيِّناً، ثقة، جليلا.

(48/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 237
روى عنه: الدمياطي، والخطيب شرف الدين، والمخرمي، ومحمد بن الزراد، وعبد الرحيم بن قاسم المؤدب، وأبو الحسين اليونيني، وأخوه قطب الدين، وأبو علي بن الخلال، وجماعة. وتُوُفّي في ثاني ذي القعدة بدمشق. 257 - الحسين بن محمد بن الحسين بن علوان. المولى الكبير، عز الدين، أخو شيخ الشيوخ صدر الدين ابن النيار. كان وكيل أولاد المستعصم بالله، وكان يدري الجبر والمقابلة. قال لنا الظهير الكازروني في ' تاريخه ': لما شاهد القتل فدى نفسه بعشرة آلاف دينار فأطلق، وأوى إلى مدرسة مجد الدين. ثم أدركته المنية في ربيع الأول، يعني بعد شهر، رحمه الله تعالى. 258 - حمزة بن عليّ بن حمزة بن عليّ بن حمزة بن أحمد بن أبي الحَجّاج. أبو يعلى العدوي، الدمشقي، المعدل. حدَّث عن: الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، والأبيوردي. تُوُفّي في صفر بدمشق.

(48/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 238

- حرف الدال -
259 - داود بن عمر بن يوسف بن يحيى بن عمر بن كامل. الخطيب، عماد الدين، أبو المعالي، وأبو سليمان الزبيدي، المقدسي، ثم الدمشقي، الشافعي، خطيب بيت الأبار، وابن خطيبها، وبها وُلِد في سنة ست وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وعبد الخالق بن فيروز الجوهري، وعمر بن طبرزد، وحنبل، والقاسم بن عساكر، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وزين الدين الفارقي، والعماد ابن البالسي، والشمس نقيب المالكي، والخطيب شرف الدين، والفخر بن عساكر، وولده الشرف محمد بن داود، وطائفة من أهل القرية. وكان ديّناً، مهذبا، فصيحا، مليح الخطابة، لا يكاد أن يسمع موعظته أحد إلا وبكى. خطب بدمشق ودرس بالزاوية الغزالية في سنة ثمان وثلاثين بعد الشيخ عز الدين ابن عبد السلام لما انفصل عن دمشق. ثم عُزل العماد بعد ست سنين ورجع إلى الخطابة في القرية. تُوُفّي في حادي عشر شعبان، ودفن ببيت الأبار، وحضره خلق من أهل المدينة، رحمه الله تعالى. 260 - داود.

(48/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 239
السلطان الملك الناصر صلاح الدين، أبو المفاخر، وأبو المظفر بن السلطان الملك المعظم شرف الدين عيسى بن العادل محمد بن أيوب بن شادي بن مروان. وُلِد بدمشق في جمادى الآخرة في سنة ست وستمائة. وسمع ببغداد من: أبي الحسن القطيعي، وغيره. وبالكرك من: ابن اللتي. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وأبو رَوْح عبد العز. وكان حنفي المذهب، عالما، فاضلا، مناظرا، ذكيا، له اليد البيضاء في الشعر والأدب، لأنه حصل طرفا جيدا من العلوم في دولة أبيه. وولي السلطنة في سنة أربع وعشرين بعد والده، وأحبه أهل دمشق. ثم سار عمه الملك الكامل من الديار المصرية لأخذ الملك منه، فاستنجد بعمه الأشرف فجاء لنصرته ونزل بالدهشة، ثم تغير عليه ومال إلى أخيه الكامل، وأوهم الناصر أنه يصلح قضيته، فسار إلى الكامل، واتفقا على الناصر وحاصراه، كما ذكرنا في الحوادث، أربعة أشهر، وأخذا منه دمشق، وسار إلى الكرك، وكانت لوالده، وأُعطيَ معها الصلت ونابلس وعجلون وأعمال القدس.

(48/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 240
وعقد نكاحه على بنت عمه الكامل سنة تسع وعشرين. ثم تغير عليه الكامل تغيرا زائدا، ففارق ابنته قبل الدخول. ثم إن الناصر بعد الثلاثين قصد الإمام المستنصر بالله وقدم له تحفا ونفائس، وسار إليه على البرية، والتمس الحضور بين يديه كما فعل بصاحب إربل، فامتنعوا عليه، فنظم هذه القصيدة:
(وبانٍ أَلَمَّتْ بالكثيب ذوائبُهُ .......... وجنْحُ الدُّجَى و [خفٌ] تجولُ غياهِبُهْ)

(تُقَهقهُ في تلك الرُّبُوع رُعُودُهُ .......... وتبكي على تلك الطُّلُول سحائبُهْ)

(أرِقْتُ له لمّا توالتْ بروقُهُ .......... وحُلّتْ عزاليه، وأُسبلَ سالبُهْ)

(إلى أن بدا من أشقر الصُّبْح قادمٌ .......... يُراعُ له من أَدْهم اللَّيل هاربُهْ)

(وأصبح ثغرُ الأُقْحُوانةِ ضاحكاً .......... تُدغدغُهُ رِيح الصَّبا وتُلاعبُهْ)
وهي قصيدة طنانة طويلة يقول فيها:
(ألا يا أمير المؤمنين، ومَن غَدَتْ .......... على كاهل الجَوْزاء تَعْلُو مراتبُهْ)

(أَيَحْسُنُ في شَرْع المعالي ودينِها .......... وأنت الّذي تُعْزَى إليه مذاهبُهْ)

(بأنّي أخوض الدّوّ والدّوُّ مُقْفِرٌ .......... سباريته مُغْبَرَّةٌ وسباسِبُهْ)

(وقد رصد الأعداء لي كلَّ مرصدٍ .......... وكُلُّهم نحوي تَدُبّ عقاربُهْ)

(وآتيك والعضْبُ المُهَنَّد مُصْلَتٌ .......... طريرٌ شبَاهُ، قانياتٌ ذوائبُهْ)

(وأُنزلُ آمالي ببابك راجِياً .......... [فواضلَ جاهٍ] يبهرُ النَّجم ثاقبه)

(فتقبلُ منّي عبدَ رِقٍّ فيغتدي .......... له الدّهر عبداً طائعاً لا يغالبُهْ)

(وتُنعم في حقّي بما أنت أهلُهُ .......... وتُعْلي محلّي فالسُّها لا يقارِبُهْ)

(وتُلبسني من نسْج ظِلّك حلّةً .......... يُشرِّفُ قدرَ النَّيِّرَينْ جلائبُهْ)

(48/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 241

(وتُركبني نُعمَى أياديك مركباً .......... على الفَلَكِ الأعلى تسير مراكبُهْ)

(وتسمحُ لي بالمال، والجاهُ بُغْيتي .......... وما الجاهُ إلاّ بعضُ ما أنتَ واهبُهْ)

(ويأتيك غيري من بلادٍ قريبةٍ .......... له الأمنُ فيها صاحبٌ لا يجانبُهْ)

(فيلقى دُنّوّاً منك لم ألقَ مثلهُ .......... ويحظى ولا أحظى بما أنا طالبُهْ)

(وينظر من لألاءِ قُدْسك نظرةً .......... فيرجع والنّورُ الإماميَّ صاحبُهْ)

(ولو كان يعلوني بنفسٍ ورُتبةٍ .......... وصدقِ وَلاءٍ لستُ فيه أصاقبُهْ)

(لَكُنْتُ أُسَلِّي النَّفْسَ عمّا ترومُهُ .......... وكنتُ أَذودُ العَيْن عمّا تراقبُهْ)

(ولكنّه مثلي ولو قلت إنّني .......... أزيدُ عليه لم يعِبْ ذاك عائبُهْ)

(وما أنا ممّن يملأ المالُ عينَهُ .......... ولا بِسِوى التّقريب تُقضَى مآربُهْ)

(ولا بالّذي يرضى دون نظيرهِ .......... ولو انجلت بالنَّيِّران مراكبُهْ)

(وبي ظمأٌ وُرْؤياكَ منْهلُ رّيهِ .......... ولا غرو أن تصفوا لي مشاربُهْ)

(ومن عجب أنّي لدى البحر واقفٌ .......... وأشكو الظَّمأ، والجم جمٌّ عجائبُهْ)

(وغيرُ مَلُومٍ مَن يؤمَّكَ قاصداً .......... إذا عَظُمَتْ أغراضُه ومذاهبُهْ)
فوقعت هذه القصيدة من المستنصر بموقع، وأدخله عليه ليلا، وتكلم معه في أشياء من العلوم والآداب، ثم خرج سرا. وقصد المستنصر بذلك رعاية الملك الكامل. ثم حضر الناصر بالمدرسة المستنصرية، وبحث واعترض واستدل، والخليفة في روشن بحيث يسمع، وقام يومئذ الوجيه القيرواني فمدح الخليفة بقصيدة جاء منها:

(48/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 242

(لو كنت في يوم السّقيفة حاضراً .......... كنتَ المقدَّم والإمامَ الأورعا)
قال الناصر: أخطأت، قد كان حاضرا العباس جد أمير المؤمنين، ولم يكن المقدم إلا أبو بكر، رضي الله عنه. فخرج الأمر بنفي الوجيه، فذهب إلى مصر، وولي بها تدريس مدرسة ابن سكر. ثم إن الخليفة خلع على الناصر فألبسه الخلعة بالكرك، وركب بالأعلام الخليفتية وزيد في ألقابه: ' المولى المهاجر '. ثم وقع بين الكامل والأشرف، وطلب كل منهما من الناصر أن يكون معه، فرجح جانب الكامل، وجاءه من الكامل في الرسلية القاضي الأشرف ابن القاضي الفاضل. ثم سار الناصر إلى الكامل، فبالغ الكامل في تعظيمه وأعطاه الأموال والتحف. ثم اتفق موت الملك الأشرف وموت الكامل، وكان الناصر بدمشق بدار أسامة، فتشوف إلى السلطنة، ولم يكن حينئذ أميز منه، ولو بذل المال لحلفوا له. ثم سلطنوا الملك الجواد، فخرج الناصر عن البلد إلى القابون، ثم سار إلى عجلون وندم، فجمع وحشد ونزل على السواحل فاستولى عليها. فخرج الجواد بالعساكر، فوقع المصاف بين نابلس وجينين، فانكسر الناصر واحتوى الجواد على خزائنه وأمواله، وكان ثقل الناصر على سبعمائة جمل، فافتقر ولجأ إلى الكرك، ونزل الجواد على نابلس، وأخذ ما فيها للناصر. وقد طول شيخنا قطب الدين ترجمة الناصر وجودها، وهذا مختار منها. ولما ملك الصالح نجم الدين أيوب دمشق وسار لقصد الديار المصرية جاء عمه الصالح إسماعيل وهجم على دمشق فتملكها. فتسحب جيش نجم الدين عنه، وبقي بنابلس في عسكر قليل، فنفذ الناصر من الكرك عسكرا قبضوا على نجم الدين وأطلعوه إلى الكرك، فبقي معتقلا عنده في كرامة. وكان الكامل قد سلم القدس إلى الفرنج، فعمروا في غربية قلعة عند موت

(48/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 243
الكامل واضطراب الأمور واختلاف الملوك، فنزل الناصر من الكرك وحاصرها، ونصب عليها المجانيق فأخذها بالأمان وهدمها، وتملك القدس، وطرد من به من الفرنج، فعمل جمال الدين ابن مطروح:
(المسجد الأقصى له عادةٌ .......... سارت فصارت مَثَلاً سائرا)

(إذا غدا بالكُفْر مُسْتَوطناً .......... أنْ يبعث الله له ناصرا)

(فناصرٌ طهَّرَهُ أوّلاً .......... وناصرٌ طهَّره آخِرا)
ثم إنه كلم الصالح نجم الدين وقال له: إن أخرجتك وملكتك الديار المصرية، ما تفعل معي؟ قال: أنا غلامك وفي أسرك، قل ما شئت. فاشترط عليه أن يعطيه دمشق ويعينه على أخذها وأن يمكنه من الأموال، وذكر شروطا يتعذر الوفاء بها. ثم أخرجه وسار معه وقد كاتبه أمراء أبيه الكامل من مصر، وكرهوا سلطنة أخيه العادل. فلما تملك الديار المصرية وقع التسويف من الصالح والمغالطة، فغضب الناصر ورجع، وقد وقعت الوحشة بينهما. وزعم الصالح أنه إنما حلف له مكرها وقال: كنت في قبضته. وحكى ابن واصل عن صاحب حماه المنصور أن الملك الصالح لما استقر بمصر قال لبعض أصحابه: امض إلى الناصر وخوفه مني بالقبض عليه لعله يرحل عنا. فجاء ذلك وأوهمه، فسارع الخروج إلى الكرك. ثم إن الصالح أساء العشرة في حق الناصر وبعث عسكرا فاستولوا على بلاد الناصر، ولم يزل كل وقت يضايقه ويأخذ أطراف بلاده حتى لم يبق له إلا الكرك. ثم في سنة أربع وأربعين نازله فخر الدين ابن الشيخ. وحاصره أياما ورحل. وأما الناصر فقل ما عنده من المال والذخائر، واشتد عليه الأمر، فعمل هذه الأبيات يعاتب فيها ابن عمه الملك الصالح:
(عمّي أبوكَ، ووالدي عمّ، به .......... يعلو انتسابُك كلَّ ملكٍ أَصْيَدِ)

(48/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 244

(دَعْ سيفَ مِقْوليَ البليغِ يذبّ عن .......... أعراضِكم بفِرِنْدِه المتوقِّدِ)

(فهو الذي قد صاغ تاجَ فَخارِكم .......... بمفصّلٍ من لؤلؤ وزبرجدِ)

(لولا مقالُ الهَجْر منك لمَا بدا .......... منّي افتخارٌ بالقريضِ المُنْشَدِ)
ثم أخذ - رحمه الله - يفتخر ويذكر جوده وجلالته، ويعرض باعتقاله للصالح وإخراجه. وفي سنة ست وأربعين قدم العلامة شمس الدين الخسروشاهي على الملك الصالح نجم الدين أيوب وهو بدمشق رسولا من الناصر، ومعه ولد الناصر الأمجد حسن، ومضمون الرسالة: إن تتسلم الكرك وتعوضني عنها الشوبك وخبزا بمصر. فأجابه ثم رحل إلى مصر مريضاً. ثم انثنى عزم الناصر عن ذلك لما بلغه مرض الصالح وخروج الفرنج. ثم دخلت سنة سبع، وضاقت يد الناصر عليه كلف السلطنة، فاستناب ابنه المعظم عيسى بالكرك، وأخذ ما يعز عليه من الجواهر، ومضى إلى حلب مستجيرا بصاحبها كما فعل عمه الصالح إسماعيل، فأكرمه. وسار من حلب إلى بغداد، فأودع ما معه من الجواهر عند الخليفة، وكانت قيمتها أكثر من مائة ألف دينار، ولم يصل بعد ذلك إليها. وأما والده الظاهر والأمجد، فإنهما تألما لكونه استناب عليهما المعظم، وهو ابن جارية، وهما ابنا بنت الملك الأمجد بن الملك العادل، فأمهما بنت عمه وبنت عم الصالح، وكانت محسنة إلى الصالح لما كان معتقلا بالكرك غاية الإحسان، وكان ولداها يأنسان به ويلازمانه، فاتفقا مع أمهما على القبض على الملك المعظم فقبضا عليه، واستوليا على الكرك، ثم سار الأمجد إلى المنصورة فأكرمه الصالح وبالغ، فكلمه في الكرك، وتوثق منه لنفسه وإخوته، وأن يعطيه خبزا بمصر، فأجابه، وسير إلى الكرك الطواشي بدر الدين الصوابي نائبا له. فجاء إلى السلطان أولاد الناصر وبيته فأقطعهم إقطاعات جليلة، وفرح بالكرك غاية الفرح مع ما هو فيه من المرض المخوف، وزينت مصر لذلك.

(48/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 245
وبلغ الناصر داود ذلك وهو بحلب، فعظم ذلك عليه. ثم لم يلبث الصالح أن مات، وتملك بعده ابنه تورانشاه قليلا، وقُتِل، فعمد الطواشي فأخرج الملك المغيث عمر بن الملك العادل بن السلطان الملك الكامل من حبْس الكرك، وملّكه الكرك والشوبك. وجاء صاحب حلب فتملك دمشق، ثم مرض بها مرضا شديدا، ومعه الصالح إسماعيل والناصر داود. فقيل إن داود سعى في تلك الأيام في السلطنة. فلما عوفي السلطان بلغه ذلك، فقبض عليه وحبسه بحمص، ثم أخرج عنه بعد مدة بشفاعة الخليفة، فتوجه إلى العراق فلم يؤذن له في دخول بغداد، فطلب وديعته فلم يحصل له. ثم رد إلى دمشق. ثم سار إلى بغداد في سنة ثلاث وخمسين بسبب الوديعة ولجج، وكتب معه الناصر صاحب الشام كتابا إلى الخليفة يشفع فيه في رد وديعته، ويخبر برضاه عنه، فسافر ونزل بمشهد الحسين بكربلاء وسير إلى الخليفة قصيدة يمدحه ويتلطفه، فلم ينفع ذلك. وهذه القصيدة:
(مقامُكَ أعلى في النُّفوس وأعظَمُ .......... وحلمُكَ أرجَى في النُّفُوس وأكرمُ)

(فلا عجبٌ إنْ غُصَّ بالشِّعر شاعرٌ .......... وفُوّهَ مصطكُّ الّلهاتِن مُعْجِمُ)

(إليكَ أميرَ المؤمنين تَوَجُّهي .......... بوجهِ رجاءٍ عنده منكَ أنعُمُ)

(إلى ماجدٍ يرجوه كلّ مُمَجّدٍ .......... عظيمٍ ولا يرجوه إلاّ معظَّمُ)

(ركبتُ إليه ظَهْرَ يهماء قفرةٍ .......... بها تُسرِجُ الأعداءُ خيلاً وتُلجِمُ)

(وأشجارها يَنعٌ، وأحجارُها لمى .......... وأعشابُها نبْلٌ، وأمواهُهِا دمُ)

(رميتُ فَيَافيها بكلّ نجيبةٍ .......... بنسبتها يعلُو الجذيلُ وشَدْقَمُ)

(تُجاذِبُنا فضلَ الأزِمّة بعدما .......... براهُنَّ موصولٌ من السَّيْر مبرمُ)

(48/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 246

(تسَاقَيْنَ من خمر الدّلال مُدامةً .......... فلا هُنَّ أيْقاظٌ، ولا هُنَّ نُوَّمُ)

(بطش الحصى في جَمْرة الَقْيظ بعدما .......... غدا يتبعُ الجبّارَ كلبٌ ومِرْزَمُ)

(يلوح سناريب الفَلاةِ مُسَطّراً .......... بأخفافها منه فصيحٌ وأعجمُ)

(تخالُ ابيضاض القاع تحتَ احمرارِها .......... قراطيسَ أوراق علاهنَّ عَنْدَمُ)

(فلمّا توسّطْن السماوةَ واغْتَدَتْ .......... تلفّتُ نحوَ الدّارِ شَوْقاً وتُرزِمُ)

(وأصبحَ أصحابي نَشَاوىَ من السُّرَى .......... تدورُ عليهم كرمه وهو مفحمُ)

(تنكَّرَ للخرّيت بالبِيدِ عُرْفُهُ .......... فلا عَلَمٌ يَعْلُو ولا النَّجمُ ينْجُمُ)

(فظلَّ لإِفْراط الأَسَى متندّماً .......... وإنْ كان لا يُجْدي الأسى والتَّنَدُّمُ)

(بسيوف الرُّغامَ ظلّله لهدايةٍ .......... ومنْ بالرُّغامِ يهتدي فهو يُرْغَمُ)

(يُنَاجي فِجاجَ الدّوِّ، والدّوُّ صامتٌ .......... فلا يسمعُ النَّجْوَى، ولا يتكلَّمُ)

(على حين قال الظّبيُ، والظّلُّ قالصٌ .......... وإذ مدت الغبراء، فهي جهنَّمُ)

(ووسَّع ميدانُ المنايا لخيلِهِ .......... وضاقَ مَجَالُ الرّيقِ والتحمَ الفمُ)

(فوحشُ الرّزايا بالرّزِيَّة حُضَّرٌ .......... وطيرُ المنايا بالمَنِيَّةِ حُوَّمُ)

(فلمّا تبدَّت كربلاء وتبيَّنتْ .......... قِبابٌ بها السِّبْطُ الشَّهيدُ المكرَّمُ)

(ولذتُ به متشفِّعاً مُتَحرّماً .......... كما يفعل المستشفعُ المتحرِّمُ)

(وأصبَح لي دون البريّة شافعاً .......... إلى مَن به مُعوجُّ أمري مُقَوّمُ)

(أنخْتُ رِكابي حين أيقنتُ أنّني .......... بباب أميرِ المؤمنين مُخَيّمُ)

(بحيث الأماني للأمان قسيمةٌ .......... وحيثُ العطايا بالعواطفِ تَقسَّمُ)

(عليك أمير المؤمنين تَهَجُّمي .......... بنفسٍ على الجَوْزاء لا تتهجَّمُ)

(تلوم أنْ تغشى الملوكَ لحاجةٍ .......... ولكنّها بي عنكَ لا تتلوَّمُ)

(فصُنْ ماءَ وجهي عن سِواكَ فإنّه .......... مَصُونٌ فصوناه الحياءُ والتكَرُّمُ)

(48/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 247

(ألستُ بعبدٍ حُزْتني عن وراثةٍ .......... له عندكم عهدٌ تقادَمَ مُحكمُ)

(ومثليَ يُحْبى للفُتُوق ورتِقها .......... إذا هزّ خطّيٌّ، وجُرَّدَ مِخْذَمُ)

(فلا زلتَ للآمال تبقى مُسلّماً .......... وتغتابك الأملاك وهي تُسلّمُ)
وحج رحمه الله وأتى المدينة وقام بين يدي الحجرة الشريفة منشدا قصيدة بديعة يقول فيها:
(إليكَ امتطينا اليعملاتِ رواسماً .......... يَجُبْنَ الفَلا ما بين رضْوَى ويذْبُلِ)

(إلى خير من أطْرَتْهُ بالمدح أَلْسُنٌ .......... فصدَقها نصُّ الكتاب المُنَزَّلِ)

(إليك - رَسَولَ الله - قمتُ مُجمجماً .......... وقد كلّ عن نقل البلاغةِ مِقولي)

(وأدهشني نورٌ تألَّقَ مشرقاً .......... يلوحُ على سامي ضريحكَ من علِ)

(ثَنَتني عن مدحي لمجدك هيبة .......... يراع لها قلبي ويرعد مفصلي)

(وعِلمي بأنَّ اللهَ أعطاكَ مِدحةً .......... مُفصَّلُها في مُجْمَلاتِ المُفَصَّلِ)
ثم أحضر شيخ الحرم والخدام، ووقف بين الضريح مستمسكا بسجف الحجرة الشريفة، وقال: اشهدوا أن هذا مقامي من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخلت عليه مستشفعا به إلى ابن عمه أمير المؤمنين في رد وديعتي. فأعظم الناس هذا وبكوا، وكُتِب بصورة ما جرى إلى الخليفة. ولما كان الركب في الطريق خرج عليهم أحمد بن حجي بن بريد من آل مري يريد نهب الركب، فوقع القتال وكادوا يظفرون بأمير الحاج، فجاء الناصر يشق الصفوف، وكلم أحمد بن حجي، وكان أبوه حجي صاحبا للناصر وله

(48/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 248
عليه أياد، فانقاد له. ثم جاء الناصر ونزل بالحلة، وقرر له راتب يسير، ولم يحصل له مقصود. فجاء إلى قرقيسيا ومنها إلى تيه بني إسرائيل، وانضم إليه عربان، وذلك في أوائل سنة ست هذه، أو قبيل ذلك، فخاف المغيث منه فراسله وأظهر له المودة، وخدعه المغيث إلى أن قبض عليه وعلى من معه من أولاده، وحبسه بطور هارون، فبقي به ثلاث ليال. واتفق أن المستعصم بالله دهمه أمر التتار فنفذ إلى صاحب الشام يستمده، ويطلب منه جيشا يكون عليهم الناصر داود، فبعث صاحب الشام الملك الناصر يطلب الناصر من المغيث، فأخرجه المغيث، فقدم دمشق ونزل بقرية البويضا بقرب البلد، وأخذ يتجهز للمسير، فلم ينشب أن جاءت الأخبار بما جرى على بغداد، فلا قوة إلا بالله. وعرض طاعون بالشام عقيب ما تم على العراق، فطعن الناصر في جنبه. قال ابن واصل: وكثر الطاعون بالشام مع بعد مسافة بغداد. وحكى جالينوس أنه وقعت ملحمة في بلاد اليونان فوقع الوباء بسببها في بلاد النوبة مع بعد المسافة. قال ابن واصل: حكى لي عبد الله بن فضل أحد ألزام الناصر داود قال: اشتد الوباء فتسخطنا، فقال لنا الناصر: لا تفعلوا، فإنه لما وقع بعمواس زمن عمر رضي الله عنه قال بعض الناس: هذا رجز. فذكر الخبر بطوله، وأن معاذا قال: اللَّهُمَّ أَدْخِل على آل مُعاذ منه أَوْفَى نصيب. فمات مُعاذ وابنُه. ثم ابتهل الناصر وقال: اللَّهُمّ اجعلنا منهم وارزُقنا ما رزقتهم. ثم أصبح من الغد أو بعده مطعوناً. قال عبد الله: وكنت غائبا فجئت إليه وهو يشكو ألما مثل طعن السيف في جنبه الأيسر. قال ابن واصل: وحكى لي ولده المظفر غازي أن أباه سكن جنبه الأيسر فنام، ثم انتبه فقال: رأيت جنبي الأيسر يقول للأيمن: أنا صبرت لنوبتي، والليلة نوبتك، فاصبر كما صبرت. فلما كان عشية شكا ألما تحت جنبه الأيمن، وأخذ يتزايد، فبينا أنا عنده بين الصلاتين وقد سقطت قواه، إذ أخذته سنة فانتبه وفرائصه ترعد، فقال لي: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والخضر عليه السلام، فدخلا إلي، وجلسا عندي، ثم انصرفا.

(48/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 249
فلما كان في آخر النهار قال: ما بقي في رجاء، فتهيأ في تجهيزي. فبكيت وبكى الحاضرون، فقال: لا تكن إلا رجلا. لا تعمل عمل النساء. وأوصاني بأهله وأولاده، ثم قمت في الليلة في حاجة، فحدثني بعض فمن تركته عنده من أهله أنه أفاق مرعوبا فقال: بالله تقدموا إلي فإني أجد وحشة. فسئل: مم ذلك؟ فقال: أرى صفا عن يميني فيهم أبو بكر وسعد وصورهم جميلة، وثيابهم، بيض، وصفا عن يساري صورهم قبيحة فيهم أبدان بلا رؤوس وهؤلاء يطلبوني، وهؤلاء يطلبوني، وأنا أريد أروح إلى أهل اليمين. وكلما قال لي أهل الشمال مقالتهم قلت: والله ما أجيء إليكم، خلوني. ثم أغفى إغفاءة، ثم استيقظ فقال: الحمد لله خلصت منهم. قلت: وذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد جاء وجلس عنده. وقال لابنه شهاب الدين غازي: تهيأ في تجهيزي ولا تغير هيئتك. وتُوُفّي ليلة الثامن والعشرين من جمادى الأولى. وركب السلطان إلى البويضا، وأظهر التأسف والحزن عليه، وقال: هذا كبيرنا وشيخنا. ثم حمل إلى تربة والده بسفح قاسيون. وكانت أمه خوارزمية عاشت بعده مدة. وكان جوادا ممدحا. ولم يزل في نكد وتعب لأنه كان ضعيف الرأي فيما يتعلق بالمملكة. وكان معتنيا بتحصيل الكتب النفيسة، وتفرقت بعد موته. وقد وفد عليه راجح الحلي الشاعر وامتدحه، فوصل إليه منه ما يزيد على أربعين ألف درهم، وأعطاه على قصيدة واحدة ألف دينار. وأقام عنده الخسروشاهي، فوصله بأموال جمة. قال أبو شامة: تملك الناصر دمشق بعد أبيه نحوا من سنة، ثم اقتصر له على الكرك وأعماله. ثم سُلِبَ ذلك كله كما سُلِبه الإسكندر بن فيلبس، وصار متنقلا في البلاد، موكلا عليه، وتارة في البراري إلى أن مات موكلا عليه بالبويضا قبلي دمشق، وكانت لعمه مجير الدين ابن العادل.

(48/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 250
صُلِّيَ عليه عند باب النصر، ودفن عند أبيه بدير مران. قلت: وقد روى عنه الدمياطي حديثا وقصيدة، وقال: أنا العلامة الفاضل الملك الناصر. وقال ابن واصل: عُمُرُهُ نحو ثلاث وخمسين سنة، وكان قد استولى عليه الشيب استيلاء كثيرا، رحمه الله.
- حرف الراء -
261 - رُكْن الدّين ابن الدُّوَيْدار الكبير. من كبار الدولة المستعصمية، واسمه عبد الله بن الطبرسي. كان شابا مليحا، شجاعا، كريما. استشهد في ملتقى جيش هولاكو في المحرم.
- حرف الزاي -
262 - زُهير بن محمد بن عليّ بن يحيى بن الحسن بن جعفر.

(48/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 251
الأديب البارع، الصاحب، بهاء الدين، أبو الفضل، وأبو العلاء الأزدي، المهلبي، المكي، ثم القوصي، المصري، الشاعر، الكاتب. وُلِد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بمكة. وسمع من: علي بن أبي الكرم البناء، وغيره. وله ديوان مشهور. تقدم عند الملك الصالح نجم الدين وكتب له الإنشاء. ذكره قطب الدين فقال: وُلد بوادي نخلة بالقرب من مكة، وربي بالصعيد، وأحكم الأدب. وكان كريما فاضلا، حسن الأخلاق، جميل الأوصاف. خدم الصالح، وسافر معه إلى الشرق، فلما ملك الصالح ديار مصر بلغه أرفع المراتب، ونفذه رسولا إلى الملك الناصر صاحب حلب يطلب منه أن يسلم إليه عمه الصالح إسماعيل، فقال: كيف أسيره إليه وقد استجار بي وهو خال أبي ليقتله؟. فرجع البهاء زهير بذلك، فعظم على الصالح نجم الدين، وسكت على حنق. ولما كان مريضا على المنصورة تغير على البهاء زهير وأبعده، لأنه كان كثير التخيل والغضب والمعاقبة على الوهم، ولا يقبل عثرة، والسيئة عنده لا تغفر. واتصل البهاء بعده بخدمة الناصر بالشام، وله فيه مدائح، ثم رجع إلى القاهرة ولزم بيته يبيع كُتُبه وموجوده. ثم انكشف حاله بالكلية، ومرض أيام الوباء ومات. وكان ذا مروءة وعصبية ومكارم. قلت: روى عنه: الشهاب القوصي عدة قصائد، والدمياطي، وغيرهما. وقد استعمل المعاني بشعره. وهذه الأبيات له:
(أَغُصْنَ النّقا لولا القوامُ المُهَفْهَفُ .......... لما كان يهواك المُعَنَّى المعنف

(48/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 252

(ويا ظبيُ لولا أنّه فيك محاسِناً .......... [حَكَيْنَ] الّذي أهوى لما كنتَ تُوصَفُ)
وله:
(يا من لعبت به شمول .......... ما أحسن هذه الشّمائل)
وهي أبيات سائرة. ومن شعره:
(كيفَ خَلاصي من هَوىً .......... مازَجَ روحي فاختَلَطْ)

(وتائه أقبض في .......... حُبّي له وما انبَسَطْ)

(يا بدرُ إنْ رُمْتَ به .......... تشبُّهاً رُمْت الشطط)

(ودَعْهُ يا غصنَ النَّقا .......... ما أنتَ من ذاك النَّمَطْ)

(لله أيُّ قَلَمٍ .......... ذاك الصُّدْغِ خَطّ)

(ويا لهُ من عَجِبٍ .......... في خدّه كيفَ نَقَطْ)

(يمرُّ بي مُلتفِتاً .......... فهل رأيتَ الظَّبيَ قطّ)

(ما فيه من عيب سوى .......... فُتُور عينيْه فقَطْ)

(يا قَمَرَ السَّعْدِ الَّذي .......... نجمي لديه قد هَبَطْ)

(يا مانعي حُلْو الرِّضا .......... ومانحي مُرَّ السَّخَطْ)

(حاشاك أنْ ترضى بأنْ .......... أموتَ في الحبّ غَلَطْ)

(48/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 253
ومن شعره:
(رُوَيْدك قد أفنيتَ يا بَيْنُ أَدْمُعي .......... وحَسْبُك قد أحرقتَ يا شوقُ أضْلُعي)

(إلى كم أقاسي فرقة بعد فرقةٍ .......... وحتّى متى يا بَيْنُ أنتِ مَعِي مَعِي)

(لقد ظلمتَني واستطالت يدُ النَّوَى .......... وقد طمعت في جانبي كلَّ مطمعِ)

(ويا راحلاً لم أدرِ كيف رحيلُهُ .......... لما راعني من خطْبه المتسرّعِ)

(يُلاطفُني بالقولِ عند وداعِهِ .......... ليُذْهِب عنّي لوعتي وتفجُّعني)

(ولمّا قضى التّوديعُ فينا قضاءهُ .......... رجعتُ ولكنْ لا تَسَلْ كيف مرجعي)

(جزى الله ذاك الوجه خير جزائه .......... وحيّته عنّي الشّمْس فيه كلّ مَطْلع)

(لحى الله قلبي هكذا هو لم يزلْ .......... يحنُّ ويَصْبُو ولا يفيق ولا يعي)
وله:
(قل التفات فلا تركَن إلى أحدٍ .......... فأسعد النّاس من لا يعرف النّاسا)

(لم ألقَ لي صاحباً في الله صِحبْتُهُ .......... وقد رأيتُ وقد جرّبتُ أجناسا)
وله:
(تعالَوا بنا نطْوي الحديثَ الّذي جرى .......... فلا سمِعَ الواشي بذاك ولا دَرَى)

(ولا تذكروا الذَّنْب الّذي كان في الهوى .......... على أنّه ما كان ذنباً فيُذكرا)

(لقد طال شرحُ القالِ والقيلِ بيننا .......... وما طال ذلك الشُّرْحُ إلاّ ليَقْصُرا)

(من اليوم تاريخ المودّة بيننا .......... عفا الله عن ذلك العتاب الذي جرى)

(فكم ليلة بتْنا وكم بات بيننا .......... من الأنس ما يُنسى بهِ طيبُ الكَرَى)

(أحاديث أحلى في النّفوس من المُنَى .......... وألطف من مَرّ النّسيم إذا سرى)

(48/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 254
وقال البهاء زهير: ذهبت في الرسلية عن الصالح إلى الموصل، فجاء إلي شرف الدين أحمد بن الحلاوي ومدحني بقصيدة، وأجاد فيها منها:
(تُجيزُها وتجيز لمادحيك بها .......... فقُلْ لنا: أَزُهَير أنتَ أمْ هَرِمْ)
عنى زهير بن أبي سلمى وممدوحه هرم بن سنان المزني. تُوُفّي البهاء زهير - رحمه الله - في خامس ذي القعدة بالقاهرة. وكان أسود صافيا.
- حرف السين -
263 - سعد، ويقال محمد، بن عبد الوهّاب بن عبد الكافي بن شَرَف الإسلام عبد الوهّاب ابن الشّيخ أبي الفَرَج عبد الواحد ابن الحنبليّ. أبو المعالي الأنصاري، الشيرازي الأصل، الدمشقي، الحنبلي، الواعظ، الأطروش. وُلِد في صفر سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بدمشق. وسمع من: يحيى الثقفي.

(48/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 255
وأجاز له أبو العباس الترك، والحافظ أبو موسى المديني، وجماعة. وخرج له: جمال الدين ابن الصابوني جزءا عنهم. روى عنه القدماء، ولا أعلم أحدا روى لي عنه. وكان عالي الإسناد، لكنه يعرب. وتُوُفّي ببلبس في ثاني عشر ذي الحجة، ويكنى أيضا أبا اليمن. 264 - سليمان بن عبد المجيد بن أبي الحسن بن أبي غالب عبد الله بن الحسن بن عبد الرحمن. الأديب البارع، عون الدين ابن العجمي، الحلبي، الكاتب. وُلِد سنة ست وستمائة. وسمع من: الإفتخار الهاشمي، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وفتح الدين ابن القيسراني، ومجد الدين العقيلي الحاكم.

(48/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 256
وكان كاتباً مترسلا، وشاعرا محسنا، ولي الأوقاف بحلب، ثم تقدم عند الملك الناصر، وحظي عنده، وصار من خواصه. وولي بدمشق نظر الجيش. وكان مستأهلا للوزارة، كامل الرئاسة، لطيف الشمائل. ومن شعره:
(يا سائقاً يقطعُ البَيْداء معتسفاً .......... بضامرٍ لم يكن في السّير بالواني)

(إنْ جُزْتَ بالشّامِ شِمْ تلك البُرُوق ولا .......... تعدلْ، بلغتَ المُنَى، عن ديرِ مُرّانٍ)

(واقصد عوالي قصور فيه تلْق بها .......... ما تشتهي النَّفْسُ من حُورٍ ووِلْدانِ)

(من كلّ بيضاءَ هَيْفَاءَ القوامِ إذا .......... ماسَتْ فوا خَجلة الخطى البانِ)

(وكلّ أسمرٍ قد دان الجمالُ لَهُ .......... وكمّلَ الحُسْنُ فيه فَرْطَ إحسانِ)

(ورُبَّ صُدْغ بدا في الخدّ مُرسله .......... في فترة فَتَنَتْ من سِحر أجفانِ)

(يا ليت وجنته وردي وريقته .......... وَردي ومِن صُدغه آسي وريحاني)
مات في نصف ربيع الأول بدمشق، وشيعه السلطان والأعيان. وكان فيه سوء سيرة. 265 - سيفُ الدّين ابن صَبْرة. والي دمشق. مات في جمادى الأولى.

(48/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 257

- حرف العين -
266 - عباس بن أبي سالم بن عبد الملك. الفقيه، أبو الفضل الدمشقي الحنفي. سمع من: حنبل، والإفتخار الهاشمي. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في جمادى الأولى بدمشق. ويروي عنه: علاء الدين علي بن الشاطبي، ورفيقه علي العزي عاش ثمانين سنة. 267 - عبد الله بن الرضى عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار. أبو محمد المقدسي، الحنبلي، والد شيخنا، وزينب. روى عن: داود بن ملاعب، وغيره. ومات كهلا في ربيع الأول. 268 - عبد الله ابن قاضي القُضاة زين الدّين عليّ بن يوسف بن عبد الله بن بُنْدار. كمال الدين، أبو بكر الدمشقي، ثم المصري، الشافعي. وُلِد سنة سبع وتسعين بالقاهرة. وروى شيئا يسيرا. وهو أخو المعين أحمد، والشرف يوسف. تُوُفّي في ثالث عشر شوال.

(48/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 258
269 - عبد الله المستعصم بالله. أبو أحمد، أمير المؤمنين، الشهيد، ابن المستنصر بالله أبي جعفر منصور بن الظاهر بأمر الله أبي نصر محمد بن الناصر لدين الله أحمد الهاشمي العباسي، البغدادي، رحمه الله تعالى. آخر الخلفاء العراقيين. وكان ملكهم من سنة اثنتين وثلاثين ومائة إلى هذا الوقت. وُلِد أبو أحمد سنة تسع وستمائة، وبويع بالخلافة في العشرين من جمادى الأولى سنة أربعين، والأصح أنه بويع بعد موت والده في عاش شهر جمادى الأخرة. وكان مليح الخط، قرأ القرآن على الشيخ علي ابن النيار الشافعي،

(48/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 259
وعملت دعوة عظيمة وقت ختمه، وخُلِع على الشيخ، وأعطي من الذهب العين ستة آلاف دينار. ويوم خلافته بلغت الخِلَع ثلاثة عشر ألف خلعة وسبعمائة وخمسين خِلْعة. وأجاز له على يد ابن النجار: المؤيد الطوسي، وأبو روح الهروي، وجماعة. سمع منه شيخه الذي لقنه القرآن أبو الحسن علي بن النيار، وحدث عنه. وروى عنه الإجازة في خلافته: محيي الدين يوسف ابن الجوزي، ونجم الدين عبد الله البادرائي. وروى عنه بمراغة: ولده الأمير مبارك. وكان كريما حليما، سليم الباطن، حسن الديانة. قال الشيخ قطب الدين: كان متدينا متمسكا بالسنة كأبيه وجده، ولكنه لم يكن على ما كان عليه أبوه وجده الناصر من التيقظ والحزم وعلو الهمة. فإن المستنصر بالله كان ذا همة عالية، وشجاعة وافرة، ونفس أبية، وعنده إقدام عظيم. استخدم من الجيوش ما يزيد على مائة ألف. وكان له أخ يعرف بالخفاجي يزيد عليه في الشهامة والشجاعة، وكان يقول: إن ملكني الله لأعبرن بالجيوش نهر جيحون وانتزع البلاد من التتار واستأصلهم. فلما تُوُفّي المستنصر لم ير الدويدار والشرابي والكبار تقليد الخفاجي الأمر، وخافوا منه، وآثروا المستعصم لما يعلمون من لينه وانقياده وضعْف رأيه، ليكون الأمر إليهم. فأقاموا المستعصم، ثم ركن إلى وزيره ابن العلقمي، فأهلك الحرث والنسل، وحسن له جمع الأموال، والاقتصار على بعض العساكر، وقطع الأكثر. فوافقه على ذلك. وكان فيه شح، وقلة معرفة، وعدم تدبير، وحب للمال، وإهمال للأمور. وكان يتكل على غيره، ويقدم على ما لا يليق وعلى ما يستقبح. ولو لم يكن إلا ما فعله مع الناصر داود في أمر الوديعة.

(48/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 260
قلت: وكان يلعب بالحمام، ويهمل أمر الإسلام، وابن العلقمي يلعب به كيف أراد، ولا يطلعه على الأخبار. وإذا جاءته نصيحة في السر أطلع عليها ابن العلقمي ليقضي الله أمراً كان مفعولا. فحكى جمال الدين سليمان بن عبد الله بن رطلين قال: جاء هولاوو في نحو مائتي ألف نفس، ثم طلب الخليفة، فطلع ومعه القضاة والمدرسون والأعيان في نحو سبعمائة نفس، فلما وصلوا إلى الحربية جاء الأمر بحضور الخليفة ومعه سبعة عشر نفسا، فاتفق أن أبي كان أحدهم، فحدثني أنهم ساقوا مع الخليفة، وأنزلوا من بقي عن خيلهم، وضربوا رقابهم. ووقع السيف في بغداد، فعمل القتل أربعين يوما. وأنزلوا الخليفة في خيمة صغيرة، والسبعة عشر في خيمة. قال أبي: فكان الخليفة يجيء إلى عندنا كل ليلة ويقول: ادعوا لي. وقال: فاتفق أنه نزل على خيمته طائر، فطلبه هولاوو وقال: أيش عمل هذا الطائر؟ وأيش قال لك؟. ثم جرت له محاورات معه ومع ابن الخليفة أبي بكر. ثم أمر بهما فأخرجا، ورفسوهما حتى ماتا، وأطلقوا السبعة عشر، وأعطوهم نشابة، فقتل منهم رجلان وطلب الباقون بيوتهم فوجدوها بلاقع. فأتوا المدرسة المغيثية، وقد كنت ظهرت فبقيت أسأل عن أبي، فدللت عليه، فأتيته وهو ورفاقه، فسلمت عليهم، فلم يعرفني أحد منهم، وقالوا: ما تريد؟ قلت: أريد فخر الدين ابن رطلين. وقد عرفته، فالتفت إلي وقال: ما تريد منه؟ قلت: أنا ولده. فنظر إلي وتحققني، فلما عرفني بكى، وكان معي قليل سمسم فتركته بينهم. وأقمنا هناك إلى صفر، إلى أن رفع السيف، فأتينا دار فخر الدين أحمد ابن الدامغاني صاحب الديوان، وقد أراد ابن العلقمي أن يضره، فقال لهولاكو: هذا يعرف أموال الخليفة وذخائره وأمواله، وهذا كان يتولاها. فقال: إذا كان الخليفة اختاره لنفسه فأنا أولى أن أوليه. وكتب له الفرمان، وقال للوزير: لا تفعل شيئا إلا بموافقته.

(48/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 261
ثم إن ابن العلقمي عمل على أن لا يخطب بالجوامع، ولا يصلي الجماعة، وأن يبني مدرسة على مذهب الشيعة ولم يحصل أمله، وفتحت الجوامع، وأقيمت الجماعات. وحدثني أبي فخر الدين قال: كان قد مشى حال الخليفة بأن يكون للتتار نصف دخل البلاد، وما بقي شيء أن يتم ذلك، وإنما الوزير ابن العلقمي قال: ما هذا مصلحة، والمصلحة قتله، وإلا ما يتم ملك العراق. قلت: تُوُفّي الخليفة في أواخر المحرم أو في صفر، وما أظنه دفن، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وكان الأمر أعظم من أن يوجد مؤرخ لموته، أو موار لجسده. وراح تحت السيف أمم لا يحصيهم إلا الله، فيقال إنهم أكثر من ألف ألف. واستغنت التتار إلى الأبد، وسبوا من النساء والولدان ما ضاق به الفضاء. وقد بينا ذلك في الحوادث. وقتلوا الخليفة خنقا، وقيل: غموه في بساط حتى مات. والأشهر أنه رفس حتى خرجت روحه. وحكى جمال الدين ابن رطلين، عن أبيه أنه قال: أخذوا الخليفة ليقتلوه، وكان معه خادم يقال له قرنفل، فألقى عليه نفسه يقيه من القتل، فقتلوا الخادم، وعادوا إلى رفس الخليفة حتى مات. وكانوا يسمونه: الأبله. وحدثني شيخنا ابن الدباهي قال: لما بقي بين التتار وبين بغداد يومان أعلم الخليفة حينئذ فقال: عدلان يروحان يبصران إن كان هذا الخبر صحيح. ثم طلب والدي، فحضر إلى بين يديه وطلب مه الرأي: وقال: كيف نعمل؟ فصاح والدي وقال: فات الأمر كنتم صبرتم زاده. وفي ' تاريخ ' الظهير الكازروني أن المستعصم دخل بغداد بعد أن خرج إلى هولاكو، فأخرج لهم الأموال، ثم خرج في رابع عشر صفر. قيل: جُعِل في غرارة ورُبس إلى أن مات. ثم دفن وعُفِي أثره. وقد بلغ ستا وأربعين سنة وأربعة أشهر.

(48/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 262
وقتل إبناه أحمد وعبد الرحمن، وبقي إبنه الصغير مبارك، وأخواته فاطمة، وخديجة، ومريم في أسر التتار. ورأيت في ' تاريخ ابن الكازروني ' أن الخليفة بقي أربعة أيام عند التتار، ثم دخل بغداد ومعه أمراء من المغل والنصير الطوسي، فأخرج إليهم من الأموال والجواهر والزركش والثياب والذخائر جملة عظيمة، ورجع ليومه، وقتل في غرارة، وقتل ابنه أحمد وعمره خمس وعشرون سنة، وعُمر أخيه عبد الرحمن ثلاث وعشرون ولكل منهما أولاد أسرو، وقُتل عدد من أعمام الخليفة واٌ قاربه. 270 - عبد الباري بن عبد الرحمن. أبو محمد الصعيدي المقرئ المجود. قرأ بالروايات على: أبي القاسم بن عيسى، وغيره. وصنف في القراءآت، وتصدر بالمدرسة الحافظية بالإسكندرية، وأخذ عنه الطلبة.

(48/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 263
وكان مقرئا، صالحا. تُوُفّي في خامس ذي الحجة. وقد روى لنا عنه ولده أبو بكر عن سبط السلفي. 271 - عبد الحقّ بن مكّيّ بن صالح بن عليّ بن سلطان. المحدث علم الدين، أبو محمد القرشي، المصري، الشافعي، المعروف بابن الرصاص، وُلِد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبي عبد الله محمد بن البنا الصوفي، وعبد الرحمن بن عبد الله، وابن المفضل الحافظ، وعبد الله العثماني، ومن بعدهم. وكتب بخطه. وعني بالحديث وحصل الأصول، وحدث باليسير. 272 - عبد الرحمن بن رَزِين بن عبد الله بن نصر. الإمام سيف الدين، أبو الفرج الغساني، الحوراني الحنبلي، نزيل بغداد. أخذ المذهب عن: محيي ابن الجوزي. واختصر ' الهداية ' لأبي الخطاب وحرره. قُتِل في كائنة بغداد في صفر. 273 - عبد الرحمن بن عبد المنعم بم نِعْمة بن سُلطان بن سُرُور بن رافع. الفقيه، الإمام، جمال الدين، أبو الفرج النابلسي الحنبلي. والد شيخنا شهاب الدين العابر، وفخر الدين علي. وُلِد سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وسمع بالقدس من: أبي عبد الله محمد بن البنا، وبنابلس من البهاء. وبدمشق من: الكندي، والموفق.

(48/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 264
وحضر ابن طبرزد. روى لنا عنه: أحمد بن ياقوت الكندي. وكان فقيها ديّناً، له شِعرٌ حسن. وتُوُفّي في ذي القعدة. 274 - عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن منصور. الشيخ زين الدين، أبو الفرج السعدي، المقدسي، النابلسي، الحنبلي. وُلِد سنة ثمان وتسعين ظنا. وحدث عنه: ابن طبرزد، وأبي اليمن الكندي. روى عنه: ابن الخباز، والدمياطي، وجماعة. ومات في ثالث جمادى الأولى. سمعنا من بناته. 275 - عبد الرحمن بن مُهَنّا بن سَلِيم بن مخلوف. أبو القاسم القرشي، الإسكندراني، المالكي، المؤدب. سمع: عبد الرحمن بن موقا، وأبا الفتوح البكري. وسليم بفتح أوله. توفي في ذي القعدة. 276 - عبد الرحمن الصّاحب محيي الدّين يوسف بن الإمام أبي الفَرَج عبد الرحمن بن عليّ. الصدر، جمال الدين، أبو الفرج ابن الجوزي، محتسب بغداد. وُلِد سنة ست وستمائة، وسمع من عبد العزيز بن منينا. وترسل عن الخليفة إلى مصر. ووعظ وحدث.

(48/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 265
قُتِل مع والده في صفر. وكان من كبراء بغداد وأعيانها. 277 - عبد الرحيم بن الخَضِر بن المُسَلَّم. أبو محمد الدمشقي العطار. حدَّث عن: حنبل المكبر. وتُوُفّي في جمادى الأولى. كتب عنه: الجمال بن الصابوني، والقدماء. 278 - عبد الرّحيم بن نصر بن يوسف. الإمام، الزاهد، المحدث، صدر الدين أبو محمد البعلبكي الشافعي، قاضي بعلبك. قال الشيخ قطب الدين: كان فقيها عالما، زاهدا، جوادا، كثير البر، مقتصدا في ملبسه، ولم يقتن دابة. وكان رحمه الله يقوم اللّيل، ويكثر الصوم، ويحمل العجين إلى الفرن ويشتري حاجته، وله حرمة وافرة. وكان يخلع عليه بطيلسان دون من تقدمه من قضاة بعلبك. وكان ورعا متحريا، شديد التقوى، سريع الدمعة. له يد في النظم والنثر.

(48/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 266
تفقه بدمشق على الشيخ تقي الدين ابن الصلاح. وسمع من: التاج الكندي، والشيخ الموفق، وجماعة. ومات في تاسع ذي القعدة. وقال الصاحب أبو القاسم بن العديم في ' تاريخه ': عبد الرحيم بن نصر بن يوسف بن مبارك أبو محمد الخالدي البعلبكي قاضي بعلبك رجل ورع، فقيه. صحب الشيخ عبد الله اليونيني، وتخرج به، وتفقه. وسمع من شيخنا ابن رواحة، وعن غيره. وحدثنا بحديث واحد بمنزله ببعلبك: أنا ابن رواحة، أنا السلفي، فذكر ابن العديم له حديثاً. وقال الفقيه عبد الملك المعري: ما رأيت قاضيا مكاشفا إلا القاضي صدر الدين وذكر حكاية. وقال خطيب زملكا: تُوُفّي صدر الدين وهو في السجدة الثانية من الركعة الثالثة من الظهر. سجدها وكان يصلي بالمدرسة إماما، فانتظره من خلفه أن يرفع رأسه، ثم رفعوا رؤوسهم وحركوه فوجدوه قد مات. هكذا ذكره ابن العديم. وقد رثاه القاضي شرف الدين ابن المقدسي بقوله:
(لفقدك صدر الدّين أَضْحَتْ صُدُورُونا .......... تضيق، وجاز الوجْدُ غايةَ قدرِهِ)

(ومَن كان ذا قَلْبٍ على الدّين مُنْطَوٍ .......... تفتَّتَ أشجاناً على فقْد صدرِهِ)
279 - عبد الرحيم بن أبي القاسم بن يوسف بن موقا. الدمشقي، الحنفي. حدث عن أبي اليمن الكندي. وتُوُفّي في المحرم. 280 - عبد الرشيد بن محمد بن أبي بكر.

(48/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 267
الشيخ المعمر، رشيد الدين النهاوندي، الصوفي، ويسمى مسعودا. روى عن ثابت بن تاوان شعرا. وتُوُفّي في رمضان عن مائة وأربع عشرة سنة فيما ذكر. 281 - عبد العزيز بن عبد الوهّاب بن بيان بن سالم بن الخضِر. الأستاذ، أبو الفضل الكطفرطابي، ثم الدمشقي، القواس، الرامي. وُلِد ليلة عيد الفطر سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: يحيى الثقفي عدة أجزاء. وطال عمره وكاد أن ينفرد. روى عنه: أبو علي بن الخلال، والنجم ابن الخباز، وأحمد بن عبادة الأنصاري، والشيخ علي الغزاوي، ومحمد بن الزراد، وأبو الحسين علي الكندي، وأبو الفداء ابن عساكر، والخطيب شرف الدين الفزاري، وجماعة سواهم. مات في الحادي والعشرين من شوال، ودفن، رحمه الله، بقاسيون. 282 - عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن محمد بن صُدَيْق. أبو العز الحراني، المؤدب، وهو بكنيته أشهر. ومن ثم سمي أيضا ثابتاً. سمع من: أبي ياسر عبد الوهاب بن أبي حبة. روى عنه: شمس الدين عبد الرحمن مع جلالته وتقدمه، والدمياطي، والتقي أحمد ابن العز إبراهيم، والقاضي تقي الدين سليمان، وابن أخيه حمزة، والشرف محمد ابن رقية، والنجم إسماعيل ابن الخباز، والشمس محمد بن الزراد، والنجم محمود بن النميري الكفربطناني، ومحمد بن الزين إبراهيم بن القواس.

(48/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 268
وتُوُفّي في حادي عشر جمادى الأولى. ودفن بقاسيون. ومولده وسماعه بحران. 283 - عبد العزيز بن محمد. الشيخ المحدث، تقي الدين القحيطي، المقرئ، البغدادي. سمع من: ابن [...]، والكاشغري، وابن الحر، وعجيبة، وعدد كثير. وكتب وعلَّق في السنة. وكان من فضلاء بغداد. قُتل ببغداد سنة ست. سمع منه: علي بن البندنيجي شيخنا في ' مسند ابن راهويه '. 284 - عبد العظيم بن عبد القويّ بن عبد الله بن سلامة بن سعيد بن سعيد.

(48/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 269
الحافظ الإمام، زكي الدين، أبو محمد المنذري، الشامي، ثم المصري، الشافعي. وُلِد في غرة شعبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بمصر. وقرأ القرآن على حامد بن أحمد الأرتاحي. وتفقه على أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد القرشي. وتأدب على: أبي الحسين يحيى النحوي. وسمع من: أبي عبد الله الأرتاحي، وعبد المجيب بن زهير، وإبراهيم بن التبيت، ومحمد بن سعيد المأموني، وأبي الجود غياث بن فارس، والحافظ بن المفضل وبه تخرج وهو شيخه. وبمكة من: يونس الهاشمي، وأبي عبد الله بن البنا. وبطيبة من: جعفر بن محمد بن آموسان، ويحيى بن عقيل بن رفاعة. وبدمشق من: عمر بن طبرزد، ومحمد بن وعوف بن الزنف، والخضر بن كامل، وأبي اليمن الكندي، وعبد الجليل بن مندويه، وخلق. وسمع بحرّان، والرها، والإسكندرية وأماكن. وخرج لنفسه ' معجماً ' كبيرا مفيدا، سمعناه. روى عنه: الدمياطي، والشريف عز الدين، وأبو الحسين بن اليونيني، والشيخ محمد القزاز، والفخر إسماعيل بن عساكر، وعلم الدين سنجر الدواداري، وقاضي القضاة تقي الدين ابن دقيق العيد، وإسحاق بن الوزيري،

(48/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 270
والأمين عبد القادر الصيفي، والعماد محمد بن الجرائدي، والشهاب أحمد بن الدفوفي، ويوسف الختني، وطائفة سواهم. ودرّس بالجامع الظافري بالقاهرة مدة، ثم ولي مشيخة الدار الكاملية، وانقطع بها نحوا من عشرين سنة، مكبا على التصنيف والتخريج والإفادة والرواية. ذكره الشريف عز الدين فقال: كان عديم النظير في معرفة علم الحديث على اختلاف فنونه، عالما بصحيحه وسقيمه، ومعلوله وطرقه، متبحراً في معرفة أحكامه ومعانيه ومشكله، قيما بمعرفة غريبه وإعرابه واختلاف ألفاظه، إماما، حجة، ثبتا ورعا متحريا فيما يقوله، متثبتا فيما يرويه. قرأت عليه قطعة حسنة من حديثه، وانتفعت به انتفاعا كثيرا. قلت: وقد قرأ القراءآت في شبيبته، وأتقن الفقه والعربية، ولم يكن في زمانه أحد أحفظ منه. وأول سماعه في سنة إحدى وتسعين، ولو استمر يسمع لأدرك إسنادا عاليا. ولكنه فتر نحوا من عشر سنين. سمع من الحافظ عبد الغني ولم يظفر بسماعه منه. وأجاز له. وسمع شيئا من أبي الحسين بن نجا الأنصاري. وله رحلة إلى الإسكندرية أكثر فيها عن أصحاب السلفي. وكان صالحا زاهدا، متنسكا. قال شيخنا الدمياطي: وهو شيخي ومخرجي. أتيته مبتدئا وفارقته معيدا له في الحديث. وقال: تُوُفّي في رابع ذي القعدة، وشيعه خلق كثير. ورثاه غير واحد بقصائد حسنة، رحمه الله تعالى. 285 - عبد المنعم بن محمود بن مفرج. أبو محمد الكناني، المصري، المجبر. حدّث عن: أبي نزار ربيعة اليمني. روى عنه: عز الدين، وغيره. ومات في ذي القعدة، والمجبر هو الجراعي

(48/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 271
286 - عبد المحسن بن زين. الكناني، المصري. مر في سنة ثمان وأربعين. 287 - عبد المحسن بن مرتفع بن حسن. أبو محمد الخثعمي، المصري، الشافعي، السراج. شيخ صالح، معمر، طاعن في السن. ولد بجزيرة مصر سنة اثنتين وستين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد السيبي، وأبي الفضل الغزنوي، وابن نجا الواعظ. روى عنه: عمر بن الحاجب، والقدماء، ومجد الدين ابن الحلوانية، والشريف عز الدين، وطائفة. ولم يتفق لي السماع على أصحابه. وسمعنا بإجازته من أبي المعالي بن البالسي. وهو آخر من حدث عن السيبي. تُوُفّي في تاسع عشر شعبان. وممن روى عنه: النجم محمد بن أبي بكر المؤدب، شيخ مصري لقيه الواني، وشيخنا عبد الرحيم المنشاوي. 288 - عبد المحسن بن مصطفى بن أبي الفُتُوح. أبو محمد الأنصاري، المصري، المؤدب. قرأ القراءآت، وسمع من: مكرم بن أبي الصقر، وغيره. وروى شيئا من شعره. وكان صالحا، ساكنا، عفيفا. تُوُفّي في جمادى الأولى، وهو في آخر الكهولة. 289 - عثمان بن عليّ بن عبد الواحد بن الحسين.

(48/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 272
أبو عمرو القرشي، الأسدي، الدمشقي، الناسخ. أخو المحدث مفضل، ويعرف بابن خطيب القرافة. وُلِد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وأجاز له السلفي. وروى بها الكثير. حدث عنه: الحافظ أبو عبد الله البرزالي مع تقدمه، والدمياطي، والعماد بن البالسي، وناصر الدين بن المهتار الشروطي، والمعين خطاب، والقاضي أحمد بن عبد الغني الذهبي، والضياء ابن الحموي، والجمال علي بن الشاطبي، والشمس محمد بن أيوب النقيب، وآخرون. وتُوُفّي في ثالث ربيع الآخر، ودفن بمقبرة باب الصغير. وكان ينسخ بالأجرة. 290 - عثمان بن عمر بن مسعود. تاج الدين الأسداباذي، ثم الدمشقي، المعروف بابن الفراش. حدّث عن: عبد اللطيف بن أبي سعد، وابن طبرزد. وكتب عنه الدمياطي، وجماعة. ومات في ذي الحجة، وله سبع وسبعون سنة وأشهر. 291 - عربيّة بنت محمد بن أبي بكر بن عبد الواسع الهَرَوِيّ. أم الخير الصالحية. روت عن: عمر بن طبرزد. روى عنها: ابن الخباز، وابن الزراد. وماتت في رمضان. 292 - عليّ بن الحسن بن زُهرة بن الحسن بن عليّ بن محمد.

(48/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 273
الشريف، أبو الحسن العلوي، الحسني، الإسحاقي، الحلبي النقيب. وُلِد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة بحلب. وسمع مع أبيه من: الإفتخار الهاشمي. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في صفر. وهو من بيت تشيع. وكان أبوه كاتبا، منشئا، إخباريا، علامة، ولي أيضا نقابة الأشراف، وترسل عن صاحب حلب إلى بغداد وغيرها، ومات سنة عشرين. 293 - عليّ بن عبد الله بن عبد الجبّار بن تميم بن هُرْمُز بن حاتم بن قُصَيّ بن يوسف. أبو الحسن الشاذلي، المغربي، الزاهد، نزيل الإسكندرية، وشيخ الطائفة الشاذلية. وقد انتسب في بعض مؤلفاته في التصوف إلى علي بن أبي طالب، فقال بعد يوسف المذكور: ابن يوشع بن ورد بن بطال بن محمد بن أحمد بن عيسى بن محمد بن الحسن بن علي، رضي الله عنه. وهذا نسب مجهول لا يصح ولا يثبت، وكان الأولى به تركه وترك كثير مما قاله في تواليفه في

(48/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 274
الحقيقة، وهو رجل كبير القدر، كثير الكلام على المقام. له شعر ونثر فيه متشابهات، وعبارات، يتكلف له في الاعتذار عنها. ورأيت شيخنا عماد الدين قد فتر عنه في الآخر، وبقي واقفا في هذه العبارات، حائرا في الرجل، لأنه كان قد تصوف على طريقته، وصحب الشيخ نجم الدين الإصبهاني نزيل الحرم، ونجم الدين صحب الشيخ أبا العباس المرسي صاحب الشاذلي. وكان الشاذلي ضريراً، وللخلق فيه اعتقاد كبير. وشاذلة: قرية إفريقية قدم منها، فسكن الإسكندرية مدة، وسار إلى الحج فحج مرات، وكانت وفاته بصحراء عيذاب وهو قاصد الحج، فدفن هناك في أوائل ذي القعدة. وكان القباري يتكلم فيه، رحمهما الله. 294 - عليّ بن عبد الوهّاب بن عتيق بن هبة الله بن أبي البركات الميمون بن عتيق بن هبة الله بن محمد بن يحيى بن عتيق بن عبد الرحمن بن عيسى بن وردله. القرشي، العامري، مولاهم المصري، الكتبي، السمسار. وُلِد سنة اثنتين وستين. وسمعه أبوه الكثير من أصحاب ابن رفاعة، وغيره. وأجاز له ابن طبرزد. وكتب عنه الشريف عز الدين، وغيره. وهو أخو عائشة وخديجة. تُوُفّي رحمه الله في ذي القعدة. 295 - عليّ بن عمر بن قَزِل بن جَلْدَكْ.

(48/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 275
التركماني، الباروقي، الأمير سيف الدين المشد، الشاعر، صاحب الديوان المشهور. وُلِد بمصر في سنة اثنتين وستمائة، واشتغل في صباه، وقال الشعر الرائق، وولي شد الدواوين مدة. وكان ظريفا، طيب العشرة، تام المروءة، وهو ابن أخي الأمير فخر الدين عثمان أستاذ دار السلطان الملك الكامل، ونسيب الأمير جمال الدين بن يغمور. روى عنه: الدمياطي، والفخر إسماعيل بن عساكر. تُوُفّي في تاسع المحرم بدمشق. قال الدمياطي: أنشدنا سيف الدين المشد لنفسه:
(أيا مَن حُسْنُه الأقصى .......... ولكنْ قلبُه الصّخْرَهْ)

(أما ترى المُشْتاقَ .......... يقضي بالمُنَى عُمْرَهْ)

(إذا ما زمزم الحادي .......... رمى في قلبه جمرَه)

(وظبيٌ من بني الأتراك .......... في أخلاقه نفرَه)

(بدا في الدّرع مثل الرُّمْح .......... في الأعطاف والسّمره)

(فيا لله من بدرٍ .......... يروق الطّرْف في البشره)
أنشدني الفخر إسماعيل: أنشدنا الأمير سيف الدين المشد بالساحل لنفسه:
(لعبتُ بالشّطرنجِ مع أَهْيَفِ .......... رَشَاقةُ الأغصان من قَدّهِ)

(أَحُلُّ عقدَ البَنْد من خصْره .......... وألثُمُ الشّامات في خدّهِ)
وله:
(ورُبَّ ساقٍ كالبدرِ طلْعتُهُ .......... يحمل شمساً أفدِيه من ساقِ)

(48/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 276

(شمَّرَ عَن ساقه غلائلَه .......... فقلتُ: قصّر واكففْ عن السّاقي)

(لمّا رآني قد فُتِنتُ به .......... من فَرْط وجْدٍ وعِظَمِ أشواقِ)

(غنّى وكأسُ المُدام في يدهِ .......... قامت حروبُ الهَوى على ساقِ)
وله:
(وكأنّما الفانوسِ في غَسَق الدُّجَى .......... صبٌّ بَرَاهُ سُقْمه وسُهادُه)

(حنّت أضالِعُه، ورَقّ أديمُه، .......... وجَرَت مدامعُه، وذاب فؤَادهُ)
وله:
(وفت دموعي، وخانني جِلْدي .......... ما كان هذا الحساب في خَلَدي)

(لله أيدي النَّوى وما صَنَعَتْ .......... أجْرَتْ دموعي وأحرقَتْ كبِدي)

(يا مَن هو النّور غاب عن بَصَري .......... ومَنْ هو الرّوح فارقَتْ جَسَدي)

(حتّى متى ذا الجفاء بلا سببٍ .......... أما لهذا الدَلال من أمدِ؟)
296 - عليّ بن القاسم بن مسعود. أبو الحسن الحلبي الذهبي الشاعر. تُوُفّي في جمادى الآخرة وله ثلاثون سنة. كتبوا عنه من شعره. 297 - عليّ بن محمد بن الحسين.

(48/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 277
شيخ الشيوخ، أبو الحسن بن النيار البغدادي، المقرئ، صدر الدين. وهو الذي لقن المستعصم بالله القرآن فنال في خلافته الحشمة والجاه والحرمة الزائدة. حدّث عن: ابن طبرزد، وعن المستعصم بالله. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ذبح بدار الخلافة في صفر في جملة الخلق. وكان بارع الخط، كثير المحاسن، كبير القدر. ندب للوزارة فأباها. ولما سحبه التتري للقتل ناوله شيئا وقال: هذا ثمن قيمصي فلا تهتكني. فوفى له. ثم عرفت جثته وحملت بعد إلى تربته، رحمه الله. 298 - عليّ بن المظفَّر بن القاسم بن محمد بن إسماعيل. المحدث، شمس الدين أبو الحسن الربعي النشبي الدمشقي، الشافعي، العدل. وُلِد سنة خمس وستين وخمسمائة. وطلب الحديث على كبر. فسمع الكثير من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وحنبل، وابن طبرزد، وطائفة. وقرأ بنفسه الكثير. وكان فصيحا طيب الصوت، حسن الإعراب، وكان يؤدب، ثم صار شاهدا. وسمع أخاه نصر الله وأولاده. روى عنه: الدمياطي، وأبو العباس أحمد ابن الحلوانية، ومحمد بن داود

(48/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 278
الأيادي، وأبو علي بن الخلال، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم الخطيب، وآخرون. تُوُفّي في سلخ ربيع الأول وقد جاوز التسعين. وقال الدمياطي في ' معجمه ': هو علي بن المظفر الذبياني النشبي، نشبة بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان الدمشقي، الشروطي. وكان نائب الحسبة. 299 - عَليّ بن هبة الله بن جعفر بن حسن. الشيخ الزاهد، نبيه الدين، أبو الحسن بن السمسار، المصري، الشافعي. وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة. وسمع منه: إسماعيل بن ياسين، وهبة الله البوصيري. وكان فقيها صالحا، له ميعاد يقرأ فيه بالجامع العتيق. 300 - عليّ بن أبي بكر بن محمد بن جعفر بن البلاهيّ. أبو الحسن الدمشقي. سمع: عمر بن طبرزد، والكندي، وجماعة. وحدّث. وتُوُفّي في ربيع الآخر. 301 - عليّ الخبّاز. الزاهد. شيخ صالح، كبير القدر، مشهور. له زاوية ومريدون وأحوال وكرامات. وكان شيخنا الدباهي يعظمه ويصفه. استشهد في كائنة بغداد في صفر. وهو علي بن سلمان بن أبي العز، أبو الحسن البغدادي. صحب الشيخ علي بن إدريس البعقوبي وسمع منه.

(48/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 279
يروي عنه: شيخنا عبد المؤمن الحافظ في ' معجمه ' حديثا. 302 - عمر بن أبي نصر بن أبي الفتح بن أبي نصر بن محمد. أبو حفص الجزري، التاجر، السفار، المعروف بابن موة. كان ديّناً صالحا صدوقا. روى ' جزء ابن فيل ' عن: البوصيري بدمشق، وبها تُوُفّي في الخامس والعشرين من ذي الحجة. وله بضع وسبعون سنة. فإن مولده بجزيرة ابن عمر في سنة ثلاث وثمانين. وسمع وهو صبي، مع والده فيما أرى. روى عنه: الدمياطي، والعماد بن البالسي، والشيخ محمد بن تمام، والمجبي إمام المشهد، وآخرون. وكان نحاسا أيضا.
- حرف الفاء -
303 - فتح الدّين. ابن العدل السلمي، محتسب بغداد. قال الدمياطي: تُوُفّي يوم موت شيخنا سعد الدين محمد بن العربي، يعني في جمادى الآخرة. وفي تعاليق الفخر إسماعيل شيخنا أنه دفن بتربة أبيه بالجبل. قال: وكان ديّناً، حسن السمت.
- حرف القاف -
304 - القاسم بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد.

