88

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف160.حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي في الضعفاء له 60 حديثا أُخر فيكون  كل الضعيف في كل المستدرك 160 حديثا من مجموع 8803=الباقي الصحيح =8743.فهذه قيمة رائعة لمستدرك الحاكم

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الأحد، 21 أغسطس 2022

مجلد31.و32.تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي.

 

31. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام.
تأليف: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 394
4 (السين)

4 (سعيد بن صافي.)
أبو شجاع البغدادي، الحاجب، الجمالي. مولى أبي عبد الله بن جردة. قرأ القرآن على جماعة، وسمع حضوراً من أبي الخميس العلاف، ثم من ابن بيان، وابن ملة. وكتب الكثير بخطه. روى عنه: ابن الأخضر، وأبو محمد بن قدامة. وتوفي في رجب.
4 (سليمان بن عبد الواحد.)
أبو الربيع الهمذاني، الغرناطي، قاضي غرناطة. له مصنف في الفقه. حدث عنه: أبو القاسم الملاحي. وأجاز في هذه السنة لأبي عبد الله الأندرشي، شيخ ألابار.
4 (الشين)

4 (شملة التركماني.)
كان قد تغلب على بلاد فارس، واستحدث قلاعاً، ونهب الأكراد

(39/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 395
والتركمان، وبدع. وقوي على السلجوقية، وكان يظهر طاعة الإمام مكراً منه. وتم له الأمر أكثر من عشرين سنة إلى أن نهض على قتال بعض التركمان، فتهيأوا له، واستعانوا بالبهلوان ابن إلدكز، فساعدهم جيشه، وعلموا مصافاً، فأصاب شملة سهم، وانكسر جيشه وأخذ أسيراً هو وولده وابن أخيه. ومات بعد يومين، لا رحمه الله، فما كان أظلمه وأغشمه.
4 (العين)

4 (عبد الله بن عبد الصمد بن عبد الرزاق.)
أبو محمد السلمي، البغدادي. ذكر أنه من ولد أبي عبد الرحمن السلمي قاريء الكوفة.) سمع: أبا القاسم الربعي، وأبا الغنائم النرسي، وابن بيان، وجماعة. روى عنه: ابن الأخضر، والموفق بن قدامة، وابنه الشمس أحمد بن عبد الله السلمي العطار، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي، والخليل بن أحمد الجواسقي، وعثمان بن أبي نصر ابن الوتار، وجماعة. وتوفي في المحرم.
4 (عبد الرحمن بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الباقي.)
أبو طالب التميمي، الدمشقي. سمعه أبوه من هبة الله بن الأكفاني، وطبقته. ثم سمع هو بنفسه واشتغل وحصل، وشهد عند القضاة. وتوفي في شوال. كتب عنه أبو المواهب بن صصرى.

(39/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 396
4 (عبد الصمد بن محمد بن علي بن أبي الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون.)
أبو الغنائم الهاشمي، العباسي. شيخ صالح عابد، من بيت الحديث والشرف. روى عن: أبي علي بن نبهان، وأبي النرسي. روى عنه: أحمد بن أحمد البندنيجي، وغيره.
4 (عبد الملك ابن قاضي القضاة أبي طالب روح بن أحمد الحديثي.)
استنابه أبوه في القضاة بدار الخلافة، وعين بعد موت والده للقضاء. بغته الموت وهو شاب. سمع من: أبي عبد الله السلال، والأرموي. روى عنه: عبد الملك بن أبي محمد البرداني. وكان ديناً حسن الطريقة، يكنى أبا المعالي. قال ابن النجار: سمعت جارنا أبا الحسن بن ملاعب يقول: كان القاضي عبد الملك يخرج من دار والده بالطيلسان والوكلاء والركابية بين يديه وهو راكب، فإذا نزل ودخل ذهب الجماعة. ثم خرج هو في ثياب قصيرة وعمامة لطيفة، والسجاد على كتفه، فيأتي مسجده بالسوق، فيؤذن) ويقيم.

(39/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 397
وكان يسحر في رمضان، وله معرفة بالوقت، رحمه الله تعالى.
4 (عبد الوهاب بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر.)
الطوسي، أخو خطيب الموصل. روى عن: جعفر السراج. وتوفي في شوال. كتب عنه أبو سعد السمعاني مع تقدمه. وروى عنه: عبد الكريم السندي، ومحمد بن ياقوت.
4 (عثمان بن فرج بن خلف.)
أبو عمرو العبدري، السرقسطي. حج فسمع من: أبي عبد الله الرازي، وعبد الله بن طلحة النابري، وسكن القاهرة. روى عنه: عوض بن محمود، وأبو عبد الأندرشي، وغيرهما. حدث في هذا العام ولا أعلم وفاته بعد.
4 (علي بن خلف بن عمر بن خلال.)
أبو الحسن الغرناطي.

(39/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 398
روى عن: أبي الحسن بن الباذش، وأبي بكر بن الخلوف، وأبي القاسم ابن النحاس، ومنصور بن الخير. روى القراءآت. سكن ميورقة وغيرها، وأقرأ القراءآت، وكان عارفاً بها سخياً، جواداً. روى عنه: أبو عمر بن عياش وأجاز لأبي الخطاب بن واجب، وأبي بكر عتيق. وكف بصره بأخرة. قال الأبار: وتوفي بميورقة في نحو سنة سبعين.
4 (الفاء)

4 (فاطمة بنت علي بن عبد الله الوقاياتي.)
أم علي البغدادية.) سمعت: أبا عبد الله بن البسري، وأبا القاسم الرزاز. روى عنها: ابن الأخضر، وموفق الدين بن قدامة، وجماعة. وماتت رحمها الله تعالى في آخر السنة.
4 (فاطمة بنت المحدث أبي غالب محمد بن الحسن الماوردي.)
أم الخير. سمعها أبوها من: أبي عبد الله البسري، وأبي النرسي.

(39/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 399
وعنها: أحمد البندنيجي. وماتت في ربيع الآخر.
4 (القاف)

4 (قايماز.)
قطب الدين مملوك المستنجد بالله. ارتفع أمره وعلا قدره في أيام مولاه، فلما استخلف المستضيء بالله عظم وصار مقدماً على الكل. ولم يكن على يده يد. وقد أراد المستضيء تولية وزير فمنعه قايماز من ذلك، وأغلق باب النوبي، وهم بأمر سوء، ثم خرج من بغداد في جيش، فمات بناحية الموصل في ذي الحجة، وكفى الله شره. وكان كريماً طلق الوجه، قليل الظلم.
4 (الميم)

4 (محمد بن حسين بن عبد الله بن حيوس.)
أبو عبد الله الفاسي، شاعر مفلق، بديع النظم، سائر القول مع الأمراء. وله ديوان. روى عنه: عبد العزيز بن بدران، وغيره. وعاش سبعين سنة.
4 (محمد بن حمزة بن علي بن طلحة الرازي.)
ثم البغدادي، من أبناء المحتشمين.

(39/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 400
سمع: هبة الله بن الحصين. وتوفي في رمضان.) كتب عنه: عمر بن علي، وغيره.
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن خليل.)
أبو عبد الله القيسي، اللبلي. صحب مالك بن وهب ولازمه مدة، وسمع صحيح مسلم من أبي علي الغساني. وروى عنه، وعن: ابن الطلاع، وخازم بن محمد، وأبي الحسين بن سراج، وأبي علي الصدفي، وجماعة. وذكر ابن الزبير أن روايته للموطأ عن ابن الطلاع إجازة إن لم يكن سماعاً. قال الأبار: كان من أهل الرواية والدراية. نزل فارس، ثم مراكش. أخذ عنه: شيخنا أبو عبد الله الأندرشي، وأبو عبد الله بن عبد الحق، قاضي تلمسان.
4 (محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم.)
أبو بكر الطوسي الملقب ناصح المسلمين. فقيه، إمام، مسند. حدث في رجب من السنة عن: علي بن أحمد المديني، ونصر الله بن أحمد الخشنامي، والفضل بن عبد الواحد التاجر أصحاب الحيري، ونحوهم. روى عنه: زينب الشعرية، وولداها المؤيد وبيبى ولدي نجيب الدين محمد بن علي بن عمر الطوسي، وعثمان بن أبي بكر الخبوشاني، ومحمد بن أبي طاهر العطاردي، وأبو حامد محمد بن محمد بن أبي سكر السمناني، ثم الجويني، وجماعة.

(39/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 401
وكان أسند من بقي بنيسابور في هذا الوقت. وله أربعون سمعناها، خرجها له علي بن عمر الطوسي. وممن روى عنه: الحسن بن عبيد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن القشيري.
4 (محمد بن المبارك بن محمد بن جابر.)
أبو نصر البغدادي. روى عن: أبي علي بن نبهان، ونور الهدى الزينبي. روى عنه: تميم بن أحمد، ونصر بن عبد الرزاق، وغيرهما. وتوفي في أواخر السنة وقد أضر.) وعاش نيفاً وسبعين سنة.
4 (محمد بن محمد بن فارس.)
أبو بكر بن الشاروق، الحريمي، المقرىء. أحد القراء الموصوفين بجودة الأدآء وملاحة الصوت. سمع: الحسين بن الطيوري. روى عنه: محمد بن مشق، وابن الأخضر. توفي في رجب.
4 (معالي بن أبي بكر بن معالي.)
البغدادي الكيال. سمع: أبا الغنائم النرسي. روى عنه: أبو محمد بن قدامة، والشهاب بن راجح، والعماد إبراهيم بن عبد الواحد.
4 (الهاء)

4 (هبة الله بن أبي بكر بن طاهر.)

(39/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 402
الفزاري، البغدادي، القزاز. روى عن: جده أبي ياسر أحمد بن بندار البقال. وعنه: ابن الأخضر. توفي في صفر.
4 (هبة الله بن عبد الله بن منصور.)
الأنطاكي، ثم الدمشقي. أبو القاسم الخطيب. روى عن: عبد الكريم بن حمزة. وعنه: أبو القاسم بن صصرى.
4 (الواو)

4 (ورع بنت أحمد بن عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال.)
بدر التمام. روت عن أبيها عن جده الحافظ أبي محمد.) وعنها: أبو الفتوح بن الحصري، وغيره.
4 (الياء)

4 (يحيى بن عبد الله بن محمد بن المعمر بن جعفر.)
الثقفي، أبو الفضل، صاحب فخر بن المقتفي، والمستنجد. ناب في الوزارة للمستضيء، وبقي في المناصب ثمانياً وعشرين سنة.

(39/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 403
وكان حافظاً لكتاب الله. وحج مرات كثيرة. وخلف ولدين ماتا شابين.
4 (يوسف بن المبارك بن أبي شيبة.)
أبو القاسم الخياط، المقرىء. صار في آخر أيامه وكيلاً بباب القاضي. وقد قرأ بالروايات على: أبي العز القلانسي، وجماعة. وسمع: ابن ملة. وآدعى أنه قرأ على أبي طاهر بن سور، وبان كذبه في ذلك. قرأ عليه جماعة. وروى عنه ابن الأخضر حديثاً. توفي في رجب. وفيها ولد: سبط السلفي. والشرف المرسي. والبدر عمر بن محمد الكرماني الواعظ.

(39/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 404
4 (المتوفون في هذه الحدود ما بين الستين والسبعين)

4 (الألف)

4 (أحمد بن زهير بن محمد بن الفضل.)
أبو العباس المعروف بملة الإصبهاني. سمع: أبا نهشل عبد الصمد العنبري، ومحمد بن طاهر المقدسي. وعنه: عمر بن علي القرشي، وأبو محمد بن قدامة.) حدث ببغداد سنة أربع وستين.
4 (أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن أبي العاصي.)
أبو جعفر النقزي، الشاطبي، المعروف بابن اللاية المقرىء. أخذ القراءآت عن: أبيه الأستاذ أبي عبد الله. ورحل إلى دانية فأخذ عن: أبي عبد الله محمد بن سعيد. وخلف أباه في الإقراء. أخذ عنه جماعة، منهم: ابن قيرة الشاطبي. قال الأبار: كان معروفاً بالضبط والتجويد، كأبيه. قلت: ذكر قبله من توفي سنة ثلاث وستين، وبعده من توفي سنة تسع وستين وخمسمائة.
4 (الراء)

4 (رجاء بن حامد بن رجاء بن عمر.)

(39/404)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 405
أبو القاسم المعداني الإصبهاني. سمع: رزق الله التميمي، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، ومكي بن منصور بن علان الكرجي، وهذه الطبقة. روى عنه: الحافظ عبد القادر الرهاوي، وأبو نزار ربيعة اليمني، وسليمان بن داود بن ماشاذة، وسبط محمد بن عمر بن أبي الفضائل، ومحمود بن محمد الوركاني. وبالإجازة كريمة، وغيرها. أنا سليمان بن قدامة، انبأنا محمد بن محمد بن أبي المعالي الوثابي، نا رجاء بن حامد قراءة، فذكر حديثاً.
4 (العين)

4 (عبد الله بن أسد بن عمار.)
الدقاق أبو محمد بن السويدي شيخ معمر، روى بالإجازة المطلقة. روى عن: عبد العزيز الكتاني. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى في معجمه، وقال: توفي بعد الستين.
4 (عبد الله بن محمد بن أبي العباس.)
) أبو بكر النوقاني. قدم دمشق في سنة سبع وستين، وحدث بها بحضرة الحافظ ابن عساكر. ونزل بقية الطواويس. وروى عن: أبيه، عن أبي بكر بن خلف الشيرازي، وغيره. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وعبد الكريم خطيب زملكا، وآخرون. مولده في سنة إحدى عشرة وخمسمائة.

(39/405)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 406
4 (عبد الله بن محمد بن سهل العبدري.)
إمام جامع ميورقة. سمع بشاطبة من أبي عمران بن أبي تليد. وأقرأ بإشبيلية القراءآت على شريح. مات بعد الستين وخمسمائة.
4 (عبد الله بن عمر بن سليخ.)
أبو محمد البصري. حدث بمربد البصرة. كان منزله بها. سمع من: جعفر بن محمد بن الفضل العباداني، ولعله آخر من روى عنه. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، ويوسف بن أحمد الشيرازي، وأبو السعود محمد بن محمد بن جعفر البصري، وغيرهم. وحدث في سنة ثمان وستين. وآخر من روى عنه أبو السعود عبد الله بن عبد الودود البصري الدباس.
4 (عبد الله بن محمد بن عبد الله.)
أبو الفتوح الجوهري، الإصبهاني. سمع: أبا نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار، وأبا بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه، وإسماعيل بن أبي عثمان الصابوني، وأحمد بن أبي الفتح الخرقي. أجاز لابن اللتي، ولكريمة.
4 (عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر.)
أبو محمد الطوسي، الخطيب.) كان بالموصل مع إخوته. ولد ييغداد في سنة ثمانين وأربعمائة.

(39/406)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 407
وسمع من: طراد، وابن طلحة النعالي. وسمع كتاب شريعة المقاري لأبي بكر بن أبي داود، على أبي الحسين ابن الطيوري في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. سمع منه: أبو المحاسن علي القرشي، وأبو الحسن الزيدي، وأبو محمد ابن الأخضر، وابن أخيه عبد المحسن ابن خطيب الموصل. وأجاز لأبي منصور بن عفجة، ولكريمة. وبقي إلى بعد الستين.
4 (عبد الرحمن بن محمود بن مسعود بن أحمد.)
أبو حامد المسعودي، البنجديهي، الخمقري، المروزي. ذكره أبو سعد السمعاني في التحبير فقال: من أهل بنجديه، شيخ صالح، عفيف، معمر، تفرد برواية الجامع للترمذي، عن القاضي أبي سعيد محمد بن علي بن الدباس. سمعت منه بعض الكتاب، ونشأ له ولد اسمه محمد، فهم الحديث، وبالغ في طلبه، ورحل إلى العراق، والشام، ومصر، والإسكندرية. قلت: هو تاج الدين محمد بن عبد الرحمن المسعودي المتوفى بعد الثمانين وخمسمائة. وأما أبوه عبد الرحمن صاحب الترجمة فروى عنه جامع الترمذي بالإجازة القاضي أبو نصر بن الشيرازي.
4 (عبد الرحيم بن عبد الجبار بن يوسف.)

(39/407)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 408
أبو محمد التجيبي، الأندلسي، السمنتي، وسمنت حصن. أخذ القراءآت بالمرية عن أبي القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن رضا. وتصدر للإقراء بمرسية. وتوفي في حدود السبعين. مولده سنة ثمان وتسعين وأربعمائة.
4 (عبد الرحيم بن محمد بن أبي العيش.)
) أبو بكر الأنصاري. روى عن: أبي محمد بن عتاب، وأبي علي الصدفي، وأبي عمران بن أبي تليد، وجماعة. وسكن مراكش وحدث بها. وتوفي في رأس السبعين تقريباً. روى عنه: أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الزهري، والقاضي أبو الحسن الزهري.
4 (عبد الصمد بن ظفر بن سعيد بن ملاعب.)
أبو نضر الربيعي، الحلبي، المعروف بالقباني. سمع من: طاهر بن عبد الرحمن بن العجمي جزءاً من رواية علي بن عمر الحربي السكري. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم. لقياه بحلب في حدود الستين وخمسمائة.
4 (عبد العزيز بن علي بن محمد بن سلمة.)
أبو الأصبغ ويقال: أبو حميد السماتي، الإشبيلي، الطحان. ويعرف بابن الحاج أيضاً.

(39/408)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 409
من جلة المقرئين. قرأ على أبي الحسن شريح بن محمد، وأبي العباس ابن عيشون. وقد مر في سنة إحدى وستين على التقريب.
4 (عبد الكريم بن عمر بن أحمد بن عبد الواحد.)
أبو إبراهيم الإصبهاني، العطار، المعروف بالجنيد. سمع: القاسم بن الفضل الثقفي. وأجاز لكريمة.
4 (علي بن أبي منصور بن عبد الصمد بن أبي بكر أحمد بن محمد بن الحافظ أبي بكر أحمد)
ابن موسى بن مردويه بن فورك. أبو المحاسن الإصبهاني. من بيت الحديث والعلم. سمع: القاسم بن الفضل، ومكي بن منصور السلار، وغيرهما. روى عنه: عبد القادر الرهاوي.) وبالإجازة: ابن اللتي، وكريمة.
4 (عمر بن محمد بن أحمد بن علي بن عديس.)
أبو حفص القضاعي، البلنسي، اللغوي، صاحب أبي محمد البطليوسي. حمل عنه الكثير، ورحل إلى باجة، فأخذ عن: أبي العباس بن حاطب، وقرأ عليه الكامل للمبرد، وغيره في سنة ست وعشرين. وصنف كتاباً حافلاً في المثلث في عشرة أجزاء ضخام، دل على تبحره وسعة اطلاعه وحفظه للغة. وشرح الفصيح شرحاً مفيداً.

(39/409)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 410
وسكن تونس، وبها توفي في حدود السبعين. قاله الأبار.
4 (الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عساكر.)
الأزدي، المرسي. سمع الشهاب من أبي القاسم بن الفحام. وحدث به قبل السبعين. وسمع منه: عبد الكبير بن بقي، وغيره.
4 (محمد بن الحسن بن هبة الله.)
أبو عبد الله بن عساكر الدمشقي، أخو الحافظ أبو القاسم، والصائن. ولد بعد الخمسمائة بقليل. قال القاسم بن عساكر: هو عم الأوسط. سمع الكثير من: عبد الكريم بن حمزة، وأبي الحسن بن قيس المالكي. وتفقه على: أبي الفتح نصر الله المصيصي. وسمعت بقراءته كثيراً. وما أظنه حدث. وكان شيخاً كريماً، حسن الأخلاق، كثير التلاوة. قلت: هو والد العلامة فخر الدين، وزين الأمناء، وتاج ألامناء أبي نصر عبد الرحيم. توفي رحمه الله سنة بضع وستين.
4 (محمد بن سعيد بن محمد بن سعيد بن أحمد بن مدرك.)
أبو عبد الله وأبو بكر الغساني المالقي.) روى عن: أبي الحسن بن مغيث، وأبي جعفر بن عبد العزيز، وأبي بكر بن العربي، وجماعة.

(39/410)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 411
قال الأبار: وكان مؤرخاً، نسابة، فصيحاً، جمع ما لا يوصف من الكتب، وحدث عنه: أبو الحجاج بن الشيخ، وأبو علي الرندي، وأبو محمد بن غلبون شيخنا.
4 (محمد بن عبيد الله بن أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن.)
الإصبهاني، الحداد. روى عن: جده، وأبي العباس أحمد بن أبي الفتح الخرقي، وغيرهما. وأجاز لكريمة وحدث. وكان خطيباً نبيلاً، حريصاً على الرواية، له فهم ومعرفة. وقد سمع أيضاً من: أبي مطيع محمد بن عبد الواحد المصري، وأبي سعيد المطرز. وولد بنيسابور إذ أبوه بها، وحضر عند أبي سعد بن أبي صادق، وغيره.
4 (محمد بن أبي الحكم عبيد الله بن مظفر.)
الباهلي، ثم الأندلسي، ثم الدمشقي، أبو المجد الطبيب. رئيس الأطباء بدمشق، ويلقب بأفضل الدولة. كان مع براعته في الطب بصيراً بالهندسة، لعاباً بالعود، مجوداً للموسيقى، وله يد في عمل الآلات. قد صنع أرغناً، وبالغ في تحزيزه. اشتغل على والده أبي الحكم المتوفى سنة تسع وأربعين. وكان السلطان نور الدين يقدمه ويرى له، ورد إليه أمر الطب بمارستانه الذي أنشأه، فكان يدور على المرضى، ثم يجلس في الإيوان يشغل الطلبة، ويبحثون نحو ثلاث ساعات. وكان حياً في هذا الوقت. ولم يذكر ابن أبي أصيبعة وفاته.

(39/411)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 412
4 (محمد بن علي بن عبد الله.)
أبو بكر البتماري، الحريمي، المعروف بابن العجيل. وبتماري من قرى النهروان. سمع: أحمد بن المظفر بن سوسن، وأبا سعد بن خشيش. روى عنه: أحمد بن طارق الكركي. قال ابن النجار: بلغني أنه توفي بعد السبعين.)
4 (محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن حمدان بن الحسين.)
أبو الغنائم الجصاني، الهيثي، الأديب، اللغوي. نزيل الأنبار. وينسب إلى جصين، أحد ملوك الفرس الذين كان صاحب قلعة عند الأنبار في الزمن القديم. سمع أبو الغنائم من: يحيى بن علي بن محمد بن الأخضر الأنباري، وقرأ القراءآت ببغداد على: أبي بكر المزرفي، وسبط الخياط وسمع من: ابن الحصين، وجماعة. وحدث بهيت والأنبار سنة اثنتين وستين. وصنف كتاب روضة الآداب في اللغة، والمثلث الحمداني، والحماسة، وغير ذلك. وولد بهيت في سنة أربع وثمانين وأربعمائة، ولم تضبط وفاته. سمع منه: أبو أحمد بن سكينة، ويوسف بن أحمد الشيرازي.
4 (محمد بن غريب بن عبد الرحمن بن غريب.)
أبو الوليد العبسي، السرقسطي. نزيل شاطبة.

(39/412)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 413
روى عن: أبي علي الصدفي، وابن عتاب. وتصدر للإقراء بشاطبة. وولي خطابتها. أخذ عنه: أبو عبد الله بن سعادة حرف نافع.
4 (محمد بن محمود بن علي بن أبي علي الحسن بن يوسف بن حجر بن عمرو.)
العلامة أبو الرضا ألاسدي، الطرازي، البخاري. قال عبد الرحيم بن السمعاني: كان إماماً فاضلاً، مبرزاً، ورعاً، تقياً، كثير الذكر والتهجد والتلاوة. تفقه على الإمام الحسين بن مسعود بن الفراء بمرو الروذ، وعلى الإمام عبد العزيز بن عمر ببخارى. وسمع: أبا الفضل بكر بن محمد الزرنجري، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق، ومحمد بن علي بن حفص وهو أول أستاذ لي في الفقه. ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة ببخارى.
4 (محمد بن أبي الرجاء أحمد بن محمد بن أحمد.)
أبو عبد الله الإصبهاني المعروف بالكسائي.) سمع: أبا مطيع محمد بن عبد الواحد المصري، وغيره. روى عنه بالإجازة: ابن اللتي، وكريمة. توفي بعد الستين.
4 (محمد بن المرجا الحسين بن محمد بن الفضل بن علي.)
أبو جعفر التيمي، الإصبهاني. سمع: أبا العباس أحمد بن أبي الفتح الخرقي، وأبا مطيع المصري. وعنه بالإجازة: ابن اللتي، وكريمة.
4 (محمود بن إسماعيل بن عمر بن علي.)
الإمام العلامة أبو القاسم الطريثيثي، النيسابوري، الفقيه. تخرج بأبي بكر محمد بن منصور السمعاني في الفقه. وبرع في الأصول

(39/413)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والثلاثون الصفحة 414
والنظر والمذهب. وكان حسن السيرة متواضعاً مطرحاً للتكلف. سمع: عبد الغفار الشيرويي، وصاعد بن سيار. سمع منه عبد الرحيم بن السمعاني، وغيره.
4 (مسعود بن عبد الله بن أحمد بن أبي يعلى.)
أبو علي الشيرازي، ثم البغدادي. سمع: أبا الحسين المبارك بن الطيوري، وأبا سعد بن خشيش. روى عنه: محمد بن أحمد الصوفي، وعبد السلام الداهري الخفاف.
4 (الياء)

4 (يوسف بن إسماعيل.)
أبو الحجاج المخزومي، القرطبي، المعروف بالمرادي اللغوي. أخذ عن: أبي الحسين بن سراج فأكثر. وعن: أبي عبيدة جراح بن موسى، وأبي جعفر بن عبد العزيز. وجلس لإقراء العربية واللغة. وكان حافظاً للغريب، معتنياً باللغات، لازمه أبو جعفر ابن يحيى مدة وأكثر عنه.

(39/414)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 5
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)
)
5 (الطبقة الثامنة والخمسونَ حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى وسبعون وخمسمائة)

4 (جلوس ابن الجوزي تحت المنظرة)
قال ابن الجوزي: تقدم إلي بالجلوس تحت المنظرة، فتكلمت في ثالث المحرم والخليفة حاضر، وكان يوماً مشهوداً. ثم تقدم إلي بالجلوس يوم عاشوراء فكان الزحام شديداً زائداً على الحد، وحضر أمير المؤمنين.
4 (القبض على أستاذ الدار صندل)
وفي صفر قبض على أستاذ الدار صندل الذي جاء في الرسلية إلى نور الدين، وعلى خادمين أرجف الناس على أنهم تحالفوا على سوء. وولي أبو الفضل ابن الصاحب أستاذية الدار، وولي مكانه في الحجابة ابن الناقد.
4 (زواج بنت ابن الجوزي)
قال ابن الجوزي: وكانت ابنتي رابعة قد خطبت، فسأل الزوج أن يكون العقد بباب الحجرة، فحضرنا يوم الجمعة، وحضر قاضي القضاة، ونقيب النقباء، فزوجتها بأبي الفرج بن رشيد الطبري، وتزوج حينئذ ولدي أبو القاسم بابنة الوزير عون الدين بن هبيرة.

(40/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 6
قلت: رابعة هي والدة الواعظ شمس الدين بن الجوزي، لم يطل عمر ابن الرشيد معها، ثم تزوجها أبو شمس الدين. وأما ابنه أبو القاسم فإنه تحارب وصار ينسخ بالأجرة، وهو ممن أجاز للقاضي تقي الدين الحنبلي.
4 (كلام ابن الجوزي تحت المنظرة)
قال: وتكلمت في رجب تحت المنظرة وازدحم الخلق، وحضر أمير المؤمنين. وكنت إذا تكلمت أصعد المنبر، ثم أضع الطرحة إلى جانبي، فإذا فرغت أعدتها. وكان المستضيء بالله كثيراً ما يحضر مجلس ابن الجوزي في مكان من وراء الستر، وقال مرةً: ما على كلام ابن الجوزي مزيد. يعني في الحسن.
4 (كثرة الرفض)
) قال: وكان الرفض قد كثر، فكتب صاحب المخزن إلى أمير المؤمنين إن لم تقوِّ يد ابن الجوزي لم يطق رفع البدع. فكتب بتقوية يدي، فأخبرت الناس بذلك على المنبر، فقلت: إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قد بلغه كثرة الرفض، وقد خرج توقيعه بتقوية يدي في إزالة البدع، فمن سمعتموه يسب فأخبروني حتى أخرّب داره وأسجنه. فانكف الناس. وأمر بمنع الوعاظ إلا ثلاثة أنا، وأبو الخير القزويني من الشافعية، وصهر العبادي من الحنفية. ثم سئل في ابن الشيخ عبد القادر، فأطلق.

(40/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 7
4 (خروج المستضيء إلى كشكه)
وفي ذي القعدة خرج المستضيء إلى الكشك الذي جدده راكباً، والدولة مشاة، ورآه الناس، ودعوا له.
4 (ولاية المخزن)
وفيها خلع على الظهير بن العطار بولاية المخزن.
4 (وليمة الوزير ابن رئيس الرؤساء)
وفيها عمل الوزير ابن رئيس الرؤساء دعوةً جمع فيها أرباب المناصب، وخلع عليّ، ونصب لي منبر في الدار، وحضر الخليفة الدعوة، فلما أكلوا تكلمت، وحضر السلطان والدولة، وجميع علماء بغداد ووعاظها إلا النادر.
4 (الفتنة بمكة)
وفيها أرسل إلى صاحب المدينة تقليد بمكة، فجرت لذلك فتنة بمكة، وقتل جماعة. ثم صعد أمير مكة المعزول، وهو مكثر بن عيسى بن فليتة، إلى القلعة التي على أبي قبيس، ثم نزل وخرج عن مكة. ووقع النهب بمكة، وأحرقت دور كثيرة. وحكى القليوبي في تاريخه أن الركب خرجوا عن عرفات، ولم يبيتوا بمزدلفة، ومروا بها، ولم يقدروا على رمي الجمار، وخرجوا إلى الأبطح، فبكروا يوم العيد، وقد خرج إليهم من يحاربهم من مكة، فتطاردوا وقتل

(40/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 8
جماعة بين الفريقين. ثم آل الأمر إلى أن أصيح في الناس: الغزاة إلى مكة. قال ابن الجوزي: فحدثني بعض الحاج أن زرّاقاً ضرب بالنفط داراً فاشتعلت، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وكانت تلك الدار لأيتام، ثم سوى قارورة نفط ليضرب بها، فجاء حجر فكسرها،) فعادت إليه وأحرقته. وبقي ثلاثة أيام فتفسخ الجسد، ورأى بنفسه العجائب، ثم مات. قال: ثم ذلك الأمير الجديد قال: لا أجسر أن أقيم بعد الحاج بمكة. فأمروا غيره.
4 (وقعة تل السلطان)
وفيها كانت وقعة تل السلطان، وحيث ذلك أن عسكر الموصل نكثوا وحنثوا ووافوا تل السلطان بنواحي حلب في جموع كثيرة، وعلى الكل السلطان سيف الدين غازي بن مودود بن زنكي، فالتقاهم السلطان صلاح الدين في جمع قليل، فهزمهم وأسرهم، ونهب، وحقن دماءهم. ثم أحضر الأمراء الذين أسرهم فأطلقهم ومنّ عليهم.
4 (قال ابن الأثير)
لم يقتل من الفريقين على كثرتهم إلا رجل

(40/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 9
واحد. ووقفت على جريدة العرض، فكان عسكر سيف الدين غازي في هذه الوقعة يزيدون على ستة آلاف فارس، والرجالة، أقل من خمسمائة.
4 (فتوحات صلاح الدين)
قلت: سار صلاح الدين إلى منبج فأخذها، ثم سار إلى عزاز، فنازل القلعة ثمانيةً وثلاثين يوماً، وورد عليه وهو محاصرها قوم من الفداوية، وجرح في فخذه، وأخذوا وقتلوا، ثم افتتح عزاز.
4 (كتاب فاضلي إلى الخليفة)
ومن كتاب فاضلي عن صلاح الدين إلى الخليفة يطالع أن الحلبيين والموصليين، لما وضعوا السلاح، وخفضوا الجناح، اقتصرنا بعد أن كانت البلاد في أيدينا على استخدام عسكر الحلبيين في البيكارات إلى الكفر، وعرضنا عليهم الأمانة فحملوها، والأيمان فبذلوها. وسار رسولنا، وحلف صاحب الموصل يميناً، جعل الله فيها حكماً. وعاد رسوله ليسمع منا اليمين، فلما حضر وأحضر نسختها أومأ بيده ليخرجها، فأخرج نسخة يمين كانت بين الموصليين والحلبيين على حربنا، والتساعد على حزبنا. وقد حلف بها كمشتكين الخادم بحلب، وجماعة معه يميناً نقضت الأول، فرددنا اليمين إلى يمين الرسول، وقلنا: هذه يمين عن الأيمان خارجة، وأردت عمراً وأراد الله خارجة. وانصرف الرسول. وعلمنا أن الناقد بصير، والمواقف الشريفة

(40/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 10
مستخرجة الأوامر إلى الموصلي إما بكتاب مؤكد بأن لا ينقض العهد، وإما الفسحة لنا في حربه.
4 (استعراض صلاح الدين ذخائر ابن حسان)
) وقال ابن أبي طيء: لما ملك صلاح الدين منبج في شوال صعد الحصن، وجعل يستعرض أموال ابن حسان وذخائره، فكانت ثلاثمائة ألف دينار، فرأى على بعض الأكياس والآنية مكتوباً يوسف. فسأل عن هذا الاسم، فقيل: له ولد يحبه اسمه يوسف، كان يدخر هذه الأموال له. فقال السلطان: أنا يوسف، وقد أخذت ما جبى لي.
4 (جرح السلطان من الحشيشية)
ومن كتاب السلطان إلى أخيه العادل يقول: ولم ينلني من الحشيشي الملعون إلا خدش قطرت منه قطرات دم خفيفة، انقطعت لوقتها، واندملت لساعتها.
4 (منازلة حلب)
وأما صلاح الدين فسار من عزاز فنازل حلب في نصف ذي الحجة، وقامت العامة في حفظها بكل ممكن. وصابرها صلاح الدين شهراً، ثم ترددت الرسل في الصلح، فترحل عنهم، وأطلق لابنة نور الدين قلعة عزاز.

(40/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 11
4 (كسوف الشمس)
قال ابن الأثير: وفي رمضان انكسفت الشمس ضحوة نهار، وظهرت الكواكب، حتى بقي الوقت كأنه ليل مظلم، وكنت صبياً حينئذٍ.

(40/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 12
4 (سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة)

4 (وعظ ابن الجوزي)
في المحرم وعظ ابن الجوزي، وحضر الخليفة في المنظرة، وازدحمت الأمم.
4 (عرس ابنة ابن الجوزي)
قال: وكان عرس ابنتي رابعة، وحضرت الجهة المعظّمة، وجهزتها من عندها بمال كثير.
4 (نقص دجلة)
وفي صفر نقصت دجلة واخترقت حتى ظهرت جزائر كثيرة، وكانوا يجرون السفن في أماكن.
4 (البرد في بغداد)
جاء في آب برد شديد ببغداد، فنزلوا عن الأسطحة، ثم عاد الحر.
4 (وعظ ابن الجوزي بجامع القصر)
) وفي جمادى الآخرة وعظت بجامع القصر، واجتمع خلائق، فحزروا الجمع بمائة ألف، وكان يوماً مشهوداً.

(40/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 13
4 (وقعة السلجوقي الطامع بالسلطنة)
وفيها قارب بغداد بعض السلجوقية ممن يروم السلطة، وجاء رسوله ليؤذن له في المجيء، فلم يلتفت إليه، فجمع جمعاً، ونهب قرى، فخرج إليه عسكر فتواقعوا. وخرج جماعة. وعاد العسكر فعاد هو إلى النهب، فرد إليه العسكر وعليهم شكر الخادم، فترحل إلى ناحية خراسان.
4 (الزلزلة بالري وقزوين)
وفيها كانت بالري وقزوين زلزلة عظيمة.
4 (معاقبة الطحان)
وفيها قال رجل لطحان: أعطني كارة دقيق. فقال: لا. فقال: والله ما أبرح حتى آخذ. فقال الطحان: وحق علي ما هو خير من الله ما أعطيك. فشهد عليه جماعة، فسجن أياماً. ثم ضرب مائة سوط، وسوّد وجهه وصفع والناس يرجمونه، وأعيد إلى الحبس.
4 (جلوس ابن الجوزي)
وجلس ابن الجوزي في السنة غير مرة، يحضر فيها الخليفة.
4 (وقعة الكنز)
وفيها كانت وقعة الكنز مقدّم السودان بالصعيد جمع خلقاً عظيماً، وسار إلى القاهرة في مائة ألف ليعيد دولة العبيديين، فخرج إليه العادل سيف الدين، وأبو الهيجا الهكّاري، وعز الدين موسك، فالتقوا، فقتل الكنز، وما

(40/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 14
انتطح عنز مع عنز، وقتل خلق عظيم من جموعه، حتى قيل إنه قتل منهم ثمانون ألفاً. كذا قال أبو المظفّر بن قزغلي، فالله أعلم بذلك.
4 (أخذ صلاح الدين منبج)
وفيها أخذ صلاح الدين منبج من صاحبها قطب الدين ينال بن حسان المنبجي، وكان قد ولاّه إياها الملك نور الدين لمّا انتزعها نور الدين من أخيه غازي بن حسان.
4 (مصالحة صلاح الدين حلب)
وفيها حاصر صلاح الدين حلب مدة، ثم وقع الصلح، وأبقى حلب على الملك الصالح ابن نور الدين ورد عليه عزاز.)
4 (تخريب مصياف)
وعاد إلى مصياف، بلد الباطنية، فنصب عليها المجانيق، وأباح قتلهم، وخرّب بلادهم، فضرعوا إلى شهاب الدين صاحب حماه، خال السلطان، فسأل فيهم، فترحل عنهم.

(40/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 15
4 (بناء سور مصر)
وتوجه إلى مصر وأمر ببناء السور الأعظم المحيط بمصر والقاهرة، وجعل على بنائه الأمير قراقوش. قال ابن الأثير: دوره تسعة وعشرون ألف ذراع وثلاثمائة ذراع بالقاسمي، ولم يزل العمل فيه إلى أن مات صلاح الدين. وقال أبو المظفر ابن الجوزي: ضيّع فيه أموالاً عظيمة، ولم ينتفع به أحد وأمر بإنشاء قلعة بجبل المقطم وهي التي صارت دار السلطنة. قال ابن واصل: شرع بهاء الدين قراقوش الأسدي فيها، وقطع الخندق وتعميقه، وحفر واديه، وهناك مسجد سعد الدولة، فدخل في القلعة وحفر فيها بئراً كبيراً في الصخر. ولم يتأت هذا بتمامه إلا بعد موت السلطان بمدة. وبعد ذلك كمل السلطان الملك الكامل ابن أخي صلاح الدين العمارات بالقلعة وسكنها. وهو أول من سكنها. وإنما كان سكناه وسكنى من قبله بدار الوزارة بالقاهرة.

(40/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 16
4 (سماع السلطان من السلفي)
ثم سار إلى الإسكندرية، وسمع فيها من السلفي، وتردد إليه مرات عديدة، وأسمع منه ولديه الملك العزيز، والملك الأفضل.
4 (بناء تربة الشافعي)
ثم عاد إلى مصر وبنى تربة الشافعي رضي الله عنه.

(40/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 17
4 (سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة)

4 (العفو عن تتامش)
في أولها دخل بغداد تتامش الأمير الذي خرج مع قيماز، ونزل تحت التاج، وقبّل الأرض مراراً، فعفي عنه، وأعطي إمرية.
4 (وعظ ابن الجوزي)
) وحضر ابن الجوزي مرتين فوعظ، وأمير المؤمنين يسمع، واجتمع خلق لا يحصون. وجرت ببغداد همرجة، وقبض على صاحب الحجاب وعلى جماعة.
4 (فتوى لابن الجوزي)
قال ابن الجوزي: وجاءتني فتوى في عبد وأمة، أعتقهما مولاهما، وزوّج أحدهما بالآخر، فبقيت معه عشرين سنة، وجاءت منه بأربعة أولاد، ثم بان الآن أنها أخته لأبويه، وقد وقعا في البكاء والنحيب. فعجبت من وقوع هذا، وأعلمتهما أنه لا إثم عليهما، وبوجوب العدة، وأنه يجوز له النظر إليها نظره إلى أخته، إلا أنه يخاف على نفسه.

(40/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 18
4 (تكلم ابن الجوزي)
وفي ليلة رجب تكلمت تحت المنظرة الشريفة، والخليفة حاضر، ومن الغد حضرنا دعوة الخليفة التي يعملها كل رجب، وحضر الدولة، والعلماء، والصوفية، وختمت ختمة، وخلع على جماعة كثيرة، وانصرف من عادته الانصراف، وبات الباقون على عادتهم لسماع الأبيات، وفرق عليهم المال.
4 (بناء مسجد عظيم ببغداد)
وفيها عمل الخليفة مسجداً عظيماً ببغداد، وجعل إمامه حنبلياً، وزخرفه. وتقدم إليّ فصليت فيه التراويح. وتكلمت في رمضان في دار صاحب المخزن وازدحموا، وكان الخليفة حاضراً.
4 (هبوب الريح ببغداد)
وفي شوال هبت ريح عظيمة ببغداد، فزلزلت الدنيا بتراب عظيم، حتى خيف أن يكون القيامة.
4 (وقوع البرد)
وجاء برد ودام ساعة، ووقعت مواضع على أقوام، ومات بعضهم.
4 (اغتيال الوزير ابن رئيس الرؤساء)
وتهيّأ الوزير ابن رئيس الرؤساء للحج، فقيل إنه اشترى ستمائة جمل،

(40/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 19
منها مائة للمنقطعين، ورحل في رابع ذي القعدة، فلما وصل في الموكب إلى باب قطفتا قال رجل: يا مولانا أنا مظلوم. وتقرّب، فزجره الغلمان، فقال: دعوه. فتقدم إليه، فضربه بسكين في خاصرته، فصاح الوزير: قتلني. ووقع وانكشف رأسه، فغطى رأسه بكمه على الطريق، وضرب ذلك الباطني) بسيف. فعاد وضرب الوزير، فهبروه بالسيوف. وقيل: كانوا اثنين، وخرج منهم شاب معه سكين فقتل، ولم يعمل شيئاً، وأحرق الثلاثة. وحمل الوزير إلى داره، وجرح الحاجب. وكان الوزير قد رأى أنه معانق عثمان رضي الله عنه، وحكى عنه ابنه أنه اغتسل قبل خروجه، وقال: هذا غسل الإسلام فإني مقتول بلا شك. ثم مات بعد الظهر، ومات حاجبه بالليل. وعمل عزاء الوزير، فلم يحضره إلا عدد يسير، فتعجب من هذه الحال فإنه قد يكون عزاء تاجر أحسن من ذلك. وكان انقطاع الدولة إرضاءً لصاحب المخزن. ولما كان في اليوم الثاني لم يقعد أولاده، فلما علم السلطان بالحال أمر أرباب الدولة بالحضور فحضروا. وتكلمت على كرسي.
4 (حجابة ابن طلحة الباب)
ثم ولّي ابن طلحة حجابة الباب، وبعث صاحب المخزن بعلامة بعد ثلاث إلى الأمير تتامش فحضر، فوكل به في حجرة من داره، ونفذ إلى بيته، فأخذت الطبل والكوسات، وكل ما في الدار. واختلفت الأراجيف في دينه، وقيل إنه اتهم بالوزير، وخيف أن تكون نيته رزية للخليفة، فقيل إنه كاتب أمراء خراسان، وما صح ذلك.

(40/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 20
وناب صاحب المخزن في الوزارة.
4 (فتنة اليهود)
وجاء أهل المدائن فشكوا من يهود المدائن، فإنهم قالوا لهم: قد آذيتمونا بكثرة الأذان. فقال المؤذّن: لا نبالي تأذّيتم أو لا. فتناوشوا وجرت بينهم خصومة استظهر فيها اليهود، فجاء المسلمون مستصرخين إلى صاحب المخزن، فأمر بحبس بعضهم، ثم أطلقهم فاستغاثوا يوم الجمعة بجامع الخليفة، فخفف الخطيب. فلما فرغت الصلاة استغاثوا، فخرج إليهم الجند فضربوهم ومنعوهم، فانهزموا. فغضب العوام نصرة للإسلام، فضجوا وشتموا، وقلعوا طوأبيق الجامع، وضربوا بها الجند وبالآجر، وخرجوا فنهبوا المخلّطين، لأن أكثرهم يهود. فوقف صاحب الباب وبيده السيف مجذوباً، وحمل على الناس ثانيةً فرجموه، وانقلب البلد، ونهبوا الكنيسة، وقلعوا شبأبيكها، وقطّعوا التوراة، واختفى اليهود. فتقدّم الخليفة بإخراب كنيسة المدائن، وأن تجعل مسجداً.)
4 (خروج لصوص من الحبس)
وبعد أيام خرج لصوص من الحبس قطعوا الطريق، فصلبوا بالرحبة، وكان منهم شاب هاشمي.
4 (وقعة الرملة)
وفيها وقعة الرملة، فسار السلطان صلاح الدين من القاهرة إلى عسقلان

(40/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 21
فسبى وغنم، وسار إلى الرملة، فخرج عليه الفرنج مطلبين وعليهم البرنس أرناط صاحب الكرك، وحملوا على المسلمين، فانهزموا، وثبت السلطان وابن أخيه المظفر تقي الدين عمر، ودخل الليل، واحتوت الملاعين على أثقال المسلمين، فلم يبق لهم قدرة على ماء ولا زاد، وتعسفوا تلك الرمال راجعين إلى مصر، وتمزقوا وهلكت خيلهم. ومن خبر هذه الوقعة أن الفقيه عيسى أسر، فافتداه السلطان بستين ألف دينار، وكان موصوفاً بالشجاعة والفضيلة، أسر هو وأخوه ظهير الدين، وكانا قد ضلاّ عن الطريق بعد الوقعة. ووصل صلاح الدين إلى القاهرة في نصف جمادى الآخرة. قال ابن الأثير: رأيت كتاباً بخط يده كتبه إلى شمس الدولة تورانشاه، وهو بدمشق، يذكر الوقعة، وفي أوله:
(فذكرتك والخطيّ يخطر بيننا .......... وقد نهلت منا المثقّفة السمر)
ويقول فيه: لقد أشرفنا على الهلاك غير مرة، وما نجانا الله إلا لأمر يريده. وما ثبتت إلا وفي نفسها أمر وقال غيره: انهزم السلطان، والناس لم يكن لهم بلد يلجأون إليه إلا مصر، فسلكوا البرية، ولقوا مشاقاً، وقل عليهم القوت والماء، وهلكت خيلهم، وفقد منهم خلق. ودخل السلطان القاهرة بعد ثلاثة عشر يوماً، وتواصل العسكر، وأسر الفرنج فيهم. واستشهد جماعة منهم: أحمد ولد تقي الدين عمر المذكور، وكان شاباً حسناً له عشرون سنة.

(40/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 22
وكان أشد الناس قتالاً يومئذ الفقيه عيسى الهكّاري. وحملت الفرنج على صلاح الدين، وتكاثروا عليه، فانهزم يسيراً قليلاً قليلاً. وكانت نوبةً صعبة.
4 (نزول الفرنج على حماه)
وفيها نزلت الفرنج على حماه، وهي لشهاب الدين محمود بن تكش خال السلطان، وكان) مريضا، وكان الأمير سيف الدين المشطوب قريبا من حماه، فدخلها وجمع الرجال، فزحفت الفرنج على البلد، وقاتلهم المسلمون قتالا شديدا مدة أربعة أشهر، ثم ترحلوا عنها. وأما السلطان فإنه أقام أياما بمن سلم معه، ثم خرج من مصر، وعيّد بالبركة، ثم كمل عدة جيشه، فبلغه أمر حماه، فأسرع إليها، فلما دخل دمشق تحقق رحيل الفرنج عن حماه.
4 (عصيان ابن المقدم ببعلبك)
وعصى الأمير شمس الدين محمد بن المقدم ببعلبك، فكاتبه السلطان وترفق به، فلم يجب، ودام إلى سنة أربع.

(40/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 23
4 (كتاب ابن المشطوب بقتلى الفرنج)
وجاء كتاب ابن المشطوب أن الذي قتل من الفرنج على حماه أكثر من ألف نفس.
4 (مطالعة القاضي الفاضل بقتل الوزير)
ووردت مطالعة القاضي الفاضل إلى صلاح الدين تتضمن التوقيع لقتل الوزير عضد الدين ابن رئيس الرؤساء، وفيها: وما ربّك بظلاّم للعبيد فقد كان عفا الله عنه قتل ولدي الوزير ابن هبيرة، وأزهق أنفسهما وجماعة لا تحصى، وهذا البيت، بيت ابن المسلمة، عريق في القتل، وجدّه هو المقتول بيد البساسيري. ثم قال: وقد ختمت له السعادة بما حتمت به له الشهادة، لاسيما وهو خارج من بيته إلى بيت الله، ووقع أجره على الله.
(إنّ المساءة قد تسرّ وربما .......... كان السرور بما كرهت جديرا)

(إن الوزير وزير آل محمد .......... أودى فمن يشناك كان وزيرا.)
وهما في أبي سلمة الخلاّل وزير بني العباس قبل أن يستخلفوا.

(40/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 24
4 (سنة أربع وسبعين وخمسمائة)

4 (جلوس ابن الجوزي في عاشوراء)
قال ابن الجوزي: تكلمت في أول السنة وفي عاشوراء تحت المنظرة، وحضر الخليفة، وقلت: لو أني مثلت بين يدي السدة الشريفة لقلت: يا أمير المؤمنين، كن لله سبحانه مع حاجتك إليه، كان لك مع غناه عنك. إنه لم يجعل أحدا فوقك، فلا ترض أن يكون أحد أشكر له منك. فتصدّق أمير المؤمنين يومئذ بصدقات، وأطلق محبوسين.)
4 (كسوف القمر و الشمس)
وانكسف القمر في ربيع الأول، وكسفت الشمس في التاسع و العشرين منه أيضا.
4 (ولادة ثلاثة توائم)
وولدت امرأة من جيراننا ابنا وبنتين في بطن، فعاشوا بضع يوم.
4 (تجديد قبر أحمد بن حنبل)
وفيها جدّد المستضيء قبر أحمد بن حنبل رحمه الله، وعمل له لوح فيه: هذا ما أمر بعمله سيّدنا ومولانا الإمام المستضيء بأمر الله أمير المؤمنين. هذا في رأس اللوح. وفي وسطه: هذا قبر تاج السنّة، ووحيد الأمة، العالي الهمة، العالم، العابد، الفقيه، الزاهد، الإمام أبي عبد الله

(40/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 25
أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانيّ رحمه الله، توفّي في تاريخ كذا. وكتب حول ذلك آية الكرسي.
4 (تكلم ابن الجوزي في جامع المنصور)
وتكلمت في جامع المنصور، فاجتمع خلائق، وحزر الجمع بمائة ألف وتاب خلق، وقطعت شعورهم ثم نزلت فمضيت إلى قبر أحمد، فتبعني من حزر بخمسة آلاف
4 (إطلاق تتامش)

4 (وفيه أطلق الأمير تتامش إلى داره.)

4 (عمل الدكّة بجامع القصر)
وتقدم المستضيء بعمل دكة بجامع القصر للشيخ أبي الفتح بن المنى الحنبليّ، وجلس فيها، فتأثر أهل المذاهب من عمل مواضع للحنابلة.
4 (حديث ابن الجوزي عن نفسه)
وكان الوزير عضد الدين ابن رئيس الرؤساء يقول: ما دخلت قط على الخليفة إلا جرى ذكر فلان، يعنيني، وصار لي اليوم خمس مدارس، ومائة وخمسون مصنّفا في كل فن. وتاب على يدي أكثر من مائة ألف، وقطعت أكثر من عشرة آلاف طايلة، ولم ير واعظ مثل جمعي، فقد حضر مجلسي الخليفة، والوزير، وصاحب المخزن، وكبار العلماء، والحمد لله.

(40/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 26
4 (حكاية ابن الجوزي عن الرشيد)
) وفي رجب عمل المستضيء الدعوة، ووعظت وبالغت في وعظ أمير المؤمنين، فمما حكيت له أن الرشيد قال لشيبان: عظني. قال: لأن تصحب من يخوّفك حتى يدركك الأمن خير لك من أن تصحب من يؤمّنك حتى يدركك الخوف. قال: فسّر لي هذا. قال: من يقول لك أنت مسؤول عن الرعيّة فاتق الله، أنصح لك ممّن يقول: أنتم أهل بيت مغفور لكم، وأنتم قرابة نبيّكم. فبكى الرشيد حتى رحمه من حوله. وقال له في كلامه: يا أمير المؤمنين إن تكلمت خفت منك، وإن سكتّ خفت عليك، وأنا أقدّم خوفي عليك على خوفي منك.
4 (ظهور مشعبذ)
وفي رمضان جاء مشعبذ فذكر أنه يضرب بالسّيف والسّكين فلا تعمل فيه، لكن بسيفه وسكّينه خاصة.
4 (قتل ابن قرايا الرافضيّ)
وفيه أخذ ابن قرايا الذي ينشد على الدكاكين من شعر الرافضة، فوجدوا في بيته كتبا في سبّ الصحابة، فقطع لسانه ويده، وذهب به إلى المارستان، فرجمته العوام بالآجرّ، فهرب وسبح وهم يضربونه حتى مات. ثم أخرجوه وأحرقوه، وعملت فيه العامة كان وكان، ثم تتبّع جماعة من الروافض، وأحرقت كتب عندهم، وقد خمدت جمرتهم بمرّة، وصاروا أذلّ من اليهود.

(40/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 27
4 (امتناع الركب العراقيّ)
ولم يخرج الركب العراقي لعدم الماء والعشب، وكانت سنة مقحطة. وحجّ من حجّ على خطر. ورجع طائفة فنزلت عليهم عرب، فأخذوا أكثر الأموال، وقتل جماعة.
4 (هبوب ريح وظهور نار ببغداد)
وفي ذي القعدة هبّت ببغداد ريح شديدة نصف الليل، وظهرت أعمدة مثل النار في أطراف السماء كأنها تتصاعد من الأرض، واستغاث الناس استغاثة شديدة. وبقي الأمر على ذلك إلى السّحر.
4 (جلوس ابن الجوزي يوم عرفة)
) وجلست يوم عرفة بباب بدر، وأمير المؤمنين يسمع.
4 (اجتماع الفرنج عند حصن الأكراد)
وفيها اجتمعت الفرنج عند حصن الأكراد، وسار السلطان الملك الناصر صلاح الدين فنزل على حمص في مقابلة العدوّ.
4 (تسلّم صلاح الدين بعلبك)
فلما أمن من غاراتهم سار إلى بعلبكّ، فنزل على رأس العين، وأقام هناك أشهراً يراود شمس الدين ابن المقدّم على طاعته، وهو يأبى. ولم يزل الأمر كذلك إلى أن دخل رمضان، فأجاب شمس الدين إلى تسليم بعلبكّ على عوض طلبه. فتسلّمها السلطان، وأنعم بها على أخيه المعظّم شمس الدولة

(40/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 28
تورانشاه بن أيوب. وسار إلى دمشق في شوّال. ثم أقطع أخاه شمس الدولة تورانشاه بمصر، و استردّ منه بعلبكّ.
4 (قتل هنفري الفرنجي)
قال ابن الأثير: في ذي القعدة أغارت الفرنج على بلاد الإسلام وعلى أعمال دمشق، فسار لحربهم فرّخشاه ابن أخي السلطان في ألف فارس، فالتقاهم وألقى نفسه عليهم، وقتل من مقدميهم جماعةً، منهم هنفري، وما أدراك ما هنفري، كان يضرب المثل في الشجاعة.
4 (غارة البرنس على شيزر)
وفيها أغار البرنس صاحب أنطاكية على شيزر.
4 (غارة صاحب طرابلس)
وأغار صاحب طرابلس على التركمان.

(40/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 29
4 (إنعام السلطان على الملك المظفر)
وفيها أنعم السلطان على ابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب بحماه، والمعرة، وفامية، ومنبج، وقلعة نجم، فتسلمها وبعث نوابه إليها، وذلك عند وفاة صاحب حماه شهاب الدين محمود خال السلطان. ثم توجه إليها الملك المظفر تقي الدين، ورتب في خدمته أميران كبيران: شمس الدين بن المقدم، وسيف الدين علي بن المشطوب، فكانوا في مقابلة صاحب أنطاكية. ورتب بحمص ابن شيركوه في مقابلة القومص.)
4 (إنشاء سور القاهرة)
وجاء من إنشاء الفاضل: وأما ما أمر به المولى من إنشاء سور القاهرة، فقد ظهر العمل، وطلع البناء، وسلكت به الطريق المؤدية إلى الساحل بالمقسم. والله يعمر المولى إلى أن يراه نطاقاً على البلدين، وسواراً أو سوراً يكون الإسلام به محلى اليدين، والأمير بهاء الدين قراقوش ملازم للاستحثاث بنفسه ورجاله.

(40/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 30
4 (ختام كتاب المنتظم)
قلت: وهذه السنة هي آخر المنتظم.

(40/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 31
4 (سنة خمس وسبعين وخمسمائة)

4 (الظفر بذيل كتاب المنتظم)
أجاز لنا شيخنا أبو بكر محفوظ بن معتوق بن أبي بكر بن عمر البغدادي أن البذوري التاجر قد ذيّل المنتظم في عدة مجلدات ذهبت في أيام التتار الغازانية سنة تسع وتسعين وستمائة من خزانة كتبه الموقوفة بتربته بسفح قاسيون، ثم ظفرنا ببعضها. فذكر في حوادث هذه السنة، سنة، أن أبا الحسن علي بن حمزة بن طلحة حاجب باب النوبي عزل بعميد الدين أبي طالب يحيى بن زيادة.
4 (وصول البشارة إلى بغداد بكسر الفرنج)
وفي صفر وصل إلى بغداد ثلاثة عشر نجاباً، نفذهم صلاح الدين يبشرون بكسرة الفرنج، فضربت الطبول على باب النوبي، وخلع عليهم، وأخبر وأن صلاح الدين حارب الفرنج ونصر عليهم وأسر أعيانهم، وأسر صاحب الرملة، وصاحب طبرية.
4 (وقعة مرج العيون)
قلت: وهي وقعة مرج العيون. ومن حديثها أن صلاح الدين كان نازلاً بتل بانياس، بين سراياه، فلما استهل المحرم ركب فرأى راعياً، فسأله عن الفرنج، فأخبر بقربهم، فعاد إلى مخيمه، وأمر الجيش بالركوب، فركبوا، وسار بهم حتى أشرف على الفرنج

(40/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 32
وهم في ألف قنطارية، وعشرة آلاف مقاتل من فارس وراجل، فحملوا على المسلمين، فثبتوا لهم، وحمل المسلمون عليهم فولوا الأدبار، فقتل أكثرهم، وأسر منهم مائتان وسبعون أسيراً، منهم: بادين مقدم الداوية، وأوذ بن القومصة،) وأخو صاحب جبيل، وابن صاحب مرقية، وصاحب طبرية. فأما بادين بن بارزان فاستفك نفسه بمبلغ وبألف أسير من المسلمين. واستفك الآخر نفسه بجملة. ومات أوذ في حبس قلعة دمشق. وانهزم من الوقعة ملكهم مجروحاً. وأبلى في هذه الوقعة عز الدين فرخشاه بلاءً حسناً.
4 (الظفر ببطستين للفرنج)
واتفق أن في يوم الوقعة ظفر أسطول مصر ببطستين، وأسروا ألف نفس، فالله الحمد على نصره.
4 (انهزام سلطان الروم أمام المظفر تقي الدين)
وكان قليج أرسلان سلطان الروم طلب رعبان، وزعم انه من

(40/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 33
بلادهم، وإنما أخذه منه نور الدين على خلاف مراده، وان ولده الصالح إسماعيل قد انعم به عليه. فلم يفعل السلطان، فأرسل قليج عشرين ألفاً لحصار الحصن، فالتقاهم تقي الدين عمر صاحب حماه ومعه سيف الدين علي المشطوب في ألف فارس، فهزمهم لأنه حمل عليهم بغتةً وهم على غير تعبئة، وضربت كوساته، وعمل عسكره كراديس. فلما سمعت الروم الضجة ظنوا أنهم قد دهمه جيش عظيم، فركبوا خيولهم عرياً، وطلبوا النجاة وتركوا الخيام بما فيها، فأسر منهم عدداً، ثم منّ عليهم بأموالهم وسرّحهم. ولم يزل تقي الدين يدل بهذه النصرة، ولا ريب أنها عظيمة.
4 (وصول بعض أسرى الروم والغنائم إلى بغداد)
وورد بغداد رسول صلاح الدين، وهو مبارز الدين كشطغاي، وجلس له ظهير الدين أبو بكر بن العطار، وبين يديه أرباب الدولة، فجاءوا بين يديه اثنا عشر أسيراً عليهم الخوذ والزرديات، ومع كل واحد قنطارية، وعلى كتفه طارقة منها طارقة ملك الفرنج، وعلى القنطاريات سعف الفرنج. وبين يديه أيضاً من التحف والنفائس، من ذلك صنم طوله ذراعين حجر، فيه صناعة عجيبة، قد جعل سبابته على شفته كالمتبسم عجباً. ومن ذلك صينية ملأى جواهر، وضلع آدمي نحو سبعة أشبار، في عرض أربع أصابع، وضلع سمكة، طوله عشرة أذرع، في عرض ذراعين.

(40/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 34
4 (حجوبية ابن الدارع)
وفيها رتب حاجب الحجاب أبو الفتح محمد بن الدارع، وكان من حجاب المناطق.)
4 (وصول ابن الشهرزوري رسولاً إلى بغداد)
وفيها قدم رسول صلاح الدين، وهو القاضي أبو الفضائل بن الشهرزوري، وبين يديه عشرة من أسرى الفرنج، وقدم جواهر مثمنة.
4 (عزل ابن الزوّال عن النقابة بالزينبي)
وفيها عزل عن نقابة النقباء أبو العباس أحمد بن الزوال بأبي الهيجا نصر بن عداد الزينبي.
4 (الإرجاف بموت الخليفة)
وفي شوال مرض الخليفة وأرجف بموته، وهاش الغوغاء ببغداد، ووقع نهب، وركب العسكر لتسكيتهم، فتفاقم الضرّ، واتسع الخرق، وركبت الأمراء بالسلاح، وصلب جماعة من المؤذنين على الدكاكين. وكانت العامة قد تسوّروا على دار الخلافة، ورموا بالنشّاب فوقعت نشّابة في فرس النائب ومعه جماعة، فتأخروا من مكانهم.
4 (التوقيع بولاية العهد)
وفيه وقّع للأمير أبي العباس أحمد بولاية العهد. وقال الوزير لمن حضر من الدولة: اليوم الجمعة، ولا بدّ من إقامة الدعوة و الجهة بنقشا، يعني امرأة الخليفة قد بالغت في كتم مرض أمير المؤمنين، ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بتيقّن الأمر، فإن كان حيّا جرت الخطبة على العادة، وإن كان قد توفّي خطبنا لولده حيث وقّع له بولاية العهد.

(40/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 35
ثم عيّن الشيخ أبو الفضل مسعود بن النادر ليحضر بين يدي الخليفة، فدخل صحبة سعد الشيرازي، فقال المملوك: الوكيل، يشير بقوله إلى ظهير الدين بن العطار، ينهي أنه وقّع بالخطبة للأمير أحمد بولاية العهد، وما وسع المملوك إمضاء ذلك بدون مشافهة. فقال المستضيء: يمضي ما كنّا وقّعنا به. فقبّل الأرض، وعاد فأخبر الوزير ظهير الدين، فسجدوا شكرا لله تعالى على عافيته، وخطب لولاية العهد لأبي العباس، ونثرت الدنانير في الجوامع عند ذكره.
4 (امتلاك الكردي قلعة الماهكي)
و في شوّال ملك عبد الوهاب بن أحمد الكردي قلعة الماهكي، وعمل سلاليم موصولة، ونصبها عليها في ليلة ذات مطر ورعود، فشعر الحارس، فذهب وعرّف المقدّم كمشتكين، فقام بيده) طبر، وبين يديه المشعل، فوثبوا عليه فقتلوه، وقتلوا الحارس، ونادوا بشعار عبد الوهّاب.
4 (وفاة الخليفة المستضيء)
وفي سلخ شوّال مات الخليفة.

(40/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 36
4 (خلافة الناصر لدين الله)
وبويع ابنه أحمد، ولقّبوه الناصر لدين الله، فجلس للمبايعة في القبّة، فبدأ أخوه وبنو عمّه وأقاربه، ثم دخل الأعيان، فبايعه الأستاذ دار مجد الدين هبة الله ابن الصاحب، ثم شيخ الشيوخ، ثم فخر الدولة أبو المظفّر بن المطلب، ثم قاضي القضاة عليّ ابن الدامغانيّ، وصاحب ديوان الإنشاء أبو الفرج محمد ابن الأنباريّ، والحاجب أبو طالب يحيى ين زيادة. ثم طلب الوزير ظهير الدين بن العطار، وكان مريضا، فأركب على فرس، ثم تعضّده جماعة، وأدخل فصعد وبايع، ووقف عن يمين الشبّاك الذي فيه الخليفة، فعجز عن القيام، فأدخل إلى التاج، ثم راح إلى داره. وبايع من الغد من بقي من العلماء والأكابر. وقدّم بعزل النقيب أبي الهيجا، وبإعادة ابن الزّوال وتوجّهت الرسل إلى النواحي بإقامة الدعوة الناصريّة.
4 (القبض على ابن العطار)
وفي اليوم الخامس من البيعة تقدم إلى عماد الدين صندل المقتفوي، و سعد الدولة نظر المستنجديّ الحبشيّ بالمضيّ إلى دار ابن العطار في عدّة من المماليك للقبض عليه، فجاءوا ودخلوا عليه من غير إذن، وقبضوا عليه بين الحريم، وترسّم بداره أستاذ دار، فنهبت العامّة فيها، وعجز الأستاذ دار.

(40/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 37
4 (الخلعة بإمرة الحاجّ)
وفي سادس ذي القعدة خلع على طاشكتين خلعة إمرة الحاج، وتوجّه إلى الحج وتقدّمه خروج الرّكب.
4 (هتك ابن العطار بعد وفاته)
وقيّد ابن العطار، وسحب وسجن في مطبّق، فهلك بعد ثلاث، و حمل إلى دار أخته، فغسّل وكفّن، وأخرج بسحر في تابوت، ومعه عدّة يحفظونه، فعرفت العامّة به عند سوق الثلاثاء، فسبّوه وهمّوا برجمه، فدافعهم الأعوان، فكثرت الغوغاء، وأجمعوا على رجمه، وشرعوا،) فخاف الحمّالون من الرجم، فوضعوه عن رؤوسهم وهربوا، فأخرج من التابوت وسحب، فتعرّى من أكفانه، وبدت عورته، وجعلوا يصيحون بين يديه: بسم الله، كما يفعل الحجّاب، وطافوا به المحالّ والأسواق مسلوبا مهتوكا، نسأل الله السّتر والعافية. قال ابن البزوريّ: وحكى التميميّ قال: كنت بحضرته وقد ورد عليه شيخ يلوح عليه الخير، فجعل يعظه بكلام لطيف، ونهاه عن محرّمات، فقال: أخرجوه الكلب سحبا. وكرّر القول مراراً. وقال الموفّق عبد اللطيف: صحّ عندي بعد سنين كثيرة أنّ ابن العطّار هو الذي دسّ الحشيشية على الوزير عضد الدين حتى قتلوه. ولّي المخزن وسكن في دار قطب الدين تيمار الذي هلك بنواحي الرحبة، وأخذ يبكّت على الوزير، وانتصب لعداوته.

(40/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 38
قال ابن البزوريّ: ثم في آخر النهار خلّص مماليك الحاجب ابن العطار من باب الأزج بعد تغيّر حاله وتجرّد لحمه عن عظمه، فحمل على نعش مكشوف، فوارته امرأة بإزار خليع. ثم دفن.
4 (الوباء والغلاء ببغداد)
وكان الوباء والغلاء والمرض شديدا ببغداد، وكرّ القمح بمائة وعشرين ديناراً.
4 (إرسال الخلع إلى ملوك الأطراف)
وفي سلخ الشهر خلع على جميع الدولة، وأرسلت الخلع إلى ملوك الأطراف، وركبوا بالخلع في مستهل ذي الحجّة، وجلس الناصر لدين الله للهنا، فدخل إلى بين يدي سدّته أستاذ الدار مجد الدين ابن الصاحب، وتلاه نائب الوزارة شرف الدين سليمان شادوست، فقبّلا الأرض. ثم خرج نائب الوزارة فركب، وخلع على ابن الصاحب قميص أطلس أسود، وفرجيّة نسيج، وعمامة كحلية بعراقيّ، وقلّد سيفا محلّى بالذهب، وركب فرسا بمركب ذهب، وكنبوش إبريسم، وسيف ركاب، وضربت الطبول على بابه.
4 (الزلزلة ببلاد الجبل)
وجابت ببلاد الجبل زلزلة عظيمة سقطت قلاع كثيرة، وهلك خلق.

(40/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 39
4 (سنة ست وسبعين وخمسمائة)
)
4 (عزل وتولية في نيابة الوزارة)
في أوّلها عزل شرف الدين بن شادوش عن نيابة الوزارة لأجل علوّ سنّه وثقل سمعه، ووليها جلال الدين هبة الله بن عليّ بن البخاريّ.
4 (صلاة الناصر بجامع الرصافة)
وفي المحرّم ركب الناصر لدين الله إلى الكشك، وصلّى الجمعة بجامع الرصافة.
4 (قدوم رسول الملك طغرل)
وفيه قدم رسول الملك طغرل السلجوقيّ.
4 (القبض على ابن الوزير)
وفيه تقدّم إلى أستاذ الدار بالقبض على كمال الدين عبيد الله ابن الوزير عضد الدين محمد ابن رئيس الرؤساء، فنفّذ للقبض عليه عزّ الدولة مسعود الشرأبي في جماعة من المماليك، فحمل مسحوباً إلى بين يديه، فأمرهم أن يرفقوا به، وقيّد وسجن.
4 (وصول أمير الحاج)
وفي صفر وصل أمير الحاج وفي صحبته صاحب المدينة عز الدين أبو سالم القاسم بن مهنّى للمبايعة.
4 (خروج صلاح الدين لمحاربة الأرمن)
وفيها توجّه السلطان صلاح الدين قاصداً بلاد الأرمن وبلاد الروم

(40/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 40
ليحارب قليج رسلان بن مسعود بن قليج رسلان. والموجب لذلك أن قليج زوّج بنته لمحمد بن قرا رسلان بن داود صاحب حصن كيفا، و مكثت عنده حيناً، وأنه أحب مغنية وشغف بها، فنزوجها، وصارت تحكم في بلاده، فلما سمع بذلك حموه قصد بلاده عازماً على أخذ ابنته منه، فأرسل محمد إلى صلاح الدين يستنجد به، وكرر إليه الرسل. ثم استقر الحال على أن يصبروا عليه سنة، ويفارق المغنية. ونزل صلاح الدين على حصن من بلاد الأرمن فأخذه وهدمه.
4 (وصول الخلع إلى صلاح الدين)
ثم رجع إلى حمص فوصله التقليد والخلع من الخليفة الناصر، فركب بها بحمص، وكان يوماً مشهوداً.)
4 (من كتاب صلاح الدين إلى الخليفة الناصر)
ومن كتاب السلطان صلاح الدين إلى الخليفة: والخادم ولله الحمد جدد سوابق في الإسلام والدولة العباسية لا تعدها أوليّة أبي مسلم، لأنه والى ثم دارى، ولا آخرية طغرلبك لأنه نصر ثم حجر. والخادم من كان ينازع الخلافة رواءها، وأساغ الغصة التي أذخر الله للإساغة في سيفه

(40/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 41
ماءها، فرجل الأسماء الكاذبة الراكبة على المنابر، وأعز بتأييد إبراهيمي، فكسر الأصنام الباطنية بسيفه الطاهر.
4 (سماع صلاح الدين الموطأ في الإسكندرية)
وقال العماد الكاتب: توجه السلطان إلى الإسكندرية، وشاهد الأسوار التي جددها، وقال: نغتنم حياة الإمام أبي طاهر بن عون. فحضرنا عنده وسمعنا عليه الموطأ. وكتب إليه القاضي الفاضل يهنيه وبقول: أدام الله دولة الملك الناصر سلطان الإسلام والمسلمين، محيي دولة أمير المؤمنين، وسعده برحلته للعلم، والإثابة عليها. وفي الله رحلته، وفي سبيل الله يوماه: يوم سفك دم المحابر تحت قلمه، ويوم سفك دم كافر تحت علمه. ففي الأول يطلب حديث المصطفى، فيجعل أثره عيناً لا تستر، وفي الثاني يحفل لنصرة شريعة هداه على الضلال فيجعل عينه أثراً لا يظهر. إلى أن قال: وما يحسب المملوك أن كاتب اليمين كتب لملك رحلةً قط في طلب العلم إلا للرشيد، فرحل بولديه الأمين والمأمون لسماع هذا الموطأ الذي اتفقت الهمتان الرشيدية والناصرية على الرغبة في سماعه، والرحلة لانتجاعه. وكان أصل الموطأ بسماع الرشيد على مالك في خزانة المصريين، فإن كان قد حصل، وإلا فليلتمس.
4 (تقليد الخليفة البلاد لصلاح الدين)
وفيها أرسل شيخ الشيوخ صدر الدين عبد الرحيم، وبشير المستنجدي الخادم إلى السلطان صلاح الدين بتقليد ما بيده من البلاد، وهو من إنشاء قوام

(40/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 42
الدين بن زبال، فمنه: ما كان يملك الأجل السيد صلاح الدين، ناصر الإسلام، عماد الدولة، جمال الملة، فخر الملة، صفي الخلافة، تابع الملوك والسلاطين، قامع الكفرة والمتمردين، قاهر الخوارج والمشركين، فخر المجاهدين، ألب غازي بك أبو يعقوب يوسف بن أيوب، أدام الله علوه على هذه السجايا مقبلاً.) وذكر التقليد، وفيه: آمره بتقوى الله، وآمره باتخاذ القرآن دليلاً، وآمره بمحافظة الصلاة، وحضور الجماعة وبلزوم نزاهة الحرمات، وآمره بالإحسان بإظهار العدل، وأن يأمر بالمعروف، وأن يحتاط في الثغور، وأن يجنب إلى الأمان. وآمره بكذا. وكتب في صفر سنة ست وسبعين.
4 (وصول رسول ابن عباد)
وفيها وصل الفقيه هبة الله بن عبد الله بن عباد صاحب جزيرة قيس رسولاً. وقدم..
4 (ركوب الخليفة الدست)
وفي جمادى الأولى يوم الجمعة ركب الخليفة في الدست بظلة الشمسية..، وعلى رأسه الطرحة، والكل مشاة، وخرج إلى ظاهر السور، ثم رد إلى جامع المنصور وصلى، وأقام بكشك الملكية أسبوعاً. وركب الجمعة الأخرى في موكبه، وصلى بجامع الرصافة، وركب في الشبارة الطويلة، تظله القبة السوداء، وأرباب الدولة قيام في السفن والخلق يدعون له.

(40/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 43
4 (إقطاع طغرل البصرة)
وفيها أقطع طغرل الناصري الخاص البصرة بعد موت متوليها قسيم الدولة بها.
4 (خروج الخليفة للصيد)
وفي جمادى الآخرة ركب الناصر لدين الله في موكبه، وخرج إلى الصيد، وطاف البلاد والأعمال، وغاب أسبوعاً.
4 (نيابة فرخشاه دمشق)
وفيها ولي نيابة دمشق عز الدين فرخشاه ابن أخي السلطان، وكان حازماً، عاقلاً، شجاعاً، مقداماً، كثير الحرمة.

(40/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 44
4 (سنة سبع وسبعين وخمسمائة)

4 (تخريب بلاد الكرك)
فيها قصد عز الدين فرخشاه بن شاهنشاه بلاد الكرك بالعساكر وخربها، وعاد. وكان ملك الفرنج برنس لعنه الله قد سولت له نفسه قصد المدينة النبوية ليتملكها، فسار فروخشاه إلى بلد المذكور ونهبه، فآل البرنس بالخيبة.
4 (ركوب الخليفة في موكب)
) وفي رجب ركب الخليفة في موكبه إلى الكشك، فنزل به، وقدم إلى بغداد بزرافة من صاحب جزيرة قيس.
4 (معاتبة صلاح الدين على تسمّيه بالناصر)
وفيها أرسل من الديوان إلى السلطان صلاح الدين يأخذ عليه في أشياء منها تسمّيه بالملك الناصر، مع علمه أن الإمام اختار هذه السمة لنفسه.

(40/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 45
4 (أخذ عز الدين حلب)
وفي شعبان ساق عز الدين مسعود وأخذ حلب، وكان الصالح إسماعيل بن نور الدين قد أوصى له بها.
4 (مقايضة سنجار بحلب)
وفي شوال تزوج بأم الصالح، ثم قايض أخاه عماد الدين بسنجار، وقدم عماد الدين فتسلم حلب.

(40/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 46
4 (سنة ثمان وسبعين وخمسمائة)

4 (رخاء الأسعار بالعراق)
فيها تراخت الأسعار بالعراق.
4 (الوثوب على صاحب قلعة الماهكي)
وفيها وثب على عبد الوهاب الكردي صاحب قلعة الماهكي ابن عمه جوبان، فأخرجه مهنا، ونادى بشعار الدولة العباسية، فأرسلت إليه الخلعة والتقليد بولايتها.
4 (الكتابة إلى صلاح الدين بالرحيل عن الموصل)
وفيها وصل قاضي الموصل ووزيرها ابن الشهرزوري إلى الديوان العزيز يطلب أن يتقدم إلى السلطان صلاح الدين بالارتحال عن الموصل، فإنه نزل محاصراً، ذاكراً أن الخليفة أقطعه إياها، فأجيب سؤاله، وكتب إلى السلطان بالارتحال عنها. وسار إليه في الرحلية شيخ الشيوخ صدر الدين عبد الرحيم.
4 (فتح بلد كبير بالروم)
وفيها افتتح ملك الروم قليج رسلان بن مسعود بلداً كبيراً بالروم كان للنصارى، وكتب إلى الديوان بالبشارة.)

(40/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 47
4 (فتح حرّان وسروج وسنجار وغيرها)
وافتتح فيها صلاح الدين حران، وسروج، وسنجار، ونصيبين، والرقة، والبيرة، ونازل الموصل وحاصرها، فبهره ما رأى من حصانتها، فرحل عنها، وقصده شاه أرمن بعساكر جمّة، واجتمع في ماردين بصاحبها، وفتح آمد.
4 (ملك صلاح الدين حلب)
ثم رجع إلى حلب فملكها، وعوّض صاحبها سنجار.
4 (الخلعة بشرف الفتوة)
وفيها تفتّى الناصر لدين الله إلى الشيخ عبد الجبار، ولقب بشرف الفتوة عبد الجبار، وخلع عليه. وكان النقيب لهم أبو المكارم أحمد بن محمد بن داذي النيلي. وفتّى الناصر لدين الله في ذلك الوقت ولد رفيقه علي بن عبد الجبار، وخلع عليه وعلى النقيب. وكان عبد الجبار هذا في بدء أمره شجاعاً مشهوراً، تهابه الفتيان، وتخافه الرجال، ثم ترك ذلك ولزم العبادة، وبنى لنفسه موضعاً، فأمر الخليفة بإحضاره حين تضوّع عبير أخباره، وتفتّى إليه، وجعل المعوّل في شرعها عليه.

(40/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 48
4 (الخروج الأخير لصلاح الدين من مصر)
وفيها خرج صلاح الدين من مصر غازياً، وما تهيأ له العود إليها، وقد عاش بعد ذلك اثنتي عشر سنة.
4 (دخول سيف الإسلام اليمن)
وفيها بعث صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طغتكين على مملكة اليمن، وإخراج نوّاب أخيه تورانشاه منها فدخل إليها، وقبض على متولّى زبيد حطان بن منقذ الكناني. فيقال إنه قتله سراً وأخذ منه أموالاً لا تحصى. وهرب منه عز الدين عثمان بن الزنجيلي. وتمكن سيف الإسلام من اليمن.
4 (وفاة فروخشاه)
وفيها مات عز الدين فروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب، فبعث عمه على نيابة دمشق شمس الدين محمد بن المقدّم.

(40/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 49
4 (سنة تسع وسبعين وخمسمائة)
)
4 (قدوم رسول ملك مازندران إلى الخليفة)
في المحرم قدم رسول ملك مازندران، فتلقي وأكرم، ولم يكن لمرسله عادة بمراسلة الديوان، بل الله هداه من غيّ هواه، وقدمه هدية.
4 (قتل مستفت سب الشافعي)
وفيها جاء رجل إلى النظامية يستفتي، فأفتي بخلاف غرضه، فسب الشافعي، فقام إليه فقيهان، لكمه أحدهما، وضربه الآخر بنعله، فمات ليومه، فحبس الفقيهان أياماً، وأطلقا عملاً بمذهب أبي حنيفة.
4 (القبض على مجاهد الدين قايماز وإعادته)
وفي جمادى الأولى قبض عز الدين مسعود صاحب الموصل على نائبه وأتابكه مجاهد الدين قايماز، وكان هو سلطان تلك البلاد في المعنى، وعز الدين معه صورة. ولكن تخرّم عليه بإمساكه.. ثم إنه أخرجه وأعاده إلى رتبته.
4 (مجيء الرسلية إلى صلاح الدين)
وفي رمضان جاء إلى صلاح الدين بالرسلية شيخ الشيوخ، وبشير الخادم.

(40/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 50
4 (الفراغ من رباط المأمونية)
وفي شوال فرغ من رباط المأمونية وفتح إنشاءآته والدة الناصر لدين الله، ومد به سماط، وحضره أرباب الدولة، والقضاة، والأئمة، والأعيان، ورتب شهاب الدين الشهروردي شيخاً به، ووقفت عليه الوقوف النفيسة.
4 (قدوم الخجندي للحج)
وقدم رئيس إصبهان صدر الدين عبد اللطيف الخجندي للحج، فتلقّى موكب الديوان، وأقيمت له الإقامات. وزعيم الحاج في هذه السنين مجير الدين طاشتكين.
4 (كتاب فاضلي إلى الديوان بتشتيت الفرنج)
ومن كتاب فاضلي إلى الديوان: كان الفرنج قد ركبوا من الأمر نكرا، وافتضوا من البحر بكرا، وعمروا مراكب حربية شحنوها بالمقاتلة والأسلحة والأزواد، وضربوا بها سواحل اليمن والحجاز، وأثخنوا وأوغلوا في البلاد، واشتدت مخافة أهل تلك الجوانب، بل أهل القبلة، لما أرمض إليهم من خلل الطواف، وما ظن المسلمون إلا أنها الساعة، وقد نشر مطوي أشراطها،) وطوي منشور بساطها. فثار. غضب الله لفناء بيته المحرم، ومقام خليله الأكرم، وضريح نبيّه الأعظم صلّى الله عليه وسلّم، ورجوا أن يشحذ

(40/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 51
البصائر بنكاية هذا البيت، إذ قصده أصحاب الفيل، ووكلوا إلى الله الأمر، فكان حسبهم ونعم الوكيل. وكان للفرنج مقصدان: أحدهما قلعة أيلة، والآخر الخوض في هذا البحر الذي تجاوره بلادهم من ساحله، وانقسموا فريقين. أما الذين قصدوا أيلة، فإنهم قدروا آن يمنعوا أهلها من مورد الماء، وأما الفريق القاصد سواحل الحجاز واليمن، فقدروا أن يمنعوا طريق الحاج عن حجه، ويحول بينه وبين فجّه، ويأخذ تجار اليمن، وكارم، وعدن، ويلم بسواحل الحجاز فيستبيح، والعياذ بالله، المحارم. وكان الأخ سيف الدين بمصر قد عمر مراكب، وفرقها على الفريقين، وأمرهم بأن تطوى وراءهم الشقتين، فأما السائرة إلى قلعة أيلة، فإنها انقضت على مرابطي الماء انقضاض الجوارح على بنات الماء، وقذفتها قذف شهب السماء، فأخذت مراكب العدو برمتها، قتلت أكثر مقاتلتها، إلا من تعلق بسعف وما كاد، أو دخل في شعب وما عاد، فإن العربان اقتصوا آثارهم، والتزموا إحضارهم. وأما السائرة إلى بحر الحجاز، فتمادت في الساحل الحجازي، فأخذت تجاراً، وأخافت رفاقا، ودلها على عورات البلاد من هو أشد كفراً ونفاقا.

(40/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 52
وهناك وقع عليها أصحابنا، وأخذت المراكب بأسرها، وفرّ فرنجها، فسلكوا في الجبال مهاوي المهالك، ومواطن المعاطب، وركب أصحابنا وراءهم خيل العرب، يقتلون ويأسرون، حتى لم يتركوا مخبراً، ولم يبقوا لهم أثراً، وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً، فقيّد منهم إلى مصر مائة وسبعون أسيراً.
4 (تسلم صلاح الدين حلباً)
وفي المحرم نزل صلاح الدين على حلب، ثم تسلمها صلحاً.
4 (أخذ الغوري ملك الهند غزنة)
وفيها سار شهاب الدين الغوري بعد ما ملك جبال الهند، وعظم سلطانه إلى مدينة هاوور في جيش عظيم وفيها السلطان خسروشاه بن بهرامشاه السبكتكيني الذي كان صاحب غزنة من ثلاثين سنة، فحاصره مدةً، ثم نزل بالأمان فأكرمه ووفى له. فورد رسول السلطان غياث الدين إلى أخيه يأمره بإرسال خسروشاه إليه، فقال له: أنا لي يمين في عنقك. فطيّب قلبه ومنّاه، وأرسله هو وولده، فلم يجتمع بهما غياث الدين بل بعثهما إلى بعض القلاع، فكان آخر) العهد بهما. وهذا آخر ملوك بني سبكتكين. وكان ابتداء دولتهم من سنة ست وستين وثلاثمائة، فتبارك الله الذي لا يزول ملكه.

(40/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 53
4 (عودة الرسلية بالتقدمة إلى بغداد)
وفيها عاد شيخ الشيوخ بالتقدمة، وبشير من الرسلية، ومعهم رسول صلاح الدين بتقدمة كان منها شمسية، يعني جزءاً، وهي مصنوعة من ريش الطواويس، لم ير في حسنها، وعليها اسم المستنصر بالله معد العبيدي.
4 (وفاة نائب الوزارة وولاية ابن صدقة)
وتوفي الخلال أبو المظفر بن البخاري نائب الوزارة، فولّي مكانه حاجب باب النوبي عز الدين أبو الفتوح بن صدقة.
4 (ولاية الحجابة)
وولي الحجابة أحمد بن هبيرة.
4 (وفاة شيخ الشيوخ وبشير)
وعاد إلى الشام شيخ الشيوخ، وبشير على الفور، فمرضا، وطلبا الرجعة إلى العراق، فقال صلاح الدين: أقيما. فلم يفعلا، وسارا في الحر، فماتا بالرحبة.
4 (منازلة صلاح الدين حلباً وتسلّمها)
ونازل السلطان حلب، وحاصرها أشد حصار، ثم وقّع الصلح بين صاحبها عماد الدين وبين السلطان، على أن يعوّضه عنها سنجار، ونصّيبين، والرّقّة، وسروج، والخأبور. وتسلّم حلب في ثاني عشر صفر. وفيه يقول القاضي محيي الدين ابن القاضي زكي الدين ابن المنتخب يمدحه بأبيات جاد منها قوله:
(وفتحكم حلباً بالسيف في صفر .......... مبشر بفتوح القدس في رجب)

(40/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 54
4 (البشارة بفتح القدس)
وقد ذكر صاحب الروضتين أن الفقيه مجد الدين بن جميل الحلبيّ الشافعيّ وقع إليه تفسير القرآن لأبي الحكم بن برّجان، فوجد فيه عند قوله تعالى: ألم. غلبت الروم أنّ الرّوم يغلبون في رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ويفتح البيت المقدس، ويصير داراً للإسلام إلى آخر الأبد. واستدلّ بأشياء في كتابه. فلما فتحت حلب على يد السلطان صلاح الدين، كتب إليه) المجد بن جميل ورقة يبشّره بفتح القدس على يديه، ويعيّن فيها الزمان، وأعطاها للفقيه عيسى، فلم يتجاسر أن يعرضها على السلطان، وحدّث بما فيها لمحيي الدين، وكان واثقاً بعقل المجد وأنّه لا يقول هذا حتّى تحققه، فعمل القصيدة التي فيها هذا البيت، فلما سمعه السلطان بهت وتعجّب. فلما اتفق له فتح القدس في رجب، سار المجد مهنّئاً، وذكر له حديث الورقة، فتعجّب وقال: قد سبق إلى ذلك محيي الدين، غير أني أجعل لك حظّاً. ثم جمع له من في العسكر من الفقهاء والصّلحاء، ثم أدخله بيت المقدس والفرنج بعد فيه لم ينظّف منهم، وأمره أن يذكر درساً على الصّخرة. فدخل ودرّس هناك، وحظي بذلك. ثم قال أبو شامة: وقفت أنا على ما فسره ابن برّجان من أن البيت المقدس استولت عليه الروم عام سبعة وثمانين وأربعمائة، وأشار إلى أنّه يبقى بأيديهم إلى تمام خمسمائة وثلاث وثمانين سنة.

(40/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 55
قال أبو شامة: وهذا الذي ذكره أبو الحكم من عجائب ما اتّفق. وقد تكلّم عليه شيخنا السّخاويّ فقال: وقع فيتفسير أبي الحكم أخبار عن بيت المقدس، وأنّه يفتح في سنة ثلاث وثمانين. قال: فقال لي بعض الفقهاء: إنّه استخرج ذلك من فاتحة السّورة. فأخذت السّورة، وكشفت عن ذلك، فلم أره أخذ ذلك من الحروف، وإنّما أخذه فيما زعم من غلبت الرّوم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين فبنى الأمر على التاريخ كما يفعل المنجّمون، ثم ذكر أنهم يغلبون في سنة كذا، وفي سنة كذا، على ما تقضيه ووافر التقدير. وهذه نجامة وافقت إصابة إن صحّ أنّه قال ذلك قبل وقوعه، وليس ذلك من الحروف، ولا هو من قبيل الكرامات. فإنّ الكرامات لاتكتسب، ولا تفتقر إلى تاريخ، ولذلك لم يوافق الصّواب لمّا أراد الحساب على القراءة الأخرى الشّاذّة وهي غلبت بالفتح، ولو صحّ ذلك، لأنّه قال في سورة القدر: لو علم الوقت الذي نزل فيه القرآن لعلم الوقت الذي يرفع فيه. فهذا ما ذكره.
4 (كتاب فاضلي بإبطال المكس بالرّقّة)
ومن كتاب إلى الديوان: أشقى الأمراء من سمّن كيسه وأهزل الخلق، وأبعدهم من الحق من اخذ المكس وسمّاه الحق. ولمّا فتحنا الرّقّة أشرفنا على سحت يؤكل، وظلم ممّا أمر الله أن يقطع، وأمر الظالمون أن يوصل، فأوحينا إلى كافّة الولاة من قبلنا أن يضعوا هذه الرسوم بأسرها، ويكفوا الرعايا من سائر أيام ملكته بأسرها، ونعتق الرقّة من ربّها، وتسدّ هذه الأبواب) وتعطّل، وتنسخ هذه الأمور وتبطل، وتبقى ماهيّة الأحكام، وأئمة الخلود، خالدة الدوام، تامّة البلاغ، يانعة التمام، ملعون من يطمح إليها ناظره.

(40/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 56
ومنه: وإذا ولاّه أمير المؤمنين ثغراً لم يبت في وسطه، ولم يقم في ظل غرفه، بل يبيت السّيف له ضجيعاً، ويصبح ومعتدل القتال له ربيعاً، لا كالذين يطلبون أبواب الخلافة كالعباد ولا يؤامروها في تصرّفاتها مؤامرة الاستعباد، وكأن الدنيا لهم إقطاع لا إيداع، وكأن الإمارة لهم تخليد لا تقليد. وكأن السلاح لهم زينة كليله ولابسه، وكأن مال الله عندهم وديعة، لايدر مانعة ولا كابسة، وكأنهم في البيوت الدّمى في لزوم خدرها، لا في مستحسنات صورها، راجين من الدّين بالعروة الدنيّة، ومن إعلاء كلمته بما يسمعونه على الدّرجات الخشبيّة، ومن جهاد الخوارج باستحسان الأخبار المهلّبيّة، ومن قتال الكفّار بأنّه فرض كفاية، تقوم به طائفة فيسقط عن البقيّة.
4 (محاصرة السلطان الكرك)
وفيها سار السلطان بجيوشه إلى الكرك فحاصرها، ونصب عليها المجانيق، ثم جاءته الأخبار باجتماع الفرنج، فترك الكرك، وسار إليهم بعد أن كان قد أشرف على أخذها، فخالفوه في الطريق إلى الكرك، وأتوا إليها بجموعهم، فسار إلى نابلس، ثم إلى دمشق.

(40/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 57
وأعطى أخاه نائب مصر الملك العادل سيف الدّين حلب وأعمالها، فإنّه ألحّ عليه في طلبها. فسار إليها، وانتقل منها الملك الظاهر غازي، وقدم على والده.
4 (نيابة الملك المظفّر بمصر)
وبعث السلطان ابن عمّه الملك المظفّر تقي الدّين عمر صاحب حماه على نيابة الدّيار المصريّة موضع الملك العادل.

(40/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 58
4 (سنة ثمانين وخمسمائة)

4 (جعل مشهد الكاظم أمناً)
فيها جعل الخليفة الناصر مشهد موسى الكاظم أمناً لمن لاذ به، فالتجأ إليه خلق، وحصل بذلك مفاسد.
4 (موت رجل راهن على دفنه نصف يوم)
وفي صفر راهن رجل ببغداد على خمسة دنانير أن يندفن من غدوة إلى الظّهر، فدفن وأهيل) عليه التراب، ثمّ كشف عنه وقت الظّهر، فوجد ميتاً وقد عصفر سواعده من هول ما رأى.
4 (كتاب السلطان بمحاسن دمشق)
وفيها كتب زين الدّين بن نجيّة الواعظ كتاباً إلى صلاح الدّين يشوّقه إلى مصر ويصف محاسنها، ومواطن أنسها، فكتب إليه السلطان، بإنشاء العماد فيما أظنّ: ورد كتاب الفقيه زين الدّين: لا ريب أنّ الشام أفضل، وأنّ أجر ساكنه أجزل، وأنّ القلوب إليه أميل، وأنّ زلاله البارد أعلّ وأنهل، وأنّ الهواء في صيفه وشتائه أعدل، وأنّ الجمال فيه أجمل

(40/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 59
وأكمل، وأنّ القلب به أروح، وأنّ الروح به أقبل. فدمشق عاشقها مستهام، وما على محبّها ملام. وما في ربوتها ريبة، ولكلّ نور فيها شيبة، وساجعاتها على منابر الورق خطباً قطرب، وهزاراتها وبلابلها تعجم وتعرب، وكم فيها من جواري ساقيات، وسواقي جاريات، وأثمار بلا أثمان، وفاكهة ورمّان، وخيرات حسان، وكونه تعالى أقسم به فقال: والتين والزّيتون يدلّ على فضله المكنون. وقال صلّى اللّه عليه وسلّم: الشام صفوة الله من بلاده، يسوق إليها خيرته من عباده. وعامّة الصحابة اختاروا به المقام. وفتح دمشق بكر الإسلام. وما ينكر أنّ الله تعالى ذكر مصر، لكنّ ذلك خرج العيب له والذّمّ. ألا ترى أنّ يوسف عليه السلام نقل منها إلى الشام. ثم المقام بالشام أقرب إلى الرّباط، وأوجب للنشاط. وأين قطرب المقطّم من سنا سنين وأين دار آصف لمن ذروة الشرف المنير، وأين لبانة لبنان من الهرمين وهل هما إلاّ مثل السّلعتين وهل للنّيل مع طول نيله وطول ذيله برد بردى في نقع العليل وما لذلك الكثير طلاوة هذا القليل.

(40/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 60
وإن فاخرنا بالجامع وفيه النّسر، ظهر بذلك قصر القصر، ولو كان لهم مثل بانياس، لما احتاجوا إلى قياس المقياس، ونحن لا نحقر الوطن كما حقرته، وحبّ الوطن من الإيمان، ونحن لا ننكر فضل مصر، وأنّه إقليم عظيم، ولكن نقول كما قال المجلس الفاضليّ: إنّ دمشق تصلح أن تكون بستاناً لمصر. والسّلام.
4 (مهاجمة السلطان نابلس)
وفيها هجم السّلطان نابلس، وكان قد وصل لنجدته عسكر ديار بكر، وعسكر آمد، والحصن، والعادل من حلب، وتقيّ الدين من حماه، ومظفّر الدّين صاحب إربل. هكذا ذكر أبو المظفّر في مرءآته. قال: نازل الكرك ونصب عليها المجانيق، فجاءتها نجدات الفرنج من كل فجّ، وأجلبوا وطلبوا. واغتنم السلطان خلوّ الساحل منهم، ورأى أنّ حصارها يطول، فسار ونزل) الغور وهجم نابلس، فقتل وسبى، وطلع على عقبة فيق، ودخل دمشق.

(40/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 61
4 (منازلة الكرك)
وأما ابن الأثير فقال: نازل الكرك، ونصب المنجنيقات على ربضه وملكه، وبقي الحصن وهو والرّبض على سطح واحد، إلاّ أنّ بينهما خندقاً عظيماً، عمقه نحو ستين ذراعاً، فأمر السلطان بإلقاء الأحجار والتراب فيه ليطمّه، فلم يقدروا على الدنوّ منه لكثرة النشّاب وأحجار المجانيق، فأمر أن يبنى من الأخشاب واللّبن ما يمكن للرجال يمشون تحت السقائف، فيلقون في الخندق ما يطمّه، ومجانيق المسلمين مع ذلك ترمي الحصن ليلاً ونهاراً، فاجتمعت الفرنج عن آخرها، وساروا عجلين، فوصل صلاح الدّين إلى طريقهم يتلقّاهم، فقرب منهم، ولم يمكن الدنوّ منهم لخشونة الأرض وصعوبة المسلك، فأقام ينتظر خروجهم إليه، فلم يبرحوا منه، فتأخّر عنهم، فساروا إلى الكرك، فعلم صلاح الدّين أنّه لا يتمكّن منهم حينئذ، ولا يبلغ غرضه، فسار إلى نابلس، ونهب كل ما على طريقه من قرى الفرنج، وأحرق نابلس وأسر وسبى، واستنقذ الأسرى. وبثّ السّرايا يميناً وشمالاً.
4 (خروج ابن غانية الملثّم بالمغرب)
قال: وفي شعبان خرج ابن غانية الملثّم وهو علي بن إسحاق، من كبار الملثّمين الذين كانوا ملوك المغرب، وهو حينئذ صاحب ميورقة، إلى بجاية فملكها بقتال يسير. وذلك إثر موت يوسف بن عبد المؤمن، فقويت نفس ابن غانية وكثر جموعه، ثم التقاه متولي بجاية، وكان غائباً عنها. وكسر على متولي بجاية، وانهزم إلى مرّاكش، واستولى ابن غانية على أعمال بجاية

(40/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 62
سوى قسنطينة الهوى، فحصرها إلى أن جاء جيش الموحدين في صفر سنة إحدى وثمانين في البر والبحر إلى بجاية، فهرب منها أخوا ابن غانية فلحقا به، فترحّل عن قسنطينة، وسار إلى إفريقية، فحشد وجمع، والتف عليه سليم، ورياح، والترك الذين كانوا قد دخلوا من مصر مع قراقوش، وبعدها، وصاروا في جيش عظيم، فتملّك بهم ابن غانية جميع بلاد إفريقية، سوى تونس، والمهديّة، حفظتهما عساكر الموحدين على شدة وضيق نالهم، وانضاف إلى ابن غانية كل مفسد وكل حرامي، وأهلكوا البلاد والعباد، ونزل على جزيرة باشرا وهي بقرب تونس، تشمل على قرىً كثيرة، فطلب أهلها الأمان فأمنهم، فلما دخل عسكره نهبوها وسلبوا الناس، وامتدت أيديهم إلى الحريم والصبيان، والله المستعان.)
4 (إقامة الخطبة العباسية بإفريقية)
وأقام ابن غانية بإفريقية الخطبة العباسية، وأرسل إلى الناصر لدين الله يطلب منه تقليداً بالسلطنة. ونازل قفصة سنة اثنتين وثمانين، فتسلمها نوّاب ابن عبد المؤمن بالأمان وحصنها. فجهّز يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن جيوشه، وسار في سنة ثلاث لحربه، فوصل إلى تونس، وبعث ابن أخيه في ستة آلاف فارس، فالتقوا، فانهزم الموحدون لأنهم كان معهم جماعة من الترك، فخامروا عليهم حال المصاف، وقتل جماعة من كبار الموحدين، وكانت الوقعة في ربيع الأول سنة ثلاث. فسار يعقوب بنفسه، فالتقوا في رجب بالقرب من مدينة قابس فانهزم ابن غانية، واستمر القتل بأصحابه فتمزّقوا، ورجع يعقوب إلى قايوس فافتتحها، وأخذ منها أهل قراقوش، فبعثهم إلى مراكش. ونازل قفصة فحاصرها ثلاثة أشهر، وبها الترك، فسلّموها بالأمان. وبعث بالأتراك ففرقهم بالثغور لما رأى من شجاعتهم. وقتل طائفةً من الملثمين، وهدم أسوار قفصة، وقطع أشجارها.

(40/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 63
واستقامت له إفريقية بعد أن كادت تخرج عن بيت عبد المؤمن. وامتدت أيام عبد ابن غانية إلى حدود عام ثلاثين وستمائة.
4 (منازلة السلطان الكرك)
وفي جمادى الأولى جمع السلطان الجيوش، وسار إلى الكرك فنازلها، ونزل بواديها، ونصب عليها تسعة مجانيق قدّام الباب، فهدّمت السور، ولم يبق مانع إلاّ الخندق العميق، ولم يكن حيلة إلاّ ردمه، فضرب اللّبن، وجمعت الأخشاب، وعملوا مثل درب مسقوف يمرّون فيه، ويرمون التراب في الخندق، إلى أن امتلأ، بحيث أنّ أسيراً رمى نفسه من السور إليه ونجا. وكانت فرنج الكرك وسائر ملوكهم وفرسانهم يستمدّون بهم، فأقبلوا من كلّ فجّ في حدّهم وحديدهم، فنزلوا بمضائق الوالة، فرحل السلطان، ونزل على البلقاء، وأقام ينتظر الملتقى، فما تغيّروا، فتقهقر على حسبان فراسخ، فوصلوا إلى الكرك، فقصد السلطان الساحل لخلوّه، ونهب كلّ ما في طريقه، وأسر وسبى، فأكثر وبدّع بسبطيَة، وجينين، ثم قدم دمشق.
4 (حصار الكرك في كتاب للعماد)
ومن كتاب عماديّ في حصار الكرك يقول: لولا الخندق الذي هو وادٍ لسهل مشرع، فعملنا دبّابات قدّمناها، وبنينا إلى سفيرة ثلاثة أسراب باللّبن وسقفناها، وشرعنا في الطمّ، وتسارع) الناس، ولم يبق إلاّ من يستبشر بالعمل، وتجاسروا حتى ازدحموا نهاراً، كازدحامهم يوم العيد ليلاً، كاجتماعهم في جامع دمشق ليلة النصف السعيد، وهم من الجراح سالمون، وبنصر الله موقنون، وإن أبطأ العدوّ عن النجدة. والنصر قريب سريع،

(40/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 64
و الحصن بمن فيه صريع قد خرقت الحجارة حجابهن وقطعت بهم أسبابه، وناولته من الأجل كتابه، وحسرت لثام سوره وخلعت نقابه، فألوف الأبراج مجدوعة، وثنايا الشرفات مقلوعة ورؤوس الأبدان مخروزة، وخروق العوامل مهموزة، وبطون السقوف مبقورة، وعصا الأساقف معقورة، ووجوه الجدر مسلوخة، وجلود البواشير مبشورة، والنّصر اشهر من نار على علم، والحرب قدم من ساق على قدم.
4 (وفاة رسولي الخليفة بالشام)
وقدم السلطان وبدمشق الرسولان شيخ الشيوخ صدر الدّين و الطواشي بشير، فمرضا، ومات جماعة من أصحابهما، وكان الشيخ نازلاً بالمنبع، فكان السلطان يعوده في كلّ يوم. وكان قدومهما في الصلح بين السلطان وبين عزّ الدّين صاحب الموصل، فلم ينبرم أمر، فطلبا العود إلى بغداد، وعادا، فمات بشير بالسّخنة، وشيخ الشيوخ بالرحبة.
4 (الإذن للجيوش بالعودة إلى أوطانها)
وأذن السلطان للجيوش بالرجوع إلى أوطانهم.
4 (خلعة السلطان على صاحب حصن كيفا)
وخلع على نور الدّين بن قرا رسلان صاحب حصن كيفا الخلعة التي جاءته هذه المرّة من الخليفة بعد أن لبسها السلطان.
4 (كتابة منشور لصاحب إربل)
ثم كتب لزين الدّين يوسف بن زين الدّين عليّ صاحب إربل منشوراً بإربل وأعمالها لمّا اغتدى إليه، وفارق صاحب الموصل.

(40/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 65
4 (خروج السلطان بقصد الموصل)
ثم وصلت رسل زين الدّين يوسف إلى السلطان بأنّ عسكر الموصل وعسكر قزل صاحب العجم نازلوا إربل مع مجاهد الدّين قايماز. وأنّهم نهبوا وأحرقوا، وأنّه نصر عليهم وكسرهم، فكان هذا ممّا حرّك عزم السلطان على قصد الموصول هذه المرّة. فسار السلطان على طريق) البقاع وبعلبك، ثمّ حمص وحماهن فأقام بحماه إلى انسلاخ السّنة.
4 (وفاة صاحب ماردين)
وفيها مات صاحب ماردين قطب الدّين إيلغازي بن نجم الدّين الرّتقيّ، رحمه الله تعالى. انتهت هذه الطبقة ولله الحمد.

(40/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 66
5 (بسم الله الرّحمن الرّحيم)

5 (ربّنا أفرغ علينا صبراً)

5 (الطبقة الثامنة والخسُونَ وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى وسبعين وخمسمائة)

4 (أحمد بن عليّ بن محمد بن العبّاس.)
الشريف أبو جعفر بن المقشوط، الهاشميّ، البغداديّ. توفّي في ربيع الآخر.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن إبراهيم بن محمد.)
أبو محمد القيسيّ الدمشقيّ الواعظ. سمع: ابن الأكفانيّ، وغيره. وعنه: أبو القاسم بن صصرى.
4 (الحسين بن محمد بن نمير.)
أبو الحسن الإشبيليّ، الضرير، الفقيه الظاهريّ. قال الأبّار: كان يجتمع إليه ويناظر عليه. أخذ عنه مفرّج بن حسين الضّرير، وغيره.
4 (حرف الطاء)

4 (طغدي بن خمارتكين.)

(40/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 67
أبو محمد التركّيّ من شيوخ بغداد. سمع: أبا القاسم الرّبعيّ، وابن بدران الحلوانيّ. روى عنه: ابن الأخضر، ومنصور بن السكن، وغيره.) توفيّ في ذي الحجّة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن حمزة بن محمد بن سماوة.)
أبو الفرج الكرمانيّ، ثم الجيرُفتيّ، ثم الدّمشقيّ. تفقّه على جمال الإسلام السّلميّ، وولّي خطابة دومة زماناً. وروى عن جمال الإسلام. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وقال: كان ثقة صالحاً. توفّي في ربيع الآخر وهو في عشر الثمانين. وروى عنه أيضاً أبو القاسم بن صصرى.
4 (عبد اله بن محمد بن سهل.)
أبو محمد الغرناطيّ الضرير، المقرئ. ويعرف بوجه نافخ. أخذ القراءآت عن أبي محمد بن درّيّ ولازمه. وعن عبد الرحيم بن الفرس. وسمع منهما، ومن: غالب بن عطيّة، وجماعة. وأجاز له أبو عليّ بن سكّرة، وغيره. قال الأبّار: كان بارعاً في العربية. حدّث عنه: ابنه أبو عبد الله، وابن عيّاد.

(40/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 68
وتوفّي في ذي القعدة.
4 (عبد الحقّ بن سليمان.)
أبو عبد الله القيسيّ، التلمسانيّ، قاضي تلمسان. سمع: القاضي أبا بكر بن العربيّ، وغيره. قال الأبّار: كان جليل القدر، عظيم الوجاهة، يستظهر مقامات الحريريّ، ثم تزهّد ورفض الدنيا، وحجّ وجاور، وأجهد نفسه صلاةً وصوماً وطوافاً. توفّيبالمدينة النبوية كهلاً. عبد الرحمن بن خلف الله بن عطيّة. في المتوفّين تقريباً.)
4 (عبد الرحمن بن محمد بن محمد.)
أبو محمد السلميّ، المكناسيّ، الكاتب، الأديب. قال الأبّار: ختمت به البلاغة بالأندلس، ورأس في الكتابة. وديوان رسائله بأيدي الناس يتنافسون فيه. وكتب لأبي عبد الله محمد بن سعد، وغيره من الأمراء. وتوفّي كهلاً رحمه الله.
4 (عثمان بن عبد الملك.)
اللّخميّ، الصفّار، الواعظ.

(40/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 69
سمع: أبا الحسن بن العلاّف، وابن فتحان الشّهرزوريّ، وابن بيان. روى عنه: ابن الأخضر، وغيره.
4 (عليّ بن إبراهيم بن عيسى بن سعد الخير.)
أبو الحسن البلنسيّ الأنصاريّ، النحويّ. قال الأبّار: سمع من أبي محمد النيليّ وأبي الوليد بن الدبّاغ. ولازم أبا الحسن بن النّعمة وتأدّب به، وكان عالماً بالعربية و اللغة، إماماً في ذلك. أقرأها حياته كلّها. وكان بارع الخط، كاتباً بليغاً، شاعراً مجيداً، مولّداً. وكانت فيه غفلة معروفة، وله مصنّف على كتاب الكامل للمبرّد، وغير ذلك.

(40/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 70
توفّي بإشبيلية في ربيع الأوّل. وقيل: توفّي سنة سبعين.
4 (عليّ بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين.)
الحافظ الكبير أبو القاسم، ثقة الدّين ابن عساكر الدمشقيّ، الشّافعيّ، صاحب تاريخ دمشق. أحد الأعلام في الحديث.

(40/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 71
ولد في مستهلّ سنة تسع وتسعين وأربعمائة. وسمّعه أخوه الصّائن هبة الله سنة خمس وخمسمائة وبعدها من: الشريف أبي القاسم النّسيب، وأبي القاسم قوام بن زيد، وأبي الوحش سبيع بن قيراط، وأبي طاهر محمد بن الحسين الحنّائيّ، وأبي الحسن بن الموازينيّ، وأبي الفضائل الماسح، ومحمد بن علي المصّيصيّ.) ثم سمع بنفسه من: أبي محمد بن الأكفانيّ، وأبي الحسن بن قبيس المالكي، وعبد الكريم بن حمزة، وطاهر بن سهل، ومن بعدهم. ودخل إلى بغداد سنة عشرين، فأقام بها خمس سنين. وحجّ في سنة إحدى وعشرين، فسمع بمكّة من: عبد الله بن محمد بن الغزال المصريّ صاحب كريمة المروزيّة. وسمع ببغداد من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي الحسن الدّينوريّ، وأبي العزّ بن كادش، وقراتكين بن أسعد، وأبي غالب بن البنّا، والبارع أبي عبد الله الدبّاس، وهبة الله الشّروطيّ، وخلق كثير. وعلّق مسائل الخلاف على أبي سعد إسماعيل بن أبي صالح المؤذّن. ولازم الدّرس والتفقّه بالنظاميّة، ورجع بعلم جمّ وسماعات كثيرة. وسمع بالكوفة من: عمر بن إبراهيم العلويّ. ثم رحل سنة تسع وعشرين على أذربيجان إلى جرجان، وجال في بلادها، ودخل إلى إصبهان، وبقي في هذه الرحلة نحو أربع سنين، فسمع: أبا عبد الله محمد بن الفضل الفراويّ، وعبد المنعم بن القشيريّ، وهبة الله السيّديّ، وتميم بن أبي سعيد الجرجانيّ الهرويّ، ويوسف بن أيوب

(40/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 72
الزّاهد، وزاهر بن طاهر الشّحّاميّ، والحسين بن عبد الملك الأديب، وسعيد ابن أبي الرّجاء، وغانم بن خالد، وإسماعيل بن محمد الحافظ، والموجودين في هذا العصر. وخرّج أربعين حديثاً في أربعين بلداً كالسلفيّ. وعدّة شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ وثمانون امرأة ونيّف. وحدّث بخراسان، وإصبهان، وبغداد. وسمع منه الكبار: كالحافظ أبي العلاء الهمذانيّ، والحافظ أبي سعد السّمعانيّ. وصنّف التصانيف المفيدة، ولم يكن في زمانه أحفظ ولا أعرف بالرجال منه. ومن تصفّح تاريخه علم قدر الرحلة. وأجاز له من الكبار: أبو الحسن بن العلاّف، وأبو القاسم بن بيان، وأبو علي بن نبهان، وأبو الفتح أحمد بن محمد الحدّاد، وغانم البرجيّ، وأبو بكر عبد الغفّار الشيرويّ، وأبو علي الحداد، وأبو صادق مرشد بن يحيى، وأبو عبد الله الرّازيّ، وطائفة. روى عنه: ابنه القاسم، وبنو أخيه فخر الدّين أبو منصور، وتاج الأمناء، وزين الأمناء عبد) الرحيم، وعزّ الدين النسّابة ابن تاج الأمناء، والحافظ أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم الحسين، والقاضي أبو القاسم بن الحرستانيّ، وأبو جعفر القرطبيّ، والحافظ عبد القادر، وأبو الوحش عبد الرحمن بن نسيم، والحسن بن عليّ الصّيقليّ، وصالح بن فلاح الزّاهد، وظهير الدين عبد الواحد بن عبد الرحمن بن سلطان القرشيّ، وأبو العزّ مظفّر بن عقيل الشّيبانيّ العقّار والد النجيب، والصائن نصر الله بن عبد الكريم بن الحرستانيّ، والبدر بن يونس بن محمد الفارقيّ الخطيب، والقاضي أبو نصر بن الشيرازي، ومحمد ابن أخي الشيخ أبي البيان، وعبد القادر بن الحسين البغدادي، ونصر الله بن فتيان، وإبراهيم وعبد العزيز ابنا الخشوعي، ويونس بن منصور السقباني، وإدريس بن الخضر الشيباني، ومحمد بن رومي الحرداني، وحاطب بن عبد الكريم المزّي، وذاكر بن عبد الوهاب الستياني،

(40/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 73
وذاكر الله بن أبي بكر الشعيري، ومحمد بن غسان، ومحمد بن عبد الكريم بن الهادي، والمسلم بن أحمد المازني، وعبد العزيز بن محمد بن الدجاجية، وعبد الرحمن بن عبد المؤمن زريق العطار، وشعبان بن إبراهيم، ومحمد بن أحمد بن زهير، ومحمود بن خطير الدارانيون، وعبد الرحمن بن راشد البيت سوائي، ونجم الأمناء عبد الرحمن بن علي الأزدي، وعمر بن عبد الوهاب البرادعي، وعتيق السلماني، وبهاء الدين علي بن الجمّيزي، وعبد المنعم بن محمد بن محمد بن أبي المضاء نزيل حماه، ومات في آخر سنة أربع وأربعين، والرشيد أحمد بن مسلمة، وعبد الواحد بن هلال، وخلق آخرهم وفاةً أبو بكر محمد بن المسلم بن علان. وقد روى عنه الكثير أبو سعد السمعاني ومات قبل ابن علان بتسعين سنة. فمن تصانيفه: التاريخ ثمانمائة جزء، والموافقات اثنا وسبعون،

(40/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 74

(40/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 75
والأطراف التي للسنن ثمانية وأربعون جزءاً، وعوالي مالك أحد وثلاثون جزءاً، وغرائب مالك عشرة أجزاء، ومعجم القرى والأمصار جزء، ومعجم شيوخه اثنا عشر جزءاً، ومناقب الشبان خمسة عشر جزءاً، وفضل أصحاب الحديث أحد عشر جزءاً، والسباعيات سبعة أجزاء، وكتاب تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري مجلّد، والسلسلات له مجلّد، وكتاب فضل الجمعة مجلّد، والأربعون الطوال ثلاثة أجزاء، وعوالي شعبة مجلّد، وكتاب الزّهادة في ترك الشهادة مجلّد، وعوالي الثوريّ مجيليد، والأربعون الجهاديّة، والأربعون البلديّة، والأربعون الأبدال، ومسند أهل داريّا مجلّد لطيف، وحديث أهل صنعاء الشام مجلد صغير، وفضائل عاشوراء ثلاثة أجزاء، وكتاب الزلازل ثلاثة) أجزاء، وثواب المصاب بالولد جزءآن، وطرق قبض العلم جزء، وكتاب فضل مكّة، وكتاب فضل المدينة، و كتاب فضل القدس، وجزء فضائل عسقلان، وجزء فيمن نزل بالمزّة، وجزء

(40/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 76
في فضائل الرّبوة والنيرب، وجزء في مقام إبراهيم وبرزة، وجزء في قرية الحِميريين، وجزء أهل كفرسوسة، وجزء أهل كفربطنا، وجزء بيت قوفا، وبيت راسين، وجزء سعد بن عبادة، والمنيحة، وجزء أهل حرستا، وجزء أهل زملكا، وجزء بيت لِهيا، وجزء جوبر، وجزء أهل حردان، وجزء أهل جدَيا، وجزء أهل برزة، وجزء أهل منين، وجزء أهل بيت سوا، وجزء أهل بعلبك، وجزء المبسوط لمنكر حديث الهبوط، والجواهر واللآلئ ثلاثة أجزاء، وغير ذلك. وأملى أربعمائة مجلس وثمانية مجالس في فنون شتّى، وخرّج لشيخه أبي غالب ابن البنّا مشيخة، وأربعين حديثاً مصافحات لرفيقه أبي سعد السّمعانيّ، وأربعين حديثاً مساواة لشيخه الفراويّ. وخرّج في آخر عمره لنفسه كتاب الإبدال ولم يتمّه، ولو تمّ لجاء في نحو مائتي جزء. ذكره ابن السّمعانيّ في تاريخه فقال: كبير العلم، غزير الفضل، حافظ، ثقة، متقن، ديّن، خيّر حسن السّمت، جمع بين معرفة المتون والأسانيد، صحيح القراءة، متثبّت، محتاط. رحل وتعب، وبالغ في الطلب إلى أن جمع ما لم يجمع غيره، وأربى على أقرانه. ودخل نيسأبور قبلي بشهر أو نحوه في سنة تسع وعشرين، فسمع بقراءتي وسمعت بقراءته مدّة مقامنا بها، إلى أن اتّفق خروجه في سنة ثلاث وثلاثين.

(40/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 77
وسمعت منه كتاب المجالسة بدمشق، ومعجم شيوخه. وكان قد شرع في التاريخ الكبير لمدينة دمشق، وصنّف التصانيف، وخرّج التخاريج. وقرأت بخط ابن الحاجب قال: حدّثني زين الأمناء قال: حدّثني ابن القزوينيّ، عن والده مدرّس النّظاميّة، يعني أبا الخير، قال: حكى لنا أبو عبد الله الفراويّ قال: قدم أبو القاسم بن عساكر فقرأ عليّ ثلاثة أيام، فأكثر وأضجرني، وآليت على نفسي أن أغلق الغد بأبي وأمتنع، فلما أصبحت قدم عليّ شخص فقال: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلّم إليك. قلت: مرحباً برسول رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فقال رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في النوم فقال لي: امض إلى الفراويّ وقل له: قدم بلدكم رجل من الشام أسمر اللون يطلب الحديث، فلا يأخذك منه ضجر ولا ملل.) قال القزوينيّ: فوالله ما كان الفراويّ يقوم من المجلس حتّى يقوم الحافظ ابتداء منه. وقال ابنه القاسم أبو محمد الحافظ: كان رحمه الله مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن. يختم في كلّ جمعة، ويختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية، وكان كثير النوافل والأذكار. وكان يحيي ليلة النصف والعيدين بالصلاة والذكر، وكان يحاسب نفسه على لحظة تذهب في غير طاعة. وقال لي: لمّا حملت بي أمّي رأت في منامها قائلا يقول لها: تلدين غلاماً يكون له شأن. وحدّثني أنّ أباه رأى رؤيا معناها: يولد لك ولد يحيي الله به السنّة. حدّثني أبي رحمه الله قال: كنت أقرأ على أبي الفتح المختار بن عبد الحميد وهو يتحدّث مع الجماعة فقال: قدم علينا أبو عليّ بن الوزير، فقلنا: ما رأينا مثله. ثم قدم علينا أبو سعد بن السّمعانيّ فقلنا: ما رأينا مثله. حتّى قدم علينا هذا، فلم نر مثله.

(40/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 78
وحكى لي أبو الحسن عليّ بن إبراهيم الأنصاريّ الحنبليّ عن أبي الحسن سعد الخير قال: ما رأينا في سنّ الحافظ أبي القاسم مثله. وحدّثنا محمد بن عبد الرحمن المسعوديّ: سمعت أبا العلاء الهمذانيّ يقول لرجل، وقد استأذنه أن يرحل، فقال: إن عرفت أستاذاً أعرف منّي أو في الفضل مثلي فحينئذ آذن لك أن تسافر إليه، إلاّ أن تسافر إلى الحافظ ابن عساكر، فإنّه حافظ كما يجب. فقلت: من هذا فقال: حافظ الشام أبو القاسم ويسكن دمشق. وأثنى عليه. وكان يجري ذكره عند خطيب الموصل أبي الفضل فيقول: ما نعلم من يستحقّ هذا اللقب اليوم، أعني الحافظ، ويكون به حقيقاً سواه. كذا حدّثني أبو المواهب بن صصرى، وقال: لمّا دخلت همذان أثنى عليهالحافظ أبو العلاء وقال: أنا أعلم أنّه لا يساجل الحافظ أبا القاسم في شأنه أحد، فلو خالق الناس و مازحهم كما أصنع، إذاً لاجتمع عليه الموافق والمخالف. وقال لي يوماً: أيّ شيء فتح له، وكيف ترى الناس له قلت: هو بعيد من هذا كلّه، لم يشتغل منذ أربعين سنة إلاّ بالجمع والتصنيف والتّسميع في نزهه وخلواته. فقال: الحمد لله، هذا ثمرة العلم. ألا إنّا قد حصل لنا هذا المسجد والدار والكتب، هذا يدلّ على قلّة حظوظ أهل العلم في بلادكم. ثم قال لي: ما كان يسمّى أبو القاسم ببغداد إلاّ شعلة نار من توقّده وذكائه وحسن إدراكه.) وقال أبو المواهب: أمّا أنا فكنت أذاكره في خلواته عن الحفّاظ الذين لقيهم. فقال: أمّا ببغداد فأبو عامر العبدريّ، وأمّا بإصبهان فأبو تصر اليونارتيّ، لكن إسماعيل الحافظ كان أشهر منه.

(40/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 79
فقلت له: فعلى هذا ما رأى سيّدنا مثله. فقال: لا تقل هذا، قال الله تعالى: فلا تزكّوا أنفسكم. قلت: وقد قال تعالى: وأمّا بنعمة ربّك فحدّث. فقال: نعم، لو قال قائل: إنّ عيني لم تر مثلي لصدق. قال أبو المواهب: وأنا أقول لم أر مثله، ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة مدّة أربعين سنة، من لزوم الصلوات في الصف الأوّل إلاّ من عذرن والإعتكاف في رمضان وعشر ذي الحجّة، وعدم التطلّع إلى تحصيل الأملاك وبناء الدّور. وقد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من الإمامة والخطابة، وأباها بعد أن عرضت عليه، وقلّة التفاته إلى الأمراء، وأخذ نفسه بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم. قال لي: لمّا عزمت على التّحديث، والله المطّلع أنّه ما حملني على ذلك حبّ الرياسة والتقدّم، بل قلت: متى أروي كلّ ما سمعت وأيّ فائدة في كوني أخلّفه بعدي صحائف فاستخرت الله تعالى واستأذنت أعيان شيوخي ورؤساء البلد، وطفت عليهم، فكلٌّ قال: ومن أحق بهذا منك. فشرعت في ذلك في سنة ثلاث وثلاثين. وقال عمر بن الحاجب: حكى لي زين الأمناء أنّ الحافظ لمّا عزم على الرحلة اشترى جملاً، وتركه بالخان، فلما رحل القفل تجهّز. وخرج فوجد الجمل قد مات. فقال له الجماعة الذين خرجوا لوداعه: ارجع فما هذا فالٌ مبارك، وفنّدوا عزمه، فقال: والله لو مشيت راجلاً لا أثنيت عزمي. وحمل خرجه وقماشه، وتبع المركب، واكترى منهم في القصير. وكانت طريقه مباركة. وقال أبو محمد القاسم: قال لي والدي لمّا قدمت في سفري: قال لي

(40/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 80
جدّي القاضي أبو المفضّل يحيى بن علي: اجلس إلى سارية من هذه السواري حتّى نجلس إليك. فلمّا عزمت على الجلوس اتّفق أنّه مرض ولم يقدر بعد ذلك خروج إلى المسجد. وكان أبي رحمه الله قد سمع بنسا لم يحصّل منها نسخاً اعتماداً على نسخ رفيقه الحافظ أبي عليّ بن الوزير. وكان ما حصّله أبي لا يحصّله ابن الوزير، فسمعته يقول: رحلت وما كأني رحلت. كنت) أحسب أن ابن الوزير يقدم بالكتب مثل الصحيحين، وكتب البيهقي والأجزاء، فاتفق سكناه بمرو، وكنت أؤمل وصول رفيق آخر يوسف بن فارو الجياني، ووصول رفيقنا المرادي، وما أرى أحداً منهم قدم، فلا بد من الرحلة ثالثاً وتحصيل الكتب والمهمات. فلم يمض أيام يسيرة حتى قدم أبو الحسن المرادي، فأنزله أبي عندنا، فقدم بأربعة أسفاط كتب مسموعة، ففرح أبي بذلك، وكفاه الله مؤونة السفر. وأقبل على النسخ والاستنساخ، وقابل، وبقي من مسموعاته نحو ثلاثمائة جزء، فأعانه عليها ابن السمعاني، ونقل إليه منها جملةً حتى لم يبق عليه أكثر من عشرين جزءاً. وكان كلما حصل له جزء منها كأنه قد حصل على ملك الدنيا. قلت: وله شعر جيد يملي منه عقيب مجالسه، فمنه:
(أيا نفس ويحك جاء المشيب .......... فماذا التصأبي وماذا الغزل)

(تولّى شبأبي كأنْ لم يكن .......... وجاء مشيبي كأنْ لم يزل)

(فيا ليت شعري ممن أكون .......... وما قدّر الله لي من الأزل)

(40/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 81
سمعت أبا الحسين اليونيني: سمعت أبا محمد المنذري الحافظ يقول: سألت شيخنا أبا الحسن علي بن المفضّل الحافظ عن أربعة تعاصروا أيهم أحفظ. فقال: من قلت: الحافظ ابن ناصر، وابن عساكر. فقال: ابن عساكر. فقلت: الحافظ أبو موسى المديني، وابن عساكر. قال: ابن عساكر. فقلت: الحافظ أبو الطاهر السلفي، وابن عساكر. فقال: السّلفي شيخنا السّلفي شيخنا. قلت: يعني انه ما أحب أن يصرح بأن ابن عساكر افضل من السلفي، ولوّح بأنه شيخه. ويكفي هذا في الإشارة. قلت: والرجل ورع ثبت. وما أطلق أنه ما رأى مثل نفسه في جواب الحافظ أبي المواهب إلا وهو بار صدوق. وكذلك رأيت شيخنا أبا الحجاج المزّي يميل إلى هذا. وأنا جازم بذلك أنه ما رأى مثل نفسه.) هو أحفظ من جميع الحفّاظ الذين رآهم من شيوخه وأقرانه. وقال الحافظ أبو محمد عبد القادر الرّهاوي: رأيت الحافظ السلفي، والحافظ أبا العلاء، والحافظ أبا موسى، ما رأيت فيهم مثل ابن عساكر. وقرأت بخط عمر بن الحاجب: قال: حكى لي من أثق به أن الحافظ عبد الغني قال: الحافظ ابن عساكر برجال الشام أعرف من البخاري لهم، وندم على ترك السماع منه ندامةً كليّة.

(40/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 82
وذكره ابن النجار في تاريخه فقال: إمام المحدّثين في وقته، ومن انتهت الرئاسة في الإتقان والحفظ والمعرفة التامة والثقة، وبه ختم هذا الشأن. روى عنه جماعة وهو في الحياة، وحدّثوا عنه بالإجازة في حياته. قال: وقرأت بخط الحافظ معمر بن الفاخر في معجمه: أخبرني أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي الحافظ من لفظه بمنى إملاء يوم النفر الأول، وكان احفظ من رأيت من طلبة الحديث والشبان، وكان شيخنا الإمام إسماعيل بن محمد يفضله على جميع من لقيناهم من أهل إصبهان وغيرها. قدم إصبهان، وسمع ونزل في داري، وما رأيت شاباً أورع ولا أتقن ولا أحفظ منه. وكان مع ذلك فقيهاً أديباً سنّياً، جزاه الله خيراً، وكثّر في الإسلام مثله، أفادني في الرحلة الأولى والثانية ببغداد كثيراً، وسألته عن تأخره في الرحلة الأولى عن المجيء إلى إصبهان فقال: لم تأذن لي أمي. قلت: وهو مع جلالته وحفظه يروي الأحاديث الواهية والموضوعة ولا يتبينها، وكذا كان عامة الحفاظ الذين بعد القرون الأولى، إلاّ من شاء ربك فليسألنّهم الله تعالى عن ذلك. وأي فائدة بمعرفة الرجال ومصنفات التاريخ والجرح والتعديل إلاّ كشف الحديث المكذوب وهتكه. قال ابنه أبو محمد: توفي أبي في حادي عشر رجب، وحضر الصلاة عليه السلطان صلاح الدين، وصلّيت عليه في الجامع، والشيخ قطب الدين في الميدان الذي يقابل المصلى. ورأى له جماعة من الصالحين منامات حسنة، ورثي بقصائد، ودفن بمقبرة باب الصغير. قلت: قبره مشهور يزار رحمه الله.

(40/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 83
4 (علي بن حميد بن عمّار.)
أبو الحسن الأنصاري، الأطرابلسي، ثم المكي، النحوي، المقرئ.) حدّث هذا العام بصحيح البخاري عن أبي مكتوم عيسى بن أبي ذر الهروي سماعاً، وهو آخر من سمع من أبي مكتوم. روى عنه: محمد بن عبد الرحمن التّجيبي الأندلسي، وعبد الرحمن بن أبي حرمي فتّوح بن بنين المكي العطار، وناصر بن عبد الله المصري العطار نزيل مكة ستين عاماً، وأبو الربيع سليمان بن أحمد السعدي المغربل الشارعي، وآخرون. ولا أعلم متى توفي.

(40/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 84
4 (علي بن المبارك بن أحمد بن محمد بن بكري.)
أبو الحسن البغدادي. سمع: أبا علي بن المهدي، وأبا الغنائم بن المهتدي بالله، وابن الحصين. سمع منه: عمر بن علي القرشي، وعمر العليمي الدمشقيان. توفي في جمادى الأولى.

(40/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 85
4 (علي بن المظفّر بن علي بن حسين الظهيري.)
أبو القاسم والد الأعز. سمع: هبة الله بن أحمد الموصلّين وأبا الغنائم النرسي. روى عنه: تميم بن أحمد البندنيجي، وعبد العزيز بن الأخضر، وأبو الفتوح بن الحصري، وأبو محمد بن قدامة، وغيرهم. توفي في جمادى الآخرة في الطريق فجأة، وله ست وسبعون سنة. وكان مهيباً، وقوراً، صموتاً.
4 (عمر بن هدية بن سلامة.)
أبو حفص البغدادي، الصوّاف، السمسار. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا الخطاب الكلوذاني. روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي ووثّقه. عاش تسعاً وثمانين سنة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن أحمد بن سليمان.)
) أبو عبد الله الغافقي، المعروف بالقباعي. من أهل الجزيرة الخضراء. روى ببلده عن: أبي عبد الله بن عبد الحق، وأبي عبد الله بن أبي صوفة، وغيرهما.

(40/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 86
وأجاز له أبو علي بن سكّرة الصدفي. وولّي خطابة بلده. قال الأبّار: وكان فقيهاً مشاوراً، ذا دعابة مع خشية وخشوع. حدّث عنه: أبو القاسم بن الحسن، وأبو نصر السبتي، ويعيش بن النديم، وأبو الخطاب عمر بن الجميّل. وأجاز في رجب من السنة. ولم تؤرخ وفاته.
4 (محمد بن أسعد بن محمد بن الحسين.)
الإمام مجد الدين، أبو منصور الطوسي، العطاري، المعروف بحفدة. الفقيه الشافعي. كان فقيهاً واعظاً أصوليّاً فاضلاً، تفقّه بمرو على أبي بكر محمد بن منصور السمعاني، ثم انتقل إلى مرو الروذ، وتفقه على القاضي أبي محمد الحسين بن مسعود الفرّاء البغوي، وسمع منه كتأبيه: شرح السنّة، ومعالم التنزيل، وغير ذلك. ثم انتقل إلى بخارى واشتغل بها على البرهان عبد العزيز بن عمر بن مازة الحنفي. ثم عاد إلى مرو، وقدم أذربيجان، والجزيرة، واجتمع الناس عليه بسبب الوعظ. وكان مجلسه في الوعظ من أحسن المجالس، ولا ندري لم لقّب حفدة.

(40/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 87
روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأبو أحمد بن سكينة، وعبد العزيز بن الأخضر، وأبو المجد محمد بن الحسين القزويني، والقاضي أبو المحاسن يوسف بن رافع بن شداد، وآخرون. قال السمعاني: كتبت عنه بمرو، ونيسأبور. وكان فقيهاً، واعظاً، شاطراً، جلداً، فصيحاً. سمع من: عبد الغفار الشيروي، وأبي الفتيان الروّاسي، وناصر بن أحمد العيّاضي. أخبرنا أحمد بن إسحاق: أنا رافع بن يوسف الأسدي قدم علينا مصر: أنا محمد بن أسعد، أنا محيي السنّة الحسين بن مسعود، أنا أحمد بن عبد الله بن أحمد الصالحي ح، وأنا إسماعيل بن عبد الرحمن: أنا ابن قدامة، أنا البطّيّ، أنا أبو الحسن الأنباري قال: أنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل الصفّار: ثنا أحمد بن منصور، ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن عاصم بن أبي الجود، عن أبي وائل، عن معاذ بن أبي جبل، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلاّ حصائد ألسنتهم.)

(40/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 88
قال ابن خلّكان: توفي في ربيع الآخر سنة إحدى بتبريز. وقال: قيل أيضاً إنه توفي في رجب سنة ثلاث وسبعين، فالله أعلم. والثاني أصح. وكان مولده سنة ست وثمانين وأربعمائة.
4 (محمد بن الحسن بن علي بن هلال بن همصا بن نافع.)
العجلي. أخو هبة الله الدقاق، البغدادي. روى عن: علي بن محمد بن علي الأنباري، الحنبلي، وسعد الله بن أيوب، وأبي الخطاب الكلواذاني. وتفقه على أسعد الميهني. وأخذ الأدب عن: أبي منصور بن الجواليقي. وكان مولده سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. ولد أخ آخر باسمه. كتب ذاك أبو المعالي.
4 (محمد بن الحسين بن محمد بن المعلم.)
القاضي أبو منصور الحنفي. ناب في القضاء عن قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي، ودرّس. وسكن همذان مدة، ثم قدم بغداد رسولاً. روى عن: أبي القاسم بن بيان، وعلي بن الموحد. سمع منه: أبو المواهب بن صصرى، وغيره بهمذان. وعاش ثمانين سنة.

(40/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 89
4 (محمد بن عبيد الله بن علي.)
أبو حنيفة بن أبي القاسم الإصبهاني، الخطيبي. من بيت علم وشهرة. قدم بغداد حاجاً سنة نيّف وستين. وحدّث عن: جدّه لأمه حمد بن صدقة، وأبي مطيع المصري، وأبي بكر بن مرذويه، وأبي الفتح الحداد، وعبد الواحد بن حمد الدوني. وأملى عدة كجالس. وكان حنفي المذهب. روى عنه: أبو طالب بن عبد السميع، وموفق الدين بن قدامة، وأبو القاسم بن صصرى، لقيه بمكة، وسمع منه بقراءة أبيه.) توفي أبو حنيفة بإصبهان وله ثلاث وثمانون سنة. وروى عنه: ابن الأخضر.
4 (محمد ابن الوزير علي بن طراد الزينبي.)
أبو العباس المعروف بالأمير التركي، لأنه ابن تركية. كان مقبلاً على العلم. قرأ الفرائض والأدب. وقرأ الحديث على: هبة الله الشبلي، وابن البطيّ. ولم يلحق أن يسمع من أبيه. وتوفي شاباً.
4 (محمد بن محمد بن حمّود.)

(40/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 90
أبو الأزهر الواسطي، المقرئ، الصوفي. قرأ بالروايات على أبي العز القلانسي. وسمع من: أبي نعيم محمد بن إبراهيم الجماري. وببغداد من أبي غالب بن البناء. وأقرأ الناس مدةً. روى عنه: عمر بن يوسف ختن ابن الشعار، وعمر بن محمد بن أحمد الدينوري، ومحمد بن أحمد بن إسماعيل القزويني. ذكره ابن النجار فأطنب في وصفه وقال: كان شيخاً صالحاً، ورعاً، تقياً، زاهداً، قانعاً، منقطعاً عن الناس، يرجع إلى فضل وعلم بالقراءآت. وتوفي رحمه الله ببغداد قي رجب.
4 (محمد بن محمد بن أحمد بن خلف بن إبراهيم بن لبيب.)
الإمام أبو القاسم بن الحاج التجيبي، القرطبي. سمع من: والده الشهيد أبي عبد الله بن الحاج، وأبي محمد بن عتاب، وأبي علي بن سكرة، وأبي الوليد بن رشد، وابن يحيى بن العاص. وأجاز له أبو عبد الله الخولاني. وكان بصيراً بمذهب مالك، عارفاً بالمسائل، ذاكراً للخلاف. وجلس للمناظرة مكان أبيه. ولم يكن يعرف الحديث. وكان وقوراً مهيباً، لا يتكلم إلا في النادر. ولّي قضاء الجماعة بقرطبة وقتاً، ثم خرج عنه في) الفتنة، وتجول في الأندلس، واستقر بمرسية مرتسماً في ديوان الجند عند الأمير محمد بن سعد. ثم سافر إلى ميورقة بعد موت ابن سعد، فحدّث بها. روى عنه: فقيل بن...، وابن سفيان، وغيرهما.

(40/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 91
ثم وفد إلى إشبيلية فمات بها.
4 (مبارك بن الحسن.)
أبو النجم، ابن القابلة الفرضي. بغدادي، عارف بالفرائض والمواقيت. سمع: أبا الحسين بن القاضي أبي يعلى.
4 (محفوظ بن أبي عبد الله محمد بن عبد المنعم.)
أبو جعفر بن الوراق البغدادي، الوكيل باب القاضي. سمع: أبا الحسين بن الطيوري، وأبا سعد الأسدي. روى عنه: حفيده محمد بن يوسف، وعبد العزيز بن الأخضر، وجماعة. وتوفي في جمادى الآخرة، وله ثمان وسبعون سنة.
4 (مسعود بن الحسين بن سعد.)
القاضي، أبو الحسين اليزدي، الحنفي. أفتى، ودرّس، وناب في القضاء ببغداد، ثم خرج إلى الموصل ودرّس بها.

(40/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 92
وتوفي في جمادى الآخرة، وله بضع وستون سنة.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن يحيى بن الحسن.)
أبو جعفر بن البوقي الواسطي، العطار، الفقيه الشافعي. كان عارفاً بالمذهب والخلاف والفرائض. تفقّه على أبي علي الفارقي. وسمع: أبا نعيم الجماري، وأبا نعيم بن زبزب، وخميساً الحوزي. وببغداد: أبا بكر الأنصاري، وغيره. وبرع في المذهب، وناظر الفقهاء. ثم استقدمه الوزير عون الدين فحدّث ببغداد.) وروى عنه: ابن الأخضر، وأبو إسحاق الكاشغري، وجماعة. وتوفي في ذي القعدة بواسط، وله سنة.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن سعيد بن أبي الأسود.)

(40/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 93
أبو علي الثقفي، الإصبهاني. حدّث ببغداد عن: أبي علي الحداد، وطائفة. وعنه: محمد بن مشّق، وأبو طالب بن عبد السميع. مات في رجب.

(40/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 94
4 (وفيات سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد العزيز بن الفضل بن الخليع.)
الأنصاريّ، الناسخ، الأندلسيّ، الشريّونيّ. أخذ عن: أبي محمد البطليوسيّ. وأحكم العربية. وكان أديباً شاعراّ، بديع الكتابة. نسخ الكثير، وقتل صبراّ بإشبيلية في حدود هذا العام.
4 (أحمد بن محمد بن هبة الله.)
أبو منصور بن سركيل البغداديّ. سمع: أبا الحسن بن العلاّف. روى عنه: عبد العزيز بن الأخضر. وتوفّي في جمادى الآخرة.
4 (إبراهيم بن الخلف بن الحبيب.)
الفهريّ، الأندلسيّ، من ولد أمير الأندلس، عياض بن يوسف. أخذ الصحيحين عن: ميمون بن ياسين. وغلب عليه علم الأدب والفرائض.

(40/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 95
روى عنه: أبو الخطّاب بن واجب. وعاش أربعاً وثمانين سنة.) ذكره أحمد بن فرتوت في تاريخه فقال: سمع الموطّأ عام سبعة وخمسمائة من القاضي أبي عبد الله محمد بن عليّ بن حمدين. وكان من أهل الإتقان، مشاراً إليه في العلم والذّكاء.
4 (إسماعيل بن عبد الرّحمن بن يحيى بن إسماعيل.)
العثمانيّ الدّيباجيّ أبو الطاهر، أخو المحدّث أبي محمد عبد الله. سمع بإفادة أخيه من جماعة. أخذ عنه: الحافظ أبو الحسن بن الفضل وقال: مات في ذي القعدة بعد أخيه بتسعة عشر يوماً بالإسكندريّة.
4 (حرف الباء)

4 (بشير الهنديّ.)
مولى عبد الحقّ اليوسفيّ. سمع من: أبي سعد بن خشيش، وأبي القاسم بن بيان. وكان رجلاً صالحاً.
4 (حرف الحاء)

4 (الحجّاج بن يوسف الهوّاريّ.)
قاضي الجماعة بمرّاكش، وخطيبها. يكنّى أبا يوسف. وهو من أهل أعمال بجّاية. قال ابن الأبّار: كان فصيحاً مفوّهاً، بليغاً، مدركاً. نال دنيا عريضة. ولمّا توفّي حضر دفنه السّلطان.
4 (الحسن بن سعيد بن أحمد بن الحسن بن البنّا.)

(40/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 96
أبو محمد بن أبي القاسم البغداديّ، الحربيّ، والد غياث. سمع الكثير من: جعفر السرّاج، وأبي غالب الباقلاّني، وأبي سعيد بن خشيش، وغيرهم. روى عنه: ابن الأخضر، وابن الحصريّ، وغيره. وهو من بيت الرواية. توفّي في رجب.
4 (الحسن بن عبد الله بن هبة الله ابن المسلمة.)
) تاج الدّين أخو الوزير أبي الفرج. سمع: أبا منصور بن خيرون.
4 (الحسن بن عبد الجبّار.)
أبو محمد بن البردغوليّ. روى عن: أحمد بن الحسين بن قريش.
4 (الحسن بن عليّ بن نصر بن محمد بن خميس.)
القاضي أبو عليّ الكعبيّ، الموصليّ، قاضي العسكر. توفّي في أوّل سنة اثنتين وسبعين عن ست وستّين سنة. كتب عنه: أبو المواهب بن صصرى.
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن المبارك بن محمد بن عبد الواحد.)

(40/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 97
أبو محمد بن الدّخلة البغداديّ، المقرىء، القزّاز، الكرخيّ. سمّعه أبوه من: أبي عبد الله بن طلحة النّعاليّ، وأبي الحسين بن الطّيوريّ. روى عنه: تميم بن أحمد البندنيجيّ، ومحمد بن مشِّق، وأبو محمد، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الواحد المقدسيّ. وتوفّي في صفر.
4 (حرف الظاء)

4 (ظَفَر بن عمر.)
أبو أحمد الخبّاز. سمع من: شجاع الذّهليّ، ومحمد بن عبد الواحد القزّاز. وحدّث. وتوفّي في صفر أيضاً. روى عنه: عبد الرحمن بن محفوظ، والأعزّ بن فضائل.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد بن خلف بن سعادة.)
) أبو محمد الإصبحيّ، الدّانيّ. سمع: أبا بكر بن نمارة، وأبا الحسن سعد الخير. ثم رحل فأكثر عن السِّلفيّ، وأبي الطاهر بن عون، وكتب عنه الكثير. وسمع منه: جعفر بن أبي عون الشّاطبيّ، وعبد الله بن محمد. وحدّث عنه: أبو القاسم عيسى بن الوجيه عبد العزيز عيسى الشُّريشيّ،

(40/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 98
وحمّله الرواية عن قوم لم يرهم ولا أدركهم، وبعضهم لا يعرف، قاله أبو عبد الله الأبّار في تاريخه، ثم قال: وذلك من أوهام عيسى هذا واضطّرابه في روايته. قال: وقال أبو عبد الله التّجيبيّ: كان ابن سعادة مقرئاً، محدّثاً، ورعاً، فاضلاً، أُخبرت أنّه غرق في البحر عند صدره. قلت: توفّي في بغداد هذه السّنة فيما أرى، أو في الّتي قبلها، كهلاً.
4 (عبد الله بن عبد الرّحمن بن يحيى بن إسماعيل.)
القاضي أبو محمد العثمانيّ، الأمويّ، الديباجيّ، الإسكندرانيّ، المجدّث. روى عن: أبيه، وأبي القاسم بن الفحّام الصّقليّ المقرىء، وأبي بكر محمد بن الوليد الطّرطوشيّ، وأبي عبد الله الرّازيّ، وأبي الفضل جمعة بن إسماعيل بن خلف المقرىء، وعبد الله بن يحيى بن حمّود، وطائفة. وله فوائد في ثمانية أجزاء رواها جعفر الهمذانيّ عنه. وروى عنه: الحافظ أبو محمد عبد الغنيّ، والحافظ عبد القادر الرّهاوي، والحافظ علي بن المفضل، وابن راجح، وآخرون.

(40/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 99
وكان يعرف بابن أبي اليابس. قال ابن المفضّل: كان عنده فنون عدّة. توفّي في شوّال، ومولده في سنة أربع وثمانين وأربعمائة. قال حمّاد الحرّانيّ: رمى السّلفيّ العثمانيّ بالكذب. وقال حمّاد: ذكر لي جماعة من أعيان الإسكندريّة أنّ العثمانيّ كان صحيح السّماعات، وكان ثقة ثبتاً، صالحاً، متعفّفاً، وكان يقرئ النحو و اللغة و الحديث. وسمعت جماعة يقولون إنّه كان يقول: كلّ من بيني وبينه شيء فهو في حلّ ماعدا السّلفيّ) فبيني وبينه وقفة بين يدي الله تعالى. أنشدنا أبو عليّ بن الخلاّل أنشدنا جعفر، أنشدنا أبو محمد العثمانيّ، أنشدني أبو الحسن عليّ بن محمد البغداديّ لنفسه:
(ما أجهل الإنسان في فعله .......... من جمع آثام وأوزار)

(يبخل بالمال على نفسه .......... وهو بها يسخو على النّار)

4 (عبد الله بن عطاف.)

(40/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 100
الأَزديّ، الإسكندرانيّ. ورّخه الحافظ ابن المفضّل وروى عنه، وقال: توفّي في صفر. وكان ثقة متحرّياً. سمع: أبا عبد الله الرّازيّ، وأبا بكر الطّرطوشيّ. وكان لا بأس به في الفقه.
4 (عبد الصّمد بن سعد بن أحمد بن محمد.)
أبو محمد النسويّ، ثم الدمشقيّ، المعروف بالقاضي. ولد سنة خمس وثمانين وأربعمائة. وتوفّي في صفر بدمشق. وسمع من: قوام الدّين بن زيد في سنة خمس وتسعين. روى عنه: الحافظ أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم، وعبد الحق بن خلف، والعزّ محمد بن أحمد النسّابة، وغيرهم.
4 (عليّ بن عساكر بن المرحّب بن العوّام.)
أبو الحسن البطائحيّ، الضرير، المقرىء، الأستاذ. والبطائح: بين واسط والبصرة. قدم بغداد وحفظ بها القراءآت، وقرأه بالروايات الكثيرة المشهورة

(40/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 101
والشّاذّة على أبي العزّ القلانسيّ، وأبي عبد الله البارع، وأبي بكر المزرَفيّ، وسبط الخيّاط. وقرأ بالكوفة على: الشريف عمر بن إبراهيم العلويّ. وسمع من: أبي طالب يوسف، وابن الحصين، وطائفة. وروى الكثير وتصدّر للإقراء. وقرأ القراءآت مدّة طويلة. وكان بارعاً فيها، جيّد المعرفة بالعربيّة، ثقة صحيح السّماع، أثنى عليه غير واحد.) ولد سنة تسعين وأربعمائة أو قبيلها. وروى عنه القراءآت خلق كثير، آخرهم وفاة عبد العزيز بن دُلَف. وسمع منه الكبار. وحدّث عنه الحافظ عبد الغنيّ، وأبو محمد بن قدامة، والحافظ عبد القادر، والزاهد عمر المقدسيّ، والشّهاب بن راجح، وأبو صالح الجيليّ، وعبد العزيز بن ياقا. وآخر من روى عنه وقرأ عليه القراءآت العشر الإمام بها الدّين عليّ بن الجمّيزيّ. وتوفّي في الثامن والعشرين من شعبان.

(40/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 102
4 (... بن محمد بن هبة الله.)
أبو محمد البغداديّ، المعروف بابن المطّلب. سمع: أبا الحسن العلاّف، وأبا طالب اليوسفيّ. سمع منه بمكّة: الفرّاء، وغيره.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن أبي الفرج بن ماشاذة.)
أبو بكر الإصبهانيّ، السكّريّ، المقرىء. مقرئ، مجوّد، عالم بطرق القرّاء، طويل العمر. سمع: الحافظ سليمان بن إبراهيم وتفرّد عنه، والقاسم بن الفضل الرئيس، ومكّيّ بن منصور السلاّرن وغيره.

(40/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 103
روى عنه محمد بن مكّيّ الحنبليّ، والحافظ عبد القادر، وعبد الأعلى بن محمد بن محمد الرّستميّ، وإسحاق بن المطهّر اليزديّ القاضي، وأحمد بن إبراهيم بن سفيان بن مندة، وجامع بن أحمد الخبّاز الإصبهانيّون، وآخرون. وبالإجازة كريمة القرشيّة. وتوفّي في هذا العام وله نيّف وتسعون سنة.
4 (محمد بن سعيد بن محمد بن عمر.)
أبو سعيد بن الإمام أبي منصور الرّزّاز، البغداديّ، المعدّل. سمع: أبا القاسم بن بيان، وابن نبهان، وزاهر بن طاهر، وابن الحصين. وتفقّه على والده، وله شعر حسن. وَلي نظر الحشريّة مدّة، فلم تحمد سيرته. قاله ابن النجّار.) روى عنه: أبو نصر عمر بن محمد الدّينوريّ. وتوفّي في ذي الحجّة وله إحدى وسبعون سنة.

(40/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 104
4 (محمد بن عبد الله بن القاسم بن المظفّر بن عليّ.)
قاضي القضاة، كمال الدّين، أبو الفضل بن أبي محمد بن الشّهرزوريّ، ثم الموصليّ، الفقيه الشافعيّ، ويعرفون قديماً ببني الخراسانيّ. ولد سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، وتفقّه ببغداد على أسعد الميهنيّ. وسمع الحديث من نور الهدى بن أبي طالب الزّينيّ. وبالموصل من: أبي البركات بن خميس، وجدّه لأمّه عليّ بن أحمد بن طوق. وولّي قضاء بلده. وكان يتردّد إلى بغداد وخراسان رسولاً من أتابك زنكي. ثم قدم الشام وافداً على نور الدّين، فبالغ في إكرامه، ونفّذه رسولاً من حلب الديوان العزيز. وقد بنى بالموصل مدرسة، وينى بمدينة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم رباطاً. ثم ولاّه

(40/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 105
السلطان نور الدين قضاء دمشق، ونظر الأوقاف، ونظر أموال السلطان، وغير ذلك. فاستناب ابنه القاضي أبا حامد بحلب، وابن أخيه أبا القاسم بحماه، وابن أخيه الآخر في قضاء حمص. وحدّث بالشام وبغداد. قال القاسم بن عساكر: وُلّي قضاء دمشق سنة خمس وخمسين، وكان يتكلم في الأصول كلاماً حسناً، وكان أديباً، شاعراً، ظريفاً، فكه المجلس، وقف وقوفاً كثيرة، وكان خبيراً بالسياسة وتدبير الملك. وقد أنبا بحضرة أبي قال: أنبا ابن خميس فذكر حديثاً. وقال ابن خلّكان: وُلّي قضاء دمشق، وترقّى إلى درجة الوزارة، وحكم في البلاد الشاميّة، واستناب ولده محيى الدين في الحكم بحلب. وتمكّن في الأيّام النوريّة تمكّناً بالغاً. فلما تملّك صلاح الدين أقرّه على ما كان عليه. وله أوقاف كثيرة بالموصل، ونصّيبين، ودمشق. عظمت رئاسته، ونال ما لم ينله أحد من التقدّم. وقال سبط ابن الجوزي: قدم صلاح الدين سنة سبعين فأخذ دمشق. قال: وكان عسكر دمشق لما رأوا فعل العوام والتقاءهم له، ونثره عليهم الدراهم والذهب، فدخلها ولم يغلق في وجهه باب، وانكفأ العسكر إلى القلعة، ونزل هو بدار العقيقي، وكانت) لأبيه. وتمنّعت عليه القلعة أياماً. ومشى صلاح الدين إلى دار القاضي كمال الدين، فانزعج وخرج لتلقيه، فدخل وجلس وباسطه وقال: طب نفساً، وقرّ عيناً، فالأمر أمرك، والبلد بلدك. فكان مشي صلاح الدين إليه من احسن ما ورّخ، وهو دليل على تواضعه، وعلى جلالة كمال الدين.

(40/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 106
وقال أبو الفرج ابن الجوزي: كان أبو الفضل رئيس أهل بيته، بنى مدرسةً بالموصل، ومدرسة بنصيبين. وولاه نور الدين القضاء، ثم استوزره، ورد بغداد رسولاً، فذكر أنه كتب قصةً إلى المقتفي، وكتب على رأسها محمد بن عبد الله الرسول، فكتب المقتفي: صلّى الله عليه وسلّم. وقال سبط ابن الجوزي: لما جاء الشيخ أحمد بن قدامة والد الشيخ أبي عمر إلى دمشق خرج إليه أبو الفرج ومعه ألف دينار، فعرضها فلم يقبلها، فاشترى بها قرية الهامة، ووقفها على المقادسة. ولما توفي رثاه بحلب ابنه محيي الدين بقصيدتها التي أولها:
(ألمّوا بسفح قاسيون وسلّموا .......... على جدث بادي السنا وترحّموا)

(وأدوا إليه عن لبيب تحيةً .......... يكلّفكم إهداءها القلب والفم)
توفي في المحرم يوم الخميس السادس منه. وقد روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم بن صصرى، وموفق الله بن قدامة، وبهاء الدين بن عبد الرحمن، وشمس الدين عمر بن المنجّا، وأبو محمد بن الأخضر، وآخرون. ومن شعره:
(وجاءوا عشاءً يهرعون وقد بدا .......... بجسمي من داء الصبابة ألوان)

(فقالوا وكل معظم بعض ما رأى .......... أصابتك عين. قلت: إنّ وأجفان)

(40/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 107
4 (محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن علي بن النرسي.)
أبو الفتح الأزجي، الضرير. من بيت حديث وعدالة. سمع: أباه، وأبا القاسم بن بيان، وغيرهما. روى عنه: أبو محمد بن الأخضر، وأبو محمد بن قدامة، وجماعة.) وتوفي في ربيع الأول. ورّخه الدّبيثي. وقال ابن مشّق: توفي في ذي الحجة، والأول أصح وهو الذي نقله ابن النجار.
4 (محمد بن علي بن محمد بن مهند.)
أبو عبد الله بن السقّا، الحريمي، المقرئ. شيخ صالح ملقن، لقن خلقاً. وكان يستقي الماء إلى بيوت الناس ويتعفف به. روى عن: أبي القاسم بن بيان، وغيره. توفي في صفر. روى عنه: عبد الله بن أحمد الخباز، وغيره.
4 (محمد بن غالب.)

(40/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 108
أبو عبد الله الأندلسي، الرصافي، رصافة بلنسية، الرفاء. نزيل مالقة. كان يعيش من صناعة الرفو بيده. قال الأبّار: كان شاعر زمانه. سكن غرناطة مدة، وامتدح أميرها. وشعره مدوّن يتنافس فيه الناس. كان ينظم البديع، ويبدع المنظوم. ولم يتزوج وكان متعففاً. روى عنه من نظمه: أبو علي بن كسرى المالقي، وأبو الحسين بن جبير. توفي في رمضان بمالقة.

(40/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 109
4 (محمد بن محمد بن عبدكان.)
أبو المحاسن البغدادي، المقرئ. قرأ القرآن على: أبي الخير المبارك الغسّال، وأبي سعد محمد بن عبد الجبار الحريمي. قرأ عليه: عبد الوهاب بن برغش. وله مصنف في الأصول سماه نور المحجّة على طريقة الأشعري. ويعرف بابن الضجة.
4 (محمد بن محمود بن محمد.)
أبو طالب بن الشيرازي، البغدادي، المعروف بابن العلوية. سمع: أبا غالب محمد بن الحسن الباقلاني. روى عنه: ابن الأخضر، والحافظ عبد القادر، وجماعة.) وولي قضاء بعض البلاد، وأقام بواسط مدةً، وبها توفي في ذي الحجة.
4 (محمد بن المحسّن بن الحسين بن أبي المضاء.)
الخطيب شمس الدين أبو عبد الله البعلبكي، ثم المصري. نشأ بمصر وقرأ بها الأدب.

(40/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 110
وسمع بدمشق من: الحافظ ابن عساكر، وغيره. ورحل إلى بغداد وسمع بها وقرأ الفقه. وعاد إلى مصر، واتصل بالسلطان صلاح الدين. وهو أول من خطب بمصر لبني العباس. ثم نفّذه السلطان رسولاً إلى الديوان. وسمع ببغداد من: أبي زرعة، وابن البطي. ومات بدمشق ولم يكمل أربعين سنة.
4 (المبارك بن عبد الجبار بن محمد.)
أبو عبد الله البردغولي. روى عن: أحمد بن علي بن قريش. روى عنه: ابنه عبد السلام، وغيره. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (المبارك بن محمد بن المبارك.)
أبو جعفر البصري، المواقيتي، الكتّاني الشافعي، المعدّل. ولد سنة تسعين وأربعمائة. وسمع من: أبي طاهر محمد بن محمد بن إبراهيم العبدي، والغطريف بن عبد الله السعيداني، وجابر بن محمد بن جابر، وعدة. وحدّث ببغداد. وروى عنه: عمر بن محمد بن جابر الصوفي، ومحمد بن غالب الباقدرائي، وطائفة. وسمع من السلفي بالبصرة.

(40/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 111
قال ابن النجار: مات بالبصر بعد السبعين وخمسمائة.
4 (محمود بن محمد بن عبد الواحد بن ماشاذة.)
الإصبهاني الصوفي، نزيل بغداد، وشيخ رباط الأقفاصيين.) زاهد عابد عارف. سمع من: زاهر الشحّامي، وأبي غالب بن البناء، وأبي بكر المزرفي. وله مصنفات في الحقائق. سمع منه: عمر بن علي القرشي، ومحمد بن بنا الضرير. توفي في ربيع الآخر، كذا ترجمه ابن النجار.
4 (مسعود بن عبد الله بن عبيد الله.)
أبو عبد الله البغدادي الواعظ. روى بدمشق عن أبي الوقت. وعنه: أبو القاسم بن صصرى. مات في رمضان.
4 (مسلم بن ثابت بن زيد بن القاسم.)
أبو عبد الله بن النخاس، الوكيل، البغدادي. ويعرف بابن جوالق والد عبد الله. فقيه إمام حنبلي. تفقه على: أبي بكر الدينوري. وتوكل لبعض الأمراء، وعلّت سنه. وحدّث بالكثير عن: أبي بكر بن سوسن، وأبي القاسم بن بيان، وابن نبهان، وأبي النرسي، وجماعة. وولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة.

(40/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 112
روى عنه: أبو محمد بن قدامة، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي، وأبو البقاء إسماعيل بن محمد بن يحيى الهمذاني، والحسين بن مسعود البيّع، وعثمان بن أبي نصر بن الوتار، وآخرون. توفي في ذي الحجة. وقد سمع منه أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، والقدماء.
4 (حرف النون)

4 (نصر بن سيّار بن صاعد بن سيّار.)
شرف الدين، أبو الفتح الكناني، الهروي، القاضي الحنفي، الفقيه.) من بيت القضاء والحشمة والرواية. وكان خبيراً بالمذهب، عالي الإسناد، معمّراً. سمع الكثير من: جدّه القاضي أبي العلاء صاعد بن سيّار بن يحيى بن محمد بن إدريس، والقاضي أبي عامر محمود بن القاسم الأزدي، وأبي عطاء عبد الأعلى بن أبي عمر المليحي، والزاهد محمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون الواسطي، وأبي نصر أحمد بن أبي المعروف بأميرجة سك، وغيرهم. وأجاز له شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري، وأبو القاسم أحمد بن محمد الخليلي.

(40/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 113
قال ابن السمعاني: كان فقيهاً، مناظراً، فاضلاً، متديّناً، حسن السيرة، مطبوع الحركات، تاركاً للتكلف، سليم الجانب. ولد في شوال سنة خمس وسبعين وأربعمائة. قلت: روى عنه هو، وابنه أبو المظفر عبد الرحيم، وأبو القاسم زنكي بن أبي الوفاء، ومودود بن محمود الشقّاني، والحافظ عبد القادر الرهاوي، والمفتي ضياء الدين أبو بكر بن علي المامنجي، المصري، وآخرون. وبالإجازة القاضي شمس الدين ابن الشيرازي. قال السمعاني في تحبيره: سمعت منه جامع الترمذي، وسمعت منه كتاب الزهد لسعيد بن منصور، بروايته عن جده. وقال ابن نقطة إنه حدّث بكتاب الجامع للترمذي، عن أبي عامر الأزدي. وسمع صحيح الإسماعيلي، من جده، وكان سماعه صحيحاً. وبلغني أنه توفي يوم الثلاثاء عاشر المحرم. قلت: عاش سبعاً وتسعين سنة. وكان رحمه الله أسند من بقي بخراسان.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن علي بن محمد بن زنبقة.)
أبو القاسم الصفار. شيخ بغدادي. سمع: شجاعاً الدّهلي، وأبا علي بن المهدي. روى عنه: عبد الوهاب بن أزهر.)

(40/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 114
قال ابن القطيعي: مات في شوال.
4 (هبة الله بن يحيى بن محمد بن هبة الله.)
أبو محمد البغدادي، الوكيل بباب القضاة. سمع: أبا الحسن العلاّف. روى عنه: أبو الفتوح بن الحصري. توفي في ربيع الآخر.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن أحمد.)
أبو شجاع بن البراج، الوكيل بباب القضاة، ثم زكّي، وشهد وتقدم. روى عن: أبي القاسم بن الحصين، وغيره. كتب عنه: عمر القرشي، وغيره.
4 (يحيى بن محمد بن أحمد بن إبراهيم.)
أبو زكريا بن الخطاب الرازي، ثم الإسكندراني. سمع من والده وتوفي في هذه السنة. وحدّث. ضعّفه ابن المفضّل وقال: لا أروي عنه. وفيها ولد الشيخ الفقيه حونين في رجب، والصفي إسماعيل بن إبراهيم بن الدرجي بدمشق، والكمال علي بن شجاع الضرير بمصر في شعبان، والشيخ أوحد الدين عمر الدويني.

(40/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 115
4 (وفيات سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أحمد بن عبد العزيز بن أبي يعلى.)
أبو جعفر ابن القاصّ الشيرازي، ثم البغدادي، القطفطي المقرئ، الزاهد. صاحب رياضة وتعبّد ونسك وعرفان وتصوّف.) قرأ القراءآت على أحمد بن علي بن بدران الحلواني، وأبي الخير المبارك الغسّال، وأبي بكر محمد بن بركات بن سلامة الدارمي الآمدي. وسمع: أبا محمد بن الأبنوسي، وأبا القاسم بن بيان، وجماعة. وحدّث وأقرأ الناس. أخذ عنه جماعة وأثنوا عليه. وتوفي في صفر وله سبع وسبعون سنة. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأبو بكر بن مشّق، وآخرون، وأبو القاسم بن صصرى، وأحمد بن أحمد البندنيجي. وقرأ عليه بالروايات عبد العزيز بن دلف، وجماعة.

(40/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 116
4 (أحمد بن حامد بن الفرات بن أحمد بن مهدي.)
أبو العباس الربعي، الضمري، البزاز. سمع ابن الخطاب الرازي بثغر الإسكندرية. روى عنه: ابن صصرى في مشيخته، وفيها أنه ولد بقرية ضمير سنة ست وثمانين وأربعمائة. وله شعر حسن. مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث هذه.
4 (أحمد بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس.)
أبو العباس البغدادي، الحنبلي، الفقيه، الزاهد. ولد سنة إحدى وخمسمائة. وسمع من: أبي سعد بن الطيوري، وأبي طال الزينبي. وتفقّه على أبي بكر الدينوري، وأبي خازم بن القاضي أبي يعلى. وأنشأ له نصر بن العطار التاجر مدرسةً ودرّس بها. وأقرأ الفقه وتخرّج به جماعة. وكان زاهداً عابداً، خيّراً، متنبّلاً، كبير القدر. قرأ أيضاً القراءآت على أبي عبد الله البارع، وأبي بكر المزرفي.)

(40/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 117
روى عنه: موفق الدين المقدسي وقال: كان من أصحاب أحمد، وله مسجد ومدرسة. يتكلم في مسائل الخلاف ويدرس. وكان يتزهد وما علمت منه إلا الخير. قال ابن مشّق: توفي في خامس صفر. وروى عنه أيضاً عبد العزيز بن باقا، ومحمد بن أحمد بن شافع.
4 (أرسلان بن طغرل بن محمد بن ملكشاه.)
السلجوقي السلطان. توفي في هذا العام. وكان القائم بدولته زوج أمه شمس الدين إلدكز، وابنه البهلوان. وكان أرسلان سلطاناً مستضعفاً، له السكة والخطبة. ولما مات خطب

(40/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 118
بعده لولده طغرل الذي قتله خوارزم شاه، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد.)
أبو علي بن الخويري، العباسي. سمع: إسماعيل بن السمرقندي، وطائفة. وقرأ بالروايات على الشهرزوري، وأقرأ القراءآت والعربية بواسط. وكان يعلم الموسيقى، فيه دين وتعبّد. أرّخه ابن النجار.
4 (حرف الدال)

4 (داود بن محمد بن الحسن بن خالد.)
القاضي أبو سليمان الخالدي، الإربلي، ثم الحصكفي، الفقيه الشافعي. ولد سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة بالموصل. وتفقه ببغداد. وسمع: أبا القاسم بن بيان ببغداد وأبا منصور محمد بن علي بن محمود الكراعي بمرو. وقدم دمشق رسولاً فحدّث بها، ثم سكن الموصل وحدّث بها بأشياء منها صحيح البخاري، لكنه أسقط من إسناده إلى البخاري رجلاً، واستمر الوهم عليهم وعليه.

(40/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 119
روى عنه: أبو القاسم بن صصرى، والقاضي أبو نصر بن الشيرازي.) وأجاز البهاء عبد الرحمن. وتوفي بالموصل يوم النحر، وقد ولي قضاء كيفا مدة.
4 (داود بن يزيد.)
أبو سليمان السعدي، الغرناطي. بقية النحويين بالأندلس. أخذ عن: أبي الحسن بن الباذش وكان من أكبر تلامذته. وسمع من: أبي محمد بن عتّاب، وأبي بحر بن العاص، وابن مغيث، وغيرهم. وكان له مشاركة في علم الحديث. أخذ القراءآت عنه، ومن رواته: أبو بكر بن أبي زمنين، وأبو الحسن بن خاروف، وأبو القاسم الملاحي. وتوفي عن خمس وثمانين سنة.
4 (حرف الصاد)

4 (صدقة بن الحسين بن الحسن بن بختيار.)

(40/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 120
أبو الفرج بن الحداد البغدادي، الفقيه، الحنبلي، الناسخ. تفقه على: أبي الوفاء بن عقيل، وأبي الحسن بن الزاغوني وسمع منهما. ومن: أبي عثمان بن ملّة، وأبي طالب اليوسفي. وكان قيّماً بالفرائض والحساب، ويفهم الكلام. وأقرأ الناس، وتخرّج به جماعة. وكان مليح الخط، نسخ الكثير، وكان ذلك معاشه. وكان يؤمّ بمسجد وهو يقيم فيه. قال أبو الفرج بن الجوزي: ناظر وأفتى إلا أنه كان يظهر في فلتات لسانه ما يدل على سوء عقيدته. وكان لا ينضبط، فكل من يجالسه يعثر منه على ذلك. وكان تارةً يميل إلى مذهب الفلاسفة، وتارةً يعترض على القدر. دخلت عليه يوماً وعليه جرب فقال: ينبغي أن يكون هذا على جمل لا علي.

(40/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 121
وقال لي يوماً: أنا لا أخاصم إلا من فوق الفلك. وقال لي القاضي أبو يعلى: مذ كتب صدقة الشفاء لابن سينا تغير. وحدثني علي بن الحسن المقرئ فقال: دخلت عليه فقال: والله ما أدري من أين جاءوا بنا، ولا إلى أي مطبق يريدون أن يحملونا.) وحدثني الظهير بن الحنفي قال: دخلت عليه فقال: إني لأفرح بتعثيري. قلت: ولم قال: لأن الصانع يقصدني. وكان طول عمره ينسخ بالأجرة، وفي آخر عمره تفقده بكيس، فقيل له، قال: أنا كنت أنسخ طول عمري فلا أقدر على دجاجة. فانظر كيف بعث لي الحلواء والدجاج في وقت لا أقدر أن آكله. وهو كقول ابن الراوندي: وكنت أتأمل عليه إذا قام للصلاة، وأكون إلى جانبه، فلا أرى شفتيه تتحرك أصلاً. ومن شعره:
(لا توطّنها فليست بمقام .......... واجتنبها فهي دار الانتقام)

(أتراها صنعةً من صانع .......... أم تراها رميةً من غير رام)
فلما كثر عثوري على هذا منه هجرته، ولم أصلّ عليه حين مات. وكان يعرف منه فواحش. وكان يطلب من غير حاجة. وخلّف ثلاثمائة دينار. وحكي عنه أنه رؤي له منامات نحسة، نسأل الله العفو.

(40/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 122
توفي في ربيع الآخر في عشر الثمانين.
4 (حرف العين)

4 (عبد الباقي بن أبي العز بن عبد الباقي ابن الكوار.)
البغدادي الصوفي، ويعرف بابن القوّالة. روى عن: أبي الحسين بن الطيوري. روى عنه: عمر بن بكرون، وابن الأخضر.

(40/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 123
وتوفي في ربيع الآخر.
4 (عبد الرحمن بن أبي القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن.)
روى عن: أبي القاسم بن النخاس، وأبي محمد بن عتّاب، وغيرهم. قال الأبّار: وكان فقيهاً مشاوراً. ولي القضاء، وكان عريقاً في العلم والنباهة. سمع منه: ابنه أبو الوليد يزيد، وحفيده شيخنا أبو القاسم أحمد بن يزيد. وتوفي عن ثمان وسبعين سنة.)
4 (عبد العزيز بن أحمد بن غالب.)
أبو الأصبغ بن مؤمّل البلنسي، الزاهد، المقرئ. قال الأبّار: أخذ القراءآت عن ابن هذيل، وكان مقدّماً فيها، عارفاً بالتعليل، مجوّداً، فرداً في الاجتهاد، صوّاماً قوّاماً، صاحب ليل. ولم يتزوج قط. توفي في حدود سنة ثلاث.
4 (عبد الكريم بن عسكر.)
أبو محمد المخزومي، الخالدي، الهمذانيّ الأصل. ولد بمصر، وسكن الإسكندرية. وكان يعرف بالنجار. سمع من: أبي صادق مرشد، وأبي عبد الله الرازي. قال الحافظ ابن المفضّل: سألته عن مولده فقال: في رجب سنة سبع وتسعين.

(40/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 124
سمعنا منه كتاب الأثمان لابن أبي شيبة، والحادي والعشرين من حديث الدّهليز. وكان شيخاً صالحاً. قال لي: نسبي عندي بخط أبي إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه. وتوفي في تاسع عشر ذي الحجة. قلت: روى عنه. جعفر الهمذاني، وعبد الوهاب بن روّاج، وجماعة.
4 (... بن عبد الله بن عبد الرحمن بن مسعود بن عيشون.)
أبو مروان المعافري، البلنسي. روى عن: أبي الوليد بن الدباغ. وحج فلقي: أبا علي بن العوجا، وأبا عبد الله المازري، وأبا طاهر بن سلفة. روى عنه: أبو عبد الله بن نوح الغافقي. قال الأبّار: وكان نهاية في الصلاح والبر والخير، متواضعاً. لم يتزوّج، وكان ذا ثروة، واقتنى كثيراً من الكتب. وتوفي سنة ثلاث أو.
4 (عتيق بن عبد العزيز بن علي بن صيلا.)
أبو بكر الحربي، الخباز، والد عبد الرحمن، وعبد العزيز. سمع: عبد الواحد بن علوان الشيباني، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وغيرهما.) روى عنه: أبو محمد بن الأخضر، وعبد الرزاق الجيلي، وأحمد بن أحمد البندنيجي، والبهاء عبد الرحمن، والأنجب بن محمد بن صيلا الحمامي، وأبو القاسم بن أبي الحسين المالحاني، وآخرون.

(40/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 125
ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. ومات في ربيع الآخر وله ثمان وخمسون سنة.
4 (علي بن الحسين بن علي.)
أبو الحسن اللّواتي الفاسي. روى عن: أبي جعفر بن بافي، وأبي الحسين بن الأخضر الإشبيلي أخذ عنه النحو واللغة. وسمع: أبا عبد الله بن شبرين. وأجاز له أبو عبد الله الخولاني، وأبو علي الصدفي. وحدّث بالموطّأ عن الخولاني، لقيه سنة إحدى وخمسمائة، وأجاز له وروى عن جماعة آخرين. قال الأبّار: كان فقيهاً، مشاوراً، فاضلاً، متقناً. أخذ عنه يعيش بن النديم، وأبو عبد الله بن الحق التلمساني، وأبو الخطاب بن الحمّيل، يعني ابن دحية. ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة.
4 (علي بن عبد الله بن حمود.)
أبو الحسن المكناسي، الفاسي، وأصله من مكناسة الزيتون، حج سنة اثنتي عشرة. وأخذ عن أبي بكر الطرطوسي سنن أبي داود، وصحيح مسلم، أخذ عن طرخان، وجامع أبي عيسى، عن ابن المبارك.

(40/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 126
ودخل الأندلس مرابطاً. ثم حج ثانياً وجاور، وأقام بالحرم. قال ابن الأبّار: وكان زاهداً، ورعاً، محسناً إلى الغرباء. توفي بمكة عن سبع وسبعين سنة.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت نصر بن العطار البغدادية.)
أخت صاحب المخزن. امرأة محتشمة، زاهدة، عابدة، كبيرة القدر. سمعها أرباب الدولة لأجل أخيها، وخلق كثير.) وقال أخوها إنها ما خرجت من البيت في عمرها إلاّ ثلاث مرات رضي الله عنها.
4 (... بن حيدرة.)
أبو المجد البجلي، الكاتب. توفي بدمشق في جمادى الأولى. يروي عن: الحسن بن صصرى. روى عنه: الحافظ أبو المواهب وقال: ولد سنة خمس وثمانين وأربعمائة. ويعرف بابن الرميلي. وروى عنه أيضاً أبو القاسم بن صصرى.
4 (حرف الكاف)

4 (كمشتكين.)

