31.
تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام.
تأليف: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 394
4 (السين)
4 (سعيد بن صافي.)
أبو شجاع البغدادي، الحاجب، الجمالي. مولى أبي عبد الله بن جردة. قرأ القرآن على جماعة،
وسمع حضوراً من أبي الخميس العلاف، ثم من ابن بيان، وابن ملة. وكتب الكثير بخطه.
روى عنه: ابن الأخضر، وأبو محمد بن قدامة. وتوفي في رجب.
4 (سليمان بن عبد الواحد.)
أبو الربيع الهمذاني، الغرناطي، قاضي غرناطة. له مصنف في الفقه. حدث عنه: أبو
القاسم الملاحي. وأجاز في هذه السنة لأبي عبد الله الأندرشي، شيخ ألابار.
4 (الشين)
4 (شملة التركماني.)
كان قد تغلب على بلاد فارس، واستحدث قلاعاً، ونهب الأكراد
(39/394)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 395
والتركمان، وبدع. وقوي على السلجوقية، وكان يظهر طاعة الإمام مكراً منه. وتم له
الأمر أكثر من عشرين سنة إلى أن نهض على قتال بعض التركمان، فتهيأوا له، واستعانوا
بالبهلوان ابن إلدكز، فساعدهم جيشه، وعلموا مصافاً، فأصاب شملة سهم، وانكسر جيشه
وأخذ أسيراً هو وولده وابن أخيه. ومات بعد يومين، لا رحمه الله، فما كان أظلمه
وأغشمه.
4 (العين)
4 (عبد الله بن عبد الصمد بن عبد الرزاق.)
أبو محمد السلمي، البغدادي. ذكر أنه من ولد أبي عبد الرحمن السلمي قاريء الكوفة.)
سمع: أبا القاسم الربعي، وأبا الغنائم النرسي، وابن بيان، وجماعة. روى عنه: ابن
الأخضر، والموفق بن قدامة، وابنه الشمس أحمد بن عبد الله السلمي العطار، ونصر بن
عبد الرزاق الجيلي، والخليل بن أحمد الجواسقي، وعثمان بن أبي نصر ابن الوتار،
وجماعة. وتوفي في المحرم.
4 (عبد الرحمن بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الباقي.)
أبو طالب التميمي، الدمشقي. سمعه أبوه من هبة الله بن الأكفاني، وطبقته. ثم سمع هو
بنفسه واشتغل وحصل، وشهد عند القضاة. وتوفي في شوال. كتب عنه أبو المواهب بن صصرى.
(39/395)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 396
4 (عبد الصمد بن محمد بن علي بن أبي الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون.)
أبو الغنائم الهاشمي، العباسي. شيخ صالح عابد، من بيت الحديث والشرف. روى عن: أبي
علي بن نبهان، وأبي النرسي. روى عنه: أحمد بن أحمد البندنيجي، وغيره.
4 (عبد الملك ابن قاضي القضاة أبي طالب روح بن أحمد الحديثي.)
استنابه أبوه في القضاة بدار الخلافة، وعين بعد موت والده للقضاء. بغته الموت وهو
شاب. سمع من: أبي عبد الله السلال، والأرموي. روى عنه: عبد الملك بن أبي محمد
البرداني. وكان ديناً حسن الطريقة، يكنى أبا المعالي. قال ابن النجار: سمعت جارنا
أبا الحسن بن ملاعب يقول: كان القاضي عبد الملك يخرج من دار والده بالطيلسان والوكلاء
والركابية بين يديه وهو راكب، فإذا نزل ودخل ذهب الجماعة. ثم خرج هو في ثياب قصيرة
وعمامة لطيفة، والسجاد على كتفه، فيأتي مسجده بالسوق، فيؤذن) ويقيم.
(39/396)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 397
وكان يسحر في رمضان، وله معرفة بالوقت، رحمه الله تعالى.
4 (عبد الوهاب بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر.)
الطوسي، أخو خطيب الموصل. روى عن: جعفر السراج. وتوفي في شوال. كتب عنه أبو سعد
السمعاني مع تقدمه. وروى عنه: عبد الكريم السندي، ومحمد بن ياقوت.
4 (عثمان بن فرج بن خلف.)
أبو عمرو العبدري، السرقسطي. حج فسمع من: أبي عبد الله الرازي، وعبد الله بن طلحة
النابري، وسكن القاهرة. روى عنه: عوض بن محمود، وأبو عبد الأندرشي، وغيرهما. حدث
في هذا العام ولا أعلم وفاته بعد.
4 (علي بن خلف بن عمر بن خلال.)
أبو الحسن الغرناطي.
(39/397)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 398
روى عن: أبي الحسن بن الباذش، وأبي بكر بن الخلوف، وأبي القاسم ابن النحاس، ومنصور
بن الخير. روى القراءآت. سكن ميورقة وغيرها، وأقرأ القراءآت، وكان عارفاً بها
سخياً، جواداً. روى عنه: أبو عمر بن عياش وأجاز لأبي الخطاب بن واجب، وأبي بكر
عتيق. وكف بصره بأخرة. قال الأبار: وتوفي بميورقة في نحو سنة سبعين.
4 (الفاء)
4 (فاطمة بنت علي بن عبد الله الوقاياتي.)
أم علي البغدادية.) سمعت: أبا عبد الله بن البسري، وأبا القاسم الرزاز. روى عنها:
ابن الأخضر، وموفق الدين بن قدامة، وجماعة. وماتت رحمها الله تعالى في آخر السنة.
4 (فاطمة بنت المحدث أبي غالب محمد بن الحسن الماوردي.)
أم الخير. سمعها أبوها من: أبي عبد الله البسري، وأبي النرسي.
(39/398)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 399
وعنها: أحمد البندنيجي. وماتت في ربيع الآخر.
4 (القاف)
4 (قايماز.)
قطب الدين مملوك المستنجد بالله. ارتفع أمره وعلا قدره في أيام مولاه، فلما استخلف
المستضيء بالله عظم وصار مقدماً على الكل. ولم يكن على يده يد. وقد أراد المستضيء
تولية وزير فمنعه قايماز من ذلك، وأغلق باب النوبي، وهم بأمر سوء، ثم خرج من بغداد
في جيش، فمات بناحية الموصل في ذي الحجة، وكفى الله شره. وكان كريماً طلق الوجه،
قليل الظلم.
4 (الميم)
4 (محمد بن حسين بن عبد الله بن حيوس.)
أبو عبد الله الفاسي، شاعر مفلق، بديع النظم، سائر القول مع الأمراء. وله ديوان.
روى عنه: عبد العزيز بن بدران، وغيره. وعاش سبعين سنة.
4 (محمد بن حمزة بن علي بن طلحة الرازي.)
ثم البغدادي، من أبناء المحتشمين.
(39/399)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 400
سمع: هبة الله بن الحصين. وتوفي في رمضان.) كتب عنه: عمر بن علي، وغيره.
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن خليل.)
أبو عبد الله القيسي، اللبلي. صحب مالك بن وهب ولازمه مدة، وسمع صحيح مسلم من أبي
علي الغساني. وروى عنه، وعن: ابن الطلاع، وخازم بن محمد، وأبي الحسين بن سراج،
وأبي علي الصدفي، وجماعة. وذكر ابن الزبير أن روايته للموطأ عن ابن الطلاع إجازة
إن لم يكن سماعاً. قال الأبار: كان من أهل الرواية والدراية. نزل فارس، ثم مراكش.
أخذ عنه: شيخنا أبو عبد الله الأندرشي، وأبو عبد الله بن عبد الحق، قاضي تلمسان.
4 (محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم.)
أبو بكر الطوسي الملقب ناصح المسلمين. فقيه، إمام، مسند. حدث في رجب من السنة عن:
علي بن أحمد المديني، ونصر الله بن أحمد الخشنامي، والفضل بن عبد الواحد التاجر
أصحاب الحيري، ونحوهم. روى عنه: زينب الشعرية، وولداها المؤيد وبيبى ولدي نجيب
الدين محمد بن علي بن عمر الطوسي، وعثمان بن أبي بكر الخبوشاني، ومحمد بن أبي طاهر
العطاردي، وأبو حامد محمد بن محمد بن أبي سكر السمناني، ثم الجويني، وجماعة.
(39/400)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 401
وكان أسند من بقي بنيسابور في هذا الوقت. وله أربعون سمعناها، خرجها له علي بن عمر
الطوسي. وممن روى عنه: الحسن بن عبيد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن القشيري.
4 (محمد بن المبارك بن محمد بن جابر.)
أبو نصر البغدادي. روى عن: أبي علي بن نبهان، ونور الهدى الزينبي. روى عنه: تميم
بن أحمد، ونصر بن عبد الرزاق، وغيرهما. وتوفي في أواخر السنة وقد أضر.) وعاش نيفاً
وسبعين سنة.
4 (محمد بن محمد بن فارس.)
أبو بكر بن الشاروق، الحريمي، المقرىء. أحد القراء الموصوفين بجودة الأدآء وملاحة
الصوت. سمع: الحسين بن الطيوري. روى عنه: محمد بن مشق، وابن الأخضر. توفي في رجب.
4 (معالي بن أبي بكر بن معالي.)
البغدادي الكيال. سمع: أبا الغنائم النرسي. روى عنه: أبو محمد بن قدامة، والشهاب
بن راجح، والعماد إبراهيم بن عبد الواحد.
4 (الهاء)
4 (هبة الله بن أبي بكر بن طاهر.)
(39/401)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 402
الفزاري، البغدادي، القزاز. روى عن: جده أبي ياسر أحمد بن بندار البقال. وعنه: ابن
الأخضر. توفي في صفر.
4 (هبة الله بن عبد الله بن منصور.)
الأنطاكي، ثم الدمشقي. أبو القاسم الخطيب. روى عن: عبد الكريم بن حمزة. وعنه: أبو
القاسم بن صصرى.
4 (الواو)
4 (ورع بنت أحمد بن عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال.)
بدر التمام. روت عن أبيها عن جده الحافظ أبي محمد.) وعنها: أبو الفتوح بن الحصري،
وغيره.
4 (الياء)
4 (يحيى بن عبد الله بن محمد بن المعمر بن جعفر.)
الثقفي، أبو الفضل، صاحب فخر بن المقتفي، والمستنجد. ناب في الوزارة للمستضيء،
وبقي في المناصب ثمانياً وعشرين سنة.
(39/402)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 403
وكان حافظاً لكتاب الله. وحج مرات كثيرة. وخلف ولدين ماتا شابين.
4 (يوسف بن المبارك بن أبي شيبة.)
أبو القاسم الخياط، المقرىء. صار في آخر أيامه وكيلاً بباب القاضي. وقد قرأ
بالروايات على: أبي العز القلانسي، وجماعة. وسمع: ابن ملة. وآدعى أنه قرأ على أبي
طاهر بن سور، وبان كذبه في ذلك. قرأ عليه جماعة. وروى عنه ابن الأخضر حديثاً. توفي
في رجب. وفيها ولد: سبط السلفي. والشرف المرسي. والبدر عمر بن محمد الكرماني
الواعظ.
(39/403)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 404
4 (المتوفون في هذه الحدود ما بين الستين والسبعين)
4 (الألف)
4 (أحمد بن زهير بن محمد بن الفضل.)
أبو العباس المعروف بملة الإصبهاني. سمع: أبا نهشل عبد الصمد العنبري، ومحمد بن
طاهر المقدسي. وعنه: عمر بن علي القرشي، وأبو محمد بن قدامة.) حدث ببغداد سنة أربع
وستين.
4 (أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن أبي العاصي.)
أبو جعفر النقزي، الشاطبي، المعروف بابن اللاية المقرىء. أخذ القراءآت عن: أبيه
الأستاذ أبي عبد الله. ورحل إلى دانية فأخذ عن: أبي عبد الله محمد بن سعيد. وخلف
أباه في الإقراء. أخذ عنه جماعة، منهم: ابن قيرة الشاطبي. قال الأبار: كان معروفاً
بالضبط والتجويد، كأبيه. قلت: ذكر قبله من توفي سنة ثلاث وستين، وبعده من توفي سنة
تسع وستين وخمسمائة.
4 (الراء)
4 (رجاء بن حامد بن رجاء بن عمر.)
(39/404)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 405
أبو القاسم المعداني الإصبهاني. سمع: رزق الله التميمي، وسليمان بن إبراهيم
الحافظ، ومكي بن منصور بن علان الكرجي، وهذه الطبقة. روى عنه: الحافظ عبد القادر
الرهاوي، وأبو نزار ربيعة اليمني، وسليمان بن داود بن ماشاذة، وسبط محمد بن عمر بن
أبي الفضائل، ومحمود بن محمد الوركاني. وبالإجازة كريمة، وغيرها. أنا سليمان بن
قدامة، انبأنا محمد بن محمد بن أبي المعالي الوثابي، نا رجاء بن حامد قراءة، فذكر
حديثاً.
4 (العين)
4 (عبد الله بن أسد بن عمار.)
الدقاق أبو محمد بن السويدي شيخ معمر، روى بالإجازة المطلقة. روى عن: عبد العزيز
الكتاني. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى في معجمه، وقال: توفي بعد الستين.
4 (عبد الله بن محمد بن أبي العباس.)
) أبو بكر النوقاني. قدم دمشق في سنة سبع وستين، وحدث بها بحضرة الحافظ ابن عساكر.
ونزل بقية الطواويس. وروى عن: أبيه، عن أبي بكر بن خلف الشيرازي، وغيره. روى عنه:
أبو القاسم بن صصرى، وعبد الكريم خطيب زملكا، وآخرون. مولده في سنة إحدى عشرة
وخمسمائة.
(39/405)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 406
4 (عبد الله بن محمد بن سهل العبدري.)
إمام جامع ميورقة. سمع بشاطبة من أبي عمران بن أبي تليد. وأقرأ بإشبيلية القراءآت
على شريح. مات بعد الستين وخمسمائة.
4 (عبد الله بن عمر بن سليخ.)
أبو محمد البصري. حدث بمربد البصرة. كان منزله بها. سمع من: جعفر بن محمد بن الفضل
العباداني، ولعله آخر من روى عنه. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، ويوسف بن أحمد
الشيرازي، وأبو السعود محمد بن محمد بن جعفر البصري، وغيرهم. وحدث في سنة ثمان
وستين. وآخر من روى عنه أبو السعود عبد الله بن عبد الودود البصري الدباس.
4 (عبد الله بن محمد بن عبد الله.)
أبو الفتوح الجوهري، الإصبهاني. سمع: أبا نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار، وأبا
بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه، وإسماعيل بن أبي عثمان الصابوني، وأحمد بن
أبي الفتح الخرقي. أجاز لابن اللتي، ولكريمة.
4 (عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر.)
أبو محمد الطوسي، الخطيب.) كان بالموصل مع إخوته. ولد ييغداد في سنة ثمانين
وأربعمائة.
(39/406)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 407
وسمع من: طراد، وابن طلحة النعالي. وسمع كتاب شريعة المقاري لأبي بكر بن أبي داود،
على أبي الحسين ابن الطيوري في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. سمع منه: أبو المحاسن
علي القرشي، وأبو الحسن الزيدي، وأبو محمد ابن الأخضر، وابن أخيه عبد المحسن ابن
خطيب الموصل. وأجاز لأبي منصور بن عفجة، ولكريمة. وبقي إلى بعد الستين.
4 (عبد الرحمن بن محمود بن مسعود بن أحمد.)
أبو حامد المسعودي، البنجديهي، الخمقري، المروزي. ذكره أبو سعد السمعاني في
التحبير فقال: من أهل بنجديه، شيخ صالح، عفيف، معمر، تفرد برواية الجامع للترمذي،
عن القاضي أبي سعيد محمد بن علي بن الدباس. سمعت منه بعض الكتاب، ونشأ له ولد اسمه
محمد، فهم الحديث، وبالغ في طلبه، ورحل إلى العراق، والشام، ومصر، والإسكندرية.
قلت: هو تاج الدين محمد بن عبد الرحمن المسعودي المتوفى بعد الثمانين وخمسمائة.
وأما أبوه عبد الرحمن صاحب الترجمة فروى عنه جامع الترمذي بالإجازة القاضي أبو نصر
بن الشيرازي.
4 (عبد الرحيم بن عبد الجبار بن يوسف.)
(39/407)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 408
أبو محمد التجيبي، الأندلسي، السمنتي، وسمنت حصن. أخذ القراءآت بالمرية عن أبي
القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن رضا. وتصدر للإقراء بمرسية. وتوفي في حدود السبعين.
مولده سنة ثمان وتسعين وأربعمائة.
4 (عبد الرحيم بن محمد بن أبي العيش.)
) أبو بكر الأنصاري. روى عن: أبي محمد بن عتاب، وأبي علي الصدفي، وأبي عمران بن
أبي تليد، وجماعة. وسكن مراكش وحدث بها. وتوفي في رأس السبعين تقريباً. روى عنه:
أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الزهري، والقاضي أبو الحسن الزهري.
4 (عبد الصمد بن ظفر بن سعيد بن ملاعب.)
أبو نضر الربيعي، الحلبي، المعروف بالقباني. سمع من: طاهر بن عبد الرحمن بن العجمي
جزءاً من رواية علي بن عمر الحربي السكري. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه
أبو القاسم. لقياه بحلب في حدود الستين وخمسمائة.
4 (عبد العزيز بن علي بن محمد بن سلمة.)
أبو الأصبغ ويقال: أبو حميد السماتي، الإشبيلي، الطحان. ويعرف بابن الحاج أيضاً.
(39/408)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 409
من جلة المقرئين. قرأ على أبي الحسن شريح بن محمد، وأبي العباس ابن عيشون. وقد مر
في سنة إحدى وستين على التقريب.
4 (عبد الكريم بن عمر بن أحمد بن عبد الواحد.)
أبو إبراهيم الإصبهاني، العطار، المعروف بالجنيد. سمع: القاسم بن الفضل الثقفي.
وأجاز لكريمة.
4 (علي بن أبي منصور بن عبد الصمد بن أبي بكر أحمد بن محمد بن الحافظ أبي بكر
أحمد)
ابن موسى بن مردويه بن فورك. أبو المحاسن الإصبهاني. من بيت الحديث والعلم. سمع:
القاسم بن الفضل، ومكي بن منصور السلار، وغيرهما. روى عنه: عبد القادر الرهاوي.)
وبالإجازة: ابن اللتي، وكريمة.
4 (عمر بن محمد بن أحمد بن علي بن عديس.)
أبو حفص القضاعي، البلنسي، اللغوي، صاحب أبي محمد البطليوسي. حمل عنه الكثير، ورحل
إلى باجة، فأخذ عن: أبي العباس بن حاطب، وقرأ عليه الكامل للمبرد، وغيره في سنة ست
وعشرين. وصنف كتاباً حافلاً في المثلث في عشرة أجزاء ضخام، دل على تبحره وسعة
اطلاعه وحفظه للغة. وشرح الفصيح شرحاً مفيداً.
(39/409)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 410
وسكن تونس، وبها توفي في حدود السبعين. قاله الأبار.
4 (الميم)
4 (محمد بن أحمد بن عساكر.)
الأزدي، المرسي. سمع الشهاب من أبي القاسم بن الفحام. وحدث به قبل السبعين. وسمع
منه: عبد الكبير بن بقي، وغيره.
4 (محمد بن الحسن بن هبة الله.)
أبو عبد الله بن عساكر الدمشقي، أخو الحافظ أبو القاسم، والصائن. ولد بعد
الخمسمائة بقليل. قال القاسم بن عساكر: هو عم الأوسط. سمع الكثير من: عبد الكريم
بن حمزة، وأبي الحسن بن قيس المالكي. وتفقه على: أبي الفتح نصر الله المصيصي.
وسمعت بقراءته كثيراً. وما أظنه حدث. وكان شيخاً كريماً، حسن الأخلاق، كثير
التلاوة. قلت: هو والد العلامة فخر الدين، وزين الأمناء، وتاج ألامناء أبي نصر عبد
الرحيم. توفي رحمه الله سنة بضع وستين.
4 (محمد بن سعيد بن محمد بن سعيد بن أحمد بن مدرك.)
أبو عبد الله وأبو بكر الغساني المالقي.) روى عن: أبي الحسن بن مغيث، وأبي جعفر بن
عبد العزيز، وأبي بكر بن العربي، وجماعة.
(39/410)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 411
قال الأبار: وكان مؤرخاً، نسابة، فصيحاً، جمع ما لا يوصف من الكتب، وحدث عنه: أبو
الحجاج بن الشيخ، وأبو علي الرندي، وأبو محمد بن غلبون شيخنا.
4 (محمد بن عبيد الله بن أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن.)
الإصبهاني، الحداد. روى عن: جده، وأبي العباس أحمد بن أبي الفتح الخرقي، وغيرهما.
وأجاز لكريمة وحدث. وكان خطيباً نبيلاً، حريصاً على الرواية، له فهم ومعرفة. وقد
سمع أيضاً من: أبي مطيع محمد بن عبد الواحد المصري، وأبي سعيد المطرز. وولد بنيسابور
إذ أبوه بها، وحضر عند أبي سعد بن أبي صادق، وغيره.
4 (محمد بن أبي الحكم عبيد الله بن مظفر.)
الباهلي، ثم الأندلسي، ثم الدمشقي، أبو المجد الطبيب. رئيس الأطباء بدمشق، ويلقب
بأفضل الدولة. كان مع براعته في الطب بصيراً بالهندسة، لعاباً بالعود، مجوداً للموسيقى،
وله يد في عمل الآلات. قد صنع أرغناً، وبالغ في تحزيزه. اشتغل على والده أبي الحكم
المتوفى سنة تسع وأربعين. وكان السلطان نور الدين يقدمه ويرى له، ورد إليه أمر
الطب بمارستانه الذي أنشأه، فكان يدور على المرضى، ثم يجلس في الإيوان يشغل
الطلبة، ويبحثون نحو ثلاث ساعات. وكان حياً في هذا الوقت. ولم يذكر ابن أبي أصيبعة
وفاته.
(39/411)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 412
4 (محمد بن علي بن عبد الله.)
أبو بكر البتماري، الحريمي، المعروف بابن العجيل. وبتماري من قرى النهروان. سمع:
أحمد بن المظفر بن سوسن، وأبا سعد بن خشيش. روى عنه: أحمد بن طارق الكركي. قال ابن
النجار: بلغني أنه توفي بعد السبعين.)
4 (محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن حمدان بن الحسين.)
أبو الغنائم الجصاني، الهيثي، الأديب، اللغوي. نزيل الأنبار. وينسب إلى جصين، أحد
ملوك الفرس الذين كان صاحب قلعة عند الأنبار في الزمن القديم. سمع أبو الغنائم من:
يحيى بن علي بن محمد بن الأخضر الأنباري، وقرأ القراءآت ببغداد على: أبي بكر
المزرفي، وسبط الخياط وسمع من: ابن الحصين، وجماعة. وحدث بهيت والأنبار سنة اثنتين
وستين. وصنف كتاب روضة الآداب في اللغة، والمثلث الحمداني، والحماسة، وغير ذلك.
وولد بهيت في سنة أربع وثمانين وأربعمائة، ولم تضبط وفاته. سمع منه: أبو أحمد بن
سكينة، ويوسف بن أحمد الشيرازي.
4 (محمد بن غريب بن عبد الرحمن بن غريب.)
أبو الوليد العبسي، السرقسطي. نزيل شاطبة.
(39/412)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 413
روى عن: أبي علي الصدفي، وابن عتاب. وتصدر للإقراء بشاطبة. وولي خطابتها. أخذ عنه:
أبو عبد الله بن سعادة حرف نافع.
4 (محمد بن محمود بن علي بن أبي علي الحسن بن يوسف بن حجر بن عمرو.)
العلامة أبو الرضا ألاسدي، الطرازي، البخاري. قال عبد الرحيم بن السمعاني: كان
إماماً فاضلاً، مبرزاً، ورعاً، تقياً، كثير الذكر والتهجد والتلاوة. تفقه على
الإمام الحسين بن مسعود بن الفراء بمرو الروذ، وعلى الإمام عبد العزيز بن عمر
ببخارى. وسمع: أبا الفضل بكر بن محمد الزرنجري، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق، ومحمد
بن علي بن حفص وهو أول أستاذ لي في الفقه. ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة ببخارى.
4 (محمد بن أبي الرجاء أحمد بن محمد بن أحمد.)
أبو عبد الله الإصبهاني المعروف بالكسائي.) سمع: أبا مطيع محمد بن عبد الواحد
المصري، وغيره. روى عنه بالإجازة: ابن اللتي، وكريمة. توفي بعد الستين.
4 (محمد بن المرجا الحسين بن محمد بن الفضل بن علي.)
أبو جعفر التيمي، الإصبهاني. سمع: أبا العباس أحمد بن أبي الفتح الخرقي، وأبا مطيع
المصري. وعنه بالإجازة: ابن اللتي، وكريمة.
4 (محمود بن إسماعيل بن عمر بن علي.)
الإمام العلامة أبو القاسم الطريثيثي، النيسابوري، الفقيه. تخرج بأبي بكر محمد بن
منصور السمعاني في الفقه. وبرع في الأصول
(39/413)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
التاسع والثلاثون الصفحة 414
والنظر والمذهب. وكان حسن السيرة متواضعاً مطرحاً للتكلف. سمع: عبد الغفار الشيرويي،
وصاعد بن سيار. سمع منه عبد الرحيم بن السمعاني، وغيره.
4 (مسعود بن عبد الله بن أحمد بن أبي يعلى.)
أبو علي الشيرازي، ثم البغدادي. سمع: أبا الحسين المبارك بن الطيوري، وأبا سعد بن
خشيش. روى عنه: محمد بن أحمد الصوفي، وعبد السلام الداهري الخفاف.
4 (الياء)
4 (يوسف بن إسماعيل.)
أبو الحجاج المخزومي، القرطبي، المعروف بالمرادي اللغوي. أخذ عن: أبي الحسين بن
سراج فأكثر. وعن: أبي عبيدة جراح بن موسى، وأبي جعفر بن عبد العزيز. وجلس لإقراء
العربية واللغة. وكان حافظاً للغريب، معتنياً باللغات، لازمه أبو جعفر ابن يحيى
مدة وأكثر عنه.
(39/414)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 5
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)
)
5 (الطبقة الثامنة والخمسونَ حوادث)
1 (الأحداث من سنة إلى)
4 (سنة إحدى وسبعون وخمسمائة)
4 (جلوس ابن الجوزي تحت المنظرة)
قال ابن الجوزي: تقدم إلي بالجلوس تحت المنظرة، فتكلمت في ثالث المحرم والخليفة
حاضر، وكان يوماً مشهوداً. ثم تقدم إلي بالجلوس يوم عاشوراء فكان الزحام شديداً
زائداً على الحد، وحضر أمير المؤمنين.
4 (القبض على أستاذ الدار صندل)
وفي صفر قبض على أستاذ الدار صندل الذي جاء في الرسلية إلى نور الدين، وعلى خادمين
أرجف الناس على أنهم تحالفوا على سوء. وولي أبو الفضل ابن الصاحب أستاذية الدار،
وولي مكانه في الحجابة ابن الناقد.
4 (زواج بنت ابن الجوزي)
قال ابن الجوزي: وكانت ابنتي رابعة قد خطبت، فسأل الزوج أن يكون العقد بباب
الحجرة، فحضرنا يوم الجمعة، وحضر قاضي القضاة، ونقيب النقباء، فزوجتها بأبي الفرج
بن رشيد الطبري، وتزوج حينئذ ولدي أبو القاسم بابنة الوزير عون الدين بن هبيرة.
(40/5)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 6
قلت: رابعة هي والدة الواعظ شمس الدين بن الجوزي، لم يطل عمر ابن الرشيد معها، ثم
تزوجها أبو شمس الدين. وأما ابنه أبو القاسم فإنه تحارب وصار ينسخ بالأجرة، وهو
ممن أجاز للقاضي تقي الدين الحنبلي.
4 (كلام ابن الجوزي تحت المنظرة)
قال: وتكلمت في رجب تحت المنظرة وازدحم الخلق، وحضر أمير المؤمنين. وكنت إذا تكلمت
أصعد المنبر، ثم أضع الطرحة إلى جانبي، فإذا فرغت أعدتها. وكان المستضيء بالله
كثيراً ما يحضر مجلس ابن الجوزي في مكان من وراء الستر، وقال مرةً: ما على كلام
ابن الجوزي مزيد. يعني في الحسن.
4 (كثرة الرفض)
) قال: وكان الرفض قد كثر، فكتب صاحب المخزن إلى أمير المؤمنين إن لم تقوِّ يد ابن
الجوزي لم يطق رفع البدع. فكتب بتقوية يدي، فأخبرت الناس بذلك على المنبر، فقلت:
إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قد بلغه كثرة الرفض، وقد خرج توقيعه بتقوية يدي
في إزالة البدع، فمن سمعتموه يسب فأخبروني حتى أخرّب داره وأسجنه. فانكف الناس.
وأمر بمنع الوعاظ إلا ثلاثة أنا، وأبو الخير القزويني من الشافعية، وصهر العبادي
من الحنفية. ثم سئل في ابن الشيخ عبد القادر، فأطلق.
(40/6)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 7
4 (خروج المستضيء إلى كشكه)
وفي ذي القعدة خرج المستضيء إلى الكشك الذي جدده راكباً، والدولة مشاة، ورآه
الناس، ودعوا له.
4 (ولاية المخزن)
وفيها خلع على الظهير بن العطار بولاية المخزن.
4 (وليمة الوزير ابن رئيس الرؤساء)
وفيها عمل الوزير ابن رئيس الرؤساء دعوةً جمع فيها أرباب المناصب، وخلع عليّ، ونصب
لي منبر في الدار، وحضر الخليفة الدعوة، فلما أكلوا تكلمت، وحضر السلطان والدولة،
وجميع علماء بغداد ووعاظها إلا النادر.
4 (الفتنة بمكة)
وفيها أرسل إلى صاحب المدينة تقليد بمكة، فجرت لذلك فتنة بمكة، وقتل جماعة. ثم صعد
أمير مكة المعزول، وهو مكثر بن عيسى بن فليتة، إلى القلعة التي على أبي قبيس، ثم
نزل وخرج عن مكة. ووقع النهب بمكة، وأحرقت دور كثيرة. وحكى القليوبي في تاريخه أن
الركب خرجوا عن عرفات، ولم يبيتوا بمزدلفة، ومروا بها، ولم يقدروا على رمي الجمار،
وخرجوا إلى الأبطح، فبكروا يوم العيد، وقد خرج إليهم من يحاربهم من مكة، فتطاردوا
وقتل
(40/7)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 8
جماعة بين الفريقين. ثم آل الأمر إلى أن أصيح في الناس: الغزاة إلى مكة. قال ابن
الجوزي: فحدثني بعض الحاج أن زرّاقاً ضرب بالنفط داراً فاشتعلت، ولا حول ولا قوة
إلا بالله، وكانت تلك الدار لأيتام، ثم سوى قارورة نفط ليضرب بها، فجاء حجر
فكسرها،) فعادت إليه وأحرقته. وبقي ثلاثة أيام فتفسخ الجسد، ورأى بنفسه العجائب،
ثم مات. قال: ثم ذلك الأمير الجديد قال: لا أجسر أن أقيم بعد الحاج بمكة. فأمروا
غيره.
4 (وقعة تل السلطان)
وفيها كانت وقعة تل السلطان، وحيث ذلك أن عسكر الموصل نكثوا وحنثوا ووافوا تل
السلطان بنواحي حلب في جموع كثيرة، وعلى الكل السلطان سيف الدين غازي بن مودود بن
زنكي، فالتقاهم السلطان صلاح الدين في جمع قليل، فهزمهم وأسرهم، ونهب، وحقن
دماءهم. ثم أحضر الأمراء الذين أسرهم فأطلقهم ومنّ عليهم.
4 (قال ابن الأثير)
لم يقتل من الفريقين على كثرتهم إلا رجل
(40/8)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 9
واحد. ووقفت على جريدة العرض، فكان عسكر سيف الدين غازي في هذه الوقعة يزيدون على
ستة آلاف فارس، والرجالة، أقل من خمسمائة.
4 (فتوحات صلاح الدين)
قلت: سار صلاح الدين إلى منبج فأخذها، ثم سار إلى عزاز، فنازل القلعة ثمانيةً
وثلاثين يوماً، وورد عليه وهو محاصرها قوم من الفداوية، وجرح في فخذه، وأخذوا
وقتلوا، ثم افتتح عزاز.
4 (كتاب فاضلي إلى الخليفة)
ومن كتاب فاضلي عن صلاح الدين إلى الخليفة يطالع أن الحلبيين والموصليين، لما
وضعوا السلاح، وخفضوا الجناح، اقتصرنا بعد أن كانت البلاد في أيدينا على استخدام
عسكر الحلبيين في البيكارات إلى الكفر، وعرضنا عليهم الأمانة فحملوها، والأيمان
فبذلوها. وسار رسولنا، وحلف صاحب الموصل يميناً، جعل الله فيها حكماً. وعاد رسوله
ليسمع منا اليمين، فلما حضر وأحضر نسختها أومأ بيده ليخرجها، فأخرج نسخة يمين كانت
بين الموصليين والحلبيين على حربنا، والتساعد على حزبنا. وقد حلف بها كمشتكين
الخادم بحلب، وجماعة معه يميناً نقضت الأول، فرددنا اليمين إلى يمين الرسول،
وقلنا: هذه يمين عن الأيمان خارجة، وأردت عمراً وأراد الله خارجة. وانصرف الرسول.
وعلمنا أن الناقد بصير، والمواقف الشريفة
(40/9)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 10
مستخرجة الأوامر إلى الموصلي إما بكتاب مؤكد بأن لا ينقض العهد، وإما الفسحة لنا
في حربه.
4 (استعراض صلاح الدين ذخائر ابن حسان)
) وقال ابن أبي طيء: لما ملك صلاح الدين منبج في شوال صعد الحصن، وجعل يستعرض
أموال ابن حسان وذخائره، فكانت ثلاثمائة ألف دينار، فرأى على بعض الأكياس والآنية
مكتوباً يوسف. فسأل عن هذا الاسم، فقيل: له ولد يحبه اسمه يوسف، كان يدخر هذه
الأموال له. فقال السلطان: أنا يوسف، وقد أخذت ما جبى لي.
4 (جرح السلطان من الحشيشية)
ومن كتاب السلطان إلى أخيه العادل يقول: ولم ينلني من الحشيشي الملعون إلا خدش
قطرت منه قطرات دم خفيفة، انقطعت لوقتها، واندملت لساعتها.
4 (منازلة حلب)
وأما صلاح الدين فسار من عزاز فنازل حلب في نصف ذي الحجة، وقامت العامة في حفظها
بكل ممكن. وصابرها صلاح الدين شهراً، ثم ترددت الرسل في الصلح، فترحل عنهم، وأطلق
لابنة نور الدين قلعة عزاز.
(40/10)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 11
4 (كسوف الشمس)
قال ابن الأثير: وفي رمضان انكسفت الشمس ضحوة نهار، وظهرت الكواكب، حتى بقي الوقت
كأنه ليل مظلم، وكنت صبياً حينئذٍ.
(40/11)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 12
4 (سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة)
4 (وعظ ابن الجوزي)
في المحرم وعظ ابن الجوزي، وحضر الخليفة في المنظرة، وازدحمت الأمم.
4 (عرس ابنة ابن الجوزي)
قال: وكان عرس ابنتي رابعة، وحضرت الجهة المعظّمة، وجهزتها من عندها بمال كثير.
4 (نقص دجلة)
وفي صفر نقصت دجلة واخترقت حتى ظهرت جزائر كثيرة، وكانوا يجرون السفن في أماكن.
4 (البرد في بغداد)
جاء في آب برد شديد ببغداد، فنزلوا عن الأسطحة، ثم عاد الحر.
4 (وعظ ابن الجوزي بجامع القصر)
) وفي جمادى الآخرة وعظت بجامع القصر، واجتمع خلائق، فحزروا الجمع بمائة ألف، وكان
يوماً مشهوداً.
(40/12)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 13
4 (وقعة السلجوقي الطامع بالسلطنة)
وفيها قارب بغداد بعض السلجوقية ممن يروم السلطة، وجاء رسوله ليؤذن له في المجيء،
فلم يلتفت إليه، فجمع جمعاً، ونهب قرى، فخرج إليه عسكر فتواقعوا. وخرج جماعة. وعاد
العسكر فعاد هو إلى النهب، فرد إليه العسكر وعليهم شكر الخادم، فترحل إلى ناحية
خراسان.
4 (الزلزلة بالري وقزوين)
وفيها كانت بالري وقزوين زلزلة عظيمة.
4 (معاقبة الطحان)
وفيها قال رجل لطحان: أعطني كارة دقيق. فقال: لا. فقال: والله ما أبرح حتى آخذ.
فقال الطحان: وحق علي ما هو خير من الله ما أعطيك. فشهد عليه جماعة، فسجن أياماً.
ثم ضرب مائة سوط، وسوّد وجهه وصفع والناس يرجمونه، وأعيد إلى الحبس.
4 (جلوس ابن الجوزي)
وجلس ابن الجوزي في السنة غير مرة، يحضر فيها الخليفة.
4 (وقعة الكنز)
وفيها كانت وقعة الكنز مقدّم السودان بالصعيد جمع خلقاً عظيماً، وسار إلى القاهرة
في مائة ألف ليعيد دولة العبيديين، فخرج إليه العادل سيف الدين، وأبو الهيجا
الهكّاري، وعز الدين موسك، فالتقوا، فقتل الكنز، وما
(40/13)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 14
انتطح عنز مع عنز، وقتل خلق عظيم من جموعه، حتى قيل إنه قتل منهم ثمانون ألفاً.
كذا قال أبو المظفّر بن قزغلي، فالله أعلم بذلك.
4 (أخذ صلاح الدين منبج)
وفيها أخذ صلاح الدين منبج من صاحبها قطب الدين ينال بن حسان المنبجي، وكان قد
ولاّه إياها الملك نور الدين لمّا انتزعها نور الدين من أخيه غازي بن حسان.
4 (مصالحة صلاح الدين حلب)
وفيها حاصر صلاح الدين حلب مدة، ثم وقع الصلح، وأبقى حلب على الملك الصالح ابن نور
الدين ورد عليه عزاز.)
4 (تخريب مصياف)
وعاد إلى مصياف، بلد الباطنية، فنصب عليها المجانيق، وأباح قتلهم، وخرّب بلادهم،
فضرعوا إلى شهاب الدين صاحب حماه، خال السلطان، فسأل فيهم، فترحل عنهم.
(40/14)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 15
4 (بناء سور مصر)
وتوجه إلى مصر وأمر ببناء السور الأعظم المحيط بمصر والقاهرة، وجعل على بنائه
الأمير قراقوش. قال ابن الأثير: دوره تسعة وعشرون ألف ذراع وثلاثمائة ذراع
بالقاسمي، ولم يزل العمل فيه إلى أن مات صلاح الدين. وقال أبو المظفر ابن الجوزي:
ضيّع فيه أموالاً عظيمة، ولم ينتفع به أحد وأمر بإنشاء قلعة بجبل المقطم وهي التي
صارت دار السلطنة. قال ابن واصل: شرع بهاء الدين قراقوش الأسدي فيها، وقطع الخندق
وتعميقه، وحفر واديه، وهناك مسجد سعد الدولة، فدخل في القلعة وحفر فيها بئراً
كبيراً في الصخر. ولم يتأت هذا بتمامه إلا بعد موت السلطان بمدة. وبعد ذلك كمل
السلطان الملك الكامل ابن أخي صلاح الدين العمارات بالقلعة وسكنها. وهو أول من
سكنها. وإنما كان سكناه وسكنى من قبله بدار الوزارة بالقاهرة.
(40/15)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 16
4 (سماع السلطان من السلفي)
ثم سار إلى الإسكندرية، وسمع فيها من السلفي، وتردد إليه مرات عديدة، وأسمع منه
ولديه الملك العزيز، والملك الأفضل.
4 (بناء تربة الشافعي)
ثم عاد إلى مصر وبنى تربة الشافعي رضي الله عنه.
(40/16)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 17
4 (سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة)
4 (العفو عن تتامش)
في أولها دخل بغداد تتامش الأمير الذي خرج مع قيماز، ونزل تحت التاج، وقبّل الأرض
مراراً، فعفي عنه، وأعطي إمرية.
4 (وعظ ابن الجوزي)
) وحضر ابن الجوزي مرتين فوعظ، وأمير المؤمنين يسمع، واجتمع خلق لا يحصون. وجرت
ببغداد همرجة، وقبض على صاحب الحجاب وعلى جماعة.
4 (فتوى لابن الجوزي)
قال ابن الجوزي: وجاءتني فتوى في عبد وأمة، أعتقهما مولاهما، وزوّج أحدهما بالآخر،
فبقيت معه عشرين سنة، وجاءت منه بأربعة أولاد، ثم بان الآن أنها أخته لأبويه، وقد
وقعا في البكاء والنحيب. فعجبت من وقوع هذا، وأعلمتهما أنه لا إثم عليهما، وبوجوب
العدة، وأنه يجوز له النظر إليها نظره إلى أخته، إلا أنه يخاف على نفسه.
(40/17)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 18
4 (تكلم ابن الجوزي)
وفي ليلة رجب تكلمت تحت المنظرة الشريفة، والخليفة حاضر، ومن الغد حضرنا دعوة
الخليفة التي يعملها كل رجب، وحضر الدولة، والعلماء، والصوفية، وختمت ختمة، وخلع
على جماعة كثيرة، وانصرف من عادته الانصراف، وبات الباقون على عادتهم لسماع
الأبيات، وفرق عليهم المال.
4 (بناء مسجد عظيم ببغداد)
وفيها عمل الخليفة مسجداً عظيماً ببغداد، وجعل إمامه حنبلياً، وزخرفه. وتقدم إليّ
فصليت فيه التراويح. وتكلمت في رمضان في دار صاحب المخزن وازدحموا، وكان الخليفة
حاضراً.
4 (هبوب الريح ببغداد)
وفي شوال هبت ريح عظيمة ببغداد، فزلزلت الدنيا بتراب عظيم، حتى خيف أن يكون
القيامة.
4 (وقوع البرد)
وجاء برد ودام ساعة، ووقعت مواضع على أقوام، ومات بعضهم.
4 (اغتيال الوزير ابن رئيس الرؤساء)
وتهيّأ الوزير ابن رئيس الرؤساء للحج، فقيل إنه اشترى ستمائة جمل،
(40/18)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 19
منها مائة للمنقطعين، ورحل في رابع ذي القعدة، فلما وصل في الموكب إلى باب قطفتا
قال رجل: يا مولانا أنا مظلوم. وتقرّب، فزجره الغلمان، فقال: دعوه. فتقدم إليه،
فضربه بسكين في خاصرته، فصاح الوزير: قتلني. ووقع وانكشف رأسه، فغطى رأسه بكمه على
الطريق، وضرب ذلك الباطني) بسيف. فعاد وضرب الوزير، فهبروه بالسيوف. وقيل: كانوا
اثنين، وخرج منهم شاب معه سكين فقتل، ولم يعمل شيئاً، وأحرق الثلاثة. وحمل الوزير
إلى داره، وجرح الحاجب. وكان الوزير قد رأى أنه معانق عثمان رضي الله عنه، وحكى
عنه ابنه أنه اغتسل قبل خروجه، وقال: هذا غسل الإسلام فإني مقتول بلا شك. ثم مات
بعد الظهر، ومات حاجبه بالليل. وعمل عزاء الوزير، فلم يحضره إلا عدد يسير، فتعجب
من هذه الحال فإنه قد يكون عزاء تاجر أحسن من ذلك. وكان انقطاع الدولة إرضاءً
لصاحب المخزن. ولما كان في اليوم الثاني لم يقعد أولاده، فلما علم السلطان بالحال
أمر أرباب الدولة بالحضور فحضروا. وتكلمت على كرسي.
4 (حجابة ابن طلحة الباب)
ثم ولّي ابن طلحة حجابة الباب، وبعث صاحب المخزن بعلامة بعد ثلاث إلى الأمير تتامش
فحضر، فوكل به في حجرة من داره، ونفذ إلى بيته، فأخذت الطبل والكوسات، وكل ما في
الدار. واختلفت الأراجيف في دينه، وقيل إنه اتهم بالوزير، وخيف أن تكون نيته رزية
للخليفة، فقيل إنه كاتب أمراء خراسان، وما صح ذلك.
(40/19)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 20
وناب صاحب المخزن في الوزارة.
4 (فتنة اليهود)
وجاء أهل المدائن فشكوا من يهود المدائن، فإنهم قالوا لهم: قد آذيتمونا بكثرة
الأذان. فقال المؤذّن: لا نبالي تأذّيتم أو لا. فتناوشوا وجرت بينهم خصومة استظهر
فيها اليهود، فجاء المسلمون مستصرخين إلى صاحب المخزن، فأمر بحبس بعضهم، ثم أطلقهم
فاستغاثوا يوم الجمعة بجامع الخليفة، فخفف الخطيب. فلما فرغت الصلاة استغاثوا،
فخرج إليهم الجند فضربوهم ومنعوهم، فانهزموا. فغضب العوام نصرة للإسلام، فضجوا
وشتموا، وقلعوا طوأبيق الجامع، وضربوا بها الجند وبالآجر، وخرجوا فنهبوا
المخلّطين، لأن أكثرهم يهود. فوقف صاحب الباب وبيده السيف مجذوباً، وحمل على الناس
ثانيةً فرجموه، وانقلب البلد، ونهبوا الكنيسة، وقلعوا شبأبيكها، وقطّعوا التوراة،
واختفى اليهود. فتقدّم الخليفة بإخراب كنيسة المدائن، وأن تجعل مسجداً.)
4 (خروج لصوص من الحبس)
وبعد أيام خرج لصوص من الحبس قطعوا الطريق، فصلبوا بالرحبة، وكان منهم شاب هاشمي.
4 (وقعة الرملة)
وفيها وقعة الرملة، فسار السلطان صلاح الدين من القاهرة إلى عسقلان
(40/20)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 21
فسبى وغنم، وسار إلى الرملة، فخرج عليه الفرنج مطلبين وعليهم البرنس أرناط صاحب
الكرك، وحملوا على المسلمين، فانهزموا، وثبت السلطان وابن أخيه المظفر تقي الدين
عمر، ودخل الليل، واحتوت الملاعين على أثقال المسلمين، فلم يبق لهم قدرة على ماء
ولا زاد، وتعسفوا تلك الرمال راجعين إلى مصر، وتمزقوا وهلكت خيلهم. ومن خبر هذه
الوقعة أن الفقيه عيسى أسر، فافتداه السلطان بستين ألف دينار، وكان موصوفاً
بالشجاعة والفضيلة، أسر هو وأخوه ظهير الدين، وكانا قد ضلاّ عن الطريق بعد الوقعة.
ووصل صلاح الدين إلى القاهرة في نصف جمادى الآخرة. قال ابن الأثير: رأيت كتاباً
بخط يده كتبه إلى شمس الدولة تورانشاه، وهو بدمشق، يذكر الوقعة، وفي أوله:
(فذكرتك والخطيّ يخطر بيننا .......... وقد نهلت منا المثقّفة السمر)
ويقول فيه: لقد أشرفنا على الهلاك غير مرة، وما نجانا الله إلا لأمر يريده. وما
ثبتت إلا وفي نفسها أمر وقال غيره: انهزم السلطان، والناس لم يكن لهم بلد يلجأون
إليه إلا مصر، فسلكوا البرية، ولقوا مشاقاً، وقل عليهم القوت والماء، وهلكت خيلهم،
وفقد منهم خلق. ودخل السلطان القاهرة بعد ثلاثة عشر يوماً، وتواصل العسكر، وأسر
الفرنج فيهم. واستشهد جماعة منهم: أحمد ولد تقي الدين عمر المذكور، وكان شاباً
حسناً له عشرون سنة.
(40/21)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 22
وكان أشد الناس قتالاً يومئذ الفقيه عيسى الهكّاري. وحملت الفرنج على صلاح الدين،
وتكاثروا عليه، فانهزم يسيراً قليلاً قليلاً. وكانت نوبةً صعبة.
4 (نزول الفرنج على حماه)
وفيها نزلت الفرنج على حماه، وهي لشهاب الدين محمود بن تكش خال السلطان، وكان)
مريضا، وكان الأمير سيف الدين المشطوب قريبا من حماه، فدخلها وجمع الرجال، فزحفت
الفرنج على البلد، وقاتلهم المسلمون قتالا شديدا مدة أربعة أشهر، ثم ترحلوا عنها.
وأما السلطان فإنه أقام أياما بمن سلم معه، ثم خرج من مصر، وعيّد بالبركة، ثم كمل
عدة جيشه، فبلغه أمر حماه، فأسرع إليها، فلما دخل دمشق تحقق رحيل الفرنج عن حماه.
4 (عصيان ابن المقدم ببعلبك)
وعصى الأمير شمس الدين محمد بن المقدم ببعلبك، فكاتبه السلطان وترفق به، فلم يجب،
ودام إلى سنة أربع.
(40/22)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 23
4 (كتاب ابن المشطوب بقتلى الفرنج)
وجاء كتاب ابن المشطوب أن الذي قتل من الفرنج على حماه أكثر من ألف نفس.
4 (مطالعة القاضي الفاضل بقتل الوزير)
ووردت مطالعة القاضي الفاضل إلى صلاح الدين تتضمن التوقيع لقتل الوزير عضد الدين
ابن رئيس الرؤساء، وفيها: وما ربّك بظلاّم للعبيد فقد كان عفا الله عنه قتل ولدي
الوزير ابن هبيرة، وأزهق أنفسهما وجماعة لا تحصى، وهذا البيت، بيت ابن المسلمة، عريق
في القتل، وجدّه هو المقتول بيد البساسيري. ثم قال: وقد ختمت له السعادة بما حتمت
به له الشهادة، لاسيما وهو خارج من بيته إلى بيت الله، ووقع أجره على الله.
(إنّ المساءة قد تسرّ وربما .......... كان السرور بما كرهت جديرا)
(إن الوزير وزير آل محمد .......... أودى فمن يشناك كان وزيرا.)
وهما في أبي سلمة الخلاّل وزير بني العباس قبل أن يستخلفوا.
(40/23)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 24
4 (سنة أربع وسبعين وخمسمائة)
4 (جلوس ابن الجوزي في عاشوراء)
قال ابن الجوزي: تكلمت في أول السنة وفي عاشوراء تحت المنظرة، وحضر الخليفة، وقلت:
لو أني مثلت بين يدي السدة الشريفة لقلت: يا أمير المؤمنين، كن لله سبحانه مع
حاجتك إليه، كان لك مع غناه عنك. إنه لم يجعل أحدا فوقك، فلا ترض أن يكون أحد أشكر
له منك. فتصدّق أمير المؤمنين يومئذ بصدقات، وأطلق محبوسين.)
4 (كسوف القمر و الشمس)
وانكسف القمر في ربيع الأول، وكسفت الشمس في التاسع و العشرين منه أيضا.
4 (ولادة ثلاثة توائم)
وولدت امرأة من جيراننا ابنا وبنتين في بطن، فعاشوا بضع يوم.
4 (تجديد قبر أحمد بن حنبل)
وفيها جدّد المستضيء قبر أحمد بن حنبل رحمه الله، وعمل له لوح فيه: هذا ما أمر
بعمله سيّدنا ومولانا الإمام المستضيء بأمر الله أمير المؤمنين. هذا في رأس اللوح.
وفي وسطه: هذا قبر تاج السنّة، ووحيد الأمة، العالي الهمة، العالم، العابد،
الفقيه، الزاهد، الإمام أبي عبد الله
(40/24)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 25
أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانيّ رحمه الله، توفّي في تاريخ كذا. وكتب حول ذلك آية
الكرسي.
4 (تكلم ابن الجوزي في جامع المنصور)
وتكلمت في جامع المنصور، فاجتمع خلائق، وحزر الجمع بمائة ألف وتاب خلق، وقطعت
شعورهم ثم نزلت فمضيت إلى قبر أحمد، فتبعني من حزر بخمسة آلاف
4 (إطلاق تتامش)
4 (وفيه أطلق الأمير تتامش إلى داره.)
4 (عمل الدكّة بجامع القصر)
وتقدم المستضيء بعمل دكة بجامع القصر للشيخ أبي الفتح بن المنى الحنبليّ، وجلس
فيها، فتأثر أهل المذاهب من عمل مواضع للحنابلة.
4 (حديث ابن الجوزي عن نفسه)
وكان الوزير عضد الدين ابن رئيس الرؤساء يقول: ما دخلت قط على الخليفة إلا جرى ذكر
فلان، يعنيني، وصار لي اليوم خمس مدارس، ومائة وخمسون مصنّفا في كل فن. وتاب على
يدي أكثر من مائة ألف، وقطعت أكثر من عشرة آلاف طايلة، ولم ير واعظ مثل جمعي، فقد
حضر مجلسي الخليفة، والوزير، وصاحب المخزن، وكبار العلماء، والحمد لله.
(40/25)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 26
4 (حكاية ابن الجوزي عن الرشيد)
) وفي رجب عمل المستضيء الدعوة، ووعظت وبالغت في وعظ أمير المؤمنين، فمما حكيت له
أن الرشيد قال لشيبان: عظني. قال: لأن تصحب من يخوّفك حتى يدركك الأمن خير لك من
أن تصحب من يؤمّنك حتى يدركك الخوف. قال: فسّر لي هذا. قال: من يقول لك أنت مسؤول
عن الرعيّة فاتق الله، أنصح لك ممّن يقول: أنتم أهل بيت مغفور لكم، وأنتم قرابة
نبيّكم. فبكى الرشيد حتى رحمه من حوله. وقال له في كلامه: يا أمير المؤمنين إن
تكلمت خفت منك، وإن سكتّ خفت عليك، وأنا أقدّم خوفي عليك على خوفي منك.
4 (ظهور مشعبذ)
وفي رمضان جاء مشعبذ فذكر أنه يضرب بالسّيف والسّكين فلا تعمل فيه، لكن بسيفه
وسكّينه خاصة.
4 (قتل ابن قرايا الرافضيّ)
وفيه أخذ ابن قرايا الذي ينشد على الدكاكين من شعر الرافضة، فوجدوا في بيته كتبا
في سبّ الصحابة، فقطع لسانه ويده، وذهب به إلى المارستان، فرجمته العوام بالآجرّ،
فهرب وسبح وهم يضربونه حتى مات. ثم أخرجوه وأحرقوه، وعملت فيه العامة كان وكان، ثم
تتبّع جماعة من الروافض، وأحرقت كتب عندهم، وقد خمدت جمرتهم بمرّة، وصاروا أذلّ من
اليهود.
(40/26)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 27
4 (امتناع الركب العراقيّ)
ولم يخرج الركب العراقي لعدم الماء والعشب، وكانت سنة مقحطة. وحجّ من حجّ على خطر.
ورجع طائفة فنزلت عليهم عرب، فأخذوا أكثر الأموال، وقتل جماعة.
4 (هبوب ريح وظهور نار ببغداد)
وفي ذي القعدة هبّت ببغداد ريح شديدة نصف الليل، وظهرت أعمدة مثل النار في أطراف
السماء كأنها تتصاعد من الأرض، واستغاث الناس استغاثة شديدة. وبقي الأمر على ذلك
إلى السّحر.
4 (جلوس ابن الجوزي يوم عرفة)
) وجلست يوم عرفة بباب بدر، وأمير المؤمنين يسمع.
4 (اجتماع الفرنج عند حصن الأكراد)
وفيها اجتمعت الفرنج عند حصن الأكراد، وسار السلطان الملك الناصر صلاح الدين فنزل
على حمص في مقابلة العدوّ.
4 (تسلّم صلاح الدين بعلبك)
فلما أمن من غاراتهم سار إلى بعلبكّ، فنزل على رأس العين، وأقام هناك أشهراً يراود
شمس الدين ابن المقدّم على طاعته، وهو يأبى. ولم يزل الأمر كذلك إلى أن دخل رمضان،
فأجاب شمس الدين إلى تسليم بعلبكّ على عوض طلبه. فتسلّمها السلطان، وأنعم بها على
أخيه المعظّم شمس الدولة
(40/27)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 28
تورانشاه بن أيوب. وسار إلى دمشق في شوّال. ثم أقطع أخاه شمس الدولة تورانشاه
بمصر، و استردّ منه بعلبكّ.
4 (قتل هنفري الفرنجي)
قال ابن الأثير: في ذي القعدة أغارت الفرنج على بلاد الإسلام وعلى أعمال دمشق،
فسار لحربهم فرّخشاه ابن أخي السلطان في ألف فارس، فالتقاهم وألقى نفسه عليهم،
وقتل من مقدميهم جماعةً، منهم هنفري، وما أدراك ما هنفري، كان يضرب المثل في
الشجاعة.
4 (غارة البرنس على شيزر)
وفيها أغار البرنس صاحب أنطاكية على شيزر.
4 (غارة صاحب طرابلس)
وأغار صاحب طرابلس على التركمان.
(40/28)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون
الصفحة 29
4 (إنعام السلطان على الملك المظفر)
وفيها أنعم السلطان على ابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب
بحماه، والمعرة، وفامية، ومنبج، وقلعة نجم، فتسلمها وبعث نوابه إليها، وذلك عند
وفاة صاحب حماه شهاب الدين محمود خال السلطان. ثم توجه إليها الملك المظفر تقي
الدين، ورتب في خدمته أميران كبيران: شمس الدين بن المقدم، وسيف الدين علي بن
المشطوب، فكانوا في مقابلة صاحب أنطاكية. ورتب بحمص ابن شيركوه في مقابلة القومص.)
4 (إنشاء سور القاهرة)
وجاء من إنشاء الفاضل: وأما ما أمر به المولى من إنشاء سور القاهرة، فقد ظهر
العمل، وطلع البناء، وسلكت به الطريق المؤدية إلى الساحل بالمقسم. والله يعمر
المولى إلى أن يراه نطاقاً على البلدين، وسواراً أو سوراً يكون الإسلام به محلى
اليدين، والأمير بهاء الدين قراقوش ملازم للاستحثاث بنفسه ورجاله.
(40/29)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 30
4 (ختام كتاب المنتظم)
قلت: وهذه السنة هي آخر المنتظم.
(40/30)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 31
4 (سنة خمس وسبعين وخمسمائة)
4 (الظفر بذيل كتاب المنتظم)
أجاز لنا شيخنا أبو بكر محفوظ بن معتوق بن أبي بكر بن عمر البغدادي أن البذوري
التاجر قد ذيّل المنتظم في عدة مجلدات ذهبت في أيام التتار الغازانية سنة تسع
وتسعين وستمائة من خزانة كتبه الموقوفة بتربته بسفح قاسيون، ثم ظفرنا ببعضها. فذكر
في حوادث هذه السنة، سنة، أن أبا الحسن علي بن حمزة بن طلحة حاجب باب النوبي عزل
بعميد الدين أبي طالب يحيى بن زيادة.
4 (وصول البشارة إلى بغداد بكسر الفرنج)
وفي صفر وصل إلى بغداد ثلاثة عشر نجاباً، نفذهم صلاح الدين يبشرون بكسرة الفرنج،
فضربت الطبول على باب النوبي، وخلع عليهم، وأخبر وأن صلاح الدين حارب الفرنج ونصر
عليهم وأسر أعيانهم، وأسر صاحب الرملة، وصاحب طبرية.
4 (وقعة مرج العيون)
قلت: وهي وقعة مرج العيون. ومن حديثها أن صلاح الدين كان نازلاً بتل بانياس، بين
سراياه، فلما استهل المحرم ركب فرأى راعياً، فسأله عن الفرنج، فأخبر بقربهم، فعاد
إلى مخيمه، وأمر الجيش بالركوب، فركبوا، وسار بهم حتى أشرف على الفرنج
(40/31)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 32
وهم في ألف قنطارية، وعشرة آلاف مقاتل من فارس وراجل، فحملوا على المسلمين، فثبتوا
لهم، وحمل المسلمون عليهم فولوا الأدبار، فقتل أكثرهم، وأسر منهم مائتان وسبعون
أسيراً، منهم: بادين مقدم الداوية، وأوذ بن القومصة،) وأخو صاحب جبيل، وابن صاحب
مرقية، وصاحب طبرية. فأما بادين بن بارزان فاستفك نفسه بمبلغ وبألف أسير من
المسلمين. واستفك الآخر نفسه بجملة. ومات أوذ في حبس قلعة دمشق. وانهزم من الوقعة
ملكهم مجروحاً. وأبلى في هذه الوقعة عز الدين فرخشاه بلاءً حسناً.
4 (الظفر ببطستين للفرنج)
واتفق أن في يوم الوقعة ظفر أسطول مصر ببطستين، وأسروا ألف نفس، فالله الحمد على
نصره.
4 (انهزام سلطان الروم أمام المظفر تقي الدين)
وكان قليج أرسلان سلطان الروم طلب رعبان، وزعم انه من
(40/32)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 33
بلادهم، وإنما أخذه منه نور الدين على خلاف مراده، وان ولده الصالح إسماعيل قد
انعم به عليه. فلم يفعل السلطان، فأرسل قليج عشرين ألفاً لحصار الحصن، فالتقاهم
تقي الدين عمر صاحب حماه ومعه سيف الدين علي المشطوب في ألف فارس، فهزمهم لأنه حمل
عليهم بغتةً وهم على غير تعبئة، وضربت كوساته، وعمل عسكره كراديس. فلما سمعت الروم
الضجة ظنوا أنهم قد دهمه جيش عظيم، فركبوا خيولهم عرياً، وطلبوا النجاة وتركوا
الخيام بما فيها، فأسر منهم عدداً، ثم منّ عليهم بأموالهم وسرّحهم. ولم يزل تقي
الدين يدل بهذه النصرة، ولا ريب أنها عظيمة.
4 (وصول بعض أسرى الروم والغنائم إلى بغداد)
وورد بغداد رسول صلاح الدين، وهو مبارز الدين كشطغاي، وجلس له ظهير الدين أبو بكر
بن العطار، وبين يديه أرباب الدولة، فجاءوا بين يديه اثنا عشر أسيراً عليهم الخوذ
والزرديات، ومع كل واحد قنطارية، وعلى كتفه طارقة منها طارقة ملك الفرنج، وعلى
القنطاريات سعف الفرنج. وبين يديه أيضاً من التحف والنفائس، من ذلك صنم طوله
ذراعين حجر، فيه صناعة عجيبة، قد جعل سبابته على شفته كالمتبسم عجباً. ومن ذلك
صينية ملأى جواهر، وضلع آدمي نحو سبعة أشبار، في عرض أربع أصابع، وضلع سمكة، طوله
عشرة أذرع، في عرض ذراعين.
(40/33)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 34
4 (حجوبية ابن الدارع)
وفيها رتب حاجب الحجاب أبو الفتح محمد بن الدارع، وكان من حجاب المناطق.)
4 (وصول ابن الشهرزوري رسولاً إلى بغداد)
وفيها قدم رسول صلاح الدين، وهو القاضي أبو الفضائل بن الشهرزوري، وبين يديه عشرة
من أسرى الفرنج، وقدم جواهر مثمنة.
4 (عزل ابن الزوّال عن النقابة بالزينبي)
وفيها عزل عن نقابة النقباء أبو العباس أحمد بن الزوال بأبي الهيجا نصر بن عداد
الزينبي.
4 (الإرجاف بموت الخليفة)
وفي شوال مرض الخليفة وأرجف بموته، وهاش الغوغاء ببغداد، ووقع نهب، وركب العسكر
لتسكيتهم، فتفاقم الضرّ، واتسع الخرق، وركبت الأمراء بالسلاح، وصلب جماعة من
المؤذنين على الدكاكين. وكانت العامة قد تسوّروا على دار الخلافة، ورموا بالنشّاب
فوقعت نشّابة في فرس النائب ومعه جماعة، فتأخروا من مكانهم.
4 (التوقيع بولاية العهد)
وفيه وقّع للأمير أبي العباس أحمد بولاية العهد. وقال الوزير لمن حضر من الدولة:
اليوم الجمعة، ولا بدّ من إقامة الدعوة و الجهة بنقشا، يعني امرأة الخليفة قد
بالغت في كتم مرض أمير المؤمنين، ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بتيقّن الأمر، فإن كان
حيّا جرت الخطبة على العادة، وإن كان قد توفّي خطبنا لولده حيث وقّع له بولاية
العهد.
(40/34)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 35
ثم عيّن الشيخ أبو الفضل مسعود بن النادر ليحضر بين يدي الخليفة، فدخل صحبة سعد
الشيرازي، فقال المملوك: الوكيل، يشير بقوله إلى ظهير الدين بن العطار، ينهي أنه
وقّع بالخطبة للأمير أحمد بولاية العهد، وما وسع المملوك إمضاء ذلك بدون مشافهة.
فقال المستضيء: يمضي ما كنّا وقّعنا به. فقبّل الأرض، وعاد فأخبر الوزير ظهير
الدين، فسجدوا شكرا لله تعالى على عافيته، وخطب لولاية العهد لأبي العباس، ونثرت
الدنانير في الجوامع عند ذكره.
4 (امتلاك الكردي قلعة الماهكي)
و في شوّال ملك عبد الوهاب بن أحمد الكردي قلعة الماهكي، وعمل سلاليم موصولة،
ونصبها عليها في ليلة ذات مطر ورعود، فشعر الحارس، فذهب وعرّف المقدّم كمشتكين،
فقام بيده) طبر، وبين يديه المشعل، فوثبوا عليه فقتلوه، وقتلوا الحارس، ونادوا
بشعار عبد الوهّاب.
4 (وفاة الخليفة المستضيء)
وفي سلخ شوّال مات الخليفة.
(40/35)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 36
4 (خلافة الناصر لدين الله)
وبويع ابنه أحمد، ولقّبوه الناصر لدين الله، فجلس للمبايعة في القبّة، فبدأ أخوه
وبنو عمّه وأقاربه، ثم دخل الأعيان، فبايعه الأستاذ دار مجد الدين هبة الله ابن
الصاحب، ثم شيخ الشيوخ، ثم فخر الدولة أبو المظفّر بن المطلب، ثم قاضي القضاة عليّ
ابن الدامغانيّ، وصاحب ديوان الإنشاء أبو الفرج محمد ابن الأنباريّ، والحاجب أبو
طالب يحيى ين زيادة. ثم طلب الوزير ظهير الدين بن العطار، وكان مريضا، فأركب على
فرس، ثم تعضّده جماعة، وأدخل فصعد وبايع، ووقف عن يمين الشبّاك الذي فيه الخليفة،
فعجز عن القيام، فأدخل إلى التاج، ثم راح إلى داره. وبايع من الغد من بقي من
العلماء والأكابر. وقدّم بعزل النقيب أبي الهيجا، وبإعادة ابن الزّوال وتوجّهت
الرسل إلى النواحي بإقامة الدعوة الناصريّة.
4 (القبض على ابن العطار)
وفي اليوم الخامس من البيعة تقدم إلى عماد الدين صندل المقتفوي، و سعد الدولة نظر
المستنجديّ الحبشيّ بالمضيّ إلى دار ابن العطار في عدّة من المماليك للقبض عليه،
فجاءوا ودخلوا عليه من غير إذن، وقبضوا عليه بين الحريم، وترسّم بداره أستاذ دار،
فنهبت العامّة فيها، وعجز الأستاذ دار.
(40/36)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 37
4 (الخلعة بإمرة الحاجّ)
وفي سادس ذي القعدة خلع على طاشكتين خلعة إمرة الحاج، وتوجّه إلى الحج وتقدّمه
خروج الرّكب.
4 (هتك ابن العطار بعد وفاته)
وقيّد ابن العطار، وسحب وسجن في مطبّق، فهلك بعد ثلاث، و حمل إلى دار أخته، فغسّل
وكفّن، وأخرج بسحر في تابوت، ومعه عدّة يحفظونه، فعرفت العامّة به عند سوق
الثلاثاء، فسبّوه وهمّوا برجمه، فدافعهم الأعوان، فكثرت الغوغاء، وأجمعوا على
رجمه، وشرعوا،) فخاف الحمّالون من الرجم، فوضعوه عن رؤوسهم وهربوا، فأخرج من
التابوت وسحب، فتعرّى من أكفانه، وبدت عورته، وجعلوا يصيحون بين يديه: بسم الله،
كما يفعل الحجّاب، وطافوا به المحالّ والأسواق مسلوبا مهتوكا، نسأل الله السّتر
والعافية. قال ابن البزوريّ: وحكى التميميّ قال: كنت بحضرته وقد ورد عليه شيخ يلوح
عليه الخير، فجعل يعظه بكلام لطيف، ونهاه عن محرّمات، فقال: أخرجوه الكلب سحبا.
وكرّر القول مراراً. وقال الموفّق عبد اللطيف: صحّ عندي بعد سنين كثيرة أنّ ابن
العطّار هو الذي دسّ الحشيشية على الوزير عضد الدين حتى قتلوه. ولّي المخزن وسكن
في دار قطب الدين تيمار الذي هلك بنواحي الرحبة، وأخذ يبكّت على الوزير، وانتصب
لعداوته.
(40/37)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 38
قال ابن البزوريّ: ثم في آخر النهار خلّص مماليك الحاجب ابن العطار من باب الأزج
بعد تغيّر حاله وتجرّد لحمه عن عظمه، فحمل على نعش مكشوف، فوارته امرأة بإزار
خليع. ثم دفن.
4 (الوباء والغلاء ببغداد)
وكان الوباء والغلاء والمرض شديدا ببغداد، وكرّ القمح بمائة وعشرين ديناراً.
4 (إرسال الخلع إلى ملوك الأطراف)
وفي سلخ الشهر خلع على جميع الدولة، وأرسلت الخلع إلى ملوك الأطراف، وركبوا بالخلع
في مستهل ذي الحجّة، وجلس الناصر لدين الله للهنا، فدخل إلى بين يدي سدّته أستاذ
الدار مجد الدين ابن الصاحب، وتلاه نائب الوزارة شرف الدين سليمان شادوست، فقبّلا
الأرض. ثم خرج نائب الوزارة فركب، وخلع على ابن الصاحب قميص أطلس أسود، وفرجيّة
نسيج، وعمامة كحلية بعراقيّ، وقلّد سيفا محلّى بالذهب، وركب فرسا بمركب ذهب،
وكنبوش إبريسم، وسيف ركاب، وضربت الطبول على بابه.
4 (الزلزلة ببلاد الجبل)
وجابت ببلاد الجبل زلزلة عظيمة سقطت قلاع كثيرة، وهلك خلق.
(40/38)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 39
4 (سنة ست وسبعين وخمسمائة)
)
4 (عزل وتولية في نيابة الوزارة)
في أوّلها عزل شرف الدين بن شادوش عن نيابة الوزارة لأجل علوّ سنّه وثقل سمعه،
ووليها جلال الدين هبة الله بن عليّ بن البخاريّ.
4 (صلاة الناصر بجامع الرصافة)
وفي المحرّم ركب الناصر لدين الله إلى الكشك، وصلّى الجمعة بجامع الرصافة.
4 (قدوم رسول الملك طغرل)
وفيه قدم رسول الملك طغرل السلجوقيّ.
4 (القبض على ابن الوزير)
وفيه تقدّم إلى أستاذ الدار بالقبض على كمال الدين عبيد الله ابن الوزير عضد الدين
محمد ابن رئيس الرؤساء، فنفّذ للقبض عليه عزّ الدولة مسعود الشرأبي في جماعة من
المماليك، فحمل مسحوباً إلى بين يديه، فأمرهم أن يرفقوا به، وقيّد وسجن.
4 (وصول أمير الحاج)
وفي صفر وصل أمير الحاج وفي صحبته صاحب المدينة عز الدين أبو سالم القاسم بن مهنّى
للمبايعة.
4 (خروج صلاح الدين لمحاربة الأرمن)
وفيها توجّه السلطان صلاح الدين قاصداً بلاد الأرمن وبلاد الروم
(40/39)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 40
ليحارب قليج رسلان بن مسعود بن قليج رسلان. والموجب لذلك أن قليج زوّج بنته لمحمد
بن قرا رسلان بن داود صاحب حصن كيفا، و مكثت عنده حيناً، وأنه أحب مغنية وشغف بها،
فنزوجها، وصارت تحكم في بلاده، فلما سمع بذلك حموه قصد بلاده عازماً على أخذ ابنته
منه، فأرسل محمد إلى صلاح الدين يستنجد به، وكرر إليه الرسل. ثم استقر الحال على
أن يصبروا عليه سنة، ويفارق المغنية. ونزل صلاح الدين على حصن من بلاد الأرمن
فأخذه وهدمه.
4 (وصول الخلع إلى صلاح الدين)
ثم رجع إلى حمص فوصله التقليد والخلع من الخليفة الناصر، فركب بها بحمص، وكان
يوماً مشهوداً.)
4 (من كتاب صلاح الدين إلى الخليفة الناصر)
ومن كتاب السلطان صلاح الدين إلى الخليفة: والخادم ولله الحمد جدد سوابق في
الإسلام والدولة العباسية لا تعدها أوليّة أبي مسلم، لأنه والى ثم دارى، ولا آخرية
طغرلبك لأنه نصر ثم حجر. والخادم من كان ينازع الخلافة رواءها، وأساغ الغصة التي
أذخر الله للإساغة في سيفه
(40/40)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 41
ماءها، فرجل الأسماء الكاذبة الراكبة على المنابر، وأعز بتأييد إبراهيمي، فكسر
الأصنام الباطنية بسيفه الطاهر.
4 (سماع صلاح الدين الموطأ في الإسكندرية)
وقال العماد الكاتب: توجه السلطان إلى الإسكندرية، وشاهد الأسوار التي جددها،
وقال: نغتنم حياة الإمام أبي طاهر بن عون. فحضرنا عنده وسمعنا عليه الموطأ. وكتب
إليه القاضي الفاضل يهنيه وبقول: أدام الله دولة الملك الناصر سلطان الإسلام
والمسلمين، محيي دولة أمير المؤمنين، وسعده برحلته للعلم، والإثابة عليها. وفي
الله رحلته، وفي سبيل الله يوماه: يوم سفك دم المحابر تحت قلمه، ويوم سفك دم كافر
تحت علمه. ففي الأول يطلب حديث المصطفى، فيجعل أثره عيناً لا تستر، وفي الثاني
يحفل لنصرة شريعة هداه على الضلال فيجعل عينه أثراً لا يظهر. إلى أن قال: وما يحسب
المملوك أن كاتب اليمين كتب لملك رحلةً قط في طلب العلم إلا للرشيد، فرحل بولديه
الأمين والمأمون لسماع هذا الموطأ الذي اتفقت الهمتان الرشيدية والناصرية على
الرغبة في سماعه، والرحلة لانتجاعه. وكان أصل الموطأ بسماع الرشيد على مالك في
خزانة المصريين، فإن كان قد حصل، وإلا فليلتمس.
4 (تقليد الخليفة البلاد لصلاح الدين)
وفيها أرسل شيخ الشيوخ صدر الدين عبد الرحيم، وبشير المستنجدي الخادم إلى السلطان
صلاح الدين بتقليد ما بيده من البلاد، وهو من إنشاء قوام
(40/41)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 42
الدين بن زبال، فمنه: ما كان يملك الأجل السيد صلاح الدين، ناصر الإسلام، عماد
الدولة، جمال الملة، فخر الملة، صفي الخلافة، تابع الملوك والسلاطين، قامع الكفرة
والمتمردين، قاهر الخوارج والمشركين، فخر المجاهدين، ألب غازي بك أبو يعقوب يوسف
بن أيوب، أدام الله علوه على هذه السجايا مقبلاً.) وذكر التقليد، وفيه: آمره بتقوى
الله، وآمره باتخاذ القرآن دليلاً، وآمره بمحافظة الصلاة، وحضور الجماعة وبلزوم
نزاهة الحرمات، وآمره بالإحسان بإظهار العدل، وأن يأمر بالمعروف، وأن يحتاط في
الثغور، وأن يجنب إلى الأمان. وآمره بكذا. وكتب في صفر سنة ست وسبعين.
4 (وصول رسول ابن عباد)
وفيها وصل الفقيه هبة الله بن عبد الله بن عباد صاحب جزيرة قيس رسولاً. وقدم..
4 (ركوب الخليفة الدست)
وفي جمادى الأولى يوم الجمعة ركب الخليفة في الدست بظلة الشمسية..، وعلى رأسه
الطرحة، والكل مشاة، وخرج إلى ظاهر السور، ثم رد إلى جامع المنصور وصلى، وأقام
بكشك الملكية أسبوعاً. وركب الجمعة الأخرى في موكبه، وصلى بجامع الرصافة، وركب في
الشبارة الطويلة، تظله القبة السوداء، وأرباب الدولة قيام في السفن والخلق يدعون
له.
(40/42)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 43
4 (إقطاع طغرل البصرة)
وفيها أقطع طغرل الناصري الخاص البصرة بعد موت متوليها قسيم الدولة بها.
4 (خروج الخليفة للصيد)
وفي جمادى الآخرة ركب الناصر لدين الله في موكبه، وخرج إلى الصيد، وطاف البلاد
والأعمال، وغاب أسبوعاً.
4 (نيابة فرخشاه دمشق)
وفيها ولي نيابة دمشق عز الدين فرخشاه ابن أخي السلطان، وكان حازماً، عاقلاً،
شجاعاً، مقداماً، كثير الحرمة.
(40/43)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 44
4 (سنة سبع وسبعين وخمسمائة)
4 (تخريب بلاد الكرك)
فيها قصد عز الدين فرخشاه بن شاهنشاه بلاد الكرك بالعساكر وخربها، وعاد. وكان ملك
الفرنج برنس لعنه الله قد سولت له نفسه قصد المدينة النبوية ليتملكها، فسار
فروخشاه إلى بلد المذكور ونهبه، فآل البرنس بالخيبة.
4 (ركوب الخليفة في موكب)
) وفي رجب ركب الخليفة في موكبه إلى الكشك، فنزل به، وقدم إلى بغداد بزرافة من صاحب
جزيرة قيس.
4 (معاتبة صلاح الدين على تسمّيه بالناصر)
وفيها أرسل من الديوان إلى السلطان صلاح الدين يأخذ عليه في أشياء منها تسمّيه
بالملك الناصر، مع علمه أن الإمام اختار هذه السمة لنفسه.
(40/44)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 45
4 (أخذ عز الدين حلب)
وفي شعبان ساق عز الدين مسعود وأخذ حلب، وكان الصالح إسماعيل بن نور الدين قد أوصى
له بها.
4 (مقايضة سنجار بحلب)
وفي شوال تزوج بأم الصالح، ثم قايض أخاه عماد الدين بسنجار، وقدم عماد الدين فتسلم
حلب.
(40/45)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 46
4 (سنة ثمان وسبعين وخمسمائة)
4 (رخاء الأسعار بالعراق)
فيها تراخت الأسعار بالعراق.
4 (الوثوب على صاحب قلعة الماهكي)
وفيها وثب على عبد الوهاب الكردي صاحب قلعة الماهكي ابن عمه جوبان، فأخرجه مهنا،
ونادى بشعار الدولة العباسية، فأرسلت إليه الخلعة والتقليد بولايتها.
4 (الكتابة إلى صلاح الدين بالرحيل عن الموصل)
وفيها وصل قاضي الموصل ووزيرها ابن الشهرزوري إلى الديوان العزيز يطلب أن يتقدم
إلى السلطان صلاح الدين بالارتحال عن الموصل، فإنه نزل محاصراً، ذاكراً أن الخليفة
أقطعه إياها، فأجيب سؤاله، وكتب إلى السلطان بالارتحال عنها. وسار إليه في الرحلية
شيخ الشيوخ صدر الدين عبد الرحيم.
4 (فتح بلد كبير بالروم)
وفيها افتتح ملك الروم قليج رسلان بن مسعود بلداً كبيراً بالروم كان للنصارى، وكتب
إلى الديوان بالبشارة.)
(40/46)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 47
4 (فتح حرّان وسروج وسنجار وغيرها)
وافتتح فيها صلاح الدين حران، وسروج، وسنجار، ونصيبين، والرقة، والبيرة، ونازل
الموصل وحاصرها، فبهره ما رأى من حصانتها، فرحل عنها، وقصده شاه أرمن بعساكر جمّة،
واجتمع في ماردين بصاحبها، وفتح آمد.
4 (ملك صلاح الدين حلب)
ثم رجع إلى حلب فملكها، وعوّض صاحبها سنجار.
4 (الخلعة بشرف الفتوة)
وفيها تفتّى الناصر لدين الله إلى الشيخ عبد الجبار، ولقب بشرف الفتوة عبد الجبار،
وخلع عليه. وكان النقيب لهم أبو المكارم أحمد بن محمد بن داذي النيلي. وفتّى
الناصر لدين الله في ذلك الوقت ولد رفيقه علي بن عبد الجبار، وخلع عليه وعلى
النقيب. وكان عبد الجبار هذا في بدء أمره شجاعاً مشهوراً، تهابه الفتيان، وتخافه
الرجال، ثم ترك ذلك ولزم العبادة، وبنى لنفسه موضعاً، فأمر الخليفة بإحضاره حين
تضوّع عبير أخباره، وتفتّى إليه، وجعل المعوّل في شرعها عليه.
(40/47)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 48
4 (الخروج الأخير لصلاح الدين من مصر)
وفيها خرج صلاح الدين من مصر غازياً، وما تهيأ له العود إليها، وقد عاش بعد ذلك
اثنتي عشر سنة.
4 (دخول سيف الإسلام اليمن)
وفيها بعث صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طغتكين على مملكة اليمن، وإخراج نوّاب أخيه
تورانشاه منها فدخل إليها، وقبض على متولّى زبيد حطان بن منقذ الكناني. فيقال إنه
قتله سراً وأخذ منه أموالاً لا تحصى. وهرب منه عز الدين عثمان بن الزنجيلي. وتمكن
سيف الإسلام من اليمن.
4 (وفاة فروخشاه)
وفيها مات عز الدين فروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب، فبعث عمه على نيابة دمشق شمس
الدين محمد بن المقدّم.
(40/48)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 49
4 (سنة تسع وسبعين وخمسمائة)
)
4 (قدوم رسول ملك مازندران إلى الخليفة)
في المحرم قدم رسول ملك مازندران، فتلقي وأكرم، ولم يكن لمرسله عادة بمراسلة
الديوان، بل الله هداه من غيّ هواه، وقدمه هدية.
4 (قتل مستفت سب الشافعي)
وفيها جاء رجل إلى النظامية يستفتي، فأفتي بخلاف غرضه، فسب الشافعي، فقام إليه
فقيهان، لكمه أحدهما، وضربه الآخر بنعله، فمات ليومه، فحبس الفقيهان أياماً، وأطلقا
عملاً بمذهب أبي حنيفة.
4 (القبض على مجاهد الدين قايماز وإعادته)
وفي جمادى الأولى قبض عز الدين مسعود صاحب الموصل على نائبه وأتابكه مجاهد الدين
قايماز، وكان هو سلطان تلك البلاد في المعنى، وعز الدين معه صورة. ولكن تخرّم عليه
بإمساكه.. ثم إنه أخرجه وأعاده إلى رتبته.
4 (مجيء الرسلية إلى صلاح الدين)
وفي رمضان جاء إلى صلاح الدين بالرسلية شيخ الشيوخ، وبشير الخادم.
(40/49)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 50
4 (الفراغ من رباط المأمونية)
وفي شوال فرغ من رباط المأمونية وفتح إنشاءآته والدة الناصر لدين الله، ومد به
سماط، وحضره أرباب الدولة، والقضاة، والأئمة، والأعيان، ورتب شهاب الدين الشهروردي
شيخاً به، ووقفت عليه الوقوف النفيسة.
4 (قدوم الخجندي للحج)
وقدم رئيس إصبهان صدر الدين عبد اللطيف الخجندي للحج، فتلقّى موكب الديوان، وأقيمت
له الإقامات. وزعيم الحاج في هذه السنين مجير الدين طاشتكين.
4 (كتاب فاضلي إلى الديوان بتشتيت الفرنج)
ومن كتاب فاضلي إلى الديوان: كان الفرنج قد ركبوا من الأمر نكرا، وافتضوا من البحر
بكرا، وعمروا مراكب حربية شحنوها بالمقاتلة والأسلحة والأزواد، وضربوا بها سواحل
اليمن والحجاز، وأثخنوا وأوغلوا في البلاد، واشتدت مخافة أهل تلك الجوانب، بل أهل
القبلة، لما أرمض إليهم من خلل الطواف، وما ظن المسلمون إلا أنها الساعة، وقد نشر
مطوي أشراطها،) وطوي منشور بساطها. فثار. غضب الله لفناء بيته المحرم، ومقام خليله
الأكرم، وضريح نبيّه الأعظم صلّى الله عليه وسلّم، ورجوا أن يشحذ
(40/50)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 51
البصائر بنكاية هذا البيت، إذ قصده أصحاب الفيل، ووكلوا إلى الله الأمر، فكان
حسبهم ونعم الوكيل. وكان للفرنج مقصدان: أحدهما قلعة أيلة، والآخر الخوض في هذا
البحر الذي تجاوره بلادهم من ساحله، وانقسموا فريقين. أما الذين قصدوا أيلة، فإنهم
قدروا آن يمنعوا أهلها من مورد الماء، وأما الفريق القاصد سواحل الحجاز واليمن،
فقدروا أن يمنعوا طريق الحاج عن حجه، ويحول بينه وبين فجّه، ويأخذ تجار اليمن،
وكارم، وعدن، ويلم بسواحل الحجاز فيستبيح، والعياذ بالله، المحارم. وكان الأخ سيف
الدين بمصر قد عمر مراكب، وفرقها على الفريقين، وأمرهم بأن تطوى وراءهم الشقتين،
فأما السائرة إلى قلعة أيلة، فإنها انقضت على مرابطي الماء انقضاض الجوارح على
بنات الماء، وقذفتها قذف شهب السماء، فأخذت مراكب العدو برمتها، قتلت أكثر
مقاتلتها، إلا من تعلق بسعف وما كاد، أو دخل في شعب وما عاد، فإن العربان اقتصوا
آثارهم، والتزموا إحضارهم. وأما السائرة إلى بحر الحجاز، فتمادت في الساحل
الحجازي، فأخذت تجاراً، وأخافت رفاقا، ودلها على عورات البلاد من هو أشد كفراً
ونفاقا.
(40/51)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 52
وهناك وقع عليها أصحابنا، وأخذت المراكب بأسرها، وفرّ فرنجها، فسلكوا في الجبال
مهاوي المهالك، ومواطن المعاطب، وركب أصحابنا وراءهم خيل العرب، يقتلون ويأسرون،
حتى لم يتركوا مخبراً، ولم يبقوا لهم أثراً، وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً،
فقيّد منهم إلى مصر مائة وسبعون أسيراً.
4 (تسلم صلاح الدين حلباً)
وفي المحرم نزل صلاح الدين على حلب، ثم تسلمها صلحاً.
4 (أخذ الغوري ملك الهند غزنة)
وفيها سار شهاب الدين الغوري بعد ما ملك جبال الهند، وعظم سلطانه إلى مدينة هاوور
في جيش عظيم وفيها السلطان خسروشاه بن بهرامشاه السبكتكيني الذي كان صاحب غزنة من
ثلاثين سنة، فحاصره مدةً، ثم نزل بالأمان فأكرمه ووفى له. فورد رسول السلطان غياث
الدين إلى أخيه يأمره بإرسال خسروشاه إليه، فقال له: أنا لي يمين في عنقك. فطيّب
قلبه ومنّاه، وأرسله هو وولده، فلم يجتمع بهما غياث الدين بل بعثهما إلى بعض
القلاع، فكان آخر) العهد بهما. وهذا آخر ملوك بني سبكتكين. وكان ابتداء دولتهم من
سنة ست وستين وثلاثمائة، فتبارك الله الذي لا يزول ملكه.
(40/52)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 53
4 (عودة الرسلية بالتقدمة إلى بغداد)
وفيها عاد شيخ الشيوخ بالتقدمة، وبشير من الرسلية، ومعهم رسول صلاح الدين بتقدمة
كان منها شمسية، يعني جزءاً، وهي مصنوعة من ريش الطواويس، لم ير في حسنها، وعليها
اسم المستنصر بالله معد العبيدي.
4 (وفاة نائب الوزارة وولاية ابن صدقة)
وتوفي الخلال أبو المظفر بن البخاري نائب الوزارة، فولّي مكانه حاجب باب النوبي عز
الدين أبو الفتوح بن صدقة.
4 (ولاية الحجابة)
وولي الحجابة أحمد بن هبيرة.
4 (وفاة شيخ الشيوخ وبشير)
وعاد إلى الشام شيخ الشيوخ، وبشير على الفور، فمرضا، وطلبا الرجعة إلى العراق،
فقال صلاح الدين: أقيما. فلم يفعلا، وسارا في الحر، فماتا بالرحبة.
4 (منازلة صلاح الدين حلباً وتسلّمها)
ونازل السلطان حلب، وحاصرها أشد حصار، ثم وقّع الصلح بين صاحبها عماد الدين وبين
السلطان، على أن يعوّضه عنها سنجار، ونصّيبين، والرّقّة، وسروج، والخأبور. وتسلّم
حلب في ثاني عشر صفر. وفيه يقول القاضي محيي الدين ابن القاضي زكي الدين ابن
المنتخب يمدحه بأبيات جاد منها قوله:
(وفتحكم حلباً بالسيف في صفر .......... مبشر بفتوح القدس في رجب)
(40/53)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 54
4 (البشارة بفتح القدس)
وقد ذكر صاحب الروضتين أن الفقيه مجد الدين بن جميل الحلبيّ الشافعيّ وقع إليه
تفسير القرآن لأبي الحكم بن برّجان، فوجد فيه عند قوله تعالى: ألم. غلبت الروم أنّ
الرّوم يغلبون في رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ويفتح البيت المقدس، ويصير داراً
للإسلام إلى آخر الأبد. واستدلّ بأشياء في كتابه. فلما فتحت حلب على يد السلطان
صلاح الدين، كتب إليه) المجد بن جميل ورقة يبشّره بفتح القدس على يديه، ويعيّن
فيها الزمان، وأعطاها للفقيه عيسى، فلم يتجاسر أن يعرضها على السلطان، وحدّث بما
فيها لمحيي الدين، وكان واثقاً بعقل المجد وأنّه لا يقول هذا حتّى تحققه، فعمل
القصيدة التي فيها هذا البيت، فلما سمعه السلطان بهت وتعجّب. فلما اتفق له فتح
القدس في رجب، سار المجد مهنّئاً، وذكر له حديث الورقة، فتعجّب وقال: قد سبق إلى
ذلك محيي الدين، غير أني أجعل لك حظّاً. ثم جمع له من في العسكر من الفقهاء والصّلحاء،
ثم أدخله بيت المقدس والفرنج بعد فيه لم ينظّف منهم، وأمره أن يذكر درساً على
الصّخرة. فدخل ودرّس هناك، وحظي بذلك. ثم قال أبو شامة: وقفت أنا على ما فسره ابن
برّجان من أن البيت المقدس استولت عليه الروم عام سبعة وثمانين وأربعمائة، وأشار
إلى أنّه يبقى بأيديهم إلى تمام خمسمائة وثلاث وثمانين سنة.
(40/54)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 55
قال أبو شامة: وهذا الذي ذكره أبو الحكم من عجائب ما اتّفق. وقد تكلّم عليه شيخنا
السّخاويّ فقال: وقع فيتفسير أبي الحكم أخبار عن بيت المقدس، وأنّه يفتح في سنة ثلاث
وثمانين. قال: فقال لي بعض الفقهاء: إنّه استخرج ذلك من فاتحة السّورة. فأخذت
السّورة، وكشفت عن ذلك، فلم أره أخذ ذلك من الحروف، وإنّما أخذه فيما زعم من غلبت
الرّوم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين فبنى الأمر على
التاريخ كما يفعل المنجّمون، ثم ذكر أنهم يغلبون في سنة كذا، وفي سنة كذا، على ما
تقضيه ووافر التقدير. وهذه نجامة وافقت إصابة إن صحّ أنّه قال ذلك قبل وقوعه، وليس
ذلك من الحروف، ولا هو من قبيل الكرامات. فإنّ الكرامات لاتكتسب، ولا تفتقر إلى
تاريخ، ولذلك لم يوافق الصّواب لمّا أراد الحساب على القراءة الأخرى الشّاذّة وهي
غلبت بالفتح، ولو صحّ ذلك، لأنّه قال في سورة القدر: لو علم الوقت الذي نزل فيه
القرآن لعلم الوقت الذي يرفع فيه. فهذا ما ذكره.
4 (كتاب فاضلي بإبطال المكس بالرّقّة)
ومن كتاب إلى الديوان: أشقى الأمراء من سمّن كيسه وأهزل الخلق، وأبعدهم من الحق من
اخذ المكس وسمّاه الحق. ولمّا فتحنا الرّقّة أشرفنا على سحت يؤكل، وظلم ممّا أمر
الله أن يقطع، وأمر الظالمون أن يوصل، فأوحينا إلى كافّة الولاة من قبلنا أن يضعوا
هذه الرسوم بأسرها، ويكفوا الرعايا من سائر أيام ملكته بأسرها، ونعتق الرقّة من ربّها،
وتسدّ هذه الأبواب) وتعطّل، وتنسخ هذه الأمور وتبطل، وتبقى ماهيّة الأحكام، وأئمة
الخلود، خالدة الدوام، تامّة البلاغ، يانعة التمام، ملعون من يطمح إليها ناظره.
(40/55)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 56
ومنه: وإذا ولاّه أمير المؤمنين ثغراً لم يبت في وسطه، ولم يقم في ظل غرفه، بل
يبيت السّيف له ضجيعاً، ويصبح ومعتدل القتال له ربيعاً، لا كالذين يطلبون أبواب
الخلافة كالعباد ولا يؤامروها في تصرّفاتها مؤامرة الاستعباد، وكأن الدنيا لهم
إقطاع لا إيداع، وكأن الإمارة لهم تخليد لا تقليد. وكأن السلاح لهم زينة كليله
ولابسه، وكأن مال الله عندهم وديعة، لايدر مانعة ولا كابسة، وكأنهم في البيوت
الدّمى في لزوم خدرها، لا في مستحسنات صورها، راجين من الدّين بالعروة الدنيّة،
ومن إعلاء كلمته بما يسمعونه على الدّرجات الخشبيّة، ومن جهاد الخوارج باستحسان
الأخبار المهلّبيّة، ومن قتال الكفّار بأنّه فرض كفاية، تقوم به طائفة فيسقط عن
البقيّة.
4 (محاصرة السلطان الكرك)
وفيها سار السلطان بجيوشه إلى الكرك فحاصرها، ونصب عليها المجانيق، ثم جاءته
الأخبار باجتماع الفرنج، فترك الكرك، وسار إليهم بعد أن كان قد أشرف على أخذها،
فخالفوه في الطريق إلى الكرك، وأتوا إليها بجموعهم، فسار إلى نابلس، ثم إلى دمشق.
(40/56)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 57
وأعطى أخاه نائب مصر الملك العادل سيف الدّين حلب وأعمالها، فإنّه ألحّ عليه في
طلبها. فسار إليها، وانتقل منها الملك الظاهر غازي، وقدم على والده.
4 (نيابة الملك المظفّر بمصر)
وبعث السلطان ابن عمّه الملك المظفّر تقي الدّين عمر صاحب حماه على نيابة الدّيار
المصريّة موضع الملك العادل.
(40/57)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 58
4 (سنة ثمانين وخمسمائة)
4 (جعل مشهد الكاظم أمناً)
فيها جعل الخليفة الناصر مشهد موسى الكاظم أمناً لمن لاذ به، فالتجأ إليه خلق،
وحصل بذلك مفاسد.
4 (موت رجل راهن على دفنه نصف يوم)
وفي صفر راهن رجل ببغداد على خمسة دنانير أن يندفن من غدوة إلى الظّهر، فدفن
وأهيل) عليه التراب، ثمّ كشف عنه وقت الظّهر، فوجد ميتاً وقد عصفر سواعده من هول
ما رأى.
4 (كتاب السلطان بمحاسن دمشق)
وفيها كتب زين الدّين بن نجيّة الواعظ كتاباً إلى صلاح الدّين يشوّقه إلى مصر ويصف
محاسنها، ومواطن أنسها، فكتب إليه السلطان، بإنشاء العماد فيما أظنّ: ورد كتاب
الفقيه زين الدّين: لا ريب أنّ الشام أفضل، وأنّ أجر ساكنه أجزل، وأنّ القلوب إليه
أميل، وأنّ زلاله البارد أعلّ وأنهل، وأنّ الهواء في صيفه وشتائه أعدل، وأنّ
الجمال فيه أجمل
(40/58)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 59
وأكمل، وأنّ القلب به أروح، وأنّ الروح به أقبل. فدمشق عاشقها مستهام، وما على
محبّها ملام. وما في ربوتها ريبة، ولكلّ نور فيها شيبة، وساجعاتها على منابر الورق
خطباً قطرب، وهزاراتها وبلابلها تعجم وتعرب، وكم فيها من جواري ساقيات، وسواقي
جاريات، وأثمار بلا أثمان، وفاكهة ورمّان، وخيرات حسان، وكونه تعالى أقسم به فقال:
والتين والزّيتون يدلّ على فضله المكنون. وقال صلّى اللّه عليه وسلّم: الشام صفوة
الله من بلاده، يسوق إليها خيرته من عباده. وعامّة الصحابة اختاروا به المقام.
وفتح دمشق بكر الإسلام. وما ينكر أنّ الله تعالى ذكر مصر، لكنّ ذلك خرج العيب له
والذّمّ. ألا ترى أنّ يوسف عليه السلام نقل منها إلى الشام. ثم المقام بالشام أقرب
إلى الرّباط، وأوجب للنشاط. وأين قطرب المقطّم من سنا سنين وأين دار آصف لمن ذروة
الشرف المنير، وأين لبانة لبنان من الهرمين وهل هما إلاّ مثل السّلعتين وهل للنّيل
مع طول نيله وطول ذيله برد بردى في نقع العليل وما لذلك الكثير طلاوة هذا القليل.
(40/59)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 60
وإن فاخرنا بالجامع وفيه النّسر، ظهر بذلك قصر القصر، ولو كان لهم مثل بانياس، لما
احتاجوا إلى قياس المقياس، ونحن لا نحقر الوطن كما حقرته، وحبّ الوطن من الإيمان،
ونحن لا ننكر فضل مصر، وأنّه إقليم عظيم، ولكن نقول كما قال المجلس الفاضليّ: إنّ
دمشق تصلح أن تكون بستاناً لمصر. والسّلام.
4 (مهاجمة السلطان نابلس)
وفيها هجم السّلطان نابلس، وكان قد وصل لنجدته عسكر ديار بكر، وعسكر آمد، والحصن،
والعادل من حلب، وتقيّ الدين من حماه، ومظفّر الدّين صاحب إربل. هكذا ذكر أبو
المظفّر في مرءآته. قال: نازل الكرك ونصب عليها المجانيق، فجاءتها نجدات الفرنج من
كل فجّ، وأجلبوا وطلبوا. واغتنم السلطان خلوّ الساحل منهم، ورأى أنّ حصارها يطول،
فسار ونزل) الغور وهجم نابلس، فقتل وسبى، وطلع على عقبة فيق، ودخل دمشق.
(40/60)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 61
4 (منازلة الكرك)
وأما ابن الأثير فقال: نازل الكرك، ونصب المنجنيقات على ربضه وملكه، وبقي الحصن
وهو والرّبض على سطح واحد، إلاّ أنّ بينهما خندقاً عظيماً، عمقه نحو ستين ذراعاً،
فأمر السلطان بإلقاء الأحجار والتراب فيه ليطمّه، فلم يقدروا على الدنوّ منه لكثرة
النشّاب وأحجار المجانيق، فأمر أن يبنى من الأخشاب واللّبن ما يمكن للرجال يمشون
تحت السقائف، فيلقون في الخندق ما يطمّه، ومجانيق المسلمين مع ذلك ترمي الحصن
ليلاً ونهاراً، فاجتمعت الفرنج عن آخرها، وساروا عجلين، فوصل صلاح الدّين إلى
طريقهم يتلقّاهم، فقرب منهم، ولم يمكن الدنوّ منهم لخشونة الأرض وصعوبة المسلك،
فأقام ينتظر خروجهم إليه، فلم يبرحوا منه، فتأخّر عنهم، فساروا إلى الكرك، فعلم
صلاح الدّين أنّه لا يتمكّن منهم حينئذ، ولا يبلغ غرضه، فسار إلى نابلس، ونهب كل
ما على طريقه من قرى الفرنج، وأحرق نابلس وأسر وسبى، واستنقذ الأسرى. وبثّ
السّرايا يميناً وشمالاً.
4 (خروج ابن غانية الملثّم بالمغرب)
قال: وفي شعبان خرج ابن غانية الملثّم وهو علي بن إسحاق، من كبار الملثّمين الذين
كانوا ملوك المغرب، وهو حينئذ صاحب ميورقة، إلى بجاية فملكها بقتال يسير. وذلك إثر
موت يوسف بن عبد المؤمن، فقويت نفس ابن غانية وكثر جموعه، ثم التقاه متولي بجاية،
وكان غائباً عنها. وكسر على متولي بجاية، وانهزم إلى مرّاكش، واستولى ابن غانية
على أعمال بجاية
(40/61)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 62
سوى قسنطينة الهوى، فحصرها إلى أن جاء جيش الموحدين في صفر سنة إحدى وثمانين في
البر والبحر إلى بجاية، فهرب منها أخوا ابن غانية فلحقا به، فترحّل عن قسنطينة،
وسار إلى إفريقية، فحشد وجمع، والتف عليه سليم، ورياح، والترك الذين كانوا قد دخلوا
من مصر مع قراقوش، وبعدها، وصاروا في جيش عظيم، فتملّك بهم ابن غانية جميع بلاد
إفريقية، سوى تونس، والمهديّة، حفظتهما عساكر الموحدين على شدة وضيق نالهم، وانضاف
إلى ابن غانية كل مفسد وكل حرامي، وأهلكوا البلاد والعباد، ونزل على جزيرة باشرا
وهي بقرب تونس، تشمل على قرىً كثيرة، فطلب أهلها الأمان فأمنهم، فلما دخل عسكره
نهبوها وسلبوا الناس، وامتدت أيديهم إلى الحريم والصبيان، والله المستعان.)
4 (إقامة الخطبة العباسية بإفريقية)
وأقام ابن غانية بإفريقية الخطبة العباسية، وأرسل إلى الناصر لدين الله يطلب منه
تقليداً بالسلطنة. ونازل قفصة سنة اثنتين وثمانين، فتسلمها نوّاب ابن عبد المؤمن
بالأمان وحصنها. فجهّز يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن جيوشه، وسار في سنة ثلاث
لحربه، فوصل إلى تونس، وبعث ابن أخيه في ستة آلاف فارس، فالتقوا، فانهزم الموحدون
لأنهم كان معهم جماعة من الترك، فخامروا عليهم حال المصاف، وقتل جماعة من كبار
الموحدين، وكانت الوقعة في ربيع الأول سنة ثلاث. فسار يعقوب بنفسه، فالتقوا في رجب
بالقرب من مدينة قابس فانهزم ابن غانية، واستمر القتل بأصحابه فتمزّقوا، ورجع
يعقوب إلى قايوس فافتتحها، وأخذ منها أهل قراقوش، فبعثهم إلى مراكش. ونازل قفصة
فحاصرها ثلاثة أشهر، وبها الترك، فسلّموها بالأمان. وبعث بالأتراك ففرقهم بالثغور
لما رأى من شجاعتهم. وقتل طائفةً من الملثمين، وهدم أسوار قفصة، وقطع أشجارها.
(40/62)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 63
واستقامت له إفريقية بعد أن كادت تخرج عن بيت عبد المؤمن. وامتدت أيام عبد ابن
غانية إلى حدود عام ثلاثين وستمائة.
4 (منازلة السلطان الكرك)
وفي جمادى الأولى جمع السلطان الجيوش، وسار إلى الكرك فنازلها، ونزل بواديها، ونصب
عليها تسعة مجانيق قدّام الباب، فهدّمت السور، ولم يبق مانع إلاّ الخندق العميق،
ولم يكن حيلة إلاّ ردمه، فضرب اللّبن، وجمعت الأخشاب، وعملوا مثل درب مسقوف يمرّون
فيه، ويرمون التراب في الخندق، إلى أن امتلأ، بحيث أنّ أسيراً رمى نفسه من السور
إليه ونجا. وكانت فرنج الكرك وسائر ملوكهم وفرسانهم يستمدّون بهم، فأقبلوا من كلّ
فجّ في حدّهم وحديدهم، فنزلوا بمضائق الوالة، فرحل السلطان، ونزل على البلقاء،
وأقام ينتظر الملتقى، فما تغيّروا، فتقهقر على حسبان فراسخ، فوصلوا إلى الكرك،
فقصد السلطان الساحل لخلوّه، ونهب كلّ ما في طريقه، وأسر وسبى، فأكثر وبدّع
بسبطيَة، وجينين، ثم قدم دمشق.
4 (حصار الكرك في كتاب للعماد)
ومن كتاب عماديّ في حصار الكرك يقول: لولا الخندق الذي هو وادٍ لسهل مشرع، فعملنا
دبّابات قدّمناها، وبنينا إلى سفيرة ثلاثة أسراب باللّبن وسقفناها، وشرعنا في
الطمّ، وتسارع) الناس، ولم يبق إلاّ من يستبشر بالعمل، وتجاسروا حتى ازدحموا نهاراً،
كازدحامهم يوم العيد ليلاً، كاجتماعهم في جامع دمشق ليلة النصف السعيد، وهم من
الجراح سالمون، وبنصر الله موقنون، وإن أبطأ العدوّ عن النجدة. والنصر قريب سريع،
(40/63)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 64
و الحصن بمن فيه صريع قد خرقت الحجارة حجابهن وقطعت بهم أسبابه، وناولته من الأجل
كتابه، وحسرت لثام سوره وخلعت نقابه، فألوف الأبراج مجدوعة، وثنايا الشرفات مقلوعة
ورؤوس الأبدان مخروزة، وخروق العوامل مهموزة، وبطون السقوف مبقورة، وعصا الأساقف
معقورة، ووجوه الجدر مسلوخة، وجلود البواشير مبشورة، والنّصر اشهر من نار على علم،
والحرب قدم من ساق على قدم.
4 (وفاة رسولي الخليفة بالشام)
وقدم السلطان وبدمشق الرسولان شيخ الشيوخ صدر الدّين و الطواشي بشير، فمرضا، ومات
جماعة من أصحابهما، وكان الشيخ نازلاً بالمنبع، فكان السلطان يعوده في كلّ يوم.
وكان قدومهما في الصلح بين السلطان وبين عزّ الدّين صاحب الموصل، فلم ينبرم أمر،
فطلبا العود إلى بغداد، وعادا، فمات بشير بالسّخنة، وشيخ الشيوخ بالرحبة.
4 (الإذن للجيوش بالعودة إلى أوطانها)
وأذن السلطان للجيوش بالرجوع إلى أوطانهم.
4 (خلعة السلطان على صاحب حصن كيفا)
وخلع على نور الدّين بن قرا رسلان صاحب حصن كيفا الخلعة التي جاءته هذه المرّة من
الخليفة بعد أن لبسها السلطان.
4 (كتابة منشور لصاحب إربل)
ثم كتب لزين الدّين يوسف بن زين الدّين عليّ صاحب إربل منشوراً بإربل وأعمالها
لمّا اغتدى إليه، وفارق صاحب الموصل.
(40/64)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 65
4 (خروج السلطان بقصد الموصل)
ثم وصلت رسل زين الدّين يوسف إلى السلطان بأنّ عسكر الموصل وعسكر قزل صاحب العجم
نازلوا إربل مع مجاهد الدّين قايماز. وأنّهم نهبوا وأحرقوا، وأنّه نصر عليهم
وكسرهم، فكان هذا ممّا حرّك عزم السلطان على قصد الموصول هذه المرّة. فسار السلطان
على طريق) البقاع وبعلبك، ثمّ حمص وحماهن فأقام بحماه إلى انسلاخ السّنة.
4 (وفاة صاحب ماردين)
وفيها مات صاحب ماردين قطب الدّين إيلغازي بن نجم الدّين الرّتقيّ، رحمه الله
تعالى. انتهت هذه الطبقة ولله الحمد.
(40/65)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 66
5 (بسم الله الرّحمن الرّحيم)
5 (ربّنا أفرغ علينا صبراً)
5 (الطبقة الثامنة والخسُونَ وفيات)
4 (وفيات سنة إحدى وسبعين وخمسمائة)
4 (أحمد بن عليّ بن محمد بن العبّاس.)
الشريف أبو جعفر بن المقشوط، الهاشميّ، البغداديّ. توفّي في ربيع الآخر.
4 (حرف الحاء)
4 (الحسن بن إبراهيم بن محمد.)
أبو محمد القيسيّ الدمشقيّ الواعظ. سمع: ابن الأكفانيّ، وغيره. وعنه: أبو القاسم
بن صصرى.
4 (الحسين بن محمد بن نمير.)
أبو الحسن الإشبيليّ، الضرير، الفقيه الظاهريّ. قال الأبّار: كان يجتمع إليه
ويناظر عليه. أخذ عنه مفرّج بن حسين الضّرير، وغيره.
4 (حرف الطاء)
4 (طغدي بن خمارتكين.)
(40/66)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 67
أبو محمد التركّيّ من شيوخ بغداد. سمع: أبا القاسم الرّبعيّ، وابن بدران
الحلوانيّ. روى عنه: ابن الأخضر، ومنصور بن السكن، وغيره.) توفيّ في ذي الحجّة.
4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن حمزة بن محمد بن سماوة.)
أبو الفرج الكرمانيّ، ثم الجيرُفتيّ، ثم الدّمشقيّ. تفقّه على جمال الإسلام
السّلميّ، وولّي خطابة دومة زماناً. وروى عن جمال الإسلام. روى عنه: أبو المواهب
بن صصرى، وقال: كان ثقة صالحاً. توفّي في ربيع الآخر وهو في عشر الثمانين. وروى
عنه أيضاً أبو القاسم بن صصرى.
4 (عبد اله بن محمد بن سهل.)
أبو محمد الغرناطيّ الضرير، المقرئ. ويعرف بوجه نافخ. أخذ القراءآت عن أبي محمد بن
درّيّ ولازمه. وعن عبد الرحيم بن الفرس. وسمع منهما، ومن: غالب بن عطيّة، وجماعة.
وأجاز له أبو عليّ بن سكّرة، وغيره. قال الأبّار: كان بارعاً في العربية. حدّث
عنه: ابنه أبو عبد الله، وابن عيّاد.
(40/67)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 68
وتوفّي في ذي القعدة.
4 (عبد الحقّ بن سليمان.)
أبو عبد الله القيسيّ، التلمسانيّ، قاضي تلمسان. سمع: القاضي أبا بكر بن العربيّ،
وغيره. قال الأبّار: كان جليل القدر، عظيم الوجاهة، يستظهر مقامات الحريريّ، ثم
تزهّد ورفض الدنيا، وحجّ وجاور، وأجهد نفسه صلاةً وصوماً وطوافاً. توفّيبالمدينة
النبوية كهلاً. عبد الرحمن بن خلف الله بن عطيّة. في المتوفّين تقريباً.)
4 (عبد الرحمن بن محمد بن محمد.)
أبو محمد السلميّ، المكناسيّ، الكاتب، الأديب. قال الأبّار: ختمت به البلاغة
بالأندلس، ورأس في الكتابة. وديوان رسائله بأيدي الناس يتنافسون فيه. وكتب لأبي
عبد الله محمد بن سعد، وغيره من الأمراء. وتوفّي كهلاً رحمه الله.
4 (عثمان بن عبد الملك.)
اللّخميّ، الصفّار، الواعظ.
(40/68)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 69
سمع: أبا الحسن بن العلاّف، وابن فتحان الشّهرزوريّ، وابن بيان. روى عنه: ابن
الأخضر، وغيره.
4 (عليّ بن إبراهيم بن عيسى بن سعد الخير.)
أبو الحسن البلنسيّ الأنصاريّ، النحويّ. قال الأبّار: سمع من أبي محمد النيليّ
وأبي الوليد بن الدبّاغ. ولازم أبا الحسن بن النّعمة وتأدّب به، وكان عالماً
بالعربية و اللغة، إماماً في ذلك. أقرأها حياته كلّها. وكان بارع الخط، كاتباً
بليغاً، شاعراً مجيداً، مولّداً. وكانت فيه غفلة معروفة، وله مصنّف على كتاب
الكامل للمبرّد، وغير ذلك.
(40/69)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 70
توفّي بإشبيلية في ربيع الأوّل. وقيل: توفّي سنة سبعين.
4 (عليّ بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين.)
الحافظ الكبير أبو القاسم، ثقة الدّين ابن عساكر الدمشقيّ، الشّافعيّ، صاحب تاريخ
دمشق. أحد الأعلام في الحديث.
(40/70)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 71
ولد في مستهلّ سنة تسع وتسعين وأربعمائة. وسمّعه أخوه الصّائن هبة الله سنة خمس
وخمسمائة وبعدها من: الشريف أبي القاسم النّسيب، وأبي القاسم قوام بن زيد، وأبي
الوحش سبيع بن قيراط، وأبي طاهر محمد بن الحسين الحنّائيّ، وأبي الحسن بن
الموازينيّ، وأبي الفضائل الماسح، ومحمد بن علي المصّيصيّ.) ثم سمع بنفسه من: أبي
محمد بن الأكفانيّ، وأبي الحسن بن قبيس المالكي، وعبد الكريم بن حمزة، وطاهر بن
سهل، ومن بعدهم. ودخل إلى بغداد سنة عشرين، فأقام بها خمس سنين. وحجّ في سنة إحدى
وعشرين، فسمع بمكّة من: عبد الله بن محمد بن الغزال المصريّ صاحب كريمة المروزيّة.
وسمع ببغداد من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي الحسن الدّينوريّ، وأبي العزّ بن
كادش، وقراتكين بن أسعد، وأبي غالب بن البنّا، والبارع أبي عبد الله الدبّاس، وهبة
الله الشّروطيّ، وخلق كثير. وعلّق مسائل الخلاف على أبي سعد إسماعيل بن أبي صالح
المؤذّن. ولازم الدّرس والتفقّه بالنظاميّة، ورجع بعلم جمّ وسماعات كثيرة. وسمع
بالكوفة من: عمر بن إبراهيم العلويّ. ثم رحل سنة تسع وعشرين على أذربيجان إلى
جرجان، وجال في بلادها، ودخل إلى إصبهان، وبقي في هذه الرحلة نحو أربع سنين، فسمع:
أبا عبد الله محمد بن الفضل الفراويّ، وعبد المنعم بن القشيريّ، وهبة الله
السيّديّ، وتميم بن أبي سعيد الجرجانيّ الهرويّ، ويوسف بن أيوب
(40/71)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 72
الزّاهد، وزاهر بن طاهر الشّحّاميّ، والحسين بن عبد الملك الأديب، وسعيد ابن أبي
الرّجاء، وغانم بن خالد، وإسماعيل بن محمد الحافظ، والموجودين في هذا العصر. وخرّج
أربعين حديثاً في أربعين بلداً كالسلفيّ. وعدّة شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ وثمانون
امرأة ونيّف. وحدّث بخراسان، وإصبهان، وبغداد. وسمع منه الكبار: كالحافظ أبي
العلاء الهمذانيّ، والحافظ أبي سعد السّمعانيّ. وصنّف التصانيف المفيدة، ولم يكن
في زمانه أحفظ ولا أعرف بالرجال منه. ومن تصفّح تاريخه علم قدر الرحلة. وأجاز له
من الكبار: أبو الحسن بن العلاّف، وأبو القاسم بن بيان، وأبو علي بن نبهان، وأبو
الفتح أحمد بن محمد الحدّاد، وغانم البرجيّ، وأبو بكر عبد الغفّار الشيرويّ، وأبو
علي الحداد، وأبو صادق مرشد بن يحيى، وأبو عبد الله الرّازيّ، وطائفة. روى عنه:
ابنه القاسم، وبنو أخيه فخر الدّين أبو منصور، وتاج الأمناء، وزين الأمناء عبد)
الرحيم، وعزّ الدين النسّابة ابن تاج الأمناء، والحافظ أبو المواهب بن صصرى، وأخوه
أبو القاسم الحسين، والقاضي أبو القاسم بن الحرستانيّ، وأبو جعفر القرطبيّ،
والحافظ عبد القادر، وأبو الوحش عبد الرحمن بن نسيم، والحسن بن عليّ الصّيقليّ،
وصالح بن فلاح الزّاهد، وظهير الدين عبد الواحد بن عبد الرحمن بن سلطان القرشيّ،
وأبو العزّ مظفّر بن عقيل الشّيبانيّ العقّار والد النجيب، والصائن نصر الله بن
عبد الكريم بن الحرستانيّ، والبدر بن يونس بن محمد الفارقيّ الخطيب، والقاضي أبو
نصر بن الشيرازي، ومحمد ابن أخي الشيخ أبي البيان، وعبد القادر بن الحسين
البغدادي، ونصر الله بن فتيان، وإبراهيم وعبد العزيز ابنا الخشوعي، ويونس بن منصور
السقباني، وإدريس بن الخضر الشيباني، ومحمد بن رومي الحرداني، وحاطب بن عبد الكريم
المزّي، وذاكر بن عبد الوهاب الستياني،
(40/72)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 73
وذاكر الله بن أبي بكر الشعيري، ومحمد بن غسان، ومحمد بن عبد الكريم بن الهادي،
والمسلم بن أحمد المازني، وعبد العزيز بن محمد بن الدجاجية، وعبد الرحمن بن عبد
المؤمن زريق العطار، وشعبان بن إبراهيم، ومحمد بن أحمد بن زهير، ومحمود بن خطير
الدارانيون، وعبد الرحمن بن راشد البيت سوائي، ونجم الأمناء عبد الرحمن بن علي
الأزدي، وعمر بن عبد الوهاب البرادعي، وعتيق السلماني، وبهاء الدين علي بن الجمّيزي،
وعبد المنعم بن محمد بن محمد بن أبي المضاء نزيل حماه، ومات في آخر سنة أربع
وأربعين، والرشيد أحمد بن مسلمة، وعبد الواحد بن هلال، وخلق آخرهم وفاةً أبو بكر
محمد بن المسلم بن علان. وقد روى عنه الكثير أبو سعد السمعاني ومات قبل ابن علان
بتسعين سنة. فمن تصانيفه: التاريخ ثمانمائة جزء، والموافقات اثنا وسبعون،
(40/73)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 74
(40/74)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 75
والأطراف التي للسنن ثمانية وأربعون جزءاً، وعوالي مالك أحد وثلاثون جزءاً، وغرائب
مالك عشرة أجزاء، ومعجم القرى والأمصار جزء، ومعجم شيوخه اثنا عشر جزءاً، ومناقب
الشبان خمسة عشر جزءاً، وفضل أصحاب الحديث أحد عشر جزءاً، والسباعيات سبعة أجزاء،
وكتاب تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري مجلّد، والسلسلات له مجلّد، وكتاب
فضل الجمعة مجلّد، والأربعون الطوال ثلاثة أجزاء، وعوالي شعبة مجلّد، وكتاب
الزّهادة في ترك الشهادة مجلّد، وعوالي الثوريّ مجيليد، والأربعون الجهاديّة،
والأربعون البلديّة، والأربعون الأبدال، ومسند أهل داريّا مجلّد لطيف، وحديث أهل
صنعاء الشام مجلد صغير، وفضائل عاشوراء ثلاثة أجزاء، وكتاب الزلازل ثلاثة) أجزاء،
وثواب المصاب بالولد جزءآن، وطرق قبض العلم جزء، وكتاب فضل مكّة، وكتاب فضل
المدينة، و كتاب فضل القدس، وجزء فضائل عسقلان، وجزء فيمن نزل بالمزّة، وجزء
(40/75)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 76
في فضائل الرّبوة والنيرب، وجزء في مقام إبراهيم وبرزة، وجزء في قرية الحِميريين،
وجزء أهل كفرسوسة، وجزء أهل كفربطنا، وجزء بيت قوفا، وبيت راسين، وجزء سعد بن
عبادة، والمنيحة، وجزء أهل حرستا، وجزء أهل زملكا، وجزء بيت لِهيا، وجزء جوبر،
وجزء أهل حردان، وجزء أهل جدَيا، وجزء أهل برزة، وجزء أهل منين، وجزء أهل بيت سوا،
وجزء أهل بعلبك، وجزء المبسوط لمنكر حديث الهبوط، والجواهر واللآلئ ثلاثة أجزاء،
وغير ذلك. وأملى أربعمائة مجلس وثمانية مجالس في فنون شتّى، وخرّج لشيخه أبي غالب
ابن البنّا مشيخة، وأربعين حديثاً مصافحات لرفيقه أبي سعد السّمعانيّ، وأربعين
حديثاً مساواة لشيخه الفراويّ. وخرّج في آخر عمره لنفسه كتاب الإبدال ولم يتمّه،
ولو تمّ لجاء في نحو مائتي جزء. ذكره ابن السّمعانيّ في تاريخه فقال: كبير العلم،
غزير الفضل، حافظ، ثقة، متقن، ديّن، خيّر حسن السّمت، جمع بين معرفة المتون
والأسانيد، صحيح القراءة، متثبّت، محتاط. رحل وتعب، وبالغ في الطلب إلى أن جمع ما
لم يجمع غيره، وأربى على أقرانه. ودخل نيسأبور قبلي بشهر أو نحوه في سنة تسع
وعشرين، فسمع بقراءتي وسمعت بقراءته مدّة مقامنا بها، إلى أن اتّفق خروجه في سنة
ثلاث وثلاثين.
(40/76)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 77
وسمعت منه كتاب المجالسة بدمشق، ومعجم شيوخه. وكان قد شرع في التاريخ الكبير
لمدينة دمشق، وصنّف التصانيف، وخرّج التخاريج. وقرأت بخط ابن الحاجب قال: حدّثني
زين الأمناء قال: حدّثني ابن القزوينيّ، عن والده مدرّس النّظاميّة، يعني أبا
الخير، قال: حكى لنا أبو عبد الله الفراويّ قال: قدم أبو القاسم بن عساكر فقرأ
عليّ ثلاثة أيام، فأكثر وأضجرني، وآليت على نفسي أن أغلق الغد بأبي وأمتنع، فلما
أصبحت قدم عليّ شخص فقال: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلّم إليك. قلت:
مرحباً برسول رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فقال رأيت رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم في النوم فقال لي: امض إلى الفراويّ وقل له: قدم بلدكم رجل من الشام أسمر
اللون يطلب الحديث، فلا يأخذك منه ضجر ولا ملل.) قال القزوينيّ: فوالله ما كان
الفراويّ يقوم من المجلس حتّى يقوم الحافظ ابتداء منه. وقال ابنه القاسم أبو محمد
الحافظ: كان رحمه الله مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن. يختم في كلّ جمعة،
ويختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية، وكان كثير النوافل والأذكار.
وكان يحيي ليلة النصف والعيدين بالصلاة والذكر، وكان يحاسب نفسه على لحظة تذهب في
غير طاعة. وقال لي: لمّا حملت بي أمّي رأت في منامها قائلا يقول لها: تلدين غلاماً
يكون له شأن. وحدّثني أنّ أباه رأى رؤيا معناها: يولد لك ولد يحيي الله به السنّة.
حدّثني أبي رحمه الله قال: كنت أقرأ على أبي الفتح المختار بن عبد الحميد وهو
يتحدّث مع الجماعة فقال: قدم علينا أبو عليّ بن الوزير، فقلنا: ما رأينا مثله. ثم
قدم علينا أبو سعد بن السّمعانيّ فقلنا: ما رأينا مثله. حتّى قدم علينا هذا، فلم
نر مثله.
(40/77)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 78
وحكى لي أبو الحسن عليّ بن إبراهيم الأنصاريّ الحنبليّ عن أبي الحسن سعد الخير
قال: ما رأينا في سنّ الحافظ أبي القاسم مثله. وحدّثنا محمد بن عبد الرحمن
المسعوديّ: سمعت أبا العلاء الهمذانيّ يقول لرجل، وقد استأذنه أن يرحل، فقال: إن
عرفت أستاذاً أعرف منّي أو في الفضل مثلي فحينئذ آذن لك أن تسافر إليه، إلاّ أن
تسافر إلى الحافظ ابن عساكر، فإنّه حافظ كما يجب. فقلت: من هذا فقال: حافظ الشام
أبو القاسم ويسكن دمشق. وأثنى عليه. وكان يجري ذكره عند خطيب الموصل أبي الفضل
فيقول: ما نعلم من يستحقّ هذا اللقب اليوم، أعني الحافظ، ويكون به حقيقاً سواه.
كذا حدّثني أبو المواهب بن صصرى، وقال: لمّا دخلت همذان أثنى عليهالحافظ أبو
العلاء وقال: أنا أعلم أنّه لا يساجل الحافظ أبا القاسم في شأنه أحد، فلو خالق
الناس و مازحهم كما أصنع، إذاً لاجتمع عليه الموافق والمخالف. وقال لي يوماً: أيّ
شيء فتح له، وكيف ترى الناس له قلت: هو بعيد من هذا كلّه، لم يشتغل منذ أربعين سنة
إلاّ بالجمع والتصنيف والتّسميع في نزهه وخلواته. فقال: الحمد لله، هذا ثمرة
العلم. ألا إنّا قد حصل لنا هذا المسجد والدار والكتب، هذا يدلّ على قلّة حظوظ أهل
العلم في بلادكم. ثم قال لي: ما كان يسمّى أبو القاسم ببغداد إلاّ شعلة نار من
توقّده وذكائه وحسن إدراكه.) وقال أبو المواهب: أمّا أنا فكنت أذاكره في خلواته عن
الحفّاظ الذين لقيهم. فقال: أمّا ببغداد فأبو عامر العبدريّ، وأمّا بإصبهان فأبو
تصر اليونارتيّ، لكن إسماعيل الحافظ كان أشهر منه.
(40/78)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 79
فقلت له: فعلى هذا ما رأى سيّدنا مثله. فقال: لا تقل هذا، قال الله تعالى: فلا
تزكّوا أنفسكم. قلت: وقد قال تعالى: وأمّا بنعمة ربّك فحدّث. فقال: نعم، لو قال
قائل: إنّ عيني لم تر مثلي لصدق. قال أبو المواهب: وأنا أقول لم أر مثله، ولا من
اجتمع فيه ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة مدّة أربعين سنة، من لزوم الصلوات في
الصف الأوّل إلاّ من عذرن والإعتكاف في رمضان وعشر ذي الحجّة، وعدم التطلّع إلى
تحصيل الأملاك وبناء الدّور. وقد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من
الإمامة والخطابة، وأباها بعد أن عرضت عليه، وقلّة التفاته إلى الأمراء، وأخذ نفسه
بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم. قال لي: لمّا
عزمت على التّحديث، والله المطّلع أنّه ما حملني على ذلك حبّ الرياسة والتقدّم، بل
قلت: متى أروي كلّ ما سمعت وأيّ فائدة في كوني أخلّفه بعدي صحائف فاستخرت الله
تعالى واستأذنت أعيان شيوخي ورؤساء البلد، وطفت عليهم، فكلٌّ قال: ومن أحق بهذا
منك. فشرعت في ذلك في سنة ثلاث وثلاثين. وقال عمر بن الحاجب: حكى لي زين الأمناء
أنّ الحافظ لمّا عزم على الرحلة اشترى جملاً، وتركه بالخان، فلما رحل القفل تجهّز.
وخرج فوجد الجمل قد مات. فقال له الجماعة الذين خرجوا لوداعه: ارجع فما هذا فالٌ
مبارك، وفنّدوا عزمه، فقال: والله لو مشيت راجلاً لا أثنيت عزمي. وحمل خرجه
وقماشه، وتبع المركب، واكترى منهم في القصير. وكانت طريقه مباركة. وقال أبو محمد
القاسم: قال لي والدي لمّا قدمت في سفري: قال لي
(40/79)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 80
جدّي القاضي أبو المفضّل يحيى بن علي: اجلس إلى سارية من هذه السواري حتّى نجلس
إليك. فلمّا عزمت على الجلوس اتّفق أنّه مرض ولم يقدر بعد ذلك خروج إلى المسجد.
وكان أبي رحمه الله قد سمع بنسا لم يحصّل منها نسخاً اعتماداً على نسخ رفيقه
الحافظ أبي عليّ بن الوزير. وكان ما حصّله أبي لا يحصّله ابن الوزير، فسمعته يقول:
رحلت وما كأني رحلت. كنت) أحسب أن ابن الوزير يقدم بالكتب مثل الصحيحين، وكتب
البيهقي والأجزاء، فاتفق سكناه بمرو، وكنت أؤمل وصول رفيق آخر يوسف بن فارو الجياني،
ووصول رفيقنا المرادي، وما أرى أحداً منهم قدم، فلا بد من الرحلة ثالثاً وتحصيل
الكتب والمهمات. فلم يمض أيام يسيرة حتى قدم أبو الحسن المرادي، فأنزله أبي عندنا،
فقدم بأربعة أسفاط كتب مسموعة، ففرح أبي بذلك، وكفاه الله مؤونة السفر. وأقبل على
النسخ والاستنساخ، وقابل، وبقي من مسموعاته نحو ثلاثمائة جزء، فأعانه عليها ابن
السمعاني، ونقل إليه منها جملةً حتى لم يبق عليه أكثر من عشرين جزءاً. وكان كلما
حصل له جزء منها كأنه قد حصل على ملك الدنيا. قلت: وله شعر جيد يملي منه عقيب
مجالسه، فمنه:
(أيا نفس ويحك جاء المشيب .......... فماذا التصأبي وماذا الغزل)
(تولّى شبأبي كأنْ لم يكن .......... وجاء مشيبي كأنْ لم يزل)
(فيا ليت شعري ممن أكون .......... وما قدّر الله لي من الأزل)
(40/80)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 81
سمعت أبا الحسين اليونيني: سمعت أبا محمد المنذري الحافظ يقول: سألت شيخنا أبا
الحسن علي بن المفضّل الحافظ عن أربعة تعاصروا أيهم أحفظ. فقال: من قلت: الحافظ
ابن ناصر، وابن عساكر. فقال: ابن عساكر. فقلت: الحافظ أبو موسى المديني، وابن
عساكر. قال: ابن عساكر. فقلت: الحافظ أبو الطاهر السلفي، وابن عساكر. فقال:
السّلفي شيخنا السّلفي شيخنا. قلت: يعني انه ما أحب أن يصرح بأن ابن عساكر افضل من
السلفي، ولوّح بأنه شيخه. ويكفي هذا في الإشارة. قلت: والرجل ورع ثبت. وما أطلق
أنه ما رأى مثل نفسه في جواب الحافظ أبي المواهب إلا وهو بار صدوق. وكذلك رأيت
شيخنا أبا الحجاج المزّي يميل إلى هذا. وأنا جازم بذلك أنه ما رأى مثل نفسه.) هو
أحفظ من جميع الحفّاظ الذين رآهم من شيوخه وأقرانه. وقال الحافظ أبو محمد عبد
القادر الرّهاوي: رأيت الحافظ السلفي، والحافظ أبا العلاء، والحافظ أبا موسى، ما
رأيت فيهم مثل ابن عساكر. وقرأت بخط عمر بن الحاجب: قال: حكى لي من أثق به أن
الحافظ عبد الغني قال: الحافظ ابن عساكر برجال الشام أعرف من البخاري لهم، وندم
على ترك السماع منه ندامةً كليّة.
(40/81)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 82
وذكره ابن النجار في تاريخه فقال: إمام المحدّثين في وقته، ومن انتهت الرئاسة في
الإتقان والحفظ والمعرفة التامة والثقة، وبه ختم هذا الشأن. روى عنه جماعة وهو في
الحياة، وحدّثوا عنه بالإجازة في حياته. قال: وقرأت بخط الحافظ معمر بن الفاخر في
معجمه: أخبرني أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي الحافظ من لفظه بمنى إملاء يوم
النفر الأول، وكان احفظ من رأيت من طلبة الحديث والشبان، وكان شيخنا الإمام
إسماعيل بن محمد يفضله على جميع من لقيناهم من أهل إصبهان وغيرها. قدم إصبهان،
وسمع ونزل في داري، وما رأيت شاباً أورع ولا أتقن ولا أحفظ منه. وكان مع ذلك
فقيهاً أديباً سنّياً، جزاه الله خيراً، وكثّر في الإسلام مثله، أفادني في الرحلة
الأولى والثانية ببغداد كثيراً، وسألته عن تأخره في الرحلة الأولى عن المجيء إلى
إصبهان فقال: لم تأذن لي أمي. قلت: وهو مع جلالته وحفظه يروي الأحاديث الواهية
والموضوعة ولا يتبينها، وكذا كان عامة الحفاظ الذين بعد القرون الأولى، إلاّ من
شاء ربك فليسألنّهم الله تعالى عن ذلك. وأي فائدة بمعرفة الرجال ومصنفات التاريخ
والجرح والتعديل إلاّ كشف الحديث المكذوب وهتكه. قال ابنه أبو محمد: توفي أبي في
حادي عشر رجب، وحضر الصلاة عليه السلطان صلاح الدين، وصلّيت عليه في الجامع،
والشيخ قطب الدين في الميدان الذي يقابل المصلى. ورأى له جماعة من الصالحين منامات
حسنة، ورثي بقصائد، ودفن بمقبرة باب الصغير. قلت: قبره مشهور يزار رحمه الله.
(40/82)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 83
4 (علي بن حميد بن عمّار.)
أبو الحسن الأنصاري، الأطرابلسي، ثم المكي، النحوي، المقرئ.) حدّث هذا العام بصحيح
البخاري عن أبي مكتوم عيسى بن أبي ذر الهروي سماعاً، وهو آخر من سمع من أبي مكتوم.
روى عنه: محمد بن عبد الرحمن التّجيبي الأندلسي، وعبد الرحمن بن أبي حرمي فتّوح بن
بنين المكي العطار، وناصر بن عبد الله المصري العطار نزيل مكة ستين عاماً، وأبو
الربيع سليمان بن أحمد السعدي المغربل الشارعي، وآخرون. ولا أعلم متى توفي.
(40/83)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 84
4 (علي بن المبارك بن أحمد بن محمد بن بكري.)
أبو الحسن البغدادي. سمع: أبا علي بن المهدي، وأبا الغنائم بن المهتدي بالله، وابن
الحصين. سمع منه: عمر بن علي القرشي، وعمر العليمي الدمشقيان. توفي في جمادى
الأولى.
(40/84)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 85
4 (علي بن المظفّر بن علي بن حسين الظهيري.)
أبو القاسم والد الأعز. سمع: هبة الله بن أحمد الموصلّين وأبا الغنائم النرسي. روى
عنه: تميم بن أحمد البندنيجي، وعبد العزيز بن الأخضر، وأبو الفتوح بن الحصري، وأبو
محمد بن قدامة، وغيرهم. توفي في جمادى الآخرة في الطريق فجأة، وله ست وسبعون سنة.
وكان مهيباً، وقوراً، صموتاً.
4 (عمر بن هدية بن سلامة.)
أبو حفص البغدادي، الصوّاف، السمسار. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا الخطاب
الكلوذاني. روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي ووثّقه. عاش تسعاً وثمانين سنة.
4 (حرف الميم)
4 (محمد بن أحمد بن أحمد بن سليمان.)
) أبو عبد الله الغافقي، المعروف بالقباعي. من أهل الجزيرة الخضراء. روى ببلده عن:
أبي عبد الله بن عبد الحق، وأبي عبد الله بن أبي صوفة، وغيرهما.
(40/85)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 86
وأجاز له أبو علي بن سكّرة الصدفي. وولّي خطابة بلده. قال الأبّار: وكان فقيهاً
مشاوراً، ذا دعابة مع خشية وخشوع. حدّث عنه: أبو القاسم بن الحسن، وأبو نصر
السبتي، ويعيش بن النديم، وأبو الخطاب عمر بن الجميّل. وأجاز في رجب من السنة. ولم
تؤرخ وفاته.
4 (محمد بن أسعد بن محمد بن الحسين.)
الإمام مجد الدين، أبو منصور الطوسي، العطاري، المعروف بحفدة. الفقيه الشافعي. كان
فقيهاً واعظاً أصوليّاً فاضلاً، تفقّه بمرو على أبي بكر محمد بن منصور السمعاني،
ثم انتقل إلى مرو الروذ، وتفقه على القاضي أبي محمد الحسين بن مسعود الفرّاء
البغوي، وسمع منه كتأبيه: شرح السنّة، ومعالم التنزيل، وغير ذلك. ثم انتقل إلى
بخارى واشتغل بها على البرهان عبد العزيز بن عمر بن مازة الحنفي. ثم عاد إلى مرو،
وقدم أذربيجان، والجزيرة، واجتمع الناس عليه بسبب الوعظ. وكان مجلسه في الوعظ من
أحسن المجالس، ولا ندري لم لقّب حفدة.
(40/86)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 87
روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأبو أحمد بن سكينة، وعبد العزيز بن الأخضر، وأبو
المجد محمد بن الحسين القزويني، والقاضي أبو المحاسن يوسف بن رافع بن شداد،
وآخرون. قال السمعاني: كتبت عنه بمرو، ونيسأبور. وكان فقيهاً، واعظاً، شاطراً،
جلداً، فصيحاً. سمع من: عبد الغفار الشيروي، وأبي الفتيان الروّاسي، وناصر بن أحمد
العيّاضي. أخبرنا أحمد بن إسحاق: أنا رافع بن يوسف الأسدي قدم علينا مصر: أنا محمد
بن أسعد، أنا محيي السنّة الحسين بن مسعود، أنا أحمد بن عبد الله بن أحمد الصالحي
ح، وأنا إسماعيل بن عبد الرحمن: أنا ابن قدامة، أنا البطّيّ، أنا أبو الحسن
الأنباري قال: أنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل الصفّار: ثنا أحمد بن منصور،
ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن عاصم بن أبي الجود، عن أبي وائل، عن معاذ بن أبي
جبل، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو
قال على مناخرهم إلاّ حصائد ألسنتهم.)
(40/87)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 88
قال ابن خلّكان: توفي في ربيع الآخر سنة إحدى بتبريز. وقال: قيل أيضاً إنه توفي في
رجب سنة ثلاث وسبعين، فالله أعلم. والثاني أصح. وكان مولده سنة ست وثمانين
وأربعمائة.
4 (محمد بن الحسن بن علي بن هلال بن همصا بن نافع.)
العجلي. أخو هبة الله الدقاق، البغدادي. روى عن: علي بن محمد بن علي الأنباري،
الحنبلي، وسعد الله بن أيوب، وأبي الخطاب الكلواذاني. وتفقه على أسعد الميهني.
وأخذ الأدب عن: أبي منصور بن الجواليقي. وكان مولده سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.
ولد أخ آخر باسمه. كتب ذاك أبو المعالي.
4 (محمد بن الحسين بن محمد بن المعلم.)
القاضي أبو منصور الحنفي. ناب في القضاء عن قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي،
ودرّس. وسكن همذان مدة، ثم قدم بغداد رسولاً. روى عن: أبي القاسم بن بيان، وعلي بن
الموحد. سمع منه: أبو المواهب بن صصرى، وغيره بهمذان. وعاش ثمانين سنة.
(40/88)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 89
4 (محمد بن عبيد الله بن علي.)
أبو حنيفة بن أبي القاسم الإصبهاني، الخطيبي. من بيت علم وشهرة. قدم بغداد حاجاً
سنة نيّف وستين. وحدّث عن: جدّه لأمه حمد بن صدقة، وأبي مطيع المصري، وأبي بكر بن
مرذويه، وأبي الفتح الحداد، وعبد الواحد بن حمد الدوني. وأملى عدة كجالس. وكان
حنفي المذهب. روى عنه: أبو طالب بن عبد السميع، وموفق الدين بن قدامة، وأبو القاسم
بن صصرى، لقيه بمكة، وسمع منه بقراءة أبيه.) توفي أبو حنيفة بإصبهان وله ثلاث
وثمانون سنة. وروى عنه: ابن الأخضر.
4 (محمد ابن الوزير علي بن طراد الزينبي.)
أبو العباس المعروف بالأمير التركي، لأنه ابن تركية. كان مقبلاً على العلم. قرأ
الفرائض والأدب. وقرأ الحديث على: هبة الله الشبلي، وابن البطيّ. ولم يلحق أن يسمع
من أبيه. وتوفي شاباً.
4 (محمد بن محمد بن حمّود.)
(40/89)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 90
أبو الأزهر الواسطي، المقرئ، الصوفي. قرأ بالروايات على أبي العز القلانسي. وسمع
من: أبي نعيم محمد بن إبراهيم الجماري. وببغداد من أبي غالب بن البناء. وأقرأ
الناس مدةً. روى عنه: عمر بن يوسف ختن ابن الشعار، وعمر بن محمد بن أحمد الدينوري،
ومحمد بن أحمد بن إسماعيل القزويني. ذكره ابن النجار فأطنب في وصفه وقال: كان
شيخاً صالحاً، ورعاً، تقياً، زاهداً، قانعاً، منقطعاً عن الناس، يرجع إلى فضل وعلم
بالقراءآت. وتوفي رحمه الله ببغداد قي رجب.
4 (محمد بن محمد بن أحمد بن خلف بن إبراهيم بن لبيب.)
الإمام أبو القاسم بن الحاج التجيبي، القرطبي. سمع من: والده الشهيد أبي عبد الله
بن الحاج، وأبي محمد بن عتاب، وأبي علي بن سكرة، وأبي الوليد بن رشد، وابن يحيى بن
العاص. وأجاز له أبو عبد الله الخولاني. وكان بصيراً بمذهب مالك، عارفاً بالمسائل،
ذاكراً للخلاف. وجلس للمناظرة مكان أبيه. ولم يكن يعرف الحديث. وكان وقوراً
مهيباً، لا يتكلم إلا في النادر. ولّي قضاء الجماعة بقرطبة وقتاً، ثم خرج عنه في)
الفتنة، وتجول في الأندلس، واستقر بمرسية مرتسماً في ديوان الجند عند الأمير محمد
بن سعد. ثم سافر إلى ميورقة بعد موت ابن سعد، فحدّث بها. روى عنه: فقيل بن...،
وابن سفيان، وغيرهما.
(40/90)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 91
ثم وفد إلى إشبيلية فمات بها.
4 (مبارك بن الحسن.)
أبو النجم، ابن القابلة الفرضي. بغدادي، عارف بالفرائض والمواقيت. سمع: أبا الحسين
بن القاضي أبي يعلى.
4 (محفوظ بن أبي عبد الله محمد بن عبد المنعم.)
أبو جعفر بن الوراق البغدادي، الوكيل باب القاضي. سمع: أبا الحسين بن الطيوري،
وأبا سعد الأسدي. روى عنه: حفيده محمد بن يوسف، وعبد العزيز بن الأخضر، وجماعة.
وتوفي في جمادى الآخرة، وله ثمان وسبعون سنة.
4 (مسعود بن الحسين بن سعد.)
القاضي، أبو الحسين اليزدي، الحنفي. أفتى، ودرّس، وناب في القضاء ببغداد، ثم خرج
إلى الموصل ودرّس بها.
(40/91)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 92
وتوفي في جمادى الآخرة، وله بضع وستون سنة.
4 (حرف الهاء)
4 (هبة الله بن يحيى بن الحسن.)
أبو جعفر بن البوقي الواسطي، العطار، الفقيه الشافعي. كان عارفاً بالمذهب والخلاف
والفرائض. تفقّه على أبي علي الفارقي. وسمع: أبا نعيم الجماري، وأبا نعيم بن زبزب،
وخميساً الحوزي. وببغداد: أبا بكر الأنصاري، وغيره. وبرع في المذهب، وناظر
الفقهاء. ثم استقدمه الوزير عون الدين فحدّث ببغداد.) وروى عنه: ابن الأخضر، وأبو
إسحاق الكاشغري، وجماعة. وتوفي في ذي القعدة بواسط، وله سنة.
4 (حرف الياء)
4 (يحيى بن سعيد بن أبي الأسود.)
(40/92)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 93
أبو علي الثقفي، الإصبهاني. حدّث ببغداد عن: أبي علي الحداد، وطائفة. وعنه: محمد
بن مشّق، وأبو طالب بن عبد السميع. مات في رجب.
(40/93)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 94
4 (وفيات سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن عبد العزيز بن الفضل بن الخليع.)
الأنصاريّ، الناسخ، الأندلسيّ، الشريّونيّ. أخذ عن: أبي محمد البطليوسيّ. وأحكم
العربية. وكان أديباً شاعراّ، بديع الكتابة. نسخ الكثير، وقتل صبراّ بإشبيلية في
حدود هذا العام.
4 (أحمد بن محمد بن هبة الله.)
أبو منصور بن سركيل البغداديّ. سمع: أبا الحسن بن العلاّف. روى عنه: عبد العزيز بن
الأخضر. وتوفّي في جمادى الآخرة.
4 (إبراهيم بن الخلف بن الحبيب.)
الفهريّ، الأندلسيّ، من ولد أمير الأندلس، عياض بن يوسف. أخذ الصحيحين عن: ميمون
بن ياسين. وغلب عليه علم الأدب والفرائض.
(40/94)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 95
روى عنه: أبو الخطّاب بن واجب. وعاش أربعاً وثمانين سنة.) ذكره أحمد بن فرتوت في
تاريخه فقال: سمع الموطّأ عام سبعة وخمسمائة من القاضي أبي عبد الله محمد بن عليّ
بن حمدين. وكان من أهل الإتقان، مشاراً إليه في العلم والذّكاء.
4 (إسماعيل بن عبد الرّحمن بن يحيى بن إسماعيل.)
العثمانيّ الدّيباجيّ أبو الطاهر، أخو المحدّث أبي محمد عبد الله. سمع بإفادة أخيه
من جماعة. أخذ عنه: الحافظ أبو الحسن بن الفضل وقال: مات في ذي القعدة بعد أخيه
بتسعة عشر يوماً بالإسكندريّة.
4 (حرف الباء)
4 (بشير الهنديّ.)
مولى عبد الحقّ اليوسفيّ. سمع من: أبي سعد بن خشيش، وأبي القاسم بن بيان. وكان
رجلاً صالحاً.
4 (حرف الحاء)
4 (الحجّاج بن يوسف الهوّاريّ.)
قاضي الجماعة بمرّاكش، وخطيبها. يكنّى أبا يوسف. وهو من أهل أعمال بجّاية. قال ابن
الأبّار: كان فصيحاً مفوّهاً، بليغاً، مدركاً. نال دنيا عريضة. ولمّا توفّي حضر
دفنه السّلطان.
4 (الحسن بن سعيد بن أحمد بن الحسن بن البنّا.)
(40/95)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 96
أبو محمد بن أبي القاسم البغداديّ، الحربيّ، والد غياث. سمع الكثير من: جعفر
السرّاج، وأبي غالب الباقلاّني، وأبي سعيد بن خشيش، وغيرهم. روى عنه: ابن الأخضر،
وابن الحصريّ، وغيره. وهو من بيت الرواية. توفّي في رجب.
4 (الحسن بن عبد الله بن هبة الله ابن المسلمة.)
) تاج الدّين أخو الوزير أبي الفرج. سمع: أبا منصور بن خيرون.
4 (الحسن بن عبد الجبّار.)
أبو محمد بن البردغوليّ. روى عن: أحمد بن الحسين بن قريش.
4 (الحسن بن عليّ بن نصر بن محمد بن خميس.)
القاضي أبو عليّ الكعبيّ، الموصليّ، قاضي العسكر. توفّي في أوّل سنة اثنتين وسبعين
عن ست وستّين سنة. كتب عنه: أبو المواهب بن صصرى.
4 (حرف الصاد)
4 (صالح بن المبارك بن محمد بن عبد الواحد.)
(40/96)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 97
أبو محمد بن الدّخلة البغداديّ، المقرىء، القزّاز، الكرخيّ. سمّعه أبوه من: أبي
عبد الله بن طلحة النّعاليّ، وأبي الحسين بن الطّيوريّ. روى عنه: تميم بن أحمد
البندنيجيّ، ومحمد بن مشِّق، وأبو محمد، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الواحد
المقدسيّ. وتوفّي في صفر.
4 (حرف الظاء)
4 (ظَفَر بن عمر.)
أبو أحمد الخبّاز. سمع من: شجاع الذّهليّ، ومحمد بن عبد الواحد القزّاز. وحدّث.
وتوفّي في صفر أيضاً. روى عنه: عبد الرحمن بن محفوظ، والأعزّ بن فضائل.
4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن محمد بن خلف بن سعادة.)
) أبو محمد الإصبحيّ، الدّانيّ. سمع: أبا بكر بن نمارة، وأبا الحسن سعد الخير. ثم
رحل فأكثر عن السِّلفيّ، وأبي الطاهر بن عون، وكتب عنه الكثير. وسمع منه: جعفر بن
أبي عون الشّاطبيّ، وعبد الله بن محمد. وحدّث عنه: أبو القاسم عيسى بن الوجيه عبد
العزيز عيسى الشُّريشيّ،
(40/97)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 98
وحمّله الرواية عن قوم لم يرهم ولا أدركهم، وبعضهم لا يعرف، قاله أبو عبد الله
الأبّار في تاريخه، ثم قال: وذلك من أوهام عيسى هذا واضطّرابه في روايته. قال:
وقال أبو عبد الله التّجيبيّ: كان ابن سعادة مقرئاً، محدّثاً، ورعاً، فاضلاً،
أُخبرت أنّه غرق في البحر عند صدره. قلت: توفّي في بغداد هذه السّنة فيما أرى، أو
في الّتي قبلها، كهلاً.
4 (عبد الله بن عبد الرّحمن بن يحيى بن إسماعيل.)
القاضي أبو محمد العثمانيّ، الأمويّ، الديباجيّ، الإسكندرانيّ، المجدّث. روى عن:
أبيه، وأبي القاسم بن الفحّام الصّقليّ المقرىء، وأبي بكر محمد بن الوليد
الطّرطوشيّ، وأبي عبد الله الرّازيّ، وأبي الفضل جمعة بن إسماعيل بن خلف المقرىء،
وعبد الله بن يحيى بن حمّود، وطائفة. وله فوائد في ثمانية أجزاء رواها جعفر
الهمذانيّ عنه. وروى عنه: الحافظ أبو محمد عبد الغنيّ، والحافظ عبد القادر
الرّهاوي، والحافظ علي بن المفضل، وابن راجح، وآخرون.
(40/98)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 99
وكان يعرف بابن أبي اليابس. قال ابن المفضّل: كان عنده فنون عدّة. توفّي في شوّال،
ومولده في سنة أربع وثمانين وأربعمائة. قال حمّاد الحرّانيّ: رمى السّلفيّ
العثمانيّ بالكذب. وقال حمّاد: ذكر لي جماعة من أعيان الإسكندريّة أنّ العثمانيّ
كان صحيح السّماعات، وكان ثقة ثبتاً، صالحاً، متعفّفاً، وكان يقرئ النحو و اللغة و
الحديث. وسمعت جماعة يقولون إنّه كان يقول: كلّ من بيني وبينه شيء فهو في حلّ
ماعدا السّلفيّ) فبيني وبينه وقفة بين يدي الله تعالى. أنشدنا أبو عليّ بن الخلاّل
أنشدنا جعفر، أنشدنا أبو محمد العثمانيّ، أنشدني أبو الحسن عليّ بن محمد البغداديّ
لنفسه:
(ما أجهل الإنسان في فعله .......... من جمع آثام وأوزار)
(يبخل بالمال على نفسه .......... وهو بها يسخو على النّار)
4 (عبد الله بن عطاف.)
(40/99)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 100
الأَزديّ، الإسكندرانيّ. ورّخه الحافظ ابن المفضّل وروى عنه، وقال: توفّي في صفر.
وكان ثقة متحرّياً. سمع: أبا عبد الله الرّازيّ، وأبا بكر الطّرطوشيّ. وكان لا بأس
به في الفقه.
4 (عبد الصّمد بن سعد بن أحمد بن محمد.)
أبو محمد النسويّ، ثم الدمشقيّ، المعروف بالقاضي. ولد سنة خمس وثمانين وأربعمائة.
وتوفّي في صفر بدمشق. وسمع من: قوام الدّين بن زيد في سنة خمس وتسعين. روى عنه:
الحافظ أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم، وعبد الحق بن خلف، والعزّ محمد بن
أحمد النسّابة، وغيرهم.
4 (عليّ بن عساكر بن المرحّب بن العوّام.)
أبو الحسن البطائحيّ، الضرير، المقرىء، الأستاذ. والبطائح: بين واسط والبصرة. قدم
بغداد وحفظ بها القراءآت، وقرأه بالروايات الكثيرة المشهورة
(40/100)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 101
والشّاذّة على أبي العزّ القلانسيّ، وأبي عبد الله البارع، وأبي بكر المزرَفيّ،
وسبط الخيّاط. وقرأ بالكوفة على: الشريف عمر بن إبراهيم العلويّ. وسمع من: أبي
طالب يوسف، وابن الحصين، وطائفة. وروى الكثير وتصدّر للإقراء. وقرأ القراءآت مدّة
طويلة. وكان بارعاً فيها، جيّد المعرفة بالعربيّة، ثقة صحيح السّماع، أثنى عليه
غير واحد.) ولد سنة تسعين وأربعمائة أو قبيلها. وروى عنه القراءآت خلق كثير، آخرهم
وفاة عبد العزيز بن دُلَف. وسمع منه الكبار. وحدّث عنه الحافظ عبد الغنيّ، وأبو
محمد بن قدامة، والحافظ عبد القادر، والزاهد عمر المقدسيّ، والشّهاب بن راجح، وأبو
صالح الجيليّ، وعبد العزيز بن ياقا. وآخر من روى عنه وقرأ عليه القراءآت العشر
الإمام بها الدّين عليّ بن الجمّيزيّ. وتوفّي في الثامن والعشرين من شعبان.
(40/101)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 102
4 (... بن محمد بن هبة الله.)
أبو محمد البغداديّ، المعروف بابن المطّلب. سمع: أبا الحسن العلاّف، وأبا طالب
اليوسفيّ. سمع منه بمكّة: الفرّاء، وغيره.
4 (حرف الميم)
4 (محمد بن أحمد بن أبي الفرج بن ماشاذة.)
أبو بكر الإصبهانيّ، السكّريّ، المقرىء. مقرئ، مجوّد، عالم بطرق القرّاء، طويل
العمر. سمع: الحافظ سليمان بن إبراهيم وتفرّد عنه، والقاسم بن الفضل الرئيس، ومكّيّ
بن منصور السلاّرن وغيره.
(40/102)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 103
روى عنه محمد بن مكّيّ الحنبليّ، والحافظ عبد القادر، وعبد الأعلى بن محمد بن محمد
الرّستميّ، وإسحاق بن المطهّر اليزديّ القاضي، وأحمد بن إبراهيم بن سفيان بن مندة،
وجامع بن أحمد الخبّاز الإصبهانيّون، وآخرون. وبالإجازة كريمة القرشيّة. وتوفّي في
هذا العام وله نيّف وتسعون سنة.
4 (محمد بن سعيد بن محمد بن عمر.)
أبو سعيد بن الإمام أبي منصور الرّزّاز، البغداديّ، المعدّل. سمع: أبا القاسم بن
بيان، وابن نبهان، وزاهر بن طاهر، وابن الحصين. وتفقّه على والده، وله شعر حسن.
وَلي نظر الحشريّة مدّة، فلم تحمد سيرته. قاله ابن النجّار.) روى عنه: أبو نصر عمر
بن محمد الدّينوريّ. وتوفّي في ذي الحجّة وله إحدى وسبعون سنة.
(40/103)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 104
4 (محمد بن عبد الله بن القاسم بن المظفّر بن عليّ.)
قاضي القضاة، كمال الدّين، أبو الفضل بن أبي محمد بن الشّهرزوريّ، ثم الموصليّ،
الفقيه الشافعيّ، ويعرفون قديماً ببني الخراسانيّ. ولد سنة إحدى وتسعين وأربعمائة،
وتفقّه ببغداد على أسعد الميهنيّ. وسمع الحديث من نور الهدى بن أبي طالب الزّينيّ.
وبالموصل من: أبي البركات بن خميس، وجدّه لأمّه عليّ بن أحمد بن طوق. وولّي قضاء
بلده. وكان يتردّد إلى بغداد وخراسان رسولاً من أتابك زنكي. ثم قدم الشام وافداً
على نور الدّين، فبالغ في إكرامه، ونفّذه رسولاً من حلب الديوان العزيز. وقد بنى
بالموصل مدرسة، وينى بمدينة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم رباطاً. ثم ولاّه
(40/104)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 105
السلطان نور الدين قضاء دمشق، ونظر الأوقاف، ونظر أموال السلطان، وغير ذلك.
فاستناب ابنه القاضي أبا حامد بحلب، وابن أخيه أبا القاسم بحماه، وابن أخيه الآخر
في قضاء حمص. وحدّث بالشام وبغداد. قال القاسم بن عساكر: وُلّي قضاء دمشق سنة خمس
وخمسين، وكان يتكلم في الأصول كلاماً حسناً، وكان أديباً، شاعراً، ظريفاً، فكه
المجلس، وقف وقوفاً كثيرة، وكان خبيراً بالسياسة وتدبير الملك. وقد أنبا بحضرة أبي
قال: أنبا ابن خميس فذكر حديثاً. وقال ابن خلّكان: وُلّي قضاء دمشق، وترقّى إلى
درجة الوزارة، وحكم في البلاد الشاميّة، واستناب ولده محيى الدين في الحكم بحلب.
وتمكّن في الأيّام النوريّة تمكّناً بالغاً. فلما تملّك صلاح الدين أقرّه على ما
كان عليه. وله أوقاف كثيرة بالموصل، ونصّيبين، ودمشق. عظمت رئاسته، ونال ما لم
ينله أحد من التقدّم. وقال سبط ابن الجوزي: قدم صلاح الدين سنة سبعين فأخذ دمشق.
قال: وكان عسكر دمشق لما رأوا فعل العوام والتقاءهم له، ونثره عليهم الدراهم
والذهب، فدخلها ولم يغلق في وجهه باب، وانكفأ العسكر إلى القلعة، ونزل هو بدار
العقيقي، وكانت) لأبيه. وتمنّعت عليه القلعة أياماً. ومشى صلاح الدين إلى دار
القاضي كمال الدين، فانزعج وخرج لتلقيه، فدخل وجلس وباسطه وقال: طب نفساً، وقرّ
عيناً، فالأمر أمرك، والبلد بلدك. فكان مشي صلاح الدين إليه من احسن ما ورّخ، وهو
دليل على تواضعه، وعلى جلالة كمال الدين.
(40/105)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 106
وقال أبو الفرج ابن الجوزي: كان أبو الفضل رئيس أهل بيته، بنى مدرسةً بالموصل،
ومدرسة بنصيبين. وولاه نور الدين القضاء، ثم استوزره، ورد بغداد رسولاً، فذكر أنه
كتب قصةً إلى المقتفي، وكتب على رأسها محمد بن عبد الله الرسول، فكتب المقتفي:
صلّى الله عليه وسلّم. وقال سبط ابن الجوزي: لما جاء الشيخ أحمد بن قدامة والد
الشيخ أبي عمر إلى دمشق خرج إليه أبو الفرج ومعه ألف دينار، فعرضها فلم يقبلها،
فاشترى بها قرية الهامة، ووقفها على المقادسة. ولما توفي رثاه بحلب ابنه محيي
الدين بقصيدتها التي أولها:
(ألمّوا بسفح قاسيون وسلّموا .......... على جدث بادي السنا وترحّموا)
(وأدوا إليه عن لبيب تحيةً .......... يكلّفكم إهداءها القلب والفم)
توفي في المحرم يوم الخميس السادس منه. وقد روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه
أبو القاسم بن صصرى، وموفق الله بن قدامة، وبهاء الدين بن عبد الرحمن، وشمس الدين
عمر بن المنجّا، وأبو محمد بن الأخضر، وآخرون. ومن شعره:
(وجاءوا عشاءً يهرعون وقد بدا .......... بجسمي من داء الصبابة ألوان)
(فقالوا وكل معظم بعض ما رأى .......... أصابتك عين. قلت: إنّ وأجفان)
(40/106)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 107
4 (محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن علي بن النرسي.)
أبو الفتح الأزجي، الضرير. من بيت حديث وعدالة. سمع: أباه، وأبا القاسم بن بيان،
وغيرهما. روى عنه: أبو محمد بن الأخضر، وأبو محمد بن قدامة، وجماعة.) وتوفي في
ربيع الأول. ورّخه الدّبيثي. وقال ابن مشّق: توفي في ذي الحجة، والأول أصح وهو
الذي نقله ابن النجار.
4 (محمد بن علي بن محمد بن مهند.)
أبو عبد الله بن السقّا، الحريمي، المقرئ. شيخ صالح ملقن، لقن خلقاً. وكان يستقي الماء
إلى بيوت الناس ويتعفف به. روى عن: أبي القاسم بن بيان، وغيره. توفي في صفر. روى
عنه: عبد الله بن أحمد الخباز، وغيره.
4 (محمد بن غالب.)
(40/107)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 108
أبو عبد الله الأندلسي، الرصافي، رصافة بلنسية، الرفاء. نزيل مالقة. كان يعيش من
صناعة الرفو بيده. قال الأبّار: كان شاعر زمانه. سكن غرناطة مدة، وامتدح أميرها.
وشعره مدوّن يتنافس فيه الناس. كان ينظم البديع، ويبدع المنظوم. ولم يتزوج وكان
متعففاً. روى عنه من نظمه: أبو علي بن كسرى المالقي، وأبو الحسين بن جبير. توفي في
رمضان بمالقة.
(40/108)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 109
4 (محمد بن محمد بن عبدكان.)
أبو المحاسن البغدادي، المقرئ. قرأ القرآن على: أبي الخير المبارك الغسّال، وأبي
سعد محمد بن عبد الجبار الحريمي. قرأ عليه: عبد الوهاب بن برغش. وله مصنف في الأصول
سماه نور المحجّة على طريقة الأشعري. ويعرف بابن الضجة.
4 (محمد بن محمود بن محمد.)
أبو طالب بن الشيرازي، البغدادي، المعروف بابن العلوية. سمع: أبا غالب محمد بن
الحسن الباقلاني. روى عنه: ابن الأخضر، والحافظ عبد القادر، وجماعة.) وولي قضاء
بعض البلاد، وأقام بواسط مدةً، وبها توفي في ذي الحجة.
4 (محمد بن المحسّن بن الحسين بن أبي المضاء.)
الخطيب شمس الدين أبو عبد الله البعلبكي، ثم المصري. نشأ بمصر وقرأ بها الأدب.
(40/109)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 110
وسمع بدمشق من: الحافظ ابن عساكر، وغيره. ورحل إلى بغداد وسمع بها وقرأ الفقه.
وعاد إلى مصر، واتصل بالسلطان صلاح الدين. وهو أول من خطب بمصر لبني العباس. ثم
نفّذه السلطان رسولاً إلى الديوان. وسمع ببغداد من: أبي زرعة، وابن البطي. ومات
بدمشق ولم يكمل أربعين سنة.
4 (المبارك بن عبد الجبار بن محمد.)
أبو عبد الله البردغولي. روى عن: أحمد بن علي بن قريش. روى عنه: ابنه عبد السلام،
وغيره. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (المبارك بن محمد بن المبارك.)
أبو جعفر البصري، المواقيتي، الكتّاني الشافعي، المعدّل. ولد سنة تسعين وأربعمائة.
وسمع من: أبي طاهر محمد بن محمد بن إبراهيم العبدي، والغطريف بن عبد الله
السعيداني، وجابر بن محمد بن جابر، وعدة. وحدّث ببغداد. وروى عنه: عمر بن محمد بن
جابر الصوفي، ومحمد بن غالب الباقدرائي، وطائفة. وسمع من السلفي بالبصرة.
(40/110)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 111
قال ابن النجار: مات بالبصر بعد السبعين وخمسمائة.
4 (محمود بن محمد بن عبد الواحد بن ماشاذة.)
الإصبهاني الصوفي، نزيل بغداد، وشيخ رباط الأقفاصيين.) زاهد عابد عارف. سمع من:
زاهر الشحّامي، وأبي غالب بن البناء، وأبي بكر المزرفي. وله مصنفات في الحقائق.
سمع منه: عمر بن علي القرشي، ومحمد بن بنا الضرير. توفي في ربيع الآخر، كذا ترجمه
ابن النجار.
4 (مسعود بن عبد الله بن عبيد الله.)
أبو عبد الله البغدادي الواعظ. روى بدمشق عن أبي الوقت. وعنه: أبو القاسم بن صصرى.
مات في رمضان.
4 (مسلم بن ثابت بن زيد بن القاسم.)
أبو عبد الله بن النخاس، الوكيل، البغدادي. ويعرف بابن جوالق والد عبد الله. فقيه
إمام حنبلي. تفقه على: أبي بكر الدينوري. وتوكل لبعض الأمراء، وعلّت سنه. وحدّث
بالكثير عن: أبي بكر بن سوسن، وأبي القاسم بن بيان، وابن نبهان، وأبي النرسي،
وجماعة. وولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة.
(40/111)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 112
روى عنه: أبو محمد بن قدامة، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي، وأبو البقاء إسماعيل بن
محمد بن يحيى الهمذاني، والحسين بن مسعود البيّع، وعثمان بن أبي نصر بن الوتار،
وآخرون. توفي في ذي الحجة. وقد سمع منه أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، والقدماء.
4 (حرف النون)
4 (نصر بن سيّار بن صاعد بن سيّار.)
شرف الدين، أبو الفتح الكناني، الهروي، القاضي الحنفي، الفقيه.) من بيت القضاء
والحشمة والرواية. وكان خبيراً بالمذهب، عالي الإسناد، معمّراً. سمع الكثير من:
جدّه القاضي أبي العلاء صاعد بن سيّار بن يحيى بن محمد بن إدريس، والقاضي أبي عامر
محمود بن القاسم الأزدي، وأبي عطاء عبد الأعلى بن أبي عمر المليحي، والزاهد محمد
بن علي العميري، ونجيب بن ميمون الواسطي، وأبي نصر أحمد بن أبي المعروف بأميرجة
سك، وغيرهم. وأجاز له شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري، وأبو القاسم أحمد بن محمد
الخليلي.
(40/112)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 113
قال ابن السمعاني: كان فقيهاً، مناظراً، فاضلاً، متديّناً، حسن السيرة، مطبوع
الحركات، تاركاً للتكلف، سليم الجانب. ولد في شوال سنة خمس وسبعين وأربعمائة. قلت:
روى عنه هو، وابنه أبو المظفر عبد الرحيم، وأبو القاسم زنكي بن أبي الوفاء، ومودود
بن محمود الشقّاني، والحافظ عبد القادر الرهاوي، والمفتي ضياء الدين أبو بكر بن
علي المامنجي، المصري، وآخرون. وبالإجازة القاضي شمس الدين ابن الشيرازي. قال
السمعاني في تحبيره: سمعت منه جامع الترمذي، وسمعت منه كتاب الزهد لسعيد بن منصور،
بروايته عن جده. وقال ابن نقطة إنه حدّث بكتاب الجامع للترمذي، عن أبي عامر
الأزدي. وسمع صحيح الإسماعيلي، من جده، وكان سماعه صحيحاً. وبلغني أنه توفي يوم
الثلاثاء عاشر المحرم. قلت: عاش سبعاً وتسعين سنة. وكان رحمه الله أسند من بقي
بخراسان.
4 (حرف الهاء)
4 (هبة الله بن علي بن محمد بن زنبقة.)
أبو القاسم الصفار. شيخ بغدادي. سمع: شجاعاً الدّهلي، وأبا علي بن المهدي. روى
عنه: عبد الوهاب بن أزهر.)
(40/113)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 114
قال ابن القطيعي: مات في شوال.
4 (هبة الله بن يحيى بن محمد بن هبة الله.)
أبو محمد البغدادي، الوكيل بباب القضاة. سمع: أبا الحسن العلاّف. روى عنه: أبو
الفتوح بن الحصري. توفي في ربيع الآخر.
4 (حرف الياء)
4 (يحيى بن أحمد.)
أبو شجاع بن البراج، الوكيل بباب القضاة، ثم زكّي، وشهد وتقدم. روى عن: أبي القاسم
بن الحصين، وغيره. كتب عنه: عمر القرشي، وغيره.
4 (يحيى بن محمد بن أحمد بن إبراهيم.)
أبو زكريا بن الخطاب الرازي، ثم الإسكندراني. سمع من والده وتوفي في هذه السنة.
وحدّث. ضعّفه ابن المفضّل وقال: لا أروي عنه. وفيها ولد الشيخ الفقيه حونين في
رجب، والصفي إسماعيل بن إبراهيم بن الدرجي بدمشق، والكمال علي بن شجاع الضرير بمصر
في شعبان، والشيخ أوحد الدين عمر الدويني.
(40/114)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 115
4 (وفيات سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن أحمد بن عبد العزيز بن أبي يعلى.)
أبو جعفر ابن القاصّ الشيرازي، ثم البغدادي، القطفطي المقرئ، الزاهد. صاحب رياضة
وتعبّد ونسك وعرفان وتصوّف.) قرأ القراءآت على أحمد بن علي بن بدران الحلواني،
وأبي الخير المبارك الغسّال، وأبي بكر محمد بن بركات بن سلامة الدارمي الآمدي.
وسمع: أبا محمد بن الأبنوسي، وأبا القاسم بن بيان، وجماعة. وحدّث وأقرأ الناس. أخذ
عنه جماعة وأثنوا عليه. وتوفي في صفر وله سبع وسبعون سنة. روى عنه: أبو المواهب بن
صصرى، وأبو بكر بن مشّق، وآخرون، وأبو القاسم بن صصرى، وأحمد بن أحمد البندنيجي.
وقرأ عليه بالروايات عبد العزيز بن دلف، وجماعة.
(40/115)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 116
4 (أحمد بن حامد بن الفرات بن أحمد بن مهدي.)
أبو العباس الربعي، الضمري، البزاز. سمع ابن الخطاب الرازي بثغر الإسكندرية. روى
عنه: ابن صصرى في مشيخته، وفيها أنه ولد بقرية ضمير سنة ست وثمانين وأربعمائة. وله
شعر حسن. مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث هذه.
4 (أحمد بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس.)
أبو العباس البغدادي، الحنبلي، الفقيه، الزاهد. ولد سنة إحدى وخمسمائة. وسمع من:
أبي سعد بن الطيوري، وأبي طال الزينبي. وتفقّه على أبي بكر الدينوري، وأبي خازم بن
القاضي أبي يعلى. وأنشأ له نصر بن العطار التاجر مدرسةً ودرّس بها. وأقرأ الفقه
وتخرّج به جماعة. وكان زاهداً عابداً، خيّراً، متنبّلاً، كبير القدر. قرأ أيضاً
القراءآت على أبي عبد الله البارع، وأبي بكر المزرفي.)
(40/116)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 117
روى عنه: موفق الدين المقدسي وقال: كان من أصحاب أحمد، وله مسجد ومدرسة. يتكلم في
مسائل الخلاف ويدرس. وكان يتزهد وما علمت منه إلا الخير. قال ابن مشّق: توفي في
خامس صفر. وروى عنه أيضاً عبد العزيز بن باقا، ومحمد بن أحمد بن شافع.
4 (أرسلان بن طغرل بن محمد بن ملكشاه.)
السلجوقي السلطان. توفي في هذا العام. وكان القائم بدولته زوج أمه شمس الدين
إلدكز، وابنه البهلوان. وكان أرسلان سلطاناً مستضعفاً، له السكة والخطبة. ولما مات
خطب
(40/117)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 118
بعده لولده طغرل الذي قتله خوارزم شاه، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
4 (حرف الحاء)
4 (الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد.)
أبو علي بن الخويري، العباسي. سمع: إسماعيل بن السمرقندي، وطائفة. وقرأ بالروايات
على الشهرزوري، وأقرأ القراءآت والعربية بواسط. وكان يعلم الموسيقى، فيه دين
وتعبّد. أرّخه ابن النجار.
4 (حرف الدال)
4 (داود بن محمد بن الحسن بن خالد.)
القاضي أبو سليمان الخالدي، الإربلي، ثم الحصكفي، الفقيه الشافعي. ولد سنة ثلاث
وتسعين وأربعمائة بالموصل. وتفقه ببغداد. وسمع: أبا القاسم بن بيان ببغداد وأبا
منصور محمد بن علي بن محمود الكراعي بمرو. وقدم دمشق رسولاً فحدّث بها، ثم سكن
الموصل وحدّث بها بأشياء منها صحيح البخاري، لكنه أسقط من إسناده إلى البخاري
رجلاً، واستمر الوهم عليهم وعليه.
(40/118)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 119
روى عنه: أبو القاسم بن صصرى، والقاضي أبو نصر بن الشيرازي.) وأجاز البهاء عبد
الرحمن. وتوفي بالموصل يوم النحر، وقد ولي قضاء كيفا مدة.
4 (داود بن يزيد.)
أبو سليمان السعدي، الغرناطي. بقية النحويين بالأندلس. أخذ عن: أبي الحسن بن
الباذش وكان من أكبر تلامذته. وسمع من: أبي محمد بن عتّاب، وأبي بحر بن العاص،
وابن مغيث، وغيرهم. وكان له مشاركة في علم الحديث. أخذ القراءآت عنه، ومن رواته:
أبو بكر بن أبي زمنين، وأبو الحسن بن خاروف، وأبو القاسم الملاحي. وتوفي عن خمس
وثمانين سنة.
4 (حرف الصاد)
4 (صدقة بن الحسين بن الحسن بن بختيار.)
(40/119)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 120
أبو الفرج بن الحداد البغدادي، الفقيه، الحنبلي، الناسخ. تفقه على: أبي الوفاء بن
عقيل، وأبي الحسن بن الزاغوني وسمع منهما. ومن: أبي عثمان بن ملّة، وأبي طالب
اليوسفي. وكان قيّماً بالفرائض والحساب، ويفهم الكلام. وأقرأ الناس، وتخرّج به
جماعة. وكان مليح الخط، نسخ الكثير، وكان ذلك معاشه. وكان يؤمّ بمسجد وهو يقيم
فيه. قال أبو الفرج بن الجوزي: ناظر وأفتى إلا أنه كان يظهر في فلتات لسانه ما يدل
على سوء عقيدته. وكان لا ينضبط، فكل من يجالسه يعثر منه على ذلك. وكان تارةً يميل
إلى مذهب الفلاسفة، وتارةً يعترض على القدر. دخلت عليه يوماً وعليه جرب فقال:
ينبغي أن يكون هذا على جمل لا علي.
(40/120)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 121
وقال لي يوماً: أنا لا أخاصم إلا من فوق الفلك. وقال لي القاضي أبو يعلى: مذ كتب
صدقة الشفاء لابن سينا تغير. وحدثني علي بن الحسن المقرئ فقال: دخلت عليه فقال:
والله ما أدري من أين جاءوا بنا، ولا إلى أي مطبق يريدون أن يحملونا.) وحدثني
الظهير بن الحنفي قال: دخلت عليه فقال: إني لأفرح بتعثيري. قلت: ولم قال: لأن الصانع
يقصدني. وكان طول عمره ينسخ بالأجرة، وفي آخر عمره تفقده بكيس، فقيل له، قال: أنا
كنت أنسخ طول عمري فلا أقدر على دجاجة. فانظر كيف بعث لي الحلواء والدجاج في وقت
لا أقدر أن آكله. وهو كقول ابن الراوندي: وكنت أتأمل عليه إذا قام للصلاة، وأكون
إلى جانبه، فلا أرى شفتيه تتحرك أصلاً. ومن شعره:
(لا توطّنها فليست بمقام .......... واجتنبها فهي دار الانتقام)
(أتراها صنعةً من صانع .......... أم تراها رميةً من غير رام)
فلما كثر عثوري على هذا منه هجرته، ولم أصلّ عليه حين مات. وكان يعرف منه فواحش.
وكان يطلب من غير حاجة. وخلّف ثلاثمائة دينار. وحكي عنه أنه رؤي له منامات نحسة،
نسأل الله العفو.
(40/121)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 122
توفي في ربيع الآخر في عشر الثمانين.
4 (حرف العين)
4 (عبد الباقي بن أبي العز بن عبد الباقي ابن الكوار.)
البغدادي الصوفي، ويعرف بابن القوّالة. روى عن: أبي الحسين بن الطيوري. روى عنه:
عمر بن بكرون، وابن الأخضر.
(40/122)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 123
وتوفي في ربيع الآخر.
4 (عبد الرحمن بن أبي القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن.)
روى عن: أبي القاسم بن النخاس، وأبي محمد بن عتّاب، وغيرهم. قال الأبّار: وكان
فقيهاً مشاوراً. ولي القضاء، وكان عريقاً في العلم والنباهة. سمع منه: ابنه أبو
الوليد يزيد، وحفيده شيخنا أبو القاسم أحمد بن يزيد. وتوفي عن ثمان وسبعين سنة.)
4 (عبد العزيز بن أحمد بن غالب.)
أبو الأصبغ بن مؤمّل البلنسي، الزاهد، المقرئ. قال الأبّار: أخذ القراءآت عن ابن
هذيل، وكان مقدّماً فيها، عارفاً بالتعليل، مجوّداً، فرداً في الاجتهاد، صوّاماً
قوّاماً، صاحب ليل. ولم يتزوج قط. توفي في حدود سنة ثلاث.
4 (عبد الكريم بن عسكر.)
أبو محمد المخزومي، الخالدي، الهمذانيّ الأصل. ولد بمصر، وسكن الإسكندرية. وكان
يعرف بالنجار. سمع من: أبي صادق مرشد، وأبي عبد الله الرازي. قال الحافظ ابن
المفضّل: سألته عن مولده فقال: في رجب سنة سبع وتسعين.
(40/123)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 124
سمعنا منه كتاب الأثمان لابن أبي شيبة، والحادي والعشرين من حديث الدّهليز. وكان
شيخاً صالحاً. قال لي: نسبي عندي بخط أبي إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه. وتوفي
في تاسع عشر ذي الحجة. قلت: روى عنه. جعفر الهمذاني، وعبد الوهاب بن روّاج،
وجماعة.
4 (... بن عبد الله بن عبد الرحمن بن مسعود بن عيشون.)
أبو مروان المعافري، البلنسي. روى عن: أبي الوليد بن الدباغ. وحج فلقي: أبا علي بن
العوجا، وأبا عبد الله المازري، وأبا طاهر بن سلفة. روى عنه: أبو عبد الله بن نوح
الغافقي. قال الأبّار: وكان نهاية في الصلاح والبر والخير، متواضعاً. لم يتزوّج،
وكان ذا ثروة، واقتنى كثيراً من الكتب. وتوفي سنة ثلاث أو.
4 (عتيق بن عبد العزيز بن علي بن صيلا.)
أبو بكر الحربي، الخباز، والد عبد الرحمن، وعبد العزيز. سمع: عبد الواحد بن علوان
الشيباني، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وغيرهما.) روى عنه: أبو محمد بن الأخضر، وعبد
الرزاق الجيلي، وأحمد بن أحمد البندنيجي، والبهاء عبد الرحمن، والأنجب بن محمد بن
صيلا الحمامي، وأبو القاسم بن أبي الحسين المالحاني، وآخرون.
(40/124)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 125
ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. ومات في ربيع الآخر وله ثمان وخمسون سنة.
4 (علي بن الحسين بن علي.)
أبو الحسن اللّواتي الفاسي. روى عن: أبي جعفر بن بافي، وأبي الحسين بن الأخضر
الإشبيلي أخذ عنه النحو واللغة. وسمع: أبا عبد الله بن شبرين. وأجاز له أبو عبد
الله الخولاني، وأبو علي الصدفي. وحدّث بالموطّأ عن الخولاني، لقيه سنة إحدى
وخمسمائة، وأجاز له وروى عن جماعة آخرين. قال الأبّار: كان فقيهاً، مشاوراً،
فاضلاً، متقناً. أخذ عنه يعيش بن النديم، وأبو عبد الله بن الحق التلمساني، وأبو
الخطاب بن الحمّيل، يعني ابن دحية. ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة.
4 (علي بن عبد الله بن حمود.)
أبو الحسن المكناسي، الفاسي، وأصله من مكناسة الزيتون، حج سنة اثنتي عشرة. وأخذ عن
أبي بكر الطرطوسي سنن أبي داود، وصحيح مسلم، أخذ عن طرخان، وجامع أبي عيسى، عن ابن
المبارك.
(40/125)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 126
ودخل الأندلس مرابطاً. ثم حج ثانياً وجاور، وأقام بالحرم. قال ابن الأبّار: وكان
زاهداً، ورعاً، محسناً إلى الغرباء. توفي بمكة عن سبع وسبعين سنة.
4 (حرف الفاء)
4 (فاطمة بنت نصر بن العطار البغدادية.)
أخت صاحب المخزن. امرأة محتشمة، زاهدة، عابدة، كبيرة القدر. سمعها أرباب الدولة
لأجل أخيها، وخلق كثير.) وقال أخوها إنها ما خرجت من البيت في عمرها إلاّ ثلاث
مرات رضي الله عنها.
4 (... بن حيدرة.)
أبو المجد البجلي، الكاتب. توفي بدمشق في جمادى الأولى. يروي عن: الحسن بن صصرى.
روى عنه: الحافظ أبو المواهب وقال: ولد سنة خمس وثمانين وأربعمائة. ويعرف بابن
الرميلي. وروى عنه أيضاً أبو القاسم بن صصرى.
4 (حرف الكاف)
4 (كمشتكين.)
(40/126)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 127
نائب حلب للملك الصالح إسماعيل بن نور الدين، ولقبه: سعد الدين. وهو مدبر دولة
الصالح. وكان الرئيس أبو صالح ابن العجمي كالوزير في دولة إسماعيل فقتل، فاتهموا
به سعد الدين، وحسّنوا للصالح القبض عليه، فقبض عليه وقتل تحت العذاب في هذه
السنة. لأن رفقاءه الخدام حسدوا مرتبته، ومالوا إلى أبي صالح، فجهز كمشتكين عليه
جماعة من الباطنية، فقتلوه يوم جمعة.
4 (حرف الميم)
4 (محمد بن أحمد بن عبد الجبار.)
الفقيه، أبو المظفّر الحنفي، المعروف بالمشطّب السّمناني. تفقه بمرو على أبي الفضل
الكرماني، وأفتى، وناظر، ودرّس. وكان مولده في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة وجال
في بلاد المشرق، ثم استوطن بغداد، ودرّس المذهب بمدرسة زيرك. وحدّث عن: أبي المعالي
جعفر بن حيدر، والحسين بن محمد بن فرّخان. وعنه: عمر القرشي. وتوفي في حادي عشر
جمادى الأولى، وشيّعه قاضي القضاة، والناس.
4 (محمد بن أحمد بن هبة الله بن محمد.)
)
(40/127)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 128
أبو عبد الله بن أبي منصور الدّيناريّ. ذكر أنّه من ولد ذي الرياستين. روى عن: أبي
القاسم بن بيان. وأبي النّرسيّ. سمع منه: عمر بن علي القرشيّ، وعمر بن محمد
العليميّ، وعبد العزيز بن الأخضر. وتوفّي في آخر العام، وقيل: توفّي في شوّال سنة.
4 (محمّد بن أسعد حفَدة العطّاريّ.)
درّس، وأفتى، وناظر، وأخذ عن: الغزاليّ. وقد ذكر في سنة إحدى وسبعين. وذكره في سنة
ثلاث أبو الفرج بن الجوزيّ، وابن الدّبيثي وقال: روى عن أبي الفتيان عمر
الدّهستانيّ. ثنا عنه: عبد الوهّاب بن سكينة، وابن الأخضر. وطوّل فيه ابن النجّار.
4 (محمد بن بدر بن عبد الله.)
أبو الرّضا الشّيحيّ. كان أبوه يروي عن أبي بكر الخطيب. سمع: أباه، وأبا الحسن بن
العلاّف، وأبا القاسم بن بيان. روى عنه: أحمد بن أحمد البندنيجيّ، وابن الأخضر.
وآخر من روى عنه يحيى بن القميرة. توفّي في ربيع الأوّل.
4 (محمد بن بُنيمان بن يوسف.)
الهمذانيّ. توفّي في آخر السّنة عن تسعين سنة.
(40/128)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 129
وكان مسنِد همذان في وقته. يحوّل إلى هنا. نعم. هو أبو الفضل المؤدّب الأديب. سمع:
محمد بن جامع القطّان الجوهريّ، شيخ همذانيّ.) وقد روى عن ابنه جامع بن محمد،
والرّيحانيّ. وتوفّي سنة إحدى وسبعين. وسمع من: مكّيّ بن منصور السّلاّر الكرجيّ،
ومن: سعد بن عليّ العجليّ مفتي همذان، ومن: عبد الرحمن بن حمد الدّونيّ، وغيرهم.
روى: سنن النّسائيّ، وعمل يوم وليلة لابن السُّنّيّ، عن الدّونيّ. قال السّمعانيّ:
هو أبو الفضل المؤدّب المؤذّن الأُشنانيّ. وهو سبط أحمد بن نصر الحافظ الأعمش. شيخ
أديب فاضل، جميل الطّريقة، له سمتٌ، ووقار، وصلاح، وتودّد، مكثر من الحديث. سمع
من: جدّه، وعبدوس بن عبد الله بن عبدوس، والحسن بن ياسين، وجماعة كبيرة بإفادة
جدّه. وقرأ الأدب على أبي المظفّر الأبيورديّ. سمعت من لفظه كتاب سنن التّحديث
لصالح بن أحمد الهمذانيّ، وجزء الذُهليّ. قلت: حدّث عنه: يوسف بن أحمد الشّيرازيّ
في الأربعين البلدانية له، وأبو المواهب بن صصرى، ومحمد بن محمد الكرأبيسيّ،
وآخرون. وكان أسند من بقي ببلده. وكان شيخاً صالحاً، أديباً، فاضلاً، انفرد
بالرواية عن جماعة.
(40/129)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 130
قال أبو المواهب: سألته عن مولده فقال: سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وتوفّي في
آخر سنة ثلاث وسبعين بهمذان.
4 (محمود بن تكَش.)
الأمير شهاب الدين الحارميّ، خال صلاح الدين. أعطاه السلطان حماه عندما تملّكها،
فبقي بها هذه المدّة، ومرض فحاصرته الفرنج حصاراً شديداً، ولولا لطف الله لأخذت
الفرنج حماه. ولمّا ترحّلوا توفّي شهاب الدين. توفّي قبله بثلاثة أيّام ولده، وكان
شابّاً مليحاً، من أحسن أهل زمانه.
4 (محمّد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفّر ابن رئيس الرؤساء أبي القاسم عليّ
ابن المسلمة.)
أبو الفرج، وزير العراق.)
(40/130)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 131
(40/131)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 132
سمع من: ابن الحصين، وعبيد الله بن محمد بن البيهقيّ، وزاهر الشّحّاميّ. روى عنه:
حافده داود بن عليّ. وكان أوّلاً أستاذ دار المقتفيّ، والمستنجد، ووَزر للمستضيء.
وكان فيه مروءة وإكرام للعلماء. ولد سنة أربع عشرة وخمسمائة، وكان يلقّب عضد
الدين. وكان سريّاً، مهيباً، جواداً. قال الموفّق عبد اللطيف: كان إذا وزن الذّهب
يرمي تحت الحصر قراضةً كثيرة قدر خمسة دنانير، فأخذت منها يوماً، فنهرني أبي وقال:
هذه يرميها الوزير برسم الفرّاشين. وكان يسير في داره، فلا يرى واحداً منّا معشر
الصّبيان إلاّ وضع في يده ديناراً، وكذا كان يفعل ولداه كمال الدين، وعماد الدين،
إلاّ أنّ دينارهما أخفّ. وكان والدي ملازمه على قراءة القرآن والحديث. استوزره
الإمام المستضيء أوّل ماولي، واستفحل أمره. وكان المستضيء كريماً رؤؤفاً، واسع
المعروف، هيّناً، ليّناً. وكانت زوجته بنفسه كثيرة الصّدقات والمروءة. وكان الوزير
ذا انصباب إلى أهل العلم والصّوفيّة، يسبغ عليهم النعمة، ويشتغل هو وأولاده
بالحديث والفقه والأدب. وكان الناس معهم في بلهَنيّة،
(40/132)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 133
ثم وقعت كدورات، منها الإحنة التي وقعت بينه وبين قطب الدين قايماز. قلت: ذكرتها
في مكانها. وعزل ثم أُعيد إلى الوزارة. وخرج من بيته حاجّاً في رابع ذي القعدة،
فضربه واحد من الباطنيّة أربع ضربات على باب قطُفتا، فحمل إلى دار هناك، فلم
يتكلّم، إلاّ أنّه كان يقول: الله، الله. وقال: ادفنوني عند أبي. ثم مات بعد
الظّهر، رحمه الله تعالى.
4 (محمد بن عبد الله بن الحسين بن السَّكن.)
أبو سعد بن المعوَجّ. ولّي حجابة الباب النّوبيّ في سنة إحدى وسبعين، وجرح مع
الوزير أبي الفرج المذكور جراحات منكرة، ومات ليلتئذٍ.
4 (محمد بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن منصور.)
) أبو الثناء الزّيتوني، الواعظ، المجهر، سبط ابن الواثق. ولد سنة اثنتين
وخمسمائة. وسمع: هبة الله بن الحصين، وأبا بكر الأنصاريّ. وبنيسأبور من: محمد بن
الفضل الفراويّ، وعبد الجبّار الخواريّ، وأبي سعيد بن أحمد بن محمد صاعد، وزاهر بن
طاهر، وعبد الغافر بن إسماعيل. وبهراة: تميم بن أبي سعيد الجرجانيّ. ولزم مسجداً
في آخر عمره يعظ فيه، ويروي الحديث.
(40/133)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 134
وسمع منه خلق، وحدّث بكتاب أسباب النّزول للواحديّ. روى عنه: أبو طالب بن عبد
السميع، وأبو محمد بن قدامة، والبهاء عبد الرحمن، وطائفة. قال ابن قدامة: كان شيخ
جماعة، له أصحاب. حدّثني الشهاب الهمذانيّ أنّه رجل صالح له كرامات. وقال ابن
النجّار: لزم مسجده معتكفاً على الإقراء والتحديث والوعظ ونفع الناس. وكان مشهوراً
بالصلاح والزّهد والعبادة والتّقى، كان الناس يتبرّكون به ويستشفون بدعائه. وكان
له صيت عظيم عند الخاصّ والعام. كان السلطان مسعود يأتي إلى زيارته، ويقال إنّه
وُجد في تركته عدّة رقاع قد كتبها إليه السلطان يخاطبه فيها بخادمه. وكان مليح
الخلقة، ظريف الشكل، بزِيّ الصوفية، وله تلاميذ ومريدون. وقال ابن الدّبيثي: توفّي
في نصف رمضان رحمه الله.
4 (محمد بن ميدمان.)
أبو عبد الله الكلبيّ، القرطبيّ. سمع: جامع الترمذيّ سنة عشرين وخمسمائة من عبّاد
بن سرحان. وكان أديباً متصرّفاً فاضلاً. ذكره الأبّار.
4 (منوية.)
أمة الواحد بنت عبد الله بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف، ابنة عم أبي الحسين بن
عبد الحقّ) وزوجته.
(40/134)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 135
سمعت من: أبي الحسن بن العلاّف. وصفها أبو سعد بن السّمعانيّ، وروى عنها هو،
وموفّق الدين بن قدامة، وآخرون. وتوفّيت في المحرّم في عشر الثّمانين، رحمها الله.
4 (حرف الهاء)
4 (هارون بن العبّاس بن محمد بن أحمد بن محمد بن المأمون.)
أبو محمد الهاشمي، العباسي، المأموني، البغدادي، الأديب. سمع: أبا بكر الأنصاري،
وأبا منصور بن زريق الشيباني، وغيرهما. وصنف شرحاً لمقامات الحريري مختصراً. وجمع
تاريخاً على السنين فيه أخبار الأوائل والحوادث والدول في مجلدين. توفي في ذي
الحجة.
4 (هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن محمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن صصرى.)
القاضي الجليل أبو الغنائم الربعي، التغلبي. الدمشقي. روى عن: يحيى بن بطريق، وابن
المسلم، وهبة الله بن طاووس، وجماعة. وتفقه وقرأ القرآن، وحصّل وشهد على القضاة،
وحدّث بدمشق والحرمين. روى عنه: ولداه أبو المواهب، وأبو القاسم. وكان كثير البر
والتعبد والتلاوة. يختم في شهر رمضان ثلاثين ختمة.
(40/135)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 136
توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث، وله اثنتان وستون سنة.
4 (حرف لام ألف)
4 (لاحق بن علي بن منصور بن كارة.)
أبو محمد أخو دهبل. روى عن: أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان. كتب عنه أبو سعد
السمعاني، وذكره في تاريخه. وحدّث عنه: ابن الأخضر، والشيخ الموفق، والبهاء،
وآخرون. توفي ليلة نصف شعبان، وله ثمان وسبعون سنة.) وعنه: ابن المقيّر، وعبد
العزيز بن خلف.
4 (حرف الياء)
4 (يحيى بن موهوب بن المبارك بن السدنك.)
أبو نصر المستعمل، أخو أحمد. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا العز محمد بن المختار،
وغيرهما. روى عنه: ابن الأخضر، وعبد العزيز بن الزبيدي، والبهاء عبد الرحمن، ومحمد
بن عبد الواحد بن سفيان، وجماعة. وتوفي في شوال، وله أربع وسبعون سنة.
4 (يحيى بن يوسف بن أحمد.)
(40/136)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 137
أبو شاكر السقلاطوني، عرف بصاحب ابن بالان. شيخ مسند، معمر. روى عن: ثابت بن
بندار، والحسين بن علي بن البسري، وابن الطيوري، وأبي سعد بن حشيش، وأحمد بن سوسن،
وغيرهم. روى عنه: ابن الأخضر، وابن قدامة، والبهاء، والمبارك بن علي المطرز، وأبو
الحسن علي بن هبة الله بن الجمّيزي، وآخرون. وكان خبّازاً. توفي في شعبان.
4 (يوسف بن محمد.)
أبو الحجاج الإسكندري، المؤدب. سمع: أبا بكر الطرطوشي. قال ابن المفضل: ثنا، وكان
فرضيّاً، له شعر. وفيها ولد الشريف أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن علي
الحسيني، الحلبي، ثم المصري في رمضان. ومحمد بن سليمان بن أبي الفضل الأنصاري ليلة
الفطر.
(40/137)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 138
4 (وفيات سنة أربع وسبعين وخمسمائة)
)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن أحمد بن علي.)
أبو منصور النهرواني، المؤدب، المعروف بابن بهدل. سمع: أبا سعد أحمد بن الطيوري،
وغيره. سمع منه: عمر القرشي، وأبو القاسم بن البندنيجي. وتوفي في رمضان عن ثمانين
سنة. روى عنه: ابن الطيوري.
4 (أحمد بن علي بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن علي بن المهتدي بالله.)
أبو تمام بن أبي الحسن بن أبي تمام الهاشمي ابن الغريق. خطيب الحربية. روى عن: ابن
الحصين، وغيره. كتب عنه: محمد بن المبارك بن مشّق.
4 (أحمد بن علي بن الحسين بن الناعم.)
أبو بكر الوكيل بباب القاضي. سمع: هبة الله بن أحمد الموصلي، وأبا القاسم بن بيان،
وابن بدران الحلواني، والقاسم بن علي الحريري.
(40/138)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 139
روى عنه: ابن الأخضر، وأبو محمد بن قدامة، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. توفي في
ربيع الأول.
4 (أحمد بن نصر بن تميم.)
الفقيه أبو زيد الحموي، الأشعري، المتكلم. كان متعصباً في علم الكلام. ولي حسبة
دمشق وحسبة مصر.
4 (إبراهيم بن أحمد.)
والد البهاء عبد الرحمن المقدسي. توفي في رجب. قرأت ترجمته بخط الضياء، وقال: ولد
في حدود سنة خمس وعشرين وخمسمائة. وسألت عنه) خالي الموفق، فقال: كان رجلاً كاملاً
حسن الخلق. كان يمازحني وأنا صغير، وكنت أحبه لحسن خلقه. سمعت أن عمي إبراهيم سافر
إلى مصر في تجارة، ومضى إلى إسكندرية فسمع من السلفي. وكان مقدّم الفرنج قد حبسه
وأراد صلبه لأنهم وجدوه ومعه متاع من آلة الكنيسة قد اشتراه من سارق، فهرب هو
وغيره من الحبس بالليل.
4 (أسعد بن بلدرك بن أبي اللقاء.)
أبو أحمد الجبريلي، البواب بدار الخلافة. شيخ بغدادي، معمر. قال: عمر بن علي
القرشي: سألته عن مولده فقال: في ربيع الأول سنة سبعين وأربعمائة.
(40/139)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 140
قلت: كان يمكن أن يجيز له أبو الحسين بن النقّور، وأن يسمع من أبي نصر الزينبي
فيبقى مسند الدنيا. قال ابن الدّبيثي: كان أبوه صاحباً للرئيس أبي الخطاب بن
الجرّاح، فأسمعه منه، ومن: أبي الحسن بن العلاف. روى عنه: ابن الأخضر، والشيخ
الموفق، والبهاء عبد الرحمن، ومحمد بن أبي البدر مقبل بن فتيان بن المنّى، وطائفة
سواهم. توفي في سلخ ربيع الأول.
4 (... بن أبي الفوارس بن أبي بكر.)
أبو بكر الإصبهاني، السنباك. سمع: أبا مطيع محمد بن عبد الواحد. وحدّث في رجب من
السنة. ولا أعلم وفاته. روى عنه: الحافظ عبد الغني.
4 (حرف الحاء)
4 (الحسن بن علي بن محمد بن فرج.)
الكلبي، المعروف بابن الجميّل الداني. والد عمر وعثمان المحدّثين النازلين بديار
مصر.) نزل أبو علي سبتة، وبها توفي عن ثمانين سنة. قال الأبّار: لا أعلم له رواية.
(40/140)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 141
4 (حرف الزاي)
4 (زيد بن نصر بن تميم.)
الحموي، الفقيه الشافعي. كذا سمّاه أبو المواهب بن صصرى، وهذا هو أبو زيد أحمد بن
نصر المذكور آنفاً. وقال: توفي في شعبان بدمشق وقد جاوز السبعين، وكان ذا فنون وذا
خبرة بمقالة الأشعري. وروى عن: عبد الكريم بن حمزة، وجمال الإسلام وتفقه عليه مدة.
قال البهاء ابن عساكر: كان شديد التعصّب في مذهب الحق، وهو زيد أبو القاسم الحموي،
ثم تسمّى بأحمد، وتكنّى بأبي زيد. قلت: روى عنه: أبو القاسم بن صصرى.
4 (حرف السين)
4 (سعد بن محمد بن سعد بن صيفي.)
(40/141)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 142
شهاب الدين، أبو الفوارس، الشاعر المشهور، الملقّب بالحيص بيص، ومعناهما: الشدّة
والاختلاط. قيل إنه رأى الناس في شدّة وحركة، فقال: ما للناس في حيص بيص فلزمه
ذلك. وكان من فضلاء العالم. وتفقه على مذهب الشافعي بالري على القاضي محمد بن عبد
الكريم الوزّان، وتكلم في مسائل الخلاف. وذكره ابن السمعاني في ذيله فقال: كان
فصيحاً، حسن الشعر. وذكره ابن أبي طيء في تاريخ الشيعة فقال: شاعر فاضل، بليغ،
وافر الأدب، عظيم المنزلة في الدولتين العباسية والسلجوقية. وكان ذا معرفة تامة
بالأدب، وباع في اللغة، وحفظ كثير للشعر. وكان إماماً في الرأي، حسن العقيدة.
حدّثني عبد الباقي بن زريق الحلبي الزاهد قال: رأيته واجتمعت به فكان صدراً في كل
علم، عظيم النفس، حسن الشارة، يركب الخيل العربية الأصيلة ويتقلّد بسيفين، ويحمل
حلقة الرمح،) ويأخذ نفسه بمآخذ الأمراء، ويتبادى في لفظه، ويعقد القاف. وكان أفصح
من رأيت. وكان يناظر على رأي الجمهور. وقال الزينبي: سمع من: أبي طالب الحسين بن
محمد الزينبي. وبواسط من: أبي المجد محمد بن جهور.
(40/142)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 143
وله ديوان شعر مشهور وترسّل. وكان برعاً في الشعر، محسناً، بديع المعاني، مليح
الرسائل ذا خبرة تامة باللغة. ومن شعره:
(فما أنصفت بغداد نائبها الذي .......... كثر الثناء به على بغداد)
(سل ذا إذا مدّ الجدال رواقه .......... بصوارم غير السيوف حداد)
(وجرت بأنواع العلوم مقالتي .......... كالسيل مدّ إلى قرار الوادي)
(وذعرت ألباب الخصوم بخاطر .......... يقظان في الإصدار والإيراد)
(فتصدّعوا متفرقين كأنهم .......... مال تفرقه يد ابن طراد)
وله يستعفي من حضور سماط ابن هبيرة، ويسمون السماط: الطبق، لما كان يناله من تألمه
بقعود بعض الأعيان فوقه، فقال:
(يا باذل المال في عدم وفي سعة .......... ومطعم الزاد في صبح وفي غسق)
(في كل بيت خوان من فواضله .......... يميرهم وهو يدعوهم إلى الطبق)
(فاض النوال، فلولا خوف مفعمة .......... من بأس عدلك نادى الناس بالغرق)
(وكل أرض بها صوب وساكنة .......... حين الوغى من نجيع الخيل والعرق)
(صن منكبي عند زحام إن غضبت له .......... تمكّن الطعن من عقلي ومن خلقي)
(وإن رضيت به فالذل منقصة .......... وكم تكلّفته خجلاً فلم أطق)
(وإن توهّم قوم أنهم حمق .......... فربما اشتبه التوقير بالحمق)
(40/143)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 144
وقد مدح الخلفاء والوزراء، واكتسب بالشعر. وكان لا يخاطب أحداً إلاّ بالكلام
العربي، ويلبس زي العرب، ويتقلّد سيفاً. فعمل فيه أبو القاسم بن الفضل:
(كم تبادى وكم تطوّل طرطو .......... رك ما فيك شعرة من تميم)
(فكل الضبّ واقرط الحنظل اليا .......... بس واشرب ما شئت من بول الظّليم)
)
(ليس ذا وجه من يضيف ولا يق .......... ري ولا يدفع الأذى عن حريم)
فعمل أبو الفوارس لمّا بلغته الأبيات:
(لا تضع من عظيم قدر وإن كن .......... ت مشاراً إليه بالتعظيم)
(فالشريف العظيم يصغر قدراً .......... بالتعدي على الشريف العظيم)
(ولع الخمر بالعقول رمى الخم .......... ر بتنجيسها وبالتحريم)
رواها عنه القاضي بهاء الدين بن شدّاد سماعاً. وقد روى عنه: محمد بن أبي البدر
المنّي، وغيره. وتوفي رحمه الله في سادس شعبان.
4 (سعد الله بن نجا بن محمد بن فهد.)
(40/144)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 145
أبو صالح بن الوادي الدلال في الدور. سمع الكثير من: زاهر، وهبة الله بن عبد الله
الشروطي، وأبي غالب بن البنّاء، وهبة الله بن الطبر، وطبقتهم. وبورك له في
مسموعاته. وروى الكثير، وسمع منه خلق. قال ابن الدّبيثي: كان ثقة، مضى على الصحة،
وأجاز لي مرويّاته. قلت: روى عنه ابن قدامة، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة من
البغداديين. وتوفي في ذي الحجة.
4 (حرف الشين)
4 (شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج بن عمر الدينوري، ثم البغدادي، الإبري.)
(40/145)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 146
الكاتبة، فخر النساء، مسندة العراق. قال ابن الدّبيثي: امرأة جليلة صالحة، ذات
دين، وورع، وعبادة. سمعت الكثير وعمّرت، وصارت أسند أهل زمانها، وعني بها أبوها.
وسمعت من: طراد بن محمد الزينبي، وابن طلحة النعالي، وأبي الحسن بن أيوب، وأبي
الخطّاب بن البطر، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، والحسن بن أحمد بن سلمان الدقّاق،
وثابت بن بندار، وأخيه أبي ياسر أحمد، وعبد الواحد بن علوان الشيباني، وجعفر
السرّاج،) وأبي منصور محمد بن هريسة، ومنصور بن حيد النيسأبوري، وأبي البركات حمد
بن عبد الله الوكيل، وأبي غالب الباقلاني، وجماعة. روى عنها: الحفّاظ الكبار أبو
القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وأبو محمد عبد الغني، وعبد القادر الرهاوي،
وعبد العزيز بن الأخضر، وأبو الفرج بن الجوزي، وأبو محمد بن قدامة، والعماد
إبراهيم بن عبد الواحد، والبهاء عبد الرحمن، والشهاب بن راجح، والقاضي أبو صالح
الجيلي، والناصح ابن الحنبلي، والفخر الإربلي، وعبد الرزاق بن سكينة، وشيخ الشيوخ
أبو محمد بن حمّويه، والأعز بن العلّيق، وإبراهيم بن الخير، وأبو الحسن بن
الجمّيزي، وأبو القاسم بن قمّيرة، ومحمد بن مقبل بن المنّي، وخلق كثير. وكان تكتب
خطاً مليحاً. قال أبو الفرج بن الجوزي: قرأت عليها كثيراً من حديثها. واكن لها خطّ
حسن. وتزوجت ببعض وكلاء الخليفة، وعاشت مخالطةً للدار ولأهل العلم. وكان لها برّ
وخير. وقرئ عليها الحديث سنين، وعمّرت حتى قاربت المائة.
(40/146)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 147
وتوفّيت ليلة الإثنين رابع عشر المحرم، وصلّي عليها بجامع القصر، وأزيل شبّاك
المقصورة لأجلها، وحضرها خلق كثير وعامة العلماء. وقال الشيخ الموفّق، وقد سئل
عنها: انتهى إليها إسناد بغداد، وعمّرت حتى ألحقت الصغار بالكبار. وكان لها دار
واسعة، وقلّ ما كانت تردّ أحداً يريد السماع. وكانت تكتب خطّاً جيّداً، لكنه تغير
لكبرها. وقال أبو سعد السمعاني في الذيل وذكرها، فقال: امرأة من أولاد المحدّثين،
متميّزة فصيحة، حسنة الحظ، تكتب على طريقة الكاتبة بنت الأقرع. وما كان ببغداد في
زمانها من يكتب مثل خطّها. وكانت مختصّة بأمير المؤمنين المقتفي. سمّعها أبوها
الكثير، وعمّرت حتى حدّثت. قرأت عليها جزء الحفّار.
(40/147)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 148
4 (حرف الصاد)
4 (صالح بن عبد الملك بن سعيد.)
أبو الحسن الأوسي، المالقي. أخذ القراءآت عن: أبيه، وأبي المطرّف بن زيد الورّاق،
ومنصور بن الخير.) وروى عن: أبي يحمر الأسدي، وأبي القاسم بن رشد، وغالب بن عطيّة،
وشريح، وخلق سواهم. واكن من أهل العلم والزهد. وكان يشارك في الأصول. قال الأبّار:
لم يكن بالضابط. أخذ عنه أبو بكر بن أبي زمنين، وأبو الصبر السبتي، وابن عيشون
وأجاز له في صفر من هذه السنة. ولا نعلم وفاته.
(40/148)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون
الصفحة 149
4 (... بن محمد بن مسعود بن السدنك.)
أبو الفتح الحريمي. سمع: أبا الحسن العلاّف، وأبا علي بن نبهان، وغيرهما. سمع منه:
أبو سعد السمعاني، وذكره في الذيل. وروى عنه: أحمد بن منصور الكازروني، وغيره،
وابن الأخضر، وأبو المعالي بن شافع. وتوفي في رمضان.
4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن الخضر بن الحسين.)
الفقيه أبو البركات بن الشيرجي، الموصلي، الشافعي، أحد الأئمة. انتفع به جماعة،
وحصّل المذهب وناظر. وسمع: أبا بكر الأنصاري، وأبا منصور الشيباني، وجماعة. روى
عنه: غير واحد بالموصل، منهم: محمد بن علوان الفقيه، والقاضي بهاء الدين بن شدّاد.
وكان زاهداً إماماً، متقشّفاً.
4 (عبد الله بن عمر بن عبد الله بن عمر.)
أبو رشيد الإصبهاني. سمع: الرئيس: أبا عبد الله الثقفي، وأحمد بن عبد الغفار بن
أشتة،
(40/149)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 150
وهو آخر من روى عنهما بإصبهان. وتوفي ربيع الآخر عن نيّف وتسعين سنة. روى عنه:
طائفة بإصبهان. وبالإجازة: ابن اللتيّ، وكريمة.)
4 (عبد الله بن محمد بن علي بن خلف.)
أبو محمد الشاطبي. أخذ القراءآت عن أبيه. وسمع من: أبي الوليد بن الدبّاغ، وأبي
لإسحاق بن جماعة، وأبي بكر بن أسد وتفقّه به. وأخذ الأدب عن جماعة. وعاش ستين سنة.
ذكره الأبّار.
4 (عبد الله بن محمد بن عيسى.)
أبو محمد بن المالقي، الأنصاري. نزيل مرّاكش. أخذ عن: أبي الحكم بن برجان، واختلف
إليه. وبرع في علمه. وكان فقيهاً، نظّاراً، خطيباً، مفوّهاً متيقّظاً. وكان ذا
دنيا وسعة وجاه.
4 (عبد الرحيم بن عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف.)
أبو نصر بن الحافظ أبي الفرج، أخو أبي الحسين عبد الحق البغدادي.
(40/150)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 151
من بيت حديث وصلاح. حدّث عن: أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان، وأبي الحسن محمد بن
مرزوق، وأبي طالب بن يوسف. قال أبو المحاسن عمر بن علي القرشي: كتبت عنه، وكان
خيّاطاً، خيّراً، ذا مروءة تامة. ولد سنة خمس وخمسمائة، وتوفي بمكّة. قلت: حدّث
ببغداد ودمشق. روى عنه: ابن الأخضر، والشيخ موفق الدين، والبهاء عبد الرحمن، وعبد
الحق الضيالي، والشمس أحمد بن عبد الواحد، وكتائب بن مهدي، وآخرون، آخرهم عبد الحق
بن خلف.
4 (عبيد الله بن عبد الله بن خلف بن عيّاش.)
أبو مروان الأنصاري، القرطبي، نزيل مالقة. سمع الموطّأ من: أبي محمد بن عتّاب سنة
اثنتي عشرة وخمسمائة. وكان رجلاً صالحاً.) حدّث عنه أبو العباس بن الجنان المالقي.
4 (علي بن عيسى بن هبة الله.)
الشيخ مهذّب الدين بن النقّاش البغدادي، الطبيب، الأديب، صاحب أمين الدولة ابن
التلميذ. سمع من: ابن الحصين، وحدّث. وكان بزّازاً، وكان أبوه أديباً.
(40/151)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون
الصفحة 152
توفي سنة أربع وأربعين. وهو من شيوخ ابن السمعاني. قدم المهذّب دمشق وطبّ بها،
ورأس واشتغل وأشغل، واشتهر ذكره. وخدم نور الدين بالطب والإنشاء، وخدم في زمانه في
مارستانه. ثم طبّ صلاح الدين. وتوفي في المحرم بدمشق.
4 (علي بن محمد بن عيسى.)
الإصبهاني، الوزير، جلال الدين ابن الوزير جمال الدين الجواد، وزير صاحب الموصل.
وزر هذا للملك سيف الدين غازي بن مودود في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة،
(40/152)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 153
فظهرت منه فضيلة وخبرة الديوان، وله خمس وعشرون سنة. ثم قبض عليه بعد سنين فشفع
فيه حموه كمال الدين وزير صاحب آمد، فأطلق له، فسار إلى آمد مريضاً، وتعلل ثم مات
بدنيسر سنة أربع وسبعين، ثم حمل إلى المدينة النبوية، فدفن عند والده رحمهما الله
تعالى.
4 (علي بن مهدي بن علي بن قلينا.)
أبو القاسم اللخمي، الفقيه الإسكندري. وبنو قلينا من أقدم بيت في الإسلام. يقال إن
أسلافهم حضروا فتح الإسكندرية. وذكر هذا الحافظ ابن المفضّل، وقال: كان ثقة، وله
أدب وشعر. حدّثنا عن أبي عبد الله الرازي، وأبي بكر الطرطوشي، وأبي الحسن التونسي.
قلت: وإليه ينسب جزء ابن قلينا الذي للسلفي.
4 (علي بن خلف بن العريف.)
أبو القاسم الإسكندراني.) قال ابن المفضّل: توفي في صفر، ونبا عن: أبي عبد الله
الرازي.
4 (عمر بن محمد بن عبد الله بن الخضر بن مسافر.)
أبو الخطّاب العليمي، ثم الدمشقي، التاجر، ويعرف بابن حوائج كاش. سافر للتجارة إلى
مصر، والعراقين، وخراسان، وما وراء النهر. وكان يطلب الحديث ويسمع ويكتب حتى أكثر
من ذلك. سمع: نصر الله بن محمد المصّيصي، ونصر بن أحمد بن مقاتل، وناصر بن عبد
الرحمن النجار، وأبا القاسم بن البنّ بدمشق. والشريف ناصر بن إسماعيل الحسيني
الخطيب، وعبد الله بن رفاعة
(40/153)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 154
بمصر والسّلفي بالثغر والحسين بن خميس بالموصل، ونصر بن المظفّر الشخص بهمذان وأبا
سعد هبة الرحمن بن القشيري، وأبا البركات عبد الله بن الفراوي، وعمر بن أحمد
الصفّار، وعبد الخالق بن زاهر بنيسأبور، وهبة الله الدقّاق، ومحمد بن عبد الله
الحرّاني، وابن البطيّ ببغداد. وبالغ حتى سمع من أقرانه ومن دونهم. وكان يفهم
ويدري. قال ابن النجار: كان صدوقاً محمود السيرة. روى اليسير ببغداد، ودمشق. ثنا
عنه ابن الأخضر وأثنى عليه. وسمع منه: شيخه أبو سعد السمعاني. وروى عنه زين
الأمناء وقال: سمعته يقول: مولدي سنة عشرين وخمسمائة. قال: وتوفي بدمشق في شوال.
وكان فاضلاً، حسن الأخلاق، طيب المعاشرة.
4 (حرف الفاء)
4 (فتح بن محمد بن فتح.)
أبو نصر الإشبيلي، الأنصاري. أخذ القراءآت عن: منصور بن الخيّر، وأبي العباس بن
القصبي، وابن الأصبغ عيسى بن حزم، وغيرهم. وتصدّر بقرطبة مدةً، ثم أقرأ بشلب، ثم
تحول إلى فاس، فأخذ عنه أبو القاسم بن الملجوم، ومفرّج الضرير، وعبد الجليل بن
موسى، وعقيل بن عطيّة.) توفي في شهر رجب.
4 (حرف الكاف)
4 (كرم بن أحمد بن عبد الرحمن بن قتيبة.)
الدارقزّي.
(40/154)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 155
سمع الكثير بنفسه من: أبي غالب بن البنّا، وأبي المواهب بن الملوك، والقاضي أبي
بكر، وطائفة. وروى عنه: صفيّة بنت عبد الجبار. وأضرّ بأخرة.
4 (حرف الميم)
4 (محمد بن أحمد بن عبيد الله بن عبد الرحمن.)
الأنصاري، الإشبيلي أبو عبد الله ابن المجاهد الزاهد. وقيل لأبيه المجاهد لأنه كان
كثير الغزو. ولد أبو عبد الله في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة، وقد سمع من: أبي
مروان الباجي ولازم أبا بكر بن العربي. وأخذ النحو عن: أبي الحسين بن الأخضر. قال
الأبّار: كان المشار إليه في وقته بالصلاح والورع والعبادة وإجابة الدعاء. كان أحد
أولياء الله الذين تذكّر بهم رؤيتهم. آثاره مشهودة وكراماته معروفة رضي الله عنه،
مع الحظ الوافر من الفقه والقراءآت. وعمّر وأسنّ. وأخذ عنه: أبو بكر بن خير، وأبو
عمران المرتّل وهو الذي سلك طريقته من بعده، وأبو عبد الله بن قسّوم الفهمي، وأبو
الخطاب بن الجميّل. وتوفي في شوال. وكان قد انقطع من مجلس أبي بكر بن العربي، فقيل
له في ذلك، فقال: كان يدرّس وبغلته عند الباب ينتظر الركوب إلى السلطان.
(40/155)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 156
4 (محمد بن عبد الرحمن بن أحمد.)
) أبو عبد الرحمن القيسي، المرسي، الفقيه. أخذ بقرطبة عن: أبي مروان بن سمرة،
وطبقته. ثم أقبل على مطالعة كتب الأوائل، فصار إماماً فيها، والله أعلم بما يعتقده
منها. توفي بمرّاكش.
4 (محمد بن علي بن أحمد بن واصل.)
أبو المظفّر ابن الموازيني، المصري، ثم البغدادي سبط ابن الأخوة. روى عن: ابن بيان
الرزّاز. وعنه: ابن الأخضر وابن الحصري.
4 (محمد بن نسيم بن عبد الله.)
العيشوني، أبو عبد الله. كان نسيم مولى أبي الفضل بن عيشون. سمع محمد من: أبي
الحسن بن العلاف، وأبي القاسم بن بيان. روى عنه: ابن الأخضر، والبهاء عبد الرحمن،
والمأمون بن أحمد الرشيدي، وعبد القادر الرهاوي، والحسين بن باز الموصلي، وأبو
الحسن علي بن الجمّيزي، وآخرون.
(40/156)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 157
ومات شهيداً، فإنه وقع من سلّم بيته فمات لوقته في جمادى الآخرة.
4 (محمد بن هبة الله بن عبد الله.)
السديد، السلماسي، الفقيه الشافعي. قال ابن خلّكان: هو الذي شهر طريقة الشريف
بالعراق. وقصده الناس واشتغلوا عليه. وخرج من تلامذته علماء ومدرّسون منهم العماد
محمد والكمال موسى ابنا يونس، والشرف محمد بن علوان بن مهاجر. وكان مسدداً في
الفتوى. أعاد ببغداد بالنظامية، وأتقن عدة فنون. وتوفي في شعبان.
4 (المبارك بن محمد بن مكارم بن سكّينة.)
أبو المظفّر. بغدادي محتشم.) روى عن: أبي القاسم بن بيان. وعنه: ابن الأخضر. توفي
في رجب بأرض السواد.
(40/157)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 158
ذمّه ابن النجار، كان يأكل الربا.
4 (المشرّف بن علي بن مشرّف بن المسلم.)
أبو الفضل الأنماطي. توفي بالإسكندرية، ومولده سنة ست وخمسمائة. قاله ابن المفضّل
الحافظ. المهذّب بن النقّاش. الطبيب. هو علي بن عيسى البغدادي، مرّ.
4 (حرف النون)
4 (نفيس بن دينار.)
الرزّاز. روى عن: ابن الحصين. وعنه: تميم البندنيجي.
4 (حرف الياء)
4 (ياقوت النقّاش.)
عن ابن الحصين. وعنه: ابن الأخضر، وجماعة. وفيها ولد: الصدر البكري، وإبراهيم بن
نجيب بن بشارة بالقاهرة، والحسن بن علي بن منتصر الكببي، وأحمد بن حامد بن أحمد
الأرياحي.
(40/158)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 159
4 (وفيات سنة خمس وسبعين وخمسمائة)
)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن.)
أبو بكر الفارسي. شيخ رباط الزوزني ببغداد. قال ابن الدّبيثي: كان كثير العبادة
دائم الصوم والصلاة والتلاوة، وهو أصغر من أخيه الحسن. وقد سمع: هبة الله بن
الطبر، وأبا بكر الأنصاري، وابن رزيق الشيباني، وغيرهم. سمع منه: محمد بن سعد الله
الدجاجي، ومحمد بن علي بن الرأس. توفي كهلاً في ذي القعدة.
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن سلمان بن حمزة بن الخضر.)
السّلمي، الدمشقي، أبو الحسين. سمع: عم أبيه عبد الكريم بن حمزة. روى عنه: أبو
المواهب، وأبو القاسم ابنا صصرى. وتوفي في ذي القعدة وقد جاوز السبعين رحمه الله
تعالى.
4 (أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن الدينوري.)
(40/159)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 160
أبو العباس البغدادي، شيخ مقلّ. سمع: أبا علي بن المهدي، وابن الحصين. وعنه: أبو
المحاسن القرشي، وابنه عبد الله بن عمر. توفي في رمضان.
4 (أحمد بن محمد بن عبد الرحمن.)
أبو العباس اليافعي، السبتي. روى عن: شريح، والقاضي عياض. وعنه: أبو الخطاب بن
دحية، وغيره.
4 (أحمد بن مسعود بن عبد الواحد بن مطر.)
أبو العباس الهاشمي، البغدادي. سمع: أبا الغنائم النرسي، وأبا الحسن محمد بن
مرزوق.) سمع منه: ابناه، وعمر بن علي، وغير واحد. وروى عنه: الشيخ موفق الدين،
والبهاء عبد الرحمن، وآخرون. توفي في شعبان وله ثمان وسبعون سنة.
4 (أحمد بن أبي الوفاء بن عبد الرحمن بن عبد الصمد.)
أبو الفتح، البغدادي، الحنبلي، ابن الصائغ. ويعرف بغلام أبي الخطاب لخدمته له. روى
عن: أبي القاسم بن بيان.
(40/160)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 161
وحدّث بحلب، وحرّان. روى عنه: الحافظ أبو محمد عبد الغني، والحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي،
وأبو القاسم بن صصرى، وإبراهيم بن أبي الحسن الزيّات، وأخواه محمد وبركات، وعلي بن
سلامة الخياط، وعماد بن عبد المنعم بن منيع، وعبد الحق بن خلف، وسليمان بن أحمد
المقدسي الفقيه، وابنه عبد الرزاق بن أحمد. وتوفي بحرّان. قال ابن النجار: درّس
بحرّان وأفتى. مولده سنة سبعين وأربعمائة، توفي سنة ستّ. كذا قال في موته.
4 (إبراهيم السّلمي بن علي.)
أبو إسحاق السّلمي، الآمدي، ظهير الدين ابن الفرّاء. قرأ ببعض الروايات على أبي
عبد الله البارع. وسمع من: ابن الحصين، والفراوي. وتفقّه على أسعد الميهني. وعلّق
الخلاف بنيسأبور عن الإمام محمد بن يحيى. وحدّث بصحيح مسلم. ومولده سنة إحدى
وخمسمائة. وكان فقيهاً، مهيباً، عارفاً بمذهب الشافعي. ومن شعره:
(تحامته غزلان الحمى ومها النّقا .......... كما تتحامى العين سهماً مفوّقا)
)
(وبات يرجّي من مزار مزوّر .......... وصالاً محالاً واعتذاراً منمّقا)
(وكم جمعت بين الشتيتين غفوة .......... فما التقت الأجفان حتى تفرّقا)
(40/161)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 162
4 (إبراهيم بن علي بن مواهب.)
أبو إسحاق بن الزّرّاد الأزجيّ. سمع أبا الغنائم محمد بن علي النّرسيّ، وابن
الحصين. روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ وهو أقدم منه، وأبو الحسن القطيعيّ في
تاريخه. توفّي رحمه الله في تاسع رجب.
4 (إسحاق بن موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضِر.)
أبو طاهر بن أبي منصور بن الجواليقيّ. سمع: زاهر بن طاهر، وابن الحصين، وجماعة.
وولد سنة سبع عشرة.
4 (إسماعيل بن موهوب بن الجواليقيّ.)
أبو محمد. توفّي في شوّال بعد أخيه إسحاق بشهرين. وكان إسماعيل أديباً لغويّاً،
قرأ على والده. وسمع من: ابن الحصين، وأبي العزّ بن كادش. وأقرأ الناس العربية بعد
أبيه. وروى عنه: ابن الأخضر، وغيره. وولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. قال ابن
النجّار: كان من أعيان العلماء بالأدب صحيح النّقل، كثير
(40/162)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 163
المحفوظ، ثقة، نبيلاً، مليح الخط. تأدّب على أبيه، وله حلقة بجامع القصر. وقد كتّب
أولاد الخلفاء كأبيه، مع التزهّد والدّيانة والرّزانة. قال ابن الجوزيّ: ما رأينا
ولداً أشبه أباه مثل إسماعيل بن الجواليقيّ.
4 (إسماعيل بن أبي القاسم نصر بن نصر.)
العُكبَريّ، أبو محمد الواعظ.) سمع: أبا طالب بن يوسف، وأبا سعد أحمد بن
الطّيوريّ. وتوفّي في شوّال. وولد سنة خمسمائة. قال ابن النّجار: كان فقيهاً
شافعيّاً، حسن الوعظ.
4 (إليسَع بن عيسى بن حزم بن عبد الله بن إليَسَع.)
أبو يحيى الغافقيّ، الجيّانيّ، المقرىء. سكن أبوه المَريّة. أخذ القراءآت عن:
أبيه، وأبي العبّاس القصير، وأبي القاسم بن أبي رجاء، وأبي الحسن شُريح. وسمع
منهم، ومن: أبي عبد الله بن زُغيبة، وابن موهَب الجذاميّ، وأبي
(40/163)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 164
الفضل بن مشرّف، وابن أخت غانم. ولقي ببلنسية: أبا حفص بن واجب، وأبا إسحاق بن
خفاجة الشاعر. وأجاز له أبو محمد بن عتّاب، وأبو عمران بن تليد، وجماعة. ورحل
واستوطن الإسكندريّة، وأقرأ بها القراءآت. ثم رحل إلى القاهرة واشتمل عليه الملك
صلاح الدين، ورسم له جارياً يقوم به. وكان يكرمه ويحترمه ويقبل شفاعته. وكان من
أوّل من خطب بالدعوة العباسيّة. وكان فقيهاً، مشاوَراً، مقرئاً، محدّثاً، حافظاً
نسّابة، بديع الخط، بليغ الإنشاء، رائق النظم. وله تصنيف سمّاه المُغرب في محاسن
المغرب. قيل هو متّهم في هذا التصنيف. روى عنه: أبو عبد الله التُجيبيّ، والحافظ
أبو الحسن بن المفضّل، وأبو الحسين بن الصفراويّ، وآخرون. وقرأ عليه بالروايات ابن
الصفراويّ، وغيره. وتوفّي في رجب وقد جاوز السبعين.
4 (حرف التاء)
4 (تجنّي أم عِتب الوهبانيّة.)
عتيقة أبي المكارم بن وهبان.)
(40/164)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 165
شيخة مسندة معمّرة. وهي من آخر من سمع في الدنيا من طراد الزَّينبيّ، وابن طلحة
النّعاليّّ. روى عنها: أبو سعد السّمعانيّ، والشيخ الموفّق، والبهاء عبد الرحمن،
والناصح بن نجم الحنبليّ، وعبد الرحيم بن عمر ببن علي القرشيّ، وعمر بن عبد العزيز
بن النّاقد، وعبد السلام بن عبد الرحمن بن سكينة، وأبو الفتوح نصر بن الحصري، وهبة
الله بن الحسن الدّوامي، وسيّدة بنت عبد الرحيم بن السّهرورديّ، ومحمد بن عبد
الكريم السّيّديّ، وزُهرة بنت حاضر، وفخر النساء بنت الوزير محمد بن عبد الله ابن
رئيس الرؤساء، ويوسف بن يحيى البزّاز، وأبو الوليد منصور بن عبد الله بن عفيجة،
وإبراهيم بن الخيّر، ويحيى بن القُميرة، وآخرون. قال ابن الدّبيثي: أجازت لنا،
وتوفّيت في شوّال.
4 (حرف الحاء)
4 (الحجّاج بن عليّ بن حجّاج.)
أبو القاسم بن الدّبيثي، الواسطيّ. قال ابن الدّبيثي: هو جدّي لأمّي. سمع بواسط من
القاضي الجلأبي. وسمع ببغداد من: أبي السعادات أحمد بن أحمد، وابن الحصين. وسألته
عن مولده فقال: سنة خمس وخمسمائة يوم عاشوراء وتوفّي رحمه الله في صفر. سمعته
يتمثّل بشِعر.
4 (الحسن المستضيء بأمر الله.)
(40/165)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 166
أمير المؤمنين أبو محمد بن المستنجد بالله يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد
بن المقتدي، الهاشميّ، العبّاسيّ. بويع بالخلافة بعد موت أبيه في ربيع الآخر سنة
ستّ وستّين وخمسمائة. وكان القائم بأخذ البيعة له الوزير عضد الدين أبو الفرج محمد
بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء واستوزره يومئذ. ولد المستضيء في سنة ست وثلاثين
وخمسمائة، وكان ذا حلم وأناة، وفيه رأفة. وكان كثير الصّدقة و المعروف. وأمه
أرمنية تدعى غضة، وكان له من الولد أحمد، وهو الإمام الناصر، وهاشم أبو منصور.)
قال ابن الجوزيّ في المنتظم: بايعه الناس ونودي برفع المكوس، وردّ مظالم كثيرة،
واظهر من العدل والكرم ما لم نره في أعمارنا. وفرّق مالاً عظيماً على الهاشميّين،
والعلويين، والعلماء، والمدارس، والرُباط. وكان
(40/166)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 167
دائم البذل للمال ليس له عنده وقع. ولمّا استخلف خلع على أرباب الدولة وغيرهم،
فحكى خيّاط المخزن أنّه فصّل ألفاً وثلاثمائة قباء أبريسم. وخُطب له على منابر
بغداد، ونُثرت له الدنانير كما جرت العادة. ووُلّي رَوح بن الحديثيّ قضاء القضاة،
ثم أمّر سبعة عشر مملوكاً. وللحيص بيص فيه:
(يا إمام الهدى علوتَ من الجو .......... د بمالٍ وفضّةٍ ونضارٍ)
(فوهبتُ الأعمارَ والأمن والبل .......... دان في ساعةٍ مضت من نهار)
(فبماذا نثني عليك وقد جا .......... وزت فضلَ البحور والأمطار)
(إنّما أنت مُعجِزٌ مستقلٌّ .......... خارقٌ للعقول وللأفكار)
(جمعَت نفسُك الشريفة بالبأ .......... س وبالجود بين ماءٍ ونار)
قال ابن الجوزيّ: واحتجب المستضيء عن أكثر الناس، فلم يركب إلاّ مع الخدم، ولم
يدخل عليه غير قَيماز. وفي خلافته انقضت دولة بني عبيد المصريين، وخُطب له بمصر،
وضُربت السكّة باسمه، وجاء البشير بذلك إلى بغداد، فغلّقت الأسواق ببغداد وعُملت
القباب. وصنّفتُ كتاباً سمّيته النصر على مصر وعرضته على الإمام المستضيء. توفّي
في شوّال. قلت: رُزق سعادة عظيمة في خلافته، وخطب له باليمن، وبرقة، وتَورز، ومصر
إلى أسوان. ودانت الملوك بطاعته. وكان يطلب ابن الجوزيّ، ويأمر بعقد مجلس الوعظ،
ويجلس بحيث يُسمَع، ويميل إلى الحنابلة. وفي أيّامه ضعُف الرفض ببغداد ووهى، وأمِن
الناس.
(40/167)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 168
قال ابن النجار: وكان حليماً، رحيماً، شفيقاً، ليّناً، كريماً. نقلت من خط أبي
طالب عبد السميع أنّه كان من الأئمة الموفّقين، كثير السخاء، حسن السيرة. إلى أن
قال: اتصل بي أنّه وهب في يوم لجهات وحظايا زيادةً على خمسين ألف دينار. وقال عبد
العزيز بن دلف: ثنا مسعود بن الناصر قال: كنت أنادم المستضيء، وكان صاحب) المخزن
ابن العطّار قد عمل تور كأنّه شمعدان شمعه من ألف دينار. قال: فحضر وفيه الشمعة،
فلمّا قمت قام الخادم بها بين يديّ، فأطلق لي التور. مات في سلخ شوّال.
4 (حرف السين)
4 (سالم بن عليّ بن سلامة)
الدلاّل ابن البيطار. بغداديّ، سمع بنفسه من القاضي أبي بكر الأنصاريّ، وعليّ بن
الصبّاغ، وجماعة. وحدّث.
4 (سعيد بن عبد الله بن أحمد بن مفضّل.)
أبو القاسم الأزَجيّ.
(40/168)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 169
سمع: أبياً النرسيّ، ومحمد بن عبد الباقي الدُّوريّ. وكان كاتباً مذموم السيرة.
وتوفّي في رمضان.
4 (حرف الشين)
4 (شافع بن صالح بن حاتم.)
الجيليّ، ثم البغداديّ. أخو الحافظ أحمد بن صالح. وشافع الأكبر. وكان من عدول
بغداد. سمع: أبا سعد بن الطُيوريّ، وهبة الله بن الحصين، وهبة الله الشروطيّ. روى
عنه: إلياس بن جامع الإربليّ، وجماعة. قال ابن الدّبيثي: أجاز لنا. وتوفّي في آخر
السنة.
4 (شهاب بن أبي الفوارس محمد بن هبة الله.)
أبو شجاع البوّاب. أسمعه خاله علي بن سعد الخبّاز من: أبي نصر بن رضوان، وهبة الله
بن الحصين. روى عنه غير واحد.)
(40/169)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 170
4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن أحمد بن بكران.)
أبو محمد الداهريّ، الضرير، المقرىء، والد عبد السلام الخفّاف. والداهرية من قرى
السّواد. قرأ على سبط الخيّاط. وسمع من: أبي غالب بن البنّا. وتوفّي راجعاً من
الحج.
4 (عبد الله بن أحمد بن عليّ بن قرشيّ.)
أبو الوليد الحجريّ، القرطبي. سمع من: أبا الوليد بن الدباغ، وأبي الحسن بن
النعمة، وجدّه لأمه أبي الحسن بن فيد. وصحِب أبا بكر عتيق ابن الخصم وتأدّب به،
وأبي الحسن بن سعد الخير. ومهر في صناعة العربية واللغة، وجلس لإقرائهما. وله
النظم والنثر. أخذ عنه: أبو عبد الله بن سعادة النحويّ، وغيره.
4 (عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف.)
أبو الحسين الشيخ، الثقة، من بيت الحديث والفضل.
(40/170)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 171
ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة. وسمّعه أبوه الكثير من أبي الحسين بن الطّيوري،
وجعفر السرّاج، وأبي القاسم الربعي، وأبي سعد بن خشيش، وأبي الحسن العلاّف، وابن
بيان، وخلق سواهم. وكان أبو الفضل بن شافع يقول: هو أثبت أقرانه. وقال عبد العزيز
بن الأخضر: كان عبد الحق لا يحدّث بما سمعه حضوراً. ترك ذلك تورّعاً. روى عنه: ابن
السمعانيّ، وذكره في تاريخه، وأبو الفرج بن الجوزيّ، وقال: كان حافظاً لكتاب الله،
ديّناً، ثقة، سمع الكثير وحدّث. وهو من بيت المحدّثين. وقال البهاء عبد الرحمن:
سمعنا كثيراً على عبد الحق، وكان من بيت الحديث فإنّه روى لنا عن أبيه عن أبيه عن
أبيه. قال: وكان صالحاً فقيراً، وكان عسِراً في السماع جداً. ورزقت منه حظّاً،
لأنّه كان يراني منكسراً مواظباً، وكان يعيرني الأجزاء فأكتبها. وأُلهم في آخر
عمره القرآن، فكان يقرأ كل) يوم عشرين جزءاً أو أكثر. قلت: وروى عنه الحافظان: عبد
العزيز بن الأخضر، وعبد القادر الرُهاوي، والشيخ موفق الدين، والحافظ عبد الغنيّ،
والشّهاب بن راجح، وحمد بن صدّيق الحرّانيّ، وأبو الحسين القطيعيّ، وعبد الرحمن بن
بختيار، وقيصر البوّاب، وإبراهيم بن الخيّر، ويحيى بن القميرة، وعليّ بن هبة الله
بن الجمّيزيّ، والأعز بن العلّيق، ومحمد بن عبد الكريم السِنديّ، وخلق سواهم. وقال
ابن مشِّق: توفّي في السادس والعشرين من جمادى الأولى.
(40/171)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 172
4 (عبد المحسّن بن تُريك بن عبد المحسّن بن تريك.)
أبو الفضل الأزَجيّ، البيّع. سمع: أبا الغنائم النّرسيّ، وأبا القاسم بن بيان،
وأبا عبد الله الدّوري. سمع منه: أحمد وتميم ابنا أحمد البندنيجيّ، وعبد العزيز بن
الأخضر، والبهاء عبد الرحمن، ونصر بن عبد الرزاق، وآخرون. توفّي يوم عرفة.
4 (عبيد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة.)
أخو الشيخ أبي عمر، والشيخ الموفّق. ولد في أوّل سنة خمسين، وعاش خمساً وعشرين
سنة. ومات في طريق الحج. وقد سافر إلى بغداد، وسمع من: شُهدة، وعبد الحق، وجماعة.
وكان ذا مروءة وكرم. رمي بسهم بين مكّة وعرفات، فبقي منه مريضاً حتى مات بين تيماء
والمدينة. قال الضّياء: وسمعت أنّ ابنه الشّرف كان طفلاً نائماً، فانتبه فقال:
الساعة يدفنون أبي. فزجرته أمّه. فلمّا قدم الحاج تبيّن أنهم دفنوه تلك الليلة.
خلّف من الولد: أحمد، وسارة، وزينب.
4 (علمُ زوجة الشيخ محمد بن يحيى الزّبيدي.)
امرأة زاهدة، صالحة، واعظة.) قدمت بغداد مع زوجها. وهي أم المبارك وجدّة الحسين.
تزوّج بها بدمشق، وعُمّرت دهراً.
(40/172)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 173
4 (عليّ بن أحمد بن محمد بن عمر بن حسن.)
أبو الحسن العَلويّ الحسينيّ الزيديّ البغداديّ، القدوة السيّد الفقيه الشافعي
المحدّث. قال ابن الدّبيثي: أحد الأعيان والزّهّاد والنسّاك. حفظ القرآن وحصّل
الفقه، وكتب الكثير من الحديث وجمعه. وكان نبيلاً، جامعاً لصفات الخير. سمعت شيخنا
ابن الأخضر يعظّم شأنه ويثني عليه ويصف زهده ودينه. وقال: أوّل سماعه سنة أربعين
وإلى آخر عمره. سمع: الحافظ ابن ناصر، وابن الزاغونيّ، ونصر بن العكبريّ. وانتخب
لنفسه أجزاء، وحدّث بها وسمع منه شيوخه وأقرانه تبرّكاً به، منهم: عمر القرشيّ،
وعمر العُليميّ، وأبو المواهب بن صصرى. وكان ثقة صدوقاً. ولد سنة تسع وعشرين
وخمسمائة. وتوفّي في شوّال وأبواه في الحياة، ودفن بداره. ووقف كتبه، وانتفع بها
الناس. فقيل إنّ الوزير عضد الدين ابن رئيس الرؤساء لمّا عاد إلى الوزارة بعث إليه
بألف دينار، وكان نذَرها إن عاد إلى الوزارة، فلمّا سمع المستضيء بذلك بعث إلى
الشريف بألف دينار أخرى، وبعثت إليه بنفسه أمّ الخليفة بألف دينار، فلم يتصرّف
فيها بل بنى مسجداً واشترى كتباً كثيرة وقفها فيه وانتفع بها الناس.
(40/173)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 174
4 (عليّ بن حُميد بن عمّار.)
أبو الحسن الأنصاريّ، الأطرابلسيّ، ثم المكيّ، النحويّ، المقرىء. حدّث في هذا
العام في صحيح البخاريّ، عن أبي مكتوم عيسى بن أبي ذرّ الهرويّ سماعاً، وهو آخر من
سمع منه. روى عنه: محمد بن عبد الرحمن التُجيبيّ الأندلسيّ، وعبد الرحمن بن أبي
حرَميّ فتّوح بن بنين المكّي العطّار، وناصر بن عبد الله المصريّ العطّار
(40/174)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 175
نزيل مكة ستين عاماً، وأبو الربيع سليمان بن أحمد السّعديّ المغربل الشاويّ،
وآخرون. وحدّث في سنة خمس وسبعين.)
4 (عليّ بن هبة الله بن عليّ بن خلدون.)
أبو المعالي الواعظ. ولد ببغداد، ونشأ بالكوفة، وحج، ودخل مصر فتعلّم الوعظ، ثم
قدم دمشق وسمع بها من أبي الحسين علي بن الموازيني. وسكنها حتى مات. روى عنه: أبو
المواهب بن صصرى وقال: توفي في ربيع الآخر عن ثلاث وتسعين سنة ممتّعاً بحواسه.
قلت: وروى عنه: عتيق السلماني، ومكي بن علان.
4 (عمر بن علي بن الخضر بن عبد الله بن علي.)
أبو المحاسن القرشي، الزبيري، الدمشقي، القاضي، الحافظ. قال ابن الدّبيثي: حافظ،
ثقة، عالم. عني بطلب الحديث وبسماعه، وكتابته: وسمع بدمشق، وحلب، وحرّان، والموصل،
وبغداد، والكوفة، والحجاز، ورزق الفهم والحديث. سمع: أبا الدر ياقوت، وأبا القاسم
بن البنّ، وأبا طالب عبد
(40/175)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 176
الرحمن بن العجمي، وحامد بن محمود الحرّاني. وقد م بغداد في سنة ثلاث وخمسين،
وسكنها. وسمع: أبا الوقت، وأبا جعفر العباسي، وأبا المظفر بن التريكي، وأبا محمد
بن المادح، فمن بعدهم. حتى سمع من أصحاب قاضي المرستان. وصحب أبا النجيب
السهروردي. وولاّه قاضي القضاة روح بن الحديثي قضاء الحريم. ونفّذ رسولاً إلى نور
الدين وما كان بلغ الثلاثين سنة. سمع منه: أبو سكّرة الباقدراي، وأحمد بن أحمد
البندنيجي، وأبو الفتوح بن الحصري، وابنه أبو بكر عبد الله بن عمر. وأجاز لي. ولد
بدمشق في شعبان سنة ست وعشرين. وتوفي في ذي الحجة.
4 (عيسى بن أحمد بن محمد بن عبيد الله.)
أبو هاشم الدوشأبي، الهاشمي، العباسي، البغدادي، الهرّاس. وهو منسوب إلى دوشاب بن
علي) العباسي. سمع من: أبي عبد الله الحسين بن علي بن البسري. قال أبو سعد
السمعاني: كان هرّاساً. كتبت عنه حديثين. قلت: وروى عنه: البهاء عبد الرحمن، وأبو
بكر بن عبد الله بن نصر قاضي حرّان، وحمد بن صديق، وابن المقيّر، وجماعة. توفي في
رجب.
(40/176)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 177
4 (عيسى بن الإمام المسترشد بالله.)
توفي كهلاً في المحرم.
4 (حرف القاف)
4 (القاسم بن عبد الرحمن بن دحمان.)
أبو محمد الأنصاري، المالقي، المقرئ. قال الأبّار: أخذ القراءآت عن أبي منصور بن
الخير، وأبي عبد الله ابن أخت غانم، وأبي الحسين بن الطراوة، وأبي الفتح سعدون
المرادي أخذ عنه كتب النحو. وناظر في المدونة على: أبي محمد بن الوحيدي، وأبي عبد
الله بن الأديب. وسمع منهما صحيح البخاري. وأجاز له أبو بحر الأسدي، وأبو عبد الله
بن الحاج، وجماعة. وكان مقرئاً جليلاً، نحوياً ماهراً، عالماً بالقراءآت والعربية،
متصوّراً لإقرائها. حدّث عنه جماعة من شيوخنا. وقد أخذ عنه: أبو زيد السهيلي مع
تقدّمه، وأبو الحسن بن خروف. توفي بمالقة وقد نيّف على الثمانين.
4 (حرف الميم)
4 (محمد بن أحمد بن الفرج.)
أبو منصور الدقّاق، البغدادي الوكيل بباب القاضي. وهو أحد الأخوة الأربعة.
(40/177)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 178
سمّعه خاله الحافظ محمد بن ناصر بن أحمد بن محمد بن المحاملي، وعبد الله بن أحمد
بن السمرقندي، وأبي طالب اليوسفي، وأبي العز القلانسي.) وحدّث عنهم. وكان ثقة. روى
عنه: الحافظ أبو بكر الخازمي، وأبو محمد بن الأخضر، والبهاء عبد الرحمن، وطائفة
سواهم. وتوفي في ذي الحجة. وكان مولده في سنة أربع وخمسمائة. وأول سماعه سنة إحدى
عشرة من ابن يوسف.
4 (محمد بن الحسين بن الحسن بن الخليل.)
أبو الفرج الأديب الهيتي. سمع: أبا القاسم بن الطبر، وعبد الوهاب الأنماطي. وقرأ
العربية على ابن الشجري. كتب عنه ابن السمعاني مع تقدّمه، وتوفي في ربيع الآخر.
4 (محمد بن خير بن عمر بن خليفة.)
(40/178)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 179
المقرئ، الأستاذ، الحافظ، أبو بكر اللمتوني، الإشبيلي. أخذ القراءآت عن شريح،
واختص به حتى برع وفاق. وسمع من: أبي مروان الباجي، وأبي بكر بن العربي. ورحل إلى
قرطبة فسمع من: أبي جعفر بن عبد العزيز، وابن عمه أبي بكر، وأبي القاسم بن بقي،
وابن مغيث، وابن أبي الخصال، وطائفة. قال الأبّار: وكان مكثراً إلى الغاية بحيث
أنه سمع من رفاقه، وسمع أكثر من مائة نفر. ولا نعلم أحداً من طبقته مثله. وتصدّر
بإشبيلية للإقراء و الإسماع. وأخذ الناس عنه. وكان مقرئاً مجوّداً، ومحدّثاً
متقناً، أديباً، نحوياً، لغوياً، واسع المعرفة، رضاً، مأموناً. ولما مات بيعت كتبه
بأغلى ثمن لصحّتها. ولم يكن له نظير في هذا الشأن مع الحظ الأوفر من علم اللسان.
توفي في ربيع الأول، وكان له جنازة مشهودة. وولد سنة اثنتين وخمسمائة. أكثر عن
شيخنا ابن واجب.)
4 (محمد ابن قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد بن علي بن محمد بن علي.)
القاضي أبو الفتح بن الدامغاني.
(40/179)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 180
كان عارفاً بمذهب أبي حنيفة، وناب في الحكم عن والده. وتوفي شاباً عن تسع وعشرين
سنة.
4 (محمد بن علي بن حمزة بن محمد.)
أبو يعلى بن الأقساسي، العلوي، الشريف، الكوفي، أخو النقيب أبي محمد الحسن بن علي.
كان أديباً، شاعراً. سمع من: أبي النرسي، وأبي بركات عمر بن إبراهيم العلوي. وتوفي
في ذي الحجة وقد قارب الثمانين.
4 (محمد بن القاضي عياض بن موسى بن عياض.)
اليحصبي السبتي أبو عبد الله قاضي دانية. قيل: توفي في هذه السنة، أو سنة اثنتين
وسبعين.
(40/180)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 181
4 (محمد بن أبي غالب بن أحمد بن مرزوق.)
الحافظ أبو بكر الباقداري، الضرير. قدم بغداد في صباه من باقدار، وقرأ على جماعة.
وسمع الحديث من خلق كثير. وقال ابن الدّبيثي: وانتهى إليه معرفة رجال الحديث
وحفظه، وعليه كان المعتمد فيه. وقال أبو الفتوح بن الحصري: هو آخر من بقي من حفّاظ
الحديث الأئمة. وقال ابن الدّبيثي: سمعت غير واحد من شيوخنا يذكرون أبا بكر
الباقداري، ويصفونه بالحفظ ومعرفة الرجال، والمتون، والإتقان، مع كونه ضريراً
مقصوراً، إلاّ أنه كان حفظة، حسن الفهم. سمع: أبا محمد سبط الخيّاط، وابن ناصر،
وابن الزاغوني، والفضل بن سهل الإسفرائيني، والناس بعدهم. وبلغني أن ابن ناصر كان
يراجع الباقداري في أشياء، ويرجع إلى قوله. وقال الحافظ زكي الدين عبد العظيم،
وذكر الباقداري فقال: كان أبوه أحد حفاظ بغداد) المشهورين بمعرفة الرجال، والتقدّم
مع ضرره.
(40/181)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 182
قلت: وسمع منه: إبراهيم الشعار، وعمر بن علي القرشي، ونصر بن الحصري. وقال ابن
الدّبيثي: أنا عبد الله بن عمر الوكيل، أنا الحافظ أبو بكر، أنا ابن الزاغوني،
وسعيد بن البنّا، وابن المادح قالوا: أنا أبو نصر الزينبي، فذكر من البعث أن النبي
صلّى الله عليه وسلّم توفيت بنته زينب، فخرج لجنازتها.. الحديث. توفي الحافظ أبو
بكر في ذي الحجة كهلاً. وكانت بنته عجيبة من أسند شيوخ بغداد. سمّعها واستجاز لها
الكبار.
4 (محمد بن محمد.)
الأنباري، أبو الفرج. صاحب ديوان الإنشاء ببغداد. ناب في الوزارة. وقد كتب الإنشاء
سبعة عشر عاماً وأشهراً. وحدّث عن: عبد الله بن أحمد بن السمرقندي. توفي في ذي
القعدة وله ثمان وستون سنة. روى عنه: أحمد بن طارق الكركي. وكان ناقص الفضيلة،
ظاهر القصور في الترسّل. وإنما روعي من أجل والده سديد الدولة محمد بن عبد الكريم.
4 (محمد بن محرز.)
أبو عبد الله الوهراني المغربي، ركن الدين. وقيل جمال الدين. أحد ظرفاء العالم
وأدبائهم. قدم من بلاده إلى مصر وهو يدّعي أنه
(40/182)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 183
يعرف صناعة الإنشاء، فرأى بها القاضي الفاضل والعماد الكاتب وتلك الحلبة، فعلم من
نفسه أنه ليس من طبقتهم، فسلك سبيل الهزل، وعمل المنامات المشهورة، والرسائل
المعروفة. ولو لم يكن في ذلك إلاّ المنام الكبير لكفاه، فإنه ما سبق إلى مثله. قدم
إلى دمشق وأقام بها مديدة، وبها توفي في رجب. وأما وهران فمدينة كبيرة على أرض
القيروان بينها وبين تلمسان يومان. بنيت سنة تسعين ومائتين.) ومن كلامه، مما كتب
به إلى القاضي الأثير: فالخادم كلما ذكر تلك المائدة الخصيبة، وما يجري عليها من
الخواطر المصيبة علم أن التخلف عنها هو المصيبة. لكنه إذا ذكر ما يأتي بعدها من
القيام والقعود، والركوع والسجود، علم أن هذا أجرة ما يأكله من تلك الوليمة، نحو
من عشرين تسليمة، كل لقمة بنقمة، فما تحصل الشبعة إلا بأربعين ركعة، فيكون الدعوة
عليه لا له، والحضور في الشرطة أحب إليه منها له. فزهدت حينئذ في الوصول، إذ ليس
للخادم من الدين، ولا قوة اليقين، ما يجهز لأجله مؤآكلة الوجوه القمرية، بمشاهدة
السنة العمرية. فموعد الإتمام انقضاء شهر الصيام، والسلام. وكتب رقعة إلى ابن
القاسم العوني الأعور: يا مولاي الشيخ الزاهد، دبّوس الإسلام، لتّ الفقهاء،
قنطارية العلماء، تافروت الأئمة، طبل باز السنة، نصر الله خاطرك، وستر ناظرك. أنت
تعلم أن الله ما خلقك إلاّ تلعة، فكن في رقاب الرافضة واليهود، وما صوّرك إلاّ
لالكة في رؤوس المبتدعة، وأراذل الشهود. وأنت بلا مرية جعموس عظيم، ولكن في ذقون
الزائغين، فالله ينفعك بالإسلام، ولا يوقعك يوم القيامة في يد علي عليه السلام،
وأن ينقذك من الهاوية، بشفاعة معاوية.
(40/183)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 184
وله: وصل كتاب الأمير المولى تقي الدين مصطفى أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، حتى
يتوب المخلص من القيادة، وينقطع المعيدي إلى العبادة، بألفاظ أحسن من فتور
الألحاظ، ومعاني كترجيع المغاني. وكان ذلك أجمل في عيني من الروض غبّ السحاب، وألذ
من الصفع بخفاف القحاب، لا بل أحلى من مطابقة الزامر للعوّاد، وأشهى إلى النفس من
مواعيد القوّاد، فطرب المملوك ولا طرب فلان الفلاني لما اجتمع بفلانة في دعوة فلان
في المحرم من هذه السنة، وغنّت له:
(ما غيّر البعد ودّاً كنت تعرفه .......... ولا تبدّل بعد الذكر نسيانا)
(ولا ذكرت صديقاً كنت آلفه .......... إلاّ جعلتك فوق الذكر عنوانا)
فإنه لما سمع ذلك قام وقعد، وصاح ولطم، وفتل شعر عنفقته، وأدار شربوشه على رأسه،
وشق غلالته، وجرى إلى الشمعة ليحرق ذقنه بها ولم يزل يحلف بحياة الجماعة، ليسكبنّ
قدحه في سرّتها، ويتلقّاه ويلتقيه من بين أشفارها، بحيث أن يكون لحيته ستارة على
ثقبها، فمنعه عشيقها، فحلف برأس الملك العظيم ليشربنّ بخفّها، فقال: هذا هيّن، فلو
أردت أن أسقيك بالخف) ثلاثمائة فعلت. فعبّ في الخف إلى أن وقع. لا والله ولا طرب
الصوفية ليلة العيد، إذا حضر عندهم مرتضى المغني، معشوق العماد الكاتب، وقد أسبل
شعره على كتفيه، وأمسك أبو شعيب الشمعة بين يديه، وهو يغني لابن رشيق القيرواني:
(فتور عينيك ينهاني ويأمرني .......... وورد خديك يغري بي ويغريني)
(أمّا لئن بعت ديني واشتريت به .......... دنيا فما بعت فيك الدين بالدون)
(سبحان من خلق الأشياء قاطبةً .......... تراه صوّر ذاك الجسم من طين)
(استغفر الله لا والله ما نفعت .......... من سحر مقلته آيات ياسين)
فإنهم لما سمعوا هاجوا وماجوا، وصاحوا وناحوا، وزعقوا وقفزوا إلى السماء، وفتلوا
حتى انخسف ببعضهم الموضع، فنبشوا وكفّنوا ودفنوا، والباقون يرقصون ولا يدرون.
(40/184)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 185
وبعد هذا فالذي فعله مولانا تقي الدين من التقاء الجمع الكثير بالعدد القليل عين
الخطأ، لأنه ما المغرور بمحمود وإن سلم. فالله الله لا يكون لها مثنوية، ولا يرجع
المولى يلتقي ألفاً وستمائة فارس إلاّ أن يكون في ثلاثين ألفاً، بشرط أن يكون
العدو مثل حمزة الزامر، وعثمان الجنكي، وأبي علي العوّاد، وحميدة المخنّث، وأمثال
هؤلاء الفرسان، ويكون جندك مثل فلان وفلان الذين ما اجتمع المملوك بواحد منهم إلاّ
تجشّأ في وجهي سيوف وسكاكين، ويزعم أنه يقرقش الحديد. والرأي عندي غير هذا كله.
وهو أن تستقيل من الخدمة، وتنقطع في بستان القأبون، وتنكث التوبة، وتجمع علوق
دمشق، وقحاب الموصل، وقوّادين حلب، ومغاني العراق، وتقطع بقية العمر على القصف،
وتتكل على عفو العفو الرحيم. فيوم من أيامك في دمياط مكفّر لهذا كله. فإن قبلت مني
فأنت صحيح المزاج، وإن أبيت ولعنت كل ما جاء من وهران، فأنت منحرف محتاج إلى العلاج.
وله، جواب كتاب إلى الكندي: فأما تعريضه لخادمه بالقيادة، وعتبه علي بالتزويج من
النساء العواهر، فسيّدي معذور، لأنه لم يذق حلاوة هذه الصفعة، ولو أنه أدام الله
عزّه خرج يوماً من البيت، ولم يترك إلا الخبز والجبن، ورجع بعد ساعة، وجد السنبوسك
الموّرد، والدجاج المسمّن، والفاكهة المنوّعة، والخضرة النضرة، فتربّع في الصدر،
فأكل وشرب وطرب، ولم يخرج في هذا كله إلا التغافل وحسن الظن، وقلة الفضول لسأل
الله أن يحييه قوّاداً، وأن يميته قوّاداً، وأن يحشره مع القوّادين.) ويظن الخادم
أنه في هذا القول كجالب التمر إلى هجر، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ومهما
جهل من فضل نكاح الملاح النهمات،
(40/185)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 186
فلا يجهل أن أكل الحلاوة مع الناس أحسن من أكل الخرا منفرداً.
4 (محمد بن محمد بن محمد بن عثمان.)
أبو الفضل بن الدباب البابصري، الدبّاس. عن: عبد الله بن الحصين، وأحمد بن المجلي.
وعنه: محمد بن أحمد بن صالح الجيلي. وكان شيخاً صالحاً، كثير الصدق. مات في شعبان.
4 (المبارك بن علي بن الحسين بن عبد الله بن محمد.)
أبو محمد بن الطباخ البغدادي، الحنبلي. نزيل مكة. كان إمام الحنابلة بمكة ويكتب
العمر ويبيعها. سمع: أبا السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي، وهبة الله بن الحصين،
وابن كادش، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذّن، وجماعة. ونسخ بخطه.
(40/186)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 187
سمع منه: أبو سعد السمعاني مع تقدّمه. وروى عنه: أبو محمد بن قدامة، وابن الأخضر،
وغير واحد. وتوفي في شوال. أخبرني عبد الحافظ، أنا ابن قدامة، أنا ابن الطباخ، أنا
زاهر، وإسماعيل بن المؤذّن بالمسلسل بالأوليّة.
4 (المبارك بن محمد بن أحمد بن محمد بن قيداس.)
أبو المعالي الحريمي. سمع: ابن بيان، وأبياً النرسي. وعنه: عبد الله بن أحمد
الخباز. وكان ظريفاً مطبوعاً.) بقي إلى هذه السنة، وتوفي في الغربة.
4 (المبارك بن محمد بن عبد الكريم بن أبي الفوارس.)
أبو الفتوح الهاشمي، البغدادي. سمع: ابن بيان، وابن نبهان. وقرأ القرآن على: أبي
بكر المزرفي. سمع منه: عمر القرشي، وابن الأخضر. وتوفي رحمه الله تعالى في ذي
القعدة.
4 (محمود بن تكش.)
الأمير شهاب الدين الحارمي صاحب حماه. خال السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب.
(40/187)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 188
مات في هذه السنة كهلاً.
4 (مكّي بن محمد بن عبد الملك.)
الهمذاني، أبو محمد الشعّار. من بيت الحديث. ذكره ابن النجار فقال: كان حافظاً ذا
فهم ثاقب وإدراك. وكان من أصحاب الحافظ أبي العلاء العطار، خصّيصاً به، مقدّماً
عنده. قدم بغداد، وحدّث عنه: محمد بن علي بن كاكويه الكاتب، وأبي الحسن محمد بن
عبد الملك الكرجي، وأبي جعفر محمد بن أبي علي الحافظ، وهبة الله ابن أخت الطويل.
روى عنه: محمد بن محمود الحرّاني، وأبو الحسن القطيعي. وتوفي في المحرم عن سنة.
4 (منصور بن نصر بن منصور بن الحسين.)
أبو بكر بن العطار الحرّاني، ثم البغدادي، الكاتب الوزير. كان أبوه من كبار
التجار. قال ابن النجار: نشأ أبو بكر، وسمع الكثير وقرأ العلم. وقال ابن الدّبيثي:
لقبه ظهير الدين. سمع من: ابن ناصر، وأبي بكر بن الزاغوني، وأبي الوقت.) سمع منه:
مكّي الغرّاد.
(40/188)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 189
فلما مات أبوه بسط يده بالمال وخالط الدولة. قال ابن النجار: ورث نعمةً طائلة،
وخالط الكبراء وأرباب المناصب، وبذل معروفه، وتوصّل حتى صار له اختصاص بالإمام
المستضيء قبل أن يلي الخلافة. فلما استخلف قرّبه وولاّه مشارفة المخزن، ثم ولاّه
نظر المخزن والوكالة المطلقة، وارتفع أمره. فلما قتل الوزير أبو الفرج ابن رئيس
الرؤساء ردّ المستضيء جميع أمور دواوينه إليه، ونابه في الوزارة. وكان كل الدولة
يحضرون إليه. وكان يولّي ويعزل. وكان شهماً مقداماً، له هيبة عظيمة، وشدّة وطأة،
ولم يزل على ذلك حتى مات المستضيء، فأقرّه الناصر على نظر المخزن فقط، ثم خلاّه
أياماً وقبض عليه وسجنه أياماً، ومات. وبلغني أن مولده سنة أربع وثلاثين وخمسمائة.
وأنبأنا ابن الجوزي قال: منصور بن العطار كان مقداماً على القطع والصلب، ولما مات
حمل إلى بيت أخته، فأخرج بعد الصبح، فعلم به الناس فضربوا التأبوت بالآجر، ثم رمي
فطرح التأبوت في النار، وخرّق الكفن، وأخذ القطن، فأخرج عرياناً، وشدّ في رجله
حبل، وسحب إلى المدبغة. ورموه فيها. ثم سحب إلى قراح أبي الشحم، والصبيان يصيحون
بين يديه: يا مولانا وقّع لنا. إلى أن جاء جماعة من الأتراك فاستخلصوه منهم،
ولفّوه في شقّة، ومضوا به فألقوه في قبر والده. توفي في ذي القعدة وأراح الله منه،
إلاّ أنه كان نقمة وعذاباً على الشيعة.
(40/189)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 190
4 (منوجهر بن محمد بن تركانشاه.)
أبو الفضل الكاتب، كاتب الأمير قطب الدين قايماز المستنجدي. قال ابن النجار: كان
أديباً فاضلاً، صادقاً، حسن الطريقة، صدوقاً. سمع: أباه أبا الوفاء، وهبة الله بن
أحمد الموصلي، وأبا القاسم بن بيان، والقاسم بن علي الحريري روى عنه المقامات
مراراً. وهو آخر من رواها عنه ببغداد. روى عنه: أبو سعد السمعاني. وثنا عنه: ابن
الأخضر، وأبو الفتوح بن الحصري، وأحمد بن البندنيجي، وسعيد بن المبارك الحمامي.)
وقرأت مولده بخطه في شوال سنة تسع وثمانين وأربعمائة. وحدّث بكتاب إصلاح المنطق عن
أبي عبد الله البارع. قلت: وأصله من بروجرد، وهو بغدادي. وروى عنه: البهاء عبد
الرحمن، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي، ويوسف بن عمر بن صفير، وطائفة سواهم. وتوفي في
جمادى الآخرة.
4 (حرف النون)
4 (نصر الله بن عبد الرحمن بن عبد السلام.)
(40/190)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 191
أبو الفتوح الدامغانيّ، الحنفيّ، الفقيه. كان مفتياً، مناظراً ببغداد، كثير
العبادة، ديّناً خيّراً رحمه الله.
4 (حرف الباء)
4 (يوسف بن أحمد بن الحسين.)
أبو طالب اللبّان. له دكّان ببغداد لبيع الّلبن. سمع: أبا المعالي أحمد بن
البخاريّ، وأخاه هبة الله، وأبا العزّ بن كادش. وعنه: أحمد بن البندنيجيّ، وعبد
الرحمن بن عمر بن الغزّال. مات في شعبان عن خمس وسبعين سنة.
4 (يوسف بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن أبي زيد.)
الأندلسيّ اللُّرييّ الأستاذ أبو عمر بن عيّاد. أخذ القراءآت عن: أبي عبد الله بن
أبي إسحاق. وقدم بلنسية سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، ولقي بها أعلام المقرئين: أبا
مروان بن الصّيقل، وابن هذيل، وأبا الحسن بن النعمة، فأخذ عنهم. وسمع من: أبي
الوليد بن الدبّاغ، وطارق بن يعيش، وخلق. وكتب إليه أبو القاسم بن ورد، وأبو محمد
بن عطيّة.
(40/191)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 192
وكان معنيّاً بصناعة الحديث، جمّاعة للدفاتر والدواوين، معدوداً في الأثبات
المكثرين. سمع العالي والنازل، ولقي خلقاً، ولو اعتنى بذلك من أوّل أمره اعتناءه
به في الآخر لبذّ أقرانه) وفات أصحابه. وكان يحفظ أخبار المشايخ وينفق عليهم
ويعتني بهم، ويؤرّخ وفياتهم ويدوّن قصصهم، وفي ذلك أنفق عمره. وكان قد شرع في
تذييل كتاب ابن بشكُوال، وله كتاب الكفاية في مراتب الرواية والمرتضى في شرح
المنتقى لابن الجارود، وبهجة الألباب في شرح الشّهاب، والأربعون حديثاً في النشر
وأهوال الحشر، وأربعون حديثاً في وظائف العبادة، والمنهج الرائق في الوثائق، وبهجة
الحقائق في الزهد والرّقائق، وكتاب طبقات الفقهاء من عصر ابن عبد البرّ إلى عصره.
حدّث عنه: ابنه أبو عبد الله محمد، وأبو الحجّاج بن عَبدَة، وأبو محمد بن غلبون،
وغيرهم. وصفه بعض أصحابه بالمشاركة في الآداب والفقه وفهم القراءآت. وكان من أهل
التواضع والخلق السّهل. واستشهد ببلده عند كبسة العدوّ، فقاتل حتّى أُثخن جراحاً،
ثم أجهزوا عليه، وذلك يوم العيد. وعاش سبعين سنة رحمه الله. ترجمه الأبّار.
4 (يوسف بن عمر بن الحسن.)
أبو الحجّاج بن البستنيان البغدادي، المقرئ. سمع: أبا طالب بن يوسف، وحدّث. وتوفي
في المحرم وقد شاخ.
(40/192)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 193
وفيها ولد ابن عبد المنعم، والإمام مجد الدين إسماعيل بن باطيش الفقيه، ومحمد بن
الأنجب النعّال، وعبد الغني بن بنين، والعماد أبو بكر بن هلال بن عبّاد الحنفي.
(40/193)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 194
4 (وفيات سنة ست وسبعين وخمسمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام.)
أبو الغنائم الكاتب.) سمّعه أبوه أبو الفتح من: جدّه، وأبي الغنائم بن المهتدي
بالله، وأبي علي بن المهدي، وابن الحصين. روى عنه: أحمد بن طارق الكركي، وغيره.
ذبح غيلةً في جمادى الأولى ولم يعلم بوفاته.
4 (أحمد بن أحمد بن محمد بن علي بن حمدي.)
أبو المظفر البغدادي، المقرئ، الشاهد. قرأ القراءآت على أبي محمد سبط الخياط،
وقبله على أبي بكر المزرفي، وأبي عبد الله البارع. وأقام بعد بمسجد ابن جردة. وكان
طيب الصوت مجوّداً. سمع: أبا سعد بن الطيوري، وأبا العز بن كادش، وزاهر بن طاهر،
وابن الحصين، وخلقاً سواهم. وحدّث بالكثير. وولد سنة عشر وخمسمائة. وتوفي في جمادى
الأولى.
(40/194)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 195
روى عنه: أبو محمد بن قدامة، والبهاء عبد الرحمن، ومحمد بن المقبل بن المنّي.
4 (أحمد بن عبد الله بن الإمام أبي بكر محمد بن أحمد.)
الشاشي، ثم البغدادي، العلاّمة أبو نصر مدرّس النظامية، وأحد المصنّفين في المذهب.
تفقّه على أبيه، وعلى أبي الحسين بن الخل. وسمع من أبي الوقت. ومات شاباً رحمه
الله تعالى.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم.)
(40/195)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 196
الحافظ الكبير أبو طاهر بن أبي أحمد بن سلفة الإصبهاني، الجرواني، وجروان: محلّة
بإصبهان. وسلفة لقب أحمد وإليه ينسب. قال الحافظ عبد الغني: سمعت السّلفي يقول:
أنا أذكر قتل نظام الملك في سنة خمس وثمانين، وكان عمري نحو عشر سنين. وقد كتبوا
عني في أول سنة اثنتين وتسعين وأنا ابن سبع عشرة سنة أو أكثر أو أقل، وليس في
(40/196)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 197
وجهي شعرة كالبخاري يعني لمّا كتبوا عنه.) وأول سماع السّلفي سنة ثمان وثمانين.
سمع من: القاسم بن الفضل الثقفي وسمع من: عبد الرحمن بن محمد بن يوسف السمسار،
وسعيد بن محمد الجوهري، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني، والفضل بن علي
الحنفي، وأحمد بن عبد الغفار بن أشنة، وأحمد ومحمد ابنا عبد الله بن السوذرجاني،
ومكي بن منصور بن علاّن الكرجي، ومعمر بن أحمد اللنباني، وخلق كثير. وعمل معجماً
حافلاً لشيوخه الإصبهانيين. ثم دخل في رمضان إلى بغداد، من سنة ثلاث وتسعين وأدرك
أبا الخطاب نصر بن البطر، فقال حمّاد الحرّاني: سمعت السّلفي يقول: دخلت بغداد في
رابع شوال سنة ثلاث، فساعة دخولي لم يكن لي همّة إلاّ أن مضيت إلى ابن البطر فدخلت
عليه، وكان شيخاً عسراً، فقلت: قد وصلت من إصبهان لأجلك. فقال: إقرأ. جعل بدل
الراء غيناً. فقرأت عليه وأنا متّكأ لأجل دمامل بي، فقال: أبصر ذا الكلب. فاعتذرت
بالدماميل، وبكيت من كلامه، وقرأت سبعة عشر حديثاً، وخرجت، ثم قرأت عليه نحواً من
خمسة وعشرين جزءاً، ولم يكن بذاك. قلت: فسمع منه، ومن: أبي بكر الطريثيثي، وأبي
عبد الله بن البسري، وثابت بن بندار، والموجودين بها. وعمل معجماً لشيوخ بغداد، ثم
حج وسمع في طريقه بالكوفة من: أبي البقاء المعمر بن محمد الحبال، وغيره. وبمكة من:
الحسين بن علي الطبري.
(40/197)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 198
وبالمدينة: أبا الفرج القزويني. وقدم بغداد، وأقبل على الفقه، والعربية، حتى برع
فيهما، وأتقن مذهب الشافعيّ. ثم رحل إلى البصرة سنة خمسمائة، فسمع من: محمد بن
جعفر العسكريّ، وجماعة. وبزَنجان: أبا بكر أحمد بن محمد بن زنجويه الفقيه، الراوي
عن أبي عليّ بن شاذان. وبهمذان: أبا غالب بن أحمد بن محمد المزكّي، وطائفة. وجال
في الجبال ومدنها. وسمع بالريّ، والدينَوَر، وقزوين، وساوة، ونهاوند. وكذا طاف
بلاد أذربيجان إلى درَبند، فسمع بأماكن، وعاد إلى الجزيرة من ثغر آمد.) وسمع
بخِلاط، والرحبة، وقدم دمشق سنة تسع وخمسمائة بعلم جمّ، فأقام بها عامين. وسمع بها
من: أبي طاهر الحنّائي، وأبي الحسن بن الموازينيّ، وخلق. ثم مضى إلى صور، وركب
منها البحر الأخضر إلى الإسكندريّة،
(40/198)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 199
فاستوطنها إلى الموت، لم يخرج منها إلاّ مرّة في سنة سبع عشرة إلى مصر، فسمع من:
أبي صادق المدينيّ، والموجودين. وعاد. وكان إماماً، مُقرئاً، محموداً، ومحدّثاً،
حافظاً، جهبذاً، وفقيهاً متقناً، ونحويّاً ماهراً، ولغويّاً محققاً، ثقة فيما
ينقله، حجّة، ثبتاً، انتهى إليه علوّ الإسناد في البلاد. وقد جمع معجماً ثالثاً في
البلدان التي سمع بها، سوى إصبهان، وبغداد، فإنّ لكلّ واحدة معجماً. سمع منه
ببغداد من شيوخه ورفاقه: أبو علي البرَدانيّ، وهزارسب بن عوض، وأبو عامر العبدريّ،
وعبد الملك بن يوسف، وسعد الخير الأندلسيّ. وروى عنه: الحافظ محمد بن طاهر شيخه،
وسبطُه أبو القاسم عبد الرحمن بن مكّي، وبينهما في الموت مائة وأربع وأربعون سنة.
وروى عنه: الحافظ سعد الخير، وعليّ بن إبراهيم السرَقسطيّ، وأبو العزّ محمد بن علي
المُلقاباذيّ، والطبيب بن محمد المروزيّ، وقد روى عن هؤلاء الثلاثة عنه أبو سعد
السمعاني. ومات ابن السمعانيّ قبله بأربع عشرة سنة. وروى عنه أيضاً: الصائن هبة
الله بن عساكر، ويحيى بن سعدون القرطبيّ. وروى عنه بالإجازة جماعة ماتوا قبله،
منهم القاضي عِياض.
(40/199)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 200
وروى عنه أمم منهم: حمّاد الحرّاني، والحافظ علي بن الفضل، والحافظ عبد الغني،
والحافظ عبد القاهر الرُّهاويّ، وابن راجح، وعبد القوي بن الجبّاب، وفرقد
الكبانيّ، وعبد الغفّار المحبّلي، ونصر بن جرو، والفخر الفارسي، والشيخ حسن
الأدمي، وعيسى بن الوجيه اللخميّ، ومحمد بن عمّاد، ومحمد بن عبد الوهّاب بن الشيرجيّ،
وعبد الخالق بن إسماعيل التنيسيّ، وعلي بن رحّال، ومحمد بن محمد بن سعيد المأموني،
ومرتضى بن أبي الجود، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الصفراوي، وأبو الفضل جعفر
الهمذاني، وإبراهيم ومحمد ابنا عبد الرحمن بن الحبّاب، وأحمد بن محمد بن الحبّاب،
وعبد الرحيم بن الطفيل، والحسن بن دينار، وعلي بن مختار، ويوسف بن المخيلي، وظافر
بن شحم، وعلي بن زيد التسارَسيّ، ومحمد بن علي) بن تاجر عينه، وحمزة بن أوس
الغزّال، وعلي بن جبارة، ويحيى بن عبد العزيز الأغماتيّ، وحسين بن يوسف الشاطبي،
وعبد العزيز بن النقّار، ومظفّر بن الفوّيّ، ومنصور بن الدماغ، وعلي بن محمد
السخاويّ، وعلي بن عبد الجليل الرازي، وأبو الوفاء عبد الملك ابن الحنبليّ، وشعيب
الزعفراني، والعَلم بن الصأبوني، والعز بن رواحة، وعبد الوهاب بن رَواح، ويوسف بن
محمود الساويّ، وبهاء الدين بن الجيزيّ، وهبة الله بن محمد ابن الواعظ. وتوفّي سنة
خمسين وستمائة، والسِّبط. وبقي أبو بكر محمد بن الحسن السّفاقُسيّ إلى سنة أربع
وخمسين، فروى عن السِلَفيّ المسلسل بأوّل حديث، رواه حضوراً، ولم يكن عنده سواه.
وهو ابن أخت الحافظ علي بن المفضّل. أنبأني أحمد بن سلامة، عن فاطمة، بنت سعد
الخير ح. وقال ابن النجار: قرأت على محمد بن عبد الله المخزوميّ، عن فاطمة بنت سعد
(40/200)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 201
الخير، قالت: أنا أبي سنة ثمان وعشرين وخمسمائة: حدّثني أبو طاهر بن سِلَفة سنة
سبع وتسعين وأربعمائة: أنا القاسم بن الفضل الثّقفي، فذكر حديث البلد الرائع، وهو
إصبهان، متنه: إنكم اليوم على دين وإني مُكاثر بكم الأمم. ولا أعلم أحداً في
الدنيا حدّث نيّفاً وثمانين سنة سوى السلفيّ. وقد أملى المجالس الخمسة بسلَماس،
وعمره ثلاثون سنة. وعمل الأربعين البلديّة التي لم يُسبق إلى مثلها. وقد انتخب على
غير واحد من شيوخه. قال الزاهد أبو علي الأوقيّ: سمعت السِلَفيّ يقول: لي ستون سنة
ما رأيت منارة الإسكندرية إلاّ من هذه الطاقة. رواها ابن النجّار عن الأَوقي. وقال
ابن المفضّل في معجمه: عدّة شيوخ شيخنا السلفي تزيد على ستمائة نفس بإصبهان. وخرج
إلى بغداد وله نحو من عشرين سنة أقلّ أو أكثر، ومشيخته البغدادية خمسة وثلاثون
جزءاً. وله تصانيف كثيرة. وكان يستحسن الشعر وينظمه، ويثيب من يمدحه. وأخذ الفقه
عن: إلكِيا أبي الحسن علي بن محمد الطبريّ، وأبي بكر محمد بن أحمد الشّاشيّ، وأبي
القاسم يوسف بن علي الزَنجاني. والأدب عن: أبي زكريا التبريزيّ، وأبي الكرم بن
فاخر، وعلي بن محمد القصبجيّ. وسمعته يقول: متى لم يكن الأصل بخطّي لم أفرح به.
وكان جيّد الضبط، كثير البحث عمّا يشكل عليه. وكان أوحد زمانه في علم الحديث،
وأعرفهم) بقوانين الرواية والتحديث. جمع بين علوّ الإسناد، وعلوّ الانتقاد، وبذلك
كان ينفرد عن أبناء جنسه.
(40/201)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 202
وقال ابن السمعانيّ في الذيل: هو ثقة ورع، متقن، متيقّظ، حافظ، فهم، له حفظ من
العربية، كثير الحديث، حسن الفهم والبصيرة فيه. روى عنه الحافظ ابن طاهر فسمعت أبا
العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ يقول: سمعت محمد بن طاهر المقدسي يقول: سمعت
أبا طاهر الإصبهاني، وكان من أهل الصنعة، يقول: كان أبو حازم العبدريّ: إذا روى عن
أبي سعد المالينيّ يقول: أنبا أحمد بن حفص الحديثيّ هذا أو نحوه. وقال الحافظ عبد
القادر الرهاوي: سمعت من يحكي عن الحافظ ابن ناصر أنّه قال عن السلفي: كان ببغداد
كأنّه شعلة نار في تحصيل الحديث. قال عبد القادر: وكان له عند ملوك مصر الجاه
والكلمة النافذة مع مخالفته لهم في المذهب. وكان لا يبدو منه جفوة لأحد، ويجلس
للحديث فلا يشرب ماء، ولا يبزق، ولا يتورّك، ولا يبدو له قدم، وقد جاز المائة.
بلغني أنّ سلطان مصر حضر عنده للسماع، فجعل يتحدّث مع أخيه فزَبَره وقال: إيش هذا،
نحن نقرأ الحديث وأنتما تتحدّثان قال: وبلغني أنّه في مدّة مقامه بالإسكندريّة،
وهي أربع وستون سنة، ما خرج إلى بستان ولا فرجة غير مرّة واحدة. بل كان عامّة دهره
لازماً مدرسته، وما كنّا نكاد ندخل عليه إلاّ نراه مطالعاً في شيء. وكان حليماً،
متجمّلاّ لحفّاظ الغرباء. وقد سمعت بعض فضلاء همذان يقول: السلفيّ أحفظ الحفّاظ.
وحدّث بدمشق، فسمع منه أصحابنا، ولم أظفر بالسماع منه. وسمعت بقراءته من شيوخ
عدّة. ثم خرج إلى مصر، واستوطن الإسكندرية، وتزوّج بها امرأة ذات يسار، وحصلت له
ثروة بعد فقر وتصوّف. وصارت له بالإسكندرية وجاهة. وبنى له العادل عليّ بن إسحاق
بن السلاّر أمير مصر مدرسة بالإسكندرية. وحدّثني عنه أخي وأجاز لي. أنا ابن البطر
أنا ابن البيِّع فذكر حديثا، وهو موافقة مسلم من سادس المحامليّات.
(40/202)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 203
ثم قال: أنشدنا أبو سعد السمعانيّ بدمشق، أنشدنا أبو العزّ محمد بن عليّ البستيّ:
أنشدنا أبو) طاهر أحمد بن محمد الحافظ لنفسه بميّافارقين:
(إنّ علم الحديث علم رجال .......... تركوا الابتداع للأتباع)
(فإذا الليل جنّهم كتبوه .......... وإذا أصبحوا غدوا للسماع)
وقلت: أنشدناهما أبو الحسين اليونينيّ وأبو عليّ بن الخلاّل قالا: أنشدنا جعفر بن
عليّ، أنشدنا السلفيّ، فذكرهما. وقال الحافظ عبد القادر عنه: وكان آمراً بالمعروف،
ناهياً عن المنكر، حتّى إنّه كان قد زال من جواره منكرات كثيرة. ورأيته يوماً وقد
جاء جماعة من المقرئين بالألحان فأرادوا أن يقرأوا، فمنعهم من ذلك وقال: هذه
القراءة بدعة. بل اقرأوا ترسُّلاً فقرأوا كما أمرهم. قرأت بخط الحافظ عبد الغني
جزءاً فيه نقل خطوط المشايخ للسِلفيّ بالقراءآت. وقد قرأ بحرف عاصم على أبي سعيد
المطرّز، وقرأ بحمزة والكسائيّ على محمد بن أبي نصر القصّار، وقرأ برواية قالون
على نصر بن محمد الشيرازيّ، وبرواية قُنبل على بن أحمد الخِرقيّ، وقد قرأ عليهم
سنة إحدى وتسعين وبعدها. وقال ابن نقطة: كان حافظاً، ثقة، جوّالاً في الآفاق. سأل
عن أحوال الرجال شجاعاً الذّهليّ، والمؤتمن الساجيّ، وأبا علي البرَداني، وأبا
الغنائم النَرسي، وخميساً الحوزيّ. وحدّثني عبد العظيم المنذريّ الحافظ قال: لمّا
أرادوا أن يقرأوا سنن النسائي على السلفي أتوه بنسخة سعد الخير وهي مصححة قد سمعها
من
(40/203)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 204
الدّونيّ. فقال: اسمي فيها قالوا: لا. فاجتذبها من يد القارئ بغيظ وقال: لا أحدّث
إلاّ من أصل فيه اسمي. ولم يحدّث بالكتاب. وقال لي عبد العظيم إنّ أبا الحسن
المقدسيّ قال: حفظت أسماء وكنَى، وجئت إلى السِلفي فذاكرته بها، فجعل يذكرها من
حفظه، وما قال لي أحسنت. وقال: ما هذا شيء مليح، أنا شيخ كبير في هذه البلدة هذه
السنين لا يذاكرني أحد وحفظي هكذا. وقال أبو سعد السمعاني: أنشدنا يحيى بن سعدون
النّحوي بدمشق: أنشدنا السِلفيّ لنفسه:
(ليس حسن الحديث قرب رجال .......... عند أرباب علمه النقّاد)
(بل علوُّ الحديث عند أولي الإت .......... قان والحفظ صحّة الإسناد)
(فإذا ما تجمّعا في حديث .......... فاغتنمه فذاك أقصر المراد)
قلت: أنشدنا اليونينيّ، وابن الخلاّل قال: أنشدنا جعفر أنشدنا السِلفيّ فذكرها.)
قرأت بخط السيف بن المجد: سمعت أحمد بن سلامة النجّار يقول إنّ الحافظَين: عبد
الغني وعبد القادر، أرادا سماع كتاب اللاّلكائيّ، يعني شرح السنّة، على السلفيّ،
فأخذ يتعلّل عليهما مرّة، ويدافعهما عنه أخرى بأصل السماع، حتى كلّمته امرأته في
ذلك. قرأت بخط الحافظ عمر بن الحاجب أنّ معجم السفَر للسلفي مشتمل على ألفي شيخ.
وقال الحافظ زكي الدين عبد العظيم: كان السلفيّ مُغرى بجمع الكتب والاستكثار منها.
وما كان يصل إليه من المال يخرجه في شرائها. وكان عنده خزائن كتب، ولا يتفرّغ
للنظر فيها. فلمّا مات وجدوا معظم الكتب في
(40/204)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 205
الخزائن قد عفّنت، والتصق بعضها في بعض، لنداوة الإسكندرية. وكانوا يستخلصونها
بالفأس فتلف أكثرها. أنبأنا أحمد بن سلامة الحداد، عن الحافظ عبد الغني، أن السلفي
أنشدهم لنفسه:
(ضلّ المجسّم والمعطّل مثله .......... عن منهج الحق المبين ضلالا)
(وأتى أماثلهم ينكر لا رعوا .......... من معشر قد حاولوا الأشكالا)
(وعدّوا يقيسون الأمور برأيهم .......... ويدلّسون على الورى الأقوالا)
(فالأولون تعدوا الحد الذي .......... قد حدّ في وصف الإله تعالى)
(وتصوّروه صورةً من جنسنا .......... جسماً، وليس الله عزّ مثالا)
(والآخرون فعطّلوا ما جاء في .......... القرآن أقبح بالمقال مقالا)
(وأبوا حديث المصطفى أن يقبلوا .......... ورأوه حشواً لا يفيد منالا)
وهي بضعة وعشرون بيتاً. وله قصيدة أخرى نحو من تسعين بيتاً، سمّى فيها أئمة
السنّة، ورؤوس البدعة، أوردتها في ترجمته التي أفردتها. وقال الوجيه عيسى بن عبد
العزيز اللخمي: توفي الحافظ صبيحة الجمعة خامس ربيع الآخر سنة ست وسبعين، وله مائة
وست سنين. ولم يزل يقرأ عليه الحديث إلى أن غربت الشمس من ليلة وفاته، وهو يرد على
(40/205)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون
الصفحة 206
القارئ اللحن الخفي، وصلى يوم الجمعة الصبح عند انفجار الفجر، وتوفي بعدها فجأةً.
قلت: قد اضطرب قول السلفي في مولده. وقد ذكرنا قوله للحافظ عبد الغني إنه كان ابن
نحو عشر سنين وقت قتل نظام الملك، فيكون مولده على هذا القول في حدود سنة خمس وسبعين.)
وقال الإمام شهاب الدين أبو شامة: سمعت الإمام علم الدين السخاوي يقول: سمعت أبا
طاهر السلفي يوماً وهو ينشد لنفسه شعراً قاله قديماً، وهو:
(أنا من أهل الحديث وهم خير فئة .......... جزت تسعين وأرجو أن أجيز مائة)
فقيل له: قد حقق الله رجاءك. فعلمت أنه قد جاوز المائة. وذلك في سنة اثنتين وسبعين
وخمسمائة. وقال محمد بن عبد الرحمن بن علي التجيبي الأندلسي: سمعت الحديث على
السلفي، ووجدت بخطّه: مولدي بإصبهان سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة تخميناً لا
يقيناً. وقال قاضي القضاة ابن خلّكان: كانت ولادة السلفي سنة اثنتين وسبعين
تقريباً. قال: وجدت العلماء بالديار المصرية من جملتهم الحافظ زكي الدين عبد
العظيم يقولون في مولده هذه المقالة. قال: ثم وجدت في كتاب زهر الرياض لجمال الدين
عبد الرحمن بن عبد المجيد الصفراوي يقول: إن السلفي كان يقول: مولدي بالتخمين لا
باليقين سنة ثمان وسبعين. قد شذّ الصفراوي عن الجماعة بهذا القول، والسلفي فقد
جاوز المائة بلا ريب. وقد طلب الحديث، وكتب الأجزاء، وقرأ بالروايات في سنة تسعين
(40/206)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 207
وبعدها، فقد حكى الحافظ عبد الغني أنه حدّث سنة اثنتين وتسعين، وما في وجهه شعرة،
وأنه كان ابن سبع عشرة سنة أو نحوها، ولكنه اختلف قوله، فتارةً قال سنة اثنتين
وسبعين تقريباً، وتارةً يقول في سنة خمس وسبعين تقريباً، وهذا تباين ظاهر.
4 (أحمد بن أبي الوفاء.)
الصائغ الحنبلي. قد ذكر في العام الماضي. وقيل: توفي في هذا العام.
4 (إبراهيم بن علي بن مواهب.)
أبو إسحاق ابن الزرّاد، الأزجي، البزّاز. روى عن: أبي الغنائم النرسي. سمع منه:
أبو سعد السمعاني. وتوفي في رجب.)
4 (أيوب بن محمد بن وهب بن أيوب.)
أبو محمد الغافقي، المعروف بابن نوح، وهو لقب جدّهم وهب بن أيوب لقّب به لكثرة
أولاده. كان أبو محمد من رؤساء سرقسطة. روى عن: أبيه محمد، وأبي زيد بن الورّاق،
وأبي مروان بن الصيقل، وجماعة. وأخذت الروم سرقسطة فخرج منها سنة اثنتي عشرة إلى
طرطوشة، ثم سكن غرناطة، ولقي أبا عبد الله بن أبي الخصال، وكتب عنه خطبه التي عارض
بها ابن نباتة. ثم كرّ إلى بلنسية فسكنها، وولي قضاء جزيرة سقر بعد أبيه. ونسخ
علماً كثيراً، وجمع شيئاً من التاريخ رواه عنه ابنه القاضي أبو
(40/207)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 208
عبد الله محمد بن نوح، وقال: توفي في صفر عن تسعين سنة.
4 (حرف الباء)
4 (بدر.)
الحبشي الجذاذادي، الطواشي، أبو الضياء، مولى العدل أبي عبد الله محمد بن جذاذاد
الإسكندري أو المصري، والثاني أقرب. سمع: أبا عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وأبا
صادق المديني، وأبا الحسين الفرّاء، وعبد الرحمن بن فاتك، وأبا القاسم بن الدوري.
روى عنه: أبو الحسن بن المفضّل، ويوسف بن جبريل اللواتي، وأبو القاسم سبط السلفي،
وآخرون. وتوفي في شوال رحمه الله تعالى.
4 (حرف التاء)
4 (تورانشاه.)
(40/208)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 209
الملك المعظّم، شمس الدولة بن أيوب بن شاذي، أخو صلاح الدين، والسلطان سيف الدين،
وكان يلقب أيضاً بفخر الدين. وكان أسنّ من صلاح الدين، فكان يحترمه ويرجّحه على
نفسه. وسيّره سنة ثمان وستين إلى بلاد النوبة ليفتحها، فلما قدمها وجدها لا تساوي
التعب، فرجع بغنائم كثيرة، ورقيق. ثم أرسله إلى اليمن، وبها عبد النبي بن مهدي قد
استولى على أكثر اليمن. فقدمها تورانشاه، وظفر بعبد النبي وقتله، وملك معظم
اليمن.) وكان سخيّاً جواداً. ثم إنه قدم دمشق في آخر سنة إحدى وسبعين، وقد تمهّدت
له مملكة اليمن، لكنه كره المقام بها، وحن إلى الشام وثماره. وكان قد جاءه رسول من
أخيه صلاح الدين يرغّبه في المقام باليمن، فلما أدى الرسالة طلب ألف دينار، وقال
لغلام له: امض إلى السوق واشتر لي بها قطعة ثلج. فقال: ومن أين هنا الثلج فقال:
فاشتر به طبق مشمش، فقال: ومن أين يوجد ذلك فأخذ يذكر له أنواع الفواكه، والغلام
يقول ما يوجد. فقال للرسول: ليت شعري، ما أصنع بالأموال إذا لم أنتفع بها في شهوتي
ورجع الرسول فأذن له السلطان في القدوم. وقد كتب له بإنشاء القاضي الفاضل:
(لا تضجرن مما أتيت فإنه .......... صدر لأسرار الصبابة ينفث)
(أما فراقك واللقاء فإنّ ذا .......... منه أموات وذا منه أبعث)
(حلف الزمان على تفرق شملنا .......... فمتى يرق لنا الزمان ويحنث)
(حول المضاجع كتبكم فكأنني .......... ملسوعكم وهي الرقاة النفّث)
(كم يلبث الجسم الذي ما نفسه .......... فيه ولا أنفاسه كم يلبث)
فلما قدم دمشق استنابه صلاح الدين لما رجع إلى مصر. ثم انتقل
(40/209)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 210
تورانشاه إلى مصر سنة أربع وسبعين. وكانت وفاته بالإسكندرية في صفر سنة ست، فنقلته
أخته ست الشام فدفنته في مدرستها. وذكر المهذب محمد بن علي بن الخيمي الحلّي
الأديب قال: رأيت في النوم شمس الدولة تورانشاه بعد موته، فمدحته بأبيات وهو في
القبر، فلفّ كفنه ورماه إليّ، ثم قال:
(لا تستقلّنّ معروفاً سمحت به .......... ميّتاً فأمسيت منه عاري البدن)
(ولا تظنّن جودي شانه بخل .......... من بعد بذلي ملك الشام واليمن)
(إني خرجت من الدنيا وليس معي .......... من كل ما ملكت يدي سوى كفني)
تورانشاه: معناه ملك الشرق. قال ابن الأثير: كان لما قدم من اليمن وعمل نيابة دمشق
قد ملك بعلبك، ثم عوّضه أخوه عنها بالإسكندرية إقطاعاً، فذهب إليها. وكان له أكثر
بلاد اليمن، ونوّابه هناك يحملون إليه الأموال من زبيد، وعدن، وما بينهما. وكان
أجود الناس وأسخاهم كفّاً، يخرج كلما يحمل إليه من البلاد، ومع هذا مات وعليه نحو
مائتي ألف دينار، فوفّاها أخوه صلاح الدين عنه. وكان منهمكاً على اللهو واللعب،
فيه شر) وظلم.
4 (حرف الحاء)
4 (حمّاد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إسحاق بن أحمد بن شيث بن نصر بن شيث بن الحكم)
بن افلذ بن أبان بن عقبة بن يزيد.
(40/210)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 211
الإمام قِوام الدين أبو المحامد ابن الإمام ركن الدين أبي إسحاق ابن الإمام أبي
إبراهيم الوائليّ، البخاريّ ابن الصّفّار الحنفيّ. سمع من: أبيه، وإسماعيل بن أحمد
بن الحسين البيهقيّ. وعنه: إسماعيل بن محمد البيلقيّ، وإبراهيم بن سالار
الخُوارزميّ، وأبو الفضل عبيد الله بن إبراهيم المحبوبيّ، والأديب أبو عليّ الحسن
بن عمر التّرمذيّ، وبرهان الإسلام عمر بن مسعود بن مازة، وآخرون آخرهم موتاً تاج
الإسلام محمد بن طاهر بن محمد الخُداباذيّ البخاريّ. نقلت ذلك من خط الفرَضيّ. ثم
قال: وأبوه ركن الدين. من كبار مشايخ البخاريّ. سمع على: والده، وعلى عمر بن منصور
البزّاز المعروف بخَنب، وعبد العزيز بن المستقر الكرمينيّ، وأجاز له، وشيخ الإسلام
أبو نصر أحمد بن عثمان العاصميّ البلخيّ، وغيرهم. قال: وتوفّي ركن الدين بعد سنة
اثنتين وثلاثين وخمسمائة. وأبوه إسماعيل الوائليّ: روى عن: عمر بن عبد العزيز بن
محمد بن النّضر الشُروطي، وأبي عاصم محمد بن علي البلخيّ، وأبي الحسين عبد الغافر
بن محمد الفارسيّ. وعنه: ولده ركن الدين. ولم يذكر الفرَضيّ لهذا وفاة.
(40/211)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون
الصفحة 212
4 (حرف الخاء)
4 (خلف بن يحيى بن خطّاب.)
أبو القاسم القرطبيّ الزّاهد.) من أهل التصوّف والهدي الصالح. وكان يوصف بإجابة
الدعوة. أمَّ بجامع قرطبة مُدَيدَة، ثم رغب في الإنقباض. وكان يعظ ويقصده الناس
للبركة رحمه الله تعالى.
4 (حرف السين)
4 (سالم بن إسحاق بن الحسين.)
البزّاز أبو المعالي التّنوخيّ. تاجر صاحب مروءة وخير. قال الشيخ الموفّق: كان ذا
مروءة وكرم. حملني الحافظ عبد الغني من بغداد إلى دمشق، وكنّا نرى منه كرماُ
وبذلاً. قلت: روى عن سعيد بن البنّا، وجماعة من البغداديين. سمع منهم بعد الأربعين
وخمسمائة. وروى عنه: أبو المواهب بن صصرى، والحافظ عبد القادر، والشيخ الموفّق.
وكان يسافر كثيراً للتجارة. وتوفّي في عشر الستين.
4 (سعيد بن الحسين بن سعيد بن محمد.)
(40/212)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 213
أبو المفاخر الهاشمي، المأمونيّ، النًيسأبوريّ، الشريف. قدم مصر وحدّث بها بصحيح
مسلم غير مرّة، عن أبي عبد الله الفراوي. روى عنه: أبو الحسن بن المفضّل المقدسيّ،
وصالح بن شجاع الدلَجي، وأحمد بن محمد بن عبد العزيز ابن الجبّاب، وحفيده محمد بن
محمد المأمونيّ، وآخرون. ورّخه ابن المفضّل.
4 (سعيد بن عبد الله بن القاسم.)
فخر الدين أبو الرّضا، أخو القاضي كمال الدين محمد الشهرزوريّ. فقيه شافعيّ. سمع
بالعراق من: زاهر الشّحّاميّ، والقاضي أبي بكر، وجماعة. وتفقّه بخراسان عند الفقيه
محمد بن يحيى. وعاد إلى الموصل، وتقدّم وساد، وصار أوجه أهل بيته. وسار في
الرسليّة إلى بغداد. سمع منه: هبة الله بن الحسن الفقيه، وإلياس بن جامع الإربليّ،
وأحمد بن صدقة.) وتوفّي في جُمادى الآخرة في العشر الأخير عن سبعين سنة.
4 (سليمان بن أحمد بن سليمان.)
(40/213)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 214
وبعض أصحابه قال فيه: سليمان بن خلف. أبو الحسن الإشبيلي جدّ أبي العبّاس أحمد بن
سيّد الناس لأمّه. سمع من أبي بكر بن طاهر، وأبي الحسن شريح وأخذ عنه القراءآت.
وسمع من: ابن العربيّ، وغير واحد. وكان مقرئاً، نحويّاً، ضابطاً، مجوّداً. أخذ
عنه: أبو محمد، وأبو سليمان ابنا حوط الله، ومفرَّج بن حسين الضرير، وغيرهم. حدّث
في هذا العام وانقطع ذكره.
4 (سليمان بن محمد بن حسن.)
أبو طالب العُكبريّ، ثم الواسطيّ، المقرئ. قرأ القراءآت على: ابن شيران، وأبي بكر
المزرَفيّ، وسبط الخيّاط، والشهرزوريّ. قرأ عليه ابن الدّبيثي، وعليّ بن منصور البُرسقيّ.
4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن المحدِّث عبد الرحمن بن أحمد بن عليّ بن صابر السُّلَميّ.)
أبو المعالي الدمشقي، ويعرف بابن سيده. ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة.
(40/214)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 215
وسمع: الشريف أبا القاسم النّسيب، وأبا طاهر محمد بن الحسين الحِنّائيّ، وابن
الموازينيّ، وطبقتهم. وحدّث ببغداد فسمع منه: الحافظ أبو سعد السمعانيّ كتاب
المروة. وذكره في الذيل فقال: شابّ قدِم بغداد للتجارة. وذكره أبو المواهب بن صصرى
في معجمه فقال: باع كتب أبيه وعمّه بثمن بخس، وأعرض عن الخير في وسط عمره، ثم أقلع
في آخره. وسُمع منه من النُّسَخ التي بأيدي الناس. وتوفّي في رجب. قلت: وروى عنه
الحافظ أبو محمد عبد الغنيّ، والشيخان أبو عمرو والموفّق، والبهاء عبد) الرحمن،
والشمس عمر بن المُنَجّا، وسالم بن عبد الرزاق، وأخوه يحيى، وعبد الحق بن خلف، والحافظ
الضّياء، وغيرهم.
4 (عبد الله بن خلف بن محمد بن حبيب بن فَرقد.)
(40/215)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 216
أبو محمد القرشيّ، الفهريّ، الأندلسيّ، الإشبيليّ. سمع من أخيه أبي إسحاق من: أبي
محمد بن عتّاب، وأبي الحسن بن بقيّ. وناظر في الرأي عن أبي عبد الله بن الحاجّ.
وأخذ القراءآت عن أبي عمرو وموسى بن حبيب عن مكّيّ بن أبي طالب. وقال الأبّار: كان
حافظاً للفقه، صادعاً بالحق. حدّث عنه ابنه أبو القاسم.
4 (عبد الله بن مغيث بن يونس بن محمد بن مغيث بن محمد بن يونس بن عبد الله بن
مغيث.)
أبو محمد بن الصّفّار الأنصاريّ، القرطبيّ. روى عنه جدّه أبي الحسن، وأبي عبد الله
بن الحاجّ، وأبي الحسن شُرَيح، وأبي بكر بن العربيّ، وجماعة. ووُلّي قضاء الجماعة
بقرطبة ثمانية عشر عاماً. قال الأبّار: روى عنه أبو القاسم بن الملجوم، وعامر بن
هاشم، وأبو محمد بن حوط الله، وأخوه أبو سليمان بن حَوط الله. وتوفّي في ربيع
الأوّل وله ستون سنة.
4 (عبد الله بن يزيد بن عبد الله.)
القاضي أبو محمد السعديّ، الغَرناطيّ، ثم اليحصُبيّ. من قلعة يحصُب. حدّث في هذا
العام عن أبي الوليد بن طريف، وأبي الحسن بن البادش، وطائفة.
(40/216)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 217
وعنه: الأخوان ابنا حوط الله، وابن دحية، وآخرون.
4 (عبد الله بن يوسف بن عليّ بن محمد.)
القضاعيّ، المُرّيّ. سمع من: أبيه. وبالثّغر من: أبي عبد الله محمد بن أحمد
الرّازيّ.) روى عنه: عليّ بن المفضّل الحافظ. بقي إلى هذا العام.
4 (عبد الله بن يحيى بن عليّ بن هلال.)
أبو سعيد الأزَجيّ، الدّبّاس، المعروف بابن الأعرأبي. سمع أبا القاسم بن بيان،
وأبا ياسر البرَدانيّ، ومحمد بن عبد الباقي الدّوريّ، وابن الحصين، وجماعة. سمع
منه: أبو محمد بن الخشّاب مع تقدّمه. وروى عنه: ابن الدّبيثي، والبهاء عبد الرحمن،
وجماعة. وتوفّي في ربيع الآخر وله ستّ وسبعون سنة.
4 (عبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عليّ بن عبد الرحمن بن
سعيد)
بن حُميد بن أبي العجائز. أبو الفهم الأَزديّ، الدّمشقي. من بيت الحديث والرواية.
سمع: أبا طاهر الحِنّائيّ، وغيره. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وأبو
المواهب بن صصرى، وإبراهيم الخُشوعيّ، ومكّيّ بن علاّن، وطائفة.
(40/217)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 218
وكان ملازماً لحلقة الحافظ ابن عساكر. توفّي رحمه الله في جُمادى الآخرة، وله ثمانون
سنة. وهو راوي حديث سختام.
4 (عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد.)
أبو جعفر بن القصير الأَزديّ، الغرناطيّ. روى عن: أبيه أبي الحسن، وعمّه أبي مروان
عبد الملك، وأبي الحسن بن البادش، وأبي الوليد بن رشد، والقاضي عِياض. وكان وجيهاً
في بلده، من بيت تقدّم، وكان كثير العناية بالرواية، وله حظّ وافر من الفقه
والأدب. وصنّف تصانيف منها شيء من مناقب أهل عصره. وحجّ وسكن بإفريقية وتونس.
ووُلّي القضاء.) وحدّث عنه: أبو عبد الله بن نافع الخطيب. غرق في البحر في آخر
العام رحمه الله تعالى.
4 (عبد العزيز بن عبد الواحد بن عبد الماجد بن عبد الواحد بن أبي القاسم
القُشيريّ.)
أبو المحاسن النَيسأبوريّ، الصوفيّ. توفّي في ربيع الأوّل، وله خمسون سنة. روى عن:
عبد المنعم القُشيريّ. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى.
4 (عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هبة الله ابن رئيس الرؤساء.)
أبو المفضّل ابن الوزير أبي الفرج. يلقّب كمال الدين. استنابه أبوه في الأستاذ
داريّة ثم استقلّ بها عندما وَزَر أبوه. وكان ذا غلظة وشدّة وطأة وصرامة وقساوة
وسوء سيرة. كانت الألسنة مجمعة على ذمّه. وله شعر جيّد.
(40/218)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 219
قال العماد الكاتب: هو شهم مهيب، وله فهم مصيب. وهو غضنفر بني المظفّر، وقيل: بني
الرقيل. ومن شعره:
(وأهيَفُ معسول النكاهة واللَّمى .......... مليح النّسى والشمائل والقدّ)
(به ريّ عيني وهو ظامئ إلى دمي .......... وخدّي له ورد ومن خدّه وردي)
توفّي في الكهولة. وقد عُزل عن أستاذيّة الدار لسوء سيرته، في أيّام أبيه. وخافه
مجد الدين ابن الصاحب أستاذ دار الخليفة الناصر، فدقّق الحيلة في القبض عليه، ثم
صادره وعاقبه عقوبة شديدة. وقيل إنّه رفسه برجله فمات منها.
4 (عليّ بن أحمد بن محمد بن بكروس.)
أبو الحسن. ولد سنة تسع وخمسمائة. وتوفّي في ثالث ذي الحجّة ببغداد. كذا سمّاه ابن
مشِّق، وسيُعاد.
4 (عليّ بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الملك.)
) أبو الحسن بن القصّار السُّلَميّ، المِرداسيّ، الرَقّيّ، ثم البغداديّّ،
اللغويّ.
(40/219)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 220
كان علاّمة العرب وحجّة الأدب في نقل اللغة. أخذ عن أبي منصور بن الجواليقيّ، وكتب
الكثير. وأكثر المطالعة. وكان مليح الخط، وأنيق الوِراقة والضبط، ثقة. سافر إلى
مصر تاجراً، وأقام بها مدّة، وقرأ بها الأدب على أبي الحجّاج يوسف بن محمد بن
الحسين الكاتب ابن الخلاّل صاحب ديوان الإنشاء. ثم قدم بغداد، وتصدّر للإقراء
والإفادة في داره. وكان الفضلاء يترددون إليه، ويقرأون عليه كتب الأدب. وسمع من:
أبي الغنائم بن المهتدي، وأبي العز بن كادَش، وجماعة. روى عنه: أبو الفتوح بن
الحصريّ، وابن أخته أحمد بن طارق، وغيرهما. وتوفّي في المحرّم. وولد سنة ثمان
وخمسمائة. وقال ابن النجّار: وخلّف مالاً طائلاً، وكان بخيلاً مقتّراً على نفسه
رحمه الله تعالى. قلت: كان آية في اللغة، وهو متوسّط في النحو، وكان تاجراً
متموّلاً، سافر إلى مصر. ويحضر حلقة ابن برّيّ يأخذ عنه اللغة. وكان يحفظ من أشعار
العرب ما لا يوصف.
4 (علي بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس.)
(40/220)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 221
أبو الحسن أخو أبي العبّاس البغداديّ، الحنبليّ. شيخ صالح، سمع الكثير بنفسه. روى
عن: أبي الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي بالله، وابن الحصين، وأبي غالب بن
البنّاء، وهبة الله الشُروطيّ، وجماعة. روى عنه: موفّق الدين بن قُدامة، والبهاء
عبد الرحمن، والياس الإربليّ وآخرون. توفّي في ذي الحجّة.
4 (عمر بن عبد الرحمن بن عذرة.)
أبو حفص الأنصاريّ، الأندلسيّ، من أهل الجزيرة الخضراء.) روى عن: أبي بكر بن
العربي، وأبي الحسن بن مغيث، وأبي القاسم بن بقِيّ. ووُلي قضاء بلده وقضاء سبتة.
وكان فقيهاً مشاوراً، له النظم والنثر. أخذ عنه: أبو الوليد القسطَليّ، وعمر بن
عبد المجيد النحويّ، وجماعة. وتوفّي في رمضان.
4 (حرف الغين)
4 (غازي.)
(40/221)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 222
سيف الدين صاحب الموصل ابن الملك قطب الدين مودود بن أتابك زنكي بن آق سنقر
التّركيّ. والد سنجر شاه صاحب جزيرة ابن عمر. لمّا مات أبوه قطب الدين بلغ السلطان
نور الدين الخبر، وهو على تل باشَر، فسار في الحال إلى الموصل، وأتى الرقة في أول
سنة ست وستين فملكها، ثم سار إلى نصيبين فملكها، ثم أخذ سنجار في ربيع الآخر، ثم
أتى الموصل، وقصد ألا يقابلها، فعبر بجيشه من مخاضة بلد ثم نزل قبالة الموصل،
وأرسل إلى غازي وعرّفه صحة قصده، فصالحه. ونزل الموصل ودخلها، وأقرّ صاحبها فيها،
وزوجه بابنته وعاد إلى الشام، فدخل في شعبان من السنة. فلما تملك صلاح الدين وسار
إلى حلب وحاصرها، سيّر إليه غازي جيشاً عليه أخوه عز الدين مسعود، فالتقوا عند
قرون حماه، فانكسر عز الدين. فتجهّز غازي وسار بنفسه، فالتقوا على تل السلطان، وهي
قرية بين حلب وحماه في شوال سنة إحدى وسبعين، فانكسرت ميسرة صلاح الدين بمظفّر
الدين ابن ربيب الدين صاحب إربل، فإنه كان على ميمنة غازي، فحمل السلطان صلاح
الدين بنفسه، فانهزم جيش غازي فعاد إلى حلب، ثم رحل إلى الموصل. ومات بالسل في
صفر. وعاش نحواً من ثلاثين سنة. قال ابن الأثير: كان مليح الشباب، تام القامة،
أبيض اللون، وكان عاقلاً وقوراً، قليل الالتفات. لم يذكر عنه ما ينافي الصفة. وكان
غيوراً شديد الغيرة، يمنع الخدّام من دخول الدور، ولا يحب الظلم، على شحّ فيه
وجبن.
(40/222)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 223
قلت: وأدار الخمر والزنا ببلاده بعد موت نور الدين، فمقته أهل الخير. وقد تاب قبل
موته بيسير، وتملّك بعده أخوه مسعود، فبقي ثلاث عشرة سنة.)
4 (حرف الميم)
4 (محمد بن حامد.)
أبو سعيد الإصبهاني. من حفّاظ الحديث ببلده. يروي عن: أبي العلاء صاعد بن سيّار
الدهّان. وغيره. توفي بإصبهان.
4 (محمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن هشام.)
الإمام أبو عبد الله الخشني، الرّندي، نزيل مالقة. ويعرف قديماً باسم العويص. أخذ
القراءآت عن: منصور بن الخير، وعن أبي القاسم بن رضا. وسمع من: ابن مغيث، وابن
مكّي، وجماعة. وناظر في كتاب سيبويه على ابن الطراوة وروى عنه، وعن أبي محمد
البطليوسي. قال الأبّار: وكان مقرئاً ماهراً، نحوياً، لغوياً، دأب على تعليم
القرآن والعربية دهره. وحدّث. وتوفي بمالقة في شوال. ثنا عنه: ابن حوط الله، وأبو
العباس الغرقي.
4 (محمد بن علي بن محبوب.)
(40/223)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون
الصفحة 224
أبو بكر البغدادي المسدّي. سمع: أبا العز محمد بن المختار، وأحمد بن الحسين بن
قريش. وعنه: ابن الحصري، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن جرير. وكان مباركاً. توفي
في ربيع الآخر.
4 (محمد بن محمد بن مواهب.)
أبو العز بن الخراساني، البغدادي، الشاعر، صاحب العروض ومصنّف النوادر المنسوبة
إلى حدّة الخاطر. قرأ الأديب على: أبي منصور بن الجواليقي. وله ديوان شعر في خمسة
عشر مجلداً. قال العماد الكاتب. ومصنفات أدبية ومدح الخلفاء) والوزراء، وتغيّر
ذهنه في آخر أيامه قليلاً. وكان بارع الأدب بصيراً بالعروض، مقدّماً في اللغة
والنحو، صاحب مجون وخلاعة ونوادر. سمع: أبا الحسين المبارك بن عبد الجبار، وأبا
سعد بن خشيش، وأحمد بن المظفر بن سوسن، وأبا علي بن نبهان. قال ابن الدّبيثي: سمعت
منه وتركته لتغيّره. وأجاز لي قبل أن يتغير ذهنه.
(40/224)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون
الصفحة 225
قلت: روى عنه الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. توفي في رمضان، وله
اثنتان وثمانون سنة. قال ابن الدّبيثي: أنشدنا في المسترشد بالله:
(قل للإمام الذي أنعامه نعم .......... وسحّ كفّيه منه تخجل الدّيم)
(وعرضه وافر في كل نازلة .......... وماله في جميع الناس مقتسم)
(وبحره الجمّ عذب ماؤه غدق .......... سهل الشرائع غمر طيّب سم)
(مسترشد إن بدا فالبدر غرّته .......... وإن يقل كلماً فالدرّ منتظم)
4 (المبارك بن عبد الله بن محمد.)
أبو منصور البغدادي. قال الدّبيثي: كان خيّراً متيقظاً. سمعت عليه. روى عن: ابن
الحصين، وزاهر بن طاهر. ولازم ابن ناصر فأكثر. وتوفي رمضان.
4 (المبارك بن المبارك بن محمد بن أحمد بن حكيم.)
أبو بكر الخياط البغدادي.
(40/225)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 226
سمع: أبا الحسن العلاف، وشجاعاً الذهلي، وأبا علي بن المهدي، وغيرهم. روى عنه:
إلياس بن جامع، وابن الأخضر، والبهاء عبد الرحمن، وآخرون. توفي أيضاً في رمضان.
4 (المبارك بن محمد بن محمد بن العرمرم.)
أبو جعفر بن أبي طاهر بن الواسطي، البغدادي. له إجازة من جعفر السرّاج، وأبي
الحسين بن الطيوري.) سمع منه: علي بن أحمد الرّندي، ومحمد بن سعيد الدّبيثي. مات
في ذي القعدة سنة ست.
4 (مسعود بن عمر الملاح.)
سمع: أبا الحسن بن الزاغوني، وعلي بن الفاعوس. روى عنه: أبو الحسن القطيعي في
تاريخه.
4 (مسعود بن محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن ماشاذة.)
الإمام أبو عبد الله الإصبهاني، المفسّر، الفقيه. قال ابن النجار: كان إماماً
حافظاً، قيّماً بالمذهب، والخلاف، والتفسير، والوعظ. سمع: غانماً البرجي، وأبا علي
الحداد، ومحمود بن إسماعيل، وعبد الكريم بن فورجة. وحج وحدّث ببغداد، وجلس للوعظ،
ولقي القبول التام، واستحسن الأكابر كلامه.
(40/226)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 227
قلت: ولم يذكر أن أحداً روى عنه.
4 (مسلم بن عبد المحسن بن أحمد.)
أبو الغنائم الكفرطأبي، ثم الدمشقي، البزّاز. سمه من: جدّه لأمه أبي طاهر محمد بن
الحسين الحنائي. ودخل بغداد للتجارة، وسمع بها: علي بن هبة الله بن عبد السلام.
أخذ عنه: عمر بن محمد بن جابر، وإلياس بن جامع، وغيرهما. وتوفي في جمادى الآخرة عن
إحدى وسبعين سنة.
4 (مظفّر بن خلف بن عبد الكريم بن خلف بن طاهر بن محمد الشّحامي.)
النيسأبوري. حدّث بدمشق عن: وجيه بن طاهر. وكان صوفياً ينسخ بالأجرة. روى عنه: أبو
المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم، ومحمد البلخي المقرئ.
4 (مظفّر بن محمد بن عبد الباقي بن جند.)
أبو عبد الله البناء، البغدادي. معمّر وهو ابن عم بقاء بن عمر.) سمع: أبا طالب بن
يوسف، وأبا الحسن الزاغوني، وأبا غالب بن البنّاء. روى عنه: أحمد بن أحمد البندنيجي
وأثنى عليه. وتوفي في ربيع الآخر.
4 (حرف النون)
4 (نصر الله بن أحمد بن حمزة بن أبي الحجّاج.)
(40/227)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 228
أبو الفتح العدوي، الحلبي، ثم الدمشقي، العطار. حدّث عن: هبة الله بن طاوس. وعنه:
أبو القاسم بن صصرى.
4 (حرف الهاء)
4 (هبة الله بن أحمد بن محمد بن هلال.)
أبو الفرج بن الأعرابي، الأزجي، الدبّاس. سمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا الغنائم
النرسي، وأبا ياسر البرداني. سمع منه: أبو محمد بن الخشّاب، وعمر بن علي القرشي.
وتوفي في رجب. وهو أسنّ من ابن عمّه عبد الجبار بعامين.
4 (حرف الواو)
4 (واثق بن الحسين بن علي.)
العطار أبو الحسين بن السمّاك. سمع: أبا الحسين بن الحصين، وأبا غالب بن البنّاء.
روى عنه: عبد الله بن أحمد الخباز. وعاش ثلاثاً وستين سنة.
4 (حرف الياء)
4 (يوسف بن محمد بن علي بن أبي سعيد.)
الموصلي، ثم البغدادي، أخو سليمان وعلي، ووالد الموفق عبد اللطيف.
(40/228)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 229
صحب أبا النجيب السهروردي وتفقّه عليه.) وسمع: أبا القاسم بن السمرقندي، وأبا
منصور بن خيرون، وخلقاً. وسمّع ابنه، وحدّث. وتوفي في المحرم، وله إحدى وستون سنة.
4 (يونس بن محمد.)
أبو الوليد القسطلي، الأندلسي. من فحول الشعراء وأعيان البلغاء. كتب لبعض ملوك
الأندلس، وصنّف في الأدب. وفيها ولد كمال الدين ابن قاضي القضاة صدر الدين عبد
الملك بن درباس الماراني في ربيع الأول.
(40/229)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 230
4 (وفيات سنة سبع وسبعين وخمسمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن حميد بن الحسن.)
أبو منصور الأزجي، الكاتب، الشيباني، مصنّف المقامات العشرين. أديب بارع، وشاعر
محسن. روى عنه: ولده يوسف. توفي في ربيع الأول ببغداد.
4 (أحمد بن عبد الملك بن عميرة.)
أبو جعفر الضّبّي، الأندلسي. سمع بمرسية من: أبي علي الصدفي، وأبي محمد بن أبي
جعفر الفقيه. وبقرطبة: أبا محمد بن عتّاب، وابن رشد. ولقي بمصالة منصور بن الخير
وأخذ عنه القراءآت. وحجّ، وكان زاهداً عابداً، قانتاً لله. روى عنه: سليمان بن حوط
الله، وأحمد بن يحيى بن عميرة. وتوفي عن سنّ عالية.
(40/230)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 231
4 (أحمد بن علي بن محمد بن عبد الملك بن سليمان بن سند.)
أبو العباس الأندلسي، الكتّاني، النحوي، من أهل إشبيلية.) وكان يعرف باللص لإغارته
على الأشعار في حداثته.
(40/231)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 232
روى عن: أبي بحر الأسدي، وأبي محمد بن صاوة. وأقرأ الآداب والعربية واللغة. وكان
شاعراً محسناً.
(40/232)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 233
روى عنه: أبو الحسين بن رزقون، وأبو الخطّاب بن دحية. وعاش بضعاً وسبعين سنة.
وتوفي سنة سبع أو سنة ثمان وسبعين.
4 (أحمد بن علي بن سعيد.)
أبو العباس الحوزي الصوفي. قرأ بواسط، وسمع بها من: أبي علي الحسين بن إبراهيم
الفارقي. وببغداد من: أبي بكر الأنصاري. وكان رجلاً صالحاً. عاش سنة.
4 (أحمد بن محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام.)
أبو الغنائم الكاتب، أخو أبي منصور عبد الله. سمع: أبا علي بن المهدي، وأبا القاسم
بن الحصين. وحدّث. قتله غلام له طمعاً في شيء كان له في المحرم. وقيل في سنة ست.
وولد سنة أربع وخمسمائة.
4 (أحمد بن محمد بن أبي القاسم.)
الشيخ أبو الرشيد الخفيفي، الصوفي، الزاهد. قال ابن النجار: قدم بغداد شاباً من
أبهر زنجان، وتفقّه مدّة. وسمع: زاهر الشحّمي، وأبا بكر محمد بن عبد الباقي،
وجماعة. وصحب أبا النجيب السهروردي وانقطع، وجلس في الخلوة، وظهر له الكرامات،
وفتح عليه. روى لنا عنه: أبو نصر عمر بن محمد بن جابر المقري. وقرأت بخط عمر بن
علي القرشي: جلس أبو الرشيد الأبهري في الخلوة اثنتي عشرة سنة، وفتح له خير كثير،
وظهر كلامه.)
(40/233)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 234
وقد كتب من كلامه ما يقارب ثمانين مجلدة. قال ابن النجار: بلغني أنه كان في جمادى
الآخرة. وكان منسوباً إلى ابن خفيف الشيرازي.
4 (أحمد بن مواهب بن حسن.)
أبو عبد الرحمن البغدادي، المعروف بغلام الزاهد ابن العلبي. شيخ صالح، سمع: أبا
طالب بن يوسف. سمع منه: ابنه عبد الرحمن، وتميم بن أحمد البندنيجي، والحافظ عبد
القادر الرّهاوي. سمعوا منه في هذه السنة، وانقطع خبره.
4 (إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران.)
الإمام رضي الدين أبو إسحاق الجزري، الفقيه الشافعي. تفقّه وبرع على شيخه أبي
القاسم بن البزري. ثم تفقّه ببغداد بالنظامية. وسمع من: الكروخي. ودرّس ببلده وساد
بعد ابن البزري. مات في المحرم عن أربع وستين سنة. ذكره الفرضي.
4 (إسماعيل بن الملك الصالح نور الدين.)
(40/234)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 235
أبو الفتح بن الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي التركي. ختنه أبوه في سنة تسع
وستين، وسرّ به، وزيّنوا دمشق، وكان وقتاً مشهوداً وهو يوم عيد الفطر. وزيّنت دمشق
أياماً وضربت خيمة بالميدان، وصلّى هناك بالناس شمس الدين قاضي العسكر، وخطب، ثم
مدّ السماط العام، وأنهب على عادة الترك. وعاد نور الدين إلى القلعة فمد سماطه
الخاص، ولعب من الغد بالكرة، فاعترضه برتقش أمير آخور وقال له: باش. فاغتاظ بخلاف
عادته، وزير برتقش، ثم ساق ودخل القلعة، فما خرج منها إلاّ ميّتاً. وتوفي نور
الدين بعد الختان بأيام، فحلّف أمراء دمشق لابنه أن يكون في السلطنة بعده، وهو
يومئذ صبي، ووقعت البطاقة إلى حلب بموت نور الدين، ومتولّيها شاذبخت الخادم، فأمر
بضرب البشائر، وأحضر الأمراء والعلماء وقال: هذا كتاب من السلطان بأنه ختن ولده
وولاّه العهد. فحلفوا كلهم في الحال. ثم قام إلى مجلس فلبس الحداد، وخرج إليهم
وقال: يحسن الله) عزاكم في الملك العادل بن زنكي. وأما صلاح الدين فسار إلى الشام
ليكون هو مدبّر دولة هذا الصبي، ويستولي على الأمور. ووقعت الفتنة بحلب بين السنّة
والرافضة. ونهبت الشيعة دار قطب الدين ابن العجمي، ودار بهاء الدين بن أمين الملك.
ونزل بحرية القلعة وأمرهم الأمير شمس الدين بن علي بن محمد ابن الداية والي القلعة
أن يزحفوا إلى دار أبي الفضل بن الخشّاب رئيس الشيعة، فزحفوا إليها ونهبوها،
واختفى ابن الخشّاب. ثم وصل الصالح إسماعيل إلى حلب في ثاني المحرّم من سنة سبعين،
ومعه سابق الدين ابن الدايّة، فقبض عليه، وصعد القلعة، وظهر ابن
(40/235)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 236
الخشّاب، وركب في جمع عظيم إلى القلعة، فصعد إليها، والشيعة تحت القلعة وقوف. فقتل
بها ابن الخشّاب وتفرّق ذلك الجمع. وسجن شمس الدين علي بن الدايّة وأخواه: سابق
الدين عثمان، وبدر الدين حسن. ودخل السلطان صلاح الدين دمشق في سلخ ربيع الآخر، ثم
سار إلى حمص فملكها. ثم نازل حلب في سلخ جمادى الأولى، فنزل الملك الصالح إلى
البلد، واستنجد بأهلها، وذكّرهم حقوق والده، فوعدوه بالنصر، وجاءته النجدة من ابن
عمه صاحب الموصل مع عز الدين مسعود بن مودود. فردّ السلطان صلاح الدين إلى حماه،
وتبعه عز الدين مسعود، فالتقوا عند قرون حماه في رمضان. فانكسر عز الدين وانهزم،
وردّ صلاح الدين فنازل حلب، فصالحوه وأعطوه المعرّة، وكفرطاب، وبارين. ثم جاء صاحب
الموصل سيف الدين غازي في جيش كثيف، وجاء صلاح الدين بعساكره، فالتقوا في شوال سنة
إحدى وسبعين، فانكسر صاحب الموصل على تل السلطان، وسار صلاح الدين، فأخذ منبج، ثم
نازل عزاز ففتحها، ثم نازل حلب في ذي القعدة، وأقام عليها مدةً. وبذل أهلها
المجهود في القتال، بحيث أنهم كانوا يحملون ويصلون إلى مخيم صلاح الدين، وأنه قبض
على جماعة منهم، فكان يشرّح أسافل أقدامهم، ولا يمنعهم ذلك عن القتال، فلما ملّ
منهم صالحهم وسار عنها. وخرجت إليه أخت الملك الصالح، وكانت طفلة، فأطلق لها عزاز
لما طلبتها منه. وكان تدبير أمر حلب إلى والدة الصالح، وإلى شاذبخت، وخالد بن
القيسراني. ثم إن الصالح مرض بالقولنج جمعتين، ومات في رجب من سنة سبع، وتأسفوا
عليه، وأقاموا عليه المآتم، وفرشوا الرماد في الأسواق، وبالغوا في النوح عليه.
وكان أمراً منكراً.) وكان ديّناً، عفيفاً، ورعاً، عادلاً، محبّباً إلى العامة،
متّبعاً للسنّة، رحمه الله، ولم يبلغ عشرين سنة. وذكر العفيف بن سكّرة اليهودي لا
رحمه الله، وكان يطبّبه، قال:
(40/236)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 237
قلت له: يا مولانا، والله شفاؤك في قدح خمر، وأنا أحمله إليك سراً، ولا تعلم
والدتك، ولا اللالا، ولا أحد. فقال: كنت أظنك عاقلاً، نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم
يقول: إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرّم عليها. وتقول لي أنت هذا. وما يؤمنني
أن اشربه وأموت وهو في جوفي. وقيل: توفي وله قريب من ثماني عشر سنة. فتملّك حلب
بعده عزّ الدين مسعود ابن عمّه مودود.
4 (أشرف بن هبة الله.)
أبو العباس الهاشمي، البيّاضي. إمام جامع المنصور. سمع: أحمد بن المجلي، وهبة الله
بن الحصين. سمع منه: محمد بن مشّق، وأحمد بن أحمد البندنيجي. وتوفي في أول السنة.
4 (حرف التاء)
4 (تمرتاش.)
مولى أبي الفرج هبة الله ابن رئيس الرؤساء. سمع من: أبي الحسين بن العلاّف. روى
عنه: ابن الأخضر، وغيره، ونصر بن الحصري. وتوفي في رمضان.
(40/237)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 238
4 (حرف السين)
4 (سليمان بن أرسلان.)
المعروف بشرف الدين بن شاووش البغدادي. كان يخدم في السواد فعلا وساد، وناب في
وزارة الناصر لدين الله أول ما استخلف، ثم عزل بعد شهرين لشيخوخته وضعفه. توفي في
جمادى الأولى عن سنّ عالية.)
4 (حرف العين)
4 (عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن أبي سعيد.)
(40/238)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 239
كمال الدين أبو البركات الأنباري، النحوي، الرجل الصالح، صاحب التصانيف المفيدة.
سكن بغداد من صباه، وتفقّه بالنظامية على أبي منصور بن الرزّاز، وقرأ النحو على
أبي السعادات بن الشجري: واللغة على أبي منصور بن الجواليقي. وبرع في الأدب حتى
صار شيخ العراق في عصره، وأقرأ الناس ودرّس النحو بالنظامية، ثم انقطع في منزله
مشتغلاً بالعلم والعبادة والورع وإفادة الناس. وكان زاهداً ناسكاً، تاركاً للدنيا،
ذا صدق وإخلاص. قال الموفق عبد اللطيف: أما شيخنا كمال الدين الأنباري فلم أر في
العبّاد والمنقطعين مثله في طريقه، ولا أصدق منه في أسلوبه، خير محض لا يعتريه
تصنّع، ولا يعرف الشرور، ولا أحوال العالم. وكان له من أبيه دار يسكنها، ودار
وحانوت مقدار أجرتهما نصف دينار في الشهر ينتفع به ويشتري منه ورقاً. وسيّر إليه المستضيء
خمسمائة دينار فردّها، فقالوا له: اجعلها لوالدك، فقال: إن كنت خلقته فأنا أرزقه.
وكان لا يوقد عليه ضوءاً. وتحته حصير قصب، وعليه ثوب وعمامة من قطن يلبسهما يوم
الجمعة. وكان لا يخرج إلاّ للجمعة، ويلبس في بيته ثوباً خلقاً. وكان ممن قعد في
الخلوة عند الشيخ أبي النجيب. قرأ عليه معيد بالنظامية، فبقي يكثر الصياح والكلام،
فلطمه على رأسه وقال: ويلك، إذا كنت تجترّ في المرعى متى ترعى والشيخ مائة وثلاثون
مصنفاً، أكثرها نحو، وبعضها في الفقه
(40/239)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 240
والأصول، والتصوّف، والزهد، أتيت على أكثرها قراءةً، وسماعاً وحفظاً. قلت: من كتبه
أسرار العربية، الإنصاف في مسائل الخلاف، أخبار النحاة، الداعي إلى الإسلام في علم
الكلام، النور اللائح في اعتقاد السلف الصالح، الجمل في علم الجدل، كتاب ما،
وغرائب إعراب القرآن، ديوان اللغة، الضاد والظاء، تفسير لغة المقامات، شرح
الحماسة، شرح المتنبي، نزهة الألبّا في طبقات الأدبا، تاريخ الأنبار، نسمة العبير
في علم التعبير.) وروى الحديث عن: أبيه، وخليفة بن محفوظ الأنباري، ومحمد بن محمد
بن عطّاف، وأحمد بن نظام الملك. روى عنه: الحافظ أبو بكر الحازمي، وابن الدّبيثي،
وطائفة. وتوفي في شعبان. وله أربع وستون سنة. ومن شعره:
(دع الفؤآد بما فيه من الخرق .......... ليس التصوّف بالتلبيس والخرق)
(بل التصوّف صفو القلب من كدر .......... ورؤية الصوفية أعظم الخرق)
(وصبر النفس على أذى مطامعها .......... وعن مطامعها في الخلق بالخلق)
(وترك دعوى بمعنى فيه حقته .......... فكيف دعوى بلا معنى ولا خلق)
4 (عبد الصمد بن علي.)
أبو القاسم بن الأخرم البغدادي، الحذّاء. سمع: أبا علي الباقرجي، وأبا سعد بن
الطيوري، وأبا طالب اليوسفي. سمع منه: عمر القرشي، وجماعة. وتوفي فجأة في ذي
الحجة، وله سبعون سنة.
(40/240)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 241
4 (عبد القادر بن علي نوقة.)
أبو محمد الواسطي الشاعر. جالس أبا السعادات بن الشجري، وأبا منصور بن الجواليقي.
ومدح الخلفاء. ومات غريباً بمصر. ومن شعره:
(أصيب ببلوى الجسم أيّوب فاغتدى .......... به تضرب الأمثال أن ذكر الصبر)
(فلما انتهى بلواه من بعد جسمه .......... إلى القلب نادى معلناً: مسني الضّر)
(وكل بلائي عند قلبي ولم أبح .......... بشكوى الذي ألقى ولم يظهر السرّ)
هذا هذيان وقول من وراء العافية، ومجرد دعوى كاذبة. كما فشر من قال: وكل بلاء أيوب
بعض بليّتي.) ولكن الشعراء في كل واد يهيمون، ويقولون مالا يفعلون. وكما قيل: أملح
الشعر أكذبه.
(40/241)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 242
4 (عثمان بن يوسف بن أبي بكر بن عبد البرّ بن سيّدي بن ثابت.)
أبو عمرو الأنصاري، السرقسطي، المعروف بالبلجيطي. أخذ القراءآت عن: أبي زيد
الورّاق، ويحيى بن محمد القلعي. وأخذ قراءة نافع عن: أبي زيد بن حيوة. واختلف إلى
أبي جعفر بن سراج، وأبي الحسن بن طاهر وأخذ عنه العربية. وسمع التيسير سنة إحدى
وعشرين وخمسمائة من ابن هذيل. وأقرأ القراءآت، وسكن بلد لريّة ثم ولّي قضاءها.
وكان محققاً للقراءآت، ضابطاً، إخبارياً، ذاكراً، ماهراً بالقضاء والشروط. توفي عن
تسعين سنة في نصف ذي القعدة. أخذ عنه: أبو عمر بن عيّاد، وأبو عبد الله بن عيّاد،
وأبو عبد الله الشوني، وأبو الربيع بن سالم.
4 (علي بن محمد بن الحسن.)
أبو المفاخر المستوفي البيهقي، الواعظ، الصوفي. حدّث ببغداد وواسط عن: محمد بن
أحمد بن صاعد، وعبد الغافر بن إسماعيل، وأبي عبد الله الفراوي، وغيرهم. وتوفي رحمه
الله في شعبان.
4 (عمر بن علي بن الزاهد محمد بن علي بن حمّويه.)
(40/242)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 243
أبو الفتح الجويني الصوفي، شيخ الشيوخ بدمشق. ولد في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة.
وسمع من: جدّه، وأبي عبد الله الفراوي، وأبي القاسم الشّحامي، وأبي الفتوح عبد
الوهاب الشاذياخي، وعبد الجبار الخواري، وعبد الواحد الفارمذي. وأقام بدويرة السميساطي.
وحدّث وإليه انتهى التقدم في التصوّف. وكان السلطان صلاح الدين يحترمه ويعظمه، وهو
أخي أبي بكر وأبي سعد عبد الواحد. روى عنه: الحافظ أبو المواهب، وأخوه أبو القاسم
الحسين، والبهاء عبد الرحمن، والحافظ) الضياء، وآخرون.
(40/243)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون
الصفحة 244
وتوفي في رجب ودفن بمقابر الصوفية. وذكره العماد الكاتب فقال: كبير الشأن كثير
الإحسان، لم يكن له في علم الطريقة والحقيقة مساو. وأقبل عليه نور الدين بكلّيته،
وأمرني بإنشاء منشور له بمشيخة الشام، ورغّبه بالإحسان في المقام، ومن جملة ما
أتحفه به عمامة ذهبية نفّذ بها صلاح الدين من مصر، فبذل له فيها ألف دينار بزنة
ذهبها، فلم يجب.
4 (حرف الميم)
4 (محمد بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز.)
أبو عبد الله الحميري، القرطبي، المعروف بالأستجي نزيل مالقة. سمع: صحيح البخاري
من شريح. وولي خطابة مالقة. وكان من أهل الفضل والصلاح. ورّخه الأبّار، وقال: ثنا
عنه أبو عبد الله الأندرشي، وأبو سليمان بن حوط الله.
4 (محمد بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال.)
أخو الحافظ أبي القاسم، أبو عبد الله القرطبي. روى عن: أبيه، وأبي جعفر البطروجي،
وأبي الحسن بن مغيث. وكان فقيهاً شروطياً. وأجاز له أبو علي بن سكّرة. توفي في
جمادى الآخرة قبل أخيه.
4 (محمد بن محمد بن شجاع بن أحمد بن علي.)
أبو الطيّب اللفتواني، الإصبهاني.
(40/244)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 245
سمع: أباه أبا بكر، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وفاطمة الجوزدانيّة، وجماعة. وطلب
بنفسه، وكتب، وقرأ. توفي في صفر.)
4 (المبارك بن علي بن محمد بن خلف.)
أبو الفائز البرداني، الدلاّل في الدور. سمع: أبا الغنائم النرسي، ومحمد بن الحسن
بن البنّا، وأبا طالب بن يوسف. روى عنه: أبو بكر الحازمي، وابن الأخضر، وآخرون.
توفي في جمادى الآخرة وله سبع وسبعون سنة. وقيل: إحدى وثمانون سنة.
4 (حرف الهاء)
4 (هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم.)
أبو طاهر الحلبي، الخطيب. شيخ زاهد خيّر بارع في العربية. كتب عنه: أبو سعد بن
السمعاني، والخطيب يونس بن محمد الفارقي. وتوفي في جمادى الآخرة. وروى عنه: أبو
القاسم بن صصرى، وقال: كان خطيب حلب، جامعاً لفنون شتّى. وقال ابن النجار: أديب،
بليغ، فصيح، له تصانيف وخطب، وله كتاب التنبيه عن اللحن الخفي. قرأ عليه حمزة بن
القبّيطي. عاش ثلاثاً وثمانين سنة.
(40/245)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 246
4 (هبة الله بن المبارك بن بكري الحريمي.)
من بيت رواية. سمع: أبا الحسن الدينوري، وابن الحصين، أخذ عنه ابن مشّق، وغيره.
وتوفي في شوال. وروى عنه: عبد الوهاب بن برغش، وعبد الرحمن بن عمر الغزّال.
4 (هبة الله بن أبي الكرم نصر الله بن محمد بن محمد بن مخلد.)
أبو العباس بن الجلخت الواسطي، المعدّل. ثقة، صحيح السماع، من بيت رواية وعدالة.
ولد سنة أربع وثمانين وأربعمائة. وسمع: أبا نعيم محمد بن إبراهيم الجماري، وأبا
نعيم محمد بن زبزب، ومحمد بن محمد بن السوادي.) وسمع ببغداد من: هبة الله بن
البخاري، وأبا بكر القاضي. وروى الكثير. روى عنه: أبو عبد الله بن الدّبيثي
وترجمه، وقال: توفي في رجب. حرف الياء
4 (يحيى بن علي بن يحيى ين العافية.)
المؤذّن أبو زكريا الدمشقي، المقري. سمع من: جمال الإسلام أبي الحسن. كتب عنه: أبو
المواهب بن صصرى، وقال: توفي في ربيع الأول.
(40/246)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 247
4 (الكنى)
4 (أبو الفهم بن فتيان بن حيدرة.)
البجلي، الدمشقي ابن الكاتب. زاهد عابد ورع. روى عن: جمال الإسلام. وعنه: ابن
صصرى. وفيها ولد: أبو البيان بن سعد الله بن راهب الحموي بحماه وشمس الدين إسحاق
بن بلكويه، وأبو الفتح عبد الهادي بن عبد الكريم القيسي، وعبد العزيز بن عبد
الوهاب الكفرطابي، وعماد الدين بن الحرستاني، وكمال الدين أحمد بن نعمة بنابلس.
(40/247)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 248
4 (وفيات سنة ثمان وسبعين وخمسمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن أبي الحسن بن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة.)
الزاهد الكبير، سلطان العارفين في زمانه أبو العباس الرفاعي، المغربي، رضي الله
عنه. قدم أبوه العراق وسكن البطائح بقرية اسمها أم عبيدة، فتزوج بأخت الشيخ منصور
الزاهد،) ورزق منها بأولاد منهم الشيخ أحمد بن الرفاعي رحمه الله. وكان أبو الحسن
مقرئاً يؤمّ بالشيخ منصور، فمات وزوجته حامل
(40/248)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 249
بالشيخ أحمد، فربّاه خاله منصور، فقيل إنه ولد في أول المحرم سنة خمسمائة. ويروى
عن الشيخ يعقوب بن كراز قال: كان سيدي أحمد بن الرفاعي في المجلس، فقال لأصحابه:
إي سادة، أقسمت عليكم بالعزيز سبحانه، من كان يعلم فيّ عيباً يقوله. فقام الشيخ
عمر الفاروقي وقال: إي سيدي، أنا أعلم فيك عيباً. فقال: يا شيخ عمر، قله لي. قال:
إي سيدي عيبك نحن الذين مثلنا في أصحابك. فبكى الشيخ والفقراء وقال: أي عمر، إن
سلم المركب حمل من فيه في التّعدية. وقيل إن هرّةً نامت على كمّ الشيخ أحمد، وجاء
وقت الصلاة، فقصّ كمّه ولم يزعجها، وعاد من الصلاة فوجدها قد فاقت، فوصل الكمّ
بالثوب وخيّطه وقال: ما تغيّر شيء. وعن يعقوب بن كراز، وكان يؤذن في المنارة ويصلّي
بالشيخ، قال: دخلت على سيدي أحمد في يوم بارد، وقد توضّأ ويده ممدودة، فبقي زماناً
لا يحرك يده، فتقدّمت وجئت أقبّلها فقال: أي يعقوب، شوّشت، على هذه الضعيفة. فقلت:
من هي. قال: بعوضة كانت تأكل رزقها من يدي، فهربت منك. قال: ورأيته مرةً يتكلم
ويقول: يا مباركة ما علمت بك، أبعدتك عن وطنك. فنظرت فإذا جرادة تعلّقت بثوبه، وهو
يعتذر إليها رحمةً لها. وعنه قال: سلكت كل الطرق الموصلة، فما رأيت أقرب ولا أسهل
ولا
(40/249)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 250
أصحّ من الافتقار، والذلّ، والانكسار. فقيل له: يا سيدي، فكيف يكون قال: تعظّم أمر
الله، وتشفق على خلق الله، وتقتدي بسنّة سيدك رسول الله. وورد أنه كان فقيهاً،
شافعي المذهب. وعن الشيخ يعقوب بن كراز قال: كان سيدي أحمد إذا قدم من سفر شمّر،
وجمع الحطب، ثم يحمله إلى بيوت الأرامل والمساكين، فكان الفقراء يوافقونه ويحتطبون
معه. وربما كان يملأ الماء للأرامل ويؤثرهم رحمه الله.) قيل له: أي منصور أطلب.
فقال: أصحأبي. فقال رجل لسيدي أحمد: يا سيدي وأنت أيش فبكى فقال: أي فقير، ومن أنا
في البين، ثبّت نسب وأطلب ميراث. فقلت: يا سيدي أقسم عليك بالعزيز أيش أنت قال: أي
يعقوب، لمّا اجتمع القوم وطلب كل واحد شيئاً دارت النوبة إلى هذا اللاشيء أحمد
وقيل: أي أحمد أطلب. قلت: أي ربّ علمك محيط بطلبي. فكرر عليّ القول، قلت: أي
مولاي، أريد أن لا أريد، وأختار أن لا يكون لي اختيار. فأجابني، وصار الأمر له
وعليه. أي يعقوب، من يختاره العزيز يحببه إلى هذه البقعة. وعن يعقوب قال: مرّ سيدي
على دار الطعام، فرأى الكلاب يأكلون التمر من القوصرّة، وهم يتجارشون، فوقف على
الباب لئلا يدخل إليهم أحد يؤذيهم، وهو يقول: إي مباركين اصطلحوا وكلوا، وإلاّ
يدروا بكم منعوكم. ورأى فقيراً يقتل قملةً فقال: لا واخذك الله، شفيت غيظك وعن
يعقوب، قال لي سيدي أحمد: يا يعقوب، لو أن عن يميني خمسمائة يرّوحوني بمراوح الندّ
والطيب، وهم من أقرب الناس إلي، وعن يساري مثلهم من أبغض الناس إليّ، معهم مقاريض
يقرضون بها لحمي، ما
(40/250)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 251
زاد هؤلاء عندي، ولا نقص هؤلاء عندي بما فعلوه. ثم قرأ: كي لا تأسوا على ما فاتكم
ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختار فخور. وكان سيدي أحمد إذا حضر بين
يديه تمر أو رطب ينقّي الشيص والحشف لنفسه يأكله ويقول: أنا أحق بالدون من غيري،
فإني مثله دون. وكان لا يجمع بين لبس قميصين لا في شتاء ولا في صيف، ولا يأكل إلا
بعد يومين ثلاثة أكلةً. وإذا غسل ثوبه نزل في الشطّ كما هو قائم يفركه، ثم يقف في
الشمس حتى ينشف. وإذا ورد عليه ضيف يدور على بيوت أصحابه يجمع الطعام في مئزر.
وأحضر ابن الصيرفي وهو مريض ليدعو له الشيخ ومعه خدمه وحشمه، فبقي أياماً لم
يكلمه، فقال يعقوب بن كراز: أي سيدي ما تدعو لهذا المريض. فقال: أي يعقوب، وعزّة
العزيز لأحمد كل يوم عليه مائة حاجة مقضيّه، وما سألتموه منها حاجةً واحدة. فقلت:
أي سيدي فتكون واحدة لهذا المريض المسكين.) فقال: لا كرامة ولا عزازة، تريدني أن
أكون سيّء الأدب. لي إرادة وله إرادة. ثم قرأ: ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب
العالمين أي يعقوب، الرجل المتمكّن في أحواله، إذا سأل حاجةً وقضيت له، نقص تمكّنه
درجةً. فقال: أراك تدعو عقيب الصلوات وكل وقت. قال: ذاك الدعاء تعبّد وامتثال.
ودعاء الحاجات لها شروط، وهو غير هذا الدعاء. ثم بعد يومين تعافى ذلك المريض.
(40/251)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 252
وعن يعقوب أنه سأل الشيخ أحمد: أي سيدي، لو كانت جهنّم لك ما كنت تصنع بهاتعذّب
بها أحداً فقال: لا وعزّته، ما كنت أدخل بها أحداً. فقال: أي شيخ، فأنت تقول إنّك
أكرم ممن خلقها لينتقم بها ممن عصاه. فزعق وسقط على وجهه زماناً، ثم أفاق وهو
يقول: من هو أحمد في البين يكرّرها مرات. وقال: أي يعقوب، المالك يتصرف سبحانه.
وعن يعقوب أن الشيخ أحمد كان لا لأحد من أبناء الدنيا، ويقول: النظر إلى وجوههم
يقسّي القلب. وعن الشيخ يعقوب، وسئل عن أوراد سيدي أحمد، فقال: كان يصلّي أربع
ركعات بألف قل هو الله أحد. ويستغفر الله كل يوم ألف مرّة، واستغفاره أن يقول: لا
إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، عملت سوءاً، وظلمت نفسي، وأسرفت في
أمري، ولا يغفر الذنوب إلاّ أنت، فاغفر لي، وتب عليّ، إنك أنت التوّاب الرحيم. يا
حيّ يا قيّوم، لا إله إلاّ أنت. وذكر غير ذلك. وكان يترنّم بهذا البيت:
(إن كان لي عند سليمى قبول .......... فلا أبالي بما يقول العذول)
وكان يقول:
(ومستخبر عن سرّ ليلى تركته .......... بعمياء من ليلى بغير يقين)
(يقولون: خبّرنا، فأنت أمينها .......... وما أنا إن خبّرتهم بأمين)
ويقول:
(أرى رجالاً بدون العيش قد قنعوا .......... وما أراهم رضوا الدنيا على الدّين)
)
(40/252)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 253
(إذا رأيت ملوك الأرض أجمعها .......... بلا مرآء ولا شك ولا مين)
(وقيل هو فوقهم في الناس مرتبةً .......... فقل نعم ملك في زي مسكين)
(ذاك الذي حسنت في الناس سيرته .......... وصار يصلح للدنيا وللدين)
ويقول:
(أغار عليها من أبيها وأمّها .......... ومن كل من يرنو إليها وينظر)
(وأحذر من حدّ المرآة بكفّها .......... إذا نظرت منك الذي أنا أنظر)
ومنه:
(إذا تذكّرت من أنتم وكيف أنا .......... أجللت ذكركم يجري على بالي)
(ولو شريت بروحي ساعةً سلفت .......... من عيشتي معكم ما كان بالغالي)
وكان كثير التعظيم لخاله سيّدي الشيخ منصور، ويقول للفقراء: إذا قبّلتم عتبة الشيخ
منصور، فإنما تقبّلون يده. ويقول: أنا ملاّح لسفينة الشيخ منصور، فاسألوا ربّنا به
في حوائجكم. وكان يقول: إلى أن ينفخ في الصور لا يأتي مثل طريق الشيخ منصور. وعن
ابن كزار: سمعت يوسف بن صقير المحدّث يقول: كنّا في قرية الصريّة مع سيدي أحمد،
وقد غنّى ابن هديّة:
(لو يسمعون كما سمعت حديثها .......... خرّوا لعزّه ركّعاً وسجودا)
فقام سيدي وتواجد، وردّد البيت، ولم يزل حتى كادت قلوب الفقراء تنفطر. وكان ذلك في
بدايته بعد موت الشيخ منصور. ولمّا كان في النهاية بقي سبع سنين لا يسمع الحادي
وهو قريب منه حتى توفي. وعنه قال: ذكر الشيخ جمال الدين أبو الفرج بن الجوزي أن
سبب وفاة سيدي أحمد أبيات أنشدت بين يديه، تواجد عند سماعها تواجداً كان سبب مرضه
الذي مات فيه. وكان المنشد لها الشيخ عبد الغني بن نقطة حين زاره، وهي:
(إذا جنّ ليلي هام قلبي بذكركم .......... أنوح كما ناح الحمام المطوّق)
(40/253)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 254
(وفوقي سحاب يمطر الهمّ والأسى .......... وتحتي بحار بالدموع تدفّق)
(سلوا أمّ عمرو كيف بات أسيرها .......... تفكّ الأسارى دونه وهو موثّق)
(فلا أنا مقتول ففي القتل راحة .......... ولا أنا ممنون عليّ فأعتق)
) قال: وتوفي يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين. وعن يعقوب بن
كراز قال: كان سيدي أحمد والفقراء في نهر وليد فقال: لا إله إلاّ الله، قد حان
أوان هذا المجلس، فليعلم الحاضر الغائب أن أحمد يقول، وأنتم تسمعون: من خلا بامرأة
أجنبية، فأنا منه بريء، وربنا سبحانه منه بريء، ومن خلا بأمرد فكذلك، ومن نكث
البيعة فإنما ينكث على نفسه. ثم قام من مجلسه. وبعد شهر عبر إلى الله، ودفن في
قبّة الشيخ يحيى النجار. وحكى الشيخ محمد بن أبي بكر بن أبي طالب الصوفي أنه سمع
جدّه عفيف الدين أبا طالب يقول: سمعت الشيخ عبد الرحمن شملة يقول: سمعت سيدي علي
يقول: لما حضرت الوفاة سيدي أحمد قبلها بأيام قلت: أي سيدي، ما نقول بعدك، وأيش
تورّثنا فقال: أي علي، قل عنّي إنه ما نام ليلةً إلاّ وكل الخلق أفضل منه، ولا حرد
قط، ولا رأى لنفسه قيمةً قط. وأما ما أورثه فيا ولدي تشهد أنّ لي مال حتى أورثكم
إنما أورثكم قلوب الخلق. فلما سمعت من سيدي خرجت إلى الشيخ يعقوب بن كراز فأخبرته،
فقال: لك حسب، أو لذريّتك معك فعدت إلى سيدي فقلت له فقال: لك
(40/254)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 255
ولذريّتك إلى يوم القيامة البيعة عامة، والنعمة تامة، والضمين ثقة، هي اليوم مشيخة
وإلى يوم القيامة مملكة بمشيخة. نقلت أكثر ما هنا عن يعقوب من كتاب مناقب ابن
الرفاعي رضي الله عنه. جمع الشيخ محيي الدين أحمد بن سليمان الهمّامي، الحسيني،
الرفاعي، شيخ الرواق المعمور بالهلالية، بظاهر القاهرة، سمعه منه الشيخ أبو عبد
الله محمد بن أبي بكر ابن الشيخ أبو طالب الأنصاري، الرفاعي الدمشقي، ويعرف بشيخ
حطّين، بالقاهرة سنة ثمانين وستمائة. وقد كتبه عنه مناولةً وإجازةً المولى شمس
الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الجزري، وأودعه تاريخه في سنة خمس وسبعمائة،
فأوّله قال: ذكر ولادته. ثم قال: قال الشيخ أحمد بن عبد الرحمن ابن الشيخ يعقوب بن
كراز وأكثر الكتاب عن الشيخ يعقوب، وهو نحو من أربعة كراريس. وهو ثمانية فصول في
مقاماته وكراماته، وغير ذلك. وهي بلا إسناد، وقع الاختيار منها على هذا القدر الذي
هنا. وتوفي الشيخ ولم يعقب. وإنما المشيخة في أولاد أخيه.) قال القاضي ابن خلّكان:
كان رجلاً صالحاً، شافعيّاً، فقيهاً، انضم إليه خلق من الفقراء، وأحسنوا فيه
الإعتقاد، وهم الطائفة الرفاعية، ويقال لهم الأحمدية. ويقال لهم البطائحية. ولهم
أحوال عجيبة من أكل الحيّات حيّةً، والنزول إلى التنانير وهي تضرم ناراً، والدخول
إلى الأفرنة، وينام الواحد منهم في جانب الفرن والخبّاز يخبز في الجانب الآخر.
وتوقد لهم النار العظيمة، ويقام السماع، فيرقصون عليها إلى أن تنطفئ. ويقال إنهم
في بلادهم يركبون الأسود ونحو ذلك وأشباهه. ولهم أوقات معلومة يجتمع عندهم من
الفقراء عالم لا يحصون ويقومون بكفاية الجميع. والبطائح عدّة قرى مجتمعة في وسط
الماء بين واسط والبصرة.
(40/255)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 256
أحمد بن المسلم. سيأتي.
4 (حرف الحاء)
4 (الحسن بن أحمد بن محمد بن المعمّر.)
أبو جعفر البغدادي. سمع: أبا القاسم بن بيان. وعنه: نسيبه أبو طالب بن علي بن
جعفر. مات في صفر. قاله ابن النجار.
4 (الحسن بن علي بن الحسين بن شيرويه.)
أبو علي الدّيلمي الأصل، الأزجي. سمع: أبا الغنائم محمد بن علي النرسي. روى عنه:
أحمد وتميم ابنا البندنيجي، ونصر بن الحصري، وأبو الحسن بن المقيّر، وجماعة. وتوفي
في وسط السنة.
4 (الحسن بن هبة الله بن محمد بن علي بن المطّلب.)
(40/256)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 257
فخر الدولة أبو المظّفر ابن الوزير أبي المعالي. كان متصوّفاً زاهداً كثير الحج
والصدقات والأوقاف، كبير الشأن، وافر الحرمة. له جامع كبير) بغربي بغداد. له مدرسة
بشرقي بغداد ورباط، ولم يدخل في الولايات. سمع: أبا الحسن العلاّف وقرأ الأدب على
أبي بكر بن جوامرد. وامتنع في كبره من الرواية. وقد سمع منه: أبو سعد السمعاني،
وأحمد بن صالح الجيلي، والكبار. وتوفي في شوال.
4 (حرف الخاء)
4 (الخضر بن هبة الله بن أحمد بن عبد الملك بن علي بن طاوس.)
أبو طالب الدمشقي. قرأ القرآن الكريم على أبي الوحش سبيع بن قيراط صاحب أبي علي
الأهوازي، وهو آخر من قرأ في الدنيا عليه، وآخر من سمع من الشريف أبي القاسم
النسيب، وأبي الحسن علي بن طاهر. ومولده في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. وكان
أبوه وجده من كبار المقرئين. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه أبو القاسم.
وقال أبو القاسم: توفي في ثامن شوال. وروى عنه أيضاً: موفق الدين بن قدامة، والشمس
والضياء ابنا عبد الواحد، والبهاء عبد الرحمن، وزين الأمناء، وطائفة سواهم، وأحمد
بن
(40/257)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 258
الحسن بن ريش، والعزّ النّسّابة، ولإبراهيم بن الخشوعي.
4 (خلف بن عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال بن يوسف بن داحة.)
أبو القاسم الأنصاري، القرطبي، المحدّث. حافظ الأندلس في عصره ومؤرّخها ومسندها.
ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة. وسمع: أباه، وأبا محمد بن عتّاب فأكثر، وأبا بحر
بن العاص، وأبا الوليد بن رشد، وأبا الوليد بن طريف، وأبا القاسم بن بقيّ، وخلقاً.
ورحل إلى إشبيلية فسمع: شريح بن محمد، وأبا بكر بن العربي.) وأجاز له: علي بن
سكّرة، وأبا القاسم بن منظور، وطائفة. ومن العراق: أبو المظفّر هبة الله الشلبي
بأخرة.
(40/258)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 259
وله معجم مفيد. قال أبو عبد الله الأبّار: كان متّسع الرواية، شديد العناية بها،
عارفاً بوجوهها، حجّة، مقدّماً على أهل وقته، حافظاً، حافلاً، إخبارياً، تاريخياً،
ذاكراً لأخبار الأندلس القديمة والحديث. سمع العالي والنازل. وأسند عن شيوخه
نيّفاً وأربعمائة كتاب بين صغير وكبير. ورحل إليه الناس وأخذوا عنه. وثنا عنه
جماعة، ووصفوه بصلاح الدخلة، وسلامة الباطن وصحة التواضع، وصدق الصبر للطلبة، وطول
الاحتمال: وألّف خمسين تأليفاً في أنواع العلم. وولّي بإشبيلية قضاء بعض جهاتها
لأبي بكر بن العربي. وعقد الشروط، والرواة عنه لا يحصون، منهم: أبو بكر بن خير،
وأبو القاسم القنطري، وأبو القاسم بن سمحون، وأبو الحسن بن الضحّاك. وكلهم ماتوا
قبله. وصنّف كتاب الصّلة في علماء الأندلس، وصل به تاريخ ابن الفرضي. وقد حمله عنه
شيخه أبو العباس بن العريف الزاهد. قلت: وله كتاب الحكايات المستغربة مجلّد،
وغوامض الأسماء المبهمة عشرة أجزاء، وكتاب معرفة العلماء الأفاضل أحد وعشرون
جزءاً، وطرق حديث المغفر ثلاثة أجزاء، القربة إلى الله بالصلاة على نبيّه جزء
كبير، من روى الموطّأ عن مالك في جزءين، اختصار تاريخ أبي بكر القشّي في تسعة
أجزاء، أخبار سفيان بن عيينة جزء كبير، أخبار ابن المبارك جزءآن، أخبار الأعمش
ثلاثة أجزاء، أخبار النّسائي جزء، أخبار زيادة شبطون جزء، أخبار المحاسبي جزء،
أخبار أبي القاسم جزء، أخبار إسماعيل القاضي جزء، أخبار ابن وهب جزء، أخبار أبي
المطرّف عبد الرحمن بن مرزوق القنازعي جزء، قضاة قرطبة ثلاثة أجزاء،
(40/259)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 260
المسلسلات جزء، طرق من كذب عليّ جزء إلى غير ذلك. وممن روى عنه: أبو القاسم أحمد
بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد، وأحمد بن عبد المجيد المالقي، وأحمد بن
محمد الأصلع، وأبو القاسم أحمد بن يزيد بن بقي، وأحمد بن عيّاش المرسي، وأحمد بن
أبي حجة القيسي، وثابت بن محمد الكلاعي، ومحمد بن إبراهيم بن) صلتان، ومحمد بن عبد
الله الصفار القرطبي، وموسى بن عبد الرحمن الغرناطي، وأبو الخطاب عمر بن دحية،
وأخوه عثمان بن دحية. وبالإجازة: أبو الفضل جعفر بن علي الهمذاني، وأبو القاسم سبط
السلفي، وآخرون. قال الأبّار: توفي في ثامن رمضان. ودفن بقرب قبر يحيى بن يحيى
الليثي وله أربع وثمانون سنة.
4 (خليفة بن المسلم بن رجاء.)
أبو طالب التنوخي، الإسكندراني، ويعرف بأحمد اللخمي. قال أبو الحسن بن المفضل
الحافظ: غلب عليه أحمد. سمع: أبا عبد الله الرازي، وأبا بكر الطرطوشي، وعبد المعطي
بن مسافر. وكان عارفاً بالفقه والأصول، ماهراً في علم الكلام وفيه لين فيما يرويه،
إلاّ أنّا لم نسمع منه إلاّ من أصوله. توفي في رمضان.
(40/260)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 261
قلت: وروى عنه: أبو القاسم بن رواحة، وعبد الوهاب بن رواج، وأبو علي الأوقي، وبنا
بن هجّام.
4 (....)
العبد الصالح. توفي بالقاهرة، في ذي القعدة.
4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر.)
الخطيب أبو الفضل بن أبي نصر الطوسي، ثم البغدادي، نزيل الموصل وخطيبها. ولد في
صفر سنة سبع وثمانين وأربعمائة. وسمع حضوراً من: طراد الزينبي، وأبي عبد الله بن
طلحة النعالي، وطائفة. وسمع من: ابن البطر، والطريثيثي، وأحمد بن عبد القادر، وأبي
الفضل محمد بن عبد السلام، وجعفر السراج، وأبي الخطاب بن الجرّاح، وأبي غالب
الباقلاني، وأبي الحسن بن أيّوب البزّار، ومنصور بن حيد،
(40/261)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 262
والحسين بن البسري وأبي منصور الحنّاط، وجماعة.) وتفرّد بالرواية عن أكثرهم. وكان
في نفسه ثقة. وكان أبو بكر الخازمي إذا روى عنه قال: أنا أبو الفضل من أصله العتيق
يقول ذلك احترازاً مما زوّر له وغيره محمد بن عبد الخالق اليوسفي. لكن لما بيّن
المحدثون ذلك للخطيب أبي الفضل رجع عن روايته. ثم خرّج لنفسه المشيخة المشهورة من
أصوله. روى عنه: أبو سعد السمعاني. وعبد القادر الرّهاوي، وأبو محمد بن قدامة،
والبهاء عبد الرحمن، والقاضي أبو المحاسن يوسف بن شدّاد، وأبو الحسن علي بن
الأثير، وأبو البقاء يعيش النحوي، وعبد الكريم بن عبد الرحمن الترأبي، وأبو الخير
إياس الشهرزوري، وإبراهيم بن يوسف بن خنّة الكتبي الموصلي، وآخرون. قال الشيخ
الموفق: كان شيخاً حسناً. قرأت عليه المعتقد لعبد الرحمن بن أبي حاتم. فكتب في
آخره سماعي، وكتب: هذا اعتقادي وبه أدين لله تعالى. ولم نر منه إلا الخير. وقال
ابن الدّبيثي: أنشدنا لنفسه كتابةً:
(أقول وقد خيّمت بالخيف من منىً .......... وقرّبت قرباني وقضّيت أنساكي)
(وحرمة بيت الله ما أنا بالذي .......... أملّك مع طول الزمان وأنساك)
توفي رحمه الله في رمضان في اثنتين وتسعين سنة. وقال الحافظ ابن النجار في تاريخه:
ولد ببغداد، وقرأ الفقه والأصول
(40/262)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 263
على إلكيّا أبي الحسن علي بن محمد الهرّاسي، وأبي بكر الشاشي. وقرأ الأدب على: أبي
زكريا التبريزي، وأبي محمد الحريري. وسمع بإصبهان من: أبي علي الحداد وبنيسأبور
من: أبي نصر بن القشيري وبترمذ من: أبي المظفر ميمون بن محمد، وبالموصل من: أبيه
وعمّه. وولي خطابتها زماناً. وتفرّد وقصده الرحالون. ثنا عنه: هبة الله بن باطيش،
وعلي الطبيب، وأبو الحسن محمد بن القطيعي.
4 (عبد الله بن أحمد بن محمد بن علي بن حمنيس.)
أبو محمد السرّاج البغدادي. وقيل اسمه عبيد الله. سمع: أحمد بن المظفّر بن سوسن،
وأبا القاسم بن بيان، وأبا العز محمد بن المختار، وأبا) الحسن بن العلاّف، وأبا
سعد بن خشيش. قال ابن الأخضر: كان عاميّاً لا يفهم، ولا يحسن أن يصلي، ولا يقرأ
التحيات. قلت: روى عنه: تميم البندنيجي، ونصر بن الحصري، وأبو عبد الله بن
الدّبيثي، وأبو صالح الجيلي، ومحمد بن إسماعيل الطبال، وعبد اللطيف بن المبارك
النهرواني، وآخرون. ومات في رجب عن سنّ عالية.
4 (عبد الله بن عبد الله.)
أبو الخير الرومي، الجوهري، مولى جعفر الطيبي. قال الدّبيثي: كان خيّراً حافظاً
للقرآن. قرأ لأبي عمرو على أبي العز
(40/263)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 264
القلانسي سنة سبع عشرة وخمسمائة ببغداد. وأقرأ الناس. وروى عن: أبي القاسم بن
الحصين.
4 (عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن فتوح.)
أبو محمد الحضرمي، الداني، النحوي، المعروف بعبدون، وبابن صاحب الصلاة. أخذ
القراءآت عن أبي عبد الله بن سعيد الداني، وقرأ عليه الأدب، وعلى: والده يحيى،
وأبي الحسن طاهر. وحمل عن: الحافظ أبي الوليد بن خيرة. وأقرأ النحو بشاطبة زماناً.
ثم أدّب بني صاحب بلنسية. وكان مبرّزاً في العربية، مشاركاً في الفقه وقول الشعر،
متواضعاً، طيب الأخلاق. أخذ عنه جلّ منهم: أبو جعفر الذهبي، وأبو الحسن بن حريق،
وأبو محمد بن نصرون، وأبو الربيع بن سالم. وتوفي في مستهلّ رجب ببلنسية وله إحدى
وستون سنة.
4 (عبد الله بن القاضي أبي خازم محمد بن القاضي أبي يعلى بن الفرّاء.)
الحنبلي أخو أبي يعلى الصغير. سمع: أباه، وابن الحصين، وابن كادش. وعنه: القطيعي،
وعبد الله بن أحمد الخباز. ولد سنة عشر وخمسمائة.) ومات في ذي الحجّة.
(40/264)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 265
4 (... بن عبد الله بن علوان.)
أبو عبد الله الأسدي، الحلبي المجاور بالحجاز، أخو أبي محمد ابن الأستاذ. إمام
زاهد عابد. علّق عنه أبو المواهب بن صصرى، وقال: أقام بالحجاز سنين، وكان
للمجاورين به راحة. قدم علينا سنة ثمان وسبعين، ثم سأل من صلاح الدين أن يرسل معه
من يخفره إلى المدينة، فأرسل معه من خفره، فوصل ومرض، فمات في شعبان منها.
4 (علي بن أنوشتكين.)
أبو الحسن الجوهري. روى عن: أبي النرسي. سمع منه: عمر بن علي، وغيره. وتوفي في رجب
وقد نيّف على الثمانين.
4 (علي بن الحسين.)
أبو الحسن الأندلسي، النجار، الزاهد المعروف بابن سعدوك من جزيرة شقر. سكن بلنسية.
قال الأبّار: كان من أهل الزهد والصلاح التام والعلم، يستظهر كثيراً من صحيح مسلم.
وتؤثر عنه كرامات مشهورة ومقالات عجيبة.
(40/265)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 266
وكان يخبر بأشياء خفيّة لا تتوانى أن تظهر جليّة. وكان أمّاراً بالمعروف، نهّاءاً
عن المنكر. يجلس للناس ويعظ. وكانت العامة حزبه. ولما مات ازدحم الخلق على نعشه
رحمه الله.
4 (عيسى بن عمران.)
أبو موسى المكناسي. صحب أبا القاسم بن ورد واختص به. وكان يقول: لم يكن بالأندلس
مثل أبي القاسم بن ورد. ولقي بأغمات أبا محمد اللخمي فسمع منه في سنة ثلاثين. وكان
من الراسخين في العلم، قائماً على الأصول والفروع، أديباً شاعراً، خطيباً،
مفوّهاً، مدركاً، من رجال الكمال.) ولي قضاء مراكش فحمدت سيرته. ولد سنة اثنتي
عشرة وخمسمائة. وتوفي في شعبان وله ست وستون سنة.
4 (حرف الفاء)
4 (فرّوخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي.)
الملك عز الدين أبو سعد، صاحب بعلبك، ابن أخي السلطان صلاح الدين. كان كثير الصدقة
التواضع، ولديه فضيلة في العربية والشعر.
(40/266)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 267
ناب عن صلاح الدين بالشام، وكان للتاج الكندي به اختصاص. وقد مدحه هو والعماد
الكاتب. توفي بدمشق في جمادى الأولى، ودفن بقبّته. ومدرسته بالشرف الأعلى. وولي
بعلبك بعده ابنه الملك الأمجد.
4 (حرف القاف)
4 (القاسم بن عمر.)
الأديب البارع، أبو عبد الله البغدادي، المؤدب، ويعرف بالخليع، الشاعر مدح الخلفاء
والوزراء. روى عنه: أبو الحسن بن القطيعي. وكان من فحول الشعراء. له قصيدة طنانة في
المستضيء. مات في جمادى الأولى سنة ثمان، وله إحدى وستون سنة.
4 (حرف الميم)
4 (محمد بن أحمد بن عبيد الله بن حسين.)
(40/267)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 268
أبو المفضل الآمدي ثم الواسطي. سبط ابن الأغلاقي. من أهل القرآن والحديث والتصوّف.
سمع من: أحمد بن محمد بن حمدون المقرئ، والمبارك بن إبراهيم الخطيب، وأبي علي
الحسن بن إبراهيم الفارقي. وتوفي في ذي الحجة بواسط، وله ثلاث وسبعون سنة. روى
عنه: أبو عبد الله بن الدّبيثي في تاريخه.)
4 (محمد بن عبد الملك بن علي بن محمد.)
أبو المحاسن الهمذاني. كان أبوه محدّثاً مكثراً، قدم بغداد واستوطنها. وسمع محمد
من: ابن الفاعوس، وابن الحصين، وأحمد بن رضوان، وزاهر بن طاهر. وكان محمد ثقة
مطبوعاً، سمع منه جماعة. وتوفي في ذي الحجة. أجاز لابن الدّبيثي، وللشيخ الضياء.
وحدّث عنه: عبد الرحمن بم عمر الغزّال.
4 (محمد بن عتيق بن عطّاف.)
أبو عبد الله الأنصاري اللاردي، المعروف بابن المؤذن.
(40/268)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 269
سكن بلنسية. وأخذ عن: أبي محمد القلني وناظر عليه في المدوّنة. ورحل إلى قرطبة
فناظر على أبي عبد الله بن الحاج. وقدم للشورى والفتيا ببلنسية. وكان عارفاً
بالفقه، حافظاً إماماً. توفي رحمه الله في شعبان وقد تعدّى الثمانين.
4 (محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر.)
أبو عبد الرحمن بن أبي الفتح الكشمهيَنيّ، المروَزيّ، الواعظ. والد أبي المجاهد
محمود. قدِم بغداد سنة ستين وخمسمائة. وحدّث بصحيح مسلم عن الفُراوي في مجلس
الوزير ابن هبيرة. وسمع أيضاً من: أبي بكر محمد بن منصور السمعانيّ، وأبا حنيفة
النعمان ابن إسماعيل، وأبا منصور محمد بن علي الكراعيّ. وقد سمع ببغداد من: هبة
الله بن الطّبر، وأبي غالب بن البنّا. وسمع بنيسأبور من: أحمد بن علي بن سلموَيه،
والفراويّ، وعبد الغافر بن إسماعيل. وقد قدم الشام وحدّث بها. روى عنه: أبو الفتوح
بن الحصريّ، والأستاذ عبد الرحمن الأسَديّ بحلب، وزين الأُمناء ابن) عساكر، وأبو
القاسم بن صصرى بدمشق حدّث بها
(40/269)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 270
هو وابنه محمود ولم يذكرهما ابن عساكر في تاريخه فإنّهما قدما دمشق بعد أن فرغ من
التاريخ. وآخر من روى عنه: أبو إسحاق الكاشغَريّ. سمع منه جزء الكراعيّ أو بعضه في
سنة ستين وخمسمائة. وكان ورعاً ديّناً، مليح الوعظ. روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي،
وغيره. وتوفّي في المحرّم بمَرو، وله خمس وثمانون سنة إلاّ شهراً.
4 (محمد بن مالك بن أحمد بن مالك.)
أبو بكر وأبو عبد الله الميريليّ نزيل إشبيلية. أخذ القراءآت عن شُريح، والعربية
عن أبي العبّاس بن حاطب. وروى عن: أبي بكر بن العربي. وحجّ وحدّث. وكان فاضلاً
زاهداً مشاراً إليه بإجابة الدعوة. روى عنه: ثابت بن خيار وقرأ عليه كتاب سيبويه،
وأبو إسحاق الأصبحيّ، وأخذ عنه القراءآت وأجاز له في شوّال من السنة.
4 (مروان بن عبد الله بن مروان بن محمد.)
أبو عبد الملك البلَنسيّ، قاضي بلَنسِية ورئيسها. سمع من: أبي الحسن بن هُذيل،
وأبي عبد الله بن سعيد الدّاني، وأبي الوليد الدبّاغ. وأجاز له أبو عليّ بن سكّرة،
وجماعة. ووُلي القضاء سنة تسع وثلاثين، ثم تأمّر ببلده عند انقراض الدولة
اللمتونيّة في شوّال من سنة تسع، وبويع بالإمرة في صفر سنة أربعين. ثم خُلع
(40/270)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 271
بعد قليل، وحبسه اللمتونيّون في حصن سيف عشرة سنين. ثم خلّص وسار إلى مرّاكش وحدّث
بها. قال الأبّار: أخذ عنه: أبو محمد، وأبو سليمان ابنا حوط الله، وعقيل بن عطيّة،
وأبو الخطّاب بن الحميّل، وأخوه عثمان. ومات بمرّاكش وله أربع وسبعون سنة.
4 (مسعود بن محمد بن مسعود.)
قطب الدين النَيسأبوريّ أبو المعالي الطُرَيثيثيّ، الفقيه الشافعيّ، نزيل دمشق.)
ولد سنة خمس وخمسمائة. ورأى: أبا نصر عبد الرحيم بن القشيريّ. وتفقّه بنيسأبور على
ابن يحيى. وقرأ الأدب على والده أبي عبد الله الطُرَيثيثيّ. ثم رحل إلى مرو،
فتفقّه على أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المَروَزيّ. وسمع من: هبة الله السّدّيّ،
وعبد الجبّار البيهقيّ.
(40/271)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 272
ودرّس بنظاميّة نيسأبور نيابة، واشتغل بالوعظ. وورد بغداد ووعظ بها، وحصل له
القبول التام. وكان ديّناً، عالماً، متفنّناً. ثم راح إلى دمشق سنة أربعين،
وأقبلوا عليه، ودرّس بالمجاهديّة ثم بالزاوية الغزاليّة بعد موت أبي الفتح نصر
الله المصّيصيّ. وكان حسن النّظَر. ثم خرج إلى حلب، وولي بها تدريس المدرستين
اللتين بناهما نور الدين وأسد الدين، ثم مضى إلى همَذان وولي بها التدريس مدّة، ثم
عاد إلى دمشق، ودرّس بالغزاليّة وحدّث، وتفرّد برئاسة الشافعية. قال القاسم بن
عساكر: كان حسن الأخلاق، متودّداً، قليل التصنّع. مات في سلخ رمضان. ودفن يوم
العيد. قلت: ورد بغداد رسولاً، وكتب عنه: عمر بن علي القرشيّ، وأبو المواهب بن
صصرى، وأجاز للبهاء عبد الرحمن، وللحافظ الضياء. وروى عنه: أبو القاسم بن صصرى،
وتاج الدين عبد الله بن حمُّوَيه. وتخرّج به جماعة. وقيل إنّه وعظ مرّةً، فسأل نور
الدين أن يحضر مجلسه، فحضر فشرع في وعظه يناديه كما كان يفعل البرهان البلخيّ شيخ
الحنفيّة، فقال للحاجب: اصعد إليه، وقل له لا تخاطبني باسمي. فسُئل نور الدين عن
ذلك فيما بعد. فقال: إنّ البلخيّ كان إذا قال يا محمود قامت كلّ شعرة في جسدي هيبة
له، ويرقّ قلبي، والقطب إذا قال يا محمود يقسو قلبي ويضيق صدري. حكاها سبط ابن
الجوزيّ، وقال: كان
(40/272)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 273
القطب غريقاً في بحار الدنيا. قلت: وكان معروفا بالفصاحة والبلاغة وكثرة النوادر
ومعرفة الفقه والخلاف. تخرّج به) جماعة. ودرّس أيضاً بالجاروخيّة. ودفن بتربة
أنشأها بغربيّ مقابر الصّوفيّة. وبنى مسجداً على الصخرات التي بمقبرة طاحون الميدان،
ووقف كتُبه.
4 (معَدّ بن حسن بن عبد الله.)
أبو تراب البغداديّ، المنادي. سمع: أبا سعد أحمد بن عبد الجبّار الصّيرفي، وهبة
الله بن الحصين. سمع أحمد بن أحمد البندنيجيّ. وكان لا بأس به ينادي على السَّقط.
وتوفّي في جُمادى الآخرة.
4 (مودود.)
الذهبيّ، الزاهد، بغداديّ كبير القدر. قال ابن النّجّار: ذكر لي شيخنا السّهرورديّ
أنّه كان من أولياء الله المكاشفين. قال: وصحِبته. قال ابن النجّار: وذكر لي أبو
الحسن القطيعيّ: أُخذ مودود الذهبي في حادثة إلى باب النّوبيّ، فأمروا بضربه، فلما
رفع الضارب بيده لم يقدر على حطّها. فأُطلق فأُطلقت يد الضارب، فانقطع عن الناس.
وكان جارنا أبو البركات الشهرزوري يذكر لنا أحواله و كراماته. توفّي في هذا العام.
(40/273)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 274
4 (حرف الهاء)
4 (هبة الله بن محمد بن هبة الله بن مميل.)
أبو محمد بن أبي نصر الشيرازيّ، ثم البغداديّ. ولد ببغداد سنة خمسمائة، وسمع بها:
أبا عليّ بن نبهان، ومحمد بن الحسن بن باكير، الفارسيّ، وجماعة. وكان عدلاً
فاضلاً، وصوفيّاً واعظاً. قدم دمشق سنة ثلاثين وخمسمائة فاستوطنها، وولي إمامة
مشهد عليّ بالجامع. وفُوّض إليه عقد الأنكحة.) وكان ديّناً، حسن الطريقة. ولمّا
توفّي في ربيع الأوّل خلَفه في إمامة المشهد ابنه القاضي أبو نصر. روى عنه: ابنه،
وابن ابنه أبو المعالي أحمد بن محمد، وأبو المواهب بن صصرى، وآخرون.
4 (حرف الواو)
4 (وفاء بن أسعد بن النّفيس بن البهيّ.)
أبو الفضل التّركيّ، ثم البغداديّ الخبّاز. شيخ صالح من أولاد الأجناد. سمعك أبا
القاسم بن بيان، وأبا الخطّاب الكَلوَذانيّ، وأبا طاهر عبد الرحمن اليوسفيّ،
وجماعة. وولد سنة خمسمائة.
(40/274)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 275
روى عنه: أبو محمد بن الأخضر، وأبو محمد بن قُدامة، والبهاء عبد الرحمن، وأبو صالح
الجيليّ، وجماعة. وقال أبو الفتوح بن الحصريّ: توفّي في ربيع الآخر.
4 (حرف الياء)
4 (يحيى بن أحمد بن يحيى بن سيدبونه.)
أبو زكريّا الخزاعيّ، الدانيّ. روى عن: أبيه، وأبي إسحاق بن جماعة. وأخذ القراءآت
عن أبي عبد الله بن سعيد الدّانيّ. وحجّ، وسمع بالإسكندريّة. سمع منه في هذا العام
محمد بن عمر بن عامر الدّانيّ. وفيها وُلد بعقرباء، مكّيّ بن عبد الرزّاق.
(40/275)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 276
4 (وفيات سنة تسع وسبعين وخمسمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بم محمد بن سليمان بن محمد.)
الإمام أبو جعفر الأنصاريّ، الأندلسيّ، الملقّب بالطيلسان، لحسن بِزّته. أكثر عن
أبي مروان بن مسَرّة، وغيره.) وطال عمره. قال حفيده أبو القاسم بن الطّيلسان:
توفّي في صفر.
4 (إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان.)
أبو إسحاق الأنصاريّ، الغَرناطيّ. سمع من: غالب بن عطيّة، وابن البادش، وأبي
الوليد بن بقوة، وابن عتّاب. وقرأ بالروايات على: منصور بن الخير، وابن شفيع، وابن
المطرِّف بن الورّاق. وسمع الموطّأ في يوم واحد على ابن موهب.
(40/276)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 277
وله إجازة من أبي بكر الطّرطوشيّ. وأوّل سماعه سنة أربع عشرة وخمسمائة. وكان ذا
تفنّن في العلوم. وُلّي القضاء بأماكن. روى عنه: أبو الخطّاب بن واجب. مات في
جُمادى الأولى وله أربع وثمانون سنة رحمه الله تعالى.
4 (إسماعيل بن قاسم الزيّات.)
المصريّ. روى عن: أبي صادق. مرشد بن يحيى المدينيّ، وغيره. روى عنه: الحافظ عبد
الغنيّ، والشيخ أبو عمر، ونبا بن أبي المكارم الأطرابلُسيّ، وكريمة بنت عبد الحقّ
القُضاعيّة، وجماعة. قال أبو الحسن بن المفضّل: أجاز لي ولولدَيَّ. وتوفّي رحمه
الله بمصر في شعبان.
4 (حرف الباء)
4 (بُجَير بن عليّ بن بُجَير.)
القاضي أبو الفتح الأشيريّ، الفقيه، نزيل دمشق. حدّث عن عبد الملك الكَروخيّ. روى
عنه: أبو القاسم بن صصرى، وغيره.) وناب في القضاء عن الشهرزوريّ. ودرّس بالغزاليّة
مدّة، وعاش نيّفاً وسبعين سنة. توفّي في تاسع ربيع الآخر.
(40/277)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 278
4 (بوري.)
تاج الملوك مجد الدين، أخو السلطان صلاح الدين. صار إلى عفو الله في الثالث
والعشرين من صفر، وله ثلاث وعشرون سنة. وكان أصغر أولاد نجم الدين أيّوب. وكان
أديباً فاضلاً له ديوان شِعر، فمنه:
(ياحياتي حين يرضى .......... ومماتي حين يسخط)
(بين أجفانك وسلطان .......... على ضعفي مُسلط)
(قد تصبّرت وإن .......... برّح بي الشوق وأفرط)
(فلعلّ الدهر يوماً .......... بالتّلاقي منك يغلط)
وله:
(رمضان بلا مرضان إلاّ أنهم .......... غلطوا إذاً في قولهم وأساءوا)
(مرضان فيه تخالف، فنهاره .......... سِلّ وسائر ليله استسقاء.)
وله:
(40/278)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 279
(أقبل من أعشقه راكباً .......... من جهة الغرب على أشهب)
(فقلت: سبحانك يا ذا العُلا .......... أشرقت الشمس من المغرب)
توفّي رحمه الله على حلب من طعنة أصابت رُكبته يوم سادس عشر المحرّم يوم نزول أخيه
عليها، فمرض منها. وكان السلطان قد أعدّ للصالح عماد الدين صاحب حلب ضيافة في
المخيّم بعد الصلح، وهو على السِّماط إذ جاءه الحاجب فأسرّ إليه موت بوري، فلم
يتغيّر وأمره بتجهيزه ودفنه سرّاً، وأعطى الضّيافة حقّها. فكان يقول: ما أخذنا حلب
رخيصة. وبوري بالعربيّ: ذئب.
4 (حرف التاء)
4 (تقيّة.)
)
(40/279)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 280
أمّ عليّ. الشاعرة بنت المحدّث غيث بن عليّ السُّلَميّ الأرمنازيّ، ثم الصّوريّ.
والدة المحدّث تاج الدين عليّ بن فاضل بن صمدون الصّوري. صحبت السِّلفي
بالإسكندريّة، تعاليقها، وقال: عثُرتُ في منزلي، فانجرح أخمصي، فشقّت وليدة في
الدار خِرقةً من خمارها وعصَبتها، فأنشدت تقيّة في الحال لنفسها:
(لو وجدت السبيل جُدتُ بخدّي .......... عوضاً عن خمار تلك الوليدة)
(كيف لي أن أُقبِّل اليوم رِجلاً .......... سلكت دهرَها الطريق الحميدة.)
وذكر الحافظ تقي الدين المنذريّ أنّ تقيّة نظمت قصيدة تمدح بها الملك المظفّر تقي
الدين عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين، فوصفت الخمر وآلة المجلس فلمّا قرأها قال:
الشيخة تعرف هذه الأحوال من صباها. فبلغها ذلك، فعملت قصيدةً أخرى جريئة وأرسلتها،
تقول عِلمي بذاك كعِلمي بهذا.
(40/280)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 281
وُلِدت بدمشق من أوّل سنة خمسٍ وخمسمائة. وتوفّيت في أوائل شوّال.
(40/281)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 282
(40/282)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الأربعون الصفحة 283
(40/283)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 284
وقد روى عنها من شِعرها أبو القاسم عبد الله بن رَواحة. وتوفّي ابنها في سنة ثلاثٍ
وستمائة.
4 (ثعلب بن مذكور بن أرنب)
أبو الحسن، وقيل أبو الحصين الأكّاف، أخو رجب. سمع من: أبي العز بن كادش، وأبي
القاسم بن الحصين، وأبي غالب بن البنّاء. وكان حارساً سيّء الطريقة، ليس بأهل أن
يُحمل عنه. كان مقدّم حرّاس الخليفة. مات في رمضان.
4 (حرف الحاء)
4 (الحسن بن سعيد بن عبد الله بن بُندار.)
أبو عليّ الشّاتايّ علم الدين الشاعر. وسمع من: قاضي المَرِستان، وابن الحصين،
وإسماعيل بن السّمَرقَنديّ.
(40/284)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 285
وأنشأ الرسائل، وسكن الموصل، ونفّذه أميرها رسولاً إلى الديوان. وخرج إلى الشام،
وحدّث بها. وسمّاه ابن عساكر في تاريخه.) وكان ابن هُبَيرة الوزير مقبلاً عليه.
توفّي في شعبان بالموصل.
4 (الحسَن بن عسكر.)
أبو محمد الواسطيّ. سمع: أبا علي الفارقيّ، وغيره. روى عنه: ابن الدّبيثي قال: كنت
ببغداد في ليلة رجب سنة إحدى وعشرين وخمسمائة جالساً على دكّة للفرجة بباب أبرَز،
إذ جاء ثلاث نسوة فجلسن إلى جانبي، فأنشدتُ متمثّلاً:
(هواءٌ ولكنّه راكدٌ .......... وماءٌ ولكنّه غير جاري)
فقالت لي إحداهنّ: هل تحفظ لهذا البيت تمام قلت: لا. فقالت: إن أنشَدَك أحدٌ تمامه
ما تعطيه قلت: أقبّل فاه. فأنشدتني.
(وخمرٌ من الشّمس مخلوفةٌ .......... بدت لك في قَدَحٍ من نُضار)
(إذا ما تأمّلتَها وهي فيه .......... تأمّلتَ نوراً محيطاً بنار)
(40/285)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 286
(هواءٌ ولكنّه جامدٌ .......... وماءٌ ولكنّه غير جاري)
(كأنّ المدير لها باليمين .......... إذا دار للشُّرب أو باليسار)
(توشّح ثوباً من الياسمين .......... له فرد كمّ من الجلَّنار)
4 (الحسين بن القاضي أبي الحسن أحمد ابن قاضي القضاة عليّ بن محمد.)
الدّامَغانيّ. استنابه أخوه قاضي القضاة في القضاء ببغداد سنة ستٍّ وأربعين
وخمسمائة. قال ابن النجّار: لم يُحمَد في القضاء. ثنا عنه أحمد بن الحسن بن حنظلة
الليثيّ. وقد سمع من: ابن الحُصَين، وأبي غالب بن البنّاء. وعاش نيّفاً وستين سنة.
4 (الحسين بن هبة الله بن رُطبة.)
) أبو عبد الله السّواريّ، شيخ الشيعة، وأبو شيخهم الفقيه العلاّمة أبي طاهر هبة
الله. كان متبحّراً في الأصول والفروع على مذهب الرافضة. قرأ الكثير، ورحل إلى
خُراسان، والريّ، ومازندَران، ولقي كبار الشيعة، وصنّف، واشتغل بسورا، والحِلّة.
(40/286)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 287
وتوفّي في رجب.
4 (حرف السين)
4 (سُبَيع بن خَلَف بن محمد.)
أبو الوحش الأسَديّ، الأديب. شاعر دمشقيّ معروف، مليح القول. روى عنه: أبو المواهب
بن صَصرى، وقال: مات في عاشر رجب. وأنشدني لنفسه:
(يمّمت دار أبي فلانٍ قاصداً .......... بمدائحي فيه وحسن قصائدي)
(فرأيت منه ضِدّ ما عوّدتُه .......... من بخله المتكاثف المتزايد)
(فذكرت لمّا أن رجعت مُجَلبباً .......... بعطائه ولقيت غير عوائدي)
(ولربّما جاد البخيل وما به .......... جودٌ ولكن من نجاح القاصد)
4 (حرف الصاد)
4 (صالح بن عبد الرحمن بن عليّ بن زَرعان.)
أبو محمد البغداديّ، التاجر، أحد الأعيان. سمع: ابن الحصين، وأبا غالب بن البنّاء،
وأبا غالب محمد بن الحسن الماوَرديّ وجماعة. وكتب بنفسه عنهم.
(40/287)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 288
سمع منه جماعة.
4 (حرف الطاء)
4 (طاهر بن عطيّة.)
أبو منصور اللَّخميّ، الإسكندريّ. رجلٌ صالح. روى عن: أبي بكر الطَّرطوشيّ.) أخذ
عنه: أبو الحسن المقدسيّ، وغيره.
4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن أحمد بن أبي الفتح بن محمد بن أحمد.)
أبو الفتح القاسميّ، الخِرَقيّ، الإصبهانيّ. شيخ نبيل صالح من أولاد المحدّثين،
ومن بقايا المسندين. سمع: أبا العبّاس الراوي عن عبد الرحمن بن أبي بكر الذّكواني،
وأبا مطيع محمد بن عبد الواحد الصحّاف، وأبا الفتح أحمد بن عبد الله بن أحمد
السوذَرجانيّ، وأبا الفتح أحمد بن محمد الحدّاد، وبُندار بن محمد الخلقاني القاضي،
وعبد الرحمن بن حمد الدّوني، وأبا أحمد حمد بن عبد الله بن حنّة، وعبد الرحمن بن
أبي عثمان الصّأبونيّ، وعمر بن محمد بن عمر بن علُّوَيه، وأبا علي الحدّاد، وطائفة
سواهم. وتفرّد بالرواية عن جماعة، وسماعه من ابن علّويه في سنة اثنتين وتسعين
وأربعمائة حضوراً، فأنا ابن الخلاّل، ثنا محمد بن يوسف البرزاليّ
(40/288)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 289
الحافظ أنّ هذا الشيخ وُلد في يوم عيد النّحر سنة تسعين وأربعمائة. وكان جدّه
حيّاً، فسمّاه باسمه وكنّاه بكنيته. وعاش بعد ذلك شهراً. قلت: روى عنه: الحافظ عبد
الغني، ومحمد بن مكّي الحنبلي، وعبد الله بن أبي الفرج الجُبّائيّ، والمهذّب بن
الحسين بن زينة، وأبو الفضل بن سلامة العطّار، ومحمد بن خليل الراذاني، وآخرون. و
بالإجازة: ابن اللّتّيّ، و كريمة، والحافظ الضياء، والرشيد إسماعيل بن العراقيّ،
وغيرهم. وقرأت وفاته بخط زكيّ الدين البِرزاليّ في يوم الثلاثاء بعد فراغه من صلاة
الصبح السابع والعشرين من رجب، ودفن بالمصلّى، وصلّى عليه الحافظ أبو موسى
المدينيّ. أخبرنا عبد الملك بن عبد الرحمن العطار بقراءتي: أنا أبو الفضل بن سلامة
بحرّان، أنا أبو الفتح عبد الله بن أحمد بإصبهان، أنا تمّام بن عبد الملك، ثنا أبو
بكر بن بُندار، ثنا الطّبراني، ثنا أحمد بن المُعلّى الدمشقي، نا أحمد بن أبي
الحواري: سمعت محمد بن يوسف الفِريأبي يقول: على الإمام أن يضرب أعناق الجهميّة
والروافض، فإنّهم زنادقة.
4 (عبد الله بن فرج.)
) أبو محمد الأنصاريّ، القرطبي، الورّاق، الزّمِن. الرجل الصالح. أجاز له أبو محمد
بن عتّاب ما رواه عن مكّيّ بن أبي طالب خاصة. وأخذ أيضاً عن: أبي الوليد بن طريف،
وأبي بكر بن العربيّ. وتوفّي في رمضان.
(40/289)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 290
4 (علي بن علي بن نما بن حمدون.)
الكاتب أبو الحسن الحِلّي، الرّافضي، الخبيث. مدح ملوك الشام، وله ديوان. وقد كفّر
الصحابة رضي الله عنهم. وهو القائل، لعنه الله:
(أيُولّى على البريّة من لي .......... س على حمل سورةٍ بأمين)
وهذا البيت من قصيدة ينشدها أهل الرفض في المواسم. ذكره ابن النجّار.
4 (حرف الكاف)
4 (كرم بن بختيار بن علي.)
البغداديّ، الزّاهد. أحد الصالحين. روى عن: هبة الله بن الحصين. أخذ عنه: ابن
مشِّق، وعبد العزيز بن الأخضر، وأحمد بن أبي بكر البزّاز، وغيرهم. وتوفّي في ذي
الحجّة.
(40/290)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 291
4 (حرف الميم)
4 (محمد بن أحمد بن بلال.)
أبو سعيد المُزنيّ، الحارثيّ، الدّهّان. حدّث عن: جمال الإسلام أبي الحسن. وعنه:
أبو المواهب بن صصرى، وأخوه الحسين.
4 (محمد بن أحمد بن حمزة بن جِياه.)
أبو الفرج الكاتب الحلّي.) من فرسان البلاغة والشعر. له النظم والنثر. روى عنه:
علي بن نصر بن هارون الحلّي، ومحمود بن مُفَرّج، وأبو بكر عبيد الله بن عليّ
التّيمي. ولم يكن بالعراق مثله في الترسّل والأدب، ولكنّه كان ناقص الحظ، له ملك
يتبلّغ منه. مات في المحرّم.
(40/291)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 292
4 (محمد بن أحمد بن محمد.)
أبو عبد الله بن عرّاق الغافقيّ، القرطبيّ، المُقرئ. أخذ القراءآت، سوى قراءة
الكوفيين، عن: أبي القاسم بن النّخّاس، وعون الله بن محمد. وسمع من: أبي محمد بن
عتّاب، وأبي بحر بن العاص. وتصدّر للإقراء والتسميع. روى عنه: ابن حَوط الله، وأبو
الخطّاب بن دحية. وتوفّي في رجب. ومولده في سنة تسعين وأربعمائة.
4 (محمد بن بختيار.)
(40/292)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 293
أبو عبد الله البغدادي، الأبله، الشاعر، صاحب الديوان المشهور. كان شابّاً ظريفاً
وشاعراً محسناً، يلبس زيّ الجند. وشعره في غاية الرقّة وحسن المخلص إلى المدح.
وكان أحد الأذكياء، ولذا قيل له الأبله بالضِّدّ. وقيل: بل كان فيه بَلَه. توفّي
ببغداد في جُمادى الآخرة. وقد سار له هذا البيت:
(ما يعرف الشوقَ إلاّ مَن يُكابدُه .......... ولا الصبابةَ إلاّ من يعانيها.)
وله:
(دارك يا بدرَ الدّجى جنّةٌ .......... وبغيرها نفسي لا تلهو)
(وقد أتى في خبرٍ أنّه .......... أكثر أهل الجنّة البلهُ)
وله:)
(أقول للغيث لمّا سال واديه .......... تحدّثي عن جفوني يا غواديه)
(أعرت مُزنَكَ أجفاناً بكيت له .......... فمن أعارك ضوء البرق من فيه)
(أما ورد خدّه والشهب ناعسةٌ .......... والليل قد راق أو كادت حواشيه)
(40/293)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 294
(لقد وهى عزم صبري يوم ودّعَني .......... أحوى ضعيف نطاق الخصر واهيه)
(عصيت في حبّه من بات يعذلني .......... وما أطعت الهوى دالاً لأعصيه)
(بالله يا لائمي فيمن كلفتُ به .......... أقامةُ الغصن أحلى، أم تثنّيه)
قال أبو الفرج بن الجوزيّ: ذكر عنه أنّه خلّف ثمانية آلاف دينار، وشاع أنّه كان
يُعامل بالرّبا. ثم ورّخ وفاته كما مرّ. روى عنه: أبو الحسن القطيعيّ، وعلي بن نصر
الأديب.
4 (محمد بن جعفر بن عقيل.)
أبو العلاء البصريّ، ثم البغداديّ، المقرئ.
(40/294)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 295
قرأ القراءآت على: أبي الخير المبارك الغسّال. وسمع: أبا القاسم بن بيان، وأبا
الغنائم النّرسيّ، وأبا غالب محمد بن عبد الواحد القزّاز. قال ابن الدّبيثي: وكان
حسن المحاضرة، كثير المحفوظ من الأشعار والحكايات. وأجاز له: أبو الحسن العلاّف،
وأبو الفتح الحدّاد الإصبهاني. ذكره ابن السمعاني في الذيل. قلت: روى عنه: أمين
الدين سالم بن صصرى، ومحمد بن أحمد بن خيثمة بن الخرّاط، ومحمد بن سعيد بن الخازن،
وآخرون. ولم أظفر باسم أحدٍ ممّن قرأ عليه بالروايات. وتوفّي في جُمادى الآخرة وله
ثلاث وتسعون سنة.
4 (محمد بن عبد العزيز بن عليّ بن عيسى.)
أبو الحسن الغافقي، القرطبي، المعروف بالشقوري. سمع من: أبي عبد الله بن الأحمر،
وأبي بكر بن العربي، وأبي جعفر البطروجي، وجماعة. قال الأبّار: وكان حافظاً لأخبار
الأندلس، معنياً بالرجال، ضابطاً، متقناً، له مشاركة في اللغة والنحو، مع الزهد
والفضل.) وولي قضاء شقورة وحمدت سيرته، وأخذ الناس عنه.
(40/295)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 296
وتوفي في المحرم. وكان مولده سنة عشرين وخمسمائة.
4 (محمد بن محمد بن الجنيد بن عبد الرحمن بن الجنيد.)
أبو مسلم الإصبهاني. سمع: أبا الفتح الحداد، وأبا سعد المطرز، والحافظ محمد بن
طاهر المقدسي. وقدم بغداد حاجاً مع خاله أبي الغنائم محمد بن الحسين بن رزينة،
فكتب عنه المبارك بن كامل الخفّاف حديثين. وكان ثقة من بيت حديث وتصوّف. توفي في
رجب وله سنة. وقد روى الكثير بإصبهان.
4 (محمد بن محمد بن حمزة بن أبي جيش.)
أبو طالب الأزدي، الدمشقي. سمع: هبة الله بن الأكفاني. روى عنه: المسلم بن عبد
الوهاب، وأبو القاسم بن صصرى.
4 (محمد بن أبي الأزهر علي بن أحمد بن محمد بن علي بن يوسف.)
أبو طالب الواسطي، الكتاني، المحتسب، المعدّل. كان على حسبة واسط هو وأبوه. ولد
سنة خمس وثمانين وأربعمائة.
(40/296)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 297
قال ابن الدّبيثي: سمع محمد بن علي بن أبي الصقر الشاعر، وأبا نعيم محمد بن
إبراهيم الحمادي، وأبا الحسن كاتب الوقف، وأبا نعيم بن زبزب، وأحمد بن أبي محمد الكعبري،
وأبا غالب محمد بن أحمد، والمبارك بن فاخر، وهبة الله بن السقطي. وانفرد في الدنيا
بإجازة أبي طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني، وأبي منصور عبد المحسن الشيحي، وأبي
الحسن بن أيوب البزّاز. ورحل إلى بغداد فسمع أبا الحسن العلاف، وأبا القاسم بن
بيان، ونور الهدى الزينبي. وكان ثقة صحيح السماع، متخشّعاً، يرجع إلى دين وصلاح.)
رحل الناس إليه وكتبوا عنه. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، ويوسف بن أحمد
الشيرازي، وعبد القادر الرهاوي، وأبو بكر بن موسى الحارمي، وأبو الفتح المندائي،
وأبو طالب بن عبد السميع. وسمعنا منه الكثير ونعم الشيخ كان. سمعت منه بقراءتي في
سنة أربع وسبعين. قلت: وروى عنه المرجّا بن شقير كتاب الطّوالات للتنوخي. قال ابن
الدّبيثي: وأنشدنا قال: أنشدنا محمد بن علي بن زبزب سنة أربع وخمسمائة: أنشدنا أبو
تمام علي بن محمد بن حسن قاضي واسط لبعضهم:
(لمّا تكهّل من هويت .......... وقلت: ربع قد دثر)
(عاينت من طلابه .......... بالباب أفواجاً زمر)
(وكذاك أرباب الحديث .......... نفاقهم عند الكبر)
(40/297)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 298
توفي رحمه الله في ثاني المحرم بواسط وله أربع وتسعون سنة.
4 (محمود بن نصر بن حمّاد بن صدقة بن الشعار.)
أبو المجد الحراني، البغدادي، والد المحدّث إبراهيم. شيخ صالح، سمع الكثير بنفسه
من: هبة الله بن الحصين، وهبة الله بن الطبر، وأبي بكر المزرفي، فمن بعدهم. قال
ابن الدّبيثي: كان ثقة، صحيح النقل. توفي في رمضان وله ثمان وسبعون سنة. قرأت عليه
ونعم الشيخ كان. قلت: وروى عن: العلامة أبي الوفاء بن عقيل. وروى عنه: القاضي أبو
منصور سعيد بن محمد بن جحدر الصوفي. وقد قرأ بالروايات على هبة الله بن الطبر وكان
ثقة.
4 (مقاتل بن عزّون.)
الرقّي، المعروف ابن العريف المصري. واسع الرواية.) قال الحافظ ابن المفضل في
الوفيات: قرأت عليه سنن أبي داود، وأخبرنا ابن المشرّف، عن الحبّال، عن أبي محمد
النخّاس، عن ابن الأعرأبي مناولةً، عنه. وقرأت عليه ستة أجزاء من أول كتاب الأسماء
والكنى للنسائي، وهو عشرون جزءاً، عن ابن المشرف، عن الحبّال، عن ابن الخصيب، عن ابن
النسائي، عن أبيه. وناولني صحيح مسلم، أصل سماعه من يوسف الميورقي، اللخمي، عن
الحسين بن علي الطبري، بسنده.
(40/298)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 299
وتوفي في رمضان، ومولده سنة إحدى وخمسمائة رحمه الله تعالى.
4 (الموفق بن شوعة.)
اليهودي، المصري، الطبيب، الملقّب بالقيثارة. من أعيان الأطباء والكحّالين. وكان
ظريفاً، شاعراً، ماجناً. خدم السلطان صلاح الدين بالطب. وكان الشيخ نجم الدين
الخبوشاني له صورة بمصر، وفيه صلاح ودين، فإذا رأى ذمّياً راكبه قصد قتله، فكانوا
يتحامونه، فرأى الموفق راكباً فضربه بشيء أصاب عينه، فقلعها وراحت هدراً. وله،
أعني الموفق، قصيدة يهجي فيها ابن جميع اليهود يرأس الأطباء بالقاهرة ويرميه
بالأبنة. ولهم اللعنة.
4 (حرف الياء)
4 (يوسف بن إبراهيم بن عثمان.)
أبو الحجاج العبدري، الغرناطي، المعروف بالثغري. أخذ القراءآت عن: عبد الرحيم بن
الفرس، وأبي الحسن شريح بن محمد، وأبي بكر يحيى بن الخلوف، وأبي الحسن بن الباذش.
وسمع منهم، ومن: أبي مروان الباجي، وأبي بكر بن العربي، وأبي الحسن بن مغيث، وخلق.
(40/299)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 300
وصحب أبا بكر بن مسعود النحوي مدةً، وأخذ عنه العربية. وأجاز له أبو علي بن سكّرة،
وأبو بكر الطرطوشي. قال الأبّار: وكان فقيهاً حافظاً، محدّثاً، راوية، مقرئاً،
ضابطاً، مفسراً، أديباً. نزل في الفتنة) قليوشة وأقرأ فيها. وولي الصلاة والخطبة.
أكثر عنه أبو عبد الله التجيبي وقال: لم أر أفضل منه، ولا أزهد، ولا أحفظ لحديث
وتفسير منه. ولم أر بالبلاد المشرقية أفضل من أبي محمد العثماني ولا أورع. قال:
وروى عن أبي الحجاج: أبو عمر بن عياد، وأبو العباس بن عميرة، وأبو سليمان بن حوط
الله. وتوفي رحمه الله في شوال، وله سنة.
4 (يونس بن محمد بن منعة بن مالك بن محمد.)
الإمام رضي الدين أبو الفضل الموصل الإربلي الأصل، الشافعي. والد الشيخ كمال الدين
موسى وعماد الدين محمد. ولد بإربل، وتفقه بالموصل على الحسين بن نصر بن خميس
الجهني، وسمع منه كثيراً من حديثه. ثم انحدر إلى بغداد وتفقه بها على أبي منصور
سعيد بن محمد الرزاز.
(40/300)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 301
ثم ردّ إلى الموصل وسكنها، وصادف بها قبولاً عند متولّيها زين الدين علي كوجك صاحب
إربل. ودرّس وأفتى وناظر، وتفقه به جماعة. توفي في المحرم وله ثمان وستون سنة.
ورّخه ابن خلّكان. وفيها ولد: نقيب الأشراف بهاء الدين علي بن محمد بن أبي الجن.
وأبو المجد عبد الملك بن نصر بن الفوي بالثغر. سمع من ابن المفضّل. وأبو بكر بن
علي بن بكّار.
(40/301)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 302
4 (وفيات سنة ثمانين وخمسمائة)
4 (حرف الألف)
4 (أحمد بن علي بن معمر بن رضوان.)
أبو بكر بن جرادة المشاهر البغدادي. سمع: إسماعيل بن ملّة، وأبا طالب بن يوسف. سمع
منه: عمر بن علي.) وتوفي في جمادى الآخرة، وهو ابن خمس وتسعين سنة. قاله الدّبيثي.
4 (أحمد بن المبارك بن درك.)
أبو العباس البغدادي، الضرير، المقرئ، الدارقزّي. شيخ صالح. سمع: أبا القاسم بن
بيان، وأحمد بن علي بن قريش. سمع منه: أحمد بن طارق، وعبد العزيز بن الأخضر،
وغيرهما. وقال إلياس بن جامع الإربلي: قرأت عليه جزءاً تحت شجرة في داره، فقال لي:
قرأت تحت هذه الشجرة عشرة آلاف ختمة. توفي في جمادى الآخرة، وله ثمان وسبعون سنة.
(40/302)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 303
4 (إبراهيم بن حسين بن يوسف بن محارب.)
أبو إسحاق القيسي البلنسي، المقرئ. أخذ القراءآت عن أبي عبد الله بن سعيد. سمع من:
أبي بكر بن برنجال. وأخذت عنه القراءآت وكتبها. وكان مشهوراً بالتجويد. قال الأبّار:
أخذ عنه شيوخنا أبو عبد الله بن واجب، وأبو الحجاج بن أيوب، وأبو الحسن بن خيرة.
وقرأ عليه في صغره أبو جعفر بن عون الله الحصّار. توفي سنة ثمانين أو إحدى
وثمانين.
4 (إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق.)
الملك قطب الدين صاحب ماردين. وليها مدةً طويلة بعد أبيه. وكان موصوفاً بالشجاعة
والعدل. توفي في جمادى الآخرة، وخلّف ولدين صغيرين، فأقيم في الأمر أحدهما، وهو
حسام الدين، وقام بتدبيره مملوكه نظام الدين ألبقش من تحت جناح خال أبيه شاه أرمن
صاحب خلاط. فلما مات ولي الآخر قطب الدين، فامتدت أيامه إلى أن قتل ألبقش واستقل
بالأمر.)
(40/303)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 304
4 (حرف الباء)
4 (بدر بن عبد الغني بن محمد.)
أبو النجم الطحان، الواسطي، المقرئ. قرأ على: علي بن شيران، وأبي محمد سبط الخياط.
روى القراءآت بواسط. قال الدّبيثي: سمعت منه. وتوفي في ربيع الأول.
4 (حرف الحاء)
4 (الحسن بن عيسى بن أصبغ.)
أبو الوليد الأزدي، القرطبي، المعروف بابن المناصف. روى عن: عم أبيه أبي محمد بن
عتّاب، سمع منه المدوّنة وكتابه الكبير في المواعظ الملقب بشفاء الصدور. وله إجازة
عن: أبي علي بن سكّرة. ولي خطابة إشبيلية. وحدّث عنه: أبو القاسم بن الملجوم، وأبو
سليمان بن حوط الله، وأبو الخطاب بن دحية. وتوفي في المحرم. وولد ظنّاً سنة اثنتين
وخمسمائة.
4 (الحسين بن علي بن عبد الواحد بن شبيب.)
أبو عبد الله النصيبي، ثم البغدادي، الكاتب. كان كاتباً منشئاً، فصيحاً، بليغاً،
مفوّهاً، له النّظم والنثر. وكان يدخل على المستنجد بالله ويجالسه، ويحب سماع
كلامه. ويأمره
(40/304)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 305
بإطالة مقامه. قال له مرةً مصحّفاً: أإبن شبيب فجاوبه مسرعاً: عبد مولانا. توفي في
ربيع الآخر.
4 (حرف الزاي)
4 (زهير بن محمد بن أحمد بن أبي سعيد.)
أبو سعد الإصبهاني، يعرف بشعرانة.)
(40/305)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 306
والد محمد شعرانة الذي أجاز للقاضي تقي الدين الحنبلي. سمع: سعيد بن أبي الرجاء
الصيرفي. قال الدّبيثي: وكان مقرئاً مجوّداً، قدم بغداد، ولقيه بالحلّة وبمدينة
النبي صلّى الله عليه وسلّم، وسمعت منه. وتوفي معنا بوادي العروس في تاسع المحرم.
4 (حرف السين)
4 (السّديد.)
أبو البيان بن المدوّر اليهودي، طبيب السلطان صلاح الدين. كان حاذقاً بصيراً
بالعلاج، خدم الخلفاء الباطنية، وخدم بعدهم صلاح الدين، وطال عمره وانقطع. وكان له
في الشهر أربعة وعشرون ديناراً إلى أن مات إلى لعنة الله. وكان يقرئ الطب في داره
بمصر، وعاش ثلاثاً وثمانين سنة. وهو من تلامذة زين الحسّاب. توفي سنة ثمانين.
4 (سعد بن الحسن بن سلمان.)
أبو محمد الحرّاني، ثم البغدادي، ويعرف بابن التوراني. وتوران قرية على باب حرّان.
كان تاجراً معروفاً، وأديباً شاعراً. جالس أبا منصور الجواليقي، وغيره. روى عنه
أبو سعدون شعره في الذيل.
(40/306)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 307
وتوفي في ذي القعدة.
4 (حرف العين)
4 (عبد الله بن محمد وقّاص.)
أبو محمد اللمطي، الميورقي، خطيب ميورقة ومفتيها. استشهد في الحادثة الكائنة بقصر
ميورقة في هذا العام.
4 (عبد الرحيم بن أبي البركات إسماعيل بن أبي سعد أحمد بن محمد.)
صدر الدين أبو القاسم النيسأبوري، ثم البغدادي، الصوفي. شيخ الشيوخ. كان حسن النظم
والنثر، وله رأي ودهاء وتقدّم وجاه عريض. فكان المشار إليه في حسن الرأي والتدبير،
مع زهد وعبادة.) ترسّل إلى الشام، وكانت الملوك تستضيء برأيه. سمع: أباه، وأبا
القاسم بن الحصين، وزاهر بن طاهر، وأبا علي
(40/307)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 308
الفارقي، ومقرّب بن الحسين النسّاج. وروى الكثير، وكان صدوقاً نبيلاً. سمع منه:
أبو سعد السمعاني مع تقدّمه، وأبو الخير القزويني، وأبو منصور حفدة العطاري. وروى
عنه: أبو أحمد بن سكينة، وابنه أبو الفتوح، وأبو عبد الله محمد بن الدّبيثي، وسالم
بن صصرى، وآخرون. وكان في الرسلية من قبل أمير المؤمنين، هو والطواشي شهاب الدين
بشير، فمرضا بدمشق، وطلبا العودة إلى بغداد. وسارا في الحر، فتوفي بشير بالسخنة.
وأما الشيخ صدر الدين فإنه لم يستعمل في مرضه هذا دواءً توكّلاً على الله تعالى.
كذا نقل ابن الأثير في تاريخه. وتوفي بالرحبة في رجب. وكان معه كفنه إلى أين سافر،
وكان من غزل أمه، ومعه دينار لتجهيزه، من أجرة غزل أمه.
4 (عبد الرحيم بن عمر بن عبد الرحيم بن أحمد.)
(40/308)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 309
أبو القاسم الحضرمي، الفاسي، المعروف بابن عكيس. سمع بقرطبة وإشبيلية من: أبي
الحسن بن المغيث، وأبي بكر بن العربي. وكان حافظاً، مشاوراً، فقيهاً، مبرّزاً، له
تواليف. حدّث عنه: ابنه عمر، وأبو محمد بن مطروح. توفي في شعبان وله ثمانون سنة.
4 (عبد القادر بن هبة الله الغضائري.)
سمع: أبا القاسم بن الحصين، وأبا الحسين بن الفرّاء. كتب عنه: ابن مشّق، وغيره.
4 (عبد اللطيف بن محمد بن ثابت.)
الخجندي، رئيس إصبهان. عالم، إمام كبير القدر، بعيد الصّيت. قدم بغداد ووعظ، وحج،
وعاد إلى بلده.) فتوفي في ربيع الأول، وقد حدّث.
4 (عبيد الله بن علي بن محمد بن محمد بن الحسين بن الفرّاء.)
(40/309)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 310
أبو القاسم بن أبي الفرج ابن أبي خازم ابن القاضي أبي يعلى البغدادي، الحنبلي.
سمّعه أبوه الكثير من أبي منصور عبد الرحمن القزّاز، وأبي منصور بن خيرون، وأبي
عبد الله السلال، وأبي الحسن بن عبد السلام. وطلب هو بنفسه، وأكثر عن أصحاب عاصم
بن الحسن، وطراد. وبالغ حتى سمع من أصحاب ابن الحصين. وكتب وحصّل الأصول. قال ابن
النجار: وكانت داره مجمعاً لأهل العلم والشيوخ، وينفق عليها ويتكرّم. وكان لطيفاً
حسن الأخلاق ذا مروءة. قرأ الفقه وشهد على القضاة، ثم عزل لما ظهرت منه أشياء لا
تليق بأهل الدين قبل موته بقليل. سمع منه: ابن الأخضر، وكان يصفه بالسخاء والعطاء.
وقال لي ابن القطيعي: كان عدلاً في روايته ضعيفاً في شهادته. مات سنة ثمانين في
آخرها. مرض بالفالج أسبوعاً. ومولده سنة سبع وعشرين. قلت: روى عنه الشيخ الموفق
وقال: كان آخر من بقي من ذرية القاضي أبي يعلى ممن له حشمة وجاه ومنصب. وكان له
دار واسعة، وعنده أكثر كتب أبي يعلى. ثم افتقر فباع أكثرها.
4 (عتيق بن أحمد بن سلمون.)
أبو بكر البلنسي، النحوي. أخذ القراءآت عن: ابن هذيل والنحو عن: أبي محمد بن
عبدون. استشهد في كائنة غربالة.
4 (عثمان بن محمد بن عيسى.)
(40/310)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 311
أبو عمرو اللخمي، المرسي، البشجي، نسبةً إلى بعض الثغور. أخذ عن: أبي الحسن بن
هذيل، وأبي عبد الله بن سعادة. وكان فقيهاً ماهراً، مدرّساً، مناظراً. تفقّه به
أبو سليمان بن حوط الله.) وروى عنه: هو، وأبو عيسى بن أبي السداد.
4 (علي بن محمد بن عبد الوارث.)
أبو الحسن الغرناطي. روى عن: أبي الحسين بن ثابت، وابن العربي، وشريح بن محمد،
وأبي جعفر البطروجي. قال ابن الزبير: صاحب رواية ودراية وخير وتواضع. توفي سنة
ثمانين أو نحوها.
4 (علي بن محمد بن عبد الملك.)
(40/311)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 312
أبو الحكم اللخمي الإشبيلي. نزل به أبوه قرطبة. سمع: أباه، وأبا عبد الملك بن مكي،
وأبا الحسن بن مغيث. وولي خطّة الكتابة بمراكش. وكان كاتباً بليغاً مفوّهاً، من
بيت الرئاسة. حدّث في هذا العام واختفى خبره.
4 (حرف الميم)
4 (محمد بن أحمد بن أبي علي.)
أبو بكر الإصبهاني، ثم البغدادي السيدي، منسوب إلى خدمة الأمير السيد أبي الحسن
العلوي. شيخ صالح. سمع في الكهولة من: ابن البطي، وأبي زرعة، ومعمّر بن الفاخر.
وسمّع: ابنه عبد الكريم، وحفيده أبا جعفر محمداً. وكان ثقة. روى عنه: إلياس بن
جامع الإربلي في مصنفاته. وتوفي في شعبان، وله سبعون سنة.
4 (محمد بن أحمد بن أبي علي محمد بن سعيد بن نبهان.)
أبو الفرج البغدادي، الكرّاخي. سمع من: جدّه، وابن بيان الرزاز.
(40/312)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 313
روى عنه: تميم البندنيجي، والحسين بن محمد بن عبد القاهر، وأبو بكر عبد الله بن
أحمد) المقرئ، وسالم بن صصرى، ومحمد بن إسماعيل الطبال، وجماعة. وكان شاعراً يمدح
الرؤساء، وله:
(تركت القريض لمن قاله .......... وجود فلان وأفضاله)
(وتبت من الشعر لما رأيت .......... كساد كساد القريض وإهماله)
(وعدت إلى منزلي واثقاً .......... برب يرى الخلق سوّاله)
توفي في رمضان وله أربع وتسعون سنة.
4 (محمد بن أحمد بن طاهر.)
أبو بكر الأنصاري، الإشبيلي، النحوي. ويعرف بالخدب. أخذ العربية عن: أبي القاسم بن
الرمال، وأبي الحسن بن مسلم. وساد أهل زمانه في العربية، ودرّس في بلاد مختلفة.
وكان قائماً على كتاب سيبويه، وله عليه تعليق سماه الطرر، لم يسبق إلى مثله. وكان
يتعانى التجارة، فدخل مدينة فاس وأقرأ أهلها مدةً. أخذ عنه: أبو ذر الخشني، وأبو
الحسن بن خروف. وحج، وأقرأ بمصر، وحلب، والبصرة، ثم رجع. واختلط عقله فأقام
ببجّاية وربما ثاب إليه عقل فيتكلم في مسائل أحسن ما يكون. ذكره الأبّار.
(40/313)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 314
4 (محمد بن حمزة بن محمد بن أحمد بن سلامة بن أبي جميل.)
القرشي أبو عبد الله بن أبي يعلى الشروطي المعدّل الدمشقي، المعروف بابن أبي
الصقر. أحد محدّثي دمشق الثقات. ولد في رجب سنة تسع وتسعين وأربعمائة. وسمع من:
هبة الله بن الأكفاني، وعلي بن أحمد بن قبيس، وجمال الإسلام أبي الحسن السلمي،
وطائفة. ورحل سنة تسع وعشرين، فسمع: هبة الله بن الطبر، وأبا بكر الأنصاري،
وجماعة. ولم يزل مشتغلاً بالطلب والإفادة. وسمّع ولده مكرماً من حمزة بن الحبوبي،
وطبقته. وكان شروطي البلد. روى عنه: البهاء عبد الرحمن، وعبد القادر الرهاوي، وأبو
الحسن القطيعي، والضياء محمد،) وآخرون. وقرأت وفاته بخط الحافظ الضياء في يوم
السبت السابع والعشرين من صفر سنة ثمانين.
(40/314)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 315
قلت: روى عنه: أبو المواهب بن صصرى.
4 (محمد بن خالد بن بختيار.)
أبو بكر الأزجي ابن الرزاز، الضرير، المقرئ. قال الدّبيثي: شيخ فاضل، عارف
بالقراءآت وأدب. قرأ على أبي عبد الله البارع، وسبط الخياط، ودعوان بن علي. وسمع
منهم. وأقرأ الناس مدةً، وتخرج به جماعة في النحو. وكان ثقة عارفاً بوجوه
القراءآت. أمّ مدةً بمسجد دعوان بباب الأزج. وتوفي في المحرم رحمه الله.
4 (محمد بن سعيد بن عبيد الله.)
أبو المظفر المؤدب. شيخ بغدادي، مليح الخط. علّم خلقاً. قال الدّبيثي: هو مؤدبنا.
وكان شيخنا ابن ناصر يقول: هو علمني الخط. حدّث عن: أبي بكر محمد بن عبد الباقي
الأنصاري، وأبي منصور بن الجواليقي، وجماعة. وتوفي في ربيع الآخر.
4 (محمد بن عبد الكريم بن الفضل.)
(40/315)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 316
أبو الفضل القزويني، الرافعي، الفقيه الشافعي، والد صاحب الشرح تفقه ببلده على
ملكداذ بن علي العمركي، وأبي علي بن شافعي، وأبي سليمان الزبيري. وسمع منهم. ثم
قدم بغداد، وتفقه على أبي منصور بن الرزاز بالنظامية، وسمع منه. ومن: سعد الخير،
ومحمد بن طراد الزينبي، وغيرهم. ثم رحل إلى محمد بن يحيى فقيه نيسأبور فتفقه عنده،
وبرع في المذهب. وسمع من: عبد الله بن الفراوي، وعبد الخالق بن الشحامي. ثم عاد
إلى وطنه، ودرّس الفقه وروى الحديث. أخذ عنه: ابنه الإمام أبو الفضائل، وغيره.)
وتوفي في رمضان وهو في عشر السبعين.
4 (محمد بن أبي بكر محمد بن عبد الرحمن.)
أبو عبد الرحمن المروزي، الكشميهني، الصوفي. قدم دمشق سنة ثمان وخمسين، وحدّث بها
عن: محمد بن علي الكراعي. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وغير واحد.
(40/316)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 317
ومات سنة 580.
4 (المبارك بن محمد بن يحيى.)
أبو بكر ابن الواعظ الزبيدي. قدم مع أبيه بغداد وسكنها، وتكلّم في الوعظ. وسمّع
ابنيه الحسن والحسين من أبي الوقت. وحدّث عن: أبي غالب بن البنّاء، وغيره. أخذ
عنه: محمد بن أحمد بن صالح الجيلي، وابن الدّبيثي، وغيرهما. وتوفي في جمادى
الآخرة، وله سنة.
4 (محمود بن أبي القاسم بن عمر بن حمكا.)
أبو الوفاء سبط محمد بن أحمد البغدادي، الإصبهاني. شيخ معمّر، مسند، ثقة. حمل
الناس عنه، وطال عمره. وتفرّد في عصره. وكانت له إجازة من النقيب طراد الزينبي،
وابن طلحة النعالي. وسمع: أبا الفتح أحمد بن عبد الله السوذرجاني. وحدّث ببغداد في
سنة ست وخمسين وخمسمائة. وتوفي سنة ثمانين هذه في ربيع الآخر وله إحدى وتسعون سنة.
روى عنه: محمد بن محمد بن محمد بن واقا، وأبو الفتوح بن الحصري، والحافظ عبد
الغني. وهو ابن أخت الحافظ أبي سعد البغدادي.
4 (حرف الهاء)
4 (هبة الله بن أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن البخاري.)
(40/317)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 318
أبو المظفر، ابن عم قاضي القضاة أبي طالب.) تفقه على مذهب الشافعي، وبرع في علم
الكلام. وولاه أمير المؤمنين الناصر نيابة الوزارة إلى أن مات في المحرم. بقي فيها
بعض سنة.
4 (حرف الواو)
4 (وشاح بن جواد بن أحمد.)
أبو طاهر البغدادي، الضرير. سمع: أبا طالب عبد القادر بن يوسف. أخذ عنه: أبو محمد
بن الأخضر، وغيره. توفي في شعبان.
4 (حرف الياء)
4 (يوسف بن عبد المؤمن بن علي.)
السلطان أبو يعقوب صاحب المغرب. لمّا مات عبد المؤمن في سنة ثمان وخمسين كان قد
جعل الأمر بعده
(40/318)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 319
لابنه الأكبر محمد، وكان لا يصلح للملك لإدمانه الخمور وكثرة طيشه. وقيل: كان به
أيضاً جذام. فاضطرب أمره، وخلعه الموحّدون بعد شهر ونصف. ودار الأمر بين أخويه
يوسف وعمر، فامتنع عمر وبايع أخاه مختاراً، وسلّم إليه الأمر، فبايعه الناس،
واتّفقت عليه الكلمة بسعي أخيه عمر، وأمّهما هي زينب بنت موسى الضرير. وكان أبو
يعقوب أبيض بحمرة، أسود الشعر، مستدير الوجه، أفوَه، أعيَن، إلى الطّول ما هو، حلو
الكلام، في صوته جهارة، وفي عبارته فصاحة. حلو المفاكهة، له معرفة تامّة باللغة
والأخبار. قد صرف عنايته إلى ذلك لمّا ولي لأبيه إشبيلية، وأخذ عن علمائها، وبرع
في أشياء من القرآن والحديث والأدب. قال عبد الواحد بن علي التّميميّ في كتاب
المعجِب: صحّ عندي أنّه كان يحفظ أحد الصحيحين، غالب ظنّي أنّه البخاري. وكان سديد
الملوكيّة، بعيد الهمّة، سخيّاً، جواداً، استغنى الناس في أيّامه، وتموّلوا. قال:
ثم إنّه نظر في الفلسفة والطب، وحفظ أكثر الكتاب الملكيّ. وأمر بجمع كتب الفلاسفة،
فأكثر منها وتطلّبها من الأقطار. وكان ممّن صحبه أبو بكر محمد بن طُفيل الفيلسوف،
وكان) بارعاً في علم الأوائل، أديباً، شاعراً، بليغاً، فكان أبو يعقوب شديد الحبّ
له. بلغني أنّه كان يقيم عنده في القصر أيّاماً ليلاً ونهاراً، وكان هو الذي نبّه
على قدر الحكيم أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد المتفلسف. وسمعت أبا بكر
بن يحيى القرطبي الفقيه يقول: سمعت الحكيم أبا الوليد يقول: لمّا دخلت على أمير
المؤمنين أبي يعقوب وجدته هو وأبو بكر بن طُفيل فقط، فأخذ أبو بكر يُثني عليّ
ويُطريني، فكان أوّل ما فاتحني به أمير المؤمنين أن قال لي: ما رأيهم، يعني
الفلاسفة، في السماء، أقديمة أم حادثة فأدركني الخوف فتعلّلت وأنكرت اشتغالي بعلم
الفلسفة، ففهم مني
(40/319)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 320
الرَّوع، فالتفت إلى ابن طفيل وجعل يتكلّم على المسألة، ويذكر قول أرسطو فيها،
ويورد احتجاج أهل الإسلام على الفلاسفة، فرأيت منه غزارة حفظ لم أظنّها في أحد من
المشتغلين. ولم يزل يبسطني حتّى تكلّمت، فعرف ما عندي من ذلك. فلمّا قمت أمر لي
بخلعةٍ ودابّةٍ ومال. وقد وَزَرَ لأبي يعقوب أخوه عمر أيّاماً، ثم رفع قدره عنها،
وولّى أبا العلاء إدريس بن جامع إلى أن قبض عليه سنة سبع وسبعين، وأخذ أمواله،
واستوزر وليّ عهده ولده يعقوب. وكتب له ولده عيّاش بن عبد الملك بن عيّاش كاتب
أبيه، وأبو القاسم العالميّ، وأبو الفضل جعفر بن أحمد بن محشوه البِجّائيّ. وكان
على ديوان جيشه أبو عبد الرحمن الطّوسيّ. وكان حاجبه مولاه كافور الخَصيّ. وكان له
من الولد ستة عشر ذَكَراً منهم صديقي يحيى. قال: ومنه تلقّيت أكثر أخبارهم. ولم أر
في الملوك ولا في السّوقة مثله. قال: وقضاته: أبو محمد المالقيّ، ثم عيسى بن عمران
التّاري، وتارا من أعمال فاس. ثم الحجّاج بن إبراهيم التُجيبيّ الأغماتيّ الزاهد،
فاستعفى، فولي بعده أبو جعفر أحمد بن مضاء القرطبيّ. وفي سنة اثنتين وستين
وخمسمائة نزعت قبيلة غمارة الطاعة، وكان رأسهم سُبع بن حيّان ومزردع فدعوا إلى
الفتنة. واجتمع لهم خلق. وبلاد غَمارة طولاً وعرضاً مسيرة اثنتي عشرة مرحلة، فخرج
أبو يعقوب بجيوشه، فأسلمت الرجلين جموعهما فأُسِرا، وشرّدهما إلى قرطبة. ودخل
الأندلس، والتفت على ما بيد محمد بن سعيد بن مردنيش، فنزل إشبيلية، وجهّز العساكر
إلى محمد، وأمّر عليهم أخاه أمير غَرناطة عثمان. فخرج محمد في جموع أكثرها من
الفرنج.) وكانوا أجناده، قد اتّخذهم أنصاره لمّا أحسّ باختلاف قوّاده عليه، فقتل
أكثرهم، وأمّر الفرنج وأقطعهم. وأخرج
(40/320)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 321
الكثير من أهل مُرسِية وأسكن الفرنج دورهم. فالتقى هو والموحّدون على فرسخ من
مُرسية، فانكسر وانهزم جيشه، وقُتل منهم جملة. ودخل مُرسية مستعدّاً للحصار،
فضايقه الموحّدون، وما زالوا محاصرين له إلى أن مات، فسُتِرت وفاته إلى أن ورد
أخوه يوسف بن سعد من بلنسية، فاتّفق رأيه ورأي القوّاد على أن يسلّموا إلى أبي
يعقوب البلاد. ففعلوا ذلك. وقد قيل إنّ محمد بن سعد لمّا احتضر أشار على بنيه
بتسليم البلاد. وسار أبو يعقوب من إشبيلية قاصداً بلاد الأدفنش لعنه الله تعالى.
فنازل مدينة وَبزي، وهي مدينة عظيمة، فحاصرها أشهراً إلى أن اشتدّ الأمر وأرادوا
تسليمها. قال: فأخبرني جماعة أنّ أهل هذه المدينة لمّا برح بهم العطش أرسلوا إلى
أبي يعقوب يطلبون الأمان، فأبى، وأطمعه ما نقل إليه من شدّة عطشهم وكثرة من يموت
منهم فلمّا يئسوا من عنده سُمِع لهم في الليل لغَط وضجيج، وذلك أنّهم اجتمعوا
يدعون الله ويستسقون، فجاء مطر عظيم كأفواه القِرَب ملأ صهاريجهم وتقوّوا، فرحل
عنهم أبو يعقوب بعد أن هادن الأدفنش سبع سنين. وأقام بإشبيلية سنتين ونصف، ورجع
إلى مراكش في آخر سنة تسع وستّين وقد ملك الجزيرة بأسرها. وفي سنة إحدى وسبعين خرج
إلى السوس لتسكين خلاف وقع بين القبائل فسكّنهم. وفي سنة خمس وسبعين خرج إلى بلاد
إفريقية حتى أتى مدينة قفصة. وقد قام بها ابن الرّند، وتلقّب بالناصر لدين النّبيّ
صلّى الله عليه وسلّم، فحاصره وأسره،
(40/321)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 322
وصالح ملك صقَلية وهادنه على أن يحمل إليه كل سنة مالاً، فأرسل إليه فيما بلغني
ذخائر معدومة النظير، منها حجر ياقوت على قدر استدارة حافر الفرَس، فكلّلوا به
المصحف، مع أحجار نفيسة. وهذا المصحف من مصاحف عثمان رضي الله عنه، من خزائن بني
أميّة، يحمله الموحّدون بين أيديهم أنّى توجّهوا على ناقة عليها من الحليّ
والديباج ما يعدل أموالاً طائلة. وتحته وِطاء من الديباج الأخضر، وعن يمينه وشماله
لواءآن أخضران مذهّبان لطيفان. وخلف الناقة بغلٌ مُحَلّى عليه مصحف آخر. قيل بأنّه
بخط تومَرت. هذا كلّه بين يدي أمير المؤمنين.) قال: وبلغني من سخاء أبي يعقوب أنّه
أعطى هلال بن محمد بن سعد المذكور أبوه في يوم إثني عشر ألف دينار وقرّبه، وبالغ
في رفع منزلته. وقال الحافظ أبو بكر بن الجدّ: كنّا عند أمير المؤمنين أبي يعقوب،
فسألَنا عن سحر النبي صلّى الله عليه وسلّم كم بقي مسحوراً فبقي كل إنسان منّا
يتزمزم، فقال: بقي به شهراً كاملاً. صحَّ ذلك. وكان أمير المؤمنين إماماً يتكلّم
في مذاهب الفقهاء فيقولك قول فلانٍ صواب، ودليله من الكتاب والسنة كذا وكذا،
فنتابعه على ذلك. قال عبد الواحد: ولمّا تجهّز لحرب الروم أمر العلماء أن يجمعوا
أحاديث في الجهاد تملى على الموحّدين ليدرسوا. ثم كان هو يملي بنفسه عليهم، فكان
كلّ كبير من الموحّدين يجيء بلوح ويكتب. وكان يُسهل عليه بذل الأموال سعة ما
يتحصّل من الخراج. كان يرتفع إليه من إفريقية في كل سنة مائة وخمسون، حمل بغل، هذا
سوى حمل بِجاية وأعمالها. وكانت أيّامه مواسم وخصباً وأمناً. وفي سنة تسع وسبعين
تجهّز للغزو واستنفر أهل السهل والجبل والعرب، فعبر بهم الأندلس فنزل إشبيلية، ثم
قصد مدينة شَنترين أعادها إلى المسلمين، وهي بغرب الأندلس. أخذها ابن الربق لعنه
الله، فنازلها أبو
(40/322)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 323
يعقوب وضايقها، وقطع أشجارها، وحاصرها مدّة. ثم خاف المسلمون البرد وزيادة النهر،
فأشاروا على أبي يعقوب بالرجوع فوافقهم. وقال: غداً فرحل. فكان أوّل من قوّض خباءه
أبو الحسن علي بن القاضي عبد الله المالقيّ، وكان خطيبهم. فلمّا رآه الناس قوّضوا
أخبيتهم ثقةً به لمكانه، فعبر تلك العشيّة أكثرُ العسكر النهر، وتقدموا خوف
الزحام، وبات الناس يعبرون الليل كلّه، وأبو يعقوب لا علم له بذلك. فلما رأى الروم
عبور العساكر، وأخبرهم عيونهم بالأمر، انتهزوا الفرصة وخرجوا وحملوا على الناس،
فانهزموا أمامهم حتى بلغوا إلى مخيّم أبي يعقوب، فقتل على باب المخيّم خلق من
أعيان الجند، وخلص إلى أمير المؤمنين، فطعن تحت سُرّته طعنة مات منها بعد أيّام
يسيرة. وتدارك الناس، فانهزم الروم إلى البلد، وقد قضوا ما قضوا، وعبر الموحّدون
بأبي يعقوب جريحاّ في مِحَفّة، وتهدّد ابن المالقيّ فهرب بنفسه حتى دخل مدينة
شنترين، فأكرمه ابن الربق.) وبقي عنده إلى أن تهيّأ له أمر، فكتب إلى الموحّدين
يستعطفهم ويتقرّب إليهم بضعف البلد، ويدلّهم على عورته. وقال لابن الربق: إنّي أريد
أن أكتب إلى عيالي بإكرام الملك لي. فأذن له، فعثر على كتابه فأحضره وقال: ما حملك
على هذا مع إكرامي لك فقال: إنّ ذلك لا يمنعني من النصح لأهل ديني. فأحرقه. ولم
يسيروا بأبي يعقوب إلاّ ليلتين أو ثلاثاً حتى مات. وأخبرني مكن كان معهم أنّه سمع
في العسكر النداء للصلاة على جنازة رجل، فصلّى الناس قاطبة لا يعرفون على من
صلّوا. وصبّروه وبعثوا به في تأبوت مع كافور الحاجب إلى تيتمّلل، فدفن هناك مع
أبيه وابن تومرت. مات في سابع رجب، وأخذ البيعة لابنه يعقوب عند موته، فبايعوه.
وفيها وُلد:
(40/323)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 324
التّقيّ عبد الرحمن بن مُرهَف الناشريّ، المقرئ، وقاضي حماه أبو طاهر إبراهيم بن
هبة الله بن البازريّ الجُهنيّ في شعبان. وفاطمة بنت محمود ابن الملثّم العادليّ،
سمعت من البوصيريّ. وفيها وُلد: عبد الحميد بن رضوان المصريّ. وأبو القاسم محمد بن
عبد المنعم، روى عن ابن طبَرزَد. وأبو بكر محمد بن زكريّا بن رحمة.
(40/324)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 325
4 (المتوفّون على التخمين)
4 (حرف الألف)
4 (إبراهيم بن محمد.)
اللّخميّ السّبتيّ، المعروف بابن المتقن. روى عن: أبي محمد بن عتّاب، وأبي بحر
الأسديّ. وحجّ، وسمع من السِّلفيّ. قال الأبّار: توفّي بعد السبعين وخمسمائة.
4 (إسحاق بن هبة الله.)
أبو طاهر الخراقيّ، المقرئ.) قدم دمشق سنة اثنتين وسبعين، وحدّث عن: علي بن
الصّبّاغ. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى، وغيره.
4 (إسماعيل بن غانم بن خالد.)
أبو رشيد الإصبهانيّ، البيّع. سمع: أبا الفتح أحمد بن عبد الله السّوذر جاني،
وأحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه، وجماعة. وعمّر دهراً.
(40/325)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 326
روى عنه: الحافظ عبد الغني، ومحمد بن سعيد بن أحمد الأسواريّ، ومحمد بن النجيب
أحمد ابن نصر الإصبهانيّ، وآخرون. وبقي إلى سنة خمس وسبعين. وهو من كبار الشيوخ
الذين لحقهم عبد الغني بإصبهان.
4 (إسماعيل بن يونس بن سلمان.)
القُرشيّ، الدّمشقي المعروف بابن الأفطس. سمع: هبة الله بن الأكفانيّ، وعلي بن
أحمد بن قبيس. وأجاز للضياء محمد.
4 (حرف الحاء)
4 (حبيب بن إبراهيم بن عبد الله.)
أبو رشيد الإصبهاني، المقرئ. سمع: محمود بن إسماعيل الصيرفي، وغيره. وعنه: الحافظ
عبد الغني، وغيره. وأجاز للحافظ الضياء فيما أظن.
4 (حرف الزاي)
4 (زاهر بن إسماعيل بن أبي القاسم.)
الهمذانيّ. أجاز للضياء في سنة أربع وسبعين. وأدركه الحافظ عبد الغنيّ.)
4 (حرف السين)
4 (سالم بن عبد السلام بن علوان.)
(40/326)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 327
أبو المُرجّى البوازيجي، الصوفي. صحب أبا النّجيب السّهروَرديّ ولازمه. وسمع معه
من: زاهر الشّحّامي، وغيره. وعنه: يوسف بن محمد الواعظ، وعمر بن محمد المقرئ،
وشهاب الدين السهرورديّ، وغيرهم. وتوفّي قبل الثمانين وخمسمائة. قاله ابن
الدّبيثي.
4 (سلامة الصيّاد.)
المَنبِجيّ، الزاهد، رفيق الشيخ عديّ. قال الحافظ عبد القادر الرُّهاوي، وكانا
جميعاً من تلاميذ الشيخ عقيل: المنبجيّ الزاهد، ساح ولقي المشايخ، ورأى منهم
الكرامات، وأقام بالموصل مدّة في زمن بني الشهرزوريّ حين كان لا يقدر أحدٌ أن
يتظاهر بالحنبلية ولا السنّة. فأقام يُظهر السنة ويُحاجّ عنها. ثم رجع إلى منبج،
فأقام بها إلى أن مات. وكان يتعيّش في المقاثي وعمل الحصر، وينفق من ذلك. دخلت
عليه بمنبج في داره وهو جالس على حصير يعمله، فترك العمل، وأقبل عليّ يحادثني،
فرأيت منه وقاراً وعدلاً وحفظ لسان، وتعرّياً من الدعاوى.
(40/327)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 328
وكان قد لزم بيته، وترك الخروج إلى الجماعة لأنّ أهل منبج كانوا قد صاروا ينتحلون
مذهب الأشعريّ، و يبغضون الحنابلة بسبب واعظٍ قدِم يسمّى الدّماغ، فأقام بها مدّة،
وحسّن لهم ذلك. وكان البلد خالياً من أهل العلم، فشربت قلوبهم ذلك. قال: وسمعت
رجلاً يقول للشيخ عسكر النصيبي: أهل منبج قد صاروا يبغضون أهل حران. فقال: لا يبغض
أهل حران من فيه خير. وسمعت الشيخ سلامة يقول، لما مضى الدماغ إلى دمشق ومات،
جاءنا الخبر فقاموا يصلون عليه، ولم أقم أنا، فقالوا لي: ما تصلي عليه فقلت: لا،
قعودي أفضل. وقالوا لي: لم لا تخرج إلى الجماعة فقلت: جماعتكم صارت فرقة.) وقال لي:
عبر الشيخ الزاهد أبو بكر بن إسماعيل الحراني على منبج، ولم يدخل إلي، وبعث يقول:
إنه لم يدخل إلي لأجل أهل منبج. وأنا إيش ذنبي. وكان الشيخ أبو بكر يذكره كثيراً،
وينوّه باسمه، ويحث على زيارته، وهو الذي عرّفنا به. سمعت الشيخ سلامة يقول: كنت
بالموصل في زمن بني الشهرزوري أذكر السنّة، وأنكر السماع. سمعت رجلاً من أهل
الموصل يقول: جئت إلى الجزيرة، فأخبرت أن الشيخ هناك، فسألت عنه فوجدته في بعض
المساجد، فجئت إليه، ثم خرجنا من هناك، فمشى بين يديّ، فنظرت فإذا هو سبقني، فقلت
في نفسي من غير أن يسمع، كذا وكذا من أخت كذا. فالتفت إلي وقال: أي أخواتي فإنهن
جماعة؟ قلت: أيهن شئت.
(40/328)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 329
4 (سليمان بن محمد بن سليمان.)
أبو الربيع الحضرمي، الإشبيلي، المعروف بالمفوّقي. روى عن: أبي محمد بن عتّاب،
وأبي بحر الأسدي. وكان يعقد الشروط. وكان أبو بكر بن الجد يغض منه ويغص به. روى
عنه: ابن أخته محمد بن علي التجيبي. قال الأبّار: توفي في حدود الثمانين.
4 (السموأل بن يحيى بن عياش.)
المغربي، ثم البغدادي. كان يهودياً فأسلم، وبرع في العلوم الرياضية. وكان يتوقّد
ذكاءً، وسكن بلاد العجم مدةً بأذربيجان ونواحيها. ومات قبل أن يكتهل بمراغة في هذا
القرب. قال الموفق عبد اللطيف: أبلغ في العدديات مبلغاً لم يصله في زمانه، وكان
حاد الذهن جداً بلغ في العدديات وصناعة الجبر الغاية القصوى. وله كتاب المفيد
الأوسط في الطب، وكتاب إعجاز المهندسين صنفه في سنة سبعين وخمسمائة، وكتاب الرد
على اليهود، وكتاب القوانين) في الحساب.
(40/329)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 330
4 (حرف الصاد)
4 (صالح بن وجيه بن طاهر بن محمد.)
الشحامي. أجاز للشيخ الضياء في مرويّاته.
4 (حرف العين)
4 (عباس بن أبي الرجاء بن بدر.)
أبو الفضل الراراني. أجاز للضياء من إصبهان. وهو أخو خليل. سمع من: الحداد.
4 (عبد الله بن عبد الواحد بن الحسن بن المفرّج.)
أبو محمد الكناني، الدمشقي، المؤدب. إمام مسجد لبيد بالفسقار. سمع: أبا الحسن بن
الموازيني، ومحمد بن علي بن محمد بن أبي العلاء المصّيصي. قال أبو المواهب بن
صصرى: وكانت له حلقة بالجامع يقرئ بها الصبيان، وكان شيخاً صالحاً. وقال ابن خليل:
ولد في رجب سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة قلت: روى عنه: أبو المواهب بن صصرى،
والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. وأجاز لجماعة. وتوفي سنة نيّف وسبعين، وقد جاوز الثمانين
رحمه الله تعالى.
(40/330)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 331
4 (عبد الجبار بن محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني.)
أبو سعيد الإصبهاني. من كبار مسندي بلده. سمع من: القاسم بن الفضل الإصبهاني،
الثقفي. وحدّث سنة سبعين. وتوفي بعد ذلك بسنة أو نحوها.) روى عنه: محمد بن خليل
الراراني، وعمر بن أبي بكر بن مسعود الإصبهاني. وبالإجازة كريمة.
4 (عبد الرزاق بن إسماعيل بن محمد بن عثمان.)
أبو المحاسن الهمذاني القومساني. سمع: عبد الرحمن بن حمد الدوني، وناصر بن مهدي
الهمذاني، وغيرهما. روى عنه: الحافظ عبد الغني. وأجاز للحافظ الضياء في سنة أربع
وسبعين.
4 (عبد الملك بن محمد بن عبد الملك.)
أبو مروان الأنصاري، الإشبيلي، الحمامي. سمع: تاريخ ابن خيثمة من: أبي الحسن بن
مغيث. وعنه: أبو القاسم الملاّحي، وأبو سليمان حوط الله. مات قبل الثمانين
وخمسمائة.
4 (عبيد الله بن محمد التميمي.)
أبو الحسين ابن اللحياني، الإشبيلي، المقرئ. أخذ القراءآت عن: شريح، وأحمد بن
عيشون.
(40/331)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 332
وتصدّر للإقراء. قرأ عليه: أبو القاسم بن أبي هارون. وحدّث عنه: مفرّج بن حسين
الضرير. توفي في حدود الثمانين.
4 (علي بن بركات.)
أبو الحسن المشغراني، ثم الدمشقي، المقرئ. توفي بعد السبعين. روى عن: نصر الله بن
محمد المصّيصي. روى عنه: أبو القاسم بن صصرى.
4 (علي بن الحسين اللوّاتي.)
) مر في سنة ثلاث وسبعين.
4 (علي بن خلف بن غالب.)
أبو الحسن الأنصاري، الأندلسي، نزيل قصر كتامة. سمع من: أبي القاسم بن رضا، وأبي
عبد الله بن معمر، وأبي الحسن بن وليد بن مفوّز. وتعلّم الفرائض والحساب وتصوّف.
وصنّف كتاب اليقين. رواه عنه: عبد الجليل بن موسى. وقال أيوب بن عبد الله السبتي:
رحلت إليه مرّات إلى قصر عبد الكريم وكان قد سكنه. وكان محدّثاً شاعراً.
(40/332)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 333
4 (علي بن محمد بن ناصر.)
أبو الحسن الأنصاري، القرطبي. أخذ القراءآت عن: أبي عبد الله بن صائن، وعبد الجليل
بن عبد العزيز. وروى عن: أبي القاسم بن بقي، وأبي جعفر البطروحي، وأبي القاسم بن
رضا، وجماعة. وكان مقرئاً، نحوياً. روى عنه: أبو بكر محمد بن علي الشريشي.
4 (علي بن هبة الله.)
الكاملي، المصري. سمع من: أبي صادق مرشد المديني، وغيره. روى عنه: الحافظ عبد
الغني، وعبد القادر، وابن رواحة، وعلي بن رحّال، وعبد الرحيم بن الطفيل، ومحمد بن
الملثّم، وآخرون.
4 (علي بن أبي القاسم بن أبي حنّون.)
أبو الحسن التلمساني، قاضي مراكش. روى عن: أبي عبد الله الخولاني، وأبي علي بن
سكّرة. وعنه: أبو عبد الله بن عبد الحق التلمساني، وعقيل بن طلحة، وأبو الخطاب بن
دحية. قال الأبّار: كان حياً في حدود الثمانين.
(40/333)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 334
4 (حرف القاف)
)
4 (القاسم بن علي بن صالح.)
أبو محمد الأنصاري نزيل دانية. أخذ القراءآت عن: أبي العباس القصيبي، وأبي العباس
بن العريف، وابن غلام الفرس فسمع منه التيسير سنة سبع وعشرين وخمسمائة. وتصدّر
للإقراء بدانية. أخذ عنه: أسامة بن سليمان، وغيره. بقي إلى قريب الثمانين
وخمسمائة. نسيته وقت ترتيب الأسماء.
4 (حرف الميم)
4 (محمد بن التابلان.)
المنبجي الزاهد. قال الحافظ عبد القادر: كان رفيق الشيخ عديّ والشيخ سلامة، من
تلاميذ الشيخ عقيل. حدّثني بعض الصوفية أن الشيخ عقيل أوصى له بعد موته بالجلوس في
موضعه. دخلت عليه بمنبج غير مرة فرأيت شيخاً وقوراً مهيباً. عاش عمراً طويلاً في
طريقة حسنة ومحمود ذكر. وكان له جماعة تلاميذ. وكان حافظاً للقرآن يؤمّ بالناس.
وكان له ملك يتعيّش منه رحمه الله. قلت: كأن هذا بقي إلى قرب الستمائة، فإن ابنه
الفقيه أحمد بن محمد بن إبراهيم بن التابلان المنبجي سمع منه شيخنا الشهاب الدشتي
بمنبج، وهو يروي عن التاج الكندي.
(40/334)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 335
4 (محمد بن عبد الله بن محمد.)
الغرناطي أبو عبد الله بن الغاسل. سمع: أبا عبد الله النميري وصحبه زماناً. ورحل
معه فلقي أبا الحسن بن الباذش. وقرأ بالروايات على شريح. وسمع أيضاً: أبا الحسن بن
مغيث. وأجاز له ابن عتّاب. وكان مقرئاً، محدّثاً، ضابطاً. توفي سنة نيّف وسبعين.)
4 (محمد بن عبد العزيز.)
الفقيه أبو عبد الله الإربلي، الشافعي. قدم بغداد، وتفقه بالنظامية، وبرع في
المذهب. وولي إعادة النظامية. ومن شعره، وكتبه عنه عبد السلام بن يوسف الدمشقي:
(رويدك فالدنيا الدنيّة كم دنت .......... بمكروهها من أهلها وصحابها)
(لقد فاق في الآفاق كل موفق .......... أفاق بها من سكره وصحا بها)
(فسل جامع الأموال فيها بحرصه .......... أخلّفها من بعده أم سرى بها)
(هي الآل فاحذرها وذرها لأهلها .......... فما الآل إلا لمعة من سرابها)
(وكم أسد ساد البرايا ببرّه .......... ولو نابها خطب إذا ما دنى بها)
(فأصبح فيها عبرةً لأولي النهى .......... بمخلبها قد مزّقته ونابها)
قال ابن النجار: وبلغني أن أبا عبد الله الإربلي سافر إلى الشام ومات هناك في حدود
سنة ثمانين وخمسمائة.
4 (محمد بن علي بن عبد الله بن علي.)
(40/335)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 336
أبو بكر البتمّاري، النهرواني، المعروف بابن العجيل. سمع: أحمد بن المظفر بن سوسن،
وأبا سعيد بن خشيش. سمع منه: عمر القرشي، وغيره. وأصابه صمم. وتوفي بعد السبعين.
ذكره ابن النجار.
4 (محمد بن كشيلة.)
الحراني، الزاهد. قال الرهاوي: كان أحد مشايخ أهل حران، زهداً، وورعاً واجتهاداً
في أبواب الخير. وكان متواضعاً، كريماً، حيّياً، لا يكاد يرفع رأسه من الحياء،
صبوراً على الفقر موثراً. وكان الشيخ أبو بكر بن إسماعيل يذكره ويمدحه بكونه يعيش
من كسبه. ولما مرض أبو بكر خرج محمد إلى عيادته، فوصّى له بثلث رحاه، واستخلفه في
موضعه بالمشهد.) وسمعت بعض أصحابنا يقول: قال أصحاب أبي بكر لأبي بكر: من تأمرنا
نجالس بعدك فقال: عليكم بسيد السادات محمد. ذكر الرهاوي هؤلاء وغيرهم. وما أراه
ذكر الشيخ حياءً، وسأذكره في سنة إحدى وثمانين إن شاء الله تعالى.
4 (محمود بن محمد.)
أبو الثناء البغدادي.
(40/336)
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء
الأربعون الصفحة 337
حدّث بالإسكندرية عن: هبة الله بن الحصين، وأبي منصور القزاز. روى عنه: علي بن
المفضّل، وغيره.
4 (المطهّر بن عبد الكريم بن محمد بن عثمان.)
الهمذاني القومساني. روى عن: عبد الرحمن بن الدوني، وناصر بن مهدي. وعنه: الحافظ
أبو محمد المقدسي، وغيره. وناصر المذكور هو ابن مهدي بن نصر بن علي بن نصر بن
عبدان أبو علي المشطّب الهمذاني. بكّر به أبوه أبو الحسن المشطّب فأسمعه سنن
الحلواني من علي بن شعيب بن عبد الوهاب الهمذاني. وكان علي بن شعيب مسند همذان في
زمانه. روى عن أوس الخطيب، وجبريل العدل، وأبي أحمد الغطريفي، وإسحاق بن سعد بن
الحسن بن سفيان، وطائفة. روى عنه: علي بن الحسين، وابن ممان. وناصر هذا، وأحمد بن
عمر البيّع. وكان ثقة، صدوقاً، صالحاً. قال الحافظ شيرويه: سمعت أبا بكر الأنصاري
يقول: لما رجع الشيخ محمد بن عيسى، شيخ الصوفية، إلى همذان استقبله الخاص والعام،
وكان علي بن شعيب مع من استقبله، وكان راجلاً، رثّ الهيئة، فكان أبو منصور محمد بن
عيسى لا ينزل لأحد، لا للأشراف ولا للوجوه، وإنما يصافحهم راكباً. فلما رأى علي بن
شعيب نزل عن دابته وعانقه، ومشى معه ساعة حتى سأله أن يركب فركب. قلت: كان ابن شعيب
باقياً بعد الثلاثين وأربعمائة.)