(48/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 280
الأديب البليغ، موفق الدين، أبو المعالي المدائني، الكاتب الشاعر، الأصولي، الأشعري، المتكلم. ويسمى أيضا أحمد. كتب الإنشاء بالديوان المستعصمي مدة. وروى عنه: عبد الله بن أبي المجد بالإجازة. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وله شعر جيد. تُوُفّي في هذه السنة بعد كائنة بغداد بقليل ببغداد في رجب. وعاش بعد الوزير ابن العلقمي يسيرا. وله:
(يا ساكني دير ميخائيل لِي قمر .......... لكنه بشَرٌ في زِيّ تمثالِ)

(قريب دارٍ بعيدٍ في مطالبه .......... غريبُ حُسْنٍ وألحانٍ وأقوالِ)

(48/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 281

(سكِرْتُ من صوته عند السّماع له .......... ما لست أسكر من صهباء جربالِ)

(ما رُمتُ إمساكَ نفسي عند رؤيته .......... إلاّ تغيَّرت من حالٍ إلى حالِ)

(لو اشتريتُ بعُمري ساعةً سَلَفَتْ .......... من عيشتي معه ما كان بالغالِ)

- حرف الميم -
305 - مجاهد الدّين الدُّوَيْدار. الملك، مقدم جيوش العراق. كان بطلا شجاعا موصوفا بالرأي والإقدام. كان يقول: لو مكنني أمير المؤمنين المستعصم لقهرت هولاكو. قتل وقت غلبة العدو على بغداد صبرا. وكان مغرى بالكيميا، له دار في داره فيها عدة رجال يعملون هذه الصناعة، ولا تصح. فقرأت بخط كاتبه ابن وداعة قال: حدثني الصاحب مجير الدين بن النحاس قال: ذهبت في الرسلية إلى المستعصم، فدخلت دار الملك مجاهد الدين، وشاهدت دار الكيميا. فقال لي: بينما أنا راكب لقيني صوفي فقال: يا ملك خذ هذا المثقال وألقه على مائة مثقال فضة، وألق المائة على عشرة آلاف تصير ذهبا خالصا. ففعلت ذلك، فكان كما قال. ثم إني لقيته بعد فقلت: علمني هذه الصناعة. فقال: ما أعرفها، لكنه أعطاني رجل صالح خمسة مثاقيل أعطيتك مثقالا، ولملك الهند مثقالا، ولشخصين مثقالين، وبقي معي مثقال أعيش به. ثم حدثني مجاهد الدين قال: عندي من يدعي هذا العلم، وكنت أخليت له دارا على الشط، وكان مغرى بصيد السمك، فأحضرت إليه من ذلك الذهب، وحكيت له الصورة، فقال: هذا الذي قد أعجبك؟ ! وكان في يده شبكة يصطاد بها، فأخذ منها بلاعة فولاذ، ووضع طرفها في نار، ثم أخرجها،

(48/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 282
وأخرج من فمه شيئا، وذره على النصف المحمي، فصار ذهبا خالصا، وبقي النصف الآخر فولاذا. ثم أراني مجاهد الدين تلك البلاعة، إلا أن النصف الفولاذ قد خالطه الذهب شيئا يسيرا. أنبأنا الظهير الكازروني قال: فقتل صبرا الخليفة. وسمى جماعة منهم مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير زوج بنت بدر الدين صاحب الموصل. وقتل إبنا الخليفة وأعمامه علي وحسن وسليمان ويوسف وحبيب أولاد الظاهر وابنا عمهم حسين ويحيى ابنا علي الناصر، وأمير الحاج فلك محمد بن الدويدار الكبير، والملك سليمان شاه ابن ترجم وله ثمانون سنة، وحمل رأسه ورأس أمير الحاج والدويدار فنصبوا بالموصل. 306 - محمد بن أحمد بن خالد بن محمد بن نصر بن صغير. المولى معين الدين أبو بكر ابن القيسراني، القرشي، المخزومي، الحلبي، الكاتب والد شيخنا الصاحب فتح الدين عبد الله. روى عن: أبي محمد بن علوان الأسدي، وغيره. أنا عنه: أبو محمد الدمياطي، وذكر أنه سمع منه بعنتاب، وورخ وفاته في هذه السنة. * * * وفيها تُوُفّي ابن عمه عز الدين بدمشق، رحمهما الله تعالى. 307 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين.

(48/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 283
الإمام أبو عبيد الله الموصلي، المقرئ، الحنبلي، الملقب بشعلة: ناظم: ' الشمعة في القراءآت السبعة '. كان شابا فاضلا، ومقرئا محققا، يتوقد ذكاء. قرأ القراءآت على: أبي الحسن علي بن عبد العزيز الإربلي. وصنف في القراءآت والفقه والتاريخ ؛ ونظمه في غاية الجودة ونهاية الاختصار. وعاش ثلاثا وثلاثين سنة، ومات بالموصل. وكان مع ما آتاه الله من الحفظ والذكاء وكثرة العلم صالحا، متواضعا، خيرا، متعففا، جميل السيرة، بارعا في العربية، بصيرا بعلل القراءآت. سمع شيخنا أبو بكر المقصاني بحثه، وكان يصفه لي ويبالغ في الثناء عليه، وقال لي: تُوُفّي في صفر. وحدثني أنه دخل إليه مع شيخه الذي لقنه القرآن. وحدثني قال: سمعت شيخنا أبا الحسين بن عبد العزيز الإربلي، وهو شيخ شعلة، قال: كان نائما بجنبي فاستيقظ فقال لي: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم الساعة، وطلبت منه العلم، فأطعمني ثمرات. قال الإربلي: فتح عليه من ذلك الوقت. 308 - محمد بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى

(48/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 284
الصدر الجليل، محيي الدين، أبو عبد الله ابن العديم العقيلي، الحلبي، الحنفي. وُلِد سنة تسعين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وعمه أبي غانم، وعمر بن طبرزد، والافتخار الهاشمي، وثابت بن مشرف، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وجماعة. وكان رئيسا محتشما من وجوه الحلبيين، من بيت القضاء والجلالة. وهو أخو الصاحب كمال الدين، ووالد قاضي حماة عز الدين عبد العزيز وأخيه عبد المحسن. قال الدمياطي: قرأت عليه جميع ' الغيلانيات '، وتُوُفّي بحلب في ثاني عشر جمادى الآخرة. 309 - محمد بن إبراهيم بن أبي منصور. أبو عبد الله الزنجاني الأصل، الدمشقي، الصوفي. وُلِد بدمشق سنة أربع وتسعين. وحدَّث عن: حنبل: وابن طبرزد. وروى عنه: الدمياطي، وغيره. وتُوُفّي في ثامن ربيع الآخر. 310 - محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد. أبو عبد الله بن الشرش، ويقال الجرج، الأنصاري، التلمساني، المالكي، نزيل الإسكندرية. شيخ صالح، عالم، فقيه، قديم السماع، كبير السن. وُلِد سنة أربع وستين وخمسمائة. وسمع بسبتة من أبي محمد بن عبيد الله الحجري الحافظ كتاب ' الموطأ '

(48/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 285
سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وحج بعد الستمائة. وسمع من: زاهر بن رستم، وأحمد بن الحافظ أبي العلاء، ويونس بن يحيى الهاشمي، ومحمد بن عبد الله الإشكندباني، وعلي بن الحسن الزنجاني، ومحمد بن علوان التكريتي، وغيرهم. روى عنه: الدمياطي، ومعين الدين علي بن أبي العباس، وغيرهما. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي. قال لنا الدمياطي: كان ثقة عدلا، متحريا، ذا أصول. مولده بتلمسان، ومات في ثالث عشر ذي القعدة. 311 - محمد بن إسماعيل بن أحمد بن أبي الفتح. الفقيه أبو عبد الله المقدسي، النابلسي، خطيب مردا. وُلِد بمردا سنة ست وستين وخمسمائة تقريباً. وكان أسن من الشيخ الضياء. قدم دمشق للاشتغال في صباه، فتفقه على مذهب أحمد، وحفظ القرآن. وسمع من: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني، وأحمد بن حمزة بن الموازيني، وجماعة. ورحل إلى مصر فسمع من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وعلي بن حمزة الكاتب، وفاطمة بنت سعد الخير. وطال عمره واشتهر اسمه. كتب عنه القدماء. وقال ابن الحاجب: سألت الحافظ الضياء عنه فقال: ديِّن، خيِّر، ثقة،

(48/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 286
كثير المروءة، تفقه على شيخنا الموفق. وقال الدمياطي: كان صالحا، صحيح السماع. قلت: وخطب بمردا مدة طويلة. وقدم دمشق سنة ثلاث وخمسين فروى بالبلد والجبل. وحدث بكتب كبار ك ' صحيح مسلم ' ' والسيرة ' لابن إسحاق، ' والمسند ' لأبي يعلى، والأجزاء التي لم يحدث بها أحد بعده بدمشق. روى لنا عنه: ابن ابن أخته محمد بن أحمد بن منصور الوكيل، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سني الدولة، وأبو بكر بن يوسف المقرئ، وعبد الله ومحمد ابنا الشيخ شمس الدين، وتقي الدين سليمان بن حمزة، وأخوه محمد، وعمه الجمال عبيد الله بن أحمد، والشمس محمد بن التاج، وابن عمه محمد بن عبد الله، وأبو بكر بن أحمد بن أبي الطاهر، وأحمد بن علي عمي، وأبو العباس أحمد بن جبارة، ومحمد بن علي البابشرقي، ويعقوب بن أحمد الحنفي، وأحمد بن الفخر البعلبكي، وأحمد بن جوشن النمري، وأبو العباس أحمد ابن الحلبية، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم الفزاري، وإبراهيم بن حاتم الزاهد، ومحمد بن علي الشروطي، وخلق سواهم. ومن الأحياء في وقتنا نحوا من ستين نفسا من أصحابه. ثم رجع إلى مردا في العام المذكور وبقي بها حيا إلى هذا الوقت. وتُوُفّي في أوائل ذي الحجة وقد كمل التسعين. 312 - محمد بن حسن بن محمد بن يوسف.

(48/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 287
أبو عبد الله الفاسي، المغربي، المقرئ، العلامة جمال الدين، نزيل حلب. وُلِد بفاس بعد الثمانين وخمسمائة، وقدم ديار مصر، فقرأ بها القراءآت على: أبي موسى عيسى بن يوسف بن إسماعيل المقدسي، وأبي القاسم عبد الواحد بن سعيد الشافعي. وعرض عليهما ' الشاطبية ' عن أحدهما، عن أبي القاسم الشاطبي. وعرض ' الرائية في رسم المصحف ' على الجمال علي بن أبي بكر الشاطبي بروايته عن المصنف. وقدم الشام فاستوطن حلب، وروى بها القراءآت، والعربية، والحديث. وروى أيضا عن: أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى، وعبد العزيز بن زيدان النحوي، ومحمد بن أحمد بن خلوص المرادي، وأبي ذر بن أبي ركب الخشني، والقاضي بهاء الدين يوسف بن شداد، وقرأ عليه أكثر ' صحيح مسلم ' من حفظه. وتفقه بحلب على مذهب أبي حنيفة. وكان بصيرا بالقراءآت ووجوهها وعللها، حاذقا بالعربية، عارفا باللغة، مليح الخط إلى الغاية على طريقة المغاربة، كثير الفضائل، موطأ الأكناف، وافر الديانة، ثقة فيما ينقله. تصدر للإقراء بحلب، وأخذ عنه خلق، منهم: بدر الدين محمد بن أيوب التادفي، وبهاء الدين محمد بن إبراهيم بن النحاس النحوي، وجمال الدين أحمد بن الظاهري، والشيخ يحيى المنبجي، والناصح أبو بكر بن يوسف الحراني، والشريف أبو محمد الحسين بن قتادة المدني، وعبد الله بن إبراهيم بن رفيعا الجزري. وكان يتكلم في الأصول على طريقة الأشعري. وقد شرح ' حرز الأماني ' شرحا في غاية الجودة، أبان فيه عن تضلع من العلوم وتبحر في القراءآت وإسناده في القراءآت نازل كما ترى، فلهذا لم أنشط للأخذ عن أصحابه.

(48/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 288
سمعت أبا عبد الله محمد بن أيوب المقرئ يقول: سمعت شيخنا أبا عبد الله الفاسي يقول: مررت ببلد من أعمال الديار المصرية وبها طائفة يمتحنون الشخص، فكل من لم يقل إن الله تكلم بحرف وصوت آذوه وضربوه. فأتاني جماعة وقالوا: يا فقيه أيش تقول في الحرف والصوت؟ فألهمت أن قلت: كلم الله موسى بحرف وصوت على طور سيناء. قال: فأكرموني تلك الليلة وأحضروا قصب السكر، ونحوه. وبكرت بالغدو خوفا أن يشعروا بي في جعل موسى الفاعل. قلت: الذي أعتقده ما صح به النص، وهو أن الله كلم موسى تكليما، وسمع موسى كلام الله حقيقة بأذنه، وما عدا هذا لا أخوض فيه، ولا أكفر من خاض فيه من الطرفين. قال أبو شامة: في ربيع الآخر جاءنا الخبر من حلب بموت الشيخ أبي عبد الله الفاسي، وكان عالما فاضلا، شرح قصيدة الشاطبي شرحا حسنا. 313 - محمد بن عبد الصَّمد بن عبد الله بن حَيْدَرة. فتح الدين السلمي، الزبداني، المعروف بابن العدل. ولي حسبة دمشق مدة، إلى أن تُوُفّي. وكان مهيبا، جليلا، مشكورا، فيه عفة. تُوُفّي في أول جمادي الآخرة. وقد روى لنا ولده يحيى عن ابن الزبيدي العدل، وهو لقب جده نجيب الدين عبد الله الذي عمل المدرسة بالزبداني. كان ذا مكانة عند السلطان صلاح الدين. 314 - محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحيم بن رستم.

(48/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 289
الأديب العالم، نور الدين الإسعردي الشاعر. وُلِد سنة تسع عشرة وستمائة، وقال الشعر الرائق. وكان من كبار شعراء الملك الناصر يوسف، وله به اختصاص. وديوانه مشهور. وكان شابا خليعا، أجلسه نجم الدين ابن سني الدولة تحت الساعات. واتفق أنه حضر عند الملك الناصر فاصطفاه لمنادمته لما رأى من ظرفه ولطف عشرته. وخلع عليه قباء وعمامة بطرف ذهب، فأتى بها من الغد وجلس تحت الساعات، وعمل ما رواه لنا عنه شيخنا شمس الدين محمد بن عبد العزيز الدمياطي:
(ولقد بُلِيتُ بشادنٍ إنْ إلُمْتُهُ .......... في قُبْح ما يأتيه ليس بسامع)

(مُتبذّلاً في خِسَّةٍ وجَهَالةٍ .......... ومجاعةٍ كشُهُود باب الجامعِ)
وله:
(سألت الوزير: أَتَهْوَى النّساء .......... أَمِ المُرْدَ جاءوا على مُهجتك)

(فقال وأبدى انخلاعاً: معي .......... كذا وكذا. قلت: من زوجتك)
تُوُفّي - سامحه الله - في سادس عشر ربيع الأول بدمشق، وله سبع وثلاثون سنة.

(48/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 290
315 - محمد بن محمد بن عليّ بن أبي طالب. الوزير الكبير، الخنزير، المدبر، المبير، مؤيد الدين ابن العلقمي، البغدادي، الشيعي، الرافضي، وزير الخليفة الإمام المستعصم بالله. ولي وزارة العراق أربعة عشر سنة، فأظهر الرفض قليلا. ذكره بهاء الدين ابن الفخر عيسى الموقع يوما فقال: كان وزيرا كافيا، قادرا على النظم، خبيرا بتدبير الملك، ولم يزل ناصحا لمخدومه حتى وقع بينه وبين حاشية الخليفة وخواصه منازعة فيما يتعلق بالأموال والاستبداد بالأمر دونه وقويت المنافسة بينه وبين الدويدار الكبير، وضعف جانبه حتى قال عن نفسه:
(وزير رضي من بأسه وانتقامه .......... بطيّ رقاع حشْوُها النَّظْمُ والنَّثْر)

(كما تسْجَعُ الوَرْقاءُ وهي جماعة .......... وليس لها نهي يُطاع ولا أمرُ)
فلما فعل ما فعل كان كثيرا ما يقول: وجرى القضاء بضد ما أملته. وقلت: وكان في قلبه غل على الإسلام وأهله، فأخذ يكاتب التتار، ويتخذ عندهم يدا ليتمكن من أغراضه الملعونة. وهو الذي جرأ هولاكو وقوى عزمه على المجيء، وقرر معه لنفسه أمورا انعكست عليه، وندم حيث لا ينفع الندم، وبقي يركب كديشا، فرأته امرأته فصاحت به: يا ابن العلقمي أهكذا كنت تركب في أيام أمير المؤمنين؟ وولي الوزارة للتتار على بغداد مشاركا لغيره، ثم مرض ولم تطل مدته، ومات غما وغبنا، فواغبناه كونه مات موتا حتف أنفه، وما ذاك إلا ليدخر له النكال في الآخرة.

(48/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 291
وكان الذي حمله على مكاتبة العدو عداوة الدويدار الصغير وأبي بكر ابن الخليفة، وما اعتمداه من نهب الكرخ، وأذية الروافض، وفيهم أقارب الوزير وأصدقاؤه وجماعة علويين. فكتب إلى نائب إربل تاج الدين محمد بن صلايا العلوي الرسالة التي يقول فيها: كتب بها الخادم من النيل إلى سامي مجدك الأثيل. ويقول فيها: نهب الكرخ المكرم والعترة العلوية. وحسن التمثل بقول الشاعر:
(أمورٌ يضحكُ السُّفهاءُ منها .......... ويبكي من عواقبها اللّبيب)
فلهم أسوة بالحسين حيث نهب حرمه وأريق دمه ولم يعثر فمه:
(أمرتهم أمري بمنعرج اللِّوَى .......... فلم يستبينوا النُّصْح إلاّ ضُحى الغد)
وقد عزموا - لا أتم الله عزمهم، ولا أنفذ أمرهم - على نهب الحلة والنيل، بل سولت لهم أنفسهم أمرا، فصبر جميل. وإن الخادم قد أسلف الإنذار، وعجل لهم الأعذار.
(أرى تحت الرّمادِ ومِيضَ نارٍ .......... ويوشك أنْ يكون لها ضِرامُ)

(وإنْ لم يُطْفِها عُقَلاءُ قومٍ .......... يكون وَقُودُها جُثَثٌ وهامُ)

(فقلتُ من التّعجُّبِ: ليتَ شِعْري .......... أَأَيْقاظ أُمَيَّةُ أمْ نِيامُ)
فكان جوابي بعد خطابي: لا بد من الشنيعة ومن قتل جميع الشيعة، ومن إحراق كتابي ' الوسيلة ' و ' الذريعة '، فكن لما نقول سميعا، وإلا جرعناك الحمام تجريعا، فكلامك كلام، وجوابك سلام، ولتتركن في بغداد أحمل من المشط عند الأصلع، والخاتم عند الأقطع، ولتنبذن نبذ الفلاسفة بحظورات الشرائع، وتلقى لقاء أهل القرى أسرار الطبائع، فلا فعلن يلبي كما قال المتنبي:
(قومٌ إذا أحدّوا الأقلام من غضبٍ .......... ثمّ استمدّوا بها ماءَ المَنِيّات)

(نالوا بها من أعاديهم وإنْ بَعُدُوا .......... ما لا يُنال بحدّ المَشْرَفِيّات)

(48/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 292
{وَلآتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لاَ قِبلَ لَهُمْ بِهَا وَلأُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ}.
(ووديعة من سرّ آلِ محمّدٍ .......... أودعتُها إذْ كنتُ من أُمَنَائها)

(فإذا رأيت الكوكبين تقاربا .......... في الجدي عند صباحها ومسائها)

(فهناك يؤخذ ثأرُ آلِ محمدٍ .......... لطلابها بالتَّرْك من أعدائها)
فكن لهذا الأمر بالمرصاد، وترقب أول النحل وآخر صاد، والخير يكون إن شاء الله. ومات بعد ابن العلقمي بقليل ولده أبو الفضل محمد بن محمد. وكان أبو الفضل كاتبا منشئا بليغا، معظما في دولة أبيه. تُوُفّي عز الدين في ذي الحجة عن ست وستين سنة. وقال الكازروني: بل مات في أول جمادى الآخرة، ومات قبله في ربيع الأول أخوه الصاحب علم الدين أحمد بن العلقمي، والصدر تاج الدين علي بن الدوامي الحاجب. 316 - محمد بن محمد بن إبراهيم بن الخضِر. الشيخ مهذب الدين، أبو نصر الطبري، الآملي، ثم الحلبي، الشاعر، الحاسب. روى عنه: الدمياطي من شعره، وقال: مات بصرخد في المحرم. تقدمت ترجمته في سنة 55. 317 - محمد بن محمد بن محمد بن عبد المجيد. الأجل نظام الدين، ابن المولى الحلبي، البغدادي الأصل. وُلِد سنة خمس وتسعين وخمسمائة.

(48/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 293
وتُوُفّي بدمشق في خامس جمادى الآخرة، ودفن بقاسيون. وكان صاحب ديوان الإنشاء الذي للملك الناصر، والمقدم على جماعة الكتاب. وكان فاضلا رئيسا محتشما، مليح الخط والترسل، سافر إلى مصر رسولا من مخدومه. روى عنه الدمياطي من شعره. 318 - محمد ابن الشيخ محيي الدّين محمد بن عليّ بن العربيّ. الأديب البارع، سعد الدين. وُلِد بملطية سنة ثمان عشرة وستمائة في رمضان. وكان شاعرا محسنا، له ديوان. وتُوُفّي بدمشق في جمادى الآخرة، وقبروه عند أبيه، وله ثمان وثلاثون سنة. ومن شعره:
(أَدِمشق طال إلى رُباكِ تَشَوُّقي .......... وحننت منكِ إلى المقرّ المُونقِ)

(وإذا ذكرتك أيّ قلبٍ لم يطر .......... طرباً، وأيّ جوانح لم تَخْفُقِ؟)

(أعلمت أنّ القلب ظلّ مقيّداً .......... شغفاً بذيّاك الجمال المُطْلَقِ)

(واهاً لمنظرك البهيجِ ورَوْضك .......... العبِق الأريج وعَرْفك المستنشقِ)

(حكت الشّحارير التّي بغصونها .......... خُطَباء في دَرَج المنابر ترتقي)

(حدِّث - فَدَيْتُكَ - عن مُشَيِّد قصورها .......... لا عن سديرٍ دارسٍ وخَوَرْنقِ)

(وإذا رأيت مشبِّهاً بلداً بها .......... فارفِقْ فخصمك في جنونٍ مُطْلَقِ)

(48/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 294
ومن شعره:
(عفا الله عن عينيك كم سفَكَتْ دماً .......... وكم فوَّقت نحو الجوانح أسهما)

(أكُلّ حبيبٍ حاز رِقّ مُحِبِّهِ .......... حرامٌ عليه أن يرقّ ويرحما)

(هنيئاً لطرْفٍ بات فيك مُسَهّداً .......... وطُوبَى لقلبٍ ظلّ فيك متيّما)

(حمى ثغْرُهُ عنّى بصارم لحْظِهِ .......... فلو رُمْتُ تقبيلاً لذاك اللّما لما)
وقد درس سعد الدين وسمع الحديث، ومات قبل الكهولة رحمه الله. 319 - محمد بن محمد بن حسين. مخلص الدين، أبو البركات الحسيني، الدمشقي. سمع من: الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، وقال: تُوُفّي في ربيع الأول. 320 - محمد بن محمد بن رستم. النور، الإسعردي، الشاعر المشهور. روى عنه: الدمياطي من نظمه، وقال: تُوُفّي شابا.

(48/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 295
وسماه غيره محمد بن عبد العزيز كما مر. 321 - محمد بن محمد بن خالد بن محمد بن نصر بن القَيْسَرانيّ. الصدر الكبير الوزير، عز الدين الحلبي، الكاتب. وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة بحلب. وسمع من: ابن طبرزد. وكتب عنه: الدمياطي، وغيره. وكان رئيسا مبجلا له حرمة وافرة وتقدم عند الملك الناصر بن العزيز وتوزر له، وفي بيته جماعته فضلاء وأكابر. تُوُفّي في رمضان بدمشق. 322 - محمد بن محمد بن الشّيخ عبد الوهّاب بن سُكَيْنَة. الإمام شرف الدين شيخ رباط جده شيخ الشيوخ. قاتل حتى قتل في صفر، رحمه الله تعالى. 323 - محمد بن مظفَّر بن مختار. الجذامي، أبو عبد القس وجيه الدين الإسكندراني، المعدل، المعروف بابن المنير. سمع من: أبي القاسم بن الحَرَسْتَانيّ. روى عنه: الدمياطي وقال: تُوُفّي - رحمه الله تعالى - في شوال. 324 - محمد بن منصور بن أبي القاسم بن مختار. القاضي الجليل، وجيه الدين أبو المعالي ابن المنير الجذامي، الجردي، الإسكندراني، المعدل. وُلِد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وسمع ببغداد من: أبي الفتح أحمد بن علي الغزنوي.

(48/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 296
وبدمشق من: أبي القاسم عبد الصمد بن الحرستاني، وابن ملاعب. وأجاز له الخليفة الناصر. كتب عنه الطلبة، ومات في شوال بالثغر. وهو والد زين الدين وناصر الدين. 325 - محمد بن نصر بن عبد الرّزّاق بن الشّيخ عبد القادر. الإمام محيي الدين، مدرس مدرسة جدهم. وكان صالحا ورعا. ناب في القضاء عن والده يوما واحدا وعزل نفسه. وعاش أشهرا بعد أخذ بغداد. 326 - محمد بن نصر بن يحيى. الصاحب تاج الدين، أبو المكارم بن صلايا، نائب إربل الهاشمي، العلوي، الشيعي. كان نائب الخليفة بإربل، وكان من رجال العالم عقلا ورأيا وحزما وصرامة. وكان سمحا، جوادا، ماجدا. بلغنا أن صدقاته وهباته كانت تبلغ في السنة ثلاثين ألف دينار. وكان بينه وبين صاحب الموصل لؤلؤ منافسة، فلما استولى هولاوو على العراق أحضرهما عنده، فيقال إن لؤلؤ قال لهولاوو: وهذا شريف علوي، ونفسه تحدثه بالخلافة، ولو قام لتبعه الناس واستفحل أمره. فقتله هولاكو في شهر ربيع الأول، أو في ربيع الآخر، بقرب تبريز، وله أربع وستون سنة على الأصح.

(48/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 297
وكان ذا فضيلة تامة، وأدب وشعر. وكان يشدد العقوبة على شارب الخمر بأن يقلع أضراسه. ولقد دارى التتار حتى انقادوا له، وكان من دخل منهم إلى حدود إربل بددوا ما معهم من الخمور رعاية له. 327 - محمد بن هارون بن محمد بن هارون بن عليّ بن حُمَيْد. الفقيه الصالح، موفق الدين، أبو عبد الله الثعلبي، الشيعي، الدمشقي، الشافعي. وُلِد بقرية أرزونا سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع الكثير بنفسه، وأسمع أولاده. وهو أخو المحدث عبد الرحمن، ووالد الشيخ علي القاري نزيل القاهرة. سمع: الخشوعي، والقاسم بن علي العلي، وحنبلا المكبر، وجماعة. روى عنه: ابنه أبو الحسن، وأبو العباس بن الظاهري، وأخوه إبراهيم، والتقي عبيد، ومحمد بن محمد الكنجي، وتاج الدين عبد الرحمن الشافعي، وأخوه شرف الدين الخطيب، وجماعة. وكان من أهل العلم والصلاح. تُوُفّي في ثالث عشر رمضان بدمشق. 328 - محمد بن أبي عبد الله بن جبريل بن عزاز. المحدث المفيد، رشيد الدين الأنصاري، المصري، الشافعي، المؤدب. وُلِد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع الكثير من: عبد العزيز بن باقا، ومكرم، ومحمد بن عماد، وطائفة. وكتب الكثير، وصحب الحافظ عبد العظيم مدة. ورافق ولده في السماع. وعني بالحديث. ومات في ذي القعدة. 329 - محمود بن أحمد بن محمود بن بختيار.

(48/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 298
الفقيه الإمام، أبو الثناء الزنجاني، الشافعي. وُلِد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وسمع عبيد الله بن محمد الساوي، ودرس وأفتى. واستشهد ببغداد بسيف التتار الكفار. وكان من بحور العلم، له تصانيف. وقد ولي قضاء القضاة بعد أبي صالح الجيلي مدة، وعزل. وهو والد قاضي العراق عز الدين أحمد بن محمود. روى عنه: الدمياطي، وقال: وُلِد بزنجان، ودرّس بالمستنصرية. 330 - المُرَجَّى بن الحسن بن عليّ بن هبة الله بن غزال بن شُقُيْر. الشيخ، المقرئ، المعمر، عفيف الدين، أبو الفضل الواسطي، البزاز، التاجر السفار. وُلِد يوم عرفة بواسط سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسمع من: أبي طالب محمد بن علي الكتاني، وهو آخر من روى عنه. ومن: ابن نغوبا. وقرأ القرآن بالروايات على أبي بكر بن الباقلاني. وتفقه للشافعي على

(48/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 299
يحيى بن الربيع الفقيه. وحدث وأقرأ، وسافر في التجارة. وكان صحيح الرواية مقبولا. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وأبو علي بن الخلال، وأبو المحاسن بن الخرقي، ومحمد بن يوسف الذهبي، والإمام عز الدين الفاروثي، وأبو المعالي بن البالسي، ومحمد ابن خطيب بيت الأبار، ومحمد بن المهتار، وآخرون. ولا أعلم متى مات، لكن عز الدين الفاروثي ذكر أنه عاش إلى هذه السنة أو نحوها. 331 - مظفَّر بن عليّ بن رافع. أبو المنصور الزهري، الإسكندراني، الكاتب. قدم دمشق، وسمع من: الكندي، وابن الحرستاني. وحدَّث. روى عنه جماعة كالدمياطي. ومات في المحرم. 332 - مكّيّ بن عبد العزيز بن عبد الوهّاب بن إسماعيل بن مكّيّ. الإمام، المفتي، المصنف، أبو الحرم، ابن الإمام أبي الفضل بن الفقيه أبي محمد بن العلامة أبي الطاهر بن عوف الزهري، الإسكندراني، المالكي، العدل. له حلقة إشغال وإفادة. تُوُفّي يوم النحر بالإسكندرية.

(48/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 300
333 - منصور بن عبد الله بن محمد بن عليّ. أبو علي الأنصاري، الإسكندراني، المعروف بابن النحاس. وُلِد سنة ست وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن موقا، ومنصور بن خميس اللخمي. ومات في رجب. روى عنه: الدمياطي.
- حرف النون -
334 - نبهان بن محمود بن عثمان بن نبهان. صدر الدين الإربلي، التاجر السفار، ابن أخي التاجر الكبير أصيل الدين عباس. صدر، رئيس، عالم له شعر. وكان مولده سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وقُتِل ببغداد. وتُوُفّي عمه الأصيل بدمشق سنة تسع وثلاثين. 335 - نصر الله بن أبي العزّ مظفّر بن أبي طاب عقيل بن

(48/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 301
نجيب الدين، أبو الفتح الشيباني، الدمشقي، الصفار، المعروف بابن الشقيشقة المحدث، الشاهد. وُلِد سنة نيف وثمانين وخمسمائة. وسمع بعد الستمائة الكثير، وعني بالحديث وحصل الأصول. وسمع من حنبل ' المسند '، ومن: ابن طبرزد، والخضر بن كامل، ومحمد بن الزنف، والتاج الكندي، وابن مندويه، وخلق بعدهم. روى عنه: الدمياطي، والقاضي تقي الدين الحنبلي، والنجم بن الخباز، والشمس بن الزراد، وابن البالسي، والنجم محمود النميري، وعلاء الدين الكندي، وآخرون. وحدث في آخر عمره بالمسند، وكان أديبا، فاضلا، ظريفا، مليح البزة، مقبولا عند القضاة. وكان يعرف شيوخ دمشق ومروياتهم، ويسمع العالي والنازل، وخطه وحش معروف. ولم يكن بالعدل في دينه. قال أبو شامة: لم يمكن بحال أن يؤخذ عنه. كان مشتهرا بالكذب ورقة الدين، مقدوحا في شهادته. وكان قاضي القضاة نجم الدين ابن سني الدولة مراعيا لذوي الجاهات، فاستشهده لذلك، وميزه بأن جعله عاقدا للأنكحة تحت الساعات، فعجب الناس، فانكروا ما فعل. قال: وأنشدني البهاء بن الحافظ لنفسه فيه:

(48/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 302

(جلس الشَّقَيْشِقَةُ الشّقيُّ ليشهدا .......... بأبيكما ماذا عدا ممَّا بدا)

(هل زلزل الزّلزالُ؟ أَمْ [قد] أخرج الدّجّال، .......... أمْ عُدِم الرّجال ذَوُو الهُدى)

(عَجَباً لمحلول العقيدةِ جاهلٍ .......... بالشّرع قد أذِنوا له أن يعقدا)
ورأيت وراقا في مثال هذا بخط عبد الرحيم بن مسلمة فيها كذبه وتركه للصلواتج. تُوُفّي في عشية السادس من جمادى الآخرة، وقد جاوز السبعين. ووقف قاعته التي بدرب البانياسي دار حديث. والآن فيها شيخنا المزي. 336 - معين الدين هبة الله بن حشيش. كاتب الدرج. وزر بمصر للمعظم تورانشاه بن الصالح، وكان استصحبه معه من حصن كيفا، وهو على دين النصرانية، ثم أسلم لما استعاد المسلمون دمياط. ثم قدم دمشق، وخدم موقعا في الدولة الناصرية. كان رئيسا نبيلا، حسن السيرة. مات في رجب سنة ست وخمسين. وهو جد المولى القاضي معين الدين أبقاه الله.
- حرف الياء -
337 - يحيى بن عبد العزيز بن عبد السّلام. الخطيب، بدر الدين، أبو الفضل ابن شيخ الإسلام عز الدين أبي محمد السلمي، الدمشقي.

(48/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 303
وُلِد بعد الستمائة. وسمع وهو كبير من: ابن اللتي. وطلب الحديث بنفسه، وكان له فهم ومعرفة جيدة، وتعاليق مفيدة. وكتب عنه بعض الطلبة. وكان خطيب العقيبة. تُوُفّي في ليلة ثاني عشر ربيع الأول في حياة والده. وهو والد الخطيب ناصر الدين. 338 - يحيى بن أبي غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي الفضل هبة الله بن أحمد. الصدر تاج الدين، أبو الفتح بن أبي جرادة العقيلي، الحلبي، الحنفي المعروف بابن العديم. وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وعمه أبي الحسن أحمد، والافتخار عبد اللطيف، وأبي محمد بن الأستاذ. وبالحجاز من: يحيى بن عقيل بن شريف. وبدمشق: من أبي اليُمْن الكِنْديّ. وأجاز له يحيى الثقفي، وغيره. روى عنه: الدمياطي، والكمال إسحاق الأسدي. تُوُفّي في منتصف صفر ببلده، ودفن بالمقام. 339 - يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور بن المُعَمَّر بن عبد السلام

(48/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 304
الشيخ العلامة، الزاهد، جمال الدين، أبو زكريا الصرصري، ثم البغدادي، الحنبلي، الضرير، اللغوي، الأديب، الشاعر، صاحب المدائح النبوية السائرة في الآفاق. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وصحب الشيخ علي بن إدريس صاحب الشيخ عبد القادر. وسمع من جماعة. وروى الحديث. حكى لنا عنه شيخنا ابن الدباهي، وكان خال أمه. بلغنا أنه دخلت عليه التتار، كان ضريرا، فطعن بعكازه بطن واحد منهم قتله ثم قُتِل شهيدا. ومن شعره هذه القصيدة العديمة النظير التي جمع كل بيت منها حروف المعجم:
(أبت غير شج الدّمع مُقْلة ذي حَزَن .......... كَسَتْه الضّنى الأوطان في مشخص الظَّعنِ)

(بثَثْتُ خليلاً ذا حمّى صادقاً رضى .......... شجى لظنّي سطواً فزاغ بن عين)

(تثبت وخُذْ في المصطفَى نظْمَ قارِضٍ .......... غزير الحِجَى يُسْمعك مُدهشه الأُذُن)

(48/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 305

(ثوت جميع الحُسْنَى بغرّ خِلاله .......... صفاً من قَذَى سطْو ذكا مُدْحضي الظّنِّ)

(جَزَى المصطفى ذُو العرشِ خيراً فقد مَحَى .......... ضلالاً كثيفَ البَغْي مُسْتَبهظ الوهنِ)

(حوى المجد ثبت خصّ بالشَّرَف الّذي .......... علا زادَ قُدْساً طاهراً كاظم الضَّغَنِ)

(خبتْ نارُ طَغْوى حرب ذي الغَيْث إذْ مضى .......... سحابُ ظلامِ الشِّرْكِ بالصِّدْق كالعِهْنِ)

(دَجَتْ ظُلمُة الأوثانِ أعْشَتْ بزَيْغها .......... فأطلق من حصر الخِنا الضّنْك ذا سحنِ)

(ذوى غُصْنُ خطِّ الشِّرْكِ في بَعْثِ أحمد .......... الرّسول الرّضى الأحظى اجتباه فقُلْ زِدْنِي)

(رضىً غير قط ذو حجى زاد قُربه .......... فأخلص مُطيعاً لا تشكّ فتستثني)

(زكا رُشْدُهُ فاختصّر بالسَّعْد ثُمَرُهُ .......... حلا طاب ذَوقاً ظِلٌّ غضّاً لمن يجني)

(سطا بجنود الإثْم والزَّيْغ فاتِكاً .......... وظلّ مَهِيضَ الخَلْق بالشَّرع ذا حصنِ)

(شفى زَيغ سوُء مخبث الصُّدْر مُعْضلاً .......... بحجّة ذِكْرٍ قاطِعِ اللّفظِ مُفْتنِ)

(صفوحٌ غزيرُ العقل ثبتٌ خَلا أَذَى .......... لظى سوَء خطْب شائك داؤه مضني)

(صفا ظلّ ثاوٍ عُذْ بقَصدك تُربة .......... غدَا تجشّم الأخطار في السَّهل والحَزَنِ)

(طوى شِقَّه المعراج إذ جاز بسْطه .......... لفت لاقطاً يرضي غداً مخلصاً يثني)

(ظِباهُ سَطَتْ بالشَّرْك فاحتاج غصْبه .......... وأخزى ذوي الإثْم الوضيع فقل قُدْني)

(عَفَت سوقَ حزْبِ الشِّرْك بِعْثةُ مصطفى .......... رضى خاتم جلا وحي الظّلم ذي الغبنِ)

(غزا لخصم ذا التَّخبيث والإفْك بالظّبا .......... واقصدْ سُوسَ الجهْلِ بالضَّرْب والطَّعْنِ)

(فخشا وذُرى الإسلام بالحقّ مخلصاً .......... وجثت طُغاة العضة بالكظْم والزّبنِ)

(قضى بامتثال سُنَّة الشَّرْع موجراً .......... لاكوه ذو حفْظ غدا أخْمص البطنِ)

(كثير سجايا الفَضل لا وضْم عنده .......... لنُطْقٍِ مغيظٍ بتْ خزيان ذي سجنِ)

(لقد كان ثبتاً في اضطّرام لَظَى الوَغَى .......... شجاعاً بسهم الحْزم يخصم بالأذنِ)

(مقف، شكورٌ، ثابت الجدّ ضابط، .......... خلا عن غميز ذو صفاً ظاهر الحسنِ)

(نجيدٌ، قَتُوم، ذو اصطفاء باهرٍ غدا .......... عظيمٌ خلا عن شامتٍ ضاحك السِّنِّ)

(وكم حاز فضلاً ثابتاً شامخَ الذُّرَى .......... جسيماً، عظيم القدْر من طبعه المُغْني)

(هيا خاتم الأمجادِ صِلْ حِفْظ ذي ثنا .......... فقا فيك شِعراً سائغاً ضابط الوزْنِ)

(لأَنْت إذا خَطْبٌ وحادثُ ضِيقةٍ .......... وكاشفُ أسْر الظّلم مع صورة الحُزْنِ)

(يُثِبْك وقتاً حاجرَ الرَّضْخ شاخصاً .......... فذُدْ عنه طغْوى ظالم الإنْس والجنِّ)

(فيا سيّد السّادات يا مَن بفضلِهِ .......... لَيَشْهَدُ بيتُ اللهِ ذُو الحجر والرُّكنِ)

(48/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 306

(يظلّ فؤُادي عند ذكْرك خافقاً .......... ويَهْمي إذا اشتقتك الدّمع من جَفْني)

(فسَل لي ربَّ العرش نحوك عودةً .......... أُجدّد عهداً لا يخيب به ظنّي)

(فيا سائلاً كُنْ قائلاً هذه الّتي .......... بمدحته أضحت معظَّمةَ الشّأن)

(ومن سرّه أنّي لعشر نَظَمْتُ ما .......... يقصر عنه في السّفِين ذَوُو الوَهن)

(تضمّ حروفَ الخطّ جمْعاً بيوتُها .......... وأسألُ عُذْراً إنْ بَدَتْ كلفةً منّي)
340 - يوسف بن عبد الرحمن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن عُبَيْد الله. الصاحب العلامة محيي الدين، أبو المحاسن بن الإمام جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي، البكري، البغدادي، الحنبلي، أستاذ دار المستعصم بالله.

(48/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 307
وُلِد في ذي القعدة سنة ثمانين وخمسمائة. وتفقه، وسمع الكثير من أبيه، ويحيى بن بوش، وذاكر بن كامل، وأبي منصور عبد الله بن عبد السلام، وعبد المنعم بن كليب، والمبارك بن المعطوش، وعلي بن محمد بن يعيش. وقرأ القرآن مع أبيه بواسط على أبي بكر بن الباقلاني صاحب أبي العز القلانسي. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، والرشيد محمد بن أبي القاسم، وجماعة. وتفقه عليه جماعة من البغداديين وغيرهم. وكان إماما كبيرا وصدرا معظما، عارفا بالمذهب، كثير المحفوظ، حسن المشاركة في العلوم، مليح الوعظ، حلو العبارة، ذا سمت ووقار وجلالة وحرمة وافرة. درّس وأفتى وصنف، وروسل به إلى الأطراف، ورأى من العز والإحترام والإكرام شيئا كثيرا من الملوك والأكابر. وكان محمود السيرة، محببا إلى الرعية. ولي الأستاذ دارية بضع عشرة سنة. قال الدمياطي: قرأت عليه كتاب ' الوفا في فضائل المصطفى ' لأبيه وغيره من الأجزاء. وأنشدني لنفسه، وأجازني بجائزة جليلة من الذهب. قال شمس الدين ابن الفخر الحنبلي: أما رئاسته وعقله فينقل بالتواتر، حتى أن الملك الكامل مع عظمة سلطانه قال: كل واحد يعوز زيادة عقل سوى محيي الدين ابن الجوزي فإنه يعوز نقص عقل. وذلك لشدة مسكته وتصميمه وقوة نفسه. يحكى عنه في ذلك عجائب منها أنه مر في سويقة باب البريد والناس بين يديه، وهو راكب البغلة، فسقط حانوت، فضج الناس وصاحوا. وسقطت خشبة فأصابت كفل البغلة، فلم يلتفت ولا يغير من هيئته. حكى لي شيخنا مجد الدين الروذراوري أنه كان يناظر ولا يحرك له جارحة. وقد أنشأ بدمشق مدرسة كبيرة. وقدم رسولا مرات. قلت: ضُرِبت عنقه بمخيم ملك التتار هو وأولاده تاج الدين

(48/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 308
عبد الكريم، وجمال الدين المحتسب، وشرف الدين عبد الله في صفر 341 - يوسف الكُردْيّ. الزاهد. ذكره أبو شامة فقال: تُوُفّي في صفر، وكان شيخا صالحا جليلا، أكثر مقامه بمسجد الربوة. وكان دائم الذكر والصلاة. وقد ألبسه الله الهيبة والوقار.
- الكنى -
342 - أبو العِزّ بن صُدَيْق. سميناه عبد العزيز، وقد مر. * * * وأنبأني الظهير الكازروني في ' تاريخه ' قال: ذكر من قُتِل صبرا، فسمى الخليفة وطائفة ذكرتهم. 343 - ثم قال: وفُلَك الدّين محمد بن قيران الظّاهريّ، أحد الأُمراء. 344 - وشِحْنةُ بغداد الأمير قُطْبُ الدّين سَنْجَر البكليّ الّذي حجّ بالناّس مرّات. 345 - وشِحْنة بغداد عزّ الدّين ألْب قُرا الظّاهريّ. 346 - والأمير بَلَبَان المستنصريّ. 347 - وأيْدغُمُش الشّرقيّ ناظر الحَلْة، وكان شاعراً.

(48/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 309
348 - وعماد الدّين طُغْرُل النّاصريّ، شحْنة بغداد زمن المستنصر. 349 - والأمير محمد بن أبي فراس. 350 - وكمال الدّين عليّ بن عسكر عارض الجيش. 351 - والسّيّد شَرَف الدّين المراغيّ. 352 - وابنه صدر الدّين محمد. 353 - ونقيب الطّالبيّين عليّ ابن النَّسّابة. 354 - وشَرَف الدّين عبد الله بن النيار ابن أخي صدر الدّين المذكور. 355 - ومهذَّب الدّين عليّ بن عسكر البعقوبيّ. 356 - والشّيخ عبد الوهّاب بن سُكَيْنَة المعّدل. 357 - وشيخ رباط الخِلاطيّة العدل يحيى بن سَعْد التّبريزيّ. 358 - والقاضي برهان الدّين التّبريزيّ. 359 - والقاضي برهان الدّين فضلي. 360 - والمدرّس صدر الدّين أبو مَعْشَر الشّافعيّ. 361 - وخطيب جامع الخليفة عبد الله بن العبّاس الرّشيديّ. 362 - والمجوّد الكاتب شمس الدّين عليّ بن يوسف الكُتُبيّ، خازن كُتُب المستنصريّة. 363 - والنّقيب الطّاهر عليّ بن حسن. 364 - والحاجب محمد بن البُوقيّ. 365 - وعُمر بن الخلاّل.

(48/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 310
366 - ونقيب مشهد الكاظم تقيّ الدّين المُوسَويّ. 367 - وشرف الدين محمد بن طاوس العلويّ. 368 - وجمال الدّين ابن [...] الفَرَضيّ النّاسخ. 369 - والجمال القزوينيّ مُشرف وقْف المستنصريّة. 370 - والموفَّق عبد القاهر ابن الفُوَطيّ شيخ الأدب. 371 - والقاضي تقيّ الدّين عليّ بن النَّعْمانيّ كاتب الجيش. 372 - ونجم الدين عليّ بن الزّبيديّ. 373 - وتقيّ الدّين عبد الرحمن بن الطّبّال وكيل الخدمة. كلّ هؤلاء راحوا تحت السيف. * * * وفيها وُلِد: زكي الدين زكري بن يوسف التملي المرجيء، الفقيه الشافعي، ببيت ناعم من البرج. وتاج الدين أحمد بن محمد بن القاضي شمس الدين أبي نصر بن الشيرازي، والقاضي شهاب الدين أحمد بن الشرف حسن بن عبد الله بن الحافظ، في صفر، وعز الدين عبد الرحمن بن الشيخ العز إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر، وعز الدين يوسف بن حسن الزرندي، بزرند، ولؤلؤ بن سنقر، مولى بني تيمية، وشمس الدين محمد بن أحمد بن إبراهيم بن القماح القرشي المصري، يروي عن الرضى بن البرهان، وبدر الدين محمد بن زكريا بن يحيى السويداوي المصري، يروي عن الرضى أيضا، ومحمد بن أبي

(48/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 311
الحرم بن نبهان البيزباني الصالحي وأبو بكر بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن عبد الواسع الهروي العجمي الكاتب، والبدر محمد بن أحمد بن محمد بن النجيب، سبط إمام الكلاسة المحدث، ومحمود بن العفيف محمد بن علي البابشرقي، وعلي بن عبد المؤمن بن عبد، والحاج عبد الحميد بن منصور الصائغ، وصفي الدين محمد بن محمد بن أحمد بن العتال الحنفي، والبدر محمد بن عبد المؤمن بن حسن النصيبي التاجر، وشيخ المستنصرية المحب علي بن الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش.

(48/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 312

سنة سبع وخمسين وستمائة

- حرف الألف -
374 - أحمد بن عثمان بن هبة الله بن أحمد بن عقيل. فتح الدين، أبو الفتح المعروف بابن أبي الحوافر القيسي، الدمشقي الأصل، المصري، الطبيب العدل. وُلِد سنة ستمائة، وسمع من أبيه. وبرع في الطب. وصار رئيس الأطباء بالديار المصرية. وقد أكثر السماع في الكهولة، وعني بالحديث. وكان صدرا رئيسا، متميزا، بصيرا بالعلاج. تُوُفّي في رابع عشر رمضان بالقاهرة. 375 - أحمد بن محمد بن حسن بن عليّ بن تامَتّيت. المحدث الصالح، المعمر، أبو العباس اللوائتي، الفاسي، المغربي نزيل القاهرة.

(48/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 313
كان شيخا مباركا، فاضلا، عالما. جاور بالقرافة مدة. وحدث عن الزاهد أبي الحسين يحيى بن محمد الأنصاري، المعروف بابن الصائغ. وحدّث عن: أبي الوقت بالإجازة العامة. قال الشريف عز الدين. مولده فيما بلغنا في المحرم سنة ثمان وأربعين وخمسمائة. قلت: إن صح هذا فكان يمكنه السماع من أبي الوقت أيضا، فإنه أدرك من حياة أبي الوقت ست سنين. قال: وكان أحد المشايخ المشهورين بالعلم والزهد والصلاح، المقصودين للزيارة والتبرك بدعائه. وله تصانيف عدة. قلت: روى عنه الأمير علم الدين الدواداري، عن أبي الوقت. وتُوُفّي في رابع المحرم. 376 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن. المعمر، أبو القاسم البلوي، القرطبي. آخر من روى بالإجازة عن أبي عبد الله بن زرقون، وخلف بن بشكوال، وأبي العباس بن مضاء. مولده سنة 575، وبمراكش مات في سنة سبع وخمسين هذه. 377 - أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن قاسم.

(48/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 314
المحدث، المعمَّر، المُسْنِد، المُغْرِب، أبو الحسين بن السراج الأنصاري، الإشبيلي. قال الشريف عز الدين: وُلِد في الثامن والعشرين من رجب سنة ستين وخمسمائة. وسمع من: خاله أبي بكر محمد بن خير، والحافظ خلف بن بشكوال، وعبد الحق بن بونه، والحافظ أبي عبد الله محمد بن سعيد بن زرقون، وحدث عنهم. وعن: أبي بكر بن الجد، وأبي محمد بن عبيد الله، وأبي القاسم الشراط، وأبي زيد السهيلي. وحدَّث بالكثير مدة، وتفرد عن جماعة من شيوخه بأشياء لم تكن عند غيره. وكانت الرحلة إليه بالمغرب. وأخذ عنه جماعة من الحفاظ والنبلاء، من آخرهم أبو الحسين يحيى بن الحاج المعافري روى عنه ' الروض الأنف ' سماعا بتونس سنة ثمان عشرة وسبعمائة. قال: أخبرنا المؤلف سماعا لجميعه بإشبيلية. نقلته من بنت الوادي اآشي. وكان ثقة صحيح السماع. تُوُفّي في سابع صفر ببجاية. ونقلت من أسماء شيوخ ابن السراج قال: لقيت ابن بشكوال بقرطبة ولزمته. فذكر أنه سمع منه عدة دواوين، منها ' تفسير القرآن ' للنسائي، بسماعه من ابن عَتّاب، بسماعه من حاتم بن محمد، عن القابسي، عن حمزة الكناني، عنه، و ' خصائص علي ' بهذا الإسناد، وكتاب ' الصّلة '، وأشياء. وسمع من السهيلي ' الروض الأنف '.

(48/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 315
378 - أحمد بن أبي عليّ بن أبي غالب. الشيخ مجد الدين أبو العباس الإربلي، النحوي، الحنبلي، العدل، نزيل دمشق. حدث عن: محمد بن هبة الله بن المكرم. وبدمشق تُوُفّي في نصف صفر. وكان يشهد تحت الساعات، ويؤم بالمسجد الذي تجاه المسمارية وإليه نظر السبع المجاهدي. وكان إماما في الفقه والعربية، بصيرا بحل ' المفصَّل. وعنه أخذ النحو شيخنا شرف الدين الفزاري. 379 - إبراهيم العلاّمة ضياء الدّين محاسن بن عبد الملك بن عليّ بن نجا. أبو طاهر التنوخي، الحموي، ثم الدمشقي، الحنبلي، الكاتب نجم الدين. تُوُفّي بتل باشر، من أعمال حلب. وسمعه أبوه من: ابن طبرزد حضورا، ومن: الكندي. وله شعر وأدب. روى عنه لنا: ابن الزراد، وغيره. ومات في المحرم.

(48/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 316
380 - أسعد بن عثمان ابن القاضي وجيه الدّين أسعد بن المُنَجّا بن بركات بن المؤمَّل. الرئيس صدر الدين، أبو الفتح التنوخي، الدمشقي، الحنبلي، المعدل. وُلِد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وسمع من: عمر بن طبرزد، وحنبل. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وآحاد الطلبة. وكان رئيسا محتشما، متمولا. وقف داره مدرسة على الحنابلة، ووقف عليها، واندفن بها في تاسع عشر رمضان. وهو أخو شيخينا زين الدين ووجيه الدين.
- حرف السين -
381 - سليمان بن عبّاد بن خَفَاجة. أبو أحمد الجزري، الصحراوي، الحنبلي، البستاني، النساج، الصالحي. سمع من: حنبل، وغيره. روى عنه: النجم بن الخباز، والشمس بن الزراد، وغيرهما. مات في شعبان

(48/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 317

- حرف الصاد -
382 - صالح بن عبد الرحمن بن موسى. أبو التقي الزناتي، المغربي، المؤدب. سمع منه: علي بن البنا. وعاش سبعين سنة. وتُوُفّي في ثامن ربيع الأول بالقاهرة.
- حرف العين -
383 - عبّاس بن الفضل بن عقيل بن عثمان بن عبد القاهر. الشريف، أبو المفاخر الهاشمي، العباسي، الدمشقي. سمع من: القاسم بن عساكر. وهو أخو أبي طالب محمد، وابن عم هاشم بن عبد القادر. وقد ذُكِر. 384 - عبد الله بن لبّ بن محمَّد بن عبد الله بن خيرة. أبو محمد الشّاطبيّ، المالكي. حدث بمكة عن: أبي الخطاب أحمد بن واجب. وتُوُفّي بالقاهرة في صفر، وله ثلاث وسبعون سنة. وكان مقرئا مجودا، فقيها، عالما. روى عنه: الدمياطي، وأبو محمد الدلاصي. 385 - عبد الله بن يوسف بن محمد بن عبد الله. شمس الدين، أبو محمد بن اللمط الجذامي.

(48/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 318
رافق ابن دحية في الرحلة. وسمع بإصبهان من: أبي جعفر الصيدلاني. وببغداد من: عبد الوهاب بن سكينة. وبالموصل من: أحمد ابن الخطيب الطوسي. وكان مولده في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. روى عنه: المجد بن الحلوانية، والدمياطي، وعلم الدين الدواداري، وجماعة. وتُوُفّي في ربيع الآخر بالمنشية بظاهر القاهرة. 386 - عبد الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الرحمن بن أبي المكارم عبد الواحد بن محمد بن هلال. الأجل، فخر الدين، أبو علي الأزدي، الدمشقي، المعدل. سمع: حنبل بن عبد الله، وعمر بن طبرزد. يروي عنه: بهاء الدين إبراهيم بن المقدسي، وناصر الدين محمد بن المهتار، وغيرهما. وتُوُفّي في ثالث عشر شوال، وقد جاوز الستين. 387 - عبد الرحمن بن عبد المؤمن بن أبي الفتح بن وثّاب. أبو محمد القدسي، الصوري، الحنبلي، النجار، شهاب الدين. حدّث عن: عمر بن طبرزد، وحنبل. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، وجماعة. ووجد مقتولا بالهامة من وادي بردا في ثاني رجب. وعاش ثلاثاً وستين سنة. وهو أبو شيخنا التقي. 388 - عبد الرّحيم بن إسماعيل بن أبي محمد. أبو الحسين ابن أمين الدولة الأنصاري، المصري، السمار.

(48/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 319
سمع بالمدينة النبوية من جعفر بن آموسان. وحدث بالقاهرة. وتُوُفّي في ربيع الأول. روى عنه: عبد القادر الصعبي. 389 - عبد السّلام بن الحسين بن عبد السّلام بن عتيق بن محمد بن محمد. أبو محمد السفاقسي، ثم الإسكندراني، العدل. سمع من: جده لأمه أبي الحسن مكي بن إسماعيل بن عوف وحدث عنه. وعن: عمر بن عبد المجيد الميانشي. وتفرد بالرواية عن الميانشي. وهو من بيت العلم والرواية. روى عنه: الدمياطي وقال: سمع منه كتاب ' العلم في شرح مسلم ' للمازري كله بمكة من الميانشي. ووُلِد سنة سبع وستين وخمسمائة، وتُوُفّي في العشرين من شعبان عن تسعين سنة. وللميانشي إجازة من المازري. 390 - عبد العزيز بن عبد الجبّار بن يوسف. الدمشقي، القلانسي. سمع من: حنبل، والحافظ عبد الغني، وغيرهما. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وجماعة. مات في شهر رمضان. 391 - عبد العزيز بن عبد الجبّار بن هبة الله بن عساكر بن سلطان. الشيخ المعمر، أبو محمد القسطلاني، ثم المصري. وُلِد في صفر سنة ثمان وخمسين. وذكر أنه سمع من أبي طاهر السلفي. وقد حدّث عن: أبي يعقوب يوسف بن الطفيل. وتُوُفّي في ذي القعدة وعمره مائة سنة إلا ثلاثة أشهر.

(48/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 320
392 - عثمان بن يوسف. الدمشقي، الجمّال، الرسّام. تُوُفّي في شوال بدمشق. 393 - عليّ بن الحسن بن محمد بن إسماعيل بن أبي العزّ. نجم الدين أبو الحسن العراقي، النيلي، القيلوي. وُلِد سنة تسع وسبعين ببغداد. وسمع من: ابن طبرزد، والكِنْدي. روى عنه: الدمياطي، وعلاء الدين عليّ بن الشاطبي، وطائفة سواهما. تُوُفّي في جمادى الآخرة. 394 - عليّ بن مجليّ. الصاحب سراج الدين. صدّر للأعمال الواسطيّة. وقد ولي زمن الخليفة صدر ديوان العَرْض. قاتلته المغول على أمر وضُرِبت عنقه في رجب. وكان أديباً، مترسلا، كريما. 395 - عليّ بن يوسف بن موهوب بن يحيى. الجزري، ثم الصالحي، الحنبلي. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عمر بن طبرزد، وحنبل بن عبد الله. وأجاز له أبو الفرج ابن الجوزي، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، ومحمد بن الزراد، وآخرون. ومات في الثالث والعشرين من ربيع الأول.

(48/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 321

- حرف الفاء -
396 - فاطمة بنت أبي منصور يونس بن محمد بن محمد الفارقيّ. أم جمال الدين محمد بن الصابوني. روت بالإجازة عن يحيى الثقفي. كتب عنها: ولدها، والدمياطي، وجماعة. وتوفيت بمصر في سادس ربيع الأول وقد قاربت الثمانين. 397 - الفخر بن الرّبيع. البندهي، الخراساني، الفقيه. قال الإمام أبو شامة: وتُوُفّي شخص زنديق ينظر في علوم الأوائل ويسكن المدارس. أفسد عقائد جماعة من الشباب، وكان يتجاهر باستنقاص الأنبياء عليهم السلام، لا رحمه الله، ويُعرف بالفخر ابن البديع. وكان أبوه يزعم أنه من تلاميذ الفخر الرازي. مات في حياة والده.
- حرف الكاف -
398 - كَيْقُبَاذ بن كَيْخُسْرو. السلجوقي، السلطان علاء الدين صاحب الروم. قال الظهير الكازروني: فيها تُوُفّي، يعني سنة سبع.

(48/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 322

- حرف اللام -
399 - لؤلؤ. السلطان الملك الرحيم، بدر الدين، صاحب الموصل، أبو الفضائل الأرمني الأتابكي، النوري، مولى الملك نور الدين أرسلان شاه ابن السلطان عز الدين مسعود. كان القائم بتدبير دولة أستاذه وأعطاه الإمرية، فلما تُوُفّي نور الدين قام بتدبير ولده السلطان الملك القاهر عز الدين مسعود بن نور الدين، فلما تُوُفّي في سنة خمس عشرة أقام بدر الدين أخوين صبيين ولدي القاهر، وهما ابنا بنت مظفر الدين صاحب إربل، واحدا بعد واحد. ثم استبد بملك الموصل أربعين سنة. والأصح أنه تسلطن في أواخر رمضان سنة ثلاثين وستمائة. وكان حازما شجاعا، مدبرا، ذا حزم ورأي، وفيه كرم وسؤدد وتجمل، وله هيبة وسطوة وسياسة. كان يغرم على القصاد أموالا وافرة، ويحترز ويداري الخليفة من وجه، والتتار من وجه، وملوك الأطراف من وجه، فلم ينخرم ملكه، ولم تطرقه آفة. وكان مع ظلمه وجوده محببا إلى رعيته لأنه كان يعاملهم بالرغبة والرهبة.

(48/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 323
ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان ملكا جليل القدر، عالي الهمة، عظيم السطوة والسياسة، قاهرا لأمرائه. قتل وشنق وقطع ما لا نهاية له حتى هذب البلاد. ومع هذا فكان محبوبا إلى رعيته، يحلفون بحياته، ويتغالون فيه، ويلقبونه قضيب الذهب. وكان كثير البحث عن أخبار رعيته. تُوُفّي في عَشْر التسعين وفي وجهه النضارة، وقامته حسنة، يخيل إلى من يراه أنه كهل. قلت: ولما رأى أن جاره مظفر الدين صاحب إربل يتغالى في أمر المولد النبوي ويغرم عليه في العام أموالا عظيمة، ويظهر الفرح والزينة، عمد هو إلى يوم في السنة، وهو عيد الشعانين الذي للنصارى، لعنهم الله، فعمل فيه من اللهو والخمور والمغاني ما يضاهي المولد المكرم، فكان يمد سماطا طويلا إلى الغاية بظاهر البلد، ويجمع مغاني البلاد، ويكون السماط خونجا وباطية خمر على هذا الترتيب، ويحضره خلائق، وينثر على الناس الذهب من القلعة، يسفي الذهب بالصينية الذهب، ويرميه عليهم، وهم يقتتلون ويتخاطفون الدنانير الخفيفة، ثم يعمد إلى الصينية في الآخر فيقص له بالكازن من أقطارها إلى المركز، وتخلى معلقة بحيث أنه إذا تجاذبوها طلع في يد كل واحد منها قطعة. فحدثونا أنه كان بالموصل رجل يقال له عثمان القصاب، كان طوالا ضخما، شديد الآيد والبطش، بحيث أنه جاء مرة إلى مخاضة ومعه خمس شياه ليدخل البلد ويقصبها، فأخذ تحت ذا الإبط رأسين، وتحت الإبط الآخر رأسين، وفي فمه رأسا، وخاض الماء بهم إلى الناحية الأخرى. فإذا رمى بدر الدين الصينية إلى الناس تضاربوا عليها ساعة، ثم لا تكاد تطلع إلا مع عثمان القصاب. ومقته أهل العلم والدين على تعظيمه أعياد الكفر، وعلى أمور أخرى، فقال فيه شاعرهم:
(يعظِّم أعيادَ النّصارى تَلَهِيّاً .......... ويزعُمُ أنّ الله عيسى بن مريمْ)

(48/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 324

(إذا نَبَّهَتْهُ نخوةُ أَرْيَحِيّةٍ .......... إلى المجد قالت أرمنيّةٌ: غَمْ)
وذكروا لنا أنه سار إلى خدمة هولاوو، وقدم له تحفا سنية، منها دُرَّة يتيمة، والتمس أن يضعها هو في أذن الملك هولاوو، فانكفأ على ركبته فمعك أذنه، وأدخلها في الخرم. فلما خرج فاق على نفسه وقال: هذا معك أذني، أو قيل ذلك لهولاوو، فغضب وطلبه، فإذا هو قد ساق في الحال. والله أعلم بصحة هذا، فإني أستبعده. ولكنه ذهب إلى هولاوو، ودخل في طاعته، وأعانه على مراده، فأقره على بلده، وقرر عليه ذهبا كثيرا في السنة. فلما مات انخرم النظام، ونازلت التتار الموصل، وعصى أهلها، فحوصرت عشرة أشهر، ثم أُخِذت، ولا حول ولا قوة إلا بالله. تُوُفّي صاحب الموصل يوم الجمعة ثالث شعبان، وقد كمل الثمانين.
- حرف الميم -
400 - محمد بن القاضي الأشرف أحمد ابن القاضي الفاضل أبي عليّ عبد الرّحيم بن عليّ. القاضي الرئيس، عز الدين، أبو عبد الله اللخمي، البيساني، الأصل، المصري. سمع بإفادة أبيه، وبنفسه الكثير. وخرّج على الشيوخ، وكتب الكثير، وصار له أنسة جيدة بالفن.

(48/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 325
سمع من: أبي القاسم بن صصرى، والبهاء المقدسي، وأبي محمد بن البن، فمن بعدهم. وتُوُفّي بدمشق في عاشر شوال، رحمه الله تعالى. 401 - محمد بن عليّ بن موسى. الإمام المقرئ، شمس الدين، أبو الفتح الأنصاري، الدمشقي، شيخ الإقراء بتربة أم الصالح. قرأ القراءآت على الشيخ علم الدين السخاوي، وكان من جلة أصحابه، فولي التربة والإقراء بها بعد السخاوي، مع وجود الإمام شهاب الدين أبي شامة. فبلغنا أنه وقع نزاع في أي الرجلين أولى بالمكان، لأنه شرطه أن يكون أقرأ من في البلد، فتكلموا فيمن يحكم بينهم، فأرشدوا إلى علم الدين القاسم بن أحمد الأندلسي، فسأل كل واحد من الرجلين مسألة من الفن وأجابه، فقالوا له: من رأيت يصلح؟ فقال عن أبي شامة: هذا إمام. وقال عن شمس الدين أبي الفتح: هذا رجل يعرف القراءآت كما ينبغي. فوقعت العناية بأبي الفتح وأعطيها. فقرأ عليه جماعة منهم: شيخنا برهان الدين الإسكندري، وشيخنا شرف الدين الفزاري. وكان من أهل دار الحديث الأشرفية. سمع بها من: ابن الزبيدي، وغيره. وقد ولي التربة قبله فخر الدين ابن المالكي أياما ومات. قال أبو شامة: وفي صفر تُوُفّي الشمس أبو الفتح الذي كان يقرئ بالتربة الصالحية بعد الفخر ابن المالكي. ثم قال: وكان إماما في القراءآت، رحمه الله.

(48/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 326
402 - محمد بن المفضّل بن الحسن بن عبد الصّمد بن محمد بن مرهوب. الشيخ جمال الدين، أبو محمد الحموي، الحنفي، الشروطي المعروف بابن الإمام. وُلِد بحماة سنة تسع وستين وخمسمائة. وروي بالإجازة عن السلفي في سنة ثمان وأربعين بدمشق، فسمع منه: أبو المعالي بن البالسي، وجماعة. وله ديوان خطب وشعر وأدب. تُوُفّي في هذه السنة بحماة. 403 - محمد ابن وزير العراق المؤيَّد بن العَلْقميّ. الرئيس عز الدين. قال الظهير الكازروني: مات في ذي الحجة سنة سبع. وقد عمل الوزارة للتتار، وعاش أربعين سنة. ولاه هولاكو بعد أبيه الوزارة، فأقبل على قاعدة الوزراء في فاخر الملبوس، وعلى فرسه كنبوش حرير، وفي عنقه شدة، فأُخبر بهادر الشحنة، فقام من الديوان فعاينها، فبال وهو واقف على الدكة على الكنبوش، وغضب وطرد الفرس، فانظر إلى وزير العراق في هذه الدول الفانية. وقس على ذلك. 404 - محمد بن مكّيّ بن محمد بن الحسن بن عبد الله. أبو عبد الله القرشي، الدمشقي، العدل، الأديب المعروف بابن الدجاجية، ويُلقّب بالبهاء ابن الحافظ.

(48/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 327
وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وهو الذي هجا النجيب الصفار لما جلس يشهد ؛ وكان يجيد النظم، فمن شعره:
(إلى سَلَم الجرعاء أهدَى سلامَهُ .......... فماذا على مَنْ قد لحاه ولامَهُ)

(تجلّد حتّى لم يدعْ مُعْظَمُ الجَوَى .......... لرائيه إلاّ جِلْده وعظامهُ)
وكان والده قد درّس ببُصْرَى ونظم ' المهذب '. تُوُفّي البهاء في ثاني المحرم، وكان شاهدا. روى عنه: الدمياطي شيئا من شعره، رحمه الله. * المجد الإربليّ، النَّحْويّ. قد تقدّم في أحمد. 405 - مظَّفر بن أبي بكر محمد بن إلياس بن عبد الرحمن بن عليّ بن أحمد. الرئيس نجم الدين، أبو غالب ابن الشيرجي، الأنصاري، الدمشقي، الشافعي، العدل. وُلّي تدريس العصرونية ووكالة بيت المال. وكان يرجع إلى دين وأمانة وعلم. وُلِد سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، والقاسم بن الحافظ، وحنبل، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وزين الدين الفارقي، وابن الخباز، والزراد، ومحيي الدين يحيى إمام المشهد، وآخرون. تُوُفّي آخر يوم من السنة. وقد وُلّي أيضا حسبة دمشق، ونظر الجامع

(48/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 328
كابنه عز الدين عيسى، وابن ابنه شرف الدين أحمد. 406 - المعين العادليّ. المؤذن. أذن للسلطان صلاح الدين فمن بعده. وطال عمره. قال أبو شامة: جاوز المائة، وزمن قبل موته بسنين. 407 - منهال بن محمد بن منصور بن خليفة بن منهال. شرف الدين، أبو الغيث العسقلاني الأصل، المصري، المعدل. كتب الحكم لغير واحد من قضاة مصر. وسمع بإفادة أبيه من: عبد الله بن محمد بن مجلي، وعبد الله بن عبد الجبار العثماني، وطائفة. وأجاز له أبو اليُمْن الكِنْدي. وكان مولده في سنة أربع وستمائة. وكان بصيرا بالشروط. مات في ذي الحجة.
- حرف الياء -
408 - يحيى بن عبد الوهّاب بن محمد بن عطيّة. الفقيه تاج الدين، أبو الحسين التنوخي، الإسكندراني، المعدل الأصولي. تُوُفّي في جمادى الآخرة بالثغر. وكان يعرف الأصول. وسمع الكثير من أبي القاسم الصفراوي، وأبي الفضل الهمذاني. ولم يحدّث. 409 - يوسف القُمِّينيّ.