(40/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 127
نائب حلب للملك الصالح إسماعيل بن نور الدين، ولقبه: سعد الدين. وهو مدبر دولة الصالح. وكان الرئيس أبو صالح ابن العجمي كالوزير في دولة إسماعيل فقتل، فاتهموا به سعد الدين، وحسّنوا للصالح القبض عليه، فقبض عليه وقتل تحت العذاب في هذه السنة. لأن رفقاءه الخدام حسدوا مرتبته، ومالوا إلى أبي صالح، فجهز كمشتكين عليه جماعة من الباطنية، فقتلوه يوم جمعة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عبد الجبار.)
الفقيه، أبو المظفّر الحنفي، المعروف بالمشطّب السّمناني. تفقه بمرو على أبي الفضل الكرماني، وأفتى، وناظر، ودرّس. وكان مولده في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة وجال في بلاد المشرق، ثم استوطن بغداد، ودرّس المذهب بمدرسة زيرك. وحدّث عن: أبي المعالي جعفر بن حيدر، والحسين بن محمد بن فرّخان. وعنه: عمر القرشي. وتوفي في حادي عشر جمادى الأولى، وشيّعه قاضي القضاة، والناس.
4 (محمد بن أحمد بن هبة الله بن محمد.)
)

(40/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 128
أبو عبد الله بن أبي منصور الدّيناريّ. ذكر أنّه من ولد ذي الرياستين. روى عن: أبي القاسم بن بيان. وأبي النّرسيّ. سمع منه: عمر بن علي القرشيّ، وعمر بن محمد العليميّ، وعبد العزيز بن الأخضر. وتوفّي في آخر العام، وقيل: توفّي في شوّال سنة.
4 (محمّد بن أسعد حفَدة العطّاريّ.)
درّس، وأفتى، وناظر، وأخذ عن: الغزاليّ. وقد ذكر في سنة إحدى وسبعين. وذكره في سنة ثلاث أبو الفرج بن الجوزيّ، وابن الدّبيثي وقال: روى عن أبي الفتيان عمر الدّهستانيّ. ثنا عنه: عبد الوهّاب بن سكينة، وابن الأخضر. وطوّل فيه ابن النجّار.
4 (محمد بن بدر بن عبد الله.)
أبو الرّضا الشّيحيّ. كان أبوه يروي عن أبي بكر الخطيب. سمع: أباه، وأبا الحسن بن العلاّف، وأبا القاسم بن بيان. روى عنه: أحمد بن أحمد البندنيجيّ، وابن الأخضر. وآخر من روى عنه يحيى بن القميرة. توفّي في ربيع الأوّل.
4 (محمد بن بُنيمان بن يوسف.)
الهمذانيّ. توفّي في آخر السّنة عن تسعين سنة.

(40/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 129
وكان مسنِد همذان في وقته. يحوّل إلى هنا. نعم. هو أبو الفضل المؤدّب الأديب. سمع: محمد بن جامع القطّان الجوهريّ، شيخ همذانيّ.) وقد روى عن ابنه جامع بن محمد، والرّيحانيّ. وتوفّي سنة إحدى وسبعين. وسمع من: مكّيّ بن منصور السّلاّر الكرجيّ، ومن: سعد بن عليّ العجليّ مفتي همذان، ومن: عبد الرحمن بن حمد الدّونيّ، وغيرهم. روى: سنن النّسائيّ، وعمل يوم وليلة لابن السُّنّيّ، عن الدّونيّ. قال السّمعانيّ: هو أبو الفضل المؤدّب المؤذّن الأُشنانيّ. وهو سبط أحمد بن نصر الحافظ الأعمش. شيخ أديب فاضل، جميل الطّريقة، له سمتٌ، ووقار، وصلاح، وتودّد، مكثر من الحديث. سمع من: جدّه، وعبدوس بن عبد الله بن عبدوس، والحسن بن ياسين، وجماعة كبيرة بإفادة جدّه. وقرأ الأدب على أبي المظفّر الأبيورديّ. سمعت من لفظه كتاب سنن التّحديث لصالح بن أحمد الهمذانيّ، وجزء الذُهليّ. قلت: حدّث عنه: يوسف بن أحمد الشّيرازيّ في الأربعين البلدانية له، وأبو المواهب بن صصرى، ومحمد بن محمد الكرأبيسيّ، وآخرون. وكان أسند من بقي ببلده. وكان شيخاً صالحاً، أديباً، فاضلاً، انفرد بالرواية عن جماعة.

(40/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 130
قال أبو المواهب: سألته عن مولده فقال: سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وتوفّي في آخر سنة ثلاث وسبعين بهمذان.
4 (محمود بن تكَش.)
الأمير شهاب الدين الحارميّ، خال صلاح الدين. أعطاه السلطان حماه عندما تملّكها، فبقي بها هذه المدّة، ومرض فحاصرته الفرنج حصاراً شديداً، ولولا لطف الله لأخذت الفرنج حماه. ولمّا ترحّلوا توفّي شهاب الدين. توفّي قبله بثلاثة أيّام ولده، وكان شابّاً مليحاً، من أحسن أهل زمانه.
4 (محمّد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفّر ابن رئيس الرؤساء أبي القاسم عليّ ابن المسلمة.)
أبو الفرج، وزير العراق.)

(40/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 131

(40/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 132
سمع من: ابن الحصين، وعبيد الله بن محمد بن البيهقيّ، وزاهر الشّحّاميّ. روى عنه: حافده داود بن عليّ. وكان أوّلاً أستاذ دار المقتفيّ، والمستنجد، ووَزر للمستضيء. وكان فيه مروءة وإكرام للعلماء. ولد سنة أربع عشرة وخمسمائة، وكان يلقّب عضد الدين. وكان سريّاً، مهيباً، جواداً. قال الموفّق عبد اللطيف: كان إذا وزن الذّهب يرمي تحت الحصر قراضةً كثيرة قدر خمسة دنانير، فأخذت منها يوماً، فنهرني أبي وقال: هذه يرميها الوزير برسم الفرّاشين. وكان يسير في داره، فلا يرى واحداً منّا معشر الصّبيان إلاّ وضع في يده ديناراً، وكذا كان يفعل ولداه كمال الدين، وعماد الدين، إلاّ أنّ دينارهما أخفّ. وكان والدي ملازمه على قراءة القرآن والحديث. استوزره الإمام المستضيء أوّل ماولي، واستفحل أمره. وكان المستضيء كريماً رؤؤفاً، واسع المعروف، هيّناً، ليّناً. وكانت زوجته بنفسه كثيرة الصّدقات والمروءة. وكان الوزير ذا انصباب إلى أهل العلم والصّوفيّة، يسبغ عليهم النعمة، ويشتغل هو وأولاده بالحديث والفقه والأدب. وكان الناس معهم في بلهَنيّة،

(40/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 133
ثم وقعت كدورات، منها الإحنة التي وقعت بينه وبين قطب الدين قايماز. قلت: ذكرتها في مكانها. وعزل ثم أُعيد إلى الوزارة. وخرج من بيته حاجّاً في رابع ذي القعدة، فضربه واحد من الباطنيّة أربع ضربات على باب قطُفتا، فحمل إلى دار هناك، فلم يتكلّم، إلاّ أنّه كان يقول: الله، الله. وقال: ادفنوني عند أبي. ثم مات بعد الظّهر، رحمه الله تعالى.
4 (محمد بن عبد الله بن الحسين بن السَّكن.)
أبو سعد بن المعوَجّ. ولّي حجابة الباب النّوبيّ في سنة إحدى وسبعين، وجرح مع الوزير أبي الفرج المذكور جراحات منكرة، ومات ليلتئذٍ.
4 (محمد بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن منصور.)
) أبو الثناء الزّيتوني، الواعظ، المجهر، سبط ابن الواثق. ولد سنة اثنتين وخمسمائة. وسمع: هبة الله بن الحصين، وأبا بكر الأنصاريّ. وبنيسأبور من: محمد بن الفضل الفراويّ، وعبد الجبّار الخواريّ، وأبي سعيد بن أحمد بن محمد صاعد، وزاهر بن طاهر، وعبد الغافر بن إسماعيل. وبهراة: تميم بن أبي سعيد الجرجانيّ. ولزم مسجداً في آخر عمره يعظ فيه، ويروي الحديث.

(40/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 134
وسمع منه خلق، وحدّث بكتاب أسباب النّزول للواحديّ. روى عنه: أبو طالب بن عبد السميع، وأبو محمد بن قدامة، والبهاء عبد الرحمن، وطائفة. قال ابن قدامة: كان شيخ جماعة، له أصحاب. حدّثني الشهاب الهمذانيّ أنّه رجل صالح له كرامات. وقال ابن النجّار: لزم مسجده معتكفاً على الإقراء والتحديث والوعظ ونفع الناس. وكان مشهوراً بالصلاح والزّهد والعبادة والتّقى، كان الناس يتبرّكون به ويستشفون بدعائه. وكان له صيت عظيم عند الخاصّ والعام. كان السلطان مسعود يأتي إلى زيارته، ويقال إنّه وُجد في تركته عدّة رقاع قد كتبها إليه السلطان يخاطبه فيها بخادمه. وكان مليح الخلقة، ظريف الشكل، بزِيّ الصوفية، وله تلاميذ ومريدون. وقال ابن الدّبيثي: توفّي في نصف رمضان رحمه الله.
4 (محمد بن ميدمان.)
أبو عبد الله الكلبيّ، القرطبيّ. سمع: جامع الترمذيّ سنة عشرين وخمسمائة من عبّاد بن سرحان. وكان أديباً متصرّفاً فاضلاً. ذكره الأبّار.
4 (منوية.)
أمة الواحد بنت عبد الله بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف، ابنة عم أبي الحسين بن عبد الحقّ) وزوجته.

(40/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 135
سمعت من: أبي الحسن بن العلاّف. وصفها أبو سعد بن السّمعانيّ، وروى عنها هو، وموفّق الدين بن قدامة، وآخرون. وتوفّيت في المحرّم في عشر الثّمانين، رحمها الله.
4 (حرف الهاء)

4 (هارون بن العبّاس بن محمد بن أحمد بن محمد بن المأمون.)
أبو محمد الهاشمي، العباسي، المأموني، البغدادي، الأديب. سمع: أبا بكر الأنصاري، وأبا منصور بن زريق الشيباني، وغيرهما. وصنف شرحاً لمقامات الحريري مختصراً. وجمع تاريخاً على السنين فيه أخبار الأوائل والحوادث والدول في مجلدين. توفي في ذي الحجة.
4 (هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن محمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن صصرى.)
القاضي الجليل أبو الغنائم الربعي، التغلبي. الدمشقي. روى عن: يحيى بن بطريق، وابن المسلم، وهبة الله بن طاووس، وجماعة. وتفقه وقرأ القرآن، وحصّل وشهد على القضاة، وحدّث بدمشق والحرمين. روى عنه: ولداه أبو المواهب، وأبو القاسم. وكان كثير البر والتعبد والتلاوة. يختم في شهر رمضان ثلاثين ختمة.

(40/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 136
توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث، وله اثنتان وستون سنة.
4 (حرف لام ألف)

4 (لاحق بن علي بن منصور بن كارة.)
أبو محمد أخو دهبل. روى عن: أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان. كتب عنه أبو سعد السمعاني، وذكره في تاريخه. وحدّث عنه: ابن الأخضر، والشيخ الموفق، والبهاء، وآخرون. توفي ليلة نصف شعبان، وله ثمان وسبعون سنة.) وعنه: ابن المقيّر، وعبد العزيز بن خلف.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن موهوب بن المبارك بن السدنك.)
أبو نصر المستعمل، أخو أحمد. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا العز محمد بن المختار، وغيرهما. روى عنه: ابن الأخضر، وعبد العزيز بن الزبيدي، والبهاء عبد الرحمن، ومحمد بن عبد الواحد بن سفيان، وجماعة. وتوفي في شوال، وله أربع وسبعون سنة.
4 (يحيى بن يوسف بن أحمد.)

(40/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 137
أبو شاكر السقلاطوني، عرف بصاحب ابن بالان. شيخ مسند، معمر. روى عن: ثابت بن بندار، والحسين بن علي بن البسري، وابن الطيوري، وأبي سعد بن حشيش، وأحمد بن سوسن، وغيرهم. روى عنه: ابن الأخضر، وابن قدامة، والبهاء، والمبارك بن علي المطرز، وأبو الحسن علي بن هبة الله بن الجمّيزي، وآخرون. وكان خبّازاً. توفي في شعبان.
4 (يوسف بن محمد.)
أبو الحجاج الإسكندري، المؤدب. سمع: أبا بكر الطرطوشي. قال ابن المفضل: ثنا، وكان فرضيّاً، له شعر. وفيها ولد الشريف أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن علي الحسيني، الحلبي، ثم المصري في رمضان. ومحمد بن سليمان بن أبي الفضل الأنصاري ليلة الفطر.

(40/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 138
4 (وفيات سنة أربع وسبعين وخمسمائة)
)
4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أحمد بن علي.)
أبو منصور النهرواني، المؤدب، المعروف بابن بهدل. سمع: أبا سعد أحمد بن الطيوري، وغيره. سمع منه: عمر القرشي، وأبو القاسم بن البندنيجي. وتوفي في رمضان عن ثمانين سنة. روى عنه: ابن الطيوري.
4 (أحمد بن علي بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن علي بن المهتدي بالله.)
أبو تمام بن أبي الحسن بن أبي تمام الهاشمي ابن الغريق. خطيب الحربية. روى عن: ابن الحصين، وغيره. كتب عنه: محمد بن المبارك بن مشّق.
4 (أحمد بن علي بن الحسين بن الناعم.)
أبو بكر الوكيل بباب القاضي. سمع: هبة الله بن أحمد الموصلي، وأبا القاسم بن بيان، وابن بدران الحلواني، والقاسم بن علي الحريري.

(40/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 139
روى عنه: ابن الأخضر، وأبو محمد بن قدامة، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. توفي في ربيع الأول.
4 (أحمد بن نصر بن تميم.)
الفقيه أبو زيد الحموي، الأشعري، المتكلم. كان متعصباً في علم الكلام. ولي حسبة دمشق وحسبة مصر.
4 (إبراهيم بن أحمد.)
والد البهاء عبد الرحمن المقدسي. توفي في رجب. قرأت ترجمته بخط الضياء، وقال: ولد في حدود سنة خمس وعشرين وخمسمائة. وسألت عنه) خالي الموفق، فقال: كان رجلاً كاملاً حسن الخلق. كان يمازحني وأنا صغير، وكنت أحبه لحسن خلقه. سمعت أن عمي إبراهيم سافر إلى مصر في تجارة، ومضى إلى إسكندرية فسمع من السلفي. وكان مقدّم الفرنج قد حبسه وأراد صلبه لأنهم وجدوه ومعه متاع من آلة الكنيسة قد اشتراه من سارق، فهرب هو وغيره من الحبس بالليل.
4 (أسعد بن بلدرك بن أبي اللقاء.)
أبو أحمد الجبريلي، البواب بدار الخلافة. شيخ بغدادي، معمر. قال: عمر بن علي القرشي: سألته عن مولده فقال: في ربيع الأول سنة سبعين وأربعمائة.

(40/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 140
قلت: كان يمكن أن يجيز له أبو الحسين بن النقّور، وأن يسمع من أبي نصر الزينبي فيبقى مسند الدنيا. قال ابن الدّبيثي: كان أبوه صاحباً للرئيس أبي الخطاب بن الجرّاح، فأسمعه منه، ومن: أبي الحسن بن العلاف. روى عنه: ابن الأخضر، والشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، ومحمد بن أبي البدر مقبل بن فتيان بن المنّى، وطائفة سواهم. توفي في سلخ ربيع الأول.
4 (... بن أبي الفوارس بن أبي بكر.)
أبو بكر الإصبهاني، السنباك. سمع: أبا مطيع محمد بن عبد الواحد. وحدّث في رجب من السنة. ولا أعلم وفاته. روى عنه: الحافظ عبد الغني.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن علي بن محمد بن فرج.)
الكلبي، المعروف بابن الجميّل الداني. والد عمر وعثمان المحدّثين النازلين بديار مصر.) نزل أبو علي سبتة، وبها توفي عن ثمانين سنة. قال الأبّار: لا أعلم له رواية.

(40/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 141
4 (حرف الزاي)

4 (زيد بن نصر بن تميم.)
الحموي، الفقيه الشافعي. كذا سمّاه أبو المواهب بن صصرى، وهذا هو أبو زيد أحمد بن نصر المذكور آنفاً. وقال: توفي في شعبان بدمشق وقد جاوز السبعين، وكان ذا فنون وذا خبرة بمقالة الأشعري. وروى عن: عبد الكريم بن حمزة، وجمال الإسلام وتفقه عليه مدة. قال البهاء ابن عساكر: كان شديد التعصّب في مذهب الحق، وهو زيد أبو القاسم الحموي، ثم تسمّى بأحمد، وتكنّى بأبي زيد. قلت: روى عنه: أبو القاسم بن صصرى.
4 (حرف السين)

4 (سعد بن محمد بن سعد بن صيفي.)

(40/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 142
شهاب الدين، أبو الفوارس، الشاعر المشهور، الملقّب بالحيص بيص، ومعناهما: الشدّة والاختلاط. قيل إنه رأى الناس في شدّة وحركة، فقال: ما للناس في حيص بيص فلزمه ذلك. وكان من فضلاء العالم. وتفقه على مذهب الشافعي بالري على القاضي محمد بن عبد الكريم الوزّان، وتكلم في مسائل الخلاف. وذكره ابن السمعاني في ذيله فقال: كان فصيحاً، حسن الشعر. وذكره ابن أبي طيء في تاريخ الشيعة فقال: شاعر فاضل، بليغ، وافر الأدب، عظيم المنزلة في الدولتين العباسية والسلجوقية. وكان ذا معرفة تامة بالأدب، وباع في اللغة، وحفظ كثير للشعر. وكان إماماً في الرأي، حسن العقيدة. حدّثني عبد الباقي بن زريق الحلبي الزاهد قال: رأيته واجتمعت به فكان صدراً في كل علم، عظيم النفس، حسن الشارة، يركب الخيل العربية الأصيلة ويتقلّد بسيفين، ويحمل حلقة الرمح،) ويأخذ نفسه بمآخذ الأمراء، ويتبادى في لفظه، ويعقد القاف. وكان أفصح من رأيت. وكان يناظر على رأي الجمهور. وقال الزينبي: سمع من: أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي. وبواسط من: أبي المجد محمد بن جهور.

(40/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 143
وله ديوان شعر مشهور وترسّل. وكان برعاً في الشعر، محسناً، بديع المعاني، مليح الرسائل ذا خبرة تامة باللغة. ومن شعره:
(فما أنصفت بغداد نائبها الذي .......... كثر الثناء به على بغداد)

(سل ذا إذا مدّ الجدال رواقه .......... بصوارم غير السيوف حداد)

(وجرت بأنواع العلوم مقالتي .......... كالسيل مدّ إلى قرار الوادي)

(وذعرت ألباب الخصوم بخاطر .......... يقظان في الإصدار والإيراد)

(فتصدّعوا متفرقين كأنهم .......... مال تفرقه يد ابن طراد)
وله يستعفي من حضور سماط ابن هبيرة، ويسمون السماط: الطبق، لما كان يناله من تألمه بقعود بعض الأعيان فوقه، فقال:
(يا باذل المال في عدم وفي سعة .......... ومطعم الزاد في صبح وفي غسق)

(في كل بيت خوان من فواضله .......... يميرهم وهو يدعوهم إلى الطبق)

(فاض النوال، فلولا خوف مفعمة .......... من بأس عدلك نادى الناس بالغرق)

(وكل أرض بها صوب وساكنة .......... حين الوغى من نجيع الخيل والعرق)

(صن منكبي عند زحام إن غضبت له .......... تمكّن الطعن من عقلي ومن خلقي)

(وإن رضيت به فالذل منقصة .......... وكم تكلّفته خجلاً فلم أطق)

(وإن توهّم قوم أنهم حمق .......... فربما اشتبه التوقير بالحمق)

(40/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 144
وقد مدح الخلفاء والوزراء، واكتسب بالشعر. وكان لا يخاطب أحداً إلاّ بالكلام العربي، ويلبس زي العرب، ويتقلّد سيفاً. فعمل فيه أبو القاسم بن الفضل:
(كم تبادى وكم تطوّل طرطو .......... رك ما فيك شعرة من تميم)

(فكل الضبّ واقرط الحنظل اليا .......... بس واشرب ما شئت من بول الظّليم)
)
(ليس ذا وجه من يضيف ولا يق .......... ري ولا يدفع الأذى عن حريم)
فعمل أبو الفوارس لمّا بلغته الأبيات:
(لا تضع من عظيم قدر وإن كن .......... ت مشاراً إليه بالتعظيم)

(فالشريف العظيم يصغر قدراً .......... بالتعدي على الشريف العظيم)

(ولع الخمر بالعقول رمى الخم .......... ر بتنجيسها وبالتحريم)
رواها عنه القاضي بهاء الدين بن شدّاد سماعاً. وقد روى عنه: محمد بن أبي البدر المنّي، وغيره. وتوفي رحمه الله في سادس شعبان.
4 (سعد الله بن نجا بن محمد بن فهد.)

(40/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 145
أبو صالح بن الوادي الدلال في الدور. سمع الكثير من: زاهر، وهبة الله بن عبد الله الشروطي، وأبي غالب بن البنّاء، وهبة الله بن الطبر، وطبقتهم. وبورك له في مسموعاته. وروى الكثير، وسمع منه خلق. قال ابن الدّبيثي: كان ثقة، مضى على الصحة، وأجاز لي مرويّاته. قلت: روى عنه ابن قدامة، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة من البغداديين. وتوفي في ذي الحجة.
4 (حرف الشين)

4 (شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج بن عمر الدينوري، ثم البغدادي، الإبري.)

(40/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 146
الكاتبة، فخر النساء، مسندة العراق. قال ابن الدّبيثي: امرأة جليلة صالحة، ذات دين، وورع، وعبادة. سمعت الكثير وعمّرت، وصارت أسند أهل زمانها، وعني بها أبوها. وسمعت من: طراد بن محمد الزينبي، وابن طلحة النعالي، وأبي الحسن بن أيوب، وأبي الخطّاب بن البطر، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، والحسن بن أحمد بن سلمان الدقّاق، وثابت بن بندار، وأخيه أبي ياسر أحمد، وعبد الواحد بن علوان الشيباني، وجعفر السرّاج،) وأبي منصور محمد بن هريسة، ومنصور بن حيد النيسأبوري، وأبي البركات حمد بن عبد الله الوكيل، وأبي غالب الباقلاني، وجماعة. روى عنها: الحفّاظ الكبار أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وأبو محمد عبد الغني، وعبد القادر الرهاوي، وعبد العزيز بن الأخضر، وأبو الفرج بن الجوزي، وأبو محمد بن قدامة، والعماد إبراهيم بن عبد الواحد، والبهاء عبد الرحمن، والشهاب بن راجح، والقاضي أبو صالح الجيلي، والناصح ابن الحنبلي، والفخر الإربلي، وعبد الرزاق بن سكينة، وشيخ الشيوخ أبو محمد بن حمّويه، والأعز بن العلّيق، وإبراهيم بن الخير، وأبو الحسن بن الجمّيزي، وأبو القاسم بن قمّيرة، ومحمد بن مقبل بن المنّي، وخلق كثير. وكان تكتب خطاً مليحاً. قال أبو الفرج بن الجوزي: قرأت عليها كثيراً من حديثها. واكن لها خطّ حسن. وتزوجت ببعض وكلاء الخليفة، وعاشت مخالطةً للدار ولأهل العلم. وكان لها برّ وخير. وقرئ عليها الحديث سنين، وعمّرت حتى قاربت المائة.

(40/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 147
وتوفّيت ليلة الإثنين رابع عشر المحرم، وصلّي عليها بجامع القصر، وأزيل شبّاك المقصورة لأجلها، وحضرها خلق كثير وعامة العلماء. وقال الشيخ الموفّق، وقد سئل عنها: انتهى إليها إسناد بغداد، وعمّرت حتى ألحقت الصغار بالكبار. وكان لها دار واسعة، وقلّ ما كانت تردّ أحداً يريد السماع. وكانت تكتب خطّاً جيّداً، لكنه تغير لكبرها. وقال أبو سعد السمعاني في الذيل وذكرها، فقال: امرأة من أولاد المحدّثين، متميّزة فصيحة، حسنة الحظ، تكتب على طريقة الكاتبة بنت الأقرع. وما كان ببغداد في زمانها من يكتب مثل خطّها. وكانت مختصّة بأمير المؤمنين المقتفي. سمّعها أبوها الكثير، وعمّرت حتى حدّثت. قرأت عليها جزء الحفّار.

(40/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 148
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن عبد الملك بن سعيد.)
أبو الحسن الأوسي، المالقي. أخذ القراءآت عن: أبيه، وأبي المطرّف بن زيد الورّاق، ومنصور بن الخير.) وروى عن: أبي يحمر الأسدي، وأبي القاسم بن رشد، وغالب بن عطيّة، وشريح، وخلق سواهم. واكن من أهل العلم والزهد. وكان يشارك في الأصول. قال الأبّار: لم يكن بالضابط. أخذ عنه أبو بكر بن أبي زمنين، وأبو الصبر السبتي، وابن عيشون وأجاز له في صفر من هذه السنة. ولا نعلم وفاته.

(40/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 149
4 (... بن محمد بن مسعود بن السدنك.)
أبو الفتح الحريمي. سمع: أبا الحسن العلاّف، وأبا علي بن نبهان، وغيرهما. سمع منه: أبو سعد السمعاني، وذكره في الذيل. وروى عنه: أحمد بن منصور الكازروني، وغيره، وابن الأخضر، وأبو المعالي بن شافع. وتوفي في رمضان.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن الخضر بن الحسين.)
الفقيه أبو البركات بن الشيرجي، الموصلي، الشافعي، أحد الأئمة. انتفع به جماعة، وحصّل المذهب وناظر. وسمع: أبا بكر الأنصاري، وأبا منصور الشيباني، وجماعة. روى عنه: غير واحد بالموصل، منهم: محمد بن علوان الفقيه، والقاضي بهاء الدين بن شدّاد. وكان زاهداً إماماً، متقشّفاً.
4 (عبد الله بن عمر بن عبد الله بن عمر.)
أبو رشيد الإصبهاني. سمع: الرئيس: أبا عبد الله الثقفي، وأحمد بن عبد الغفار بن أشتة،

(40/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 150
وهو آخر من روى عنهما بإصبهان. وتوفي ربيع الآخر عن نيّف وتسعين سنة. روى عنه: طائفة بإصبهان. وبالإجازة: ابن اللتيّ، وكريمة.)
4 (عبد الله بن محمد بن علي بن خلف.)
أبو محمد الشاطبي. أخذ القراءآت عن أبيه. وسمع من: أبي الوليد بن الدبّاغ، وأبي لإسحاق بن جماعة، وأبي بكر بن أسد وتفقّه به. وأخذ الأدب عن جماعة. وعاش ستين سنة. ذكره الأبّار.
4 (عبد الله بن محمد بن عيسى.)
أبو محمد بن المالقي، الأنصاري. نزيل مرّاكش. أخذ عن: أبي الحكم بن برجان، واختلف إليه. وبرع في علمه. وكان فقيهاً، نظّاراً، خطيباً، مفوّهاً متيقّظاً. وكان ذا دنيا وسعة وجاه.
4 (عبد الرحيم بن عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف.)
أبو نصر بن الحافظ أبي الفرج، أخو أبي الحسين عبد الحق البغدادي.

(40/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 151
من بيت حديث وصلاح. حدّث عن: أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان، وأبي الحسن محمد بن مرزوق، وأبي طالب بن يوسف. قال أبو المحاسن عمر بن علي القرشي: كتبت عنه، وكان خيّاطاً، خيّراً، ذا مروءة تامة. ولد سنة خمس وخمسمائة، وتوفي بمكّة. قلت: حدّث ببغداد ودمشق. روى عنه: ابن الأخضر، والشيخ موفق الدين، والبهاء عبد الرحمن، وعبد الحق الضيالي، والشمس أحمد بن عبد الواحد، وكتائب بن مهدي، وآخرون، آخرهم عبد الحق بن خلف.
4 (عبيد الله بن عبد الله بن خلف بن عيّاش.)
أبو مروان الأنصاري، القرطبي، نزيل مالقة. سمع الموطّأ من: أبي محمد بن عتّاب سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وكان رجلاً صالحاً.) حدّث عنه أبو العباس بن الجنان المالقي.
4 (علي بن عيسى بن هبة الله.)
الشيخ مهذّب الدين بن النقّاش البغدادي، الطبيب، الأديب، صاحب أمين الدولة ابن التلميذ. سمع من: ابن الحصين، وحدّث. وكان بزّازاً، وكان أبوه أديباً.

(40/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 152
توفي سنة أربع وأربعين. وهو من شيوخ ابن السمعاني. قدم المهذّب دمشق وطبّ بها، ورأس واشتغل وأشغل، واشتهر ذكره. وخدم نور الدين بالطب والإنشاء، وخدم في زمانه في مارستانه. ثم طبّ صلاح الدين. وتوفي في المحرم بدمشق.
4 (علي بن محمد بن عيسى.)
الإصبهاني، الوزير، جلال الدين ابن الوزير جمال الدين الجواد، وزير صاحب الموصل. وزر هذا للملك سيف الدين غازي بن مودود في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة،

(40/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 153
فظهرت منه فضيلة وخبرة الديوان، وله خمس وعشرون سنة. ثم قبض عليه بعد سنين فشفع فيه حموه كمال الدين وزير صاحب آمد، فأطلق له، فسار إلى آمد مريضاً، وتعلل ثم مات بدنيسر سنة أربع وسبعين، ثم حمل إلى المدينة النبوية، فدفن عند والده رحمهما الله تعالى.
4 (علي بن مهدي بن علي بن قلينا.)
أبو القاسم اللخمي، الفقيه الإسكندري. وبنو قلينا من أقدم بيت في الإسلام. يقال إن أسلافهم حضروا فتح الإسكندرية. وذكر هذا الحافظ ابن المفضّل، وقال: كان ثقة، وله أدب وشعر. حدّثنا عن أبي عبد الله الرازي، وأبي بكر الطرطوشي، وأبي الحسن التونسي. قلت: وإليه ينسب جزء ابن قلينا الذي للسلفي.
4 (علي بن خلف بن العريف.)
أبو القاسم الإسكندراني.) قال ابن المفضّل: توفي في صفر، ونبا عن: أبي عبد الله الرازي.
4 (عمر بن محمد بن عبد الله بن الخضر بن مسافر.)
أبو الخطّاب العليمي، ثم الدمشقي، التاجر، ويعرف بابن حوائج كاش. سافر للتجارة إلى مصر، والعراقين، وخراسان، وما وراء النهر. وكان يطلب الحديث ويسمع ويكتب حتى أكثر من ذلك. سمع: نصر الله بن محمد المصّيصي، ونصر بن أحمد بن مقاتل، وناصر بن عبد الرحمن النجار، وأبا القاسم بن البنّ بدمشق. والشريف ناصر بن إسماعيل الحسيني الخطيب، وعبد الله بن رفاعة

(40/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 154
بمصر والسّلفي بالثغر والحسين بن خميس بالموصل، ونصر بن المظفّر الشخص بهمذان وأبا سعد هبة الرحمن بن القشيري، وأبا البركات عبد الله بن الفراوي، وعمر بن أحمد الصفّار، وعبد الخالق بن زاهر بنيسأبور، وهبة الله الدقّاق، ومحمد بن عبد الله الحرّاني، وابن البطيّ ببغداد. وبالغ حتى سمع من أقرانه ومن دونهم. وكان يفهم ويدري. قال ابن النجار: كان صدوقاً محمود السيرة. روى اليسير ببغداد، ودمشق. ثنا عنه ابن الأخضر وأثنى عليه. وسمع منه: شيخه أبو سعد السمعاني. وروى عنه زين الأمناء وقال: سمعته يقول: مولدي سنة عشرين وخمسمائة. قال: وتوفي بدمشق في شوال. وكان فاضلاً، حسن الأخلاق، طيب المعاشرة.
4 (حرف الفاء)

4 (فتح بن محمد بن فتح.)
أبو نصر الإشبيلي، الأنصاري. أخذ القراءآت عن: منصور بن الخيّر، وأبي العباس بن القصبي، وابن الأصبغ عيسى بن حزم، وغيرهم. وتصدّر بقرطبة مدةً، ثم أقرأ بشلب، ثم تحول إلى فاس، فأخذ عنه أبو القاسم بن الملجوم، ومفرّج الضرير، وعبد الجليل بن موسى، وعقيل بن عطيّة.) توفي في شهر رجب.
4 (حرف الكاف)

4 (كرم بن أحمد بن عبد الرحمن بن قتيبة.)
الدارقزّي.

(40/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 155
سمع الكثير بنفسه من: أبي غالب بن البنّا، وأبي المواهب بن الملوك، والقاضي أبي بكر، وطائفة. وروى عنه: صفيّة بنت عبد الجبار. وأضرّ بأخرة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عبيد الله بن عبد الرحمن.)
الأنصاري، الإشبيلي أبو عبد الله ابن المجاهد الزاهد. وقيل لأبيه المجاهد لأنه كان كثير الغزو. ولد أبو عبد الله في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة، وقد سمع من: أبي مروان الباجي ولازم أبا بكر بن العربي. وأخذ النحو عن: أبي الحسين بن الأخضر. قال الأبّار: كان المشار إليه في وقته بالصلاح والورع والعبادة وإجابة الدعاء. كان أحد أولياء الله الذين تذكّر بهم رؤيتهم. آثاره مشهودة وكراماته معروفة رضي الله عنه، مع الحظ الوافر من الفقه والقراءآت. وعمّر وأسنّ. وأخذ عنه: أبو بكر بن خير، وأبو عمران المرتّل وهو الذي سلك طريقته من بعده، وأبو عبد الله بن قسّوم الفهمي، وأبو الخطاب بن الجميّل. وتوفي في شوال. وكان قد انقطع من مجلس أبي بكر بن العربي، فقيل له في ذلك، فقال: كان يدرّس وبغلته عند الباب ينتظر الركوب إلى السلطان.

(40/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 156
4 (محمد بن عبد الرحمن بن أحمد.)
) أبو عبد الرحمن القيسي، المرسي، الفقيه. أخذ بقرطبة عن: أبي مروان بن سمرة، وطبقته. ثم أقبل على مطالعة كتب الأوائل، فصار إماماً فيها، والله أعلم بما يعتقده منها. توفي بمرّاكش.
4 (محمد بن علي بن أحمد بن واصل.)
أبو المظفّر ابن الموازيني، المصري، ثم البغدادي سبط ابن الأخوة. روى عن: ابن بيان الرزّاز. وعنه: ابن الأخضر وابن الحصري.
4 (محمد بن نسيم بن عبد الله.)
العيشوني، أبو عبد الله. كان نسيم مولى أبي الفضل بن عيشون. سمع محمد من: أبي الحسن بن العلاف، وأبي القاسم بن بيان. روى عنه: ابن الأخضر، والبهاء عبد الرحمن، والمأمون بن أحمد الرشيدي، وعبد القادر الرهاوي، والحسين بن باز الموصلي، وأبو الحسن علي بن الجمّيزي، وآخرون.

(40/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 157
ومات شهيداً، فإنه وقع من سلّم بيته فمات لوقته في جمادى الآخرة.
4 (محمد بن هبة الله بن عبد الله.)
السديد، السلماسي، الفقيه الشافعي. قال ابن خلّكان: هو الذي شهر طريقة الشريف بالعراق. وقصده الناس واشتغلوا عليه. وخرج من تلامذته علماء ومدرّسون منهم العماد محمد والكمال موسى ابنا يونس، والشرف محمد بن علوان بن مهاجر. وكان مسدداً في الفتوى. أعاد ببغداد بالنظامية، وأتقن عدة فنون. وتوفي في شعبان.
4 (المبارك بن محمد بن مكارم بن سكّينة.)
أبو المظفّر. بغدادي محتشم.) روى عن: أبي القاسم بن بيان. وعنه: ابن الأخضر. توفي في رجب بأرض السواد.

(40/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 158
ذمّه ابن النجار، كان يأكل الربا.
4 (المشرّف بن علي بن مشرّف بن المسلم.)
أبو الفضل الأنماطي. توفي بالإسكندرية، ومولده سنة ست وخمسمائة. قاله ابن المفضّل الحافظ. المهذّب بن النقّاش. الطبيب. هو علي بن عيسى البغدادي، مرّ.
4 (حرف النون)

4 (نفيس بن دينار.)
الرزّاز. روى عن: ابن الحصين. وعنه: تميم البندنيجي.
4 (حرف الياء)

4 (ياقوت النقّاش.)
عن ابن الحصين. وعنه: ابن الأخضر، وجماعة. وفيها ولد: الصدر البكري، وإبراهيم بن نجيب بن بشارة بالقاهرة، والحسن بن علي بن منتصر الكببي، وأحمد بن حامد بن أحمد الأرياحي.

(40/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 159
4 (وفيات سنة خمس وسبعين وخمسمائة)
)
4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن.)
أبو بكر الفارسي. شيخ رباط الزوزني ببغداد. قال ابن الدّبيثي: كان كثير العبادة دائم الصوم والصلاة والتلاوة، وهو أصغر من أخيه الحسن. وقد سمع: هبة الله بن الطبر، وأبا بكر الأنصاري، وابن رزيق الشيباني، وغيرهم. سمع منه: محمد بن سعد الله الدجاجي، ومحمد بن علي بن الرأس. توفي كهلاً في ذي القعدة.
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن سلمان بن حمزة بن الخضر.)
السّلمي، الدمشقي، أبو الحسين. سمع: عم أبيه عبد الكريم بن حمزة. روى عنه: أبو المواهب، وأبو القاسم ابنا صصرى. وتوفي في ذي القعدة وقد جاوز السبعين رحمه الله تعالى.
4 (أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن الدينوري.)

(40/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 160
أبو العباس البغدادي، شيخ مقلّ. سمع: أبا علي بن المهدي، وابن الحصين. وعنه: أبو المحاسن القرشي، وابنه عبد الله بن عمر. توفي في رمضان.
4 (أحمد بن محمد بن عبد الرحمن.)
أبو العباس اليافعي، السبتي. روى عن: شريح، والقاضي عياض. وعنه: أبو الخطاب بن دحية، وغيره.
4 (أحمد بن مسعود بن عبد الواحد بن مطر.)
أبو العباس الهاشمي، البغدادي. سمع: أبا الغنائم النرسي، وأبا الحسن محمد بن مرزوق.) سمع منه: ابناه، وعمر بن علي، وغير واحد. وروى عنه: الشيخ موفق الدين، والبهاء عبد الرحمن، وآخرون. توفي في شعبان وله ثمان وسبعون سنة.
4 (أحمد بن أبي الوفاء بن عبد الرحمن بن عبد الصمد.)
أبو الفتح، البغدادي، الحنبلي، ابن الصائغ. ويعرف بغلام أبي الخطاب لخدمته له. روى عن: أبي القاسم بن بيان.

(40/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 161
وحدّث بحلب، وحرّان. روى عنه: الحافظ أبو محمد عبد الغني، والحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي، وأبو القاسم بن صصرى، وإبراهيم بن أبي الحسن الزيّات، وأخواه محمد وبركات، وعلي بن سلامة الخياط، وعماد بن عبد المنعم بن منيع، وعبد الحق بن خلف، وسليمان بن أحمد المقدسي الفقيه، وابنه عبد الرزاق بن أحمد. وتوفي بحرّان. قال ابن النجار: درّس بحرّان وأفتى. مولده سنة سبعين وأربعمائة، توفي سنة ستّ. كذا قال في موته.
4 (إبراهيم السّلمي بن علي.)
أبو إسحاق السّلمي، الآمدي، ظهير الدين ابن الفرّاء. قرأ ببعض الروايات على أبي عبد الله البارع. وسمع من: ابن الحصين، والفراوي. وتفقّه على أسعد الميهني. وعلّق الخلاف بنيسأبور عن الإمام محمد بن يحيى. وحدّث بصحيح مسلم. ومولده سنة إحدى وخمسمائة. وكان فقيهاً، مهيباً، عارفاً بمذهب الشافعي. ومن شعره:
(تحامته غزلان الحمى ومها النّقا .......... كما تتحامى العين سهماً مفوّقا)
)
(وبات يرجّي من مزار مزوّر .......... وصالاً محالاً واعتذاراً منمّقا)

(وكم جمعت بين الشتيتين غفوة .......... فما التقت الأجفان حتى تفرّقا)

(40/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 162
4 (إبراهيم بن علي بن مواهب.)
أبو إسحاق بن الزّرّاد الأزجيّ. سمع أبا الغنائم محمد بن علي النّرسيّ، وابن الحصين. روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ وهو أقدم منه، وأبو الحسن القطيعيّ في تاريخه. توفّي رحمه الله في تاسع رجب.
4 (إسحاق بن موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضِر.)
أبو طاهر بن أبي منصور بن الجواليقيّ. سمع: زاهر بن طاهر، وابن الحصين، وجماعة. وولد سنة سبع عشرة.
4 (إسماعيل بن موهوب بن الجواليقيّ.)
أبو محمد. توفّي في شوّال بعد أخيه إسحاق بشهرين. وكان إسماعيل أديباً لغويّاً، قرأ على والده. وسمع من: ابن الحصين، وأبي العزّ بن كادش. وأقرأ الناس العربية بعد أبيه. وروى عنه: ابن الأخضر، وغيره. وولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. قال ابن النجّار: كان من أعيان العلماء بالأدب صحيح النّقل، كثير

(40/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 163
المحفوظ، ثقة، نبيلاً، مليح الخط. تأدّب على أبيه، وله حلقة بجامع القصر. وقد كتّب أولاد الخلفاء كأبيه، مع التزهّد والدّيانة والرّزانة. قال ابن الجوزيّ: ما رأينا ولداً أشبه أباه مثل إسماعيل بن الجواليقيّ.
4 (إسماعيل بن أبي القاسم نصر بن نصر.)
العُكبَريّ، أبو محمد الواعظ.) سمع: أبا طالب بن يوسف، وأبا سعد أحمد بن الطّيوريّ. وتوفّي في شوّال. وولد سنة خمسمائة. قال ابن النّجار: كان فقيهاً شافعيّاً، حسن الوعظ.
4 (إليسَع بن عيسى بن حزم بن عبد الله بن إليَسَع.)
أبو يحيى الغافقيّ، الجيّانيّ، المقرىء. سكن أبوه المَريّة. أخذ القراءآت عن: أبيه، وأبي العبّاس القصير، وأبي القاسم بن أبي رجاء، وأبي الحسن شُريح. وسمع منهم، ومن: أبي عبد الله بن زُغيبة، وابن موهَب الجذاميّ، وأبي

(40/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 164
الفضل بن مشرّف، وابن أخت غانم. ولقي ببلنسية: أبا حفص بن واجب، وأبا إسحاق بن خفاجة الشاعر. وأجاز له أبو محمد بن عتّاب، وأبو عمران بن تليد، وجماعة. ورحل واستوطن الإسكندريّة، وأقرأ بها القراءآت. ثم رحل إلى القاهرة واشتمل عليه الملك صلاح الدين، ورسم له جارياً يقوم به. وكان يكرمه ويحترمه ويقبل شفاعته. وكان من أوّل من خطب بالدعوة العباسيّة. وكان فقيهاً، مشاوَراً، مقرئاً، محدّثاً، حافظاً نسّابة، بديع الخط، بليغ الإنشاء، رائق النظم. وله تصنيف سمّاه المُغرب في محاسن المغرب. قيل هو متّهم في هذا التصنيف. روى عنه: أبو عبد الله التُجيبيّ، والحافظ أبو الحسن بن المفضّل، وأبو الحسين بن الصفراويّ، وآخرون. وقرأ عليه بالروايات ابن الصفراويّ، وغيره. وتوفّي في رجب وقد جاوز السبعين.
4 (حرف التاء)

4 (تجنّي أم عِتب الوهبانيّة.)
عتيقة أبي المكارم بن وهبان.)

(40/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 165
شيخة مسندة معمّرة. وهي من آخر من سمع في الدنيا من طراد الزَّينبيّ، وابن طلحة النّعاليّّ. روى عنها: أبو سعد السّمعانيّ، والشيخ الموفّق، والبهاء عبد الرحمن، والناصح بن نجم الحنبليّ، وعبد الرحيم بن عمر ببن علي القرشيّ، وعمر بن عبد العزيز بن النّاقد، وعبد السلام بن عبد الرحمن بن سكينة، وأبو الفتوح نصر بن الحصري، وهبة الله بن الحسن الدّوامي، وسيّدة بنت عبد الرحيم بن السّهرورديّ، ومحمد بن عبد الكريم السّيّديّ، وزُهرة بنت حاضر، وفخر النساء بنت الوزير محمد بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء، ويوسف بن يحيى البزّاز، وأبو الوليد منصور بن عبد الله بن عفيجة، وإبراهيم بن الخيّر، ويحيى بن القُميرة، وآخرون. قال ابن الدّبيثي: أجازت لنا، وتوفّيت في شوّال.
4 (حرف الحاء)

4 (الحجّاج بن عليّ بن حجّاج.)
أبو القاسم بن الدّبيثي، الواسطيّ. قال ابن الدّبيثي: هو جدّي لأمّي. سمع بواسط من القاضي الجلأبي. وسمع ببغداد من: أبي السعادات أحمد بن أحمد، وابن الحصين. وسألته عن مولده فقال: سنة خمس وخمسمائة يوم عاشوراء وتوفّي رحمه الله في صفر. سمعته يتمثّل بشِعر.
4 (الحسن المستضيء بأمر الله.)

(40/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 166
أمير المؤمنين أبو محمد بن المستنجد بالله يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد بن المقتدي، الهاشميّ، العبّاسيّ. بويع بالخلافة بعد موت أبيه في ربيع الآخر سنة ستّ وستّين وخمسمائة. وكان القائم بأخذ البيعة له الوزير عضد الدين أبو الفرج محمد بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء واستوزره يومئذ. ولد المستضيء في سنة ست وثلاثين وخمسمائة، وكان ذا حلم وأناة، وفيه رأفة. وكان كثير الصّدقة و المعروف. وأمه أرمنية تدعى غضة، وكان له من الولد أحمد، وهو الإمام الناصر، وهاشم أبو منصور.) قال ابن الجوزيّ في المنتظم: بايعه الناس ونودي برفع المكوس، وردّ مظالم كثيرة، واظهر من العدل والكرم ما لم نره في أعمارنا. وفرّق مالاً عظيماً على الهاشميّين، والعلويين، والعلماء، والمدارس، والرُباط. وكان

(40/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 167
دائم البذل للمال ليس له عنده وقع. ولمّا استخلف خلع على أرباب الدولة وغيرهم، فحكى خيّاط المخزن أنّه فصّل ألفاً وثلاثمائة قباء أبريسم. وخُطب له على منابر بغداد، ونُثرت له الدنانير كما جرت العادة. ووُلّي رَوح بن الحديثيّ قضاء القضاة، ثم أمّر سبعة عشر مملوكاً. وللحيص بيص فيه:
(يا إمام الهدى علوتَ من الجو .......... د بمالٍ وفضّةٍ ونضارٍ)

(فوهبتُ الأعمارَ والأمن والبل .......... دان في ساعةٍ مضت من نهار)

(فبماذا نثني عليك وقد جا .......... وزت فضلَ البحور والأمطار)

(إنّما أنت مُعجِزٌ مستقلٌّ .......... خارقٌ للعقول وللأفكار)

(جمعَت نفسُك الشريفة بالبأ .......... س وبالجود بين ماءٍ ونار)
قال ابن الجوزيّ: واحتجب المستضيء عن أكثر الناس، فلم يركب إلاّ مع الخدم، ولم يدخل عليه غير قَيماز. وفي خلافته انقضت دولة بني عبيد المصريين، وخُطب له بمصر، وضُربت السكّة باسمه، وجاء البشير بذلك إلى بغداد، فغلّقت الأسواق ببغداد وعُملت القباب. وصنّفتُ كتاباً سمّيته النصر على مصر وعرضته على الإمام المستضيء. توفّي في شوّال. قلت: رُزق سعادة عظيمة في خلافته، وخطب له باليمن، وبرقة، وتَورز، ومصر إلى أسوان. ودانت الملوك بطاعته. وكان يطلب ابن الجوزيّ، ويأمر بعقد مجلس الوعظ، ويجلس بحيث يُسمَع، ويميل إلى الحنابلة. وفي أيّامه ضعُف الرفض ببغداد ووهى، وأمِن الناس.

(40/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 168
قال ابن النجار: وكان حليماً، رحيماً، شفيقاً، ليّناً، كريماً. نقلت من خط أبي طالب عبد السميع أنّه كان من الأئمة الموفّقين، كثير السخاء، حسن السيرة. إلى أن قال: اتصل بي أنّه وهب في يوم لجهات وحظايا زيادةً على خمسين ألف دينار. وقال عبد العزيز بن دلف: ثنا مسعود بن الناصر قال: كنت أنادم المستضيء، وكان صاحب) المخزن ابن العطّار قد عمل تور كأنّه شمعدان شمعه من ألف دينار. قال: فحضر وفيه الشمعة، فلمّا قمت قام الخادم بها بين يديّ، فأطلق لي التور. مات في سلخ شوّال.
4 (حرف السين)

4 (سالم بن عليّ بن سلامة)
الدلاّل ابن البيطار. بغداديّ، سمع بنفسه من القاضي أبي بكر الأنصاريّ، وعليّ بن الصبّاغ، وجماعة. وحدّث.
4 (سعيد بن عبد الله بن أحمد بن مفضّل.)
أبو القاسم الأزَجيّ.

(40/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 169
سمع: أبياً النرسيّ، ومحمد بن عبد الباقي الدُّوريّ. وكان كاتباً مذموم السيرة. وتوفّي في رمضان.
4 (حرف الشين)

4 (شافع بن صالح بن حاتم.)
الجيليّ، ثم البغداديّ. أخو الحافظ أحمد بن صالح. وشافع الأكبر. وكان من عدول بغداد. سمع: أبا سعد بن الطُيوريّ، وهبة الله بن الحصين، وهبة الله الشروطيّ. روى عنه: إلياس بن جامع الإربليّ، وجماعة. قال ابن الدّبيثي: أجاز لنا. وتوفّي في آخر السنة.
4 (شهاب بن أبي الفوارس محمد بن هبة الله.)
أبو شجاع البوّاب. أسمعه خاله علي بن سعد الخبّاز من: أبي نصر بن رضوان، وهبة الله بن الحصين. روى عنه غير واحد.)

(40/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 170
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن بكران.)
أبو محمد الداهريّ، الضرير، المقرىء، والد عبد السلام الخفّاف. والداهرية من قرى السّواد. قرأ على سبط الخيّاط. وسمع من: أبي غالب بن البنّا. وتوفّي راجعاً من الحج.
4 (عبد الله بن أحمد بن عليّ بن قرشيّ.)
أبو الوليد الحجريّ، القرطبي. سمع من: أبا الوليد بن الدباغ، وأبي الحسن بن النعمة، وجدّه لأمه أبي الحسن بن فيد. وصحِب أبا بكر عتيق ابن الخصم وتأدّب به، وأبي الحسن بن سعد الخير. ومهر في صناعة العربية واللغة، وجلس لإقرائهما. وله النظم والنثر. أخذ عنه: أبو عبد الله بن سعادة النحويّ، وغيره.
4 (عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف.)
أبو الحسين الشيخ، الثقة، من بيت الحديث والفضل.

(40/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 171
ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة. وسمّعه أبوه الكثير من أبي الحسين بن الطّيوري، وجعفر السرّاج، وأبي القاسم الربعي، وأبي سعد بن خشيش، وأبي الحسن العلاّف، وابن بيان، وخلق سواهم. وكان أبو الفضل بن شافع يقول: هو أثبت أقرانه. وقال عبد العزيز بن الأخضر: كان عبد الحق لا يحدّث بما سمعه حضوراً. ترك ذلك تورّعاً. روى عنه: ابن السمعانيّ، وذكره في تاريخه، وأبو الفرج بن الجوزيّ، وقال: كان حافظاً لكتاب الله، ديّناً، ثقة، سمع الكثير وحدّث. وهو من بيت المحدّثين. وقال البهاء عبد الرحمن: سمعنا كثيراً على عبد الحق، وكان من بيت الحديث فإنّه روى لنا عن أبيه عن أبيه عن أبيه. قال: وكان صالحاً فقيراً، وكان عسِراً في السماع جداً. ورزقت منه حظّاً، لأنّه كان يراني منكسراً مواظباً، وكان يعيرني الأجزاء فأكتبها. وأُلهم في آخر عمره القرآن، فكان يقرأ كل) يوم عشرين جزءاً أو أكثر. قلت: وروى عنه الحافظان: عبد العزيز بن الأخضر، وعبد القادر الرُهاوي، والشيخ موفق الدين، والحافظ عبد الغنيّ، والشّهاب بن راجح، وحمد بن صدّيق الحرّانيّ، وأبو الحسين القطيعيّ، وعبد الرحمن بن بختيار، وقيصر البوّاب، وإبراهيم بن الخيّر، ويحيى بن القميرة، وعليّ بن هبة الله بن الجمّيزيّ، والأعز بن العلّيق، ومحمد بن عبد الكريم السِنديّ، وخلق سواهم. وقال ابن مشِّق: توفّي في السادس والعشرين من جمادى الأولى.

(40/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 172
4 (عبد المحسّن بن تُريك بن عبد المحسّن بن تريك.)
أبو الفضل الأزَجيّ، البيّع. سمع: أبا الغنائم النّرسيّ، وأبا القاسم بن بيان، وأبا عبد الله الدّوري. سمع منه: أحمد وتميم ابنا أحمد البندنيجيّ، وعبد العزيز بن الأخضر، والبهاء عبد الرحمن، ونصر بن عبد الرزاق، وآخرون. توفّي يوم عرفة.
4 (عبيد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة.)
أخو الشيخ أبي عمر، والشيخ الموفّق. ولد في أوّل سنة خمسين، وعاش خمساً وعشرين سنة. ومات في طريق الحج. وقد سافر إلى بغداد، وسمع من: شُهدة، وعبد الحق، وجماعة. وكان ذا مروءة وكرم. رمي بسهم بين مكّة وعرفات، فبقي منه مريضاً حتى مات بين تيماء والمدينة. قال الضّياء: وسمعت أنّ ابنه الشّرف كان طفلاً نائماً، فانتبه فقال: الساعة يدفنون أبي. فزجرته أمّه. فلمّا قدم الحاج تبيّن أنهم دفنوه تلك الليلة. خلّف من الولد: أحمد، وسارة، وزينب.
4 (علمُ زوجة الشيخ محمد بن يحيى الزّبيدي.)
امرأة زاهدة، صالحة، واعظة.) قدمت بغداد مع زوجها. وهي أم المبارك وجدّة الحسين. تزوّج بها بدمشق، وعُمّرت دهراً.

(40/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 173
4 (عليّ بن أحمد بن محمد بن عمر بن حسن.)
أبو الحسن العَلويّ الحسينيّ الزيديّ البغداديّ، القدوة السيّد الفقيه الشافعي المحدّث. قال ابن الدّبيثي: أحد الأعيان والزّهّاد والنسّاك. حفظ القرآن وحصّل الفقه، وكتب الكثير من الحديث وجمعه. وكان نبيلاً، جامعاً لصفات الخير. سمعت شيخنا ابن الأخضر يعظّم شأنه ويثني عليه ويصف زهده ودينه. وقال: أوّل سماعه سنة أربعين وإلى آخر عمره. سمع: الحافظ ابن ناصر، وابن الزاغونيّ، ونصر بن العكبريّ. وانتخب لنفسه أجزاء، وحدّث بها وسمع منه شيوخه وأقرانه تبرّكاً به، منهم: عمر القرشيّ، وعمر العُليميّ، وأبو المواهب بن صصرى. وكان ثقة صدوقاً. ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وتوفّي في شوّال وأبواه في الحياة، ودفن بداره. ووقف كتبه، وانتفع بها الناس. فقيل إنّ الوزير عضد الدين ابن رئيس الرؤساء لمّا عاد إلى الوزارة بعث إليه بألف دينار، وكان نذَرها إن عاد إلى الوزارة، فلمّا سمع المستضيء بذلك بعث إلى الشريف بألف دينار أخرى، وبعثت إليه بنفسه أمّ الخليفة بألف دينار، فلم يتصرّف فيها بل بنى مسجداً واشترى كتباً كثيرة وقفها فيه وانتفع بها الناس.

(40/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 174
4 (عليّ بن حُميد بن عمّار.)
أبو الحسن الأنصاريّ، الأطرابلسيّ، ثم المكيّ، النحويّ، المقرىء. حدّث في هذا العام في صحيح البخاريّ، عن أبي مكتوم عيسى بن أبي ذرّ الهرويّ سماعاً، وهو آخر من سمع منه. روى عنه: محمد بن عبد الرحمن التُجيبيّ الأندلسيّ، وعبد الرحمن بن أبي حرَميّ فتّوح بن بنين المكّي العطّار، وناصر بن عبد الله المصريّ العطّار

(40/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 175
نزيل مكة ستين عاماً، وأبو الربيع سليمان بن أحمد السّعديّ المغربل الشاويّ، وآخرون. وحدّث في سنة خمس وسبعين.)
4 (عليّ بن هبة الله بن عليّ بن خلدون.)
أبو المعالي الواعظ. ولد ببغداد، ونشأ بالكوفة، وحج، ودخل مصر فتعلّم الوعظ، ثم قدم دمشق وسمع بها من أبي الحسين علي بن الموازيني. وسكنها حتى مات. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى وقال: توفي في ربيع الآخر عن ثلاث وتسعين سنة ممتّعاً بحواسه. قلت: وروى عنه: عتيق السلماني، ومكي بن علان.
4 (عمر بن علي بن الخضر بن عبد الله بن علي.)
أبو المحاسن القرشي، الزبيري، الدمشقي، القاضي، الحافظ. قال ابن الدّبيثي: حافظ، ثقة، عالم. عني بطلب الحديث وبسماعه، وكتابته: وسمع بدمشق، وحلب، وحرّان، والموصل، وبغداد، والكوفة، والحجاز، ورزق الفهم والحديث. سمع: أبا الدر ياقوت، وأبا القاسم بن البنّ، وأبا طالب عبد

(40/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 176
الرحمن بن العجمي، وحامد بن محمود الحرّاني. وقد م بغداد في سنة ثلاث وخمسين، وسكنها. وسمع: أبا الوقت، وأبا جعفر العباسي، وأبا المظفر بن التريكي، وأبا محمد بن المادح، فمن بعدهم. حتى سمع من أصحاب قاضي المرستان. وصحب أبا النجيب السهروردي. وولاّه قاضي القضاة روح بن الحديثي قضاء الحريم. ونفّذ رسولاً إلى نور الدين وما كان بلغ الثلاثين سنة. سمع منه: أبو سكّرة الباقدراي، وأحمد بن أحمد البندنيجي، وأبو الفتوح بن الحصري، وابنه أبو بكر عبد الله بن عمر. وأجاز لي. ولد بدمشق في شعبان سنة ست وعشرين. وتوفي في ذي الحجة.
4 (عيسى بن أحمد بن محمد بن عبيد الله.)
أبو هاشم الدوشأبي، الهاشمي، العباسي، البغدادي، الهرّاس. وهو منسوب إلى دوشاب بن علي) العباسي. سمع من: أبي عبد الله الحسين بن علي بن البسري. قال أبو سعد السمعاني: كان هرّاساً. كتبت عنه حديثين. قلت: وروى عنه: البهاء عبد الرحمن، وأبو بكر بن عبد الله بن نصر قاضي حرّان، وحمد بن صديق، وابن المقيّر، وجماعة. توفي في رجب.

(40/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 177
4 (عيسى بن الإمام المسترشد بالله.)
توفي كهلاً في المحرم.
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن عبد الرحمن بن دحمان.)
أبو محمد الأنصاري، المالقي، المقرئ. قال الأبّار: أخذ القراءآت عن أبي منصور بن الخير، وأبي عبد الله ابن أخت غانم، وأبي الحسين بن الطراوة، وأبي الفتح سعدون المرادي أخذ عنه كتب النحو. وناظر في المدونة على: أبي محمد بن الوحيدي، وأبي عبد الله بن الأديب. وسمع منهما صحيح البخاري. وأجاز له أبو بحر الأسدي، وأبو عبد الله بن الحاج، وجماعة. وكان مقرئاً جليلاً، نحوياً ماهراً، عالماً بالقراءآت والعربية، متصوّراً لإقرائها. حدّث عنه جماعة من شيوخنا. وقد أخذ عنه: أبو زيد السهيلي مع تقدّمه، وأبو الحسن بن خروف. توفي بمالقة وقد نيّف على الثمانين.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن الفرج.)
أبو منصور الدقّاق، البغدادي الوكيل بباب القاضي. وهو أحد الأخوة الأربعة.

(40/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 178
سمّعه خاله الحافظ محمد بن ناصر بن أحمد بن محمد بن المحاملي، وعبد الله بن أحمد بن السمرقندي، وأبي طالب اليوسفي، وأبي العز القلانسي.) وحدّث عنهم. وكان ثقة. روى عنه: الحافظ أبو بكر الخازمي، وأبو محمد بن الأخضر، والبهاء عبد الرحمن، وطائفة سواهم. وتوفي في ذي الحجة. وكان مولده في سنة أربع وخمسمائة. وأول سماعه سنة إحدى عشرة من ابن يوسف.
4 (محمد بن الحسين بن الحسن بن الخليل.)
أبو الفرج الأديب الهيتي. سمع: أبا القاسم بن الطبر، وعبد الوهاب الأنماطي. وقرأ العربية على ابن الشجري. كتب عنه ابن السمعاني مع تقدّمه، وتوفي في ربيع الآخر.
4 (محمد بن خير بن عمر بن خليفة.)

(40/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 179
المقرئ، الأستاذ، الحافظ، أبو بكر اللمتوني، الإشبيلي. أخذ القراءآت عن شريح، واختص به حتى برع وفاق. وسمع من: أبي مروان الباجي، وأبي بكر بن العربي. ورحل إلى قرطبة فسمع من: أبي جعفر بن عبد العزيز، وابن عمه أبي بكر، وأبي القاسم بن بقي، وابن مغيث، وابن أبي الخصال، وطائفة. قال الأبّار: وكان مكثراً إلى الغاية بحيث أنه سمع من رفاقه، وسمع أكثر من مائة نفر. ولا نعلم أحداً من طبقته مثله. وتصدّر بإشبيلية للإقراء و الإسماع. وأخذ الناس عنه. وكان مقرئاً مجوّداً، ومحدّثاً متقناً، أديباً، نحوياً، لغوياً، واسع المعرفة، رضاً، مأموناً. ولما مات بيعت كتبه بأغلى ثمن لصحّتها. ولم يكن له نظير في هذا الشأن مع الحظ الأوفر من علم اللسان. توفي في ربيع الأول، وكان له جنازة مشهودة. وولد سنة اثنتين وخمسمائة. أكثر عن شيخنا ابن واجب.)
4 (محمد ابن قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد بن علي بن محمد بن علي.)
القاضي أبو الفتح بن الدامغاني.

(40/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 180
كان عارفاً بمذهب أبي حنيفة، وناب في الحكم عن والده. وتوفي شاباً عن تسع وعشرين سنة.
4 (محمد بن علي بن حمزة بن محمد.)
أبو يعلى بن الأقساسي، العلوي، الشريف، الكوفي، أخو النقيب أبي محمد الحسن بن علي. كان أديباً، شاعراً. سمع من: أبي النرسي، وأبي بركات عمر بن إبراهيم العلوي. وتوفي في ذي الحجة وقد قارب الثمانين.
4 (محمد بن القاضي عياض بن موسى بن عياض.)
اليحصبي السبتي أبو عبد الله قاضي دانية. قيل: توفي في هذه السنة، أو سنة اثنتين وسبعين.

(40/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 181
4 (محمد بن أبي غالب بن أحمد بن مرزوق.)
الحافظ أبو بكر الباقداري، الضرير. قدم بغداد في صباه من باقدار، وقرأ على جماعة. وسمع الحديث من خلق كثير. وقال ابن الدّبيثي: وانتهى إليه معرفة رجال الحديث وحفظه، وعليه كان المعتمد فيه. وقال أبو الفتوح بن الحصري: هو آخر من بقي من حفّاظ الحديث الأئمة. وقال ابن الدّبيثي: سمعت غير واحد من شيوخنا يذكرون أبا بكر الباقداري، ويصفونه بالحفظ ومعرفة الرجال، والمتون، والإتقان، مع كونه ضريراً مقصوراً، إلاّ أنه كان حفظة، حسن الفهم. سمع: أبا محمد سبط الخيّاط، وابن ناصر، وابن الزاغوني، والفضل بن سهل الإسفرائيني، والناس بعدهم. وبلغني أن ابن ناصر كان يراجع الباقداري في أشياء، ويرجع إلى قوله. وقال الحافظ زكي الدين عبد العظيم، وذكر الباقداري فقال: كان أبوه أحد حفاظ بغداد) المشهورين بمعرفة الرجال، والتقدّم مع ضرره.

(40/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 182
قلت: وسمع منه: إبراهيم الشعار، وعمر بن علي القرشي، ونصر بن الحصري. وقال ابن الدّبيثي: أنا عبد الله بن عمر الوكيل، أنا الحافظ أبو بكر، أنا ابن الزاغوني، وسعيد بن البنّا، وابن المادح قالوا: أنا أبو نصر الزينبي، فذكر من البعث أن النبي صلّى الله عليه وسلّم توفيت بنته زينب، فخرج لجنازتها.. الحديث. توفي الحافظ أبو بكر في ذي الحجة كهلاً. وكانت بنته عجيبة من أسند شيوخ بغداد. سمّعها واستجاز لها الكبار.
4 (محمد بن محمد.)
الأنباري، أبو الفرج. صاحب ديوان الإنشاء ببغداد. ناب في الوزارة. وقد كتب الإنشاء سبعة عشر عاماً وأشهراً. وحدّث عن: عبد الله بن أحمد بن السمرقندي. توفي في ذي القعدة وله ثمان وستون سنة. روى عنه: أحمد بن طارق الكركي. وكان ناقص الفضيلة، ظاهر القصور في الترسّل. وإنما روعي من أجل والده سديد الدولة محمد بن عبد الكريم.
4 (محمد بن محرز.)
أبو عبد الله الوهراني المغربي، ركن الدين. وقيل جمال الدين. أحد ظرفاء العالم وأدبائهم. قدم من بلاده إلى مصر وهو يدّعي أنه

(40/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 183
يعرف صناعة الإنشاء، فرأى بها القاضي الفاضل والعماد الكاتب وتلك الحلبة، فعلم من نفسه أنه ليس من طبقتهم، فسلك سبيل الهزل، وعمل المنامات المشهورة، والرسائل المعروفة. ولو لم يكن في ذلك إلاّ المنام الكبير لكفاه، فإنه ما سبق إلى مثله. قدم إلى دمشق وأقام بها مديدة، وبها توفي في رجب. وأما وهران فمدينة كبيرة على أرض القيروان بينها وبين تلمسان يومان. بنيت سنة تسعين ومائتين.) ومن كلامه، مما كتب به إلى القاضي الأثير: فالخادم كلما ذكر تلك المائدة الخصيبة، وما يجري عليها من الخواطر المصيبة علم أن التخلف عنها هو المصيبة. لكنه إذا ذكر ما يأتي بعدها من القيام والقعود، والركوع والسجود، علم أن هذا أجرة ما يأكله من تلك الوليمة، نحو من عشرين تسليمة، كل لقمة بنقمة، فما تحصل الشبعة إلا بأربعين ركعة، فيكون الدعوة عليه لا له، والحضور في الشرطة أحب إليه منها له. فزهدت حينئذ في الوصول، إذ ليس للخادم من الدين، ولا قوة اليقين، ما يجهز لأجله مؤآكلة الوجوه القمرية، بمشاهدة السنة العمرية. فموعد الإتمام انقضاء شهر الصيام، والسلام. وكتب رقعة إلى ابن القاسم العوني الأعور: يا مولاي الشيخ الزاهد، دبّوس الإسلام، لتّ الفقهاء، قنطارية العلماء، تافروت الأئمة، طبل باز السنة، نصر الله خاطرك، وستر ناظرك. أنت تعلم أن الله ما خلقك إلاّ تلعة، فكن في رقاب الرافضة واليهود، وما صوّرك إلاّ لالكة في رؤوس المبتدعة، وأراذل الشهود. وأنت بلا مرية جعموس عظيم، ولكن في ذقون الزائغين، فالله ينفعك بالإسلام، ولا يوقعك يوم القيامة في يد علي عليه السلام، وأن ينقذك من الهاوية، بشفاعة معاوية.

(40/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 184
وله: وصل كتاب الأمير المولى تقي الدين مصطفى أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، حتى يتوب المخلص من القيادة، وينقطع المعيدي إلى العبادة، بألفاظ أحسن من فتور الألحاظ، ومعاني كترجيع المغاني. وكان ذلك أجمل في عيني من الروض غبّ السحاب، وألذ من الصفع بخفاف القحاب، لا بل أحلى من مطابقة الزامر للعوّاد، وأشهى إلى النفس من مواعيد القوّاد، فطرب المملوك ولا طرب فلان الفلاني لما اجتمع بفلانة في دعوة فلان في المحرم من هذه السنة، وغنّت له:
(ما غيّر البعد ودّاً كنت تعرفه .......... ولا تبدّل بعد الذكر نسيانا)

(ولا ذكرت صديقاً كنت آلفه .......... إلاّ جعلتك فوق الذكر عنوانا)
فإنه لما سمع ذلك قام وقعد، وصاح ولطم، وفتل شعر عنفقته، وأدار شربوشه على رأسه، وشق غلالته، وجرى إلى الشمعة ليحرق ذقنه بها ولم يزل يحلف بحياة الجماعة، ليسكبنّ قدحه في سرّتها، ويتلقّاه ويلتقيه من بين أشفارها، بحيث أن يكون لحيته ستارة على ثقبها، فمنعه عشيقها، فحلف برأس الملك العظيم ليشربنّ بخفّها، فقال: هذا هيّن، فلو أردت أن أسقيك بالخف) ثلاثمائة فعلت. فعبّ في الخف إلى أن وقع. لا والله ولا طرب الصوفية ليلة العيد، إذا حضر عندهم مرتضى المغني، معشوق العماد الكاتب، وقد أسبل شعره على كتفيه، وأمسك أبو شعيب الشمعة بين يديه، وهو يغني لابن رشيق القيرواني:
(فتور عينيك ينهاني ويأمرني .......... وورد خديك يغري بي ويغريني)

(أمّا لئن بعت ديني واشتريت به .......... دنيا فما بعت فيك الدين بالدون)

(سبحان من خلق الأشياء قاطبةً .......... تراه صوّر ذاك الجسم من طين)

(استغفر الله لا والله ما نفعت .......... من سحر مقلته آيات ياسين)
فإنهم لما سمعوا هاجوا وماجوا، وصاحوا وناحوا، وزعقوا وقفزوا إلى السماء، وفتلوا حتى انخسف ببعضهم الموضع، فنبشوا وكفّنوا ودفنوا، والباقون يرقصون ولا يدرون.

(40/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 185
وبعد هذا فالذي فعله مولانا تقي الدين من التقاء الجمع الكثير بالعدد القليل عين الخطأ، لأنه ما المغرور بمحمود وإن سلم. فالله الله لا يكون لها مثنوية، ولا يرجع المولى يلتقي ألفاً وستمائة فارس إلاّ أن يكون في ثلاثين ألفاً، بشرط أن يكون العدو مثل حمزة الزامر، وعثمان الجنكي، وأبي علي العوّاد، وحميدة المخنّث، وأمثال هؤلاء الفرسان، ويكون جندك مثل فلان وفلان الذين ما اجتمع المملوك بواحد منهم إلاّ تجشّأ في وجهي سيوف وسكاكين، ويزعم أنه يقرقش الحديد. والرأي عندي غير هذا كله. وهو أن تستقيل من الخدمة، وتنقطع في بستان القأبون، وتنكث التوبة، وتجمع علوق دمشق، وقحاب الموصل، وقوّادين حلب، ومغاني العراق، وتقطع بقية العمر على القصف، وتتكل على عفو العفو الرحيم. فيوم من أيامك في دمياط مكفّر لهذا كله. فإن قبلت مني فأنت صحيح المزاج، وإن أبيت ولعنت كل ما جاء من وهران، فأنت منحرف محتاج إلى العلاج. وله، جواب كتاب إلى الكندي: فأما تعريضه لخادمه بالقيادة، وعتبه علي بالتزويج من النساء العواهر، فسيّدي معذور، لأنه لم يذق حلاوة هذه الصفعة، ولو أنه أدام الله عزّه خرج يوماً من البيت، ولم يترك إلا الخبز والجبن، ورجع بعد ساعة، وجد السنبوسك الموّرد، والدجاج المسمّن، والفاكهة المنوّعة، والخضرة النضرة، فتربّع في الصدر، فأكل وشرب وطرب، ولم يخرج في هذا كله إلا التغافل وحسن الظن، وقلة الفضول لسأل الله أن يحييه قوّاداً، وأن يميته قوّاداً، وأن يحشره مع القوّادين.) ويظن الخادم أنه في هذا القول كجالب التمر إلى هجر، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ومهما جهل من فضل نكاح الملاح النهمات،

(40/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 186
فلا يجهل أن أكل الحلاوة مع الناس أحسن من أكل الخرا منفرداً.
4 (محمد بن محمد بن محمد بن عثمان.)
أبو الفضل بن الدباب البابصري، الدبّاس. عن: عبد الله بن الحصين، وأحمد بن المجلي. وعنه: محمد بن أحمد بن صالح الجيلي. وكان شيخاً صالحاً، كثير الصدق. مات في شعبان.
4 (المبارك بن علي بن الحسين بن عبد الله بن محمد.)
أبو محمد بن الطباخ البغدادي، الحنبلي. نزيل مكة. كان إمام الحنابلة بمكة ويكتب العمر ويبيعها. سمع: أبا السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي، وهبة الله بن الحصين، وابن كادش، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذّن، وجماعة. ونسخ بخطه.

(40/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 187
سمع منه: أبو سعد السمعاني مع تقدّمه. وروى عنه: أبو محمد بن قدامة، وابن الأخضر، وغير واحد. وتوفي في شوال. أخبرني عبد الحافظ، أنا ابن قدامة، أنا ابن الطباخ، أنا زاهر، وإسماعيل بن المؤذّن بالمسلسل بالأوليّة.
4 (المبارك بن محمد بن أحمد بن محمد بن قيداس.)
أبو المعالي الحريمي. سمع: ابن بيان، وأبياً النرسي. وعنه: عبد الله بن أحمد الخباز. وكان ظريفاً مطبوعاً.) بقي إلى هذه السنة، وتوفي في الغربة.
4 (المبارك بن محمد بن عبد الكريم بن أبي الفوارس.)
أبو الفتوح الهاشمي، البغدادي. سمع: ابن بيان، وابن نبهان. وقرأ القرآن على: أبي بكر المزرفي. سمع منه: عمر القرشي، وابن الأخضر. وتوفي رحمه الله تعالى في ذي القعدة.
4 (محمود بن تكش.)
الأمير شهاب الدين الحارمي صاحب حماه. خال السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب.

(40/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 188
مات في هذه السنة كهلاً.
4 (مكّي بن محمد بن عبد الملك.)
الهمذاني، أبو محمد الشعّار. من بيت الحديث. ذكره ابن النجار فقال: كان حافظاً ذا فهم ثاقب وإدراك. وكان من أصحاب الحافظ أبي العلاء العطار، خصّيصاً به، مقدّماً عنده. قدم بغداد، وحدّث عنه: محمد بن علي بن كاكويه الكاتب، وأبي الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي، وأبي جعفر محمد بن أبي علي الحافظ، وهبة الله ابن أخت الطويل. روى عنه: محمد بن محمود الحرّاني، وأبو الحسن القطيعي. وتوفي في المحرم عن سنة.
4 (منصور بن نصر بن منصور بن الحسين.)
أبو بكر بن العطار الحرّاني، ثم البغدادي، الكاتب الوزير. كان أبوه من كبار التجار. قال ابن النجار: نشأ أبو بكر، وسمع الكثير وقرأ العلم. وقال ابن الدّبيثي: لقبه ظهير الدين. سمع من: ابن ناصر، وأبي بكر بن الزاغوني، وأبي الوقت.) سمع منه: مكّي الغرّاد.

(40/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 189
فلما مات أبوه بسط يده بالمال وخالط الدولة. قال ابن النجار: ورث نعمةً طائلة، وخالط الكبراء وأرباب المناصب، وبذل معروفه، وتوصّل حتى صار له اختصاص بالإمام المستضيء قبل أن يلي الخلافة. فلما استخلف قرّبه وولاّه مشارفة المخزن، ثم ولاّه نظر المخزن والوكالة المطلقة، وارتفع أمره. فلما قتل الوزير أبو الفرج ابن رئيس الرؤساء ردّ المستضيء جميع أمور دواوينه إليه، ونابه في الوزارة. وكان كل الدولة يحضرون إليه. وكان يولّي ويعزل. وكان شهماً مقداماً، له هيبة عظيمة، وشدّة وطأة، ولم يزل على ذلك حتى مات المستضيء، فأقرّه الناصر على نظر المخزن فقط، ثم خلاّه أياماً وقبض عليه وسجنه أياماً، ومات. وبلغني أن مولده سنة أربع وثلاثين وخمسمائة. وأنبأنا ابن الجوزي قال: منصور بن العطار كان مقداماً على القطع والصلب، ولما مات حمل إلى بيت أخته، فأخرج بعد الصبح، فعلم به الناس فضربوا التأبوت بالآجر، ثم رمي فطرح التأبوت في النار، وخرّق الكفن، وأخذ القطن، فأخرج عرياناً، وشدّ في رجله حبل، وسحب إلى المدبغة. ورموه فيها. ثم سحب إلى قراح أبي الشحم، والصبيان يصيحون بين يديه: يا مولانا وقّع لنا. إلى أن جاء جماعة من الأتراك فاستخلصوه منهم، ولفّوه في شقّة، ومضوا به فألقوه في قبر والده. توفي في ذي القعدة وأراح الله منه، إلاّ أنه كان نقمة وعذاباً على الشيعة.

(40/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 190
4 (منوجهر بن محمد بن تركانشاه.)
أبو الفضل الكاتب، كاتب الأمير قطب الدين قايماز المستنجدي. قال ابن النجار: كان أديباً فاضلاً، صادقاً، حسن الطريقة، صدوقاً. سمع: أباه أبا الوفاء، وهبة الله بن أحمد الموصلي، وأبا القاسم بن بيان، والقاسم بن علي الحريري روى عنه المقامات مراراً. وهو آخر من رواها عنه ببغداد. روى عنه: أبو سعد السمعاني. وثنا عنه: ابن الأخضر، وأبو الفتوح بن الحصري، وأحمد بن البندنيجي، وسعيد بن المبارك الحمامي.) وقرأت مولده بخطه في شوال سنة تسع وثمانين وأربعمائة. وحدّث بكتاب إصلاح المنطق عن أبي عبد الله البارع. قلت: وأصله من بروجرد، وهو بغدادي. وروى عنه: البهاء عبد الرحمن، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي، ويوسف بن عمر بن صفير، وطائفة سواهم. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن عبد الرحمن بن عبد السلام.)

(40/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 191
أبو الفتوح الدامغانيّ، الحنفيّ، الفقيه. كان مفتياً، مناظراً ببغداد، كثير العبادة، ديّناً خيّراً رحمه الله.
4 (حرف الباء)

4 (يوسف بن أحمد بن الحسين.)
أبو طالب اللبّان. له دكّان ببغداد لبيع الّلبن. سمع: أبا المعالي أحمد بن البخاريّ، وأخاه هبة الله، وأبا العزّ بن كادش. وعنه: أحمد بن البندنيجيّ، وعبد الرحمن بن عمر بن الغزّال. مات في شعبان عن خمس وسبعين سنة.
4 (يوسف بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن أبي زيد.)
الأندلسيّ اللُّرييّ الأستاذ أبو عمر بن عيّاد. أخذ القراءآت عن: أبي عبد الله بن أبي إسحاق. وقدم بلنسية سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، ولقي بها أعلام المقرئين: أبا مروان بن الصّيقل، وابن هذيل، وأبا الحسن بن النعمة، فأخذ عنهم. وسمع من: أبي الوليد بن الدبّاغ، وطارق بن يعيش، وخلق. وكتب إليه أبو القاسم بن ورد، وأبو محمد بن عطيّة.

(40/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 192
وكان معنيّاً بصناعة الحديث، جمّاعة للدفاتر والدواوين، معدوداً في الأثبات المكثرين. سمع العالي والنازل، ولقي خلقاً، ولو اعتنى بذلك من أوّل أمره اعتناءه به في الآخر لبذّ أقرانه) وفات أصحابه. وكان يحفظ أخبار المشايخ وينفق عليهم ويعتني بهم، ويؤرّخ وفياتهم ويدوّن قصصهم، وفي ذلك أنفق عمره. وكان قد شرع في تذييل كتاب ابن بشكُوال، وله كتاب الكفاية في مراتب الرواية والمرتضى في شرح المنتقى لابن الجارود، وبهجة الألباب في شرح الشّهاب، والأربعون حديثاً في النشر وأهوال الحشر، وأربعون حديثاً في وظائف العبادة، والمنهج الرائق في الوثائق، وبهجة الحقائق في الزهد والرّقائق، وكتاب طبقات الفقهاء من عصر ابن عبد البرّ إلى عصره. حدّث عنه: ابنه أبو عبد الله محمد، وأبو الحجّاج بن عَبدَة، وأبو محمد بن غلبون، وغيرهم. وصفه بعض أصحابه بالمشاركة في الآداب والفقه وفهم القراءآت. وكان من أهل التواضع والخلق السّهل. واستشهد ببلده عند كبسة العدوّ، فقاتل حتّى أُثخن جراحاً، ثم أجهزوا عليه، وذلك يوم العيد. وعاش سبعين سنة رحمه الله. ترجمه الأبّار.
4 (يوسف بن عمر بن الحسن.)
أبو الحجّاج بن البستنيان البغدادي، المقرئ. سمع: أبا طالب بن يوسف، وحدّث. وتوفي في المحرم وقد شاخ.

(40/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 193
وفيها ولد ابن عبد المنعم، والإمام مجد الدين إسماعيل بن باطيش الفقيه، ومحمد بن الأنجب النعّال، وعبد الغني بن بنين، والعماد أبو بكر بن هلال بن عبّاد الحنفي.

(40/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 194
4 (وفيات سنة ست وسبعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام.)
أبو الغنائم الكاتب.) سمّعه أبوه أبو الفتح من: جدّه، وأبي الغنائم بن المهتدي بالله، وأبي علي بن المهدي، وابن الحصين. روى عنه: أحمد بن طارق الكركي، وغيره. ذبح غيلةً في جمادى الأولى ولم يعلم بوفاته.
4 (أحمد بن أحمد بن محمد بن علي بن حمدي.)
أبو المظفر البغدادي، المقرئ، الشاهد. قرأ القراءآت على أبي محمد سبط الخياط، وقبله على أبي بكر المزرفي، وأبي عبد الله البارع. وأقام بعد بمسجد ابن جردة. وكان طيب الصوت مجوّداً. سمع: أبا سعد بن الطيوري، وأبا العز بن كادش، وزاهر بن طاهر، وابن الحصين، وخلقاً سواهم. وحدّث بالكثير. وولد سنة عشر وخمسمائة. وتوفي في جمادى الأولى.

(40/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 195
روى عنه: أبو محمد بن قدامة، والبهاء عبد الرحمن، ومحمد بن المقبل بن المنّي.
4 (أحمد بن عبد الله بن الإمام أبي بكر محمد بن أحمد.)
الشاشي، ثم البغدادي، العلاّمة أبو نصر مدرّس النظامية، وأحد المصنّفين في المذهب. تفقّه على أبيه، وعلى أبي الحسين بن الخل. وسمع من أبي الوقت. ومات شاباً رحمه الله تعالى.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم.)

(40/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 196
الحافظ الكبير أبو طاهر بن أبي أحمد بن سلفة الإصبهاني، الجرواني، وجروان: محلّة بإصبهان. وسلفة لقب أحمد وإليه ينسب. قال الحافظ عبد الغني: سمعت السّلفي يقول: أنا أذكر قتل نظام الملك في سنة خمس وثمانين، وكان عمري نحو عشر سنين. وقد كتبوا عني في أول سنة اثنتين وتسعين وأنا ابن سبع عشرة سنة أو أكثر أو أقل، وليس في

(40/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 197
وجهي شعرة كالبخاري يعني لمّا كتبوا عنه.) وأول سماع السّلفي سنة ثمان وثمانين. سمع من: القاسم بن الفضل الثقفي وسمع من: عبد الرحمن بن محمد بن يوسف السمسار، وسعيد بن محمد الجوهري، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني، والفضل بن علي الحنفي، وأحمد بن عبد الغفار بن أشنة، وأحمد ومحمد ابنا عبد الله بن السوذرجاني، ومكي بن منصور بن علاّن الكرجي، ومعمر بن أحمد اللنباني، وخلق كثير. وعمل معجماً حافلاً لشيوخه الإصبهانيين. ثم دخل في رمضان إلى بغداد، من سنة ثلاث وتسعين وأدرك أبا الخطاب نصر بن البطر، فقال حمّاد الحرّاني: سمعت السّلفي يقول: دخلت بغداد في رابع شوال سنة ثلاث، فساعة دخولي لم يكن لي همّة إلاّ أن مضيت إلى ابن البطر فدخلت عليه، وكان شيخاً عسراً، فقلت: قد وصلت من إصبهان لأجلك. فقال: إقرأ. جعل بدل الراء غيناً. فقرأت عليه وأنا متّكأ لأجل دمامل بي، فقال: أبصر ذا الكلب. فاعتذرت بالدماميل، وبكيت من كلامه، وقرأت سبعة عشر حديثاً، وخرجت، ثم قرأت عليه نحواً من خمسة وعشرين جزءاً، ولم يكن بذاك. قلت: فسمع منه، ومن: أبي بكر الطريثيثي، وأبي عبد الله بن البسري، وثابت بن بندار، والموجودين بها. وعمل معجماً لشيوخ بغداد، ثم حج وسمع في طريقه بالكوفة من: أبي البقاء المعمر بن محمد الحبال، وغيره. وبمكة من: الحسين بن علي الطبري.

(40/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 198
وبالمدينة: أبا الفرج القزويني. وقدم بغداد، وأقبل على الفقه، والعربية، حتى برع فيهما، وأتقن مذهب الشافعيّ. ثم رحل إلى البصرة سنة خمسمائة، فسمع من: محمد بن جعفر العسكريّ، وجماعة. وبزَنجان: أبا بكر أحمد بن محمد بن زنجويه الفقيه، الراوي عن أبي عليّ بن شاذان. وبهمذان: أبا غالب بن أحمد بن محمد المزكّي، وطائفة. وجال في الجبال ومدنها. وسمع بالريّ، والدينَوَر، وقزوين، وساوة، ونهاوند. وكذا طاف بلاد أذربيجان إلى درَبند، فسمع بأماكن، وعاد إلى الجزيرة من ثغر آمد.) وسمع بخِلاط، والرحبة، وقدم دمشق سنة تسع وخمسمائة بعلم جمّ، فأقام بها عامين. وسمع بها من: أبي طاهر الحنّائي، وأبي الحسن بن الموازينيّ، وخلق. ثم مضى إلى صور، وركب منها البحر الأخضر إلى الإسكندريّة،

(40/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 199
فاستوطنها إلى الموت، لم يخرج منها إلاّ مرّة في سنة سبع عشرة إلى مصر، فسمع من: أبي صادق المدينيّ، والموجودين. وعاد. وكان إماماً، مُقرئاً، محموداً، ومحدّثاً، حافظاً، جهبذاً، وفقيهاً متقناً، ونحويّاً ماهراً، ولغويّاً محققاً، ثقة فيما ينقله، حجّة، ثبتاً، انتهى إليه علوّ الإسناد في البلاد. وقد جمع معجماً ثالثاً في البلدان التي سمع بها، سوى إصبهان، وبغداد، فإنّ لكلّ واحدة معجماً. سمع منه ببغداد من شيوخه ورفاقه: أبو علي البرَدانيّ، وهزارسب بن عوض، وأبو عامر العبدريّ، وعبد الملك بن يوسف، وسعد الخير الأندلسيّ. وروى عنه: الحافظ محمد بن طاهر شيخه، وسبطُه أبو القاسم عبد الرحمن بن مكّي، وبينهما في الموت مائة وأربع وأربعون سنة. وروى عنه: الحافظ سعد الخير، وعليّ بن إبراهيم السرَقسطيّ، وأبو العزّ محمد بن علي المُلقاباذيّ، والطبيب بن محمد المروزيّ، وقد روى عن هؤلاء الثلاثة عنه أبو سعد السمعاني. ومات ابن السمعانيّ قبله بأربع عشرة سنة. وروى عنه أيضاً: الصائن هبة الله بن عساكر، ويحيى بن سعدون القرطبيّ. وروى عنه بالإجازة جماعة ماتوا قبله، منهم القاضي عِياض.

(40/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 200
وروى عنه أمم منهم: حمّاد الحرّاني، والحافظ علي بن الفضل، والحافظ عبد الغني، والحافظ عبد القاهر الرُّهاويّ، وابن راجح، وعبد القوي بن الجبّاب، وفرقد الكبانيّ، وعبد الغفّار المحبّلي، ونصر بن جرو، والفخر الفارسي، والشيخ حسن الأدمي، وعيسى بن الوجيه اللخميّ، ومحمد بن عمّاد، ومحمد بن عبد الوهّاب بن الشيرجيّ، وعبد الخالق بن إسماعيل التنيسيّ، وعلي بن رحّال، ومحمد بن محمد بن سعيد المأموني، ومرتضى بن أبي الجود، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الصفراوي، وأبو الفضل جعفر الهمذاني، وإبراهيم ومحمد ابنا عبد الرحمن بن الحبّاب، وأحمد بن محمد بن الحبّاب، وعبد الرحيم بن الطفيل، والحسن بن دينار، وعلي بن مختار، ويوسف بن المخيلي، وظافر بن شحم، وعلي بن زيد التسارَسيّ، ومحمد بن علي) بن تاجر عينه، وحمزة بن أوس الغزّال، وعلي بن جبارة، ويحيى بن عبد العزيز الأغماتيّ، وحسين بن يوسف الشاطبي، وعبد العزيز بن النقّار، ومظفّر بن الفوّيّ، ومنصور بن الدماغ، وعلي بن محمد السخاويّ، وعلي بن عبد الجليل الرازي، وأبو الوفاء عبد الملك ابن الحنبليّ، وشعيب الزعفراني، والعَلم بن الصأبوني، والعز بن رواحة، وعبد الوهاب بن رَواح، ويوسف بن محمود الساويّ، وبهاء الدين بن الجيزيّ، وهبة الله بن محمد ابن الواعظ. وتوفّي سنة خمسين وستمائة، والسِّبط. وبقي أبو بكر محمد بن الحسن السّفاقُسيّ إلى سنة أربع وخمسين، فروى عن السِلَفيّ المسلسل بأوّل حديث، رواه حضوراً، ولم يكن عنده سواه. وهو ابن أخت الحافظ علي بن المفضّل. أنبأني أحمد بن سلامة، عن فاطمة، بنت سعد الخير ح. وقال ابن النجار: قرأت على محمد بن عبد الله المخزوميّ، عن فاطمة بنت سعد

(40/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 201
الخير، قالت: أنا أبي سنة ثمان وعشرين وخمسمائة: حدّثني أبو طاهر بن سِلَفة سنة سبع وتسعين وأربعمائة: أنا القاسم بن الفضل الثّقفي، فذكر حديث البلد الرائع، وهو إصبهان، متنه: إنكم اليوم على دين وإني مُكاثر بكم الأمم. ولا أعلم أحداً في الدنيا حدّث نيّفاً وثمانين سنة سوى السلفيّ. وقد أملى المجالس الخمسة بسلَماس، وعمره ثلاثون سنة. وعمل الأربعين البلديّة التي لم يُسبق إلى مثلها. وقد انتخب على غير واحد من شيوخه. قال الزاهد أبو علي الأوقيّ: سمعت السِلَفيّ يقول: لي ستون سنة ما رأيت منارة الإسكندرية إلاّ من هذه الطاقة. رواها ابن النجّار عن الأَوقي. وقال ابن المفضّل في معجمه: عدّة شيوخ شيخنا السلفي تزيد على ستمائة نفس بإصبهان. وخرج إلى بغداد وله نحو من عشرين سنة أقلّ أو أكثر، ومشيخته البغدادية خمسة وثلاثون جزءاً. وله تصانيف كثيرة. وكان يستحسن الشعر وينظمه، ويثيب من يمدحه. وأخذ الفقه عن: إلكِيا أبي الحسن علي بن محمد الطبريّ، وأبي بكر محمد بن أحمد الشّاشيّ، وأبي القاسم يوسف بن علي الزَنجاني. والأدب عن: أبي زكريا التبريزيّ، وأبي الكرم بن فاخر، وعلي بن محمد القصبجيّ. وسمعته يقول: متى لم يكن الأصل بخطّي لم أفرح به. وكان جيّد الضبط، كثير البحث عمّا يشكل عليه. وكان أوحد زمانه في علم الحديث، وأعرفهم) بقوانين الرواية والتحديث. جمع بين علوّ الإسناد، وعلوّ الانتقاد، وبذلك كان ينفرد عن أبناء جنسه.

(40/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 202
وقال ابن السمعانيّ في الذيل: هو ثقة ورع، متقن، متيقّظ، حافظ، فهم، له حفظ من العربية، كثير الحديث، حسن الفهم والبصيرة فيه. روى عنه الحافظ ابن طاهر فسمعت أبا العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ يقول: سمعت محمد بن طاهر المقدسي يقول: سمعت أبا طاهر الإصبهاني، وكان من أهل الصنعة، يقول: كان أبو حازم العبدريّ: إذا روى عن أبي سعد المالينيّ يقول: أنبا أحمد بن حفص الحديثيّ هذا أو نحوه. وقال الحافظ عبد القادر الرهاوي: سمعت من يحكي عن الحافظ ابن ناصر أنّه قال عن السلفي: كان ببغداد كأنّه شعلة نار في تحصيل الحديث. قال عبد القادر: وكان له عند ملوك مصر الجاه والكلمة النافذة مع مخالفته لهم في المذهب. وكان لا يبدو منه جفوة لأحد، ويجلس للحديث فلا يشرب ماء، ولا يبزق، ولا يتورّك، ولا يبدو له قدم، وقد جاز المائة. بلغني أنّ سلطان مصر حضر عنده للسماع، فجعل يتحدّث مع أخيه فزَبَره وقال: إيش هذا، نحن نقرأ الحديث وأنتما تتحدّثان قال: وبلغني أنّه في مدّة مقامه بالإسكندريّة، وهي أربع وستون سنة، ما خرج إلى بستان ولا فرجة غير مرّة واحدة. بل كان عامّة دهره لازماً مدرسته، وما كنّا نكاد ندخل عليه إلاّ نراه مطالعاً في شيء. وكان حليماً، متجمّلاّ لحفّاظ الغرباء. وقد سمعت بعض فضلاء همذان يقول: السلفيّ أحفظ الحفّاظ. وحدّث بدمشق، فسمع منه أصحابنا، ولم أظفر بالسماع منه. وسمعت بقراءته من شيوخ عدّة. ثم خرج إلى مصر، واستوطن الإسكندرية، وتزوّج بها امرأة ذات يسار، وحصلت له ثروة بعد فقر وتصوّف. وصارت له بالإسكندرية وجاهة. وبنى له العادل عليّ بن إسحاق بن السلاّر أمير مصر مدرسة بالإسكندرية. وحدّثني عنه أخي وأجاز لي. أنا ابن البطر أنا ابن البيِّع فذكر حديثا، وهو موافقة مسلم من سادس المحامليّات.

(40/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 203
ثم قال: أنشدنا أبو سعد السمعانيّ بدمشق، أنشدنا أبو العزّ محمد بن عليّ البستيّ: أنشدنا أبو) طاهر أحمد بن محمد الحافظ لنفسه بميّافارقين:
(إنّ علم الحديث علم رجال .......... تركوا الابتداع للأتباع)

(فإذا الليل جنّهم كتبوه .......... وإذا أصبحوا غدوا للسماع)
وقلت: أنشدناهما أبو الحسين اليونينيّ وأبو عليّ بن الخلاّل قالا: أنشدنا جعفر بن عليّ، أنشدنا السلفيّ، فذكرهما. وقال الحافظ عبد القادر عنه: وكان آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، حتّى إنّه كان قد زال من جواره منكرات كثيرة. ورأيته يوماً وقد جاء جماعة من المقرئين بالألحان فأرادوا أن يقرأوا، فمنعهم من ذلك وقال: هذه القراءة بدعة. بل اقرأوا ترسُّلاً فقرأوا كما أمرهم. قرأت بخط الحافظ عبد الغني جزءاً فيه نقل خطوط المشايخ للسِلفيّ بالقراءآت. وقد قرأ بحرف عاصم على أبي سعيد المطرّز، وقرأ بحمزة والكسائيّ على محمد بن أبي نصر القصّار، وقرأ برواية قالون على نصر بن محمد الشيرازيّ، وبرواية قُنبل على بن أحمد الخِرقيّ، وقد قرأ عليهم سنة إحدى وتسعين وبعدها. وقال ابن نقطة: كان حافظاً، ثقة، جوّالاً في الآفاق. سأل عن أحوال الرجال شجاعاً الذّهليّ، والمؤتمن الساجيّ، وأبا علي البرَداني، وأبا الغنائم النَرسي، وخميساً الحوزيّ. وحدّثني عبد العظيم المنذريّ الحافظ قال: لمّا أرادوا أن يقرأوا سنن النسائي على السلفي أتوه بنسخة سعد الخير وهي مصححة قد سمعها من

(40/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 204
الدّونيّ. فقال: اسمي فيها قالوا: لا. فاجتذبها من يد القارئ بغيظ وقال: لا أحدّث إلاّ من أصل فيه اسمي. ولم يحدّث بالكتاب. وقال لي عبد العظيم إنّ أبا الحسن المقدسيّ قال: حفظت أسماء وكنَى، وجئت إلى السِلفي فذاكرته بها، فجعل يذكرها من حفظه، وما قال لي أحسنت. وقال: ما هذا شيء مليح، أنا شيخ كبير في هذه البلدة هذه السنين لا يذاكرني أحد وحفظي هكذا. وقال أبو سعد السمعاني: أنشدنا يحيى بن سعدون النّحوي بدمشق: أنشدنا السِلفيّ لنفسه:
(ليس حسن الحديث قرب رجال .......... عند أرباب علمه النقّاد)

(بل علوُّ الحديث عند أولي الإت .......... قان والحفظ صحّة الإسناد)

(فإذا ما تجمّعا في حديث .......... فاغتنمه فذاك أقصر المراد)
قلت: أنشدنا اليونينيّ، وابن الخلاّل قال: أنشدنا جعفر أنشدنا السِلفيّ فذكرها.) قرأت بخط السيف بن المجد: سمعت أحمد بن سلامة النجّار يقول إنّ الحافظَين: عبد الغني وعبد القادر، أرادا سماع كتاب اللاّلكائيّ، يعني شرح السنّة، على السلفيّ، فأخذ يتعلّل عليهما مرّة، ويدافعهما عنه أخرى بأصل السماع، حتى كلّمته امرأته في ذلك. قرأت بخط الحافظ عمر بن الحاجب أنّ معجم السفَر للسلفي مشتمل على ألفي شيخ. وقال الحافظ زكي الدين عبد العظيم: كان السلفيّ مُغرى بجمع الكتب والاستكثار منها. وما كان يصل إليه من المال يخرجه في شرائها. وكان عنده خزائن كتب، ولا يتفرّغ للنظر فيها. فلمّا مات وجدوا معظم الكتب في

(40/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 205
الخزائن قد عفّنت، والتصق بعضها في بعض، لنداوة الإسكندرية. وكانوا يستخلصونها بالفأس فتلف أكثرها. أنبأنا أحمد بن سلامة الحداد، عن الحافظ عبد الغني، أن السلفي أنشدهم لنفسه:
(ضلّ المجسّم والمعطّل مثله .......... عن منهج الحق المبين ضلالا)

(وأتى أماثلهم ينكر لا رعوا .......... من معشر قد حاولوا الأشكالا)

(وعدّوا يقيسون الأمور برأيهم .......... ويدلّسون على الورى الأقوالا)

(فالأولون تعدوا الحد الذي .......... قد حدّ في وصف الإله تعالى)

(وتصوّروه صورةً من جنسنا .......... جسماً، وليس الله عزّ مثالا)

(والآخرون فعطّلوا ما جاء في .......... القرآن أقبح بالمقال مقالا)

(وأبوا حديث المصطفى أن يقبلوا .......... ورأوه حشواً لا يفيد منالا)
وهي بضعة وعشرون بيتاً. وله قصيدة أخرى نحو من تسعين بيتاً، سمّى فيها أئمة السنّة، ورؤوس البدعة، أوردتها في ترجمته التي أفردتها. وقال الوجيه عيسى بن عبد العزيز اللخمي: توفي الحافظ صبيحة الجمعة خامس ربيع الآخر سنة ست وسبعين، وله مائة وست سنين. ولم يزل يقرأ عليه الحديث إلى أن غربت الشمس من ليلة وفاته، وهو يرد على

(40/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 206
القارئ اللحن الخفي، وصلى يوم الجمعة الصبح عند انفجار الفجر، وتوفي بعدها فجأةً. قلت: قد اضطرب قول السلفي في مولده. وقد ذكرنا قوله للحافظ عبد الغني إنه كان ابن نحو عشر سنين وقت قتل نظام الملك، فيكون مولده على هذا القول في حدود سنة خمس وسبعين.) وقال الإمام شهاب الدين أبو شامة: سمعت الإمام علم الدين السخاوي يقول: سمعت أبا طاهر السلفي يوماً وهو ينشد لنفسه شعراً قاله قديماً، وهو:
(أنا من أهل الحديث وهم خير فئة .......... جزت تسعين وأرجو أن أجيز مائة)
فقيل له: قد حقق الله رجاءك. فعلمت أنه قد جاوز المائة. وذلك في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وقال محمد بن عبد الرحمن بن علي التجيبي الأندلسي: سمعت الحديث على السلفي، ووجدت بخطّه: مولدي بإصبهان سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة تخميناً لا يقيناً. وقال قاضي القضاة ابن خلّكان: كانت ولادة السلفي سنة اثنتين وسبعين تقريباً. قال: وجدت العلماء بالديار المصرية من جملتهم الحافظ زكي الدين عبد العظيم يقولون في مولده هذه المقالة. قال: ثم وجدت في كتاب زهر الرياض لجمال الدين عبد الرحمن بن عبد المجيد الصفراوي يقول: إن السلفي كان يقول: مولدي بالتخمين لا باليقين سنة ثمان وسبعين. قد شذّ الصفراوي عن الجماعة بهذا القول، والسلفي فقد جاوز المائة بلا ريب. وقد طلب الحديث، وكتب الأجزاء، وقرأ بالروايات في سنة تسعين

(40/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 207
وبعدها، فقد حكى الحافظ عبد الغني أنه حدّث سنة اثنتين وتسعين، وما في وجهه شعرة، وأنه كان ابن سبع عشرة سنة أو نحوها، ولكنه اختلف قوله، فتارةً قال سنة اثنتين وسبعين تقريباً، وتارةً يقول في سنة خمس وسبعين تقريباً، وهذا تباين ظاهر.
4 (أحمد بن أبي الوفاء.)
الصائغ الحنبلي. قد ذكر في العام الماضي. وقيل: توفي في هذا العام.
4 (إبراهيم بن علي بن مواهب.)
أبو إسحاق ابن الزرّاد، الأزجي، البزّاز. روى عن: أبي الغنائم النرسي. سمع منه: أبو سعد السمعاني. وتوفي في رجب.)
4 (أيوب بن محمد بن وهب بن أيوب.)
أبو محمد الغافقي، المعروف بابن نوح، وهو لقب جدّهم وهب بن أيوب لقّب به لكثرة أولاده. كان أبو محمد من رؤساء سرقسطة. روى عن: أبيه محمد، وأبي زيد بن الورّاق، وأبي مروان بن الصيقل، وجماعة. وأخذت الروم سرقسطة فخرج منها سنة اثنتي عشرة إلى طرطوشة، ثم سكن غرناطة، ولقي أبا عبد الله بن أبي الخصال، وكتب عنه خطبه التي عارض بها ابن نباتة. ثم كرّ إلى بلنسية فسكنها، وولي قضاء جزيرة سقر بعد أبيه. ونسخ علماً كثيراً، وجمع شيئاً من التاريخ رواه عنه ابنه القاضي أبو

(40/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 208
عبد الله محمد بن نوح، وقال: توفي في صفر عن تسعين سنة.
4 (حرف الباء)

4 (بدر.)
الحبشي الجذاذادي، الطواشي، أبو الضياء، مولى العدل أبي عبد الله محمد بن جذاذاد الإسكندري أو المصري، والثاني أقرب. سمع: أبا عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وأبا صادق المديني، وأبا الحسين الفرّاء، وعبد الرحمن بن فاتك، وأبا القاسم بن الدوري. روى عنه: أبو الحسن بن المفضّل، ويوسف بن جبريل اللواتي، وأبو القاسم سبط السلفي، وآخرون. وتوفي في شوال رحمه الله تعالى.
4 (حرف التاء)

4 (تورانشاه.)

(40/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 209
الملك المعظّم، شمس الدولة بن أيوب بن شاذي، أخو صلاح الدين، والسلطان سيف الدين، وكان يلقب أيضاً بفخر الدين. وكان أسنّ من صلاح الدين، فكان يحترمه ويرجّحه على نفسه. وسيّره سنة ثمان وستين إلى بلاد النوبة ليفتحها، فلما قدمها وجدها لا تساوي التعب، فرجع بغنائم كثيرة، ورقيق. ثم أرسله إلى اليمن، وبها عبد النبي بن مهدي قد استولى على أكثر اليمن. فقدمها تورانشاه، وظفر بعبد النبي وقتله، وملك معظم اليمن.) وكان سخيّاً جواداً. ثم إنه قدم دمشق في آخر سنة إحدى وسبعين، وقد تمهّدت له مملكة اليمن، لكنه كره المقام بها، وحن إلى الشام وثماره. وكان قد جاءه رسول من أخيه صلاح الدين يرغّبه في المقام باليمن، فلما أدى الرسالة طلب ألف دينار، وقال لغلام له: امض إلى السوق واشتر لي بها قطعة ثلج. فقال: ومن أين هنا الثلج فقال: فاشتر به طبق مشمش، فقال: ومن أين يوجد ذلك فأخذ يذكر له أنواع الفواكه، والغلام يقول ما يوجد. فقال للرسول: ليت شعري، ما أصنع بالأموال إذا لم أنتفع بها في شهوتي ورجع الرسول فأذن له السلطان في القدوم. وقد كتب له بإنشاء القاضي الفاضل:
(لا تضجرن مما أتيت فإنه .......... صدر لأسرار الصبابة ينفث)

(أما فراقك واللقاء فإنّ ذا .......... منه أموات وذا منه أبعث)

(حلف الزمان على تفرق شملنا .......... فمتى يرق لنا الزمان ويحنث)

(حول المضاجع كتبكم فكأنني .......... ملسوعكم وهي الرقاة النفّث)

(كم يلبث الجسم الذي ما نفسه .......... فيه ولا أنفاسه كم يلبث)
فلما قدم دمشق استنابه صلاح الدين لما رجع إلى مصر. ثم انتقل

(40/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 210
تورانشاه إلى مصر سنة أربع وسبعين. وكانت وفاته بالإسكندرية في صفر سنة ست، فنقلته أخته ست الشام فدفنته في مدرستها. وذكر المهذب محمد بن علي بن الخيمي الحلّي الأديب قال: رأيت في النوم شمس الدولة تورانشاه بعد موته، فمدحته بأبيات وهو في القبر، فلفّ كفنه ورماه إليّ، ثم قال:
(لا تستقلّنّ معروفاً سمحت به .......... ميّتاً فأمسيت منه عاري البدن)

(ولا تظنّن جودي شانه بخل .......... من بعد بذلي ملك الشام واليمن)

(إني خرجت من الدنيا وليس معي .......... من كل ما ملكت يدي سوى كفني)
تورانشاه: معناه ملك الشرق. قال ابن الأثير: كان لما قدم من اليمن وعمل نيابة دمشق قد ملك بعلبك، ثم عوّضه أخوه عنها بالإسكندرية إقطاعاً، فذهب إليها. وكان له أكثر بلاد اليمن، ونوّابه هناك يحملون إليه الأموال من زبيد، وعدن، وما بينهما. وكان أجود الناس وأسخاهم كفّاً، يخرج كلما يحمل إليه من البلاد، ومع هذا مات وعليه نحو مائتي ألف دينار، فوفّاها أخوه صلاح الدين عنه. وكان منهمكاً على اللهو واللعب، فيه شر) وظلم.
4 (حرف الحاء)

4 (حمّاد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إسحاق بن أحمد بن شيث بن نصر بن شيث بن الحكم)
بن افلذ بن أبان بن عقبة بن يزيد.

(40/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 211
الإمام قِوام الدين أبو المحامد ابن الإمام ركن الدين أبي إسحاق ابن الإمام أبي إبراهيم الوائليّ، البخاريّ ابن الصّفّار الحنفيّ. سمع من: أبيه، وإسماعيل بن أحمد بن الحسين البيهقيّ. وعنه: إسماعيل بن محمد البيلقيّ، وإبراهيم بن سالار الخُوارزميّ، وأبو الفضل عبيد الله بن إبراهيم المحبوبيّ، والأديب أبو عليّ الحسن بن عمر التّرمذيّ، وبرهان الإسلام عمر بن مسعود بن مازة، وآخرون آخرهم موتاً تاج الإسلام محمد بن طاهر بن محمد الخُداباذيّ البخاريّ. نقلت ذلك من خط الفرَضيّ. ثم قال: وأبوه ركن الدين. من كبار مشايخ البخاريّ. سمع على: والده، وعلى عمر بن منصور البزّاز المعروف بخَنب، وعبد العزيز بن المستقر الكرمينيّ، وأجاز له، وشيخ الإسلام أبو نصر أحمد بن عثمان العاصميّ البلخيّ، وغيرهم. قال: وتوفّي ركن الدين بعد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. وأبوه إسماعيل الوائليّ: روى عن: عمر بن عبد العزيز بن محمد بن النّضر الشُروطي، وأبي عاصم محمد بن علي البلخيّ، وأبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسيّ. وعنه: ولده ركن الدين. ولم يذكر الفرَضيّ لهذا وفاة.

(40/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 212
4 (حرف الخاء)

4 (خلف بن يحيى بن خطّاب.)
أبو القاسم القرطبيّ الزّاهد.) من أهل التصوّف والهدي الصالح. وكان يوصف بإجابة الدعوة. أمَّ بجامع قرطبة مُدَيدَة، ثم رغب في الإنقباض. وكان يعظ ويقصده الناس للبركة رحمه الله تعالى.
4 (حرف السين)

4 (سالم بن إسحاق بن الحسين.)
البزّاز أبو المعالي التّنوخيّ. تاجر صاحب مروءة وخير. قال الشيخ الموفّق: كان ذا مروءة وكرم. حملني الحافظ عبد الغني من بغداد إلى دمشق، وكنّا نرى منه كرماُ وبذلاً. قلت: روى عن سعيد بن البنّا، وجماعة من البغداديين. سمع منهم بعد الأربعين وخمسمائة. وروى عنه: أبو المواهب بن صصرى، والحافظ عبد القادر، والشيخ الموفّق. وكان يسافر كثيراً للتجارة. وتوفّي في عشر الستين.
4 (سعيد بن الحسين بن سعيد بن محمد.)

(40/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 213
أبو المفاخر الهاشمي، المأمونيّ، النًيسأبوريّ، الشريف. قدم مصر وحدّث بها بصحيح مسلم غير مرّة، عن أبي عبد الله الفراوي. روى عنه: أبو الحسن بن المفضّل المقدسيّ، وصالح بن شجاع الدلَجي، وأحمد بن محمد بن عبد العزيز ابن الجبّاب، وحفيده محمد بن محمد المأمونيّ، وآخرون. ورّخه ابن المفضّل.
4 (سعيد بن عبد الله بن القاسم.)
فخر الدين أبو الرّضا، أخو القاضي كمال الدين محمد الشهرزوريّ. فقيه شافعيّ. سمع بالعراق من: زاهر الشّحّاميّ، والقاضي أبي بكر، وجماعة. وتفقّه بخراسان عند الفقيه محمد بن يحيى. وعاد إلى الموصل، وتقدّم وساد، وصار أوجه أهل بيته. وسار في الرسليّة إلى بغداد. سمع منه: هبة الله بن الحسن الفقيه، وإلياس بن جامع الإربليّ، وأحمد بن صدقة.) وتوفّي في جُمادى الآخرة في العشر الأخير عن سبعين سنة.
4 (سليمان بن أحمد بن سليمان.)

(40/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 214
وبعض أصحابه قال فيه: سليمان بن خلف. أبو الحسن الإشبيلي جدّ أبي العبّاس أحمد بن سيّد الناس لأمّه. سمع من أبي بكر بن طاهر، وأبي الحسن شريح وأخذ عنه القراءآت. وسمع من: ابن العربيّ، وغير واحد. وكان مقرئاً، نحويّاً، ضابطاً، مجوّداً. أخذ عنه: أبو محمد، وأبو سليمان ابنا حوط الله، ومفرَّج بن حسين الضرير، وغيرهم. حدّث في هذا العام وانقطع ذكره.
4 (سليمان بن محمد بن حسن.)
أبو طالب العُكبريّ، ثم الواسطيّ، المقرئ. قرأ القراءآت على: ابن شيران، وأبي بكر المزرَفيّ، وسبط الخيّاط، والشهرزوريّ. قرأ عليه ابن الدّبيثي، وعليّ بن منصور البُرسقيّ.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن المحدِّث عبد الرحمن بن أحمد بن عليّ بن صابر السُّلَميّ.)
أبو المعالي الدمشقي، ويعرف بابن سيده. ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة.

(40/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 215
وسمع: الشريف أبا القاسم النّسيب، وأبا طاهر محمد بن الحسين الحِنّائيّ، وابن الموازينيّ، وطبقتهم. وحدّث ببغداد فسمع منه: الحافظ أبو سعد السمعانيّ كتاب المروة. وذكره في الذيل فقال: شابّ قدِم بغداد للتجارة. وذكره أبو المواهب بن صصرى في معجمه فقال: باع كتب أبيه وعمّه بثمن بخس، وأعرض عن الخير في وسط عمره، ثم أقلع في آخره. وسُمع منه من النُّسَخ التي بأيدي الناس. وتوفّي في رجب. قلت: وروى عنه الحافظ أبو محمد عبد الغنيّ، والشيخان أبو عمرو والموفّق، والبهاء عبد) الرحمن، والشمس عمر بن المُنَجّا، وسالم بن عبد الرزاق، وأخوه يحيى، وعبد الحق بن خلف، والحافظ الضّياء، وغيرهم.
4 (عبد الله بن خلف بن محمد بن حبيب بن فَرقد.)

(40/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 216
أبو محمد القرشيّ، الفهريّ، الأندلسيّ، الإشبيليّ. سمع من أخيه أبي إسحاق من: أبي محمد بن عتّاب، وأبي الحسن بن بقيّ. وناظر في الرأي عن أبي عبد الله بن الحاجّ. وأخذ القراءآت عن أبي عمرو وموسى بن حبيب عن مكّيّ بن أبي طالب. وقال الأبّار: كان حافظاً للفقه، صادعاً بالحق. حدّث عنه ابنه أبو القاسم.
4 (عبد الله بن مغيث بن يونس بن محمد بن مغيث بن محمد بن يونس بن عبد الله بن مغيث.)
أبو محمد بن الصّفّار الأنصاريّ، القرطبيّ. روى عنه جدّه أبي الحسن، وأبي عبد الله بن الحاجّ، وأبي الحسن شُرَيح، وأبي بكر بن العربيّ، وجماعة. ووُلّي قضاء الجماعة بقرطبة ثمانية عشر عاماً. قال الأبّار: روى عنه أبو القاسم بن الملجوم، وعامر بن هاشم، وأبو محمد بن حوط الله، وأخوه أبو سليمان بن حَوط الله. وتوفّي في ربيع الأوّل وله ستون سنة.
4 (عبد الله بن يزيد بن عبد الله.)
القاضي أبو محمد السعديّ، الغَرناطيّ، ثم اليحصُبيّ. من قلعة يحصُب. حدّث في هذا العام عن أبي الوليد بن طريف، وأبي الحسن بن البادش، وطائفة.

(40/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 217
وعنه: الأخوان ابنا حوط الله، وابن دحية، وآخرون.
4 (عبد الله بن يوسف بن عليّ بن محمد.)
القضاعيّ، المُرّيّ. سمع من: أبيه. وبالثّغر من: أبي عبد الله محمد بن أحمد الرّازيّ.) روى عنه: عليّ بن المفضّل الحافظ. بقي إلى هذا العام.
4 (عبد الله بن يحيى بن عليّ بن هلال.)
أبو سعيد الأزَجيّ، الدّبّاس، المعروف بابن الأعرأبي. سمع أبا القاسم بن بيان، وأبا ياسر البرَدانيّ، ومحمد بن عبد الباقي الدّوريّ، وابن الحصين، وجماعة. سمع منه: أبو محمد بن الخشّاب مع تقدّمه. وروى عنه: ابن الدّبيثي، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. وتوفّي في ربيع الآخر وله ستّ وسبعون سنة.
4 (عبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عليّ بن عبد الرحمن بن سعيد)
بن حُميد بن أبي العجائز. أبو الفهم الأَزديّ، الدّمشقي. من بيت الحديث والرواية. سمع: أبا طاهر الحِنّائيّ، وغيره. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وأبو المواهب بن صصرى، وإبراهيم الخُشوعيّ، ومكّيّ بن علاّن، وطائفة.

(40/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 218
وكان ملازماً لحلقة الحافظ ابن عساكر. توفّي رحمه الله في جُمادى الآخرة، وله ثمانون سنة. وهو راوي حديث سختام.
4 (عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد.)
أبو جعفر بن القصير الأَزديّ، الغرناطيّ. روى عن: أبيه أبي الحسن، وعمّه أبي مروان عبد الملك، وأبي الحسن بن البادش، وأبي الوليد بن رشد، والقاضي عِياض. وكان وجيهاً في بلده، من بيت تقدّم، وكان كثير العناية بالرواية، وله حظّ وافر من الفقه والأدب. وصنّف تصانيف منها شيء من مناقب أهل عصره. وحجّ وسكن بإفريقية وتونس. ووُلّي القضاء.) وحدّث عنه: أبو عبد الله بن نافع الخطيب. غرق في البحر في آخر العام رحمه الله تعالى.
4 (عبد العزيز بن عبد الواحد بن عبد الماجد بن عبد الواحد بن أبي القاسم القُشيريّ.)
أبو المحاسن النَيسأبوريّ، الصوفيّ. توفّي في ربيع الأوّل، وله خمسون سنة. روى عن: عبد المنعم القُشيريّ. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى.
4 (عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هبة الله ابن رئيس الرؤساء.)
أبو المفضّل ابن الوزير أبي الفرج. يلقّب كمال الدين. استنابه أبوه في الأستاذ داريّة ثم استقلّ بها عندما وَزَر أبوه. وكان ذا غلظة وشدّة وطأة وصرامة وقساوة وسوء سيرة. كانت الألسنة مجمعة على ذمّه. وله شعر جيّد.

(40/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 219
قال العماد الكاتب: هو شهم مهيب، وله فهم مصيب. وهو غضنفر بني المظفّر، وقيل: بني الرقيل. ومن شعره:
(وأهيَفُ معسول النكاهة واللَّمى .......... مليح النّسى والشمائل والقدّ)

(به ريّ عيني وهو ظامئ إلى دمي .......... وخدّي له ورد ومن خدّه وردي)
توفّي في الكهولة. وقد عُزل عن أستاذيّة الدار لسوء سيرته، في أيّام أبيه. وخافه مجد الدين ابن الصاحب أستاذ دار الخليفة الناصر، فدقّق الحيلة في القبض عليه، ثم صادره وعاقبه عقوبة شديدة. وقيل إنّه رفسه برجله فمات منها.
4 (عليّ بن أحمد بن محمد بن بكروس.)
أبو الحسن. ولد سنة تسع وخمسمائة. وتوفّي في ثالث ذي الحجّة ببغداد. كذا سمّاه ابن مشِّق، وسيُعاد.
4 (عليّ بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الملك.)
) أبو الحسن بن القصّار السُّلَميّ، المِرداسيّ، الرَقّيّ، ثم البغداديّّ، اللغويّ.

(40/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 220
كان علاّمة العرب وحجّة الأدب في نقل اللغة. أخذ عن أبي منصور بن الجواليقيّ، وكتب الكثير. وأكثر المطالعة. وكان مليح الخط، وأنيق الوِراقة والضبط، ثقة. سافر إلى مصر تاجراً، وأقام بها مدّة، وقرأ بها الأدب على أبي الحجّاج يوسف بن محمد بن الحسين الكاتب ابن الخلاّل صاحب ديوان الإنشاء. ثم قدم بغداد، وتصدّر للإقراء والإفادة في داره. وكان الفضلاء يترددون إليه، ويقرأون عليه كتب الأدب. وسمع من: أبي الغنائم بن المهتدي، وأبي العز بن كادَش، وجماعة. روى عنه: أبو الفتوح بن الحصريّ، وابن أخته أحمد بن طارق، وغيرهما. وتوفّي في المحرّم. وولد سنة ثمان وخمسمائة. وقال ابن النجّار: وخلّف مالاً طائلاً، وكان بخيلاً مقتّراً على نفسه رحمه الله تعالى. قلت: كان آية في اللغة، وهو متوسّط في النحو، وكان تاجراً متموّلاً، سافر إلى مصر. ويحضر حلقة ابن برّيّ يأخذ عنه اللغة. وكان يحفظ من أشعار العرب ما لا يوصف.
4 (علي بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس.)

(40/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 221
أبو الحسن أخو أبي العبّاس البغداديّ، الحنبليّ. شيخ صالح، سمع الكثير بنفسه. روى عن: أبي الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي بالله، وابن الحصين، وأبي غالب بن البنّاء، وهبة الله الشُروطيّ، وجماعة. روى عنه: موفّق الدين بن قُدامة، والبهاء عبد الرحمن، والياس الإربليّ وآخرون. توفّي في ذي الحجّة.
4 (عمر بن عبد الرحمن بن عذرة.)
أبو حفص الأنصاريّ، الأندلسيّ، من أهل الجزيرة الخضراء.) روى عن: أبي بكر بن العربي، وأبي الحسن بن مغيث، وأبي القاسم بن بقِيّ. ووُلي قضاء بلده وقضاء سبتة. وكان فقيهاً مشاوراً، له النظم والنثر. أخذ عنه: أبو الوليد القسطَليّ، وعمر بن عبد المجيد النحويّ، وجماعة. وتوفّي في رمضان.
4 (حرف الغين)

4 (غازي.)

(40/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 222
سيف الدين صاحب الموصل ابن الملك قطب الدين مودود بن أتابك زنكي بن آق سنقر التّركيّ. والد سنجر شاه صاحب جزيرة ابن عمر. لمّا مات أبوه قطب الدين بلغ السلطان نور الدين الخبر، وهو على تل باشَر، فسار في الحال إلى الموصل، وأتى الرقة في أول سنة ست وستين فملكها، ثم سار إلى نصيبين فملكها، ثم أخذ سنجار في ربيع الآخر، ثم أتى الموصل، وقصد ألا يقابلها، فعبر بجيشه من مخاضة بلد ثم نزل قبالة الموصل، وأرسل إلى غازي وعرّفه صحة قصده، فصالحه. ونزل الموصل ودخلها، وأقرّ صاحبها فيها، وزوجه بابنته وعاد إلى الشام، فدخل في شعبان من السنة. فلما تملك صلاح الدين وسار إلى حلب وحاصرها، سيّر إليه غازي جيشاً عليه أخوه عز الدين مسعود، فالتقوا عند قرون حماه، فانكسر عز الدين. فتجهّز غازي وسار بنفسه، فالتقوا على تل السلطان، وهي قرية بين حلب وحماه في شوال سنة إحدى وسبعين، فانكسرت ميسرة صلاح الدين بمظفّر الدين ابن ربيب الدين صاحب إربل، فإنه كان على ميمنة غازي، فحمل السلطان صلاح الدين بنفسه، فانهزم جيش غازي فعاد إلى حلب، ثم رحل إلى الموصل. ومات بالسل في صفر. وعاش نحواً من ثلاثين سنة. قال ابن الأثير: كان مليح الشباب، تام القامة، أبيض اللون، وكان عاقلاً وقوراً، قليل الالتفات. لم يذكر عنه ما ينافي الصفة. وكان غيوراً شديد الغيرة، يمنع الخدّام من دخول الدور، ولا يحب الظلم، على شحّ فيه وجبن.

(40/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 223
قلت: وأدار الخمر والزنا ببلاده بعد موت نور الدين، فمقته أهل الخير. وقد تاب قبل موته بيسير، وتملّك بعده أخوه مسعود، فبقي ثلاث عشرة سنة.)
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن حامد.)
أبو سعيد الإصبهاني. من حفّاظ الحديث ببلده. يروي عن: أبي العلاء صاعد بن سيّار الدهّان. وغيره. توفي بإصبهان.
4 (محمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن هشام.)
الإمام أبو عبد الله الخشني، الرّندي، نزيل مالقة. ويعرف قديماً باسم العويص. أخذ القراءآت عن: منصور بن الخير، وعن أبي القاسم بن رضا. وسمع من: ابن مغيث، وابن مكّي، وجماعة. وناظر في كتاب سيبويه على ابن الطراوة وروى عنه، وعن أبي محمد البطليوسي. قال الأبّار: وكان مقرئاً ماهراً، نحوياً، لغوياً، دأب على تعليم القرآن والعربية دهره. وحدّث. وتوفي بمالقة في شوال. ثنا عنه: ابن حوط الله، وأبو العباس الغرقي.
4 (محمد بن علي بن محبوب.)

(40/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 224
أبو بكر البغدادي المسدّي. سمع: أبا العز محمد بن المختار، وأحمد بن الحسين بن قريش. وعنه: ابن الحصري، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن جرير. وكان مباركاً. توفي في ربيع الآخر.
4 (محمد بن محمد بن مواهب.)
أبو العز بن الخراساني، البغدادي، الشاعر، صاحب العروض ومصنّف النوادر المنسوبة إلى حدّة الخاطر. قرأ الأديب على: أبي منصور بن الجواليقي. وله ديوان شعر في خمسة عشر مجلداً. قال العماد الكاتب. ومصنفات أدبية ومدح الخلفاء) والوزراء، وتغيّر ذهنه في آخر أيامه قليلاً. وكان بارع الأدب بصيراً بالعروض، مقدّماً في اللغة والنحو، صاحب مجون وخلاعة ونوادر. سمع: أبا الحسين المبارك بن عبد الجبار، وأبا سعد بن خشيش، وأحمد بن المظفر بن سوسن، وأبا علي بن نبهان. قال ابن الدّبيثي: سمعت منه وتركته لتغيّره. وأجاز لي قبل أن يتغير ذهنه.

(40/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 225
قلت: روى عنه الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. توفي في رمضان، وله اثنتان وثمانون سنة. قال ابن الدّبيثي: أنشدنا في المسترشد بالله:
(قل للإمام الذي أنعامه نعم .......... وسحّ كفّيه منه تخجل الدّيم)

(وعرضه وافر في كل نازلة .......... وماله في جميع الناس مقتسم)

(وبحره الجمّ عذب ماؤه غدق .......... سهل الشرائع غمر طيّب سم)

(مسترشد إن بدا فالبدر غرّته .......... وإن يقل كلماً فالدرّ منتظم)

4 (المبارك بن عبد الله بن محمد.)
أبو منصور البغدادي. قال الدّبيثي: كان خيّراً متيقظاً. سمعت عليه. روى عن: ابن الحصين، وزاهر بن طاهر. ولازم ابن ناصر فأكثر. وتوفي رمضان.
4 (المبارك بن المبارك بن محمد بن أحمد بن حكيم.)
أبو بكر الخياط البغدادي.

(40/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 226
سمع: أبا الحسن العلاف، وشجاعاً الذهلي، وأبا علي بن المهدي، وغيرهم. روى عنه: إلياس بن جامع، وابن الأخضر، والبهاء عبد الرحمن، وآخرون. توفي أيضاً في رمضان.
4 (المبارك بن محمد بن محمد بن العرمرم.)
أبو جعفر بن أبي طاهر بن الواسطي، البغدادي. له إجازة من جعفر السرّاج، وأبي الحسين بن الطيوري.) سمع منه: علي بن أحمد الرّندي، ومحمد بن سعيد الدّبيثي. مات في ذي القعدة سنة ست.
4 (مسعود بن عمر الملاح.)
سمع: أبا الحسن بن الزاغوني، وعلي بن الفاعوس. روى عنه: أبو الحسن القطيعي في تاريخه.
4 (مسعود بن محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن ماشاذة.)
الإمام أبو عبد الله الإصبهاني، المفسّر، الفقيه. قال ابن النجار: كان إماماً حافظاً، قيّماً بالمذهب، والخلاف، والتفسير، والوعظ. سمع: غانماً البرجي، وأبا علي الحداد، ومحمود بن إسماعيل، وعبد الكريم بن فورجة. وحج وحدّث ببغداد، وجلس للوعظ، ولقي القبول التام، واستحسن الأكابر كلامه.

(40/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 227
قلت: ولم يذكر أن أحداً روى عنه.
4 (مسلم بن عبد المحسن بن أحمد.)
أبو الغنائم الكفرطأبي، ثم الدمشقي، البزّاز. سمه من: جدّه لأمه أبي طاهر محمد بن الحسين الحنائي. ودخل بغداد للتجارة، وسمع بها: علي بن هبة الله بن عبد السلام. أخذ عنه: عمر بن محمد بن جابر، وإلياس بن جامع، وغيرهما. وتوفي في جمادى الآخرة عن إحدى وسبعين سنة.
4 (مظفّر بن خلف بن عبد الكريم بن خلف بن طاهر بن محمد الشّحامي.)
النيسأبوري. حدّث بدمشق عن: وجيه بن طاهر. وكان صوفياً ينسخ بالأجرة. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم، ومحمد البلخي المقرئ.
4 (مظفّر بن محمد بن عبد الباقي بن جند.)
أبو عبد الله البناء، البغدادي. معمّر وهو ابن عم بقاء بن عمر.) سمع: أبا طالب بن يوسف، وأبا الحسن الزاغوني، وأبا غالب بن البنّاء. روى عنه: أحمد بن أحمد البندنيجي وأثنى عليه. وتوفي في ربيع الآخر.
4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن أحمد بن حمزة بن أبي الحجّاج.)

(40/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 228
أبو الفتح العدوي، الحلبي، ثم الدمشقي، العطار. حدّث عن: هبة الله بن طاوس. وعنه: أبو القاسم بن صصرى.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن أحمد بن محمد بن هلال.)
أبو الفرج بن الأعرابي، الأزجي، الدبّاس. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا الغنائم النرسي، وأبا ياسر البرداني. سمع منه: أبو محمد بن الخشّاب، وعمر بن علي القرشي. وتوفي في رجب. وهو أسنّ من ابن عمّه عبد الجبار بعامين.
4 (حرف الواو)

4 (واثق بن الحسين بن علي.)
العطار أبو الحسين بن السمّاك. سمع: أبا الحسين بن الحصين، وأبا غالب بن البنّاء. روى عنه: عبد الله بن أحمد الخباز. وعاش ثلاثاً وستين سنة.
4 (حرف الياء)

4 (يوسف بن محمد بن علي بن أبي سعيد.)
الموصلي، ثم البغدادي، أخو سليمان وعلي، ووالد الموفق عبد اللطيف.

(40/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 229
صحب أبا النجيب السهروردي وتفقّه عليه.) وسمع: أبا القاسم بن السمرقندي، وأبا منصور بن خيرون، وخلقاً. وسمّع ابنه، وحدّث. وتوفي في المحرم، وله إحدى وستون سنة.
4 (يونس بن محمد.)
أبو الوليد القسطلي، الأندلسي. من فحول الشعراء وأعيان البلغاء. كتب لبعض ملوك الأندلس، وصنّف في الأدب. وفيها ولد كمال الدين ابن قاضي القضاة صدر الدين عبد الملك بن درباس الماراني في ربيع الأول.

(40/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 230
4 (وفيات سنة سبع وسبعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن حميد بن الحسن.)
أبو منصور الأزجي، الكاتب، الشيباني، مصنّف المقامات العشرين. أديب بارع، وشاعر محسن. روى عنه: ولده يوسف. توفي في ربيع الأول ببغداد.
4 (أحمد بن عبد الملك بن عميرة.)
أبو جعفر الضّبّي، الأندلسي. سمع بمرسية من: أبي علي الصدفي، وأبي محمد بن أبي جعفر الفقيه. وبقرطبة: أبا محمد بن عتّاب، وابن رشد. ولقي بمصالة منصور بن الخير وأخذ عنه القراءآت. وحجّ، وكان زاهداً عابداً، قانتاً لله. روى عنه: سليمان بن حوط الله، وأحمد بن يحيى بن عميرة. وتوفي عن سنّ عالية.

(40/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 231
4 (أحمد بن علي بن محمد بن عبد الملك بن سليمان بن سند.)
أبو العباس الأندلسي، الكتّاني، النحوي، من أهل إشبيلية.) وكان يعرف باللص لإغارته على الأشعار في حداثته.

(40/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 232
روى عن: أبي بحر الأسدي، وأبي محمد بن صاوة. وأقرأ الآداب والعربية واللغة. وكان شاعراً محسناً.

(40/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 233
روى عنه: أبو الحسين بن رزقون، وأبو الخطّاب بن دحية. وعاش بضعاً وسبعين سنة. وتوفي سنة سبع أو سنة ثمان وسبعين.
4 (أحمد بن علي بن سعيد.)
أبو العباس الحوزي الصوفي. قرأ بواسط، وسمع بها من: أبي علي الحسين بن إبراهيم الفارقي. وببغداد من: أبي بكر الأنصاري. وكان رجلاً صالحاً. عاش سنة.
4 (أحمد بن محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام.)
أبو الغنائم الكاتب، أخو أبي منصور عبد الله. سمع: أبا علي بن المهدي، وأبا القاسم بن الحصين. وحدّث. قتله غلام له طمعاً في شيء كان له في المحرم. وقيل في سنة ست. وولد سنة أربع وخمسمائة.
4 (أحمد بن محمد بن أبي القاسم.)
الشيخ أبو الرشيد الخفيفي، الصوفي، الزاهد. قال ابن النجار: قدم بغداد شاباً من أبهر زنجان، وتفقّه مدّة. وسمع: زاهر الشحّمي، وأبا بكر محمد بن عبد الباقي، وجماعة. وصحب أبا النجيب السهروردي وانقطع، وجلس في الخلوة، وظهر له الكرامات، وفتح عليه. روى لنا عنه: أبو نصر عمر بن محمد بن جابر المقري. وقرأت بخط عمر بن علي القرشي: جلس أبو الرشيد الأبهري في الخلوة اثنتي عشرة سنة، وفتح له خير كثير، وظهر كلامه.)

(40/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 234
وقد كتب من كلامه ما يقارب ثمانين مجلدة. قال ابن النجار: بلغني أنه كان في جمادى الآخرة. وكان منسوباً إلى ابن خفيف الشيرازي.
4 (أحمد بن مواهب بن حسن.)
أبو عبد الرحمن البغدادي، المعروف بغلام الزاهد ابن العلبي. شيخ صالح، سمع: أبا طالب بن يوسف. سمع منه: ابنه عبد الرحمن، وتميم بن أحمد البندنيجي، والحافظ عبد القادر الرّهاوي. سمعوا منه في هذه السنة، وانقطع خبره.
4 (إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران.)
الإمام رضي الدين أبو إسحاق الجزري، الفقيه الشافعي. تفقّه وبرع على شيخه أبي القاسم بن البزري. ثم تفقّه ببغداد بالنظامية. وسمع من: الكروخي. ودرّس ببلده وساد بعد ابن البزري. مات في المحرم عن أربع وستين سنة. ذكره الفرضي.
4 (إسماعيل بن الملك الصالح نور الدين.)

(40/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 235
أبو الفتح بن الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي التركي. ختنه أبوه في سنة تسع وستين، وسرّ به، وزيّنوا دمشق، وكان وقتاً مشهوداً وهو يوم عيد الفطر. وزيّنت دمشق أياماً وضربت خيمة بالميدان، وصلّى هناك بالناس شمس الدين قاضي العسكر، وخطب، ثم مدّ السماط العام، وأنهب على عادة الترك. وعاد نور الدين إلى القلعة فمد سماطه الخاص، ولعب من الغد بالكرة، فاعترضه برتقش أمير آخور وقال له: باش. فاغتاظ بخلاف عادته، وزير برتقش، ثم ساق ودخل القلعة، فما خرج منها إلاّ ميّتاً. وتوفي نور الدين بعد الختان بأيام، فحلّف أمراء دمشق لابنه أن يكون في السلطنة بعده، وهو يومئذ صبي، ووقعت البطاقة إلى حلب بموت نور الدين، ومتولّيها شاذبخت الخادم، فأمر بضرب البشائر، وأحضر الأمراء والعلماء وقال: هذا كتاب من السلطان بأنه ختن ولده وولاّه العهد. فحلفوا كلهم في الحال. ثم قام إلى مجلس فلبس الحداد، وخرج إليهم وقال: يحسن الله) عزاكم في الملك العادل بن زنكي. وأما صلاح الدين فسار إلى الشام ليكون هو مدبّر دولة هذا الصبي، ويستولي على الأمور. ووقعت الفتنة بحلب بين السنّة والرافضة. ونهبت الشيعة دار قطب الدين ابن العجمي، ودار بهاء الدين بن أمين الملك. ونزل بحرية القلعة وأمرهم الأمير شمس الدين بن علي بن محمد ابن الداية والي القلعة أن يزحفوا إلى دار أبي الفضل بن الخشّاب رئيس الشيعة، فزحفوا إليها ونهبوها، واختفى ابن الخشّاب. ثم وصل الصالح إسماعيل إلى حلب في ثاني المحرّم من سنة سبعين، ومعه سابق الدين ابن الدايّة، فقبض عليه، وصعد القلعة، وظهر ابن

(40/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 236
الخشّاب، وركب في جمع عظيم إلى القلعة، فصعد إليها، والشيعة تحت القلعة وقوف. فقتل بها ابن الخشّاب وتفرّق ذلك الجمع. وسجن شمس الدين علي بن الدايّة وأخواه: سابق الدين عثمان، وبدر الدين حسن. ودخل السلطان صلاح الدين دمشق في سلخ ربيع الآخر، ثم سار إلى حمص فملكها. ثم نازل حلب في سلخ جمادى الأولى، فنزل الملك الصالح إلى البلد، واستنجد بأهلها، وذكّرهم حقوق والده، فوعدوه بالنصر، وجاءته النجدة من ابن عمه صاحب الموصل مع عز الدين مسعود بن مودود. فردّ السلطان صلاح الدين إلى حماه، وتبعه عز الدين مسعود، فالتقوا عند قرون حماه في رمضان. فانكسر عز الدين وانهزم، وردّ صلاح الدين فنازل حلب، فصالحوه وأعطوه المعرّة، وكفرطاب، وبارين. ثم جاء صاحب الموصل سيف الدين غازي في جيش كثيف، وجاء صلاح الدين بعساكره، فالتقوا في شوال سنة إحدى وسبعين، فانكسر صاحب الموصل على تل السلطان، وسار صلاح الدين، فأخذ منبج، ثم نازل عزاز ففتحها، ثم نازل حلب في ذي القعدة، وأقام عليها مدةً. وبذل أهلها المجهود في القتال، بحيث أنهم كانوا يحملون ويصلون إلى مخيم صلاح الدين، وأنه قبض على جماعة منهم، فكان يشرّح أسافل أقدامهم، ولا يمنعهم ذلك عن القتال، فلما ملّ منهم صالحهم وسار عنها. وخرجت إليه أخت الملك الصالح، وكانت طفلة، فأطلق لها عزاز لما طلبتها منه. وكان تدبير أمر حلب إلى والدة الصالح، وإلى شاذبخت، وخالد بن القيسراني. ثم إن الصالح مرض بالقولنج جمعتين، ومات في رجب من سنة سبع، وتأسفوا عليه، وأقاموا عليه المآتم، وفرشوا الرماد في الأسواق، وبالغوا في النوح عليه. وكان أمراً منكراً.) وكان ديّناً، عفيفاً، ورعاً، عادلاً، محبّباً إلى العامة، متّبعاً للسنّة، رحمه الله، ولم يبلغ عشرين سنة. وذكر العفيف بن سكّرة اليهودي لا رحمه الله، وكان يطبّبه، قال:

(40/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 237
قلت له: يا مولانا، والله شفاؤك في قدح خمر، وأنا أحمله إليك سراً، ولا تعلم والدتك، ولا اللالا، ولا أحد. فقال: كنت أظنك عاقلاً، نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم يقول: إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرّم عليها. وتقول لي أنت هذا. وما يؤمنني أن اشربه وأموت وهو في جوفي. وقيل: توفي وله قريب من ثماني عشر سنة. فتملّك حلب بعده عزّ الدين مسعود ابن عمّه مودود.
4 (أشرف بن هبة الله.)
أبو العباس الهاشمي، البيّاضي. إمام جامع المنصور. سمع: أحمد بن المجلي، وهبة الله بن الحصين. سمع منه: محمد بن مشّق، وأحمد بن أحمد البندنيجي. وتوفي في أول السنة.
4 (حرف التاء)

4 (تمرتاش.)
مولى أبي الفرج هبة الله ابن رئيس الرؤساء. سمع من: أبي الحسين بن العلاّف. روى عنه: ابن الأخضر، وغيره، ونصر بن الحصري. وتوفي في رمضان.

(40/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 238
4 (حرف السين)

4 (سليمان بن أرسلان.)
المعروف بشرف الدين بن شاووش البغدادي. كان يخدم في السواد فعلا وساد، وناب في وزارة الناصر لدين الله أول ما استخلف، ثم عزل بعد شهرين لشيخوخته وضعفه. توفي في جمادى الأولى عن سنّ عالية.)
4 (حرف العين)

4 (عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن أبي سعيد.)

(40/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 239
كمال الدين أبو البركات الأنباري، النحوي، الرجل الصالح، صاحب التصانيف المفيدة. سكن بغداد من صباه، وتفقّه بالنظامية على أبي منصور بن الرزّاز، وقرأ النحو على أبي السعادات بن الشجري: واللغة على أبي منصور بن الجواليقي. وبرع في الأدب حتى صار شيخ العراق في عصره، وأقرأ الناس ودرّس النحو بالنظامية، ثم انقطع في منزله مشتغلاً بالعلم والعبادة والورع وإفادة الناس. وكان زاهداً ناسكاً، تاركاً للدنيا، ذا صدق وإخلاص. قال الموفق عبد اللطيف: أما شيخنا كمال الدين الأنباري فلم أر في العبّاد والمنقطعين مثله في طريقه، ولا أصدق منه في أسلوبه، خير محض لا يعتريه تصنّع، ولا يعرف الشرور، ولا أحوال العالم. وكان له من أبيه دار يسكنها، ودار وحانوت مقدار أجرتهما نصف دينار في الشهر ينتفع به ويشتري منه ورقاً. وسيّر إليه المستضيء خمسمائة دينار فردّها، فقالوا له: اجعلها لوالدك، فقال: إن كنت خلقته فأنا أرزقه. وكان لا يوقد عليه ضوءاً. وتحته حصير قصب، وعليه ثوب وعمامة من قطن يلبسهما يوم الجمعة. وكان لا يخرج إلاّ للجمعة، ويلبس في بيته ثوباً خلقاً. وكان ممن قعد في الخلوة عند الشيخ أبي النجيب. قرأ عليه معيد بالنظامية، فبقي يكثر الصياح والكلام، فلطمه على رأسه وقال: ويلك، إذا كنت تجترّ في المرعى متى ترعى والشيخ مائة وثلاثون مصنفاً، أكثرها نحو، وبعضها في الفقه

(40/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 240
والأصول، والتصوّف، والزهد، أتيت على أكثرها قراءةً، وسماعاً وحفظاً. قلت: من كتبه أسرار العربية، الإنصاف في مسائل الخلاف، أخبار النحاة، الداعي إلى الإسلام في علم الكلام، النور اللائح في اعتقاد السلف الصالح، الجمل في علم الجدل، كتاب ما، وغرائب إعراب القرآن، ديوان اللغة، الضاد والظاء، تفسير لغة المقامات، شرح الحماسة، شرح المتنبي، نزهة الألبّا في طبقات الأدبا، تاريخ الأنبار، نسمة العبير في علم التعبير.) وروى الحديث عن: أبيه، وخليفة بن محفوظ الأنباري، ومحمد بن محمد بن عطّاف، وأحمد بن نظام الملك. روى عنه: الحافظ أبو بكر الحازمي، وابن الدّبيثي، وطائفة. وتوفي في شعبان. وله أربع وستون سنة. ومن شعره:
(دع الفؤآد بما فيه من الخرق .......... ليس التصوّف بالتلبيس والخرق)

(بل التصوّف صفو القلب من كدر .......... ورؤية الصوفية أعظم الخرق)

(وصبر النفس على أذى مطامعها .......... وعن مطامعها في الخلق بالخلق)

(وترك دعوى بمعنى فيه حقته .......... فكيف دعوى بلا معنى ولا خلق)

4 (عبد الصمد بن علي.)
أبو القاسم بن الأخرم البغدادي، الحذّاء. سمع: أبا علي الباقرجي، وأبا سعد بن الطيوري، وأبا طالب اليوسفي. سمع منه: عمر القرشي، وجماعة. وتوفي فجأة في ذي الحجة، وله سبعون سنة.

(40/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 241
4 (عبد القادر بن علي نوقة.)
أبو محمد الواسطي الشاعر. جالس أبا السعادات بن الشجري، وأبا منصور بن الجواليقي. ومدح الخلفاء. ومات غريباً بمصر. ومن شعره:
(أصيب ببلوى الجسم أيّوب فاغتدى .......... به تضرب الأمثال أن ذكر الصبر)

(فلما انتهى بلواه من بعد جسمه .......... إلى القلب نادى معلناً: مسني الضّر)

(وكل بلائي عند قلبي ولم أبح .......... بشكوى الذي ألقى ولم يظهر السرّ)
هذا هذيان وقول من وراء العافية، ومجرد دعوى كاذبة. كما فشر من قال: وكل بلاء أيوب بعض بليّتي.) ولكن الشعراء في كل واد يهيمون، ويقولون مالا يفعلون. وكما قيل: أملح الشعر أكذبه.

(40/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 242
4 (عثمان بن يوسف بن أبي بكر بن عبد البرّ بن سيّدي بن ثابت.)
أبو عمرو الأنصاري، السرقسطي، المعروف بالبلجيطي. أخذ القراءآت عن: أبي زيد الورّاق، ويحيى بن محمد القلعي. وأخذ قراءة نافع عن: أبي زيد بن حيوة. واختلف إلى أبي جعفر بن سراج، وأبي الحسن بن طاهر وأخذ عنه العربية. وسمع التيسير سنة إحدى وعشرين وخمسمائة من ابن هذيل. وأقرأ القراءآت، وسكن بلد لريّة ثم ولّي قضاءها. وكان محققاً للقراءآت، ضابطاً، إخبارياً، ذاكراً، ماهراً بالقضاء والشروط. توفي عن تسعين سنة في نصف ذي القعدة. أخذ عنه: أبو عمر بن عيّاد، وأبو عبد الله بن عيّاد، وأبو عبد الله الشوني، وأبو الربيع بن سالم.
4 (علي بن محمد بن الحسن.)
أبو المفاخر المستوفي البيهقي، الواعظ، الصوفي. حدّث ببغداد وواسط عن: محمد بن أحمد بن صاعد، وعبد الغافر بن إسماعيل، وأبي عبد الله الفراوي، وغيرهم. وتوفي رحمه الله في شعبان.
4 (عمر بن علي بن الزاهد محمد بن علي بن حمّويه.)

(40/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 243
أبو الفتح الجويني الصوفي، شيخ الشيوخ بدمشق. ولد في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة. وسمع من: جدّه، وأبي عبد الله الفراوي، وأبي القاسم الشّحامي، وأبي الفتوح عبد الوهاب الشاذياخي، وعبد الجبار الخواري، وعبد الواحد الفارمذي. وأقام بدويرة السميساطي. وحدّث وإليه انتهى التقدم في التصوّف. وكان السلطان صلاح الدين يحترمه ويعظمه، وهو أخي أبي بكر وأبي سعد عبد الواحد. روى عنه: الحافظ أبو المواهب، وأخوه أبو القاسم الحسين، والبهاء عبد الرحمن، والحافظ) الضياء، وآخرون.

(40/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 244
وتوفي في رجب ودفن بمقابر الصوفية. وذكره العماد الكاتب فقال: كبير الشأن كثير الإحسان، لم يكن له في علم الطريقة والحقيقة مساو. وأقبل عليه نور الدين بكلّيته، وأمرني بإنشاء منشور له بمشيخة الشام، ورغّبه بالإحسان في المقام، ومن جملة ما أتحفه به عمامة ذهبية نفّذ بها صلاح الدين من مصر، فبذل له فيها ألف دينار بزنة ذهبها، فلم يجب.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز.)
أبو عبد الله الحميري، القرطبي، المعروف بالأستجي نزيل مالقة. سمع: صحيح البخاري من شريح. وولي خطابة مالقة. وكان من أهل الفضل والصلاح. ورّخه الأبّار، وقال: ثنا عنه أبو عبد الله الأندرشي، وأبو سليمان بن حوط الله.
4 (محمد بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال.)
أخو الحافظ أبي القاسم، أبو عبد الله القرطبي. روى عن: أبيه، وأبي جعفر البطروجي، وأبي الحسن بن مغيث. وكان فقيهاً شروطياً. وأجاز له أبو علي بن سكّرة. توفي في جمادى الآخرة قبل أخيه.
4 (محمد بن محمد بن شجاع بن أحمد بن علي.)
أبو الطيّب اللفتواني، الإصبهاني.

(40/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 245
سمع: أباه أبا بكر، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وفاطمة الجوزدانيّة، وجماعة. وطلب بنفسه، وكتب، وقرأ. توفي في صفر.)
4 (المبارك بن علي بن محمد بن خلف.)
أبو الفائز البرداني، الدلاّل في الدور. سمع: أبا الغنائم النرسي، ومحمد بن الحسن بن البنّا، وأبا طالب بن يوسف. روى عنه: أبو بكر الحازمي، وابن الأخضر، وآخرون. توفي في جمادى الآخرة وله سبع وسبعون سنة. وقيل: إحدى وثمانون سنة.
4 (حرف الهاء)

4 (هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم.)
أبو طاهر الحلبي، الخطيب. شيخ زاهد خيّر بارع في العربية. كتب عنه: أبو سعد بن السمعاني، والخطيب يونس بن محمد الفارقي. وتوفي في جمادى الآخرة. وروى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وقال: كان خطيب حلب، جامعاً لفنون شتّى. وقال ابن النجار: أديب، بليغ، فصيح، له تصانيف وخطب، وله كتاب التنبيه عن اللحن الخفي. قرأ عليه حمزة بن القبّيطي. عاش ثلاثاً وثمانين سنة.

(40/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 246
4 (هبة الله بن المبارك بن بكري الحريمي.)
من بيت رواية. سمع: أبا الحسن الدينوري، وابن الحصين، أخذ عنه ابن مشّق، وغيره. وتوفي في شوال. وروى عنه: عبد الوهاب بن برغش، وعبد الرحمن بن عمر الغزّال.
4 (هبة الله بن أبي الكرم نصر الله بن محمد بن محمد بن مخلد.)
أبو العباس بن الجلخت الواسطي، المعدّل. ثقة، صحيح السماع، من بيت رواية وعدالة. ولد سنة أربع وثمانين وأربعمائة. وسمع: أبا نعيم محمد بن إبراهيم الجماري، وأبا نعيم محمد بن زبزب، ومحمد بن محمد بن السوادي.) وسمع ببغداد من: هبة الله بن البخاري، وأبا بكر القاضي. وروى الكثير. روى عنه: أبو عبد الله بن الدّبيثي وترجمه، وقال: توفي في رجب. حرف الياء
4 (يحيى بن علي بن يحيى ين العافية.)
المؤذّن أبو زكريا الدمشقي، المقري. سمع من: جمال الإسلام أبي الحسن. كتب عنه: أبو المواهب بن صصرى، وقال: توفي في ربيع الأول.

(40/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 247
4 (الكنى)

4 (أبو الفهم بن فتيان بن حيدرة.)
البجلي، الدمشقي ابن الكاتب. زاهد عابد ورع. روى عن: جمال الإسلام. وعنه: ابن صصرى. وفيها ولد: أبو البيان بن سعد الله بن راهب الحموي بحماه وشمس الدين إسحاق بن بلكويه، وأبو الفتح عبد الهادي بن عبد الكريم القيسي، وعبد العزيز بن عبد الوهاب الكفرطابي، وعماد الدين بن الحرستاني، وكمال الدين أحمد بن نعمة بنابلس.

(40/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 248
4 (وفيات سنة ثمان وسبعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أبي الحسن بن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة.)
الزاهد الكبير، سلطان العارفين في زمانه أبو العباس الرفاعي، المغربي، رضي الله عنه. قدم أبوه العراق وسكن البطائح بقرية اسمها أم عبيدة، فتزوج بأخت الشيخ منصور الزاهد،) ورزق منها بأولاد منهم الشيخ أحمد بن الرفاعي رحمه الله. وكان أبو الحسن مقرئاً يؤمّ بالشيخ منصور، فمات وزوجته حامل

(40/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 249
بالشيخ أحمد، فربّاه خاله منصور، فقيل إنه ولد في أول المحرم سنة خمسمائة. ويروى عن الشيخ يعقوب بن كراز قال: كان سيدي أحمد بن الرفاعي في المجلس، فقال لأصحابه: إي سادة، أقسمت عليكم بالعزيز سبحانه، من كان يعلم فيّ عيباً يقوله. فقام الشيخ عمر الفاروقي وقال: إي سيدي، أنا أعلم فيك عيباً. فقال: يا شيخ عمر، قله لي. قال: إي سيدي عيبك نحن الذين مثلنا في أصحابك. فبكى الشيخ والفقراء وقال: أي عمر، إن سلم المركب حمل من فيه في التّعدية. وقيل إن هرّةً نامت على كمّ الشيخ أحمد، وجاء وقت الصلاة، فقصّ كمّه ولم يزعجها، وعاد من الصلاة فوجدها قد فاقت، فوصل الكمّ بالثوب وخيّطه وقال: ما تغيّر شيء. وعن يعقوب بن كراز، وكان يؤذن في المنارة ويصلّي بالشيخ، قال: دخلت على سيدي أحمد في يوم بارد، وقد توضّأ ويده ممدودة، فبقي زماناً لا يحرك يده، فتقدّمت وجئت أقبّلها فقال: أي يعقوب، شوّشت، على هذه الضعيفة. فقلت: من هي. قال: بعوضة كانت تأكل رزقها من يدي، فهربت منك. قال: ورأيته مرةً يتكلم ويقول: يا مباركة ما علمت بك، أبعدتك عن وطنك. فنظرت فإذا جرادة تعلّقت بثوبه، وهو يعتذر إليها رحمةً لها. وعنه قال: سلكت كل الطرق الموصلة، فما رأيت أقرب ولا أسهل ولا

(40/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 250
أصحّ من الافتقار، والذلّ، والانكسار. فقيل له: يا سيدي، فكيف يكون قال: تعظّم أمر الله، وتشفق على خلق الله، وتقتدي بسنّة سيدك رسول الله. وورد أنه كان فقيهاً، شافعي المذهب. وعن الشيخ يعقوب بن كراز قال: كان سيدي أحمد إذا قدم من سفر شمّر، وجمع الحطب، ثم يحمله إلى بيوت الأرامل والمساكين، فكان الفقراء يوافقونه ويحتطبون معه. وربما كان يملأ الماء للأرامل ويؤثرهم رحمه الله.) قيل له: أي منصور أطلب. فقال: أصحأبي. فقال رجل لسيدي أحمد: يا سيدي وأنت أيش فبكى فقال: أي فقير، ومن أنا في البين، ثبّت نسب وأطلب ميراث. فقلت: يا سيدي أقسم عليك بالعزيز أيش أنت قال: أي يعقوب، لمّا اجتمع القوم وطلب كل واحد شيئاً دارت النوبة إلى هذا اللاشيء أحمد وقيل: أي أحمد أطلب. قلت: أي ربّ علمك محيط بطلبي. فكرر عليّ القول، قلت: أي مولاي، أريد أن لا أريد، وأختار أن لا يكون لي اختيار. فأجابني، وصار الأمر له وعليه. أي يعقوب، من يختاره العزيز يحببه إلى هذه البقعة. وعن يعقوب قال: مرّ سيدي على دار الطعام، فرأى الكلاب يأكلون التمر من القوصرّة، وهم يتجارشون، فوقف على الباب لئلا يدخل إليهم أحد يؤذيهم، وهو يقول: إي مباركين اصطلحوا وكلوا، وإلاّ يدروا بكم منعوكم. ورأى فقيراً يقتل قملةً فقال: لا واخذك الله، شفيت غيظك وعن يعقوب، قال لي سيدي أحمد: يا يعقوب، لو أن عن يميني خمسمائة يرّوحوني بمراوح الندّ والطيب، وهم من أقرب الناس إلي، وعن يساري مثلهم من أبغض الناس إليّ، معهم مقاريض يقرضون بها لحمي، ما

(40/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 251
زاد هؤلاء عندي، ولا نقص هؤلاء عندي بما فعلوه. ثم قرأ: كي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختار فخور. وكان سيدي أحمد إذا حضر بين يديه تمر أو رطب ينقّي الشيص والحشف لنفسه يأكله ويقول: أنا أحق بالدون من غيري، فإني مثله دون. وكان لا يجمع بين لبس قميصين لا في شتاء ولا في صيف، ولا يأكل إلا بعد يومين ثلاثة أكلةً. وإذا غسل ثوبه نزل في الشطّ كما هو قائم يفركه، ثم يقف في الشمس حتى ينشف. وإذا ورد عليه ضيف يدور على بيوت أصحابه يجمع الطعام في مئزر. وأحضر ابن الصيرفي وهو مريض ليدعو له الشيخ ومعه خدمه وحشمه، فبقي أياماً لم يكلمه، فقال يعقوب بن كراز: أي سيدي ما تدعو لهذا المريض. فقال: أي يعقوب، وعزّة العزيز لأحمد كل يوم عليه مائة حاجة مقضيّه، وما سألتموه منها حاجةً واحدة. فقلت: أي سيدي فتكون واحدة لهذا المريض المسكين.) فقال: لا كرامة ولا عزازة، تريدني أن أكون سيّء الأدب. لي إرادة وله إرادة. ثم قرأ: ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين أي يعقوب، الرجل المتمكّن في أحواله، إذا سأل حاجةً وقضيت له، نقص تمكّنه درجةً. فقال: أراك تدعو عقيب الصلوات وكل وقت. قال: ذاك الدعاء تعبّد وامتثال. ودعاء الحاجات لها شروط، وهو غير هذا الدعاء. ثم بعد يومين تعافى ذلك المريض.

(40/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 252
وعن يعقوب أنه سأل الشيخ أحمد: أي سيدي، لو كانت جهنّم لك ما كنت تصنع بهاتعذّب بها أحداً فقال: لا وعزّته، ما كنت أدخل بها أحداً. فقال: أي شيخ، فأنت تقول إنّك أكرم ممن خلقها لينتقم بها ممن عصاه. فزعق وسقط على وجهه زماناً، ثم أفاق وهو يقول: من هو أحمد في البين يكرّرها مرات. وقال: أي يعقوب، المالك يتصرف سبحانه. وعن يعقوب أن الشيخ أحمد كان لا لأحد من أبناء الدنيا، ويقول: النظر إلى وجوههم يقسّي القلب. وعن الشيخ يعقوب، وسئل عن أوراد سيدي أحمد، فقال: كان يصلّي أربع ركعات بألف قل هو الله أحد. ويستغفر الله كل يوم ألف مرّة، واستغفاره أن يقول: لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، عملت سوءاً، وظلمت نفسي، وأسرفت في أمري، ولا يغفر الذنوب إلاّ أنت، فاغفر لي، وتب عليّ، إنك أنت التوّاب الرحيم. يا حيّ يا قيّوم، لا إله إلاّ أنت. وذكر غير ذلك. وكان يترنّم بهذا البيت:
(إن كان لي عند سليمى قبول .......... فلا أبالي بما يقول العذول)
وكان يقول:
(ومستخبر عن سرّ ليلى تركته .......... بعمياء من ليلى بغير يقين)

(يقولون: خبّرنا، فأنت أمينها .......... وما أنا إن خبّرتهم بأمين)
ويقول:
(أرى رجالاً بدون العيش قد قنعوا .......... وما أراهم رضوا الدنيا على الدّين)
)

(40/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 253
(إذا رأيت ملوك الأرض أجمعها .......... بلا مرآء ولا شك ولا مين)

(وقيل هو فوقهم في الناس مرتبةً .......... فقل نعم ملك في زي مسكين)

(ذاك الذي حسنت في الناس سيرته .......... وصار يصلح للدنيا وللدين)
ويقول:
(أغار عليها من أبيها وأمّها .......... ومن كل من يرنو إليها وينظر)

(وأحذر من حدّ المرآة بكفّها .......... إذا نظرت منك الذي أنا أنظر)
ومنه:
(إذا تذكّرت من أنتم وكيف أنا .......... أجللت ذكركم يجري على بالي)

(ولو شريت بروحي ساعةً سلفت .......... من عيشتي معكم ما كان بالغالي)
وكان كثير التعظيم لخاله سيّدي الشيخ منصور، ويقول للفقراء: إذا قبّلتم عتبة الشيخ منصور، فإنما تقبّلون يده. ويقول: أنا ملاّح لسفينة الشيخ منصور، فاسألوا ربّنا به في حوائجكم. وكان يقول: إلى أن ينفخ في الصور لا يأتي مثل طريق الشيخ منصور. وعن ابن كزار: سمعت يوسف بن صقير المحدّث يقول: كنّا في قرية الصريّة مع سيدي أحمد، وقد غنّى ابن هديّة:
(لو يسمعون كما سمعت حديثها .......... خرّوا لعزّه ركّعاً وسجودا)
فقام سيدي وتواجد، وردّد البيت، ولم يزل حتى كادت قلوب الفقراء تنفطر. وكان ذلك في بدايته بعد موت الشيخ منصور. ولمّا كان في النهاية بقي سبع سنين لا يسمع الحادي وهو قريب منه حتى توفي. وعنه قال: ذكر الشيخ جمال الدين أبو الفرج بن الجوزي أن سبب وفاة سيدي أحمد أبيات أنشدت بين يديه، تواجد عند سماعها تواجداً كان سبب مرضه الذي مات فيه. وكان المنشد لها الشيخ عبد الغني بن نقطة حين زاره، وهي:
(إذا جنّ ليلي هام قلبي بذكركم .......... أنوح كما ناح الحمام المطوّق)

(40/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 254
(وفوقي سحاب يمطر الهمّ والأسى .......... وتحتي بحار بالدموع تدفّق)

(سلوا أمّ عمرو كيف بات أسيرها .......... تفكّ الأسارى دونه وهو موثّق)

(فلا أنا مقتول ففي القتل راحة .......... ولا أنا ممنون عليّ فأعتق)
) قال: وتوفي يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين. وعن يعقوب بن كراز قال: كان سيدي أحمد والفقراء في نهر وليد فقال: لا إله إلاّ الله، قد حان أوان هذا المجلس، فليعلم الحاضر الغائب أن أحمد يقول، وأنتم تسمعون: من خلا بامرأة أجنبية، فأنا منه بريء، وربنا سبحانه منه بريء، ومن خلا بأمرد فكذلك، ومن نكث البيعة فإنما ينكث على نفسه. ثم قام من مجلسه. وبعد شهر عبر إلى الله، ودفن في قبّة الشيخ يحيى النجار. وحكى الشيخ محمد بن أبي بكر بن أبي طالب الصوفي أنه سمع جدّه عفيف الدين أبا طالب يقول: سمعت الشيخ عبد الرحمن شملة يقول: سمعت سيدي علي يقول: لما حضرت الوفاة سيدي أحمد قبلها بأيام قلت: أي سيدي، ما نقول بعدك، وأيش تورّثنا فقال: أي علي، قل عنّي إنه ما نام ليلةً إلاّ وكل الخلق أفضل منه، ولا حرد قط، ولا رأى لنفسه قيمةً قط. وأما ما أورثه فيا ولدي تشهد أنّ لي مال حتى أورثكم إنما أورثكم قلوب الخلق. فلما سمعت من سيدي خرجت إلى الشيخ يعقوب بن كراز فأخبرته، فقال: لك حسب، أو لذريّتك معك فعدت إلى سيدي فقلت له فقال: لك

(40/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 255
ولذريّتك إلى يوم القيامة البيعة عامة، والنعمة تامة، والضمين ثقة، هي اليوم مشيخة وإلى يوم القيامة مملكة بمشيخة. نقلت أكثر ما هنا عن يعقوب من كتاب مناقب ابن الرفاعي رضي الله عنه. جمع الشيخ محيي الدين أحمد بن سليمان الهمّامي، الحسيني، الرفاعي، شيخ الرواق المعمور بالهلالية، بظاهر القاهرة، سمعه منه الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن الشيخ أبو طالب الأنصاري، الرفاعي الدمشقي، ويعرف بشيخ حطّين، بالقاهرة سنة ثمانين وستمائة. وقد كتبه عنه مناولةً وإجازةً المولى شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الجزري، وأودعه تاريخه في سنة خمس وسبعمائة، فأوّله قال: ذكر ولادته. ثم قال: قال الشيخ أحمد بن عبد الرحمن ابن الشيخ يعقوب بن كراز وأكثر الكتاب عن الشيخ يعقوب، وهو نحو من أربعة كراريس. وهو ثمانية فصول في مقاماته وكراماته، وغير ذلك. وهي بلا إسناد، وقع الاختيار منها على هذا القدر الذي هنا. وتوفي الشيخ ولم يعقب. وإنما المشيخة في أولاد أخيه.) قال القاضي ابن خلّكان: كان رجلاً صالحاً، شافعيّاً، فقيهاً، انضم إليه خلق من الفقراء، وأحسنوا فيه الإعتقاد، وهم الطائفة الرفاعية، ويقال لهم الأحمدية. ويقال لهم البطائحية. ولهم أحوال عجيبة من أكل الحيّات حيّةً، والنزول إلى التنانير وهي تضرم ناراً، والدخول إلى الأفرنة، وينام الواحد منهم في جانب الفرن والخبّاز يخبز في الجانب الآخر. وتوقد لهم النار العظيمة، ويقام السماع، فيرقصون عليها إلى أن تنطفئ. ويقال إنهم في بلادهم يركبون الأسود ونحو ذلك وأشباهه. ولهم أوقات معلومة يجتمع عندهم من الفقراء عالم لا يحصون ويقومون بكفاية الجميع. والبطائح عدّة قرى مجتمعة في وسط الماء بين واسط والبصرة.

(40/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 256
أحمد بن المسلم. سيأتي.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أحمد بن محمد بن المعمّر.)
أبو جعفر البغدادي. سمع: أبا القاسم بن بيان. وعنه: نسيبه أبو طالب بن علي بن جعفر. مات في صفر. قاله ابن النجار.
4 (الحسن بن علي بن الحسين بن شيرويه.)
أبو علي الدّيلمي الأصل، الأزجي. سمع: أبا الغنائم محمد بن علي النرسي. روى عنه: أحمد وتميم ابنا البندنيجي، ونصر بن الحصري، وأبو الحسن بن المقيّر، وجماعة. وتوفي في وسط السنة.
4 (الحسن بن هبة الله بن محمد بن علي بن المطّلب.)

(40/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 257
فخر الدولة أبو المظّفر ابن الوزير أبي المعالي. كان متصوّفاً زاهداً كثير الحج والصدقات والأوقاف، كبير الشأن، وافر الحرمة. له جامع كبير) بغربي بغداد. له مدرسة بشرقي بغداد ورباط، ولم يدخل في الولايات. سمع: أبا الحسن العلاّف وقرأ الأدب على أبي بكر بن جوامرد. وامتنع في كبره من الرواية. وقد سمع منه: أبو سعد السمعاني، وأحمد بن صالح الجيلي، والكبار. وتوفي في شوال.
4 (حرف الخاء)

4 (الخضر بن هبة الله بن أحمد بن عبد الملك بن علي بن طاوس.)
أبو طالب الدمشقي. قرأ القرآن الكريم على أبي الوحش سبيع بن قيراط صاحب أبي علي الأهوازي، وهو آخر من قرأ في الدنيا عليه، وآخر من سمع من الشريف أبي القاسم النسيب، وأبي الحسن علي بن طاهر. ومولده في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. وكان أبوه وجده من كبار المقرئين. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم. وقال أبو القاسم: توفي في ثامن شوال. وروى عنه أيضاً: موفق الدين بن قدامة، والشمس والضياء ابنا عبد الواحد، والبهاء عبد الرحمن، وزين الأمناء، وطائفة سواهم، وأحمد بن

(40/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 258
الحسن بن ريش، والعزّ النّسّابة، ولإبراهيم بن الخشوعي.
4 (خلف بن عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال بن يوسف بن داحة.)
أبو القاسم الأنصاري، القرطبي، المحدّث. حافظ الأندلس في عصره ومؤرّخها ومسندها. ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة. وسمع: أباه، وأبا محمد بن عتّاب فأكثر، وأبا بحر بن العاص، وأبا الوليد بن رشد، وأبا الوليد بن طريف، وأبا القاسم بن بقيّ، وخلقاً. ورحل إلى إشبيلية فسمع: شريح بن محمد، وأبا بكر بن العربي.) وأجاز له: علي بن سكّرة، وأبا القاسم بن منظور، وطائفة. ومن العراق: أبو المظفّر هبة الله الشلبي بأخرة.

(40/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 259
وله معجم مفيد. قال أبو عبد الله الأبّار: كان متّسع الرواية، شديد العناية بها، عارفاً بوجوهها، حجّة، مقدّماً على أهل وقته، حافظاً، حافلاً، إخبارياً، تاريخياً، ذاكراً لأخبار الأندلس القديمة والحديث. سمع العالي والنازل. وأسند عن شيوخه نيّفاً وأربعمائة كتاب بين صغير وكبير. ورحل إليه الناس وأخذوا عنه. وثنا عنه جماعة، ووصفوه بصلاح الدخلة، وسلامة الباطن وصحة التواضع، وصدق الصبر للطلبة، وطول الاحتمال: وألّف خمسين تأليفاً في أنواع العلم. وولّي بإشبيلية قضاء بعض جهاتها لأبي بكر بن العربي. وعقد الشروط، والرواة عنه لا يحصون، منهم: أبو بكر بن خير، وأبو القاسم القنطري، وأبو القاسم بن سمحون، وأبو الحسن بن الضحّاك. وكلهم ماتوا قبله. وصنّف كتاب الصّلة في علماء الأندلس، وصل به تاريخ ابن الفرضي. وقد حمله عنه شيخه أبو العباس بن العريف الزاهد. قلت: وله كتاب الحكايات المستغربة مجلّد، وغوامض الأسماء المبهمة عشرة أجزاء، وكتاب معرفة العلماء الأفاضل أحد وعشرون جزءاً، وطرق حديث المغفر ثلاثة أجزاء، القربة إلى الله بالصلاة على نبيّه جزء كبير، من روى الموطّأ عن مالك في جزءين، اختصار تاريخ أبي بكر القشّي في تسعة أجزاء، أخبار سفيان بن عيينة جزء كبير، أخبار ابن المبارك جزءآن، أخبار الأعمش ثلاثة أجزاء، أخبار النّسائي جزء، أخبار زيادة شبطون جزء، أخبار المحاسبي جزء، أخبار أبي القاسم جزء، أخبار إسماعيل القاضي جزء، أخبار ابن وهب جزء، أخبار أبي المطرّف عبد الرحمن بن مرزوق القنازعي جزء، قضاة قرطبة ثلاثة أجزاء،

(40/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 260
المسلسلات جزء، طرق من كذب عليّ جزء إلى غير ذلك. وممن روى عنه: أبو القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد، وأحمد بن عبد المجيد المالقي، وأحمد بن محمد الأصلع، وأبو القاسم أحمد بن يزيد بن بقي، وأحمد بن عيّاش المرسي، وأحمد بن أبي حجة القيسي، وثابت بن محمد الكلاعي، ومحمد بن إبراهيم بن) صلتان، ومحمد بن عبد الله الصفار القرطبي، وموسى بن عبد الرحمن الغرناطي، وأبو الخطاب عمر بن دحية، وأخوه عثمان بن دحية. وبالإجازة: أبو الفضل جعفر بن علي الهمذاني، وأبو القاسم سبط السلفي، وآخرون. قال الأبّار: توفي في ثامن رمضان. ودفن بقرب قبر يحيى بن يحيى الليثي وله أربع وثمانون سنة.
4 (خليفة بن المسلم بن رجاء.)
أبو طالب التنوخي، الإسكندراني، ويعرف بأحمد اللخمي. قال أبو الحسن بن المفضل الحافظ: غلب عليه أحمد. سمع: أبا عبد الله الرازي، وأبا بكر الطرطوشي، وعبد المعطي بن مسافر. وكان عارفاً بالفقه والأصول، ماهراً في علم الكلام وفيه لين فيما يرويه، إلاّ أنّا لم نسمع منه إلاّ من أصوله. توفي في رمضان.

(40/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 261
قلت: وروى عنه: أبو القاسم بن رواحة، وعبد الوهاب بن رواج، وأبو علي الأوقي، وبنا بن هجّام.
4 (....)
العبد الصالح. توفي بالقاهرة، في ذي القعدة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر.)
الخطيب أبو الفضل بن أبي نصر الطوسي، ثم البغدادي، نزيل الموصل وخطيبها. ولد في صفر سنة سبع وثمانين وأربعمائة. وسمع حضوراً من: طراد الزينبي، وأبي عبد الله بن طلحة النعالي، وطائفة. وسمع من: ابن البطر، والطريثيثي، وأحمد بن عبد القادر، وأبي الفضل محمد بن عبد السلام، وجعفر السراج، وأبي الخطاب بن الجرّاح، وأبي غالب الباقلاني، وأبي الحسن بن أيّوب البزّار، ومنصور بن حيد،

(40/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 262
والحسين بن البسري وأبي منصور الحنّاط، وجماعة.) وتفرّد بالرواية عن أكثرهم. وكان في نفسه ثقة. وكان أبو بكر الخازمي إذا روى عنه قال: أنا أبو الفضل من أصله العتيق يقول ذلك احترازاً مما زوّر له وغيره محمد بن عبد الخالق اليوسفي. لكن لما بيّن المحدثون ذلك للخطيب أبي الفضل رجع عن روايته. ثم خرّج لنفسه المشيخة المشهورة من أصوله. روى عنه: أبو سعد السمعاني. وعبد القادر الرّهاوي، وأبو محمد بن قدامة، والبهاء عبد الرحمن، والقاضي أبو المحاسن يوسف بن شدّاد، وأبو الحسن علي بن الأثير، وأبو البقاء يعيش النحوي، وعبد الكريم بن عبد الرحمن الترأبي، وأبو الخير إياس الشهرزوري، وإبراهيم بن يوسف بن خنّة الكتبي الموصلي، وآخرون. قال الشيخ الموفق: كان شيخاً حسناً. قرأت عليه المعتقد لعبد الرحمن بن أبي حاتم. فكتب في آخره سماعي، وكتب: هذا اعتقادي وبه أدين لله تعالى. ولم نر منه إلا الخير. وقال ابن الدّبيثي: أنشدنا لنفسه كتابةً:
(أقول وقد خيّمت بالخيف من منىً .......... وقرّبت قرباني وقضّيت أنساكي)

(وحرمة بيت الله ما أنا بالذي .......... أملّك مع طول الزمان وأنساك)
توفي رحمه الله في رمضان في اثنتين وتسعين سنة. وقال الحافظ ابن النجار في تاريخه: ولد ببغداد، وقرأ الفقه والأصول

(40/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 263
على إلكيّا أبي الحسن علي بن محمد الهرّاسي، وأبي بكر الشاشي. وقرأ الأدب على: أبي زكريا التبريزي، وأبي محمد الحريري. وسمع بإصبهان من: أبي علي الحداد وبنيسأبور من: أبي نصر بن القشيري وبترمذ من: أبي المظفر ميمون بن محمد، وبالموصل من: أبيه وعمّه. وولي خطابتها زماناً. وتفرّد وقصده الرحالون. ثنا عنه: هبة الله بن باطيش، وعلي الطبيب، وأبو الحسن محمد بن القطيعي.
4 (عبد الله بن أحمد بن محمد بن علي بن حمنيس.)
أبو محمد السرّاج البغدادي. وقيل اسمه عبيد الله. سمع: أحمد بن المظفّر بن سوسن، وأبا القاسم بن بيان، وأبا العز محمد بن المختار، وأبا) الحسن بن العلاّف، وأبا سعد بن خشيش. قال ابن الأخضر: كان عاميّاً لا يفهم، ولا يحسن أن يصلي، ولا يقرأ التحيات. قلت: روى عنه: تميم البندنيجي، ونصر بن الحصري، وأبو عبد الله بن الدّبيثي، وأبو صالح الجيلي، ومحمد بن إسماعيل الطبال، وعبد اللطيف بن المبارك النهرواني، وآخرون. ومات في رجب عن سنّ عالية.
4 (عبد الله بن عبد الله.)
أبو الخير الرومي، الجوهري، مولى جعفر الطيبي. قال الدّبيثي: كان خيّراً حافظاً للقرآن. قرأ لأبي عمرو على أبي العز

(40/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 264
القلانسي سنة سبع عشرة وخمسمائة ببغداد. وأقرأ الناس. وروى عن: أبي القاسم بن الحصين.
4 (عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن فتوح.)
أبو محمد الحضرمي، الداني، النحوي، المعروف بعبدون، وبابن صاحب الصلاة. أخذ القراءآت عن أبي عبد الله بن سعيد الداني، وقرأ عليه الأدب، وعلى: والده يحيى، وأبي الحسن طاهر. وحمل عن: الحافظ أبي الوليد بن خيرة. وأقرأ النحو بشاطبة زماناً. ثم أدّب بني صاحب بلنسية. وكان مبرّزاً في العربية، مشاركاً في الفقه وقول الشعر، متواضعاً، طيب الأخلاق. أخذ عنه جلّ منهم: أبو جعفر الذهبي، وأبو الحسن بن حريق، وأبو محمد بن نصرون، وأبو الربيع بن سالم. وتوفي في مستهلّ رجب ببلنسية وله إحدى وستون سنة.
4 (عبد الله بن القاضي أبي خازم محمد بن القاضي أبي يعلى بن الفرّاء.)
الحنبلي أخو أبي يعلى الصغير. سمع: أباه، وابن الحصين، وابن كادش. وعنه: القطيعي، وعبد الله بن أحمد الخباز. ولد سنة عشر وخمسمائة.) ومات في ذي الحجّة.

(40/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 265
4 (... بن عبد الله بن علوان.)
أبو عبد الله الأسدي، الحلبي المجاور بالحجاز، أخو أبي محمد ابن الأستاذ. إمام زاهد عابد. علّق عنه أبو المواهب بن صصرى، وقال: أقام بالحجاز سنين، وكان للمجاورين به راحة. قدم علينا سنة ثمان وسبعين، ثم سأل من صلاح الدين أن يرسل معه من يخفره إلى المدينة، فأرسل معه من خفره، فوصل ومرض، فمات في شعبان منها.
4 (علي بن أنوشتكين.)
أبو الحسن الجوهري. روى عن: أبي النرسي. سمع منه: عمر بن علي، وغيره. وتوفي في رجب وقد نيّف على الثمانين.
4 (علي بن الحسين.)
أبو الحسن الأندلسي، النجار، الزاهد المعروف بابن سعدوك من جزيرة شقر. سكن بلنسية. قال الأبّار: كان من أهل الزهد والصلاح التام والعلم، يستظهر كثيراً من صحيح مسلم. وتؤثر عنه كرامات مشهورة ومقالات عجيبة.

(40/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 266
وكان يخبر بأشياء خفيّة لا تتوانى أن تظهر جليّة. وكان أمّاراً بالمعروف، نهّاءاً عن المنكر. يجلس للناس ويعظ. وكانت العامة حزبه. ولما مات ازدحم الخلق على نعشه رحمه الله.
4 (عيسى بن عمران.)
أبو موسى المكناسي. صحب أبا القاسم بن ورد واختص به. وكان يقول: لم يكن بالأندلس مثل أبي القاسم بن ورد. ولقي بأغمات أبا محمد اللخمي فسمع منه في سنة ثلاثين. وكان من الراسخين في العلم، قائماً على الأصول والفروع، أديباً شاعراً، خطيباً، مفوّهاً، مدركاً، من رجال الكمال.) ولي قضاء مراكش فحمدت سيرته. ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وتوفي في شعبان وله ست وستون سنة.
4 (حرف الفاء)

4 (فرّوخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي.)
الملك عز الدين أبو سعد، صاحب بعلبك، ابن أخي السلطان صلاح الدين. كان كثير الصدقة التواضع، ولديه فضيلة في العربية والشعر.

(40/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 267
ناب عن صلاح الدين بالشام، وكان للتاج الكندي به اختصاص. وقد مدحه هو والعماد الكاتب. توفي بدمشق في جمادى الأولى، ودفن بقبّته. ومدرسته بالشرف الأعلى. وولي بعلبك بعده ابنه الملك الأمجد.
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن عمر.)
الأديب البارع، أبو عبد الله البغدادي، المؤدب، ويعرف بالخليع، الشاعر مدح الخلفاء والوزراء. روى عنه: أبو الحسن بن القطيعي. وكان من فحول الشعراء. له قصيدة طنانة في المستضيء. مات في جمادى الأولى سنة ثمان، وله إحدى وستون سنة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عبيد الله بن حسين.)

(40/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 268
أبو المفضل الآمدي ثم الواسطي. سبط ابن الأغلاقي. من أهل القرآن والحديث والتصوّف. سمع من: أحمد بن محمد بن حمدون المقرئ، والمبارك بن إبراهيم الخطيب، وأبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي. وتوفي في ذي الحجة بواسط، وله ثلاث وسبعون سنة. روى عنه: أبو عبد الله بن الدّبيثي في تاريخه.)
4 (محمد بن عبد الملك بن علي بن محمد.)
أبو المحاسن الهمذاني. كان أبوه محدّثاً مكثراً، قدم بغداد واستوطنها. وسمع محمد من: ابن الفاعوس، وابن الحصين، وأحمد بن رضوان، وزاهر بن طاهر. وكان محمد ثقة مطبوعاً، سمع منه جماعة. وتوفي في ذي الحجة. أجاز لابن الدّبيثي، وللشيخ الضياء. وحدّث عنه: عبد الرحمن بم عمر الغزّال.
4 (محمد بن عتيق بن عطّاف.)
أبو عبد الله الأنصاري اللاردي، المعروف بابن المؤذن.

(40/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 269
سكن بلنسية. وأخذ عن: أبي محمد القلني وناظر عليه في المدوّنة. ورحل إلى قرطبة فناظر على أبي عبد الله بن الحاج. وقدم للشورى والفتيا ببلنسية. وكان عارفاً بالفقه، حافظاً إماماً. توفي رحمه الله في شعبان وقد تعدّى الثمانين.
4 (محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر.)
أبو عبد الرحمن بن أبي الفتح الكشمهيَنيّ، المروَزيّ، الواعظ. والد أبي المجاهد محمود. قدِم بغداد سنة ستين وخمسمائة. وحدّث بصحيح مسلم عن الفُراوي في مجلس الوزير ابن هبيرة. وسمع أيضاً من: أبي بكر محمد بن منصور السمعانيّ، وأبا حنيفة النعمان ابن إسماعيل، وأبا منصور محمد بن علي الكراعيّ. وقد سمع ببغداد من: هبة الله بن الطّبر، وأبي غالب بن البنّا. وسمع بنيسأبور من: أحمد بن علي بن سلموَيه، والفراويّ، وعبد الغافر بن إسماعيل. وقد قدم الشام وحدّث بها. روى عنه: أبو الفتوح بن الحصريّ، والأستاذ عبد الرحمن الأسَديّ بحلب، وزين الأُمناء ابن) عساكر، وأبو القاسم بن صصرى بدمشق حدّث بها

(40/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 270
هو وابنه محمود ولم يذكرهما ابن عساكر في تاريخه فإنّهما قدما دمشق بعد أن فرغ من التاريخ. وآخر من روى عنه: أبو إسحاق الكاشغَريّ. سمع منه جزء الكراعيّ أو بعضه في سنة ستين وخمسمائة. وكان ورعاً ديّناً، مليح الوعظ. روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي، وغيره. وتوفّي في المحرّم بمَرو، وله خمس وثمانون سنة إلاّ شهراً.
4 (محمد بن مالك بن أحمد بن مالك.)
أبو بكر وأبو عبد الله الميريليّ نزيل إشبيلية. أخذ القراءآت عن شُريح، والعربية عن أبي العبّاس بن حاطب. وروى عن: أبي بكر بن العربي. وحجّ وحدّث. وكان فاضلاً زاهداً مشاراً إليه بإجابة الدعوة. روى عنه: ثابت بن خيار وقرأ عليه كتاب سيبويه، وأبو إسحاق الأصبحيّ، وأخذ عنه القراءآت وأجاز له في شوّال من السنة.
4 (مروان بن عبد الله بن مروان بن محمد.)
أبو عبد الملك البلَنسيّ، قاضي بلَنسِية ورئيسها. سمع من: أبي الحسن بن هُذيل، وأبي عبد الله بن سعيد الدّاني، وأبي الوليد الدبّاغ. وأجاز له أبو عليّ بن سكّرة، وجماعة. ووُلي القضاء سنة تسع وثلاثين، ثم تأمّر ببلده عند انقراض الدولة اللمتونيّة في شوّال من سنة تسع، وبويع بالإمرة في صفر سنة أربعين. ثم خُلع

(40/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 271
بعد قليل، وحبسه اللمتونيّون في حصن سيف عشرة سنين. ثم خلّص وسار إلى مرّاكش وحدّث بها. قال الأبّار: أخذ عنه: أبو محمد، وأبو سليمان ابنا حوط الله، وعقيل بن عطيّة، وأبو الخطّاب بن الحميّل، وأخوه عثمان. ومات بمرّاكش وله أربع وسبعون سنة.
4 (مسعود بن محمد بن مسعود.)
قطب الدين النَيسأبوريّ أبو المعالي الطُرَيثيثيّ، الفقيه الشافعيّ، نزيل دمشق.) ولد سنة خمس وخمسمائة. ورأى: أبا نصر عبد الرحيم بن القشيريّ. وتفقّه بنيسأبور على ابن يحيى. وقرأ الأدب على والده أبي عبد الله الطُرَيثيثيّ. ثم رحل إلى مرو، فتفقّه على أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المَروَزيّ. وسمع من: هبة الله السّدّيّ، وعبد الجبّار البيهقيّ.

(40/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 272
ودرّس بنظاميّة نيسأبور نيابة، واشتغل بالوعظ. وورد بغداد ووعظ بها، وحصل له القبول التام. وكان ديّناً، عالماً، متفنّناً. ثم راح إلى دمشق سنة أربعين، وأقبلوا عليه، ودرّس بالمجاهديّة ثم بالزاوية الغزاليّة بعد موت أبي الفتح نصر الله المصّيصيّ. وكان حسن النّظَر. ثم خرج إلى حلب، وولي بها تدريس المدرستين اللتين بناهما نور الدين وأسد الدين، ثم مضى إلى همَذان وولي بها التدريس مدّة، ثم عاد إلى دمشق، ودرّس بالغزاليّة وحدّث، وتفرّد برئاسة الشافعية. قال القاسم بن عساكر: كان حسن الأخلاق، متودّداً، قليل التصنّع. مات في سلخ رمضان. ودفن يوم العيد. قلت: ورد بغداد رسولاً، وكتب عنه: عمر بن علي القرشيّ، وأبو المواهب بن صصرى، وأجاز للبهاء عبد الرحمن، وللحافظ الضياء. وروى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وتاج الدين عبد الله بن حمُّوَيه. وتخرّج به جماعة. وقيل إنّه وعظ مرّةً، فسأل نور الدين أن يحضر مجلسه، فحضر فشرع في وعظه يناديه كما كان يفعل البرهان البلخيّ شيخ الحنفيّة، فقال للحاجب: اصعد إليه، وقل له لا تخاطبني باسمي. فسُئل نور الدين عن ذلك فيما بعد. فقال: إنّ البلخيّ كان إذا قال يا محمود قامت كلّ شعرة في جسدي هيبة له، ويرقّ قلبي، والقطب إذا قال يا محمود يقسو قلبي ويضيق صدري. حكاها سبط ابن الجوزيّ، وقال: كان

(40/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 273
القطب غريقاً في بحار الدنيا. قلت: وكان معروفا بالفصاحة والبلاغة وكثرة النوادر ومعرفة الفقه والخلاف. تخرّج به) جماعة. ودرّس أيضاً بالجاروخيّة. ودفن بتربة أنشأها بغربيّ مقابر الصّوفيّة. وبنى مسجداً على الصخرات التي بمقبرة طاحون الميدان، ووقف كتُبه.
4 (معَدّ بن حسن بن عبد الله.)
أبو تراب البغداديّ، المنادي. سمع: أبا سعد أحمد بن عبد الجبّار الصّيرفي، وهبة الله بن الحصين. سمع أحمد بن أحمد البندنيجيّ. وكان لا بأس به ينادي على السَّقط. وتوفّي في جُمادى الآخرة.
4 (مودود.)
الذهبيّ، الزاهد، بغداديّ كبير القدر. قال ابن النّجّار: ذكر لي شيخنا السّهرورديّ أنّه كان من أولياء الله المكاشفين. قال: وصحِبته. قال ابن النجّار: وذكر لي أبو الحسن القطيعيّ: أُخذ مودود الذهبي في حادثة إلى باب النّوبيّ، فأمروا بضربه، فلما رفع الضارب بيده لم يقدر على حطّها. فأُطلق فأُطلقت يد الضارب، فانقطع عن الناس. وكان جارنا أبو البركات الشهرزوري يذكر لنا أحواله و كراماته. توفّي في هذا العام.

(40/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 274
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن محمد بن هبة الله بن مميل.)
أبو محمد بن أبي نصر الشيرازيّ، ثم البغداديّ. ولد ببغداد سنة خمسمائة، وسمع بها: أبا عليّ بن نبهان، ومحمد بن الحسن بن باكير، الفارسيّ، وجماعة. وكان عدلاً فاضلاً، وصوفيّاً واعظاً. قدم دمشق سنة ثلاثين وخمسمائة فاستوطنها، وولي إمامة مشهد عليّ بالجامع. وفُوّض إليه عقد الأنكحة.) وكان ديّناً، حسن الطريقة. ولمّا توفّي في ربيع الأوّل خلَفه في إمامة المشهد ابنه القاضي أبو نصر. روى عنه: ابنه، وابن ابنه أبو المعالي أحمد بن محمد، وأبو المواهب بن صصرى، وآخرون.
4 (حرف الواو)

4 (وفاء بن أسعد بن النّفيس بن البهيّ.)
أبو الفضل التّركيّ، ثم البغداديّ الخبّاز. شيخ صالح من أولاد الأجناد. سمعك أبا القاسم بن بيان، وأبا الخطّاب الكَلوَذانيّ، وأبا طاهر عبد الرحمن اليوسفيّ، وجماعة. وولد سنة خمسمائة.

(40/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 275
روى عنه: أبو محمد بن الأخضر، وأبو محمد بن قُدامة، والبهاء عبد الرحمن، وأبو صالح الجيليّ، وجماعة. وقال أبو الفتوح بن الحصريّ: توفّي في ربيع الآخر.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن أحمد بن يحيى بن سيدبونه.)
أبو زكريّا الخزاعيّ، الدانيّ. روى عن: أبيه، وأبي إسحاق بن جماعة. وأخذ القراءآت عن أبي عبد الله بن سعيد الدّانيّ. وحجّ، وسمع بالإسكندريّة. سمع منه في هذا العام محمد بن عمر بن عامر الدّانيّ. وفيها وُلد بعقرباء، مكّيّ بن عبد الرزّاق.

(40/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 276
4 (وفيات سنة تسع وسبعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بم محمد بن سليمان بن محمد.)
الإمام أبو جعفر الأنصاريّ، الأندلسيّ، الملقّب بالطيلسان، لحسن بِزّته. أكثر عن أبي مروان بن مسَرّة، وغيره.) وطال عمره. قال حفيده أبو القاسم بن الطّيلسان: توفّي في صفر.
4 (إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان.)
أبو إسحاق الأنصاريّ، الغَرناطيّ. سمع من: غالب بن عطيّة، وابن البادش، وأبي الوليد بن بقوة، وابن عتّاب. وقرأ بالروايات على: منصور بن الخير، وابن شفيع، وابن المطرِّف بن الورّاق. وسمع الموطّأ في يوم واحد على ابن موهب.

(40/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 277
وله إجازة من أبي بكر الطّرطوشيّ. وأوّل سماعه سنة أربع عشرة وخمسمائة. وكان ذا تفنّن في العلوم. وُلّي القضاء بأماكن. روى عنه: أبو الخطّاب بن واجب. مات في جُمادى الأولى وله أربع وثمانون سنة رحمه الله تعالى.
4 (إسماعيل بن قاسم الزيّات.)
المصريّ. روى عن: أبي صادق. مرشد بن يحيى المدينيّ، وغيره. روى عنه: الحافظ عبد الغنيّ، والشيخ أبو عمر، ونبا بن أبي المكارم الأطرابلُسيّ، وكريمة بنت عبد الحقّ القُضاعيّة، وجماعة. قال أبو الحسن بن المفضّل: أجاز لي ولولدَيَّ. وتوفّي رحمه الله بمصر في شعبان.
4 (حرف الباء)

4 (بُجَير بن عليّ بن بُجَير.)
القاضي أبو الفتح الأشيريّ، الفقيه، نزيل دمشق. حدّث عن عبد الملك الكَروخيّ. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وغيره.) وناب في القضاء عن الشهرزوريّ. ودرّس بالغزاليّة مدّة، وعاش نيّفاً وسبعين سنة. توفّي في تاسع ربيع الآخر.

(40/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 278
4 (بوري.)
تاج الملوك مجد الدين، أخو السلطان صلاح الدين. صار إلى عفو الله في الثالث والعشرين من صفر، وله ثلاث وعشرون سنة. وكان أصغر أولاد نجم الدين أيّوب. وكان أديباً فاضلاً له ديوان شِعر، فمنه:
(ياحياتي حين يرضى .......... ومماتي حين يسخط)

(بين أجفانك وسلطان .......... على ضعفي مُسلط)

(قد تصبّرت وإن .......... برّح بي الشوق وأفرط)

(فلعلّ الدهر يوماً .......... بالتّلاقي منك يغلط)
وله:
(رمضان بلا مرضان إلاّ أنهم .......... غلطوا إذاً في قولهم وأساءوا)

(مرضان فيه تخالف، فنهاره .......... سِلّ وسائر ليله استسقاء.)
وله:

(40/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 279
(أقبل من أعشقه راكباً .......... من جهة الغرب على أشهب)

(فقلت: سبحانك يا ذا العُلا .......... أشرقت الشمس من المغرب)
توفّي رحمه الله على حلب من طعنة أصابت رُكبته يوم سادس عشر المحرّم يوم نزول أخيه عليها، فمرض منها. وكان السلطان قد أعدّ للصالح عماد الدين صاحب حلب ضيافة في المخيّم بعد الصلح، وهو على السِّماط إذ جاءه الحاجب فأسرّ إليه موت بوري، فلم يتغيّر وأمره بتجهيزه ودفنه سرّاً، وأعطى الضّيافة حقّها. فكان يقول: ما أخذنا حلب رخيصة. وبوري بالعربيّ: ذئب.
4 (حرف التاء)

4 (تقيّة.)
)

(40/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 280
أمّ عليّ. الشاعرة بنت المحدّث غيث بن عليّ السُّلَميّ الأرمنازيّ، ثم الصّوريّ. والدة المحدّث تاج الدين عليّ بن فاضل بن صمدون الصّوري. صحبت السِّلفي بالإسكندريّة، تعاليقها، وقال: عثُرتُ في منزلي، فانجرح أخمصي، فشقّت وليدة في الدار خِرقةً من خمارها وعصَبتها، فأنشدت تقيّة في الحال لنفسها:
(لو وجدت السبيل جُدتُ بخدّي .......... عوضاً عن خمار تلك الوليدة)

(كيف لي أن أُقبِّل اليوم رِجلاً .......... سلكت دهرَها الطريق الحميدة.)
وذكر الحافظ تقي الدين المنذريّ أنّ تقيّة نظمت قصيدة تمدح بها الملك المظفّر تقي الدين عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين، فوصفت الخمر وآلة المجلس فلمّا قرأها قال: الشيخة تعرف هذه الأحوال من صباها. فبلغها ذلك، فعملت قصيدةً أخرى جريئة وأرسلتها، تقول عِلمي بذاك كعِلمي بهذا.

(40/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 281
وُلِدت بدمشق من أوّل سنة خمسٍ وخمسمائة. وتوفّيت في أوائل شوّال.

(40/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 282

(40/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 283

(40/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 284
وقد روى عنها من شِعرها أبو القاسم عبد الله بن رَواحة. وتوفّي ابنها في سنة ثلاثٍ وستمائة.
4 (ثعلب بن مذكور بن أرنب)
أبو الحسن، وقيل أبو الحصين الأكّاف، أخو رجب. سمع من: أبي العز بن كادش، وأبي القاسم بن الحصين، وأبي غالب بن البنّاء. وكان حارساً سيّء الطريقة، ليس بأهل أن يُحمل عنه. كان مقدّم حرّاس الخليفة. مات في رمضان.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن سعيد بن عبد الله بن بُندار.)
أبو عليّ الشّاتايّ علم الدين الشاعر. وسمع من: قاضي المَرِستان، وابن الحصين، وإسماعيل بن السّمَرقَنديّ.

(40/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 285
وأنشأ الرسائل، وسكن الموصل، ونفّذه أميرها رسولاً إلى الديوان. وخرج إلى الشام، وحدّث بها. وسمّاه ابن عساكر في تاريخه.) وكان ابن هُبَيرة الوزير مقبلاً عليه. توفّي في شعبان بالموصل.
4 (الحسَن بن عسكر.)
أبو محمد الواسطيّ. سمع: أبا علي الفارقيّ، وغيره. روى عنه: ابن الدّبيثي قال: كنت ببغداد في ليلة رجب سنة إحدى وعشرين وخمسمائة جالساً على دكّة للفرجة بباب أبرَز، إذ جاء ثلاث نسوة فجلسن إلى جانبي، فأنشدتُ متمثّلاً:
(هواءٌ ولكنّه راكدٌ .......... وماءٌ ولكنّه غير جاري)
فقالت لي إحداهنّ: هل تحفظ لهذا البيت تمام قلت: لا. فقالت: إن أنشَدَك أحدٌ تمامه ما تعطيه قلت: أقبّل فاه. فأنشدتني.
(وخمرٌ من الشّمس مخلوفةٌ .......... بدت لك في قَدَحٍ من نُضار)

(إذا ما تأمّلتَها وهي فيه .......... تأمّلتَ نوراً محيطاً بنار)

(40/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 286
(هواءٌ ولكنّه جامدٌ .......... وماءٌ ولكنّه غير جاري)

(كأنّ المدير لها باليمين .......... إذا دار للشُّرب أو باليسار)

(توشّح ثوباً من الياسمين .......... له فرد كمّ من الجلَّنار)

4 (الحسين بن القاضي أبي الحسن أحمد ابن قاضي القضاة عليّ بن محمد.)
الدّامَغانيّ. استنابه أخوه قاضي القضاة في القضاء ببغداد سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة. قال ابن النجّار: لم يُحمَد في القضاء. ثنا عنه أحمد بن الحسن بن حنظلة الليثيّ. وقد سمع من: ابن الحُصَين، وأبي غالب بن البنّاء. وعاش نيّفاً وستين سنة.
4 (الحسين بن هبة الله بن رُطبة.)
) أبو عبد الله السّواريّ، شيخ الشيعة، وأبو شيخهم الفقيه العلاّمة أبي طاهر هبة الله. كان متبحّراً في الأصول والفروع على مذهب الرافضة. قرأ الكثير، ورحل إلى خُراسان، والريّ، ومازندَران، ولقي كبار الشيعة، وصنّف، واشتغل بسورا، والحِلّة.

(40/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 287
وتوفّي في رجب.
4 (حرف السين)

4 (سُبَيع بن خَلَف بن محمد.)
أبو الوحش الأسَديّ، الأديب. شاعر دمشقيّ معروف، مليح القول. روى عنه: أبو المواهب بن صَصرى، وقال: مات في عاشر رجب. وأنشدني لنفسه:
(يمّمت دار أبي فلانٍ قاصداً .......... بمدائحي فيه وحسن قصائدي)

(فرأيت منه ضِدّ ما عوّدتُه .......... من بخله المتكاثف المتزايد)

(فذكرت لمّا أن رجعت مُجَلبباً .......... بعطائه ولقيت غير عوائدي)

(ولربّما جاد البخيل وما به .......... جودٌ ولكن من نجاح القاصد)

4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن عبد الرحمن بن عليّ بن زَرعان.)
أبو محمد البغداديّ، التاجر، أحد الأعيان. سمع: ابن الحصين، وأبا غالب بن البنّاء، وأبا غالب محمد بن الحسن الماوَرديّ وجماعة. وكتب بنفسه عنهم.

(40/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 288
سمع منه جماعة.
4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن عطيّة.)
أبو منصور اللَّخميّ، الإسكندريّ. رجلٌ صالح. روى عن: أبي بكر الطَّرطوشيّ.) أخذ عنه: أبو الحسن المقدسيّ، وغيره.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن أبي الفتح بن محمد بن أحمد.)
أبو الفتح القاسميّ، الخِرَقيّ، الإصبهانيّ. شيخ نبيل صالح من أولاد المحدّثين، ومن بقايا المسندين. سمع: أبا العبّاس الراوي عن عبد الرحمن بن أبي بكر الذّكواني، وأبا مطيع محمد بن عبد الواحد الصحّاف، وأبا الفتح أحمد بن عبد الله بن أحمد السوذَرجانيّ، وأبا الفتح أحمد بن محمد الحدّاد، وبُندار بن محمد الخلقاني القاضي، وعبد الرحمن بن حمد الدّوني، وأبا أحمد حمد بن عبد الله بن حنّة، وعبد الرحمن بن أبي عثمان الصّأبونيّ، وعمر بن محمد بن عمر بن علُّوَيه، وأبا علي الحدّاد، وطائفة سواهم. وتفرّد بالرواية عن جماعة، وسماعه من ابن علّويه في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة حضوراً، فأنا ابن الخلاّل، ثنا محمد بن يوسف البرزاليّ

(40/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 289
الحافظ أنّ هذا الشيخ وُلد في يوم عيد النّحر سنة تسعين وأربعمائة. وكان جدّه حيّاً، فسمّاه باسمه وكنّاه بكنيته. وعاش بعد ذلك شهراً. قلت: روى عنه: الحافظ عبد الغني، ومحمد بن مكّي الحنبلي، وعبد الله بن أبي الفرج الجُبّائيّ، والمهذّب بن الحسين بن زينة، وأبو الفضل بن سلامة العطّار، ومحمد بن خليل الراذاني، وآخرون. و بالإجازة: ابن اللّتّيّ، و كريمة، والحافظ الضياء، والرشيد إسماعيل بن العراقيّ، وغيرهم. وقرأت وفاته بخط زكيّ الدين البِرزاليّ في يوم الثلاثاء بعد فراغه من صلاة الصبح السابع والعشرين من رجب، ودفن بالمصلّى، وصلّى عليه الحافظ أبو موسى المدينيّ. أخبرنا عبد الملك بن عبد الرحمن العطار بقراءتي: أنا أبو الفضل بن سلامة بحرّان، أنا أبو الفتح عبد الله بن أحمد بإصبهان، أنا تمّام بن عبد الملك، ثنا أبو بكر بن بُندار، ثنا الطّبراني، ثنا أحمد بن المُعلّى الدمشقي، نا أحمد بن أبي الحواري: سمعت محمد بن يوسف الفِريأبي يقول: على الإمام أن يضرب أعناق الجهميّة والروافض، فإنّهم زنادقة.
4 (عبد الله بن فرج.)
) أبو محمد الأنصاريّ، القرطبي، الورّاق، الزّمِن. الرجل الصالح. أجاز له أبو محمد بن عتّاب ما رواه عن مكّيّ بن أبي طالب خاصة. وأخذ أيضاً عن: أبي الوليد بن طريف، وأبي بكر بن العربيّ. وتوفّي في رمضان.

(40/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 290
4 (علي بن علي بن نما بن حمدون.)
الكاتب أبو الحسن الحِلّي، الرّافضي، الخبيث. مدح ملوك الشام، وله ديوان. وقد كفّر الصحابة رضي الله عنهم. وهو القائل، لعنه الله:
(أيُولّى على البريّة من لي .......... س على حمل سورةٍ بأمين)
وهذا البيت من قصيدة ينشدها أهل الرفض في المواسم. ذكره ابن النجّار.
4 (حرف الكاف)

4 (كرم بن بختيار بن علي.)
البغداديّ، الزّاهد. أحد الصالحين. روى عن: هبة الله بن الحصين. أخذ عنه: ابن مشِّق، وعبد العزيز بن الأخضر، وأحمد بن أبي بكر البزّاز، وغيرهم. وتوفّي في ذي الحجّة.

(40/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 291
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن بلال.)
أبو سعيد المُزنيّ، الحارثيّ، الدّهّان. حدّث عن: جمال الإسلام أبي الحسن. وعنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه الحسين.
4 (محمد بن أحمد بن حمزة بن جِياه.)
أبو الفرج الكاتب الحلّي.) من فرسان البلاغة والشعر. له النظم والنثر. روى عنه: علي بن نصر بن هارون الحلّي، ومحمود بن مُفَرّج، وأبو بكر عبيد الله بن عليّ التّيمي. ولم يكن بالعراق مثله في الترسّل والأدب، ولكنّه كان ناقص الحظ، له ملك يتبلّغ منه. مات في المحرّم.

(40/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 292
4 (محمد بن أحمد بن محمد.)
أبو عبد الله بن عرّاق الغافقيّ، القرطبيّ، المُقرئ. أخذ القراءآت، سوى قراءة الكوفيين، عن: أبي القاسم بن النّخّاس، وعون الله بن محمد. وسمع من: أبي محمد بن عتّاب، وأبي بحر بن العاص. وتصدّر للإقراء والتسميع. روى عنه: ابن حَوط الله، وأبو الخطّاب بن دحية. وتوفّي في رجب. ومولده في سنة تسعين وأربعمائة.
4 (محمد بن بختيار.)

(40/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 293
أبو عبد الله البغدادي، الأبله، الشاعر، صاحب الديوان المشهور. كان شابّاً ظريفاً وشاعراً محسناً، يلبس زيّ الجند. وشعره في غاية الرقّة وحسن المخلص إلى المدح. وكان أحد الأذكياء، ولذا قيل له الأبله بالضِّدّ. وقيل: بل كان فيه بَلَه. توفّي ببغداد في جُمادى الآخرة. وقد سار له هذا البيت:
(ما يعرف الشوقَ إلاّ مَن يُكابدُه .......... ولا الصبابةَ إلاّ من يعانيها.)
وله:
(دارك يا بدرَ الدّجى جنّةٌ .......... وبغيرها نفسي لا تلهو)

(وقد أتى في خبرٍ أنّه .......... أكثر أهل الجنّة البلهُ)
وله:)
(أقول للغيث لمّا سال واديه .......... تحدّثي عن جفوني يا غواديه)

(أعرت مُزنَكَ أجفاناً بكيت له .......... فمن أعارك ضوء البرق من فيه)

(أما ورد خدّه والشهب ناعسةٌ .......... والليل قد راق أو كادت حواشيه)

(40/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 294
(لقد وهى عزم صبري يوم ودّعَني .......... أحوى ضعيف نطاق الخصر واهيه)

(عصيت في حبّه من بات يعذلني .......... وما أطعت الهوى دالاً لأعصيه)

(بالله يا لائمي فيمن كلفتُ به .......... أقامةُ الغصن أحلى، أم تثنّيه)
قال أبو الفرج بن الجوزيّ: ذكر عنه أنّه خلّف ثمانية آلاف دينار، وشاع أنّه كان يُعامل بالرّبا. ثم ورّخ وفاته كما مرّ. روى عنه: أبو الحسن القطيعيّ، وعلي بن نصر الأديب.
4 (محمد بن جعفر بن عقيل.)
أبو العلاء البصريّ، ثم البغداديّ، المقرئ.

(40/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 295
قرأ القراءآت على: أبي الخير المبارك الغسّال. وسمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا الغنائم النّرسيّ، وأبا غالب محمد بن عبد الواحد القزّاز. قال ابن الدّبيثي: وكان حسن المحاضرة، كثير المحفوظ من الأشعار والحكايات. وأجاز له: أبو الحسن العلاّف، وأبو الفتح الحدّاد الإصبهاني. ذكره ابن السمعاني في الذيل. قلت: روى عنه: أمين الدين سالم بن صصرى، ومحمد بن أحمد بن خيثمة بن الخرّاط، ومحمد بن سعيد بن الخازن، وآخرون. ولم أظفر باسم أحدٍ ممّن قرأ عليه بالروايات. وتوفّي في جُمادى الآخرة وله ثلاث وتسعون سنة.
4 (محمد بن عبد العزيز بن عليّ بن عيسى.)
أبو الحسن الغافقي، القرطبي، المعروف بالشقوري. سمع من: أبي عبد الله بن الأحمر، وأبي بكر بن العربي، وأبي جعفر البطروجي، وجماعة. قال الأبّار: وكان حافظاً لأخبار الأندلس، معنياً بالرجال، ضابطاً، متقناً، له مشاركة في اللغة والنحو، مع الزهد والفضل.) وولي قضاء شقورة وحمدت سيرته، وأخذ الناس عنه.

(40/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 296
وتوفي في المحرم. وكان مولده سنة عشرين وخمسمائة.
4 (محمد بن محمد بن الجنيد بن عبد الرحمن بن الجنيد.)
أبو مسلم الإصبهاني. سمع: أبا الفتح الحداد، وأبا سعد المطرز، والحافظ محمد بن طاهر المقدسي. وقدم بغداد حاجاً مع خاله أبي الغنائم محمد بن الحسين بن رزينة، فكتب عنه المبارك بن كامل الخفّاف حديثين. وكان ثقة من بيت حديث وتصوّف. توفي في رجب وله سنة. وقد روى الكثير بإصبهان.
4 (محمد بن محمد بن حمزة بن أبي جيش.)
أبو طالب الأزدي، الدمشقي. سمع: هبة الله بن الأكفاني. روى عنه: المسلم بن عبد الوهاب، وأبو القاسم بن صصرى.
4 (محمد بن أبي الأزهر علي بن أحمد بن محمد بن علي بن يوسف.)
أبو طالب الواسطي، الكتاني، المحتسب، المعدّل. كان على حسبة واسط هو وأبوه. ولد سنة خمس وثمانين وأربعمائة.

(40/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 297
قال ابن الدّبيثي: سمع محمد بن علي بن أبي الصقر الشاعر، وأبا نعيم محمد بن إبراهيم الحمادي، وأبا الحسن كاتب الوقف، وأبا نعيم بن زبزب، وأحمد بن أبي محمد الكعبري، وأبا غالب محمد بن أحمد، والمبارك بن فاخر، وهبة الله بن السقطي. وانفرد في الدنيا بإجازة أبي طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني، وأبي منصور عبد المحسن الشيحي، وأبي الحسن بن أيوب البزّاز. ورحل إلى بغداد فسمع أبا الحسن العلاف، وأبا القاسم بن بيان، ونور الهدى الزينبي. وكان ثقة صحيح السماع، متخشّعاً، يرجع إلى دين وصلاح.) رحل الناس إليه وكتبوا عنه. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، ويوسف بن أحمد الشيرازي، وعبد القادر الرهاوي، وأبو بكر بن موسى الحارمي، وأبو الفتح المندائي، وأبو طالب بن عبد السميع. وسمعنا منه الكثير ونعم الشيخ كان. سمعت منه بقراءتي في سنة أربع وسبعين. قلت: وروى عنه المرجّا بن شقير كتاب الطّوالات للتنوخي. قال ابن الدّبيثي: وأنشدنا قال: أنشدنا محمد بن علي بن زبزب سنة أربع وخمسمائة: أنشدنا أبو تمام علي بن محمد بن حسن قاضي واسط لبعضهم:
(لمّا تكهّل من هويت .......... وقلت: ربع قد دثر)

(عاينت من طلابه .......... بالباب أفواجاً زمر)

(وكذاك أرباب الحديث .......... نفاقهم عند الكبر)

(40/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 298
توفي رحمه الله في ثاني المحرم بواسط وله أربع وتسعون سنة.
4 (محمود بن نصر بن حمّاد بن صدقة بن الشعار.)
أبو المجد الحراني، البغدادي، والد المحدّث إبراهيم. شيخ صالح، سمع الكثير بنفسه من: هبة الله بن الحصين، وهبة الله بن الطبر، وأبي بكر المزرفي، فمن بعدهم. قال ابن الدّبيثي: كان ثقة، صحيح النقل. توفي في رمضان وله ثمان وسبعون سنة. قرأت عليه ونعم الشيخ كان. قلت: وروى عن: العلامة أبي الوفاء بن عقيل. وروى عنه: القاضي أبو منصور سعيد بن محمد بن جحدر الصوفي. وقد قرأ بالروايات على هبة الله بن الطبر وكان ثقة.
4 (مقاتل بن عزّون.)
الرقّي، المعروف ابن العريف المصري. واسع الرواية.) قال الحافظ ابن المفضل في الوفيات: قرأت عليه سنن أبي داود، وأخبرنا ابن المشرّف، عن الحبّال، عن أبي محمد النخّاس، عن ابن الأعرأبي مناولةً، عنه. وقرأت عليه ستة أجزاء من أول كتاب الأسماء والكنى للنسائي، وهو عشرون جزءاً، عن ابن المشرف، عن الحبّال، عن ابن الخصيب، عن ابن النسائي، عن أبيه. وناولني صحيح مسلم، أصل سماعه من يوسف الميورقي، اللخمي، عن الحسين بن علي الطبري، بسنده.

(40/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 299
وتوفي في رمضان، ومولده سنة إحدى وخمسمائة رحمه الله تعالى.
4 (الموفق بن شوعة.)
اليهودي، المصري، الطبيب، الملقّب بالقيثارة. من أعيان الأطباء والكحّالين. وكان ظريفاً، شاعراً، ماجناً. خدم السلطان صلاح الدين بالطب. وكان الشيخ نجم الدين الخبوشاني له صورة بمصر، وفيه صلاح ودين، فإذا رأى ذمّياً راكبه قصد قتله، فكانوا يتحامونه، فرأى الموفق راكباً فضربه بشيء أصاب عينه، فقلعها وراحت هدراً. وله، أعني الموفق، قصيدة يهجي فيها ابن جميع اليهود يرأس الأطباء بالقاهرة ويرميه بالأبنة. ولهم اللعنة.
4 (حرف الياء)

4 (يوسف بن إبراهيم بن عثمان.)
أبو الحجاج العبدري، الغرناطي، المعروف بالثغري. أخذ القراءآت عن: عبد الرحيم بن الفرس، وأبي الحسن شريح بن محمد، وأبي بكر يحيى بن الخلوف، وأبي الحسن بن الباذش. وسمع منهم، ومن: أبي مروان الباجي، وأبي بكر بن العربي، وأبي الحسن بن مغيث، وخلق.

(40/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 300
وصحب أبا بكر بن مسعود النحوي مدةً، وأخذ عنه العربية. وأجاز له أبو علي بن سكّرة، وأبو بكر الطرطوشي. قال الأبّار: وكان فقيهاً حافظاً، محدّثاً، راوية، مقرئاً، ضابطاً، مفسراً، أديباً. نزل في الفتنة) قليوشة وأقرأ فيها. وولي الصلاة والخطبة. أكثر عنه أبو عبد الله التجيبي وقال: لم أر أفضل منه، ولا أزهد، ولا أحفظ لحديث وتفسير منه. ولم أر بالبلاد المشرقية أفضل من أبي محمد العثماني ولا أورع. قال: وروى عن أبي الحجاج: أبو عمر بن عياد، وأبو العباس بن عميرة، وأبو سليمان بن حوط الله. وتوفي رحمه الله في شوال، وله سنة.
4 (يونس بن محمد بن منعة بن مالك بن محمد.)
الإمام رضي الدين أبو الفضل الموصل الإربلي الأصل، الشافعي. والد الشيخ كمال الدين موسى وعماد الدين محمد. ولد بإربل، وتفقه بالموصل على الحسين بن نصر بن خميس الجهني، وسمع منه كثيراً من حديثه. ثم انحدر إلى بغداد وتفقه بها على أبي منصور سعيد بن محمد الرزاز.

(40/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 301
ثم ردّ إلى الموصل وسكنها، وصادف بها قبولاً عند متولّيها زين الدين علي كوجك صاحب إربل. ودرّس وأفتى وناظر، وتفقه به جماعة. توفي في المحرم وله ثمان وستون سنة. ورّخه ابن خلّكان. وفيها ولد: نقيب الأشراف بهاء الدين علي بن محمد بن أبي الجن. وأبو المجد عبد الملك بن نصر بن الفوي بالثغر. سمع من ابن المفضّل. وأبو بكر بن علي بن بكّار.

(40/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 302
4 (وفيات سنة ثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن علي بن معمر بن رضوان.)
أبو بكر بن جرادة المشاهر البغدادي. سمع: إسماعيل بن ملّة، وأبا طالب بن يوسف. سمع منه: عمر بن علي.) وتوفي في جمادى الآخرة، وهو ابن خمس وتسعين سنة. قاله الدّبيثي.
4 (أحمد بن المبارك بن درك.)
أبو العباس البغدادي، الضرير، المقرئ، الدارقزّي. شيخ صالح. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأحمد بن علي بن قريش. سمع منه: أحمد بن طارق، وعبد العزيز بن الأخضر، وغيرهما. وقال إلياس بن جامع الإربلي: قرأت عليه جزءاً تحت شجرة في داره، فقال لي: قرأت تحت هذه الشجرة عشرة آلاف ختمة. توفي في جمادى الآخرة، وله ثمان وسبعون سنة.

(40/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 303
4 (إبراهيم بن حسين بن يوسف بن محارب.)
أبو إسحاق القيسي البلنسي، المقرئ. أخذ القراءآت عن أبي عبد الله بن سعيد. سمع من: أبي بكر بن برنجال. وأخذت عنه القراءآت وكتبها. وكان مشهوراً بالتجويد. قال الأبّار: أخذ عنه شيوخنا أبو عبد الله بن واجب، وأبو الحجاج بن أيوب، وأبو الحسن بن خيرة. وقرأ عليه في صغره أبو جعفر بن عون الله الحصّار. توفي سنة ثمانين أو إحدى وثمانين.
4 (إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق.)
الملك قطب الدين صاحب ماردين. وليها مدةً طويلة بعد أبيه. وكان موصوفاً بالشجاعة والعدل. توفي في جمادى الآخرة، وخلّف ولدين صغيرين، فأقيم في الأمر أحدهما، وهو حسام الدين، وقام بتدبيره مملوكه نظام الدين ألبقش من تحت جناح خال أبيه شاه أرمن صاحب خلاط. فلما مات ولي الآخر قطب الدين، فامتدت أيامه إلى أن قتل ألبقش واستقل بالأمر.)

(40/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 304
4 (حرف الباء)

4 (بدر بن عبد الغني بن محمد.)
أبو النجم الطحان، الواسطي، المقرئ. قرأ على: علي بن شيران، وأبي محمد سبط الخياط. روى القراءآت بواسط. قال الدّبيثي: سمعت منه. وتوفي في ربيع الأول.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن عيسى بن أصبغ.)
أبو الوليد الأزدي، القرطبي، المعروف بابن المناصف. روى عن: عم أبيه أبي محمد بن عتّاب، سمع منه المدوّنة وكتابه الكبير في المواعظ الملقب بشفاء الصدور. وله إجازة عن: أبي علي بن سكّرة. ولي خطابة إشبيلية. وحدّث عنه: أبو القاسم بن الملجوم، وأبو سليمان بن حوط الله، وأبو الخطاب بن دحية. وتوفي في المحرم. وولد ظنّاً سنة اثنتين وخمسمائة.
4 (الحسين بن علي بن عبد الواحد بن شبيب.)
أبو عبد الله النصيبي، ثم البغدادي، الكاتب. كان كاتباً منشئاً، فصيحاً، بليغاً، مفوّهاً، له النّظم والنثر. وكان يدخل على المستنجد بالله ويجالسه، ويحب سماع كلامه. ويأمره

(40/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 305
بإطالة مقامه. قال له مرةً مصحّفاً: أإبن شبيب فجاوبه مسرعاً: عبد مولانا. توفي في ربيع الآخر.
4 (حرف الزاي)

4 (زهير بن محمد بن أحمد بن أبي سعيد.)
أبو سعد الإصبهاني، يعرف بشعرانة.)

(40/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 306
والد محمد شعرانة الذي أجاز للقاضي تقي الدين الحنبلي. سمع: سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي. قال الدّبيثي: وكان مقرئاً مجوّداً، قدم بغداد، ولقيه بالحلّة وبمدينة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وسمعت منه. وتوفي معنا بوادي العروس في تاسع المحرم.
4 (حرف السين)

4 (السّديد.)
أبو البيان بن المدوّر اليهودي، طبيب السلطان صلاح الدين. كان حاذقاً بصيراً بالعلاج، خدم الخلفاء الباطنية، وخدم بعدهم صلاح الدين، وطال عمره وانقطع. وكان له في الشهر أربعة وعشرون ديناراً إلى أن مات إلى لعنة الله. وكان يقرئ الطب في داره بمصر، وعاش ثلاثاً وثمانين سنة. وهو من تلامذة زين الحسّاب. توفي سنة ثمانين.
4 (سعد بن الحسن بن سلمان.)
أبو محمد الحرّاني، ثم البغدادي، ويعرف بابن التوراني. وتوران قرية على باب حرّان. كان تاجراً معروفاً، وأديباً شاعراً. جالس أبا منصور الجواليقي، وغيره. روى عنه أبو سعدون شعره في الذيل.

(40/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 307
وتوفي في ذي القعدة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد وقّاص.)
أبو محمد اللمطي، الميورقي، خطيب ميورقة ومفتيها. استشهد في الحادثة الكائنة بقصر ميورقة في هذا العام.
4 (عبد الرحيم بن أبي البركات إسماعيل بن أبي سعد أحمد بن محمد.)
صدر الدين أبو القاسم النيسأبوري، ثم البغدادي، الصوفي. شيخ الشيوخ. كان حسن النظم والنثر، وله رأي ودهاء وتقدّم وجاه عريض. فكان المشار إليه في حسن الرأي والتدبير، مع زهد وعبادة.) ترسّل إلى الشام، وكانت الملوك تستضيء برأيه. سمع: أباه، وأبا القاسم بن الحصين، وزاهر بن طاهر، وأبا علي

(40/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 308
الفارقي، ومقرّب بن الحسين النسّاج. وروى الكثير، وكان صدوقاً نبيلاً. سمع منه: أبو سعد السمعاني مع تقدّمه، وأبو الخير القزويني، وأبو منصور حفدة العطاري. وروى عنه: أبو أحمد بن سكينة، وابنه أبو الفتوح، وأبو عبد الله محمد بن الدّبيثي، وسالم بن صصرى، وآخرون. وكان في الرسلية من قبل أمير المؤمنين، هو والطواشي شهاب الدين بشير، فمرضا بدمشق، وطلبا العودة إلى بغداد. وسارا في الحر، فتوفي بشير بالسخنة. وأما الشيخ صدر الدين فإنه لم يستعمل في مرضه هذا دواءً توكّلاً على الله تعالى. كذا نقل ابن الأثير في تاريخه. وتوفي بالرحبة في رجب. وكان معه كفنه إلى أين سافر، وكان من غزل أمه، ومعه دينار لتجهيزه، من أجرة غزل أمه.
4 (عبد الرحيم بن عمر بن عبد الرحيم بن أحمد.)

(40/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 309
أبو القاسم الحضرمي، الفاسي، المعروف بابن عكيس. سمع بقرطبة وإشبيلية من: أبي الحسن بن المغيث، وأبي بكر بن العربي. وكان حافظاً، مشاوراً، فقيهاً، مبرّزاً، له تواليف. حدّث عنه: ابنه عمر، وأبو محمد بن مطروح. توفي في شعبان وله ثمانون سنة.
4 (عبد القادر بن هبة الله الغضائري.)
سمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا الحسين بن الفرّاء. كتب عنه: ابن مشّق، وغيره.
4 (عبد اللطيف بن محمد بن ثابت.)
الخجندي، رئيس إصبهان. عالم، إمام كبير القدر، بعيد الصّيت. قدم بغداد ووعظ، وحج، وعاد إلى بلده.) فتوفي في ربيع الأول، وقد حدّث.
4 (عبيد الله بن علي بن محمد بن محمد بن الحسين بن الفرّاء.)

(40/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 310
أبو القاسم بن أبي الفرج ابن أبي خازم ابن القاضي أبي يعلى البغدادي، الحنبلي. سمّعه أبوه الكثير من أبي منصور عبد الرحمن القزّاز، وأبي منصور بن خيرون، وأبي عبد الله السلال، وأبي الحسن بن عبد السلام. وطلب هو بنفسه، وأكثر عن أصحاب عاصم بن الحسن، وطراد. وبالغ حتى سمع من أصحاب ابن الحصين. وكتب وحصّل الأصول. قال ابن النجار: وكانت داره مجمعاً لأهل العلم والشيوخ، وينفق عليها ويتكرّم. وكان لطيفاً حسن الأخلاق ذا مروءة. قرأ الفقه وشهد على القضاة، ثم عزل لما ظهرت منه أشياء لا تليق بأهل الدين قبل موته بقليل. سمع منه: ابن الأخضر، وكان يصفه بالسخاء والعطاء. وقال لي ابن القطيعي: كان عدلاً في روايته ضعيفاً في شهادته. مات سنة ثمانين في آخرها. مرض بالفالج أسبوعاً. ومولده سنة سبع وعشرين. قلت: روى عنه الشيخ الموفق وقال: كان آخر من بقي من ذرية القاضي أبي يعلى ممن له حشمة وجاه ومنصب. وكان له دار واسعة، وعنده أكثر كتب أبي يعلى. ثم افتقر فباع أكثرها.
4 (عتيق بن أحمد بن سلمون.)
أبو بكر البلنسي، النحوي. أخذ القراءآت عن: ابن هذيل والنحو عن: أبي محمد بن عبدون. استشهد في كائنة غربالة.
4 (عثمان بن محمد بن عيسى.)

(40/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 311
أبو عمرو اللخمي، المرسي، البشجي، نسبةً إلى بعض الثغور. أخذ عن: أبي الحسن بن هذيل، وأبي عبد الله بن سعادة. وكان فقيهاً ماهراً، مدرّساً، مناظراً. تفقّه به أبو سليمان بن حوط الله.) وروى عنه: هو، وأبو عيسى بن أبي السداد.
4 (علي بن محمد بن عبد الوارث.)
أبو الحسن الغرناطي. روى عن: أبي الحسين بن ثابت، وابن العربي، وشريح بن محمد، وأبي جعفر البطروجي. قال ابن الزبير: صاحب رواية ودراية وخير وتواضع. توفي سنة ثمانين أو نحوها.
4 (علي بن محمد بن عبد الملك.)

(40/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 312
أبو الحكم اللخمي الإشبيلي. نزل به أبوه قرطبة. سمع: أباه، وأبا عبد الملك بن مكي، وأبا الحسن بن مغيث. وولي خطّة الكتابة بمراكش. وكان كاتباً بليغاً مفوّهاً، من بيت الرئاسة. حدّث في هذا العام واختفى خبره.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن أبي علي.)
أبو بكر الإصبهاني، ثم البغدادي السيدي، منسوب إلى خدمة الأمير السيد أبي الحسن العلوي. شيخ صالح. سمع في الكهولة من: ابن البطي، وأبي زرعة، ومعمّر بن الفاخر. وسمّع: ابنه عبد الكريم، وحفيده أبا جعفر محمداً. وكان ثقة. روى عنه: إلياس بن جامع الإربلي في مصنفاته. وتوفي في شعبان، وله سبعون سنة.
4 (محمد بن أحمد بن أبي علي محمد بن سعيد بن نبهان.)
أبو الفرج البغدادي، الكرّاخي. سمع من: جدّه، وابن بيان الرزاز.

(40/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 313
روى عنه: تميم البندنيجي، والحسين بن محمد بن عبد القاهر، وأبو بكر عبد الله بن أحمد) المقرئ، وسالم بن صصرى، ومحمد بن إسماعيل الطبال، وجماعة. وكان شاعراً يمدح الرؤساء، وله:
(تركت القريض لمن قاله .......... وجود فلان وأفضاله)

(وتبت من الشعر لما رأيت .......... كساد كساد القريض وإهماله)

(وعدت إلى منزلي واثقاً .......... برب يرى الخلق سوّاله)
توفي في رمضان وله أربع وتسعون سنة.
4 (محمد بن أحمد بن طاهر.)
أبو بكر الأنصاري، الإشبيلي، النحوي. ويعرف بالخدب. أخذ العربية عن: أبي القاسم بن الرمال، وأبي الحسن بن مسلم. وساد أهل زمانه في العربية، ودرّس في بلاد مختلفة. وكان قائماً على كتاب سيبويه، وله عليه تعليق سماه الطرر، لم يسبق إلى مثله. وكان يتعانى التجارة، فدخل مدينة فاس وأقرأ أهلها مدةً. أخذ عنه: أبو ذر الخشني، وأبو الحسن بن خروف. وحج، وأقرأ بمصر، وحلب، والبصرة، ثم رجع. واختلط عقله فأقام ببجّاية وربما ثاب إليه عقل فيتكلم في مسائل أحسن ما يكون. ذكره الأبّار.

(40/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 314
4 (محمد بن حمزة بن محمد بن أحمد بن سلامة بن أبي جميل.)
القرشي أبو عبد الله بن أبي يعلى الشروطي المعدّل الدمشقي، المعروف بابن أبي الصقر. أحد محدّثي دمشق الثقات. ولد في رجب سنة تسع وتسعين وأربعمائة. وسمع من: هبة الله بن الأكفاني، وعلي بن أحمد بن قبيس، وجمال الإسلام أبي الحسن السلمي، وطائفة. ورحل سنة تسع وعشرين، فسمع: هبة الله بن الطبر، وأبا بكر الأنصاري، وجماعة. ولم يزل مشتغلاً بالطلب والإفادة. وسمّع ولده مكرماً من حمزة بن الحبوبي، وطبقته. وكان شروطي البلد. روى عنه: البهاء عبد الرحمن، وعبد القادر الرهاوي، وأبو الحسن القطيعي، والضياء محمد،) وآخرون. وقرأت وفاته بخط الحافظ الضياء في يوم السبت السابع والعشرين من صفر سنة ثمانين.

(40/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 315
قلت: روى عنه: أبو المواهب بن صصرى.
4 (محمد بن خالد بن بختيار.)
أبو بكر الأزجي ابن الرزاز، الضرير، المقرئ. قال الدّبيثي: شيخ فاضل، عارف بالقراءآت وأدب. قرأ على أبي عبد الله البارع، وسبط الخياط، ودعوان بن علي. وسمع منهم. وأقرأ الناس مدةً، وتخرج به جماعة في النحو. وكان ثقة عارفاً بوجوه القراءآت. أمّ مدةً بمسجد دعوان بباب الأزج. وتوفي في المحرم رحمه الله.
4 (محمد بن سعيد بن عبيد الله.)
أبو المظفر المؤدب. شيخ بغدادي، مليح الخط. علّم خلقاً. قال الدّبيثي: هو مؤدبنا. وكان شيخنا ابن ناصر يقول: هو علمني الخط. حدّث عن: أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبي منصور بن الجواليقي، وجماعة. وتوفي في ربيع الآخر.
4 (محمد بن عبد الكريم بن الفضل.)

(40/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 316
أبو الفضل القزويني، الرافعي، الفقيه الشافعي، والد صاحب الشرح تفقه ببلده على ملكداذ بن علي العمركي، وأبي علي بن شافعي، وأبي سليمان الزبيري. وسمع منهم. ثم قدم بغداد، وتفقه على أبي منصور بن الرزاز بالنظامية، وسمع منه. ومن: سعد الخير، ومحمد بن طراد الزينبي، وغيرهم. ثم رحل إلى محمد بن يحيى فقيه نيسأبور فتفقه عنده، وبرع في المذهب. وسمع من: عبد الله بن الفراوي، وعبد الخالق بن الشحامي. ثم عاد إلى وطنه، ودرّس الفقه وروى الحديث. أخذ عنه: ابنه الإمام أبو الفضائل، وغيره.) وتوفي في رمضان وهو في عشر السبعين.
4 (محمد بن أبي بكر محمد بن عبد الرحمن.)
أبو عبد الرحمن المروزي، الكشميهني، الصوفي. قدم دمشق سنة ثمان وخمسين، وحدّث بها عن: محمد بن علي الكراعي. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وغير واحد.

(40/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 317
ومات سنة 580.
4 (المبارك بن محمد بن يحيى.)
أبو بكر ابن الواعظ الزبيدي. قدم مع أبيه بغداد وسكنها، وتكلّم في الوعظ. وسمّع ابنيه الحسن والحسين من أبي الوقت. وحدّث عن: أبي غالب بن البنّاء، وغيره. أخذ عنه: محمد بن أحمد بن صالح الجيلي، وابن الدّبيثي، وغيرهما. وتوفي في جمادى الآخرة، وله سنة.
4 (محمود بن أبي القاسم بن عمر بن حمكا.)
أبو الوفاء سبط محمد بن أحمد البغدادي، الإصبهاني. شيخ معمّر، مسند، ثقة. حمل الناس عنه، وطال عمره. وتفرّد في عصره. وكانت له إجازة من النقيب طراد الزينبي، وابن طلحة النعالي. وسمع: أبا الفتح أحمد بن عبد الله السوذرجاني. وحدّث ببغداد في سنة ست وخمسين وخمسمائة. وتوفي سنة ثمانين هذه في ربيع الآخر وله إحدى وتسعون سنة. روى عنه: محمد بن محمد بن محمد بن واقا، وأبو الفتوح بن الحصري، والحافظ عبد الغني. وهو ابن أخت الحافظ أبي سعد البغدادي.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن البخاري.)

(40/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 318
أبو المظفر، ابن عم قاضي القضاة أبي طالب.) تفقه على مذهب الشافعي، وبرع في علم الكلام. وولاه أمير المؤمنين الناصر نيابة الوزارة إلى أن مات في المحرم. بقي فيها بعض سنة.
4 (حرف الواو)

4 (وشاح بن جواد بن أحمد.)
أبو طاهر البغدادي، الضرير. سمع: أبا طالب عبد القادر بن يوسف. أخذ عنه: أبو محمد بن الأخضر، وغيره. توفي في شعبان.
4 (حرف الياء)

4 (يوسف بن عبد المؤمن بن علي.)
السلطان أبو يعقوب صاحب المغرب. لمّا مات عبد المؤمن في سنة ثمان وخمسين كان قد جعل الأمر بعده

(40/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 319
لابنه الأكبر محمد، وكان لا يصلح للملك لإدمانه الخمور وكثرة طيشه. وقيل: كان به أيضاً جذام. فاضطرب أمره، وخلعه الموحّدون بعد شهر ونصف. ودار الأمر بين أخويه يوسف وعمر، فامتنع عمر وبايع أخاه مختاراً، وسلّم إليه الأمر، فبايعه الناس، واتّفقت عليه الكلمة بسعي أخيه عمر، وأمّهما هي زينب بنت موسى الضرير. وكان أبو يعقوب أبيض بحمرة، أسود الشعر، مستدير الوجه، أفوَه، أعيَن، إلى الطّول ما هو، حلو الكلام، في صوته جهارة، وفي عبارته فصاحة. حلو المفاكهة، له معرفة تامّة باللغة والأخبار. قد صرف عنايته إلى ذلك لمّا ولي لأبيه إشبيلية، وأخذ عن علمائها، وبرع في أشياء من القرآن والحديث والأدب. قال عبد الواحد بن علي التّميميّ في كتاب المعجِب: صحّ عندي أنّه كان يحفظ أحد الصحيحين، غالب ظنّي أنّه البخاري. وكان سديد الملوكيّة، بعيد الهمّة، سخيّاً، جواداً، استغنى الناس في أيّامه، وتموّلوا. قال: ثم إنّه نظر في الفلسفة والطب، وحفظ أكثر الكتاب الملكيّ. وأمر بجمع كتب الفلاسفة، فأكثر منها وتطلّبها من الأقطار. وكان ممّن صحبه أبو بكر محمد بن طُفيل الفيلسوف، وكان) بارعاً في علم الأوائل، أديباً، شاعراً، بليغاً، فكان أبو يعقوب شديد الحبّ له. بلغني أنّه كان يقيم عنده في القصر أيّاماً ليلاً ونهاراً، وكان هو الذي نبّه على قدر الحكيم أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد المتفلسف. وسمعت أبا بكر بن يحيى القرطبي الفقيه يقول: سمعت الحكيم أبا الوليد يقول: لمّا دخلت على أمير المؤمنين أبي يعقوب وجدته هو وأبو بكر بن طُفيل فقط، فأخذ أبو بكر يُثني عليّ ويُطريني، فكان أوّل ما فاتحني به أمير المؤمنين أن قال لي: ما رأيهم، يعني الفلاسفة، في السماء، أقديمة أم حادثة فأدركني الخوف فتعلّلت وأنكرت اشتغالي بعلم الفلسفة، ففهم مني

(40/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 320
الرَّوع، فالتفت إلى ابن طفيل وجعل يتكلّم على المسألة، ويذكر قول أرسطو فيها، ويورد احتجاج أهل الإسلام على الفلاسفة، فرأيت منه غزارة حفظ لم أظنّها في أحد من المشتغلين. ولم يزل يبسطني حتّى تكلّمت، فعرف ما عندي من ذلك. فلمّا قمت أمر لي بخلعةٍ ودابّةٍ ومال. وقد وَزَرَ لأبي يعقوب أخوه عمر أيّاماً، ثم رفع قدره عنها، وولّى أبا العلاء إدريس بن جامع إلى أن قبض عليه سنة سبع وسبعين، وأخذ أمواله، واستوزر وليّ عهده ولده يعقوب. وكتب له ولده عيّاش بن عبد الملك بن عيّاش كاتب أبيه، وأبو القاسم العالميّ، وأبو الفضل جعفر بن أحمد بن محشوه البِجّائيّ. وكان على ديوان جيشه أبو عبد الرحمن الطّوسيّ. وكان حاجبه مولاه كافور الخَصيّ. وكان له من الولد ستة عشر ذَكَراً منهم صديقي يحيى. قال: ومنه تلقّيت أكثر أخبارهم. ولم أر في الملوك ولا في السّوقة مثله. قال: وقضاته: أبو محمد المالقيّ، ثم عيسى بن عمران التّاري، وتارا من أعمال فاس. ثم الحجّاج بن إبراهيم التُجيبيّ الأغماتيّ الزاهد، فاستعفى، فولي بعده أبو جعفر أحمد بن مضاء القرطبيّ. وفي سنة اثنتين وستين وخمسمائة نزعت قبيلة غمارة الطاعة، وكان رأسهم سُبع بن حيّان ومزردع فدعوا إلى الفتنة. واجتمع لهم خلق. وبلاد غَمارة طولاً وعرضاً مسيرة اثنتي عشرة مرحلة، فخرج أبو يعقوب بجيوشه، فأسلمت الرجلين جموعهما فأُسِرا، وشرّدهما إلى قرطبة. ودخل الأندلس، والتفت على ما بيد محمد بن سعيد بن مردنيش، فنزل إشبيلية، وجهّز العساكر إلى محمد، وأمّر عليهم أخاه أمير غَرناطة عثمان. فخرج محمد في جموع أكثرها من الفرنج.) وكانوا أجناده، قد اتّخذهم أنصاره لمّا أحسّ باختلاف قوّاده عليه، فقتل أكثرهم، وأمّر الفرنج وأقطعهم. وأخرج

(40/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 321
الكثير من أهل مُرسِية وأسكن الفرنج دورهم. فالتقى هو والموحّدون على فرسخ من مُرسية، فانكسر وانهزم جيشه، وقُتل منهم جملة. ودخل مُرسية مستعدّاً للحصار، فضايقه الموحّدون، وما زالوا محاصرين له إلى أن مات، فسُتِرت وفاته إلى أن ورد أخوه يوسف بن سعد من بلنسية، فاتّفق رأيه ورأي القوّاد على أن يسلّموا إلى أبي يعقوب البلاد. ففعلوا ذلك. وقد قيل إنّ محمد بن سعد لمّا احتضر أشار على بنيه بتسليم البلاد. وسار أبو يعقوب من إشبيلية قاصداً بلاد الأدفنش لعنه الله تعالى. فنازل مدينة وَبزي، وهي مدينة عظيمة، فحاصرها أشهراً إلى أن اشتدّ الأمر وأرادوا تسليمها. قال: فأخبرني جماعة أنّ أهل هذه المدينة لمّا برح بهم العطش أرسلوا إلى أبي يعقوب يطلبون الأمان، فأبى، وأطمعه ما نقل إليه من شدّة عطشهم وكثرة من يموت منهم فلمّا يئسوا من عنده سُمِع لهم في الليل لغَط وضجيج، وذلك أنّهم اجتمعوا يدعون الله ويستسقون، فجاء مطر عظيم كأفواه القِرَب ملأ صهاريجهم وتقوّوا، فرحل عنهم أبو يعقوب بعد أن هادن الأدفنش سبع سنين. وأقام بإشبيلية سنتين ونصف، ورجع إلى مراكش في آخر سنة تسع وستّين وقد ملك الجزيرة بأسرها. وفي سنة إحدى وسبعين خرج إلى السوس لتسكين خلاف وقع بين القبائل فسكّنهم. وفي سنة خمس وسبعين خرج إلى بلاد إفريقية حتى أتى مدينة قفصة. وقد قام بها ابن الرّند، وتلقّب بالناصر لدين النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فحاصره وأسره،

(40/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 322
وصالح ملك صقَلية وهادنه على أن يحمل إليه كل سنة مالاً، فأرسل إليه فيما بلغني ذخائر معدومة النظير، منها حجر ياقوت على قدر استدارة حافر الفرَس، فكلّلوا به المصحف، مع أحجار نفيسة. وهذا المصحف من مصاحف عثمان رضي الله عنه، من خزائن بني أميّة، يحمله الموحّدون بين أيديهم أنّى توجّهوا على ناقة عليها من الحليّ والديباج ما يعدل أموالاً طائلة. وتحته وِطاء من الديباج الأخضر، وعن يمينه وشماله لواءآن أخضران مذهّبان لطيفان. وخلف الناقة بغلٌ مُحَلّى عليه مصحف آخر. قيل بأنّه بخط تومَرت. هذا كلّه بين يدي أمير المؤمنين.) قال: وبلغني من سخاء أبي يعقوب أنّه أعطى هلال بن محمد بن سعد المذكور أبوه في يوم إثني عشر ألف دينار وقرّبه، وبالغ في رفع منزلته. وقال الحافظ أبو بكر بن الجدّ: كنّا عند أمير المؤمنين أبي يعقوب، فسألَنا عن سحر النبي صلّى الله عليه وسلّم كم بقي مسحوراً فبقي كل إنسان منّا يتزمزم، فقال: بقي به شهراً كاملاً. صحَّ ذلك. وكان أمير المؤمنين إماماً يتكلّم في مذاهب الفقهاء فيقولك قول فلانٍ صواب، ودليله من الكتاب والسنة كذا وكذا، فنتابعه على ذلك. قال عبد الواحد: ولمّا تجهّز لحرب الروم أمر العلماء أن يجمعوا أحاديث في الجهاد تملى على الموحّدين ليدرسوا. ثم كان هو يملي بنفسه عليهم، فكان كلّ كبير من الموحّدين يجيء بلوح ويكتب. وكان يُسهل عليه بذل الأموال سعة ما يتحصّل من الخراج. كان يرتفع إليه من إفريقية في كل سنة مائة وخمسون، حمل بغل، هذا سوى حمل بِجاية وأعمالها. وكانت أيّامه مواسم وخصباً وأمناً. وفي سنة تسع وسبعين تجهّز للغزو واستنفر أهل السهل والجبل والعرب، فعبر بهم الأندلس فنزل إشبيلية، ثم قصد مدينة شَنترين أعادها إلى المسلمين، وهي بغرب الأندلس. أخذها ابن الربق لعنه الله، فنازلها أبو

(40/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 323
يعقوب وضايقها، وقطع أشجارها، وحاصرها مدّة. ثم خاف المسلمون البرد وزيادة النهر، فأشاروا على أبي يعقوب بالرجوع فوافقهم. وقال: غداً فرحل. فكان أوّل من قوّض خباءه أبو الحسن علي بن القاضي عبد الله المالقيّ، وكان خطيبهم. فلمّا رآه الناس قوّضوا أخبيتهم ثقةً به لمكانه، فعبر تلك العشيّة أكثرُ العسكر النهر، وتقدموا خوف الزحام، وبات الناس يعبرون الليل كلّه، وأبو يعقوب لا علم له بذلك. فلما رأى الروم عبور العساكر، وأخبرهم عيونهم بالأمر، انتهزوا الفرصة وخرجوا وحملوا على الناس، فانهزموا أمامهم حتى بلغوا إلى مخيّم أبي يعقوب، فقتل على باب المخيّم خلق من أعيان الجند، وخلص إلى أمير المؤمنين، فطعن تحت سُرّته طعنة مات منها بعد أيّام يسيرة. وتدارك الناس، فانهزم الروم إلى البلد، وقد قضوا ما قضوا، وعبر الموحّدون بأبي يعقوب جريحاّ في مِحَفّة، وتهدّد ابن المالقيّ فهرب بنفسه حتى دخل مدينة شنترين، فأكرمه ابن الربق.) وبقي عنده إلى أن تهيّأ له أمر، فكتب إلى الموحّدين يستعطفهم ويتقرّب إليهم بضعف البلد، ويدلّهم على عورته. وقال لابن الربق: إنّي أريد أن أكتب إلى عيالي بإكرام الملك لي. فأذن له، فعثر على كتابه فأحضره وقال: ما حملك على هذا مع إكرامي لك فقال: إنّ ذلك لا يمنعني من النصح لأهل ديني. فأحرقه. ولم يسيروا بأبي يعقوب إلاّ ليلتين أو ثلاثاً حتى مات. وأخبرني مكن كان معهم أنّه سمع في العسكر النداء للصلاة على جنازة رجل، فصلّى الناس قاطبة لا يعرفون على من صلّوا. وصبّروه وبعثوا به في تأبوت مع كافور الحاجب إلى تيتمّلل، فدفن هناك مع أبيه وابن تومرت. مات في سابع رجب، وأخذ البيعة لابنه يعقوب عند موته، فبايعوه. وفيها وُلد:

(40/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 324
التّقيّ عبد الرحمن بن مُرهَف الناشريّ، المقرئ، وقاضي حماه أبو طاهر إبراهيم بن هبة الله بن البازريّ الجُهنيّ في شعبان. وفاطمة بنت محمود ابن الملثّم العادليّ، سمعت من البوصيريّ. وفيها وُلد: عبد الحميد بن رضوان المصريّ. وأبو القاسم محمد بن عبد المنعم، روى عن ابن طبَرزَد. وأبو بكر محمد بن زكريّا بن رحمة.

(40/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 325
4 (المتوفّون على التخمين)

4 (حرف الألف)

4 (إبراهيم بن محمد.)
اللّخميّ السّبتيّ، المعروف بابن المتقن. روى عن: أبي محمد بن عتّاب، وأبي بحر الأسديّ. وحجّ، وسمع من السِّلفيّ. قال الأبّار: توفّي بعد السبعين وخمسمائة.
4 (إسحاق بن هبة الله.)
أبو طاهر الخراقيّ، المقرئ.) قدم دمشق سنة اثنتين وسبعين، وحدّث عن: علي بن الصّبّاغ. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وغيره.
4 (إسماعيل بن غانم بن خالد.)
أبو رشيد الإصبهانيّ، البيّع. سمع: أبا الفتح أحمد بن عبد الله السّوذر جاني، وأحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه، وجماعة. وعمّر دهراً.

(40/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 326
روى عنه: الحافظ عبد الغني، ومحمد بن سعيد بن أحمد الأسواريّ، ومحمد بن النجيب أحمد ابن نصر الإصبهانيّ، وآخرون. وبقي إلى سنة خمس وسبعين. وهو من كبار الشيوخ الذين لحقهم عبد الغني بإصبهان.
4 (إسماعيل بن يونس بن سلمان.)
القُرشيّ، الدّمشقي المعروف بابن الأفطس. سمع: هبة الله بن الأكفانيّ، وعلي بن أحمد بن قبيس. وأجاز للضياء محمد.
4 (حرف الحاء)

4 (حبيب بن إبراهيم بن عبد الله.)
أبو رشيد الإصبهاني، المقرئ. سمع: محمود بن إسماعيل الصيرفي، وغيره. وعنه: الحافظ عبد الغني، وغيره. وأجاز للحافظ الضياء فيما أظن.
4 (حرف الزاي)

4 (زاهر بن إسماعيل بن أبي القاسم.)
الهمذانيّ. أجاز للضياء في سنة أربع وسبعين. وأدركه الحافظ عبد الغنيّ.)
4 (حرف السين)

4 (سالم بن عبد السلام بن علوان.)

(40/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 327
أبو المُرجّى البوازيجي، الصوفي. صحب أبا النّجيب السّهروَرديّ ولازمه. وسمع معه من: زاهر الشّحّامي، وغيره. وعنه: يوسف بن محمد الواعظ، وعمر بن محمد المقرئ، وشهاب الدين السهرورديّ، وغيرهم. وتوفّي قبل الثمانين وخمسمائة. قاله ابن الدّبيثي.
4 (سلامة الصيّاد.)
المَنبِجيّ، الزاهد، رفيق الشيخ عديّ. قال الحافظ عبد القادر الرُّهاوي، وكانا جميعاً من تلاميذ الشيخ عقيل: المنبجيّ الزاهد، ساح ولقي المشايخ، ورأى منهم الكرامات، وأقام بالموصل مدّة في زمن بني الشهرزوريّ حين كان لا يقدر أحدٌ أن يتظاهر بالحنبلية ولا السنّة. فأقام يُظهر السنة ويُحاجّ عنها. ثم رجع إلى منبج، فأقام بها إلى أن مات. وكان يتعيّش في المقاثي وعمل الحصر، وينفق من ذلك. دخلت عليه بمنبج في داره وهو جالس على حصير يعمله، فترك العمل، وأقبل عليّ يحادثني، فرأيت منه وقاراً وعدلاً وحفظ لسان، وتعرّياً من الدعاوى.

(40/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 328
وكان قد لزم بيته، وترك الخروج إلى الجماعة لأنّ أهل منبج كانوا قد صاروا ينتحلون مذهب الأشعريّ، و يبغضون الحنابلة بسبب واعظٍ قدِم يسمّى الدّماغ، فأقام بها مدّة، وحسّن لهم ذلك. وكان البلد خالياً من أهل العلم، فشربت قلوبهم ذلك. قال: وسمعت رجلاً يقول للشيخ عسكر النصيبي: أهل منبج قد صاروا يبغضون أهل حران. فقال: لا يبغض أهل حران من فيه خير. وسمعت الشيخ سلامة يقول، لما مضى الدماغ إلى دمشق ومات، جاءنا الخبر فقاموا يصلون عليه، ولم أقم أنا، فقالوا لي: ما تصلي عليه فقلت: لا، قعودي أفضل. وقالوا لي: لم لا تخرج إلى الجماعة فقلت: جماعتكم صارت فرقة.) وقال لي: عبر الشيخ الزاهد أبو بكر بن إسماعيل الحراني على منبج، ولم يدخل إلي، وبعث يقول: إنه لم يدخل إلي لأجل أهل منبج. وأنا إيش ذنبي. وكان الشيخ أبو بكر يذكره كثيراً، وينوّه باسمه، ويحث على زيارته، وهو الذي عرّفنا به. سمعت الشيخ سلامة يقول: كنت بالموصل في زمن بني الشهرزوري أذكر السنّة، وأنكر السماع. سمعت رجلاً من أهل الموصل يقول: جئت إلى الجزيرة، فأخبرت أن الشيخ هناك، فسألت عنه فوجدته في بعض المساجد، فجئت إليه، ثم خرجنا من هناك، فمشى بين يديّ، فنظرت فإذا هو سبقني، فقلت في نفسي من غير أن يسمع، كذا وكذا من أخت كذا. فالتفت إلي وقال: أي أخواتي فإنهن جماعة؟ قلت: أيهن شئت.

(40/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 329
4 (سليمان بن محمد بن سليمان.)
أبو الربيع الحضرمي، الإشبيلي، المعروف بالمفوّقي. روى عن: أبي محمد بن عتّاب، وأبي بحر الأسدي. وكان يعقد الشروط. وكان أبو بكر بن الجد يغض منه ويغص به. روى عنه: ابن أخته محمد بن علي التجيبي. قال الأبّار: توفي في حدود الثمانين.
4 (السموأل بن يحيى بن عياش.)
المغربي، ثم البغدادي. كان يهودياً فأسلم، وبرع في العلوم الرياضية. وكان يتوقّد ذكاءً، وسكن بلاد العجم مدةً بأذربيجان ونواحيها. ومات قبل أن يكتهل بمراغة في هذا القرب. قال الموفق عبد اللطيف: أبلغ في العدديات مبلغاً لم يصله في زمانه، وكان حاد الذهن جداً بلغ في العدديات وصناعة الجبر الغاية القصوى. وله كتاب المفيد الأوسط في الطب، وكتاب إعجاز المهندسين صنفه في سنة سبعين وخمسمائة، وكتاب الرد على اليهود، وكتاب القوانين) في الحساب.

(40/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 330
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن وجيه بن طاهر بن محمد.)
الشحامي. أجاز للشيخ الضياء في مرويّاته.
4 (حرف العين)

4 (عباس بن أبي الرجاء بن بدر.)
أبو الفضل الراراني. أجاز للضياء من إصبهان. وهو أخو خليل. سمع من: الحداد.
4 (عبد الله بن عبد الواحد بن الحسن بن المفرّج.)
أبو محمد الكناني، الدمشقي، المؤدب. إمام مسجد لبيد بالفسقار. سمع: أبا الحسن بن الموازيني، ومحمد بن علي بن محمد بن أبي العلاء المصّيصي. قال أبو المواهب بن صصرى: وكانت له حلقة بالجامع يقرئ بها الصبيان، وكان شيخاً صالحاً. وقال ابن خليل: ولد في رجب سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة قلت: روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. وأجاز لجماعة. وتوفي سنة نيّف وسبعين، وقد جاوز الثمانين رحمه الله تعالى.

(40/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 331
4 (عبد الجبار بن محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني.)
أبو سعيد الإصبهاني. من كبار مسندي بلده. سمع من: القاسم بن الفضل الإصبهاني، الثقفي. وحدّث سنة سبعين. وتوفي بعد ذلك بسنة أو نحوها.) روى عنه: محمد بن خليل الراراني، وعمر بن أبي بكر بن مسعود الإصبهاني. وبالإجازة كريمة.
4 (عبد الرزاق بن إسماعيل بن محمد بن عثمان.)
أبو المحاسن الهمذاني القومساني. سمع: عبد الرحمن بن حمد الدوني، وناصر بن مهدي الهمذاني، وغيرهما. روى عنه: الحافظ عبد الغني. وأجاز للحافظ الضياء في سنة أربع وسبعين.
4 (عبد الملك بن محمد بن عبد الملك.)
أبو مروان الأنصاري، الإشبيلي، الحمامي. سمع: تاريخ ابن خيثمة من: أبي الحسن بن مغيث. وعنه: أبو القاسم الملاّحي، وأبو سليمان حوط الله. مات قبل الثمانين وخمسمائة.
4 (عبيد الله بن محمد التميمي.)
أبو الحسين ابن اللحياني، الإشبيلي، المقرئ. أخذ القراءآت عن: شريح، وأحمد بن عيشون.

(40/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 332
وتصدّر للإقراء. قرأ عليه: أبو القاسم بن أبي هارون. وحدّث عنه: مفرّج بن حسين الضرير. توفي في حدود الثمانين.
4 (علي بن بركات.)
أبو الحسن المشغراني، ثم الدمشقي، المقرئ. توفي بعد السبعين. روى عن: نصر الله بن محمد المصّيصي. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى.
4 (علي بن الحسين اللوّاتي.)
) مر في سنة ثلاث وسبعين.
4 (علي بن خلف بن غالب.)
أبو الحسن الأنصاري، الأندلسي، نزيل قصر كتامة. سمع من: أبي القاسم بن رضا، وأبي عبد الله بن معمر، وأبي الحسن بن وليد بن مفوّز. وتعلّم الفرائض والحساب وتصوّف. وصنّف كتاب اليقين. رواه عنه: عبد الجليل بن موسى. وقال أيوب بن عبد الله السبتي: رحلت إليه مرّات إلى قصر عبد الكريم وكان قد سكنه. وكان محدّثاً شاعراً.

(40/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 333
4 (علي بن محمد بن ناصر.)
أبو الحسن الأنصاري، القرطبي. أخذ القراءآت عن: أبي عبد الله بن صائن، وعبد الجليل بن عبد العزيز. وروى عن: أبي القاسم بن بقي، وأبي جعفر البطروحي، وأبي القاسم بن رضا، وجماعة. وكان مقرئاً، نحوياً. روى عنه: أبو بكر محمد بن علي الشريشي.
4 (علي بن هبة الله.)
الكاملي، المصري. سمع من: أبي صادق مرشد المديني، وغيره. روى عنه: الحافظ عبد الغني، وعبد القادر، وابن رواحة، وعلي بن رحّال، وعبد الرحيم بن الطفيل، ومحمد بن الملثّم، وآخرون.
4 (علي بن أبي القاسم بن أبي حنّون.)
أبو الحسن التلمساني، قاضي مراكش. روى عن: أبي عبد الله الخولاني، وأبي علي بن سكّرة. وعنه: أبو عبد الله بن عبد الحق التلمساني، وعقيل بن طلحة، وأبو الخطاب بن دحية. قال الأبّار: كان حياً في حدود الثمانين.

(40/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 334
4 (حرف القاف)
)
4 (القاسم بن علي بن صالح.)
أبو محمد الأنصاري نزيل دانية. أخذ القراءآت عن: أبي العباس القصيبي، وأبي العباس بن العريف، وابن غلام الفرس فسمع منه التيسير سنة سبع وعشرين وخمسمائة. وتصدّر للإقراء بدانية. أخذ عنه: أسامة بن سليمان، وغيره. بقي إلى قريب الثمانين وخمسمائة. نسيته وقت ترتيب الأسماء.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن التابلان.)
المنبجي الزاهد. قال الحافظ عبد القادر: كان رفيق الشيخ عديّ والشيخ سلامة، من تلاميذ الشيخ عقيل. حدّثني بعض الصوفية أن الشيخ عقيل أوصى له بعد موته بالجلوس في موضعه. دخلت عليه بمنبج غير مرة فرأيت شيخاً وقوراً مهيباً. عاش عمراً طويلاً في طريقة حسنة ومحمود ذكر. وكان له جماعة تلاميذ. وكان حافظاً للقرآن يؤمّ بالناس. وكان له ملك يتعيّش منه رحمه الله. قلت: كأن هذا بقي إلى قرب الستمائة، فإن ابنه الفقيه أحمد بن محمد بن إبراهيم بن التابلان المنبجي سمع منه شيخنا الشهاب الدشتي بمنبج، وهو يروي عن التاج الكندي.

(40/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 335
4 (محمد بن عبد الله بن محمد.)
الغرناطي أبو عبد الله بن الغاسل. سمع: أبا عبد الله النميري وصحبه زماناً. ورحل معه فلقي أبا الحسن بن الباذش. وقرأ بالروايات على شريح. وسمع أيضاً: أبا الحسن بن مغيث. وأجاز له ابن عتّاب. وكان مقرئاً، محدّثاً، ضابطاً. توفي سنة نيّف وسبعين.)
4 (محمد بن عبد العزيز.)
الفقيه أبو عبد الله الإربلي، الشافعي. قدم بغداد، وتفقه بالنظامية، وبرع في المذهب. وولي إعادة النظامية. ومن شعره، وكتبه عنه عبد السلام بن يوسف الدمشقي:
(رويدك فالدنيا الدنيّة كم دنت .......... بمكروهها من أهلها وصحابها)

(لقد فاق في الآفاق كل موفق .......... أفاق بها من سكره وصحا بها)

(فسل جامع الأموال فيها بحرصه .......... أخلّفها من بعده أم سرى بها)

(هي الآل فاحذرها وذرها لأهلها .......... فما الآل إلا لمعة من سرابها)

(وكم أسد ساد البرايا ببرّه .......... ولو نابها خطب إذا ما دنى بها)

(فأصبح فيها عبرةً لأولي النهى .......... بمخلبها قد مزّقته ونابها)
قال ابن النجار: وبلغني أن أبا عبد الله الإربلي سافر إلى الشام ومات هناك في حدود سنة ثمانين وخمسمائة.
4 (محمد بن علي بن عبد الله بن علي.)

(40/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 336
أبو بكر البتمّاري، النهرواني، المعروف بابن العجيل. سمع: أحمد بن المظفر بن سوسن، وأبا سعيد بن خشيش. سمع منه: عمر القرشي، وغيره. وأصابه صمم. وتوفي بعد السبعين. ذكره ابن النجار.
4 (محمد بن كشيلة.)
الحراني، الزاهد. قال الرهاوي: كان أحد مشايخ أهل حران، زهداً، وورعاً واجتهاداً في أبواب الخير. وكان متواضعاً، كريماً، حيّياً، لا يكاد يرفع رأسه من الحياء، صبوراً على الفقر موثراً. وكان الشيخ أبو بكر بن إسماعيل يذكره ويمدحه بكونه يعيش من كسبه. ولما مرض أبو بكر خرج محمد إلى عيادته، فوصّى له بثلث رحاه، واستخلفه في موضعه بالمشهد.) وسمعت بعض أصحابنا يقول: قال أصحاب أبي بكر لأبي بكر: من تأمرنا نجالس بعدك فقال: عليكم بسيد السادات محمد. ذكر الرهاوي هؤلاء وغيرهم. وما أراه ذكر الشيخ حياءً، وسأذكره في سنة إحدى وثمانين إن شاء الله تعالى.
4 (محمود بن محمد.)
أبو الثناء البغدادي.

(40/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 337
حدّث بالإسكندرية عن: هبة الله بن الحصين، وأبي منصور القزاز. روى عنه: علي بن المفضّل، وغيره.
4 (المطهّر بن عبد الكريم بن محمد بن عثمان.)
الهمذاني القومساني. روى عن: عبد الرحمن بن الدوني، وناصر بن مهدي. وعنه: الحافظ أبو محمد المقدسي، وغيره. وناصر المذكور هو ابن مهدي بن نصر بن علي بن نصر بن عبدان أبو علي المشطّب الهمذاني. بكّر به أبوه أبو الحسن المشطّب فأسمعه سنن الحلواني من علي بن شعيب بن عبد الوهاب الهمذاني. وكان علي بن شعيب مسند همذان في زمانه. روى عن أوس الخطيب، وجبريل العدل، وأبي أحمد الغطريفي، وإسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان، وطائفة. روى عنه: علي بن الحسين، وابن ممان. وناصر هذا، وأحمد بن عمر البيّع. وكان ثقة، صدوقاً، صالحاً. قال الحافظ شيرويه: سمعت أبا بكر الأنصاري يقول: لما رجع الشيخ محمد بن عيسى، شيخ الصوفية، إلى همذان استقبله الخاص والعام، وكان علي بن شعيب مع من استقبله، وكان راجلاً، رثّ الهيئة، فكان أبو منصور محمد بن عيسى لا ينزل لأحد، لا للأشراف ولا للوجوه، وإنما يصافحهم راكباً. فلما رأى علي بن شعيب نزل عن دابته وعانقه، ومشى معه ساعة حتى سأله أن يركب فركب. قلت: كان ابن شعيب باقياً بعد الثلاثين وأربعمائة.)

(40/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 338
4 (الكنى)

4 (أبو بكر بن إسماعيل الحراني. الزاهد.)
ذكره الحافظ فقال: كان من مفاريد الزمان. اجتمعت فيه من خلال الخير أشياء لو سطرت كانت سيرة. كان زاهداً، ورعاً، مجاهداً، مجتهداً، متواضعاً، ذا عزائم خالصة، بصيراً بآفات أعمال الآخرة وعيوب الدنيا، ذا تجارب. ساح وخالط، وكان لا تأخذه في الله لومة لائم، منقاداً للحق، محباً للخمول، عارياً من تزيّ أهل الدين. ظاهراً لا يستوطن المواضع. كان تارةً يكون معمماً، وتارةً بغير عمامة، وتارة محلوقاً وتارة بشعر. إذا وقف بين جماعة لا يعرفه الغريب، ولم يكن له في المسجد موضع يعرف به. وكان إذا قال له أحد: أريد أن أتوب على يدك. يقول: إيش تعمل بيدي، تب إلى الله. وكان شجاعاً. وهو الذي جرّى المسلمين على محاصرة الرّها في سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، واشتهر بين الناس أنهم يوم وقعة الثلمة التي بالرها دخل منها المسلمون رأوا رجلاً قد صعد فيها، فهزم من كان بها من الإفرنج، وصعد الناس بعده، فحكى لي بعض الناس أنه الشيخ أبو بكر رضي الله عنه. وبلغني أن ناساً اختلفوا فيه، فحلف بعضهم أنه الشيخ عدي بن صخر، فاختلفوا إليه في ذلك، فقال: ذاك الحرّاني. سمعته يقول: كان أبي قد أسره الفرنج إلى الرها، فقادوه، وأخذوني وأخي رهينةً، يعني وهما صغيران فكان صاحب البلد يأخذني ويجيء بي عند الصليب، ويجعل يحني رأسي نحوه، فأمتنع عليه مع هيبته، ويقع في نفسي أني إن فعلت صرت نصرانياً. وكان يأخذ أخي فيجيء به إلى الصليب، فيسجد له، فأتعلق به وأمنعه. ثم إنه خلّص من أيدي الفرنج، فسمعته يقول: كنت أمر إلى الرها في الليل فأصعد إلى السور، وأنزل إلى البلد، فإذا عرفوا بي صعدت إلى السور، فإذا صرت على السور ومعي سيفي وترسي لم أبال بأحد. وصعدت مرةً إلى السور، فلقيت اثنين، قتلت الواحد ودخل الآخر إلى البرج، فدخلت خلفه فقتلته.

(40/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 339
سمعته غير مرة يقول: رأيت قائلاً يقول لي: كن تبعاً إلا في ثلاثة: في الزهد، والورع، والجهاد. وحج نحوفاً من ثلاثين حجة ماشياً. وبلغني عنه أنه حج في بعضها، ولم ينم في تلك المدّة حتى) خرج من الحج. ثم إنه ترك الحج، وسكن مشهداً قريباً من حرّان، واشتغل بعمارة رحى هناك. ورتّب الضيافة لكل وارد خبزاً ولحماً وشهوات. وكان سبب ذلك كما حكى لي قال: كنت أنا وآخر في الشام، فجعنا جوعاً شديداً، ثم جئنا إلى قرية، فصنع لنا إنسان طعاماً وقدّمه إلينا، فجعلنا نأكل وهو حار، فلما رأى شراهتنا في الأكل مع حرارته قال: أرفقوا فهو لكم. فاعتقد أنه لو كان لذلك الرجل ذنوب مثل الجبال لغفرت لما صادف من إشباع جوعنا. فرأيت أن حجي ليس فيه منفعة لغيري، وأني لو عملت موضعاً يستظل به إنسان كان أفضل من حجي. وكان مع ذلك يكره كثرة العلائق ويقول: لو قيل لي في المنام أنك تصير إلى هذا المال ما صدّقت. وبنى عند المشهد خاناً للسبيل، وكان يعمل عامّة نهاره في الحر والغبار، ويقول: لو أن لي من يعمل معي في الليل لعملت. وعمل لنفسه رحىً، وكان يتقوّت منه باليسير، ويخرج الباقي في البرّ. دخلت عليه في بيته مراراً وهو يتعشّى، فما رأيته جالساً في سراج قط، ولا كان تحته حصير جيّد قط ولا فراش، بل حصير عتيق، تحته قش الرز. وحضرت يوماً معه في مكان، فلما حضر وقت الغداء جلسنا نتغدّى، وأخرج رغيفاً كان معه، فأكل نصفه، وناولني باقيه، وقال: ما بقي يصلح لي، آكل شيئاً ولا أعمل شيئاً. وقال لي: وددت أني لآتي مكاناً لا أخرج منه حتى أموت.

(40/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 340
وقد سمعته يقول: وذكر لي إنسان أن بعض الرؤساء عرض عليه ملكاً يقفه عليه، فقال له أبو بكر: وإيش تعمل به لو لم يكن في مالهم شبهة إلا الجاه لكفى. سمعت فتيان بن نيّاح الحرّاني، وكان عالم أهل حران وقد جرى بيننا ذكر للكرامات فقال: أنا لا أحكي عن الأموات ولكن عن الأحياء. هذا أبو بكر بن إسماعيل حج في بعض السنين، فلما قرب مجيء الحاج جاء الخبر أن أبا بكر قد مات. فجلست محزوناً فجاءتني والدته وأنا في مكاني هذا، فسلّمت، فرددت عليها متحزّناً. فقالت: إيش هو فقلت: هو الذي يحكى.) فقالت: ما هو صحيح. قلت: من أين لك قالت هو قال لي قبل أن يخرج إنه سيبلّغك أني قد متّ، فلا تصدقي، فإني لا بد أجيء وأتزوّج، وأرزق إبناً وأموت. قال: فأول من جاء هو، وتزوّج ورزق إبناً، ومات. هذا مع كراهيته إظهار الكرامات والدعاوى. وكان عاقلاً فاطناً، يتكلّم بالحكمة في أمر الدين. حدّثني من حضر موته قال: كنّا أنا وفلان وفلان، فتوضّأ ثم صار يسأل عن وقت الظهر، فقال بعضنا: جرت عادة الناس يأخذون من آثار مشايخهم للتبرّك. فقال: إن قبلتم مني لا تريدون شيئاً من الدنيا. قال: فبينما أنا جالس أغفيت، فرأيت كأن البيت الذي نحن فيه يخرج منه مثل ألسن الشمع، يعني النور. ورأيت كأن شيخاً جاء إلى عند الشيخ أبي بكر، فقلت: من هذا فقيل: هذا الشيخ حمد.

(40/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 341
فانتبهت فجعلت أسأل الجماعة عن الشيخ حمد، ففطن لي الشيخ فقال: إيش تقول فقصصت عليه الرؤيا، فقال: نعم هذا الشيخ حمد بن سرور قد جاء إلينا. وكان الشيخ حمد من مشايخ حران. قال: ثم إنه مال يسأل عن وقت الظهر، حتى بقي من الوقت قدر قراءة جزء، ثم إنه تفل مثل النّقحة، فخرجت منها نفسه وحمل إلى حران فدفن بها رضي الله عنه.
4 (أبو جعفر بن هارون.)
الترحالي، الأندلسي، من كبار أهل إشبيلية. وكان رأساً في الفلسفة، والطب، والكحالة. ذا عناية بكتب أرسطو طاليس. خدم أبا يعقوب بن عبد المؤمن. وقد أخذ عن الفقيه أبي بكر بن العربي، ولازمه مدّة. وعنه أخذ أبو الوليد بن رشد الحفيد، علم الأوائل. وترحاله: من ثغور الأندلس.)
4 (أبو الفتح.)
الموصلي، العابد، ويعرف بابن الرئيس. قال الحافظ الرهاوي: كان زاهداً، ورعاً، قنوعاً، صائم الدهر، نوراني الوجه، حسن الأخلاق، رزين العقل، متواضعاً، شديداً في السنّة، داعياً إليها، حافظاً للقرآن. لقّن خلقاً. وكان خياطاً يتقوّت باليسير والباقي ينفقه على أخيه وأولاد أخيه. وكان يلبس قميص خام ومئزر خام خشناً. ولم يكن بالموصل في آخر زمانه مثله. وشيّعه خلق لا يحصون رحمه الله تعالى.

(40/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 342
4 (أبو الوفا.)
شيخ أهل آمد في زمانه. قال الحافظ الرهاوي: تكررت إليه مدّة مقامي بآمد، فرأيت منه عقلاً وافراً، وحلماً وتواضعاً، وسخاءً، وتألّفاً للناس على مذهب أحمد. وكان كثير الاحتمال للأذى في تألّف الناس. مفيداً بكلامه، حافظاً للسانه، ذكيّاً، فهماً. لم أر في تردادي إليه سقطةً، ولا بلغني عنه. ولقد فرحت برؤيتي له فرحاً شديداً، وأحببته كأشد ما أحببت أحداً من المشايخ. وكان له شيء من الدنيا يتعيّش منه، ويواسي منه الفقراء، رحمه الله تعالى.

(40/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 5
5 (بسم اللَّه الرحمن الرحيم)

5 (ربَّنَا أفرغْ علينا صَبراً)

5 (الطبقة التاسعة والخمسون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى وثمانين وخمسمائة)

4 (وقوع البرد)
في المحرَّم وقع بناحية نهر الملك بَرَدٌ أهلك الزَّرْع وقتل المواشي، وُزِنت منه بَرَدة فكانت رِطْلين بالعراقيّ.
4 (تدريس النظامية)
وفي صَفَر انفصل رضيّ الدّين أبو الخير القزْوينيّ عن تدريس النظّامية، وولي أبو طالب المبارك بن المبارك الكرْخيّ، وخُلِع عليه من الدّيوان العزيز بطراحة.
4 (منع الوعاظ)
وفي رجب أمر الخليفة منْع الوعّاظ كلَّهم إلاّ ابن الجوزيّ.
4 (مولود بأذن واحدة)
ووُلِد بالعراق ولدٌ طول جبهته شبر وأربعة أصابع، وله أُذُنٌ واحدة.
4 (خطبة الملثّم للناصر لدين اللَّه)
وفيها وردت الأخبار بأنَّ عليّ بن إسحاق الملثَّم خطب للناصر لدين اللَّه بمعظم بلاد المغرب، وخالف بني عبد المؤمن.

(41/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 6
4 (مسير السّلطان إلى الموصل)
وفيها سار السّلطان الملك النّاصر قاصداً الموصِل، فلمّا قاربَ حلبَ تلقّاه صاحبها الملك العادل أخوه، ثمّ عَدَّى الفراتَ إلى حَرّان، وكانت إذ ذاك لمظفّر الدّين ابن صاحب إربِل، وقد بذل خطّه بخمسين ألف دينار يوم وصول السّلطان إلى حَرّان برسم النَّفَقَة، فأقام السّلطان أياماً لم يَرَ للمال أثراً، فغضب على مظفّر الدّين واعتقله، ثم عفا عنه، وكتب له تشريفاً بعد أن تسلَّمَ منه حرَّان، والرُّها، ثم أعادهما إليه في آخر العام. وسار إلى الموصل فحاصرها وضايقها، وبذلت العامَّةُ نفوسهم في القتال بكلّ ممكنٍ لكون بنت السّلطان نور الدين، وهي زوجة صاحب الموصل عزّ الدّين سارت إلى صلاح الدّين قبل أن ينازل البلد، وخضعت له تطلب الصُّلْح والإحسان، فردّها خائبة، ثم إنه ندِم، ورأى أنّه عاجز عن أخذ البلد عَنْوةً، فأتت الأخبار بوفاة شاه أرمن صاحب) خِلاط، وبوفاة نور الدّين محمد صاحب حصن كيفا وآمِد، فتقسّم فِكْرُه، واختلفت آراء أمرائه، فلم يلبث أن جاءته رُسُل أمراء خِلاط بتعجيل المسير إليهم، فأسرع إليهم، وجعل على مقدِّمته ابنَ عمّه ناصر الدّين محمد بن شِيرَكُوه ومظفَّر الدّين كوكبوري ابن صاحب إربل إلى خِلاط، فوجد الأمير بكتمر مملوك شاه أرمن قد تملَّك، فنزلا بقربها. ووصل الملك شمس الدّين البهلوان محمد بن ألْدِكِز بجيش أذرْبَيْجان ليأخذ خِلاط فنزل أيضاً بقربها. وكان الوزير بها مجد الدّين عبد اللَّه بن الموفَّق بن رشيق، فكاتب صلاح الدّين مرّة، وصلاح الدّين أخرى.

(41/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 7
4 (منازلة صلاح الدّين ميّافارقين)
ووصل صلاح الدّين ميّافارقين فنازلها وحاصرها، وكتب إلى مقدّمته يأمرهم بالعَود إليه فعادوا، وتسلّمها بأمان، وسلّمها إلى مملوكه سُنْقُر في جُمادى الأولى. فأتته رُسُلُ البهلوان بما فيه المصلحة وأن يرجع عن خلاط، فأجاب: على أن ترحل أنت أيضاً إلى بلادك.
4 (منازلة الموصل)
ثم عاد صلاح الدّين فنازل الموصل وضايقها، فخرج إليه جماعة من النّساء الأتابكيّات فخضعْن له، فأكرمهن وقّبِلَ شفاعتهنّ. واستقرّ الأمر على أن يكون عماد الدّين زنكي بن مودود بن زنكي صاحب سنْجار هو المتكلّم، فتوسّط بأن تكون بلاد شهرزُور وحصونها للسّلطان، وتُضْرب السّكّة باسمه والخطْبة له بالموصل، وأن تكون الموصل لصاحبها، وأن يكون طَوْعه.
4 (مرض السّلطان)
ثم رجع السّلطان فتمرّض بحَرّان مُدَيْدَة، واشتدّ مرضه، وتناثر شَعْر رأسه ولحيته، وأرجفوا بموته. ثم عُوفي.

(41/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 8
4 (وفاة صاحب حمص)
وتُوُفّي ناصر الدّين محمد بن أسد الدّين صاحب حمص، فأنعم بها السّلطان على ولده الملك المجاهد أسد الدّين شِيركُوه بن محمد. وسِنُّه يومئذٍ ثلاث عشرة سنة، وأمتدَّت أيّامه.
4 (مصالحة أهل خلاط للبهلوان)
وأمّا أهل خِلاط فإنّهم أصطلحوا مع البهلوان محمد، وصاروا من حزبه.
4 (فتنة التركمان والأكراد)
) قال ابن الأثير: وفيها ابتداء الفتنة بين التُّرْكمان والأكراد بالموصل، والجزيرة، وشهرزور، وأَذَرْبَيْجان، والشّام. وقُتِلَ فيها من الخلْق ما لا يُحصى، ودامت عدّة سنين. وتقطّعت الطُّرُق، وأُرِيقت الدّماء، ونُهبت الأموال. وسببها أن تُرْكمانيّة تزوَّجت بتُركمانيّ، فاجتازوا بأكرادٍ، فطلبوا منهم وليمة العُرْس، فامتنعوا وجرى بينهم خصام آلَ إلى القتال، فقُتِل الزَّوج،

(41/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 9
فهاجت الفِتنة، وقامت التّرْكُمان على ساقٍ، وقتلوا جمْعاً من الأكراد، فتناخت الأكراد وقتلوا في التُّرْكُمان. وتفاقم الشَّرّ ودام، إلى أن جمع الأمير مجاهد الدّين قايماز رحمه اللَّه عنده جَمعاً من رؤوس التُّرْكُمان والأكراد وأصلح بينهم، وأعطاهم الخِلَع والثياب، وأخرج عليهم مالاً جمّاً، فانقطعت الفتنة.
4 (إستيلاء ابن غانية على بلاد إفريقية)
وفيها استولى ابن غانية الملثّم على أكثر بلاد إفريقية كما ذكرنا في سنة ثمانين استطراداً.

(41/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 10
4 (سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة)

4 (إعتدال صحّة السّلطان)
في أولها صح مزاج السّلطان بحرّان فرحل عنها، ومعه والداه الظاهر، والعزيز، وأخوه العادل، وقدِم الشام. فبذل العادل بلاد حلب لأولاد أخيه، فشكره السّلطان على ذلك، وملّكها للسلطان الملك الظاهر غازي ولده. وسيَّر أخاه العادل إلى مصر، ونزل على نواحي البلقاء. وقيل إن الملك الظاهر لمّا تزوَّج بابنة العادل نزل له العادل عن حلب، وقال: أنا ألزم خدمة أخي وأقنع بما أعطاني. وسمح بهذا لأن السّلطان أخاه كان في مرضه قد أوصى إليه على أولاده وممالكه، فأعجبه ذلك.
4 (رواية المنجمين عن خراب العالم)
قال العماد الكاتب: أجمع المنجّمون في سنة اثنتين وثمانين في جميع البلاد بخراب العالم في شعبان عند اجتماع الكواكب الستة في الميزان بطوفان الريح في سائر البلدان. وخوّفوا بذلك من لا توثُّق له باليقين، ولا إحكام له في الدّين من ملوك الأعاجم والروم، وأشعروهم من تأثيرات النجوم، فشرعوا في حفر مغارات على التُّخُوم، وتعميق بيوت في الأسراب وتوثيقها، وشدّ منافسها على الريح، ونقلوا إليها الماء والأزواد وانتقلوا إليها، وانتظروا الميعاد وسلطاننا متنمّر من أباطيل المنجّمين، مُوقنٌ أنّ قولهم مبنيّ

(41/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 11
على الكذب والتخمين. فلمّا كانت الليلة التي) عيَّنها المنجمون لمثل ريح عاد، ونحن جلوسٌ عند السّلطان، والشُّموع توقد، وما يتحرك لنا نسيم، ولم نرَ ليلةً مثلها في ركودها. وعمل في ذلك جماعةٌ من الشعراء. فممّا عمل أبو الغنائم محمد بن المعلّم فيما ورَّخه أبو المظفَّر السَّنَةَ في المرآة:
(قُلْ لأبي الفضل قَولَ معترفٍ .......... مضى جُمادى وجاءنا رَجَبُ)

(وماجرت زعزعا كما حكموا .......... ولا بَدَا كوكبٌ له ذَنَبُ)

(كلاَّ، ولا أظلَّت ذُكاء ولا .......... أبدت أذىً في أقرانها الشُّهُبُ)

(يقضي عليها من ليس يعلم ما .......... يُقضى عليه هذا هو العَجبُ)

(قد بان كذِبُ المنجّمين وفي .......... أي مقال قالوا وماكذبوا)

4 (فتنة عاشوراء)
قال ابن البُزُوريّ: وفي يوم عاشوراء سنة اثنتين قال محمد بن القادسيّ فُرِش الرَّماد في الأسواق ببغداد، وعلقت المسموح، وناح أهل الكَرخ

(41/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 12
والمختارة، وخرج النساء حاسراتٍ يلطمن وينحن من باب البدريّة إلى باب حجرة الخليفة، والخِلَع تُفاض عليهنّ وعلى المنشدين من الرجال. وتعدى الأمر إلى سبِّ الصحابة. وكان أهل الكرخ يصيحون: مابقي كتمان. وأقاموا ابنة قرايا، وكان الظّهير ابن العطار قد كبس دار أبيها، وأخرج منها كُتباً في سبّ الصحابة، فقطع يديه ورجليه، ورجمته العوّام حتى مات، فقامت هذه المرأة تحت منظرة الخليفة وحولها خلائق وهي تنشد أشعار العوْني وتقول: إلعنوا راكبةَ الجمل. وتذكر حديث الإفْك. قال: وكلّ ذلك منسوبٌ إلى أستاذ الدّار، وهو مجد الدّين ابن الصّاحب، ثم قُتِل بعد.
4 (خلاف الفرنج)
وفيها وقع الخلاف بين الفرنج لعنهم اللَّه وتفرَّقت كلمتهم، وكان في ذلك سعادة الإسلام.
4 (غدْر أرناط صاحب الكَرَك)
وفيها غدر اللعين أرناط صاحب الكرك فقطع الطريق على قافلةٍ كبيرة جاءت من مصر، فقتل وأسر، ثم شن الغارات على المسلمين، ونبذ العهد. فتجهز السّلطان صلاح الدّين لحربه، وطلب العساكر من البلاد، ونذر إن ظَفَرَ به ليقتلنّه، فأظفره اللَّه به كما يأتي.)

(41/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 13
4 (خروج طغتكين عن طاعة صلاح الدين)
أنبأنا ابن البُزُوري في الذيل قال: وقدِم الحاجّ بغداد، وأخبروا أنّ سيف الإسلام طُغتِكين أخا صلاح الدّين خرج عن الطاعة، وترك مراضي الديوان واتّباعه، واستولى على مكّة وأهلها، وخطب لأخيه. وأخبروا أنّ قِفل الكعبة عَسُر عليهم فتحُه، وازدحم الناس، فمات منهم أربعةٌ وثلاثون نفساً.
4 (مزاعم المنجّمين)
قال: وفي هذه السنة كان المنجّمون يزعمون أنّ في تاسع جُمادى الآخرة تجتمع الكواكب الخمسة في برج الميزان، وهو القِران الخامس، ويدلّ ذلك على رياحٍ شديدة، وهلاك مدنٍ كثيرة، فلم يُرَ إلاّ الخير. وأُخبرتُ أنّ الهواء توقَّف في الشهر المذكور على أهل السواد، فلم يكن لهم مايذرّون به الغلَّة. وكان الخليفة أمر بأخذ خطوط المنجمّين بذلك، فكتبوا سوى قايماز، وكان حاذقاً بالنّجوم، فإنّه كتب: لا يتم من ذلك شيء. وخرج. فقال له منجّم: ما هذا قال: إن كان كما تزعمون من هلاك العالم مَن يواقفني وإن كان ماقلته حظيت عندهم.
4 (عقد قران الخليفة الناصر)
وفيها عقد أمير المؤمنين الناصر على الجهة سلجوق خاتون بنت قَلِج أرسلان بن مسعود صاحب بلاد الروم بوكالةٍ من أخيها كيخسْرُو، وسار لإحضارها الحافظ يوسف بن أحمد شيخ الرّباط الأرجواني.

(41/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 14
4 (الفتنة بين الرافضة والسُّنَّة)
وفيها جَرت فتنة عظيمة بين الرافضة والسُّنة قُتل فيها خلقٌ كثير، وغلبوا أهل الكرخ.
4 (الفِتَن بإصبهان)
وفيها وردت الأخبار بالفتن بإصبهان، والقتال والنهب، وإحراق المدارس، وقتل الأطفال، فقُتِل أربعة آلاف نفس. وسببه اختلاف المذاهب بعد وفاة زعيم إصبهان البلهوان. ثم ملك بعده أخوه فهذَّب البلاد.
4 (إمرة الركْب العراقي)
وأمير الركب العراقي في هذه الأعوام طاشتكين المستنجديّ.)
4 (كثرة الخُلْف بين الأمم والطوائف)
وفي هذه الأيام كَثُر الخُلْف بديار بكر والجزيرة بين الأكراد والتركمان، وبين الفرنج والروم والأرمن، وبين الإسماعيلية والسُّنَّة. وقتلت الإسماعيلية ابن نيسان والد الذي أخذ منه صلاح الدّين آمِد.
4 (تصادم الطيور في الجوّ)
ووقع بين الكراكيّ واللقالق والإوزّ، وصارت تصطدم بالجو وتتساقط جرحى وكَسْرَى، وأمْتار الناس منها بأرض حرّان. قاله عبد اللطيف.

(41/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 15
4 (سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة)

4 (إتفاقات الأوائل)
أول يوم في السنة كان أول أيام الأسبوع، وأول السنة الشمسية وأول سِنيّ الفُرس، والشمس والقمر في أول البروج. وكان ذلك من الإتفاقات العجيبة. قاله لنا ابن البُزُوريّ.
4 (نقابة النقباء)
قال: وفي صَفَر عُزل نقيب النُّقباء ابن الرمّال بأبي القاسم قُثَم بن طلحة الزَّينبيَ.
4 (قتل مجد الدّين ابن الصاحب)
وفي ربيع الأول استدعيَ مجد الدّين هبة اللَّه ابن الصاحب أستاذ الدّار إلى باطن دار الخلافة، فقُتِل بها. وكان قد ارتفعت رُتْبته وعلا شأنه وتولّى قتلَه ياقوت الناصريّ، وعلَّق رأسه على باب داره. وولي أستاذيّة الدار قِوام الدّين أبو طالب يحيى بن زيادة، نقلاً من حجابة الباب النُّوبيّ وأمر بكشف تركة ابن الصّاحب، فكانت ألف ألف دينار وخمسة وثلاثين ألف دينار، سوى الأقمشة والآلات والأملاك. وتقدَّم أن لايتعرض إلى مايخصّ أولاده من أملاكهم التي باسمهم.

(41/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 16
وقال سبط الجوزيّ: قرَّبه الناصر تقريباً زائداً، فبسط يده في الأموال، وسفك الدّماء، وسبّ الصحابة ظاهراً، وبَطَر بطَراً شديداً، وعزم على تغيير الدولة. الى أن قال: وثب عليه في الدِّهليز ياقوت شِحنة بغداد فقتله، ووُجد له مالم يوجد في دُور الخلفاء.
4 (إحراق النقيب)
) قلت: وتُوفّي النقيب عبد الملك بن عليّ بالسجن، وكان خاصاً بابن الصاحب والمنفّذ لمراسمه، وأُخرج، فلمّا رأت العامّة تابوته رَمَوه، وشدّوا في رجله حبلاً وسحبوه، وأحرقوه بباب المراتب.
4 (نيابة الوزارة)
وفي شوال عُزل ابن الدريج عن نيابة الوزارة، ثم نُفِّذ إلى جلال الدّين أبي المظفّر عُبيد اللَّه بن يونس فوُلي الأمر. ثم استُدْعيَ يوم الجمعة إلى باب الحجرة، وخُلعَ عليه خِلعة الوزارة الكاملة، ولُقِّب يومئذٍ جلال الدّين، وقبَّل يد الخليفة وقال له: قلَّدتك أمور الرعية فقدِّم تقوى اللَّه أمامك.
4 (وفاة ابن الدامغاني)
وقد كان ابن يونس يشهد عند قاضي القضاة أبي الحسن بن الدّامغانيّ، وتوقَّف مرة في سماع قوله. فلمّا كان هذا اليوم كان قاضي القضاة ممّن مشى بين يديه. فقيل إنّه قال: لعن اللَّه طول العمر. ثم مات بعد أيام في ذي الحجّة، فوُلّي قضاءَ القضاة بالعراق أبو طالب عليّ بن عليّ بن البخاري.

(41/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 17
4 (هدم مملكة السّلطان طغرل)
وفيها أرسل السّلطان طُغْرُل بن أرسلان بن طُغْرُل بن محمد السلجوقي إلى الديوان يطلب أن تُعمر دار المملكة ليجيء وينزلها، وأن يُسمى في الخطبة. فأمر الخليفة فَهُدمت المملكة وأُعيد رسوله بغير جواب. وكان مُستضعف المُلك مع البهلوان ليس له غير الاسم. فلما توفّي البهلوان قويت نفسه وعسكر، وانضمَّ إليه أمراء.
4 (الحرب بين الركْب العراقي والركْب الشامي)
وحجَّ بالركب العراقي مُجِير الدّين طاشتكين على عادته. وحجَّ من الشام الأمير شمس الدّين محمد بن عبد الملك، المعروف بابن المقدَّم، فضرب كوساته، وتقدَّم من عرفات قبل أصحاب الخليفة، فأرسل طاشتِكين يلومه، فلم يفكّر فيه، فركب طاشتكين في أجناده، إلى قتاله، وتبعه خلق من ركب العراق. ووقع الحرب، وقُتِل من رَكب الشام خلق.
4 (وفاة ابن المقدَّم)
ثم أُسِرَ ابن المقدَّم، وجيء به إلى خيمة طاشتكين، وخيطت جراحاته، ثم مات بمِنى ودُفن بها.) قلت: وقد كان من كبار الأمراء النُّوريّة وولي نيابة دمشق للسلطان صلاح الدّين وهو واقف المدرسة المقدّميَّة.
4 (إحراق ضياع الكرك والشوبك)
وفيها كتب السّلطان صلاح الدّين إلى الأمصار يستدعي الأجناد إلى

(41/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 18
الجهاد. وبرز في أول السنة، ونزل على أرض بُصرى مرتقباً مجيء الحاجّ ليخفرَهم من الفرنج. وسار إلى الكرك والشَّوبك، فأحرق ضياعهما، وأقام هناك شهرين.
4 (الإغارة على طبريّة)
واجتمعت الجيوش برأس الماء عند ولده الأفضل، فجهَّز بعثاً فأغاروا على طبرية.
4 (هزيمة الفرنج بصفُّورية)
وقدِم من الشرق مظفَّر الدّين صاحب إربل بالعساكر، وقدِم بدر الدّين ولدرم على عسكر حلب، وقايماز النَّجْميّ على عسكر دمشق، فساروا مُدلجين حتى صبَّحوا صفورية، فخرجت الفرنج فنصر اللَّه المسلمين، وقُتِل من الفرنج خلقٌ من الإسبِتار، وأسروا خلقاً.
4 (موقعة حطين)
وأسرع السّلطان حتى نزل بعشترا، وعرض العساكر وأنفق فيهم، وسار بهم وقد ملأوا الفضاء فنزل الأرْدُنّ، ونزل معظم العساكر. وسار إلى طبرية فأخذها عنوةً، فتأهَّبت الفرنج وحشدوا، وجاءوا من كل فجّ وأقبلوا، فرتَّب عساكره في مقابلهم وصابَحهم وبايتَهم. وكان المسلمون اثني عشر ألف فارس وخلقٍ من الرجَّالة. وقيل كان الفرنج ثمانين ألفاً مابين فارسٍ وراجلٍ. والتجأوا إلى جبل حطين، فأحاط المسلمون بهم من كل جانب، فهرب القومُّص لعَنه اللَّه، ووقع القتال، فكانت

(41/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 19
الدائرة على الفرنج، وأُسِر خلقٌ منهم الملك كي، وأخوه جفري، وصاحب جُبيل، وهنفري بن هَنفري، والإبرِنْس أرناط صاحب الكرك، وابن صاحب إسكندرونة، وصاحب مرقيّة. وما أحلى قول العماد الكاتب: فَمَن شاهد القتلى يومئذٍ قال: ما هنالك أسير، ومَنْ عاين الأسرى قال: ما هنالك قتيل. قلت: ولا عَهْد للإسلام بالشام بمثل هذه الوقعة من زمن الصحابة. فقتل السّلطان صاحب الكرك بيده لأنه تكلَّم بما أغضب صلاح الدّين، فتنمّر وقام إليه طيَّر رأسه، فأُرعب الباقون.) وقال ابن شداد: بل كان السّلطان نذر أن يقتله لأنه سار ليملك الحجاز، وغَدَرَ وأخذ قفلاً كبيراً، وهو الذي كان مقدَّم الفرنج نوبةَ الرملة لمّا كبسوا صلاح الدّين وكسروه سنة ثلاثٍ وسبعين. وكان أرناط فارس الفِرنج في زمانه، وقد وقع في أسر الملك نور الدين، وحبسه مدّةً بقلعة حلب. فلما مات نور الدّين وذهب ابنه إلى حلب وقصده صلاح الدّين غير مرةٍ ليأخذ حلب أطلق أرناط وجماعةً من كبار الفرنج ليُعِينوه على صلاح الدين. ثم قيَّد جميع الأسارى وحُملوا إلى الحصون، وأخذ السّلطان يومئذٍ منهم صليب الصَّلَبُوت.

(41/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 20
وكانت وقعة حطّين هذه في نصف ربيع الآخر، ولم ينْجُ فيها من الفرنج إلاّ القليل، وهي من أعظم الفتح في الإسلام. وقيل كان للفرنج أربعين ألفاً. وأبيع فيها الأسير بدمشق بدينار فللَّه الحمد. قال أبو المظفَّر بن الجوزيّ: خيَّم السّلطان على ساحل البحيرة في اثني عشر ألفاً من الفُرسان سوى الرّجّالة، وخرج الفرنج من عكّا، فلم يدعوا بها محتلِماً. فنزلوا صفورية، وتقدَّم السّلطان إلى طبرية، فنصب عليها المجانيق، وافتتحها في ربيع الآخر، وتقدمت الفرنج فنزلوا لوبية من الغد، وملك المسلمون عليهم الماء، وكان يوماً حارّاً. والتهب الغور عليهم، وأضرم مظفَّر الدّين النّارَ في الزُّروع، وأحاط بهم المسلمون طول الليل، فلمّا طلع الفجر قاتلوا إلى الظُّهر، وصعدوا إلى تل حطين والنار تُضرَم حولهم، وساق القومُّص على حمِيَّة وحرق، وطلع إلى صفد، وعملت السيوف في الفرنج، وانكسر من الملوك جماعة، وجيء بصليب الصَّلَبُوت إلى السّلطان، وهو مرصَّع بالجواهر واليواقيت في غلافٍ من ذهب. فأُسرَ ملك الفرنج درباسُ الكُرديّ، وأسر إبرنس الكرك إبراهيم غلام المهرانيّ. قال: واستدعاهم السّلطان، فجلس الملك عن يمينه، ويليه إبرنس الكرك، فنظر السّلطان إلى الملك وهو يَلهَث عطشاً، فأمر له بماءٍ وثلج، فشرب وسقى البرنس، فقال السّلطان: ما أذِنتُ لك في سقيه. والتفت إلى البرنس فقال: ياملعون ياغدّار، حَلَفت ونكثت. وجعل يعدد عليه غدراته. ثم قام إليه فضربه حلَّ كتفه، وتمَّمه المماليك، فطار عقل الملك، فطار عقل الملك، فأمنه السّلطان وقال: هذا كلب غَدَر غير مرَّة.

(41/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 21
إلى أن قال: وأبيعت الأسارى بثمنٍ بخسٍ، حتى باع فقيرٌ أسيراً بنَعل، فقيل له في ذلك فقال:) أردتُ هوانهم. ووصل القاضي ابن عصرون دمشقَ وصليب الصَّلَبُوت منكّساً بين يديه، وعاد السّلطان إلى طبرية، وآمن صاحبتها، فخرجت بأموالها إلى عكّا. وأمّا القومُّص فسار من صفد إلى طرابُلسَ فمات بها، فقيل: مات من جراحاتٍ أصابته. وقيل: إنّ إمرأته سمّته. قال القاضي جمال الدّين بن واصل: اجتمعت الجحافل على رأس الماء عند الملك الأفضل ابن السّلطان، فتأخرت العساكر الحلبيّة لانشغالها بفرنج أنطاكية وبالأرمن، فدخل الملك مظفر صاحب حماه فأخمد ثائرتهم، ثم رد إلى حماه ومعه فخر الدّين مسعود بن الزعفرانيّ على عساكر الموصل وعسكر ماردين، فلحقوا السّلطان بعشترا، ثم ساروا، وأحاطت جيوشه بُحيرة طبرية عند قرية الصّفيرة، ثم نازل طبريّة فافتتحها في ساعةٍ من نهار.
4 (رواية ابن الأثير)
وحكى ابن الأثير عمّن أخبره عن الملك الأفضل قال: كنت إلى جانب والدي السّلطان في مُصافّ حطِّين، وهو أول مُصافٍّ شاهدته، فلما صار ملك الفرنج على التلة حملوا حملةً منكرةً علينا، حتى ألحقوا المسلمين بوالدي، فنظرت إليه وقد أربدَّ لونه، وأمسك بلحيته، وتقدم وهو يصيح: كذب الشيطان. فعاد المسلمون على الفرنج، فرجعوا إلى التل. فلمّا رأيت ذلك صُحت: هزمناهم، هزمناهم، فعاد الفرنج وحملوا حملةً ثانيةً حتى

(41/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 22
ألحقوا المسلمين بوالدي، وفعَل مثل مافعل أولاً، وعطف المسلمون عليهم وألحقوهم بالتل، فصحت أنا: هزمناهم. فقال والدي: اسكُت، ما نهزمهم حتى تسقط تلك الخيمة، يعني خيمة الملك. قال: فهو يقول لي وإذا الخيمة قد سقطت، فنزل أبي وسجد شكراُ لله، وبكى من فرحه. وكان سبب سقوطها أنهم عطشوا، وكانوا يرجون بالحملات الخلاص، فلما لم يجدوه نزلوا عن خيلهم وجلسوا، فصعد المسلمون إليهم، وألقوا خيمة ملكهم، وأسروهم كلّهم.
4 (رواية ابن شداد)
قال القاضي بهاء الدّين بن شدّاد: وحدَّثني من أثَق به أنهّ لقي بحَوران شخصاً واحداً ومعه طنب خَيمة، وفيه نيّفٌ وثلاثون أسيراً يجرهم وحده بخذلانٍ وقع عليهم.
4 (إنشاء العماد)
ومن إنشاءٍ عمادي إلى الخليفة: الحمد للّه الذي أعاد الأسلام جديداً..) إلى أن قال: ونورد البُشرى بما أنعم اللَّه تعالى في يوم الخميس الثالث والعشرين من ربيع الآخر إلى الخميس الآخر، عمل سبع ليالٍ وثمانية أيام حُسُوما، فيوم الخميس فُتحت طبرية، ويوم الجمعة والسبت نُودي الفرنج فكُسِروا كسرةً ما لهم بعدها قائمة.

(41/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 23
وفي يوم الخميس سلخ الشهر فُتحت عكا بالأمان، ورُفعت بها أعلام الإيمان، وهي أمُّ البلاد، وأخت إرمَ ذات العماد. إلى أن قال: فأمّا القتلى والأسرى فإنها تزيد على ثلاثين ألفاً، يعني في وقعة حطّين وما حولها في هذا الأسبوع وقد ذكر العماد رحمه اللَّه أيضاً أنّه خُلّص من هذه السنة من أسر الكُفر أكثر من عشرين ألف أسير، ووقع في الأسر من الكفار مائة ألف اسير. هكذا قال.
4 (تتابع الفتوحات)
ثم سار السّلطان إلى عكا فوصلها بعد خمسة أيامٍ من الوقعة، فأخذها بالأمان، وملَكها بلا مشقة. وبلغ السّلطان الملك العادل هذا النصرُ العظيمُ، فخرج من مصر بالجيوش، فمرّ بيافا ومجدل فافتتحهما عنوةً، وغنم من الأموال ما لا يوصف. ثم فتح الله الناصرة وصفورية على يد مظفر الدّين صاحب إربل عنوةً، وفُتحت قيسارية على يد ولدرم وغرس الدّين قِليج عَنوة، ونابلس على يد حسان الدّين لاجين بالأمان بعد قتالٍ شديد، ثم حصن الفولة بالأمان.
4 (فتح تبنين وصيدا وبيروت وجبيل)
ثم نازل السّلطان تبنين فافتتحها، ثم صيدا فافتتحها، ثم بيروت ثم

(41/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 24
جُبَيل، ثم سار إلى عسقلان فحاصرها وضيّق عليها بالقتال والمجانيق، ثم أخذها بالأمان. وأخذ الرملة، والدّاروم، وغزّة، وبيت جبريل، والنَّطرُون بالأمان.
4 (فتح بيت المقدس)
ثم سار مؤيداً منصوراً إلى البيت المقدس، فنزل من غربيه في نصف رجب، وكان بها يومئذٍ ستون ألف مقاتل. فقاتلهم المسلمون أشد قتال، ثم انتقل السّلطان بعد خمسٍ إلى الجانب الشمالي من البلد ونصب المجانيق ووقع الجدّ، فطلب الفِرنج الأمان، فأمَّنهم بعد تمنُّع، وقرر على كل رجلٍ عشرة دنانير، وعلى كل امرأةٍ خمسة دنانير، وعلى كل صغير وصغيرةٍ دينارين فإن من عجز أُمهل أربعين يوماً، ثم يُسترقّ. فأجابوا إلى ذلك. وجمع المال فكان سبعمائة ألف دينار،) فقسّمه في الجيش. وبقي ثلاثون ألفاً ليس فيهم فكاك، فاستبعدهم وفرَّقهم. وخلّص من أسارى المسلمين عشرين ألفاً. وخرج منها البترَك بأموالٍ لاتُحصى، فأراد الأمراء الغدر به فمنعهم وخَفَره وقال: الوفاء خير من الغدر، وهذا البترك عندهم أعظم رُتبةً من ملك الفرنج. وكان ببيت المقدس أيضاً من الكبار صاحب الرملة ياليان ابن ياوران، وهو دون ملك الفرنج في الرُّتبة بقليل، وخلق كثير من كبار فرسانهم. وكان الموت أهون عليهم من أخذ المسلمين القدس من أيديهم إذ هو

(41/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 25
بيت عبادتهم الأعظم، ومحلّ تجسُّد الناسوت فيما زعموا باللاهوت تعالى اللَّه وتقدَّس عما يقولون عُلواً كبيراً وبه قُمامة التي تُدعى القيامة محلّ ضلالتهم وقبلة جهالتهم، زعموا أنّ المسيح دُفن بعد الصَّلب بها ثلاثة أيام، ثم قام من القبر، وصعد إلى السماء، فبالغوا في تحصينه بكل طريق. فنازله السّلطان، وما وجد عليه موضعاً أقرب من جهة الشمال فنزل عليه، واشتد الحرب، وبقيت الفرسان تخرج من المدينة وتحمل وتقاتل أشد القتال وأقواه، ثم إن المسلمين حملوا عليهم يوماً حتّى أدخلوهم القدس، ولصقوا بالخندق، ثمّ جدُوا في النُّقوب، وتتابع الرمي بالمجانيق من الفريقين ووقع الجدّ، واجتمعت الفرنج، واتفقوا على طلب الأمان، فامتنع السّلطان أيده اللَّه من إجابتهم فقال: لا أفعل فيه إلاّ كما فعلتم بأهله حين ملكتموه من نحو تسعين سنة. فرجعت رُسُلهم خائبين. فحرج صاحب الرملة ياليان بنفسه فطلب الأمان فلم يعط، فاستعطف السّلطان فامتنع، فلما أيس قال: نحن خلقٌ كثير وإّنما يفترّون عن القتال رجاء الأمان ورغبةً في الحياة، وإذا رأينا أن الموت لابد منه لنقتلنّ أبناءنا ونساءنا، وتحرق أموالنا، ولا ندع لكم شيئاً، فإذا فرغنا أخربنا الصَّخرة والأقصى، وقتلنا الأسرى، وهم خمسة آلاف مسلم، وقتلنا الدّوابّ، ثمّ خرجنا إليكم وقاتلنا قتال الموت، فلا يُقتل مّنا رجل حتّى يقتل رجلاً ونموت أعزاء. فاستشار حينئذٍ السّلطان أمراءه فقالوا: المصلحة الأمان. وقالوا: نحسب أنهم أسارى بأيدينا فنبيعهم نفوسهم. فأمنهم بشرط أن يزن كل رجلٍ عشرة دنانير، وكل أمرأةٍ خمسة دنانير، والطفل دينارين. ثم رفعت أعلام الإسلام على السُّور، ورتّب السّلطان أمناءه على أبواب القدس ليأخذوا المال ممّن يخرج، وكان بها ستّون ألفاً سوى النساء والولدان. ووزن ياليان من عنده عن ثمانية عشر) ألف رجل. ثم بعد ذلك أُسر منها عشرة آلاف نفس فقراء لم يقدروا على شراء أنفسهم. ثم إن جماعةً من الأمراء ادعوا أنّ لهم في القدس رعيَّة، فكان يطلقهم.

(41/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 26
كمظفّر الدّين ابن صاحب إربل ادَّعى أنّ جماعةَ من أهل الرُّها بالقدس وعدّتهم ألف نفس. وكذلك صاحب البيرة ادّعى أنّ فيها خمسمائة نفس من أهل البيرة.
4 (تطهير قبة الصخرة والمسجد الأقصى)
وكان على رأس قبة الصخرة صليبٌ كبيرٌ مذهّب، فطلع المسلمون ورموه، وضجّ الخلق ضجَّةً عظيمةً إلى الغاية. وكان المسجد الأقصى مشغولاً بالخنازير والخبَث والأبنية، بنَت الدّاويةُ في غربيه مساكن وفيها المراحيض، وسدوا المحراب، فبادر المسلمون إلى تنظيفه وتطهيره، وبسطوا فيه البُسط الفاخرة، وعلقت القناديل، وخطب به الناس يوم الجمعة، وهو رابع شعبان، القاضي محيي الدّين بن الزّكيّ. وتسامع الناس، وتسارعوا من كل فجٍّ وقُربٍ وبُعدٍ للزيارة، وازدحموا يوم هذه الجمعة حتى فاتوا الإحصاء. وحضر السّلطان فصّلى بقبة الصخرة، وفرح إذ جعله اللَّه تعالى في هذا الفتح ثانياً لعمر رضي الله عنه، فاستفتح القاضي خطبته بقوله تعالى: فقُطعَ دابِرُ القومِ الذين ظلمُوا والحمد للَّه ربِّ العالمينَ، ثمّ أوّل الأنعام، وآخر سُبحان، وأول الكهف، وحمدَلة النَّمل، وأول سبأ، وفاطر، ثم قال: الحمد للَّه مُعز الإسلام ينصره.. إلى آخرها. ثم خطب ثلاث جُمعٍ بعدها من إنشائه.

(41/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 27
4 (عمل منبر الأقصى)
وقد كان الملك نور الدّين أنشأ منبراً برسم الأقصى قبل فتح بيت المقدس طمعاً في أن يفتتحه، ولم تزل نفسه تحدثه بفتحه، وكان بحلب نجّار فائق الصَّنعة، فعمل لنور الدّين هذا المنبر على أحسن نعتٍ وأجمله وأبدعه، فاحترق جامع حلب، فنُصب فيه لما جُدّد المنبر المذكور، ثم عمل النّجّار المذكور ويُعرف بالأخترينيّ، نسبةً إلى قرية أخترين، محراباً من نسبة ذلك المنبر، فلما افتتح السّلطان بيت المقدس أمر بنقل المنبر إلى جانب محراب الأقصى، فلله الحمد على هذه النعم التي لاتُحصى. وقد كانت الفرنج بنوا على الصخرة كنيسةً، وغيّروا أوضاعها وصوروها، ونصبوا مذبحاً،) وعملوا على موضع القدم قُبةً لطيفةً مذهَّبةً بأعمدة رخام، فخربت تلك الأبنية عن الصخرة وأُبرزت. وكانت الفرنج قد قطعوا منها قطعاً، وحملوها إلى القسطنطينية وإلى صقيلية، حتى قيل كانوا يبيعونا بوزنها ذهباً. وحضر الملك المظفَّر تقيّ الدّين فحمل إليها أحمالاً من ماء الورد فغسلها بها، وكنس ساحتها بيده، وغسل جدرانها، ثم بخَّرها بالطِّيب. وحضر الملك الأفضل ابن السّلطان ففرش فيها بُسطاً نفيسة ورتب الأئمة، والمؤذنين، والقُوَّام. ثم عين السّلطان كنيسة صندجية وصيَّرها مدرسةً للشافعية ووقف عليها وقوفاً جليلة. وقرَّر دار البترك الأعظم رباطاً للفقراء، ومحا آثار النصرانية، وأمر بإغلاق كنيسة قُمامة، ومنع النصارى من زيارتها. ثم تقرر بعدُ على من زارها ضريبة تؤخذ منه.

(41/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 28
ولما افتتح عمر بيت المقدس أقرَّ هذه الكنيسة ولم يهدمها، ولهذا أبقاها السّلطان. وللنَّسَّابة محمد بن سعد الجواني نقيب الأشراف بمصر:
(أتُرى مناماً مابعيني أُبصرُ .......... القدس يُفتح والنصارى تكسرُ)

(وقمامة قمت من الرجس الذي .......... بزواله وزوالها يتطهَّرُ)

(ومليكهم في القيد مصفودٌ ولم .......... يُرَ قبل هذا لهم ملكاً يؤسَرُ)

(قد جاء نصر اللَّه والفتحُ الذي .......... وعد الرسولُ فسبّحوا واستغفروا)

(يا يوسف الصديق أنت بفتحها .......... فروقها عمر الإمام الأطهرُ)

4 (رواية سبط ابن الجوزي)
قال المظفر ابن الجوزي: ولمّا افتتح السّلطان عكّا راح إلى تِبنين فتسلمها بالأمان، وتسلَّم صيدا، وبيروت، وجُبيل، وغزة، والداورم، والرملة، وبيت جبريل، وبلد الخليل، ونازل عسقلان فقُتل عليها حسام الدّين ابن المهراني ثم تسلمها. فكان مدة استيلاء الفرنج عليها خمساً وثلاثين سنة. الى أن قال: ملك السّلطان هذه الأماكن في أربعين يوماً أولها ثامن عشرين جمادى الأولى، ثم نازل القدس. إلى أن قال: وخلّص من الأسر بعكا أربعة آلاف، ومن القدس ثلاثة آلاف فلله الحمد.

(41/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 29
4 (فتح عسقلان)
) وقال ابن الأثير: سار السّلطان عن بيروت نحو عسقلان، واجتمع بأخيه العادل سيف الدين، ونازلوها في سادس جُمادى الآخرة، وزحفوا عليها مرةً أخرى، وأُخذت بالأمان في سلخ الشهر وسار أهلها إلى بيت المقدس. وتسلّم البلد لثلاثٍ بقين من رجب. وأنقذه اللَّه من النصارى الأنجاس بعد إحدى وتسعين سنة.
4 (الصلاة في المسجد الأقصى)
فلما كان يوم الجمعة رابع شعبان أقيمت الجمعة بالمسجد الأقصى، وخطب للناس قاضي القضاة محيي الدّين بن الزَّكيّ خطبة موثَّقة بليغة. وابتدأ السّلطان في إصلاح المسجد الأقصى والصخرة، ومحو آثار الفرنج وشعارهم. وتنافس الملوك معه في عمل المآثر الحسنة والآثار الجميلة، فرزقنا اللَّه شُكر هذه النعم، ورحم اللَّه صلاح الدّين وأسكنه الجنّة.
4 (وقعة حطين يصفها العماد)
وللعماد الكاتب يصف وقعة حطين: حتى إذا أسفر الصباح خرج إلى... تحرق نيران الفصال أهل النار، ورنَّت القسيّ، وغنَّت الأوتار، واليوم ذاكٍ، والحرب شاكٍ، وسقط عليهم فيض، وماء الغيظ منهم غيض، وقد وَقَدَ الحرّ، واستشرى الشرّ، ووقع الكر والفرّ، والجو محرق، والجوى مقلق، وأصبح الجيش على تعبية، والنصر على تلبية. قال: وبرَّح بالفرنج العطش، وأبت عثرتها تنتعش، فرمى بعض المطوِّعة

(41/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 30
المجاهدين النار في الحشيش، فتأجج عليهم استعارها، فرجا الفرنج فرجاً، وطلب قلبهم المحرج مخرجاً. وكلما خرجوا جُرحوا، وبرح بهم حرّ الحرب فما برحوا، فشوتهم نار السهام وأشوتهم، وصمتت عليه قلوب القسي القاسية وأصمتهُم. وقال: وفتحوا في يوم الجمعة مستهل جُمادى الأولى، فجئنا إلى كنيستها العظمى، فأزحنا عنها البؤسى بالنُّعمى، وحضر الأجل الفاضل فرتَّب بها المنبر والقبلة. وأول من خطب بها جمال الدّين عبد اللطيف بن أبي النّجيب السهرُورديّ، وولاّه السّلطان بها القضاء والخطابة والأوقاف. وقال في حصار القدس: أقامت المنجنيقات على حصانته حدّ الرجم، وواقعت ثنايا شرفاته بالهتم، وتطايرت الصخور في نُصرة الصخرة المباركة، وحَجَرت على حكم السور بسَفَه) الأحجار المتداركة، وحسرت النقوب عن عروس البلد نقب الأسوار، وانكشفت للعيون انكشاف الأسرار.
4 (حصار صور)
وفي رمضان توجه صلاح الدّين فنازل صور ونصب عليها المجانيق، وكان قد اجتمع بها خلقٌ لا يُحصون من الفرنج، فقاتلهم قتالاً شديداً، وحاصرها إلى آخر السنة وترحَّل عنها. وكان قد خرج أصطول صور في الليل فكبس أصطول المسلمين، وأسروا المقدَّم والرئيس وخمس قطع، وقتلوا خلقاً من المسلمين في أواخر شوال، فعظُم ذلك على السّلطان وتألم، وهجم الشتاء والأمطار، فرحل في ثاني ذي القعدة، وأقام بمدينة عكا شهرين في خواصه.

(41/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 31
4 (سنة أربع وثمانين وخمسمائة)

4 (فتح بلاد الساحل الشمالية)
ترحَّل السّلطان صلاح الدّين عن الصور لأنه تعذَّر عليه فتحها لكثرة من فيها وقوَّة شوكتهم. ونزل على حصن كوكب في وسط المحرَّم، فوجده لا يُرام، فرتب عليه قايماز النجمي في خمسمائة فارس، ثم قدِم دمشق وأقام بها مُديدَة. ورحل إلى بعلبك فرتَّب أمورها، ثم اجتمع هو والملك عماد الدّين زنكي بن مودود، وصاحب سنجار على بحيرة قَدَس، وكان قد جاء إلى السّلطان لأجل الغزاة، فجعله على ميمنته، وجعل مظفر الدّين ابن صاحب إربل على الميسرة. ثم سار السّلطان فنزل بأرض حصن الأكراد في ربيع الآخر، وبث العساكر في تخريب ضياع الفرنج، وقطّع أشجارهم ونهبهم. ثم رحل إلى أنطرَطُوس، فافتتحها عَنوةً، وسار إلى جَبَلَة فتسلمها

(41/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 32
عنوة في ساعتين ثم تسلَّم بكّاس والشُّغر وسلمها إلى الأمير غرز الدّين قليج والد الأميرين سيف الدّين وعماد الدين. ثم سيَّر ولده الملك الظاهر إلى سرمانية فهدمها. قال العماد الكاتب: فهذه ستّ مدن وقلاع فُتحت في ست جُمَع تباع جَبَلَة، اللاذقية، وصهيون، والشغر، وبَكّاس، وسرمانية.
4 (فتح برزية ودبساك وبغراس)
ثم نزل السّلطان حصن بَرزَيَة في جمادى الآخرة، وضربه بالمجانيق وأخذه بالأمان، وسلمه إلى الأمير عز الدّين بن شمس الدّين بن المقدّم.)

(41/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 33
ثم رحل إلى دربساك فتسلمها، ثم رحل إلى بغراس فتسلّمها.
4 (مهادنة صاحب أنطاكية)
ثم عزم على قصد انطاكية، فرغب صاحبها البرنس في الهدنة، فهادنه السّلطان. ثم رحل. وودعه عماد الدّين زنكي، وعاد إلى سنجار.
4 (دخول السّلطان حلب ودمشق)
وأقام السّلطان بحلب أياماً، ثم قدَم حماه وضيفه تقي الدّين عمر، فأعطاه الجبلة واللاذقية. وسار على طريق بعلبك في شعبان، ودخل دمشق وخرج منها في أوائل رمضان طالباً للغزاة.

(41/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 34
4 (فتح تبنين والشوبك)
وأما الملك العادل أخوه فكان نازلاً على تبنين بعساكر مصر متحرّزاً على البلاد من غائلة العدو. وكان صهره سعد الدّين كمشتية الأسدي مُوَكلاً بحصار الكرك، فضاقت الميرة عليهم، ويئسوا من نجدةٍ تأتيهم، فتضرعوا إلى الملك العادل، وترددت الرسل بينهم، وهو يشدد حتى دخلوا تحت حكمه، وسلّموا الحصن إلى المسلمين في رمضان لفرط ما نالهم من الجوع والقحط. ثم تسلّم السّلطان الشوبك بالأمان.
4 (فتح صفد)
وسار السّلطان إلى صفد فنازلها، ووصل إليه أخوه العادل، ودام الحصار عليها إلى ثامن شوال وأُخذت بالأمان. وكان أهلها قد قاربت ذخائرهم وأقواتهم أن تنفذ، فلهذا سلّموها. ولو اتكل أخذُها وأخذ الكرك إلى فتحها بأسباب الحصار والنقوب لطال الأمر جداً.

(41/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 35
4 (فتح حصن كوكب)
ثم سار إلى حصن كوكب ونازلها وحاصرها، وأخذها بالأمان في نصف ذي القعدة.
4 (تعييد السّلطان في القدس)
ثم قصد بيت المقدس فدخلها في ثامن ذي الحجة هو وأخوه فعيَّد. وسار إلى عسقلان فرتب أمورها، وجهَّز أخاه إلى مصر. ثم رحل صوب عكا ووصلها في آخر السنة.
4 (رواية سبط ابن الجوزي)
قال صاحب مرآة الزمان: ووكل صلاح الدّين بحصار كوكب قايماز النجمي، ووكّل بصفد طغريل، وبعث إلى الكرك والشوبك كوببا وهو صهر السّلطان. وسار في الساحل ففتح) أنطرسوس، وكان بها برجان عظيمان، فخربهما، وقتل من كان فيهما. وأما جَبَلَة فأرسل قاضيها منصور بن نبيل يشير على السّلطان بقصدها، وأخذ أماناً لأهل جَبَلَة. وكان إبرنس أنطاكية قد سلَّملها إلى القاضي منصور

(41/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 36
ووثق به في حفظها، فنازلها صلاح الدّين وأخذها. وامتنع عليه الحصن يوماً، وتسلّمه بالأمان. وسار إلى اللاذقية، وهي بلد كبير على الساحل، بها قلعتان على تلّ، ولها ميناء من أحسن المواضع، وهي من أطيب البلاد، فحاصرها أياماً، وأفتتحها، وأخذ منها غنائم كثيرة، ثم نازل القلعتين، وغلّقت النّقوب، فصاحوا بالأمان إلى أنطاكية. قال العماد: ولقد كثر تأسُّفي على تلك العمارات كيف زالت، وعلى تلك الحالات كيف حالت.
4 (فتح صهيون)
وسار فنازل صهيون، وهي حصينة في طرف الجبل، ليس لها خندق محفور إلاّ من ناحية واحدة، طوله ستون ذراعاً، نُقر في حجر، ولها ثلاثة أسوار. وكان على قُلّتها عَلَمٌ طويل عليه صليب. فلما شارفها المسلمون ووقع الصليب، فاستبشروا ونصبوا عليها المناجيق، وأخذوها بالأمان في ثلاثة أيام، ثم سلّملها إلى ناصر الدّين منكورس بن الأمير خُمارتكين، فسكنها وحصَّنها. وكان من سادة الأمراء وعقلائهم. وتوفي وهو مالك صهيون. وولي بعده ولده مظفر الدّين عثمان، ثم وليها بعده سيف الدّين محمد بن عثمان إلى بعد السبعين وستمائة.
4 (فتح الحصون الشمالية)
وبثَّ السّلطان عسكره وأولاده فأخذوا حصون تلك الناحية مثل

(41/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 37
بلاطُنس، وقلعة الجماهرين، وبكّاس، والشُّغر، وسرمانية، ودربساك، وبغراس، وبرزية. قال: وعُلُوّ قلعة برزية خمسماية ونيفٌ وسبعون ذراعاً، لأنها على سنِّ جبلٍ شاهقٍ، ومن جوانبها أودية، فسلم دربساك إلى علم الدّين سليمان بن جندر، وهي قلعة قريبة من أنطاكية.
4 (مهادنة صاحب أنطاكية)
ثم سار يقصد أنطاكية، فراسله صاحبها وقدَّم له. وكانت العساكر المشرقيّة قد ضجرت خصوصاً عماد الدّين صاحب سنجار، فطال عليه المُقام. فهادن السّلطان صاحب أنطاكية ثمانية أشهر على أن يُطلق الأسارى. ودخل إلى حلب فبات بها وعاد إلى دمشق. وأعطى تقي الدّين عمر صاحب حماه جَبَلَة واللاذقية.)
4 (رواية ابن الأثير عن فتوحات الشمال)
وقال ابن الأثير: نزل صلاح الدّين تحت حصن الأكراد، وكنت معهم، فأتاه قاضي جَبَلَة منصور بن نبيل، وكان مسموع القول عند بيمند صاحب أنطاكية وجَبَلَة، وله الحُرمة الوافرة، ويحكم على جميع المسلمين بجبَلَة ونواحيها، فحملته غيرة الدّين على قصد السّلطان، وتكفَّل له بفتح جبلَة واللاذقية والبلاد الشمالية، فسار صلاح الدّين معه فأخذ أًنطرطُوس، وسار إلى المرقب، وهو من حصونهم التي لاتُرام، ولاتحدّث أحد نفسه بملكه لعُلُوّه وامتناعه، ولا طريق إلى جبلَة إلاّ من تحته.

(41/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 38
ثم ساق عز الدّين ابن الأثير فتوحات الحصون المذكورة بعبارةٍ طويلة واضحة، لأن عز الدّين حضر هذه الفتوحات الشمالية. ثم ذكر بعدها فتح الكرك، والشوبك وما جاور تلك الناحية من الحصون الصغار. ثم ذكر فتح صفد، وكوكب، إلى أن قال: فتسلّم حصن كوكب في نصف ذي القعدة، وأمنهم وسيَّرهم إلى صور، فاجتمع بها شياطين الفرنج وشجعانهم، واشتدت شوكتهم، وتابعوا الرُّسل إلى جزائر البحر يستغيثون، والأمداد كلّ قليل تأتيهم. وكان ذلك بتفريط صلاح الدّين في إطلاق كل من حضره، حتى عضّ بنانه ندماً وأسفاً حيث لم ينفعه ذلك. وتمّ للمسلمين بفتح كوكب من حد أيلة إلى بيروت، لايفصل بين ذلك غير مدينة صور.
4 (نيابة الوزارة)
أنبأني ابن البُزُوريّ قال: وفي المحرّم خرج الوزير جلال الدّين بن يونس للقاء السّلطان طُغرل بن رسلان شاه في العساكر الديوانية، واستنيب في الوزارة قاضي القضاة أبو طالب عليّ بن البخاري.
4 (المصافّ بين طغرل والوزير ابن يونس)
وفي ربيع الأول كان المُصافّ بين الوزير ابن يونس وطُغرل، وحرَّض الوزير أصحابه وكان فيما يقول: مَن هاب خاب، ومَن أقدم أصاب، ولكل أجلٍ كتاب. فلما ظهر له تقاعس عساكره عن الإقدام، وزلت بهم الأقدام، تأسَّف على فوت المُرام، وثبت في نفرٍ يسير كالأسير، وبيده سيف مشهور، ومُصحف منشور، لايقدم لهيبته أحدٌ عليه، بل ينظرون إليه. وأقدم بعض خواص طُغرل وجاء فأخذ بعنان دابته، وقادها إلى خيمته، ثم أنزله وأجلسه، فجاء إليه السّلطان في خواصه ووزيره، فلزم معهم قانون الوزارة، ولم يقم اليهم، فعجبوا من فِعله، وكلَّمهم بكلام) خشن، فلم يزل السّلطان طُغرل له مُكرِماً، ولمنزلته محترماً، إلى حين عوده.

(41/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 39
4 (رواية سبط ابن الجوزي عن ابن يونس)
وأما أبو المظفر فقال في المرآة: أخذ ابن يونس وكان محلوق الرأس، فأُحضر بين يدي السّلطان طُغرل، فألبسه طرطوراً أحمر فيه خلاخل، وجعل يضحك عليه، ولم يرجع إلى بغداد من العسكر إلاّ القليل، تقطعوا في الجبال، وماتوا جوعاً وعطشاً، وعمل الناس الأشعار فيها. قال: ثم كتب الخليفة إلى بكتمر صاحب خِلاط ليطلب ابن يونس من طُغرُل، وكان قزل أخو البهلوان قد حشد وجمع، والتقى طغرل على هَمذان، فانهزم طغرل إلى خلاط ومعه ابن يونس، فأنكر عليه بكتمر ما فعله بالوزير وبعسكر الخليفة، فقال: هم بدأوني وبغوا عليَّ. فقال له: أطلق الوزير. فلم يُمكنه مخالفته فأطلقه، فبعث إليه بكتمر الخيل والمماليك، فردّ الجميع، وأخذ بغلين ببردعتين، وركب هو بغلاً وغلامه آخر، وسار في زيّ صوفي، وقدم الموصل، فانحدر في سفينة متنكراً.
4 (العزل عن نيابة الوزارة)
وفي ربيع الأول عُزل قاضي القضاة أبو طالب عن نيابة الوزارة.
4 (وزارة بغداد)
وفي شعبان وُلّي الوزارةَ ببغداد شهاب الدّين أبو المعالي سعيد بن حديدة.

(41/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 40
4 (قضاء القضاة)
وفي رمضان عُزل أبو طالب عليّ بن عليّ عن قضاء القضاة، وقُلده فخر الدّين أبو الحسن محمد بن جعفر العباسي.
4 (ضعف تدبير الوزارة)
وفيه وصل الوزير جلال الدّين في سفينةٍ من الموصل، وصعد إلى داره مختفياً. وبلغ الخليفة فكتب إلى ابن حديدة يقول: أين هو ابن يونس فقال: يكون اليوم بتكريت. فقال له الخليفة: بهذه المعرفة تدبِّر دولتي ابن يونس في بيته. وكان ابن حديدة بقوانين التجارة أعرف منه بقوانين الوزارة.
4 (ولاية الأستاذدارية)
وفي شوال عزل عن الأستاذدارية أبو طالب بن زيادة ووُلّي عليّ بن بختيار.)
4 (ظهور الباطنية بالقاهرة)
وفيها ثار بالقاهرة اثنا عشر من بقايا شيعة الباطنية بالليل، ونادوا: يالَ عليّ يالَ عليّ. وصاحوا في الدّروب ليلبي أحدٌ دعوتهم، فما التفت إليهم أحد. فاختفوا.
4 (استرجاع السّلطان عسقلان)
وفيها وهب السّلطان أخاه العادل سيف الدّين الكرك، واستعاد منه عسقلان.

(41/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 41
4 (سنة خمس وثمانين وخمسمائة)

4 (إعتذار شحنة إصبهان)
في أوّلها قدِم الخادم فرج شحنة إصبهان رسولاً من السّلطان طُغرُل، فقدم تُحفاً وهدايا، ومضمون الرسالة الإستغفار والإعتذار، لاجئاً إلى الديوان لتقال عثرَتُه.
4 (الخطبة لولي العهد)
وفي صَفَر أمر الخليفة بالدعاء بالخُطبة لولي عهده أبي نصر محمد، ونقش اسمه على الدينار والدرهم، وأن يُكتب بذلك إلى سائر البلاد.
4 (ولاية ابن يونس المخزن)
وفي صفر أيضاً وُلي أبو المظفر عُبيد اللَّه بن يونس الذي كان وزيراً وكسره طغرُل صدراً بالمخزن المعمور.
4 (عزل ابن حديدة)
وفيه عُزل الوزير ابن حديدة. وكانت ولايته أقل من شهر.
4 (وصول صليب الصلبوت إلى باب النوبيّ)
وفي ربيع الأول وصل القاسم بن الشهرَزُوريّ رسولاً من السّلطان صلاح الدّين وصحبته صليب الصَّلبُوت التي تزعم النصارى أن عيسى عليه السلام صُلب عليه. فأُلقي بين عتبة باب النُّوبيّ، فبقي أياماً.

(41/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 42
4 (محاصرة قلعة الحديثة)
وفي جمادى توجه مُجير الدّين طاشتكين الحاج في جيش فنزل على قلعة الحديثة وحاصرها.
4 (تقليد نيابة الوزارة)
وفي رجب قُلِّد مؤيد الدّين محمد بن القصاب نيابة الوزارة.)
4 (مقتل زعيم قلعة تكريت)
وفي شوال قُتل زعيم قلعة تكريت، وتسلمها نواب الخليفة.
4 (عزل صدر المخزن)
وفي ذي القعدة عُزل صدر المخزن أبو المظفَّر عُبيد اللَّه بن يونس.
4 (وصول شباب من الفرنج)
وفيها وصل جماعة من الفرنج شباب مِلاح مُرد في القيود من جهة صلاح الدّين إلى الديوان العزيز، فقال فيهم قوام الدّين يحيى بن زيادة:
(أبدى بُدُوراً على غصونٍ .......... أسرى يُقادون في القيود)

(قد نُظموا في الحبال حَسرى .......... نظم الجُمانات في العقود)

(إن سكنوا هؤلاء ناراً .......... فهي إذاً جنّة الخلود)

4 (تسليم أرناط حصن الشقيف وغدره)
وفيها سار السّلطان صلاح الدّين من عكا إلى دمشق فدخلها في صفر، توجَّه إلى شَقِيف أرنُون فأقام بمرج برغوث أياماً، ثم أتى مرج

(41/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 43
عيون، فنزل أرناط صاحب الشقيف وحيداً إلى خدمة السّلطان فخلع عليه واحترمه، وكان من أكبر الفرنج وكان يعرف العربية، وله معرفة بالتواريخ، فسلم الحصن من غير تعب وقال: لا أقدر أُساكن الفرنج، والتمس المُقام بدمشق، ثم بدا منه غدر فقبض عليه وحبسه بدمشق، ووكل بالحصن من يحاصره.
4 (مقتل الفرنج عند صيدا وعكا)
ثم بلغ إلى السّلطان أن الفرنج قد جمعوا وحشدوا وجيشوا من مدينة صور، وساروا لحصار صيدا وعكا ليستردوها، فسار إليهم فالتقاهم، فظهر الفرنج وقُتل في سبيل الله طائفة. ثم كرّ المسلمون عليهم فردوهم حتى ازدحموا على جسرٍ هناك، فغرق مائتا نفس.
4 (القتال على عكا)
ثم سار السّلطان إلى تبنين فرتب أمورها، وسار إلى عكا فأشرف عليها، وقرر بها أميرين: سيف الدّين عليّ المشطوب الكردي، وبهاء الدّين قراقوش الخادم الأبيض، وعاد فلم يلبث أن نازلت الفرنج عكا، وجاءت من البرّ والبحر، فسار السّلطان حتى نزل قبالتهم وحاربهم مراتٍ عديدة، وطال القتال عليهم، واشتد البلاء، وقتل خلقٌ من الفرنج والمسلمين إلى أن دخلت السنة) الآتية والأمر كذلك.

(41/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 44
4 (نيابة دمشق)
وفيها وُلي نيابة دمشق الأمير بدر الدّين مودود أخو الملك العادل لأمه.
4 (رواية ابن الأثير عن تحشدات الفرنج)
وقال ابن الأثير: اجتمع بصور عالم لايُعد ولايُحصى، ومن الأموال ما لا يَفنى. ثم إن الرهبان والقُسوس وجماعة من المشهورين لبسوا السواد، وأظهروا الحزن على بيت المقدس، ودخل بهم بلاد الفرنج يطوف بهم ويستنفرون الفرنج، وصوروا صورة المسيح وصورة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضرب المسيح وقد جرحه، فعظم ذلك على الفرنج، وحشدوا وجمعوا حتى تهيأ لهم من الرجال والأموال ما لا يتطرق إليه الإحصاء، فحدثني رجلٌ من حصن الأكراد من أجناد أصحابه الذين سلموه إلى الفرنج قديماُ، وكان قد تاب وندم على ما كان منه في الغارة مع الفرنج على الإسلام. قال: دخل عليّ جماعة من الفرنج من أهل حصن الأكراد إلى البلاد البحرية في أربعة شواني يستنجدون. قال: وانتهى بنا الطّواف إلى رومية الكبرى، فخرجنا منها وقد ملأنا الشواني نُقْرة. قال ابن الأثير: فخرجوا على الصعب والذلول براً وبحراً من كل فجٍّ عميق، ولولا أن اللَّه لطف بالمسلمين وأهلك ملك الألمان لما خرج إلى الشام، وإلاّ كان يقال إن الشام ومصر كانتا للمسلمين. قال: ونازلوا عكا في منتصف رجب، ولم يبق للمسلمين إليها

(41/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 45
طريق، فنزل صلاح الدّين على تل كيسان، وسيّر الكُتب إلى ملوك الأطراف بطلب العساكر، فأتاه عسكر الموصل وديار بكر والجزيرة، وأتاه تقي الدّين ابن أخيه. قال ابن الأثير: فكان بين الفريقين حروب كثيرة، فقاتلهم صلاح الدّين في أول شعبان، فلم ينل منهم غرضاً، وبات الناس على تعبئة، وباكروا القتال من الغد، وصبر الفريقان صبراً حار له مَن رآه إلى الظهر، فحمل عليهم تقي الدّين حملة منكرة من الميمنة على من يليه فأزاحهم عن مواقفهم، والتجأوا إلى من يليهم، وملك تقي الدّين مكانهم والتصق بعكا. ودخل المسلمون البلد، وخرجوا منه، وزال الحصر. وأدخل اليهم صلاح الدّين ما أراد من الرجال والذخائر، ولو أن المسلمين لزموا القتال إلى الليل لبلغوا ما أرادوا. وأدخل اليهم صلاح الدّين الأمير حسام الدّين) السّمين.
4 (ذكر الوقعة الكبرى)
قال: وبقي المسلمون إلى العشرين من شعبان، كل يوم يغادون القتال ويراوحونه، والفرنج لا يظهرون من معسكرهم ولا يفارقونه حتى تجمعوا للمشورة، فقالوا: عساكر مصر لم تحضر، والحال مع صلاح الدّين هكذا. والرأي أننا نلقى المسلمين غداً لعلنا نظفر بهم. وكان كثير من عساكر السّلطان غائباً، بعضها في مقابل أنطاكية خوفاً من صاحب أنطاكية، وبعضها في حمص مقابل طرابُلس، وعسكر في مقابل صور، وعسكر مصر بالإسكندرية ودمياط، وأصبح صلاح الدّين وعسكره على غير أُهبة، فخرجت الفرنج من الغد كأنهم الجراد المنتشر، قد ملأوا الطُّول والعرض، وطلبوا ميمنة الإسلام وعليها تقي الدّين عمر، فردفه السّلطان برجال، فعطفت الفرنج

(41/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 46
نحو القلب، وحملوا حملة رجلٍ واحد، فانهزم المسلمون، وثبت بعضهم، فاستشهد جماعة، منهم الأمير مجلس، والظهير أخو الفقيه عيسى الهكاريّ، وكان متولّي بيت المقدس، والحاجب خليل الهكاري. ثم ساقوا إلى التل الذي عليه خيمة صلاح الدّين فقتلوا ونهبوا، وقتلوا شيخنا جمال الدّين بن رواحة، وانحدروا إلى الجانب الآخر من التل، فوضعوا السيف فيمن لقوه، ثم رجعوا خوفاً أن ينقطعوا عن أصحابهم، فحملت ميسرة المسلمين عليهم فقاتلوهم، وتراجع كثيرٌ من القلب، فحمل بهم السّلطان في أقفية الفرنج وهم مشغولون بالميسرة، فأخذتهم سيوف الله من كل جانب، فلم يفلت منهم أحدٌ، بل قُتل أكثرهم، وأُسر الباقون، فيهم مقدَّم الداوية الذي كان السّلطان قد أسره وأطلقه، فقتله الآن. وكانت عدة القتلى عشرة آلاف، فأمر بهم فأُلقوا في النهر الذي يشرب منه الفرنج. وكان أكثرهم من فرسان الفرنج. قال القاضي ابن شداد: لقد رأيتهم يُلقوم في النهر فحزرتُهم بدون سبعة آلاف. قال غيره: وقُتل من المسلمين نحو مائة وخمسين نفراً، وكان من جملة الأسرى ثلاث نسوة فرنجيات كنَّ يقاتلن على الخيل. وأما المنهزمون فبلغ بعضهم إلى دمشق، ومنهم من رجع من طبرية. قال العماد الكاتب: العجب أن الذين ثبتوا نحو ألف ردّوا مائة ألف، وكان الواحد يقول: قتلت من الفرنج ثلاثين، قتلت أربعين. وجافت الأرض من نتن القتلى، وأنحرفت الأمزجة وتمرّض صلاح

(41/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 47
الدّين، وحصل له قولنج) كان يعتاده. فأشار الأمراء عليه بالإنتقال من المنزلة، وترك مضايقة الفرنج، وأن يبعد عنهم، فإن رحلوا فقد كُفينا شرهم، وإن أقاموا عُدنا، وأيضاً فلو وقع إرجاف، يعني بوفاتك، لهلك الناس، فرحل إلى الخرُّوبة في رابع عشر رمضان.
4 (محاصرة الفرنج عكا)
وأخذت الفرنج في محاصرة عكا، وعملوا عليها الخندق، وعملوا سوراً من تراب الخندق وجاءوا بما لم يكن في الحساب. واشتعل صلاح الدّين بمرضه، وتمكن الفرنج وعملوا ماأرادوا. وكان مَن بعكا يخرجون إليهم كل يوم ويقاتلونهم. وفي نصف شوال وصل العادل بالمصريين، فقويت النفوس، وأحضر معه من آلات الحصار شيئاً كثيراً. وجمع صلاح الدّين من الرجالة خلائق، وعزم على الزحف. وجاءه الأصطول المصري عليه الأمير لؤلؤ، وكان شهماً، شجاعاً، خبيراً بالبحر ميمون النقيبة، فوقع على بطسةٍ للفرنج فأخذها، وحوَّل ما فيها إلى عكا فسكنت نفوس أهلها وقوي جَنانهم. قال: ودخل صفر من سنة ست وثمانين، فسمع الفرنج أن صلاح الدّين قد سار يتصيد، ورأوا اليزَك الذي عليهم قليلاً، فخرجوا من خندقهم على اليزك العصر، فحمي القتال إلى الليل وقُتل خلقٌ من الفريقين، وعاد الفرنج إلى سورهم. وجاءت السّلطان الأمدادُ، وذهب الشتاء فتقدم من الخروبة نحو عكا،

(41/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 48
فنزل بتل كيسان وقاتل الفرنج كل يوم وهم لايسأمون. إلى أن قال: وافترقوا فرقتين، فرقة تقابله، وفرقة تقاتل عكا. ودام القتال ثمانية أيام متتابعة. ثم ساق قصة الأبراج الخشب التي يأتي خبرها، وقال: فكان يوماً مشهوداً لم ير الناس مثله، والمسلمون ينظرون ويفرحون، وقد أسفرت وجوههم بنصر الله. إلى أن قال:
4 (ذكر وصول ملك الألمان إلى الشام)
والألمان نوع من أكثر الفرنج عدداً وأشدهم بأساً. وكان قد أزعجه أخذ بيت المقدس، فجمع العساكر وسار، فلما وصل إلى القسطنطينية، ملكها عن منعهم من العبور في بلاده، فساروا وعبروا خليج قسطنطينية، ومروا بمملكة قلج أرسلان، فثار بهم التركمان، فما زالوا يسايرونهم ويقتلون من أنفراد ويسرقونهم. وكان الثلج كثيراً فأهلكهم البرد والجوع، وماتت خيلهم لعدم) العلف والبرد، وتم عليهم شيء ما سمع بمثله. فلمّا قاربوا قونية خرج قطب الدين ملكشاه بن قلج رسلان ليمنعهم، فلم يقربهم، وكان قد حجر على والده، وتفرق اولاده، وغلب كال واحد على ناحية من بلاده. فنازلوا قونبة وأرسلوا إلى قلج أرسلان هدية قالوا: ما قصدُنا بلادك، إنما قصدنا بيت المقدس وطلبوا منه أن يأذن لرعيته في إخراج سوق، وشبعوا وتزوَّدوا. وطلبوا من صاحب الروم جماعة تخفرهم من لصوص التركمان، فنفذ معهم خمسة وعشرين أميراً، فما قدروا على منع الحرامية لكثرتهم، فغضب ملك الألمان، وقبض على أولئك الأمراء، وقيدهم ونهب متاعهم، ثم

(41/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 49
منهم من خلص، ومنهم من مات في الأسر.
4 (رواية ابن واصل)
وقال ابن واصل: جمع قطب الدّين صاحب قونية العساكر والتقاهم فكسروه كسرةً عظيمةً، وهجموا قونية بالسيف، وقتلوا منها عالماً عظيماً. ووصل إلى السّلطان مناصحة من ملك الأرمن صاحب قلعة الروم: كتاب المخلص الداعي الكاغيكوس أن ملك الألمان خرج من دياره، ودخل بلاد الهنكر، ثم أرض مقدم الروم، فقهره وأخذ رهائنه وولده وأخاه في جماعة، وأخذ منه أموالاً عظيمة إلى الغاية. وسار ملك الألمان حتى أتى بلاد الأرمن، فأمدهم صاحبها بالأقوات وخضع لهم، ثم ساروا نحو أنطاكية فنزل ملكهم يغتسل في نهر هناك، فغرق في مكانٍ منه لايبلغ الماء وسط الرجل، وكفى اللَّه شره. وقيل: بل غرق في مخاضةٍ، أخذ فرسه التّيَار. وقيل: بل سبح فمرض أياماً ومات. وسار في الملك بعده ولده، وسار إلى انطاكية فاختلف أصحابه عليه، وأحب بعضهم العود إلى بلاده، ومال بعضهم إلى تملك أخ له فرجعوا، فسار من ثبت معه فوصلوا إلى انطاكية، وحسن لهم المسير إلى الفرنج الذين على عكا، فساروا على جبلة واللاذقية، وتخطف المسلمون منهم فبلغوا طرابلس، وأقاموا بها أياماً، فكثر فيهم الموت، ولم يبق منهم إلاّ نحو ألف رجل،

(41/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 50
وركبوا في البحر إلى الفرنج الذين على عكا، وصلوا ورأوا ما نالهم وما هم فيه من الإختلاف عادوا إلى بلاهم، فغرق بهم المراكب، ولم ينج منهم أحدٌ. وردّ اللَّه كيدهم في نحرهم. قال ابن واصل: ورد كتاب الملك الظاهر من حلب إلى والده يخبره أنه قد صحَّ أن ملك الألمان قد خرج من جهة القسطنطينية في عدةٍ عظيمةٍ، قيل إنّهم مائتا ألف وستّون ألفاً تريد الإسلام) والبلاد. قلت: كان هلاك هذه الأمة من الآيات العظيمة المشهورة. وكان الحامل لخروجهم من أقصى البحار أخذ بيت المقدس من أيديهم. قال ابن واصل: وصل إلى السّلطان كتاب كاغيكوس الأرمنيّ صاحب قلعة الروم، وهو للأرمن كالخليفة عندنا. نسخة الكتاب: كتاب الداعي المخلص الكاغيكوس: فما أطلع به مولانا ومالكنا السّلطان الملك النّاصر، جامع كلمة الإيمان، رافع علم العدل والإحسان، صلاح الدّين والدنيا، من أمر ملك الألمان، وما جرى له، فإنه خرج من دياره، ودخل بلاد الهنكر غصباً ثمّ دخل أرض مقدَّم الروم، وفتح البلاد ونهبها، وأخذ رهائن ملكها، ولده وأخاه، وأربعين نفراً من جلسائه، وأخذ منه خمسين قنطاراً ذهباً، وخمسين قنطاراً فضة، وثياب أطلس مبلغاً عظيماً، واغتصبت المراكب، وعدى بها إلى هذا الجانب، يعني في خليج قسطنطينية.

(41/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 51
قال: ودخل إلى حدود بلاد قلج أرسلان، وردّ الرهائن، وبقي سائراً ثلاثة أيام، وتركمان الأرواح يلقونه بالأغنام والأبقار والخيل والبضائع، فتداخلهم الطمع وتجمعوا له من جميع البلاد، ووقع القتال بين التركمان وبينهم، وضايقوه ثلاثة وثلاثين يوماً وهو سائر. ولما قرب من قونية جمع ابن قلج أرسلان العساكر، فضرب معه المصاف، فكسره ملك الألمان كسرة عظيمة، وسار حتى أشرف على قونية، فخرج إليه جموع عظيمة، فردّهم مكسورين، وهجم قونية بالسيف، وقتل منهم عالماً عظيماً من المسلمين، وأقام بها خمسة أيام، فطلب قلج أرسلان منه الأمان فآمنه، وأخذ منه رهائن عشرين من أكابر دولته، وأشار على الملك أن يمروا على طرطوس ففعل. وقبل وصوله بعث إليّ رسولاً، فأنفذ المملوك خاتماً، وصحبته ما سأل، وجماعة إليه، فكثرت عليه العساكر ونزل على نهرٍ فأكل خبزاً ونام، ثم تاقت نفسه إلى الاستحمام ففعل، وتحرك عليه مرضٌ عظيم ومات بعد أيام قلائل. وأما لافون فسار لتلقية، فلما علم بهذا احتمى بحصنٍ له. وأما ابن ملك الألمان فكان أبوه منذ خرج نصب ولده هذا عوضه، وتأصرت قواعده، فلما بلغه هرب رسل لافون نفذ يستعطفهم فأحضرهم وقال: إن أبي كان شيخاً كبيراً، وإنما قصد هذه الديار لأجل حج بيت المقدس وأنا) الذي دبرت المُلك، فمن أطاعني وإلاّ قصدت بلاده. واستعطف لافون، واقتضى الحال الاجتماع به ضرورة. وبالجملة قد عرض عسكره، فكانوا اثنين وأربعين ألف فارس، وأما الرّجّالة فلا يُحصون، وهم أجناس متفاوتة، وهم على سياسةٍ عظيمة، حتى إن من جنى منهم جناية قُتِل. ولقد جنى كبير منهم على غلامه فجاوز الحدَّ في ضربه، فاجتمعت القسوس للحكم فأمروا بذبحه، فشفع إلى الملك منهم خلقٌ، فلم يلتفت إلى ذلك وذبحة. وقد حرّموا الملاذَّ

(41/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 52
على أنفسهم، ولم يلبسوا إلا الحديد، وهم من الصبر على الذل والتعب والشقاء على حالٍ عظيم. انتهى الكتاب. فلما هلك ملكهم سار بهم ولده إلى انطاكية، وعمهم المرض، وصار معظمهم حملة عصي وركاب حمير. فتبرَّم بهم صاحب أنطاكية، وحسن لهم قصد حلب، فأبوا وطلبوا قلعته ليودعوا فيها الخزائن، فأخلاها لهم، ففاز بما وضعوه بها وجاءت فرقة من الألمانية إلى بغراس، وظنوا أنها للنصارى، ففتح واليها الباب، وخرج أصحابه فتسلموا صناديق أموال، وقتلوا كثيراً منهم، ثم خرج جُند حلب وتلقطوهم. وكان الواحد يأسر جماعة، فهانوا في النفوس بعد الهيبة والرعب منهم، وبيعوا في الأسواق بأبخس ثمن. قال ابن شداد: مرض ابن ملك الألمان مرضاً عظيماً في بلاد ابن لاون، وأقام معه خمسة وعشرون فارساً وأربعون داوياً، ونفذ عسكره نحو أنطاكية، حتى يقطعوا الطريقن ورتبهم ثلاث فرق لكثرتهم. فاجتازت فرقة تحت بغراس، فأخذ عسكر بغراس مع قلته مائتي رجلٍ منهم. وسار بعضهم عسكر البلاد فكشف أخبارهم، فوقعوا على فرقة منهم، فقتلوا وأسروا زُهاء خمسمائة. وقال ابن شداد: حضرت من بخبر السّلطان عنهم ويقول: هم ضعفاء قليلو الخيل والعدة، أكثر ثقلهم على حمير وخيل ضعيفة، ولم أر مع كثير منهم طارقة ولا رُمحاً، فسالهم عن ذلك فقالوا: أقمنا بمرجٍ وخمٍ أياماً، وقلَّت أزوادنا وأحطابنا، فأوقدنا معظم عُدَدنا، وذبحنا الخيل وأكلناها.

(41/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 53
ومات الكُند الذي الذي على الفرقة الواحدة، وطمع ابن لاون حتى عزم على أخذ مال الملك لضعفه ومرضه، وقلّة من أقام معه، فشاور السّلطان الأمراء، فوقع الاتفاق على تسيير بعض العساكر إلى طريقهم. فكان أول من سار الملك المنصور محمد بن المظفر، ثم عز الدّين ابن المقدم صاحب بَعرين وفامية، ثم الأمجد صاحب بعلبك، ثم سابق الدّين عثمان ابن الداية) صاحب شيزر، ثم عسكر حماه. ثم سار الملك الظاهر إلى حفظ حلب، فخفت الميمنة، وانتقل اليها الملك العادل، ووقع في العسكر مرضٌ كثير، وكذلك في العدو. وتقدَّم السّلطان بهدم سور طبرية، ويافا، وأرسُوف، وقيسارية، وصيدا، وجُبيل، وانتقل أهلها إلى بيروت. وفي رجب سار ملك الألمانيين من انطاكية إلى اللاذقية ثم إلى طرابلس، وكان قد سار إليه المركيس صاحب صور، فقوّى قلبه، وسلك به الساحل، فكانت عدة من معه لمّا وصل إلى طرابلس خمسة آلاف بعد ذلك الجيش العظيم. ثم إنه نزل من البحر، وسار معظم أصحابه في الساحل، فثارت عليه ريح، فأهلكت من أصحابه ثلاثة مراكب، فوصل إلى عكا في جمع قليل في رمضان، فلم يظهر له وقع، ثم هلك على عكا في ثاني عشر ذي الحجّة سنة ستٍّ وثمانين، فسبحان من أبادهم ومحقهم.

(41/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 54
ويوم وصول ملك الألمان إلى عكا ركبت الفرنج وأظهروا قوة وأرجفوا، وحملوا على يزك المسلمين، فركب السّلطان، ووقع الحرب، ودام إلى الليل وكانت الدائرة على الكفار، ولم يزل السيف يعمل فيهم حتى دخلوا خيامهم. ولم يُقتل من المسلمين إلاّ رجلان، لكن جُرح جماعة. ولما مات طاغية الألمان حزنت عليه الفرنج، وأشعلوا نيراناً هائلة بحيث لم يبق خيمة إلاّ أوقد فيها النار. ومات لهم كند. عظيم، ووقع الوباء فيهم المرض، ومرض كندهري، وصار يموت في اليوم المائة وأكثر في معسكرهم. وأستأمن منهم خلق عظيم، أخرجهم الجوع، وقالوا للسلطان: نحن نركب البحر في مراكب صغار، ونكسب من النصارى، ويكون الكسب لنا ولك. فأعطاهم السّلطان مركباً فركبوا فيه، وتحفّزوا لمراكب التجار النصارى، وأتوا بالغنائم إلى السّلطان فأعطاهم الجيمع، فلما رأوا هذا أسلم جماعة منهم. واستشهد في هذه السنة سبعة أمراء على عكا.
4 (استشهاد الأمير جمال الدّين بن ألدكز)
والتقى شواني المسلمين وشواني الفرنج في البحر، وأحرقت للفرنج شواني برجالها، وأحاطت مراكب العدو بشينّي مقدمة الأمير جمال الدّين محمد بن ألدكز، فترامى ملاحو الشيني إلى الميناء، فقاتل جمال الدين، فعرضوا عليه الأمان فقال: ما أضع يدي إلاّ في يد مقدمكم الكبير. فجاء مقدمهم اليه، فعانقه جمال الدّين وماسكة وشحطه، فوقعا في البحر وغرقاً معاً.)

(41/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 55
4 (سنة ست وثمانين وخمسمائة)
استهلت والفرنج مُحدقون بعكا محاصرون لها، والسّلطان بعساكره في مقابلتهم، والقتال عمَّال، فتارةً يظهر هؤلاء. وتارة يظهر هؤلاء. وقدمت العساكر البعيدة مَدَاً للسلطان صلاح الدّين، فقدم صاحب حمص أسد الدين، وصاحب شيزر سابق الدّين عثمان ابن الداية، وعز الدّين ابن المقدم، وغيرهم. ثم قدمت عساكر الشرق مع مظفر الدّين صاحب إربل، ومع عماد الدينابن صاحب سنجار، ومعز الدّين سنجرشاه بن غازي. واشتد الأمر، وجدَّت الفرنج في الحصار، وأتتهم الأزواد من الجزائر البعيدة حتى ملأوا البر والبحر وتوفي صاحب إربل زين الدّين يوسف بن زين الدّين عليّ كوجك، ففوض السّلطان مملكة إربل من حينئذٍ إلى مظفر الدّين كوكبرى بن علي. ودام الحصار والنزال على عكا حتى فرغت السنَّة. ومن كتاب فاضلي إلى بغداد: ومن خبر الفرنج أنهم الآن على عكا يمدهم البحر بمراكب أكثر عدة من أمواجه، ويخرج للمسلمين أمر من أجاجه، وقد تعاضدت ملوك الكفر على أن أن ينهضوا اليهم من كل فرقة طائفة، يرسلوا اليهم من كل سلاحٍ شوكة، فإذا قتل المسلمن واحداً في البر بعثوا ألفاً عوضه في البحر، فالزرع أكثر من الحصاد، والثمرة أنمى من الجذاذ. وهذا العدو قد زرَّ عليه من الخنادق دروعاً متينة، واستجنّ من الجنوبات بحصونٍ حصينة، فصار معجزاً، وممتنعاً حاسراً، ومدرعاً، ومواصلاً،

(41/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 56
ومنقطعاً، وعددهم الجم قد كاثر القتل، ورفا بهم الغلب، قد قطعت النصل لشدة ماقطعها النصل. وأصحابنا قد أثيرت فيهم المدة الطويلة، والكلف الثقيلة في استطاعتهم لا في طاعتهم، وفي أحوالهم لا في شجاعتهم، وكل من يعرفهم يُناشد اللَّه فيهم المناشدة النبوية في الصحابة البدرية، اللهم أن تهلك هذه العصابة، ويخلص الدعاء ويرجوا على يد مولانا أمير المؤمنين الإجابة. وقد حرم باباهم، لعنه اللَّه، كل مباح واستخرج منهم كلّ مدحور، وأغلق دونهم الكنائس، ولبس وألبس الحداد، وحكم أن لايزالوا كذلك أو يستخلصوا المقبرة. فيا عُصبة محمد خلفه في أمته بما تطمئن به مضاجعه، ووفَّه الحق فينا، فإنا والمسلمون عندك ودائعه، ولولا أن في التصريح ما يعود على العدالة بالتجريح، لقال الخادم مايبكي العيون وينكي القلوب، لكنه صابر محتسب، منتظر للنصر مرتقب. ربِّ إني لاأملك إلا نفسي، وماهي في سبيلك مبذولة، وأخي وقد هاجر هجرة يرجوها مقبولة، وولدي وقد بذلت) للعدوّ صفحات وجوههم، وهان على عيونك بمكروههم. ونقف عند هذا الحد، وللَّه الأمر من قبل ومن بعد. وقال الموفق عبد اللطيف: إن الفرنج عاثوا في سوق العسكر وفي الخيم، فرجع عليهم السّلطان فطحنهم طحناً، وأحصى قتلاهم بأن غرزوا في كل قتيل سهماً، ثم جمعوا السهام، فكانت اثني عشر ألفاً وخمسمائة. والذين لحقوا بأصحابهم هلك منهم تمام أربعين ألفاً. وبلغت الغرارة عندهم مائةً وعشرين ديناراً. قال: وخرجوا مرةً أخرى، فقُتل منهم ستة آلاف ونيف، ومع هذا فصبرهم صبرهم. وعمروا على عكا برجين من خشب كل برج سبع طبقات، بأخشاب عاتية، ومسامير هائلة، يبلغ المسمار نصف قنطار، وضبات على هذا القياس، وصُفِّح كل برج منها بالحديد، ولُبس الجلود، ثم اللُّبود المُشربة

(41/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 57
بالخلّ، وجلل ذلك بشباك من حبال القنب لترد حدة المنجنيق، وكل واحد يعلو سور عكا بثلاث طبقات. وزحفوا بهما إلى السور، وفي كل طبقة مقاتلة، فيئس المسلمون بعكا، فقال دمشقي يقال له ابن النحاس: دعوني أضربها بالمجانيق. فسخروا منه، فطلب من قراقوش أن يمكنه من الآلات، ورمى البرج حتى خلخله، ثم رماه بقدر نفط، ثم صاح: اللَّه أكبر، فعلاً الدُّخان، فضج المسلمون، وبرزوا من عكا وعملت النار في أرجائه، والفرنج ترمي أنفسها من الطبقات، واشتعلوا، فأحرق المسلمون الستائر والعُدَد، وانكسرت صولتهم. ثم اجتمعت هممهم نوبةً، وعملوا كبشاً هائلة، رأسه قناطر من الحديد ليبعجوا به السور فينهدم، فلما سحبوه وقُرِّب من السور ساخ في الرمل لثقله، وعجزوا عن تخليصه. وكان المسلمون في عكا في مرض وجوع قد ملوا من القتال، ما يحملهم سوى الإيمان بالله تعالى. وقد هدمت الفرنج برجاً وبدنه، ثم سد ذلك المسلمون في الليل ووثقوه. وكان السّلطان يكون أول راكب وآخر نازل. قلت: ولعله وجبت له الجنة برباطه هذين العامين. ذكر العماد الكاتب أنه حزر ما قُتل من الفرنج في مدة الحرب على عكا، فكان أكثر من مائة ألف. ومن كتاب إلى بغداد: وقد بُلي الإسلام منهم بقومٍ استطابوا الموت،

(41/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 58
واستجابوا الصوت، وفارقوا الأوطان والأوطار، والأهل والديار، طاعة لقسِّيسهم وغيره لمعبدهم وحمية لمعتقدهم،) وتهالكاً على مقبرتهم، وتحرّقاً على فخامتهم، حتى خرجت النساء من بلادهن متبرزات، وسرّن في البحر متجهزات، وكانت منهن ملكة استتبعت خمسمائة مقاتل، والتزمت بمؤونتهم، فأخذت برجالها بقرب الإسكندرية. ومنهن ملكة وصلت مع ملك الألمان، وذوات المقانع من الفرنج مقنعات دارعات، يحملن الطوارق والقنطاريات. وقد وُجدت في الوقعات التي جرت عدة منهن بين القتلى. وما عُرفن حتى سُلبن. والبابا الذي برومية قد حرّم عليهم لذاتهم وقال: مَن لا يتوجه إلى القدس فهو محرم، لا ملح له ولا مطعم، فلهذا يتهافتون على الورود، ويتهالكون على يومهم الموعود. وقال: إني واصل في الربيع، جامع على الإستنفار شمل الجميع. وإذا نهض هذا اللعين فلا يعقد عنه أحد، ويصل معه كل من يقول للَّه تعالى ولد. ومن كتاب فاضلي إلى السّلطان: فليس إلاّ الدعاء والتجلد للقضاء، فلا بد من قدر مفعول، ودعاء مقبول.
(نحن الذين إذا علوا لم يبطروا .......... يوم الهجاج وإن عُلو لم يضجروا)
ومَعاذ الله أن يفتح علينا البلادن ثم يغلقها، وأن يسلم على أيدينا القدس، ثم ينصره، ثم معاذ اللَّه أن يغلب عن النصر، ثم معاذ اللَّه أن يُغلب على الصبر. وإذا كان ما يُقدمنا اللَّه إليه لا بدَّ منه وهو لقاؤه، فلأن نلقاه والحجة لنا خير من أن نلقاه والحجة علينا. ولا تعظم هذه الفتون على مولانا فتبهر صبره، وتملأ صدره، فلا تَهنُوا وتدعوآ إلى السلم وأنتم الأعلون واللَّه معكم. وهذا دين ما غُلب بكثرة وإنما اختار اللَّه له أرباب بنات، وروى قلوب رجالات، فليكن الولي نِعم السلف، لذلك الخَلَف، واشتدي أزمة تنفرجي، والغمرات تذهب ثم لاتجيء، واللَّه يُسمعنا مايسر القلوب،

(41/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 59
ويصرف عن الإسلام غاشية هذه الكروب. ونستغفر اللَّه فإنه ماابتلى إلاّ بذنب. ومن كتاب آخر يقول: ولست بملكٍ هازم لنظيره، ولكنّك الإسلام للشِّرك هازم. يشير رحمه اللَّه إلى أنه وحده بعسكره في مقابلة جميع دين النصرانية، لأن نفيرهم إلى عكا لم يكن لعده بعد، ولا وراءه حدّ. ثم قال: وليس لك من المسلمين مساعد إلا بدعوة، ولا خارج بين يديك إلا بأجرة، نشتري منهم الخطوات شبراً بذراع، تدعوهم إلى الفريضة، وكأنك تكلفهم النافلة، وتعرض عليهم الجنة، وكأنك تريد أن تستأثر بها دونهم. والآراء تختلف بحضرتك، فقائل يقول: لم لا يتباعد عن المنزلة وآخر: لم لايميل إلى) المصالحة ويشير بالتخلي عن عكا، حتى كأن تركها تعليق المعاملة، ولا كأنها طليعة الجيش، ولا قفل الدار، ولا خرزة السِّلك إن وهت تداعى السِّلك. فألهمك اللَّه قتل الكافر، وخلاف المجدل، فكما لم يُحدث استمرارُ النعم لك بطراً، فلا تُحدث له ساعات الامتحان ضجراً. وما أحسن قول حاتم:
(شربنا كأس الفقر يوماً وبالغنى .......... وما فينا إلا سقانا به الدهرُ)

(فما زادنا تعباً على ذي قرابةٍ .......... غِنانا ولا أزرى بأحسابِنا الفقر)
وقال الآخر:
(لا بطراً إن تتابعت نِعَمٌ .......... وما يرقي البلا محتسبٌ)
وقيل للمهلَّب: أيسرك سفرٌ ليس فيه تعب فقال: أكره عادة العجز. ونحن في ضر قد مسَّنا، ولا نرجوا لكشفه إلاّ من ابتلى. وفي طوفان فتنة، قال لاَ عاصِمَ اليومَ من أمرِ اللَّه إلاّ من رَحِمَ، ولنا ذنوب قد سدَّت

(41/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 60
طريق دعائنا، فنحن أولى أن نلوم أنفسنا، والله قدر لا سلام لنا في دفعه إلاّ لا حول ولا قوة إلاّ بالله. وقد أشرفنا على أهوال قُل اللَّه ينجيكم منها ومن كل كرب. وقد جمع لنا العدو، وقيل لنا: اخشوه فنقول: حسبنا الله ونعم الوكيل. وليس إلاّ الاستغاثة بالله، فما دأبنا في الشدائد إلاّ على طروق بابه، وعلى التضرع له فلولا إذ جاءَهم بأسُنا تضرعوا ولكن قست قُلوبهم نعوذ بالله من القسوة، ومن القنوط من الرحمة. وما شرَّد الكرى، وطوَّل على الأفكار السَّرى، إلاّ ضائقة القوت بعكا. وهذه الغمرات هي نعمة اللَّه عليه، وهي درجات الرضوان، فاشكر اللَّه كما تشكره على الفتوحات. وأعلم أن مثوبة الصبر فوق مثوبة الشكر. ومن ربط جأش عمر رضي اللَّه عنه قال: لو كان الصبر والشكر بعيرين ما باليت أيهما ركبت. وبهذه العزائم سبقونا فلا تطمع بالغبار، وامتدت خُطاهم، ونعوذ باللَّه من العثار. ومن... أن ترق بك ماضية جبل فلا تعجز، وإن نزل بك ما ليس فيه حيلة فلا تجزع. ولما اشتد الأمر بعكا وطال أرسل السّلطان كتاباً إلى شمس الدين بن منقذ يأمره بالمسير إلى صاحب المغرب يعقوب بن يوسف بن يوسف بن عبد المؤمن يستنصر به، ليقطع عنه مادتهم من جهة البحر. وأمر منقذ أن يستقريء في الطريق والبلاد ما يُحيي به الملك يعقوب وكيف عاداتهم. وأن يقصّ عليه: من أول وصولنا إلى مصر، وما أزلنا بها من الإلحاد، ة وما فتحنا من) بلاد الفرنج وغيرها وتفصيل ذلك كله، وأمر عكا، وأنه لا يمضي يوم إلا عن قوة تتجدد وميزة في البحر تصل، وأن ثغرنا حصروه، ونحن حصرناهم، فما

(41/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 61
تمكنوا من قتال الثغر، ولا تمكنوا من قتالنا وخندقوا على نفوسهم عدة خنادق، فما تمكنا من قتالهم. وقدموا إلى الثغر أبرجة من الخشب أحرقها أهله. وخرجوا مرتين إلينا يبغون غرتنا، ينصرنا اللَّه عليهم، ونقتلهم قتلاً ذريعاً، أجلت إحدى النوبتين عن عشرين ألف قتيل منهم. والعدو وإن حصر الثغر فإنه محصور، ولو أبرز صفحته لكان بإذن اللَّه هو المكسور. ويذكر مادخل الثغر من اساطيلنا ثلاث مرات واحتراق مراكبهم، وهي الأكثر، ودخلوها بالسيف الأظهر ينقل إلى البلد الميرة. وإن أمر العدو قد تطاول ونجدته تتواصل، ومنهم ملك الألمان في جموع جماهيرها مجمهرة وأمواله مقنطرة. وإن اللَّه سبحانه تعالى قد قصم طاغية الألمان، وأخذه أخذ فرعون بالإغراق في نهر الدنيا، وإنهم لو أرسل اللَّه عليهم أسطولاً قوياً مستعداً بقطع بحره، ويمنع ملكه، لأخذنا العدو بالجوع والحصر، والقتال والنصر. فإن كانت بالجانب الغربي الأساطيل ميسرة، والرجال في اللقاء فارهة غير كارهة، فالبدار. وأنت أيها الأمير أول من استخار اللَّه وسار، وما رأينا أهلاً لخطابنا، ولا كفؤاً لإنجادنا، إلاّ ذلك الجانب، فلم ندعه إلا لواجب عليه. فقد كانت تتوقع منه همة تقدُ في الغرب نارها، ويستطير في الشرق سناها، ويغرس في العُدوة القصوى شجرتها، فينال من في العُدْوة الدنيا جناها، فلا ترضى همته أن يعين الكفر الكفر، ولا يعين الإسلام الإسلام. واختص بالإستعانة لأن العدو جاره، والجار أقدر على الجار، وأهل الجنة أولى بقتال أهل النار. ولأنه بحر والنجدة بحرية، ولا غرو أن تجيش البحار. وأن يذكر مافعل بوزبا وقراقوش في أطراف المغرب، فيعرفه أنهما ليسا من وجوه الأمراء، ولا من المعدودين في الطواشية والأولياء، وإنما كسدت سوقهما، وتبعها ألفافٌ أمثالهما. والعادة جارية أنّ العساكر إذ طالت ذيولها وكثرت جُموعها، خرج منها وانضاف إليها، فلا يظهر مديدها ولا نقصها.

(41/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 62
ولا كان هذان المملوكان ممن غاب أحضر ولا إذا ذهب افتقد، ولا يُقدر في أمثالهما أنهما ممن يستطيع نكايةً، ولا يأتي بما يوجب شكوى من جناية. ومعاذ اللَّه أن يأمر مفسداً يفسد في الأرض. والله يوفق الأمير، ويهدي دليله، ويسهل سبيله. وكتب في شعبان سنة ست وثمانين.) وأما الكتاب إلى صاحب المغرب فعنوانه: بلاغ إلى محل التقوى الطاهر من الذَّنب، ومستقر حزب اللَّه الظاهر من الغرب، أعلا اللَّه به كلمة الإيمان، ورفع به منار الإحسان. وأوّله: بسم الله الرحمن الرحيم. الفقير إلى رحمة ربه يوسف بن أيوب. أما بعد، فالحمد لله الماضي المشيّة المُمضي القضية، البرُّ بالبرية، الحفي بالحنيفية، الذي استعمل عليها من استعمر به الأرض، وأغنى من أهلها من ماله القرض، وأنجد من أجرى على يده النافلة والفرض، وصلى اللَّه على محمد الذي أنزل عليه كتاباً فيه الشفاء والتبيان. الى أن قال: وهذه التحية ى الطيبة وفادة على دار الملك، ومدار النُّسك، ومحل الجلالة، وأصل الأصالة، ورأس السياسة، ونفس النفاسة، وعلم العلم، وقائم الدّين وقيمه، ومقدم الإسلام ومقدمه، ومثبت المتقين على اليقين، ومُعلي الموحدين على الملحدين، أدام اللَّه له النصرة، وجهَّز به العُسرة وبسط له باع القدرة. تحية استتر فيها الكتاب، واستنيب عنها الجواب، وحفز بها حافزان، أحدهما شوق قديم كان مطل غيمة ممكناً إلى أن تتيسر الأسباب، والآخر مُرام عظيم كرّه إذا استفتحت به الأبواب. وكان وقت المواصلة وموسم المكاتبة عناءه بفتح بيت المقدس وعدة من الثغور، ولم تتأخر المكاتبة إلاّ ليتم الله مابدا من فضله، والمفتتح بيد اللَّه مُدن وأمصار، وبلاد كبار وصغار، والباقي بيد الكُفر منها أطرابلس، وصور، وأنطاكية، يسّر اللَّه أمرها بعد أن كسر اللَّه العدو الكسرة التي لم يجبر بعدها، ولم يؤجر فتح هذه المدن الثلاثة، إلاّ أن فرع الكفار بالشام استصرخ بأصله،

(41/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 63
فأجابوهم رجالاً وفرساناً، وزرافات ووحدانا، وبراً وبحراً، ومركباً وظهراً، وسهلاً ووعراً. وخرج كل من يلبي دعوة بطركه، ولا يحتاج إلى عزمة ملكه. ونزلوا على عكا يمدهم البحر بأمداده، ويصل إلى المقاتل مايحتاجه من سلاحه وأزواده، وعدتهم مائة ألف أو يزيدون، كلما أفناهم القتل أخلفتهم النجدة. قال: واستمر العدو يحاصر الثغر محصوراً منّا أشد الحصر، لا يستطيع قتال الثغر لأنا من خلفه، ولا يستطيع الخروج إلينا خوفاً من حتفه، ولا نستطيع الدخول إليه لأانه قد سور وخندق، وحاجز من وراء الحجرات وأغلق. ولما خرج ملك الألمان بجيشه وعاد على رسم قديم إلى الشام، فكان العود لأُمة أحمدٍ أحمدْ. فظنوا أنه يزعجنا فبعثنا إليه من تلقاه بعسكرنا الشمالي، فسلك ذات الشمال متوعراً، وأظهر أنه مريض. وكان أبوه الطاغية قد هلك في طريقه غرقاً،) وبقي ابنه المقدم المؤخر، وقائد الجميع المكسر، وربما وصلهم إلى ظاهر عكا في البحر، تهيباً أن يسلك البر، ولو سبق عساكرنا إلى عساكر الألمان قبل دخولها إلى أنطاكية لأخذوهم، ولكن لله المشيئة. ولما كانت حضرة سلطان الإسلام، وقائد المجاهدين إلى دار السلام، أولى من توجه إليه الإسلام وبثه، واستعان به على حماية نسله وحرثه، وكانت مساعيه ومساعي سلفه في الجهاد الغُرّ المحجلة، الكاشفة لكل معضلة، والأخبار بذلك سائرة، والآثار ظاهرة. الى أن قال: وكان المتوقع من تلك الدولة العالية، والعزمة العارية مع القدرة الوافية، والهمة المهدية الهادية، أن يمد غرب الإسلام المسلمين بأكثر مما أمد به غرب الكفار الكافرين. فيملأها عليهم جواري كالأعلام، ومدناً في الحج كأنها الليالي مقلعة بالأيام، تطلع علينا آمالاً، وعلى الكفر آجالاً، وتردنا إما جملة وإما أرسالاً ولما استبطئت ظُنَّ أنها قد توقفت على الاستدعاء، فصرحنا به في هذه التحية، وسُير لخضور مجلسه الأطهر، ومحله

(41/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 64
الأنور، الأمير الأجل المجاهد شمس الدّين أبو الحرم عبد الرحمن بن منقذ، الهدية إليه ختمة في ربعة، وثلاثماية مثقال مسك، وستماية حبة عنبر، عشرة منارهن بلسان مائة درهم، مائة فؤوس بأوتارها، عشرون سرجاً، عشرون سيفاً، سبعمائة سهم. وكان دخوله على يعقوب في العشرين من ذي الحجة بمراكشن فأقام سنة وعشرين يوماً، وخرج وقدم الإسكندرية في جمادى الآخرة سنة ثمانٍ وثمانين، ولم يحصل الغرض، لأنه عزَّ على يعقوب كونه لم يُخاطب بأمير المؤمنين. وقد مدحه ابن منقذ بقصيدةٍ منها:
(سأشكر بحراً ذا عُبابٍ قطعته .......... إلى بحر جود ما لنعماه ساحلُ)

(إلى معدن التقوى إلى كعبة الهدى .......... إلى مَن سَمَت بالذِّكر منه الأوائل)
وكان السّلطان صلاح الدّين قد هم بأن يكتب إليه بأمير المؤمنين، فكتب إلى السّلطان القاضي الفاضل يقول: والمملوك ليس عند المولى من أهل الاتهام، والهدية المغربية نجزت كما أمر. وكتب الكتاب على ما مثّل، وفخَّم الوصف فوق العادة. وعند وصول الأمير نجم الدّين فاوضته في أنه لايمكن إلا التعريض لا التصريح بما وقع له أنه لا تنجح الحاجة إلا به من لفظة أمير المؤمنين، وأن الذي أشاروا بهذا ما قالوا نقلاً، ولا عرفوا) مكاتبة المصريين قديماً. وآخر ما كتب في أيام الصالح بن رزيك، فخوطب به أكبر أولاد عبد المؤمن وولي عهده بالأمير الأصيل النجار، الجسيم الفخار. وعادت الأجوبة إلى ابن رُزيك الذي في اتباع مولانا مائة مثله، مترجمة بمعظم أمره، وملتزم شكره. هذا والصالح يتوقع أن يأخذ ابن عبد المؤمن البلاد من يديه، ما هو أن يهرب مملوكان طريدان منا فيستوليان على أطراف بلاده، ويصل المشار إليه بالأمر من مراكش إلى القيروانن قيلقاهم فيُكسر مرة ويتماسك أخرى وأُعلم نجم الدّين بذلك فأمسك مقدار عشرة أيام. ثم أنفذ نجم الدّين إليه على يد ابن

(41/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 65
الجليس بأن الهدية أشير عليه بأن لايستصحبها، وإن استصحبها تكون هدية برسم من حواليه، وأنَّ الكتاب لا يأخذه إلا بتصريح أمير المؤمنين، وأن السّلطان عزّ نصرُه رسم بذلكن والملك العادل بأن لايسير إلا بذلك، وأنه إذا لقي القوم خاطبهم بهذه التحية عن السّلطان من لسانه، فأجابه المملوك بأن الخطاب وحده يكفي، وطريق جحده ممكن، وإن الكتابة حجة تقيد اللسان عن الإنكار، فلا ينبغي. ومتى قُرئت على منبر الغرب جُعلنا خالعين شاقين عصا المسلمين، مطيعين من لا تجوز طاعته ويفتح باب يعجز موارده عن الإصدار، بلا تمضي وتكشف الأحوال، فإن رأيت للقوم شوكة، ولنا زبدة، فعدهم بهذه المخاطبة، واجعل كلما يأخذه ثمناً للوعد بها خاصة فامتنع وقال: أنا أقضي أشغالي، وأتوجه للإسكندرية، وأنتظر جواب السّلطان. وإلى أن انجز أمر الموكب وأمر الركاب، فسيَّر المملوك النسخة فإن وافقت فيتصدق المولى بترجمة يلصقها على ماكتبه المملوك، ويأمر نجم الدّين بتسلم الكتاب، مع أن ابن الجليس حدثه عنه أنه ممتنع من السفر إلا بالمكاتبة بها. فأمّا الذي يترجم به مولانا فيكون مثل الذي يُدعى به على المنبر لمولانا، وهو الفقير إلى اللَّه تعالى يوسف بن أيوب. وإذا كتب إليهم ابن رزيك من السيد الأجل، الملك الصالح، قُبح أن يكتب إليه مولانا الخادم. وهذا مبلغ رأي المملوك وقد كتب النسخة، ولم يبق إلا تلك اللفظة، وليست كتابة المملوك لها شركاً، والمملوك وعقبه مستجيرون بالله، ثم بالسّلطان من تعريضهم لكدر الحياة ن ومعاداة من لا يُخفى عنه خبر، ولا تُقال به عثرة. والكتاب الذين يشتغلون بتبييض الانسخة موجودون، فينوبون عن المملوك. ومن كتاب له رحمه اللَّه إلى السّلطان: تبرَّم مولانا بكثرة المطالبات، لا أخلاه اللَّه من القدرة عليها، وهنيئاً له. فاللَّه تعالى يطالبه بحسن الخلافة في أمته، والسلف يطالبونه بحفظ دينه،) ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طالبه بِحُسن الخلافة في أمته، والسلف يطالبونه بمباشرة ما لو حضروه لما زادوا على مايفعله المولى، وأهل الحزب يطالبونه بالذهب

(41/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 66
والفضة والحديد، والرعية تطالبه بالأمن في سربهم، والإستقامة في كسبهم، والسلامة في سُبُلهم، ونفسه الكريمة تطالبه بالجنة فهل عدم من اللَّه نصرة أم هل استمرت به عُسرة أم هل تمت لعدوه عليه كرَّة هل بات إلا راجياً ام أصبح إلا راضياً. إلى أن قال: والمشهور أن ملك الألمان خرج في مائتي ألف، وأنه الآن في دون خمسة الآف. قلت وأنبئت عن العماد الكاتب قال: ووصلت في مراكب ثلاثمائة إفرنجية من ملاحهم الزواني قد سبلن أنفسهن لعسكر الفرنج تغرية لإسعاف الشباب من كل تائقةٍ شائقة، مائقةٍ رائقة، رامقة مارقة، تميس كأنها قضيب، وتزينت وعلى لبها صليب، فتحنَ ابواب الملاذ، وسَبَلنَ مابين الأفخاذ.
4 (العفو عن الملك طغرل)
وفي المحرم خرجت جيوش بغداد، ومقدمها نجاح الشرابيّ إلى دقُوقاً لقتال الملك طُغرل، فدخل بعد أيام ولد طُغرل، ابن سبع سنين، يطلب العفو لأبيه، فعفا عنه.
4 (ولادة ابنين وبنتين في بطن واحد)
وأنبأنا ابن البُزُروي قال: في ربيع الأول وُلدت امرأة ابنين وبنتين في جوف واحد.
4 (مقتل آلاف الفرنج أمام المصريين)
وفي جمادى الآخرة في العشرين منه خرجت جيوش الفرنج من وراء خنادقهم، وحملوا على الملك العادل والمصريين فالتقوهم، واشتد القتال، فتقهقر المصريون، ودخل الفرنج خيامهم ونهبوها، فكرَّ المصريون عليهم فقتلوهم بين الخيام، وذهبت فرقة من المسلمين، فوقفت على فم الخندق

(41/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 67
تمنع من يخرج مدداً، وأخذت الفرنج السيوف من كل ناحية، فقتل منهم مقتلة عظيمة فوق العشرة آلاف وقيل ثمانية آلاف وأقل ما قيل خمسة آلاف. وقُتل من المسلمين نحو عشرة أنفس فقط. وكان يوماً مشهوداً حاز فضله المصريون.
4 (موت ملك الألمان)
وجاءت الأخبار من الغد بموت ملك الألمان، وبالوباء في أصحابه، وتباشر المسلمون، وفرحوا بنصر اللَّه، فجاءت الفرنج نجدة كبيرة لم تكن في حسبانهم مع ملكهم كندهري، وجاءتهم أموال) كثيرة وميرة وأسلحة، فقويت نفوسهم.
4 (دخول بطسة المسلمين عكا)
وأنتنت منزلة المسلمين بريح القتلى، فانتقل صلاح الدين، إلى الخرُّوبة في السابع والعشرين من جمادى الآخرة، كما انتقل عام أول. وقلَّت الأقوات بعكا، فبعث السّلطان إلى بيروت فجهز بطسة عظيمة، وألبس الرجال لبس الفرنج، ورفعوا الصُّلبان بالبطسة، فوصلت إلى عكا، فلم يشك الفرنج أنها لهم، ولم يتعرضوا لها، فلما حاذت ميناء عكا ودخلته ندمت الفرنج، وانتعش المسلمون.
4 (خروج كمين المسلمين على الفرنج)
وفي شوال خرجت الفرنج من وراء خنادقهم في أكمل أُهبة وأكثر عدد،

(41/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 68
فالتقاهم السّلطان في تعبئةٍ حسنةٍ، فكان أولاده في القلب، وأخوه الملك العادل في الميمنة، وابن أخيه تقي الدّين عمر، وصاحب سنجار عماد الدّين في الميسرة. واتفق للسلطان قولنج كان يعتاده، فنُصبت له خيمة على تل، فرأى الفرنج ما لا قبل لهم به فتقهقروا. قال ابن الأثير: لو لا الألم الذي حدث لصلاح الدّين لكانت هي الفيصل، وإ نما للَّه أمر هو بالغه. فلما دخل الفرنج خندقهم، ولم يكن لهم بعدها ظهور منه، عاد المسلمون إلى خيامهم وقد قتلوا من الفرنج خلقاً يومئذ. إلا أن في الثالث والعشرين من شوال تعرض عسكر من المسلمين للفرنج، فخرج إليهم أربعمائة فارس فناوشوهم القتال وتطارحوا، فتبعهم الفرنج، فخرج كمين للمسلمين عليهم فلم يفلت منهم أحد.
4 (اشتداد الغلاء على الفرنج)
واشتد الغلاء على الفرنج، وجاء الشتاء، وانقطعت مادة البحر لتهيجه، ولولا أن بعض الجهال كانوا يجلبون إليهم الغلات لأن الغرارة بلغت عندهم ألف درهم، لكانوا هلكوا جوعاً.
4 (تبديل عسكر عكا)
وأرسل أهل عكا يشكون الضجر والسآمة، فأمر السّلطان بإخراجهم، وإقامة البدل، وكان ذلك من أسباب أخذها. فأشار الجماعة عليه بأن يرسل اليهم النفقات الواسعة والذخائر، فإنهم قد تدربوا، واطمأنت نفوسهم، فلم يفعل وتوهم فيهم الضجر، وأن ذلك يحملهم على العجز. وكان) بها أبو الهيجا السمين، فنزل الملك العادل تحت جبل حيفا، وجمع المراكب والشواني، فكان يبعث فيها عسكراً، ويرد عوضهم من عكا في المراكب،

(41/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 69
لكن كان بها ستون أميراً، فخرج أولئك، ودخل بدلهم عشرون أميراً فكان ذلك من التفريط أيضاً. وتوانى أجناد صلاح الدين، واتكل على غيره. وكان رأس الذين دخلوا سيف الدّين عليّ المشطوب، وكان دخولهم في أول سنة سبع وكان بها زهاء عشرين ألفاً. ولم يخرج قراقوش.
4 (كسرة مراكب القوت عند عكا)
وجهز السّلطان لعكا إقامةً كبيرةً وقُوتَ سنة، ولكن كان البحر في هيجه، فتكسرت عامّة المراكب.

(41/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 70
4 (سنة سبع وثمانين وخمسمائة)

4 (استيلاء الفرنج على عكا)
دخلت وقت اشتدت مضايقة الفرنج لعكا، والقتال بينهم وبين السّلطان مستمر، وكل وقتٍ يأتيهم مددٌ من البحر، فوصل ملك الإنكلتير في جمادى الأولى، وكان قد دخل قبرص وغَدر بصاحبها وتملكها، ثمّ سار إلى عكا في خمسٍ وعشرين قطعة مملوءة رجالاً وأموالاً، وكان رجل وقته مكراً ودهاءً، ورُميَ المسلمون منه بحجر ثقيل. وعظم الخطب، وعملت الفرنج تلاًّ عظيماً من التراب لا تؤثر فيه النار ولا غيرها، فنفعهم في القتال وأوهن المسلمين خروج أميرين في الليل ركبوا في شينيّ ولحقوا بالمسلمين، فضعفت الهمم ووجلت القلوب، وراسلوا صلاح الدين، فبعث إليهم أن اخرجوا من البلد كلكم على حميّة، وسيروا مع البحر، واحملوا عليهم، وأنا أجيئهم من الجهة الأخرى وأكشف عنكم، وذروا البلد بما فيه. فشرعوا في هذا، فلم يتهيأ لهم، ولا تمكنوا منه، فلما اشتد البلاء على أهل عكا وضعُفت قلوبهم، وقلت منعتهم، ونُقبت بدنة من الباشورة، حرج الأمير سيف الدّين عليّ بن أحمد المشطوب الهكاريّ إلى ملك الفرنج وطلب الأمان، فأبى عليه إلا أن ينزل على حكمه، فقال: نحن لا نُسلّم البلد إلا أن نُقتل بأجمعنا، ورجع مغاضباً. فلما كان يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من جمادى الآخرة زحف

(41/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 71
الفرنج زحفاً شديداً، وأشرفوا على أخذ البلد، فطلب المسلمون منهم الأمان على أن يُسلموا إليهم عكا، ومائتي ألف دينار،) وألفاً وخمسمائة أسير، ومائة أسير من الأعيان، وصليب الصَّلبوت. فوقع الأمان على ذلك، وأخذوا رهائن على تمام القطيعة، وملكوا عكا. فلما كان في ثامن رجب جاءت رُسلهم لذلك، فأحضر السّلطان مائة ألف دينار، وصليب الصَّلبوت، والأسارى، فأبوا إلاّ جميع المال، واختلف الأمر نحو شهر، ثمّ كمل لهم المال، وأحضر صليبهم، وكانوا قد ظنُّوا أن السّلطان فرَّط فيه، فلما عاينوه خروا له سُجَّداً. ثمّ ظهر للسلطان غدرهم ومكرهم، فتوقَّف في مضاء المقرر.
4 (رواية ابن شداد)
قال ابن شداد في سيرة صلاح الدّين: إن الذين بعكا بذلوا للفرنج البلد بما فيه من السلاح والآلات والمراكب، ومائتي ألف دينار، وخمسمائة أسير، ومائة أسير يقترحونهم معروفين، وصليب الصلبوت، على أن يخرجوا بأموالهم وأهلهم، ويعطوا للمركيس الذي توسط بينهم أربعة آلاف دينار، فلما وقف السّلطان على ذلك أنكره وعظم عليه، وجمع أهل الرأي، واضطربت آراؤهم، وتقسم فكره، وعزم على أن يكتب تلك الليلة ينكر عليهم المصالحة، وبقي متردداً، فلم يشعر إلى وقد ارتفعت صلبان الكفر على البلد، ونارهم وشعارهم على السور، وذلك ظهر يوم الجمعة سابع عشر من جمادى الآخرة، وصاح الفرنج صيحةً واحدةً، وعظمت المصيبة على المسلمين،

(41/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 72
ووقع فيهم البكاء والنحيب، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وخيم ملك الأنكتير بيافا، وشرعوا في عمارتها. ثمّ راسل ملك الأنكتير السّلطان في طلب الهدنة، فكانت الرسائل تتردد إلى الملك العادل، فتقررت القاعدة أن الأنكتير يزوج أخته بالملك العادل ويكون القدس وما بأيدي المسلمين من بلاد الساحل للعادل، وتكون عكا لأخت ملك الأنكتير مضافاً إلى مملكةٍ كانت لها داخل البحر قد ورثتها من زوجها. وأجاب صلاح الدّين إلى ذلك، فاجتمع الرهبان والقسيسون، وأنكروا على الملكة، ومنعوها من الإجابة. ثمّ إن الفرنج نوهوا بقصد بيت المقدس، فصاف صلاح الدّين إلى الرملة جريدة، وجرت بين المسلمين وبين الفرنج عدة وقعات صغار في هذه الأيام، في سائرها يكون الظفر للمسلمين. ثمّ دخل صلاح الدّين القدس لكثرة الأمطار، وتقدمت الفرنج إلى النطرون على قصد بيت المقدس. واشتد الأمر، وجرى بينهم وبين يزك المسلمين عدة وقعات.
4 (تحصين القدس)
وجد صلاح الدّين في تحصين القدس بكل ممكن، حتى كان يحمل الحجارة على فرسه بنفسه،) ومما جرى أن ملك الأنكتير ركب بالفرنج في البحر، فركب السّلطان في البر لقتالهم. فأحضر الفرنج جماعة من أسارى المسلمين، فقتلوهم صبراً، فحمل المسلمون عليهم وأزالوهم عن مواقفهم، وقتلوا منهم جماعة، واستشهد من المسلمين جماعة. ثمّ انصرف السّلطان في المال المقرر، فلما دخل شعبان زحفت الفرنج بخيلهم ورجلهم، فعرف

(41/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 73
السّلطان أن قصدهم عسقلان، فرحل بالجيش، قبالتهم، وبقي يزك المسلمين يقاتلونهم في كل مرحلة.
4 (وقعة نهر القصب)
ثم كانت بينهم وبين السّلطان وقعة نهر القصب، استشهد فيها أياز الطويل وكان أحد الأبطال. ثمّ كانت وقعة أرسوف، فكانت الدبرة على الفرنج خذلهم اللَّه.
4 (هدم عسقلان وتخريب الرملة ولد)
ووصل السّلطان إلى عسقلان فأخلاها، وشرع في هدمها في أثناء شعبان. ثمّ رحل إلى الرملة، فأمر بتخريب حصنها، وتخريب لُدّ، ثمّ مضى جريدةً إلى القدس وأمر وعاد.

(41/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 74
4 (إقطاع الدينور للماهكي)
أنبأنا ابن البزوري قال: في ربيع الأول حضر عبد الوهاب الكردي السارق قلعة الماهكي مصفداً بالحديد، فرحمه الخليفة وخلع عليه وأعطي كوسات وأعلاماً، وأقطع الدينور.
4 (أستاذ دارية الخلافة)
وفي جمادى الأولى عُزل عن أستاذ دارية الخلافة عليّ بن بختيار وولي جلال الدّين عبيد اللَّه بن يونس.
4 (السعي من تكريت إلى بغداد في يوم)
وفي جُمادى الآخرة عدا بركة الساعي من تكريت إلى بغداد في يومٍ ولم يسبق إلى هذا، وحصل له خلع ومال طائل.
4 (جاثليق النصارى)
وفيه رُتب الموصلي النصراني جاثليق النصارى، وخُلع عليه بدار الوزارة، وقريء عهد في كنيسة درب دينار.
4 (خروج عسكر الخليفة إلى خوزستان)
وفي شوال خرج العسكر الخليفيّ مع مؤيد الدّين ابن القصاب نائب الوزارة، وعز الدّين نجاح) الشرابي إلى بلاد خوزستان، ورجعوا في ذي الحجة.
4 (إحراق السهروردي الساحر)
وفيها ظهر بحلب الشهاب السهروردي الفيلسوف الساحر. وكان فقيهاً واعظاً، ملعون الإعتقاد، بارعاً في علوم الأوائل، خبيراً بالسيمياء، فعقد

(41/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 75
صاحب حلب الملك الظاهر له مجلساً، فأفتوا بكفره، فحبس في هذه السنة ثمّ أحرق بعد أن ميت جوعاً.
4 (تراجع الفرنج إلى الرملة)
وفيها، في آخرها، تأخر الفرنج إلى الرملة لقلة الميرة عليهم. وقال ملك الأنكتار لمن معه: إني ما رأيت القدس، فصوروها لي. فرأى الوادي يحيط بها ماعدا موضع يسير من جهة الشمال. فقال: هذه المدينة لا يمكن حصرها مع وجود صلاح الدّين، ومع اجتماع كلمة المسلمين.
4 (انتحار تاجر حلبي)
وفيها، قال لنا ابن البزوري في مذيَّله: قدم بغداد تاجر حلبي بمال طائل، فعشق واحدة فأنفق عليها ماله حتى أفلس، ولم يبق يقدر عليها، ولا له صبر عنها، فدخل عليها فضربها بسكين، وضرب نفسه فمات. وأما هي فخيط جرحها وعاشت.
4 (حج طاشتكين)
وحج بالناس من بغداد طاشتكين على عادته.

(41/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 76
4 (إمارة مكة)
وفيها أخذ داود أمير مكة ما في الكعبة من الأموال وطوقاً كان يمسك الحجر الأسود لتشعثه، إذ ضربه ذاك الباطني بعد الأربعمائة بالدبوس. فلما قدم الركب عزل أمير الحاج داود، وولى أخاه مكثراً، وهما ابنا عيسى بن فُليتة بن قاسم بن محمد بن أبي هاشم الحسني، فأقام داود بثجله إلى أن توفي في رجب سنة تسع وثمانين وهو وآباؤه الخمسة أمراء مكة.

(41/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 77
4 (سنة ثمان وثمانين وخمسمائة)

4 (استتابة ابن عبد القادر)
قال ابن البزوري: في صفر كُفَّت يد عبد الوهاب بن الشيخ عبد القادر عن وقف الجهة الإخلاطية سجلق خاتون. ووجد عند ابنه عبد السلام كُتُب بخط والده عبد الوهاب فيها يتخيَّر الكواكب، فسُئل: هل هي بخطك فأقر، فأفتوا بقلة دينه، وأن الكاتب لها والقارىء لها مخطيء،) ومُعتقدها كافر. وعُرضت الفتاوى على الخليفة فاستُتيب، وأُحرقت الكتب في محفل. وكان فيها أن لا مدبر للعالم سوى الكواكب، وأنها هي الرزاقة. ووهت حًرمة بني عبد القادر، وأخرجوا عن مدرستهم، وسُلمت إلى ابن الجوزي.
4 (عزل قاضي القضاة)
وفيها عُزل قاضي القُضاة العباسي لأنه حكم في كتابٍ زوّره حاجبه أبو جعفر وابن الحرانيّ.
4 (ترسُّل السهروري)
وفيها نفذ شهاب الدّين السهروردي رسولاً إلى زعيم خلاط بكتمر.
4 (حبس أمير الحاج طاشتكين)
وفي رجب عُقد مجلس بدار أستاذ دار الخليفة، وأحضر أمير الحاج مجير الدّين طاشتكين متولي الحلَّة، ثمّ أخرج مكتوب فيه الخادم طاشتكين

(41/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 78
يخدم السّلطان ويقول: أنا مشدود بواسط في خدمتكم، وهذا وقتكم، والبلاد خالية ن فإذا هادنت الفرنج وعدت إلى الشام فأنا أتولى الخدمة. وقد توج المكتوب بالقلم الشريف. إنا ما أنبأنا إلى طاشتكين قط وله حقوق، غير أن باطنه روى مايخبئه. فأنكر طاشتكين، وزعم أن هذا الخط لايعرفه. فشهد عليه جماعة ممن تختص به وكذبوه. فحُبس، وكان له إلى هذه السنة تسع عشرة حجة. ووُلي ايليا إمرة الحاج.
4 (بناء دار الخلافة)
وبنى الخليفة داراً هائلة مزخرفة في بستانها من الطير والوحش ما يبهت الرائي. فلما فرغت وهبها لولده أبي نصر محمد.
4 (عمارة الفرنج عسقلان)
وفيها في المحرم، أعني سنة ثمانٍ، نزل الفرنج بعسقلان وهي خراب، فأخذوا في عمارتها.
4 (قتل المركيس صاحب صور)
وفي ربيع الآخر قُتل المركيس صاحب صور، وكان من شياطين الفرنج، قدم من البحر في مركبٍ عالٍ وتجارة أيام فتح بيت المقدس، فدخل صور وأهلها في هَرج ومرج، وليس لهم رأس، فملكوه عليهم، فقام بأمرهم أتم قيام، وضبط البلد وحصَّنها، وحاصرهم صلاح الدّين مدة بعد فتح بيت المقدس فلم يقدر عليهم، فجرّد على البلد من يضيّق عليهم ورحل. وكان المركيس أحد من بالغ في حصار عكا. وكان سبب قتله أن سناناً مقدم الإسماعيلية بعث) إليه صلاح الدّين أن يرسل من يقتل ملك الإنكتار،

(41/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 79
وإن قتل المركيس فله عشرة آلاف دينار. فأرسل رجلين في زي الرهبان، فاتصلا بصاحب صيدا، فأظهرا العبادة، فأنس بهما المركيس، ووثق لهما فقتلاه، وقُتلا معه. تملك كندهري صور وتملَّك صور بعده كندهري ابن أخت ملك الأنكتار، فبقي إلى سنة أربع وتسعين، فسقط من سطح ومات. وكان لما رحل خاله إلى بلاده أرسل يستعطف صلاح الدّين ويطلب ويطلب منه خلعةً وقال: أنت تعلم أن لبس القباء والشربُوش عندنا عيب، وأنا ألبسهما منك محبة فيك. فنفذ إليه خلعة سنية بشربوش،، فلبسها بعكا.
4 (انتهاب البصرة)
وفيها في صفر نهبت بنو عامر البصرة. تجمعوا مع أميرهم عُميرة، وكان بها أمير فحاربهم، فلم يقو لهم، وقتل جماعة، ودخلوها وفعلوا كل قبيح، وذهبت أمتعة الناس.

(41/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 80
4 (انصباب البلاء على الفرنج)
وفيها في جمادى الأولى استولت الفرنج على حصن الداروم، ثمّ ساروا حتى بقوا على فرسخين من القدس، فصب المسلمون عليهم البلاء، وتابعوا إرسال السرايا، وبُليَ الفرنج منهم بداهيةٍ، فرجعوا وتخطفهم المسلمون.
4 (غزو الهند وقتل ملكها)
وكان شهاب الدّين الغُري غزا الهند في سنة ثلاث وثمانين فانهزم، فلما كان في هذه السنة خرج من غزنَة بجيوشه، وقصد عدوه، فتجهز الكافر ملك الهند وسار نحوه، فلما قاربه تقهقر شهاب الدين، وتبعه ملك الهند إلى أن قارب ملك المسلمين، فندب شهاب الدّين شطر جيشه، فداروا في الليل حتى صاروا من وراء الهنود، وحمل من الغد هو من بين أيديهم وأولئك من خلفهم، وكثر القتل في الهنود، وأُسر ملكهم في خلقٍ من جنده، وغنم المسلمون ما لا يوصف. ومن ذلك أربعة عشر فيلاً، فقال ملك الهند: إن كنت طالباً بلادنا فما بقي بها من يحفظها، وإن كنت طالب مالٍ فعندي أموال تحمل منها جمالك كلها. فسار شهاب الدين، وهو معه، إلى قلعته واسمها جهير، فتملكها شهاب الدّين وتملك جميع نواحيها، وأقطع الجميع لمملوكه قُطب الدّين أيبك. وقتل ملك الهند ورجع إلى غزنة مؤيداً) منصوراً.
4 (كسرة المسلمين)
وكان عسكر مصر قد خرجوا للغزاة فأقاموا ببلبيس حتى اجتمعت إليهم

(41/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 81
القوافل، وساروا في الليل، فتهيأت الفرنج لكسبهم وكمنوا لهم، ثمّ بيتوهم بأرض الحسا. فطاف الإنكلتير حول القفل في صورة بدوي، فرآهم ساكنين، فكبسهم في السَّحر بخيله ورجله، فكان الشجاع من نجا بنفسه. وكانت وقعة شنعاء لم يُصب الناس بمثلها في هذه السنين. وتبدد الناس في البرية وهلكوا، وحازت الفرنج أموالاً وأمتعة لاتحصى، وأسروا خمسمائة نفس، ونحو ثلاثة آلاف جمل محملة، فقويت نفوس الملاعين بالظفر والغنائم، وعزموا على قصد القدس.
4 (المشورة في أمر القدس)
وسار كندهري إلى صور، وطرابلس، وعكا يستنفر الناس، فهيأ السّلطان القدس وحصنها للحصار، وأفسد المياه التي بظاهر القدس كلها، وجمع الأمراء للمشورة، فقال القاضي بهاء الدّين بن شداد: فأمرني أن أحثهم على الجهاد، فذكرت مايسر اللَّه تعالى، وقلت إن النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتد به الأمر بايع الصحابة على الموت، ونحن أول من تأسى به، نجتمع عند الصخرة، ونتحالف على الموت. فوافقوا على ذلك وسكت السّلطان طويل والناس كأن على رؤوسهم الطير، ثمّ قال الحمد لله والصلاة على رسول اللَّه. واعلموا أنكم جند الإسلام اليوم ومنعته، وأنتم تعلمون أن دماء المسلمين وأموالهم وذراريهم متعلقة في ذمتكم. وإن هذا العدو ليس له من يلقه غيركم، فلو لويتم أعنتكم، والعياذ بالله، طوى البلاد، وكان هذا من ذمتكم، فإنكم أنتم الذين تصديتم لهذا، وأكلتم بيت مال المسلمين لخفظ حوزتهم. فانتدب جوابه سيف الدّين المشطوب وقال: نحن مماليكك وعبيدك، وأنت الذي أنعمت علينا وعظمتنا، وليس لنا إلاّ رقابنا، وهي بين يديك

(41/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 82
والله مايرجع أحد منا عن نصرتك إلى أن تموت. فقال الجماعة مثل ما قال، فأنبسطت نفس السّلطان وأطعمهم، ثمّ انصرفوا. فلما كان عشاء الآخرة اجمعنا في خدمته على العادة وسمرنا وهو غير منبسط. ثمّ صلينا العشاء وكانت الصلاة هي الدستور العام، فصلينا وأخذنا في الإنصراف فاستدعاني وقال: أعلمت ماتجدد قلت: لا.) قال: قال إن أبا الهيجا السمين تقدم الي اليوم وقال: اجتمع اليوم عنده الأمراء، وأنكروا موافقتنا على الحصار، وقالوا لا مصلحة في ذلك، فإنَّا نُحصر ويجري علينا ماجرى على أهل عكا، وعند ذلك تؤخذ بلاد الإسلام أجمع. والرأي أن نهمل مصافاً، فإن هزمناهم ملكنا بقية بلادهم، وإن تكن الأخرى سلم العسكر وذهب القدس. وقد انحفظت بلاد الإسلام وعساكرها مدة بغير القدس. وكان السّلطان رحمه الله عنده من القدس أمر عظيم لا تحمله الجبال، فشقت عليه الرسالة. وقمت تلك الليلة في خدمته إلى الصباح، وهي من الليالي التي أحياها في سبيل اللَّه. وكان مما قالوه في الرسالة: إنك إن أردتنا أن نقيم بالقدس فتكون أنت معنا أو بعض أهلك، فالأكراد لا يدينون للأتراك، ولا الأتراك يدينون للأكراد. فانفصل الحال على أن يضم من أهله الملك الأمجد صاحب بعلبك. وكان رحمه اللَّه يحدِّث نفسه بالمقام، ثمّ امتنع من ذلك لما فيه من

(41/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 83
خطر للإسلام، فلما صلينا الصبح قلت له: ينبغي أن ترجع إلى الله تعالى ن وهذا يوم جمعة، وفيه دعوة مُستجابة، ونحن في أبرك موضع. فالسّلطان يغتسل الجمعة ويتصدق بشيء سراً، وتصلي بين الأذان والإقامة ركعتين تناجي فيهما ربكن وتفوض مقاليد أمورك إليه، وتعترف بعجزك عما تصديت له، فلعله يرحمك ويستجيب لك. وكان رجمه الله حسن الإعتقاد، نام الإيمان، يتلقى الأمور الشرعية بأحسن انقياد. فلما كان وقت الجمعة صليت إلى جانبه في الأقصى، وصلى ركعتين، ورأيته ساجداً ودموعه تتقاطر. ثم انقضت الجمعة. فلما كان العشي وصلت رقعة من عز الدّين جرديك، وكان في اليزك، يقول فيها: إن القوم قد ركبوا بأسرهم، ووقفوا في البر على ظهر، ثمّ عادوا إلى خيامهم، وقد سيرنا جواسيس تكشف أخبارهم. ولما كان الغد يوم السبت، وهو الحادي والعشرين من جمادى الآخرة، وصلت رقعة أخرى تخبر أن الجواسيس رجعوا، وأخبروا أن القوم اختلفوا في الصعود إلى القدس أو الرحيل إلى بلادهم، فذهب الفرنسيسة إلى الصعود إلى القدس وقالوا: إنما جئنا بسببه فلا نرجع. وقال الأنكتير إن هذا الموضع قد أفسدت مياهه ولم يبق حوله ماء، فمن أين نشرب قالوا:

(41/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 84
نشرب) من نهر نقوع وهو على فرس من القدس فقيل: كيف نذهب اليه قالوا: قسم يذهب إلى السقي، وقسم يبقى على البلد، فقال: إذاً يأخذ العسكر البراني الذي لهم من الذي يذهب مع الدواب، ويخرج عسكر البلد على الباقين. فانفصل الحال على أنهم حكموا ثلاثمائة من أعيانهم، وحكم الثلاثمائة اثني عشر منهم، وحكم الإثنا عشر ثلاثة منهم، وقد باتوا على حكم الثلاثة. فلما أصبحوا حكموا عليهم بالرحيل، فلم يمكنهم المخالفة ن فرحلوا ليومهم، وهو يوم السبت المذكور، نحو الرملة، ناكصين على أعقابهم. ثم نزلوا الرملة، وتواتر الخبر بذلك إلى السّلطان وكان يوم فرح وسرور. ثم ورد رسول الأنكتير في الصلح يقول: قد هلكنا نحن وأنتم، والأصلح حقن الدماء، ولاتغتر بتأخيري عن منزلتي، فالكبش يتأخر لينطح. وهذا ابن اختي كندهري قد ملكته هذه الديار، وسلمته اليك يكون بحكمك. وإن جماعة من الرهبان قد طلبوا منك كنائس، فما بخلت بها عليهم، وأنا أطلب منك كنيسة في القدس، وأنا أرسلتك به مع الملك العادل قد تركته يعني من طلبه القدس وغيرها، ولو أعطيتني قرية أو مقرعة لقبلتها. فاستشار السّلطان الأمراء، فأشاروا بالصلح لما بهم من الضجر والتعب

(41/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 85
وعلاهم من الديون. فاستقر الحال أن الجواب ماجزاء الإحسان إلاّ الإحسان، وابن اختك يكون كبعض أولادي، وسيبلغك ماأفعل به، وأنا أعطيك أكبر الكنائس، وهي القيامة، والبلاد التي بيدك بيدك، وما بأيدينا من القلاع الجبلية يكون لنا، ومابين العملين مناصفة، وعسقلان وما وراءها يكون خراباً. فانفصل الرسول طيب القلب. ثم ورد رسوله يقول أن يكون لنا في القدس عشرون نفراً، وإن من سكن من النصارى والفرنج في القدس لا يُتعرض لهم، أما بقية البلاد فلنا منها الساحليات والوطاة، والبلاد الجبلية تكون لكم. فأجابه السّلطان بأن القدس ليس لكم فيه سوى الزيارة. فقال الرسول: وليس على الزوار شيء فقال السّلطان: نعم. وأطلق لهم بلاد عسقلان يزرعونها، وأن تكون قرى الداروم مناصفة.
4 (عمارة سور القدس)
وفيها قسم السّلطان صلاح الدّين عمارة سور بيت المقدس على أخيه وأولاد أخيه. ولم يزل مُجداً في عمارتها حتى ارتفعت.)

(41/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 86
4 (موت ابن المشطوب)
وفيها كان خلاص سيف الدّين عليّ بن المشطوب أمير عكا من الأسر على مال قرره. ثمّ مات في آخر شوال. فعين السّلطان ثلث نابلس لمصالح بيت المقدس وباقيها للأمير عماد الدّين أحمد ابن المرحوم سيف الدّين المشطوب.
4 (أخذ الفرنج للداروم)
وفيها نازل الفرنج قلعة الداروم وافتتحوها بالسيف. ثمّ كانت وقعات بينهم وبين المسلمين كلها للمسلمين عليهم، إلا وقعة واحدة كان العادل أخو السّلطان مقدمها ودهمهم العدو فهزموهم.
4 (فتح يافا وقلعتها)
وفيها نزل السّلطان على يافا وأخذها بالسيف، وأخذ القلعة بالأمان ثمّ طولوا ساعات الانتقال وأمهلوا وسوفوا، حتى جاءهم ملك الأنكتير نجدة في البحر بغتة، ودخل القلعة وغدروا، فأسر السّلطان من كان قد خرج منهم، وسار إلى الرملة.
4 (الهدنة بين السّلطان والفرنج)
ثم وقعت الهدنة بينه وبين الفرنج مدة ثلاث سنين وثمانية أشهر، وجعل لهم من يافا إلى قيسارية إلى عكا، إلى صور. وأدخلوا في الصلح طرابلس، وأنطاكية، واستعاد منهم الداروم ودخل في هذا الصلح وهو كاره يأكل يديه من الحنق والغيظ ولكنه عجز وكثرت عليه الفرنج. وكتب كتاب الصلح

(41/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 87
بين الملتين في الثاني والعشرين من شعبان. ووقعت الأيمان والمواثيق على ذلك من الفريقين، ونودي بذلك. وكان في جملة من حضر عند صلاح الدّين صاحب الرملة فقال لصلاح الدّين ما عمل أحد ما عملت، إننا أحصينا من خرج إلينا في البحر من المقاتلة فكانوا ستمائة ألف رجل ما عاد منهم إلى بلادهم من كل عشرة واحد، بعضهم قتلوا، وبعضهم مات، وبعضهم غرق، وأذن صلاح الدّين في زيارة القدس للفرنج، وترددت الرسل بين السّلطان وبين الفرنج
4 (امتناع جند السّلطان عن القتال)
ثم سار فنزل بالعوجا، وبلغه أن الأنكتير بظاهر يافا في نفر يسير، فساق ليكبسه، فأتى فوجد نحو عشر خيم، فحمل السّلطان عليهم فثبتوا ولم يتحركوا، وكشروا عن أنياب الحرب، فأرتاع عسكر السّلطان وهابوهم وداروا حولهم حلقة. وكانت عدة الخيل سبعة عشر، والرجال ثلاثمائة) فوجد السّلطان من ذلك وتألم، ودار على جنده ينخيهم على الحملة، فلم يجب دعاءه سوى ولده الملك الظاهر. وقال للسلطان الجناح أخو سيف الدّين المشطوب: قل لغلمانك الذين ضربوا الناس يوم فتح يافا وأخذوا منهم الغنيمة يحملون. وكان في نفوس العسكر غيظ على السلطان حيث فوَّتهم الغنيمة. فغضب السّلطان وأعرض عن القتال.

(41/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 88
وذُكر أن الأنكتير حمل يومئذٍ بُرمحه من طرف الميمنة إلى طرف الميسرة، وماتعرض له أحد. فرد السّلطان وسار إلى النطرون ثمّ إلى القدس.
4 (توثيق الهدنة)
ومرض الأنكتير، وكانت رسُله تتردد في طلب الخوخ والكمثرى، وكان السّلطان يمده بذلك وبالثلج. ثم عُقدت الهدنة وتوثّق من الفريقين، فحلف جماعة من ملوك الفرنج ومن ملوك الإسلام من آل السّلطان ومن أمرائه الأعيان، وكان يوم الصلح يوماً مشهوداً، عم الفرح هؤلاء وهؤلاء. ورجع إلى القدس فتمم أسواره ودخل دمشق.
4 (مقتل سلطان الروم)
وفيها قُتل سلطان الروم قلج أرسلان.

(41/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 89
4 (سنة تسع وثمانين وخمسمائة)

4 (قدوم ابن شملة على الخليفة)
فيها قدم عليّ ابن الأمير شملة إلى الخليفة بمفاتيح قلاع أبيه فخلع عليه.
4 (إمرة الحاجّ)
وفيها ولي إمرة الحاج قطب الدّين سنجر الناصري.
4 (إعادة ابن البخاري للقضاء)
وفيها أعيد إلى القضاء أبو طالب بن البخاري.
4 (مقتل بكتمر)
وفيها قُتل بكتمر المتغلب على مدينة خلاط على يد الباطنية. وكان قد تسلطن وضرب لنفسه الطبل في أوقات الصلوات الخمس.

(41/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 90
4 (مرض السّلطان طغرل)
) وفيها سار السّلطان طُغرل إلى الري، قتل بها ألف نفس، وعاد إلى همذان، فمرض وبطل نصفه.
4 (الخلعة على قيماز)
وفيها خلع على قيماز شحنة إصبهان القادم في صُحبه مؤيد الدّين ابن القصاب وأُعطي ستة آلاف دينار، وتوجه إلى بلده وفي صحبته الأميران سنقر الطويل وإيلبا.
4 (وفاة السّلطان صلاح الدّين)
وتُوفيّ السّلطان صلاح الدّين، فوصل إلى بغداد في رمضان الرسول وفي صُحبته لأمة الحرب التي لصلاح الدّين وفَرسه ودينار واحد وستة وثلاثون درهماً، لم يخلف من المال سواها. وصُحبه ذلك صليب من الذهب الأحمر كان قد أخذه من القدس.

(41/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 91
4 (افتتاح مدرسة ببغداد)
وفيها فُتحت المدرسة التي بُنيت ببغداد لوالدة الناصر لدين اللَّه، ودرَّس بها أبو عليّ النوقاني.
4 (فتوحات أيبك)
وفيها غزا السّلطان شهاب الدّين صاحب غزنة وتقدم مملوكه أيبك بالجيوش، فأفتتح ماأمكنه، وسبا وغنم شيئاً كثيراً، ورجع سالماً.
4 (انقضاض كوكبين)
قال ابن الأثير: وفيها أنقض كوكبان عظيمان واضطربا، وسُمع صوت هدَّةٍ عظيمة، وذلك بعد طلوع الفجر، غلب ضوءهما ضوء القمر وضوء النهار.

(41/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 92
4 (سنة تسعين وخمسمائة)

4 (ولاية شحنكية بغداد)
في ربيع الأول وليَّ مجد الدّين ياقوت الرومي شحنكية بغداد، فأقام سياسة البلد وأخلاه من المفسدين.
4 (الحرب بين ملك غزنة وسلطان الهند)
وفيها كان الحرب بين السّلطان شهاب الدّين الغوري ملك غزنة وبين بنارس سلطان الهند. وذلك أن أيبك مملوك شهاب الدّين لما دخل عام أول الهند فأغار على الأطراف تنمر بنارس وغضب، وهو أكبر ملوك الهند.) قال ابن الأثير: وولايته من حد الصين إلى بلاد ملاو طولاً، ومن البحر إلى ميسرة عشرة أيام من لهاوور عرضاً، فحشد وجمع وقصد الإسلام، فطلبه شهاب الدّين بجيوشه، فالتقى الجمعان على نهر ماجون. قال: وكان مع الهندي سبعمائة فيل. وكذا قال ابن الأثير. قال: ومن العسكر على ماقيل ألف ألف نفس، ومن جملة عسكره عدة أمراء مسلمين كانوا في تلك البلاد. فصبر الفريقان، واشتد الحرب، وكان النصر لشهاب الدين، وكثر القتل في الهنود حتى جافت منهم الأرض، وأخذ شهاب الدّين تسعين فيلاً. وقتل بنارس ملك الهند، ولم يعرفه أحد، إلاّ أنه كان قد شد أسنانه بالذهب، فبذلك عُرِف.

(41/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 93
ودخل شهاب الدّين بلاد بنارس وحمل من خزائنها ألفاً وأربعمائة حمل، وعاد إلى غزنة. ومن جملة الفيلة التي أخذها فيل أبيض. حدثني بذلك من راّه فلما عرضت الفيلة على شهاب الدّين خدمت جميعها إلا الفيل الأبيض فإنه لم يخدم.
4 (مقتل السّلطان طغرل)
وفيها، في جمادى الأولى، وصل رسول من خوارزم شاه وصحبته ابن عبد الرشيد الذي سار في رسالة الخليفة إلى خوارزم شاه يأمره بمحاربة المارق طُغرل السلجوقي. فمرض عبد الرشيد وأحس بالموت، فأمر ولده بالمسير إلى خوارزم شاه لأداء الرسالة، فقابل الرسالة بالسمع والطاعة، وسار بجيوشه فحارب طُغرل وانتصر عليه، وهزم عساكره ونهب أمواله، وقتله، وحمل رأسه إلى بغداد وصحبة رسوله، فأبرز للقيه الموكب، وأُتي بالرأس على رُمح، ودخل قاتله وهو شابٌّ تركيّ من أمراء خُوارزم شاه. وأول كتابه: الحمد لله الذي جعل الملوك من أخلص المماليك عقيدة ونية، وأصحَّهم ولاء وعبودية، وأضفاهم سريرة وطويّة. وفيه: ولما وردت المراسم بردع ذلك المارق المنافق، أرسل المملوك داعياً له إلى الطريق اللاحب، ومشيراً عليه باعتماد الواجب، ليعود إلى طاعة

(41/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 94
الإمام، وعارضاً عليه تجديد الإسلام، أو الاستعداد للمصافّ، والرجوع إلى حكم الاستئناف. وكان بالري، فزلف المملوك إليه في كتيبةٍ شهباء من جنود الإسلام، مقنّعة بالزَّرَد المحبوك، مُحتف بالملائكة، محفوفة بالملوك، يتألق حديدها، ويتنمر أسودها، وهي كالجبل العظيم، والليل البهيم، خلفها السباع والذفريان) وفوقها النسور والعقبان، وبين يديها شخص المنون عريان، إلى أن وافت ذلك المخذول، وهو في جيش يُعجز الإحصاء، ويضيق عنه الفضاء، فصب اللَّه عليهم الخذلان، لمّا تراءى الجمعان، وبرز الكفر إلى الإيمان، فتلا المملوك: قاتلوهم يُعذبهم اللَّه بأيديكُم. إلى أن قال: وأنقذ اللَّه حكمه في الطاغية، وعجل بروحه إلى الهاوية، وملك المملوك بلادهم.
4 (إلتجاء خوارزم شاه إلى الجبال)
قال ابن الأثير: وكان الخليفة قد سير نجدة لخوارزم شاه، وسير له مع وزيره ابن القصاب خلع السلطنة، فنزل على فرسخ من همذان، فأرسل إليه خوارزم شاه بعد الوقعة يطلب إليه، فقال مؤيد الدّين ابن القصاب: ينبغي أن تحضر أنت وتلبس خلعة أمير المؤمنين من خيمتي. وترددت الرسل بينهما، فقيل لخوارزم شاه. إنها حيلة على القبض عليك. فرحل خوارزم شاه ليأخذه، فأندفع بين يديه، والتجأ إلى بعض الجبال. فامتنع به.
4 (ولاية الأستاذ دارية)
وفيها عزل أبو المظفر عبيد اللَّه بن يونس من الأستاذ دارية، وحبس إلى أن مات، وولي مكانه تاج الدّين أبو الفتح بن رزين.

(41/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 95
4 (قتل متولي الحلة)
وفيها قبض على ألب غازي متولي الحلة وأخذت أموله، وقتل جزاء بما كذب على الأمير طاشتكين.
4 (وزارة ابن القصاب)
وفي رمضان أحضر مؤيد الدّين ابن القصاب وشافهه الخليفة بالوزارة، وقال: يا محمد قد قلدتك ما وراء بابي، وجعلته في ذمتك، فأعمل فيما ترى برأيك. وخلع عليه وضُربت النوبة على بابه على قاعدة الوزراء، ثمّ توجه إلى تستر، فافتتح بلاد خوزستان.
4 (حبس ابن الجوزي)
وفي شوال وقع الرضا عن أولاد الشيخ عبد القادر وأخذ ابن الجوزي إلى واسط، فحُبس بها مدة خمس سنين.
4 (السلاطين الأيوبيون وبلادهم)
) وكان سلطان مصر في هذه السنة: الملك العزيز عماد الدّين عثمان بن صلاح الدّين، وسلطان دمشق: الملك الأفضل نور الدّين عليّ بن صلاح الدين، وسلطان حلب: الملك الظاهر غياث الدّين غازي بن صلاح الدين، والكرك وناحيتها، حرَّان، والرُّها، وتلك الناحية بيد الملك العادل سيف

(41/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 96
الدّين أبي بكر، وحماه، والمعرة، وسلمية، ومنبج بيد الملك المنصور محمد بن تقي الدّين عمر بن شاهنشاه، وبعلبك بيد الأمجد بهرام شاه بن فرخشاه، وحمص بيد المجاهد أسد الدّين شيركوه.
4 (قصد الملك العزيز دمشق)
وكان الملك العادل بالكرك عند موت أخيه وهي مستقرة وحصنه، فتوجه نحو دمشق لما بلغه مجيء الملك العزيز يحاصر أخاه الأفضل، ورافقه الظاهر غازي، فأصلح بينهم عمهم، ورجع العزيز إلى مصر في رمضان من السنة الماضية. ثم إن العزيز قصد دمشق في هذه السنة في شعبان.
4 (استعادة الفرنج جبيل)
وقال الأمام أبو شامة: وفيها أستعادت الفرنج حصن جبيل بمعاملة من خصي كردي. قلت: ثمّ أفتتحها الملك الأشرف بعد مائة سنة.
4 (الصلح بين الأخوين الأفضل والعزيز)
قال: وفيها قدم العادل من الشرق وطلع إلى قلعة حلب وبات بها واستخلص داروم من اعتقال ابن أخيه الملك الظاهر، ثمّ قدم

(41/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 97
دمشق فأصلح بين الأخوين الأفضل والعزيز، على أن للعزيز من بيسان إلى أسوان. وقدم الظاهر، من حلب إلى دمشق، ثمّ عاد كلّ إلى بلاده.
4 (زواج العزيز من ابنة عمه)
وتزوج العزيز بابنة عمه العادل.
4 (دهاء الملك العادل)
قلت: وذلك من دهاء الملك العادل فإنه بقي يلعب بأولاد أخيه لعباً، فإنه قدم من حلب بصاحبها، وبصاحب حماه ناصر الدّين محمد بن عمر، وبصاحب حمص، وغيرهم، واتفقوا على حفظ دمشق. وأوضح لهم العادل بأن الملك العزيز إن ملك دمشق أخذ منكم بلادكم.
4 (المصالحة بين الأيوبيين)
) فلما رأى العزيز اجتماعهم راسل في الصلح، فاستقرت القاعدة على أن يكون له مملكة فلسطين، وهي البيت المقدس وبلادها مع مصر، على أن للعادل إقطاعه الأول بمصر، وأن يكونوا نائباً بالسلطنة بمصر. وأن للملك الأفضل دمشق والأردن، وأن للظاهر مملكة حلب مع جبلة واللاذقية. وتفرقوا على ذلك. وخرج الأفضل فودع أخاه الملك العزيز.

(41/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 98
قال العماد الكاتب: قال لي الأفضل: كنت قد فارقت أخي منذ تسع سنين، وما التقينا إلا في هذه السنة. قال: وأنشدني لنفسه في المعنى:
(نظرتُكَ نظرةً من بعد تِسعٍ .......... تقضَّت بالتفرُّق من سنين)

(وغضّ الطَّرف عنها طرفٌ غدرٍ .......... مسافة قرب طرفٍ من جبين)

(فَويح الدهر لم يسمح بقربٍ .......... بُعيدُ به الهجوعَ إلى الجُفُون)

(فراقٌ ثمّ يُعبُقه بّينٌ .......... يعيدُ إلى الحشا عدم السكون)

(ولا يبدي جيوشَ القُربِ حتى .......... يرتبَ جيشَ بُعدٍ في الكمين)

(ولا يدني محلّي منك إلا .......... إذا دارت رحى الحرب الزَّبُون)

(فليتَ الدهرُ يسمحُ لي بأُخرى .......... ولو أمضى بها حُكمَ المنون)
فقلت: لله درك ما أبدع هذا المعنى، فكاتب أخاك بما فيه استعطاف.
4 (الإفساد على الأفضل)
قال العماد: فلو ترك الأفضل وفطنته الذكية، لجرت الأمور على السداد، ولكن أصحابه وجلساءه أفسدوا أحواله، ورموا أكابر أمرائه بالمكاتبة والخيانة، فوقعت الوحشة، وقالوا له: أنت أحق بالسلطنة، وأنت أكبر الأخوة، وأنت ولي عهد أبيك. فتفرق عنه كبراء دولته، وتوجهوا إلى العزيز فكان إذا

(41/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 99
قدم منهم أمير بالغ في إكرامه، فأخذوا يحرضون العزيز على قصد دمشق. وأقبل الأفضل مع هذا على الشرب والأغاني ليله ونهاره، وأشاع ندماءه أن عمه العادل حضر عنده ليلة، وحسن له ذلك واستحسن المجلس، وقال: أي حاجةٍ لك إلى التكتم، ولا خير في اللذات من دونها ستر. فقبل وصية عمه وتظاهر. ودبر وزيره الأمور برأيه الفاسد. ثم إن الأفضل أصبح يوماً تائباً من غير سبب، وأراق الخمور، وأقبل على الزهد، ولبس الخشن) وأكثر التعبد. وواظب على صيام أكثر الأوقات، وشرع في نسخ مصحف، وضرب أواني الشرب دراهم ودنانير، واتخذ لنفسه مسجداً وجالس الفقراء. قال ابن واصل، وغيره: ولكنه كان قليل السعادة، ضعيف الآراء.

(41/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 100
5 (بسم اللَّه الرحمن الرحيم)

5 (اياك نعبدُ وإياك نستعين)

5 (الطبقة التاسعة والخمسون وفيات)

1 (سنة إحدى وثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن سالم بن نبهان.)
أبو سعيد الأسدي، المطَّوعي، القاضي. حدث في هذا العام بالإجازة ببغداد عن: أحمد بن محمد الزَّنجونيّ. روى عنه: أحمد بن محمود الواسطي. ومولده سنة خمسمائة.
4 (أحمد بن محمد بن عبدالله بن أحمد.)
أبو العباس بن اليتيم الأنصاري، البلنسيّ، الأندرشي المقرىء. أخذ القراءات عن: أبي الحسن بن موهب الجذامي، وأبي عليّ بن عُريب، وأبي اسحاق بن صالح، وأبي العباس بن العريف، وجماعة لقيهم بالمرية وسمع منهم. ومن: ابن ورد، وابن عطية، وابن اللوّاز. وأجاز له أبو عليّ بن سُكرة. وتصدَّر للإقراء بمالقة، وأخذ الناس عنهم.

(41/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 101
قال الأبّار: ثنا عنه: ابنه أبو عبدالله وأبو القاسم بن بقيّ، وأبو الخطاب الرملي. وتُوفي في رمضان بالمريَّة.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن عليّ بن الطيبيّ.)
أبو العباس المعدل، والد الوزير أبي المظفر عُبيد اللَّه. سمع من: المعمر بن محمد البيع. وقاضي المرستان. وحدَّث.)
4 (إبراهيم بن محمد بن منذر بن أحمد بن سعيد بن ملكون.)
الأستاذ أبو إسحاق الحضرمي، النحوي، الإشبيلي. سمع من: أبي مروان الباجي، وشُريح بن محمد، وعبّاد بن سرحان، وأبي الوليد بن حجَّاج، وأبي القاسم بن الرمال، وعنهما أخذ علم العربية والآداب فرأسَ فيهما وبرع. وأجاز له أبو الحسن بن مغيث، وجماعة. واشتهر اسمه وصنف ايضاح المنهج جمع فيه بين كتابي ابن جنّي على الحماسة التنبيه و المبهج، وصنَّف غير ذلك. أخذ عنه جماعة من الجلة، وأجاز لأبي سليمان بن حوط اللَّه. وتُوفي بإشبيلية، ودُفن بداره. حَمل عنه: أبو عليّ الشلوبين، والقاضي أبو مروان الباجيّ.

(41/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 102
4 (إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف.)
من ولد حُميد بن عبد الرحمن بن عوف. صدر الإسلام أبو الطاهر القرشي الزُّهريّ الإسكندريّ، الفقيه المالكي. ولد سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وتفقه على أبي بكر الطرطوشي، وبرع في المذهب وأقرأ الناس، وتخرج به جماعة. وسمع من: الطرطوشي، وأبي عبد اللَّه محمد بن أحمد الرازي. كتب عنه الحافظ أبو طاهر بن سِلفه وهو من شيوخه. وحدَّث عنه: الحافظ عبد الغني المقدسي، وعبدالقادر الرُّهاوي، وعلي بن المفضل، وآخرون، وأحفاده الحسن وعبد اللَّه وعبد العزيز بنو الفقيه عبد الوهاب وله. ورحل إليه السّلطان صلاح الدّين يوسف، وسمع منه الموطأ. تُوفي رحمه اللَّه في الخامس والعشرين من شعبان.
4 (حرف الباء)

4 (بهلوان بن إلدِكز.)

(41/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 103
الأتابَك شمس الدّين صاحب أذربيجان وعراق العجم إصبهان، والرّي، وبلاد أرّان. كان أبوه الأتابك إلدكز كبير القدر، وكان أتابك السّلطان رسلان شاه بن طُغريل بن محمد بن) ملكشاه، فمات هو وسلطانه في سنة سبعين وخمسمائة، فتملك البهلوان إلى أن مات في آخر هذا العام، وقام بعده أخوه الملك قزل من أمه، فبقي إلى أن مات سنة سبعٍ وثمانين وخمسمائة. وكان البهلوان قد أقام في الملك طغريل بن أرسلان شاه آخر ملوك بني سلجوق، فكان من تحت حكم البهلوان. وخلف البهلوان فيما قيل خمسة آلاف مملوك وثلاثين ألف دابّة، ومن الأموال ما لا يُحصى. ثم قوي طُغريل وتحارب هو وقزل، وجرت أمور طويلة.
4 (حرف الثاء)

4 (ثعلب بن عليّ بن حسن.)
أبو الوحش الأنصاري، المصري، الكاتب. روي عن: عبد اللَّه بن رفاعة، وأحمد بن الحُطيئة. وعنه: الحافظ ابن المفضل.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن سعيد بن أحمد بن البنّا.)
أبو محمد. من بيت الحديث والإسناد. قد ذكرناه في سنة اثنتين وسبعين. وبعض الناس ذكر أنه مات في هذا العام في شعبان، فالله أعلم.

(41/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 104
4 (حياة بن قيس بن رحّال بن سلطان.)
الأنصاري، الحراني، الزاهد، شيخ حران وصالحها، قُدوة الزهاد بها. كان عبداً صالحاً، سكاناً، قانتاً لله، صاحب أحوال وكرامات، وصدق وإخلاص، وجدٌّ واجتهاد، وتعفُّف وانقباض. كانت الملوك والأعيان يزورونه ويتبرَّكون بلقائه. وكان كلمة إجماع بين بلده. وقيل إن السّلطان نور الدّين بن زنكي زاره واستشاره في جهاد الفرنج، فقوّى عَزمه ودعا له، ولما توجَّه السّلطان صلاح الدّين إلى حرب صاحب الموصل دخل على الشيخ حياة وطلب منه الدُّعاء، فأشار عليه بترك المسير إلى الموصل، فلم يقبل، وسار إليها فلم يظفر بها. ومن شيوخه: أبو عبد الله الحُسين البواري الرجل الصالح تلميذ الشيخ مُجلّي بن ياسين.) وللشيخ حياة سيرةٌ في نحو مجلَّد كانت عند ذريته، فلما استولت التتار الغازانية على الشام نُهب بالصالحية. وقد بَلَغَنا عنه أنه كان ملازماً بحرّان نحواً من خمسين سنة لم تَفُته الجماعة إلا من عُذرٍ شرعيَ. وكان بشوش الوجه، لين الجانب، رحيم القلب، سخياً كريماً، محباً لله تعالى، راجياً عفوه وكرمه، صاحبَ ليلٍ وتهجُّد. انتقل إلى اللَّه تعالى في ليلة الأربعاء سلخ جُمادى الأولى سنة إحدى

(41/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 105
وثمانين هذه، وله ثمانون سنة رحمه اللَّه، ولم يخلف بحران بعده مثله. نقلتُ كثيراً من ترجمته من تاريخ صاحبنا العدل الجليل شمس الدّين أبي المجد محمد بن ابراهيم ابن الجزري، وهو تاريخ مفيد استفدت منه أشياء مطبوعة لا تكاد توجد إلا فيه. وقد كنت انتخبتُ منه مجلداً هو الآن ملك الفقيه المحدّث الأوحد صاحبنا صلاح الدّين خليل بن كيكلدي الشافعي، حفظه اللَّه وأصلحه.
4 (حرف السين)

4 (سعد الدين.)
ولد الأمير مقدم الجيوش معين الدّين أنر، اسمه مسعود. كان من أكابر الأمراء النورية والصلاحية لأبوته ولمكان أخته الخاتوت زوجة نور الدّين وصلاح الدّين. توفي في هذه السنة بعد أخته بيسير. وكان زوج ربيعة خاتون أخت السّلطان صلاح الدّين، فتزوج بعده بها ابن صاحب اربل.

(41/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 106
4 (سعيد بن أبي البقاء الموفق بن عليّ بن جعفر.)
أبو محمد النسابوري،. ثمّ البغدادي، الصوفي، الخازن. صحب شيخ الشيوخ إسماعيل بن أبي سعد، وكان برباطه. وُلد سنة خمس وخمسمائة، وسمع: هبة اللَّه بن حصين، والحسين بن الفرخان السمناني. روى عنه: ابنه محمد، وعبد العزيز بن دلف، وجماعة.
4 (حرف الشين)

4 (شاكر بن عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه)
) الرئيس ابو اليسر التنوخي، المعري، ثمّ الدمشقي، كاتب الإنشاء. كان أديباً فاضلاً، جليلاً، ذكياً، شاعراً قرأ الأدب على جده القاضي أبي المجد محمد بن عبد اللَّه بحماه. وسمع من أبي عبد اللَّه الحسين بن العجمي، وغيره. وحدث. وولد بشيزر في سنة ست وتسعين وأربعمائة. روى عنه الحافظ أبو القاسم بن عساكر مع تقدمه، وهو جد المحدث تقي الدّين إسماعيل. وكان كاتب إنشاء ديوان الملك نور الدين. وروى عنه أيضاً: ابنه إبراهيم، وأبو القاسم بن صصرى.

(41/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 107
4 (شاه أرمن.)

4 (صاحب مملكة خلاط.)
توفي بها في تاسع ربيع الآخر، وتملك بعده مملوكه بكتمر.
4 (حرف العين)

4 (عبد اللَّه)
أبو طالب ابن النقيب الطاهر أبي عبد اللَّه أحمد بن عليّ بن المعمر العلوي، الحسني، البغدادي، النقيب. ولي النقابة بعد أبيه، وله شعر جيد.

(41/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 108
4 (عبد اللَّه بن أسعد بن عليّ بن عيسى.)
مهذب الدّين أبو الفرج ابن الدهان، الموصلي، الفقيه، الشافعي، الأديب، الشاعر. ويعرف أيضاً بالحمصي. له ديوان صغير كان مجموع الفضائل. لما ضاقت به الحال بالموصل وعزم على قصد الملك الصالح طلائع بن رزيك وزير مصر، كتب إلى الشريف ضياء الدّين زيد بن محمد نقيب الموصل:
(وذات شجو أسال البين عبرتها .......... باتت تؤمل بالتقييد إمساكي)

(لجت فلما رأتني لا أصيخ لها .......... بكت فأقرح قلبي جفنها الباكي)

(41/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 109
(قالت وقد رأت الأجمال محدجة .......... والبين قد جمع المشكو والشاكي:)
)
(من لي إذا غبت في ذا المحل قلت لها .......... اللَّه وابن عبيد اللَّه مولاك)
فقام النقيب بواجب حقها مدة غيبته بمصر. ومدح ابن رزيك بالقصيدة الكافية التي يقول فيها:
(أأمدح الترك أبغي الفضل عندهم .......... والشعر ما زال عند الترك متروكا)

(لانلت وصلك إن كان الذي زعموا .......... ولا شفا ظمأي جود ابن رزيكا)
ثم تقلبت به الأحوال، وتولي التدريس بحمص. ثمّ قدم على السّلطان صلاح الدّين، فأحسن إليه، وله فيه مدائح جيدة. ومن شعره:
(يضحى بجانبي مجانبة العدى .......... ويبيت وهو إلى الصباح نديم)

(ويمر بي يخشى الرقيب فلفظه: .......... شتمٌ، وغنجُ لحاظه تسليم)
وله:
(قالوا: سلا، صدقوا، عن السل .......... وان ليس عن الحبيب)

(قالوا: فلم ترك الزيا .......... رة قلت: من خوف الرقيب)

(قالوا: فكيف يعيش مع .......... هذا فقلت: من العجيب)

(41/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 110
ومن شعره:
(تردي الكتائب كتبه فإذا انبرت .......... لم تدرِ أنفذ أَسطراً أم عسكرا)

(لم يُحسِن الإتراب فوق سُطورها .......... إلاّ لأنّ الجيش يعقد عثيرا)
وقال جمال الدّين القفطي: ابن الدهان نحوي، أديب، شاعر، قدم الشام صحبة أبي سعد بن عصرُون، وكان يلزم درسه ثمّ إنه ولي التدريس بحمص. تُوفي في شعبان بحمص.
4 (عبد اللَّه بن سماقة.)
قِوام الدّين أبو محمد، وزير ابن قُرا رسلان. دخل عليه في ثامن رمضان مماليك مخدومة فطلبوه إلى الخدمة فجاء ودخل في الدهليز، فأغلقوا الباب الذي دخل منه، والباب الذي من جهة الأمير وقتلوه، وأخرجوه.
4 (عبد اللَّه بن محمد بن أبي عُبيد.)
) البكري، القرطبي، أبو عُبيد. روى عن: جعفر بن مكيّ، وأبي جعفر البطروجي، وغيرهما. وكان من أهل المعرفة باللغة والأدب. وكان جده أبو عُبيد عبد اللَّه بن

(41/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 111
عبد العزيز من مفاخر الأندلس. وهذا أخذ عنه: أبو القاسم بن بقيّ، وأبو القاسم الملاحي، وابنا حوط الله. وتُوفي بقرطبة عن أربع وسبعين سنة في جمادى الأولى، قاله الأبّار.
4 (عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن حسين بن سعيد.)
أبو محمد الحافظ الأزديّ، الإشبيلي، ويُعرف أيضاً بابن الخرّاط. روى عن: شريح بن محمد، وأبي الحكم بن برجلان، وعمر بن أيوب، وأبي بكر بن مدير، وأبي الحسن طارق وطاهر بن عطية. وأجاز له محدث الشام أبو القاسم بن عساكر، وغيره. ونزل بجاية وقت فتنة الأندلس بانقراض الدولة اللمتونية، فبث علمه بها. وصنف التصانيف، وولي الخطبة والصلاة بها. قال الأبار: وكان فقيهاً، حافظاً، عالماً بالحديث وعلله، عارفاً بالرجال، موصوفاً بالخير، والصلاح، والزهد، والورع، ولزوم السنة، والتقلل من الدنيا، مشاركاً في الأدب وقول الشعر. وقد صنف في الأحكام نسختين كبرى وصغرى. سبقه إلى مثل

(41/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 112
ذلك أبو العباس بن أبي مروان الشهيد بلبلة، فحظي عبد الحق دونه وله الجمع بين الصحيحين مصنف. وله مصنف كبير في الجمع بين الكتب الستة. وله كتاب في المعتل من الحديث، وكتاب في الرقائق، ومصنفات أخر. وله في اللغة كتاب حافل ضاهى به كتاب الغريبين للهروي. حدثنا عنه جماعة من شيوخنا. ولد سنة عشرٍ وخمسمائة. وتوفي رحمه اللَّه ببجاية بعد محنةٍ من قبل الوفاة في ربيع الآخر. ومن شعره:
(واهاً لدنيا ولمغرورها .......... كم شابت الصفو بتكديرها)
)
(أي امرىء أمن في سربه .......... ولم ينله سوء مقدورها)

(وكان ذا عافيةٍ جسمه .......... مَن مس بلواها وتغييرها)

(وعنده بلغة يومٍ فقد .......... حيزت إليه بحذا فيرها)
سمع من ابن عطية صحيح مسلم عن محمد بن بشر، عن الصدفي، عن العذري، نازلاً. وذكر ابن فرتون أن وفاته كانت سنة اثنتين وثمانين. وقال: حدثني عنه أبو ذر، وأبو الحجاج ابن الشيخ، وأبو عبد اللَّه بن ينيمش. وحدثني أبو العباس العزفي، بسبتة: كتب إلي عبد الحق: ثنا عبد العزيز بن خلف بن مدير، نا أبو العباس العذري، نا محمد بن روح بمكة، نا الطبراني فذكر حديثاً.

(41/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 113
ومن شعره رحمه تعالى:
(إن في الموت والمعاد لشغلاً .......... وادكاراً لذي النهى وبلاغا)

(فاغتنم خطتين قبل المنايا: .......... صحة الجسم يا أخي والفراغا)
قلت: وروى عنه أبو الحسن عليّ بن محمدالمعافريّ خطيب الأندلس.
4 (عبد الرحمن بن إسماعيل بن جعفر بن أحمد بن صولة)
أبو القاسم المصري، المالكي، الكاتب المعدل. حدث عن الفقية سلطان بن أبراهيم المقدسي. وتوفي في ذي القعدة.
4 (عبد الرحمن بن أيوب بن تمام. أبو القاسم الأنصاري، المالقي. روى عن: أبي بكر بن)
العربي، وأبي الحسن شريح، وأبي جعفرالبطروجي، وجماعة. وكان عالماً بالعربية، واللغة، والاّداب، مبرزاً فيها، مع مشاركة في الفقة والحديث. استوطن دانية وأقرأ بها العربية، وأسمع الحديث. روى عنه جماعة. وتوفي في شوال. قاله الأبار.
4 (عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن أحمد بن أصبغ بن الحسين بن سعدون بن رضوان بن فتوح.)

(41/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 114
الإمام الحبر لأبو القاسم، وأبو زيد، ويقال أيضاً أبو الحسن، ابن الخطيب أبي محمد ابن الخطيب أبي عمر بي أبي الحسن الخثعمي السُّهيلي، الأندلسي المالقي، النحوي، الحافظ، صاحب المصنفات. أخذ القراءآت عن: سليمان بن يحيى، وبعضها عن: أبي عليّ منصور بن الخير.) وسمع: أبا عبد اللَّه المعمر، وأبا بكر بن العربي، وأبا عبد الله بن مكي، وأبا عبد الله بن نجاح الذَّهبي، وجماعة. وأجاز له أبو عبد الله ابن أخت غانم، وغيره. وناظرَ على أبي الحسين بن الطَّبر في كتاب سيبويه وسمع منه كثيراً من كتب اللغة والآداب. وكفَّ بصره وهو ابن سبع عشرة سنة. وكان عالماً بالقراءات، واللُّغات، والغريب، بارعاً في ذلك. تصدَّر للإقراء والتدريس والحديث. وبعُدَ صيته، وجلَّ قدره.

(41/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 115
جمع بين الرواية والدراية، وحمل الناس عنه وصنَّف الروض الأنُف في شرح السيرة لابن إسحاق، دل على تبحره وبراعته. وقد ذكر في آخره أنه استخرجه من نيفٍ وعشرين ومائة ديوان. وللسُّهيلي في ابن قرقول:
(سَلا عن سَلا أهل المعرف والنُّهى .......... بها ودعا أمَّ الرباب ومأسلا)

(بكيت دماً أزمان كان بسبتة .......... فكيف التأسي حين منزله سَلا)

(وقال أناسٌ: إنَّ في البعد سلوةً .......... وقد طال هذا البعد والقلب ما سلا)

(فليت أبا اسحاق إذ شطَّت النوى .......... تحيته الحسنى مع الريح أرسلا)

(فعادت دبُور الريح عندي كالصِّبَى .......... لدى عمر إذا مر زيد تنسلا)

(وقد كان يُهديني الحديث معنعناً .......... فأصبح موصول الأحاديث مُرسلا)
وله كتاب التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء الأعلام، وكتاب شرح آية الوصية، و شرح الجُمل ولم يتمه. واستدعي إلى مراكش ليسمع بها. وبها تُوفي في الخامس والعشرين من شعبان هو والإمام أبو الطاهر إسماعيل بن عوف شيخ الإسكندرية في يوم واحد، وعاش ثنتين أو ثلاثاً وسبعين سنة. قال ابن خلكان: فتُّوج جدهم هو الداخل إلى الأندلس، سمع منه أبو الخطاب بن دحية. وقال: كان ببلده يتسوغ بالعفاف، ويتبلغ بالكفاف، حتى نما خبره إلى صاحب مراكش، فطلبه وأحسن إليه، وأقبل عليه. وأقام بها نحواً من ثلاثة أعوام. وسُهيل قرية بالقرب من مالقة سُميت بالكوكب لأنه لا يُرى من جميع

(41/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 116
الأندلس إلا من جبلٍ) مُطلّ على هذه القرية. ثم وجدت على كتاب الفرائض للسُّهيليّ أنه ولد بإشبيلية سنة ثمان وخمسمائة، وأنه وُلي قضاء الجماعة، فحسنت سريته.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن الحسين بن علي.)
أبو القاسم السبيي، ثم المصري الرجل الصالح المعروف بابن نُخيسة الجيار. وُلِد سنة ثمانٍ وخمسمائة. وسمع من: سلطان بن إبراهيم المقدسي وأجاز له محمد بن عبد الله بن الحسن بن طلحة التنيسي ابن النّخّاس. روي عنه المصريون. قال الحافظ زكي الدّين المنذري: ثنا عنه جماعة من شيوخنا. وسبيه: مثل صبية بباء موحدة، من قُرى عسقلان، ونُخيسة والنّخّاس: بنون ثم خاء معجمة فيها. والجيار: بجيم، ثم ياء آخر الحروف.
4 (عبد الرحمن بن عليّ بن عبد الرحمن بن عباس.)
أبو القاسم، أبو محمد الجذاميّ المقرىء، نزيل سبتة. روى عن: أبي الحسن بن مغيث، وأبي عبد اللَّه بن مكي، وأبي الحسن شُريح وقرأ عليه القرآن، وعلى أبي القاسم بن رضا. وتصدر للإقراء والتحديث.

(41/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 117
حدَّث عنه: أبو سليمان، وأبو محمد ابنا حوط اللَّه، وأيوب بن عبداللَّه، وغيرهم.
4 (عبد الرزاق بن نصر بن السّلم بن نصر.)
أبو محمد، وأبو مسلم الدمشقي، النجار، البناء. سمع من: أبي طاهر محمد بن الحسين الحنائي، وأبي الحسن بن الوازيني، وهبة اللَّه ابن الأكفاني، وأبي عبداللَّه محمد بن عليّ بن أبي العلاء، وأبي الحسن بن مسلم الفقيه، وعبد الرحمن بن صابر. ولد في سنة سبعٍ وتسعين وأربعمائة. وتًوفي في سادس ربيع الآخر. روى عنه: عبد القادر الرهاوي، وعبداللَّه بن الخُشوعي، وأبو المعالي أحمد بن الشيرازي،) والشمس محمد بن عبد الهادي المقدسي، والأمين أبو الغنائم سالم بن صصرى، والتاج محمد بن أبي جعفر القرطبي، وآخرون.
4 (عبد الصمد بن الحسين بن أبي الوفاء عبد الغفار.)
أبو المظفر الكلاهيني، الزنجاني، الصوفي، الواعظ المعروف بالبديع. وعظ ببغداد دهراً، وأخذ الوعظ أبي النحيب السهروردي وصحبه. وحدث ب مسند أحمد كله عن ابن الحُصين. وروي أيضاً عن: زاهر الشحاميّ. قال ابن الدَّبيثي: وكان له رباط بقراح القاضي يجلس فيه، وعنده جماعة من الفقراء. قلت: وقرأ عليه الحفاظ أبو بكر الحازمي المُسند.

(41/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 118
وتوفي في ربيع الآخر. وكان ذا تعبدٍ وتألهٍ.
4 (عُبيد اللَّه بن عبداللَّه بن محمد بن نجا بن شاتيل.)
أبو الفتح البغدادي، الدّباس. سمع: أباه، والحسين بن عليّ بن البسريّ، وأبا غالب محمد بن الحسن الباقلاني، وأحمد بن المظفر بن سوسن، وأبا الحسن بن العلاف، وأنفرد عنهم سوى أبيه وأبا سعد بن خُشيش، وأبا القاسم عبي بن الحسن الربعي، وأُبيا النرسي، وأبا عليّ النبهان، وطائفة. ووجد سماعه منقولاً بخط أبي بكر بن كامل على جزء الإفك، من أبي الخطاب بن البطر سنة تسعين وأربعمائة، فسمعه عليه قوم، فإن كان سماعه صحيحاً فتاريخه غلط، وإن كان تاريخه صحيحاً فيكون لأخ له باسمه مات. قال ابن النجار: مع أن أكثر أصحاب الحديث أبطلوا سماعه من ابن البطر، فإنه ذكر أن مولده سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. وقال بعضهم عنه إنه وُلد سنة تسع وثمانين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد بن السمعاني مع تقدمه، وابن الأخضر، والشيخ الموَّفق، والبهاء عبد الرحمن، والعز محمد ابن الحافظ، وأبوه، وسالم بن صصرى، ومحمد بن أبي بكر الحمامي، ومحمد بن عليّ بن بقاء السباك، وفضل اللَّه الجيليّ، وخلق كثير.

(41/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 119
وكان مُسند بغداد في عصره. وآخر من روى عنه بالإجازة الزين أحمد بن عبد الدائم. قال أبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي: سألته عن مولده فقال: في ذي الحجة سنة إحدى) وتسعين وأربعمائة. وتوفي في العشرين من رجب. ووقع له حديثٌ بينه وبين أبي داود السجستاني، فيه ثلاثة أنفس.
4 (عُبيد اللَّه بن عليّ بن غلندة.)
أبو الحكم الأندلسي، مولى بني أمية. نزل إشبيلية، وكان شاعراً، طبيباً، ماهراً، بارع الخط. نقل خطّه الكثير. وطال عُمره. وتُوفي بمراكش.
4 (عساكر بن عليّ بن إسماعيل بن نصر.)
أبو الجيوش المصري المولد، الخندقي المنشأ، المصريّ المقرىء، النحوي، الشافعي، المعدل. ولد سنة تسعين وأربعمائة، وأخذ القراءآت عن: أبي الحسين أحمد بن محمد بن شمول المقرىء، وعلي بن عبد الرحمن بن القاسم الحضرمي نفطويه، وأبي إسحاق إبراهيم بن أغلب النحوي، والشريف الخطيب. وسمع من: محمد بن أحمد الرازي. وتفقَّه على قاضي القضاة مُجلِّي بن جُميع.

(41/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 120
وقرأ العربية على ابن بري، وغيره. وتصدَّر للإقراء بدار العلم وبالجامع الظافري. وانتفع به الناس. أخذ عنه علم الدّين السخاوي، وجماعة. وتُوفي في تاسع المحرَّم. وكان صالحاً خيِّراً.
4 (عصمة الدين.)
الخاتون المحترمة بنت الأمير معين الدّين أنز. زوجة السّلطان نور الدين، ثم زوجة السّلطان صلاح الدّين في سنة اثنتين وسبعين، وكانت من أعف النساء وأجلّهن، وأوفرهنّ حشمةً. وهي واقفة المدرسة الخاتونية بمحلة حجر الذهب بدمشق، والخانقاه الخاتونية التي على بانياس. أما الخاتونية التي في آخر الشُرف القبلي فمنسوبة إلى زُمُرُّد خاتون بنت جاولي أخت الملك دُقاق لأمّه، وزوجة أتابك زنكي والد نور الدين. تُوفيت عصمةُ الدّين بدمشق في ذي القعدة، وتُعرف بالخاتون العصمية، ودفنت بتربتها المنسوبة إليها بقاسيون قبلي قبة شركس. ومنارتها كلها حجر.
4 (عمر بن عبد المجيد بن عمر بن حسين.)
)

(41/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 121
أبو حفص القرشيّ، العبدري، الميانشي، شيخ الحرم. حدَّث عن: القاضي أبي المظفَّر محمد بن عليّ بن الحسين الشيباني الطبري، وأحمد بن معد الإقليشي، ومحمد بن عليّ المازري، وأبي طاهر السلفي. ولقي أبا عبد الله محمد بن أحمد الرازي وفرَّط به، فأكثر ما عمل أنه تناول منه سُداسياته. روى عنه: عبد الرحمن بن أبي حًرمي، وجماعة. وآخر من حدَّث عنه صدر الدّين أبو عليّ البكري. توفي بمكة في جمادى الأولى. وكان محدثاً متقناً صالحاً، صنَّف جزءاً في ما لا يسمع المحدث جهله.
4 (حرف الفاء)

4 (الفضل بن الحسين بن إبراهيم بن سليمان.)
أبو المجد الحميري، البانياسي، الرئيس عفيف الدين. من كبار شيوخ دمشق. وُلد بها في رجب سنة خمسٍ وتسعين وأربعمائة. وهو آخر من حدَّث عن أبي القاسم الكلابي. وحدث أيضاً عن: أبي الحسن عليّ، وأبي الفضل محمد ابني الحسن بن الموازيني، وغيرهم.

(41/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 122
روى عنه: موفق الدّين الحنبليّ، والبهاء عبد الرحمن، والحافظ الضياء، وعبد الرحمن بن أبي حَرميّ المكي، وآخرون. وتوفي في سابع شوال. ولم يكن من بانياس، وإنما خزن مرةً رُزاً كثيراً من بانياس، فكان الرزازون يقول أحدهم: إذهبوا بنا نشتري من البانياسي. وإليه يُنسب الدَّرب الذي في الكتانيين.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن عبد الملك أسد الدّين شيركوه بن شاذي بن مروان.)
الملك القاهر ناصر الدين، صاحب حمص، ابن عم صلاح الدّين. تُوفي بحمص يوم عرفة، وقت الوقفة، بمرضٍ حادٍ مزعج، وتملَّك حمص بعده ولده الملك المجاهد أسد الدّين شيركوه فطالت أيامه. وكان السّلطان صلاح الدّين قد مرض في هذه السنة بحران في شوال حتى اشتد مرضه) وأوصى، فسار من عنده ناصر الدّين محمد واجتاز بحلب، وأخذ جماعة من الأحداث وأعطاهم مالاً ووعدهم، وقدِم حمصَ فكاتب أهل دمشق بأن تكون له دمشق إن مات ابن عمه. ثم عوفي صلاح الدّين. وقيل إنه سكر فقتله الخمر، وقيل ابن عمه سقاه سُمّاً، ونقلته زوجته بنت عمه ست الشام بنت أيوب إلى تربتها بمدرستها الشامية بظاهر دمشق، ودفنته عند أخيها شمس الدولة تورانشاه.

(41/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 123
وكان موصوفاً بالشجاعة والإقدام، له نفسٌ أبيه، وهمة ايوبية. قال ابن واصل: شرب جمراً فأكثر منها فأصبح ميتاً. فقطع السّلطان لولده الملك المجاهد وله اثنتا عشرة سنة، فتملك حمص بضعاً وخمسين سنة. وذكر العماد الكاتب أن التركة بلغت ما قيمته ألف ألف دينار.
4 (محمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب بن الحسين بن علي.)
الحافظ أبو سعد الإصبهاني، الصائغ. ولد سنة سبع وتسعين وأربعمائة. وسمع من: أبي القاسم غانم البرجي، وأبي عليّ الحداد، وحمزة بن العباس العلوي، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وصاعد بن سيار الدهان، وأبي عدنان محمد بن عبد الواحد الدقاق، وطائفة. ورحل إلى الجبال، وفارس، وخوزستان. وسمع بهمذان من: جُميع بن الحسن، وأبي طاهر محمد بن عبد الغفار، وأبي جعفر محمد بن أبي عليّ الحافظ. سمع بشيراز من: أبي منصور عبد الرحيم بن محمد بن أحمد الخطيب، وأبي الفتح هبة اللَّه بن الحسن، وجماعة. وسمع بالأهواز من: أبي القاسم عبد العزيز بن الحسن. وحدث وخرج. وقد كتب عنه من أماليه الحافظ أبو سعد السمعاني. وروى عنه: الحافظ عبد الغني، والفقيه أبو نزار ربيعة اليمني. وبالإجازة: كريمة، وابن اللَّتّي. وتُوفي في الثاني والعشرين من ذي القعدة.

(41/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 124
4 (محمد بن عليّ بن محمد.)
أبو الفوارس، العجلي، اليعقوبي.) ولد سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وسمع من: محمد بن طراد، وعلي بن الصباغ. وحدَّث.
4 (محمد بن أبي بكر عمر بن أبي عيسى أحمد بن عمر بن محمد.)
الحافظ الكبير أبو موسى المديني، الإصبهاني. صاحب التصانيف وبقية الأعلام. وُلد في ذي القعدة سنة إحدى وخمسمائة. وسمع حضوراً في سنة ثلاثٍ باعتناء والده من: أبي سعد محمد بن محمد الطرِّز، ومات المطرز في شوال سنة ثلاثٍ وخمسمائة. وسمع من: أبي منصور محمد بن عبد اللَّه بن مندويه الشُّروطي، وغانم

(41/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 125
البرجي، وأبي عليّ الحداد، وأبي الفتح محمد بن عبد الله خورست، وأبي الفتح محمد بن عبد اللَّه الشرابيّ بِليزة، وأبي الرجاء محمد بن أبي زيد الجرداني، ومحمد بن أحمد بن ألمطهر العدناني، وأبي الفضل محمد بم طاهر الحافظ، ومحمد بن الفضل القرابي القصار، وأبي الرجاء أحمد بن عبيد اللَّه بن مندة، وإبراهيم بن أبي الحسين محمد بن أبرويه، وإبراهيم بن عبد الواحد بن أبي ذر الصالحاني، وإسماعيل بن الفضل الإخشيد، وأبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ وبه تخرَّج وهو أستاذه، وإسحاق بن أحمد الراشتيناني، وتميم بن عليّ الواعظ، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وحمزة بن العباس العلوي، وأبي شكر حمد بن عليّ الحبال، وجيب بن أبي مسلم الزاهد، ورجا بن إبراهيم الخباز، وطلحة بن الحسين الصالحاني، وطاهر بن أحمد البزار، وأبي نهشل بن عبد الصمد بن أحمد العنبري، وعبد الكريم بن عليّ بن فورجة، وعبد الواحد بن محمد الدشتج، وعثمان بن عبد الرحيم اللبيكي النيسابوري، وعلي بن عبد اللَّه النيسابوري الواعظ يرويان عن أبن مسرور وغانم بن عليّ العطار مشكة، ومحمود بن إسماعيل الصيرفي الأشقر، ونصر بن أبي القاسم الصباغ، ونوشروان بن شيرزاد الديلمي، وهبة اللَّه بن الحسن الأبرقوهي، وهبة اللَّه بن الحصين، سمع منه المسند وهبة اللَّه بن الطير الحريري، وهادي بن إسماعيل العلوي، والهيثم بن محمد المعداني، ويحيى بن عبد الوهاب بن مندة الحافظ، وخجسته بنت عليّ بن أبي زر، ودعجاء بنت أبي سهل الكادغي، وفاطمة الجوزدانية، وأبي) العز بن كادش، وخلق كثير ببلده، وببغداد، وهمذان. وصنف التصانيف النافعة. وكان واسع الدائرة في معروفة الحديث، وعلله، وأبوابه، ورجاله، وفنونه، ولم يكن في وقته أحد أحفظ منه، ولا أعلم، ولا أعلى سنداً ممن يعتني بهذا الشأن.

(41/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 126
قال ابن الدبيثي: عاش حتى صار أوحد وقته وشيخ زمانه إسناداً وحفظاً. وقال أبو سعد السمعاني: سمعت منه وكتب عني، وهو صدقة صدوق. قلت: وروى عنه: الحافظ محمد بن مكي، وعبد العظيم بن عبد اللطيف الشرابي، والحسن بن أبي معشر الإصبهاني، والناصح بن العنبلي، وأبو نجيح محمد بن معاوية مقرىء إصبهان، وخلق كثير. وبالإجازة: الفقيه محمد اليونيني، وعبد اللَّه بن الخشوعي، وآخرون. وكانت رحلته إلى أبن الحصين سنة أربع وعشرين وخمسمائة. ثم قَدم بغداد ثانياً اثنتين وأربعين، وعاد إلى بلده وأقبل على التصنيف والإملاء وتعليم العلم والأدب. ومن مصنفاته الكتاب المشهور في تتمة معرفة الصحابة الذي ذيّل به على أبي نعيم، يدل على تبحره وحفظه، وكتاب الطوالات مجلدان، وكتاب تتمة الغريبين يدل على براعته في اللغة والغريب، وكتاب الوظائف، وكتاب اللطائف وكتاب عوالي التابعين، وغير ذلك. وعرض من حفظه كتاب علوم الحديث للحاكم على إسماعيل الحافظ. (سقط: قال الحافظ عبد القادر إن أبا موسى حصل من المسموعات بإصبهان خاصة ما لم يحصل لأحد في زمانه فيما أعلم، وانضم إلى كثرة مسموعاته الحفظ والإتقان. وله التصانيف التي أربى فيها على تصانيف بعض من تقدمه، مع الثقة فيما يقول، وتعففه الذي لم نره لأحد من حفاظ الحديث في زماننا له شيء سير يتربح به وينفق منه، ولا يقبل من أحد شيئا قط، حتى إنه كان)

(41/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 127
ببعض قرى إصبهان رجل من أهل العلم والدين أراد أن يحج حج نافلة، فجاء جماعة إلى الحافظ أبي موسى فسألوه أن يشفع إليه في قعود عن الحج لما يرجون من الانتفاع باقامته، فخرج معهم إلى القرية راكباً على حماره، فأجابه إلى ذلك، فحملوا إلى أبي موسى شيئاً من الذهب، فلم يقبله. فقالوا: فرقه في أصحابك. قال: فرقوه أنتم إن شئتم. وحدثني بعض من رحل بعدي إلى إصبهان أن رجلاً من الأغنياء أوصى إلى الشيخ أبي موسى بمال كثير يفرقه في البر، فلم يقبل، وقال: بل أوصي إلى غيري، وأنا أدلك إلى من تدفعه إليه. ففعل. وفيه من التواضع بحيث أنه يقرئ كل من أراد ذلك من صغير وكبير. ويرشد المبتدئين، حتى رأيته يحفظ صبياناً في الألواح. ولا يكاد يستتبع أحداً إذا مضى إلى موضع، حتى إنني تبعته مرة فقال: ارجع. ثم تبعته، فالتفت إلى مغضباً وقال لي: ألم أقل لك لاتمش خلفي، أنت إذا) مشيت خلفي لا تنفعني، وتبطل عن النسخ وترددت إليه نحوا من سنة ونصف، فما رأيت منه ولا سمعت عنه سقطة تعاب عليه. وقال محمد بن محمود الرويدشتي: توفي الحافظ أبو موسى في تاسع جمادى الأولى. وكان أبو مسعود كوتاه الحافظ يقول: أبو موسى كنز مخفي. وقال الحسين بن يوحن الباوري: كنت في مدينة الخان فجاءني رجل فسألني عن رؤيا قال: رأيت كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي. فقلت: هذه رؤيا الكبار، وإن صدقت رؤياك يموت إمام لا نظير له في زمانه. فإن هذا المنام رئي حالة وفاة الشافعي، والثوري، وأحمد بن حنبل.

(41/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 128
قال: فما أمسينا حتى جاءنا الخبر بوفاة الحافظ أبي موسى. وعن عبيد اللَّه بن محمد الخجندي قال: لما مات أبو موسى لم يكادوا ينزعون حتى جاء مطر عظيم في الحر الشديد، وكان الماء قليلاً بإصبهان، رحمه اللَّه.
4 (محمد بن منجح بن عبد اللَّه.)
أبو شجاع الفقيه الشافعي، الصوفي الواعظ. توفي ببغداد في ربيع الأول. وكان مولده في سنة خمس وخمسمائة. وسمع من قاضي المرستان. وتفقه على: أبي محمد بن عبد اللَّه بن أبي بكر الشاشي وأجاز له ابن طاهر المقدسي. وله شعر حسن. وتفقه أيضاً بالجزيرة على الأستاذ أبي القاسم البزري، وخرج إلى الشام. وولي قضاء بعلبك، ثم عاد إلى بغداد. ومن شعره:
(سلامٌ على وادي الغضا ما تناوحتْ .......... على ضفَّتيه شمالاً وجنوبُ)

(أحمل أنفاس الخزامى تحيةً .......... إذا آن منها بالعشي هبوبُ)

(لعمري لأن شطت بنا غربة النوى .......... وطالت صروفٌ دوننا وخطوبُ)

(وما كل رمل جئته رملٍ عالجٍ .......... ولا كل ماء عمت فيه مشروبُ)

(رعى اللَّه هذا الدهر كل محاسني .......... لديه وإن كثرتُهن ذنوبُ)

(41/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 129
وكان رحمه الله فيه مزاج ودعابة. طاب وعظه لأهل واسط لما دخلها، فسألوه أن يجلس في الأسبوع مرتين، فكان عيَّن يوماً يحتجون بأن القراء يكونون مشغولين، فقال: لو عرفت هذا كنت جئت معي بيومٍ من بغداد.) تُوفي ببغداد في ثامن عشر ربيع الأول.
4 (المبارك بن فارس.)
أبو منصور الماوردي. حدَّث بدمشق في هذه السنة عن قاضي المرستان بنسخة الأنصاري. سمع منه: بَدَل التبريزي.
4 (محمود بن أحمد بن عليّ بن أحمد.)
أبو الفتح المحمودي البغدادي الجعفري الصوفي، ابن الصابوني. من ساكني الجعفرية، كان من أجلاء الشيوخ. ولد سنة خمسمائة تقريباً، وقرأ بالروايات على أبي العز القلانسي. وسمع الحديث من: أبي القاسم بن الحُصين، وأبي بكر المرزفي، وعلي بن المبارك بن نغويا، وأبي البدر الكرخي. وصحب: أبا الحسن عليّ بن مهدي البصري الصوفي، وحماد بن مسلم الدباس. وكان له رباط ببغداد. ثم إنه سافر إلى مصر وسكنها، وروى بها الكثير. وحدَّث عنه: ابنه علم الدين، وابن المفضل الحافظ، وجماعة.

(41/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 130
ولقبه جمال الدين. وهو منسوب إلى جد أمه شيخ الإسلام أبي عثمان الثابوني، وقيل لجده أبي جعفر عليّ بن أحمد المحمودي، لاتصاله بالسّلطان محمود بن محمد بن ملكشاه. ولما قدم أبو الفتح هذا دمشق نزل إلى زيارته السّلطان نور الدّين محمود، وسأله الإقامة بدمشق، فذكر له قصده زيارة الشافعي رضي اللَّه عنه، فجهزه صحبه الأمير نجم الدّين أيوب عندما سار إلى ولده صلاح الدّين، وصار بينه وبين نجم الدّين مودة أكيدة، ومحبة عظيمة، فكان السّلطانان الناصر والعادل يرعيانه ويحترمانه. وقد كتب الشيخ الزاهد عمر الملاّ الموصلي كتاباً إلى ابن الصابوني هذا يطلب منه الدعاء. تُوفي في الثامن والعشرين من شعبان.
4 (مظفر بن محمد بن عبد الخالق.)
أبو سعيد البغدادي، النجار، المعبر الرؤيا، ويُعرف بالحُجة. كان مشهوراً بالكلام العجيب، وقد سمع الكثير من: عبد القادر بن محمد بن يوسف، ولبن) الحُصين، وزاهر الشحامي. روى عنه: عبد اللَّه بن أحمد الخياط، وغيره. وتوفي في شوال عن سبعٍ وسبعين سنة.
4 (موسى بن عبد اللَّه بن هلوات.)
أبو عمران الجُذامي، الناتليّ، المصري، الفقيه الشافعي، المقرىء، الضرير.

(41/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 131
قرأ القرآن على محمد بن إبراهيم الكيزاني، وعلي بن عبد الرحمن نفطويه. وسمع من: مُنجب المرشدي. وتفقّه على: القاضي المحجلي بن جُميع المخزومي. روى عنه: ابنه وحرمي، وجماعة. وتُوفيّ رحمه اللَّه في ذي القعدة.
4 (حرف النون)

4 (نور الدين.)
صاحب آمد وحصن كيفا. اسمه محمد بن قُرا رسلان بن داوة. توفي في هذه السنة، وتملك بعده ابنه قُطب الدّين سقمان، وزرَ له القوام بن سماقا الأسعردي. فبادر سقمان إلى خدمة السّلطان صلاح الدّين وهو يحاصر ميافارقين، فأقره على ملك بلاده، وأن يصدر عن أمره ونهيه. ثم إن قطب الدّين سمكان قتل غيلة في رمضان من السنة.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن إبراهيم بن علي.)
القاضي أبو الحسين المصري، الخيمي، المقرىء، نائب الحكم بمصر. روى عن: أبي طالب عبد الجبار بن محمد المعفري، وغيره.
4 (يوسف بن المظفر بن فاخر.)

(41/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 132
أبو الحجاج البغدادي، المقرىء، نزيل واسط. قرأ القراءآت على جماعة بواسط، منهم: أبو الفتح بن زُريق، وأبو يعلى بن تركان. وببغداد على: أبي محمد سبط الخياط، وأبي الكرم الشهرزوري.) وأقرأ الناس مدةً. وكان بارعاً في الفن، حلو التلاوة، مجوداً. ويُعرف بغلام كنيني. تُوفي في أول ذي الحجة.
4 (يونس بن أحمد بن عبيد اللَّه بن هبة اللَّه.)
أبو منصور البغدادي، والد الوزير أبي المظفر عُبيد اللَّه بن يونس. كان متديناً، حسن الطريقة، توكل لوالدة الخليفة. وحدّث عن: هبة اللَّه بن الحُصين، وأبي منصور القزاز.
4 (مواليد السنة)
وفيها ولد: قاضي قُوص صالح بن الحسين الجعفري الزينبي، وله تواليف. والعلامة زكي الدّين عبد العظيم المنذري. ومجد الدّين عليّ بن وهب القشيري بمنفلوط، والخطيب عبد المعطي بن عبد الكريم الأنصاري، ويوسف بن عمر ابن خطيب بيت الآبار.

(41/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 133
4 (وفيات سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بع عبدالصمد بن أبي عُبيدة محمد بن أحمد.)
أبو جعفر الخزرجي، القرطبي، نزيل بجاية وغرناطة. روى عن: أبي عبدالله بن مكي، وأبي جعفر البطروجي، وعبد الرحيم الحجاري، وشريح بن محمد، وأبي بكر بن العربي. وكان معتنياً بالآثار، صنّف كتاب الأحكام وسمَّاه آفاق الشموس وأعلاق النفوس. قال الأبار: ثنا عنه: ابن بقي، وأبو سليمان بن حَوط اللَّه. وتوفي بفاس في ذي الحجة، وله أربع وستون سنة، رحمه اللَّه تعالى.
4 (أحمد بن يوسف بن عبد العزيز بن محمد بن رشد.)
أبو القاسم القيسي، الوراق، القرطبي. روى عن أبيه، وأبي محمد بن عتاب، وأبي بحر الأسدي، وابن رشد.) أخذ عنه: أبو القاسم بن بقي، وأبو سليمان بن حوط اللَّه، وأبو الحسن بن قُطرل. توفي يوم عرفة.

(41/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 134
4 (أحمد بن أبي بكر بن المبارك بن الشبل.)
أبو السعود الحريمي، العطار، الزاهد. صاحب الشيخ عبد القادر، وكان منزله مجمع الفقراء، وله قبول زائد. وصار يشار إليه في الطريقة والمعرفة، وفيه رفق وانبساط، رحمة اللَّه تعالى.
4 (حرف الباء)

4 (بيبش بن محمد بن عليّ بن بيبش.)
أبو البكر العبدري، الشاطبي، الفقيه، قاضي شاطبة. سمع: أبا الحسن بن هذيل، وأبا عبد اللَّه بن سعادة. وكان أمرء صدق، حميد السيرة، مهيباً. قل ما يغيب عنه شيء من صحيح البخاري لخفظه إياه. وكان مقتياً، مُفسراً، مصنفاً، له آثار في ألأمر بالمعروف وقمع الباطل. ألف الأحاديث التي انفرد بها مسلم، واختصر صحيح البخاري. وعاش ثمانياً وخمسين سنة.
4 (حرف الحاء)
الحسن بن أحمد بن قاضي القضاة أبي الحسن عليّ بن محمد بن علي.

(41/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 135
القاضي الأجل أبو محمد بن الدامغاني. ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. وسمع: هبة اللَّه بن الطبر، وإسماعيل بن السمرقندي. وولي القضاء بربع الكرخ، ثم قضاء واسط مضافاً إلى قضاء الكرخ فانحدر إلى واسط، واستناب على الكرخ. فلما عزل أخوه قاضي القضاة عزل هذا فلازم بيته. فلما وُليّ قضاء القضاة روح الحديثي أعاد إلى قضاء واسط. توفي في رجب ببغداد.
4 (الحسن بن ابراهيم بن علي.)
فخر الكُتّاب الجُويني المجوّد.) كان أوحد زمانه في براعة الخط، كتب عليه خلقٌ ببغداد. وخطَّه يتعالى في تحصيله بالثمن الوافر. توفي في هذه السنة فيما نبأني ابن البروزي.
4 (الحسن بن سيف.)
أبو عليّ الشهراباني، ثم البغدادي، التاجر العدل. توفي بمكة في جمادى الأولى. وقد روى عن: زاهر بن طاهر الشحامي.
4 (الحسن بن عليّ بن بركة بن عبيدة.)
أبو محمد الكرخي، المقرى، النحوي.

(41/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 136
من كبار القراء. قرأ القراءآت على أبي منصور بن خيرون، وأبي محمد السبط. ورحل إلى الكوفة فقرأ على أبي البركات عمر بن إبراهيم. وسمع الحديث من القاضي أبي بكر. وأخذ العربية عن أبي السعادات بن الشجري. وكان إماماً أيضاً في معرفة الفرائض والحساب. أقرأ الناس، وتخرَّج به جماعة. وتوفي رحمه اللَّه في شوال. ومن شعره:
(وما أن الشيب من أجل لونه .......... ولكنهُ حادٍ إلى الموت مُسرعُ)

(إذا مابدت منه الطليعة أذنت .......... بأن المنايا بعدها تتطلعُ)

(فإن قصها المقراضُ جاءت بأختها .......... وتَطلعُ يتلوها ثلاثٌ وأربعُ)

(وإن خُضبت حال الخضاب لأنه .......... يغالب صُنع اللَّه والله أصنعُ)

4 (الحسين بن عليّ بن مجهل.)
أبو عبد اللَّه البغدادي، الضرير. الرجل الصالح. قرأ القراءآت على جماعة. وسمع من: أبي عبد الله البارع، وهبة الله بن الحصين. روى عنه ابن الدُّبيثي في تاريخه.

(41/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 137
وتوفي في ثالث ربيع الأول.) قال ابن النجار: قرأ بالروايات على البارع.
4 (حرف الخاء)

4 (الخضر بن كامل بن منصور.)
الأمير أبو محمد الغنوي، المعدل بدمشق. روى عن: محمد بن أحمد بن تغلب الآمدي. وعاش خمساً وسبعين سنة. وكان كبير المروءة، قاضياً لحقوق الناس. ويُنعت بصفي الدولة. كتب عنه: أبو المواهب.
4 (حرف الضاد)

4 (ضياء بن بدر بن عبد اللَّه.)
أبو الفرج بن الزاز، عتيق ابن غوادي التاجر. بغدادي يروي عنها: هبة اللَّه بن البخاري، والحسين بن محمد البارع، وغيرهما. كتب عنه: عمر بن عليّ القُرشي. وأجاز لابن الدبيثي. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (حرف الطاء)

4 (طُغان شاه بن الملك المؤيد أي أبه.)
وكنيته أبو بكر. تملك نيسابور بعد مقتل والده سنة ثمانٍ وستين.

(41/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 138
وكان منهمكاً في اللذات، معاقراً للخمر. التقى هو في سنة ست وسبعين وسلطان شاه ابن صاحب خوارزم الذي تملك مرو، فنصر عليه سلطان شاه وأخذ بعض بلاده. وتوفي في المحرم سنة اثنتين هذه، وتملك بعده ابنه سنجرشاه، وصير أتابكه مملوك جده أمير منكلي، فغلب على الأمور، وتفرق أمراء والده واتصل أكثرهم بسلطان شاه الخوارزمي، وهو أخو علاء الدّين تكش. وأساء منكلي وظلم وعسف، وقتل بعض الأمراء، فسار إليه علاء الدّين تكش، وحصر نيسابور) شهرين، ثم عاد لحصارها من العام الآتي، فتسلمها بالأمان، وقتل منكلي، وأخذ سنجر شاه معه، وأزواجه بابنته، وتزوج بوالدته، وبقيت البنت في صحبة سنجر مدة وماتت، فتزوج بأخت علاء الدين. وعاش إلى سنة خمسٍ وتسعين وخمسمائة. قال أبو الحسن البيهقي في كتاب مسارب التجارب.
4 (حرف العين)

4 (عبد اللَّه بن بري بن عبد الجبار بن بري.)

(41/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 139
العلامة أبو محمد بن أبي الوحش المقدسي الأصل المصري، النحوي الشافعي. وُلد سنة تسع وتسعين وأربعمائة في رجبها. وقرأ الأدب على الإمام أبي بكر محمد بن عبد الملك النحوي. وسمع من: أبي صادق المديني، وأبي عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وعبد الجبار بن محمد المعافري، وعلي بن عبد الرحمن الحضرمي، وأبي البركات محمد بن حمزة البن العراقي، وابن العباس بن الحطيئة، وغيرهم. وتصدر بجامع مصر لإقراء العربية، وتخرج به جماعة كثرية. وانفرد بهذا الشأن، وقصد الطلبة من الآفاق. قال جمال الدّين القفطي: وكان عالماً بكتاب سيبويه وعلله، قيماً باللغة وشواهدها. وكان إليه التصفح في ديوان الإنشاء، لايصدر كتاب عند الدجولة إلى ملوك النواحي إلا بعد أن يتصفحه. وكان ينسب إلى الغفلة في غير العربية ويُحكى عنه حكايات. وقد تصدر غير واحد من أصحابه في حياته. وكان قليل التصنيف، له مقدمة سماها اللباب وله جواب المسائل العشر التي سأل عنها ملك النحاة. وله حواشي على صحيح الجوهري أجاد فيها، وهي ست مجلدات، وكان ثقة حُجّة.

(41/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 140
توفي في السابع والعشرين من شوال. روى عنه: الحافظ ابن المفضل، والزاهد أبو عمر المقدسيان، والفقيه عبد اللَّه بن نجم بن شاس، وأبو المعالي عبد، الرحمن بن عليّ المغيري، ومصطفى بن محمود، ونبأ بن أبي المكارم الأطرابُلسي، والوجيه عبد الرحمن بن محمد القوصي، والزاهد أبو العباس أحمد بن) عليّ بن محمد القسطلاني، وعبد الرحيم بن الطفيل، وبهاء الدّين عليّ بن الجميزي، ومرتضى بن أبي الجود حاتم. ومن تلامذته: أبو موسى عيسى بن يللنجت الجزولي صاحب القانون وقال الموفق عبد اللطيف: كان ابن بري شيخاً محققاً، صُحفيّاً، ساذج الطباع أبله في أمور الدنيا، مبارك الصحبة، ميمون الطلعة، وفيه تغفل عجيب، يستبعد من سمعه أن يجتمع في رجل متقن للعلم. فمن ذلك أنه كان يلبس ثياباً فاخرة، ويأخذ في كمه الواسع العنب والبيض والحطب. وربما وجد منزله مغلقاً فرمى بالبيض من الطاقة إلى داخل، ويقطر ماء العنب على قدمه، فيرفع رأسه إلى السماء ويقو: العُجب أنها تمطر مع الصحو. وكان يتحدث ملحوناً ولا يتكلفُ ويتبرم بمن يخاطبه بإعراب، رحمه اللَّه. قلت: وقد أجاز لجميع من أدرك حياته من المسلمين. قرأت ذلك بخط أحمد بن الجوهري، عن خط حسن بن عبد الباقي الصقلي، عنه.
4 (عبد اللَّه بن محمد بن جرير.)

(41/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 141
أبو محمد القرشي، الأموي، البغدادي، الناسخ، من ولد سعيد بن العاص ابن أمية. سمع: الكثير وكتب من الكتب الكبار شيئاً كثيراً، وكان مليح الكتابة، محدثاً مفيداً، مالكي المذهب. سمع: القاضي أبا بكر الأنصاري، وأبا منصور بن زريق، ويحيى بن الطراح، وأبا البدر الكرخي، وأبا منصور بن خيرون، وعبد الوهاب الأنماطي، خلقاً كثيراً. روى عنه: عمر بن عليّ القرشي وإلياس بن جامع، ومحمد بن مشق، وآخرون. وتوفي في سابع ربيع الأول. قال ابن الدُّبيثي: ظاهرُ أمره الصدق. وقال ابن النجار: كتب ما لا يدخل تحت الحصر بالأجرة. ويقال إنه كتب بخسمائة رطل حبرٍ أحصاها هو، وكان حسن الطريقة، متديناً. توفي في شعبان وله سنة.
4 (عبد الرحمن بن جامع بن غنيمة بن البنا.)
)

(41/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 142
أبو الغنائم، ويُدعى أيضاً غنيمة، الفقيه الصالح، البغدادي، الحنبلي. تفقه على أبي بكر أحمد بن محمد الدينوري. وسمع من: أبي طالب بن يوسف. وسمع من: أبي الحصين المسند، ومن: الحسين بن عبد الملك الخلال، والقاضي أبي بكر. وكان فقيهاً مناظراً عارفاً بالمذهب. روى عنه: الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، وحمد بن أحمد بن صديق، وعمر بن بركات الحرانيان، وأبو عبد اللَّه بن الدبيثي، وآخرون. توفي ثامن شوال.
4 (عبد الرحمن بن عليّ بن محمد بن قاسم.)
الشريف الأجل أبو القاسم العلويّ الحُسيني. توفي في شوال بالقاهرة. وُلد بدمشق في حدود سنة عشرين وخمسمائة. وهو جد الشريف عز الدّين الحافظ.
4 (عبد السلام بن يوسف بن محمد بن مقلد.)
أبو الفتوح التنوخي، الجماهيري، الدمشقي الأصل، البغدادي. سمع ببغداد بإفادة أبيه من: القاضي الأرموي، وأبي منصور بن خيرون، وابن ناصر، وأبي الوقت. وطلب بنفسه، وقرأ على الجماعة الشيوخ.

(41/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 143
وحدَّث ببغداد، والموصل، ودمشق. وبدمشق توفي في رجب. كتب عنه: أبو المواهب الحافظ وقال: كان قد قدم إلينا مسروراً من عند الملك الناصر صلاح الدّين وأعطاه ذهباً. وكان يترسل وينظم، وحملت تركته إلى أهله بالعراق. ومن شعره: على ساكني بطن العقيق سلامُ وهي أبيات مشهورة.)
4 (عبد الصمد بن محمد بن يعيش.)
الغساني الأندلسي، المنكبي، خطيب المنكب. أخذ القراءات عن: أبي الحسن بن ثابت، وأبي بكر بن الخلوف. وروى عن: أبي الحسن شريح، وأبي الحسن بن مغيث، والقاضي عياض. وتصدر للإقراء. وأخذ الناس عنه. روى عنه: أبو القاسم الملاحي، وأبو محمد بن حوط اللَّه. وبقي إلى هذا العام.
4 (عبد الغني بن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن.)
الهمذاني، العطار، أبو محمد.

(41/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 144
رحل به والده إلى إصبهان فسمع من: جعفر بن عبد الواحد الثقفي، وغانم بن خالد. ورحلَ به إلى بغداد فسمعه من: أبي القاسم بن الحُصين، وأبي غالب بن البنّا وطبقتهما. وبهمذان من: عبد الملك بن مكي بن بنجير، وهبة اللَّه ابن أخت الطويل، وطائفة. وله إجازة من أبي عليّ الحداد. توفي، رحمه اللَّه، في رمضان ببلده، وكان مولده في المحرم سنة خمس عشرة وخمسمائة. روى عنه: أبو عبد اللَّه بن الدبيثيّ، فإنه حجّ سنة إحدى وثمانين. وحدَّث.
4 (عبد الغني بن القاسم بن الحين.)
أبو محمد المعري، المقريء، الشافعي الحجار الذي اختصر تفسير سُليم الرازي، واختصره اختصاراُ حسناً وقال: أنا به أبو عبد اللَّه محمد بن إبراهيم بن ثابت المقرىء، أنا سلطان بن المقدسي، عن نصر المقدسي، عن سًليم. سمع منه: عبد اللَّه بن خلف المسكي. تُوفي في شوال.
4 (علي بن أحمد بن عليّ.)
أبو الحسن الطليطلي.

(41/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 145
روى عن: أبي عبد اللَّه بن مكي، وأبي جعفر البطروجي، وأبي الحسن شريح. وأخذ القراءآت عن شريح.) روى عنه: يعيش بن القديم، وأبو الحسن بن القطان. وكان حياً في هذه السنة.
4 (علي الوزير عضد الدّين أبي الفرج محمد بن عبد الرحمن بن هبة اللَّه المظفر ابن رئيس)
الرؤساء. أبو الحسن عماد الدين. تزهد وتصوَّف، وبنى رباطاً بدار الخلافة، فلما نكب أخوه اُتُّهم هو بمالِ إخوته الصغار، فخرج إلى الشام، فأكرمه السّلطان صلاح الدّين، وأدرّ عليه أنعاماً. وكان قد سمع من: القاضي الأرموي، وأبي الوقت. وعاش أربعاً وأربعين سنة، ودُفن بقاسيون.
4 (عمر بن أبي بكر بن عليّ بن حسين.)
أبو حفص ابن التبان المأموني، البغدادي. سمع: هبة اللَّه بن الحُصين، وزاهر بن طاهر الشحامي، وأبا غالب بن البنا، وجماعة. وكان رجلاً صالحاً من سكان المأمونية.
4 (عِوَض بن إبراهيم بن خلف.)

(41/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 146
أبو محمد البغدادي، المراتبي، المقرىء. قرأ القراءآت على: أبي عبد اللَّه البارع، وأبي بكر محمد بن الحسين المزرفي. وسمع من: ابن الحُصين. أخذ عنه: أبو عبد اللَّه ابن الدُّبيثي. وقرأ عليه بعض الختمة، وقال: توفي في رجب.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن داود.)
الشيخ أبو الرضا المؤدب، الحيسوب، المعروف بالمفيد. بغدادي بارع في الحساب، له تصانيف. سمع منه ابن البطي قليلاً، وتخرَّج عليه خلق.
4 (محمد بن أحمد بن العلامة أبي المظفر بن عبد الجبار السمعاني.)
أبو المعالي المروزي، الواعظ.) ورد بغداد، ووعظ بها مدة، وتوفي بها. وهو ابن عم الحافظ أبي سعد.

(41/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 147
4 (محمد بن الحسن بن الحسين بن محمد بن إسحاق بن موهوب بن عبد الملك بن منصور.)
الفقيه أبو الحسن، وقيل أبو الفضل السمرقندي، المنصوري، الحنفي، المقرىء خطيب سمرقند. من علماء بلده. تفقه على الحسن بن عطاء السغدي، وعمر بن محمد النسفي. وسمع من أبي المحاميد محمود بن مسعود القاضي السغدي، وعلي بن عثمان الخراط، وأبي إبراهيم إسحاق بن محمد النوحي، وإبراهيم بن إسماعيل الصّفّار. وحدَّث ببغداد سنة ستٍّ وسبعين. وعاد إلى بلاده. وتوفي في هذه السنة عن مائةٍ وأربع سنين، وكان معمراً مُسنداً. روى عنه: أبو الحسن بن القطيعي، وعبد اللَّه بن أبي النجيب السهرودي. وكان ممتعاً بحواسه في هذه السنة. وقيل: بل عاش سنة.
4 (محمد بن طلحة بن عليّ بن أحمد.)
الفقيه أبو أحمد العامري، البصري، الفقيه المالكي، المفتي. وٌ لد سنة عشرين وخمسمائة. وأقرأ القرآن وحدَّث، وأفتى.

(41/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 148
سمع من: ابن ناصر، وغيره. وتوفي رحمه اللَّه في رمضان بالبصرة.
4 (محمد بن الحافظ أبي مسعود عبد الجليل بن أبي بكر محمد بن عبد الواحد.)
أبو حامد بن كوتاه الإصبهاني، الجوباري. وأبو بكر هو الملقب بكوتاه، وعرف بذلك أيضاً عبد الجليل، وهو بالعربي: القصير. وجُوبار: محلة بإصبهان. ولد سنة عشرين وخمسمائة. وسمع من: جعفر بن عبد الواحد الثقفي، وسعيد بن أبي الرجا الصيرفي، وأبي نصر الغازي،) ومنصور بن محمد بن الحسن بن سُليم، والحُسين بن عبد الملك الخلال. وحدث ببغداد، وإصبهان، وجمع كتاباً في أسباب الحديث. روى عنه عبد اللَّه بن أحمد الخباز، وأبو نزار ربيعة اليماني. وتوفي في نصف المحرم.
4 (محمد بن القاضي السعيد عليّ بن عثمان بن إبراهيم.)
القرشي، المخزومي، المغيري، المصري، القاضي الأسعد، أبو الطاهر الشافعي. ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.

(41/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 149
وسمع من: السلفي، والعثماني. واستشهد في صفر ببزاعة.
4 (محمد بن عليّ بن فارس.)
الفراش، الشرابيّ أبو بكر، ويُقال أبو عبد اللَّه الزاهد. حدَّث عن: أبي القاسم بن الحصين، وغيره. وكان منقطعاً بمسجد كامل.
4 (محمد بن أبي منصور المبارك بن محمد بن محمد بن الخطيب.)
أبو المعالي قاضي المدائن وابن قاضيها. الفقيه الشافعي. روى عن: أبي الوقت. وله شِعر. حرف الهاء هارون بن أحمد بن جعفر بن عات. أبو محمد النفزي، الشاطبي، المقرىء. أخذ القراءآت عن: أبي مروان بن يسار صاحب ابن الدوش. وسمع من: أبي الوليد بن الدباغ. وتفقه على أبي جعفر الخشني ولازمه سبع سنين، وعرض عليه المدوَّنة مرات. ومهر عنده. وكان فقيهاً مشاوراً مستقلاً بالفتوى، فرضياً، حاسباً، مصنفاً. استُقضيَ

(41/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 150
بشاطبة فحُمدَت سيرته.) روى عنه: أبو عمر بن عباد، وأبو عبد اللَّه بن سعادة، وابنه أبو عمر بن عات. وتوفي في شعبان عن سبعين سنة. وكان من أئمة الأندلس. حرف الواو واجب بن أبي الخطاب محمد بن عمر بن محمد بن واجب بن عمر بن واجب. أبو محمد ألب لنسي تقيسي. وأجاز له أبو مران بن قزمان، وأبو طاهر السلفي. وسمع منه: أبو سليمان بن أحوط اللَّه. وكان كاتباً بليغاً، شاعراً خطيباً، مفوّهاً، من بيت جلالة. بيت جلالة. صحب السّلطان، وتوفي بمراكش. وجد جده واجب سمع من أبي العباس العُذري، وتوفي قبل التسعين وأربعمائة.
4 (الكنى)

4 (أبو السعود بن الشبل.)
العطار الحريمي الزاهد. كان عطاراً فزهد، وصحب الشيخ عبد القادر، وصار من كبار الفقراء.

(41/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 151
له كرامات وأحوال، وقبول عظيم. غلب عليه الفناء فكان لا يأكل ولا يلبس إلا أن يطعموه أو يلبسوه. ولا يكاد يتكلم إلاّ جواباً. ولا يزال على طهارة مستقبل القبلة. حكى لي عنه جماعة. يقول أبو المظفر بن الجوزي: قالوا كان جالساً فوقع السقف، فجاء طرف جذع على أضلاعه فكسرها، فلم يتحرك فبقي عشرين سنة، فلما مات وجُرِّد للغسل رأوا أضلاعه مكسرة. توفي في عاشر شوال، وبنوا على قبره قبة عالية، وقبره يُزار رحمه اللَّه.
4 (مواليد السنة)
وفيها وُلد الكمال بن طلحة، وزكي البيلقاني، وعثمان بن عبد الرحمن بن رشيق الرَّبعي.

(41/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 152
4 (وفيات سنة ثلاث وثمانين خمسمائة)
)
4 (حرف الألف)
أحمد بن المفرج بن درع. التكريتي. حدث عن: أبي شاعر محمد بن سعد، وغيره. وتوفي بتكريت.
4 (أحمد بن أبي المطَّرف عبد الرَّحمن بن أحمد بن عبد الرَّحمن بن جزي.)
أبو بكر البلنسي. سمع: أبا محمد البطليوسي، وطارق بن يعيش، وأبا الوليد بن الدباغ وأقرأ الناس الفرائض والحساب وهو آخر الرّواة عن البَطَلْيُوسي. حدث عنه: أبو عامر بن نذير، وأبو الربيع بن سالم، وأبن نعمان. وبالإجازة: الطيب بن محمد، وأبو عيسى بن أبي السداد. وتوفي في المحرم عن أربعٍ وثمانين سنة.
4 (إبراهيم بن حسين.)
الأمير الكبير حسام الدّين المهراني، أحد أمراء صلاح الدّين.

(41/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 153
استشهد على حصار عسقلان في جمادى الآخرة.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن حافظ بن الحسن بن الحسين.)
أبو عليّ الغساني الدمشقي، الناسخ، المعدل. حدث عن: طاهر بن سهل الإسفراييني. وعاش ستاً وثمانين سنة. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى. ضعف وأصابته رعشة وافتقر، رحمه اللَّه.
4 (الحسن بن نصر اللَّه بن عبد الواحد بن أحمد.)
أبو القاسم الدسْكرِي، ثم البغداديّ، المعروف بابن الفقيه. سمع من: هبة اللَّه بن الحصين، وأبي غالب أحمد بن البنا.) وكان جده أبو سعد عبد الواحد من أصحاب الشيخ أبي إسحاق الشّيرازيّ.
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن عبد السّميع بن محمد بن شجاع.)
أبو الحسن الهاشميّ، البغدادي. ولد سنة أربعة عشر وخمسمائة. وسمع من: هبة اللَّه بن الحصين، وهبة اللَّه بن عبداللَّه الشُّروطيّ، وأبي بكر الأنصاري. كتب عنه جماعة.

(41/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 154
وتوفي في ربيع الأول.
4 (سليمان بن عبداللَّه.)
أبو الربيع التجيبي الخشيني، يقال الخشني، المقرىء. روى عن: أبي القاسم بن الأبرش، وأحمد بن يعلى. أجاز له أبو محمد بن عتاب. وكان عارفاً بالعربية والفقه. وتصدر للإقراء والعربية. حدث عنه: أبو محمد، وأبو سليمان، إبنا حَوْط اللَّه وأجاز لهما في هذا العام، وانقطع خبره.
4 (حرف الشين)

4 (شروين بن حسن)
الأمير الكبير، جمال الدّين الزرزاري، الصلاحيّ. كان أول من بادر وخاطر فسبق بأصحابه إلى منازلة القدس قبل تواصل الجيش، فلقيه جمع كبير من الفرنج خرجوا يزكاً فقتلوه، وقتلوا جماعة من أصحابه، رحمهم اللَّه.
4 (حرف العين)

4 (عبد الجبار بن يوسف بن عبد الجبار بن شبل بن علي.)
القاض الأكرم أبو محمد ابن القاضي الأجل أبي الحجاج الجذامي، الصويتي، والمقدسي. ولد سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. وسمع من السفلي. وولي ديوان الجيوش بمصر مدة.) وصويت: فخذ من جذام.

(41/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 155
توفي في سابع عشر ذي القعدة ببيت المقدس، ودفن بباب المرجة. ومولده وداره بمصر.
4 (عبد الجبار بن يوسف بن صالح بن البغدادي.)
شيخ الفتوة ورئيسها، ودرة تاجها، وحامل لوائها. تفرد بالمروءة والعصبية، وانفرد بشرف النفس والأبوة، وانقطع إلى عبادة اللَّه تعالى بموضع اتخذه لنفسه وبناه، فاستدعاه الإمام الناصر لدين اللَّه وتفتى إليه، ولبس منه. خرج حاجاً في هذه السنة فتوفي بالمعلى، ودفن به في ذي الحجة.
4 (عبد الغني بن أبي بكر)
البغدادي، الإسكاف، الفقير، المعروف بابن نقطة، وهي أمه. كان يلعب بالحمام، فتاب على يد الشيخ أبي الفرج بن الجوزي، وصحب الفقراء فكثر أتباعه، وبنت له أم الخليفة مسجداً، ولا الخط، بل كان رجلاً خيِّراً. توفي كهلاً في جمادى الآخر رحمه اللَّه. وهو والد الحافظ أبي بكر محمد مصنف التقييد. وذكر ابنه أنه كان لا يدخر شيئاً. وله أخبار مشهورة في الإيثار والتنزه عن الدنيا.
4 (عبد المغيث بن زهير بن زهير بن علوي.)

(41/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 156
المحدث أبو العز بن أبي حرب البغدادي، الحربي. أحد من عني بهذا الشأن. قرأ الكثير، وحصل، ونسخ، وخرج، وصنف. قال أبن الدبيثي: كان ثقةً صالحاً، صاحب سنة، منظوراً إليه بعين الديانة والأمانة. سمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا العز بن كادش، وهبة اللَّه بن الطبر، وأبا غالب بن البنا، فمن بعدهم. وحدث بالكثير، وأفاد الطلبة، ونعم الشيخ كان. كان مولده في سنة خمسمائة، وتوفي في الثالث والعشرين من المحرم. قلت: روى عنه: الشيخ الموفق، والحافظ عبد الغني، وحمد بن صديق الحراني، والبهاء المقدسي، وأبو عبداللَّه الدبيثي، وخلق سواهم. وصنف كتاباً في فضائل يزيد أتى فيه بالعجائب، ولو لم يصنفه لكان خيراً له. وعمله رداً) على أبن الجوزي. ووقع بينهما عداوة لأجل يزيد، نسأل اللَّه أن يثبت عقولنا، فإن الرجل ما لا يزال بعقله حتى ينتصب لعداوة يزيد أو ينتصر له، إذ له أسوة بالملوك الظلمة. وذكر شيخنا ابن تيمية قال: قد قيل إن الخليفة الناصر لما بلغه نهي الشيخ عبد المغيث عن لعنة يزيد قصده متنكراً، وسأله عن ذلك، فعرفه عبد المغيث، ولم يظهر أنه يعرفه، فقال: يا هذا، أنا قصدي كف ألسنة الناس عن خلفاء المسلمين، وإلا فلو فتحنا هذا الباب لكان خليفة الوقت هذا أحق

(41/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 157
باللعن، فإنه يفعل كذا وجعل يعدد خطايا الخليفة، حتى قال يا شيخ ادع لي. وذهب.
4 (عطاء بن عبد المنعم بن عبداللَّه.)
أبو الغنائم الإصبهاني، الخاني. حدث ببغداد، وإصبهان عن: غانم البرجي. روى عنه: أبو الفتوح بن الحصري. وعاش إلى هذه السنة. وكان مولده سنة
4 (علي بن أحمد بن علي.)
أبو الحسن لبان الشريشي. سمع صحيح خ. من أبي الحسن شريح، وقرأ عليه بالروايات. وروى عن أبي بكر بن العربي الموطأ. وولي قضاء شريش. وكان من أهل العدالة والورع. صنف شرحاً لمقامات الحريري، وله النظم والنشر. قال الأبار: حدث عنه جماعةً من شيوخنا.
4 (علي بن أحمد بن قاضي القضاة أبي الحسن عليّ بن قاضي القضاة أبي عبداللَّه.)

(41/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 158
الدامغاني، أبو الحسن قاضي القضاة بالعراق، الفقيه الحنفي. ولد سنة ثلاثة عشر وخمسمائة ببغداد. وسمع: هبات اللَّه بن الحصين، وأبن الطبر، والشروطي، وأبا الحسين بن القاضي أبي يعلى. وكان ساكناً وقوراً، رئيساً، نبيلاً. ولي قضاء ربع الكرخ بعد وفاة والده. ثم ولي قضاء القضاة بعد وفاة أبي القاسم الزينبي سنة ثلاثٍ وأربعين، فبقي فيه إلى أن عزله المستنجد أول ما استخلف وطالت أيام عزله. ثم وُلي القضاء في سنة سبعين وخمسمائة.) سمع منه: عمر القرشي، ومحمد بن عبد الواحد بن الصباغ، وغيرهما. وتوفي في ذي القعدة، وشيعه أعيان الدولة وخلق كثير. قال ابن النجار: كان مهيباً، جليلاً، عالماً، تخين الستر، عفيفاً، كامل العقل، نزهاً، جميل السيرة.
4 (علي بن محمد بن عليّ بن أبي منصور جلال الدّين ابن الوزير أبي جعفر الجواد وزير)
السّلطان عز الدّين مسعود. توفي في المحرم. وقيل: توفي قبل هذا. وقد ذكر.
4 (عيسى بن مالك.)

(41/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 159
العقيلي الأمير الشهيد عز الدين، ابن صاحب قلعة جعبَر. أمير جليل، شجاع بطل. استشهد في حصار القدس بعد أن بين وأبلى بلاءً حسناً، وتأسف المسلمون على قتله. قُتل في رجب، رحمه اللَّه.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن بركة بن عمر.)
أبو عبداللَّه البغدادي، الحلاج العطار، لا القطان. له إجازة عالية من أبي القاسم الربعي، وأبي الغنائم النرسي، وشجاع الذُّهلي. حدَّث بها عنهم. سمع منه: عبد الجبار بن البندار، وجماعة، ومحمد بن أحمد بن شافع. مات في ذي القعدة.
4 (محمد بن ذاكر بن محمد بن أحمد بن عمر.)
أبو بكر الإصبهاني، الخرقي. حج سنة ثمنٍ وستين. وحدَّث ببغداد عن: أب يعلي الحداد، وجعفر الثقفي. وسمع الكثير من أصحاب أحمد بن محمود الثقفين وسعيد العيار. وخرج لنفسه مُعجماً. كتب عنه أبو بكر الحازمي، وجماعة، وابنه أبو نصر القاسانيّ. وتوفي في رجب عن ثمانين سنة وهو محمد أبو رشيد الغزال: سمعت منه الكثير بإفادة والدي، وقد رحل إلى نيسابور بعد الأربعين.)

(41/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 160
4 (محمد بن عبد الخالق بن أبي شُكر.)
أبو المحاسن الأنصاري، الإصبهاني، الجوهري. وُلد سنة سبعٍ وتسعين وأربعمائة. وسمع حضوراً سُنن النسائي، من الدوني، وسمع كتاب إصبهان، و الحلية، و مُستخرج أبي نعيم على خ. م.، على أبي عليّ الحداد. وسمع المعجم الكبير للطبراني، على المجسَّد بن محمد الإسكاف، بسماعه من ابن فادشاه. ورَّخ موته أبو رشيد الغزال.
4 (محمد بن أبي مسعود عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد.)
أبو حامد كوتاه الإصبهاني. والد أبي بكر محمد. محدّث حافظ مصنف، له كتاب أسباب الحديث على أُنموذج أسباب النزول للواحدي، لم يُسبق إلى مثله. وسوَّد تاريخاً لإصبهان، وكتب الكثير، وكان صدوقاً نبيلاً. سمع: جعفر بن عبد الواحد، وزاهر بن طاهر، وسعيد بن أبي الرجاء. روى عنه: أبو محمد الغزال. توفي في المحرم وبه ثلاثٌ وستون سنة. وقيل: تُوفي في العام الماضي.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن خليفة بن أبي العافية.)
الأزدي، الغرناطي، أبو بكر الكُتندي.

(41/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 161
روى عن: أبي محمد بن أبي جعفر، وأبي عبد الله بن مكي، وأبي الحسن بن مغيث. ولقي ابن خفاجة الشاعر وأخذ عنه. روى عنه: أبو سليمان بن حوط اللَّه، وأبو القاسم الملاحي، وغيرهما. وكان أديباً، كاتباً، شاعراً، لغوياً. تُوفي سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وثمانين.
4 (محمد بن عبد الملك.)
الأمير شمس الدّين ابن المقدَّم. من كبار أمراء الدولتين النورية والصلاحية. وهو الذي سلًم سنجار إلى نور الدين، وسكن دمشق. فلما تُوفي نور الدّين كان أحد من قام بسلكنة نور الدين. ثم إن صلاح الدين، أعطاه بعلبك، فتحول إليها وأقام بها. ثم عصى على) صلاح الدين، فجاء إليه وحاصره، وأعطاه عوضها بعض القلاع. ثم استنابه على دمشق سنة نيف وثمانين. وكان بطلاً شجاعاً، محتشماً. وقد حضر في هذا العام وقعة حطين، وفتوح عكا، والقدس، والسواحل. وتوجه إلى الحج في تجمل عظيم، فلما بلغ عرفات رفع علم صلاح الدّين وضرب الكوسات، فأنكر عليه طاشتكين أمير الركب العراقي وقال: لا يُرفع هنا علم الخليفة. فلم يلتفت إليه، وأمر غلمانه فرموا علمَ الخليفة، وركب فيمن معه من الجند الشاميين، وركب طاشتكين، فالتقوا وقتل بينهما جماعة. وجاء ابن المقدم سهمٌ في عينه، فخرّ صريعاً. وجاء طاشتكين فحمله إلى خيمته وخيط جراحه، فتوفي من الغد

(41/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 162
بمنى يوم الأضحى. ونهب الركب الشاميّ. قال العماد الكاتب: وصل شمس الدّين عرفات، وما عرف الآفات. وشاع وصوله، وضُربت طبوله، وجالت خيوله، وخفقت أعلامه، وضُربت خيامه، فغاظ ذلك طاشتكين، فركب في أصحابه فأوقع بشمس الدّين وأترابه، وقتل جماعة وجُرحوا. قال: ودفن بالمُعلى، وارتاع طاشتكين لما اجترمه، وأخذ شهادة الأعيان أن الذنب لابن المقدم. وقُرىء المحضر في الديوان. ولما بلغ السّلطان مقتله بكى وحزن عليه وقال: قتلني اللَّه إن لم أنتصر له. وتأكدت الوحشة بينه وبين الخليفة. وجاءه رسولٌ يعتذر فقال: أنا الجواب عما جرى. ثم اشتغل بالجهاد عن ذلك. وقال ابن الأثير: لما فتح بيت المقدس طلب ابن المقدم من السّلطان إذناً ليحج ويُحرم من القدس، ويجمع في سَنَته بين الجهاد والحج، وزيارة الخليل، والرسول صلى اللَّه عليهما وسلم. وكان قد اجتمع بالشام ركبٌ عظيم، فحج بهم ابن المقدّم. فلما كان عشية عرَفة، أمر بضرب كوساته ليتقدم للإفاضة، فأرسل إليه مُجير الدّين طاشتكين ينهاه عن التقدم، فأرسل إليه: إني ليس لي معك تعلُّق، وكلٌّ يفعل ما يراه. وسار ولم يقف. فركب طاشتكين في أجناده، وتبعه من الغوغاء والطماعة عالمٌ كبير، وسدوا حاجّ الشام، فلما قربوا خرج الأمر عن الضبط، فهجم طماعةُ العراق على الشاميين وفتكوا فيهم، وقتلوا جماعة، ونُهبت أموالهم. وجُرح ابن المقدَّم عدة جراحات. وكان يكفُّ أصحابه عن القتال، ولو أذن لانتصف منهم، ولكنه راقب اللَّه تعالى وحُرمة المكان واليوم، فلما أُثخن بالجراحات أخذه طاشتكين إلى خيمته، وأنزله عنده ليمرضه) ويستدرك الفارط، فمات من الغد، ورُزق الشهادة بعد الجهاد، رحمه اللَّه تعالى.

(41/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 163
قلت: وله دارٌ كبيرة إلى جانب مدرسته المقدَّمية بدمشق، ثم صارت لصاحب حماه، ثم صارت لقراسنقُر المنصوري، ثم صارت السّلطان الملك الناصر بعده. وله تربة، ومسجد، وخان داخل باب الفراديس. محمد بن عمر بن محمد بن واجب. أبو بكر القيسي البلنسي. سمع: أباه وعليه تفقّه، وأبا الحسن ابن النعمة. وأخذ القراءات عن: أبي محمد بن سعدون الضرير. محمد بن يحيى بن محمد بن مواهب بن إسرائيل. أبو الفتح البرداني. روى عن: أبي عليّ بن نبهان، وأبي غالب محمد بن عبد الواحد، وأبي عليّ ابن المهلبي، ومحمد بن عبد الباقي الدُّري. قال ابن الدُّوري. قال ابن الدُّبيثي: رأيت بعضهم يتهمه بالتحديث بما لم يسمعه، ولم أقف على ما يُنافي الصحة. سمعنا منه. وسمع منه: عمر القرشي، وأصحابنا. ووُلد سنة تسع وتسعين وأربعمائة. وتوفي رمح اللَّه في جمادى الأولى.

(41/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 164
المبارك بن الأعز بن سعد اللَّه. أبو المظفَّر التوثي، القوَّال. مغني بغداد في عصره. من أهل محلة التوثة. كان رأساً في الغناء، وأخذ المطربون عنه الأنغام. وله تصانيف في الموسيقى. وكان يخالط الصوفية. المبارك بن عبد الواحد بن غيلان. البغدادي.) سمع من: ابن الحُصين، وحدث.
4 (محفوظ بن أحمد بن العلامة أبي الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن.)
الكلوذانّي. وحدَّث. وكان أبوه من عُدُول بغداد.
4 (مخلوف بن عليّ بن عبد الحق.)

(41/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 165
الفقيه أبو القاسم التميمي، القروي، ثم الإسكندراني. الفقيه المالكي، المعروف بابن جارة. تفقه وبرع في المذهب. ومن شيوخه: أبو الحجاج يوسف بن عبد العزيز اللخمي، ومحمد بن أبي سعيد الأندلسي، وسند بن عنان، وأبو عبداللَّه المازري، وآخرون. ودرّس وأفتى، وانتفع به جماعةٌ كثيرة في الفقه. وكان من أعلام المذهب. تُوفي في رمضان بالثغر. تفقه به ابن المفضل، وروى عنه.
4 (حرف النون)

4 (نصر اللَّه بن أبي منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد)
أبو السادات بن زُريق الشيباني، القزَّاز، الحريمي. مُسند بغداد في وقته. كان شيخاً صالحاً من بيت الرواية. سمع: جده أبا غالب، وأبا سعد بن خُشيش، وأبا القاسم الربعي، وأبا الحسين بن الطُّيوري، وأبا الحسن بن العلاف، وأبا العز محمد بن المختار، وأبا العباس أحمد بن محمد بن عمروس، وأحمد بن محمد بن عليّ بن العلاف، وأبا القاسم بن بيان، وأبا عليّ بن نبهان، وشجاع بن فارس الذُّهليّ، وأمه شمس النهار بنت أبي عليّ البردانيّ.

(41/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 166
حدَّث عنه: أبو سعد بن السمعاني، ومات قبله بإحدى وعشرين سنة. وابنه عثمان، وابن الأخضر، والبهاء عبد الرحمن، والتقي بن باسويه، ومعالي بن سلامة الحراني، وأبو عبداللَّه بن الدبيثي، والجمال أبو حمزة، ومحمد بن الحافظ عبد الغني، والأمين سالم بن صصرى، وفضل) اللَّه بن عبد الرزاق الجيلي، ومحمد بن عليّ بن بقاء السباك، ومحمد بن أبي الفتوح بن الحصري، وعبداللَّه بن عمر البندنيجي، واّخرون. واّخر من روى عنه بالأجازة ابن عبدالدائم. قال أبن الدبيثي: أراني مولده بخط جده أبي غالب في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. وتوفي في تاسع عشر ربيع الآخر، وله اثنتان وتسعون سنة.
4 (نصر بن فتيان بن مطر.)
العلامة صاحب الدّين أبو الفتح بن المني النهرواني، الحنبلي، فقيه العراق. ولد سنة إحدى وخمسمائة. وتفقه على أبي بكر أحمد بن محمد الدينوري، ولازمه حتى برع في المذهب. وسمع من: هبة اللَّه بن الحصين، والحسين بن محمد البارع، وأبي بكر محمد بن عليّ بن الدنف، والحسين بن عبد الملك الخلال، وأبي الحسن بن الزاغوني، وأبي غالب بن البنا، وأبي نصر اليونارتي.

(41/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 167
وتصدر للإشغال، وطال عمره، وقصده الطلبة من البلاد، وبعد صيته، واشتهر أسمه، وتخرج به أئمة. قال أبن النجار: كان ورعاً عابدا، حسن السمت، على منهاج السلف. أضر في اّخر عمره، وحصل له طرش. ولم يزل يدرس الفقه إلى حين وفاته. توفي في خامس رمضان. وقال أبن الدبيثي: كان له مسجد في المأمونية وبه يدرس. قلت: تفقه عليه الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، وروى عنه: هما، وابن أخيه محمد بن مقبل، وأبو صالح نصر بن عبد الرزاق، وجماعة. قال ابن النجار: حمل على الرؤوس، وتولى حفظ جنازته جماعة من الأتراك خوفاً من العوام وازدحامهم عليه، ودفن بداره.
4 (حرف الهاء)
هبة اللَّه بن أبي القاسم عليّ بن هبة اللَّه بن محمد بن الحسن. المولى مجد الدّين أبو الفضل ابن الصاحب، أستاذ دار المستضيء. انتهت إليه الرئاسة في) زمانه. وبلغ من الرتبة رتب الوزير وأبلغ، وصار يولي ويعزل. وماج في أيامه الرفض، وشمخت المبتدعة.

(41/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 168
وقد ولي حجابه الباب النوبي في أيام المستنجد، ولما بويع الناصر قربه وأدناه، وحكمه في الأمور والصدور. ولم يزل على ارتقائه إلى أن سعى به بعض الناس، فاستدعي إلى دار الخلافة، فقتل بها تاسع عشر ربيع الأول، وعلق رأسه على داره. وكان رافضياً سباباً. عاش إحدى وأربعين سنة، وقد خلف تركه عظيمة منها ألف ألف دينار ونيف.
4 (مواليد السنة)
وفيها وُلد: التقي الحوراني الزاهد، وفراس بن العسقلاني، والجمال يحيى ابن الصيرفي، وعمر بن عوة الجزري، وآخرون.

(41/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 169
4 (وفيات سنة أربع وثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الحسن.)

4 (إبراهيم بن سفيان بن إبراهيم عبد الوهاب ابن الحافظ عبداللَّه بن مندة.)
أبو إسحاق العبدي، الإصبهاني. حدث عنه: زاهر الشحامي، والحسين بن الخلال، وخلق. قال ابن النجار: سمع كثيراً وأسمع أولاده، وكتب بخطه وكان موصوفاً بالصدق والأمانة، وحسن الطريقة والديانة. توفي في ثاني عشر جمادى الأولى.
4 (إبراهيم بن عبد الأعلى بن أحمد.)
أبو غالب الخطيب، الواسطي، المعدل. شيخ صالح يخطب بقرية. سمع: أباه، ونصر اللَّه بن الجلخت، والحسن بن إبراهيم الفارقي الفقيه، والمبارك بن نغوبا. قال ابن الدبيثي: قدم بغداد، وكتبنا عنه وكان ثقةً توفي في المحرم وله نيف وسبعون سنة.

(41/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 170
4 (أسامة بن مرشد بن عليّ بن مقلد بن نصر بن منقذ.)
) الأمير الكبير مجد الدين، مؤيد الدولة، أبو المظفر الكناني، الشيرزي الأديب، أحد أبطال الإسلام، ورئيس الشعراء الأعلام. ولد بشيرز في سنة ثمانٍ وثمانين وأربعمائة. وسمع سنة تسعٍ وتسعين نسخة أبي هدبة من: عليّ بن سالم السنبسي. سمع منه: أبو القاسم بن عساكر الحافظ وأبو سعد السمعاني، وأبو المواهب بن صصرى، والحافظ عبد الغني، ووله الأمير أبو الفوارس مرهف، والبهاء عبد الرحمن، وشمس الدّين محمد بن عبد الكافي، وعبد الصمد بن خليل بن مقلد الصائغ، وعبد الكريم بن نصر اللَّه بن أبي سُراقة، وآخرون. وله شعر يروق وشجاعة مشهورة. دخل ديار مصر وخدم بها في أيام

(41/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 171
العادل بن السلار، ثم قدم دمشق، وسكن حماه مدةً، وكان أبوه أميراً شاعراً مجيداً أيضاً. وقال ابن السمعاني: قال لي أبو المظفر: أحفظ أكثر من عشرين ألف بيت من شعر الجاهلية. ودخلت بغداد وقت محاربة دبيس والمسترشد بالله، ونزلت بالجانب الغربي، وما عبرت إلى شرقيها. وقال العماد الكاتب: مؤيد الدولة أعرف أهل بيته في الحسب، وأعرفهم بالأدب. وجرت له نبوة في أيام الدمشقيين، وسافر إلى مصر فأقام بها سنين في أيام المصريين، ثم عاد إلى دمشق. وكنت أسمع بفضله وأنا بإصبهان. وما زال بنو منقذ مالكي شيزر إلى أن جاءت الزلزلة في سنة نيفٍ وخمسين وخمسمائة، وخربت حصنها، وأذهبت حسنها، وتملكها نور الدّين عليهم، وأعاد بناءها، وتشعبوا شعباً، وتفرقوا أيدي سبأ. وأسامة كإسمه في قوة نثره ونظمه، تلوح في كلامه إمارة الأمارة، ويؤسس بيتُ قريضه عمارة العبارة. انتقل إلى مصر فبقي بها مؤمَّراً، مشاراً إليه بالتعظيم إلى أيام ابن رزيك، فعاد إلى دمشق محترماً حتى أخذت شيزر من أهله، ورشقهم صرف الزمان بنبله، ورماه الحدثان إلى حصن كيفا مقيماً بها في والده، مؤثراً بلدها عل بلده، حتى أعاد اللَّه دمشق إلى سلطنة صلاح الدّين، ولم يزل مشغوفاً بذكره، مستهتراً بإشاعة نظمه ونثره. والأمير عضد الدولة ولد الأمير مؤيد الدولة جليسه ونديمه، فطلبه إلى دمشق وقد شاخ، فاجتمعتُ به وأنشدني لنفسه في ضرسه:
(وصاحب لا أملُّ الدهرَ صُحبته .......... يشقى لنفعي ويسعى سعي مجتهدِ)
)
(لم ألقه مذ تصاحبنا، فحين بدا .......... لناظري افترقنا فُرقة الأبدِ)

(41/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 172
قال العماد: ومن عجيب ما اتفق لي أني وجدتُ هذين البيتين مع أُخر في ديوان أبي الحسين أحمد بن منير الرفاء المتوفي سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة، وهي:
(وصاحب لا أملُّ الدهر صُحبته .......... يسعى لنفعي وأجني ضره بيدي)

(أدنى إلى القلب من سمعي، ومن بصري .......... ومن تلادي، ومن مالي، ومن ولدي)

(أخلو ببثي من خالٍ بوجنته .......... مداده زائد التقصير للمُددِ)
والأشبه أن ابن منير أخذهما وزاد عليهما. ولأسامة في ضرس آخر:
(أعجب بمحتجب عن كل ذي نظر .......... صحبته الدهر لم أسبر خلائقه)

(حتى إذا رابني قابلته فقضى .......... حباؤه وإبائي أن أفارقه)
وله:
(وصاحب صاحبني في الثبى .......... حتى ترديت رداء المشيب)

(لم يبدُ لي ستين حولاً، ولا .......... بلوت من أخلاقه ما يريب)

(أفسده الدهر، ومن ذا الذي .......... يحافظ العهد بظهر المغيب)

(منذ افترقنا لم أصب مثله .......... عُمري ومثلي أبداً لا يصيب)
وله:
(قالوا نهتهُ الأربعون عن الصبا .......... وأخو المشيب بحرم ثمَّتَ يهتدي)

(41/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 173
(كم صار في ليل الشباب فدلَّه .......... صبح المشيب على الطريق الأقصد)

(وإذا عددت سني ثم نقصتها .......... زمنَ الهُموم فتلك ساعةُ مولدي)
وله في الشيب:
(أنا كالدُّجى لما تناهى عُمره .......... نشرت له أيدي الصباح ذوائبا)
وله:
(أنظر إلى لاعب الشطرنج يجمعها .......... مغالباً ثم بعد الجمع يرميها)

(كالمرء يكدحُ للدنيا ويجمعها .......... حتى إذا مات خلاها وما فيها)
وله إلى الصالح طلائع بن رزيك وزير مصر يسأله تسيير أهله إلى الشام، وكان الصالح ابن) رزيك يتوقع رجوعه إلى مصر:
(أذكرهم الودَّ إن صدُّوا وإن صدفوا .......... إن الكرام إذا استعطفتهم عطفوا)

(ولا تُرد شافعاً إلاّ هواك لهم .......... كفاك ما اختبروا وما كشفوا)

(ياحيرة القلب والفسطاطُ دارُهم .......... لم تصقب الدار ولكن أصقب الكلفُ)

(فارقتكم مُكرهاً والقلب يخبرني .......... أن ليس لي عوضٌ عنكم ولا خلفُ)

(ولو تعوَّضتُ بالدنيا غُبنتُ، وهل .......... يعوضنيعن نفس الجوهر الصدفُ)

(ولست أُنكر ما يأتي الزمان به .......... كل الورى لرزايا دهرهم هرفُ)

(ولا أسفتُ لأمر فات مطلبه .......... ولكن لفرقةِ من فراقته الأسفُ)

(الملكُ الصالح الهادي الذي شهدت .......... بفضل أيامه الأنباء والصُحفُ)

(كلك أثل عطاياه الغنى، فإذا .......... أدناكَ منه فأدنى حظك الشرفُ)

(سعت إلى زُهده الدنيا بزخرفها .......... طوعاً، وفيها على خطابها صلفُ)

(41/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 174
(مشهدُ وعيونُ الناس هاجعةٌ .......... على التهجدِ والقرآن معتكفُ)

(وتشرق الشمس من لألآء غُرتهِ .......... في دسته فتكاد الشمس تنكسفُ)
فأجابه الصالح، وكان يجيد النظم رحمه اللَّه:
(آدابُك الغر بحرٌ ما له طرفُ .......... في كل جنسٍ بدا من حُسنه طُرفُ)

(نقول لما أتانا ما بعثتً به: .......... هذا كتابٌ أتى، أم روضةٌ أنُفُ)

(إذا ذكرناك مجد الدّين عاودنا .......... شوقٌ تجدد منه الوجد والأسفُ)

(يا من جفانا ولو قد شاء كان الى .......... جنابنا دون أهلِ الأرض ينعطفُ)
ولأسامة:
(مع الثمانين عاش الضعفُ في جسدي .......... وساءني ضعفُ رجلي واضطرابُ يدي)

(إذا كتبتُ فخطّي خط مضطربٍ .......... كخط مرتعش الكفين مرتعد)

(فاعجب لضعف يدي عن حملها قلماً .......... من بعد حطمِ القنا في لبَّةِ الأسدِ)

(وإن مشيتُ وفي كفي العصا ثقلت .......... رجلي كأني أخوض الوحل في الجلد)

(فقل لمن يتمنى طول مدته: .......... هذي عواقبُ طول العمر والمُدد)
ولما قدم من حصن كيفا على صلاح الدّين قال:)
(حمدت على طول عُمري المشيبا .......... وإن كنتُ أكثرتُ فيه الذُّنوبا)

(لأني حييتُ إلى أن لقيت .......... بعد العدوّ صديقاً حبيبا)
وله:
(لا تستعر جلداً على هجرانهم .......... فقواك تضعفُ عن حدودٍ دائمِ)

(وأعلم بأنك إن رجعت إليهم .......... طوعاً، وإلا عُدت عودة راغمِ)
وعندي له مجلداٌ فيه بما رأى من ألأهوال قال: حضرؤت من المصافات والوقعات مهول أخطارها، واصطليت من سعير نارها، وباشرتُ

(41/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 175
الحرب وأنا ابن خمس عشرة سنة إلى أن بلغت مدى التسعين، وصرتُ من الخوالف، خدين المنزل، وعن الحروب بمعزل، لا أُعدُّ لمهم، ولا أُدعى لدفاع ملم، بعدما كنتُ أول من تنثني عليه الخناصر، وأكبر العددِ لدفع الكبائر، وأول من يتقدم السنجقية عند حملة الأصحاب، وآخر جاذب عند الجولة لحماية الأعقاب.
(كم قد شهدت من الحروب فليتني .......... في بعضها من قبل نكسي أقتلُ)

(فالقتل أحسن بالفتى من قبل أن .......... يفنى ويُبليه الزمانُ وأجملُ)

(وأبيك ما أحجمتُ عن خوض الردى .......... في الحرب، يشهد لي ذاك المنصلُ)

(لكن قضاء اللَّه أخَّرني الى .......... أجلي الوقت لي فماذا أفعلُ)
ثم أخذ يعد ما أحضره من الوقعات الكبار قال: فمن ذلك وقعة كان بيننا وبين اإسماعيلية في قلعة شيزر لما وثبوا على الحصن في سنة سبعٍ وعشرين وخمسمائة، ومصافّ على تكريت بين أتابك زنكي بن أقسنقر، وبين قراجا صاحب مرس في سنة ستٍّ وعشرين، ومصاف بين المسترشد بالله وبين

(41/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 176
أتابك زنكي على بغداد في سنة سبعٍ وعشرين، ومصاف بين أتابك زنكي وبين الأرتقية وصاحب آمد في سنة ثمانٍ وعشرين، ومصاف على رفنية بين أتابك زنكي وبين الفرنج سنة إحدى وثلاثين، ومصاف قنسرين بين أتابك وبين الفرنج لم يكن فيه لقاء في سنة إحدى وثلاثينن ووقعة بين المصريين وبين رضوان الولخشي سنة اثنين وأربعين، ووقعة بين السودان بمصر في أيام الحافظ في سنة أربع وأربعين. ووقعة كانت بين الملك العادل ابن السّلار، وبين أصحاب ابن مصال في السنة، ووقعة أيضاً بين أصحاب العادل وبين ابن مصال في السنة أيضاً بدلاً، وفتنة قُتل فيها العادل بن السلار في سنى ة ثمانٍ وأربعين. وفتنة قُتل فيها الظافر وأخواه وابن عنه في سنة تسعٍ وأربعين، وفتنة) المصريين وعباس ابن أبي الفتوح في السنة. وفتنة أخرى بعد شهر حين قامت عليه الجند. ووقعة كانت بننا وبين الفرنج في السنة. ثم أخذ يسرد عجائب ما شاهد في هذه الوقعات، ويصف فيها شحاعته وإقدامه رحمه اللَّه. وقد ذكره يحيى بن أبي طيء في تاريخ الشيعة فقال: حدثني أبي قال: اجتمعت به دفعات، وكان إمامياً حسن العقيدة، إلا أنه كان يداري عن منصبه ويظهر التقية. وكان فيه خيرٌ وافر. وكان يرفد الشيعة، ويصل فقراءهم، ويعطي الأشراف. وصنَّف كتباً منها التاريخ البدري جمع فيه أسماء من شهد بدراً من الفريقين، كتاب أخبار البلدان في مدة عمره، وذيل على خريدة القصر للباخرزي، وله ديوان كبير، ومصنفات.

(41/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 177
توفي ليلة الثالث والعشرين من رمضان بدمشق، ودُفن بسفح قاسيون عن سبع وتسعين سنة.
4 (إقبال بن أحمد بن عليّ بن برهان.)
أبو القاسم الواسطي، المقرىء، النحوي، المعروف بابن الغاسلة. ولد بواسط سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة، وقرأ القرآن على المظفر بن سلامة الخباز، وجماعة. وسمع من: أبي عليّ الفارقي، وأبي السعادات الخطيب. ودخل بغداد فسمع من: أبي بكر بن الزاغونيّ. وكان عارفاً بالعربية. توفي ليلة عيد الأضحى. وبرهان: بالفتح. روى عنه: ابن الدُّبيثي ووثقه.
4 (أيوب بن محمد.)
أبو محمد بن القلاطي، البلنسي، المؤدب. أخذ القراءآت عن: ابن هذيل.

(41/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 178
وكان صالحاً، محققاً، مجوِّداً. أخذ عنه: أبو الربيع بن سالم، وأبو بكر بن محرز.
4 (حرف الحاء.)

4 (الحسن بن عليّ بن إبراهيم.)
) أبو عليّ الجويني الكاتب. صاحب الخط المنسوب. كان أديباً فاضلاً، شاعراً، حدَّث عن: موهوب بن أحمد الجواليقي. قال أبو محمد المنذري: أنشدنا عنه غير واحدٍ من أصحابه. وتوفي في تاسع صفر بالقاهرة. قال: وقيل إنه تُوفي سنة ستٍّ وثمانين. قلت: وكان مختصاً بالسلطان نور الدّين وبابنه لأدبه وظرفه.
4 (الحسين بن مسافر بن تغلب.)
أبو عبداللَّه الواسطي، البرجوني، الضرير، المقرىء. قدم بغداد في صباه، وقرأ القراءآت على سبط الخياط وأكثر عنه، وعاد إلى بلده، وحمل الناس عن. وكان حاذقاً بالفن. روى عنه: أبو عبداللَّه الدُّبيثي، وغيره. توفي في ذي الحجة. وجده تغلب: بغين معجمة.

(41/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 179
4 (حرف الخاء)

4 (خالص)
الأمير مجاهد الدّين الحبشي، الخادم. كان ذا رأي وعقل. وله اختصاص بالدخول على الخليفة. توفي في رجب. قال ابن الأثير: كان أكبر أمراء بغداد.
4 (حرف السين)

4 (سلجوقي خاتون بنت قليج رسلان بن مسعود.)
الرومية الجهة، المعظمة، ابنة سلطان الروم، وترعف بالخلاطية. زرجة الناصر لدين اللَّه، وكان يحبها. قدمت بغداد للحج، فوصفت لأمير المؤمنين، وأخبر بجمالها الزائد،

(41/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 180
وكانت مزوَّجة بصاحب حصن كيفا. فحجت وعادت إلى بلدها، فتوفي زوجها، غفراسل الخليفة أخاها وخطبها، فزوجها) منه. ومضى لإحضارها الحافظ يوسف بن أحمد شيخ رباط الأرجوانية في سنة إحدى وثمانين، فأحضرت وشغف الخليفة بها. وبنت لها رباطاً وتربةً بالجانب الغربي، فتوفيت قبل فراغ العمارة، ودخل على الخليفة من الحزن ما لا يوصف، وذلك في ربيع الآخر، وحضرها كافة الدولة والقضاة والأعيان. ورفعت الغرز والطرحات، ولبسوا الأبيض ورفعت السملة ووضعت على رؤوس الخدام، وارتفع البكاء من الجواري والخدم، وعُمل لها العزاء والختمات.
4 (سليمان بن أبي البركات محمد بن محمد بن الحسين بن خميس.)
أبو ربيع الكعبين الموصلي المعدل. حدث عن والده.

(41/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 181
وتوفي في أول السنة. وكان ثقة. وأبوه أبو البركات يروي عن أبي نصر أحمد بن طوق الموصلي. وأبو البركات هو عم الفقيه الإمام أبي عبداللَّه الحسين بن نصر بن خميس الشافعي، وكان صاحب فنون. روى عن ابن البطر وطبقته، ومات بالموصل قبل أبي الوقت.
4 (حرف الصاد)

4 (صبيح بن عبداللَّه.)
أبو الخير الحبشي، العطاري، البغدادي، الزاهد، مولى أبي القاسم نصر بن منصور العطار، الحراني، التاجر. حفظ القرآن وسمع الكثير من ابن مولاه، وكتب بخطه الكثير. واعتنى بالسماع فسمع من: ابن ناصر، ونصر العكبري، وابن الزغواني، وأبي الوقت. وطبقتهم وكان عبداً صالحاً، وقف كُتُبه. ويقال له: النصري، نسبة إلى معتقه نصر. سمع منهك إبراهيم بن محمود الشعار، معلي بن الحسن ابن رئيس الرؤساء، وأبو المواهب بن صصرى، وداود بن علي. توفي في صفر.)

(41/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 182
واسم أبيه: بكَّر مُثقَّل، وهو فردٌ.
4 (حرف الظاء)

4 (ظاعن بن محمد بن محمود بن الفرنج بن زرير.)
أبو محمد، وأبو المقيم الأسدي، الزبيري، الأزجي، الخياط، من ذرية أمير المؤمنين عبداللَّه بن الزبير. سمع: أبا عثمان بن ملة، وأبا طالب بن يوسف. وكان حافظاً لكتاب اللَّه. روى عنه: حفيده عليّ بن عبد الصمد شيخ للدمياطي، وغيره. وآخر من حدث عنه أبو الحسن بن النعال. وسمع منه: أبو سعد بن السمعاني وقال: شابٌّ من أهل دار الخلافة، لا بأس به، كتبت عنه شيئاً يسيراً، وقال لي: كناني المسترشد بالله بأبي مقيم، ولي أربعون سنة. قال ذلك في سنة ستٍّ وثلاثين. وقال ابن الدبيثي: ولد في ذي الحجة سنة. قلت: آخر من روى عنه: محمد ابن أنجب النعال الصوفي.
4 (ظافر بن عساكر بن عبداللَّه بن أحمد)
أبو المنصور الخزرجي، الأنصاري، المصري، المالكي. ولد سنة عشرين وخمسمائة. وسمع من: أحمد بن الحطيئة. ومحمد بن إبراهيم الكيزاني.==

32. : تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي.
تأليف: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 183
وهو والد المحدث أبي اليمن بركات. وله شعر حسن.
4 (حرف العين.)

4 (عبداللَّه بن عليّ بن عمر بن حسن.)
سمع: أباه، ومحمد بن خلف بتكريت. ورحل وطلب الحديث، فسمع بالموصل محمد بن القاسم الأنصاري، وأحمد بن أبي الفضل الزبيري وببغداد: أبا الفتح الكروخي، وابن ناصر، وعبد الخالق اليوسفي.) سمع منه: أهل تكريت والرحالة. قال ابن الدبيثي: كان فيه تساهل في الراوية. وتوفي في ربيع الأول. قلت: روى عنه: البهاء عبد الرحمن، وعز الدّين ابن الأثير. قال: وكان عالماً بالحديث، وله تصانيف حسنة.
4 (عبداللَّه بن محمد بن سعد اللَّه بن محمد.)

(41/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 184
أبو محمد البجلي، الجريري، البغدادي، الحنفي الواعظ المعروف بابن الشاعر. نزيل القاهرة. توفي بالقاهرة عن ثنتين وسبعين سنة. وكان ذا جاهٍ وقبول وتقدم في مذهبه. روى عنه: ابن الحصين، وأبي المواهب بن ملوك، والقاضي أبي بكر، وجماعة من الكبار. وقدم دمشق وسمع من: أبي المكارم بن هلال، والحافظ ابن عساكر. ودرس بالأسدية، وهي التي في قبلة الميدان. وحدَّث بدمشق، ومصر. روى عنه: ابن المفضل الحافظ، وأبو القاسم بن صصرى.
4 (عبداللَّه بن محمد بن أبي المفضل.)
أبو بكر الطوسي، الشنجي، شيخ رباط الشونيزية. وذكر أنه ابن أخت الغزالي. روى عن: عبد المنعم بن القشيري. وعنه: أبو المواهب بن صصرى. توفي في ذي الحجة سنة أربعٍ وثمانين.
4 (عبداللَّه بن محمد بن مسعود بن خلف.)
أبو محمد اللخمي، الإشبيلي، نزيل بلنسية. روى عن: أبي الحسن بن مغيث، وأبي بكر بن العربي، وجماعة. لقيه أبو الربيع بن سالم في هذه السنة وأخذ عنه.
4 (عبد الباقي بن إبراهيم.)
الواسطي، الحنائي. يروي عن: أبي عليّ الفارقي.) روى عنه: ابن الدُّبيثي.

(41/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 185
مات في جمادى الأولى.
4 (عبد الجبار بن هبة اللَّه بن القاسم بن منصور.)
أبو طاهر بن أبي البقاء بن البندار البغدادي. ولد سنة اربع وخمسمائة. وسمع من: أبي الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي بالله، وهبة اللَّه بن عليّ البخاري، وعليّ بن عبداللَّه الدينوري، وهبة اللَّه بن الحصين، وأبي غالب بن البنا وجماعة. روى عنه: أبو بكر الحازمي، وأبو بكر بن مشقّ، وجماعة. وكان ثقة من بيت الرواية. توفي في شوال.
4 (عبد الرحمن بن الحسين بن الخضر بن الحسين بن عبداللَّه بن الحسين بن عبدان.)
العدل ابو الحسين بن العدل أبي عبداللَّه الأزدي، الدمشقي. ولد سنة عشرين وخمسمائة. وسمع من: عبد الكريم بن حمزة، وطاهر بن سهل الإسفرائيني، وعلي بن عيسى المالكي، وجمال الإسلام. ورحل فسمع ببغداد من: أبي الفضل الأرمويّ، والمبارك بن المبارك التعاويذي، وعلي بن عبد السيد الصباغ. وتوفي في رابع عشر شعبان. رُوي عنه.

(41/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 186
4 (عبد الرحمن بن محمد بن عبيد اللَّه بن يوسف بن أبي عيسى.)
القاضي أبو القاسم بن حُبيش الأنصاري الأندلسي المريّي، نزيل مرسية. وحُبيش خاله، فنُسب إليه. واشتهر به. ولد سنة أربع وخمسمائة بالمرية، وقرأ القراءآت على أبي القاسم أحمد بن عبد الرحمن القصبيّ، وأبي القاسم بن أبي رجاء البلويّ. وأبي الأصبغ بن اليسع.) وتفقه بأبي القاسم بن ورد، وأبي الحسن بن نافع. وسمع منهما. ومن: أبي عبداللَّه بن وضاح، وعبد الحق بن غالب، وعلي بن إبراهيم الأنصاري، وأبي الحسن بن موهب الجذامي. ورحل إلى قرطبة، فأدرك بها يونس بن محمد بن مغيث، وهو أسند شيوخه، فسمع منه ومن: جعفر بن محمد بن مكين وقاضي الجماعة محمد بن أصبغ، وأبي بكر ابن العربي. وأخذ الأدب عن: أبي عبداللَّه محمد بن أبي زيد النحويّ. وبرع في النحو فلما تغلبت الروم على المرية سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة خرج إلى مرسية، ثم أوطن جزيرة شقر، وولي القضاة والخطابة بها ثنتي عشرة سنة. ثم نقل إلى خطابة مرسية، ثم ولي قضاء سنة خمسٍ وسبعين، فحمدت أحكامه مع ضيقٍ في أخلاقه.

(41/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 187
وكان أحد أئمة الحديث بالأندلس، والمسلم له في حفظ أغربة الحديث ولغات العرب وأيامها، لم يكن أحد يجاريه في معرفة الرجال والتواريخ والأخبار. قاله أبو عبداللَّه الأبار. قال: وسمعت أبا سليمان بن حوط اللَّه يقول: سمعته يقول إنه مرّ عليه وقتٌ يذكر فيه تاريخ أحمد بن أبي خيثمة أو أكثره. قال أبو سليمان: وكان خطيباً، فصيحاً، حسن الصوت، لهُ خطبٌ حسان. وذكره أبو عبداللَّه بن عياد فقال: كان عالماً بالقرآن إماماً في علم الحديث، عارفاً بعلله، واقفاً على رجاله. لم يكن بالأندلس من يُجاريه فيه. أقرَّ له بذلك أهل عصره، مع تقدمه في اللغة والأدب. واستقلاله بغير ذلك من جميع الفنون. قال: وكان له حظ من البلاغة والبيان، صارماً في أحكامه، جزلاً في أموره. تصدّر للإقراء والتسميع وتدريس الأدب، وكانت الرحلة في وقته إليه وطال عمره. قال: وله كتاب المغازي في عدة مجلدات حمله عنه الناس. قلت: روى عنه: أحمد بن محمد الطرطوشي، وأبو سليمان بن حوط اللَّه، ومحمد بن وهب الفهري، ومحمد بن الحسن اللخمي الدانيّ، ومحمد بن إبراهيم بن صلتان، ومحمد بن أحمد بن حبُّون المرسي، ومحمد بن محمد بن أبي السداد اللمتونيّ، ونذير بن وهب الفهريّ أخو محمد، وعبداللَّه بن الحسن المالقي، ويُعرف بابن القُرطبيّ الحافظ، وأبو الخطاب عمر بن دُحية الكلبيّ، وعلي بن يوسف بن الشريك، وعليّ بن أبي العافية القسطلي، وخلق سواهم.) وروى عنه بالإجازة أبو عليّ عمر بن محمد الشلوبين النحوي، وغيره.

(41/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 188
قال الأبار: توفي بمرسية في رابع عشر صفر. وكاد يهلك ناسإ من الزحمة على نعشه.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد.)
أبو الحسن القُرطبي. روى عن أبيه: ابيه أبي بكر، وأبي الحسن بن مغيث، وأبي عبداللَّه بن مكي، وأبي الحسن شريح، وميمون بن ياسين. وولي خطابه إشبيلية. وكان من أهل الفضل والصلاح والإنقباض. أخذ الناس عنه. توفي سنة أربعٍ، وقيل سنة.
4 (عشير بن عليّ بن أحمد بن الفتح.)
أبو القبائل الشامي، الجبلي، المزارع، القيِّم، الوقّاد، الرجل الصالح، المعمر. ولد سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وسمع وهو كبير من: أبي صادق مرشد بن يحيى المديني، وأبي عبداللَّه محمد بن أحمد الرازي. روى عنه: الحافظ عبد الغني، والحافظ عبد القادر، وطائفة آخرهم عبد الغني بن بنين. وعاش مائة وسنتين. قال الحاقظ المنذري: قال لي بعض شيوخنا: لولا بياض لحيته ما منت شيخاً لظهور قوته.

(41/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 189
وكأنه من جَبلة التي بالساحل.
4 (علي بن يحيى بن عليّ بن محمد بن الطّرّاح.)
أبو الحسن بن أبي محمد البغدادي، المُدير. سمع: أباه، وهبة اللَّه بن الحصين، وهبة اللَّه الشُّروطي، ومحمد بن الحسين الإسكاف، وجماعة. ويُقال لمن يدور بالسجلات التي حكم القاضي على الشهود: المدير. واشتهر بهذا جدُّه. توفي في رمضان.)
4 (عمر بن بكر بن محمد بن عليّ بن الفضل.)
القاضي العلامة عماد الدّين أبو حفص ابن الإمام الكبير شمس الأئمة أبي الفضل الأنصاري، الخزرجي، الجابري، البخاري، الزرنجري، وزرنجرة من أعمال بخارى. الفقيه الحنفيّ، ويُكنّى أيضاً بأبي العلاء. أنبأني أبو العلاء الفرضي قال: هو نعمان الثاني في وقته، قفقّه على أبيه وعلى بُرهان الأئمة ابن مازة رفيق والده. وسمع صحيح البخاري من أبيه، أنا أبو سهل الأبيوردي، أنا أبو عليّ بن حاجب الكشاني، أنا الفربري، عن المؤلف.

(41/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 190
وسمع أيضاً من: الحسين بن أبي الحسن الكاشغري، وأبي الفتح محمد بن إبراهيم الحمدوني السخسيّ، وغيرهم. تفقَّه عليه شمسُ الأئمة أبو الوحدة محمد لن عبد الستار الكردي، ومفتي الشرق جمال الدّين عُبيد اللَّه بن إبراهيم المحبوبي، وصدر العالم محمد بن عبد العزيز بن مازة. وسمع منه: أبو الوحدة المذكور، وأثير الدّين أحمد بن محمد الخجنديّ. وعاش نحواً من تسعين سنة. وانتهت إليه رئاسة المذهب. وتوفي في تاسع عشر شوال. وهو آخر من روى عن أبيه.
4 (عمر بن نعمة بن يوسف بن سيف بن عساكر.)
أبو حفص الرؤبيّ، المقدسي، ثم المصري، المقري، البناء. ولد سنة خمسمائة، وقرأ القرآن على سلطان بن صخر. وسمع من أبي الفتح الكروخيّ. وأقرأ القرآن مدةً طويلة بمسجده بسوق وردان. وكان عجباً في ملازمة التلقين. روى عنه: ابنه أبو الحرم مكي، وقال إنه منسوب إلى رؤبة، وإنه صحابي وهذا لا يُعرف. وقيل روبة بلد الشام.
4 (عيسى بن مودود بن عليّ بن عبد الملك بن شعيب.)

(41/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 191
الأمير فخر الدّين أبو المنصور التركي، صاحب تكريت. من أتراك الشام.) كان حسن السير، كثير المروءة، سمحاً، جواداً، له نظمُ لطيف الأسلوب، وترسُّل، وديوان. ومن شعره:
(وما ذات طوق في فُروع أراكةٍ .......... لها رنة تحت الدُّجى وصدوحُ)

(ترامت بها أيدي النَّوى ة تكنت .......... بها فرقةٌ من أهلها ونُزوحُ)

(بأبرحَ من وجدي لذكراك متى .......... تألق برقٌ أو تنسَّم ريح)
وُلد بحماه وقتلته إخوته بقلعة تكريت، ثم باع أخوه إلياس قلعة تكريت للخليفة.
4 (حرف الغين)

4 (غالب بن محمد بن هشام.)
أبو تمام العوفي، الأندلسي، من أهل وادي آش. روى عن: أبي القاسم بن ورد، وأبي محجمد بن عطية، وأبي الحجاج القُضاعي، وجماعة. حدَّث عنه: أبو القاسم الملاحي، وأبو سليمان بن حوط اللَّه، وأبو الوليد بن الحاج. عاش إلى هذه السنة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن أحمد.)
أبو عبداللَّه البُستيّ، الصوفيّ، العارف. توفي بروذراور في رمضان عن نيفٍ وثمانين سنة.

(41/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 192
له تصانيف في الطريقة.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن مسعود بن أحمد بن الحسين)

(41/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 193
الإمام أبو سعيد وأبو عبداللَّه بن أبي السعادات المسعودي، الخُراساني، البنجديهي، الفقيه الصوفي، المحدث. وُلد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة في أول ربيع الآخر. وسمع بخُراسان من: أبي شجاع عمر بن محمد البسطامي، وأبي الوقت السجزيّ، ومحمد بن أبي بكر السنجي، وعبد السلام بن أحمد بليترة، وأبي النصر الفامي، ومسعود بن محمد الغانمي، والحسن بن محمد الموساباذيّ. وسمع ببغداد من: أبي المظفر محمد بن أحمد بن التُّريكي وبمصر من: عبداللَّه بن رفعة) وبالإسكندرية من: السلفي. وحدَّث عن أبيه، وعبد الصبور بن عبد السلام، ومسعود بن الحسن الثقفي. وأملى بمصر سنة خمسٍ وسبعين مجالس. وبنجديه: من أعمال مرو الرُّوذ. وأدب الملك الأفضل بن السّلطان صلاح الدّين. وصنَّف وشرح المقامات وطوله، وأقتنى كُتباً نفيسة بجاه الملك. قال القفطي: فأخبرني أبو البركات الهاشمى قال: لما دخل صلاح الدّين حلب سنة سبعٍ وسبعين نزل البنجديهي الجامع، واختار من خزانة الوقف جُملة كُتبٍ لم يمنعه منها أحد، ورأيته يحشرها في عدل. وكان

(41/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 194
المحدثون يلينونه في الحديث، ولقبه: تاج الدين. وقال المنذري: كتب عنه السلفي أناشيد. وثنا عنه الحافظ عليّ بن المفضل، وآخرون. وهو منسوبٌ إلى جده مسعود. قلت: روى عنه: محمد بن أبي بكر البلخي، وزين الأمناء أبو البركات، والتاج بن أبي جعفرن وجماعة. وقال ابن خليل الأدمي: لم يكن في نقله بثقةٍ ولا مأمون. توفي المسعودي في سلخ ربيع الأول، ودُفن بسفح جبل قاسيون، ووقف كتبه بالسميساطية. وقال ابن النجار في تاريخه: كان المسعودي من الفضلاء في كل فن، في الفقه، والحديث، والأدب وكان من أظرف المشايخ، وأحسنهم هيئة، وأجملهم لباساً. قدم بغداد سنة أربع وخمسين طالب حديث. وسمع بدمشق من: عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، والفلكي. وأجاز له أبو العز بن كادش.

(41/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 195
4 (محمد بن عبيد اللَّه بن عبداللَّه.)
أبو الفتح بن التعاويذي، الشاعر المشهور صاحب الديوان الذي في مجلدتين. وإنما عرف بابن التعاويذي لأنه سبط المبارك بن المبارك ابن التعاويذيّ. وكان عُبيد اللَّه والده مولّى لبني المظفَّر اسمه نُشتكين، ثم سمّي عُبيد اللَّه. وأضرّ أبو الفتحج في آخر عمره.) وكان شاعر العراق في وقته. وهو القائل:
(أمط اللثام عن العذارِ السائل .......... ليقوم عُذري فيك عند عواذلي)

(واغمد لحاظك قد فللت تجلدي .......... وأكفن سهامك قد أصبتّ مقاتلي)

(لا تجمع الشوقّ المبرّح والقلى .......... والبين لي، أحد الثلاثة قاتلي)

(وبنفسي الغضبان لا يرضيه غيرُ .......... دمي ومافي سفكهِ من طائل)

(عانقته أبكي ويبسم ثغره .......... كالبرق أومضَ في غمامٍ هاطلِ)
وكان كاتباً بديوان المقاطعات، وكان الوزير أبو جعفر بن البلديّ قد

(41/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 196
عزل الدواوين وصادرهم وعاقبهم، فعمل ابن التعاويذي في بغداد من قصيدة:
(بادت وأهلوها معاً فديارهم .......... ببقاء مولانا الوزير خرابُ)

(والناسُ قد قامت قيامتهم فلا .......... أنسابَ بنيم ولا أسبابُ)

(حَشرٌ وميزانٌ وهولٌ مفظعٌ .......... وصحائفٌ منشورةٌ وحسابُ)

(مافاتهم من كل ما وعدوا به .......... في الحشر إلاّ راحمٌ وهَّابُ)
وله:
(قالت أتقنعُ أن أوزورك في الكرى .......... فتبيتَ في حُلمِ المنام ضجيعي)

(وابيك ماسمحت بطيف خيالها .......... إلا وقد ملكت عليّ هجوعي)
وله أشعارٌ كثرية يرثي عينيه ويبكي أيام شبابه. وكان قد جمع ديوانه قبل العمى، ورتبه أربعة فصول. وكلما جدده بعد ذلك سمّاه الزيادات. روى عنه: عليّ بن المبارك الوارث. وتوفي رحمه اللَّه في شوال عن خمسٍ وستين سنة.
4 (محمد بن عليّ بن عبد العزيز بن جابر بن أوسن.)
أبو عبداللَّه اليحصبي، القرطبي. روى عن: أبي مروان بن ميسرة، وأبي عبداللَّه بن أصبغ. وسمع الموطأ من: أبي عبداللَّه بن نجاح الذهبي. وقرأ القراءآت على عياش بن فرخ. وأتقن العربية وولي خطابة قرطبة. روى عنه: أبو سليمان بن حوّط اللَّه، وابو القاسم بن ملجوم.) ووصفه غير واحد بالحفظ والدين. وتوفي في ذي القعدة.

(41/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 197
4 (محمد بن عليّ بن محمد بن الحسن بن صدقة.)
أبو عبداللَّه الحراني، التاجر السفار، ويعرف بابن الوحش. شيخ صالح، صدوق، معمَّم، جليل، تردَّد في التجارة إلى خراسان، وغيرها. وسمع في الكهولة صحيح مسلم من أبي عبداللَّه الفراوي سنة ثمانٍ وعشرين وخمسمائة وله إحدى وأربعون سنة. وحدَّث به بدمشق، وسمعه منه خلق. روى عنه: الشيخ أبو عمر، والشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والحافظ الضياء، وخطيب مردا، ومحمد بن عبد الهادي، وابن عبد الدائم، ويوسف بن خليل، وأبو المعالي أحمد بن محمد الشيرازي، ومحمد بن سعد الكاتب، والعماد عبداللَّه بن الحسن بن النحاس، ومحمد بن سليمان الصقلي الدلاّل، وخلق سواهم. وقد روى ابن الدُّبيثي في تاريخه عن ابن الأخضر، عنه. توفي في ربيع الأول. وقيل في ربيع الآخر بدمشق، وله سبعٌ وتسعون سنة. وقال ابن النجار: سكن دمشق وبنى بها مدرسة ووقفها على الحنابلة.
4 (محمد بن المطهر بن يعلى بن عوض بن أميرجة.)
أبو الفتوح العلوي، العمري، الهروي.

(41/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 198
حدث ببغداد، والحجاز عن أحمد بن محمد بن صاعد، ومحمد بن الفضل الفراوي. روى عنه: ابو عبداللَّه بن الدبيثي: والتاج بن محمد بن أبي جعفر. ومحمد بن أبي بدر بن المَنِّي، وأبو القاسم عليّ بن سالم بن الخشاب، وآخرون. وتوفي بإذربيجان، ولعله حدث هناك، وعاش ثمانين سنة.
4 (محمد بن موسى بن عثمان بن موسى بن عثمان بن حازم)
الحافظ أبو بكر الحازمي، الهمذاني. ولد سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.

(41/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 199
وسمع بهمذان من: أبي الوقت حضوراً، ومن شهردار بن شيرويه، وأبي زرعة بن طاهر، وأبي العلاء العطار، ومحمد بن بنيمان، وعبداللَّه بن حيدر القزويني، ومعمر بن الفاخر.) ورحل على بغداد سنة بضع وسبعين فسمع: عبداللَّه بن عبد الصمد السلمي العطار، وأبا الحسين عبد الحق، وأخاه أبا نصر عبد الرحيم، وأبا الثناء محمد بن محمد بن الزيتوني، وطائفة. وسمع بالموصل من خطيبها أبي الفضل. وبواسط من: أبي طالب الكناني المحتسب، وأحمد بن سالم المقرىء، وبالبصرة من: محمد بن طلحة المالكي. وبدرب عمرو بإصبهان من: أبي الفتح عبداللَّه بن أحمد الخرقي، وأحمد بن ينال، وأبي موسى المديني الحافظ، وطائفة سواهم. وسمع بالجزيرة، والحجاز، والشام، وعني بهذا الشأن، وكتب الكثير، وصنف وله إجازةٍ من: أبي سعد السمعاني، وأب يعبداللَّه الرستمي، وأبي طاهر السلفي. روى عنه:: أبو عبداللَّه الدبيثي، والتقي عليّ بن ماسويه المقرىء، وابن أبي جعفر، وخطيب دمياط الجلال عبداللَّه بن محسن السعدي، وآخرون. قال ابن الدبيثي: قدم بغداد عند بلوغه واستوطنها، وتفقه بها على مذهب الشافعي، وجالس علماءها، وتميز، وفهم وصار من أحفظ الناس للحديث وأسانيده ورجاله، مع زهد، وتعبد، ورياضةٍ وذكر. صنف في علم الحديث عدة مصنفات، وأملى عدة مجالس. سمعت منه ومعه. وكان كثير المحفوظ، حلو المذاكرة، يغلب عليه معرفة أحاديث الأحكام. وأملى طرق الأحاديث التي في كتاب المهذب لأبي إسحاق وأسندها. ولم يتمه.

(41/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 200
وقال ابن النجار: كان من الأئمة الحافظ العالمين بفقه الحديث ومعانيه ورجاله. ألف كتاب الناسخ والمنسوخ، وكتاب عجالة المبتديء في الأنساب و المؤتلف و المختلف في أسماء البلدان، وكتاب إسناد الأحاديث التي في المهذّب. وأملى بواسط مجالس. وكان ثقة، حجة، نبيلاً، زاهداً، عابداً، ورعاً ملازماً للخلوة والتصنيف ونشر العلم. أدركه أجله شاباً. وسمعت محمد بن محمد بن محمد بن غانم الحافظ بإصبهان يقول: كان شيخنا الحافظ أبو موسى يفضل أبا بكر الحازمي على عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي ويقول: هو أحفظ منه. وما رأيت شاباً أحفظ منه. سمعتُ محمد بن سعيد الحافظ يقول: ذكر لنا الحازمي أ، مولده في سنة تسع وأربعين وخمسمائة.) وتوفي في قامن وعشرين جمادى الأولى. قلت: عاش خمساً وثلاثين سنة.

(41/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 201
4 (محمد بن أبي المعالي بن قايد.)
أبو عبداللَّه الأواني، الصوفي، الصالح. دخل عليه رجل من الملاحدة في الخامس والعشرين من رمضان وحده فقتله وهو صائم، ودفن في رباطه رحمه اللَّه بأوانا. حكى عنه شهاب الدّين عمر السهرودي وغيره حكايات. وايد بالقاف. وأوانا قرية على مرحلة من بغداد مما يلي الموصل. قال سبط ابن الجوزي: كان صاحب كرامات وإشارات ورياضيات، وكلام على الخواطر. أقعد زماناً، وكان يحمل في محفة إلى الجمعة. وقدم إلى أوانا واعظ فنال من الصحابة، فجاءوا به في المحفة، فصاح على الواعظ من دعاة سنان رأس الإسماعيلية، وزحمته العامة فهرب إلى الشام، وحدث سناناً بما جرى عليه، فبعث له اثنين، فأقاما في رباطه

(41/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 202
أشهراً يتعبدان، ثم وثبا عليه فقتلاه، وقتلا صاحبه عبد الحميد، وهربا مذعورين، فدخلا البساتين، فرأيا فلاحاً يسقي ومعه مر، فأنكرهما وحط بالمر على الواحد فقتله، فحمل عليه الآخر فاتقاه بالمر، فقتل الآخر. ثم سقط في يده وندم، وراّهما بزي الفقر. ووقع الصائح بأوانا حتى بطلت يومئذٍ الجمعة بها. وجاء الفلاح للضجة فسأل: من قتل الشيخ فوصفوا له صفة الرجلين، فقال: تعالوا. فجاء معه فقراء فقالوا: هما واللهِ وقالوا له أعلمت الغيب قال: لا والله، بل أُلهمت إلهاماً فاحرقوهما. وقيل إن الشيخ عبداللَّه الأرموي نزيل قاسيون حضر هذه الوقعة.
4 (المبارك بن أحمد غالب أحمد بن وفا بن منصور.)
الأزجي أبو الفضل الدقاق المعروف بابن الشيرجي. ولد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وحدَّث عن: أبي القاسم بن الحصين، وأبي غالب بن البنا. وتوفي رحمه اللَّه تعالى في شوال.
4 (المبارك بن أبي بكر عبداللَّه بن محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد بن النفور.)
أبو الفرج البغدادي، المعدل. من بيت الرواية، والمشيخة.) زلد سنة أربع عشرة وخمسمائة. وسمع بإفادة أبيه، وبنفسه من: هبة اللَّه بن الحصين، وأحمد بن

(41/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 203
الحسن بن البنا، وهبة اللَّه بن أحمد الحريريي، وأبي بكر الأنصاري، وأبي منصور القزاز، وطائفة. وهو آخر أولاد ابن النفور، ولم يخلف ذكراً. سمع منه: إبراهيم بن الشعار، وعلي بن أحمد الزيدي، وعمر بن علي، وآخرون. توفي في شعبان.
4 (مسعود بن قُراتكين.)
أبو الفتح البدري، الجندي. حدًّث عن: أبي جعفر بن محمد بن العباسي، وأبو الوقت، وجماعة بنابلس. وكان جندياً فتزهد وتعبّد.
4 (مفرج بن سعادة.)
أبو الفرج الإشبيلي، المعروف بغلام أبين عبداللَّه البرزالي. روى عن: ميميون بن ياسين، وأبي القاسم الهوزني، ونعمان بن عبد الله. وأجاز له أبو محمد بن عتاب. وكان محدثاً، حافظاً، متقناً، نبيلاً. أخذ عنه أبو جعفر بن أبي مروان، وأبو محمد بن جهور، وأبو بكر بن عُبيد. وكان حياً في هذه السنة.
4 (المفضل بن عليّ بن مفرّج بن حاتم بن الحسن.)
القاضي الأنجب أبو المكارم المقدسي، الإسكندراني، المالكي.

(41/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 204
ولد سنة ثلاثٍ وخمسمائة، وحدَّث عن: عمه الحسين بن مفرج المقدسي. روى عنه: ابنه الحافظ أبو الحسن، وغيره. وتوفي في رجب بالإسكندرية.
4 (ميمون بن جبارة بن خلفون.)
أبو تميم الفرداوي. دخل الأندلس وولي قضاء بلنسية مدة، ثم صُرف. وولي قضاء بجاية.) وكان من كبار العلماء، معدوداً في الرؤساء، كريم الأخلاقن عظيم الحرمة، وبه انتفع أهل بلنسية واستقاموا وتفقهوا. استقدم إلى مراكش لتولي قضاة مرسية بعد وفاة الإمام أبي القاسم بن حُبيش، فتوفي في طريقه إليها بتلمسان. أخذ عند القاضي أبو عبداللَّه بن عبد الحق، وغيره.
4 (حرف الهاء)

4 (هارون بن محمد بن عبداللَّه بن أحمد بن محمد.)
أبو جعفر بن المهتدي بالله، الخطيب العباسي. من بيت خطابة ورئاسة. وُلي خاطبة جامع القصر زماناً، وسمع: أبا طالب بن يوسف، هبة اللَّه بن الحصين. وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي. وكان كثير الخشوع في صلاته، بليغ الموعظة. توفي في صفر وله أربعٌ وسبعون سنة.

(41/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 205
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عيسى بن أزهر.)
أبو بكر الحجري، الشريشي، قاضي شريش. أخذ عن: أبيه، وأبي القاسم بن جهور. وعلم بالقراّن والعربية. حدث عنه: أبو العباسبن سلمة اللورقي، وأبو بكر الغزال. وأجازلأبي عليّ الشلُوبيني.
4 (يحيى بن محمودبن سعد.)
أبو الفرج الثقفي، الصوفي، الإصبهاني. ولد سنة أربع عشرة وخمسمائة، وسمع حضوراً في الأولى من: أبي عليّ الحداد، وحمزة بن العباس العلوي، وأبي عدنان محمد بن أحمد بن أبي نزار. وسمع من: حمزة بن طباطبا العلوي، وعبد الكريم بن عبد الرزاق الحسناباذي، والمحسن بن محمد بن عمر بن واقد، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، والحسين بن عبد الملك الأديب، وفاطمة) بنت عبداللَّه الجوزدانية، وجده لأمه إسماعيل بن محمدالحافظ مؤلف الترغيب والترهيب وحدَّث بإصبهانن ودمشق، وخلب، والموصل، وكان له نسخٌ بمسموعاته، اقتناها له والدهز ورحل في آخر عمره، ونشر حديثه. روى عنه: الشيخ الموفَّق، وأبو الحسن محمد بن حموية، والشيخ أبو

(41/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 206
عمر، وابنه عبداللَّه بن أبي عمر، ويوسف بن خليل، ة ومحمد بن عبد الواحد، وبدل التبريزي، والخطيب عليّ بن محمد عليّ المعفري، والرضي عبد الرحمن المقدسي، والقاضي زين الدّين عبداللَّه ابن الأستاذ، ومحمد بن طرخان الصالحي، ونجم الدّين الحسن بن سلام، وسالم بن عبد الرزاق خطيب عقرباء، وعقيل بن نصر اللَّه بن الصوفي، واسحاق بن الحسين بن صصرى، وخطيب مردا، والعماد عبد الحميد، ومحمد ابنا عبد الهادي، والضياء صقر الحلبي، وإبراهيم بن خليل، وخلق كثير آخرهم الزين أحمد بن عبد الدائم. توفي قريباً من همذان غريباً عن سبعين سنة. وقيل توفي في أواخر سنة ثلاثٍ وثمانين.
4 (يعقوب بن محمد بن خلف بن يونس بن طلحة.)
أبو يوسف الشقري، نزيل شاطبة. قرأ الموطأ: عل أبي بكر عتيق بن أسد، وصحب أبا إسحاق بن خفاجة الشاعر، وحمل عنه. وكان فقيهاً مشاوراً، أديباً، بارعاً، عالماً، بالشروط. روى عنه: طلحة بن يعقوب، وأبو القاسم بن بقي، وأبو القاسم البراق. وعاش ثمانياً وسبعين سنة.

(41/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 207
4 (مواليد السنة)
وفيها ولد: حسن بن المهر البغدادي، وأبو بكر عبداللَّه بن أحمد بن طغان الطرائفي، والرشيد العطار الحافظ، ويوسف بن مكتوم.

(41/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 208
4 (وفيات سنة خمس وثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
)
4 (أحمد بن أبي منصور أحمد بن محمد بن يَنَال.)
أبو العباس الترك الإصبهاني، شيخه الصوفية بإصبهان. كان أديباً متواضعاً، عالي الرواية. مسند إصبهان في عصره. سمع: أبا مطيع محمد بن عبد الواحد المصريّ، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، وتفرّد بالرواية عنهما. وقدم بغداد في صباه فسمع: أبا عليّ نبهان الكاتب، وأبا طاهر عبد الرحمن بن أحمد اليوسفي. وطال عمره: وخرج له الحافظ أبو موسى المديني. وروى عنه: أبو القاسم بن عساكر الحافظ، والحافظ عبد الغني، والحافظ أبو بكر الحازمي، وأبو المجد القزويني، وخلق كثير. وبالإجازة: أبو المنجا بن اللتي، والرشيد إسماعيل العراقي. وتوفي في شعبان بإصبهان عن نيفٍ وتسعين سنة.

(41/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 209
4 (أحمد بن حمزة بن أبي الحسن عليّ بن الحسن بن الحسين بن الموازيني.)
السُّلمي، الدمشقي، أبو الحسين بن أبي طاهر، المعدل. ولد في ربيع الأول سنة ستٍّ وخمسمائة. وسمع من: جده أبي الحسن، وأمه شكر بنت سهل الإسفرائيني. ورحل إلى بغداد وهو كهل فسمع: أبا الكرم الشهرزوريُّ، وأبا بكر بن الزاغوني، ومحمد بن عُبيد اللَّه الرطبي، وسليمان بن مسعود الشحام. وسعيد بن البنا، وجماعة. وله إجازة من أبي عليّ الحداد، وغيره. وكان محدثاً، خيراً، صالحاً، يحب العزلة والإنقطاع. روى عنه: البهاء عبد الرحمن، والضياء محمد، والزين بن عبد الدائم، وجهمة بنت هبة اللَّه السلمية، وعبد الحق بن خلف، وعلي بن حسان الكتبي، ويوسف بن خليل الحافظ، ومحمد بن سعد الكاتب، وأبو الفضل عباس بن نصر اللَّه القيسراني، والعماد عبد اللَّه بن الحسن بن النحاس الأصم، وخطيب مردا محمد بن إسماعيل، والعماد عبد الحميد بن عبد الهادي، وخلق سواهم. قرأت في حقه بخط الضياء: كان خيراً، ديِّناً مبرياً، سمعنا عليه الكثير، وكان يسكن الجبل.) وكان كل ليلة يأتي من منزله حتّى نسمع عليه، وكان قد انحنى. وسمعنا عليه أكثر الخلية بإجازته من أبي عليّ الحداد. وقرأت بخط ابن الحاجب أنه سمع أيضاً من نصر بن نصر العكبري، وابن ناصر، وأبي العباس بن الطلاية، وأبي الفضل الأرموي، وهبة اللَّه الحاسب، وأبي القاسم الكروخي.

(41/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 210
وبالموصل متن: الحسين بن نصر بن خميس وبنصيبين من عسكر بن أسامة وبدمشق أيصاً من: حمزة بن كردوس، ومحمد بن أحمد بن أبي الحوافر، وحمزة بن أسد التميمي. ولم يزل مؤثراً للإنقطاع عن الناس. أنفق مالاً صالحاً على زاوية انقطع اليها بالجبل. وكان مقبلاً على شأنه، مفيداً لمن قصده من إخوانه، مواسياً، باذلاً. خرج لنفسه مشيخة، وخرج في الرقائق الفضائل، ورحل إلى العراق مرتين. وتوفي في نصف المحرم. قلت: كذا ورخه الضياء، والدبيثي، والمنذري، وغيرهم. وقال أبو المواهب بن صصرى: توفي في نصف ذي الحجة سنة خمس، ولعله سبق قلم.
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن منصور بن الفضل.)
الفقيه أبو الفضل بن الشيخ أبي القاسم ابن أبي عبد اللَّه الخضرمي الصقلّيّ الأصل، ثم الإسكندراني، المالكي. تفقه وأحكم المذهب. وروى عن أبي عبد اللَّه محمد بن أحمد الرازي، وأبي الوليد محمد بم عبد اللَّه بن خيرة، ويوسف بن محمد الأموي. وسمع في الكهولة بمصر من أبي محمد بن رفاعة. وبمكة من الحافظ أبي موسى المديني. وحدث ودرس. وقال مولدي في المحرم سنة الثنتين وعشرين، فعلى هذا يكون سماعه من الرازي حضوراً. وهو من بيت الرواية والعلم. حدَّث هو وأخوه القاضي محمد، وأبوهما، وجدهما. وأبوهما آخر من

(41/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 211
حدَّث عن الحبال بالإجازة. توفي أحمد في سادس رجب، وهو أقدم شيخ لأبي طاهر بن الأنماطي الحافظ وروى عنه) جماعة.
4 (أحمد بن أبي نصر بن نظام الملك.)
الطوسي، ثم البغدادي. أحد الأكابر. كتن ذا فضل وأدب وحشمة وجلالة. توفي ببغداد، وشيعه الأعيان.
4 (إسحاق بن محمد بن علي.)
أبو إبراهيم العبدري الميورقي، ويعرف بابن عائشة. فقيه مالكي مشاور، قائم على المدونة بعيد الصيت. تفقه عليه غير واحد. اشتغل على أبي إسحاق بن فتحون، وغيره. وتوفي في حدود هذه السنة.
4 (إسماعيل بن مفروج بن عبد الملك بن إبراهيم.)
أبو العرب الكناني السبتي، المغربي، ويعرف بابن معيشة. شاب فاضل في علم الكلام والأدب. له شعر جيد. قدم العراق وناظر. وأول طلوعه من البحر من اللاذقية. فدخل حلب ومدح الملك الظّاهر صاحبها، فخلع عليه. واتفق أنه دخل الحمام، فرأى رجلاً يخاصم الناطور على عمامة له ضاعت، فقال: أنا أقاسمك بقياري. ثم قطعه نصفين. وكان معروفاً بالكرم.

(41/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 212
وفي شعره يبوسة وفصاحة. فله في الظاهر:
(جنب السرب وخف بن أن تصد .......... أيها الاّمل جهداً أن يصد)

(واجتنبرشقةً ظبي إن رنا .......... أثبت الأسهم في خلب الكبد)

(تعلي الطرف طائي الحشا .......... مازني الفتك صخري الجلد)

(أهيف لاعبه من شعره .......... أرقم ماسَ على خوطه قد)

(فانثنت غصنا ومن أزهاره .......... بدر تمٍّ حل في برج الفند)

(منعته عرقباأصداغه .......... من جنا لثم ومن تجميش يد)

(وحسام من لحاظ خلته .......... صارم الظاهر يوم المطرد)

(ملكٌ قامت له هيبة .......... عوض الجيش وتكثير العدد)

(علق الفرقد في جبهته .......... والثريا في عذارٍ فوق خد)
)
(وأرانا سرجه شمس الضحى .......... فحسبنا أنه برج الأسد)
ثم رجع أبو العرب هذا في هذا العام على مصر، فالتقى الحكيم أبا موسى اليهودي الذي أُهدر دمه بالمغرب وهرب، فاصطنعه أبو العرب، فمني الخبر إلى صاحب المغرب، فطلب أبا المغرب أيضاً، فهرب وطلع من اللاذقية ثانياً، وأراد أن يتكلم في اليهودي بمصر، فبذل لرجلٍ ذهباً حتّى يقتل أبا العرب، فأتاه وهو على شاطيء النيل، فضربه بخشبة، فسقط في النيل.

(41/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 213
4 (حرف التاء)

4 (تميم بن الحسين بن أبي نصر.)
أبو نصر البغدادي، البزاز ويُعرف بابن القراح. روى عن: هبة اللَّه بن الحصين، وغيره. والقَراح بالتخفيف.
4 (حرف الهاء)

4 (حزب اللَّه بن محمد بن علي.)
أبو مروان الأزدي، البلنسي. أخذ القراءآت عن أبي عبد اللَّه بن أبي إسحاق. وكان يحفظ الكامل للمبرد، و النوادر للقالي.
4 (الحسن بن أحمد بن يحيى.)
أبو عليّ الأنصاري، القرطبي، نزيل مالقة. والد الحافظ أبي محمد. أخذ القراءآت عن: أبي الحسن سعد بن خلف، وأبي القاسم بن رضا. وسمع منهما، ومن: أبي إسحاق بن قرقول. وكان ذا فنون، وله يد طولى في الفرائض. أخذ عنه: ابنه: وأبو الربيع بن سالم، وعبد الحق بن بونة.

(41/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 214
وتوفي في رمضان في عشر السبعين.
4 (الحسن بن محمد بن الحسن)
أبو عليّ بن الرهبيل الأنصاري، البلنسي. سمع من: أبي الحسن بن النعمة كثيراً وأخذ عنه القراءات.) وحج فسمع من السفلي، والصحيح للبخاري، من عليّ بن عمار. ورجع فلزم الزهد والتبتل. سمعوا منه بالإسكندرية التيسير بروايته عن ابن هذيل. مات في شعبان كهلاً.
4 (الحسين بن عبد اللَّه بن رواحة.)
أبو عليّ الأنصاري، الحموي. الفقيه الشافعي، الشاعر ابن خطيب حماه. ولد سنة خمسة عشر وخمسمائة. وسمع دمشق من: أبي المظفر الفلكي، وأبي الحسن عليّ بن سليمان المرادي، والصائن هبة اللَّه، وجماعة. ووقع في أسر الفرنج، فبقي عندهم مدة، وولد له بجزائر البحر عز الدّين عبد اللَّه. ثم قدم به إلى الإسكندرية، وسمعه الكثير من السفلي. وسبب أسره أنه سافر في البحر إلى المغرب فأسر، ثم خلصه اللَّه سبحانه. وله شعر رائق وحصلت له الشهادة على عكا.

(41/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 215
قال الحافظ المنذري: أنشدنا عنه أبو الحسن عليّ بن إسماعيل الكندي بمصر، ومحمد بن المفضل البهراني بمنبج. قال القاضي ابن واصل في مصرعه: نقلت من خطه نسبه هكذا: الحسين بن عبد اللَّه بن الحسين بن رواحة بن إبراهيم بن عبد اللَّه بن رواحة بن عبيد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه بن رواحة الخزرجي الحموي.
4 (حرف الخاء)

4 (خاصة بنت أبي المعمر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري.)
الواعظة صاحبة الشيخ أبي النجيب السهروردي. كانت تعظ برباطها على النساء، وقد حدثت.

(41/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 216
4 (حرف الراء)
الرشيد بن البوسنجي. نشأ ببغداد، وكان من ملاحها، فحصل الأدب وقال الشعر. ثم تحول إلى الشام، وأتصل بخدمة السّلطان صلاح الدّين، وعلا شأنه حتّى بعثه السّلطان رسولاً إلى الخليفة فعز عليهم ذلك وقالوا: من هو ابن البوسنجي حتّى يبعث إلى الديوان رسولاً وحصل في هذا إنكار.) ثم إنه استشهد على عكا بسهم، وضرب له في الجهاد بسهم. ومن شعره:
(قفوا وأسألوا عن حال قلبي وضعفه .......... فقد زاده الشوق الأسى فوق ضعفه)

(وقولوا لمن أرجو الشفاء بوصله .......... مريضك قد أشفى على الموت فاشفه)

(أخو سقم أخفاه أخفاؤه الهوى .......... نحولاً ومن يخف المحبة تخفه)

(وما شغفي بالدار إلا لأهلها .......... وما جزعي بالجزع إلا لخشفة)

4 (حرف السين)

4 (سعيد بن يحيى بن عليّ بن حجاج.)
أبو المعالي الدبيثي. والد الحافظ أبي عبد اللَّه من قرية دبيثا. قدم جده عليّ منها إلى واسط فسكنها. سمع سعيد من: سعد الخير الأنصاري. وأجاز له أبو عليّ الفارقي الفقيه. كتب عن ابنه، وقال: توفي يوم الأضحى. وولد في سنة 527.

(41/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 217
4 (حرف العين)

4 (عبد اللَّه بن عبد اللَّه)
التجيبي، القرطبي، أبو محمد الزاهد المعروف بالأندوجري. كان صالحاً، عابداً، فاتناً، مجاب الدعوة، له ذكرٌ.
4 (عبد اللَّه بن محمد بن أحمد بن الخلال.)
أبو الفرج الأبياري، البغدادي. من رؤساء العراق. ولي صدرية ديوان الزمام مدةً، ثم عزل. عبد اللَّه بن محمد بن هبة اللَّه بن المطهر بن عليّ بن أبي عصرون بن أبي السري.

(41/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 218
قاضي القضاة شرف الدّين أبو سعد التميمي، الحديثي، ثم الموصلي، أحد الأعلام. تفقه أولاً على: القاضي المرتضى الشهرزوري، وأبي عبد اللَّه بن خميس الموصلي. وكان مولده سنة، وتلقن على المسلم السروجي. وقرأ بالسبع ببغداد على: أبي عبد اللَّه الحسين بن محمد البارع، وبالعشر على: أبي بكر المزرفي، ودعوان، وسبط الخياط) وتوجه إلى واسط فتفقه بها على القاضي أبي عليّ الفارقي، وبرع عنده. وعلق ببغداد عن: أبي سعد الميهني. وأخذ الأصول عن أبي الفتح أحمد بن عليّ بن برهان. وسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي البركات بن البخاري، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن. درس النحو على: أبي الحسن بن دبيس، وأبي دلف. وسمع قديماً في سنة ثمانٍ وخمسمائة من أبي الحسن بن طوق. ورجع إلى وطنه بعلمٍ كثير، فدرس بالموصل في سنة ثلاثٍ وعشرين وخمسمائة. ثم أقام بسنجار مدةً. ووصل حلب في سنة خمسٍ وأربعين، ودرس بها، وأقبل عليه صاحبها السّلطان نور الدين. فلما أخذ دمشق سنة تسعٍ وأربعين قدم معه، ودرس بالغزالية، وولي نظر الأوقاف. ثم ارتحل إلى حلب.

(41/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 219
ثم ولي قضاء سنجار، وحرّان، وديار ربيعة، وتفقه عليه جماعة، ثم عاد إلى دمشق في سنة سبعين، فولي بها القضاء سنة ثلاثٍ وسبعين. وصنَّف التصانيف، وانتفع به خلق، وانتهت إليه رئاسة المذهب. ومن تلامذته الشيخ فخر الدّين أبو منصور بن عساكر. ومن تصانيفه: صفوة المذهب في نهاية المطلب في سبع مجلدات، وكتاب الإنتصار في أربع مجلدات، وكتاب المرشد في مجلدين، وكتاب الذريعة في معرفة الشريعة، وكتاب التيسير في الخلاف أربعة أجزاء، وكتاب ما أخذ النظر ومختصر في الفرائض، وكتاب الإرشاد في نصرة المذهب ولم يُكمله، وذهب فيما نُهب له بحلب. وبنى له نور الدّين المدارس بحلب، وحماه، وحمص، وبعلبك. وبنى هو لنفسه مدرسة بحلب، وأخرى بدمشق. وله أيضاً كتاب التنبيه في معرفة الأحكام وكتاب فوائد المهذب في مجلدين، وغير ذلك. وروى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وأبو نصر بن الشيرازي، وأبو محمد بن قدامه، وعبد اللطيف بن سينا، والتاج بن أبي جعفر، وعبد الرحمن بن عبدان، وعلي بن قرنين، وصديق بن رمضان، وخلق آخرهم موتاً العماد أبو بكر عبد اللَّه بن النحاس. وأضر في آخر عمره وهو قاض، فصنف جزءاً في جواز قضاء الأعمى، وهو خلاف مذهبه. وفي المسألة وجهان، والجواز أقوى، لأن الأعمى أجود حالاً من الأصم والأعجمي الذي) يتعرف الأمور بترجمان. وقد كان ولي القضاء قبل شرف الدّين القاضي ضياء الدّين ابن

(41/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 220
الشهرزوري، بحكم العهد إليه من عمه القاضي كمال الدّين قاضي الشام، فلم يعزله السّلطان صلاح الدّين، وآثر أن يكون الحكم لابن أبي عصرون، فاستشعر ذلك ضياء الدين، فاستعفى فأعفي، وبقي على وكالة بيت المال. محيي الدّين محمد بن الزكي، وكتب لهما توقيع سلطاني، فكانا في الحكم المستقلين، وإن كان في الظاهر نائبين، وذلك في سنة اثنتين وسبعين. فلما عاد السّلطان من مصر سنة سبع وسبعين تكلم الناس في ذهاب بصر ابن عصرون، ولم يذهب بالكلية أو ذهب، فولي السّلطان القضاء لولده القاضي محي الدّين من غير عزلٍ للوالد. واستمر هذا إلى سنة سبع وثمانين، فصرف عن القضاء، واستقل القاضي محيي الدّين بن الذكي. ويقال أن هذا له:
(أؤمل أن أحيا وفي كل ساعة .......... تمر بي الموتى تهز نعوشها)

(وما أن إلا مثلهم غير أن لي .......... بقايا ليالٍ في الزمن أعيشها)
توفي إلى رضوان اللَّه في حادي عشر رمضان. ودفن بمدرسته بدمشق. وقد سؤل عنه الشيخ الموفق فقال: كان إمام أصحاب الشافعي في عصره، وكان يذكر الدرس في زاوية الدولعي، ويصلي صلاةً حسنةً ويتم الركوع والسجود. ثم تولى القضاء في آخر عمره وعمي، وسمعنا درسه مع أخي أبي عمر، وانقطعنا عنه، فسمعت أخي رحمه اللَّه يقول: دخلت عليه بعد انقطاعنا فقال: لم انقطعتم عني فقلت: إن ناساً يقولون إنك أشعري. فقال: واللَّه ما أنا بأشعري. هذا معنى الحكاة. ومن شعر القاضي شرف الدين:
(كل جمع في الشتات يصير .......... أي صفوٍ ما شانه تكدير)

(أنت في اللهو والأماني مقيمٌ .......... والمنايا في كل وقتٍ تسير)

(والذي غله بلوغ الأماني .......... بسراب وخلبٍ مغرور)

(ويك يا نفسُ اخلصي إن ربي .......... بالذي أخفت الصدور بصير)

(41/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 221
4 (عبد اللَّه بن أبي الفتوح بن عمران)
الإمام أبو حامد القزوني الشافعي.) رحل إلى نيسابور، وتفقه على الإمام محمد بن يحيى. وتفقه ببغداد على: أبي المحاسن يوسف بن بندارالدمشقي. وسمع من: أبي الفضل الأرموي، وابن ناصر الحافظ، وجماعة. وحدث بقزوين.
4 (عبد الرحمن بن أبي عامر أحمد بن عبد الرحمن بن الربيع.)
الأشعري، القرطبي، أبو الحسين. سمع: أباه، وأبا بكر بن العربي. وأبا جعفر البطروجي، وعباد بن سرحان، وأبا مروان بن مسرة، وجماعة. روى عنه: أبو الربيع بن سالم الحافظ، وغيره. وله جزء مفيد خرّجه عن مشيخته. وُلي قضاء استجة، وكان ذا عناية بالحديث، وعاش ستاً وستين سنة، لأنه ولد سنة تسع عشرة وخمسمائة. وروى عنه أيضاً بنوه الربيع، ويحيى، وأحمد، وأبو يحيى بن الفَرس.
4 (عبد الرحمن بن قاضي القضاة عبد الملك بن عيسى بن درباس.)

(41/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 222
أبو طالب المارانيّ. توفي في حياة والده. وكان قد ناب عن أبيه في القضاء.
4 (عبد الرزاق بن عليّ بن محمد بن عليّ بن الجوزي.)
أبو البقاء البغدادي، الصفار، أخو العلامة أبي الفرج. توفي في المحرم. يقال إنه روى شيئاً من الحديث. وكان مزوقاً دهاناً. سمعه أخوه من: هبة اللَّه بن الحصين، وأبي غالب محمد بن الحسن الماوردي. روى عنه: ابن أخيه أبو القاسم علي، وأبو الحسن بن القطيعي. ومولده كان في صفر سنة إحدى عشرة وخمسمائة. سقط من الصقالة. فزَمن مدةً.
4 (عبد السلام بن عبد السميع بن محمد.)
أبو جعفر الهاشمي البواب.) سمع من: زاهر، وأبي الحصين. وعنه: عبد اللَّه بن أحمد الخباز. مات في ربيع الأول.
4 (عبد المجيد بن الحصين بن يوسف بن الحسن بن أحمد بن دُليل.)

(41/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 223
أبو المفضل الكندي، الإسكندرانيّ المعدل. سمع من: الإمام أبي بكر محمد بن الوليد الطرطوشي، وروى عنه سنن أبي داود. وحدث عنه: أبو البقاء صالح بن بدر الشافعي، والحسن بن ناصر المهدوي، وعلي بن محمد بن منتصر، وآخرون. وتوفي في تاسع شوال وله اثنتان وتسعون سنة.
4 (عبيد اللَّه بن هبة اللَّه.)
أبو الوفاء القزويني، ثم الإصبهاني، الواعظ الحنفي، يُعرف بابن شفروه. أخو رزق اللَّه. له النظم والنثر، وكان فصيحاً بليغاً، عقد ببغداد مجلس الوعظ لما حج. وتوفي كهلاً.

(41/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 224
4 (علي بن سلمان بن سالم.)
أبو الحسن الكعكي. سمع الكثير من: أبي الفتح بن شاتيل، وطبقته. وكتب بخطه، وعني بالسماع. ومات شاباً، رحمه اللَّه.
4 (علي بن عثمان بن يوسف بن إبراهيم بن يوسف.)
القاضي السعيد، أبو الحسن القرشين المخزومي، الشافعي المصري. ولد سنة سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وحدَّث عن: عبد العزيز بن عثمان التونسي، وأحمد بن الحطيئة، وإسماعيل بن الحارث القاضي. قال أبو محمد المنذري: حدثونا عنه، وكان عرفاً بكتابة الخراج، صنَّف في ذلك كتاباً. وتقلَّب) في الخدم وتقدم فيها.
4 (عيسى بن محمد بن عيسى.)
الأمير العالم، الفقيه، أبو محمد الهكاري، الشافعي، ضياء الدين. أحد أمراء الدولة الصلاحية، بل وأحدهم وكبيرهم.

(41/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 225
كان في مبدأ أمره يشتغل، فتفقه بالجزيرة على الإمام أبي القاسم عمر بن البزري شيخ الشافعية واشتغل بحلب بالمدرسة بالجزيرة على الإمام أبي القاسم عمر بن البزري شيخ الشافعية واشتغل بحلب بالمدرسة الزجاجية، ثم اتصل بخدمة الملك أسد الدّين شيركوه، وصار إمامه في الصلوات، وتوجه معه إلى مصر. وكان هو أحد الأسباب المُعِينة على سلطنة صلاح الدّين بعد عمه مع الأمير الطواشي بهاء الدّين قراقوش، فرعيت له خِدَمه وقِدّمه. وكان ذا شجاعة وشهامة فأمره أسد الدين. وقد سمع من: الحافظ أبي طاهر السلفي، والحافظ ابن عساكر. وحدَّث بقيسارية، فسمع منه: القاضي محمد بن عليّ الأنصاري، وغيره. وكان ذا مكانةٍ عظيمة عند صلاح الدين، واشتهر بقضاء الحوائج، فكان لا يدخل على صلاح الدّين إلاّ معه أوراق وقصص في عمامته ومنديله وفي يده فيكتب له عليها. توفي رحمه اللَّه في ذي القعدة بالمخيم أيام حصر عكا. وله ذكرٌ في الحوادث وأنه أسر وخلص بستين ألف دينار.
4 (حرف الغين)

4 (غيداق بن جعفر.)
الديلمي. روى شيئاً عن: أحمد بن ناقة.
4 (حرف القاف)

4 (قيصر.)

(41/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 226
الأمير الأجلّ ابن الأمير طي بن الملك أمير الجيوش شاور بن مجير السعدي، المصري. روى عن: أبي الحسن عليّ بن إبراهيم بن السلم الأنصاري. وتُوفي في ذي القعدة.)
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عبد اللَّه بن صاف.)
أبو بكر الإشبيلي، المقرىء. أخذ القراءآت عن: أبي الحسن شُريح واختلف إلى أبي القاسم بن الرمّاك في العربية. وأجاز له أبو الحسن بن مغيث، وابن مكي. وكان عارفاً بالقراءآت والعربية متقدماً فيهما. من كبار أصحاب شريح، شرح الأشعار الستة و الفصيح لثعلب، وغير ذلك. قال أبو عبد اللَّه الأبار: حدَّث عنه جماعة من شيوخنا، وأقرأ نحواً من خمسين سنة. وتوفي سنة خمس، ويقال سنة ست وثمانين عن بضعٍ وسبعين سنة رحمه اللَّه.
4 (محمد بن عبد اللَّه بن عبد الكريم.)
الأنصاري، الطنجي. دخل الأندلس، وسمع من: أبي الحسن بن مغيث، وغيره.

(41/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 227
وكان أديباً شاعراً. ورخه الأبار. وطنجة من أقصى المغرب.
4 (محمد بن عبد الملك بن علي.)
أبو الكرم الهاشمي، المخرِّميّ. سمع: هبة اللَّه بن الحصين، وأبا غالب بن البنا. روى عنه: عبد اللَّه بن أحمد الخباز، وغيره. وكتب عنه جماعة. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (محمد بن عبد الواحد بن العدل أبي غالب محمد بن علي.)
الفقيه أبو جعفر بن الصباغ، البغدادي، الشافعي. سمع: أبا السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي، وأبا القاسم هبة اللَّه بن الحُصين. وناب في تدريس النظامية.) سمع: عمر بن عليّ القرشي، وسعيد بن هبة اللَّه، وغيرهما. وتوفي في ذي الحجة وقد شاخ. فإنه ولد في سنة ثمانٍ وخمسمائة. تفقَّه على سعيد الرزاز. وولي القضاء بحريم دار الخلافة فلم تُحمد سيرته وعُزل.

(41/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 228
وكانت له إجازة من ابن بيان الرارّ. وروى عنه من المتأخرين: محمد بن النفيس الأزجي، وغيره.
4 (محمد بن المبارك بن محمد بن الحسين.)
أبو السعادات السلمي الجُبيّ. سمع: ابن شاتيل، وأبا السعادات، وكتب تصانيفه. والجُبّة: قرية من قرى بغداد على طريق خراسان، وبها توفي في ذي الحجة. وكان أبوه أحد الشيوخ الزُّهاد، كنيته أبو سعد.
4 (محمد بن يوسف بن محمد بن قائد.)
موفق الدّين الإربلي، والبحراني، النحوي، الشاعر. كان بارع الأدب، رائق الشعر، لطيف المعاني. قدم دمشق، ومدح السلطان صلاح الدّين، ومدح صاحب إربل زين الدّين يوسف بن زين الدّين علي، إلاّ أنه اشتغل بعلم الفلاسفة. وكان يعرف الهندسة، وألف فيها. وكان أبوه من تجار إربل يتردد إلى البحرين، فولد له الموفّق بالبحرين. وله:
(رب دارٍ بالغضا طال بلاها .......... عكف الدَّهرُ عليها فبكاها)

(درست إلاَّ بقايا أسطرٍ .......... سمح الدهر بها ثم محاها)

(وقفت فيها الغوادي وقفةً .......... أَلصقت حَرَّ ثراها بحشاها)

(41/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 229
(وبكت أطلالها نائبةً .......... عن جفوني أحسن اللَّه جزاها)

(كان لي فيها زمانٌ وانقضى .......... فسقى اللَّه زماني وسقاها)

4 (المبارك بن المبارك بن المبارك.)
أبو طالب الكرخي، الفقيه الشافعي، صاحب ابن الخلّ. وكان من أئمة الشافعية. درّس، وأفتى، وكتب الخطّ المنسوب.) وسمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا بكر الأنصاري. وكان ذا جاهٍ وقبول لكونه أدب السادة الأمراء أولاد الناصر لدين اللَّه. درّس بالنظامية بعد أبي الخير القزويني سنة إحدى وثمانين، وتفقّه به جماعة. وكتب عنه أبو بكر الحازمي، وغيره. وعاش اثنتين وثمانين سنة، وتوفي في ثامن ذي القعدة. وذكر الموفق عبد اللطيف فقال: كان ربّ عِلم، وعمل، وعفاف، ونُسك، ورع. وكان ناعم العيش، يقوم على نفسه وبدنه قياماً حكيماً. رايته يُلقي الدرس، فسمعتُ منه فصاحةً رائعة، ونغمة رائقة، فقلت: ما أفصح هذا الرجل فقال شيخنا ابن عبيدة النحوي: كان أبوه عوّاداً، وكان هو معي في الكتب، وضرب بالعود وأجاد وتحذَّق فيه حتّى شهدوا له أنه في

(41/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 230
طبقة معبد، ثم أنف واشتغل بالخط، إلى أن شهد له أنه أكتب من ابن البواب ولا سيما في الطومار والثلث، ثم أنِف منه، واشتغل بالفقه، فصار كما ترى. وعلم ولدّي الناصر لدين اللَّه، وأصلحا مداسهُ.
4 (مجاهد بن محمد بن مجاهد.)
أبو الجيش الأندلسي. قال الأبار: روى عن أبي عليّ الصدفي، وأبي محمد بن عتاب. قال يعيش بن القديم: لقيته بمراكش. وبها توفي في ذي القعدة.
4 (محمود بن عليّ بن أبي طالب بن عبد اللَّه بن أبي الرجاء.)
الأستاذ أبو طالب التميمي، الإصبهاني، الشافعي، المعروف بالقاضي. صاحب الطريقة في الخلاف. كان من كبار الأئمة. تفقه على الإمام محمد بن يحيى صاحب الغزالي،

(41/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 231
وكان له في الوعظ اليد البيضاء، وكان ذا تفنُّن في العلوم. تفقّه به جماعة بإصبهان، وتوفي في شوال. وله تعليقة جمّة المعارف.
4 (مشرف بن المؤيد بن علي.)
أبو المحاسن الهمذاني، الصوفيّ، الشافعي، البزّاز، أثير الدين، المعروف بابن الحاجب.) سمع: هبة اللَّه بن الفرَج ابن أخت الطويل، وأبا الفتوح الطائي. وقدم دمشق، فسمع بها من أبي الحسن عليّ ابن بنت أبي سعد. وقد سمع من جماعة سوى مَن ذكرنا. وحدَّث بمصر وبها توفي في ثامن جمادى الأولى. وهو أخو جدِّ شيخنا الأبرقُوهيّ.
4 (مُنجبُ بن عبد اللَّه.)
أبو المعالي، وأبو النجاح، مولى مرشد بن يحيى المديني، المرشدي. روى عن مولاه صحيح البخاري، وعاش قريباً من مائة سنة. وكان ظاهر القوة يمشي على هذا السن. بالقبقاب عدة فراسخ. روى عنه جماعة منهم: ضياء الدّين عيسى بن سليمان بن رمضان، وكُتاب بنت مرتضى بن أبي الجود، والحافظ عليّ بن المفضل.

(41/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 232
وتوفي في المحرم.
4 (موسى بن جكوا.)
الأمير الكبير عز الدّين ابن خال السلطان صلاح الدّين. توفي بمنزلة العسكر على عكا مُرابطاً رحمه اللَّه تعالى.
4 (حرف الياء)

4 (يزيد بن محمد بن يزيد بن رفاعة.)
أبو خالد اللخميّ، الغرناطيّ. ويُعرف بابن الصفر أيضاً. أخذ القراءات عن أبي الحسن بن الباذش. وسمع من أبي محمد بن عتاب، وأبو عمران بن أبي تُليد، وطائفة. وكان عارفاً بالقراءآت والعربية، رواية جليلاً، يعقد الوثائق. مات في المحرم وله أربعٌ وسبعون سنة.
4 (يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد اللَّه.)
الحافظ أبو يعقوب الشيرازي، ثم البغدادي، الصوفي، شيخ الصوفية، بالرباط الأرجواني. وُلد سنة تسعٍ وعشرين وخمسمائة. وسمعه أبوه من الحافظ أبي القاسم بن السمرقندي، وأبي محمد بن الطرّاح، وأبي الحسن بن عبد السلام،

(41/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 233
وأبي سعد بن محمد بن محمد البغدادي، وعمر) بن أحمد البندنيجي، والكروخي. وسمع بنفسه من: ابن ناصر، وابن الزاغوني، وهذه الطبقة. وجال في الآفاق مابين خُراسان، وفارس، والجزيرة، والشام، والحجاز، والجبال. وسمع: أبا الحسن بن غبرة بالكوفة، وأبا الوقت السجزي بكرمان، وعبد اللَّه بن عمر بن سليخ بالبصرة، وأحمد بن بختيار القاضي بواسط، وعبد الجليل بن أبي سعد بهراة وأبا بكر محمد بن عليّ الطوسي، وعبد الملك بن جامع الفارسي بنيسابور، وأبا شجاع البسطامي ببلخ، وإسماعيل بن عليّ الحمامي المعمر، ومسعود الثقفي، والرستمي، وطائفة بإصبهان ونصر بن المظفر، وشيرويه بهمذان، وعبد الواحد بن هلال بدمشق. وخرج وكتب الكثير. وكان ثقة واسع الرحلة، جمع أربعي البلدان، فأجاد تصنيفها. روى عنه: عبد الرحمن بن عمر الواعظ، والتاج محمد بن أبي جعفر القرطبي، وأبو عبد اللَّه بن الدُّبيثي، وآخرون. وثّقه الدبيثي، وكتب عنه أبو المواهب بن صصرى وقال: اشتعل في آخر عمره بالترسل من الديوان إلى الأطراف، وولي رباطاً ببغداد. وكان حسن المفاكهة والعشرة. وقال ابن النجار: كان ثقة حسن المعرفة، نُفِّذ رسولاً من الديوان العزيز إلى الروم وولي المشيخة برباط الخليفة، وصارت له ثروة، وحدّث باليسير. وتوفي في رمضان.

(41/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 234
4 (مواليد السنة)
وفيها ولد: الحافظ زين الدّين خالد بن يوسف بنابلس، وشرف الدّين عمر بن عبد اللَّه بن صالح السُّبكيُّ، وأبو البركات أحمد بن عبد اللَّه النحاس الإسكندري، وعبد الواحد بن أبي بكر بن الحموي.

(41/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 235
4 (وفيات سنة ست وثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عليّ بن أحمد.)
أبو العباس المازني، النصيبي، الجابي، المعروف أبوه بالخطيب. شيخ دمشقي. وهو والد المسلّم.) سمع: عبد الكريم بن حمزة، وغيره. وولد سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة، وعاش ثمانياً وثمانين سنة. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى.
4 (أحمد بن عليّ بن هبة اللَّه بن المأمون.)
أبو العباس بن الزوال العباسي، المأموني، البغدادي، أحد العدول والأشراف. قرأ القراءات على: أبي بكر بن المزرفي. والعربية على: أبي منصور بن الجواليقي. وسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي العز بن كادش، وبدر بن عبد اللَّه الشيحي. وصنَّف في اللغة، وروى الكثير.

(41/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 236
روى عنه: أبو عبد اللَّه بن الدبيثي، وغيره. وولي قضاء دُجيل، وكان رأساً في العربية. ولد سنة تسعٍ وخمسمائة، وتوفي في شعبان. أنبأني ابن البزوري أن مصنَّفاً سماه أسرار الحروف، قال: ووقع لي جزء بخطُّه فنقلت منه قوله:
(قد كنت أركب بالخيل العتاق فما .......... أبقى لي الدهرُ لا بغلاً ولا فرسا)

(وكنت أنهضُ بالعبءِ الثقيل فقد .......... أجدَّ بي الدهرُ عن نهضي به فَرَسا)

(وكم فرستُ أسوداً عنوةً فِرَساً .......... وعضني الدهرُ حتّى خلته فَرِسا)

(فآه من دهرنا أُفٍّ له فلقد .......... أضاع حرّاً كريماً بيننا فَرَسَا)
مِنَ الفراسة.
4 (أحمد بن محمد بن الحسن بن خلف.)
أبو جعفر بن رنجال الدانيّ. أبو جعفر بن برنجال الداني. سمع: أباه، وأبا بكر بن أسوة القاضي. وولي قضاء دانية. وتوفي في جمادى الأولى، وقد شاخ.
4 (احمد بن محمد بن عمر.)
) العلامة الزاهد زين الدّين أبو القاسم البخاري، العتابي، من محلة عتاب ببُخارى. كان من كبار الحنفية، صنَّف الجامع الكبير و الزيادات و تفسير القرآن.

(41/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 237
لازمه شمس الأئمة محمد بن عبد الستار الكردي، وأخذ عنه. ومات ببخارى، ورخه الفرضيّ.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن هبة اللَّه بن أبي البركات محفوظ بن الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن)
الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسين بن صصرى. الحافظ الكبير أبو المواهب بن أبي الغنائم الربعي، التغلبي، البلدي الأصل، الدمشقي، المعدل. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة، وكان اسمه أولاً نصر اللَّه فغيره بالحسن. سمع بدمشق: جده أبا البركات، والفقيه نصر اللَّه بن محمد المصيصي، وعبدان بن زرين المقري، وعلي بن حيدرة العلوي، ونصر بن أحمد بن مقاتل، والحسين بن البُنّ الأسديّ، وأبا يَعلَى بن الحُبُوبيّ، وأبا المظفر الفلكي، وحمزة بن كروس، وأبا الحسين هبة اللَّه بن الحسن، وأبا يعلى حمزة بن أسد التميمي، وأبا الندى حسان بن تميم، وخلقاً كثيراً. ولزم أبا القاسم الحافظ فأكثر عنه، وتخرج به، وعُني بهذا الشأن أتمّ عنايةٍ، ثم رحل فسمع بحماه: محمد بن ظَفَر الحجة، وبحلب: أبا طالب بن العجمي، وابن ياسر الجياني، وبالموصل: الحسن بن عليّ الكعبي، وسليمان بن محمد بن خميس، ويحيى بن سعدون المقرىء، وطائفة.

(41/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 238
وببغداد: هبة اللَّه بن الحسن الدقاق، ومحمد بن عبد الباقي ابن البطيّ، ويحيى بن ثابت، وصالح بن الرحلة، وشهدة الكاتبة، وجماعة. وبهمذان: أبا العلاء العطار الحافظ، وبإصبهان محمد بن أحمد بن ماشاذة صاحب سليمان بن إبراهيم الحافظ، وأبا رشيد عبد اللَّه بن عمر، وعلي بن محمد بن أحمد بن مردويه، والحافظ أبا موسى المديني، وطائفة. وبتبريز: محمد بن أسعد العطاري، حفده أو لقيه بالموصل. روى عنه: ولده أمين الدّين سالم.) وصنَّف التصانيف، وجمع، المعجم، لنفسه في ستة عشر جزءاً، وصنف فضائل الصحابة و فضائل االقدس، و عوالي ابن عُيينة، وجزءاً في رباعيات التابعين. وأصيب بكتبه فإنها احترقت لما وقع الحريق بالكلاسة. ثم وقف بعد ذلك خزانةً أخرى. وكان ثقةً متقناً، مستقيم الطريقة، لين الجانب، سمحاً، كريماً. رحل سنة ثمانٍ وسبعين بابنه أب يالغنائم سالم، فسمعه من ابن شاتيل وطبقته. قال أبو عبد اللَّه الدُّبيثيّ: كان ثقة، وتوفي سنة ستٍّ وثمانين. وكتب إلينا بالإجازة. قلت عاش تسعاً وأربعين سنة.
4 (الحسين بن محمد بن الحسين.)
أبو عليّ الفارسي، الدارابجرديّ، المقرىء، الخوّاصّ، المؤدب.

(41/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 239
سمع: هبة اللَّه بن الأكفاني. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى. وتوفي في رجب.
4 (خرف الخاء)

4 (خلف بن محمد بن رئيس.)
المكي، ثم المصري. سمع من: الفقيه رسلان بن عبد اللَّه، المعروف بابن بصيلة.
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن أبي القاسم خلف بن عمر.)
أبو الحسن الأنصاري، الأوثبّي، المالقيّ. روى عن: منصور بن الخير، وأبي الحسين بن الطراوة. ورحل فلقي بتلمسان أبا جعفر بن باقي، وأخذ عنه علم الكلام. ولقي بتونس عبد الرزاق الفقيه. وأخذ بالمهدية عن أبي: أبي عبد اللَّه المازري. وكان متقدماً في علم الكلام والعقليات. روى عنه: أبو محمد، وأبو سليمان ابنا حَوط اللَّه. وتوفي في رمضان وله ستٌّ وثمانون سنة.)
4 (حرف العين)

4 (عبد اللَّه بن عمر بن أبي بكر.)
سيف الدين، أبو القاسم المقدسي، الحنبلي. أحد الأعلام. وُلد سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة بجبل قاسيون. ورحل إلى بغداد،

(41/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 240
وسمع بها الكثير، وتفقه. قرأت أخباره بخط الحافظ الضياء قال: اشتغل بالفقه، والخلاف، والفرائض، والنحو، وصار إماماً، عالماً، ذكياً، فطناً، فصيحاً، مليح الإيراد، حتّى إنني سمعت بعض الناس يقول عن بعض الفقهاء إنه قال: ما اعترض السيف على مستدل إلاّ ثلم دليله. وكان يتكلم في المسألة غير مستعجلٍ بكلام فصيح من غير توقف ولا تتعتع. وكان رحمه اللَّه حسن الخلق والخلق وكان أنكر منكراً ببغداد، فضربه الذي أنكر عليه وكسر ثنيته، ثم إنه مُكّن من ذلك الرجل، فلم يقتصّ منه. وسافرتُ معه إلى بيت المقدس، فرأيت منه من ورعه وحُسنِ خُلقه ما تعجبت منه. قال: وشهدنا غزاةً مع صلاح الدّين، فجاء ثلاثة فقهاء فدخلوا خيمة أصحابنا، فشرعوا في المناظرة، وكان الشيخ الموفق والبهاء حاضرين، فارتفع كلام أولئك الفقهاء، ولم يكن السيف حاضراً، ثم حضر فشرع في المناظرة، فما كان بأسرع من أن انقطعوا من كلامه. وسمعت البهاء عبد الرحمن يقول مرة: كان أبو القاسم عبد اللَّه بن عمر فيه من الذكاء والفطنة ما يدهش أهل بغداد. كان يحفظ درس الشيخ إذا ألقي عليه مرة أو مرتين، وكنت أتعب حتّى أحفظه. وكان ورعاً، يتعلم من العماد ويسلك طريقه. وكان مبرزاً في علم الخلاف. واشتغل بالنحو على الشيخ أبي البقاء، فحفظ كتاب الإيضاح لأبي علي الفارسي. واشتغل بعلم العروض وصنَّف فيه تصانيف. قال الضياء: توفي بحران في شوال. ورثاه سليمان ابن النجيب بقوله:
(على مثلِ عبد اللَّه يفترض الحزنُ .......... وتُسفح آماقٌ ولم يغتمض جفنُ)

(عليه بكر الدّين الحنيفي والتُّقى .......... كما قد بكاه الفقه والذِّهنُ والحُسنُ)

(41/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 241
(ثوى لثواه كلُّ فضلٍ وسؤددٍ .......... وعلمٍ جزيلٍ ليس تحمله البُدنُ)
وهي بضعةٌ وستون بيتاً.) وقال فيه جبريل المصعبي المصري:
(صبري لفقدك عبد اللَّه مفقودُ .......... ووجدُ قلبي عليك الدَّهر موجودُ)

(عدمتُ صبري لما قيل إنك في .......... قبر بحران سيف الدّين مغمودُ)

(نبكي عليك بشجوٍ بالدما كما .......... تبكي التعاليقُ حزناً والمسانيدُ)

(وللمشايخ تعديدٌ عليك كما .......... للطير في الرُّوح تغريدٌ وتعديدُ)
وهي ستة وعشرون بيتاً.
4 (عبد الجبار بن الحسن بن عبد العزيز.)
أبو الحسن القرشي، المخزومي، الفراش. مصري قديم المولد. سمع في الكهولة من: عبد اللَّه بن رفاعة.
4 (عبد الرحمن بن عليّ بن عبد العزيز بن عليّ بن قريش.)
أبو المجد المخزومي، المصري. استشهد في جمادى الأولى بظاهر عكا. له رواية عن: السلفي.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن غالب.)

(41/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 242
أبو القاسم الأنصاري، القرطبي المعروف بالشراط. أخذ القراءآت عن: أبي الحسن شريح، وأبي القاسم الحجاري، وأبي القاسم بن رضا. وسمع من: أبي القاسم بن بقي، وأبي الحسن بن مغيث، وأبي عبد اللَّه بن مكي، وأبي بكر بن العربي، وجماعة. وأخذ الأدب عن: أبي بكر بن فندلة، وأبي الوليد بن حجاج. قال الأبار: وكان عارفاً بالقراءآت، رأساً في تجويدها، بصيراً بالعربية، زاهداً، ورعاً، صاحب ليل، أقرأ الناس القراءات والنحو، وحدث. روى عنه: ابنه غالب، وابن أخته الأستاذ أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد، وابنا حوط اللَّه، والحافظ أبو محمد القرطبي، وأبو عليّ الرندي، وأبو محمد بن عطية، وأبو الحسين بن السراج، وأبو يحيى بن عبد الرحيم.) وتوفي في ثاني جمادى الآخر وله خمسٌ وسبعون سنة. ولم يتخلف عن جنازته كبيراً جداً، ودفن بمقبرة أمّ سلمة بظاهر قرطبة.
4 (عبد الرشيد بن عبد الرزاق.)
الكرخي، الصوفي، أبو محمد. ذكره أبو شامة في تاريخه في ترجمة إبراهيم بن محمد فقال: جرت ببغداد واقعة كان ببغداد عبد الرشيد، كان مرعاً عاملاً، وكان ببغداد النفيس الصوفي يضحك منه ويسخر به، وكان يدخل على الخليفة، فدخل يوماً مدرسة دار الذهب فجعل يتمسخر، فقال له الكرخي: إتق اللَّه، نحن في بحث العلم وأنت تهزل. فدخل على الخليفة وبكى وقال: ضربني الكرخي وعيرني. فثار الخليفة وأمر بصلبه. فأخرج وعليه ثوب ليصلبوه فقال: دعوني أصلي ركعتين. فصلى وصبوه، فجاء أمر الخليفة لا تصلبوه وقد فات، فلعن الناس

(41/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 243
النفيس واختفى. ورأى بعض الصالحين الكرخي في النوم فقال له: ما فعل اللَّه بك قال: أوقفني بين يديه، فقلت: يا إلهي رضيت ما جرى عليّ فقال: أو ما سمعت ماقلت: ولا تحسبنَّ الذين قُتلوا في سبيل اللَّه أمواتاً إني أردتُ أن تصل إلى درجة الشهداء.
4 (عبد المحمود بن أحمد بن علي.)
الفقيه الصالح أبو محمد الواسطي، الشافعي. تفقه بواسط على أبي جعفر هبة اللَّه بن البوقي. وسمع بالكوفة من: أبي العباس بن ناقة، وبالبصرة من المبارك بن محمد المواقتي، وبمكةَ من المبارك بن عليّ الطباخ. ودرس وأفتى ومات كهلاً في ربيع الأول بواسط.
4 (عبد المنعم ابن المقرء الكبير أبي بكر يحيى بن خلف بن النفيس.)
الإمام أبو الطيب الحميري، الأندلسي، الغرناطي، المقرء، المكتب. أخذ القراءآت عن والده، وعن: أبي الحسن شريح، وأبي الحسن بن ثابت الخطيب، وأبي عبد اللَّه النوالشيّ، وأبي الحسن بن هذيل، وجماعة. وروى عن: أبي بكر بن العربي، وأبي الحسن بن موهب، والقاضي عياض، وعبد الرحمن بن أحمد بن رضا، وجماعة.) ونزل مراكش مدة، فأدب بالقرآن زماناً وأقرأ القراءآت.

(41/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 244
قال عبد اللَّه الأبار: أخذ عنه ولم يكن بالضابط لأسماء شيوخه مع رداءة خطه. وكان له حظ من العربية. ثم إنه حج وتجول في بلاد المشرق، وسكن الإسكندرية وحدث بها، وأقرأ القراءات، وسمع فيها هناك الموطأ أبو الحسب بن خيرة. قلت: وقرأ عليه القراءآت أبو القاسم بن عيسى. وسمع منه: عليّ بن المفضل الحافظ، الفقيه أبو البركات محمد بن محمد البلوي. وتوفي في ربيع الأول، ويعرف بابن الخُلوف.
4 (عبد الواحد بن أبي الفتح بن عبد الرحمن بن عصية.)
أبو محمد البغدادي، الحربي. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (عبد الوهاب بن عبد الصمد بن محمد بن غياث.)
أبو محمد الصدفي، نزيل مالقة. سمع: أبا بكر بن العربي، وأبا الوليد بن بقوة. وأخذ عن: أبي عبد اللَّه النوالشي كثيراً من كتب القراءآت. وولي القضاء، وحدَّث. وقتل رحمه اللَّه بإشبيلية في فتنة الجريري، وصلب في هذه السنة.
4 (عثمان بن سعادة بن غنيمة.)
اللبّان المعّاز. سمع من ابن ناصر.

(41/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 245
4 (عثمان بن الحسن بن قُديرة.)
أبو عمرو البغدادي، الدقاق. حدَّث عن: أبي البدر إبراهيم الكرخي، وغيره.
4 (علي بن محمد بن علي.)
أبو الحسن البغدادي، الضرير، الفقيه. سمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا غالب بن البناء، وأبا القاسم بن السمرقندي.) وحدَّث.
4 (عيسى بن محمد بن شعيب.)
أبو موسى الغافقي، الورَّاق. روى عن: أبي بكر بن العربي، وأبي الفضل بن الأعلم، وجماعة.

(41/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 246
وكان فقيهاً، كاتباً، شاعراً. استوطن فاس. وتوفي في جمادى الآخرة. روى عنه: أبو الحسن بن القطان.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عليّ بن أبي الضوء.)
أبو الحارث الهاشمي، الواسطي، الضري. سمع: نصر بن نصر العُكبَري، المبارك بن المبارك السّرّاج. وتوفي بواسط.
4 (محمد بن جعفر بن أحمد بن حميد بن مأمون.)
أبو عبد اللَّه الأموي، البلنسي، المقرىء. أخذ القراءآت عن: ابن هذيل ثم رحل إلى غرناطة فأخذ القراءآت عن: أبي الحسن بن ثابت الخطيب، وأبي عبد اللَّه بن أبي سمرة. وأخذ القراءآت بإشبيلية عن: أبي الحسن شريح. وسمع منهم ومن: أبي جعفر بن ثعبان. وقرأ بجيان علم العربية واللغة على: أبي بكر بن مسعود. وأقرأ العربية واللغة، وحمل الناس عنه. وقد أجاز له أبو الحسن بن مغيث.

(41/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 247
وسمع بالمرية: أبا محمد بن عطية. وولي قضاء بلنسية فحمدت طريقته. ثم أوطن مرسية في آخر عمره. وتوفي في جمادى الأولى وله ثلاثٌ وسبعون سنة. روى عنه أبو الربيع بن سالم، وغيره.)
4 (محمد بن الحسين بن الخضر بن عبد اللَّه بن عبدان.)
أبو طالب الأزدي، الدمشقي، العدل. ولد سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. وسمع من: عبد الكريم بن حمزة، وجمال الإسلام بن المسلم، وأبي الحسن عليّ بن أحمد بن قبيس، وطاهر بن سهل. روى عنه: الحافظ ابن خليل، وغيره. وتوفي رحمه اللَّه في ربيع الآخر.
4 (محمد بن خلف بن صاف)
مر سنة خمس.
4 (محمد بن أبي الطيب سعيد بن أحمد بن سعيد بن عبد البر بن مجاهد.)
الفقيه أبو عبد اللَّه الأنصاري، الإشبيلي، المالكي، المقرىء المعروف بابن زرقون.

(41/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 248
ولد سنة اثنتين وخمسمائة، فأجاز له في هذه السنة أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد الخولاني. وانفرد في الدنيا بالرواية عنه. وسمع بمراكش من: أبي عمران موسى بن أبي تليل وتفرد بالسماع منه. وسمع بسبته من: القاضي عبد اللَّه بن أحمد بن عمر القيسي الوحيدي. وسمع أيضاً من: عبد المجيد بن عبدون، وخلف بن يوسف، الأبرش، والقاضي عياض، ولزمه زماناً. وحدث عنهم، وعنك أبي محمد بن عتاب، وحمد بن شبرين الشلبي، وأبي بحر بن العاص، وأبي الحسن شريح، وأبي مروان عبد الملك بن عبد العزيز. وقرأ التقصي على أبي عمران بن أبي تليد، وسمع الموطأ من القاضي غياض. قال الأبار: وولي قضاء سبتة فشكر. وكان من سروات الرجال، فقيهاً، مبرزاً، وأديباً كاملاً، حسن البزة، لين الجانب، صبوراً على التسميع، جمع بين جامع الترمذي ووسنن أبي داود، ورحل الناس إليه لعلو روايته. ولم يكن له سماع كثير. قال: وولد بشريش في نصف ربيع الأول سنة اثنين، وفي ذي قعدتها أجاز له الخولاني. وتوفي بإشبيليا في نصف رجب.) قلت: روى عنه: احمد بن محمد النباتي ابن الرومية، وإبراهيم بن قسوم اللخمي، وأبو سليمان داود بن حوط اللَّه، ومحمد بن عبد اللَّه بن القرطبي، ومحمد بن عبد النور الإشبيلي، ومحمد بن عامر الفهري،

(41/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 249
ومحمد بن محمد اللوشي الجياني، ومحمد بن إسماعيل بن خلفون الأوني الحافظ، ومحمد بن عبد اللَّه بن الصفار الضرير، وعبد الغني بن محمد الغرناطي الصيدلاني، وأبو الخطاب عمر بن حسن الكلبي بن دحية وأخوه عثمان، وخلق كثير. وكان مسند الأندلس في وقته. وزرقون هو لقب جدهم سعيد.
4 (محمد بن عبد اللَّه بن يحيى بن فرج بن الجلد.)
أبو بكر الفهري، الإشبيلي، الحافظ. أصله من لبلة. سمع أبا الحسن بن الأخضر، وبحث عليه كتاب سيبويه وأخذ عنه كتب اللغات. وسمع صحيح مسلم من أبي القاسم الهوزني، ومن أبي الحسن شريح، وأبي بكر بن العربي، وكان لا يحدث عنهما. ولقي بقرطبة أبا محمد بن عتاب، وأبا الوليد بن رشد، وأبا بحر بن العاص. وبرع في الفقه والعربية، وانتهت إليه الرئاسة في الحفظ والفُتيا، وقدم للشورى مع أبي بكر العربي ونظرائه سنة إحدى وعشرين. وعظم جاهه وحرمته مع أنه امتحن في كائنة لبلة، وقيد وسجن. وكان في وقته فقيه الأندلس، وحافظ مذهب مالك. واستفاد ثروة عظيمةً ودنيا واسعة ولم يكن الحديث من شأنه، مع أن إسناده فيه عال، وإليه كانت رئاسة بلده. وكان فقيهاً، فصيحاً، خطيباً، مفوهاً، كبير الشان. يبلغ بالبديهة ما لا يبلغه بالروية.

(41/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 250
أخذ عنه جلةُ أهل الأندلس، وطال عمره، واشتهر اسمه. وتوفي في رابع عشر شوال سنة ست وثمانين وله تسعون سنة كاملة وأشهر. وممن روى عنه: محمد بن عبيد اللَّه الشريشي، وأبو الحسين محمد بن محمد بن سعيد بن زرقون، وأبو بكر محمد بن عليّ ابن الغزال، وأبو عليّ عمر بن محمد الشلوبين، وأبو الخطاب بن دحية، ويحيى بن أحمد السكوني، اللبلي، وخلق سواهم.
4 (محمد بن عبد الباقي بن عبد العزيز بن عبد الباقي.)
أبو الفتح الشهرياري، الفارسي الأصل، البغدادي، المعروف بالداريح. خدم حاجباً ثم ولي حجبة) الحجاب، ثم نقل إلى صدرية ديوان العرض. ثم خرج بالعسكر المنصور إلى دقوقا فأفتتحها. وكان نجيباً، شهماً، كامل السؤْدد فولي نيابة الوزارة، وعزل قبل موته. وتوفي في ثامن جمادى الأولى.
4 (محمد بن محمد بن عبد اللَّه بن القاسم بن المظفر بن علي.)

(41/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 251
قاضي القضاة أبو حامد ابن قاضي كمال الدّين أبي الفضل بن الشهرزوري الموصلي، الفقيه الشافعي، الملقب بمحيي الدين. كان أبوه من أميز القضاة وأحشمهم. وقد مر في سنة اثنين وسبعين. وتفقه هذا ببغداد على أبي منصور سعيد بن الرزاز، ثم قدم الشام، وولي قضاء حلب بعد أن ناب في الحكم بدمشق عن أبيه، ثم بعد حلب أنتقل إلى الموصل وولي قضاءها، ودرس بمدرسة أبيه، وبالمدرسة النظامية بها. وتمكن من الملك عز الدّين مسعود بن زنكي، واستولى على أموره. وكان جواداً سرياً. قال ابن خلكان رحمه اللَّه: قيل إنه انعم في بعض رسائله إلى بغداد بعشرة آلاف دينار أميرية على الفقهاء والأدباء والشعراء. ويقال إنه في مدة حكمة بالموصل لم يعتقل غريماً على دينارين فما دونها بل كان يوفيها عنه. ولما ولي قضاء حلب كان بعد عزل أبن أبي جرادة، فتمكن أيضاً من صاحبها الملك الصالح إسماعيل بن نور الدّين غاية التمكن، وفوض إليه تدبير مملكة حلب. ثم فارق حلب في سنة ثلاث وسبعين. وتوجه رسولاً إلى الخليفة غير مرة.

(41/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 252
ويحكى عنه رئاسة ضخمة، ومكارم كثيرة. وأنشدني له بعض الأصحاب في جرادة:
(لها فخِذا بِكْرٍ وساقا نعامةٍ .......... وقادمتا نسر وجؤجؤ ضيغم)

(حبتها أفاعي الرمل بطناً وأنعمت .......... عليها جياد الخيل بالرأس والفم)
قلت: حدث عن عم أبيه أبي بكر محمد بن القاسم. كتب عنه القاضي أبو عبد اللَّه محمد بن عليّ الأنصاري. وتوفي في رابع عشر جمادى الأولى. وله اثنتان وستون سنة. ودفن بالموصل، وقيل أنه نقل إلى المدينة المنورة، ولم يصحّ.) ومن شعره:
(قامت بإثبات الصفات أدلةٌ .......... قصمت ظهورأ ئمة التعطيل)

(وطلائع التنزيه لما أقبلت .......... هزمت دوي التشبيه والتمسيل)

(فالحق ما صرنا إليه جميعنا .......... بأدلة الأخبار والتنزيل)

(من لم يكن بالشرع مقتدياً فقد .......... ألقاه فرط الجهل في التضليل)

(41/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 253
4 (محمد بن محمد بن عبد العزيز بن محمد بن واجب)
أبو عبد اللَّه القيسي، البلنسي، المقرئ. روى عن: أبيه، وأبي العباس بن الخلال، وأبي عبد اللَّه بن سعادة، وأبي الحسن بن النعمة، وأخذ عنه القراءآت والأدب. وقرأ ببعض الروايات عن أبي القاسم محمد بن وضاح. وكان موصوفاً بالتجويد والصلاح. توفي في الكهولة، رحمة اللَّه تعالى.
4 (محمد بن مالك بن محمد.)
أبو عبد اللَّه الغافقي، المرسي. أخذ عن: أبي بكر بن العربي. وكان بصيراً بمذهب مالك مقدماً محققاً له، ذاكر.
4 (محمد بن المبارك بن الحسين بن طالب)
أبو عبد اللَّه بن أبي السعود الحلاوي، الحربي، المقرئ. شيخ معمر عتيق، لم يظهر له سماع ولا إجازة. ثم أن المحدث أحمد بن سلمان بن شريك ذكر إنه وجد له إجازات من جماعة قدماء، منهم أبو الحسن بن الطيوري، وجعفر بن أحمد السراج، وجماعة. فازدحم عليه الطلبة، وقرأوا عليه الكثير في زمنٍ يسير. ولم يعش بعد ظهور الإجازة إلا أربعين يوماً. قال أبو عبد اللَّه الدبيثي: وكتب إلى تميم بن أحمد البندنيجي قال: وجدت سماع هذا الشيخ بعد موته في سنة تسعٍ وتسعين من جعفر السراج، وفي سنة ستٍّ وخمسمائة من أبي منصور عليّ بن محمد الأنباري.

(41/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 254
وقال: مولده بمكة في جمادى الآخرة سنة أربعٍ وتسعين وأربعمائة، ومات في التاسع والعشرين من ذي القعدة، ودفن عند بشر الحافي، وله ثلاثٌ وتسعون سنة. وقال ابن النجار: محمد بن الحلاوي سمع: أباه، وأبا الحسين محمد بن محمد بن الفراء،) وظهرت له إجازة قديمة من أبي الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري، والحسن بن محمد التككي، وابن الطيوري، فأكتب عليه أصحاب الحديث يقرأون عليه. سمع منه عامة رفقائنا، وحدثونا عنه.
4 (محمد بن أبي الليث بن أبي طالب.)
أبو بكر الراذاني، الضرير، المقرىء، العراقي، المعروف بالقنين. قرأ القراءآت على أبي محمد سبط الخياط، ودعوان بن عليّ الجبائي، وسمع منهما. ومن: محمد بن الحسين المزرفي، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي، وجماعة. وأقرأ، وحدث. وراذان ناحية من السواد كبيرة، وراذان قرية أيضاً من نواحي المدينة لها ذكر في حديث ابن مسعود.
4 (المبارك بن أحمد بن أبي محمد.)
أبو محمد الدينوري ثم البغدادي، الشروطي سبط ابن السلاسل. سمع: هبة اللَّه بن الحصين، وابن البخاري، وأبا بكر الأنصاري. سمع منه جماعة.

(41/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 255
وتوفي في ذي الحجة.
4 (مسعود بن عليّ بن عبيد اللَّه بن النادر.)
أبو الفضل البغدادي، المعدل، المقرىء، المحدث. ولد في أول سنة ست عشرة، وسمع الكثير، وتلقن القرآن على أبي بكر محمد بن الحسين المزرفي. وقرأ ببعض الورايات على أبي محمد سبط الخياط. وسمع: أبا بكر الأصاري، ويحيى بن البناء، وهبة اللَّه بن الطبر، وأبا منصور بن زريق، وأبا القاسم بن السمرقندي، وأبا البركات الأنماطي، وجماعة كثيرة. وعني بهذا الشأن، وكتب الكثير، وكان مليح الخط، ثقة، ظريفاً صاحب نوادر. قال الدبيثي: سمعته يقول: كتبت القراّن بخطي مائة وإحدى وعشرين مرة، منهما ختمة تحت ميزاب الكعبة. قال ابن النجار: كان ثقةً موصوفاً بالدماثة والظرف والتجمل والمزاح والدعابة. وكان خصيصاً بمنصور بن العطار صاحب المخزن، وبطريقه صار يجالس المستضء وينادمه.) قلت: روى عن: الشي الموفق، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة.

(41/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 256
وسمع منه: أبو سعد بن السمعاني، وأبو بكر الحازمي، وتقي الدّين عليّ بن المبارك بن ناسويه. وتوفي في الثالث والعشرين من المحرم.
4 (حرف النون)

4 (نجم الدين.)
الفقيه أبو العلاء ابن شرف الإسلام أبي البركات عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج عبدالواحد بن محمد الإنصاري، الخزرجي، السعدي، العبادي، الشيرازي، ثم الدمشقي، الحنبلي، والد الناصح. فقيه فاضل في مذهبه، أجاز له أبو الحسن عليّ بن عبيد اللَّه بن الزاغوني، وغيره. وتوفي في الثالث والعشرين من ربيع الآخر. ودفن بسفح قاسيون بتربتهم، وشيعه خلائق.
4 (نصر اللَّه بن عليّ بن منصور.)
أبو الفتح بن الكيالي الواسطي، المقرىء، الفقيه الحنفي، قارىء واسط. أخذ العشرة عن أبي القاسم عليّ بن عليّ بن شيران، ورحل إلى بغداد فقرأ القراءات على: أبي عبد اللَّه الحسين البارع، وإبراهيم بن محمد الهيتي القاضي. وتفقه وقرأ الخلاف وناظر ودرس.

(41/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 257
وأخذ النحو عن: أبي السعادات هبة اللَّه بن الشجري، وابن الجواليقي. وسمع من: أبي عليّ الفارقيّ، هبة اللَّه بن الحصن، وجماعة. وولي قضاء البصرة سنة خمسٍ وسبعين. ثم قدم بغداد فأقرأ بها. كان عزيز الفضل واسع العلم. ثم ولي قضاء واسط، وعاد إلى وطنه. ولد سنة اثنتين وخمسمائة، ونوفي في جمادى الآخرة عن أربعٍ وثمانين سنة. وكان عالي الإسناد في القراءآت. روى عنه: أبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي، ومحمد بن سعيد الحافظ، وعبد الوهاب بن بزغش، وآخرون. قال محمد بن سعيد الدبيثي. قرأت عليه بالروايات، وسمعت منه الكثير، وكان ثقة صدوقاً. قلت: وقرأ عليه بكتابه المفيدة في العشرة: ابن الدُّبيثي وأبو بكر محمد بن محمود بن محمد بن حمزة الناسخ الأزجي.) وسمع منه: الكتاب: هما، والمرجي بن شقيرة، وأبو طالب بن عبد السميع، وعلي بن مسعود بن هياب الجماجمي، وعمر بن عبد الواحد العطار الواسطيون.
4 (حرف الهاء)

4 (أبو الكارم المصري، الفقيه.)
ذكره: أبو عبد اللَّه الأبار في تاريخه فقال: كان من أهم العلم، عارفاً بالأصول، حافظاً للحديث، متيقظاً، حسن الصورة والشارة. دخل الأندلس،

(41/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 258
وولي قضاء لإشبيلية سنة تسع وسبعين وخمسمائة، وبه صرف أبو القاسم الخولاني. وأقام بها سنةً. وكان قدومه الأندلس خوفاً من صلاح الدّين. قدم في قوم من شيعة العبيدي ملك مصر، ثم استصحبه المنصور معه في غزوة قفصة الثانية، وولاه قضاء تونس، وولى صاحبه أبا الوفاء المصري القضاء. توفي أبو المكارم على قضاء تونس سنة ستٍّ هذه.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن محمد بن أحمد.)
أبو بكر الأنصاري، القرطبي. عُرف بالأركشي. حَماَ عن أبي لإسحاق بن خفاجة ديوانه. وسمع من: أبي الطاهر التميمي، وعباد بن سرحان، وأبي بكر بن العربي. وكان أديباً، بليغاً، كاتباً، شاعراً. قُتل بقرطبة في داره وله إحدى وثمانون سنة. روى عنه: أبو سليمان بن حوط اللَّه.
4 (يوسف.)
زين الدّين أبو يعقوب بن زين الدّين عليّ كوكجك بن يلتكين. صاحب إربل. وليها والده إلى أن مات، وولي بعده ولده فغلب على البلد أخوه مظفر الدين. وكانت وفاته بظاهر عكا مرابطاً في شوال.

(41/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 259
4 (مواليد السنة)
وفيها وُلد: العز حسن بن محمد الضرير المتكلم، وأبو عيسى عبد اللَّه بن علاق،) والمعين أحمد بن القاضي زين الدين، والجمال عبد الرحمن بن سليمان البغدادي، وشيخ الشيوخ عبد العزيز محمد الأنصاري، وإسماعيل بن عبد اللَّه ابن قاضي اليمن.

(41/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 260
4 (وفيات سنة سبع وثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن سالم.)
أبو العباس البرجوني، الواسطي المقرىْ. شيخ معمر، ولد سنة سبعٍ وتسعين وأربعمائة. وسمع من: أبي عليّ الحسن بن إبراهيم الفارقي. روى عنه: عليّ بن المبارك البرجوني بن باسويه، وعليه تلّقن القرآن كله.
4 (أحمد بن محمد بن أبي الحسن عليّ بن هبة اللَّه بن عبد السلام.)
أبو الغنائم البغدادي الكاتب، أخو أبي منصور عبد اللَّه. سمع: أبا عليّ بن امهدي، وأبا القاسم، وأبا الحسن بن عبد السلام. استشهد ببغداد في سادس عشر المحرم، قتله غلامه لأجل سحت الدنيا. كتب عنه: عمر بن علي، وغيره.

(41/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 261
وعاش 83 سنة.
4 (أحمد بن أبي السعادات المبارك بن الحسين بن عبد الوهاب بن الحسين بن نغويا.)
أبو الفرج الواسطي. ولد سنة خمسمائة، وحدَّث عن خميس بن عليّ الحوزي الحافظ، والفضل بن الحين بن تركمان، وأبي تغلب محمد بن عجيف، وغيرهم. ونغوبا لقب لجده، لقب باسم ضيعةٍ كان يكثر المضيّ إليها. توفي في ربيع الأول. وقال يوسف بن خليل: روى عن أبي سعيد محمد بن حماد العميد، عن البرمكي جزء الأنصاري سماعاً.)
4 (أحمد بن منصور بن أحمد بن عبد اللَّه.)
أبو العباس الكازروني. قدم بغداد، وسمع: أبا محمد سبط الخياط، وأبا عبداللَّه بن السلال، وأبا بكر أحمد بن الأشقر، وجماعة. وكتب أكثر مسموعاته، وتفقه مدةً على مذهب الشافعي. ثمّ وليّ قضاء كازرون، ثمّ قدم بعد مدةٍ رسولاً من أمير شيراز، وحدَّث. روى عنه أبو عبداللَّه الدُّبيثيّ فقال: سمعت منه مشيخة في سبعة أجزاء

(41/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 262
جمعها لنفسه، وقال لي ولدت سنة ستّ عشرة وخمسمائة. وتوفي في جمادى الأولى بشيراز. وقد حفظ أبو العباس هذا جماعة كتبٍ في اللغة والعربية.
4 (أحمد بن أبي محمد بن أبي القاسم.)
أبو الرضا، الرجل الصالح المقرىء النجاد. من شيوخ بغداد. سمع: عبد الوهاب الأنماطي، وأبا الحسن بن عبد السلام، وغيرهما. ويُعرف بابن العودي. قرأ القراءآت على سبط الخياط. وكان ناسخاً.
4 (لإبراهيم بن بركة بن إبراهيم بن طاقويه.)
أبو اسحاق الأزجي البيّع. ولد سنة ثلاثٍ وخمسمائة، قرأ ببعض الروايات على أبي بكر المزرفي، وأبي الفضل الإسكاف. وسمع: أبا العزّ بن كادش، وزاهر بن طاهر، وابن الحصين، وجماعة. روى عنه أبو بكر الحازمي، وأبو عبداللَّه الدُّبيثيّ، ويوسف بن خليل. ولم يكن بالمرضيّ في دينه. توفي في ذي القعدة.

(41/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 263
قال ابن النجار: وكان يشرب الخمر.
4 (إسحاق بن هبة اللَّه.)
) أبو طاهر الأسنانبرتي الضرير المقرىء، ويسمى أحمد. من سواد العراق. قرأ بالروايات على: هبة اللَّه بن الطبر، وسبط الخياط. وسمع من: عليّ بن عبد السيد، وغيره. وسكن دمشق وأقرأ بها. وكان صالحاً، مجوداً، مقرئاً. سمع منه: أبو المواهب بن صصرى، والخضر بن عبدان. حدث في هذه السنة.
4 (أسعد بن إلياس بن جرجس.)
المطران موفق الدّين الطبيب، طبيب السّلطان صلاح الدّين، وشيخ الأطباء بالشام. وكان من أهل الظَّرافة والنظافة، ومن ذوي الفصاحة والحصافة. وفَّقه اللَّه في بدايته للإسلام، ونال الحشمة والإحترام. وتوفي في ربيع الأول. وكان مع براعته في الطب عارفاً بالعربية، ذكياً، كثير الإشتغال، له تصانيف. وكان مليح الصورة، سمحاً، جواداً، نبيلاً، يركب في مماليك تركٍ حتّى كأنه وزير، ويتيه ويحمق. وقد اشتغل على مهذَب الدّين بن النقاش. ويُقال إنه من عُجبه وبأوِهِ عمل أنابيب بركة قاعته ذهباً. وزوجه السّلطان بواحدة من حظاياه.

(41/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 264
وخلف من الكتب نحواً من عشرة آلاف مجلدة. وأجلّ تلامذته المهذب عبد الرحيم بن عليّ الدخوار.
4 (أسعد بن نصر بن أسعد.)
أبو منصور بن العبرتي الشاعر. أخذ الأدب عن: أبي محمد بن الخشاب، وغيره. وتوفي في رمضان.
4 (إقبال بن المبارك بن محمد بن الحسن.)
أبو جعفر العكبري، الواسطي، المعدل.)

(41/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 265
سمع: عليّ بن عليّ بن شيران، وأبا عليّ الفارقي، وأبا عبداللَّه محمد بن عليّ الجلابي، وغيرهم. وحدَّث، وتوفي في خامس رمضان.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسين بن حمزة بن الحسين بن حبيش.)
البهراني، الحبشي، الحموي، القصاعي، الشافعي،، قاضي حماه، أمين الدولة، أبو القاسم. أحد الكرماء الأجواد. كان يضيف الخاص والعام. وكان السّلطان صلاح الدّين يكرمه ويُجله. وكان لا يقبل برَّ أحدٍ. نقلت هذا من تعاليق البرزالي، وأنه مات سنة سبعٍ، في ترجمة العدل كمال الدّين عبد الوهاب بن القاضي محيي الدّين حمزة بن محمد قاضي القضاة بحماه أبي القاسم هذا. قلت: ومن أولاده خطيب دمشق موفق الدّين محمد بن محمد بن المفضل بن محمد بن عبد المنعم بن أبي القاسم.
4 (الحسين بن يوحن بن أبويه.)
الباوريّ. شيخ صالح توفي بإصبهان. يروي عن: أبي الفضل الأرموي، وابن ناصر. في السنة الآتية، والأظهر أنه توفي في هذا العام.

(41/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 266
4 (حرف السين)

4 (سليمان بن جندر)
الأمير الكبير علم الدّين صاحب عزاز، وبغراس. أحد الأمراء الكبار، له مواقف مشهودة في جهاد الفرنج. توفي في اّواخر ذي الحجة بقرية غباغب.
4 (حرف الصاد)

4 (صالح الزناتي.)
أبو الحسن الإشبيلي العابد، أحد الأولياء. ذكره أبو عبداللَّه الأبار في تاريخه، فقال: زاهد عابد) لم يتشبت من الدنيا بقليل ولا بكثير، ولا شاهده أحد يبتاع شيئاً، ولا يطبخ قدراً. وكان يأوي إلى مسجد. شيع جنازته أمم لا يحصون.
4 (حرف العين)

4 (عبداللَّه بن عبد الحق.)
القاضي أبو محمد الأندلسي الأنصاري.

(41/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 267
ولي قضاء إشبيلية. قال الأبار: كان جزلاً، صارماً، صليباً في الحق، ذا سطوةٍ مرهوبةٍ، وأحكامٍ محمودةٍ.
4 (عبداللَّه بن عبد القادر بن أبي صالح.)
أبو عبد الرحمن الجيلي. كان اكبر ولد الشيخ: ولد سنة ثمانٍ وخمسمائة. وسمع: هبة اللَّه بن الحصين، وأبا غالب بن البنا. ويقال إنه حدث ولم يكن مشتغلاً بالعلم. توفي في صفر.
4 (عبداللَّه بن مسعود بن عبداللَّه بن أبي يعلى.)
أبو القاسم الشيرازي، ثمّ البغدادي، الخياط. سمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا البركات عبداللَّه بن أحمد البيع. وحدث. توفي في المحرم. روى عنه: أبو الحسن القطيعي.
4 (عبد الحق بن عبد الملك بن بونه بن سعيد.)

(41/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 268
أبو محمد المالقي، العبدري، المعروف بابن البيطار. نزيل مدينة المنكب بالأندلس. شيخ معمر، يروي عنه: أبيه أبي مروان، وأبي محمد بن عتاب، وأبي بحر بن العاص، وغالب بن عطية، وأبي الحسن بن الباذش، وأبي الحسن بن مغيث، وطائفة. وأجاز له أبو عليّ بن سكرة. قال أبو عبداللَّه الأبار: كان عالي الإسناد، صحيح السماع، اعتنى به أبوه وسمعه صغيراً، ورحل به إلى قرطبة فأورثه نباهة، وأخذ عنه جماعة من شيوخنا، وقرأت بخط ابن سالم أنه توفي في اّخر سنة سبعٍ وثمانين. وقال ابن حوط اللَّه: توفي يوم الأضحى سنة ستٍّ وثمانين. وكان مولده في سنة أربعٍ وخمسمائة. قلت: روى عنه جماعة كابن دحية، وغيره. وقال ابن فرتون: ثنا عنه: هاني بن) هاني، وابنا حوط اللَّه، وأبو الربيع بن سالم، وغيرهم. ومن رواياته عن اثنين عن أبي بكر عن أبي الفضل الجوهري قال:
(يا خربَ القلب عامرَ الوطن .......... عشتَ وغرتكَ صحةُ البدنِ)

(لا أنت قصرت في القبيح ولا .......... سترت بعض القبيح بالحسنِ)

(لو كنت ممن تكفه وعظةٌ .......... كفك ذكرُ الحنوط والكفنِ)

4 (عبد الرحمن بن عليّ بن المسلم بن الحسين.)

(41/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 269
الفقيه أبو محمد اللخمي، الدمشقي، الخرقي، الفقيه الشافعي. ولد في نصف شعبان سنة تسعٍ وتسعين وأربعمائة. وسمع: أبا الحسن عليّ بن الموازيني، وعبد الكريم بن حمزة، وعلي بن أحمد بن قبيس، وأبا الحسن بن المسلم الفقيه، وطاهر بن سهل الإسفرائيني، والحسين بن حمزة الشعيري، ونصر اللَّه المصيصي الفقيه، وجماعة. روى عنه: الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والحافظ الضياء، ويوسف بن خليل، وخطيب مرو، وإبراهيم بن خليل، وعبد الرحمن بن سلطان الحنفي، وأبو الثناء محمود بن نصر اللَّه ابن البعلبكي، ومحمد بن سعد الكاتب، وأحمد بن عبد الدائم، وطائفة سواهم. ونقلت من خط عمر بن الحاجب قال: حكى ابن نقطة عن ابن الأنماطي أن الخرقي روى نسخة أبي مسهر بقوله، ولم يوجد له بها سماع، إنما سمعت عليه بقوله، عن ابن الموازيني. قال ابن الحاجب: وكان فقيهاً، عدلاً، صالحاً، يقرأ كل يومٍ وليلةٍ ختمة. توفي في ذي القعدة. وأنبأني أبو حامد بن الصابوني أن أبا محمد بن الخرقي أعاد مدة بالأمينية لجمال الإسلام أبي الحسن السلمي، وكان من جلة العدول بدمشق،

(41/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 270
وأضر في الاّخر واقعد، فاحتاج ليلةًً إلى الوضوء، ولم يكن عنده في البيت أحد. فذكر عنه أنه قال: فبينا أنا أتفكر إذا بنورِ من السماء دخل البيت، فبصرت بالماء فتوضأت، حدَّث بذلك بعض إخوانه، وأوصاه أن لا يخبر بها إلاّ بعد موته.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن مغاور.)
الفقيه أبو بكر السلمي، الشاطبي الكاتب. ولد في سنة اثنتين وخمسمائة.) وسمع من: أبيه محمد بن مغاور بن الحكم، وأبي عليّ الحسين بن محمد الصدفي ابن سُكرة، وهو آخر من سمع منه. وأخذ صحيح البخاري عن أبي جعفر أحمد بن عليّ بن غزلون صاحب أبي الوليد الباجي. وسمع أيضاً من أحمد بن عبد الرحمن بن جحدر الأنصاري، الشاطبي. قال الأبار: وكان بقية مشيخة الكتاب والأدباء والمشاهير، مع الثقة والكرم، ليغاً مفوَّهاً، مدركاً، له حظ وافرٌ من قرض الشعر وصدق اللهجة طال عُمره وعلت روايته. وتوفي في صفر. حدث بشاطبة، فروى عنه: أبو القاسم الطيب المرسي، وقال: هو

(41/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 271
رئيس البلاغة وإبنا حوط اللَّه، وهاني بن هاني، وأبو الربيع بن سالم.
4 (عبد المنعم بن أبي البركات عبداللَّه بن محمد بن الفضل أبي أحمد بن محمد.)
أبو المعالي الصاعدي، الفُراوي الأصل، النيسابوري. ولد سنة سبع وتسعين وأربعمائة في ربيع الأول. وسمع من: جده، عبد الغفار بن محمد الشيروي، وأبي نصر عبد الرحيم بن القشيري، وأبي الفضل العباس بن أحمد بن محمد الشَّقاني، وأبي الحسن طريف بن محمد الحيريّ، وجماعة. وحج في أواخر عمره، وحدَّث بالحرمين وبغداد. وتفرَّد عن أقرانه. وكان أسند أهل خُراسان. روى عنه: مُكرم بن مسعود الفقيه، الإمام شمس الدّين أحمد بن عبد الواحد والد الفخر بن البخاري، والتقي عليّ بن باسويه، وأبو عبداللَّه محمد بن عمر القرطبي المقرىء، وأبو محمد عبداللَّه بن عبد الجبار الأموي، وأبو عبداللَّه الدُّبيثي، والنفيس محمد بن رواخة، والتاج محمد بن أبي جعفر، وآخرون.

(41/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 272
وهو من بيت الرواية والإسناد العالي هو وابنه منصور، وأبوه، وجده، وأبو جده، وحفيده محمد بن منصور. وفراوَه، بالضم والفتح، بُليدة مما يلي خوارزم. قدم منها أبو مسعود الفضل فسكن نيسابور. توفي عبد المنعم رحمه اللَّه في أواخر شعبان بنيسابور، وله تسعون سنة.
4 (علي بن أبي السعادات بن عليّ بن منصور.)
) أبو الحسن الهاشمي، البغدادي، الخراط. شيخ معمّ، سمع جزء ابن عرفة من: أبي القاسم بن بيان. روى عنه: سعيد بن المبارك، وأبو بكر الخباز. وتوفي في صفر.
4 (عمر بن الأمير نور الدّين شاهنشاه بن الأمير نجم الدّين أيوب بن شاذي.)
الملك المظفر تقي الدّين صاحب حماه، وأبو ملوكها.

(41/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 273
كان بطلاً شجاعاً له مواقف مشهودة في قتال الفرنج مع عمه السّلطان صلاح الدّين وكان يحبه، وهو الذي أعطاه حماه. وقد استنابه على مصر مدة، وأعطاه المعرة، وكفر طاب، وميافارقين. ثمّ أعطاه في العام الماضي حران والرها بعد ابن صاحب إربل، فأذن له في السفر إلى تلك البلاد ليقرر قواعدها، فسار إليها وإلى ميافارقين في سبعمائة فارس، وكان عالي الهمة، فقصد مدينة حاني فحاصرها وافتتحها، فلما سمع الملك بكتمر صاحب خلاط سار لقتاله في أربعة آلاف فارس فالتقوا، فلم يثبت عسكر خلاط وانهزموا، فساق تقي الدّين وراءهم، وأخذ قلعة لبكتمر، ونازل خلاط وحاصرها، فلم ينل غرضاً لقلة عسكره، فرحل. ونازل منازكرد مدة. وله أفعال بر بمصر والفيوم. وسمع بالإسكندرية من: السفلي، والفقيه إسماعيل بن عوف، وروى شيئاً من شعره. توفي على منازكرد محاصراً لها، وهي من عمل أرمينية في طريق خلاط، في تاسع عشر رمضان، ونقل إلى حماه فدفن بها. وكان فيها عدل، وكرم، ورئاسة. ثم فوض السّلطان حماه، والمعرة، وسليمة إلى ولده الملك المنصور ناصر الدّين محمد. وكان تقي الدّين قد حدث نفسه بتملك الديار المصرية، فلم يتم له، وعوفي عمه صلاح الدّين، وطلبه إلى الشام، فامتنع واستوحش، وهم باللحوق بمملوكيه قراقوش وبوزبا اللذين استوليا على برقة وأطراف المغرب، وتجهز للمسير ثمّ سار إليه الفقيه عيسى الهكاري الأمير، وكان مهيباً مطاعاً، فثنى عزمه، واخرجه إلى الشام، فأحسن إليه عمه السّلطان وأكرمه وداراه، وأعطاه عدة بلاد. قال ابن واصل: كان الملك المظفر عمر شجاعاً جواداً، شديد

(41/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 274
البأس، عظيم الهيبة، ركناً من أركان البيت الأيوبي. وكان عنده فضل وأدب، وله شعر حسن، أصيب السّلطان صلاح الدّين) بموته لأنه كان من أعظم أعوانه على الشدائد. وتملك حران، والرها بعده العادل سيف الدين.
4 (حرف الغين)

4 (غياث بن هياب بن غياث بن الحسين.)
أبو الفضل البصري، ثمّ المصري، المعروف بالأنطاكي. سمع: عبداللَّه بن رفاعة. روى عنه: أبو الطاهر إسماعيل بن الأنماطي. وغياث وهياب بالتشديد.
4 (حرف الفاء.)

4 (فضالة بن نصر اللَّه بن جواس.)
أبو المكارم العرضي. سمع بدمشق من أبي الفتح نصر اللَّه المصيصي. وحدَّث. روى عنه: محمد وإسماعيل ابنا جعفر.
4 (الفضل بن أبي المطهر القاسم بن الفضل بن عبد الواحد.)
أبو الفضل الإصبهاني، الصيدلاني. روى عن: أبي عليّ الحداد، وغيره. روى عنه: الحافظان أبو بكر الحازمين وأبو ربية اليمني. توفي في الحادي والعشرين من جُمادى الآخرة.

(41/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 275
وكان مُكثراً. وهو أخو عبد الواحد.
4 (حرف القاف)

4 (قزل أرسلان)
أخو البهلوان محمد بن إلدكز. ولي أذربيجان، وأرّان، وهمذان، وإصبهان، والري بع أخيه. وقد كان سار إلى إصبهان والفتن بها متصلة بين المذاهب، وقد قتل خلق، فقبض على جماعة من الشافعية فصلب بعضهم، وعاد إلى همذان، وخطب لنفسه بالسلطنة.) وكان فيه كرم وعدل وحلم في الجملة. قتل ليلةً على فراشه غيلة، ولم يُعرف قاتله، وذلك في شعبان. قاله البن الأثير.
4 (حرف الميم)
محمد بن إبراهيم بن محمد بن وضاح. أبو القاسم اللخمي، الغرناطي. أخذ القراءآت عن: أبي الحسين بن هُذيل. وحج فأخذ القراءآت بمكة عن: أبي عليّ بن العرجا سنة سبعٍ وأربعين.

(41/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 276
وحج ثلاث حجج. ودخل بغداد، ثمّ رد واستوطن جزيرة واستوطن جزيرة شُقر خطيباً ومقرئاً بلا معلوم. وكان زاهداً قانتاً واحداً في وقته، يُشار إليه بإجابة الدعوة. أخذ عنه: ابنه أبو بكر محمد بن محمد، وأبو عبداللَّه بن سعادة.
4 (محمد بن أحمد بن سلطان.)
أبو الفضل الواسطي، الغرَّافيّ. حدَّث عن: أب يعلي الحسن بن إبراهيم الفارقي. والغرَّاف: من سواد واسط.
4 (محمد بن أحمد بن عبد اللَّه)
أبو عبداللَّه الجمدي، والجمد: قرية بدجيل. سكن بغداد، وسمع من: أبي البدر الكرخي، وعبد الوهاب بن الأنماطي، وسعد الخير الأندلسي، وطائفة. روى عنه: محمد بن خالد الحربي. وكان صالحاً خيراً، مُجاوراً بجامع الرصافة.
4 (محمد بن الحسن بن محمد.)
أبو عبداللَّه الراذاني، ثمّ البغدادي. كان من أولاد المشايخ. سمع: أبا بكر الأنصاريّ، وأبا القاسم بن السمرقندي.

(41/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 277
سمع منه: محمد بن محمود بن المعز الحراني، وغيره.) توفي في جمادى الأولى.
4 (محمد بن عبد الكريم ابن شيخ الشيوخ إسماعيل بن أبي سعد.)
النيسابوري، الصوفي. صحب جده، وسمع منه، ومن: أبي الفتح عبد الملك الكروخي، وأبي الوقت السجزي. وتوفي في جمادى الآخرة. حدَّث بدمشق فسمع منه: أحمد بن عثمان بن أبي الحديد الدمشقي، ومحمد بن محمد بن المروزي.
4 (محمد بن عليّ الوزير أبي طالب بن أحمد بن علي.)
أبو المحاسن السميرمي، الإصبهاني، الملقب بالعضد. قتل أبوه ببغداد سنة ستّ عشرة، وحُمل في تابوت، وسار معه ولده هذا إلى إصبهان. ثمّ أنه قدم فغي دولة المقتفي والمستنجد ومدحهما، وخدم في الديوان، ثمّ عاد إلى إصبهان، ومضى إلى أذربيجان، وخدم السّلطان داود، وتولى الكتابة والإنشاء، ثمّ عاد إلى إصبهان وتزهد وتعبد، وأقبل على شأنه. وقد سمع بإصبهان من غانم بن خالد، ومن إسماعيل الحافظ. وكتب متباً كثرية بخطه المليح. وله شعرٌ رائق. وترجل له قاضي إصبهان مرةً، فرأى سرجه بالحرير، فأنكر عليه وعنّفه. توفي في رمضان سنة سبعٍ وثمانين.
4 (محمد.)
ويلقب بالفضل، أبو المحاسن ولد الوزير الكبير أبي طالب عليّ بن أحمد السُّميرميّ.

(41/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 278
ولد سنة 505 ؛ هو هذا المتقدم.
4 (محمد بن عمر بن لاجين.)
ابن أُخت السّلطان صلاح الدّين، الأمير حسام الدين. توفي في تاسع عشر رمضان في الليلة التي توفي في صبيحتها صاحب حماه تقي الدين، فحزن عليهما السّلطان. ودفن حسام الدّين في التربة الحسامية المنسوبة إليه من بناء والدته ست الشام، وهي في الشامية الكبرى بظاهر دمشق.) وقيل اسمه عمر بن لاجين.
4 (محمد بن الموفق بن سعيد بن عليّ بن الحسن.)

(41/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 279
نجم الدّين أبو البركات الخُبوشاني، الصوفي، الفقيه الشافعي. قال القاضي شمس الدين: كان فقيهاً ورعاً، تفقه بنيسابور على محمد بن يحيى وكان يستحضر كتابه المحيط حتّى قيل أنه عُدم الكتاب فأملاه من خاطره. وله كتاب تحقيق المحيط وهو في ستة عشر مجلداً رأيته. وقال الحافظ المنذري: كان مولده بأستوا بخبوشان في رجب سنة عشر وخمسمائة، وحدَّث عن: أبي الأسعد هبة الرحمن القشيري. وقدم مصر سنة خمس وستين فأقام بالمسجد المعروف بالقاهرة على باب الجوانية مدةً، ثمّ تحوَّل إلى تربة الشافعي رحمه اللَّه، وتبتل في المذهب كتاباً مشهوراً. وخُبُوشان قرية متن أعمال نيسابور. وقال ابن خلكان: كان السّلطان صلاح الدّين يقربه ويعتقد في علمه ودينه، وعمَّرَ له المدرسة المجاورة لضريح الشافعي، ورأيتُ جماعةً من أصحابه، وكانوا يصفون فصله ودينه، وأنه كان سليم الباطن. وقال الموفق عبد اللطيف: كان فقيهاً صوفياً، سكن خانقاه السُميساطيّ بدمشق، وكانت له معرفة بنجم الدّين أيوب، وبأسد الدّين أخيه. وكان قشفاً في العيش، يابساً في الدين، وكان يوقل بملء فيه: اصعد إلى مصر وأُزيل ملك بني عُبيد اليهودي. فلما صعد أسد الدّين صعِد ونزل بمسجد، وصرَّح

(41/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 280
بثلب أهل القصر، وجعل تسبيحه سبَّهم، فحاروا في أمره، فأرسلوا إليه بمالٍ عظيم، قيل مبلغه أربعة آلاف دينار، فلما وقع نظره على رسولهم وهو بالزِّي المعروف، نهض إليه بأشد غضب وقال: ويلك ما هذه البدهة وكان الرجل قد زوًّر في نفسه كلاماً يلاطفه به، فأعجله عن ذلكن فرمى الدنانير بين يديه، فضربه على رأسه، فصارت عمامته حَلقاً في عنقه، وأنزله من السُّلَّم وهو يرمي بالدنانير على رأسه، ويلعن أهل القصر. ثم إن العاضد توفي، وتهيب صلاح الدّين أن يخطب لبني العباس خوفاً من الشيعة، فوقف الخُبوشاني قُدام المنبر بعصاه، وأمر الخطيب أن يذكر بني العباس، ففعل، ولم يكن إلا الخير. ووصل إلى بغداد، فزينوا بغداد وبالغوا، وأظهروا من الفرح فوق الوصف.) ثم إن الخُبُوشانيّ أخذ في بناء ضريح الشافعي، وكان مدفوناً عنده ابن الكيزاني، رجلٌ ينسب إلى التشبيه، وله أتباع كثيرون من الشارع. قلت: بالغ الموفق، فإن هذا رجلٌ سُنّيّ يلعن المشبّهة، توفي في حدود الستين وخمسمائة. قال: فقال الخبوشاني: لا يكون صدّيق وزنديق في موضع واحد. وجعل ينبش ويرمي عظامه وعظام الموتى الذين حوله، فشد الحنابلة عليه وتألبوا، وصار بينهم حملات حربية، وزحفات إفرنجية، إلى أن غلبهم وبنى القبر والمدرسة، ودرّس بها. وكان يركب الحمار، ويجعل تحته أكسية لئلا يصل إليه عرقُه. وجاء الملك العزيز إلى زيارته وصافحته، فاستدعى بماءٍ وغسل يده وقال: ياولدي إنك تمسك العنان، ولا يتوقّى الغلمان عليه. فقال: اغسل وجهك، إنك بعد المصافحة لمست وجهك. فقال: نعم. وغسل وجهه.

(41/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 281
وكان أصحابه يتلاعبون به، ويأكلون الدنيا بسببه، ولا يسمع فيهم قولاً، وهم عنده معصومون. وكان متى رأى ذمياً راكباً قصد قتله، فكانوا يتحامونه، وإنه ظفر بواحد منهم، فوكزه بالمقرعة، فأندر عينه وذهبت هدراً. وكان هذا طبيباً يُعرف بابن شوعة وكان صلاح الدّين لما توجه إلى الفرنج نوبة الرملة خرج في عسكرٍ كثيفٍ فيهم أربعة عشر ألف فارس مزاجي العلل، وجاء إلى وداعه، فالتمس منه أن يُسقط رسوماً لا يمكن إسقاطها، فساء عليه خُلُقه وقال: قم لا نَصَرك اللَّه، ووكزه بعصا، فوقعت قلنسوته عن رأسه. فوجم لها، ثمّ نهض متوجهاً إلى الحرب، فكُسر وأُسر كثيراً من أصحابه، فظن أن ذلك بدعوة الشيخ، فجاء وقبّل يديه، وسأله العفو. وكان تقي الدّين عمر بن أخي صلاح الدّين له مواضع يباعُ فيها المزرُ. فكتب ورقةً إلى صلاح الدّين فيه: إن هذا عمر لا جبره اللَّه يبيع المزر. فسيرها إلى عمر وقال: لا طاقة لنا بهذا الشيخ فارضه. فركب إليه، فقال له حاجبه ابن السلاّر: قف بباب المدرسة وأسبقك. فأُطيء لك. فدخل وقال: إن تقي الدّين يٍ لم عليك. فقال: بل شقي الدّين لا سلم اللَّه عليه. قال: إنه يعتذر ويقول: ليس لي موضع يباع فيه المزر. فقال: يكذب. فقال: إن كان هناك موضع مزرٍ فأرناه. فقال: أُدنُ. وأمسك ذؤآبتيه وجعل يلطم على رأسه وخديه ويقول: لست مزاراً فأعرف مواضع المزر، فخصوه من يده، فخرج إلى تقي الدّين وقال: سلمتُ وفديتك بنفسي.) وعاش هذا الشيخ عُمره لم يأخذ درهماً من مال الملوك، ولا أكل من وقف المدرسة لقمةً، ودُفن في الكساء الذين صحبه من خُبوشان. وكان بمصر رجل تاجر من بلده يأكل ماله. وكان قليل الرُّزء، ليس له نصيب في لذات الدنيا. ودخل يوماً القاضي الفاضل لزيارة الشافعي، فوجده يُلقي الدرس على

(41/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 282
كُرسي ضيق فجلس على طرفه وجنبه إلى القبر، فصاح به: قم ظهرك إلى الإمام. فقال: إن كنتُ مستدبره بقالبي فأنا مستقبله بقلبي، فصاح فيه أخرى وقال: ما تعبّدنا بهذا. فخرج وهو لا يعقل. توفي في ذي القعدة.
4 (محمود بن محمد بن الحسين.)
الفقيه أبو القاسم القزويني، الشافعي، الواعظ. ولد سنة سبع وعشرين وخمسمائة، وحدَّث بمصر عن أبي شجاع عمر بن محمد البسطتمي، وأبي القاسم بن عساكر، والِّلفي. ودرّس بمشهد الحسين مدةً. ووعظ. وتوفي في صفر.
4 (حرف النون)

4 (نور العين بنت أبي بكر بن أحمد بن أبي الليات.)
الحربية البغدادية.

(41/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 283
أجاز لها شجاع الذُّهلي، وأبو طالب بن يوسف، وعبيد اللَّه بن نصر الزاغوني. روت بالإجازة. وتوفيت في رجب.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن حبش بن أميرك.)
الشهاب السهروردي، الفيلسوف. شابٌ فاضل، متكلم، مناظر، يتوقد ذكاء. ذكره ابن أبي أُصيبعة فقال: اسمه عمر. كان أوحداً في العلوم الحكيمة، جامعاً لفنون الفلسفة، بارعاً في أصول الفقه، مفرط الذكاء، فصيح العبارة، لم ينظر أحداً إلاّ أربى عليه، وكان علمه) أكثر من عقله.

(41/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 284
قال فخر الدين المارديني: ما أذكى هذا الشاب وأفصحه إلا أني أخشى عليه لكثرة تهوره واستهتاره تلافه. ثم إن الشهاب السهروردي قدم الشام فناظر فُقهاء حلب، ولم يُجاره أحدٌ، فاستحضره الملك الظاهر، وعقد له مجلساً، فبان فضله، وبهر علمه، وحسن موقعه عند السّلطان، وقربه، واختص به، فشنعوا عليه، وعملوا محاضر بكفره، وزادوا عليه أشياء كثيرة، فبعث إلى ولده الملك الظاهر بخط القاضي الفاضل يقول فيه: لا بد من قتله، ولا سبيل إلى أن يُطلق ولا يُبقي بوجه. فلما لم يبق إلاّ قتله اختار هو لنفسه أن يترك في بيتٍ حتّى يموت جوعاً، ففُعل به ذلك في أواخر سنة ستٍّ وثمانين بقلعة حلب. وعاش ستاً وثلاثين سنة. حكى ابن أُصيبعة هذا الفصل عن السديد محمود بن زقيقة. ثمّ قال: وحدثني الحكيم إبراهيم بن صدفة أنه اجتمع مع الشهاب هو وجماعة، وخرج من باب الفرج إلى الميادين، فجرى ذكر السيماء، فمشى قليلاً وقال: ما أحسن دمشق وهذه المواضع. فنظرنا فإذا م ناحية الشرق جواسق مبيضة كثيرة مزخرفة، وفي طاقاتها نساء كالأقمار ومغاني، وغير ذلك فتعجبنا وأنذهلنا فبقينا ساعةً، وعُدنا إلى ما كنا نعرفه، إلا أني عند رؤية ذلك بقيت أحس من نفسي كأني في سنة خفية، ولم يكن إدراكي كالحالة التي أتحقَّقها منيّ. وحدثني بعض فقهاء العجم قال: كنا مع شهاب الدّين عند القابون، فقلنا: يامولاي، نريد رأس غنم. فأعطانا عشرة دراهم، فاشترينا رأساً، ثمّ

(41/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 285
تنازعنا نحن والتركماني فقال الشيخ: روحوا بالرأس وأنا أُرضيه، فتقدمنا، ثمّ تبعنا الشيخ، فقال التركماني: أعطني رحلي وارضني. وهو لا يردّ في التركماني، وجذب يده وقال: كيف تروح وتخليني فإذا بيد الشيخ قد انخلعت من كتفه، وبقيت في يد التركماني، ودمها يشخب. فتحير التركماني، ورماها وهرب، فأخذ الشيخ تلك اليد اليسرى بيده اليمنى، فلما صار معنا رأينا في يده منديله لا غير. وقال الضياء صقر: في سنة تسع وسبعين قدم إلى حلب شهاب الدّين عمر السهروردي، ونزل في مدرسة الحلاوية، ومدرسها الافتخار الهاشمي، فحضر وبحث وهو لابس دلق، وله إبريق وعكاز. فأخرج له افتخار الدّين ثوب عتابي، وبقيار، وغلالة، ولباس، وبعثها مع والده إليه. فسكت عنه، ثمّ قال: ضع هذا واقضِ لي حاجة. وأخرج فص بلخش كالبيضة، ما ملك أحدٌ مثله) وقال: نادِ لي عليه وعرِّفني. فجاب خمسة وعشرين ألفاً. فأخذه العريف وطلع إلى الملك الظاهر غازي، فدفع فيه ثلاثين ألفاً. فنزل وشاورن فأتاه ابن الافتخار وعرّفه، فتألم وصعُب عليه، وأخذ الفصَّ جعله على حجر، وضربه بحجرٍ آخر فتته، وقال: يا ولدي، خُذ هذه الثياب، وقبل يد والدك، وقُل له: لو أردنا الملبوس ما غُلبنا عنه. فراح إلى أبيه، وعرّفه فبقي متحيراً. وأما السّلطان فطلب العريف وقال: أريد الفص. فقال: هو لابن الشريف الافتخار. فركب السّلطان، ونزل إلى المدرسة، وقعد في الإيوان

(41/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 286
وكلمه، فقال السّلطان: إن صدق حدسي فهذا الشهاب السهروردي. ثمّ قام واجتمع به، وأخذ معه إلى القلعة، وصار له شأنٌ عظيم، وبحث مع الفقهاء وعجزهم، واستطال على أهل حلب، وصار يكلمهم كلام من هو أعلى منهم قدراً، فتعصبوا عليه، وأفتوا في دمه حتّى قُتل. وقيل: إن الملك الظاهر سير إليه من خنقه، ثمّ بعد مدةٍ نقم على الذين أفتوا في دمه، وحبس جماعةً وأهانهم وصادرهم. حدثني السديد محمود بن زقية قال: كان السهروردي لا يلتفت إلى ما يلبسه، ولا يحتفل بأمور الدنيا. كنتُ أتمشى أنا وهو في جامع ميافارقين وعليه جبة قصيرة زرقاء، وعلى رأسه فوطة، وفي رجليه زربول، كأنه خربندا. وللشهاب شعر رائق حسن، وله مصنفات منها كتاب التلويحات اللوحية والعرشية، وكتاب اللمحة، وكتاب هياكل النور، وكتاب المعارج وكتاب المطارحات، وكتاب حكمة الإشراق. قلت: سائر كتبه فلسفة وإلحاد. نسأل اللَّه السلامة في الدين. قُتل سنة سبعٍ وثمانين. وذكره في حرف الياء ابن خلكان، فسماه كما ذكرنا، وأنه قرأ الحكمة والأصول على مجد الدّين الجيلي شيخ الفخر الرازي بمراغة، وقال: كان شافعي المذهب، وله في النظم والنثر أشياء، ولقبوه المؤيد بالملكوت. قال: وكان يتهم بانحلال العقيدة والتعطيل، ويعتمد مذهب الحكماء

(41/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 287
المتقدمين. اشتهر ذلك عنه، وأفتى علماء حلب بإباحة دمه. وكان أشدهم عليه زين الدين، ومجد الدّين ابني جهبل.) ابن خلكان قال: قال السيف الآمدي: اجتمعت بالسهروردي بحلب، فرأيته كثير العلم، قليل العقل. قال لي: لا بُد أن أملك الأرض. رأيت كأني قد شربت ماء البحر. فقلت: لعل هذا يكون اشتهار العلم وما يناسب هذا فرأيته لا يرجع. ولما أن تحقق هلاكه قال:
(أرى قدمي أراقَ دمي .......... وهانَ دمي فها نَدَمي)
قال ابن خلكان: حبسه الملك الظاهر، ثمّ خنقه في خامس رجب سنة سبع. وقال بهاء الدّين بن شداد: قتل ثمّ صُلب أياماً. وقال: أُخرج السهروردي ميتاً في سلخ سنة سبعٍ من الحبس، فتفرق عنه أصحابه. وقد قرأتُ بخط كاتب ابن وداعة أن شيخنا محيي الدّين بن النحاس حدثه قال: حدثني جدي موفق الدّين يعيش النحوي، أن السهروردي لما تكلموا فيه قال له تلميذ: قد كثروا القول بأنك تقول النبوة مكتسبة، فانزح بنا. فقال: اصبر عليّ أياماً حتّى نأكل البطيخ ونروح، فإن بي طرفاً من السِّل، وهو يوافقه. ثم خرج إلى قرية دوبران الخشاب، وبها محفرة تراب الراس، وبها بطيخ مليح، فأقام عشرة أيام، فجاء يوماً إلى المحفرة، وحفر في أسفلها، فطلع له حصى، فأخذ ودهنه بدهنٍ معه، ولفه في قطنٍ وتحمّله في وسطه

(41/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 288
ووسط أصحابه أياماً. ثمّ أحضر بعض من يحك الجوهر، فحكه فظهر كله ياقوتاً أحمر، فباع منه ووهب. ولما قُتل وُجد منه شيء في وسطه.
4 (يحيى بن غالب بن أحمد بن أبي غالب.)
أبو القاسم البغدادي، الحربي. سمع: عبداللَّه بن أحمد بن يوسف. وأجاز به شجاع الذُهلي وأحمد بن الحسين بن قريش. وحدَّث. وتوفي في شعبان.
4 (يحيى بن محمد بن يحيى بن أبي إسحاق.)
أبو بكر الأنصاري، الأندلسي، اللرييّ، مكن أهل لرية. أخذ القراءآت عن أبيه، وسمع منه، ومن: ابن هُذيل. وأجاز له أبو عبداللَّه بن سعيد الداني، والسلفيّ.) وتصدّر للإقراء. وخلف أباه جارياً على مهيعة. سمع منه محمد بن عباد كثيراً، وأخذ عنه القراءآت أبو عبداللَّه بن هاجر. وسمع منه في هذه السنة أبو عبداللَّه بن غبرة.
4 (يحيى بن أبي القاسم مقبل بن أحمد بن بركة بن الصدر.)

(41/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 289
أبو طاهر البغدادي، الحريمي، المعروف بابن الأبيض. ولد سنة سبع عشرة وخمسمائة. وسمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا بكر الأنصاري. وحدَّث. توفي رحمه اللَّه في ذي القعدة.
4 (يحيى بن هبة اللَّه بن فضل اللَّه بن محمد.)
أبو الحسن ابن النخاس، بخاء معجمة، الواسطي، الغرافي. حدَّث عن: أبي عليّ الفارقي، وأبي الحسن بن عبد السلام. توفي في رابع شوال. وكان أبوه أبو المعالي قاضياً بالغرّاف.
4 (يعقوب بن يوسف بن عمر بن الحسين.)
أبو محمد الحربي، المقرىء. قرأ القراءآت على: الحسين بن محمد البارع، ومحمد بن الحسين المزرفي، وغيرهما. وسمع من: ابن الحصين، وابن كادش، وأبي الحسين بن الفراء، وجماعة. وأقرأ الناس القراءآت، وكان مبرزاً في معرفتها، قيماً بها، ثقةً، مُسناً. روى عنه: البهاء عبد الرحمن وقال: سمعنا عليه، وعلى عبد المغيث مسند الإمام أحمد.

(41/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 290
وروى عنه: أبو عبداللَّه الدبيثي وأجاز للزين بن عبد الدائم، وغيره. وتوفي في شوال عم سن عالية. وعنه أيضاً: عبد الرحمن بن يوسف بن الكل.
4 (يوسف بن الحسن بن أبي البقاء بن الحسن.)
أبو محمد العاقولي الأصل، البغدادي، المأموني، المقرىء.) ولد سنة عشرٍ وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي بكر بن عبد الباقي، وأبي منصور القزاز، وجماعة. وكتب الكثير. قال ابن الدبيثي، كتبتُ عنه، وما أعلم من أمره إلا خيراً. وتوفي في صفر. وقال ابن النجار: كان صالحاً متديناً، إلا أنه لم يكن يعرف شيئاً من علم الحديث، وهو كثير الغلط.
4 (يوسف الأندلسي.)
البشري، الزاهد، أبو الحجاج. تلميذ أبي عبداللَّه بن المجاهد. مشهور بالزهد والعبادة، وله في ذلك أخبار وأحوال. وعاش نحواً من ثمانين سنة. توفي في هذه السنة ظناً.
4 (الكنى)

4 (أبو القاسم بن حُبيش.)

(41/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 291
البهراني الحموي، الفقيه الشافعي، قاضي القضاة بحماة، أمين الدين. قال القاضي ابن واصل: توفي في حادي عشر رمضان. قال: وكان رئيساً جواداً، عظيم القدر بحماه، مشهوراً عند الملوك. قلت: هو من أجداد شيخنا موفق الدّين الحموي خطيب دمشق.
4 (مواليد السنة)
وفيها ولد: العماد أبو جعفر محمد بن السهروردي، والمجد محمد بن إسماعيل بن عساكر، النجيب عبد اللطيف بن الصقيل، والنصير بن تمام رئيس المؤذنين، ونجم الدّين مظفر بن محمد بن الياس بن الشيرجي، والأمير يعقوب بن المعتمد العادليّ.

(41/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 292
4 (وفيات سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة)
)
4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الحسين بن أحمد بن محمد.)
الفقيه أبو العباس، العراقي، الحنبلي، المقرىء، الملقن بجامع دمشق تحت النشر. سمع: محمد بن عبداللَّه بن سهلون السبط، وأبا الفتح الكروخي، وسعد الخير الأنصاري، وجماعة. وهو والد الرشيد إسماعيل الراوي بالإجازة عن السلفي. روى عن: الشيخ موفق الدين، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. ذكر زكي الدّين المنذري أنه توفي في هذه السنة. وقال الضياء محمد: توفي في جمادى الأولى سنة ست وسبعين، فوهم. وذكره الشيخ الموفق فقال: إمام في السنة داعياً إليها، إمام في القراءة، كان يقرىء تحت النسر، وكان ديناً يقول شعراً حسناً. وشرح عبادات الخرقي بالشعر. وقال ابن النجار: قرأ القرآن على سبط الخياط، وسمع بدمشق في سنة إحدى وخمسين أيضاً من محمد بن أحمد بن أبي الحوافر البعلبكي.

(41/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 293
وروى عنه أيضاً: يوسف بن خليل، ومحمد بن طرخان. وقال ابن خليل: قرأ القرآن بالقراءآت على أبي محمد، وغيره. وكان شيخاً فاضلاً، متفنناً، طيب المحاضرة. توفي سنة ثمانٍ.
4 (أحمد بن خلف.)
أبو القاسم الكلاعي، الإشبيلي، الفقيه، المعروف بالحوفي. سمع صحيح البخاري من أبي الحسن شريح، وأبي بكر بن العربي. وولي قضاء إشبيلية مرتين. وكان مشكوراً في الأحكام، فرضياً.
4 (إبراهيم بن اسماعيل بن سعيد بن أبي بكر.)
الفقيه، الإخباري أبو اسحاق الهاشمي، العباسي، المصري، إمام مسجد الزبير. من فضلاء المالكية. حدَّث عن: أبي القاسم بن عساكر بمصر.) وألف تاريخاً في أمراء مصر إلى أيام صلاح الدّين، وجمع مجاميع. وله كتاب البُغية والاغتباط في من سكن الفسطاط، وكتاب في الوعظ. وله نظم. توفي في ربيع الأول وله ثلاثٌ وسبعون سنة.

(41/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 294
4 (إسماعيل بن عليّ بن إبراهيم بن أبي القاسم.)
أبو الفضل الجنزوي الأصل، الدمشقي، المولد والدّار، الفقيه الشافعي الشروطي، الكاتب المعدل، الفرضي. ويقال فيه أيضاً الجنزي. ولد في ربيع الأول سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة، وتفقه على جمال الإسلام أبي الحسن بن المسلم، وأبي بكر بن محمد بن القاسم الشهرزوري، وطبقتهم بدمشق. ورحل فسمع: أبا البركات هبة اللَّه بن البخاري، وأبا محمد عبداللَّه بن السمرقندي، وأبا عليّ الحسن بن إسحاق الباقرحي، وأبا الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني، وأبا نصر أحمد بن محمد الطوسي، وأبا القاسم هبة اللَّه الحريري، وأبا بكر الأنصاري، وطائفة كبيرة ببغداد، والأنبار. كتب عنه: عمر بن عليّ القرشي، وأبو المواهب بن صصرى، وأبو محمد القاسم ابن الحافظ، وعبد العزيز بن الأخضر، وعبد القادر بن الرهاوي، ومحمد بن الواحد، ويوسف بن خليل الحفاظ، والشيخ موفق الدين،

(41/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 295
والبهاء عبد الرحمن، والتاج أبي جعفر، وإبراهيم بن خليل، وعبداللَّه بن الخُشوعي، والعماد عبد الحميد بن عبد الهادي، والزين أحمد بن عبد الدائم. وجنزة من مدن أران، وإقليم اران بين أذربيجان وأرمينية. كان يشهد على باب الجامع، وكان بصيراً بكتابة الشروط نبيهاً في الحديث ذا عناية بسماعه وروايته. تُوفي في سلخ جمادى الأولى. ورحل إلى بغداد مرات، وعمرِّر تسعين سنة.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن الإمام أبي جعفر هبة اللَّه بن يحيى بن أبي نعيم الحسن بن أحمد.)
الفقيه أبو عليّ الواسطي، الشافعي، المعدل، المعروف بابن البوقي. ولد سنة ثلاثٍ وعشرين وخمسمائة.) وتفقه على أبيه، وبرع في المذهب. وسمع من: أبي الكرم نصر اللَّه بن محمد بن مخلد، وأبي عبداللَّه محمد بن عليّ الجُلابي، وسعد بن عبد الكريم الغندجاني.

(41/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 296
وسمع ببغداد من: الوزير أبي المظفر بن هُبيرة، وأبي الفتح بن البطني، وجماعة. روى عنه: أبو عبداللَّه الدُّبيثي. وكان إليه الفتوى بواسط. وتوفي رحمه اللَّه في سادس شعبان.
4 (الحسين بن يوحن بن أبويه بن النعمان.)
أبو عبداللَّه الباوري، اليمني. وباور جزيرة في البحر باليمن. سمع ببغداد: أبا الفضل محمد بن عمر الأرموي، وابن الناصر، وابن الزاغوني. ودخل إصبهان وسكنها، وسمع بها من: أبي الخير الباغبان، ومسعود الثقفي، وجماعة. ثم قدم بغداد، وسمع ولديه: الحسن، وعلياً من شهدة. سمع منه: عبداللَّه االجبائي، وعلى بن يعيش القواريري. وكان صالحاً صوفياً، كتب الكثير. كان الشيخ عبد الزاق الجيلي بثني عليه كثيراً. روى عنه، أبو عبداللَّه الدبيثي، وغيره. قال ابن النجار، توفي سنة ثمان وثمانين بإصبهان، وقد نيف على الثمانين، رحمه اللَّه.
4 (حرف الخاء)

4 (خالد بن محمد بن نصر بن صغير.)

(41/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 297
الرئيس موفق الدّين أبو البقاء ابن الأديب البارع أبي عبد اللَّه، المخزومي، الخالدي، الحلبي، ابن القيسراني، الكاتب، وزير السّلطان نور الدين. كان صدراً نبيلاً، وافر الجلالة، بارع الكتابة، يكتب بالخط الملحقق كتابة ينفرد بها. بعثه نور الدّين رسولاً إلى الديار المصرية، فسمع من: عبداللَّه بن رفاعة، والسلفي. وسمع بدمشق من: ابن عساكر. وحدث بحلب) روى عنه: الموفق يعيش النحوي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة بحلب.
4 (حرف الزين)

4 (زينب ست الناس)
وتدعى مباركة، بنت الشيخ أبي الفتح عبد الوهاب بن محمد الصابوني، الخفاف، الحنبلي. سمعها أبوها من: هبة اللَّه بن الحصين، وقراتكين بن الأسعد، وأحمد بن البنا. روى عنها: ابنها عمر بن كرم الدينوري، والحسن بن محمد بن حمدون. وتوفيت في ذي القعدة. وهي أخت عبد الخالق.

(41/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 298
حرف السين ست الدار بنت عبد الرحمن بن عليّ بن الأشقر. الحربية. روت عن: أبيها، وعبداللَّه بن أحمد بن يوسف.
4 (سعد السعود بن أحمد بن هشام بن إدريس.)
أبو الوليد الأموي، الأندلسي، اللبلي. ويعرف بابن عفير. روى عن: أبي الحسن شريح، وأبي محمد بن كوثر، وأبي الحسن بن مؤمن، وأبي العباس بن أبي مروان واختص به ولزمه. وسمع من جماعة اّخرين قال الأبار: وكان فقيهاً ظاهرياً، محدثاً، نظاراً، أديباً، شاعراً. حدث عنه ابنه أبو أمية إسماعيل، وأبو العباس النباتي، وأبو عبداللَّه بن خلفون. وتوفي في ذي القعدة بقرية برجلاته من قرى لبلة. وعاش خمساً وسبعين سنة، رحمة اللَّه تعالى.
4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن مكارم بن أحمد بن سعد.)

(41/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 299
أبو منصور الموصلي، القلانسي، المؤدب، البقال. سمع مسند المعافى بن أبي القاسم نصر بن أحمد بن صفوان في سنة اثني عشر وخمسمائة. روى عنه: أبو الحسن عليّ بن محمد بن الأثير، والحافظ ابن خليل، وغيرهما. توفي في رابع رمضان بالموصل.
4 (حرف العين)
)
4 (عبد السلام بن عليّ بن عبد العزيز بن عليّ بن قريش.)
القاضي الوجيه أبو المعالي القرشي، المخزومي، المصري الكاتب. توفي بالقدس ودفن به. كتب للملك العادل مدة.
4 (عبد الواحد بن عليّ ابن القدوة أبي عبداللَّه محمد بن حمويه.)
أبو سعد الجونيي، البحيراباذي، الشافعي، الصوفي. ولد سنة تسعٍ وعشرين وخمسمائة. وسمع من: وجيه الشحامي. وببغداد من: أبي الوقت وبهمذان من: شهردار بن شيرويه، وأبي الفضل أحمد بن سعد.

(41/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 300
وحدث ببغداد، ومكة، ودمشق. روى عنه: عليّ بن المفضل الحافظ، والتاج بن أبي جعفر، وآخرون. وتوفي بالري. وممن روى عنه: ابن أخته تاج الدّين عبد السلام، وأبو طاهر الحسن بن أحمد التميمي. ووهم من قال إنه توفي سنة خمسٍ وثمانين. وقد ذكر أبو حامد بن الصابوني ان سنة ثمانٍ وهم أيضاً، فإن شيخنا أبا طاهر التميمي سمع منه مشيخة وجيه في المحرم سنة تسع وثمانين.
4 (عبد الوهاب بن الحسن بن عليّ)
أبو الفتح بن الكتاني، الواسطي. روى عنه: الحسن بن محمد بن السوادي، وخميس بن عليّ الحوزي الواسطيين. مات في صفر.
4 (عبد الوهاب بن هبة اللَّه بن أبي ياسر عبد الوهاب بن عليّ بن أبي حبة.)
أبو ياسر الدقاق، الطحان، البغدادي. سمع الكثير من: هبة اللَّه بن الحصين، وأبي غالب بن البناء، وأبي الحسن بن الفراء، وهبة اللَّه بن الطبر، ومحمد بن الحسين المزرفي، وزاهر الشحامي، وخلق كثير.

(41/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 301
وروى الكثير. وحدث بمسند أحمد بحران. وكان فقيراً قانعاً. قال ابن النجار: كان لا بأس به، صبوراً، صحيح السماع، ولد سنة ست عشرة وخمسمائة، وأدركه أجله بحران في الحادي والعشرين من ربيع الأول. قلت: حدث ببغداد، والموصل، وحران. وأبو حبة: بباء موحدة.) روى عنه: البهاء عبد الرحمن، وعبد العزيز بن محمد بن صديق.
4 (عبيد اللَّه بن أحمد بن عليّ بن عليّ بن السمين.)
أبو جعفر بن أبي المعالي البغدادي. من أولاد المحدثين. سمع: هبة اللَّه الحريري، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري، وعبد الرحمن بن محمد الشيباني، وعبداللَّه بن أحمد اليوسفي، وعبد الملك الكروخي، وطائفة سواهم. وكتب بخطه الكثير لنفسه. وخرج، وحدث ببغداد والموصل. وولد سنة ثلاثٍ وعشرين وخمسمائة. قال أبو الحسن القطيعي: كتبتُ عنه، وكان ثقة من أهل التقشف والصلاح.

(41/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 302
كتب الكثير، وأكل من كسب يده. قلت: وروى عنه الإمام أبو عمرو بن الصلاح. وتوفي في رمضان.
4 (عرفة بن عليّ بن أبي الفضل.)
أبو المعالي بن البقلي المقرىء، الزاهد. شيخ عابد منقطع في مسجده، يلقن القرآن. روى عن: أبي نصر الحسن بن محمد اليونارتي، وجماعة. وروى عنه: محمد بن مقبل. وعاش تسعاً وثمانين سنة.
4 (علي بن أحمد ابن صاحب القلاع الهكارية أبي الهيجاء بن عبداللَّه بن المرزبان بن عبد)
اللَّه. الأمير الكبير، مقدم الجيوش، سيف الدّين الهكاري المشطوب. ولي نيابة عكا، ثمّ أقطعه السلطان، صلاح الدّين القدس. وخلص من الفرنج الذين أسروه من عكا قبل موته بنحوٍ ستة أشهر. ولم يكن في أمراء الدولة أحدٌ يُدانيه حشمةً وجلالة. وكان يُلقب بالأمير الكبير. ولما استفك من الأسر وصل إلى السّلطان وهو بالقدس في جمادى الآخرة.)

(41/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 303
قال ابن شداد: دخل على السلطان بغتةً وعنده أخو الملك العادل، فنهض واعتنقه، وسرَّ به سروراً عظيماً، وأخلى المكان، وتحدث معه طويلاً. قلت: وقيل إن خبزه كان يعمل ثلاثمائة ألف دينار. وقيل: إنه استفك نفسه من الفرنج بخمسين ألف دينار، وجاء فأعطاه السّلطان نابلس، فظلم أهلها قليلاً، فشكوه إلى السّلطان، فعتب عليه. ثمّ مات عن قريب. وأقطع السّلطان ولده عماد الدّين أحمد بن سيف الدّين المشطوب ثلث نابلس. وأما سيف الدّين فتوفي بالقدس في شوال. وكان ابنه عماد الدّين ابن المشطوب من كبار أمراء الدولة الكاملية.
4 (علي بن أحمد بن محمد.)
الحديثي، أخو قاضي القضاة روح. سمع: قاضي الرمستان، وعبد الرحمن القزاز، وبدر الشيحي. وعنه: يوسف بن خليل، وغيره. مات في ربيه الآخر.
4 (علي بن مرتضى بن عليّ بن محمد ابن الداعي.)
الشريف الأجل أبو الحسن بن الشريف أبي الحسين المرتضى الحسيني، الإصبهاني الأصل، البغدادي، الفقيه الحنفي، المعروف بالأمير السيد. ولد سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، وتفقه وحدَّث عن: أبي سعد أحمد بن محمد البغدادي. ودرّس مدة.

(41/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 304
وكان من سراة الناس وأعيانهم. روى عنه: عمر بن عليّ القرشي، وغيره.
4 (عون بن عبد الواحد بن شُنيف.)
البغدادي، الرجل الصالح. روى عن أبي بكر الأنصاري، وغيره. وكان عارفاً بالفرائض رحمه اللَّه تعالى.
4 (حرف الفاء)
)
4 (فارس بن أبي القاسم بن فارس بن أبي سعد.)
أبو محمد الحربي الحفار، الشيخ الصالح. ولد سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. وسمع: عليّ بن محمد بن أبي يعلى الكوفي، وأحمد بن الحسن بن قريش، ومحمد بن محمد المهدي، وهبة اللَّه بن الحصين، وجماعة.

(41/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 305
وهو آخر من سمع من ابن قريش. روى عنه: يوسف بن خليل، وغيره. وتوفي في شوال.
4 (حرف القاف)

4 (قاسم بن إبراهيم بن عبد اللَّه.)
أبو إبراهيم المقدسي، ثمّ المصري، الشافعي، الشيخ الصالح. ولد في حدود سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. وسمع من: عليّ بن إبراهيم بن صولة، وعبد الغنتي بن طاهر الزعفراني، وابن رفاعة الفرضي. روى عنه: عليّ بن المفضل الحافظ، وأبو نزار ربيعة اليمني، ومحمد بن عبداللَّه بن مزيبل، وأبو محمد بن المحسن بن عبد العزيز المخزومي ابن الصيرفي، وعثمان بن مكي الشارعي، وعبد الغني بن نبين، وآخرون. توفي في ثالث عشر المحرم.
4 (قُراجا)
ألمير أبو منثور الصلاحي، أمير الإسكندرية. دفن بداره بالإسكندرية في جمادى الأولى. وسمع من: أبي طاهر السِّلفي.

(41/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 306
4 (قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قُتُلمش بن اسرائيل بن سجلوق بن)
دُقاق. التركماني، السّلطان عز الدين.) وقيل والد قتلمش هو رسلان بن بيغو بن سلجوق، وقيل: قتلمش بن أرسلان بيغو بن سلجوق بن دقاق. فبيغو بالعربي هو إسرائيل. السلجوقيّ ملك الروم. كان فيه عدل وحسن سياسة، وسداد رأي. طالت أيامه. وهو والد الجهة السلجوقية زوجة الناصر لدين اللَّه. وتسلطن بعده ولده السّلطان غياث الادين كيخسرو. وقيل إنه قتل. وهو من السلاطين السلجوفية، وكان قد قوي عليه أولاده، حتّى لم يبق له معهم إلا مجرد الاسم، لكونه شاخ. توفي بقونية في منتصف شعبان. ورخه ابن الأثير، وقال: كان له من البلاد قونية، وأقصرا، وسيواس، وملطية. وكانت مدة تسعاً وعشرين سنة، وكان ذا سياسة، وعدل، وهيبة عظيمة وغزوات كثرية في الروم. ولما كبر فرق بلاده على أولاده، فحجر عليه ابنه قطب الين، فهرب إلى ابنه الآخر، فتبرم به. ثمّ أكرمه ولده كيخسرو رسار في خدمته. وندم هو على تفريق بلاده على أولاده. وكان ملكه بضعاً وثلاثين سنة.

(41/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 307
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أسعد بن عليّ بن معمر بن عمر بن عليّ بن الحسين بن أحمد بن عليّ بن)
إبراهيم بن محمد بن الحسن بن محمد الجوَّاني بن عبيد اللَّه بن حُسين بن زين العابدين بن الحسين. عُبيد اللَّه بن حسين بن زين العابدين بن الحسين. الشريف أبو عليّ ابن الشريف الأجل أبي البركات العلوي، الحسيني، العُبيدلي، الجواني ألمصري. ولد سنة خمسٍ وعشرين وخمسمائة، قرأ على والده، وعلى: ألفقيه عبد الرحمن بن الحسين بن الجباب، وعبد المنعم بن موهوب الواعظ، ومحمد بن إبراهيم الكيزاني. وحدث عن: عبداللَّه بن رفاعة، والسلفي. قال الحافظ عبد العظيم: ثنا عنه غير واحد. وولي نقابة الأشراف مدة بمصر، وذكر أنه صنَّف) كتاب طبقات الطالبيين، وكتاب تاج الأنساب ومنهاج الصواب، وغير ذلك. وكان علامة النسب في عصره. وأخذ ذلك عن ثقة الدولة أبي الحسين يحيى بن محمد بن حيدرة الحسني الأرقطي. ومحمد هذا منسوب إلى الجوانية، وهي من عمل المدينة من جهة الفرع.

(41/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 308
ذكر أن السّلطان صلاح الدّين وقع لأبي عليّ تربعها وأنه وكل عليها من يستغلها له. قلت: روى عنه يونس بن محمد الفارقي هذه القصيدة التى مدح بها القاضي أبا سعد بن عصرون، وهي:
(هتفت فمادت بالفروع غصون .......... وبكت فجادت بالدموع عيون)

(مرحت بها قضب الأراكة فانثنى .......... غصنٌ يميسُ بها وماد غصون)

(مالي وما للهاتفات ترنماً .......... يصبو لهنَّ فؤآدي المحزون)
وهي قصيدة طويلة. محمد بن إسماعيل بن عُبيد اللَّه بن ودعة. الفقيه أبو عبداللَّه لن البقال، البغدادي، الشافعي، معيد النظتمية. كان بارعاً في المذهب والخلاف. واخترمته المنية شاباً.

(41/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 309
4 (محمد بن الإمام أبي الحسن عليّ بن محمد بن عليّ بن هذيل.)
الشيخ أبو عبداللَّه البلنسي. سمع من أبيه، وأبي عبداللَّه بن سعيد، وأبي الوليد بن الدباغ. وحج سنة تسع وثلاثين فسمع من: السلفيّ. أخذ عنه: أبو عمر بن عباد، وابناه محمد وأحمد، وأبو الربيع بن سالم الكلاعي، وأبو بكر بن محرز، وغيرهم. قال الأبار: وكان في غاية الصلاح والورع، وله حظٌّ من علم التعبير. وعاش تسعاً وستين سنة.
4 (محمد بن عليّ بن شهر اشوب بن أبي نصر.)
أبو جعفر السروري، المازندراني، رشيد الدّين الشيعي، أحد شيوخ الشيعة، لا بارك اللَّه فيهم. قال ابن أبي طيء في تاريخه: نشأ في العلم والدراسة وحفظ القرآن وله ثمان سنين. واشتغل) بالحديث، ولقي الرجال، ثمّ تفقه وبلغ النهاية في فقه أهل البيت، ونبغ في علم الأصول حتّى صار رحلةً. ثمّ تقدم في علم القرآن، القراءآت، والغريب، والتفسير، والنحو، وركب المنبر للوعظ.

(41/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 310
ونفقت سوقه عند الخاصة والعامة. وكان مقبول الصورة، مستعذب الألفاظ مليح المعاني الغوص على المعاني. حدثني قال: صار لي سوقٌ بمازندران حتّى خافني صاحبها، فأنفذ يأمرني بالخروج عن بلاده، فصرت إلى بغداد في أيام المقتفي، ووعظت، فعظمت منزلتي واستدعيت، وخلع عليّ، وناظرت، واستظهرت على خصومي، فلقبت برشيد الدين، وكنت أُلقب بعز الدين. ثمّ خرجت إلى الموصل، ثمّ أتيت حلب. قال: وكان نزوله على والدي فأكرمه، وزوجه ببنت أخته، فربيت في حجره، وغذاني من علمه، وبصرني في ديني. وكان إمام عصره، وواحد دهره. وكان الغالب عليه علم القراّن والحديث، كشف وشرح، وميز الرجال، وحقق طريق طالبي الإستناد، وأبان مراسيل الأحاديث من الآحاد، وأوضح المفترق من المتفق، والمؤتلف من المختلف، والسابق من اللاحق، والفصل من الوصل، وفرق بين رجال الخاصة ورجال العامة. قلت: يعني بالخاصة الشيعة، وبالعامة السنة. حدثني أبي قال: ما زال أصحابنا بحلب لا يعرفون الفرق بين ابن بطة الشيعي من ابن بطة الحنبلي بالفتح، والشيعي بضمها. وكان عند أصحابنا بمنزلة الخطيب للعامة، وكيحيى بن معين في معرفة الرجال. وقد عارض كل علم من علوم العامة بمثله، وبرز عليهم بأشياء حسنة لم يصلوا إليها. وكان بهي المنظر، حسن الوجه والشيبة، صدوق اللهجة، مليح المحاورة، واسع العلم، كثير الفنون، كثير الخشوع والعبادة والتجهد، لا يجلس إلا على وضوء. توفي ليلة سادس عشر شعبان سنة ثمانٍ وثمانين، ودفن بجبل جوشن عند مشهد الحسين.

(41/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 311
4 (محمود بن محمد بن كرم.)
أبو المجد البغدادي، الضرير، المقرىء. روى عن: أبي غالب بن البناء. روى عنه: عبداللَّه بن أحمد الخباز. توفي في شهر رجب.)
4 (حرف النون)
نصر بن منصور بن الحسن بن جوشن بن منصور بن حميد. الأمير أبو المرهف النمري، الشاعر المشهور. من أولاد أمراء العرب. وأمه بنت سالم بن مالك بن بدران بن مقلد بن مسيب العقيلي. ولد بالرافقة سنة إحدى وخمسمائة، ونشأ بالشام، وخالط أهل الأدب، وقال الشعر الفائق وهو مراهق. وأصابه جدري وله أربع عشرة سنة، فضعف بصره، فكان لا يبصر إلا شيئاً قريباً منه. ثمّ وقع الاختلاف بين عشيرته بعد موت والده، واختل أمرهم. فسار إلى بغداد طامعاً في مداواة عينيه، فأيأسته الأطباء من ذلك، فاشتغل بالقراّن فحفظه، وتفقه على مذهب أحمد، وقرأ العربية على أبي منصور بن الجواليقي. وسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي بكر الأنصاري، ويحيى بن عبد الرحمن الفارقي، وعبدالرحمن الأنماطي.

(41/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 312
وقوض ما تبقى من بصره من ألمٍ أصحابه، وصحب الصالحين والأخيار، ومدح الخلفاء والوزراء. وكان فصيح القول، حسن المعاني، وفيه دين وتسنن. روى عنه: عثمان بن مقبل، والبهاء عبد الرحمن، ويوسف بن خليل، ومحمد بن سعيد الدبيثي، وعلي بن يوسف الحمامي، واّخرون. قال أبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي: منع الوزير ابن هبيرة الشعراء من إنشاد الشعر بمجلسه، فكتب النميري إليه قصيدة، فكتب الوزير عليها: هذا لو كان الشعراء كلهم مثله في دينه وقوله لم يمنعوا، وإنما يقولون ما لا يحل الإقرار عليه، وهو فالصديق، وما يذكره يوقف عليه، ورسومه تزار. قلت: وفي ديوانه عدة قصائد مدح بها المقتفي لأمر اللَّه، فمن ذلك:
(جوًى بين أثناء الحشاء ما يزايلُه .......... ودمعٌ إذا كفكفته لجَّ هاملُةْ)

(يضيق لبُعْد النّازلين على الشّرى .......... بمرفضّ دمع العين منّي مُسائلُهْ)

(وهل أنسين الحيَّ من اّل جَنْدَلِ .......... تجاوَب ليلاً بُزْله وصواهلُهْ)

(تُبوِّئهُ الثَّغرَ المَخُوفَ محلّه طوالُ .......... ردينياته ومناصلُهْ)

(وتقتنص الأعداءَ جهْراً رجالُه .......... كما اقتنصت حر باز شهب أجادلُهْ)
)
(وكنت أرى أنّي صبورٌ على النَّوى .......... فلمّا افترقنا غالَ صبري غوائلُهْ)

(أَفُرسانَ قيسٍ من نُمَيْرٍ إذا التقنا .......... تولج لبّاه الكُماة عواملُهْ)

(هل السَّفْح من نجم المعاقل بالشّرى .......... على العهدِ منكم أمْ تعفَّت منازلُهْ)

(وهل ما يُقضى من زمان اجتماعنا .......... بمردودٍ أسحارهُ وأصائلُهْ)

(بكم يأمن الجاني جزيرة ماضي .......... ويروي من الخُطى في الحرب ناهلهْ)

(وأوهن طول البعد عنكم تجلدي .......... وغادر ليلى سرمداً متطاولُهْ)

(ولم أتخذ إلفاً من الناس بعدكم .......... وهل يألف الإنسان مَنْ لا يُشاكله)
وله فيه:
(لو لا القنا والصوارم الخدمُ .......... ما أقلعتْ عن عنادها العجمُ)

(توهموا المُلك بالعراق ومل .......... شارفه مسلم الحمى لهمُ)

(41/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 313
(وما دروا أنَّ دون حوزته .......... من المنايا لأمرهِ وخدَمُ)

(تتابعوا في عجاجتي لجبٌ .......... تضيق عنه البطاحُ والأكمُ)

(لا يحسبون الإمام من مُضرٍ .......... مرصده للعدى به النقمُ)

(حتى إذا أبصروا كتائبه .......... حاروا فما أقدموا ولا انهزموا)

(قد تلقاهم بمرهفةٍ .......... مابرحت من غمودها القممُ)

(فناشدوهُ الأمان والتزموا .......... لأمره الطاعة التي التزموا)

(وردَّ عنهم عقابه ملكٌ .......... شيمته العفو حين يحتكم)

(لله در النفوس هاديةً .......... إذا أناسٌ عن الرشاد عًمُوا)

(هو الدواء الذي تزول به .......... عن القلوب الشكوك والتهمُ)

(ما ابتسمت والخطوب مظلمة .......... إلا انجلَت بابتسامتها الظلمُ)
وله:
(يزهدني في جميع الأنام .......... قلةُ انصافِ مَن يُصحبُ)

(وهل عرف الناس ذو نُهية .......... فأمسى لهم فيهم مأربُ)

(هم الناس مالم تجرِّ بهمُ .......... وطُلسُ الذئاب إذ جُربوا)

(وليتك تسلم عند البعادِ .......... منهم فكيف إذا قُرِّبوا)
) أنشدنا محمد بن عليّ الواسطي: أنشدنا عبد الرحمن بن إبراهيم، أنشدنا نصر بن منصور لنفسه:
(أُحب علياً والبتول وولدها .......... ولا أجحد الشيخين حقَّ التقدمِِ)

(وأبرأُ ممن نال عثمان بالأذى .......... كما أتبرأ من ولاء ابن مُلجمِ)

(41/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 314
(ويُعجبني أهلُ الحديثِ لصدقهم .......... مدى الدهر في أفعالهم والتكلمِ)
توفي رحمه اللَّه في ربيع الآخر وله ثمانٌ وثمانون سنة.
4 (نصر بن أبي منصور.)
المؤدب المعروف بالحكم الشاعر. توفي في هذه السنة أيضاً. وقد روى عنه من شعره ابن الدبيثي هذين البتين:
(ولما رأى ورداً بخديه يُجتنى .......... ويقطفُ أحياناً بغير اختياره)

(أقام عليه حارساً من جفونه .......... وسلَّ عليه مرهفاً من عِذاره)
قلت: لو قال وسيجه صوناً بآسِ عِذاره لكان أحسن.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الجليل بن مجبر.)
أبو بكر الفهري، المرسي، ثمّ الإشبيلي، شاعر الأندلس في زمانه بلا مُدافعة. أخذ الأدب عن شيوخ مرسية، ومدح الملوك والأمراء، وشهد له بقوة عارضته، وسلامة طبعه قصائده البديعة التي سارت أمثالاً، وبعدتُ على قربها منالاً.

(41/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 315
أخذ عنه: أبو القاسم بن حسان، وغيره. توفي بمراكش ليلة عيد النخر في الكهولة. وقيل: توفي سنة سبع الماضية. وله:
(لا تغبط المجذوب في عِلمهِ .......... وإن رأيت الخصب في حالهِ)

(إن الذي ضيّع من نفسه .......... فوق الذي ثمر من مالهِ)
وله أيضاً:)
(إن الشدائد قد تغشى الكريم .......... لأن تبين فضل سجاياه وتوضحه)

(كمبرد القين إذ يعلو الحديد به .......... وليس يأكله إلا ليصلحه)
ذكره أبو عبداللَّه الأبار في تكملة الصلة وبالغ في وصفه. ولابن مجبر ديوان أكثر مافيه من المدائح في السّلطان يعقوب صاحب المغرب. فمن ذلك هذه القصيدة البديعة:
(أتراه يترك الغزلا .......... وعليه شبَّ واكتهلا)

(كلفٌ بالغيد ما علقت .......... نفسه السلوان مُذ عقلا)

(غير راضٍ عن سجيةِ مَنْ .......... ذاق طعم الحب ثمّ سلا)

(أيها اللوامُ ويحكُم .......... إن لي عن لبومكم شُغلا)

(نظرت عيني لشقوتها .......... نظراتٍ وافقت أجلا)

(غادةً لما مثلت لها .......... تركتني في الهوى مثلا)

(41/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 316
(خشيت أني سأحرقها .......... إذ رأت رأسي قد اشتعلا)

(يا سراة الحيِّ مثلكم .......... يتلافى الحادث الجلا)

(قد نزلنا في جواركم .......... فشكرنا ذلك النُّزلا)

(ثم واجهنا ظباءكم .......... فلقينا الهول والوهلا)

(ثم واجهنا ظباءكم .......... فلقينا الهول والوهلا)

(أضمنتم أمن جيرتكم .......... ثم ما أمنتم السبلا)

(ليتنا نلقى السيوف ولم .......... نلق تلك الأعين النُّجلا)

(أشرعوا الأعطاف مايسةً .......... حين أشرعنا القنا الذُّبلا)

(واستفزَّتنا عيونُهُم .......... فخلعنا البيض والأسلا)

(نصروا بالحُسن فانتبهوا .......... كل قلبٍ بالهوى خُذلا)

(طلتني الغيد، من جلدي .......... وأنا حلَّيتها الغزلا)

(حملت نفسي على فننٍ .......... سمتها صبرا فما احتملا)

(ثم قالت سوف نتركها .......... سلباً للحبّ أو نفلا)

(قلتُ: أما هي قد علقت .......... بأمير المؤمنين، فلا)
)
(ما عدا تأميلها ملكاً .......... من رآه أدرك الأملا)

(فإذا ما الجودُ حرَّكه .......... فاض في كفيه فانهملا)

(41/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 317
وهي مائة وتسعة أبيات. وله يمدح يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن أيضاً:
(دعا الشوق قلبي والركائبَ والركبا .......... فلبَّوا جميعاً وهو أول من لبَّى)

(وظلنا نشاوى للذي بقلوبنا .......... نخال الهوى كأساً وتحسبنا شربا)

(أرق نفوساً عندما نصف الهوى .......... وأقسى قلوباً عندما نشهد الحربا)

(ويؤلمنا لمعُ البروق إذا بدا .......... ويصرعُنا نفحُ النسيم إذا هبّا)

(يقولون: داوِ القلب تسلُ عن الهوى .......... فقلت: لنعم الرأيُ لو أن لي قلبا)

4 (يزيد بن محمد بن يزيد بن رفاعة.)
أبو خالد اللخمي، الغرناطي، المحدث. قد مرَّ في سنة خمسٍ وثمانين. وقال ابن الزبير: كان من جلة الشيوخ، وثقاة الرواة، عارفاً بالأسانيد، يعظ ويُقرىء. وكان مكثراً. عن أبي محمد الرشاطي. وسمى جماعة. ثم افتقر واحتاج بدخول النصارى المرية، فجلس يؤدب. مات من عطسةٍ في المحرم سنة ثمانٍ وثمانين.

(41/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 318
4 (مواليد السنة)
وفيها ولد: إسماعيل بن عبد القوي بن عزون، وتاج الدّين عليّ بن أحمد بن القسطلاني، والصاحب كمال الدّين عمر بن العديم، والضياء زُهير بن عمر الزُّرعي، والكمال إسحاق بن خليل السيباني قاضي زرَع، وعمر بن أبي الفتح بن عوة الجزري التاجر، ويحيى بن شجاع بن ضرغام صاحب ابن المفضل المقدسي.)

(41/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 319
4 (وفيات سنة تسع وثمانين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أسعد بن محمد بن أحمد.)
أبو المعالي الإصباني، المديني. سمع: أيا الطاهر إسحاق بن أحمد الراشتيناتي. وأجاز له غانم البرجي، وأبو عليّ الحداد. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن حسين بن السَّكن.)
أبو الفتح بن أبي غالب بن المعوج. سمع: أباه، وأبا القاسم بن السمر قندي، وأبو الحسن بن عبد السلام، وجماعة كثيرة. وطلب، ونسخ، وحصل. روى عنه: أبو عبد اللَّه الدبيثي، ويوسف بن خليل. وكان صحيح السماع، صالحاً.
4 (إبراهيم بن إسماعيل بن سعيد.)

(41/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 320
الفقيه أبو إسحاق القرشي، الهاشمي، المصري، المالكي. ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة. وحدث عن: أبي القاسم بن عساكر، وعبد المولى بن محمد المالكي. وكان إمام مسجد الزبير بن العوام بمصر، وبه يعرف. توفي في ربيع الآخر وله مجاميع في الرقاق وغيرها. رحمه اللَّه تعالى.
4 (إبراهيم بن سعيد بن يحيى بن محمد بن الخشاب.)
القاضي الرئيس أبو طاهر الحلبي، من أعيان الحلبيين وكبرائهم. كان فاضلاً، أديباً، شاعراً، منشئاً، له نظر في العلوم، إلا أنه كان من أجلاء الشيعة المعروفين. وكان دمث الأخلاق، ظريفاً، مطبوعاً، وهو والد المولى الصدر بهاء الدّين الحسن بن الخشاب. توفي في ذي القعدة، وله ثمان وخمسون سنة.
4 (أسعد بن نصر بن أسعد.)
) أبو منصور بن لعبرتي، الأديب. أخذ النحو عن: أبي محمد بن الخشاب، والكمال عبد الرحمن الأنباري. وعلم الناس العربية. وكان له شعر حسن وتواليف، ومآخذ على النحاة. توفي رحمه اللَّه في رمضان.

(41/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 321
حرف الباء
4 (بُزْغُش.)
أبو عليّ عتيق أبي طاهر محمد بن عليّ الأنصاري، الدباس. سمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا غالب بن البناء، وأبا الحسين بن الفراء. روى عنه: يوسف بن خليل. وتوفي في أول جمادى الأولى. وقد أسرف في إظهار الشماتة بموت صلاح الدّين، وسمى نفسه عبد العزيز. وظهر منه رعونة. وتجهز لقصد ميافارقين. وكان مملوك لشاه أرمن قد تزوج بابنة بكتمر، وطمع في الملك، فجهز على بكتمر من قتله، وتملك بعده. قال ابن الأثير: وكان بكتمر خيراً، صالحاً، كثير الصداقة، محباً للصوفية، حسن الميسرة في الرعية.

(41/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 322
4 (حرف الحاء)
حاتم بن محمد بن الحسن بن مفرج بن حاتم. الفقيه أبو المحاسن المقدسي، الأصل، الإسكندراني. ابن عم الحافظ عليّ بن المفضل. توفي في الكهولة. ولا أعلمه روى شيئاً.
4 (حرمي بن مغفر.)
أبو محمد الشاهد البزاز، المصري. سمع: منجباً المرشدي.
4 (الحسن بن أبي سعد المظفر بن الحسن بن المظفر بن السبط الهمذاني.)
أبو محمد، ويقال اسمه ثابت. وهو بكنيته أشهر. شيخ بغدادي، روى عن جده، عن أبي علي.) سمع منه: أحمد بن طارق، وجعفر بن أحمد العباسي. وتوفي في رجب.
4 (الحسن بن أبي نصر بن أبي حنيفة بن القارض.)
أخو الحسين. وسماه بعضهم: المبارك.

(41/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 323
روى عنه: هبة اللَّه بن الحصين. روى عنه: يوسف بن خليل، وغيره.
4 (الحسين بن عبد الرحمن بن الحسين بن عليّ بن الخضر بن عبدان.)
الأزدي، الدمشقي، أبو عبد اللَّه المحدث. له سماعات كثيرة وإجازات. وتوفي في رابع رمضان.
4 (حرف الدال)

4 (داود بن عيسى بن فُليتة بن قاسم بن محمد بن أبي هاشم.)
العلوي، الحسني، صاحب مكة. توفي في رجب. قال ابن الأثير: وما زالت إمرة مكة تكون له تارة ولأخيه مُكثر تارةً إلى أن مات.
4 (حرف الراء)

4 (أبو رجال بن غلبون.)
المرسي الكاتب. روى عن: أبي جعفر بن وضاح، وحمل عن ابن خفاجة ديوانه.

(41/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 324
وكان أديباً، بليغاً، فصيحاً. أخذ عنه: أبو الربيع بن سالم. لأبي عبد اللَّه الأبار ديوان أبي إسحاق بن خفاجة. توفي في ذي الحجة.
4 (رجب بن مذكور بن أرنب.)
أبو المحرم، ويقال أبو عثمان الأزجي الأكاف. شيخ أمي، صحيح السماع، عالي الرواية.) سمع هو، وأخوه ثعلب من: هبة اللَّه بن الحصين، وأحمد بن الحسن البناء، وأبي العز أحمد بن كادش، وعلي بن أحمد بن الموحد، وقراتكين بن الأسعد، وجماعة. سمع منه: عمر بن عليّ القرشي، ومات قبله بأربع عشرة سنة. وروى عن رجب: يوسف بن خليل، وسالم بن صصرى، والبهاء عبد الرحمن، وابن الدبيثي. قال ابن النجار: شيخ لا بأس به. توفي في ثالث عشر رمضان.
4 (حرف الزاي)

4 (زبيدة.)

(41/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 325
ابنة المقتفي لأمر اللَّه التي تزوج بها السّلطان مسعود السلجوقي على مهر مائة ألف دينار، ولم يدخل بها. عاشت إلى هذا العام.
4 (حرف السين)

4 (سالم بن سلامة.)
أبو محمد السوسي، المغربي، نزيل سجلماسة. سمع بفاس صحيح البخاري من أبي عبد اللَّه بن الرمامة. وكان حافظاً لمذهب مالك، زاهداً، خيراً، يورد الفقه بالبربري. قال الأبار: وقد نيف على المائة سنة.
4 (سلطان شاه الخوارزمي.)
اسمه محمود. يأتي في موضعه.
4 (سنان بن سلمان بن محمد.)
أبو الحسن البصري، كبير الإسماعيلية وصاحب الدعوة النزارية. وكان أديباً، فاضلاً، عارفاً بالفلسفة وشيء من الكلام والشعر والأخبار.

(41/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 326
4 (تفسير الدعوة النِّزاريِّة)
وكانت في حدود الثمانين وأربعمائة فيما أحسب. وهي نسبة إلى نزار بن المستنصر بالله معد بن الظاهر عليّ بن الحاكم العُبيدي.) وكان نزار قد بايع له أبوه، وبث له الدُّعاة في البلاد بذلك، منهم صباح صاحب الدعوة. وكان صباح ذا سمتٍ، وذلقٍ، وإظهار نسكٍ، وله أتباعٌ من جنسه، فدخل الشام والسواحل، فلم يتم له مراد، فتوجه إلى بلاد العجم، وتكلم مع أهل الجبال والغُتم الجهلة من تلك الأراضي، فقصد قلعة الموت، وهي قلعة حصينة، أهلها ضعاف العقول، فقراء، وفيهم قوة وشجاعة. فقال لهم: نحن قومٌ زُهَّاد نعبدُ اللَّه في هذا الجبل، ونشتري منكم نصف القلعة بسبعة آلاف دينار، فباعوه إياها، وأقام بها. فلما قوي استولى على الجميع. وبلغ عدة أصحابه ثلاثمائة ونيفاً. واتصل بملك تلك الناحية: إن ههنا قوماً يُفسدون عقائد الناس، وهم في تزيُّد، ونخاف من عائلتهم. فنهَدَ إليهم، ونزل عليهم، وأقبل على سُكره ولذَّاته. فقال رجلٌ من قوم صباح اسمه عليّ البعقوبي: أي شيء يكون لي عندكم إن أنا كفيتكم مؤونة هذا العدو قالوا: يكون لك عندنا ذكران. أي نذكرك في تسابيحنا. قال: رضيت. فأمرهم بالنزول من القلعة ليلاً، وقسمهم أرباعاً في نواحي العسكر، ورتب معهم طبولاً وقال: إذا سمعتم الصياح فاضربوا الطبول، ثم انتهز عليّ البعقوبي الفرصة من غرة الملك، وهجم عليه فقتله، وصاح أصحابه، فقتل الخواص عليّاً، وضرب أولئك بالطبول، فأرجفوا

(41/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 327
الجيش، فهجّوا على وجوههم، وتركوا الخيام بما فيها، فنقل الجميع إلى القلعة، وصار لهم أموال وأعتاد، واستفحل أمرهم. وأما نزار، فإن عمته خافت منه، فعاهدت أعيان الدولة على أن تُولي أخاه الآمر، وله ست سنين وخاف نزار فهرب إلى الإسكندرية، وجرت له أمور، ثم قتل بالإسكندرية. وصار أهل الألموت يدعون إلى نزار، فأخذوا قلعة أخرى، وتسرع أهل الجبل من الأعاجم إلى الدخول في دعوتهم وباينوا المصريين لكونهم قتلوا نزاراً. وبنوا قلعةً، وأتسع بلاؤهم وبلادهم، وأظهروا شغل الهجوم بالسكين التي سنها لهم عليّ البعقوبي، فارتاع منهم الملوك، وصانعوهم بالتُّخف والأموال. ثم بعثا داعياً من دُعاتهم في حدود الخمسمائة أو بعدها إلى الشام، يُعرف بأبي محمد، فجرت له أمور، إلى أن ملك قلاعاً من بلد جبل السُّماق، كانت في يد النُّصيرية. وقام بعده سنان هذا وكان شهماً، مهيباً، وله فحولية، وذكار، وغور. وكان لا يُرى إلا ناسكاً، وذاكراً، أو واعظاً، كان يجلس على حجر، ويتكلم كأنه حجر، لايتحرك منه إلا لسانه، حتى اعتقد جُهالهم فيه) الإلهية. وحصَّل كُتباً كثيرةً. وأما صباح فإنه قرر عند أصحابه أن الإمام هو نزار. فلما طال انتظارهم له، وتقاضيهم به قال: إنه بين أعداء، والبلاد شاسعة، ولا يمكنه السلوك، وقد عزم أن يختفي في بطنِ حاملٍ، ويجيء سالماً، ويستأنف الولادة. فرضوا بذلك. اللَّهُمَّ ثبت علينا عقولنا وإيماننا. ثم إنه أحضر جارية مصرية قد أحبلها وقال: إنه قد اختفى في بطن هذه فأخذوا يعظمونها، وينخشعون لرؤيتها، ويرتقبون الإمام المنتظر أن يخرج منه، فولدت ولداً، فسماه حَسَناً. فلما تسلطن خُوارزم شاه محمد بن تكش، واتسع ملكه، وفخم أمره،

(41/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 328
قصد بلاد الملاحدة، وهي قلاع حصينة، منيعة كبيرة، يقال إنها ممتدة إلى أطراف الهند. وقد حكم على الملاحدة بعد صباح ابنه محمد، ثم بعده الحسن بن محمد بن صباح المذكور، فرأى الحَسَنُ من الحزم أن يتظاهر بالإسلام، وذلك في سنة سبعٍ وستمائة، فادعى أنه رأى علياً عليه السلام في النوم يأمره أن يُعيد شعار الإسلام من الصلاة، والصيام، والأذان، وتحريم الخمر. ثم قصَّ المنام على أصحابه وقال: أليس الدّين لي قالوا: فتارةً أرفع التكاليف، وتارة أضعها. قالوا: سمعاً وطاعةً. فكتب بذلك إلى بغداد والنواحي، واجتمع بمن جاوره من الملوك، وأدخل بلاده القراءة، والفقهاء، والمؤذنين، واستخدم في ركابه أهل قزوين. وذلك من العجائب. وجاء رسوله ونائبه في صحبة رسول الخليفة إلى الملك الظاهر إلى حلب، بأن يقتل النائب الأول ويقيم هذا النائب له على قلاعهم التي بالشام. فأنفق عليهم الظاهر وأكرمهم، وخلصوا بإظهار الإسلام من يد خوارزم شاه. رجعنا إلى أخبار سنان. كان أعرج لحَجَرٍ وقع عليه من الزلزلة الكائنة في دولة نور الدين. فاجتمع إليه محبوه، على ما ذكر الموفق عبد اللطيف، لكي يقتلوه. فقال لهم. ولم تقتلوني. قالوا: لترجع إلينا صحيحاً، فإنا نكره أن يكون فينا أعرج. فشكرهم ودعا لهم، وقال: اصبروا عليَّ، فليس هذا وقته. ولاطفهم. ولما أراد أن يُحلهم من الإسلام، ويسقط عنهم التكاليف لأمرٍ جاءه من

(41/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 329
الألموت على عهد إلكيا محمد، نزل إلى مقثأةٍ في شهر رمضان، فأكل منها، فأكلوا معه، واستمر أمرهم على ذلك.) وأول قدوم سنان كان إلى حلب، فذكر سعد الدّين عبد الكريم، رسول الإسماعيلية، قال: حكى سنان صاحب الدعوة قال: لما وردت الشام اجتزتُ بحلب، فصليت العصر بمشهد عليّ بظاهر باب الجنان، وثمَّ شيخ مُسنّ، فسألته: من أين يكون الشيخ قال: من صبيان حلب. وقال الصاحب كمال الدّين في تاريخ حلب: أخبرني شيخ أدرك سناناً أن سناناً كان من أهل البصرة، وكان يعلم الصبيان، وأنه مر وهو طالع إلى الحصون على حمارٍ حين ولاه إياها صاحب الألموت، فمر بإقميناس، فأراد أهلها أخذ حماره، فبعد جهد تركوه، وبلغ من أمره مابلغ. وكان يُظهر لهم التنسُّك حتى انقادوا له، فأحضرهم يوماً وأوصاهم، وقال: عليكم بالصفاء بعضكم لبعض، ولا يمننّ أحدكم أخاه شيئاً هو له. فنزلوا إلى جبل السماق وقالوا: قد أمرنا بالصفاء، وأن لا يمنع أحدنا صاحبه شيئاً هو له. فأخذ هذا زوجة هذا، وهذا بنت هذا سِفاحاً، وسموا أنفسهم الصُّفاة. فاستدعاهم سنان إلى الحصون، وقتل منهم مقتلةً عظيمة. قال الصاحب كمال الدين: وتمكن في الحصون، وانقادوا له ما لم ينقادوا لغيره، وتمكن. وأخبرني عليّ بن الهواري أن الملك صلاح الدّين سير إليه رسولاً، وفي رسالته تهديد، فقال للرسول: سأريك الرجال الذين ألقاه بهم. وأشار إلى جماعة من أصحابه بأن يُلقوا أنفسهم من أعلى الحصن، فألقوا أنفسهم وهلكوا. قال: وبلغني أنه أحل لهم وطء أمهاتهم، وأخواتهم، وبناتهم، وأسقط

(41/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 330
عنهم صوم رمضان. قال: وقرأت بخط أبي غالب بن الحُصين في تاريخه: وفيه يعني محرّم سنة تسع وثمانين، هلك سنان صاحب دار الدعوة النزارية بالشام بحصن الكهف. وكان رجلاً عظيماً، خفي الكيد، بعيد الهمة، عظيم المخاريق، ذا قدرة على الإغواء، وخديعة القلوب، وكتمان السر، واستخدام الطَّغام والغفلة في أغراضه الفاسدة. وأصله من قرية من قرى البصرة، وتُعرف بعقر السدف. خدم رؤساء الإسماعيلية بالألموت، وراضَ نفسه بعلوم الفلسفة. وقرأ من كتب الجدل والمغالطة، ورسائل إخوان الصفا وما شاكلها من الفلسفة الإقناعية المشوقة غير المبرهنة. بنى بالشام حصوناً لهذه الطائفة، وبعضها مستجدة، وبعضها كانت قديمة، فاحتال في تحصيلها وتحصينها، وتوعير مسالكها. وسالمته الأيام، وخافته الملوك من أجل هجوم أصحابه عليهم. ودام له الأمر بالشام نيفاً وثلاثين سنة. وسيَّر إليه داعي دُعاتهم من ألموت جماعةً في عدة مرار ليقتلوه، خوفاً من استبداده عليه) بالرئاسة، فكان سنان يقتلهم، وبعضهم يخدعه سنان، ويثنيه عما سُيِّر لأجله. قال كمال الدين: قرأت بخط الحسين بن عليّ بن الفضل الرازي في تاريخه قال: حدَّثني الحاجب معين الدّين مودود أنه حضر عند الإسماعيلية سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، وأنه خلا بسنان، وسأله عن سبب كونه في هذا المكان، فقال: إنني نشأت بالبصرة، وكان والدي من مقدميها. فوقع هذا الحديث في قلبي، فجرى لي مع أخوتي أمرٌ أحوجني إلى الإنصراف عنهم، فخرجت بغير زاد ولا ركوب، فتوصلت حتى بلغت الألموت، فدخلتها وبها إلكيّا محمد متحكم، وكان به ابنان سماهما: الحسن، والحسين، فأقعدني معهما في المكتب، وكان يبرني برَّهما، ويساويني بهما. وبقيت حتى مات وولي بعده ابنه الحسن، فأنفذني إلى الشام.

(41/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 331
قال: فخرجت مثل خروجي من البصرة، فلم أقارب بلداً إلا في القليل. وكان قد أمرني بأوامر، وحملني رسائل. فدخلت الموصل، ونزلت مسجد التمارين، وسرت من هناك إلى الرقة، وكان معي رسالة إلى بعض الرفاق بها، فأديت الرسالة، فزودني، واكترى لي بهيمةً إلى حلب. ولقيت آخر أوصلتُ إليه رسالةً، فاكترى لي بهيمةً، وأنفذني إلى الكهف. وكان الأمر أن أقيم بهذا الحصن. فأقمت حتى توفي الشيخ أبو محمد في الجبل، وكان صاحب الأمر، فتولى بعده الخواجة عليّ بن مسعود بغير نصٍّ، إلا باتفاق بعض الجماعة. ثم اتفق الرئيس أبو منصور بن أحمد بن الشيخ أبي محمد، والرئيس فهد، فأنفذوا من قتله، وبقي الأمر شورى، فجاء الأمر من الألموت بقتل قاتله، وإطلااق فهد، ومعه وصية، وأمر أن يقرأها على الجماعة، وهذه نسخة المكتوب: هذا عهدٌ عهدناه إلى الرئيس ناصر الدّين سنان، وأمرنا بقراءته على سائر الرفاق والإخوان، أعاذكم اللَّه جميع الإخوان من اختلاف الآراء، واتباع الأهواء، إذ ذاك فتنة الأولين، وبلاء الآخرين، وفيه عبرة للمعتبرين، من تبرَّأ من أعداء اللَّه، وأعداء وليه ودينه، عليه مولاة أولياء اللَّه، والاتحاد بالوحدة سُنّة جوامع الكلم، كلمة اللَّه والتوحيد والإخلاص، لا إله إلا اللَّه، عُروة اللَّه الوثقى، وحبله المتين، ألا فتمسكوا به، واعتصموا، عباد اللَّه الصالحين فبه صلاح الأولين، وفلاح الآخرين. أجمعوا آراءكم لتعليم شخصٍ معين بنصٍّ من اللَّه ووليه. فتلقوا ما يُلقيه إليكم من أوامره ونواهيه بقبول، فلا وربِّ العالمين لا تؤمنون حتى تحكموه فيما شجر بينكم، ثم لا تجدوا في أنفسكم حرجاً مما قضى، وتسلموا تسليماً. فذلك الاتحادُ به الوحدة التي هي آية الحق، المنجية من المهالك، المؤدية إلى السعادة السرمدية، إذ الكثرة علامة الباطل،) المؤدية إلى الشقاوة المخزية، والعياذ

(41/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 332
بالله من زواله، وبالوحدة من آلهة شتى، وبالوحدة من الكثرة، وبالنص والتعليم من الأدواء والأهواء المختلفة، وبالحق من الباطل، وبالآخرة الباقية من الدنيا الملعونة، الملعون ما فيها، إلا ما أُريد به وجه اللَّه، ليكون علمكم وعملكم خالصاً لوجهه الكريم. ياقوم إنما دنياكم ملعبةٌ لأهلها، فتزودوا منها للآخرة، وخير الزاد التقوى. إلى أن قال: أطيعوا أميركم ولو كان عبداً حبشياً، ولا تزكُّوا أنفُسكم. قال كمال الدين: وكتب سنان إلى سابق الدّين صاحب شيزر يعزيه عن أخيه شمس الدّين صاحب قلعة جعبر:
(إن المنايا لا يطأن بمنسمِ .......... إلا على أكتاف أهل السُّؤددِ)

(فلئن صبرت فأنت سيد معشرٍ .......... صُبُرٍ وإن تجزع فغير مُفنَّدِ)

(هذا التناصر باللسان ولو أتى .......... غيرُ الحمام أتاك نصري باليدِ)
وهي لأبي تمام. وقال: ذُكر أن سنان كتب إلى نور الدّين محمود بن زنكي، والصحيح أنه إلى صلاح الدّين:
(يا ذا الذي بقراع السيف هدَّدنا .......... لا قام مصرعُ جنبي حين تصرعه)

(قام الحمام إلى البازي يُهددُهُ .......... واستيقظت لأسود البر أضبعُه)

(أضحى يسد فم الأفعى بإصبعه .......... يكفيه ما قد تُلاقي منه إصبعه)
وقفنا على تفصيله وجُمَله، وعلمنا ما هدَّدنا به من قوله وعمله، ويالله العجب من ذُبابة تطنّ في أُذُن فيل، وبعوضة تُعد في التماثيل، ولقد قالها قومٌ من قبلك آخرون، فدكرنا عليهم ما كان لهم ناصرون، أللحق تدحضون، وللباطل تنصرون، سيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون. ولئن صدر قولك في قطع رأسي، وقلعك لقلاعي من الجبال الرواسي، فتلك أمانيُّ كاذبة،

(41/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 333
وخيالات غير صائبة، فإن الجواهر لا تزول بالأعراض، كما أن الأرواح لا تضمحل بالأمراض. وإن عُدنا إلى الظواهر، وعدلنا عن البواطن، فلنا في رسول اللَّه أسوة حسنة: ما أوُذي نبيٌ ما أُوذيتُ. وقد علمتم ما جرى على عترته وشيعته، والحال ما حال، والأمرُ ما زال، ولله الأمر في الآخرة والأولى. وقد علمتم ظاهر حالنا، وكيفية رجالنا، ومايتمنونه من الفوت، ويتقربون به إلى حياض الموت، وفي المثل: أو للبط تهدد بالشط فهيىء للبلايا أسباباً، وتدرع للرزايا جلباباً، فلأظهرن عليك منك، وتكون كالباحث عن حتفه بظلفه، وما ذلك على اللَّه بعزيز، فإذا) وقفت على كتابنا هذا، فكن لأمرنا بالمرصاد، ومن حالك على اقتصاد، وأقرأ النحل وآخر ص. وقال كمال الدين: حدثني النجم محمد بن إسرائيل قال: أخبرني المنتجبُ بن دفتر خوان قال: أرسلني صلاح الدّين إلى سنان زعيم الإسماعيلية حين وثبوا على صلاح الدّين للمرة الثالثة بدمشق، ونعى القُطب النيسابوري، وأرسل معي تهديداً وتخويفاً، فلم يُجبه، بل كتب على طُرّة كتاب صلاح الدّين، وقال لنا: هذا جوابكم.
(جاء الغراب إلى البازي يهددهُ .......... ونبهت لصراع الأسد أضبعُه)

(يا مًن يهددني بالسيف خُذهُ وقُم .......... لا قام مصرعُ جنبي حين تصرعه)

(يامن يسد فم الأفعى بإصبعه .......... يكفيه ما لقيت من ذاك أصبعُه)
ثم قال: إن صاحبكم يحكم على ظواهر جُنده، وأنا أحكم على بواطن جُندي، ودليله ما تشاهد الآن. ثم دعا عشرةً من صبيان القاعة، وكان على حصنه المنيف، فاستخرج سكيناً وألقاها إلى الخندق، وقال: من أراد هذه فليُلقِ نفسه خلفها. فتبادروا جميعاً وثباً خلفها، فتقطعوا. فعدنا إلى السّلطان صلاح الدّين وعرّفناه، فصالحه.

(41/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 334
وذكر الشيخ قطب الدّين في تاريخه أن سناناً سيَّر إلى صلاح الدّين رحمه اللَّه رسولاً، وأمره أن لا يؤدي رسالته إلا خلوة، ففتشه صلاح الدّين، فلم يجد معه ما يخافه، فأخلى له المجلس، إلا نفر يسير، فامتنع من أداء الرسالة حتى يخرجوا، فأخرجهم كلهم، سوى مملوكين، فقال: هات رسالتك. فقال: أمرت أن لا أقولها إلاّ في خلوة. فقال: هذان ما يخرجان، فإن أردت تذكر رسالتك، وإلا فقم: قال: فلم لا يخرج هذان قال: لأنهما مثل أولادي. فالتفت الرسول إليهما، وقال لهما: إذا أمرتكما عن مخدومي بقتل هذا السّلطان تقتلانه قالا: نعم. وجذبا سيفهما. فبهت السّلطان، وخرج الرسول وأخذهما معه. وجنح صلاح الدّين إلى الصلح والدخول في مراضيه. قلت: هذه حكاية مرسلة، والله أعلم بصحتها. وقال كمال الدين: أنشدني سنان لنفسه:
(ما أكثر الناس وما أقلهُم .......... وما أقلَّ في القليل النُّجبا)

(ليتهم إذ لم يكونوا خُلِقُوا .......... مهذَّبين صَحبُوا مُهذَّبا)
) قال: وقرأت على ظهر كتاب لسنان صاحب الدعوة:
(ألجأني الدهرُ إلى معشرٍ .......... ما فيهم للخير مستمتعُ)

(إن حدَّثوا لم يفهموا سامعاً .......... أو حدثوا مجُّوا ولم يسمعوا)

(تقدُّمي أخرني فيهمُ .......... من ذنبه الإحسانُ ما يصنعُ)

(41/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 335
4 (حرف الشين)

4 (شمس النهار بنت كامل.)
البغدادية. روت عن: أبي الحسين محمد بن أبي يعلى الفراء. توفيت في تاسع ربيع الآخر.
4 (حرف الطاء)

4 (طُغدي بن خُتلُغ بن عبد اللَّه.)
أبو محمد الأميري، البغدادي، الفرضي، ويُسمى عبد المحسن، وهو بطُغدي أشهر. ولد سنة، وقرأ القراءآت على: عليّ بن عساكر البطائحي زوج أمه، وهو الذي رباه. وسمع بإفادته من: أبي الفضل الأموري، وابن باجة، وهبة اللَّه بن أبي شُريك، وأبي الوقت. وكان أستاذاً في الفرائض، قدم الشام واستوطنها وحدَّث بها. وتوفي في المحرم. روى عنه: يوسف بن خليل، والضياء محمد.

(41/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 336
4 (حرف الظاء)

4 (ظَفَر بن أحمد بن ثابت بن محمد.)
أبو الغنائم ابن الحافظ أبي العباس الطرقيّ، ثم اليزدي. سمع من أبيه، وأبي عليّ الحداد، وجماعة. وقدم بغداد حاجاً فحدَّث بها. وطرق: بُليدة من نواحي إصبهان.
4 (حرف العين)

4 (عبد اللَّه بن الحسين بن الخضر بن عبدان.)
) الأزدي، الدمشقي. روى شيئاً يسيراً عن: أبي الحسن بن عليّ بن أشليها، وأبي يعلى بن الحُبوبي. توفي في المحرم.
4 (عبد اللَّه بن محمد بن عليّ بن هبة اللَّه بن عبد السلام.)
أبو منصور بن أبي الفتح البغدادي، الكاتب. من بيت حديث وكتابة. ولد في جمادى الأولى أو في ربيع الآخر سنة ستٍّ وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم هبة اللَّه بن الحصين وقبله من أبي القاسم بن بيان، وسماعه منه حضوراً.

(41/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 337
ومن: أبي عليّ بن نبهان، ومحمد بن عبد الباقي الدوري، وعبد القادر بن يوسف، وجعفر بن الحسن السلماسي، وغيرهم. وهو والد الفتح مُسند بغداد في زمانه. توفي في تاسع ربيع الأول. روى عنه: يوسف بن خليل، والشيخ الموفق، والجلال عبد اللَّه بن الحسن قاضي دمياط، وعلي بن عبد اللطيف بن الخيمي، ومحمد بن نفيس الزعيمي، وأحمد بن شكر الكندي، وآخرون. قال عبد العزيز بن الأخضر: سمعت منه، ومن أبيه وجده.
4 (عبد اللَّه بن المبارك بن أبي نصر المبارك بن زوما.)
أبو بكر الأزجي، البزاز. روى عن: أبي القاسم بن الحصين، وزاهر الشحامي. روى عنه: تميم بن أحمد، ويوسف بن خليل، وغيرهما. وتوفي بعد الذي قبله بيومين.
4 (عبد الخالق بن أبي هاشم محمد بن المبارك.)
الشريف أبو جعفر الهاشمي، الكفوي، القصري، قصر الكوفة. روى عن: هبد اللَّه بن الحسين.
4 (عبد العزيز بن أبي بكر بن عبد العزيز بن ميلا.)
الحربي، الخبَّاز.) روى عن: سعيد بن البنا.

(41/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 338
وتوفي في سابع شعبان. روى عنه: ابن خليل.
4 (عتيق بن هبة اللَّه بن ميمون بن عتيق بن وردان.)
أبو الفضل. من ذرية عيسى بن وردان التابعي، المصري. حدَّث عن أبيه، عن آبائه بنسخةٍ مُنكرةٍ بعيدة عن الصحة. روى عنه: ولده المحدث أبو الميمون عبد الوهاب، وغيره. توفي في العشرين من شعبان.
4 (علي بن أحمد بن محمد بن كوثر.)
أبو الحسن المحاربي، الغرناطي. سمع من: أبيه أبي العباس. وحجّا معاً، فسمعا بمكة من أبي الفتح الكروخي سنة سبعٍ وأربعين جامع أبي عيسى. وأخذ القراءآت بمكة عن: أبي عليّ بن العرجاء القيرواني، وأبي الحسن بن رضا البلنسي الضرير، وسمع منهما. ومن: أبي الفضل الشيباني، وأبي بكر بن أبي الحسن الطوسي. وقرأ بمصر على أحمد بن الحطيئة سنة ثلاثٍ وخمسين، وعلى الشريف أبي الفتوح الخطيب. وأخذ العربية عن ابن بري.

(41/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 339
وحمل عن السلفي كثيراً، وتصدّر بغرناطة للإقراء والرواية. وصنَّف في القراءآت، وأخذ الناس عنه. وتوفي في ربيع الآخر رحمه اللَّه.
4 (علي بن الحسين بن قنان بن أبي بكر بن خطاب.)
أبو الحسن الأنباري ثم البغدادي السمسار الرُّبي. ولد سنة خمسمائة. سمع: أبا القاسم بن الحصين، وزاهر بن طاهر، وهبة اللَّه بن الطبر، وهبة اللَّه الشروطي، ويحيى وأحمد ابني البنا، وجماعة كثيرة.) وحج نحواً من أربعين حجة.
4 (علي بن أبي شجاع بن هبة اللَّه بن روح.)
الأميني أبو الحسن البغدادي، الشاعر. توفي في هذا العام. وله:
(لكم عليّ الدنفِ العليلِ .......... حُكمُ العزيز على الذَليلِ)

(ما لي إذا ما جُرتُمُ .......... يوماً سوى الصبر الجميل)

(من لحظه سحرُ العيونِ .......... ولفظة شركُ العقولِ)

(كيف السبيل إلى لماهُ .......... ورشف ذاك السلسبيلِ)

(ما لي عُدُولٌ عن هواهُ .......... فدع ملامكَ يا عَذُولي)

4 (علي بن عبد اللَّه بن عبد الرحيم.)
أبو الحسن الفهري، البلنسي المقرىء.

(41/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 340
أخذ القراءآت عن: أبي الحسن بن هُذيل. روى الحديث عن: أبي الوليد بن الدباغ، وجماعة. وكان صالحاً، منعزلاً عن الناس. روى عنه: أبو الربيع بن سالم وقال: توفي في حدود التسعين وخمسمائة.
4 (عيسى بن الصالح عبد الرحمن بن زيد بن الفضل.)
الورّاق أبو شجاع العتابي، البغدادي. سمع من: جده لأمه أبي السعود أحمد بن عليّ المجلي، وهبة اللَّه بن الحُصين، وأحمد بن ملوك الوراق. وحدَّث. روى عنه: يوسف بن خليل. وأجاز لابن الدبيثي.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أبي عليّ الحسن بن الفضل بن الحسن.)
الأدَمي، أبو الفضل الإصبهاني.) سمع من: أبي عليّ الحداد، وأجاز له. وتوفي في ذي القعدة.
4 (محمد بن الفقيه أبي عليّ الحسين بن مفرج بن حاتم.)
المقدسي. ثم الإسكندراني رشيد الدّين الواعظ. وُلد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة.

(41/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 341
وسمع من أبيه. روى عنه: ابن عمه الحافظ أبو الحسن. وتوفي في رمضان. محمد بن ساكن بن عيسى بن مخلوف. أبو عبد اللَّه الحميري، المصري. شيخ جليل عالم. جمع لنفسه مشيخة ذكر أنه قرأ فيها القرآن على أبي الحسن عليّ بن محمد الروحانيّ، والشريف أبي الفتوح ناصر بن الحسن، وأبي العباس بن الحطيئة، ومحمد بن إبراهيم الكيزاني. وأنه سمع من: عبد الرحمن بن الحسين الحباب، والفقيه عمر بن محمد البلوي الذهبي، وعبد اللَّه بن رفاعة، والسلفي، وطائفة. وحدَّث وألف مجاميع، وتصدَّر بجامع مصر، وخطب بجيزة الفسطاط مدة. توفي في أوائل شوال.
4 (محمد بن عبد اللَّه بن الفقيه مُجَلي بن الحسين بن عليّ بن الحارث.)
الرملي الأصل، المصري، الفقيه الشافعي، القاضي أبو عبد اللَّه. ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. ناب في القضاء بمصر نحواً من عشرين سنة. وسمع من: أبي الفتح سلطان بن إبراهيم الفقيه، وأبي صادق مرشد بن يحيى، وابن رفاعة. وحدَّث. وكان يُقال له حسّون.

(41/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 342
وهو والد القاضي أبي محمد عبد اللَّه. وكان جده الفقيه مُجلي قد سمع من القاضي الخلعي. وولي عقد الأنكحة بالرملة.)
4 (محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن منصور بن محمد بن الفضل بن منصور بن أحمد بن)
يونس بن عبد الرحمن بن الليث بن عبد الرحمن بن المغيث بن عبد الرحمن بن العلاء بن الحضرمي. الفقيه أبو عبد اللَّه ابن الشيخ أبي القاسم بن أبي عبد اللَّه الحضرمي، العلائي، الصَّقَلّيّ، ثم الإسكندراني، المالكي. وسمع من: أبي عبد اللَّه محمد بن أحمد الرازي. وتفقه على مذهب مالك. وكان في القضاء بالثّغر مدّة. روى عنه: أبو الحسن بن المفضل، وابن رواح، وعبد الرحمن بن يحيى بن علاس القصديريّ، وعلي بن إسماعيل بن سكين، وعلي بن عمر بن ركاب الإسكندرانيون.
4 (محمد بن عليّ بن محمد)
أبو بكر السرخسي، ثم البغدادي، الخياط المعروف بالخاتوني. سمع من: أبي القاسم سعيد بن البنّا، وأبي بكر بن الزَّاغونيّ، وجماعة. وحدث.
4 (محمد بن محمد بن عبد الحميد بن الحارث.)

(41/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 343
أبو عبد اللَّه وأبو بكر اليعمريّ، الأندلسيّ، الأديب، الشاعر. روى عن: أبي عبد اللَّه بن أبي الخصال. روى عنه: أبو عبد اللَّه بن الصّفّار، وغير واحد.
4 (المبارك بن كامل بن مقلّد بن عليّ بن نصر بن منقذ.)
الأمير سيف الدولة أبو الميمون الكنانيّ، الشّيزريّ. ولد بشيزر سنة ستٍّ وعشرين وخمسمائة، وسمع بمكّة قليلاً من أبي حفص الميانشيّ. روى عنه ولده الأمير إسماعيل. وقد ولي سيف الدولة أمر الدواوين بمصر مدّةً، وله شعرٌ يسير. وكان مع شمس الدّولة تورانشاه أخي السّلطان لمّا ملك اليمن، فناب في مدينة زبيد عنه. ثم رجع معه، واستناب أخاه حطّان، فلمّا مات شمس الدّولة حبسه السّلطان، لأنّه بلغه عنه أنّه قتل باليمن جماعةً، وأخذ أموالهم، فصادره، وضيّق عليه، وأخذ منه مائة ألف دينار، وذلك في سنة سبْعٍ وسبعين. ولمّا توجّه سيف الإسلام طغتكين إلى اليمن، تحصّن الأمير حطّان في قلعةٍ وعصى، فخدعه) سيف الإسلام حتّى نزل إليه، فاستصفى أمواله وسجنه، ثمّ أعدمه.

(41/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 344
وقيل إنه أخذ منه سبعين غلاف زردية مملوءاً ذهباً. توفي سيف الدّولة في رمضان بالقاهرة.
4 (المبارك بن أبي بكر بن أبي العز.)
أبو الفتح البغدادي، المقرىء المعروف بابن غلام الدّيك، وبابن الدّيك. ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي القاسم بن الطّبر، وأبي السُّعُود أحمد بن المجلّيّ، وأبي الحسين محمد بن الفرّاء، وجماعة. وكان واعظاً فاضلاً. سمع منه: محمد بن مشِّق، وتميم البندنيجيّ، وجماعة. واسم أبيه أحمد. توفي في المحرَّم.
4 (المبارك بن أبي نصر بن أبي عبد اللَّه بن أبي ظاهر بن أبي حنيفة.)
أبو محمد بن الفارض البغداديّ، الحريميّ. ويقال إسمه الحسن. سمع من: أبي القاسم بن الحصين، وجماعة. وتوفي في شعبان.

(41/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 345
4 (مبشّر بن أحمد بن عليّ.)
أبو الرّشيد الرّازيّ، ثم البغداديّ، الفرضيّ، الحاسب. له مصنَّفات مفيدة. روى عن: أبي الوقت وتوفّي برأس عين في ذي القعدة. وانتفع عليه جماعة. ولقد بالغ ابن النّجّار في تقريظه وقال: كان إماماً في الجبر، والمقابلة، والمساحة، وخواصّ الأعداد، واستخراج الضّمير، وحساب الوقت، وقسمة الفرائض، والمنطق، والفلسفة، والهيئة. صنف في جميع ذلك، وكان شديد الذّكاء، شُدّت إليه الرحال. إلى أن قال: وكان يرمى بفساد العقيدة وإنكار البعث، ويتهاون بالفرائض. نفذ من الدّيوان رسولاً إلى الشّام، فمات برأس العين.
4 (محاسن بن أبي بكر بن سلمان بن أبي شريك.)
أبو البدر الحربيّ.) روى عن: عبد اللَّه بن أحمد اليوسفيّ. وتوفي في جمادى الأولى.

(41/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 346
4 (محمود بن خوارزم شاه أرسلان بن خوارزم شاه اتسز بن محمد بن أنوشتكين.)
السّلطان الخوارزمي، ولقبه: سلطان شاه. وهو أخو علاء الدّين خوارزم شاه تكش. تملك بعد والده في سنة ثمانٍ وستين، وجرت له أمورٌ يطول شرحها. وكان أخوه قد سلَّم إليه أبوه بعض المدائن، فحشد وجمع وقصد أخاه، فترك خوارزم وهرب. وذلك مذكورٌ في الحوادث. ثم إنه استولى على مملكة مرو. وكان نظيراً لأخيه في الحزم والعزم والرأي والشجاعة. وحضر غير مصاف. واستعان بجيش الخطا. وافتتح جماعة مدائن. وكان السيف بينه وبين أخيه، لأنه أخذ منه خوارزم، والتقاه فهزمه، وأسر أمه أمّ محمود فقتلها، واستولى على أكثر حواصل أبيها أعني علاء الدين. ونقل ابن الأثير في كامله فصلاً طويلاً في أخبارها استطراداً. وحكى فيه عن بعض المؤرخين أنّ سلطان شاه أخذ مرو، ودفع الغزّ عنها، ثم تجمعوا له وأخرجوه، وانتهبوا خزائنه، وقتلوا أكثر رجاله، فاستنجد بالخطا، وجاء بعسكرٍ عظيم، وأخرج الغُزّ عن مرو، وسرخس، ونسا، وأبيورد، وتملَّكها، ورجعت الخطا إلى بلادهم بالأموال. ثم كاتب غياث الدّين الغوري ليسلم إليه هراة، وبعث إليه غياث الدّين أيضاً، فأمره أن يخطب له ببلاده، فسار وشن الغارات، ونهب بلاد الغوري، وظلم وعسف، فجهز الغوري لحربه ابن أخيه بهاء الدّين وصاحب سجستان، فتقهقر سلطان شاه إلى مرو بعد أن عمل كل قبيح بالقرى، فتحزّب لقصده

(41/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 347
غياث الدّين وأخوه شهاب الدّين صاحب الهند. وجمع شاه العساكر واستخدم الغُزَّ وأُلي الطمع، وعسكر بمرو الروذ، وعسكر الغوريون بالطالقان. وبقوا كذلك شهرين، وترددت الرسل في معنى الصلح، فلم ينتظم أمر. ثم التقى الجمعان، وصبر الفريقان، ثم انهزم جيش سلطان شاه، ودخل هو مرو في عشرين فارسان فانتهز أخوه تكش الفرصة، وسار عسكر، وبعث عسكراً إلى حافة جيحون يمنعون أخاه من الدخول إلى الخطا إن أراده، فلما ضاقت السبل على سلطان شاه، خاطر وسار إلى غياث الدّين يأمره بالقبض عليه، فلم يفعل. فبعث علاء الدّين يتهدده بقصد بلاده، فتجهز غياث الدّين وجمع العساكر، فلم ينشب سلطان شاه أن تُوفي في سلخ رمضان في سنة تسع هذه، فاستخدم غياث الدّين أكثر أجناده، وأنعم عليهم،) وجرى بعده لعلاء الدّين تكش ولغياث الدّين اختلاف وائتلاف طمعت بسبب ذلك الغُزّ، وعادوا إلى النهب والتخريب، فتجهز علاء الدّين تكش، وسار ودخل مرو، وسرخس، ونسا، وتطرق إلى طوس. قلت: وساق ابن الأثير رحمه اللَّه قولاً آخر مخالفاً لهذا في أماكن، واعتذر عنه ببعد الديار، واختلاف النقلة من السُّفار.
4 (مسعود بن الملك مودود بن أتابك زنكي بن أقسُنقُر.)
السّلطان عز الدّين أبو المظفر صاحب الموصل. وصل إلى حلب قبل السّلطان مُنجداً لابن عمه الصالح إسماعيل بن نور

(41/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 348
الدّين على السّلطان صلاح الدّين، وليرهب صلاح الدّين، لئلا يطمع ويقصد الموصل فانضم إليه عسكر حلب، وسار في جمعٍ كثير، فوقع المصاف على قرون حماه، فكسره صلاح الدّين، وأسر جماعة من أمرائه في سنة سبعين، كما ذكرناه في الحوادث. وعاد صلاح الدّين فنازل الموصل ثالثاً، فمرض في الحرّ مرضاً أشفى منه على الموت، فترحل إلى حران، فسير صاحب الموصل عز الدّين رسولاً، وهو القاضي بهاء الدّين يوسف بن شداد إلى صلاح الدّين في الصلح. فأجاب وحلف له وقد تماثل من مرضه. ووفى له إلى أن مات. فلم تطل مدة عزّ الدّين بعد صلاح الدّين، وعاش أشهراً. وتوفي في شعبان في التاسع والعشرين منه. قال ابن الأثير: وكان قد بقي مايزيد على عشرة أيام لا يتكلم إلا بالشهادتين وتلاوة القرآن، وإذا تكلم بغيرها استغفر اللَّه، ثم عاد إلى التلاوة، فرُزق خاتمةً سعيدة. وكان خير الطبع، كثير الخير والإحسان، يزور الصالحين ويقربهم ويشفعهم. وكان حليماً حيِّيّاً، لم يكلم جليسه إلا وهو مُطرق. وكان قد حج، ولبس بمكة خرقة التصوف. فكان يلبس تلك الخرقة كل ليلة، ويخرج إلى مسجد داره، فيصلي فيه إلى نحو ثلث الليل. وكان رقيق القلب، شفوقاً على الرعية. قلت: ودُفن في مدرسته بالموصل، وهي مدرسة كبيرة على الشافعية والحنفية وتسلطن بعد ولده نور الدّين إلى أن مات عن ولدين وهما: القاهر عز الدّين مسعود، والمنصور عماد الدّين زنكي.) وقسم البلاد بينهما، فأعطى القاهر الموصل، وأعطى المنصور قلاعاً. وقد توفي القاهر صاحب الموصل فجأةً في سنة خمس عشرة وستمائة، ودُفن بمدرسته.

(41/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 349
وأما زنكي فانتقل إلى إربل، وتزوج بابنة صاحبها مظفر الدين. وكان من أحسن الناس صورة، ثم قبض عليه مظفر الدّين لأمور جرت، وسيَّره إلى الملك الأشرف موسى، ثم أطلقه وعاد. وأُعطي بلده شهرزور وأعمالها. وتوفي في حدود سنة ثلاثين وستمائة، وقام بعده ولده قليلاً ومات.
4 (المكرم بن هبة اللَّه بن المكرم.)
أبو محمد الصوفي، أخو أبي جعفر محمد. شيخ معروف سمع أبا بكر محمد بن عبد الباقي، وعليّ بن عليّ بن سُكينة، وأبا سعد أحمد بن محمد الزوزني، وشيخ الشيوخ إسماعيل بن أبي سعد، وجماعة. روى عنه: الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والضياء محمد، والزين بن عبد الدائم. وحدث بدمشق، وبغداد. وتوفي في رجب.
4 (منصور بن المبارك بن الفضل بن أبي نُعيم.)
أبو المظفر الواسطي، الواعظ، الملقب بجرادة. سمع من: أبي الوقت السجزي، وذكر أنه سمع المقامات من أبي محمد الحريري وله فصول وعظية. وكان شيخاً مسناً، يقال إنه جاوز المائة، والصحيح أنه عاش سبعاً وثمانين سنة.

(41/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 350
وله نظم ونثر ودُعابة. وكان يعظ في الأعزية ببغداد. ذكره ابن النجار.
4 (موسى بن حجاج.)
أبو عمران الأشيري. دخل الأندلس في سنة بضع وثلاثين وخمسمائة. وسمع بقرطبة من: أبي عبد اللَّه بن أصبغ الفقيه، وأبي مروان ابن مسرة. وسمع بإشبيلية من: أبي الحسن شُريح.) وبالمرية من: عبد الحق بن عطية. وعُني بالرواية. قال الأبار: إلا أنه عديم الضبط، ونزل الجزائر وأمَّ بها. وحدَّث بها. وتوفي في صفر.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة اللَّه بن عبد المحسن بن علي.)

(41/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 351
الفقيه أبو البركات الأنصاري، المالكي، المصري. مدرس المدرسة المجاورة لجامع مصر العتيق. تفقه عليه جماعة. وكان مشهوراً بالصلاح والعلم. توفي رحمه اللَّه في ذي القعدة.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عليّ بن عبد الرحمن.)
أبو زكريا القيسي، المصري، المالكي. سمع من: عبد الله بن رفاعة. وتصدَّر بالجامع العتيق بمصر.
4 (يوسف السّلطان الملك الناصر صلاح الدّين.)

(41/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 352
أبو المظفر بن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدويني الأصل، التكريتي المولد. ودوين بطرف أذربيجان من جهة أرّان والكرج، أهلها أكراد روادية. والروادية بطن من الهذبانية. ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة إذ أبوه والي تكريت. وسمع من: أبي الطاهر السلفي، والإمام أبي الحسن عليّ بن إبراهيم بن المسلم ابن بنت أبي سعد، وأبي طاهر بن عوف، وعبد اللَّه بن بري النحوي، والقطب مسعود النيسابوري، وجماعة. وروى الحديث، وملك البلاد، ودانت له العباد، وافتتح الفتوحات، وكسر الفرنج مرات، وجاهد في سبيل اللَّه بنفسه وماله. وكان خليفاً للملك. وأقام في السلطة أربعاً وعشرين سنة. روى عنه: يونس بن محمد الفارقي، والعماد الكاتب، وغيرهما.) وتوفي بقلعة دمشق بعد الصبح من يوم الأربعاء السابع والعشرين من صفر. وحضر وفاته القاضي الفاضل.

(41/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 353
وذكر أبو جعفر القرطبي إمام الكلاسة أنه لما انتهى في القراءة إلى قوله تعالى: هو اللَّه الذي لا إله إلاهو عالم الغيب والشهادة سمعه وهو يقول: صحيح. وكان ذهنه غائباً قبل ذلك. ثم توفي وهذه يقظة عند الحاجة. وغسله الدولعي، وأخرج في تابوت، وصلى عليه القاضي محيي الدّين بن الزكي، وأعيد إلى الدار التي في البستان التي كان متمرضاً فيها. ودفن بالضفة الغربية منها. وارتفعت الأصوات بالبكاء، وعظم الضجيج، حتى إن العاقل يتخيل أن الدنيا كلها تصبح صوتاً واحداً. وغشي الناس من البكاء والعويل ما شغلهم عن الصلاة، وصلى عليه الناس أرسالاً، وتأسف الناس عليه، حتى الفرنج، لما كان عليه من صدق وفائه إذا عاهد. ثم بنى ولده الأفضل صاحب دمشق قبة شمالية إلى الجامع، وهي التي شباكها القبلى إلى الكلاسة، ونقله إليها يوم عاشوراء من سنة اثنتين وتسعين، ومشى بين يدي تابوته. وأراد العلماء حمله على أعناقهم، فقال الأفضل: يكفيه أدعيتكم الصالحة. وحمله مماليكه، وأخرج إلى باب البريد، فصلى عليه قدام النسر. وتقدم في الأمانة القاضي محيي الدّين بإذن ولده. ودخل الأفضل لحده وأودعه وخرج، وسد الباب. وجلس هناك للعزاء ثلاثة أيام، وذلك خلاف العادة، وخلاف السنة. كان رحمه اللَّه كريماً، جواداً، بطلاً، شجاعاً، كامل العقل والقوى، شديد الهيبة، افتتح بسيفه وبأقاربه من اليمين إلى الموصل، إلى أوائل المغرب، إلى أسوان. وفي الروضتين لأبي شامة إن السّلطان رحمه اللَّه لم يخلف في خزائنه من الذهب والفضة إلا سبعةً وأربعين درهماً، وديناراً واحداً صورياً. ولم يخلف ملكاً ولا عقاراً، وخلف سبعة عشر ولداً ذكراً، وابنة صغيرة.

(41/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 354
ومن إنشاء العماد الكاتب إلى الخليفة على لسان الأفضل: أصدر العبد هذه الخدمة وصدره مشروح بالولاء، وقلبه مغمور بالضياء، ويده مرفوعة إلى السماء، ولسانه ناطق بالشكر والدعاء، وجنانه ثابت من المهابة والمحبة على الخوف والرجاء، وطرفه مغمض من الحياء. وهو للأرض يقبل، وللفرض متقبل، يمتُّ بما قدمه من الخدمات، وذخره ذخر الأقوات لهذه الأوقات. وقد أحاطت العلوم الشريفة بأن الوالد السعيد الشهيد الشديد السديد المبيد للشرك) المبيد، لم يزل مستقيماً على جدد الجد، ومصر بل الأمصار باجتهاده في الجهاد شاهدة، والأنجاد والأغوار في نظر عزمه واحده، والبيت المقدس من فتوحاته والمُلك العقيم من نتائج عزماته، وهو الذي ملك ملوك الشرق، وغلَّ أعناقها، وأسر طواغيت الكفر، وشد خناقها، وقمع عبدة الصلبان، وقطع أصلابها، وجمع كلمة الإيمان وعصم جنابها، وقبض وعدله مبسوط، ووزره محطوط، وعمله بالصلاح منوط، وخرج من الدنيا وهو في الطاعة الأمامية داخل. قال العماد الكاتب: لما توفي وملكت أولاده كان العزيز عثمان بمصر يقرب أصحاب أبيه ويكرمهم، والأفضل بدمشق يفعل بضد ذلك. وأشار عليه جماعة كالوزير الجزري الذي استوزره، يعني الضيا ابن الأثير. وفيه يقول فتيان الشاغوري:
(متى أرى وزيركم .......... وما له من وَزَرِ)

(يقلعه اللَّه فذا .......... أوانُ قلع الجَزَرِ)
ومن كتاب فاضلي: أما هذا البيت، فإن الآباء منه اتفقوا فملكوا، وأن الأبناء منه اختلفوا فهلكوا. قلت: خلف من الأولاد صاحب مصر السّلطان الملك العزيز، والملك الأفضل عليّ صاحب دمشق، والملك الظافر مظفر الدّين خضر، والملك الزاهر مجير الدّين داود، والملك المفضل قطب الدّين موسى، والملك الأشرف عزيز الدّين محمد، والملك المحسن ظهير الدين أحمد، والملك المعظم فخر الدّين

(41/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 355
تورانشاه، والجواد ركن الدّين أيوب، والغالب نصير الدّين ملك شاه، وعماد الدّين شاذي. ونصرة الدّين مروان، والمنصور أبو بكر، ومؤنسة زوجة الكامل. هؤلاء كلهم عاشوا بعده، وكان أكثرهم بحلب عند الظاهر، وآخرهم موتاً تورانشاه، توفي بعد أخذ حلب، وكان بقلعتها. قال الموفق عبد اللطيف: أتيتُ الشام، والملك صلاح الدّين بالقدس، فأتيته فرأيته ملكاً عظيماً، يملأ العيون روعةً، والقلوب محبةً، قريباً، بعيداً، سهلاً، مجيباً، وأصحابه يتشبهون به، يتسابقون إلى المعروف كما قال اللَّه تعالى: ونزعنا ما في صدورهم من غل. وأول ليلةٍ حضرته وجدت مجلساً حفلاً بأهل العلم يتذاكرون في أصناف العلوم، وهو يُحسن الاستماع والمشاركة ويأخذ في كيفية بناء الأسوار، وحفر الخنادق، ويتفقه في ذلك، ويأتي بكل معنى بديع. وكان مهتماً في بناء سور القدس، وحفر خندقه، يتولى ذلك بنفسه، وينقل الحجارة على عاتقه،) ويتأسى به جميع النّاس، الأغنياء، والفقراء، والأقوياء، والضعفاء، حتى العماد الكاتب والقاضي الفاضل. ويركب لذلك قبل طلوع الشمس إلى وقت الظهر، ويأتي داره فيمّد السماط، ثم يستريح، ويركب العصر، ويرجع في ضوء المشاعل، ويصرف أكثر الليل في تدبير ما يعمل نهاراً. وقال له بعض الصناع: هذه الحجارة التي تقطع من أسفل الخندق، ويبنى بها السور رخوة. قال: نعم، هذه تكون الحجارة التي تلي القرار والنداوة، فإذا ضربتها الشمس صلبت. وكان رحمة اللَّه يحفظ الحماسة، ويظنّ أنّ كلّ فقيه يحفظها، فكان ينشد القطعة، فإذا توقف في موضعٍ استطعم فلم يطعم. وجرى له ذلك مع القاضي الفاضل، ولم يكن يحفظها، فخرج من عنده، فلم يزل حتى حفظها. وكتب لي صلاح الدّين بثلاثين ديناراً في الشهر على ديوان الجامع

(41/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 356
بدمشق، وأطلق لي أولاده رواتب، حتى تقرر لي في كل شهر مائة دينار. ورجعت إلى دمشق، وأكبيت على الإشتغال وإقراء الناس بالجامع. قال: وكان عمه أسد الدّين شيركوه من أمراء دولة نور الدين، وكان أبوه أيوب معروفاً بالصلاح. وكان شيركوه معروفاً بالشجاعة، وكان لأيوب بنون وبنات، ولم يكن صلاح الدّين أكبرهم. وكان شحنة دمشق، ويشرب الخمر، فمذ باشر الملك طلق الخمر واللذات. وكان محبباً، خفيفاً إلى نور الدين، يلاعبه بالكرة. وملك مصر. وكانت وقعته السودان بضع وستين، وكانوا نحو مائتي ألف، ونصر عليهم، وقتل أكثرهم، وهرب الباقون، وابنتي سور القاهرة ومصر على يد الأمير قراقوش. وفي هذه الأيام ظهر ملك الخزر، وملك دوين وقتل من المسلمين ثلاثين ألفاً. ثم في سنة سبع قطع صلاح الدّين خطبة العاضد بمصر، وخطب للمستضيء. ومات العاضد واستولى صلاح الدّين على القصر وذخائره، وقبض على الفاطميين. وفي سنة ثمان وستين فتح أخوه شمس الدولة برقة ونفوساً. وفي سنة تسع مات أبوه، ونور الدين، وافتتح أخوه شمس الدولة اليمن، وقبض على المتغلب عليها عبد النبي بن مهدي المهدي، وكان شاباً أسود. وفي سنة إحدى وسبعين سار من مصر، وملك دمشق. وفي سنة إحدى وسبعين حاصر عزاز. قال ابن واصل: حاصر عزاز ثمانية وثلاثين يوماً بالمجانيق، وقتل عليها كثير من عسكره. وكانت لجاولي الأمير خيمة، كان السّلطان يحضر) فيها، ويحض الرجال على الحرب، فحضرها والباطنية، الذين هم الإسماعيلية، في زي الأجناد، وقوف، إذ قفز عليه واحد

(41/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 357
منهم، فضرب رأسه بسكين، فلولا المغفر الزرد، وكان تحت القلنسوة، لقتله. فأمسك السّلطان يد الباطنيي بيديه، فبقي يضرب في عنقه ضرباً ضعيفاً، والزرد يمنع، فأدرك السّلطان مملوكه يازكوج الأمير، فأمسك السكين فجرحته، وما سيبها الباطني حتى بضعوه. ووثب آخر، فوثب عليه الأمير داود بن منكلان، فجرحه الباطني، ثم جاء باطني ثالث، فماسكه الأمير عليّ بن أبي الفوارس، فضمه تحت إبطه، وبقيت يد الباطني من ورائه لا يقدر على الضرب بالسكين، ونادى: اقتلوني معه، فقد قتلني وأذهب قوتي. فطنه ناصر الدّين محمد بن شريكه فقتله، وانهزم آخر فقطعوه، وركب السّلطان إلى مخيمه ودمه سائل على خده، واحتجب في بيت خشب، وعرض الجند، فمن أنكره أبعده. ثم تسلم القلعة بالأمان. وفي سنة ثلاث كسرته الفرنج على الرملة، وفر عندما بقي في نفرٍ يسير. وفي سنة خمس وسبعين كسرهم. وأسر ملوكهم وأبطالهم. وفي سنة ست أمر ببناء قلعة القاهرة على جبل المقطم. وفي سنة ثمانٍ عبر الفرات، وفتح حران، وسروج، والرها، والرقة، والبيرة، وسنجار، ونصيبين، وآمد، وحاصر الموصل، وملك حلب، وعوض عنها سنجار لصاحبها عماد الدّين زنكي الذي بنى العمادية بالموصل. ثم إن صلاح الدّين حاصر الموصل ثانياً وثالثاً، ثم هادنه صاحبها عز الدّين مسعود، ودخل في طاعته ثم تسلم صلاح الدّين البوازيج، وشهرزور، وأنزل أخاه الملك العادل عن قلعة حلب، وسلمها لولده الملك الظاهر، وعمره إحدى عشر سنة. وسير العادل إلى ديار مصر نائباً عنه، وكان بها أبن أخيه تقي الدّين عمر بن شاهنشاه، فغضب حيث عزله، وأراد أن يتوجه إلى المغرب، وكان شهماً شجاعاً، فخاف صلاح الدّين من مغبة أمره، فلاطفه بكل وجهٍ حتى رجع مغضباً وقال: أنا أفتح بسيفي ما أستغني به عما في إيديكم. وتوجه إلى خلاط،

(41/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 358
وفيها بكتمر، فالتقى هو وبكتمر، فانكسر بكتمر شر كسره، وسير تقيّ الدّين علمه وفرسه إلى دمشق وأنا بها، وكان يوماً مشهوداً. وفي سنة ثلاث وثمانين فتح صلاح الدّين طبرية، ونازل عسقلان، وكانت وقعة حطين، واجتمع الفرنج، وكانوا أربعين ألفاً، على تل حطين، وسبق المسلمون إلى الماء، وعطش الفرنج،) وأسلموا أنفسهم وأخذوا عن بكرة أبيهم، وأسرت ملوكهم. ثم سار فأخذ عكا، وبيروت، وقلعة كوكب، والسواحل. وسار فأخذ القدس بأمان بعد قتالٍ بشديد. ثم إن قراقوش التركي مملوك تقي الدّين عمر المذكور توجه إلى المغرب لما رجع عنها مولاه، فاستولى على أطراف المغرب، وكسر عسكر تونس، وخطب لبني العباس. وإن ابن عبد المؤمن قصد قراقوش، ففر منه ودخل البرية. ثم دخل إليه مملوك آخر يسمى بوزبه، واتفق، ثم اختلفا ولو، اتفقا مع المايرقي لأخذوا المغرب بأسره. ووصلت خيل الماريقي إلى قريب مراكش، وتهيأ الموحدون للهرب، لكن أرسلوا رجلاً يعرف بعبد الواحد له رأي ودهاء، فقاوم الماريقي بأن أفسد أكثر أصحابه والعرب الذين حوله بالأموال، وكسره مرات، وجرت أمورٌ ليس هذا موضعها. ثم إن الفرنج نازلوا عكا مدةً طويلة، وكانوا أمماً لا يُحصون، وتعب المسلمون، واشتد الأمر. قال: ومدة أيامه لم يختلف عليه أحدٌ من أصحابه، وفُجع الناس بموته. وكان الناس في زمانه يأمنون ظُلمه، ويرجون رفده. وأكثر ما كان عطاؤه يصل إلى الشجعان، وإلى أهل العلم، وأهل البيوتات. ولم يكن لمبطل، ولا لصاحب هزلٍ عنده نصيب. ووجد في خزائنه بعد موته دينار صوري، وثلاثون درهماً. وكان حسن الوفاء بالعهود، حسن المقدرة إذا قدر، كثير الصفح. وإذا

(41/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 359
نازل بلداً واشرف على أخذه، ثم طلبوا منه الأمان أمَّنهم، فيتألم جيشه لذلك لفوات حظهم. وقد عاقد الفرنج وهادنهم عندما ضرس عسكره الحرب وملوا. قال القاضي بهاء الدّين بن شداد: قال لي السّلطان في بعض محاوراته في الصلح: أخاف أن أصالح، وما أدري أي شيء يكون مني، فيقوى هذا العدو، وقد بقيت لهم بلادٌ فيخرجون لاستعادة ما في أيدي المسلمين، وترى كل واحدٍ من هؤلاء، يعني أخاه وأولاده وأولاد أخيه، قد قعد في رأس تلةٍ، يعني قلعته، وقال لا أنزل. ويهلك المسلمون. قال ابن شداد: فكان والله كما قال. توفي عن قريبٍ، واشتغل كل واحدٍ من أهل بيته بناحية، ووقع الخُلف بينهم. وبعد، فكان الصلح مصلحة، فلو قُدر موته والحرب قائمةٌ لكان الإسلام على خطر.) ومات رحمه اللَّه قبل الرابع عشر، ووجد الناس عليه شبيهاً بما يجدونه على الأنبياء. وما رأيت ملكاً حزن الناس لموته سواه، لأنه كان محبَّباً، يحبه البرّ والفاجر، والمسلم والكافر. ثم تفرق أولاده وأصحابه أيادي سبأ، ومزقوا في البلاد. قلت: ولقد أجاد في مدحه العماد رحمه الله حيث يقول:
(وللناس بالمالك الناصر ال .......... صلاح صلاحٌ ونصرٌ كبيرٌ)

(هو الشمس أفلاكه في البلا .......... دِ ومطلعه وسرجُه والسريرُ)

(إذا ما سطا أو حبا واجتبى .......... فما الليثُ من حاتم ما ثبير)
وقد طوَّل القاضي شمس الدّين ترجمته فعملها في تسعٍ وثلاثين ورقة بالقطع الكبير، فمما فيها بالمعنى أن صلاح الدّين قدم به أبوه وهو رضيع، فناب أبوه ببعلبك لما أخذها الأتابك زنكي في سنة ثلاثٍ وثلاثين.

(41/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 360
وقيل إنهم خرجوا من تكريت في الليلة التي ولد فيه صلاح الدّين، فتطيروا به، ثم قال بعضهم. لعل فيه الخيرة وأنتم لا تعلمون. ثم خدم نجم الدّين أيوب وولده صلاح الدّين السّلطان نور الدين، وصيرهما أميرين، وكان أسد الدّين شيركوه أخو نجم الدّين أرفع منهما منزلةً عنده، فإنه مقدَّم جيوشه. ووليّ صلاح الدّين وزارة مصر، وهي كالسلطنة في ذلك الوقت، بعد موت عمه أسد الدّين سنة أربع وستين. فلما هلك العاضد في أول سنة سبع، اشتغل بالأمر، مع مُداراة نور الدّين ومراوغته، فإن نور الدّين عزم على قصد مصر ليقيم غيره في نيابته، ثم فتر. ولما مات نور الدّين سار صلاح الدّين إلى دمشق مظهراً أنه يقيم نفسه ارتباكاً لولد نور الدّين لكونه صبياً، فدخلها بلا كلفة، وأستولى على الأمور في سلخ ربيع الأول سنة سبعين. ونزل بالبلد بدار أبيه المعروفة بالشريف العقيقي التي هي اليوم الظاهرية. ثم تسلم القلعة، وصعد إليها، وشال الصبي من الوسط. ثم سار فأخذ حمص، ولم يشتغل بأخذ قلعتها، في جمادى الأولى. ثم نازل حلب في سلخ الشهر، وهي الوقعة الأولى، فجهز السّلطان غازي بن مودود أخاه عز الدّين مسعود في جيش كبير لحربه، فترحل عن حلب، ونزل على قلعة حمص فأخذها. وجاء عز الدّين مسعود، فاخذ معه عسكر حلب، وساق إلى قرون حماه، فراسلهم وراسلوه، وحرص) على الصلح، فأبوا، ورأوا أن المصاف معه ينالون به غرضهم لكثرتهم، فالتقوا، فكانت الهزيمة عليهم، وأسر جماعة. وذلك في تاسع عشر رمضان. ثم ساق وراءهم، ونزل على حلب ثانياً، فصالحوه وأعطوه المعرة، وكفرطاب، وبارين. وجاء صاحب الموصل غازي فحاصر أخاه عماد الدّين زنكي بسنجار، لكونه انتمى إلى صلاح الدّين، ثم صالحه لما بلغ غازي كسرة أخيه مسعود،

(41/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 361
ونزل بنصيبين، وجمع العساكر، وأنفق الأموال، وعبر الفرات. وقدم حلب، فخرج إلى تلقيه ابن عمه الصالح بن نور الدين. وأقام على حلب مدة، ثم كانت وقعة تل السلطان، وهي منزلة بين حلب وحماه، وجرت بين صلاح الدّين وبين غازي صاحب الموصل في سنة إحدى وسبعين، فنصر صلاح الدّين، ورجع غازي فعدى الفرات، وأعطى صلاح الدّين لابن أخيه عز الدّين فرخشاه بن شاهنشاه صاحب بعلبك خيمة السّلطان غازي. ثم سار فتسلم منبج وحاصر قلعة عزاز، ثم نازل حلب ثالثاً في آخر السنة، فأقام عليها مدةً، فأخرجوا ابنةً صغيرة لنور الدّين إلى صلاح الدّين، فسألته عزاز، فوهبها لها. ثم دخل الديار المصرية واستعمل على دمشق شمس الدولة تور انشاه، وكان قد جاء من اليمن. وخرج سنة ثلاثٍ من مصر، فالتقى الفرنج على الرملة، فانكسر المسلمون يومئذٍ، وثبت صلاح الدّين، وتحيز بمن معه، ثم دخل مصر ولم شعث العسكر. وتقدم أكثر هذا القول مفرقاً. ونازل حلب في أول سنة تسعٍ، فطلب منه عماد الدّين زنكي بن مودود أن يأخذ ما أراد من القلعة، ويعطيه سنجار، ونصيبيين، وسروج، وغير ذلك. فحلف له صلاح الدّين على ذلك. وكان صلاح الدّين قد أخذ سنجار من أربعة أشهر، وأعطاها لأبن أخيه تقي الدّين عمر، ثم عوضه عنها. ودخل حلب، ورتب بها ولده الملك الظاهر، وجعل أتابكه يازكوج الأسدي. ثم توجه لمحاصرة الكرك. وجاء أخوه العادل من مصر، فحشدت الفرنج، وجاؤوا إلى الكرك نجدةً، فسير صلاح الدّين تقي الدّين عمر يحفظ له مصر. ثم رحل عن الكرك في نصف شعبان. وأعطى أخاه العادل حلب، فدخلها في أواخر رمضان، وقدم الظاهر وأتابكه، فدخلا دمشق في شوال. وقيل أعطاه عوض حلب ثلاثمائة ألف دينار.

(41/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 362
ثم إن صلاح الدّين رأى أن عود العادل إلى مصر، وعود الظاهر إلى حلب أصلح. وعوض بعد العادل بحران، والرها، وميافارقين.) وفي شعبان سنة إحدى وثمانين نزل صلاح الدّين على الموصل، وترددت الرسل بينه وبين صاحبها عز الدين. ثم مرض صلاح الدّين، فرجع إلى حران، واشتد مرضه حتى أيسوا منه، وحلفوا لأولاده بأمره، وجعل وصيه عليهم أخاه العادل وكان عنده. ثم عوفي ومر بحمص وقد مات بها ابن عمه ناصر الدّين محمد بن شيركوه، فأقطعها لولده شيركوه. ثم استعرض التركة فأخذ أكثرها. قال عز الدّين ابن الأثير: وكان عمر شيركوه اثنتي عشرة سنة. ثم إنه حضر بعد سنة عند صلاح الدّين، فقال له: أين بلغت في القرآن قال: إلى قوله تعالى: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً فعجب الحاضرون من ذكائه. وفي سنة اثنتين وثمانين عاد الظاهر فدخل حلب، وزوجه أبوه بغازية بنت أخيه الملك العادل، فدخل بها بحلب في السنة. وفي سنة ثلاثٍ افتتح صلاح الدّين بلاد الفرنج، وقهرهم وأباد خضراءهم، وأسر ملوكهم، وكسرهم على حطين. وافتتح القدس، وعكا، وطبرية، وغير ذلك. وكان قد نذر أن يقتل البرنس أرناط صاحب الكرك، فكان ممن وقع في أسره يومئذٍ، وكان قد جاز به قومٌ من مصر في حال الهدنة، فغدر بهم، فناشدوه الصلح الذي بينه وبين المسلمين، فقال ما فيه أستخفاف بالنبي وقتلهم، فاستحضرهم صلاح الدّين، ثم ناول الملك جفري شربةً من جلاب وثلج، فشرب، وكان في غاية العطش، ثم ناولها البرنس أرناط فشرب. فقال السّلطان للترجمان: قل للملك جفري، أنت الذي سقيته، وإلا أنا فما سقيته.

(41/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 363
ثم استحضر البرنس في مجلس آخر وقال: أنا انتصر لمحمد منك. ثم عرض عليه الإسلام، فامتنع فسلَّ النيمجاه، وحلَّ بها كتفه، وتممه بعض الخاصة. وافتتح في هذا العام من الفتوحات ما لم يفتحه ملك قبله، وطار صيته في الدنيا، وهابته الملوك. ثم وقع المأتم والنَّوح في جزائر الفرنج، وإلى رومية العظمى، ونودي بالنفير إلى نصرة الصليب، فأُتي السّلطان من عساكر الفرنج ما لا قبله به، وأحاطوا بعكا يحاصرونها، فسار السّلطان إليها ليكشف عنها، فعيل صبره، وبذل فوق طاقته، وجرت له أمورٌ وحروبٌ قد ذكرتها في الحوادث. وبقي مرابطاً عليه نحواً من سنتين، فالله يُثيبه الجنة برحمته. وكتب القاضي الفاضل بطاقة إلى ولده الملك الظاهر صاحب حلب: لقد كان لكم في رسول اللَّه) أسوة حَسَنَةٌ، إنَّ زلزلة الساعة شيٌ عظيم. كتبتُ إلى مولانا السّلطان الملك الظاهر أحسن اللَّه عزاءه، وجبر مُصابه، وجعل فيه الخَلف في الساعة المذكورة، وقد زُلزل المسلمون زلزالاً شديداً وقد حفرت الدموعُ المحاجر، وبلغت القلوب الحناجر. وقد دعت أباك ومخدومي وداعاً لا تلاقي بعده، وقبلت وجهه عني وعنك، وأسلمته إلى اللَّه تعالى، مغلوب الحيلة، ضعيف القوة، راضياً عن اللَّه، ولا قوة إلا بالله، وبالباب من الجنود المجندة، والأسلحة المعتمدة، ما لم يدفع البلاء ولا ما يرد القضاء، تدمع العين، ويخشع القلب، ولا نقول إلا ما يُرضي الرب، وإنا بك يا يوسف لمحزونون. وأمّا الوصايا

(41/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 364
فما تحتاج إليها، والآراء فقد شغلني المُصاب عنها، وأما لائح الأمر فإنه إن وقع اتفاقٌ فما عدمتم إلا شخصه الكريم، وإن كان غيره فالمصائب المستقبلية أهونها موته، وهو الهولُ العظيم وقد كتب إلى صلاح الدّين ابن التعاويذيّ يمتدحه:
(إن كان دينك في الصبابة ديني .......... فقف المطي برملتي يبرينِ)

(وألثم ثرى لو شارفت بي هضبة .......... أيدي المطي لثمته بجفوني)

(وأنشد فؤآدي في الظباء معرضاً .......... فبغير غزلان الصريم جنوني)

(ونشيدتي بين الخيام، وإنما .......... غالطتُ عنها بالظباءِ العينِ)

(لله ما اشتملتْ عليه قبابُهم .......... يوم النوى من لؤلؤٍ مكنونِ)

(من كل تائهةٍ على أترابها .......... في الحسن غانية عن التحسين)

(خودٍ ترى قمرَ السماء إذا بدت .......... ما بين سالفةٍ لها وجبين)

(يا سَلمَ إن ضاعت عهودي عندكم .......... فأنا الذي استودعتُ غيرَ أمين)

(هيهات ما للبيض في ودّ امريءٍ .......... أربٌ وقد أربى على الخمسين)

(ليت الضنين على المحبّ بوصلهِ .......... لقن السماحة من صلاح الدّين)
ولعلم الدّين حَسن الشاتاني فيه قصيدةٌ مطلعها:
(أرى النصرَ مقروناً برايتك الصَّفرا .......... فسر واملك الدنيا فأنت بها أحرى)
وللمهذب عمر بن محمد ابن الشحنة الموصلي قصيدةٌ فيه مطلعها:
(سلامُ مشوقٍ قد براه التشوُّقُ .......... على جيرة الحي الذين تفرقوا)
) منها:
(وإني امرؤٌ أحببتكم لمكارم .......... سمعتُ بها والأذن كالعين تعشقُ)

(وقالت لي الآمال: إن كنت لاحقاً .......... بأبناء أيوب فأنت الموفقُ)

(41/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 365
وللقاضي السعيد هبة اللَّه بن سنا الملك فيه:
(لستُ أدري بأي فتحٍ تُهنّا .......... يا مُنيل الإسلام ما قد تمنى)

(أنهنيك إذ تملكت شاما .......... أم نهنيك إذ تبوأت عدنا)

(قد ملكت الجنان قصراً فقصراً .......... إذ فتحت الشامَ حصناً فحصنا)

(لم تقف قطُّ في المعارك إلاّ .......... كنت يا يوسف كيوسف حُسنا)

(قصدت نحوكَ الأعادي، فردّ .......... اللَّه ما أملوه عنك وعنّا)

(حملوا كالجبال عُظماً ولكن .......... جعلتها حملاتُ خيلك عِهنا)

(كل من يجعل الحديدَ له ثوباً .......... وتاجاً طيلساناً ورُدنا)

(خانهم ذلك السلاح فلا الرمحُ .......... تثنى، ولا المهند طنّا)

(وتولت تلك الخيولُ وكم يُثنى .......... عليها بأنها ليس تُثنى)

(وتصيدتهم لحلقة صيدٍ .......... تجمع الليثَ والغزال الأغنّا)

(وجرت منهم الدماء بِحاراً .......... فجرت فوقها الجزائرُ سفنا)

(صنعت فيهم وليمةُ وحشٍ .......... رقص المشرفي فيها وغنى)

(وحوى الأسرُ كلّ ملك يظنّ .......... الدهر يفنى وملكه ليس يفنى)

(والملكُ العظيمُ فيهم أسيرٌ .......... يتثنى في أدهمٍ يتثنى)

(كم تمنى اللقاء حتى رآهُ .......... فتمنى له أنه ما تمنى)

(رقّ من رحمةٍ له القيدُ والغلّ .......... عليه فكُلما أنَّ أنّا)

(واللعين البرنس أرناط مذبوحٌ .......... بيمنى من باب للدين يُمنى)

(أنت ذكَّيته فوفيت نذراً .......... كنت قدَّمتهُ فجوزيت حُسنا)

(41/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 366
(قد ملكت البلاد شرقاً وغرباً .......... وحويتَ الآفاق سهلاً وحَزنا)

(واغتدى الوصفُ في عُلاك حسيراً .......... أيُّ لفظٍ يقال أو أيُّ معنى)
فمن فتوحاته: افتتح أولاً الإسكندرية سنة أربعٍ وستين، وقاتل معه أهلها لما حاصرهم الفرنج) أربعة أشهر، ثم كشف عنه عمه أسد الدّين شيركوه، وفارقاها وقدما الشام. ثم تملك وزارة العاضد بعد عمه شيركوه سنة أربع وستين، وقتل شاور، وحارب السودان واستتب له أمر ديار مصر، فأعاد بها الخطبة العباسية، وأباد بني عُبيد، وعبيدهم. ثم تملَّك دمشق بعد نور الدين، ثم حمص، وحماه، ثم حلب، وآمد، وميافارقين، وعدة بلاد بالجزيرة، وديار بكر. وأرسل أخاه فافتتح له اليمن. وسار بعض عسكره فافتتح له بعض بلاد إفريقية. ثم لم يزل أمره في ارتقاء، وملكه في ارتفاع، إلى أن كسر الفرنج نوبة حطين، وأسر ملوكهم. ثم افتتح طبرية، وعكا، وبيروت، وصيدا، ونابلس، والناصرة، وقيسارية، وصفورية، والشَّقيف، والطُّور، وحيفا، ومعليا، والفولة، وغيرها من البلاد المجاورة لعكا، وسبسطية التي يُقال لها قبر زكريا، وتبنين، وجُبيل، وعسقلان، وغزة، وبيت المقدس. ثم نازل صور مدة أشهر، فلم يقدر عليها وترحل عنها، وافتتح هونين، وكوكب، وأنطرسوس، وجبلة، وبكسرائيل، واللاذقية، وصهيون، وقلعة العيذو، وقلعة الجماهرية، وبلاطنُس، والشَّغر، وبكاس، وسرمانية، وبرزُية، ودربساك، وبغراس، وكانا كالجناحين لأنطاكية. ثم عقد هدنة مع إبرنس إنطاكية، ثم افتتح الكرك، والشوبك، وصفد، والشقيف المنسوب إلى أرنون.

(41/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 367
وحضر مصافاتٍ عدة ذُكرت سائرها في الحوادث، رحمه اللَّه تعالى وأسكنه جنته بفضله.
4 (مواليد السنة)
وفي سنة تسعٍ ولد: تقي الدّين إسماعيل بن أبي اليُسر، والكمال عبد العزيز بن عبد، والتاج مظفر بن عبد الكريم الحنبلي، والشهاب محمد بن يعقوب بن أبي الدنية، والزين أحمد بن أبي الخير سلامة، والنجيب محاسن بن الحسن السُّلمي، والزكي إسرائيل بن شقير، والعلامة عز الدّين عبد الرزاق بن رزق اللَّه الرسعنيّ،) وسعد اللَّه بن أبي الفضل التنوخيّ البزاز، والشيخ زين الدّين الزواويّ، وعبد الرحمن بن أحمد بن ناصر بن طغان الطّريفيّ، والجمال محمد بن عبد الحق بن خلف، وإمام الدّين محمد بن عمر بن الحسن الفارسيّ، وقاضي القُضاة صدر الدّين أحمد بن سنيّ الدولة.

(41/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 368
4 (وفيات سنة تسعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إسماعيل بن يوسف.)
أبو الخير الطالقاني القزويني، الفقيه الشافعي، الواعظ، رضي الدين، أحد الأعلام. ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة بقزوين. وتفقه على الفقيه أبي بكر بن أبي ملكداذ بن عليّ العمركي، ثم ارتحل إلى نيسابور.

(41/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 369
وتفقه على محمد بن يحيى الفقيه حتى برع في المذهب. وسمع الكثير من: أبيه، ومن: أبي الحسن بن عليّ الشافعي القزويني، وأبي عبد اللَّه محمد بن الفضل الُراوي، وزاهر الشحامي، وعبد المنعم بن القشيري، وعبد الغافر بن إسماعيل الفارسي، وعبد الجبار الخواري، وهبة اللَّه بن سهل السيدي، وأبي نصر محمد بن عبد اللَّه الأرغياني، ووجيه بن طاهر. وسمع بالطَّابران من: محمد بن المنتصر المتُّوثي: وببغداد من: أبي الفتح بن البطي. ودرس ببلده مدةً، ثم درس ببغداد في سنة بضعٍ وخمسين ووعظ، وخلع عليه، وعاد إلى بلده، ثم قدمها قبل السبعين وخمسمائة. ودرّس بالنظامية. قال ابن النجار: كان رئيس أصحاب الشافعي، وكان إماماً في المذهب، والخلاف، والأصول، والتفسير، والوعظ. حدَّث بالكتب الكبار ك صحيح مسلم، مُسند إسحاق، وتاريخ نيسابور للحاكم، و السنن الكبير للبيهقي و دلائل النبوة و البعث والنشور له أيضاً. وأملى عدة مجالس، ووعظ، ونَفَق كلامه على الناس، وأقبلوا عليه لحسن سمته، وحلاوة منطقه، وكثرة محفوظاته.) ثم قدم ثانياً، وعقد مجلس الوعظ، وصارت وجوه الدولة ملتفتة إليه، وكثُر التعصب له من الأمراء والخواص، وأحبه العوام. وكان يجلس بالنظامية، وبجامع القصر، ويحضر مجلسه أممٌ. ثم ولي تدريس النظامية سنة تسعٍ وستين، وبقي مدرّسها إلى سنة ثمانين وخمسمائة، ثم عاد إلى بلده.

(41/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 370
وكان كثير العبادة والصلاة، دائم الذكر، قليل المأكل. وكان مجلسه كثير الخير، مشتملاً على التفسير، والحديث، والتفقه، وحكايات الصالحين من غير سجعٍ، ولا تزويق عبارةٍ ولا شعر. وهو ثقة في روايته. وقيل إنه كان له في كل يومٍ ختمةٌ مع دوام الصوم. وقيل إنه يُفطر على قرص واحد. وقال ابن الدبيثي: أملي عدة مجالس، وكان مقبلاً على الخير، كثير الصلاة، له يدٌ باسطةٌ في النظر، واطلاع على العلوم، ومعرفة بالحديث. وكان جماعةً للفنون، رحمه اللَّه. رجع إلى بلده سنة ثمانين، فأقام بها مشتغلاً بالعبادة إلى أن توفي في محرم سنة تسعين. وقال الحافظ عبد العظيم: حكى عنه غيرُ واحدٍ أنه كان لا يزال لسانه رطباً من ذِكر اللَّه. توفي في الثالث والعشرين من المحرم. وأنبأني ابن البزُوري أنه أوَّل من تكلم بالوعظ بباب بدر الشريف.

(41/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 371
قلت: هو مكان كان يحضر فيه وعظه الإمام المستضيء من وراء حجاب، وتحضر الخلائق، فكان يعظ فيه القزويني مرةً، وابن الجوزي مرةً. وقد روى عنه مسند إسحاق بن راهويه أبو البقاء لإسماعيل بن محمد المؤدب البغدادي. وروى عنه: ابن الدُّبيثي، ومحمد بن عليّ بن أبي سهل الواسطي، والموفق عبد اللطيف بن يوسف، وبالغ في الثناء عليه، وقال: كان يعمل في اليوم والليلة، ما يعجز المجتهد عن عمله في شهر، ولما ظهر التشيُّع في زمان ابن الصاحب التمس العامة منه يوم عاشوراء على المنبر أن يلعن يزيد فامتنع، ووثبوا عليه بالقتل مرات، فلم يُرع، ولا زَلَّ له لسانٌ ولا قدم، وخلص سليماً. وسافر إلى قزوين. قال: وفي أيام مجد الدّين ابن الصاحب صارت بغداد بالكرخ، وجماعةٌ من الحنابلة تشيعوا، حتى إن ابن الجوزي صار يسجع ويُلغِز، إلا رضي الدّين القزويني، فإنه تصلّب في دينه وتشدد.)

(41/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 372
قلت ورخه في هذه السنة ابن الدبيثي، والزكي المنذري. وورَّخه ابن النجار سنة تسع وثمانين في المحرم، ورواه عن ولده أبي المناقب محمد بن أحمد رحمه اللَّه.
4 (أحمد بن عبد اللَّه.)
أبو العباس الشافعي، الواعظ، فخر الدّين بن فويرة. قدِم دمشق ووعظ بها، وبمصر. وحصل له قبولٌ تامٌّ. وكان حُلو الإيراد. توفي في شوال.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن علي.)
أبو بكر الإصبهاني، الجورتاني، الحنبلي الحمامي. سمع من: سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، وغيره. وتُوفي قبل والده بأيامٍ أو بأشهر.

(41/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 373
4 (أحمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن علي.)
أبو العباس بن المأمون الهاشمي العباسي، المأموني. نقيب العباسيين. ببغداد، ويعرف بابن الزّوال. توفي ببغداد في صفر وله سماعٌ نازلٌ من أبي بكر محمد بن ذكر الإصبهاني.
4 (إبراهيم بن عبد اللَّه بن إبراهيم بن يعقوب بن أحمد.)
أبو اسحاق الأنصاري، البلنسي، المحدث، نزيل الإسكندرية، يُعرف بابن الجمش. رحل وحجَّ واستوطن الإسكندرية، فأكثر الكتبة عن: السلفي، وبدر الحبشي، وأبي طاهر بن عوف. وخُّطهُ كيِّس مغربي، رفيع. نسخ شيئاً كثيراً، وزهد فيما بعد وتنسك، وأقبل على شأنه. وكان يُنفق في الشهر أقل من درهمين يتقنّع بها. وكان حافظاً، فهماً، متيقظاً. توفي في آخر السنة في ذي الحجة، وقيل في السابع والعشرين من ذي العقدة.
4 (إبراهيم بن مسعود بن حسان.)
أبو اسحاق الضرير، الرصافي، النحوي المعروف بالوجيه الذكي.

(41/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 374
أخذ العربية عن مُصدق بن شبيب النحوي.) وتوفي شاباً في جمادى الأولى. وكان قد برع في الأدب.
4 (حرف التاء)

4 (تميم بن سلمان بن معالي.)
أبو كامل العبادي، الربعي، ربيعة الفرس، الأزجي. حدث عن: أبي الكرم الشهرزوري. روى عنه: تميم البندنيجيّ، وابن خليل.
4 (حرف الجيم)
جاكير الزاهد. أحد شيوخ العراق. كان كبير القدر، صاحب أحوال، وكرامات، واتباع، وسُنّة، وعبادة، وله أصحاب مشهورون فيهم دين وتعبُّد. بلغني أنه صحب الشيخ عليّ الهيتي. وتوفي في هذا العام أو بعده بسنة رحمه اللَّه. وذكر لي الشيخ شُعيب التركماني أحد من اختُصي وخدم بيت الشيخ في صباه، أن اسم الشيخ جاكير محمد بن دشم الكردي الحنبلي، وأنه لم يتزوج، ثم ذكر لي عنه كرامات، وأن زاويته وضريحه بقرية راذان، وهي على بريدٍ من سامرا. وأن أخاه الشيخ قعد في السجد بعده، ثم بعده ابنه الغَرس.

(41/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 375
ثم وُلي المشيخة بعد الغرس ولده محمد، ثم ولده الآخر أحمد. ثم جلس في المسجد بعد أحمد ابنه عليّ بن أحمد، وهو حيٌّ، وفيه مخالطة للتتار، مخلِّطٌ على نفسه، كثير الخباط، وقد ابيض رأسه ولحيته وهو في آخر الكهولة.
4 (حرف الحاء)

4 (حازم بن عليّ بن هبة اللَّه.)
أبو القاسم ابن الكناني، الواسطي، المعروف بابن أبي الدّبس. سمع: أبا عليّ الفارقي، وابن شيراز. وببغداد من: إسماعيل بن السمرقندي.) وقرأ على سبط الخياط. سمع منه: ابن الدُّبيثي، وقال: مات بواسط في ربيع الأول سنة تسعين.
4 (حرف الزاي)

4 (زكريا بن عمر بن أحمد.)
أبو الوليد الأنصاري، الخزرجي، القرطبي. روى عن: أبي الحسن بن موهب، وأبي القاسم بن ورد، وأبي بكر بن العربي، وغيرهم بالإجازة.
4 (حرف السين)

4 (سلامة بن عبد الباقي بن سلامة.)
العلاّمة أبو الخير الأنباري النحوي المقرىء الضرير، نزيل مصر، والمتصدر بجامع عمرو.

(41/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 376
له تصانيف شرح المقامات. وروى عن: أبي الكرم السروري، وسعد الخير. وعنه: عبد الوهاب بن وردان. ولد سنة ثلاثٍ وخمسمائة. ومات رحمه اللَّه في ذي الحجة عن ثمانٍ وثمانين سنة.
4 (سلمان بن يوسف بن عليّ بن الحسن.)
أبو نصر وأبو محمد البغدادي، الطحان، النُّعيمي، البزاز، المعروف جدهم بابن صاحب الذُهيبة. ولد سنة ثلاثٍ وخمسمائة، وسمع من: هبة اللَّه بن الحصين، وأبي السعود أحمد بن المجلي، وأبي بكر الأنصاري. أخذ عنه: عمر بن عليّ القُرشي، ومحمد بن مشق، ويوسف بن خليل، وآخرون. وقد حدَّث هو وأبوه، وجده، وجدُّ أبيه. وكان يسكن بسكة النُّعيمية، محلة ببغداد. وتوفي في الثاني والعشرين من ربيع الآخر.
4 (حرف الطاء)

4 (طُغريل شاه بن أرسلان شاه ين طُغريل بن محمد بن ملكشاه.)
)

(41/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 377
السّلطان، آخر الملوك السلجوقية سوى صاحب الروم. وطغريل هذا هو الذي خرج على الخليفة الناصر لدين اللَّه، وخافه أهل بغداد، فسار وزير الخليفة ابن يونس في جيش بغداد فالتقاه بأرض همذان، فانهزم جيش الخليفة، وأُسر الوزير، كما ذكرنا في الحوادث. ثم إن خُوارزم شاه كاتب الخليفة وطلب منه أن يُسلطنه ويقلده، ففعل. وسار خُارزم شاه بعساكره، وقصد طغريل، فكان المصاف بينهما على الري، فقتل طغريل، وقطع رأسه، وبُعث به إلى بغداد، فدخلوا به على رمحٍ، وكوساته مشقَّقة، وسنجقه منكَّس. وكان من أحسن الناس صورة، فيه إقدام وشجاعة زائدة. وكان عدد الملوك السلجوقية نيفاً مضرين ملكاً، أولهم طغرلبك الذي أعاد القائم إلى بغداد، وقطع دعوة بني عُبيد بعد أن خُطب لهم مدة أشهر، وآخرهم هذا. ومدة دولتهم مائة وستون سنة. ويُقال طغرل بحذف الياء، والله أعلم. ومن أخباره أنه أُقيم في السلطنة بعد موت والده، وكان أتابكه البهلوان هو الكل، فمات، وكبر طغريل، فالتفت عليه الأمراء، وكلب السلطنة من الخليفة، وأن يأتي إلى بغداد كآبائه، ويأمر وينهي. ثم آل أمره إلى أن ظفر به قُزل أخو البلهوان وسجنه ثم خلص، وعاث في البلاد، وتملك همذان، وغيرها. وكان خوارزم شاه قد سار إلى الري، واستولى عليها ورجع إلى بلاده، فقصدها طُغريل في أول هذه السنة وأغار عليها، فجمع خوارزم شاه جيوشه، وسار إليه وانضم إليه قُتُلغ إينانج ولد البلهوان ابن الدكز، فلما سمع طُغريل بقدومهما كانت له عساكر متفرقة، فلم يقف لجمعها، فقيل له: هذا ما هو مصلحة، والأولى أن يجمع العساكر. فما التفت لفرط شجاعته، والتقاهم

(41/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 378
وحمل بنفسه، وشق العساكر، فأحاطوا به، ورموه عن جواده، وقُتل في الرابع والعشرين من ربيع الأول. وملك الخُوارزمي تلك البلاد، واستناب عليها قُتُلغ، وأقطع كثيراً منها للممالكيه.
4 (حرف العين)

4 (عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه بن سُفيان.)
) التجيبي، الشاطبي، التونكي. سمع: أبا الوليد بن الدباغ، وابن هذيل، وابن النعمة، وخلقاً سواهم. وأتقن الفقه والعربية. وكان فصيحاً، بليغاً، مفوهاً، له النظم والنثر. ولي قضاء لورقة. وحدَّث عنه: أبو عيسى بن أبي السداد، وأبو الربيع بن سالم الكلاعي. قال الأبار: توفي في حدود التسعين وخمسمائة.
4 (عبد اللَّه بن أبي المعالي المبارك بن هبة اللَّه بن سلمان.)
أبو جعفر بن الصباغ، البغدادي، الشمعي، المعروف أبوه بابن سُكرة. سمعه أبوه من القاضي: أبي بكر، ويحيى بن الطرّاح، وأبي منصور محمد بن خيرون، وأبي عبد اللَّه السلاّل، وجماعة كثيرة. ولأبيه رواية عن أبي طالب بن يوسف. روى عن عبد اللَّه: تميم البندنيجي، ويوسف بن خليل.
4 (عبد الحميد بن أبي المكارم عبد المجيد بن محمد بن أبي الرجاء الكوسج.)

(41/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 379
أبو بكر التميمي، الإصبهاني. ولد سنة أربع وخمسمائة. وسمع إسماعيل السراج. وأجاز له أبو عليّ الحداد، وأبو طالب بن يوسف. وتوفي في شوال. قاله المهذَب بن زينة.
4 (عبد الخالق بن فيروز بن عبد اللَّه بن عبد الملك بن داود.)
أبو المظفر الجوهري، الواعظ، الهمذاني الأصل، البغدادي. قال ابن النجار: كذا رأيت نسبه بخطه. سمع بخُراسان، وإصبهان، وبغداد. ودخل الشام. وسكن مصر، وحدَّث بها ووعظ. وذكر أنه سمع من: أبي عبد اللَّه الفراويّ، وأبي القاسم الشحامي، وإسماعيل القاريء، وأبي بكر الأنصاري، ويحيى بن البنا، والأرموي، وابن ناصر. وبإصبهان من: أبي الخير الباغبان، وجماعة.) وخرج لنفسه عنهم جزءاً سمعه منه الحافظ بن المفضل.

(41/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 380
قال: ولم يكن موثوقاً به. ولإخوته سماع من بعض هؤلاء، فلعله وثب على سماعهم. ولد سنة ثلاثٍ وعشرين وخمسمائة. قلت: روى عنه أبو الحسن السخاوي، ومحمد بن جبريل الصوفي، وأحمد بن محمد الأبرقوهي الهمذاني، والضياء محمد، وابن عبد الدائم، وإبراهيم بن محمود الضرير، وآخرون. وتوفي بعد المحرم، فإنه أجاز فيه لبعضهم. وقرأ عليه في هذه السنة جزء الأنصاري الحافظ عبد الغني. وقال الضياء: تكلموا في سماع لجزء الأنصاري.
4 (عبد الرحمن بن عبد الواحد بن أبي طاهر محمد بن المسلم بن الحسن بن الهلال.)
أبو عليّ الأزدي، الدمشقي، العادل. شيخ جليل من رؤساء دمشق. سمع من: أبيه أبي المكارم. وتوفي في ذي القعدة عن ثمانٍ وستين سنة. وروى أيضاً عن أبي الدار ياقوت. روى عنه: يوسف بن الخليل، وغيره.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن أبي طالب عبد القادر بن محمد.)

(41/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 381
أبو الفرج اليوسفي، البغدادي. أجاز له جده، وسمع من: هبة اللَّه بن الحصين، وابن الطبر، وقاضي المرستان. وهو من بيت الحديث والإسناد. ولد سنة ست عشرة. وتوفي في مستهل جمادى الأولى. روى عنه: أبن الخليل.
4 (عبد الزاق بن النفيس بن الحسين.)
الفقيه أبو شجاع الواسطي، الخرزي. المعروف بابن الخيمي. توفي في شوال بواسط. سمع من: أبي الوقت، وغيره.)
4 (عبد السلام بن أحمد بن علي.)
أبو أحمد البصري، الكواز. حدث بواسط عن: أبي عبد اللَّه محمد بن أحمد أبي أخي طلحة الشاهد البصري. توفي في ربيع الآخر. عبد الملك بن نصر اللَّه بن جهبل.

(41/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 382
الفقيه أبو الحسين الحلبي الشافعي، الزاهد العابد. مدرس الزجاجية بحلب. حدث بغداد لما حج ابن ياسر الجياني. توفي في جمادى الآخرة.
4 (عبد الوهاب بن عليّ بن الخضر بن عبد اللَّه بن علي.)
العدل أبو محمد القرشي، الأسدي، الزبيري، الدمشقي، الشروطي، ويعرف بالحبقبق. أخو القاضي أبي المحاسن عمر بن عليّ الحافظ. نزيل بغداد ووالد كريمة، وصفية. ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة. وسمع أبا الحسن بن المسلم السلمي، وأبا الفتح نصر اللَّه المصيصي، وأبا الدر ياقوت التاجر، وأبا يعلى بن الحبوبي، وخلقاً سواهم. روى عنه: أخوه أبو المحاسن، وولداه عليّ وكريمة، وأبو المواهب بن صصرى، ويوسف بن خليل، وآخرون. وتوفي في ثالث صفر، رحمه اللَّه.
4 (عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن.)
أبو أحمد المقدسي، الجماعيلي، والد الشمس أحمد، المعروف بالبخاري، والضياء محمد الحافظ. ولد سنة ثلاثين، أو إحدى وثلاثين وخمسمائة.

(41/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 383
وسمع ببغداد من: سعد اللَّه بن نجا بن الفراوي، وأبي الحسين عبد الحق. وحدَّث. ولم يرو عنه أبنه. روى عنه: عبد الرحمن بن سلامة المقدسي، ومحمد بن طرخان. وروى ابنه عنهما عنه. وقال ابنه الضياء: قتل مظلوماً في تاسع شعبان، رحمه اللَّه تعالى.
4 (علي بن بختيار.)
) أبو الحسن البغدادي، الكاتب. تنقل في الخدم إلى أن ولي أستاذ دارية الخلافة مديدة، ثم عزل فلزم بيته. وتوفي في خامس وعشرين شوال. ودفن إلى جانب رباطه.
4 (علي بن يحيى بن إسماعيل.)
أبو المكارم البغدادي الكاتب. له إجازات عالية. روى بالإجازة عن: أبي سعد محمد بن محمد المطرز، وهو آخر من حدث عنه، وغانم بن أبي نصر البرجي، وأبي عليّ الحداد، وجماعة. روى عنه: يوسف بن خليل، وغيره. ومولده بعد الخمسمائة. وتوفي في ذي الحجة.
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد.)

(41/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 384
أبو محمد وأبو القاسم الرعيني، الأندلسي الشاطبي، الضرير، المقرىء. احد الأعلام، من جعل كنيته أبا القاسم لم يجعل له إسماً سواها. وكذلك فعل أبو الحسن السخاوي. والأصح أن اسمه القاسم وكنيته أبو محمد، كذا سماه جماعة كثيرة. وذكره ابن الصلاح في طبقات الشافعية. ولد في آخر سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة، وقرأ القراءآت بشاطبة على أبي عبد اللَّه بن محمد بن عليّ بن أبي العاص المقرىء النفري المعروف بابن اللايه، وارتحل إلى بلنسية فقرأ القرآن، وعرض التفسير حفظاً على أبي الحسن بن هذيل. وسمع منه، ومن: أبي الحسن بن النعمة، وأبي عبد اللَّه بن سعادة، وأبي محمد بن عاشر، وأبي عبد اللَّه بن عبد الرحيم، وأبي محمد عليم بن عبد العزيز، وأبي عبد اللَّه بن حميد. وارتحل ليحج، فسمع من: أبي طاهر السلفي، وغيره. وكان إماماً علاّمة، نبيلاً، محققاً، ذكياً، واسع المحفوظ، كثير الفنون، بارعاً في القراءآت وعللها، حافظاً للحديث، كثير العناية به، أستاذاً في

(41/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 385
العربية. وقصيدتاه في القراءآت والرسم مما يدل على تبحره. وقد سار بهما الركبان، وخضع لهما فحول الشعراء، وحُذّاق القراء، وأعيان) البلغاء. ولقد سهل بهما الصعب من تحصيل الفن، وحفظهما خلقٌ كثير. وقد قرأتهما على أصحاب أصحابه. وكان إماماً قُدوة، زاهداً، عابداً، قانتاً، منقبضاً، مهيباً، كبير الشأن. استوطن القاهرة، وتصدر للإقراء بالمدرسة الفاضلية، وانتفع به الخلق. وكان يتوقّد ذكاءً. روى عنه: أبو الحسن بن خيرة ووصفه من قوة الحفظ بأمر معجب. وروى عنه أيضاً: أبو عبد اللَّه محمد بن يحيى الجنجالي، وأبو بكر بن وضاح، وأبو الحسن عليّ بن هبة اللَّه بن الجُميزي، وأبو محمد عبد اللَّه بن عبد الوارث المعروف بابن فار اللبن، وهو آخر من روى عنه. وقرأ عليه القراءآت: أبو موسى عيسى بن يوسف بن إسماعيل المقدسي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن سعد الشافعي، وأبو الحسن عليّ بن محمد السخاوي، وأبو عبد اللَّه محمد بن عمر القُرطبي، والزين أبو عبد اللَّه محمد المقرىء الكردي، والسديد أبو القاسم عيسى بن مكي العامري، والكمال عليّ بن شجاع العباسي، الضرير، وآخرون. فحكى الإمام أبو شامة أن أبا الحسن السخاوي أخبره أن سبب انتقال الشاطبي من شاطبة إلى مصر، أنه أريد على أن يُولى الخطابة بشاطبة، فاحتج بأنه قد وجب عليه الحج، وأنه عازمٌ عليه، وتركها ولم يعد إليها تورعاً، لما كانوا يُلزمون به الخطباء من ذكرهم على المنابر بأوصافٍ لم يرها سائغةً شرعاً، وصبرَ على فقرٍ شديد. وسمع بالثغر من السلفي، ثم قدم القاهرة، فطلبه القاضي الفاضل

(41/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 386
للإقراء بمدرسته، فأجاب بعد شروطٍ اشترطها. وقد زار البيت المقدس قبل موته بثلاثة أعوام، وصام به شهر رمضان. قال السخاوي: أقطعُ بأنه كان مكاشفاً، وأنه سأل اللَّه تعالى كفاف حاله ماكان أحدٌ يعلم أيَّ شيءٍ هو. قال الأبار في تاريخه: تصدَّر للإقراء بمصر، فعظم شأنه، وبعُد صيته، وانتهت إليه الرئاسة في الإقراء. ثم قال: وقفتُ على نسخةٍ من إجازته، وحدَّث فيها القراءآت عن ابن اللايُه، عن أبي عبد اللَّه بن سعيد. ولم يحدث عن ابن هذيل.) قال: وتوفي بمصر في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة. قرأت على أبي الحسين اليونيني ببعلبك: أخبرك أبو الحسن بن الجميزي، أنا أبو القاسم الرعيني، أنا أبن هذيل، أنا أبو داود سليمان بن نجاح، أنا أبو عمر ابن عبد البر، أنا سعيد بن نصر: ثنا قاسم بن أصبغ، نا محمد بن وضاح، نا يحيى بن يحيى، ثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، أخبرني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه، عن جده قال: بايعنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على السمع والطاعة في اليسر والعسر، والمنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول بالحق حيث ما كنا، لا نخاف في اللَّه لومة لائم. أخرجه البخاري. ومن شعره:
(قلْ للأميرِ نصيحةً .......... لا تركننَّ إلى فقيهِ)

(41/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 387
(إن الفقيه إذ أتى .......... أبوا بكُم لاخيَر فيه)

4 (قيترمش المستنجدي)
أبو سعيد. أحد الأمراء الكبار. ولي شحنكية بغداد فهذ بها وقمع المفسدين. ثم أعطى دقوقا، فمرض بها، فجيء به إلى بغداد، فمات بظاهرها. فكتم أصحابه موته وأدخلوه، ثم أشاعوا موته، وحضره الأمراء وأرباب الدولة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن سعيد.)
أبو عبد اللَّه بن عروس الغرناطي، السلمي، سمع من: أبي الحسن بن الباذش، وأبي عبد اللَّه الموالشي، وأبي بكر بن الخلوف وقرأ عليه القراءات. وسمع من أبي بكر بن العربي أيضاً. وتصدر للإقراء ببلده، وإسماع الحديث. وولي الخطابة. وكان من أهل التجويد، والثقة، والضبط، والصلاح. أخذ الناس عنه كثيراً. وتوفي في منتصف رجب. وكان مولده في سنة تسعٍ وخمسمائة أو في حدودها.
4 (محمد بن احمد بن حامد.)
أبو البركات ابن الصائغ الحربي العامل.

(41/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 388
سمع بإفادة مؤدبه أبي البقاء محمد بن طبرزد من: عليّ بن طراد، وأبي منصور بن خيرون،) وجماعة. روى عنه: أحمد بن محمد بن طلحة، وغيرها. ومات في شوال.
4 (محمد بن أحمد بن عليّ بن محمد.)
أبو عبد اللَّه الأصبهاني، الجورتاني، الحمامي، الأديب، المعروف بالمصلح. ولد في سنة خمسمائة. وسمع من أبي عليّ الحداد، وأبي نهشل عبد الصمد بن أحمد العنبري، وسعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، وغيرهم. وحج سنة تسع وستين، فحدَّث ببغداد، وأخذ عنه عمر بن عليّ القرشي، والكبار، وعاد إلى إصبهان، وبقي إلى هذا الوقت. توفي في حادي عشر ربيع الآخر. وكان فقيهاً حنبلياً، أديباً، ذا زهد وعبادة، يختم كل يومٍ ختمة.
4 (محمد بت إبراهيم بن خلف.)
أبو عبد اللَّه بن الفخار المعافري، ولزمه واختص به، وأبا جعفر البطروجي،

(41/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 389
وأبا عبد اللَّه بن الأحمر، وأبا الحسن شريحاً، وأبا مروان بن مسرة، ومحمد بن محمد بن عبد الرحمن القرشي، وجماعة. قال أبو عبد اللَّه الأبار: كان صدراً في الحفظ، مقدماً، معروفاً، يسرد المتون والأسانيد، مع معرفةٍ بالرجال، ذكر للغريب. سمع منه. وحدث عنه أئمّة. وسمعت أبو سليمان بن حوط اللَّه يقول عنه: إنه حفظ في شبيبته سنن أبي داود السجستاني. وأما في مدة لقائي إياه، فكان يذكر صحيح مسلم، أو أكثره. قال الأبار: وذكر أبو جعفر بن عميرة أنه كان يحفظ صحيح مسلم، وكان موصوفاً بالورع والفضل، مسلماً له في جلالة القدر، ومتانة العدالة، استدعي إلى حضرة السّلطان بمراكش، ليسمع عليه بها، فتوفي هناك في شعبان. قلت: وولد سنة إحدى عشرة وخمسمائة.
4 (محمد بن الحسن بن محمد بن زرقان.)
) الفقيه أبو عبد اللَّه الشافعي. تلميذ أبي الحسن بن الخل. وقد أعاد لأبي طالب المبارك بن المبارك الكرخي. وشهد عند قاضي القضاء أبي طالب عليّ بن البخاري، وناب عنه في القضاء. وسمع من: أبي الوقت، وغيره. وتوفي رحمة اللَّه بنواحي خلاط في هذه السنة تقريباً.
4 (محمد بن عبد اللَّه بن عبد الرحيم.)

(41/389)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 390
صدر الدّين أبو بكر المراغي قاضي مراغة. كان من أعيان أهل بلده فضلاً وتقدماً. قدم بغداد، وسمع بها من: أبي البركات إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري، وغيره. ثم قدم بغداد سنة سبعٍ وسبعين حاجاً. وكان كثير المال والجاه والحشمة. وله اّثار حسنة من البر، لكنه كان يلبس الحرير والذهب، اللَّه يسامحه المسكين. توفي بمراغة، ونقل إلى مدينة الرسول صلى اللَّه عليه وسلم، فدفن برباط أنشأه بها.
4 (محمد بن عبد اللَّه بن محمد بن أبي زاهر.)
أبو عبد اللَّه البلنسي، الخطيب. قرأ القراءآت على ابن هذيل، وسمع منه، ومن ابن نعمة. وكان من أهل الصلاح الكامل، والورع التام. أقرأ القرآن طول عمره. وسمع منه: ابنة أبو حامد محمد، وغيره. وتوفي في ربيع الأول عن ثلاث وستين سنة.
4 (محمد بن عبد اللَّه بن الحسين بن عليّ بن نصر بن أحمد بن محمد بن جعفر.)
أبو الفتح، وأبو عبد اللَّه البرمكي، الهروي، الحنبلي. ولد سنة ثمانٍ وعشرين وخمسمائة. وسمع بهمذان من: أبي الوقت عبد الأول، وأبي الفضل أحمد بن سعد، وأبي المحاسن هبة اللَّه بن أحمد بن السماك.

(41/390)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 391
وببغداد من: أبي المعالي محمد بن محمد بن اللحاس، وابن البطي، وخلق. وبالثغر من السفلي. وأم بالحنابلة بالمحرم مدة. روى عنه: أبو الثناء حامد بن أحمد الأرتاحي، وغيره. وتوفي بمكة في حدود سنة تسعين.)
4 (محمد بن عبد الملك بن بونه بن سعيد.)
أبو عبد اللَّه العبدري، المالقي، نزيل غرناطة. ويعرف بابن البيطار. ولد سنة ستٍّ وخمسمائة. وسمع: أباه، وأبا محمد بن عتاب، وغالب بن عطيه، وأبا بحر بن العاص، وأبا الوليد بن طريف. وهو آخر من روى بالإجازة عن أبي عليّ بن سكرة الصدفي. روى عنه: أبو القاسم الملاحي، وآخرون. وتوفي في جمادى الأولى، ذكره الأبار. وكان أسند من بقي.
4 (محمد بن عليّ بن شعيب.)

(41/391)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 392
فخرج الدّين أبو شجاع بن الدهان البغدادي، الفرضي، الأديب، الحاسب. خرج من بغداد، وجال في الجزيرة، والشام، ومصر، وسكن دمشق مدة. وهو أول من وضع الفرائض على شكل المنبر، وجمع تاريخاً جيداً، وصنف غريب الحديث في عدة مجلدات. وكانت له يد طولى في النجوم، وحل الزيج، نسأل اللَّه العافية. وله أبيات في التاج الكندي. توفي فجأة بالحلة السيفية في صفر. روى عنه أبو الفتوح محمد بن عليّ الجلاجلي شيئاً من شعره. وقد مدح ملوكاً وأمراء. وكان من أذكياء بين آدم.
4 (محمد بن محمد بن سعد اللَّه بن القلاس.)
البغدادي، الكرخي، الشاعر المعروف بابن ملاوي، ويلقب قوس الندف. مدح الخلفاء والوزراء، وعاش دهراً وله مدائح في المستنجد باللَّه، وفي ابن هبيرة. وكان مستثقل الجملة. ذكره صاحب خريدة القصر وابن النجار، وأوردا من شعره.
4 (محمد بن الفقيه أبي جعفر هبة اللَّه بن يحيى بن البوقي.)

(41/392)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 393
الفقيه أبو العلا الواسطي، المعدل، كاتب الإنشاءآت في ديوان المجلس، عن الوزير أبي جعفر بن البلدي. ثم عاد إلى واسط بعد هلال أبي جعفر. توفي في ثاني عشر رمضان.
4 (المبارك بن أبي سعد عليّ بن هبة اللَّه بن احمد بن محمد بن علي.)
) أبو القاسم الكتاني، الواسطي. ولد سنة سبع وخمسمائة. وقرأ القرآن على عليّ بن عليّ بن شيران وسمع منه، ومن: أبي عليّ الحسن بن إبراهيم الفارقي، وأبي الحسن عليّ بن هبة اللَّه عبد السلام، والجلابي. وسمع ببغداد من: أبي القاسم بن السمرقندي، وغيره. وحدث بواسط. روى عنه: أبو عبد اللَّه الدبيثي، وغيره. وتوفي رحمه اللَّه في ربيع الأول.
4 (محمود بن أبي نصر محمد بن أحمد بن الحسين.)
الأديب، أبو الفتح الفروخي، الأواني، الكاتب. ولد سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة. له النظم والنثر. حدث بشيء من شعره. وأوانا على يوم من بغداد، وهي قرية كبليدة.

(41/393)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 394
4 (مفوز بن طاهر بن حيدرة بن مفوز.)
القاضي أبو بكر الشاطبي، قاضي شاطبة. سمع: أباه، وأبا الوليد بن الدباغ، وأبا عامر بن حبيب. وأخذ القراءآت عن: أبي الحسن بن أبي العيش، وابن أبي العاص النفري. وتفقه بأبي محمد بن عاشر، وغيره. وأجاز له السلفي. وكان فصيحاً، فاضلاً، حسن السمت. مات في شعبان عن ثلاثٍ وسبعين سنة.
4 (مكي بن الإمام أبي الطاهر إسماعيل بن عوف.)
الزهري، الفقيه، الزاهد، أبو الحرم، ابن شيخ المالكية بالإسكندرية. ولد سنة تسع عشرة وخمسمائة. وروى بالإجازة عن أبي عبد اللَّه الفراوي، وأبي الحسن عبد الغافر الفارسي، وذكر أن أبا بكر) الطرطوشي أجاز له. توفي في شعبان.
4 (حرف النون)

4 (نصر بن يحيى بن محمد بن عبد اللَّه بن حميلة.)
أبو السعود البغدادي، الحربي، المعروف بابن الشناء. ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة. وسمع من: هبة اللَّه بن الحصين، وأبي الحسن محمد بن القاضي أبي يعلى، وأبي بكر القاضي، وجماعة.

(41/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 395
وحدَّث. روى عنه: يوسف بن خليل، وأحمد بن أبي شريك. وتوفي في رجب. وسمع منه: مبارك بن مسعود الرصافي مسند أحمد بن حنبل.
4 (حرف الواو)

4 (الوليد بن محمد بن أحمد بن جهور.)
أبو محمد القرطبي. كبير الشهود المعدلين بقرطبة. كان فاضلاً متواضعاً على منهاج السلف. سمع من: أبي مروان بن مسرة، وأبي بكر بن سمجون. وعاش قريباً من ثمانين سنة، رحمه اللَّه.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الجبار بن يحيى بن يوسف.)
أبو بكر الأنصاري، المالقي، المعروف بالأبار. قاضي مالقة. ذكرها أبو عبد اللَّه الأبار في تاريخه فقال: كان جزلاً في أحكامه، مهيباً، ورعاً، فقيهاً، بصيراً بالشروط. سمع: أبا عبد اللَّه بن الأصبغ، وأبا جعفر بن عبد العزيز وأبا عبد اللَّه بن نجاح الذهبي) بقرطبة. ورحل إلى إشبيلية فسمع صحيح البخاري من أبي الحسن شريح. وسمع من: أبي بكر بن العربي. حدَّث عنه: أبو سليمان بن حوط اللَّه، وأبو يحيى بن هانئ، وغيرهما.

(41/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 396
وتوفي سنة تسعين في ذي الحجة، وله خمسٌ وثمانون سنة.
4 (يحيى بن منصور بن أبي القاسم.)
أبو زكريا البجائي، المالكي، الزاهد. حكى عنه الزاهد أبو النور عبد النور بن عليّ التميمي.
4 (مواليد السنة)
وفيها ولد: السيف يحيى بن الناصح ابن الحنبلي، والشرف سليمان بن بيمان الإربلي الشاعر. والشرف محمد بن محمد البكري، ومحمد بن مرتضى بن أبي الجود، والصفيّ خليل المراغيّ، والجمال ابن شعيب التميمي، وقاضي نابلس نجم الدّين محمد بن سالم القرشي، وعبد العزيز بن إسماعيل بن مسلمة الدمشقي.

(41/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 397
4 (وممن كان في هذا الوقت ولم تتصل بي وفاته)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عليّ بن أحمد.)
الأنصاري، أبو العباس ابن الفقيه السرقُطيّ. نزيل الإسكندرية. سمع: الكروخي، وابن ناصر، وجماعة. وحدَّث باليسير عن: أبي عبد اللَّه بن سعيد الداني ابن الفرس. وله شعر جيد. حدَّث عنه: أبو الحجاج ابن الشيخ، وعلي بن الفضل الحافظ، وأبو بكر بن عليّ الإشبيلي.) وكأنه توفي بعد الثمانين.
4 (إسحاق بن محمد بن إسحاق بن محمد بن هلال بن المحسن.)
أبو نصر بن الصابيء، الكاتب البغدادي. من بيت كتابة، وبلاغة، وترسُّل. كان شيخاً حسناً. قال ابن الدُّبيثي: توفي بعد الثمانين.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن منصور بن محمود.)

(41/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 398
البخاري، الحنفي، العلامة، شيخ الحنفية، قاضي خان الأوزجندي، صاحب التصانيف. رأيت مجلداً من أماليه في سنة سبعٍ، وسنة ثمانٍ، وسنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة. وسمع كثيراً من إمام ظهير الدّين حسن بن عليّ بن عبد العزيز، وإبراهيم بن اسماعيل الصفاري. روى عنه: العلامة جمال الدّين محمود بن أحمد بن عبد السيد الحصيري تلميذه.
4 (حرف الشين)

4 (شعيب بن الحسين.)

(41/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 399
أبو مدين الأندلسي، الزاهد، شيخ أهل المغرب رحمة اللَّه عليه. أصله من أعمال إشبيلية من حصن منتوجب. جال وساح وسكن بجاية مدةً، ثم سكن تلمسان. وكان كبير الصوفية والعارفين في عصره. ذكره أبو عبد اللَّه الأبار، ولم يؤرخ له موتاً وقال: كان من أهل العمل والاجتهاد، منقطع القرين في العبادة والنُّسك. قال: وتوفي بتلمسان في نحو التسعين وخمسمائة. وكان آخر كلامه: اللَّه الحي. ثم فاضت نفسه.
4 (حرف العين)

4 (عبد اللَّه بن عليّ بن خلف.)
المحاربي، الغرناطي، أبو محمد.) روى عن: أبيه، وشريح، وابن العربي. وعنه: سليمان بن حوط. وتوفي سنة بضعٍ وثمانين.
4 (عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه بن سفيان.)
التجيبي، الشاطبي، الفقيه، النحوي، قاضي لورقة. سمع: أبا الوليد بن الدباغ، وابن هذيل، وطبقتهما. وكان بليغاً مفوِّهاً، له النَّظم والنثر. روى عنه: أبو عيسى بن أبي السداد، وأبو الربيع بن سالم.

(41/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 400
بقي إلى حدود التسعين وخمسمائة.
4 (عبد اللَّه بن محمد بن عليّ بن وهب.)
القضاعي، المؤدب، أبو محمد الإشبيلي، نزيل سبتة. أخذ عن: أبي الحسن شريح، وعمرو بن بطال. وكان عارفاً بالقراءآت والنحو، جيد التفهم. أخذ عنه: أبو العباس العزفي والد صاحب سبتة.
4 (عبد الرحمن بن يحيى بن الحسين.)
أبو القاسم الأموي، الإشبيلي، الزاهد. روى عن: أبي محمد بن عتاب، وأبي القاسم الهوزني، وشريح، وجماعة. ونزل بجاية من المغرب، وألف الجمع بين الصحيحين وأتى فيه بالأسانيد. روى عنه: أبو ذر الخُشني، وغيره. وبالإجازة أبو عليّ الشلوبيني. قال الأبار: كان مقرئاً، محدثاً، زاهداً، ورعاً. قال الأبار: كان مقرئاً، محدثاً، زاهداً، ورعاً. توفي بعد الثمانين وخمسمائة.
4 (علي بن مسافر.)
الحليّ، الشيعي. عالم الشيعة وفقيههم بالحلة.) رحلت إليه الروافض من النواحي للأخذ عنه. وروى عن: العماد أبي جعفر الطبري، وغيره.

(41/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 401
وهلك بعد الثمانين.
4 (علي بن عبد اللَّه بن عبد الرحيم.)
الفهري، أبو الحسن البلنسي، المقرىْ. أخذ القراءآت عن ابن هذيل. وروى عن: أبي الوليد بن الدباغ، وطبقته. وكان صالحاً متقطعاً عن الناس. روى عنه: أبو الربيع بن سالم، وقال: توفي في حدود التسعين وخمسمائة.
4 (علي بن عبد الكريم بن أبي العلاء.)
أبو الكرم العطار، العباسي، الهمذاني، مسند همذان في وقته. كان بها في سنة خمسٍ وثمانين وخمسمائة في قيد الحياة، فحدث عن: فند بن عبد الرحمن الشعراني، وأبي غالب أحمد بن محمد العدل صاحب ابن شبابة، وجماعة. روى عنه عليّ بن إسفهسلاّر الرازي، والشمس أحمد بن عبد الواحد البخاري، والحافظ عبد القادر الرهاوي، وغيرهم. وسماعاته بعد الخمسمائة. أخبرنا إسماعيل بن المنادي، أنا أحمد بن عبد الواحد، أنا عليّ بن عبد الكريم بقراءتي، أنا أحمد بن محمد العدل سنة ستٍّ وخمسمائة، أنا عبد الرحمن بن محمد بن شبابة: ثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن عُبيد، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا أبو اليمان، ثنا عُفير، عن سلمان بن عامر، عن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه: لا يقطع الصلاة شيء. عُفير هو ابن معدان، كُنيته: أبو عائذ، ضعيف.

(41/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 402
4 (علي بن المظفر بن عباس.)
أبو الحسن الواسطي، المقرىء، خطيب ضافيا. قرأ بالروايات العشر على أبي العز القلانسي. وتصدّر للإقراء.) قرأ عليه القراءآت: أبو الحسن عليّ بن باسُويه، والموفّق عليّ بن خطاب بن مقلد الضرير.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن حزب اللَّه.)
الإمام أبو عبد اللَّه بن النقّار الفاسيّ. أخذ عن: أبي عبد اللَّه بن خليل، وجماعة. وكان فقيهاً، محدثاً، زاهداً. روى عنه: أبو الحسن بن القطان الحافظ، وتفقه به، وأجاز به، وأجاز له في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة.
4 (حرف الياء)

4 (يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد.)
أبو الوليد المخلدي، البقوي، القرطبي، والد أبي القاسم أحمد بن بقي. روى عن: جده أحمد بن محمد، وأبيه، وأبي بكر بن العربي، وشُريح بن محمد، وأبي القاسم بن رضا، وجماعة سواهم. حدَّث عنه: ابنه أبو القاسم، وأبو سليمان بن حوط اللَّه، وأبو زيد القازارني.

(41/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 403
وولي القضاء ببسكرة، بُليدة من بلاد الزّاب. قال الأبار: توفي بعد الثمانين وخمسمائة.
4 (يوسف بن عبد الرحمن بن جزء.)
أبو الحكم الكلبي، الغرناطي. روى عن: أبيه أبي بكر، وعمّ أبيه أبي الوليد بن جزء، وأبي الحسن بن الباذش، والقاضي أبي بكر بن العربي، والقاضي عياض، وجماعة. حدَّث عنه: ابنه أبو العباس. وتوفي في حدود التسعين.

(41/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 5
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الستّون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى وتسعين وخمسمائة)

4 (استلاء مؤيّد الدين على همذان)
أنبأنا ابن البزوريّ قال: في المحرَّم وصل الخبر على جناح طائرٍ باستيلاء الوزير مؤيَّد الدّين محمد بن القصّاب على همدان، وضربت الطُّبول.
4 (عناية الناصر بالحمام)
قلت: واعتنى الناصر لدين الله هذه المدّة بالحمام اعتناء عظيماً.
4 (انتهاب الريّ)
قال: وولىّ مؤيَّد الدّين كلَّ بلد أميراً، واجتمع بختلغ إنج فخلع عليه، واتّفقا على الخوارزميّة وقتالهم، فقصد الوزير دامغان وقصد خلتغ إنج الريّ فدخلها وتحصّن بها، وخالف فيها الوزير فحصره، ففارقها ختلغ إنج، ودخلها الوزير وأنهبها عسكر بغداد. ثمّ ولاّها فلك الدّين سنقر النّاصريّ.
4 (دخول خوارزم شاه همذان)
ثمّ سار فحارب ختلغ إنج، فانكسر ختلغ إنج ونجا بنفسه، ورجع الوزير فدخل همذان. فنفّذ خوارزم شاه يعتب على الوزير، ويتهدّده لما فعل

(42/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 6
في أطراف بلاده، فاستعدّ الوزير للملتقى، فتوفّي دون ذلك، وجيَّش خوارزم شاه، وقصد همذان، وحارب العسكر فهزمهم، ونبش الوزير ليشيع الخبر أنّه قتل في المعركة. ثم عاد إلى خراسان.
4 (تأمير كوكج على البهلواني)
ثمّ إنّ المماليك البهلوانيّة أمّروا عليهم كوكج، وملكوا الريّ وأخرجوا فلك الدّين سنقر.
4 (خروج العزيز لأخذ دمشق)
وفيها سار الملك العزيز من مصر ليأخذ دمشق، فبادر الملك الأفضل منها وساق إلى عمّه العادل، وهو بقلعة جعبر، وطلب نجدته، ثم عطف إلى أخيه الظّاهر يستنجده. فساق العادل وسبق الأفضل إلى دمشق، وقام معهما كبار الأمراء، فردّ العزيز منهزماً، وسار وراءه العادل والأفضل قين معهما من الأسديّة والأكراد، فلمّا رأى العادل انضمام العساكر إلى الأفضل) وقيامهم معه، خاف أن يملك مصر، ولا يسلّم إليه دمشق، فبعث في السّرّ إلى العزيز يأمره بالثَّبات، وأن يجعل على بلبيس من يحفظها، وتكفّل بأنّه يمنع الأفضل، فجهّز العزيز النّاصريّة مع فخر الدّين جركس، فنزلوا ببلبيس، وجاء الأفضل والعادل فنازلوهم، فأراد الأفضل مناجزتهم ودخول مصر، فمنعه العادل من الأمرين وقال: هذه عساكر الإسلام، فإذا قّتلوا في الحرب فمن يردّ العدوّ والبلاد بتحكّمك. وأخذ يراوغه. وجاء القاضي الفاضل في الصُّلح، ووقعت المطاولة، واستقرّ العادل بمصر عند العزيز، ورجع الأفضل.

(42/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 7
هذا ملخّص ما قاله ابن الأثير
4 (تجديد الهدنة)
وفي هذه المدّة جدّد العزيز الهدنة مع ملك الفرنج كندهري، وزاد في المدّة ثم لم يلبث كندهري أن سقط من مكان بعكّا فمات، واختلفت أحوال الفرنج قليلاً.
4 (سوء تدبير الوزير ضياء الدين)
قال ابن واصل وغيره: لمّا عزم العزيز على قصد الشّا ثانياً، أشار العُقلاء على الملك الأفضل بملاطفة أخيه العزيز، ولو فعل لصلح حاله وأرضى منه العزيز بإقامة السّكّة والخطبة له بدمشق، لكن قبل ما أشار به وزير الضّياء بن الأثير، من اعتصامه بعمّه العادل والالتجاء إليه، وكان ذلك من فاسد الرأي، حتّى استولى عمه على الأمر، وغلب على السَّلطنة.
4 (إقبال الأفضل على الزهد)
ولمّا رجع الأفضل من بلبيس أقبل أيضاً على الزُّهد والعبادة وفوّض الأمور إلى ابن الأثير، فاختلّت به غاية الاختلال.
4 (قدوم ابن شملة بغداد)
وفيها قدم بغداد شمس الدّين عليّ بن سوسيان بن شملة، ومعه نساء أبيه وجواريه، فتلقّى بالموكب الشريف. وكان صبيّاً بديع الجمال، تضرب بحسنه الأمثال.

(42/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 8
وقال أبو شامة: فيها قدم العزيز إلى الشّام أيضاً ونزل على الغوار، ثمّ رحل إلى مصر لمّا سمع بقدوم العساكر مع عمّه العادل وأخيه الأفضل، فتبعاه إلى مصر، وخرج القاضي الفاضل فأصلح الحال، فدخل العادل مصر مع العزيز وأقام عنده، وردّ الملك الأفضل إلى دمشق.)
4 (وقعة الزّلاّقة بالمغرب)
وفيها كانت بالمغرب وقعة الزّلاّقة، وكانت ملحمة عظيمة بين يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، وبين الفنش ملك طليطلة لعنه الله تعالى. كان الفنش قد استولى على عامّة جزيرة الأندلس، وقهر ولاتها، وكان يعقوب ببرّ العدوة مشغولاً عن نصره أهل الأندلس بالخوارج الخارجين عليه، وبين الأندلس وبين سبتة كان أدقّ ما يكون من عرض البحر، وعرضه ثلاثة فراسخ، ويسمى العدوة، وزقاق سبتة، وغير ذلك. ومنه دخل المسلمون في المراكب لمّا افتتحوا الأندلس في دولة الوليد بن عبد الملك. واستصرى الفونش واستفحل أمره، واتّسع ملكه، وكتب إلى يعقوب ينخّيه في الدّخول إليه، فأخذته حميّة الإسلام، وسار فنزل على زقاق سبتة، وجمع المراكب وعرض جيوشه، فكانوا مائة ألف مرتزقة، ومائة ألف مطَّوّعة، وعدّوا كلُّهم، ووصل إلى موضع يقال له الزّلاّقة وجاءه الفنش في مائتي ألف وأربعين ألفاً، فالتقوا، فنصر الله دينه، ونجا الفونش في عددٍ يسير إلى طليطلة، وغنم المسلمون غنيمةً لا تحصى. قال أبو شامة: كان عدّة من قتل من الفرنج مائة ألف وستة وأربعين ألفاً وأسر ثلاثون ألفاً، وأخذ من الخيام مائة ألف خيمة وخمسون ألفاً، ومن

(42/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 9
الخيل ثمانون ألف رأس، ومن البغال مائة ألف، ومن الحمير أربعمائة ألف حمار، تحمل أثقالهم، لأنّهم لا جمال عندهم، ومن الأموال والجواهر والقماش ما لا يحصى. قال: وبيع الأسير بدرهم، والسّيف بنصف، والحصان بخمسة دراهم، والحمار بدرهم. وقسّم يعقوب الملقّب بأمير المؤمنين الغنائم على مقتضى الشّريعة فاستغنوا للأبد. وأمّا الفنش فوصل بلده على أسوأ حال، فحلق رأسه ونكّس صليبه، وآلى أن لا ينام على فراشه ولا يقرب النّساء، ولا يركب حتّى يأخذ بالثّأر. وأقام يجمع من الجزائر والبلاد ويستعدّ. قال: وقيل إنّما كانت هذه الوقعة في سنة تسعين، وهذا وهم، إنّما كانت في سنة إحدى وتسعين في تاسع شعبان.

(42/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 10
4 (سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة)

4 (تيابة ابن البخاري بالوزارة)
فيها استنيب في الوزارة قاضي القضاة أبو طالب عليّ بن عليّ البخاريّ)
4 (ولاية طاشتكين خوزستان)
وفيها أفرج عن الأمير مجير الدّين طاشتكين الحاجّ، وولّي بلاد خوزستان، ووسم بالملك، وأنعم عليه بكوسات وأعلام.
4 (دخول العزيز وعمّه دمشق)
وقال أبو شامة: وفيها قدم الملك العزيز ثالثاً إلى الشّام ومعه عمّه الملك العادل. قلت: فحاصرا دمشق مدّةً يسيرة، ووقعت المخامرة من عسكر دمشق ففتحوا الأبواب، ودخل العزيز والعادل في رجب. قال ابن الأثير: كان أبلغ الأسباب في ذلك وثوق الأفضل بعمّه، وقد بلغ من وثوقه أنّه أدخله بلده وهو غائب عنه. وقد كان أرسل إليه أخوه

(42/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 11
الظّاهر يقول: أخرج عمّنا من بيننا، فإنّه لا يجيء علينا منه خير، وأنا أعرف به منك، وأنا زوج ابنته. فردّ عليه الأفضل: أنت سّيء الظّنّ، وأيّ مصلحة لعمّنا في أن يؤذينا ولمّا تقرّر العادل بمصر استمال الملك العزيز، وقرّر معه أن يخرج إلى دمشق، ويملك دمشق ويسلّمها إليه، فسار معه وقصدوها، واستمالوا أميراً فسلِّم إليهم باب شرقيّ، وفتحه ودخل منه العادل ووقف العزيز بالميدان. فلمّا رأى الأفضل أنّ البلد قد ملك، خرج إلى أخيه ودخل به البلد، واجتمعا بالعادل وقد نزلا في دار أسد الدّين شيركوه، فبقيا أياماً كذلك، ثمّ أرسلا إلى الأفضل ليتحول من القلعة، فخرج وسلَّ القلعة إلى أخيه. قلت: رجع العزيز إلى مصر، وأقام العادل بدمشق، فتغلّب عليها، وأخرج أولاد أخيه صلاح الدّين عنها، وأنزل الأفضل في صرخد. وقال أبو شامة: انفصل الحال على أن خرج الأفضل إلى صرخد وتسَّلم البلد الملك العزيز، وسلّمها إلى عمه، وأسقط ما فيها من المكوس، وبقيت بها الخطبة والسّكة باسم الملك العزيز. وقال في الروضتين: فيها نزل العزيز بقلعة دمشق، ودخل هو وأخوه الأفضل متصاحبين إلى الضريح النّاصريّ، وصلّى الجمعة عند الضريح والده. ودخل دار الأمير في جوار التُّربة، وأمر القاضي محيي الدّين أن يبنيها مدرسةً للتربة، فهي المدرسة العزيزية. ووقف عليها قرية محجّة.

(42/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 12
قلت: ما أحسن قول ملك البلاغة القاضي الفاضل رحمه الله ورضي عنه: أمّا هذا البيت فإنّ) الآباء منه اتَّفقوا فملكوا، وأنّ الأبناء منه اختلفوا فهلكوا، إذا غرب نجم فما في الحيلة تشريفه، وإذا خرق ثوبُ فما يليه إلاّ تمزيقهُ، وإذا كان الله مع خصم فمن يطيقه قال أبو شامة: وأخذت قلعة بصرى من الملك خضر ابن صلاح الدّين، أخذها أخوه.
4 (هبوب ريح سوداء)
قال: وفيها بعد خروج النّاس من مكّة هبّت ريح سوداء عمت الدنيا، ووقع على الناس رملٌ أحمر، ووقع من الركن اليمانّي قطعة، وتجرّد البيت مراراً.
4 (طلب خوارزم شاه السلطنة ببغداد)
ومن خبر خوارزم شاه أنه كان قد قطع جيحون في خمسين ألفاً، ثمّ وصل همذان وشحن على البلاد إلى باب بغداد، وبعث إلى الخليفة يطلب السًّلطنة، وإعادة دار السّلطنة إلى ما كانت، وأن يجيء إلى بغداد، وأن يكون الخليفة من تحت يده كما كانت الملوك السَّلجوقية. فانزعج الخليفة وأهل بغداد، وغلت الأسعار.
4 (حصار طليطلة)
قال: وفيها كانت وقعة أخرى ليعقوب بن يوسف مع الفنش. وكان الفنش قد حشد وجمع جمعاً أكثر من الأوّل، ووقع المصاف، فكسره

(42/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 13
يعقوب، وساق خلفه إلى طليطلة ونازلها، وضربها بالمنجنيق، وضيّق عليها ولم يبق إلاّ أخذها، فخرج إليه والده النفش وبناته وحريمه، وبكين بين يديه وسألنه إبقاء البلد عليهنّ، فرقّ لهنّ بالبلد. ولو فتح طليطلة لفتح إلى مدينة النّحاس. وعاد إلى قرطبة وقسّم الغنائم، وصالح الفنش مدّة وقيل: إنّ هذه الوقعة كانت في سنة إحدى وتسعين. وفيها وفي الّتي قبلها عاث ابن غانية الملثَّم، وخلت له إفريقيّة، وكان بالبرّية مع العرب، فعاود إفريقية، وخرّبت عساكره البلاد. فلهذا صالح يعقوب الفرنج ورجع إلى المغرب لحرب الملثَّم.

(42/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 14
4 (سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة)

4 (إكرام أبي الهيجاء السمين ببغداد)
فيها وصل الأمير أبو الهيجا الكرديّ، المعروف بالسّمين. كان مفرط السُّمن، ومن أعيان أمراء الشّام. ترك خدمة الملك العزيز عثمان بن صلاح الدّين وقدم بغداد، فتلقّي وأكرم، وبالغوا في احترامه.)
4 (اعتقال أبي الهيجاء)
ثمّ جرت من أجناده ناقصة لمّا جرّدبوا عسكر الدّيوان، فكان هو ببغداد فاعتقل.
4 (سلطنة العزيز بمصر والشام)
وفيها خطب وضربت السّكّة للملك العزيز، كما خطب له هام أوّل بدمشق، وتمّت له سلطنة مصر والشّام، مع كون عمّه العادل صاحب دمشق، وأخيه صاحب حلب.
4 (قطع بركة المسافة من واسط إلى بغداد)
وفي جمادى الآخرة جرى بركة السّاعي من واسط إلى بغداد في يوم وليلة، وهذا لم يسبق إلى مثله، وخلع عليه سنيّة، وحصل له مال.

(42/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 15
4 (وفاة أبي الهيجاء)
ثم خلع على أبي الهيجاء السّمين، وأمر أن ينزل بهمذان، ونوفّي بعد شهر.
4 (توجّه الرسول إلى غزنة)
وفيها توجّه مجير الدّين الحسن بن الربيع رسولاّ إلى شهاب الدّين الغوريّ صاحب غزنة.
4 (انقضاض كوكب)
أنبأنا ابن البزوري: قال: وأنقضّ في شوّال كوكب عظيم سمع لانقضاضه صوتٌ هائل، واهتزّت الدُّور والأماكن، فاستغاث الناس، وأعلنوا بالدّعاء، وظنّوا ذلك من أمارات القيامة.
4 (مقتل ملك اليمن)
قال: وفيها ملك إسماعيل بن سيف الإسلام طغتكين بلد اليمن بعد أبيه، وأساء في ولايته، وادّعى أنّه فرشيّ، وخطب لنفسه وتسمّى بالهادي، ثم قتل.
4 (فتح يافا)
قال أبو شامة: وفي شوّالها فتح العادل يافا عنوةً وأخربها، وكان قد

(42/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 16
أتاها أربعون فارساً نجدةً، فلما عاينوا الغلبّة دخلوا الكنيسة وأغلقوا بابها، ثم قتل بعضهم بعضاً، فكسر المسلمون الباب فوجدوهم صرعى، وهذا ثالث فتح لها، لأنّها فتحت أيّام بيت المقدس، ثم استرجعها الإنكليز، ثم أخذها ثاني مرّة صلاح الدّين، ثم افتتحها في هذا الوقت الملك العادل، ثمّ ملكتها الفرنج، ثمّ افتتحها السّلطان النّاصر رابعاً، ثم خرِّبت.
4 (كتاب الفاضل يصف البرق والريح)
) كتب الفاضل إلى محيي الدّين الزكيّ يقول: وممّا جرى من المعضلات بأس من الله طرق ونحن نيام، وظنّ النّاس أنّه اليوم الموعود، ولا يحسب المجلس أنّي أرسلت القلم محرِّفاً، فالأمر أعظم، ولكنّ الله سلَّم. أنّ الله تعالى أتى بساعةٍ كالسّاعة، كادت تكون للدّنيا السّاعة، في الثّلث الأوّل من ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الآخرة، أتى عارض فيه ظلمات متكاثفة وبروق خاطفة، ورياح عاصفة، قوي الهواء بها، واشتدّ هبوبها، وارتفعت لها صعقات، فرجفت الجدران، واصطفقت، وتلاقت على بعدها، واعتنقت، وثار عجاج، فقيل: لعلّ هذه قد انطبقت. وتوالت البروق على نظام، فلا يحسب إلاّ أنّ جهنّم قد سال منها وادٍ، وزاد

(42/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 17
عصف الريح إلى أن تغطت النُّجوم، وكانت تسكن وتعود عوداً عنيفاً، ففرّ النذاس والنّساء والأطفال، وخرجوا من دورهم لا يستطيعون حيلةً، ولا يهتدون سبيلاً، بل يستغيثون ربّهم، ويذكرون دينهم. ولا يستغربون العذاب، لأنّهم على موجباته مصرون وفي وقت وقوع واقعاته باستحقاقه مقرون معتصمين بالمساجد الجامعة، وملتقين الآية النّازلة من السّماء بالأعناق الخاضعة، بوجوهٍ عانية، ونفوسٍ عن الأموال والأهل سالية. وقد انقطعت من الحياة علقهم، وعميت عن النجاة طرقهم، فدامت إلى الثّلث الأخير وأصبح كلٌّ يسلِّم على رفيقه بسلامة طريقه، ويرى أنّه بعث بعد النّفخة وأفاق بعد الصَّرخة. وتكشَّر عدّة مراكب في البحار، وتقلّعت الأشجار الكبار، ومن كان نائماً في الطُّرق من المسافرين دفنته الرّيح حياّ، وركب فما أغنى الفرار شيئاً، والخطب أشقّ، وما قضيت بعض الحقّ. فما من عباد الله من رأى القيامة عياناً إلاّ أهل بلدنا، فما اقتضّ الأوّلون مثلها في المثلات، والحمد لله الذّي جعلنا نخبر عنها ولا تخبر عنّا. في كلام طويل.
4 (أخذ الفرنج بيروت)
وفيها أخذت الفرنج بيروت، وكان أميرها الأمير عزّ الدّين سامة لمّا سمع بوصول العدوّ إلى صيدا هرب، فملكها الفرنج ثاني يوم. وفيه صنِّف:
(سلِّم الحِصنَ ما عليكَ مَلامَةْ .......... ما يُلام الّذي يرومُ السّلامهْ)

(فَعَطاءُ الحصونِ من غير حربٍ .......... سنَّةٌ سنَّها ببيروتَ سامهْ)

(42/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 18

(42/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 19
4 (سنة أربع وتسعين وخمسمائة)

4 (نزول الفرنج على تبنين)
فيها نزلت الفرنج على تبنين، وقدم منهم جمع كبير في البحر، فانتشروا بالسّاحل، وكثروا،) وخاف الناس، فنفّذ الملك العادل صاحب دمشق القاضي محيي الدّين إلى صاحب مصر الملك العزيز مستصرخاً، فجاء العزيز، فترحّل الفرنج بعد أن قرِّرت معهم الهدنة خمس سنين وثمانية أشهر.
4 (الحج من الشام)
وحجّ بالنّاس من الشام قراجا
4 (ملك خوارزم شاه بخارى)
وفيها ملك علاء الدّين خوارزم شاه، واسمه تكش بن أيل رسلان بخارى، وكان لصاحب الخطأ، وجرى له معهم حروبٌ وخطوب، وانتصر عليهم، وقتل خلقاً منهم، وساق وراءهم، ثم حاصرهم مدّة، وافتتحها عنوة، وعفى عن الرعيّة، وكان يقع في مدّة الحصار بين الفريقين سبّ. وتقول الخوارزمية: يا أجناد الكفّار أنتم تعينون الخطأ علينا، أنتم مرتدّة.

(42/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 20
وكان خوارزم شاه أعور، فعمد بخارى إلى كلب أعور، وألبسوه قباءً ورموه في المنجنيق عليهم، وقالوا: هذا سلطانكم تكش.
4 (موت أمير القدس)
وفيها مات سنقر الكبير أمير القدس. وولي بعده صارم الدّين خطلوا الفرُّخشاهيّ.
4 (ملك أرسلان شاه الموصل)
وفيها سار ملك الموصل نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود فنازل نصيبِّين، وأخذها من ابن عمّه قطب الدّين، فسار إلى الملك العادل واستجار به، فسار معه بعسكره، وقصدا نصيبين فتركها أرسلان شاه وسار إلى بلده ودخلها قطب الدين فدخل نصيبين شاكراً للعادل. وأراد الرجوع في خدمته إلى دمشق فردّه.
4 (منازل ماردين)
ونازل العادل ماردين، وحاصرها أشهراً، وملك ربضها، ثمّ رحل عنها.

(42/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 21
4 (سنة خمس وتسعين وخمسمائة)

4 (عصيان نائب الريّ)
في ربيع الأوّل قصد علاء الدّين خوارزم شاه الريّ، وكان قد عصى عليه نائبة بها، فحاصره وظفر به، وهمَّ بقتله، ثم حبسه.)
4 (لبس خوارزم شاه خلعة الخليفة)
وفيه نفّذ الخليفة إلى علاء الدّين خوارزم شاه تشريفاً وتقليداً بما في يده من الممالك، فقبل الأرض ولبس الخلعة.
4 (مقتل الوزير نظام الملك)
ثم سار وفتح قلعة من قلاع الأسماعيلية على باب قزوين، وحصر ألموت، ثم عاد، فوثبت على وزيره نظام الملك مسعود بن علي فقتلوه.
4 (مقتل رئيس الشافعية)
وقتلت الإسماعيليّة في حصار الألموت رئيس الشّافعيّة صدر الدّين محمد بن الوزّان.

(42/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 22
4 (عمارة سور ثان بغداد)
وفيها تقدم بعمارة سور ثان على بغداد، وجدّوا في بنائه إلى أن فرع.
4 (سلطنة محمد بن يعقوب المغرب والأندلس.)
وفيها ولي سلطنة المغرب والأندلس محمد يعقوب بن عبد المؤمن بعد موت ولده.
4 (الإفرانج عن سبط ابن الجوزي)
وفي وسط السّنة أخرج أبو الفرج بن الجوزيّ من سجن واسط مكرَّماً وتلقاه الأعيان وخلع عليه وأذن له في الجلوس فجلس وكان يوماً مشهوداً.
4 (فتنة الفجر الرازي بخراسان)
وفيها كانت بخراسان الفتنة الهائلة للفجر الرّازيّ صاحب التّصانيف. أنبأني ابن البزوريّ قال: سببها أنّه فارق بهاء الدّين صاحب باميان وقصد غياث الدّين الغوريّ خال بهاء الدّين، فالتقاه وبخّله وأنزله، وبنى له مدرسة، وقصده الفقهاء من النواحي فعظم ذلك على الكرامية وهم خلق بهداة وكان أشدّ النّاس عليه ابن عم غياث الدين وزوج بنته، وهو الملك ضياء الدين، فاتفق حضور الفقهاء الكراميّة، والحنيفيّة والشّافعية، وفيهم

(42/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 23
فخر الدّين الرّازيّ، والقاضي مجد الدّين بن عبد المجيد بن عمر القدوة، وكان محترماً، إماماً، زاهداً، فتكلم الفخر، فاعترضه ابن القدوة، واتّسع الجدال والبحث وطال، فنهض السّلطان غياث الدين، واستطال الفجر على ابن القدوة بحيث أنّه شتمه وبالغ في إهانته، وانقضى المجلس، فشكا الملك ضياء الدّين إلى ابن عمّه ما جرى من الفجر بعد انقضاء المجلس، وذم الفجر ونسبه إلى) الزندقة والفلسفة، فلم يحتفل السّلطان بقوله، فلمّا كان من الغد جلس ابن عمّ المجد بن القدوة في الجامع للوعظ فقال: لا إله إلاّ الله ربنّا آمنّا بما أنزلت واتَّبعنا الرسول فاكتبنا مع الشّاهدين. أيّها الناس إنّا لا نقول إلاّ ما صحّ عندنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما قول أرسطاطاليس، وكفريّات ابن سينا، وفلسفة الفارابيّ، فلا نعلمها، فلأيّ شيء يشتم بالأمس شيخ من شيوخ الإسلام يذبّ عن دين الله وبكى، فضجّ النّاس، وبكى الكرّاميّة، واستغاثوا، وثار النّاس من كلّ جانب واستعرت الفتنة، وكادوا يقتتلون ويجري ما يهلك به خلق كثير، فبلغ ذلك السّلطان، فأرسل الأجناد وسكّنهم ووعدهم بإخراج الفجر، وأحضره وأمره بالخروج.
4 (الفتنة بدمشق)
وفيها كانت بدمشق فتنة الحافظ عبد الغنيّ بينه وبين الأشعرية، وهمّوا بقتله. ثم أخرج من دمشق. وتفصيل ذلك في ترجمته إن شاء الله تعالى.
4 (موت الملك العزيز)
وفي أوّلها مات الملك العزيز.

(42/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 24
4 (النزاع بين الأمراء الأيوبييّن)
وكان سيف الدّين أركش، الأسدي بالصّعيد، فقدم القاهرة فوجد الملك المنصور سلطاناً، وقد استولى فجر الدّين شركس على الأمور، فحلّف أركش الأمراء على أن يسلطنوا الأفضل، وأرسلوا النجب بالكتب إليه وانعزل عنهم شركس، وزين الدّين قراجا، وقر اسنقر، ثم لما قرب من مصر هربوا إلى القدس. فسار الأفضل من صرخد ودخل مصر، فأخذ ابن العزيز وصار أتابكه، وسار بالجيوش فحاصر دمشق وبها العادل قد ساق على البريد من ماردين، وترك عليها الجيش مع والده الكامل، ودخل دمشق قبل أن يصل الأفضل بيومين. وأحرق جميع ما كان خارج باب الجابية من الفنادق والحوانيت، وأحرق النَّيرب وأبواب الطّواحين، وقطعت الأنهار، واشتد الأمر، وأحرقت بيادر غلّة حرستا. ودخل الأفضل من باب السّلامة، وضجّت العوام بشعاره، وكان محبوباً إلى النّاس، وبلغ الخبر العادل، فكاد يستسلم فتماسك، ووصل الذين دخلوا

(42/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 25
إلى باب البريد، وكانوا قليلين، فوثب عليهم أصحاب العادل وأخرجوهم. ثمّ قدم صاحب حلب، وصاحب حمص، وهمّموا بالزَّحف. ثم قويّ) العادل بمجيء الأمراء الذين كانوا بالقدس، وضعف الأفضل. ثم وقعت كبسة على عسكره المصريّين. وبقي الحصار إلى سنة ستٍّ وتسعين.
4 (ظهور الدّعيّ بدمشق)
وفيها ظهر بدمشق الدّاعي العجميّ المدّعي أنه عيسى بن مريم، وأفسد طائفة وأضلهم، فأفتى العلماء بقتله، فصلبه الصّارم برغش العادليّ.
4 (قيام العامّة على الرافضة بدمشق)
وفيها قامت العامّة على الرّافضة، وأخرجوهم إلى باب الصّغير من دمشق، ونبشوا وثّاباً المرحّل من قبره، وعلّقوا رأسه مع كلبين ميّتين
4 (ولاية ابن الشهرزوري القضاء)
وفيها ولّي قضاء القضاة بالعراق ضياء الدّين أبو القاسم بن الشّهرزوريّ

(42/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 26
4 (سنة ست وتسعين وخمسمائة)

4 (وفاة السلطان خوارزم شاه)
فيها مات السّلطان علاء الدّين خوارزم شاه تكش، وقام بعده ابنه محمد.
4 (حصار دمشق)
وفيها كان الملك الأفضل والملك الظّاهر على حصار دمشق، والعساكر جاثمة بمنزلتهم، قد حفروا عليها خندقاً من أرض اللّوان إلى يلدا احترازاً من مهاجمة الدّمشقييّن لهم. وعظم الغلاء بدمشق، وزاد البلاء، وكادت أن تعدم الأقوات بالكلية، ونفذت أموال الملك العادل على الأمراء والجند، وأكثر الإستدانة من التّجّار والأكابر. وكان يدبّر الأمور بعقل ومكر ودهاء، حتّى تماسك أمره. ثم فارقه جماعة أمراء، فكتب إلى ابنه الكامل: أن أسرع إليَّ بالعساكر، وخذ من قلعة جعبر ما تنفقه في العساكر. فسار الكامل ودخل جعبر، وأخذ منها أربعمائة ألف دينار، وسار إلى دمشق، وتوانى الأخوان عن معارضته، فدخل البلد

(42/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 27
وقوي به أبوه، وضعف أمر الظّاهر والأفضل، ووقع بينهما على مملوك للظّاهر كان مليحاً أخذه الأفضل وأخفاه. ثم رحل الأفضل والظّاهر إلى رأس الماء وافترقا. وهجم الشّتاء، وردّ الأفضل إلى مصر، والظّاهر إلى حلب. فخرج العادل يتبع الأفضل، فأدركه عند الغرابيّ من رمل مصر، ودخل) العادل القاهرة، فرجع الأفضل إلى صرخد منحوساً.
4 (إكرام ابن أخي خوارزم شاه)
وكان في أوّل السّنة قد وصل ابن أخي السّلطان خوارزم شاه مستغفراً عن عمه ممّا أقدم عليه من مواجهة الدّيوان بطلب الخطبة، فأكرم موره.
4 (رفع الحصار عن دمشق)
قال القاضي جمال الدّين بن واصل: ثم سار الأفضل والظّاهر إلى رأس الماء، وعزما على المقام به إلى أن ينسلخ، فتواترت الأمطار، وغلت الأسعار، فاتفقا على الرحيل وتأخير الحصار إلى الربيع.
4 (الحرب بين الأفضل والعادل)
ودخل الأفضل مصر، وتفرق عسكره لرعي دوابّم، بعد أن خامر منهم طائفة كبيرة إلى العادل. ورحل العادل فدخل الرمل، فرام الأفضل جمع العساكر، فتعذّر عليه، فخرج في عسكر قليل، ونزل السّائح، وعمل المصافّ

(42/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 28
مع عمّه، فانكسر وولى، والمصريّون منهزمين، وكان بعضهم مخامرين وتخاذلوا عنه. فاضطرّ إلى أن ترك مصر، وتعوَّض بميَّافارقين، وحاني وسميساط. ودخل العادل القاهرة في الحادي والعشرين من ربيع الآخر واجتمع به الأفضل، ثم سافر إلى صرخد.
4 (ملك العادل الديار المصرية)
ثم طلب العادل ابنه الكامل، وملك الدّيار المصرّية، وجعل ابنه الكامل نائباً عنه، فناب عنه قريباً من عشرين سنة، ثمّ استقلّ بالملك بعده عشرين سنة وأشهراً. وأنبأنا ابن البزوريّ قال: في ربيع الآخر التقى عسكر العادل وعسكر الأفضل، فانهزم عسكر الأفضل وهو إلى القاهرة، فساق العادل ونزل محاصراً القاهرة، فأرسل الأفضل إلى عمّه يقنع منه ببعض بلاده، فقال للعادل: أريد دمشق، فلم يجبه. ثم آل الأمر إلى أن رضي بميّافارقين وخرج من مصر، ودخلها العادل فعمل أتابكيّة الملك المنصور عليّ بن العزيز، ثم لم يبرح يتلطف ويتألف الأمراء إلى أن ملك الدّيار المصرية، وخطب لنفسه وقال: هذا صبيّ يحتاج إلى المكتب ثم قطع خطبة الصَّبي.

(42/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 29
4 (وصول رسول الملثّمين إلى بغداد)
) وفيها قدم بغداد من المغرب رسول الملثّمة ومن مخدومة إسحاق بن يحيى بن إسحاق بن عانية الملثَّم المايرقي الخارج على بني عبد المؤمن، فتلقّي بالموكب الشّريف، وأخبر أن مرسله أقام الدّعوة للخليفة ببلاده بلاد المغرب. أنبأني ابن البزوريّ قال: أنّ الرسول المذكور كان ملثّماّ لا يظهر منه سوى عيينة. وأقام ببغداد أيّاماً، وأعطي لواء أسود وخلعاً، وأعيد إلى مرسله
4 (الحج العراقي)
وحجّ من العراق بالنّاس سنقر النّاصريّ، ويعرف بوجه السَّبع.
4 (حضور الملك الكامل إلى مصر)
ولمّا تمكن السّلطان الملك العادل سيف الدّين أبو بكر من مملكة مصر سيَّر الأميرين علم الدّين كرجيّ، وأسد الدّين سراسنقر ليحضرا ولده الملك الكامل إلى القاهرة في أواخر رمضان من السّنة. وخرج العادل بأمراء الدّولة المصريّة بأن يبرزوا معه ليسيروا إلى خلاط، وحثهم على ذلك.
4 (سلطنة الكامل على مصر)
فلما كان سابع عشر شوّال ركب بالسّناجيق والسّيوف المجذَّبة في الدَّست، فلم يجسر أحد من الأمراء أن ينطق. وأمر الخطباء فخطبوا باسمه كما ذكرنا. ثمّ لم يلبث إلاّ أياماً يسيرة حتّى سلطن ولده الملك الكامل على الدّيار المصرية.

(42/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 30
وقدم عليه أخوه لأمة صاحب المدرسة الفلكيّة بدمشق فلك الدّين سليمان بن سروة بن جلدك.
4 (نقص النيل واشتداد البلاء بمصر)
وفيها كان نقص النّيل، والغلاء والوباء المفرط، وخرجت ديار مصر، وجلا أهلها، عنها، واشتد البلاء في سنة سبع، وأكلوا الجيف، ثم أكلوا الآدميّين. ومات بديار مصر أمم لا يحصيهم إلاّ الله. وكسر النّيل من ثلاثة عشر ذراعاً إلا ثلاثة أصابع. وقيل لم يكمل أربعة عشر ذراعاُ.

(42/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 31
4 (سنة سبع وتسعين وخمسمائة)
أخبار الغلاء الفاحش في مصر وأكل الناس بعضهم بعضاً قال الموفّق عبد اللّطيف: دخلت سنة سبعٍ مفترسة لأسباب الحيا، ويئسوا من زيادة النّيل، وارتفعت الأسعار، وأقحطت البلاد، وضوى أهل السواد والريف إلى الأمّهات البلاد، وجلى) كثير إلى البلاد النّائية، ومزِّقوا كلَّ ممزَّق. ودخل منهم خلق إلى القاهرة، واشتدّ بهم الجوع، ووقع فيهم الموت عند نزول الشّمس الحمل. ووبيء الهواء، وأكلوا الميتات والبَعر. ثمّ تعدّوا إلى أكل الصِّغار، وكثيراً ما يُعثر عليهم ومعهم صِغار مشويّون أو مطبوخون، فيأمر السّلطان بإحراق الفاعل. رأيت، صغيراً مشوياً مع رجل وامرأة أُحضرا فقالا: نحن أبواه. فأمر بإحراقهما. ووُجد بمصر رجل قد جُرّدت عظامه وبقي قَفصاً. وفشى أكل بني آدم واشتهر ووّجِد كثيراً. وحكى لي عدّة نساء أنّه يتوثَّب عليهنّ، لاقتناص أولادهنّ ويُحامين عليهنّ بجهدهنّ. ولقد أُحرِق من النّساء بمصر في أيّامٍ يسيرة ثلاثون امرأة، كلٌّ منهنّ تُقِرّ أنّها أكلت جماعة. ورأيت امرأة أُحضرت إلى الوالي وفي عنقها طفلٌ مَشوِيّ، فضُرِبت أكثر من مائتي سَوط، على أن تقرّ، فلا تخبر جواباً، بل تجدها قد انخلعت عن الطِّباع البشريّة، ثمّ سُجِنت فماتت.

(42/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 32
وحكى لنا رجل أنّه كان له صديق، فدعاه ليأكل، فوجد عنده فقراء قدّامهم طبيخ كثير اللّحم، وليس معه خبز، فرابه ذلك، وطلب المِرحاض، فصادف عنده خزانة مشحونة برُمم الآدميّين وباللّحم الطَّريّ، فارتاع وخرج هارباً. وقد جرى لثلاثةٍ من الأطبّاء ممّن ينتابني، أمّا أحدهم فإنّ أباه خرج فلم يرجع. والآخر فأعطته امرأة درهمين ومضى معها، فلمّا توغّلت به مضائق الطُّرق استراب وامتنع، وشنّع عليها، فتركت دراهمها وانسلّت. وأمّا الثّالث فإنّ رجلاً استحبه إلى مريضةٍ إلى الشَارع، وجعل في أثناء الطّريق يتصدَّق بالكِسَر ويقول: هذا وقت اغتنام الأجر. ثمّ أكثر حتّى ارتاب منه الطّبيب، ودخل معه داراً خربة، فتوقّف في الدَّرج، وفتح الرجل فخرج إليه رفيقه يقول: هل حصل صيد ينفع فجزع الطّبيب، وألقى نفسه إلى اصطبل، فقام إليه صاحب الاصطبل يسأله، فأخفى قصّته خوفاً منه أيضاً فقال: قد علمت حالك، فإنّ أهل هذا المنزل يذبحون النّاس بِالحيَل. ووجدنا طفيحاً عند عطّار عدّة خوابي مملوءة بلحم الآدميّين في الملح، فسألوه فقال: خفت دوام الجدب فيهزل النّاس. وكان جماعة قد أَوَوا إلى الجزيرة، فعُثِر عليهم، وطُلبوا ليُقتَلوا فهربوا فأخبرني الثّقة أنّ الذّي وُجد في بيوتهم أربعمائة جمجمة. ثمّ ساق غير حكاية، وقال: وجميع ما شاهدناه لم نتقصّده ولا تتبّعنا مظانّه، وإنّما هو شيء) صادفناه اتّفاقاً. وحكى لي من أثق به أنه اجتاز على امرأةٍ وبين يديها ميّت قد انتفخ وانفجر، وهي تأكل من أفخاذه، فأُنكِر عليها، فزعمت أنّه زوجها. ثم قال: وأشباه هذا كثير جدّاً.

(42/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 33
وممّا شاع أيضاً نبش القبور، وأكل الموتى، فأخبرني تاجر مأمون حين ورد من الإسكندريّة بكثرة ما عاين لها من ذلك، يعني من أكل بني آدم، وأنّه عاين خمس أرؤس صغار مطبوخة في قِدر. وهذا المقدار كافٍ، واعتقد أنّي قد قصّرت. وأمّا موت الفقراء جوعاً قشيءٌ لا يعلمه إلاّ الله تعالى، فالّذي شهدناه بالقاهرة ومصر وهو أنّ الماشي لا يزال يقع قدمه أو بصره على ميت، أو مَن هو في السّياق، وكان يُرفع من القاهرة كلّ يوم من الميضأة ما بين مائة إلى خمسمائة. وأما مصر فليس لموتاها عدد، يُرمون ولا يُوارَون، ثمّ عجزوا عن رميهم، فبقوا في الأسواق والدّكاكين. وأما الضّواحي والقرى، فهلك أهلها قاطبةً إلاّ من شاء الله. والمسافر يمرّ بالقرية فلا يرى فيها نافخ نار، وتجد البيوت مفتَّحة وأهلها موتى. حدَّثني بذلك غير واحد. وقال لي بعضهم إنّه مرّ ببلدٍ ذكرنا أنّ فيها أربعمائة نول للحياكة، فوجدناها خراباً، وأنّ الحائك في جورة حياكته ميّت، وأهله موتى حوله فحضرني قوله تعالى: إِن كَانت إِلاَّ صَيحةً وَاحدَةً فإذا هُم خَامًدونَ قال: ثم انتقلنا إلى بلدٍ آخر، فوجدناه ليس به أنيس، واحتجنا إلى الإقامة به لأجل الزّراعة، فاستأجرنا من ينقل الموتى ممّا حولنا إلى النيل، كلّ عشرة بدرهم. وخبِّرت عن صيادٍ بفُوهة تِنَّيس أنّه مرّ به في بعض يوم أربعمائة آدميّ يقذف بهم النّيل إلى البحر. وأما أنا فمررت على النّيل، فمرّ بي في ساعة نحو عشرة موتى. وأمّا طريق الشّام فصارت منزوعةً ببني آدم، وعادت مأدية بلحومهم للطّير والسِّباع. وكثيراً ما كانت المرأة تتخلّص من صِبيتها في الزّحام،

(42/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 34
فينتظرون حتى يموتوا، وأما بيع الأحرار فشاع وذاع، وعرض عليَّ جاريتان ماهقتان بدينار واحد. وسألتني امرأة أن أشتري ابنتها وقالت: جميلة دون البلوغ بخمسة دراهم. فعرّفتها أن هذا حرام فقالت: خذها هدية. وقد أُبيع خلقٌ،) وجلبوا إلى العراق، وخرسان. هذا، وهم عاكفون على شهواتهم، منغمسون في بحر ضلالاتهم، كأنهم مُستثنون. وكانوا يزْنون بالنساء حتى إنّ منهم من يقول أنّه قنص خمسين بكراً ومنهم من يقول سبعين. وكلّ ذلك بالكسر. أمّا مصر فخلا مُعظمها، وأما بيوت الخليج وزقاق البركة والمقس وما تاخم ذلك، فلم يبق فيها بيتٌ مسكون، ولم يبق وقود النّاس عِوض الأحطاب إلى الخشب من السّقوف والبيوت الخالية. وقد استغنى طائفة كبيرة من النّاس في هذه النَّوبة. وأمّا النيل فإنه اخترق في برهودة اختراقاً، وصار المقياس في أرض جزر، وانحسر الماء عنه نحو الجزيرة، وظهر في وسطه جزيرة عظيمة ومقطَّعات أبنية، وتغيّر ريحه وطعمه، ثم تزايد التّغيُّر، ثم انكشف أمره عن خضرة طحلبيّة، كلمّا تطاولت الأيام ظهرت وكثّرت كالّتي ظهرت في البيت من السّنة الخالية. ولم تزل الخضرة تتزايد إلى أواخر شعبان، ثم ذهبت، وبقي في الماء أجزاء نباتيّة منبتة، وكان طعمه وريحه، ثمّ أخذ يُنمَى ويقوى جريه إلى نصف رمضان، فقاس ابن أبي الردار قاع البركة فكان ذراعين، وزاد زيادةً ضعيفة إلى ثامن ذي الحجّة، ثم وقف ثلاثة أيّام، فأيقن الناس بالبلاء، واستسلموا للهلاك، ثم إنه أخذ في زيادات قويّة، فبلغ في ثالث ذي الحجة خمس عشرة ذراعاً وستة عشر إصبعاً، ثم انحطَّ من يومه، ومسّ بعض البلاد تحلة القسم، وأروى الغربيّة ونحوها، غير أن القرى خالية كما قال تعالى: فأَصبحُوا لا يُرى إلاَّ مَساكنُهُم. وزرع الأمراء عض البلاد. ونهاية سعر الإردبّ خمسة دنانير. وأما بقُوص، والإسكندريّة فبلغ ستة دنانير.

(42/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 35
ودخلت سنة ثمانٍ وتسعين والأحوال على حالها أو في تزيُّد إلى زهاء نصف السّنة. وتناقص موت الفقراء لقلّتهم، لا لارتفاع السبب الموجب وتناقص أكل الآدمييّن ثم عُدِم، وقلَّ خطفُ الأطعمة من الأسواق لفناء الصّعاليك، ثم انحط الأردب إلى ثلاثة دنانير لقلة الناس، وخفّت القاهرة. وحُكي لي أنّه كان بمصر سبعمائة منسج للحُصر، فلم يبق إلاّ خمسة عشر منسجاً، فقس على هذا أمر باقي الصُّناع من سائر الأصناف. وأما الدّجاح فعُدِم رأساً، لولا أنّه جُلِب من الشّام. وحكي لي أن رجلاً جلب من الشّام دجاجاً بستّين ديناراً، باعها بنحو ثمانمائة دينار، فلمّا وُجد البيض بيع بيضه بدرهم، ثم كثُر.) وأما الفراريج فاشتُرِي الفرُّوج بمائة درهم، ثم أبيع بدينار مُديدة. وقال في أمر الخراب: فأما الهلاّلية، ومُعظم الخليج، وحارة السّاسة والمقس، وما تاخم ذلك، فلم يبق فيها أنيس، وإنّما ترى مساكنهم خاوية على عروشها. قال: والّذي تحت قلم ديوان الحشرية الموتى وضمّته الميضأة في مدّة اثنتين وعشرين شهراً مائة ألف وأحد عشر ألفاً إلا شيئاً يسيراً. قلت: هذا في القاهرة. قال: وهذا مع كثرته نزرٌ في جنب ما هلك بمصر والحواضر، وكلّه نزرٌ في جنب ما هلك بالإقليم. وسمعنا من الثِّقات عن الإسكندرية أن الإمام صلّى يوم الجمعة على سبعمائة جنازة، وأن تركةً انتقلت في مدّة شهر إلى أربعة عشر وارثاً. وأن طائفة يزيدون على عشرين ألفاً انتقلوا إلى برقة وأعمالها، فعمروها وقطنوا بها، وكانت مملكة عظيمة خربت في زمان خلفاء مصر على يد الوزير اليازوريّ، ونزح عنها أهلها. ومن عجيبٍ لشيخٍ من أطباء اليهود ممن ينتابني أنه استدعاه رجلٌ ذو

(42/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 36
شارة وشُهرة، فلما صار في المنزل اغلق الباب ووثب عليه فجعل في عنقه وهَقاً، ومرت المريض خصيتَيه، ولم يكن لهما معرفة بالقتل، فطالت المناوشة، وعلا ضجيجه، فتسامع النّاس، ودخلوا فخلّصوا الشّيخ. وبه رمق، وقد وجبت خصَاه، وكُسرت ثنيَّتاه، وحُمل إلى منزله، وأُحضر ذاك إلى الوالي فقال: ما حملك على هذا قال: الجوع فضربه ونفاه.
4 (خّبرُ الزَّلزَلة)
في سحر يوم الاثنين السّادس والعشرين من شعبان ارتاع الناس، وهبّوا من مضاجعهم مدهوشين، وضجّوا إلى الله تعالى، ولبثت مدّة وكانت حركتها كالغربلة، أو كخفق جناح الطائر. وانقضت على ثلاث زحفات قويّة، مادّت الأبنية، واصطفقت الأبواب، وتداعى من الأبنية الواهي والعالي. ثم تواترت الأخبار بحدوثها في هذه الساعة في البلاد النّائبة، فصح عندي أنها تحرَّكت من قوص إلى دمياط والإسكندرية، ثم بلاد السّاحل بأسرها، والشّام طولاً وعرضاّ، وتعفّت بلاد كثيرة وهلك من الناس خلق عظيم وأمم لا تُحصى، ولا أعرف في الشّام أحسن سلامة منها من القدس. وأنكت في بلاد الفرنج أكثر. وسمعت أنها وصلت إلى خلاط وإلى) فارس. وأن البحر ارتطم وتشوهت مناظره، وصار قرناً كالأطواد، وعادت المراكب على الأرض. ثم تراجعت المياه، وطفا سمك كثير على سواحله. ووردت كتُب من الشام بأمر الزّلزلة، واتصّل بي كتابان أوردتُهما

(42/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 37
بلفظهما، يقول في أحدهما: زلزلةٌ كادت لها الأرض تسير سيراً، والجبال تمُور موراً، وما ظنّ أحد من الخلق إلاّ أنها زلزلة السّاعة، وأتت في الوقت على دفعتين، فأما الدّفعة الأولى فاستمرت مقدار ساعةٍ أو تزيد عليها، وأما الثانية فكانت دونها، ولكن أشدّ منها. وتأثّر منها بعض القلاع، فأولها قلعة حماه. في الكتاب الآخر إنها دامت بمقدار ما قرأ سورة الكهف وأن بانياس سقط بعضها، وصَفَد لم يسلم بها إلا ولد صاحبها لا غير، ونابلس لم يبق بها جدار قائم سوى حارة السّمرة، وكذلك أكثر حوران، غارت ولم يُعرف لدارٍ بها موضعٌ يقال فيه هذه القرية الفلانية. قلت: هذا كذب وفجور من كاتب هذه المكاتبة أما استحى من الله تعالى ثم قال فيه: ويقال إن عرقة خُسف بها، وكذلك صافيتا. قال الموفّق: وأخبرونا أن بالمقس تلاًّ عظيماً عليه رممٌ كثيرة فأتيناه ورأيناه وحدسناه بعشرة آلاف فصاعد، وهم على طبقات في قُرب العهد وبعده، فرأينا من شكل العظام ومفاصلها وكيفيّة اتصالها وتناسُبها وأوضاعها ما أفادنا علماً لا نستفيده من الكتُب. ثم إنُنا دخلنا مصر، رأينا فيها دروباً وأسواقاً عظيمة كانت مغتصّة بالزّحام، والجميع خالٍ ليس فيه إلاً عابر سبيل. وخرجنا إلى سكرجة فرعون، فرأينا الأقطار كلُها مغتصّة بالجثث والرمَّم، وقد غلبت على الآكام بحيث جلَّلتها. ورأينا في هذه الإسكرجة وهي عظيمة، الجماجم بيضاء وسوداء ودكناء. وقد أخفى كثرتها وتراكمها

(42/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 38
سائر العظام، حتى كأنها رؤوس لم يكن معها أبدان، أو كأنها بيدر بطيخ. قال أبو شامة: وجاءت في شعبان سنة سبع زلزلة هائلة عمّت الدّنيا في ساعة واحدة، هدمت بنيان مصر، فمات تحت الهدم خلقٌ كثير، ثم امتدت إلى الشام، فهدمت مدينة نابلس، فلم يبق فيها جدار قائم إلا حارة السّامرة. ومات تحت الهدم ثلاثون ألفاً. وهُدمت عكّا وصور، وجميع قلاع الساحل. قلت: هذا نقله الإمام أبو شامة من مرآة الزمان ومصنَّفة شمس الدين يوسف رحمه الله كثير الحشف والمجازفة، وإلا من عنده ورع لم يُطلق هذه العبارات على جميع الممالك. وقوله: فلم) يبق منهما جدار قائم، مجازفة أيضاً. وقوله: هُدمت جميع قلاع الساحل، فيه بعض ما فيه كما ترى، فلا تعتمد على تهويلة. قال أبو شامة: ورمت بعض المنارة الشّرقية بجامع دمشق، وأكثر الكلاّسة، والمارستان النُّوري، وعامّة دور دمشق إلا القليل. وهرب الناس إلى الميادين، وسقط من الجامع ست عشرة شرفة، وتشققت قبّة النَّسر، وتهدّمت بانياس، وهونين، وتبنين. وخرج قوم بعلبك يجمعون الرّيباس من جبل لبنان، فالتقى عليهم الجبلان فماتوا، وتهدمت قلعة بعلبك مع عِظَم حجارتها، وانفرق البحر، فصار أطواداً. وقذف بالمراكب إلى السّاحل فتكسرت. وأحصي من هلك في هذه السّنة فكان ألف ألف ومائة ألف إنسان ثم قال: نقلت ذلك من تاريخ أبي المظفّر سبط ابن الجوزيّ.

(42/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 39
4 (منازلة الأفضل والظاهر بدمشق)
وقال ابن الأثير: لما ملك العادل مصر وقطع خطبة المنصور ولد العزيز لم يرض الأمراء بذلك، وراسلوا الظاهر صاحب حلب، والأفضل بصَرْخَد، وتكررت المكاتبات يدعونهما إلى قصد دمشق ليخرج العادل، فإذا خرج إليهم أسلموه وتحولوا إليهما. وفشا الخبر وعرف العادل، فكتب إلى ابنه بدمشق يأمره أن يحاصر صرخد فعلم الأفضل. فسار إلى حلب، فخرج معه الظاهر ونازلا دمشق، واتفقا على أن يكون دمشق للأفضل، ثم يسيروت إلى مصر، فإذا تملكاها صارت مصر للأفضل، وصارت الشام كلها للظاهر. رجعنا إلى قول أبي شامة، قال: وفي ذي القعدة حوصرت دمشق، جاء الأفضل والظاهر، ونَجَدَهما من بانياس حسام الدين بشارة، وقاتلوا أهل دمشق أياماً، وكان بها المعظّم عيسى. وبلغ أباه فقدم من مصر، ونزل نابلس، وبعث إلى الأمراء مكاتبات، فصرفهم إليه. ثم زحف أبناء صلاح الدين، المذكوران على دمشق فوصلوا إلى باب الفراديس وأحرقوا فندق تقي الدين، وحاربهم الملك المعظّم، وحفظ البلد، بقوا نحو شهرين، ثم بعث العادل فأوقع الخُلْف بين الأخوين فرحلوا. ثم قدم العادل، وجهّز المعظّم مع شركس، وقراجا، فحاصروا حسام الدين بشارة ببانياس، فقاتلهم وقُتِل ولده، وأخرجوه عن البلد، وتسلمها شركس وتسلم قراجا صرخد.

(42/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 40
قلت: ذكر المؤيد أن الملك الأفضل سلم صرخد إلى زين الدين قراجا، ونقل أمه وأهله منها إلى حمص.) واشتد حصار الأخوين لدمشق، وتعلق النقابون بسورها، فلما شاهد الظاهر ذلك قال لأخيه: دمشق لي. فقال: حُرمي على الأرض ليس لنا موضع، فهب البلد لك فأحفظه له حتى تملك مصر فامتنع الظاهر فقال الأفضل: يا أمراء اتركوا القتال ونُصالح عمي فتفرقت الكلمة، ورحل الظاهر. ثم ذهب الأفضل وقنع بسمساط.
4 (الاستيلاء على مرو)
وأنبأنا ابن البزوري قال: وفيها سار غياث الدين وشهاب الدين ملكا الغور من غزنة في جنودهما إلى خراسان، وبها الأمير جقر، فأكرماه واستوليا على مرو، وسيرا جقر إلى هراة مكرماً، لأنهما وعداه بالجميل. ثم سلما مرور إلى هندوخان بن ملكشاه بن علاء بن علاء الدين خوارزم شاه، وكان قد هرب من عمه محمد إلى غياث الدين.
4 (انتهاب نيسابور)
ثم سار غياث الدين فملك سرخس صلحاً، وسلمها إلى الأمير زنكي بن مسعود أحد أولاد عمه، ثم سار إلى طوس، فتسلمها بعد أيام، ثم قصد

(42/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 41
نيسابور وبها علي شاه ابن السلطان خوارزم شاه، وقد استنابه عليها أخوه قطب الدين محمد، فراسله في تسليمها، فامتنع وأظهر القوة، فقال غياث الدين لجيوشه: إن دخلتموها فسحت لكم في نهبها. فزحفوا وجدوا حتى أخذوا البلد، ووقعوا في النهب. ثم أمر غياث الدين بكف النهب، وأن يرد كل شخص ما نهب، فردوه جميعاً. أخبرت عن بعض التجار قال: كتب بها، فنهب لي شيء في جملته قليل سكر وبساط فحين نودي في العسكر برد ما نهبوه ردوه عدا بساطي والسكر، وكنت رأيت ما أخذ مني في أيدي جماعة، فطلبته فقالوا: السكر شريناه، ونسألك أن لا تشيع ذلك، وإن أردت الثمن أعطيناك، فجعلتهم منه في حل. ثم خرجت إلى ظاهر البلد، فرأيت البساط ملقى على باب الجسر، لا يجسر أحد أن يأخذه، فأخذته.
4 (أسر علي شاه)
وانهزمت الخوارزمية، وأسر علي شاه المذكور، وأحضر بني يدي السلطان غياث الدين راجلاً، فصعب عليه، وأنكر على من أسره، وأركبه فرساً. فلما استقر به المجلس أحضره،) فقال له علي شاه: هكذا تفعل بأولاد الملوك فقال: لا، بل هكذا. وأخذه بيده وأجلسه على سريره، وطيب قلبه، وسير من كان صحبته من الأمراء إلى هراة. واستناب بها ضياء الدين محمد بن علي بن عمر، وولاه حرب خراسان، ولقبه الملك علاء الدين، وأضاف إليه الأمراء. ثم سلم علي شاه إلى أخيه شهاب الدين الغُوريّ.

(42/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 42
4 (فتوحات الغورية في بلاد الهند)
ثم رحل السّلطان غياث الدّين نحو هّرّاة، وسار أخوه شهاب الدّين نحو قهستان، وملك بلاد الإسماعيليّة وطردهم عنها، وأظهر بها دين الإسلام، وأقام بها فسأل صاحبها السّلطان غياث الدين أن يرحِّل أخاه عنها، ففعل ذلك، أمر أخاه، فأبى عليه، فعاوده فرحل عنها إلى بلاد الهند مغاضباً لأخيه، وأرسل مملوكه قُطب الدين أيبك فحارب عسكر الهند فهزمهم، وانضم إليه علمٌ كثير. وملك شهاب الدين مدينة عظيمةً من مدن الهند بعد أن هرب ملكها عنها، فعلم أنّه لا يمكن حفظها إلا بمُقامه بها، وذلك لا يمكنه، فصالح صاحبها على مالٍ، ورحل عنها.
4 (خبر الزلزلة بالبلاد الشامية)
قال ابن البُزُوريّ: وزُلزِلت الأرض بالجزيرة، والشّام، ومصر، فأخربت الّزلزلة أماكن كثيرة جداً بدمشق، وحمص، وحماه، واستولى الخراب على صور، وعكّا، ونابلس، وطرابٌ لٌ س، وانخسفت قرية من أعمال بُصرَى، وضربت عدّة قلاع.
4 (تغلّب ابن سيف الإسلام على اليمن)
وفيها اهتمّ عبد الرحمن بن حمزة العلويّ المتغلّب على بلاد اليمن بجمع العساكر، فجمع اثني عشر ألف فارس، ونحوها رجّالة، فخاف منه الملك المعزّ إسماعيل ابن سيف الإسلام صاحب اليمن. ثمّ إنّ أمراء ابن

(42/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 43
حمزة اجتمعوا للمشورة، فوقعت عليهم صاعقة، فبلغ ذلك إسماعيل، فسار لوقته وحارب عسكر ابن حمزة فهزمهم، وقتل منهم ستّة آلاف، وتمكّن من اليمن، وقهر الرعيّة، وادعى الخلافة وأنّه أُمَوي.
4 (عودة القاضي مجد الدين من الرسلية)
وفي ذي القعدة عاد القاضي مجد الدّين يحيى بن الربيع مدرّس النّظامية، وكان قد نُفِّذ رسولاً إلى شهاب الدّين الغُوريّ.
4 (خروج طاشتكين لمحاربة ابن سيف الإسلام)
) وفيها قدِم الأمير مجد الدين طاشتِكين بعسكره من خُوزستان. ثم توجه في خامس ذي القعدة حاجاً ومحارباً للمعز إسماعيل ابن سيف الإسلام. وخرج نائب الوزارة نصير الدين ناصر بن مهدي فتوجّه إلى الحِلّة لاستعراض العساكر الّتي تحجّ مع طاشتكين. فاستعرضهم، وتوجّهوا. فلمّا يردعه العتب، فراسل طاشتكِين أمراء اليمن يحثّهم على محاربته ويأمرهم بالجهاد. وكانوا كارهين ما ادّعاه إسماعيل من ادّعاء الإمامة، فأجاب أكثرهم إلى ذلك. وكان إسماعيل يركب في أُبَّهَة المُلك، ويحترز كثيراً على نفسه، فتحالف الغرابليّ فضربه حلّ كتفه، وضربه السّابق بدر أمعاه، وناديا بشعار الدّولة العبّاسية، فلبى دعوتهما جمعُ من الأمراء. ونزلا من خوفهما مركباً، وهبّت لهم الريح، فسارا في خمسة أيّام فوصلا جُدة، ثم أتيا مكَّة، فخلع

(42/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 44
عليهما طاشتِكين، ونفّذ بهما إلى بغداد، فاختارا أن يكونا في خدمة طاشتِكين بخوزستان.
4 (الخلعة لطُغرل المستنجدي)
وفيها خُلع على الأمير طُغزُل المستنجديّ زعيم البلاد الجبليّة.
4 (الغلاء ببلاد الشّراة)
وفيها وقع الغلاء المُقرِط ببلاد الشّراة.

(42/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 45
4 (سنة ثمان وتسعين وخمسمائة)

4 (تقليد قضاء القضاة ببغداد)
في المحرّم خُلِع ببغداد على أبي الحسن عليّ بن سلمان الحلّي وقُلّد قضاء القضاة.
4 (طلب ابن قتادة إمارة مكة)
وفي رابع عشر صَفَر وصل الأمير طاشتكين من مكة وفي صحبته أبو أيّوب حنظلة بن قتادة بن إدريس العلويّ المتغلّب أبوه على مكّة يسأل أن يُقرّ والده على الإمارة.
4 (أخذ برغش للقَفَل وقتله)
وفيها خرج قَفَلٌ كبير من بغداد إلى الشّام، فأخذهم برغش ملوك بن مهارش، وقُتل من القَفَل نفرٌ يسير، فرجع التّجّار فقراء، فتقدّم الخليفة إلى علاء الدين تتامش بالخروج في عسكره، فقصد برغش وأصحابه، فظفر، بهم وقتلهم، وجيء برؤوسهم فأُلقيت بباب النّوبيّ، ورُدت الأموال إلى أربابها، وتأرّج عَرفُ هذه المنقبة في أقاصي البلاد.)
4 (إقامة الحجّ)
وقدِم طاشتكين ليقيم للنّاس الحجّ.

(42/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 46
4 (الترسل إلى صاحب غزْنة)
وفيها سار في الرسلية مدرّس النظاميّة يحيى بن الربيع إلى شهاب الدين غزْنة.
4 (تناقص الغلاء وزيادة النيل)
وفي وسط السنة تناقص الغلاء والوباء عن إقليم مصر، وخفّ الإقليم من الناس. ثم زاد النيل كما قدمنا في السنة الماضية.
4 (لقاء العادل بالأفضل)
وفيها خرج العادل من دمشق طالباً حلب، وكان الملك الأفضل بحمص عند صاحبها، وهو زوج أخته، فالتقى عمّه العادل إلى ثَنِيّة العقاب، فأكرمه وعوّضه عن ميافارقين سميْساط، وسَرُج، وقلعة نجم.
4 (مصالحة الظاهر للعادل)
ثم نزل العادل على حماه، فصالحه الملك الظاهر، فرجع العادل.
4 (الزلزلة في الشام وقبرس)
وجاءت في شعبان زلزلة عظيمة شقّقت قلعة حمص، وأخرجت حصن الأكراد، وتعدّت إلى قبرس، وأخربت بنابلس ما بقي. قال العزّ النّسّابة: هذه هي الزلزلة العظمى التي هدمت بلاد الساحل، صور، وطرابلس، وعرقة، ورمت بدمشق رؤوس المؤذّن، وقتلت مغربياً بالكلاسة ومملوكاً.

(42/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 47
4 (بناء الجامع المظفري)
وقال سبط ابن الجوزي: فيها شرع الشيخ أبو عمر في بناء جامع الجبل وكان بقاسيون رجلٌ فاميّ اسمه محاسن، فأنفق في أساسه ما كان يمتلكه، فبلغ مظفّر الدين صاحب إربل، فبعث مالاً لبنائه. قلت: ومن ثم قيل له الجامع المظفري، ونُسب إلى مظفر الدين.
4 (تملّك الناصر باليمن)
وفيها كانت قتلة المعز ابن سيف الإسلام في اليمن، كما ذكرنا في ترجمته، وأقيم في المُلْك بعده) أخيه الملك الناصر. قال ابن واصل: كانت له سرية، فعصت في قلعة منيعة، وعندها أموال لا تحصى، ونُقِل عنها أنها ما تسلم الحصن إلا إلى رجل من بيت السلطان. وكان لسعد الدين شاهنشاه ابن الملك المظفر عمر ولد يقال له سليمان، قد افتقر وحمل الركوة، وحج بيت الفقراء. ثم أنه كاتب والدة الملك الناصر بن سيف الإسلام، وكانت قد تغلبت على زَبِيد، وهي تنتظر وصول أحد من آل أيوب تتزوجه وتملّكه، وبعثت إلى تكشف أخبار الملوك، فكتب لها علامةً، وعرّفها بسليمان هذا، فاستحضرته وخلعت عليه، وتزوجته، ومَلكته اليمن، فملأها ظلماً وفجوراً، وأطرح المملكة، وأعرض عنها. وكتب إلى السلطان الملك العادل كتاباً أوله: أنّه من سليمان وإنّه بسم الله الرحمن الرحيم. فاستقل العادل عقله، وفكر فيمن يبعث ليملك اليمن.

(42/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 48
4 (سنة تسع وتسعين وخمسمائة)

4 (تموّج النجوم وتطايرها)
أنبأنا ابن البُزُوري قال: في سلخ المحرم ماجت النجوم، وتطايرت كتطاير الجراد، ودام ذلك إلى الفجر، وانزعج الخلق، وخافوا وضجوا بالدعاء إلى الله تعالى. ولم يعهد ذلك إلا عند ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4 (منازلة ماردين)
قال: وفيها جمع الملك العادل عسكراً عديداً، وفرّق عليهم العُدد والأموال، وقدم عليهم ولده الأشرف موسى، وأمره أن يحاصر ماردين. فقطع صاحب ماردين الميرة على عسكر العادل، وأمر أهل القلاع أن يقطعوا السُّبُل والميرة، والتقى طائفة من هؤلاء، فاقتتلوا وانهزم عسكر ماردين بعد أن قطعوا الطّرق وتعذّر سلوكها. وسار جماعة من عسكر العادل إلى رأس عين، وبقي الملك الأشرف فلم ينل غرضه. ودخل الملك الظاهر صاحب حلب في الصلح، فأجاب الملك العادل على أن يحمل إليه صاحب ماردين مائة وخمسين ألف دينار، وأن يخطب له في بلاده، وأن يضرب السكة باسمه، ويكون عسكر ماردين في خدمته، فأجاب صاحب ماردين إلى ذلك.

(42/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 49
4 (رواية ابن الجوزي عن النجوم)
وذكر عنه ابن الجوزي مثل ما قدمنا من موج النجوم وتطايرها.) وقال العزّ النّسّابة: رُؤيَ في السماء نجوم متكاثفة متطايرة، شديدة الاضطراب إلى غاية.
4 (عمارة أسوار قلعة دمشق)
وفيها شرع العادل في عمارة أسوار قلعة دمشق.
4 (موت غياث الدين الغوري)
وفيها مات السلطان غياث الدين الغوري، وقبض أخوه السلطان شهاب الدين ألْب غازي على جماعة من خواص أخيه وأتباعه وصادرهم، وبالغ في التنكيل بامرأة أخيه، وأخذ أموالها، وسيّرها إلى الهند على أسوأ حال، وهدم تربتها، ونبش أبويها، ورمى بعظامهم.
4 (إلزام المنصور علي بالإقامة في الرها)
وفيها سيّر الملك العادل المنصور علي بن الملك العزيز، وقيل اسمه محمد، إلى مدينة الرها، وألزمه المقام بها، وكان بدمشق هو وأمّه وإخوته، فخاف العادل من ميل الرعية إليه، وأن يتملّك دمشق فأبعده.

(42/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 50
4 (إرسال الخليفة الخِلَع للملك العادل)
وفيها بعث الخليفة الناصر لدين الله إلى الملك العادل وأولاده بسراويلات الفتوة ومعها الخلع.
4 (تملُّك الأشراف حرّان والرها)
وكان الأشرف بحران، ملكه أبوه بها مع الرها وغيرها في عام أول.
4 (محاربة صاحب سيس لصاحب أنطاكية)
وفيها خرج ابن لاون صاحب سيس لحرب البرنس صاحب أنطاكية، وعاث وأفسد.
4 (قدوم الفرج إلى عكا)
وقدم عكا خلق من الفرنج وتحركوا، فاهتمّ لهم العادل، ثم ترحّلوا لأجل الغلاء والقحط بعكا، وخافوا لا يقطع العادل عن عكا الميرة.
4 (انتصار صاحب حماة على الفرنج)
وفيها سار صاحب حماه الملك المنصور ونزل ببعرين، فقصده الفرنج من حصن الأكراد وطرابلس وغيرها، فالتقوا فهزمهم وقتل وأسر، وذلك في رمضان. ثم لم ينشب أن خرج جمعٌ منهم في أربعمائة فارس وألف ومائتي راجل، فالتقاهم صاحب حماه فكسرهم، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وأسر جماعة، وذلك في رمضان. ومدحه الشعراء رحمه) الله تعالى.

(42/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 51
4 (سنة ستمائة)

4 (كسرة صاحب الموصل)
قال سبط ابن الجوزي: فيها سار نور الدين صاحب الموصل إلى تلْعفر، فأخذها وكانت لابن عمّه قطب الدين بن عماد الدين صاحب ستجار، فاستنجد القطب بالملك الأشرف جاره فجمع جمعاً كثيراً وساق، فعمل مُصافّاً مع صاحب الموصل فكسره الأشرف، وأسر جماعة من أمرائه، منهم مبارز الدين سُنْقُر الحلبي، وابنه غازي.
4 (زواج الأشرف)
ثم اصطلحا في آخر السنة. وتزوج الأشرف بأخت نور الدين، وهي الست الأتابكية صاحبة التربة بقاسيون.
4 (احتراق خزانة السلاح بدمشق)
وفيها احترقت خزانة السلاح بدمشق، وذهب جميع ما كان فيها.

(42/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 52
4 (أخذ العملة من مخزن الأيتام)
وفيها أُخِذت العملة المشهورة من مخزن الأيتام بقَيسارية الفرش لأيتام الأمير سيف الدّين بن السّلاّر، ومبلغها ستّة عشر ألف دينار. وبقيت سِنين، ثم ظهرت على ابن الدُّخينَة، وقد حُبِس بسببها جماعة.
4 (انتهاب أسطول الفرنج فُوَّه بمصر)
وفي رمضان توجّه أسطول الفِرنج لعنهم الله من عكا في البحر عشرون قطعة، ودخلوا يوم العيد من فم رشيد في النيل إلى بُلية فُوَّه، فنهبوها واستباحوها ورجعوا، ولم يتجاسروا على هذا منذ فُتحت ديار مصر. وقد دخلوا من عند دِمياط في النّيل أيضاً في سنة سبعٍ وستّمائة إلى قرية نورة، ففعلوا نحو ذلك
4 (محاصرة صاحب سيس لأنطاكية)
وفيها نزل صاحب سيس على أنطاكية وجدّ في حصارها، فخرج صاحب حلب وخيَّم على حارم، فخاف صاحب سيس على بلاده وترحَّل. ثم بعد أيام هجم أنطاكية بمواطأةٍ من أهلها، فقابله البرنس ساعةً إلى حلب، فَنَجَده صاحب حلب، فبلغ ذلك صاحبَ سيس، ففرّ إلى بلاده.)

(42/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 53
4 (تجمّع الفرنج بعكا بقصد القدس)
وفيها أقبلت الفرنج من كل فجّ عميق لعكَا قاصدين على قصد المقدس، فخرج العادل ونزل على الطُّور، وجاءته النَّجدة من الأطراف، وأقبلت الفرنج تُغِير على بلاد الإسلام وتأسر وتسبي. واستمرّ الحال على ذلك شُهوراً. أخذ الفرنج القسطنطينية من الروم. وأما القسطنطينية فلم تزل بيد الروم من قبل الإسلام كان هذا في الأوان أقبلت الفرنج في جمع عظيم ونازلوها إلى أن ملكوها.
4 (استعادة الفرنج القسطنطينية)
قال ابن واصل: ثم لم تزل في أيدي الفرنج إلى سنة ستّين وستّمائة، فقصدتها الروم وأخذوها من أيدي الفِرنج، فهي بأيديهم إلى الآن، يعني سنة بضعٍ وسبعين وستّمائة.
4 (الظفر برؤوس الباطنية بواسط)
وفيها ظهر متولّي واسط برؤوس الباطنية محمد بن طالب بن عُصَيَّة ومعه طائفة، فقُتِلوا بواسط ولله الحمد. وكانوا أربعين نفساً.

(42/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 54
5 (بسم الله الرحمن الرَّحيم)

5 (الطبقة الستون وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى وتسعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أبي المجد إبراهيم بن محمد بن محمد بن حسّان بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن)
محمد بن منيع بن خالد بن عبد الرَّحمن ابن سيف الله خالد بن الوليد بن المغيرة. الحافظ رشيد الدّين أبو بكر المخزوميّ، المَنِيعيّ، الشَّبذي، بالإعجام والحَرَكة، وشّبذ: من أعمال أبِيورد. كان شيخاً من أهل العِلم. ذكره أبو العلاء الفَرَضيّ فقال: سمع: أبا المعالي الفارسيّ، وعبد الجبّار الحواريّ، ووجيهاً الشّحّاميّ، وعبد الوهّاب بن شاه الشاذياخي، وغيرهم. وأجاز لجميع المسلمين في المحرَّم سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وابنه رشيد الدين محمد، سمع من أبيه، وغيره. وخرَّج لنفسه.
4 (أحمد بن بدر بن الفَرَج)

(42/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 55
أبو بكر القطّان، الكاتب البغداديّ. حدَّث عن: أبي سعد أحمد بن محمد البغداديّ، وأحمد بن علي الأشقر.
4 (أحمد بن عثمان بن أبي عليّ بن مهديّ)
أبو العبّاس الكرديّ الإربليّ، الرجل الصالح. روى عن: أبي الكَرَم الشَّهرَزُوري، وأحمد بن طاهر الميهني، وأبي الوقْت.

(42/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 56
4 (أحمد بن عمر)
الفقيه أبو العبّاس الكردي الشّافعيّ. مُعيد النّظاميّة. تُوفّي ببغداد في ذي الحجّة. وكان من كبار الفقهاء.
4 (أحمد بن مدرك بن الحسين بن حمزة بن الحسين بن أحمد)
أبو الرضا البهرانيّ، القُضاعي، والحموي، قاضي حماه وخطيبها. وُليّ القضاء بها في سنة إحدى وسبعين. وقد تفقّه بحلب على: أبي سعد ابن عصرون.) وبدمشق على القُطب النَّيسابوريّ.

(42/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 57
وكان رئيساً جليلاً فاضلاً. تردّد إلى دمشق وسمع بها من الفقيه نصر الله بن محمد. وقيل: بل تُوفّي في جُمادى الآخرة سنة تسعين.
4 (أحمد بن المظفّر بن الحسين)
الفقيه أبو العبّاس، الدّمشقيّ، الشافعيّ، المعروف بابن زين التُّجار، مدرّس المدرسة النّاصرية الصّلاحيّة المجاورة للجامع العتيق بمصر. وبه تُعرف إلى اليوم لأنّه درّس بها مدّة. وكان من أعيان الشّافعية. تُوفّي في ذي القعدة
4 (أحمد بن أبي منصور محمد بن محمد بن عبد الرَّحمن بن الزّبرقان)
أبو العباس الإصبهانيّ: وُلد سنة خمسمائة في رجب وسمع من: جعفر بن عبد الواحد الثّقفي، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق، وإسماعيل بن الفضل الإخشيد. وأجاز له أبو سعد محمد بن عليّ السّرفرتج، وغانم البُرجيّ ومحمد بن عبد الله بن مندويه الشُّرُوطي، والحسن بن أحمد الحدّاد، والحافظ شيرويه بن شهردار الدَّيلَميّ، وآخرون. وحدَّث. وهو من كبار شيوخ إصبهان الّذين أدركهم ابن خليل. تُوفّي في ذي القعدَة في عشر المائة.

(42/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 58
4 (أحمد بن أبي نصر بن أبي الرجاء)
أبو نُعَيم الإصبهاني، الشّرابيّ. له إجازة من أبي علي الحدّاد.
4 (إبراهيم بن محمد بن عبد الله)
أبو إسحاق الأمويّ، الطّريانيّ، الإشبيليّ سمع من: أبي بكر بن العربيّ، وأحمد بن ثعبان. وأخذ عن شُرَيح قراءة نافع. أخذ عنه: أبو الربيع بن مسالم.) تُوفيّ في هذا العام أو بُعَيده.
4 (إسماعيل بن أبي سعد)
أبو الحسن الإصبهانيّ البنّاء. تُوفّي في صفر. وقد حدَّث عن فاطمة بنت البغداديّ أو فاطمة الجُوزدانية. حدَّث ببغداد.
4 (حرفالحاء)

4 (الحسن بن هبة الله بن عليّ)
أبو علي بن المكشوط الهاشميّ، الحريمي. وُلد سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحُصَين، وأبي غالب بن البنّاء.

(42/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 59
وتُوفي في شعبان روى عنه: يوسف بن خليل.
4 (الحسين بن أحمد بن الحسين بن سعد)
الإمام أبو الفضل الهَمَدَاني، اليزدي، الحنفيّ. حدَّث بِجُدّة عن الشريف شُمَيلة بن محمد الحُسينيّ. وتُوفي بقوص قاصداً مصر، وحُمِل إلى مصر فدُفن بالقرافة. سمع منه: أبو الجود نَدَى بن عبد الغنيّ. وقيل إنّه كان تحت يده إحدى عشرة مدرسة. مات في ربيع الأوّل.
4 (الحسين بن أبي خازم محمد بن الحسين بن علي)
أبو عبد الله العَبديّ، الواسطيّ. حدَّث عن: أبي الحسن بن عبد السّلام وتُوفي في رجب. سمع منه: ابن الدُّبيثي)
4 (حرف الدال)

4 (داود)

(42/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 60
ويقال عبد الله، الحكيم الفاضل، الشيخ، السديد أبو منصور ابن الشّيخ السّديد علي بن داود بن المبارك. الطّبيب. قرأ الطّب على: والده وأبي نَصر عدلان بن عَين زربيّ. وسمع بالإسكندرية من: أبي الطّاهر إسماعيل بن عوف. وانتهت إليه رئاسة الأطباء بالدّيار المصرّية، وخدم ملوكها وحصّل دُنيا واسعة جداً. وتخرَّج به جماعة. تُوفي في منتصف جُمادى الآخرة. وقيل: تُوفي في العام الآتي، فيُضم ما هنا إلى ما هناك.
4 (حرف الذال)

4 (ذاكر بن كامل بن لأبي غالب محمد بن الحسين بن محمد)
أبو القاسم بن أبي عَمرو الخفّاف، الحذّاء. أخو المبارك بغدادي مشهور. سمع بإفادة أخيه من: الحسن بن محمد بن إسحاق الباقَرحِي، والمعمَّر بن محمد بن جامع البيّع، وأبي علي محمد بن محمد بن المهدي، وأبي سعد أحمد بن الطُّيوريّ، وأبي الغنائم بن المهتدي بالله، وأبي طالب اليُوسفي، وعبد الله بن السَّمَرقَندي، ومحمد بن عبد الباقي الدُّوريّ، وأبي العزّ القلانِسيّ، وجماعة.

(42/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 61
وأجاز له أُبَيٌّ النَّرسِيّ، وأبو القاسم بن بيان، وعبد الغفّار الشِّيرُويي، وأبي علي الحدّاد، ومحمد بن طاهر الحافظ، وأبو طاهر محمد بن الحسين الحِنّائيّ الدّمشقيّ، وأبو الحسن بن الموازيني، وخلق سواهم. وحدَّث بالكثير. وكان صالحاً خيِّراً، قليل الكلام. روى عنه: أبو عبد الله بن الدُّبيثيّ، وسالم بن صّصْرى، ويوسف بن خليل، ومحمد بن عبد الجليل البغداديّ، وعليّ بن معالي. ذكره الحافظ زكيّ الدّين في الوَفَيَات فقال: كان ذاكراً كاسمه صبوراً على قراءة الحديث. يقال أنّه أقام أربعين سنة ما رُؤيَ آكلاً بنهارٍ.) تُوُفّي سادس رجب. قلت: وآخر من روى عنه بالإجازة محمد بن يعقوب ابن الدِّينَة. وقد سمع منه: مَعمَر بن الفاخر، وأبو سعد السّمعانيّ. قال ابن النّجار: كان صالحاً متديناً كثير الصمت، يأكل من عمله. وكان أُمياً لا يكتب. سمعتُ منه سنة تسعين. ومولده سنة ستٍّ وخمسمائة.
4 (حرف الشين)

4 (شجاع بن محمد بن سيدهم بن عَمرو بن حديد بن عسكر.)
الإمام أبو الحسن المُدلجيّ، المصريّ، المالكيّ، المقرىء. وُلِد سنة ثمان وعشرون وخمسمائة. وقرأ القراءات على: أبي العبّاس أحمد بن الحُطَيئَة. وسمع منه.

(42/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 62
ومن: عبد الله بن رِفاعة، وعبد المنعم بن موهوب الواعظ، وأبي طاهر السِّلَفّي. ولقي من الفقهاء: أبا القاسم عبد الرحمن من الحسين الجَبّاب، وأبا حفص عمر بن محمد الذَهَبيّ. وقرأ العربيّة على: أبي بكر بن السّرّاج. وصَحب أبا محمد بن برّي. وتصدَّر بجامع مصر، وأقرأ وحدَّث وانتفع به جماعة. وآخر من قرأ عليه وفاةً: أبو الحسن علي بن شجاع الضرير. تُوفّي في سابع عشر ربيع الآخر.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن جعفر)
أبو جعفر الواسطيّ، المقرىء، الضّرير. وُلِد بواسط سنة ثلاثٍ وخمسمائة، وقرأ القرآن على: أبي عبد الله البارع، وغيره. وسمع من: أبي القاسم بن الحُصَين، وأبي غالب الماوَردِيّ، وأبي الحسن عليّ بن الزَاغوني، وجماعة. وأقرأ وحدَّث. وكان يسكن بباب الأزَج من بغداد.) روى عنه: الدُّبيثي، يوسف بن خليل. وتوفّي يوم عَرَفَة.

(42/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 63
4 (عبد الله بن صالح بن سالم بن خميس)
أبو محمد الأنباريّ، ثم البغداديّ، الأَزَجي، الخبّاز. سمع من: القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي، وإسماعيل بن السَّمَرقَنديّ. وتُوفّي في ثاني جُمادى الآخرة.
4 (عبد الله بن عمر بن جواد)
البغدادي الأزجي. سمع: أبا الفضل الأُرموي، وابن ناصر. وحدَّث. وتوُفي رحمه الله في جُمادى الأولى.
4 (عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبد المجيد بن إسماعيل.)
أبو القاسم المصري الأصل، ثم البغدادي، الصوفي. وُلِد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وسمع من: جدّه لأمّه عبد الرَّحمن بن الحسن الفارسيّ، وأبي الوقت وأبي القاسم بن البنّاء. ووُلّي مشيخة رباط الزَّوزَنيّ. وكان صالحاً عابداً، سَرَدَ الصَّومَ مدّة. وكان أبوه قدم بغداد وصار من أطِباء المارستان العَضُديّ.

(42/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 64
وتُوفّي أبو القاسم رحمه الله في شوّال.
4 (عبد الله بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن عُبَيد الله بن سعيد بن محمد بن ذي النّون)
الحَجريّ، حَجر ذي رُعين الأندلسيّ، المَرِيّيّ، الفقيه، الحافظ الثَّبت، أبو محمد بن عُبَيد الله الزّاهد. أحد أئمّة الأندلس. وُلد في نصف ذي الحجّة سنة خمسٍ وخمسمائة، وسمع صحيح مسلم من أبي عبد الله بن زُغَيبة. وسمع من: أبي القاسم بن ورد، وأبي الحسن بن اللّوان، وأبي الحسن ابن موهوب الجُذاميّ.) ورحل إلى قُرطبة فلقي بها: أبا القاسم بن بَقِيّ، وأبا الحسن بن مغيث، وأبا عبد الله بن مكّي، وأبا جعفر البِطروحي، وأبا بكر بن العربيّ. ولقي بإشبيلية أبا الحسن شُرَيح بن محمد، وأبا عمر أحمد بن عبد الله بن صالح المقرىء الأزديّ.

(42/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 65
وقرأ صحيح البخاري على شُرَيح في سنة أربعٍ وثلاثين. وحضر سماعه نحوٌ من ثلاثمائة نفس من أعيان طلبة البلاد فقرأه في إحدى وعشرين دولةً بسماعه من: أبيه، وأبي عبد الله بن منظور عبد الله بن منظور عن أبي ذَرّ الهَرَويّ. وكان النّاس يرحلون إلى شُرَيح بسببه لكونه قد عيَّن تسميعه في كل رمضان. وأجاز له القاضي غياض، وأبو بكر بن فَندَله، وجماعة. وسمع أيضاً من: محمد بن عبد العزيز الكِلابي، وجعفر بن محمد البُرجي، وأبي بكر يحيى بن خلف بن النّفيس، وإبراهيم بن مروان، ويوسف بن عليّ القُضاعيّ القفّال. وعُني بهذا الشّأن. وكان غايةً في الوَرَع والصّلاح والعَدَالة. قاله الأَبّار. وقال: ولي الصّلاة والخطابة بجامع المَرِيّة. وكان يعرف القراءات. ودُعي إلى القضاء فأبى. وخرج بعد تغلُّب العدو إلى مُرسية. وضاقت حاله بها، فقصد مالقة، وأجاز البحر إلى مدينة فاس. ثم استوطن سبتَة يُقرىء ويُسمع، فبَعُد صِيتُه، وعلا ذِكرُه، ورحل النّاس إليه لعُلُوّ سَنَده، وجلالة قدرِه. وكان له بَصَرٌ بصناعة الحديث، موصوفاً بجَودة الفَهم. استُدعي إلى حضرة السّلطان بمَرَاكُش لِيَسمع منه، فقدِمَها وبقي بها حيناً، ثم رجع إلى سَبتَة. حدَّثنا عنه عالم من الجِلّة. مولده سنة خمسٍ، وقيل: سنة ثلاثٍ وخمسمائة. وتوُفي بسَبتَة في المحرَّم، وقيل في مُستَهل صَفَر. وكانت جنازته مشهودة.

(42/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 66
سمعتُ أبا الربيع بن سالم يقول: صادَفَ وقتُ وفاته قحطاً، أَضَرّ بالنّاس، فلما وُضِعت جنازته على شفير قبره توسّلوا به إلى الله في إغاثتهم فسُقط مِن تلك مَطَراً وابلاً. وما اختلف النّاس إلى قبره مدّة الأسبوع إلاّ في الوحل والطّين. قلت: قرأ بالسَّبع على شّرَيح، وعلى يحيى بن الخُلُوف، وعلى أبي جعفر أحمد بن أبي الحش) بن الباذش بكتاب الإقناع له. وأقرأ القراءات لأبي الحسن الشّاري، وغيره. قال ابن فرتون: ظهرت له كرامات. ثنا شيخنا الراوية محمد بن الحسن بن غازي، عن بنت عمّه، وكانت صالحة، وكانت استحيضت مدّة، قالت: حُدّثت بموت ابن عُبَيد الله، فشقَّ عليَّ أن لا أشهده فقلت: اللهُمَّ إن كان وليّاً من أوليائك فأمِسك عنّي الدّمَ حتّى أصلّي عليه. فانقطع عنّي لوقته، ثم لم أره بعد. روى عنه: أبو عَمرو محمد بن عَيشون البكيّ، ومحمد بن أحمد بن اليتيم الأندرشيّ، ومحمد بن محمد اليحصُبيّ، ومحمد بن عبد الله القُرطُبي ابن الصّفّار، والشَّرَف محمد بن عُبيد الله المُرسي، وأبو بكر محمد بن أحمد بن مُحرِز الزُّهري، وعبد الرحمن بن القاسم السّرّاج، وأبو الخطّاب عمر بن دِحية الكلبيّ، وأخوه أبو عَمرو عثمان، وأبو الحسن علي بن الفخّار الشَّريشيّ، وأبو الحسن علي بن عبد الله بن فطرال، وأبو الحَجّاج يوسف بن محمد الأزدي، وخلق يطول ذكرهم من آخرهم: أبو الحسن علي بن محمد الغافِقي، الشّاري، وإبراهيم بن عامر الطَّوسِي، ومحمد بن الجِرج نزيل الإسكندرية، ومحمد بن عبد الله الأزديّ وبه خُتِم حديثه.

(42/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 67
مات الأزديّ سنة ستّين وستمائة. أخبرنا عبد المؤمن بن خَلَف الحافظ، أنا محمد بن إبراهيم الأنصاريّ قراءة، أنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد الحَجري، أنا أحمد بن محمد بن أحمد بن بَقِيّ، وأبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن البطروحيّ قالا: ثنا محمد بن الفرج الفقيه. ثنا يونس بن عبد الله القاضي، أنا أبو عيسى يحيى بن عبد الله: ابنا عمّ أبي عُبَيد بن يحيى بن يحيى، أنا أبي: نا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الّذي تفوُهُ صلاة العصر كأنما وُتِر أهله ومالَه. متَّفقٌ عليه. عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبد المجيد بن إسماعيل أبو القاسم المصريّ، ثم البغدادي، الصُّوفيّ. سمع من: جدّه لأمّه عبد الرحمن بن الحسن الفارسيّ، وأبي الوقت وسعيد بن البنّاء، وهبة الله بن الشِّبلي.) وولي مشيخة الرباط الزَّوزني. وكان أبوه أحد الأطبّاء ببغداد. وقدِها وسكنها وسمع الكثير. وُلِد أبو القاسم بن محمد في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وتُوفي رحمه الله كهلاً في سابع شوّال.
4 (عبد الله بن فُلَيح)
أبو محمد الحضرميّ، من قصر عبد الكريم. روى عن: ابن العربيّ، وعَبّاد بن سرحان، والقاضي عِياض وعليه اعتماده في الرواية.

(42/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 68
حدَّث، وولي القضاء بموضعه. قال الأَبّار: ثنا عنه أبو محمد النّاميسيّ، وأبو بكر بن محرز. وقال لي أبو الربيع بن سالم: بقي إلى سنة إحدى وتسعين.
4 (عبد الله بن محمد الحسن بن هبة الله بن عبد الله)
الفقيه أبو المظفَّر الدّمشقي، الشّافعي ابن عساكر. أخو زين الأُمَناء وإخوته. وُلِد سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. وتفقَّه على أبي الفتح بنجير بن عليّ الأشتريّ، والقُطب أبي المعالي مسعود بن محمد النَّيسابوري. وسمع من: عمّيه الصّائن هبة الله، والثِّقة أبي القاسم. وقرأ الأدب على محمود بن نعمة بن رسلان الشَّيزري، النَّحوي. وخرَّج أربعين حديثاً، وحدَّث بمصر، ودمشق، والقدس، وحماه، وشيَيزَر، والإسكندرية. ودرّس بدمشق بالتَّقَوية. وكان مجموع الفضائل. قُتِل غيلةً بظاهر القاهرة في ثامن ربيع الأوّل.
4 (عبد الله بن محمد بن حمد)
أبو محمد الإصبهانيّ، الخبّاز. روى عن: إسماعيل بن محمد الحافظ التَّيميّ. وعنه: يوسف بن خليل. نُوفّي في ذي القعدة.
4 (عبد الحق بن هبة الله بن ظافر بن حمزة.)
الرئيس أبو صادق القُضاعيّ، الشّافعي، المصريّ.)

(42/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 69
سمع: عبد الله بن رفاعة، والسَّلَفي، وجماعة فأكثر. روى عنه: عبد الرحمن بن عليّ المغيريّ. وتُوفّي رحمه الله في ربيع الأول.
4 (عبد الرحمن بن المبارك بن أحمد بن منصور)
أبو محمد الدّلاّل البغداديّ، المعروف بالشاطر. سمع: هبة الله بن الحُصَين. وتُوفي في رجب.
4 (عبد المؤمن بن عبد الغالب بن محمد بن طاهر بن خليفة)
أبو محمد الشَّيبانيّ البغداديّ، الفقيه الحنبليّ، الورّاق. وُلِد سنة بضع عشرة وخمسمائة. وسمع: أبا بكر الأنصاريّ، وأبا القاسم بن السَّمَرقَندي ببغداد، وأبا الخير البَاغبَان بهَمَذان. وحدَّث. روى عنه: يوسف بن خليل، وجماعة. وتُوفي رحمه الله يوم عَرَفة.
4 (عليّ بن حسّان بن مسافر)
أبو الحسن البغداديّ، الكاتبّ الشّاعر له شِعر جيّد خدم به الدّيوان العزيز فمنه قوله:
(عَذِيري من الغضبان لا يعرف الرضا .......... إذا لم يجد عتباً عليَّ تعتَّباً)

(42/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 70
(وما لي من دهري سوى أن خلعه .......... خلِعت على أيّامها خلعَة الصِّبا)

(فللَّه ما أحلى الهوى وأمَرّه .......... وأَبعد وصل الغانيات وأقربا)

4 (عليّ بن هلال بن خميس)
أبو الحسن الواسطّي، الفاخرانيّ، الفقيه الضّرير، الحنبليّ تفقّه ببغداد على أئمّتها. وسمع: أبا الحسين عبد الحقّ، وخديجة بنت النّهرواني. والفاخَرا قريةً من سواد واسط.
4 (عمر بن أبي السّعادات بن محمد بن مكابر.)
)

(42/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 71
أبو حفص الوكيل السَّقلاطوني. سمع: أبا القاسم بن الحُصَين، وأبا بكر القاضي. وعنه: ابن خليل، وجماعة.
4 (عمر بن المبارك بن أبي الفضل)
العاقوليّ، ثم الأَزَجيّ. يُعرف بابن طرّوية. سمع: أبا القاسم بن الحُصَين، وأبا الحسن بن الزّاغونيّ، وأبا البركات بن حُبَيش الفارقيّ. سمع منه: عمر بن عليّ القُرَشي، وتميم البَندنيجي، ويوسف بن خليل، وجماعة. تُوفيّ في ذي الحجّة عن ثمانين سنة.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت أبي الغنائم عبد الواحد بن أبي السّعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد بن محمد)
بن أحمد بن محمد بن عبيد الله بن أبي عيسى محمد بن المتوّكل على الله. الشّريفة أمّ عبد الله الهاشميّة العبّاسيّة المتوكّليّة البغدادية. رَوَت عن: المبارك بن المبارك السّرّج. وتُوفُيت في رمضان
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن خَلفَ بن عُبَيد بن فحلون)

(42/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 72
أبو بكر السَّكسَكي. نزيل شَرِيش. روى عن: أبي الحسن شُرَيح، وأبي مروان قرمان، وطائفة. وحدَّث. مات في شعبان بعد وَقعة الأرك الّتي كانت على الروم لَعَنَهم الله بأيّام.
4 (محمد بن أحمد بن محمد)
أبو عبد الله البغداديّ، الحَظيريّ، السِّمسار المعرف بالجِنَانيّ. كان يسكن محلّة الشّمعيّة. سمع: أبا العزّ أحمد بن كادش، وأبا القاسم بن الحُصَين، وأبا غالب بن البنّاء، وجماعة. وكان صحيح السَماع، عَسيراً في التَّحديث. روى عنه: يوسف بن خليل، وغيره.) وتُوفي في رمضان. والحظيرة: قرية كبيرة على يومَين من بغداد ممّا يلي الموصل. وقال ابن النّجّار: مات في شوّال.
4 (محمد بن الحسن بن الحسين)
أبو المحاسن الإصبهانيّ التّاجر، المعروف بالأصفهبذ.

(42/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 73
وُلِد سنة أربع عشرة وخمسمائة. وسمع: إسماعيل بن الإخشيذ، وجعفر بن عبد الواحد الثَّقَفيّ، وابن أبي ذَرّ الصّالحانيّ، وعثمان اللبيلي النَّيسابوريّ الراوي عن عمر بن مسرور. وحضَر أبا طاهر الدّشتج. وأجاز له أبو عليّ الحدّاد. وهو ابن أخت الحافظ أبي العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الإصبهانيّ. وقد حجّ سنة سبعين، وحدَّث ببغداد. وعاش إلى هذا الوقت. روى عنه: أحمد بن أسود المقرىء، والحافظ محمد بن موسى الحازميّ، ويوسف بن خليل. تُوفّي في ثامن ذي القعدة. وكان صالحاً، عفيفاً، مُقرِئاً، وناصراً، رحمه الله.
4 (محمد بن الحسين بن يحيى بن المُعَوَّج)
أبو بكر البغداديّ، الحريمي، القزّاز. سمع: أبا منصور بن زُرَيق القزّاز، والبدر الكرخيّ، وجماعة. وحدَّث.
4 (محمد بن عبد الوهّاب بن علي بن علي بن سُكَينة)
أبو منصور.

(42/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 74
سمّعه أبوه الكثير من: نصر بن نصر العُكبريّ، وأبي الوقت، وطبقتهما. وحدَّث. وهو من بيت الحديث والتُصوُف. تُوفّي في جُمادى الآخرة في أيّام أبيه. وكان من كبار الفقهاء.
4 (محمد بن عمر بن أحمد بن جامع)
أبو عبد الله بن البنّا الشّافعيّ، المقرىء الصّالح.) كان منقطعاً في مسجد القاهرة دهراً. وقد سمع من: قاضي القضاة أبي المعالي مُجَلي بن جامع الأرسُوفي، وعمر بن محمد بن محمد المقدسيّ، ومحمد بن إبراهيم الكيزانيّ. وأقرأ. وحدَّث، وانتفع به جماعة. قال المنذريّ: ثنا أبو القاسم عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله الشّعبانيّ. وتُوفيّ في ربيع الآخر.
4 (محمد بن أبي محمد رسلان بن عبد الله بن شعبان)
الفقيه أبو عبد الله الشّارعيّ، الشافعيّ، المقرىء بالشّارع. وُلِد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: أبيه رسلان، ومُجَلّي بن جُمَيع القاضي، وعثمان بن إسماعيل الشّارعيّ، وجماعة.

(42/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 75
روى عنه: ابنه عبد الرَّحمن.
4 (محمد بن المبارك بن أحمد ابن البُنّيّ، بالنّون)
أبو الفضل الواسطيّ. حدَّث عن: أبي الكرم نصر الله بن محمد، وأبي السّعادات المبارك بن نَغُوبا تُوفّي في المحرَّم، قاله الدُّبيثي.
4 (حرف النون)

4 (ناشب بن هلال بن نَصِير)
أبو منصور الحرَّانيّ، ثم البغدادي، ثم المُضَرِي، البَدِيهيّ. وُلِد سنة أربع عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحُصَين، وأبي العزّ بن كادش. روى عنه: ابن خليل، وغيره. وكان يتكَّك في الأَعزِية، ويقول الشَّعر على البَدية، ولذا قيل له البديهيّ.

(42/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 76
وتُوفّي في رمضان.
4 (نَجَبة بن يحيى بن خَلَف بن نجبة يوسف بن نَجَبَة)
الإمام أبو الحسن الرُّعَينيّ، الإشبيليّ، المقرىء، المجوِّد، النَّحويّ.) وُلِد بعد العشرين، وأخذ القراءات عن: أبي الحسن شُرَيح، وأبي محمد بن شُعَيب اليابُريّ، وأبي جعفر بن عَيشُون. وسمع منهم، ومن صهرِه أبي مروان عبد الملك بن البَاجي، وأبي بكر بن العربيّ، وأبي بكر محمد بن عبد الغنيّ بن فَندلَة، ومحمد بن أحمد بن طاهر القَيسيّ، وأبي الحسن بن لُبّ. وأجاز له عتيق بن محمد. وتصدَّر بإشبيليّة للإقراء والنَّحو. روى عنه: أبو الربيع بن سالم الكلاعيّ، وجماعة. وذكره الأَبّار فأثنى عليه وقال: كان إماماً مقدَّماً في الصَّلاح والتواضع. واستوطنَ مَرّاكُش مدَّةً، وأقرأ بها وبإفريقيّة. وكان مقرئاُ محقِّقاً، ونَحوياً حافظاً. حدَّث عنه جماعة من جِلّة شيوخنا. وتُوفّي في جُمادى الآخرة بِشَرِيش وله سبعون سنة.

(42/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 77
4 (نصر بن عبد الرحمن بن محمد بن منصور بن أحمد)
أبو الفتح القُرَيشي الدمشقيّ، والد محمد. تُوفيّ في جُمادى الآخرة. وهو ابن أخي الشّيخ أبي البَيَان.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن صَدَقَة بن هبة الله بن ثابت بن عُصفور)
أبو البقاء الأَزَجيّ، الصّائغ. وُلِد سنة خمسمائة. وسمع في كِبرة من: أبي الحسن بن عبد السّلام، وأبي سعد أحمد بن محمد البغداديّ، وأبي البدر الكرخيّ، وطبقتهم. وحدَّث. وخرَّج مجاميع، وصنَّف في الردّ على الرافضة وفي الردّ على أبي الوفاء عليّ بن عقيل في نُصرة الحلاّج. روى عنه: إلياس بن جامع، ويوسف بن جليل. تُوفيّ في شوال.
4 (حرف الياء)
)
4 (يحيى بن الخَضِر بن يحيى بن محمد)
أبو زكريّا الأُرمَوي. شيخ صالح دمشقيّ. سمع من: جمال الإسلام عليّ بن المسلم.

(42/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 78
وحدَّث. وتُوُفي في عاشر شوّال.
4 (يحيى بن علي بن أحمد بن عليّ)
الخرّاز، أبو منصور البغدادي، الحريميّ. وُلِد سنة سبعٍ وخمسمائة. وسمع من: أبي عليّ محمد بن محمد بن المهديّ، ومحمد بن محمد بن المهتدي بالله، وهبة الله بن الحُصَين، وأحمد بن البنّاء، وغيرهم. والخرّاز: براء ثم زاي، وهو من بيت حديث. روى هو، وأبوه وابنه عبد الله. روى عنه: الدُّبيثيّ، وابن خليل. وتُوفّي في ثاني عشر ذي الحجّة.
4 (يَمَان بن أحمد الرُّصافيّ، الواسطيّ، الشّافعي.)
دُفِن برُصافة واسط. وقد تفقّه ببغداد على: أبي المحاسن يوسف بن بُندار. وسمع من: أحمد بن المبارك المُرَقَّعاتيّ. واشتغل ببلده وأفتى. وهذه الرُّصافة تحت واسط بستّة فراسخ، وهي قرية كبيرة. والرُّصافة بالشّام بلد بناه هشام بن عبد الملك. وبهذا الاسم محلّة ببغداد، وأخرى بالكوفة، وبُلَيدَة بقرب البصرة، وموضع بالأنبار، وموضع بقُرطبة، وأخرى

(42/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 79
ببلَنسية، وأخرى بنَيسابور، وأخرى بقرب إفريقيّة. ذكر العشرة الحافظ زكيّ الدّين في وفاة يَمان، وأنّها تقريباً في سنة إحدى وتسعين. وفيها وُلِد: إبراهيم بن إسماعيل المقدسي أخو أبي شامة. والنَّجم محمد بن عليّ بن المظفَّر النشبيّ. والتّاج عبد الوهّاب ابن زين الأُمَناء.) والسّيف يحيى بن الحنبليّ. وعبد الواحد بن عليّ الهَكاريّ. والجمال محمد بن عبد الجليل ابن الموقاتيّ بالقدس.

(42/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 80
4 (وفيات سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن طارق بن سنان)
أبو الرضا الكَركي الأصل، البغدادي المَولد، التّاجر، المحدّث. وُلِد سنة سبعٍ وعشرين وخمسمائة في ربيع الأوّل. وسمع من: أبي منصور موهوب بن الجواليقيّ، وأبي الفضل بن الأُرمَوِي، وابن ناصر، وأحمد بن طاهر المَيهني، ونصر بن نصر، وسعيد بن البنّاء، وهبة الله الحاسب، ومحمد بن طِراد النّقيب، وأبي بكر بن

(42/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 81
الزّاغونيّ، وسعد الخير البَلَنسي، ومحمد بن عُبيد الله الرُّطَبي، والمبارك بن الشَّهرُوريّ، وعبد الملك الكَرُّوخي. وبالكوفة من: أبي الحسن محمد بن غيرة. وبمكّة من عبد الرحيم ابن شيخ الشّيوخ وبدمشق من: أبي القاسم الحسين بن البُنّا، وناصر بن عبد الرَّحمن النّجّار، وحمزة بن كرّوس، وجماعة. وبمصر من: عبد الله بن رفاعة، وأحمد بن الحُطيئة، وعلي بن هبة الله الكاملي وبالثّغر من: أبي طاهر بن سِلفَةَ. وحدَّث بهذه البلاد. قال ابن الدُّبيثيّ: كان حريصاً على السّماع، وتحصيل المسموعات، مع قلّة معروفة بالنسبة إلى طَلَبه. وكان ثقة. وقال المنذري: هو من الكَركِ، قرية بجبل لبنان، بسكون الراء. وأمّا البلد المشهور فبالتّحريك. قلتُ: أراد كرك نوح، وهي بُلَيدَة بالبقاع. ولم أسمع أحداً قيّده بالسُّكون سوى المنذريّ بلى ابن نُقطَة.

(42/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 82
روى عن ابن طارق: أبو الحسن عليّ بن المفضّل، وأبو عبد الله الدُّبيثيّ، ويوسف بن خليل.) وذكره الحافظ الضّياء في شيوخ الإجازة، وقال: كان شيعياً غالباً. قال ابن النّجّار: لم يزل يطلب إلى أن مات، وكان يُوادُّني. وكان صدوقاً تبتاً، طيّب المعاشرة، إلاّ أنّه كان غالياً في التّشيُّع، شحيحاً، مقنطاً على نفسه، يشتري من لُقَم المُكِدًّين، ويتبع المحدّثين ليأكل معهم يُشغِل في بيته ضوءاً وخلّف تجارة تساوي ثلاثة آلاف دينار. مات وحده ولم يعلم به أحد. قال عبد الرّزّاق الجيليّ: كان ثقةً ثَبتاً مع فساد دِينه. وقال ابن نقطة: كان متقناً، خبيث الاعتقاد، رافضيّاً. مات في سادس عشر ذي الحجّة. وبقي في بيته أيّاماً لا يُدرَى به، وأكلت الفأرة أُذُنَيه وأنفَه كما قيل. قلت: كان جدّه سنان قاضي كَرك البقاع.
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن سعيد بن حُرَيث بن مضاء بن مهنَّد بن عُمَير.)
أبو العبَاس، وأبو جعفر اللَّخميّ، القُرطُبي قاضي الجماعة.

(42/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 83
عرض الموطّأ على أبي عبد الله بن أَصبَغ. وسمع من: أبي جعفر البِطزوحيّ، وأبي جعفر بن عبد العزيز. وكان قد أخذ القراءات عن أبي القاسم بن رضا. ورحل إلى إشبيلية فأخذ عن شُرَيح بن محمد قراءة نافع، وقراءة ابن كثير. وسمع من: أبي بكر بن العربيّ، وطائفة. لكنه امتًحِن بضياع أسمِعَته. وكان بارعاً في علم العربيّة. وُلّي قضاء فاس، ثم نُقل إلى قضاء الجماعة بمراكش عند وفاة القاضي أبي موسى عيسى بن عِمران سنة ثمانٍ وسبعين. وكان جميل السّيرة، إماماً، مُتقِناً، روى عنه جماعة. وتُوفّي في جُمادى الأولى وقد شارف الثّمانين. وله المُشرِق في إصلاح المنطق، وكتاب تَنزيه القرآن عمّا لا يليق بالبيان. ورّخه الأَبّار. وقال أبو الخطاب بن دحية: سمعتُ منه صحيح مسلم، بسماعه من ابن جابر الأَسَدي.

(42/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 84
4 (أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حُرَيث بن عاصم.)
) أبو جعفر اللَّخمي الشَّريشيّ. أبو جعفر، وأبو القاسم. روى عن: محمد بن أَصبَغ، وأبي بكر بن العربيّ، وعِياض، والبِطروحيّ، وطائفة. وُلّي قضاء فاس، ثم قضاء الجماعة بمرّاكُش. وحدَّث في جُمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين عن ثمانين سنة إلا سنة. قلت: النّسخة المنقول منها سقيمة، كأنه اثنتين وسبعين.
4 (أحمد بن علي بن يحيى بن بَذّال)
أبو العباس الحريميّ، المعروف بابن النّفيس المُستَعمَل. وُلِد سنة تسعٍ وخمسمائة. وسمع: هبة الله بن الحُصَين، وأبا غالب بن البنّاء، وأبا المواهب أحمد بن ملوك، وجماعة. سمع منه: أبو المحاسن عمر بن علي ومات قبله بزمانٍ، ويوسف بن خليل، وغير واحد.

(42/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 85
تُوفي في المحرَّم.
4 (أحمد بن علي بن طلحة)
أبو العبّاس الواسطي، الشّاهد. وُلِد سنة تسع عشرة وخمسمائة. وسمع: أبا الكَرَم نصر الله بن مَخلَد، وسعد بن عبد الكَريم الغُندُجانيّ، وعليّ بن هبة الله بن عبد السّلام. وحدَّث. ووُلّي نيابة الحُكم بواسط وبها تُوفّي في صَفَر. روى عنه: أبو عبد الله الدُّبيثيّ، وغيره.
4 (أحمد بن عمر بن بَرَكة.)
الأَزَجيّ، البزّاز، المعروف بابن الكزليّ. حدَّث عن: أبي القاسم بن الحُصَين، وأبي الحسن بن الزّاغونيّ، وأبي بكر الأنصاري. وعنه: ابن خليل. تُوفي في ربيع الأول.
4 (أحمد بن مسعود بن الحسن)
أبو الرّضا الباذَبِينيّ، ثم البغدادي التّاجر ابن الزُّقطَرّ.

(42/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 86
سمع من: أبي البركات يحيى بن حُبيش، وأبي بكر الأنصاري.) وحدَّث. ونوفي في ربيع الآخر. ومولده سنة سبعٍ وخمسمائة.
4 (أحمد بن هبة الله بن أسعَد.)
أبو العبّاس بن الثّخين البغدادي، الحنفيّ. سمع: عبد الوهّاب الأنماطيّ، وأبا الوقت. روى عنه: عبد الله بن أحمد الخبّاز. ورّخه ابن النّجّار في رجب.
4 (إبراهيم بن الشّيخ عبد القادر بن أبي صالح)
الجيليّ سمع من: أبي الوقت، وسعيد بن البنّاء. وتُفي بواسط. قال الدُّبِيثيّ: ما أظنه حدّث لاشتغاله بالمعاش.

(42/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 87
4 (إبراهيم بن محمد بن أحمد بن حَمَدِيّةَ)
أبو طاهر العُكبَرِيّ، البيّع. أخو عبد الله. سمَّعه أبوه الكثير، وسمع بنفسه، وكتبَ بخطّه. وروى الكثير عن هبة الله بن الحُصَين، وأبي غالب الماوردي، وهبة الله بن عبد الشُّرُطي، وزاهر الشّحّاميّ. وكان صحيح السَّماع. روى عنه: الدُّبيثي، وابن خليل، وجماعة. وكان مولده سنة عشر أو اثنتي عشرة وخمسمائة. وتوفي في صَفَر بعد أخيه عبد الله بعشرين يوماً.
4 (إسماعيل بن أبي بكر محمد بن عليّ بن عبد العزيز)
أبو محمد الحريمي، السِّمِّذي، الخبّاز. سمع عمّه: المبارك بن علي، وأبا بكر محمد بن عبد الباقي، ويحيى بن الطّرّاح، وأبي منصور محمد بن خيرون، وجماعة. روى عنه: يوسف بن خليل، وجماعة. وتُوفي في صَفَر.)

(42/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 88
4 (أشرف بن عليّ بن محمد بن إبراهيم)
أبو الفضل الهاشميّ. روى عن: جدّه لأمّه أبي الفضل الأُرمَوي. وكان يمكنه أن يسمع من ابن كادش، ونحوه، لأنّه وُلِد في حدود سنة خمس عشرة وخمسمائة.
4 (حرف الباء)

4 (بَلقيس بنت سليمان بن أحمد بن الوزير نظام المُلك الحسن بن علي بن إسحاق الطُّوسي.)
المَدعُوّة خاتون. وُلِدت بإصبهان سنة سبع عشرة وخمسمائة، ونشأت بها. وسمعت من: فاطمة الجَوزدانيّة، وسعيد بن أبي الرجاء، والحسين بن عبد الملك الخلاّل. سمع منها جماعة. وحدّث عنها: يوسف بن خليل، وغيره. تُوُفِّيت في ثامن رجب.
4 (حرف التاء)

4 (تميم بن أبي الفتوح بن محمد بن أبي القاسم)
أبو رشيد الإصبهانيّ، المقرىء، الخلاّل.

(42/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 89
سمع: محمد بن علي بن أبي ذَر الصّالحانيّ. وعنه: ابن خليل. تُوفّي في رمضان.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن عبد الله بن عبد الرَّحمن بن عبد الله)
القاضي الأَجَلّ أبو المكارم التَّميمي، السَّعديّ، الأغلبيّ، ابن الجبّاب. وُلِد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة وحدَّث عن: السِّلَفيّ. وقد وُلّي قضاء الإسكندرية سنة أربعٍ وستّين. وإلى أن تُوُفّي. وكان يُراجع الفقيه أبا الطّاهر بن عوف فيما يشكل عليه من الأحكام وهو من بيت حشمة) وجلالة
4 (الحسن بن عليّ، ويقال المبارك، بن عليّ بن المبارك)
أبو علي المؤدب البغدادي، ويُعرف بابن الحلاوي. سمع من: ابن الحُصَين، وأبي غالب بن النبّا. وعنه: ابن خليل، وغيره. وتُوفّي في صَفَر.
4 (الحسين بن عبد الرحمن بن الحسين.)

(42/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 90
أبو عبد الله الواسطي. روى عن: نصر الله بن الجَلخت، ومحمد بن عليّ الجُلابي. وتُوفي في جمادى الأولى.
4 (حرف السين)

4 (الشديد شيخ الأطِبّاء بمصر)
هو أبو منصور عبد الله بن علي. ولَقَبه أيضاً شرف الدّين، وإنّما غَلَبَ عليه لَقب أبيه السّديد أبي الحسن. أخذ الصّناعة عن الموفّق عدنان بن العَين زّربيّ. وبرع في الفنّ، وخدم العاضد العُبيديّ وجماعةً قبله. وحصّل أموالاً عظيمة، ونال الحُرمة والجاه العريض، وعُمِّر دهراً. وكان أبوه طبيباً للدّولة أيضاً. ومّمن أخذ عن أبي منصور: نفيس الدّين ابن الزُّبَير شيخ الأطبّاء. فحكى عنه أنه دخل مع أبيه على الأمر بأحكام الله. قال ابن أبي أُصيَبعَة: وحدَّثني أسعد الدّين عبد العزيز بن الحسن أن الشّيخ السّديد حصل له في يوم واحد من الدّولة ثلاثون ألف دينار. وقال لي نفيس الدّين ابن الزُّبَير عنه أنّه طهَّرَ ابني الحافظ لدين الله فحصل له من الذَّهب نحو خمسين ألف دينار. وما زال شيخ الأطبّاء إلى أن مات. وكان صلاح الدّين يحترمه ويعتمد عليه في الطّبّ.
4 (سعد بن عثمان بن مرزوق بن حُمَيد.)
القُرَشي، الزّاهد أبو الخير ابن الفقيه أبي عَمر المصريّ، الحنبليّ.)

(42/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 91
خرج من مصر قديماً، وسكن بغداد، وتفقه بها على مذاهب أحمد. وسمع من: أبي محمد بن الخشّاب وجالسَه، وحصَلَ له ببغداد قبولٌ تام مِن الخاصّة والعامّة. وكان يُحمل إليه من مصر ما يقتات به من شيء له. وكان زاهداً ورِعاً، ناسكاً، قانتاً. ولمّا اختُضِر شيخه أبو الفتح بن المُنَى أوصى أن يتقدَّم في الصلاة عليه سعد رحمه الله. تُوفي في سادس عشر ربيع الآخر. وشيّعه الخَلق. قال ابن النّجّار: قدِم بغدادَ واستوطنها برباط الشّيخ عبد القادر. وكان عبداً صالحاً، مشهوراً بالعبادة، والمجاهدة، والتّقشُّف، والوَرَع، خشِن العَيش، كثير الانقطاع. حدَّث بالسير عن ابن الخشّاب، وكان على غايةٍ من الوسواس في الطّهارة. مات في صلاة الظُّهر، وكان قد تلا فيها فَأَمَّا إن كان مِن المُقَرَّبِينَ فَرَوجٌ وَرَيحَانٌ وَجنَّةُ نَعِيمٍ.
4 (حرف الشين)

4 (شعيب بن الحسن بن محمد بن شعيب)
أبو نصر السَّمرقَنديّ، ثمَ الإصبهانيّ وُلِد سنة خمس عشرة وخمسمائة بإصبهان. وسمع من: علي بن هاشم بن طَباطَبا العلوي، وفاطمة الجُوزدانيّة. روى عنه: يوسف بن خليل. وتوُفّي في شوّال.

(42/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 92
4 (حرف الصاد)

4 (صاعد بن رجاء بن حامد بن رجاء)
المَعدانيّ، أبو الخطّاب الإصبهاني، الشّافعي. روى عن: زاهر الشّحّامي. وعنه: ابن خليل تُوفي في جمادى الآخرة.
4 (صَدقة بن أبي المظفَّر محمد بن المبارك)
أبو الفُتُوح البردغوليّ، الحريميّ، الظّاهريّ. سمع: ابن الحُصَين.) وعنه: ابن خليل، وأبو عبد الله الدُّبيثي. توفي في شوال.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن إبراهيم بن يوسف)
الأنصاري، أبو محمد البَلَنسيّ، الصُّوفيّ الصّالح. سمع: أبا طاهر السِّلَفي، وأبا محمد الدّيباجيّ، وعبد الله بن برّي، وخلقاً كثيراً بعدهم بالقاهرة. وكتب الكثير. روى عنه: أبو نزار ربيعة، وغيره.

(42/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 93
ويقال أنّه نَسَخ أكثر من مائة ألف وخمسمائة جزء سوى المجلّدات. وخطّة معروف. تُوفيّ في تاسع عشر جُمادى الأولى. وكان قد سُيِّر قلعة صَدَر، قلعة مشهورة بين أَيلة مصر.
4 (عبد الله بن أحمد بن جمهور بن سعيد.)
أبو محمد القيسي الإشبيلي. سمع: أبا الحسن شريح بن محمد، وأبا بكر بن العربي، وأبا بكر بن موجوال وتفقه به، وأبا مروان بن مسرة. وأخذ القراءات عن أبي الحكم بن بطال. وولي إمامة إشبيلية. قال الأبار: كان رجلاً صالحاً، فاضلاً، بصراً باللغة والشروط. حدث عنه جماعة من شيوخنا. وتوفي في ربيع الآخر، وله نحوٌ من ثمانين سنة.
4 (عبد الله بن علي بن عثمان بن يوسف.)
القاضي أبو محمد القرشي، المخزومي، المصري، الفقيه الشافعي، المعدل، الأديب. ولد سنة تسع وأربعين. وقرأ الكثير على أبي محمد بن بري. وله شعر حسن. وكان كثير المعروف والإيثار. وقد حدث والده وطائفة من إخوته وأهل بيته، وهم بيت كتابة وتقدُّم.

(42/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 94
4 (عبد الله بن محمد بن أحمد بن حَمَدِيّة)
) أبو منصور العُكبَرِي الأصل، البغداديّ، أخو إبراهيم المذكور آنفاً. سمع: أبا العِزّ بن كادش، وأبا علي الحسن بن الشِّبط، وأبا بكر محمد بن الحسين المَزرفيّ، وأبا سهل محمد بن إبراهيم بن سَعدَوَية، وزاهر بن طاهر، وأبا عبد الله الحسين البارع، وعُبَيد الله بن محمد بن البَيهَقيّ، وخلقاً. روى عنه: أبو عبد الله الدُّبيثيّ، ويوسف بن خليل، وجماعة. وسمع منه: عمر بن علي القُرَشي، والقُدماء. وتُوفي في ثالث صفر. وكان مولده سنة ثمانٍ وخمسمائة.
4 (عبد الله ابن الأجل أبي شجاع المظفَّر بن أبي الفَرَج هبة الله بن المظفَّر ابن الوزير رئيس)
الرؤساء أبي القاسم علي ابن المُسلمة. ويُعرف بالأثير أبي جعفر. وُلِد سنة تسع عشرة وخمسمائة. وسمع بنفسه من: أبي منصور ابن خيرون، وأبي الحسن محمد بن أحمد بن توبة، وأبي سعد أحمد بن محمد البغداديّ. روى عنه: إلياس بن جامع، ويوسف بن خليل.

(42/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 95
وتُوُفّي في تاسع عشر صفر. وهو من بيتٍ كبير.
4 (عبد الله بن أبي المحاسن بن أبي منصور)
العتّابيّ، الحنّاط. روى عن: إسماعيل بن السَّمَرقَندي، وغيره ويُعرف بابن السِّنَّور.
4 (عبد الخالق بن أبي الفتح عبد الوهّاب بن محمد بن الحسين)
أبو محمد المالكيّ الأصل، البغدادي، المولد، الصّابوني، الخفّاف الحنبليّ، الضّرير. وُلِد سنة سبعٍ أو عشرٍ وخمسمائة.

(42/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 96
وسمع بإفادة أبيه من: الحسن بن محمد البَاقَرحي، وأبي المعالي أحمد بن محمد بن البخاريّ، وأبي نَصر أحمد بن رضوان، وعلي بن عبد الواحد الدِّينَوري، وأحمد بن كادش، وزاهر بن طاهر، وإسماعيل ابن المؤذّن، وقُراتِكِين بن الأسعد، وطائفة.) وسمع صحيح البخاري من: الحسين بن عبد الملك الخلاّل ومُسنَد أحمد من ابن الحُصين. روى عنه: أبو عبد الله الدُّبيثيّ، وصَدَقَة بن محمد الوكيل، ويوسف بن خليل. تُوفي في الخامس والعشرين من ذي الحجّة.
4 (عبد الرحمن بن سعود بن سرور بن الحسين)
أبو محمد القصريّ، الملاّح. سمع: أبا القاسم بن الحُصَين، وأبا بكر الأنصاري، وجماعة. وعنه: الدُّبيثيّ، وابن خليل. وتُوفّي في جُمادى الآخرة وله ستٌّ وسبعون سنة. ويقال له ابن ملاّح الشّطّ كما يقال لعبد الرحمن بن أبي الكَرَم الآتي سنة سبعٍ وتسعين.
4 (عبد الرحمن بن أبي الفضائل نصر الله بن موسى بن نصر بن شِبزِق)

(42/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 97
أبو القاسم الموصليّ، ثم البغدادي، البيّع، الرّقّاء، الأعرج. ويُعرف بابن فضائل. وُلِد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبي العزّ بن كادش، وأبي القاسم بن الحُصين، وعلي بن عبد الواحد الدّينوَري، وأبا بكر المَزرفيّ. سمع منه: عمر بن عليّ القُرَشي، ويوسف بن خليل، وجماعة. وتُوفي في الرابع والعشرين من المحرَّم. وشِبزِق بكسرتين.
4 (عبد الرحيم بن أحمد بن حَجُّون بن محمد بن حمزة بن جعفر بن إسماعيل بن جعفر)
الصّادق بن محمد الباقر كذا في نسَب حفيده شيخنا ضياء الدّين بن عبد الرَّحيم الشّافعيّ، فاللَّه أعلم بصحة ذلك، فكأنّه قد سقط منه جماعة. أبو محمد المغربيّ الزاهد. تُوفي في أحد الرَّبيعين بالصّعيد ببلد قِنَا. وكان أحد الزُّهّاد في عصره ظهرت بركاته على جماعةٍ من أصحابه، وله تلامذة من كبار الصُّلحاء نفعَ الله ببركتهم.

(42/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 98
4 (عبد العزيز بن فارس بن عبد العزيز بن ميمون)
الحكيم أبو محمد الشَّيبَنيّ، الرَّبَعِي، الإسكندرانيّ.) كان من أعيان الأطبّاء في زمانه. حدَّث عن: عبد المُعطي بن مسافر القمّوديّ. وعاش اثنتين وثمانين سنة، فإنه وُلِد سنة عشرٍ وخمسمائة. وتُوفي في الثّامن والعشرين من صَفَر.
4 (عبد القويّ بن عبد الله بن سلامة بن سعد)
أبو محمد المنذريّ، الشّاميّ الأصل، المصريّ. والِد الحافظ زكي الدّين عبد العظيم. وُلِد سنة أربع وخمسين وخمسمائة تقريباً. وسمع بمكّة من: محمد بن الحسين الهَرَوِي وبمصر من: أبي عبد الله الأرتلحيّ. قال ابنه: علقتُ عنه فوائد. وكان رحمه الله يحرّضني على الحديث. تُوفي في ثالث رمضان.
4 (عثمان بن أبي بكر بن إبراهيم بن جَلدَك)

(42/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 99
أبو عَمرو القلانِسيّ، المَوصِلي، الشّافعيّ. سمع من: خطيب الموصل، ويحيى الثَّقفيّ. وارتحل إلى بغداد، فتفقَّه بها على أبي القاسم يحيى بن فضلان. وسمع من: ذاكر بن كامل، وابن بوش، وجماعة.

(42/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 100
ورحل إلى إصبهان فسمع من: الحافظ أبي موسى، وأبي رشيد حبيب بن إبراهيم، وطائفة. وبدمشق من العلاّمة أبي سعد بن أبي عَصرون، والخُشُوعيّ. وحدث ببغداد ومصر وله شعر حسن. توفي في أواخر العام رحمه الله.
4 (عليّ بن أبي القاسم أحمد بن محمد بن العبّاس.)
أبو الحسن البغدادي، العطّار، المعروف بابن الدّيناريّ. سمع من: القاضي أبي بكر، وغيره. روى عنه: يوسف بن خليل، وابن الدُّبيثي في تاريخه وقال: تُوفي في جمادى الآخرة.
4 (علي بن سعيد بن الحسن)
المأمونيّ، الشّافعيّ، الفقيه أبو الحسن.) روى عن: أبي الفتح الكَرُّوخيّ، وأبي الوقت. وهو من محلّة المأمونية ببغداد. قال ابن النّجار: كان ينتحل مذهب الإماميّة، شيعياً غالباً.
4 (عمر بن عبد الله بن أبي بكر أحمد بن الإمام أبي محمد عبد الله بن سبعون بن يحيى)
أبو حفص القَيسيّ، السلمي القَيروانيّ، ثم البغدادي. وُلِد سنة ست عشرة وخمسمائة.

(42/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 101
وسمع من: يحيى الطّرّاح، وأبي البدر الكَرخي، وأبي بكر بن الزَّاغونيّ. وحدَّث. تُوفّي في ثالث شعبان ببغداد. وأخوه أبو بكر يُسمَّى اللَّيث، يروي عن أبي البدر الكرخيّ. ووالدهما أبو محمد يروي عن ابن خيرون كتب عنه ابن الحُصريّ. وجدُّهما أبو بكر يروي عن أبي الطّيب الطَّبَري مات سنة إحدى وخمسمائة.
4 (حرف الغين)

4 (غُنَيمة بن المفضل)
أبو الغنائم الصُّوفي الخطيبيّ. سمع بواسط من: هبة الله بن نصر الله بن الجَلَخت. وكان من مشاهير الصُّوفية والفُقَهاء. مات في رجب.
4 (حرف الفاء)

4 (فضلان بن خَلَف بن فضلان)
أبو محمد البغدادي، الأَزجيّ، القصّار. تُوفي في ذي الحجّة. روى عن: إسماعيل بن السَّمَرقَندي، وعبد الملك الكَرُّوخيّ. روى عنه: ابن خليل، والدُّبيثي، وجماعة.

(42/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 102
4 (حرف الكاف)
)
4 (كرَم بن حَيدر)
الرَّبعي الحربيّ. سمع من: أبي بكر محمد بن إبراهيم بن إبراهيم القصريّ. روى عنه: يوسف بن خليل. حرف اللام
4 (ليث بن أحمد بن محمد)
أبو البركات الحربيّ، البيّع، المعروف بابن الدُخنِي. سمع من: أبي الحسين محمد بن أبي يَعلَي الفرّاء، وعبد الله بن أحمد بن يوسف. وعنه: يوسف بن خليل. توفي سابع عشر صَفَر.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن موسى بن هُذيل)
أبو عبد الله العَبدري، الأندلسيّ. حجَّ، وسمع من: عليّ بن حُميد بن عمار بمكة ومن: السِّلَفي، وغيره بالثّغر. تُوفي في هذه السنّة أو في التي بعدها.
4 (محمد بن أحمد بن محمد)

(42/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 103
أبو بكر الإصبهاني، المهّاد، المؤذَن المقرىْ. سمع: محمود بن إسماعيل الصَّيرَفي، وجعفر بن عبد الواحد الثقّفي. روى عنه: يوسف بن خليل وقال: تُوفي في ذي الحجّة.
4 (محمد بن أبي بكر بن محمد)
أبو عبد الله الجَلاَليّ، البغدادي. سمع: عبد الله بن الحُصَين، وأبا بكر الزّرقي. وذكر أنّه سمع المقامات من المصنِّف. وكان جليلاً نبيلاً. روى عنه: أحمد بن محمد بن طَلحة.) وُلِد سنة سبعٍ وتسعين وأربعمائة. ومات في رجب قال ذلك ابن النّجار. وأمّا ابن الدُّبيثي فقال: مات في رمضان. وقال: سألته عن مولده فقال لي: في نصف رجب سنة اثنتين وتسعين. عاش مائة سنة وشهرين، وهو محمد بن عبد الله الآتي ذِكره.
4 (محمد بن الحسن بن أبي الفوارس هبة الله ابن المقرئ الكبير أبي طاهر بن سِوار)
البغدادي أبو بكر، الوكيل بباب القضاة. كان بارِعاً في فنّه وفي السِّجلاّت كأبيه وجده. سمع من: صَدَقة بن محمد المَحلبان، وأبي علي أحمد بن محمد الرَّحبي، وابن البطّي.

(42/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 104
وحدَّث. وتُوفي في رابع شعبان كذَّبه ابن نُقطة، ووهّاه ابن الحُصري.
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله)
المعّمر أبو عبد الله البغداديّ، المعروف بالجَلاَلي، منسوب إلى خدمة الوزير جلال الدّين الحسن بن صَدَقة. شيخ معمَّر، كان أحد من جاوز المائة. وُلِد في نصف رجب أو في شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. وسمع من: علي بن المبارك بن الفَاعُوس، وابن الحُصَين، ومحمد بن الحسن المَزرَفي. وحدَّث. ولو سمع في صِغَرِه لسمع جماعة من أصحاب أبي علي بن شاذان، بل السّماع قِسمِيَّة. روى عنه: أبو عبد الله الدُّبيثي، وأبو الحَجّاج الأدمي، وجماعة. وتوفي في رابع رمضان، وله مائة سنة وشهر.

(42/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 105
وكان يمكن أن تكون له إجازة من أبي عبد الله بن طلحة النِّعالي وغيره.
4 (محمد بن عبد اللَّطيف بن أبي بكر محمد بن عبد اللَّطيف بن محمد بن ثابت بن الحسن)
الرَّئيس الكبير صَدر الدين أبو بكر الأزدي، الخُجَندي الأصل الإصبَهَاني، الفقيه الشّافعي. كان قد سمع الحديث وتفقَّه. وكان رئيساً مقدَّماً بإصبهان هو وآباؤه وهو وآباؤه الثلاثة يُلَقَّبون صَدر الدين. وخُجَند مدينة على طرف سَيحُون.) قَتَلَة فَلَكُ الدين سُنقر الطويل متولي إصبهان في هذا العام وكان يدخل ويخرج في أمر الدّولة فَخُتِمَ له بخير.

(42/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 106

(42/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 107
4 (محمد بن أبي الطّاهر عبد الوارِث بن القاضي هبة الله بن عبد الله بن الحسين)
الرَّئيس أبو الفخر الأنصاري، الأوسي، المصري، الشّافعي، المعروف بابن الأزرق. وُلِد في حدود سنة ستٍّ وثلاثين وخمسمائة. وكان جدّه أبو الفضائل هبة الله قاضي قُضاة الديار المصرية. تُوفي في جُمادى الأولى.
4 (محمد بن علي بن فارس بن علي)

(42/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 108
أبو الغنائم بن المعلّم الواسطي، الهُرثي، الشّاعر المشهور. والهُرث: من قرى واسط. وُلِد سنة إحدى وخمسمائة. وانتهت إليه رئاسة الشِّعر في زمانه. وطال عُمره حتّى صار شيخ الشّعراء في وقته وسار شِعره، واشتهر ذكره وقد أكثر القولَ في المديح والغَزَل. قال ابن الدُّبيثي: سمعت عليه أكثر شِعره بواسط، وبالهُرث، فأنشدنا لنفسه:
(يا مُبيحَ في دين الهَوَى .......... أنتَ مِن قَتلي في أوسَعِ حِلِّ)

(إغضُضِ الطَّرف فنيران الهوَى .......... لَم تدع لي كَبداً تُرمى بِنَيلِ)

(هَبكَ أغليتَ وصالي ضِنَّةً .......... منكَ بالحُسنِ فلِم أرخَصتَ قَتلي)

(فلَحُبيّ فيكَ أحببتُ الضَّنَا .......... لسنٌ بالطّالبِ بُرءِي يا مُعِلّي)
وله:
(يا نازلينَ الحِمَى رِفقاً بقَلبِ فتًى .......... إن صاحَ بالبَينِ داعٍ فهو مُضمِرُه)

(مقسماً حذر الواشي يغيبُ به .......... عنه وأمرُ الهَوَى العُذريّ يُحضِره)

(42/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 109
(كم تستريحون عن صُبحي وأتعِبه .......... وكم تَّنَامُون عن ليلي وأُسهِرُه)

(لا تحسبوا البُعد عن عَهدِ يغيّرني .......... غيري ملازمةُ البلوى تغيّرُه)

(فما ذكرتكمُ إلاّ وهِمتُ جوّى .......... وآفةُ المُبتلى فيكم تَذَكُّرُه)

(وتستلذّ الصّبا نفسي وقد علمت .......... أن لا تمرّ بصافٍ لا تكدّرُه)

(سلا بوجديَ عن قيسٍ مُلوَّحُة .......... وعن جميلٍ بما ألقاه مَعمَرُه)
)
(يزداد في مسمعي تكرارُ ذِكركُم .......... طِيباً ويحسُنُ في عيني مكرَّرُه)
وله مما سمعه منه أبو الحسن بن القَطِيعيّ:
(تنبّهي يا عَذَبَاتِ الرَّند .......... كم ذا الكَرَى هَبَّ نسيمُ نجدِ)

(مرَّ على الرَّوض وجاء سَحَراً .......... يَسحَبُ بُردَى أرَجِ ووردِ)

(حتّى إذا عانقتُ منه نفحةً .......... عادَ سَمُوماً والغَرَامُ يُعدي)

(أُعَلِّلُ القلبَ ببانِ رامةٍ .......... وما ينوبُ غُصُنٌ عن قدٍّ)

(وأقتصي النَّوحَ حماماتِ الِّوَى .......... هيهاتَ ما عند اللِّوى ما عندي)

(ما ضرِّ مَن لم يسمحوا بزَورةٍ .......... لو سمحوا عن طَيفهم بوعدِ)
وله:
(أأحبابنا إنّ الدّموع الّتي جَرَت .......... رخاصاَ على أيدي النَّوى لغَوَالي)

(أقيموا على الوادي ولو عُمرَ سَاعةٍ .......... كلَوثِ إزَارٍ أو كَحَلِّ عقالِ)

(فكم تمّ لي من وقفةٍ لو شَرَيتُها .......... بروحي لم أُغبَن فكيف بمالي)
وله:
(هو الحِمَى ومغانية مغانيه .......... فاحبس وعانِ بليلي ما تعانيهِ)

(لا تسأل الركبَ والحادي فما سأل .......... العشاق قبلك عن ركب وحاديهِ)

(42/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 110
(ما في الصِّحاب أخو وَجدٍ أُطارحُهُ .......... حديثَ نجدٍ ولا صَبٍّ أجاريه)

(إليك عن كلّ قلب في أماكنهِ .......... ساهٍ كلّ دمعٍ في مآقيه)

(ما واحدُ القلب في المعنى كفاقده .......... وجامد الدّمع في البَلوى كجاريه)

(يا منزلاً بدواعي البَين مُنتَهبٌ .......... وما البليَّة إلا من دواعيه)

(وقفت أشكو اشتياق والسّحاب به .......... فانهَلّ دمعي وما انهلَّت عزاليه)

(ومالكٍ غير قتلي ليس يُقنِعُهُ .......... وفاتك غير ذلي ليس يرضيهِ)

(لم أدرِ حين بدأ والكأس في يده .......... من كأسِه الخمرُ، أم عينيه، أم فيهِ)

(حَكَت جواهرُه أيّامه فَصَفَت .......... واستهدتِ الشمس معنى من معانيهِ)
تُوفي رحمه الله في رابع رجب بقَريتهِ، وقد أنشد أبو الفَرَج بن الجوزيّ من شِهره على المنبر.

(42/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 111
4 (محمد بن عليّ بن أحمد بن المبارك)
) الوزير مؤيد الدين أبو الفضل بن القصّاب البغدادي. كان ذا رأي وشهامة وحزم وغَورٍ بعيد، وهمّته علِيّةَ، ونفسه أبيّة. وكان أديباً بارِعاً بليغاً، شاعراً. وُلّي كتابة ديوان الإنشاء مّدة، ثم ناب في وزارة الخلافة في سنة تسعين وخمسمائة، وسار بعسكر الخليفة، وسار بعسكر الخليفة ففتح البلاد هَمَذَان، وإصبهان، وحاصر الرّيّ، وبيَّين، وصارت له هيبة في النّفوس، فلمّا عاد وُلي الوزارة. ثم إنّه خرج بالجيوش إلى هَمَذَان فتُوُفّي بظاهرها في رابع شعبان، وقد نيّف على السّبعين. وقد قرأ العربيّة على أبي السّعادات هبة الله بن الشَّجَري، وتنقّل في الخدم. وأقام بإصبهان مدّة. ثم قدِم من إصبهان فرتِّب في ديوان الإنشاء. ولم يزل في عُلُوٍّ حتى ناب في الوزارة. وأنشدوه قول المتنبي:
(قاضٍ إذا اشتبه الأمران عنَّ له .......... رأيٌ يفصّل بين الماء واللَّبَنِ)

(42/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 112
فقال: أنا أفصل بين الماء واللّبن بأن أغمس البُردى فيه ثم أعصره، فلا يُشرب إلا المام، ويخلص اللّبن. وكان والد الوزير قصّاباً أعجمياً بسوق الثلاثاء ببغداد. تُوُفّي الوزير بظاهر همَذان، فأخفي موته ودُفن، وأركِب في مِحَفته قيصر العونيّ الأمير، وكان يشبهه، ثم طِيف به في الجيش تسكيناً. ثم ظهر الأمر، ونبشه خُوارزم شاه تكش، وحزَّ رأسه، ثم طاف به في بلاد خُراسان. قال ابن النّجار: لو مُدَّ له في العُمر لكان لعلَة يملكُ خُرسان. وكان فيه من الدّهاء وحسن التّدبير والحِيَل ما يعجز عنه الوصف، مع الفضل والأدب والبلاغة. وهو القائل يرثي ولده:
(وإذا ذكرتُك والّذي فعل البِلَى .......... بجمال وجهك جاء ما لا يُدفّعُ)
عاش مؤيد الدين بضعاً وسبعين سنة.
4 (محمد بن مالك بن يوسف بن مالك.)
بكر الفِهريّ، الشَّرِيشيّ. سمع من شُرَيح بن محمد صحيح البخاري ومن أبي القاسم بن جَهور مقامات الحريريّ) ومن أبي بكر بن العربيّ. وجماعة.

(42/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 113
قال الأبّار: وكان حافظاً لمذهب مالك، بصيراً بالشُّروط. ثنا عنه بسّام إن أحمد، وأبو سليمان بن حَوط الله. وقد وُلد سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وتُوفي سنة اثنتين أو ثلاثٍ وتسعين
4 (محمد بن معالي بن محمد)
أبو محمد البغدادي ابن شِدقَيني. سمع: علي بن عبد الواحد الدِّينَوَريّ، وأحمد بن كادش، وهبة الله بن الحُصَين، وهبة الله بن الطّبر، وجماعة. وكان عارفاً بتعبير الرؤيا. روى عنه: ابن خليل والدُّبيثي، وقال: كان في تسميعاته في شيء اسمع محمد وفي شيء أبو محمد. وقد سمّاه أبو المحاسن القُرَشيّ في معجمه أبو الفضل. تُوفي في سلخ ربيع الآخر وله اثنتان وثمانون سنة.
4 (محمد بن يحيى بن علي بن الحسن)
أبو الحسن بن أبي البقاء الهَمَذاني الأصل، البغدادي، المؤدب. ولد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. وسمع من: زاهر الشَّحّاميّ، وثابت بن منصور الكِيليّ، وغيرهما.

(42/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 114
وكِيل قرية على دُجَيل مسيرة يوم من بغداد من جهة واسط، ويقال فيها جِيل، كما قيل جيلان وكيلان. تُوفي رحمه الله تعالى سنة إحدى أو اثنتين وتسعين. وكان شيخاً صالحاً، أديباً، فاضلاً. سمع منه القدماء. قال ابن النّجّار: لم أر للمتأخرين عليه سماعاً فلعلّهم لم يعرفوه، وقد رأيته. وقال لي ولده إسماعيل إنه تُوفي في سادس المحرَّم سنة اثنتين.
4 (محمد بن أبي علي بن أبي نصر)
فخر الدّين أبو عبد الله النَّوقَاني، الفقيه الشّافعي، الأصُولي.) تفقّه بخُرسان على الإمام محمد بن يحيى صاحب الغزاليّ، وبرع في المذهب، ودرّس، وناظرَ، وقدِم بغداد، وتردّدت إليه الطّلبة، وتخرَّج به جماعة. وكان عنده طلب لمدرسة النّظامية، فأنشأت والدة النّاصر لدين الله مدرسةً وجعلته مدرّسها، وخلعوا عليه، وحضر عنده الأعيان، فألقى أربعة دروس، وأعاد له الدَّرسَ ولدُه. وحجّ وعاد فتُوفي بالكوفة في ثالث صَفَر. وكان شيخاً مَهِيباً، له يدٌ طُولَى في التفسير، والفِقه، والجَدَل، المنطق، مع ما هو عليه من العِبادة والصّلاح.

(42/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 115
4 (المبارك بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم)
أبو الفتح الواسطي، البَرجُوني، المقرئ المعروف بابن باسوَيه. وُلِد سنة عشرين وخمسمائة. وقرأ بالروايات على: أبي البركات محمد بن أحمد المَزرَفيّ، وأبي الفتح المبارك بن أحمد الحدّاد، وأبي يَعلَي محمد بن تُركان. وقدِم بغداد فقرأ القراءات على أبي الفتح عبد الوهّاب بن محمد بن الصّابوني. وسمع من: أحمد بن المقرب. وحدَّث ببلده وأقرأ. وهو والد تقي الدّين عليّ نزيل دمشق. تُوُفي في شعبان.
4 (المبارك بن المبارك بن هبة الله بن بكري)
أبو المعالي الحريمي. روى عن: أبي غالب بن البنّا، وأبي منصور القّزاز، وأحمد بن علي بن الأشقر. وتُوفي في جُمادى الأولى.
4 (محمود بن القاسم)
الحريمّي الوزّان. عُرِف باسم باذِنجانَة. سمع: أبا البدر الكَرخي. وحَّدث. تُوفّي في المحرَّم أو صَفَر. روى عنه: ابن الدّبيثي.)

(42/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 116
4 (محمود بن المبارك بن أبي القاسم علي بن المبارك)
الإمام أبو القاسم الواسطي، ثم البغدادي، الشّافعي، الفقيه، المنعوت بالمُجِير. تفقَّه بالنّظامية على أبي منصور الرّزاز، وأبي نصر المبارك بن زوما. وقرأ علم الكلام على أبي الفتوح محمد بن الفضل الإسفَرَائيني، وعلى أبي جعفر عبد السّيد بن علي بن الزَّيتُوني. وتقدم على أقرانه. وكان المُشار إليه في وقته. تخرَّج به خلق. وكان من أذكياء العالم. وُلِد سنة سبع عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحًصَين، وأبي بكر الأنصاري، وأبي القاسم بن السَّمَرقَندي، وجماعة. وحدَّث ببغداد، وواسط، وأعاد في شبيبته للإمام أبي النّجيب السُّهرُوَرديّ بمدرسته. وسار إلى دمشق، ودرس بها وناظر، واستدلّ وتخرَّج به جماعة. ثم رجع ودرس بشِيراز، وبعسكر مُكرَم، وواسط. ووُلَي تدريس النّظامية ببغداد، وخُلِع عليه خِلعة سوداء، وطَرحة، وحضر درسَه العلماءُ وأرباب الدّولة كلّهم، وكان يوماً مشهوداً. ونُفِّذ رسولاً إلى هَمَذان، فأدركه أَجَلُه بها.

(42/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 117
قال أبو عبد الله الدُّبيثي: برع في الفقه حتى صار أوحد زمانه، وتفرَّد بمعرفة الأصول والكلام. قرأت عليه بواسط عِلم الأصول، وما رأيت أجمع لفنون العِلم منه، مع حُسن العبادة. قال: وخرج رسولاً إلى خُوارزم شاه إلى إصبهان، فمات في طريقه بهَمَذَان في ذي القعدة. وقال الموفَّق عبد اللّطيف: وكان بالنّظاميّة المُجِير البغدادي، وكان ضئيلاً، طُوالاً، ذكياً، دقيق الفَهم، غوّاصاً على المعاني، غير منفعلٍ عند المناظرة يُعِدّ لها كلّ سلاح، ويستعمله أفضل استعمال. وكان يشتغل في الخفية بالهندسة، والمنطق، وفنون الحكمة، على أبي البركات اليهوديّ كان، ثمّ أسلم في آخر عمره وعمي، وكان يُملي عليه وعلى جماعة، منهم ابن الدّهان المنجّم، ومنهم والدي، ومنهم المهذَّب بن النّقاش كتاب المعتبر له. هذا حكاية ابن الدهّان لي بدمشق. وكان شيخاً فاضلاً، بنى له نور الدّين المارِستان بدمشق، ونشر بها عِلم الطّب. وكان بين المُجِير وبين ابن فضلان مناظرة كمحاربة، وكان المُجير يقطعه كثيراً.) ثمّ إن ابن فضلان شنَّع عليه بالفلسفة، فخرج إلى دمشق، واتّصل بامرأةٍ من بنات الملوك، وبُنيت له مدرسة جاروخ، واستخلص من المرأة جوهراً كثيراً، فكثُر التّعصُّب عليه، فتوجَّه إلى شيراز، وبنى له ملِكها شرفُ الدين مدرسة، فلما جاءت دولة ابن القصاب أحضره إلى بغداد، وولاّه تدريس النظامية، ويوم ألقى الدّرس كان يوماً مشهوداً، فدرَّس بها أسبوعاً. وسُيِّرَ في الرسالة فلم يرجع. وحضر مرةً بدمشق مجلس المناظرة بحضرة القاضي كمال الدّين

(42/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 118
الشَّهرَزوريّ، فجاء الصُّوفيّة ولهم ذُقون ولهم ذلوق، فارتفعوا على الفقهاء، فأنفوا وقصدوا أذاهم ففوَّضوا الأمر إلى المُجير، فاستدلّ في مسّ الذَّكَر، فقال فُضُوليُّ: لا ينتقض الوضوء بلمسه قياساً على الصُّوفيّ. فسألوه البيان. فقال: إنّ الصُّوفي يُطرق حتى يُطرقُ الباب فيثب ويقول: فُتُوح، ويقع نظر الرجل منهم على صورةٍ جميلةً قيثب من وسطه ويقول: فُتُوح. فاستحيا الصُّوفيّة ونهضوا. وكان أجدل أهل زمانه في سكونٍ ظاهر، وقلّة انزعاج. روى عنه ابن خليل في معجمه. وروى ابن النّجّار في تاريخه عن ابن خليل، عنه.
4 (مسعود بن أبي الفضائل محمود بن خَلَف بن أحمد بن محمد)
أبو المعالي العِجليّ، الإصبهانيّ. أخو المنتجب أسعد، الفقيه. سمع: أبا نهشل عبد الصّمد العنبريّ. وعنه: ابن خليل، وقال: تُوفّي في صَفَر.
4 (حرف النون)

4 (نصر بن علي بن أحمد)
أبو طالب بن النّاقد البغدادي. روى عن: سعيد بن البنّا. وتُوفي في الثامن والعشرين من جُمادى الآخرة.

(42/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 119
4 (نفيس بن عبد الجبّار بن أحمد بن شِيشُويه)
أبو صالح الحربيّ، الضرير. سمع من: عبد الوهاب الأنماطيً، وعبد الله بن أحمد بن يوسف.) روى عنه: ابن خليل، وغيره. تُوفي في شوّال.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن مسعود بن الحسن)
أبو القاسم بن الزّقطَر الباذبيني، التّاجر. روى عن: أبي غالب بن البنّا، وأبي الفضل الأرمَوي، وغيرهما. وعنه: ابن خليل. تُوفي في صَفَر.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الجليل بن مُجبّر)

(42/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 120
أبو بكر، ويقال أبو زكريّا، الفِهري، الأندلسي، الإشبيليّ. شاعر الأندلس بلا مُدافعة. قد ذكرتُه في سنة بضع وثمانين، ثم وجدتُ تاجَ الدين بن حَمُّوَية قد ذكر أنه لم قطعة في وقعة الزّلاقة سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، ثم ساق له قصائد مُونِقَة.
4 (يحيى بن عليّ بن طِراد بن الحُسين)
أبو فراس البغدادي، الحريميّ، المعروف بابن كَرسَا. حدَّث عن: هبة الله بن الحُصَين. وعنه: ابن خليل، والدُّبيثي. تُوفي في مستهل رمضان.
4 (يحيى بن مُروءة بن بركات.)

(42/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 121
أبو الحسين بن الجمّال الأزدي، المصري. روى عن ظافر بن القاسم الحدّاد قطعةً من شعره. وعنه: الحافظ عليّ بن المفضّل. والجمّال: بجيم والتّشديد. وتُوفي في جُمادى الأولى.
4 (يوسف بن عبد الله بن يوسف بن أيّوب بن موهوب)
أبو الحَجّاج الفِهري، الأندلسي، الدّاني، وقيل الشّاطبي، نزيل بَلَنسِية.) وُلِد سنة ستّ عشرة وخمسمائة، وأجاز له أبو محمد بن عتّاب. وتفقّه بأبي محمد عبد الواحد بن بَقِيّ. وسمع من: أبيه، وأبي بكر بن بربخال. وأخذ القراءات عن: أبي عبد الله بن سعيد الدّانيّ، وأبي عبد الله المكناسيّ. وأخذ العربيّة عن أبي العبّاس بن عامر. ذكره الأَبّار فقال: كان من أهل العناية بالرواية والتّقدّم في الآداب. وكان إماماً في معرفة الشُّرُوط، كاتباً بليغاُ، شاعراً. كتبَ القُضاة، وناب في الأحكام. وتوفي في شعبان. وقال غيره: أجاز له أيضاً الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي المازِريّ.
4 (يوسف بن معالي بن نصر)
أبو الحَجّاج الأطرابُلُسِي، ثم الدمشقيّ، الكتّاني المقرئ، البزّار.

(42/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 122
سمع من: الأمير هبة الله بن الأكفاني، وعلي بن قيس المالكيّ، وجمال الإسلام الفقيه. روى عنه: الحافظ الضّياء، وابن خليل، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي الفَهم البلدانيّ، والعماد عبد الحميد بن عبد الهادي، والبهاء عبد الرحمن والزَّين أحمد بن عبد الدّائم، وآخرون. تُوفي في شعبان. وكان من الثّقات. وفيها وُلد: الفقيه يعقوب بن أبي بكر الطّبَري، ثم المكّيّ في المحرَّم، والإمام محيي الدين أبو القاسم محمد بن محمد بن سُراقة الشاطبيّ بها في رجب، وقُطب الدين أحمد بن عبد السّلام بن أبي عصرون بحلب في رجب، وكريم بن أبي المُنَى عم الزّين خالد، أجاز له الصَّيدلانيّ، ومسعود بن عبد الله بن عمر بن حَمُّويه في ربيع الأول.

(42/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 123
4 (وفيات سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أسعد بن وهب)
البغداديّ، ثم الهَرَوِيّ، المقرئ أبو الخليل بن صُفَير. قدِم بغداد وسمع بها من: خَلَف بن أحمد بن، وصالح بن الرّخلة وخديجة بنت النَّهرُوانيّ.) وسمع بهَرَاة من: نصر بن سَيار. وصحِبَ الشّيخَ عبد القادر. تُوفي في شعبان. والرِّخلة بسكون الخاء. وقد سافر إلى هَمَذَان فقرأ بالروايات أو ببعضها على الحافظ أبي العلاء، وبإصبهان. وكان له حُرمَة وافِرة بهَرَاة. كان صاحب البلد يزوره، ونَفَقَت سوقُه دكّاناً جيّدة. ثم بان مُحالُه وكَذبُه. ثم رد إلى بغداد وبها مات.

(42/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 124
4 (أحمد بن علي بن عيسى بن هبة الله بن الواثق بالله)
أبو جعفر الهاشميّ، العبّاسي، الواثقيّ، المقرئ. سمع: أبا غالب بن البنّا، وأبا البدر الكَرخيّ. وتوفي في ذي القُعدة. روى عنه: ابن خليل. وكان أديباً شاعراً فاضلاً.
4 (أحمد بن أبي الفائز بن عبد المحسن بن الكُبريّ)
البغداديّ، الشُّرُوطي، أبو العبّاس. روى عن: هبة الله بن الحُصَين، وأبي غالب بن البنّا. وعنه: الدُّبيثي، وابن خليل. تُوفي في جُمادى الآخرة وله خمسٌ وثمانون سنة.
4 (أحمد بن الوزير مؤيد الدين محمد بن علي بن القصاب)

(42/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 125
ناب في الوزارة عن أبيه حين سار بالجيوش أبوه إلى خوزستان. تُوفي في هذا العام.
4 (إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم)
أبو إسحاق البغدادي، البزّاز. ويُعرف بابن حسّان. سمع: أبا الدُّرّ ياقوت بن عبد الله التّاجر، وأحمد بن المقرَّب. وحدَّث. تُوفي في ذي الحجة.)
4 (إبراهيم بن عبد الواحد بن عليّ)
أبو إسحاق المَوصليّ، ثم البغدادي. حدَّث عن: أبي الفضل الأرمَوِي، وغيره. تُوفي في حدود هذا العام، قاله المنذريّ.
4 (حرف الحاء)

4 (الحَسَن بن علي بن حمزة بن محمد بن الحَسَن بن محمد بن عليّ بن محمد بن يحيى بن)
الحُسَين بن زَيد بن علي الحُسَين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه النّقيب الطّاهر أبو محمد الهاشميّ، العَلَويّ، الحُسَينيّ، الزَّيدِيّ، المعروف بابن الأقسَاسِي. أحد الرؤساء وسِنان صعده البُلَغاء، ونجم أُفق الأدباء.

(42/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 126
له النَّظم والنَّثر. سمع من الفضل بن سهل الإسفَرَائيني الأثير. وحدَّث. وولي نقابة العلوييّن بالكوفة مدّة، ثم ببغداد. وقد مدح النّاصر لدين الله والأقساس: قرية بالكوفة. فمن شِعره:
(لو أننّي من سِحر لَحظك سالم .......... لم أعصِ فيكَ وقد ألحّ اللاّثمُ)

(لكنّه ناجى فؤاداً هائماً .......... ولَقَلَّما أصغَى فؤادٌ هائمُ)

(أين الشّجِيُّ من الخَلِيّ فخِلّني .......... لبلابلي اليَقظَى فسِرُّك نائم)
وشعره متوسط. تُوفي في شعبان. وكان مولده سنة تسعٍ وخمسمائة.
4 (الحسين بن الحسن بن أحمد)
أبو عبد الله التّكريتيّ، البغداديّ، الصُّوفي. وُلِد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. وحدَّث بأناشيد.

(42/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 127
4 (حرف الخاء)

4 (الخاتون والدة السّلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيّوب)
تُوُفّيت بدمشق في ذي الحجّة بدارها المعروفة بدار العقيقيّ التي صارت ترُبة السّلطان) الظّاهر.
4 (خاصّ بَك بن برغش)
النّاصري الأمير. وُلّي القاهرة مدّة طويلة. وحجّ بالناس. تُوفي في جُمادى الآخرة.
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن عيسى بن عبد الملك)
الفقيه الصّالح أبو التّقيّ المصريّ، المالكيّ، الخطيب. قرأ القرآن على: أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الكيزانيّ، وعلي بن عبد الرحمن نِفطُوَيه. روى عنه: ولده الفقيه أبو محمد عبد الله. وكان صالحاً زاهداً، لمّا زالت دولة العُبَيديّين كان يخرج إلى البلاد المصرية ويخطبُ بها، وينسخ ما كان بها من الأذان. يحيّ على خير العمل، ثم ينتقل إلى بلدٍ آخر احتساباً.

(42/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 128
4 (صَندَل)
الإّمام الكبير، الأمير، أبو الفضل الحَبَشيّ، المُقَتَوي الخادم. سمع من: أبي الفتح ابن البَطِّيّ، وعلي بن عساكر البطائحيّ. وحدَّث. وكان يلقَّب عماد الدين. فيه ذكاء وفِطنة وعقل. وُلي أستاذية الدّار للخلافة المُقَتَفوِية، فلمّا بويع النّاصر كان صَندَل قد كبر وضعُف، وطلب إذناً بالانقطاع في تُربةٍ له، ففُسِح له.

(42/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 129
وتوفي في ربيع الأول.
4 (حرف الطاء)
طغتكين بن نجم الدين أيوب بن شاذي بن يعقوب بن مروان. الدويني الأصل، ظهير الدين، الملك العزيز سيف الإسلام صحب اليمن، أخو السلطان صلاح الدين. وكان أخوه قد سيره إلى بلاد اليمن بعد أخيه شمس الدولة، فملكها واستولى على كثير من بلادها في سنة سبع وسبعين. وكان شجاعاً، محمود السيرة، مع ظلم. وكان قد أخذ من نائبي أخيه ابن منقذ، وعثمان) الزنجيلي أموالاً عظيمة بالمرة. وكان مما كثر الذهب عنده يسكبه ويجعله كالطاحون. وكان حسن السياسة، مقصوداً من البلاد. سار إليه شرف الدين بن عنين ومدحه فأحسن إليه، وخرج من عنده يذهب كثير ومتاجر، فقدم مصر، فأخذ منه ديوان الزكاة ما على متجره، والسلطان يومئذ العزيز عثمان، فعمل:

(42/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 130
(ما كل ما يتسمى بالعزيز لها .......... أهل ولا كل برق سحبه غدقه)

(بين العزيزين بون في فعالهما .......... هذاك يعطي، وهذا يأكل الصدقة)
توفي سيف الإسلام في شوال بالمنصورة، مدينة أنشأها باليمن، وقام بالملك بعده ابنه إسماعيل الذي سفك الدماء، وأدعى أنه أموي، ورام الخلافة وتلقب بالهادي، وكان شهماً، شجاعاً طياشاً، وكان أبوه يخاف منه. وقد وفد على عمه السلطان صلاح الدين قبل موته بأيام، ثم رجع إلى اليمن، فأدركته وفاة أبيه وقد قارب تعز، فتسلم اليمن.
4 (طلحة بن مظفر بن غانم.)
أبو محمد العراقي، العلثي الحنبلي، الزاهد. تفقه ببغداد على الإمام أبي الفتح بن المني، وغيره. وسمع من: أبي الفتح بن البطي، ويحيى بن ثابت، وأحمد بن المبارك المرقعاني، وطائفة. وعني بالحديث، وحصل، وقرأ على ابن الجوزي أكثر مصنفاته. ثم انقطع في زاويته بالعلث، وأقبل على العبادة وتعليم العلم، وأقبل الناس عليه، وصار له أتباع، وأشهر اسمه وكان من الثقات رضي الله عنه. روى عنه: يوسف بن خليل، وجماعة. وتوفي في ثالث عشر ذي الحجة، وله جماعة أولاد. وهو ابن عم الزاهد إسحاق العلثي.

(42/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 131
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هبة الله.)
أبو محمد الأرسوفي، ثم المصري، الشافعي، التاجر. كان كثير المال، غزير الأفضال، وافر البر والمعروف. وأرسوف: بضم أوله.
4 (عبد الله بن منصور بن عمران بن ربيعة.)
) أبو بكر الربعي، المقرئ، الواسطي، المعروف بابن الباقلاني. شيخ العراق. ولد في المحرم سنة خمسمائة. وقرأ القراءات على أبي العز القلانسي، وهو آخر أصحابه. وعلى: علي بن علي بن شيراز، وأبي محمد سبط الخياط. وسمع منهم، ومن: أبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي، وخميس الحوزي، وأبي الكرم نصر الله بن الجلخت، وأبي عبد الله البارع، وأبي العز كادش، وأبي القاسم بن الحصين، وأبي بكر المزرفي، وجماعة.

(42/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 132
روى عنه تاج الإسلام أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم بن عساكر أناشيد، وماتا قبله بدهر. وقد ذكره ابن عساكر في تاريخه فقال: شاب قدم دمشق وأقرأ بها، وكان قد قرأ على القلانسي. وقرأ علي كتاب الغاية لابن مهران، وتفسير الواحدي الوسيط. قال: ورأيت له قصيدة مدح بها بعض الناس بدمشق يقول:
(بأي حكم دم العشاق مطلول .......... فليس يودي لهم في الشرع مقتول)

(ليت البنان التي فيها رأيتُ دمي .......... يرى بها لي تقليب وتقبيل.)
قلت: وقرأ عليه بالقراءات التقي أبو الحسن بن باسويه، المرجا بن شقيرة التاجر، أبو عبد الله محمد بن سعيد الدبيثي، والحسن بن أبي الحسن بن ثابت الطيبي، والعلامة أبو الفرج بن الجوزي، وولده الصاحب محيي الدين يوسف، وخلق سواهم. وازدحم عليه الطلبة وقصدوه من النواحي. لكن قد ضعفه غير واحد. قال ابن نقطة: حدث بسنن أبي داود، وعن أبي علي الفارقي، وسمعه منه في سنة ثمان عشرة وخمسمائة. قال: وحدثني أبو عبد الله بن أحمد بن الحسن الواسطي ابن أخت ابن عبد السميع، وكان ثقة صالحاً، قال: سمعت منه السنن وسماعه فيه صحيح.

(42/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 133
قال: وكان قد قرأ على القلانسي بكتاب الإرشاد وقراءته به صحيحة، وما سوى ذلك فإنه يزوره. قال ابن نقطة: وقال لي أبو طالب بن عبد السميع: كان ابن الباقلاني يسمع كتاب مناقب علي، عن مؤلفة أبي عبد الله بن الجلابي، فقال لي: نسخته ليست موجودة بواسط، يعني سماعه. فقلت) له: إن النسخ بها مختلفة تزيد وتنقص. فلم يزل يسمعها من أي نسخةٍ كانت. وقد ضعفه الدبيثي فقال: انفرد برواية العشرة عن أبي العز، وادعى رواية شيء آخر من الشواذ عن أبي العز، وادعى رواية شيء آخر من الشواذ عن أبي العز، فتكلم الناس فيه، ووقفوا في ذلك، استمر هو على روايته للمشهور والشاذ شرها منه. قال: وكان حسن التلاوة، عارفاً بوجوه القراءات. وتوفي في سلخ ربيع الآخر. وأقرأ الناس أكثر من أربعين سنة. قال: سمعت أبا طالب عبد المحسن بن أبي العميد الصوفي يقول: رأيت في المنام بعد وفاة ابن الباقلاني كأن شخصاً يقول لي صلي عليه سبعون ولياً لله. قلت: آخر من مات من تلامذته الشريف الداعي.
4 (عبد الخالق بن المبارك بن عيسى.)
أبو الفرج ابن المزين البغدادي، القارئ. سمع من: أبي الحسين محمد بن محمد بن الفراء. وكان معمراً عاش نيفاً وتسعين سنة.

(42/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 134
4 (عبد الكريم بن يحيى بن شجاع بن عباس.)
أبو محمد القيسي الدمشقي، المعروف بابن الهادي. سمع: عبد الكريم بن حمزة، ويحيى بن بطريق. روى عنه: يوسف بن خليل، والعمادى بن عساكره، وجماعة. ويقال له كرم. توفي في ثاني شعبان.
4 (عبد الكريم بن يوسف بن محمد.)
أبو نصر البغدادي، الخيفي، المعروف بابن الديناري. ولد سنة سبع عشر وخمسمائة. وسمع من: هبة الله بن الحصين. وحدث. وتوفي في جمادى الأولى.) روى عنه: ابن الدبيثي، وغيره.
4 (عبد الوهاب بن الشيخ عبد القادر بن أبي صالح.)
الفقيه أبو عبد الله الجيلي، ثم البغدادي، الأزجي، الواعظ الحنبلي. ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.

(42/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 135
وسمع من: أبي الفضل الأرموي، وأبي غالب بن البنا، وولده سعيد بن أبي غالب، وأبي منصور بن زريق القزاز، ومحمد بن أحمد بن صرما. وتفقه على والده، ودرس بعده بمدرستهم، وحدث ووعظ وأفتى وناظر، وروسل من الديوان العزيز. وكان أديباً ظريفاً، ماجناً، خفيفاً على القلوب. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل. وولاه الناصر لديهم الله المظالم، وبنى تربة الخلاطية. قال أبو شامة: قيل له يوماً في مجلس وعظه: ما تقول في أهل البيت قد أعموني. وكان أعمش. أجاب عن بيت نفسه. وقيل له يوماً: بأي شيء يعرف المحق من المبطل قال: بليمونة. أجاب عمن يخضب، أي بليمونة، يزول خضابه. وقال ابن البزوري: وعظ مرة، فقال له شخص: ما سمعنا مثل هذا. فقال: لا شك يكون هذيان. توفي في شوال.
4 (عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك.)
أبو الحسين بن قزمان، القرطبي. سمع من: أبيه القاضي أبي مروان. وسمع صحيح البخاري من أبي جعفر البطروحي. وأجاز له أبو محمد بن عتاب، وأبو بحر الأسدي. وولي القضاء بكور قرطبة. وكان بصيراً بالأحكام، أديباً، شاعراً، بارع الخط. سمع منه: أبو سليمان بن حوط الله قبل الثمانين. واختبل قبل موته بمدة.)

(42/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 136
توفي سنة ثلاث أو أربع وتسعين. ذكره الأبار.
4 (عبيد الله بن يونس بن أحمد.)
أبو المظفر الأزجي، البغدادي، الوزير جلال الدين. تفقه على: أبي حكيم إبراهيم بن دينار النهرواني. وقرأ الأصول والكلام على أبي الفرج صدقة بن الحسين. وسمع: أبا الوقت، ونصر بن نصر العكبري. وسافر إلى همذان، فقرأ القراءات أو بعضها على الحافظ أبي العلاء، ثم داخل الدولة إلى أن رتب وكيلا لوالدة الخليفة، ثم ترقى أمره، وعظم قدره، إلى أن ولي الوزارة للناصر لدين الله في سنة ثلاث وثمانين. ثم سار بالجيوش المنصورة لمناجزة طغربل بن أرسلان السلجوقي، وعمل معه مصافاً، فانكسر الوزير وانجفل جمعه وأسر، وحمل إلى همذان، ثم إلى أذربيجان. ثم تسحب فجاء إلى الموصل، ثم إلى بغداد متستراً، ولزم بيته مدة، ثم بعد مدة ظهر، فرتب ناظراً للخزانة، ثم نقل إلى الإستدارية، وذلك في سنة سبع وثمانين، وصار كالنائب في الوزارة. فلما ولي ابن القصاب الوزارة سنة تسعين قبض على جلال الدين ابن يونس وسجنه. فلما مات ابن القصاب عام أول، نقلوا ابن يونس إلى دار الخلافة، وحبس في مطمورة، وكان آ خر العهد به. قال أبو عبد الله بن النجار: كان يعرف الكلام. صنف كتاباً في الأصول والمقالات، وسمعه منه الفضلاء.

(42/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 137
وسمع منه الحديث: عبد العزيز بن دلف، وأبو الحسن بن القطيعي. ولم يكن في ولايته محموداً. قيل: مات في صفر في السرداب، ودفن به.
4 (عذراء بنت شاهنشاه بن أيوب بن شاذي.)
الخاتون الجليلة صاحبة العزراوية، وأخت عز الدين فروخشاه. توفيت في أول العام، ودفنت بتربتها في مدرستها داخل باب النصر. وهي عمة الملك الأمجد البعلبكي.
4 (علي بن أبي بكر بن عبد الجليل.)
) العلامة، شيخ الحنفية، برهان الدين المرغيناني، الحنفي، صاحب كتابي الهداية والبداية في المذهب. توفي رحمه الله تعالى ليلة الثلاثاء لأربع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، رحمه الله تعالى.

(42/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 138
4 (علي بن خليفة بن علي.)
أبو الحسن بن المنقى، الموصلي، النحوي. كان زاهداً، ورعاً، صالحاً. أقرأ القربية مدة، وله شعر حسن، ومقدمة نحو. وتخرج به خلق من أهل الموصل. وكان مع دينه يهجو بالشعر.
4 (علي بن علي بن أبي البركات هبة الله بن محمد بن علي بن أحمد.)
قاضي القضاة أبو طالب ابن البخاري، البغدادي، الفقيه الشافعي. ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، وتفقه على العلامة أبي القاسم يحيى بن فضلان. وسمع من: أبي الوقت، وغيره. وخرج أبوه قاضياً إلى بعض بلاد الروم، فسافر معه وأقام هناك. فلما توفي أبوه ولي هو القضاء. ثم إنه عزل فسار إلى الشام، ثم عاد إلى بغداد بعد عشرين سنة، فأكرم مورده، وزيد في احترامه. ثم إنه ولي قضاء القضاة سنة اثنتين وثمانين.

(42/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 139
ثم ناب في الوزارة مع القضاء مديدة، ثم عزل عنها، ثم أعيد إلى قضاء القضاة سنة تسع وثمانين. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (علي بن محمد بن حبشي، بفتح الحاء ثم سكون الباء.)
أبو الحسن الأزجي الرفاء. روي عن: أبي سعد أحمد بن محمد البغدادي. وتوفي في المحرم.
4 (علي بن موسى بن علي بن موسى بن محمد بن خلف.)
أبو الحسن بن النقرات الأنصاري، السالمي، والأندلسي، الجياني، نزيل مدينة فاس.) أخذ القراءات عن: أبي علي بن عريب، وأبي العباس بن الحطيئة، وعبد الله بن محمد الفهري. وحدث عن: أبي عبد الله بن الدمامة، وأبي الحسن اللواتي. وأقرأ الناس، وولي خطابة فاس. وأكثر عنه: أبو الحسن بن القطان. وإليه ينسب الكتاب الموسم بشذور الذهب في الكيمياء.

(42/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 140
وقد ذكره الثجيبي ووصفه بالزهد والصلاح والورع. وقال: ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة. وعاش إلى هذا العام.
4 (عمر بن محمد بن علي.)
أبو حفص البغدادي، القزاز. ويعرف بابن العجيل. حدث عن: هبة الله بن الحصين. وكان رجلاً صالحاً. توفي في صفر رحمه الله تعالى.
4 (عمر بن أبي المعالي.)
البغدادي، الكميماثي، الزاهد. صاحب الشيخ عبد القادر.

(42/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 141
ذكره المحب بن النجار فقال كان صالحاً، منقطعاً عن الناس، مشتغلاً بما يعنيه. كانت له حلقة بجامع القصر بعد الجمعة. يجتمع حوله الناس، ويتكلم عليهم بكلام مفيد. وكان له أتباع وأصحاب وقبول. توفي في صفر، وقد جاوز السبعين. وبنت والدة الخليفة على قبره قبة.
4 (عيسى بن الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي.)
أبو عبد الرحمن نزيل مصر. سمع أباه. وبدمشق: علي بن مهدي الهلالي. ووعظ بمصر، وحصل له قبول. روي عنه: حمد بن ميسرة. وتوفي في رمضان.
4 (حرف الفاء)
)
4 (فايز بن داود بن بركة.)
أبو الفايز وأبو المظفر النهرواني، الأزجي. ولد سنة ثمان وخمسمائة. وسمع من: إبراهيم بن أحمد بن مالك العاقولي، وأبي الفضل الأرموي، وأبي المعمر المبارك بن أحمد. وحدث.
4 (فتيان بن محمد بن علي الخياط.)
حدث بالموصل عن: أحمد بن هشام الطوسي. توفي في ذي الحجة.

(42/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 142
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن الفقيه أحمد بن محمد بن أبي العز المبارك بن بكروس.)
أبو بكر البغدادي. سمع: أبا محمد بن الخشاب، وجماعة. وتوفي شاباً رحمه الله.
4 (محمد بن أحمد بن يحيى بن زيد بن ناقة.)
أبو منصور الكوفي، المعدل. سمع: أباه. وحدث. وتوفي ببغداد في جمادى الآخرة.
4 (محمد بن أحمد بن عبد الباقي بن أحمد بن النرسي.)
أبو منصور العدل البغدادي، المحتسب. توفي في ذي القعدة عن سبعين سنة. روي عن: جده، وعن هبة الله بن الطبر، وجماعة. روى عنه عبد الله بن أحمد الخباز، وغيره.

(42/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 143
4 (محمد بن حسن بن عطية.)
) الأنصاري، الجابري، جابر بن عبد الله، أبو عبد الله السبتي. سمع وأكثر عن: القاضي عياض. وسمع من: جدة لأمه سليمان بن تسع الخطيب، والحسن بن سهل الخشني. وجماعة. قال الأبار: كان من الثقة والأمانة والعدالة بمكان. ولي القضاء وعني بعقد الشروط. وله حظ من النظم. حدث عنه من شيوخنا: أبو العباس العزفي، وأبو بكر بن محرز. قلت: ومن آخر أصحابه محمد بن عبد الله الأزدي، السبتي.
4 (محمد بن حيدرة بن عمر بن إبراهيم بن محمد.)
الشريف أبو المعمر بن أبي المناقب العلوي، الحسيني، الزيدي، الكوفي. ولد سنة أربع وخمسمائة بالكوفة، وبها مات في هذا العام تقريباً. سمع من: أبي الغنائم محمد بن علي النرسي، وهو آخر من حدث عنه بالكوفة. ومن: جده أبي البركات عمر بن إبراهيم، وأبي غالب سعيد بن محمد الثقفي. روى عنه: أحمد بن طارق، ويوسف بن خليل، وغيرهما. وقال تميم بن أحمد البندنيجي: إن أبا المعمّر كان رافضياً يتناول الصحابة
4 (محمد بن سيدهم بن هبة الله بن سرايا.)

(42/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 144
أبو عبد الله الأنصاري، الدمشقي، المعروف بابن الهراس. سمع: جمال الإسلام السلمي، ونصر الله المصيصي، وهبة الله بن طاوس، والبهجة أبا طالب علي بن عبد الرحمن الصوري. وأكثر عن: الحافظ ابن عساكر. ولد سنة اثنتين أو ثلاثٍ وخمسمائة. وقد ذكر أنه سمع من: هبة الله بن الأكفاني. وهو والد أبي الفضل أحمد بن محمد. روى عنه: الحافظ الضياء، وابن خليل، والشهاب إسماعيل القوصين وطائفة. وأول سماعه سنة ست عشرة وخمسمائة. وتوفي في ذي الحجة. وكان ثقة معمراً، يلقب مهذب الدين.
4 (محمد بن صدقة بن محمد.)
) أبو المحاسن البوسنجي، الكاتب، الأديب. له شِعْرٌ بالعربية والعجمية. وسمع من: القاضي أبي بكر الأنصاري. وتوفي في رمضان. ووزر لأمير واسط ولغيره. وكان والد من كبار الكُتّاب، وكان هو يلبس القميص والشربوش على قاعدة كُتّاب العَجَم، أبيض الرأس واللّحية.

(42/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 145
4 (محمد بن محمد بن عبد الله بن جعفر.)
أبو السعود البغدادي. من بيت حشمة وولاية. ولي حجابة الحجاب. وتوفي في رمضان وشيعه الأعيان.
4 (محمد بن المحدث أبي بكر محمد بن المبارك بن محمد بن مشق.)
أبو نصر البغدادي، البيع. توفي شاباً في حياة والده وله ثلاثٌ وثلاثون سنة. سمع: أبا الحسين بن عبد الحق، وشهدة، وطبقتهما. توفي في ذي الحجة. محمد بن يحيى بن طلحة. أبو عبد الله البجلي، الواسطي، الشاعر. دخل بغداد، والشام. ومدح غير واحد.

(42/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 146
وتوفي في ربيع الآخر.
4 (محمد بن يوسف بن مفرج.)
أبو عبد الله البناني البلنسي، المقرىء المعروف بابن الجيار. أخذ القراءات عن: أبي الأصبغ بن المرابط، وأبي بكر بن تمارة. وسمع منهم ومن: أبي الحسن بن هذيل. أخذ عنه: أبو الحسن بن خيرة، وأبو الربيع بن سالم الكلاعي. وكان رجلاً صالحاً فاضلاً.) توفي في رجب عن نيف وسبعين سنة، وشيعه الخلق.
4 (المبارك بن سلمان بن جروان بن حسين.)
أبو البركات الماكسيني، ثم البغدادي. ولد سنة سبع عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي المواهب أحمد بن ملوك، وأبي بكر الأنصاري، وجماعة. روى عنه: اليلداني، وابن خليل، والدبيثي. وأجاز لأحمد بن أبي الخير سلامة، وغيره.

(42/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 147
توفي في ذي القعدة.
4 (محمد بن أحمد بن ناصر.)
الحربي، الحذاء. سمع: ابن الطلاية، وأبا الفرج عبد الخالق اليوسفي. وحدث. وتوفي في ربيع الأخر. مكي بن أبي القاسم عبد الله بن معالي. أبو إسحاق البغدادي، الغراد. من ساكني المأمونية. طلب بنفسه وكتب، وحصل الأصول وأكثر ولد سنة ثلاثين وخمسمائة. وسمع: أبا الفضل الأرموي، ومحمد بن ناصر، وأبا بكر الزاغواني، وطبقتهم. وخلقاً وخمسمائة. وسمع: أبا الفضل الأرموي، ومحمد بن ناصر، وأبا بكر الزاغوني، وطبقتهم. وخلقاً بعدهم. قال ابن النجار: لم يزل يسمع ويقرأ حتى سمعنا بقراءته كثيراً. وكانت له حلقة بجامع القصر لقراءة الحديث يحضر فيها المشايخ عنده. قال: وكان صالحاً متديناً، محمود الأفعال، محباً للطلاب، متواضعاً. وله شعر. وسألت شيخنا ابن الأخضر عنه فأساء الثناء عليه. وكذا ضعفه شيخنا عبد الرزاق الجيلي. وقال: كتب اسمه في طبقةٍ لم يكن قل ذلك، وراجعته فأصر.)

(42/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 148
وقال الدبيثي: كان شيخنا أبو بكر الحارمي يذمه وينهى عن السماع بقراءته. سمع منه: أبو عبد الله الدبيثي، ويوسف بن خليل، واليلداني، وغيرهم. ولم يرو إلا اليسير. توفي في المحرم في سادسه، وشيعه الخلق، وحمل على الرؤوس. والغراد. هو الذي يعمل البيوت من القصب في أعلى المنازل، وهو بغين معجمة. وقال ابن نقطة: سألت ابن الحصري عنه بمكة فضعفه وقال: كان يقرأ وإلى جانب حلقته جماعة يتحدثون فيكتبهم. ووقع لي نسخة بكتاب الزكاة من سنن أبي داود، وقد نقل مكي عليه سماعاً من الأرموي، فأصلحت فيه مائة موضع أو أكثر. وغاية ما أخذه الجماعة عليه التساهل. مات يوم الجمعة سادس شهر المحرَّم. وأبوه يروي عن ابن الحُصين.
4 (مكّيّ بن علي بن الحسن.)
أبو الحرم العراقي، الحربي، الفقيه، الضرير. وحربا: من عمل دجيل. تفقه على: أبي منصور سعيد الرزاز. وسافر إلى الشام في صباه،

(42/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 149
وسكن دمشق. وتفقه بها أيضاً على جمال الإسلام أبي الحسن السلمي، فسمع منه ومن نصر الله المصيصي. روى عنه: الحافظ الضياء، وابن خليل، وجماعة. وتوفي في شعبان. وكان مولده في سنة.
4 (حرف النون)

4 (ناصر بن محمد بن أبي الفتح.)
أبو الفتح الإصبهاني، القطان، المقرىء، المعروف بالويرج. شيخ كثير السماع عالي الإسناد. ثقة. سمع من: إسماعيل بن الإخشيد، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وابن أبي ذر الصالحاني، والحسين بن عبد الملك الخلال، وسعيد بن أبي الرجاء، وفاطمة الجوزدانية. وتفرد في وقته بأشياء. أكثر عنه يوسف بن خليل، وأبو رشيد الغزال، وأبو الجناب الخيوقي. قال لنا أبو العلاء الفرضي: سمع ناصر بن محمد الويرجي مُسْنَد أبي حنيفة، جمع ابن المقري، من إسماعيل بن الإخشيد، عن ابن عبد الرحيم، عنه. وسمع كتاب شرح معاني الآثار للطحاوي، من الإخشيد أيضاً بسماعه من منصور بن الحسين، عن ابن المقري، عنه. وسمع المعجم) الكبير من

(42/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 150
فاطمة والمعجم الصغير من خجِسته، وقال: توفي في ثامن ذي الحجة.
4 (نصر الله بن محمد بن المسلم بن أبي سراقة.)
أبو الفتح الدمشقي، الكاتب. سمع: أبا الفتح نصر الله بن محمد المصيصي، الفقيه. روى عنه: ابن خليل. توفي في ربيع الآخر.
4 (نص بن صدقة بن نجا بن أبي بكر المظفر.)
الصرصري، ثم الأزجي، البيع. سمع من: أبي القاسم بن الحُصين. وحدث. وتوفي في هذه السنة.
4 (نصر بن عبد الكريم بن عبد السلام.)
أبو القاسم البندنيجي، المقرئ الضرير. روى عن: أبن ناصر، وأبي الوقت.
4 (نعمة بن أحمد بن أحمد.)
تاج الشرف أبو البركات الزيدي، المصري، المؤذن. رئيس المؤذنين بجامع القاهرة. تفقه على مذهب مالك على أبي المنصور ظافر بن الحسن الأزدي. ذكره الحافظ المنذري فقال: برع في علم المواقيت، وتقدم على أقرانه، ونظم في ذلك أرجوزة.

(42/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 151
سمعتُ منه، و انتفع به جماعة. روى عنه شيخنا إسماعيل بن عبد الرحمن الكاتب، وغيره. وتوفي في ثامن جمادى الآخرة.
4 (نعمة الله بن أحمد بن يوسف بن سعيد.)
أبو الفضل الأنصاري، الواسطي، العدل. ويعرف بابن أبي الهندباء. قرأ القراءات على: أبي الفتح المبارك بن أحمد الحدّاد، وعبد الرحمن بن الحسين ابن الدّجاجيّ. وتفقّه على الإمام أبي جعفر هبة الله بن البُوقيّ.) وسمع من جماعة، وقرأ علم الكلام على المُجِير محمود بن المبارك. وحدَّث بأناشيد. تُوفي في نصف رجب.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن رمضان بن أبي العلاء بن شبيبا.)
أبو القاسم الهيتي، ثم البغدادي، المقرىء. ولد سنة عشر وخمسمائة. وسمع من: هبة الله بن الحُصين، ثم من: أبي الفتح الكروخي، وأبي الفضل الأرموي، وغيرهم. روى عنه: ابن خليل، والدبيثي، وأبو محمد اليلداني. وكان رجلاً صالحاً، إماماً بمسجد دار البساسيري.

(42/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 152
توفي في سابع عشر ربيع الأول. وشبيبا: بالضم:
4 (هبة الله بن عمر بن الحسين بن خليل.)
أبو البقاء الطيبي، ثم البغدادي، المقرئ. سمع من: أبي غالب بن النبا، وأبي البركات يحيى بن حبيش، وأبي القاسم بن السمرقندي. وروى عنه: ابن خليل، وجماعة. وتوفي في شعبان عن ثمان وسبعين سنة.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن أسعد بن يحيى بن محمد بن بوش.)
أبو القاسم الأزجي، الحنبلي، الخباز. سمع الكثير في صغره بإفادة خالة علي بن أبي سعد الخباز، من: أبي طالب عبد القادر بن يوسف، وأبي الغنائم محمد بن المهتدي بالله، وأبي علي الحسن بن محمد الباقرحي، وأبي سد بن الطيوري، وأبي غالب عبيد الله بن عبد الملك الشهرزوري، وأبي محمد عبد الله بن أحمد بن السمرقندي، وأبي البركات هبة الله بن محمد بن البخاري، وأبي نصر أحمد بن هبة الله بن النرسي،

(42/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 153
وأبي العز بن كادش، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، وابن الحصين، وأبي عبد الله) البارع، وخلق سواهم. وأجاز له أبو القاسم بن بيان، وأبي النرس، وأبو علي الحداد. ذكره أبو عبد الله الدبيثي وقال: كان سماعه صحيحاً. بورك في عمره، واحتيج إليه، وحدث نحواً من أربعين سنة. ولم يكن عنده من العلم شيء. قلت: روى عنه الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والتقي علي بن باسويه، ومحمد بن أحمد بن الفلوس، ومحمد بن عبد العزيز الصواف، ومحمد بن عبد القادر البندينجي، وتميم بن منصور الرُّصافي، وجعفر بن ثناء بن القُرطبان، وداود بن شجاع البوَّاب، وعلي بن أحمد بن فائزة المؤدّب، وعلي بن أبي محمد بن الأخضر، وعلي بن معالي الرُّصافي، وفضل الله بن عبد الرزاق الجيلي، ومحيي الدين يوسف بن الجوزي، وابن خليل، واليلداني، وابن المُهير الحراني، وخلق كثير. وآخر من روى عنه بالإجازة أحمد بن أبي الخير. تُوفي في ثالث ذي القعدة فجأة من لقمةٍ غص بها فمات. وكان فقيراً قانعاً، وربما كان يُعطى على التسميع. وولد سنة عشر، وقيل سنة ثمانٍ وخمسمائة. وهو أحدُ من سمع المُسند بكماله على ابن الحُصين.
4 (يعيش بن صدقة بن علي.)
أبو القاسم الفراتي، والضرير، الفقيه الشافعي، صاحب ابن الخل.

(42/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 154
كان إماماً، صالحاً، بارعاً في المذهب والخلاف. وكان أجل من بقي ببغداد من الشافعية. تخرج به جماعة، ودرس بمدرسة ثقة الدولة، وبالمدرسة الكمالية. وكان سديد الفتاوي، وحسن الكلام في المناظرة. قرأ بالكوفة القراءات على الشريف عمر بن إبراهيم بن حمزة العلوي. وسمع: أبا القاسم بن السمرقندي، وأبا محمد بن الطراح، وجماعة. تفقه علي أبي الحسن محمد بن المبارك بن الخل. روى عنه: التقي بن باسويه، وأبو عبد الله الدبيثي، وابن خليل، واليلداني، وآخرون. وهو منسوب إلى نهر الفرات.) توفي ببغداد في الرابع والعشرين من ذي القعدة، وآخر من روى عنه بالإجازة أحد بن أبي الخير.
4 (يوسف بن أحمد.)
الأمير صاحب الحديثة. أخذت منه الحديثة، وقدم بغداد فأقام بها إلى أن توفي في جمادى الآخرة.
4 (الكنى)

4 (أبو الهيجاء الكردي السمين.)
الأمير الكبير حسام الدين، من أعيان الدولة الصلاحية. ولي نيابة عكا فقام بأمرها أتمّ قيام كما ذكرناه في الحوادث. ثم صار بعد سنة تسعين إلى بغداد، وخدم بها رحمه الله.

(42/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 155
وولد فيها: غازي بن أبي الفضل الحلاوي تقريباً، وأبو بكر بن عمر بن يونس المزي، شمس الدين محمد بن حسن بن الحافظ أبي القاسم بن عساكر، والجنيد بن عيسى بن خلكان، والأمير شرف الدين عيسى بن حسن بن محمد بن أبي القاسم الهكاري، والظهير محمود بن عبيد الله الدكاني.

(42/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 156
4 (وفيات سنة أربع وتسعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (إسحاق بن علي بن أبي ياسر أحمد بن بندار بن إبراهيم.)
أبو القاسم الدينوري الأصل، البغدادي، التاجر المعروف بابن البقال. ويُعرف بابن الشاة الحلابة. ولد سنة ست وعشرين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن السمرقندي، وأبي الحسن بن عبد السلام، وعلي بن الصّبّاغ، وغيرهم. روى عنه: ابن الدبيثي، وابن خليل، وغيرهما.) سافر الكثير في التجارة. وتوفي في رابع ربيع الأول. وهو من بيت معروف بالرواية والأمانة.
4 (أسماء بنت محمد بن الحسن بن طاهر بن الران.)
الدمشقية. سمعت من: عبد الكريم بن حمزة، وجدها أبي المفضل يحيى بن علي القاضي.

(42/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 157
روى عنها: يوسفي بن خليل، وولدها زين الأمناء أبو البركات، والشهاب إسماعيل القوصي، وآخرون. وتوفيت في ثالث عشر ذي الحجة. وهي أخت آمنة والدة قاضي القضاة محيي الدين أبي المعالي محمد بن الزكي.
4 (حرف التاء)

4 (تمام بن عمر بن محمد بن عبد الله.)
أبو الحسن بن الشنا الحربي. سمع: أبا الحسين محمد بن القاضي أبي يعلى. روى عنه: ابن الدبيثي، وابن خليل. وبالإجازة: أحمد بن أبي الخير. توفي في العشرين من شعبان.
4 (حرف الجيم)

4 (جرديك.)
الأمير فلان الدين النوري الأتابكي، ومن كبار أمراء الدولة. وهو الذي تولى قتل شاور بمصر، وقتل ابن الخشاب بحلب. وكان بطلاً، شجاعاً، جواداً. ولي إمرة القدس لصلاح الدين.

(42/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 158
4 (حرف الحاء)

4 (حاتم بن ظافر بن حامد.)
أبو الجود الأرسوفي، ثم المصري، المقرئ الصالح الشافعي.) كان ينسخ في بيته فوقع عليه البيت فاستشهد. وكان طيب الصوت بالقرآن.
4 (حامد بن إسماعيل بن نصر.)
أبو محمد الإصبهاني، البغدادي. حدَّث عن: أبي منصور بن خيرون. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (الحسن بن مسلم بن أبي الحسن بن أبي الجود.)
أبو علي الفارسي، الحوري العراقي، الزاهد. أحد العباد المشهورين رحمة الله عليه.

(42/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 159
قرآن القرآن، وتفقه في شبيبته. وسمع من: أبي البدر إبراهيم بن محمد الكرخي، وغيره. روى عن: يوسف بن خليل، والدبيثي، وابن باسويه، وآخرون، والتقي اليلداني. وتوفي في حادي عشر المحرم وقد بلغ التسعين أو نحوها. وكان مشتغلاً بالعبادة، منقطع القرين. ذكره أبو شامة فقال: أحد الأبدال، أقام أربعين سنة لا يكلم أحداً وكان صائم الدهر، يقرأ في اليوم والليلة ختمة. وكانت السباع تأوي إلى زاويته. قال: توفي يوم عاشوراء، ودفن برباطة بالفارسية، قرية من قرى دجيل، وهو منها. وأما حورا المنسوب أيضاً إليها فقريةٌ من عمل دجيل. وذكره شيخنا ابن البزوري فقال: كان مجلداً في العبادة، ملازماً للمحراب والسجادة، ورعاً، تقياً، ومن الأدناس نقياً، ظاهر الخشوع، كثير البكاء والخضوع، صحب الشيخ عبد القادر، والشيخ حماد الدباس. كذا قال. وكان الناس يقصدونه، ويتبركون به، ويغتنمون دعاءه. وتردّد إليه الإمام الناصر لدين الله وزاره، وكان يعتقد فيه. قلت: وكان الشيخ أبو الفرج بن الجوزي ببالغ في وصفه وتعظيمه، رحمه الله.
4 (الحسن بن هبة الله بن أبي الفضل بن شفير، بالفاء.)
) أبو القاسم الدمشقي. سمع من: جمال الإسلام أبي الحسن، وأبي الفتح المصيصي.

(42/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 160
وحدث. روى عنه ابن خليل في معجمه، وغير واحد. توفي في رمضان.
4 (الحسين بن أبي المكارم أحمد بن الحسين بن بهرام.)
أبو عبد الله القزويني، الصوفي، الصالح، والد أبي المجد محمد. روى عنه: ولده. وتوفي في صفر.
4 (حرف الزاي)
زنكي بن قطب الدين مودود بن الأتابك زنكي بن أقسُنقُر.

(42/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 161
الملك عماد الدين صحب سنجار. كان قد تملك مدينة حلب بعد وفاة ابن عمه الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين، ثم إن الملك الناصر صلاح الدين سار إليه وحاصر حلب، ثم وقع بعد الحصار الاتفاق على أن يترك حلب ويعوضه بسنجار وأعمالها، فسار إليها. ولم يزل ملكها إلى هذا الوقت. وكان يكرم العلماء ويبرُّ الفقراء. وبنى بسنجار مدرسة للحنفية. وكان عاقلاً، حسن السيرة. تزوج بابنه عمه نور الدين. وكان الملك صلاح الدين يحترمه يتحفه بالهدايا. ولم يزل مع صلاح الدين في غزواته وحروبه. توفي في المحرم. قال ابن الأثير: كان بخيلاً شديد البخل، لكنه كان عادلاً في الرعية، عفيفاً عن أموالهم، متواضعاً. ملك بعده ابنه قطب الدين محمد.
4 (حرف السين)
سلامة بن إبراهيم بن سلامة. المحدث أبو الخير الدمشقي، الحداد، والد أبي العباس أحمد. سمع: أبا المكارم عبد الواحد بن محمد بن هلال، وعبد الخالق بن أسد الحنفي، وعبد الله بن عبد الواحد الكتّاني، وأبا المعالي بن صابر، وجماعة.) نسخ الكثير بخطه، وكان ثقة صالحاً، فاضلاً. أم بحلقة الحنابلة بدمشق مدة. وكان يُلقب تقي الدين.

(42/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 162
روى عنه: الحافظ الضياء، وابن خليل، والشهاب القوصي، وابن عبد الدائم، وآخرون. توفي في السابع والعشرين من ربيع الآخر في أوائل سنّ الشَّيخوخة.
4 (حرف الطاء)

4 (طلحة بن عثمان بن طلحة بن الحسين بن أبي ذر.)
الصالحاني الإصبهاني. توفي في رمضان. ذكره المنذري.
4 (حرف العين)

4 (عبد الرحيم بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد.)
الخطيب أبو الفضائل الإصبهاني، الكاغدي، القاضي المعدل. ولد سنة إحدى وخمسمائة. وسمع من: أبي علي الحداد، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق، وإسماعيل بن الفضل الإخشيد، وفاطمة الجوزدانية، وغيرهم. روى عنه: يوسف بن خليل: وجماعة. وأخرى من روى عنه بالإجازة: أحمد بن أبي الخير. توفي في العشر الأول من ذي القعدة.

(42/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 163
4 (عبد الوهاب بن جماز بن شهاب.)
القاضي أبو محمد النميري، القلعي. سمع من: المبارك بن علي السمذي، وابن ناصر، وأبي الوقت. روى عنه: ابن خليل. وتوفي بدمشق في ربيع الأول. وقد ناب عن قاضي القضاة كمال الدين الشهرزوري. وسمع منه الشهاب القوصي صحيح البخاري كله. لقبه تقي الدين رحمه الله.)
4 (علي بن جابر بن زهير بن علي.)
القاضي أبو الحسن البطائحي، الفقيه. وُلد سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وتفقه على مذهب الشافعي مدة ببغداد، وتفقه بالرحبة أيضاً. وسمع من: ابن ناصر، وعلي بن عبد العزيز بن السماك. وولي القضاء بسواد العراق مدة. وتوفي في رمضان.
4 (علي بن سعيد بن فاذشاه)

(42/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 164
أبو طاهر الإصبهاني. سمع: أبا علي الحداد. وهو من كبار مشايخ ابن خليل. توفي في ربيع الأول.
4 (علي بن علي بن أبي يحيى بن محمد بن محمد.)
الشريف الصالح أبو المجد العلوي، الحسيني، البغدادي، الحنفي، الفقيه. ويعرف بابن ناصر. ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة. وسمع من القاضي أبي بكر الأنصاري، وحدث. ودرس بجامع السلطان، وكان عارفاً بالمذهب. توفي في ليلة الثاني عشر من ربيع الأول. ويقال إنه سمع من: ابن الحصين. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، وابن الأخضر رفيقه.
4 (علي بن المبارك بن هبة الله بن المعمر)

(42/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 165
الشريف أبو المعالي الهاشمي، القصري. سمع: هبة الله بن الحصين، وأبا منصور القزاز، وأبا الحسن بن صرما، وجماعة. توفي في عاشر ربيع الآخر.
4 (علي بن المبارك بن عبد الباقي بن بانويه.)
) أبو الحسن الظفري، من محلة الظفرية، النحوي، الأديب. ويعرف بابن الزاهدة. أخذ العربية عن أبي السعادات بن الشجري، وأبي جعفر المعروف بالتكريتي، وابن الخشاب. وعلم العربية، وحدث، وتخرج به جماعة. وتوفي في ذي الحجة. وكانت أمه واعظة مشهورة بالعراق، وهي أمةُ السلام مباركة.

(42/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 166
4 (عمر بن علي بن عبد السيد بن عبد الكريم.)
أبو حفص البغدادي، الصفار. روى عن: أبي القاسم بن الحصين، وأبي القاسم بن الطبر، وأبي القاسم بن السمرقندي. روى عنه: ابن الدبيثي، وبان خليل، واليلداني، وآخرون. وبالإجازة: ابن أبي الخير، وغيره. توفي في جمادى الآخرة وله تسع وسبعون سنة.
4 (حرف الغين)

4 (أبو غالب بن سعد الله بن دبوس.)
الأزجي، القطيعي. روى عن: محمد بن أحمد الطرائفي، وابن ناصر. توفي في المحرم.
4 (غياث بن الحسن بن سعيد بن أبي غالب بن البنا.)
أبو بكر البغدادي. من بيت الرواية والإسناد. سمع: جد أبيه أبا غالب، وابن الحصين، وعبد الله بن أحمد بن جحشويه. روى عنه: ابن الأخضر، والدبيثي، وابن خليل، وآخرون. قال الحافظ ابن الأخضر: سمعت منه، ومن أبيه، وجده.

(42/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 167
قلت: روى عنه بالإجازة شيخنا ابن أبي الخير. توفي في ذي الحجة.
4 (حرف القاف)
)
4 (القاسم بن علي بن أبي العلاء.)
أبو الفتح السقلاطوني الدراقزي. حدَّث عن: عبد الوهاب الأنماطي. وتوفي رحمه الله في أول السنة. قليج النوري. الأمير الكبير غرس الدين. أعطاه السلطان صلاح الدين الشُّغر، وبَكاس، وشقيف دركُوش لما افتتحها، فلما مات قصد صاحب حلب هذه البلاد، وأخذها، بالأمان بعد المحاصرة، من أولاد قليج وعوَّضهم.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن حامد)
أبو عبد الله بن الدياهي. ناظر الخالص، والخالص من أعمال العراق. وهو أخو مكي، ناظر الديوان العزيز.
4 (محمد بن عبد السلام بن عبد الساتر.)
الأنصاري، فخر الدين المارديني، الطبيب. إمام أهل الطب في وقته. أخذ الطب عن: أمين الدولة ابن التلميذ، والفلسفة عن: النجم أحمد بن الصلاح.

(42/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 168
قدم دمشق في أواخر عمره وأقرأ بها الطب. أخذ عنه: السديد محمود بن عمر بن رقيقة، والمهذب عبد الرحيم بن علي. ثم سافر إلى حلب، فأنعم عليه الملك الظّاهر غازي، وبقي عنده نحو سنين مكرماً. ثم سافر إلى ماردين. وتوفي بآمد في ذي الحجة. ووقف كتبه بماردين. وحكى السديد تلميذه أنّه حضره عند الموت، فكان آخر ما تلكم به: اللهم إني آمنت بك وبرسولك، صدق صلى الله عليه إن الله يستحي من عذاب الشيخ. توفي وله اثنتان وثمانون سنة.
4 (محمد بن عبد المولى بن محمد.)
) الفقيه أبو عبد الله اللخمي، اللبني، المهدوي، المالكي، الفقيه. ولبنة: من قرى المهدية. روى عن: أبيه، عن نصر المقدسي الفقيه. روى عنه: ابن الأنماطي، والكمال الضرير، والرشيد العطار، وجماعة. ومات بمصر في صفر، وعاش خمساً وثمانين سنة.

(42/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 169
4 (محمد بن عمر بن علي.)
أبو الفتوح الطوسي، ثم النيسابوري. سمع: أبا المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي. حمل عنه بدل التبريزي السنن الكبير بكماله.
4 (محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن أمامة.)
أبو المفاخر الواسطي، المقرئ، النحوي. توفي بالقاهرة. أحد من قرأ على أبي بكر بن الباقلاني، وتوفي شاباً.
4 (محمد بن محمد بن أبي الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي بالله.)
الشريف أبو الغنائم الهاشمي، العباسي، الحريمي، الخطيب. ولد سنة ثمان عشرة وخمسمائة.

(42/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 170
وقد سمع من أبي بكر الأنصاري، وبعده من: أبي عبد الله بن السلال، وابن الطلاية. توفي في نصف المحرم. وحدث بشيء يسير. وكان خطيب جامع القصر.
4 (محمد بن محمد بن أبي البركات إسماعيل بن الحصري.)
القضي أبو عبد الله البغدادي، ثم الواسطي، المعدل. روى عن: أبي الوقت. وولي قضاء بلده.
4 (محمد بن محمود بن إسحاق بن المعز.)
أبو الفتح الحراني ثم البغدادي.) سمع من: جده لأمه محمد بن عبد الله الحراني وأبي الوقت السجزي وأبي المظفر الشبلي وطائفة. وخرج لنفسه مشيخة. وتوفي في ذي الحجة. وقد شهر على جمل لكونه زور.
4 (محمد بن أبي المظفر بن محمد بن أبي عمامة.)
أبو بكر الأزجي، البزاز. سمع: أبا القاسم بن السمرقندي، وغيره.

(42/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 171
وتوفي في ذي الحجة.
4 (محمد البشيلي.)
الزاهد. من فقراء بغداد المذكورين. صحب الشيخ عبد القادر. وتوفي في ثاني عشر شعبان. وبشيلة: قرية قريبة من الجانب الغربي من بغداد.
4 (محمود بن عبد الله بن مطروح بن محمود)
أبو الثناء المصيصي الأصل، المصري، المقرئ، المؤدب، الحنبلي. الصالح. حدث عن: الشريف أبي الفتوح الخطيب، والفقيه أبي عمر، وعثمان بن مرزوق. وروى بالإجازة عن حسان بن سلامة الخلال. روى عنه: الفقيه مكي بن عمر. وكان حسن التلفظ بالقرآن جداً. قاله المنذري. وقال: توفي في جمادى الأولى.
4 (محمود بن كرم بن أحمد.)

(42/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 172
أبو الثناء البغدادي، المقرئ، الضرير. قرأ القرآن على: علي بن عساكر، وغيره. وتوفي في رجب. وكان مجوداً للقراءات.
4 (المبارك بن محمد بن الحسين بن عباس.)
) الخطيب أبو سعد الجبائي، العراقي، السلمي. سمع: دعوان بن علي، وأبا الفضل الأرموي، وأحمد بن محمد بن المذاري. وعنه: أبو الفتوح بن الحصري. مات في ربيع الآخر، وله سبع وسبعون سنة. وكان صالحاً خيراً، يخطب بالجب بقرب بعقوبا.
4 (مسعود بن أحمد بن محمد بن علي بن العباس.)
الفقيه أبو المعالي بن الديناري، الحنفي، العطار. ولد سنة ثمان عشرة. وسمع من: جده لأمه الحسين بن الحسن المقدسي، وأبي القاسم بن الحصين وقاضي المرستان. وسمع منه: عمر بن علي الحافظ، والقدماء. وروى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وابن خليل. وتوفي في رمضان. وكان إمام مشهد أبي حنيفة. وهو أخو محمود بن الديناري. أثنى عليه ابن النجار.

(42/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 173
4 (مظفر بن صدقة.)
أبو البدر الأزجي، الطحان. حدَّث عن: هبة الله بن الحصين. وقيل إنّ اسمه نصر، وكنيته أبو المظفر. توفي سنة ثلاث أو أربع وتسعين.
4 (مفرج بن الحسين بن إبراهيم.)
أبو الخليل الأنصاري، الإشبيلي، الضرير. أخذ القراءات عن: أبي بكر بن خير، ونجبة بن يحيى. وحدَّث عن: عبد الكريم بن غليب، وفتح بن محمد بن فتح، وسليمان بن أحمد اللخمي، وجماعة. سمع من بعضهم، وأجازوا له كلهم. وأقرأ القراءات. وقد أجاز لبعضهم في هذه السنة. لم تحفظ وفاته.)
4 (حرف النون)

4 (نعمة الله بن علي بن العطار.)
أبو الفضل الواسطي. روى عن: جده لأمه أبي عبد الله محمد بن علي الجلابي. وحدث ببغداد.
4 (حرف الواو)

4 (واثق بن هبة الله بن أبي القاسم.)

(42/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 174
أبو البركات الحربي. سمع: عبد الله بن أحمد بن يوسف. وتوفي في ربيع الأول من شيوخ ابن خليل.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن سعيد بن هبة الله بن علي بن علي بن زبادة.)
أبو طالب بن أبي الفرج الواسطي الأص، البغدادي، الكاتب. شيخ ديوان الإنشاء بالعراق، قوام الدين. انتهت إليه رئاسة الإنشاء في عصره، مع تفننه بعلوم أخر، كالفقه، والأصول، والكلام، والشعر. وقد سارت برسائله المونقة الركبان. ومن شعره:
(لا تغبطن وزيراً للملوك وإن .......... أناله الدهر منهم فوق همته)

(وأعلم بأن له يوماً تمورُ به الأر .......... ضُ الوقورُ كما مادت الهيبته)

(هارون وهو أخو موسى الشقيق له .......... لولا الوزارة لم يأخذ بلحيته)
وولي مناصب جليلة. ومولده في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. وحدث عن: أبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام، وأبي القاسم علي بن الصباغ، والقاضي أبي بكر أحمد بن محمد الأرجاني الأديب.

(42/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 175
وأخذ العربية عن: أبي منصور بن الجواليقي.) وولي نظر واسط، والبصرة، ثم ولي حجابة الحجاب، ثم ولي الأستاذ دارية ونقل إلى كتابه الإنشاء. حدث عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وابن خليل، وغيرهما. قال الدبيثي: أنشدنا أبو طالب، أن القاضي أبا بكر أحمد بن محمد الأرجاني أنشده لنفسه في سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
(ومقسومة العينين من دهش النوى .......... وقد راعها بالعيس رجع حدائي)

(تجيب بإحدى مقلتيها تحيتي .......... وأخرى تراعي أعين الرقباء)

(رأت حولها الواشين طافوا فغيضت .......... لهم دمعها واستعصمت بخباء)

(فلما بكت عيني غداة وداعهم .......... وقد روعتني فرقة القرناء)

(بدت في مُحياها خيالاتُ أدّمعي .......... فغاروا وظنوا أن بكت لبكائي)
توفي ابن زبادة في سابع عشر ذي الحجة. وكان ديناً، محمود السيرة. يحيى بن ياقوت. أبو الفرج البغدادي، النجار. روى عن: هبة الله بن الحصين، وأبي غالب بن البناء، وهبة الله بن الطبر، وجماعة. روى عنه: ابن الدبيثي، وابن خليل، واليلداني، وغيرهم.

(42/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 176
وكان يسكن المختارة من الجانب الشرقي توفي في حادي عشر جمادى الآخرة.
4 (يونس بن أبي محمد بن علي بن المعمر.)
أبو اليمن البغدادي، البستنباني، المعروف بابن جرادة. روى عن: عبد الخالق بن عبد الصمد بن البدن. وتوفي في المحرم. روى عنه: ابن خليل. وفيها ولد: شمس الدين المسلم محمد بن المسلم بن علان القيسي، وعبد الرحمن بن عبد المؤمن الصوري في ذي الحجة.) والنظام علي بن الفضل بن عقيل العباسي التاجر، له إجازة من الخشوعي. والعدل بدر الدين محمد بن علي العدوي بن السكاكري. وأبو بكر بن محمد بن أبي بكر الهروي، ثم الصالحي في شوال، وعبد الله بن عبد الرحمن بن سلامة المقدسي، والعز عبد العزيز بن عبد المنعم بن الصيقل بحَرّان، والزاهد أحمد بن علي الأثري.

(42/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 177
4 (وفيات سنة خمس وتسعين وخمسمائة.)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن حيوس بن رافع بن متوج بن منصور بن فُتيح.)
العدل، الجليل، أبو الحسين الغنوي، الدمشقي. ولد سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، وكان اسمه قديماً عبد الله. سمع من: أبي الفتح نصر الله المصيصي، وهبة الله بن طاوس. وتوفي في ذي القعدة. روى عنه: الحافظ الضياء، وطائفة. وأجاز لأحمد بن أبي الخير.
4 (أحمد بن وهب بن سلمان بن أحمد بن الزنف.)

(42/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 178
أبو الحسين السلمي، الدمشقي. ولد سنة ثلاثين، وسمعه أبوه حضوراً من: يحيى بن بطريق. وسمع: أبا الفتح نصر الله المصيصي، وأبا الدر ياقوتاً الرومي، وأبا المعالي محمد بن يحيى القاضي، وجماعة. روى عنه: ابن خليل، وجماعة. وأجاز لابن أبي الخير. توفي في ذي الحجة.
4 (إسماعيل بن فضائل بن عبد الباقي بن مكي.)
أبو عبد الرحمن الحربي سمع: هبة الله بن الحصين، والقاضي أبا بكر. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وابن خليل.) وأجاز لابن أبي الخير. وتوفي في شعبان. قال ابن النجار: هو شيخ صالح.
4 (إسماعيل بن هبة الله بن أبي نصر بن أبي الفضل.)
أبو محمد البغدادي، الحربي، المعروف بابن دقيقة. سمع من: أبي البركات الأنماطي، وأبي البدر الكرخي، وعبد الله بن أحمد بن يوسف. ودقيقة بالفتح. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل.

(42/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 179
وأجاز لابن أبي الخير سلامة. توفي يوم عاشوراء.
4 (أسماء بنت أبي البركات محمد بن الحسن بن الران.)
الدمشقية. روت عن: جدها لأمها أبي الفضل يحيى بن علي القاضي. وعنها: سبطها النسابة عزّ الدين محمد بن أحمد، ويوسف بن خليل، والشهاب القوصي. وتزوجت بابن خالتها محمد أخي الحافظ ابن عساكر. توفيت في ذي الحجة.
4 (أعز بن علي بن المظفر بن علي.)
أبو المكارم البغدادي، المراتبي، المعروف بالظهير. سمع من: أبي القاسم والده، ومن إسماعيل بن السمرقندي، ومسرة بن عبد الله الزعيمي. وكان أمياً لا يكتب. روى عنه: ابن خليل، واليلداني. وتوفي في ثالث عشر ربيع الأول.

(42/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 180
4 (آمنة بنت محمد بن الحسن بن طاهر بن الران.)
أخت الست أسماء. ولدت سنة ثمان عشرة وخمسمائة.) وتوفيت في شوال، ودفنت بمسجد القدم. سمعت من: جدها لأمها القاضي المنتجب يحيى بن علي القرشي، وعبد الكريم بن حمزة. وحجت هي وأختها، ثم حجت مرتين أيضاً. روى عنها و لدها القاضي محيى الدين أبو المعالي بن الزكي، وشهاب الدين القوصي، وغير واحد. ووقفت رباطاً بدمشق.
4 (حرف الباء)

4 (بشير بن محفوظ بن غنيمة.)
أبو الخير الأزجي شيخ صالح. روى عن: ابن ناصر، وأبي الوقت. وصحب الشيخ عبد القادر، وانقطع إلى العبادة. وله كلام في العرفان. وكان الناس يبركون به. توفي رحمه الله في حادي عشر في ربيع الأول.

(42/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 181
4 (حرف الثاء)

4 (ثابت بن محمد بن أبي الفرج بن الحسن.)
أبو الفرج المديني، الإصبهاني. محدث ناحيته. سمع من: أبي بكر محمد بن علي بن أبي ذر، وسعيد الصيرفي، وزاهر الشحامي، والحسين الخلال، وجماعة. ورحل إلى بغداد. فسمع من: أبي الفضل الأرموي، والمبارك بن كامل المفيد، وغيرهما وأملى بإصبهان، وخرج. وولي خطابة إصبهان. وكان ذا معرفة بهذا الشأن. سمع منه: الحافظ أبو بكر الحازمي، ونصر بن أبي رشيد الإصبهاني، ويوسف بن خليل، وجماعة. وأجاز لأحمد بن أبي الخير.) توفي أواخر رمضان.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن محمد بن علي.)
أبو علي البغدادي، البقال، المعروف بابن القطائفي. روى عن: ابن الحصين. وكان سوقياً متعيشاً.

(42/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 182
روى عنه: الدبيثي، وبان خليل، وجماعة. وأجاز لابن أبي الخير. توفي في المحرم وقد قارب الثمانين.
4 (الحسين بن أبي بكر بن الحسين.)
أبو عبد الله الحربي، المعروف بابن السمك. روى عن: هبة الله بن محمد بن أبي الأصابع الحربي. حميد الأبله. كان ببغداد ينام على المزابل، وربما تكشف، ومع هذا فكان للبغاددة في اعتقاد كقاعدتهم في المولهين. توفي في ذي القعدة، وشيعه خلائق.
4 (حرف الخاء)

4 (خليفة بن أبي بكر بن أحمد.)
أبو نصر البغدادي ابن القطوة. روى عن: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب بن الأنماطي. وكان سقاء. روى عنه بالإجازة: أحمد بن أبي الخير. توفي في شعبان. وأبو قيده ابن نقطة.

(42/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 183
وحدث عنه: ابن النجار.)
4 (حرف الدال)

4 (دلف بن أحمد بن محمد بن قوفا.)
أبو القاسم الحريمي. سمع: أبن الحصين، وغيره. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، واليلداني. وبالإجازة: ابن أبي الخير. توفي في شوال. قال ابن النجار: كان صالحاً، دمثاً، حسن الأخلاق.
4 (حرف الضاد)
ضياء بن أحمد بن يوسف بن جندل أبو محمد الحربي. روى عن: أبي الحسن بن عبد السلام، وبعد الله اليوسفي، والمبارك بن كامل الدلال. سمع منه: أحمد بن سلمان الحربي، وابن خليل، وجماعة. وأجاز لابن أبي الخير. توفي في جمادى الآخرة.

(42/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 184
4 (حرف الطاء)

4 (طرخان بن ماضي بن جوشن بن علي.)
الفقيه أبو عبد الله اليمني، ثم الدمشقي، الشاغوري، الضرير الشافعي. سمع من: أبي المعالي محمد بن يحيى القرشي، وأبي القاسم بن مقاتل، ومحمد بن كامل بن ديسم، وغيرهم. روى عنه: عبد الكافي الصقلي، وابن خليل، والشهاب القوصي، وجماعة. وأم بالسلطان نور الدين. وكان يلقب تقي الدين. سئل عن مولده فقال: في سنة ثمان عشرة بالشاغور. وتوفي في ثالث ذي الحجة. وهو والد إسحاق شيخ الشرف محمد ابن خطيب بيت الآبار.
4 (حرف الظاء)

4 (ظفر بن إبراهيم.)
) أبو السعود الحربي، المعروف بابن الأرمني. روي عن: أبي الحسين بن القاضي أبي يعلى، وعبد الباقي بن أبي الغبار الأديب. وكان قصاباً. توفي في نصف جمادى الآخرة. ولابن أبي الخير منه إجازة. روى عنه: ابن النجار.

(42/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 185
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن المظفر بن أبي نصر بن هبة الله.)
أبو محمد البواب. سمعه أبوه من: يحيى بن حبيش الفارقي، وأبي بكر بن الأنصاري. وكان أبوه بواباً بدار الخلافة. روى عنه: ابن خليل، الدبيثي. وأجاز لابن أبي الخير. توفي في ربيع الآخر.
4 (عبد الخالق بن أبي البقاء هبة الله بن القاسم بن منصور.)
أبو محمد بن البندار الحريمي، الزاهد، العابد. ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة في جمادى الآخرة. وقيل سنة إحدى عشرة. وسمع من: ابن الحصين، وأبي غالب بن البناء، وابن الطبر، وأبي المواهب بن ملوك، والقاضي أبي بكر، وأبي منصور القزاز. وكان ثقة صالحاً خيراً، ناسكاً، سلفياً. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، وابن خليل، واليلداني، وابن عبد الدائم، وجماعة. وبالإجازة: أحمد بن أبي الخير، وغيره.

(42/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 186
قال ابن النجار في تاريخه: كان يشبه الصحابة. ما رأيت مثله رحمه الله. توفي في سادس ذي القعدة.
4 (عبد الرحمن بن أبي المظفر أحمد بن عبد الواحد بن الحسين بن محمد.)
) أبو الحسن العكبري، الصوفي الدباس وسنة عشرين. وسمع من: أبي الفضل الأرموي، وهبة الله الحاسب، وجماعة. وحدث بمكة. روى عنه: الحافظ ابن المفضل، ومكي بن عمر الفقيه. توفي في أول ذي القعدة.
4 (عبد الغني بن علي بن إبراهيم.)
أبو القاسم المصري، النخاس، المقرئ. حدث بالوجيز للأهوازي، عن الشريف أبي الفتوح الخطيب. وكان مؤدباً بزقاق القنديل. روى عنه: الكمال. وتوفي في ربيع الأول.
4 (عبد القادر بن هبة الله بن عبد الملك بن غريب الخال.)
أبو محمد. يقال إنه سمع من القاضي أبي بكر، وحدث.

(42/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 187
4 (عبد المعيد بن المحدث عبد المغيث بن زهير بن زهير.)
أبو محمد الحربي، الحنبلي. سمعه أبوه من: أبي الوقت، وهبة الله الشبلي، وجماعة قيل إنه حدث.
4 (عبد المنعم بن الخضر بن شبل بن عبد الواحد.)
أبو محمد الحارثي، الدمشقي. روى عن: أبي القاسم بن البن. روى عنه: ابن خليل، وغيره. توفي في ربيع الأول بنواحي طبرية.
4 (عبد الواحد بن ناصر بن أبي الأسد.)
أبو محمد المقرئ المعروف بالكديمي، الدمشقي. روى عن: هبة الله بن طاوس. وعنه: ابن خليل.)
4 (عبيد الله بن الحسن بن علي.)
أبو الفرج بن الدوامي الكاتب. سمع: أباه، وأبا محمد سبط الخياط، وأبا منصور بن خيرون، وأبا عبد الله السلال.

(42/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 188
وكان علي ديوان الحشر، فشكرت سيرته. توفي في جمادى الآخرة.
4 (عثمان بن يوسف بن أيوب بن شاذي.)
السلطان الملك العزيز أبو الفتح، وأبو عمرو بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين، صاحب مصر. ولد في جمادى الأولى سنة سبع وستين وخمسمائة. وسمع من: أبي طاهر السلفي، وأبي الطاهر بن عوف، وعبد الله بن بري النحوي. وحدث بثغر الإسكندرية. ملك ديار مصر بعد والده، وكان لا بأس به في سيرته. وكان قد خرج يتصيد فرماه فرسه رمية مؤلمة منكرة، فرد إلى القاهرة وتمرض ومات. قال الحافظ الضياء، ومن خطة نقلت، قال: خرج إلى الصيد، فجاءته كتب من دمشق في أذية أصحابنا الحنابلة، فقال: إذا رجعنا من هذه السفرة كل من كان يقول بمقالتهم أخرجناه من بلدنا. فرماه فرسه، ووقع عليه فخسف صدره. كذا حدثني يوسف بن الطفيل، وهو الذي غسله.

(42/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 189
قال المنذري: توفي في العشرين من المحرم، وعاش ثمانياً وعشرين سنة، وأقيم بعده ولده في الملك، صبي دون البلوغ، فلم يتم. وقال الموفق عبد اللطيف: كان العزيز شاباً، حسن الصورة، ظريف الشمائل، قوياً، ذا بطش أيد، وخفة حركة، حيياً، كريماً، عفيفاً عن الأموال والفروج. وبلغ من كرمه أنه لم يبق له خزانة ولا خاص ولا برك ولا فرش، وأما بيوت أصحابه فتفيض بالخيرات. وكان شجاعاً مقداماً. وبلغ من عفته أنه كان له غلام تركي اشتراه بألف دينار يقال له أبو شامة، فوقف على رأسه خلوةً. فنظر إلى جماله، فأمره أن ينزع ثيابه، وجلس معه مقعد الفاحشة، فأدركه التوفيق ونهض مسرعاً إلى بعض سراريه، فقضى وطره، وخرج والغلام بحاله، فأمره بالتستر) والخروج. وأما عفته عن الأموال فلا أقدر أن أصف حكاياته في ذلك. ثم حكى الموفق ثلاث حكايات في المعنى. وقال ابن واصل: كان الرعية يحبونه محبة عظيمة، وفجعوا بموته، إذا كانت الآمال متعلقة بأنه يسد مسد أبيه. ثم حكى ابن واصل حكايتين في عدله ومروءته رحمه الله وسامحه. ولما سار الملك الأفضل أخوه مع العادل ونازلاً بلبيس، وتزلزل أمره، بذلت له الرعية أموالها ليذب عن نفسه فامتنع. وقال ابن واصل: وقد حكي أنه لما امتنع قيل له اقترض من القاضي الفاضل، فإن أمواله عظيمة. فامتنع، وألحوا عليه، فاستدعى القاضي الفاضل، فلما رآه مقبلاً وهو يراه من المنظرة قام حياءً، ودخل إلى النساء. فراسلته الأمراء وشجعوه، فخرج وقال له بعد أن أطنب في الثناء عليه: أيها

(42/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 190
القاضي، قد علمت أن الأمور قد ضاقت علي، وليس لي إلا حسن نظرك، وإصلاح الأمر بمالك، أو برأيك، أو بنفسك. فقال: جميع ما أنا فيه من نعمتكم، ونحن نقدم الرأي أولاً والحيلة، ومتى احتيج إلى المال فهو بين يديك. فوردت رسالة من العادل إلى القاضي الفاضل باستدعائه، ووقع الاتفاق. وقد حكي عنه ما هو أبلغ من هذا، وهو أن عبد الكريم بن علي أخا القاضي الفاضل كان يتولى الجيزة زماناً وحصل الأقوال فجرت بينه وبين الفاضل نبوة أوجبت اتضاعه عند الناس فعزل، وكان متزوجاً بابنة ابن ميسر، فانتقل بها إلى الإسكندرية، فضايقها وأساء عشرتها لسوء خلقه، فتوجه أبوها وأثبت عند قاضي الإسكندرية ضررها، وأنه قد حصرها في بيتٍ، فمضى القاضي بنفسه، ورام أن يفتح عليها فلم يقدر فأحضر نقاباً فنقب البيت وأخرجها ثم أمر بسد النقب، فهاج عبد الكريم وقصد الأمير جهاركس فخر الدين بالقاهرة وقال: هذه خمسة آلاف دينار لك، وهذا أربعون ألف دينار للسلطان، وأولى قضاء الإسكندرية. فاخذ من المال، واجتمع بالملك العزيز ليلاً، وأحضر له الذهب. وحدثه، فسكت ثم قال: رد عليه المال، وقل له: إياك والعود إلى مثلها، فما كل ملك يكون) عادلاً، فأنا أبيع أهل الإسكندرية بهذا المال. قال جهاركس: فوجمت وظهر علي، فقال لي: أراك واجماً، وأراك أخذت شيئاً على الوساطة. قلت: نعم. قال: كم أخذت قلت: خمسة آلاف دينار. فقال: أعطاك ما لا تنتفع به إلا مرة، وأنا أعطيك في قبالته ما تنتفع به مرات. ثم أخذ القلم ووقع لي بخطه من جهةٍ تعرف بطنبزة كنت أستغلها سبعة آلاف دينار. قلت: وقد قصد دمشق وملكها، كما ذكرنا في الحوادث، وأنشأ بها المدرسة العزيزية. وكان السكة والخطبة باسمه بها وبحلب. وخلف ولده الملك المنصور محمد بن عثمان، وهو ابن عشر، فأوصى

(42/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 191
له بالملك، وأن يكون مدبره الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدي. وكان كبير الأسدية الأمير سيف الدين يازكوج، وبعضهم يغير يازكوج ويقول: أزكش، وسائر الأمراء الأسدية والأكراد محبين للملك الأفضل، مؤثرين له، والأمراء الصلاحية بالعكس، لكونهم أساءوا إليه. ثم تشاوروا وقال مقدم الجيش سيف الدين يازكوج: نطلب الملك الأفضل ونجعله مع هذا. فقال الأمير فخر الدين جهاركس، وكان من أكبر أمراء الدولة: هو بعيد علينا. فقال يازكوج: هو في صرخد فنطلبه ويصل مسرعاً. فقال جهاركس شيئاً يُمَغْلط به، فقال يازكوج: نشاور الأمير القاضي الفاضل. فاجتمع الأميران به، فأشار بالأفضل. هكذا حكى ابن الأثير. وحكى غيره أنّهم أجلسوا الصبي في المُلك. وقام قراقوش بأتابكيّته، وحفلوا له، امتنع عماه الملك المؤيد والملك المعز إلاّ أن تكون لهما الأتابكيّة. ثم حلفا على كرهٍ. ثم اختلف الأمراء وقالوا: قراقوش مضطرب الآراء، ضيق العطن. وقال قوم: بل نرضى بهذا الخادم فإنه أطْوَع وأسوس. وقال آخرون: لا ينضبط هذا الإقليم إفا بملك يُرهب ويُخاف. ثم اشْتَوَروا أياماً، ورجعوا إلى رأي القاضي الفاضل، وطلبوا الأفضل ليعمل الأتابكية سبع سنين، ثم يسلم الأمر إلى الصبي، وبشرط أن لا يذكر في خطبةٍ ولا سِكّة. وكتبوا إليه، فأسرع إلى مصر في عشرين فارساً، ثم جرت الأمور.
4 (عثمان بن الرئيس أبي القاسم بصر بن منصور بن الحسين بن العطار.)
الصدر أبو عمرو الحراني الأصل، ثم البغدادي.)

(42/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 192
سمع من: أبي الوقت، وابن البطي. وكان رئيساً متواضعاً. مات في ذي القعدة.
4 (علي بن أبي تمام أحمد بن علي بن أبي تمام أحمد بن هبة الله ابن المهتدي بالله.)
أبو الحسن الهاشمي، الخطيب. من بيت حشمة وخطابة ورواية. توفي في صفر.
4 (علي بن أحمد.)
أبو الحسن اللمطي. سمع: معمر بن الفاخر. وحدث عن: عمر الميانشي، ويوسف بن أحمد الشيرازي البغدادي. وكان كثير البر والأفضال. توفي بمصر في ربيع الآخر.
4 (علي بن أبي طالب عبد الله بن النقيب أبي عبد الله أحمد بن علي بن المعمر.)
الشريف أبو الحسن العلوي الحسيني. حدَّث بشيء بسير من شعره. ومات شاباً.

(42/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 193
4 (علي بن الشيخ عبد الرحمن بن علي بن المسلم.)
أبو الحسن اللخمي الخرقي، الدمشقي. ولد سنة خمس وثلاثين. وسمع من: نصر الله المصيصي. وحدث. توفي في ذي القعدة.
4 (عمر بن علي بن فارس.)
أو حفص الطيني. روى عن: أحمد بن علي بن الأشقر، وأبي الوقت.) وكان يعمل من الطين عصفوراً يصفر به الصبيان، ويعمل الزمامير. مات في رجب.
4 (عمر بن يوسف بن أحمد بن يوسف.)
أبو حفص الكتامي، الحموي. الكاتب المعروف بابن الرفيش، بفاء وشين معجمة.

(42/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 194
سمع بدمشق من: جمال الإسلام أبي الحسن بن المسلم، وببغداد من: الأرموي، وهبة الله الحاسب. روى عنه: ابن خليل. وبالإجازة: أحمد بن أبي الخير. وكان صالحاً عابداً، ورده في اليوم مائة ركعة. توفي في ربيع الآخر.
4 (حرف الفاء)
فتون بنت أبي غالب بن سعود بن الحبوس. الحربية. روت عن: عبد الله بن أحمد بن يوسف. أخذ عنها: أحمد بن أبي شريك الحربي، وابن خليل، وجماعة. وفتون: بالتاء المثناة، والحبوس: بحاء مفتوحة وسين مهملة. توفيت في خامس ذي القعدة.
4 (حرف القاف)

4 (قايماز)

(42/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 195
الأمير مجاهد الدين أبو منصور الرومي، الزينبي، الخادم الأبيض الذي بنى بالموصل الجامع المجاهدي، والرباط، والمدرسة. كان لزين الدين صاحب إربل فأعتقه وأمره، وفوض إليه أمور مدينة إربل، وجعله أتابك أولاده في سنة تسع وخمسين، فعدل في الرعية وأحسن السيرة. وكان كثير الخير والصلاح والإفضال، ذا رأي وعقل وسؤدد.. وانتقل إلى الموصل سنة إحدى وسبعين، وسكن قلعتها، وولي تدبيرها، وراسل الملوك، وفوض) إليه صاحب الموصل غازي بن مودود الأمور، وكان هو الكل وامتدت أيامه، فلما وصلت السلطنة إلى رسلان شاه وتمكن من الملك قبض على قيماز وسجنه، وضيق عليه إلى أن مات في السجن. وكان لعز الدين صاحب الموصل جارية اسمها اقصرا، فزوجه بها، وهي أم الأتابكية زوجة الملك الأشرف موسى التي لها بالجبل مدرسة وتربة. وقيل إنه كان يتصدق في اليوم بمائة دينار خارجاً عن الرواتب. وقد مدحه سبط التعاويذي بقصيدة سيرها إليه من بغداد، مطلعها:
(عليلُ الشوق فيك متى يصح .......... وسكرانٌ بحبّك كيف يَصحو)

(وبين القلب والسّلوان حَرْبٌ .......... وبين الجفنِ والعبرات صُلحُ)
فبعث إليه بجائزة سنيّة وبغلة، فضعفت البغلة في الطريق، فكتب إليه:
(مجاهد الدين دمت ذخراً .......... لكل ذي فاقةٍ وكنزا)

(بعثتَ لي بغلةً ولكن .......... قد مسخت في الطريق عنزا)
أجاز لي ابن الزوري قال: مجاهد الدين قايماز الحاكم في دولة نور الدين أرسلان شاه، كان أديباً فاضلاً، وإلى ما يُقَرَّبه إلى الله مائلاً كثير

(42/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 196
الصدقات، له آثار جميلة بالموصل، فمنها الجامع، وإلى جانبه مدرسة، ورباط، ومارستان، وبنى عدّة خانات في الطريق وقناطر. وكان كثير الصيام، يصوم في السنة مقدار سبعة أشهر. وعنده معرفة تامة بمذهب الشافعي. كذا قال. وأما ابن الأثير فقال: كان عاقلاً، خيراً، فاضلاً، يعرف الفقه على مذهب أبي حنيفة، ويكثر الصوم، وله أوراد، وكان كثير المحفوظ من التّواريخ، والشعر، وغرائب الأخبار. توفي رحمه الله في ربيع الأول.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد.)
أبو الوليد القرطبي، حفيد العلامة ابن رشد الفقيه. ولد سنة عشرين، قبل وفاة جده أبي الوليد بشهر واحد.

(42/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 197
وعرض الموطأ على والده أبي القاسم.) وأخذ عن: أبي مروان بن مسرة، وأبي القاسم بن بشكوال، وجماعة. وأخذ علم الطب عن: أبي مروان بن حزبول. ودرس الفقه حتى برع فيه، وأقبل على علم الكلام، والفلسفة، وعلوم الأوائل، حتى صار يضربُ به المثل فيها. فمن تصانيفه على ما ذكره ابن أبي أصيبعة: كتاب التحصيل جمع فيه اختلافات العلماء، كتاب المقدمات في الفقه، كتاب نهاية المجتهد، كتاب الكليات طب، كتاب شرح أرجوزة ابن سينا في الطب، كتاب الحيوان، كتاب جوامع كتب أرسطا طاليس في الطبيعيات والإلهيات، كتاب في المنطق، كتاب تلخيص الإلهيات لنيقولاوس، كتاب تلخيص ما بعد الطبيعة لأرسطو طاليس، شرح كتاب السماء والعالم لأرسطوطاليس، شرح كتاب النفس لأرسطوطاليس، تلخيص كتاب الأسطقسات لجالينوس، ولخص له أيضاً كتاب المزاج، وكتاب القوى، وكتاب العلل، وكتاب التعرف، وكتاب الحُميات، وكتاب حيلة البرء، ولخص كتاب السماع الطبيعي لإرسطو طاليس، وله كتاب تهافت التهافت يرد فيه على الغزالي، وكتاب منهاج الأدلة في الأصول، كتاب فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، كتاب شرح كتاب القياس لأرسطو مقالة في العقل، مقالة في القياس، كتاب الفحص عن أمر العقل، كتاب الفحص عن مسائل وقعت في الإلهيات من الشفاء لابن سينا، مسألة في الزمان، مقالة في أن ما يعتقده المشاؤون وما يعتقده المتكلمون من أهل ملتنا في كيفية وجود العالم متقارب في المعنى، مقالة في نظر أبي نصر الفارابي في المنطق ونظر أرسطوطاليس، مقالة في اتصال العقل المفارق للإنسان، مقالة في ذلك أيضاً، مباحثات بين المؤلف وبين أبي بكر بن الطفيل في رسمه للدواء، مقالة في وجود المادة

(42/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 198
الأولى، مقالة في الرد على ابن سينا في تقسيمه الموجودات إلى ممكن على الإطلاق وممكن بذاته، مقالة في المزاج، مقالة في نوائب الحمى، مسائل في الحكمة، مقالة في حركة الفلك، كتاب ما خالف فيه أبو نصر لأرسطو في كتاب البرهان، مقالة في الترياق، تلخيص كتاب الأخلاق لأرسطو، وتلخيص كتاب البرهان له. قلت: ذكر شيخ الشيوخ تاج الدين: لما دخلتُ إلى البلاد سألت عنه، فقيل إنه مهجور في داره من جهة الخليفة يعقوب، ولا يدخل أحدٌ عليه، ولا يخرج هو إلى أحد. فقيل: لِمَ قالوا: رفعت عنه أقوالُ ردية، ونسب إليه كثرة الاشتغال بالعلوم المهجورة من علوم الأوائل. ومات وهو محبوس بداره بمراكش في أواخر سنة أربع وتسعين.) وذكره الأبار فقال: لم ينشأ بالأندلس مثله كمالاً وعلماً وفضلاً. قال: وكان متواضعاً، منخفض الجناح، عني بالعلم حتى حكي عنه أنه لم يدع النظر والقراءة مذ عقل إلا ليلة وفاة أبيه وليلة عرسه، وأنه سوَّد فيما صنف وقيد واختصر نحواً من عشرة آلاف ورقة، ومال إلى علوم الأوائل، فكانت له فيها الإمامة دون أهل عصره. وكان يفزعُ إلى فتياه في الطب كما يفزع إلى فتياه في الفقه، مع الحظ الوافر من العربية. قيل: وكان يحفظ ديوان حبيب، والمتنبي. وله من المصنفات: كتاب بداية المجتهد ونهاية القتصد في الفقه علل فيها ووجَّه، ولا نعلم في فنه أنفع منه، ولا أحسن مساقا. وله كتاب الكليات في الطب، ومختصر المستصفى في الأصول، وكتاب في العربية، وغير ذلك. وقد ولي قضاء قرطبة بعد أبي محمد بن مغيث فحمدت سيرته وعظم قدره. سمع منه: أبو محمد بن حوط الله، وسهل بن مالك، وجماعة. وامتحن بآخره، فاعتقله السلطان يعقوب وأهانه، ثم أعاده إلى الكرامة

(42/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 199
فيما قيل، واستدعاه إلى مراكش وبها توفي في صفر، وقيل في ربيع الأول وقد مات السلطان بعده بشهر. وقال ابن أبي أصيبعة: هو أوحد في علم الفقه والخلاف. تفقه على الحافظ أبي محمد بن رزق. وبرع في الطب. وألف كتاب الكليات أجاد فيه. وكان بنيه وبني أبي مروان بن زهر مودة. حدثني أبو مروان الباجي قال: كان أبو الوليد بن رشد ذكياً، رث البزة، قوي النفس، اشتغل بالطب على أبي جعفر بن هارون، لازمه مدة. ولما كان المنظور بقرطبة وقت غزو الفنش استدعى أبا الوليد واحترمه وقربه حتى تعدى به المجلس الذي كان يجلس فيه الشيخ عبد الواحد بن أبي حفص الهنتاني، ثم بعد ذلك نقم عليه لأجل الحكمة، يعني الفلسفة.
4 (محمد بن إبراهيم بن خطاب.)
الأندلسي. توفي بطريق مكة. وقد رحل، وسمع ببغداد على: ذاكر بن كامل، وابن بوش، وطبقتهما. ودخل إصبهان. وقرأ القرآن بواسط على ابن الباقلاني. مات في ذي الحجة.
4 (محمد بن إسماعيل بن محمد بن أبي الفتح.)
) أبو جعفر الطرسوسي، ثم الإصبهاني، الحنبلي.

(42/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 200
من كبار شيوخ عصره في مصره. ولد سنة اثنتين وخمسمائة في حادي عشر صفر. وسمع من: أبي علي الحداد، والحافظ محمد بن طاهر، الحافظ يحيى بن مندة، والحافظ محمد بن الواحد الدقاق، ومحمود بن إسماعيل الصيرفي، وأبي نهشل عبد الصمد العنبري. حدث عنه: أبو موسى عبد الله بن عبد الغني، ويوسف بن خليل، وجماعة كبيرة. وأجاز لأحمد بن أبي الخير، وغيره من المتأخرين. أخبرنا أحمد بن سلامة بن كتابه، عن أبي جعفر محمد بن إسماعيل، أن أبا علي الحداد أخبرهم: أنا أبو نعيم، ثنا سليمان بن أحمد، ثنا أبو زرعة الدمشقي، ثنا يحيى بن صالح، ثنا معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي بالصلاة جامعة. أخرجه خ عن إسحاق بن راهوية، عن يحيى بن صالح. توفي في السابق والعشرين من جمادى الآخرة. وهو آخر من حدث عن ابن طاهر بالسماع.
4 (محمد بن جعفر بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز.)
قاضي القضاة أبو الحسن الهاشمي، العباسي، المكي، ثم البغدادي.

(42/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 201
ولد سنة أربع وعشرين وخمسمائة. وتفقه على أبي الحسن بن الخل الشافعي. وسمع من: جده، وأبي الوقت. وأجاز له: أبو القاسم بن الحصين، وأبو العز بن كادش، وهبة الله الشروطي، وجماعة. وولي القضاء والخطابة بمكة، ثم ولي قضاء القضاة ببغداد بعد عزل أبي طالب علي بن علي بن البخاري في سنة أربع وثمانين. ثم صرف في سنة ثمان وثمانين بسبب كتاب امرأة زوَّره وارتشى على إثباته خمسين ديناراً وثياباً من الحسن الإستراباذي، فقال: ثبت عندي بشهادة فلان وفلان. فأنكر فعزله أستاذ الدار، ورسم عليه أياماً، ثم لزم بيته حتى مات. وقد سمع منه ابنه الحافظ جعفر.) وتوفي في جمادى الآخرة. ذكر ترجمته الدبيثي. وحدث عنه: ابن خليل، واليلداني.
4 (محمد بن ذاكر بن كامل.)
أبو عبد الله الخفاف. سمع من: ابن البطي، ويحيى بن ثابت. وكان شاباً صالحاً. ما أحسبه حدث.
4 (محمد بن عبد الله بن أبي درقة.)
أبو عبد الله القحطاني القرطبي، الفقيه، قاضي تونس. روى بها الموطأ عن: أبي عبد الله بن الزمامة.

(42/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 202
أخذ عنه: أبو عبد الله بن أصبغ، وغيره. توفي في ذي الحجة.
4 (محمد بن عبد الله بن علي بن غنيمة بن يحيى بن بركة.)
أبو منصور الحربي الخياط، المعروف بابن حواوا. سمع: ابن الحصين، وأبا الحسين بن أبي يعلى الفراء. روى عنه: الدبيثي، وقال: توفي رحمه الله في نصف ربيع الأول.
4 (محمد بن عبد الملك بن زهر بن عبد الملك بن محمد بن مروان بن زهر.)
أبو بكر الإيادي الإشبيلي. أخذ عن جده أبي العلاء علم الطب، وأخذ عن أبيه. وانفرد بالإمامة في الطب في زمانه مع الحظ الوافر من اللغة، والآداب، والشعر. فمن شعره، قال الموفق أحمد بن أصيبعة: أنشدني محيي الدين محمد بن العربي الحاتمي: قال الحفيد أبو بكر بن زهر لنفسه يتشوق إلى ولده:
(ولي واحدٌ مثل فرخ القطا .......... صغيرٌ تخلف قلبي لديه)

(نأت عنه داري فيما وحشتي .......... لذالك الشخيص وذاك الوجيه)

(42/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 203
(تشوقني وتشوقته .......... فيبكي علي وأبكي عليه)
)
(وقد تعب الشوق ما بيننا .......... فمنه إلي ومني إليه.)
قال الموفق: وأنشدني القاضي أبو مروان الباجي: أنشدنا أبو عمران بن أبي عمران الزاهد المرتلي قال: أنشدنا أبو بكر بن زهر الحفيد لنفسه:
(إني نظرتُ إلى المرآة إذ جُليت .......... فأنكرت مُقلتاي كلما رأتا)

(رأيتُ فيها شيخاً لست أعرفه .......... وكنت أعرف فيها قبل ذاك فتى)

(فقلت أني الذي مثواهُ كان هنا .......... متى ترحل عن هذا المكان متى)

(فاستعجلتني وقالت لي وما نطقت .......... قد راح ذاك وهذا بعد ذاك أتى)

(هون عليك وهذا لا بقاء له .......... أما ترى العشب يفنى بعدما نبتا)

(كان الغواني يُقْلنَ: يا أخي، فقد .......... صار الغَوَاني يَقُلْنَ اليوم: يا أبَتَا)
وللحفيد:
(لله ما صنع الغرام بقلبهِ .......... أودى به لما ألم بلُبهِ)

(لباه لما أن دعاه، وهكذا .......... من يدعه داعي الغرام يُلبِّهِ)

(يأبى الذي لا يستطيع لعجبه .......... رد السلام وإن سلكت فعج به)

(ظبي من الأتراك ما تركت ظبي .......... ألحاظُه من سلوةٍ لمحبِّهِ)

(إن كنت تُنكرُ ما جنى بلحاظه .......... في سلبه يومَ الغوير فسل به)

(أوشئت أن تلقى غزالاً أغيداً .......... في سربه أسدُ العرين فسر به)

(يا ما أميلحهُ وأعذب ريقهُ .......... وأعزه وأذلني في حبهِ)

(بل ما أليطف وردةً في خدهِ .......... وأرقها وأشد قسوة قلبهِ)
وله موشحات كثيرة مشهورة، فمنها هذه:

(42/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 204
(أيها الساقي إليك المشتكى .......... قد دعوناك وإن لم تسمعِ)

(ونديم همتُ في غرته .......... وشربتُ الراح من راحته)

(كلما استيقظت من سكرته ..........

(جذب الزِّقَّ إليه وأنكا .......... وسقاني أربعاً في أربع)

(غُصْنُ بان مال من حيث استوى .......... بات من يهواه من فرط الجوى)

(خفق الأحشاء مرهون القوى ..........
)
(كلما فكر في البين بكا .......... ما لهُ يبكي بما لم يقع)

(ليس لي صبر ولا لي جلدُ .......... يالقومي عذلوا واجتهدوا)

(أنكرو وشكواي مما أجدُ ..........

(مثل حالي حقه أن يشتكا .......... كمد البأس وذلّ الطمعِ)

(ما لعيني غَشِيَتْ بالنَّظر .......... أنكرت بعدك ضوء القمرِ)

(وإذا ما شئتَ فاسمع خبري ..........

(شقيت عيناي من طول البكا .......... وبكى بعضي على بعضي معي)
وإليه انتهت الرئاسة بإشبيلية، وكان لا يعدله أحدٌ في الحظوة عند السلاطين. وكان سمحاً، جواداً، نفاعاً بماله وجاهه، ممدحاً، ولا أعرف له رواية. قاله الأبار. وقد أخذ الأستاذ أبو علي الشلوبين، وأبو الخطاب بن دحية. قال الإبار: وكان أبو بكر بن الجد يزكيه. ويحكى عنه أن يحفظ صحيح البخاري متناً وإسناداً. توفي بمراكش في ذي الحجة، وقد قارب التسعين، فإنه ولد سنة سبعٍ وخمسمائة.

(42/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 205
وقال غيره: كان ديناً، عدلاً، محباً للخير، مهيباً جريء الكلام، قوي النفس، مليح الشكل يجر قوساً يكون سبعاً وثلاثين رطلاً باليد. وقال ابن دحية: كان من اللغة بمكان مكين، ومورد في الطب عذب معين. كان يحفظ شعر ذي الرمة، وهو ثلث اللغة، مع الإشراف على جميع أقوال أهل الطب، مع سمو النسب وكثرة المال والنشب. صحبته زماناً طويلاً، واستفدت منه أدباً جليلاً. وقال لي: ولدتُ سنة سبع وخمسمائة. وله أشعار حلوة. ورحل أبو جده إلى المشرق، وولي رئاسة الطب ببغداد، ثم بمصر، ثم بالقيروان، ثم استوطن دانية بالأندلس، وطار ذكره. قلتُ: وقد مرّ والده في سنة سبعٍ وخمسين، وجده في سنة خمسٍ وعشرين وخمسمائة. وكان أبو بكر يقال له: الحفيد. وكان وزيراً محتشماً، كثير الحرمة، من سروات أهل الأندلس. وقد رأس في فني الطب والأدب وبلغ فيهما الغاية.
4 (محمد بن علي بن الحسن بن أحمد بن عبد الوهاب.)
) أبو بكر المزي، الدمشقي، المعروف بالدوانيقي. روى عن: أبي الفتح نصر الله المصيصي. روى عنه: يوسف بن خليل، والقوصي، والتاج القرطبي، وأخوه إسماعيل.

(42/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 206
وتوفي في شعبان.
4 (محمد بن محمد بن الحسين.)
أبو المظفر الخاتوني، الإصبهاني، ثم البغدادي، الكاتب. أحد الشعراء. سمع جزءاً من محمد بن علي السمناني، بسماعه من أبي الغنائم ابن المأمون. رواه عنه: أبو الحسن بن القطيعي، وغيره. وتوفي في ذي الحجة عن نيفٍ وعشرين سنة.
4 (المبارك بن إسماعيل بن عبد الباقي بن أحمد بن الصواف.)
أبو نصر بن النشف الواسطي، البزاز، المقرئ. قرأ القراءات على: أبي الفتح المبارك بن أحمد الحداد، وغيره. وسمع: أبا عبد الله محمد بن علي الجلابي، وأحمد بن عبيد الله الآمدي. وسمع ببغداد من: ابن ناصر. وحدَّث. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وقال: توفي في ذي القعدة وله أربع وسبعون سنة.

(42/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 207
4 (المبارك بن علي بن يحيى بن محمد بن بذال.)
أبو بكر المعروف بابن النفيس البغدادي. ولد سنة سبع عشرة. وسمع من: أبي بكر الأنصاري، وأبي منصور الشيباني القزاز. قال الدبيثي: سمع منه بعض أصحابنا، وأجاز لي.
4 (مسعود بن أبي منصور بن محمد بن الحسن.)
الإصبهاني أبو الحسن، الخياط المعروف بالجمال. ولد سنة ست وخمسمائة، وسمع من: أبي علي الحداد، ومحمود بن إسماعيل الصيرفي، وأبي) نهشل عبد الصمد العنبري، والهيثم بن محمد المعداني. وحضر أبا القاسم غانماً البرجي، وحمزة بن العباس العلوي. وأجاز له عبد الغفار الشيرويي. وكان من بقايا أصحاب الحداد. روى عنه: ابن خليل، وأبو موسى بن عبد الغني، ومحمد بن عمر العثماني. وأجاز لأحمد بن أبي الخير، وجماعة. توفي في الخامس والعشرين من شوال.
4 (مسلم بن علي بن محمد.)

(42/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 208
أبو منصور بن السيحي، العدل الموصلي. حدث عن: أبي البركات محمد بن محمد بن خميس، وهو آخر من حدث عنه. روى عنه: ابن خليل، وأبو محمد اليلداني. توفي في منتصف المحرم.
4 (منصور بن أبي الحسن بن إسماعيل بن المظفر.)
أبو الفضل المخزومي، الطبري، الصوفي، الواعظ. ولد بآمل طبرستان، ونشأ بمرو، وتفق على الإمام أبي الحسن علي بن محمد المروزي. وبنيسابور على محمد بن يحيى. وكان مليح الكلام في المناظرة، ثم اشتغل بالوعظ والتصوف. وسمع من: زاهر بن طاهر، وعبد الجبار بن محمد الحواري، وعلي بن محمد المروزي. وحدث ببغداد والشام. أخذ عنه: أبو بكر الحازمي، وإلياس بن جامع، وابن خليل، وأخوه إبراهيم، والضياء المقدسي، والتاج بن أبي جعفر، والشهاب القوصي، وطائفة سواهم.

(42/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 209
وروى عنه الأمير يعقوب بن محمد الهذباني مسند أبي يعلى الموصلي، سمعه منه بالموصل، ولقبه القوصي بشهاب الدين. ونقلتُ من خطه قال: حدث بدمشق سنة اثنتين وتسعين بصحيح مسلم، وسمعته منه، عن الفراوي.) وتوقف في أمره الحافظ بهاء الدين القاسم بن عساكر، وامتنع جماعة لامتناعه. مولده بطبرستان سنة خمس عشرة وخمسمائة. وقال ابن النجار: حدث ببغداد، ثم سكن الموصل يحدث ويدرس. ثم انتقل إلى دمشق، فذكر لي رفيقنا عبد العزيز الشيباني أنه سمع منه، وادعى أنه سمع صحيح مسلم من الفراوي. وكان معه خط مزور على خط الفراوي. وقال ابن نقطة: حدثني علي بن القاسم بن عساكر قال: لما قرئ على الطبري أول مجلس من صحيح مسلم بحكم الثبت حضر شيخ الشيوخ ابن حمويه، وحضر أبي وأنا معه، فجاء ابن خليل الأدمي وقال لأبي: هذا الثبت ليس بصحيح، وأراه إياه. فامتنع أبي من الحضور والجماعة، فغضب شيخ الشيوخ أبو الحسن بن حمويه والصوفية، وقرأوا عليه الكتاب. أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة عن منصور بن أبي الحسن الطبري، أنا عبد الجبار بن محمد بن أحمد: أنا أبو بكر البيهقي، أنا محمد بن يعقوب الفقيه بالطابران، أنا أبو النصر الفقيه: ثنا عثمان بن سعيد الدرامي ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا يحيى بن أيوب: حدَّثني يزيد بن الهاد، أنّ أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أخبره، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن عبد الله بن أنيس قال: كنَّا بالبادية فقلنا: إن قدمنا بأهلينا شُقّ علينا، وإن خَلّفناهم أصابتهم ضيعة. فبعثوني، وكنت أصغرهم، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فذكرت له قولهم، فأمرنا بليلة ثلاثٍ وعشرين.

(42/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 210
قال ابن الهاد: فكان محمد بن إبراهيم يجتهد تلك الليلة. توفي في ثامن عشر ربيع الآخر بدمشق.
4 (حرف النون)

4 (نصر بن أبي المحاسن بن أبي الرشيد.)
أبو الخطاب الإصبهاني، الصوفي. حدَّث عن: أبي القاسم بن الفضل بن عبد الواحد الصَّيدلاني. وتوفي ببغداد.

(42/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 211
4 (حرف الواو)

4 (وهب بن لب بن عبد الملك بن أحمد بن محمد بن وهب بن نذير.)
) أبو العطاء الفهري الأندلسي، الشنتمري، نزيل بلنسية. سمع من: أبيه أبي عيسى. ولزم أبا الوليد بن الدباغ وأكثر عنه. وتفقه على أبي الحسن بن النعمة. وأخذ القراءات عن أبي محمد بن سعدون الوشقي. وكان فقيهاً، حافظاً، مشاوراً، مفتياً، مدرساً، من أهل العلم والذكاء والدهاء. أخذ عنه جماعة، وولي قضاء بلنسية وخطابتها، ثم صرف عن القضاء وبقي خطيباً. توفي في ذي الحجة، وصلى عليه ولده أبو عبد الله، وعاش ثلاثاً وثمانين سنة. ذكره الأبار.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الرحمن.)
أبو بكر الأزدي، الأندلسي، النحوي، المعروف بابن فضالة. من علماء أوريولة. خطب ببلده وناب في القضاء، قال التجيبي: كان شيخي في اللغة والعربية، وصحبتُه عدة سنين وعرضتُ عليه كتاباً كثيرة. وعُمر دهراً. بقي إلى سنة خمسٍ هذه.
4 (يحيى بن علي بن الفضل بن هبة الله بن بركة.)

(42/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 212
العلامة جمال الدين أبو القاسم البغدادي، الشافعي، المعروف بابن فضلان. ولد في آخر سنة خمس عشرة وخمسمائة. وسمع: أبا غالب ابن البناء، أبا القاسم بن السمرقندي، وأبا الفضل الأرموي، وغيرهم. وكان اسمه واثق، وكذا هو في الطباق، ولكن غلب عليه يحيى واختاره هو. وكان إماماً بارعاً في علم الخلاف، مشاراً إليه في جودة النظر. تفقه على أبي منصور الرزاز، وارتحل إلى صاحب الغزالي محمد بن يحيى مرتين، وعلق عنه. وظهر فضله، واشتهر اسمه، وانتفع به خلق. وسمع أيضاً بنيسابور من: أبي يحيى، وعمر بن أحمد الصفار الفقيه، وأبي الأسعد هبة الرحمن بن القشيري، وإسماعيل بن عبد الرحمن العصائدي. وكان حسن الأخلاق، سهل القياد، حلو العبارة، يقظاً، لبيباً، نبيهاً، وجيهاً. درس ببغداد بمدرسة) دار الدهب وغيرها. وأعاد له الدرس الإمام أبو علي يحيى بن الربيع. روي عنه: ابن خليل في حروف الواو، وأبو عبد الله الدبيثي، وجماعة. وتوفي في تاسع عشر شعبان. قال الموفق عبد اللطيف: ارتحل ابن فضلان إلى محمد بن يحيى مرتين، وسقط في الطريق فانكسرت ذراعه، وصارت كفخذه، فالتجأ إلى قرية، وأدته الضرورة إلى قطعها من المرفق وعمل محضراً بأنها لم تُقطع في

(42/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 213
ريبة. فلما قدم بغداد وناظر المجير، وكان كثيراً ما ينقطع في يد المجير، فقال له المُجير: يسافر أحدهم في قطع الطريق، ويدعي أنه كان يشتغل. فأخرج ابن فضلان المحضر ثم شنَّع على المجير بالفلسفة. وكان ابن فضلان ظريف المناظرة، له نَغمات موزونة، يشير بيده مع مخارج حروفه بوزن مطرب أنيق، يقف على أواخر الكلمات خوفاً من اللحن. وكان يُداعبني كثيراً. ورمي بالفالج في آخر عمره، رحمه الله تعالى.
4 (يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي.)
الملقب بالمنصور، أمير المؤمنين أبو يوسف، سلطان المغرب القيسي المراكشي، وأمه أم ولد رومية اسمها سحر. بويع في حياة والده بأمره بذلك عند موته، فملك وعمره يومئذ اثنتان وثلاثون سنة. وكان صافي السمرة إلى الطول ما هو، جميل الوجه، أعين، أفوه، أقنى أكحل، مستدير اللحية، ضخم الشكل، جهوري الصوت، جزل

(42/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 214
الألفاظ، صادق اللهجة، كثير الإصابة بالظن والفراسة، ذا خبرة بالخير والشر. ولي الوزارة لأبيه، فبحث عن الأمور، وكشف أحوال العمال والولاة. وكان له من الولد: محمد ولي عهده، وإبراهيم، وموسى، وعبد الله، وعبد العزيز، وأبو بكر، وزكريا، وإدريس، وعيسى، وصالح، وعثمان، ويونس، وسعد، وساعد، والحسن، والحسين، فهؤلاء الذين عاشوا بعده. وله عدة بنات. ووزر له عمر بن أبي زيد الهنتاني إلى أن مات، ثم أبو بكر بن عبد الله بن الشيخ عمر أينتي، ثم ابن عم هذا محمد بن أبي بكر. ثم هرب محمد هذا وتزهد ولبس عباءةً، ثم وزر له أبو زيد عبد الرحمن بن موسى بن الهنتاني، وبقي بعده وزيراً لابنه مديدة.) وكتب له أبو الفضل بن محشوة، ثم بعده أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن عياش الكاتب البليغ الذي بقي إلى سنة تسع عشرة وستمائة. وكتب أيضاً لولده من بعده. وقضى له أبو جعفر أحمد بن مضاء، وبعده أبو عبد الله بن أبي مروان الوهراني، ثم عزله بابي القاسم أحمد بن محمد بن بقي. ولما بويع كان له من إخوته وعُمومته منافسون ومزاحمون لا يرونه أهلاً للإمارة لما كانوا يعرفون من سوء صباه، فلقي منهم شدة، ثم عبر البحر بعساكره حتى نزل مدينة سلا، وبها تمت بيعته، لأن بعض أعمامه تلكأ، فانعم عليهم، ملأ أيديهم أموالاً لها خطر. ثم شرع في بناء المدينة العظمى التي على البحر والنهر من العدوة، وهي تلي مراكش. وكان أبوه قد اختطها ورسمها، فشرع هو في بنائها إلى أن تمت أسوارها، وبنى فيها جامعاً عظيماً إلى الغاية، وعمل له منارة في نهاية العلو على هيئة منارة الإسكندرية، لكن لم يتم هذا الجامع لأن العمل بطل منه بموته. وأما المدينة فتمت، وطولها نحو من فرسخ، لكن عرضها قليل بالنسبة. ثم سار بعد أن تهيأت فنزل مراكش.

(42/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 215
وفي أول ملكه، وذلك في سنة ثمانين، خرج عليه صاحب ميورقة الملك المعروف بابن غانية، وهو علي بن إسحاق بن محمد بن علي بن غانية، فسار في البحر بجيوشه، وقصد مدينة بجاية، فملكها وأخرج من بها من الموحدين في شعبان من السنة. وهذا أول اختلالٍ وقع في دولة الموحدين. وأقام ابن غانية ببجاية سبعة أيام، وصلى فيها الجمعة، وأقام الخطبة للإمام الناصر لدين الله العباسي، وكان خطيبه يومئذ الإمام أبو محمد عبد الحق الأزدي مصنف الإحكام فأحنق ذلك المنصور أبا يوسف، ورام قتل عبد الحق، فعصمه الله وتوفاه قريباً. ثم سار ابن غانية بعد أن أسس أموره ببجاية، ونازل قلعة بني حماد فملكها، وملك تلك النواحي، فتجهز المنصور لحربه بجيوشه، فتقهقر ابن غانية، وقصد بلاد الجريد، فلما وصل المنصور إلى بجاية تلقاه أهلها، فصفح عنهم، وجهز جيشاً مع ابن عمه يعقوب بن عمر، ونزل هو تونس، فالتقى يعقوب وابن غانية، فانهزم الموحّدون انهزاماً منكراً، وتبعهم جيش ابن غانية من العرب والبربر يقتلونهم في كل وجهٍ، وهلك كثير منهم عطشاً، ورجع من سَلِم إلى تونس.) فلمَّ المنصور شعثهم، وثم سار بنفسه وعمل مع ابن غانية مصافّاً، فانكسر أصحاب ابن غانية، وثبت هو، وبين إلى أن أثخن جراحاً، ففز بنفسه متماسكاً، ومات في خيمة أعرابية. ثم إن جنده قدموا عليهم أخاه يحيى، ولحقوا بالصحراء فكانوا بها مع تلك العربان إلى أن رجع المنصور إلى مراكش. وانتقض أهل قفصة في هذه المدة، ودعوا لبني غانية، فنزل عليها المنصور، فحاصرها أشد الحصار، وافتتحها عنوة، وقتل أهلها قتالً ذريعاً. فقيل إنه ذبح أكثرهم صبرأً، وهدم أسوارها، ورجع إلى المغرب.

(42/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 216
وأما يحيى بن غانية فإنه بعث أخاه أبا محمد عبد الله إلى ميورقة فاستقل بها، إلى أن دخلها عليه الموحدون قبل الستمائة. وبقي يحيى بإفريقيا يظهر مرة ويخمد أخرى، وله أخبار يطول شرحها. وفي غيبة المنصور عن مراكش طمع عماه في الأمر، وهما سليمان وعمر، فأسرع المنصور ولم يتم لهما ما راماه، فتلقياه وترجلا له، فقبض عليهما، وقيدهما في الحال، فلما دخل مراكش قتلهما صبراً، فهابه جميع القرابة وخافوه. ثم أظهر بعد زهداً وتقشفاً وخشونة عيش وملبس، وعظم صيت العباد والصالحين في زمانه، وكذلك أهل الحديث، وارتفعت منزلتهم عنده فكان يسألهم الدعاء. وانقطع في أيامه علم الفروع، وخاف منه الفقهاء، وأمر بإحراق كتب المذهب بعد أن يجرد بعد أن يجرد ما فيها من الحديث، فأحرق منها جملة في سائر بلاده، كالمدونة، وكتاب ابن يونس، ونوادر ابن أبي زيد، والتهذيب للبرادعي، والواضحة لابن حبيب. قال محيي الدين عبد الواحد بن علي المراكشي في كتاب المعجب له: ولقد كنت بفاس، فشهدت يؤتى بالأحمال منها فتوضع ويطلق فيها النار. قال: وتقدم إلى الناس بترك الفقه والاشتغال بالرأي والخوض فيه، وتوعد على ذلك، وأمر من عنده من المحدثين بجمع أحاديث من المصنف العشرة وهي: الموطأ، والكتب الخمسة، ومسند أبي بكر بن أبي شيبة، ومسند البزار، وسنن الدراقطني، وسنن البيهقي في الصلاة وما يتعلق بها، على نحو الأحاديث التي جمعها ابن تومرت في الطهارة. فجمعوا ذلك، فكان يُمليه بنفسه على الناس، ويأخذهم بحفظه. وانتشر هذا المجموع في جميع) المغرب وحفظه خلق. وكان يجعل لمن حفظه عطاء وخلعة. وكان قصده في الجملة محو مذهب مالك رضي الله عنه وإزالته من

(42/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 217
المغرب. وحمل الناس علي الظاهر من القرآن والسنة. وهذا المقصد بعينه كان مقصد أبيه وجده، إلا أنهما لم يُظهراه، وأظهره هو. أخبرني غير واحد ممن لقي الحافظ أبا بكر بن الجدانة أنه أخبرهم قال: دخلت على أمير المؤمنين أبي يعقوب يوسف أول دخلةٍ دخلتها عليه، فوجدت بين يديه كتاب ابن يونس، فقال لي: يا أبا بكر أنا أنظر في الآراء المتشعبة التي أحدثت في دين الله. أرأيت يا أبا بكر المسألة فيها أربعة أقوال، وخمسة أقوال، أو أكثر في أي هذه الأقوال الحق وأيها يجب أن يأخذ به المقلد فافتتحت أبين له، فقال لي، وقطع كلامي: يا أبا بكر ليس إلا هذا، وأشار إلى المصحف، أو هذا، وأشار إلى سنن أبي داود، أو السيف. قال عبد الواحد: وظهر في أيام أبي يوسف يعقوب ما خفي في أيام أبيه وجده، ونال عنده طلبة العلم والحديث ما لم ينالوا في أيام أبويه، وانتهى أمره إلى أن قال يوماً بحضرة كافة الموحدين: يا معشر الموحدين، أنتم قبائل، فمن نابه منكم أمر فزع إلى قبيلته وهؤلاء، يعني الطلبة، لا قبيل لهم إلا أنا، فمهما نابهم أمرٌ فأنا ملجأهم. فعظموا عند ذلك في أعين الموحدين، وبالغوا في احترامهم. وفي سنة خمس وثمانين قصد بطرو بن الريق لعنه الله مدينة شلب فنالها فأخذها، فتجهز المنصور أبو يوسف في جيوش عظيمة، وعبر البحر، ونزل على شلب، فلم يطق الفرنج دفاعه، وهربوا منها، وتسلمها. ولم يكفه ذلك حتى أخذ لهم حصناً، ورجع فمرض بمراكش مرضاً عظيماً، وتكلم أخو أبو يحيى في الملك، ودعا إلى نفسه، فلما عوفي قتله صبراً، وقال: وإنما أقتلك بقوله صلى الله عليه وسلم: إذا بويع الخليفتان فاقتلوا الأحدث منهما. تولى قتله أخو عبد الرحمن بمحضر من الناس. ثم تهدد القرابة وأهانهم، فلم يزالوا في خمولٍ، وقد كانوا قبل ذلك لا فرق بينهم وبين الخليفة سوى نفوذ العلامة.

(42/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 218
وفي سنة تسعين انتقض ما بينه وبين الأذفنش من العهد، وعاثت الفرنج في الأندلس، فتجهز أبو يوسف وأخذ في العبور، فعبر في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين، ونزل بإشبيلية،) فعرض جيوشه، وقسم الأموال، وقصد العدو المخذول، فتجهز الأذفنش في جموع ضخمة، فالتقوا بفحص الحديد، وكان الأذفنش قد جمع جموعاً لم يجتمع له مثلها قط، فلما تراءى الجمعان اشتد خوف الموحدين، وأمير المؤمنين يعقوب في ذلك كله لا مستند له إلا الدعاء، والاستعانة بكل من يظن أنه صالح، فتواقعوا في ثالث شعبان، فنصر الله الإسلام، ومنح أكتاف الروم، حتى لم نج الفنش، إلا في نحو من ثلاثين نفساً من وجوه أصحابه. واستشهد يومئذ جماعة من الأعيان، منهم الوزير أبو بكر ابن عبد الله ابن الشيخ عمر اينتي، وأتى أبو يوسف قلعة رباح وقد هرب أهلها، فدخلها وجعل كنيستها مسجداً واستولى على ما حول طليطلة من الحصون، ورد إلى إشبيلية. ثم قصد الروم من إشبيلية في سنة اثنتين وتسعين، فنزل على مدينة طليطلة بجيوشه، فقطع أشجارها، وأنكى في الروم نكاية بينة ورجع. ثم عاد في المرة الثالثة، وتوغل في بلاد الروم، ووصل إلى مواضع لم يصل إليها ملك من ملوك المسلمين، ورجع، فأرسل الأذفنش يطلب المهادنة، فهادنه عشر سنين، وعبر بعد هذا إلى مراكش في سنة أربع وتسعين. قال: وبلغني عن غير واحد أنه صرح للموحدين بالرحلة إلى المشرق، وجعل يذكر لهم البلاد المصرية وما فيها من المناكير والبدع ويقول: نحن إن شاء الله مطهروها. ولم يزل هذا عزمه إلى أن مات في صدر سنة خمس. وكان في جميع أيامه مؤثراً للعدل بحسب طاقته، وبما يقتضيه إقليمه والأمة التي هو فيها. وكان يتولى الإمامة بنفسه في الصلوات الخمس أشهراً إلى أن أبطأ يوماً

(42/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 219
عن العصر حتى كادت تفوت، فخرج وأوسعهم لوماً وقال: ما أرى صلاتكم إلا لنا، وإلا فما منعكم أن تقدموا رجلاً فقد قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم عبد الرحمن بن عوف حين دخل وقت الصلاة، وهو عليه السلام غائب، أما لكم أسوة فكان ذلك سبباً لقطعه الإمامة. وكان يقعد للناس عامة لا يحجب عنه أحد، حتى اختصم إليه رجلان في نصف درهم، فقضى بينهما وأمر بضربهما قليلاً، وقال: أما كان في البلد حكام قد نصبوا لهذا. ثم بعد هذا بقي يقعد في أيام مخصوصة. واستعمل على القضاء أبا القاسم بن بقي، فشرط عليه بأن يكون قعوده بحيث يسمع حكمه في جميع القضايا وهو من وراء ستر. وكان يدخل إليه أمناء الأسواق في الشهر مرتين، فيسألهم عن أسواقهم، وأسعارهم، وحكامهم.) وكان إذا وفد عليه أهلُ بلد سألهم عن ولاتهم وقضاتهم، فإذا أثنوا خيراً قال: اعلموا بأنكم مسؤولون عن هذه الشهادة يوم القيامة. وربما تلا: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط. قال: وبلغني أنه تصدق سنة إحدى وتسعين قبل خروجه إلى الغزوة بأربعين ألف دينار. وكان كلما دخلت السنة أمر أن تكتب له الأيتام والمنقطعون، فيجمعون إلى عند قصره، فيختنون، ويأمر لكل صبي منهم بمثقال، وثوب، ورغيف، ورمانة. هذا كله شهدته. وبنى بمراكش بيمارستاناً ما أظن في الدنيا مثله، أجرى فيه مياهاً كثيرة، وغرس فيه من جميع الأشجار، وزخرفة، وأمر له من الفرش بما يزيد على الوصف. وأجرى له ثلاثين ديناراً كل يوم برسم الأدوية. وكان كل جمعة يعود فيه المرضى ويقول: كيف حالكم كيف القومة عليكم؟.

(42/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 220
وفي سنة نيف وثمانين ورد عليه من مصر قراغش التقوي، فتى تقي الدين عمر ابن أخي السلطان الملك الناصر، والأمير شعبان، والقاضي عماد الدين في جماعة، فأكرمهم وأقطعهم، حتى أقطع رجلاً من أهل إربل يعرف بأحمد الحاجب مواضع، وأقطع شعبان بالأندلس قرى تغل في السنة نحواً من تسعة آلاف دينار، سوى ما قرر لهم من الجامكية. وأخبرني أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن مطرف بمكة قال: قال لي أمير المؤمنين أبو يوسف: يا أبا العباس اشهد لي بين يدي الله أني لا أقول بالعصمة، يعني عصمة ابن تومرت. وقال لي، وقد استأذنته في فعل: متى نفتقر إلى وجود الإمام يا أبا العباس أين الإمام، أين الإمام أخبرني أبو بكر بن هانئ الجياني قال: لما رجع أمير المؤمنين من غزوته تلقيناه، فسألني عن أحوال البلد وقضاته وولاته، فلما فرغت من جوابه سألني: ما قرأت من العلم فقلت: قرأت تواليف الإمام، أعني ابن تومرت، فنظر إلي نظرة المغضب وقال: ما هكذا يقول الطالب، إنما حكمك أن تقول: قرأت كتاب الله، وقرأت شيئاً من السنة، ثم بعد هذا قل ما شئت. وقال تاج الدين عبد السلام بن حمويه الصوفي: دخلت مراكش في أيام السيد الإمام أبي يوسف يعقوب، ولقد كانت الدولة بسيادته مجملة، والمحاسن والفضائل في أيامه مكملة، يقصده العلماء لفضله، والأغنياء لعدله، والفقراء لبذله، والغزاة لكثرة جهاده، الصلحاء والعامة لتكثير سواده) وزيادة إمداده، والزهاد لإرادته وحسن اعتقاده. كما قال فيه بعض الشعراء:
(أهل لأن يسعى إليه ويرتجى .......... وبزار من أقصى البلاد على الوجا)

(42/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 221
(ملك غدا بالمكرمات مقلداً .......... وموشحاً ومختماً ومتوجاً)

(عمرت مقامات الملوك بذكره .......... وتعطرت منه الرياح تأرجا)

(وجد الوجود وقد دجا فأضاءه .......... ورآه في الكرب العظام ففرجا)
ولما قدمت عليه أكرم مقدمي، وأعذب في مشارعه موردي، وأنجح في حسن الإقبال والقبول مقصدي، وقرر لي الرتبة والراتب، وعين أوقات الدخول إلى مجلسه بغير مانع ولا حاجب. وكانت أكثر مجالسة المرتبة بحضور العلماء والفضلاء، يفتتح في ذلك بقراءة القرآن، ثم يقرأ بين يديه قدر ورقتين أو ثلاث من الأحاديث النبوية. وربما وقع البحث في معانيها، ثم يختم المجلس بالدعاء، فيدعو هو. وكذا كان يدعو عند نزوله من الركوب. ثم ينزل فيدخل قصره. والذي أعلمه من حاله أنه كان يجيد حفظ القرآن، وكان يحفظ متون الأحاديث، ويتكلم في الفقه والأحكام كلاماً بليغاً، ويناظر ويباحث. وكان فقهاء الوقت يرجعون إليه في الفتاوى والمشكلات وله فتاو مجموعة. وكانوا ينسبونه إلى مذهب الظاهر والحكم بالنصوص. وكان فصيح العبارة، مهيباً، ملحوظ الإشارة، مع تمام الخلقة وحسن الصورة وطلاق البشر، لا يرى منه اكفهرار، ولا له عن مجالسه إعراض ولا أزورار. يدخل عليه الداخل فيراه بزي الزهاد والعلماء، وعليه جلالة الملوك. وقد صنف كتاب الترغيب في الأحاديث التي في العبادات، فمن فتاويه: حضانة الولد للأم ثم للأب ثم للجدة. اليمين على المنكر ولا ترد على المدعي بحال، من نكل عن اليمين حُكم عليه بما نكل عنه، الشفعة لا تنقطع إلا بتصريح من الذي يجب له إسقاطها، من أدعى العدم وأشكل أمره، وخير طالبه بين أن يخلى سبيله، وبين أن يحبسه وينفق عليه. وله شعر جيد، وموشحات مشهورة.

(42/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 222
وبلغني أن قوماً أتوه بفيل هدية من بلاد السودان، فوصلهم ولم يقبل الفيل، وقال: لا نريد أن نكون أصحاب الفيل. وقيل بل جرى ذلك لوالده يوسف.) ثم ذكر فصلاً فيه طول في كرمه وعدله وخيره، إلى أن قال: فإذا كان عشر ذي الحجة أمر ولاة الزكاة بإحضارها، فيفرقها في الأصناف الثمانية. حدثني بعض عمالهم أنه فرق في عيد، سنة أربع وتسعين، ثلاثاً وسبعين ألف رأس من معز وضأن. ثم ذكر أنه عمل مكتباً كبيراً فيه جماعة عرفاء وغيرهم ويجري عليهم النفقات والكسوة للصبيان فسألت واحداً فقال: نحن عشرة معلمين، والصبيان يزيدون على الألف، وقد ينقصون. وكان يكسو الفقراء في العام، ويختن أولادهم، ويعطي الصبي ديناراً. قال عبد الواحد: وكان مهتماً بأمر البناء، لم يخل وقت من قصر يسجده، أو مدينة يعمرها. وزاد في مراكش زيادة كبيرة. وأمر أن تميز اليهود بلباس ثياب كحلية وأكمام مفرطة في الطول والسعة، تصل إلى قريب أقدامه، وبدلاً من العمائم كلوتات على أشنع صور، كأنها البراذع، تبلغ إلى تحت آذانهم وشاع هذا الزي فيهم. وبقوا إلى أن توسلوا إلى ابنه بعده بكل وسيلة وشفاعة، فأمرهم ابنه بثياب صفر، و عمائم صفر، فهم على ذلك إلى وقتنا، وهو سنة إحدى وعشرين وستمائة. فائدة ذكر تاج الدين بن حمويه أنه سأل ابن عطية الكاتب، ما بال هذه البلاد، يعني المغرب، ليس فيها أحد من أهل الذمة ولا كنائس ولا بيَع فقال: هذه الدولة قامت على رهبةٍ وخشونة. وكان المهدي قد قال لأصحابه: إن هؤلاء الملثمين مبتدعة ومجسمة كفرة يجوز قتلهم وسبيهم بعد أن يعرضوا

(42/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 223
على الإيمان. فلما فعل ذلك، واستولوا على السلاطين بعد موت المهدي، وفتح عبد المؤمن مراكش، أحضر اليهود والنصارى وقال: ألستم قد أنكرتم، ويعني أوائلكم، بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ودفعتم أن يكون هو الرسول الموعود به في كتابكم، وقلتم إن الذي يأتي إنما يأتي لتأييد شريعتنا وتقرير ملتنا قالوا: نعم. قال: فأين منتظركم إذاً سيما وقد زعمتم أنه لا يتجاوز خمسمائة عام. وهذه خمسمائة عام قد انقضت لملتنا، ولم تأت منكم بشير ولا نذير. ونحن لا نقركم على كفركم، ولا لنا حاجة بجزيتكم، فإما الإسلام، وإما القتل. ثم أجلهم مدة لتخفيف أثقالهم، وبيع أملاكهم، والنزوح عن بلاده. فأما أكثر اليهود، فإنهم أظهروا الإسلام تقية، فأقاموا على أموالهم، وأما النصارى فدخلوا إلى الأندلس، ولم يُسلم منهم إلا القليل. وخربت الكنائس والصوامع بجميع المملكة، فليس فيها مشرك ولا كافر يتظاهر) بكفره إلى بعد الستمائة، وهو حين انفصالي عن المغرب. قال عبد الواحد: وإنما حمل أبا يوسف على ما صنعه بهم، يعني بالملثمين، شكه في إسلامهم. وكان يقول: لو صح عندي إسلامهم لتركتهم يختلطونا بنا في أنكحتهم وأمورهم. ولو صح عندي كفرهم لقتلتهم، ولكنني متردد فيهم، ولم ينعقد عندنا ذمة ليهودي ولا نصراني منذ قام أمر المصامدة، ولا في جميع بلاد المغرب بيعة ولا كنيسة، إنما اليهود عندنا يظهرون الإسلام، ويصلون في المساجد، ويقرؤون أولادهم القرآن جارين على ملتنا وسنتنا، والله أعلم بما تكن صدورهم. قلت: ما ينبغي أن يسمى هؤلاء يهود أبداً بل هم مسلمون.
4 (محنة ابن رشد)
وسببها أنه أخذ في شرح كتاب الحيوان لأرسطوطاليس فهذبه، وقال

(42/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 224
فيه عند ذكر الزرافة: رأيتها عند ملك البربر. كذا غير ملتفتٍ إلى ما يتعاطاه خدمة الملك من التعظيم، فكان هذا مما أحنقهم عليه، ولم يظهروه. ثم إن قوماً ممن يناوئه بقرطبة ويدعي معه الكفاءة في البيت والحشمة سعوا به عند أبي يوسف بأن أخذوا بعض تلك التلاخيص، فوجدوا فيه بخطه حاكياً عن بعض الفلاسفة قد ظهر أن الزهرة أحد الآلهة. فاقفوا أبا يوسف على هذا، فاستدعاه بمحضر من الكبار بقرطبة، فقال له: أخطك هذا فأنكر، فقال: لعن الله كاتبه، وأمر الحاضرين بلعنه، ثم أمر بإخراجه مهاناً. وبإبعاد من يتكلم في شيء من هذه العلوم، وبالوعيد الشديد. وكتب إلى البلاد بالتقدم إلى الناس في تركها، وبإحراق كتب الفلسفة، سوى الطب، الحساب، المواقيت. ثم لما رجع إلى مراكش نزع عن ذلك كله، وجنح إلى تعلم الفلسفة، استدعى ابن رشد للإحسان إليه، فحضر ومرض، ومات في آخر سنة أربع. وتوفي أبو يوسف في غرة صفر، وولي بعده ولي عهده ابنه أبو عبد الله محمد، وكان قد جعله في سنة ست وثمانين ولي العهد، وله عشر سنين إذ ذاك. وقال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة في تاريخه: حدثني أبو مروان الباجي قال: ثم إن المنصور نقم على أبي الوليد، وأمر بأن يقيم في بلد اليسانة، وأن لا يخرج منها، ونقم على جماعة من الأعيان، وأمر بأن يكون في مواضع أخر لأنهم مشتغلون بعلوم الأوائل. والجماعة أبو الوليد،) أبو جعفر الذهبي، ومحمد بن إبراهيم قاضي بجاية، أبو الربيع الكفيف، وأبو العباس الشاعر القرابي. ثم إن جماعة شهدوا لأبي الوليد أ نه على غير ما نسب إليه، فرضي عنه وعن الجماعة، وجعل أبا جعفر الذهبي مزواراً للأطباء الطلبة. ومما كان في قلب المنصور من أبي الوليد أنه كان إذا تكلم معه يخاطبه بأن يقول: تسمع يا أخي. قلت: واعتذر عن قوله ملك البربر بأن قال: إنما كتبت ملك البرين، وإنما صحفها القارئ.

(42/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 225
وقال الإمامة أبو شامة: وفيها توفي خليفة المغرب أبو يوسف الذي كسر الفنش. وكان قد قام بالملك بعد أبيه أحسن قيام، ونشر كلمة التوحيد ورفع راية الجهاد، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وأقام الحدود على أقربائه وغيرهم. وكان سمحاً، جواداً، عادلاً، مكرماً للعملاء، متمسكاً بالشرع. يصلي بالناس الصلوات الخمس، ويلبس الصوف، ويقف للمرأة والضعيف. أوصى عند الموت إلى ولده أبي عبد الله، وأن يدفن على قارعة الطريق ليترحم عليه. توفي في ربيع الأول ومدة ملكه خمسة عشرة سنة. كتب إليه الملك صلاح الدين يستنجده على الفرنج، ولم يخاطبه في الكتاب بأمير المؤمنين، فلم يجبه إلى ما طلب. وقال أحمد بن أبي أصيبعة في ترجمه الغزال أنه لازم الحفيد أبا بكر بن زهر حتى برع في الطب وخدم المنصور. وكان المنصور قد أبطل الخمر، وشدد في أن لا يؤتى بشيء منه، أو يكون عند أحدٍ. ثم بعد مدة قال المنصور لأبي جعفر بن الغزال: أريد أن تركب لي ترياقاً. فمع حوائجه، فأعوزه الخمر، فأعلم المنصور فقال: تطلبه من كل ناحية فلعل تقع عند أحد. فتطلبها حتى يئس، فقال المنصور: والله ما كان قصدي بعمل الترياق إلا لأعتبر هل بقي عند أحدٍ خمرٌ أم لا. قلت: وهذا من أحسن التلطف في كشف الأمور الباطنة. وبلغني أن الأدفنش لما بعث إلى أبي يوسف بتهدده ويطلب منه بعض الحصون، وكانت المكاتبة من إنشاء وزيره ابن الفخار وهي: باسمك اللهم فاطر السموات والأرض، وصلى الله على السيد المسيح، روح الله وكلمته الرسول الفصيح، أما بعد، فلا يخفى على ذي ذهن ثاقب،) ولا عقل

(42/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 226
لازب، إنك أمير الملة الحنيفية، كما أن أمير الملة النصرانية، وقد علمت ما عليه نوابك من رؤساء الأندلس من التخاذل والتواكل، وإهمال أمر الرعية، وإخلادهم إلى الراحة. وأن أسومهم القهر، فأخلي الديار، وأسبي الذراري، واقتل الرجال، ولا عذر لك في التخلف عنهم وعن نصرهم إذ أمكنتك يد القدرة، وأنتم تزعمون أن الله فرض عليكم قتال عشرة منا بواحد منكم، فالآن خفف الله عنكم، وعلم أن فيكم ضعفاً، ونحن الآن نقاتل عشرة منكم بواحد منا، لا تستطيعون دفاعاً، ولا تملكون امتناعاً. وقد حكي عنك أنك أخذت في الاحتفال، وأشرفت على ربوة القتال، وتماطل نفسك عاماً بعد عام، تقدم رجلاً وتؤخر أخرى، فلا أدري، الجبن بطأ بك أم التكذيب بما وعدك ربك. ثم قيل لي إنك لا تجد إلى جواز البحر سبيلاً لعلةٍ لا يسوغ لك التقحم معها. وها أنا أقول لك ما فيه الراحة، وأعتذر تلك وعنك على أن تفي بالعهود والمواثيق، فأجوز بحملتي إليك، وأقاتلك في أعزّ الأماكن لديك، فإن كانت لك فغنيمة كبيرة جُلِبت إليك، وهدية عظيمة مَثَلَت بين يديك، وإن كانت لي كانت يدي العُليا عليك واستحقَّيت إمارة الملّتين، الحكم في البرّين. فلمّا وصل كتابه إلى أبي يوسف مزّقة وقطّعه، وكتب على قطعةٍ منه:

(42/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 227
ارجع إليهم فلنأتينهم بجود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون الجواب ما ترى لا ما تسمع. وهذا البيت، وهو للمتنبي:
(ولا كتب إلا المشرفيةُ عندنا .......... ولا رُسلٌ ولا الخميس العرمرم)
ثم استنفر الناس، وجمع الجيوش، فكانوا مائة ألف في الديوان، ومائة ألف مطوعة، وسار إلى زقاق سبتة، فعدى منه إلى الأندلس، وطلب الأدفنش، فكان المصاف عند قلعة رباح شمالي قرطبة، ففتح الله ونصره، وكان ملحمة هائلة قل أن وقع مثلها في الإسلام. قيل إنه حصل منها لبيت المال من دروعهم ستون ألف درع. وأما الدواب فلم يُحصر لها عدد. وذكر ابن الأثير في الكامل، أن عدد من قتل من الفرنج مائة ألف وستة وأربعون ألفاً، وقتل من المسلمين نحو من عشرين ألفاً، وأسر من الفرنج ثلاثة عشرة ألفاً، وغنم المسلمون شيئاً عظيماً، فمن الخيام مائة ألف وثالثة وأربعون ألفاً، ومن الخيل ستة وأربعون ألفاً، ومن البغال مائة ألف، ومن الحمير مائة ألف. ونادى يعقوب: من غنم شيئاً فهو له سوى السلاح.) ثم إنه سار إلى طليطلة فحاصرها، وأخذ أعمالها، وترك الفرنج في أسوأ حال، ورجع إلى إشبيلية، فأقام إلى أثناء سنة ثلاثٍ وتسعين، فعاد وأغار وسبا، ولم يبق للفرنج قدرة على ملتقاه، فالتمسوا الصلح، فأجابهم لما اتصل إليه من أخبار ابن غانية الميورقي الذي استولى وخرج عليه في سنة ثمانين، وهو علي بن إسحاق الملثَّم، وقام بعده أخوه يحيى بن إسحاق، فاستولى على بلاد إفريقية، واستفحل أمره، فهادن أبو يوسف الفرنج خمسة أعوام، وعاد إلى مراكش، وشرع في عمل الأحواض والروايا والآلات للبرية ليتوجه إلى إفريقية، ودخل مدينة سلا متنزهاً، وكان قد بنى بقرب سلا مدينة

(42/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 228
على هيئة الإسكندرية سماها رباط الفتح، ثم عاد إلى مراكش. وبعد هذا فقد اختلفت الأقوال في أمره، فقيل إنه ترك ما كان فيه، وتجرد وساح في الأرض حتى انتهى إلى بلاد المشرق مختفياً، ومات خاملاً، حتى قيل إنه مات ببغلبك، وهذا القول خرافة. ومنهم من قال: رجع إلى مراكش وتوفي بها. وقيل: مات بسلا. وكان مولده في ربيع الأول سنة أربع وخمسين، وعاش إحدى وأربعين سنة. وكان قد أفتى وأمر برفض فروع الفقه، وأن لا يُفتي العلماء إلا بالكتاب والسنة، وأن يجتهدوا، يعني على طريقة أهل الظاهر. قال القاضي شمس الدين ابن خلكان: لقد أدركنا جماعة من مشايخ المغرب وصلوا إلينا إلى البلاد وهم على تلك الطريقة، مثل أبي الخطاب بن دحية، وأخيه عمرو، والشيخ محيي الدين ابن العربي. وكان قد عظم ملكه، واتسعت دائرة سلطنته، وإليه تنسب الدنانير اليعقوبية. قال ابن خلكان: وحكى لي جمع كثير بدمشق في سنة ثمانين وستمائة أن بالقرب من المجدل بالبقاع قرية يقال لها حمارة، إلى جانبها مشهد يعرف بقرب الأمير يعقوب ملك المغرب، وكل أهل تلك النوحي متفقون على ذلك وبين القبر وبين المجدل نحو فرسخين.

(42/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 229
قلت: الأصح موته بالمغرب. توفي في غرة جمادى الأولى، وقيل في ربيع الآخر، وقيل في صفر كما تقدم.) وفيها، وفي أولها ولد: فخر الدين علي بن البخاري، وفي ذي القعدة علي بن محمود بن نبهان الربعي، وأحمد بن هبة الله بن أحمد الكهفي، ومحمد بن الحسين بن عتيق بن رشيق المالكي، والموفق محمد بن عمر ابن بنت الأبار. وفيها، تقريباً، أمين الدين القاسم بن أبي بكر الإربلي التاجر.

(42/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 230
4 (وفيات سنة ست وتسعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن علي بن أبي بكر عتيق بن إسماعيل.)
الإمام أبو جعفر القرطبي، الفنكي، الشافعي، المقرئ، نزيل دمشق وإمام الكلاسة. ولد بقرطبة سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وسمع بها من أبي الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ الحافظ، بقراءة أبيه، الموطأ، بسماعه من الخولاني. وقرأ القراءات علي أبي بكر محمد بن جعفر بن صاف، ثم حج ودخل الموصل، فقرأ بها القراءات على يحيى بن سعد القرطبي. وسمع الكثير بدمشق من: أبي القاسم بن عساكر، ومن: أبي نصر عبد الرحيم اليوسفي، ويحيى الثقفي، وطائفة. ونسخ الكثير بخطه المغربي الحلو، وكان صالحاً، خيراً، عابداً، قانتا، ولياً لله، إماماً في القراءات، مجوداً لمعرفتها.

(42/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 231
روى عنه: ولداه تاج الدين محمد، وإسماعيل، وابن خليل، والشهاب القوصي، وجماعة. وأجاز لشيخنا ابن أبي الخير. توفي في سابع عشر رمضان بدمشق. وفنك: قرية أو قليعة من أعمال قرطبة. أقرأ القراءات، وكان قيماً بها، وكتب الكثير منها.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن عيسى.)
أبو العباس الدارقزي، المعروف بابن البخيل.) سمع: أبا المواهب بن ملوك، وأبا غالب بن البنا، والقاضي أبا بكر، وغيرهم. روى عنه: النجيب عبد اللطيف. وأجاز لابن أبي الخير، وأبي الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن البخاري، تنكس من داره فمات في تاسع ذي القعدة، رحمه الله تعالى.
4 (إبراهيم بن منصور بن المسلم.)

(42/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 232
الفقيه العلامة أبو إسحاق المصري، الخطيب المعروف بالعراقي. ولد بمصر سنة عشر وخمسمائة، و رحل إلى بغداد فتفقه بها حتى برع في مذهب الشافعي، ولإقامته ببغداد سماه المصريون العراقي. وعاد إلى مصر فولي خطابه جامعها العتيق والتصدر، وشرح المهذب لأبي إسحاق، وانتفع به الطلبة، وتفقه به جماعة من الفضلاء. وقد تفقه ببغداد علي أبي بكر محمد بن الحسين الأرموي تلميذ الشيخ أبي إسحاق الشيرازي. ثم تفقه على أبي الحسن محمد بن الخل. وتفقه بمصر على القاضي أبي المعالي مجلي بن جميع. وخرج له عدة تلامذة. وهو جد شيخنا العلم العراقي لأمه. وكان على سداد وأمر جميل. توفي في الحادي والعشرين من جمادى الأولى، وما أظنه روى شيئاً.
4 (إسماعيل بن صالح بن ياسين بن عمران.)
الرجل الصالح أبو الطاهر ابن المقرئ العالم أبي التقي الشارعي، الشفيقي، بفاء ثم قاف، نسبة إلى خدمة شفيق الملك، المصري البناء الجبلي، نسبة إلى سكنى جبل مصر. ولد سنة أربع عشرة وخمسمائة. وسمع بمصر من أبي عبد الله محمد بن أحمد بن الحطاب الرازي، بإفادة الزاهد المعروف بالرديني. وكان آخر من حدث بمصر عن الرازي.

(42/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 233
روى عنه: الحافظ عبد الغني، الحافظ الضياء، الشهاب القوصي، والمجد عيسى بن الموفق، وعبد الله بن الشيخ أبي عمر، ومحمد بن البهاء عبد الرحمن، والرضى إسماعيل، ويوسف بن خليل، والزين أحمد بن عبد الملك، ويونس بن خليل أخو يوسف، وأبو الحسن السخاوي، وأبو عمرو بن الحاجب، وإسماعيل بن ظفر، وأبو طالب محمد بن عبد الله بن صابر، والمعين أحمد بن علي بن يوسف الدمشقي ثم المصري، وعبد الله بن عبد الواحد بن علاق، والرشيد يحيى) بن علي العطار، وإسماعيل بن عزون، وخلق آخرهم ابن علاق. وتوفي في ثاني عشر ذي الحجة، رحمه الله.
4 (إسماعيل بن عبد الدائم.)
أبو منصور الرحبي، ثم البغدادي المقرئ الخياط. حدث عن: أبي محمد سبط الخياط. وتوفي في ربيع الأول.
4 (أصبة المستنجدي.)
الأمير. ولي نيابة واسط مديدة.
4 (حرف التاء)

4 (تكش خوارزم شاه.)

(42/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 234
السلطان علاء الدين بن الملك رسلان شاه بن أطسز، كذا نسبة الإمام أبو شامة، وقال: هو من ولد طاهر بن الحسين. قال: وكان شجاعاً جواداً، ملك الدنيا من السند والهند وما وراء النهر، إلى خرسان، إلى بغداد، فإنه كان نوابه في حلوان. وكان في ديوانه مائة ألف مقاتل. وهو الذي كسر مملوكه عسكر الخليفة وأزال دولة بني سلجوق. وكان حاذقاً بعلم الموسيقى. لم يكن أحد ألعب منه بالعود. قيل إن الباطنية جهزوا عليه من يقتله، وكان يحترس كثيراً، فجلس ليلة يلعب بالعود، فاتفق أنه عنى بيتاً بالعجمي معناه: قد أبصرتك، وفهمه الباطني، فخاف وارتعد فهرب، فأخذوه حمل إليه، فقرره فاعترف فقتله. وكان يباشر الحروب بنفسه، وذهبت عيينة في القتال. وكان قد عزم على قصد بغداد، وحشد فوصل إلى دهستان فتوفي بها في رمضان، وحمل إلى خوارزم، ودفن عند أهله، وقام بعده ولده خوارزمشاه محمد، ولقب علاء الدين بلقبه. وأنبأني ابن البزوري قال: السلطان خوارزم شاه تكش ملك مشهور، عنده آداب وفضائل، ومعرفة بمذهب أبي حنيفة، وبنى مدرسة بخوارزم للحنفية. وله المقامات المشهورة في رضى) الديوان، منها محاربة السلطان طغريل وقتله.

(42/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 235
وقع بينه وبين الوزير مؤيد الدين محمد بن القصاب خلف، وكان قد نفذ له تشريف من الديوان فرده، ثم ثاب إليه عقله وندم واعتذر، وطلب تشريفاً، فنفذ له فلبسه، ولم يزل نافذ الأمر ماضي الحكم. توفي في العشرين من رمضان بشهرستانة، وحمله ولده قطب الدين محمد فدفنه بمدرسته بخوارزم. وذكر المنذري وفاته في سابع عشر رمضان. وقال ابن الأثير: حصل هل خوانيق فأشير عليه بترك الحركة، فامتنع وسار، فاشتد مرضه ومات. وولي بعده قطب الدين محمد، ولقب بلقب والده علاء الدين.
4 (حرف الجيم)

4 (جابر بن محمد بن نامي.)
أبو أيوب الحضرمي الإشبيلي، النحوي. سمع البخاري والموطأ من أبي الحسن شريح. وأخذ العربية عن أبي القاسم بن الدماك، وأبي الحسن بن مسلم. وعني بها وتحقق بمعرفتها، وجلس لإقرائها عن اتساع باع فيها واطلاع على معانيها. وكان يعرف كتاب سيبويه. اقرأ القراءات وعاش ينفاً وثمانين سنة وتوفي سنة ست. وقيل: سنة سبع وتسعين.
4 (جعفر بن غريب.)

(42/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 236
أبو عبد الله العراقي. حدث عن: أبي الفتح الكروخي، وابن ناصر وتوفي في المحرم.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الله.)
أبو علي الفارسي، ثم البغدادي، الصوفي، الصالح. من صوفية رباط الزوزني. وكان صالحاً عابداً، خيراً. ولد سنة سبع عشرة خمسمائة.) وسمع: هبة الله بن الطبر، وأبا السعود أحمد بن المجلي، وأبا بكر الأنصاري، وجماعة. روى عنه: الدبيثي وأثنى عليه، وابن خليل، واليلداني، وآخرون. وأما: الحسن بن مسلم الفارسي الزاهد فقد مات قبل هذا، وذكرناه. توفي هذا في الثالث والعشرين من شعبان.
4 (الحسن بن علي بن نصر بن عقل.)

(42/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 237
أبو علي العبدي، الواسطي، ثم البغدادي، الأديب الشاعر، المنعوت بالهمام. مدح طائفة بالشام والعراق، وأقام بدمشق. وكان شاعراً محسناً. ذكره العماد في الخريدة وقال: مدح السلطان صالح الدين. قال بان الدبيثي: وكان شيعياً اكتسب بالعشر، ومدح الأكابر. قلت: روى عنه القوصي قصيدة، وقال: اتصل بخدمة الأمجد ببعلبك. وقال المنذري: توفي في العشرين من شعبان.
4 (الحسن بن علي بن أبي سالم المعمر بن عبد الملك.)

(42/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 238
أبو البدر الإسكافي، ثم البغدادي، نزيل القاهرة. قرأ النحو على أبي محمد بن الخشاب، وخدم في الجهات الديوانية بالعراق. وكان أديباً فاضلاً. روى شيئاً من شعره، وعاش نيفاً وستين سنة. ويعرف بابن ناهوج.
4 (الحسن بن أبي البركات محمد بن علي بن طوق.)
أبو علي الموصلي، ثم البغدادي تفقه في صباه بالنظامية، وسمع من: أبي الوقت. توفي في شوال.
4 (الحسن بن محمد بن أبي القاسم علي بن إبراهيم.)
أبو منصور الشيرازي الأصل، البغدادي الصوفي.

(42/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 239
روى عن: أبي القاسم بن البناء، وأبي الوقت. وكان كاتباً ثم تصوف وخدم الفقراء. توفي ليلة عرفة.)
4 (حماد بن مزيد بن خليفة.)
أبو الفوارس. قرأ القراءات على: علي بن عساكر البطائحي. وأقرأ، وأم بالناس مدة. توفي في شعبان.
4 (حمزة بن سلمان بن جروان بن الحسين.)
أبو يعلى الماكسيني الأصل، البغدادي الشعيري، البوراني، النجار. حدث عن: أبي بكر الأنصاري، وأبي البدر الكرخي. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وبالإجازة ابن أبي الخير، وغيره. ومات في نصف ربيع الآخر.

(42/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 240
4 (حرف الخاء)

4 (خطلبا بن سوتكين.)
الأمير. ولي قلعة تكريت، ثم شحنكية البصرة. وكان فيه دين وخير.
4 (خليل بن أبي الرجاء بدر بن أبي الفتح ثابت بن روح بن محمد ابن عبد الواحد.)
أبو سعيد الإصبهاني، الراراني، الصوفي. شيخ معمر عالي الرواية. ولد سنة خمسمائة. وسمع: أبا علي الحداد، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق، ومحمود بن إسماعيل الصيرفي، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي. روى عنه: أبو موسى عبد الله بن عبد الغني، ويوسف بن خليل، وابنه محمد بن خليل، وعبد العزيز بن علي الواعظ، وليلة البدر بنت محمد بن خليل الرازي، آخرون. وأجاز لابن أبي الخير، وغيره. وتوفي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر. وكان من مريدي الشريف حمزة بن العباس العلوي. وكان شيخ الشيوخ بإصبهان في زمانه،) أعني أبا سعيد، ولبس منه الخرقة خلق كثير. وقيل بل مولده سنة اثنتين وخمسمائة.

(42/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 241
4 (حرف الدال)

4 (داود بن سليمان بن أحمد بن نظام الملك.)
أبو علي الطوسي الأصل، الإصبهاني. ولد سنة ثمان عشرة وخمسمائة. وسع: جعفر بن عبد الواحد، وفاطمة الجوزدانية، وخجستة بنت علي بن أبي ذر الصالحانية، وسعيد بن أبي الرجاء، الحسين بن عبد الملك. وقدم بغداد مراراً. وسمع من: أبي منصور الرار الفقيه. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وابن خليل، وجماعة. وأجاز لابن أبي الخير. وتوفي بإصبهان، وكان بهياً، متواضعاً، جليلاً. مات في نصف شوال.
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن عبد المنعم بن كليب.)
سمع من: ابن ناصر. ولم يرو.
4 (سعيد بن المبارك بن أحمد بن صدقة.)
أبو البدر الحمامي. روى عن: ابن ناصر، وأبي الوقت.

(42/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 242
والحمامي بالتشديد والتخفيف، قاله المنذري.
4 (سنقر الطويل الناصري.)
فلك الدين. كان ذا قرب من الإمام الناصر.) ألحقه بالزعماء وجعله من كبار الأمراء، وأقطعه تكريت ودقوقا. وتوفي في ربيع الأول.
4 (حرف الشين)

4 (شاكر بن فضائل بن مسلم.)
أبو حامد بن طليب الحربي. روى عن: سعيد بن النبا. وعنه: ابن خليل. ورخه المنذري بلا شهر.
4 (حرف الصاد)

4 (صدقة بن نصر بن زهير بن مقلد.)
أبو الحسن الحراني الأصل البغدادي. سمع من: أبي نصر الحسن بن محمد اليونارتي. ذكره الدبيثي وقال: ما أعلمه حدث. وتوفي في جمادى الأولى.

(42/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 243
4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن نصر الله بن جهبل.)
الشيخ مجد الدين الكلابي، الحلبي، الفقيه الشافعي، الفرضي. مدرس مدرسة القدس. توفي بالقدس، وكان فقيهاً إماماً فاضلاً، عاش أكثر من ستين سنة، وهو والد الفقهاء الذين كانوا بدمشق بهاء الدين نصر الله، وتاج الدين إسماعيل، وقطب الدين.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد بن سليمان.)
أبو محمد بن الشكاك الفاسي، المالكي. وحج وسمع من: السلفي. ودخل الأندلس فأخذ عن أبي القاسم بن ورد.) حدث عنه: يعيش بن النديم، وأبو السحن القطان. وعاش بضعاً وتسعين سنة. وكان معمراً معدلاً.
4 (عبد الله بن المستنجد بالله بن المقتفي.)
الأمير أبو القاسم. توفي في هذه السنة.
4 (عبد الله بن ملد بن المبارك بن الحسين ابن النشال.)

(42/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 244
أبو طالب العباسي، نقيب بالعراق. عزل من نقابته، وأحدر إلى واسط فحبس بها إلى أن توفي في شوال.
4 (عبد الرحيم بن أبي القاسم عبد الرحمن بن سعد الله بن قنان.)
البغدادي الكاتب. سمع: أباه، وشهده. وتوفي شاباً في ذي الحجة.
4 (عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن الحسن بن أحمد بن المفرج بن أحمد.)

(42/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 245
القاضي الفاضل أبو علي ابن القاضي الأشرف أبي الحسن، اللخمي البيساني، العسقلاني المولد، المصري الدار، الكاتب صاحب ديوان الإنشاء في الدولة الصلاحية وبعدها. ولد في منتصف جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وخمسمائة، ولقبه محيي الدين. وفي نسبه إلى بيسان تجوز، فإنه ليس منها، وإنما ولي أبوه قضاءها، فلهذا نُسب إليها. انتهت إلى القاضي الفاضل براعة الإنشاء، وبلاغة الترسل، وله في ذلك معاني مبتكرة لم يسبق إليها مع كثرتها. قال القاضي شمس الدين ابن خلكان: نقل عنه أنه قال إن مسودات رسائله في المجلدات والتعليقات في الأوراق، إذا جمعت ما تقصر عن مائة مجلد. وله نظم كثير. واشتغل بصناعة الإنشاء على الموفق يوسف بن الخلال شيخ الإنشاء للمتأخرين من خلفاء بني عبيد. ثم إنه خدم بثغر الإسكندرية في شبيبته، وأقام بها مدة.) قال عمارة اليمني: ومن محاسن العادل بن الصالح بن رزيك خروج أمره إلي والي الإسكندرية بتسيير القاضي الفاضل إلى الباب، واستخدمه في ديون الجيش، فإنه غرس منه للدولة، بل للملة، شجرة مباركة متزايدة النماء، أصلها ثابت وفروعها في السماء. وقال العماد الكاتب: وتمت الرزية الكبرى وفجيعة أهل الدين والدنيا بانتقال القاضي الفاضل من دار البقاء إلى داره بالقاهرة في

(42/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 246
سادس ربيع الآخر. وكان ليلتئذ صلى العشاء، وجلس مع مدرس مدرسته، وتحدث معه ما شاء، وطالت المسامرة وانفصل إلى منزله صحيح البدن، وقال لغلامه: رتب حوائج الحمام، وعرفني حتى اقضي مني المنام. فوافاه سحراً للإعلام، فما اكترث بصوت الغلام، ولم يدر أن كلم الحمام حمى الكلام، وأن وثوقه بطهارة الكوثر أغناه عن الحمام، فبادر إليه ولده فألفاه وهو ساكت باهت، فلبث يومه لا يُسمع له إلا أنين خفي، ثم قضى سعيداً ولم يبق في حياته عملاً صالحاً إلا وقدمه، ولا عهداً في الجنة إلا أحكمه، لا عقداً في البر إلا أبرمه، فإن صنائعه في الرقاب، وأوقافه على سبل الخيرات متجاوزة الحساب، ولا سيما أوقافه لفكاك أسرى المسلمين إلى يوم الحساب، وأعان الطلبة الشافعية والمالكية عند داره بالمدرسة، والأيتام بالكتاب. وكان رحمه الله للحقوق قاضياً، وفي الحقائق ماضياً. ولسلطانه مطاع، والسلطان له مطيع، ما افتتح الأقاليم إلا بأقاليد آرائه، ومقاليد غناه وعنائه، وكنتُ من حسناته محسوباً، وإلى مناسب آلائه منسوباً، وأعرف صناعته، ويعرف صناعتي، وأعارضُ بضاعته الثمينة بمزجاة بضاعتي. وكانت كتابته كتائب النصر، وبراعته رائعة الدهر، ويراعته بارئة للبرّ، وعبارته نافثة في عقد السحر، وبلاغته للدولة مجملة، وللمملكة مكمّلة، وللعصر الصلاحي على سائر الأعصار مفضلة، هو الذي نسخ أساليب القدماء بما أقدمه من الأساليب، وأغربه من الإبداع، وأبدعه من الغريب. وما ألفيته كرر دعاء في مكاتبة، ولا تردد لفظاً في مخاطبة. بل تأتي فصوله بتكرة مبتدعة مبتدهة، لا مفتكرة بالعرف والعرفان معرفة لا نكرة. وكان الكرام في ظله يقيلون، ومن عثرات النوائب بفضله يستقيلون، وبعز حمايته يعزون. فإلى من بعده الوفادة وممن الإفادة وفي من السيادة ولمن السعادة وقال ابن خلكان في ترجمته: وزر للسلطان صلاح الدين.

(42/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 247
ومن شعره عند وصوله إلى الفرات يتشوق إلى النيل:)
(بالله قل للنيل عني إنني .......... لم أشف من ماء الفرات غليلاً)

(وسل الفؤاد فإنه لي شاهد .......... هل كان جفني بالدموع بخيلاً)

(يا قلبُ كم خلفتَ ثم بثينة .......... وأعيذ صبرك أن يكون جميلاً.)
وكان الملك العزيز صلاح الدين يميل إلى القاضي الفاضل في أيام أبيه، واتفق أنه أحب قينة وشغف بها وبلغ صالح الدين، فمنعه من صحبتها، ومنعها منه، فحزن ولم يستجر أن يجتمع بعد هذا بها، فسيرت له مع خادم كرة عنبر، فكسرها فوجد فيها زر ذهب، فلم يفهم المراد به، جاء القاضي الفاضل فعرفه الصورة، فعمل القاضي:
(أهدت لك العنبر في وسطه .......... زر من التبر دقيق اللحام)

(فالزر في العنبر معناهما .......... زر هكذا مستتراً في الظلام.)
وله:
(بتنا على حال يسر الهوى .......... وربما لا يمكن الشرحُ)

(بوابنا الليل، وقلنا له: .......... إن غبت عنا هجم الصبحُ)
وله:
(وسيف عتيق للعلاء فإن تقل: .......... رأيتُ أبا بكر، فقل: وعتيق)

(فزر بابه، فهو الطريق إلى الندى، .......... ودع كل باب ما إليه طريقُ)
ولهبة الملك بن سناء الملك فيه وقد ولي الوزارة من قصيدة:
(قال الزمان لغيره إذا رامها: .......... تربت يمينك لست من أربابها)

(اذهب طريقك لست من أربابها .......... وارجع وراءك لست من أترابها)

(42/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 248
(وبعز سيدنا وسيد غيرنا .......... ذلت من الأيام شمس صعابها)

(وأتت سعادته إلى أبوابه .......... لا كالذي يسعى إلى أبوابها)

(فلتفخر الدنيا بسائس ملكها .......... منه ودارس علمها وكتابها)

(صوامها قوامها علامها .......... عمالها بذالها وهابها)
وبلغنا أنه كتبه التي ملكها بلغت مائة ألف مجلد، وكان يحصلها من سائر البلاد. وذكر القاضي ضياء الدين القاسم بن يحيى الشهرزوري أن القاضي لما سمع أن العادل أخذ الديار المصرية دعا على نفسه بالموت خشية أن يستدعيه وزيره صفي الدين بن شكر، أو) يجري في حقه إهانة، فأصبح ميتاً. وكان له معاملة حسنة مع الله وتهجد بالليل. وقال العماد في الخريدة: وقبل شروعي في أعيان مصر، أقدم ذكر من جميعُ أفاضل القصر كالقطرة في بحره، المولى القاضي الأجل الفاضل، الأسعد أبو علي عبد الرحيم بن القاضي الأشرف أبي المجد علي بن البيساني، صاحب القرآن، العديم الأقران، واحد الزمان. إلى أن قال: فهو كالشريعة المحمدية نسخت الشرائع، يخترع الأفكار، ويفترع الأبكار، وهو ضابط الملك بآرائه، ورابط السلك بآلائه. وإن شاء

(42/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 249
أنشأ في يوم ما لو دون، لكن لأهل الصناعة خير بضاعة. أين قس من فصاحته، وقيس من حصافته ومن حاتم وعمرو في سماحته وحماسته لا من في فعله، ولا مين في قوله ذو الوفاء، والروءة، والصفا، والفتوة، والتقي، والصلاح، والندى، والسماح. وهو من أولياء الله الذين خصوا بكرامته، أخلصوا لولايته. وهو مع ما يتولاه من أشغال المملكة، لا يفتر عن المواظبة على نوافل صلواته، ونوافل صلواته، ونافل صلاته. يختم كل يوم القرآن المجيد، ويضيف إليه ما شاء الله من المزيد، وأنا أوثر أن أفرد لنظمه ونثره كتاباً، فإنني أغار من ذكره مع الذين هم كالسها في فلك شمسه وذكائه، وكالثرى عند ثريا علمه وذكائه، فإنما تبدو النجوم إذا لم تبرز الشمس حاجبها. وإنه لا يؤثر أيضاً إثبات ذلك، فأنا ممتثل لأمره المطاع ملتزم له قانون الإتباع، لا أعرف يداً ملكتني غير يده، ولا أتصدى إلا لما جعلني بصدده. قلت: وكان رحمه الله أحدب. فحدثني شيخنا جمال الدين الفاضلي أن القاضي الفاضل ذهب في الرسلية إلى صاحب الموصل، فحضر أحضرت فواكه، فاقل بعض الكبار منكتاً على الفاضل: خياركم أحدب. فقال الفاضل: خسنا خيرٌ من خياركم. وحدثين الفاضلي في آخر سنة إحدى وتسعين أن القاضي العماد الكاتب كانا في الموكب، فقال القاضي الفاضل:

(42/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 250
(أما الغبار فإنه .......... مما أثارته السنابك)
وقال للعماد: أجز. فقال:
(فالجو منه مغبرٌ .......... لكن بتاشير السنابك)

(يا دهر لي عبد الرحيم .......... فلا أبالي مس نابك.)
قلت: وقد سمع: أبا كاهر السلفي، وأبا محمد العثماني، وأبا الظاهر ابن عوف، أبا القاسم بن) عساكر الحافظ، وعثمان بن سعيد بن فرج العبدري. قال المنذري: وزر للسطان صلاح الدين وركن إليه ركوناً تاماً، وتقدم عنده كثيراً. وكان كثير البر والمعروف والصداقة. وله آثار جميلة ظاهرة، مع ما كان عليه من الإغضاء والاحتمال. توفي في ليلة سابع ربيع الآخر. وقال الموفق عبد اللطيف: ذكر خبر القاضي الفاضل. كانا ثلاثة إخوة، واحد منهم خدم في الإسكندرية وبها مات، وخلف من الخواتيم صناديق. ومن الحصر والقدور والخزف بيوتاً مملوءة. كان متى رأى خاتماً أو سمع به تسبب في تحصيله. وأما الآخر فكان له هوس مفرط في تحصيل الكتب، وكان عنده زهاء مائتي ألف كتاب، من كل كتاب نسخ. والثالث القاضي الفاضل، وكان له غرام بالكتابة، وبتحصيل الكتب أيضاً، وكان له الدين والعفاف والتقى، مواظب على أوراد الليل، والصيام، والتلاوة. ولما ملك أسد الدين احتاج إلى كاتب، فأحضره، فأعجبه نفاذه وسمته ونصحه، فلما ملك صلاح الدين استخلصه لنفسه، وحسن اعتقاده فيه.

(42/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 251
وكان قليل اللذات، كثير الحسنات، دائم التهجد، يشتغل بالأدب والتفسير. وكان قليل النحو، كلن له دربة قوية توجب له قلة اللحن، وكتب من الإنشاء ما لم يكتبه أحد. أعرفُ عند ابن سناء الملك من إنشائه اثنين وعشرين مجلداً. وعند ابن القطان، أحد كتابه، عشرين مجلداً. وكان متقللاً في مطعمه ومنكحه، وملبسه. لباسه البياض، لا يبلغ جميع ما عليه دينارين. ويركب مع غلام وركابي. ولا يمكن أحداً أن يصحبه. ويكثر تشييع الجنائز، وعيادة المرضى، وزيارة القبور. وله معروف في السر والعلانية. وكان رحمه الله ضعيف البنية، رقيق الصورة، له حدبة يغطيها الطيلسان. وكان فيه سوء خلق يكمد به في نفسه، ولا يضر أحداً به. ولأصحاب الفضائل عنده نفاق، يحسن إليهم ولا يمن عليهم. ولم يكن له انتقام من أعدائه إلا بالإحسان إليهم، وبالإعراض عنهم. وكان دخله ومعلومه في السنة نحو خمسين ألف دينار، سوى متاجر الهند والمغرب، وغيرهما.) مات مسكوتاً، أحوج ما كان إلى الموت عند تولي الإقبال، وإقبال الإدبار، وهذا يدل على أن لله به عناية رحمه الله.
4 (عبد السلام بن محمود بن أحمد.)
ظهير الدين أبو المعالي الفارسي، الفقيه، الأصولي، المتكلم. سمع من: أبي الوقت السجزي.

(42/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 252
وبالثغر من: أبي طاهر السلفي. روى بدمشق. وتوفي بحلب في سابع عشر شعبان. وكان من كبار المتكلمين والخلافيين. ودرس واشتغل، وصنف التصانيف. ولم يشتهر من تصانيفه إلا القليل. وقد أجاز الحافظ المنذري، وهو ترجمه.
4 (عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد بن سليمان.)
الوجيه أبو محمد اللخمي، الأندلسي، الشريشي الأصل، الإسكندراني المولد والدار، العدل المحدث، أحد طلبة السلفي. ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة. وقرأ الكبير على السلفي. وحدث بمصر والقدس. روى عنه: ولده أبو القاسم عيسى، وعثمان بن محمد بن أبي عصرون. وبالإجازة: الشهاب القوصي، وغيره. توفي في المحرم.
4 (عبد الكريم بن المبارك بن محمد بن عبد الكريم.)
الفقيه أبو الفضل البلدي، البغدادي، الحنفي، المعروف بابن الصيرفي. ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة. وتفقه على الإمام مسعود بن الحسين اليزدي.

(42/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 253
وسمع من: أبي سعد أحمد بن محمد الزوزني، وأبي البدر الكرخي، وأبي الفضل الأرموي. ودرس، ناب في القضاء. وكان يسكن بقراح أبي الشحم، ودرس بالمغيثية.) روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، وغيرهما. وتوفي في جمادى الآخرة. وهو من بلد التي بقرب الموصل.
4 (عبد اللطيف بن إسماعيل بن أحمد بن محمد بن دوست دادا.)
أبو الحسن ابن شيخ الشيوخ أبي البركات بن أبي سعد النيسابوري الأصل، البغدادي، الصوفي، أخو شيخ صدر الدين عبد الرحيم. كان بليداً، قليل الفهم، عديم التحصيل. ولد سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة. وسمع من: أبي بكر الأنصاري، وأبي القاسم بن السمرقندي، وأبي منصور علي بن علي الأمين، وأبي الحسن بن عبد السلام، وأبي الفتح الكروخي، وغيرهم. قال ابن النجار: ولي رباط جده بعد أخيه، ولقب صدر الدين. ثم إنه حج وركب البحر إلى مصر، وزار بيت المقدس. وتوفي بدمشق في رابع عشر ذي الحجة.

(42/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 254
قلت: روى عنه: ابن النجار، وبان خليل، واليلداني، وعثمان ابن خطيب القرافة، وفرج الحبشي، وعبد الله بن أحمد بن طعان، وأخوه عبد الرحمن، والقاضي صدر الدين ابن سني الدولة، وتقي الدين إسماعيل بن أبي اليسر، وابن عبد الدائم، والكمال عبد العزيز بن عبد، وخلق. وبالإجازة: ابن أبي الخير. قال الدبيثي: كان بليداً لا يفهم. حدثني بعض الطلبة أنه أتاه بجزء ليقراه عليه، فصادفه في شغل فوقف، فلما طال عليه الوقوف قال له عبد اللطيف: إمض إلى ضياء الدين عبد الوهاب بن سكينة ليسمعك إياه عني، فإني مشغول. ونقلت من خط الحافظ الضياء ما صورته: وشيخ الشيوخ عبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ أبي البركات توفي بدمشق في رباط خاتون في ذي الحجة، وصلى عليه شيخنا القاسم الحافظ.
4 (عبد المنعم بن عبد الوهاب بن سعد بن صدقة بن الخضر بن كليب.)
مسند العراق أبو الفرج بن أبي الفتح الحراني الأصل، البغدادي، الحنبلي، التاجر، الأجري،) لسكناه درب الآجر.

(42/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 255
ولد في صفر سنة خمسمائة، وبكر به أبوه بالسماع، لكنه لم يكثر، فسمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان، وأبا منصور محمد بن أحمد بن طاهر الخازن، وأبا بكر بن بدران الحلواني، وأبا عثمان إسماعيل بن ملة، وأبا طالب الحسين بن محمد الزينبي، وصاعد بن سيار الدهان، والمبارك بن الحسين العسال. وانفرد بالرواية عنهم. وأجاز له: أبو الغنائم النرسي، وابن بيان، وابن نبهان، وأبو الخطاب محفوظ الكلوذاني الفقيه، وأبو طاهر عبد الرحمن بن أحمد اليوسفي، وأبو العز محمد بن المختار، وأبو علي بن المهدي، ومحمد بن عبد الباقي الدوري، وحمزة بن أحمد الروذراوري، وأبو البركات عبد الكريم بن هبة الله النحوي. وله مشيخة معروفة. وكان صحيح السماع والذهن والحواس إلى أن مات. صبوراً على المحدثين، محباً للرواية. دخل مصر مع والده، وسكن ثغر دمياط مدة، وحج سبع حجج، وحج ثامنة، ففاتته وتعوق بالبحر. روى عنه خلق من الحفاظ، وسمع صحيح البخاري من أبي طالب الزينبي. فممن روى عنه ابنه الدبيثي، وابن النجار، وابن خليل، ومحمد بن النفيس الرزاز، وعمر بن بدر الموصلي، وأبو موسى عبد الله بن الحافظ، ومحمد بن عبد الكريم الكاتب، واليلداني، وأحمد بن سلامة الحراني، ومحيي الدين يوسف بن الجوزي، وشرف الدين شيخ الشيوخ الحموي، ويوسف بن شروان، وداود بن شجاع البواب، وأحمد بن عبد الواسع بن أميركاه، ومحمد بن هبة الله بن الدوامي، وعبد العزيز بن محفوظ البنا،

(42/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 256
والواعظ شمس الدين يوسف بن قزغلي البغداديون، ومبارك الحبشي بمصر، والزين بن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف وهو آخر من روى عنه بالسماع. وبالإجازة: الحافظ الضياء، وابن أبي اليسر، والقطب أحمد بن عبد السلام بن أبي عصرون، وسعد الدين الخضر بن عبد السلام بن حمويه، وأبو العباس أحمد بن أبي الخير، ومحمد بن يعقوب بن أبي لدينة، والعز عبد العزيز بن الصيقل وهو آخر من روى عنه بالإجازة في الدنيا. قال الحافظ زكي الدين المنذري: سمعت قاضي القضاة أبا محمد الكتاني يقو: سمعته يقول:) يعني ابن كليب: تسريت مائة وثماني وأربعين جارية. وكان يخاصم أولاده في ذلك السن فيقول: اشتروا لي جارية، اشتروا لي جارية. توفي ليلة السابع والعشرين من ربيع الأول. وقال ابن النجار: ألحق الصغار بالكبار، ومتع بصحبته وذهنه، وحسن صورته، وحمرة وجهه. وكان لا يمل من السماع. نسخ جزء بان عرفة له سبع وتسعون سنة بخط مليح غير مرتعش، ورواه من لفظه. وكان من أعيان التجار، ذا ثروة واسعة. ثم تضعضع حاله وافتقر، واحتاج إلى الأخذ على الرواية. وبقي لا يحدث بجزء ابن عرفة إلا بدينار. وكان صدوقاً، قرأت عليه كثيراً.
4 (عبد الوهاب بن أبي الطاهر إسماعيل بن مكي بن عوف.)
الفقيه أبو محمد الزهري، الإسكندراني، نبيه الدين الملاكي. تفقه على والده، ودرس من بعده بالإسكندرية، وعاش خمساً وستين سنة.

(42/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 257
وتوفي في ذي القعدة.
4 (عبيد الله بن محمد بن عبد الجليل بن محمد.)
القاضي أبو محمد بن الشيخ أبي الفتح الساوي، ثم البغدادي، الفقيه الحنفي. أحد العدول والأكابر. ناب في الحكم بدار الخلافة، ثم بمدينة السلام بغداد. وكان محمود السيرة. ولد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة في أولها. وسمع من: أبن الحصين، وابن الطبر، وأبي الحسين بن الفراء، وجماعة. وكان آخر من بقي من بيت الساوي، ولم يعقب. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، والبغاددة. وتوفي في تاسع المحرم.
4 (عثمان بن الحسين بن محمد بن الحكيم.)
أبو عمرو الحريمي، المارستاني. حدث عن: هبة الله بن الحصين.) وعنه: ابن خليل، والدبيثي، وقبلهما أحمد بن طارق، وجماعة وأجاز لابن أبي الخير. وتوفي في ذي القعدة عن ثمانين سنة، وكان يخدم المرضى.

(42/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 258
4 (عسكر بن خليفة بن حفاظ)
الفقيه أبو الجيوش الحموي، الحنفي. حدث عن: أبي الفتح نصر الله المصيصي، وهبة الله بن طاوس. ويعرف بابن العقادة. وكان من كبار الحنفية بدمشق. أجاز لشيخنا بان أبي الخير. وتوفي في جمادى الأولى. وروى عنه الشهاب القوصي فقال: شيخ الإسلام بدر الدين، كان مبرزاً في جميع الفنون. قرأتُ عليه بمدرسة القصاعين.
4 (علي بن الحسن بن علي بن محمد بن عبد السلام بن المبارك بن راشد.)
المنتجب أبو السحن التميمي، الدرامي، المكي. سمع من: أبي الفتح الكروخي، ومحمود بن عبد الكريم فورخه، وأحمد بن المقرب. روى عنه: الحافظ ابن المفضل، وغيره. وله شعر جيد. ووفد على الملكين نور الدين، وصلاح الدين.
4 (علي بن المبارك بن أبي العز محمد بن جابر.)
أبو الحسن البغدادي. من كبار العدول.

(42/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 259
سمع المسند كله من ابن الحصين. وسمع من: أبي نصر اليونارتي. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، واليلداني، وجماعة. وأجاز لابن أبي الخير. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (عمر بن محمد بن عمر.)
) الإمام أبو محمد الأنصاري، العاقي، الحنفي، البخاري. توفي ببخارى في ربيع الأول. وقد حدث بمكة، وبغداد عن: أبي بكر عمر بن محمد العوفي. روى عنه: الحافظ ابن المفضل. وكان موصوفاً بمعرفة المذهب والزهد والصلاح، درس وأشغل وصنف. وقد ذكره أبو العلاء الفرضي، فقال فيه العقيلي بدل العاقلي، وقال: روى عن: حسام الدين عمر بن برهان الأئمة عبد العزيز بن عمر بن مازة، والحافظ عمر بن محمد بن أحمد النسفي، وفخر الأئمة أبي بكر محمد بن علي بن سعيد المطهري، و محمد بن الفضل الفراوي، وفخر الإسلام أبو نصر أحمد بن الحسن. روى عنه: سبطه العلامة شمس الدين أحمد بن محمد بن أحمد الأنصاري، والعلامة أبو الوحدة محمد بن عبد الستار العمادي، والقاضي محمد بن محمد العمري.

(42/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 260
مات في خامس جمادى الأولى. عوض بن سلامة. الأزجي القطيعي، الغراد، الصالح. شيخ معروف خير، له رباط ببغداد. توفي إلى رحمه الله في ذي الحجة.
4 (حرف القاف)
قيصر العوني. الأمير مملوك الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة. كان بديع الجمال يضرب بحسنه الأمثال. وكان الوزير يركبه في صدر موكبه بالقباء والعمامة السوداوين، وإلى جانبه خادمين.
4 (حرف الكاف)
كامل بن الفتح بن ثابت. الضرير، البادرائي، الأديب، ظهير الدين. له شعر وترسل. كتب الطلبة عنه لأجل الكفاف من شعره. وما أحسن قوله:)
(وفي الأوانس من نعمان آنسة .......... لها من القلب ما تهوى وتختار)

(ساومتها نفثة من ريقها بدمي .......... وليس إلا خفي الطرف سمسارُ)

(42/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 261
(عند العذول اعتراضات ولائمة .......... وعند قلبي جوابات وأعذار)

4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن رفاعة.)
الفتي كمال الدين القرشي، المصري، قاضي قوص. روى عنه الشهاب القوصي شعراً، وورخ وفاته في هذه السنة.
4 (محمد بن الشريف أبي القاسم عبد الله بن عمر بن محمد بن الحسين.)
الشريف أبو الحياة نظام الدين البلخي، الواعظ، المعروف بابن الظريف. ولد ببلخ في سنة ست وعشرين وخمسمائة. وسمع من: أبي شجاع عمر البسطامي، وأبي سعد بن السمعاني. وسمع بالثغر من السلفي، وبدمشق وجال في الآفاق. روى عنه: أبو الحسن بن المفضل. ووعظ كثيراً، وصنف في الوعظ. وكان طيب الصوت، مطرباً، فصيحاً، شيعياً. توفي في تاسع عشر صفر. وقد ذكره ابن النجار: فطول ترجمته، وقال: سمع بدمشق من: حمزة بن كردوس، وبمصر من: ابن رفاعة، وابن الحطية.

(42/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 262
وأقام عند السلفي زماناً، وأملى أمالي. روى عنه شيخه السلفي، وكان يعظمه ويبجله ويعجب بكلامه. ثم قدم بغداد فسكنها. وكان يعظ بالنظامية. وحضرتُ مجلسه مراراً. وكان مليح الوجه متبركاً، واسع الجبهة، منوراً، بهياً، ظريف الشكل، عالماً أديباً، له لسان مليح في الوعظ، حسن الإيراد، حلو الاستشهاد، رشيق المعاني، وله قبول تام، وسوق نافعة، ثم فترت ولزم داره. وكان يرمى بأشياء منها الخمر، وشراء الجواري المغنيات وسماع الملاهي المحرمة، وأخرج من بغداد مراراً لذلك.) وكان يظهر الرفض. وأنشدني أحمد بن عمر المؤدب أن الوعظ البلخي أنشد لنفسه دوبيت:
(دع عنك حديث من يميتك غدا .......... واقطع زمن الحياة عيشاً رغداً)

(لا ترجُ هوى ولا تعجل كمدا .......... يوماً تمضيه لا تراهُ أبداً)
وسمعت أخي علي بن محمود يقول: كان البلخي الواعظ كثيراً ما يرمز في أثناء مجالسه سبت الصحابة. سمعته يقول: بكت فاطمة عليها السلام، فقال لها علي: كم يبكين علي أأخذتُ منك فدك أأغضبتك أفعلت، أفعلتُ؟

(42/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 263
فضجت الرافضة وصفّقوا بأيديهم وقالوا: أحسنت أحسنت.
4 (محمد بن عبد المنعم بن أبي البركات محمد بن طاهر بن سعيد بن القدوة أبي سعيد فضل)
الله ابن أبي الخير. أبو البركات الميهني الصوفي. توفي ببغداد في ذي الحجة. وكان رجلاً صالحاً. سمع من: أبيه، وشهدة، والمبارك بن لعي بن خضير. وكان شيخ رباط البسطامي. عاش أربعاً وخمسين سنة. وكان سمحاً جواداً، ذا فتوة، كان يؤثر بمداسه ويمشي حافياً. لقبه: ركن الدين.
4 (محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم.)
أبو القاسم الهمذاني، الأندلسي، من أهل مدينة وادي آش، ويعرف بابن البراق. سمع من: أبي العباس الجزولي، وأبي بكر يحيى بن محمد، وأبي الحسن ابن النعمة. وأجاز له أبو بكر بن العربي، وشريح بن محمد، وأبو الحسن بن مغيث، وآخرون.

(42/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 264
وذكره الأبار فقال: كان محدثاً ضابطاً، أديباً، ماهراً، شاعراً مجيداً، متفنناً، وشعره مدَّون. حدَّث عنه: أبو العباس البناتي، وأبو الكرم جودي. وعاش سبعاً وستين سنة.
4 (محمد بن عمر)
أبو عبد الله المالقي الكاتب، نزيل فاس.) قال الأبار: كان حافظاً للغات، والآداب، والتواريخ، بصيراً بالحديث. وكان يكتب للأمراء.
4 (محمد بن محمد بن أبي الطاهر محمد بن بُنَان.)
القاضي الأثير ذو الرياستين، ابن القاضي الأجل ذي الرياستين أبي الفضل ابن القاضي ذي الرياستين، الأنباري، المصري، أبو الفضل الكاتب. ولد بالقاهرة سنة سبع وخمسمائة، وسمع من: أبي صادق مرشد المديني، وأبي البركات محمد بن حمزة العرقي، ووالده أبي الفضل، والقاضي أبي الحسن محمد بن هبة الله بن الحسن بن عرس.

(42/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 265
وقرأ القرآن على: أبي العبّاس بن الحطيّة. وكان رئيساً، عالماً نبيلاً. ذكره الدُّبيثي فقال: قدِم بغداد رسولاً من سيف الإسلام طُغتكين أميراليمن، ونزل بباب الأزج. وحدث بالسيرة لابن هشام، عن والده، وحدث بصحاح الجوهري. وسمعهما منه جماعة كثيرة، وكنت أنا مسافراً، وذلك في سنة اثنتين وثمانين. روى الصحاح عن أبي البركات العرقي. وكتب الناس عنه من شعره. وقال المنذري: سمع منه جماعة من شيوخنا ورفقائنا، فلم يتفق لي السماع منه. وقد كتب الكثير بخطه. وخطه في غاية الجودة. وتولى ديوان النظر في الدولة المصرية، وتقلب في الخدم في الأيام الصلاحية بتنيس، والإسكندرية. قلت: وكان أبوه يروي السيرة عن الحبال. روى عنه: الحافظ أبو الحسين العطار، والسيد أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحسيني الحلبي. توفي في ثالث ربيع الآخر، وله تسعٌ وثمانون سنة. وقال الموفق عبد اللطيف: كان رقيقاً، طوالاً، أسمر، عنده أدب وترسل، وخط حسن، وشعرٌ لا بأس به. وكان صاحب ديوان مصر في زمن المصريين، والفاضل ممن يغشى بابه ويمتدحه، ويفتخر بالوصول إليه. فلما جاءت الدولة الصلاحية قال القاضي الفاضل: هذا رجل كبير القدر) يصلح أن يجرى عليه ما يكفيه ويجلس في بيته. ففعل ذلك.

(42/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 266
ثم إنه توجه إلى اليمن، ووزر لسيف الإسلام، وأرسله إلى الدّيوان العزيز، فعظُم ببغداد وبُجَّل. ولما صرتُ إلى مصر وجدتُ ابن بُنان في ضَنَكٍ من العيش، وعليه دَيْن ثقيل، وأدّى أمره إلى أن حبسه الحاكم بالجامع الأزهر. وكان يتنقص بالقاضي الفاضل، ويراه بالعين الأولى، والفاضل يُقصّر في حقّها، فيقصّر الناسُ مراعاةً للفاضل. وكان بعض من له عليه دَيْن أعجميّاً جاهلاً، فصعد إليه إلى سطح الجامع، وسفَّه عليه، وقبض على لحيته، وضربه، ففر وألقى بنفسه من سطح الجامع فتهشم، فحُمل إلى داره، وبقي أياماً ومات. فسيَّر القاضي الفاضل بجهازه خمسة عشر ديناراً مع ولده. ثم إن القاضي مات فجأة بعد ثلاثة أيام رحمه الله.

(42/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 267
4 (محمد بن المحسن بن هبة الله بن محمد.)
أبو الحسن الوكيل بأبواب القُضاة. سمع من: أبي جعفر أحمد بن محمد العباسي، وغيره. توفي في ذي الحجة.
4 (محمد بن محمود بن محمد.)
الشهاب الطوسي أبو الفتح، الفقيه الشافعي، نزيل مصر. إمامٌ، مُفتٍ، علامة مشهور. وُلِد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. وحدَّث عن: أبي الوقت، وغيره. ووعظ ببغداد، وصاهر قاضي القضاة أبا البركات بن الثقفي. وقدم مصر

(42/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 268
فسكنها، قدمها من مكة سنة تسعٍ وسبعين. ونزل بخانقاه سعيد السعداء، وتردّد إليه بها الفقهاء. ثم ولي التدريس بمدرسة منازل العِزّ، وانتفع به جماعة كبيرة. وكان جامعاً للفنون، معظماً للعلم وأهله. غير محتفل بأبناء الدّنيا. وعظ بجامع مصر مدة. روى عنه: بهاء الدين بن الجميزي، وشهاب الدين القوصي وكناه أبا الفتح. وذكر أنه تفقه بنيسابور على الإمام محمد بن يحيى. وقال أبو شامة، وذكر الطوسي، فقال: قيل إنه لما قدم بغداد كان يركب بالسنجق والسيوف المُسَلَّلة والغاشية والطوق في عُنق البغلة، فمنع من ذلك. فسافر إلى مصر ووعظ، وأظهر) مذهب الأشعري، وثارت عليه الحنابلة. وكان يجري بينه وبين زين الدين بن نجية العجائب من السباب ونحوه. قال: وبلغني أنه سئل أيّما فضل: دمُ الحسين، أم دمُ الحلاج فاستعظم ذلك، فقيل له: فدم الحلاج كتب على الأرض: الله الله، ولا كذلك دم الحسين. فقال: المتَّهم يحتاج إلى تزكية. وهذا في غاية الحُسن، لكن لم يصح عن دم الحلاج. وقال الموفق عبد اللطيف: كان رجلاً طُوالاً، مَهيباً، مقداماً، سادّ الجواب في المحافل. دخل مصر، وأقبل عليه تقي الدين، وعمل له مدرسة بمنازل العز، وبث العلم بمصر. وكان يُلقي الدرس من الكتاب. وكان يرتاعه كل أحد، وهو يرتاع من الخبوشاني ويتضاءل له. وكان يحمُق بظرافةٍ، ويتيه على الملوك بلباقة، ويخاطب الفقهاء بصرامة. وعرض له جدري بعد الثمانين عمًّ جسده، وكحل عينيه، وانحط عنه في السابع.

(42/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 269
وجاء يوم العيد والسلطان بالميدان، فجاء الطوسي وبين يديه مناد ينادي: هذا ملك العلماء. والغاشية على الأصابع. وكان أهل مصر إذا رأوها قرأوا: هَل أتَاكَ حديثُ الغَاشيةِ، فتفرق له الجمع، وتفرق الأمراء غيظاً منه. وجرى له مع الملك العادل وابن شكر قضايا عجيبة، لما تعرضوا لوقوف المدرس، فمنع عن نفسه وعن الناس، وثبت. وقال ابن النَجّار: مات بمصر في الحادي والعشرين من ذي القعدة، وحمله أولاد السلطان على رقابه.
4 (محمد بن مكارم بن أبي يعلى.)
أبو بكر الحريمي. سمع من: محمد بن الأشقر، والمبارك بن أحمد الكندي، وسعيد بن البناء. ويقال له الحيري نسبة إلى الحيرة التي تقرب عانة لا إلى حيرة نيسابور. سمع منه جماعة. وتوفي في صفر. وأجاز لابن أبي الخير.

(42/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 270
4 (محمد بن هبة الله بن أبي الكرم نصر الله بن محمد بن محمد بن مخلد.)
) أبو المفضل الأزدي، الواسطي العدل، المعروف جده بابن الجلخت. ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. وسمع من: جده. وحدًّث ببغداد. قال ابن الدبيثي: سمعت منه، ونعم الشيخ كان. توفي في ذي القعدة.
4 (المبارك بن المبارك بن أحمد بن زريق.)
أبو جعفر بن الحداد الواسطي، المقرئ. ولد سنة تسع وخمسمائة. وقرأ القراءات على والده الإمام أبي الفتح. وسمع من: أبي علي الفارقي، وعلي بن علي بن شيران، وأبي الكرم نصر الله بن الجلخت، وأبي عبد الله الجلابي، وأبي الحسن بن عبد السلام. والمبارك بن نغوبا، وغيرهم بواسط. ثم قدم بغداد سنة اثنتين وثلاثين، فقرأ القراءات على أبي محمد سبط الخياط. وسمع منه، ومن: أبي القاسم بن السمرقندي.

(42/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 271
حدث بالإجازة: عن: الحافظ خميس الحوزي، وأبي طالب بن يوسف، وأبي محمد عبد الله بن السمرقندي، ورزين العبدري، وجماعة. وأقرأ الناس، وأم زماناً. ترجمة الدبيثي، وقال: كان صدوقاً. قرأتُ عليه القراءات، فقدم بغداد سنة ثمان وثمانين وحدث بها. قلت: روى عنه: هو، ويوسف بن خليل، وجماعة. وتوفي في سادس عشر رمضان. قرأ عليه بالروايات محمد بن الداعي، وكان مقرئ واسط في زمانه.
4 (المبارك بن أبي القاسم بن أبي منصور بن السدنك.)
أبو منصور البغدادي. روى عن: قاضي المرستان. وتوفي في ذي القعدة.)
4 (محمود بن المبارك بن الحسين.)
أبو الثناء بن الداريج البغدادي. روى عن: القاضي أبي بكر، والحسين بن علي سبط الخياط. وتوفي في صفر.
4 (مسعود بن علي.)

(42/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 272
نظام الملك الوزير، وزير السلطان خوارزم شاه. قتلته الملاحدة في هذا العام في جمادى الآخرة. وكان ديناً حسن السيرة، شافعياً، بنى للشافعية بمرو جامعاً مشرفاً على جامع الحنفية، فتعصب شيخ الحنفية بمرو، وجمع الأوباش فأحرقه، فغضب خُورازم شاه، وأحضر هذا الشيخ وصادره. وبنى نظام الملك هذا مدرسة عظيمة وجامعاً بخوارزم، وله آثار حسنة. وفلما قتل تأسف عليه السلطان، واستوزر ابنه، وهو صبي، فأشير على الصبي بأن يستعفي، فقال السلطان خوارزم شاه: لست أعفيك وأنا وزيرك، فكن راجعني في الأمور. ثم لم تطُل أيام الصبي. ومات خوارزم شاه في العام، كما تقدم.
4 (المظفر بن علي بن وهب.)
المدائني، ثم البغدادي، الصابوني، الخياط. شيخ معمر، ولد سنة خمسمائة. وسمع: أبا نصر الحسن بن محمد اليونارتي، وثابت بن منصور الكيلي. روى عنه: الدبيثي وقال: توفي سنة ست.
4 (حرف النون)

4 (نجيب بن فارس الحربي.)
روى عن: سعيد بن أبي النباء. وعنه: ابن خليل.

(42/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 273
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن الحسن بن محمد ابن الوزير أبي المعالي هبة الله بن أبي سعد بن المطلب.)
) سمع: أبا القاسم بن السمر قندي. وحدث. وله شعر وخط منسوب. يكنى أبا المعالي. روى عنه: الدبيثي. وكان صاحب مزاح ونوادر، يُلقَّب بالجُرذ.
4 (حرف الواو)

4 (وهب بن محمد بن وهب.)
أبو الفتح الحربي، المعروف بابن الضبيع. روى عن: أبي الحسين بن أبي يعلى، وأبي البركات الأنماطي. وتوفي في صفر. روى عنه: الدبيثي. وأجاز لابن أبي الخير.
4 (حرف الياء)
يحيى بن علي بن يحيى بن محمد بن بذال.

(42/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 274
أبو منصور بن النفيس الحريمي. حدث عن: القاضي أبي بكر، وأبي منصور القزاز. وكان رجلاً صالحاً. وهو أخو أحمد والمبارك. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل. وتوفي في ربيع الأول.
4 (يحيى بن أبي القاسم المبارك بن علي بن هرثمة.)
أبو الفتح البغدادي، الكرخي، العدل، البيع. سمع من: سعيد بن النبا، وأبي الوقت، وجماعة. وهو من كرخ بغداد. ولهم كرخ باجدا، وكرخ جُدّان، وكرخ سامرّا، وقيل إن هذه الثلاثة كرخ واحد، وكرخ البصرة قرية، وكرخ عبرتا، وكرخ الرقة، وكرخ خوزستان، وكرخ ميسان.) ذكرهم زكي الدين عبد العظيم. وفيها كان مولد: القاضي محيي الدين يحيى بان قاضي القضاة محيي الدين محمد بن علي بن الزكي. والعدل علي بن أبي طالب الموسوي، ويعقوب بن نصر الله ابن سني الدولة، والكمال إبراهيم بن أحمد بن فارس التميمي المعري، والجمال محمد بن شبل النشابي، مصري.

(42/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 275
4 (وفيات سنة سبع وتسعين وخمسمائة.)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن صالح بن طاهر.)
أبو العباس المضري، البغدادي، الأزجي، الوكيل. ولد سنة عشرين وخمسمائة. وسمع من: أبي عبد الله السلال، ومحمد بن أحمد بن صرما، وعبد الباقي بن أحمد النرسي، وعلي بن الصباغ. وأضر في آخر عمره. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، وغيرهما. وهو مستفاد مع أحمد بن صالح المصري شيخ البخاري. توفي فر رابع عشر المحرم. وروى عنه ابن النجار، وقال: طلب الحديث بنفسه، وقرأ على المشايخ، كتب بخطه. وكان صدوقاً. أنا الشريف أحمد بن صالح، قال: أنا أحمد بن محمد بن أبي عثمان الدقاق، أنا هناد النسفي.
4 (أحمد بن علي بن سعيد.)

(42/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 276
أبو العباس الخوزي، الصوفي، نزيل واسط. شيخ معمر، وُلد سنة خمسمائة. وقال مرةً: سنة تسعٍ وتسعين وأربعمائة. سمع من: أبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي، وقاضي المرستان أبي بكر، وعبد الوهاب) الأنماطي، وجماعة. وكان شيخاً صالحاً. روى عنه: الدبيثي. وتوفي بواسط في جمادى الآخرة، ولو سمع على مقتضى سنة لكان سند أهل العصر، وهو من خوزستان ويقال بها بلاد الخوز، وهي بين فارس والبصرة.
4 (أحمد بن محمد بن منكير.)
الحربي، الخباز. روى عن: عبد الله بن أحمد بن يوسف، إسماعيل بن السمرقندي. ومنكير بفتح أوله. سمع منه: أحمد بن سلمان السكر. وحدَّث عنه: الحافظ الضياء، وغيره. وأخر من روى عنه بالإجازة: الفخر علي. توفي في جمادى الآخرة.
4 (أحمد بن أبي عيسى محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن)
عبد الله بن محمد بن النعمان بن عبد السلام.

(42/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 277
القاضي العدل أبو المكارم التيمي الإصبهاني الشروطي اللبان، مسند إصبهان. ولد في صفر سنة سبع وخمسمائة. وهو من تيم الله بن ثعلبة. وقال مرة: ولدتُ سنة ست. وقال الضياء الحافظ: رأيته في موضع سنة أربع وخمسمائة. قلت: ونقلت نسبة من خطه. وكان مكثراً عن أبي علي الحداد، هو آخر من سمع منه، كما أن الصيدلاني آخر من حضر عليه. وتفرد أيضاً بإجازة عبد الغفار الشيرويي. روى عنه: أبو الفتح محمد، وأبو موسى عبد الله ابنا الحافظ عبد الغني، وإسماعيل بن ظفر، ويوسف بن خليل، وأبو شيد الغزال، وطائفة. وبالإجازة: ابن أبي اليسر، وأحمد بن أبي الخير، والفخر علي بن البخاري، وآخرون. توفي في السابع والعشرين من ذي الحجة بإصبهان بعد الكراني.)
4 (أحمد بن أبي القاسم هبة الله بن علي بن محمد بن عبد القادر بن محمد.)
أبو الرضا الهاشمي، البغدادي، المعروف بابن المكشوط.

(42/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 278
قال الدبيثي: لم يحدث ولا ظهر سماعه إلا بعد موته، سمع: أبا غالب بن البنا. وأجاز لي. قلت: بل سمع منه ابن خليل، وحدَّث عنه. وتوفي في صفر. قال ابن النجار: كان فقيهاً مجاوراً، مقره بجامع ابن المطلب. سمع كتاب الزهد لابن المبارك من ابن النبا، وحدث به. سمعه منه جماعة. كتبتُ عنه، وكان صدوقاً ساكناً. قال: وتوفي في المحرم.
4 (إبراهيم بن محمد بن إبراهيم.)
أبو إسحاق، ناظر نهر الملك ببغداد. كان ديناً متزهداً، يلبس القطن ويعدل، ويحسن السيرة. أمر الخليفة بصلبه فصلب وحزن عليه الناس، وكان شيخاً مهيباً جليلاً، وحضر واقعة عبد الرشيد المذكور في سنة ست وثمانين.
4 (إبراهيم بن شمس الدين محمد بن عبد الملك.)
الأمير عز الدين ابن المقدم الذي قتل أبوه بعرفات. من كبار الأمراء. وهو صاحب قلعة بارين، ومنبج، وغير ذلك. وكان شجاعاً عاقلاً. توفي بدمشق، ودفن بتربته بباب الفراديس.

(42/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 279
4 (إبراهيم بن مزييل بن نصر.)
الفقيه أبو إسحاق المخزومي، الشافعي، المصري، الضرير. سمع من: أبي عمرو عثمان بن إسماعيل الشارعي. وأجاز له عبد الله بن محمد بن فتحون رواية كتاب الموطأ. وقد سمع منه: الشيخ إسماعيل بن قاسم الزيات، ومات قبله بعشرين سنة. وقد درس بالمدرسة المعروفة به بمصر مدة. وتفقه عليه جماعة.) وعاش ثمانين سنة وشهرين، وتوفي يوم عرفة، رحمه الله تعالى.
4 (إقبال بن عبد الله.)
أبو الخير. صال مجاور بمكة. حدَّث عن: أبي الوقت. وتوفي في رمضان.
4 (حرف التاء)

4 (تمام بنت الحسين بن قنان.)
الأنبارية الواعظة، ويُقال لها بدر التمام. حدَّثت عن: هبة الله بن الطبر الحريري. وأجازت للفخر علي بن البخاري، وغيره. وسمع منها: الحافظ الضياء، وجماعة.

(42/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 280
توفيت في ذي الحجة.
4 (تميم بن أبي بكر أحمد بن أحمد بن كرم بن غالب.)
أبو القاسم البندنيجي، ثم البغدادي الأزجي، المفيد. ولد سنة خمس وأربعين وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبي بكر بن الزاغوني، وأبي الوقت السجزي، وأبي محمد بن المادح، وهبة الله بن الشلبي، والشيخ عبد القادر، وابن البطر، وخلق كثير. وكتب بخطه الكثير لنفسه وللناس. وأفاد أهل بغداد والغرباء. وكان ذا عناية بأسماء الشيوخ وبمسموعاتهم ووفياتهم. وله فيهم فهم حسن. روى عنه: الدبيثي، والتقي اليلداني، وجماعة. وتوفي في ثلاث جمادى الآخرة.

(42/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 281
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن القاضي السعيد أبي الحسن علي بن عثمان.)
القاضي الأمجد، أبو الفضائل القرشي، المخزومي، المصري، الشافعي.) ولد سنة اثنتين وخمسين. وسمع من: محمد بن عبد الرحمن المسعودي، والبوصيري. وأجاز له خطيب الموصل أبو الفضل، وجماعة. وتوفي في رمضان، وهو من بيت رئاسة وتقدم رحمه الله تعالى.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن علي.)
أبو علي البغدادي، المقرئ، الضرير. قرأ بالروايات الكثيرة على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي. وأقرأ الناس، وكان طيب الصوت.
4 (الحسن المنعوت بالظهير الفارسي.)
الفقيه.

(42/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 282
توفي بمصر كهلاً، رحمه الله.
4 (حرف الخاء)

4 (خطاب بن منصور.)
أبو عبد الله البغدادي الدحروج. روى عن: أبي الوقت، وغيره.
4 (خديجة بنت الحافظ معمر بن الفاخر.)
الإصبهانية. ورخها الضياء.
4 (الخليل بن عبد الغفار بن يوسف.)
السهروردي، ثم البغدادي، الصوفي. ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. وصحب الشيخ أبا النجيب. وسمع من: ابن البطي، وغيره. وحدث بأناشيد.)

(42/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 283
4 (حرف الزاي)

4 (زينب بنت أبي الطاهر إسماعيل بن مكي بن عوف، الزهري، المالكي، الإسكندري.)
أم محمد. ولدت سنة ثمان وعشرين. وأجاز لها: الحسين بن عبد الملك الخلال، وعبد الجبار بن محمد الحواري، وسعيد بن أبي الرجاء ا لصيرفي، وطائفة. وحدثت.
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن أبي أسعد بن أحمد بن محمد.)
أبو منصور البلدي الحطابي، الكاتب. توفي شاباً. وكان لديه فضيلة. سقمان الأمير قطب الدين أبو سعيد بن محمد، صاحب آمد. سقط من جوسق له فمات في هذه السنة.
4 (حرف الصاد)

4 (صدقة ابن الوزير أبي الرضا محمد بن أحمد بن صدقة.)

(42/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 284
ظهير الدين أبو الفتح. ولي نيابة الوزرة ببغداد. وكان صدراً معظماً. وأبوه الوزير جلال الدين قد وزر للراشد بالله. توفي الظهير في حادي عشر رجب.
4 (حرف الظاء)

4 (ظافر بن الحسين.)
أبو المنصور الأزدي الإسكندراني، ثم المصري، الفقيه المالكي. تفقه بالثغر على العلامة أبي طالب صالح بن إسماعيل ابن بنت معافى.) وتولى بمصر تدريس المدرسة المجاورة لجامع مصر العتيق مدة طويلة. وتخرج به جماعة من الشافعية والمالكية. وانتفع به خلق كثير. وكان يشغل أكثر النهار. وكان من كبار العلماء في عصره، رحمه الله. توفي بمصر حادي عشر جمادى الآخرة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن الوزير الكبير أبي الفرج محمد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفر ابن رئيس)
الرؤساء أبي القاسم علي ابن المسلمة. أبو الحسن.

(42/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 285
سمع من: يحيى بن ثابت البقال. وناب عن والده في الوزارة. ولم يخدم بعد أبيه في شيء. ولزم طريقه التصوف. ومات وله دون أربعين سنة أو أكثر. عبد الله بن محمد بن عيسى. الإمام أبو محمد التادلي الفاسي. ولد سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وروى بالإجازة عن: أبي محمد بن عتاب، وأبي بحر بن العاص. وسمع من: القاضي عياض. وكان فقيهاً أديباً، متفنناً، شاعراً. بطلاً شجاعاً، من علماء فاس. روى عنه: أبو عبد الله الخضرمي، وأبو محمد بن حوط، وأبو الربيع بن سالم، وعدة. وكان أن ينفرد عن ابن عتاب. قال ابن فرتون: اختل ذهنه من الكبر.
4 (عبد الله بن أبي بكر المبارك بن هبة الله.)
أبو محمد ابن الطويلة الدارقزي. سمع: ابن الحصين، وأبا القاسم بن الطبر، وأبا المواهب بن ملوك، والقاضي أبا بكر، وجماعة. والطويلة لقب لجده هبة الله بن محمد. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، والضياء، واليلداني، وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف،) وغيرهم.

(42/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 286
وآخر من روى عنه بالإجازة الفخر بن البخاري. توفي في تاسع رمضان. ويعرف بابن الآخرس أيضاً.
4 (عبد الجبار بن أبي الفضل بن الفرج بن حمزة.)
الأزجي، الحصري، المقرئ، الرجل الصالح. قرأ القراءات على أبي الكرم الشهرزوري. وسمع من: أبي الوقت، وابن ناصر، وأبي بكر الزاغوني، وجماعة. وأقرا القرآن مدة ببغداد، والموصل. وتوفي في سابع محرم شهيداً، سقط عليه جزف بقرب تكريت وعجزوا عن كشفه فكان قبره رحمه الله.
4 (عبد الحميد بن عبد الله بن أسامة بن أحمد.)
أبو علي الهاشمي، العلوي، الحسيني الزيدي، الشريف النقيب. عاش خمساً وسبعين سنة. وكان إماماً في الأنساب. واشتغل على ابن الخشاب النحوي. وولي أبوه وجده النقابة.
4 (عبد الرحمن ابن قاضي القضاة عبد الواحد بن أحمد.)
الثقفي، الكوفي، القاضي أبو محمد. قاضي نهر عيسى. روى عن: أبي الوقت، وغيره.

(42/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 287
وتوفي في المحرم.
4 (عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادى بن أحمد بن)
محمد بن جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النصر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة. الحافظ العلامة جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي، القرشي، التيمي البكري، البغدادي، الحنبلي، الواعظ، صاحب التصانيف المشهورة في أنواع

(42/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 288
العلوم من التفسير، والحديث، والفقه، والوعظ، الزهد، والتاريخ، والطب، وغير ذلك.) ولد تقريباً سنة ثمانٍ أو سنة عشر وخمسمائة، وعرف جدهم بالجوزي لجوزة في وسط داره بواسط، ولم يكن بواسط جوزة سواها. وأول سماعه سنة ست عشرة وخمسمائة. وسمع بعد ذلك في سنة عشرين وخمسمائة وبعدها. فسمع من: ابن الحصين، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، والحسين بن محمد البارع، وأبي السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي، وأبي سعد إسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وأبي الحسن علي بن الزاغوني الفقيه، وأبي غالب بن البنا، وأخيه يحيى، وأبي بكر محمد بن الحسين المزرقي، وهبة الله بن الطبر، وقاضي المرستان، وأبي غالب محمد بن الحسن الماوردي وخطيب إصبهان أبي القاسم عبد الله بن محمد الراوي عن ابن شمة، وأبي السعود أحمد بن المجلي، وأبي منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، وعلي بن أحمد بن الموحد، وأبي القاسم بن السمرقندي، وابن ناصر، وأبي الوقت. وخرج لنفسه مشيخةً عن سبعةٍ وثمانين نفساً. وكتب بخطه ما لا يوصف. ووعظ وهو صغير جداً. قرأ الوعظ على الشريف أبي القاسم علي بن يعلى بن عوض العلوي الهروي، وأبي الحسن بن الزاغوني. وتفقه على أبي بكر أحمد بن محمد الدينوري. وتخرج في الحديث بابن ناصر. وقرأ الأدب على أبي منصور موهوب ابن الجواليقي.

(42/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 289
روى عنه: ابنه محيي الدين يوسف، وسبطه شمس الدين يوسف الواعظ، والحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والضياء محمد، وابن خليل، الدبيثي، وابن النجار، واليلداني، والزين بن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف، وخلق سواهم. وبالإجازة: الشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وأحمد بن أبي الخير، والعزّ عبد العزيز بن الصيقل، وقطب الدين أحمد بن عبد السلام العصروني، وتقي الدين إسماعيل بن أبي اليسر، والخضر بن عبد الله بن حمويه، والفخر علي بن البخاري. وكان الذي حرص على تسميعه وأفاده الحافظ ابن ناصر. وقرأ القرآن على أبي محمد سبط الخياط.) وكان فريد عصره في الوعظ. وهو آخر من حدث عن الدينوري والمتوكلي. ومن تصانيفه: كتاب المغني في علم القرآن، وكتاب زاد المسير في علم التفسير، وتذكرة الأريب في شرح الغريب، نزهة النواظر في الوجوه والنظائر، مجلد، كتاب عيون علوم القرآن، فنون الأفنان، مجلد، كتاب الناسخ والمنسوخ، كتاب منهاج الوصول إلى علم الأصول، كتاب نفي التشبيه، كتاب جامع المسانيد، في سبع مجلدات، كتاب الحدائق، مجلدان، كتاب نفي النقل، كتاب المجتبى، كتاب النزهة، كتاب عيون

(42/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 290
الحكايات، مجلدان كتاب التحقيق في أحاديث التعليق، مجلدان، كتاب كشف مشكل الصحيحين، أربع مجلدات كتاب الموضوعات، الأحاديث الرائقة، كتاب الضعفاء، كتاب تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التواريخ والسير، كتاب المنتظم في أخبار الملوك والأمم، كتاب شذور العقود في تاريخ العهود، كتاب مناقب بغداد، كتاب المذهب في المذهب، كتاب الانتصار في مسائل الخلاف، كتاب الدلائل في مشهور المسائل، مجلدان، كتاب اليواقيت في الخطب الوعظية، كتاب المنتخب، كتاب نسيم السحر، كتاب لباب زين القصص، كتاب المدهش، كتاب صفة الصفوة، كتاب مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن، كتاب المقعد المقيم، كتاب تبصرة المبتدئ كتاب تحفة الواعظ كتاب ذم الهوى كتاب تلبيس إبليس، مجلدان، كتاب صيد الخاطر، ثلاث مجلدات، كتاب الأذكياء، كتاب الحمقى والمغفلين، كتاب المنافع في الطب، كتاب الشيب والخضاب، كتاب روضة الناقل، كتاب تقويم اللسان، كتاب منهاج الإصابة في محبة الصحابة، كتاب صبا نجد، كتاب المزعج، كتاب الملهب، كتاب المطرب، كتاب منتهى المشتهى، كتاب فنون الألباب، كتاب الظرفاء والمتحابين، كتاب تقريب الطريق الأبعد في فضل مقبرة أحمد، كتاب النور في فضائل الأيام والشهور، كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، مجلدان، كتاب أسباب البداية لأرباب الهداية، مجلدان، كتاب سلوة الأحزان، كتاب ياقوتة المواعظ، كتاب منهاج القاصدين، مجلدان، كتاب اللطائف، كتاب واسطات العقود، كتاب الخواتيم، كتاب المجالس اليوسفية، كتاب المحادثة، كتاب إيقاظ الوسنان، كتاب نسيم الرياض، كتاب الثبات عن الممات، كتاب الوفا بفضائل المصطفى، كتاب مناقب أبي بكر، كتاب المعاد، كتاب مناقب عمر، كتاب مناقب عمر بن عبد العزيز، كتاب مناقب سعيد بن المسيب، كتاب مناقب الحسن البصري، كتاب مناقب إبراهيم بن أدهم، كتاب مناقب الفضيل، كتاب

(42/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 291
مناقب) أحمد، كتاب مناقب الشافعي، كتاب مناقب معروفة، كتاب مناقب الثوري، كتاب مناقب بشر، كتاب مناقب رابعة، كتاب العزلة، كتاب الموافق، كتاب الرياضة، كتاب النصر على مصر، كتاب كان وكان في الوعظ، كتاب خطب اللآليء في الحروف، كتاب الناسخ والمنسوخ في الحديث كتاب مواسم العمر، وتصانيف أخر لا يحضرني ذكرها. وجعفر في أجداده هو الجوزي، منسوب إلى فرضة من فرض البصرة يقال لها جوزة. وفرضة النهر ثلمته، وفرضة البحر محط السفن. وتوفي والد أبي الفرج أبو الحسن وله ثلاث سنين، وكانت له عمة صالحة. وكان أهله تجاراً في النحاس ولهذا كتب في بعض السماعات اسمه عبد الرحمن الصفار، فلما ترعرع حملته عمته إلى ابن ناصر فاعتنى به. وقد رزق القبول في الوعظ، وحضر مجلسه الخلفاء، والوزراء والكبار، وأقل ما كان يحضر مجلس ألوف. وقيل إنه حضر مجلسه في بعض الأوقات مائة ألف. وهذا لا أعتقده أنا، على أنه قد قال: هو ذلك. وقال غير مرة إن مجلسه حزر بمائة ألف. قال سبطه شمس الدين أبو المظفر: سمعته يقول على المنبر في آخر عمره: كتبت بإصبعي، هاتين ألفي مجلدة، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرة ألف يهودي ونصراني. قال: وكان يجلس بجامع القصر، والرصافة، والمنصور، وباب بدر.

(42/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 292
وتربة أم الخليفة. وكان يختم القرآن في كل أسبوع ولا يخرج من بيته إلا إلى الجمعة أو المجلس. ثم قال: وذكر ما وقع إلي من أسامي مصنفاته كتاب المغني أحد وثمانون جزءاً بخطه، إلا إنه لم يبيضه ولم يشتهر، كتاب زاد المسير، أربع مجلدات، فذكر عامة ما ذكرناه، زاد عليه أيضاً أشياء منها: كتاب درة الإكليل في التاريخ، أربع مجلدات، كتاب الفاخر في أيام الإمام الناصر، مجلد، كتاب المصباح المضيء بفضائل المستضيء، مجلد كتاب الفجر النوري، كتاب المجلد الصلاحي، مجلد، كتاب شذور العقود، مجلد. قال: ومن علم العربية: فضائل العرب، مجلد كتاب الأمثال، مجلد كتاب تقويم اللسان، جزءان، كتاب لغة الفقه، جزءان، كتاب ملح الأحاديث، جزءان.) قال: وكتاب المنفعة في المذاهب الأربعة، مجلدان، كتاب منهاج القاصدين، مجلدان، كتاب إحكام الإشعار بأحكام الأشعار، ومجلدان، كتاب المختار من الأشعار عشر مجلدات كتاب التبصرة في الوعظ ثلاث مجلدات كتاب المنتخب في الوعظ، مجلدان، كتاب رؤوس القوارير، مجلدان. إلى أن قال: فمجموع تصانيفه مائتان ونيف وخمسون كتاباً. ومن كلامه في مجالس وعظه: عقاربُ المنايا تلسع، وخدران جسم الأمل يمنع الإحساس، وماء الحياة في إناء العمر يرشح بالأنفاس. وقال لبعض الولاة: أذكر عند القدرة عدل الله فيك، وعند العقوبة، قدرة الله عليك. وإياك أن تشفي بسقم يدنك. وقال لصاحب: أنت في أوسع العذر من التأخير عني لثقتي بك، وفي أضيقه من شوق إليك. وقال له قائل: ما نمت البارحة من شوقي إلى المجلس.

(42/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 293
قال: لأنك تريد أن تتفرج، وإنما ينبغي أن لا تنام الليلة لأجل ما سمعت. وقال لا تسمع ممن يقول الجوهر والعرض، والاسم والمسمى، والتلاوة والمتْلوّ، لأنه شيء لا تحيط به أوهام العوام، بل قل: آمنت بما جاء من عند الله، وبما صحَّ عن رسول الله. وقام إليه رجل فقال: يا سيّدي نشتهي منك تتكلم بكلمة ننقلها عنك، أيّما أفضل: أبو بكر أو عليّ فقال له: اقعد. فقعد ثم قام وأعاد قوله، فأجلسه، ثم قام فقال له: اجلس فأنت أفضل من كل أحد. وسأله آخر، وكان التشيّع تلك المدة ظاهراً: أيّما أفضل، أبو بكر أو عليّ فقال: أفضلهما من كانت ابنته تحته. ورمى بالكلمة في أودية الاحتمال، ورضي كلٌ من الشيعة والسنة بهذا الجواب المدهش. وقرأ بين يديه قارئان فأطربا الجمع، فأنشد:
(ألا يا حماميَ بطن نُعمان هجتما .......... عليَّ الهوى لما ترنّتما ليا)

(ألا أيها القُمريّتان تجاوبا .......... بلَحْنَيْكما ثم اسجعا لي علانيا)
وقال له قائل: أيّما أفضل أسبّح أو أستغفر قال: الثوب الوسخ أحوج إلى الصابون من البخور.) وقال في قوله عليه السّلام: أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين: إنما أعمار القدماء لطول البادية، فلمّا شارف الركب بلد الإقامة قيل حثّوا المطي.

(42/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 294
وقال من قنع طاب عيشه، ومن طمع طال طيشه. قال: ووعظ الخليفة فقال: يا أمير المؤمنين، إن تكلمتُ، خفت منك، وإن سكتُّ، خفت عليك. فأنا أقدّم خوفي عليك على خوفي منك. إنّ قول القائل اتّق الله، خيرٌ من قول القائل أنتم أهل البيت مغفور لكم. وقال يوماً: أهل البدع يقولون ما في السماء أحد، ولا في المصحف قرآن، ولا في القبر نبي، ثلاث عورات لكم. وقال في قوله أليس لي مُلْك مصر: يفتخر فرعون بنهرٍ، ما أجراه ما أجراه. وقال وقد طرب الجمع: فهمتم فهمتم. قال: وقد ذكر العماد الكاتب جدي في الخرديدة، وأنشد له هذه الأبيات:
(يود حسودي أن يرى لي زلة .......... إذا ما رأى الزلات جاءت أكاذيبُ)

(أردُّ على خصمي وليس بقادرٍ .......... على ردّ قولي، فهو موتٌ وتعذيبُ)

(ترى أوجه الحُساد صُفراً لرؤيتي .......... فإن فهت عادت وهي سودٌ غرابيبُ)
قال: وقال أيضاً:
(يا صاحبي إن كنت لي أو معي .......... فعج إلى وادي الحمى نرتع)

(وسل عن الوادي وسكانه .......... وأنشد فؤادي في ربا العلع)

(جيء كثيب الرمل رمل الحمى .......... وقف وسلم لي على المجمع)

(واسمع حديثاً قد روته الصبا .......... تسنده عن بابه الأجرعِ)

(وابك فما في العين من فضله .......... ونب فدتك النفس عن مدمعي)

(وانزل على الشيخ بواديهم .......... واشمم عشيب البلد البلقع)

(رفقاً بنضو قد بداه الأسى .......... يا عاذلي لو كان قلبي معي)

(لهفي على طيب ليالٍ خلت .......... عودي تعودي مدنفاً قد نعي)

(42/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 295
(إذا تذكرتُ زماناً مضى .......... فويح أجفاني من أدمعي.)
وقد نالته محنةٌ في أواخر عمره، وذلك أنهم وشوا إلى الخليفة الناصر به بأمر اختلف في) حقيقته، وذلك في الصيف، فبينا هو جالس في داره في السرداب يكتب، جاءه من أسمعه غليظ الكلام وشتمه، وختم على كتبه وداره، وشتت عياله. فلما كان في أول الليل حملوه في سفينةٍ، وأحدروه إلى واسط، فأقام خمسة أيام ما أكل طعاماً، وهو يومئذ ابن ثمانين سنة، فلما وصل إلى واسط أنزل في دار وحبس بها، وحصل عليها بواب، فكان يخدم نفسه ويغسل ثوبه ويطبخ، ويستقي الماء من البئر، فبقي كذلك خمس سنين، ولم يدخل فيها حماماً. وكان من جملة أسباب القضية أن الوزير ابن يونس قبض عليه، فتتبع ابن القصاب أصحاب ابن يونس. وكان الركن عبد السلام بن عبد الوهاب بن عبد القادر الجيلي المتهم بسوء العقيدة واصلاً عند ابن القصاب، فقال له: أين أنت عن ابن الجوزي، فهو من أكبر أصحاب ابن يونس، وأعطاه مدرسة جدي وأحرقت كتبي بمشورته، وهو ناصبي من أولاد أبي بكر. وكان ابن القصاب شيعياً خبيثاً، فكتب إلى الخليفة، وساعده جماعة، ولبسوا على الخليفة، فأمر بتسليمه إلى الركن عبد السلام، فجاء إلى باب الأزج إلى دار ابن الجوزي، ودخل وأسمعه غليظ المقال كما ذكرنا. وأنزل في سفينة، ونزل معه الركن لا غير، على ابن الجوزي غلالة بلا سراويل، وعلى رأسه تخفيفة، فأحدر إلى واسط، وكان ناظرها العميد أحمد الشيعة، فقال له الركن: حرسك الله، مكني من عدوي لأرميه في المطمورة. فعزّ على العميد وزبره وقال: يا زنديق أرميه بقولك هات خط الخليفة. والله لو كان من أهل مذهبي لبذلتُ روحي ومالي في خدمته. فعاد الركن إلى بغداد. وكان بين ابن يونس الوزير وبين أولاد الشيخ

(42/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 296
عبد القادر عداوة قديمة، فلما ولي الوزارة، ثم أستاذية الدار بدد شملهم، وبعث ببعضهم إلى مطامير واسط فماتوا بها، وأهين الركن بإحراق كتبه النجومية. وكان السبب في خلاص ابن الجوزي أن ابنه محيي الدين يوسف ترعرع وقرأ الوعظ، وطلع صبياً ذكياً، فوعظ، وتكلمت أم الخليفة في خلاص ابن الجوزي فأطلق، وعاد إلى بغداد. وكان يقول: قرأت بواسط مدة مقامي بها كل يوم ختمة، ما قرأت فيها سورة يوسف من خزني على ولدي يوسف وشوقي إليه. وكان يكتب إلى بغداد أشعاراً كثيرة.) وذكره شيخنا ابن البزوري، فأطنب في وصفه، وقال: فأصبح في مذهبه إماماً يشار إليه، ويعقد الخنصر في وقته عليه، ودرس بمدرسة ابن الشمحل، ودرس بالمدرسة المنسوبة إلى الجهة بنفشا المستضيئة، ودرس بمدرسة الشيخ عبد القادر. وبنى لنفسه مدرسة بدرب دينار، ووقف عليها كتبه. برع في العلوم، وتفرد بالمنثور والمنظوم، وفاق على أدباء مصره، وعلا على فضلاء دهره. له التصانيف العديدة. سئل عن عددها فقال: زيادة على ثلاثمائة وأربعين مصنفاً، منها ما هو عشرون مجلداً ومنها ما هو كراس واحد. ولم يترك فناً من الفنون إلا وله فيه مصنف. كان أوحد زمانه، وما أظن الزمان يسمح بمثله. ومن مؤلفاته كتاب المنتظم، وكتاباً ذيلٌ عليه. قال: وكان إذا وعظ اختلس القولب، وشققت النفوسُ دون الجيوب. إلى أن قال: توفي ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان، وصلى عليه خلق العظيم الخارج عن الحد. وشيعوه إلى مقبرة باب حرب. وكان يوماً شديد الحر، فأفطر من حره جمع كثير. وأوصى أن يكتب على قبره:

(42/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 297
(يا كثير الصفح عمن .......... كثر الذنبُ لديه)

(جاءك المذنب يرجو ال .......... عفو عن جزم يديه)

(أنا ضيفٌ وجزاءُ الض .......... يف إحسان إليه.)
وقال سبطه أبو المظفر: جلس رحمه الله يوم السبت سابع رمضان تحت تربة أم الخليفة المجاورة لمعروف الكرخي، وكنت حاضراً، وانشد أبياتاً قطع عليها المجلس، وهي:
(الله أسالُ أن يطول مدتي .......... وأنال بالأنعام ما في نيتي)

(لي همةٌ في العلم ما من مثلها .......... وهي التي جنت النحول هي التي)

(كم كان لي من مجلسٍ لو شبهت .......... حالاته لتشبهت بالجنة.)
في أبياه. ونزل، فمرض خمسة أيام، وتوفي ليلة الجمعة بني العشاءين في الثالث عشر من رمضان في داره بقطفتا.) وحدثتني والدتي أنها سمعته يقول قبل: أيش أعمل بطواويس، يردّدها، قد جبتم لي هذه الطواويس. وحضر غسله شيخنا ضياء الدين ابن سكينة، ضياء الدين ابن الخبير وقت السحر، واجتمع أهل بغداد، وغلقت الأسواق، وشددنا التابوت بالحبال، وسلمناه إلى الناس، فذهبوا به إلى تحت التربة، مكان جلوسه، فصلى عليه ابنه علي اتفاقاً، لأن الأعيان لم يقدروا على الوصول إليه، ثم صلوا عليه بجامع المنصور، وكان يوماً مشهوداً، لم يصل إلى حفرته بمقبرة

(42/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 298
أحمد بن حنبل إلى وقت صلاة الجمعة، وكان في تموز، فأفطر خلقٌ، ورموا نفوسهم في الماء. قال: وما وصل إلى حفرته من الكفن إلا قليل. قلت: وهذا من مجازفة أبي المظفر. قال: ونزل في حفرته والمؤذن يقول: الله أكبر. وحزن الناس وبكوا عليه بكاء كثيراً وباتوا عند قبره طول شهر رمضان يختمون الختمات بالقناديل واشمع. ورآه في تلك الليلة المحدّث أحمد بن سلمان الحربي الملقب بالسكر على منبر من ياقوت مرضع بالجوهر، والملائكة جلوسٌ بين يديه والحق تعالى حاضرٌ، يسمع كلامه. وأصبحنا علمنا عزاءهُ، وتكلمت يومئذ، وحضر خلق عظيم. وقام عبد القادر العلوي وأنشد هذه القصيدة:
(الدهر عن طمع يُغر ويخدع .......... وزخارف الدنيا الدنية تطمعُ)

(وأعنة الآمال يُطلقها الرجا .......... طمعاً وأسيافُ المنية تقطعُ)

(والموت آتٍ والحياة شهية .......... والناس بعضهم لبعض يتبعُ)

(وأعلم بأنك عن قليلٍ صائرٌ .......... خبراً فكن خبراً بخير يسمعُ)

(لعلا أبي الفرج الذي بعد التقى .......... والعلم يوم حواه هذا المضجع)

(خبر عليه اشرع أصبح والهاً .......... ذا مقلةٍ جرى عليه تدمعُ)

(من للفتاوي المشكلات وحلها .......... من ذا لخرق الشرع يوماً يرقعُ)

(من للمنابر أن يقوم خطيبها .......... لرد مسألة يقول فيسمعُ)

(42/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 299
(من للجدال إذا الشفاهُ تقلصت .......... وتأخر القرم الهزبر المصقع)

(من للدياجي قائماً ديجورها .......... يتلو الكتاب بمقلةٍ لا تهجعُ)
)
(أجمال دين محمد مات التقي .......... والعلمُ بعدك واستجم المجمع)

(يا قبره جادتك كل غمامة .......... هطالةٍ بركابه لا تقلع)

(فيك الصلاة مع الصلات فته به .......... وانظر به بارئك ماذا يصنع)

(يا أحمداً خذ أحمد الثاني الذي .......... ما زال عنك مدافعاً لا يرجع)

(أقسمت لو كشف الغطاء لرأيتمُ .......... وفد الملائك حوله يتسرعوا)

(ومحمد يبكي عليه وآله .......... خيرُ البرية البطين الأنزعُ)
في أبيات. ومن العجائب أنا كنا يومئذ بعد انقضاء العزاء عند القبر، وإذا بخالي محيي الدين يوسف قد صعد من الشط، وخلفه تابوت، فقلنا: ترى من مات في الدار وإذا بها خاتون والدة محيي الدين، وعهدي بها ليلة الجمعة في عافية، وهي قائمة، فكان بين موتهما يوم وليلة. وعد الناس ذلك من كراماته، لأنه كان مغرى بحبها. وخلف من الوليد علياً، هو الذي أخذ مصنفات والده وباعها بيع العبيد، ومن يزيد. ولما أحدر والده إلى واسط تحيل على كتبه بالليل، وأخذ منها ما أراد، وباعها ولا بثمن المداد. وكان أبوه قد هجره منذ سنين، فلما امتحن صار إلباً عليه. مات أبوه ولم يشهد موته. وخلف محيي الدين يوسف، وكان قد ولد سنة ثمانين وخمسمائة، وسمع الكثير، وتفقه، وناظر، ووعظ تحت ترب والدة الخليفة، وقامت بأمره

(42/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 300
أحسن قيام. وولي حسبة بغداد سنة أربع وستمائة. ثم ترسل عن الخلفاء، وتقلبت به ا لأحوال حتى بلغ أشرف مآل إلى سنة أربعين وستمائة. ثم ولي أستاذ دارية الخلافة. وكان لجدي ولد اسمه عبد العزيز، وهو أبكر أولاده. سمع معه من ابن ناصر، وأبي الوقت، والأرموي، وسافر إلى الموصل، فوعظ بها سنة بضعٍ خمسين، وحصل له القبول التام، ومات بها شاباً. وكان له بنات منهن أمي رابعة، وشرف النساء، وزينب، وجوهرة، وست العلماء الكبرى، وست العلماء الصغرى. قلت: ومع تبحر ابن الجوزي في العلوم، وكثر اطلاعه، وسعة دائرته، ولم يكن مبرزاً في علم من العلوم، وذلك شأن كل من فرق نفسه في بحور العلم. ومع أنه كان مبرزاً في التفسير،) والوعظ، والتاريخ، ومتوسطاً في المذهب، متوسطاً في الحديث، له اطلاع تام على متونه. وأما الكلام على صحيحه وسقيمه، فما له فيه ذوق المحدثين، ولا نقد الحُفاظ المبرّزين. فإنه كثير الاحتجاج الأحاديث الضعيفة، مع كونه كثير السياق لتلك الأحاديث في الموضوعات. والتحقيق أنه لا ينبغي الاحتجاج بها، ولا ذكرها في الموضوعات. وربما ذكر في الموضوعات أحاديث حساناً قوية. ونقلتُ من خط السيف أحمد بن المجد، قال: صنف ابن الجوزي كتاب الموضوعات، فأصاب في ذكره أحاديث شنيعة مخالفة للنقل والعقل. ومما لم يصب فيه إطلاق الوضع على أحاديث بكلام بعض الناس في أحد رواتها، كقوله: فلان ضعيف، أو ليس بالقوي، أو لين، وليس ذلك الحديث مما يشهد القلب ببطلانه، ولا فيه مخالفة ولا معارضة لكتاب ولا سنة لا إجماع، ولا حجة بأنه موضوع، سوى كلام ذلك الرجل في رواية، وهذا عدوان ومجازفة. وقد كان أحمد بن حنبل يقدم الحديث الضعيف على القياس.

(42/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 301
قال: فمن ذلك أنه أورد حديث محمد بن حِمْيَر السَّليحي، عن محمد بن زياد الألهانيّ، عن أبي أُمامة، في فضل قراءة آية الكُرسيّ في الصلوات الخمس، وهو: من قرأ الكُرسيّ دُبُرَ كلّ صلاةٍ مكتوبةٍ لم يمنعه من دخول الجنّة إلا الموت. وجعله في الموضوعات، لقول يعقوب بن سُفيان محمد بن حِمْير ليس بالقوي. ومحمد هذا قد روى البخاريّ في صحيحه، عن رجلٍ، عنه. وقد قال ابن مَعين إنه ثقة. وقال أحمد بن حنبل: ما عَلِمت إلاّ خيراً. قال السيف: وهو كثير الوهم جداّ فإنّ في مشيخته مع صِغَرها وَهْمٌ في مواضع. قال في الحديث التاسع وهو اهتزاز العرش: أخرجه البخاري، عن محمد بن المثنّى، عن الفضل بن هشام، عن الأعمش. قلت: والفضل إنما هو ابن مساور رواه عن أبي عَوَانَة، عن الأعمش، لا عن الأعمش نفسه. والحادي والعشرين، قال: أخرجه البخاري، عن ابن منير، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وإنما يرويه ابن منير، عن أبي النّضر، عن عبد الرحمن. والسادس والعشرين فيه: أنا أبو العبّاس أحمد بن محمد بن الأثرم، وإنما هو محمد بن أحمد. والثاني والثلاثين، قال: أخرجه البخاري، عن الأُوَيْسيّ، عن إبراهيم بن سعْد، عن الزُّهريّ، وإنما هو ابن سعْد، عن صالح، عن الزُّهريّ.)

(42/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 302
وفي التاسع والأربعين: ثنا قتيبة، نا خالد بن إسماعيل، وإنما هو حاتم بن إسماعيل. وفي الثاني والسبعين: أنا أبو الفتح محمد بن علي العشاري، وإنما هو أبو طالب محمد بن علي بن الفتح. وفي الرابع والثمانين: عن حميد بن هلال، عن عفان بن كاهل، وإنما هو هصان. وفي الحديث الثاني: أخرجه البخاري، عن أحمد بن أبي إياس، وإنما هو آدم. قال لنا شيخنا أبو عبد الله الحافظ: كتبتُ المشيخة من فرعٍ، فإذا فيها أحمد، فاستنكرته، فراجعتُ الأصل، فإذا هو أيضاً على الخطأ. وذكر وفيات بعض شيوخه وقد خولف كيحيى بن ثابت، وابن خضر، وابن المقرب، هذه عدة عيوب في كراريس قليلة. وسمعتُ أبا بكر محمد بن عبد الغني ابن نُقطة، يقول: قيل لأبي محمد بن الأخضر: ألا تجيب ابن الجوزي عن بعض أوهامه قال: إنما يتتبع على من قل غلطه، فأما هذا فأوهامه كثيرة، أو نحو هذا. قلت: وذلك لأنه كان كثير التاليف في كل فن فيصنف الشيء ويُلقيه، ويتكل على حفظه. قال السيف: وما رأيت أحداً يعتمد عليه في دينه وعلمه وعقله راضياً عنه. قال جدي رحمه الله: كان أبو المظفر بن حمدي أحد العدول والمشار إليهم ببغداد ينكر على ابن الجوزي كثيراً كلماتٍ يخالف فيها السنة. قال السيف: وعاتبه الشيخ أبو الفتح بن المني في بعض هذه الأشياء التي حكيناها عنه.

(42/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 303
ولما بان تخليطه أخيراً رجع عنه أعيان أصحابنا الحنابلة، وأصحابه وأتباعه. سمعت أبا بكر ابن نقطة في غلاب ظني يقول: كان ابن الجوزي يقول: أخاف شخصين: أبا المظفر بن حمدي، وأبا القاسم بن الفراء، فإنهما كان لهما كلمة مسموعة. وكان الشيخ أبو إسحاق العلثي يكاتبه ويُنكر عليه. سمعت بعضهم ببغداد أنه جاءه منه كتاب يذمه فيه، ويعتب عليه ما يتكلم به في السنة. قتل: وكلامه في السنة مضطرب، تراه في وقت سنياً، وفي وقت متجهماً محرفاً للنصوص، والله يرحمه يغفر له. وقرأتُ بخط الحافظ ابن نقطة قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحسن الحاكم بواسط) قال: لما انحدر الشيخ أبو الفرج بن الجوزي إلى واسط قرأ على أبي بكر بن الباقلاني بكتاب الأرشاد لأجل ابنه، وقرأ معه ابنه يوسف. وقال الموفق عبد اللطيف: كان ابن الجوزي لطيف الصورة، حلو الشمائل، رخيم النغمة، موزون الحركات والنغمات، لذيذ المفاكهة، يحضر مجلسه مائة ألف أو يزيدون، لا يضيع من زمانه شيئاً، يكتب في اليوم أربعة كراريس، ويرتفع له كل سنة من كتابته ما بين خمسين مجلداً إلى ستين. وله في كل علم مشاركة، لكنه في التفسير من الأعيان، وفي الحديث من الحافظ، وفي التاريخ من المتوسعين، ولديه فقه كافٍ. وأما السجع الوعظي فله فيه ملكة قوية، إن ارتجل أجاد، وإن روى أبدع. وله في الطب كتاب اللقط، مجلدان. وله تصانيف كثيرة. وكان يراعي حفظ صحته وتلطيف مزاجه، ما يفيد عقله قوة، وذهنه

(42/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 304
حدة أكثر مما يراعي قوة بدنه ونيل لذاته. جل غذائه الفراريج والمزورات، ويعتاض عن الفاكهة بالأشربة والمعجونات، ولباسه أفضل لباس، الأبيض الناعم المطيب. ونشأ يتيماً على العفاف والصلاح، وله ذهن وقاد، وجوابٌ حاضر، ومجون لطيف، ومُداعبات حلوة. وكانت سيرته في منزله المواظبةُ على القراءة والكتابة. ولا ينفك من جارية حسناء في أحسن زي، لا تلهيه عما هو فيه، بل تعينه عليه وتقويه. وقرأت بخط الموقاني أن أبا الفرج كان قد شرب حب البلاذر على ما قيل فسقطت لحيته، فكانت قصيرة جداً، وكان يخضبها بالسواد إلى أن مات. ثم عظمه وبالغ في وصفه، ثم قال: ومع هذا فهو كثير الغلط فيما يصنفه، فإنه كان يصنف الكتاب ولا يعتبره رحمه الله وتجاوز عنه.
4 (عبد الرحمن بن أبي الكرم محمد بن أبي ياسر هبة الله.)
عرف بابن ملاح الشط.

(42/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 305
سمع: ابن الحصين، وأبا الحسن علي بن الزاغوني، وأبا غالب بن البنّا، وأبا البركات يحيى بن عبد الرحمن الفارقي، وأبا بكر الأنصاري، وجماعة. وكان شيخاً صلاحاً معمراً، محباً للرواية، وصار بواباً لمدرسة والدة الناصر لدين الله.) روى عنه: ابن خليل، وابن النجار، والضياء، والنجيب عبد اللطيف، وابن عبد الدائم. وأجاز لابن أبي الخير، والقطب أحمد بن أبي عصرون، وسعد الدين الخضر بن حمويه، وطائفة آخرهم الشيخ الفخر. توفي في الخامس والعشرين من صفر في عشرة المائة.
4 (عبد الصمت بن جوشن بن المفرج.)
أبو محمد التنوخي، الدمشقي، القواس، الفقيه الشافعي. سمع: أبا الدر ياقوت بن عبد الله الرومي. روى عنه: ابن خليل، والشهاب القوصي. وأجاز لابن أبي الخير. وتوفي في ثالث المحرم.
4 (عبد المحسن بن أحمد بن عبد الوهاب.)
أبو منصور الأزجي، البزاز، المعروف بالزابي. سمع: أبا البركات يحيى بن عبد الرحمن الفارقي، وأبا الفضل عبد الملك محمد بن يوسف، وأبا سعد أحمد بن محمد البغدادي.

(42/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 306
روى عنه: ابن خليل، وغيره. وأجاز لابن أبي الخير. توفي في رجب.
4 (عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن أحمد.)
أبو محمد بن الفرس الأنصاري، الخزرجي، الغرناطي، الفقيه المالكي. سمع: أباه، وجده أبا القاسم. ونفقه وكتب أصول الفقه والدين وبرع. وكان مولده في سنة أربع وعشرين وخمسمائة تقريباً. ذكره أبو عبد الله الأبار في التكملة، فقال: سمع أبا الوليد بن بقوة، وأبا محمد بن أيون، وأبا الوليد بن الدباغ، وأبا الحسن بن هذيل وأخذ عنه القراءات. وأجاز له خلق منهم: أبو الحسن بن موهوب، وأبو عبد الله بن مكي، وأبو الحسن بن الباذش،) وأبو القاسم بن بقي. وكان له تحقق بالعلوم على تفاريقها،، وأخذ في كل فن منها، وتقدم في حفظ الفقه، مع المشاركة في علم الحديث، والعكوف على العلم. سمعت أبا الربيع بن سالم يقول: سمعتُ أبا بكر بن الجد، وناهيك به،

(42/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 307
يقول غير مرة: ما أعلم بالأندلس أحفظ لمذهب مالك من عبد المنعم بن الفرس بعد أبي عبد الله بن زرقون، وبيته عريق في العلم. قال الأبار: وألف عبد المنعم كتاباً في أحكام القرآن من أحسن ما وضع في ذلك. وحدث عنه جلة شيوخنا وأكابر أصحابنا. وقال أبو عبد الله التجيبي، وذكر عبد المنعم بن الفرس: رأيت من حفظه وذكائه وتفننه في العلوم عند رحلتي إلى أبيه فأعجبت منه، وأنشدني كثيراً من نظمه، واضطرب قبل موته بيسير لاختلال أصابه في صدر سنة خمس وتسعين وخمسمائة من علة خدرٍ طاولته، فترك الأخذ عنه إلى أن توفي في رابع جمادى الآخرة سنة سبع، وشيعه أمم. وكسر نعشه وتقسموه رحمه الله تعالى. قلت: روى عنه: إسماعيل بن يحيى الغرناطي العطار، وعبد الغني بن محمد الغرناطي، وأبو الحسين يحيى بن عبد الله الداني الكاتب، وآخرون. وسمع منه الشرف المرسي موطأ مالك، رحمه الله تعالى.
4 (عبد الواحد بن مسعود بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد.)
أبو غالب ابن الشيخ الأجل أبي منصور بن الحصين الشيباني، نظام الدين البغدادي الكاتب. ولد سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، وروى عن: أبي الوقت، وأبي الكرم الشهرزوري، وجماعة. وحدث بالشام ومصر. وتوفي في رمضان بحلب.

(42/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 308
وكان قد ولي ديوان الشام، وضيق على الأمير أسامة بن منقذ في جامكيته فقال:
(أضحى أسامة خاضعاً متذللاً .......... لابن الحصين لبلغةٍ من زاده)

(فأعجب لدهر جائر في حكمه .......... تسطو ثعالبه على آساده)
)
4 (علي بن أحمد بن وهب.)
الأزجي، البزاز. سمع: ابن ناصر، وأبا الفضل الأرموي، والكروخي. وتوفي في جمادى الآخرة. وكان فقيهاً، صحب الشيخ عبد القادر، وصار أحد المعيدين لدرسه.

(42/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 309
4 (علي بن محمد بن الحسن بن الطيب.)
أبو القاسم القرشي، الزهري، الكوفي، المعدل. سمع أبا البركات عمر بن إبراهيم الزيدي، وأحمد بن ناقة. وتوفي في ربيع الأول، ويعرف بابن غنج. روى عنه: الدبيثي.
4 (عمر بن أحمد بن حسن بن علي بن بكرون.)
أبو حفص النهرواني، ثم البغدادي، المقرئ المعدل. قرأ القراءات على أبي الكرم الشهرزوري. وسمع: أبا الفضل الأرموي، الفضل بن سهل الإسفرائيني، وابن ناصر. وولي خزانة الديوان العزيز. روى عنه: ابن خليل. وأجاز لأحمد بن أبي الخير. وتوفي رحمه الله في رجب.
4 (عمر بن عبد الكريم بن أبي غالب.)

(42/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 310
الحربي الحمامي. حدث عن: عبد الله بن أحمد بن يوسف. وعنه: ابن خليل. وبالإجازة: ابن أبي الخير. توفي في شعبان.
4 (عمر بن علي بن عمر.)
) أبو علي الحربي، الواعظ. عرف بابن النوام. كان له لسان في الوعظ، وقول الشعر. سمع: هبة الله بن الحُصين، وأبا الحسين بن الفراء، وأبا بكر الأنصاري. روى عنه: ابن خليل، والدبيثي، والضياء محمد، وابن عبد الدائم، وآخرون. وبالإجازة: ابن أبي الخير، والفخر علي. ولد في صفر سنة أربع عشرة وخمسمائة. وتوفي في وسط شوال.

(42/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 311
4 (عمر بن محمد بن أبي الجيش.)
أبو محمد الهمذاني، والصوفي. له ببلدة رباط يخدم فيه الواردين. سمع: أبا المعالي محمد بن عثمان المؤدب، وأبا العلاء الحافظ.
4 (عوض بن عبد الرحمن بن علي.)
البزاز. عرف بالمشهدي. حدث عن: أبي البركات بن حبيش. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل. ومات في المحرم.
4 (عيسى بن نصر بن منصور.)
النميري أبو محمد، الشاعر ابن الشاعر. كان من شعراء الديوان العزيز، وشعره جيد. مات في رمضان.
4 (حرف الفاء)

4 (فضائل بن فضائل.)
المقدسي، المرداوي، الفقيه.

(42/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 312
توفي بالموصل.
4 (حرف القاف)
)
4 (قراقوش.)
الأمير بهاء الدين الأسدي، الخادم الأبيض فتى أسد الدين شيركوه. لما استقل السلطان صلاح الدين بمصر جعله زمام القصر، وكان مسعوداً، ميمون النقيبة، صاحب همة. بنى السور المحيط بمصر والقاهرة، وبنى قلعة الجبل، وبنى قناطر الجيزة في الدولة الصلاحية. ولما فتح صلاح الدين عكا سلمها إليه، فملا أخذتها الفرنج حصل قراقوش أسيراً. فافتكه منهم بعشرة آلاف دينار فيما قيل. وله حقوق على السلطان والإسلام. والأسعد بن مماتي كراس سماه الفاشوش في أحكام قراقوش فيه أشياء مكذوبة عليه، وما كان صالح الدين ليستنيبه لولا وثوقه بعقله ومعرفته. توفي رحمه الله في رجب، ودفن بسفح المقطم. قال المنذري: كانت له رغبة في الخير وآثار حسنة. وناب عن صلاح الدين مدة بالديار المصرية.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن صالح بن المصحح.)
أبو الفضل الدقاق، الأزجي، ويسمى أيضاً المبارك.

(42/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 313
سمع مجلساً من ابن الحصين سنة أربع وعشرين، ولم يسمع منه أحد، لكن استجازه ابن النجار فأجاز له. قال: وظفرت بسمعه بعد موته بثلاثين سنة. وكان شيخاً حسناً متيقظاً. عاش إحدى وثمانين سنة.
4 (محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عمران.)
أبو بكر الغافقي، الأندلسي. من أهل المرية. له مصنف حسن في الشروط. روى عن: الحسن بن موهب الجذامي، وأبي القاسم بن ورد، وأبي الحسن بن معدان، وجماعة. وتوفي في صفر رحمه الله.)
4 (محمد بن أحمد بن عبد الله.)
أبو عبد الله الإصبهاني، الفارفاني، وفارفان: من قرى إصبهان. ولد سنة أربع عشرة وخمسمائة. وسمع حضوراً من عبد الواحد الدشتي صاحب أبي نعيم الحافظ. وسمع من: فاطمة الجوزدانية. وأخته عفيفة أسنّ منه بأربع سنين. روى عنه بالإجازة: أحمد بن أبي الخير، وغيره. وتوفي في رمضان.
4 (محمد بن أحمد بن حامد.)
الربعي، الضميري، الدمشقي، البزاز. روى عن: أبي الدر ياقوت الرومي. وكان ثقة ديناً.

(42/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 314
روى عنه: ابن خليل، والقوصي، وغيرهما.
4 (محمد بن إدريس بن أحمد بن إدريس.)
الشيخ أبو عبد الله العجلي، الحيل، فقيه الشيعة وعالم الرافضة في عصره. وكان عديم النظير في علم الفقه. صنف كتاب الحاوي لتحرير الفتاوي، ولقبه بكتاب السرائر، وهو كتاب مشكور بين الشيعة. وله كتاب خلاصة الاستدلال، وله منتخب كتاب التبيان فقه، وله مناسك الحج، وغير ذلك في الأصول والفروع. قرأ على الفقيه راشد بن إبراهيم، والشريف شرف شاه. وكان بالحلة، وله أصحاب وتلامذة، ولم يكن للشيعة في وقته مثله. ولبعضهم فيه قصيدة يفضله فيها على محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه، وما بينهما أفعل تفضيل.
4 (محمد بن الحسين بن عباس.)
فقير بغدادي صالح. حدث عن: أبي بكر الأنصاري.) وتوفي في المحرم.
4 (محمد بن أبي زيد بن حمد بن أبي نصر)

(42/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 315
أبو عبد الله الإصبهاني، الكراني، الخباز، شيخ معمر عالي الإسناد، رحلة الوقت. ولد سنة سبع وتسعين وأربعمائة، وكمل مائة سنة. وسمع: أبا علي الحداد، وفاطمة الجوزدانية، ومحمود بن إسماعيل الصيرفي روى عنه سائر معجم الطبراني الكبير، بسماعه من ابن فاذشاه، عن المؤلف. روى عنه: أبو موسى عبد الله بن عبد الغني، وبدل التبريزي، ويوسف ابن خليل، وإسماعيل بن ظفر، وجماعة. وبالإجازة: أحمد بن أبي الخير، والفخر علي. وتوفي في ثالث شوال. وكران: محلة بإصبهان.
4 (محمد بن أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن الحافظ أبي محمد السحن بن محمد)
الخلال. أبو الحسن البغدادي، الوكيل الحاجب. روى عن: أبي الفضل الأرموي، وغيره. وعنه: أبو عبد الله بن النجار، وقال: كان ساكناً متواضعاً. توفي في ذي الحجة.
4 (محمد بن علي بن أحمد بن سراج.)

(42/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 316
أبو الفتح البغدادي، البيع، سبط أبي المظفر الصباغ. شاهد جميل السيرة، دين. سمع من: عم جده أبي القاسم علي بن الصباغ، والأرموي، وعمر بن ظفر. روى عنه: ابن النجار وأثنى عليه. وقال: مات في المحرم.
4 (محمد بن أبي القاسم علي بن إبراهيم.)
أبو الحسن البغدادي الكاتب.) ولد سنة ثلاث وعشرين. وسمع من: قاضي المرستان أبي بكر، وإسماعيل بن السمرقندي، ويحيى بن البنا، يحيى بن الطراح. وولي نظر أوانا مدة. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، وحفيده محمد بن الكريم، وغيره. وتوفي سن سبع وتسعين في جمادى الآخر. وكان من الأدباء الظرفاء اللطفاء. نسخ كثيراً من مسموعاته ومن كتب الأدب. وله مجموع كبير في عشرين مجلدة. وكان صدوقاً.
4 (محمد بن محمد بن حامد بن محمد بن عبد الله بن علي بن محمود بن هبة الله بن أله.)

(42/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 317
الإمام العلامة، المنشيء، البليغ، الوزير، عماد الدين، أبو عبد الله الإصبهاني، الكاتب، المعروف قديماً بابن أخي العزيز. ولد بإصبهان سنة تسع عشرة وخمسمائة، وقدم بغداد وهو ابن عشرين سنة أو نحوها. ونزل بالنظامية، وتفقه وبرع في الفقه على أبي منصور سعيد ابن الرزاز، وأتقن الخلاف، والنحو، والأدب. وسمع من: ابن الرزاز، وأبي منصور بن خيرون، وأبي الحسن علي بن عبد السلام، والمبارك بن علي السمذي، وأبي بكر الأشقر، وأبي القاسم علي بن الصباغ، وطائفة.

(42/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 318
وأجاز له أبو القاسم بن الحصين، وأبو عبد الله الفراوي. ورجع إلى إصبهان سنة ثلاثٍ وأربعين، وقد برع في العلوم، فسمع بها، وقرأ الخلاف على أبي المعالي الوركاني، ومحمد بن عبد اللطيف الخجندي، ثم عاد إلى بغداد. وتعانى الكتابة والتصرف. وسمع بالثغر من السلفي، وغيره. روى عنه: ابن خليل، والشهاب القوصي، والخطير فتوح بن نوح الخوي، والعز عبد العزيز بن عثمان الإربلي، والشرف محمد بن إبراهيم بن علي الأنصاري، والتاج القرطبي، وآخرون. وبالإجازة أحمد بن أبي الخير، وغيره. وأله اسم فارسي معناه العقاب.) ذكره ابن خلكان، وقال: كان شافعياً، تفقه بالنظامية، وأتقن الخلاف وفنون الأدب، وله من الشعر والرسائل ما هو مشهور. ولما مهر تعلق بالوزير عون الدين يحيى بن هبيرة ببغداد، فولاه نظر البصرة، ثم نظر واسط. فلما توفي الوزير ضعف أمره، فانتقل إلى دمشق فقدمها في سنة اثنتين وستين وخمسمائة، فتعرف بمدبر الدولة القاضي كمال الدين الشهرزوري، واتصل بطريقه بالأمير نجم الدين أيوب والد صالح الدين، وكان يعرف عمه العزيز من قلعة تكريت، فأحسن إليه. ثم استخدمه كمال الدين عند نور الدين في كتابة الإنشاء. قال العماد: وبقيت متحيراً في الدخول فيما ليس من شأني، ولا تقدمت لي به دربة. فجبن عنها في الابتداء، فلما باشرها هانت عليه، وصار منه ما صار. وكان بنشيء بالعجمية أيضاً. وترقت منزلته عند السلطان نور الدين، وأطلعه على سره، وسيره رسولاً إلى بغداد في أيام المستنجد، وفوض إليه تدريس المدرسة المعروفة بالمعادية بدمشق في سنة سبع وستين، ثم رتبه في أشرف الديوان في سنة ثمان.

(42/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 319
فلما توفي نور الدين وقام ولده ضويق من الذين حوله وخوف، إلى أن ترك ما هو فيه، وسافر إلى العراق، فلما وصل إلى الموصل مرض. ثم بلغه خروج السلطان صلاح الدين من مصر لأخذ دمشق، فعاد إلى الشام في سنة سبعين، وصالح الدين نازل على حلب، فقصده ومدحه، ولزم ركابه، وهو مستمر على عطلته، إلى أن استكتبه واعتمد عليه، وقرب، منه حتى صار يضاهي الوزراء. وكان القاضي الفاضل ينقطع عن خدمة السلطان في مصالح الديار المصرية، فيقوم العماد مقامه. وله في المصنفات خريدة القصر وجريدة العصر جعله ذيلاً على زينة الدهر لأبي المعالي سعد بن علي الخطيري. وزينة الدهر ذيل على دمية القصر وعصرة أهل العصر للباخرزي، والدمية ذيل على يتيمة الدهر للثعالبي، واليتيمة ذيل على كتاب البارع لهارون بن علي المنجم. فذكر العماد في كتابه الشعراء الذي كانوا بعد المائة الخامسة إلى سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وجمع شعراء العراق، والعجم، والشام والجزيرة، ومصر، والمغرب، هو في عشر مجلدات. وله كتاب بالبرق الشامي في سبع مجلدات. وإنما سماه البرق الشامي لأنه شبه أوقاته في الأيام) النورية والصلاحية بالبرق الخاطف لطيبها وسرعة انقضائها. وصنف كتاب الفتح القسي في الفتح القدسي في مجلدين، وصنف كتاب السيل والذيل، وصنف كتاب نضرة الفترة وعصرة الفطرة في أخبار بني سلجوق ودولتهم، وله ديوان رسائل كبير، وديوان شعر في أربع مجلدات، وديوان جميعه دوبيت، وهو صغير. وكان بينه وبين القاضي الفاضل مخاطبات ومحاورات ومكاتبات. قال مرة للفاضل: سر فلا كبا بك الفرس.

(42/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 320
فقال له: دام علا العماد. وذلك مما يقرأ مقلوباً صحيحاً. قال ابن خلكان: ولم يزل العماد على مكانته إلى أن توفي السلطان صلاح الدين، فاختلت أحواله، ولم يجد في وجهه باباً مفتوحاً. فلزم بيته وأقبل على تصانيفه. وأله: معناه بالعربي العُقاب، وهو بفتح الهمزة، وضم اللام، وسكون الهاء. وقيل إن العقاب جميعه أنثى، وإن الذي يسافده طائر من غير جنسه، وقيل: إن الثعلب هو الذي يسافده، وهذا من العجائب. قال ابن عنين في ابن سودة:
(ما أنت إلا كالعُقاب فأمه .......... معروفةً وله أبٌ مجهولُ)
وقال الموفق عبد اللطيف: حكى لي العماد من فلق فيه، قال: طلبني كمال الدين لنيابته في ديوان الإنشاء، فقلت: لا أعرف الكتابة. فقال: إنما أريد منك أن تثبت ما جيري فتخبرني به. فصرتُ أرى الكتب تكتب إلى الأطراف، فقلت لنفسيك لو طلب مني أن أكتب مثل هذا ماذا أكنت أصنع فأخذتُ أحفظ الكتب وأحاكيها، وأروض نفسي فيها. فكتبتُ كتباً إلى بغداد، ولا أطلع عليها أحداً. فقال كمال الدين يوماً: ليتنا وجدنا من يكتب إلى بغداد ويريحنا. فقلت: أنا أكتب إن رضيت. فكتبت وعرضت عليه، فأعجبه فاستكتبني، فلما توجه أسد الدين إلى مصر في المرة الثالثة صحبته. قال الموفق: وكان فقهه على طريقة أسعد الميهني، ومدرسته تحت القلعة. ويوم يدرس تتسابق الفقهاء لسماع كلامه وحسن نكته. وكان بطيء

(42/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 321
الكتابة، ولكن دائم العمل، وله توسع في اللغة،) ولا سعة عنده في النحو. وتوفي بعدما قاسى مهانات ابن شكر. وكان فريد عصره نظماً نثراً. وقد رأيته في مجلس ابن شكر مزحوماً في أخريات الناس. وقال زكي الدين المنذري: كان جامعاً للفضائل: الفقه، الأدب، والشعر الجيد، وله اليد البيضاء في النثر والنظم، وصنف تصانيف مفيدة. قال: وللسلطان الملك الناصر معه من الإغضاء والتجاوز والبسط وحسن الخلق ما يتعجب من وقوع مثله من مثله. توفي رحمه الله في مستهل رمضان بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية. أنبأنا أحمد بن سلامة، عن محمد بن محمد الكاتب، أنبا علي بن عبد السيد، أنا أبو محمد الصريفيني، أنا ابن حبابة: ثنا أبو القاسم البغوي، ثنا علي بن الجعد، أنا شعبة، عن أبي ذبيان، واسمه خليفة بن كعب، قال: سمعت ابن الزبير يقول:: لا تلبسوا نساءكم الحرير فإني سمعتُ عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة رواه البخاري، عن علي بن الجعد رضي الله عنه مثله. ون شعره في قصيدة:
(ما مالكاً رق قلبي .......... أراك مالك رقه)

(ها مُهجتي لك خذها .......... فإنها مستحقة)

(فدتك نفسي برفقٍ .......... ممّا رمتني المشقة.)=

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المستدرك للحاكم فيه8803 كل احاديثه كلها صحيح ما عدا 160.حديث بعد تعقب الذهبي فضعف100 حديث وابن الجوزي60. حديث يصبح كل الصحيح في المستدرك 8743.حديثا

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف 160 .حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي ...