21. تاريخ
الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام. شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 238
=وكان أبوه ممن رحل وسمع من علي بن حرب، والرمادي. وروى أيضاً أبو أحمد عن: محمد بن
إبراهيم الطيالسي، وعبد الرحمن بن محمد بن سلم الرازي، وجعفر بن أحمد بن فارس،
ومحمد بن العباس بن أيوب الأخرم، ومحمد بن أحمد الثقفي، والحسن بن يزيد الدقاق،
وطائفة. روى عنه: إبناه أبو الحسن علي، وأبو الفرج عمار، وأبو منصور المظفري محمد
بن الحسين البروجردي، وغيرهم. محمد بن عيسى بن عبد الكريم بن حبيش أبو بكر التميمي
الطرسوسي المعروف ببكير الخزاز. روى عن: أبي القاسم البغوي، وعمر بن سنان المنبجي،
ومحمد بن الفيض الغساني، وأبي الطيب أحمد بن عبد الله الدارمي، وجماعة. ورحل وصنف.
روى عنه: تمام، وابن جميع، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي نصر، وعلي بن بشر بن
العطار. وسمع منه أبو نصر بن الجندي في سنة تسع وخمسين، وهو آخر العهد به. محمد بن
محمد بن أحمد بن حرانة بن مرادة الفقيه أبو بكر الإبريسمي السمرقندي الشافعي. روى
عن: محمد بن صالح الكرابيسي، وأحمد بن بن الفضل البكري، ومحمد الأرزقاني، وجماعة.
وعنه أبو سعيد الإدريسي، وورخه قبل الستين. محمد بن محمد الهروي نزيل مكة، شيخ
مسن.
(26/238)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 239
يروي عن إسحاق الدبري.) وعنه أبو منصور، ومحمد بن محمد بن الأزدي القاضي. محمد بن
محمد أبو جعفر البغدادي المقريء نزيل البصرة. روى عن: أبي شعيب الحراني، وخلف بن
عمر العكبري، وغيرهما. وعنه: أبو نعيم. محمد بن هارون أبو الحسين الثقفي الزنجاني.
شيخ معمر، رحل وسمع: علي بن عبد العزيز البغوي، وبشر بن موسى، ومحمد بن شاذان
الجوهري، وغيرهم. روى عنه الحسن الفلاكي. حديثه بعلو عند جعفر الهمداني. محمد بن وصيف
الفامي الهروي. روى عنه: محمد بن سهل العتكي صاحب خلاد بن يحيى. وعنه: البوسنجي.
المطلب بن يوسف بن ميزغة أبو محمد الهروي العقبي. سمع عثمان بن سعيد الدارمي. وعنه
أبو منصور بن ساج، وأحمد بن محمد البشري. مهلهل بن أحمد أبو الحسين الرزاز المقري
غلام ابن مجاهد. نسخ الكثير على طريقة ابن مقلة، وحدث عن موسى بن هارون،
والفريابي.
(26/239)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 240
روى عنه: أبو سعيد النقاش، وأبو نعيم الحافظ، وغيرهما. يعقوب بن مسدد القلوسي
البصري نزيل طرابلس الشام. روى عن: أبيه، وأبي يعلى الموصلي. وعنه: ابن منده، وعبد
الرحمن بن عمر بن نصر، والحافظ عبد الغني المصري. يوسف بن معروف بن جبير النسفي.
سمع: محمد بن إبراهيم البوسنجي، وإبراهيم بن معقل النسفي وجماعة. ومات بكس قبل
الستين بقليل.
(26/240)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 241
4 (تراجم المتوفين في هذه الطبقة أيضاً)
) أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد أبو جعفر القيرواني الطبيب المعروف بابن الجزار
صاحب التصانيف الطبيبية. صحب إسحاق بن سليمان الإسرائيلي، وأخذ عنه بعد
الثلاثمائة، وطال عمره، وكان ديناً متجملاً منصوباً، خلف أموالاً طائلة، وكان صديق
أبي طالب عم المعز العبيدي. وله: كتاب زاد لمسافر في علاج الأمراض، وكتاب في
الأدوية المفردة وكتاب في الأدوية المركبة يعرف بالبغية، وكتاب العدة هو كتاب مطول
في الطب، ورسالة النفس وأقوال الأوائل فيها، وكتاب طب الفقراء، ورسالة في التحذير
من إخراج الدم لغير حاجة، وكتاب الأسباب المولدة للوباء في مصر بطريق الحيلة في
دفع ذلك، وكتاب المدخل إلى الطب سماه الوصول إلى الأصول، وكتاب أخبار الدولة وظهور
المهدي بالمغرب. وبقي إلى أيام المعز بالله، ويجوز أن يكون توفي قبل الخمسين
(26/241)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 242
وثلاثمائة. وله مصنفات كثيرة. محمد بن أحمد بن عبد العزيزأبو عبد الله السوسي ثم
البصري الشاعر. كان ظريفاً ماجناً، ذكر أنه ورث مالاً جزيلاً من أبيه فأنفقه في
اللهو، واللعب، والعشرة، وافتقر، وله القصيدة السائرة:
(الحمد الله ليس لي بخت .......... ولا ثياب يضمها تخت)
يصف فيها أنواع الخراف والتهتك. وقد كان بالموصل في سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة
وبعدها. أحمد بن محمد بن فرج أبو عمرو الجياني الأندلسي الأديب الشاعر الإخباري،
أحد الأئمة. قيل مات في حبس المستنصر الأموي. صنف كتاب الحدائق على نمط كتاب
الزهرة لابن داود، وهو فرد في معناه، وله كتاب القائمين بالأندلس. ومن شعره:
(بأيهما أنا في السكر بادي .......... بسكر الطيف أم سكر الرقاد)
(سري وأرادني أملي ولكن .......... عففت فلم أنل منه مرادي)
(وما في النوم من حرج ولكن .......... جريت من العفاف على اعتيادي)
علي بن الحسين بن محمد بن هاشم البغدادي أبو الحسن الوراق نزيل دمشق.)
(26/242)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 243
عن: أحمد بن الحسن الصوفي، وقاسم المطرز، وابن المجدر، وطبقتهم. وعنه: عبد الوهاب
الكلابي، وتمام الرازي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر. عمرو بن أحمد بن رشيد أبو سعيد
المذحجي الطبراني. روى عن عبد الرحمن بن القاسم بن الرواس، وجعفر بن أحمد بن عاصم،
وجماعة. وعنه: عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعبد الواحد بن بكر الرازي، وأحمد بن
محمد بن الحاج الإشبيلي. عبد الله بن علي القاضي العلامة أبو محمد الطبري الشافعي.
المعروف بالعراقي، وبين أهل جرجان بالمنجنيقي. ولي قضاء جرجان، وكان فقيهاً إماماً
فصيحاً بليغاً على مذهب الأشعري في النظر، ورد نيسابور سنة تسع وخمسين وثلاثمائة،
وتوفي بترب دال ببخارى. وقد روى عن: عمران بن موسى بن مجاشع، ويحيى بن صاعد. وعنه
أبو عبد الله الحاكم. محمد بن عبيد الله بن محمد بن الحكم أبو الحسين، ويقال: أبو
سعد القزي. شامي حدث عن أبيه، والعباس بن الفضل الدباج. وعنه الموحد بن البري،
وتمام الحافظ، وغيرهما.
(26/243)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 244
ذكر ابن عساكر حديثين ساقطين، أحدهما هو عن أبيه، عن دحيم، عن الوليد. وعن أبيه،
عن عمر بن عبد الواحد، عن الأوزاعي بإسناد الصحيحين مرفوعاً قال: عج حجر إلى الله
فقال: عبدتك سنين ثم جعلتني أساس كنيف فقال: أما ترضى أني عدلت بك عن مجالس القضاة
هذا وضعه هذا أو أبوه بيقين، رواه عنه تمام. أبو الحسن البلياني القاضي، شيخ
المالكية بالمغرب، واسمه علي بن جعفر بن أحمد. روى عن ابن مطر الإسكندراني. أخذ
عنه أبو الحسن القابسي، وغيره. وقع في أسر النصارى، وحمل إلى قسطنطينية، وعرفوا
محله من العلم، وناظره طاغية الروم. ذكره القاضي عياض، وما أرخ موته. ولله الحمد.
آخر الطبقة.)
(26/244)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 245
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)
5 (الطبقة السابعة والثلاثون)
1 (الأحداث من سنة إلى)
4 (أحداث سنة إحدى ستين وثلاثمائة)
أقامت الشيعة بدعة عاشورا ببغداد. وفي صفر انقض كوكب هائل له دوي كدوي الرعد. وفي
جمادى الآخرة مات أبو القاسم سعيد بن أبي سعيد الجنابي القرمطي بهجر، وقام بالأمر
بعده أخوه يوسف، ولم يبق من أولاد أبي سعيد الجنابي غيره، وعقد له القرامطة من بعد
يوسف لستة نفر شركة بينهم. وجاءت كتب الحجاج بأن بني هلال اعترضوهم، فقتلوا خلقاً
كثيراً، وبطل الحج، ولم يسلم إلا من مضى مع الشريف أبي أحمد الموسوي والد المرتضى،
مضوا على طريق المدينة وحجوا، ولم يكادوا.
(26/245)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 246
وتم فيها الصلح بين ركن الدولة ابن بويه، وبين صاحب خراسان ابن نوح الساماني، على
أن يحمل إليه ركن الدولة مائة وخمسين ألف دينار ويزوج ابن نوح ببنت عضد الدولة.
(26/246)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 247
4 (أحداثسنة اثنتين وستين وثلاثمائة)
فيها حشدت الروم، لعنها الله، وأقبلوا في عدد وعدة، فأخذوا نصيبين واستباحوا،
وقتلوا، وأسروا. وقدم بغداد من نجا منهم، فاستنفروا الناس في الجوامع وكسروا
المنابر، ومنعوا الخطبة، وحاولوا الهجوم على الخليفة المطيع، واقتلعوا بعض شبابيك
دار الخلافة حتى غلقت أبوابها، ورماهم الغلمان بالنشاب من الرواشن، وخاطبوا
الخليفة بالتعنيف وبأنه عاجز عما أوجبه الله عليه من حماية حوزة الإسلام، وأفحشوا
القول. وافق ذلك غيبة الملك عز الدولة في الكوفة للزيارة، فخرج إليه أهل العقل
والدين من بغداد، وفيهم الإمام أبو بكر الرازي الفقيه، وأبو الحسن علي بن عيسى
النحوي وأبو القاسم الداركي، وابن الدقاق الفقيه، وشكوا إليه ما دهم الإسلام من
هذه الحادثة العظمى، فوعدهم بالغزو، ونادى
(26/247)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 248
بالنفير في الناس، فخرج من العوام خلق عدد الرمل، ثم جهز جيشاً، وغزوا فهزموا)
الروم، وقتلوا منهم مقتلة كبيرة، وأسروا أميرهم وجماعة من بطارقته، وأنفذت رؤوس
القتلى إلى بغداد، وفرح المسلمون بنصر الله. وصادروا بختيار بن بويه وزير المطيع
فقال: أنا ليس لي غير الخطبة، فإن أحببتم اعتزلت، فشدوا عليه حتى باع قماشه، وحمل
أربعمائة ألف درهم، فأنفقها ابن بويه في أغراضه، وأهمل الغزو، وشاع في الألسنة أن
الخليفة صودر، كما شاع قبله أن القاهر كدي يوم جمعة، فانظر إلى تقلبات الدهر. وفي
شهر رمضان قتل رجل من أعوان الوالي في بغداد، فبعث الرئيس أبو الفضل الشيرازي وكان
قد أقامه عز الدولة على الوزارة من طرح الناس من النحاسين إلى السماكين، فاحترق
حريق عظيم لم يشهد مثله، وأحرقت أموال عظيمة وجماعة كثيرة من النساء، والرجال،
والصبيان، والأطفال في الدور وفي الحمامات، فأحصي ما أحرق من بغداد فكان سبعة عشر
ألفاً وثلاثمائة دكان، وثلاثمائة وعشرين داراً، أجرة ذلك في الشهر ثلاثة وأربعون
ألفاً، ودخل في الجملة ثلاثون مسجداً. فقال رجل لأبي الفضل الشيرازي: أيها الوزير
أرينا قدرتك، ونحن
(26/248)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 249
نأمل من الله أن يرينا قدرته فيك، فلم يجبه، وكثر الدعاء عليه. ثم إن عز الدولة
قبض عليه وسلمه إلى الشريف أبي الحسن محمد بن عمر العلوي، فأنفذه إلى الكوفة، وسقي
ذراريح، فتقرحت مثانته، فهلك في ذي الحجّة من هذه السنة، لا رحمه الله. وفي يوم
الجمعة ثامن رمضان دخل المعز أبو تميم معد بن إسماعيل العبيدي مصر ومعه توابيت
آبائه، وكان قد مهد له ملك الديار المصرية مولاه جوهر، وبنى له القاهرة، وأقام بها
داراً للإمرة، ويعرف بالقصرين. وفيها أقبل الدمستق في جيوشه إلى ناحية ميافارقين،
فالتقاه ولد ناصر الدولة حمدان وهزم الروم، ولله الحمد، وأسر الدمستق الخبيث، وبقي
في السجن حتى هلك. وفيها وزر ببغداد أبو طاهر بن بقية، ولقب بالناصح، وكان سمحاً
كريماً، له راتب كل يوم من الملح ألف رطل، وراتبه من الشمع ألف من. وكان عز الدولة
قد استوزر ذاك المدبر أبا الفضل الشيرازي، واسمه العباس بن الحسن صهر الوزير
المهلبي، ثم عزله بعد عامين من وزارته
(26/249)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 250
بأبي الفرج محمد بن العباس فسانجس، ثم) عزل أبا الفرج بعد سنة، وأعاد الشيرازي إلى
الوزارة، فصارد الناس وأحرق الكرخ، وكان أبو طاهر من صغار الكتاب، يكتب على المطبخ
لعز الدولة، قال أمره إلى الوزارة، فقال الناس: من الغضاوة إلى الوزارة. وكان
كريماً جواداً، فغطى كرمه عيوبه، فوزر لعز الدولة أربعة أعوام، ثم قتله عضد الدولة
وصلبه.
(26/250)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 251
4 (أحداث سنة اثنتين وستين وثلاثمائة)
فيها تقلد قضاء القشاة أبو الحسن محمد بن أم شيبان الهاشمي، وعزل ابن معروف بحكومة
ابتغى فيها وجه الله، وسأل مع ذلك الإعفاء من القضاء، فخوطب أبو الحسن، فامتنع،
فألزم، فأجاب وشرط لنفسه شروطاً، منها أنه لا يرتزق على القضاء ولا يخلع عليه ولا
يسام ما لا يوجبه، ولا يشفع إليه في إنفاق حق أو فعل ما لا يقتضيه شرع. وقرر لكاتبه
في كل شهر ثلاثمائة درهم، ولحاجبه مائة وخمسون درهماً، وللفارض على بابه مائة
درهم، ولخازن ديوان الحكم، والأعوان ستمائة درهم، وللفارض. وركب إلى المطيع لله
حتى سلم إليه عهده، فركب من الغد إلى الجامع، فقريء عهده، و تولى إنشاءه أبو منصور
أحمد بن عبيد الله الشيرازي صاحب ديوان الرسائل وهو:
(26/251)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 252
هذا ما عهده عبد الله الفضل المطيع لله أمير المؤمنين إلى محمد بن صالح الهاشمي
حين دعاه إلى ما يتولاه من القضاء بين أهل مدينة السلام مدينة المنصور، والمدينة
الشرقية من الجانب الشرقي، والجانب الغربي، والكوفة، وسقي الفرات، وواسط، وكرخي،
وطريق الفرات، ودجلة، وطريق خراسان، وحلوان، وقرميسين، وديار مضر، وديار ربيعة،
وديار بكر، والموصل، والحرمين، واليمن، ودمشق، وحمص، وجند قنسرين، والعواصم، ومصر
والإسكندرية، وجندي فلسطين، والأردن، وأعمال ذلك كلها، وما يجري من ذلك من الإشراف
على من يختاره لنقابة من العباسيين بالكوفة، وسقي الفرات، وأعمال ذلك، وما قلده
إياه من قضاء القضاة، وتصفح حوال الحكام، والإستشراف على ما يجري عليه أمر الأحكام
في سائر النواحي، والأمصار التي تشتمل عليها المملكة، وتنتهي إليها الدعوة، وإقرار
من يحمد هديه وطريقته، والاستبدال بمن يذم سمته وسجيته نظراً منه للكافة،
واحتياطاً للخاصة والعامة، وحنواً على الملة والذمة عن علم بأنه المقدم في بيته
وشرفه، المبرز في عفافه وظلفه، المزكى في دينه وأمانته، الموصوف في روعه ونزاهته،
المشار إليه بالعلم والحجى، المجتمع) عليه في الحلم والنهي، والبعيد من الأدناس،
اللباس من التقى أجمل لباس، النقي الجيب، المخبور بصفاء الغيب، العالم بمصالح
الدنيا، العارف بما يفيد سلامة العقبى، آمره بتقوى الله فإنها الجنة الواقية،
وليجعل كتاب الله في كل ما يعمل في رويته، ويترتب عليه حكمه وقضيته، إمامه
(26/252)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 253
الذي يفزع إليه، وعماده الذي يعتمد عليه، وأن يتخذ سنة رسول الله صلى الله عليه
وسلم مناراً يقصده، ومثالاً يتبعه، وأن يراعي الإجماع، وأن يقتدي بالأئمة
الراشدين، وأن يعمل اجتهاده فيما لا يوجد فيه كتاب ولا سنة ولا إجماع، وأن يحضر
مجلسه من يستظهر بعلمه ورأيه، وأن يسوي بين الخصمين إذا تقدما إليه في لحظه ولفظه،
ويوفي كلا منهما من إنصافه وعدله، حتى يأمن الضعيف من حيفه، وييأس القوس من ميله،
وآمره أن يشرف على أعوانه وأصحابه، ومن يعتمد عليه من أمنائه وأسبابه، إشرافاً
يمنع من التخطي إلى السيرة المحظورة، وتدفع عن الإسفاف إلى المكاسب المحجورة. وذكر
من هذا الجنس كلاماً طويلاً. وفيها قلد أبو محمد عبد الواحد بن الفضل بن عبد الملك
الهاشمي نقابة العباسيين، وعزل أبو تمام الزينبي. وفيها ظهر ما كان المطيع لله
يستره من مرضه وتعذر الحركة عليه وثقل لسانه بالفالج، فدعاهحاجب عز الدولة سبكتكين
إلى خلع نفسه وتسليم الأمر إلى ولده الطايع لله، ففعل ذلك، وعقد له الأمر في يوم
الأربعاء ثالث عشر ذي القعدة، فكانت مدة خلافة المطيع تسعاً وعشرين سنة وأربعة
أشهر وأربعة وعشرين يوماً. وأثبت خلعه على القاضي أبي الحسن بن أم شيبان بشهادة
(26/253)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 254
أحمد بن حامد بن محمد، وعمر بن محمد، وطلحة بن محمد بن جعفر الشاهد. وقال أبو
منصور بن عبد العزيز العكبري: كان المطيع لله بعد أن خلع يسمى الشيخ الفاضل. قلت:
وكان هو وابنه مستضعفين مع بني بويه، ولم يزل أمر الخلفاء في ضعف إلى أن استخلف
المقتفي لله فانصلح أمر الخلافة قليلاً. وكان دست الخلافة لبني عبيد الرافضة بمصر
أمتن، وكلمتهم أنفذ، ومملكتهم تناطح مملكة العباسيين في وقتهم، والحمد لله على
انقطاع دعوتهم. وفيها بل ركب العراق سميراء فرأوا هلال ذي الحجّة، وعرفوا أن لا
ماء في الطريق بين فيد إلى مكة إلا ما لا يكفيهم، فعدلوا مساكين إلى بطن نخل
يطلبون مدينة الرسول صلى الله عليه) وسلم، فدخلوها يوم الجمعة سادس ذي الحجّة
مجهودين فعرفوا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أميرهم أبو منصور محمد
ابن عمر بن يحيى العلوي، وقدم الركب الكوفة في أول المحرم سنة أربع، فأقاموا
بالكوفة أياماً لفساد الطريق، ثم جمعوا لمن خفرهم. وأما مكة والمدينة فأقيمت
الخطبة والدعوة بالبلدين لأبي تميم المعز العبيدي، وقطعت خطبة الطائع لله في هذا
العام من الحجاز ومصر والشام
(26/254)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 255
والمغرب، وكان الرفض ظاهراً قائماً في هذه الأيام، وفي العراق، والسنة خاملة
مغمورة لكنها ظاهرة بخراسان وأصبهان، فالأمر لله. وفيها كان الحرب شديداً بينهم
وبين الأعراب القرامطة الذين ملكوا الشام، وحاصروا المعز بمصر مدة، ثم ترحلوا شبه
منهزمين حتى دخلوا إلى بلاد الحسا والقطيف. وقدم إلى الشام نائب المعز، والله
أعلم.
(26/255)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 256
(26/256)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 257
4 (أحداث سنة أربع وستين وثلاثمائة)
في المحرم أوقع العيارون حريقاً بالخشابين مبدأه من باب الشعير، فاحترق أكثر هذا
السوق، وهلك شيء كثري، واستفحل أمر العيارين ببغداد حتى ركبوا الخيل وتلقبوا
بالقواد، وغلبوا على الأمور وأخذوا الخفارة من الأسواق والدروب، وكان فيهم أسود
الزند كان يأوي قنطرة الزبد وشحذ وهو عريان، فلما كثر الفساد رأى هذا الأسود من هو
أضعف منه قد أخذ السيف، فطلب الأسود سيفاً ونهب وأغار، وحف به طائفة وتقوى، وأخذ
الأموال، واشترى جارية بألف دينار، ثم راودها فتمنعت، فقال: ما تكرهين مني قالت:
أكرهك كلك، قال: ما تحبين قالت: تبيعني. قال: أو خيراً من ذلك. فحملها إلى القاضي
وأعتقها، ووهبها ألف دينار، فتعجب الناس من
(26/257)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 258
سماحته، ثم خرج إلى الشام فهلك هناك. وقطعت خطبة الطائع لله وغيرها من يوم العشرين
من جمادى الأولى، إلى أن أعيدت في عاشر رجب، فلم يخطب في هذه الجمع في البلاد،
وذلك لأجل تشغب وقع بينه وبين عضد الدولة. وكان عضد الدولة قد قدم العراق فأعجبه
ملكها، فعمل عليها، واستمال الجند، فتشغبوا على عز الدولة، فأغلق بابه، وكتب عضد
الدولة عن الطائع باستقرار الأمر لعضد الدولة على محمد بن بقية وزير عز الدولة، ثم
اضطربت الأمور على عضد الدولة، ولم يبق بيده غير بغداد، فنفذ إلى والده ركن الدولة
يعلمه أنه قد خاطر بنفسه وجنده، وقد هذب مملكة العراق واستعاد) الطائع إلى داره،
وأن عز الدولة عاص لا يقيم دولة، فلما بلغه غضب وقال للرسول: قل له: خرجت في نصرة
ابن أخي أو في الطمع في مملكته فأفرج عضد الدولة عن عز الدولة بختيار، ثم خرج إلى
فارس. وفيها عدمت الأقوات حتى أبيع كر الدقيق بمائة وسبعين دينار، والتمر ثلاثة
أرطال بدرهم. ولم يخرج وفد من بغداد بل خرجت طائفة من الخراسانية مخاطرة فلحقتهم
شدة.
(26/258)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 259
وفي سلخ ذي القعدة عزل قاضي القضاة أبو الحسن محمد بن أم شيبان، وولي أبو محمد بن
معروف. وفي هذه السنين وبعدها كان الرفض يغلي ويفور بمصر والشام، والمغرب، والمشرق
لا سيما العبيدية الباطنية، قاتلهم الله. قال مشرف بن مرجا القدسي أخبرنا الشيخ
أبو بكر محمد بن الحسن قال: حدثني الشيخ الصالح أبو القاسم الواسطي قال: كنت
مجاوراً ببيت المقدس، فأمروا في أول رمضان بقطع التراويح، صحت أنا وعبد الله
الخادم: واإسلاماه وامحمداه، فأخذني الأعوان وحبست، ثم جاء الكتاب من مصر بقطع
لساني فقطع، فبعد أسبوع رأيت النبي صلى الله عليه وسلم تفل في فمي، فانتبهت
(26/259)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 260
ببرد ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد زال عني الألم، فتوضأت وصليت وعمدت إلى
المأذنة فأذنت الصلاة خير من النوم فأخذوني وحبشت وقيدت، وكتبوا في إلى مصر، فورد
الكتاب بقطع لساني، وبضربي خمسمائة سوط، وبصلبي، ففعل بي، فرأيت لساني على البلاط
مثل الرية، وكان البرد والجليد، وصليت واشتد علي الجليد، فبعد ثلاثة أيام عهدي
بالحدائين يقولون: نعرف الوالي أن هذا قد مات، فأتوه، وكان الوالي جيش بن الصمصامة
فقال: أنزلوه، فألقوني على باب داود، فقوم يترحمون علي وآخرون يلعنوني، فلما كان
بعد العشاء جاءني أربعة فحملوني على نعش ومضوا بني ليغسلوني في دار فوجدوني حياً،
فكانوا يصلحون لي جريرة بلوز وسكر أسبوعاً. ثم رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في
المنام ومعه أصحابه العشرة فقال: يا أبا بكر ترى ما قد جرى على صاحبك قال: يا رسول
الله فما أصنع به قال: اتفل في فيه، فتفل في في، ومسح النبي صلى الله عليه وسلم
صدري، فزال عني الألم، وانتبهت ببرد ريق أبي بكر، فناديت، فقام إلي رجل، فأخبرته،
وأسخن لي ماء، فتوضأت به، وجاءني بثياب ونفقة وقال: هذا فتوح، فقمت) فقال: أين تمر
الله الله، فجئت المأذنة وأذنت الصبح: الصلاة خير من النوم، ثم قلت قصيدة في
الصحابة، فأخذت إلى الوالي فقال: يا هذا إذهب ولا تقم ببلدي، فإني أخاف من أصحاب
الأخبار وأدخل فيك جهنم، فخرجت وأتيت عمان، فاكتريت مع عرب الكوفة، فأتيت واسط،
فوجدت أمي تبكي علي، وأنا كل سنة أحج وأسأل عن القدس لعل تزول دولتهم، فرأيته طلق
اللسان ألثغ. وفي المحرم ولي إمرة دمشق بدر الشمولي الكافوري، ولي نحواً من شهرين
من قبل أبي محمود الكتامي نائب الشام للمعز، ثم عزل بأبي الثريا الكردي، ثم ولي
دمشق ريان الخادم المعزي، ثم عزل أيضاً بعد أيام بسبكتكين التركي.
(26/260)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 261
4 (أحداث سنة خمس وستين وثلاثمائة)
فيها كتب ركن الدولة أبو علي بن بويه إلى ولده عضد الدولة أبي شجاع أنه قد سن وأنه
يؤثر مشاهدته، فاجتمعا، فقسم ركن الدولة الممالك بين أولاده فجعل لعضد الدولة فارس
وكرمان وأرجان ولمؤيد الدولة الري وأصبهان، ولفخر الدولة همذان والدينور، وجعل
ولده أبا العباس في كنف عضد الدولة. وفي رجب عمل مجلس الحكم في دار السلطان عز
الدولة، وجلس ابن معروف، لأن عز الدولة التمس ذلك ليشاهد مجلس حكمه كيف هو. وفيها
وفي التي تليها كانت الحرب تستعر بين هفتكين وبين جوهر المعزي بأعمال دمشق، وعدة
الوقائع بينهما اثنتا عشرة وقعة، منها وقعة الشاغور التي كاد يتلف فيها جوهر، ثم
كان بينهما عدة وقعات بعد ذلك.
(26/261)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 262
(26/262)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 263
4 (أحداث سنة ست وستين وثلاثمائة)
في جمادى الأولى زفت بنت عز الدولة إلى الطائع لله. وفيها جاء أبو بكر محمد بن علي
بن شاهويه صاحب القرامطة، ومعه ألف رجل منهم إلى الكوفة، وأقام الدعوة بها لعضد
الدولة، وأسقط خطبة عز الدولة، وكان ورد عنها معونة من القرامطة لعضد الدولة.
وفيها كانت وقعة بين عز الدولة، وعضد الدولة، أسر فيها غلام تركي لعز الدولة، فجن
عليه واشتد حزنه، وتسلى عن كل شيء إلا عنه، وامتنع عن الأكل، وأخذ في البكاء،
واحتجب عن) الناس، وحرم على نفسه الجلوس في الدست، وكتب إلى عضد الدولة يسأله رد
الغلام إليه، ويتذلل، فصار ضحكة بين الناس، وعوتب فما ارعوى، وبذل في فداء الغلام
جاريتين عوديتين، كان قد بذلك في الواحدة مائة ألف درهم، فأبى أن يبيعها، وقال
(26/263)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 264
للرسول: إن توقف عيك في رده فزد ما رأيت، وقد رضيت أن آخذه وأذهب إلى أقصى الأرض،
فرده عضد الدولة عليه. وحج بالناس من العراق أبو عبد الله أحمد بن أبي الحسين
العلوي. وحجت جميلة بنت ناصر الدولة ابن حمدان ومعها أخواها إبراهيم وهبة الله،
فضرب بحجتها المثل، فإنها استصحبت أربعمائة جمل، وكان معها عدة محامل لم يعلم في
أيها كانت، وكست المجاورين، ونثرت على الكعبة لما رأتها عشر آلاف دينار، وسقت جميع
أهل الموسم السويق بالسكر والثلج. كذا قال أبو منصور الثعالبي، فمن أين لها ثلج
وقتل أخوها هبة الله في الطريق، وأعتقت ثلاثمائة عبد ومائتي جارية، وأغنت
المجاورين بالأموال. قال أبو منصور الثعالبي: خلعت على طبقات خمسين ألف ثوب، وكان
معها أربعمائة عمادية لا يدري في أيها كانت، ثم ضرب الدهر ضرباته، واستولى عضد
الدولة على أموالها وحصونها وممالك أهل بيتها، وأفضت بها الحال إلى كل قلة وذلة،
وتكشفت عن فقر مدقع. وقد كان عضد الدولة خطبها، فامتنعت ترفعاً عليه، فحقد عليها،
وما
(26/264)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 265
زال يعتسف بها حتى عراها وهتكها، ثم ألزمها أن تختلف إلى دار القحب فتتكسب ما
تؤديه في المصادرة، فلما ضاق بها الأمر غرقت نفسها في دجلة.
(26/265)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 266
(26/266)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 267
4 (أحداث سنة سبع وستين وثلاثمائة)
فيها جاء الخبر بهلاك أبي يعقوب يوسف بن الجنابي القرمطي صاحب هجر، فأغلقت أسواق
الكوفة ثلاثة أيام، وكان موازراً لعضد الدولة. وفيها عبر عز الدولة إلى الجانب
الغربي على جسر علمه ودخل إلى قطربل وتفرق عنه الديلم، ودخل أوائل أصحاب عضد
الدولة بغداد، وخرج يتلقاه، وضربت له القباب المزينة، ودخل البلد. ثم إنه خرج
لقتال عز الدولة، فالتقوا، فأخذ عز الدولة أسيراً، وقتله بعد ذلك. وخلع الطائع على
عضد الدولة خلع السلطنة وتوجه بتاج مجوهر، وطوقه، وسوره، وقلده سيفاً، وعقد له
لواءين بيده، أحدهما مفضض على رسم الأمراء، والآخر مذهب على رسم ولاة) العهود، ولم
يعقد هذا اللواء الثاني لغيره قبله، ولقبه تاج الملة، وكتب له عهد بحضرته وقريء
بحضرته، ولم تجر العادة بذلك، إنما كان يدفع العهد إلى الولاة بحضرة أمير
المؤمنين، فإذا أخذه قال أمير المؤمنين: هذا عهدي إليك فاعمل به، وبعث إليه الطائع
(26/267)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 268
هدايا كثيرة، فبعث هو إلى الطائع تقادم من جملتها خمسون ألف دينار وألف ألف درهم،
وبغال، ومسك، وعنبر. وفيها زادت دجلة ببغداد حتى بلغت إحدى وعشرين ذراعاً، وكادت
بغداد تغرق، وغرقت أماكن. وفي ذي القعدة زلزلت سيراف، وسقطت الشرف، وهلك أكثر من
مائتي إنسان تحتها. وفيها تمت عدة مصافات بين هفتكين وبين العبيديين، قتل فيها خلق
كثير، وطار صيت هفتكين بالشجاعة والإقدام، ولم يكن معه عسكر كثير. ثم سار إليه
الحسن بن أحمد القرمطي وعاضده، وتحالفا، وأعانهما أحداث دمشق، وقصدوا جوهراً،
فتقهقر إلى الرملة وتحصن بها، ثم تحول إلى عسقلان وحاصروه حتى أكل عسكره الجيف، ثم
خرج بهم جوهر بذمام أعطاه هفتكين، ومضوا إلى مصر، فتأهب العزيز وسار بجيوشه،
فالتقاه هفتكين بالرملة، فقال العزيز لجوهر: أرني هفتكين، فأراه إياه وهو يجول بين
الصفين على فرس أدهم وعليه كذاغند أصفر، يطعن بالرمح تارة ويضرب باللت، فبعث
العزيز إليه رسولاً يقول: يا هفتكين أنا العزيز وقد أزعجتني من سرير ملكي وأخرجتني
لمباشرة الحرب بنفسي، وأنا طالب الصلح معك،
(26/268)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 269
ولك يد الله على أن أصطفيك، وأقدمك على عسكري، وأهب لك الشام بأسره، فنزل وقبل
الأرض. ثم اعتدل وقال: أما الآن فما يمكنني إلا الحرب، ولو تقدم هذا لأمكن، ثم حمل
على الميسرة فهزمها، فحمل العزيز بنفسه، فحملت معه ميمنته، فانهزم هفتكين، والحسن
القرمطي، وقتل من عسكرهما نحو عشرين ألف، ثم بذل العزيز لمن أتاه بهفتكين مائة ألف
دينار. وكان هفتكين تحت مفرج بن دغفل بن جراح، وكان مليحاً في العرب، فانهزم نحو
الساحل ومعه ثلاثة، وبه جراح، وقد عطش، فصادفه مفرّج في الخيل فأكرمه، وسقاه،
وحمله إلى أهله، ثم غدر به وسلمه إلى العزيز لأجل المال، فبالغ العزيز في إكرامه،
وإجلاله، وأعاده إلى رتبة الإمرة مثل ما كان. فحكى القفطي في تاريخه أن العزيز أمر
له بضرب سرادق، وفرس، وآلات، وإحضار كل من) حصل في أسره من جند هفتكين وحاشيته،
فكساهم وأعطاهم، ورتب كل واحد منهم في منزلته، وركب الجيش فتلقى هفتكين، وسار
لإحضاره جوهر القائد، فلم يشك هفتكين أنه مقتول، فلما وصل رأي من الكرامة ما بهره،
ثم نزل في المخيم، فشاهد أصحابه وحاشيته على ما كانوا عليه، فرمى بنفسه إلى الأرض،
وعفر وجهه وبكى بكاءاً شديداً، ثم اجتمع به العزيز وآنسه، وجعله من أكبر قواده، ثم
سمه بعد ابن كلس الوزير، فحزن عليه العزيز، فدارى ابن كلس بخمسمائة ألف دينار.
(26/269)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 270
(26/270)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 271
4 (أحداث سنة ثمان وستين وثلاثمائة)
فيها أمر الطائع لله بأن يضرب على باب عضد الدولة الدبادب وقت الصبح والمغرب
والعشاء، وأن يخطب له على منابر الحضرة. قال ابن الجوزي: وهذا أمران لم يكونا من
قبله، ولا أطلقا لولاة العهود. وقد كان معز الدولة، أحب أن تضرب له الدبادب بمدينة
السلام، وسأل المطيع لله ذلك، فلم يأذن له. قلت: وما ذاك إلا لضعف أمر الخلافة.
وفيها توثب على دمشق قسام كما هو مذكور في ترجمته سنة ست وسبعين.
(26/271)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 272
(26/272)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 273
4 (أحداث سنة تسع وستين وثلاثمائة)
في صفر قبض عضد الدولة على قاضي القضاة أبي محمد بن معروف، وأنفذه إلى القلعة
بفارس، وقلد أبا سعد بشر بن الحسين القضاء. وفي شعبان ورد رسول العزيز صاحب مصر
إلى عضد الدولة بكتاب، وما زال يبعث إليه برسالة بعد رسالة، فأجابه بما مضمونه صدق
الطوية وحسن النية. وسأل عضد الدولة الطائع أن يزيد في لقبه تاج الملة ويجدد الخلع
عليه ويلبسه التاج، فأجابه، وجلس الطائع على السرير وحوله مائة بالسيوف والزينة،
وبين يديه مصحف عثمان، وعلى كتفه البردة، وبيده القضيب، وهو متقلد سيف النبي صلى
الله عليه وسلم، وضربت ستارة بعثها عضد الدولة، وسأل أبو نعيم الحافظ تكون حجاباً
للطائع، حتى لا تقع عليه عين أحد من الجند قبله، ودخل الأتراك والديلم، وليس مع
أحد منهم حديد، دون الأشراف وأصحاب المراتب من الجانبين، ثم أذن لعضد الدولة فدخل،
ثم رفعت الستارة، وقبل عضد الدولة
(26/273)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 274
الأرض، فارتاع زياد القائد، وقال بالفارسية: ما هذا أيها الملك، أهذا الله عز وجل
فالتفت إلى عبد العزيز بن) يوسف وقال له: فهمه وقل له: هذا خليفة الله في الأرض،
ثم استمر يمشي ويقبّل الأرض سبع مرات، فالتفت الطائع إلى خالص الخادم وقال:
استدنه، فصعد عضد الدولة، فقبل الأرض دفعتي، فقال له: أدن إلي أدن إلي، فدنا وقبل
رجله، وثنى الطائع برجله عليه، وأمره، فجلس على كرسي، بعد أن كرر عليه: إجلس، وهو
يستعفي فقال: أقسمت لتجلس، فقبل الكرسي وجلس، وقال له: ما كان أشوقنا إليك وأتوقنا
إلى مفاوضتك، فقال: عذري معلوم، وقال: نيتك موثوق بها، وعقيدتك مسكون إليها، فأومى
برأسه، ثم قال له الطائع: قد رأيت أن أفوض إليك ما وكل الله من أمور الرعية في شرق
الأرض وغربها، وتدبيرها في جميع جهاتها، سوى خاصتي وأسبابي، فتول ذلك مستخيراً
بالله. قال: يعينني الله على طاعة مولانا وخدمته. وأريد وجوه القواد أن يسمعوا لفظ
أمير المؤمنين. فقال الطائع: هاتوا الحسين بن موسى، ومحمد ابن عمرو بن معروف، وابن
أم شيبان، والزينبي، فقدموا، فأعاد الطائع القول بالتفويض، ثم التفت إلى طريف
الخادم فقال: يا طريف تفاض عليه الخلع ويتوج، فنهض إلى الرواق وألبس الخلع، وخرج
قادماً ليقبل الأرض، فلم يطق لكثرة ما عليه، فقال الطائع: حسبك، وأمره بالجلوس، ثم
استدعى الطائع تقديم ألويته، فقدم لواءين، واستخار الله، وصلى على رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وعقدهما، ثم قال: يقرأ كتاب، خار الله لك ولنا وللمسلمين، آمرك
بما أمرك الله به، وأنهاك عما نهاك الله عنه، وأبرأ إلى الله مما سوى ذلك، إنهض
على اسم الله، ثم أخذ الطائع سيفاً كان بين المخدتين فقلده به مضافاً إلى السيف
الذي قلده مع الخلعة، وخرج من باب الخاصة، وسار في البلد، ثم
(26/274)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 275
بعث إليه الطائع هدية فيها غلالة قصب، وصينية ذهب خرداذي بلور فيه شراب، وعلى فم
الخرداذي خرقة حرير مختومة وكأس بلور، وأشياء من هذا الفن، فجاء من الغد أبو نصر
الخازن ومعه من الأموال نحو ما ذكر في دخوله الأول في السنة الماضية. ولما عد عضد
الدولة جلس للهناء، فقال أبو إسحاق الصابي قصيدة منها:
(يا عضد الدولة الذي علقت .......... يداه من فخره بأعرقه)
(يفتخر النعل تحت أخمصه .......... فكيف بالتاج فوق مفرق)
وفيها تزوج الطائع لله ببنت عضد الدولة على مائة ألف دينار، وكان الوكيل عن عضد
الدولة أبو علي الفارسي النحوي، والذي خطب القاضي أبو علي المحسن بن علي التنوخي.)
وفي هذا الوقت كان قسام متغلباً على دمشق كما هو مذكور في ترجمته.
(26/275)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 276
(26/276)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 277
4 (أحداث سنة سبعين وثلاثمائة)
وفيها خرج من همذان عضد الدولة وقدم بغداد، فتلقاه الطائع، وزينت بغداد. قال عبد
العزيز حاجب النعمان: لم تجر عادة بخروج الخلفاء لتلقي أحد من الأمراء، فلما توفيت
فاطمة بنت معز الدولة ركب المطيع لله فعزاه، فقبل الأرض. قال حاجب النعمان: وجاء
رسول يطلب من الطائع أن يتلقها، فما وسعه التاخر وتلقاه في دجلة، ثم أمر عضد
الدولة بأن ينادي قبل دخوله بمنع العوام من الدعاء له والصيحة، وتوعد على ذلك
بالقتل، قال: فما نطق أحد، فأعجبه ذلك من طاعة العوام. والله أعلم.
(26/277)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 278
(26/278)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 279
1 (وفيات إحدى وستين وثلاثمائة.)
أحمد بن المحدث محمد بن العباس بن نجيح البغدادي أبو الحسن، رئيس المعتزلة ببغداد.
ورخه طلحة في ربيع الآخر وقال: كان رئيس المعتزلة. أحمد بن محمد بن سعيد بن سهل بن
شبرة، بالمعجمة، والتثقيل. أبو حامد النيسابوري الصيرفي الزاهد الثبت، نزيل
سمرقند. روى عن: عمر البحتري، وابن خزيمة، والسراج. قال الإدريسي، ثقة، كتبنا عنه،
ومات بسمرقند في شعبان. أحمد بن مستور الأمير، ولي دمشق للحسن بن أحمد القرمطي
المعروف بالسيد عند تغلبه ثانياً على الشام، وذلك في رمضان. ومات بعد عشرة أشهر،
أعني أحمد. إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم البغدادي البزوري أبو إسحاق المقريء.
(26/279)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 280
قرأ عليه: إسحاق الخزاعي، والحسن بن الحسين الصواف، وأحمد بن فرج، وجماعة. وكان من
أئمة هذا الشأن، وحدث عن البغوي وغيره. قرأ عليه: محمد بن عمر بن بكير، وعلي بن محمد
الحداد، وعبد الباقي بن الحسن. مات في ذي الحجّة. بكار بن محمد بن أحمد بن إسحاق
أبو الحسن المعافري المصري الزاهد. وقد حدث وسمع منه أبو القاسم يحيى بن أبي
الطحان. الحسن بن الخضر بن عبد الله الأسيوطي.) حدث عن: أبي عبد الرحمن النسائي،
وأبي يعقوب المنجنيقي، وجماعة. وكان صاحب حديث. وعنه: محمد بن الفضل بن نظيف،
ويحيى بن علي بن الطحان، وأبو القاسم ابن بشران، وغيرهم. وتوفي في ربيع الأول. خلف
بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن نصر البخاري أبو صالح الخيام، وهو الذي يخيط
الخيم. كان بندار الحديث.
(26/280)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 281
روى عن: صالح بن محمد جزرة، ونصير بن أحمد الكندي، وموسى ابن أفلح، ومحمد بن علي
بن عثمان، وعمر بن هناد، وفرح بن أيوب، وحامد بن سهل، وطائفة ببخارى، ولم يرحل.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد الإدريسي، وأبو
عبد الله محمد بن أحمد الغنجار، وآخرون. وتوفي في جمادى الأولى وله ست وثمانون،
وقد تلكم فيه أبو سعيد الإدريسي ولينه. عبد الرحمن بن أحمد بن عمران أبو القاسم
الدينوري الواعظ نزيل دمشق. سكن قرية قتيبة. وحدث عن: عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري،
وأحمد بن عبد الرزاق، والغسل، وأبي جعفر الغنجاري، وابن عروبة الحراني، وجماعة.
وعنه: تمام، وعبد الوهاب الميداني، وسعيد بن أحمد بن فطيس، وجماعة. توفي في آخرها.
عبيد الله بن أحمد بن الحسين القاضي أبو عمر بن السمسار الفقيه الداوودي الظاهري،
تلميذ أبي بكر محمد بن داود الظاهري. روى عن: محمد، وعن أبيه داود بن علي،
وإسماعيل القاضي، وغيرهم. والأول أشبه. قال المحسن بن علي التنوخي في النشوار:
وعلي بن نصر الكاتب نزيل مصر، وذكر علي أنه قرأ عليه كل مصنفات أبي بكر بن داود،
وأنه كان إماماً كبيراً يتردد إلى الرؤساء.
(26/281)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 282
وقال هلال بن المحسن: توفي فجأة في رجب، ثم جزمت بأنه لم يلق داود ولا إسماعيل.
عثمان بن عمر بن خفيف أبو عمرو المقريء المعروف بالدراج. حدث عن: هارون بن علي
المزوق، وعلي بن حماد العسكري، وابن المجدر.) وعنه: أبو بكر البرقاني، ومحمد بن
طلحة النعالي، وجماعة. وكان ثقة. قال البرقاني: كان بدلاً من الأبدال. وقال غيره:
مات فجأة في رمضان، رحمة الله عليه. عثمان بن محمد بن إبراهيم المادرائي أبو عمر،
نزيل مصر. سمع أبا مسلم الكجي. وعنه أبو محمد بن النحاس. علي بن أحمد بن فروخ
البغدادي الواعظ، ويعرف بغلام المصري. حدث عن: محمد بن جرير، ومحمد بن محمد
الباغندي، وجماعة. قال الخطيب: ثنا عن ابن بكير قال: قال ابن أبي الفوارس: فيه
تساهل. فردوس بن أحمد بن محمد بن سعيد بن فردوس البزاز أبو بكر.
(26/282)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 283
محمد بن أحمد بن علي بن شاهويه القاضي أبو بكر الفارسي الحنفي أحد الأعلام. سمع:
أبا خليفة زكريا الساجي، ودرس بنيسابور، ثم درس ببخاري بمدينة أبي حفص صاحب محمد
بن الحسن مدة. ومات بنيسابور في ذي القعدة سنة إحدى وستين وثلاثمائة. محمد بن أحمد
بن موسى بن يزداد القاضي أبو عبد الله القمي. توفي بفرغانة في صفر، وحمل تابوته
إلى سمرقند. سمع: محمد بن أيوب الرازي، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني. وولي قضاء
سمرقند. وكان من كبار الحنفية، ثقة في الحديث. روى عنه أبو سعد الإدريسي وغيره.
محمد بن حارث بن أسد أبو عبد الله الخشني القيرواني الحافظ. أخذ عن أحمد بن نصر،
وأحمد بن زياد، ودخل الأندلس فسمع قاسم ابن أصبغ، وأحمد بن عبادة، وسكن قرطبة
وتمكن من صاحبها الحم بن الناصر لدين الله، وصنف له كتباً منها الاتفاق والاختلاف
في مذهب مالك، وكتاب الفتيا وكتاب تاريخ الأندلس، وتاريخ الإفريقيين، وكتاب
النسب.)
(26/283)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 284
قال ابن الفرضي بلغني أنه صنف للحكم مائة ديوان، وكان شاعراً بليغاً لكنه يلحن،
وكان يتعاطى الكيميا، واحتاج بعد موت الحكم إلى أن جلس في حانوت يبيع الأدهان. روى
عنه أبو بكر بن حوئيل، وغيره. وتوفي في صفر. محمد بن الحسن بن سعيد أبو العباس بن
الخشاب المخرمي الصوفي الزاهد. صاحب حكايات عن الشبلي وغيره. وعنه السلمي والحاكم.
محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين الوزير ظهير الدين أبو شجاع، حفيد الوزير أبي
شجاع الروذراوري ثم البغدادي. وزر قليلاً، ثم عزل، ولزم بيته دهراً في نعمة
وعافية. مات في ذي القعدة، وقد شاخ. محمد بن حميد بن سهل المخرمي أبو بكر. سمع:
أبا خليفة، وجعفر الفريابي، والهيثم بن خلف الدوري، وغيرهم. عنه: الدارقطني، وأبو
نعيم، وجماعة. قال البرقاني ضعيف.
(26/284)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 285
وقال ابن أبي الفوارس: فيه تساهل شديد. محمد بن عمر بن محمد بن الفضل أبو عبد الله
الجعفي البغدادي. سمع: أبا شعيب الحراني، وموسى بن هارون وأبا العباس بن مسورق.
وعنه: ابن رزقويه، وأبو نعيم. قال ابن أبي الفوارس: كان كذاباً. محمد بن فارس بن
حمدان أبو بكر العطشي يعرف بالمعبدي يقال: إنه من ولد أم معبد الخزاعية. حدث عن:
جعفر بن محمد القلانسي، والحسن بن علي المعمري. روى عنه: الدارقطني، وعلي بن أحمد
بالرزاز، وأبو بكر البرقاني، وأبو نعيم. قال أبو نعيم: كان غالياً في الرفض غريقه.
محمد بن يحيى بن عوانة بن عبد الرحيم الثعلبي القرطبي أبو عبد الله.)
(26/285)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 286
سمع من: أحمد بن خالد الحباب، ومحمد بن قاسم، وقاسم بن أصبغ، وجماعة. وكان ثقة
صالحاً، أم بجامع قرطبة وأكثر الناس عنه.
(26/286)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 287
1 (وفيات اثنتين وستين وثلاثمائة)
أحمد بن إبراهيم بن بكر القفطي. روى عن النسائي بمصر. أحمد بن بشر بن عامر أبو
حامد المرورذي الفقيه الشافعي نزيل البصرة تفقه على أبي إسحاق المورزي وصنف الجامع
في المذهب، وشرح مختصر المزني وصنف في الأصول. وكان إماماً لا يشق غباره. وعنه أخذ
فقهاء البصرة. أحمد بن عثمان أبو سعيد البغدادي الفقيه، ويعرف بابن البقال. حدث
بدمشق عن أبو القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود.
(26/287)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 288
وعنه ابن جميع، وأبو نصر بن الجبان. حدث في هذه السنة وانقطع خبره. أحمد بن محمد
بن زكريا الأموي، مولاهم الأندلسي الرصافي المالكي، مفتي ناجية ومحدثها. روى عن
أحمد بن خالد ويغره، وتوفي في صفر. أحمد بن همام أبو عمرو النيسابوري، العبد
الصالح. رحل وسمع ببغداد من يوسف القاضي وطبقته. وعنه الحاكم. وعاش بضعاً وثمانين
سنة. أحمد بن محمد بن أحمد بن عقبة بن مضرس أبو الحسن، قاضي أرجان. روى عن البغوي،
وابن صاعد. وعنه أبو نعيم الحافظ، وورخه هكذا في تاريخ أصبهان. وقال في معجمه: قدم
علينا أصبهان سنة خمس وستين، فيجوز هذا. أحمد بن محمد بن عمارة بن أحمد أبو الحارث
الليثي الكناني مولاهم الدمشقي. سمع: أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وزكريا
السجزي، ومحمد بن عبد الصمد، وأحمد بن إبراهيم بن دحيم، وجماعة.
(26/288)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 289
وعنه: ابن جميع، وتمام، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وأحمد بن الحاج الإشبيلي، عبد
الوهاب الميداني.) وتوفي في ربيع الآخر في عشر التسعين. إبراهيم بن عبيد الله
المعافري الإشبيلي. سمع من: أحمد بن خالد، ومحمد بن فطيس، وكان محدثاً لغوياً
بصيراً بالشعر. قاله ابن الفرضي. إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه النيسابوري
الشيخ أبو إسحاق المزكي. قال الحاكم: هو شيخ نيسابور في عصره، وكان من العباد
المجتهدين الحجاجين المنفقين عل العلماء والفقراء. سمع: ابن خزيمة، وأبا العباس
السراج، وأحمد بن محمد الماسرجسي، وأبا العباس الأزهري، وعبد الرحمن بن أبي حاتم
الرازي، ومحمد بن هارون الحضرمي، وأبا العباس الدغولي، وخلقاً سواهم. وأملى عدة
سنين، وكنا نعد في مجلسه أربعة عشر محدثاً، منهم: أبو العباس الأصم، ومحمد بن
يعقوب بن الأخرم.
(26/289)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 290
قلت: روى عنه الحاكم، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر
البرقاني، وأبو علي بن شاذان، وأبو نعيم، وآخر من روى عنه أبو طالب بن غيلان. قال
الخطيب: كان ثقة ثبتاً مكثراً مواصلاً للحج، انتخب عليه الدارقطني، وكتب الناس عنه
علماً كثيراً مثل تاريخ السراج وغير ذلك، وتاريخ البخاري وعدة كتب لمسلم. وكان عند
البرقاني سقط أجزاء وكتب، لكن ما روي عنه في صحيحه قال في نفسي منه لكثرة ما يغرب،
ثم إنه قواه وقال: عندي عنه أحاديث عالية كنت أخرجتها نازلة، إلا أني لا أقدر على
إخراجها لكبر السن. قال الخطيب: وثنا الحسين بن شيطا: سمعت أبا إسحاق المزكي يقول:
أنفقت على الحديث بدراً من الدنيانير، وقدمت بغداد سنة ست عشرة ومعي بخمسين ألف
درهم بضاعة، ورجعت إلى نيسابور ومعي أقل من ثلثها، أنفقت ما ذهب على أهل الحديث.
توفي في شعبان، وقد خرج من بغداد، فنقل إلى نيسابور، وعاش سبعاً وستين سنة. وهو
والد علي، ويحيى، ومحمد، وعبد الرحمن، وقد رووا الحديث. إسماعيل بن عبد الله بن
محمد بن ميكال الأديب أبو العباس شيخ خراسان ووجهها وعينها،) من ولد يزدجرد بن
بهرام جور ملك الفرس. استعمل المقتدر أباه على الأهواز، فاستدعى أبا بكر بن دريد
لتأديب إسماعيل.
(26/290)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 291
وفي ابنه يقول ابن دريد مقصورته التي يقول فيها:
(إن ابن ميكال الأمير انتاشني .......... من بعد ما قد كنت كالشيء اللقا)
(ومد ضبعي أبو العباس من .......... بعد انقباض الذرع والباع الوزا)
(نفسي الفدا لأميري ومن .......... تحت السما لأميري الفدا)
قال الحاكم: سمعت محمد بن الحسين الوضاحي، سمعت أبا العباس يذكر صلة أبيه لابن
دريد لما عمل هذه القصيدة، قال الوضاحي: فقلت: ما وصل إليه من خاصتك قال: لم تصل
يدي إذ ذاك إلا إلى ثلاثمائة دينار، وضعتها بين يديه. سمع أبو العباس من: عبدان
الأهوازي كتاباً خصه به، فسمعت أبا علي الحافظ يقول: استفدت منه أكثر من مائة
حديث. وسمع أيضاً من السراج، وابن خزيمة، وعلي بن سعيد العسكري ونحوهم. وأملى مدة.
روى عنه أبو علي الحافظ، وهو أسند منه، وأبو الحسين الحجاجي، وأبو عبد الله الحاكم
وجماعة. وقد عرضت عليه ولايات جليلة فامتنع. أخبرنا محمد بن عبد السلام، وأحمد بن
هبة الله، عن زينب المشعرية، أن فاطمة بنت علي بن مظفر أخبرتها قالت: أنا عبد
الغافر بن محمد الفارسي، أنا أبو العباس بن عبد الله، أنا إسماعيل بن عبد الله،
أنا عبدان بن أحمد الجواليقي سنة ثمان وتسعين ومائتين، ثنا زاهر بن نوح، ثنا عبد
الحميد بن الحسن الكوفي، ثنا محمد بن المنكدر، عن جابر قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: العائد قي هبته كالعائد في قيئه.
(26/291)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 292
توفي أبو العباس في صفر، وله اثنتان وتسعون سنة. حفص بن جزي أبو عمر الأندلسي، من
أهل فحص البلوط. سمع من: عبيد الله بن محمد بن يحيى بن عبد العزيز، وسعيد بن حميد
وجماعة. وكان عارفاً بالعربية. سمع منه غير واحد بقرطبة، وعمر دهراً.) توفي ابن
ثمان وتسعين، سنة اثنتين أو ثلاث وستين. سعيد بن القاسم بن العلاء أبو عمرو
البرذعي الطرازي المرابط نزيل مدينة طراز من أول الترك. سمع: محمد بن حبان بن
الأزهر الباهلي، وعبد الله بن الحسين الشاماتي، وأبا خليفة الفضل بن الحباب،
وسهلان بن محمد بن مردويه الأهوازي صاحب سليمان الشاذكوني، وأحمد بن محمد بن ياسين
الهروي، ومحمد بن يحيى بن مندة، وعبدان. روى عنه: محمد بن إسماعيل الوراق، والدار
قطني، وأبو علي بن فضالة الرازي شيخ الخطيب، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن
الشيرازي، وأبو عبد الله الحاكم، وقال: توفي غازياً بأسبيجاب.
(26/292)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 293
عبد الله بن أحمد الفرغاني. تقدم. عبد الله بن محمد بن عمر بن عبد الله بن الحسن
الهمداني الذكواني، أبو محمد الأصبهاني القاضي. سمع: عبدان بن أحمد حاجب بن أركين
الفرغاني، وجعفر بن أحمد بن سنان، وعبد الله بن محمد بن العباس. وعنه: أبو بكر بن
أبي علي. قرأ عليه ابنه، وأبو نعيم. عبد السلام بن أحمد بن محمد بن حجاج بن رشدين،
أبو جعفر المصري. يروي عن أبيه وعمومته. عبد الملك بن الحسن بن يوسف المعدل
البغدادي، أبو عمرو بن السقطي. سمع: أبا مسلم الكجي، ويوسف القاضي، وأحمد بن يحيى
الحلواني، وأبا بكر الفريابي. وعنه: محمد بن راشد الكاتب، وأبو علي بن شاذان، وأبو
نعيم. وانتخب عليه الدارقطني. وشهد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة عند قاضي بغداد أبي
عمرو محمد بن يوسف، وعاش خمساً وثمانين سنة.
(26/293)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 294
علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي الزملكاني وعنه الحاكم، وأبو نعيم.) عمر بن أحمد بن
عمر القاضي أبو عبد الله القصباني، عرف بابن شق. روى عن: علي بن العباس المقانعي،
وابن المنذر الفقيه، وعلي بن سارج المصري. وعنه: الدارقطني، وأبو نعيم، والبرقاني
وقال: قلت حدث في هذا العام. عمرو بن أحمد بن محمد بن الحسن، أبو أحمد الاستراباذي
الفقيه. سمع: أباه، وهميم بن همام، وعمران بن موسى بن مجاشع، وأب خليفة، وعبدان،
وعبد الله بن ناجية، وعبد الله بن مسلم المقدسي، وابن قتيبة العسقلاني، ودرس الفقه
بمصر على منصور بن إسماعيل الفقيه. يروي عنه أبو سعد عبد الرحمن الإدريسي، وقال:
أنا توليت الصلاة عليه. محمد بن أحمد بن خالد بن يزيد القرطبي، أبو بكر، ابن مصنف
كتاب فضل العلم.
(26/294)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 295
له رواية عن أبيه وغيره. محمد بن أحمد بن علي بن شاهويه، أبو بكر الفارسي الفقيه
الشافعي، قاضي بلاد فارس. أقام مدة ببخارى ثم بنيسابور، وبها مات. وله في المذهب
وجوه بعيدة تفرد بها. توفي سنة إحدى، وقيل: سنة اثنتين وستين. وحدث عن أبي خليفة،
وزكريا الساجي. وعنه الحاكم. محمد بن أحمد بن كثير بن ديسم، أبو سعيد الهروي. سمع
أحمد بن مقدام الهروي، وهو آخر من حدث في الدنيا عنه، وعاش بعده اثنتين وتسعين
سنة، ولعلّه ممن جاوز المائة. يروي عنه ابن العالي، وتوفي في جمادى الآخرة. قرأت
على أبي الحسن الهامشي، أخبركم أبو الحسن بن زوزبة، أنا أبو الوقت، أنا شيخ الإسلام
أبو إسماعيل، أنا أحمد بن محمد بن منصور ببوسنج، أنا أبو سعيد محمد بن أحمد بن
كثير بهراة، ثنا أبو جعفر أحمد بن مقدام الهروي، ثنا أبو نعيم، ثنا سلمة بن وردان،
سمعت أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من ترك الكذب وهو باطل
بني له في رياض الجنة. ومن ترك المراء وهو محق بني له في وسطها. ومن حسن خلقه بني
له في أعلاها.) قال شيخ الإسلام في كتاب ذم الكلام: هذا الحديث أعلى حديث عندي.
(26/295)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 296
محمد بن أحمد بن محمد قال ابن ايمن أبو عبد الله القيسي المؤدب القبري. رحل وسمع
بمصر من أبي قتيبة بن الفضل، وأبي محمد بن الورد، والعباس ابن الرافقي. وسمع الناس
منه كثيراً. وقبره في مدينة صغيرة بالأندلس. محمد بن أحمد بن منه السمسار، أبو
أحمد النيسابوري. روى عن مطين. وعنه الحاكم وغيره. محمد بن إبراهيم بن حسنويه، أبو
بكر النيسابوري الوراق الزاهد العابد. سمع: محمد بن إبراهيم البوسنجي، وجعفر بن
سوار. وعنه: الحاكم وقال: عاش خمساً وتسعين سنة، وبكى من خشية الله حتى عمي. محمد
بن إبراهيم بن إسحاق بن أبرويه أبو أحمد الاستراباذي. فاضل ثقة عابد. سمع الكثير
ورحل، وحدث عن: محمد بن عبد بن عامر السمرقندي، ومحمد بن يزداد، والضحاك بن
الحسين، وأحمد بن حفص السعدي، وجاوز التسعين. روى عنه أبو سعد الإدريسي وقال: توفي
فجأة.
(26/296)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 297
محمد بن الحسن بن كوثر أبو بحر البربهاري، بغدادي معمر. حدث عن: محمد بن الفرج
الأزرق، ومحمد بن يونس الكديمي، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن غالب، ومحمد بن سليمان
الباغندي، وجماعة. انتخب عليه الدارقطني، وأبو حفص بن شاهين. قال أبو نعيم: كان
يقول لنا الدارقطني: اقتصروا من حديث أبي بحر على ما انتخبته حسب. وقال ابن أبي
الفوارس: فيه نظر. وقال البرقاني: حضرت يوماً عند أبي بحر، فقال لنا ابن السرخسي:
سأريكم أن الشيخ كذاب، ثم قال له: فلان بن فلان ينزل المكان الفلاني، سمعت منه
قال: نعم. قال البرقاني: ولم يكن له وجود. قال ابن أبي الفوارس: توفي لأربع بقين
من جمادى الأولى. قال: ومولده سنة ست وستين ومائتين قال: وكان مخلطاً، وله أصول
جياد، وله شيء روي.) قلت: روى عبد الدايم حديثه بعلو عن ابن المعطوس. محمد بن أبي
الهيثم خالد بن الحسن المطوعي البخاري. سمع: شيخ بن محمد، وابن خزيمة، والباغندي،
وطبقتهم.
(26/297)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 298
وعنه: الحاكم وطائفة. محمد بن العباس بن أحمد، أبو بكر المسعودي الاستراباذي
الفقيه، رحال. وسمع: أبا يعلى الموصلي، ومحمد بن الحسين الخثعمي الكوفي، وطبقتهما.
وعنه أبو سعد الإدريسي، وقل: لا يحتج به، بقي إلى هذه السنة. محمد بن عبد الله بن
محمد الفقيه، أبو جعفر البلخي الحنفي. وكان يقال له من كماله في الفقه أبو حنيفة
الصغير. يروي عن محمد بن عقيل وغيره. وتوفي ببخارى في ذي الحجّة سنة اثنتين وستين.
وقد تفقه علي أبي بكر محمد بن أبي سعيد الفقيه. أخذ عنه جماعة. كان يعرف
بالهندواني من محلة باب هندوان، وعاش اثنتين وستين سنة، وكان من أعلام أئمة مذهبه.
محمد بن عبد الملك بن محمد بن عدي، أبو بكر الاستراباذي، أخو نعيم، نزل جرجان،
وكان خبيراً بالشروط فقيهاً. رحل وسمع من البغوي، وابن أبي داود. محمد بن محمد بن
داود بن سعيد أبو بكر، السجزي النيسابوري العدل.
(26/298)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 299
سمع بهراة: محمد بن معاذ الماليني، وحاتم بن محبوب، ومعدان البغوي، وطبقته،
وبنيسابور مؤمل بن الحسن، وأبا عمرو الحيري، وبجرجان أبا نعيم، وبالري عبد الرحمن
بن أبي حاتم. روى عنه الحاكم قوال: كان من خيار التجار الأمناء، ما رأينا منه إلا
ما يليق بأهل الصدق. محمد بن موسى بن فضالة بن إبراهيم بن فضالة بن كثير، أبو عمر
القرشي، مولى عبد العزيز بن مروان بن الحكم. شيخ مسند، دمشقي. سمع: أحمد بن أنس،
وأبا قصي العذري، والحسين بن محمد بن جمعة، وحاجب بن أركين،) وعبد الرحمن بن
القاسم الرواس، ويزيد بن عبد الصمد، والحسن بن الفرج الغزي، ومحمد بن محمد بن
التياح، وأبا القاسم البغوي لقيه بمكة. وعنه: تمام، وأبو نصر بن الجندي، وعبد
الرحمن بن أبي نصر، ومكي، بن الغمر، ومحمد بن رزق الله، وجماعة آخرهم محمد بن عبد السلام
بن سعدان. قال أبو محمد الكتاني: تكلموا فيه، وتوفي في ربيع الآخر. محمد بن هاني
أبو القاسم وأبو الحسن الأزدي الأندلسي. قيل إنه
(26/299)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 300
من ذرية المهلب بن أبي صفرة. كان أبوه شاعراً أديباً، وأما هو فحامل لواء الشعر
بالأندلس، ولد بأشبيلية، واشتغل بها، وكان حافظاً لأشعار العرب وأخبارها، اتصل
بصاحب اشبيلية وحظي عنده، فمن شعره:
(ولما التقت ألحاظنا ووشاتنا .......... وأعلن شق الوشي ما الوشي كاتم)
(تنفس أنسي من الخدر ناشق .......... فأسعد وحشي من السدر باغم)
(وقلن قطاً سار سمعت حفيفه .......... فقلت: قلوب العاشقين الحوائم)
(عشية لا آوي إلى غير ساجع .......... ببنيك حتى كل شيء حمائم)
وكان منهمكاً في اللذات والمحرمات، متهماً بدين الفلاسفة، ولقد هموا بقتله، فأشار
عليه مخدومه بالاختفاء، فهرب من الأندلس إلى المغرب، واجتمع بالقائد جوهر فامتدحه،
ثم اتصل بالمعز أبي تميم الذي بنى القاهرة، فامتدحه، فوصله وأنعم عليه، ثم إنه شرب
عند أناس وأصبح مخنوقاً. وقيل: لم يعرف سبب موته، وهلك في رجب سنة اثنتين وستين عن
نيف وأربعين سنة. وله ديوان كبير في المدح، وقد يفضي به المديح إلى الكفر، وليس
يلحقه أحد في الشعر من أهل الأندلس، وهو نظير المتنبي. منصور بن محمد البغدادي
المقريء الحذاء. حدث عن البغوي، وابن أبي داود.
(26/300)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 301
قال الخطيب: ثنا عنه أبو الفرج بن سميكة، وسمعت أبا نعيم يوثقه ثم ورخ وفاته. يحيى
بن عبد الله بن محمد، أبو بكر القرطبي المعروف بالمغيلي. سمع: محمد بن محمد بن عبد
الملك بن أنس، وجماعة. وحج وسمع من ابن الأعرابي.) وكان بارعاً في الآداب، بليغاً
ذا فنون. والله أعلم.
(26/301)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 302
(26/302)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 303
1 (وفيات ثلاث وستين وثلاثمائة)
أحمد بن محمد بن عبد البر، أبو عثمان التجيبي القرطبي، يعرف بابن الكشكيناني. حج
وسمع أبا سعيد بن الأعرابي ورجع، وتوفي في شوال. أحمد بن علي بن إبراهيم النرسي
البغدادي. توفي بالرملة وله إحدى وثمانون سنة. إبراهيم بن سليمان بن عدي الشافعي
العسكري المصري. توفي في رجب. سمع أبا عبد الرحمن النسائي. إسماعيل بن محمد بن
علان الخولاني المصري المؤدب. يروي عن النسائي، والحسن بن غليب. أصبغ بن قاسم بن
أصبغ، أبو القاسم، من أهل إستجة.
(26/303)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 304
سمع: محمد بن عمر بن لبابة، وأحمد بن خالد بن الحباب، وحج فسمع من أبي جعفر
العقيلي، وابن الأعرابي، وسمع صحيح البخاري من صالح بن محمد الأصبهاني، عن إبراهيم
بن معقل النسفي. ولي قضاء إستجة، فأساء السيرة وشكوه. وكان جسيماً وسيماً. توفي في
رمضان. ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة، أبو الحسن الحراني الأصل الصابي، ثم
البغدادي. كان يلحق بأبيه في صناعة الطب، وصنف تاريخاً كبيراً على الحوادث
والوقائع التي تمت في زمانه، وخدم بالطب الراضي بالله وجماعة من الخلفاء قبله.
وقال في تاريخه: لما سلم أبو علي بن مقلة إلى الوزير عبد الرحمن بن عيسى، من جهة
الراضي بالله، في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة حمله إلى داره، ثم ضرب ابن مقلة
بالمقارع في دار عبد الرحمن، وأخذ خطه بألف دينار، وأنه أدخل عليه ليفصده فذكر من
خبره فصلاً. توفي إبراهيم بن سنان أخو ثابت في أول خمس وثلاثين وثلاثمائة،
(26/304)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 305
ولم يستكمل أربعين سنة، وكان من الأذكياء البارعين في صناعة الطب كأخيه وأبيه.
الحارث بن سعيد بن حمدان، أبو فراس الشاعر المشهور الأمير، وقد ذكرناه في سنة سبع
وخمسين.) وأما ابن الجوزي فقال في المنتظم: توفي هذا في سنة ثلاث وستين، ثم ذكر
أنه قتل وما بلغ الأربعين، وأن سيف الدولة رثاه. قلت: هذا متناقض، فمن شعره:
(المرء نصب مصائب لا تنقضي .......... حتى يوارى جسمه في رمسه)
(فمؤجل يلقى الردى في غيره .......... ومعجل يلقى الردى في نفسه)
وله:
(مرام الهوى صعب وسله الهوى وعر .......... وأوعر ما حاولته الحب والصبر)
(أواعدتي بالوعد والموت دونه .......... إذا مت عطشاناً فلا نزل القطر)
(بدوت وأهلي حاضرون لأنني .......... أرى أن داراً لست من أهلها نفر)
(وما حاجتي في المال أبغي وفوره .......... إذا لم يفر عرض فلا وفر الوفر)
(وقال أصحابي الفرار أو الردى .......... فقلت: هما أمران أحلاهما مر)
(26/305)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 306
(سيذكرني قومي إذا جد جدها .......... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر)
(ولو سد غيري ما سددت اكتفوا به .......... وما كان يغلو التبر لو نفق الصفر)
(ونحن أناس لا توسط عندنا .......... الصدر دون العالمين أو القبر)
(تهون علينا في المعالي نفوسنا .......... ومن خطب الحسناء لم يغلها مهر)
جمح بن القاسم بن عبد الوهاب، أبو العباس الجمحي المؤذن، دمشقي محدث، يعرف قديماً
بابن أبي الحواجب. روى عن: عبد الرحمن بن الرواس، وأبي قصي إسماعيل العذري،
وإبراهيم بن دحيم، وأحمد بن بشر الصوري، ومحمد بن العباس بن الدرفس، وطبقتهم. روى
عنه: أبو عبد الله بن منده، وتمام بن عبد الوهاب الميداني، ومحمد بن عوف المزني،
ومحمد بن عبد السلام. وكان ثقة نبيلاً. الحسن بن موسى بن بندار، أبو محمد الديلمي.
حدث ببغداد عن: أحمد بن محمد بن سليمان المالكي، وأحمد بن الحسين صاحب البصري.
وعنه البرقاني وغيره. وكان ثبتاً حافظاً. حدث في هذه السنة.) حمزة بن أحمد بن مخلد
البغدادي القطان. سمع: أبا شعيب الحراني، وموسى بن هارون.
(26/306)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 307
وعنه: البرقاني، ومحمد بن عمر بن بكير. حدث في هذهالسنة. صدوق. سيدابيه بن داود،
أبو الأصبغ المرشاني الأندلسي. سمع: محمد بن عمر بن لبابة، وأحمد بن خالد بن
الحباب. وكان شيخاً صالحاً موصوفاً بالفقه، وحدث. العباس بن الحسين بن الفضل
الشيرازي. وزر لعز الدولة بختيار بن معز الدولة، وكان ظالماً جباراً، فقبض عليه ثم
قتله في حبسه، وله تسع وخمسون سنة. عبد الله بن عدي أبو عبد الرحمن الصابوني. توفي
ببخارى في ذي الحجّة. مشى في الرد على أبي حاتم بن حبان فيما تأول من الصفات. أخذ
عن يحيى بن عمار وغيره. روى عنه ابن خزيمة وطبقتهم. عبد الحميد بن أحمد بن عيسى
سمع النسائي، وتوفي في شعبان. عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن أسيد، أبو بكر المدني
المعدل. روى عن: محمد بن نصير، وزكريا الساجي.
(26/307)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 308
وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم، وغيرهما. توفي في سلخ ذي القعدة. عبد العزيز
بن إسحاق بن جعفر، أبو القاسم الزيدي البغدادي. ذكره ابن أبي الفوارس فقال: كان له
مذهب خبيث، ولم يكن في الرواية بذاك. سمعت منه أجزاء فيها أحاديث ردية. قلت: يعرف
بابن البقال، حدث عن: الباغندي، وعلي بن العباس المقانعي. قال التنوخي: كان من
متكلمي الشعية، له مصنفات على مذهب الزيدية، يجمع حديثاً كثيراً، وله) أبو خليفة
شاعر مشهور. عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد، أبو بكر الفقيه الحنبلي، غلام
الخلال شيخ الحنابلة وعالمهم المشهور. تفقه بأستاذه أبي بكر الخلال، وسمع من عبد
الله بن أحمد بن حنبل فيما قيل، وسمع من محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن
هارون، والحسين بن عبد الله الخرقي، وأحمد بن محمد بن الجعد الوشاء، وأبي خليفة
الفضل بن الحباب، وجعفر الفريابي، وجماعة. وعنه: الجنيد الخطبي، وبشري الفاتني،
وغيرهما. وتفقه عليه أبو عبد الله ابن بطة، وأبو إسحاق بن شاقلا، وأبو حفص
العكبري، وأبو الحسن التميمي، وأبو حفص البرمكي، وأبو عبد الله بن حامد.
(26/308)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 309
وكان كبير القدر، صحيح النقل، بارعاً في نقل مذهبه. قال أبو حفص البرمكي: سمعت أبا
بكر عبد العزيز يقول: سمع مني شيخنا أبو بكر الخلال نحو عشرين مسألة وأثبتها في
كتابه. وقال أبو يعلى القاضي: كان لأبي بكر عبد العزيز مصنفات حسنة منها المقنع
وهو نحو مائة جزء، وكتاب الشافي نحو ثمانين جزءاً، وكتاب زاد المسافر وكتاب الخلاف
مع الشافعي وكتاب مختصر السنة. توفي في شوال سنة ثلاث وستين، وله ثمان وسبعون سنة
في سن شيخه الخلال، وسن شيخ شيخه المروزي، وسن أحمد بن حنبل. وروي عنه أنه قال في
مرضه: أنا عندكم إلى يوم الجمعة، فمات يوم الجمعة، رحمه الله تعالى. ويذكر عنه زهد
وقنوع. وقد ذكر أبو يعلى أنه كان معظماً في النفوس، متقدماً عند الدولة، بارعاً في
مذهب أحمد. أنبأنا المؤمل بن البالسي، أنا أبو اليمن الكندي، أنا أبو بكر الخطيب،
أنا أحمد بن الجنيد الخطبي، أنا أبو بكر بن عبد العزيز بن جعفر، أنا علي بن طيفور،
أنا قتيبة، أنا عبد الوارث، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. علي بن عبد
الله بن الفضل البغدادي، أبو الحسين.) حدث بمصر عن: جعفر الفريابي، وأبي خليفة.
(26/309)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 310
وعنه: الدارقطني، وعبد الغني الأزدي. عيسى بن موسى بن أبي محمد بن المتوكل على
الله، أبو الفضل الهاشمي العباسي. سمع: محمد بن خلف بن المرزبان، وأبا بكر بن أبي
داود، وجماعة. وعنه: أبو علي بن شاذان. قال الخطيب: كان ثقة ثبتاً. حدثني الأزهري
أن أبا الفضل لازم ابن أبي داود في سماع الحديث نيفاً وعشرين سنة، وولد سنة ثمانين
ومائتين، وأول سماعه من أبي بكر سنة تسعين. غالب بن عبد الله بن موسى بن قليج، أبو
بكر البزاز، مصري. توفي في جمادى الأولى. محمد بن أحمد بن سهل بن نصر، أبو بكر
الرملي الشهيد المعروف بابن النابلسي. حدث عن: سعيد بن هاشم الطبراني، ومحمد بن
الحسن بن قتيبة، ومحمد بن أحمد بن شيبان الرملي. وعنه: تمام الرازي، والدارقطني،
وعبد الوهاب الميداني، وعلي بن عمر الحلبي، وغيرهم. قال أبو ذر الهروي: سجنه بنو
عبيد وصلبوه على السنة. سمعت الدارقطني يذكره ويبكي ويقول: كان يقول وهو يسلخ: كان
ذلك في الكتاب مسطوراً. وقال أبو الفرج بن الجوزي: أقام جوهر لأبي تميم صاحب مصر
الزاهد أبا بكر النابلسي، وكان ينزل الأكواخ من الشام، فقال: بلغنا أنك قلت: إذا
(26/310)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 311
كان مع الرجل عشرة أسهم وجب أن يرمي في الروم سهماً وفيناً سبعة، فقال: ما قلت
هكذا، فظن أنه يرجع عن قوله، فقال: كيف قلت قال: قلت: إذا كان معه عشرة وجب أن
يرميكم بتسعة، ويرمي العاشر فيكم أيضاً، فإنكم قد غيرتم الملة، وقتلتم الصالحين،
وادعيتم أمور الإلهية، فشهره ثم ضربه، ثم أمر يهودياً بسلخه. وقال هبة الله بن
الأكفاني: سنة ثلاث وستين توفي العبيد الصالح الزاهد أبو بكر بن النابلسي، كان يرى
قتال المغاربة يعني بني عبيد، وكان قد هرب من الرملة إلى دمشق، فقبض عليه متوليها
أبو محمود الكتامي، وحبسه في رمضان، وجعله في قفص خشب، وأرسله إلى مصر، فلما وصلها
قالوا له: أنت الذي قلت: لو أن معي عشرة أسهم لرميت تسعة في المغاربة وواحداً) في
الروم، فاعترف بذلك، فأمر أبو تميم بسلخه فسلخ، وحشي جلده تبناً، وصلب. وقال معمر
بن أحمد بن زياد الصوفي: إنما حياة السنة بعلماء أهلها والقائمين بنصرة الدين، لا
يخافون غير الله، ولو لم يكن من غربة السنة إلا ما كان من أمر أبي بكر النابلسي
لما ظهر المغربي بالشام واستولى عليها، فأظهر الدعوة إلى نفسه، قال: لو كان في يدي
عشرة أسهم كنت أرمي واحداً إلى الروم وإلى هذا الطاغي تسعة، فبلغ المغربي مقاتله،
فدعاه وسأله، فقال: قد قلت ذلك لأنك فعلت وفعلت، فأخبرني الثقة أنه سلخ من مفرق
رأسه حتى بلغ الوجه، فكان يذكر الله ويصبر، حتى بلغ العضد، فرحمه السلاخ، فوكز
السكين في موضع القلب، فقضى عليه وأخبرني الثقة أنه كان إماماً في الحديث والفقه،
صائم الدهر، كبير الصولة عند الخاصة والعامة، ولما سلخ كان يسمع من جسده قراءة
القرآن، فغلب المغربي بالشام وأظهر المذهب الرديء، ودعا إليه، وأبطل التراويح
وصلاة الضحى، وأمر بالقنوت في الظهر بالمساجد.
(26/311)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 312
وقتل النابلسي في سنة ثلاث وستين، وكان نبيلاً جليلاً، رئيس الرملة، هرب إلى دمشق
فأخذ منها، وبمصر سلخ. وقيل: إنه لما أدخل مصر، قال له بعض الأشراف ممن يعانده:
الحمد لله على سلامتك، فقال: الحمد لله على سلامة ديني وسلامة دنياك. قلت: كانت
محنة هؤلاء عظيمة على المسلمين، ولما استولوا على الشام هرب الصلحاء والفقراء من
بيت المقدس، فأقام الزاهد أبو الفرج الطرسوسي بالأقصى، فخوفوه منهم، فبيت، فدخلت
المغاربة وغشوا به، وقالوا: إلعن كيت وكيت، وسموا الصحابة وهو يقول: لا إله إلا
الله، سائر نهاره، وكفاه الله شرهم. وذكر ابن الشعشاع المصري إنه رأه في النوم
بعدما قتل. وهو في أحسن هيئة. قال: فقلت: ما فعل الله بك قال:
(حباني مالكي بدوام عز .......... وواعدني بقرب الإنتصار)
(وقربني وأدناني إليه .......... وقال: إنعم بعيش في جواري)
محمد بن أحمد بن عيسى، أبو بكر القمي. سمع: أبا عروبة الحراني، ومحمد بن قتيبة
العسقلاني. سمع منه في هذا العام السكن بن جميع بصيدا.) محمد بن إسحاق بن مطرف،
أبو عبد الله الأندلسي الأستجي. سمع من: عبيد الله بن يحيى بن محمد بن عمر بن
لبابة، وأحمد بن خالد.
(26/312)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 313
وكان شاعراً عالماً باللغة والعربية. روى عنه إسماعيل وغيره. مات في شوال. محمد بن
الحسين بن إبراهيم بن عاصم أبو الحسن الأبري ثم السجستاني. رحل وطوف، وسمع: أبا
العباس بن السراج، وابن خزيمة، ومحمد بن الربيع الجيزي، وأبا عروبة الحراني، ومحمد
بن يوسف الهروي، وزكريا بن أحمد البلخي، ومكحولاً البيروتي، وهذه الطبقة. يروي
عنه: علي بن بشري، ويحيى بن عمار السجستانيان. وصنف كتاباً كبيراً في مناقب
الشافعي. وآبر من قرى سجستان. توفي في شهر رجب. محمد بن عبد الله بن محمد بن
العباس، أبو الحسين الشيرازي اللالكائي. ثقة. يروي عن حماد بن مدرك، وغيره. محمد
بن علي بن حسين، أبو بكر بن الفأفاء الرازي، قاضي الدينور. حدث بهمذان سنة ثلاث
وستين بكتاب الجرح والتعديل عن ابن أبي حاتم، ويروي عن جماعة. روى عنه الكتاب: أبو
طاهر بن سلمة، وابن فنجويه، وابن تركان، وغيرهم.
(26/313)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 314
محمد بن الحسين، أبو العباس بن السمسار الدمشقي الحافظ، أخو أبي الحسن علي. سمع:
أحمد بن عمير بن جوصا، ومحمد بن خزيم، وعلي بن محمد بن كاس، وأبا الجهم بن طلاب،
وأبا الدحداح أحمد بن محمد وعبد الله بن السري الحمصي الحافظ، وسمع ببغداد من
المحاملي، ومحمد بن أحمد بن مخلد. وعنه: أخوه أبو الحسن، ومكي بن الغمر، ومحمد بن
عوف المزني، وجماعة. قال الميداني: توفي في شهر رمضان. وقال أبو محمد الكتاني: كان
ثقة نبيلاً حافظاً، كتب القناطير، وحدث باليسير، وقد سمع أيضاً بمصر. مات عن بضع
وستين سنة.) مروان بن عبد الملك القرطبي الزاهد. سمع محمج بن عبد الملك بن أيمن،
وأحمد بن بشر، وحج فسمع من محمد بن الصموت بمصر. وكان زاهداً عابداً خيراً. توفي في
ربيع الآخر. المظفر بن حاجب أركين، أبو القاسم الفرغاني. روى عن: أبي يعلى
الموصلي، وإسماعيل بن قيراط، ومحمد بن
(26/314)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 315
يزيد بن عبد الصمد، وأبي عبد الرحمن النسائي، وجعفر الفريابي. رحل به أبوه واعتنى
به. روى عنه تمام الرازي، وأبو نصر بن هارون، وأبو نصر بن الجندي، وآخرون. حدث في
هذا العام. قرأت على عمر بن عذير، أخبركم عبد الصمد بن محمد الأنصاري حضوراً أن
أبا الحسن علي بن المسلم، أخبرهم في سنة ست وعشرين وخمسمائة، أنا الحسن بن أحمد بن
عبد الواحد، أنا أبو الحسن علي بن موسى السمسار، أنا المظفر بن حاجب، أنا محمد بن
يزيد، ثنا موسى بن أيوب النصيبي، ثنا سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد،
سمع ابن عباس يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل لعق أصابعه الثلاث
فبدأ بالوسطى، ثم التي تليها، ثم الإبهام. نافع بن عبد الله، أبو صالح الخادم،
مولى القاضي عبد الله بن محمد ابن عمر الأصبهاني. يروي عن عبد الله بن محمد بن عبد
الكريم الرازي. وعنه أبو نعيم، وأبو بكر بن أبي علي. وقال أبو نعيم: كان يصوم
النهار، ويقوم الليل، ويتصدق بمغله، ويقتصر في قطره على ما يطلق له مولاه. توفي
سنة اثنتين أو ثلاث وستين. النعمان بن محمد بن منصور، أبو حنيفة المقريء القاضي.
(26/315)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 316
قال المسبحي في تاريخ مصر: كان من أهل الفقه والدين والنبل، وله كتاب أصول
المذاهب. قال غيره: كان المتخلف مالكياً، ثم تحول إلى مذهب الشيعة لأجل الرياسة،
وداخل بني عبيد،) وصنف لهم كتاب ابتداء الدعوة، وكتاباً في الفقه، وكتباً كثيرة في
أقوال القوم، وجمع في المناقب والمثالب، ورد على الأئمة، وتصانيفه تدل على زندقته
وانسلاخه من الدين، وأنه منافق، نافق القوم، كما ورد أن مغربياً جاء إليه فقال: قد
عزم الخادم على الدخول في الدعوة، فقال: ما يحملك على ذلك قال: الذي حمل سيدنا.
قال: يا ولدي نحن أدخلنا في هواهم حلواهم، فأنت لماذا تدخل وللنعمان كتاب دعائم
الإسلام ثلاثون مجلداً في مذهب القوم، ومنها شرح الآثار خمسون مجلداً، وغير ذلك.
وكان ملازماً للمعز أبي تميم، وولي القضاء له على مملكته، وقدم مصر معه من الغرب.
وتوفي بمصر في رجب سنة ثلاث وستين، فأشرك المعز في القضاء بين ولده أبي الحسن علي،
وبين الذهلي أبي الطاهر، فلما عجز الذهلي وشاخ، استقل أبو الحسن بالقضاء، واستناب
أخاه أبا عبد الله. وكان أبو الحسن شاعراً محسناً. يعلى بن موسى البربري الصوفي
الزاهد. وكان من سادات المغاربة. رأى رب العزة في المنام. توفي في هذه السنة.
(26/316)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 317
1 (وفيات أربع وستين وثلاثمائة)
أحمد بن عبيد الله بن محمود بن شابور، أبو العباس الأصبهاني الفقيه المغربي، ولقبه
خرطبه. كتب الكثير بأصبهان والري، وحدث عن: عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري،
ومحمد بن إبراهيم بن زياد، وجماعة. أحمد بن القاسم بن عبيد الله بن مهدي، أبو
الفرج بن الخشاب البغدادي الحافظ، نزيل ثغر طرسوس. حدث بدمشق عن: محمد بن محمد
الباغندي، ومحمد بن جرير، وعبد الله بن إسحاق المدائني، والبغوي، ومحمد بن الربيع
الجيزي، وأبي جعفر الطحاوي، وجماعة. وعنه: تمام، وعبد الوهاب المدائني، وبقاء
الخولاني، ومحمد بن عوف المزين، ومكي بن الغمر.) وتوفي في صفر سنة أربع.
(26/317)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 318
قال ابن النقور: ثنا عيسى بن الوزير، كتب غلي أحمد بن القاسم بن الخشاب قال: سمعت
أبا جعفر أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت محمد بن أبي عمران يقول: قال هلال
الرائي: أوثق المودات ما كان في الله عز وجل. أحمد بن القاسم بن يوسف بن فارس
الميانجي، أخو القاضي يوسف. يروي عن: إبراهيم بن يوسف الهسنجاني، وعبد الرحمن بن
أبي حاتم، وعلي بن عبد الله بن مبشر، وعثمان بن محمد الذهبي، وجماعة. وعنه: ابنه
صالح، وحمزة الأطرابلسي، وحمزة بن محمد البعلبكي، وأبو الحسن علي بن موسى بن
السمسار. وعاش إلى سنة أربع وستين وانقطع خيره. أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم
بن أسباط مولى جعفر ابن أبي طالب، أبو بكر بن السني الدينوري الحافظ. سمع: أبا عبد
الرحمن النسائي، وعمر بن أبي غيلان البغدادي، وأبا خليفة زكريا الساجي، وأبا يعقوب
المنجنيقي، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبا عروبة، وجماهر بن محمد الزملكاني،
وطبقتهم بمصر والشام والعراق والجزيرة.
(26/318)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 319
وعنه: أبو علي حمد بن عبد الله الأصبهاني، ومحمد بن علي العلوي، وعلي بن محمد عمر
الأسدابادي، وأحمد بن الحسين الكسار. وقال القاضي أبو زرعة روح سبط ابن السني:
سمعت عمي علي بن أحمد بن محمد يقول: كان أبي رحمه الله يكتب الحديث، فوضع القلم في
أنبوبة المحبرة، ورفع يديه يدعو الله تعالى، فمات رحمه الله، وذلك في آخر سنة أربع
وستين. قلت: كان ديناً خيراً، صنف في القناعة، وفي عمل يوم وليلة، وغير ذلك،
واختصر سنن النسائي، وعاش بضعاً وثمانين سنة. أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو حامد
النيسابوري الواعظ المقريء، رجل فاضل عالم. ذكره الحاكم فقال: كان يعطي كل نوع من
أنواع العلوم حقه، وكتب الحديث الكثير، ولم يحدث تورعاً، ولزم مسجده ثلاثين سنة،
وكانت شمائله تشبه شمائل السلف.) سمع: عبد الله بن شيرويه، وأحمد بن إبراهيم بن
عبد الله بن خزيمة، والسراج. وله مصنفات تدل على كماله. توفي في شوال، وله ست
وسبعون سنة. ولم يحدث قط. فقال: روى عنه الحاكم حكاية. أحمد بن محمد بن أيوب أبو
بكر الفارسي الواعظ المفسر، نزيل نيسابور.
(26/319)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 320
كان له أتباع ومريدون. وعظ ببخارى، وخاف الحنفية من تغلبه عليهم. كان يحضر مجلسه
نحو عشرة آلاف. كتب عنه أبو عبد الله الحاكم. أحمد بن محمد بن فرجون، أبو القاسم
الأندلسي. سمع: عبيد الله بن يحيى، وأيوب بن سليمان، وطاهر بن عبد العزيز، وحدث،
وكان ضابطاً، وفيه لين. أحمد بن محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى الماسرجسي
النيسابوري، أبو الحسن. من بيت علم ورواية، وكان رجلاً صالحاً. روى عن: جده، وابن
عمرو، وأحمد بن محمد الجيزي. وعنه الحاكم. أحمد بن مسلم بن شعيب، أبو العباس
المديني الأديب. سمع على: سعيد العسكري ومحمد بن جرير الطبري. وعنه: ابن أبي علي،
وأبو نعيم. أحمد بن هلال بن زيد، أبو عمر الأندلسي العطار. رحل، وسمع من محمد بن
الربيع الجيزي، وغيره. وكان حافظاً للشروط، متقناً عارفاً بقول مالك. أحمد بن
يوسف، أبو حامد الإسكاف النيسابوري الأشقر. أحد الزهاد. سحب أبا عثمان الحيري،
ورأى ابن أبي عطاء، والجريري، وصحب أبا عمر الدمشقي وجماعة. وله سياحة وأحوال
وكلام نافع. أخرج في آخر
(26/320)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 321
عمره من بخارى، فحج ومات بمكة. إبراهيم بن أحمد بن محمد بن رجاء، أبو إسحاق
النيسابوري الأبزاري الوراق. وأبزار من قرى نيسابور.) سمع: مسدد بن قطن، وجعفر بن
أحمد الحافظ، والحسن بن سفيان ومحمد بن محمد الباغندي، وسعيد بن عبد العزيز، وسعيد
بن هاشم الطبراني، وهذه الطبقة. وعنه: ابن منده، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد
الله الحاكم، وقال: كان ممن سلم المسلمون من لسانه ويده. وطلب الحديث على كبر
السن، ورحل فيه. وسمعت أبا علي الحافظ يقول له: أنت يا أبا إسحاق بهز بن أسد، يعني
لثبته وإتقانه. وسمعت أبا علي يمازحه غير مرة يقول: هذا الشيخ ما اغتسل من حلال
قط. فيقول: ولا من حرام يا أبا علي، وذلك أنه ما تأهل. توفي في رجب، وله ست وتسعون
سنة. وحدث بمروياته على القبول. إسحاق بن محمد بن إسحاق النعالي البغدادي، أبو
يعقوب. سمع: أبا خليفة، والفريابي، وعبد الله بن ناجية. قال الخطيب: ثنا عن
البرقاني، وابن أبي الفوارس، وابن دوما النعالي.
(26/321)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 322
وقال ابن أبي الفوارس: كان ثقة مأموناً. مات يوم النحر. إسحاق الأمير، أبو منصور
ابن الإمام المتقي لله إبراهيم بن المقتدر جعفر العباسي. زوجه أبو بابنة ناصر
الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان على مهر مائة ألف دينار. وتوفي في هذا العام في
المحرم عن إحدى وخمسين سنة. وكان ممن ترشح للخلافة. إسماعيل ين أحمد بن محمد
الخلالي التاجر، أحد الجوالين في طلب العلم. سمع من: عمران بن موسى بن مجاشع،
ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبي يعلى الموصلي، والهيثم بن خلف، وأحمد بن عمرو
البزار. وعنه: الحاكم، وأبو الفضل الجارودي، وجماعة. وقد انتقى عليه رفيقه أبو علي
النيسابوري الحافظ. وهو جرجاني نزل نيسابور. جعفر بن علي بن أحمد بن حمدان أبو علي
الأندلسي صاحب المسيلة، وأمير الزاب من أعمال إفريقية.
(26/322)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 323
كان شيخاً كثير العطاء، مؤثراً للعلماء، ولابن هانيء الأندلسي فيه مدائح، ومنها:)
(المدنفان من البرية كلها .......... جسمي وطرف بابلي أحور)
(والمشرقات النيرات ثلاثة .......... الشمس والقمر المنير وجعفر)
المسيلة مدينة من أعمال الزاب. وكان بين جعفر وبين زيري بن مناد عداوة وحروب، جرت
بينهما معركة هائلة، ثم قام بعده ابنه بلكين، واستظهر على جعفر، فهرب منه إلى
الأندلس، فقتل في هذه السنة. وأبوه علي هو الذي بنى المسيلة. وزيري هو جد المعز بن
باديس. الحسن بن سعيد القرشي، سمع أصحاب هشام بن عمار. الحسن بن علي بن أبي
السلاسل، أبو القاسم البجلي. حدث عن: أحمد بن علي القاضي المروزي. وعنه: تمام،
وأبو نصر المزي، ومحمد بن عوف المزني. توفي في رجب. سبكتكين الأمير، حاجب معز
الدولة بن بويه. خلع عليه الطائع وطوقه وسوره نصر الدولة، فلم تطل أيامه. قال أبو
الفرج بن الجوزي: سقط من الفرس فانكسرت ضلعه، فاستدعى ابن الصلت لمجبر فرده، وبقي
لا يمكنه الإنحناء للركوع، وكان يقول للمجبر، إذا ذكرت عافيتي على يدك فرحت بك ولا
أقدر على
(26/323)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 324
مكافأتك، وإذا ذكرت حصول رجلك فوق ظهري اشتد غيظي منك. توفي في أواخر المحرم،
وكانت مدة إمارته شهرين ونصف، وخلف ألف ألف دينار وعشرة آلاف ألف درهم، وصندوقين
فيهما جواهر، وستين صندوقاً قماش، وفضيات وتحف، ومائة وثلاثين سرجاً مذهبة، منها
خمسون في كل واحد ألف دينار، حلية، وستمائة سرج فضة، وأربعة عشر ألف ثوب من أنواع
القماش، وثلاثمائة عدل فيها فرش وبسط، وثلاثة آلاف رأس من الدواب، وألف جمل،
وثلاثمائة مملوك دارية، وأربعة وأربعين خادماً. وكان له دار هي دار المملكة اليوم،
يعني صارت دار السلطنة. وقد غرم عليها أموالاً لا تحصى. ومما روي عن المحسن
التنوخي، عن أبيه قال: بلغت النفقة على علم البستان، يعني الذي للدار، وسوق الماء
إليه خمسة آلاف ألف درهم. قال: ولعله قد أنفق على أبنية الدار مثل ذلك فيما أظن.)
عبد الله بن محمد أبو أحمد بن الحريص البغدادي. عن ابن صاعد، وإبراهيم بن عبد
الصمد الهاشمي. حدث بدمشق، فروي عنه أبو نصر بن الجبان، وابن دوما النعالي. أملى
من حفظه في هذه السنة. عبد الله بن محمد بن عثمان بن سعيد بن هاشم بن إسماعيل، أبو
محمد الأندلسي. سمع: سعيد بن جمير، وسعيد بن عثمان الأعناقي، وطاهر بن عبد
(26/324)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 325
العزيز، وأحمد بن خالد، وجماعة. وكان محدثاً ضابطاً ثقة. سمعه جماعة، وتوفي في
ربيع الآخر. عبد الجبار بن عبد الصمد بن إسماعيل، أبو هاشم السلمي المؤدب المقريء.
قرأ القرآن على: أبو بكر البغدادي عبيدة أحمد بن ذكوان، وسمع محمد بن خريم، وجعفر
بن أحمد بن عاصم، والقاسم بن عيسى القصاب، ومحمد بن المعافى الصيداوي، وسعيد بن
عبد العزيز، وأبا شيبة داود بن إبراهيم، وعلي ابن أحمد بن علان، وأبا بكر محمد بن
إبراهيم بن المنذر، وطائفة سواهم بالشام ومصر والحجاز. وعنه: تمام الرازي، ومكي بن
الغمر، وعبد الوهاب الميداني، وأبو الحسن بن جهضم، وعلي بن بشر بن العطار، ومحمد
بن عوف المزني. وولد سنة ست وثمانين ومائتين. قال عبد العزيز الكتاني: توفي في صفر
سنة أربع وستين، وجمع من المصنفات شيئاً كثيراً، وكان ثقة مأموناً، انتقى عليه
أحمد بن القاسم بن الخشاب بدمشق. عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر، أبو القاسم اليزدي
القاضي الحارث ابن أبي شيخ أبو محمد الغنوي. حدث عن: جعفر الفريابي، وعلي بن
الحسين بن حبان، ومحمد بن جرير الطبري. وعنه: أبو بكر البرقاني، ومحمد بن بكر، وبشر
الفاني. قال ابن أبي الفوارس: كان فيه تساهل، بغدادي.
(26/325)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 326
عبد الرحمن بن محمد بن جعفر، أبو بكر الأصبهاني الكسائي. سمع أبا بكر بن أبي
عاصم.) عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن كامل، أبو محمد القهندزي شيخ كبير. سمع:
عثمان بن سعيد الدارمي، وأبا مسلم الكجي، ويوسف القاضي. وعنه: أبو أحمد المعلم،
وأبو منصور الديباجي، وأهل هراة. ذكره أبو النضر الفامي. عبد السلام بن محمد بن
أبي موسى البغدادي، أبو القاسم المخرمي الصوفي. سمع: أبا بكر بن أبي داود وأبا
عروبة الحراني وابن جوصا وأحمد بن عبد الوارث العسال وعنه: علي بن سعيد البغوي،
وابن جهضم، وأبو نعيم. ووثقه الخطيب، وجاور بمكة مدة، وكان شيخ الحرم في زمانه،
رحمه الله. ممن جمع بن علم الشريعة وعلم الحقيقة، جاور زماناً. عبد الواحد بن
الحسن بن أحمد بن خلف الجنديسابوري، أبو الحسين.
(26/326)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 327
وكان مولده سنة اثنتين وسبعين ومائتين. علي بن أحمد بن علي، أبو الحسن المصيصي.
حدث ببغداد عن: أحمد بن خليد الحلبي، ومحمد بن معاذ ذران. وعنه: البرقاني، ومحمد
بن عمر بن بكير، وعلي بن أحمد بن داود الرزاز، وأبو نعيم. توفي، وكان فيه تساهل،
في جمادى الآخرة سنة أربع وستين. علي بن محمد بن المعلى، أبو الحسن الشونيزي
البغدادي. سمع: أبا مسلم الكجي، ومحمد بن يحيى المروزي، ويوسف بن يعقوب القاضي.
وعنه: ابن أبي الفوارس، والحسين بن شيطا، وأبو علي بن دوما. قال الخطيب: كان ثقة
صالحاً. عمر بن محمد بن عبد الله أبو القاسم الترمذي البزار. بغدادي فيه ضعف. روى
عن: جده لأمه محمد بن عبد الله بن مرزوق الخلال صاحب عفان، ويوسف بن يعقوب القاضي.
(26/327)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 328
وعنه: محمد بن عمر بن بكير، وبشر بن الفاتني، ومحمد بن درهم، وأبو نعيم. قال ابن
أبي الفوارس: فيه نظر. الفضل، أبو القاسم أمير المؤمنين المطيع لله بن المقتدر بن
جعفر بن المعتضد العباسي) الهاشمي. ولي الخلافة بعد المستكفي، وأمه أم ولد اسمها
مشغلة، أدركت خلافته، وبويع في سنة أربع وثلاثين، ومولده في أول سنة إحدى
وثلاثمائة. قال ابن شاهين: وخلع نفسه غير مكره فيما صح عندي في ذي القعدة سنة ثلاث
وستين، ونزل عن الأمر لولده أبي بكر عبد الكريم، ولقبوه الطائع لله وسن أبي بكر
يومئذ ثمان وأربعون سنة. ثم إن الطائع خرج إلى واسط ومعه أبوه فمات في المحرم سنة
أربع وستين. أنبأنا المسلم بن محمد، أنا أبو النعمان الكندي، أنا أبو منصور
الشيباني، أنا أبو بكر الخطيب، حدثني محمد بن يوسف القطان، سمعت أبا الفضل
التميمي، سمعت المطيع لله، سمعت شيخي ابن منيع، سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا مات
أصدقاء الرجل ذل. الفضيل بن محمد بن أبي الحسين، أبو عصام بن الشهيد الحافظ أبي
الفضل الهروي الفقيه، وإليه ينسب الفضليون بهراه. كان فقيهاً حاذقاً. القاسم بن
أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبيد الله بن موسى بن جعفر
(26/328)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 329
الصادق بن محمد البقر بن زين العابدين، أبو محمد الحسيني رحمه الله تعالى. توفي في
رمضان، وله أربع وثمانون سنة. محمد بن إبراهيم بن الخضر القاضي، أبو الفجر البصري
الشافعي، ويعرف بابن سكرة. سمع: عبدان الأهوازي. وتوفي بمصر في ربيع الآخر، وقد
ولي قضاء طبرية. محمد بن إبراهيم بن أحمد، أبو طاهر الأصبهاني المحدث ابن عم أبي
نعيم الحافظ. سمع: بمكة: محمد بن إبراهيم بن المنذر، وببغداد ابن عياش القطان.
محمد بن إبراهيم بن مقبل، أبو الفتح. حدث عن محمد بن سعيد القشيري. محمد بن بدر
الحمامي الطولوني، أبو بكر، أمير بلاد فارس وابن أميرها. حدث ببغداد عن: بكر بن
سهل الدمياطي، وأبي عبد الرحمن النسائي. وعنه الدارقطني، وبشري الفاتني، وأبو
نعيم. وقال أبو نعيم: كان ثقة. توفي في رجب ببغداد.) وقال محمد بن العباس بن
الفرات: كان له مذهب في الرفض، وما كان يدري من الحديث.
(26/329)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 330
محمد بن الحسن بن القاسم بن دحيم الدمشقي يكنى أبا زرعة. سمع عم أبيه: إبراهيم
اللخمي الحضري، من أهل قرطبة. كان زاهداً صالحاً. سمع منه: الحبيب بن أحمد، ومحمد
بن معاوية القرشي. محمد بن عبد الله بن يعقوب الشيخ، أبو بكر النيسابوري. سمع:
محمد بن إبراهيم الوشنجي، والحسين بن محمد العباني، وإبراهيم بن أبي طالب. وكان
يؤم في الجامع، قاله الحاكم. وحدث عنه في تاريخه، وقال: مات سنة أربع وستين. محمد
بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدة، أبو الحسن التميمي السليطي النيسابوري. سمع: محمد
بن إبراهيم الوشنجي، وجعفر بن أحمد الترك، وإبراهيم بن علي الذهلي، وخشنام بن بشر.
وحج في آخر عمره، فأكثر عنه العراقيون. روى عنه: الحاكم، وأبو الحسن بن رزقويه.
ووثقه الخطيب، وتوفي في المحرم، وله إثنان وتسعون سنة. وسمع منه بهمذان أبو بكر بن
لال، وابن تركان. محمد بن عبد الملك بن عدي بن زيد، أبو بكر الجرجاني الفقيه
الشروطي.
(26/330)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 331
روى عن: أبيه، وأبي بكر بن أبي داود البغوي، وابن صاعد. روى عنه: القاضي أبو بكر
الشالنجي، وغيره. محمد بن عبد الملك الخولاني الأندلسي، المعروف بالنحوي. كان
فقيهاً مناظراً عارفاً بالمذهب. اختصر المدونة. محمد بن محمد بن جعفر الجرجاني
الشيباني السراج، أبو الحسن. روى عن عمران بن مجاشع. وعنه أبو سعيد الماليني. مطهر
بن سليمان، أبو بكر بن أبي نواس الأنباري الفرضي العدل. عن: أبيه، وعبد الله بن
ناجية، والباغندي، والفريابي، وجماعة. وعنه: النقاش، وأبو نعيم.) توفي في ربيع
الآخر، وقد رماه الدارقطني بالكذب، قال: سمعته يقول: حملني أبي إلى الفريابي سنة
أربع وثلاثمائة. والفريابي مات سنة إحدى وثلاثمائة. هارون بن أحمد بن هارون بن
بندار بن الحريش أبو سهل الإستراباذي. سمع: أبا خليفة، وإسحاق بن أحمد الخزاعي،
وأبا عمران الجوني، وجماعة.
(26/331)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 332
وحدث بسمرقند ونيسابور. قال الحاكم: صحيح الأصول. روى عنه هو، وأبو سعد عبد الرحمن
بن محمد الإدريسين وقال: توفي ببخارى في رمضان، وكان شرها، حدث من غير أصل.
(26/332)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 333
1 (وفيات خمس وستين وثلاثمائة)
أحمد بن جعفر بن أبي توبة، أبو الحسن الفسوي الزاهد. كان أوحد عصره في التصوف وفي
الحديث ببلده، وكانت الرحلة إليه. روى عن: علي بن سعيد الرازي، وأحمد بن إبراهيم
الربضي، وعلي بن سميع الفارسي، وطائفة من أهل العراق والري. توفي في ذي الحجّة.
وكان ورده فيما قال ابن السمعاني في الأنساب في اليوم والليلة ألف ركعة، رحمه
الله. أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم أبو بكر الختلي، أخو محمد وعمر، وهو الأصغر.
(26/333)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 334
سمع: أبا مسلم الكجي، وعبد الله بن أحمد، وإدريس بن عبد الكريم المقريء، وأحمد بن
علي الأبار. قال الخطيب: وكان صالحاً ثقة ثبتاً، كتب عنه الدارقطني، وثنا عنه أبو
الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر البرقاني، وكتب من القراءآت والتفاسير أمراً
عظيماً. وولد سنة ثمان وسبعين ومائتين. قال: أحمد بن جعفر بن سلم الفرساني
الأصبهاني: شيخ من طبقة الختلي، سمع أحمد بن عمرو البزار. روى عنه أبو سعيد
النقاش، وقال: توفي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة. أحمد بن محمد بن علي بن عمر، أبو
العباس النيسابوري المذكر.) سمع: أباه، وإبراهيم بن علي الذهلي. وعنه: الحاكم.
توفي في ربيع الآخر. من أبناء الثمانين. أحمد بن موسى بن الحسين بن علي، أبو بكر
بن السمسار الدمشقي. سمع: محمد بن خريم، وأبا الجهم بن طلاب، ومكحول البيروتي، وابن
جوصا بإفادة أخيه أبي العباس. وعنه: عبد الوهاب الميداني، وعلي بن الغمر، وأخوه
أبو الحسين علي بن السمسار، ومحمد بن عوف الٍ مزني، وغيرهم. أحمد بن نصر بن دينار
الأصبهاني.
(26/334)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 335
عن: أبي بكر بن أبي داود، وابن صاعد. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم. ورخه
عبد الرحمن بن منده. أحمد بن نصر بن عبد الله بن الفتح، أبو بكر البغدادي الذراع.
حدث بالنهروان وغيرها عن: الحارث بن أبي أسامة، وإسماعيل القاضي، وجده لأمه صدقة
بن موسى بن تميم، وثعلب. وعنه ابن دوما. قال الخطيب: في حديثه نكرة يدل على أنه
ليس بثقة. وسمع منه ابن دوما في هذه السنة، ولم يؤرخ موته فيما أعلم، هو منهم،
يأتي بالطامات، فليحذر منه. إبراهيم بن عبد الله بن عبيد البغدادي الثلاج. عن محمد
بن محمد بن سليمان الباغندي. وعنه أبو نصر بن الجبان، وابن أخيه أبو القاسم عبد
الله بن الثلاج. إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف بن خالد، أبو عمرو السلمي
(26/335)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 336
النيسابوري الصوفي الزاهد، شيخ عصره في الصوفية والمعاملة، ومسند مصره. قال
الحاكم: ورث من آبائه أموالاً كثيرة، فأنفق سائرها على الزهاد والعلماء.) سمع: أبا
عثمان الحيري، والجنيد. وسمع: إبراهيم بن أبي طالب، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي،
وأبا مسلم الكجي، وعبد الله بن أحمد، ومحمد بن أيوب الرازي، وعلي بن الحسين بن
الجنيد، وجماعة. وعنه: سبطه أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو
نصر أحمد بن عبد الرحمن الصفار، وعبد الرحمن بن علي بن حمدان، وعبد القاهر بن طاهر
الفقيه، وأبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة، وأبو العلاء صاعد بن محمد القاضي،
وأبو نصر بن عبدش، وطائفة، آخرهم أبو حفص عمر بن مسرور. ومن مناقبه أن شيخه أبا عثمان
طلب شيئاً لبعض الثغور، فتأخر ذلك، فضاق صدره، وبكى على رؤوس الناس، فجاءه أبو
عمرو بن نجيد بألفي درهم، فدعا له، ثم قال لما جلس: أيها الناس إني قد رجوت لأبي
عمرو الجنة بما فعل، فإنه ناب عن الجماعة وحمل كذا، فقام ابن نجيد على رؤوس الناس
وقال: إنما حملت ذلك من مال أمي وهي كارهة، فينبغي أن يرد علي لأرده عليها، فأمر
أبو عثمان الحيري بالكيس، فرد إليه، فلما جن عليه الليل، جاء بالكيس، وطلب من أبي
عثمان ستر ذلك، فبكى أبو عثمان، وكان بعد ذلك يقول: أنا أخشى من همة أبي عمرو.
وقال السلمي: جدي له طريقة ينفرد بها من صون الحال وتلبيسه، وسمعته يقول: كل حال
لايكون عن نتيجة علم فإن ضرره على صاحبه أكبر من نفعه. وسمعته يقول: لا تصفو لأحد
قدم في العبودية حتى تكون أفعاله عنده
(26/336)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 337
كلها رياء، وأحواله كلها عنده دعاوى. وقال جدي: من قدر على إسقاط جاهه عند الخلق
سهل الإعراض عن الدنيا وأهلها. وسمعت أبا عمرو بن مطر، سمعت أبا عثمان الحيري يقول
وخرج من عند ابن نجيد: يلومني الناس في هذا الفتى وأنا لا أعرف على طريقته سواه،
وربما كان أبو عثمان يقول: أبو عمرو خلفي من بعدي. قال لي ابن أبي زرقاء: قال
فلان: جدك من أوتاد الأرض. توفي ابن نجيد في ربيع الأول عن ثلاث وتسعين سنة، وقد
سمعنا خبره بالإجازة العالية. الحسن بن منبر، أبو علي التنوخي الدمشقي.) سمع: عبيد
الله بن محمد بن سالم المقدسي، ومحمد بن خريم، وهذه الطبقة. وعنه: محمد بن عوف المزني،
ومحمد بن عبد السلام بن سعدان. توفي في ربيع الأول. قال الكتاني: كان ثقة نبيلاً.
الحسين بن محمد بن أحمد بن الحسين بن عيسى بن ماسرجس ابن علي الماسرجسي النيسابوري
الحافظ. كان كثير السماع والرحلة. سمع: جده أحمد بن محمد سبط ابن ماسرجس. وإليه
نسبه. وابن خزيمة، وأبا العباس السراج، وسمع بمصر والشام، ورحل في حدود الثلاثين
وثلاثمائة.
(26/337)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 338
قال الحاكم: هو سفينة عصره في كثرة الكتابة، ورحل إلى العراق سنة إحدى وعشرين،
وأكثر المقام بمصر، وكتب عن أصحاب المزني، وأخذ بدمشق عن أصحاب هشام بن عمار، وما
صنف في الإسلام أكبر من مسنده، فصنف المسند الكبير مهذباً معللاً في ألف وثلاثمائة
جزء. جمع حديث الزهري جمعاً لم يسبقه إليه أحد، وكان يحفظه مثل الماء، وصنف
الأبواب والشيوخ والمغازي والقبائل، وصنف على البخاري كتاباً، وأدركته المنية قبل
إنجاحه إلى إسناده، ودفن علم كبير بدفنه، وسمعته يقول: سمعت أبي يقول: سمعت مسلم
بن الحجاج يقول: صنفت هذا المسند، يعني صحيحه من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة. قال
الحاكم: في موضع آخر: صنف حديث الزهري. مقرأه على محمد بن يحيى الذهلي، وعلى
التخمين، يكون مسنده بخطوط الوارقين في أكثر من ثلاثة آلاف جزء، إلى أن قال: توفي
في رجب وله ثمان وستون سنة. الحكم بن عبد الرحمن بن محمد المستنصر بالله الأموي
صاحب الأندلس. توفي في المحرم يوم عاشوراء سنة خمس وستين بالفالج منصرفاً من بلاد
إفرنجة. وقيل: توفي سنة ست، كما سيأتي. سعيد بن محمد بن عثمان سمع ابن أبي شيبة،
والفريابي. وعنه: ابن أبي الفوارس، والبرقاني، وأبن نعيم، ووثقاه.
(26/338)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 339
يكنى أبا إسحاق. توفي في جمادى الأولى. عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن
مهران الأصبهاني، أبو محمد سبط الزاهد محمد بن) يوسف البنا، ومهران مولى عبد الله
بن معاوية بن عد الله بن جعفر بن أبي طالب الجعفري. رحل وسمع: أبا خليفة، وعبد
الله بن ناجية، وإسحاق الخزاعي المكي، ومحمد بن يحيى بن منده، وإبراهيم بن متويه
الإمام، وعبدان بن أحمد الأهوازي، وجماعة كثيرة. وعنه: ابنه أبو نعيم، وأبو بكر بن
علي الذكواني، وغيرهما. وتوفي في رجب. وكان مولده في سنة إحدى وثمانين ومائتين.
أنبئت عن ابن مسعود أبي منصور، أنا الحداد، أنا أبو نعيم، أنا أبي، ثنا أبو خليفة
سنة ثلاثمائة، ثنا أبو الوليد، فذكر حديثاً. عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد
بن مبارك، أبو أحمد الجرجاني الحافظ، ويعرف بابن القطان. رحل إلى الشام ومصر
رحلتين، أولاهما سنة سبع وتسعين، فسمع من الكبار، عبد الرحمن بن القاسم الرواس،
وأبا عقيل أنس بن السلم، وأبا
(26/339)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 340
خليفة، والحسن بن سفيان، وبهلول بن إسحاق الأنباري، ومحمد بن سليمان بن أبي سويد،
وعمران بن موسى بن مجاشع، وأبا عبد الرحمن النسائي، ومحمد بن يحيى المروزي،
وعبدان، وأبا يعلى، والحسن بن محمد المدني صاحب يحيى بن بكير، والحسن بن الفرج
الغزي، وأبا عروبة، وزكريا الساجي، وأحمد بن يحيى التستري، والباغندي، وأبا يعقوب
المنجنيقي وجعفر بن محمد بن الليث صاحب أبي الوليد، وعلي بن العباس البجلي، وأحمد
بن الحسن الصوفي، وأحمد بن بشر الصوري، وأمماً سواهم. وعنه: أبو العباس بن عقدة،
وهو من شيوخه، وأبو سعد الماليني، والحسن بن رامين، ومحمد بن عبد الله بن عبد
كويه، وحمزة بن يوسف السهمي، وأبو الحسين ابن العالي، وآخرون. وكان مصنفاً حافظاً،
له كتاب الكامل في معرفة الضعفاء في غاية الحسن، ذكر فيه كل من تكلم فيه، ولو كان
من رجال الصحيح، وذكر في كل ترجمة حديثاً، فأكثر من غرائب ذلك الرجل ومناكيره،
ويتكلم على الرجال بكلام منصف. قال الحافظ ابن عساكر: كان ثقة على لحن فيه. ولد
سنة سبع وسبعين ومائتين، وكتب الحديث ببلده سنة تسعين، وصنف الكامل في الضعفاء نحو
ستين جزءاً. قال حمزة السهمي: سألت الدارقطني أن يصنف كتاباً في الضعفاء،
(26/340)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 341
فقال: أليس عندك كتاب) ابن عدي قلت: نعم. قال: فيه كفاية لا يزاد عليه. وقد صنف
ابن عدي على مختصر المزني كتاباً سماه الإنتصار. قال حمزة السهمي: كان حافظاً
متقناً، لم يكن في زمانه مثله، تفرد بأحاديث وهب منها لإبنيه: عدي، وأبي زرعة،
وتفرداً بها. وقال أبو الوليد الساجي: ابن عدي حافظ لا بأس به. قال حمزة: توفي في
جمادى الآخرة، وصلى عليه أبو بكر الإسماعيلي. قلت: كان لا يعرف العربية، مع عجمة
فيه، وأما في العلل والرجال فحافظ لا يجاري. عبد الله بن محمد بن عبد الله بن
الناصح بن شجاع، أبو أحمد المفسر الفقيه الشافعي الدمشقي، نزيل مصر. سمع: أحمد بن
علي بن سعيد المروزي، وعبد الرحمن بن القاسم بن الرواس، وعلي بن غالب السكسكي،
ومحمد بن إسحاق بن راهويه، وعبد الله بن محمد بن علي البلخي الحافظ، وجنيد بن خلف
السمرقندي، لقي هؤلاء الثلاثة في الحج. وانتقى: عليه أبو الحسن الدارقطني، وحدث
عنه الحفاظ: عبد الغني، وابن منده، وأحمد بن محمد بن أبي العوام، وأبو النعمان
تراب، وإسماعيل
(26/341)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 342
بن عبد الرحمن النحاس، وإبراهيم بن علي الغازي، وعلي بن محمد بن علي الفارسي،
وآخرون. وتوفي في رجب. عبد الرحمن بن جعفر بن محمد بن داود بن حسن بن محمد بن أحمد
بن خلاد، أبو محمد التميمي الجوهري الضرير، قاضي الصعيد، ويعرف بابن بنت نعيم.
يروي: عن محمد بن زبان، وأبي جعفر الطحاوي. وعنه: يحيى بن الطحان، وغيره. عثمان بن
محمد بن عثمان بن محمد بن عبد الملك، أبو عمرو العثماني. روى عن جماعة. أكثر عنه
أبو نعيم الحافظ في تواليفه، وهو ليس صاحب حديث لكنه راوية للموضوعات والعجائب.
روى بدمشق وأصبهان، عن: محمد بن الحسين بن مكرم، ومحمد بن عبد السلام، وخيثمة بن)
سليمان، وأبي الحسين الرازي، ومحمد بن أحمد بن إسحاق، وخلق. وعنه: أبو نعيم، وتمام
الرازي، وأبو بكر بن مردويه، وأبو بكر بن علي الذكواني، وآخرون. عصام بن محمد بن
أحمد، أبو عاصم القطري، الذي روى عن سلم ابن عصام، ومحمد بن عمر بن حفص الجوزجيري.
وعنه أبو نعيم. القطري بفتح القاف.
(26/342)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 343
علي بن الحسين بن إبراهيم بن سعد، أبو طالب الحمصي، بالرملة. علب بن الحسين بن عبد
الرحمن القالني، أبو الحسن البخاري المعروف بالسديوري، من كبار أصحاب أبي الحسن
الكرخي. ولي قضاء مرو، وحدث عن: عبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن نجدة. حدث عنه
الحاكم، وأرخ عنه فيها. علي بن عبد الله بن وصيف، أبو الحسن الناشيء، شاعر محسن.
أخذ علم الكلام عن أبي سهل إسماعيل بن علي بن نوبخت الناشيء، وأملى ديوان شعره
بالكوفة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وكان المتنبي يحضر الإملاء وهو شاب، وقصد
الناشيء سيف الدولة وامتدحه بحلب، فأجازه، وعمر، وبقي إلى هذه السنة. وله:
(كأن سنان ذابله ضمير .......... فليس عن القلوب له ذهاب)
(وصارمه كبيعته بخم .......... معاقدها من الخلق الرقاب)
علي بن عبد الله بن العباس الجوهري، أبو محمد. سمع: الفريابي، وعبد الله بن ناجية،
والباغندي.
(26/343)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 344
وعنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، ومحمد بن علان. وعاش نيفاً وسبعين سنة. قال ابن
أبي الفوارس: كان فيه تساهل شديد. علي بن هارون، أبو الحسن الحربي السمسار. سمع:
موسى بن هارون، ومحمد بن يحيى المروزي، ويوسف القاضي.) وعنه: أبو بكر البرقاني،
وأبو نعيم بن محمد بن عبد الله الرازي الصوفي المقريء. صحب يوسف بن الحسين الزاهد،
والمشايخ الكبار، وكان من أعيان المشايخ. أنفق أمواله على الفقراء. وله حكايات.
محمد بن أحمد بن محمد بن يزيد العدل أبو بكر الأصبهاني ثم النيسابوري. سمع: عبد
الله بن شيرويه، وجعفر الحافظ. وعنه: الحاكم. محمد بن إبراهيم بن موسى، أبو غانم
السهمي الصائغ. يروي عن: أبو نعيم الحافظ نعيم الإستراباذي، وغيره. وعنه: أبو سعيد
الماليني. محمد بن إبراهيم بن حسن بن موسى النيسابوري، أبو العباس المناشكي
المحاملي.
(26/344)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 345
سمع: محمد بن عمرو الحرشي، والمسيب بن زهير، وطبقتهما. مات في رمضان عن أربع
وتسعين سنة. وعنه الحاكم. محمد بن طاهر أبو نصر الوزيري المفسر الأديب. سمع: عبد
الله بن الشرفي، وأبا حامد بن بلال. وعنه: أبو عبد الله الحاكم. توفي بهراة، وكان
من أئمة الشافعية. محمد بن علي بن إسماعيل، الإمام أبو بكر الشاشي الفقيه الشافعي،
المعروف بالقفال الكبير. كان إمام عصره بما وراء النهر، وكان فقيهاً محدثاً
أصولياً لغوياً شاعراً، لم يكن للشافعية بما وراء النهر مثله في وقته. ودخل إلى
خراسان وإلى العراق والشام، وسار ذكره، واشتهر اسمه، وصنف في الأصول والفروع. قال
الحاكم: كان أعلم ما وراء النهر يعني في عصره بالأصول، وأكثرهم رحلة في طلب
الحديث.
(26/345)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 346
سمع: إمام الأئمة ابن خزيمة، ومحمد بن جرير الطبري، وعبد الله المدائني، ومحمد بن
محمد) الباغندي، وأبا القاسم البغوي، وأبا عروبة الحراني، وطبقتهم. وقد قال الشيخ
أبو إسحاق في الطبقات: إنه توفي سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وهذا وهم، ولعله تصحف
عليه ثلاثين بلفظة ستين، فإن أبا عبد الله ذكر وفاته في آخر سنة خمس وستين بالشاش.
وكذا ورخه أبو سعد السمعاني، وزاد أنه ولد سنة إحدى وتسعين ومائتين. وقال الشيخ
أبو إسحاق إنه درس على أبي العباس بن شريح. قلت: ولم يدركه فإنه رحل من الشاش سنة
تسع وثلاثمائة، وأبو العباس فقد ذكرنا وفاته سنة ست وثلاثمائة. قال أبو إسحاق: له
مصنفات كثيرة، ليس لأحد مثلها، وهو أول من صنف الجدل الحسن من الفقهاء، وله كتاب
في أصول الفقه، وله شرح الرسالة، وعنه انتشر فقه الشافعي فيما وراء النهر. قلت:
ومن غرائب وجوه القفال هذا ما ذكره في الروضة أبو زكريا أن المريض يجوز له الجمع
بين الصلاتين بعذر المرض، ومن ذلك أنه يستحب أن الكبير يعق عن نفسه، وقد قال لا
يعق عن كبير. وممن روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأن منده، وأبو عبد الرحمن
السلمي، وأبو عبد الله الحليمي، وأبو نصر عمر بن قتادة، وغيرهم.
(26/346)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 347
وابنه القاسم هو مصنف التقريب نقل عنه صاحب النهاية وصاحب الوسيط. وقال ابن
السمعاني في أبي بكر القفال: إنه صنف كتاب دلائل النبوة وكتاب محاسن الشريعة. قال
أبو زكريا النواوي: إذا ذكر القفال الشاشي فالمراد هو، وإذا ورد القفال المروزي،
فهو القفال الصغير الذي كان بعد الأربعمائة. قال: ثم إن الشاشي يتكرر ذكره في
التفسير والحديث والأًصول والكلام، وأما المروزي فيتكرر ذكره في الفقهيات. وقال
أبو عبد الله الحليمي: كان شيخنا القفال أعلم من لقيته من علماء عصره. فقال
البيهقي في شعب الإيمان أنشدنا ابن قتادة، أنشدنا أبو بكر القفال:
(أوسع رحلي على من نزل .......... وزادي مباح على من أكل)
)
(نقدم حاضر ماعندنا .......... وإن لم يكن غير خبز وخل)
(فأما الكريم فيرضى به .......... وأما اللئيم فمن لم أبل)
قال أبو الحسن الصفار: سمعت أبا سهل الصعلوكي، وسئل عن تفسير أبي بكر، فقال: قدسه
من وجه ودنسه من وجه. ودنسه من وجه أي دنسه من جهة مذهب الإعتزال. مطهر بن أحمد بن
محمد بن علي بن أحمد بن مجاهد، أبو عمر
(26/347)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 348
الحنظلي. شيخ أصبهاني. سمع: محمد بن العباس الأخرم، ومحمد بن يحيى بن منده، ونوح
بن منصور. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم الحافظ، وقال: توفي في رجب.
3 (معد المعز لدين الله أبو تميم)
ابن المنصور إسماعيل القائم بن المهدي العبيدي، صاحب المغرب، والذي بنيت له
القاهرة المعزية، وهو أول من تملك ديار مصر من بني عبيد الرافضة المدعين أنهم
علويون. وكان ولي عهد أبيه، فاستقل بالأمر في آخر سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة،
وسار في نواحي إفريقية يمهد مملكته، فذلل العصاة، واستعمل غلمانه على المدن،
واستخدم الجند، ثم جهز مولاه جوهر القائد في جيش كثيف، فسار فافتتح سجلماسة، وسار
حتى وصل إلى البحر المحيط، وحيد من سمكه، وافتتح مدينة فاس، وأرسل بصاحبها وبصاحب
سبتة
(26/348)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 349
أسيرين إلى المعز. ووطد له من إفريقية إلى البحر، سوى مدينة سبتة، فإنها بقيت لبني
أمية أصحاب الأندلس. وذكر هذا القفطي أن المعز عزم على تجهيز عسكر إلى مصر، فسألته
أمه تأخير ذلك لتحج خفية، فأجابها، وحجت، فلما حصلت بمصر، أحس بها الأستاذ كافور
الإخشيدي، فحضر وخدمها وحمل إليها هدايا، وبعث في خدمتها أجناداً، فلما رجعت من
حجها منعت ولدها من غزو بلاده، فلما توفي كافور بعث المعز جيوشه، فأخذوا مصر. قال
غيره: ولما بلغ المعز موت كافور صاحب ديار مصر، جهز جوهر المذكور إليها، فجبى جوهر
القطائع التي على البربر، فكانت خمسمائة ألف دينار، وسار المعز بنفسه إلى المهدية
في الشتاء، فأخرج من قصور آبائه من الأموال خمسمائة حمل، ثم سار جوهر في الجيوش
إلى مصر في أول سنة ثمان وخمسين، وأنفق الأموال. وكان في أهبة هائلة، وصادف بمصر
الغلاء والوباء، فافتتحها، وافتتح الحجاز والشام، ثم أرسل يعرف المعز بانتظام
الحال، فاستخلف على إفريقية بلكين بن زيري الصنهاجي، وسار في خزانته وجيوشه في سنة
إحدى) وستين. ودخل الإسكندرية في شعبان سنة إثنتين وستين، فتلقاه قاضي مصر أبو
الطاهر الذهلي والأعيان، فطال حديثه معه، وأعلمهم بأن قصده القصد المبارك من إقامة
الجهاد والحق، وأن يختم عمره بالأعمال الصالحة، وأن يعمل بما إمره به جده رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ووعظهم وطول حتى بكى بعضهم، ثم خلع على جماعة، ثم سار
فنزل بالجيزة، فأخذه جيشه في التعدية إلى مصر، ثم دخل القاهرة، وقد بنيت له بها
دور الإمرة. ولم يدخل مصر، وكانوا قد احتفلوا وزينوا مصر، فلما دخل القصر خر
ساجداً وصلى ركعتين.
(26/349)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 350
وكان عاقلاً حازماً أديباً سرياً جواداً ممدحاً، فيه عدل وإنصاف، فمن ذلك، قيل إن
زوجة الإخشيد لما زالت دولتهم أودعت عند يهودي بغلطن كله جوهر، ثم فيما بعد
طالبته، فأنكر، فقالت: خذكم البغلطان، فأبى، فلم تزل حتى قالت: هات الكم وخذ
الجميع، فلم يفعل. وكان فيه بضع عشرة درة، فأتت قصر المعز فأذن لها، فأخبرته
بأمرها، فأحضره وقرره، فلم يقر، فبعث إلى داره من خرب حيطانها، فظهرت جرة فيها
البغلطان، فلما رآه المعز تحير من حسنه، ووجد اليهودي قد أخذ من صدره درتين،
فاعترف أنه باعهما بألف وستمائة دينار، فسلمه بكماله، فاجتهدت أن يأخذه هدية أو
بثمن، فلم يفعل، فقال: يا مولانا هذا كان يصلح لي وأنا صاحبة مصر، فأما اليوم فلا،
ثم أخذته وانصرفت. وجاء أن المنجمين، أخبروه أن عليه قطعاً، وأشاروا عليه أن يتخذ
سرداباً ويتوارى فيه سنة، ففعل، فلما طالت غيبته ظن جنده المغاربة أنه قد رفع،
فكان الفارس منهم إذا رأى الغمام ترجل ويقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين. ثم
خرج بعد السنة، وتوفي بعد ذلك بيسير. وكان قد قرأ فنوناً من العلم والأدب، والله
أعلم بسريرته. قيل إنه أحضر إليه بمصر كتاب فيه شهادة جده عبيد الله بسلمية، وكتب:
شهد عبيد الله بن محمد بن عبد الله الباهلي. وفي الكتاب شهادة جماعة من أهل سلمية
وحمص، فقال: نعم هذه شهادة جدنا، وأراد بقوله: الباهلي الله أنه من أهل المباهلة
لا أنه من باهلة. وكان المعز أيضاً ينظر في النجوم.
(26/350)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 351
وقيل إنه قال هذين البيتين:
(أطلع الحسن من جبينك شمساً .......... فوق ورد من وجنتيك أطلا)
(وكأن الجمال خاف على الور .......... د ذبولاً فمد بالشعر ظلاً)
) وله فيما قيل:
(لله ما صنعت بنا .......... تلك المحاجر في المعاجر)
(أمضى وأقضى في النفو .......... س من الخناجر في الخناجر)
(ولقد تعبت ببينكم .......... تعب المهجر في الهواجر.)
توفي في ربيع الآخر سنة خمس وستين، وله ست وأربعون سنة، وكان مولده بالمهدية.
منصور بن عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل، أبو صالح الأمير الساماني،
أمير بخارى وسمرقند، وابن أمرائها السامانية. توفي في شوال، وتملك بغداد بعده ولده
أبو القاسم نوح إحدى وعشرين سنة.
(26/351)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 352
(26/352)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 353
1 (وفيات ست وستين وثلاثمائة)
أحمد بن جعفر، أبو الفرج النسائي. حدث ببغداد عن يوسف القاضين وجعفر الفريابي.
وعنه البرقاني، وأبو نعيم. قال محمد بن العباس بن الفرات: ليس بثقة. أحمد بن
الصقر، أبو الحسن المنبجي المقريء. قرأ على: أبي طاهر بن أبي هاشم، وأبي عيسى بكار
بن أحمد، وأبي مقسم. صنف كتاب الحجة في القراءات السبع. روى عنه: عبدان بن عمر
المنبجي، وعلي بن معيوف العين ثرمائي.
(26/353)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 354
أحمد بن محمد بن فرج الجياني. روى عن قاسم بن أصبغ، وغيره. وجمع في اللغة والشعر.
ألف كتاب الحدائق، عارض به كتاب الزهرة لابن داود الطاهري. سجن سنوات من قبل
الدولة لسعاية لحقته حتى مات. أحمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن عبد الرحمن بن صالح
بن عبد الغفار بن داود الحراني ثم المصري، أبو صالح. توفي في شعبان. أحمد بن محمد
بن أحمد بن بندار، أبو بكر الإستراباذي، نزيل سمرقند، شيخ صالح ورع، كثير)
المعروف. رحل وسمع: عبد الله بن زيدان، ومحمد الخثعمي، وأبا العباس السراج، ومحمد
بن محمد الباغندي. وعنه أبو سعد عبد الرحمن الإدريسي. أحمد بن محمد بن جمعة بن
السكن، أبو الفوارس النسفي. سمع: محمد بن إبراهيم البوشنجي، وإبراهيم بن معقل
النسفي، وزكريا بن حسين. وعنه خلف بن أحمد الأمير، والحسن بن أبي الحجاج، وغيرهما.
توفي أول السنة، وكان مسند وقته بنسف.
(26/354)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 355
أحمد بن محمد بن حمدون بن بندار، أبو الفضل الشرمقاني الفقيه الأديب الحافظ.
وشرمقان: بليدة من ناحية نسار. رحل وسمع: الحسن بن سفيان، ومسدد بن قطن
النيسابوري، وأبا القاسم البغوي، وأبا عروبة، وابن جوصا، وطائفة سواهم. وعنه
الحاكم، وأبو سعد الماليني. عندي مجلد من حديثه. قرأت على محمد بن أبي العز
بطرابلس، أنا الحسن بن يحيى، أنا عبد الله بن رفاعة، أنا الجعفي، أنا أبو مسعد
الماليني، أنا أبو الفضل أحمد بن محمد الشرمقاني الثاني، ثنا أبو محمد، هو البغوي،
ثنا شجاع بن مخلد، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وأبو خثمة قالوا: أنا ابن علية، عن خاله
الحذاء، حدثني الوليد بن مسلم، عن حمران، عن عثمان. رضي الله عنه، عن النبي صلى
الله عليه وسلم: من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة. أحمد بن محمد بن
علي الخزاعي، أبو علي بن الزفتي الدمشقي. سمع: أبا عبيدة بن ذكوان، وأبا الجهم بن
طلاب، ومكحولاً
(26/355)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 356
البيروتي، وأبا جعفر محمد بن عمرو العقيلي. وعنه: تمام، وعبد الوارث الميداني،
ومكي بن الغمر، وجماعة. إبراهيم بن أحمد بن محمد المصري، رئيس المؤذنين بمصر. توفي
فجأة، وقد حدث في هذا العام عن محمد بن زبان.) وعنه يحيى بن الطحان، وقال: توفي في
ذي الحجّة. إسماعيل بن سعيد بن عبد الواسع، أبو سعيد الجرجاني. عن: عمران بن موسى
بن مجاشع، وعبد الرحمن بن عبد المؤمن، وابن عبد الكريم الوزان، وجماعة. قال حمزة
السهمي، كان ثقة صالحاً، ثم روى عنه في تاريخه وقال: توفي في جمادى الأولى. ثابت
بن إبراهيم بن هارون، أبو الحسن الحراني الطبيب، من كبار الأطباء ببغداد. كان نظير
ثابت بن سنان، وكان أبو الحسن هذا أسن من ابن سنان، وله إصابات عجيبة مذكورة كافور
تاريخ الموفق ابن أبي أصيبعة. عاش ستاً وثمانين سنة. جعفر بن محمد بن جعفر، أبو
محمد اليزدي التاجر. سمع: محمد بن بصير، وحاجب بن أركين. وعنه: أبو بكر بن أبي
علي، وأبو نعيم، وأهل أصبهان. الحارث بن عبد الجبار، أبو الأًصبغ الأندلسي.
(26/356)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 357
سمع بإلبيرة من محمد بن فيطيس، وبقرطبة من أحمد بن خالد بن الحباب. وكان ثقة.
الحسن بن أحمد بن أبي سعيد، أبو محمد الجنابي القرمطي، المعروف بالأعصم. مولده
بالأحساء ومات بالرملة، وله شعر جيد وفضيلة. غلب على الشام، وكان كبير القرامطة
ورأسهم في زمانه، واستناب على دمشق وشاح بن عبد الله، وقدم نائباً إلى دمشق سنة ستين.
وكسر جيش المصريين، وقتل مقدمهم جعفر بن فلاح، وكانوا قد أخذوا دمشق، ثم إنه توجه
إلى مصر وحاصرها شهوراً، واستخلف على دمشق ظالم بن موهوب العقيلي، وكان يظهر دولة
أمير الطائع لله. أخباره في تاريخ دمشق، وفي الحوادث.
3 (الحسن بن بويه فناخسرو السلطان)
ركن الدولة أبو علي الديلمي، صاحب أصبهان والري وهمذان وعراق
(26/357)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 358
العجم كله، والد السلطان عضد الدولة وفخر الدولة ومؤيد الدولة.) كان ملكاً جليلاً
سعيداً في أولاده، قسم عليهم الممالك، فقاموا بها أحسن قيام، وملك أربعاً وأربعين
سنة وأشهراً، وكان أبو الفضل بن العميد وزيره، فلما مات ابن العميد استوزر ولده
أبا الفتح بن العميد، وأما الصاحب إسماعيل بن عباد فكان وزير ولديه مؤيد الدولة
وفخر الدولة. توفي ركن الدولة في المحرم عن نيف وثمانين سنة بقولنج أصابه ووجد بعده
عضد الدولة طريقاً إلى ما كان يخفيه من قصد العراق، وهو أخو معز الدولة أحمد وعماد
الدولة علي. الحكم المستنصر بالله، صاحب الأندلس أبو العاص بن الناصر لدين الله
عبد الرحمن الأموي. بقي في المملكة بعد أبيه ستة عشر عاماً، وعاش ثلاثاً وستين
سنة. وكان حسن السيرة، مكرماً للقادمين عليه. جمع من الكتب ما لا يحد ولا يوصف
كثرة ونفاسة، مع العلم والنباهة، وحسن السيرة وصفاء السريرة. سمع من: قاسم بن
أصبغ، وأحمد بن دحيم، ومحمد بن محمد بن عبد السلام الخشني، وزكريا بن خطاب، وأكثر
منه. وأجاز له ثابت بن قاسم، وكتب عن خلق كثير سوى هؤلاء.
(26/358)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 359
وكان يستجلب المصنفات من الأقاليم والنواحي، باذلاً فيها ما أمكن من الأموال، حتى
ضاقت عنها خزائنه، وكان ذا غرام بها، قد آثر ذلك على لذات الملوك، فاستوسع علمه،
ودق نظره، وجمت استفادته. وكان في المعرفة بالرجال والأنساب والأخبار أحوذياً نسيج
وحده. وكان أخوه عبد الله المعروف بالولد على هذا النمط من محبة العلم، فقتل في
أيام أبيه. وكان الحكم ثقة فيما ينقله. قال ابن الأبار: هذا أضعافه فيه. وقال:
عجباً لابن الفرضي، وابن بشكوال كيف لم يذكراه. كنيته أبو العاص. وولي الأمر في
سنة خمسين وثلاثمائة بعد والده، وقل ما نجد له كتاباً من خزانته إلا وله فيه قراءة
أو نظر في أبو نعيم الحافظ في أي فن كان، ويكتب فيه نسب المؤلف ومولده ووفاته،
ويأتي من ذلك بغرائب لا تكاد توجد إلا عنده لعنايته بهذا الشأن. توفي بقصر قرطبة
في ثاني صفر، رحمه الله. وقد شدد في إبطال الخمور في مملكته تشديداً مفرطاً، ومات
بالفالج، وولي الأمر بعده ابنه المؤيد بالله هشام، وسنه يومئذ تسع سنين، وقام
بتدبر المملكة الحاجب أبو عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر العامري القحطاني
الملقب بالمنصور، فكان هو الكل. عبد الله بن غانم، أبو محمد الطويل النيسابوري
الصيدلاني.) سمع أبا عبد الله الوشنجي، وأبا بكر الجارودي. قال الحاكم: عاش مئة
وسنتين.
(26/359)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 360
عبد الله بن موسى بن كريد، أبو الحسن السلامي. غلط من سمى وفاته فيها، إنما توفي
سنة أربع وسبعين. عبد الله بن محمد بن علي بن زياد، أبو محمد النيسابوري المعدل.
سمع: جده أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن بنت نصر بن زياد، وعبد الله بن محمد بن
شيرويه، وحدث عنهما بمسند إسحاق، وموسى بن جعفر بن الملك الحافظ، ومن مسدد بن قطن،
وفي الرحلة من أحمد بن الحسن الصوفي الحراني، والهيثم بن خلف الدوري، والمفضل بن
محمد الجندي، وغيرهم. وعنه: الحاكم أبو عبد الله، وقال: توفي سنة ست وستين، وله
ثلاث وثمانون سنة وروى عنه مسند إسحاق: أبو سعد عبد الرحمن بن حمدان النصروي. عبد
الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد، أبو الحسن القرطبي. سمع من: أبيه، ومحمد بن عمر بن
لبابة، وأسلم، وأحمد بن خالد، وجماعة. وكان ثقة، ضابطاً، فصيحاً، بليغاً، وقوراً.
سمع الناس منه كثيراً. قال ابن الفرضي: أخبرني من سمعه يقول: الإجازة عندي وعند
أبي وجدي كالسماع، أريد علي الصلاة بقرطبة واستعفى عن ذلك، وتوفي في ربيع الأول،
وله أربع وستون سنة.
(26/360)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 361
عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الله بن سليمان، أبو عيسى الخولاني المصري الفروضي.
يروي عن: أبي عبد الرحمن النسائي، وأبي يعقوب المنجنيقي. وعنه: علي بن منير
الخلال، ويحيى بن علي الطحان، وقال: توفي في صفر. عبد الرحمن بن محمد بن محبور،
أبو الفرج الميمي النيسابوري، بقية الكرامية، ومحدثهم. سمع: الحسين بن محمد
القباني، وأبا يحيى البزاز وطائفة. روى عنه: الحاكم وغيره. توفي في شعبان عن ثمان وثمانين
سنة. عثمان بن الحجاج بن يعقوب بن يوسف، أبو عمرو الخولاني المصري الشاعر. توفي في
صفر.) عصام بن العباس، أبو محمد الضبي الهروي. روى عن: محمد بن مخلد العطار،
وغيره. وعنه: ابنه رافع، وأبو عثمان القرشي الهروي. علي بن أحمد بن عبد العزيز أبو
الحسن الجرجاني المحتسب، نزيل نيسابور. سمع: عمر بن محمد بن بجير، وعمران بن موسى
بن مجاشع الحافظ، ومحمد بن يوسف الفربري، وحدث بنيسابور.
(26/361)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 362
أخذ عنه أبو عبد الله الحاكم، وقال: توفي في صفر. وقال أيضاً: كثير السماع معروف
بالطلب، إلا أنه وقع إلى أبي بشر المصعبي الفقيه، فكأنه أخذ سيرته في الحديث،
فظهرت منه المجازفة عند الحاجة إليه، فترك. قال: وسمع صحيح البخاري وثنا بالعجائب
عن أبي بشر المروزي، يعني المصعبي. علي بن أحمد بن المرزبان أبو الحسن البغدادي
الفقيه الشافعي. كان إماماً ورعاً. أخذ الفقه عن أبي الحسين بن القطان. وعنه أخذ
الشيخ أبو حامد الإسفرايني أول ما قدم العراق. وهو صاحب وجه في المذهب. وبلغنا عنه
أنه قال: ما لأحد علي مظلمة. توفي في رجب من السنة. عيسى بن العلاء بن نذير، أبو
الأصبغ السبتي. دخل الأندلس، وسمع من: أحمد بن خالد بن الحباب، ومحمد بن عبد الملك
بن أيمن، وقاسم بن أصبغ. ولي قضاء سبتة وخطابتها، وعاش سبعاً وثمانين سنة. عسى بن
عبد الرحمن بن حبيب، أبو الأصبغ المصمودي الأندلسي.
(26/362)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 363
سمع: محمد بن عبد الملك بن أيمن، ورحل مع عبد الرحمن بن عبد الله بن المقريء، وابن
الأعرابي، وجماعة كثيرة. وكان أحد الفقهاء.) توفي في جمادى الآخرة بأشونة. علي بن
محمد بن الحسين، ويلقب: ذو الكفايتين، أبو الفتح ابن الوزير أبي الفضل محمد بن
العميد. ولي الوزارة بعد موت والده لبني بويه، وكان شاعراً محسناً مفلقاً. مدح عضد
الدولة بن بويه وغيره. وله من مطلع قصيدة بديعة:
(أفيضت عقود أبا مسلم الكجي أفيضت مدامع .......... وهذي دموع أم نفوس هواميع)
ومنها في وصف العدو المخذول:
(بطرتم فطرتم والعصا زجر من عصى .......... وتقويم عبد الهون بالهون رادع)
وقد وزر وعظم قدره، ومات في ربيع الآخر سنة ست وستين تحت العذاب. القاسم بن غانم
بن حمويه، أبو مصر الطيب الصيدلاني. شيخ نيسابوري معمر. سمع: محمد بن إبراهيم
البوشنجي، والحسين بن محمد القباني، وجماعة. وعنه الحاكم قال: لم تعجبني منه رواية
تاريخ يحيى بن بكير بن البوشنجي. قال: وتوفي في ذي الحجّة، وله مائة وخمس سنين،
فإني لم أزل
(26/363)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 364
أسمع أن مولده سنة ستين ومائتين. محمد بن أحمد بن شبويه، أبو عبد الله الأصبهاني
الوراق. قال أبو نعيم: كتب بالشام والعراق، وثنا قال: ثنا علي بن محمد بن زيد
بحران، ثنا هشام بن القاسم الحراني، فذكر حديثاً. محمد بن بطال بن وهب بن عبد الله
التميمي اللورقي. رحل إلى المشرق مرتين، أولاهما سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، فسمع
من أبي: سعيد بن الأعرابي، وابن أبي مطر الإسكندراني، وأحمد بن مسعود الزبيري،
وطبقتهم. وعني بالحديث والتقييد. سمع منه غير واحد من علماء قرطبة، وتوفي بلورقة،
رحمه الله. محمد بن جعفر بن محمد بن كنانة، أبو بكر البغدادي المؤدب. روى عن: محمد
بن يونس الكديمي، وابن مسلم الكجي، ومحمد بن سهل العطار.) وعنه: علي بن أحمد
الرزاز، وبشري الفاتني. قال ابن أبي الفوارس: كان فيه تساهل، لم يكن عندي بذاك.
محمد بن الحسن بن أحمد بن إسماعيل، أبو الحسن النيسابوري السراج المقريء الزاهد.
رحل وسمع: أبا شعيب الحراني، والحسين بن المثنى العنبري، ومطيناً، وموسى بن هارون،
ويوسف بن يعقوب القاضي، وطبقتهم.
(26/364)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 365
روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو سعيد الماليني، وأبو الحسين بن العاني، وأبو
بكر محمد بن إبراهيم المشاط، والأستاذ محمد بن القاسم الماوردي القلوسي، وأبو بكر
محمد بن عبد العزيز الجزري، وخلق من النيسابوريين، وغيرهم. قال الحاكم: قل ما رأيت
إجتهاداً وعبادة منه. وكان يعلم القرآن، وما أشبه حاله إلا بحال أبي يونس الفسوي
الزاهد، صلى حتى أقعد، وبكى حتى عمي. حدث أبو الحسن من أصول صحيحه، وتوفي يوم
عاشوراء. وسمعته يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فتبعته حتى
وقف على قبر يحيى، وتقدم، وصف خلفه جماعة من الصحابة فصلى عليه، ثم التفت فقال:
هذا القبر أمان لأهل المدينة. محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيويه، أبو الحسن
القاضي النيسابوري المصري. قدم مصر في صغره، أو ولد بها. وسمع: بكر بن سهل
الدمياطي، وأحمد بن عمرو البزار، وأحمد بن شعيب النسائي، وعبد الله بن أحمد بن عبد
السلم الخفاف، وغيرهم. وهو ابن أخي يحيى بن زكريا بن حيويه الحافظ الأعرج، صاحب
قتيبة، وابن راهويه، فروي عن عمه أيضاً، وأحسبه هو المدني. رحل به إلى مصر. روى
عنه: الحافظ عبد الغني المصري، وعلي بن محمد الخراساني القياس، وهارون بن يحيى
الطحان، وأبو القاسم يحيى بن علي بن الطحان،
(26/365)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 366
ومحمد بن جعفر بن أبي الذكر، وجماعة آخرهم محمد بن الحسين النيسابوري المصري
الطفال. توفي في رجب من السنة، وكان شافعياً رأساً في الفرائض. وثقه ابن ماكولا
وقال: وكان ثقة نبيلاً. قال: مولدي سنة ثلاث وسبعين ومائتين. قال ابن عساكر: روى
عنه: النسائي، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وإسحاق بن إبراهيم المنجنيقي، ومحمد بن جعفر
بن أعين، وسمى جماعة.) قال الدارقطني: كان رحمه الله لا يترك أحداً يتحدث، وقال:
جئت إلى شيخ عنده الموطأ وكان يقرأ عليه وهو يتحدث، فلما فرغ قلت: أيها الشيخ تقرأ
عليك الحديث وأنت تتحدث فقال: كنت أسمع، فلم أعد إليه. محمد بن محمد بن يعقوب، أبو
بكر المصري السراج. روى عن أبي يعقوب المنجنيقي، والنسائي. وتوفي في آخر السنة.
محمد بن علي بن عبد الله الوزدولي الجرجاني النهرواني. روى عن أحمد بن محمد بن عبد
الكريم الوزان، ومات ببغداد. محمد بن محمد بن أحمد بن منصور، أبو منصور القزويني
الفقيه. رحل وسمع: عمران بن موسى بن مجاشع، وأبا يعلى المولى، وعمران بن أبي
غيلان، وحامد بن شعيب، وحدث ببلده.
(26/366)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 367
1 (وفيات سنة سبع وستين وثلاثمائة)
أحمد بن إبراهيم بن بشر، أبو بكر اللحياني المصري. يروي عن النسائي. وعنه يحيى بن
الطحان، وقال: توفي في أول السنة. أحمد بن عيسى بن النعمان، أبو عمرو الصائغ. روى
عنه أبو سعد الإدريسي في تاريخ إستراباذ، قال: هو محدث ثقة. سمع محمد بن إبراهيم
بن شعيب الغازي وغيره، ومات سنة سبع أو ثمان وستين. أحمد بن يعقوب، أبو بكر
الجرجاني الأديب. روى عن أبي خليفة. كان كذاباً. إبراهيم بن محمد بن أحمد بن
محمويه، أبو القاسم النصراباذي،
(26/367)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 368
الواعظ الصوفي الزاهد. ونصراباذ محلة بنيسابور. سمع: ابن خزيمة، والسراج، ويحيى بن
صاعد، وابن جوصا، ومكحولاً البيروتي، وأحمد بن) عبد الوارث العسال، هذه الطبقة
بالعراق والشام ومصر. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو
حازم العبدري، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي. وقال السلمي: كان شيخ الصوفية
بنيسابور، له لسان الإشارة، مقروناً بالكتاب والسنة. كان يرجع إلى فنون من العلم،
منها حفظ الحديث وفهمه، وعلم التاريخ وعلوم المعاملات والإشارة. إلتقى الشبلي،
وأبا علي الروذباري. قال: ومع معظم حاله كم مرة قد ضرب وأهين وكم حبس، فقيل له:
إنك تقول: الروح غير مخلوق، قال: لست أقول ذا ولا أقول إن الروح مخلوق، ولكن أقول
ما قال الله: قل الروح من أمر ربي، فجهدوا به، فقال: ما أقول إلا ما قال الله.
قلت: هذا كلام زيف، وما يشك مسلم في خلق الأرواح، وأما سؤال اليهود لنبينا صلى
الله عليه وسلم عن الروح فإنما هو عن ماهيتها وكيفيتها لا عن خلقها، فإن الله خالق
كل شيء، وخالق أرواحنا ودوابنا وموتنا وحياتنا. قال السلمي: وقيل له: إنك ذهبت إلى
الناووس وطفت به وقلت: هذا طوافي، فقالوا له: إنك نقصت محل الكعبة، فقال: لا
ولكنهما مخلوقان، لكن جعل ثم فضل ليس ههنا، وهذا كمن يكرم الكلب لأنه خلق الله،
فعوتب في ذلك سنين. قلت: وهذه سقطة أخرى له، والله يغفر له أفتكون قبلة الإسلام
مثل
(26/368)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 369
القبور التي لعن من اتخذها مسجداً قال السلمي: وسمعت جدي ابن بجيد يقول: منذ عرفت
النصراباذي ما عرفت له جاهلية. وقال الحاكم: هو لسان أهل الحقائق في عصره، وصاحب
الأحوال الصحيحة، وكان جماعة للروايات ومن الرحالين في الحديث، وكان يورق قديماً،
فلما وصل إلى علم الحقيقة ترك الوراقة وغاب عن نيسابور نيفاً وعشرين سنة، وكان يعظ
ويذكر، ثم إنه في سنة خمس وستين حج وجاور بمكة، ثم لزم العبادة حتى توفي فيها في
ذي الحجّة سنة سبع، ودفن عند الفضيل بن عياض. قال الحاكم: وبيعت كتبه وأنا في
بغداد، وكشفت تلك الكتب عن أحوال، والله أعلم. وسمعته يقول، وعوتب في الروح، فقال
لمن عاتبه: إن كان بعد الصديقين، موحد فهو الحلاج. قال الخطيب: كان ثقة.) وقال أبو
سعيد الماليني: سمعته يقول: إذا أعطاكم حباكم، وإذا لم يعطكم محاكم، فشتان ما بين
الحبا والحمى، فإذا حباك شغلك، وإذا حماك جملك. قال النصر آباذي: إذا أخبر الله عن
آدم بصفة آدم قال: وعصي آدم وإذا أخبر الله عنه بفضله عليه قال: إن الله اصطفى
آدم. وقال: أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، وتعظيم حرمة
المشايخ، ورؤية أعذار الخلق، وحسن صحبة الرفقاء، والقيام
(26/369)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 370
بخدمتهم، واستعمال الأخلاق الجميلة، والمداومة بخدمتهم، واستعمال الأخلاق الجميلة،
والمداومة على الأوراد، وترك ارتكاب الرخص. وقال: نهايات الأولياء بدايات
الأنبياء. وقال: المحبة مجانبة السلو على كل حال، ثم أنشد:
(ومن كان في طول الهوى ذاق سلوة .......... فإني من ليلي بها غير ذائق)
(وأكبر شيء نلته وصالها .......... أماني لم تصدق كلمحة بارق)
قال السلمي: كان أبو القاسم النصراباذي يحمل الدواة والورق، وكلما دخلنا بلداً قال
لي: قم حتى نسمع، وذلك في سنة ست وستين وثلاثمائة، فلما دخلنا بغداد قال: قم بنا
إلى القطيعي، وكان له وراق قد أخذ من الحاج شيئاً ليقرأ لهم، فدخلنا، فأخطأ الرواق
غير مرة، والنصرأباذي يرد عليه، وأهل بغداد لا يحملون هذا من الغرباء، فلما رد
عليه الثالثة قال: يا رجل إن كنت تحسن تقرأ فتعال، كالمستهزيء به، فقام الأستاذ
أبو القاسم وقال: تأخر قليلاً، وأخذ الجزء فقرأ قراءة تحير منها القطيعي ومن حوله،
فقرأ ثلاثة أجزاء، وجاء وقت الظهر، فسألني الوراق: من هذا قلت: الأستاذ أبو القاسم
النصراباذي، فقام وقال: أيها الناس، هذا شيخ خراسان. قال السلمي: وقد خرج بنا
نستسقي مرة، فعمل طعاماً كثيراً، وأطعم الفقراء، فجاء المطر كأفواه القرب، وبقيت
أنا وهو لا نقدر على المضيء بحال. قال: فأومأ إلى مسجد، فكان يكف، وكنا صياماً،
فقال: لعلك جائع ترج أن أطلب لك من الأبواب كسرة قلت: معاذ الله. وكان يترنم بهذا:
(خرجوا ليستسقوا فقلت لهم: قفوا .......... دمعي ينوب لكم عن الأنواء)
(26/370)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 371
(قالوا: صدقت ففي دموعك مقنع .......... لكنها ممزوجة بدماء)
) قلت: ومن مريديه أبو علي الدقاق شيخ أبو القاسم القشيري، رحمهم الله تعالى.
إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن، أبو إسحاق السرخسي ثم الهروي، والد الشيخين
إسماعيل، وإسحاق أبي يعقوب الحافظ، ويعرف بالقراب. إبراهيم بن محمد بن إبراهيم
الهوري الوراق. روى عن أبي علي محمد بن محمد بن يحيى القراب، وغيره. وعنه شيب
البوشنجي. بختيار عز الدولة بن معز الدولة أحمد بن بويه الديلمي، أبو منصور. ولي
الملك بالعراق بعد أبيه، وتزوج الخليفة بابنته شاه ناز على مائة ألف دينار، وخطب
وقت العقد القاضي أبو بكر بن قريعة، وذلك في سنة أربع وستين. وكان عز الدولة ملكاً
سرياً شديد القوي، قيل إنه كان يمسك الثور العظيم بقرنيه فيصرعه، وكان متوسعاً في
النفقات والكلف. حكى بشر الشمعي أن راتبه من الشمع كان في كل شهر ألف من. وكان بين
عز الدولة وبين ابن عمه عضد الدولة منافسات في الملك
(26/371)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 372
أدت إلى التنازع، وأفضت إلى القتال بينهما، فالتقيا في شوال من السنة، فقتل عز
الدولة في المعركة، وحمل رأسه إلى يدي عضد الدولة، فوضع المنديل على وجهه وبكى،
وتملك بعده، واستقل بالممالك. وعاش عز الدولة ستاً وثلاثين سنة. وقد مر من أخباره
في الحوادث. تامش بن تكين، أبو منصور المعتمدي. حدث بمصر. حسن بن وليد، أبو بكر
القرطبي الفقيه النحوي، المعروف بابن العريف. كان بارعاً في النحو، خرج إلى مصر في
أواخر عمره، ورأس فيها، وكانت له حلقة بجامعها، وبها توفي. دارم بن أحمد بن السري
بن صقر، أبو معن الرفا المصري. يروي عن ابن زبان. عبد الرحمن بن محمد بن جعفر، أبو
محمد الهامشي الجرجاني ثم النيسابوري الغازي المرابط. سمع أبا العباس السراج، وابن
خزيمة.) وعنه الحاكم. وكان من المطوعة. عبد الله بن علي بن حسن، أبو محمد القومسي
الفقيه، قاضي جرجان. روى عن أبيه، والبغوي، وابن صاعد، وتفقه على أبي إسحاق
المروزي.
(26/372)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 373
توفي في ربيع الآخر، وقد قارب الثمانين. عبد الله، ويقال: عبد الرحمن بن محمد بن
عبد الله، الإمام أبو القاسم القرشي الحراني، إمام جامع دمشق. روى عن محمد بن أحمد
بن أبي شيخ الحراني. روى عنه عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وجماعة. وكان عبداً
صالحاً. توفي في جمادى الآخرة، ودفن بمقبرة باب كيسان. عبد الله بن عبد الله بن
محمد بن أبي سمرة البندار البغوي، ثم البغدادي. سمع محمد بن محمد الباغندي،
وطبقته. وعنه البرقاني، ووثقه، وعلي بن عبد العزيز الظاهري، ومحمد بن عمر بن بكير.
وكان ذا معرفة وعلم. عبد الغفار بن عبيد الله بن السري، أبو الطيب الحضيني الواسطي
المقريء النحوي. رأيت له مصنفاً في القراءآت. قرأ على: ابن مجاهد، وعلى محمد بن
جعفر بن الخليل، وأبي العباس أحمد بن سعيد بن الضرير. قرأ عليه: محمد بن الحسين
الكارزيني، وغيره.
(26/373)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 374
وحدث عن عمر بن أبي غيلان، ومحمد بن جرير الطبري، وأحمد بن حماد بن سفيان، وجماعة.
حدث عنه أبو العلاء الواسطي، والصحناني، وإبراهيم بن سعيد الرفاعي، وأحمد بن محمد
بن علان المعدل، وغيرهم. وأصله كوفي، سكن واسطاً وأقرأ بها الناس. قال خميس
الحوزي: أظن أنه توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة. وكان ثقة.) قلت: وقرأ عليه
القراءآت أبو بكر أحمد بن المبارك الواسطي، وأقرأها ببغداد بعد الأربعمائة. عبد
الملك بن العباس، أبو علي القزويني الزاهد. قل الخليلي: سمعت شيوخنا يقولون: إنه
كان من الأبدال. سمع الحسن بن علي الطوسي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم. عثمان بن
الحسن بن عزرة، أبو يعلى البغدادي الوراق المعروف بالطوسي. سمع: أبو القاسم
البغوي، والحسين بن عفير، وابن أبي دواد، وأخا أبي الليث الفرائضي. روى عنه: عبد
الله بن يحيى السكري، والبرقاني، وقال: كان ثقة ذا معرفة، له تخريجات وجموع. توفي
في ربيع الآخر. عثمان بن أحمد بن سمعان، أبو عمرو المجاشي.
(26/374)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 375
سمع: الحسن بن علوية، والهيثم بن خلف، وأحمد بن فرج. روى عنه: محمد بن طلحة بن
عمير بن بكير، وجماعة. وثقه الخطيب. علي بن أحمد بن محمد بن خلف بن القاسم
البغدادي بن وكيع البغوي. علي بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن هارون، أبو الحسن
الحضرمي المصري الطحان، والد المحدث أبو القاسم يحيى. سمع: أبن عبد الله الوارث،
والطحاوي. علي بن مضارب بن إبراهيم، أبو القاسم النيسابوري القاريء الزاهد. سمع:
أبا عبد الله البوشنجي، وإبراهيم بن علي الذهلي، وغيرهما. توفي في ذي الحجّة. وعنه
الحاكم. عمر النصراباذي محمد بن بهته، أبو حفص المناشر. سمع من: أبي مسلم الكجي
حديثاً واحداُ، وسمع أبا بكر الفريابي، ومحمد بن صالح الصائغ. وعنه: محمد بن عمر
بن بكير. وعاش مائة وسنتين. عبد الله بن محمد، الشيخ القدوة، أبو محمد الراسبي
البغدادي الزاهد، تلميذ أبي محمد) الجريري، وابن عطاء. أخذ عنه: أبو عبد الرحمن
السلمي، وقال: أقام بالشام مدة، ثم رجع إلى بغداد ومات بها. ومن كلامه: البلاء
صحبة من لا يوافقك ولا تستطيع تركه.
(26/375)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 376
وقال: الهموم عقوبات الذنوب. وقال المحبة إن ظهرت فضحت، وإن كتمت قتلت. القاسم بن
علي بن جعفر، أبو أحمد البغدادي البلاذري. عن صاحب أركين الفرغاني. وعنه أبو
العلاء الواسطي. ووثقه، والمقريء أبو الحسن الحذاء. وكان معتزلياً، ورخه ابن أبي
الفوارس. محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير القاضي، أبو الطاهر الذهلي
البغدادي، نزيل مصر وقاضيها. ولي قضاء واسط، وقضاء جانب بغداد، وقضاء دمشق، ثم مصر
معها، واستناب على دمشق أبا الحسن بن حذلم، وأبا علي بن هارون. وحدث عن: بشر بن
موسى، وأبي مسلم الكجي، وأبي العباس ثعلب، ومحمد بن يحيى المروزي، وموسى بن هارون،
ومحمد بن عثمان بن أبي سويد، وأبي شعيب الحراني، وأبي خليفة، وخلق سواهم. روى عنه:
الدارقطني، وتمام، وعبد الغني بن سعيد، وابن الحاج الإشبيلي، ومحمد بن نظيف، ومحمد
بن الحسين الطفال، وآخرون. ووثقه الخطيب. قال ابن ماكولا: أنا أبو القاسم بن ميمون
الصدفي، أنا عبد الغني
(26/376)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 377
الحافظ قال: قرأت على القاضي أبي الطاهر كتاب العلم ليوسف بن يعقوب، فلما فرغ قال:
كما قريء عليك قال: نعم إلا اللحنة بعد اللحنة. قلت: أيها القاضي فسمعته معرباً
قال: لا. قلت: هذه بهذه. وقمت من ليلتي، فجلست عند اليتيم النحوي. وقال طلحة بن
محمد بن جعفر: استقصى المتقي لله سنة تسع وعشرين وثلاثمائة أبا طاهر محمد بن أحمد
الذهلي، وله أبوة في القضاء، سديد المذهب، متوسط الفقه، على مذهب مالك،) وكان له
مجلس يجتمع إليه المخالفون ويناظرون بحضرته، وكان يتوسط الفقه بينهم، ويتكلم بكلام
سديد، ثم صرف بعد أربعة أشهر، ثم استقضى على الشرقية سنة أربع وثلاثين، وعزل منذ
نحو خمسة أشهر. وقال عبد الغني: سألت أبا الطاهر عن أول ولايته القضاء فقال: سنة
عشر وثلاثمائة. وقد كان ولي البصرة. وقال لي: كتبت العلم سنة ثمان وثمانين
ومائتين، ولي تسع سنين. قال: وقرأ القرآن كله وله ثمان سنين، وكان مفوهاً حسن
البديهة، شاعراً، حاضر الحجة، علامة، عارفاً بأيام الناس، غزير الحفظ، لا يمله
جليسه من حسن حديثه، وكان كريماً، ولي قضاء مصر سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة. وأقام
على القضاء ثماني عشرة سنة. قال الحافظ عبد الغني: وسمعت الوزير أبا الفرج يعقوب
بن يوسف يقول: قال لي الأستاذ كافور: أجتمع بالقاضي أبو بكر البغدادي الطاهر فسلم
عليه، وقل له: إنه بلغني أنك تنبسط مع جلسائك، وهذا الإنبساط يقل هيبة الحكم،
فأعلمته بذلك، فقال لي: قل للأستاذ: لست ذا مال أفيض به على جلسائي، فلا يكون أقل
من خلقي، فأخبرت الأستاذ فقال: لا تعاوده، فقد وضع القصعة. قال عبد الغني: سمعت
أحمد بن محمد بن سعرة، أنه سمع أبا بكر
(26/377)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 378
ابن مقاتل يقول: أنفق القاضي أبو طاهر بيت مال خلفه له أبوه. قال عبد الغني: لما
تلقى أبو الطاهر القاضي المعز أبا تميم بالإسكندرية سأله المعز فقال: يا قاضي كم
رأيت من خليفة قال واحداً. قال: من هو قال: أنت، والباقون ملوك، فأعجبه ذلك. ثم
قال له أحججت قال: نعم. قال: وسلمت على الشيخين: قال: شغلني عنهما النبي صلى الله
عليه وسلم، كما شغلني الخليفة عن ولي عهده، فازداد به المعز إعجاباً، وتخلص من ولي
العهد، إذ لم يسلم عليه بحضرة المعز، فأجازه المعز يومئذ بعشرة آلاف درهم. وحدثن
زيد بن علي الكاتب: أنشدنا القاضي أبو الطاهر السدوسي لنفسه:
(إني وإن كنت بأمر الهوى .......... غرا فستري غير مهتوك)
(أكني عن الحب ويبكي دماً .......... قلبي ودمعي غير مسفوك)
(فاظهري ظاهر مستملك .......... وباطني باطن مملوك)
أخبرني أبو القاسم حمار النصراباذي علي بصور قال: أتيت القاضي أبا الطاهر بأبيات
قالها في) ولده، فبكي وأنشدناها وهي:
(يا طالباً بعد قتل .......... ي الحج لله نسكاً)
(تركتني فيك صبا .......... أبيك عليك وأبكي)
(وكيف أسلوك قل لي .......... أم كيف أصبر عنكا)
(روحي فداؤك هذا .......... جزاء عبدك منكا)
حدثني محمد بن علي الزينبي، ثنا محمد بن علي بن نوح قال: كنا في دار القاضي أبي
الطاهر، نسمع عليه، فلما قمنا صاح بي بعض من
(26/378)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 379
حضر: يا قاضي، وكان ابن نوح يلقب بالقاضي، فسمع القاضي أبو الطاهر، فأنفذ إلينا
حاجبه فقال: من القاضي فيكم فأشاروا إلي، فلما دخلت عليه قال لي: أنت القاضي فقلت:
نعم. فقال لي: فأنا ماذا فسكت، ثم قلت هو لقب لي. فتبسم، فقال لي: تحفظ القرآن
قلت: نعم. قال: تبيت عندنا الليلة أنت وأربعة أنفس معك، وتواعدهم ممن تعلمه يحفظ
القرآن والأدب، قال: ففعلت ذلك، وأتيت المغرب فقدم إلينا ألوان وحلوى، فلم يحضر
القاضي، فلما قاربنا الفراغ خرج إلينا القاضي يزحف من تحت ستر، ومنعنا من القيام،
وقال: كلوا معي، فلم آكل بعد، ولا يجوز أن تدعوني آكل وحدي، فعرفا أن الذي دعاه
إلى بيتنا عنده عمه على ولده أبي العباس، وكان غائباً بمكة، ثم أمر من يقرأ منا،
ثم استحضر ابن المقارعي وأمره بأن يقول. وقام جماعة منا وتواجدوا بين يديه، ثم قال
شعراً في وقته، وألقاه على ابن المقارعي يغني به، والشعر هو: يا طالباً بعد قتلي
فبكى القاضي بكاء شديداً، وقدم ابنه بعد أيام يسيرة، فقلت: هذا وما قبله من خط
أمين الدين محمد، أحمد بن شهيد. قال: وجدت بخط عبد الغني بن سعيد الحافظ، فذكر
ذلك. قال ابن زولاق في أخبار قضاة مصر: ولد أبو الطاهر الذهلي ببغداد في ذي الحجّة
سنة تسع وسبعين ومائتين، وكان أبوه يلي قضاء واسط، فصرف بابنه أبي طاهر من واسط،
وولي موضعه، وأخبرني أبو طاهر أنه كان يخلف أباه على البصرة سنة أربع وتسعين. قال:
وولي قضاء دمشق من قبل المطيع، فأقم بها تسع سنين، ثم دخل مصر زائراً لكافور سنة
أربعين، ثم ثار به أهل دمشق وآذوه، وعملت
(26/379)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 380
عليه محاضر، فعزل، وأقام بمصر إلى آخر أيام ابن الخصيب وولده، فسعى في القضاء ابن
وليد وبذلك ثلاثة آلاف دينار، وحملها على يد فنك) الخادم، فمدح الشهود أبا الطاهر
وقاموا معه، فولاه كافور، وطلب له العهد من ابن أم شيبان، فولاه القضاء، وحمدت
سيرته بمصر. واختصر تفسير الجبائي وتفسير البلخي، ثم إن عبد الله بن وليد ولي قضاء
دمشق. وكان أبو طاهر قد عني به أبوه، فسمعه سنة سبع وثمانين ومائتين، فأدرك
الكبار. قال: وقد سمع من عبد الله بن أحمد بن حنبل، وبشر بن موسى، وإبراهيم
الحربي، ولم يخرج عنهم شيئاً لصغره، وحصل للناس عنه، إملاء وقراءة، نحو مائتي جزء.
وحدث بكتاب طبقات الشعراء لمحمد بن سلام، عن أبي خليفة الجمحي، عن ابن سلام. ولم
يزل أمره مستقيماً إلى أن لحقته علة عطلت شقه سنة ست وثلاثمائة، فقلد العزيز حينئذ
القضاء علي بن النعمان، فكانت ولاية أبي طاهر ست عشرة سنة وعشرة أشهر، وأقام
عليلاً، وأصحاب الحديث ينقطعون إليه، وتوفي آخر يوم من سنة سبع وستين. قلت: وقيل
كان قد استعفى من القضاء قبل موته بيسير. قرأت على أحمد بن هبة الله، أخبرك المسلم
المازني، أنا عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، أنا سهل
بن بشر، أنا علي بن محمد الفارسي، أنا محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي، ثنا يوسف
القاضي، ثنا محمد بن أبي بكر، أنا وهب بن جرير، أنا أبي، سمعت يعلى بن حكيم، عن
عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتاه ماعز قال: ويحك لعلك
قبلت أو غمزت أو نظرت قال: لا. قال رسول الله
(26/380)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 381
صلى الله عليه وسلم: أنكتها لا يكنى، قال: نعم. فعند ذلك أمر برجمه. محمد بن إسحاق
بن منذر بن إبراهيم بن محمد بن السليم، ابن الداخل إلى الأندلس أبي عكرمة جعفر،
أبو بكر القرطبي، قاضي الجماعة. ولد سنة اثنتين وثلاثمائة، وولي قضاء الجماعة
بالأندلس في أول سنة ست وخمسين. سمع: الملك بن خالد، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن،
وحج فسمع أبا سعيد ابن الأعرابي، وبمصر من جماعة، ورجع فأقبل على التدريس والزهد
والعبادة. وكان من كبار المالكية، حافظاً للفقه، بصيراً باختلاف العلماء، عالماً
بالحديث والعربية. قال ابن الفرضي: توفي في رمضان سنة خمس وستين. كذا نقل القاضي
عياض. ولم أرى ابن الفرضي ذكر وفاته في تاريخه، إلا في سنة سبع في جمادى الأولى.)
وقال أبو حيان: توفي سنة سبع وستين. محمد بن الحسن بن علي بن يقطين، أبو جعفر
اليقطيني البغدادي البزاز.
(26/381)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 382
سمع: أبا خليفة، وأبا يعلى الموصلي، والباغندي، وجماعة. وسافر وكتب بالشام
والجزيرة والبصرة، وكان صدوقاً فهماً. قاله الخطيب. وعنه: الدارقطني، وأبو نعيم،
وجماعة. توفي في ربيع الآخر. محمد بن حسان بن محمد، أبو منصور ابن العلامة أبي
الوليد الفقيه النيسابوري. كان يصوم صوم داود ثلاثين عاماً. سمع: السراج، وأبا
العباس الماسرجسي. وكان من كبار الفقهاء. رفسته دابته فاستشهد يوم الأضحى. روى عنه
الحاكم. وله أخ باسمه عاش بعده مدة. محمد بن الحسن بن خالد، أبو بكر الصدفي المصري
الوراق. روى عن: محمد بن محمد بن بدر الباهلي، وغيره. محمد بن الحسين النيسابوري
الفقيه، أبو الحسين الحنفي. سمع: السراج، وأبا عمرو الحيري. وعنه: الحاكم. محمد بن
المظفر الجارودي الهروي. سمع الفقيه عبد الله بن عروة. وعنه: أبو عثمان سعيد
القرشي. محمد بن عبيد الله بن الوليد، أبو بكر المعيطي القرطبي. سمع: أباه، ووهب
بن مسرة، وجماعة. وكان عارفاً بمذهب مالك واختلاف أصحابه، بارعاً في ذلك، زاهداً
(26/382)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 383
ورعاً متبتلاً، ولي رتبة الشورى، ثم ترك ذلك، ورفض الخلق، ولبس الصوف، فصام نهاره
وقام ليله، وأكل من كده وتعبه، وقد صنف في مذهب مالك، وتوفي في ذي القعدة، وعاش
أقل من أربعين سنة. محمد بن عبد الرحمن القاضي، أبو بكر بن قريعة البغدادي.) سمع:
أبا بكر بن الأنباري، ولا تعرف له رواية حديث مسند. وقد قيده ابن ماكولا بقاف
مضمومة، وكذا هو مضبوط في تاريخ الخطيب. ولاه القاضي أبو السائب قضاء السندية
وغيرها من أعمال بغداد. وكان من عجائب الدنيا في سرعة الجواب في أملح سجع، وكان
مختصاً بالوزير أبي محمد المهلبي، وله مسائل وأجوبة مدونة في كتاب موجود، وكان
الفضلاء يداعبونه برسائل هزلية، فيجيب من غير توقف. توفي في جمادى الآخرة وهو في
معترك المنايا، رحمه الله. محمد بن عمر بن عبد العزيز أبو بكر بن القوطية القرطبي
اللغوي.
(26/383)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 384
سمع: سعيد بن جابر، وأسلم بن عبد العزيز، وابن لبابة، ومحمد بن عبد الله الزبيدي،
وطاهر بن عبد العزيز، وجماعة. وكان علامة زمانه في اللغة والعربية، حافظاً للحديث
والفقه، وإخبارياً، لا يلحق شأوه، ولا يشق غباره. ولم يكن بالماهر في الفقه
والحديث. صنف كتاب تصاريف الأفعال، فتح الباب لمن بعده، وتبعه ابن القطاع. وله
كتاب حافل في المقصور والممدود، وكان عابداً ناسكاً خيراً، دقيق الشعر، إلا أنه
تزهد عنه. وكان أبو علي يبالغ في تعظيمه. توفي في ربيع الأول. والقوطية: هي جدة
أبي جده، وهي سارة بنت المنذر بن غيطشة، من بنات الملوك القوطبة الذين كانوا
بإقليم الأندلس، وهم من ذرية قوط بن حام بن نوح أبي السودان والهند والسند. وفدت
سارة هذه على هشام بن عبد الملك إلى الشام متظلمة من عمها أرطباس، فتزوجها بالشام
عيسى بز مزاحم، مولى عمر بن عبد العزيز، رحمة الله عليه، ثم سافر معها إلى
الأندلس، فولدت له إبراهيم والد عبد العزيز كذا نقل القاضي شمس الدين ابن خلكان،
والله أعلم. وقد صنف تاريخاً في أخبار أهل الأندلس، وكان يمليه عن ظهر قلبه في
كثير من الأوقات. وقد طال عمره، وأخذ الناس عنه طبقة بعد طبقة.
(26/384)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 385
سمع منه ابن الفرضي. محمد بن فرج بن سبعون، أبو عبد الله النحلي، ويعرف بابن أبي
سهل الأندلسي البجاني.) رحل وسمع بمكة من ابن الأعرابي، وجماعة. محمد بن محمد بن
بقية بن علي، نصير الدولة، أبو الطاهر وزير عز الدولة بختيار بن معز الدولة. كان
أحد الأجواد والرؤساء، أصله من أوانا من عمل بغداد، استوزر سنة اثنتين وستين، وقد
تقلب به الدهر ألواناً، حتى بلغ الوزارة، فإن أباه كان فلاحاً، وآل أمره إلى ما
آل، ثم خلع عليه المطيع لله، واستوزره أيضاً، ولقبه الناصح، مضافاً إلى نصير
الدولة، فصار له لقبان، وكان قليل العربية، ولكن السعد والإقبال غطى ذلك. وله
أخبار في الجود والأفضال، وكان كثير التنعم والرفاهية. وله أخبار في ذلك. وقبض
عليه بواسط في آخر سنة ست وستين، وسملوا عينيه. وكان نواب لمعز الدولة على عضد الدولة،
فلما قتل عز الدولة بختيار، ملك عضد الدولة وأهلكه، فقال إنه ألقاه تحت أرجل
الفيلة، ثم صلب عند البيمارستان العضدي في شوال سنة سبع، ويقال إنه خلع في وزارته
في عشرين يوماً عشرين ألف خلعة.
(26/385)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 386
قال بعضهم: رأيته شرب ليلة، فخلع مائة خلعة على أهل المجلس، وعاش نيفاً وخمسين
سنة. ورثاه أبو الحسن محمد بن عمر الأنباري بكلمته السائرة:
(علو في الحياة وفي الممات .......... لحق أنت إحدى المعجزات)
(كأن الناس حولك حين قاموا .......... وفود ذاك أيام الصلات)
(كأنك قائم فيهم خطيباً .......... وكلهم قيام للصلاة)
(ولما ضاق بطن الأرض عن أن .......... يضم علاك من بعد الممات)
(أصاروا الجو قبرك واستنابوا .......... عن الأكفان ثوب السافيات)
(لعظمك في النفوس تبيت ترعى .......... بحفاظ وحراس ثقات)
(ولم أر قبل جذعك قط جذعاً .......... تمكن من عناق المكرمات)
في أبيات أخر. وبقي مصلوباً إلى أن توفي عضد الدولة، ولما بلغ عضد الدولة هذا
الشعر قال: علي بقائله، فاختفى، ثم سافر بعد عام إلى الصاحب إسماعيل بن عباد،
فقال: أنشدني القصيدة، فلما أتى هذا البيت الأخير، قام إليه وعانقه، وقبل فاه،
وأنفذه إلى عضد الدولة، فلما مثل بين يديه قال: ما الذي حملك على مرثية عدوي قال:
حقوق سلفت وأياد مضت، فجاش الحزن في قلبي،) فرثيت. فقال: هل يحضرك شيء في الشموع،
والشموع تزهر بين يديه، فقال:
(كأن الشموع وقد أظهرت .......... من النار في كل رأس سنانا)
(أصابع أعدائك الخائفين .......... تضرع تطلب منك الأمانا)
قال: فأعطاه بدرة وفرساً، وهو من المقلين في الشعر. محمد بن محمود بن إسحاق
النيسابوري، أبو بكر.
(26/386)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 387
حدث في العام بهمذان: عن ابن خزيمة، ومحمد بن الصباح صاحب قتيبة بن سعيد. يروي
عنه: عبد الله بن عمر الصفار، وأبو الحسن بن عبدوس. محمد بن يوسف بن موسى، أبو
الحسن بن الصباغ. بغدادي، يروي عن أبي بكر بن داود، وجماعة. وعنه علي بن عبد
العزيز. وقال: كان حافظاً. محمد بن يوسف بن يعقوب الصواف، أبو بكر البغدادي. سمع:
أبا عروبة الحراني، وأبا جعفر الطحاوي، وأحمد بن جوصا. وعنه: البرقاني، ومحمد بن
عمر بن بكير. يحيى بن زكريا، أبو سعيد المصري. يروي عن أبي يعقوب المنجنيقي. يحيى
بن عبد الله بن يحيى، أبو عيسى الليثي القرطبي. سمع الموطأ من عم أبيه عبيد الله
بن يحيى، ومن محمد بن عمر بن لبابة، وأسلم بن عبد العزيز، وأحمد بن خالد، وأبيه
عبد الله، وسمع من علي بن الحسن المري بيجانة، ومن جماعة. وكان قاضياً ببجانة
وإلبيرة، وكان أخوه بقرطبة فولاه أحكام الرد، وطال عمره حتى انفرد بالرواية عن
عبيد الله، ورحل الناس إليه من جميع كور الأندلس. وروى عن عبيد الله سوى الموطأ
حديث الليث، وشجاع بن
(26/387)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 388
القاسم، وعشرة يحيى بن يحيى، وتفسير عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ونتفاً من حديث
الشيوخ. ترجمه ابن الفرضي وقال: اختلفت إليه في سماع الموطأ سنة ست وستين. وكانت
الدولة في أيام الجمع، فتم لي سماعه منه، وسمعت منه التفسير لعبد الله بن نافع،
ولم أشهد بقرطبة مجلساً أكثر بشراً من مجلسنا في الموطأ، إلا ما كان من بعض مجالس
يحيى بن مالك، وهو أول من) سمعت عليه، ثم اشتغلت بالعربية عن مواصلة الطلب إلى سنة
تسع وستين. ثم اتصل طلبي وسماعي. وسمع منه يحيى أمير المؤمنين المؤيد بالله، أبقاه
الله، سنة أربع وستين، وجماعة من الشيوخ والكهول، وطبقات الناس. توفي في ثامن رجب.
قلت: روى عنه أبو عمر الطلمنكي، ويونس بن مغيث، وأبو عبد الله ابن يحيى بن الحذاء،
والحافظ أبو عبد الله بن عمر بن الفخار، وخلف بن عيسى الوشقي، وعثمان بن أحمد،
وخلق. يحيى بن هلال بن زكريا الأندلسي. سمع: عمه يحيى، وأحمد بن خالد بن محمد بن
أيمن، وحدث ورحل إلى بجانة، فسمع من سعيد بن فحلون. وكان سمحاً ينشر علمه، فقيهاً
بالشروط، فسمع منه جماعة كثيرة. توفي في جمادى الأولى.
(26/388)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 389
1 (وفيات ثمان وستين وثلاثمائة)
أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شبيب، أبو بكر القطيعي البغدادي. كان يسكن قطيعة
الدقيق. سمع: محمد بن يونس الكديمي، وإبراهيم الحربي، وبشر بن موسى، وأحمد بن علي
الأبار، وعبد الله بن أحمد، سمع منه المسند، وإسحاق بن الحسن الحربي، وأبا شعيب
الحراني، وطائفة كثيرة. وكان مسند العراق في زمانه. روى عنه عبد الله: المسند،
والتاريخ، والزهد، والمسائل. قال الخطيب: وكان قد غرق بعض كتبه، فاستحدث نسخاً من
(26/389)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 390
كتاب لم يكن فيه سماعه، فغمزه الناس. لم نر أحداً ترك الاحتجاج به. روى عنه
الدارقطني، وابن شاهين، والحاكم، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو الفتح بن أبي
الفوارس، وأبو برك البرقاني، وأبو نعيم، ومحمد بن الحسين بن بكير، والحسن بن علي
بن المذهب، وآخر من روى عنه في الدنيا أبو محمد الجوهري. ولد في أول سنة أربع
وسبعين ومائتين.) قال محمد بن الحسين بن بكير: سمعته يقول: كان عبد الله بن أحمد
يجيئنا، فيقرأ عليه أبو عبد الله بن الجصاص عم والدتي ما يريد، ويقعدني في حجره حتى
يقال له: يؤلمك، فيقول: إني أحبه. وقال أبو الحسن محمد بن العباس بن الفرات: كان
القطيعي كثير السماع من عبد الله بن أحمد، إلا أنه خلط في آخر عمره، وكف بصره،
وخرف، حتى كان لا يعرف شيئاً مما يقرأ عليه. وقال أبو الفتح بن أبي الفوارس: لم
يكن في الحديث بذاك، في بعض المسند أصول فيها نظر، ذكر أنه كتبها بعد الغرق، نسأل
الله ستراً جميلاً، وكان مستوراً صاحب سنة. وقال البرقاني: كان شيخاً صالحاً، وكان
لأبيه اتصال ببعض السلاطين، فعزي لابن ذلك السلطان على عبد الله بن أحمد المسندي،
وحضر ابن مالك القطيعي سماعه، ثم غرقت قطعة من كتبه فنسخها من كتاب، وذكروا أنه لم
يكن سماعه فيه، فغمزوه لأجل ذلك، وثبت عندي أنه صدوق، وإنما كان فيه بله. ولما
اجتمعت مع الحاكم أبي عبد الله لينت ابن مالك، فأنكر علي
(26/390)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 391
وقال: كان شيخي، وحسن حاله. قلت: كان الحاكم قد رحل سنة سبع وستين ثاني مرة، وسمع
المسند من ابن مالك القطيعي، واحتج به في الصحيح. وقال أبو القاسم الأزهري: توفي
أبو بكر بن مالك ودفن يوم الإثنين لسبع بقين من ذي الحجّة.
1 (وفيات من طبقته:)
أبو بكر أ بن جعفر بن حمدان السقطي. بصري معروف. سمع: عبد الله بن أحمد بن إبراهيم
الدورقي، والحسن بن المثنى العنبري. وعنه: أبو نعيم الحافظ، وأبو الحسن بن صخر
الأزدي، وأحمد بن محمد بن الحاج الإشبيلي. حمزة بن حمدان أبو الحسن الطرسوسي. حدث
بالساحل عن: عبد الله بن جابر الطرسوسي، ومحمد بن حصن الرسي.
(26/391)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 392
وعنه: الحسن بن محمد بن جميع، والخصيب بن عبد الله القاضي، وعبد الرحمن بن عمر بن
نصر، وغيرهم. أحمد بن خالد بن يزيد بن أبي هاشم، أبو القاسم الأسدي الأندلسي، خطيب
بجانة. حدث عن: فضل بن سلمة، ومحمد بن فطيس. وتوفي في شوال، رحمه الله.) أحمد بن
محمد بن صالح، أبو العباس البروجردي الخطيب. نزل بغداد، وحدث عن: إبراهيم بن
الحسين بن ديزيل. وعنه: هلال الحفار، ومحمد بن عمر بن بكير، ومحمد بن محمد السواق.
حدث في شوال سنة ثمان وستين وثلاثمائة. أحمد بن محمد بن مهران الأصبهاني المعدل.
روى عن: محمد بن العباس الأخرم، وحاجب بن أركين. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو
نعيم. توفي في شوال. أحمد بن محمد بن يوسف، أبو القاسم المعافري القرطبي. سمع من:
عبد الله بن يونس، وقاسم بن أصبغ، وحج سنة اثنتين
(26/392)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 393
وأربعين، فسمع من أبي محمد بن المورد، وآخرين، وأدب المؤيد بالله بن المستنصر
الحكم. أحمد بن موسى بن عيسى الجرجاني، الوكيل على أبواب القضاة. سمع: عمران بن
موسى بن مجاشع، وأحمد بن حفص السعدي، وكتب الكثير، وصنف وهو ضعيف. إتهمه بعضهم.
وقال حمزة: له فهم ودراية، أتى بمناكير عن شيوخ مجاهيل. إبراهيم بن محمد بن سهل
الجرجاني المؤدب. يروي عن أبي القاسم البغوي، وغيره. وعنه حمزة السهمي. وله رحلة
إلى دمشق لقي فيها ابن عتاب الزفتي. إسحاق بن أحمد بن علي بن إبراهيم بن قولويه،
أبو يعقوب الأصبهاني التاجر. سمع: إبراهيم بن يوسف الهسنجاني، وأهل الري. وعنه:
أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم. توفي في ربيع الأول. جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى
بن قولويه، أبو القاسم السهمي الشيعي. قلت: كان ابن قولويه هذا من كبار الشيعة،
ومن علمائهم المشهورين، وكان من أصحاب سعد) بن عبد الله، وهو شيخ الشيخ المفيد.
وقال فيه المفيد: كما يوصف الناس من جميل وفقه ودين وثقة، فهو فوق ذلك. وله كتب
حسان، منها: كتاب الصلاة وكتاب الجمعة والجماعة
(26/393)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 394
وكتاب قيام الليل، وكتاب الصداقة، وكتاب قسمة الزكاة، وكتاب الشهور والحوادث، وغير
ذلك من كتب الفقه. حمل عنه الشيخ محمد بن محمد بن النعمان المفيد، وأبو جعفر محمد
بن يعقوب، وأبو الحسين يحيى بن محمد بن عبد الله الحسيني، وأحمد بن عبدون، والحسين
بن عبيد الله الغضائري، وحيدرة بن نعيم السمرقندي، ومحمد بن سليم الصابوني بمصر.
وأحسبه من أهل مصر ذكر ابن أبي علي وفاته في هذه السنة. جعفر بن محمد، أبو العباس
البابوي الهروي. روى عن: الحسين بن إدريس. وعنه: إسماعيل بن إبراهيم بن محمد
المقريء القراب. توفي في جمادى الأولى. الحسن بن عبد الله بن المرزبان، أبو سعيد
السيرافي النحوي القاضي، نزيل بغداد. حدث عن: أبي بكر بن زياد النيسابوري، ومحمد
بن أبي الأزهر، وابن دريد.
(26/394)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 395
وعنه: علي بن أيوب القمي، ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة، وغيرهما. وكان مجوسياً،
اسلم وسمه عبيد الله. وكان أبو سعيد إماماً كبير الشأن، تصدر لإقراء القراءآت
والنحو واللغة والفرائض والحساب والعروض، وكان من أعلم الناس بنحو البصريين،
عارفاً بفقه أبي حنيفة. قرأ القرآن على: أبي بكر من مجاهد، وأخذ اللغة عن ابن
دريد، والنحو عن أبي بكر بن السراج. وكان لا يأكل إلا من كسب يمينه تديناً. وكان
لا يجلس للقضاء ولا للإشتغال حتى ينسخ كراساً يأخذ أجرته عشرة دراهم. قال ابن أبي
الفوارس: وكان يذكر عنه الإعتزال، ولم يظهر منه شيء. قلت: ومن تصانيفه شرح كتاب
سيبويه وكتاب ألفاظ القطع والوصل، وكتاب الإقناع في النحو، لكن كمله ولده يوسف،
وجزأ أخبار النحاة.) وتوفي في رجب، وله أربع وثمانون سنة. وكان نحوي العراق.
أخبرنا سنقر الحلبي بها، أنا يحيى بن جعفر بن عبد الله بن محمد الدامغاني في رمضان
سنة أربع وعشرين وستمائة، قدم علينا، أنا أبي، أنا أحمد بن علي بن سوار المقريء،
أنا محمد بن عبد الواحد بن رزق، أنا الحسن بن عبد الله بن المرزبان، ثنا محمد بن
منصور بن أبي الأزهر، ثنا الزبير بن بكار، حدثني أنس بن عياض قال: حدثني من سمع
يحيى بن أبي كثير اليمامي يقول: لا يدرك العلم براحة الجسم.
(26/395)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 396
الحسن بن عبد الله بن محمد الإمام، أبو محمد البغدادي، ويعرف بابن الكاتب، وبابن
القريق. تلا بالروايات على: ابن محمد، وابن تومان، وأبي بكر النقاش. قرأ عليه:
منصور بن محمد بن إبراهيم، ويروي عنه في كتابه الملقب ب الإشارات بالقرآءات من
جمعه. قال منصور: كان من عباد الله الصالحين الفاضلين. قلت: ويروي عنه ولده أبو
الفتح محمد بن الحسن بالأهواز مات في ذي الحجّة سنة ثمان. ذكره ابن النجار. الحسن
بن إبراهيم بن جابر بن أبي الزمام، أبو علي الدمشقي الفرضي. روى عن: محمد بن
المعافي، ومحمد بن خريم، وأصحاب هشام بن عمار. وعنه: عبد الوهاب الداراني، ومحمد
بن عوف المزني، وعلي بن بشري، ومكي بن الغمر، وثريا بن أحمد الألهاني. وثقه عبد
العزيز الكتاني، وهو آخر من حدث عن محمد بن يزيد بن عبد الصمد. حامد بن أحمد بن
العباس، أبو بكر الصرام. من شيوخ همذان.
(26/396)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 397
سمع ببلده ورحل إلى بغداد، فسمع من: محمد بن حمدويه المروزي، والقاضي المحاملي،
وأبي بكر بن الأنباري، وطبقتهم. روى عنه: أحمد بن تركان، وأبو منصور بن المحتسب،
وجماعة كثيرة. توفي في شوال سنة ثمان وستين. حميدان بن خراش العقيلي، ولي إمرة
دمشق في هذا العام للعزيز العبيدي، وكان قسام يأخذ الأمر بالبلد، فوقع بينه وبينه،
ثم طرده قسام والعيارون، ونهبت داره، وهرب واستفحل شأن) قسام. صالح بن علي بن محمد
بن علي بن محمد بن علي، أبو بكر الحراني. روى عن ابن قتيبة العسقلاني. عبد الله بن
إبراهيم بن يوسف، أبو القاسم الجرجاني الآبندوني الحافظ. وابندون من قرى جرجان.
رفيق ابن عدي في الرحلة. سكن بغداد، وحدث عن: أبي خليفة، وأبي يعلى، والحسن بن
سفيان، وأبي العباس بن السراج، والقاسم المطرز، وعمر بن سنان المنبجي، ومحمد بن
الحسن بن قتيبة.
(26/397)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 398
قال الخطيب: كان ثقة ثبتاً له تصانيف، ثنا عن البرقاني، وأبو العلاء الواسطي، وكان
عسراً في الحديث. وقال البرقاني، كان محدثاً زاهداً متقللاً من الدنيا، لم يكن
يحدث غير واحد، فقيل له في ذلك، فقال: أصحاب الحديث فيهم سوء أدب، وإذا اجتمعوا
للسماع تحدثوا، وأنا لا أصبر على ذلك. وأخذ البرقاني يصف أشياء من تقلله وزهده
وأنه أعطاه وقال: أحملها إلى الباقلاني ليطرح عليها ماء الباقلاء، فوقعت على الكسر
باقلانان، فرفعهما وقال: هذا الشيخ يعطيني كل شهر دانقاً حتى أبل له الكسر. قلت:
وقد روى عنه ابن قتيبة الإمام أبو بكر الإسماعيلي، وإبراهيم بن شاء المروزي، وأبو
نعيم الأصبهاني. قال الحاكم: خرج الأبندوني إلى بغداد سنة خمسين، وسكنها إلى أن
مات. وقال غيره: عاش خمساً وتسعين سنة، رضي الله عنه. عبد الله بن إبراهيم بن عبد
الملك الأصبهاني الواعظ، أبو محمد. روى عن: البغوي، وأبي عروبة الحراني. وعنه: أبو
نعيم، وأبو بكر بن أبي علي. توفي في رجب. عبد الله بن الحسن بن سليمان، أبو القاسم
بن النخاس، بالمعجمة، البغدادي المقريء. سمع: عبد الله بن ناجية، وأحمد بن الحسن
الصوفي، وأبا القاسم البغوي، وجماعة.
(26/398)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 399
وروى عنه: أبو بكر بن مجاهد المقريء، وهو أكبر منه، وأبو الحسن الحمامي، وأبو بكر)
البرقاني، وأبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه. وقال أبو الحسن بن الفرات: قل ما رأيت
في الشيوخ مثله. وقال الخطيب: كان ثقة، ولد سنة تسعين ومائتين. قلت: قرأ على الحسن
بن الحسين الصواف، وغيره. عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، أبو العباس الجنابي
البوشنجي الهروي. روى عن: محمد بن القاسم بن زكريا الكوفي، وطائفة، كابن عقدة، وهو
سمي أبي الشيخ وعصريه. روى عنه: أبو بكر البرقاني، وأبو الفضل الجارودي، وأبو
عثمان سعيد بن العباس القرشي، وغيرهم. توفي في هذا العام. عبد الله بن محمد بن
محمد الأصبهاني المارستاني الخازن. روى عن: عبد الله بن محمد بن العباس، ومحمد بن
عبد الله بن رستم. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم، وغيرهما. عبد الله بن
الإمام زكريا بن يحيى بن محمد العنبري النيسابوري، أبو محمد. رجل صالح. روى عن:
أبي العباس السراج، وابن خزيمة. وعنه: الحاكم. عبد الصمد بن محمد بن حيويه، أبو
محمد البخاري، الحافظ الأديب.
(26/399)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 400
سمع: محمد بن محمد بن حاتم السجستاني، ومكحولاً البيروتي. وعنه: تمام الرازي،
ومحمد بن عمر بن بكير. وكان واسع الرحلة، له صحيح مخرج على البخاري، جوده. وتوفي
بالدينور. وقد روى عنه الحاكم قال: سمعت أبا بكر بن حرب شيخ أهل الرأي ببلدنا
يقول: كثيراً ما أرى أصحابنا يظلمون أهل الحديث، كنت عند حاتم العتكي، فدخل عليه
شيخ من أهل الرأي فقال: أنت الذي تروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقراءة
الفاتحة خلف الإمام فقال: قد صح الحديث، لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب. فقال له:
كذبت، إن فاتحة الكتاب لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إنما نزلت في عهد
عمر.) قلت: إسنادها صحيح. علي بن محمد بن صالح بن داود، أبو الحسن الهاشمي المقريء
الضرير. مقري البصرة. قرأ القرآن على: أبي العباس أحمد بن سهل الأشناني. قرأ عليه:
طاهر بن غلبون. علب بن محمد بن أحمد بالجرجاني الزاهد الفقيه، المعروف بأبي الحسن
القصري. كان مفتياً عارفاً بمذهب الشافعي. روى عن: البغوي، وأبي بكر بن أبي داود
أحمد بن عبد الكريم الوزان، وعبد الرحيم بن عبد المؤمن. توفي يوم عاشوراء. روى
عنه: حمزة السهمي، والجرجانيون.
(26/400)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 401
عمر بن عبيد الله بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني بن الوزان، إمام الجامع. سمع أبو
القاسم البغوي، وأحمد بن محمد بن شبه. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم. عيسى
بن حامد بن بشر القاضي، أبو الحسين الرخجي ثم البغدادي، المعروف أيضاً بابن بنت
القنبيطي. سمع من: جده محمد بن الحسين القنبيطي، ومحمد بن جعفر القتات، وإبراهيم
بن شريك، وجعفر بن محمد الفريابي، وعبد الله بن ناجية. وكان من تلامذته: محمد بن
جرير السواق، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وعلي بن عبد العزيز الظاهري، وأبو
علي بن دوما. وثقه ابن أبي الفوارس وقال: توفي في ذي الحجّة. الغضنفر أبو تغلب بن
ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي صاحب الموصل وابن صاحبها. مر في
ترجمة أبيه، وكيف قبض على أبيه، واستبد بالأمر، ثم إنه حارب عضد الدولة ابن بويه،
وصار إلى الرحبة، ثم هرب منها خوفاً من ابن
(26/401)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 402
عمه سعد الدولة صاحب حلب، ومن بني كلاب، فإن عضد الدولة كاتبهم وجبرهم عليه، فوصل
إلى مرج دمشق، وأراد دخولها، فمانعه) صاحبها قسام، فأنفذ أبو تغلب كاتبه إلى
العزيز يستنجد به، ثم نزل بحوران، وفارق ابن عمه الغطريف، ورد إلى خدمته عضد
الدولة، فجاء الخبر من كاتبه بأن يقدم على العزيز، فخاف وتوقف، ثم نزل بأرض طبرية،
وبعث العزيز مولاه الفضل ليأخذ له دمشق، فاجتمع به أبو تغلب، ثم تفرقا عن وحشة.
وكان مفرج الطائي قد استولى على الرملة، فاتفق مع فضل على حرب أبي تغلب وبني عقيل
النازلين بالشام، فوقع التصاف بظاهر الرملة في سنة تسع، مستهل صفر، فانهزم بنو
عقيل، وأسر مفرج أبا تغلب، ثم قتله صبراً، وبعث برأسه إلى العزيز. ذكر ذلك القفطي.
ولم يذكر ابن عساكر أبا تغلب في تاريخه، والله أعلم. محمد بن أحمد بن علي، أبو
الحسن الواعظ الصوفي، صاحب ابن الجلاء. وحدث بدمشق في هذه السنة عن: أحمد بن
المعلى الدمشقي، والعباس بن يوسف الشكلي، وعبد الله البغوي. وعنه: الحسين بن جعفر
الجرجاني وعبد الوهاب الميداني. محمد بن أحمد بن طاهر، أبو طاهر الصوفي شيخ
الملاشة. كان كثير الاجتهاد والتلاوة، أنفق على الفقراء ما لا يحصى. محمد بن
إبراهيم بن محب، أبو عبد الله الزهري الأندلسي. سمع ببجانة من سعيد بن فحلون،
وأحمد بن جابر. وعاش ستين سنة.
(26/402)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 403
محمد بن عبد الرحمن بن عمرو، أبو بكر الرحبي الحمصي القاضي. سمع: أباه، ومحمد بن
جعفر بن رزين، وأبا الجهم بن طلاب، ومحمد بن يوسف الهروي، وجماعة. وعنه:
الدارقطني، وهو من أقرانه، والمسدد الأملوكي، وعلي بن السمسار. حدث أيضاً بدمشق في
هذه السنة. محمد بن عبيدون بن فهد الأندلسي القرطبي. سمع: من أبيه، وروى عن: محمد
بن وضاح جزءاً سمعه منه، وهو ابن إحدى عشرة سنة. وروى عنه المدونة بالإجازة، وهو
آخر من حدث في الدنيا عن ابن وضاح.) قال ابن عفيف: وقط طعن في عدالته. وقال ابن
الفرضي: كان ذاهب السمع، لم أرو عنه. ولد سنة اثنتين وسبعين ومائتين. محمد بن علي
بن عبد الله بن إسحاق، أبو علي الجرجاني الوزدولي، ووزدول من قرى جرجان. نزلبغداد،
وحدث عن: عمران بن موسى بن مجاشع، ويحيى بن صاعد، وأبي عروبة. وعنه: أبو سعيد
الماليني، وأحمد بن علي البادي سمع منه في هذا العام.
(26/403)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 404
محمد بن عيسى بن عمرويه، أبو أحمد النيسابوري الجلودي الزاهد، راوي صحيح مسلم.
سمع: عبد الله بن شيرويه، وإبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه، وأحمد بن إبراهيم بن
عبد الله، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبا بكر بن زنجويه القشيري، ومحمد بن المسيب
الأرغياني، وغيرهم بنيسابور، ولم يرحل منها. روى عنه: الحاكم أبو عبد الله، وأحمد
بن الحسن بن بندار الرازي، وأبو سعيد عمر بن محمد السجزي، وأبو سعيد محمد بن علي
النقاش، وأبو محمد بن يوسف، وعبد الغافر بن محمد الفارسي، وآخرون، وآخرهم عبد
الغافر. قال الحاكم في تاريخه: محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الرحمن الزاهد، أبو
أحمد الجلودي، كذا سمى أباه وجده، وقال: هو من كبار عباد الصوفية، صحب أصحاب أبي
حفص، وكان يورق بالأجرة، ويأكل من كسب يده، وكان ينتحل مذهب سفيان الثوري ويعرفه.
توفي في الرابع والعشرين من ذي الحجّة. قال: وختم بوفاته سماع كتاب مسلم، فإن كل
من حدث به بعده عن إبراهيم بن سفيان فإنه غير ثقة. قال الحاكم: وقد سئل عن
الجلودي: كان من أعيان الفقراء الزهاد، من أصحاب المعاملات في التصوف، ضاعت
سماعاته من أبي سفيان، فنسخ البعض من نسخة لم يكن له فيها سماع. وقال ابن دحية،
إختلف في الجلودي، فقيل: بفتح اليم التفاتاً إلى ما ذكره يعقوب في الإصلاح، ونقله
ابن قتيبة في الأدب، وليس هذا من ذاك في شيء، لأن الذي ذكره يعقوب رجل منسوب إلى
جلود من قرى
(26/404)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 405
إفريقية، بينه وبين هذا أعوام عديدة، وهذا متأخر كان يحكم في الدار التي تباع فيها
الجلود للسلطان، وكان الصواب عند النحويين أن يقال الجلدي، لأنك إذا نسبت إلى
الجمع رددت إلى الواحد، كقولك صحفي وفرضي.) وقال ابن نقطة: رأيت نسبه بخط غير واحد
من الحفاظ: محمد بن عيسى بن عمرويه بن منصور. قال الحاكم: وفدن في مقبرة الحيرة،
وهو ابن ثمانين سنة. محمد بن محمد بن يعقوب بن إسماعيل بن حجاج النيسابوري الحافظ
أبو الحافظ، أبو الحسين الحجاجي. المقريء العبد الصالح الصدوق. قرأ القرآن ببغداد
على: ابن مجاهد، وسمع عمر بن أبي غيلان، وعبد الله بن إسحاق المدائني، ومحمد بن
جرير الطبري، وببلده أبا العباس الثقفي، وأبا بكر بن خزيمة، وأحمد بن محمد
الماسرجسي، ومحمد بن المسيب. وبالري محمد بن جعفر بن نصر الرازي، والكوفة علي بن
العباس المقانعي، وبمصر علان بن الصيقل، وأسامة بن علي الرازي، وبدمشق أبا الجهم
بن طلاب، وابن جوصا. مصنف العلل والشرح والأبواب. وعنه: أبو علي الحافظ، وهو أكبر
منه، وأبو بكر بن المقريء، وهو من طبقته، بل أقدم منه، وأبو عبد الله بن مندة،
والحاكم، وأبو بكر البرقاني العبدوي.
(26/405)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 406
قال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: ما في أصحابنا أفهم ولا أثبت من أبي
الحسين، وأنا ألقبه بعفاف لثبته. قال الحاكم: ولعمري أنه لكما قال الحافظ أبو علي،
فإن فهمه كان يزيد على حفظه. قال الحاكم: وكان يمتنع عن الرواية وهو كهل، فلما بلغ
الثمانين لازمه أصحابنا بالليل والنهار، حتى سمعوا منه كتابه في العلل وهو نيف وثمانون
جزءاً. وسمعوا منه الشيوخ وسائر المصنفات. صحبته ستاً وعشرين سنة بالليل والنهار،
فما أعلم أني علمت أن الملك كتب عليه خطيئة. وثنا أبو علي الحافظ في مجلس إملائه
قال: حدثني أبو الحسين بن يعقوب، وهو أثبت من حدثنا عنه اليوم، فذكر حديثاً. توفي
خامس ذي الحجّة، عن ثلاث وثمانين سنة. محمد بن يعقوب بن إسحاق بن محمود بن إسحاق،
أبو حاتم الهروي. يروي عن: محمد بن الليث القهندزي، ومحمد بن عبد الرحمن الشامي،
والحسين بن إدريس،) وجماعة. وعنه: ابنه أبو محمد، ومحمد بن المنتصر، وإسحاق
القراب، وأبو عثمان سعيد القرشي. وكان فقيهاً فاضلاً. وتوفي في رجب. هفتكن أبو
منصور التركي الشرابي الأمير.
(26/406)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 407
هرب من بغداد خوفاً من عضد الدولة، ونزل بنواحي حمص، فسار إليه ظالم العقيلي من
بعلبك ليأخذه، فلم يقدر، وكاتبوا هفتكين من دمشق، فقدمها وغلب عليها في سنة أربع
وستين، وأقام الدعوة العباسية، وأزال دعوة بني عبيد، ثم تأهب لقتالهم وتوجه في
شعبان من السنة، فنزل على صيدا، ودافع جند بني عبيد، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وأخذ
مراكب لهم في ساحل صيدا، فسار لحربه من مصر جوهر، فحصن هو دمشق، فنازلها جوهر المعزي
بجيوشه في ذي القعدة سنة خمس وستين، وحاصرها سبعة أشهر، ثم ترحل لما بلغه مجيء
القرمطي من الأحساء، فسار هفتكين في طلب جوهر، فأدركه بعسقلان، فكسر جوهراً وتحصن
جوهر بعسقلان، فحاصرها هفتكين سنة وثلاثة أشهر، ثم أمنه فنزل وراح، فصادف صاحب مصر
العزيز نزاراً، وقد خرج في جيوشه قاصداً دمشق، فرد في خدمته، فكانوا سبعين ألفاً،
فالتقاهم هفتكين وثبت، ثم انكسر، وأسروه في أول شعبان سنة ثمان وستين وحمل إلى
مصر، ثم من عليه العزيز وأطلقه، وصار له موكب، فخافه الوزير يعقوب بن يوسف بن كلس
فقتله، دس عليه من سقاه السم، وقيل بل هلك في سنة إحدى وسبعين، وكان إليه المنتهى
في الشجاعة.
(26/407)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 408
(26/408)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 409
1 (وفيات تسع وستين وثلاثمائة)
أحمد بن إسحاق بن محمد بن أحمد بن الحسين بن شيبان، أبو محمد البغدادي الشيباني ثم
الهروي الضرير. سمع: معاذ بن نجدة، وعلي بن محمد الجكاني، وأقرانهما. روى عنه: أبو
الفضل بن أبي عصمة، وأبو عثمان سعيد القرشي، وأبو حازم العبدوي. توفي في جمادى
الآخرة. أحمد بن الحسين بن أحمد بن المؤمل الصيرفي البغدادي، ابن أبو نعيم الحافظ
أبي بعيد بن المؤمل. توفي في المحرم.) قال ابن أبي الفوارس: كان فيه نظر. أحمد بن
عبد الوهاب النصراباذي محمد بن أبي صدام، أبو بكر اللهبي الصابوني، دمشقي مستور
الحال.
(26/409)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 410
روى عن: سعيد بن عبد العزيز، وابن الدرفس، وجماهر الزملكاني، ومحمد بن خريم. وعنه:
تمام، وعبد الوهاب الميداني، وعلي بن السمسار، وجماعة. توفي في ربيع الأول. أحمد
بن عبد الوهاب بن يونس، أبو عمر القرطبي، الفقيه الشافعي تلميذ عبيد الشافعي
الفقيه. كان ذكياً عالماً بالاختلاف، كيساً مناظراً نحوياً لغوياً، وكان ينسب إلى
الإعتزال. توفي فيها وفي صدور سنة سبعين. أحمد بن عطاء بن أحمد بن محمد بن عطاء،
أبو عبد الله الصوفي الكبير، نزيل صور. حدث عن: أبو القاسم البغوي، وابن أبي داود،
وعلي بن محمد بن عبيد الحافظ، والحسين بن إسماعيل المحاملي، وجماعة.
(26/410)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 411
وعنه: ابن جميع، وابنه السكن، وعبد الله بن بكر الطبراني، وأحمد بن الحسن الطيان،
وأبو عبد الله بن باكويه، وعلي بن جهضم، وعلي بن عياض الصوري، وآخرون. قال حمزة
السهمي: سمعت أبا طاهر الرقي، سمعت أحمد بن عطاء يقول: كلمني جمل في طريق مكة،
رأيت الجمال والمحامل عليها، وقد مدت أعناقها في الليل، فقلت: سبحان الله، من يحمل
عنها ما هي فيه، فالتفت إلي جمل فقال لي: قل جل الله، فقلت: جل الله. وقال السلمي:
أحمد بن عطاء هذا ابن أخت أبي الروذباري، يرجع إلى أنواع من العلوم، منها علم
القرآءات وعلم الشريعة، وعلم الحقيقة، وإلى أخلاق في التجويد يختص بها ويربي على
أقرانه، وهو أوحد مشايخ وقته في بابته وطريقته. توفي في ذي الحجّة سنة تسع وستين.
وقال الخطيب: روى أحاديث غلط فيها غلطاً فاحشاً، فسمعت الصوري يقول: حدثونا عن
الروذباري، عن إسماعيل الصفار، عن ابن عرفة أحاديث لم يروها الصفار، قال: ولا أظنه
معتمد الكذب لكن شبه عليه. وقال القشيري: كان شيخ الشام في وقته.) ومن كلام أحمد
بن عطاء: الذوق أول المواجيد، فأهل الغيبة إذا شربوا طاشوا، وأهل الحضور إذا شربوا
عاشوا.
(26/411)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 412
وقال: ما من قبيح إلا وأقبح منه صوفي شحسح. وقال: التصوف ينفي عن صاحبه البخل.
وكتب الحديث ينفي عن صاحبه الجهل، فإذا اجتمعا في شخص فناهيك به نبلاً. وقال: ليس
كل من يصلح للمجالسة يصلح للمؤانسة، وليس كل من يصلح للمؤآنسة يؤتمن على الأسرار.
أحمد بن محمد بن حسنويه بن يونس، أبو حامد الهروي العدل. سمع: الحسين بن إدريس،
وغيره. وعنه: إسحاق القراب، وأبو بكر البرقاني، وأبو حازم العبدوي، وأبو عثمان
سعيد القرشي. وقال أبو النضر الفامي: كان ثقة. قلت: توفي في رمضان. أحمد بن محمد
بن دلان بن هارون الفقيه، أبو حامد الزوزني. توفي في جمادى الآخرة. إبراهيم بن
أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا، أبو إسحاق البغدادي البزار، شيخ الحنابلة وفقيههم.
كان إماماً في الأصول والفروع. سمع من: دعلج بن أحمد، وأبي بكر الشافعي، وأبي علي
بن الصواف،
(26/412)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 413
وتفقه على أبي بكر عبد العزيز. وكان يشغل الناس، وله حلقة بجامع المنصور. توفي في
رجب وله أربع وخمسون سنة، لم يبلغ سن الرواية إبراهيم بن ثابت، أبو إسحاق الدعاء
المذكر، يقال إنه لقي الجنيد. قال السلمي: كان من أروع المشايخ وأزهدهم وأحسنهم
حالاً وألزمهم للشريعة. وكان له حلقة ببغداد، تقدمت إليه وسألته أن يدعو لي فقال:
يا أخي إختر ما جرى لك في الأزل خير لك من معارضته الوقت.) وكان يقول: كان الجنيد
يأتي إلى دارنا. وقال إبراهيم: دع ما تندم عليه. الحسن بن أحمد بن دليف الأزركاني.
حدث عن ابن الجارود. الحسن بن علي بن شعبان، أبو علي المصري. روى عن ابن المنذر.
الحسن بن علي البصري الحنفي، المعروف بالجعل. كان مقدماً في الفقه والكلام، عاش
ثمانين سنة. وكان من كبار المعتزلة، وله تصانيف على قواعدهم.
(26/413)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 414
ذكره أبو إسحاق في طبقات الفقهاء فقال فيه: رأس المعتزلة. وكناه: أبا عبد الله.
قال الخطيب: له تصانيف كثيرة في الاعتزال. قال لي أبو عبد الله الصيمري: كان
مقدماً في الفقه والكلام مع كثرة أماليه فيهما وتدريسه لهما. قال: وتوفي في ذي
الحجّة. وحدثني التنوخي أنه ولد سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة. قيل: وصلى عليه أبو
علي الفارسي النحوي. الحسبن بن كهمس، أبو علي الجوهري المصري المعدل. سمع أبا
العلاء الكوفي، وتوفي في شعبان. الحسن بن محمد بن علي أبو سعيد الأصبهاني الزعفراني.
كان فيما ذكر أبو نعيم بندار البلد في كثرة الأصول والحديث، صاحب معرفة وإتقان،
صنف المسند والتفسير والشيوخ، وله من المصنفات شيء كثير. سمع: أبو القاسم البغوي،
ويحيى بن صاعد، والحسين بن علي بن زيد. وعنه: أبوبكر بن أبي علي، وأبو نعيم، وأهل
أصبهان. أخبرنا أحمد بن سلامة إجازة، عن ابن مسعود الجمال، أن أبا علي الحداد
أخبره، قال: أنا أبو نعيم، ثنا الحسين بن محمد، ثنا الحسين بن
(26/414)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 415
علي بن زيد، ثنا محمد بن عمرو بن حنان، ثنا بقية بن أبي فروة الرهاوي، عن مكحول،
عن شداد بن أوس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم) وحسبي الله ونعم الوكيل أمان
كل خائف. خالد بن هاشم أبو زيد القرطبي الوزير. سمع: أسلم بن عبد العزيز، وأحمد بن
خالد بن الحباب. وتوفي في صفر، ووزر قليلاً للمؤيد بالله. رحيم بن سعيد بن مالك
الضرير، أبو سعيد العابر. سمع: أبا زرعة الدمشقي، وهو آخر من حدث عنه: وحاجب بن
أركين. روى عنه: عبد الغني بن سعيد الحافظ، ويحيى بن علي بن الطحان، وأحمد بن عمر
الجهازي. قال عبد الغني: سمعته يقول: سمعت من أبي زرعة. وقال ابن الطحان: سمعنا
منه سنة تسع وستين، وعاش بعد ذلك يسيراً. قال: عمري مائة وسبع سنين. سعيد بن أبي
سعيد محمد بن أحمد بن سعيد، أبو عثمان الصوفي النيسابوري. قال الحاكم: رفيقي، لعله
كتب بانتخابي على الشيوخ نحو مائة ألف
(26/415)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 416
حديث بخراسان والعراق، فقد وصل إلي من سماعي بخطه الدقيق أكثر من ستمائة جزء. سمع:
الأصم وغيره، وببغداد أحمد بن كامل، وعبد الله بن إسحاق الخراساني. ومات كهلاً.
وروى عنه: الحاكم، وأبو العلاء الواسطي. عبد الله بن أحمد بن راشد بن شعيب، أبو
محمد بن أخت وليد البغدادي الفقيه الظاهري، قاضي دمشق. حدث عن: ابن قتيبة
العسقلاني، وعلي بن عبد الله الرملي. وعنه: ابن منير، وابن نظيف الفراء، ومحمد بن
جعفر بن المذكر، وغيرهم. ذكره ابن عساكر، فقال: وكان خياطاً فولي قضاء مصر في دولة
الإخشيد. قال: وقيل: وكان سخيفاً أخذ الرشوة، وهجوه بقصيدة. وولي قضاء دمشق سنة
ثمان وأربعين وثلاثمائة، وطال عمره. توفي في ذي القعدة، وولي قضاء مصر سنة تسع
وعشرين وثلاثمائة، وعزل سنة تسع وعشرين وثلاثمائة. وقال أبو محمد بن حزم: أبو محمد
عبد الله بن محمد بن شعيب المعروف بابن أخت وليد، ولي قضاء دمشق ومصر، وله مصنفات
كثيرة. أخذ عن أبي الحسن عبد الله بن أحمد بن المغلس) الداوودي، ثم قرأت في كتاب
قضاة مصر لابن زولاق قال: كان محمد بن بدر قاضي مصر قد أوقف من الشهود عبد الله بن
وليد، فدخل يوماً على محمد بن بدر، فلم يوسع له أحد.
(26/416)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 417
فقال ابن بدر: عندي يا أبا محمد، فأبى، وجلس قليلاً وانصرف، ثم كتب إلى بغداد إلى
ابن أبي السوار يطلب أن يوليه قضاء مصر، وبذل له، وأعانه جماعة ببغداد، فكتب إليه
بالقضاء، فجاءه العهد في رمضان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. وكان قاضي الرملة
الحسين بن هارون بمصر، فركب إليه ابن الوليد يعرفه بالأمر، وأراه عهده، والتمس
معونته، فطمع ابن هارون في الأمر، وقوي قوم نفسه، فأعانه الإخشيد، ففتر أمر ابن
وليد، ولم يعنه الإخشيد، وتمرض، فكان الناس يقولون: عبد الله بن وليد، أبرد من
الجليد، عبد الله بن وليد، تحت القضاء الشديد، عبد الله بن وليد، هوذا يموت شهيد.
ثم بعد سنة ولي مصر ابن وبر فلم يلبث أن مات، وبقي ابن وليد في القضاء، فتولى من
جهة ابن هارون قاضي الرملة المذكور، وقريء عهد الراضي بالله إلى ابن هارون بقضاء
مصر، ثم عزل ابن وليد عن الحكم بعد ستة أشهر، وحكم بعده أبو المذكر محمد بن يحيى المالكي
عشرة أيام، وصرف، وقد ولي ابن وليد مرة ثانية وثالثة بمصر. والثالثة كانت من جهة
المستكفي بالله، فكانت أجل ولاياته، ثم تكبر وتجبر، فاستهان بالناس، وكان يهزل في
مجلسه ويلعب، وطالت ولايته، وخلع المستكفي فجاءه تقليد القضاء من المطيع. ثم إن
المطيع رد قضاء مصر إلى محمد بن الحسن الهاشمي، فكتب إلى ابن وليد بالعهد من قبله،
ثم إنه أخذ في تكثير الشهود وتعديل من لا يليق، فقتره، وكان قبل ذا تاجراً بزازاً
كثير الأموال، ثم عزل وولي بعد مدة قضاء دمشق. وله أخبار يطول ذكرها، إن الله
يسامحه. وحفظ عنه أنه كان يقول لحاجبه: أين اليهود، يعني الشهود، والكمناء، يعني
الأمناء. وقالت له امرأة خذ بيدي، فقال: وبرجلك.
(26/417)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 418
وكان ينقم عليه هزله المقذع، وببسطه في الأحكام والإرتشاء، وكان أبو طاهر الذهلي
لا ينفذ له حكماً. عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي، أبو محمد البغدادي
البزاز. سمع: أبا مسلم الكجي، وأبا شعيب الحراني، وخلف بن عمرو العكبري، ويوسف
القاضي، وأحمد بن أبي عوف البزوري، وغيرهم.) وعنه: أبو الحسين بن رزقويه، وأبو
الفتح بن أبي الفوارس، والبرقاني، وإبراهيم بن عمر البرمكي الفقيه، وآخرون. وولد
سنة أربع وسبعين ومائتين. قال الخطيب: كان ثقة ثبتاً، سألت البرقاني: أيما أحب
إليك، ابن مالك القطيعي، أو ابن ماسي فقال: ليس هذا مما يسأل عنه، ابن ماسي ثقة
ثبت لم يتكلم فيه. قلت: ابن ماسي في رجب، وله خمس وتسعون سنة. عبد الله بن محمد بن
جعفر بن حبان، أبو محمد الأصبهاني الحافظ، أبو الشيخ صاحب التصانيف. ولد سنة أربع
وسبعين ومائتين. وسمع في صغره: جده لأمه محمود بن الفرج الزاهد، وإبراهيم بن
(26/418)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 419
معدان، ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن حفص رئيس أصبهان، ومحمد بن أبو سد المديني،
وأحمد بن محمد بن علي الخزاعي، وعبد الله بن محمد بن زكريا، وإبراهيم بن رستة،
وأبا بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، وأبا بكر أحمد بن عمر البزاز، وإسحاق بن
إسماعيل الرملي. وأول سماعه سنة أربع وثمانين، ورحل فسمع بالبصرة من أبي خليفة
وغيره، وببغداد من أحمد بن الحسن الصوفي وطبقته، وبمكة المفضل الجندي وغيره،
وبالموصل من أبي يعلى، وبحران من أبي عروبة، وبالري وأماكن أخر. وكان حافظاً
عارفاً بالرجال والأبواب، كثير الحديث إلى الغاية، صالحاً عابداً قانتاً لله، صنف
تاريخ بلده والتاريخ على السنين، وكتاب السنة وكتاب العظمة وكتاب ثواب الأعمال
وكتاب السنن. وقد وقع لنا أشياء من حديثه وتخاريجه. روى عنه أبو سعد الماليني،
وأبو بكر بن مردويه، وأبو بكر الملك بن عبد الرحمن الشيرازي، وأبو نعيم، ومحمد بن
علي بن سمويه المؤدب، وسفيان بن حسنكويه، وأبو بكر محمد بن علي بن برد، والفضل بن
محمد القاساني، وحفيده محمد بن عبد الرزاق بن عبد الله، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن
عبد الرحيم الكاتب، وخلق سواهم. قال بهروزمرد أبو نعيم: كان أحد الأعلام، صنف
الأحكام والتفسير، وكان يفيد عن الشيوخ) ويصنف لهم ستين سنة، وكان ثقة. أخبرنا علي
بن عبد الغني المعدل في كتابه، أنه سمع يوسف بن خليل الحافظ يقول: رأيت في النوم
كأني دخلت مسجد الكوفة، فرأيت في وسطه شيخاً طوالاً لم أر
(26/419)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 420
قط أحسن منه، وعليه ثياب بيض، فقيل لي: أتعرف هذا قلت: لا. فقيل لي: هو أبو محمد
بن حيان، فخرجت خلفه، وقلت له: أنت أبو محمد بن حيان فقال: أنا أبو محمد. قلت:
أليس قد مت قال: بلى. قلت: فبالله، ما فعل الله بك قال: الحمد لله الذي صدقنا وعده
وأورثنا الأرض، إلى آخر الآية. فقلت: أنا يوسف بن خليل الدمشقي جئت لأسمع حديثك
وأحصل كتبك. فقال: سلمك الله، وفقك الله، ثم صافحته، فلم أر شيئاً قط ألين من كفه،
فقبلتها ووضعتها على عيني. توفي أبو الشيخ فيما ذكر أبو نعيم في سلخ المحرم من
السنة. عبد الرحمن بن أحمد بن حمدويه، أبو سعيد النيسابوري المقريء المؤذن. كان
خيراً مجتهداً من أولاد المحدثين. حج به أبوه سنة ثلاثمائة، وجاور به، فسمعه من:
أحمد بن زيد بن هارون القزاز صاحب إبراهيم بن المنذر الحرامي، ومن جماعة ثم رجع
وسمع من عبد الله بن شيرويه، ومحمد بن شادل، والسراج، وابن خزيمة، وببغداد من
البغوي، وجماعة. وخرج له الحاكم فوائد، وحدث بأصبهان وبالبصرة وغيرهما. روى عنه:
الحاكم، وأبو حفص بن مسرور. عبد الرحمن بن عبيد الله بن موسى أبو المطرف بن الزامر
القرطبي. سمع: أحمد بن يحيى بن الشامة، ووهب بن مسرة، ومحمد بن
(26/420)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 421
معاوية القرشي، وخلقاً، ورحل فسمع من الآجري، وطبقته، وكان كثير الجمع للحديث. عاش
خمسين سنة. عبد العزيز بن محمد بن الحسن بن محمد التميمي الجوهري، أبو محمد قاضي
الصعيد. روى عن: ابن زبان، وأبي جعفر الطحاوي. عبيد الله بن العباس بن الوليد بن
مسلم، أبو أحمد الشطوي. البغدادي ثقة. سمع: عبد الله بن ناجية، وإبراهيم بن موسى
الجوزي، وأحمد بن حسن الصوفي.) وعنه: أبو العلاء الواسطي، وعلي بن عبد العزيز
الظاهري، ومحمد بن عمر بن بكير، وأبو علي بن دوما. وقال ابن أبي الفوارس: توفي في
شوال، وكان فيه تساهل. علي بن حفص الأردبيلي الحافظ. سمع: الحسن بن علي الطوسي،
ومحمد بن إبراهيم الأصبهاني، وجماعة. وكان حافظاً كأبيه.
(26/421)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 422
عمر بن أحمد بن السراج الشاهد، أبو حفص، بغدادي ثقة. أحذ عن: أبي بكر بن الأنباري.
عمر بن أحمد بن يوسف، أبو حفص البغدادي، وكيل الخليفة المتقي لله، يعرف بأبي نعيم.
روى عنه: أحمد بن الحسن الصوفي، وغيره. روى عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وبشري
الفاتني. وثقه الخطيب. محمد بن أحمد بن جعفر، أبو عمر الأرغياني المؤذن. ثقة. حدث
بسمرقند: عن أبي العباس السراج، وعلي بن الفضل البلخي. وعنه: أبو سعيد الإدريسي.
توفي بسمرقند في ذي القعدة. محمد بن أحمد بن حامد بن حميرويه، أبو أحمد النيسابوري
الكرابيسي الحافظ. سمع: السراج، ومؤمل بن الحسن، وطبقتهما، ورحل فسمع من أبي حاتم،
وأبي عقدة، وطبقتهما. قال الحاكم: كان يرجع إلى عرفة وفهم. سمع الكثير، وصنف وثنا.
توفي في صفر. محمد بن أحمد بن حامد، أبو جعفر بن الميتم البغدادي، مولى الهادي.
(26/422)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 423
قال ابن أبي الفوارس: كتبنا عنه، عن الفريابي، وغيره، وكان لا بأس به، وكان فيه
دعابة. توفي في شوال. محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هارون، الإمام أبو سهل
الحنفي العجلي الصعلوك) النيسابوري. الفقيه الشافعي الأديب اللغوي المتكلم المفسر
النحوي الشاعر المفتي الصوفي، حبر زمانه بقية أقرانه. هذا قول الحاكم فيه. وقال:
ولد سنة ست وتسعين ومائتين، وأول سماعه سنة خمس وثلاثمائة. واختلف إلى أبي بكر بن
خزيمة، ثم إلى أبي علي محمد بن عبد الوهاب الثقفي، وناظر وبرع، ثم استدعي إلى
أصبهان، فلما بلغه نعي عمه أبي الطيب، خرج متخفياً، فورد نيسابور سنة سبع وثلاثين
وثلاثمائة، ثم نقل أهله من أصبهان، وأفتى ودرس بنيسابور نيفاً وثلاثين سنة. سمع:
ابن خزيمة، وأبا العباس السراج، وأبا العباس أحمد بن محمد الماسرجسي، وأبا قريش
محمد بن جمعة، وأحمد بن عمر المحمد أباذي، وبالري أبا محمد بن أبي حاتم، وببغداد
إبراهيم بن عبد الصمد، وأبا بكر بن الأنباري، والمحاملي. وكان يمتنع من التحديث
كثيراً إلى سنة خمس وستين، فأجاب للإملاء. وقد سمعت أبا بكر بن إسحاق الضبعي غير
مرة يعود الأستاذ أبا
(26/423)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 424
سهل ويقول: بارك الله فيك لا أصابك العين. وسمعت أبا منصور الفقيه يقول: سئل أبو
الوليد الفقيه عن أبي بكر القفال وأبي بكر الصعلوكي أيهما أرجح فقال: ومن يقدر أن
يكون مثل أبي سهل. وقال الصاحب إسماعيل بن عباد: ما رأينا مثل أبي سهل، ولا رأى
مثل نفسه. وقال الحاكم أبو عبد الله: أبو سهل مفتي البلدة وفقيهها، وأجلد من رأينا
من الشافعيين بخراسان، ومع ذلك أديب، شاعر، نحوي، كاتب، عروضي، محب للفقراء. وقال
أبو إسحاق الشيرازي: أبو سهل الصعلوكي الحنفي من بني حنيفة، صاحب أبي إسحاق
المروزي، مات في آخر سنة تسع وستين، وكان فقيهاً، أديباً، شاعراً، متكلماً،
مفسراً، صوفياً، كاتباً. وعنه أخذ ابنه أبو الطيب، وفقهاء نيسابور. قلت: وهو صاحب
وجه، ومن غرائبه أنه قال: إذا نوى غسل الجنابة والجمعة معاً لا يجزئه لواحد. وقال
بوجوب النية لإزالة النجاسة. وقد نقل الماوردي، وأبو محمد البغوي للإجماع أنها لا
تشترط. وقال أبو العباس الفسوي: كان أبو سهل الصعلوكي مقدماً في علم الصوفية، صحب
الشبلي، وأبا علي الثقفي، والمرتعش، وله كلام حسن في التصوف.) قلت: مناقبه جمة،
ومنها ما رواه القشيري أنه سمع أبا بكر بن فورك يقول: سئل الأستاذ أبو سهل عن جواز
رؤية الله بالعقل، فقال: الدليل عليه شوق المؤمنين إلى لقائه، والشوق إرادة مفرطة،
والإرادة لا تتعلق بمحال. وقال السلمي: سمعت أبا سهل يقول: ما عقدت على شيء قط،
وما
(26/424)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 425
كان لي قفل ولا مفتاح، ولا صررت على فضة ولا ذهب قط. وسمعته يسأل عن التصوف فقال:
الإعراض من الإعتراض. وسمعته يقول: من قال لشيخه: لم، لا يفلح أبداً. وقد حضر أبو
القاسم النصراباذي وجماعة، وحضر قوال، فكان فيما عني به، هذا: جعلت تنزهي نظري
إليكا. فقال النصراباذي: جعلت، فقال أبو سهل: بل جعلت، فرأينا النصراباذي ألطف
قولاً منه في ذلك، فرأى ذلك فينا، فقال: ما لنا وللتفرقة، أليس يمين الجمع أحق
فسكت النصراباذي ومن حضر. وقال لي أبو سهل: أقمت ببغداد سبع سنين، فما مرت بي جمعة
إلا ولي على الشبلي وقفة أو سؤال، ودخل الشبلي على أبي إسحاق المروزي فرآني عنده
فقال ذا المجنون من أصحابك قال لا بل من أصحابنا. أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة
الله بن تاج الأمناء، أنا محمد بن يوسف الحافظ، أن زينب ينت أبي القاسم الشعري
أخبرته. ح وأنا أبو الفضل، أنها كتبت إليه تخبره، أن إسماعيل بن أبي القاسم
أخبرها، ثنا عمر بن أحمد بن مسرور، ثنا أبو سهل محمد بن سليمان الحنفي إملاء، ثنا
أبو قريش الحافظ، ثنا يحيى بن سليمان بن نضلة، ثنا مالك، عن سهيل بن أبي صالح، عن
أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن يأكل في معي
واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء.
(26/425)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 426
وبهذا الإسناد إلى ابن مسرور. قال: أنشدنا أبو سهل لنفسه:
(أنام على سهو وتبكي الحمايم .......... وليس لها جرم ومني الجرايم)
(كذبت وبيت الله لو كنت عاقلاً .......... لما سبقتني بالبكاء الحمايم)
وقال الحاكم: سمعت الأستاذ أبا سهل ودفع إليه مسألة، فقرأها علينا، وهي:)
(تمنيت شهر الصوم لا لعبادة .......... ولكن رجاء أن أرى ليلة القدر)
(فأدعوا له الناس دعوة عاشق .......... عسى أن يريح العاشقين من الهجر)
فكتب أبو سهل في الحال:
(تمنيت ما لو نلته فسد الهوى .......... وحل به للحين قاصمة الظهر)
(فما في الهوى طب ولا لذة سوى .......... معاناة ما فيه يقاسي من الهجر.)
قال الحاكم: فتوفي أبو سهل في ذلك سنة تسع وستين بنيسابور. محمد بن صالح بن علي بن
يحيى بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله ابن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد
الله بن العباس القاضي، أبو الحسن الهاشمي العباسي البغدادي، الكوفي الأصل،
المعروف بابن أم شيبان قاض بغداد. سمع: عبد الله بن زيدان البجلي ومحمد بن عقبة.
وروى عنه: أبو بكر البرقاني، وغيره.
(26/426)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 427
وولي القضاء سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، وقدم بغداد من الكوفة مع أبيه وأخيه
القاضي محمد الذي مر بعد ثلاثمائة. وقرأ على ابن مجاهد، ثم صاهر أبا عمر محمد بن
يوسف القاضي على بنت بنته. قال طلحة بن جعفر: هو رجل عظيم القدر، واسع العلم، كثير
الطلب، حسن التصنيف، ينظر في فنون، متوسط في مذهب مالك. قال: ولا أعلم هاشمياً
تقلد قضاء بغداد غيره، جمعت له بغداد، ثم قلد معها قضاء مصر، وقطعة من الشام. وقال
ابن أبي الفوارس: كان نبيلاً فاضلاً، ما رأينا في معناه مثله، وفي الصدق نهاية.
ولد سنة ثلاث وتسعين ومائتين. قال: وتوفي فجأة لليلة من جمادى الأولى. قلت: كان من
خيار القضاة في زمانه مع الشرف والعلم. محمد بن عبد الرحمن بن سهل بن مخلد، أبو
عبد الله الأصبهاني الغزال. محدث رحال جوال. سمع عبدان الأهوازي، ومحمد بن زبان بن
حبيب، وعلب بن أحمد علان، والقاسم بن عيسى القصار الدمشقي وطبقتهم. وعنه: أبو بكر
بن أبي علي الذكواني، وأبو نعيم الأصبهاني، وقال: هو أحد من يرجع إلى حفظ ومعروف،
وله مصنفات.) توفي في ذي الحجّة.
(26/427)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 428
وروى عنه أيضاً: أبو سعد الماليني، وأبو بكر أحمد بن الحارث الأصبهاني، وطائفة.
وله تصانيف في القراءآت والحديث. محمد بن علي بن الحسن بن أحمد، أبو بكر النقاش
الحافظ المصري نزيل تنيس. ولد سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وهو راوي نسخة فليح.
توفي في شعبان. روى عن: محمد بن جعفر الإمام نزيل دمياط صاحب إسماعيل بن أبي أويس،
وأحد شيوخ النسائي أيضاً، وأبي عبد الرحمن النسائي، وأبي يعقوب إسحاق المنجنيقي.
ورحل من مصر، فسمع بدمشق جماهر بن محمد الزملكاني، وببغداد عمر بن أبي غيلان،
ومحمد بن أبي صالح بن ذريح، وبالموصل أبا يعلى، وبالأهواز عبدان، في خلق سواهم.
وعنه: الدارقطني، والحسين بن جعفر الكاملي، ويحيى بن علي الطحان، وعلي بن إبراهيم
بن علي الغازي، والحسن بن جماعة الإسكندراني، وعلي بن الحسين بن جابر التنيسي القاضي،
وغيرهم. ورحل إليه الدارقطني إلى تنيس. توفي النقاش رابع شعبان، وكان أحد أئمة
الحديث. محمد بن محمد بن إسماعيل، أبو نصر الكرابيسي النيسابوري. يروي عن: علي بن
عبدان، وابن الشرقي. ما كأنه شاخ. محمد بن المهلب بن محمد، أبو بكر المصري
الصيدلاني العدل. توفي في صفر، وله مائة وتسع سنين.
(26/428)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 429
محمد بن يحيى بن عبد العزيز، أبو عبد الله القرطبي بن الخراز. سمع: محمد بن عمر بن
لبابة، وعمر بن حفص، وأسلم بن عبد العزيز، وأحمد بن خالد، وجماعة. وولي قضاء
طليلطة وباجة، وولي الصلاة بقرطبة، وزمن في الآخر سبعة أعوام، فأكثروا عنه. قال
ابن الفرضي: لزمته عاماً، وكان ثقة مأموناً. توفي في شوال.) مخلد بن جعفر بن مخلد
بن سهيل، أبو علي الفارسي الدقاق الباقرحي. سمع: يحيى بن محمد البحتري، ويوسف
القاضي، ومحمد بن يحيى المروزي، والحسن بن علويه، وأبا العباس بن مسروق، وأحمد بن
يحيى الحلواني. وله مشيخة سمعناها. روى عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو نعيم،
وأبو العلاء الواسطي، ومحمد بن علي العلاف، ومحمد بن الحسين بن بكير. قال أحمد بن
علي البادا: كان ثقة صحيح السماع، غير أنه لم يعرف شيئاً من الحديث.
(26/429)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 430
وقال ابن أبي الفوارس: كان له أصول كثيرة عن الفريابي، ويوسف القاضي، وغيرهما جياد
بخطه. وقال أبو نعيم: بلغنا أنه خلط بعد سفري. وقال أبو الحسن محمد بن العباس بن
الفرات: كان مخلد بن جعفر أصوله صحيحة، ثم إن ابنه حمله في آخر عمره على ادعاء
أشياء، منها المغازي عن المروزي، والمبتدأ عن ابن علويه، وتاريخ الطبري الكبير،
وغير ذلك. فشرهت نفسه إلى ذلك وقبل منه، واشترى له هذه الكتب، فحدث بها، فانهتك.
وقال ابن أبي الفوارس: حدث بالتاريخ والمبتدأ من كتاب ليس فيه سماع له، أسأل الله
الستر الجميل، ولعل أنه ظن أن هذا يجوز عند أصحاب الحديث، إذا سمع كتاباً معروفاً
أن يقرأه من كتاب غيره. قال: وتوفي لليلة بقيت من ذي الحجّة. يحيى بن يعقوب بن
حامد، أبو زكريا القزويني البزاز. سمع: محمد بن أيوب بن الضريس، وأبا خليفة
الجمحي، وعمر بن إسماعيل بن أبي غيلان. وكان فقيهاً مالكي المذهب. عاش دهراً.
أحسبه توفي بقزوين.
(26/430)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 431
1 (وفيات سبعين وثلاثمائة)
أحمد بن سعيد، أبو الحسين البغدادي الذهب وكيل دعلج. روى عن: جعفر الجلدي، وأبي
مزاحم موسى بن عبيد الله الخاقاني، وعبد الكريم بن النسائي، سمع منه كتاب والده في
الضعفاء، وسمع من هذا الشيخ أبو الحسن الدارقطني هذا الحديث.) وروى عنه: عبد الغني
بن سعيد، وأبو بكر البرقاني. وذكر البرقاني أنه كان فاضلاً، وتوفي بطريق مكة. أحمد
بن عبد الكريم الحلبي مراوي جزء الرافعي عنه. روى عنه: المسدد الأملوكي، وغيره.
أحمد بن علي، أبو بكر الرازي، العلامة صاحب التصانيف، وتلميذ
(26/431)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 432
أبي الحسن الكرخي، وإليه انتهت رئاسة الحنفية ببغداد، وعنه أخذ فقهاؤها. وكان
مشهوراً بالزهد والفقه. عرض عليه قضاء القضاة فامتنع منه. روى في تصنيفه عن: أبي
العباس الأصم، وعبد الباقي بن قانع، والطبراني. وعاش خمساً وستين سنة. قدم بغداد
في صباه وسكنها. وتصانيفه تدل عل حفظه للحديث وبصره به. وكان رأساً في الزهد. قال
أبو بكر الخطيب: ثنا أبو العلاء الواسطي قال: لما امتنع القاضي أبو بكر الأبهري
المالكي من أن يلي القضاء قالوا: فمن يصلح قال: أبو بكر الرازي. وكان الرازي يزيد
حاله على منزلة الرهبان في العبادة فأريد للقضاء فامتنع، وكان يميل إلى الإعتزال.
وفي تصانيفه ما يدل على ذلك في مسألة الرؤية وغيرها. وتوفي في ذي الحجة، وعاش
خمساً وستين سنة. قدم بغداد في صباه. أحمد بن محمد بن بشر، أبو بكر بن الشارب،
المقريء. قرأ برواية قنبل على: أبي بكر محمد بن موسى بن محمد الهاشمي الزينبي صاحب
قنبل. قرأ عليه: أبو العلاء محمد بن علي الواسطي ومحمد بن الحسين الكارزيني.
(26/432)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 433
توفي في المحرم. أحمد بن محمد، أبو العباس الدارمي المصيصي، الشاعر المشهور
بالنامي، أحد شعراء سيف الدولة الخواص، وكان تلو المتنبي في الرتبة عند سيف
الدولة. وكان عرافاً باللغة. أملى آداباً بحلب عن: علي بن سليمان الأخفش، وابن
درستويه الفارسي، وأبي بكر الصولي، وجماعة. روى عنه: أبو القاسم الحسين بن علي بن
أسامة الحلبي، وأبو الحسين أحمد بن علي أخوه، و) أبو بكر الخالدي، والقاضي أبو
طاهر صالح بن جعفر الهاشمي. وله في سيف الدولة.
(أمير العلى إن العوالي كواسب .......... علاءك في الدنيا وفي جنة الخلد)
(يمر عليك الحول سيفك في الطلى .......... وطرفك ما بين الشكيمة واللبد)
(ويمضي عليك الجهر فعلك للعلى .......... وقولك للتقوى وكفك للرفد)
وله مع المتنبي وقائع ومعارضات في الأناشيد، وليس هو من رجال المتنبي، ولكنه شاخ،
وبقي شيخ الأدباء بالشام. ذكر أبو الخطاب بن عون قال: دخلت عليه فوجدت رأسه
كالثغامة بياضاً، وفيه شعرة واحدة سوداء، فقلت له: يا سيدي في رأسك شعرة سوداء،
فقال: نعم هذه بقية شبابي وأنا أفرج بها، ولي فيها:
(رأيت في الرأس شعرة بقيت .......... سوداء تهوي العيون رؤيتها)
(فقلت للبيض إذ تروعها .......... بالله إلا رحمت غربتها)
(فقل لبث السوداء في وطن .......... تكون فيه البيضاء ضرتها)
(26/433)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 434
ثم قال لي: بيضاء واحدة تروع ألف سوداء فيكف حال سوداء بين ألف بيضاء. وتوفي
النامي عن تسعين سنة. وشعره قليل كان بطيء الخاطر، ربما بقي أشهراً في عمل
القصيدة. وكان يحدث لسيف الدولة الحادثة أو الفتح فيهنيه بذلك بعد أشهر. والمصيصة
مجاورة لطرسوس على ساحل بحر الروم، بناها صالح بن علي عم المنصور سنة أربعين
ومائة، وهي اليوم بيد صاحب سيس. أحمد بن محمد بن هارون، أبو بكر الرازي الديبلي.
ذكر أنه قرأ القرآن بحرف عاصم على حسنون بن الهيثم الدويري صاحب هبيرة، وسمع من
إبراهيم بن شريك، وجعفر الفريابي. ومولده سنة خمس وسبعين ومائتين. قال أبو العلاء
الواسطي: قرأ عليه القرآن، وختمت عليه في جمادى الآخرة سنة سبعين وتوفي لسبع بقين
من رجب في السنة. وقال لي: قرأت على حسنون في سنة ثمان وثمانين، وسنة تسع وثمانين
ومائتين، ثلاث ختمات. وتوفي سنة تسعين.) وسمع منه: أبو العلاء، وأبو علي بن دوما.
وكان يكون بالحربية. أحمد بن منصور بن الأغر اليشكري الدينوري. سكن بغداد، وروى
عن: أبي بكر بن أبي داود، وابن دريد، والصولي. والغالب عليه الأخبار.
(26/434)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 435
أدب الأمير حسن بن عيسى بن المقتدر فسمع من اليشكريات. إبراهيم بن ثابت، الزاهد
القدوة، أبو إسحاق الدعاء، بغدادي كبير، لقي الجنيد، وحفظ عنه. حكى عن: يوسف
القواس، وعلي بن الحسن القزويني، وغيرهما. قال السلمي: لقي الجنيد وصحب المشايخ،
وكان من أروع الشيوخ وأزهدهم وألزمهم لطريقة الشريعة. قلت له: أوصيني، قال: دع ما
تندم عليه. وقال هلال بن المحسن: بلغ المائة، ومات في صفر سنة سبعين. إبراهيم بن
جعفر، أبو محمود الكتامي المغربي، أحد قواد المعز. قدم دمشق مقدماً على جيوش
المصريين في رمضان سنة ثلاث وستين، فرحل عن دمشق ظالماً العقيلي، واستعمل على
البلد جيش بن الصمصامة ابن أخيه، ثم عزله وولى غيره، وعزله أيضاً، حتى قدم ريان
الخادم بعزل أبي محمود، وجرت بين أبي محمود وبين الدماشقة حروب كثيرة وفتن
وأراجيف، فخرج إلى طبرية، ثم إنه ولي دمشق بعد حميدان العقيلي وكان بها قسام، وقد
قوي بها وله أتباع وجموع، فلم يكن لأبي محمود الكتامي معه أمر، وبقي ذليلاً
مستضعفاً مع قسام، وكان ضعيف العقل سيء التدبير. توفي في صفر سنة سبعين. إسحاق بن
محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مطرف، أبو النضري الأندلسي من أهل إستجة.
(26/435)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 436
سمع محمد بن عبد الملك بن أيمن. وكان نحوياً لغوياً شاعراً بليغاً فصيحاً. توفي في
شعبان. إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل، أبو القاسم الحلبي. حدث في هذه السنة بحمص
في ذي القعدة عن: علي بن عبد الحميد الغضايري، ويعقوب بن إسحاق العسقلاني، وأبي
أحمد العباس بن الفضل المكي، ويحيى بن علي الكندي، وأبي عبد الله محمد بن يزيد الدورقي،
لقيه بطرسوس وحدثه عن بشر بن معاذ، وغيره.) روى عن: المسدد بن علي الأملوكي. بشر
بن أحمد بن بشر بن محمود، أبو سهل الإسفراييني الدهقان، شيخ تلك الناحية في عصره،
أحد المذكورين بالشهامة. سمع: محمد بن محمد بن رجا، وأحمد بن سهل، وجعفر الساماني،
وإبراهيم بن علي الذهلي، ورحل إلى الحسن بن سفيان فقرأ عليه المسند، وسمع ببغداد:
محمد بن يحيى المروزي، وعبد الله بن ناجية، والفريابي، وسمع بالموصل من أبي يعلى
مسنده، وأملى زماناً. قال الحاكم: انتخبت عليه وأملى زماناً من أصول صحيحة. روى
عنه: العلاء بن محمد بن سعيد، وشريك بن عبد الملك المهرجاني، ومحمد بن حميم
الفقيه، محمد بن محمد بن أبي المعروف، وهم من شيوخ البيهقي، وعمر بن أحمد بن مسرور
الزاهد. توفي في شوال وله ست وتسعون سنة. الحسن بن إسحاق بن إبراهيم بن زيد، أبو
محمد الأصبهاني المعدل.
(26/436)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 437
رحل وحدث عن العراقيين والشاميين. قال أبو نعيم: كثر الحديث، له معرفة وإتقان، ثنا
عن محمد بن سعيد البرجمي الحمصي، وعمر بن سهل، والحسن بن علي الشعراني الطبراني.
وعنه أبو بكر، وأبو نعيم، وآخرون. الحسن بن بشر بن يحيى، أبو القاسم الآمدي النحوي
الكاتب. سمع من إبراهيم بن عرفة نفطويه النحوي وغيره، وله كتاب المختلف والمؤتلف
في أسماء الشعراء وكتاب نثر المنظوم وكتاب الموازنة بين أبي تمام والبحتري وهو
كتاب مشهور. وكتاب شدة حاجة المرء إلى أن يعرف نفسه وكتاب فعلت وأفعلت وهو كتاب
نفيس في معناه، وكتاب ديوان شعره وله سوى ذلك من التصانيف الأدبية. ذكره التنوخي
فقال: ولد بالبصرة وأخذ ببغداد عن: الأخفش، والزجاج، وابن دريد، وغيرهم، وانتهت
رواية القديم والأخبار في آخر عمره إليه بالبصرة، ومات سنة سبعين وقد ولي قضاء
البصرة، وكان من أئمة الأدب. الحسن بن رشيق، أبو محمد العسكري، عسكر مصر، المعدل
الحافظ.)
(26/437)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 438
روى عن: أبي عبد الرحمن النسائي، وأحمد بن حماد زغبة، وأحمد بن إبراهيم أبي دجانة
المعافري، والمفضل بن محمد الجندي، وعلي بن سعيد بن بشير، ومحمد بن عثمان بن سعيد
السراج العنزي، ومحمد بن خالد البرذعي، وأحمد بن محمد بن يحيى الأنماطي، وأبي
الرقراق صاحب يحيى بن بكير، وأحمد بن محمد بن عبد العزيز المعلم، ويموت بن المزرع،
وخلق كثير. وعن: الدارقطني، وعبد الغني، وأبو محمد بن النحاس، وإسماعيل بن عمرو
المقبري، ويحيى بن علي بن الطحان، ومحمد بن مغلس الداوودي، ومحمد بن جعفر بن أبي
المذكر، وعلي بن ربيعة التميمي، وأبو القاسم علي بن محمد الفارسي، ومحمد بن الحسين
بن الطفال، وآخرون من المصريين والمغاربة وأهل الأندلس. وكان محدث ديار مصر في
زمانه. قال أبو القاسم يحيى بن الطحان في تاريخه: روى عن النسائي وأحمد بن حماد
وخلق لا أستطيع ذكرهم، ما رأيت عالماً أكثر حديثاً منه، قال لي: ولدت في صفر سنة
ثلاث وثمانين ومائتين، وتوفي في جمادى الآخرة سنة سبعين. الحسن بن محمد بن يحيى بن
المغيرة، أبو علي الثقفي الجرجاني. سمع عمران بن موسى بن مجاشع، وأبا بكر ابن
خزيمة، وأبا العباس السراج. وعنه القاضي أبو بكر الجرجاني وحمزة السهمي، وأبو
الحسن الحناطي. وقد سمع من البغوي ببغداد.
(26/438)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 439
االحسين بن أحمد بن حمدان بن خالويه، أبو عبد الله الهمذاني النحوي اللغوي. قدم
بغداد فأخذ عن: أبي بكر بن الأنباري وأبي بكر بن مجاهد، وقرأ عليه، وأبي عمر
الزاهد غلام ثعلب، ونفطويه، وأبي سعيد السيرافي، وقيل إنه أدرك ابن دريد وأخذ عنه.
ثم إنه قدم الشام وصحب سيف الدولة بن حمدان، وأدب بعض أولاده، ونفق شوقه بحلب، واشتهر
ذكره، وقصده الطلاب من الآفاق. أخذ عنه: عبد المنعم بن غلبون، والحسن بن سليمان،
وغيرهما. وكان صاحب سنة. وصنف في اللغة كتاب ليس. وكتاب شرح الممدود والمقصور
وكتاب أسماء الأسد ذكر له خمسمائة اسم، وكتاب البديع في القراءآت وكتاب الجمل في
النحو) وكتاب الإشتقاق وكتاب غريب القرآن، وله مصنفات سوى ما ذكرنا. ومات بحلب سنة
سبعين، وقيل سنة إحدى وسبعين. حكم بن محمد بن هشام، أبو القاسم القرشي القيرواني
المقريء. قرأ القرآن بالقيروان على الهرواي أبي بكر صاحب ابن خيرون،
(26/439)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 440
ثم دخل مصر فجالس بنان الحمال الزاهد، وسمع من الحسين بن محمد بن داود، وقرأ على
قرائها، ودخل العراق فقرأ بها القراءآت، وصحب أبا عمرو الزاهد، وقدم الأندلس،
فأكرمه المستنصر. وكان فيه صلابة في السنة وإنكار على المبتدعة. وكان يقريء
القرآن. توفي في ربيع الآخر، عن ثنتين وثمانين سنة. الزبير بن عبيد الله بن موسى،
أبو يعلى التوزي البغدادي، نزيل نيسابور. وسمع البغوي، وابن صاعد، وطائفة، ورحل،
وحصل، وتعانى التجارة. وتوفي بالموصل سنة سبعين، رحمه الله. عبد الله بن أحمد بن
جعفر بن أحمد بن زياد بن مهران، أبو محمد الشيباني. سمع: السراج، وابن خزيمة. توفي
في جمادى الآخرة بنيسابور، وقيل مات سنة إحدى وسبعين. عبد الله بن أحمد بن الصديق
المروزي. سمع حديثاً من محمد بن إبراهيم البوسنجي، وسمع ممن بعده. وروى عنه: أبو
بكر البرقاني، ومحمد بن عبيد الله الحنائي، وجماعة من أبناء التسعين.
(26/440)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 441
عبد الله بن محمد الأصبهاني، أبو محمد الصائغ. سمع: الحسين بن إدريس بهراة، وجعفر
الفريابي ببغداد، وعلي بن سعيد العسكري بأصبهان، وجماعة. وعنه: أبو نعيم، وأبو بكر
أحمد بن محمد بن الأسود الشروطي، وغيرهما. توفي في رجب سنة سبعين. عبد الله بن
محمد بن محمد بن فورك بن عطاء، أبو بكر الأصبهاني المقريء القباب، هو الذي يعمل
المحارة. كان مسند أصبهان في عصره ومقرئها.) سمع: محمد بن إبراهيم الجيزاني في سنة
ثمان وسبعين ومائتين، وأبا بكر بن أبي عاصم، وعبد الله بن محمد بن النعمان وعلي بن
محمد الثقفي، وعبد الله بن محمد بن سلام، وطائفة. وقرأ القرآن على أبي الحسن محمد
بن أحمد بن شنبود. وعنه: أبو نعيم الفضل بن أحمد بن الخياط، وعلي بن أحمد بن مهران
الصحاف، وابنه عبد الرحمن بن أبي بكر، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن
الكاتب، وآخرون. وتوفي في ذي القعدة. قرأ عليه أبو بكر محمد بن عبد الله بن
المرزبان، وآخرون. عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم، أبو عمر الأصبهاني القطان.
(26/441)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 442
رحل وسمع أبو القاسم، البغوي، وابن أبي داود. وعنه: أبو نعيم، وأبو بكر بن أبي
علي. عبيد الله بن علي بن جعفر أبو الطيب الدقاق. عن: محمد بن سليمان الباهلي،
وعبد الله بن الحسن الطيبي. وعنه: البرقاني. عبيد الله بن العباس بن الوليد بن
مسلم الشطوي. سمع: عبد الله بن ناجية، وإبراهيم بن موسى الجوزي، وأحمد بن الحسن
الصوفي. روى عنه: علي الظاهري، وأبو العلاء الواسطي، وابن بكير، وأبو علي ابن
دوما. وكان ثقة. عبيد الله بن الحسين، أبو القاسم الحذاء قاضي الموصل. سمع: أبا
يعلى الموصلي. وعنه: أبو القاسم التنوخي وإبراهيم بن عمر البرمكي. وهو أقدم شيوخ
التنوخي وفاة. علي بن عبد الله بن محمد بن عبيد، أبو الحسن البغدادي الزجاج
الشاهد. روى عن: أبي العلاء الجوزجاني، وحسنون بن موسى. روى عنه: أبو القاسم
التنوخي وقل: كان نبيلاً، قرأ على أحمد بن سهل الأشناني.
(26/442)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 443
وقال العتيقي: ثقة مأمون، مات في رجب، وله خمس، وسبعون سنة.) علي بن عيسى بن محمد
بن المثنى، أبو الحسن الهروي الماليني. سمع: الحسن بن سفيان، ومحمد بن المنذر بن
شكر، وغيرهما. وعنه، أبو يعقوب إسحاق القراب، وأبو عثمان سعيد القرشي. وتوفي في
المحرم. عمر بن أحمد بن ريطة الأصبهاني. توفي في ربيع الأول. محمد بن جعفر، أبو
الحسين الأصبهاني الواعظ الأبح. يروي عن: محمد بن سهل، وأب يعمرو بن عقبة، وأحمد
بن محمد بن أسيد، والهذيل بن عبد الله. وكان كثير الحديث حسن المعرفة به. روى عنه:
أبو بكر ابن أبي، وأبو نعيم. وتوفي في شعبان. محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة، أبو
منصور الهروي الأزهري النحوي اللغوي الشافعي. سمع بهراة من: الحسين بن إدريس،
ومحمد بن عبد الرحمن السامي وطائفة، ثم رحل إلى بغداد. وسمع: أبو القاسم البغوي،
وأبا بكر بن أبي داود، وإبراهيم بن عرفة، ونفطويه، وابن السراج، وأبا الفضل
المنذري. ولم
(26/443)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 444
يأخذ عن ابن دريد تديناً له قال: دخلت داره غير مرة فألفيته على كرسيه سكراناً.
أخذ عنه: أبو عبيد الهروي صاحب الغريبين، وحدث عنه أبو يعقوب القراب، وأبو ذر عبد
بن أحمد، وأبو عثمان سعيد القرشي، وأبو الحسين الباشاني، وغيرهم. وكان بارعاً في
المذهب، ثقة ورعاً فاضلاً. وقيل إنه أسر فوجدوا بخطه قال: امتحنت بالأسر سنة عارضت
القرامطة الحاج بالهبير، وكان القوم الذين وقعت في سهمهم عرباً نشأوا بالبادية
يبتغون مساقط الغيث أيام النجع، ويرجعون إلى إعداد المياه في محاضرهم زمن القيظ،
ويتكلمون بطباعهم البدوية، ولا يكاد يوجد في منطقهم لحن، أو خطأ فاحش، فبقيت في
أسرهم دهراً طويلاً، وكنا نشتي بالدهناء، ونرتبع بالصمان، وأسند منهم ألفاظاً جمة.
صنف كتاب تهذيب اللغة في عشر مجلدات، وكتاب التقريب في التفسير وكتاب تفسير ألفاظ
كتاب المزني وكتاب علل القراءآت وكتاب الروح وما ورد فيها من الكتاب والسنة وكتاب)
تفسير الأسماء الحسنى وكتاب الرد على الليث وكتاب تفسير إصلاح المنطق وكتاب تفسير
السبع الطوال وكتاب تفسير ديان أبي تمام، وله سوى ذلك من المصنفات.
(26/444)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 445
أخبرنا أبو علي بن الخلال، أنا بعد الله بن عمر، أنا عبد الأول بن عيسى، أنا أبو
إسماعيل عبد الله بن محمد، أنا علي بن أحمد بن حمدويه، ثنا محمد بن أحمد بن الأزهر
إملاء، ثنا عبد الله بن عروة، ثنا محمد بن الوليد، عن غندر، عن شعبة، عن الحكم، عن
علي بن الحسين عن مروان بن الحكم قال: شهدت عثمان وعلياً، فنهى عثمان عن المتعة
وأن يجمع بينهما، فلما رأى ذلك علي أهل بهما، فقال: لبيك بحجة وعمرة، فقال عثمان:
تراني أنهى الناس وأنت تفعله فقال: لم أكن لأدع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقول أحد من الناس. إسناده صحيح، وهو شيء غريب، إذ فيه رواية علي بن الحسين عن
مروان، وفيه تصويب مروان اجتهاد علي على اجتهاد عثمان، مع كون مروان عثمانياً،
والله أعلم. توفي في ربيع الآخر، رحمه الله. ولد سنة اثنتين وثمانين ومائتين. محمد
بن أحمد بن طالب، أبو الحسن البغدادي نزيل طرابلس الشام. حدث عن: أبو القاسم
البغوي، وابن الأنباري، وحرمي بن أبي العلاء، وجماعة. وعنه: حمزة بن عبد الله بن
الشام وعبيد الله بن القاسم الطرابلسيان.
(26/445)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 446
محمد بن أحمد بن محمد بن مسور، أبو عبد الله مولى بني هاشم القرطبي. سمع من: من
جده محمد بن مسور وأحمد بن خالد وجماعة قال ابن الفرضي كان شيخاً قليل العلم سمعت
منه أنا وغيري توفي في صفر محمد بن أحمد بن محمد بن حماد بن المتيم أبو جعفر
الهاشمي مولى الهادي سمع من محمد بن يحيى المروزي، ومحمد بن جعفر القتات،
والفريابي. وعنه: البرقاني، وأبو طاهر العلاف، وأبو نعيم. ورخه ابن أبي الفوراس،
وقال: كان لا بأس به. محمد بن إبراهيم بن الفرخان، أبو جعفر الأستراباذي الفقيه.
ثقة ثبت متقن. نزل سمرقند، وبها توفي في ربيع الآخر. روى عن: أبو القاسم البغوي،
وابن أبي داود. وعنه: أبو سعد الإدريسي.) محمد بن جعفر بن الحسين، أبو بكر
البغدادي، الوراق الحافظ، غندر.
(26/446)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 447
سمع: الحسن بن علي بن شبيب المعمري، ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي، وابن دريد،
وأبا عروبة الحراني، ومكحولاً البيروتي، وأبا الجهم بن طلاب، وأبا جعفر الطحاوي،
وطائفة سواهم. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وابن جميع الغساني، وعبد الرحمن السلمي،
وعمر بن أبي سعد الهروي، وأبو نعيم. قال الحاكم: بقي عندنا بنيسابور سنتين سنة ست
وسبع وثلاثين يفيدنا، وخرج إلى أفراد الخراسانيين من حديثي في سنة ست وستين، ودخل
إلى أرض الترك، وكتب من الحديث ما لم يتقدمه فيه أحد كثرة، ثم استدعي من مرو إلى
الحضرة ببخارى ليحدث بها، فتوفي، رحمه الله، في المفازة سنة سبعين. وقال الخطيب:
كان حافظاً ثقة. محمد بن الحسن، أبو جعفر الفقيه الشافعي المعروف بالباحث. له
ترجمة طويلة عند ابن الصلاح. محمد بن حسنام، أبو عمرو النيسابوري الكاغذي. سمع
جعفر بن أحمد، وعبد الله بن شيرويه. وعنه، الحاكم، وطائفة. محمد بن العباس بن موسى
بن فسانجس، الوزير الكبير أبو الفرج
(26/447)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 448
الشيرازي، كاتب معز الدولة. رد إليه أمور الأموال، فلما مات المعز لقب بالوزارة من
خليفة المطيع ووزر لعز الدولة، ثم عل بعد سنة وحبس،. توفي في ذي القعدة سنة سبعين،
وله اثنتان وستون سنة. محمد بن علي بن عبد الله، أبو جعفر المروزي، أحد الشعراء
بخراسان ويعرف بالباحث. أخذ عنه الحاكم وقال: سمع بعد الأربعين وثلاثمائة، ومات
ببخارى. محمد بن عبده بن إبراهيم بن بالويه، أبو الحسين المزكي النيسابوري. سمع:
مسدد بن قطن، وعبد الله بن شيرويه، وجماعة. وعنه: الحاكم، وأبو حفص بن مسرور.) محمد
بن عبد الله بن سعيد البلوي، أبو عبد الله القرطبي الغاسل. سمع من: قاسم بن أصبغ،
ووهب بن مسرة، ومحمد بن عبده بن أبي دليم، وطائفة. وكان محدثاً كثيراً، له حفظ
وفهم. سمع من غير واحد. وكان يقرأ للعامة بقرطبة. محمد بن عمرو بن سعيد، أبو عبد
الله الأندلسي. حج وسمع من: ابن الأعرابي، وحدث عنه، وكان يروي سنن أبي داود
وأشياء.
(26/448)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 449
محمد بن محمد بن جعفر بن مطر، أبو بكر أخو أبي أحمد. ولد الشيخ أبي عمرو بن مطر
ببغداد. سمعه أبوه من عبد الله بن شيرويه، وأحمد بن إبراهيم بن عبد الله السراج،
وهذه الطبقة بنيسابور، ولم يكن الحديث من شأنه. قال الحاكم أبو عبد الله: كان
قديماً من أعيان الشهود، ثم سكتوا عنه. توفي في رمضان سنة سبعين. محمد بن يحيى بن
خليل القرطبي. روى عن أحمد بن خالد، وابن أيمن، وحج، فسمع من أبي سعيد بن الأعرابي
وغيره. وولي أحكام الشرطة، وتوفي في رجب.
(26/449)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 450
(26/450)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 451
1 (وفيات عشر السبعين وثلاثمائة تقريباً لا يقيناً)
أحمد بن عبد الله البغوي الأستراباذي. شيخ معمر. سمع: محمد بن جعفر بن طرخان
الرواي، عن إسماعيل ابن ابنة السدي، وطبقته. روى عنه: أبو سعد الإدريسي، ومات بعد
الستين وثلاثمائة. أحمد بن عبيد الله بن الحسن بن شقير، أبو العلاء البغدادي
النحوي. وحدث بدمشق عن: ابن المجدر، وحامد بن شعيب، ومحمد بن محمد الباغندي، وأبي
القاسم، البغوي، وابن دريد. روى عنه: تمام الرازي، ومكي بن الغمر، وعبد الوهاب بن
الجبان، وغيرهم. وصنف لسيف الدولة كتاباً في أجناس العطر وأنواع الطيب، وكتاباً
سماه المسلسل في اللغة لأنه كالسلسلة، وله شعر.
(26/451)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 452
أحمد بن علي بن إبراهيم أبو الحسين الأنصاري الدمشقي.) حدث عن: أحمد بن عامر بن
المعمر، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وغيرهما. وعنه: الحافظ عبد الغني الأزدي، وأبو سعد
الماليني، وعلي بن السمسار، وغيرهم. أحمد بن علي بن عبد الله بن سعيد، أبو الخير
الحمصي الحافظ. قدم دمشق، وحدث عن محمد بن أحمد بن الأبح، ومحمود الرافقي، وأحمد
بن محمد بن خالد بن علي، ومحمد بن بركة، وأبي بكر الخرائطي. وخلق. وعنه: تمام
الرازي، وعبد الوهاب الميداني، ومكي بن الغمر، ومحمد بن عوف المزني، وآخرون. أحمد
بن عبد الرحمن بن أبي المغيرة الأزدي الحاركي، أبو العباس البصري. سمع: أحمد بن
عمرو القطراني، والبغدادي الصوفي. وعنه: الحسن بن صخر. أحمد بن محمد بن العلاء،
أبو الفرج الشيرازي ثم البغدادي الصوفي نزيل الري. حدث بأصبهان عن: البغوي، وابن
صاعد، وحسين الحلاج، والشبلي، وهو صاحب حكايات. روى عنه: أبو بكر بن أبي علي
الذكواني، والقاضي زيد بن علي الرازي، والحسين بن محمد الفلاكي الزنجاني وغيرهم.
(26/452)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 453
ذكره ابن النجار. أحمد بن إسحاق بن محمد الحلبي القاضي، أبو جعفر الملقب بالجرد.
ولي قضاء حلب، وحدث عن أحمد بن خليد الحلبي، وعمر بن سنان المنبجي، وجماعة. وعنه:
القاضي أبو الحسن علي بن محمد الحلبي، وتمام الرازي، وابن نظيف، وآخرون. أحمد بن
الصقر، أبو الحسن المنبجي المقريء. قرأ على أبي طاهر بن أبي هاشم، وبكار، وأبي بكر
النقاش. وصنف كتاب الحجة في القراءآت السبع. روى عنه ابن عمر المنبجي، وعلي بن
معيوف العين ثرمائي. نقل ابن عساكر أنه توفي قبل الستين وثلاثمائة، وأحسبه بعد ذلك
قليلاً. أحمد بن محمد بن علي بن الحكم، أبو بكر النرسي.) سمع عمر بن أبي غيلان،
وعبد الله المدائني بن زيدان البجلي، وأبا عروبة، وعبد الله بن علي بن الأخيل
الحلبي. بقي إلى سنة ست وستين، وانتقى عليه الدارقطني بمصر. روى عنه: محمد بن
الحسن الناقد، وعلي بن منير الخلال، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي.
(26/453)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 454
أحمد بن محمد بن علي بن هارون، أبو العباس البرذعي الحافظ. حدث بدمشق عن: ابن أبي
داود، ومكحول البيروتي، ونفطويه النحوي، وابن عقدة الحافظ. وعنه: تمام، وأبو نصر
بن الجبان، ومكي بن الغمر، والحسن بن علي بن شواش. أحمد بن محمد بن علي بن مزاحم،
أبو عمرو الصوري. سمع: جماهر بن محمد الزملكاني، وأبا يعقوب المنجنيقي نزيل مصر.
وعنه فتاه فاتك. أحمد بن محمد بن منصور الإمام، أبو بكر الدامغاني، شيخ الحنفية
ببغداد. تفقه بمصر على الطحاوي، و ببغداد على أبي الحسن الكرخي، فلما فلج الكرخي
جعل الفتوى إليه، فأقام ببغداد وهراة دهراً يدرس ويفتي.
(26/454)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 455
أخذ عنه القاضي أبو محمد الأكفاني وغيره. إسحاق بن إبراهيم، العلامة الفارابي
اللغوي. صنف كتاب ديوان الأدب في اللغة. كان من كبار أئمة هذا الفن، وهو معاصر
الأزهري صاحب التهذيب. سافر الكثير، ورحل إلى اليمن، فعزم فضلاؤها على قراءة ديوان
الأدب عليه، فبغته الأجل قبل ذلك. وهو خال ابن نصر الجوهري صاحب الصحاح. وهما
تركيان، قاما بضبط لسان العرب قياماً لم تنهض به العرب العرباء. وكان الجوهري من
أبدع أهل زمانه كتابة، فنسخ في سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة نسخة بديوان الأدب.
وفيه يقول بعض الشعراء:
(كتاب ديوان العرب .......... أحلى جناً من الضرب)
(أودعه منشئه .......... أكثر ألفاظ العرب)
)
(ما ضر من يحسنه .......... خمول ذكر في النسب)
وللفارابي من الكتب أيضاً كتاب بيان الإعراب وكتاب شرح أدب الكاتب. توفي بزبيد في
هذه الحدود أو بعدها، رحمه الله. إسماعيل بن علي بن محمد، أبو الطيب الفحام،
بغدادي جليل. وثقه البرقاني. سمع: ابن ناجية، وأبا يعلى الموصلي، ابن ذريح،
وطبقتهم. وعنه: البرقاني، وأبو العلاء الواسطي القاضي، ومحمد بن عمر بن بكير،
وغيرهم.
(26/455)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 456
الحسن بن علي بن داود، أبو علي المصري المطرز. حدث ببغداد عن: أبي شيبة داود بن
إبراهيم، ومحمد بن محمد بن النفاح الباهلي، وعلي بن أحمد بن علان. وعنه البرقاني
وجماعة. وانتخب عليه الدارقطني سنة ثلاث وستين. الحسين بن محمد بن أسد، أبو القاسم
الديبلي. حدث بدمشق عن: محمد بن عثمان بن أبي شيبة، والحسن بن علوية القطان، ومحمد
بن يحيى المروزي. وعنه: تمام الرازي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو العباس بن
السمسار. السري بن أحمد الكندي، أبو الحسن الموصلي الشاعر المعروف بالرفا. شاعر
محسن له مدائح في سيف الدولة، وكان بين الرفا وبين الخالديين، هجاء وأمور، وآل
بهما الأمر إلى أذيته، حتى قطع سيف الدولة رسمه، فانحدر إلى بغداد، ومدح الوزير
أبا محمد المهلبي، فقدم الخالديان، وهما محمد وسعيد ابنا هاشم إلى بغداد، وشرعا
يؤذيانه بكل ممكن، حتى يقال إنه عدم القوت، فجلس ينسخ، ويبيع شعره. وتوفي بعد
الستين وثلاثمائة. وديوانه موجود بأيدي الفضلاء. فمن شعره:
(بنفسي من أجود له بنفسي .......... ويبخل بالتحية والسلام)
(ويلقاني بعزة مستطيل .......... وألقاه بذلة مستهام)
(26/456)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 457
(وحتفي كامن في مقلتيه .......... كمون الموت في حد السهام)
) وله:
(بنفسي من رد التحية ضاحكاً .......... فجدد بعد اليأس في الوصل مطمعي)
(وحالت دموع العين بيني وبينه .......... كأن دموع العين تعشقه معي)
وله:
(ولا وصل إلا أن أروح ملججاً .......... على أخضر من فوق أدهم مزبد)
(شوائل أذناب يخيل أنها .......... عقارب دبت فوق صرح ممرد)
الحسن بن علي بن عمر الحلبي، أبو محمد بن كوجك العبسي الأديب. روي عن: الغضائري،
وعبد الرحمن بن أخي الإمام، ومحمد بن جعفر المنبجي. وعنه: تمام وعبد الوهاب
الميداني، ومكي بن الغمر، وآخرون. الحسن بن محمود بن أحمد بن محمود، أبو القاسم
الربعي الدمشقي.
(26/457)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 458
روى عن: محمد بن حزم، وأبي الجوصا، ومحمد بن يوسف الهروي. وعنه: تمام، ومكي بن
الغمر، ومحمد بن عون المزين. علي بن محمد بن أحمد بن عطية الحضرمي البصري. سمع من
الحارث بن أبي أسامة. وعنه أبو عبد الله بن باكويه الشيرازي. لا أعرفه. عبد الله
بن عمر بن أيوب، والد أبي محمد نصر بن الحيان الدمشقي. يروي عن: ابن خزيم، وابن
جوصا، وغيرهما. وعنه: ابنه، ومحمد بن عوف المزني، ومكي بن محمد بن الغمر. عبد الله
بن عبد الرحمن بن أبي العجائز، أبو محمد الأزدي الدمشقي. روى عن: أبي الجهم بن
طلاب، وأبي بكر الخرائطي، وجماعة. وعنه: عبد الغني المصري، وأبو الحسين عبد الوهاب
الميداني، وسعيد بن فطيس. عبد العزيز بن محمد بن إسحاق الطبري المتكلم. روى عن:
محمد بن جرير الطبري، وأخذ الكلام عن أبي الحسن الأشعري. قال ابن عساكر: سكن دمشق
ونشر بها مذهب السنة، وله مصنف في الرد على المقتدر) والملحد.
(26/458)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 459
عبد الرحمن بن المظفر البغدادي، نزيل هراة. روى عن أبو القاسم البغوي، وابن صاعد،
وجماعة. روى عنه أبو بكر البرقاني ووثقه. عبد الجبار بن عبد الله بن محمد، أبو علي
بن مهنا الخولاني الداراني، مصنف تاريخ داريا. حدث عن: ابن جوصا، ومحمد بن يوسف
الهروي، ومحمد بن جعفر الخرايطي، والحسن بن حبيب الحضايري، وجماعة غيرهم، ورحل
فسمع بالرملة وأنطاكية. روى عنه: تمام، وعلي بن طوق، وأبو نصر بن الحيان، وعلي بن
محمد الخراساني نزيل داريا. محمد بن سعيد بن عبدان، أبو الفرج الفارسي ثم
البغدادي، نزيل طرابلس الشام، ويعرف بابن أبي عثمان. روى عن: حامد بن شعيب، وعلي
بن زاطيا، وعبد الله المدائني والمفضل الجندي، وطبقتهم. وعنه: تمام، والحافظ عبد
الغني، وأبو العباس بن الحاج، وشهاب الصوري. قال أبو الفتح بن مسرور: سألته عن
مولده فقال: سنة سبع وثمانين ومائتين، وكان ثقة. سمعت منه في سنة خمس وخمسين
وثلاثمائة. علي بن محمد بن أحمد القصار الأصم. عن عبد الله بن ناجية، وغيره.
(26/459)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 460
وعنه. علي بن عبد العزيز الطاهري، والبرقاني، وقال: ثقة. عمر بن نوح بن خلف بن
محمد بن الخصيب، أبو القاسم البجلي البندار. شيخ جليل من ثقات البغداديين. روى عن:
أبي خليفة الجمحي، ومحمد بن أبي سويد الذارع، وجعفر الفريابي، وزكريا الساجي،
وطائفة. وعنه: أبو بكر البرقاني، وبشري الفاتني، وعلي الظاهري، ومحمد بن عمر بن
بكير. سئل عنه البرقاني فقال: ذاك في قياس أبي علي الصواف في الفضل والثقة. قيل
مولده سنة سبع وسبعين ومائتين ومات بعد سنة أربع وستين وثلاثمائة.) عمر بن بشران
بن محمد بن حفص البغدادي السكري. سمع: علي بن العباس المقانعي، وعبد الله بن
زيدان، وأحمد بن الحسن الصوفي، والبغوي، وطبقتهم. وعنه: أبو بكر البرقاني، وقال:
كان حافظاً كثير الحديث. وهو أخو جد أبي القاسم بن بشران. مات قبل سنة ثنان وستين.
محمد بن زرعان، أبو بكر الأنماطي. حدث عن جعفر الفريابي وأحمد بن الحسن الصوفي.
روى عن البرقاني ووثقه.
(26/460)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 461
بقي إلى سنة أربع وستين. محمد بن عبد الله بن شيرويه، أبو بك النيسابوري نزيل فسا.
روى عن أبيه. وأبوه صاحب إسحاق بن راهويه، وعن الحسن بن سفيان، ومحمد بن عبد الله
الدويري. وعنه أبو سعد الماليني وغيره. وثقه ابن نقطه. عبد المؤمن بن عبد المجيد،
أبو يعلى النسفي. روى عن: محمد بن إبراهيم البوسنجي، وإبراهيم بن معقل. روى عنه:
جعفر بن محمد التوبني. عمر بن أحمد بن عمر القاضي، أبو عبد الله القصباني، بغدادي
ثقة. روى عن: علي المقانعي، وجماعة. روى عنه: البرقاني، وابن بكير، وأبو نعيم، ومن
الكبار الدارقطني ووثقه. فاروق بن عبد الكبير بن عمر، أبو حفص الخطابي البصري،
محدث البصرة ومسندها.
(26/461)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 462
سمع: محمد بن يحيى بن المنذر القزاز، وعبد الله الكجي ابن أبي يونس، وهشام بن علي
السيرافي، وأبا مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي، وجماعة. وبقي إلى سنة إحدى وستين
أو اثنتين وستين. روى عنه: علي بن يحيى بن عبد كوين، وأبو بكر محمد بن أبي علي
الذكواني، وأبو نعيم) أحمد بن محمد الصقر البغدادي. فرج بن إبراهيم، أبو القاسم
النصيبي الصوفي الأعمش، يعرف بفرج. روى عن أبي بكر الخرايطي، وأبي سعيد بن
الأعرابي. وعنه: تمام الرازي، ومكي بن الغمر، وأبو عبد الله بن باكويه الشيرازي.
محمد بن أحمد بن غريب بن طريف، أبو المنيب الطبري الفقيه. قدم أصبهان، ثم خرج إلى
شيراز، وحدث عن: يحيى بن محمد بن صاعد، وعلي بن عبد الله بن مبشر. وعنه أبو نعيم.
محمد بن أحمد بن جعفر بن يزيد، أبو بكر بن آذين الهمذاني الفامي الرجل الصالح. سمع
الكثير بعد الثلاثمائة بهمذان، ورحل إلى بغداد، فسمع من:
(26/462)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 463
محمد بن محمد الباغندي، وحامد بن شعيب البلخي، وأبي القاسم البغوي، وطائفة كثيرة،
وعني بهذا الشأن. روى عنه: علي بن عبد الله بن عبدوس، وأبو منصور المحتسب، وعبد
الرحمن الإمام، وأبو العلاء رافع العدل، وعبد الله بن أحمد الغضايري. محمد بن أحمد
بن حجوش الخزيمي المري الدمشقي، كان من أهل العلم والبيوتات. سمع: أحمد بن أنس بن
مالك، ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد، وابن خزيمة، وأبي العباس السراج وخلقاً. وله
رحلة إلى خراسان. روى عنه: تمام، وعبد الوهاب الميداني، وقد ولي خطابة دمشق. قال
الميداني: كان مقصراً في صلاته وخطبته لأنه مقام هائل. محمد بن أحمد بن محمد بن
يعقوب بن مجاهد الطائي، أبو عبد الله المتكلم، صاحب أبي الحسن الأشعري، وهو بصري.
قدم بغداد ودرس بها علم الكلام، وصنف التصانيف. وعليه درس القاضي أبو بكر بن الطيب
الباقلاني هذا الفن. قال الخطيب: ذكر لنا غير واحد أنه ثخين الستر، حسن التدين،
رحمه الله. محمد بن أحمد بن عبد الله، أبو عبد الله النقوي اليمني الصنعاني، بعد
العشرين وأربعمائة) بمكة.
(26/463)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 464
ذكر حمزة السهمي أن رفيقه ابن دلان رحل إلى المين ليسمع من النقوي في سنة سبع
وستين. وروى عنه جامع عبد الرزاق أبو نصر أبن محمد الباكوي النيسابوري في سنة
أربعمائة. محمد بن حميد بن معيوف بن بكر، أبو بكر الهمذاني البيت سوا الدمشقي.
سمع: محمد بن المعافى الصيداوي، والحسين بن علي بن عوانة الكفر بطنائي ومحمد بن
حصن الآلوسي، ومضاء بن مقاتل الأذني صاحب لوين، وجماعة. وعنه: تمام، ومكي بن محمد
بن الغمر، و محمد بن عوف المزني، وعلي بن سمسار، وأبو الحسن الميداني، ووصفه
بالصلاح. محمد بن زريق، أبو منصور البلدي المقريء.
(26/464)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 465
قرأ القرآن لابن كثير على محمد بن عبد العزيز بن الصباح، وسمع من أبي يعلى
الموصلي، وابن المنذر الفقيه، وتصدر للإقراء بطرسوس من الثغر. قرأ عليه: عبد
الباقي بن الحسن، وحدث عنه: تمام، وعبد الوهاب الميداني، والهيثم بن أحمد الصباغ.
محمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي الخطاب الحراني الملطي الأصل، أبو عبد الله قاضي
حمص. سمع: يحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن سعيد الترخمي، ومحمود بن محمد الرافقي،
وأبا عبد الله نفطويه، وجماعة. وعنه: تمام، وعلي بن بشري العطار، وشعيب بن عبد
الرحمن بن عمر، وجماعة. محمد بن عبد الرحمن بن الفضل بن الحسين، أبو بكر التميمي
الجوهري الخطيب، صاحب التفاسير والقراءآت. كذا قال فيه أبو نعيم. سمع: أبو خليفة،
وعبدان الأهوازي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن أبي علي
المعدل، وأبو نعيم، وقال: توفي بعد الستين. محمد بن عبد الواحد بن إسماعيل الهاشمي
البغدادي. يروي عن محمد بن محمد الباغندي، وغيره. وعنه: أبو سعد الماليني، وأبو
بكر البرقاني، وقال البرقاني: كان ثقة زاهداً.)
(26/465)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 466
محمد بن علي بن محمد، أبو بكر المالكي الخراز. سمع: أبا مسلم الكجي، وحامد بن شعيب
البلخي. وقال الخطيب: ثقة. مسلم بن عبيد الله بن طاهر بن يحيى بن الحسن، أبو جعفر
العلوي الحسني المدني. سمع: من جده طاهر، ومحمد بن إبراهيم الديلي، وأبي بشر الدولابي،
والخضر بن داود. سمع كتاب النسب للزبير. روى عنه الدارقطني. هو حافظ نبيل. موسى بن
عبد الرحمن، أبو عمران البيروتي الصباغ المقريء إمام جامع بيروت. كان أسند من بقي
بالساحل، فإنه قرأ القرآن على هارون بن شريك الأخفش، وسمع من أبي زرعة الموصلي،
وأحمد بن عبد الوهاب الحوطي، وأبي مسلم الكجي، والحسين بن السميدع، وجماعة. روى
عنه: أبو عبد الله بن مندة، وأبو الحسين ابن جميع، وابنه الحسن بن جميع، وتمام
الرازي، والخصيب بن عبد الله القاضي، وعبد الوهاب الميداني، وصالح بن أحمد
الميانجي، وغيرهم. ويحتمل أن تكون وفاته قبل الستين، يكتب هنا.
(26/466)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 467
أبو الحسن بن عطية البصري. روى عن: الحارث بن أبي أسامة التميمي. وعنه: أبو عبد
الله محمد بن عبد الله بن باكويه الشيرازي. يوسف بن يعقوب النجيرمي، أبو يعقوب
بصري مشهود، عالي الإسناد. سمع: أبا مسلم الكجي، والحسن بن المثنى العنبري،
والمفضل بن الحباب الجمحي، وزكريا بن يحيى الساجي، ومحمد بن حيان المازني وجماعة.
روى عنه: أبو نعيم الحافظ، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن باكويه الشيرازي،
وإبراهيم بن طلحة بن غسان المطوعي، وجماعة آخرهم القاضي أبو الحسن محمد بن علي بن
صخر الأزدي. وقد حدث في سنة خمسس وثلاثمائة.) أبو الحسن الباهلي البصري المتكلم.
أخذ عن الأشعري علم المنطق، وسمع وتقدم، وكان من أذكياء العالم، مع الدين والتعبد.
قال ابن الباقلاني: كتبت أنا، والأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني، والأستاذ ابن فورك
معنا في درس أبي الحسن الباهلي، كان يدرس لنا كل جمعة، وكان يرخي الستر بيننا
وبينه، وكان من شدة اشتغاله بالله مثل واله أو مجنون، لم يكن يعرف مبلغ درسنا حتى
نذكره، وكنا نسأل عن سبب الحجاب، فأجاب بأننا نرى السوقة وهم أهل الغفلة فروني
بالعين التي
(26/467)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 468
تورنهم، و كان يحتجب من جارية تحدثه. قال أبو إسحاق الإسفراييني: أنا في جانب أبي
الحسن الباهلي كقطرة في البحر. محمد بن محمد بن عبيد الله، أبو الحسين الجرجاني
المقريء الحافظ ثقة رحال، جوال. سمع: عمران بن موسى بن مجاشع، وابن خزيمة، وابن
جوصا، وأبا العباس السراج، وطبقتهم، وأكثر الترحال في الشيخوخة. روى عنه: أبو نعيم
الحافظ. محمد بن محمد بن عمرو، أبو نصر النيسابوري المحدث الشاعر الملقب بالبيض.
نزل حلب ومدح سيف الدولة. ويروي عن: إمام الأئمة ابن خزيمة، والبغوي، وعبدان
الأهوازي، وأبي عروبة، وزكريا الساجي، وابن نيروز الأنماطي، وابن عقدة. وعنه: حمزة
بن الشام، وأحمد بن عبد الرحمن بن قابوس الأطرابلسيان، وأبو الخير أحمد بن علي،
ولاحق المقدسي، وغيرهم. وهو صاحب القصيدة المطبوعة التي أولها:
(حباؤك معتاد وأمرك نافذ .......... وعبدك محتاج إلى ألف درهم)
وقد أوردتها في مختصر دمشق. رأيت له مجلداً في أصول الفقه سماه المدخل إلى
الإجتهاد يدل على اعتزاله وعلى حفظه للحديث وسعة رحلته.
(26/468)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 469
محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن بندار الحافظ، أبو زرعة الأستراباذي المعروف
باليمني لسكناه اليمن مدة. سمع على: الحسن بن معدان الفارسي، وأبا القاسم البغوي،
وأبا العباس السراج، وأبا عروبة) الحراني، وطبقتهم. وله رحلة واسعة ومعرفة. توفي
سنة بضع وستين. روى عنه: أبو سعيد الإدريسي، وحمزة السهمي، وغيرهما. ابن نباته
الخطيب. هو الأستاذ البارع، أبو يحيى عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة
الفارقي. ذكرته في سنة أربع وسبعين، وسيأتي والله أعلم.
(26/469)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 470
(26/470)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 471
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)
5 (الطبقة الثامنة والثلاثون)
1 (الأحداث من سنة إلى)
4 (أحداث سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة)
فيها سرق السبع الفضلة الذي على زبزب عضد الدولة، وعجب الناس كيف كان هذا مع هيبة
عضد الدولة المفرطة، وكونه شديد المعاقبة على أقل جناية تكون، وقلبت الأرض على
سارقه، فلم يوقف له على خبر. ويقال إن صاحب مصر دس من فعل هذا. وكان العزيز
العبيدي قبل هذا قد بعث رسولاً إلى عضد الدولة، وكتاباً أوله: من عبد الله نزار
العزيز بالله أمير المؤمنين، إلى عضد الدولة أبي شجاع مولى أمير المؤمنين، سلام
عليك، فإن أمير المؤمنين يحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، ويسأله أن يصلي على
جده محمد صلى الله عليه وسلم. والكتاب مبني على الإستمالة مع ما يسر إليه الرسول
عتبة بن الوليد، فبعث مع الرسول رسولاً له وكتاباً فيه مودة وتعللات مجملة. وفي ربيع
الأول وقع حريق بالكرخ من حد درب القراطيس إلى بعض
(26/471)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 472
البزازين من الجانبين، وأتى على الأساكفة والحدادين، واحترق فيه جماعة وبقي لهبه
أسبوعاً.
(26/472)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 473
4 (أحداث سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة)
فيها فتح المارستان العضدي، أنشأه عضد الدولة في الجانب الغربي من بغداد، ورتب فيه
الأطباء والوكلاء والخزان وكل ما يحتاج إليه، في ربيع الآخر. وفي هاذ الزمان كانت
البدع والأهواء فاشية بمثل بغداد ومصر من الرفض والإعتزال) والضلال، فإنا لله وإنا
إليه راجعون. فذكر الحميدي في ترجمة أبي عمر أحمد بن محمد بن سوري الأندلسي الفقيه
ظلامه كبرى، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن الفرج بن عبد الولي الأنصاري، سمعت:
أبا محمد عبد الله بن الوليد قال: سمعت أبا محمد عبد الله بن أبي زيد الفقيه يسأل
أبا عمر أحمد بن محمد بن سعدي المالكي عند وصوله إلى القيروان من بلاد المشرق،
فقال: هل حضرت
(26/473)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 474
مجالس أهل الكلام؟ قال: نعم، مرتين، ولم أعد إليهما، قال: ولم فقال: أما أول مجلس
حضرته فرأيت مجلساً قد جمع الفرق من السنة والبدعة والكفار واليهود والنصارى
والدهرية والمجوس، ولكل فرقة رئيس يتكلم ويحاول عن مذهبه، فإذا جاء رئيس قاموا
كلهم له على أقدامهم، حتى يجلس فيجلسون بجلوسه فإذا تكلموا قال قائل من الكافر: قد
اجتمعتم للمناظرة، فلا يحتج أحد بكتابه ولا بنبيه، فإنا لا نصدق بذلك ولا نقر به،
وإنما نتناظر بالعقل، فيقولون: نعم، فلما سمعت ذلك لم أعده. ثم قيل لي: هنا مجالس
آخر للكلام، فذهبت إليه فوجدتهم على مثل سيرة أصحابهم سواء، فقطعت مجالس أهل
الكلام. فجعل ابن أبي زيد يتعجب من ذلك، وقال: ذهبت العلماء وذهبت حرمة الإسلام.
وفي شوال مات عضد الدولة، فكتموا موته، ثم استدعوا ولده صمصام الدولة من الغد إلى
دار السلطنة، وأخرجوا أمر عضد الدولة بتولية العهد، وروسل الطائع وسئل أن يوليه،
ففعل، وبعث إليه خلعاً ولواءاً. وخلع على أبي منظور بن الفتح العلوي للخروج بالحاج
وإقامة الموسم. وتوفيت السيدة بنت الخليفة المعتضد وأخت المكتفي، وقال حمزة: عاشت
بعد أبيها ثلاثاً وثمانين.
(26/474)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 475
4 (أحداث ثلاث وسبعين وثلاثمائة)
في ثاني عشر محرم أظهرت وفاة عضد الدولة، وحمل تابوته إلى المشهد، وجلس صمصام
الدولة ابنه للعزاء، وجاءه الطائع لله معزياً، ولطم عليه في الأسواق أياماً عديدة،
ثم ركب صمصام الدولة إلى دار الخلافة وخلع عليه الطائع سبع خلع، وتوجه، وعقد له
لواءين، ولقب شمس الملة. وفيها ورد موت مؤيد الدولة بن أبي منصور بن ركن الدولة
بجرجان، فجلس صمصام الدولة) للعزاء، وجاءه الطائع معزياً، ولما مات كتب الصاحب
إسماعيل بن عباد إلى أخيه فخر الدولة بالإسراع ليقدم. واستوزر الصاحب ورفع منزلته.
وكان فيها غلاء مفرط بالعراق، وبلغ كر الحنطة أربعة آلاف دينار
(26/475)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 476
وثمانمائة درهم. ومات خلق على الطرق جوعاً، وعظم الخطب. وفيها ولي أمر دمشق خطلخ
القائد للعزيز بالله العبيدي.
(26/476)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 477
4 (أحداث أربع وسبعين وثلاثمائة)
فيها شرع أبو عبد الله بن سعدان في الصلح بن صمصام الدولة وفخر الدولة. وفيها كان
عرس ببغداد، فوقعت الدار وهلك كثير من النساء، وأخرجن من تحت الهدم بالحي والزينة،
فكانت المصيبة عامة.
4 (أحداث خمس وسبعين وثلاثمائة)
فيها هم صمصام الدولة أن يجعل المكس على الثياب الحرير والقطن، مما ينسج ببغداد
ونواحيها، ودفع له في ضمان ذلك ألف ألف درهم في السنة، فاجتمع الناس في جامع
المنصور، وعزموا على المنع من صلاة الجمعة، وكاد البلد يفتتن، فأعفاهم من ضمان
ذلك.
(26/477)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 478
(26/478)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 479
4 (أحداث ست وسبعين وثلاثمائة)
فيها كثر الموت بالحميات الحادة، فهلك كثير من الناس ببغداد، وزلزلت الموصل، فهدمت
الدور، وهلك خلق من الناس. وفيها مال العسكر إلى شرف الدولة أبي الفوارس شيرويه،
وكان غائباً بكرمان، فلما بلغه موت أبيه عضد الدولة رد إلى فارس وقبض على وزير
أبيه نصر النصراني، وجبى الأموال، وملك الأهزاز، وأخذها من أخيه أحمد، وغلب على
البصرة، واستعد لقصد بغداد وأخذها من أخيه صمصام الدولة، فتركوا صمصام الدولة،
فانحدر سائراً إلى شرف الدولة راضياً بما يعامله به، فلما وصل قبل الأرض بين يديه
مرات، فقال له شرف الدولة: كيف أنت وكيف حالك في طريقك، ثم سجنه، واجتمع عسكر شرف
الدولة من الديلم تسعة عشر ألفاً. وكان الأتراك ثلاثة آلاف غلام، فاقتتلوا، فانهزم
الديلم وقتل منهم
(26/479)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 480
ثلاثة آلاف في رمضان، فأخذ الديلم يذكرون صمصام الدولة، فقيل لشرف الدولة: أقتله،
فأمنه سنة. وقدم شرف الدولة بغداد، فركب الطائع إليه يهنئه بالسلامة، ثم خفي خبر
صمصام الدولة،) وذلك أنه حمل إلى القلعة، ثم نفذ إليه شرف الدولة بفراش ليكحله
فوصل الفراش وقد مات شرف الدولة، فكحله، فالعجب إنفاذ أمر ملك قد مات. وكان شرف
الدولة قد رد على الناس أملاكهم، ورفع المصادرة، فبغته الموت، وإنما جرى ذلك في
سنة تسع وسبعين، ولكن سقناه استطراداً.
(26/480)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 481
4 (أحداث سنة سبع وسبعين وثلاثمائة)
كان العزيز صاحب مصر قد تأهب لغزو الروم، فأحرقت مراكبه، فاتهم منها ناساً، وقتل
مائتي نفس. فلما دخلت سنة سبع وصلت رسل ملك الروم في البحر إلى ساحل القدس بتقادم
للعزيز، فدخلوا مصر يطلبون الصلح، فأجابهم العزيز، واشترط شروطاً شديدة التزموا
بها كلها، منها أنهم يحلفون أنه لا يبقى في مملكتهم أسير إلا أطلقوه، وأن يخطب
للعزيز في جامع القسطنطينية كل جمعة، وأن يحمل إليه من أمتعة الروم كل سنة ما
اقترحه عليهم، ثم ردهم بعقد الهدنة، فكانت سبع سنين. وفيها ورد الوزير أبو منصور
محمد بن الحسن، فتلقاه الأمراء والأعيان، فلما قارب بغداد تلقاه السلطان شرف
الدولة بالشفيعي، ودخل في سادس المحرم في صحبة خزانة عظيمة، منها عشرون ألف ألف
درهم، وثياب وآلات كثيرة، وكان يغلب عليه الخير وإيثار العدل، وكان إذا سمع
(26/481)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 482
الأذان ترك جميع شغله وتهيأ للصلاة، وكان لا يكاد يترك عاملاً أكثر من سنة. وفي
صفر عقد مجلس عظيم وصدرت التوثقة بين الطائع وشرف الدولة، وعملت القباب، وبالغوا
في الزينة، وتوجه الطائع وقوى عهده، والطائع يسمع ثم قام شرف الدولة فدخل إلى عند
أخته أهل أمير المؤمنين، فبقي عندها إلى العصر، ولما حمل اللواء تخرق ووقعت قطعة
منه، فتطير من ذلك. وفيها رد شرف الدولة على الشريف أبي الحسن محمد بن عمر جميع
أملاكه، وكان مغلها في العام ألفي ألف وخمسمائة ألف درهم. وفي ربيع الأول بيعت
الكارة الدقيق الخشكار بمائة وخمسة وستين درهماً. وجلا الناس عن بغداد، وزاد السعر
في ربيع الآخر، فبلغ ثمن الخشكار مائتين وأربعين درهماً. وفي شعبان ولد للملك شرف
الدولة توأمان سمى أحدهما أبا حرب سلار، والآخر أبا منصور) فناخسرو. وفيها بعث شرف
الدولة العسكر لقتال بدر بن حسنويه، فظفر بهم بدر، واستولى على بلاد الجبل. ووقع
الغلاء والوباء الكثير في أواخر السنة.
(26/482)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 483
4 (أحداث سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة)
زاد غلاء الأسعار وعدمت الأقوات، وظهر الموت ببغداد. وفيها أمر السلطان شرف الدولة
برصد الكواكب السبعة في مسيرها كما فعل المأمون، فبني بيت لها في الدار في آخر
البستان. وفيها لحق الناس بالبصرة حر وسموم تساقط الناس منه، ومات طائفة في الطرق.
وفيها جاءت ريح عظيمة بفم الصلح وقت العصر، لخمس بقين من شعبان، خرقت دجلة حتى ذكر
أنه بانت أرضها وهدمت ناحية من الجامع وأهلكت جماعة، وغرقت كثيراً من السفن،
واحتملت زورقاً منحدراً، وفيه دواب، فطرحت ذلك في أرض جوخاء، فشوهد بعد أيام.
(26/483)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 484
(26/484)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 485
4 (أحداث سنة تسع وسبعين وثلاثمائة)
جاء الخبر في أول السنة أن ابن الجراح الطائي خرج على الحاج بين سميراء، وفيد،
ونازلهم ثم صالحهم على ثلاثمائة ألف درهم وشيء من الثياب والمتاع. وفيها انتقل شرف
الدولة إلى قصر معز بباب الشماسية، لأن الأطباء أشاروا عليه بصحة هوائه، وكان قد
ابتدأ به المرض من السنة الماضية، فشنعت الديلم وطلبوا أرزاقهم، فعاد إلى داره
وراسلهم، وأمسك جماعة. وفيها أراد الطائع القبض على القادر بالله، وهو أمير، فهرب
منه إلى البطيحة، فأقام عند ها وتزايد مرض شرف الدولة، ومات، وعهد إلى أخيه أبي
نصر، فاجتمع العسكر وطالبوا برسم البيعة والنفقة، فوعدهم،
(26/485)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 486
فأبوا، وترددت بين الطائع وبين أبي نصر مراسلات، ثم حلف كل واحد منهما للآخر على
التصافي، ثم جاء الطائع إلى دار المملكة ليعزي أبا نصر فقبل أبو نصر الأرض غير مرة،
ثم ركب أبو نصر إلى الطائع، وحضر الأعيان، وجلس الطائع في الرواق، وأمر فخلع على
أبي نصر سبع خلع، طاقية أعلاها سوداء وعمامة سوداء وفي عنقه طوق كبير، وفي يديه
سواران، ومشي الحجاب بين يديه بالسيوف، فلما حصل بين يدي الطائع) قبل الأرض ثم جلس
على كرسي، وقرأ أبو الحسن علي بن عبد العزيز حاجب النعمان كاتب أمير المؤمنين
عهده، وقدم إلى الطائع لله لواءه، فعقده، ولقبه بهاء الدولة وضياء الملة. وأقر
الوزير أبا منصور بن صالحان على الوزارة وخلع عليه. وكان بهاء الدولة من رجال بني
بويه رأياً وهيبة وجلالاً وعقلاً. وتمالي الأتراك بفارس وتجمعوا، وأخرجوا صمصام
الدولة من معتقله. وقد قيل إنه كحل، فالله أعلم بصحة ذلك. قال أبو النصر العتبي:
حمله مملوك سعادة على عاتقه وانحدر به، فملك فارس وما والاها، ومنع أموالها
فجباها، ثم تنكر الذين معه وقدموا ابن أخيه أبا علي، ولقبوه شمس الدولة فنهض صمصام
الدولة لمواقعتهم، فهزمهم أقبح هزيمة، فجلوا صاغرين إلى بغداد، وتحرك بهاء الدولة،
وأهمه شأن الصمصام، وبرز للقتال، فتناوشا الحرب، وخربت البصرة والأهواز، وجرت أمر
يطول شرحها، ثم حاربه السالار بختيار بالأكراد الخسروية، فناصبهم صمصام الدولة
الحرب، فاختلفت به الوقائع بين تلك الفتن الثائرة والإحن الغائرة، فكان عقابها أن
أجلت عنه قتيلاً، وتذمر بهاء الدولة من الطائفة المتخاذلة عليه. وجهز عسكر لقتال
الأكراد.
(26/486)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 487
4 (أحداث سنة ثمانين وثلاثمائة)
فيها زاد أمر العيارين ببغداد وصاروا مبيتين، ووقعت بينهم حروب عظيمة، واتصل
القتال من أهل الكرخ وباب البصرة، وقتل الناس ونهبت الأموال وتواترت العملات،
وأحرق بعضهم محال بعض، ووقع حريق في نهر الدجاج ذهب فيه شيء كثير. آخر الحوادث.
(26/487)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 488
(26/488)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 489
1 (تراجم ووفيات الطبقة)
1 (وفيات سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة)
أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس الإمام، أبو بكر الإسماعيلي الجرجاني الفقيه
الشافعي الحافظ. ولد سنة سبع وسبعين ومائتين. وسمع من: الزاهد محمد بن عمر
المقابري الجرجاني سنة تسع وثمانين ومائتين، وسمع قبل) ذلك. قال حمزة السهمي:
سمعته يقول: لما ورد نعي محمد بن أيوب
(26/489)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 490
الرازي دخلت الدار وبكيت وصرخت ومزقت على نفسي القميص، ووضعت التراب على رأسي،
فاجتمع علي أهل ومن في منزلي، وقالوا: ما أصابك: قلت: نعي إلي محمد بن أيوب الرازي
منعتموني الإرتحال إليه، فسلوا قلبي، وأذنوا لي بالخروج عند ذلك. وأصحبوني خالي
إلى نسا إلى الحسن بن سفيان، وأشار الإسماعيلي إلى وجهه وقال: لم يكن لي ها هنا
طاقة، فقدمت عليه وسألته أن أقرأ عليه المسند وغيره، فكان ذلك أول رحلتي في
الحديث، ورجعت. قلت: أن هذا في سنة أربع وتسعين، فإن فيها توفي محمد بن أيوب. قال:
ثم خرجت إلى بغداد سنة ست وتسعين، وصحبني بعض أقربائي. قلت: سمع إبراهيم بن زهير
الحلواني في هذه النوبة، وحمزة بن محمد بن عيسى الكاتب، وأحمد بن محمد بن مسروق،
ومحمد بن يحيى بن سليمان المروزي، والحسن بن علويه، ويحيى بن محمد الحنائي، وعبد
الله بن ناجية، والفريابي، وطائفة ببغداد. وسمع أيضاً بها من يوسف بن يعقوب
القاضي، وإبراهيم بن عبد الله المخرمي، و بالكوفة من محمد بن عبد الله مطين، ومحمد
بن عثمان بن أبي شيبة، وإسماعيل بن محمد المزني صاحب أبي نعيم، ومحمد بن الحسن بن
سماعة، وبالبصرة من محمد بن حبان بن الأزهر، وجعفر بن محمد بن الليث، وأبي خليفة
الجمحي، وبالأنبار من بهلول بن إسحاق التنوخي، وسعيد بن عجب، و بالأهواز من عبدان،
وبالموصل من أبي يعلى وأشباههم.
(26/490)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 491
وصنف الصحيح والمعجم وغير ذلك. روى عنه: الحاكم، وأبو بكر البرقاني، وحمزة بن يوسف
السهمي، وأبو حازم عمر بن أحمد العبدوي، والحسين بن محمد الباساني، وأبو الطيب
محمد بن علي الطبري، وأبو بكر محمد بن إدريس الجرجرائي الحافظ، وعبد الواحد، بن
محمد بن منير العدل، وأبو عمرو الفارسي سبط الشيخ، وطائفة سواهم. وقال حمزة: سمعت
الدارقطني يقول: كنت قد عزمت غير مرة أن أرحل إلى أبي بكر الإسماعيلي، فلم أرزق.
قال حمزة: سمعت أبا محمد بن الحسن بن علي الحافظ بالبصرة يقول: كان الواجب للشيخ
أبي) بكر الإسماعيلي أن يصنف لنفسه مصنفاً، ويختار على حسب اجتهاده، فإنه كان يقدر
عليه لكثرة ما كان كتب، ولغزارة علمه وفهمه وجلالته، وما كان ينبغي أن يتبع كتاب
محمد بن إسماعيل فإنه كان أجل من أن يتبع غيره. وكما قال أبو عبد الله الحاكم: كان
أبو بكر واحد عصره، وشيخ المحدثين والفقهاء وأجلهم في الرئاسة والمروءة والسخاء،
ولا خلاف بين عقلاء الفريقين من أهل العلم فيه. قال حمزة: وسألني الوزير أبو الفضل
جعفر بن الفضل بن الفرات بمصر عن أبي بكر الإسماعيلي وسيرته وما صنف، فكنت أخبره
ما صنف من
(26/491)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 492
الكتب وجمع من المسانيد والمقلين، وتخريجه على كتاب البخاري، وجميع سيرته، فتعجب
من ذلك وقال: لقد كان رزق من العلم والجاه، وكان له صيت حسن. قال حمزة: وسمعت
جماعة منهم ابن المظفر الحافظ يحكون جودة قراءة أبي بكر، وقالوا: كان مقدماً في
جميع المجالس، كان إذا حضر مجلساً لا يقرأ غيره. قال حمزة: توفي في غرة رجب سنة
إحدى وسبعين، وله أربع وتسعون سنة. قلت: ورأيت له مجلداً من مسند كبير إلى الغاية
من حساب مائة مجلد أو أكثر، فإن هذا المجلد فيه بعض مسند عمر يدل على إمامته، وله
معجم شيوخه مجلد صغير، رواه عنه أبو بكر البرقاني، يقول فيه: كتبت في صغري إملاء
بخطي في سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وأنا يومئذ ابن ست سنين، فضبطته ضبط مثلي ذلك
الوقت، على أني لم أخرج من هذه الثانية شيئاً، فما صنفت من السنن وأحاديث الشيوخ.
وقد أخذ عن أبي بكر: ابنه أبو سعد، وفقهاء جرجان. قال القاضي أبو الطيب: دخلت
جرجان قاصداً إليه وهو حي، فمات قبل أن ألقاه. أحمد بن سليمان بن عمرو الجريري،
أبو الطيب صاحب ابن جرير الطبري. توفي بمصر، وكان كثير الحديث.
(26/492)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 493
روى عن: محمد بن محمد الباغندي، وأبي جعفر الطحاوي، وجماعة. وعنه: محمد بن الحسن
الناقد، وأحمد بن عمر بن محفوظ المصريان. أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن
يحيى بن جميع، أبو بكر الغساني الصيداوي، الرجل الصالح، والد المحدث أبو الحسين بن
محمد.) روى الموطأ عن: محمد بن عبدان المكي، عن أبي مصعب، وروى عن محمد بن المعافى
الصيداوي، وجماعة. روى عنه: ابنه، وحفيده الحسن بن محمد، وحسن بن جعفر الجرجاني.
وحكى حفيده عن خادم جده طلحة أن جده كان يقوم الليل كله، فإذا صلى الفجر نام إلى
الضحى، فإذا صلى الظهر صلى إلى العصر، فإذا صلى العصر صلى إلى المغرب، وإذا صلى
العشاء الآخرة، قام إلى الفجر، وكانت هذه عادته. وقال منجا بن سليم الكاتب: قال لي
السكن، وهو الحسن بن محمد بن جميع: إن جده صام وله اثنتا عشرة، إلى أن توفي سنة
إحدى سبعين وثلاثمائة.
(26/493)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 494
أحمد بن محمد بن سلمة، أبو عبد الله المصري الخياش. سمع: أبا عبد الرحمن النسائي،
وأبا يعقوب إسحاق المنجنيقي، وجماعة. وعنه: محمد بن الحسين الطفال، وقال: قال لنا
إن مولده سنة ثمان ومائتين. إبراهيم بن أحمد بن محمد، أبو إسحاق الأنصاري القاضي.
رحل وسمع: محمد بن حيان المازني، وأبا خليفة، وأبا يعلى الموصلي. وعنه: يحيى بن
عمار السجستاني وغيره. ودخل القيروان. قال الخطيب: كان غير ثقة. بشر بن محمد، أبو
عبد الله البخاري الهروي. سمع: محمد بن عبد الرحمن الشامي، والحسن بن إدريس، وأبا
الحسين الحلاوي. وعنه: أبو إسحاق القراب، وأبو الفضل الجارودي، وأبو ذر الهروي.
وأملى الكثير. توفي في شعبان. الحسن بن أحمد بن صالح الحافظ، أبو محمد الهمذاني
السبيعي
(26/494)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 495
الحلبي، من أولاد إسحاق السبيعي، وإليه ينسب بحلب درب السبيعي. كان حافظاً متقناً
رحالاً، عالي الرواية، خبيراً بالرجال والعلل، فيه تشيع يسير. رحل وسمع من: محمد
بن حبان، وعبد الله بن ناجية، ويموت بن المزروع، وعمر بن أيوب السقطي، وقاسم بن
زكريا، وعمر بن محمد الكاغدي، وأبي معشر الدارمي، ومحمد بن جرير الطبري، وأحمد بن
هارون البردعي، وطائفة.) روى عن: الدارقطني، وأبو بكر البرقاني، وأبو طالب بن
بكير، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو نعيم الأصبهاني، والشيخ المفيد أحمد
بن محمد بن محمد بن النعمان شيخ الرافضة، الشريف محمد الحراني. وكان عسراً في
الرواية. وثقه ابن أبي الفوارس. وقال ابن أسامة الحلبي: لو لم يكن للحلبيين من
الفضيلة إلا أبو محمد الحسن بن أحمد السبيعي لكفاهم. كان وجيهاً عند سيف الدولة،
وكان يزوره في داره، وصنف له كتاب التبصرة في فضيلة العترة المطهرة. وكان
الأصبهاني العامة له سوق، وهو الذي وقف حمام السبيعي على العلويين. وفي السبيعي في
سابع عشر ذي الحجّة. قال الحاكم: سألت أبا محمد الحسن السبيعي الحافظ عن حدث
إسماعيل بن رجاء، فقال: لهذا الحديث قصة، وأعلمنا ابن ناجية مسند فاطمة بنت قيس
سنة ثلاثمائة، فدخلت على الباغندي، فقال: من أين جئت قلت: من مجلس ابن ناجية. قال:
إيش قرأ عليكم قلت: أحاديث
(26/495)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 496
الشعبي عن فاطمة بنت قيس، فقال: مر لكم عن إسماعيل بن رجاء، عن الشعبي فنظرت في
الجزء فلم أجد، فقال: أكتب: ذكر أبو بكر بن أبي شيبة، قلت: عن من ومنعته من
التدليس، فقال: حدثني محمد بن عبيدة الحافظ، حدثني محمد بن المعلى الأثرم، أنا أبو
بكر محمد بن بئر العبدي، عن مالك بن مغول، عن إسماعيل بن رجاء، عن الشعبي، عن
فاطمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قصة الطلاق والسكنى والنفقة، ثم انصرفت إلى
حلب، وكان عندنا بحلب بغدادي يعرف بأبي سهل، فذكرت له هذا الحديث، فخرج إلى
الكوفة، وذاكر أبا العباس بن سعيد، فكتب أبو العباس هذا، عن ابن سهل، عني، عن
الباغندي، ثم اجتمعت مع فلان، يعني الجعابي، فذاكرته، فلم يعرفه، ثم اجتمعنا
برملة، فلم يعرفه، ثم اجتمعنا بعد سنين بدمشق، فاستعاذني إسناده تعجباً، ثم
اجتمعنا ببغداد، فذكرنا هذا الباب، فقال: ثناه علي بن إسماعيل الصفار، ثنا أبو بكر
الأثرم، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ولم يدر أن هذا الأثرم غير ذاك، فذكرت قصتي
لفلان المفيد وأتى عليه سنون، فحدث بالحديث عن الباغندي، ثم قال السبيعي: الذاكرة
تكشف عوار من لا يصدق. قال الخطيب: كان ثقة حافظاً مكثراً عسراً في الرواية، ولما
كان بأخرة عزم على التحديث والإملاء، فتهيأ لذلك، فمات، حدثت عن الدارقطني، سمعت
السبيعي يقول: قدم علينا الوزير أبو) الفتح بن حنزابة إلى حلب، فتلقاه الناس، فعرف
أني محدث، فقال لي: تعرف إسناداً فيه أربعة
(26/496)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 497
من الصحابة؟ فذكرت له حديث عمر في العمالة، فعرف لي ذلك، وصارت لي به عنده منزلة.
الحسن بن سعيد بن جعفر، أبو العباس العباداني المطوعي المقريء المعمر نزيل إصطخر،
في آخر عمره. سمع من: الحسن بن المثنى، وأبا خليفة، وأبا مسلم الكجي، وأبا عبد
الرحمن النسائي، وإدريس بن عبد الكريم الحذاء، وجعفر بن محمد الفريابي، وجماعة.
قال أبو نعيم: قدم أصبهان سنة خمس خمسين، وكان رأساً في القرآن وحفظه، في حديثه
وروايته، لين. وقال أبو بكر بن مردويه: وهو ضعيف. قلت: قرأ لنافع على أبو بكر
البغدادي بكر محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، وأبي محمد الملطي، وقرأ لأبي عمر،
ومحمد بن بدر بن محمد الباهلي صاحب الدوري، والحسين بن علي الأزرق الجمال. قرأ
عليه برواية قالون، وقرأ
(26/497)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 498
برواية البزي على إسحاق بن أحمد الخزاعي. وقرأ برواية قنبل على ابن مجاهد، وقرأ
بدمشق على أبي العباس محمد بن موسى الصوري، وبالإسكندرية على محمد بن القاسم بن
يزيد الإسكندراني، وقرأ على ذكوان، وقرأ على أحمد بن فرح المفسر صاحب الدوري، وعلى
إدريس بن عبد الكريم الحداد صاحب خلف، وهو أكبر شيخ له، وقرأ على عبد الله بن
الربيع الملطي إمام جامع مصر، عن يونس بن عبد الأعلى، وعلى جماعة مذكورين في
المنهج لسبط الخياط. قرأ عليه: أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، وأبو الحسين علي
بن محمد الخبازي، وأبو بكر محمد ب عمر بن زلال النهاوندي، والحسين بن علي بن عبيد
الله الرهاوي، وأبو عبد الله محمد بن الحسين بن آل زهرام الكارزيني. قال الخزاعي:
قلت للمطوعي: في أي سنة قرأ على إدريس الحداد فقال في السنة التي رحلت فيها إلى
الري سنة اثنتين وستين ومائتين، فقلت للمطوعي: فقد قاربت المائة فقال: إلا ثنتين،
قال ذلك في سنة سبع وستين ومائة. قال الخزاعي: وكان أبوه واعظاً محدثاً. قلت: وحدث
عنه أبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو نعيم الحافظ. ومحمد بن عبيد الله الشيرازي،
وآخرون، وهو على ضعفيه. وآخر من روى عن أبي مسلم الكجي والحداد.) وله تصانيف في
القراءآت. الحسين بن علي بن الحسن بن الهيثم، أبو عبد الله بن الباد
(26/498)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 499
البغدادي الشاهد. سمع: أبا شعيب الحراني، والحسن بن علويه. وعنه: حفيده أحمد بن
علي، وغيره. وقال الخطيب: كان ثقة، بقي أعمى مقعداً مدة خمس عشرة سنة، وعاش ستاً
وتسعين سنة. الحسن بن القاسم بن عبد الرحمن بن أبي الغمر، أبو محمد المصري الفقيه.
حدث عن الطحاوي وغيره. الحسن بن محمد بن سهل، أبو سعيد الفسوي القزاز الشاهد. رحل
مع والده إلى الشام ومصر، وسمع أبا عروبة، وأبا الجهم بن طلاب، وأبا الحسن بن
جوصا، وحدث. توفي في المحرم. خلف بن عمر، أبو سعيد الفقيه المالكي المعروف بابن
أخي هشام، شيخ المالكية بإفريقية. تفقه بأبي نصر القيرواني وسمع منه. وكان يجتمع
هو، وأبو الأزهر بن مغيث، وأبو محمد بن أبي زيد، ويتناظرون. توفي في صفر. سليمان
بن محمد بن سليمان، أبو أيوب الأندلسي الشذوني. سمع: محمد بن عبد الملك بن أيمن،
وعبد الله بن يونس المقبري، وجماعة، وحج فسمع من أبي سعيد بن الأعرابي، وسمع من
أبي محمد الفريابي كتب محمد بن جرير الطبري، وولي خطابة شريش.
(26/499)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 500
عبد الله بن إبراهيم بن جعفر بن بيان الزينبي، أبو الحسن البغدادي البزاز. روى عن:
الحسن بن علويه القطان، وأحمد بن أبي عوف البزوري، والحسين بن أبي الأحوص، وعبد
الله بن ناجية، والفريابي، وجماعة. وعنه: أبو بكر البرقاني، ومحمد بن طلحة
النعالي، والأزجي، وأبو القاسم التنوخي. وثقه الخطيب وقال: ولد سنة ثمان وسبعين
ومائتين، وتوفي في ذي القعدة. والزينبي: آخر، وهو إبراهيم بن عبد الله العسكري، من
طبقة ابن صاعدة. مر.) عبد الله بن إسحاق، أبو محمد التبان الفقيه المالكي، عالم
أهل القيروان في زمانه. قال القاضي عياض: ضربت إليه آباط الإبل من الأمصار لذبه عن
مذهب أهل المدينة، وكان حافظاً بعياً من التصنع والرياء، فصيحاً. توفي سنة إحدى.
عبد الله بن الحسين بن إسماعيل، أبو بكر الضبي المحاملي.
(26/500)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 501
ولي قضاء ميافارقين وآمد، ثم ولي قضاء حلب وأنطاكية. وكان عفيفاً نزهاً. سمع أباه
وأبا بكر بن زياد النيسابوري. عبد الله بن محمد بن عبد الله الشيباني والنيسابوري
سبط أبي علي الثقفي. دين ورع من شيوخ الحاكم. سمع: السراج، وزنجويه بن محمد. عبد
الله بن محمد بن نصر اللخمي القرطبي الزاهد. سمع من: أحمد بن خالد، ومحمد بن عبد
الملك بن أيمن، ومحمد بن قاسم. وكان صالحاً خيراً مائلاً إلى الأثر، يعقد الشروط.
روى عنه ابن الفرضي وغيره. عبد الأعلى بن أبي بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني.
يروي عن أبيه. توفي في هذه السنة تقريباً. عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث
بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن النبيه بن عبد الله، أبو الحسن التميمي.
أحد فقهاء الحنابلة الأعيان. حدثت عن: أبي عبد الله نفطويه وأبي بكر بن يزداد النيسابوري،
وأبي عبد الله المحاملي. روى عنه: ابنه أبو الفرج عبد الوهاب، وبشري الفاتني.
(26/501)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 502
وقال أبو المعالي شيذلة: روى الإمام أبو عبد الله الحسن التميمي الحنبلي إمام عصره
في مذهبه، وحضر الشيخ أبو عبد الله بن مجاهد، وابن شمعون، فجري مسألة الاجتهاد بين
ابن مجاهد، والقاضي أبي بكر، وتعلق الكلام بينهما إلى الفجر، وكان أبو الحسن
التميمي، يقول) لأصحابه: تمسكوا بهذا الرجل فليس للسنة عنه غنى. وقال القاضي أبو
يعلى: كان جليل القدر، له كلام في مسائل الخلاف، ومصنف في الفرائض. وقال أبو الحسن
بن رزقويه: وضع أبو الحسن التميمي في مسند أحمد حديثين، وكتبوا عليه محضراً، وكتب
فيه الدارقطني، وابن شاهين. وتوفي في عشر الستين. عبد الله بن أحمد بن المصنف أبو
محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري. دخل مصر مع أبيه فسكنها، وحدث عن والده
بمصنفات جده. علي بن إبراهيم، الشيخ أبو الحسن الحصري، أحد كبار الصوفية وأولي
الأحوال. حكى عن الشبلي.
(26/502)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 503
روى عنه: أبو سعد الماليني. ومن كلامه: لا يغرنكم صفاء الأوقات فإن تحتها آفات، ولا
يغرنكم العطاء، فإن العطاء، عند أهل الصفاء مقت. قال الخطيب: مات سنة إحدى وسبعين،
وقد نيف على الثمانين. قال السلمي: هو سيد وقته وشيخ العراق. علي بنعبد الله بن
المحدث الصالح عبد الرحمن بن عبد المؤمن المهلبي الجرجاني البزاز. روى عن: أبي
نعيم بن عدي، وغيره. روى عنه: أبو سعد الماليني، وأبو الفرج. ومات قبل الإسماعيلي
بشهر. فتح بن أصبغ، أبو نصر الطليطلي الفقيه الزاهد. كان ذكياً متفنناً ورعاً
عابداً. كان يقال إنه مجاب الدعوة. توفي في جمادى الأولى. ليث بن طاهر، أبو نصر
النيسابوري القائد. سمع السراج، وابن خزيمة. وعنه الحاكم. محمد بن أحمد بن عبد
الله بن محمد الفقيه، أبو زيد المروزي الشافعي الزاهد.)
(26/503)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 504
حدث ببغداد وبنيسابور ودمشق ومكة عن: محمد بن يوسف الفربري، وعمر بن عليك المروزي،
ومحمد بن عبد الله السعدي، وأبي العباس محمد الدغولي، وأحمد بن محمد المنكدري،
وغيرهم. وعنه: الهيثم بن أحمد الصباغ، وعبد الواحد بن مشماش، وعبد الوهاب
الميداني، وعلي بن السمسار، وأبو الحسن الدارقطني مع تقدمه، وأبو بكر البرقاني،
ومحمد بن أحمد المحاملي البغدادي، والفقيه أبو محمد عبد الله محمد بن إبراهيم
الأصيلي، وآخرون وقال: ولدت سنة إحدى وثلاثمائة. قال الحاكم: كان أحد أئمة
المسلمين، ومن أحفظ الناس لمذهب الشافعي، وأحسنهم نظراً، وأزهدهم في الدنيا. سمعت
أبا بكر البزاز يقول: عادلت الفقيه أبا زيد من نيسابور إلى مكة، فما أعلم أن
الملائكة كتبت عليه خطيئة. وقال الخطيب: حدث ببغداد، ثم جاور بمكة، وحدث هناك
بصحيح البخاري عن الفربري. وأبو زيد أجل من روى ذلك الكتاب. وقال أبو إسحاق
الشيرازي: ومنهم أبو زيد المروزي صاحب أبي
(26/504)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 505
إسحاق، مات بمرو في رجب سنة إحدى وسبعين. وكان حافظاً للمذهب، حسن النظر، مشهوراً
بالزهد. وعنه أخذ أبو بكر الققال، وفقهاء مرو. وقرأت على أبي علي الأمين، أخبركم
ابن المكي، أنا عبد الأول، أنا أبو إسماعيل الأنصاري، أنا أحمد بن محمد بن
إسماعيل، سمعت خالد بن عبد الله المروزي، سمعت أبا سهل محمد بن أحمد المروزي، سمعت
أبا زيد المروزي يقول: كنت نائماً بين الركن والمقام، فرأيت النبي صلى الله عليه
وسلم فقال: يا أبا زيد إلى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي فقلت: يا رسول
الله وما كتابك فقال: جامع محمد بن إسماعيل البخاري. محمد بن أحمد بن تميم
السرخسي. سمع أبا لبيد محمد بن إدريس الشامي السرخسي. عنه: أبو الحسن بن رزقويه،
وأبو بكر أحمد بن علي الأصبهاني. وثقه الخطيب. توفي فيها ظناً. محمد بن أحمد بن
محمود، أبو العباس النيسابوري القباني الزاهد الناسخ.) سمع ابن خزيمة، وأحمد بن
محمد الماسرجسي. وعنه: الحاكم، وغيره من النيسابوريين. محمد بن أحمد بن جعفر
الطوسي القائد. سمع: ابن خزيمة، والسراج. محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد بن
مهران، أبو بكر البغدادي الصفار الضرير.
(26/505)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 506
سمع: محمد بن صالح بن عصمة الدمشقي، وعبد الله بن محمد بن مسلم المقدسي، ومحمد بن
محمد النفاح الباهلي، وأبا القاسم البغوي، وأبا عروبة الحراني، وجماعة. وعنه:
الدارقطني، وحمزة السهمي، وأبو بكر البرقاني، وأبو القاسم علي التنوخي، والحسين بن
علي الجوهري، وغيرهم. قال البرقاني: ثقة فاضل، شامي الأصل، سألته عن مولده، فقال:
سنة تسع وثمانين ومائتين. قال الخطيب: حدث في سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. محمد بن
جعفر بن محمد، أبو الفتح بن المراغي الهمذاني. نزيل بغداد، ومصنف كتاب البهجة على
مثال الكامل للمبرد. وكان عالماً بالنحو واللغة. روى عن: أحمد بن عبد الله بن مسلم
بن قتيبة. وقال أبو الحسن محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي: سمعنا منه: سنة إحدى
وسبعين. قلت: هو والذي قبله لا أعرف وفاتهما يقيناً. محمد بن خفيف بن إسفكشاذ، أبو
عبد الله الضبي الشيرازي
(26/506)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 507
الصوفي، شيخ إقليم فارس. حدث عن: حماد بن مدرك، والنعمان بن أحمد الواسطي، ومحمد
بن جعفر التمار، والحسين المحاملي، وجماعة. وعنه: أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي،
والحسن بن حفص الأندلسي، وإبراهيم بن الخضر الشياح، ومحمد بن عبد الله بن باكويه،
وأبو بكر بن الباقلاني المتكلم. قال أبو عبد الرحمن السلمي: أقام بشيراز، وكانت
أمه بنيسابور، وهو اليوم شيخ المشايخ وتاريخ الزمان، لم يبق للقوم أقدم منه سناً.
ولا أتم حالاً، صحب رويم بن أحمد، وأبا العباس ابن عطاء، ولقي الحسين بن منصور
الحلاج، وهو من أعلم المشايخ بعلوم الظاهر، متمسك) بالكتاب والسنة، فقيه على مذهب
الشافعي، فمن كلامه قال: ما سمعت شيئاً من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا
واستعملته، حتى الصلاة على أطراف الأصابع، وهي صعبة. قال السلمي: قال أحمد بن يحيى
الشيرازي: ما أرى التصوف إلا يختم به. وكان أبو عبد الله من أولاد الأمراء، فتزهد
حتى قال: كنت أذهب وأجمع الخرق من المزابل، وأغلسه، وأصلح منه ما ألبسه، وبقيت
أربعين شهراً أفطر كل ليلة على كف باقلاء، فاقتصدت، فخرج من عرقي شبيه ماء اللحم،
فتحير الفاصد وقال: ما رأيت جسداً بلا دم إلا هذا. وقال ابن باكويه: سمعت أبا أحمد
الكبير يقول: سمعت أبا عبد الله بن
(26/507)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 508
خفيف يقول: نهبت في البادية حتى سقطت لي ثمانية أسنان، وانتثر شعري، ثم وقعت إلى
فيد وأقمت بها، حتى تماثلت وحججت، ثم مضيت إلى بيت المقدس، ودخلت الشام، فنمت إلى
جانب دكان صباغ، وبات معي في المسجد رجل به بطن قيام، وكان يدخل ويخرج إلى الصباح،
فلما أصبحنا، صاح الناس: نقب دكان الصباغ وسرقت، فدخلوا المسجد ورأونا، فقال
المبطون: لا أدري، غير أن هذا طول الليل كان يدخل ويخرج، وما كنت خرجت إلا مرة،
تطهرت، فجروني وضربوني، وقالوا: تكلم. فاعتقدت التسليم، فكانوا يغتاظون من سكوتي،
فحملوني إلى دكان الصباغ، وكان أثر رجل اللص في الرماد، فقالوا: ضع رجلك فيه،
فوضت، فكان على قدر رجلي، فزادهم غيظاً، وجاء الأمير، ونصبت القدر وفيها الزيت
يغلي، وأحضرت السكين ومن يقطع اليد، فرجعت إلى نفسي وإذا هي ساكنة، فقلت: إن
أرداوا قطع يدي سألتهم يعفوا يميني لأكتب بها، فبقي الأمير يهددني ويصول، فنظرت
إليه فعرفته، وكان مملوكاً لوالدي، فكلمني بالعربية وكلمته بالفارسية، فنظر إلي
وقال: أبو الحسين وكنت أكنى بها في صباي، فضحكت، فعرفني، فأخذ يلطم رأسه ووجهه،
واشتغل الناس به، فإذا بضجة عظيمة، وأن اللصوص قد مسكوا، فذهبت والناس ورائي، وأنا
ملطخ بالدماء جائع لي أيام لا آكل، فرأتني عجوز فقيرة، فقالت: أدخل إلينا، فدخلت
ولم يرني الناس، وغسلت وجهي ويدي، فإذا الأمير قد أقبل يطلبني. فدخل ومعه جماعة،
وجر من منطقته سكيناً، وحلف بالله وقال: إن أمسكني إنسان لأقتلن نفسي، وضرب بيده
رأسه ووجهه مائة صفعة، حتى منعته أنا، ثم اعتذر، وجهد بي أن أقبل شيئاً، فأبيت،
وهربت ليومي من المدينة، فحدثت بعض المشايخ فقال: هذا عقوبة انفرادك، فما دخلت
بلداً فيه فقراء إلا قصدتهم.) وقال أبو عبيد الله بن باكويه: سألت أبا عبد الله بن
خفيف، وقد سأله
(26/508)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 509
قاسم الإصطخري عن الأشعري فقال: كنت مرة بالبصرة جالساً مع عمرو بن علويه على ساجة
في سفينة نتذاكر في شيء، فإذا بأبي الحسن الأشعري قد عبر وسلم علينا وجلس، فقال:
عبرت عليكم أمس في الجامع، فرأيتكم تتكلمون في شيء عرفت الألفاظ ولم أعرف المغزى،
فأحب أن تعيدوها علي. قلت: وفي أبو نعيم الحافظ شيء كنا قال: في سؤال إبراهيم عليه
السلام أرني كيف تحيي الموتى وسؤال موسى أرني أنظر إليك. فقلت: نعم. قلت: إن سؤال
إبراهيم هو سؤال موسى، إلا أن سؤال إبراهيم سؤال متمكن، وسؤال موسى سؤال صاحب غلبة
وهيجان، فكان تصريحاً، وكان سؤال إبراهيم تعريضاً، وذلك أنه قال: أرني كيف تحيي
الموتى، فأراه كيف المحيي ولم يره كيف الإحياء، لأن الإحياء صفة والمحيي قدرته،
فأجابه إشارة كما سأله إشارة، إلا أنه قال في الآخر: واعلم أن الله عزيز حكيم. ثم
إني مشيت مع أبي الحسن وسمعت مناظرته، وتعجبت من حسن كلامه حين أجابهم. قال أبو
العباس الفسوي: صنف شيخنا ابن خفيف من الكتب ما لم يصنفه أحد، وانتفع به جماعة
صاروا أئمة يقتدى بهم، وعمر حتى عم نفعه البلدان. وقال أبو الفتح عبد الرحمن بن
أحمد خادم ابن خفيف: سمعت أبا عبد الله بن خفيف يقول: سألنا يوماً القاضي أبو
العباس بن شريح بشيراز، ونحن نحضر مجلسه لدرس الفقه، فقال لنا: محبة الله فرض أو
لا قلنا
(26/509)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 510
فرض. قال: ما الدليل فما فينا من أجاب بشيء، فسألناه، فقال: قوله تعالى قل إن كان
آباؤكم وأبناؤكم الآية. قال: فتوعدهم الله على تفضيل محبتهم لغيره على محبته،
والوعيد لا يقع إلا على فرض لازم. وقال ابن باكويه كنت سمعت ابن خفيف يقول: كنت في
بدايتي ربما أقرأ في ركعة واحدة عشرة آلاف قل هو الله أحد، وربما كنت أقرأ في ركعة
القرآن كله. وعن ابن خفيف أنه كان به وجع الخاصرة، فكان إذا أخذه أقعده عن الحركة،
فكان إذا أقيمت الصلاة يحمل على الظهر إلى المسجد، فقيل له: لو خففت على نفسك.
قال: إذا سمعتم: حي على الصلاة ولم تروني في الصف فاطلبوني في المقابر. قال ابن
باكويه: سمعته يقول: ما وجبت علي زكاة الفطر أربعين سنة. وقال ابن باكويه: نظر أبو
عبد الله بن خفيف يوماً إلى ابن أم مكتوم وجماعة من أصحابه) يكتبون شيئاً، فقال:
ما هذا قالوا: نكتب كذا وكذا. قال: اشتغلوا بتعلم شيء ولا يغرنكم كلام الصوفية،
فإني كنت أخبيء محبرتي في جيب مرقعتي، والورق في حجزة سراويلي، وأذهب خفية إلى أهل
العلم، فإذا علموا بي خاصموني، وقالوا: لا تفلح. ثم احتاجوا إلي. حدثنا أبو
المعالي الأبرقوهي، أنا عمر بن كرم ببغداد، أنا أبو الوقت السجزي، ثنا عبد الوهاب
بن أحمد الثقفي، أنا محمد بن عبد الله بن باكويه، ثنا محمد بن خفيف الضبي إملاء،
قرأ علي حماد بن مدرك وأنا أسمع: ثنا عمرو بن مرزوق، ثنا شعبة، عن أبي عمران
الجوني، عن عبد الله
(26/510)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 511
بن الصامت، عن أبي ذر، قال: قال سول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صنعت قدراً
فأكثر مرقها وانظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم بمعروف. توفي ليلة ثالث رمضان عن خمس
وتسعين سنة، وقيل: عاش مائة سنة وأربع سنين. وازدحم الخلق على جنازته، وكان أمراً
عظيماً، وصلوا عليه نحواً من مائة مرة. رحمه الله ورضي عنه. محمد بن خلف بن محمد
بن جيان، بالجيم، الفقيه أبو بكر البغدادي الخلال المقريء. سمع: عمر بن أيوب
السقطي وقاسم بن زكريا المطرز، وحامد بن شعيب البلخي، وأحمد بن سهل الأسناني.
وعنه: البرقاني، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو القاسم التنوخي. وثقه الخطيب،
وقال: توفي في آخر السنة. روى عنه حمزة، وقال: كان ثقة جبلاً. محمد بن خالد بن عبد
الملك، أبو عبد الله الإستجي الفقيه. سمع من محمد بن عبد الله بن أبي دليم، وكان
يعقد الوثائق.
(26/511)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 512
محمد بن عثمان بن سيعد الإستجي. كان فقيهاً مفتياً. سمع من أبي دليم أيضاً، ومن
جماعة. كان يعقد الوثائق ببلده. محمد مفرج، أبو عبد الله المعافري القرطبي،
المعروف بالقبي. سمع من: قاسم بن أصبغ، وبمصر من أبي جعفر النحاس، وعبد الملك بن
بحر الجلاب، وبمكة من أبي سعيد الأعرابي. وتوفي في رمضان.) تركوا الأخذ عنه لأنه
كان يعتقد مذهب ابن مسرة ويدعو إليه. محمد بن عبد الله بن بشران، أبو بكر السكري
الشاهد، والد الشيخين مسندي العراق: أبي الحسين علي، وأبي القاسم عبد الملك. سمع
الحديث، وأسمع ولديه، ولم يرو شيئاً، بل روى عنه ابنه عبد الملك وحده. ومات في
جمادى الآخرة، وله خمس وستون سنة. كان من المعدلين. محمد بن العباس بن أحمد بن
مسعود، أبو بكر الجرجاني المسعودي الفقيه. روى عن: أبي يعلى الموصلي وأبي القاسم
البغوي، وفيه ضعف لكونه حدث من غير كتابه.
(26/512)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 513
بقي إلى هذه السنة، ولا أعرف متى مات. محمد بن محمد بن العباس، أبو ذهل العصمي
الهروي. توفي في صفر. من جملة المشايخ. محمد بن هشام بن جمهور المرساني نزيل
قرطبة. رحل وسمع من الآجري، وأحمد بن إبراهيم الكندي، وحدث. توفي في ربيع الأول.
يحيى بن هذيل، أبو بكر الأديب. شاعر عصره بالأندلس، وكان أحد الفقهاء المالكية
المذكورين، ديناً عاقلاً نزهاً فصيحاً مفوهاً. طال عمره وعلا سماعه، وكان قد سمع
من أخيه أبي مروان عبد الملك من جماعة. كذا ورخه بعضهم، وسيعاد سنة تسع وثمانين.
قال القاضي عياض: كان حافظاً للفقه، راوية للحديث. ثم ورخه سنة إحدى هذه.
(26/513)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 514
(26/514)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 515
1 (وفيات سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة)
أحمد بن إسحاق بن مروان بن جابر، أبو عمر الغافقي القرطبي. سمع: أحمد بن خالد،
وعبد الله بن يونس، وابن أيمن، وحج، وسمع بمصر كتباً. ولي قضاء طليطلة، ومات بها.
أحمد بن جعفر بن محمد بن الفرج، أبو الحسن المقريء الخلال. سمع عبد الله بن إسحاق
المدائني، ومحمد بن جرير الطبري. وعنه: أبو العلاء الواسطي، وأحمد بن علي البادا.)
قال الخطيب: كان صالحاً ثقة. توفي في رمضان. أحمد بن محمد الحافظ بن أبي حفص عمر
بن محمد بن بجير السمرقندي البجيري.
(26/515)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 516
سمع من جده الصحيح الذي سمعه منه جماعة. وتوفي في ربيع الأول. أحمد بن محمد بن علي
بن الحسن بن يحيى القصري، أبو بكر السيبي، الفقيه الشافعي، أحد الأئمة. درس على
إسحاق المروزي، ونشر الفقه ببلده قصر ابن هبيرة. وتوفي في رجب، وله ست وسبعون سنة.
أحمد بن عبد الله بن عمرو القيسي القرطبي. سمع: أحمد بن خالد، وابن أيمن، ومحمد بن
مسور. لم يحدث. أحمد بن محمد بن معروف بن وليد، أبو عمر المدائني القرطبي. سمع من:
أحمد بن خالد بن الحباب، وابن أيمن، وعثمان بن عبد الرحمن، وحج فسمع من الآجري.
ولي قضاء طرطوشة، وكتب عنه جماعة. أحمد بن محمد بن يوسف، أبو القاسم القرطبي
القشطيلي. سمع أبا عيسى، والدينوري. قال ابن عفيف: كان من أهل العلم بفنون كثيرة
من الفقه والعربية واللغة. حج وأدرك رجالاً بالمشرق، وأدخل الأندلس علماً جماً،
وأدب ولد
(26/516)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 517
الحكم بن الناصر لدين الله، وأخذ عنه الناس مذهب مالك. إسماعيل بن أحمد بن محمد بن
داود النساج القزويني. سمع إسحاق بن محمد الكيساني، وعبد الرحمن بن أبي حاتم،
وسليمان بن يزيد الفامي، وحدث. الحسن بن علي الصيدناني القزويني. سمع إسحاق بن
محمد الكيساني، ومحمد بن القاسم المحاربي الكوفي، وحدث. الحسين بن محمد بن عبد
الوهاب بن سليمان بن محمد الشريف، أبو تمام الزينبي، قاضي) البصرة. قدم بغداد مع
معز الدولة، واشترى داراً بأربعة وعشرين ألف دينار، وولي نقابة بغداد. وتفقه على
أبي الحسن الكرخي. حدث عنه مولاه وشاح وغيره. مات في شوال. الحسين بن أحمد بن محمد
بن عبد الرحمن بن أسد بن شماخ، أبو عبد الله الشماخي الحافظ الهروي الصفار. حدث
بهراة وبغداد ودمشق عن: أحمد بن عبد الوارث المصري، وأبي الدحداح أحمد بن محمد
الدمشقي، وعد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن حفص الجوني، والحسين بن موسى الرسعني
وجماعة.
(26/517)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 518
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر البرقاني، وإسحاق
القراب، وأبو عثمان سعيد القرشي. قال البرقاني: قد كتبت عنه الكثير، ثم بان لي أنه
ليس بحجة، وضعفه أبو عبد الله بن أبي ذهل الهروي. وقال الحاكم، وسئل عنه: كذاب، لا
يشتغل به، وتوفي في جمادى الآخرة. وله مستخرج على صحيح مسلم. الحسين بن علي بن
سفيان، أبو عبد الله المصري الفقيه. روى عنه: محمد بن إبراهيم بن المنذر، وغيره.
حسين بن محمد بن نابل، أبو بكر القرطبي. سمع أسلم بن عبد العزيز، وأحمد بن خالد بن
الحباب، ومحمد بن عمر بن لبابة، وحج، فسمع من ابن الأعرابي، وعلي بن مطر
الإسكندراني، وأبي الطاهر المديني، وعلي بن الطحاوي. وكان شيخاً صالحاً فقيهاً
ورعاً عارفاً بالعربية، شاعراً، حدث بالكثير. وتوفي في ذي الحجّة، وهو في عشر
الثمانين. وعنه ابن الرضى. الحسين بن محمد، أبو سعيد البسطامي الواعظ، والد أبي
عمر محمد بن الحسن. قال الحاكم: كان أوحد عصره في التذكير والوعظ والانتصار
للسنة.) سمع: أبا بكر القطان، وأبا حامد بن بلال، وطبقتهما. خطاب بن مسلمة بن محمد
بن سعيد، أبو المغيرة الأيادي الفقيه المالكي. سمع ابن لبابة، وأسلم بن عبد العزيز،
وأحمد بن خالد بن الجباب،
(26/518)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 519
وحج فسمع من ابن الأعرابي. قال عنه رفيقة أبو بكر محمد بن السليم القاضي: وهو من
الأبدال. وقال القاضي عياض: كان زاهداً مجاب الدعوة. وقال ابن القرضي: كان حافظاً
للرأي، بصيراً بالنحو. توفي في شوال، وله ثمان وسبعون سنة. سليمان بن أحمد بن محمد
بن داود القزويني النساج، أخو إسماعيل. سمع: علي بن محمد بن مهرويه، وسليمان بن
زيد الفامي. وكان أسن من أخيه، وبينهما في الموت ثلاثة أشهر. العباس بن الفضل بن
زكريا، أبو منصور النضروي الهروي، منسوب إلى جده نضرويه، بضاد معجمة. سمع: أحمد بن
نجدة والحسين بن إدريس، ومحمد بن عبد الرحمن الشامي، وجماعة. وعنه: أبو بكر
البرقاني، وأبو يعقوب القراب، وأبو عثمان سعيد القرشي، وأبو حازم العبدوي. وثقه
الخطيب، وروى عنه أيضاً سبطه الحسين بن علي، وتوفي في شعبان، وقد وهم صاحب الكمال
وهماً قبيحاً فذكر له ترجمة ابن ماجه روى عنه. العباس بن محمد بن علي، أبو الفضل
القرشي، والد الشيخ أبي عثمان سعيد، مسند هراة.
(26/519)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 520
روى عن: أبي الفضل المنذري، وأبي الحسن المخلدي. روى عنه ابنه، وتوفي في جمادى
الآخرة. عبد الله بن أحمد بن جعفر، أبو محمد بن أبي حامد الشيباني النيسابوري.
سمع: أبا بكر بن خزيمة، وتورع عن الرواية عنه لصغره، سمع أبا العباس السراج، وأحمد
بن محمد الماسرجسي، وحاتم بن محبوب السامي، وأبا سعيد بن الأعرابي، وأبا جعفر بن
البختري. روى عنه: يوسف القواس، وإبراهيم بن مخلد الباقرحي، وابن رزقويه، حدثهم
ببغداد. ووثقه الخطيب.) روى عنه الحاكم وقال: كان من أكثر أقرانه سماعاً، وكانت له
ثروة ظاهرة، وأنفق أكثرها على العلماء، وفي الحج والجهاد، وكان يرسل شعره فقيل له
الشعراني. عبد الله بن بدر الأشبيلي الطبيب. جمع وسمع من: ابن الأعرابي، وحدث. عبد
الله بن محمد بن أمية بن غلبون الأنصاري القرطبي، نزيل طليطلة. إستقضي بطلبيرة.
سمع من: قاسم بن أصبغ: وبمكة من ابن الأعرابي، وكان نبيلاً ثقة. سمع منه: عبدوس بن
محمد الثغري.
(26/520)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 521
عبد الواحد بن بكر الهمذاني الصوفي، المعروف بالورثاني. رحل وسمع بدمشق: أبا علي
محمد بن شعيب الأنصاري، وعلي بن أبي العقب، وجمح بن القاسم. وعنه: أبو سعد
الماليني، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن بن إسماعيل القراب، وآخرون. وتوفي
بالحجاز، وكان كثير الأسفار، من فضلاء الصوفية. عبد العزيز بن مالك الفقيه، أبو
القاسم القزويني الشافعي. سمع: محمد بن مسعود، وأبا علي الطوسي، والعباس بن الفضل
بن شاذان، ومحمد بن صالح الطبري. قال أبو يعلى الخليلي: أدركته، وقريء عليه وأنا
حاضر. عثمان بن سعيد بن عثمان، أبو سعيد بن الدراج الغساني الأندلسي السري. سمع
من: أحمد بن عمرو بن منصور بن فطيس، وعثمان بن جرير، وأحمد بن خالد بن الحباب، وحج
فسمع من عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن أبي عثمان عبد الرحمن المقريء: كتاب
سفيان بن عيينة، عن جده محمد بن المقريء. سمع منه غير واحد، وتوفي في رجب. علي بن
خفيف بن عبد الله بن تميم بن سعد مولى جعفر بن محمد بن علي، أبو الحسن الهاشمي
البغدادي الدقاق.
(26/521)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 522
سمع: عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، والحسين بن أبي عفير، وعبد الله بن محمد
البغوي.) وعنه: أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وعبد الله بن علي بن بشران،
وغيرهما. قال ابن أبي الفوارس: كان غير مرضي في الرواية. علب بن محمد بن سعيد، أبو
الحسن الكندي البغدادي الرازي، شيخ معمر. سمع سنة تسعين ومائتين من أبي شعيب الحراني،
وسمع من: الفريابي، وعلي بن حسنويه. وعنه: العتيقي، وتوفي في رمضان.
4 (فناخسرو السلطان عضد الدولة)
أبو شجاع بن السلطان ركن الدولة الحسن بن بويه الديلمي. ولي مملكة فارس بعد عمه
عماد الدولة، ثم قوي على ابن عمه عز الدولة بختيار بن معز الدولة، وبلغ من سعة
المملكة والإستيلاء على الممالك، ما لم يبلغه
(26/522)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 523
أحد من بنيه، ودانت له البلاد والعباد. وهو أول من خوطب بالملك شاه شاه في
الإسلام، وأول من خطب له على المنابر ببغداد بعد أمير المؤمنين. وكان فاضلاً
نحوياً، له مشاركة في فنون، وله صنف أبو علي الفارسي الإيضاح والتكملة. وقد مدحه
فحول الشعراء، وسافر إلى بابه المتنبي إلى شيراز، قبل أن يملك العراق، وامتدحه
بقصائد مشهورة، وقصده شاعر العراق أبو الحسن محمد بن عبد الله السلامي، وأنشده
قصيدته البديعة التي يقول فيها:
(إليك طوى عرض البسيطة جاعل .......... قصارى المطايا أن يلوح لها القصر)
(فكنت وعزمي في الظلام وصارمي .......... ثلاثة أشياءكما اجتمع النسر)
(وبشرت آمالي بملك هو الورى .......... ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر)
وقال الثعالبي في يتمية الدهر: لعضد الدولة قصيدة فيها بيت لم يفلح بعده:
(ليس شرب الراح إلا في المطر .......... وغناء من جوار في السحر)
(مبرزات الكاس من مطلعها .......... ساقيات الراح من فاق البشر)
(عضد الدولة وابن ركنها .......... ملك الأملاك غلاب القدر)
فقيل إنه لما احتضر، لم ينطق لسانه إلا ب ما أغنى عني ماليه، هلك عني سلطانيه.
وتوفي بعلة الصرع في شوال، سنة اثنتين وسبعين ببغداد، وله ثمان وأربعون سنة، ودفن
بمشهد علي رضي الله عنه بالكوفة. وهو الذي أظهر قبر علي بالكوفة وادعى أنه قبره.
وكان شيعياً، فبنى على المشهد، وأقام) البيمارستان العضدي ببغداد، وأنفق عليه
أموالاً عظيمة، وهو بيمارستان عظيم ليس في الدنيا مثل ترتيبه. وملك العراق خمس
سنين ونصفاً، ولما قدمها خرج الطائع الله وتلقاه،
(26/523)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 524
وهذا شيء لم يتهيأ لأحد قبله، فدخل بغداد، وقد استولى عليها الخراب وعلى سوادها
بانفجار بثوقها، وقطع المفسدين طرقاتها، فبعث العسكر إلى بني شيبان، وكانوا يقطعون
الطريق، فأوقعوا بهم وأسروا من بن شيبان ثمانمائة، وسد البثوق، وغرس المزاهر وهو
دار أبي علي بن مقلة، وكانت قد صارت تلاً، فيقال: إنه غرم على نقل التراب أكثر من
ألف ألف درهم، وغرس التاجي عند قطربل وحوط على ألف وسبعمائة جريب، وعمر الطرق
والقناطر والجسور. وكان متيقظاً شهماً، له عيون كثيرة تأتيه بأخبار البلاد
القاصية، حتى صارت أخبار الأقاليم عنده. وكان شديد العناية بذلك، كثير البحث عن
المشكلات، وافر العقل. كان من أفراد الملوك لولا ظلمه، وكان سفاكاً للدماء، حتى أن
جارية شغل قلبه بميله إليها، فأمر بتغريقها، وأخذ غلام من رجل بطيخاً غصباً،
فوسطه. وكان يحب العلم والعلماء ويصلهم. ووجد له في تذكرة: إذا فرغنا من حل إقليدس
تصدقت بعشرين ألف درهم، وإن ولد لي ابن تصدقت بعشرة آلاف، فإن كان من فلانة تصدقت
بخمسين ألف درهم. وكان قد طلب حساب دجلة في السنة، فإذا هو ثلاثمائة ألف ألف
وعشرين ألف ألف درهم، فقال: أبلغ به إلى ثلاثمائة وستين ألف ألف، ليكون دخلنا كل
يوم ألف ألف درهم. قال ابن الجوزي: كان يرتفع له في العام اثنان وثلاثون ألف ألف
(26/524)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 525
دينار، وكان له كرمان، وفارس، وعمان، وخوزستان، والعراق، والموصل، وديار بكر،
وحران، ومنبج. وكان يناقش في القيراط، وأقام مكوساً ومظالم، فنسأل الله العافية.
وكان صائب الفراسة، قيل إن تاجراً قدم بغداد للحج فأودع عند عطار عقد جوهر،
فأنكره، فحار، ثم إنه أتى عضد الدولة، فقص عليه أمره، فقال: إلزم الجلوس هذه
الأيام عند العطار، ثم إن عضد الدولة مر في موكبه على العطار، فسلم على التاجر
وبالغ في إكرامه، فتعجب الناس، فلما تعداه التفت العطار إلى التاجر، قال: ما
تخبرني متى أودعتني هذا العقد، وما صفته، لعلي أتذكر، قال: صفته كذا، فقام وفتش ثم
نفض برنيه فوقع العقد، وقال: كنت نسيته.) قيل إن قوماً من الأكراد قطاع طريق عجز
عنهم، فاستدعى تاجرفا، ودفع إليه بغلاً، عليه صندوقان فيهما حلوى مسمومة، ومتاع
ودنانير، فأخذوا البغل والصندوقين، وأكلوا الحلوى فهلكوا. وقد ذكر ابن الجوزي في
كتاب الأذكياء له عدة حكايات لعضد الدولة، والله أعلم. محمد بن أحمد بن حمزة، أبو
الحسن الهروي. توفي في هذا العام. وهو المذكور في المتوفين تقريباً في الطبقة
الماضية. محمد بن أحمد بن حمدون، أبو بكر النيسابوري الفراء الصوفي. توفي في
رمضان، وكان من العباد.
(26/525)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 526
سمع: ابن خزيمة وطبقته، وكان قوالاً بالحق، كثير المجاهدة، وأماراً بالمعروف. صحب
أبا علي الثقفي، ولقي الشبلي، والكبار. محمد بن جعفر بن أحمد بن جعفر، أبو بكر البغدادي
الحريري المعدل، المعروف بزوج الحرة. سمع: محمد بن جرير، وأبا القاسم البغوي، وابن
أبي داود. روى عنه: ابن رزقويه، وأبو بكر البرقاني، والحسن، وعبد الله ابنا أحمد
بن إبراهيم بن شاذان. وقال البرقاني: ثقة جليل. وقال أبو علي بن شاذان: كان يحضر
مجلسه ابن المظفر والدار قطني، وتوفي في صفر. قال أبو القاسم التنوخي: حدثنا أبي
قال: حدثني جعفر بن المكتفي بالله قال: كانت بنت بدر المعتضدي زوجة المقتدر بالله،
فأقامت معه سنين، ثم قتل، وأفلتت هي من النكبة، وتسلمت أموالها، وخرجت من الدار،
فكان يدخل إلى مطبخها حدث يعرف بمحمد بن جعفر بن أبي عشرون، وكان حركاً، فصار وكيل
المطبخ، فرأته فاستكاسته، فردت إليه وكالتها، وترقى أمره حتى صار ينظر في ضياعها،
وصارت تكلمه من وراء ستر، وزاد اختصاصه بها، حتى علق بقلبها فجسرته على تزويجها،
وبذلت أموالاً حتى تم لها ذلك، وأعطته نعمة ظاهرة وأموالاً، لئلا يمنعها أولياؤها
منه بالفقر، ثم هادت القضاة بهدايا جليلة، حتى زوجوها منه، فاعترض الأولياء،
فغالبتهم بالداراهم، وأقام معها سنين، ثم ماتت، فحصل له منها نحو ثلاثمائة ألف)
(26/526)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 527
دينار، ولذلك قيل له زوج الحرة. محمد بن العباس بن وصيف، أبو بكر الغزي، راوي
الموطأ عن الحسن بن الفرج المقريء صاحب يحيى بن بكير. ورخ وفاته أبو القاسم بن
مندة، وقد روى أيضاً عن محمد بن قتيبة العسقلاني وغيره. وروى عنه: أبو سعد
الماليني، ومحمد بن جعفر الميماسي، وآخرون. ولا أعلم فيه جرحاً. وقد سمع موطأ ابن
بكير من طريق. محمد بن عبد الله بن خلف بن بخيت، أبو بكر العكبري الدقاق. سكن
بغداد وحدث عن خلف بن عمرو العكبري وجعفر. الفريابي، ومحمد بن صالح بن ذريح، ومحمد
بن جرير الطبري، ومحمد بن محمد الباغندي، وجماعة. وله جزء عال عند أصحاب ابن
طبرزد. روى عنه: عبد الوهاب بن برهان، وإبراهيم بن عمر البرمكي، وجماعة. وثقه
الخطيب. توفي في ذي القعدة. محمد بن عبد الله بن محمد بن خميروية بن سيار، أبو
الفضل العدل الهروي، مسند هراة.
(26/527)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 528
سمع: أحمد بن نجدة، وعلي بن محمد الجكاني، وأحمد بن محمود بن مقاتل، وجماعة. وعنه:
أبو بكر البرقاني، وأبو الفضل عمر بن أبي سعد، وأبو ذر عبد بن أحمد وأحمد بن محمد
بن إبراهيم بن إسحاق والحسن بن علي. الباشاني، ومحمد بن الفضيل، وقاضي هراة منظور
بن إسماعيل الهرويون، وغيرهم. قال أبو بكر بن السمعاني: شيخ ثقة. محمد بن عبد الله
بن أحمد بن الصباح، أبو عبد الله المؤدب الأصبهاني. سمع: أبا حامد خليفة، ومحمد بن
الحسين بن مكرم. وعنه: أبو نعيم الحافظ. محمد بن علي البغدادي النعال. حكى بمصر عن
أبي خليفة الجمحي. محمد بن علي بن الحسين بن أبي الحسين القرطبي أبو عبد الله.)
سمع من: قاسم بن أصبغ، ورحل هو وأخوه حسن، فسمعا بمصر من عبد الله بن الورد، وابن
أبي الموت، وأحمد بن سلمة بن الضحاك، وابن خروف، وجماعة كثيرة. وكان محمد ضابطاً
متقناً نحوياً بليغاً. توفي في صفر، ولم يحدث. محمد بن علي بن الحسي، أبو علي
الأسفراييني، الحافظ المعروف
(26/528)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 529
بابن السقاء، تلميذ أبي عوانة. رحل وسمع: أبا عروبة الحراني، ومحمد بن زياد
المصري، وعلي بن عبد الله بن مبشر الواسطي، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأحمد بن عمير
بن جوصا، وخلقاً كثيراً. وكان شافعياً واعظاً صالحاً. روى عنه: أبو عبد الله
الحاكم وغيره. وهو والد علي شيخ البيهقي. توفي ببلده إسفرايين، في ذي القعدة. وقد
ذكره ابن عساكر فقال: روى عنه ابنه علي، وأبو سعيد أحمد بن محمد الكرابيسي
المروزي. قال الحاكم: هو من المعروفي بكثر الرحلة، والحديث، والتصنيف، وصحبة
الصالحين.
4 (قلت: ومن طبقته)
محمد بن علي بن الحسين البلخي الحافظ. روى عن محمد بن المعافى الصيداوي. روى عنه:
محمد بن أحمد الجارودي الحافظ. محمد بن القاسم أبو بكر المصري الفقيه الشافعي
المعروف بوليد. روى عن: ابن عبد الرحمن النسائي، وعباس البصري، وبنان الجمال
الزاهد. روى عنه: يحيى بن علي الطحان، وقال: توفي في جمادى الآخرة، وله خمس
وثمانون سنة.
(26/529)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 530
محمد بن مزاحم بن إسحاق، أبو العباس الطائي المصري. روى عن: محمد بن زيان وغيره.
وعنه: يحيى بن الطحان، ذكره في تاريخه. المغيرة بن عمرو، أبو الحسن المكي. روى عن:
أبي سعيد المفضل الجندي، وغيره.) روى عنه: عبد الرحمن بن الحسن المكي الشافعي والد
أبي علي، وعمر بن الخضر الثمانيني، وابن باكويه. قرأت في الأربعين لمحمد بن مسدد:
كتب إليها أحمد بن عمر بن أحمد التاجر، عن أبي الحسن بن موهب، وهو آخر من روى عنه،
أنا أحمد بن عمر بن أنس العذري، أنا عمر بن الخضر، ثنا المغيرة بن عمرو، ثنا
الجندي، ثنا محمد بن منصور الجواد، ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد عن ابن
عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من دخل مكة فتواضع لله وأثر رضاه على جميع
أموره، لم يخرج من الدنيا حتى يغفر له. هذا أظنه موضوع على الجندي. مات سنة اثنتين
وسبعين وثلاثمائة. منصور بن أحمد بن هارون الفقيه، أبو صادق النيسابوري الحنفي
المزكي، شيخ الحنفية وابن شيخهم بنيسابور. سمع: أبا العباس السراج، وأبا عمرو
الحيري، ومؤمل بن الحسن. ولم يحدث قط من زهده وورعه. توفي في جمادى الأولى. روى
عنه الحاكم أنه سمع ابن الشرفي يقول: ما رأيت في العلماء
(26/530)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 531
أهيب من محمد بن يحيى الذهلي رحمه الله تعالى. نصر بن أحمد بن محمد بن صاعد بن
كاتب البخاري. يرين عن جده، ومحمد بن محمد المردكي القزويني.
(26/531)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 532
(26/532)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 533
1 (وفيات سنة ثلاث سبعين وثلاثمائة)
أحمد بن الحسين بن عبد العزيز، أبو بكر العكبري المعدل. سمع: أبا خليفة، وابن
ذريح، وأبا الهيثم بن خليفة، ومحمد بن محمد الباغندي، وجماعة. وعنه: ابنه أبو نصر
محمد البقال، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي. ووثقه الخطيب. أخبرنا إسماعيل بن
عبد الرحمن، أنبأ الحسين بن علي بن الحسن الأسدي، أنا جدي، أنا علي بن محمد
المصيصي، أنا أبو نصر محمد بن أحمد البقال بعكبرا، أنبا أبي، ثنا أبو خليفة، ثنا)
مسلم، ثنا أبو حمزة، ثنا أبو الزبير، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع
بين الظهر والعصر.
(26/533)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 534
توفي هذا عن إحدى وتسعين سنة. أحمد بن الحسين بن علي، أبو حامد المروزي، المعروف
بابن الطبري، القاضي الحنفي. سمع: أبا العباس الدغولي، وجماعة من أصحاب علي بن
حجر، وسمع بنيسابور مكي بن عبدان، وأبا حامد بن الشرفي. قال الحاكم: أملى ببخارى
وأنا بها: وكان يرجع إلى معرفة بالحديث، تفقه ببغداد علي أبي الحسن الكرخي، وببلخ
على أبو القاسم الصفار. وكان كبير القدر، متألها عابداً صالحاً، عارفاً بمذهب أبي
حنيفة. ورخه الحاكم في هذه السنة، وسيأتي في سنة سبع وسبعين. وكان ثبتاً في
الحديث، بصيراً بالأثر له تاريخ مشهور. أحمد بن محمد الإمام، أبو العباس الديبلي
الشافعي الزاهد الخياط، نزيل مصر. ذكر أبو العباس الفسوي أنه كان جيد المعرفة
بالمذهب، يقتات من الخياطة، فكان يعمل القميص في جمعة بدرهم وثلث. وكان حسن العيش
واللباس، طاهر اللسان، سليم القلب، صواماً تالياً، كثير النظر في كتاب الربيع مع
كتاب الأم للشافعي. وكان مكاشفاً، ربما يخبر بأشياء فتوجد كما يقول. وكان مقبولاً
عند الموافق والمخالف، حتى كان أهل الملل يتبركون بدعائه. مرض فتوليت خدمته، فشهدت
أحوالاً سنية، وسمعته يقول: كلما ترى أعطيته ببركة القرآن والفقه. وقال لي: قيل
إنك تموت ليلة الأحد، وكذا كان. وما كان يصلي إلا في الجماعة، فكنت أصلي
(26/534)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 535
به فصليت به ليلة الأحد المغرب، فقال: تنح فإني أريد الجمع بالعشاء لا أدري إيش يكون
مني، فجمع وأوتر، ثم أخذ في السياق، وهو حاضر معنا إلى نصف الليل، فنمت ساعة وقمت،
فقال: أي وقت هو قلت: قرب الصبح. قال: حولني إلى القبلة وكان أبو سعد الماليني،
فحولناه إلى القبلة، فأخذ يقرأ قدر خمسين آية، ثم قبض ومات سنة ثلاث وسبعين، أحسبه
في رمضان. وكانت جنازته شيئاً عجيباً، ما بقي أحد بمصر من أهلها ومن المغاربة
أولياء السلطان إلا صلوا عليه. وذكره القضاعي، وأن قبره ومسجده مشهوران. قال:
وكانت له كرامات مشهورة.) أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم البجاني الأندلسي.
روى عن: أحمد بن خالد، ومحمد بن عمر بن لبابة. وحج سنة أربع عشرة، ولم يسمع. توفي
في رجب. أحمد بن نصر، أبو بكر الشذائي البصري المقريء، من كبار القراء. قرأ على:
أبي حفص عمر بن محمد بن نصر الكاغدي، والحسن بن علي بن بشار العلاف صاحبي الدوري،
وعلى أبي الحسن بن شنبوذ، وأبي بكر بن مجاهد، وأبي عبد الله إبراهيم بن عرفة
نفطويه، وأبي بكر محمد بن أحمد الداجوني، وأبي علي النقار، وأبي مزاحم الخاقاني،
وسعيد بن عبد الرحيم الضرير، وعبد الله بن الهيثم البلخي، وأحمد بن محمد بن
إسماعيل الأدمي، ومحمد بن موسى الزينبي، وجماعة. قرأ عليه بالروايات: محمد بن
الحسين الكارزيني، وغيره.
(26/535)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 536
توفي في هذه السنة. وطرقه في كتاب المنج لسبط الخياط. وقرأ عليه: أبو الفضل
الخزاعي، وأبو عمرو بن سعيد البصري، وعلي بن أحمد الجوردكي، وأبو الحسين علي بن
محمد الخياري ومحمد بن عمر بن زلال النهاوندي، وخلق. قال فارس بن أحمد: الكبراء من
أصحاب ابن مجاهد أربعة: أبو طاهر بن أبي هاشم، وأبو بكر بن أشتة، وأبو بكر الشذائي
بالبصرة ونسي الرابع. وقال أبوعمرو الداني: مشهور بالضبط والإتقان، عالم بالقراءة،
بصير بالعربية. رحمه الله. إبراهيم بن عبد الله بن إسحاق بن جعفر، أبو إسحاق
الأصبهاني، المعدل، المعروف بالقصار. سمع: الوليد بن أبان، والحسن بن محمد الداركي
بأصبهان، وعبد الله بن شيرويه، ومحمد بن إسحاق السراج، واستوطن نيسابور. روى عنه:
الحاكم، وأبو نعيم، وأحمد بن علي اليزدي. ولقب بالقصار لأنه كان يغسل الموتى تزهداً
ومتابعة للسنة. وعاش مائة وثلاث سنين، وإنما سمع وقد كبر. كف بصره قبل موته بست
سنين. أكثر عنه: أبو نعيم. بلكين بن زيري بن مناد الحميري الصنهاجي الأمير، أبو
الفتوح
(26/536)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 537
جد الأمير باديس، من وجوه) المغاربة. استخلفه المعز بن المنصور العبيدي على
إفريقية عند توجهه إلى الديار المصرية في سنة إحدى وستين وثلاثمائة، وسلم إليه
إقليم المغرب، فكان حسن السيرة، تام النظر في مصالح دولته ورعيته. ومات في ذي
الحجّة. وكانت له أربعمائة سرية، وذكر أن البشائر وفدت عليه في فرد يوم بولادة
سبعة عشر ولداً ذكراً. بويه مؤيد الدولة، أبو منصور بن ركن الدولة. كان وزيره هو
الصاحب إسماعيل بن عباد، فضبط مملكته وأحسن التدبير. وكان قد تزوج بنت عمه زبيدة
بنت معز الدولة، فأنفق في عرسه بها سبعمائة ألف دينار. توفي بجرجان في ثالث عشر شعبان،
من خوانيق أصابته، وله ثلاث وأربعون سنة. وكانت دولته سبع سنين. الحسن بن أحمد بن
علي بن أحمد الماذرائي المصري، من أعيان الأماثل.
(26/537)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 538
روى عن: عبد العزيز بن أحمد بن الفرج، وبكر بن أحمد الشعراني وجماعة. روى عنه:
الدارقطني، وصالح بن رشدين، وغيرهما. ألقى على العلم جملة وافرة، وجمع وصنف، وعاش
سبعين سنة. الحسن بن محمد بن داود، أبو محمد الثقفي الحراني المؤدب. روى عن: عبد
الله بن محمد الأطروشي، ويحيى بن علي الكندي. وعنه: تمام الرازي، وعبد الغني بن
سعيد، وأبو الحسن بن السمسار، وجماعة. توفي في رمضان. الحسين بن عبد الله القرشي،
أبو القاسم المصري. يروي عن: محمد بن محمد بن النفاح الباهلي، وغيره. الحسين بن
محمد بن حبش، أبو علي الدينوري المقريء. قرأ القرآن على: أبي عمران موسى بن جرير
الرقي، وغيره. قرأ عليه: محمد بن المظفر بن حرب الدينوري وأبو العلاء محمد بن علي
الواسطي، ومحمد) بن جعفر الخزاعي، ورحل إليه. وكان أيضاً عالي الإسناد في الحديث.
روى عن أبي عمران الرقي. روى عنه: أبو نصر أحمد بن الحسين الكسار جزءاً وقع لنا.
قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضاً عن: موسى بن جرير وابن مجاهد، والعباس بن
الفضل، وإبراهيم بن حرب وجماعة.
(26/538)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 539
متقدم في علم القراءة، مشهور بالإتقان، ثقة مأمون. روى القراءة عنه: إسماعيل بن
محمد البرذعي، والحسين بن محمد السلماني. وسمعت فارس بن أحمد يقول: كان ابن حبش
المقريء الدينور، وكان يأخذ في مذاهب القراء كلهم، فالتكبير من والضحى إلى آخر
القرآن اتباعاً للآثار الواردة. حميد بن الحسن الوراق، دمشقي. روى عن: محمد بن
خزيم، ومحمود بن محمد الرافقي، وأحمد بن هشام بن عمار. وعنه: مكي بن الغمر، وتمام،
وعبد الغني بن سعيد، وغيرهم. سعيد بن سلام، أبو عثمان المغربي الصوفي العارف، نزيل
نيسابور. مولده بالقيروان، ولقي الشيوخ بمصر والشام، وجاور بمكة مدة، وكان لا يظهر
في الموسم. قال الحاكم: وأنا ممن خرج من مكة متحسراً على رؤيته، ثم خرج منها لمحنة
لحقته، وقدم نيسابور، واعتزل الناس أولاً، ثم كان يحضر الجامع، وسمعته يقول: وقد
سئل: الملائكة أفضل أم الأنبياء فقال: القرب القرب هم أقر إلى الحق وأطهر. صحب أبو
عثمان بالشام: أبا الخير الأقطع، ولقي أبا يعقوب النهرجوري.
(26/539)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 540
قال السلمي: كان أوحد المشايخ في طريقه، ولم ير مثله في علو الحال وصون الوقت،
امتحن بسبب زور نسب إليه حتى ضرب وشهر على جمل، وطافوا به، فحمله على مفارقة الحرم
والخروج منه إلى نيسابور. وقال الخطيب: كان من كبار المشايخ: له أحوال مذكورة
وكرامات مشهورة. قال غالب بن علي: دخلت عليه يوم موته، فقلت له: كيف تجد نفسك قال:
أجد مولى كريماً، إلا أن القدوم عليه شديد. قال السلمي: سمعته يقول: تدبرك في
الخلق تدبر عبرة، وتدبرك في نفسك تدبر موعظة،) وتدبرك في القرآن تدبر حقيقة
وكاشفة. قال الله تعالى: أفلا يتدبرون القرآن، جرأك به على تلاوة خطا به، ولولا
ذاك لكلت الألسن عن تلاوته. وقال: من أعطى نفسه الأماني قطعها بالتسويف والتواني.
وله كلام جليل من هذا النوع. وتوفي في هذه السنة. وقال السلمي: سمعته يقول: علوم
الدقائق علوم الشياطين. وأسلم الطرق من الاغترار لزوم الشريعة. العباس بن أحمد بن
محمد بن إسماعيل، أبو الطيب العباسي، المعروف بالشافعي.
(26/540)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 541
مصري، يروي عن محمد بن محمد الباهلي. وعنه: محمد بن الحسين الطفال، وغيره. حديثه
في مشيخة الرازي. عباس بن أحمد، أبو الفضل الأزدي الشاعر. شيخ الصوفية بالشام
وأسنهم. صحب مظفر القرميسيني، وجماعة. له معرفة وفتوة ظاهرة. عبد الله بن أحمد بن
إبراهيم بن شاذان، أبو جعفر الفارسي. روى عن: النعمان بن أحمد الواسطي أحد شيوخ
الطبراني، وقيل إنه روى عن: يعقوب بن سفيان الفسوي جزءاً، وهذا بعيد. روى عنه:
البرقاني والعتيقي. وقال الأزهري: كان ثقة، سمعت منه سنة ثلاث وسبعين في منزلنا.
عبد الله بن تمام بن أزهر الكندي، أبو محمد الفرضي. سمع: قاسم بن اصبغ، وجماعة،
وكان مؤدباً بالحساب. كتب عنه ابن الفرضي وغيره. عبد الله بن محمد بن عثمان بن
المختار المزني الحافظ، أبو محمد بن السقا الواسطي، محدث واسط.)
(26/541)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 542
سمع: أبا خليفة، وزكريا الساجي، وأبا يعلى الموصلي، وعبدان الأهوازي، وأبا عمران
موسى بن سهل الجوني، ومحمد بن الحسين بن مكرم، ومحمود بن محمد الواسطي، وأحمد بن
يحيى بن زهير التستري، وطبقتهم. روى عنه: الدارقطني، وأبو الفتح يوسف القواس، وأبو
العلاء محمد بن علي، وعلي بن أحمد بن داود الرزاز، وأبو نعيم الحافظ. قال أبو
العلاء الواسطي: سمعت ابن المظفر والدار قطني يقولان: لم نر مع ابن السقا كتاباً،
وإنما حدثنا حفظاً. وقال علي بن محمد بن الطيب الجلابي في تاريخ واسط هو من أئمة
الواسطيين الحفاظ المتقنين. قال: وتوفي في ثاني جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين
وثلاثمائة. أخبرنا أحمد بن عبد الحميد، أنبأ عبد الله بن أحمد الفقيه سنة ثماني
عشرة وستمائة، أنا علي بن المبارك بن نغوبا، أنا أبو نعيم محمد بن إبراهيم
الجماري، أنا أحمد بن المظفر بن يزداد العطار، ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان، ثنا
أبو خليفة، ثنا مسدد، ثنا أبو عوانة، عن زيد بن جبير، سألت ابن عمر قلت: من أين
يجوز لي أن أعتمر قال: فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا
الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن.
(26/542)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 543
وقد قال السلفي: سألت خميساً الحوزي عن ابن السقاء فقال: هو من مزينة مضر، ولم يكن
بسقاء بل هو لقب له، من وجوه الواسطيين، وذوي الثروة والحفظ، رحل به أبوه فسمعه من
أبي خليفة، وأبي يعلى، وابن زيدان، والمفضل من محمد الجندي وجماعة. وبارك الله في
سنه وعلمه، واتفق أنه أملى حديث الطائر فلم تحتمله أنفسهم، فوثبوا به وأقاموه،
وغسلوا موضعه، فمضى ولزم بيته، فكان لا يحدث أحداً من الوسطيين، فلهذا قل حديثه عندهم.
وتوفي سنة إحدى وسبعين حدثني بكل ذلك شيخنا أبو الحسن المغازلي. عبد الرحمن بن
محمد بن أبي الليث، أبو سعيد التميمي. فقيه أهل قزوين ومقرئها. كان كبير القدر.
سمع الحسن بن علي الطوسي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم. أدركه أبو يعلى وذكره في
الإرشاد له. عبد الله بن..... أبو الفرج الأنباري.) روى عن: محمد بن محمد
الباغندي، والبغوي، وجماعة. وعنه: محمد بن طلحة النعالي، وجماعة. عبيد الله بن
سعيد بن عبد الله القاضي، أبو الحسن البروجردي. سمع: محمد بن محمد الباغندي،
وجماعة. قال الخطيب: كان صدوقاً، حدث في هذا العام.
(26/543)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 544
روى عنه: عبد العزيز الأزجي، وعبد الملك بن عمر، ومحمد بن عيسى الهمذاني. عثمان بن
سعيد بن البشر بن غالب، أبو الأصبغ اللخمي الأندلسي الشذوني. سمع: عبد الله بن أبي
الوليد، ومحمد بن عمر بن لبابة، وأحمد بن خالد بن الحباب. وكان صالحاً فاضلاً. علي
بن أحمد بن حمدويه التكلي، مصري. يروي عن ابن زبان. علي بن إبراهيم بن موسى، أبو
الحسن السكوني الموصلي. حدث ببغداد عن: أبي يعلى، وعبد الله بن أبي سفيان، وأحمد
بن الحسين الجرادي، المواصلة. وعنه: أبو القاسم الأزجي، وأحمد بن محمد العتيقي،
وانتقى عليه ابن المظفر الحافظ. علي بن محمد بن أحمد بن كيسان، أبو الحسن الحربي.
الراوي عن: يوسف القاضي جزءي التسبيح والزكاة ليس إلا. روى عنه: أبو بكر البرقاني،
والحسين بن جعفر السلماسي، وعلي بن المحسن التنوخي، والحسن بن علي الجوهري، وهو
آخر من حدث عنه.
(26/544)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 545
قال الخطيب: قال لنا التنوخي: أرانا ابن كيسان بخط أبيه: ولد علي ومحمد ابنا محمد
في بطن واحد في ليلة الجمعة سنة اثنتين وثمانين ومائتين. وقال البرقاني: كان ابن
كيسان لا يحسن يحدث، سألته أن يقرأ علي شيئاً من حديثه، فأخذ كتابه ولم يدر ما
يقول: فقلت: سبحان الله، حدثكم يوسف القاضي، فقال: سبحان الله حدثكم يوسف القاضي،
قال: إلا أن سماعه كان صحيحاً. سمع من أخيه. قال الجوهري: سمعت منه في سنة ثلاث
وسبعين. ولم يؤرخ الخطيب وفاته، وكان أبوه من كبار النحاة.) مات سنة تسع وتسعين
ومائتين، وهذا صبي، فطلع لا يعرف شيئاً. عمر بن محمد بن علي بن أحمد بن سليمان،
أبو بكر بن سليمان المصري. سمع من: جده علان، وأبي عبد الرحمن النسائي. الفضل بن
جعفر بن محمد بن أبي عاصم التميمي الدمشقي المؤذن الطرائفي، أبو القاسم. كان عبداً
صالحاً. سمع نسخة أبي مهر بن عبد الرحمن بن القاسم الرواس، وسمع من: جماهر بن
محمد، وإبراهيم بن دحيم، وإسحاق بن محمد الخزاعي، وأبي شيبة داود بن إبراهيم،
وسعيد بن هاشم الطبراني، وعبد الله بن أحمد بن الحواري، وجماعة كبيرة. روى عنه:
تمام، والحافظ عبد الغني بن سعيد ومكي بن الغمر ومحمد بن عوف المزني، وأحمد بن
الحسن الطيان، وصالح بن أحمد بن
(26/545)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 546
المنايجي، وأبو أسامة محمد بن أحمد الهروي، وأبو علي الحسن بن شواش، ومحمد بن يحيى
بن سلوان، وخلق سواهم. وكان أسند من بقي. قال أبو محمد الكتاني: كان ثقة نبيلاً،
ثنا عنه عدة. قيس بن طلحة بن مازن الفارسي الكاتب. سمع بشيراز من: محمد بن جعفر
صاحب أبي كريب. وروى عنه الحاكم في تاريخه. محمد بن أحمد بن محمد بن عبيد بن
الوشاء، أبو عبد الله المصري الفقيه المالكي. أخذ عن: أبي شعبان، والطبري. أخذ
عنه: أبو محمد الشنتجاني، وأبو عمران الفاسي، وأبو محمد بن غالب السبتي. ورحل
الناس إليه، وكان شديد المباينة لنبي عبيد أصحاب مصر. محمد بن أحمد بن إبراهيم بن
أبي بردة البغدادي الفقيه، أبو الطيب الشافعي. سمع: أبو القاسم البغوي، وأبا بكر
بن أبي داود، وابن مجاهد، وتفقه على أبي سعيد الأصطخري، وأبي إسحاق المروزي. قال
ابن الفرضي: قال لي إنه حج سنة أربع وعشرين، قال: وقدمت مصر فلقيت بها أصحاب
المزني، والربيع، و المرادي، ولقد صغروا في عيني، لما كنت أعرفه من رجال بغداد.
قدم أبو الطيب قرطبة فأكرمه المستنصر بالله ورزقه، وكان من أعلم الناس بمذهب
الشافعي،) ولم يقدم علينا مثله، ولم تكن له كتب، ذهبت مع ماله، وكان ينسب إلى
الإعتزال، وبلغ ذلك السلطان فأخرجه من البلد في
(26/546)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 547
رجب سنة ثلاث وسبعين، وتوفي بتاهرت في ذلك العام. وكان مولده في حدود الثمانمائة.
محمد بن أحمد بن جعفر، أبو بكر الآزدي المؤدب الهروي. توفي بها. سمع من ابن خزيمة،
وطبقته. وعنه: الحاكم. وكان مجاهداً متعبداً خيراً. محمد بن أحمد بن إبراهيم
البلخي، أبو عبد الله. ولد بمكة، وقرأ على: محمد بن هارون صاحب اليزني، وسمع
العقيلي، والديبلي. قرأ عليه: عبد الباقي بن الحسن، وكان حياً في هذا العام. محمد
بن أحمد بن محمد بن أحمد، من ذرية أبي حفص البخاري الكبير، أبو عبد الله رئيس
المطوعة ببخارى. سمع: أباه وجماعة ومات ببخارى في ربيع الأول. استملى عليه الحاكم.
محمد بن أحمد، أبو عبد الله الإلبيري بن التراس الزاهد. روى عن محمد بن فطيس،
وغيره. محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن معاوية، أبو عبد الله القرشي القرطبي
اللغوي المعروف بالمصنوع، تلميذ أبي علي القالي. سمع: من علي بن قاسم بن أصبغ
وجماعة. وكان موصوفاً بالضبط وحسن النقل.
(26/547)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 548
محمد بن الحسن بن سليمان بن النضر الهروي السمسار. توفي في ذي الحجّة. محمد بن
الحسن، أبو سعيد الملقاباذي. سمع ابن خزيمة، والسراج، وجماعة. وعنه الحاكم.) محمد
بن حيويه بن المؤمل بن أبي روضة، أبو بكر الكرجي النحوي، نزيل همذان. روى عن أسيد
بن عاصم بن الأصبهاني، وإبراهيم بن نصر الرازي، وإسحاق بن إبراهيم الدبري،
وإبراهيم بن ديزيل، ومحمد بن المغيرة السكري، ومحمد بن صالح بن علي الأشج، وأبي
مسلم الكجي، وجماعة من الكبار الذين انقرض أصحابهم من قبل الخمسين وثلاثمائة. روى
عنه: أبو بكر البرقاني، وأبو نصر محمد بن يحيى بن بندار، وأبو طاهر بن سلمة، وعمر
بن معروف الهمذانيون، وأبو عبد الله الحسين بن محمد الفلاكي. سأله الصيقلي عن سنه
فذكر أن له مائة واثنتي عشرة سنة. وقال الخطيب: كان غير موثوق عندهم، وورخ وفاته
شيرويه في طبقات الهمذانيين.
(26/548)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 549
محمد بن محمد بن شاذة. أحد أئمة الشافعية. محمد بن عبد الرحيم، أبو عثمان
الأصبهاني الزاهد العارف، أحد أئمة الصوفية. صحب الشبلي، وسكن بخارى مدة. محمد بن
محمد بن يوسف بن مكي أبو أحمد الجرجاني. حدث بصحيح البخاري عن الفربري ببغداد
وغيرها، وروى عن أبي القاسم البغوي، وابن أبي داود، ومحمد بن إسماعيل المروزي صاحب
علي ابن حجر، وتنقل في النواحي. وروى عنه: أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، وأبو
محمد عبد الله ابن إبراهيم الأصيلي المغربي، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو بكر بن أبي
علي الذكواني، وأبو الحسن محمد بن علي بن صخر، وإسماعيل بن أحمد بن محمد بن بكران
الأهوازي شيخ الخلعي. وقال أبو نعيم: تكلموا فيه وضعفوه، وسمعت منه البخاري. وقال
محمد بن الحسين الأهوازي: أنشدنا أبو أحمد محمد بن محمد ابن مكي الجرجاني القاضي
لنفسه:
(إذا المرء يحسن مع الناس عشرة .......... وكان بجهل منه بالمال معجباً)
(ولم تره يقض الحقوق فإنه .......... حقيق بأن يقلى وأن يتجنيا)
توفي في سنة ثلاث أو أربع وسبعين وثلاثمائة. قاله علي بن محمد بن عبد الله الجرجاني
في تاريخها. محمد بن مهدي بن أحمد بن عبد الرحيم، أبو بكر الأيادي الهروي.) توفي
في جمادى الأولى. محمد بن يونس بن أحمد المصري النقاش.
(26/549)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 550
يروي عن: بنان الجمال. هارون بن عيسى بن المطلب، أبو موسى الهاشمي. سمع: البغوي،
وابن أبي داود. وعنه: بشري الفاتني الأرجي، ومحمد بن بكير بن عمر. يلتكين التركي
مولى هفتكين. هذا هفتكين أمير دمشق لوزير مصر يعقوب بن كلس. وعظم قدره إلى أن جرد
إلى الشام في جيش، وولي إمرة دمشق لبني عبيد في آخر سنة اثنتين وسبعين. وكان مدبر جيشه
منشا اليهودي. وكانت دمشق إذ ذاك مفتتنة بقسام المتغلب عليها، وبها جيش بن صمصام
بعد موت عمه أبي محمود الكتامي، فلم يزل بلتكين يقاتل أهل البلد ويقاتلونه، حتى
تفرق عن قسام جموعه وضعف أمره واختفى، وتسلم يلتكين البلد، ثم جاءه المرسوم بتسليم
البلد إلى بكجور أمير حمص، وأن يرجع لاحتياج الوقت، وذلك في سنة ثلاث وسبعين.
(26/550)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 551
1 (وفيات سنة أربع سبعين وثلاثمائة)
أحمد بن جعفر بن أحمد بن مدرك، أبو عمرو الجرجاني بن الكوسج الفقيه الحنفي. سمع:
عمران بن موسى بن مجاشع، وأحمد بن محمد بن عبد الكريم الوزان. روى عنه: حمزة
السهمي وغيره. توفي في هذه السنة ظناً من علي بن محمد المؤرخ. أحمد بن محمد بن
أحمد بن إبراهيم الأصبهاني العسال، أبو جعفر المعدل. يروي عن: عبد الله بن محمد بن
عبد الكريم الرازي، ومحمد بن حمزة بن عمارة. وعنه: أبو نعيم، وأبو بكر بن أبي علي
المعدل. توفي بأصبهان.
(26/551)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 552
أحمد بن محمد بن هارون الأسواني، أبو جعفر المالكي، الفقيه. توفي في ربيع الأول
سنة سبع وسبعين. أحمد بن محمد بن الحباب بن بشار، أبو الحسن البزاز الهروي.) روى
عن أبي بكر بن أبي داود. أحمد بن محمد بن عبد الله بن حامد الصائغ. سمع: السراج،
وابن خزيمة، والبغوي، وطبقتهم. وحدث ببخارى، ومات بها. روى عنه الحاكم وغيره. أحمد
بن محمد بن أبي بكر الطرسوسي، شيخ الحرم. ورع زاهد كبير الشأن. صحب إبراهيم بن شيبان،
وإليه ينتمي. ورخه أبو عبد الرحمن السلمي. إبراهيم بن أحمد بن جعفر بن موسى، أبو
إسحاق البغدادي الخرقي المقريء. سمع من: جعفر بن محمد الفريابي، والهيثم بن خلف
الدوري، وأبي معشر الدارمي. وعنه: أبو القاسم التنوخي، والحسن بن محمد علي
الجوهري. قال الخطيب: كان ثقة صالحاً. قلت: وقرأ على علي بن سليم صاحب الدوري،
وتصدر فأخذ عنه أبو العلاء الواسطي، ومحمد بن الحسين الكارزيني، و علي بن طلحة.
إبراهيم بن لقمان، أبو إسحاق النسفي.
(26/552)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 553
ثقه يروي عن: محمد بن عقيل البلخي. وعنه: جعفر بن محمد المستغفري ووثقه. قال:
وتوفي في شعبان. إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان بن عامر الشيباني الفسوي، أبو
يعقوب. سمع من: جده، وعبد الله بن محمد بن سيار الفرهاداني، وعبد الله بن شيرويه
النيسابوري، ومحمد بن المجدر، ومحمد بن محمد الباغندي، وعبد الله بن محمد البغوي.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وعبد الوهاب بن برهان الغزال، وأحمد بن محمد العتيقي،
وإبراهيم بن عمر البرمكي، وأبو القاسم التنوخي، وقال: هو ثقة. توفي بنسا، وكان
مولده سنة ثلاث وتسعين ومائتين، وحدث ببغداد. أيوب بن عبد المؤمن بن يزيد، أبو
القاسم بن أبي سعد الطرطوشي. سمع محمد بن عبد الملك بن ايمن، وقاسم بن أصبغ، وحج
فسمع أبا سعيد بن الأعرابي.) وكان فقيهاً شروطياً عاش خمساً وستين سنة. تميم بن
المعز بن المنصور بن المهدي العبيدي، أبو علي، وإلى
(26/553)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 554
والده تنسب القاهرة المعزبة. كان تميم أميراً شاعراً ظريفاً لطيفاً، وهو أخو
العزيز ومن شعره:
(أما والذي لا يملك الأمر غيره .......... ومن هو بالسر المكتم أعلم)
(لئن كان كتماني المصيبة مؤلماً .......... لإعلانها عندي أشد وآلم)
(وبي كلما تبكي العيون أقله .......... وإن كنت منه دائماً أتبسم)
وله:
(ما بان عذري فيه حتى عذرا .......... ومشى الدجى في خده فتحيرا)
(همت بقبلته عقارب صدغه .......... فاستل ناظره عليها خنجرا)
(والله لولا أن يقال تغيرا .......... وصبا وإن كان التصابي أجدرا)
(لأعدت تفاح الخدود بنفسجاً .......... لثماً وكافور الترائب عنبرا)
جعفر بن محمد بن مكي، أبو العباس البخاري. يروي عن: محمد بن المنذر شكر، ومحمد بن
يوسف الفربري. روى عنه: محمد بن أحمد غنجار، وأبو بكر عبد الله بن أحمد القفال
المروزي، وعبد الله بن أحمد المنذوراني. ومات في رمضان. حباشة بن حسن، أبو محمد
اليحصبي القيرواني. سمع من: زياد بن عبد الرحمن بن زياد، وإبراهيم بن عبد الله
الزبيدي، وسمع بالأندلس من محمد بن معاوية القرشي. وحج ورابط بثغور الأندلس، وجاهد
وتعبد، وكان فقيهاً عالماً. توفي في جمادى الآخرة.
(26/554)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 555
الحسين بن محمد بن الحسين، أبو يغلى القرشي الزبيري النيسابوري. سمع السراج، وابن
خزيمة، وطبقتهما. وعنه: الحاكم، وغيره.) الحسن بن حجاج بن غالب، أبو علي الطبراني
الزيات، نزيل أنطاكية. رحل وسمع من: أبي عبد الرحمن النسائي، وأبي طاهر بن فيل
البالسي، وجماعة. روى عنه: عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وتمام الرازي، وقال: قدم
علينا سنة أربع وسبعين، وكأن هذا غلط وتصحيف، ولعله سنة أربع وأربعين. خلف بن محمد
بن خلف، أبو القاسم الخولاني القرطبي المكتب. سمع: أسلم بن عبد العزيز، وأحمد بن
خالد، وجماعة، وحج فسمع: أبا سعيد بن الأعرابي، وبالإسكندرية من ابن أبي مطر
الإسكندراني، وبالقيروان محمد بن محمد بن اللباد. وكان مؤدباً عسراً في التسميع،
صعب الأخلاق. روى عنه ابن الفرضي، وتوفي في ربيع الأول. الخضر بن أحمد بن الخضر
القزويني الحافظ. سمع: محمد بن يونس بن هارون، والحسن بن علي القرطبي، وعبد الرحمن
بن أبي حاتم، وخلقاً.
(26/555)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 556
وعنه الجليلي، وقال: كتبت بيدي في ستة آلاف جزء. شبل بن محمد بن حسين، أبو القاسم
البغدادي المؤدب، نزيل مصر. سمع: أبا يعقوب إسحاق المنجنيقي، وعشا اثنتين وسبعين
سنة. عبد الله بن أحمد بن ماهبرذ الأصبهاني، المعروف بالظريف. نزل بغداد، وحدث عن
محمد بن محمد الباغندي، وأبو القاسم البغوي، وجماعة. روى عنه: البرقاني، وعلي بن
المحسن التنوخي. قال البرقاني: صدوق، وكان معمراً. قال: صمت ثمانية وثمانين
رمضاناً، وسمعت بالبصرة من أبي خليفة، وضاع سماعي منه. عبد الله بن أحمد بن عبد
الله التمار، البغدادي يعرف ببرغوث. روى عن: أبو القاسم البغوي، وغيره. وعنه: أبو
محمد الخلال، وأبو القاسم التنوخي، وغيرهما. حدث في هذة السنة. عبد الله بن محمد
بن مندويه بن حجاج الأصبهاني، أبو محمد الشروطي.) سمع: إبراهيم بن محمد بن متويه،
وعبد الله بن محمد بن عمران، وجماعة ببلد الري. وكان كثير الحديث، ثقة فهماً. توفي
في شوال.
(26/556)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 557
وروى عنه: أبو نعيم. عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زر، بفتح الزاي، الحواري
نزيل بخارى. روى الكثير عن: آدم بن موسى، وأحمد بن جعفر بن نصر الجمال. وعنه: محمد
بن أحمد غنجار، وجعفر بن محمد السفري، وغيرهما. توفي في صفر ببخارى. عبد الله بن
محمد بن فضلويه الصوفي المعلم، من بقايا شيوخ نيسابور. صحب: أبا علي محمد بن عبد
الوهاب الثقفي، وعبد الله بن مبارك. عبد الله بن موسى بن إسحاق الهاشمي البغدادي،
أبو العباس. سمع: حامد بن شعيب، ومحمد بن جرير الطبري، والحسن بن الطيب البلخي،
وخلقاً سواهم. وعنه: أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو محمد الخلال، وأبو
القاسم التنوخي، والحسن بن علي الجوهري. وثقه العتيقي وغيره. وقال ابن أبي
الفوارس: فيه تساهل. عبد الله بن موسى بن كريد أبو الحسن السلامي. حدث: عن: يحيى
بن صاعد، وغيره بخراسان وسمرقند. وفي حديثه مناكير وعجائب. وكتب عمن دب ودرج. وكان
أديباً شاعراً:
(26/557)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 558
ورخ موته الإدريسي وغنجار. فقال الخطيب: هو عبد الله بن موسى بن الحسن، وقيل
الحسين بن إبراهيم بن كريد السلامي. قال غنجار: روى عن: محمد بن هارون الحضرمي،
ونفطويه النحوي، ومحمد بن مخلد. قال الخطيب: حدث في روايا غرائب ومناكير وعجائب.
قال الحاكم: كان من الرحالة في طلب الحديث. توفي في سنة ست وستين وثلاثمائة. قلت:
الصواب ما رواه إلى الساعة.) قال الإدريسي، كان أبو الحسن السلامي أديباً شاعراً،
جيد الشعر، أمير الحفظ للحكايات والوارد. صنف كتباً كثيرة في التواريخ والنوادر،
وقدم علينا سمرقند وأقام ببخارى، إلى أن مات. صحيح السماع. عبد الرحمن بن أحمد بن
جعفر القاضي، أبو القاسم الأصبهاني. محمد بن حمدون بن خالد النيسابوري، وعلي بن
عبدان. وعنه: أبو نعيم وغيره. عبد الرحمن بن محمد بن حسكا، أبو سعيد الحاكم
الحنفي. سكن نيسابور مدة، ثم دخل بخارى وولي قضاء الترمذ، ولم يكن في أصحاب الرأي
أسند منه. سمع: أبا يعلى بالموصل، وحامد بن شعيب. ومحمد بن صالح بن ذريح ببغداد.
(26/558)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 559
وتوفي في شعبان، وله اثنتان وتسعون سنة. روى عنه الحاكم. عبد الرحمن بن محمد بن
إسماعيل بن نباته، الخطيب المشهور، أبو يحيى، صاحب ديوان الخطب. كان من أهل
ميافارقين، وولي خطابة حلب لسيف الدولة، وبها اجتمع بالمتنبي. وكان خطيباً بليغاً
مفوهاً بديع المعاني رائق الخطب، رزق السعادة في خطبه، وكان رجلاً صالحاً، رأى النبي
صلى الله عليه وسلم، فاستيقظ وعلى وجهه نور لم يكن قبل ذلك، وعاش بعد ذلك ثمانية
عشر يوماً، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تفل في فيه، فبقي تلك الأيام لا
يستطعم فيها طعاماً، ولا يشرب شراباً من أجل تلك التفلة. وذكر ابن الأزرق مولده في
سنة خمس وثلاثين، وأنه توفي سنة أربع وسبعين. قلت: فعمره تسع وثلاثون سنة، وتوفي
بميافارقين، وفي ولايته خطابة حلب أيام سيف الدولة نظر، وقد غلطوا في مولده، نعم
غلطوا في مولده، فإنه ابتدأ سالف خطبه في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، وهو خطيب.
عبد العزيز بن إسماعيل، أبو القاسم الصيدلاني المصري الشافعي. روى عن الأشعث محمد
بن محمد الكوفي.
(26/559)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 560
عبد الغني بن محمد بن موسى بن محمد المصري البزاز.) يروي عن الجندي. عبد الله بن
محمد بن أحمد بن معدان، أبو الحسين الأصبهاني العصفري. توفي في ذي القعدة. علي بن
محمد بن الفتح بن أبي الغصب، الشاعر البغدادي البلخي، أبو الحسن، مولى المتوكل على
الله. روى عن: أحمد بن أبي عوف البزوري، ومحمد بن محمد الباغندي. وعنه: أبو القاسم
التنوخي، وأبو محمد الحسن بن علي الجوهري. وثقه الخطيب. حدث في هذا العام ولم تحفظ
وفاته. علي بن النعمان بن محمد بن منصور المصري ثم البصري، قاضي ديار مصر. ولي
القضاة بعد أبيه، واستناب أخاه محمداً، وكان متفنناً في عدة علوم، شاعراً مجوداً
يكنى أبا الحسن. ومن شعره:
(ولي صديق ما مسني عدم .......... مذ وقعت عينه على عدمي)
(أغني وأقني وما يكلفني .......... تقبيل كف له ولا قدم)
(قام بأمر لما قعدت به .......... ونمت عن حاجتي ولم ينم)
(26/560)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 561
توفي في رجب، وهو كهل. وقال ابن زولاق: ولي القضاء سنة ست وستين، وكانت أيامه تسع
سنين وخمسة أشهر، ومولده في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة. ولي بعد القاضي أبي الطاهر
الذهلي، وقد روى عن أبيه تصانيفه. عمر بن جعفر المصري الخياش، أبو جعفر. روى عن:
محمد بن الباهلي. عمر بن محمد بن عبد الصمد، أبو محمد البغدادي المقريء، أحد
الصالحين. سمع البغوي، والحسين بن عون. وعنه: عبد العزيز الأزجي، وابن بكير،
والجوهري، وغيرهم. عمر بن محمد بن سيف، أبو القاسم الكاتب، بغدادي.) نزل البصرة،
وحدث عن: الحسن الطيب البلخي، وحامد بن شعيب البلخي، ومحمد بن محمد الباغندي، وابن
أبي داود. وعنه: محمد بن عبد العزيز بن رزمة، وجماعة من أهل البصرة، وأبو الحسن بن
صخر. عيسى بن محمد بن إبراهيم، أبو حيويه، أبو الأصبغ الكناني القرطبي. سمع: محمد
بن عبد الملك بن أيمن، وغيره. ولم يكن أهلاً أن يؤخذ عنه، لمداخلته أهل الدنيا.
وكان أديباً شاعراً.
(26/561)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 562
الفضل بن سهل الأصبهاني الواعظ. روى عن: الحسن الوراك، وعبد الله بن أخي أبي زرعة.
وعنه: أبو نعيم، والقاسم بن علي بن معاوية بن الوليد، وأبو محمد البصري. توفي في
ربيع الآخر. محمد بن أحمد بن بالويه، أبو علي النيسابوري المعدل. سمع: عبد الله بن
شيرويه بنيسابور، أبو القاسم البغوي وطبقته ببغداد. حدث عنه الحاكم أبو عبد الله
وقال: هو من أجلاء الشهود. توفي في سلخ شوال، وله أربع وتسعون، وكان يذكر مجالس
محمد بن إبراهيم التنوخي، وهو والد عبد الرحمن. أما محمد بن أحمد بن بالويه
النيسابوري الذي يروي عنه الكديمي فقديم. توفي سنة أربعين وثلاثمائة. محمد بن أحمد
بن عمران، أبو بكر الجشمي البغدادي المطرز. سمع: محمد بن منصور الشيعي، وإسماعيل
الوراق، وأبا الدحداح الدمشقي. وعنه: أبو القاسم عبيد الأزهري، وعلي بن المحسن
التنوخي. حدث في هذه السنة، ولم تحفظ وفاته.
(26/562)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 563
محمد بن أحمد بن محمد بن عبدان، أبو الفرج الأسدي الصفار. بغدادي. سمع من محمد بن
محمد الباغندي، وأبا بكر بن أبي داود. وعنه: أبو القاسم التنوخي، ووثقه العتيقي.)
محمد بن أحمد بن يحيى، أبو علي البغدادي العطشي البزاز. سمع أبا علي بالموصل،
وجعفر بن محمد الفريابي، والباغندي، ومحمد بن صالح بن ذريح. وعنه: محمد بن عبد
الواحد أبو رزمه، و الحسن بن محمد الخلال، والحسن بن علي الجوهري. ووثقه الخطيب.
محمد بن جعفر بن سليمان البغدادي، أبو الفرج صاحب المصلى. سمع: من الهيثم بن خالد،
وعبد الله بن إسحاق المدائني، وأبي الحسن بن الطيب، وأبي عروبة الحراني، ومكحول
البيروتي، وأحمد بن عمير بن جوصا. وعنه: أبو الحسن بن الطيب علي بن أحمد النعيمي،
وأبو القاسم التنوخي أحادث على ضعف حاله جداً. ضعفه حمزة السهمي. ومولده سنة ست
وتسعين ومائتين، ومات بالبصرة.
(26/563)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 564
محمد بن الحسن بن محمد بن بردخرشاذ، أبو عبد الله الرازي السروي. حدث ببغداد عن
أبي نغيم عبد الملك بن عدي، وابن أبي حاتم. وعنه: ابن رزقويه، وأبو بكر البرقاني،
والحسن بن محمد الخلال، ووثقه البرقاني. توفي في ذي القعدة. محمد بن الحسين بن
أحمد بن عبد الله بن بريدة الأزدي، أبو الفتح الموصلي الحافظ، نزيل بغداد. حدث عن:
أبي يعلى، ومحمد بن جرير الطبري، وأحمد بن الحسن الصوفي، ومحمد بن محمد الباغندي،
وأبي عروبة الحراني، والهيثم بن خلف الدوري. وعنه: إبراهيم بن عمر البرمكي، وأبو
نعيم، وأحمد بن الفتح بن فرحان، وطائفة سواهم. قال الخطيب: كان حافظاً، صنف في
علوم الحديث، وسألت البرقاني عنه فضعفه، وحدثني أبو النجيب عبد الغفار الأموي قال:
رأيت أهل الموصل يوهنونه ولا يعدونه شيئاً.
(26/564)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 565
محمد بن سليمان بن يوسف بن يعقوب، أبو بكر الربعي الدمشقي البندار. سمع أحمد بن
عامر بن المعمر، وجماهر بن محمد، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وحاجب بن أركين، ومحمد بن
الفيض، ومحمد بن تمام البهراني، وخلقاً من الشاميين.) روى عنه: تمام الرازي، وأبو
سعد الماليني، والمسدد بن علي الأملوكي، والحافظ عبد الغني، ومحمد بن عبد السلام
بن سعدان. قال عبد العزيز الكتاني: ثنا عنه جماعة، وكان ثقة. توفي في ذي الحجّة.
قلت: أنبا بحر من حديث ابن الفراء وغيره، أنا ابن أبي لقمة، أنا الخضر بن عبدان،
أنا أبو القاسم المصيصي، أنا ابن سعدان عنه. محمد بن عبد الله بن أبي شيبة، أبو
القاسم الإشبيلي الفقيه. يروي عن عمه علي بن أبي شيبة. وتوفي في أحد الربيعين.
محمد بن محمد بن فتح بن نصر، أبو عبد الأندلسي الأستجي. روى عن: قاسم بن أصبغ،
وأحمد بن عبادة، ومحمد بن عبد الله بن أبي دليم. قال ابن الفرضي: كان حافظاً
للفقه، ثقة صالحاً، لقيته بأستجة، وكتبت عنه.
(26/565)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 566
محمد بن هشام، أبو عبد الله الإشبيلي. سمع بقرطبة من: عمر بن حفص بن غالب، وأبان
بن محمد، وأحمد بن خالد، وجماعة. وكان فهماً حافظاً للرأي والشروط. أخذ عنه ابن
الفرضي، وتوفي في شوال. محمد بن وازع بن محمد القرطبي الضرير. حج وأدرك بالبصرة
إبراهيم بن علي الهجيمي فأخذ عنه، وعن القاضي أبي بكر الأبهري. روى عنه: عبد الله
بن الفرضي. هارون بن بنج بن عثمان، أبو موسى الخولاني الأندلسي الأستجي. روى عن:
أحمد بن خالد، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وقاسم بن أصبغ، وأحمد بن زياد، وجماعة.
وكان معتنياً بالآثار، مشاركاً في الفقه، ثقة صالحاً. قاله ابن الفرضي وحدث عنه.
توفي في جمادى الأولى.)
(26/566)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 567
1 (وفيات سنة خمس وسبعين وثلاثمائة)
أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم بن الحكم، أبو زرعة الرازي الحافظ الصغير. سمع
الحسين بن إسماعيل المحاملي، ومحمد بن مخلد ببغداد، وأبا حامد بن بلال، وأبا
العباس الأصم بنيسابور، وابن أبي حاتم بالري، وعلي بن أحمد الفارسي ببلخ، وأبا
الفوارس الصابوني بمصر، وأبا الحسين الرزاي والد تمام بدمشق. وعنه: تمام الرازي،
والحسين بن محمد الفلاقي، والحافظ عبد الغني بن سعيد، وحمزة بن يوسف، وأبو الفضل
محمد بن الجارودي، وأبو زرعة روح بن محمد، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو
القاسم علي بن المحسن التنوخي، وآخرون. وأقدم شيخ له عبد الرحمن بن أبي حاتم. وقال
الخطيب: كان حافظاً متقناً ثقة، جمع الأبواب والتراجم. وقال ابن المحسن: سألته عن
مولده فقال: خرجت أول مرة إلى العراق سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، ولي أربع عشرة
سنة.
(26/567)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 568
توفي بطريق مكة سنة خمس وسبعين. وقد سأله حمزة عن الرجال، وله مصنفات كثيرة يروي
فيها المناكير كغيره. فأما أبو زرعة محمد بن يوسف الكشي فسيأتي سنة تسع، حافظاً.
أحمد بن سعيد بن أحمد بن محمد بن معدان، أبو العباس الأزدي الفقيه. سمع: عبد الله
بن محمود السعدي، ومحمد بن محمد الباغندي ومحمد بن إسحاق بن خزيمة. وعنه: أبو غانم
الكراعي المرادي. توفي في رمضان، وهو مروزي. أحمد بن عبد الله الهمذاني الوراق
المعروف بالأشقر. روى عن: محمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي، ومحمد بن صالح
الطبري. وعنه: محمد بن عيسى، وابن روزية الحمدانيان. أحمد بن محمد بن جعفر بن نوح،
أبو الحسن النيسابوري البحيري. سمع: أحمد بن إبراهيم بن أحمد، وأبا العباس السراج،
وأبا بكر بن خزيمة، وببغداد محمد بن محمد الباغندي وطبقته، وعقد المجلس، واشتمل
(26/568)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 569
عليه أبو عبد الله الحاكم.) وروى عنه: هو، وسبطه أبو عثمان سعيد بن محمد، وعمر بن
أحمد بن مسرور، وجماعة. وقع لنا حديثه بعلو من رواية الكنجروذي عنه، أخبرنا أحمد
بن هبة، أخبرنا أبو روح زاهر، أنا أبو سعد، أنا أبو الحسين البحيري، ثنا محمد بن
إسحاق بن خزيمة، ثنا علي بن معبد، ثنا زيد بن يحيى الدمشقي، ثنا مالك بن رافع، عن
سالم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الذي يجر ثوبه من الخيلاء لا
ينظر الله إليه يوم القيامة. غريب جداً، رواه هكذا النسائي في حديث مالك له، عن
زكريا بن يحيى، عن علي بن معبد، فوقع لنا عالياً جداً. أحمد بن محمد بن إبراهيم،
أبو حامد الزوزني النيسابوري الكاتب. سمع: أبا قريش محمد بن جمعة. ومات بالزوزن.
روى عنه: الحاكم. أحمد بن محمد بن فارس، أبو بكر البزاز.
(26/569)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 570
سمع: عبد الله بن إسحاق المدائني، ومحمد بن محمد الباغندي. وكان صدوقاً. روى عنه:
أبو محمد الجوهري، وغيره. الحسن بن داود المصري المطرز. يروي عن، ابن عباس البصري
الحافظ، وأبي شيبة داود بن إبراهيم. وعنه: محمد بن عبد العزيز الأبهري، ويحيى بن
علي بن الطحان، وأبو بكر البرقاني. انتخب عليه الدارقطني. وعاش تسعين سنة. توفي في
صفر. الحسن بن علي بن عمرو بن غلام الزهري الحافظ، أبو محمد البصري. كان حمزة بن
يوسف السهمي يسأله عن الجرح والتعديل. روى عنه: أبو الحسن بن صخر في أماليه. لم
أظفر له بذكر في التواريخ التي عندي. الحسين بن أحمد بن فهد، أبو عبد الله الأزدي
الموصلي القاضي.) حد ببغداد عن: أبي يعلى الموصلي. روى عنه: أبو بكر البرقاني،
والتنوخي، وأبو محمد الخلال، وأحمد بن محمد العقيلي. البرقاني: قد كان يوثق. قلت:
حدث في هذا العام، ولعله مات فيه.
(26/570)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 571
الحسين بن علي بن محمد بن يحيى، أبو أحمد التميمي النيسابوري. يقال له حسينك،
ويعرف أيضاً بابن منيبه. من بيت حشمة ورئاسة. تربى في حجر ابن خزيمة، وكان ابن
خزيمة إذا تخلف في آخر أيامه عن مجلس السلطان بعث بأبي أحمد نائباً عنه، وكان
يقدمه على أولاده. قال الحاكم: صحبته حضراً وسفراً نحو ثلاثين سنة، فما رأيته يترك
قيام الليل، ويقرأ كل ليلة سبعاً، وكانت صدقاته دارة ستراً وعلانية، أخرج مرة عشرة
أنفس من الغزاة بآلتهم، لا عن نفسه، ورابط غير مرة. وأول سماعه سنة خمس وثلاثمائة.
سمع من: ابن خريمة، وأبي العباس السراج، ورحل سنة تسع، فسمع: عمر بن إسماعيل بن
أبي غيلان، وعبد الله بن محمد البغوي، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبا عوانة
الإسفراييني. وعنه: أبو بكر البرقاني، والحاكم، وعمر بن أحمد بن مسرور، وأبو سعد
محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي، وجماعة. وقال الخطيب: كان ثقة حجة، وتوفي في ربيع
الآخر، وخرج السلطان للصلاة عليه. قال الحاكم: الغالب على سماعاته الصدق، وهو شيخ
العرب في بلدنا، ورث الثروة القديمة، وأسلافه جلة. قرأت على أحمد بن هبة الله،
أنبأك أبو روح، أنا زاهر، أنا محمد بن عبد الرحمن، أنا أبو أحمد الحسين بن علي،
أنا أبو القاسم البغوي، ثنا هدبة، ثنا حماد، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة،
أن رسول الله
(26/571)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 572
صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال: كانت شجرة تضر بالطريق، فقطعها رجل،
فنحاها عن الطريق، فغفر له. رواه مسلم. الحسين بن محمد بن عبيد بن أحمد بن مخلد
العسكري الدقاق، أبو عبد الله. حدث عن: محمد بن يحيى المروزي، وأبي العباس بن
مسروق، وحمزة بن محمد الكاتب، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة.) وعنه: أبو القاسم الأزهري،
والحسن بن محمد الخلال، و أبو الفرج عبد الوهاب بن برهان الغزال، والحسن بن علي
الجوهري. قال العتيقي: كان ثقة أميناً. وقال ابن أبي الفوارس: كان فيه تساهل، ومات
في شوال، وهو أخو أبي بكر محمد بن محمد شيخ بشرى الفاتني. سعيد بن محمد الفقيه،
أبو أحمد المطوعي، رئيس منسا. سمع: أبا حامد بن الشرقي، وجماعة، وتفقه ببغداد على:
ابن أبي هريرة. وكان بطلاً شجاعاً، كبير القدر، غزير الفضل. روى عنه: الحاكم،
وغيره.
(26/572)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والعشرون الصفحة 573
صالح بن محمد أبو طاهر البغدادي المقريء. روى عن: أبي ذر بن الباغندي، وأبي بكر بن
مجاهد. حدث عنه: الأزجي عبد العزيز، وأحمد بن محمد العتيقي. عبد الله بن أحمد بن
محمد، أبو الحسن الشيباني المعروف بالحوشبي. سمع: أبا بكر بن أبي داود. روى عنه:
البرقاني وأبو القاسم التنوخي. توفي في ذي القعدة، وكان ثقة. عبد الله بن علي بن
الحسين، أبو بكر الهمذاني القطان. روى عن: أبي بكر بن زيادة النيسابوري، وإسماعيل
الوارق، والمحاملي. وعنه: حمد الزجاج، ومحمد بن عيسى. توفي في شعبان. عبد الله بن
محمد بن محمد بن عبدوس، أبو محمد الحربي. سمع: السراج، ومؤمل بن الحسن، وعدة.
وعنه: الحاكم. عبد الله بن عبد الرحمن الزجالي القرطبي الوزير، أبو بكر. وزر
للمستنصر، وكان خيراً كثير المعروف والفضائل، طويل الصلاة.)
(26/573)