(48/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 329
شيخ مشهور بدمشق. للناس فيه حسن اعتقاد. وكان يأوي إلى القمامين والمزابل التي مأوى الشياطين، ويلبس ثيابا تكنس الأرض، وتتنجس ببوله، ويمشي حافيا، ويترنح في مشيته. وله أكمام، طوال، ورأسه مكشوف. وكان طويل السكوت، ذا مهابة ووله ما. ويُحكى عنه عجائب وكشوفات. وكان يأوي إلى قمين حمّام نور الدين. ولما تُوُفّي شيعه خلق لا يحصون من العامة. وقد بصرنا الله وله الحمد وعرفنا هذا النموذج، وأن لهم شياطين تطمع فيهم لنقص عقولهم، وتجري منهم مجرى الدم، وتتكلم على ألسنتهم بالمغيبات، فيضل الناس، ويتألهونهم، ويعتقدون أنهم أولياء الله، فإنا لله وإنا إليه راجعون. فقد عم البلاء في الخلق بهذا الضرب، ولكن الله يثيب الناس على حسن قصدهم، وإن جهلوا وأخطأوا، ويغفر لهم بلا شك إذا كان قصدهم ابتغاء وجهه الكريم. وهذا زماننا فيه واحد اسمه إبراهيم بظاهر باب شرقي، له كشوفات كالشمس، وما أكثرها. أمام أربع سنين في دكان بر الباب، ثم تحول إلى قمين حمّام الفواخير، وهو زُطّيٌّ، سفيه، نجس، قد أحرقته السوداء، وله شيطان ينطق على لسانه، فما أجهل من يعتقد في هذا وشبهه أنه ولي الله، والله يقول في أوليائه إنهم {الذين آمنوا وكانوا يتقون} . وقد كان في الجاهلية خلق من الكهان يخبرون بالمغيبات، والرهبان لهم كشف وإخبار بالمغيبات، والساحر يخبر بالمغيبات. وفي زماننا نساء ورجال بهم مس من الجن يخبرون بالمغيبات على عدد الأنفاس. وقد صنف شيخنا ابن تيمية غير مسألة في أن أحوال هؤلاء وأشباههم شيطانية، ومن هذه الأحوال الشيطانية التي تُضِلّ العامة أكْلُ الحيات، ودخول النار، والمشي في الهواء، ممن يتعانى المعاصي، ويخل بالواجبات. فنسأل الله

(48/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 330
العون على اتباع صراط المستقيم، وأن يكتب الإيمان في قلوبنا، وأن يؤيدنا بروح منه، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقد يجيء الجاهل فيقول: اسكت لا تتكلم في أولياء الله. ولم يشعر أنه هو الذي تكلم في أولياء الله وأهانهم، إذ أدخل فيهم هؤلاء الأوباش المجانين أولياء الشياطين، قال الله تعالى: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم} ثم قال: {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} وما اتبع الناس الأسود العنسي ومسيلمة الكذاب إلا لإخبارهما بالمغيبات، ولا عُبِدت الأوثان إلا لذلك، ولا ارتبط خلق بالمنجمين إلا لشيء من ذلك، مع أن تسعة أعشار ما يُحْكَى من كذب الناقلين. وبعض الفضلاء تراه يخضع للمولهين والفقراء النصابين لما يرى منهم. وما يأتي به هؤلاء يأتي بمثله الرهبان، فلهم كشوفات وعجائب، ومع هذا فهم ضلال من عبدة الصلبان، فأين يذهب بك؟ ! ثبتنا الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وإياك.
- الكنى -
410 - أبو بكر بن الملك الأشرف أبي الفتح محمد بن السلطان الكبير صلاح الدين يوسف. وُلِد بمصر في سنة سبع وتسعين، ونشأ بحلب، وسمع بها من: عمر بن طبرزد، وحنبل. ودخل بغداد في أيام المستنصرية، وسمع بها من أصحاب أبي بكر بن الزاغوني، وأبي الوقت السجزي.

(48/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 331
وكان أميرا جليلا، له حرمة وافرة. تُوُفّي بحلب في ذي الحجة، وله ستون سنة. * * * وفيها وُلِد: شيخنا العارف عماد الدين أحمد بن عبد الرحمن الواسطي ابن شيخ الحرامية، بواسط في ذي الحجة، وخطيب النيرب تقي الدين صالح بن مجد الدين بن سحنون، والشرف علي بن قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان، والعلاء علي بن المهذب التنوخي الشروطي، وشيخنا مجد الدين أبو بكر بن محمد القاسم التونسي المقرئ بتونس، أو سنة ست. ومحمد بن أحمد بن محمد بن محمود المرداوي بالنيرب، والبدر أحمد بن ناصر الدين ابن المقدسي ابن نوح، والتقي محمد بن إبراهيم بن داود بن ظافر الفاضلي، ورقية بنت موسى بن إبراهيم الشقراوي، وعلي بن أبي الحرم السنبوسكي، كلاهما تقريبا. والشرف يعقوب بن إسحاق الكفتي جابي الأمينية، ومحيي الدين يحيى بن محمد بن علي بن القباقبي، وأحمد بن علي الكلوتاني، مصري يروي عن النجيب، وزين الدين أحمد بن قاضي القضاة تقي الدين محمد بن رزين، سمع من ابن عِلان. وأبو العباس أحمد بن شيخنا عبد الرحيم بن عبد المحسن الحنبلي، سمع من النجيب وكذا اللذان بعده. وعبد المحسن بن أحمد بن الجمال محمد بن الصابوني، وعلي بن إسحاق بن السلطان بدر الدين صاحب الموصل. وتاج الدين محمد بن عبد الرزاق بن عبد الكريم العسقلاني، يروي عنه الرشيد العطار ؛ وأحمد بن محمد بن علي بن ملاعب القباني، وإبراهيم بن أبي بكر بن أحمد الكهفي، وسعد الدين محمد بن محمد بن محمد بن سنقر العادلي، سمع النجيب. وصاحب حماة الملك المظفر محمود بن المنصور.

(48/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 332

سنة ثمان وخمسين وستمائة

- حرف الألف -
411 - أحمد بن محمد بن يوسف بن الخضر. أبو الطيب الحلبي، الحنفي، الفقيه. روى عن: عمر بن طبرزد. ودرَّس واشتغل. تُوُفّي بحلب بعد أخذها بالسيف وقتل أكثر أهلها بأيام. 412 - أحمد بن يحيى بن هبة الله بن الحسن بن يحيى بن محمد بن عليّ بن صَدَقَة بن الخيّاط.

(48/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 333
قاضي القضاة، صدر الدين، أبو العباس، ابن قاضي القضاة شمس الدين أبي البركات التغلبي، الدمشقي، الشافعي، ابن سني الدولة. وُلِد سنة تسع وثمانين أو تسعين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف ابن أبي سعد، وابن طبرزد، وحنبل، وست الكتبة، والكندي، وأبي المعالي محمد بن علي القرشي، والقاسم بن عساكر، والخطيب عبد الملك الدولعي، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والقاضي تقي الدين سليمان، وشرف الدين الفزاري الخطيب، ومحيي الدين يحيى إمام المشهد، ومحمد بن الزين القواس، وعلاء الدين الكندي، والشمس محمد بن الزراد، ومحمد بن المحب عبد الله، وآخرون. وتفقه وبرع في المذهب على أبيه، وعلى الإمام فخر الدين ابن عساكر، وقرأ الخلاف على الصدر البغدادي. ولم ير أحد نشأ في صيانته وديانته واشتغاله. ناب في القضاء عن أبيه في سنة ست وعشرين. وأول ما درّس في سنة خمس عشرة وستمائة، وأفتى بعد ذلك. وكان سني الدولة الحسن بن يحيى من كُتّاب الإنشاء لصاحب دمشق قبل نور الدين له ثروة وحشمة، وقف على ذريته أوقافا في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وهو ابن أخي أحمد بن محمد بن الخياط الشاعر المشهور. وكان صدر الدين مشكور السيرة في القضاء، لين الجانب، حسن المداراة والاحتمال، ولي وكالة بيت المال، ثم ناب في القضاء، ثم استقل به مدة. ودرّس مدة بالإقبالية والجاروخية. ولما أخذ هولاوو الشام هذه

(48/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 334
السنة سافر ابن سني الدولة ومحيي الدين ابن الزكي إلى حلب، فكان ابن الزكي أفره منه وأحذق بالدخول على التتار، فولوه قضاء القضاة، ورجع ابن سني الدولة بخفي حنين، فلما وصل إلى حماة مرض وركب في محفة إلى بعلبك، فبقي في بعلبك يومين، ومات بها في عاشر جمادى الآخرة، وله ثمان وستون سنة. وغسله الزكي ابن المعري بحضور الشيخ الفقيه. قال الدمياطي: خرجت له ' معجما ' فأجازني بملبوس نفيس ثم بمبلوس حسن لما عدلت. وكان يتعاهدني بالصلة ويحسن إلي. قال الشيخ قطب الدين: وكان الملك الناصر يوسف يحبه ويثني عليه. 413 - إبراهيم بن خليل بن عبد الله. نجيب الدين الدمشقي، الأدمي، أبو إسحاق، أخو الشيخ شمس الدين يوسف بن خليل. وُلِد يوم عيد الفطر سنة خمس وسبعين. وسمع من: عبد الرحمن بن علي الخرقي، وإسماعيل الجنزوي، ويحيى الثقفي، ومنصور الطبري، ويوسف بن معالي الكتاني، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وعمر بن يوسف الحموي، وأبي طالب محمد بن الحسين بن عبدان، وأبي المحاسن محمد بن كامل التنوخي، والخشوعي، وجماعة. وحدَّث بدمشق وحلب. وطال عمره، واشتهر اسمه. وكان له أجزاء ومنها يحدث، حصلها له أخوه. وكان سماعه صحيحا. وكان يعمل المداسات.

(48/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 335
حمل عنه خلق كثير وحفاظ. وحدَّث عنه الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه شرف الدين، وتاج الدين صالح الجعبري، وبدر الدين محمد بن الجوهري الحلبي، والشيخ نصر المنبجي، والعماد بن البالسي، وصفية بنت الحلوانية، ومحمد بن أحمد البجدي، وأبو الفداء ابن الخباز، وزينب خالة ابن المحب، والجمال عليّ بن الشاطبي، والشمس محمد بن الفخر علي بن البخاري، والتقي أحمد بن العز إبراهيم، وآخرون. قال لنا الدمياطي: بعثته إلى حلب لينوب عني في التسميع في وظيفتي، فعُدِم في وقعة التتار في صفر. * إبراهيم بن سهل. شاعر الأندلس. يأتي. 414 - إبراهيم بن هبة الله بن سعيد بن باطيس. أبو إسحاق الموصلي. سمع: ابن طبرزد. وروى عنه: الدمياطي، وإسحاق الأسدي، وغيرهما. يلقب شمس الدين. استشهد في أخذ حلب. 415 - إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الواحد بن موسى بن أحمد. الوزير، مؤيد الدين، أبو إسحاق الشيباني، المقدسي، ثم المصري، المعروف بابن القفطي، أخو الصاحب جمال الدين علي بن يوسف المؤرخ. وُلِد ببيت المقدس سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وسمع بحلب في سنة نيف وعشرة من: الافتخار عبد المطلب الهاشمي. ووزر بحلب بعد أخيه الأكرم مدة.

(48/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 336
روى عنه: الدمياطي. وهلك بحلب بعد أخذها بيسير في أحد الربيعين. 416 - إبراهيم بن أبي بكر بن أبي زَكْري. الأمير الكبير مجير الدين. قُتِل شهيدا بنابلس لما دخلها التتار بالسيف، فشهر سيفه وقتل جماعة وقُتِل في سبيل الله في ربيع الآخر. وكان محتشما، كبير القدر. خدم الملك الصالح نجم الدين أيوب بالشرق وقدم معه، ثم بعده اتصل بخدمة الملك الناصر يوسف. وحج بالناس من دمشق سنة ثلاث وخمسين. وكان متوليا نابلس ونواحيها. وكان عنده فضيلة وأدب ومكارم. وهو من بيت كبير من الأكراد، رحمه الله. 417 - إسحاق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسن. أبو المكارم ابن العجمي، الحلبي. حدَّث عن: الافتخار الهاشمي. وسمع من جده أبي حامد عبد الله، ومن: القاضي ابن شداد. ومات بحلب في رمضان.

(48/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 337
418 - إسماعيل بن هاشم. أبو نصر الحلبي، الخطيب. عُدِم في الواقعة الحلبية هو وأمم لا يحصيهم إلا الله. وقد سمع ببغداد من: عبد الوهاب ابن سكينة، ويحيى بن الربيع الفقيه. أخذ عنه جماعة. 419 - إيل غازي. السلطان الملك السعيد، نجم الدين، أبو الفتح، صاحب ماردين وابن صاحبها أرتق بن إيل غازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق الأرتقي. مات في آخر السنة في الحصار والوباء بقلعة ماردين. وكان حازما بطلا، عالي الهمة، جوادا، ممدحا. ملك مدة ديار بكر. وقيل: مات في صفر من سنة تسع، فالله أعلم.
- حرف التاء -
420 - تمّام بن أبي بكر بن أبي طالب بن أبي الزّمام بن أبي غالب. أبو طالب بن السروري، الدمشقي. وُلِد سنة سبع وسبعين. وسمع من: يحيى بن محمود الثقفي. وكان جنديا: ولي عدة ولايات بالشام. روى عنه: الدمياطي، والزاهد محمد بن تمام الخياط، ومحمد بن

(48/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 338
المحب، والنجم بن الخباز. تُوُفّي في رجب. 421 - توارنشاه. الملك المعظم أبو المفاخر ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب. آخر من بقي من إخوته. وُلِد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وسمع بدمشق من: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني. وأجاز له عبد الله بن بري النحوي، وغيره. وانتقى له الدمياطي ' جزءا '. وحدث بحلب ودمشق. روى عنه: الدمياطي، وسنقر القضائي، وغيرهما. وفي قيد الحياة من الرواة عنه: أحمد وعبد العظيم ابنا محمد بن عبد الرحمن بن العجمي، والتاج محمد بن أحمد بن محمد بن النصيبي، بحلب ؛ والقاضي أحمد بن عبد الله القرشي شقير، وغيرهم. وكان كبير البيت الأيوبي. وكان السلطان الملك الناصر، وهو ابن أخيه، يحترمه ويجله، ويثق به، ويتأدب معه. فكان يتصرف في الخزائن والأموال والغلمان. وقد حضر غير مصاف، وكان ذا شجاعة وعقل وغور. وكان مقدم الجيش الحلبي من زمان طويل. وهو كان المقدم لما التقوا هم والخوارزمية سنة ثمان وثلاثين بقرب الفرات، فأسر يومئذ وهو مثخن بالجراح، وانهزم عسكره هزيمة قبيحة، وقتل

(48/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 339
منهم خلق. وقتل في هذه الكائنة الصالح ولد الملك الأفضل علي بن يوسف، وأغارت الخوارزمية على بلاد حلب، وفعلوا كل قبيح، فلا حول ولا قوة إلا بالله. ولما استولى التتار، خذلهم الله، على حلب وبذلوا فيها السيف اعتصم بقلعتها وحماها، ثم سلمها بالأمان، وأدركه الأجل على إثر ذلك. ولم يكن عدلا، وربما تعاطى المحرم، فإن الدمياطي يقول: أخبرنا في حال الاستقامة. تُوُفّي - سامحه الله - في السابع والعشرين من ربيع الأول بحلب، ودفن بدهليز داره وله ثمانون سنة.
- حرف الجيم -
422 - جعفر بن أبي عليّ حسن بن أبي الفُتُوح بن عليّ بن حسين بن دوّاس. أبو الفضل الكتامي، المصري، الكاتب المعروف بابن سنان الدولة. وُلِد سنة أربع وسبعين وخمسمائة بمصر. وسمع منه: البوصيري، وغيره. روى عنه: الدمياطي، وجماعة، وأبو حامد بن الصابوني وقال: في أجداده حاير بالياء. تُوُفّي في نصف شعبان. 423 - جعفر بن حمّود بن المحسّن بن عليّ. أبو الفضل التنوخي، الحلبي. استُشْهِد في أخذ حلب. وهو أخو الأمين عبد المحسن. يروي عنه: الكندي، وابن الحرستاني. وما علمته حدّث.

(48/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 340

- حرف الحاء -
424 - حبيبة بنت أحمد بن نصر. الحرانية، نزيلة حلب. أجاز لها أبو العباس أحمد بن أبي منصور البرك، والحافظ أبو موسى المديني. وحدثت. لا أعلم أحدا روى لنا عنها. تُوُفّيت في رمضان بحلب. 425 - حسن. الملك السعيد ابن الملك العزيز عثمان بن السلطان الملك العادل، صاحب الصبيبة وبانياس. تُوُفّي أبوه سنة ثلاثين، فقام بعده ابنه الملك الظاهر، ثم مات سنة إحدى وثلاثين، فتملك بعده ابنه حسن هذا، فبقي إلى أن انتزع منه الملك المعظم. وهرب إلى غزة وأخذ ما فيها، وقصد قلعة الصبيبة فتسلمها. فلما تملك الملك الناصر الشام أخذ الملك السعيد واعتقله بقلعة البيرة. فلما دخل هولاوو الشام وأخذت التتار البيرة، أخرجوه من الحبس، وأُحضر عند الملك بقيوده، فأطلقه وخلع عليه بسراقوج، وصار من جملتهم، ومال إليهم بالكلية. وكان يقع في الملك الناصر عندهم، وعرض على هلاكه، فسلموا إليه الصبيبة وبانياس. وبقي في خدمة نائب دمشق كتبغانوين لا يفارقه. ثم حضر مصاف عين جالوت، وقاتل مع التتار قتالا. وكان بطلا شجاعا، فلما انكسروا، ولله الحمد، حضر إلى بين يدي السلطان قطز فقال: هذا ما يجيء منه خير. وأمر

(48/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 341
به فضربت عنقه، ولم يُقِلْ عثرته. 426 - الحسن بن أحمد بن هبة الله بن أمين الدّولة. الفقيه، أبو محمد الحلبي، الحنفي، المحدث. أحد الطلبة المشهورين بحلب. سمع من: ابن روزبة، ومكرم، وابن شداد، وابن خليل، وابن رواحة. ورحل فسمع ببغداد من: أبي إسحاق الكاشغري، وأبي بكر بن الخازن، وطائفة. وحدَّث بمصر والشام. وعُدِم في الوقعة بحلب، رحمه الله. وله شعر جيد. 427 - الحسن بن عليّ بن طاهر. الكرجي، الصوفي. حدَّث عن: حنبل، وابن طبرزد. ومات في ذي القعدة بالقرافة. روى عنه: الدمياطي، وغيره. 428 - الحسين بن الحافظ أبي القاسم عليّ بن القاسم ابن الحافظ الكبير أبي القاسم بن عساكر.

(48/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 342
عماد الدين، أبو حامد الدمشقي، الملقب بالحافظ. وُلِد سنة عشر وستمائة. وأجاز له المؤيد الطوسي، وأبو روح، وخلق على يد والده. وسمعه أبوه من جماعة حضورا، وتُوُفّي بنابلس وهو متوجه إلى مصر في شعبان عن ست وأربعين سنة. وقيل: مات في رمضان، وحمل فدفن بسفح قاسيون.
- حرف الخاء -
429 - خليل بن إسماعيل بن إبراهيم. المارديني، المقرئ. سمع من: أبي القاسم بن الحرستاني. وحدَّث. ومات في جمادى الآخرة.
- حرف الراء -
430 - رسلان شاه. الأمير أسد الدين ابن الملك الزاهر مجير الدين داود بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب. كان شجاعا شهما، حسن الشكل، كريما. وكان أبوه أشبه الناس بأبيه، وشقيق الملك الظاهر غازي، وسلطان البيرة. فتُوُفّي بها في سنة اثنتين وثلاثين، وتملك البيرة بعده الملك العزيز صاحب حلب، وأقام نساؤه وأولاده بحلب عند ابن عمهم. وقُتِل أسد الدين هذا ببواشير حلب في أول دخول التتار.

(48/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 343
431 - رشيد بن محمد بن عبد الملك. أبو محمد الهمذاني، الصوفي، السراج. شيخ معمر من صوفية دمشق. حدَّث عنه المحدث إبراهيم بن عثمان بن درباس الماراني، لقيه بإربل.
- حرف الزاي -
432 - زينب بنت أبي الجورنديّ بن عبد الغنيّ بن عليّ. أم الكرام الأنصارية، المصرية. سمعت من: أبيها، ومن: البوصيري، والأرتاحي. وتُوُفّيت في جمادى الآخرة. أخذ عنها المصريون، ولم يحدثنا أحد عنها. ولعل في مصر من يروي عنها.
- حرف الطاء -
433 - طُغريل بن عبد الله. أبو محمد التركي، المحسني، الطواشي. سمع من: حنبل، وابن طبرزد، وست الكتبة بنت الطراح مع مولاه الملك المحسن. روى عنه: الدمياطي، وإسحاق الأسدي. ومات بحارم بعد الوقعة بأيام في ربيع الأول. وعنه أيضا: البدر بن التوزي، والتاج الجعبري.
- حرف العين -
434 - عبّاس بن محمد بن أحمد. الماكسيني، شمس الدين الدمشقي. روى عنه: حنبل.

(48/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 344
وعنه روى عنه: الدمياطي، وناصر الدين محمد بن المهتار، وغيرهما. ظهر منه قيام مع التتار بدمشق. فلما انكسروا قتله المسلمون. ولأبيه رواية عن الحافظ أبي القاسم بن عساكر. 435 - عبّاس، ويقال أبو العباس، ويسمّى الخضر، بن أبي طالب نصر بن محمد بن نصر. أبو الفضل، شهاب الدين الحموي، ثم الدمشقي، الكاتب. سمع من: الخشوعي. وتُوُفّي في ربيع الآخر بدمشق وله إحدى وسبعون سنة. روى عنه: الدمياطي، ومحمد ابن خطيب بيت الأبار. 436 - عبد الله بن أحمد بن أبي بكر محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن. المحدث المفيد، محب الدين، أبو محمد السعدي، المقدسي، الصالحي، الحنبلي. روى عنه: الشيخ موفق الدين بن قدامة، وأبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وابن الزبيدي، وطائفة. ورحل سنة تسع وثلاثين فسمع الكثير من: ابن القبيطي، وأبي إسحاق الكاشغري، وعلي بن الفخار، وابن الخازن، وطائفة كبيرة. وعني بالحديث أتم عناية، وكتب العالي والنازل، وحصّل الأصول. وبقي في الرحلة مدة سنين، ثم قدم دمشق وتأهل، وجاءه ابنان، فقرأ لهما

(48/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 345
الكثير حضورا وسماعا، والصغير منهما هو الزاهد العابد أبو العباس أحمد والد رفيقنا وشيخنا المحب، محدث الصالحية في وقته ومفيدها. روى عن المذكور: الدمياطي، والنجم إسماعيل بن الخباز، والنجم محمود بن النميري، وولده محمد بن المحب، وآخرون. تُوُفّي في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة، وله من العمر أربعون سنة. 437 - عبد الله بن بركات بن إبراهيم بن طاهر بن بركات. أبو محمد ابن الخشوعي، الدمشقي، الرفاء. وُلِد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، ويحيى الثقفي، والقاسم بن عساكر، وعبد الرزاق بن نصر النجار، وإسماعيل الخبزوي، وجماعة. وأجاز له: أبو طاهر السلفي، وأبو موسى المديني، وأحمد بن ينال الترك، وآخرون. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وأبو المعالي بن البالسي، وأبو الفداء بن عساكر، وأبو الحسن الكندي، وأبو عبد الله بن الزراد، وأبو عبد الله بن التوزي، وحفيده علي بن محمد بن الخشوعي، ومحمد بن المحب، ومحمد بن المهتار، وآخرون. وهو من بيت الحديث والرواية. تُوُفّي في الثامن والعشرين من صفر بدمشق. 438 - عبد الله بن عمر بن عوض.

(48/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 346
المقدسي، والد شيخينا القاضي عز الدين وعمر وشرف الدين ابن رقية. حدَّث عن: الشيخ الموفق. وعنه: ابن الخباز، وغيره. تُوُفّي في المحرم بقاسيون كهلا. 439 - عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قُدَامَة بن مِقْدام بن نصر. عماد الدين المقدسي، الجماعيلي، ثم الصالحي، المقرئ الحنبلي، المؤدب. وُلِد بجماعيل في سنة ثلاث وسبعين ظنا، وقدم دمشق صبيا. فسمع من: يحيى الثقفي، وأحمد بن الموازيني، وهبة الرحمن بن علي الخرقي، وإسماعيل الجنزوي، ويوسف بن معالي الكناني، وبركات الخشوعي، وجماعة. وروى الكثير، وطال عمره. وكان شيخنا حسنا، فاضلا، صحيح السماع، له مكتب بالقصاعين. وهو والد شيخنا العز. روى عنه: الحافظ أبو عبد الله البرزالي، ومات قبله باثنتين وعشرين سنة، والمجد ابن الحلوانية، والدمياطي، والشيخ الكنجي، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه، وتاج الدين صالح، وابن التوزي، وابن الخباز، وأبو عبد الله بن زباطر، وأبو محمد عبد الله بن الشرف حسن، وأبو عبد الله بن التاج، وأبو عبد الله بن المحب، وأبو عبد الله بن الصلاح، وأبو عبد الله بن المهتار، وآخرون. تُوُفّي في ربيع الأول

(48/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 347
440 - عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن أبي طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن طاهر بن محمد بن محمد بن الحسين بن عليّ. الكرابيسي، الفقيه العالم، أبو طالب ابن العجمي، الحلبي، الشافعي. كان رئيسا محتشما، ومفتيا محترما. سمع من: يحيى بن محمود الثقفي، وعمر بن طبرزد، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، والكمال إسحاق الأسدي، ومحمد بن محمد الكنجي، والبدر محمد بن التوزي، وحفيداه أحمد وعبد الرحيم ابنا محمد بن عبد الرحمن، وآخرون. عذبه التتار وضربوه على المال، وصبوا عليه ماءً بارداً، فتشنج ومات إلى رحمة الله في الرابع والعشرين من صفر بعد الوقعة بنحو من عشرة أيام، وله تسع وثمانون سنة. وقد كتب عنه ابن الحاجب، والقدماء. 441 - عبد العزيز ابن القاضي الأسعد [بن عبد] القويّ ابن القاضي الجليس عبد العزيز بن الحسين ابن الجَبّاب. القاضي محيي الدين، أبو المعالي التميمي، السعدي، المصري. وُلِد سنة خمس وتسعين وخمسمائة.

(48/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 348
وسمع من: أبيه، وجماعة. ونسخ بخطه، وحصل جملة من الكتب. وحدث ومات بمنية بني خصيب في ذي القعدة. 442 - عبد المحسن بن عبد العزيز بن عليّ بن عبد العزيز. أبو محمد بن الصيرفي، المخزومي، الوكيل. وُلِد سنة تسع وسبعين وخمسمائة بمصر. وسمع من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وقاسم بن إبراهيم المقدسي، والأرتاحي، وفاطمة بنت سعد الخير. وأجاز له: خليل الراراني، وأبو المكارم بن اللبان، وجماعة. وروى عنه: الدمياطي، والمصريون. ومات في الثاني والعشرين من جمادى الأول. وهو أخو عبد الرحمن ومحمد. 443 - عبد الواحد بن أبي بكر بن سليمان بن عليّ. أبو محمد الحموي، الدمشقي، الشاهد. أخو أحمد بن أبي بكر. وُلِد في سنة خمس وثمانين. وسمع من: محمد بن الخصيب، وحنبل، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية، وغيرهما. تُوُفّي في جمادى الآخرة. وقد حدث بدمشق ومصر. وأبوه من شيوخ الدمياطي أيضا. 444 - عُبَيْد الله بن شبل بن جميل بن محفوظ. الإمام نجم الدين، أبو فراس التغلبي، الهيتي، الزاهد. ويعرف بابن

(48/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 349
الجبي. من قرية جبة من سقي الفرات. سمع من: خليل الجوسقي. وصنف كتاب ' فضائل القرآن '، وكتاب ' الشفاء من الداء '، وكتاب ' شمائل النبي الكريم '. وقد ولي أعمالا جليلة، وانقطع بعد أخذ بغداد في رباط له. ثم مات في آخر السنة. قال ابن الفوطي: أجاز لي في سنة خمسين وستمائة. وابنه شيخ رباط العميد شهاب الدين عبد الرحمن، مات سنة 671. 445 - عثمان بن محمد بن عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن المطهّر بن أبي عصرون. الصدر الرئيس، شرف الدين، أبو عمرو ابن القاضي أبي حامد ابن قاضي القضاة أبي سعد التميمي، الدمشقي، الشافعي، أخو محيي الدين عمر. وُلِد بدمشق سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، ولم نر له شيئا من الرواية عن جده. وقد دخل الإسكندرية في صغره، وسمع من: عبد الرحمن بن موقا، وعبد العزيز بن عيسى اللخمي. وسمع بمصر من: أبي الفضل الغزنوي. روى عنه: النجم بن الخباز، وآحاد الطلبة. ولم يكن سماعه كثيرا. وقد حدث عنه الزين أحمد بن عبد الدائم وهو أكبر منه. وكان رئيسا، نبيلا، جوادا، مفضلا. أنفق أموالا عظيمة إلى أن بقي فقيرا. قال الشيخ قطب الدين: حدثني الجمال نصر الله، وكان في خدمته،

(48/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 350
أن أباه أبا حامد قد خلف له من الأموال والقماش والخيل والخدم والأملاك شيئا كثيرا، من ذلك سطل بلور بقد المد وأكبر، بطوق ذهب، وهو ملآن جواهر نفيسة، فأذهب الجميع. قال: كان المذكور قد اجتمع ولده الجنيد بمصر في هذه السنة بالملك المظفر، وأراه كتابا فيه أن بمصر دفائن، وأنها لا تحصل إلا بخراب أماكن كثيرة. فأصغى إليه السلطان. وكان بعض من خاف خراب ملكه اغتاله، فعُدِم، أو قُتِل في أواخر صفر. وذكر الشريف عز الدين أنه تُوُفّي بدمشق، فالله أعلم. 446 - عثمان بن يوسف بن حَيْدَرَة. الطيب، التاجر، جمال الدين، ابن الطيب العلامة رضيّ الدين، الرحبي، ثم الدمشقي. برع في عِلْم الطب على والده، وخدم في المارستان النوري زمانا. وكان يسافر في التجارة إلى مصر، فتوجه في الجفل إلى مصر ومات هناك في ربيع الآخر. 447 - عليّ بن إبراهيم بن خُشْنام بن أحمد. الفقيه، أبو الحسن الحميدي، الكردي، الحلبي، الحنفي. وكان من كبار الحنفية. روى عن: داود بن معمر. سمع منه بإصبهان. روى عنه: الدمياطي، والبدر محمد بن التوزي، وغيرهما. وعُدِم بحلب في دخول التتار في صفر.

(48/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 351
448 - عليّ بن فايد بن ماجد. الخزرجي. الشيخ الصالح الزاهد. سمع من: مسمار بن العويس، وإبراهيم بن البرني. وحدَّث. وعُدِم شهيداً بحلب. 449 - عليّ بن يوسف بن شَيْبان. جلال الدين النميري، المارديني، المعروف بابن الصفار، الشاعر. تُوُفّي في ربيع الآخر عن ثلاث وستين سنة. 450 - عمر بن عبد المنعم ابن أمين الدّولة. الفقيه، أبو حفص الحلبي، الحنفي. حدَّث عن: الافتخار الهاشمي، وغيره. وراح إلى رحمة الله في كائنة حلب 451 - عيسى بن موسى بن أبي بكر بن خضر بن إبراهيم أخي شيخ

(48/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 352
الإسلام عليّ ابن أحمد بن يوسف بن جعفر بن عَرَفَة بن مأمون بن المؤمّل بن قاسم بن الوليد بن عُتْبة ابن أبي سُفيان. الأمير الأجلّ، شهاب الدين القرشي، الأموي، الكردي، الهكاري، ويُعرف بابن شيخ الإسلام. كان فقيها، زاهدا، شجاعا، فارسا. درّس مدة بدمشق بالمدرسة الجاروخية. وتُوُفّي بمصر في ثامن وعشرين جمادى الأولى، رحمه الله.
- حرف الفاء -
452 - فاطمة. الست النبوية ابنة الشهيد المستعصم بالله. ماتت غريبة أسيرة ببخارى في دار الشيخ شرف الدين الباخرزي، استنقذها من العدو. وشيعها الخلق. وبُنيت عليها قُبّة بكلاباذ. 453 - فاطمة بنت المحدّث أبي الفضل نعمة بن سالم بن نعمة ابن الحزّام. أم الخير. سمعت من: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وبنت سعد الخير. روى عنها: الحافظان زكي الدين عبد العظيم مع تقدمه، وشيخنا الدمياطي، والمصريون. وتُوُفّيت في السابع والعشرين من ذي الحجة.
- حرف القاف -
454 - قطز بن عبد الله.

(48/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 353
السلطان الشهيد الملك المظفر، سيف الدين المعزي. كان أكبر مماليك المعز أيبك التركماني. وكان بطلا شجاعا، مقداما، حازما، حسن التدبير، يرجع إلى دين وإسلام وخير. وله اليد البيضاء في جهاد التتار، فعوض الله شبابه بالجنة. حكى شمس الدين ابن الجزري في ' تاريخه '، عن أبيه قال: كان قطز في رق ابن الزعيم بدمشق في القصاعين، فضربه أستاذه فبكى، ولم يأكل شيئا يومه. ثم ركب أستاذه للخدمة، وأمر الفراش أن يترضاه ويطعمه. قال: فحدثني الحاج علي الفراش قال: جئته فقلت: ما هذا البكاء من لطشة؟ فقال: إنما بكائي من لعنته أبي وجدي، وهم خير منه. فقلت: من أبوك واحد كافر. فقال: والله ما أنا إلا مسلم ابن مسلم، أنا محمود بن مودود ابن أخت خوارزم شاه من أولاد الملوك. فسكتّ وترضّيته وتنّقَلَتْ به الأحوال إلى أن تملك. ولما تملك الشام أحسن إلى الحاج علي الفراش، وأعطاه خمسمائة دينار، وعمل له راتبا. قلت: وكان مدبر دولة أستاذه الملك المنصور علي بن المعز، فلما دهم العدو الشام رأى أن الوقت يحتاج إلى سلطان مهيب كامل الرجولية، فعزل الصبي من الملك وتسلطن، وتم له ذلك في أواخر سبع وخمسين. ثم لم يبلع ريقه، ولا تهنّى بالسلطنة حتى امتلأت الشامات المباركة بالتتار، فتجهز للجهاد، وشرع في أُهْبة الغزو، والتف عليه عسكر الشام وبايعوه، فسار بالجيوش في أوائل رمضان لقصد الشام، ونصر الإسلام، فعمل المصاف مع التتار وعليهم كتبغا على عين جالوت، فنصره الله تعالى، وقتل مقدم التتار.

(48/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 354
قال الشيخ قطب الدين: حكي عنه أنه قُتِل جواده يومئذ، ولم يصادف أحداً من الوشاقية، فبقي راجلا، فرآه بعض الأمراء الشجعان، فترجل وقدم له حصانه، فامتنع وقال: ما كنت لأمنع المسلمين الانتفاع بك في هذا الوقت ثم تلاحقت الوشاقية إليه. حدثني أبي أحمد أن الملك قطز لما رأى انكشافا في ميسرته رمى الخوذة عن رأسه وحمل وقال: وادين محمد. فكان النصر. قال: وكان شابا أشقر، كبير اللحية. قلت: ثم جهز الأمير ركن الدين بيبرس، أعني الملك الظاهر، في أقفية التتار، ووعده بنيابة حلب، فساق وراءهم إلى أن طردوهم عن الشام. ثم إنه انثنى عزمه على إعطائه حلب، وولاها لعلاء الدين ابن صاحب الموصل، فتأثر ركن الدين من ذلك. ودخل الملك المظفر دمشق، فأحسن إلى الرعية، وأحبوه حبا زائدا، ثم استناب على البلد علم الدين سنجر الحلبي، ورجع بعد شهر إلى مصر، فقتل بين الغرابي والصالحية في آخر الرمل، ودفن بالقصير. وقال ابن الجزري في ' تاريخه ': حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر بن الدريهم الإسعردي والزكي إبراهيم الحنبلي أستاذ الفارس أقطايا قال: كنا عند سيف الدين قطز لما تسلطن أستاذه المعز، وقد حضر عنده منجم مغربي، فصرف أكثر غلمانه، فأردنا القيام، فأمرنا بالقعود، ثم أمر المنجم فضرب الرمل. ثم قال: اضرب لمن يملك بعد أستاذي، ومن يكسر التتار. فضرب، وبقي زمانا يحسب وقال: يا خوند يطلع معي خمس حروف بلا نقط ابن خمس حروف بلا نقط. فقال: لِمَ لا تقول محمود بن ممدود. فقال: يا خوند لا يقع غير هذا الاسم.

(48/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 355
فقال: أنا هو، وأنا أكسرهم وآخذ بثأر خالي خوارزم شاه. فتعجبنا من كلامه وقلنا: إن شاء الله يكون هذا يا خوند. فقال: اكتموا هذا. وأعطى المنجم ثلاثمائة درهم. قلت: تولى قتله ركن الدين البندقداري المذكور الذي قتل الملك المعظم بالمنصورة، وأعانه جماعة أمراء. وبقي ملقى، فدفنه بعض غلمانه، وصار قبره يقصد للزيارة، ويُترحَّم عليه، ويُسَبّ من قتله، فلما كثر ذلك بعث السلطان من ينبشه، ونقله إلى مكان لا يعرف، وعفى أثره. قُتِل في سادس عشر ذي القعدة.
- حرف الكاف -
455 - كُتْبُغا. المغولي، النوين. نُقِل - إلى لعنة الله - يوم وقعة عين جالوت. قال قطب الدين: قتله الأمير جمال الدين آقوش الشمسي ولم يعرفه. وكان عظيما عند التتار يعتمدون عليه لرأيه وشجاعته وصرامته وعقله. وكان من الأبطال المذكورين، له خبرة بالحصارات والحروب وافتتاح الحصون. وكان هولاوو لا يخالفه ويتيمن برأيه. وله في الحروب والحصارات عجائب. وكان شيخا مسنا يميل إلى النصرانية. قاتل يومئذ إلى أن قُتِل، وأُسِر

(48/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 356
ولده، فأحضر بين يدي الملك المظفر، فسألوه عن أبيه فقال: أبي ما يهرب، فأبصروه في القتلى. فأحضروا عدة رؤوس، فلما رآه بكى، وقال للملك المظفر: يا خوند نم طيبا، ما بقي لك عدو تخاف منه، كان هذا سعد التتر، وبه يهزمون، وبه يفتحون الحصون.
- حرف الميم -
456 - محمد بن أبي الحسن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن أبي الرجال أحمد بن عليّ. الشيخ الفقيه، أبو عبد الله اليونيني، شيخ الإسلام الحنبلي، الحافظ. ذكره ولده الشيخ قطب الدين في ' تاريخه ' فرفع نسبه إلى عليّ رضي الله عنه، فقال: ابن أبي الرجال أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن

(48/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 357
أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وحدث شيخنا الإمام الثقة أبو الحسين أن والده الشيخ الفقيه ذكر له قبل أن يموت بقليل أننا من ذرية الحسين بن علي، وساق له هذا النسب. وُلِد في رجب سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة بيونين، ولبس الخرقة من الشيخ عبد الله البطائحي صاحب الشيخ عبد القادر ؛ ولزم الشيخ عبد الله اليونيني، وكان يشفق عليه ويربيه، فإنه رُبّيَ يتيما، وتعلم الخط المنسوب، واشتغل بدمشق على الشيخ الموفق المذهب، وعلى الحافظ عبد الغني في الحديث، وسمع منهما. ومن: أبي طاهر الخشوعي، وحنبل الرصافي، وأبي اليُمْن الكندي، وأبي التمام القلانسي، وجماعة. وروى الكثير بدمشق وبعلبك. وكان والده مرخما ببعلبك وبدمشق، ثم سافر وترك محمدا عند أمه بدمشق بناحية الكشك، وكان في جوارهم أولاد أمير، فتردد معهم محمد إلى الجامع، فتلقن أحزابا، ثم طلع الصبيان إلى بستان، فأسلمته أمه نشابيا، فصار له في الشهر خمسة دراهم، فكان يرتفق بها. ثم ذهب يوماً إلى المقرئ يسلم عليه، فقال له: لِمَ لا تلازم القرآن يا ولدي، فإنك يجيء منك شيء؟ فاعتذر بأنه في دكان، فقال: كم يعطيك المعلم؟ قال: خمسة دراهم في الشهر. فأخرج له خمسة دنانير وقال: أنا أعطيك كل شهر هكذا. فاجتمع بأمه وكلمها. فلازمه فختم عليه القرآن في مدة يسيرة، ثم طلب له الشيخ عبد الله اليونيني مجودا، وقال له: إن كتب هو مثلك أعطيك ثلاثمائة. فتعلم الخطب وبرع فيه، وشارطه المجود على نسخ كتاب قصص بثلاثمائة، فكتب من أوله ورقة، وأعطاه لمحمد فنسخه بخطه، ثم قال: يا بُنَيّ قد برئت ذمة الشيخ من الثلاثمائة. ثم لازم الحفظ حتى حفظ ' الجمع بين الصحيحين '. وكان ربما يجوع. وقد سمع مرة من الكِنْدي.... فكتب الطبقة، فنظر فيها الكِنْدي فأعجبه خطه، فقال: هذا خطّك وهذا حظّك.

(48/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 358
روى عنه: أولاده أبو الحسين وأبو الخير وآمنة وأمة الرحيم، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وموسى بن عبد العزيز، وإبراهيم بن أحمد بن حاتم، وأبو الحسن بن حسن، ومحمد وإبراهيم ابنا بركات ابن القريشة، ومحمد بن المحب، والمجبي إمام المشهد، وعلي بن الشاطبي، ومحمد بن الزراد، وعبد الرحيم بن الحبال، وعلي بن المظفر الكاتب، وطائفة سواهم في الأحياء. وكان يكرر على ' الجمع بين الصحيحين ' للحميدي. ذكره عمر بن الحاجب الحافظ في ' معجمه ' في سنة بضع وعشرين وستمائة، فأطنب في نعته وأسهب، وأرغب في وصفه وأغرب، فقال: اشتغل بالفقه والحديث إلى أن صار إماما حافظا، وصار مقدم الطائفة، لم نر في زمانه مثل نفسه في كماله وبراعته. جمع بين عِلْمَيْ الشريعة والحقيقة. وكان حميد المساعي والآثار، حسن الخَلْق والخُلُق، نفاعا للخَلْق، مطرحا للتكلف. من جملة محفوظاته ' الجمع بين الصحيحين ' للحميدي. وحدثني أنه حفظ ' صحيح مسلم ' جميعه، وكرر عليه في أربعة أشهر. وكان يكرر على أكثر ' مُسْنَد أحمد ' من حفظه، وأنه كان يحفظ في الجلسة الواحدة ما يزيد على سبعين حديثا. وقال قطب الدين: كان، رحمه الله، يصلي بالشيخ عبد الله، وحفظ ' الجمع بين الصحيحين ' وأكثر ' المُسْنَد '، وحفظ ' صحيح مسلم ' في أربعة أشهر، وحفظ سورة الأنعام في يوم، وحفظ من ' المقامات ' ثلاثة إلى نصف نهار الظهر. وتزوج ست زوجات، وخلف خمسة أولاد: عليا وخديجة وآمنة وأمهم تركمانية، وموسى - يعني نفسه - وأمة الرحيم، وأمهما زين العرب بنت نصر الله أخي قاضي القضاة شمس الدين يحيى بن سني الدولة. ثم قال: والنسب الذي ذكرناه رواه عنه ولده أبو الحسين علي. قال: أظهره لي قبل وفاته لأعلم أن الصدقة تَحْرُم علينا. وكان الملك الأشرف موسى يحترمه ويعظمه ويعتقد فيه، وكذلك أخوه الملك الصالح.

(48/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 359
قال: ولما قدم الملك الكامل إلى دمشق طلب من أخيه الأشرف أن يُحِضر له الشيخ ليراه، فأحضره من بعلبك. فلما رآه عظُم في عينه، وأرسل إليه مالا فلم يقبله. ولما ملك الصالح نجم الدين البلاد قالوا له عنه إنه يميل إلى عمه الصالح إسماعيل، فبقي في نفسه منه، فلما اجتمع به بالغ في إكرامه، ولم يشتغل عنه بغيره، فلما فارقه بالغ في الثناء عليه، فقيل له: إلا أنه يحب عمك الصالح. فقال: حاشى ذاك الوجه المليح. وقدم في أواخر عمره دمشق سنة خمس وخمسين، فخرج الملك الناصر إلى زيارته بزاوية القرشي، وتأدب معه، وعظّمه، واستعرض حوائجه. وكان يكره الاجتماع بالملوك ولا يؤثره، ولا يقبل إلا هدية من مأكول ونحوه. قلت: وقد خدمه مدة شيخنا علي بن أحمد بن عبد الدائم، فقال: كان للشيخ الفقيه أوراد، لو جاء ملك من الملوك ما أخرها عن وقتها. وكنت أخدمه، فورد الشيخ عثمان شيخ دير ناعس، فجلس ينتظر الشيخ، فقال: أشتهي أن يكشف الشيخ الفقيه عن صدره فأعانقه، ويعطيني ثوبه. فلما جاء الشيخ وأكلوا، قال: قُم يا شيخ عثمان. فكشف عن صدره وعانقه، وأعطاه ثوبه، وقال: كلما تقطع ثوب أعطيتك غيره. وكان ما يرى إظهار الكرامات، وكان يقول: كما أوجب الله على الأنبياء عليهم السلام إظهار المعجزات، أوجب على الأولياء إخفاء الكرامات. قال: وذكروا مرة عنده الكرامات فقال: والكم أيش الكرمات. كنت عند الشيخ عبد الله وأنا صغير، وكان عنده بغاددة يعملون مجاهدات، فكنت أرى من يخرج من باب دمشق، وأرى الدنيا أمامي مثل الوردة فكنت أقول للشيخ: يا سيدي يجيء إلى عندك من دمشق أناسٌ ومعهم كذا وكذا، وأناس من حمص ومن مصر، فإذا جاء ما أقول يقولون: يا سيدي، نحن نعمل مجاهدات وما نرى، وهذا يرى. فيقول: هذا ما هو بالمجاهدات، هذا موهبة من الله.

(48/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 360
وقال خطيب زملكا ابن العز عمر: حدثني العارف إسرائيل بن إبراهيم قال: طلب الشيخ الفقيه من الشيخ عثمان شيخ دير ناعس قضية، قال: فقضيت الحاجة، فقال الشيخ الفقيه: أحسنت يا شيخ عثمان. فقال بعض الفقراء: يا سيدي أنت ما عندك أحد مثل الفقيه لِمَ لا قام هو في هذا بنفسه؟ فقال: الخليفة إذا أراد شغلا يأمر بعض من عنده يقوم فيه. وحدثني إسرائيل أن الوزير أمين الدولة دعا الشيخ الفقيه والشيخ عثمان والفقراء، وكنت فيهم، فلما قدم الشيخ الفقيه قام ابن البغيلة النقيب وتلقى الشيخ وتكلم، فلما شرعوا في الأكل شمر الشيخ الفقيه سواعده وأكل، ولم يأكل الشيخ عثمان، فقال أمين الدولة: يا سيدي، لِمَ لا تأكل؟ فقال الفقيه: خليه فقد حصلت له البركة. فلما خرجوا قيل للشيخ عثمان: أنت تحب الشيخ محمد وما تشتهي تفارقه، وأكل وأنت لم تأكل. فقال: نظرت إلى الطعام فوجدته نارا، ورأيته إذا مدّ يده إلى اللُّقْمة وأخذها تصير نورا، وأنا هذا الحال ما أقدر عليه. وأخبرني الإمام فخر الدين عبد الرحمن بن يوسف البعلبكي قال: أخبرني الشيخ عثمان قال: كان في خاطري ثلاث مسائل أريد أن أسأل عنها الشيخ الفقيه. قال: فأجابني عنها قبل أن أسأله. وأخبرني شيخنا شمس الدين حسين بن داود قال: كان الشيخ الفقيه حسن المحاورة، ما كنت أشتهي أن أفارقه من فصاحته. وأخبرني إبراهيم بن الشيخ عثمان بدَيْر ناعس: أخبرني أبي فقال: قطب الشيخ الفقيه ثمان عشرة سنة. أخبرني الشيخ تقي الدين إبراهيم بن الواسطي خال: رأيت للشيخ الفقيه روايا تدل على أنه أعطي، ولاية، أو كما قال. وسمعت قاضي القضاة أبا المفاخر - يعني ابن الصائغ - يقول: سأل الملك الأشرف الشيخ الفقيه فقال: يا سيدي أشتهي أُبصِر شيئا من كراماتك. فقال الشيخ: أيش يكون هذا. فلما أراد الشيخ الخروج بادر الأشرف إلى مداسه وقدمه، فقال له

(48/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 361
الشيخ: هذا الذي كنت تطلبه قد رأيته. أنت الملك الأشرف ابن الملك العادل، وأنا ابن واحد من يونين تُقدِّم مداسي. فأطرق الأشرف. قلت: وحدثني الشيخ أبو الحسين شيخنا أن أباه توضأ بقلعة دمشق على البِرْكة، فلما فرغ نفض له السلطان الملك الأشرف بعض عمامته وقدمها له تنشف بها. وقال ابن الحاجب: وكان، رحمه الله، مليح الشيبة، حسن الشكل والصورة، زاهداً وقوراً، ظريف الشمائل، مليح الحرمات، حميد المساعي، بشوش الوجه، له الصيت المشهور والإفضال على المنتابين. وكان من المقبولين المعظَّمين عند الملوك. قلت: هذا كله قاله ابن الحاجب والشيخ الفقيه كهل. وعاش بعد ذلك ثلاثين سنة في ازدياد. وكان الشيخ بهيا، نورانيا، عليه جلالة وهيبة، لا يشبع الشخص من النظر إليه، فرحمة الله عليه. تُوُفّي في تاسع عشر رمضان ببعلبك، ودُفِن عند شيخه عبد الله اليونيني. 457 - محمد بن أحمد بن أبي بكر بن عاصم بن عثمان بن عيسى. الفقيه، أبو عبد الله العدوي، الحلبي، الشافعي. ممن راح تحت السيف بحلب. روى عن: عمر بن طبرزد. ثنا عنه: إسحاق بن النحاس. 458 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن التابلان. المنبجي.

(48/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 362
روى بالإجازة عن: أبي الفرج ابن الجوزي. ثنا عنه: التاج صالح القاضي. 459 - محمد بن حامد بن أبي العميد بن أميري. الفقيه، أبو الفضل القزويني، الشافعي. سمع بإصبهان من محمد بن محمد بن الجنيد الصوفي. وحدَّث بمدينة حلب، وبها عُدِم في الوقعة. ولَقَبُهُ: عماد الدين. روى عنه: الشيخ محمد بن أبي الفضل الجعبري الخطيب. 460 - محمد بن خليل بن عبد الوهّاب بن بدر. الحوراني ثم الدمشقي. هو الشيخ محمد الأكال. كان أصله من جبل بني هلال، ومولده بقصر حجاج سنة ستمائة. ذكره قطب الدين في ' تاريخه ' فقال: كان رجلا صالحا، كثير الإيثار، وحكاياته مشهورة في أخذه الأجرة على الأكل. ولم يسبقه إلى ذلك أحد، ولا اقتفى أثره من بعده أحد. ولا شك أنه كان له حال ينفعل له بها الناس. وكان جميع ما يُفتَح عليه على كثرته يصرفه في القربات والأرامل والمحبسين. وكان بعض الناس ينكر على من يعامله هذه المعاملة، وينسبه إلى التهور في فعله، فإذا اتفق اجتماعه به انفعل له انفعالا كلياً، ولا يستطيع الامتناع من إعطائه كل ما يروم. وكان حسن الشكل، مليح العبارة، حلو المحادثة. له قبول تام من سائر الناس. وكان كثير المحبة في الشيخ الفقيه، وله تردد إليه، ويأكل عنده بلا أُجرة.

(48/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 363
تُوُفّي إلى رحمة الله في خامس رمضان. قلت: كان يطلب الأجرة على مقدار قيمة الأكل ومقدار المعطي. وبلغنا أنه قال: ما غلبني إلا واحد دق علي الباب فوجده مفتوحا ومعه رأس غنم، فأدخل الرأس ورد الباب وسكَّرَه، وبقيت أصيح، وقد هرب ولم أعرفه، وراح علي أجرة أخذي الرأس الغنم. 461 - محمد بن زكريّا بن رحمة بن أبي الغيث. العفيف، أبو بكر الدمشقي، الخياط. وُلِد سنة ثمانين وخمسمائة. وأجاز له الخشوعي، والبهاء ابن عساكر، وجماعة. وخرجوا له ' مشيخة ' بالإجازة. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والبرهان رئيس المؤذنين، ومحيي الدين إمام المشهد، وآخرون. وتُوُفّي في سابع عشر ذي الحجة. وقيل: بل تُوُفّي سنة تسع. 462 - محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الله بن عبد الرَّحمن بن أحمد بن أبي بكر.

(48/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 364
الحافظ العلامة، أبو عبد الله القضاعي، البلنسي، الكاتب، الأديب، المعروف بالأبّار وبابن الأبّار. وُلِد سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وسمع من: أبيه الشيخ أبي محمد الأبّار، وأبي عبد الله محمد بن أيوب بن نوح الغافقي، وأبي الخطاب أحمد بن واجب، وأبي سليمان داود بن سليمان بن حَوْط الله، وأبي عبد الله محمد بن عبد العزيز بن سعادة، وأبي علي الحسين بن يوسف بن زلال، وأبي الربيع سليمان بن موسى بن مسالم الكلاعي الحافظ وبه تخرَّج. وعني بالحديث، وتجول بالأندلس، وكتب العالي والنازل. وكان بصيرا بالرجال، عارفا بالتاريخ إماما في العربية، فقيها، مقرئا، إخباريا، فصيحا، مفوها، له يد في البلاغة والإنشاء، والنظم، والنثر. كامل الرئاسة، ذا جلالة وأُبَّهةٍ وتجملٍ وافر. وله مصنفات كثيرة في الحديث، والتاريخ، والآداب. كمّل ' الصلة ' البشكوالية بكتاب في ثلاثة أسفار، اختصرته في مجلد. ومن رأى كلام الرجل علم محله من الحديث والبلاغة. وكان له إجازة من أبي بكر محمد بن أحمد بن جمرة، روى عنه بها. وقُتِل مظلوما بتونس على يد صاحبها في العشرين من المحرم، فإنه تخيل منه الخروج، وشق العصا، ولم يكن ذلك من شيمته، رحمه لله. وبلغني أيضا أن بعض أعدائه ذكر عند صاحب تونُس أنه ألف تاريخا، وأنه تكلم فيه في جماعة. وقيل هذا فضولي يتكلم في الكبار. فطلب وأحس بالهلاك، فقال لغلامه: خذ البغلة وامض بها حيث شئت، فهي لك. فلما دخل قتلوه، فنعوذ بالله من شر التاريخ، ومن شر كل ذي شر. ورأيت له جزءا سماه ' درر السمط في خبر السِّبْط عليه السلام ' ينال فيه من بني أمية، ويصف عليا عليه السلام بالوحي، وهذا تشيع ظاهر، لكنه إنشاء بديع، ونثرُ بليغ.

(48/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 365
463 - محمد بن عبد الكريم بن عمر. الزاهد، الكبير، أبو عبد الله الأندلسي، الجوشي، الشهير بالعطار. حج من الأندلس مرتين، فسمع في الثانية من يونس الهاشمي ' صحيح البخاري '، ومن أبي الفتوح الحُصْريّ ' السنن '، ومن أصحاب الكروخي ' جامع أبي عيسى ت '. وروى الكثير. أكثر عنه أبو جعفر بن الزبير، وقال: مات في المحرم، وعاش بضْعاً وتسعين سنة. قلت: مات سنة ثمان وخمسين. 464 - محمد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قُدامة. المسند شمس الدين، أبو عبد الله المقدسي، أخو العماد. سمع من: محمد بن حمزة بن أبي الصقر، ويحيى الثقفي، وعبد الرزاق بن نصر النجار، وابن صدقة الحراني، وغيرهم. وكان شيخا معمرا، دينا، حافظا لكتاب الله، قليل الخلطة بالناس، صالحا متعففا. أثنى عليه الحافظ الضياء، وغيره. وقال الشريف عز الدين: استشهد بساوية من عمل نابلس، وكان إمامها، على يد التتار في جمادى الأولى، وقد نيّف على المائة. قال الذهبي: ما أحسبه جاوز التسعين. وقد روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، والقاضي تقي الدين، وشرف الدين، عبد الله بن الحافظ، ومحمد بن أحمد البجدي الزاهد، ومحمد بن أحمد أخو المحب، ومحمد بن الصلاح، ومحمد بن الزراد، وآخرون.

(48/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 366
وحدّث ' بصحيح مسلم ' بالجبل في سنة اثنتين وخمسين عن ابن صدقة. 465 - محمد بن عبد الواحد بن عبد الجليل بن عليّ. القاضي الفقيه، زكي الدين أبو بكر المخزومي، اللبني، الشافعي. أعاد بدمشق بالمدرسة الناصرية أول ما فُتِحَتْ، ودرّس بمدرسته الفتحية. ووُلّي قضاء بانياس وقضاء بُصْرَى. ثم وُلّي قضاء بعلبك بعد قاضيها صدر الدين عبد الرحيم. وكان محمودا في أحكامه، له فضائل ومُشاركات جيدة. ذكر أنه من ذرية خالد بن الوليد رضي الله عنه. وقد عاش ولده معين الدين إلى سنة نيف عشرة وسبعمائة. تُوُفّي زكي الدين ببعلبك في ذي القعدة وهو في عَشْر السبعين، وله شعر حسن 466 - محمد بن غازي بن محمد بن أيّوب بن شادي. السلطان الملك الكامل، ناصر الدين، أبو المعالي بن الملك المظفر بن العادل صاحب ميّافارِقين. تملك البلد بعد وفاة أبيه سنة خمس وأربعين وستمائة. ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان ملكا جليلا ديّنا، خيِّراً، عالماً، عادلاً، مَهِيباً، شجاعاً مُحسِناً إلى رعيَّته، كثير التعبد والخشوع. لم يكن في بيته من يضاهيه في الدين وحُسْن الطريقة. استشهد بأيدي التتار بعد أخذ ميافارقين منه، وقُطِع رأسه، وطِيف به في

(48/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 367
البلاد بالمغاني والطبول. ثم عُلّق بسور باب الفراديس. فلما انكسروا دفنه المسلمون بمسجد الرأس الذي داخل باب الفراديس. وكان رحمه الله أولا يداري التتار، فلما خَبِرَهم انقبض منهم، ولما رآهم على قصده قدم دمشق مستنجدا بالملك الناصر، فأكرمه غاية الإكرام، وقدم له تقادم جليلة، ووعده بالنجدة، فرجع إلى ميافارقين، ولم يمكن الناصر أن ينجده. ثم إن هولاوو سير ابنه أشموط لمحاصرته، فنازله نحوا من عشرين شهرا، وصابر الكامل القتال حتى فني أكثر أهل البلد، وعمهم القتل والوباء والغلاء المفرط والعدم. قلت: حدثني شيخنا تاج الدين محمود بن عبد الكريم الفارقي، قال: سار الملك الكامل بن غازي إلى قلاع بنواحي آمد فافتتحها، ثم سيَّر إليها أولاده وأهله، وكان أبي في خدمته، فرحل بنا إلى حصن من تلك الحصون، فعبر علينا التتار فاستنزلوا أولاد الكامل بالأمان، ومروا بهم علينا، وعُمري يومئذ سبع سنين ثم إنهم حاصروا ميافارقين، فبقوا نحو ثمانية أشهر. فنزل عليهم الثلج والبَرَد حتى هلك بعضهم. وكان الملك الكامل يخرج إليهم ويحاربهم وينكي فيهم، فهابوه. ثم إنهم بنوا عليهم مدينة بإزاء البلد بسور وأَبرِجة. وأما أهل ميافارقين فنفدت أقواتهم وجاعوا، حتى كان الرجل يموت في البيت فيأكلون لحمه. ثم وقع فيهم مَوَتان، وفتر التتر عن قتالهم وصابروهم. وفني أكثر أهل البلد. وفي آخر الأمر خرج بعض الغلمان إلى التتار، فأخبروهم بجلية الأمر، فما صدقوه وقالوا: هذه خديعة. ثم تقربوا إلى السور فبقوا عنده أسبوعا لا يجسرون على الهجوم، فدلى إليهم مملوك الكامل حبلا، فطلعوا إلى السور، فبقوا أسبوعا لا يجسرون على النزول إلى البلد. وكان قد بقي فيها نحو سبعين نفسا بعد ألوف من الناس. ثم دخلت التتار على الكامل دارَه وأمّنوه، وعذبوا أربعين رجلا على

(48/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 368
المال كانوا قد اشتروا أمتعة كثيرة وذخائر ونفائس من الغلاء، فاستفوهم ثم قتلوهم، وقدموا بالكامل على هولاكو، وهو بالرها، وهو قاصد حلب، فإذا هو يشرب، فناول الكامل كأسا من الخمر، فامتنع وقال: هذا حرام. فقال هولاكو لامرأته: ناوليه أنت. والتتار أمر نسائهم فوق أمرهم، فناولته فأبى، وسبَّ هولاكو وبصق في وجهه. وكان قبل ذلك قد سار إلى التتار، ورأى القان الكبير، وعندهم في اصطلاحهم أن من رأى وجه القان لا يموت. فلما واجه هولاكو بهذا الفعل استشاط غضبا وقتله. وكان الكامل، رحمه الله، شديد البأس، قويّ النفس، آلت به الحال إلى ما آلت ولم ينقهر للتتار، بحيث أنهم أتوا بأولاده وحريمه إلى تحت السّور، وكلموه في أن ينزل بالأمان فقال: ما لكم عندي إلا السيف. 467 - محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الصّمد بن أحمد. أبو المعالي ابن الطرسوسي، الحلبي، الشافعي. وُلِد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وحدَّث عنه: عمر بن طبرزد. واستشهد بحلب. 468 - محمد بن يحيى بن محمد بن هبة الله بن محمد. الفقيه، أبو المفاخر بن أبي الفتح بن أبي غانم ابن أبي جرادة، العقيلي الحلبي، الحنفي ابن العديم. روى عن: ثابت بن مشرف. وأجاز له: التاج الكندي، وجماعة. كتب عنه الدمياطي بنصيبين. واستشهد بحلب كهلا. 469 - محمد بن يوسف بن محمد.

(48/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 369
الفخر الكنجي، نزيل دمشق. عني بالحديث، وسمع الكثير، ورحل وحصَّل. ثم إنه بدا منه فضول في أيام التتار بدمشق. قال الإمام أبو شامة: قُتِل بجامع دمشق يوم التاسع والعشرين من رمضان. وكان فقيها محدثا، لكنه كان كثير الكلام، يميل إلى الرفض. جمع كُتُبا في التشيع وداخل التتار، فانتدب له من تأذى منه فبقر بطنه بالجامع. قُتِل كما قُتِل غيره من أعوان التتار مثل الشمس محمد بن عباس الماكسيني، وابن البغيل الذي كان يسخر الدواب. 470 - محمد بن أبي القاسم بن محمد بن أبي بكر بن عمر. الضياء، أبو عبد الله القزويني الأصل، الحلبي المولد، الصوفي. وُلِد سنة اثنتين وسبعين. وسمع من: يحيى الثقفي. روى عنه: الدمياطي، والقاضي عز الدين العديمي، وأخوه عبد المحسن، والعماد ابن البالسي، وأخوه عبد الله، والكامل إسحاق الأسدي، وحفيده عبد الله بن إبراهيم بن محمد الصوفي نزيل القاهرة، وغيرهم ؛ وتاج الدين الجعبري. وحدَّث بدمشق وحلب. تُوُفّي بحلب في أوائل ربيع الآخر بعد رحيل التتار، خذلهم الله. 471 - مبارك بن يحيى بن مبارك بن مقبل.

(48/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 370
الأديب، مخلص الدين، أبو الخير الحمصي. انجفل من حمص ولجأ إلى جبل لبنان، فتُوُفّي بقريةٍ هناك. قال الشيخ قطب الدين: كان فاضلا، عارفا بالأدب والنسب، سُنّيّ المذهب. قد اختصر كتاب ' الجمهرة ' لابن الكلبي في الأنساب ؛ وله شعر حسن. تُوُفّي في المعترك. 472 - مختار بن محمود بن محمد. الزاهدي، الغزميني، وغزمينة من قصبات خوارزم. الشيخ العلامة نجم الدين، أبو الرجاء. له التصانيف المشهورة المقبولة، منها: ' شرح القدوري ' و ' الجامع في الحَيْض '، و ' الفرائض '، و ' زاد الأئمة ' و ' المجتني في الأصول والصفوة في الأصول '. قرأ بالروايات على العلامة رشيد الدين يوسف بن محمد القيدي. وتفقه على علاء الدين سديد بن محمد الخياطي المحتسب، وفخر الأئمة صاحب ' البحر المحيط '

(48/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 371
وأخذ الأدب عن شرف الأفاضل الجعميني. وقرأ الكلام على سراج الدين يوسف بن أبي بكر السكاكي الخوارزمي. وسمع الحديث من شيخ الشيوخ أبي الجناب أحمد بن عمر الخبوقي، وبرهان الأئمة محمد بن عبد الكريم الركني، وأحمد بن مؤيد المكي الخوارزميين. تفقه عليه وسمع منه خلْق كثير. ونا عنه: محمد بن أبي القاسم المعري. تُوُفّي بجرجانية خوارزم سنة ثمان وخمسين وستمائة. زُرْتُ قبره. قال لي ذلك الفرضي في كتابه.
- حرف الياء -
473 - يحيى بن أحمد بن عبد الرحمن. القاضي العادل، أبو زكريا الغرناطي ابن المرابط، من سروات أهل الأندلس. قال ابن الزبير: لقيته بمالقة، وكان خاتمة القضاة العدول بالأندلس، له عقل وفضل ودين، وحظ من الكتابة والنظم. أخذ عن: أبي بكر بن أبي جمرة، وأبي عبد الله بن نوح، وأبي جعفر بن حكم، وطائفة. وأجاز له ابن موقا من الإسكندرية، وأبو أحمد ابن سكينة من بغداد. وُلِد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. ومات في شهر المحرم سنة ثمان. 474 - يوسف بن أحمد بن يوسف بن عبد الواحد. أبو الفضل الأنصاري، الحلبي، الحنفي، الفقيه. كان إماما فاضلا متميزا. من المشهورين بحلب. سمع من: ابن اللتي، والقاضي بهاء الدين يوسف بن رافع بن شداد، وطائفة.

(48/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 372
وببغداد من: ابن بهروز، وأبي طالب بن القبيطي. وبدمشق من: مكرم، وجماعة. وحدَّث. وراح في الوقعة.
الكنى
475 - أبو بكر بن قوام بن عليّ بن قوام بن منصور بن مُعَلَّى. البالسي الزاهد، أحد مشايخ الشام، رضي الله عنه، وجدُّ شيخنا أبي عبد الله بن قوام. كان شيخا زاهدا عابدا، قانتا لله، عارفا بالله، عديم النظير، كثير المحاسن. وافر النصيب من العلم والعمل. صاحب أحوال وكرامات. وقد جمع حفيده شيخنا أبو عبد الله محمد بن عمر مناقبه في جزء ضخم، وصحبه، وحفظ عنه. وذكر في مناقبه أنه وُلِد بمشهد صفين في سنة أربع وثمانين وخمسمائة، ونشأ ببالس. وقال: كان إماما عالما عاملا، له كرامات وأحوال. وكان حسن الأخلاق، لطيف الصفات، وافر الأدب والعقل، دائم البشر، كثير التواضع، شديد الحياء، متمسكا بالآداب الشرعية، كثير المتابعة للسنة مع دوام المجاهدة، ولزوم المراقبة. تخرّج بصُحبته غير واحد من العلماء والمشايخ، وقصد بالزيارة، وتلمذ له خلق كثير. قلت: هذه صفات الأولياء والأبدال. ثم قال: ذكر بدايته: قال رضي الله عنه: كانت الأحوال تطرقني، فكنت أُخبر بها شيخي، فينهاني عن الكلام فيها. وكان عنده سوط، يقول: متى تكلمت في شيء من هذا ضربتك بهذا السوط، ويأمرني بالعقل، ويقول: لا

(48/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 373
تلتفت إلى شيء من هذه الأحوال. إلى أن قال لي ليلة إنه سيحدث لك في هذه الليلة أمر عجيب، فلا تجزع. فذهبت إلى أمي، وكانت ضريرة، فسمعت صوتا من فوقي، فرفعت رأسي، فإذا نور كأنه سلسلة متداخل بعضه في بعض، فالتف على ظهري حتى أحسست ببرده في ظهري. فرجعت إلى الشيخ فأخبرته، فحمد الله وقبّلني بين عيني وقال: الآن تمت عليك النعمة يا بُنَيّ: أتعلم ما هذه السلسلة؟ قلت: لا. فقال: هذه سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأذن لي في الكلام حينئذ. قال: وسمعت غير واحد ممن صحبه يقول: لو لم يؤذن لي في الكلام ما تكلمت. قال: وسمعته يوماً يقول: وأنا ابن ست سنين وهو يقول لزوجته: ولدك قد أخذه قطاع الطريق في هذه الساعة، وهم يريدون قتله وقتل رفاقه. فراعها ذلك، فسمعته يقول لها: لا بأس عليك، فإني قد حجبتهم عن أذاه وأذى رفاقه، غير أن مالهم يذهب، وغداً إن شاء الله يصل هو ورفاقه. فلما كان من الغد وصلوا، وكنت فيمن تلقاهم، وذلك في سنة ست وخمسين وستمائة. قال: وحدثني الشيخ شمس الدين الخابوري قال: وقع في نفسي أن أسأل الشيخ - وكان الخابوري من مُريدي الشيخ أبي بكر - عن الروح، فلما دخلت عليه قال لي من غير أن أسأله: يا أحمد ما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى يا سيدي. قال: إقرأ يا بني {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} . يا بُنيّ شيء لم يتكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يجوز لنا أن نتكلم فيه. وحدثني الشيخ إبراهيم بن الشيخ أبي طالب البطائحي قال: كان الشيخ يقف على حلب ونحن معه ويقول: والله إني لأعرف أهل اليمين من أهل الشمال منها، ولو شئتم لسميتهم، ولكن لم نؤمر بذلك، ولا يكشف سر الحق في الخلق. وحدثني الشيخ الإمام شمس الدين الخابوري قال: سألت الشيخ عن

(48/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 374
قوله تعالى: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} ، وقد عبد عزير وعيسى؟ فقال: تفسيرها {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} . فقلت: يا سيدي أنت لا تعرف تكتب ولا تقرأ، فمن أين لك هذا؟ قال: يا أحمد، وعزة المعبود لقد سمعت الجواب فيها كما سمعت سؤآلك. وحدثني شمس الدين الخابوري خطيب حلب، قال: كنا نمر مع الشيخ، فلا يمر على حجر ولا شيء إلا سلم عليه. فكان في نفسي أن أسأل الشيخ عن خطاب هذه الأشياء له، هل يخلق الله لها في الوقت لسانا تخاطبه به، أو يقيم الله إلى جانبها من يخاطبه عنها، ففاتني ولم أسأله عن ذلك. وحدثني الإمام الصاحب محيي الدين ابن النحاس قال: كان الشيخ يتردد إلى قرية تريذم، وكان لها مسجد صغير لا يسع أهلها، فخطر لي أن أبني مسجدا أكبر منه شمالي القرية. فقال لي الشيخ ونحن جلوس في المسجد: يا محمد يا محمد، لِمَ لا تبني مسجدا يكون أكبر من هذا؟ فقلت: قد خطر لي هذا. فقال: لا تبنه حتى توقفني على المكان. قلت: نعم. فلما أردت أن أبني جئت إليه، فقام معي، وجئنا إلى المكان الذي خطر لي فقلت: هنا. فرد كُمّهُ على أنفه وجعل يقول: أُفّ أُفّ، لا ينبغي أن يبنى هنا مسجد فإن هذا المكان مسخوط على أهله، مخسوف بهم. فتركته ولم أبنه. فلما كان بعد مدة احتجنا إلى استعمال لِبْن من ذلك المكان، فلما كشفناه وجدناه نواويس مقلبة على وجوهها. حدثني الشيخ الصالح محمد بن ناصر المشهدي قال: كنت عند الشيخ وقد صلّى صلاة العصر، وصلّى معه خلْقٌ، فقال له رجل: يا سيدي ما علامة الرجل المتمكن؟ فقال: علامة الرجل المتمكن أن يُشير إلى هذه السارية فتشتعل نورا. قال: فنظر الناس إلى السارية، فإذا هي تشتعل نورا، أو كما قال.

(48/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 375
سمعت الأمير الكبير المعروف بالأخضري، وكان قد أسن، يحكي لوالدي قال: كنت مع الملك الكامل لما توجه إلى الشرق، فلما نزلنا بالِسَ قصدنا زيارة الشيخ مع الأمير فخر الدين عثمان، وكنا جماعة من الأمراء، فبينما نحن عنده إذ دخل جندي فقال: يا سيدي، كان لي بغل وعليه خمسة الآف درهم، فذهب مني، وقد دُلِلتُ عليك. فقال له الشيخ: اجلس، وعزة المعبود قد حصرت على آخذه الأرض، حتى ما بقي له مسلك إلا هذا المكان، وهو الآن يدخل، فإذا دخل وجلس أشَرْتُ إليك. فلما سمعنا كلام الشيخ قلنا لا نقوم حتى يدخل هذا الرجل. فبينما نحن جلوس إذ دخل رجل، فأشار الشيخ إليه، فقام الجندي، وقمنا معه، فوجدنا البغل والمال بالباب. فلما حضرنا عند السلطان أخبرناه بما رأينا، فقال: أحب أن أزوره. فقال فخر الدين: البلد لا يحمل دخول مولانا السلطان. فسير إليه فخر الدين فقال: إن السلطان يحب أن يزورك، وإن البلد لا يحمل دخوله، فهل يرى سيّدي أن يخرج إليه؟ فقال: يا فخر الدين، إذا رحت أنت إلى صاحب الروم يطيب للملك الكامل؟ فقال: لا. قال: فكذلك أنا إذا رحْتُ إلى عند الملك الكامل لا يطيب لأستاذي. ولم يخرج إليه. قال الشيخ أبو عبد الله: وبعث إليه الملك الكامل على يد فخر الدين عثمان خمسة عشر ألف درهم، فلم يقبلها، وقال: لا حاجة لنا بها، أنفقها في جُند المسلمين. وسمعت والدي يقول: لما كان في سنة ثمان وخمسين، وكان الشيخ في حلب، وقد حصل فيها ما حصل من فتنة التتار، وكان نازلا في المدرسة الأسدية، فقال لي: يا بني اذهب إلى بيتنا، فلعلك تجد ما نأكل. فذهبت إلى الدار، فوجدت الشيخ عيسى الرصافي - وكان من أصحابه - مقتولا في الدار، وعليه دلق الشيخ، وقد حُرِق، ولم يحترق الدلق ولم تمسه النار، فأخذته وخرجت، فوجدني بعض بني جهبل، فأخبرنه بخبر الدلق، فحلف علي بالطلاق، وأخذه مني.

(48/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 376
قال: وحدثني الشيخ شمس الدين الباهلي قال: حدثني فلك الدين ابن الخريمي قال: كنت بالشام في سنة أخذ بغداد، فضاق صدري، فسافرت وزُرت ببالس الشيخ أبا بكر فقال لي: أهلك سلموا، إلا أخاك مات. وأهلك في مكان كذا وكذا، والناظر عليهم رجل صفته كذا، وقِبالة الدرب الذي هم فيه دار فيها شجرة. فلما قدمت بغداد وجدت الأمر كما أخبرني. قلت: ثم ساق له كرامات كثيرة من هذا النمط، إلى أن قال: ذِكْرُ ما كان عليه من العمل الدّائم: كان رضي الله عنه كثير العمل، دائم المجاهدة ويأمر أصحابه بذلك، ويُلْزِمُهم بقيام الليل، وتلاوة القرآن والذكر، دأبه ذلك لا يفتر عنه. وفي كل ليلة جمعة يجعل لكل إنسان منهم وظيفة من الجمعة إلى الجمعة. وكان يحثهم على الاكتساب وأكل الحلال، ويقول: أصل العبادة أكل الحلال والعمل لله في سُنّته. وكان شديد الإنكار على أهل البدع، لا تأخذه في الله لومة لائم. رجع به خلق كثير في بلدنا من الرافضة وصحبوه. وأخبرني الشيخ إبراهيم بن أبي طالب قال: أتيت الشيخ وهو يعمل في النهر الذي استخرجه لأهل بالس، ووجدت عنده خلقا كثيرا يعملون معه، فقال: يا إبراهيم، أنت لا تطيق العمل معنا، ولا أحب أن تقعد بلا عمل، فاذهب إلى الزاوية، وصل ما قدر لك، فهو خير من قعودك عندنا بلا عمل، فإني لا أحب أن أرى الفقير بطالا. وكان يحث أصحابه على التمسك بالسنة ويقول: ما أفلح من أفلح إلا بالمتابعة، فإن الله يقول: {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} ، وقال: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} . وكان لا يمر على أحد إلا بادأة بالسلام حتى على الصبيان وهم يلعبون، ويداعبهم، ويتنازل إليهم ويحدثهم، وكنت أكون فيهم. وقد جاءته امرأة يوما

(48/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 377
فقالت: عندي دابة قد ماتت، وما لي من يجرها عني. فقال: امض وحصلي لي حبلا حتى أبعث من يجرها. فمضت وفعلت، فجاء بنفسه وربط الحبل في الدابة، وجرها إلى باب البلد، فجروها عنه. وكان متواضعا لا يركب فرسا ولا بغلة، بل لما كبر كان يركب حمارا، ويمنع من أن يوطأ عقبه. وكان دأبه جبر قلوب الضعفاء من الناس. وكان في الزاوية شيخ كبير به قطار البول، فكان يبدد الصاغرة من تحته. وكان لا يمكن أحدا من تقبيل يده، ويقول: من مكن أحدا من تقبيل يده نقص من حاله شيء. وكان لا يقبل إلا ممن يعرف أنه طيب الكسب. وحدثني الإمام شمس الدين الدباهي قال: حدثني الشيخ عبد الله كشلة قال: قدمت على الشيخ أبي بكر بمنزله ببالس، فلما رأيته هبته، وعلمت أنه ولي الله، ورأيته يحضر السماع بالدف، وكنت أنكره، غير أني كنت أحضر السماع بغير الدف، وقلت في نفسي: إن حضرت مع هذا الولي وحصل مني إنكار عليه حصل لي أذىً. وخشيت من قلبه، فغبت ولم أحضر. تُوُفّي الشيخ في سلخ رجب سنة ثمان وخمسين بقرية علم ودفن بها. فأخبرني والدي أن أباه أوصى أن يدفن في تابوت وقال: يا بُني أنا لا بد أن أنقل إلى الأرض المقدسة. فنقل بعد اثنتي عشر سنة، وسرت معه إلى دمشق، وشهدت دفنه، وذلك في تاسع المحرم سنة سبعين. ورأيت في سفري معه عجائب، منها أنّا كنّا لا نستطيع غالب الليل أن نجلس عنده لكثرة تراكم الجن عليه وزيارتهم له. قلت: وقبره ظاهر يزار بزاوية ابن ابنه الشيخ القدوة العارف شيخنا أبي عبد الله محمد بن عمر، نفع الله ببركته. 476 - أبو عليّ بن محمد بن الأمير أبي عليّ بن باساك.

(48/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 378
الأمير الكبير، حسام الدين الهذباني، المعروف بابن أبي علي. كان رئيسا مدبرا، خبيرا، قوي النفس. قال قطب الدين: طلبه الملك الناصر يوماً فقال: وددت الموت الساعة، فإن ناصر الدين القيمري عن يساره، وابن يغمور عن يمينه، والموت أهون من القعود تحت أحدهما. وأما نصر الدين القيمري فإنه سمح له بالقعود فوقه، وفهم ذلك فتلك وجهه ودخل، فأكرموه كرامة عظيمة، وجلس إلى جانب السلطان. وكان له اختصاص بالملك الصالح نجم الدين أيوب، فلما تملك الصالح إسماعيل حبسه وضيق عليه. ثم أخرجه عنه، وتوجه إلى مصر. وقد ناب في السلطنة بدمشق لنجم الدين أيوب عقيب الخوارزمية، وجاء فحاصر بعلبك سنة أربع وأربعين، وبها أولاد الصالح إسماعيل، فسلموها بالأمان. ثم ناب في السلطنة بمصر. وتُوُفّي أبوه عنده، فبنى على قبره قبة. وكان على نيابة السلطنة عند موت الصالح نجم الدين، فجهز القصاد إلى حصن كيفا إلى الملك المعظم ليسرع. ثم حج الأمير حسام الدين سنة تسع وأربعين، وأصابه في أواخر عمره صرع وتزايد به وكثر، فكان سبب موته. وكان مولده بحلب سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وأصله من إربل. وله شعر جيد وأدب. 477 - أبو الكرم بن عبد المنعم بن قاسم بن أحمد بن حمد بن حامد بن مفرّج بن غياث.

(48/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 379
الأنصاري، الأرتاحي الأصل، المصري، الحريري، اللبان، الحنبلي، واسمه: لاحق. وُلِد في حدود سنة ثلاث وسبعين. وسمع من عم جده أبي عبد الله الأرتاحي. وتفرد بالإجازة من المبارك بن علي بن الطباخ، فروى بها كتاب ' دلائل النبوة ' للبيهقي، وغير ذلك. وكان شيخا متعففا، صالحا. أجاز له أيضا: أبو الفضل الغزنوي، وابن نجا الواعظ، وغير واحد. روى عنه: الحفاظ أبو محمد المنذري، وأبو الحسين القرشي، وأبو محمد التوني وعلم الدين الدواداري، ويوسف بن عمر الخثني، والمصريون. وتُوُفّي ليلة السادس عشر من جمادى الآخرة. 478 - أبو المعالي بن عبد الله بن عليّ. المازري، الضرير. حدَّث عنه: المطهر بن أبي بكر البيهقي. ومات في ربيع الأول بالإسكندرية. * * * وفيها وُلِد: علاء الدين علي بن يحيى الشافعي بن نحلة بدمشق. والنجم عمر بن بلبان الجوزي. والصفي عبد المؤمن بن الخطيب عبد الحق البغدادي، والفتح محمد بن أحمد بن هاشم التفليسي، ثم المصري، وأمين الدولة محفوظ بن علي بن الموصلي. وعبد الرحمن ابن شيخنا التقي بن مؤمن، وأحمد ابن الشيخ محمد البجدي. وعليّ بن التقي يحيى الذهبي الفقير، ومحمد ابن شيخنا أبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم. ومحمد بن الفقيه أحمد المرداوي، وأحمد بن إبراهيم بن يحيى الكناني، المصري، الحنبلي. يروي عن المعين بن زين الدّين، وعبد الله بن إبراهيم بن

(48/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 380
درع المصري، الشافعي، يروي عن النجيب، والمؤرخ شمس الدين محمد بن إبراهيم بن أبي بكر الجزري، ثم الدمشقي العدل، وعيسى بن عبد الكريم بن مكتوم، في نصف شعبان، وشرف الدين حسين بن علي بن محمد بن محمد بن العماد الكاتب، وعبد الغالب بن محمد الماكسيني. وأحمد بن عبد الرحمن الواني الفراء، وأبو بكر بن عمر بن أبي بكر الشقراوي. وعلي بن عبد العزيز بن هواري الحنفي، ويوسف بن ندى الزرعي، ثم الدمشقي. والتقي سليمان بن عبد الرحيم بن أبي عباس العطار، والشرف أبو بكر بن أحمد بن محمد بن النجيب الخلاطي، وأحمد بن رضوان بن الزهار. وخالي الحاج علي بن سنجر الذهبي، وخطيب بعلبك محيي الدين محمد بن عبد الرحيم السلمي.

(48/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 381

سنة تسع وخمسين وستمائة

- حرف الألف -
479 - أحمد بن حامد بن أحمد بن حمْد بن حامد بن مفرّج. أبو العباس الأنصاري، الأرتاحي، ثم المصري، المقرئ، الحنبلي. وُلِد سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وقرأ القراءآت على والده. وسمع من: جده لأمه أبي عبد الله الأرتاحي، والبوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وابن نجا، والحافظ عبد الغني، وغيرهم. وأجاز التاج المسعودي، وجماعة. ولازم الحافظ عبد الغني وكتب من تصانيفه. وتصدر وأقرأ القرآن. وكان صالحا متعففا، من بيت الرواية والدين. حمل عنه المصريون. وحدث عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية، وعلم الدين الدويداري، والشيخ شعبان، وآخرون. تُوُفّي في رابع عشر رجب.

(48/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 382
وتأخر من أصحابه يوسف بن عمر، وأبو بكر محمد بن عبد الغني بن محمد الصعبي. 480 - أحمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان. قاضي الإسكندرية، شرف الدين، أبو العباس ابن المرجاني، المقرئ، المالكي. سمع من: علي بن البنا المكي، وعبد الرحمن بن عتيق بن باقا، وقرأ القراءآت على. وتفقه ودرس وأفتى وناب في القضاء ثم استقل به، وكان من أعيان فضلاء الثغر. روى عنه: الدمياطي، وقال: تُوُفّي في السادس والعشرين من ذي القعدة. وشعبان، وطائفة. 481 - أحمد بن كتائب بن مهديّ بن عليّ. أبو العباس المقدسي، البانياسي، الحنبلي. حدَّث عن: حنبل، وابن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والشمس ابن الزراد، ومحمد بن المحب، وآخرون. ومات في عاشر ذي القعدة. 482 - إبراهيم بن سهل.

(48/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 383
اليهودي، الإشبيلي، الشاعر المشهور. دُوِّن شعره في مجلد فيما قيل، ويُقال إنه أسلم. وله قصيدة مدح بها النبي صلى الله عليه وسلم وكان حامل لواء الشعر بالمغرب في عصره. فمن شعره:
(مضى الوصْلُ إلاّ مُنْيةٌ تبعثُ الأَسَى .......... أُدارِي بها هَمّي إذا اللَّيلُ عَسْعَسا)
أتاني حديثُ الوصْل زَوْراً على النَّوى .......... أعِدْ ذلك النَّوْرَ اللَّذيذَ المؤنسا)

(ويَا أُيُّها الشّوقُ الّذي جاء زائراً .......... أصَبْتَ الأماني خُذْ قلوباً وأنفُسا)

(كساني موسى من سِقامِ جُفُونِهِ .......... رداءً، وسَقاني من الحُبّ كُؤوسا)
تُوُفّي غريقاً في هذا العام، أو في سنة 58.

(48/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 384
483 - إبراهيم بن طرخان بن حسين بن مغيث. أبو إسحاق الأموي، السخاوي، الإسكندراني، الحريري. سمع من: عبد الرحمن بن موقا، وحماد الحراني. روى عنه آحاد الطلبة. 484 - إبراهيم بن عبد الله بن هبة الله بن أحمد بن عليّ بن مرزوق. الصاحب صفي الدين العسقلاني، التاجر، الكاتب. وُلِد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الله بن مجلي. وأجاز له جماعة: وحدث. وكان محتشما، كثير الأموال، وافر الحرمة. وُلّي الوزارة في بعض الدول، وكان فيه عقل ودين، ويركب الحمار ويتواضع.

(48/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 385
تُوُفّي بمصر في ذي القعدة. 485 - إسحاق ابن العلاّمة موفَّق الدّين يعيش بن عليّ بن يعيش. أبو إبراهيم الحلبي، الكاتب. وُلِد سنة إحدى وستمائة. تُوُفّي بالقاهرة في ربيع الآخر. 486 - إسماعيل. الملك الصالح نور الدين بن المجاهد أسد الدين شيركوه بن محمد بن شيركوه بن شادي بن مروان، ابن صاحب حمص. نشأ بحمص وانتقل عنها، وخدم مع الملك الناصر يوسف. وكان عاقلا حازما، فلما أخذ هولاكو بلاد الشام داخل التتار، وأخذ فرمانا، ولم يدخل الديار المصرية، وحسن للملك الناصر التوجه إلى هولاكو، وتوجه في صحبته، فلما قدموا على هولاكو أحسن إليهم وأكرمهم، فلما بلغه كسرة كتبغا على عين جالوت غضب وقتلهم في أوائل السنة كلهم. 487 - إسماعيل بن عمر بن قرناص. مخلص الدين الحموي، من بيت مشهور. وُلِد سنة اثنتين وستمائة، وكان فقيها نحويا، كثير الفضائل. درّس وأقرأ بجامع حماة، وله شعر جيد.

(48/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 386
تُوُفّي بحماة في جمادى الآخرة. قاله اليونيني في ' تاريخه '.
- حرف الحاء -
488 - الحسن بن عبد الله بن الحافظ عبد الغنيّ. الإمام شرف الدين، أبو محمد بن الجمال أبي موسى، المقدسي، الحنبلي. وُلِد سنة خمس وستمائة. وسمع الكثير من: أبي اليمن الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب، وموسى بن عبد القادر، وابن راجح، والشيخ الموفق. وتفقه على الشيخ الموفق، وعلى غيره من بعده. وأتقن المذهب، وأفتى ودرس، ورحل في الحديث، ودرس بالجوزية. كتب عنه: الأبيوردي، والدمياطي، والحفاظ. روى عنه: ابن الخباز، وابن الزراد، والقاضي تقي الدين سليمان، وجماعة. وقد ولي القضاء ولده شهاب الدين، وناب عنه أخوه شرف الدين عبد الله بن حسن. تُوُفّي في ثامن محرم.
- حرف السين -
489 - سيدهم بن عبد الرحمن بن سيدهم. أبو الموالي ابن الخشاب الإسكندراني، التاجر.

(48/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 387
حدَّث عن: أبي الفتوح محمد بن محمد البكري. وتُوُفّي في المحرم عن سبع وسبعين سنة. 490 - سعيد بن المطهر. الإمام القدوة، المحدث، سيف الدين، أبو المعالي الباخرزي. شيخ زاهد، عارف، كبير القدر. إمام في السنة والتصوف. عني بالحديث وسمعه، وكتب الأجزاء ورحل فيه. وصحب الشيخ نجم الدين الكبري وسمع منه. ومن: أبي رشيد محمد بن أبي بكر الغزال ببخارى ؛ ومن: علي بن محمد الموصلي، وجماعة ببغداد. وخرّج لنفسه ' أربعين حديثاً ' رواها لنا عنه مولاه نافع الهندي. وحدَّثني أبو الحسن الخشني أنه تُوُفّي في هذا العام. وكان شيخ ما وراء النهر. وله جلالة عجيبة، وعلى يده أسلم سلطان التتار بركة. وله ترجمة طُولَى في ' سير النبلاء '.
- حرف الطاء -
491 - الطّاهر بن محمد بن عليّ.

(48/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 388
العلامة الرئيس، محيي الدين، أبو محمد الجزري. كان رئيسا كبير القدر، يكاتب الديوان العزيز، وله ديوان شعر.
- حرف العين -
492 - عبد الله بن أبي بكر بن داود. المالكي، المعروف بابن الرماح. حدَّث عن: الفخر الفارسي، الصوفي. وكان إمام رباط الزاهد ابن حباسة. تُوُفّي بالقاهرة. روى عنه: الدمياطي. 493 - عبد الله بن عبد المؤمن بن أبي الفتح بن وثّاب. أبو محمد البانياسي، الصالحي. حضر على ابن طبرزد ؛ وسمع من الكندي. وهو أخو عبد الرحمن، ومحمد. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، وجماعة.

(48/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 389
وتُوُفّي في رابع عشر ذي الحجة. 494 - عبد الرحمن بن عثمان بن عبد الواحد بن عبد الرحمن بن سُلطان. القرشي، الدمشقي، زين القضاة. ذبح بالجبل في هذه السنة. 495 - عبد الرحمن بن محمد بن عبد القاهر بن مرهوب. الخطيب الصالح، الدين، أبو البركات الحموي، الشافعي. حدَّث عن عمه أبي اليسر، وكان من وجوه الحمويين وصلحائهم وأعيانهم. بنى مدرسة بحماة ووقف عليها الأوقاف، ودفن بها في الثاني والعشرين من ربيع الأول. وكان خطيب الجامع الأعلى بحماة. وعاش تسعا وسبعين سنة. 496 - عثمان بن أبي الحرم مكّيّ بن عثمان بن إسماعيل بن إبراهيم بن شبيب. الإمام الواعظ، جمال الدين أبو عمرو السعدي، الشارعي، الشافعي، المذكر.

(48/389)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 390
وُلِد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبيه، وقاسم بن إبراهيم المقدسي، وإسماعيل بن ياسين، والبوصيري، والأرتاحي، وفاطمة، وابن نجا الواعظ، والعماد الكاتب، وأبي يعقوب بن الطفيل، والحافظ عبد الغني، وعبد الله بن خلف المسكي، وعثمان بن أبي بكر بن جلدك، وخلف بن عبد الله الدانقي، وخلْق سواهم. وعني بالحديث والعلم والاشتغال. روى عنه: الدمياطي، وابن الظاهري، وأخوه إبراهيم، والشيخ شعبان الإربلي، والأمين الصعبي، ويوسف الختني، ونافلته الموفق أحمد بن أحمد بن محمد، والمصريون. وقد رحل إلى الشام وسمع بها من: عمر بن طبرزد. وحدَّث بالكثير. قال الحافظ عز الدين الحسيني: سمعت منه، وكان شيخا فاضلا، مشهورا بالدين والصلاح. وكان يجلس للوعظ. وكان حسن الإيراد كثير المحفوظ، له اليد الطولى في معرفة المواقيت وعمل الساعات. حدَّث هو وأبوه وجده وإخوته. وتُوُفّي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر، رحمه الله تعالى. 497 - عثمان بن منكورس بن خُمَرتِكين. الأمير مظفر الدين، صاحب صهيون. كان خمرتكين عتيق الأمير مجاهد الدين صاحب صرخد ؛ وتملك مظفر

(48/390)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 391
الدين صهيون بعد والده سنة ست وعشرين. وكان حازما يقظا سائسا مهيبا، طالت أيامه وعمر تسعين سنة وأكثر. مات في ربيع الأول، ودفن بقلعة صهيون. وولي بعده ابنه سيف الدين محمد. 498 - عليّ بن عبد الرّزّاق بن الحسين بن محمد بن عُبَيْد الله بن نصر الله بن حَجّاج. الشيخ علاء الدين، أبو الفضائل العامري، المقدسي، ثم المصري، المعروف بابن القطان. وُلِد سنة إحدى وثمانين تقريبا. وسمع من: البوصيري، والعماد الكاتب، ومحمد بن عبد الله بن الليثي. وولي نظر الأوقاف بمصر وعدة ولايات. وهو من بيت حشمة وتقدم. روى عنه: الدمياطي. وتُوُفّي، رحمه الله، في مستهل المحرم. 499 - عماد الدّين. أبو الفضل القزويني، الوزير الكبير، صاحب الديوان ببغداد. ولي لهولاكو العراق بعد ابن العلقمي، وكان ظالماً فقُتِل بسيف المغل وولي بعده علاء الدين صاحب الديوان.

(48/391)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 392

- حرف الغين -
500 - غازي. الملك الظاهر بن السلطان الملك العزيز محمد بن السلطان الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين، الأيوبي، الصلاحي سيف الدين. شقيق الملك الناصر. وأُمُّهُما تركية. كان مليح الصورة، شجاعا، كريم، الأخلاق. وكان أخوه يحبه محبة زائدة. وقد أراد جماعة من العزيزية القبض على الناصر وتمليك هذا، فشعر بهم، ووقعت الوحشة. وفارق غازي هذا أخاه في أوائل سنة ثمان وخمسين عند زوال دولته، فتوجه بحريمه نحو الصلت، وكانت له، ثم قصد غزة، فاجتمع على طاعته البحرية وجماعة وسلطنوه. ودهمت التتار البلاد فتقهقر الملك الناصر إلى غزة، وجاء ما أشغلهم، فتوجها معا إلى قطية ثم رجعا. وقد خلف غازي ولدا اسمه زبالة، كان بديع الحسن، وأمه جارية وهبها الناصر لأخيه، اسمها وجه القمر، اتصلت بعده بالأمير جمال الدين أيدغدي العزيزي، ثم بعده بالبيسري. ومات زبالة بالقاهرة. وقُتِل غازي مع أخيه صبرا.
- حرف الميم -
501 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن سيّد الناس.

(48/392)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 393
الحافظ، الخطيب، أبو بكر اليعمري، الأندلسي، الإشبيلي. وُلِد في صفر سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وسمع الحديث، وعني بهذا الشأن وأكثر منه. وحصل الأصول والكُتُب النفيسة. وحدَّث وصنَّف وجمع. ذكره عز الدين الشريف في ' الوَفَيَات ' فقال: كان أحد الحفاظ المحدثين المشهورين، وفضلائهم المذكورين، وبه ختم هذا الشأن بالمغرب. ولي منه إجازة كتبها إليّ من تونس، وبها تُوُفّي في الرابع والعشرين من رجب. وتُوُفّي أبوه سنة ثمان عشرة. وهو جد صاحبنا الحافظ الأوحد فتح الدين محمد بن محمد، أحسن الله إليه. رأيت له كتاب ' جواز بيع أمهات الأولاد '، دلني على سعة علمه، وسيلان ذهنه، وبراعة حفظه، وأعلى ما عنده سماع البخاري، من أبي محمد الزهري صاحب شريح. وتلا لنافع على أبي نصر بن عظيمة، عن شريح. وسمع من: أبي الصبر أيوب الفهري. وأجاز له القاضي أبو حفص عمر الذي يروي عن القاضي عبد الله بن علي سبط ابن عبد البر. وأجاز له من المشرق: ثابت بن مُشَرّف، والقاضي أبو القاسم بن الحرستاني، وهذه الطبقة. ذكر ذلك ابن الزبير في ' برنامجه '. وكان خطيب تونس. 502 - محمد بن الأنجب بن أبي عبد الله بن عبد الرحمن.

(48/393)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 394
الشيخ صائن الدين، أبو الحسن البغدادي، الصوفي، المعروف بالنعال. وُلِد ببغداد في سلخ شعبان سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وسمع من: جده لأمه هبة الله بن رمضان بن سيبا، وظاعن بن محمد الزبيري. وأجاز له وفاء ابن البهي، ومحمد بن جعفر بن عقيل، وعبد المنعم بن عبد الله الفراوي، ومحمود بن نصر الشعار، وأبو المحاسن محمد بن عبد الملك الهمداني، وعبيد الله بن شاتيل، وأبو السعادات القزاز، وطائفة. وخرج له رشيد الدين أبو بكر محمد بن الحافظ عبد العظيم ' مشيخة '. وكان مشهورا بالصلاح والخير، من أعيان الصوفية. روى عنه: العلامة تقي الدين محمد بن علي الحاكم، وأبو محمد الدمياطي، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحيم القرشي، والشيخ شعبان الإربلي، والمصريون. وكان أعلى من بقي إسنادا بالديار المصرية. تُوُفّي، رحمه الله، في رابع عشر رجب.

(48/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 395
503 - محمد بن صالح بن محمد بن حمزة بن محارب. الصدر، تاج الدين، أبو عبد الله المجلي. سمع من: عبد الرحمن مولى ابن باقا. وأجاز له: أبو اليمن الكندي، وابن طبرزد، وجماعة. وحدَّث. وله شعر وفضائل. ولي نظر الإسكندرية مدة. ومات في خامس صفر. وكان شافعيا، عالما، مفتيا، فيه دين وخير. 504 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عيسى بن مَغْنين. ضياء الدين، أبو عبد الله المتيجي، الإسكندراني، المالكي، العدل.

(48/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 396
وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن موقا، وخلْقٍ بعده. وكتب بخطه كثيرا، وعني بالحديث ومعرفته. كتب عنه غير واحد. وحدّث عنه: الدمياطي، وغيره. وثنا عنه الشيخ شعبان. ومات في جمادى الآخرة، وكان صالحا دينا خيرا. ومر أبوه في سنة 27. 505 - محمد بن عبد الله بن موسى. الشيخ شرف الدين الحوراني، المتاني. قال قطب الدين: تُوُفّي في هذه السنة بحماه عن نحو من سبعين سنة. وكان فاضلا متفننا، له رياضات وخلوات. 506 - محمد بن عبد الدّائم بن محمد بن عليّ. أبو المكارم القضاعي، المصري، المعروف بابن حمدان.

(48/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 397
وُلِد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بقوص. وقدم مصر فسمع من: البوصيري، والأرتاحي. روى عنه: الدمياطي، والشريف عز الدين. وتُوُفّي في نصف رمضان. 507 - محمد بن قاضي القُضاة صدر الدّين عبد الملك بن عيسى بن دِرْباس بن فيّر بن جهْم بن عَبْدوسُ. القاضي العالم، كمال الدين، أبو حامد بن درباس الماراني، المصري، الشافعي، العدل، الضرير. وُلِد في ربيع الأول سنة ست وسبعين وخمسمائة. وسمع: أباه، والبوصيري، والقاسم بن عساكر، والأرتاحي، وأبا الجود المقرئ، وجماعة. وأجاز له أبو طاهر السلفي. روى عنه: الشريف عز الدين. ومجد الدين ابن الحلوانية، وعلم الدين الدواداري، والشيخ شعبان، وإبراهيم بن الظاهري، والمصريون. وقد درّس بالمدرسة السيفية مدة، وأفتى وأشغل، وقال الشعر، وجالس الملوك. وكان من سَرَوات الشيوخ. في خامس شوال تُوُفّي بالقاهرة.

(48/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 398
508 - محمد بن عليّ بن سعيد. أبو سعيد، ابن العديم العقيلي، الحلبي، الكاتب، شرف الدين. له شعر وفضل. روى عنه: الدمياطي وقال: استشهد بالعراق مع الخليفة المستنصر. 509 - محمد بن أبي المكارم محمد بن الحسين بن محمد بن عليّ بن عمر بن عبد الله بن حسين بن يحيى بن الحسين بن أحمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب. الشريف، مخلص الدين، أبو البركات الحسيني، الزيدي، الدمشقي، المعروف بابن المبلغ. سمع من: الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، وابن الحلوانية، وغيرهما. وسمعنا بإجازته من أبي المعالي ابن البالسي. تُوُفّي في الرابع والعشرين من ربيع الأول. ورخه الشريف. وفي ' معجم ' الدمياطي: سنة ست وخمسين تُوُفّي، فيكشف ويحرر. ثم وجدت الإمام أبا شامة قال: في ربيع الأول من سنة تسع تُوُفّي المخلص بن أبي الحسن الحسيني التاجر بقيسارية الفرش. وكان شيخا كبيرا عدلا.

(48/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 399
فلعل ما في ' معجم الدمياطي ' وهم من الناسخ. 510 - محمد بن أبي الحُسَين يحيى بن عبد الله بن عليّ. أبو عبد الله الأنصاري، الوراق، الشروطي. سمع من: ابن المفضل الحافظ. وحدَّث. ومات في ربيع الأول. وكان أبوه من كبار النحويين بمصر. 511 - مَعَالي بن يعيش بن معالي بن كاسو. أبو الفضل الحراني. سمع بنيسابور من: زينب الشعرية. وحدث بحَرّان، ولم يحدثنا أحد عنه فيُسْأَل أصحابنا إن كان ابن الظاهري سمع منه. عُدِم بحَرّان في شعبان. قاله الشريف. 512 - مفضّل بن أبي الفتح نصر الله بن محمد بن المسلّم بن المعلَّى بن أبي سُرَاقة. عماد الدين، أبو بكر الهمداني، الدمشقي. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عمر بن طبرزد، وحنبل. وحدَّث بدمشق ومصر. وكان متجندا في زيه. سمع منه بهاء الدين إبراهيم بن المقدسي، وغيره. ومات بمصر في ربيع الأول.

(48/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 400
ويسمى محمداً. 513 - مكّي بن عبد الرّزّاق بن يحيى بن عمر بن كامل. زكي الدين، أبو الحرم الزبيدي، المقدسي، ثم الدمشقي. وُلِد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بعقربا. وسمع من: الخشوعي، وعبد الخالق بن فيروز. وأجاز له: عبد الرزاق النجار، وغيره. وكان متجندا أيضا، وهو أخو يحيى وسالم، وقد تقدما. روى عنه: الدمياطي، والجمال ابن الصابوني، وعبد الرحيم بن مسلمة، والعماد بن البالسي، وأخوه عبد الله. ومات في سلخ شوال وابنه يحيى حي. روى لنا عن اليلداني، وعن أبيه.
- حرف الياء -
514 - يحيى بن عبد الله بن أبي الحُصْن. القاضي، المحدث البارع، أبو زكريا التجيبي، الأندلسي. حج وسمع ' صحيح خ ' من يونس الهاشمي بمكة. وسمع من: الحافظ علي بن المفضل، وطائفة. وكان ذكيا فطنا، له اعتناء تام بالرجال والطرق. روى الكثير بالأندلس. وأكثر عنه أبو جعفر بن الزبير، وأرخ موته في سنة ثمان وخمسين. ورحلته في سنة 658. 515 - يوسف. السلطان الملك الناصر صلاح الدين ابن السلطان الملك العزيز محمد بن

(48/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 401
محمد بن الظاهر غازي بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن الأمير نجم الدين أيوب. الأيوبي، صاحب حلب ثم صاحب الشام. وُلِد بقلعة حلب في رمضان سنة سبع وعشرين، وسلطنوه عند موت أبيه سنة أربع وثلاثين، وقام بتدبير دولته الأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني، وعز الدين ابن مجلي، والوزير الأكرم جمال الدين القفطي، والطواشي جمال الدولة إقبال الخاتوني. والأمر كله راجع إلى جدته ضيفة خاتون الصاحبة بنت الملك العادل. ثم توجه قاضي القضاة زين الدين عبد الله ابن الأستاذ إلى الديار المصرية ومعه عدة الملك العزيز، وكان قد مات شابا ابن أربع وعشرين سنة. فلما رآها السلطان الملك الكامل أظهر الحزن لموته، وحلف للملك الناصر لمكان الصاحبة أخته. فلما تُوُفّيت الصاحبة سنة أربعين اشتد الناصر وأمر ونهى. فلما كانت سنة ست وأربعين سار من جهته نائبه شمس الدين لؤلؤ وحاصر حمص، وطلب النجدة من الصالح نجم الدين، فلم ينجده، وغضب وجرت أمور، ثم استقرت حمص بيد الملك الناصر. وفي ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين قدم إلى دمشق وأخذها من غير كلفة لاشتغال غلمان الصالح بأنفسهم. ثم في أثناء السنة قصد الديار المصرية ليتملكها فما تم له. وفي سنة اثنتين وخمسين دخل على بنت السلطان علاء الدين صاحب الروم، فولدت له علاء الدين في سنة ثلاث. وأم هذه هي أم جدته الصاحبة. وكان سمحا، جوادا، حليما، حَسَنَ الأخلاق، محببا إلى الرعية، فيه

(48/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 402
عدل في الجملة، ومحبة للفضيلة والأدب. وكان سوق الشعر نافقا في أيامه، وكان يذبح في مطبخه كل يوم أربعمائة رأس، سوى الدجاج والطيور والأجدية. وكان الغلمان يبيعون من سماطه أشياء كثيرة مفتخرة عند باب القلعة بأرخص ثمن. حكى علاء الدين ابن نصر الله أن الملك الناصر جاء إلى داره بغتة قال: فمددت له في الوقت سماطا بالدجاج المحشي بالسكر والفستق وغيره، فتعجب وقال: كيف تهيأ لك هذا؟ فقلت: هو من نعمتك، اشتريته من عند باب القلعة. وكانت نفقة مطابخه وما يتعلق بها في كل يوم أكثر من عشرين ألف درهم. وكان يحاضر الفضلاء والأدباء، وعلى ذهنه كثير من الشعر والأدب، وله نوادر وأجوية ونظم. وله حسن ظن في الصالحين، بنى بدمشق مدرسة وبالجبل رباطا وتربة، وبنى الخان عند المدرسة الزنجيلية. وقال أبو شامة: وفي منتصف صفر ورد الخبر إلى دمشق باستيلاء التتار على حلب بالسيف، فهرب صاحبها من دمشق بأمرائه الموافقين له على سوء تدبيره. وزال مُلْكه عن البلاد، ودخلت رسُل التتار بعده بيوم إلى دمشق، وقرئ فرمان الملك بأمان دمشق وما حولها. ووصل الناصر إلى غزة، ثم إلى قطية، فتفرق عنه عسكره، فتوجه في خواصه إلى وادي موسى، ثم جاء إلى بركة زيزا، فكبسه كتبغا، فهرب، ثم أتى التتار بالأمان، فكان معهم في ذل وهوان. وكان قد هرب إلى البراري، فساقوا خلفه، فأخذوه وقد بلغت عنده الشربة الماء نحو مائة دينار. فأتوا به إلى مقدم التتار كتبغا وهو يحاصر عجلون، فوعده وكذبه، وسقاه خمرا صِرْفاً، فسكر، وطلبوا منه تسليم قلعة عجلون، فجاء إلى نائبها، وأمره بتسليمها، ففعل، ودخلها التتار، فنهبوا جميع

(48/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 403
ما فيها. ثم ساروا بالناصر وأخيه إلى هولاكو. قال قطب الدين: فأكرمه وأحسن إليه، فلما بلغه كسر عسكره بعين جالوت غضب، وأمر بقتله، فاعتذر إليه، فأمسك عن قتله، لكنَّ أعرض عنه. فلما بلغه كسرة بيدره على حمص استشاط غضباً، وقتله ومن معه، سوى ولده الملك العزيز. وقيل: إنّ قتل الناصر كان عقيب عين جالوت في الخامس والعشرين من شوال سنة ثمان. وعاش إحدى وثلاثين سنة وأشهرا. فيقال: قُتِل بالصيف، وقيل إنه خص بعذاب دون أصحابه. قلت: وكان مليح الشكل، أحول، وله شعر. يروي شيخنا الدمياطي عن علي بن أبي الفرج النحوي قال: أنشدنا السلطان الملك الناصر يوسف لنفسه:
(البدرُ يَجْنَحُ للغُروب، ومُهجَتي .......... أسفاً لأجل غروبه تتقطَّع)

(والشَّرْب قد خاط النّعاسُ جُفُونَهم .......... والصُّبْح من جِلْبابه يتطلَّع)
وقد اشتهر عنه أنه لما مر به التتار على حلب وهي خاوية على عروشها، قد هدت أسوارها، وهُدمت قلعتها، وأحُرِقت دُورها الفاخرة، وباد أهلها، وأصبحت عبرة للناظرين. انهلت مُقْلَتُه بالعَبْرة وقال:
(يعزّ علينا أنْ نرى رَبْعَكُمُ يَبْلَى ..........

(وكانت به آيات حُسْنكم تُتْلَى ..........
وقد أورد له ابن واصل عدة قصائد، ووصفه بالذكاء والفضيلة والكرم، إلى أن قال: وفي سابع جمادى الأولى عُقِد عزاؤه بدمشق بالجامع لما ورد الخبر بمقتله. قال: وصورته على ما ثبت بالتواتر أن هولاكو لما بلغه مقتل كُتْبُغا، ثم كسْرةُ أصحابه بحمص، أخذ الناصر وأخاه وقال للترجمان: قل له أنت زعمت

(48/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 404
أن البلاد ما فيها أحد، وأن من فيها في طاعتك حتى غررت بي وقتلت المنغل. فقال الناصر: أما إنهم في طاعتي لو كنت في الشام ما ضرب أحد في وجه غلمانك بسيف. ومن يكون ببلاد توريز كيف يحكم على من في الشام؟ فرماه هولاكو بالنشاب فأصابه فقال: الصنيعة يا خَوْنَد. فقال أخوه الملك الظاهر: اسكت، تقول لهذا الكلب هذا القول وقد حضرت. فرماه هولاكو بفردة ثانية قتله. ثم أخرج الملك الظاهر وبقية أصحابهم فضربت أعناقهم.
- الكنى -
516 - أبو بكر بن عمر بن حسن بن خواجا إمام. شهاب الدين الفارسي، ثم الدمشقي. أخو ضياء الدين. سمع من: عمر بن طبرزد، وغيره. ومن الطَّلبة من سماه: شاكر الله. وقال أبو شامة: كان صالحا سليم الصدر، به نوع اختلال. وكان أحد فقهاء الشامية. قلت: روى عنه ابن الخباز وآحاد الطلبة. وتُوُفّي في خامس رمضان. * * * وفيها وُلِد: خطيب بعلبك، أو في سنة ثمان، محيي الدين محمد بن عبد الرحيم السلمي، وأبو نعيم أحمد بن التقي عبيد الإسعردي، ثم المصري، الحداد، يروي عن النجيب، ومحمد بن شعبان الخلاطي، سمع النجيب، ومحمد بن كشتغدي الصيرفي، سمع النجيب، والنور نصر الله بن أبي بكر الدمشقي ابن خال رُكْن الدين ابن أفتكين، وعلاء الدين علي بن مجد الدين ابن المهتار، ومحمد بن الشيخ عمر السلاوي اليونيني، والتقي عبد الله بن عبد الرحمن بن خطيب مردا، وزينب بنت الشيخ شمس الدين ابن أبي عمر، وعبد الرحمن بن محمد بن العماد عبد الرحيم.

(48/404)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 405

سنة ستين وستمائة

- حرف الألف -
517 - أحمد بن الحسين بن الحسن بن إبراهيم بن نبهان. الأجلّ، أبو العباس الداري، التميمي، الخليلي، ابن الأجلّ أمين الدين أبي علي. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع ببغداد من: الحافظ عبد العزيز بن الأخضر، وعاتكة بنت الحافظ أبي العلاء. كتب عنه الشريف عز الدين، والمصريون. ومات في تاسع ربيع الآخر. وهو جد الوزير فخر الدين عمر بن عبد العزيز ابن الخليلي. 518 - أحمد بن الحسين بن محمد بن الدّامْغانيّ. الصاحب الكبير فخر الدين. كان من عظماء الدولة ببغداد كأجداده القضاة. مات في المحرم بالأرد، والله يسامحه ويرحمه. عاش خمساً وستين سنة. 519 - أحمد بن عبد المحسن بن محمد بن منصور بن خَلَف.

(48/405)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 406
أبو العباس الأنصاري، الأوسي، الحموي. عم شيخ الشيوخ عبد العزيز. وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وسمع ببغداد في صغره بإفادة أبيه من: عبد الله بن أبي المجد الحربي. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وابن مزيز، وآخرون. وأجاز لجماعة. ولا أكاد أعرفه. وتُوُفّي بالرمل بالقُصَيْر وهو قاصد إلى مصر، ودُفِن هناك في حادي عشر ذي القعدة. 520 - أحمد بن الظّاهر بأمر الله أبي نصر محمد بن النّاصر لدين الله أحمد بن المستضيء بالله. الهاشمي، العباسي، البغدادي، الأسود. وهو المستنصر بالله أمير الؤمنين، أبو القاسم. ولي الخلافة بعد قتل ابن أخيه المستعصم بالله بن المستنصر بالله منصور بثلاث سنين، خلا الوقت فيها من خليفة. قال الإمام أبو شامة: في رجب قرئ بالعادلية كتاب السلطان إلى قاضي القضاة نجم الدين ابن سني الدولة بأنه قدم عليهم مصر أبو القاسم أحمد بن الظاهر بن الناصر، وهو أخو المستنصر بالله. وأنه جمع له الناس من الأمراء والعلماء والتجار، وأثبت نسبه عند قاضي القضاة في ذلك المجلس،

(48/406)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 407
فلما ثبت بايعه الناس. وبدأ بالبيعة السلطان الملك الظاهر، ثم الكبار على مراتبه، ونُقِش باسمه على السكة، وخطب له ولُقِّب بلَقَب أخيه، وفرح الناس. وقال الشيخ قطب الدين: كان المستنصر أبو القاسم محبوسا ببغداد، فلما أخذت التتار بغداد أطلق، فصار إلى عرب العراق، واختلط بهم. فلما تسلطن الملك الظاهر وفد عليه في رجب ومعه عشرة من بني مهارش، فركب السلطان للقائه ومعه القضاة والدولة، فشق القاهرة. ثم أثبت نسبه على الحاكم، وبويع للخلافة. وركب يوم الجمعة من البُرج الذي كان بالقلعة، وعليه السواد إلى جامع القلعة، فصعد المنبر، وخطب خطبة ذكر فيها شرف بني العباس، ودعا فيها للسلطان وللمسلمين، ثم صلى بالناس. قال: وفي شعبان رُسِم بعمل خِلْعة خليفتيّة للسلطان، وبكتابة تقليد له. ثم نُصِبت خَيْمة بظاهر القاهرة، وركب المستنصر بالله والسلطان يوم الإثنين رابع شعبان إلى الخَيمة، وحضر القضاة والأمراء والوزير، فألبس الخليفة السلطان الخِلْعة بيده، وطوقه، ونُصِب منبر فصعد عليه فخر الدين لُقمان فقرأ التقليد، وهو من إنشاء ابن لقمان. ثم ركب السلطان بالخلعة، ودخل من باب النصر، وزُيِّنت القاهرة، وحمَل الصاحب التقليد على رأسه راكبا، والأمراء مُشاة. وهذا هو الثامن والثلاثون من خلفاء بني العباس. وكانت بَيْعته بقلعة الجبل، في ثالث عشر رجب. قال: وأول من بايعه قاضي القضاة تاج الدين، ثم السلطان، ثم الشيخ عز الدين بن عبد السلام. وكان شديد السمرة، جسيما، عالي الهمة، شجاعا. وما بويع أحد بالخلافة بعد ابن أخيه إلا هو، والمقتفي ابن المستظهر، بويع بعد الراشد بن المسترشد بن المستظهر. وقد ولي الأمر ثلاثة إخوة: الراضي، والمتقي، والمطيع بنو المقتدر، وولي قبلهم: المكتفي، والمقتدر، والقاهر بنو المعتضد، وولي من قبلهم: المنتصر، والمعتز، والمعتمد بنو المتوكل، ووليها: الأمين والمأمون والمعتصم بنو الرشيد.

(48/407)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 408
وولي من بني أمية الإخوة الأربعة: الوليد، وسليمان، ويزيد، وهشام بنو عبد الملك بن مروان. قال: ورتّب له السلطان أتابكا، وأستاذ دار، وشرابيًّا، وخَزْنَدار، وحاجبا، وكاتباً. وعين له خزانة وجملة مماليك، ومائة فرس، وثلاثين بغلا، وعشرة قطارات جمال، إلى أمثال ذلك. قرأت بخط العلاء الكندي: نا قاضي القضاة جمال الدين محمد بن سليمان المالكي قال: حدثني شيخنا عز الدين بن عبد السلام قال: لما أخذنا في بيعة المستنصر قلت للملك الظاهر: بايعه. قال: ما أُحسِن، ولكن بايِعْهُ أنت أولاَ وأنا بعدك. فلما فرغنا البيعة حضرنا عند السلطان من الغد، فمدح الخليفة وقال: من جملة بركته أنني دخلت أمس الدار فقصدت مسجدا فيها للصلاة، فرأيت فيه مصطبة فاخرة، فقلت للغلمان: اضربوا هذه. فلما هدموها انفتح تحتها سرب، فنزلوا، فإذا فيه صناديق كثيرة مملوءة ذهب وفضة من ذخائر الملك الكامل. ثم إن الخليفة عزم على التوجه إلى العراق. قلت: وحسّن له السلطان ذلك وأعانه. قال قطب الدين: فأقطع إقطاعات هناك لمن قصده أو وفد عليه. وسار من مصر هو والسلطان في تاسع عشر رمضان فدخلوا دمشق في سابع ذي القعدة. ثم جهز السلطان الخليفة وأولاد صاحب الموصل، وغرم عليه وعليهم من الذهب فوق الألف ألف دينار، فسار الخليفة ومعه ملوك الشرق، صاحب الموصل، وصاحب سَنْجَار والجزيرة من دمشق في الحادي والعشرين من ذي القعدة. وذكر ابن عبد الظاهر في ' السيرة الظاهرية ': قال لي مولانا السلطان: إن الذي أنفقه على الخليفة والملوك المواصلة ألف ألف دينار وستين ألف دينار عيناً. قال أبو شامة: نزل الخليفة بالتربة الناصرية بقاسيون، ودخل يوم

(48/408)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 409
الجمعة إلى جامع دمشق إلى المقصورة، وجاء إليها بعده السلطان الملك الظاهر ثم خرجا ومشيا إلى جهة مركوب الخليفة بباب البريد. ثم رجع السلطان إلى باب الزيادة. قال قطب الدين: سافر الخليفة وصاحب المَوْصِل إلى الرحبة، ففارق صاحب المَوْصِل وأخوه الخليفة. ثم نزل الخليفة بمن معه مشهد عليّ رضي الله عنه، ولما وصلوا إلى عانة وجدوا بها الحاكم بأمر الله أحمد، ومعه نحو سبعمائة نفس فاستمالهم الخليفة المستنصر، وأنزل الحاكم معه في دِهْليزه، وتسلم الخليفة عانة. وحمل إليه وإليها وناظرها الإقامة فأقطعها، ثم وصل إلى الحديثة ففتحها أهلُها له. فلما اتصل ذلك بمقدم المغل بالعراق وبشحْنة بغداد خرج المقدم بخمسة آلاف وقصد الأنبار فدخلها، وقتل جميع من فيها، ثم لحقه الشحنة، ووصل الخليفة إلى هِيت، فأغلق أهلها الأبواب، فحصرها ثم دخلها في التاسع والعشرين من ذي الحجة، ونهب من بها من أهل الذمة، ثم نزل الدُّور، وبعث طليعة، فوصلت إلى الأنبار في الثالث من المحرم سنة ستين، فعبرت التتار ليلا في المخائض والمراكب، فلما أسفر الصبح التقى عسكر الخليفة والتتار فانكسر أولا الشحنة، ووقع معظم أصحابه في الفُرات. ثم خرج كمين للتتار، فهرب التركمان والعرب، وأحاط الكمين بعسكر الخليفة، فصدقوا الحملة، فأخرج لهم التتار، فنجا جماعة من المسلمين، منهم الحاكم ونحو خمسين نفْساً، وقُتِل جماعة. وأما الخليفة فالظاهر أنه قُتِل، وقيل سلِم وأضمرته البلاد. وعن بعضهم أن الخليفة قَتَلَ يومئذ ثلاثةً ثم قُتِل. 521 - أحمد بن يوسف بن أحمد بن فرتون. المحدّث، أبو العباس السلمي، الفاسي، محدِّث المغرب. روى عن: أبي ذر الخشني، وأبي القاسم بن الملجوم. وأجاز له أبو الحجاج بن الشيخ، وغيره. وكان من أشد الطلبة عناية بالرواية، ولم يكن له كبير عِلْم سواها. ألف

(48/409)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 410
كتاباً ذيّل به صلة ابن بَشْكُوال، فلم يجوده. أكثر عنه أبو جعفر بن الزبير وقال: مات بسَبْتَة في شعبان، وكان فقيرا متعففا خيرا. قال: ابن الزبير: تأملت تذييله على ' الصلة ' فوجدته كثير الأوهام والخلل، فاستَخَرْتُ الله في استئناف ذلك العمل، ووصلت ' الصلة '، بكتابٍ. 522 - إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم بن عليّ بن جعفر بن عبيد الله بن حسن بن المحدّث المُسْنِد عُبَيْد الله بن عبد الرحمن. الزهري، البغدادي الأصل، النابلسي. حدَّث بدمشق ومصر عن: محمد بن عبد الله البنا. تُوُفّي بنابلس في رجب، ولَقَبُه: عفيف الدين أبو الطاهر. روى عنه: الدمياطي، وغيره. 523 - إسماعيل بن لؤلؤ. هو الملك الصالح، ركن الدين، ابن صاحب المَوْصِل. قدم الديار المصرية في السنة الماضية، ورد. ثم وقع في مخالب التتار، فقُتِل في هذه السنة في ذي القعدة. وكان عادلا، ليِّن الجانب ؛ يحرر أمره وكيف عاد إلى الموصل فوقع في حصارها وأسره التتار. نعم، قصد الظاهر ليُمِدّه بجيش فأمده، ورجع ودخل المَوْصِل، فأقبلت التتار، فالتقاهم عند نصيبين فهزمهم، وقتل النوين أيلكا، فتنمَّر هولاكو، وجهّز ستواغو فنازل المَوْصِل كما في الحوادث.

(48/410)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 411
524 - الإصبهانيّ. أحد أمراء دمشق. تُوُفّي مخموراً في ذي القعدة بدمشق.
- حرف الباء -
525 - البدر. المراغي، الخلافي، المعروف بالطويل. قال أبو شامة: كان قليل الدين، تاركاً للصلاة. تُوُفّي في جمادى الآخرة. 526 - بَلَبَان. الأمير الكبير، سيف الدين الزردكاش، منه أمراء دمشق الأعيان. وكان ديِّناً مشكورا. تُوُفّي في ذي الحجة.
- حرف الحاء -
527 - الحسن بن محمد بن أحمد بن نجا.

(48/411)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 412
الإربلي، الرافضي، المتكلم، الفيلسوف، العز، الضرير. كان بارعا في العربية والأدب، رأساً في علوم الأوائل. كان بدمشق منقطعا في منزله يقرئ المسلمين وأهل الكتاب والفلاسفة. وله حرُمة وافرة وهعْبة. وكان يهين الرؤساء وأولادهم بالقول، إلا أنه كان مجرما، تاركا للصلاة، فاسد العقيدة، يبدو منه ما يُشعِر بانحلاله. قال شيخنا قطب الدين فيه مثل هذا، وقال: كان قذرا، رَزِيّ الشَّكْل، قبيح المَنْظر، لا يتوقى النجاسات. ابتُلي مع العَمَى بقُرُوح وطُلُوعات. وكان ذكيا، جيد الذهن، حسن المحاضرة، جيّد النَّظْم. وكان يصرح بتفضيل علي على أبي بكر رضي الله عنهما. ولما قدم القاضي شمس الدين ابن خلكان ذهب إليه، فلم يحتفل به، فأهمله القاضي وتركه. قال: وله قصيدة في العز ابن معقل الحمصي يمدحه. وله هجو خبيث. وذكر عز الدين ابن أبي الهيجا قال: لازَمْتُ العِزّ الضرير يوم موته فقال: هذه البِنية قد تحللت، وما بقي يُرْجَى بقاؤها، وأشتهي رز بلبن. فعمل له وأكل منه، فلما أحس بشروع خروج الروح قال: خرجت الروح من رِجْلِي، ثم قال: وصَلَت إلى صدري. فلما أراد الله المفارقة بالكلية تلا هذه الآية:

(48/412)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 413
{ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} . ثم قال: صدق الله وكَذَبَ ابن سينا. ثم مات في ربيع الآخر، ودُفِن بسفح قاسيون. ووُلِد بنَصِيبين سنة ست وثمانين وخمسمائة. قلت: روى عنه من شعره وأدبه: الدمياطي، وابن أبي الهيجا، وشمس الدين محمد بن عبد القوي الحنبلي، وغيرهم. وحكى ابن عبد القويّ أنه سمعه يقول: أنا على عقيدة علماء الحنابلة. 528 - الحسين بن أبي حامد عبد الله بن أبي طالب عبد الرحمن بن الحسن بن العجميّ. أبو عبد الله الحلبي. وُلِد سنة أربع وستمائة، وسمع من الافتخار الهاشمي، وغيره. روى عنه: الدمياطي، والأَبِيوَرْديّ، وآحاد الطَّلبة. ومات كهلاً. تُوُفّي في ذي الحجة.
- حرف الخاء -
529 - الخَضِر بن أبي بكر بن أحمد. القاضي كمال الدين الكردي، قاضي المقس. قال قطب الدين: كان محترما عند الملك المعز، فعلق به حُبُّ الرئاسة، فصنع خاتما وجعل تحت فَصّه وُرَيْقَة فيها أسماء جماعة عندهم، فيما

(48/413)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 414
زعم، ودائع للوزير الفائزي، وأظهر أن الخاتم للفائزي، وأن تلك الوُرَيْقَة تذكرة. ثم أظهر بذلك التقرب إلى السلطان، ودخل في أذِيّة الناس. وجرت له خُطُوبٌ بمصر ثم وَضَح أمره، فصُفِع وحُبِس. وكان في الحبْس شخص يدّعي أنه من أولاد الخلفاء، وكانت الأمراء والأجناد الشَّهْرَزُوريّة أرادت مبايعته بغزة، فلم يتم ذلك، فلما جمعه الحبْس تلكم معه في تمام أمره، فمات العباس في الحبْس وله ولد، فخرج الكمال الكُرديّ، فأخذ في السعي لولده وتحدث مع جماعة من الأعيان، وكتب مناشير وتواقيع بأمور، واتخذ بنوداً، فبلغ ذلك السلطان، وألّب عليه الوزير وغيره، فشُنِق، وعُلِّقت البُنُود والتّواقيع في حلْقة. وشُنِق بمصر في جمادى الآخرة.
- حرف العين -
530 - عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد المجيد، بن أحمد بن الحسن بن حديد. أبو الفضل ابن أبي طالب الكناني، الإسكندراني. وُلِد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن موقا، وعبد الرحمن عتيق ابن باقا. وقد حدّث من بيته جماعة. روى عنه: الدمياطي، وشعبان الإربلي. وهو أخو الحسين. تُوُفّي في رمضان بالإسكندرية.

(48/414)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 415
531 - عبد الله بن عبد الملك بن عثمان بن عبد الله بن سعد. الجمال، أبو أحمد المقدسي، الصالحي، الحنبلي. سمع من: محمود بن عبد المنعم القلانسي، وعمر بن طَبَرْزَد، وعبد المجيب بن زهير، وجماعة. روى عنه: ابن الحُلْوانيّة، والدمياطي، وابن الخبّاز، وابن الزرّاد، وآخرون. ومات في جمادى الأولى. قال أبو شامة: يُعرف بعَفْلَق. 532 - عبد الرحمن بن عبد الباقي بن الخَضِر. تاج الدين ابن النجار، الحنفي. فقيه بارع، مدرِّس. وكان يشهد تحت الساعات. مات في جمادى الأولى. 533 - عبد الرحمن بن عبد الواحد بن إسماعيل بن سلامة بن صَدَقَة. الرئيس شَرَفُ الدين الحراني، ثم الدمشقي، المعدل، التاجر. كان ذا دين وتجُّمل ومعروف. وُلِد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة بدمشق. وسمع من: حنبل، وغيره.

(48/415)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 416
روى عنه: النجم إسماعيل بن الخبّاز، وغيره. ومات في رجب. 534 - عبد العزيز بن عبد السّلام بن أبي القاسم بن الحسن. شيخ الإسلام، وبقيّةُ الأئمة الأعلام، أبو محمد السلمي، الدمشقي، الشافعي. وُلِد سنة سبع أو ثمان وسبعين وخمسمائة. وحضر: أبا الحسين أحمد بن حمزة بن الموازيني، والخشوعي. وسمع: عبد اللطيف بن إسماعيل الصوفي، والقاسم بن علي بن

(48/416)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 417
عساكر، وعمر بن طبرزد، وحنبل المكبر. وأبا القاسم عبد الصمد بن الحرستاني، وغيره. وخرّج له شيخنا الدمياطي أربعين حديثاً عوالي. روى عنه: شيوخنا العلامة أبو الفتح ابن دقيق العيد، وأبو محمد الدمياطي، وأبو الحسين اليونيني، وأبو العباس أحمد بن فرح، والقاضي جمال الدين محمد المالكي، وأبو موسى الدويداري، وأبو عبد الله بن بهرام الشافعي، والمصريون. وتفقه على الإمام فخر الدين بن عساكر، وقرأ الأصول والعربية. ودرّس وأفتى وصنَّف، وبرع في المذهب، وبلغ رُتْبْة الاجتهاد. وقصده الطلبة من البلاد. وانتهت إليه معرفة المذهب ودقائقه، وتخرج به أئمة. وله التصانيف المفيدة، والفتاوى السديدة. وكان إماما، ناسكا، ورعاً، عابداً، أمّاراً بالمعروف، نهَّاءً عن المنكر، لا يخاف في الله لومة لائم. ذكره الشريف عز الدين، فقال: حدّث، ودرس، وأفتى وصنف. وتولّى الحكم بمصر مدة والخطابة بجامعها العتيق. وكان عَلَمَ عصره في العِلْم، جامعاً لفُنُونٍ متعددة، عارفا بالأصول والفروع والعربية، مضافا إلى ما جُبل عليه من ترْك التكلف، مع الصلابة في الدّين. وشُهرتُه تُغني عن الإطناب في وصفه. قلت: وولي خطابة دمشق بعد الدولعي. فلما تسلطن الصالح إسماعيل وأعطى الفرنج الشقيف وصَفَدَ نال منه ابن عبد السلام على المِنْبَر، وترك الدعاء له، فعزله الصالح وحبسه، ثم أطلقه، فنزح إلى مصر، فلما قدِمها تلقّاه الصّالح نجم الدين أيوب، وبالغ في احترامه إلى الغاية. واتفق موت قاضي القضاة شرف الدين ابن عين الدولة، فولي قاضي

(48/417)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 418
القضاة بدر الدين السنجاري، وولي قضاء مصر نفسها والوجه القِبْليّ للشيخ عز الدين، مع خطابة جامع مصر. ثم إن بعض غلمان وزير الصالح المولى معين الدين ابن الشيخ بنى بنياناً على سطح مسجد مصر، وجعل فيه طَبْلَ خاناه معين الدين، فأنكر الشيخ عز الدين ذلك، ومضى بجماعته وهدم البناء. وعلم أن السلطان والوزير يغضب من ذلك، فأشهد عليه بإسقاط عدالة الوزير، وعزل نفسه عن القضاء، فعظُم ذلك على السّلطان. وقيل له: أعزله عن الخطابة وإلا شنع على المنبر كما فعل بدمشق. فعزله فأقام في بيته يشغل الناس. وكانت عند الأمير حسام الدين بن أبي علي شهادة تتعلق بالسلطان، فجاء لأدائها عنده، فنفذ يقول للسلطان: هذا ما أقبل شهادته. فتأخرت القضية، ثم أُثْبِتَت على بدر الدين السنجاري. وله من هذا الجنس أفعال محمودة. وقد رحل إلى بغداد سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وأقام بها أشهراً. وذكر عبد الملك بن عساكر في جزء، ومن خطه نقلت، أن الشيخ عز الدين لما وُلّي خطابة دمشق فرح به المسلمون، إذ لم يصعد هذا المنبر من مدة مديدة مثله في علمه وفقهه. كان لا يخاف في الله لومة لائم لقوة نفسه وشدة تقواه، فأمات من البدع ما أمكنه، وغيَّر ما ابتدعه الخطباء وهو لبس الطيلسان للخطبة والضرب بالسيف ثلاث مرات. فإذا قعد لم يؤذن إلا إنسان واحد. وترك الثناء ولزم الدعاء. وكانوا يقيمون للمغرب عند فراغ الأذان، فأمرهم أن يلبثوا حتى يفرغ الأذان في سائر المساجد. وكانوا دُبُر الصلاة يقولون: ' إنّ الله وملائكته ' فأمرهم أن يقولوا: ' لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له '. للحديث. وقد أرسل، لما مرض، إليه السلطان الملك الظاهر يقول له: عيّن

(48/418)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 419
مناصِبَك لمن تريد من أولادك. فقال: ما فيهم من يَصْلُح. وهذه المدرسة الصالحية تصلُح للقاضي تاج الدين، ففُوِّضَت إليه بعده. قال الشيخ قطب الدين: كان رحمه الله، مع شدته، فيه حُسن محاضرة بالنوادر والأشعار، وكان يحضر السماع ويرقص ويتواجد. مات رحمه الله في عاشر جمادى الأولى سنة ستين، وشهد جنازته الملك الظاهر والخلائق. وقال أبو شامة: شيعه الخاص والعام، ونزل السلطان، وعُمِل عزاؤه في الخامس والعشرين من الشهر بجامع العقيبة، رحمه الله 535 - عبد العزيز بن عطاء الله بن عمّار بن محمد. الهاشمي، الإسكندراني. كان أمّاراً بالمعروف، نهّاءاً عن المُنْكَر. وله في ذلك مِحَنٌ، رحمه الله. 536 - عبد العزيز ابن الشّيخ الواعظ المؤرّخ، شمس الدّين يوسف بن زُغْليّ بن الجَوْزيّ. الفقيه عز الدين الحنفي. درّس بعد أبيه ووعظ. وكانت فيه أهلية في الجملة. مات في شوال. 537 - عبد الوهّاب بن زين الأُمَناء أبي البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله.

(48/419)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 420
تاج الدين، أبو الحسن بن عساكر الدمشقي، الشافعي، والد الشيخ أمين الدين عبد الصمد. وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع الكثير من: الخشوعي، والقاسم بن الحافظ، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وجعفر بن محمد العباسي الحافظ، وأبي جعفر القرطبي، وابن ياسين، والدولعي، وحنبل، وابن طبرزد، ومحمد بن سيدهم، والكِنْدي، وطائفة. وولي مشيخة دار الحديث النورية بعد والده، وحضره لما جلس الأكابر والحفاظ. روى عنه: العلامة تاج الدين، وأخوه الخطيب شرف الدين، والعلامة تقي الدين ابن دقيق العيد، والحافظ أبو محمد التوني، وابن الزراد، ومحمد بن المحب، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة. وحدَّث بمصر، ورحل منها للحج ولزيارة ولده، فحج وجاور قليلا. وكان دَيِّناً، صالحا، فاضلا، من بيت الحديث والعلم. تُوُفّي بمكة في حادي عشر جمادى الأولى. 538 - عُبَيْد بن هارون بن عُبَيْد الله. أبو محمد العوفي، ثم الصالحي، الحنبلي، المقرئ، الرّجل الصالح. سمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وهبة الله بن طاوس، وحمزة بن أبي لقمة، والشيخ الموفق، وجماعة. حدَّث عنه: ابن الخباز، والعماد بن البالسي، والشمس بن الزراد، وآخرون. ومات في السادس والعشرين من رمضان. 539 - عثمان بن إبراهيم بن خالد بن محمد بن سَلْم. أبو عمرو النابلسي الأصل، المصري، الكاتب.

(48/420)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 421
وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع بدمشق من: حنبل، وغيره. وتقلب في الخدم الديوانية. روى عنه: الدمياطي، ولَقَبُه بعلاء الدين. تُوُفّي في جمادى الأولى. 540 - علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العبّاس بن الحسن بن العبّاس بن الحسن بن الحُصَيْن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن إسماعيل بن جعفر الصّادق بن محمد الباقر. الشريف، السيد، بهاء الدين، أبو الحسن العلوي، الحسيني، الدمشقي، النقيب، المعروف بابن أبي الجن. وُلِد في شعبان سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع حضورا من: ابن صدقة الحراني، ويحيى الثقفي، وأبي الفوارس بن شافع. روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وابن الخباز، وأبو الحسن الكندي، وأبو الحسن بن الشاطبي، وعبد الرحيم بن مَسْلَمَة الجنائزي، وطائفة. وكان رئيسا نبيلاً، سَرِيًّا سُنّيًّا. تُوُفّي في الثاني والعشرين من رجب، ودُفِن بتربته التي بالديماس بدمشق. 541 - عُمَر بن أحمد بن أبي الفضل هبة الله بن أبي غانم محمَّد بن

(48/421)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 422
هبة الله ابن قاضي حلب أبي الحَسَن أحمد بن يحيى بن زُهَير بن هارون بن موسى بن عيسى بن عبد الله محمد بن أبي جرادة عامر بن ربيعة بن خُوَيْلد بن عَوْف بن عامر بن عقيل. الصاحب، العلامة، رئيس الشام، كمال الدين، أبو الحسن القيسي، الهوازني، العقيلي، الحلبي، المعروف بابن العديم، ولَدُ القاضي العالِم أبي الحسن ابن القاضي أبي الفضل خطيب حلب. وُلِد سنة ثمان، أو ثلاث، وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، ومن: عمه أبي غانم محمد، وعمر بن طبرزد، والإفتخار الهاشمي، وأبي اليُمْن الكِنْدي، وأبي القاسم الحرستاني، وهبة الله بن طاوس، والشمس أحمد بن عبد الله العطار، وأبي عبد الله بن البناء، وثابت بن مشرف، وأبي منصور ابن عساكر الفقيه، وبهرام الأتابكي، والبهاء عبد الرحمن، وأحمد بن أبي اليُسْر، وأبي محمد بن البن، وابن صَصْرَى، وابن راجح، والشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد، والشيخ فخر الدين ابن تيمية، وعبد العزيز بن هلاكه، ومحمد بن عمر العثماني، وأبي علي الأوقيّ، وأبي محمد بن علوان، وخَلْق كثير بحلب، ودمشق، والقدس، والحجاز والعراق.

(48/422)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 423
وأجاز له أبو رَوْح الهروي، والمؤيد الطوسي، وطائفة. وكان عديم النظير. فضلاً ونُبْلاً وذكاءً وزكاءً ورأياً ودهاءً ومنظراً ورِداءً وجلالةً وبهاءً. وكان محدثا حافظاً، ومؤرخاً صادقاً، وفقيهاً مُفْتياً، ومُنشِئاً بليغاً، وكاتباً مجوِّداً ؛ درّس وأفتى وصنَّف وترسَّلَ عن الملوك. وكان رأساً في كتابة الخط المنسوب، وبه عرض الصاحب فتح الدين عبد الله بن محمد بن القيسراني حيث يقول: وقد سمعته منه:
(بوجه معذّبي آياتُ حُسْنٍ .......... فقُلْ ما شئتَ فيه ولا تُحاشي)

(ونسخة حُسْنِه قُرِئتْ فمنحت .......... وها خَطُّ الكمالِ على الحواشي.)
ذكره شيخنا الدمياطي فأطنب في وصفه، وقال: ولي قضاء حلب خمسة من آبائه متتالية، وله الخط البديع والخط الرفيع والتصانيف الرائقة. منها ' تاريخ حلب، أدركَتْه المنية قبل إكمال تبييضه. وكان بارا بي، حفِيًّا محسناً إليّ،

(48/423)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 424
وفيًّا يؤثرني على الأقران. وصحبته بضع عشر عاما مقاما وسفرا وانتقالاً. ورافقته كرَّتين من بغداد إلى دمشق. وأخذت عنه في البلاد من عِلْمه ونظْمه، وأخذ عني بِسُرَّ من رأى. وكان غزير العلم، خطير القدر والأصل. وقد عدلني تعديلا ما عدله أحد من أمثالي. وذلك أن قاضي دمشق التمسني منه ليعدّلني، فامتنع لسبب جرى من القاضي، فطفِق الرسول يتضرع إليه ويسأله حتى أذن، فغدوت معه فأخرج لي القاضي ملبوسا فاخرا من ملابسه، فلبِسْتُه وأشهدني عليه وعدّلني، ورجعت راكباً على بغْلته إلى منزلي، قدس الله روحه. وقال الشريف عز الدين: كان كمال الدين ابن العديم جامعا لفنون من العلم، معظما عند الخاصة والعامة. وله الوجاهة التامة عند الملوك. وجمع تاريخا كبيرا لحلب أحسن فيه ما شاء. ومات وبعضه مُسَوَّدة لم يبيّضه، ولو كمّل تبييضه لكان أكثر من أربعين مجلدا. سمعتُ منه واستفدت به. قلت: من نظر في ' تاريخه ' علِم جلالة الرجل وسَعَة اطّلاعه. وكان قد ناب في السلطنة، وعلّم عن الملك النّاصر في غيبته عن دمشق. وذكر في ' تاريخه ' أنه دخل مع والده على الملك الظاهر غازي، وأنه هو الذي حسّن له جمْع ' تاريخ لحلب '. روى عنه: ابنه الصّاحب مجد الدين عبد الرحمن، والدمياطي، والبدر محمد بن أيوب التادفيّ، وعَلَم الدين الدويداري، وأبو الفضل إسحاق الأسدي، وجماعة. وتُوُفّي إلى رحمة الله في العشرين من جمادى الأولى بالقاهرة، بظاهرها، ودُفِن بسفح المقطَّم. 542 - عمر بن عليّ بن المظفَّر بن القاسم. أبو العباس النُّشبي، الرَّبعي، الدمشقي، الصائغ

(48/424)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 425
تُوُفّي قبل عمه نصر الله بأشهر. وُلِد سنة إحدى وستمائة. وسمع من: الكندي، وابن الحرستاني ؛ وحضر: عمر بن طبرزد، وست الكَتَبَة. روى عنه: ابن الخبّاز. وتُوُفّي بمصر في العام. 543 - عيسى بن سليمان بن رمضان بن أبي الكرم بن إبراهيم بن عبد الخالق. الرئيس، ضياء الدين، أبو الروح الثعلبي، بثاء مثلثة، المصري، القرافي، الشافعي. عاش تسعين سنة، وهو آخر من حدّث عن أبي المعالي منجب المرشدي. روى عنه ' صحيح البخاري ' عن مولاه أبي صادق مرشد المديني، وسماعه منه في سنة ثمان وسبعين، ووُلِد في أول يوم من سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. كتب عنه: المصريون كالتقي الإسعردي ؛ والعز الشريف، وعبد القادر الصعبي، وأبي محمد الدمياطي. وروى لنا عنه الشيخ شعبان، وغيره. مات في رابع عشر رمضان. وهو والد شيخنا المعمر بهاء الدين علي بن القيم الكاتب.
- حرف الميم -
544 - محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الحسين بن سُرَاقة. المحدّث، المفيد، العالِم، شرف الدين، أبو القاسم الأنصاري، الشاطبي، ابن أخي محيي الدين.

(48/425)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 426
طلب وكتب وعُنِي بالحديث. وسمع بالمغرب، ومصر. وكان فاضلا متيقظا، ذكيا، حريصا، لازما للأثر. كتب عن سِبْط السلفي، ومن بعده. تُوُفّي في ربيع الأول. وقد روى شيئا يسيراً. 545 - محمد بن إبراهيم. الفقيه شمس الدين الكردي، الشافعي. والد البدْر يوسف سبط ابن أبي اليسر. كان من فضلاء الشافعية. درَّس بالكلاّسة. وكان يصحبُ الأمير حسام الدين ابن أبي عليّ. ورضه أبو شامة. وابنه فمن عُدُول القاهرة. 546 - محمد بن الحسن بن عمر. القاضي أبو عبد الله بن المجلي، الأديب. عاش ثمانين سنة ؛ وله شعر فائق. أنشدت له أبياتا جيدة. وتُوُفّي بالمغرب. أخذ عنه أبو إسحاق الغافقي، وغيره. 547 - محمد بن داود بن ياقوت الصّارميّ. ناصر الدين، أبو عبد الله. المحدّث أحد الطلبة. سمع الكثير، وعني بالحديث، ونسخ الأجزاء، وخطه مليح صحيح. مات كهلا.

(48/426)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 427
وقد سمع من: كريمة، والسخاوي، وهذه الطبقة. وما أعلمه حدَّث. تُوُفّي في جمادى الآخرة. وكان رجلاً جيداً، رحمه الله. 548 - محمد بن سليمان بن أبي الفضل بن أبي الفُتُوح بن يوسف بن يونس. الشمس السديد، أبو عبد الله الأنصاري، الصقلي، ثم الدمشقي، الدلال في الأملاك. شيخ معمر عالي الإسناد، محمود الطريقة، صحيح الرواية. سمع من: ابن صدقة الحراني، وحنبل الرصافي، والخشوعي، وإسماعيل الجنزوي. وسمع بواسط من: أبي الفتح المندائي ؛ وببغداد من: ابن الأخضر. وقرأ القرآن بمصر على أبي الجود غياث بن فارس. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، وأبو الحسن علي بن المظفر الأديب، والبهاء إبراهيم بن المقدسي، ومحمد بن المحب، وآخرون. وُلِد في ليلة عيد الفطر سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وتُوُفّي في الخامس والعشرين من صفر. وقد كتب عنه ابن الحاجب وأساء الثناء عليه، لكنه عاش بعد ذلك دهراً وانصلح حاله. 549 - محمد بن عبد الله بن عليّ. الفقيه، أبو عبد الله الأزدي، القرطبي. شيخ أهل الحديث بسَبْتَه.

(48/427)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 428
وُلِد في سنة ثمان أو تسع وستين وخمسمائة. ونشأ بسَبْتَة فسمع كثيرا من: المعمر أبي محمد بن الحجاري، وأبي زكريا الهوزني، والمحدث أبي عبد الله محمد بن حسن بن غازي الجابري، من ولد جابر بن عبد الله. وسمع من الجابري تواليف كثيرة لعياض. وأجاز له الخشوعي وجماعة من المشارقة. وكان صالحا خيرا، تُوُفّي في أواخر رمضان. وروى عنه: أبو جعفر بن الزبير، وأبو إسحاق الغافقي، وخلْق. 550 - محمد بن عبد الحق بن خَلَف بن عبد الحقّ. الجمال أبو عبد الله الدمشقي، الصالحي، الحنبلي، المحتسب بالصالحية. وُلِد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وعمر بن طبرزد، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والقاضي تقي الدين سليمان، والعماد بن البالسي، والشمس بن الزراد، ومحمد بن المحب، ومحمد بن الصلاح. تُوُفّي في السادس والعشرين من جمادى الآخرة. وكان يشهد بالصالحية وفيه ظُرْف. 551 - محمد بن عُبَيْد الله بن عليّ. زين الدين السميري، الإصبهاني، الصوفي. سمع بمكة من أبي الفتوح نصر بن الحصري. وحدَّث بمكة ومصر.

(48/428)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 429
ومات ببلد الفيّوم في أول رمضان. 552 - محمد بن عثمان بن محمد بن العلاّمة أبي سعيد بن أبي عصرون. الدمشقي، الملقب بالجنيد. عاش ثمانيا وخمسين سنة. وحدَّث عن أبي الحسن بن روزبه. وأجاز له طائفة. روى عنه: ابن الخباز. وقد تقدم له ذِكرٌ في ترجمة أبيه. 553 - محمد بن عسكر بن زيد بن محمد. الطبيب، نفيس الدين، أبو بكر الدمشقي، المعروف بابن الإسكاف. طبيب فاضل معروف. سمع من: أبي أحمد عبد الوهاب ابن سكينة. وحدّث بدمشق ومصر. روى عنه: الدمياطي، ومجد الدين ابن الحلوانية، وجماعة. تُوُفّي النفيس الطبيب بالقاهرة في الخامس والعشرين من صفر. ولم يذكره ابن أبي أُصَيْبَعَة. وقد سمع منه علاء الدين الكِندي جزءاً، والشيخ شعبان. 554 - محمد بن عليّ بن الحسين. أبو عبد الله الطبري، المكي، المعروف بابن النجار. حدّث عن: محمد بن علوان بن مهاجر. وهو والد شيخنا يحيى، وأخيه الفقيه عبد الرحمن. مات بمكة في ثاني رجب، رحمه الله.

(48/429)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 430
555 - محمد بن أبي نصر فتوح بن خلّوف بن يَخْلَف بن مصال. الشيخ المعمر، المسند، أبو بكر الهمذاني، الإسكندراني. عُرِف بابن عَرَق الموت. سمع من: التاج محمد بن عبد الرحمن المسعوي، وعبد الرحمن بن موقا، وأجاز له: أبو الضياء بدر الخذاداذي، والعلامة أبو سعد بن أبي عصرون، وأبو المجد البانياسي، ومحمد بن أبي الصَّقْر، والقُطْب مسعود بن محمد النيسابوري، وأبو الحسين ابن الموازيني، وعبد المجيد بن دُليل، وابن كُلَيْب، وطائفة. وخرّج له المحدّث أبو المظفر منصور بن سَلِيم ' مشيخة '. ومات في جمادى الأولى. وكان من أبناء التسعين. وقد تفرد بالرواية عن غير واحد. سمع منه شيخنا أبو العباس ابن الظاهري. وثنا عنه الشيخ شعبان. 556 - محمد بن محمود بن أبي زيد. الحكيم الطّبيب أبو عبد الله الرازي، الرصاصي. شيخ فاضل، تُوُفّي في شوال بالقاهرة، وله أربع وثمانون سنة. لم يذكره ابن أبي أُصِيْبَعة.

(48/430)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 431
557 - مهديّ. الصاحب عماد الدين ابن الوزير نصر الله بن ناصر بن مهدي العَلَوي، الحَسَني. مات وله خمس وستون سنة. وكان شيعيّاً. ما بالحلة في رمضان ودُفن بمشهد علي، رضي الله عنه.
- حرف النون -
558 - نصر الله بن مظفَّر بن القاسم بن محمد. أبو الفتح النشبي، الدمشقي، الصائغ. أخو المحدّث علي. سمّعه أخوه من الخشوعي، وغيره. وحدّث. وعاش خمسا وسبعين سنة. روى عنه: ابن الحلوانية، وابن الخباز، وإسحاق الأسدي، وابن الزراد، ومحمد بن المحب، وجماعة كثيرة. وحدَّث بدمشق وحلب ومصر. تُوُفّي بدمشق. 559 - نَصِير بن نَبَا بن سليمان. أبو محمد المصري، الزفتاوي، الدفوفي، والد شيخنا الشهاب أحمد وعلي. وُلِد في حدود سنة ثمانين وخمسمائة بمُنْية زفْتا. وسمع من: أبي الحسن عليّ ابن الساعاتي شيئاً من ' ديوانه '.

(48/431)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 432
كتب عنه: الشريف عز الدين، وابنه الشهاب بن الدفوفي، وغيرهما وتُوُفّي في ربيع الأول بالقاهرة.
- حرف الياء -
560 - يحيى بن عبد الملك بن عبد الملك بن يوسف بن محمد بن قُدامَة. الشيخ شهاب الدين، أبو زكريا المقدسي، الحنبلي أخو عبد الرحيم، وهو الأصغر. وُلِد سنة إحدى وستمائة ظنا. وسمع من: التاج الكندي. وحضر على ابن طبرزد. كتب عنه: الدمياطي، وابن الخباز ؛ وهو من أسباط الشيخ أبي عمر. مات في تاسع صفر. 561 - يوسف بن الحكيم موفَّق الدّين عبد اللّطيف بن يوسف. شرف الدين، أبو الفضل، البغدادي الأصل، المصري الوفاة. سمع: أباه، وابن اللتي، وجماعة. وحدَّث بالقاهرة. وكان متوسط الفضيلة، من أولاد الشيوخ. مات في خامس ذي القعدة بالقاهرة كهلاً. 562 - يوسف بن المظفَّر بن عليّ بن رافع. أبو الحجاج الزهري، الإسكندراني، المقرئ العدل. وُلِد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عبد الله بن عبد الجبار العثماني، وعبد الرحمن المقرئ، وابن عماد. ولأبيه ذكرٌ ورواية. 563 - يوسف بن يوسف بن سلامة بن عبد الله.

(48/432)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 433
الصدر، محيي الدين ابن زبلاق، الهاشمي، العباسي، الموصلي، الكاتب، الشاعر. عُرِف بابن زبلاق. عاش سبعا وخمسين سنة. وكان شاعراً مُحسناً مشهوراً، سائر القول. قَتَلَتْه التتار حين أخذوا الموصل في شعبان. روى عنه الدمياطي، وغيره.
- الكنى -
564 - أبو بكر بن عليّ بن مكارم بن فتيان. الشيخ نجم الدين ابن الإمام الخطيب أبي الحسن الأنصاري، الدمشقي، ثم المصري. وُلِد سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: البوصيري، والأرتاحي، وفاطمة بنت سعد الخير، وزوجها ابن نجا الواعظ. وسمع بدمشق من: داود بن ملاعب، وغيره. روى عنه: الدمياطي، والشريف عز الدين، وعَلَمَ الدين الدواداري،

(48/433)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 434
والشيخ شعبان، ويوسف الختني، والمصريون. ومات في ثامن المحرم. لَقَبُه: القُبّة. 565 - أبو العزّ بن مشرّف بن بيان. عز الدين، التاجر الدمشقي، الملقب بالجردان. والد شيخنا الشهاب. محمد. مات في ذي الحجة. * * * وفيها وُلِد: شيخنا برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن الشيخ تاج الدين عبد الرحمن شيخ الشافعية. وخطيب حمص علاء الدين بن عبد الله بن مكتوم، والبدر حسن بن عبد الرحمن المراكشي، وناصر الدين محمد بن أيوب بن مكارم الشاهد، والشرف عبد الحميد بن محمد بن الشيرازي، والفخر محمود بن علي بن سيما، والكمال أحمد بن محمد بن حياة الرّقّيّ، وزينب بنت المحدّث إسماعيل بن الخباز، والشهاب أحمد بن منصور بن الجوهري، الحلبي، ثم المصري، وقُطُبُ الدين إبراهيم بن الملك المجاهد إسحاق ابن صاحب الموصلي، والحسن بن عبد الرزاق العسقلاني، ثم المصري. سمع الثلاثة من النجيب. ومحمد بن بكتوت العروي، سمع من ابن علاّق. ومحمد بن عثمان المُدلجي، سمع ابن عزون. وفي سنة ستين وُلِد علاء الدين علي بن إسماعيل بن أبي العلاء بن

(48/434)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 435
راشد بن محسن الوتار، وفخر الدين محمد بن محمد بن محمد بن عثمان بن عمر القرشي ابن المعلم الشافعي في شوال. وعلي بن العز عمر في رجب منها. وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد بن عبد القادر بن الصائغ في جمادى الآخرة، ومحمد بن نجيب بن محمد الخلاطي، وأحمد بن زكري بن أبي علي الرَّسْعَنيّ في ربيع الأول بالقاهرة. وسليمان بن عبد الرحيم الصالحي العطار، وحسن بن عبد الرحمن المراكشي. ووديعة الله بن علي بن سيما، ومحمد بن عمر بن أبي القاسم السلاوي بالزاوية، وعبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن محمود المرداوي بالنّيْرب. وفيها وُلِد نفيس الدين سلامة بن عبد الله بن عبد الأحد بن شُقَيْر الحراني التاجر، في رجب بحَرَّان، وسيأتي في سنة إحدى، في شعبان، وكلاهما بخط عَلَم الدين. هذا آخر الطبقة السادسة والستين من تاريخ الإسلام للحافظ شمس الدين الذهبي رحمه الله

(48/435)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثامن والأربعون الصفحة 436
(بعون الله وتوفيقه، أنجز العبد الفقير إلى الله تعالى، طالب العلم وخادمه ' أبو غازي عمر عبد السلام تدمري ' الأستاذ، الدكتور في الجامعة اللبنانية، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، قسم التاريخ، الفرع الثالث، طرابلس، الطرابلسي مولداً وموطناً، الحنفي مذهباً، هذه الطبقة من ' تاريخ الإسلام ووَفيات المشاهير والأعلام ' لمؤرّخ الإسلام الحافظ الثقة شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز المعروف بالذهبي، المتوفى بدمشق سنة 748 ه. رحمه الله تعالى، وضبط نصها وحققها، وعلّق عليها، وأحال إلى مصادرها، ووثّق مادّتها، وصنع فهارسها، وكان الإنجاز بعد عشاء يوم الثلاثاء غُرّة شهر ذي الحجة سنة 1417 ه. / الموافق للتاسع من نيسان (أبريل) 1997 م. وذلك بمنزله بساحة السلطان الأشرف خليل بن قلاوون (النجمة سابقاً) بثغر طرابلس الشام المحروسة، حماها الله وجعها دار أمانٍ وسلام وسائر بلاد المسلمين. وجعل الله تعالى هذا العمل خالصاً لوجهه، وليُكتب في صحائف أعمال محقّقه المقرّ بعبوديّته للواحد الأحد، صلى الله عليه وسلم سيّدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. والحمد لله رب العالمين).

(48/436)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 5

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر الحوادث الكائنة في هذه السنين العشر

سنة إحدى وستين وستمائة

[تدريس أبي شامة]
في المحرم قال أبو شامة: درست بالركنية الملاصقة للفلكية.
[سفر الحاكم بأمر الله إلى مصر]
قال: وفي صفر دخل دمشق الخليفة الحاكم بأمر الله الذي بايعه برلو بحلب، ثم سافر إلى مصر.
[تجريص ابن مؤمن الحنبلي]
وفي رجب جرى على الشمس محمد بن مؤمن الحنبلي أمر بتعصب جماعة عليه، وحمل إلى والي دمشق وهم بتجريصه.
[بيعة الحاكم بأمر الله بالخلافة]
قال قطب الدين: في يوم الخميس ثامن المحرم جلس السلطان مجلسا عاما، وحضر الحاكم بأمر الله راكبا إلى الإيوان الكبير بقلعة الجبل، وجلس مع

(49/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 6
السلطان، بسطوا له إلى جانبه، وذلك بعد ثبوت نسبه، فأقبل عليه السلطان وبايعه بإمرة المؤمنين، ثم أقبل هو على السلطان الملك الظاهر وقلده الأمور. ثم أخذ الناس يبايعون الخليفة على طبقاتهم، فلما كان من الغد خطب يوم الجمعة خطبة ذكر فيها الجهاد والإمامة وتعرض إلى ما جرى من هتك حرم الخلافة، ثم قال: وهذا السلطان الملك الظاهر قد قام بنصر الإمامة عند قلة الأنصار، وشرد جيوش الكفر بعد أن جاسوا خلال الديار، فبادروا إلى شكر هذه النعمة ولا يروعنكم ما جرى، فالحرب سجال. وأول الخطبة: ' الحمد لله الذي أقام لآل العباس ركنا وظهيرا '. قال: ثم كتب بدعوته إلى الآفاق. ثم خطب الحاكم جمعة أخرى بعد مدة. وهو التاسع والثلاثون من خلفاء بني العباس. وبقي في الخلافة أربعين سنة وأشهرا.
[غارة صاحب سيس على بعض البلاد]
قال: وفي صفر جمع صاحب سيس تكفور جمعا وأغار على الفوعة وسرمين، ومعرة مصرين، وأسر من الفوعة ثلاثمائة وثمانين نفسا، فساق وراءه جماعة كانوا مجردين بسرمين فهزموه، وتخلص بعض الأسرى.
[شفاعة أم المغيث بابنها صاحب الكرك]
وفي ربيع الآخر خرج الملك الظاهر من القاهرة، فلما قدم غزة نزلت إليه

(49/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 7
أم المغيث صاحب الكرك تشفع في ولدها فأكرمها، ثم رحل إلى الطور. وغلت الأسعار، ولحق الجيش مشقة عظيمة، والرسل تتردد إلى صاحب الكرك تطلبه، وهو يسوف خوفا من القبض عليه. ثم إنه نزل، فلما وصل تلقاه السلطان وأكرمه، ومنعه من الترجل له. ثم أرسل تحت الحوطة إلى قلعة مصر، وكان آخر العهد به.
[تأمير العزيز عثمان على الكرك]
ثم توجه السلطان إلى الكرك، وكاتب من فيه بتسليمه، فوقع الاتفاق على أن يؤمر الملك العزيز عثمان بن المغيث، فأعطاه خبز مائة فارس بمصر. ثم دخل السلطان إلى الكرك في جمادي الآخرة. ثم سار إلى مصر.
[إمساك ثلاثة أمراء]
وفي رجب أمسك ثلاثة أمراء لكونهم حطوا على السلطان في إعدامه الملك المغيث، وهم الأمير شمس الدين أقوش البرلي، والأمير سيف الدين بلبان الرشيدي، والأمير عز الدين أيبك الدمياطي.

(49/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 8

[إظهار ملك التتار ميله للإسلام]
وفي رجب جاءت رسل بركة ملك التتار يخبرون أنه محب للإسلام، ويشكون من ابن عمه هولاكو، فأرسل إليه الملك الظاهر هدية وصوب رأيه.
[استئمان طائفة من التتار]
وفيه وصلت طائفة من التتار مستأمنين مسلمين. ثم وصلت طائفة كبيرة مقدمهم الأمير كرمون، فتلقاهم السلطان وأنعم عليهم.
[أستاذ دارية ابن يغمور]
وفي شعبان ولي الأستاذ دارية جمال الدين ابن يغمور.
[عزل قاضي الاسنكدرية وتعيين آخر]
وفي شوال سافر السلطان إلى الإسكندرية فأقام بها نحوا من شهر، ثم عزل ناصر الدين ابن المنير من قضائها بالبرهان إبراهيم بن محمد البوشي.

(49/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 9

[الوقعة بين هولاكو وبركة]
وجرت وقعة هائلة بين هولاكو وبركة، وكانت الدائرة على هولاكو، وقتل خلق من أصحابه، وغرق آخرون، ونجا هو بنفسه.
[القصاص من شاب وامرأته]
وقال أبو شامة: في صفر سمر شاب، وخنقت امرأته فعلقت في جولق تحته. كانت تتحيل على النساء وتوديهم إلى الأفراح متلبسات، فتأتي بالمرأة إلى بيتها فيخنقها زوجها، ويأخذ ما عليها، ويرميها في بئر. فعل ذلك بجماعة من النساء، فبقي مسمرا يومين ثم خنق، وذلك بدمشق.

(49/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 10

سنة اثنتين وستين وستمائة

[مشيخة الحديث لأبي شامة]
في شهر جمادى الأولى ولي الإمام شهاب الدين أبو شامة مشيخة دار الحديث الأشرفية بعد ابن الحرستاني.
[تدريس الشافعية والحنفية بالظاهرية]
وفي أولها فرغت المدرسة الظاهرية بين القصرين، فدرس بها للشافعية الإمام تقي الدين ابن رزين، وللحنفية الصاحب مجد الدين ابن العديم. وولي مشيخة الحديث الحافظ شرف الدين الدمياطي. وولي مشيخة الإقراء الشيخ كمال الدين المجلى.
[نيابة حمص]
وفيها بعث السلطان نائبا له على حمص عقيب موت صاحبها الملك الأشرف.

(49/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 11

[الزلزلة بمصر]
وفي ربيع الآخر زلزلت مصر زلزلة عظيمة.
[عزل نائب حلب]
وعزل الشهابي عن نيابة حلب بالأمير نور الدين علي بن مجلى.
[الغلاء بمصر]
وفيها كان الغلاء بمصر، وبلغ الإردب مائة وخمسة دراهم.
[الطفل المزدوج]
وفيها أحضر بمصر إلى السلطان طفل ميت وله رأسان، وأربعة أعين، وأربعة أيدي، وأربعة أرجل.
[خبر الخناقة بمصر]
وفيها كان خبر الخناقة بمصر. قال شمس الدين الجزري في ' تاريخه ': فيها ظهرت قتلى في خليج مصر، وفقد جماعة. ودام ذلك أشهرا حتى عرف أن صبية مليحة اسمها غازية كانت تتبرج بالزينة، وتطمع من يراها، ومعها

(49/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 12
عجوز، فتشاكل الرجل وتقول: هذه ما يمكنها ما تريد منها إلا في منزلها. فإذا انطلق معها، واستقر في دارها، خرج إليه رجلان جلدان فيقتلانه، ويأخذان ما عليه. وكانوا يتنقلون من موضع إلى موضع، إلى أن سكنوا على الخليج. وجاءت العجوز مرة إلى ماشطة مشهورة لها حلي تخرج به العرائس، فقالت لها: عندي بنت، ونريد أن تصلحي من شأنها. فجاءت بالحلي تحمله الجارية. ورجعت الجارية من الباب فدمسوا الماشطة، ولما أبطأ خبرها على جاريتها مضت إلى الوالي فأخبرته، فركب إلى الدار وهجمها، فوجد غازية والعجوز، فأخذهما وتهددهما، فأقرتا، فحبسهما فجاء إلى الحبس أحد الرجلين، فشعر به الأعوان، فأخذ وقرر وضرب، فاعترف ودل على رفيقه، وكان لهما رفيق آخر له قمين للطوب، كان يلقي فيه من يقتلانه في الليل فيحترق. وأظهروا أيضا من الدار حفيرة مملوءة بالقتلى، فأنهي أمرهم إلى السلطان فسمروا خمستهم. وبعد يومين شفع أمير في الصبية فأنزلت وماتت بعد أيام.
[العثور على فلوس قديمة بجهة قوص]
قال: وفيها اتفق أن ليلة الإثنين كانت ليلة ثاني عشر ربيع الأول، وفيها أحضرت إلى قلعة مصر فلوس كثيرة من جهة قوص وجدت مطمورة، كان على الفلس صورة ملك، وفي يده ميزان، وفي يده الأخرى سيف. وعلى الوجه الآخر رأس بآذان كبار، وحوله أسطر. فحضر جماعة من الرهبان فيهم حكيم يوناني رومي لا يعرف العربية فقرأ الأسطر، فكان تاريخ الفلس من ألفين وثلاثمائة سنة، وفيه مكتوب، أنا غياث الملك، ميزان العدل والكرم في يميني لمن أطاع، والسيف في شمالي لمن عصى. وفي الوجه الآخر: أنا غياث الملك أذني مفتوحة للمظلوم، وعيني أنظر بها مصالح ملكي.

(49/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 13

[دخول الطوسي بغداد]
وفيها قدم بغداد النصير الطوسي للنظر في الوقوف وجمع الكتب، وانحدر إلى واسط، وجمع شيئا كثيرا لأجل الرصد.
[قتل الباجسرائي ببغداد]
وقتلوا ببغداد النجم أحمد بن عمران الباجسرائي، وأخذ مرارته جلال الدين ابن الملك مجاهد الدين الدويدار. وكان ناظرا على السواد، جيد التصرف، وعظم في دولة هولاكو، ولقبه بالملك، فعادى علاء الدين فعقره. ثم إن ابن الدويدار. [شرع في بيع] ما له من الغنم والجواميس وغير ذلك، وافترض أموالا واستعار خيولا، وأظهر أنه يتصيد ويزور المشهد وأخذ أمه، ثم تسحب إلى الشام، فانقطع عنه ضعفا الجند ورجعوا، فقتلهم الشحنة قرابوقا، وقتل كل من ظفر به من آحاد الأجناد.
[عزل قرابوقا]
وفيها عزل قرابوقا عن بغداد لكونه رافع الصلاح علاء الدين بالكذب، وولى توكال شحنة.
[التجاء ابن صاحب الروم إلى القسطنطينية]
وسار عز الدين كيكاوس ابن صاحب الروم إلى قسطنطينية، إلى صاحبها الأشكري، لكونه وقع بينه وبين أخيه ركن الدين قلج أرسلان في أمر سلطنة

(49/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 14
الروم، فاستظهر عليه الركن فو [صل] في حاشيته إلى قسطنطينية، فأحسن إليه الأشكري وإلى أمرائه، وداموا في عافية، فعزموا على قتل الأشكري وإن حاصروا قسطنطينية معهم، فأعماهم وسجن عز الدين. ثم طلبه بركة وذهب إليه.

(49/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 15

سنة ثلاث وستين وستمائة

[انتصار ابن الأحمر على ملك النصارى بالأندلس]
قال أبو شامة رحمه الله: فيها جاء إلى القاهرة كتاب يتضمن نصر المسلمين على النصارى في بر الأندلس. وسلطان المسلمين أبو عبد الله بن الأحمر. وكان الفنش ملك النصارى قد طلب من ابن الأحمر الساحل من مالقة إلى المرية، فاجتمع المسلمون والتقوهم، فكسروهم مرارا، وأخذ الفنش أسيرا. ثم اجتمع العدو المخذول في جمع كبير، ونازلوا غرناطة. فانتصر عليهم المسلمون، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وجمع من رؤوسهم نحو خمسة وأربعين ألف رأس، فعملوها كوما، وأذن المسلمون فوقه، وأسروا منهم عشرة آلاف أسير. وكان ذلك في رمضان سنة اثنتين. وانهزم الفنش إلى إشبيلية، وهي له، وكان قد دفن أباه بها بالجامع، فأخرجه من قبره خوفا من استيلاء المسلمين، وحمله إلى طليطلة.

(49/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 16
قال: ورجع إلى المسلمين اثنان وثلاثون بلدا، من جملتها إشبيلية ومرسية. كذا قال، والله ينصر المسلمين حيث كانوا.
[معاقبة المتآمرين على الدولة]
قال قطب الدين: وفي أولها بلغ السلطان أن جماعة أمراء وأجناد اجتمعوا في دار ططماج، فتكلموا في الدولة، وزاد في الكلام ثلاثة أنفس. فسمر أحدهم، وكحل الآخر، وقطعت رجلا الثالث، فانحسمت مادة الاجتماعات.
[قطع أيدي نقباء بالقاهرة]
قال: وفي ربيع الآخر قطعت أيدي ثلاثة وأربعين نفسا من نقباء والي القاهرة، ومن الخفر والمقدمين، فمات بعضهم. وسبب ذلك ظهور شلوح ومناشر بالقاهرة وضواحيها.
[منازلة التتر البيرة]
وفيها نازلت التتر البيرة، فساق المحمدي، وسم الموت للكشف. وأغار عيسى بن مهنا على أطراف بلادهم فرحلوا عن البيرة.

(49/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 17

[فتح قيسارية وأرسوف]
قال: وفي ربيع الآخر توجه السلطان بالعساكر إلى قيسارية فحاصرها، وافتتحها عنوة في ثامن جمادى الأولى، وامتنعت القلعة عشرة أيام وأخذت، وهرب من فيها إلى عكا، فخربها السلطان، وأقطع قراها. ثم سار فنازل أرسوف، ونصب عليها المجانيق إلى أن تداعى برج تجاه الأمير بليك الخزندار، فهجم البلد بأصحابه على غفلة، ووقع القتل والأسر، وذلك في ثاني عشر رجب. ثم هدمت، وعاد السلطان، وزينة القاهرة.
[اتهام النصارى بحريق الباطنية]
وفيها أحرق بحارة الباطنية بالقاهرة حريق كبير، ذهب فيه ثلاثة وستون دارا. ثم كثر بعد ذلك الحريق بالقاهرة، واحترق ربع العادل وغير ذلك، فكانت توجد لفائف مشاق فيها النار والكبريت على الأسطحة. وعظم ذلك على الناس، واتهموا بذلك النصارى، وقدم السلطان فهم باستئصال النصارى واليهود، وأمر بجمع الأحطاب والحلفا في حفيرة ليحرقوا فيها. ثم كتفوا ليرموا في الحفيرة، فشفع فيهم الأمراء، وأمروهم أن يشتروا أنفسهم، فقرروا عليهم خمسمائة ألف دينار يقومون منها في العام بخمسين ألف دينار. وضمنهم الحبيس، وكان كاتبا ثم ترهب، وأقام بجبل حلوان. فيقال إنه وجد

(49/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 18
في مغارة من الجبل دفينا للحاكم العبيدي، فلما ظفر بالمال واسى به الفقراء والصعاليك من كل ملة، فاتصل خبره بالسلطان، فطلبه وطلب منه المال، فقال: لا يشمل إلى أن أعطيك من يدي إلى يدك. ولكن يصل إليك من جهة من تصادره ولا يقدر على تطلبه منه، فلا تعجل علي. فلما جرت هذه الواقعة للنصارى ضمنهم. وقد ذكرنا وفاته في سنة ست وستين، وكانت قد وصلت الفتاوى بقتله خوفا من الفتنة على ضعفاء الإيمان من المسلمين، من علماء الإسكندرية. فقيل إن مبلغ ما وصل إلى بيت المال من طريقه في مدة سنتين ستمائة ألف دينار. وقد ضبط ذلك بقلم الصيارفة الذين كان يجعل عندهم المال، ويكتب إليهم أوراقه. وذلك خارجا عما كان يعطيه بيده سرا. وكان لا يأكل من هذا المال ولا يلبس، بل إن النصارى يتصدقون عليه بما يأكل ويلبس. ولم يظهر له بعد موته ولا دينار واحد. وكان يقول: من لم يكن معه شيء أديت عنه في المصادرة: فكان يدخل الحبس ويطلق من عليه دين، ومن وجده ذا هيئة رثة واساه، ومن شكى إليه ضرورة أزاحها عنه. وقد سافر إلى الإسكندرية، وأدى جملة عن أهل الذمة، وكذا سافر إلى الصعيد، وأدى المقرر على أهل الذمة. وكان عجيب الحال، لعنه الله. ومن لطف الله أنه غير مسلم، وإلا لو كان مسلما لتألهه الناس، وأدعوا فيه النبوة أو القطبية. نسأل الله العافية.
[الشروع في حفر بحر أشموم]
وفي شوال شرع السلطان في حفر بحر أشموم، وفرقه على الأمراء،

(49/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 19
وعمل معهم بنفسه، فلما فرغ ركب في الحراقة، وأخذ معه زاد أيام يسيرة، وسار ليسد فم جسر على بحيرة تنيس انفتح منه مكان، وخرج الماء فغرق الطريق بين الورادة والعريش. فأقام هناك يومين، وحصل له وعك، فعاد إلى مصر.
[الكوكب المذنب]
وفيه طلع من الشرق كوكب الذنب، وهو كوكب له ذؤابة، فبقي نحو أربعين يوما.
[شنق قاضي البيرة]
وفيها شنق قاضي البيرة لأنه كاتب صاحب سيس ليبيعه قلعة البيرة، فهتكه الله وأهلكه.
[موت هولاكو]
وفي أولاها وصل رسول صاحب سيس يبشر السلطان بموت هولاكو ثم ورد الخبر بأن التتار ملكوا أبغا بن هولاكو، وأن بركة قصده فكسره، فعزم

(49/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 20
الملك الظاهر على التوجه إلى العراق ليغتنم الفرصة، فلم يتمكن لتفرق العساكر في الإقطاعات.
[سلطنة الظاهر ولده الملك السعيد]
وفي شوال سلطن السلطان ولده الملك السعيد وركبه بأبهة الملك في قلعة الجبل، وحمل الغاشية بنفسه بين يدي ولده من باب السر إلى السلسلة، ثم عاد. وكان صبيا ابن أربع أو خمس سنين. ثم ركب الملك السعيد، وسير، ودخل من باب النصر، وخرج من باب زويلة، وسائر الأمراء مشاة، والأمير عز الدين الحلي راكب إلى جانبه، والوزير بهاء الدين، وقاضي القضاة تاج الدين راكبان أمامه، والبيسري حامل الجتر على رأسه، وعليهم الخلع.
[ختان الملك السعيد]
ثم بعد عشرين يوما ختن الملك السعيد، وختن معه جماعة من أولاد الأمراء.

(49/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 21

[استحداث القضاة الأربعة بالديار المصرية]
وفيها جدد بالديار المصرية القضاة الأربعة، من كل مذهب قاض، وسبب ذلك توقف القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز عن تنفيذ كثير من الأحكام، وكثر توقفه، فكثرت الشكاوى منه، وتعطلت الأمور. فوقع الكلام في ذي الحجة بين يدي السلطان، وكان الأمير جمال الدين ايدغدي العزيزي يكره القاضي تاج الدين، فقال له: نترك لك مذهب الشافعي، ويولى معك من كل مذهب قاض. فمال السلطان إلى هذا. وكان لإيدغدي العزيزي محل عظيم عند السلطان، فولي قضاء الحنفية الصدر سليمان، وقضاء المالكية شرف الدين عمر السبكي، وقضاء الحنبلية شمس الدين محمد بن العماد. واستنابوا النواب. وأبقى على الشافعي النظر في أموال الأيتام، وأمور بيت المال. ثم فعل ذلك بدمشق.
[خروف على صورة فيل]
وفيها أحضر بين يدي السلطان خروف ولد على صورة الفيل، له خرطوم وأنياب.
[الاهتمام بعمارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم]
وفيها وقع الاهتمام بعمارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فوجه إليه الصناع

(49/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 22
والأخشاب والآلات والمال، فبقيت الصناع فيه أربع سنين.
[إقامة الخليفة ببرج القلعة]
وفي رمضان حجب الملك الظاهر الخليفة، وجعله في برج بقلعة مصر، لكون أصحابه كانوا يخرجون إلى البلد، ويتكلمون في أمر الدولة.
[مصادرة أمير الموصل]
وفيها ولي أمور الموصل رضي الدين الباني، فعذب الذي كان قبله زكي الدين الإربلي وصادره.
[هرب الجاثليق إلى هولاكو]
وفيها قبض ببغداد مرمكيخا الجاثليق على نصراني قد أسلم وسجنه بداره التي كانت للدويدار الكبير، وعزم على تغريقه. فهاجت العامة، وحاصروا البيت، وأحرقوا باب داره، وقتلوا أصحابه. ثم ركب الشحنة، وقتل طائفة، وسكنت الفتنة. وذهب الكلب إلى هولاكو، وبنى بيعة بقلعة أرسن.
[وصول فيلين إلى بغداد]
ووصل شخص إلى بغداد بفيلين، ثم سار ليقدما للملك.

(49/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 23

سنة أربع وستين وستمائة
فيها ظهر للناس موت الطاغية هولاكو.
[تسمير مقدمين من عربان الشرقية]
وفيها سمر على الجمال أحد وعشرون نفسا من مقدمي العربان بالشرقية من ديار مصر، وسيروا مسمرين إلى بلادهم فماتوا.
[زيارة السلطان الخليل والقدس]
وفي أول شعبان برز السلطان من مصر لقصد صفد، فنزل عين جالوت بعد أن زار الخليل عليه السلام، وجلس على سماطه وأكل العدس حتى شبع، وفرق مالا جليلا في أهل بلد الخليل وفي الفقراء. وتوجه إلى القدس الشريف، وبلغه أن العادة جارية بأن يؤخذ من اليهود والنصارى حقوق على زيارة مغارة الخليل عليه السلام، فأنكر ذلك، وكتب به توقيعا قاطعا، واستمر منعهم وإلى الآن، فالحمد لله.
[غارات قلاوون وأيدغدي على الإفرنج]
وجهز الأمير سيف الدين قلاوون الألفي، والأمير جمال الدين إيدغدي العزيزي للإغارة على بلاد الساحل، فأغاروا على بلاد عكا، وصور، وطرابلس، وحصن الأكراد، فغنموا وسبوا ما لا ينحصر.

(49/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 24

[فتح صفد]
ثم نزل السلطان على صفد في ثامن رمضان ونصبت المجانيق وآلات الحصار ووقع الجد والحصار والقتال، ونصبت السلالم على القلعة وسلطت النصوب على الأساس واشتحد المراس، وصبر الفريقان على الباس. والسلطان مباشر ذلك بنفسه، فذل أهل الحصن، وطلبوا الأمان والإئمان، فأجلس السلطان في دست المملكة الأمير سيف الدين كرمون، وكان يشبه الملك الظاهر، فنزلت رسلهم فاستحلفوه، فحلف لهم وهم لا يشكون أنه السلطان. وكان في قلب الملك الظاهر منهم لما فعلوه بالمسلمين. فلما كان في يوم الجمعة ثامن عشر شوال طلعت أعلام السلطان على صفد، وأنزل من بها من الديوية وغيرهم. وكان قد وقع الشرط على أنهم لا يأخذون شيئا من أموالهم، فاطلع عليهم أنهم أخذوا شيئا كثيرا، فأمر السلطان

(49/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 25
بضرب أعناقهم على تل هناك، وكانوا نحو مائتين أقيالا أبطالا فيهم أولاد ملوك. ثم حصنها وعمرها وشحنها بالرجال والأسلحة والعساكر، واستناب عليها علاء الدين الكبكي. قال سعد الدين في ' تاريخه ': الذي قيل إنه قتل من العسكر نحو ألف نفس عليها، ومن الغزاة والرعية كثير، والجرحى قليلة، وقاسوا عليها شدة. وحكى العلم سنجر الحموي أنه قتل على صفد قريب ثمانمائة فارس ممن نعرف، منهم أمراء وخاصكية.
[الغارة على سيس]
ووصلت رسل صاحب سيس فلم يلتفت عليهم السلطان، وجهز لها عسكرا فأغاروا وسبوا، وأسروا خلقا، منهم ابن صاحب سيس وابن أخته. وكان مقدم العسكر صاحب حماة، وشمس الدين الفارقاني.
[انتقام السلطان من أهل قاره]
وخرج السلطان لتلقيهم، فمر بقاره، في ذى الحجة فأمر بنهبها واستباحتها، وأسر منها أكثر من ألف نفس، ووسط الرهبان وصيرت كنيستها

(49/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 26
جامعا، وأنزلها التركمان وغيرهم ومن أسلم منهم، وذلك لأنهم كانوا يسرقون المسلمين ويبيعونهم ببلاد الفرنج بالساحل. ثم رجع السلطان والأسرى والغنائم التي من سيس وقاره بين يديه. وسار إلى الكرك في أول سنة خمس.
[محاولة اغتيال الأمير الحلي نائب السلطان]
وكان قد استناب على الديار المصرية الأمير عز الدين الحلي، فجلس في ذي الحجة بدار العدل، فجاء إنسان ومعه قصة، وتقدم بها إلى الحلي، ثم وثب بسكين معه فجرحه، فقام إليه والي القاهرة الصارم المسعودي ليدفعه عنه، فضربه بتلك السكين فقتله. وقام الحلي جرى والوزير وقاضي القضاة تاج الدين، وقتلت الجندارية ذلك الرجل، ولم يتحقق له خبر.
[عمل جسر على نهر الشريعة]
وفيها أمر السلطان بعمل جسر على الشريعة بقرب دامية، فلما تكامل بنيانه اضطرب بعض أركانه ثم أصلح.

(49/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 27

[إخراج سبيل إلى مكة]
وفيها أخرج السلطان من مصر سبيلا إلى مكة.
[إقامة البرواناه عند الملك أبغا]
وفيها توجه صاحب الروم ركن الدين كيقباذ والبرواناه بهدية وتحف، وهنوا أبغا بالملك، ثم عاد ركن الدين وتخلف معين الدين البرواناه، فتكلم مع أبغا وقال: هؤلاء بنو سلجوق أصحاب الروم ما يؤمنوا، وربما لركن الدين باطن مع صاحب مصر، فقال أبغا: قد وليتك نيابة الروم، فإن تحققت أحدا يخالف طاعتي فاقتله. ثم إن البرواناه افتتح قلعة لأبغا، فعظم بذلك عنده، وتخوف منه ركن الدين كيقباذ.
[فتح يافا]
وفيها افتتح السلطان يافا.

(49/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 28

سنة خمس وستين وستمائة

[كسر فخذ السلطان]
في أولها توجه السلطان جريدة إلى الكرك، وتصيد بنواحي زيزى، فتقنطر به الفرس فانكسرت فخذه، فأقام يداويها حتى تصلح بعض الشيء. وسار في محفة إلى غزة. وحصل له عرج منها.
[سفر صاحب حماة إلى مصر]
وفيها سافر صاحب حماة الملك المنصور إلى مصر، فاحتفل به السلطان وأكرمه.
[سفر صاحب حماة إلى الإسكندرية]
ثم سافر إلى الإسكندرية متفرجا، فرسم السلطان لمتوليها أن يحمل إليه كل يوم مائة دينار برسم النفقة، وأن ينسج له في دار الطراز ما يقترحه.

(49/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 29

[عمارة الجامع بالحسينية]
وفيها أمر السلطان بعمل الجامع بالحسينية، وتمت عمارته في شوال سنة سبع وستين، وجاء في غاية الحسن. وبني في ميدان قراقوش، وأحكر ما بقي من الميدان، وقرر لمصالح الجامع. ورتب به خطيب حنفي.
[سفر السلطان إلى الشام]
وفي جمادى الآخرة توجه السلطان إلى الشام وصحبته صاحب حماة، فنزل على صفد، واهتم بعمارتها وتحسينها وتحصينها، ثم قدم دمشق. ثم سار إلى الكرك.
[ولاية قضاة وناظر أحباس بمصر]
وفي شبعان ولي قضاء القضاة بالقاهرة والوجه الشرقي الإمام تقي الدين ابن رزين الحموي، وولي قضاء مصر والوجه القبلي محيي الدين عبد الله بن القاضي شرف الدين ابن عين الدولة. وولي نظر الأحباس الشيخ تاج الدين علي بن القسطلاني.

(49/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 30

[ولايات تدريس ونظر بالمدارس]
وولي تدريس الشافعية بالصالحية صدر الدين ابن القاضي تاج الدين، وفوض نظر الخانقاه السعيدية إلى قاضي الحنابلة، وولي نظر مدرسة الشافعي بهاء الدين علي بن عيسى بن رمضان نيابة عن الصاحب فخر الدين ابن خير. وهذه المناصب كلها كانت بيد القاضي تاج الدين.
[سفر الأمير الحلي إلى الحج]
وفيها توجه الأمير عز الدين الحلي إلى الحج، وناب في السلطنة بدر الدين بيليك الظاهر بن الخزندار.
[تسمير ابن صاحب ميافارقين وغيره]
ودخل السلطان مصر في ذي الحجة، فأمر بتسمير جماعة، منهم الملك الأشرف ابن صاحب ميافارقين شهاب الدين غازي، والأمير أقوش القفجاقي الصالحي الذي ادعى النبوة من نحو ثلاثة أشهر. ومنهم الناصح ضامن بلاد واحات، وكان بإرخميم، فأنهي إلى السلطان ما هو فيه من الأمر المطاع، وأنه يخاف من خروجه بأرضه، وأنهي إليه أنه اتفق مع رجل نصراني ومع الملك الأشرف وهم بخزانة البنود محبوسين، على أن ينقبوا خزانة البنود ويخرجوا إلى واحات، فيسلطن فيها الملك الأشرف ابن غازي، ويكون الناصح وزيره، والنصراني كاتبه، فسمروا.

(49/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 31

[ظهور الماء ببيت المقدس]
وفيها ورد كتاب قاضي القدس إلى السلطان يخبر بظهور الماء ببيت المقدس. وسبب ذلك أن الماء انتزح من بئر السقاية وبقي الوحل، وعظمت مشقة الناس لأجل الوضوء، وأن القاضي حضر بنفسه إلى البئر، ثم نزل فأخبر أنه شاهد قناة مسدودة بالردم من عهد بخت نصر الذي هدم بيت المقدس. قال: فدخلت الصخرة وأنا مهموم بسبب إعواز الماء، فاجتمعت بالأمير علاء الدين الركني الأعمى، فجرى الحديث، واتفق الرأي على إحضار بنائين من غزة، وكشف القناة السليمانية، فحضروا فكشفوا الردم أولا فأولا إلى أن وصلوا إلى الجبل الذي تحت الصخرة المباركة، فوجدوا بابا مقنطرا، ففتحوا ردمه وإذا هم بالماء، ففار على جماعة بقوة كاد أن يغرقهم، فهربوا وصعدوا في الجبال، وذلك في ذي الحجة من السنة. نقل هذا الكتاب محيي الدين ابن عبد الظاهر في ' سيرة الملك الظاهر '، ثم قال: وجدت في كتاب ' دير يامين ' من تواريخ النصارى أن ملك الموصل لما قصد أوراشلم يعني بيت المقدس في جيوشه اتفق حزقيال هو وجماعته على دفن المياه التي ببيت المقدس، فدفنوا جميع الينابيع التي بها، وعفوا أثرها لئلا يتقوى عليهم ملك الموصل سنحاريب بتلك المياه.

(49/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 32
قال ابن عبد الظاهر: وقرأت في نبوة زكريا أنه يخرج ماء عذب فيه حياة من أوراشلم، نصفه إلى البحر الشرقي، ونصفه إلى البحر الغربي، ويكون ذلك عند اعتدال الصيف والشتاء. قال: فوقت ظهور الماء نزلت الشمس برج الميزان، وهو برج الاعتدال، في يوم نزولها بعينه. ثم وصل كتاب الأمير علاء الدين الركني يذكر أنه دخل الصناع فوجدوا سدا معمولا بالشيد والحجر، فنقب فيه الحجارون مدة واحدة وعشرين يوما، فوجدوا سقفا بالشيد والكتان مقلفطا، فنقب فيه طول مائة وعشرين ذراعا، فخرج الماء، فلما قوي خروجه بحيث أنه ملأ القناة تركوه.
[انتصار أباقا على براق]
وفيها عبر جيحون براق ابن جغتاي بن القان قبلاي، فسار لحربه أباقا، فكان المصاف بناحية هراة، فانتصر أباقا، وغنم جنده أشياء كثيرة، وغرق خلق من جند براق.
[عمارة صاحب الديوان ببغداد]
وفيها أنشأ صاحب الديوان ببغداد قصرا كبيرا، وبستانا عظيما زرع فيه حتى الفستق. وأنشأ رباطا. وجهز وفدا من بغداد غرم عليه أموالا، فحجوا وسلموا.

(49/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 33

[قتل ابن الخشكري الشاعر]
وأمر بقتل ابن الخشكري الشاعر لكونه فضل شعره على القرآن. وقد كان مدح الصاحب بقصيدة فأنشده، فأذن المؤذن، فأنصت الصلاح، فقال ابن الخشكري: يا مولانا اسمع الجديد ودع العتيق. فقتله في سنة ست وستين.

(49/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 34

سنة ست وستين وستمائة

[ضرب ابن الفقاعي حتى الموت]
في صفر عقد مجلس بين يدي السلطان للضياء بن الفقاعي، وجري فيه ما اقتضى ضربه والحوطة عليه، وأخذ خطه بجملة عظيمة. ثم لم يزل يضرب إلى أن مات. قال قطب الدين: أحصيت السياط التي ضربها فكانت سبعة عشر ألفا ونيف.
[هدية صاحب اليمن إلى السلطان]
وفيها وصل رسول صاحب اليمن الملك المظفر شمس الدين يوسف بن عمر بتقادم، فيها: فيل، وحمار وحش، وخيول، ومسك، وعنبر، وصيني، وأشياء، وطلب معاضدة السلطان له وأنه يخطب له في بلاده، فبعث إليه الأمير فخر الدين إياز المقرئ ومعه خلعة وسنجق وتقليد بالسلطنة.

(49/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 35

[فتح يافا]
وفي جمادى الآخرة خرج السلطان الى الشام واستناب بيليك الخزندار. فأتته رسل صاحب يافا فاعتقلهم، وأمر العسكر بلبس السلاح ليلا، وسار فصبح يافا، فهربوا إلى القلعة، وملكت المدينة بلا كلفة، وطلب أهل القلعة الأمان، فأمنهم وعوضهم عما نهب لهم أربعين ألف درهم، وركبوا في البحر إلى عكا. ثم هدمت يافا وقلعتها.
[حصار الشقيف]
ثم سار طالبا الشقيف فنازلها، وظفر بكتاب من عكا إلى الشقيف استفاد منه أشياء كتبها إليهم كانت سبب الخلف بينهم. واشتد الحصار والزحف والمجانيق، فطلبوا الأمان، فتسلم السلطان الحصن، وكان فيه نحو خمسمائة رجل. فساروا إلى صور. وكان الحصار عشرة أيام.
[غارة السلطان على طرابلس]
ثم سار السلطان جريدة فأغار على طرابلس، وخرب قراها، وقطع

(49/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 36
أشجارها، وغور أنهارها، ورحل، فنزل على حصن الأكراد بالمرج الذي تحت الحصن، فنزل إليه رسول بإقامة وضيافة، فردها وطلب منهم دية رجل من أجناده قتلوه مائة ألف دينار، ثم رحل إلى حمص وحماة، ثم إلى فامية.
[فتح أنطاكية]
ثم رحل ليلا، وأمر العسكر بلبس العدة فنزل على أنطاكية في أول رمضان، فخرجوا إليه يطلبون الأمان، وشرطوا أشياء لم يجبهم إليها، وزحف عليها فافتتحها في رابع رمضان، وصمد غنائمها، ثم قسمها على الجيش بحسب مراتبهم، وحصروا من قتل فيها من النصارى، فكانوا فوق الأربعين ألفا. وأما ابن عبد الظاهر فقال: ما رفع السيف عن رجل بمدينة أنطاكية قط حتى لو حلف الحالف ما سلم منها أحد لصدق. ثم قال: وكان بها على ما يقال مائة ألف وثمانية آلاف من الذكور،

(49/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 37
وذلك حسبما عده نائب التتار الذي ورد إليها شحنة، واستخرج على الرأس دينارا. هذا سوى من دخل إليها عند هجوم العساكر من الفلاحين. وأما قلعتها فلجأوا إليها وتحاشروا بها، فكانوا ثمانية آلاف رجل، غير الحريم والأولاد، فمات بها عالم كثير في زحمة الباب. وأما الوزير والوالي وغيرهما فلما شاهدوا الحال هربوا في الليل في الجبال رجالة، فأصبح الناس فطلبوا الأمان من القتل وأن يؤسروا. ثم خرجوا في أحسن زي وزينة كأنهم الزهر، وصاحوا بين يدي السلطان وسجدوا، وقالوا بصوت واحد: العفو، ارحمنا يرحمك الله. فرق قلبه ورحمهم، ورفع عنهم القتل. قلت: هذه مجازفة متناقضة. وكان بها طائفة من الأسرى فخلصهم الله. وكانت أنطاكية للبرنس صاحب طرابلس، وهي مدينة عظيمة، مسافة سورها اثنا عشر ميلا، وعدد أبراجها مائة وستة وثلاثون برجا، وشرفاتها أربع وعشرون ألفا، وفي داخلها جبل وأشجار ووحوش، وماء تجري، وفواكه مختلفة. وكان لها في يد النصارى أكثر من مائة وسبعين سنة أو نحوها.
[تسلم بغراس]
ثم إنه تسلم بغراس بالأمان، وكان قد هرب أكثر أهلها.

(49/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 38

[تسلم دركوش]
وتسلم دركوش، وصالح أهل القصير على مناصفته ومناصفة القلاع المجاورة له.
[دخول السلطان دمشق]
ودخل دمشق في السابع والعشرين من رمضان، وكان يوما مشهودا.
[صعقة غوطة دمشق]
وفيها كانت الصعقة الكبرى الكائنة على غوطة دمشق في ثالث نيسان أحرقت الشجر والثمر والزرع والكرم، وهلك للناس ما لا يوصف. وكان السلطان قد احتاط على الغوطة، وأراد أن يتملكها، وتعتر الناس بالظلم والمصادرة، وضجوا واستغاثوا بالله، فلما شددوا على المسلمين وألزموهم بوزن ضمان بساتينهم حتى تطرقوا إلى الأوقاف، أحرق الله الجميع وجاء الفلاحون والضمان بالتمر والورق والكرم، وهو أسود محروق، ورفعوا الأمر إلى نواب السلطنة فلم يلتفتوا عليهم وأهانوهم، وألزموا بضمان أملاكهم، والله المستعان. قال قطب الدين: احتاط السلطان على البساتين وعلى القرى، وهو نازل على الشقيف. وكان قد تحدث في ذلك مع العلماء، فقال له القاضي شمس الدين ابن عطاء الحنفي: هذا لا يجوز لأحد أن يتحدث فيه. وقام مغضبا. وتوقف الحال، وكما وقعت الحوطة على البساتين صعقت بحيث عدمت الثمار بالكلية، وظن الناس أنه يرق لهم، فلما أراد التوجه إلى مصر

(49/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 39
عقد بدار العدل مجلسا، وأحضر العلماء، وأخرج فتاوى الحنفية بأنه يستحقها بحكم أن عمر رضي الله عنه فتح دمشق عنوة، ثم قال: من كان معه كتاب عتق أمضيناه، وإلا فنحن فتحنا البلاد بسيوفنا، ثم قرر عليهم ألف ألف درهم عن الغوطة، فسألوه أن يقسطها عليهم، فأبى، وتمادى الحال إلى أن خرج متوجها إلى مصر في ذي القعدة. فلما وصل إلى اللجون عاوده الأتابك وفخر الدين ابن خير وزير الصحبة، فاستقر الحال أن يعجلوا منها أربعمائة ألف درهم، ويعاد إليهم ما قبضه الديوان من المغل، ويسقط ما بقي كل سنة مائتي ألف درهم، وكتب بذلك توقيع. قلت: جاء على كل مدي بضعة عشر درهما، وباع الناس أملاكهم بالهوان، وعجزوا، فإن بعض الأمداء لا يغل في السنة ستة دراهم.
[أعجوبة دعاء الركابي]
أعجوبة اللهم أعلم بصحتها قد خلدها ابن عبد الظاهر في ' السيرة الظاهرية ' فقال: بعثت رسولا إلى عكا في الصلح، فبالغوا في إكرامنا ونزلنا دارا على بابها أعلام وصلبان وجرص كبير كالكنائس، فحركوا الأجراس، ومعنا ركابي اسمه ريان، فنادى: يالله يالله كسر هذه الأعلام واقطع هذه الأجراس، وملك السلطان الملك الظاهر عكا، فما استتم حديثه إلا والجرص قد انقطع والأعلام قد وقعت، وتكسرت الرماح.
[إطلاق سنقر الأشقر من الأسر]
قال قطب الدين: وبعث صاحب سيس يستفك ولده من الأسر، فطلب منه من جملة الفداء أن يسعى في خلاص الأمير شمس الدين سنقر الأشقر

(49/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 40
من التتار، فبعث صاحب سيس إليهم متوسلا بطاعته، وبذل أموالا فلم يجيبوه. فلما استولى السلطان على أنطاكية بعث إليه صاحب سيس يبذل القلاع التي كان أخذها من التتار عند استيلائهم على حلب، وهي دربساك وبهسنا، ورعبان، فأبى عليه إلا أن يحضر سنقر الأشقر، فسار صاحب سيس إلى التتار، واستغاث بهم على الملك الظاهر، واستصحب معه أحد البحرية علم الدين سلطان، فكان يجتمع بسنقر الأشقر سرا وعليه زي الأرمن، والأشقر يخاف أن يكون دسيسة عليه فلا يصغي إلى قوله فيقول: ما أعرف صاحب مصر، ولا أخرج عن هؤلاء القوم. فلم يزل علم الدين يذكر له أمارات وعلامات عرف منها صحة قصده، فأذعن للهرب. فلم خرج صاحب سيس لبس سنقر الأشقر زيهم، واختفى معهم، فلما وصل به صاحب سيس إلى بلاده جاء علم الدين وعرف السلطان بوصوله، فطلب ابن صاحب سيس من مصر، فأحضر إليه وهو على أنطاكية، ثم سيره مع جماعة إلى سيس، فوقفوا على النهر به بالقرب من حد دربساك، ووصل سنقر الأشقر مع جماعة من سيس، فوقفوا على جانب النهر، ثم أطلق كل من الفريقين أسيرهم، وتسلم نواب السلطان دربساك ورعبان، وبقيت بهسنا، سأل صاحب سيس من سنقر الأشقر أن يشفع له عند السلطان في إبقائها له على سبيل الإقطاع، فوعده بذلك، ولما وصل الخبر خرج السلطان من دمشق لتلقيه، فلما رآه ترجل،

(49/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 41
واعتنقا طويلا، وسار حتى نزلا في المخيم. فلما أصبحا خرجا منه جميعا. وشفع في بهسنا، فامتنع السلطان فقال: ' إني قد رهنت لساني معه، وأحسن إلي بما لا أقدر على مكافأته '. فقبل شفاعته، وأجاب طلبته. وكان هولاكو قد أخذ سنقر الأشقر من حبس الملك الناصر يوسف لما افتتح حلب. وعمل (...) حاكم الموصل بالنصراني الفلاح مسعود، ومعه أشموط شحنة.

(49/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 42

سنة سبع وستين وستمائة

[تحليف الأمراء للملك السعيد]
في صفر حلف السلطان الأمراء، للملك السعيد، وقرئ تقليده.
[توجه السلطان إلى الشام]
وفي جمادى الآخرة توجه السلطان والأمراء إلى الشام جرائد، وناب ابنه عنه، وعلم على التواقيع، وكاتبه نواب البلاد.
[وصول رسل صاحب سيس]
وفيها وصلت رسل أبغا ومعهم جماعة من جهة صاحب سيس، وأحضرهم السلطان فأدوا الرسالة، مضمونها طلب الصلح بقوة نفس، وإنا خرجنا فملكنا جميع العالم، وأنت لو صعدت إلى السماء ما تخلصت منا، وأنا مملوك أبعت في سيواس، فكيف تشاق ملك الأرض؟

(49/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 43
فأجاب: إني في طلب جميع ما استوليتم عليه من العراق والجزيرة والروم ثم جهزهم.
[الخلعة على صاحب صهيون]
وفيها وصل إليه صاحب صهيون الأمير سيف الدين محمد بن مظفر الدين عثمان بن منكورس، وقدم مفاتح صهيون فخلع عليه، وأبقاها بيده.
[كشف السلطان على حال ولده سرا]
وفي أواخر رجب خرج السلطان فنزل على الخربة، ثم ركب منها على البريد سرا إلى القاهرة، بعد أن عرف الفارقاني أنه يغيب، وقرر مع الفارقاني أن يحضر الأطباء كل يوم، ويستوصف منهم للسلطان، يوهم أنه مريض، فيعمل ما يصفونه، ويدخل به إلى الدهليز. ودخل السلطان مصر في اليوم الرابع، وأقام بها أربعة أيام ثم رد على البريد إلى المخيم الشريف، فكانت الغيبة أحد عشر يوما. وكان غرضه كشف حال ولده، وكيف دسته.
[تسلم السلطان قلعتي بلاطنس وبكسراييل]
وفي رمضان تسلم نواب السلطان قلعة بلاطنس وقلعة بكسراييل من

(49/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 44
عز الدين أحمد بن مظفر الدين عثمان بن منكورس الصهيوني، وعوض عنهما قرية من عمل شيزر.
[الغارة على أعمال صور]
وتوجه السلطان إلى صفد، فأقام بها يومين، وأغار على أعمال صور، وعيد بالجابية، ثم انتقل إلى الفوار، ثم سار إلى الكرك، ومنها إلى الحج فحج معه الأمير بدر الدين بيليك الخزندار، والقاضي صدر الدين سليمان، وفخر الدين بن لقمان، وتاج الدين ابن الأثير ونحو ثلاثمائة مملوك، وجماعة من أعيان الحلقة. فقدم المدينة في أواخر ذي القعدة. وكان جماز قد طرد ابن أخيه مالكا عن المدينة، واستقل بإمرتها، فهرب من السلطان، فقال السلطان: لو كان جماز يستحق القتل ما قتلته لأنه في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم تصدق بصدقات، وحج، فتلقاه أبو نمي وعمه إدريس فخلع عليهما، ووقف بعرفة يوم الجمعة، ثم أفاض. وغسل الكعبة بماء

(49/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 45
الورد، وطيبها بيده، وأقام إلى ثالث عشر ذي الحجة، وزار المدينة، ووصل الكرك يوم التاسع والعشرين من الشهر، فصلى بها يوم الجمعة، ثم ساق منه على البريد، فوصل دمشق بكرة الأحد يوم ثاني المحرم، من سنة ثمان، فخرج النجيبي فصادفه في سوق الخيل، فنزل وقبل الأرض.
[مسير السلطان إلى حلب وحماه ودمشق]
ثم ساق إلى حلب فدخلها في سادس المحرم، فأقام بها أربعة أيام، ثم رد إلى حماة، ثم إلى دمشق.
[دخول السلطان القاهرة]
ثم إنه دخل القاهرة يوم ثالث صفر. وصادف وصول الركب المصري.
[الحوطة على بلاد حلب]
وفيها تقدم السلطان بالحوطة على بلاد حلب وأملاكها، وإن لا يفرج عن شيء منها إلا بكتاب عتق.

(49/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 46

[هبوب ريح عظيمة بمصر]
وفي ذي الحجة هبت ريح عظيمة بمصر غرقت في النيل نحو مائتي مركب، وهلك كثير من الناس.
[المطر بقليوب]
وأمطر قليوب مطرا غزيرا.
[عصيان تاكودر على الملك أبغا]
وفيها عصى تاكودر على الملك أبغا وحاربه، فانتصر أبغا، ثم إن برق ابن عم تاكودر انتصر له، وقصد يشير أخا أبغا فكسره.
[حريق سوق الصالحية]
وفي رجب احترق سوق جبل الصالحية، وراح أكثر ما فيه من قماش ومتاع، وكان حريقا كبيرا. قال بعض الفضلاء: ما رأيت في عمري حريقا أكبر منه. احترق السوق من أوله إلى آخره من الجهتين، واحترق فيه دكانان للعطر لم يكن في دمشق أحسن منهما ولا أكبر من الصيني والمطعم بالفضة وغير ذلك. وهلك لتاجر شيء بخمسة عشر ألف درهم.

(49/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 47

[رفع القباب للسلطان]
وفي رجب أزيلت القباب التي عملت، وكانت قد اعتنوا بها لأجل مجيء السلطان. وكانت محكمة، ضخمة الأخشاب، كل واحدة طبقات. وكان عملها بالدبادب والمغاني واللهو، وبقيت دون شهر مجردة. فلما هموا بزينتها جاء الأمر بإبطالها، فأصبح الناس وقد أزيلت ليلا كأن لم تكن، فهرجوا ومرجوا، ثم عملت له القباب عند مجيئه من فتح أنطاكية.
[إشتاء أباق ببغداد]
وفيها شتا أباق ببغداد.

(49/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 48

سنة ثمان وستين وستمائة

[خروج السلطان للصيد]
دخل السلطان القاهرة في صفر، ثم بعد أيام توجه إلى الإسكندرية، ومعه ولده الملك السعيد، فتصيد وعاد إلى مصر، وخلع على الأمراء، وفرق فيهم الخيل والمال.
[أسر أحد قادة الفرنج عند عكا]
وتوجه إلى الشام في الحادي والعشرين في ربيع الأول في طائفة يسيرة في الأمراء، وقاسوا مشقة من البرد. بلغه أن ابن أخت زيتون الملك خرج من عكا في عسكر، بقصد عسكر صفد، فسار السلطان واجتمع بعسكر صفد بمكان عينه، ثم سار إلى عكا فصادف ابن أخت زيتون قد خرج فكسره، وأسره في جماعة من أصحابه، وقتل من عسكره مقتلة.

(49/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 49

[غارة السلطان على المرقب]
ثم أغار على المرقب فصادف أمطارا وثلوجا، فرجع إلى حمص، وأقام بها نحوا من عشرين يوما.
[دخول السلطان مصر]
ثم سار إلى تحت حصن الأكراد، وأقام يسير كل يوم نحوها، ويعود من غير قتال، فبلغه أن مراكب الفرنج وصلت إلى ميناء الإسكندرية، وأخذت مركبين للمسلمين، فرحل لوقته وساق فدخل القاهرة في ثاني عشر شعبان.
[نيابة حصون الإسماعيلية]
وفيها قدم صارم الدين مبارك بن الرضى مقدم الإسماعيلية بهدية إلى السلطان، وشفع فيه صاحب حماة، فكتب له السلطان بالنيابة على حصون الإسماعيلية، على أن تكون مصياف وبلدها خاصا للملك الظاهر. وبعث السلطان معه نائبا من جهته على مصياف، وهو عز الدين العديمي. فلما وصلوا امتنع أهل مصياف، وقالوا لا نسلمها للصارم فإنه كاتب الفرنج، ونحن نسلمها للعديمي ؛ وقالوا له: تعال إلينا من الباب الشرقي. فلما فتحوا له هجم معه الصارم، وبذل السيف، وقتل منهم خلقا، وتسلم هو والعديمي القلعة.

(49/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 50
ثم غلب الصارم على البلد، وأزال عنه يد العديمي.
[ولاية ابن الشعراني على قلاع الإسماعيلية]
واتفق مجيء نجم الدين حسن بن الشعراني إلى السلطان، ومعه تقدمة سنية، فقدمها عند حصن الأكراد، فكتب له السلطان بالقلاع وهي: الكهف، والخوابي، والعليقة، والرصافة، والقدموس، والمينقة، ونصف جبل السماق، وقرر عليه أن يحمل في كل سنة مائة وعشرين ألف درهم.
[عصيان الصارم وحبسه]
ثم أخرج الصارن من مصياف نائب السلطان وعصى، فسار إليه صاحب حماة فنزل الصارم وذل، ثم عاد إليها العديمي، وحمل الصارم إلى مصر فحبس بها.
[إبطال الخمور بدمشق]
وفيها أبطلت الخمور وأريقت بدمشق، وشدد في ذلك الشيخ خضر الكردي شيخ السلطان، وسعى في إعدامها بالكلية، وكبس دور النصارى

(49/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 51
واليهود، وكتبوا على أنفسهم بعد القسامة أنه لم يبق عندهم منها شيء.
[انتشار الجراد]
وفيها جاء جراد عظيم إلى الغاية بالشام وإلى الديار المصرية وإلى الحجاز.
[وزارة الصحبة]
وفيها ولي الصاحب تاج الدين بن فخر الدين ابن خير وزارة الصحبة على ما كان عليه والده.
[عمل جسرين على النيل]
وفي ذي الحجة أمر السلطان بعمل جسرين بسلاسل ومراكب على النيل إلى الجيزة لما بلغه حركة الفرنج ليجوز الجيش عليهما إلى الإسكندرية إن دهمها عدو.
[نزول الفرنج على تونس]
ثم تواترت الأخبار بنزول الفرنج على تونس.
[كسرة عسكر برق]
وفيها سار أبغا لينصر أخاه على برق بعد أن جمع الجيوش، وسار بهم نحو شهرين، والتقوا على النهر الأسود، فكسر عسكر برق كسرة عظيمة، وساقوا خلفهم ولزوهم إلى الجسر فازدحموا، وتساقطوا في البحر، ورد أبغا إلى أرضه. ووقع في عسكره الوباء فمات منهم خلق.

(49/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 52

سنة تسع وستين وستمائة

[هدم سور عسقلان]
في صفر توجه السلطان من مصر في بعض العسكر إلى عسقلان، فهدم بقية سورها المهمل من الأيام الصلاحية.
[كسر عسكر أبغا]
وورد عليه الخبر بأن عسكر ابن أخي بركة عسكر أبغا.
[غدر أهل عكا بأسرى المسلمين]
ثم بلغه أن أهل عكا ضربوا رقاب جماعة من الأسارى، فأخذ أعيان من عنده من الأسرى فغرقهم في النيل، وكانوا مائة.
[القبض على صاحب الكرك]
وفيها قبض السلطان على الملك العزيز صاحب الكرك الملقب بالمغيث.

(49/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 53
وكان من كبار الأمراء بالقاهرة، فقبض عليه وعلى جماعة عزموا على سلطنته.
[الحرب بين أمير مكة وعمه]
وفي جمادى الأولى ورد الخبر أن أبا نمي محمد بن سعد بن علي بن قتادة أمير مكة تواقع هو وعمه إدريس، فاستظهر إدريس عليه وتفرد بإمرة مكة. وذهب أبو نمي إلى ينبع، فاستنجد بصاحبها، وجمع قصد مكة، فالتقيا، فحمل أبو نمي على عمه فطعنه رماه، ونزل فذبحه، واستبد بإمرة مكة.
[فتح حصن الأكراد]
وفي جمادى الآخرة خرج السلطان بالجيش لقصد حصن الأكراد، فبدأ بالإغارة على اللاذقية، والمرقب، ومرقية، وتلك النواحي، وافتتح في ذلك صافيتا، والمجدل، ثم نزل على حصن الأكراد في تاسع عشر رجب، ونصبت المجانيق والستائر. وللحصن ثلاثة أسوار فأخذت الباشورة بعد يومين، وأخذت الباشورة الثانية في سابع شعبان. وفتحت الثالثة الملاصقة للقلعة في نصف شعبان، وكان المحاصر لها الملك السعيد، وبيليك الخزندار، وبيسري الصالحي، ودخلوا البلد بالسيف، فأسروا من فيه من الجبلية والفلاحين، ثم أطلقهم السلطان، وتسلم القلعة في الخامس والعشرين من شعبان بالأمان، وترحل أهلها إلى طرابلس. ثم رتب الأفرم لعمارة الحصن، وصيرت الكنيسة جامعا.

(49/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 54

[مهادنة صاحب أنطرسوس]
وطلب صاحب أنطرسوس المهادنة، وبعث بمفاتيحها إلى السلطان، فصالحه على نصف ما يتحصل منها، وجعل عندهم نائبا.
[مصالحة صاحب المرقب]
وجاءت رسل صاحب المرقب، فصالحهم على النصف أيضا. وقررت الهدنة عشر سنين، وعشرة أشهر، وعشرة أيام.
[فتح حصن عكار]
ثم نزل السلطان على حصن ابن عكار، ونصبت المجانيق، ثم تسلمها بالأمان، وهي قلعة في واد بين جبال.

(49/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 55

[مهادنة صاحب طرابلس]
ثم خيم في رابع شوال على طرابلس، فسير إليه صاحبها يسأل عن سبب قصده فقال: لأرعى زرعكم وأخرب بلادكم، ثم أعود لحصاركم. فبعث إليه يستعطفه، ثم هادنه عشر سنين.
[السيل بدمشق]
وفي شوال جاء دمشق سيل عظيم مهول هدم البيوت. وأخذ النزال من الحجاج الروميين بين النهرين وجمالهم، وغرق جماعة. وذهب للناس شيء كثير. وكان ذلك بالنهار والشمس طالعة، والمشمس قد شرع، فغلقت أبواب المدينة، وطغى الماء وارتفع حتى بلغ أحد عشر ذراعا، وارتفع عند باب الفرج ثمانية أذرع، وكادت دمشق أن تغرق. وسدت الزيادة الأنهار بطين أصفر، ودخل الماء إلى البلد، وخرب خان ابن المقدم، وطلع الماء فوق أسطحة كثيرة عند جسر باب توما، حتى بلغني أنه وجد فوق سطح سمكة ميتة، واصطادوا السمك

(49/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 56
من وراء العادلية عند دار ابن يغمور. وتحدثت العوام أن الذين هلكوا بالزيادة والردم فوق الألفين ووجد في بساتين مرتفعة سمك في النقع إذا رأى الشخص ارتفاع تلك الأماكن زاد تعجبه. وحدثني رجل أن أهل الوادي الشرقي وجدوا جملا ميتا فوق أصل سفرجل، وضج الخلق بالبكاء والإستغاثة بالله. وكان يوما مشهودا وأشرف الناس على التلف. ثم لطف الله ورحم الناس، وتناقص الماء، ولو ثبت ساعة أخرى أو ارتفع ذراعا آخر لغرقت نصف دمشق. ولبعضهم:
(لقد أظهر الجبار بعض اقتداره .......... فأرسل بحرا طاميا من بحاره)

(وأرعدها حتى توافت مياهها .......... مطنبة محفوفة بازدجاره)

(وأهلك فيه خلقه وعبيده .......... فأضحوا وهم غرقى بأقصى قراره)

(فكم من شباب مع نساء وصبية .......... وكم من دواب قد صلين بناره)

(فسبحان من أبدى عجائب صنعه .......... وأزعج كل الخلق عند ابتداره)

(وعاد بلطف منه عفوا ومنة .......... فنسأله الزلفى غدا في جواره)

[إخراج اليهود من كنيسة لهم بدمشق]
وفي شوال قبل يوم الزيادة الموصوفة جاء الشيخ خضر شيخ السلطان إلى

(49/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 57
كنيسة اليهود، ومعه أمراء وأعيان والوالي، وأخرجوا اليهود منها يوم سبتهم وآذوهم، وقرأ القرآن بها غير واحد، ثم غنى المغنون، ورقص الناس بحضرة الشيخ خضر، وكان يوما عجيبا. ونهب كل ما فيها، وعمل الشيخ ثاني يوم بسيسة عظيمة بالسمن والعسل، وازدحم الخلق حتى ديست بالرجلين، وفضلت ورميت في نهر قلوط. واتخذ الشيخ خضر الكنيسة زاوية له. وكان صاحب كشف وأحوال شيطانية. وجرى ما لا ينبغي وسيأتي ذكر خضر في سنة ست وسبعين.
[دخول السلطان دمشق]
وجاء السلطان بالجيش في نصف شوال بعد الزيادة بيومين إلى دمشق، ولطف الله بهم إذ تأخروا عن الزيادة، وإلا كانت غرقت نصف الجيش وأكثر، فعزل السلطان ابن خلكان من القضاء بابن الصائغ.
[فتح القرين وهدمها]
ثم سار بعد عشرة أيام، فنزل على القرين، ونصب عليها المجانيق. وصدق أهلها في القتال، ودام الحصار جمعتين، ثم أخذت بالأمان وهدمت. وكانت من أمنع الحصون.

(49/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 58

[القبض على جماعة أمراء بمصر]
ثم سار السلطان بالجيش حتى أشرف على عكا، ورجع ودخل مصر في ثالث عشر ذي الحجة. ونابه في هذه السفرة فوق ثمانمائة ألف دينار. فلما دخل قبض على هؤلاء الأمراء الكبار: الحلبي، والمحمدي، وإيدغدي الحاجبي، والمساح، وبيدغان، وطوطج، لأنه بلغه عنهم أنهم هموا بالفتك به.
[السيل بمكة المكرمة]
ومن عجيب الاتفاق أن مكة جاء بها زيادة وسيل عرمرم، بحيث أن الماء بلغ إلى فوق الحجر الأسود.
[نقصان المياه وإبطال الطواحين]
ومن العجائب أن مياه دمشق والعاصي والفرات قلت ونقصت نقصا مجحفا، حتى هلك شيء كثير من الأشجار، وبطلت الطواحين، وعملت طواحين بمدارات. وكانت الفواكه في هذه السنة قليلة.
[تعيينات في مدارس دمشق]
ومما جرى في هذه السنة وقبلها وبعدها تولي القاضي نجم الدين ابن سني. الدولة تدريس الأمينية، والقاضي عز الدين ابن الصائغ تدريس العادلية، وأخوه

(49/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 59
عماد الدين تدريس العذراوية، ورشيد الدين الفارقي: الناصرية، والبرهان المراغي: الركنية، والعز بن عبد الحق: الأسدية، وتاج الدين عبد الرحمن: المجاهدية، وأخوه سيف الدين: الصارمية، والبهاء بن النحاس: القليجية، وابن عمه مجير الدين: الريحانية، والوجيه ابن منجا: المسمارية، والتقي التركماني: المعظمية، والشمس ابن الكمال: الضيائية، والعز عمر الإربلي: الجاروخية، وشرف الدين ابن المقدسي: العادلية الصغيرة.
[غرق سفن المسلمين عند قبرس]
وجهز السلطان وهو منازل حصن الأكراد سبعة عشر شينيا في البحر، عليها الريس ناصر الدين ريس مصر، والهواري ريس الإسكندرية، وعلوي ريس دمياط، والجمال بن حسون مقدم على الجميع، لكونه بلغه أن صاحب قبرس قدم عكا، فاغتنم السلطان الفرصة وبعث هؤلاء إلى قبرس، فوصلوها ليلا، فهاجت عليهم ريح طردتهم عن المرسى، وألقت بعض الشواني على بعض، فتحطمت وتكسر منها أحد عشر شينيا، وأسر من فيها من المقاتلة والبحارة، وكانوا نحوا من ألف وثمانمائة. وسلم ناصر الدين وابن حسون في الشواني السالمة.
[أمر السلطان بإراقة الخمور]
قال الشيخ قطب الدين: وفي ذي الحجة أمر السلطان بإراقة الخمور في

(49/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 60
بلاده، والوعيد على من يعصرها بالقتل. فأريق ما لا يحصر. وكان ضمان ذلك في ديار مصر خاصة ألف دينار في كل يوم.
[منازلة الفرنج تونس]
قال: وفيها نزلت الفرنج على تونس انتصارا لأهل جنوة بسبب ما أخذ من أموالهم، فنازلها الفرنسيس في أربعمائة ألف منها ستة وعشرون ألف فارس، وفيهم جماعة ملوك. ومجموع عدة مراكبهم أربعمائة مركب. وقاتلتهم البربر والعربان والعوام فقتل ولد الفرنسيس. وقيل إن الفرنسيس مات ولم يبق عندهم ملك يحكمهم. وطلبت الفرنج الصلح، فوقع الصلح على رد مال أهل جنوة.

(49/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 61

سنة سبعين وستمائة

[وقوع الخزندار في البحر]
في المحرم ركب السلطان من الصناعة في الشواني ومعه نائب السلطنة بيليك الخزندار، فلما صار في الشيني مال فوقع الخزندار في البحر، فنزل خلفه من أطلعه بشعره، وقد كاد.
[نيابة أيدمر بدمشق]
ثم خرج السلطان إلى الكرك، وأخذ معه النائب عز الدين أيدمر، وقدم به دمشق، فجعله نائبا عليها، وعزل النجيبي. ثم سار إلى حماة ورجع. ثم مضى إلى حلب.
[الوقعة بين التركمان والمغل بين حارم وأنطاكية]
وسببه أن صمغرا ومعين الدين البرواناه والتتر لما عادوا من عند أبغا

(49/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 62
في السنة الخالية جاءهم أمر بقصد الشام فحشدوا، وجاء صمغر في عشرة آلاف إلى البلستين، ثم إلى مرعش، وبلغهم أن السلطان بدمشق، فبعثوا من المغل ألفا وخمسمائة للإغارة وتجسس الأخبار، فوصلوا إلى عين تاب ثم إلى قسطون، ووقعوا على التركمان هناك بين حارم وأنطاكية فاستأصلوهم، فأمر السلطان بتجفيل البلاد حتى أهل دمشق ليطمع التتار فيتوغلون في البلاد ويتمكن منهم. وطلب جيش مصر فقدموا ومقدمهم الأمير بدر الدين بيسري، فوصلتهم الأخبار فأسرعوا الرجعة، وساق الفارقاني وراء التتر فلم يدركهم.
[غارة الفرنج إلى قاقون]
وأغارت الفرنج من عثليث إلى قاقون، وأخذت التركمان.
[تسليم مفاتيح حران للسلطان]
وساق الأمير علاء الدين بن طيبرس الوزيري، وعيسى بن مهنى، فخاضوا الفرات إلى حران، فخرج إليهم من بها من التتار، فطاردهم ابن مهنى، فخرج عليهم طيبرس، فلما رأوا الجيش نزلوا وقبلوا الأرض، وألقوا سلاحهم، فأخذوهم وكانوا ستين نفسا. وسار طيبرس فغلقوا أبواب حران سوى باب واحد، وخرج إليه الشيخ محاسن وهو من أصحاب الشيخ حيوة، وأتوه مفاتح حران وقالوا: البلد للسلطان أيده الله. ثم عاد طيبرس.

(49/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 63

[طرح امرأة أحد عشر ولدا]
قال شمس الدين محمد بن الفخر، رحمه الله: من أعجب ما يؤرخ أن امرأة امساحي في جوار دار بني هلال بباب الناطفيين في جمادى الأولى في مدة سبعة أيام وضعت طروحا أحد عشر، ولدا ذكورا وإناثا، بعضهم قد كملت خلقته، وبعضهم قد نبتن بعضها لأربعة أشهر ونصف. وهذا غريب نادر، واشتهر ذلك في دمشق، واستثبته قاضي القضاة عز الدين وأرخه.
[اكتشاف نفق فيه حيوانات ملفوفة]
وفي جمادى الآخرة عبر السلطان إلى بر الجيزة، فأخبر أن ببوصير مغارة فيها مطلب، فجمع لها خلقا وحفروا مدا طويلا، فوجدوا كلابا ميتة وقطاطا وطيورا، والكل ملفوف في عصائب وخرق، فإذا حلت اللفائف ولاقى ذلك الحيوان الهواء صار هباء. وأقاموا ينقلون من ذلك شيئا كثيرا ولا ينفذ فتركوه.
[الحوطة على دار القاضي ابن العماد]
وفي شعبان احتيط على دار القاضي شمس الدين محمد بن العماد، وحمل ما فيه من الودائع إلى قلعة الجبل. وذلك لأن ابن العماد عزل نجم الدين بن حمدان عن نيابة الحكم لأمر، فحمل أخاه التقي شبيبا الكحال التعصب على أن كتب ورقة إلى السلطان أن عند العماد ودائع كثيرة لتجار من حران، وبغداد , والشام، وقد مات أهلها. فاستدعاه السلطان وسأله عن الودائع ,

(49/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 64
فأنكر , فحلفه , فحلف متأولا. فكبس بيته، فوجد فيه كثير مما قيل، لكن أصحابها أحياء، ومنهم من مات وله وارث، فأخذ من ذلك زكاته مدة سنتين , وحنق عليه السلطان وحبسه، فتسلط عليه شبيب، وادعى أنه حشوي , وأنه يقدح في الدولة، وكتب بذلك محضرا. وسافر السلطان إلى الشام. ثم عقد مجلس بحضرة الأمير بدر الدين بيليك الخزندار , فاستدعي بالشهود والذين في المحضر، فرجع بعضهم في الشهادة وشهد الباقون، فأخرق بهم وجرحهم، وتبين للخزندار تحامل شبيب فحبسه، واحتاط على موجوده، وأعيد الشيخ شمس الدين إلى الحبس بالقلعة، فأقام بها سنتين إلى أن أفرج عنه في نصف شعبان من سنة اثنتين وسبعين. ولولا عناية الخزندار به ومحبته له لكان شيئا آخر.
[شن الغارات على بلاد عكا]
وأما السلطان فسار إلى الشام وشن الغارات على بلاد عكا فراسلوه، وطلبوا الصلح فصالحهم عشر سنين، ثم دخل دمشق.
[تخريب التتار سور حران]
وفي رمضان جاءت طائفة من التتار , فأخربوا شرفات سور حران وبعض أسواقها، ونقلوا كثيرا من أخشابها واستاقوا معهم أهلها وأخليت ودثرت بالكلية.

(49/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 65

[مواجهة رسل السلطان لأبغا ملك المغل]
وفيها وصلت رسل صمغر والبرواناه فقالوا للسلطان إن صمغرا يقول لك: منذ جاورك في البلاد لم يصله من جهتك رسول، وقد رأى من المصلحة أن تبعث إلى أبغا رسولا بما تحب حتى نساعدك ونتوسط. فأكرم السلطان الرسل، ثم بعث في الرسلية الأمير فخر الدين إياز المقري، والأمير مبارز الدين الطوري إلى أبغا، وبعث له جوشنا، وبعث لصمغر قوسا، فوصلا قونية، فسار بهما البرواناه إلى أبغا فقال: ما شأنكما؟ قالا: إن سلطاننا يقول لك إن أردت أن أكون مطاوعا لك فرد ما في يدك من بلاد المسلمين. فغضب وأغلظ لهما وقال: ما يرضى رأسا برأس ! وانفصلا من غير اتفاق. وعندي في وقوع ذلك نظر، لكن لعله سأله رد ما بيده من العراق والجزيرة، وإلا فجميع ما بيده بلاد المسلمين.
[وصول رسل بركة إلى السلطان]
وفيها وصلت رسل بيت بركة من عند منكوتمر بن طغان يطلبون من السلطان الإعانة على استئصال شأفة أبغا.

(49/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 66

[كشف السلطان على حصن الأكراد وعكار]
وفي ذي الحجة سار السلطان إلى حصن الأكراد وحصن عكار فأشرف عليهما، ورجع إلى دمشق.
[زواج الصاحب شرف الدين هارون]
وفيها تزوج الصاحب شرف الدين هارون بن الوزير شمس الدين الجويني ببغداد برابعة بنت أحمد بن أمير المؤمنين المستعصم، على صداق مبلغه مائة ألف دينار مصري، وعقده قاضي القضاة سراج الدين محمد بن أبي فراس في دار صاحب الديوان علاء الدين، بإنشاء بهاء الدين علي بن عيسى الإربلي، وشرطت عليه والدة العروس بأن لا يشرب الخمر، فأجاب.
[الحريق ببغداد]
واحترق ببغداد (...) من النظامية كله، واحترق فيه خلق كانوا في الغرف.
آخر المجلد العشرين

(49/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 67

بسم الله الرحمن الرحيم

الطبقة السابعة والستون

سنة إحدى وستين وستمائة ومن توفي فيها

- حرف الألف -
1 - أحمد بن محمد بن إبراهيم بن رزمان بن علي بن بشارة. الفقيه، فخر الدين، أبو العباس الدمشقي، الحنفي. فقيه، إمام، مدرس، عدل، متميز من أعيان الحنفية. روى عن: الخشوعي نسخة وكيع وغيرها. روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وابن الخباز، وطائفة، ومحمد بن المحب. توفي في أوائل شوال، ودفن بسفح قاسيون. 2 - أحمد بن عبد الله. الشيخ الصالح، أبو العباس المقدسي، الحنبلي، تربية البدوي.

(49/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 68
سمع من شيخه عبد الله بن عبد الجبار البدوي، وحنبل، وابن طبرزد. وحدث بدمشق والقدس. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والشيخ شعبان. وحدث بدمشق. وكان موته بقرية أبي ثور بظاهر القدس في نصف المحرم. 3 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن خلف بن محمد بن سليمان بن سوار بن أحمد بن حزب الله بن عامر بن سعد الخير بن عياش. وهو أبو عيشون بن محمود الداخل إلى الأندلس بن عنبسة بن حارثة بن العباس بن مرداس. السلمي، الإمام، المحدث، أبو إسحاق ابن الشيخ عبد الله الأندلسي، البلفيقي، المعروف بابن الحاج، نزيل دمشق. ولد بالمرية سنة ست عشرة وستمائة، وكان محدثا، فاضلا، مفيدا، عارفا. وبلفيق: بباء موحدة ولام مشددة، حصن عند المرية. ذكره الشريف عز الدين فقال: سمعت منه وحصل الأصول الحسنة الكثيرة. وسمع بمصر من جماعة، وحج وعاد. ثم سافر إلى دمشق فتوفي بها في المحرم. قلت: هذا كتبته ولا أعرفه.

(49/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 69
4 - إلياس بن عيسى. الإربلي. شيخ فقير مشهور بالدين والخير. كان يجلس أكثر نهاره برواق الحنابلة، ويجلس إليه أعيان ورؤساء لدينه، وعلى ذهنه عجائب ونوادر. وكان ظريفا، مليح الشكل. مات في شعبان. 5 - أيوب بن محمود بن أبي القاسم عبد اللطيف بن أبي المجد بن سما بن عامر. السلمي. محتسب دمشق، تاج الدين، أبو المجد. توفي في سلخ شعبان وله تسع وستون سنة. حدث عن: عمر بن طبرزد.
- حرف الباء -
6 - بدر الخشني. الشهابي، الطواشي، أبو الضياء. توفي بالمدينة النبوية. وروى عن: عبد الوهاب بن رواح. كتب عنه الشريف عز الدين، وغيره. 7 - بهادر الخوارزمي.

(49/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 70
الأمير. أول من ولي العراق لهولاكو. وكان على ظلمه له ميل إلى الإسلام، وعلم أولاده القرآن، وكان ربما صلى ويعرف بالعربي. وفيه دهاء ومكر. قتلته التتار لأمور نقموها.
- حرف الحاء -
8 - الحسن بن علي بن منتصر بن زكريا. أبو علي الفاسي، ثم الإسكندراني، الكتبي. شيخ معمر فاضل. ولد سنة أربع وسبعين. وسمع سنة أربع وثمانين من: عبد المجيد بن دليل الكندي. وسمع من: عبد الرحمن بن موقا. وتفرد بالرواية عن ابن دليل. روى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان الإربلي، وجماعة. مات في ثامن وعشرين ربيع الآخر بالإسكندرية.
- حرف الزاي -
9 - زكريا بن عبد السيد بن ناهض. أبو يحيى الأنصاري، المصري، النويري، المالكي، المؤدب. روى عن: علي بن المفضل الحافظ. سمع منه: الشريف، وجماعة. ومات في رابع صفر.

(49/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 71

- حرف السين -
10 - ست الدار بنت مكي بن علي بن كامل الحراني. أخت زينب. سمعت من: داود بن ملاعب، وموسى بن عبد القادر. وماتت في ربيع الأول. 11 - سليمان بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن فارس. الخطيب، الإمام، أبو الربيع الكتاني، العسقلاني الأصل، المكي. الفقيه الشافعي. سمع من: زاهر بن رستم، ويحيى الفراش. روى عنه: الدمياطي، والرضى الطبري، وجماعة. وخطب مدة بمكة، وكان مشهورا بالعلم والدين والعبادة. ولد قبل موت جده لأمه عمر الميانشي قبل الثمانين وخمسمائة. وكف بصره في آخر أيامه. ومات في رابع عشر المحرم بمكة. وحدث ' بالنسائي ' عن ابن الحصري.

(49/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 72

- حرف الشين -
* - الشهاب أجير البهاء الشروطي. هو محمد بن عبد الرحيم. يأتي.
- حرف الصاد -
12 - صلاح بن جعفر بن ضرغام بن نزار. أبو عمر العجلاني، الفيومي، المؤدب. توفي في جمادى الأولى بالقاهرة. وقد سمع في الكهولة من: مكرم، وابن المقير. وحدث. أخذ عنه الطلبة.
- حرف العين -
13 - عبد الله بن محمد بن رضوان بن عبدك. أبو محمد العجمي شيخ معمر حدث عن السلفي بالإجازة العامة. قاله الشريف عز الدين. 14 - عبد الخالق بن جعفر بن محمد. الإمام عز الدين، أو محمد البليناوي، المصري، الشافعي. الفقيه. سمع وحصل وعني بالحديث وأكثر. وحدث عن ابن باقا، ومات في ذي الحجة كهلا. 15 - عبد الرازق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف.

(49/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 73
الإمام، الحافظ، المفسر، عز الدين أبو محمد الرسعني، المحدث الحنبلي. ولد برأس عين سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وسمع ' تاريخ بغداد ' كله من أبي اليمن الكندي. وسمع ببغداد من عبد العزيز بن حنينا، وطبقته ؛ وبحلب من الإفتخار الهاشمي. وقدم بغداد مرة رسولا، فقرأ عليه أبو حامد بن الصابوني جزءا. فسمعه جماعة وله شعر رائق. وولي مشيخة دار الحديث بالموصل. وسمع برأس عين من: أبي المجد القزويني، وغير واحد. وصنف تفسيرا حسنا روى فيه بأسانيده. وله كتاب ' فضل الحسين '، وغير ذلك.

(49/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 74
وكان إماما، محدثا، فقيها، أدبيا، شاعرا، دينا، صالحا، وافر الحرمة. وله مكانه عند صاحب الموصل لؤلؤ لجلالته وفضله. وروى عنه الأبرقوهي في ' معجمه '. وروى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في ثاني عشر ربيع الآخرة. وقرأت بخط سيف الدين ابن المجد في ذكر عبد الرازق الرسعني قال: حفظ ' المقنع '، وسمع بدمشق سنة خمس وسنة وست. وسمع من: الكندي، والخضر بن كامل، وابن الحرستاني، وابن الجلاجلي، وابن قدامة. وببغداد من الداهري، وعمر بن كرم.

(49/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 75
16 - عبد الرحمن بن سالم بن يحيى بن خميس بن يحيى بن هبة الله. الإمام، المفتي، جمال الدين، أبو محمد الأنصاري، الأنباري الأصل، البغدادي، ثم الدمشقي. الفقيه الحنبلي. سمع من: التاج الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب. وبحران من الحافظ عبد القادر. وتفقه على الشيخ الموفق. ونسخ بخطه كثيرا من كتب العلم. وكان صحيح النقل، جيد الشعر، دينا، صالحا. كتب عنه عمر بن الحاجب، والقدماء. وروى عنه: ابن الخلال، والدمياطي، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن وأخوه الخطيب شرف الدين، وابن الخباز، والبرهان الذهبي، وآخرون. ومات في سلخ ربيع الآخر، ودفن بسفح قاسيون. وكان يسكن بالجامع، بالمنارة الغربية. قال أبو شامة: كان يصلي الصبح إماما بالمتأخرين، فيطيل إطالة مفرطة

(49/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 76
خارجة عن المعتاد بكثير، إلى أن تكاد الشمس تطلع، ولا يترك ذلك. قلت: سمع البرهان، والكمال بن النخاس منه جميع كتاب ' الأربعين ' للرهاوي، بقراءة شرف الدين. 17 - عبد الرحمن بن محمد بن الحافظ الكبير عبد الغني بن عبد الواحد. الأمام المحدث، عز الدين ابن العز. أخو التقي بن العز، المقدسي، الحنبلي. ولد سنة تسع وتسعين، أو سنة ستمائة. وسمع حضورا من: عمر بن طبرزد. وحفظ القرآن على الشيخ العماد. وتفقه على الشيخ الموفق. وسمع من التاج الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب، وطبقتهم. ورحل فسمع ببغداد من الفتح بن عبد السلام، وعلي بن بوزندار، وابن الجواليقي، وطبقتهم. وسمع بحلب من: أبي محمد بن الأستاذ ؛ وبمصر والإسكندرية من جماعة من أصحاب السلفي.

(49/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 77
وكتب الكثير، وحصل، وكان حسن الفهم، له معرفة بالرجال، من أفضل من بقي بالجبل. بالغ في الثناء عليه تلميذه نجم الدين ابن الخباز، وقال: كان ضابطا، متقنا ورعا، حافظا لأسماء الرجال، مجتهدا على فعل الخير، مفيدا للطلبة، يمشي إلى الطالب ويفيده ويعارض معه، انتفعت به جدا، وأحسن إلي ونصحني في ديني ودنياي، وما رأت عيناي بعد شيخنا ضياء الدين مثله وسمعت بقراءته في سنة تسع وثلاثين على عبد الحق بن خلف، وغيره. وأسمع الحديث مدة بدار الحديث الأشرفية التي بالجبل، وكان ورعا دينا، عاملا، قليل الرغبة في الدنيا، كثير التعفف. قلت: روى عنه: هو، والدمياطي، والقاضي تقي الدين، وابن الزراد وآخرون ثم ظفرت بمولده في ربيع الآخر سنة اثنتين وستمائة. ومات في النصف من ذي الحجة، ولم يستكمل الستين. وفي كنيته أقوال، وهي: أبو الفرج، وقيل: أبو محمد، وأبو قاسم. 18 - عبد الرحمن بن مرهف بن عبد الله بن يحيى بن عبد المجيد.

(49/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 78
الإمام البارع، تقي الدين، أبو القاسم المصري، الشافعي، الناشري، المقرئ. ولد سنة ثمانين وخمسمائة، وقرأ القراءات على أبي الجود المقرئ. وسمع الحديث من علي بن المفضل الحافظ، وجماعة. وانتصب للإقراء مدة بجامع مصر، واشتهر اسمه وبعد صيته. ذكره الشريف عز الدين فقال: سمعت منه، وسألت عن مولده فقال: بمصر سنة ثمانين. وانتفع به جماعة كثيرة. وكان شخصا صالحا، عارفا بالقراءآت فاضلا فيها، وإليه انتهت رئاسة الإقراء بجامع مصر. توفي ليلة السابع والعشرين من شوال بمصر. 19 - عبد الغني بن سليمان بن بنين بن خلف. الشيخ المسند أثير الدين، أبو القاسم، وأبو محمد المصري، الشافعي، القباني، الناسخ. ولد بمصر سنة خمس وسبعين. وسمع الكثير بإفادة والده أبي الربيع. فسمع من: أبي القبائل عشير الجيلي، وقاسم بن إبراهيم المقدسي،

(49/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 79
والقاسم بن عساكر، وهبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، ومحمد بن عبد المولى، وابن نجا الواعظ، والأرتاحي، وغيرهم. وأجاز له: عبد الله بن بري النحوي، وأبو القاسم عبد الرحمن السبيي، والتاج محمد بن عبد الرحمن المسعودي. وحدث بالشيء مرات، وتفرد في وقته. وهو آخر من روى عن عشير والسيبي، وابن بري. ذكره الشريف فأثنى عليه وقال، كان شيخا صالحا ساكنا من أولاد المشايخ الفضلاء. كان أبوه مشهورا بالأدب، صحب أبا محمد بن بري وأخذ عنه. وسمع وحدث وصنف. توفي أبو القاسم في ثالث ربيع الأول. وقد سمع منه الحافظ عبد العظيم وذكره في ' معجمه '. قلت: وروى عنه شيخنا الدمياطي، والدواداري، والشيخ شعبان، وإبراهيم بن الظاهري، والأمين الصعبي، وجماعة، ويوسف الختني، والتقي محمد ويحيى ولدا ضياء الدين ابن عبد الرحيم. 20 - عبد المنعم بن عبد الوهاب بن محمد بن رحمة. أبو محمد القضاعي، الخولاني، المصري، المؤذن، ويعرف بابن سمعون. روى عن: علي بن نصر ابن البنا المكي. وتوفي في ربيع الأول عن أربع وسبعين سنة.

(49/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 80
كتب عنه المصريون. 21 - عبد الوهاب بن ضرغام بن سعيد. أبو محمد المصري. روى عن: المحدث أبي الفتوح نصر بن الحصري. وعاش ستا وثمانين سنة. توفي في رجب. 22 - عزية بنت محمد بن أحمد بن مفلح. أم أحمد الصالحية. روت عن عمر بن طبرزد. روى عنها: ابن الخباز، وابن الزراد، وابنها الشيخ محمد البجدي، وغيرهم. وماتت في الثامن والعشرين من ذي الحجة. 23 - عتيق بن الحسين بن عبد الله بن محمد بن رشيق. أبو بكر التغلبي، البياسي. أخذ عن: أبيه، وأبي الخطار بن واجب، وأبي بكر بن حسنون، وأبي محمد بن حوط الله. وقرأ عليهم. أخذ عنه ابن الزبير بمرسية وقال: مات في ذي الحجة سنة إحدى وستين.

(49/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 81
24 - علي بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن طلحة. أبو الحسن المقدسي الأصل، الدمشقي، الحنبلي. روى عنه: أبي طاهر الخشوعي، وحنبل المكبر. وكان إنسانا مباركا، خيرا. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، ومحمد بن المحب، وأبو بكر القطان، وآخرون. ومات في أوائل رجب ودفن بالصالحية. 25 - علي بن شجاع بن سالم بن علي موسى بن حسان بن طوق بن سند بن علي بن الفضل بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. الشيخ، الإمام، كمال الدين أبو الحسن بن أبي الفوارس الهاشمي، العباسي، المقرئ، الشافعي، الضرير، مسند الآفاق في القراءآت. فإنه قرأ القراءآت السبعة مفردا لكل رواة الأئمة، سوى رواية الليث، عن الكسائي، وجامعا لهم إلى سورة ' الأحقاف '، على حميه الإمام أبي محمد بن فيره الشاطبي.

(49/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 82
ومات الشاطبي رحمه الله وللكمال الضرير ثمانية عشر عاما. وتزوج من بعد موته بابنته. ثم قرأ القراءآت على أبي الجود بالطرق السبعة، ويعقوب، وغير ذلك. وقرأ قبل وفاة الشاطبي للسبعة على أبي الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجي صاحب ابن الحطيئة. وتفقه على أبي القاسم عبد الرحمن بن الوراق، وغيره. وقرأ النحو على أبي الحسين يحيى بن عبد الله النحوي. وسمع الكثير ولا سيما في أثناء عمره من: الشاطبي، وشجاع المدلجي، وهبة الله بن علي البوصيري، وأبي الفضل الغزنوي، وأبي عبد الله الأرتاحي، والمطهر بن أبي بكر البيهقي، وأبي نزار ربيعة بن الحسن، وعبد الرحمن مولى ابن باقا، ومحمد بن عبد المولى بن اللبني، وأبي الحسين محمد بن أحمد بن جبير الكناني البلنسي. وقد سمع من ابن جبير ' التيسير ' عن علي بن أبي العيش، عن ابن الدش، عن المصنف. وسمعه أيضا من الشاطبي. وسمع ' الشاطبية ' وصححها دروساً عليه. وروى بالإجازة العامة عن السلفي كتاب ' المستنير '، بسماعه لمعظمه عن مصنفه ابن سوار، وإجازته لباقيه. وروى ' التجريد ' لابن الفحام تلاوة وسماعا عن سماع. وسمعه من القاضي أبي المحاسن يوسف بن شداد، بروايته سماعا عن يحيى بن سعدون القرطبي، عن المصنف.

(49/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 83
وروى ' التذكار ' لابن شيطا، عن أبي بكر عبد الرحمن بن أحمد بن باقا، قدم عليهم قال: أنا علي بن أبي سعد الخباز، أنا أبو علي الحسن بن محمد الباقرحي، أنا المصنف. وله سماعات كتب كثيرة وفضائل. تصدر للإقراء بجامع مصر وبمسجد ابن موسى بالقاهرة، وقرأ عليه خلق كثير، وطار ذكره، فدخل إليه من النواحي. وتفرد في عصره، وإليه انتهت رئاسة الإقراء وعلو إسنادها. وكان أحد الأئمة المشاركين في فنون العلم، مع ما جبل عليه من حسن الأخلاق والتواضع، ولين الجانب، والتودد، والصبر على الطلبة، والسعي التام في مصالحهم بكل ممكن. قرأ عليه القراءآت: الإمام أبو عبد الله محمد بن إسرائيل القصاع، والشيخ حسن بن عبد الله الراشدي، وشمس الدين محمد بن منصور الحاضري، والشيخ نصر المنبجي، والحافظ شرف الدين الدمياطي، وبرهان الدين إبراهيم الوزيري، وطائفة سواهم. وروى عنه: الشيخ داود الحريري، والعماد محمد بن الجرائدي، والشيخ شعبان، والزين عبد الرحيم البغدادي، وعلم الدين سنجر الداوداري، وإسحاق الوزيري، والشرف محمد بن عبد الرحيم بن مسكن، وخلق في الإحياء. توفي في سابع ذي الحجة. وكان مولده في سابع شعبان من سنة اثنتين وسبعين بالمعتمدية، قرية من أعمال الجيزة. 26 - عمر بن عبد الغني بن فتيان. الجدياني، المؤذن

(49/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 84
سمع: ابن الرشيد، وابن اللتي. ومات في ربيع الآخر. لم يكمل الأربعين. كتب عنه: ابن الخباز، وغيره.
- حرف القاف
27 - القاسم بن أحمد بن الموفق بن جعفر. الإمام العلامة ذو الفنون، علم الدين، أبو محمد المرسي، اللورقي، المقرىء، النحوي. ومنهم من سماه: أبو القاسم محمد، والأول أصح. ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وقرأ القراءآت سنة ثمان وتسعين وبعدها على: أبي جعفر أحمد بن علي بن يحيي بن عون الله الحصار، وأبي عبد الله محمد بن سعيد المرادي المرسي، والقاضي أبي عبد الله محمد بن نوح الغافقي البلنسي، عن قراءتهم على ابن هذيل.

(49/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 85
وقرأ بمصر القراءآت على أبي الجود. وبدمشق على الكندي، وابن باسويه. وأحكم العربية وبرع فيها، واجتمع بالجزولي وسأله عن مسألة من مقدمته. وسمع ببغداد من أبي محمد بن الأخضر، وبحلب من الإفتخار الهاشمي. وبدمشق من الكندي وقرأ عليه ' كتاب سيبويه ' بكماله. واشتغل ببغداد أيضا على الشيخ. أبي البقاء. وقرأ علم الكلام والأصلين والفلسفة. وكان خبيرا بهذه العلوم قائما عليها مقصودا بإقرائها. ولي مشيخة التربة العادلية التي شرطها القراءآت والنحو ؛ درس بالعزيزية نيابة. وصنف شرحا مختصرا ' للشاطبية '، وشرح ' المفصل ' للزمخشري في عدة مجلدات وما قصر فيه. ' وشرحا ' للجزولية، وغير ذلك. وكان مليح الشكل، حسن البزة، إماما كبيرا، مهيبا، متقنا. وقد عزم على الرحلة إلى الفخر ابن الخطيب فبلغه موته. وكان له حلقة إشغال. وهو كان الحكم بين أبي شامة والشمس أبي الفتح في أيهما أولى بمشيخة التربة الصالحية، والقصة معروفة، فرجح أبا الفتح بعض الشيء. وقيل: لم يرجحه بل قال: هذا رجل يدري القراءآت ؛ وقال عن أبي شامة: هذا إمام. فوقعت العناية بأبي الفتح. وقد ذكره أبو شامة في ' تاريخه ' وما أنصفه فقال: في سابع رجب توفي العلم أبو محمد القاسم بن أحمد بن أبي السداد المغربي، النحوي، وكان معمرا، مشتغلا بأنواع من العلوم على خلل في ذهنه.

(49/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 86
قلت: قرأ عليه القراءآت سبطه بهاء الدين محمد بن البرزالي، والشيخ أبو عبد الله القصاع، وبرهان الدين الإسكندراني، وشهاب الدين حسين الكفري، وعلاء الدين ابن علي الكندي لكنه نسي أعني الكندي -. وحدث عنه: العماد بن البالسي وغيره. 28 - قاسم بن بركات بن أبي القاسم. أبو محمد بن القيسراني، المصري، البزاز، العدل. ويعرف بعز القضاة. روى عن أبي عبد الله بن عبدون البناء. ومات بالقاهرة في تاسع صفر، وله تسع وسبعون سنة.
- حرف الميم -
29 - محمد بن أحمد بن عنتر. الصدر، شرف الدين الدمشقي. ولي حسبة دمشق في أيام هولاوو، فطلب لذلك إلى مصر وهدد. توفي في صفر. 30 - محمد بن القدوة الإمام شيخ خراسان سيف الدين سعد بن المطهر الباخرزي. الإمام جلال الدين نزيل بخارى. مات في جمادى الأول، ودفن بجنب أبيه وله ست وثلاثون سنة. 31 - محمد بن عبد الرحيم.

(49/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 87
الدمشقي، الشروطي، العدل، شهاب الدين ابن الضياء، المعروف بأجير البهاء، الشريف. كان بارعا في كتابة الشروط، انتهت إليه معرفة ذلك، ولم يكن يشهد على القضاء لاستغنائه بصناعته، وكان صاحب حظوة. توفي عشر الستين في رجب بدمشق. 32 - محمد بن نصر الله بن المظفر بن أسعد بن حمزة بن راشد. الصدر، جمال الدين، أبو الفضل التميمي، الدمشقي، ابن القلانسي، ابن أخي مؤيد الدين. ولد سنة ست وستمائة، وحدث عن: الكندي، وابن الحرستاني، وغيرهما. 33 - مظفر بن علي بن الحسن بن سني الدولة. العدل، عماد الدين ابن بهاء الدين ابن عمر قاضي القضاة صدر الدين الدمشقي، الشروطي. توفي في رجب.
- حرف الياء -
34 - يحيى بن فضل الله.

(49/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 88
الشيخ شرف الدين ابن السيسي، إمام المدرسة الصالحية النجمية بالقاهرة. كان من أصحاب الشيخ علم الدين السخاوي، وهو أول من أم بالدار الأشرفية، ثم سكن مصر. 35 - يحيى بن أبي حامد محمد ابن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الملك بن عيسى بن درباس. الماراني، المصري، الشافعي. سمع من: عبد العزيز بن باقا. ومات في المحرم. 36 - يعقوب بن عبد الله. المقدسي، تربية البدوي، أخو أحمد بن عبد الله. روى عن شيخه عبد الله بن عبد الجبار البدوي، وحنبل بن طبرزد. ومات في رجب بالقاهرة. وكتب عنه الطلبة.
- الكنى -
37 - أبو بكر الدينوري. الرجل الصالح، صلاح الدين، صاحب الشيخ عزيز الدين عمر الدينوري، وهو الذي بنى له الزاوية بالصالحية، وصار هو وجماعته يذكرون فيها عقب الصبح بأصوات طيبة، فلما مات الشيخ رحمه الله بقي الصلاح يقوم بعده بهذه الوظيفة.

(49/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 89
وعاش إلى هذا الوقت، ومات في ذي القعدة. 38 - أبو الهيجاء بن عيسى بن خشترين. الأمير الكبير مجير الدين بن الأمير الكبير حسام الدين الكردي. وكان أحد الشجعان له اليد البيضاء يوم عين جالوت. ثم رتبه الملك المظفر قطز مشاركا للحلبي في نيابة دمشق في الرأي والتدبير. وكان أبوه أكبر أمير عند الملك الظاهر صاحب حلب. توفي مجير الدين في شعبان بدمشق. 39 - ملك الفرنج الفرنسيس.

(49/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 90
الذي قصد دمياط نوبة المنصورة. كان متسع الممالك، كثير الجيوش والبلاد، علي الهمة، ذا رأي ودهاء وأموال وحشم، أسره المسلمون يوم المنصورة فقيد وحبس في دار كان ينزلها فخر الدين بن لقمان الكاتب، ورسم عليه الطواشي صبيح المعظمي، ثم استفك نفسه باموال عظيمة. وفي ذلك يقول ابن مطروح:
(وقل لهم إن أضمروا عودة .......... لأخذ ثأر أو لقصد صحيح)

(دار ابن لقمان على حالها .......... والقيد باق والطواشي صبيح)
وكان هذا الملعون في همته أن يستعيد القدس. وكان هلاكه بظاهر مدينة تونس، فإنه قصدها وبها المستنصر بالله محمد بن يحيى بن عبد الواحد، وكاد أن يملكها، فأوقع الله الوباء في جيشه فهلك هو وجماعة من ملوك الفرنج، ورجع الباقون خائبين. وقيل إن أهل الأندلس تحيلوا حتى سموه، وأراح الله الإسلام منه. ولقد كاد أن يستولي على إقليم مصر، فإنه نازل دمياط، فهرب منه العسكر الذي تجاهها لحفظها، فلما رأى المقاتلة الذين بها وأهلها هروب العسكر تبعوهم هاربين تحت الليل، بحيث أن دمياط أصبحت وما بها أحد، وتسلمتها الفرنج بلا ضربة ولا طعنة ولا امتناع لحظة بذخائرها وعدتها وخيرها، وكان ما قد ذكرناه من الحوادث، فبقيت في أيديهم نحوا من سنة ونصف. والفرنسيس، ويدعى ريذافرنس، ينازل بمجموعه يحامي عنها، والمسلمون

(49/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 91
ينازلوه مدة طويلة، يستظهر عليهم ويستظهرون عليه، إلى أن كان الظفر للإسلام آخر شيء، وقتل خلائق من الفرنج لا يحصون، ووقع هو في أسر المسلمين. ثم استفك نفسه بدمياط وبجملة من الذهب. قال ابن واصل: دخل إليه حسام الدين ابن أبي علي وهو مقيد بالمنصورة فحاوره طويلا حتى وقع الإتفاق على تسليم دمياط، ويطلق هو ومن معه من كبراء الفرنج. فحكى لي حسام الدين قال: كان فطنا عاقلا قلت له: كيف خطر للملك مع ما أرى من عقله وفضله وصحة ذهنه أن يقدم على خشب، ويركب في هذا البحر، ويأتي هذه البلاد المملوءة من عساكر الإسلام، ويعتقد أنه يحصل له تملكها، وفيها فعل غاية الغرر؟ ! فضحك ولم يحر جوابا. وقلت: ذهب بعض فقهائنا أن من ركب البحر مرة بعد أخرى مغررا بنفسه أنه لا تقبل شهادته، لأنه يستدل بذلك على ضعف عقله. قال: فضحك وقال: لقد صدق هذا القائل وما قصر. ولما أفرج عن ريذافرنس وأصحابه أقلعوا إلى عكا، وأقام بالساحل مدة، وعمر قيسارية، ثم رجع إلى بلاده، وأخذ يجمع ويحشد إلى هذا الزمان، وأراد قصد بلاد الإسلام ثانيا ؛ ثم فتر عن قصد مصر، وقصد بلد إفريقية (...) إلى أنه من ملك بلاد المغرب تمكن من قصد مصر في البر والبحر، ويسهل عليه تملكها، فنازل تونس إلى أن كاد يملكها، ولكن وقع الوباء في جيشه فهلك هو وجماعة من ملوكهم، كما ذكرنا

(49/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 92
وفيها ولد: شيخنا تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن تيمية الفقيه بحران يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، ومجد الدين محمد بن محمد سبط ابن الحبوبي في رجب، والنجم محمد بن إبراهيم بن عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري، يروي عن النجيب، والزين عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن ابن القيراط، والنفيس سلامة ابن أمين الدين ابن شقير، في شعبان، والتقي سليمان بن عبد الرحيم بن أبي عباس الصالحي العطار، وعبد الرحمن محمد بن عبد الحميد المقدسي.

(49/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 93

سنة اثنتين وستين وستمائة

- حرف الألف -
40 - أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان بن عبد الله بن علوان بن رافع. قاضي حلب، كمال الدين، أبو العباس، وأبو بكر، ولد الإمام قاضي القضاة بحلب زين الدين ابن المحدث، الإمام الزاهد أبي محمد بن الأستاذ الأسدي الحلبي، الشافعي. ولد سنة إحدى عشرة وستمائة. وسمع حضورا من: الافتخار الهاشمي: وسمع من: ثابت بن مشرف، وجده أبي محمد بن علوان، وابن روزبة، وطائفة. وحدث وأفتى ودرس، وأقام بمصر بعد أخذ حلب، ودرس بالمدرسة المعزية بمصر، وبالهكارية بالقاهرة

(49/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 94
وكان صدرا معظما، وافر الحرمة، مجموع الفضائل، صاحب رئاسة ومكارم وأفضال وسؤدد وتواضع. ولي القضاء مدة فحمدت سيرته. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وكان يدعو له، لما أولاه من الإحسان. وسمع منه الطلبة المصريون. وولي قضاء حلب بعد موت والده. وكان ذا مكانة عظيمة عند الملك الناصر وكلمته نافذة، فلما خربت حلب أصيب بأهله وماله، والله يعظم أجره، وسلمت نفسه، فأتى مصر ودرس بها إلى أن ولي قضاء حلب، فأتاها في صدر هذا العام. توفي ليلة نصف شوال. 41 - أحمد بن عمران.

(49/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 95
الرئيس نجم الدين الباجسرائي، ناظر سواد العراق للمغل. قتلوه في جمادى الآخرة ؛ وكان نصيريا ظاهر الفسق. 42 - أحمد بن محمد بن صابر بن محمد بن صابر بن منذر. الحافظ المتقن، ضياء الدين، أبو جعفر، القيسي، الأندلسي، المالقي. ولد بمالقة سنة خمس وعشرين وستمائة. وسمع الكثير ببلاد المغرب، وحج، وسمع بمصر. وقدم دمشق فسمع من أصحاب يحيى الثقفي، وكتب بخطه الكثير. وكان سريع الكتابة والقراءة، شديد العناية بالطلب، كثير الفوائد، دينا فاضلا، جيد المشاركة في العلوم. كتب عنه: الشريف عز الدين، وآحاد الطلبة. ومات شابا في ثامن شعبان بالقاهرة. 43 - إبراهيم بن مكي بن عمر بن نوح. الرئيس الصدر، ضياء الدين، أبو إسحاق المخزومي، الدماميني، الكاتب. تقلب في الخدم الديوانية.

(49/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 96
وحدث عن: أبي الحسن علي بن البناء. ولد بدمامين من الصعيد سنة أربع وثمانين. ومات ببلبيس سنة اثنتين في ذي الحجة. 44 - إبراهيم بن محمود بن موسى بن أبي القاسم. أبو إسحاق الكردي، الضرير، الهذباني. ولد سنة أربع وسبعين تقديرا. وسمع من: عبد الخالق بن فيروز الجوهري. وحدث بالقاهرة ودمشق، وهو من شيوخ الدمياطي. توفي ببعض قرى القاهرة في الحادي والعشرين من رجب. روى عنه: يوسف بن عمر الختني. 45 - إسماعيل بن صارم بن علي بن عز بن تميم. أبو الطاهر الكناني، العسقلاني، ثم المصري، الخياط. روى عنه جماعة المصريين، وكان عالي الإسناد. حدث عن: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وفاطمة بنت سعد الخير. روى عنه: الدمياطي، وشعبان الإربلي، وقطب الدين ابن اليونيني، وعلم الدين الدوادري، والأمين عبد القادر الصعبي، ومحمد بن محمد بن القواس، وطائفة سواهم. وبلغني أنه شنق نفسه. توفي في تاسع جمادى الأولى. 46 - أيوب بن محمود بن سما.

(49/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 97
المحتسب، تاج الدين الدمشقي. قد ذكرناه في السنة الماضية على ما ورخه الدمياطي، والشريف. وقال الإمام أبو شامة وغيره: توفي سنة اثنتين وستين في شعبان، فالله أعلم.
- حرف الباء -
47 - بهرام. أبو الفضل، عتيق مؤيد الدين ابن عساكر. روى عن: عمر بن طبرزد. ومات في العشرين من صفر، ودفن بسفح قاسيون. قاله الشريف في ' الوفيات '، ولا أعرفه.
- حرف الحاء -
48 - حسين بن محمد بن أبي عمرو. أبو العلاء الإسكندراني، المالكي، الفقيه. درس وأفتى، وحدث عن: أبي الحسن بن المفضل. ومات في رمضان بالثغر.
- حرف الخاء -
49 - خضر بن غزي بن عامر. أبو العباس الأنصاري، الشارعي، المؤدب. ولد ببلبيس سنة أربع وثمانين. وسمع في كهولته من مكرم القرشي. كتب عنه الشريف عز الدين، وغيره.

(49/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 98
ومات في ربيع الآخر.
- حرف السين -
50 - السديد. شيخ الرافضة بالحلة وفقيههم واسمه أبو علي بن خشرم الحلي. مات في هذه السنة وقد جاوز الثمانين، ودفنوه بمشهد علي، رضي الله عنه. 51 - سليمان بن أحمد بن يوسف. أبو الربيع المراكشي. سمع بمكة من: الشهرزوري. وحدث بالقاهرة. ومات بالإسكندرية في جمادى الآخرة. 52 - سليمان بن المؤيد بن عامر. المقدسي، العقربائي، الطبيب، الزين الحافظي. رئيس فاضل، حسن المشاركة في الأدب والعلم، زنديق. خدم الملك الحافظ صاحب جعبر بالطب، وإليه ينسب. ثم خدم الملك الناصر يوسف، وارتفعت منزلته، وأعطي إمرة وطبل خاناه من التتار. حدثني الرشيد الرقي الأديب قال: كنت أقابل معه في ' صحاح الجوهري ' فلما أمروه قلت، وأنشدته:
(قيل لي: الحافظي قد أمروه .......... قلت: ما زال بالعلاء جديرا)

(وسليمان من خصائصه الملك .......... فلا غرو أن يكون أميرا)

(49/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 99
وقال قطب الدين: فيها قتل الزين الحافظي بين يدي هولاكو في أواخرها بعد أن أحضره وقال: قد ثبت عندي خيانتك وتلاعبك بالدول خدمت صاحب بعلبك طبيبا، وصاحب قلعة جعبر الحافظ، والملك الناصر، فخنت الجميع، ثم إنتقلت إلي، فأحسنت إليك، فشرعت تكاتب صاحب مصر. وعدد ذنوبه ثم قتله وقتل أولاده وأقاربه، وكانوا نحوا من خمسين ضربت أعناقهم. وكان من أسباب قتله كتب سعى الملك الظاهر في إرسالها إليه من مصر بحيث وقعت في يد هولاكو. وأما خيانته في الأموال وأخذه البرطيل وجناياته في الإسلام فكثيرة، يعني أيام التتار بدمشق. قال: ولم تكن الإمارة لائقة به. وللموفق أحمد بن أبي أصيبعة فيه:
(وما زال زين الدين في كل منصب .......... له في سماء المجد أعلى المراتب)

(أمير حوى في العلم كل فضيلة .......... وفاق الورى في رأيه والتجارب)

(إذا كان في الطب فصدر مجالس .......... وإن كان في حرب فقلب الكتائب)

(ففي السلم كم أحيى وليا بطبه .......... وفي الحرب كم أفنى العدى بالقواضب)
قال الموفق: وما زال في خدمة الملك الناصر، فلما جاءت التتار بعثه رسولا إلى هولاوو فأحسن إليه، واستمالوه حتى صار جهتهم ومازجهم، وتردد في المراسلة، وطمع التتار في البلاد، وصار يهول على الناصر أمرهم ويضخم مملكتهم، فلما ملكوا دمشق جعلوه بها أميرا، وكانوا يدعونه الملك زين الدين.

(49/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 100
ومات في عشر السبعين. وهو ممن قرأ على الدخوار. فمن تحيل الملك الظاهر عليه أنه استدعى أخاه العماد الأشتر من دمشق ثم أنعم عليه، وقرر له في الشهر خمسمائة درهم، وأمره أن يكتب إلى أخيه كتابا يعرفه فيه نية السلطان له، وأنه ما له عنده ذنب، وأنه كاره لإقامته عند التتار، ويلتمس أن يكون مناصحا له. فلما وصلت إليه الكتب حملها إلى هولاكو وقال: إنما قصد الظاهر أن يغيرك علي، فتأذن لي أن أكاتب أمراءه لأكيده. فلم ير هولاكو ذلك، ثم تخيل منه.
- حرف الصاد -
53 - صالح بن أبي بكر بن أبي الشبل بن سلامة بن شبل. القاضي، الإمام، أبو التقى المقدسي، ثم المصري، السمنودي، الشافعي، قاضي حمص. شيخ، عالم، دين خير، مؤثر، مشكور، مسن، معمر، حسن السيرة. ولد سنة سبعين وخمسمائة بمصر، وسمع ببغداد من: الحسين بن سعيد بن شنيف. وبدمشق من: الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب. وكتب عنه ابن الحاجب سنة اثنتين وعشرين. وبقي مدة طويلة في قضاء حمص. روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن محمد اللخمي، والمجد بن الحلوانية، والتاج الجعبري الحاكم، وغيرهم. ومات في صفر، وقيل في المحرم.

(49/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 101

- حرف العين -
54 - عبد العزيز بن القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد المحسن بن محمد بن منصور بن خلف. الإمام، العلامة، شيخ الشيوخ، شرف الدين، أبو محمد الأنصاري، الأوسي، الدمشقي، ثم الحموي، الشافعي، الأديب، الصاحب، ابن قاضي حماة، ويعرف بابن الرفاء. ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة بدمشق، ورجل به والده وهو صبي، فسمعه ' جزء ابن عرفة، من ابن كليب، و ' المسند ' كله من عبد الله بن أبي المجد الحربي. وحدث بالجزء نحوا من ستين مرة بدمشق، وحماة، وبعلبك، ومصر، وروى المسند ' غير مرة.

(49/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 102
قرأه عليه الشيخ شرف الدين الفزاري غير مرة. وقرأ الكثير من كتب الأدب على أبي اليمن الكندي، وسمع منه أيضا. ومن: أبيه، وأبي الحسن علي بن محمد بن يعيش الأنباري، وأبي أحمد بن سكينة، ويحيى بن الربيع الفقيه. وتفقه وبرع في العلم والأدب والشعر. وكان من أذكياء بني آدم المعدودين، وله محفوظات كثيرة. وسكن بعلبك مدة. وسمع بها من البهاء عبد الرحمن، وحدث معه. وسكن دمشق مدة، ثم سكن حماة. وكان صدرا محتشما، نبيلا، معظما، وافر الحرمة، كبير القدر. روى عنه: الدمياطي، وأبو الحسين بن اليونيني، وأبو العباس بن الظاهري، وقاضي القضاة أبو عبد الله بن جماعة، وأبو عبد الله بن الفخر البعلبكي، وأبو محمد عبد الخالق بن سعيد، وأبو محمد صالح بن تامر قاضيا بعلبك، وأبو العباس الفزاري خطيب دمشق، وأبو المظفر موسى بن النويبي، وأبو الفضل الأسدي الصفار، وأبو الخير محمد بن المجد عبد الله، وأخوه

(49/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 103
محمد، وأبو محمد إبراهيم بن داود المقرئ، وأبو العباس أحمد بن فرج اللخمي، وأبو الفتح نصر بن سليمان المنبجي، وأبو عبد الله ابن الزراد، وأبو المظفر يوسف ابن قاضي حران، وخلق سواهم. وقد قرأت له عدة قصائد على تاج الدين عبد الخالق. قرأها عليه. ومن شعره:
(شرحت لوجدي من محبتكم صدرا .......... وصبرني صحبي فلم أستطع صبرا)

(وقلت لعذالي: ألم تعرفوا الهوى .......... لقد جئتم شيئا بعذلكم نكرا)

(لعمري لقد طاوعت رائد لوعتي .......... عليكم، وما طاوعت زيدا ولا عمرا)

(خليلي ها سقط اللوى قد بدا لنا .......... فلا تقطعاه بل قفا نبك من ذكرى)

(فيا يوسف الحسن الذي مذ علقته .......... بسيارة من فكرتي قلت: يا بشرى)

(بدا فاسترق العالمين جماله .......... فمن أجل هذا أجل بالبخس أن يشرى)

(لقد حل من سري بواد مقدس .......... ليقبس من قلبي الكليم به جمرا)

(وأذكر آيات الخليل عذاره .......... بجنته الخضراء في ناره الحمرا)

(وأجج كربي فترة من لحاظه .......... فأرسلت دمعا حرم النوم والصبرا)

(فلا تعجبوا للسيف والسيل، واعجبوا لأجفانه الوسنى ومقلتي العبرا ..........

(49/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 104
وتوفي في ثامن رمضان. 55 - عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل بن علي. الإمام، القاضي، الخطيب، عماد الدين، أبو الفضائل الأنصاري الخزرجي، الدمشقي، الشافعي، ابن الحرستاني. ولد في سابع عشر رجب سنة سبع وسبعين وخمسمائة بدمشق. وسمع من أبيه قاضي القضاة جمال الدين. ومن: الخشوعي، والبهاء بن عساكر، وحنبل، وابن طبرزد، وغيرهم. وتهاون أبوه وفوته السماع من يحيى الثقفي، وطبقته، والسماع رزق. وتفقه على والده وبرع في المذهب، ودرس وأفتى وناظر، وولي قضاء القضاة بعد والده من جهة السلطان الملك العادل. وقد ناب عن والده في القضاء ثم عزل ؛ ودرس بالغزالية مدة، وولي الخطابة مدة. وكان من كبار الأئمة وشيوخ العلم، مع التواضع والديانة وحسن السمت والتجمل. وولي مشيخة الأشرفية بعد ابن الصلاح.

(49/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 105
روى عنه: الدمياطي، وبرهان الدين الإسكندراني، وابن الخباز، وابن الزراد، وناصر الدين ابن المهتار، ومحمد بن المحب، ومحيي الدين إمام المشهد، والكمال محمد بن نصر الله الكاتب ابن النحاس، وآخرون. ومات في التاسع والعشرين من جمادى الأولى. 56 - عبد الملك بن نصر بن عبد الملك بن عتيق بن مكي. الشيخ الإمام، شرف الدين، أبو المجد القرشي، والفهري، المقرئ، النحوي. ولد بالإسكندرية سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الحسن الحافظ. واشتغل بالأدب وبرع فيه. وأقرأ مدة. واشتهر باللغة والنحو، وانتفع الناس به. وحدث. كتب عنه الشريف وقال: توفي في رابع عشر ربيع الأول بمصر. 57 - عبد المنعم بن أبي بكر بن أحمد. القاضي، أبو الفضل الدمشقي، الدقاق. حدث عن: حنبل. ومات في صفر. قاله الشريف. 58 - عبد الوهاب بن عبد العزيز بن عبد الوهاب بن مهدي. العدل، أبو محمد الدمراوي.

(49/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 106
روى عن: حماد الحراني. ومات بالإسكندرية في ثاني عشر جمادى الأولى. لا أعرفه. ثم وجدت أن الشيخ شعبان روى لنا عنه. 59 - عثمان. الفخر المصري، المعروف بعين غين. قال أبو شامة: جاءنا الخبر من مصر بوفاته. * * * قلت: وكان لنا صاحب فقيه حج عام حججت، وكان كثير التحصيل، واسمه الفخر عثمان المصري، لقبه ابن الوكيل عين غين لصغر عينه الواحدة. مات في حدود السبعمائة. 60 - عفيف الدين ابن أبي الفوارس. شاب، فاضل، متميز في الكتابة، حاذق في الحساب، مطبوع، ماهر. ولي عمالة الجامع وعمالة الأيتام معا فعاجلته المنية، ودفنه أبوه المسكين بالتربة التي أنشأها لنفسه في حائط بستانه المجاور للشبلية الخانكاه. ثم صار البستان والتربة إلى عز الدين بن السويدي فدفن بالتربة أيضا. توفي العفيف في رجب، وهو أخو نجم الدين عامل الصدقات الآن.

(49/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 107
61 - علي بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن منصور بن مؤمل. المحدث، العالم، ضياء الدين، أبو الحسن بن البالسي، المعدل، الخطيب. ولد سنة خمس وستمائة بدمشق. وأسمع من: حمزة بن أبي لقمة، وأبي محمد بن البن، وغيرها. وأجاز له التاج الكندي، وغيره. وطلب الحديث، وسمع من: زين الأمناء، وأبي القاسم بن صصرى، وابن الزبيدي، ومكرم، وخلق بعدهم. وحج سنة ثمان وعشرين فسمع بمكة من: أبي الحسن القطيعي، وأبي علي الحسن بن الزبيدي. ونسخ بخطه المنسوب الكثير، وعني بالطلب وحرص وأسمع أولاده شيوخنا، وارتزق بالشهادة وتميز فيها. روى لنا عنه: ولده أبو المعالي. وروى عنه الدمياطي في ' معجمه '. وذهب هو وابنه إلى مصر في شهادة فأدركه أجله في رابع صفر بالقاهرة. 62 - عمر.

(49/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 108
الملك المغيث فتح الدين ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر ابن السلطان الملك الكامل محمد بن العادل. تملك الكرك مدة. قتل أبوه وهذا صغير، فأنزل إلى عمة أبيه فنشأ عندها. ولما مات عمه الملك الصالح أيوب أراد شيخ الشيوخ ابن حمويه أن يسلطنه فلم يتم ذلك، ثم حبس بقلعة الجبل. ثم نقله ابن عمه الملك المعظم لما قدم إلى الشوبك فاعتقل بها. وكان الملك الصالح نجم الدين أيوب لما أخذ الكرك من أولاد الناصر داود استناب عليها وعلى الشوبك الطواشي بدر الدين الصوابي، فلما بلغ الصوابي قتل المعظم بن الصالح أخرج الملك المغيث من قلعة الشوبك وسلطنه بالكرك والشوبك، وصار أتابكه. وكان المغيث ملكا كريما، جوادا، شجاعا، محسن السيرة في الرعية، غير أنه كان ما له حزم ولا حسن تدبير. ضيع الأموال والذخائر التي كانت بالكرك من ذخائر الملك الصالح. فلما قل ما عنده ألجأته الضرورة إلى الخروج من الكرك، وذلك لأن الملك الظاهر نزل على غزة في ربيع الآخر سنة إحدى وستين وهو على قصد الكرك، فنزلت إليه والدة المغيث فأكرمها، وبقيت الرسل تتردد إلى المغيث وهو يقدم رجلا ويؤخر أخرى خوفا من القبض عليه. ثم إنه خرج منها، فلما وصل إلى خدمة الملك الظاهر تلقاه، وأراد أن ينزل له فمنعه، وسايره إلى باب الدهليز. ثم أنزل المغيث في خركاه واحتيط عليه، وبعث به إلى قلعة مصر مع الفارقاني، فكان آخر العهد به. قال قطب الدين: أمر الملك الظاهر بخنقه، وأعطى لمن خنقه ألف دينار. فأفشى الذي خنقه السر، فأخذ منه الذهب وقتل.

(49/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 109
وكان قتل المغيث في أوائل سنة اثنتين، وكان مولد أبيه في سنة خمس عشرة وستمائة، وخنق أيضا في سنة خمس وأربعين أو سنة ست. وعاش المغيث نحو ثلاثين سنة كأبيه. وكان للمغيث ولد صبي أعطاه السلطان إمره مائة فارس.
- حرف الفاء -
63 - فاطمة بنت أبي الثناء محمود بن عبد الله بن محمد ابن الملثم العادلي. أم شهاب. سمعت من: البوصيري، والأرتاحي، وعاشت اثنتين وثمانين سنة. روى عنها: الدمياطي، وغير واحد. وماتت في رابع رجب.
- حرف القاف -
64 - قريش بن حجاج. أبو هشام القرشي، المصري، المقرئ، الضرير. سمع: أبا المجد القزويني، وابن باقا. كتب عنه: الدمياطي، والشريف عز الدين، والدواداري، وغيرهم. ومات في تاسع عشر شوال عن ثلاث وسبعين سنة.
- حرف الميم -
65 - محمد بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن معروف. أبو عبد الله الأنصاري، الدمشقي، البزاز بجيرون، المعروف بالبابشرقي، ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة.

(49/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 110
وسمع من: الخشوعي، وأحمد بن حبوس الغنوي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، والعماد الكاتب، وحنبل المكبر، وابن طبرزد، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، ومحمد بن المحب، وأبو عبد الله بن الزراد، وفاطمة بنت الرهاوي، وغيرهم. وقد كتب عنه ابن الحاجب وقال: لم يكن محمود السيرة. كان يلي جباية الخراج. توفى البابشرقي في الثامن والعشرين من ربيع الأول. 66 - محمد بن الحسين بن إسحاق. العلوي، الحسيني. حدث عن ابن جبير الكناني. وعنه: الدمياطي وقال: قتل سنة اثنتين وستين. 67 - محمد بن حمدان بن جراح. الفقيه العالم، شرف الدين، أبو أحمد النميري، الجزري الحراني، الشافعي، الأديب، إمام مسجد تربة القضاة بكفربطنا. شيخ فاضل من طلبة ابن الصلاح. سمع من: ابن اللتي، وجماعة.

(49/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 111
وسكن كفربطنا وجاءته الأولاد، وكان يدخل ويحضر المدارس، ويقول الشعر، وينبسط ويقول: أنا زعيم بني نمير. روى عنه الدمياطي من نظمه، وقال: ولد بعد التسعين وخمسمائة، ومات في رمضان. وذكر أنه كان خطيبا بكفربطنا، فسألت ولده النجم محمود فقال: لم يخطب بها قط. 68 - محمد بن الإمام الفقيه عبد القادر بن أبي عبد الله. البغدادي الأصل، المصري أبو عبد الله. روى عن: أبيه، والحافظ ابن المفضل. وعاش تسعا وسبعين سنة. توفي في ربيع الآخر. 69 - محمد بن علي. البكري، المراكشي، والد الأجل أبي الحسن علي وأبي الفرج عبد الرحمن. مات بدمشق في ذي القعدة. 70 - محمد بن علي بن عبد الوهاب بن محمد بن أبي الفرج.

(49/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 112
القاضي الإمام زين الدين ابن القاضي موفق الدين الاسكندراني، قاضي الإسكندرية وخطيبها. روى عن: علي بن البنا، والحافظ ابن المفضل. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وكان صدرا محتشما وافر الجلالة ولأهله الآثار الجميلة والأوقاف والخير بالإسكندرية. توفي في عاشر رجب. 71 - محمد بن محمد بن إبراهيم بن الحسين بن سراقة.

(49/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 113
الإمام محيي الدين، أبو بكر الأنصاري، الشاطبي. ولد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم أحمد بن يزيد بن بقي القاضي. ثم حج ورحل إلى العراق، فسمع من: عبد السلام الدهري، وعمر بن كرم، وأبي علي بن الجواليقي، ومحمد بن محمد بن أبي حرب النرسي، وشرف النساء بنت الأبنوسي، وأبي المنجا ابن اللتي، وجماعة كثيرة. وولي مشيخة دار الحديث البهائية بحلب، ثم دخل ديار مصر وولي مشيخة دار الحديث الكاملية إلى حين وفاته. روى عنه: الدمياطي، وعلم الدين الدواداري، وشرف الدين محمد بن النشو القرشي، وغيرهم. وكان فاضلا متفننا، كثير المعارف، ذا تصوف ولطف، وكرم أخلاق، ولين جانب، وله مصنفات في التصوف.

(49/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 114
توفي في العشرين من شعبان بالقاهرة. وقد روى عنه الفخر التوزري بمكة ' الموطأ ' بسماعه من ابن بقي. 72 - محمد بن أبي بكر بن سيف. الفقيه شمس الدين التنوخي، الموصلي، ابن الوتار. خطيب المزة. توفي بالمزة في ذي الحجة، وله نيف، وثمانون سنة. له شعر حسن. وكان مولده بالموصل سنة تسع وسبعين وخمسمائة. 73 - محمد بن الأمير أبي العلاء بن أبي بكر بن مبارك. مجد الدين، أبو عبد الله النجمي، الموصلي الأصل، المصري، المعروف بابن أخي المهتر. ولد بالقاهرة سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وسمع وهو كهل من: مكرم، وعبد القادر بن أبي عبد الله البغدادي. وكان فاضلا رئيسا، من بيت تقدم. تولى عدة ولايات، وحدث.

(49/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 115
والمهتر: بكسر الميم وتاء، مستفاد مع المهير بضم الميم وياء. توفي في ثاني جمادى الآخرة بالقاهرة. 74 - محمود بن محمد بن حسن. أبو الثناء البسطامي، الصوفي. ولد سنة ثمان وسبعين بالقاهرة. وسمع من: عبد اللطيف بن إسماعيل الصوفي. قال الدمياطي: قرأت عليه قبل الإختلاط، وتوفي في ثاني عشر جمادى الأولى. وكان مولده يوم موت الشيخ روزبهان. 75 - موسى السلطان الملك الأشرف. مظفر الدين ابن السلطان الملك المنصور إبراهيم ابن الملك المجاهد شيركوه ابن الأمير ناصر الدين محمد ابن الملك أسد الدين شيركوه بن شاذي الحمصي. ولد سنة سبع وعشرين وستمائة. وتملك حمص بعد موت أبيه سنة أربع وأربعين، ووزر له الصدر مخلص الدين إبراهيم بن إسماعيل بن قرناص. واعتضد بالملك الصالح صاحب مصر، فعظم ذلك على صاحب حلب وأخذ منه حمص.

(49/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 116
وجرت له أمور، ثم سار مع صاحب الشام الملك الناصر لقصد الديار المصرية، فأسر في وقعة العباسية سنة ثمان وأربعين، وبقي محبوسا في قلعة الجبل إلى أن وقع الصلح في سنة إحدى وخمسين، وأطلق فيمن أطلق، وعاد إلى معاداة الملك الناصر. وكان له مكاتبات إلى التتار، وله قصاد، لما بقي بالرحبة وتلك البلاد المتطرفة. فلما ملك هولاوو قصده فأقبل عليه وأكرمه، واستعان به في تسلم القلاع، ثم ولاه نيابة الشام، وأعاد إليه مدينة حمص. ولما مر به الملك الناصر تحت حوطة التتر نزل به، فلم يلتفت عليه ووبخه وعنفه. ثم إن الملك المظفر قطز بعث إليه يستميله ويلومه على ميله إلى العدو المخذول، ويعده بأمور، فأجاب. فلما طلبه النوين كتبغا لحضور المصاف تمرض واعتل بالمرض، وكان إذ ذاك بدمشق. فلما انكسرت التتار هرب هو والزين الحافظي والتتار. ثم انفصل عنهم الملك الأشرف من أرض قارا، وسار إلى تدمر، وراسل السلطان، فوفى له، فقدم عليه دمشق، فأكرمه وأقره على مملكة حمص، فتوجه إليها. ثم غسل فعائله بالوقعة الكائنة على حمص سنة تسع وخمسين، وثبت وكسر التتار، فنبل قدره، ورأى له الملك الظاهر وأعاد إليه تل باشر، فلما قبض الظاهر على المغيث عمر المذكور في هذه السنة تخيل الأشرف من الملك الظاهر، وشرع في إظهار أمور كامنة في نفسه. وعزم الملك الظاهر على الوثوب عليه، فقدر الله مرضه ووفاته. ويقال إنه سقي. ذكره قطب الدين فقال: كان ملكا حازما، كبير القدر، يقظا، خبيرا شجاعا، كبير النفس، له غور ودهاء، وكان وافر العقل، قليل البسط والحديث، يقيد ألفاظه، ويلازم الناموس حتى في خلواته، ويحذو حذو الصالح نجم الدين أيوب. وخلف أموالا عظيمة من الجواهر والذهب والذخائر، وتسلم الظاهر بلاده وحواصله. توفي في صفر بحمص وله خمس وثلاثون سنة، ودفن بتربة جده الملك المجاهد.

(49/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 117
وقال أبو شامة: كان شابا عفيفا، (له صلات إلى من يقصده)، وكسر التتار بحمص. وقال ابن شداد: ملك الرحبة، وحمص، وتدمر، وزلوبية بعد أبيه، وخرج من دمشق مع الناصر في نصف صفر، ففارقه من الصفين، وسار إلى تدمر وسار إلى هولاكو، وهو على قلعة حلب، فتوسط بينه وبين أهلها حتى سلموها في ربيع الأول، وبقي عنده يسفر بينه وبين من في القلاع، فلما رد هولاكو ولاه على الشام بأسره نيابة عنه، ورد إليه بلاده.
- حرف النون -
76 - نصر بن بروس بن قسطة. أبو محمد الإفرنجي، القصار الزكوي. سمع من: أبي اليمن الكندي. روى عنه: الدمياطي، وكناه أبا الفتح. وكان تاجرا بقيسارية الفرش بدمشق. ومات في جمادى الأولى. 77 - نصير بن نبأ بن صالح. بدر الدين، أبو الفتح التميمي، المصري، الكتبي، المحدث. عني بالحديث والسماع وتحصيل الأصول. وسمع الكثير، ومات شابا.

(49/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 118

- حرف اللام ألف -
78 - لاجين. الأمير، حسام الدين، الجوكندار، العزيزي. من كبار الأمراء بدمشق. وكان فارسا شجاعا حازما، له في الحروب آثار جميلة خصوصا في وقعة حمص الكائنة في سنة تسع وخمسين. وكان محبا للفقراء وأخلاقهم، كثير البر بهم، يجمعهم على السماعات التي يضرب بها المثل. قال قطب الدين: كان يغرم على السماع الواحد ثمانية الآف درهم. توفي في المحرم، وخلف تركة عظيمة، ودفن بجوار الشيخ عبد الله البطائحي. وقد ناهز الخمسين وقيل إنه سقي، وإن مملوكا له واطأ عليه. طلبني ليلة فحضرت السماع بداره بالعقيبة، فرأيت من الشموع الكبار الكافوري والأتوار الفضة والمطعمة ما يقصر عنه الوصف. ثم مد بعد المغرب سماطا نحو مائة زبدية عادلية، في الزبدية خروف صحيح رضعي، وقريب ثلاثمائة زبدية، في كل زبدية ثلاثة طيور دجاج، وغير ذلك من الأطعمة. قال: وبعد العشاء شرعوا في الرقص، فرقص بين الفقراء سالكا من

(49/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 119
الأدب معهم ما لا مزيد عليه. فلما فرغت النبوة مد صحون الحلواء والقطائف السكرية، فأكلوا بعضه، وأخذ عامة ذلك الفقراء في خرقهم. ثم رقص هو وغلمانه والمشايخ، فلما فرغوا مد فواكه في غاية الكثرة والحسن. وكان ذلك في آخر الشتاء. وكان يدخرها من كفربطنا وزبدين وغير ذلك، فإنها كانت إقطاعه. ثم غنوا ثالث نوبة، ومد مكسرات، فرفع الفقراء عامة ذلك. وكان الماء بالثلج والسكر والمسك والمباخر بالند والعنبر طول الليل. فلما كان وقت السحر أدخل الفقراء إلى حمام ابن السرهنك المجاور لداره، فدخل كثير من الجماعة، ولم أدخل أنا، فخدمهم بنفسه وغلمانه، وكسا جماعة لما خرجوا ثيابا، وسقاهم السكر، ومد لهم ططماجا، وخلع على المغاني عدة أقبية فاخرة. وكان هذا السماع في آخر سنة تسع وخمسين، واللحم بسبعة دراهم، والغرارة بثلاثمائة درهم.
- حرف الياء -
79 - يحيى بن بكران. الجزري، زين الدين الجزري، التاجر. سكن دمشق، وصار من عدولها. وولي ديوان الحشر، وغيره. ومات في شعبان وروى لنا ولده عن البكري حضورا.

(49/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 120
80 - يحيى بن علي بن عبد الله بن علي بن مفرج بن أبي الفتح. الإمام، الحافظ، المحدث، رشيد الدين، أبو الحسين القرشي، الأموي، النابلسي، ثم المصري، المالكي، العطار. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبيه أبي الحسن، وعمه أبي القاسم عبد الرحمن، وأبي القاسم البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وعلي بن حمزة الكاتب، والأثير أبي الطاهر ابن بنان، وعبد اللطيف بن أبي سعد، ومحمد بن عبد المولى، ومحمد بن يوسف الغزنوي، والعماد الكاتب، وابن نجا الواعظ، وزوجته فاطمة، وحماد الحراني، وعلي بن خلف الكومي، ومحمد بن يوسف الآملي، وابن المفضل الحافظ وعنه أخذ علم الحديث. وسمع بدمشق من: الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب ؛ وبمكة والمدينة من جماعة: وخرج عنهم ' معجما '.

(49/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 121
وروى الكثير وأفاد وانتخب. وكان ثقة، ثبتا، عارفا بفن الحديث، مليح الخط، حسن التخريج. قال الشريف عز الدين: كان حافظا ثبتا، وإليه انتهت رئاسة الحديث بالديار المصرية. ووقف جملة كتبه. وسمعت منه وصحبته مدة. قلت: وروى عنه الدمياطي، وأبو الحسين اليونيني، وقاضي القضاة أبو العباس بن صصرى، وأبو محمد شعبان الإربلي، وعبد الرحيم الساعاتي، وأبو المعالي بن البالسي، وعبد القادر الصعبي، وأبو بكر بن أبي الحسن بن الحصين، والتاج أبو بكر بن عبد الرزاق العسقلاني، وأحمد بن محمد بن الأخوة، والكمال عبد الرحمن بن يعيش السبتي، وداود بن يحيى الفقير، ويوسف الكفيري الفراء، وأبو الفتح إبراهيم بن علي بن الخيمي، وخلق كثير. ومات في ثاني جمادى الأولى بمصر، وقد ولي مشيخة الكاملية ست سنين. 81 - يوسف بن يعقوب بن عثمان أبي طاهر بن الفضل.

(49/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 122
جمال الدين، أبو المظفر الإربلي، ثم الدمشقي، الذهبي. ولد ظنا سنة تسعين وخمسمائة. وسمع بإفادة عمه عز الدين عبد العزيز من: ابن أبي طاهر الخشوعي، وحنبل، وابن طبرزد، والكندي، وجماعة. ولكن لم يظهر سماعه من الخشوعي إلا بعد موته. وكان رجلا جيدا خيرا. وكان خيرا من ابنه أبي الفضل محمد بكثير. روى عنه: الدمياطي، وزين الدين الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والبرهان الذهبي، وابن الخباز، وعلاء الدين الكندي، وأبو الفضل الإربلي ولده، ثنا عنه، عن عبد المجيب بن زهير. ومات في ثالث ذي الحجة، ودفن بسفح قاسيون.
الكنى
82 - أبو بكر بن مهلب بن يوسف. أبو يحيى المرادي، الألشي. أخذ القراءآت عن أبي جعفر بن عون الله الحصار تلاوة في سنة ستمائة. وروى عن جماعة. وولي قضاء بلده. روى عنه الناس. ومات سنة اثنتين وستين. قاله ابن الزبير. 83 - أبو القاسم بن منصور.

(49/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 123
القباري الزاهد، وسماه الإمام أبو شامة محمدا. كان شيخا صالحا، عابدا، قانتا، خائفا من الله، منقطع القرين في الورع والإخلاص وكان مقيما ببستان له بجبل الصيقل بظاهر الإسكندرية، وبه مات، وبه دفن بوصية منه. قال أبو شامة: كان مشهورا بالورع والزهد، وكان في غيط له في فلاحه يخدمه ويأكل من ثماره وزرعه، ويتورع في تحصيل بذره حتى بلغني أنه كان إذا رأى ثمرة ساقطة تحت أشجاره لم يأكلها خوفا من أن يكون حملها طائر من بستان آخر. وكنت اجتمعت به سنة ثمان وعشرين مع جماعة، فصادفناه يستقي على حماره ويسقي غيطه من الخليج، فقدم لنا ثمر غيطه. وحدثني القاضي شمس الدين ابن خلكان، عن المجد بن الخليلي أن الأثاث المخلف عنه، كان له أو كان لغيره، قيمته نحو خمسين درهما، فبيع بنحو عشرين ألف درهم للبركة. وقال الشريف: توفي في سادس شعبان. وكان أحد المشايخ المشهورين بكثرة الورع والتحري، والمعروفين بالانقطاع والتخلي، وترك الاجتماع بأبناء الدنيا، والإقبال على ما يعنيه. وطريقه قل أن يقدر أحد من أهل زمانه عليها، ولا نعلم أحدا في وقته

(49/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 124
وصل إلى ما كان عليه من خشونة العيش والجد والعمل، وترك الاجتماع بالناس والتحرز من الرياء والسمعة. كان تزوره الملوك فمن دونهم، فلا يكاد يجتمع بأحد منهم. قال: وبالجملة فلم يترك بعد مثله، رحمه الله. قلت: وبعض العلماء أنكر غلوه في الورع وقال: هذا نوع من الوسواس في الطهارة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ' بعثت بالحنيفية السمحة '. قلت: والجواب عنه أنه مأمور بما كان عليه من الوسوسة في الورع بقوله عليه السلام: ' دع مايريبك إلى ما لا يريبك '. ولولا ارتيابه لما بالغ في شيء وغلبة الحال حاكمة على العلم من بعض الصالحين. وأيضا فمن الذين قال إنه كان يتورع عن الحرام فقط. بل قد يتورع الإنسان عن الحرام والمشتبهة والمباح، ولا يوجب ذلك على غيره، بل ولا على نفسه. وهذا الرجل فكان كبير القدر، له أجران على موافقة السنة، وأجر واحد

(49/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 125
على ما خالف ذلك، لأنه حريص على ابتغاء مرضاة الله، مجتهد في خلاص نفسه. {ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، والله لا يسأل العبد لم لا أكلت كل مباح، بل يسأله لم أكلت الحرام، ويسأله لماذا حرمت على نفسك ما أبحت لك مع علمك بإباحتي له، لا مع جهلك بالإباحة. هذا مع التسليم بأن الورع بالعلم أفضل وأرفع، وذلك حال الأنبياء صلوات الله عليهم، مع أنه لهم فيه شرائع وطرائف كطريقة سليمان عليه السلام في الملك والإكثار من مباحات الدنيا، وكطريقة عيسى عليه السلام في السياحة والإعراض عن الدنيا بكل وجه، وكطريقة داود في أمور، وطريقة إبراهيم الخليل في قرى الضيف، وأشرف طرقهم وأفضلها طريقة نبينا صلى الله عليه وسلم، فإنها حنيفية إبراهيمية سمحة، سهلة، بريئة من الغلو والتعمق والتنطع. اللهم استعملنا بها، وأمتنا على محبتها، وأكفنا الوقيعة في عبادك الصالحين. فمن مناقب القباري، رحمة الله عليه: قال العلامة ناصر الدين أبو العباس أحمد بن المنير الإسكندراني في ' مناقب القباري ' رحمة الله عليه، وهي نحو من خمسة كراريس، قال: كان الشيخ في مبدأه قد حبب إليه سماع العلم، وبغض إليه تناول غير ميراثه من أبيه، فلا يذكر منذ عقل أمره أنه قبل من أحد لقمة ولا ثمرة. حتى كان له جار في الكرم وقف به يوما وهو يبيع الرطب، فعرض عليه رطبة استحسنها وسأله أن يأكلها، فقال: لا. فألح عليه، وحلف عليه جاره يمينا: لا آكل لك شيئا. فكان بعد يتأسف ويتندم على يمينه. قال: وكان يحضر مجالس العلم على ثقل سمعه، فإذا انقضى الدرس سأل من أترابه أن يعيدوا له بصوت عال كلام المدرس. قال: وكان قل أن يدعو لأحد، بل يطلب منه الدعاء، فيقول للطالب:

(49/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 126
ما تحتاج. ويقول لآخر: ما أشتهي لأحد من الأمة إلا خيرا. ويقول لآخر: أود لو كان الناس كلهم على الخير. ويقول لآخر: أحب لكل أحد ما أحبه لنفسي. قال ابن المنير: وقال لي مرة: يطلب أحدهم مني الدعاء بلسانه، ويظهر لي من قرائن أحواله أن قلبه غافل وأن نفسه قاسية على نفسه، فكيف أرق أنا عليه، وكيف أدعو له بلا رقة؟ ! قال: وحضر عندي بعض أصحاب الكامل، وهو في غاية البذخ، عليه الملبوس الفاخر، وعلى الباب المراكب الثمينة، وبين يديه المماليك، وهو يتحدث مع رفيقه ويتضاحكان، ثم سألني الدعاء، فأجريته على العادة، فناقشني وقال: ما الناس إلا يتحدثون بأنك لا تدعو لأحد معين، وينتقدون ذلك. فقلت: ألست تعلم أن الدعاء طلب العبد الضعيف من الرب الرحيم؟ قال بلى. فقلت: أيطلب منه برقة أم بقسوة؟ قال: برقة. فقلت: ما أجدها عليك، لأني ما وجدتها منك، فبأي لسان أدعو، وإن شئتم الدعاء باللسان فهو البيدق الفارغ بلا قلب. وقال: أقمت زمانا أصافح تمسكا بالحديث، ثم وجدت النفس عند المصافحة تتصرف في الإنسان فرب ودود تبسط الكف له بسرعة، ورب آخر تتكلف له، فقلت العدل خير من المصافحة، فتركتها. وقد قال مالك. ليست من عمل الناس، وربما قال: الأمر فيها واسع. وكان رحمه الله لا يأذن لأحد من أرباب الدنيا والولايات في الدخول عليه متى شاء. قال لي: فتحت الباب فرأيت جنديا فقلت: من أنت؟ قال: أنا الذي

(49/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 127
توليت الاسكندرية. وكان ثاني يوم قدم فقلت: ما حاجتك؟ قال: أن تأذن لي كلما أردت أن أجيء ليكون حضوري بدستور منك عام. فأجرى الله على لساني أن قلت له: لا آذن لك لأنكم عندي كالمرض لا آذن له إذا استأذن، ولكن إذا جاء دخل بقضاء الله صبرت عليه. وانفصل عن ولاية الثغر هذا الأمير من خمس وعشرين سنة، فوالله ما أتم الشيخ لي الحكاية حتى أقبل هذا الأمير بعينه فقلت: سبحان الله. فقال الشيخ: اسأله عن هذه الحكاية لعله يذكرها فسألته فقال: أذكرها وكنت أحكيها دائما في مصر والشام. وكان رحمه الله يقول: لو علمت أن الملوك والأمراء لا يأخذهم الغرور بإقبالي عليهم لأقبلت، ولكنهم يظنون أنهم لمجرد الزيارة ينتفعون، وأن الإقبال عليهم دليل الرضى عن أفعالهم. ولو علمت قابلا للنصيحة لدخلت إليه أنصحه. لما جاء الملك الكامل وخطر له أن يخرج إلى عندي جاءت له مقدمات من مماليك وحجاب، وصادفوني أسلق الفول لعشائي، وكنت حينئذ لا أحب داخلا، فقلت لرجل كان عندي: السلامة والكرامة في أن يحال بيني وبينه. فلما جاء إلى بابي قيض الله له بعض نصحائه فقال له: المملكة عظيمة، وقد صحبك العسكر بجملته، وأنت بين أمرين: إما أن يأذن لك، أو يحجبك. وإذا أذن لك صرفك كالآحاد، ونصحك بما لا تطيق فعله، فإن فعلت تغيرت عليك قواعد كثيرة، وإن تركت قامت الحجة. والمصلحة عندي الاقتصار على الوصول إلى الباب. فبلغني أنه قال: جار الله وقد حصلت النية. فانصرف راجعا. فقلت للشيخ: إن الناس يقولون إنك حجبته. فقال: ما حجبه إلا الله. قال المؤلف: عرضت على الشيخ كثيرا من حكايات مشايخ الرسالة إلى أن

(49/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 128
أتيت على أكثر ما في ' رسالة القشيري ' فقال لي يوما: ما أحب أسمع شيئا خارجا عن الكتاب والسنة وكلام الفقهاء. وكان يمكن الأطفال من دخول بستانه، فإذا ميز الطفل حجبه، ويقول: من أدعى أنه معصوم فقد أدعى ما ليس له في الغيب. وكان يقول: سبق إلى ذهني في مبدأ العمر اختيار بستان في الرمل من متروك أبي أنقطع فيه، لأجل أن ماءه نبع، وأستريح من شية ماء النيل وإجرائه في الخليج بعمل. فمنعني من ذلك أن الحريم يكثرن هناك، ولا يستتر بعضهن، ولا يسلم المقيم من النظرة. فلما كثر الفساد صار الناس يقصدونه في الربيع للنيرة والخضرة، فما زالوا حتى انتزح هذا الماء عنه بالكلية، وبقي صفصفا موحشا. وكان أنشأ فيه تينا ورمانا وزرجونا، كان الناظر يقضي منه العجب، إلا أنه ما باع منه ثمرة، فكان يقدد التين، ويتخذ من الرمان عسلا يستغني به عن العسل، ويتخذ من العنب خلا وزبيبا، فعزم بعد على قطع الكرم لئلا ينتقل إلى من يبيعه للذمة عصيرا، فقيل له: قطعه إضاعه مال متيقن لأجل مفسدة موهومة. فتوقف وفي نفسه حسكة. فاتفق أن النيل تأخر عنه فيبس فقلعه. وقال لي: وعوضني الله عن تلك الثمار بالشعير والفول. ومن نوادره أنه وجد في قمح اشتراه من الفرنج حبات تشبه الشعير، نحو حفنة، فازدرعها، وأقام يقتات منها مدة عشرين سنة. وكان يعجبه أنها متميزة في نباتها وفي سنبلها. وكان إذا حصدها نقاها سنبلة سنبلة، فإن وجد غريبة تركها، وكذا كان شأنه فيما سقط من الثمار لا يتناوله، لاحتمال أن الطير نقلته. وأما النخل الملاصق لجيرانه فكان يبيحه لهم. وكذا لما بنى بينهما حائطا احتاط، وأخرج من أرضه قطعة لهم.

(49/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 129
وقال: طبخت يوما فكان الهواء يسوق الدخان إلى جاري، فحولت القدر في الحال، وأبعدتها عنهم. وقطع نخلة فوقع سعفها على حائط الجار فقال علم الله أنها لم تضرهم إلا أنها نفضت الغبار على الجدار. فعد الشيخ ذلك تصرفا في ملك الغير. وكان لجماعة فيهم أطفال وغيب، وأوجب على نفسه لهم شيئا وأعطاهم. وكان يقول: إن كان هذا واجبا فقد خلصت منه، وإن كان غير واجب فهو صدقة مستورة باسم الحق. وكذلك كان يقول في ترجيحه في الوزن وأخذه ناقصا. قال المؤلف: حدثني ثقة قال: خرجت يوما إلى الشيخ ومعي ' الموطأ ' فقال لي: فيه حديث عائشة أن النبي عليه السلام كان يدني إليها رأسه وترجله وهو معتكف، فهل كان ترجله بمشط أو بغيره؟ فبدرت وقلت: ما يكون الترجيل إلا بالمشط. فقال: ويكون بالأصابع أو بعود، كما ورد في الحديث الاخر أن رجلا اطلع على النبي صلى الله عليه وسلم وبيده مدرى يحك بها رأسه. والمدرى العود المحددة بخلال. فكان الشيخ لا يستعمل المشط، لأنه ما وجده في الخبر صريحا. فقيل له: أما هو مباح؟ قال: الإكثار من المباح ذريعة إلى الوقوع في المكروه. وكان إذا ذبح دجاجة نتفها ويقول: السمط يجمد الدم. وقد (...) أكل النبي صلى الله عليه وسلم سميطا. وكان لا يكربل الدقيق الشعير للحديث الوارد في ذلك، بل كان ينفخه ويقول: بلغني عن الأطباء أنه أحمد عاقبة.

(49/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 130
وكان يعجبه الطب إذا اقتضى خشونة أو تركا بالكلية. ويكره الملعقة. وكان ينبسط ويقول: أكلت لونا غريبا. فأقول: ما هو؟ فيقول: صببت في القصعة ماء قراحا، وصبغت به الكسرة. وكان لونا نظيفا. وكان يقال له: أليس المسك طاهرا؟ فيقول: هو طاهر للطيب، فهل تجدون أن النبي صلى الله عليه وسلم أكله ! وقال: لو فتشوا على الملح ما وجدوه يخلص، إما من تقدم الملك على الملاحات، وإما من رسم ضمان، وإما من تغالب بين الملاحين، ولو لم يكن إلا جمل الجمال. وكان يكره استعمال الجمال، وهو ما يقتنيها إلا العرب. وقد شاهدتم أحوالهم ونهبهم. وصف لي ملح بالمصليات فسافرت إليه، وأخذت منه حاجتي طول عمري. وقال في تركه الثمار تحت الشجر: هب أنها مباحة، أنا تركت هذا المباح. وتذكر قوله عليه السلام: ' دع ما يريبك إلى ما لا يريبك '. وقوله: ' الحلال بين '. وقوله: ' لولا أني أخشى أنها من ثمر الصدقة لأكلتها '. وكان قد لقيها على فراشه. أفليس من النادر المستبعد أن تكون من ثمر الصدقة، فإن ثمر الصدقة كان لا يدخل بيته. وكان إذا سمع الناس ينسبونه إلى الورع ينكر ذلك ويقول: إن الورع

(49/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 131
الذي يسيرون إليه أن يترك الإنسان الحلال المحض تقليلا. وأين الحلال؟ علم الله أنني ما وجدته قط. أيكون أكثر من أن أمد يدي فآخذ من البحر جونا بلا آلة. فما نفسي بذلك طيبة لأن القوة التي بسطت بها يدي، إنما نشأت من هذه الأقوات المشتبهات. وكان يقول: إذا كان لا بد من اللقاء فالتواني من علامات الشقاء. فاعمل لدار البقاء، وليوم ينادى عليك: عبد أطاع، أو عبد طغى. وكان يقول: لا آكل شيئا بشهوة وإنما آكله ضرورة. ولو جاز لي لتركته. قال المؤلف: والظاهر أن الشهوات كانت قد حملت عنه بالكلية. وكان يقول: هذا الشواء عندي كالجيفة، وما أنا به جاهل، كنت آكله في الصبى، فسبحان مقلب القلوب. وربما سأل خادمه: ماذا أكلت؟ فربما قال: مضيرة. فيقول: يا بطن الجيفة، أما تبصر ما يقاسي أرباب الكروم من رعاة الماعز. وكان يقول: سمعت عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: أدركت زمانا يقال لي فيه: عامل من شئت. ثم أدركت زمانا يقال فيه: عامل من شئت إلا فلانا وفلانا، ثم أدركت زمانا يقال لي فيه: لا تعامل أحدا إلا فلانا وفلانا، ثم أنا في زمان ما أدري من أعامل. ثم يقول الشيخ: إذا كان هذا حذيفة وزمانه، فكيف بزماننا؟ أمر السلطان بأن يكون نصيب بيت المال من موجود الشيخ صدقة عن الشيخ، ونزل الوارث والموصى له عن نصيبهما من الأثاث لله، فصار الكل لله، فاجتمعوا لشرائه، فتزايدوا حتى بيع منه شيء يساوي درهماً بنحو الألف. وما زال الناس يتنافسون في آثار الصالحين، وهذا تركة ابن الزبير ما ظنوا أنها تبلغ مائة ألف، فأبيعت وبورك فيها، فبلغ الدرهم أكثر من خمسمائة. وكان رحمه الله قد اختار زراعة الفول الرومي، لأن زريعته من بلاد الفرنج، ولا تستطيع العصافير نقله، فأقام يقتات الفول وحده أربعين سنة.

(49/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 132
وقل أن يكون صندوق عند أحد من التجار والمعتبرين إلا وفيه من ذلك الفول. لأنه أخذ منه بعضهم عشر فولات. وكانت له إحدى عشرة شدة، فوضع في كل شدة فولة وبقيت شدة لم يضع فيها، فاتفقت له جائحة في الطريق أصابت الشدة وحدها وحمى الله البواقي. فلما أكثر الناس الحكاية عنه تركه وأقتات بالشعير. وقد تجذم في أكل الفول وتفتت جسمه، وكان صديده يغلب الماء. ويقي مدة. وقيل: ما عليه أضر من الفول فإنه يولد السوداء. فقال: إن الذي جعله داء قادر على جعله دواء. ولم يزل يستعمله حتى عوفي. فكان يحكي ذلك، ويقلب بدنه ويقول لي: هل ترى له أثرا أو شرا؟ فلا أرى شيئا. وكان لا يشرب من صهاريج السبيل، وقال لي: هذه الأمور صدقات، والصدقات أوساخ الناس، واجتنابها مأثور. وقال لي: أقمت أربعة أيام لا أجد ما أشتريه فطويتها، ولم أجد جوعا سوى تغير يسير في الصوت. وكان لا يخرج بحماره إلا مكمما. وقال لي: دخلت البلد زمن الصبا فوقفت عند حداد والمقود بيدي، فلم أشعر إلا ورجل أراني طرف ردائه قد مضغه الحمار فقرض منه، فأعطيته قيمة ما أفسد فقال: تصدق بها علي. فقلت: لا. ومذهبنا أن المديان إذا قال له رب الدين لا أجده وأنا أسقطه عنك، فقال لا أجد شيئا أجبر رب الدين على القبض، وللمديان حقا في خلاص ذمته بلا منة. وكان يقول مع ذلك: لا أحرم غير الحرام، لكن لي أن أترك ما شئت تركه من المباحات عندهم، والمشتبهات عندي، فنحن على وفاق. قال المؤلف: وكان في مبدأ أمره بمكة وقد نهب العراقي في بعض السنين، فامتنع حينئذ من معامل أهل مكة مطلقا، وبقي يقتات الأرز مسلوقا من الأرز المجلوب، حتى قرحت أشداقه، وإلى أن أقعد ومرض.

(49/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 133
وكان إذا تصرف له وكيله ناوشه الأسئلة وناقشه، وكان إذا سأل عن مسألة فذكر له فيها نص مالك سأل عن دليله، إلى أن يمعن في الكشف، فيقف على موضع حجته من الكتاب والسنة. فإذا قيل له: مستنده القياس ؛ فكر، فربما استنبطه من النص. لقد رأيته يدقق على الأذكياء، فإن لم يقدر رجع إلى الاحتياط بالترك أو بالتشديد على النفس. وإن كان لا يحتمل الاحتياط لتعارض المحظور من الجانبين كشف عنه المذاهب وحججها، وفي الآخر يرجع إلى التقليد بعد أن يستحضر الكتب التي فيها المسألة، ويشترط على من يحضرها أن لا تكون عارية ولا جنبا، وأن يكون الكتاب ملكاً نظيفا للمحضر، فإذا وقف على المسألة أعطى المحضر بحسب الحال، إما فضة وإما مأكولا وقال له: هذه مكافأة لا أجرة، لأن العلم لا يؤخذ عليه أجرة. وكان كثيرا ما يطلب مذهب أحمد ويقول: كان صاحب حديث. ويذكر أنه سمع ' مسنده ' بمكة، فيقال له: أفلا نسمعه منك؟ فيقول: هذا ما تقلدته ولا سمعته إلا لنفسي خاصة. وكان عجز عن الطواف والتعبد، فجعل عوض ذلك الجلوس للسماع. قال: فجعلت مجلسي إلى جنب القارئ لثقل سمعي، فسمعت منه جملة. قال المؤلف: كان عجبا فيما يسمعه، ما أظنه سمع شيئا فنسيه. وكان يحفظ ' الجمع بين الصحيحين ' من زمن الصبى، استكتبه ودرسه، وكان يحفظه باختلاف الطرق والألفاظ، وبالفاء والواو إلى منتهى العبادات، وكثيرا من أحاديث القدر. وكان يأخذ ارتفاع الشمس بالميزان. وكان قل أن يتكلم إلا متبسما منشرحا. فإذا أقبل على مقدمات الصلاة كان كأنه مصاب بولد أو محتضر ويتوضأ لكل فريضة. وقال: كنت يوما في هذه الغرفة، فإذا ثعبان عظيم مطوق، فأخذت آلة

(49/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 134
لقتله، وقلت له حتى أنذرك (...) هذه الأولى. فثبت على حاله، فقلت: انصرف وإلا قتلتك هذه الثانية. فامتد، فرأيت هولا مهولا، فقلت له: الثالثة ما بقي سواها. فتحرك واستدار وصفر، وأخرج يدين على صورة الحرذون، فقلت: ما أنت ثعبانا ولا حرذونا. وعرفت أنه جان. وقال: كنت أربط الحطب، فإذا بي قد أحسست ألما في عقبي، فظننتها شكة دخلت فيه، فلما أكملت ربط الحزمة نظرت فإذا حنش قد التف على ساقي، وقد نهشني، ونشبت أنيابه، فألهمت أن قبضت على حنكه وخنقته، ففتح فاه وتخلص نابه، وانبعث الدم. قال: فطرحت الحنش ومسحت الدم، وما زدت على أن توضأت وغسلت مكان النهشة، وأحسست بالسم إلى أن صعد إلى وسطي فوقف. فلما كان بعد سنة صار مكان اللسعة بثرة، فقرضتها بالمقراض، فخرج منها ماء أصفر، فقدرت أنه السم دار في بدني، ثم عاد إلى موضعه، وكفى الله. وكان في جبهته ثؤلول تزايد حتى صار سلعة، فكنت أراه وقت السجود يجتهد في تمكينه من التراب. ثم تفاقم أمره. وكان يهاب أن يكلم في مثل هذا. فدخلت يوما فوجدت تلك السلعة قد ذهبت بقدرة الله، ومكانها كأن لم يكن فيه شيء غير أثر يسير جدا. فقلت له حينئذ: الحمد لله على العافية. فقال: كانت تشوش علي في السجود، وما كان لها دواء إلا تمكينها من التراب، فلم أشعر بها إلا وقد انفقأت. وقد تزوج بصبية في شبيبته ولم يدخل بها. وطلقها لما تجذم. وقد ضعف بصره في الآخر، فأصبح يوما قلقا وقال: دعوت البارحة إن ابتليتني بشيء فلا تبتليني بالعمى، وإن كان ولا بد فلا تمهلني بعد بصري. ودمعت عيناه عند الحكاية، فأحسست أنه لا بد له من العمى. وعمي قبل

(49/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 135
وفاته بخمسة عشر يوما. انفقأت عيناه إلى داخل، فكان ماؤهما يسيل من أنفه. واحتاج في الآخر إلى زوجة فباع الدابة، واستعان بما يصرفه لعلفها في حق الزوجة. واتفق أن أباها وجد الجرة التي يشرب منها الشيخ قد وصلتها الشمس، فحولها إلى الظل، وكانت طريقة الشيخ تقتضي أن هذا القدر يمنعه من الانتفاع لأنه يرى بها منفعة لم يعاوض عليها. فلما استدعى الماء قالت له الزوجة: ما هاهنا ماء تشربه. فسألها عن القضية فأخبرته، فأعجبه نصحها، وبات وأصبح صائما، وطوى حتى جاء الذي كان يستقي له. سألته كم لك ما أوقدت عليك سراجا؟ فقال: نحو من ستين سنة، ما تركته عن علم بما ورد في الحديث، والبيوت ليس فيها مصابيح. ولكن بلغني بعد. وإنني لما انقطعت عن الناس اتفق ليلة أن السراج انطفأ لعارض، فوجدت نفسي قد استوحشت لفقده فقلت لها: تري هذا شغلا معتبرا وأنسا منقطعا، لا حاجة لي فيه. وكنت بمكة شابا وإلى جانبي جندي، فلما كان الليل سمعته يقدح وبيننا كوة، فأغمضت عيني ليلتي كلها. وكان يقول: الدنيا دار أسباب، من زعم أن التوكل إسقاط السبب بالكلية فهو غالط. وقال: قال لي صوفي: نحن ما نرى الأسباب، فقلت له: ما صدقت، لو صفع الأبعد إنسان أكنت لا تراه البتة ولا يؤثر فعله فيك؟ فسكت. فقال: أما أنا فأرى الأسباب لكن ما أقف عندها. خرج إلى الشيخ وزير والساقية تدور بالدولاب، فأراد أن يبسط المجلس فقال: يا سيدي أيش ترى في بغلتي ندورها في الساقية؟ فقال له: ولا أنت ما أرى أن أدورك فيها. فانبسط الرجل ؛ ثم قال الشيخ على عادته: ارحلوا. فقال الوزير: لماذا تطردنا؟ قال: لأن القعود معكم ضياع. وخرج إليه أكابر فقال واحد منهم: هذا طبيب السلطان، يعني الكامل. فقال الطبيب: ما نحن أطباء بل نحن أعلاء، إنما الأطباء الأولياء.

(49/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 136
قال: الشيخ: وأشار إلي. فلم أقره فقلت: اعلم أن مثل المشار إليه بالولاية كمثل الطبيب، كم علل من عليل فما أفاد. أما داويت أحدا فمات ولم ينجع فيه الدواء؟ فقال: كثير. فقلت: وكذا الجانب الآخر. وكان يرى أن ترك التسبب والاعتماد على الفتوح غلط، ويقول: انتقل من سبب نظيف إلى سبب وسخ. وذلك لأن الاحتراف سبب شرعي، والكدية سبب مذموم، وليته يبسط يده خاصة، ولكنه يقول: أنا صالح فاعطوني. ترى ماذا يبيعهم إن باعهم عمله فبيع الدين بالدنيا، كبيع الثمرة قبل بدو صلاحها، لعله عند الخاتمة يوجد مفلسا، فالحبس أولى به. وصدق الشيخ، قال بعض المشايخ: من قعد في خانقاه فقد سأل، ومن لبس مرقعة فقد سأل، ومن بسط سجادة فقد سأل. قال: هممت بمكة بالتجرد وبيع الأملاك وإنفاقها، ثم التحول إلى الشام، والاقتناع بمباحات الجبال، فسألت فصح عندي أنه ليس في الجبال ما يقيم البنية دائما، فقلت: ما بيدي أنظف من الحاجة إلى الناس. أردت أن أعيش فقيرا ذليلا، وأراد الله لي أن أعيش غنيا عزيزا، فله الحمد. وعزمت على الإقامة بالبر، ليس لأستريح من شبهة ماء النيل الجاري في الخليج. فإذا أكثر عيش أهلها السمك، وهو بضمان. فقلت: مشبهة ماء النيل أخف. وكان يستحسن طريقة سلمان الفارسي، ويحصل قوت كل سنة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم (...) من خيبر قوت عياله سنة. وله في ورعه حكايات، ذكرها المؤلف منها أن بعضهم رآه يحصد في بستانه، ويترك أماكن، فسأل الشيخ وألح عليه فقال: إن ظلال نخيل الجار الساعة ممتدة، وأنا أتحرى أن لا أستظل بظله. فإذا زال الظل حصدتها. وكان إذا انفلتت له دجاجة، إلى الطريق تركها بالكلية لأنه يجوز أن تكون التقطت شيئا.

(49/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 137
وكان يشترط على الفرنج فيما يشتريه منهم من الحيوان أن لا يكون قد شرب من ماء الثغر، ويحلفهم، وأن لا يكون مشتركا ولا غصبا. ومهما لاحت له شبهة تركه. وكانوا يتنافسون في معاملته ويغتبطون. وقال: خرج رسولهم إلي مع الوالي، فأردت أن يعلم الحال فقلت للترجمان: أعلمه أنني ما أعاملهم إلا لأنهم عندنا غير مخاطبين بالحلال والحرام، فهم كالبهائم، وأما المسلمون فإنهم قاموا بالوظيفة العظمى، فخوطبوا بالحلال والحرام. فالمسلمون هم الناس. فأنا كمختار السياحة بين الوحوش ومزاحمتها في أرزاقها. وما ذاك لفضل الوحوش على الإنس، بل لطلب السلامة. وكان يقول: لا ينالني من مصر إلا الماء، وليته كان صافيا. يشير إلى ما ينفق في عمل الخليج. وكان يقول: من ادعى أن المحسن والمسيء يستويان فقد ادعى عظيما. وقال: لولا الطباع لكان المحسن هو المسيء والمسيء هو المحسن. وبعث إليه الملك العادل ألف دينار فشدد في النفور والنكير. وحج مرة إلى دمشق على حمار ومنها إلى مكة على جمل. وتزود إلى دمشق خرج خرنوب، ونزل بظاهرها على حافة النهر. قال: ونفد مني الخرنوب فسألت فإذا كل ما بدمشق مضمنا حتى الملح فدللت على حوارنة يجلبون تينا يابسا، فجلب لي رجل خرجا من تين فكان زادي إلى المدينة، فاحتجت إلى الزاد بها فاشتريت تمرا زودني إلى مكة. وكان يقول: أنا القباري ولي أكثر من ستين سنة ما قدرت أن آكل قبارة لأجل الشركة. وكان من الشجعان المعدودين. كان في أوائل شبابه قد لقي أربعة عشر نفسا من الشلوح بمطرق كان معه فأجلاهم بالليل حتى بلغوا باب القنطرة.

(49/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 138
وبلغني أنه قال: إذا اخذت مطرقا لقيت ثلاثين لا أبالي بهم. وبلغ من قوته في صباه أنه كان يروح المواهي مترعة بحيث لو اجتمع عليها أربعة لكاعوا في رفعها، فيرفعها بإحدى يديه إلى ظهر الدابة. حكى عن نفسه أنه كان يطلع النخلة ثم يلقي البطاسية ويسبقها إلى الأرض. وحدث أنه كان بالجانب الغربي من أهل العرامة والذعارة قطاع طريق يسفكون الدماء، فتفاقم أمرهم وعجزت الولاية عنهم سنين، فقدر الله أنهم امتدوا إلى بستانه، فأصبح فوجد آثارهم فقال: كأنهم وقعوا عندي، وقعوا ورب الكعبة. فأصبح، ففي ذلك اليوم بعينه أمسكوا وصلبوا. وقبل موته نشأت صفقة من جنس هؤلاء فعاثوا نحو السنة، فنزلوا قصرا قريبا من الباب، وقتلوا على باب الشيخ رجلا، فقال الشيخ: كأنهم دبوا إلينا، يقعون إن شاء الله. فأخذوا بعد قليل. وكانوا ثلاثة. وكان له في الجمع بين الطريقة والشريعة عجائب. كان يقول لي: قوله: {كل من عند الله} ، هذه حقيقة. ثم ينتهي إلى قوله: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} هذه شريعة ويقول: الحجة في الشريعة ولا حجة لنا بالحقيقة. ويقول: أكثر ما تؤتى المتصوفة من ملاحظة الحقيقة مع الإعراض عن الشريعة، وهذه ضلالة. اتفق أن بعض الملوك قدم الإسكندرية قبل أن يتسلطن، فخرج بعض الخربندية لأخذ حطب الناس، فأخذوا من غيط الشيخ جملين جريدا، فجاء جاره فخوفهم، فلم يفكروا وراحوا. فجاء الأميران المحمدي وشمس الدين سنقر، فذكر لهما الجار القصة، فساقا على آثار الجمال، فهرب الخربندية،

(49/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 139
وأستاقا الجملين إلى الغيط، فدخل إليه جاره وعرفه القصة فقال: أما أنا فما بقيت أنتفع بهذا، لأنه شيء، قد عصي اليه فيه، وقد صار لك فيه حق، ولهذين الأميرين ولأصحاب الأرض التي سلكها الغاصب. فأخذه المعرف، وكافأ الشيخ الأميرين بشيء. وقال مرة لرجل: أما أنا فما أعلق قلبي منه لا بطعام ولا بشراب، أأكون بهيمة هنا وبهيمة هناك همه بطنه، إنما أطلب منه الرضى وما عداه فضلة. قال المؤلف: لأن غاية نعيم المؤمنين أن يحل الله عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم أبدا، وهو أفخر العطايا. وقال لي بعض الأكابر بعد وفاة الشيخ رحمه الله: هل عاينت منه خارقا أو تكلم معك على خاطر؟ فقلت: لا، إلا شيئا خفيا من جنس الفراسة. هذا على أنني سمعت في حياته وبعد وفاته ممن صحبه أنه كان يحدثهم بما صنعوا في بيوتهم مما فيه نصيحة أو في ذكره فائدة. قال لي ابن القفاص الفقيه: تزوجت وأعرست، فأرقت ليلة ولم أدخل إلى فراشي، فانقبضت العروس لانقباضي، فلما خرجت إليه قال لي الشيخ: ويلك أخطأت في المعاشرة، شوشت الليلة على أهلك بانقباضك واستنادك إلى الخزانة. وكان فكري ضيق بي فناولني الشيخ عشرة دراهم وقال: خذ بهذه شيئا يصلح لغداء العرائس. وذكر ابن القفاص عدة كرامات أوردها المؤلف. وذكر حكاية في هذا المعنى عن الصاحب بهاء الدين، عن الشيخ خضر الكردي شيخ الملك الظاهر، عن الشيخ. ثم قال: ولما جاء الصاحب بهاء الدين إلى البلد عزم أن لا يدخلها حتى يزور الشيخ. وكنت معه، فلما وصلنا إلى قصر الشيخ، نزل الصاحب من بعيد، وقالوا للشيخ، فقال: الفقيه معه؟ قالوا، نعم. فقال: وما تريد؟ قال: البركة. فسكت ونحن وقوف. فقلت للصاحب: اجلس. فقال: لا. وغلبت عليه الهيبة وتجلد، وطال وقوفه، فقلت للصاحب. اطلب منه شيئا خاصا. فقال: الموعظة.

(49/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 140
فقلت للشيخ: هو يطلب الموعظة. فقال: هو يحفظ القرآن؟ قلت: نعم، قال: اقرأ معه سورة {اقرأ باسم ربك} . فقرأنا إلى قوله: {ألم يعلم بأن الله يرى} فقال: إذا علمت فإنه يراك، إعرف كيف تكون والسلام. فانصرف على ذلك. وكان يقول لطالب الدعاء والزيارة: الذي علم نيتك يكافئك عليها. وحدثني من لا أتمارى فيه خيرا ونبلا قال: وصلت مع أخي في حياة الملك الصالح، فتحادثنا في الزيارات، وعزمت على زيارة الشيخ، وحملت أخي على ذلك، فعارضني من أصحابنا فلان وفلان بكلام فيه غضاضة في حق الشيخ، فأنكرت عليهما وبكرت إلى الشيخ، واستغرقت في النظر إليه وهو عند الساقية، ووقفت وإذا بحس البغال في خلفي، فقلت في نفسي: هذا فلان وفلان، وهما على نية رديئة. وهذا رجل مكاشف. فما أتممت الخاطر إلا وغاب الشيخ عن بصري، فهجمت الغيط مما غلب على الحال، وقلت: لعل تحت رجليه غار دخل فيه. فلم أجد شيئا إلا البطامية، فظننت أنه انطرح فيها، فتأملتها فلم أر شيئا. فخرجت إلى أولئك وخاصمتهما وحكيت لهما القصة. قال المؤلف: وسن الشيخ نيف وسبعون سنة. وكان بعضهم يظن أنه في عشر المائة، وذلك لأنه من صغره كان يسمى بالشيخ. * * * آخر ما اخترته من مناقب القباري، ويكون خمسة كراريس، ما ذكر فيها اسم الشيخ ولا وفاته ولا حليته، فرحمه الله ورضي عنه آمين

(49/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 141
وفيها ولد: الشيخ شهاب الدين محمد بن المجد عبد الله بدمشق، وأحمد بن شيخنا علي بن محمد بن هارون الثعلبي. وفتح الدين محمد بن عثمان بن أحمد بن عثمان. وأحمد بن علي بن أيوب بن علوي العلامي ؛ ولدوا بمصر وسمعوا من النجيب. وكمال بن محمد بن كمال الصالحي، سمع الكرماني، والزين عبد الرحمن بن علي بن حسين بن مناع التكريتي، والمحدث شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن سامة، والقاضي شمس الدين محمد بن أبي بكر بن النقيب، والشرف عبد الله ابن الشيخ العز الحنبلي، والقاضي شمس الدين محمد بن مسلم، وكمال الدين إبراهيم ابن الوجيه بن منجا، وأحمد بن القاضي تقي الدين سليمان، ورحمون المؤذن.

(49/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 142

سنة ثلاث وستين وستمائة

- حرف الألف -
84 - إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز بن الحسن بن علي، وعلي هو القاضي الزكي ابن القاضي المنتجب أبي المعالي محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز. المحدث، العالم، معين الدين أبو إسحاق القرشي، الدمشقي. له سماع من: أبي صادق بن صباح، وأبي المنجا بن اللتي. وأكثر عن كريمة والمتأخرين. وعني بالحديث، وكتب الكثير بخطه المنسوب، ولم يزل يسمع إلى أن مات. وروى اليسير. سمع منه المعين بن الجنيد جزئين عن ابن اللتي. وكان حسن الفهم، قوي المعرفة. عاش ستين سنة إلا أشهرا. توفي في ثامن ربيع الأول فجأة، وهو سبط القاضي محيي الدين محمد بن الزكي.

(49/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 143
85 - إبراهيم بن محمد بن أحمد بن هارون. الحافظ، الحجة، الواعظ، أبو إسحاق بن الكماد السبتي. يروي عن: أبي عبد الله التجيبي نزيل تلمسان، وأبي الحجاج ابن الشيخ، وأبي ذر الخشني. ومولده في حدود الثمانين وخمسمائة. وقد ذكرت موته في عام ستين على ما حدثني به ابن عمران السبتي، ثم قرأت في ' برنامج ' أبي جعفر بن زبير قال: وأبو إسحاق أحفظ من لقيته لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولقد ذكر لي شيخنا أبو الخطاب بن خليل على جلالته وسنه أنه لم يلق أحفظ من ابن الكماد. كان في حفظ الحديث آية من الآيات. قلت: يعني للمتون. قال: ولما قدم الأندلس أبو النعيم الواعظ المعروف بابن راضية قافلا من المشرق، مرتكبا في وعظه طرائق تلحينية يركبها على أبيات أرق من النسيم ويقرأ بين يديه قراء قد أحكم تدريبهم، فاستجابت لذلك العامة، فلما فعل ذلك بإشبيلية، وبها ابن الكماد إذ ذاك، أنكر ذلك كل الإنكار، وأبدأ في ذلك وأعاد، وحمله ذلك على أن جلس على المنبر للوعظ على سنن السلف. ففعله إلى أن مات، فحضرت مجالسه فسمعته يسرد أحاديث، ويتبعها بفقه وبيان ما يعرض فيها، ويورد من الخلاف ما يلائم الحال. وكانت معيشته من تفقدات الإخوان وهداياهم. وربما نبه في مجلسه إذا صمت ضرورة. توفي في سنة ثلاث وستين، رحمه الله. وقد تقدم في سنة ستين أنه كان من جملة محفوظاته ' سنن أبي داود '.

(49/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 144
86 - إبراهيم بن يحيى بن محمد بن موسى. العلامة، أبو إسحاق التجيبي، التلمساني، الفقيه المالكي، المعدل. كان فاضلا صالحا، ورعا، بارعا في العلوم. صنف في شرح الخلاف كتابا نفيسا في عدة مجلدات، أحسن فيه ما شاء. ودرس وأعاد وأفتى. وحدث عن: أبي الحسن علي بن البناء. 87 - أيبك. أبو سعيد، وأبو محمد، عز الدين، عتيق القاضي جمال الدين المصري. حدث بالمدينة والجبل عن: الخشوعي. وصار وكيلا عند القضاة مدة وولد بقبرس سنة خمس وثمانين تقريبا. روى عنه: الدمياطي، ومحمد بن المحب، وابن الزراد، وابن الخباز، والبدر بن صبيح المؤذن. وآخرون. توفي في ثالث جمادى الآخرة.
- حرف الثاء -
88 - التاج الإسكندراني. المعروف بالشحرور. توفي بدمشق. وهو أبو بكر عبد الله. يأتي.
- حرف الحاء -
89 - حمزة بن محمد بن الحسين بن حمزة.

(49/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 145
القاضي أبو يعلى البهراني، الحموي، الشافعي، محيي الدين قاضي حماة. بها تولى القضاء سنة اثنتين وأربعين وستمائة، فبقي عشر سنين ثم عزل. سمع من: أمه صفية بنت عبد الوهاب، وخالته كريمة. روى عنه: الدمياطي، وغيره.
- حرف الخاء -
90 - خالد بن يوسف بن سعد بن الحسن بن مفرج بن بكار. الحافظ المفيد، زين الدين، أبو البقاء خالد النابلسي، ثم الدمشقي. ولد بنابلس سنة خمس وثمانين وخمسمائة، وقدم دمشق فنشأ بها، وسمع من: بهاء الدين القاسم بن عساكر، ومحمد بن الخصيب، وحنبل، وابن طبرزد، وطائفة. ورحل فسمع ببغداد من الحسين بن شنيف، وأبي محمد بن الأخضر، وابن منينا، وطبقتهم. وكتب، وحصل الأصول النفسية، ونظر في اللغة والعربية. وكان إماما متقنا ذكيا فطنا، ظريفا، حلو النادرة، صاحب مزاح ونوادر.

(49/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 146
وكان يعرف قطعة كبيرة من الغريب والأسماء والمختلف والمؤتلف وله صورة كبيرة، وله حكايات متداولة بين الفضلاء. وكان الملك الناصر يحبه ويكرمه. روى عنه: الشيخ محيي الدين النواوي، والشيخ تاج الدين الفزاري، وأخوه الخطيب شرف الدين، والشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد، والشيخ أبو العباس الملقن، والبرهان، والكمال محمد بن النحاس، والشرف صالح بن عربشاه، ومحيي الدين إمام مشهد علي، وطائفة سواهم. وتوفي في سلخ جمادى الأولى. ومن أخباره المشهورة أن بعض جيران التربة العزية اعترض الزين، رحمه الله، وكان شيخ الحديث بها، فقال: أأنت تقول إن الإمام علي ما هو معصوم؟ فقال: ما أخفيك شيء، وكان رحمه الله يلهج بها كثيرا، أبو بكر الصديق عندنا أفضل من علي، وما هو معصوما. وكان الزين خالد، رحمه الله، يجبه الناس بالحق وبالمزح ولا يهاب أحدا، وله في ذلك أخبار. وكان ضعيف الكتابة جدا مع اتقانها. وكان يعرج من رجله. وولي أيضا مشيخة النورية. وكان قصيرا، شديد السمرة، يلبس قصيرا. حدث الشرف الناسخ أنه كان يحضر الملك الناصر بن العزيز، فقام شاعر وأنشد مدحه في الناصر، فقام الزين خالد فقلع سراويله وخلعه على الشاعر،

(49/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 147
فضحك السلطان كثيرا وقال: يا زين الدين، ما حملك على هذا؟ قال: ما وجدت مغرما لا أحتاج إليه إلا اللباس. فتعجب السلطان ووصله.
- حرف الضاد -
91 - ضياء بن جبريل بن زوين. أبو بكر المصري، الأزياري، المنادي. روى عن: الفخر الفارسي. كتب عنه: الشريف عز الدين، وغيره. ومات في ذي العقدة.

(49/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 148

- حرف الظاء -
92 - ظافر بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد. أبو المنصور اللخمي، الإسكندراني. روى بالإجازة عن أبي اليمن الكندي، والمؤيد الطوسي. ومات في شوال.
- حرف العين -
93 - عبد الله بن يحيى بن الشيخ أبي المجد الفضل بن الحسين. العدل، الفقيه، نظام الدين، أبو محمد ابن البانياسي. ولد سنة تسع وسبعين. وسمع من: الخشوعي، وحنبل، والقاسم بن عساكر، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ، ومنصور الطبري، وجماعة. ورحل فسمع ببغداد من: عبد الوهاب ابن سكينة، ويحيى بن الربيع الفقيه

(49/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 149
وهو من بيت الحديث والعدالة والرئاسة. وعنده فضيلة تامة، وفيه دين وتعبد واطراح للتكلف. روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، وابن الخباز، ومحمد بن المحب، ومحيي الدين يحيى بن أحمد المقدسي، وجمال الدين علي بن الشاطبي، وشمس الدين ابن الزراد، وآخرون. وتوفي في سابع صفر ببستانه عند بركة الحميريين. ومرض بالفالج مدة. 94 - عبد الله بن أبي طالب بن مهنى. الفقيه: المفتي، تاج الدين، أبو بكر الإسكندراني، ثم الدمشقي. صحب الإمام فخر الدين بن عساكر وتفقه عليه. وسمع من: أبي الفضل سعد بن طاهر المزدقاني، وحنبل المكبر. وبرع في مذهب الشافعي، ودرس وحدث. وتوفي في سابع ذي الحجة بدمشق. روى عنه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأخوه الخطيب شرف الدين، وغيرهما. وكنيته أشهر. 95 - عبد الرحمن بن أحمد بن ناصر بن طعان. سراج الدين، أبو عمر البصروي، ثم الدمشقي، الطريفي، الصفار، الفامي. أخو عبد الله. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة تقريبا. وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف الصوفي.

(49/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 150
روى عنه: أبو المعالي بن البالسي، والبدر محمد بن التوزي، والنجم ابن الخباز، والشمس ابن الزراد، والبهاء المقدسي، وجماعة كثيرة. ومات فجأة في أول ذي القعدة بدمشق. 96 - عبد الرحمن بن عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن الفرس. الوزير، الحافظ، اللغوي، أبو يحيى ابن القاضي النحوي أبي محمد الخزرجي، الأندلسي. أحد الأعلام. ذكره ابن الزبير في ' برنامجه ' فقال: أخذ عن أبيه فأكثر. وعن: أبي الحسن بن كوثر، وعبد الحق بن بونه، وأبي عبد الله الحجري، وابن رفاعة. وانفرد بالرواية عنهم. وأجاز له من المشرق الأرتاحي، والبوصيري، وجماعة. وكان ذاكرا لما يقع في الإسناد من مشكل الأسماء، ويدري كثيرا من مشكل الحديث وغريبه. صنف كتابا في ' غريب القرآن '. وأسمع الحديث طول حياته. وكانت فيه غفلة قصرت به عن فضائله وخطبته حتى استحكمت به بأخرة. وله أملاك تقوم به. مولده في سنة أربع وسبعين. قلت: أظنه مات بغرناطة.

(49/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 151
وذكره أيضا في ' صلة الصلة ' فأثنى عليه وقال: هو وأبوه وجد أبيه مذكورون في هذا الكتاب، وكلهم مشاور، جليل، وله أصول وأمهات يرجع إليها. أخذ عنه: الأستاذ أبو عبد الله بن الطراز، وجماعة. لقد وقفت على إجازته لأبي عمر بن حوط الله في سنة سبع وتسعين. وما زال يروي حتى هذا الوقت. روى عنه: المحدث أبو عبد الله بن سعد، وأبو عبد الله الطنجالي، وأبو عبد الله الأبار، وأبو العباس بن فرتون، وجمال الدين ابن مسدي نزيل مكة، وأبو إسحاق البلفيقي، والقاضي أبو علي بن أبي الأحوص. لازمته وأكثرت عنه. 97 - عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الله. أبو القاسم المنبجي، المصري، الصوفي. شيخ صالح. سمع من: أبي القاسم البوصيري. كتب عنه: الشريف عز الدين والطلبة ومات في سابع شعبان. وروى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان، والدويداري، وعبد المحسن الصابوني، ويوسف بن عمر الختني. * * * * - أخوه أبو عبد الله محمد بن يوسف: روى عن البوصيري، ومات سنة ثمان وثلاثين وستمائة. 98 - عبد العزيز بن عبد الباقي بن منجا بن خلف بن منجا. أبو محمد الإسكندراني، المعروف بالوراق.

(49/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 152
شيخ صالح. روى بالإجازة عن: الخشوعي، والقاسم بن عساكر. ومات في جمادى الأولى. 99 - عثمان بن عبد الوهاب بن يوسف بن معالي. العدل، الخليل، شرف الدين أبو عمرو بن السابق التغلبي، الدمشقي. كاتب الحكم بدمشق. كان مليح الخط، خبيرا بالشروط يجلس تحت الساعات، وله صدقات ومعروف. وحدث عن الكندي. وعاش ثمانين سنة. 100 - عثمان بن محمد بن عبد الله. أبو عمرو العبدري، الأندلسي، المحدث. مكثر عن يونس بن العديم. وكان إمام مسجد بسبتة. سمع في سنة أربع وتسعين كتاب ' التقصي ' من علي بن موسي بن النفزات. وبقي إلى هذا الوقت. 101 - علي بن أبي الربيع سليمان بن أحمد بن علي. أبو الحسن السعدي، الشارعي، الشافعي، المعروف بابن المغربل. حدث عن: قاسم بن إبراهيم المقدسي.

(49/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 153
روى عنه: الدمياطي، والدواداري، وشعبان، وجماعة. توفي في شوال. 102 - علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم. الرئيس، جمال الدين، ابن القمي، البغدادي. ابن أخي الوزير. كان ذا سؤدد وفضل وجلالة. شيعه الخلق ببغداد إلى تربة عمه، ويعرف بابن أميران. 103 - علي ابن الخطيب نابلس يحيى بن إبراهيم بن علي. الخطيب ضياء الدين، أبو الحسن الزهري، الشافعي. كان فقيها، إماما، دينا، مهيبا، بهيا. ولي قضاء الكرك مدة، وحدث عن: أبي عبد الله بن عبدون البنا، وغيره. توفي يوم الأضحى بالقدس. ورخه أبو شامة. وهو من شيوخ الدمياطي.
- حرف الفاء -
104 - الفتح بن موسى بن حماد بن عبد الله بن علي. الفقيه نجم الدين، أبو نصر الجزيري الأصل، القصري المربى، الشافعي، الأصولي. وقصر عبد الكريم بالمغرب.

(49/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 154
ولد بالجزيرة الخضراء في رجب سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، ونشأ بقصر كتامة. واشتغل بالنحو. وسمع ' مقدمة ' الجزولي عليه. وقدم دمشق سنة عشر. وسمع من: الكندي. واشغل بحماة في الكلام على السيف الآمدي. ودرس برأس عين بمدرسة ابن المشطوب، ونظم ' المفصل ' للزمخشري، ونظم كتاب ' الإشارات ' لابن سينا، ونظم ' السيرة ' لابن هشام على قافية رائية في اثني عشر ألف بيت. وله عدة مصنفات. وكان من فضلاء زمانه. ثم دخل مصر ودرس بالفائزية بأسيوط. ثم ولي قضاء أسيوط وبها توفي في رابع جمادى الأولى. وله نظم جيد. روى عنه ابن خلكان وعظمه. 105 - فراس بن علي بن زيد بن معروف. العدل، نجيب الدين، أبو العشائر الكناني، العسقلاني الأصل، الدمشقي، التاجر. عاش ثمانين سنة، ومات ليلة الخامس والعشرين من شعبان. وروى عن: الخشوعي، وعبد اللطيف بن إسماعيل، والقاسم بن عساكر، والكندي. وحدث بدمشق ومصر. وكان من أعيان العدول.

(49/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 155
روى عنه: الدمياطي، وأبو العباس بن فرج، والشيخ تاج الدين، وأخوه، والدواداري، وابن الخباز، وابن الزراد، ومحمد بن المحب، وآخرون.
- حرف الميم -
106 - محمد بن أحمد بن كامل بن عمر. عفيف الدين المقدسي، المؤدب. توفي كهلا. وكان صالحا دينا. روى عن ابن ملاعب، والشيخ الموفق، وجماعة. 107 - محمد بن حسين بن علي ابن زوج الزاهد القدوة الشيخ علي القرشي. والد علي وموسى وأحمد. ولد سنة بضع وثمانين وخمسمائة. وجلس في المشيخة، وخدم الفقراء بالزاوية القرشية بالجبل. وكان رجلا مباركا. مات في ربيع الأول، وسمع أولاده من ابن اللتي. 108 - محمد علي بن المسلم بن محمد بن الحسين بن إسماعيل. الشيخ أبو عبد الله بن مراجل الكندي، الحموي. ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بحماة. وتوفي بالقاهرة في صفر. قال الشريف: ثنا عند أحمد بن مسعود بن شداد الموصلي.

(49/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 156
109 - محمد بن أبي البركات عمر بن محمد بن عمر بن الحسن ابن القسطلاني. الفقيه، إمام الحطيم، أبو عبد الله التوزري المالكي، المكي. ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة بتوزر. وسمع بمكة من: أبي الحسن علي بن البنا، وأبي حفص السهروردي. وكان شيخا فاضلا، فقيها، أديبا. له شعر. روى عنه: الدمياطي، وغير واحد. ويجتمع هو والشيخ تاج الدين ابن القسطلاني في جدهم الأعلى الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون القيسي. 110 - محمد بن يوسف بن موسى بن يوسف بن مسدي

(49/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 157
الحافظ أبو بكر الأندلسي، الغرناطي، الأزدي، المهلبي. سمع الكثير بالمغرب وديار مصر. وصنف، وانتقى على المشايخ، وظهرت فضائله. وروى عن: أبي محمد عبد الرحمن بن الأستاذ الحلبي، ومحمد بن عماد الحراني. وبلغني أنه خرج ' معجما ' لنفسه. روى عنه: علم الدين الدواداري وغيره. وجاور بمكة، ومات في شوال بها. وقد ذكر أنه ليس الخرقة من جده موسى سنة اثنتين وستمائة، ومن الأمين عبد اللطيف بن النرسي، قدم عليهم غرناطة ولبسهم عن الشيخ عبد القادر. وسمع سنة ثمان عشرة وبعدها بالأندلس. ومن الفخر الفارسي بمصر. وقد تكلم فيه فكان يدلس الإجازة. وحكى أبو محمد الدلاصي أنه يغض من عائشة.

(49/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 158
حكى لي العفيف بن العمري قال: سمعت التقي العمر بن المحدث قال: سألت عنه أبا عبد الله بن النعمان المزالي فقال: ما نقمت عليه، غير أنه يتكلم في عائشة، رضي الله عنها. حدثني العفيف أنه يصاحب الزيدية ويداخلهم، وقدموه لخطابة الحرم. وأكثر كتبه بأمر الزيدية. وكان خطيبا. ربما ينشىء الخطب للحال ببلاغة وفصاحة. وفضائله كثيرة. وقال لي إنه في ثلاث مجلدات. وله مصنفات كثيرة، منها منسك كبير في مجلد ضخم ذكر فيه المذاهب وحججها وأدلتها، يدل على تبحره في الحديث والعلم. ومن الرواة عنه: أمين الدين عبد الصمد، والعفيف ابن مزروع، والرضى محمد بن خليل الفقيه، و (...) رضي الدين إمام المقام. قلت: تورع الإمام في الرواية عنه. ورأيت له قصيدة طويلة تدل على تشيع، ورأيت له ' مناقب الصديق ' في مجلد. وطالعت ' معجمة ' بخطه، وفيه عجائب وتواريخ.

(49/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 159
111 - محمد بن الحسن بن الزبير. العاصمي، الخطيب، أبو عبد الله الأندلسي. لازم الحسين بن هشام القلعي زمانا. وقرأ عليه بما في ' التيسير '، وسمعه منه. وهو من أصحابه. أخذ عنه قراءته أبو جعفر بن الزبير وورخه. 112 - محمد بن علي بن عبد الرحمن بن ظافر. الإمام، أبو العلاء ابن المرابط المرادي. حمل عن أبي جعفر بن عون الله، وأبي جعفر بن حكم، وأبي بكر بن أبي حمزة. ولي القضاء وعقد الوثائق وأسر في أخذ أوريولة ثم افتك. مات بمرسية سنة 63. قاله ابن الزبير. 113 - ممدود بن عيسى بن إسماعيل بن محمد بن سعيد. الأمير الكبير، الحاجب، عز الدين الكردي، الزرزاري، الإربلي. ولد بأعمال إربل، وروى بالإجازة عن: يحيى بن بوش، وابن كليب ومات بمصر في أول ربيع الأول عن ثمانين سنة.

(49/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 160
سمع منه: الدمياطي، والشريف عز الدين، والشيخ شعبان، وعلم الدين الدواداري، وجماعة.
(وكنيته أبو المكارم. .......... وكان من بقايا الدولة.)
114 - موسى بن يغمور بن جلدك. الأمير الكبير، جمال الدين الياروقي. ولد بالصعيد سنة تسع وتسعين وخمسمائة. وتوفي بقرب الغرابي، ونقل إلى مصر فدفن بسفح المقطم. ذكره قطب الدين فقال: كان من أعيان الأمراء، جليل المقدار، رئيسا، خبيرا، عالما، حازما، جوادا، ممدحا، حنكته التجارب. وناب في الديار المصرية للملك الصالح مدة، ثم استنابه على دمشق. فلما تسلطن الملك المعز راسله في موافقته فلم يجبه. فلما قدم الملك الناصر وتملك دمشق دخل في طاعته، فاعتمد الناصر عليه في سائر أموره. وكان هو أمير الدولة ومشيرها، ولم يكن له نظير إلا الأمير ناصر الدين القيمري. وكان محسنا إذ ذاك إلى ركن الدين بيبرس الملك الظاهر. فلما تسلطن ركن الدين أعرض عنه قليلا، ثم أقبل عليه ورعى له سالف خدمته، وجعله أستاذ داره بالديار المصرية.

(49/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 161
وكان من رجال الدهر عقلا وحزما، ورأيا صائبا، وفراسة وحشمة. وكان إنعامه واصلا إلى الفقراء والرؤساء. توفي في شعبان في أوله. وقد سمع الحديث من: الفخر الفارسي، والحسن بن دينار، وابن المقير، وجماعة. وحدث باليسير. * * * فائدة عجيبة: كان ابن يغمور أستاذ الملك الظاهر ركن الدين. قال ابن واصل: كان الأمير علاء الدين البندقداري الصالحي أيدكين من كبار أمراء أستاذه الملك الصالح، ثم قبض عليه وحبسه واستولى على غلمانه، وكان منهم ركن الدين بيبرس، فصار من أعيان حاشية الملك الصالح، وكان يقال له بيبرس البندقداري نسبة إلى علاء الدين المذكور. ثم عاش علاء الدين وكان من جملة أمراء الملك الظاهر إلى أن مات. قال: وكان علاء الدين مملوكا قبل الملك الصالح للأمير جمال الدين ابن يغمور.
- حرف الهاء -
115 - هبة الله بن عبد الله بن أبي البركات هبة الله بن زقين بن أبي بكر بن حفاظ. الشيخ الصالح، الفاضل، أبو البركات الأنصاري، الإسكندراني

(49/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 162
سمع: عبد الرحمن بن موقا، وزينب بنت أبي الطاهر بن عوف. روى عنه: الدمياطي، وابن الظاهري، والشيخ شعبان، وغيرهم. مات في مستهل جمادى الآخرة. 116 - هولاكو. طاغية التتار. هلك فيها، وقيل في سنة أربع كما سيأتي.
- حرف الياء -
117 - يوسف بن الحسن بن علي. قاضي القضاة، بدر الدين، أبو المحاسن السنجاري، الشافعي، الزرزاري. كان صدرا محتشما، وجوادا ممدحا. تقدم بسنجار وتلك البلاد في شبوبيته عند الملك الأشرف. فلما تملك دمشق ولاه قضاء البقاع وبعلبك والزبداني. وكان له نواب في بعضها. وكتبوا له في إسجالاته: قاضي القضاة. قال قطب الدين: كان يسلك من الخيل والمماليك والتجمل ما لا يسلكه الوزراء الكبار.

(49/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 163
ثم عاد إلى سنجار، فلما مات الملك الكامل وخرجت الخوارزمية عن طاعة ولده الصالح، راح الصالح إلى سنجار، فطمع فيه صاحب الموصل، ونازله بسنجار، ولم يبق إلا أن يسلمها. وبدر الدين قاضٍ بها، فأرسله الصالح تلك الليالي من السور، فنزل وذهب إلى الخوارزمية، وخاطر بنفسه وركب الأهوال، واجتمع بهم واستمالهم ومناهم، وساروا معه، ووافاهم الملك المغيث ولد الصالح من حران، وأقبلوا إلى سنجار، فترحل صاحب الموصل عنها هاربا، واحتوت الخوارزمية على أثقاله وعظمت منزلة القاضي بدر الدين عند الصالح، فلما تملك البلاد وفد إليه بدر الدين ففرح به وأكرمه. وكان شرف الدين ابن عين الدولة قاضي الإقليم بكماله، فأفرد عنه مصر والوجه القبلي، وفوضه إلى بدر الدين. فلما مات ابن عين الدولة ولاه الصالح قضاء القضاة بالقاهرة والوجه البحري، وكان عنده في أعلى المراتب. وكان الشيخ الأمير فخر الدين ابن الشيخ يكره القاضي بدر الدين، فكتب فيه مرة إلى الصالح يغض منه وينسبه إلى أخذ الرشا من العدول وقضاة البر. فلما وقف على كتابه كتب إليه بخطه على رأس كتابه: يأخي فخر الدين للقاضي بدر الدين علي حقوق عظيمة لا أقوم بشكرها، والذي تولاه قليل في حقه. فلما وقف على ذلك لم يعاوده. وتولى بدر الدين أيضا تدريس الصالحية، وباشر وزارة مصر مدة. ولم يزل يتنقل في المناصب إلى أوائل دولة الظاهر، فصرفه عن ذلك ولزم بيته، وبقي الرؤساء يترددون إليه. وحرمته وافرة، ومحله كبير. وكان كثير الصفح عن الزلات، راعيا للحقوق، مقصدا لمن يرد عليه، سخيا كريما. حج على البحر وصام بمكة. وقال أبو شامة: وفي رجب توفي قاضي سنجار بدر الدين الكردي الذي تولي قضاء مصر مرارا، وكانت له سيرة معروفة من أخذ الرشا من قضاة

(49/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 164
الأطراف والشهود والمتحاكمين. وحصل له ولأتباعه تشتت في البلاد ومصادرات. وقال غيره: ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بجبال إربل، وسمع وحدث، ومات في رابع عشر رجب. ومن نوابه في قضاء القاهرة القاضي شمس الدين ابن خلكان الإربلي. وقال أبو الحسين علي بن عبد الرحيم الحموي: ولما كنت مع جدي الصاحب شيخ الشيوخ حضر إليه القاضي بدر الدين السنجاري وسأل من جدي أن يشرف منزله، فأتيناه وهو عند باب البحر بمصر، فرأينا منزله وفيه من حسن الآثار، وعلو همة القاضي، وشرف نفسه، وكثرة مماليكه، وآلاته وخدامه ما يعجز كثير من الملوك عن مضاهاته. فأقمنا عنده سبعة أيام، وقدم تقادم وخلع على جماعة.

(49/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 165

الكنى
118 - أبو العز بن صالح بن وهيب. عز الدين الحنفي، الفقيه. مدرس الشبلية ابن أخي الإمام صدر الدين بن سليمان القاضي الحنفي. كان فقيها عارفا بمذهبه، دينا، مشكور السيرة. توفي في جمادى الآخرة. 119 - أبو القاسم العوفي. الحواري، الزاهد. شيخ تلك الناحية. له أصحاب ومريدون وزاوية بقرية حوارى، من عمل السواد. توفي في ذي الحجة. وكان فيه تعبد وصلاح وحسن عقيدة، وفيه سخاء وكرم وقرى للضيف، والله يرحمه ويرضى عنه. 120 - أبو القاسم بن أحمد بن القاضي علي بن عبد الله بن ميمون بن غانم بن عصفور. الهواري، البلنسي. قرأت بخط أبي حيان أن هذا آخر من روى عن أبي محمد بن عبيد الله الحجري بالسماع وبالإجازة.

(49/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 166
وأنه توفي في التاسع والعشرين من صفر سنة ثلاث وستين. * * * وفيها ولد: الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحلبي. وزين الدين عمر بن حبيب الدمشقي. وأبو بكر بن علي بن حسام الكلوتاتي يروي عن أحمد بن النحاس الإسكندراني. وزين الدين عبد الرحمن بن الحليم بن عبد السلام بن تيمية. والزين عبد الرحمن بن أحمد بن أبي راجح عبد الله بن راجح، في صفر. ومعين الدين حسين بن العماد محمد بن عمر بن هلال الأزدي. وعز الدين محمد بن العز إبراهيم بن عبد السلام بن أبي عمر، وعمر بن عبد الله بن الجمال أبي حمزة. والضياء أحمد ابن شيخنا برهان الدين الإسكندري، ويوسف ابن شيخنا الزين إبراهيم بن القواس، في شوال. والشرف محمد بن الوجيه محمد بن المنجا. ومحمد بن أيوب السلاوي. والفخر عبد الرحمن بن عبد العزيز بن هلال. ونفيسة أخت النجم بن الخباز. وعبد الرحمن بن ناصر الدين ابن المقدسي.

(49/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 167

سنة أربع وستين وستمائة

- حرف الألف -
121 - أحمد بن سالم. المصري، النحوي. فقيه زاهد، مجرد، ماهر بالعربية، محقق لها. سكن دمشق، وتصدر للاشتغال بالناصرية وبمقصورة الحنفية الشرقية التي فيها الفقراء. وتزوج ببنت إمامها زين الدين إبراهيم بن السديد الحنفي. وكان مع دينه متواضعا، حسن العشرة. تخرج به جماعة، ومات في شوال. وخلف ولدين في كفالة جدهما. وتأسف جدهما عليه، وكان محبا له، فقال البدر يوسف بن لؤلؤ الحنفي:
(عزاءك زين الدين في الذاهب الذي .......... بكته بنو الآداب مثنى وموحدا)

(وهم فارقوا منه الخليل بن أحمد .......... وأنت ففارقت الخليل وأحمدا)
وقد رثاه نجم الدين بن إسرائيل بقصيدة نيف وثمانين بيتا، رحمه الله. وعاشت بنته أسماء إلى سنة ست وثلاثين وسبعمائة، وروت عن ابن عبد الدائم.

(49/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 168
122 - أحمد بن سلامة بن ريحان. الموصلي، ثم الصالحي. روى عن: جعفر الهمداني. وهو والد الشيخ محمد القصاص، وزوج شيختنا زينب بنت شكر. 123 - أحمد بن عبد الله بن شعيب بن محمد بن عبد الله. الإمام، جمال الدين، أبو العباس التميمي، الصقلي، الأصل، الدمشقي، المقرئ، الذهبي، الكتبي. ولد سنة تسعين وخمسمائة. وقرأ القراءآت على السخاوي، ولزمه مدة طويلة. وكان قارئ مجلسه. وقد سمع من: أبي محمد القاسم بن عساكر، وأبي اليمن الكندي، وأبي الفتوح البكري، وأبي الفضل الهمداني. وكان إماما فاضلا فصيحا، أديبا، لغويا، شاعرا، حسن المشاركة. سمع الناس بقراءته كثيرا. وصحب أبا عمرو بن الصلاح مدة. روى عنه الدمياطي حديثا مما سمعه على القاسم سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وروى عنه: القاضي تقي الدين الحنبلي، ومحمد بن عبد العزيز الدمياطي، وأبو الفداء ابن الخباز. وكان يسكن بالعزيزية، وبها مات في جمادى الأولى ليلة خامسه. وكان قد تزوج ببنت شيخه السخاوي، وخلف كتبا جيدة وثروة. ووقف داره على فقهاء المالكية. وقد أنكروا على ابن سني الدولة لما عدله. وكان يميل إلى الصور، ويرابي، ويخل بالصلاة، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

(49/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 169
خلف دراهم وكتبا ووثائق بنحو المائة ألف، وورثه بيت المال. 124 - أحمد بن المبارك بن نوفل. الإمام تقي الدين، أبو العباس النصيبي، الخرفي، وخرفه: بخاء معجمة ثم راء ساكنة، ثم فاء مفتوحة. اسم قرية قريبة من نصيبين. أنبأني بذلك وبترجمته هذه أبو العلاء الفرضي، قال: كان إماما عالما. قدم الموصل بعد الستمائة، وقرأ بها العربية على أبي حفص عمر بن أحمد السفني، بالكسر، وسمع ' الصحاح ' من محمد بن محمد بن سرايا، عن أبي الوقت. وبرع في العلم. قرأ عليه الملك المظفر إبراهيم، والملك الصالح ركن الدين إسماعيل ابنا صاحب الموصل. وصنف كتابا في ' الأحكام '، ' وشرح الدريدية '، وألف كتابا في ' العروض ' وكتابا في ' الخطب '. ' وشرح الملحة '. وله ' منظومة في الفرائض '، و ' منظومة في المسائل الملقبات '. وسكن سنجار ودرس بها مذهب الشافعي. ثم نقله سيف الدين إسحاق ابن صاحب الموصل إلى الجزيرة. وكان له القبول التام.

(49/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 170
ثم حج معه، وعاد إلى الجزيرة، وبقي بها إلى سنة اثنتين وستين، ثم خرج إلى سنجار. ثم عاد إلى الجزيرة، وتوفي في رجب سنة أربع. قلت: قرأ عليه القراءآت أبو الحسن علي بن أحمد بن موسى الجزري وأجاز له. وسمعنا بإجازته على تقي الدين المقصاتي، وكان قد قرأ القراءآت على ابن حرستة البوازيجي تلميذ ابن سعدون القرطبي. 125 - أحمد بن محمد بن خليل. أبو العباس الطوسي، ثم المصري. أحد القراء المتصدرين بالجامع العتيق بمصر. قرأ بالسبع على أبي القاسم الصفراوي، وأبي الفضل الهمداني. سمع منه أبو عبد الله القصاع كتاب ' تلخيص العبارات ' لابن بليمة وقال: مات في شعبان سنة أربع وستين، رحمه الله تعالى. 126 - إبراهيم بن عمر بن مضر بن محمد بن فارس بن إبراهيم. العدل، الرئيس، المسند، رضي الدين ابن البرهان المضري، البرزي الواسطي، السفار. ولد بواسط سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. وسمع ' صحيح مسلم ' من

(49/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 171
منصور الفراوي، وحدث به مرارا بدمشق، ومصر، واليمن. وذكر أنه سمع أيضا من: المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية. روى عنه خلق كثير منهم: الفقيه أحمد بن الشرف، وبدر الدين محمد بن محمد بن القواس، والفقيه يحيى بن يحيى الزواوي، ومحمد بن المحب، والكمال محمد بن النحاس، والعماد أحمد بن اللهيب الأزدي، المصري والأمين أحمد بن محمد بن تاج الدين القسطلاني، وأخوه الكمال محمد، وإبراهيم بن علي بن الخيمي، والبدر محمد بن زكريا السويداوي، والمفتي محيي الدين محمد بن علي التنوخي، المعري، ثم المصري، والضياء محمد بن محمد ابن الأخوة المصري. وكان شيخا متميزا، حسن الهيئة، من أكابر التجار ومتموليهم. وكانت له صدقات وبر كثير، وفيه سكون ودين. وبرزا قرية من عمل واسط. توفي بالإسكندرية في حادي عشر رجب. 127 - إبراهيم بن مصطفى بن شجاع بن فارس. المصري، القصار، نصير الدين. روى عن، مكرم، وغيره. وعاش أربعا وستين سنة.

(49/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 172
128 - إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علوي بن حسين. الشيخ، الفقيه، صفي الدين، أبو الفضل القرشي، المقدسي، ثم الدمشقي، الحنفي، المعروف بابن الدرجي. ولد في شعبان سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن علي الخرقي، ومنصور بن أبي الحسن الطبري، وأسماء بنت الران، وجماعة. وسمع بالموصل من: أبي الحسن علي بن هبل الطبيب، وعبد المحسن ابن خطيب الموصل. وخرج له الحافظ زكي الدين البرزالي ' مشيخة ' وحدث بها مرات. روى عنه: تاج الدين صالح القاضي، والبدر بن التوزي، والنجم ابن الخباز، والشمس ابن الزراد، وصفية بنت الحلوانية، ومحمد بن المحب، وجماعة. توفي في السادس والعشرين مع ربيع الأول. وهو والد البرهان بن الدرجي. 129 - أيدغدي العزيزي. الأمير الكبير، جمال الدين.

(49/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 173
كان كبير القدر، شجاعا، مقداما، كريما، محتشما، كثير البر والصدقات والمعروف. يخرج في السنة أكثر من مائة ألف في أنواع القربات، ويطلق، ويتطلب معالي الأخلاق. وكان مقتصدا في ملبسه، لا يتعدى القباء النصافي. وكان كثير الأدب مع الفقراء، محسنا إليهم إلى الغاية. حضر مرة سماعا، فحصل للمغاني منه ومن حاشيته نحو ستة آلاف درهم. وقد حبسه الملك المعز سنة ثلاث وخمسين فبقي مدة، وأشاع المعز موته لأن الرسول نجم الدين الباذرائي طلب منه إطلاق أيدغدي فقال: فات الأمر فيه، وما بقي مولانا يراه إلا في عرصات القيامة. ولم يكن كذلك. بل كان معتقلا مكرما منعما في قاعة من دور السلطنة. قال ابن واصل: بلغني أن المعز كان يدخل إليه ويلعب معه بالشطرنج. فبقي حتى أخرجه الملك المظفر نوبة عين جالوت. واجتمع به البنداقداري فأطلعه على ما عزم عليه من الفتك بالمظفر، فنهاه ولم يوافقه فلما تملك عظم عنده ووثق بدينه، وكان عنده في أعلى المراتب، يرجع إلى رأيه ومشورته لاسيما في الأمور الدينية. وجهزه في هذه السنة إلى بلد سيس فأغار وغنم وعاد في رمضان ثم توجه إلى صفد. وكان يبذل جهده، ويتعرض للشهادة، فجرح، فبقي مدة وألم الجراحة يتزايد، فحمل إلى دمشق وتمرض إلى أن توفي ليلة عرفة، ودفن بمقبرة الرباط الناصري.

(49/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 174

- حرف التاء -
130 - التاج الشحرور. الشافعي المدرس. مات بدمشق في ربيع الأول عن نحو تسعين سنة وكان شريرا.
- حرف الجيم -
131 - جلدك. الرومي، الفائزي الأمير. توفي في شوال بالقاهرة، وقد ولي عدة ولايات. وكان فاضلا، له شعر جيد وسيرة مشكورة.
- حرف الحاء -
132 - الحسن بن سالم بن الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى. الصدر الجليل، بهاء الدين، أبو المواهب ابن العدل أمين الدين أبي الغنائم ابن الإمام الحافظ أبي المواهب التغلبي، الدمشقي. من بيت رئاسة وحشمة وحديث.

(49/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 175
كان شيخا نبيلا، مليح الشكل، مهيبا، دينا، عاقلا، لم يدخل في المناصب. ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة تخمينا. وسمع من: عمر بن طبرزد، ويحيى بن عبد الملك ابن الكيا، وأبي اليمن الكندي، ومحمود بن هبة الله البغدادي. روى عنه: الدمياطي، والشيخ زين الدين الفارقي، وقاضي القضاة نجم الدين أحمد بن صصرى، وأبو علي بن الخلال، أبو المعالي بن البالسي، وأبو الفداء ابن الخباز، وآخرون. ومات في رابع صفر قبل أخيه بأشهر.
- حرف العين -
133 - عبد الرحمن بن أبي الغنائم سالم بن الحسن بن صصرى. الصدر، الرئيس، شرف الدين، أبو محمد التغلبي، الدمشقي. ولد سنة خمس وتسعين ظنا. وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، والكندي، ويحيى بن عبد الملك، ومحمود بن هبة الله، وجماعة. وكان صدرا معظما، نبيلا، ولي الوزارة والمناصب السنية، وله بر وصدقة. روى عنه: البدر بن الخلال، والعماد بن البالسي، والنجم بن الخباز، وجماعة سواهم في الأحياء منهم: الإمام قاضي القضاة نجم الدين ابن أخيه عماد الدين، وهو والد الصاحب جمال الدين إبراهيم.

(49/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 176
توفي إلى رحمة الله وعفوه ومسامحته في حادي عشر شعبان. ودفن بترتبهم بسفح قاسيون. 134 - عبد الرحمن بن معالي بن حمد. بهاء الدين، أبو عيسى المقدسي، النابلسي، ثم الصالحي، المطعم. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وسمع من: محمود بن عبد المنعم الكندي، وابن ملاعب. وعنه: الدمياطي. وابن الخباز، وولده عيسى المطعم، وآخرون. 135 - عبد العزيز بن ناصر بن إبراهيم ابن أبي الروس. أبو محمد القرشي الزهري، الإسكندراني، السمسار. ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وعبد الرحمن بن موقا. وحدث بمصر والإسكندرية. روى عنه: الشيخ شعبان، غيره. ومات في ذي القعدة بالإسكندرية. 136 - عبد الكريم بن عطاء الله بن عبد الرحمن. الفقيه العدل، أبو محمد الإسكندراني، المالكي، المفتي. روى عن: جعفر الهمذاني، وغيره. توفي في رمضان. 137 - علي بن الحسين بن محمد بن الحسين بن زيد. الشريف النقيب، أبو الحسن العلوي، الحسيني، الأرموي، ثم المصري. صدر محتشم، سيد، حسيب. روى عن: شيخ الشيوخ أبي الحسين علي بن عمر بن حمويه.

(49/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 177
وتوفي في الحادي والعشرين من صفر عن إحدى وستين سنة. 138 - علي بن موسى بن جعفر بن طاوس. العلوي، الحسني، النقيب، نقيب الطالبيين. مات في ذي القعدة وله ست وسبعون سنة. ونقل ودفن بمشهد علي رضي الله عنه. قال الكازروني: لم يوجد بعده مثله، ولا رأينا أحدا على قاعدته في دينه ونسكه وعبادته وخلقه. ورثاه بعض الشعراء. 139 - علي بن أبي الحسن. النشاوري، الصوفي، سديد الدين. توفي في ذي الحجة عن بضع وثمانين سنة بالقاهرة. وحدث عن إبراهيم بن خلف السنهوري.
- حرف الميم -
140 - المبارك بن يحيى بن المبارك. الإمام، فخر الدين، أبو سعد ابن المخزمي، شيخ رباط الحريم. كتب بيده عدة ربعات. شيعه خلق كثير. 141 - محمد بن أبي الحسين عبد الله بن أبي الفخر محمد بن عبد الوارث.

(49/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 178
الشيخ صدر الدين ابن الأزرق الأنصاري، الأوسي، المصري، الصوفي، المغسل. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسمع من: مكرم بن أبي الصقر. وأكثر عن المتأخرين، وكتب وفهم وعرف بالحديث، وروى اليسير. توفي في نصف جمادى الآخرة. 142 - محمد بن عبد الجليل بن عبد الكريم بن عثمان. المحدث العالم، جمال الدين، أبو عبد الله الموقاني، ثم المقدسي. نزيل دمشق. يروي عن: أبي القاسم الحرستاني، والشيخ الموفق، وأبي علي الأوقي، والشهاب فتيان الشاغوري، وجعفر الهمداني، وطائفة. وعنى بالحديث وكتب بخطه الكثير من الحديث والآداب.

(49/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 179
كتب عنه: الدمياطي، وجماعة. ومات فجأة في حادي عشر ذي القعدة وله أربع، وسبعون سنة. وله مجاميع مفيدة. 143 - محمد بن مرتضى بن محمود. المقدسي، ثم المصري. الرجل الصالح. توفي في عشر الثمانين. وقد روى عن مكرم شيئا يسيرا. 144 - محمد بن منصور بن أبي الفضل أحمد بن عبد الرحمن بن أبي عبد الله محمد بن منصور بن محمد بن الفضل. أبو عبد الله بن الحضرمي، الصقلي الأصل، الإسكندراني، المالكي. حدث عن: علي بن البنا الخلال. وروى هو أبوه وجده وجد أبيه وجد جده. ومات بالإسكندرية في العشرين من جمادى الأولى. وكان من عدول الثغر. وساق الشريف نسبه إلى العلاء بن الحضرمي، رضي الله عنه. وهو من شيوخ الدمياطي.

(49/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 180
145 - معين الدين. الأنصاري، المصري، المعروف بابن فار اللبن. واسمه أبو الفضل عبد الله بن محمد بن عبد الوارث. شيخ متميز مسن. حدثني شيخنا بدر الدين التادفي أنه قرأ عليه ' الشاطبية ' في القراءآت، وأخبره أنه قرأها على ناظمها. قلت: هو آخر من روى ' الشاطبية '، ولا أتيقن متى توفي، ولكن في ذهني أنه بقي إلى سنة أربع هذه. وممن روى عنه القصيد الشيخ حسن الراشدي، وقاضي القضاة ابن جماعة، وبدر الدين ابن الجوهري. روى القصيد في شعبان من السنة.
- حرف النون -
146 - الناهض. معالي بن أبي الزهر ابن الخيسي. رجل جليل له ثروة. توفي بدمشق في جمادى الأولى.
- حرف الهاء -
147 - هولاكو بن تولى قان بن الملك جنكرخان.

(49/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 181
ملك التتار ومقدمهم. ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان من أعظم ملوك التتر. وكان شجاعا حازما مدبرا، ذا همة عالية، وسطوة ومهابة ونهضة تامة، وخبرة بالحروب، ومحبة في العلوم العقلية من غير أن يتعقل منها شيئا. اجتمع له جماعة من فضلاء العالم، وجمع حكماء مملكته، وأمرهم أن يرصدوا الكواكب. وكان يطلق الكثير من الأموال والبلاد. وهو على قاعدة المغل من عدم التقيد بدين، لكن زوجته تنصرت. وكان سعيدا في حروبه وحصاراته. طوى البلاد واستولى على الممالك في أيسر مدة، ففتح بلاد خراسان، وفارس، وأذربيجان، وعراق العجم، وعراق العرب، والشام، والجزيرة، والروم، وديار بكر. كذا قال الشيخ قطب الدين، والذي افتتح خراسان وعراق العجم غيره، وهو جنكزخان وأولاده، وهذا الطاغية فافتتح العراق، والجزيرة، والشام، وهزم الجيوش وأباد الملوك، وقتل الخليفة وأمراء العراق وصاحب الشام، وصاحب ميافارقين.

(49/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 182
قال لي الظهير الكازروني: حكى لي النجم أحمد بن البواب النقاش نزيل مراغة قال: عزم هولاكو على زواج بنت ملك الكرج، قالت: حتى تسلم. فقال: عرفوني ما أقول. فعرضوا عليه الشهادتين فأقر بهما وشهد عليه بذلك الخواجا نصير الطوسي وفخر الدين المنجم. فلما بلغها ذلك أجابت. فحضر القاضي فخر الدين الخلاطي، فتوكل لها النصير، وللسلطان الفخر المنجم، وعقدوا العقد باسم تامار خاتون بنت الملك داود بن إيواني على ثلاثين ألف دينار. قال ابن البواب: وأنا كتبت الكتاب في ثوب أطلس أبيض، وعجبت من إسلامه. قلت: إن صح هذا فلعله قالها بفمه لعدم تقيده بدين، ولم يدخل الإسلام إلى قلبه، والله أعلم. قال قطب الدين: كان هلاكه بعلة الصرع، فإنه حصل له الصرع منذ قتل الملك الكامل صاحب ميافارقين، فكان يعتريه في اليوم المرة والمرتين. ولما عاد من كسرة بركة له أقام يجمع العساكر، وعزم على العود لقتال بركة، فزاد به الصرع، ومرض نحوا من شهرين وهلك، فأخفوا موته وصبروه وجعلوه في تابوت، ثم أظهروا موته. وكان ابنه أبغا غائبا فطلبوه ثم ملكوه. وهلك هولاوو وله ستون سنة أو نحوها. وقد أباد أمما لا يحصيهم إلا الله. ومات في هذه السنة. قيل في سابع ربيع الآخر سنة ثلاث وستين ببلد مراغه. ونقل إلى قلعة تلا، وبنوا عليه قبة. وخلف من الأولاد سبعة عشر ابنا سوى البنات، وهم: أبغا، وأشموط، وتمشين، وبكشي، وكان بكشي فاتكا جبارا، وأجاي، ويستز، ومنكوتمر الذي التقى هو والملك المنصور على حمص وانهزم جريحا، وباكودر، وأرغون، ونغابي دمر، والملك أحمد. قلت: وكان القاان الكبير قد جعل أخاه هولاوو نائبا على خراسان

(49/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 183
وأذربيجان فأخذ العراق والشام وغير ذلك، واستقل بالأمر مع الانقياد للقاان والطاعة له، والبرد واصلة إليه منه في الأوقات. وتفاصيل الأمور لم تبلغنا كما ينبغي. وقد جمع صاحب الديوان كتابا في أخبارهم في مجلدتين. ووالد هولاوو هو تولى خان الذي عمل معه السلطان جلال الدين مصافا في سنة ثماني عشرة، فنصر جلال الدين وقتل في الوقعة تولى إلى لعنة الله. وكان القاان الأعظم في أيام هولاوو أخاه مونكوقا بن تولى بن جنكزخان، فلما هلك جلس على التخت بعده أخوهما قبلاي، فامتدت دولته وطالت أيامه، ومات سنة خمس وتسعين بخان بالق أم بلاد الخطا وكرسي مملكة التتار. وكانت دولة قبلاي نحوا من أربعين سنة. في آخر أيامه أسلم قازان على يد شيخنا بدر الدين ابن حمويه الجويني. وقال الظهير الكازروني: عاش هولاكو نحو خمسين سنة. وكان عارفا بغوامض الأمور وتدبير الملك، فاق على من تقدمه. وكان يحب العلماء ويعظمهم، ويشفق على رعيته، ويأمر بالإحسان إليهم. قلت: وهل يسع مؤرخا في وسط بلاد سلطان عادل أو ظالم أو كافر إلا أن يثني عليه ويكذب، فالله المستعان ؛ فلو أثني على هولاكو بكل لسان لاعترف المثني بأنه مات على ملة آبائه، وبأنه سفك دم ألف ألف أو يزيدون، فإن كان الله تعالى مع هذا وفقه للإسلام فيا سعادته، لكن حتى يصح ذلك، والله أعلم.
- حرف الياء -
148 - يحيى بن شجاع بن ضرغام. أبو زكريا القرشي، المصري. سمع الكثير من: الحافظ ابن المفضل.

(49/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 184
وحدث، ومات في ذي القعدة. 149 - يوسف بن صالح بن صارم بن مخلوف. نور الدين الأنصاري، القوصي. شيخ صالح زاهد خير منقطع بالقرافة. حدث من: الحافظ ابن المفضل. ومات في وسط ربيع الأول.
الكنى
150 - أبو بكر بن إبراهيم بن مسعود بن أحمد. الشيخ المعمر، الصالح، أبو بكر الشيباني، العراقي، الصوفي. قال الشريف عز الدين: ذكر أنه ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وكان شيخا صالحا، وصوفيا حسنا من أكابرهم المعروفين. توفي في ذي القعدة، رحمه الله. * * * وفيها ولد: قاضي القضاة علم الدين محمد بن أبي بكر بن الإخنائي الشافعي، والشيخ عبد الرحمن ابن أمين الدولة عبد القادر الصعبي. ومحمد الناسخ ولد الشرف محمد بن إبراهيم الميدومي، سمعا من النجيب وطبقته، وعز الدين عبد العزيز بن عبد اللطيف بن عبد العزيز ابن الشيخ مجد الدين ابن تيمية، وصلاح الدين محمد بن عبد الله ابن الشيخ شمس الدين،

(49/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 185
والشمس عمر بن شرف الدين عبد العزيز بن عبد الرحمن بن هلال، ونور الدين عبد الله بن ضياء الدين بن عبد الرحمن بن عبد الكافي بن عبد الملك الربعي، وعلي بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن صفوان الكندي القواس، والقاضي تقي الدين عبد الكريم بن القاضي محيي الدين يحيى بن الزكي، وعبد الرحيم بن تقي الدين إسماعيل بن أبي اليسر، وشمس الدين أحمد بن أمين الدين محمد بن هلال، ومحمد بن يوسف بن أبي العز الحراني، والشيخ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور بحلب في رجب.

(49/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 186

سنة خمس وستين وستمائة

- حرف الألف -
151 - أحمد بن جميل بن حمد بن أحمد بن أبي عطاف زين الدين. أبو العباس المقدسي الصحراوي، المطعم، الحنبلي. روى عن: حنبل، وعمر بن طبرزد. سمع منه: المعين علي بن وردان بمصر، والسيف بن المجد وأثنى عليه ووثقه. وروى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والقاضي تقي الدين سليمان، وأبو عبد الله بن الزراد، وآخرون. ومات في ثاني عشر جمادى الأولى، رحمه الله. 152 - أحمد بن نعمة بن أحمد بن جعفر بن الحسين بن حماد. الإمام كمال الدين، أبو العباس المقدسي، النابلسي، الشافعي، خطيب بيت المقدس.

(49/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 187
ولد سنة تسع وسبعين وخمسمائة، وقدم دمشق شابا فاشتغل بها. وسمع من: بهاء الدين القاسم بن عساكر، وحنبل، وعمر بن طبرزد، وغيرهم. وروى عنه: ولداه العلامة شرف الدين والفقيه محيي الدين إمام المشهد، وأبو محمد الدمياطي، وابن الخباز، والدواداري، وجماعة. وحدث بدمشق والقاهرة. وكان فقيها فاضلا، دينا، صالحا، كثير التعبد، حسن القناعة، منقبض النفس عن أبناء الدنيا وعن التردد إليهم. توفي بدمشق في الثالث والعشرين من ذي القعدة، ودفن بمقبرة باب كيسان عن ست وثمانين سنة، رحمه الله. 153 - إبراهيم بن نجيب بن بشارة بن محرز. أبو إسحاق السعدي، المصري، الفاضلي. شيخ مسن معمر، من أولاد الشيخ. ولد في ربيع الأول سنة أربع وسبعين وخمسمائة بالقاهرة. وسمع من أبي محمد القاسم بن عساكر لما قدم مصر. وكان أبوه يروي عن الشريف الخطيب ويؤدب أولاد القاضي الفاضل، رحمه الله. روى عن إبراهيم: شيخنا الدمياطي، وعلم الدين الدواداري في ' معجميهما '.

(49/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 188
ومات في نصف جمادى الأولى. 154 - إسحاق بن خليل بن فارس بن سعادة. القاضي كمال الدين أبو محمد الشيباني، الدمشقي، الشافعي، قاضي زرع، ويعرف بالسقطي. ولد بدمشق سنة ثمان وثمانين. وسمع من أبي عبد الله بن البنا الصوفي. وحدث. وهو والد محيي الدين يحيى قاضي زرع، وأختيه عائشة وخديجة اللتين روتا لنا بالإجازة عن مكرم والناصح بن الحنبلي. توفي بدمشق في العشرين من رجب، ودفن بجبل قاسيون. ثنا عنه ولده. 155 - إسماعيل بن محمد بن أبي بكر بن خسرو. أبو محمد الكوراني الزاهد القدوة. كان أحد المشايخ المشهورين بالزهد والورع والإخلاص. وكان كثير التحري والتفتيش عن أمر دينه. صاحب معاملة وخشية، يقصد بالزيارة ويطلب من جهته الدعاء، وقل أن يوجد في زمانه مثله، رضي الله عنه. أدركه الأجل بغزة وهو قافل من مصر إلى بيت المقدس في الثاني والعشرين من رجب.

(49/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 189
156 - أقوش القفجاقي. الصالحي النجمي. أخرج من خزانة البنود فسمروه هو وجماعة في ذي الحجة. وكان قد ادعى النبوة في رمضان من السنة. فلما رجع السلطان من الشام استحضره السلطان وسمع كلامه، ورسم بتسميره. ومن الذين سمروا الناصح ضياء من بلاد راحات. 157 - أيوب بن بدر بن منصور بن بدران. أبو الكرم الأنصاري، القاهري، ثم الدمشقي، المعروف بالجرائدي، أخو تقي الدين يعقوب المقرئ. قرأ أيوب القراءآت على السخاوي، وغيره. وسمع من: داود بن ملاعب، والشيخ أبي الفتوح البكري، وعبد الله بن عمر قاضي اليمن، وجماعة. وكتب الأجزاء. وأكثر عن: الضياء المقدسي، والسخاوي، وهؤلاء وأجزاؤه موقوفة بدار الحديث الأشرفية، وكتابته معروفة. وقد حدث وأقرأ، ومات بدمشق في شعبان، وأضر بأخرة. وكان صوفيا وإمام مسجد. غري بكتب ابن العربي، وكتب كثيرا منها، نسأل الله السلامة.
- حرف الباء -
158 - بركة بن توشي بن جنكزخان.

(49/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 190
المغلي، ملك القفجاق وصحراء سوداق، وهي مملكة متسعة مسيرة أربعة أشهر، وأكثرها براري ومروج، وبينها وبين أذربيجان باب الحديد في الدربند المعروف. هو باب عظيم مغلوق بين المملكتين مسلم إلى أمير كبير. وبركة هو ابن عم هولاكو. توفي في هذه السنة. وكان قد أسلم وكاتب الملك الظاهر وبعث رسوله في البحر فسار إلى أن وصل إلى الاسكندرية وطلع منها. تملك بعده منكوتمر بن طغان بن شرطق بن توش بن جنكزخان فجمع عساكر وبعثها مع مقدم لقصد أبغا، فجمع أبغا جيشه أيضا، وسار إلى أن نزل على نهر كور، وأحضر المراكب والسلاسل، وعمل جسرين على النهر ثم عدى إلى جهة منكوتمر، وسار حتى نزل على النهر الأبيض. فعدى منكوتمر وساق إلى النهر الأبيض، ونزل من جانبه الشرقي، ونزل أبغا في الجانب الغربي. ثم لبسوا السلاح وتراسلوا، ثم بعد ثلاث ساعات حرك أبغا كوساته وقطع النهر، وحمل على منكوتمر فكسره، وساق وراءه والسيف يعمل في عسكر منكوتمر. ثم تناخى عسكر منكوتمر ورجعوا عليهم فثبت أبغا في عسكره، ودام الحرب إلى العشاء الآخرة، ثم انهزم منكوتمر، واستظهر أبغا وغنم جيشه شيئا كثيرا، وعدى إلى الجسورة المنصوبة، ونزل على نهر كور. ثم جمع كبراء دولته وشاورهم في عمل سور من خشب على هذا النهر، فأشاروا بذلك، فقام وقاس النهر من حد تفليس، فكان جزء كل مقدم مائة وعشرين ذراعا. فشرعوا في عمله، ففرغ السور في سبعة أيام. ثم ارتحل فنزل المقدم دغان وشتى هناك.

(49/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 191
قال قطب الدين: كان بركة يميل إلى المسلمين، وله عساكر عظيمة ومملكة تفوق مملكة هولاكو من بعض الوجوه. وكان يعظم العلماء، ويعتقد في الصالحين، ولهم حرمة عنده. من أعظم الأسباب لوقوع الحرب بينه وبين هولاكو كونه قتل الخليفة. وكان يميل إلى صاحب مصر ويعظم رسله ويحترمهم وتوجه إليه طائفة، من أهل الحجاز فوصلهم وبالغ في احترامهم، وأسلم هو وكثير من جيشه. وكانت المساجد التي من الخيم تحمل معه، ولها أئمة ومؤذنون، وتقام فيها الصلوات الخمس. قال: وكان شجاعا، جوادا، حازما، عادلا، حسن السيرة، يكره الإكثار من سفك الدماء والإفراط في خراب البلاد. وعنده حلم ورأفة وصفح. توفي بأرضه في عشر الستين من عمره. قلت: توفي في ربيع الآخر. وقد سافر من سقسين سنة نيف وأربعين إلى بخارى لزيارة الشيخ سيف الدين الباخرزي، فقام على باب الزاوية إلى الصباح، ثم دخل وقبل رجل الشيخ. وأسلم معه جماعة من أمرائه. وهذا في ترجمة الباخرزي، نقله ابن الفوطي.
- حرف الجيم -
159 - الجنيد بن عيسى بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان. العدل، أبو القاسم الزرزاري، الإربلي، الشافعي. سمع بإربل من: عمر بن طبرزد، وحنبل المكبر. وحدث بالقاهرة: وكان مولده بإربل سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. وتوفي بدمشق في الرابع والعشرين من شوال.

(49/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 192
كتب عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وجماعة.
- حرف الحاء -
160 - حسين بن عزيز بن أبي الفوارس. الأمير الكبير، ناصر الدين، أبو المعالي القيمري، صاحب المدرسة القيمرية الكبرى التي بسوق الخريميين. كان من أعظم الأمراء وأجلهم قدرا وأكبرهم محلا. له الوجاهة التامة، والكلمة النافذة، والإقطاعات الجليلة. وكان بطلا شجاعا، كريما، عادلا، حازما، رئيسا، كثير البر. وهو الذي ملك الملك الناصر دمشق. وكان أبوه شمس الدين من أجلاء الأمراء. توفي ناصر الدين في ربيع الأول بالساحل مرابطا قبالة الفرنج.
- حرف الصاد -
161 - صالح بن إبراهيم بن أحمد بن نصر بن قريش.

(49/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 193
الإمام النحوي الكبير، ضياء الدين أبو العباس الإسعردي، ثم الفارقي، المقرئ. ولد سنة خمس عشرة وستمائة بميافارقين. وقرأ القراءآت، وأتقن العربية، وسمع من: ابن الصلاح، وجماعة. وتصدر للإقراء وتعليم النحو، وانتفع به جماعة. وكان ساكنا، خيرا، فاضلا. توفي بالقاهرة في العشرين من ربيع الآخر. وكتب عنه آحاد المحدثين.
- حرف الطاء -
162 - طاهر بن أبي الفضل محمد بن أبي الفرج طاهر بن أبي عبد الله بن الخضر. الحكيم، العالم، أبو الفرج، الكحال، الأنصاري، الصوري الأصل، الدمشقي. ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة. وسمع من: عمر بن طبرزد، ومحمود بن عبد الله الجلالي، وأبي اليمن الكندي، وجماعة كثيرة. روى عنه: الدمياطي، وأبو محمد الفارقي، وأبو علي بن الخلال، والصدر الأرموي، والعماد بن البالسي، والشرف صالح بن عربشاه، والبهاء بن المقدسي، وآخرون. وكان حانوته باللبادين. توفي في الثاني والعشرين من ذي القعدة.

(49/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 194

- حرف العين -
163 - عبد الله بن محمد بن يوسف. الحلبي، أبو محمد بن الأبيض. سمع من: ثابت بن مشرف. روى عنه: الدمياطي، وغيره. 164 - عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان.

(49/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 195
الإمام، العلامة، ذو الفنون، شهاب الدين، أبو القاسم، المقدسي الأصل، الدمشقي، الشافعي، الفقيه، المقرئ، النحوي، أبو شامة. ولد في أحد الربيعين سنة تسع وتسعين وخمسمائة بدمشق، وقرأ القرآن وله دون العشر. وقرأ القراءآت، وأكملها سنة ست عشرة على الشيخ علم الدين. وسمع ' الصحيح ' من داود بن ملاعب، وأحمد بن عبد الله العطار. وسمع ' مسند الشافعي ' و ' الدعاء ' للمحاملي، من الإمام الموفق بن قدامة. وسمع بالإسكندرية: من أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى، وغيره. وحصل له سنة بضع وثلاثين عناية بالحديث، وسمع أولاده، وقرأ بنفسه وكتب الكثير من العلوم، وأتقن الفقه، ودرس وأفتى، وبرع في فن العربية. وصنف في القراءآت شرحا نفيسا للشاطبية، واختصر ' تاريخ دمشق ' مرتين، الأولى في خمسة عشر مجلدا كبارا، والثانية في خمسة مجلدات، وشرح ' القصائد النبوية ' للسخاوي في مجلد. وله كتاب ' الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية '، وكتاب ' الذيل ' عليهما، وكتاب ' شرح الحديث المقتفى في مبعث المصطفى '، وكتاب ' ضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري '، وكتاب ' المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول '، وكتاب ' البسملة ' الأكبر في مجلد، وكتاب ' الباعث على إنكار البدع والحوادث '، وكتاب ' السواك '، وكتاب ' كشف مال بني عبيد '، وكتاب ' الأصول من الأصول '، و ' مفردات القراء '، و ' مقدمة نحو '.

(49/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 196
ونظم ' المفصل ' للزمخشري، و ' شيوخ البيهقي '. وله تصانيف كثيرة سوى ما ذكرت، وأكثرها لم يفرغها. وذكر أنه حصل له الشيب وهو ابن خمس وعشرين سنة، وولي مشيخة القراءة بالتربة الأشرفية، ومشيخة الحديث بالدار الأشرفية. وكان مع كثرة فضائله متواضعا مطرحا للتكلف، ربما ركب الحمار بين الدوائر. أخذ عنه القراءات: الشيخ شهاب الدين حسين الكفري، والشيخ أحمد اللبان، وزين الدين أبو بكر بن يوسف المزي، وجماعة. وقرأ عليه ' شرح الشاطبية ': الشيخ برهان الدين الإسكندراني، والخطيب شرف الدين الفزاري. وفي جمادى الآخرة من هذه السنة جاءه اثنان جبلية إلى بيته الذي بآخر المعمور من حكر طواحين الأشنان، فدخلوا عليه في صورة صاحب فتيا فضرباه ضربا مبرحا كاد أن يتلف منه، وراحا ولم يدر بهما أحد، ولا أغاثه أحد. قال رحمه الله: في سابع جمادى الآخرة جرت لي محنة بداري بطواحين الأشنان، فألهم الله تعالى الصبر ولطف. وقيل لي: اجتمع بولاة الأمر. فقلت: أنا قد فوضت أمري إلى الله وهو يكفينا. وقلت في ذلك:
(قلت لمن قال: تشتكي .......... ما قد جرى فهو عظيم جليل)

(49/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 197

(يقبض الله تعالى لنا من يأخذ .......... الحق ويشفي الغليل)

(إذا توكلنا على الله كفى .......... وحسبنا الله ونعم الوكيل)
توفي أبو شامة، رحمه الله، تاسع عشر رمضان، ودفن بباب الفراديس. وكان فوق حاجبه الأيسر شامة كبيرة. 165 - عبد العزيز بن إبراهيم بن علي بن علي بن أبي حرب بن مهاجر. الأجل، تاج الدين الموصلي، المعروف بابن الوالي. وأصلهم أجناد. ووزر والده شرف الدين لصاحب إربل مظفر الدين. تاب هذا عنه. وكان ذا مكارم وعفة، وحسن سيرة. وآخر ما ولي وزارة الشام بعد الصاحب عز الدين ابن وداعة. وقدم وباشر المنصب قليلا، ومات وقد نيف على الستين. 166 - عبد الغفار بن عبد الكريم بن عبد الغفار. العلامة الأوحد، نجم الدين القزويني، الشافعي، صاحب ' الحاوي الصغير '.

(49/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 198
كان أحد الأئمة الأعلام. ألف ' الحاوي ' لولده جلال الدين محمد. وأجازت له عفيفة الفارقانية من إصبهان. روى لنا الإمام صدر الدين ابن حمويه بإجازته له. وحدثني الفقيه شهاب الدين الواسطي بوفاته في ثامن المحرم. 167 - عبد القادر بن عبد الوهاب. الخطيب أبو محمد البدري، الصوفي، الشافعي. ولد سنة سبع وستمائة. وروى عن: جعفر الهمداني. وولي الخطابة والإمامة بالجامع العتيق بمصر. ومات، رحمه الله، في رمضان. 168 - عبد المحسن بن علي بن أبي الفتوح نصر بن جبريل. الشيخ الصالح، المسند، أبو محمد الأنصاري، الخزرجي، المصري، الشافعي، المعروف بابن الزهر. ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة تخمينا بمصر. وسمع من: أبي الفضل الغزنوي، أبي عبد الله الأرتاحي، وأبي الحسن ابن نجا الأنصاري، وفاطمة بنت سعد الخير. روى عنه: الدمياطي والمصريون. ومات في العشرين من رجب. 169 - عبد المحسن بن يونس. أبو محمد القضاعي، الخولاني، المصري، المؤدي، المعروف بابن سمعون. شيخ صالح، معمر، عاش تسعين سنة.

(49/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 199
وحدث عن: أبي محمد عبد الله بن عبد الجبار العثماني. وتوفي في جمادى الآخرة. 170 - عبد الوهاب بن خلف بن بدر. العلامي، قاضي القضاة، تاج الدين أبو محمد ابن بنت الأعز، الشافعي. ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وقيل: سنة أربع وستمائة. وروى عن: جعفر الهمداني، وغيره. قال قطب الدين: كان إماما فاضلا، متبحرا، ولي المناصب الجليلة كنظر الدواوين والوزارة والقضاء. ودرس بالصالحية، ودرس بمدرسة الشافعي بالقرافة. وتقدم في الدولة. وكانت له الحرمة الوافرة عند الملك الظاهر. وكان ذا ذهن ثاقب وحدس صائب وجد وسعد وحزم وعزم، مع النزاهة المفرطة، وحسن الطوية والصلابة في الدين، والتثبت في الأحكام، وتولية الأكفاء، لا يراعي أحدا ولا يداهنه. ولا يقبل شهادة مريب. وكان قوي النفس بحيث يترفع على الصاحب بهاء الدين ولا يحفل بأمره. فكان ذلك يعظم على الصاحب ويقصد نكايته فلا يقدر، فكان يوهم السلطان

(49/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 200
أن للقاضي متاجر وأموالا، وأن بعض التجار ورد وقام بما عليه ثم وجد معه ألف دينار، فأنكر عليه فقال: هي وديعة للقاضي. فسأل السلطان القاضي فأنكر لئلا يحصل غرض الوزير منه، ولم يصرح بالإنكار بل قال: الناس يقصدون التجوه بالناس وإن كانت فقد خرجت عنها لبيت المال. فأخذت، وهان ذلك على القاضي مع كثرة شحه لئلا يبلغ الوزير مقصوده منه. وكان الوزير بهاء الدين يختار أن القاضي تاج الدين [يأتي] إلى داره فتغير مزاجه وعاده الناس فعاده القاضي، فلما دخل على الوزير وثب من الفراش ونزل له من الإيوان، فلما رآه كذلك قال: بلغني أنك في مرض شديد وأنت قائم. سلام عليكم. ثم رد ولم يزد على ذلك. توفي في السابع والعشرين من رجب، وكانت جنازته مشهودة. * * * وهو والد القاضي الكبير صدر الدين عمر قاضي الديار المصرية، ووالد قاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن الذي وزر أيضا، ووالد القاضي العلامة، علاء الدين أحمد الذي دخل اليمن والشام. 171 - علي بن الزاهد أبي العباس أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون. الإمام المفتي، تاج الدين ابن القسطلاني، القيسي، المصري، المالكي، المعدل.

(49/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 201
سمع بمكة من: يحيى بن ياقوت، وزاهر بن رستم، ويونس بن يحيى الهاشمي، وأبي الفتوح نصر بن الحصري، وأبي عبد الله بن البنا. وبمصر من: المطهر بن أبي بكر البيهقي، وعلي بن خلف الكيفي، وابن الفضل الحافظ، وجماعة. ودرس بالمدرسة المالكية المجاورة للجامع العتيق. وولي مشيخة دار الحديث الكاملية بعد الرشيد العطار. وكان من أعلام الأئمة المشهورين بالفضيلة والدين، وحسن الأخلاق، والصلاح، ولين الجانب، ومحبة الحديث وأهله. روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، وعلم الدين الدواداري، وعبد المحسن الصابوني، وعبد الله بن علي الصنهاجي، وزهرة بنت الختني، والمصريون. وتوفي إلى رحمة الله في سابع عشر شوال، وله سبع وسبعون سنة وأشهر. وهو أخو الشيخ قطب الدين. 172 - علي. الصدر علاء الدين علي بن جمال الدين بن مقبل الدمشقي. توفي فيها.

(49/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 202
173 - علي بن موسى بن يوسف. الإمام، المقرى، الزاهد، أبو الحسن السعدي، المصري، الدهان. ولد بالقاهرة سنة سبع وتسعين وخمسمائة. وقرأ القراءآت على أبي الفضل جعفر الهمداني. وقرأ على أبي القاسم الصفراوي جمعا إلى آخر الأعراف. وسمع من جماعة. وتصدر للإقراء في المدرسة الفاضلية، وقصد القراء. وكان عارفا بالقراءآت ووجوهها، محققا لها، دينا، صالحا، متعففا، قانعا، حسن الصحبة، تام المروءة، ساعيا في حوائج أصحابه، صاحب قبول عند الناس. قرأ عليه القراءآت: شيخنا الشمس الحاضري، وأبو عبد الله محمد بن إسرائيل القصاع، والبرهان أبو إسحاق الوزيري، وجماعة. وتوفي فجأة في الرابع والعشرين من رجب. وشيعه الخلق. وكان شيخنا الحاضري يصف دينه ومروءته وتواضعه وفضائله، رحمه الله تعالى. 147 - عمر. الأمير، خليفة المغرب المرتضي، أبو حفص ابن الأمير أبي إبراهيم بن يوسف القيسي، المؤمني. ولي الأمر بعد المعتضد بالله علي بن إدريس سنة ست وأربعين وستمائة.

(49/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 203
وامتدت دولته. وكان ملكا مستضعفا وادعا، فلما كان في المحرم من هذه السنة دخل ابن عمه الواثق بالله إدريس بن أبي عبد الله يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، الملقب بأبي دبوس، مدينة مراكش فهرب المرتضى إلى بلد آزمور، فظفر به عامله فخانه وأمسكه، وكتب إلى أبي دبوس، فكتب إليه يأمره بقتله، فقتله في ربيع الآخر. وأقام أبو دبوس في الأمر بالمغرب ثلاث سنين، وبهلاكه زالت دولة بني عبد المؤمن وقامت دولة بني مرين، والله أعلم.
- حرف الميم -
175 - محمد بن عبد الله بن عبد العزيز. أبو عبد الله الرعيني، المالقي، العبد الصالح. سمع من: أبي محمد القرطبي الكتب الخمسة. وأجاز له أبو جعفر بن عبد المجيد الخيار، وأبو إسحاق بن عبيديس. قال ابن الزبير: غلبت عليه العبادة. مات في آخر العام عن نحو الثمانين. 176 - محمد بن عبد الله بن عليات بن فضالة بن هاشم. أبو عبد الله القرشي، العثماني، الأموي، المكي. عاش تسعين سنة. وروى عن: أبي الفتوح بن الحصري. ومات في صفر بمكة. وهو خادم الشيخ عبد الرحمن المغربي، ووالد الشيخ محمد بن محمد الخادم. 177 - محمد بن عمر بن حسن بن عبد الله.

(49/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 204
الشيخ ضياء الدين ابن خواجا إمام الفارسي، ثم الدمشقي. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع، محمد بن الخصيب، وحنبل، وان طبرزد. عنه: الدمياطي، والشيخ علي الموصلي، وابن الخباز. وكتب عنه من القدماء: زكي الدين البرزالي، وغيره. وكان رجلا صالحا منقطعا، يؤم بمسجد مثقال الجمدار على نهر يزيد. وهو والد شيخنا الشرف الناسخ. توفي في سادس ربيع الأول. 178 - محمد بن أبي الفضل عمر بن أبي القاسم. الشريف أبو عبد الله ابن الداعي الرشيدي، الواسطي، الهاشمي، المقرئ. شيخ القراء ومسند الآفاق. كان أحد من عني بهذا الشأن. قرأ بالعشرة على: أبي بكر الباقلاني، وأبي جعفر المبارك بن المبارك بن أحمد بن زريق الحداد، ومحمد بن محمد بن الكال الحلبي. وعمر دهرا، وجلس للإقراء ببغداد. قرأ عليه القراءآت: الموفق عبد الله بن مظفر بن علان البعقوبي، والشيخ علي حريم الواسطي، والجمال المصري. وسمع منه القراءآت: الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، وغيره. بقي إلى سنة خمس وستين وستمائة بواسط، وأجاز فيها لابن خروف بخط شديد الاضطراب.

(49/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 205
وروى عنه إذنا البرهان الجعبري ببلد الخليل عليه السلام. 179 - محمد بن محمد بن أبي الفتوح محمد بن محمد بن محمد بن عمروك. الشريف شرف الدين، أبو الفضل القرشي، التيمي، البكري. ولد سنة تسعين وخمسمائة بالقاهرة. وسمع من جده، ومن: حنبل، وابن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وست الكتبة بنت الطراح، وجماعة. روى عنه: ابن الحلوانية، والدمياطي، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو عبد الله ابن الزراد، وأبو الحسن بن الشاطبي، وطائفة. وقد روى من بيته جماعة بالقاهرة. وفي رابع المحرم توفي. 180 - محمد بن محمد بن أبي بكر. أبو عبد الله الرازي الأصل، المكي، الصوفي. روى عن: علي بن البنا. وتوفي بقوص في رجب. 181 - محمد بن مفرج بن وليد. الأمير القائد المجاهد، أبو الشوائل السياري، الغرناطي.

(49/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 206
كان كثير الأموال وأكثرها من الغنائم. وله بر ومعروف وصدقات وافرة جدا. وأما جهاده فقل من يصل إلى رتبته فيه. لم يكن فيه عضو إلا وفيه طعنة برمح فيما أقبل من جسده. ولم يولد له قط. وقد أوصى بثلث ماله للمساكين، وأعتق عبيده أجمعين. وأعطاهم لكل واحد خمسين دينارا. وقد بلغ تسعين سنة، رحمه الله. مات في محرم سنة خمس. قرأت هذا بخط أبي الوليد بن الحاج يقول فيه: توفي سيدنا ورابنا الشيخ القائد المجاهد في سبيل الله الذي أبلى بلاء حسنا مدى عمره في ذات الله أبو عبد الله، الشهير بأبي الشوائل. قلت: كان رئيس غرناطة وعميدها. 182 - محمود بن أبي القاسم إسفنديار بن بدران بن أيان. الزاهد، العالم، أبو محمد الدشتي، الإربلي. سمع الكثير من: جعفر الهمداني، وأبي الحسن بن المقير، وأبي القاسم ابن رواحة، والضياء المقدسي، وابن خليل، وابن يعيش، وطبقتهم. وعني بالحديث، ونسخ الأجزاء، وخطه رديء، معروف. وكان قانعا متعففا، صبورا على الفقر. يلبس قبع دلك وفروة حمراء وثوب خام. وكان أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر، داعية إلى السنة مجانبا للبدعة، يبالغ في الرد على نفاة الصفات الخبرية. وينال منهم سبا وتبديعا، وهم يرمونه بالتجسيم. وكان بريئا من ذلك رحمه الله، لكنه ناقص الفضيلة قاصر

(49/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 207
عن إفحام الخصوم. وقد دخل مرة على السلطان الملك الناصر فأنكر عليه بعض هناته فلكمه السلطان وأخرج. وله تعاليق وتواليف. روى عنه: ابن أخيه شهاب الدين أحمد، وغيره. وتوفي في الحادي والعشرين من رجب. وقد نيف على الستين، ودفن بسفح المقطم. وممن روى عنه: الدمياطي في ' معجمه '. ولما أهانه الملك الناصر ندم وبعث إليه يستعطفه فقال: وددت أنني أدخل إليه وأخاطبه بما خاطبته ويعود يضربني. وقد ضربه مرة نائب السلطنة لؤلؤ بحلب لأنه قرأ مناقب الصحابة، وقصد إسماعه ذلك يوم الجمعة. وكان لؤلؤ يتشيع ولهذا ضربه. وأنكر على البادرائي القيام عند الدعاء للخليفة بدار السعادة. وكان كثير الصوم، فإذا أفطر أفطر على أربعة عشر لقمة أو نحوها. ويأثر أن عمر رضي الله عنه كان يقتصر على ذلك. وكان ينكر على الأمراء الكبار ويغلظ لهم في المحافل. ولا يقبل من أحد شيئا، ويتقنع باليسير، رحمه الله تعالى. 183 - ملكشاه. القاضي شمس الدين الحنفي، قاضي بيسان. ولي نيابة الحكم مدة بدمشق، ودرس بالمعينية. وكان من كبار الحنفية. توفي في صفر. 184 - موهوب بن عمر بن موهوب بن إبراهيم.

(49/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 208
القاضي الإمام، صدر الدين، أبو منصور الجزري، الشافعي. ولد سنة تسعين بالجزيرة. وتفقه وبرع في المذهب والأصول والنحو. ودرس وأفتى وتخرج به جماعة. وكان من فضلاء زمانه. ولي القضاء بمصر وأعمالها دون القاهرة مدة. وتوفي فجأة بمصر في تاسع رجب.
- حرف النون -
* - ناصر الدين القيمري. ملك الأمراء. اسمه الحسين. تقدم ذكره. 185 - نبا بن سعد الله بن راهب بن مروان بن عبد الله. الإمام، الفقيه، موفق الدين، أبو البيان البهراني، الحموي، الشافعي. ولد بحماه سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وسمع جزءا من الحافظ الشاب جعفر العباسي. وحدث بدمشق، ومصر. وأعاد بمصر بالشافعي مدة. ويسمى محمد أيضا. وكان فقيها صالحا، أضر في آخر عمره وزمن، ومات في تاسع جمادى الآخرة.

(49/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 209
روى عنه: الدواداري، وغيره. رحمه الله.
- حرف الياء -
186 - يعقوب بن عبد الرحمن بن الإمام الكبير أبي سعد بن أبي عصرون. الشيخ سعد الدين، أبو يوسف التميمي، الشافعي. روى بالإجازة عن الإمام أبي الفرج بن الجوزي، ودرس بالمدرسة القطبية التي بالقاهرة مدة، وكان فقيها فاضلا، رئيسا، نبيلا، توفي بالمحلة في الثالث والعشرين من رمضان. وولي أبوه قضاء حماة. وتأخر أخوه محمود وحدث. 187 - يعقوب بن نصر الله بن هبة الله بن الحسن بن يحيى. الرئيس تاج الدين، المعروف بابن سني الدولة الدمشقي. حدث عن: حنبل بن عبد الله. وتوفي في ذي الحجة عن سبعين سنة. وكان خبيرا بالكتابة الديوانية. ولي نظر بعلبك وغير ذلك. 188 - يعقوب بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم. أبو أحمد الطبري، المكي. روى عن: يونس بن يحيى الهاشمي، وزاهر بن رستم الإصبهاني، وغيرهما.

(49/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 210
روى عنه: الدمياطي، ورضي الدين الطبري ابن أخيه، وقاضي مكة نجم الدين. توفي في سلخ شعبان. فكانوا سبعة إخوة قدم أبوهم وجاور. 189 - يوسف بن عمر بن يوسف بن يحيى بن عمر بن كامل. العدل، ضياء الدين، أبو الطاهر الزبيدي، المقدسي، الأباري، الكاتب، ابن خطيب بيت الأبار. ولد سنة إحدى وثمانين. وسمع من: أبي الفضل إسماعيل الجنزوي، وأبي طاهر الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وحنبل، وابن طبرزد، وغيرهم. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، والدمياطي، وأبو علي ابن الخلال، وجماعة في الأحياء. وناب أبوه في خطابة دمشق في أيام الملك العادل لما ذهب الدولعي في الرسلية. وهو أخو الخطيب أبي المعالي داود، وأبي حامد عبد الله. توفي يوم الجمعة يوم عيد النحر. 190 - يوسف بن أبي السر مكتوم بن أحمد بن محمد بن سليم. الشيخ شمس الدين، أبو الحجاج القيسي، السويدي، الحوراني، ثم الدمشقي، المقرئئ، الحبال، والد شيخنا المعمر صدر الدين إسماعيل. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة.

(49/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 211
وسمع من: الخشوعي، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ، والقاسم بن عساكر، وحنبل، وجماعة. روى عنه الحافظ زكي الدين البرزالي ومات قبله بتسع وعشرين سنة. وبقي حتى سمع منه: شرف الدين منيف القاضي، وشرف الدين ابن عرب شاه، وأخوه داود، ومحمد بن المحب، وهذه الطبقة، وولده الصدر. وتوفي في حادي عشر ربيع الأول، رحمه الله. * * * وفيها ولد: الشيخ علم الدين القاسم ابن البرزالي. والشيخ صدر الدين محمد بن زين الدين عمر بن مكي الشافعي. وبهاء الدين أبو بكر بن شمس الدين محمد بن غانم، والقاضي عز الدين محمد بن القاضي تقي الدين سليمان، والتقي أحمد بن أبي بكر بن محمد بن طرخان، والشرف عبد الله بن أحمد بن القراط المقدسي، وجمال الدين داود بن إبراهيم بن العطار، وعلاء الدين علي بن عثمان بن قاضي بالس، ومحي الدين يحيى ابن القاضي الفخر عثمان الزرعي، وخطيب المزة شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن المنبجي، ومحمد بن أحمد بن الناصح عبد الرحمن بن محمد بن عياش الصالحي، وشمس الدين يوسف بن يحيى بن الناصح بن الحنبلي، وأبو نعيم أحمد بن التقي عبيد الإسعردي، وقاضي القضاة شرف الدين محمد بن أبي بكر بن ظافر الهمداني، المالكي،

(49/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 212
والزين محمد بن محمود بن علي بن مخلص القزويني المؤذن، والتقي عبد الرحمن بن أحمد ابن شيخنا إبراهيم ابن القواس، ومحيي الدين يحيى بن الخضر العباسي، وعلاء الدين علي بن علي بن إبراهيم بن الصيرفي، ويوسف بن عبد القادر الخليلي، وشمس الدين محمد بن إبراهيم بن المهندس تقريبا بخطه.

(49/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 213

سنة ست وستين وستمائة

- حرف الألف -
191 - أحمد بن عبد الله بن أبي الغنائم المسلم بن حماد بن محفوظ بن ميسرة. المحدث، الرئيس، مجد الدين، أبو العباس الأزدي، الدمشقي، الشافعي، التاجر، المعروف بابن الحلوانية. ولد في نصف ربيع الأول سنة أربع وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، والشمس أحمد بن عبد الله العطار، والشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد، والقاضي أبي الفضل إسماعيل بن إبراهيم الشيباني الحنفي ابن الموصلي، وسماعه منه في سنة عشر وستمائة لكنه نازل والمسلم بن أحمد المارني، وابن صباح، وابن الزبيدي، والشيخ الموفق بن قدامة، وابن اللتي، والناصح بن الحنبلي، وخلق بدمشق وأبي علي أحمد بن المعز الحراني، وأحمد بن يعقوب المارستاني، وإبراهيم بن عثمان الكاشغري، وجماعة ببغداد، وعبد الرحيم بن الطفيل، وعلي بن مختار، والعلم بن الصابوني، وجماعة بمصر.

(49/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 214
وعبد الحليم بن دخان الهمداني، وظافر بن شحم، وعلي بن زيد التسارسي، والوجيه محمد بن علي ابن تاجر عينه، وجماعة بالإسكندرية. وعني بالحديث والسماع، وكتب بخطه الكثير، وحصل الأصول، وصار له أنسة بالفن جيدة. وخرج لنفسه معجما كبيرا ومعجما صغيرا. روى عنه: الدمياطي، والأبيوردي، وابن الخباز، وزينب بنت ابن الخباز، وابنته صفية بنت الحلوانية والدة شمس الدين محمد بن السراج، وآخرون. وكان عدلا رئيسا، حسن البزة، كيس المجالسة له دكان بالخواتيميين. توفي في حادي عشر ربيع الأول، ودفن بمقبرة باب الصغير. 192 - أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحيم بن العجمي. الصدر، كمال الدين، والد المولى الإمام بهاء الدين. كان رئيسا محتشما، جيد الإنشاء، بارع الكتابة، حسن الديانة، ذا مروءة وحسن عشرة، وكثرة محاسن. كتب الإنشاء في الأيام الناصرية والأيام الظاهرية. وتوفي في ذي الحجة بظاهر مدينة صور، ونقل إلى دمشق فدفن بمقبرة الصوفية.

(49/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 215
193 - أحمد بن عبد المحسن بن أحمد بن محمد بن علي بن حسن بن علي بن محمد بن جعفر بن إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق. الشريف نور الدين، أبو العباس العلوي، الحسيني، الموسوي، الواسطي، الغرافي، التاجر، السفار. ولد سنة بضع وثمانين وخمسمائة. وسمع بمرو من: أبي المظفر عبد الرحيم بن السمعاني. وبالإسكندرية من: محمد بن عمار، وغيره. وببغداد من: أبي الحسن بن القطيعي مع ولده شيخنا تاج الدين. والعزاف من أعمال واسط. روى عنه: ولداه أبو الحسن علي، وأبو إسحاق إبراهيم، والدمياطي، وجماعة. توفي في خامس صفر بثغر الإسكندرية، رحمه الله تعالى. 194 - أحمد بن عبد الناصر بن عبد الله.

(49/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 216
أبو العباس اليمني. روى عنه: أبي الفتوح بن الحصري. وسمع من أهل مصر. مات في ربيع الأول. 195 - أحمد بن القاضي شمس الدين عمر بن أسعد بن المنجا. الإمام، الفقيه، الصالح، عماد الدين التنوخي، الحنبلي، أخو شيختنا ست الوزراء. ذكر وفاته شمس الدين ابن الفخر في جمادى الآخرة، وكانت جنازته حفلة كبيرة وعمره أربعون سنة إلا شهران. قلت: سمع من أخته، وهي أكبر منه، ' صحيح البخاري '. ولم يرو. وهو واقف حلقة العماد برواق الحنابلة. 196 - إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر. الإمام، الزاهد، القدوة، الخطيب، عز الدين، أبو إسحاق ابن الخطيب شرف الدين أبي محمد ابن الزاهد الكبير الإمام القدوة أبي عمر المقدسي، الجماعيلي الأصل، الدمشقي الصالحي الحنبلي.

(49/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 217
ولد في رمضان سنة ست وستمائة. وسمع من: عم أبيه، الشيخ موفق الدين، والشيخ العماد، والشيخ الشهاب بن راجح، والقاضي أبي القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وأبي عبد الله بن عبدون البنا، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم أحمد بن عبد الله العطار، وموسى بن الشيخ عبد القادر، وأبي المحاسن بن أبي لقمة، وأبي الفتوح محمد بن الجلاجلي، وأبي محمد بن البن، وأبي الفتح محمد بن عبد الغني، وأبي المجد القزويني، وطائفة وسواهم. وسماعه من الكندي حضور. روى عنه: الدمياطي، والقاضي تقي الدين سليمان، وابن الخباز، وابن الزراد، وجماعة. وأجاز له عمر بن طبرزد، والمؤيد الطوسي، وجماعة. وكان فقيها، عارفا بالمذهب، صاحب عبادة وتهجد وإخلاص، وابتهال وأوراد ومراقبة وخشية. وله أحوال وكرامات ودعوات مجابات. قال ابن الخباز: كان إذا دعا كان القلب يشهد بإجابة دعائه من كثرة ابتهاله وإخلاصه وتذلله انكساره. وله أدعية تحفظ عنه. وكان أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر، يروح إلى الأماكن البعيدة ومعه جماعة فينكر ويبدد الخمر ويكسر الأواني. رأيت ذلك منه غير مرة. قال: وكان ليس بالأبيض ولا بالآدم، معتدل القامة، واسع الجبهة، أشقر اللحية، أشهل العينين بزرقة، مقرون الحاجبين، أقنى العرنين. قال: وسمعت الشرف أحمد بن أحمد بن عبيد الله يقول: أنا من عمري أعرف الشيخ العز ما له صبوة. وسمعت العز أحمد بن يونس يقول ما كان الشيخ العز إلا سيد وقته معدوم المثل.

(49/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 218
وقال أبو بكر الدقاق: من يكون مثل الشيخ العز، كان إذا جاء إليه أقل الخلق ضحك في وجهه وبش به وتلطف به. وقال سالم بن علي الجزري: كان كثير التواضع للصغير والكبير، كثير الصدقة والمعروف. ما رأت عيني مثله، ولا رأيت أحدا على صفته. قال ابن الخباز: كان رحمه الله يتألف الناس ويلطف بالغرباء والمساكين ويحسن إليهم، ويواسيهم ويودهم، ويتفقدهم، ويسألهم عن حالهم، ويأخذهم إلى بيته كل ليلة وفي كل وقت، فيطعمهم ما أمكنة. وكان يذم نفسه ذما كثيرا ويحقرها ويقول: أيش يجي مني؟ أيش أنا؟ وكان كثير التواضع. وحدثني الشيخ الصالح أحمد بن محمد بن أبي الفضل قال: كنت أعالج الشيخ العز في مرضه الذي قبض فيه، فكنت إذا جئته بشيء أسقيه يقول: يا حيائي من الله، يا حيائي من الله. قال: وحدثني الزاهد أبو إسحاق إبراهيم ابن الأرمني قال: رأيت في المنام قبل وفاة الشيخ بأربع ليال كأنني في وادي الربوة، وشخصان جاءا إلي وقالا: إن الله قد أذن لإبراهيم أن يدخل عليه. فأصبحت وبقيت مفكرا، فجاءني رجل وقال: العز مريض. فقلت: هذه الرؤية له، وخفت عليه من يومئذ. ثم قال: وهذه عناية عظيمة في حقه، رضي الله عنه، تدل على أنه من أولياء الله تعالى. قال ابن الخباز: وجدت بخط البدر علي بن أحمد بن عمر المقدسي، وقرأته عليه: كان الشيخ عز الدين كثير الخير والمعروف والإحسان والصدقة، وطيب الكلمة، وحسن الملتقى، واللطف بالناس. ويؤثر كثيرا ويطعم القوم. لم يكن في جماعتنا أكثر منه صدقة. ويزور المنقطعين والأرامل ويلطف بهم. وكان مجتهدا في طلب العلم وتحصيله، حريصا على دينه مفتشا عنه، كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وحج مرتين، الأولى سنة اثنتين وعشرين مع والده، والثانية سنة ثلاث وخمسين، أحسن إلى الناس في هذه المرة إحسانا كثيرا بماله وروحه.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المستدرك للحاكم فيه8803 كل احاديثه كلها صحيح ما عدا 160.حديث بعد تعقب الذهبي فضعف100 حديث وابن الجوزي60. حديث يصبح كل الصحيح في المستدرك 8743.حديثا

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف 160 .حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي ...