88

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف160.حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي في الضعفاء له 60 حديثا أُخر فيكون  كل الضعيف في كل المستدرك 160 حديثا من مجموع 8803=الباقي الصحيح =8743.فهذه قيمة رائعة لمستدرك الحاكم

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الأحد، 21 أغسطس 2022

مجلد39.و40.تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي.

 

39. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام. شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون 

 الصفحة 219  
وكان كثير الزيارة إلى القدس والخليل، وكان يلطف بالنساء والصغار والكبار ويفرح الصبيان في المواضع ويوجدهم راحة ويسلم عليهم، ويسلم على الصغير والكبير. ثم ذكر منامات عديدة حسنة رآها غير واحد للشيخ العز. وذكر عن جماعة ثناءهم عليه ووصفهم إياه بالسخاء والكرم والمروءة والإحسان الكثير إلى الفقراء، وإيثارهم وقضاء حوائجهم والتواضع لهم، وطلاقة الوجه والبشاشة والورع والخوف والعبادة والأخلاق الجميلة ونحو ذلك. وتوفي في تاسع عشر ربيع الأول عن ستين سنة، رحمة الله تعالى. وقد جمع ابن الخباز فضائله وسيرته في بضعة عشر كراسا. وله أولاد فقهاء صلحاء. 197 - إبراهيم بن يحيى بن أبي حفاظ مهدي. الإمام، أبو إسحاق المكناسي، النحوي، أحد الفضلاء والرحالين. ولد سنة ستمائة. وسمع من: أبي الحسين محمد بن محمد بن زرقون، وطائفة بإشبيلية، وارتحل إلى الشام والعراق. أخذ عنه الدمياطي ببغداد. وخطه معرب مليح. مات بالفيوم في سنة ست. وله شعر وفضائل. 198 - إسحاق بن إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن بدر الدين. أخو الشيخ تقي الدين. ولد سنة إحدى عشرة، ومات في سادس صفر بدمشق.

(49/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 220
199 - إسحاق بن عبد الله بن عمر بن عبد الله. أبو إبراهيم الدمشقي، ابن قاضي اليمن. ولد سنة بضع وثمانين وخمسمائة. وحدث عن: عبد اللطيف بن أبي سعد، وست الكتبة بنت الطراح. كتب عنه الأبيوردي، والطلبة. ومات في شعبان. وهو أخو إسماعيل الآتي. 200 - إسماعيل بن عبد الله بن عمر بن عبد الله. أبو الطاهر، ويعرف أبوه بقاضي اليمن. حدث عن: عبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي. وحدث بالقاهرة ودمشق. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في ذي القعدة بجوبر.

(49/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 221
201 - أيوب بن عمر بن علي بن مقلد. أبو الصبر الحمامي، الدمشقي، المعروف بابن الفقاعي. روى ' تاريخ داريا ' عن الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وتقي الدين أبو بكر الموصلي، والفخر عثمان الأهوازي، والشرف صالح بن عربشاه، وجماعة. توفي يوم عاشوراء.
- حرف الحاء -
202 - الحبيس بولص. ويقال ميخائيل. أحضره الملك الظاهر وعذبه حتى مات في العذاب، وصار إلى العذاب، ورميت جيفته تحت القلعة على باب القرافة. وذكرنا في سنة ثلاث وستين في الحوادث من أخباره وإنفاقه للأموال فيقال إنه ظفر بكنز مدفون فواسى به الصعاليك والمحاويج من أهل الملل، وأدى عن المصادرين جملة عظيمة. واشتهر أمره. فلما كان في هذه السنة أحضره السلطان وطلب منه المال والكنز، فأبى أن يعرفه، وجعل يراوغه ويغالطه، ولا يفصح له بشيء. فأدخله إلى عنده ولا طفه بكل ممكن، فلما أعياه حنق عليه وعذبه، فمات ولم يقر بشيء.

(49/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 222
203 - الحسن بن الحسين بن أبي البركات. الشيخ، الرئيس، عز الدين، أبو محمد بن المهير البغدادي الحنبلي، التاجر. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وسمع ' جزءا ' من يحيى بن بوش تفرد به. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وشمس الدين ابن أبي الفتح، والقاضي تقي الدين سليمان، والعماد بن الكناني، وأحمد بن المحب، وزينت بنت الخباز، وجماعة. وتوفي بدمشق في السابع والعشرين من رجب. وذكر الشيخ شمس الدين ابن الفخر أنه كان ناظر المدرسة الجوزية.

(49/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 223

- حرف الخاء -
204 - الخضر بن أسد بن عبد الله بن سلامة. أبو العباس الصنهاجي ابن السقطي. شيخ مصري يروي عنه: الحافظ ابن المفضل. توفي في رجب.
- حرف العين -
205 - عبد الله بن أحمد بن ناصر بن طغان. أبو بكر الدمشقي، الطريفي، النحاس. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وروى عن الخشوعي، وعبد اللطيف الصوفي، وجماعة. وهو أخو عبد الرحمن. روى عنه: الدمياطي، والبدر بن التوزي، ومحمد بن محمد الكنجي، ومحمد بن المحب، وابن الخباز، والعماد بن البالسي، وآخرون. والطريفي نسبة إلى طريف، جد لهم. توفي في السادس والعشرين من شوال. ولقبه زين الدين. 206 - عبد الله بن علي بن محمد. الشريف أبو جعفر الحسيني، الحجازي. ولد بدمشق سنة خمس وستمائة.

(49/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 224
وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني. وكان صالحا، متعففا، قانعا. توفي بدمشق في جمادى الآخرة. 207 - عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع. أبو القاسم الأشعري نسبا، القرطبي. قاضي الجماعة بغرناطة. روى عن الخطيب أبي جعفر بن يحيى وتفرد بالرواية عنه. وعن: أبي الحسن علي الشقوري، وأبي القاسم بن بقي القاضي، وأبي الحسن بن خروف النحوي، وعده. روى عنه: أبو جعفر بن الزبير وأثنى عليه. وولي القضاء أيضا بشريش ومالقة. وولي خطابة مالقة. وتصدر للإشغال. وانتفع فيه فقهاء غرناطة. قال أبو حيان: كان رطب المناظرة، مسدد النظر، منصفا أديبا، نحويا، فقيها، مشاركا في الأصول وغيرها. وأجاز عاما لأهل غرناطة وتوفي بها في شوال. وقال ابن الزبير: كان أشعري النسب والمذهب، مصمما على مذهب الأشعرية. 208 - عبد الخالق بن علي. تاج الدين، الكاتب المعروف بأحمر عينه لحمرة عينه. كان كاتبا بارعا في صناعة الحساب. ولي عدة جهات.

(49/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 225
وولي أبوه مهذب الدين علي بن محمد الإسعردي قضاء بعلبك قبل الستمائة فحمدت سيرته. ومات التاج هذا ببعلبك في ذي العقدة، وهو في عشر الثمانين. 209 - عبد العزيز بن منصور بن محمد بن محمد بن وداعة. الصاحب، عز الدين الحلبي. ولي خطابة جبلة في أوائل أمره فيما يقال. وولي للملك الناصر شد الدواوين بدمشق. وكان يعتمد عليه. وكان يظهر النسك والدين، ويقتصد في ملبسه وأموره. فلما تسلطن الملك الظاهر ولاه وزارة الشام. فلما ولي التجيبي نيابة الشام حصل بينه وبين ابن وداعة وحشة، فإن التجيبي كان سنيا ولكن ابن وداعة شيعيا خبيثا فكان التجيبي يسمعه ما يهينه ويؤلمه، فكتب ابن وداعة إلى السلطان يطلب منه مشدا تركيا، وظن أنه يكون بحكمه ويستريح من التجيبي، فرتب السلطان الأمير عز الدين كشتغدي الشقيري، فوقع بينه وبينه، فكان الشقيري يهينه أيضا. ثم كاتب فيه الشقيري، فجاء الأمر بمصادرته، فرسم عليه وصودر، وأخذ خطه بجملة كبيرة. ثم عصره الشقيري وضربه، وعلقه في قاعة الشد، وجرى عليه ما لا يوصف، وباع موجوده التي كان قد وقفها، وحمل ثمنها. ثم طلب إلى الديار المصرية فمرض في الطريق، ودخل القاهرة مثقلا فمات في آخر يوم من السنة بالقاهرة وهو في عشر الثمانين. وله مسجد وتربة بسفح قاسيون، ولم يعقب. وله وقف على البر.

(49/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 226
ذكر ذلك قطب الدين موسى. 210 - عبد العظيم بن عبد الله بن أبي الحجاج ابن الشيخ البلوي. الخطيب، العلامة، أبو محمد، شيخ مالقة. أدرك جده وسمع منه قليلا. وصنف تصانيف. وله اختيارات لا يقلد فيها أحدا. وكان عاكفا على إقراء ' المستصفى ' و ' الجواهر الثمنية '. لازمه أبو جعفر بن الزبير سنين يشتغل عليه، وأثنى عليه. قال: وتوفي في جمادى الآخرة سنة ست وستين وستمائة. وكان قد حفر قبره، وأعد كفنه، وهيأ دريهمات برسم مؤونة الدفن، رحمه الله. 211 - عثمان بن عبد الرحمن بن عتيق بن الحسين بن عتيق بن الحسين بن عبد الله بن رشيق. نظام الدين، أبو عمرو الربعي، المصري، المالكي. ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وأبي عبد الله الأرتاحي. وروى ' صحيح البخاري ' عنهما. وهو من بيت العلم والدين والرواية. روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة ابن جماعة، والمصريون. وكان رجلا صالحا، خيرا، وكان جده أبو الفضائل عتيق من كبار العلماء.

(49/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 227
توفي النظام رحمه الله تعالى في الحادي والعشرين من جمادى الأولى بالقاهرة. 212 - علي بن عدلان بن حماد. الإمام، العلامة، عفيف الدين، أبو الحسن الربعي، الموصلي، النحوي، المترجم. ولد سنة ثلاث وثمانين أو قبلها بالموصل. وسمع ببغداد. وأخذ الغريب عن أبي البقاء العكبري، وغيره. وسمع من: الحافظ عبد العزيز بن الأخضر، وعبد العزيز بن سينا، ويحيى بن ياقوت، وعلي بن محمد الموصلي، وبرغش عتيق ابن حمدي، وعبد الله بن عثمان بن قديرة، وأبي تراب يحيى بن إبراهيم الكرخي، ولامعة بنت المبارك بن كامل، وجماعة. وسمع منه: ابن الطاهري، والأبيوردي، والدمياطي، والشريف عز الدين، والدواداري، وطائفة كبيرة. وأقرأ العربية زمانا: وسمع منه أيضا: شعبان الإربلي، ويوسف الختني، وعبد الله بن علي الصنهاجي، وأختاه عائشة وخديجة. وتصدر بجامع الملك الصالح مدة، وانتفع به جماعة من الفضلاء ؛ كان علامة في الأدب، من أذكياء بني آدم. وانفرد بالبراعة في حل المترجم والألغاز. وله في ذلك تواليف.

(49/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 228
توفي في تاسع شوال بالقاهرة، رحمه الله تعالى. 213 - علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن. الإمام أبو الحسن الرعيني، الإشبيلي. مشهور بنسبته. روى عن: أبي بكر محمد بن عبد الله القرطبي، أخذ عنه السبع. وتلا للحرمين على أبي بكر بن عبد النور ؛ وأكثر عنه، وعن: يحيى بن أحمد (...) وهو أكبر شيخ له، وعتيق بن خلف. وعدة. كتب وقيد وألف و (...) الليل، واعتنى بالرواية والقراءآت. ومات بمراكش في سنة ست هذه عن أربع و... ين سنة. وكان ممن ختم به الكتابة. وشيخه ابن عبد النور مات سنة 614 من أصحاب أبي عبد الله ابن زرقون. وأما القرطبي فلم أعرفه. 214 - عمر بن إسحاق بن هبة الله. الأمير عماد الدين، الخلاطي. ولد بخلاط سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وكان عالما فاضلا، حازما خبيرا، حسن التأني، لطيف الحركات، له حرمة وافرة عند الملوك. وكان الملك الصالح أبو الجيش لا يقدم عليه أحدا ويكرمه ويحبه. وله شعر جيد.

(49/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 229
توفي بحماة في أول السنة. وكان أبوه أصوليا، واعظا، أديبا، مصنفا، ولي فضاء خلاط. توفي بإربل سنة ست عشرة وستمائة. 215 - عمر بن الحسين بن إبراهيم. عز الدين، أبو حفص الإربلي. ولد سنة أربع وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب. روى عنه ابن الحبال، وأرخه في هذه السنة.
- حرف الغين -
216 - غازي بن يوسف. أبو المظفر القرشي، مولاهم المصري.

(49/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 230
روى ' التفسير ' عن أبي الحسن بن المقير. وسمع الكثير بنفسه. وعني بالحدث. وكان حسن الفهم، حافظا للمواليد والوفيات. وتوفي في ربيع الأول وقد قارب الخمسين.
- حرف الكاف -
217 - كيقباذ. السلطان ركن الدين، ولد السلطان غياث الدين كيخسرو ابن السلطان علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو بن قليح أرسلان بن مسعود بن قليج رسلان بن سليمان بن قطلمش بن أتش بن سلجوق بن دقاق. صاحب الروم وابن ملوكها. كان كريما، جوادا، شجاعا، لكنه مقهور، وتحت أوامر التتار، وقتلوه في هذه السنة. خنقته المغل بوتر وله ثمان وعشرون سنة. وذلك لأن البرواناه عمل عليه وأوقع [ادعاء] أنه يكاتب صاحب مصر. وكان كيقباذ قد فوض جميع الأمور إلى البرواناه، واشتغل بلهوه ولعبه، وترك الحزم. فاستفحل أمر البرواناه وعجز كيقباذ عنه [حتى قتلوه] وجعلوه في محفة وساروا به إلى أن قدموا قونية به، فأظهروا أنه [وقع من على الفرس فمات].

(49/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 231
ثم أجلسوا ولده غياث الدين كيخسرو في الملك، وله عشر سنين. ثم توجه (...) السلطنة البرواناه إلى أبغا ومعه فرس كيقباذ وسلاحه وتقادم، فوجد عنده [صاحب] سيس، فتكلم كل منهما في الآخر بأنه يكاتب المسلمين. ثم عاد البرواناه ومعه أجاي أخو أبغا.
- حرف الميم -
218 - محمد بن إبراهيم بن شبل بن أبي بكر بن خلكان. القاضي بدر الدين، أبو عبد الله الإربلي، الشافعي، قاضي تل باشر. وليها مدة، وحدث عن بدل التبريزي، وعن أخيه حسين بن إبراهيم. روى عنه: الدمياطي وورخ موته. 219 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن العاص. أبو بكر التجيبي، الإشبيلي، المقرئ، قرأ ' الكافي ' على أبي العباس بن مقدام. وتلا بالسبع على: أبي الحسين بن عظيمة. وعاش سبعا وثمانين سنة. تلا عليه بالسبع ختمة أبو جعفر بن الزبير. 220 - محمد بن أبي القاسم عبد الرحمن بن علي بن محمد بن محمد بن القاسم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب.

(49/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 232
الشريف الحسيب، الإمام، أبو عبد الله الحسيني، الكوفي الأصل، المصري الدار، المعروف والده بالحلبي. ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وقرأ القرآن على أبي الحسن الإسكندراني. وبرع في الأصول والعربية، وسمع ' السيرة ' من أبي الطاهر محمد بن محمد بن بنان الأنباري، عن أبيه، عن الحبال. وسمع من: أبي محمد عبد الله بن عبد الجبار العثماني، وأبي الطاهر إسماعيل بن عبد الرحمن الأنصاري، وحامد بن روزبة، وعبد القوي بن أبي الحسن القيسراني، والأمير مرهف بن أسامة بن منقذ. وحدث وأقرأ النحو مدة. وكان جيد المشاركة في العلوم، مؤثرا الانقطاع والعزلة حسن الديانة. قال ابنه عز الدين: كان ذا جد وعمل مؤثرا للإنفراد والتخلي. كان أبوه من الفضلاء المشهورين. له تصانيف حسنة. أقرأ الأصول والعربية مدة. توفي أبو عبد الله في سادس صفر وله ثلاث وتسعون سنة. قلت: فاته السماع من عبد الله بن بري، وطبقته على أنه تفرد بالرواية عن الأثير بن بنان وغيره. وكان رئيسا محتشما يصلح للنقابة. روى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان، وعلم الدين الدواداري، والمصريون، وعلي بن قريش، وعبيد الله بن علي الصنهاجي وشمس الدين محمد بن أحمد بن القماح. * * * وفيها ولد: الإمام شرف الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية بحران يوم عاشوراء، وقطب الدين محمد بن عبد الوهاب بن مرتضى الأنصاري الزينبي بمصر،

(49/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 233
وبهاء الدين علي بن عثمان بن أحمد بن عثمان بن أبي الحوافر، سمعا من النجيب. وجلال الدين محمد بن عبد الرحمن بن عمر القزويني، خطيب دمشق، وشمس الدين محمد بن القاضي بهاء الدين بن الزكي مدرس العزيزية، والمحدث محمد بن أحمد بن أمين الأقشهري نزيل مكة، والفقيه عبد المنعم بن أحمد بن سعد بن البوري، بغدادي. ومحمد ابن شيخنا علي بن يحيى بن الشاطبي، وعبد الرحمن بن إبراهيم بن الثقي بن أبي اليسر، والثقي محمد بن عبد الملك بن عساكر التغلبي المؤذن. والمحدث شمس الدين محمد بن محمد بن نباتة، والشيخ شمس الدين محمد بن عبد الأحد بن يوسف بن الوزير بآمد. والقاضي شمس الدين محمد بن المجد عيسى البعلبكي، والقاضي محيي الدين إسماعيل بن يحيى بن جهبل الدمشقي، وتقي الدين عمر بن عبد الله بن شقير الحراني، والشيخ أبو بكر بن قاسم الرحبي بدمشق في ربيع الأول، ويوسف بن هارون القاياتي، وأحمد بن المقرئ محمد بن إسماعيل السلمي القصاع.

(49/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 234

سنة سبع وستين وستمائة

- حرف الألف -
221 - أحمد بن عبد الواحد بن مري بن عبد الواحد. الشيخ الزاهد، تقي الدين، أبو العباس المقدسي، الحوراني. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وسمع بحلب من الافتخار عبد المطلب الهاشمي. وحدث. سمع منه: الدمياطي، والشريف عز الدين، وعلم الدين الدواداري، ورضي الدين الطبري، وهذه الطبقة. وكان فقيها شافعيا، عارفا بالفرائض، جامعا بين العلم والعمل. صاحب عزم وجد وقوة نفس، وتجرد وانقطاع وعبادة وأوراد. وقد درس وأفاد و [تولى] الإعادة بالمستنصرية ببغداد. ثم تزهد وأقبل على شأنه. توفي في رجب بالمد [ينة النبو] ية. وقد جاور بمكة أيضا.

(49/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 235
وكان يحط على ابن سبعين وينكر طريقه، وابن سبعين يسبه ويرميه بالتجسيم ويفتري عليه. 222 - أحمد بن [محمد] بن أحمد بن داود. أرشد الدين، أبو العباس الهواري. ولد بدمشق سنة أربع وستمائة. وسمعه أبوه حضورا من الكندي، وابن الحرستاني. وسمع من: الشيخ الموفق. وحدث. كتب عنه الشريف وقال: توفي بالقاهرة في خامس صفر. 223 - إبراهيم بن عيسى بن يوسف بن أبي بكر. المحدث الإمام، ضياء الدين، أبو إسحاق المرادي، الأندلسي. سمع الكثير من أصحاب السلفي وطبقتهم بعد الأربعين. وكتب الكثير بخطه المتقن المليح. وكان صالحا عالما، ورعا، دينا. وكان إماما بالبادرائية. وقف كتبه وفوض نظرها إلى الشيخ علاء الدين ابن الصائغ. وروى اليسير. مات في رابع ذي الحجة بالقاهرة، رحمه الله تعالى.

(49/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 236
وذكره الشيخ محيي الدين النووي فأطنب فقال: كان بارعا في معرفة الحديث وعلومه وتحقيق ألفاظه، لا سيما ' الصحيحين '. لم تر عيني في وقته مثله. وكان ذا عناية باللغة والعربية والفقه ومعارف الصوفية، من كبار المسلكين. صحبته نحوا من عشر سنين لم أر منه شيئا يكره. وكان من السماحة بمحل عال على قدر وجده. وأما الشفقة على المسلمين ونصحهم فقل نظيره. توفي بمصر في أوائل سنة ثمان. قلت: بل ما تقدم هو الصحيح في وفاته. وخطه من أحسن كتابة المغاربة وأتقنها. 224 - إبراهيم بن الشيخ. أبو زهير المباحي. كان يجمع المباح من جبل لبنان ويتقوت به. وأقعد في آخر عمره وشاخ وانحط. وقيل إنه نيف على المائة. وكان صالحا عابدا سليم الصدر إلى الغاية. توفي بمغارته ببلد بعلبك في جمادى الأولى. وكان مقصودا بالزيارة. 225 - إسماعيل بن أبي محمد عبد القوي بن عزون بن داود بن عزون ابن الليث.

(49/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 237
زين الدين، أبو الطاهر الأنصاري، الغزي، ثم المصري، الشافعي. ولد قبل التسعين وخمسمائة. وسمع الكثير بإفادة أبيه من: هبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وعبد اللطيف ابن أبي سعد، والعماد الكاتب، وأبي يعقوب بن الطفيل، وحماد الحراني، والحافظ عبد الغني، وعبد المجيب بن زهير، وفاطمة بنت سعد الخير، وجماعة. وروى الكثير. وكان دينا صالحا ساكنا. روى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان، والدواداري، وقاضي القضاة بدر الدين، والطواشي عنبر العزيزي، وفاطمة بنت محمد الدربندي، وصدر الدين محمد بن علاق، وآخرون. توفي في ثاني عشر المحرم. 226 - أيدمر. الأمير عز الدين الحلي، الصالحي، النجمي. توفي بقلعة دمشق ودفن بجنب مسجد ابن يغمور، وقد نيف على الستين.

(49/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 238
قال قطب الدين: كان من أكبر أمراء الدولة الظاهرية وأعظمهم محلا. وكان ينوب في السلطنة بمصر إذا غاب السلطان لوثوقه به واعتماده عليه. وكان قليل الخبرة، لكنه قدمته السعادة. وكان كثير الأموال والمتاجر والخيول والأملاك. توفي في شعبان.
- حرف الباء -
227 - بكتوت الصغير. الأمير بدر الدين. من أمراء دمشق. مات في ربيع الأول.
- حرف الحاء -
228 - الحسن بن علي بن أبي نصر بن النحاس. الصدر الجليل، شهاب الدين ابن عمرون الحلبي. وابن عمرون جده لأمه. توفي بالإسكندرية في شعبان من السنة، وله ثلاث وثمانون سنة. وكان تاجرا مشهورا، وافر الحرمة، ظاهر الحشمة، ذا أموال ومتاجر ولما استولى العدو على حلب أحموا داره وما جاورها فآوى إلى داره خلق كثير وسلموا بأموالهم. وقام للتتار بما التزم لهم من ماله دون أولئك، فكانت له مكرمة بذلك. وتمزقت أمواله. ثم توجه إلى مصر في أوائل الدولة الظاهرية، وسكن بالثغر المحروس إلى أن مات.

(49/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 239
وله ذرية عالجوا الكتابة والتصرف.
- حرف الراء -
229 - ربيع بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع. أبو الزهر الأشعري، القرطبي. من بيت كبير شهير بالأندلس. روى عن: أبيه أبي عامر المتوفي سنة تسع وثلاثين. وعن: أبي الحسن الشقوري بقرطبة. وأكثر بمالقة عن: أبي الحسن علي بن محمد الشاري. وعن: أبي القاسم بن الطيلسان، وعبد اللطيف بن عطية اللغوي. وولي قضاء بعض الأندلس. توفي بحصن بيش. وقد مر أخوه في العام الماضي. ومات أخوه أبو الحسين محمد سنة 673.
- حرف السين -
230 - سليمان بن داود بن موسك. الأجل، أسد الدين ابن الأمير عماد الدين ابن الأمير الكبير عز الدين الهذباني. ولد في حدود الستمائة بالقدس.

(49/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 240
وكان له يد في النظم، وعنده فضيلة. ترك الخدم وتزهد، ولبس الخشن، وجالس العلماء. وأذهب معظم نعمته واقتنع. وكان أبوه أخص الأمراء بالملك الأشرف ابن العادل. وموسك كان من أمراء صلاح الدين، رحمه الله. توفي هذا في جمادى الأولى، ودفن بقاسيون.
- حرف الشين -
231 - شرف الدولة ابن العسقلاني. توفي بدمشق في ربيع الأول. وكانت له جنازة مشهودة. وخلف ثروة وأموالا، وطلع صداق زوجته ثمانين ألف درهم وخمسة آلاف دينار. قرأت ذلك بخط ابن الفخر وهو علي بن فراس بن علي بن زيد.
- حرف العين -
232 - عبد الله بن عبد المنعم بن خلف بن عبد المنعم بن أبي يعلى. زين الدين، أبو محمد ابن الدميري، الكاتب المصري

(49/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 241
يروي عن أصحاب النسفي. 233 - عبد الرحمن بن عبد الله بن سليمان بن داود بن حوط الله. المحدث، أبو عمر الأنصاري الأندلسي، المالقي. روى الكثير، وسمع من: أبي العباس بن مقدام. وتتفرد عن جماعة. توفي في آخر سبع وستين عن سبع وسبعين سنة، رحمه الله تعالى. 234 - عبد الكريم بن عبد الله بن بدران. أبو محمد الأنصاري، البهنسي، الصالح، الخير. سمع من: مكرم، وعبد الصمد الغضاري. وحدث. توفي في ربيع الآخر. 235 - عبد المجيد بن أبي الفرج بن محمد. الشيخ العلامة، مجد الدين، أبو محمد الروذراوري. شيخ إمام، مشهور، بارع في اللغة، كثير المحفوظ من أشعار العرب، فصيح العبارة، مليح الخط، جيد المشاركة، مليح الشكل والبزة. نفذه الملك الظاهر رسولا إلى الملك بركة فمرض في الطريق فرجع. وكان له حلقة إشغال بالحائط الشمالي. وله شعر جيد.

(49/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 242
توفي رحمه الله في صفر وهو في عشر السبعين. 236 - عبد المنعم بن كامل. قاضي القضاة بالجانب الشرقي، نظام الدين البندنيجي. شيعه الخلق، ودفن بدكة الجنيد، وله ست وسبعون سنة. وكان مفتيا، علامة، ورعا، تقيا، شافعيا، كبير الشأن. ولي القضاء بعد نجم الدين البادرائي، ثم بعد أيام أخذت بغداد فأقره على القضاء هولاكو. وقد أعاد مدة بالمستنصرية. ثم ولي قضاء الجانب الغربي، واستمر مدة. وقيل له: من يصلح بعدك؟ فقال: تقلدت حيا فلا أتقلد ميتا. ثم أشار بسراج الدين محمد بن أبي فراس الهنايسي الشافعي مدرس البشيرية، فولي بعده قضاء العراق. 237 - عبد الوهاب بن محمد بن عطية بن المسلم بن رجا. الإمام، أبو محمد الإسكندراني، المعدل. حدث عن: عبد الرحمن مولى ابن باقا. وناب في القضاء ببلده. ومات في المحرم.

(49/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 243
238 - علي بن أقسيس بن أبي الفتح بن إبراهيم. الصدر، محيي الدين البعلبكي، ناظر الزكاة بدمشق. كان رئيسا عاقلا، أنيق الملبس والمأكل، ظريف المسكن، مليح الحركات، كثير الصدقة والتلاوة. له حكايات، في المكارم. توفي في ربيع الآخر بدمشق، وقد جاوز الستين. وأظنه روى عن: البهاء عبد الرحمن المقدسي. 239 - علي بن داود بن علي بن أبي بكر. فخر الدين، أبو الحسن الخلاطي، الوكيل. سمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي. وحدث بدمشق والقاهرة. وقدم من خلاط بعد الستمائة. وتوفي إلى رحمة الله بالقاهرة في المحرم. 240 - علي بن عبد الواحد بن أبي الفضل بن حازم. أبو الحسن الأنصاري، الدمشقي، البزاز. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وروى عن: الخشوعي. روى عنه: ابن الخباز، وأبو العباس بن فرج، وأبو الحسن علي بن مسعود، وعلي بن مكتوم الخطيب، وصالح بن عربشاه، وطبقتهم. وتوفي في رابع شعبان بدمشق

(49/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 244
241 - علي بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة. الإمام العلامة، مجد الدين، أبو الحسن، والد شيخ الإسلام قاضي القضاة أبي الفتح ابن دقيق العيد القشيري، البهزي، بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، المنفلوطي المالكي، نزيل قوص. ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وتفقه على أبي الحسن بن المفضل الحافظ، وسمع منه ومن غيره. ودرس وأفتى، وصنف في المذهب، وانتفع به أهل الصعيد. وكان شيخ تلك الديار تفقه عليه ولده وغير واحد. ذكره الشريف عز الدين، فقال: كان أحد العلماء المشهورين والأئمة المذكورين، جامعا لفنون من العلم، معروفا بالصلاح والدين، معظما عند الخاصة والعامة، مطرحا للتكلف، كثير السعي في قضاء حوائج الناس على سمت السلف الصالح. توفي في ثالث عشر المحرم بقوص. 242 - علي ابن شيخ الخطباء رضي الدين يوسف بن حيدرة

(49/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 245
الرحبي، ثم الدمشقي، الحكيم شرف الدين. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وقرأ الطب على والده وبرع فيه وأتقنه، وصنف. وأخذ أيضا عن الموفق عبد اللطيف، وحرر عليه كثيرا من العلوم، وقرأ العربية على السخاوي. ولما حضر المهذب عبد الرحيم الدخوار جعله مدرس مدرسته. وكان منهمكا على علم النجوم، زائغا عن الطريق، معثرا، نسأل الله السلامة. ومن جهله أنه قال للمشتغلين: بعد قليل أموت، وذلك عند قران الكوكبين. ثم يقول: قولوا للناس هذا حتى يعرفوا مقدار علمي في حياتي وعلمي بوقت موتي. إلا أنه كان محققا للطب، صنف فيه كتاب خلق الإنسان وهيئة أعضائه ومنفعتها أحسن فيه ما شاء. ومات في المحرم عن أربع وثمانين سنة.
- حرف الغين -
243 - غازي بن حسن. التركماني، الرجل الصالح.

(49/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 246
قال الشيخ قطب الدين: كان متعبدا، صالحا، صواما، منعزلا عن الناس. يدخل بعلبك أيام الجمع. وكان سليم الصدر. توفي في الزاوية التي له بدورس. وقيل إنه جاوز مائة سنة، رحمه الله تعالى.
- حرف الكاف -
244 - كمش التركية. جارية ابن الدولعي. روت عن: زينب بنت إبراهيم القيسية. وماتت في شوال.
- حرف الميم -
245 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي. قوام الدين، أبو عبد الله الرازي، الصوفي، المقرئ. قرأ القرآن. وسمع من: أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز اللخمي. وتوفي في جمادى الآخرة عن اثنتين وسبعين سنة. 246 - محمد بن شكران بن أبي السعادات بن معمر. القدوة، بقية السلف، شيخ العراق، أبو الفقراء. مات في تاسع شعبان سنة سبع، فدفن برباطه بناحية الخالص، وبني عليه قبة عالية.

(49/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 247
وكان زاهدا عابدا، قانعا باليسير، مدود السماط للواردين، رفيع المحل، كثير التواضع، فارغا عن نفسه. وله أتباع كثيرون ومحبون. وقيل: كان يجوع ولا يطلب شيئا من الفقراء، وهم ينسونه وهو يصبر. ولامهم مرة، فاعتذروا بكثرة الواردين. قيل إن النصير الطوسي زاره وقال: ما حد الفقر؟ فقال: الذي أعرفه أن زيق الفقر ضيق ما يدخله رأس كبير. رحمه الله. 247 - محمد بن صدقة. الشيخ شمس الدين الحراني، سبط الشيخ حياة. توفي في المحرم. 248 - محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن سالم بن محمد بن باقا. شمس الدين البغدادي. ولد سنة ست وتسعين. وسمع من: أبي الفتوح محمد بن الجلاجلي. وحدث. ومات في الثاني والعشرين من شعبان، رحمه الله تعالى. 249 - محمد بن الحافظ أبي الخطاب عمر بن علي بن محمد ولقبه: الجميل بن فرح بن قومس بن مزلال بن ملال بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة. أبو الطاهر الكلبي. ساق نسبه الشريف عز الدين، وفي النفس من صحة ذلك. وقد تكلم

(49/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 248
غير واحد من العلماء في أبي الخطاب وفي انتسابه إلى دحية، والله المستعان. ولد محمد بالقاهرة سنة عشر، وسمع من أبيه. وتولي مشيخة دار الحديث الكاملية مديدة. وكان يحفظ جملة من كلام والده، ويورد إيرادا جيدا. توفي في رمضان. 250 - محمد بن محمد بن أبي بكر. المحدث المفيد زين الدين، أبو الفتح الأبيوردي، الكوفني، الصوفي، الشافعي. ولد سنة ستمائة أو سنة إحدى. وقدم دمشق. وسمع سنة أربعين من: كريمة، والضياء المقدسي، والتقي أحمد بن العز، والمؤتمن بن قميرة، والرشيد بن مسلمة، وأبي النعمان بشير بن حامد الفقيه، وجماعة بدمشق ومصر من أصحاب السلفي، وابن عساكر. وسمع خلقا كثيرا من أصحاب البوصيري، والخشوعي. ثم نزل إلى أصحاب ابن طبرزد والكندي، وابن ملاعب ثم نزل إلى أصحاب ابن عمار الحراني، وابن باقا، وزين الأمناء. وكتب الكثير، وحصل جملة صالحة، وحرص. وكلف بالحديث، وبالغ في الإكثار، وخرج ' المعجم '، وروى اليسير، ولم يعمر، ولا أفاق من الطلب إلا والمنية قد نزلت به، رحمه الله.

(49/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 249
وأيضا فلم يطلب الفن إلا وهو ابن أربعين سنة. فالله يعوضه بالمغفرة. ذكره الشريف فقال: كان حريصا على التحصيل، صابرا على كلف الإستفادة. حدث، وسمعت منه. وكان من أهل الدين والصلاح والخير والعفاف. وله فهم ومعرفة، وفيه تيقظ ونباهة وخرج لنفسه ' معجما ' عن مشايخه الذين سمع منهم. ووقف كتبه وأجزاءه. وكان حسن الطريقة مشغولا. وكوفن: بلدة قريبة من أبيورد. وتوفي في حادي عشر جمادى الأولى بالقاهرة. قلت: وله شعر يسير. روى عنه: أبو محمد الدمياطي بيتين، وقال: توفي بخان سعيد السعداء. 251 - محمد بن محمد بن علي ابن العربي. عماد الدين، ولد الشيخ محيي الدين. توفي في ربيع الأول بدمشق. وقد حدث عن ابن الزبيدي. 252 - محمد بن أبي الفتوح نصر بن غازي بن هلال. أبو الفضائل الأنصاري، المصري، المقرئ، المحدث، الجريري.

(49/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 250
ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع من: القاضي زين الدين علي بن يوسف الدمشقي، وعبد العزيز ابن باقا. وسمع بالثغر من: أبي القاسم بن عيسى، وأبي الفضل جعفر الهمداني. وسمع كثيراً من أصحاب البوصيري. وكان يمكنه السماع منه فما يسر له. توفي في ثالث محرم بالقاهرة. وقد روى اليسير. 253 - محمد بن وثاب. القاضي تاج الدين البجيلي الحنفي. درس وأفتى وناب في القضاء بدمشق، وحمدت أحكامه. ومات في ربيع الآخر وهو في عشر السبعين. 254 - المبارك بن يحيى بن أبي الحسن. الإمام، العلامة، نصير الدين، أبو البركات ابن الطباخ، المصري، الشافعي. توفي في حادي عشر جمادى الآخرة، وله ثمانون سنة. وكان من كبار أئمة المذهب. درس وأفتى واشتغل وصنف. وتخرج به جماعة. توفي بالقاهرة.

(49/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 251
255 - المظفر بن عبد الكريم بن نجم بن عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج. الفقيه، المدرس، الإمام، تاج الدين، أبو منصور بن الحنبلي، الأنصاري، الخزرجي، السعدي، الدمشقي، المدرسة الحنبلية التي لجدهم عبد الوهاب. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وحنبل، وعمر بن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والشرف بن عربشاه، والقاضي تاج الدين الجعبري، وأبو العباس بن فرج. توفي فجأة بدمشق ثالث صفر.
- حرف الياء -
256 - يحيى بن نجيب بن بشارة بن محرز. أبو زكريا السعدي، المصري. ولد سنة خمس وثمانين وخمسمائة. وروى عن: القاسم بن عساكر بالإجازة. توفي في ذي القعدة. 257 - يوسف بن الصارم عبد الله بن إبراهيم. الفقيه، وجيه الدين، أبو الحجاج الدمشقي، الشافعي، الصوفي.

(49/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 252
نزيل القاهرة. ويعرف بالوجيزي نسبة إلى حفظ كتاب ' الوجيز '. ولد بدمشق سنة ثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبي الحسن بن المفضل، وأبي المجد القزويني، وجماعة. وأجاز له منصور الفراوي. وحدث. وكان من فضلاء الشافعية. توفي في الثامن والعشرين من رجب.
الكنى
258 - أبو الفضل الشاغوري. العابد. شيخ صالح عارف، معروف. كثير الرؤية للنبي صلى الله عليه وسلم. توفي إلى رحمة الله في جمادى الأولى. 259 - أبو محمد. ولد الشيخ القدوة سلطان بن محمود البعلبكي. كان صالحا عابدا قانعا، كثير الانقطاع. توفي في رمضان ببعلبك في المعترك. * * * وفيها ولد: الشيخ كمال الدين محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري ابن الزملكاني، شيخ الشافعية. وتقي الدين عثمان بن السكاكيني. وبدر الدين يوسف بن القاضي دانيال، بالشوبك ؛

(49/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 253
وجمال الدين يحيى بن محمد بن الفويرة السلمي، والشيخ المقرئ رافع بن هجرس الصميدي، ومحمد بن عمر بن الرشيد البعلي، والشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن علي الرقي، في حدودها ؛ والشيخ علاء الدين علي بن أيوب المقدسي، تقريبا، ومحمد بن إسماعيل بن الخباز، في شعبان. والشرف عيسى بن علي المحدث، في المحرم ؛ وقاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن علي بن عبد الحق الحنفي.

(49/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 254

سنة ثمان وستين وستمائة

- حرف الألف -
260 - أحمد بن عبد الدائم بن نعمة بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن بكير. المعمر، العالم، مسند الوقت، زين الدين، أبو العباس المقدسي. الفندقي، الحنبلي، الناسخ. ولد بفندق الشيوخ من جبل نابلس سنة خمس وسبعين، وأدرك الإجازة التي من السلفي لمن أدرك حياته. وأدرك الإجازة الخاصة من خطيب الموصل أبي الفضل الطوسي، وأبي الفتح بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وخلق سواهم

(49/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 255
وسمع من: يحيى الثقفي، وأبي الحسين احمد بن الموازيني، ومحمد بن علي بن صدقة، وإسماعيل الجنزوي، والمكرم بن هبة الله الصوفي، وعبد الخالق بن فيروز، ويوسف بن معالي الكناني، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، وبركات الخشوعي، ومحمد بن الخطيب، وعمر بن طبرزد، والحافظ عبد الغني، وأسماء بنت الران، وطائفة سواهم. ورحل إلى بغداد فسمع من: عبد المنعم بن كليب بقراءته ؛ ومن: أبي طاهر المبارك بن المعطوش، وعبد الله بن أبي المجد، وعبد الخالق بن البندار، وعبد الوهاب ابن سكينة، وعلي بن يعيش الأنباري، وعبد الله بن دهبل، والمبارك بن إبراهيم السيبي، وعبد الله ابن الطويلة، وضياء بن الخريف، وعمر بن علي الواعظ، وأبي الفتح المندائي، ومحمد بن أبي محمد بن الغزون، وطائفة. وقرأ القرآن على الشيخ العماد، وتفقه على الشيخ الموفق. وكتب بخطه المليح السريع ما لا يوصف لنفسه وبالأجرة، حتى كان يكتب في اليوم إذا تفرغ تسعة كراريس أو أكثر، ويكتب الكراسين والثلاثة مع اشتغاله بمصالحه. وكتب ' الخرقي ' في يوم وليلة، ولازم النسخ خمسين سنة أو أكثر. وكان تام القامة، مليح الشكل، حسن الأخلاق، ساكنا، عاقلا، لطيفا، متواضعا، فاضلا، نبيها، يقظا. خرج لنفسه مشيخة، وخرج له ابن الظاهري، وابن الخباز وغير واحد. فذكر ابن الخباز أنه سمع ابن عبد الدائم يقول: كتبت بخطي ألفي جزء.

(49/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 256
وذكر أنه كتب بخطه ' تاريخ دمشق ' مرتين. قلت: الواحدة في وقف أبي المواهب بن صصرى. وكتب من التصانيف الكبار شيئا كثيرا. وولي خطابة كفربطنا بضع عشرة سنة، ثم تحول عنها. وقد ولد له ابنه الشيخ أبو بكر بها. وأنشأ خطبا عديدة. وحدث سنين كثيرة، وقرأ بنفسه كثيرا. وكان على ذهنه أشياء مليحة من الحديث والأخبار والشعر. روى عنه: الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، والشيخ محيي الدين يحيى النووي، والشيخ تقي الدين محمد بن دقيق العيد، والدمياطي، وابن الظاهري، وابن جعوان، وابن تيمية شيخنا، وأخوه أبو القاسم، والقاضيان تقي الدين سليمان ونجم الدين ابن صصرى، وشهاب الدين ابن فرج، وشمس الدين ابن أبي الفتح، وشرف الدين أبو الحسين اليونيني، وشرف الدين الفزاري الخطيب، وأخوه الشيخ تاج الدين، وولده الشيخ برهان الدين،

(49/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 257
والخطيب شمس الدين إمام الكلاسة، وشرف الدين سيف قاضي القدس، والشيخ علي الموصلي، وعلاء الدين ابن العطار، والقاضي شهاب الدين أحمد بن الشرف حسن، والقاضي نجم الدين أحمد الدمشقي، وخلق كثير في الأحياء بمصر والشام. ورحل إليه غير واحد، وتفرد بالكثير. وذهب بصره في أواخر عمره. قال ابن الخباز: حدثني يوم موته الشيخ حسن بن أبي عبد الله الأزدي الصقلي أن الشيخ محمد بن عبد الله المغربي قال: رأيت البارحة كأن الناس في الجامع، فإذا ضجة فسألت عنها، فقيل لي: مات هذه الليلة مالك بن أنس رحمه الله. فلما أصبحت جئت إلى الجامع وأنا مفكر، فإذا إنسان، ينادي: رحم الله من صلى أو حضر جنازة زين الدين ابن عبد الدائم. قلت: المعروف بالمنام هو محمد بن صالح الهشكوري خطيب جامع جراح، والله أعلم. وحدثنا أبو بكر بن أحمد في سنة ثلاث وسبعمائة قال: رأيت أبي، رحمه الله، في الليلة التي دفناه فيها، فأقسمت عليه: أخبرني ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي وأدخلني الجنة. توفي، رحمه الله، لتسع خلون من رجب. وقد أخبرنا أحمد بن العادل قال: أنا ابن عبد الدائم سنة سبع عشرة وستمائة، فذكر حديثا.

(49/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 258
261 - أحمد بن عمر بن محمد بن كاكا. أبو العباس الزنجاني، ثم الدمشقي. حدث عن حنبل المكبر. وكتب عنه الطلبة. ومات في المحرم. 262 - إبراهيم بن أحمد بن علي بن حسين. تاج الدين أبو البركات، إمام جامع قليوب الأنصاري، المصري، الشافعي. ولد سنة ستمائة. وسمع من: أبي الحسين محمد بن أحمد بن جبير البلنسي، وغيره. وحدث. وتوفي في شوال بمصر. 263 - إبراهيم بن محمد بن صالح. القطيعي، الدقاق. سمع: أحمد بن صرما. وحدث. أجاز للبرهان الجعبري. وتوفي يوم عاشوراء.

(49/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 259
264 - إدريس بن أبي عبد الله بن أبي حفص بن عبد المؤمن. الملك أبو العلاء الواثق بالله، أبو دبوس. صاحب المغرب القيسي المؤمني، آخر ملوك بني عبد المؤمن. تغلب على الأمر، وتوثب على ابن عمه عمر، وقتله في سنة خمس وستين. وكان شهما شجاعا مقداما. خرج عليه أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق سيد آل مرين وصاحب تلمسان، فجرت بينهم حروب إلى أن قتل أبو دبوس في المحرم بظاهر مراكش في المصاف. واستولى المريني على مملكة المغرب، وانقضت دولة آل عبد المؤمن. 265 - إسماعيل بن يحيى بن أبي الوليد. الإمام، أبو الوليد الأزدي، الغرناطي، العطار، المقرئ. تلا بالسبع على الخطيب أبي بكر بن حسنون الحميري صاحب شريح وانفرد بالإجازة من أبي بكر بن عطية المحاربي. وأسمع في صغره. وروى أيضا عن: الحافظ عبد الرحيم بن الفرس، وأبي جعفر بن حكم. وله فلاحة وعقار. قرأ عليه بالسبع: أبو جعفر بن الزبير. وأضر بأخرة وهرم. ورخه ابن الزبير، وعاش أربعا وثمانين سنة.

(49/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 260
266 - أيبك. الأمير عز الدين الظاهري، نائب حمص. توفي بها في صفر. وكان غشوما ظلوما. 267 - أيبك. الأمير عز الدين الصالحي، الزراد، متولي قلعة دمشق. توفي في ذي القعدة. وكان مهيبا محتشما، حسن السيرة. 268 - أيوب بن محمود بن نصر الله. صفي الدين ابن البعلبكي، الدمشقي. رحل وسمع من عبد السلام الداهري، وابن روزبة، وأبي الحسن القطيعي، والأنجب بن أبي السعادات، وجماعة. كتب عنه: ابن ابحباز، وابن نفيس، والطلبة. مات في صفر في ربيع الآخر.
- حرف الحاء -
269 - الحسن بن أبي البركات علي بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن أبي الفتح بن أبي السنان.

(49/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 261
الشيخ عماد الدين أبو محمد، ويسمى عبد الرحيم أيضا، ويعرف بابن الحدوس الموصلي. ولد سنة إحدى عشرة. وسمع ببغداد من عبد السلام بن سكينة، وغيره. وحدث. ومات بمصر.
- حرف الدال -
270 - داود بن سليمان بن علي بن سالم. أبو سليمان بن الحموي، الدمشقي، الشافعي، العدل. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وحدث عن: حنبل. وهو من بيت العدالة والرواية. توفي فجأة في سادس ذي الحجة بدمشق.
- حرف الراء -
271 - ريحان الحبشي. مولى التقي صالح بن الخضر، المقرئ. روى عن: مكرم، وغيره. ومات بالقاهرة في شعبان.
- حرف السين -
272 - سعد الله بن أبي الفضل بن سعد الله بن أحمد بن سلطان. أبو محمد التنوخي، الدمشقي، الشافعي، البزار.

(49/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 262
ولد في أول سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عبد اللطيف بن إسماعيل، وحنبل بن عبد الله. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وأبو عبد الله بن الزراد، وجماعة. ومات في رابع شوال.
- حرف الصاد -
273 - صالح بن الخضر بن حاتم. تقي الدين، أبو البقاء ابن قمر الدولة الأنصاري، المصري، المقرئ، الشافعي، الضرير. سمع الكثير، وحدث عن: مكرم بن أبي الصقر. ومات بقليوب في رمضان. 274 - صالح بن الحسين بن طلحة بن الحسين بن محمد. القاضي الجليل، الإمام، تقي الدين، أبو البقاء الهاشمي، الجعفري، الزينبي. ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وسمع من: علي بن البنا، وغيره. وحدث. وكان رئيسا نبيلا، عارفا بالأدب. ولي قضاء قوص مدة. وله خطب ونظم ونثر وتصانيف. وأنحس نفسه بولاية نظر قوص، وفاعل ذلك منقوص. حدث عنه الدمياطي.

(49/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 263

- حرف العين -
275 - عبد الله بن عبد الرحمن بن سلامة بن نصر بن مقدام بن نصر. أبو محمد الحنبلي، المقدسي، السراج. ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وحدث عن: حنبل. وولي حسبة قاسيون. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، وجماعة. مات في تاسع ذي الحجة. 276 - عبد الصمد بن يوسف بن منصور بن يوسف. سديد الدين أبو محمد السعدي، الشامي، ثم المصري. توفي عن إحدى وثمانين سنة بالقاهرة. روى شيئا عن علي بن محمد بن رحال. 277 - عبد الرحمن بن الحافظ أبي محمد عبد الله بن سليمان بن حوط الله. الفقيه أبو عمر الأنصاري، الأندي، الأندلسي. سمع ' صحيح البخاري ' من أبي العباس بن مقدام صاحب شريح. وأجاز له خلق بإفادة أبيه وعمه. وسمع من طائفة. مات في المحرم، وقارب السبعين. 278 - عبد المغيث بن عبد الكريم بن أبي الفضائل. محيي الدين، أبو الفرج الأنصاري، الدلاصي، الصعيدي.

(49/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 264
ولد سنة إحدى وستمائة. من الحافظ ابن المفضل. وتوفي في الثالث والعشرين من ربيع الأول. 279 - عثمان عز الدين بن الشيخ الوجيه بن منجا. أكبر أولاد أبيه ؛ توفي شابا طريا إلى رحمة الله في جمادى الآخرة وشيعه الأعيان. ورخه شمس الدين ابن الفخر فقال: توفي صاحبي عز الدين وعمل عزاؤه بالمسمارية. 280 - علي بن الحسن بن الفرج بن النعمان بن محبوب. تقي الدين. المعري الأصل، البعلبكي. الفقيه الشافعي. كان فاضلا، حسن الأخلاق والعشرة. توفي بدمشق في ربيع الآخر، رحمه الله تعالى، وقد ناهز الستين. 281 - علي بن أبي طالب بن محمد. الشريف علاء الدين الحسيني، الموسوي، الدمشقي. ولد سنة ثمان وتسعين. وسمع من: أبي اليمن الكندي. وكان عدلا حسن الشكل. توفي في ذي القعدة. وهو والد المسند موسى بن علي الشاهد شيخنا. وكان شيخا بالمقدمية للإقراء. 282 - عمر بن محمد بن أبي سعد بن أحمد.

(49/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 265
الواعظ، العالم، بدر الدين، أبو حفص الكرماني الأصل، النيسابوري، التاجر. ولد بشاذياخ نيسابور في تاسع المحرم سنة سبعين وخمسمائة. وكان يمكنه أن يسمع من عبد المنعم بن الفراوي، وطبقته، وإنما سمع في الكهولة من القاسم بن عبد الله الصفار. سمع منه الشطر الأول من ' مسند أبي عوانة '، وسمع منه ثلاثة مجالس المخلدي، و ' الأربعين ' لعبد الخالق بن زاهر. وحدث بدمشق ومصر. وعمر دهرا طويلا. قرأت بخط العلاء الكندي: حدثني الواعظ بدر الدين النيسابوري قال: حفظت ' مقامات الحريري '، وكان أبي يغلق علي باب غرفة كل ليلة حتى أكرر على كل كتاب. ولا نعلم أحدا روى عن الصفار بالسماع بعده. روى عنه: الدمياطي، وابن فرج، وإمام الحنابلة، وابن الخباز، وابن الزراد، ونبيه الحلبي، وعز الدين محمد بن العز، وعلي بن محمد بن المهتار، وخلق من هذه الطبقة. وقد روى عنه الشيخ شمس الدين عبد الرحمن مع تقدمه. وتوفي بدمشق في ليلة الحادي والعشرين من شعبان، وقد قارب المائة. وسماعه صحيح مع الشيخ الضياء.
- حرف الكاف -
283 - كريمة بن أبي المنى بن سعد بن الحسن. النجيب النابلسي. ولد سنة اثنتين وتسعين.

(49/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 266
وروى بالأرض المقدسة وغيرها عن أبي جعفر الصيدلاني بالإجازة. سمع منه: ابن الخباز.
- حرف الميم -
284 - محمد بن إبراهيم بن عياش. أبو عبد الله السلاوي. سمع: ابن البن، وابن صصرى. وعاش سبعين سنة. روى عنه: شيخنا الدمياطي. 285 - محمد بن أحمد بن عمر. العلامة جلال الدين العيدي، البخاري، الحنفي. أحد شيوخ أبي العلاء الفرضي. تفقه على حسام الدين محمد بن محمد الأخشيكتي، وحميد الدين علي الرامشي، وعلى حافظ الدين. وحصل المذهب. وكان ذا معرفة تامة بالفقه والأصلين، ودرس وأفتى. وقال البخاري: أظنه في رمضان سنة ثمان بكلاباذ. 286 - محمد بن أبي الفتح الحسن الحافظ الكبير ثقة الدين أبي القاسم علي بن هبة الله بن عساكر. شمس الدين، أبو عبد الله الدمشقي. ولد سنة ثلاث وتسعين ؛ وسمع من عمه القاسم فيما أحسب.

(49/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 267
وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، ومحمد بن الزنف، والكندي، وست الكتبة بنت الطراح. وحدث بدمشق وبمصر مدة. أكثر عنه الشريف عز الدين والمصريون. ومات بدمشق في سابع صفر. روى عنه: الدمياطي، وابن ابحباز، وجماعة. 287 - محمد بن داود بن أبي العباس خمار بن محمود بن غازي. الشيخ شهاب الدين، أبو بكر الأنصاري، المصري، المقرئ. ولد سنة ستمائة. وقرأ القرآن بالروايات وأتقنها، وتصدر بجامع مصر لإقرائها. وكان دينا، خيرا، ساكنا، لا أعلم على من قرأ. وقد روى اليسير عن مكرم. ومات في رابع شوال، رحمه الله تعالى. 288 - محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي. الشيخ شمس الدين ابن العماد، أخو شيخنا العز. ولد سنة سبع وستمائة. وسمع من: ابن ملاعب، والموفق، وابن راجح، وموسى بن عبد القادر، وابن البن، والعز محمد بن الحافظ، وابن أبي لقمة، وجماعة. وهو والد صاحبنا الفقيه عبد الحميد. سمع منه: ابن الخباز، وابن نفيس، وابنه عبد الحميد. وكان فقيها إماما، زاهدا، قدوة، قوالا بالحق، كثير الخير. توفي رحمه الله في رمضان.

(49/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 268
289 - محمد الوزير. فخر الدين، أبو عبد الله ابن الصاحب الوزير بهاء الدين علي ابن القاضي السديد محمد بن سليم المصري، الشافعي، ابن حنا. سمع من: أبي الحسن بن المقير. وحدث، ودرس بمدرسة والده ؛ وعمر رباطا كبيرا بالقرافة، ووقف عليه ما يقوم بالفقراء. وكان دينا فاضلا، محبا لأهل الخير، مؤثرا لهم. توفي في شعبان. وهو أبو الصاحب تاج الدين محمد. شيعه خلق كثير. وقد روى عنه الدمياطي شيئا من نظمه. 290 - محمد بن عمر بن أبي القاسم أحمد بن أحمد بن محمد. الشريف، شيخ القراء، أبو البدر العباسي، الرشيدي، الواسطي، المعروف بابن الداعي. قرأ بالروايات علي: ابن البلاقاني، وابن الكمال، وأبي جعفر بن زريق، وأبي طالب، وأبي طالب بن عبد السميع. وحدث عن أبي الجوزي بكتاب ' جامع المسانيد ' وغير ذلك.

(49/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 269
وسمع ' الغيلانيات ' من المندائي. وحدث بجزء ابن عرفة عن ابن كليب. وأجاز له ذاكر بن كامل، وابن بوش، وابن كليب، وعدة. وتصدر للإقراء، وحمل عنه جماعة القراءآت كالشيخ علي خريم، وابن غزال، وابن المحروق. وبالإجازة شيخنا البرهاني الجعبري. ولد في المحرم سنة سبع وسبعين، وتوفي في ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وستمائة. 291 - محسن. الحبشي، الصالحي، الطواشي. سمع الكثير من أصحاب السلفي كابن رواج، وابن الحميري. وحصل الأصول، وتقدم عند الملك الصالح نجم الدين أيوب، وبعده ثم سافر إلى المدينة المنورة فجاور وتقدم على الخدام. ثم رجع إلى مصر. توفي في العشرين من شعبان. 292 - منصور بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن منصور. أبو محمد القرشي، البالسي، ثم الدمشقي، الكاتب. قال الشريف عز الدين: ولد سنة ستمائة. وسمع من الكندي. وحضر حنبل بن عبد الله. ومات في مستهل ربيع الأول بالشقيف. روى عنه: الدمياطي وابن الخباز، وغيرهما. وكان أديبا شاعرا.

(49/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 270

- حرف الياء -
293 - يحيى بن تمام بن يحيى بن عباس بن أبي الفتوح بن تميم. الشيخ عماد الدين، أبو زكريا الحميري، الدمشقي. ولد سنة ست وستمائة. وسمع من: داود بن ملاعب، والشيخ الموفق. وحدث بدمشق ومصر. ومات في شعبان. وكان رئيسا سمحا جوادا. 294 - يحيى بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد. قاضي القضاة، أوحد الحكام، محيي الدين، أبو المفضل ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي المعالي ابن قاضي القضاة زكي الدين أبي الحسن ابن قاضي القضاة منتخب الدين أبي المعالي ابن القاضي أبي الفضل، القرشي، الدمشقي، الشافعي. ولد في الخامس والعشرين من شعبان سنة ست وتسعين وخمسمائة. وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وابن الحرستاني، وجماعة.

(49/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 271
وتفقه على: فخر الدين ابن عساكر، وغيره. وولي قضاء دمشق غير مرة، ولم تطل ولايته. وكان صدرا، رئيسا محتشما، نبيلا، جليلا، معرقا في القضاء. وحدث بدمشق ومصر، وكتب عنه غير واحد. روى عنه الدمياطي في ' معجمه ' وساق نسبه إلى عثمان رضي الله عنه، ولا أعلم لذلك صحة. فإني رأيت الحافظ ابن عساكر قد ذكر جده لأمه القاضي أبا المفضل يحيى بن علي المذكور، وذكر ابنه المحتسب وغيرهما، ولم يتجاوز القاسم بن الوليد. وقال في جده المعروف بابن الصائغ: القرشي قاضي دمشق. ولم يقل لا الأموي ولا العثماني. ثم إني رأيت كتاب وقف لبني الزكي، وهو وقف من جدهم عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد القرشي. وقد وقفه في سنة نيف وسبعين ومائتين، ولم يزد في نسبه ولا نسبته على هذا، ولا سمى للوليد أبا، ولا ذكر أنه أموي، والذي زعم أنه عثماني قال فيه: الوليد بن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان. والله أعلم بحقيقة ذلك. فإن المعروف من ذلك أن المتقدمين يحفظون أنسابهم ويرفعونها. فإذا طالت السنون والأحقاب على الأعقاب نسيت وأهملت واجتزئ بالنسبة إلى القبيلة، فقيل القرشي والقيسي والهمداني وأما بالعكس فلا، فإنا لم نر هذا الواقف القديم الذي كان بعد السبعين ومائتين رفع في نسبه فوق ما ذكر في كتاب وقفه. ولا رأينا أحدا من أولاده وهلم جرا إلى زمان قاضي القضاة زكي الدين أبي الحسن يذكرون أنهم أمويون ولا عثمانيون. وإنما هو أمر لم ينقل عن أهل هذا البيت الطيب فينبغي أن يصان عن الزيادة والانتساب إلى غير جدهم إلا بيقين ولو ثبت ذلك لكان فيه مفخر وشرف. روى عنه: ابن الخباز، وشرف الدين ابن أبي الفتح، وشمس الدين بن الزراد، وجماعة.

(49/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 272
وقال الشيخ قطب الدين: كان له في الفقراء عقيدة. وصحب الشيخ محيي الدين ابن العربي وله فيه عقيدة تجاوز الوصف. قال: وحكي لي عنه أنه كان يفضل عليا على عثمان رضي الله عنهما، كأنه كان يقتدي في ذلك بابن العربي. وله قصيدة في مدح علي، رضي الله عنه: منها:
(أدين بما دان الوصي ولا أرى .......... سواه وإن كانت أمية محتدي)

(ولو شهدت صفين خيلي لأعذرت .......... وسآء بني حرب هنالك مشهدي)
قلت: وقد سار إلى هولاكو فولاه قضاء الشام وغيرها، وخلع عليه خلعة سوداء مذهبة خليفتية، وبدت منه أمور. والله يسامحه. وكان لهجا بالنجوم وأشياء لا أقولها. بحيث أنه دخل ببنت سناء الملك لأجل الطالع وقت الظهر، ولم نسمع بعرس في هذه الساعة، ثم بعد ليال ماتت هذه العروس، فنقل التاج ابن عساكر أنها ماتت فجأة. سقوها دواء يزيل العقل ليفتضها الزوج فقلقت، فيا شؤمه افتضاضا عليها. وقد أمره السلطان بالسكنى بديار مصر. وتوفي بمصر في رابع عشر رجب سنة ثمان، ودفن بسفح المقطم عن أحد عشر ولدا، وهم: علاء الدين أبو العباس أحمد، وقاضي القضاة بهاء الدين يوسف، وزكي الدين حسين، وشرف الدين إبراهيم، وعز الدين عبد العزيز،

(49/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 273
وتقي الدين عبد الكريم، وكمال الدين عبد الرحمن إمام محراب الصحابة، وزينب شيختنا، وست الحسن، وعائشة وفاطمة. وأولهم وفاة زكي الدين بعد أبيه بقليل. 295 - يعقوب بن عبد الرفيع بن زيد بن مالك. الصاحب، زين الدين الأسدي، الزبيري، من ولد عبد الله بن الزبير، رضي الله عنهما. ولد سنة بضع وثمانين وخمسمائة، ومات في ربيع الآخر. ذكره قطب الدين فقال: كان إماما فاضلا، ممدحا، كثير الرئاسة. وزر للملك المظفر قطز، ثم وزر للملك الظاهر في أوائل دولته، ثم عزل بابن حنا فلزم بيته. وله نظم جيد. * * *

(49/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 274
وفيها ولد: بدر الدين محمد بن أحمد بن بصحان ابن السراج الدمشقي، المقرئ، وكمال الدين عبد الرحمن بن القاضي محيي الدين يحيى بن الزكي القرشي في رجب، وعلاء الدين علي بن إسماعيل بن المقداد، وشمس الدين عبد الأحد بن سعد الله بن نجيح الشافعي، ومحمد ابن شيخنا الزين أبي بكر، والفخر عثمان بن عمر الحرستاني المؤذن، وصلاح الدين يوسف بن محمد بن المغيزل، وفخر الدين عثمان بن محمد بن قاضي حماة ابن البارزي، ونجم الدين علي بن داود القحفازي، وقاضي القضاة علاء الدين القونوي، وقاضي الحنابلة تقي الدين عبد الله بن محمد بن أبي بكر الديراني، والناصح النقيب محمد بن عبد الرحيم، والفخر عثمان بن محمد قاضي حماة نجم الدين عبد الرحيم ابن البارزي، وعلي بن أحمد بن محمد بن النجيب الخلاطي، والشيخ أحمد بن جملة في رجب، وإبراهيم بن محمد أخو المقريزي، وقاضي العراق قطب الدين محمد بن عمر الفضلي الشافعي، المعروف باحوبن، والشيخ صدر الدين سليمان بن يحيى بن إسرائيل البصروي مدرس الخاتونية، والقاضي فخر الدين محمد بن محمد بن مسكين المصري، في شوال منها.

(49/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 275

سنة تسع وستين وستمائة

- حرف الألف -
296 - أحمد بن عبد الله بن عزاز بن كامل. العلامة زين الدين، أبو العباس المصري، النحوي، المعروف بابن قطنة. كان من أئمة العربية المتنصبين لإقرائها بمصر. توفي في ربيع الآخر، وقد نيف على السبعين. انتفع به جماعة. 297 - أحمد بن القاضي الأعز أبي الفوارس مقدام بن أحمد بن شكر. القاضي الأجل، كمال الدين أبو السعادات المصري، أحد كبراء البلد. له عقل ودهاء ورأي، وفيه حشمة وسؤدد. وعين للوزارة. وله نظم حسن. وتوفي ليلة السادس والعشرين من رمضان. 298 - إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان بن عباس. أبو إسحاق المقدسي، المقرئ. ولد سنة إحدى وتسعين.

(49/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 276
وسمع من: أبي الفضل محمد بن الحصيب، وداود بن ملاعب، وغيرهما. وكتب عنه الطلبة، ومات بالصنمين في أول رجب راجعا من الحج. وهو أخو الشيخ شهاب الدين أبي شامة. 299 - إبراهيم بن المسلم بن هبة الله بن البارزي. الحموي، القاضي شمس الدين. أحد الأئمة الفضلاء ببلده. ولد سنة ثمانين وخمسمائة. وكان فيه دين وورع. قرأ على أبي اليمن الكندي. وصحب الفخر ابن عساكر وتفقه به، وأعاد له. ودرس بالرواحية بدمشق، ثم درس بحماة، وولي قضاءها إلى أن مات. وقد درس أيضا بالمعرة. وكان محمود السيرة في القضاء، وله شعر، وفضائل. ولي قضاء حماة بضع عشرة سنة. توفي في شعبان [من هذه السنة]. روى عنه: حفيده قاضي القضاة شرف الدين هبة الله شيخنا، وقاضي القضاة ابن جماعة، وثنا أنه قرأ عليه ' التنبيه ' دروسا، وأنه حفظ ثلث ' النهاية ' لإمام الحرمين، وغير ذلك، وأنه كان يصوم الدهر ويقوم الليل، رحمه الله تعالى.

(49/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 277
300 - إسحاق بن محمود بن بلكويه بن أبي الفيّاض. الشيخ شمس الدين، أبو إبراهيم البروجردي، الصوفي، المشرف.

(49/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 278
من أكابر مشايخ الصوفية وقدمائهم ؛ ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة ببروجرد. وسمع ببغداد من: أبي طاهر لاحق بن قندرة، وعمر بن طبرزد، وعبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر، وأبي تراب يحيى بن إبراهيم الكرخي، وعبد الباقي بن عبد الجبار الهروي. وسمع بالقاهرة من: أبي الحسن بن المفضل الحافظ، ومحمد بن الحسن اللرستاني، وجماعة. وكان يكتب خطا جيدا، ونسخ الكثير، وصحب شيخ الشيوخ أبا الحسن محمد بن حمويه. خرج له أبو بكر محمد بن عبد العظيم المنذري ' مشيخة ' في جزء. روى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان، والأمير علم الدين الدواداري، ومحمد بن عالي الدمياطي، وأحمد بن عبد المحسن بن رفعة، والمصريون. ومات في خامس المحرم بالقاهرة. وقال جمال الدين ابن الصابوني: سمعت منه، وهو ثقة نبيل، لديه فضل، ولي إشراف الخانكاه مدة، رحمه الله تعالى. 301 - إسرائيل بن أحمد بن أبي الحسين بن علي بن غالب. القرشي، العرضي، الدمشقي، التاجر، الطبيب. سمع من: الحافظ عبد العزيز بن الأخضر. وحدث بدمشق، ومصر. وتوفي في سابع رمضان بدمشق. روى عنه: الدمياطي.

(49/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 279

- حرف الحاء -
302 - حسن بن أبي عبد الله بن صدقة بن أبي الفتوح. الإمام، المقرئ، الزاهد، أبو علي الأزدي، الصقلي. ولد سنة تسعين وخمسمائة. وقرأ القراءآت على أبي الحسن السخاوي واستوطن دمشق. وروى بالإجازة عن: المؤيد الطوسي، وأبي روح الهروي، وزينب الشعرية، وكان من السادة العباد، صاحب أوراد وإخلاص ومشاركة في العلوم. وكان صديقا للشيخ زين الدين الزواوي. وسمع من جماعة من أصحاب الحافظ ابن عساكر كأبي إسحاق ابن الخشوعي وأقرانه. وأقرأ وأفاد. روى عنه: ابن الخباز، وأبو الحسن ابن العطار، وغيرهما. وتوفي إلى رضوان الله في ليلة الثاني والعشرين من ربيع الآخر. وذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان من السادات في تعبده وزهده وتقلله من الدنيا، وافر الحرمة، ساعيا في قضاء الحوائج والحقوق، له مهابة وقبول تام

(49/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 280
303 - حسين القاضي زكي الدين ابن قاضي القضاة محيي الدين، يحيى. الزكوي. كان فاضلا نبيلا، إماما، مفتيا. مات شابا عن سبع وعشرين سنة في صفر. وله شعر.
- حرف السين -
304 - ساعد بن سعد الله بن ثلاج. أبو سعد المحجي، الصالحي. حدث عن: ابن الزبيدي، والفخر الإربلي. ومات في ذي القعدة. روى لنا عنه: أبو الحسن بن العطار. 305 - سامة بن كوكب. السوادي، والد الشهاب أحمد، وجد المحدث شمس الدين. فقير متعفف قنوع. من سكان جبل الصالحية. يروي عن: ابن اللتي. كتب عنه: ابنه، وابن الخباز.

(49/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 281
306 - سنجر الصيرفي. الأمير علم الدين. من كبار الأمراء بمصر. ثم نقل إلى الشام. توفي كهلا في صفر ببعلبك، رحمه الله تعالى. 307 - سنجر الأمير قطب الدين. المستنصري، البغدادي، المعروف بالياغز. أحد مماليك المستنصر فلما أخذ هولاكو بغداد هرب إلى الشام. وكان محترما في الدولة الظاهرية، وعنده نباهة، وفضل. مات في صفر.
- حرف العين -
308 - عائشة بنت المحدث محمد بن جبريل بن عزاز. أم عبد الرحمن الأنصارية، الشارعية. روت عن: مكرم. وماتت في سلخ جمادى الأولى. 309 - عباس الملك الأمجد تقي الدين

(49/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 282
ولد السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب. كان آخر إخوته وفاة. وكان جليل القدر محترما عند الملوك لاسيما عند الملك الظاهر، لا يترفع عليه أحد في المجلس ولا في الموكب. وكان دمث الأخلاق حسن العشرة حلو المجالسة، رئيسا سريا. توفي في جمادى الآخرة، ودفن بالتربة التي له بقاسيون. وقد حدث عن: التاج الكندي، والبكري. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وجماعة. رحمه الله تعالى. 310 - عبد الله بن أحمد بن عبد الواحد بن الحسين بن أبي المضاء. شمس الدين أبو بكر البعلبكي، محتسب بعلبك. عاش ثمانين سنة أو أكثر، وأصابه خلط وصرع، وكان يعتريه. ومات رحمه الله في جمادى الآخرة. 311 - عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر. المفتي العلامة، سراج الدين الشرمساحي، البصري، الفقيه المالكي. مدرس المستنصرية. من كبار أئمة المذهب، وكان زاهدا صالحا متصوفا. مات في جمادى الآخرة، وله سبعون سنة.

(49/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 283
وقد روى الحديث. سمع منه: ابن خروف الموصلي، وغيره. ودرس بعده بالمستنصرية أخوه علم الدين. 312 - عبد الله بن علي بن عبد الحفيظ. الشريف أبو محمد الحسيني، الكلثمي، المصري. ولد سنة لرر وتسعين. وحدث عن: علي بن البنا المكي. توفي في ربيع الأول. 313 - عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن نصر بن محمد بن سبعين. القرشي، المخزومي، الشيخ قطب الدين، أبو محمد المرسي، الرقوطي، الصوفي.

(49/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 284
كان صوفيا على قاعدة زهد الفلاسفة وتصوفهم. وله كلام كثير في العرفان على طريق الإتحاد والزندقة، نسأل الله السلامة في الدين. وقد ذكرنا محط هؤلاء الجنس في ترجمة ' ابن الفارض ' و ' ابن العربي '، وغيرهما. فيا حسرة على العباد كيف لا يغضبون لله تعالى، ولا يقومون في الذب عن معبودهم، تبارك اسمه، وتقدست ذاته، عن أن يتمزج بخلقه أو يحل فيهم، وتعالى الله عن أن يكون هو عين السماوات والأرض وما بينهما. فإن هذا الكلام شر من مقالة من قال بقدم العالم، ومن عرف هؤلاء الباطنية عذرني، أو هو زنديق مبطن للاتحاد ويذب عن الاتحادية والحلولية، ومن لم يعرفهم فالله يثيبه على حسن قصده. وينبغي للمرء أن يكون غضبه لربه إذا انتهكت حرماته أكثر من غضبه لفقير غير معصوم من الزلل. فكيف بفقير يحتمل أن يكون في الباطن كافرا، مع أنا لا نشهد على أعيان هؤلاء بإيمان ولا كفر لجواز توبتهم قبل الموت. وأمرهم مشكل، وحسابهم على الله. وأما مقالاتهم فلا ريب في أنها شر من الشرك، فيا أخي ويا حبيبي اعط القوس باريها، ودعني ومعرفتي بذلك، فإنني أخاف الله أن يعذبني على سكوتي، كما أخاف أن يعذبني على الكلام في أوليائه. وأنا لو قلت لرجل مسلم: يا كافر، لقد بؤت بالكفر، فكيف لو قلته لرجل صالح أو ولي لله تعالى؟ ذكر شيخنا قاضي القضاة تقي الدين ابن دقيق العيد قال: جلست مع ابن سبعين من ضحوة إلى قريب الظهر وهو يسرد كلاما تعقل مفرداته ولا تعقل مركباته. قلت: واشتهر عنه أنه قال: لقد تحجر ابن آمنة واسعا بقوله: لا نبي بعدي. وجاء من وجه آخر عنه أنه قال: لقد زرب ابن آمنة حيث قال: لا نبي بعدي.

(49/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 285
فإن كان ابن سبعين قال هذا فقد خرج به من الإسلام، مع أن هذا الكلام في الكفر دون قوله في رب العالمين أنه حقيقة الموجودات ؛ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وذكره الشريف عز الدين فقال: له تصانيف عدة ومكانة مكينة عند جماعة من الناس. وأقام بمكة سنين عديدة. قلت: وحدثني فقير صالح أنه صحب فقراء من السبعينية فكانوا يهونون له ترك الصلاة وغير ذلك. اللهم احفظ علينا إيماننا واجعلنا هداة مهتدين. وحصن رقوطة من أعمال مرسية. وسمعت أن ابن سبعين فصد يديه وترك الدم يخرج حتى تصفى، ومات والله أعلم بصحة ذلك. وكان موته بمكة في الثامن والعشرين من شوال، وله خمس، وخمسون سنة، فإنه ولد في سنة أربع عشرة. اللهم يا ربنا ورب كل شيء، إن كان هذا الشخص وأضرابه يعتقدون أنك عين مخلوقاتك، وأن ذاتك المقدسة البائنة من الخلق هي حقيقة ما أبدعت وأوجدت من العدم، فلا ترحمهم ولا ترض عنهم. وإن كانوا يؤمنون بأنك رب العالمين وخالق كل شيء، وأن مخلوقاتك غيرك بكل حال وعلى أي تقدير، فاغفر لهم وارحمهم. فإن من كلامهم: ما ثم غير وما في الكون سوى الله. وما أنت غير الكون بل أنت عينه تعاليت يا إلهنا عن ذلك، بل وما أنت عين الكون بل أنت غيره، ويفهم هذا كل من هو مسلم. ويقولون إن الله تعالى هو روح الأشياء، وإنه في الموجودات سار كالحياة في الجسم. ويقولون إن الموجودات مظاهر له، وإنه يظهر فيها. كما قال رمضان

(49/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 286
التوزي، معثر عرف بالجوبان القواس:
(مظاهر الح (.... ..............) فيها فلا يحد)

(ف (...) لا يكاد يخفى .......... وظاهر لا يكاد يبدو)

(نشهده بين ذا وهذا .......... بأعين منه تستمد)

(إن بطن العبد فهو رب .......... أو ظهر الرب فهو عبد)

(فعين كن عين زل .......... وجودا قبض وبسط أخذ ورد)

(مراتب الكون ثابتات .......... وهو إلى حكمها المرد)
وقال الشيخ صفي الدين الأرموي الهندي: حججت في حدود سنة ست وستين، وبحثت مع ابن سبعين في الفلسفة فقال لي: لا ينبغي لك الإقامة بمكة. فقلت: كيف تقيم بها أنت؟ فقال: انحصرت القسمة في قعودي بها، فإن الملك الظاهر يطلبني بسبب انتمائي إلى أشراف مكة، واليمن صاحبها له في عقيدة، ولكن وزيره حشوي يكرهني. قال صفي الدين: وكان داوى صاحب مكة فصارت له عنده مكانة بذلك ويقال إنه نفي من المغرب بسبب كلمة كفر صدرت منه، وهي أنه قال: لقد تحجر ابن آمنة في قوله: لا نبي بعدي. قلت: وإن فتحنا باب الاعتذار عن المقالات وسلكنا طريقة التأويلات المستحيلات لم يبق في العالم كفر ولا ضلال، وبطلت كتب الملل والنحل واختلاف الفرق. وقد ذكر الغزالي رحمه الله في كتاب ' مشكاة الأنوار ' فصلا في حال الحلاج فأخذ يعتذر عما صدر منه مثل قوله: أنا الحق. وقول الآخر: ما في الجبة إلا الله. وهذه الإطلاقات التي ظاهرها كفر، وحملها على محامل سائغة، وأولها وقال: هذا من فرط المحبة وشدة الوجد، وإن ذلك كقول القائل: أنا من أهوى ومن أهوى أنا.

(49/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 287
قلت: بتقدير صحة العقيدة فلا كلام، وإنما الكلام فيمن يقول: العالم هو الله، كقوله في الفصوص إنه عين ما ظهر وعين ما بطن، وهو المسمى بأبي سعيد الخرّاز، وغير ذلك من أسماء المحدثات. ومن طالع كتب هؤلاء علم علما ضروريا بأنهم اتحادية، مارقة من الدين، وأنهم يقولون: الوجود الواجب القديم الخالق هو الممكن المخلوق ما ثم غير ولا سوى. ولكن لما رأوا تعدد المخلوقات قالوا: مظاهر ومجالي. فإذا قيل لهم فإن كانت المظاهر أمرا وجوديا تعدد الوجود. وإلا لم يكن لها حينئذ حقيقة. وما كان هكذا تبين أن الموجود نوعان خالق ومخلوق. قالوا: نحن ثبت عندنا بالكشف ما يناقض صريح العقل. ومن أراد أن يكون عارفا محققا فلا بد أن يلتزم الجمع بين النقيضين، وإن الجسم لواحد يكون في وقت واحد في موضعين. 314 - عبد الحميد بن رضوان بن عبد الله. أبومحمد المصري، الشافعي، الجراحي. ولد في سنة ثمانين وخمسمائة في مستهل صفر بالقاهرة. وذكر أنه قرأ القرآن على أبي الجود، وأنه سمع على أبي القاسم البوصيري. وقد روى عن ابن اللتي يسيرا. وتوفي في المحرم ودفن بقاسيون. وكان أديبا فاضلا يلقب مجد الدين. روى عنه: ابن الخباز، وغيره. وقرأ عليه ابن فرح كتاب ' شرح السنة ' بروايته عن القزويني.

(49/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 288
315 - عبد الكريم بن ناصر. أبو الكرم الدعجاني، المصري، المؤذن، المعروف بكريم. ولد في حدود الثمانين وخمسمائة. وروى عن: أبي نزار ربيعة اليمني. وتوفي في رجب. حدثني الحافظ أبو العباس الحلبي قال: ذكر الطلبة لعبد الكريم فقالوا: قد سماك الحافظ عبد العظيم كريم، وذلك لأجل الكاف فإنها عزيزة فقال: أيطيب له أن يسميه أحد عظيم. 316 - عبد الوهاب بن القاضي أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الحسين. زين القضاة، أبو المكارم بن الجباب السعدي، المصري، العدل. ولد في أول سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من محمد بن أحمد بن جبير الكناني، وابن باقا. وحدث. توفي في جمادى الأولى. 317 - علي بن مؤمن بن محمد بن علي.

(49/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 289
المعروف بابن عصفور. العلامة، أبو الحسن الحضرمي، الإشبيلي، حامل لواء العربية بالأندلس. حمل وأخذ عن الأستاذ أبي الحسن الدباج، ثم عن الأستاذ أبي علي الشلوبين. وتصدر للإشغال مدة. ذكر أبو عبد الله محمد بن حيان الشاطبي في ' تاريخه ' قال: لازم ابن عصفور أبا عليّ نحوا من عشرة أعوام إلى أن ختم عليه ' كتاب ' سيبويه في نحو السبعين طالبا. قال الإمام أبو حيان: الذي نعرفه أنه ما أكمل عليه الكتاب أصلا. وكان أصبر الناس على المطالعة لا يمل من ذلك. وله تواليف منها: ' المقرب '، (.......) ن، وكتاب ' الممتع '، و ' المفتاح '، و ' الهلالي '، و ' الأزهار '، و ' إنارة الدياجي '، و ' مختصر الغرة '، و ' مختصر المحتسب '، و ' مفاخرة السالف والعذار '. ومما شرحه ولم يكمله: ' شرح المقرب '، (.....)، ' شرح الحماسة '،

(49/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 290
' شرح المتنبي '، ' سرقات الشعراء '، ' شرح الجزولي '، ' البديع '، وغير ذلك. وكان (....) بالنحو لا يشق غباره ولا يجارى. أقرأ بإشبيلية وبهريش، ومالقة، ولورقة، ومرسية. وولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة بإشبيلية. ومات بتونس في الرابع والعشرين من ذي القعدة. ولم يكن بذاك الورع في دينه، تجاوز الله عنا وعنه، فمما قاله ارتجالا:
(لما تدنست بالتفريط في كبري .......... وصرت مغرى بشرب الراح واللعس)

(رأيت أن خضاب الشيب أستر لي .......... إن البياض قليل الحمل للدنس)
ولابن عصفور من قصيدة في فرس كميت:
(هنيئا بطرف إذا ما جرى .......... تزى البرق يتعب في دائره)

(مصغر لفظ، ولكنه .......... يجل ويعظم في قدره)
قلت: كان بحرا في العربية يقرئ الكتب الكبار ولا يطالع عليها.

(49/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 291
وكان في خدمة أمير. أقرأ بعدة مدائن. قال ابن الزبير: لم يكن عنده ما يؤخذ عنه سوى ما ذكر يعني العربية ولا تأهل بغير ذلك، رحمه الله وعفى عنه. قلت: ولا تعلق له بعلم القراءآت ولا الفقه ولا رواية الحديث. وكان يخدم الأمير أبا عبد الله محمد بن أبي زكريا الهنتاني صاحب تونس. 318 - عمر بن حامد بن عبد الرحمن بن المرجا بن المؤمل. أبو حفص الأنصاري، القوصي، ثم الدمشقي، الشافعي، العدل. سمع من: عمر بن طبرزد، وحنبل، وجماعة بإفادة أخيه شهاب الدين إسماعيل. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وعلم الدين الدواداري، وجماعة. وكان أحد الشهود. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة، ومات في ثالث عشر ربيع الآخر. 319 - عمر بن عبد الله بن صالح بن عيسى.

(49/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 292
الإمام، أبو حفص السبكي، المالكي، قاضي القضاة سيف الدين. ولد سنة خمس وثمانين وخمسمائة. وتفقه على الإمام أبي الحسن المقدسي الحافظ. وصحبه مدة، وسمع منه، ومن القاضي عبد الله بن محمد بن مجلي. وولي الحسبة مدة بالقاهرة، ثم ولي القضاء حين جعلت أربعة قضاة. ودرس للمالكية بالصالحية. وأشغل وأفتى وانتهت إليه معرفة المذهب مع الدين والخير والأمانة. روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة، وبدر الدين ابن جماعة، وعلم الدين الدواداري، وغيرهم. وسبك العبيد بلد من أعمال الديار المصرية. توفي بالقاهرة في الخامس والعشرين من ذي القعدة وله أربع وثمانون سنة. 320 - عمر بن علي بن أبي بكر بن محمد بن بركة. الإمام العلامة، رضي الدين، أبو الرضا المصري، الحنفي، المعروف بابن الموصلي. ولد بميافارقين سنة أربع عشرة وستمائة. ودرس وأفتى، وبرع في المذهب. وشارك في الشعر والأدب، وكتب الخط المليح. وكان ذا رئاسة وتجمل ونبل. توفي في ثامن عشر رمضان بالقاهرة. 321 - عيسى بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن أحمد بن إبراهيم.

(49/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 293
الأمير شرف الدين، أبو محمد ابن الأمير أبي عبد الله الهكاري، الكردي. سمع بالمقدس كتاب ' الأحكام ' لعبد الحق، من أبي الحسن علي بن محمد بن جميل المعافري الخطيب، عن المصنف. وأجاز له عمر بن طبرزد، وغيره. روى عنه: شيخنا برهان الدين الإسكندراني، وغير واحد سمعوا منه الأحكام. وكان أحد الأبطال المشهورين بالشجاعة والإقدام. وله مواقف مشهودة ووقائع مع الفرنج، هذا مع الدين والكرم والمروءة والأوصاف الجميلة والرئاسة والحشمة. توفي في الثامن والعشرين من ربيع الآخر. وآخر من سمع منه الأحكام قاضي القضاة ابن جماعة. وكان مولده في سنة 593.
- حرف الميم -
322 - محمد بن أسعد بن عبد الرحمن. الشيخ الزاهد الصالح أبو عبد الله الهمداني، المجاور بمشهد عروة. كان كبير القدر، صاحب أوراد وعبادة وزهد وإقبال على الآخرة. حدث بالبخاري عن ابن الزبيدي. قرأه عليه الخطيب شرف الدين الفزاري.

(49/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 294
وسمع منه: قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وجماعة. وتوفي في صفر، وشيعه خلق، كبير. 323 - محمد بن إسماعيل بن عثمان بن المظفر بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين. الشيخ مجد الدين، أبو عبد الله بن عساكر، الدمشقي، الشافعي. ولد في حدود سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وأبي جعفر القرطبي، وحنبل، وابن طبرزد، والتاج الكندي، وغيرهم. وحدث بدمشق ومصر. روى عنه: ابن الخباز، (وبرهان الدين) الإسكندراني، والشيخ عبد الرحمن القرامزي، وعلاء الدين ابن العطار، وأحمد بن (....) المؤذن، وجماعة. وكان عدلا جليلا من بيت الرواية والرئاسة. وجده عثمان [بن المظفر بن عبد الله]. وهو آخر من روى كتاب ' التجريد ' لابن الفحام عاليا. توفي إلى رحمة الله في ثامن ذي القعدة بدمشق. 324 - محمد بن [تما] م بن يحيى بن عباس.

(49/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 295
أبو بكر الحميري، الدمشقي فخر الدين. ولد سنة ثلاث وستمائة. وسمع من: داود بن ملاعب، والشيخ الموفق. وقد تقدم أخوه يحيى. توفي محمد في رابع رجب. وكان عدلا رئيسا. روى عنه: الدواداري، وقاضي القضاة نجم الدين، وابن العطار. 325 - محمد بن عبد المنعم بن نصر الله بن جعفر بن أحمد بن حواري. الشيخ تاج الدين، أبو المكارم التنوخي، المعري الأصل، الدمشقي، الحنفي. ويعرف بابن شقير. الأديب الشاعر. ولد سنة ست وستمائة. وروى ' الأربعين ' التي لهبة الله القشيري، عن أبي الفتوح البكري. وروى عن: ابن الحرستاني، وغيره. وهو أخو المحدث الأديب نصر الله. سمع منهما الدمياطي. توفي تاج الدين في صفر. ذكره قطب الدين فقال: كان أديبا رئيسا، دمث الأخلاق. وهو من

(49/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 296
شعراء الملك الناصر يوسف، وله فيه مدائح جمة. وكان يحبه ويقدمه على غيره من الشعراء الذين في خدمته. فمن شعره:
(ما ضر قاضي الهوى العذري حين ولي .......... لو كان في حكمه يقضي علي ولي)

(وما عليه وقد صرنا رعيته .......... لو أنه مغمد عنا ظبا المقل)

(يا حاكم الحب لا تحكم بسفك دمي .......... إلا بفتوى فتور الأعين النجل)

(ويا غريم الأسى الخصم الألد هوى .......... رفقا عليّ فجسمي في هواك بلي)

(أخذت قلبي رهنا يوم كاظمة .......... على بقايا دعاو للهوى قبلي)

(ورمت مني كفيلا بالأسى عبثا .......... وأنت تعلم أني بالغرام ملي)

(وقد قضى حاكم التبريح مجتهدا .......... علي بالوجد حتى ينقضي أجلي)

(لذا قذفت شهود الدمع فيك عسى .......... أن الوصال بجرح الجفن يثبت لي)

(لا تسطون بعسال القوام على .......... ضعفي فما آفتي إلا من الأسل)

(هددتني بالقلى حسبي الجوى وكفى ' أنا الغريق فما خوفي من البلل ' ..........

(49/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 297
326 - محمود بن حيدر. شيخ زاهد صالح، صاحب تهجد وأوراد وأذكار. وهو ربيب الشيخ الكبير عبد الله اليونيني. توفي ببعلبك في جمادى الأولى. وقد جاوز السبعين. 327 - مرشد. الطواشي الكبير شجاع الدين الحبشي، المظفري، الحموي، عتيق المظفر صاحب حماة. كان أحد الأبطال الشجعان، وكان الملك الظاهر يحبه لذلك. وله مواقف مشهورة. وكان يتصرف في مملكة حماة كتصرف ابن أستاذه. وله هيبة وحرمة. مات في عشر السبعين بحماة.
- حرف الهاء -
328 - هيثوم بن قسطنطين.

(49/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 298
الكلب، الملك المجير، صاحب سيس. توفي في هذه السنة، وتملك ولده.
- حرف الياء -
329 - يحيى بن عبد الله. فخر الدين البغدادي. ولد سنة ثلاث وسبعين. روى المقامات الحريرية. سمعها منه الشيخ ظهير الدين الكارزوني وقال: كان أديبا منقطعا له سماعات عالية. مات في ربيع الأول. قلت: روى عنه ابن الشيخ عبد القادر الذي انتخب عليه البرزالي. 330 - يحيى بن عبد العزيز. الشيخ، نجم الدين الناسخ. فاضل ورع. ناصح المسلمين وكاتبهم فأخذ ببغداد وقرر، فاعترف فقتلوه، رحمه الله تعالى.

(49/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 299
صورة ما كتب بخط في آخر سنة 669 في وريقة ملحقة:
فائدة
331 - الملك الموحد عبد الله بن المعظم تورانشاه بن السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل بن العادل. ولد بآمد إذ أبوه متوليها، فقصد غياث الدين صاحب الروم وعسكر حلب آمد وحاصروها، ثم أخذوها من المعظم، وأبقوا له حصن كيفا، فتحول إليه، فلما مات أبوه بالديار المصرية وطلب المعظم وقدم وتملك مصر والشام في سنة سبع وأربعين، خلف الملك الموحد هذا بحصن كيفا فتملكه قال ابن واصل في ' تاريخه '، وقد ألفه في حدود السبعين وستمائة: الملك الموحد باق إلى الآن مستولي على حصن كيفا تحت أوامر التتار وله عدة أولاد على ما بلغني. قال: وكان عمره لما قضى والده إلى مصر عشر سنين. سألت الشيخ تاج الدين الفارقي عند الموحد هذا، فقال: رأيته، وكان شجاعا قصيرا، عاش إلى بعد الثمانين وستمائة وابنه إلى الآن باق بيده الحصن من تحت أوامر التتار. قلت: لقب ابنه الملك الكامل. قتلته التتار في حدود سنة سبعمائة، وأقاموا بعده ولده الملك الصالح صورة بلا أمر، ورتبته كجندي كبير.
انتهت الفائدة
* * *

(49/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 300
وفيها ولد: القاضي جمال الدين أحمد بن محمد بن محمد بن نصر الله بن القلانسي التميمي، والشهاب أحمد بن صفي الدين بن أبي بكر السلامي بالبصرة، وتاج الدين علي بن مجد الدين إسماعيل بن كسيرات المخزومي الخالدي، وجمال الدين يوسف بن محمد بن حماد خطيب حماة، في جمادى الآخرة ؛ وقاضي القضاة عماد الدين علي بن أحمد بن الطرسوسي الحلبي في رجب بمنية بني خصيب.

(49/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 301

سنة سبعين وستمائة

- حرف الألف -
332 - أحمد بن سعيد بن أحمد بن بكر بن الحسين. الشيخ القدوة الزاهد، صفي الدين، أبو العباس النيسابوري الأصل اللهاوري، الصوفي. ولد بلهاور سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. ولقي الكبار والزهاد. وكان أحد المشهورين بالزهد والعبادة والإنقطاع، وله كلام على طريق الصوفية مع ما كان عليه من لين الجانب ولطف الأخلاق وحسن الملقى. ذكره الشريف عز الدين وقال: توفي في حادى عشر رمضان. وقد روى عن أبي القاسم سبط السلفي. 333 - أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن علي بن عبد الباقي. الإمام أبو الفضل ابن الصواف. ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة في ثاني رجب بالإسكندرية. وقرأ القراءآت على أبي القاسم ابن الصفراوي. وسمع من: محمد بن عماد ؛ ومن والده.

(49/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 302
وحدث، وأسمع ولده يحيى شيخنا. وكان معروفا بالعلم والدين والصلاح والورع، وكرم الخلائق، وحسن الطرائق. توفي في ثامن رجب بالإسكندرية. 334 - أحمد بن علي بن يوسف بن عبد الله بن بندار. المسند، العالم، معين الدين، أبو العباس ابن قاضي القضاة زين الدين أبي الحسن ابن العلامة أبي المحاسن. الدمشقي الأصل، المصري، الشافعي. ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبيه ؛ ومن: عمه أبي حفص عمر، والبوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وأبي الفضل الغزنوي، والعماد الكاتب، وغيرهم. وروى الكثير مدة. روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، والشيخ شعبان، وقاضي القضاة سعد الدين الحنبلي، والشهاب أحمد الزبيري، والأمين عبد القادر الصعبي، وأحمد بن إبراهيم الكناني الحنبلي، وأحمد بن يوسف التلي، وعلم الدين الدواداري، ومحمد بن عالي الدمياطي، والجمال محمد بن محمد العثماني المهدوي، وطائفة سواهم. وكان آخر من روى ' صحيح البخاري ' عن هبة الله البوصيري. توفي في ثامن عشر رجب بالقاهرة. 335 - أحمد بن عمر. الزاهد، العابد، القدوة. خطيب باجسرا، أبو العباس.

(49/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 303
مات بناحيته. أرخه الكازروني. 336 - أحمد بن أبي السر مكتوم بن أحمد بن محمد بن سليم. تاج الدين أبو العباس القيسي، الدمشقي، العدل. عم شيخنا الصدر إسماعيل. سمع من: النفيس أبي محمد بن البن، وابن الزبيدي، وجماعة. وحدث. ومات بمصر في شوال.
- حرف الجيم -
337 - جوشن بن دغفل بن عالي. أبو محمد، واسمه أيضا محمد، التميمي، المزي. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: ابن أبي لقمة. روى لنا عنه: أبو الحسن بن العطار.
- حرف الحاء -
338 - الحسن. الملك الأمجد أبو محمد ابن الملك الناصر داود بن الملك المعظم عيسى بن العادل.

(49/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 304
ولد سنة نيف وعشرين وستمائة، واشتغل في الفقه والأدب، وشارك في العلوم، وأتقن الأدب، وتنقلت به الأحوال، وتزهد وصحب المشايخ. وكان كثير المعروف عالي الهمة، عنده شجاعة وإقدام وصبر وثبات. وكان إخوته يتأدبون معه ويقدمونه، وكذلك أمراء الدولة. وله شعر ويد طولى في الترسل وخط منسوب. أنفق أكثر أمواله في الطاعة. وكان مقتصدا في ملبسه ومركبه. وتزوج بابنة الملك العزيز عثمان بن الملك العادل، ثم تزوج بأخت السلطان الملك الناصر يوسف الحلبي فجاءه منها المولى صلاح الدين. وكان عنده من الكتب النفيسة شيء كثير فوهب معظمها. وكان ذا مروءة تامة، يقوم بنفسه وماله مع من يقصده. وأمه هي بنت الملك الأمجد حسن بن العادل. وقد رثاه شهاب الدين محمود الكاتب، أبقاه الله، بقصيدة أولها:
(هو الربع ما أهوى وأضحت ملاعبه مشرعة إلا وقد بان صاحبه ..........

(عهدت به من آل أيوب ماجدا .......... كريم المحيا زاكيات مناسبه)

(يزيد على وزن الجبال وقاره .......... وتكثر ذرات الرمال مناقبه)
توفي رحمه الله بدمشق في جمادى الأولى، وهو في عشر الخمسين. وقد روى عن: ابن اللتي، وغيره. 339 - الحسن بن عثمان بن علي. الإمام، القاضي، محتسب الثغر، ركن الدين أبو علي التميمي، القابسي، المالكي، المعدل.

(49/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 305
قدم الثغر شابا، فسمع من: ابن موقا، وابن المفضل، وجماعة. وتلا بالسبع على منصور بن خميس الأندلسي. تلا عليه عبد المجيد بن خلف الصواف. وروى عنه جماعة منهم ولده شيخنا يوسف. مات في المحرم. 340 - الحسين بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي. أبو المظفر بن أبي القاسم ابن الشيخ الإمام أبي الفرج. توفي في شعبان.
- حرف الخاء -
341 - خليل بن علي بن خليل. كمال الدين، أبو الصفا العجمي الأصل، الدمشقي. ولد سنة ست وستمائة. وسمع: أبا المنجا بن اللتي، وكريمة. وسمع من المتأخرين كثيرا بدمشق ومصر. توفي بالقاهرة في المحرم.
- حرف السين -
342 - سلار بن الحسن بن عمر بن سعيد.

(49/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 306
الإمام، العلامة، المفتي، كمال الدين، أبو الفضائل الإربلي، الشافعي، صاحب الإمام تقي الدين أبي عمرو بن الصلاح. قال الشريف عز الدين: توفي ليلة خامس جمادى الآخرة ودفن بمقبرة باب الصغير. قال: وكان عليه مدار الفتوى بالشام في وقته، ولم يترك بعده في بلاد الشام مثله. افتى مدة، وانتفع به جماعة. قلت: وكان الشيخ نجم الدين الباذرائي قد جعله معيدا بمدرسته، فلم يزل على ذلك إلى أن مات لم يتزيد منصبا آخر. ومات في عشر السبعين. وقد تفقه عليه جماعة. وقيل: إنه نيف على السبعين، فالله أعلم. 343 - سنقر. الأمير شمس الدين، أبو سعيد الأقرع. أحد مماليك الملك المظفر غازي صاحب ميافارقين ابن العادل.

(49/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 307
وكان من كبار الأمراء بالديار المصرية فأمسكه الملك الظاهر وحبسه. وتوفي في ربيع الآخر.
- حرف العين -
344 - عبد الرحمن بن سلمان بن سعيد بن سلمان. الإمام، الفقيه، جمال الدين البغيدادي، ثم الحراني، الحنبلي. ولد بحران سنة خمس وثمانين وخمسمائة. وسمع من: حماد الحراني، وعمر بن طبرزد، وحنبل بن عبد الله، وعبد القادر الحافظ، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، والشيخ الموفق، والفخر بن تيمية، وغيرهم. روى عنه: الدمياطي، والقاضي تقي الدين سليمان، وابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وأبو بكر بن عبد الحليم العسقلاني المقرئ، والبرهان الذهبي، وجماعة سواهم. وكان إماما، صالحا، فقيها، عارفاً بالمذهب، خبيرا بالفتيا، حسن التعليم، متواضعا. توفي بالبيمارستان بدمشق في الرابع والعشرين من شعبان. 345 - عبد الرحيم بن عبد الرحيم بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن.

(49/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 308
القاضي عماد الدين أبو الحسين الحلبي، ابن العجمي. ولد سنة خمس وستمائة. وسمع من: الإفتخار الهاشمي، وثابت بن مشرف. وحدث ودرس وأفتى، وولي القضاء ببلد الفيوم مدة. وكان مشكورا في القضاء. توفي في رابع رمضان بحلب. روى عنه: الدمياطي، وابن جماعة. وناب في الحكم بدمشق. 346 - عبد الوهاب بن محمد بن إبراهيم بن سعد. الشيخ أبو محمد المقدسي، الصحراوي، القنبيطي، الحنبلي. ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وعمر بن طبرزد، ومحمد بن الخصيب، وحنبل، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، وأبو الحسن الموصلي، وأبو الحسن ابن العطار، وأبو الحسن الكندي، وأبو عبد الله بن أبي الفتح البعلبكي، وأبو عبد الله بن الزراد، ومحمد بن بدر النساج، وطائفة سواهم.

(49/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 309
وكان من بقايا المسندين. توفي في تاسع عشر رمضان عن ثمانين سنة، رحمه الله تعالى. 347 - علي بن عبد الله بن إبراهيم. أبو الحسن الباهلي، المالقي، الأديب، الشاعر. روى عن: محمد بن عبد الحق بن سليمان لقيه بتلمسان، وقرأ عليه برنامجه. فيه خفة لا تخل بمروءته. توفي بمالقة سنة سبعين. قاله ابن الزبير. 348 - علي بن عبد الخالق بن علي. عز الدين الأسعردي، ناظر ديوان بعلبك. توفي في ذي القعدة كهلا. 349 - علي البكاء. الشيخ علي، رحمة الله عليه. كان من كبار أولياء الله تعالى. أقام مدة ببلد الخليل، وكان مقصودا بالزيارة والتبرك.

(49/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 310
ورد خبر موته إلى دمشق في يوم عاشر رجب سنة سبعين. ويقال إنه قارب مائة سنة. وقبره ظاهر يزار. 350 - علي بن عثمان بن علي بن سليمان. أمين الدين السليماني، الإربلي، الصوفي، الشاعر. من أعيان شعراء الملك الناصر. كان جنديا فتصوف وصار فقيرا. توفي في جمادى الأولى بالفيوم، وهو في معترك المنايا. 351 - علي بن عمر بن نبا. نور الدولة اليونيني. تربية الشيخ الفقيه أبي عبد الله اليونيني. رباه الشيخ الفقيه وزوجه ببناته الثلاث واحدة بعد واحدة وأسمعه الحديث من: البهاء عبد الرحمن، والعز بن رواحة.

(49/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 311
وكان غزير المروءة شجاعا مقداما، له حكايات في الشجاعة وفي قتل الوحوش. توفي في جمادى الآخرة، وقد نيف على الستين. 352 - علي بن محمد بن محمد بن الفضل بن جعفر. الشريف، الصدر المعمر، زين الدين، أبو الحسن الهاشمي، العباسي، الصالحي، المصري، المالكي. ولد في التاسع عشر من ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وذكر أن السلفي أجاز له إجازة خاصة. وكان موصوفا بالخير والفضل والعفاف. فسمع عليه بالإجازة المطلقة من السلفي. قال الشريف عز الدين: توفي في الرابع والعشرين من رجب. 353 - علي. أبو الحسن المتيوي، المغربي، السبتي، المالكي، الزاهد. أحد الأئمة الأعلام. كان يحفظ ' المدونة ' و ' التفريع ' لابن الجلاب، و ' رسالة ' ابن أبي زيد. وألف شرحا على ' الرسالة ' ولم يتمه، بل وصل إلى باب الحدود. وكان مع براعته في الفقه عجبا في الزهد والورع ملازما لبيته، ويخرج إلى الجمعة مغطى الوجه لئلا تقع عينه على مكروه. وكان لا يأكل إلا ما سيق إليه من متيويه من مواضع يعرف أصولها. توفي في حدود عام سبعين. وقبره بظاهر سبتة يزار ويتبرك به.

(49/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 312
قال لي ابن عمران الحضرمي: لم يكن في زمانه أحفظ منه لمذهب مالك. أخذ الناس عنه. 354 - عمر بن أيوب بن عمر بن أرسلان بن جاولى. المحدث، أبو حفص شهاب الدين التركماني، الدمرداشي، الدمشقي، الحنفي، المعروف بابن طغريل السياف. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة تقريبا بدمشق، وطلب بنفسه بمصر، وأكثر عن أصحاب البوصيري، وعني بالحديث، وحصل وفهم وجمع، وخرج لنفسه معجما. كتب العالي والنازل. وكان ثقة صالحا، نبيها، مفيدا. توفي بمصر في السابع والعشرين من جمادى الأولى. ولا أعلمه حدث.
- حرف الميم -
355 - محمد بن أبي الغنائم سالم بن الحافظ أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن صصرى. القاضي، العدل الكبير، عماد الدين أبو عبد الله الربعي، التغلبي، البلدي الأصل، الدمشقي، الشافعي. ولد بعد الستمائة، وسمع من أبيه، وأبي اليمن الكندي، وهبة الله بن طاوس، وابن أبي لقمة، وأبي المجد القزويني، وجماعة.

(49/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 313
روى عنه: ابنه قاضي القضاة نجم الدين أبو العباس، والشيخ علاء الدين ابن العطار، والحافظ الكبير شرف الدين الدمياطي، والإمام زين الدين الفارقي، وبدر الدين ابن الخلال، ونجم الدين ابن الخباز، وجماعة بقيد الحياة. وكان صدرا رئيسا، وافر الحرمة، ظاهر الحشمة، كبير الثروة والنعمة. ولي غير مرة في المناصب الدينية فحمدت سيرته، وكان ينطوي على دين وعبادة وحسن خلق ومروءة. وكان محبا للحديث ذا عناية به. رحل إلى مصر وسمع من أصحاب السلفي. وكتب بخطه وحصل. واعتنى بولده وأسمعه الكثير. وقد روى الحديث من بيته جماعة كثيرة ذكرناهم في هذا التاريخ. توفي في العشرين من ذي القعدة، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون. 356 - محمد بن علي بن أبي طالب بن سويد. الرئيس، وجيه الدين التكريتي، التاجر. كان نافذ الكلمة، وافر الحرمة كثير الأموال والتجارات، واسع الجاه. وكان من خواص الملك الناصر، ويده مبسوطة في دولته. ذكره قطب الدين فقال: لما توجه إلى مصر في الجفل من التتار غرم ألف ألف درهم. فلما تسلطن الملك الظاهر قربه وأدناه وأوصى إليه وجعله ناظر أوقافه. وكان له من التمكين ما لا مزيد عليه، ولم يبلغ أحد من أمثاله من الحرمة ونفاذ الكلمة ما بلغ.

(49/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 314
كانت متاجره لا يتعرض لها متعرض، وكتبه عند سائر الملوك، حتى ملوك الفرنج، نافذة. وكل من ينسب إليه مرعي الجانب. ولما مات ولده التاج محمد في صفر سنة ست وخمسين مشى الملك الناصر في جنازته ثم ركب إلى الجبل، وكانت جنازة مشهودة، وتأسف أبوه وامتنع من سكنى داره بالزلاقة، فأمر السلطان بأن تخلى له دار السعادة وفرشت ليسكنها ثم خرج إليه السلطان، وحلف عليه فنزل البلد. ومن إكرامه أن ولده نصير الدين عبد الله حج مع والدته عام حج الملك الظاهر، فحضر عنده يوم عرفة مسلما، فحيث وطئ البساط قام له السلطان وبالغ في إكرامه، وسأله عن حوائجه فقال: حاجة المملوك أن يكون معنا أمير يعينه السلطان. فقال: من اخترت من الأمراء أرسلته في خدمتك. فطلب منه جمال الدين ابن نهار. فقال له السلطان: هذا المولى نصير الدين قد اختارك على جميع من معي فتروح معهم إلى الشام وتخدمه مثل ما تخدمني. وهذا عظيم من مثل الملك الظاهر. وكان وجيه الدين كثير المكاتبة للأمراء والوزراء، وفيه مكارم، وعنده بر وصدقة ودماثة أخلاق ورقة حاشية. توفي بدمشق في ذي القعدة ودفن بتربته بقاسيون، وكان من أبناء السبعين. قلت: ولد سنة تسع وستمائة. وسمع من المؤتمن بن قميرة، ولم يرو، بل روى عنه الدمياطي من شعره.

(49/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 315
357 - محمد بن علي بن محمد. الصالح الزاهد، أبو عبد الله ابن الطباخ الموصلي، ثم المصري. روى عن الشيخ مرهف شيئا من شعره، وله زاوية بالقرافة الصغرى، ويقصد بالزيارة والتبرك لصلاحه ودينه. عاش ثلاثا وسبعين سنة. وتوفي في جمادى الآخرة. 358 - محمد بن علي بن المظفر بن القاسم. أبو بكر النشبي المؤذن بجامع دمشق. ولد في سلخ المحرم سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وبهاء الدين القاسم ابن عساكر، وست الكتبة بنت الطراح، وعمر بن طبرزد، وحنبل، والكندي، وجماعة. وروى الكثير، وتفرد بأجزاء. وكان يقرأ على الجنائز. روى عنه: الدمياطي، وأبو محمد الفارقي، وأبو علي بن الخلال، وأبو الفداء ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو عبد الله بن الزراد، ومجد الدين ابن الصيرفي، وجماعة في الأحياء. وتبطأ بعض المحدثين عن الأخذ عنه لكونه جنائزيا. وقد سمع منه الشهاب المقدمي.

(49/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 316
وكانت وفاته سادس ذي الحجة. 359 - محمد بن عمر بن محمد بن علي. زين الدين، أبو عبد الله بن الزقزوق الأنصاري، الفاسي الأصل، المصري، الصوفي الكتبي. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة بمصر. وسمع بدمشق من: حنبل الرصافي، وأبي القاسم بن الحرستاني. وسمع منه المصريون. وروى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات بالقاهرة في نصف رجب.

(49/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 317
360 - محمد بن محمد بن أحمد. أبو بكر بن مشليون الأنصاري، البلنسي، المقرئ، المحدث. كان عالي الإسناد في القراءآت. أخذها عن جعفر بن عون الله الحصار، فكان آخر أصحابه. واستوطن سبته وأقرأ بها إلى أن تحول في أواخر عمره إلى تونس فتوفي بها سنة سبعين أو بعدها بقليل. قرأ عليه القراءآت الشيخ أبو إسحاق الغافقي المتوفى سنة 716. 361 - محمد بن ملكداد. الموقاني نجم الدين. معيد البادرائية. 362 - محمد بن أبي فراس. قاضي القضاة سراج الدين الهنايسي. مات في رمضان، ودفن عند معروف الكرخي. سمع من: علي بن إدريس. ودرس بالبشيرية. وكان دينا، متبحرا، بصيرا بالمذهب الشافعي، رحمه الله تعالى. 363 - مدالة بنت محمد بن إلياس بن عبد الرحمن ابن الشيرجي.

(49/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 318
أم محمد الدمشقية. خرج لها جمال الدين ابن الصابوني أربعين حديثا بالإجازات من شيوخها. أجاز لها: عبد اللطيف بن أبي سعد، والخشوعي، والقاسم بن عساكر، والحافظ عبد الغني. روى عنها: ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وغيرهما. توفيت في ثاني شعبان عن ثمانين سنة. 364 - مظفر ابن القاضي مجد الدين عبد الرحمن بن رمضان بن إبراهيم. الحكيم بدر الدين الطبيب، شيخ الطب المعروف بابن قاضي بعلبك. قرأت بخط الإمام شمس الدين محمد بن الفخر أنه توفي يوم الثلاثاء ثاني وعشرين صفر سنة سبعين. قال: وكان رئيس الأطباء شرقا وغربا، فيلسوف زمانه، لم نعلم في وقته مثله. انهدم بعده ركن من الحكمة. وله مصنفات عظيمة النفع في الطب. ووقع له من حسن العلاج في زماننا ما لم يقع إلا للأكابر. فمنه أن الملك المنصور صاحب حماة نزل به خوانيق أشرف منها على الموت، فأنقذ إلى دمشق يطلب البدر المذكور والموفق السامري فذهبا إليه فكوياه في وسط رأسه بميل من ذهب، فبرأ، وأعطاهما شيئا عظيما. وكان ذلك بإشارة البدر.

(49/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 319
قال ابن أبي أصيبعة: نشأ بدمشق، وقد جمع الله فيه من العلم الغزير والذكاء المفرط والمروءة ما تعجز الألسن عن وصفه. قرأ الطب على الدخوار، وأتقنه في أسرع وقت، وحفظ كثيرا من الكتب. وكان ملازما له. عرض عليه مقالته في الإستفراغ، وسافر معه إلى الشرق. وخدم بمارستان الرقة. وصنف مقالة في مزاج الرقة. واشتغل بها على الزين الأعمى الفيلسوف. ثم قدم دمشق، فلما تسلطن الجواد بدمشق استخدمه، وحظي عنده وتمكن. وولاه رئاسة الأطباء والكحالين والجرائحية، وكتب له منشورا في صفر سنة سبع وثلاثين. وقد اشترى دورا إلى جانب مارستان نور الدين، وغرم عليها مبلغا، وكبر بها قاعات المرضى، وبناها أحسن بناء، وشكروه على ذلك. وخدم الملك الصالح وغيره. ثم تجرد لحفظ مذهب أبي حنيفة. وسكن بيتا في الفليجية. وحفظ القرآن ثم القراءآت، وأخذها عن الإمام أبي شامة على كبر، وأتقنها. وفيه عبادة ودين. وقد مدحه ابن أبي أصيبعة بقصائد في ' تاريخه '. وله كتاب ' مفرج النفس ' استوفى فيه الأدوية القلبية، وكتاب ' الملح ' في الطب. 365 - مظفر بن لؤلؤ. أبو غالب الدمشقي، الضرير ابن الشربدار.

(49/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 320
يروي عن: عمر بن طبرزد. توفي في جمادى الأولى. وقال ابن الخباز فيه: مظفر بن ياقوت زين الدين الشربدار العادي. روى عن ابن طبرزد. وولد سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.
- حرف النون -
366 - النصير بن تمام بن معالي. أبو الذكر المقدسي، رئيس المؤذنين بجامع دمشق. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وسمع في كهولته من: ابن اللتي. وحدث. وذكر أنه سمع من الكندي. وكان طيب الصوت، مليح الشكل. توفي في المحرم، ودفن بمقبرة باب الفراديس.
- حرف الياء -
367 - يحيى بن عبد الرحيم بن المفرج بن علي بن المفرج بن مسلمة.

(49/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 321
المحدث أبو زكريا. سمع بدمشق من: أبي القاسم الحسين بن صصرى، وجماعة. وبمصر من: عبد العزيز بن باقا، وعبد الصمد الغفاري، وجماعة. وكتب الأجزاء، وأسمع ولده عبد الرحيم. ثم خدم بالكتابة. وتوفي بالغور في تاسع جمادى الأولى. وكان مولده في سنة أربع وستمائة. روى عنه: ابن الخباز، وزاد أنه سمع من أبي المجد القزويني، وزين الأمناء، وقال: لقبه محيي الدين. ثنا عنه: علي بن الموفق. 368 - يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن عبده. الصدر نجم الدين ابن اللبودي، الدمشقي، الطبيب. ترقى بالطب عند صاحب حمص، ووزر له، ثم [انتقل إلى خدمة] الملك الناصر فجعله ناظر الدواوين. ثم ولي ذلك في الدولة الظاهرية. وكان محتشما، نبيلا، جليلا. اختصر ' الإشارات '، والمعالمين في الأصلين ؛ اختصر ' الكليات ' في الطب. وتوفي في ذي الحجة، ودفن بتربته التي بقرب بركة الحميريين، وجعل تربته دار طب وهندسة، وقرر لها شيخا وقراء. وكان والده شمس الدين محمد بن اللبودي من كبار الأطباء. توفي سنة إحدى وعشرين وستمائة، وعمر نجم الدين يومئذ أربع عشرة سنة.

(49/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 322
369 - يعقوب ابن المعتمد والي دمشق مبارز الدين أبي إسحاق إبراهيم بن موسى. العادل، الدمشقي، الأمير شرف الدين أبو يوسف الحنفي. روى عن حنبل بدمشق، و (...). وسمع من: أبي القاسم أحمد بن عبد الله العطار. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، والدويداري، وجماعة. توفي في ثالث عشر رجب عن ثلاث وثمانين سنة. 370 - يوسف بن عبد الله بن عثمان. الشيخ التقي المقدسي. عرف بالكيناني. روى عن: ابن اللتي. روى عنه: ابن الخباز، والشيخ علي ابن العطار. ونزل بكفربطنا ولقن بها وعلم وأم بمسجد بها، ومات بها رحمه الله تعالى.
الكنى
371 - أبو حليقة. الطبيب المصري المشهور بالرشيد النصراني. واسمه أبو الوحش ابن الفارس أبي الخير ابن الطبيب داود بن أبي المنا.

(49/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 323
كان أستاذ هذه الصناعة في عصره، وفيه لطف وتودد ورأفة بالمرضى. اشتغل على عمه المهذب أبي سعيد بدمشق، ثم اشتغل بمصر. وقرأ أيضا على المهذب الدخوار. ولد بجعبر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، ونشأ بالرها، وبعثه أبوه قبل الستمائة إلى دمشق فتعلم عند عمه قليلا. ودخل القاهرة وسكنها، وخدم الملك الكامل. وكان له إقطاع وافر. ثم خدم الصالح نجم الدين ابن الكامل وغيره. وخدم الملك الظاهر ركن الدين. وطال عمره واشتهر ذكره. وله نوادر في أعمال الطب تميز بها. وكان في شبيبته يعرف بابن الفارس، فطلبه الكامل يوما وقال: اطلبوا لنا أبو حليقة. فغلب ذلك عليه. قال ابن أبي أصيبعة: وقد أحكم نبض الملك الكامل حتى إنه أخرج إليه من خلف الستارة مع الآدر المريضات، فرأى نبض الجميع، ووصف لهن، فلما وصل إلى نبض عرفه فقال: هذا نبض مولانا السلطان وهو صحيح بحمد الله، فتعجب منه غاية العجب، وزاد تمكنه عنده. وقد عمل الترياق الفاروق وتعب عليه، وسهر ليالي حتى عمله، فحصل للسلطان، نزلة في أسنانه ففصد بسببها، وداواه الأسعد لاشتغال الرشيد بعمل الترياق، فلم ينجع، وزاد الألم، فطلب الرشيد وتضرر، فقال: تسوك من الترياق الذي عمله المملوك في البرنية الفضة وترى العجب. قال: وخرج إلى الباب فلم يشعر إلا ورقة بخط السلطان: يا حكيم استعملت ما قلت فزال جميع ما بي لوقته. ثم بعث إليه خلعا وذهبا.

(49/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 324
وقد سقى من ترياقه مفلوجا عند السور فقام بعد ساعتين. وسقى منه من به حصاة ففتتها، وأراق الماء لساعته. وله أخبار كثيرة ذكرها ابن أبي أصيبعة، وقال: سمي بأبي حليقة لحلقة فضة كانت في أذنه عملتها أمه من الصغر، وعاهدته أمه أن لا ينزعها، فبقيت لأنها كان لا يعيش لها ولد وقيل لها: اعملي لمولودك حليقة فضة، فإذا ولد اعمليها في أذنه، فعملتها وعاش اتفاقا. ويقال له شعر جيد ومقالة في حفظ الصحة، ومقالة في أن الملاذ الروحانية ألذ من الجسمانية، وكتاب ' الأدوية المفردة ' سماه ' المختار في ألف عقار '، ومقالة في ضرورة الموت. 372 - أبو القاسم بن سالم. الزملكاني. حدث عن ابن اللتي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة. * * * وفيها ولد: فخر الدين عثمان ابن شيخنا جمال الدين أحمد بن الظاهري، وشمس الدين محمد بن الشهاب أحمد بن محمد بن صالح العرضي، إمام مسجد الرحبة، في صفر، وشهاب الدين أحمد بن إبراهيم بن الجزري، وشمس الدين محمد بن عبد الواحد المراكشي النحوي، وبدر الدين محمد ابن شيخنا كمال الدين أحمد بن العطار في جمادى الأولى، والصارم إبراهيم بن محمد الجندي ابن الغزال،

(49/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 325
وشمس الدين محمد بن القاضي سالم بن أبي الهيجاء الأذرعي، والشيخ علي بن محمد الختني، تقريبا، والتقي عبد الملك بن أبي بكر بن مشرف نزيل طرابلس. والقاضي كمال الدين أحمد بن العماد ابن الشيرازي، والشيخ شهاب الدين أحمد بن يحيى بن جهبل في المحرم، والشيخ محمد بن أحمد البالسي، وعزيز الدين إبراهيم ابن الخطيب جمال الدين الدينوري بكفربطنا، والله أعلم.
آخر الطبقة السابعة والستين من تاريخ الإسلام للحافظ شمس الدين الذهبي، ومن خطه نقلت وحسبنا الله ونعم الوكيل.

(49/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 5

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم إني أسألك حسن الخاتمة بمنك وكرمك

ذكر الحوادث الكائنة في الطبقة الثامنة والستين من ((تاريخ الإسلام))

سنة إحدى وسبعين وستمائة

[مسير السلطان بيبرس إلى دمشق]
ففي المحرم سار السلطان من دمشق على البريد، وفي صحبته البيسري، وجرمك الناصري، وأقوش الرومي، فوصلوا في ستة أيام، وأقام خمسة، ورجع فوصل دمشق في خمسة.
[عدوان صاحب النوبة والرد عليه]
وفي المحرم قدم الكافر صاحب النوبة فنهب عيذاب، وقتل خلقا، منهم واليها وقاضيها، فسار متولي قوص وقصد بلاد النوبة، فدخل بلد الجون، وقتل من فيه وأحرقه، وكذا فعل بحصن إبريم، وأرمنا، وغير ذلك. وهو علاء الدين أيدغدي الحرب دار.

(50/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 6

[موقعة البيرة]
وفي جمادى الأولى بلغ السلطان، وهو بدمشق أن فرقة من التتار نازلوا البيرة، فسار إلى حمص، ثم إلى بزاعة، فأخبر أن التتار على الفرات ثلاثة آلاف، فرحل إلى الفرات، وأمر الجيش بخوضها، فخاض الأمير سيف الدين قلاوون، وبدر الدين بيسري في أول الناس، ثم تبعهما هو، ووقعوا على التتار، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وأسروا نحو المائتين، وساق وراءهم البيسري إلى سروج. أما الذين نازلوا البيرة فإنهم سمعوا بذلك، فترحلوا عن البيرة منهزمين، وأتاها السلطان فخلع على الكبار، وفرق في أهلها مائة ألف درهم. وللشهاب محمود، أبقاه الله، في ذلك:
(سر حيث شئت لك المهيمن جار .......... واحكم فطوع مرادك الأقدار)

(حملتك أمواج الفرات ومن رأى .......... بحرا سواك تقله الأنهار)

(وتقطعت فرقا ولم يك طودها .......... إذ ذاك إلا جيشك الجرار)

(50/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 7

[الإفراج عن الأمير الدمياطي]
وفي جمادى الآخرة أفرج عن عز الدين الدمياطي الأمير عن تسع سنين حبسها.
[خلعة الأمراء]
وفي رجب خلع على الأمراء وفرق فيهم نحو ثلاثمائة ألف دينار.
[إطلاق سنجر المعزي]
وفي شعبان أطلق علم الدين سنجر الغتمي المعزي، واشتراه السلطان.
[مهاداة السلطان لمنكوتمر]
وبعث السلطان رسل منكوتمر ابن أخي بركة ومعهم رسولا بتحف وتقادم.
[اعتقال الشيخ خضر]
وفي شوال استدعى السلطان الشيخ خضر شيخه إلى القلعة في جماعة حاققوه على أشياء، ورموه بفواحش، فأمر باعتقاله. وكان السلطان

(50/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 8
ينزل إليه ويحبه ويمازحه، ويستصحبه في سائر أسفاره، ويمده بالعطاء، ولا يرد شفاعته، وامتدت يده، ودخل إلى كنيسة قمامة فذبح قسيسها بيده، ونهب أصحابه ما فيها، ثم هجم كنيسة اليهود ونهبها، وبدع فيها. ودخل كنيسة الإسكندرية ونهب ما فيها، وصيرها مسجدا. وبنى له السلطان مسجدا وزاوية بالحسينية، ومن أجله بنى الجامع بالحسينية، وماتا في شهر.

(50/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 9

سنة اثنتين وسبعين وستمائة

[مسير السلطان إلى الشام]
في المحرم توجه السلطان إلى الشام في طائفة، منهم سنقر الأشقر، وبيسري، وأيتمش السعدي، فلما وصل إلى عسقلان بلغه أن أبغا قدم بغداد، فنفذ السلطان وراء الجيش، فقدموا في الشتاء ولم يكن بأس.
قصة ملك الكرج
وكان قد أتى من بلاده ليزور بيت المقدس والقمامة متنكرا في زي الرهبان هو وطائفة، فسلك أرض الروم إلى سيس، ثم ركب في البحر، وطلع من عكا، وأتى القدس، فاطلع الأمير بدر الدين بيليك الخزندار على أمره وهو على يافا، فأرسل من قبض عليه، ثم سيره مع الأمير منكورس إلى السلطان وهو بدمشق، فسأله السلطان، وقرره بلطف حتى اعترف، فحبسه وأمره أن يكتب إلى بلاده بأسره، ودخل السلطان إلى القاهرة في رجب.

(50/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 10

[ختان ولد السلطان]
وفي يوم العيد ختن خضر ولد السلطان في عدة صبيان من أولاد الأمراء.
[سفر الملك السعيد إلى دمشق]
وفي رمضان توجه الملك السعيد في صحبته الفارقاني وأربعون نفسا إلى دمشق على البريد، ثم رد ثاني يوم.
[حضور قليج خان إلى مصر]
وفي ذي القعدة حضر والي القرافة إلى والي القاهرة، وأخبر أن شخصا دخل إلى تربة الملك المعز، وجلس عند القبر باكيا، فسئل عن بكائه، فذكر أنه قليج خان ابن الملك المعز. وقد كان السلطان نفى آل المعز هذا، والملك المنصور علي إلى بلاد الأشكري، فطلب وقيد، وطولع به السلطان، فأحضره، وسأله عن أمره، فذكر أن له في البلاد نحو ست سنين يتوكل الأجناد، فحبس بمصر، وحنا عليه بعض مماليك أبيه فأجرى عليه نفقة.

(50/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 11

[رؤية المؤلف لقليج قان]
قلت: رأيت قليج قان هذا في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، فحكى لنا أخباره، وأنه ولد سنة ثمان وأربعين وستمائة، وأنه نجا من بلاد الأشكري، وأن أخاه الملك المنصور علي تنصر هناك، وبقي إلى سنة سبعمائة أو نحوها، وله أولاد هناك نصارى، وأنه هو الذي باع للملك الأشرف مملوكه لاجين الذي تملك: بخمسة آلاف درهم.
[كتاب صاحب الحبشة وجواب السلطان عليه]
وفيها ذكر محيي الدين ابن عبد الظاهر أنه وصل كتاب صاحب الحبشة إلى السلطان في طي كتاب صاحب اليمن، وفيه: ((أقل المماليك أمحرا ملاك يقبل الأرض، وينهي بين يدي السلطان الملك الظاهر، خلد الله ملكه، أن رسولا وصل إلى والي قوص بسبب الراهب الذي جاءنا، ونحن ما جاءنا مطران، وبلادنا بلاد السلطان، ونحن عبيده، فيأمر الأب البترك يعمل لنا مطرانا رجلا عالما لا يحب ذهبا ولا فضة، ويسيره إلى مدينة عوان، والمملوك يسير إلى أبواب الملك المظفر ما يلزمه ليسيره إلى ديار مصر. وقد مات الملك داود، وتملك ابنه، وعندي في عسكري مائة ألف فارس مسلمين، وأما النصارى فكثير، وكلهم غلمانك ويدعون لك)). فكتب جوابه: ((ورد كتاب الملك الجليل الهمام، العادل في رعيته حطي ملك أمحرة، أكبر ملوك الحبشان، نجاشي عصره، سيف الملة

(50/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 12
المسيحية، حرس الله نفسه، ففهمناه ؛ فأما المطران فلم يحضر من جهة الملك رسول حتى كنا نعرف الغرض)). في كلام نحو هذا. وأمحرا: إقليم كبير، صاحبه يحكم على أكثر الحبشة، ويلقب حطي، وهو الخليفة. ومدينة عوان: هي ساحل بلاد الحبشة وأول الحبشة. وكان قد نفذ هدية من جملتها سباع، فأخذ صاحب سحرت الهدية ونهبها.
[وعظ ابن غانم]
وفيها وعظ بدمشق المعز عبد السلام بن أحمد بن غانم، فأعجب الناس جدا.

(50/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 13

سنة ثلاث وسبعين وستمائة

[سفر السلطان إلى الكرك]
في صفر توجه السلطان إلى الكرك على الهجن، وكان قد وقع بها برج أحب أن يصلح بحضوره.
غزوة سيس
دخل السلطان - عز نصره - دمشق في آخر شعبان، ثم سار إلى سيس، وعبر إليها من الدربند، فافتتحها، وأخذ أياس، وأذنة، والمصيصة في العشر الأخير من رمضان، وبقي الجيش بها شهرا، وقتلوا وأسروا وسبوا خلائق وغنموا. وبقي السلطان بجسر الحديد إلى أواخر ذي القعدة.

(50/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 14

ذكر استيلاء بيت لاون على سيس والثغور
قال العماد الكاتب: كانت هذه البلاد يحميها متملك الروم ويحفظها، فاستولى عليها مليح بن لاون النصراني. قال: وذلك لأن السلطان نور الدين محمود بن زنكي كان يشد منه ويقوي جأشه، وكان كما يقال: قد سلط الكفرة على الفجرة. فلما تقوى مليح بن لاون وجه صاحب الروم جيشا، فكسرهم ابن لاون، وأسر من مقدميهم ثلاثين نفسا. وذلك في ربيع الآخر سنة ثمان وستين وخمسمائة. فبلغ ذلك نور الدين، فأرسل خلع عليه، وكتب إلى الخليفة يعظم أمره ويقول: إن مليح بن لاون الأرمني من جملة غلمانه، وأنه كسر الروم، ويمت على الديوان بهذا. ومن هذا الوقت تملك هذا التكفور هذه البلاد نيابة عن نور الدين لا غير، واستمر على ذلك. وبلاد سيس هذه تعرف بالدروب، وتعرف بالعواصم، وبها كان الرباط والمثاغرة، وكان أمرها مضافا إلى مملكة مصر.

(50/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 15
وقد افتتح أحمد بن طولون هذه البلاد وأخذها من سيما الطويل. وفي أيام كافور الإخشيدي حصل التهاون في أمر الثغور، فقصدها الملك تكفور، ويقال: نقفور الرومي، لعنه الله، فعصت عليه، فحرق قراها، وقطع أشجارها، فبعث كافور نجدة لها. والشرح في ذلك يطول، وليس هذا موضعه. وللمولي محيي الدين بن عبد الظاهر في هذه النوبة:
(يا ملك الأرض الذي جيشه .......... يملأ من سيس إلى قوص)
.......... مصيصة التكفور قالت لنا .......... بالله إفراري وتخصيصي)
.......... كم بدن فصله سيفك للفرا .......... والأكثر مصيصي)

[الرمل بالموصل]
وفي شعبان وقع رمل عظيم بالموصل، وظهر من القبلة، وانتشر يمينا وشمالا حتى ملأ الأفق، وعميت الطرق، فخرج الخلق إلى ظاهر البلد، وابتهلوا إلى الله تعالى، واستغاثوا إلى أن كشف ذلك عنهم.

(50/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 16

[قتل الزنديق بغرناطة]
وفي ربيع الآخر قتل بغرناطة الزنديق الشيخ إبراهيم الصفار، قتلوه رجما بالحجارة بأمر السلطان محمد بن السلطان محمد بن يوسف بن نصر صاحب الأندلس، وكتب بذلك إلى أهل المرية يعلمهم بكفره، ويحذرهم من سلوك سبيله. وفي الكتاب: ((إنه كان يفضل إبراهيم وعيسى على نبينا صلى الله عليه وسلم، وإنه كان يفضل الولي على النبي، ويستحل المحرمات)). وفي الكتاب: ((وإن هؤلاء الكفرة، يعني أصحاب إبراهيم الصفار، تلاعبوا بالدين، واعتقدوا الولاية في كثير من الفساق المكبين على الكبائر، كالمشورب المشهور، وأبي زيدان، وأشبهاههما من سخفاء المجانين والمجان)). وهذا في مجلد بخط أبي الوليد المالكي.
[القحط باليمن]
وفيها كان القحط المفرط باليمن، حتى أكلوا الميتات.

(50/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 17

سنة أربع وسبعين وستمائة

[منازلة التتار البيرة]
في شهر جمادى الآخرة نزلت التتار على البيرة في ثلاثين ألفا، وأكثرهم من عسكر الروم وماردين، فبيتهم أهل البيرة، وأحرقوا المجانيق، ونهبوا وعادوا، فجد التتار في الحصار، والقلعة، بحمد الله، عاصية، ثم رحلوا عنها، وسلم الله، وله الحمد. وأقاموا عليها تسعة أيام. ولما بلغ السلطان ذلك أنفق في الجيش ستمائة ألف دينار وأكثر، وسار، فبلغه وهو بالقطيفة رحيل التتار، فوصل إلى حمص، ورجع إلى القاهرة.
[اتفاق البرواناه مع السلطان الظاهر]
ولما رحلت التتار اتفقوا مع البرواناه على منابذة ملكهم أبغا، فحلف البرواناه، والأمير حسام الدين بيجار، وولده بهاء الدين، وشرف الدين مسعود الخطير، وأخوه ضياء الدين، والأمير ميكال، على أن يكونوا

(50/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 18
مع الملك الظاهر، ثم كتب إلى الظاهر بذلك على أن يرسل إليهم جيشا، ويحمل إلى الظاهر ما يحمل إلى التتار، ويكون غياث الدين على ما هو عليهم من السلطنة.
غزوة النوبة ودنقلة
توجه من مصر جيش عليه عز الدين أيبك الأفرم، وشمس الدين الفارقاني إلى النوبة في ثلاثمائة فارس، فوصلوا دنقلة، فخرج إليهم ملكها داود على النجب، بأيديهم الحراب، وليس عليهم لامة، فرموهم بالنشاب، فانهزموا، وقتل منهم خلق، وأسر خلق، وبيع الرأس من السبي بثلاثة دراهم، ومر داود في هروبه بملك من ملوك النوبة، فقبض عليه وأرسله إلى الملك الظاهر، ووضعت الجزية على أهل دنقلة، ولله الحمد. وأول ما غزيت النوبة في سنة إحدى وثلاثين، غزاها عبد الله بن سعد بن أبي سرح في خمسة آلاف فارس، وأصيبت في هذه الغزوة عين حديج بن معاوية، وعين أبرهة بن الصباح. ثم هادنهم عبد الله ورد. ثم غزيت في زمن هشام، ولم تفتح. ثم غزيت زمن المنصور، ثم غزاها تكين التركي، ثم غزاها كافور صاحب مصر، ثم غزاها ناصر الدولة ابن حمدان، فبيتوه ورد مهزوما. وغزاها

(50/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 19
تورانشاه أخو السلطان صلاح الدين في سنة ثمان وستين وخمسمائة، ووصل إلى أبريم، ولم تفتح إلا الآن كما قال ابن عبد الظاهر:
(هذا هو الفتح لا شيء سمعت به .......... في شاهد العين لا ما في الأسانيد)

(50/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 20

سنة خمس وسبعين وستمائة

[نزول السلطان على حارم]
في أولها دخل السلطان دمشق، من الكرك، فبعث بدر الدين الأتابكي في ألف إلى الروم، فوصلوا إلى البلستين، فصادفوا بها جماعة من عسكر الروم، فبعثوا إلى بدر الدين بإقامات وخدموه، وسألوه أن يقتل التتر الذين بالبلستين، ويصيروا معه إلى السلطان، فأخذهم معه، ووافوا السلطان على حارم، فأكرم موردهم، ثم بعث الأمير حسام الدين بيجار إلى مصر، فخرج الملك السعيد لتلقيه، ثم قدم على السلطان ضياء الدين ابن الخطير، ورجع السلطان إلى مصر بعد ذلك.
[مقتل ابن الخطير]
وحضر إلى الروم طائفة كبيرة من المغول، فقتلوا شرف الدين ابن الخطير، وبعثوا برأسه إلى قونية، وقتل معه جماعة من الأمراء والتركمان، وذلك لأن ابن الخطير شرع يفرق العساكر، وأذن لهم في نهب من يجدونه من التتار وقتلهم.

(50/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 21
وانحاز الأمير محمد بن قرمان وإخوته وأصحابه التركمان إلى سواحل الروم وأغاروا على التتار، وكاتب الملك الظاهر. وطلب الملك غياث الدين صاحب الروم وابن البرواناه الأمير شرف الدين ابن الخطير، فقدم عليهما، فجمعوا من حواليهم من المغول، فخرج تاج الدين كيوي إلى ابن الخطير، وعنفه ابن الخطير، وأمر به فقتل، وقتل معه سنان الدين والي قونية، ثم ندم وخاف من البرواناه، فأتى إلى باب الملك غياث الدين في يوم الجمعة ثالث عشر صفر في أهبة وطائفة. وتخبط البلد، ولم يصلوا جمعة. ثم نودي في البلد بشعار الملك الظاهر وراسلوا الملك الظاهر يستوثقون منه باليمين لأنفسهم ولغياث الدين، فاستأذنهم ابن البرواناه في أن يدخل قيصرية، ويحمل حواصله ويخرج إليهم، ودخل وحمل حرمه وأمواله، وخرج ليلا، وسار إلى دوقات. فلما تحقق شرف الدين ابن الخطير مسيره إلى دوقات بعث أخاه ضياء الدين وسيف الدين طرقطاي، وولده سنان الدين في جماعة نحو الخمسين إلى الملك الظاهر يحثه على المجيء، فوافوه على حمص، وحرضوه فقال: أنتم استعجلتم في المنابذة، وأنا وعدت معين الدين البرواناه قبل توجهه إلى الأردو أني أطأ البلاد في آخر هذه السنة. وأنا الآن فعساكري بمصر. وأما ذهاب مهذب الدين ابن البرواناه إلى دوقات فنعم ما فعل. ثم أكرمهم. فقال ضياء الدين: يا خوند متى لم تقصد البلاد الآن لم نأمن على أخي أن يقتل هو والأمراء الذي حلفوا لمولانا السلطان، وإن كان ولا بد فتبعث عسكرا يكونون ردءا له. فقال: المصلحة أن ترجعوا إلى بلادكم وتحصنوها وتحتموا بالقلاع إلى أن أمضي إلى مصر ونربع الخيل ونعود. ثم تجهز الأمير سيف الدين بلبان الزيني إلى الروم ليحضر من خلف بها من الأمراء والملك غياث الدين، فلما كان بالطريق جاء الخبر بعود البرواناه إلى الروم في خدمة منكوتمر وإخوته في ثلاثين ألفا. فرد. وأما شرف الدين ابن الخطير فعزم على حرب منكوتمر، فسفه الأمراء رأيه وقالوا: كيف نلتقيه ونحن في أربعة آلاف؟ فعلم أنه مقتول، فقصد قلعة

(50/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 22
لؤلؤة ليحتمي بها، فما مكنه واليها من دخولها إلا وحده ومعه مملوك، فلما دخل قبض عليه وبعث به إلى البرواناه، فلما دخل عليه شتمه وبصق في وجهه، ورسم عليه. ولما قدم البرواناه جلس هو والطوامين تتاون، وكريه، وتقو، مجلسا عاما، وأحضروا الملك غياث الدين وأمراءه. فقالوا: ما حملك على ما فعلت من خلع أبغا وميلك إلى صاحب مصر؟ فقال: أنا صبي وما علمت المصلحة. ورأيت الأمراء قد فعلوا شيئا، فخفت إن خالفتهم أن يمسكوني. فقام البرواناه إلى الطواشي شجاع الدين قابنا لالا السلطان فذبحه بيده. ثم إن الأمراء اعتذروا بأن ابن الخطير هو الذي فعل هذا كله، وخفنا أن يفعل بنا كما فعل بتاج الدين كيوي. فسألوا شرف الدين ابن الخطير فقال للبرواناه: أنت حرضتني على ذلك، وأنت كاتبت صاحب مصر، وفعلت وفعلت. فأنكر البرواناه ذلك. وأنت كاتبت صاحب مصر، وفعلت وفعلت. فأنكر البرواناه ذلك. وكتب المقدمون بصورة ما جرى إلى أبغا ثم أمروا بضرب ابن الخطير بالسياط ويقرروه بمن كان معه، فأقر على نور الدين ابن جيجا، وسيف الدين قلاوون، وعلم الدين سنجر الجمدار، وغيرهم. فلما تحقق البرواناه أنه يقتل بإقرار ابن الخطير عليه، أوحى إليه يقول: متى قتلوني لم يبقوك بعدي، فاعمل على خلاصي وخلاصك بحيث أنك تصر على الإنكار، واعتذر بأن اعترافك كان من ألم الضرب. ثم جاء الجواب بقتل ابن الخطير، فقتل في جمادى الأولى، وبعث برأسه إلى قونية، وبإحدى يديه إلى أنكورية، وبالأخرى إلى أرزنكان. وقتلوا معه سيف الدين قلاوون، والجمدار، وجماعة كبيرة. وأثبتوا ذنبا على طرقطاي، ففدى نفسه بأربعمائة ألف درهم وبمائتي فرس، على أن يقم بألف من المغل في الشتاء.

(50/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 23

[قتل القسيس مرخسيا]
وفيها قتل مرخسيا النصراني القسيس، لا رحم الله فيه عضوا، وكان واصلا عند أبغا، متمكنا منه، وله عليه دالة زائدة. وكان يغريه بأذية المسلمين. قتله معين الدين محمود والي أرزنكان بأمر البرواناه، وقتل نيفا وثلاثين نفسا معه من أهله وأتباعه، فلله الحمد.
[واقعة صاحبي مكة والمدينة]
وفيها تواقع أبو نمي صاحب مكة، وجماز صاحب المدينة، فالتقوا على مر الظهران، وسببها أن إدريس بن حسن بن قتادة صاحب الينبع وهو ابن عم أبي نمي اتفق هو وجماز على أبي نمي، وسارا لقصده، فخرج وكسرهما، وأسر إدريس، وهرب جماز.
[انتصار السلطان على التتار]
وفي شوال قدم السلطان دمشق، ودخل حلب في أول ذي القعدة. وسار ابن مجلي بعسكر حلب فنزل على الفرات، وسار السلطان بالجيوش فقطع الدربند الرومي، ووقع سنقر الأشقر بثلاثة آلاف من التتار، فالتقاهم فكسرهم، وأسر منهم، وصعد العسكر الجبال، وأشرفوا على صحراء البلستين، فشاهدوا التتار، قد رتبوا عسكرهم أحد عشر طلبا، الطلب

(50/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 24
ألف، ومقدم الكل النوين تناون، وعزلوا عنهم عسكر الروم خوفا من مخامرتهم، فلما التقى الجمعان حملت ميسرة التتار فصدمت سناجق السلطان، ودخلت طائفة منهم، وحملوا على الميمنة، فلما رأى ذلك السلطان، ردفهم بنفسه وخاصكيته، ثم رأى ميسرته قد اضطربت، فردفها بطائفة، ثم حمل بالجيش حملة واحدة على التتار، فترجلوا وقاتلوا أشد قتال، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وانهزم الباقون في الجبال والوعر، فأحاطت بهم العساكر المنصورة، فقاتلوا حتى قتل أكثرهم، وقتل من المسلمين جماعة منهم الأمير ضياء الدين ابن الخطير، وشرف الدين قيران العلاني، وعز الدين أخو المحمدي، وسيف الدين قلنجق الششنكير، وعز الدين أيبك الشقيفي. وأسر خلق من التتار، فمنهم على ما ذكر الملك المؤيد: سيف الدين سلارا، وسيف الدين قبجق، وسنذكر من أخبارهما. ونجا البرواناه، وساق إلى قيصرية، وذلك في ذي القعدة. واجتمع بصاحب الروم غياث الدين وأعيان الدولة وأخبرهم بكسرة التتار، فاجتمع رأيهم على الانتقال إلى دوقات خوفا من مرور التتار بهم وأذيتهم.

(50/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 25

[فتح قيصرية]
وأما السلطان فبعث سنقر الأشقر إلى قيصرية بأمان أهلها وإخراج السوقية، ثم رحل السلطان، عز نصره، إلى قيصرية، فمر بقلاع، ونزل ولاتها إلى خدمته، ودخلوا في طاعته. وقدم قيصرية، وطلع الأعيان والأمراء والكبار والفضلاء على طبقاتهم وتلقوه، وخرج به المسلمون، وكان يوما مشهودا. وركب يوم الجمعة للصلاة، فدخل إلى مدينة قيصرية، ونزل بدار السلطنة، وجلس على سرير المملكة، وجلس بين يديه القضاة والعلماء على قاعدة مملكة الروم، ومدوا سماطا عظيما، وخطبوا له، وضربت السكة باسمه. ثم بلغ السلطان أن البرواناه كتب إلى أبغا يحرضه على إدراك السلطان الملك الظاهر بالروم. وبلغه أيضا الغلاء الذي بالبلد، فرحل عنه إلى الشام. وممن أسر المسلمون في وقعة البلستين من الكبار: مهذب الدين ابن البرواناه، وابن أخته، والأمير نور الدين جبريل، والأمير قطب الدين محمود، والأمير سراج الدين إسماعيل بن جاجا، والأمير سيف الدين سنقر

(50/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 26
شاه الروباشي، ونصرة الدين بهمن، وكمال الدين إسماعيل عارض الجيش، وحسام الدين كباول، والأمير سيف الدين الجاويش، وشهاب الدين غازي التركماني. ومن أمراء التتار: زيرك صهر أبغا، وسرطق، وجركر، وتماديه، وسركوه. وأما صاحب الروم فتحول إلى دوقات، وهي حصينة، على أربعة أيام من قيصرية. ورجع الملك الظاهر على المعركة، فسأل عن عدة القتلى كم بلغت؟ فقيل: إن عدة قتلى المغل ستة آلاف وسبعمائة وسبعون نفسا. وتعب الجيش وقاسوا مشقة عظيمة. وكان على يزك الجيش عز الدين أيبك الشيخي، وكان قد ضربه السلطان بسبب تقدمه، فتسحب إلى التتار.

(50/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 27
وجاء إلى السلطان رسول البرواناه يستوقفه عن الحركة، فكان جوابه: إنا قد عرفنا طرق الروم وبلاده، وما كان جلوسنا على تخت الملك رغبة فيه إلا لنعلمكم أنه لا عائق لنا عن شيء نريده بحول الله وقوته. ثم قطع السلطان الدربند وعبر النهر الأزرق، وقدم الشام في آخر العام.
[أخذ قونية]
ولما بلغ شمس الدين ابن قرمان وقعة البلستين جمع وحشد، وقصد أقصرا ونازلها، ثم قصد قونية ومعه ثلاثة آلاف فارس فنازلها، ورفع السناجق الظاهرية، وأحرق بابها، ودخلها يوم عرفة، فنهب دور الأمراء والنائب، ثم ظفر بنائبها، فعذبه وقتله، وعلق رأسه. وأقام بقونية سبعة وثلاثين يوما.
[مذبحة أبغا بأهل قيصرية]
وأما الملك أبغا فإنه أسرع إلى الروم فوافى البلستين على أثر رجوع الملك الظاهر، فشاهد القتلى، فبكى وأنكر على البرواناه كونه لم يعرفه بجلية الأمر، فقال: لم أعرف. فلم يقبل قوله، وحنق عليه، وبعث أكثر جيشه إلى جهة الشام، وكان معه أيبك الشيخي، فقال له: أرني مكان ميمنتكم وميسرتكم، فأراه، فقال: ما هذا عسكر يكفيه هذه الثلاثون ألفا التي معي. ثم بعث يجمع العساكر. وكان قد هلك لهم خيل كثيرة. ثم عطف، لعنه الله، على قيصرية فخرج إليه القضاة والعلماء، فقال: كم للملك الظاهر عنكم؟

(50/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 28
قالوا: خمسة وعشرون يوما. وعزم على قتل أهل قيصرية فلاطفوه، وقالوا: هؤلاء رعية لا طاقة لهم بدفع جيش. فلم يقبل هذا العذر، وقتل جماعة من الأعيان صبرا. ثم أمر عسكره بالقتل والنهب في البلد. قال قطب الدين في ((تاريخه)): فيقال إنه قتل من الرعية ما يزيد على مائتي ألف، وقيل خمسمائة ألف من قيصرية إلى أرزن الروم. وممن قتل: القاضي جلال الدين حبيب. فما قوم دخول السلطان وحكمه على الروم أسبوعا بما جرى على أهلها. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

(50/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 29

سنة ست وسبعين وستمائة

[دخول السلطان دمشق]
دخل السلطان دمشق في سابع المحرم، فدخل القلعة، ثم نزل إلى قصره.
[المشورة في أمر التتار]
وتواترت الأخبار بوصول أبغا إلى البلستين، فضرب السلطان مشورة ووقع الاتفاق على الخروج من دمشق بالعساكر المنصورة، وملتقى أبغا حيث كان. وأمر بالدهليز فضرب على القصر. ثم بلغه رجوع أبغا، فأمر برد الدهليز.
[وفاة الملك الظاهر]
وجلس في رابع عشر المحرم بالقصر فرحا مسرورا يشرب القمز، فتوعك عقيب ذلك اليوم وتقيأ، فعسر عليه القيء، ثم ركب لكي ينشط فقوي به الألم ومرض، واشتكى في اليوم الثالث حرارة باطنه، ثم أجمعت الأطباء على استفراغه، فسقوه دواء، فلم ينجع، فحركوه بدواء آخر كان سببا لإفراط إسهاله، وضعف، والحمى تتضاعف، فتخيل خواصه أن كبده تتقطع، وأنه سم، فسقوه جواهر في اليوم السادس. وكانت المرضة ثلاثة عشر يوما.

(50/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 30
ومات رحمه الله وعفا عنه، كما هو مؤرخ في ترجمته في المحرم.
[سلطنة الملك السعيد]
وفي سادس عشر ربيع الأول ركب السلطان الملك السعيد بأبهة الملك، وخلع على الأمراء، وله نحو ثمان عشرة سنة.
[القبض على سنقر والبيسري]
وفي الخامس والعشرين من ربيع الأول قبض الملك السعيد على سنقر الأشقر والبيسري، وسجنهما.

(50/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 31

[نيابة الفارقاني]
وكان قبل ذلك بأيام قد مات نائب السلطنة بيليك الخزندار، فولى مكانه شمس الدين أقسنقر الفارقاني.
[قدوم رسل بركة]
وفيه قدمت رسل بركة في البحر، وطلعوا من الإسكندرية.
[القبض على الفارقاني]
وفي ربيع الآخر قبض السلطان على نائبه الفارقاني في جماعة من الأمراء وحبسوا، وولى نيابة السلطنة الأمير شمس الدين سنقر الألفي.
[الإفراج عن سنقر والبيسري]
وفيه أفرج السلطان عن سنقر الأشقر وبيسري، وخلع عليهما، ورضي عنهما.
[اختلاف الآراء على الملك السعيد]
وفي جمادى الآخرة قبض السلطان على خاله بدر الدين بركة خان لأمر نقمه عليه، ثم أطلقه بعد عشرة أيام. وبقيت الآراء مختلفة، وكل واحد يشير

(50/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 32
على السلطان بما يوافق هواه، والسلطان شاب غر بالأمور.
[دفن الملك الظاهر]
وعملت التربة الظاهرية بدمشق، وبالغوا في الإسراع في إنشائها، ونقل تابوت المرحوم الملك الظاهر من قلعة دمشق إلى تربته ليلا ومعه نائب السلطنة عز الدين أيدمر، ومن الخواص دون العشرة.
[قضاء القضاة في مصر]
وفي ذي القعدة عزل القاضي محيي الدين عبد الله ابن قاضي القضاة شرف الدين ابن عين الدولة عن قضاء مصر وأعمالها، ثم أضيف ذلك إلى قاضي القضاة تقي الدين ابن رزين، فلم يفرد بعد ذلك قضاء مصر عن قضاء القاهرة.
[قضاء الشام]
وفي ذي الحجة ولي قضاء الشام ابن خلكان وصرف ابن الصائغ، رحمهما الله.

(50/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 33

سنة سبع وسبعين وستمائة

[الترحيب بالقاضي ابن خلكان بدمشق]
فدخل قاضي القضاة ابن خلكان دمشق في أول العام، وتلقاه نائب السلطان والدولة والأعيان، وفرح الأكابر بمقدمه، ومدحه غير واحد من الشعراء، وتكلم نور الدين ابن مصعب، وأنشأ هذه الأبيات:
(رأيت أهل الشام طرا .......... ما فيهم قط غير راض)

(نالهم الخير بعد شر .......... فالوقت بسط بلا انقباض)

(وعوضوا فرحة بحزن .......... قد أنصف الدهر في التقاضي)

(وسرهم بعد طول غم .......... قدوم قاض وعزل قاض)

(فكلهم شاكر وشاك .......... لحال مستقبل وماضي)

[التدريس في الظاهرية بدمشق]
وفي صفر أديرت المدرسة الظاهرية بدمشق، ولم تكن كملت عمارتها، وكانت قبل ذلك دار إمرة، وتعرف بدار العقيقي، فاشتريت، فدرس للشافعية الشيخ رشيد الدين الفارقي، ودرس للحنفية الشيخ صدر الدين سليمان.
[قضاء الحنفية بدمشق]
وفي جمادى الأولى ولي قضاء الحنفية بدمشق الشيخ صدر الدين

(50/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 34
سليمان، بعد وفاة ابن العديم، فتوفي بعد ثلاثة أشهر، وولي بعده القاضي حسام الدين الرومي قاضي ملطية.
[التدريس بالنجيبية]
وفي ذي القعدة أديرت المدرسة النجيبية، وهي صغيرة، إلى جانب المدرسة النورية فدرس بها قاضي القضاة ابن خلكان مديدة، ثم نزل عنها لولده.
[فتح الخانكاه النجيبية]
وفتحت أيضا الخانكاه النجيبية، وكان سبب تأخر فتح المكانين عن تاريخ وفاة النجيبي شمول الحوطة على التركة والوقف.
[عبور الملك السعيد إلى قلعة دمشق]
وفي خامس ذي الحجة كان عبور السلطان الملك السعيد إلى قلعة دمشق، وكان يوما مشهودا، وعملت القباب، وفرح الناس ودعوا له دعاء كثيرا، وسروا به سرورا زائدا لجودته ولينه.
[وزارة السنجاري بمصر]
وفي يوم عرفة باشر الوزارة بمصر القاضي برهان الدين الخضر بن الحسن السنجاري بحكم وفاة الوزير بهاء الدين ابن حنا بمقتضى مرسوم سلطاني.

(50/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 35

[وزارة ابن القيسراني بالشام]
وفي هذا الشهر ولي الوزارة بالشام الصاحب فتح الدين ابن القيسراني، وبسط يده، وأمر القضاة بالركوب معه أول مباشرته.
[الإغارة على بلاد سيس]
وبعث السلطان شطر الجيش للإغارة على بلاد سيس، وعليهم الأمير الكبير سيف الدين قلاوون.
[إسقاط المقرر على الأمراء]
وبقي السلطان يتردد إلى المرج والرنيقة للفرجة. وجلس بدار العدل، وأسقط ما قرره أبوه على الأمراء، فسر الناس ودعوا له على هذه الحسنة العظيمة، ولعل الله قد رحمه بها.
[ولاية شد الشام]
وفيها عزل عن الشد بكتوت الأقرعي، وأرسل إلى حلب على خبز الأمير علم الدين الدواداري، ثم أحضر الدواداري وأعطي شد الشام، فباشره أواخر ذي الحجة.

(50/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 36

سنة ثمان وسبعين وستمائة

[قضاء المالكية بدمشق]
في المحرم ولي قضاء المالكية بدمشق الذي كان ينوب عن الشيخ زين الدين الزواوي، وهو جمال الدين أبو يعقوب الزواوي.
[ولاية دمشق]
وفيه ولي ولاية دمشق عز الدين ابن أبي شيحا، وعزل الأمير ناصر الدين الحراني.
[وقوع الخلاف بين الخاصكية والسلطان]
وفي ربيع الأول وقع الخلف بين الخاصكية بدمشق وعجز السلطان عن تلافي ذلك، وخرج عن طاعته نائبه الأمير سيف الدين كوندك، وتقدم بالذين التفوا عليه نحو القطيفة، ومعه نحو أربعمائة من الظاهرية، وفيهم فرسان وشجعان، فنزل بالقطيفة ينتظر الجيش الذين في سيس، فقدموا، واتصل بهم كوندك وأصحابه، ونزل الكل بعذرا، ثم راسلوا السلطان في معنى الخلف الذي حصل. وكان كوندك مائلا إلى البيسري، ولما اجتمع به وبالأمير سيف الدين قلاوون وغيرهما من الكبار أوحى إليهم ما وغر صدورهم وخوفهم من خواص الملك السعيد، وأن نيتهم نحسة، وأن السلطان موافق

(50/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 37
لمايختارونه. وكثر القول، ونفر الخواطر. فاقترح الأمراء على السعيد إبعاد الخاصكية عنه وتفرقهم، فلم يجب إلى ذلك عجزا عنهم، وخوفا من العاقبة، وحار في أمره، وصار وحيدا، فرحل الجيش من عذرا، وساروا على المرج إلى الكسوة، وترددت الرسل بينهم. ثم ساروا إلى مرج الصفر، ففارقهم نائب دمشق عز الدين أيدمر، ومعه أكثر عسكر دمشق، ودخلوا البلد، فبعث السلطان أمه بنت بركة خان في محفة، وفي خدمتها سنقر الأشقر، فإنه كان مقيماً بدمشق عند السلطان، فتلقتها الأمراء، وقبلوا الأرض أمام المحفة، فكلمتهم في الصلح وحلفت لهم على بطلان ما نقل إليهم، وأن السلطان يعرف حقهم. فاشترطوا شروطا كثيرة التزمت لهم بها، وعادت إلى ولدها، وعرفته الصورة، فمنعه من حوله من الخاصكية من الدخول تحت تلك الشروط، وقالوا: قصدهم إبعادنا ليتمكنوا منك ويعزلوك. ولم يتفق أمر، وترحل العسكر طالبين الديار المصرية، فساق السلطان جريدة في طلبهم، فبلغ رأس الماء، فوجدهم قد أبعدوا، فعاد من آخر النهار، ودخل القلعة ليلا، وأصبح في غرة ربيع الآخر، فسافر بمن بقي معه من الجيش المصري والشامي في طلبهم، وسير والدته وخزائنه إلى الكرك. ووصل إلى بلبيس في خمسة عشر يوما. وقد دخل أولئك القاهرة، ورجع نائب دمشق وأكثر الأمراء إلى الشام. وساق هو إلى قلعة مصر، فوجد العساكر محدقة بالقلعة، وكان بها نائبه الأمير عز الدين الأفرم، فحصل بينهم مقاتلة يسيرة، وحمل به الأمير علم الدين سنجر الحلبي، وشق الأطلاب، وفتح له الأفرم وطلع إلى القلعة، وقتل جماعة يسيرة، وبقي جماعة ممن كان مع السلطان برا، فاحتاجوا أن ينضموا إلى سائر العسكر.

(50/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 38
وأما سنقر الأشقر فإنه انعزل بالمطرية بطلبه، وحاصروا القلعة، وقطعوا عنها الماء الذي يطلع في المدارات، وزحفوا عليها، وجدوا في ذلك. فرأى السلطان تخلي من يرجو نصره عنه، وتخاذل من بقي معه وأنه عاجز.
[مشاركة قلاوون الملك السعيد في السلطنة]
وكان مقدم الجيش الذي قام على الملك السعيد حموه الأمير سيف الدين قلاوون، فجرت المراسلات على أن يخلع نفسه ويسلطنوا أخاه سلامش، وأن يعطوا للسعيد الكرك، ويعطوا أخاه الشوبك، يعني نجم الدين خضر، فبعث علم الدين الحلبي وتاج الدين ابن الأثير الكاتب إليهم، وحلفوا له على ذلك، ونزل من القلعة. وكان الحصار يومين، فعقدوا له مجلسا لخلعه من الملك، وأحضروا الفقهاء والعلماء والأمراء، وعملوا محضرا بخلعه، وكتبوا به نسخا، ورتبوا في السلطنة أخاه بدر الدين سلامش، وهو ابن سبع سنين، وجعلوا أتابكه الأمير سيف الدين قلاوون، وحلفت الأمراء له ولأتابكه.
[ضرب السكة]
وضربت السكة باسمه على وجه، وباسم أتابكه على وجه، ودعي لهما معا في الخطبة.

(50/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 39

[نفي الملك السعيد إلى الكرك]
وتوجه السعيد إلى الكرك، وقد زال ملكه وعليه صورة تسليم. ثم أعيد إلى القلعة من الغد لأمر أرادوه، ثم سيروه ليلا.
[انحياز سنقر إلى قلاوون]
وجاء سنقر الأشقر، واجتمع بالأتابك سيف الدين، وصار معه.
[القبض على نائب دمشق]
وجاءت الأخبار إلى دمشق قبل وصول نائبها أيدمر، فقدم دمشق في أول جمادى الأولى، فخرج يتلقاه الأمير جمال الدين أقوش الشمسي، فقبض هو وجماعة من الأمراء على نائب السلطنة عز الدين أيدمر عند المصلى، وفصلوه عن الموكب، ودخلوا به من باب الجابية، ورسموا عليه بدار عند مأذنة فيروز إلى العشي، وحبسوه بالقلعة. وكان بها الأمير علم الدين الدويداري، أعني بدمشق والقلعة، قد استنابه الملك السعيد عليها مدة غيبة نائبها عز الدين.

(50/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 40

[عزل قضاة مصر]
وفيه عزل قضاة مصر الثلاثة معاً، تقي الدين بن رزين الشافعي، ونفيس الدين ابن شكر المالكي، ومعز الدين النعمان الحنفي.
[نيابة سنقر بدمشق]
وفي ثالث جمادى الآخرة قدم سنقر الأشقر نائبا على دمشق، وقرر الدواداري مشدا كما كان.
سلطنة السلطان الملك المنصور
في الحادي والعشرين من رجب شالوا سلامش من السلطنة من غير نزاع، وبايعوا المولى السلطان سيف الدين قلاوون الصالحي التركي، المعروف بالألفي. ولقب بالملك المنصور، وحلف له الأمراء البيسري، والحلبي، ولم يختلف عليه اثنان.
[القبض على ابن القيسراني]
وفي رجب قبض على الصاحب فتح الدين ابن القيسراني.

(50/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 41

[تحليف الأمراء]
ثم وصل أمير يحلف أمراء الشام فحلفوا. وقيل إن سنقر الأشقر لما حلف الأمراء لم يحلف هو وكاسر، ولم يرضه ما جرى، ودقت البشائر بدمشق يوم السابع والعشرين من رجب وزين البلد.
[عزل السنجاري عن وزارة مصر]
وفي شعبان عزل برهان الدين السنجاري عن وزارة مصر بالصاحب فخر الدين إبراهيم بن لقمان صاحب ديوان الإنشاء.
[حبس أيدمر الظاهري]
وفيه سير الأمير عز الدين أيدمر الظاهري من قلعة دمشق في محفة متمرضا إلى مصر، فحبس بقلعتها.
[حج الركب الشامي]
وفي شوال خرج الركب الشامي وأميرهم عماد الدين يوسف ابن الشقاري، وحج الشيخ شمس الدين شيخ الجبل، وطائفة من الحنابلة، وحج أبي وخالي. وحدثني أبي أنهم رأوا الملك السعيد يسير بظاهر الكرك في أواخر شوال.

(50/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 42

[موت الملك السعيد]
قلت: ثم مات في منتصف ذي القعدة أو في عاشره، وعمل عزاؤه بمصر ؛ وحضر السلطان وهو لابس البياض.
[سلطنة سنقر الأشقر بدمشق]
وفي الرابع والعشرين من ذي الحجة ركب نائب السلطنة شمس الدين سنقر الأشقر الصالحي بعد العصر من دار السعادة وبين يديه جماعة من الأمراء والجند، ودخل البلد، فأتى باب القلعة فهجمها راكبا، ودخل وجلس على تخت الملك، وحلفوا له، وتلقب بالملك الكامل. ودقت البشائر بعد ساعة، ونودي في البلد. بسلطنته، وكان محببا إلى الناس. وحلف له القضاة والأكابر. وقبض على الوزير تقي الدين البيع، وكان له في الوزارة شهرا ونصفا، واستوزر مجد الدين ابن كسيرات. ولم يحلف له الأمير ركن الدين

(50/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 43
الجالق، فقبض عليه وحبسه. وقبض على نائب القلعة لاجين المنصوري الذي تسلطن. وولى في المدينة علم الدين....
[سلطنة الملك خضر في الكرك]
وأما الكرك فرتب في السلطنة بها الملك خضر بعد أخيه، وسار طائفة إلى الشوبك فتسلموها بالأمان بعد محاصرة أيام. وكان الذين بها قد عصوا على الملك المنصور لما نزح عنها الملك خضر بن الملك الظاهر إلى عند أخيه السعيد. ثم أحرقت أسوار الشوبك وأذهبت حصانة قلعتها.

(50/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 44

سنة تسع وسبعين وستمائة

[استعراض سنقر بالسلطنة]
في مستهلها ركب السلطان سنقر الأشقر من القلعة بأبهة الملك، ودخل الميدان وبين يديه الأمراء بالخلع، وسير لحظة، وعاد إلى القلعة.
[انهزام الشاميين عند غزة]
وجهز عسكرا، فنزلوا عند غزة. وكان عسكر المصريين بغزة، فأظهروا الهرب، ثم كروا على الشاميين، فكبسوهم ونالوا منهم، وهزموهم إلى الرملة.
[قدوم ابن مهنا وأمير آل مري على سنقر]
وفي خامس المحرم وصل أمير العرب عيسى بن مهنا، ودخل في طاعة الملك الكامل سنقر الأشقر، فبالغ في إكرامه، وأجلسه على السماط إلى جانبه، ثم قدم أمير آل مري أحمد بن حجي على الكامل فأكرمه.

(50/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 45

[تدريس الأمينية]
وفيه ولي قاضي القضاة ابن خلكان تدريس الأمينية، وعزل نجم الدين ابن سني الدولة.
[إنهزام سنقر أمام المصريين]
وفي أواخر المحرم جهز السلطان الملك المنصور من مصر جيشا، عليهم الأمير علم الدين سنجر الحلبي لحرب الملك الكامل سنقر الأشقر، فنزل على الجسورة، واستخدم وأنفق، وجمع خلقا من البلاد، وحضر معه ابن مهنا وابن حجي بعرب الشام، وجاءته نجدة حماة وحلب، وتصمد معه جيش كثيف، لكن لم يكونوا كلهم معه في الباطن، بل كان كثير منهم عليه، وبعضهم فارغين. وأقبل الحلبي بالمصريين، فالتقوا بكرة عند الجسورة، والتحم الحرب، واستمر المصاف إلى الرابعة، وقاتل سنقر الأشقر بنفسه، وحمل عليهم، وبين، لكن خامر عليه أكثر عسكره، فانهزم بعضهم، وتحيز بعضهم إلى المصريين، وانهزم صاحب حماة من أول ما وقعت العين في العين، وبقي في قل من الناس، فولى وسلك الدرب الكبير إلى القطيفة، ولم يتبعه أحد، وتجمع المنهزمون على القصب من أعمال حمص، ثم عاد أكثر الأمراء، ولم يعاقبوا. وأما المصريون فأحاطوا بدمشق، ونزلوا في خيم المنهزمين، وراسلوا نائب سنقر الأشقر الذي بالقلعة، ففتح لهم باب الفرج، وفتحت القلعة بالأمان. ثم جهز الأمير علم الدين الحلبي ثلاثة آلاف في طلب سنقر الأشقر.

(50/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 46

[ولاية ابن سني الدولة قضاء دمشق]
وركب قاضي القضاة ابن خلكان للسلام على الحلبي فحبسه بعلو الخانقاه النجيبية، وعزله، وولي القضاء القاضي نجم الدين ابن سني الدولة، وكان يحترمه لأنه لما تسلطن بدمشق في آخر سنة ثمان وخمسين كان نجم الدين هو قاضي دمشق حينئذ. وحكم الحلبي في البلد. وحضر إليه الأمير أحمد بن حجي، ودخل في الطاعة.
[إلتحاق ابن مهنا بسنقر]
وأما ابن مهنا فإنه توجه صحبة سنقر الأشقر، ولازم خدمته، ونزل به وبمن معه من العسكر في برية الرحبة وأقام بهم.
[أحكام القاضي الحلبي بدمشق]
وأخرج الحلبي من حبس القلعة ركن الدين الجالق، وحسام الدين لاجين، وتقي الدين الصاحب، وحبس ابن كسيرات، وابن صصرى. وبقي ابن خلكان في الاعتقال نيفا وعشرين يوما. وضرب زين الدين وكيل بيت المال، لأنهم تسرعوا إلى مبايعة سنقر الأشقر. وطلب ابن الصانع فأكرمه، فشفع في القاضي ابن خلكان وفي زين الدين الوكيل. وعرض عليه الحلبي

(50/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 47
القضاء فعين نجم الدين ابن سني الدولة، وعلم أنها ولاية مقلقلة لكونها من غير السلطان.
[عفو السلطان المنصور عن الرعية]
ثم ورد البريد في الثامن والعشرين من مصر بأنا قد عفونا عن جميع الناس من الخاص والعام، ولم نؤآخذ أحدا، وأن يقر كل أحد على منصبه.
[نيابة السلطنة بدمشق]
وباشر نيابة السلطنة الأمير بدر الدين بكتوت العلائي أياما إلى أوائل ربيع الأول. ثم جاء تقليد بالنيابة لملك الأمراء حسام الدين لاجين المنصوري الذي حبسه سنقر الأشقر، فباشر يوم الأربعاء الحادي عشر من ربيع الأول، وقرىء تقليده بدار السعادة. وكان شابا عاقلا، شجاعا، دينا، من سلحدارية السلطان الملك المنصور أيام إمرته. ودخل معه دار السعادة الأمير علم الدين الحلبي، ورتبه في النيابة، ومشى في خدمته الأمراء.
[إعادة ابن خلكان إلى القضاء بدمشق]
وصرف الحلبي ابن خلكان إلى منزله بالمدرسة العادلية، وبقي ابن سني الدولة يتردد إلى المدرسة ويحكم بها. وأمره الحلبي بأن يتحول من العادلية

(50/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 48
ويسلمها إلى ابن سني الدولة، فشق ذلك عليه، وتكرر إليه القول بسرعة التحول، فبينا هو كذلك وقد أحضر جمالا لنقل حوائجه إلى جبل الصالحية، وإذا بكتاب سلطاني بإكرامه، والإقرار له على منصبه، وإعادته إلى القضاء، فباشر الحكم يومئذ الظهر، ولبس الخلعة.
[ولاية ابن الحراني]
وأعيد إلى ولاية المدينة ابن الحراني.
[مطاردة المصريين سنقر الأشقر]
وفي أوائل ربيع الآخر توجه من دمشق الأمير عز الدين الأفرم نجدة للجيش المصري الذين توجهوا لمضايقة سنقر الأشقر، فاجتمعوا بحمص، ثم ساروا في طلب الأشقر، ففارق ابن مهنا وتوجه إلى الحصون التي بيد نوابه، وطلع إليها، وهي صهيون - وكان سير أهله إليها وخزائنه - وبلاطنس، وبرزية، وعكار، وجبلة، واللاذقية، وشيزر وبكاس.
[نزول الحاج أزدمر بشيزر]
وكان قد انهزم يوم الوقعة الأمير الحاج أزدمر إلى جبل الجرديين، وأقام عندهم، واحتمى بهم، ثم مضى إلى خدمة سنقر الأشقر في طائفة من الجبليين، فأنزله بشيزر يحفظها.

(50/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 49

[ولاية ابن النحاس الدواوين]
وفي جمادى الآخرة ولي نظر الدواوين الصاحب محيي الدين ابن النحاس.
[وقوع الجفل في البلاد الحلبية]
وفيه وصل الجفال من البلاد الحلبية من التتار، وتقهقر عسكرها. وسبب حركتهم ما بلغهم من اختلال الكلمة.
[تواتر العساكر لمواجهة التتار]
وتوجه في جمادى الأولى عسكر المصريين، ونازلوا شيزر، وضايقوها بلا محاصرة، وترددت الرسل بينهم وبين سنقر الأشقر في تسليمها. فبينا هم في ذلك وصلت الأخبار في جمادى الآخرة بأن التتار قد دهموا البلاد، فخرج من بدمشق من العساكر، وعليهم الركن أباجو، وانضم إلى العساكر التي على شيزر، ثم نزل الكل على حماة. وقدم من مصر بكتاش النجمي في ألف، ولحق بهم.
[اتفاق الأمراء مع سنقر لقتال التتار]
وأرسل هؤلاء إلى سنقر الأشقر يقولون: هذا العدو قد دهمنا، وما سببه إلا الخلف الذي بيننا، وما ينبغي أن تهلك الرعية في الوسط، والمصلحة أننا نجتمع على دفعه. فنزل عسكر سنقر الأشقر من صهيون، والحاج أزدمر من

(50/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 50
شيزر، وخيمت كل طائفة تحت حصنها، واتفقوا على الملتقى وقتال التتار. وجاءت طائفة عظيمة من التتار، فقتلوا من تبقى بحلب، وسبوا ونهبوا، وأحرقوا منبر الجامع والمدارس ودور الأمراء، وعملوا كل قبيح كعاداتهم، وأقاموا بحلب يومين، واستاقوا المواشي والغنائم.
[نداء حلبي يائس بنصر الإسلام]
وقيل إن بعض من كان استتر بحلب يئس من الحياة، ووقف على رأس منارة حلب، وكبر بأعلى صوته على التتار وقال: الله أكبر جاء النصر من عند الله. ولوح بثوبه، وبقي يقول: أمسكوهم من البيوت مثل النساء يا عسكر الإسلام. فخرج التتار على وجوههم يظنون أن المسلمين جاءوا. وكانوا قد بلغهم اجتماع العسكر على حماة، وسلم ذلك الرجل. نقل ذلك الشيخ قطب الدين.
[تسحب الأمراء عن سنقر]
وفي هذه الأيام تسحب جماعة من الأمراء الذين عند سنقر الأشقر إلى السلطان. وكان السلطان قد سار ببقية الجيش فنزل غزة.

(50/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 51

[الخطبة بولاية العهد للملك الصالح]
وفي هذه المدة خطب على المنابر بولاية العهد للملك الصالح علي ابن السلطان الملك المنصور.
[عودة السنجاري وابن لقمان إلى منصبيهما]
وفيها أعيد السنجاري إلى الوزارة، ورد ابن لقمان إلى ديوان الإنشاء.
[رجوع السلطان من غزة]
ورجع السلطان من غزة لما بلغه رجوع التتار وأمن البلاد.
[إعادة القضاة إلى مناصبهم بمصر]
وفي رمضان أعيد تقي الدين ابن رزين إلى قضاء الديار المصرية، وعزل صدر الدين ابن بنت الأعز. وأعيد قبل ذلك إلى القضاء القاضيان نفيس الدين ابن شكر، ومعز الدين النعمان. ورتب قاض حنبلي وهو الشيخ عز الدين عمر بن عبد الله بن عوض المقدسي صهر الشيخ شمس الدين ابن العماد.

(50/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 52

[هزيمة طائفة من الشاميين أمام الفرنج بالمرقب]
وفي ذي القعدة كان طائفة من الشاميين نزال بمرج المرقب، فداخلهم طمع فركبوا من الليل، وصبحوا المرقب للغارة، فخرج الفرنج وقد جاءتهم نجدة في البحر، وحملوا على المسلمين، فهزموهم ومزقوهم في أودية وعرة، ونالوا منهم نيلا عظيما، وقتلوا وأسروا. فما شاء الله كان.
[خروج السلطان إلى الشام]
وفي أول ذي الحجة خرج السلطان إلى الشام، وخلفه ولده الملك الصالح.
[البرد بمصر]
ويوم عرفة وقع بديار مصر برد كبار، فأهلك بعض الزرع، وبدع في الوجه القبلي.

(50/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 53

[الصاعقة بالجبل الأحمر]
ووقع تحت الجبل الأحمر صاعقة على حجر، فأخذت وسبكت، وجاء منها نحو الأوقية.
[الصاعقة بالإسكندرية]
ووقعت يومئذ صاعقة بالإسكندرية.
[مراسلة أهل عكا بالهدنة]
وفي سابع عشر ذي الحجة نزل السلطان على الروحاء قبالة عكا، فراسله أهلها في الهدنة. وأقام هناك أياما.
[قدوم ابن مهنا على السلطان]
وقدم عليه عيسى بن مهنا طائعا، فبالغ السلطان في إكرامه واحترامه، وصفح عنه من قيامه مع سنقر الأشقر.
[وزارة ابن مزهر بدمشق]
وفيها وزر بدمشق الشرف ابن مزهر، ومد يده، ثم أعيد التقي البيع.

(50/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 54

سنة ثمانين وستمائة

[كشف مؤآمرة الفتك بالسلطان]
في أوائل المحرم هادن السلطان أهل عكا، ونزل اللجون، وقبض على الأمير سيف الدين كوندك الظاهري وعدة أمراء بحمراء بيسان. فقيل إن كوندك، وأيتمش السعدي، وسيف الدين الهاروني اتفقوا على الفتك بالسلطان، وعرف ذلك البيسري، فأعلمه، فقبض على كوندك وغيره، وهرب الباقون، الهاروني، والسعدي، ونحو ثلاثمائة فارس على حمية إلى عند سنقر الأشقر. وأهلك كوندك، فقيل إنه غرق ببحيرة طبرية.
[جرح الأمير طقصو]
وساق طقصو في عسكر وراء أيتمش السعدي، فجرح ورد.
[حبس أمراء بقلعة دمشق]
ويوم سابع عشر المحرم وصل المحمدي مقدم البحرية إلى دمشق ومعه جماعة أمراء ممسوكين، فحبسهم بقلعة دمشق.
[دخول السلطان دمشق]
ودخل السلطان دمشق يوم تاسع عشر المحرم، وحمل

(50/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 55
الجتر اليسري يومئذ، فعزل ابن خلكان عن القضاء بابن الصائغ، وولي قضاء الحنابلة نجم الدين أحمد ابن الشيخ شمس الدين، وذلك بعد خلو الشام من قاض حنبلي مدة.
[مصالحة السلطان وسنقر الأشقر]
ثم جهزت المجانيق وطائفة لحصار شيزر، فنازلوها وتسلموها، وذلك أن الرسل ترددت في الصلح بين السلطان وبين سنقر الأشقر، ووصل من جهته الأمير علم الدين الدواداري، والأمير خزندار سنقر الأشقر. فحلف له السلطان ونودي في دمشق باجتماع الكلمة، ودقت البشائر لذلك، وسير إليه فخر الدين المقري الأمير ليحلفه، وحينئذ سلم سنقر الأشقر قلعة شيزر للسلطان، فعوضه عنها كفرطاب، وفامية، وأنطاكية، والسويدية، وشغر، وبكاس، ودركوش، بضياعها، على أن يقيم ستمائة فارس على جميع ما تحت يده من البلاد، وذلك ما ذكرناه، وصهيون، وبلاطنس، وجبلة، وبرزية، واللاذقية. وخوطب في ذلك بالمقر العالي، المولوي، السيدي، العالمي، العادلي، الشمسي، ولم يصرح له في ذلك لا بالملك ولا بالأمير.
[إدارة الخمور بدمشق ومصر وإبطالها]
وفي ربيع الأول أديرت الجهة الملعونة والخمور بدمشق، وكانت بطالة من خمس عشرة سنة، وأديرت بالديار المصرية أيضا قبل هذا التاريخ بمدة، فلا قوة إلا بالله.

(50/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 56
وبقيت دائرة بدمشق أياما، ولطف الله تعالى، وأبطلت، وأريقت الخمور. وطهر البلد من ذلك. ولله الحمد.
[مصالحة السلطان والملك خضر]
ووقع الصلح بين صاحب الكرك الملك خضر وبين السلطان.
[إقامة العزاء بالملك السعيد]
ثم جاءت امرأة الملك الظاهر بنت بركة خان ومعها تابوت ولدها الملك السعيد، ثم استقوا التابوت بالليل من الصور، ودفن إلى جانب والده. وأدخله القبر قاضي القضاة عز الدين ابن الصانع، ونزلت أمه بدار صاحب حمص، وعقد العزاء من الغد بالمدرسة الظاهرية، وحضره السلطان والأمراء والأعيان والوعاظ.
[عزل ابن البيع ووزارة ابن السنهوري]
وعزل تقي الدين البيع من الوزارة، وباشر عوضه تاج الدين ابن السنهوري.
[الأخبار بخروج التتار]
وفي جمادى الأولى جاءت الأخبار بأن التتار على عزم المجيء.

(50/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 57

وقعة حمص
انجفل أهل البلاد الشمالية، وقويت الأخبار، واهتم السلطان بدمشق للعرض، وجاء أحمد بن حجي بخلق من العربان، وكثرت الأراجيف، وكثرت الجفال، وعدى التتار الفرات من ناحية حلب، ونازل الرحبة منهم ثلاثة آلاف، منهم القان أبغا، فخرج السلطان بسائر الجيوش، وقنت الأئمة في الصلوات، وحضر سنقر الأشقر، وأيتمش السعدي، والحاج أزدمر، وبالغ السلطان في احترام سنقر الأشقر، وأقبل منكوتمر يطوي البلاد، فالتقى الجمعان، ووقع المصاف ما بين مشهد خالد بن الوليد إلى قريب الرستن، وذلك شمالي حمص، في يوم الخميس رابع عشر رجب. ويوم الأربعاء فاق العالم بدمشق وأحسوا بقرب اللقاء، وفزعوا كافة إلى جامع دمشق بالشيوخ والأطفال، واستغاثوا إلى الله تعالى، ثم خرج الخطيب بالمصحف العثماني إلى المصلى، ومعه خلائق يتضرعون إلى الله تعالى، وكان يوما مشهودا، شهده مع السلطان مماليكه، مثل طرنطيه، وبيدرا، وكتبغا، ولاجين، وجنق، وسنجر الشجاعي، والطباخي، وسندمر، وعدة كلهم أمراء، ومنهم من تسلطن، وسنقر الأشقر، والحاج أزدمر الذي قيل إنه طعن طاغية العدو،

(50/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 58
وعلم الدين الدواداري، والمنصور صاحب حماة في أمرائه، فكان رأس الميمنة، ويليه البيسري، ثم طيبرس الوزيري، وعز الدين الأفرم، ونائب دمشق لاجين المذكور في عسكر دمشق. وكان رأس الميسرة سنقر الأشقر المذكور، ثم الأيدمري، ثم بكتاش أمير سلاح. وكان في طرف الميمنة العرب، وفي طرف الميسرة التركمان. وشاليش القلب طرنطاي. وكانت المغل خمسين ألفا، والمجمعة ثلاثين ألفا. قلت: وكان الملتقى يوم الخميس، كما ذكرنا، طلوع الشمس. وكان عدد التتار على ما قيل مائة ألف أو يزيدون. وكان المسلمون على النصف من ذلك أو أقل. وكانت ملحمة عظيمة، واستظهر التتار في أول الأمر، واضطربت ميمنة المسلمين، ثم حملت التتار على الميسرة فكسروها، وهزموها مع طرف القلب. وثبت السلطان بمن معه من أبطال الإسلام، وكان القتال يعمل من ضحوة إلى المغيب. وساق طلب من التتار وراء الميسرة إلى بحيرة حمص، وقتلوا خلقا من المطوعة والغلمان، وأشرف الإسلام على خطة صعبة. ثم إن الكبار مثل البيسري، وسنقر الأشقر، وعلاء الدين طيبرس، وأيتمش السعدي، وبكتاش أمير سلاح، وطرنطيه، ولاجين، وسنجر الدواداري لما رأوا ثبات السلطان حملوا على التتار عدة حملات، ثم كان الفتح، ونزل النصر وجرح مقدم التتار منكوتمر بن هولاكو، وجاءهم الأمير عيسى بن مهنا عرضا، فتمت هزيمتهم، واشتغلوا بما دهمهم من جرح مقدمهم. وركب المسلمون أقفيتهم، وقتلوا منهم مقتلة هائلة، وساقوا وراءهم حتى بقي السلطان في نفر قليل من الخاصكية، ونائبه طرنطاي قدامه بالسناجق. وردت

(50/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 59
ميمنة التتار التي كسرت ميسرة المسلمين، فمروا بالسلطان وهو تحت العصائب والكوسات تضرب، وحوله من المقاتلة أقل من ألف، فلما جاوزوه ساق وراءهم، فانهزموا لا يلوون على شيء، وتم النصر بعد العصر، وانهزموا عن آخرهم قبل الغروب، وافترقوا، فأخذت فرقة على سلمية والبرية، وأخرى على ناحية حلب. وعاد السلطان إلى منزلته بليل، وجهز من غد وراءهم الأيدمري في طائفة كبيرة. وجاءت يوم الجمعة بطاقة بالنصر، فضربت البشائر، وزينت دمشق، فلما كان نصف الليل وصل إلى ظاهر دمشق المنهزمون من الميسرة أمراء وجناد، ولم يعلموا بما تجدد من النصر، فقلق الخلق، وماج البلد، وشرع خلق في الهروب. ثم وصل وقت الفجر بريدي بالبشارة بعد أن قاسى الخلق ليلة شديدة، وتودعوا من أولادهم واستسلموا للموت، فإن أولئك التتار كانوا يبذلون السيف من غير تردد. ورأسهم كافر، وأكثرهم على الكفر، فلله الحمد على السلامة. وكان للصبيان والنسوان في تلك الليلة في الأسطحة ضجيج عظيم وبكاء والتجاء إلى الله تعالى لا يعبر عنه. وكان ركن الدين الجالق من جملة المنهزمين، ولم يعنفه السلطان لأنه رأى ما لا قبل له به. فلما صليت الصبح قريء الكتاب السلطاني بكسرة التتار، وأنهم كانوا مائة ألف أو يزيدون. ثم جاء كتاب آخر قبل الظهر في المعنى، وزينت دمشق. واستشهد نحو مائتي فارس منهم الحاج أزدمر، وسيف الدين الرومي، وشهاب الدين توتل الشهرزوري، وناصر الدين ابن جمال الدين الكاملي، وعز الدين ابن النصرة المشهور بالقوة المفرطة والصرامة. ودخل السلطان دمشق يوم الجمعة المقبلة، وبين يدي موكبه أسرى

(50/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 60
التتار يحملون رماحا على شعث القتلى، وقدم في خدمته ممن كان انضم إلى سنقر الأشقر أيتمش السعدي، وسيف الدين بلبان الهاروني، وعلم الدين الدواداري، وودعه سنقر الأشقر من حمص وعاد إلى صهيون. وترحل أولئك الذين نازلوا الرحبة. ثم قدم بعد جمعة علاء الدين الأيدمري وقد أنكى في التتار، وتبعهم إلى قريب الفرات، وهلك منهم خلق عند تعديتهم الفرات، ونزل إليهم أهل البيرة، فقتلوا فيهم وأسروا، وتمزقوا وتعثروا، وتوصلوا إلى بلادهم في أسوأ حال، فلله الحمد على كل حال.
[دخول السلطان القاهرة]
ودخل السلطان القاهرة يوم الأحد ثاني شعبان، فوصل في عشرين يوما إلى القاهرة.
[ولاية شد الدواوين]
وترتب في شد الدواوين علم الدين الدواداري.
[موت ملك التتار]
ومات بين العيدين ملك التتار أبغا.
[القبض على أميرين بمصر]
وفي شعبان قبض بمصر على الأمير ركن الدين أباجو الحاجب، وبهاء الدين يعقوبا.

(50/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 61

[فتح المدرسة الجوهرية]
وفي رمضان فتحت المدرسة الجوهرية، ودرس بها القاضي حسام الدين الحنفي بحضرة واقفها الصدر نجم الدين.
[الثلج والبرد والجليد ببعلبك]
وجاء في رمضان ثلج مفرط، وطال بقاؤه، واشتد البرد، وجلد ببعلبك الفقاع، وذلك غير منكر بها.
[عرض الإسلام على أهل الذمة وتغريمهم]
وفي جمادى الآخرة من هذه السنة رسم الملك المنصور بعرض الدواوين من أهل الذمة على السيف، أو يسلمون، فأبوا، فأخرجوهم بدمشق إلى سوق الخيل، وجعلت الحبال في أعناقهم للشنق، فأسلموا حينئذ، وأحضروا إلى الحاكم فأسلموا على يده. فلما كان في شوال من السنة فكروا في أنفسهم واستفتوا الفقهاء. ثم عقد لهم مجلس ورسم للقاضي المالكي أن يسمع كلامهم، ويحكم بما يوافق مذهبهم، فأثبتوا ذلك، وعاد أكثرهم إلى دينهم، وغرموا مبلغا من المال على ذلك.
[الاستسقاء بصحراء دمشق]
وفي ثاني عشر آذار في شهر ذي القعدة خرج الناس ونائب السلطنة إلى الصحراء بدمشق يستسقون.
[إرسال بنات الملك الظاهر إلى الكرك]
وفيه بعث السلطان الملك المنصور بنات الملك الظاهر وسلامش وخدمهم إلى قلعة الكرك.

(50/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 62

[جفاف تربة ببولاق وغلاء الماء]
وفي هذه السنة تربت جزيرة هائلة تجاه بولاق، وبعد البحر عن القاهرة، وغلا سعر الماء.
[الإفراج عن السنجاري]
ويوم عرفة أفرج عن البرهان السنجاري الوزير، ولزم بيته بعد مشاق شديدة.
[تدريس ابن الزملكاني بالأمينية]
وفي رجب درس بالأمينية الشيخ علاء الدين ابن الزملكاني، شد منه الشمسي، وتعجب الفضلاء، فإنه كان قليل الفقه، لكنه مليح الشكل، ثم أخذت منه، ثم وليها.
آخر هذه العشر، ويتلوه المتوفون في الطبقة الثامنة والستين في سنة إحدى وسبعين وستمائة وأسأل الله حسن الخاتمة بكرمه

(50/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 63

بسم الله الرحمن الرحيم

الطبقة الثامنة والستون

المتوفون سنة إحدى وسبعين وستمائة هجرية

- حرف الألف -
1 - أحمد بن جعفر بن أبي نصر بن سعيد بن طاجيك. أبو العباس المارديني. شيخ معمر، قارب المائة، وحدث بالقاهرة عن: زين الأمناء، وغيره. وتوفي في نصف شعبان. 2 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي. المسند الجليل، أبو البركات ابن النحاس الأنصاري، الإسكندراني المالكي، أخو منصور. وكانا توأمين، ولدا في حدود سنة خمس وثمانين، وسمعا من: عبد الرحمن ابن موقا، ومحمد بن محمد الكركنتي. وأجاز لهما: أبو جعفر الصيدلاني، وحماد بن هبة الله الحراني، وأبو الحسن بن نجا الواعظ، ومكي بن عوف الزهري، وجاعة.

(50/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 64
وحدث بمصر والإسكندرية. روى عنه: الدمياطي، والشريف عز الدين، والشيخ شعبان، وعلاء الدين ابن عمرون الكاتب، وعلم الدين الدواداري، والشريف يعقوب بن الصابوني، وسعد الدين الحارثي قاضي الحنابلة، وطائفة. وتوفي في أواخر جمادى الأولى بالإسكندرية. 3 - أحمد بن عبد الواحد. البصري. عن: أبي الحسن القطيعي، ونصر الحنبلي. 4 - أحمد بن عثمان بن سياوش. المقرىء الزاهد، تقي الدين، أبو العباس الإخلاطي، إمام الكلاسة. قرأ القراءآت على أصحاب أبي الجود. وحدث عن شيخه السخاوي. وأقرأ ببعض الروايات. وكان مشهورا بالصلاح والخير. روى عنه: ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار. وهو والد الخطيب شمس الدين محمد إمام الكلاسة. توفي في خامس رمضان، وقد نيف على السبعين. لقن مدة الصبيان.

(50/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 65
5 - أحمد بن علي بن حمير. البعلبكي، ابن أخت العز ابن معقل، صفي الدين. رئيس متميز. رافضي متغال، معروف كخاله. توفي في شعبان كهلا. 6 - أحمد بن هبة الله بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب. السلمي، أبو العباس الكهفي. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة تقريبا بكهف جبل قاسيون. وسمع من: عمر بن طبرزد، وحنبل، والكندي، وابن ملاعب. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة. ومات في ثالث رجب بالجبل. ولأبيه أبي الغنائم رواية عن عبد الواحد بن هلال. 7 - أحمد بن أبي الفضائل بن أبي المجد بن أبي المعالي. المحدث، الرئيس، كمال الدين، أبو العباس الدخميسي، الحموي، ثم الدمشقي، التاجر. صدر محتشم، متمول.

(50/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 66
سمع الكثير وعني بالحديث، وكتب بخطه الكثير، ورحل في الحديث، وحصل وفهم. ولد في حدود الستمائة. وحدث بالإجازة عن حنبل المكبر، وأقبل على الطلب سنة نيف وعشرين وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن صصرى، والناصح بن الحنبلي، وابن صباح، وابن اللتي، والهمداني، وأبي علي الأوقي، وخلق كثير. وسمع ببغداد من: عمر بن كرم، وعبد السلام الداهري، وطائفة. وكان له مماليك ملاح أتراك قد سمعوا معه. ثم إنه دخل الهند واستوطنها دهرا. وخطه طريقة معروفة بين المحدثين. وعاش إلى هذا الوقت، ولا أتحقق متى مات. بل سمع منه الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي المقدشاوي في سنة سبعين. وروى لنا عنه. 8 - إبراهيم بن بركات بن فضائل. المصري، الحداد. شيخ زاهد، عابد، قانت، مقبل على شأنه، متبع للسنة. صحب الحافظ زكي الدين المنذري مدة، وسمع منه. توفي في أول صفر، وشيعه خلق كثير. 9 - إبراهيم بن محمد بن هبة الله بن قر ناص. الأديب، مخلص الدين الحموي، الشاعر. توفي في شوال.

(50/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 67
10 - أسد بن أبي الطاهر. أبو الوحش الدمياطي، اللخمي. توفي في ربيع الآخر، وله بضع وسبعون سنة. روى عن: جلدك التقوي. سمع منه: الدمياطي، والشريف عز الدين، وغيرهما. أخبرني محمود العقيلي، عن الدمياطي، عن أسد اللخمي، عن نعمة بن سالم، عن قاسم بن إبراهيم، عن عبد الكريم بن الحسن التككي، عن علي بن الحسن، عن علي بن إبراهيم الحوفي، عن محمد بن علي الأدفوي، عن أبي جعفر بن النحاس، عن النسائي، عن قتيبة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أنس: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه المغفر)). رواه مسلم، عن قتيبة، فوافقناه بنزول أربع درجات.

(50/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 68

- حرف الجيم -
11 - جعفر بن علي. الإربلي. خطيب منين.
- حرف الراء -
12 - رسلان بن محمد. أبو محمد المصري، الفاكهي. حدث عن مكرم. ومات في جمادى الأولى بمصر.
- حرف السين -
13 - ست العجم بنت محمد بن أبي بكر بن عبد الواسع الهروي. شيخة مسندة، من أهل الصالحية. تروي عن: عمر بن طبرزد. وكتب عنها الطلبة. وحدث عنها: ابن الخباز، والدمياطي، وجماعة. وتوفيت في صفر. 14 - سليمان بن عبد الغني. أبو الربيع الغمري، الدمياطي. ولد بمنية غمر سنة خمس وستمائة. وحدث عن: ابن المقير. ومات في المحرم.

(50/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 69

- حرف الشين -
15 - شرف الدين ابن السكري. عدل، رئيس، مشهور. وقف داره بالقصاعين لأهل العلم والحديث. وهي التي يسكنها شيخنا ابن تيمية.
- حرف العين -
16 - عبد الله بن جعفر بن عبد الجليل بن علي. الإمام، أبو الفتح القمودي، اللخمي، الإسكندراني، المالكي، الفقيه. ولد في حدود الثمانين وخمسمائة. وسمع من أبي القاسم عبد الرحمن مولى ابن باقا. وحدث ودرس. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وقمودة: بليدة على يومين من القيروان. مات في ثالث المحرم.
17 - عبد الرحمن بن عمر بن خليل. أسد الدين، أبو القاسم الأرموي، ثم الموصلي. ولد سنة بضع وتسعين. وروى بالإجازة عن عبد العزيز بن الأخضر. وهو ابن أخت الإمام علي بن عدلان النحوي. مات بالقاهرة في أول رمضان.

(50/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 70
18 - عبد الرحيم بن الرضى محمد بن الإمام عماد الدين محمد بن يونس بن محمد بن منعة. العلامة، تاج الدين، أبو القاسم الموصلي، مصنف ((التعجيز)). ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وله أيضا: ((مختصر المحصول)) للرازي، و ((مختصر طريقة الطاوسي)) في الخلاف. قال قطب الدين: توفي في جمادى الأولى ببغداد. وكان قد قدمها من قريب، وولي بها قضاء الجانب الغربي، وتدريس البشيرية، وخلع عليه. وله: ((التطريز في شرح الوجيز))، و ((مختصر درة الغواص))، و ((جوامع الكلم الشريفة في مذهب أبي حنيفة)). وألف تصانيف عدة لم يكملها. وممن أخذ عنه الفقه شيخنا البرهان الجعبري.

(50/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 71
19 - عبد القاهر ابن الخطيب سيف الدين عبد الغني بن الإمام فخر الدين محمد بن أبي القاسم ابن تيمية. الشيخ فخر الدين، أبو الفرج الحراني. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة بحران. وسمع من: جده ؛ ومن: ابن اللتي، وغيرهما. وخطب بجامع حران. وكان دينا، عالما، فاضلا، جليلا. توفي بدمشق في حادي عشر شوال بخانقاه القصر. 20 - عبد الهادي بن عبد الكريم بن علي بن عيسى بن تميم. الخطيب، المقرىء، المعمر، أبو الفتح القيسي، المصري، الشافعي. ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وقرأ بالروايات على أبي الجود، وهو والمليجي آخر من قرأ عليه.

(50/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 72
وسمع من: قاسم بن إبراهيم المقدسي، وأبي عبد الله الأرتاحي، وأبي نزار ربيعة اليمني، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله المقرىء، وأبي عبد الله محمد بن الحسن اللرستاني، وابن المفضل الحافظ، وغيرهم. أجاز له أبو طالب أحمد بن المسلم اللخمي، ومقاتل بن عبد العزيز البرقي، وأبو طاهر إسماعيل بن عوف الزهري، وأبو الفضل أحمد، وأبو عبد الله محمد ابنا عبد الرحمن بن محمد الحضرمي، وعبد المجيد بن دليل، ومخلوف بن جاره الفقيه، وخلق. وتفرد في عصره عن جماعة. وروى الكثير. قرأ عليه الشيخ أبو بكر الجعبري نزيل دمشق للسبعة، وعلى المليجي، فسألته: أي الرجلين أعرف بالفن؟ قال: لا ذا يعرف ولا ذا. قلت: وكان الخطيب عبد الهادي صالحا خيرا، كثير التلاوة. خطب بجامع المقياس مدة. حدث عنه: الدمياطي، والدواداري، وجماعة. ومات في الرابع والعشرين من شعبان رحمه الله تعالى. 21 - عبيد الله بن الفقيه الإمام كمال الدين أبي حفص عمر بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن الحسن. المحدث، الرئيس، شهاب الدين، أبو صالح بن العجمي، الحلبي. ولد سنة تسع وستمائة.

(50/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 73
وروى عنه الإفتخار الهاشمي، وسمع الكثير بنفسه من: ابن رواحة، وابن خليل، وابن يعيش، وطائفة. وكتب بخطه الكثير عن المتأخرين. وحرص كل الحرص وحدث باليسير. سمع منه: الدمياطي، والشريف عز الدين، وغيرهما. ومات بحلب فجأة في تاسع عشرين جمادى الأولى. 22 - علي بن أحمد بن يوسف. أبو الحسن القرطبي، ثم الدمشقي، الضرير. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وأبي عبد الله بن البنا، وابن ملاعب. ثنا عنه: أبو الحسن بن العطار، والنجم بن الخباز. وتوفي في ذي القعدة. 23 - علي. العلامة، أبو الحسن المتيوي، المغربي، أحد أئمة العلم والعمل ومن انتهى إليه معرفة مذهب مالك. كان يحفظ ((المدونة)) و ((تفريغ ابن الجلاب))، و ((رسالة ابن أبي زيد))، وغير ذلك. ومع قوة حفظه وذكائه لم يزل يلازم درس الفقه إلى أن مات. قال لي أبو القاسم ابن عمران: لم يكن في زمانه أحفظ منه لمذهب مالك ولا أشد ورعا. كان معتكفا في بيته، وفيه يقرىء، لم يخرج إلا إلى الجمعة. ويخرج مغطى الوجه على حمار لئلا يرى مكروها. ولا يأكل إلا ما سير إليه من بلده من مواضع يعرف أصولها.

(50/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 74
مات في حدود السبعين، وقبره يتبارك به ويزار. 24 - عمر الملك المغيث. فتح الدين، أبو الفتح، ولد الملك الفائز سابق الدين إبراهيم بن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب. روى بالإجازة عن: عبد المعز بن محمد الهروي. كتب عنه طلبة المصريين. ومات في ذي الحجة مسجونا بخزانة البنود، ودفن بتربتهم بجوار ضريح الشافعي رحمه الله، وله ست وستون سنة. 25 - عمر بن محمد. العدل، شرف الدين السلمي السكري. دمشقي جليل. توفي في جمادى الأولى.
- حرف الميم -
26 - محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح.

(50/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 75
الإمام، العلامة، أبو عبد الله الأنصاري، الخزرجي، القرطبي. إمام متفنن متبحر في العلم، له تصانيف مفيدة تدل على كثرة اطلاعه ووفور فضله. توفي في أوائل هذه السنة بمنية بني خصيب من الصعيد الأدنى. وقد سارت بتفسيره العظيم الشأن الركبان ؛ وهو كامل في معناه. وله كتاب ((الأسنى في الأسماء الحسنى))، وكتاب ((التذكرة))، وأشياء تدل على إمامته وذكائه وكثرة اطلاعه. 27 - محمد بن رضوان. السيد شرف الدين العلوي، الحسيني، الدمشقي، الناسخ. توفي في ربيع الآخر عن تسع وستين سنة. كان يكتب خطا متوحد الحسن، منسوبا. وله يد في النظم والنثر والأخبار، وعنده مشاركة في العلوم. 28 - محمد بن عبد المحسن بن عوض. الصدر، عماد الدين، ابن النحاس الأنصاري، المصري، العدل. روى عن: ابن المقير. وتقلب في الدواوين، ونسخ الكثير بخطه لنفسه. وكان رئيسا متميزا.

(50/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 76
29 - محمد بن شبل. تقي الدين، المقرىء، الضرير ببغداد. روى عن: عبد الرحمن ابن الخبازة. 30 - محمد بن عبد المنعم بن عمار بن كاهل. المحدث، العالم، شمس الدين، أبو عبد الله الحراني. سمع: أبا عبد الله بن الزبيدي، وابن اللتي، والإربلي، وأبا الفضل الهمداني، وابن رواحة، والسخاوي، وطائفة من الشاميين ؛ وأبا الحسن القطيعي، وعمر بن كرم، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي، وطائفة ببغداد ؛ ومرتضى بن حاتم، وعلي بن الصابوني، وابن رواح، وجماعة بديار مصر. وعني بالحديث عناية كلية، وكتب الكثير، وتعب، وحصل. وكان يسمع الحديث، ويتألف الناس على روايته. وفيه دين وحسن عشرة، ولديه فضيلة ومذاكرة جيدة وإتقان. أقام بدمشق. روى عنه: ابن الخباز، والدمياطي، وابن أبي الفتح، وابن العطار، وجماعة.

(50/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 77
وتوفي في ثامن رمضان، وله ثمان وستون سنة. ووقف أجزاءه بالضيائية. وكان شيخ الحديث بالعالمية، ومعلومة فيها يسير، رحمه الله. 31 - محمد بن عثمان بن منكورس بن خمردكين. الأمير، سيف الدين ابن الأمير مظفر الدين، صاحب صهيون. ملك صهيون وبرزية بعد والده سنة تسع وخمسين. ومات بصهيون في عشر السبعين. ثم طلب السلطان ولده سابق الدين فأخذ منه الحصنين، وأعطاه إمرية أربعين فارسا بدمشق، وأقطع عميه مجاهد الدين وجلال الدين، وبعث السلطان نوابه إلى البلدين. 32 - محمد بن عمر بن يوسف بن يحيى. الخطيب، موفق الدين، أبو عبد الله ابن الخطيب أبي حفص الزبيدي، المقدسي، ثم الدمشقي، الشافعي، خطيب بيت الأبار وابن خطيبها. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، والكندي، وغيرهم. وأجاز له الخشوعي، وغيره. وهو من بيت الحديث والعدالة والخطابة. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، وجماعة سواهم. وتوفي في سابع عشر صفر.

(50/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 78
33 - محمد بن عيسى بن محمد بن مهدي. الإسكندراني، المقرىء. نزيل دمشق. عاش ثمانين سنة. روى عن ابن طبرزد، وأجازه. مات في ذي الحجة. 34 - محمد بن محمد بن محمد. العلامة برهان الدين المطرزي، المتكلم. مات في العام بتبريز. قاله الكازروني. 35 - محمود بن محمد بن داود. الإمام، الفقيه، أبو المحامد الأفشنجي، البخاري، الحنفي، الواعظ. ولد سنة سبع وعشرين وستمائة. وتفقه على أبي عبد الله محمد بن أحمد الفريني. وسمع من: محمد بن أبي جعفر الترمذي. وكان إماما مفتيا، مدرسا، واعظا، مفسرا. قال أبو العلاء الفرضي: فيها كانت الكائنة على أهل بخارى من التتار الكفرة، لعنهم الله، فقتل أبو حامد بظاهر بخارى. قلت: وقتل خلق عظيم من أهل البلد، ونهب وأحرق فيه أماكن. وهذه ثالث محنة للبلد من التتار، نسأل الله الستر.

(50/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 79

- حرف الياء -
36 - يحيى بن محمد بن أحمد بن حمزة بن علي بن هبة الله. المحتسب، الرئيس، تاج الدين، أبو المفضل الثعلبي، الدمشقي، المعدل، ابن الحبوبي. ولد سنة عشر وستمائة. وسمع حضورا من: أبي الفتوح البكري، وأبي القاسم بن الحرستاني. ثم سمع من: محمد بن حسان، وابن المقير، والعلم بن الصابوني، ويونس بن محمد الفارقي. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وعبد المعز الهروي، وجماعة كثيرة. وخرج له ابن بلبان مشيخة كبيرة في ثلاث مجلدات، فحضرها جماعة بقراءة الشيخ شرف الدين الفزاري. روى عنه: سبطه مجد الدين ابن الصيرفي، وقال: كان صدرا جليلا، عدلا، كبيرا، وقورا، مهيبا، محبوبا إلى الناس، عفيفا عن أموالهم، عزيز النفس، كثير البر والصيام، ذا هيئة حسنة، وحرمة وافرة ؛ ولي نظر الأيتام مدة، ثم الحسبة، ثم وكالة بيت المال إلى أن توفي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر.

(50/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 80
37 - يوسف بن الحسن بن بدر بن الحسن بن المفرج بن بكار. الحافظ، المفيد، الإمام، المسند، شرف الدين، أبو المظفر النابلسي الأصل، الدمشقي الشافعي. ولد سنة ثلاث وستمائة. وأجاز له على يد نسيبة الزين خالد أبو الفتح المندائي، وأبو حفص الدارقزي، وجماعة. وسمع من: أبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وأبي المجد القزويني، وزين الأمناء، وابن صباح وطبقتهم فأكثر. وكتب عامة مسموعاته، ورحل. وسمع من: عبد السلام الداهري، وعمر بن كرم، وعبد اللطيف بن أبي جعفر الطبري، ومحمد بن أحمد القطيعي، والحسن بن الزبيدي، وطبقتهم ببغداد. وسمع من: يحيى ابن الدامغاني، والموفق يعيش النحوي، وجماعة بحلب.

(50/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 81
وقرأ الكثير، ونسخ لنفسه وبالأجرة، وعني بهذا الشأن، وخطه طريقة مشهورة حلوة. وخرج لنفسه ((الموافقات)) في خمسة أجزاء. وحدث بدمشق، والقاهرة، والإسكندرية. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، وأبو الحسن الكندي، وأبو الحسن بن النصير، وخلق سواهم. وكان ثقة، حافظا، متيقظا، جيد المذاكرة، مشهورا بالحديث والطلب، جيد النظم، حسن الديانة، ذا عقل ووقار وأخلاق رضية. ولي مشيخة دار الحديث النورية. وروى الكثير. وتوفي إلى رحمة الله في حادي عشر المحرم. وله شعر رائق.
الكنى
38 - أبو القاسم بن أحمد بن إبراهيم بن أبي العلاء ابن الحمصي. الأزدي. سمع من ابن الحرستاني كتاب ((مكارم الأخلاق)). وتوفي في رجب وله ثمان وستون سنة. وفيها ولد: زين الدين عبادة بن عبد الغني الحراني، المؤذن، الفقيه. وفتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس اليعمري، المحدث، الأديب بالقاهرة في ذي الحجة،

(50/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 82
وشهاب الدين عبد الله بن نجم الدين علي بن محمد بن عمر بن هلال الأزدي، في المحرم، والنجم إسحاق بن أبي بكر بن أكمى التركي، ثم المصري، الحسيني، الحنبلي، الشاعر، ووالي دمشق الأمير شهاب الدين أحمد بن سيف الدين أبي بكر بن برق السنبسي، والبدر حسن بن عبد الواحد بن أحمد بن المجد بن عساكر، كاتب الحكم، والعماد محمد بن محمد بن المسلم بن علاق الشاهد، وعماد الدين إسماعيل بن محمد بن القيسراني، في ذي الحجة، والد القاضي شهاب الدين.

(50/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 83

سنة اثنتين وسبعين وستمائة

- حرف الألف -
39 - أحمد بن علي بن إبراهيم. الإمام كمال الدين المحلي، المقرىء، الضرير، أبو العباس، شيخ الإقراء بالقاهرة. كان معه عدة جهات. وكان أستاذا في القراءآت ووجوهها. أخذ عن أصحاب أبي الجود، والشاطبي. ولم يدرك أخذا عن الصفراوي، وطبقته. قرأ عليه جماعة منهم الشيخ محمد الضرير المعروف بالمزراب، وشمس الدين محمد بن أبي ثعلب القلانسي. وعاش اثنتين وخمسين سنة. وتوفي في ثامن عشر ربيع الآخر بالقاهرة. وكان مولده بالمحلة. 40 - أحمد بن علي بن محمد بن سليم.

(50/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 84
الصاحب محيي الدين، أبو العباس ابن الوزير الكبير بهاء الدين أبي الحسن ابن القاضي السديد المصري، الشافعي. سمع من جماعة، وروى اليسير. وكان منقطعا عن المناصب، منعزلا منفردا كثير المعروف والديانة. بنى رباطا حسنا بمصر، ودرس بمدرسة والده إلى أن مات، وهي بزقاق القناديل. ووجد عليه أبوه وجدا كثيرا، وعملت له الأعزية والتلاوة والختم في البلاد المعتبرة. مات رحمه الله في ثامن شعبان. 41 - أحمد ابن الامام المقرىء أبي عبد الله محمد بن عمر بن يوسف. الشيخ العالم، ضياء الدين، أبو العباس الأنصاري، القرطبي والده. ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع من: زاهر بن رستم، وأبي عبد الله ابن عبدون البنا، وجماعة. وكان أديبا فاضلا له النظم والنثر، وفيه كرم زائد ومروءة وإحسان إلى من يرد عليه. توفي بقنا من الصعيد في نصف شوال.

(50/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 85
وأبوه تلميذ الشاطبي. ذكر ضياء الدين هذا أبو جعفر بن الزبير في ((تاريخه)) فقال: و يعرف بابن المزين. كذا قال فوهم، بل إن ابن المزين أبو العباس القرطبي نزيل الثغر ومختصر ((مسلم)). ثم قال: سمعه أبوه بمكة، والمدينة، ومصر، والقدس، فسمع من زاهر بن رستم وله سبعة أعوام. أجازني وأخذ الناس عنه، رحمه الله. 42 - إبراهيم بن محمد بن هبة الله بن حمدان. الواعظ، تقي الدين القضاعي، المصري. مشهور بحسن الوعظ، وتنميق التذكير، وكثرة المحفوظ. وله قبول تام وسوق نافقة بمصر. توفي في ربيع الأول بالقرافة عن اثنتين وأربعين سنة.

(50/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 86
43 - إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن مزيبل. أبو إسحاق القرشي، المخزومي، المصري. روى عن: ابن باقا، ومكرم. وحدث من بيته جماعة. توفي في ثامن شوال عن اثنتين وستين سنة. 44 - الأتابك المستعرب. هو الأمير الكبير فارس الدين أقطاي الصالحي، النجمي. ولاه الإمرة أستاذه الملك الصالح نجم الدين، ورفع الملك المظفر قطز رتبته، وجعله أتابك الجيش. فلما قتل قطز، رحمه الله، تطلع إلى السلطنة كبار الأمراء، فقدم هو الملك الظاهر وسلطنه، وحلف له في الحال، وتابعه أكابر الدولة، فكان الظاهر يتأدب معه ويرعى له ذلك. قال قطب الدين في ((تاريخه)). كان من رجال الدهر حزما ورأيا وتدبيرا ومهابة. ولما نشأ الأمير بدر الدين بيليك أمره السلطان بملازمة الأتابك والتخلق بأخلاقه، ثم جعله مشاركا له في أمر الجيش. ثم قطعت رواتب كانت للأتابك فوق خبزه، فجمع نفسه، وتبع مراد

(50/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 87
السلطان. ثم قبل موته بمدة عرض له شيء يسير من جذام، فأمره السلطان أن يقيم في داره ويتداوى، فلزم بيته ومات مغبونا. وعاده السلطان غير مرة، فعاتبه الأتابك بلطف ومت بخدمته وبكى، وأبكى السلطان. ثم إنه مات بالقاهرة في جمادى الأولى، وقد نيف على السبعين. 45 - إسحاق بن خليل بن غازي. الشيخ عفيف الدين الحموي. قال قطب الدين: كان فاضلا في الفقه والقراءآت والنحو. درس بحماة، وخطب بقلعتها. وكان له حلقه إشغال. ومات رحمه الله في ذي الحجة عن خمس وثمانين سنة. 46 - إسرائيل بن محمد بن ماضي بن إبراهيم. الأجل، بدر الدين، ابن العدل رضي الله الأنصاري، الدمشقي، خال المولى شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري. قال شمس الدين: توفي في شوال. وكان سمحا، كريما، منقطعا عن الناس، يعيش من ملكه، ويركب البغلة. دفن بتربتهم بقاسيون، وقد جاوز السبعين، رحمه الله تعالى. 47 - أسعد بن المظفر بن أسعد بن حمزة بن أسد بن علي.

(50/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 88
الصاحب الرئيس، مؤيد الدين، أبو المعالي التميمي، الدمشقي، ابن القلانسي. والد الصاحب عز الدين حمزة. ولد سنة ثمان وتسعين ظنا. وسمع حضورا من حنبل المكبر. وسمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي. وحدث بدمشق ومصر. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة في الأحياء. وكان صدرا جليلا، معظما وافر الحرمة، كثير الأملاك، تام الخبرة، ذا عقل ورأي وحزم. وكان أهلا للوزارة، ولكنه لم يدخل في هذه الأشياء عقلا وحشمة. ولما توفي ابن سويد ألزم بمباشرة خاص الملك الظاهر، فباشره متكلفا بلا معلوم. وبيته مشهور بالتقدم والجلالة. توفي ببستانه في ثالث عشر المحرم. 48 - إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي المجد.

(50/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 89
مسند الشام، تقي الدين، شرف الفضلاء، أبو محمد التنوخي، المعري الأصل، الدمشقي. ولد في سابع عشر المحرم سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع، فأكثر عن: الخشوعي، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ، والقاسم بن عساكر، وابن ياسين الدولعي الخطيب، وحنبل، ابن طبرزد، وأبي الفرج جابر بن اللحية الحموي، وأبي اليمن الكندي، وطائفة. وروى الكثير، واشتهر ذكره، وبعد صيته، وتفرد بأشياء كثيرة. وكان رئيسا متميزا في كتابة الإنشاء، جيد النظم، حسن القول، دينا، متصونا، صحيح السماع، قوي المشاركة في الفضائل، من بيت كتابة وجلالة. وكان جده كاتب الإنشاء للسلطان نور الدين. روى عن تقي الدين: الشيخ علي الموصلي، وابن تيمية، وأخواه، وابن أبي الفتح، وابن العطار، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وبرهان الدين ابن الشيخ تاج الدين، ومجد الدين ابن الصيرفي، وعلاء الدين ابن النصير، وخلق من كهول وقتنا.

(50/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 90
وتوفي في السادس والعشرين من صفر. وقد أجاز لوالدي، وكتب الإنشاء للملك الناصر داود، وولي بدمشق نظر البيمارستان النوري. وقد سمع ببغداد من عبد السلام الداهري، وأبي القاسم أحمد بن السمذى، وأبي علي ابن الزبيدي. وولي مشيخة تربة أم الصالح، ومشيخة الرواية بدار الحديث الأشرفية. 49 - أقوش. الأمير الكبير، مبارز الدين المنصوري، الحموي، التركي. أستاذ دار صاحب حماة. كان أجل أمراء حماة. وكان متحكما في دولة أستاذه إلى الغاية. وكان موصوفا بالشجاعة والكرم، ولين الجانب. ولما توفي في ذي الحجة أقر الملك المنصور خبزه على أولاده وكانوا صغارا. توفي وقد جاوز الأربعين بقليل، وحزن عليه أستاذه حزنا كبيرا. 50 - إياز الرومي. عتيق ابن جامع التميمي. روى عن: ابن اللتي، وزين الأمناء، وجماعة. ثنا عنه: ابن العطار. توفي في المحرم.

(50/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 91

- حرف الباء -
51 - بيليك. الأمير الكبير بدر الدين الفائزي. من أعيان أمراء دمشق. توفي في شوال، ودفن بالصالحية.
- حرف الجيم -
52 - جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد. الأديب، العلامة، المترسل، تاج الدين العلوي، الحسني. ويعرف بابن معية. كف بأخرة. توفي في ربيع الأول ببغداد.
- حرف الحاء -
53 - الحسين بن بدران. المولى نجم الدين ابن شيخ السلامية، مشارف بعلبك. ولي مشارفة القلعة والبلدة مدة طويلة. وكان موصوفا بالمروءة والخير. وعاش نيفا وثمانين سنة. وتوفي في شعبان ببعلبك.
- حرف السين -
54 - سليمان بن هود بن موسك بن جكو.

(50/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 92
الأمير أسد الدين الهذباني. مات في عشر السبعين في جمادى الآخرة. حدث عن: ابن اللتي. أخذ عنه: أحمد الإربلي. 55 - سنجر. الأمير علم الدين الإفتخاري، الحراني. توفي بدمشق في شوال بعد بدر الدين الفائزي بيوم.
- حرف الصاد -
56 - الصدر القونوي. هو الشيخ الكبير، الشهيد، الزاهد، أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف الرومي، الصوفي على مذهب أهل الوحدة. شيخ الاتحادية بقونية. صحب الشيخ محيي الدين ابن العربي. وكان قد قرأ كتاب ((جامع الأصول)) على الأمير العالم شرف الدين يعقوب الهذباني. ورواه عنه قراءة عليه الشيخ قطب الدين الشيرازي. وله تصانيف في السلوك على مذهبه نسأل الله العافية، فمن ذلك كتاب ((النفحات الإلهية))، وكتاب ((تحفة الشكور))، وكتاب ((مفتاح غيب الجمع

(50/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 93
والوجود))، و ((تفسير الفاتحة)) عمله في مجلد، وكتاب ((النصوص))، ((وفكوك النصوص))، وغير ذلك. توفي في هذا العام بقونية، وأوصى أن يحمل تابوته إلى دمشق، وأن يدفن مع شيخه ابن العربي، فلم يتهيأ ذلك. ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة تقريبا، فيما بلغني.
- حرف الضاد -
57 - ضياء بن محمد بن عبد الواحد بن حرب. شمس الدين، أبو بكر، وهو بكنيته أشهر. روى عن ثابت بن مشرف. ومات في شعبان.
- حرف العين -
58 - عبد الله بن جبريل بن عبد الجليل. جمال الدين ابن الخطيب الصوفي، الأبهري، أبو بكر. ولد بأبهر سنة سبع وتسعين. وروى شيئا يسيرا عن: أبي عمرو بن الصلاح. وكان شيخا حسنا. توفي بالقاهرة في رجب.

(50/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 94
59 - عبد الله بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن علاق بن خلف بن طلائع. المسند المعمر، أبو عيسى الأنصاري، البخاري، المصري، الرزاز، المعروف بابن الحجاج. ولد سنة ست وثمانين تخمينا. وسمع من: هبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وفاطمة بنت سعد الخير، ويونس بن يحيى الهاشمي، والحافظ عبد الغني، وغيرهم. وهو آخر من روى بالسماع عن البوصيري، وابن ياسين. وكان شيخا حسنا، صحيح السماع، عالي الإسناد. روى عنه: الدمياطي، والشيخ علي الموصلي، والشيخ شعبان، وبدر الدين محمد البادفي، وعلم الدين الدواداري، وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، والقاضي سعد الدين الحارثي، وأحمد بن حسن ابن شمس الخلافة، وزين الدين أحمد ابن القاضي تقي الدين ابن رزين، وبدر الدين محمد بن الجوهري، وأخوه شهاب الدين أحمد، والأمين عبد القادر الصعبي، وابنه عبد الرحمن، وتقي الدين عتيق العمري، والفخر محمد بن محمد بن أبي خازم الجليل، وخلق لا يمكنني إحصاؤهم.

(50/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 95
توفي في مستهل ربيع الأول بمصر. 60 - عبد الله بن عمر بن يوسف. الزاهد، العارف، أبو محمد الصنهاجي، الحميدي، القصري. ذكره الشريف عز الدين فقال: توفي ليلة رابع ربيع الآخر بظاهر القاهرة، وقد قارب المائة. صحب جماعة من المشايخ، وكان مشهورا بالعلم والدين، مذكورا بالصلاح، مقصودا للزيارة والتبرك به. حدث عن شيخه أبي زيد عبد الرحمن بن العلم الرهوني بفوائد. كتبت عنه، وانتفع به جماعة، رحمه الله تعالى. 61 - عبد الله بن غانم بن علي. القدوة الزاهد، أبو محمد ابن الشيخ الكبير العارف أبي عبد الله النابلسي، رحمة الله عليهما. توفي بنابلس في سابع عشر شعبان. وبها ولد في سنة ثمان وستمائة. ولعله سمع بها من البهاء عبد الرحمن، فإنه روى بها الكثير في سنة تسع عشرة. وقد سمع بدمشق من الحافظ ضياء الدين المقدسي. وكان شيخ الأرض المقدسة في وقته زهدا وصلاحا وشهرة وجلالة. ولما توفي صلي عليه صلاة الغائب بجامع دمشق. حدث عنه: النجم بن الخباز في مشيخته، وابن جعوان.

(50/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 96
62 - عبد الحليم بن سليمان بن أحمد. المقدسي، الحراني. حدث عن: حنبل، والفروي، والفخر ابن تيمية، وطائفة. يلقب زين الدين. مات في شوال بقاسيون وله ثمانون سنة. أخذ عنه: ابن الخباز، والطلبة. 63 - عبد الغني بن عبد الرحمن بن مكي. البغدادي، البزاز. روى عن: ابن سكينة. توفي في شوال، وله ثمان وسبعون سنة. 64 - عبد اللطيف بن سالم. الشيخ الصالح، القدوة، أبو محمد البغدادي، تلميذ الشيخ علي بن إدريس. كان متعبدا، مشتغلا. ذكره الظهير الكازروني فأثنى عليه وأرخه، وقال: كنت أزوره وأتبرك به. كاشفني مرة، رحمه الله. 65 - علي بن عثمان بن عبد القادر بن محمود بن يوسف. الإمام، شمس الدين، أبو الحسن ابن الوجوهي، البغدادي، الحنبلي، شيخ القراء، وشيخ رباط ابن الأثير. ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وقرأ بالسبع على الفخر الموصلي، وسمع منه.

(50/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 97
ومن: الشيخ شهاب الدين السهروردي، وأبي الحسن بن روزبة. ولو بكر بالسماع للحق يحيى بن بوش وأكبر منه. تلا عليه بالروايات: برهان الدين الجعبري. قال الظهير الكازروني: كان من الأخيار الأبرار، أجاد قراءة القرآن، وروى الحديث. مات في ثالث جمادى الأولى. 66 - عبد الغني بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مكي بن يوسف. الصالح، العدل، عماد الدين البغدادي، شيخ رباط البسطامي. مات في شوال. وكان ورعا، كثير التلاوة. كف بصره فصبر وشكر. عدل سنة ثلاث وعشرين. وقارب الثمانين، رحمه الله. 67 - عبد العزيز بن عبد المنعم بن الخطيب أبي البركات الخضر بن شبل بن الحسين بن علي بن عبد الواحد. المسند الجليل، كمال الدين، أبو نصر الحارثي، الدمشقي، العدل، المعروف بابن عبد. ولد في جمادى الآخرة سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وعبد اللطيف الصوفي، وأبي جعفر القرطبي. وكاد ينفرد بالرواية عنهم. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، وقاضي القضاة بدر

(50/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 98
الدين ابن جماعة، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وخلق سواهم. توفي في ثاني شعبان. 68 - عبد العزيز بن جعفر بن ليث. النيسابوري، الملك عز الدين، متولي واسط وشحنتها للتتار. كان مشكورا محمودا جوادا معطاء. مات في ذي القعدة. 69 - عبد اللطيف بن عبد المنعم بن علي بن نصر بن منصور بن هبة الله. الشيخ الجليل، مسند الديار المصرية، نجيب الدين، أبو الفرج، ابن الإمام الواعظ أبي محمد بن الصيقل النميري، الحراني، الحنبلي، التاجر السفار. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة بحران.

(50/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 99
وأسمعه أبوه ببغداد من: عبد المنعم بن كليب، وأبي طاهر المبارك بن المعطوش، وأبي الفرج ابن الجوزي، وأبي القاسم هبة الله بن السبط، وأبي الحسن عبد الرحمن العمري، وعبد الله بن أبي المجد، وأبي الفرج ابن ملاح الشط، وعبد الوهاب بن سكينة، والحسن بن إبراهيم بن قحطبة ابن أشنانة، وعبد الله بن مسلم بن جوالق، وعبد الملك بن مواهب الوراق، وعمر بن محمد القطان، والمبارك بن إبراهيم بن السيبي، وعبد الله بن أبي بكر ابن الطويلة أصحاب ابن الحصين، وطائفة سواهم. وأجاز له من إصبهان: أبو جعفر الطرسوسي، ومسعود الجمال، وخليل الراراني، وأبو المكارم اللبان. وروى الكثير ببغداد، ودمشق، ومصر ؛ وانتهى إليه علو الإسناد، ورحل إليه من البلاد، وازدحم عليه الطلبة والنقاد، وألحق الأحفاد بالأجداد. وكان يجهز البز، ويتكسب بالمتاجر. وله وجاهة وحرمة وافرة عند الدولة. ثم انقطع إلى رواية الحديث، وولي مشيخة دار الحديث الكاملية إلى أن مات في مستهل صفر. وقد خرج له الشريف عز الدين ((مشيخة)) في خمسة أجزاء، وخرج له ((ثمانيات)) في أربعة أجزاء. وخرج له شيخنا ابن الظاهري ((الموافقات)) في ثلاثة عشر جزءا، ((والأبدال العوال)) في أربعة أجزاء، و ((المصافحات)) في جزئين، وغير ذلك. وكان شيخا متميزا، حسن البزة، دينا، صينا، صدوقا، صحيح السماعات.

(50/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 100
وجرت عليه محنة من الدولة، ولطف الله به. روى عنه: ابن الظاهري، والدمياطي - وحضرا ولديهما عليه - وقاضي القضاة زين الدين، وقاضي القضاة نجم الدين، وقاضي القضاة سعد الدين، والشيخ كمال الدين ابن الشريشي، والشيخ نصر المنبجي، والعفيف أبو بكر الصوفي الهنداسة، ومحمد بن الشرف الميدومي، والصفي محمود الأرموي، والشيخ علي الموصلي، ومحمد بن عبد الله بن محمود الحراني، وبهاء الدين يوسف بن العجمي، وهارون الكنجي، وأحمد بن الشيخ علي القارىء، وأبو نعيم بن التقي الإسعردي، وعز الدين عبد العزيز بن غازي الحموي، والعفيف عبد الخالق ابن الفارغ، ومحمد وأحمد ابنا المحب، والتقي أحمد بن العز، ومحمد بن عمر اللاوي، وعلاء الدين الكندي، والجمال يوسف بن إبراهيم القاضي، والشرف يعقوب بن أحمد الحلبي، وأحمد بن علي العلامي، وأحمد بن علي الكلوتاتي، وأحمد بن عبد الرحيم المنشاوي، وفخر الدين أحمد بن محمد بن النطاع الأنصاري، وبدر الدين محمد بن منصور ابن الجوهري، وأخوه شهاب الدين أحمد، والقطب إبراهيم بن الملك المجاهد إسحاق ابن صاحب الموصل، وشمس الدين حسين بن أسد ابن الأثير، وأخوه بهاء الدين سليمان، وكمال الدين عبد الرحمن البسطامي، الحنفي، وبهاء الدين علي بن عثمان بن أبي الحوافر، والنجم محمد بن إبراهيم بن بنين، ومحمد بن سعد الصفار، ومحمد بن شعبان الخلاطي، وفتح الدين محمد بن عثمان الشارعي، وقطب الدين محمد بن عبد الوهاب بن مرتضى، وصدر الدين محمد بن أبي برك بن البوري، وعالم كثير بمصر والشام من كهول زماننا، عمرهم الله تعالى في طاعته.

(50/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 101
70 - علي بن عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي. الفقيه، الحافظ، المفيد، نجم الدين أبو الحسن ابن الخطيب الإمام جمال الدين الربعي، الدمشقي، الشافعي. سمع: ابن عبد الدائم، والكرماني، وابن أبي النسر، وأصحاب الخشوعي، وابن طبرزد، ثم أصحاب ابن ملاعب، وابن أبي لقمة، ثم أصحاب ابن اللتي، ومكرم. وكتب العالي والنازل. وكان شابا ذكيا، فهما، كثير الإفادة، جيد التحصيل، من نجباء الطلبة وظرافهم ومتقيهم. وكان صحيح القراءة، مليح الكتابة، سريع القلم. حدث باليسير، ومات شابا طريا في سن طلبه. وكان يتلهف على مصر والرحلة إليها ليلحق حديث البوصيري، فيمنعه أبوه. توفي في ربيع الآخر وله ست وعشرون سنة، وحزن عليه أبوه والأصحاب، والله يعوضه بالجنة. وأجزاؤه موقوفة بالنورية. وكان من تلامذة الشيخ تاج الدين. 71 - علي بن رمضان. الصدر، النقيب، تاج الدين ابن الطقطقي، العلوي. قتلته العراقلة بظاهر بغداد غيلة. وكان متوليا أعمال الحلة والكوفة، مليح الشكل.

(50/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 102
72 - علي بن محمد بن محمد بن محمد بن وضاح. الشيخ كمال الدين الشهرابابي، الفقيه، الحنبلي، المحدث. توفي في صفر من هذه السنة، وقيل في التي قبلها، والصواب هنا. وكذا قال الكازروني إنه مات في ثالث صفر يوم الجمعة. قال: واجتمع عالم لا يحصون للصلاة عليه. وكان منور الوجه، عالما بالمذهب، له تصانيف. إلى أن قال: وبلغني أنه ولد في رجب سنة تسعين وخمسمائة. لقي الشيخ علي بن إدريس. وكان حنبليا، نحويا، كاتبا، شيخا، صالحا، محدثا، مجموع الفضائل. روى عنه: الشيخ علي بن إدريس الزاهد، وعمر بن كرم الدينوري، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وكان مولده بشهرابان، وهي من سواد العراق سنة نيف وتسعين

(50/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 103
وخمسمائة. واشتغل ببغداد، وبرع في العربية، وشارك في فنون من العلم. وسمع الكثير. وكان صديقا للشيخ يحيى الصرصري. توفي ببغداد، رحمه الله تعالى. 73 - عمر بن بندار بن عمر. القاضي العلامة، كمال الدين، أبو حفص التفليسي، الشافعي. ولد بتفليس سنة اثنتين وستمائة تقريبا. وتفقه وبرع في المذهب والأصلين وغير ذلك. ودرس وأفتى. وسمع من: أبي المنجا بن اللتي. وجالس أبا عمرو بن الصلاح. وولي القضاء بدمشق نيابة. وكان محمود السيرة، حسن الديانة، صحيح العقيدة. ولما تملكت التتار جاءه التقليد من هولاكو بقضاء الشام والجزيرة والموصل، فباشر مدة

(50/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 104
يسيرة، وأحسن إلى الناس بكل ممكن، وذب عن الرعية. وكان نافذ الكلمة، عزيز المنزلة عند التتار، لا يخالفونه في شيء. قال قطب الدين: فبالغ في الإحسان، وسعى في حقن الدماء، ولم يتدنس في تلك المدة بشيء من الدنيا مع فقره وكثرة عياله، ولا استصفى مدرسة ولا استأثر بشيء. وكان مدرس المدرسة العادلية، وقد تعصبوا عليه، ونسب إليه أشياء برأه الله منها. وسار محيي الدين ابن الزكي، فجاء بالقضاء على الشام من جهة هولاكو، وتوجه كمال الدين إلى قضاء حلب وأعمالها، وقد عصمه الله ممن أراد ضرره. وكان نهاية ما نالوا منه أنهم ألزموه بالسفر إلى الديار المصرية، فسافر وأفاد أهل مصر واشتغلوا عليه. قال الشريف عز الدين: كان مشكور الطريقة، أقام بالقاهرة مدة يشغل الطلبة بعلوم عدة في غالب أوقاته، فوجد به الناس في ذلك نفعا كثيرا، ولازمته مدة، وقرأت عليه شيئا من أحوال الفقه، وانتفعت به. وكان أحد العلماء المشهورين، والأئمة المذكورين. توفي ليلة رابع عشر ربيع الأول بالقاهرة.
- حرف الكاف -
74 - كي. شاب ذكي ادعى النبوة بتستر، وزعم أنه عيسى ابن مريم، وأسقط عن أتباعه العصر والعشاء. أمر بقتله صاحب الديوان.

(50/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 105
75 - كيكاوس. السلطان عز الدين بن السلطان كيخسرو بن قليج رسلان، أخو السلطان ركن الدين كيقباذ. توفي بسوداق، من بلاد الترك، وله ست وعشرون سنة. اقتسم هو وأخوه ملك الروم بعد أبيهما، ثم إن ركن الدين غلب على الأمر، فهرب عز الدين بأهله وخواصه إلى ملك القسطنطينية، فلم يركن إليه بل حبسه. ثم إن ملك التتار بركة جهز عشرين ألفا، فأغاروا على أعمال القسطنطينية، ثم هادنهم ملكها على أن يسلم إليهم عز الدين، وذلك في سنة ستين، فسلمه إليهم، فأكرمه بركة، وصيره من كبار أمرائه، ثم كان في خدمة منكوتمر بعده، وخلف ولده الملك المسعود وهو في خدمة منكوتمر.
- حرف اللام -
76 - لؤلؤ بن أحمد بن عبد الله. نجيب الدين، الدمشقي، الحنفي، الضرير، المقرئ. ولد سنة ستمائة، وحدث عن: ابن الحرستاني، والشمس العطار. وتصدر للإقراء بجامع الحاكم، وحدث. ومات في رجب بالقاهرة.

(50/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 106

- حرف الميم -
77 - محمد بن إياس. أبو عبد الله الأشيري. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة بالقاهرة. وسمع من: ابن المقير، وأصحاب السلفي. وكتب وحصل وعني بالحديث. وكان عنده فهم ومعرفة. وحدث بشيء قليل. وكان أبوه مولى لابن الأثير. توفي بالنويرة من الصعيد في أول صفر، رحمه الله تعالى. 78 - محمد بن زياد. شمس الدين الحراني. أخو البهاء، خطيب بيت لهيا. توفي في ربيع الأول، ودفن بقاسيون. 79 - محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الملك بن علي. أبو عبد الله المعافري، الشاطبي، الزاهد. نزيل الإسكندرية. كان من كبار مشايخ الثغر المشهورين بالعبادة والصلاح والإنقطاع. وكان كبير القدر، رفيع الذكر، يقصد للتبرك والزيارة، ويعد في طبقة القباري.

(50/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 107
توفي في العشرين من رمضان، وله سبع وثمانون سنة. ودفن بمرج سوار. ولا أعلمه روى شيئا إلا عن أبي القاسم بن صصرى. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. وقد لبس الخرقة من جعفر الهمداني. ثم وجدت أربعين حديثا قد خرجها ابن عبد الباري له، وإذا به قد سمع من: ابن صصرى في دمشق، ومن: موسى بن عبد القادر، وأحمد بن الخضر بن طاوس، وزين الأمناء، وغيرهم. وأنه قرأ بالسبع بالأندلس. وله تفسير صغير. وله كتاب ((المنهج المفيد فيما يلزم الشيخ والمريد)). سمع منه: شيخنا التاج الغرافي هذه الأربعين، والوجيه عبد الرحمن السبتي. وكتب الطبقة الغرافي، فكتب له: ((قدوة الطوائف، شيخ الإسلام)). 80 - محمد بن سليمان بن هبة الله بن يوسف. الشيخ، جمال الدين، أبو عبد الله الهواري، الجلولي، التونسي، المالكي. ولد سنة ستمائة بالقاهرة. وسمع من: أبي الحسن علي بن المفضل الحافظ، وعبد العزيز بن باقا. وكان صالحا، فاضلا، خيرا، له شعر حسن. توفي في السادس والعشرين من رمضان.

(50/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 108
روى عنه الدمياطي من شعره. 81 - محمد بن صالح بن أبي علي. البهنسي. روى عن: علي بن البنا. وحدث بمصر في شوال. وهو أخو تاج الدين البهنسي إمام المقام بمكة. 82 - محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن جعفر. القاضي عز الدين البصري، الشافعي، نائب الحكم ببغداد، ومدرس النظامية. كان متبحرا في العلم، صاحب تصانيف. مات في ذي الحجة ودفن خلف الجنيد، ورثته الشعراء. وولد في أول سنة ست وستمائة. روى عن جده. 83 - محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك.

(50/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 109
العلامة الأوحد، جمال الدين، أبو عبد الله الطائي، الجياني، الشافعي، النحوي، نزيل دمشق. ولد سنة ستمائة أو سنة إحدى وستمائة. وسمع بدمشق من: مكرم، وأبي صادق الحسن بن صباح، وأبي الحسن السخاوي، وغيرهم. وأخذ العربية عن غير واحد ؛ وجالس بحلب: ابن عمرون، وغيره. وتصدر بحلب لإقراء العربية، وصرف همته إلى إتقان لسان العرب حتى بلغ فيه الغاية، وحاز قصب السبق، وأربى على المتقدمين. وكان إماما في القراءآت وعللها ؛ صنف فيها قصيدة دالية مرموزة في مقدار ((الشاطبية)).

(50/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 110
وأما اللغة فكان إليه المنتهى في الإكثار من نقل غريبها، والإطلاع على وحشيها. وأما النحو والتصريف فكان فيه بحرا لا يجارى، وحبرا لا يبارى. وأما أشعار العرب التي يستشهد بها على اللغة والنحو فكانت الأئمة الأعلام يتحيرون فيه، ويتعجبون من أين يأتي بها. وكان نظم الشعر سهلا عليه، رجزه وطويله وبسيطه، وغير ذلك. هذا مع ما هو عليه من الدين المتين، وصدق اللهجة، وكثرة النوافل، وحسن السمت، ورقة القلب، وكمال العقل والوقار والتؤدة. أقام بدمشق مدة يصنف ويشغل. وتصدر بالتربة العادلية، وبالجامع المعمور، وتخرج به جماعة كثيرة. وصنف كتاب ((تسهيل الفوائد في النحو))، وكتاب ((سبك المنظوم وفك المختوم))، وكتاب ((الشافية الكافية))، وكتاب ((الخلاصة)) وشرحها، وكتاب ((إكمال الإعلام بتثليث الكلام))، و ((المقصور والممدود))، و ((فعل وأفعل))، و ((النظم الأوجز فيما يهمز وما لا يهمز))، و ((الاعتقاد في الطاء والضاد))، وتصانيف أخر مشهورة لا يحضرني ذكرها. روى عنه: ولده الإمام بدر الدين، والإمام شمس الدين بن جعوان، والإمام شمس الدين بن أبي الفتح، وعلاء الدين ابن العطار، وزين الدين أبو بكر المزي، وشيخنا أبو الحسين اليونيني، وأبو عبد الله الصيرفي، وقاضي القضاة ابن جماعة، وطائفة سواهم. أنشدنا أبو عبد الله بن أبي الفتح: أنشدنا العلامة جمال الدين بن مالك لنفسه في تذكير الأعضاء وتأنيثها:
(يمين شمال كف القلب خنصر .......... سه بنصر سن رحم ضلع كبد)

(50/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 111

(كرش عين الأذن القتب فخذ قدم .......... ورك وكتف وعقب ساق الرجل ثم يد)

(لسان ذراع عاتق عنق قفا .......... كراع وضرس ثم إبهام العضد)

(ونفس وروح فرسن ذفرى إصبع .......... معا بطن إبط عجز الدبر لا تزد)

(ففي يد التأنيث حتما وما تلت .......... ووجهان فيما قد تلاها فلا تحد)
وأنشدنا ابن أبي الفتح: أنشدنا ابن مالك لنفسه في أسماء الذهب:
(نضر نضير نضار زبرج سيرآ .......... زخرف عسجد عقيان الذهب)

(والتبر ما لم يذب وأشركوا ذهبا .......... وفضة في نسيك هكذا الغرب)
وأنشدنا ابن أبي الفتح: أنشدنا ابن مالك لنفسه في خيل السباق العشرة على الولاء:
(خيل السباق المجلي يقتفيه مصل .......... والمسلي وتال قبل مرتاح)

(وعاطف وحظي والمؤمل واللطيم .......... والفسكل السكيت يا صاح)
توفي ابن مالك رحمه الله في ثاني عشر شعبان، وقد نيف على السبعين.

(50/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 112
84 - محمد بن عبد القادر بن ناصر بن الخضر بن علي. القاضي شهاب الدين الأنصاري الشافعي. قاضي بلد الخليل. ويعرف بابن العالمة. ولد سنة ستماية بدمشق. قال قطب الدين: كان من الفضلاء الأدباء ؛ سافر في طلب العلم إلى البلاد وحصل. وكانت أمه عالمة فاضلة تحفظ القرآن وشيئا من الخطب والمواعظ. وتكلمت في عزاء السلطان الملك العادل. وتعرف بدهن اللوز. كانت عالمة وقتها، وقد ضبط أبو شامة وفاتها. روى عنه ولده قاضي القضاة زين الدين عبد الله قاضي حلب شيئا من نظمه، فمنه:
(أترى أعيش أرى العريش وشامه .......... فبمصر قد سئم المحب مقامه)

(أم هل تبلغ عنه أنفاس الصبا .......... يوما إلى دار الحبيب سلامه)

(يا سادة خلفت قلبي عندهم .......... هل تحفظون عهوده وذمامه)

(أسعرتم نار الغرام بمهجتي .......... وسلبتم طرف الكئيب منامه)

(إن لم تجد قطر على مغناكم .......... أغناكم دمعي يقوم مقامه)

(باهل تعبد الله أيام الحمى .......... من قبل أن يلقى المحب حمامه)
وهو أخو العلامة الحكيم نجم الدين ابن المنفاخ الطبيب لأمه. وقد مر سنة اثنتين وخمسين.

(50/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 113
85 - محمد بن محمد ابن الشيخ الزاهد أبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان. القاضي الجليل، محيي الدين، أبو المكارم إبن القاضي الأوحد جمال الدين ابن الأستاذ الأسدي، الحلبي، الشافعي. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وروى عن: جده، وبهاء الدين ابن شداد. ودرس بالقاهرة بالمسرورية، ثم ولي قضاء حلب إلى حين وفاته بها في ثالث عشر جمادى الأولى. وسمع منه المصريون. 86 - محمد بن محمد بن حسن.

(50/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 114
الشيخ نصير الدين، أبو عبد الله الطوسي، الفيلسوف. كان رأسا في علم الأوائل، لا سيما معرفة الرياضي وصنعة الأرصاد، فإنه فاق بذلك على الكبار. قرأ على المعين سالم بن بدران المصري المعتزلي، الرافضي، وغيره. وكان ذا حرمة وافرة، ومنزلة عالية عند هولاكو. وكان يطيعه فيما يشير به، والأموال في تصريفه. وابتنى بمدينة مراغة قبة ورصدا عظيما، واتخذ في ذلك خزانة عظيمة عالية، فسيحة الأرجاء، وملأها بالكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة، حتى تجمع فيها زيادة على أربعمائة ألف مجلد. وقرر للرصد المنجمين والفلاسفة والفضلاء، وجعل لهم الجامكية. وكان سمحا جوادا، حليما، حسن العشرة، غزير الفضائل، جليل القدر، لكنه على مذهب الأوائل في كثير من الأصول، نسأل الله الهدى والسداد. توفي في ذي الحجة ببغداد، وقد نيف على الثمانين. ويعرف بخواجا نصير. قال الظهير الكازروني: مات المخدوم خواجا نصير الدين أبو جعفر الطوسي في سابع عشري ذي الحجة، وشيعه خلائق وصاحب الديوان والكبراء. ودفن بمشهد الكاظم. وكان مليح الصورة، جميل الأفعال، مهيبا، عالما، متقدما، سهل الأخلاق، متواضعا، كريم الطباع، محتملا، يشتغل إلى قري ب الظهر. ثم طول الكازروني ترجمته، وفيها تواضعه وحلمه وفتوته.

(50/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 115
ثم رأيت في ((تاريخ تاج الدين الفزاري)): حدثني شمس الدين الأيكي أن النصير تمكن إلى الغاية، والناس كلهم من تحت تصرفه. وكان حسن الشكل، فصيحا، خبيرا بجميع العلوم. كان يقول: اتفق المحققون على أن علم الكلام قليل الفائدة، وأقل المصنفات فيه فائدة كتب فخر الدين، وأكثرها تخليطا كتاب ((المحصل)). قال: وأقمت مع شيخنا النصير سبع سنين. وصنف كتبا عدة. ومولده بطوس يوم الأحد حادي عشر جمادى الأولى سنة 597.

(50/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 116
87 - محمد بن يوسف بن نصر. السلطان، أبو عبد الله بن الأحمر الأرجوني، صاحب الأندلس. بويع سنة تسع وعشرين بأرجونة، وهي بليدة بالقرب من قرطبة. وكان سعيدا مؤيدا، مدبرا، حازما، بطلا، شجاعا، ذا دين وعفاف. هزم ابن هود ثلاث مرات، ولم تكسر له راية قط، وقد جاء أذ فونش فحاصر جيان عامين، وأخذها بالصلح، وعقدت بينهما الهدنة عام اثنتين وأربعين، فدامت عشرين سنة، فعمرت البلاد. وأخبار ابن الأحمر علقتها في ورقتين. مات في رجب، وتملك بعده ابنه محمد. 88 - محمد بن أبي بكر بن أبي الليث. الداوري، من زمنداور، وهي من أقصى خراسان. العلامة شهاب الدين، أبو منصور. سمع ببلده من: مخلص الدين الوخي. وفصيح الدين الداوري. ورحل إلى بخارى فتفقه على: شمس الأئمة أبي الوحدة محمد بن عبد الستار، وجمال الدين عبيد الله بن إبراهيم المحبوبي. وقرأ الأدب.

(50/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 117
وسمع من: أبي رشيد محمد بن أبي بكر بن الغزال، وقوام الدين محمود بن أحمد ابن مازة. قرأ عليه الأدب جماعة من أصحابنا. ولد في حدود سنة ست وثمانين وخمسمائة، وتوفي بسرخس في سنة 672. قال فيه الفرضي: شيخنا شهاب الدين. 89 - محمد بن الرجاء بن أبي الزهر بن أبي القاسم. الحكيم شمس الدين، أبو عبد الله التنوخي، الدمشقي، الطبيب، المعروف بابن السلعوس. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني. وحدث بالقاهرة ومات بها في شعبان. 90 - مجاهد بن سليمان بن مرهف. المصري، الأديب، المعروف بالخياط، ويعرف بابن الربيع. توفي في جمادى الآخر وقد ناهز السبعين، وله أشياء حسنة، ومعان مبتكرة. وكان من كبار أدباء العوام. وقد قرأ النحو، وفهم. فمن رائق نظمه قوله:
(أعد يا برق ذكر أهيل نجد .......... فإن لك اليد البيضاء عندي)

(50/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 118

(أشيمك بارقا فيضل عقلي .......... فواعجبا تضل وأنت تهدي)

(ويبكيك السحاب وليس ممن .......... تحمل بعض أشوافي ووجدي)

(بعثت مع النسيم لهم سلاما .......... فما منوا علي له برد)
وله يهجو أبا الحسين الجزار، وأجاد:
(إن تاه جزاركم عليكم .......... بفطنة نالها وكيس)

(فليس يرجوه غير كلب .......... وليس يخشاه غير تيس)
91 - محمود بن أبي سعيد بن محمود بن محمد. الشيخ ناصح الدين، أبو الثناء الطاووسي القزويني. ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة تقريبا. وسمع بحلب من: أبي محمد بن الأستاذ، وأبي المحاسن بن شداد، وغيرهما. وهو ابن أخت الإمام أبي القاسم الرافعي صاحب ((الشرح)). توفي بالقاهرة في ربيع الأول. روى عن خاله بالإجازة أربعين حديثا له، سمعها منه البرهان رئيس المؤذنين. 92 - مكرم بن مظفر بن أبي محمد. العين زربي.

(50/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 119
ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الحافظ أبي نزار ربيعة اليمني. وحدث. وكان شيخا صالحا، منقطعاً بالقرافة بزاوية الشيخ رزبهان. وتوفي في شوال.
- حرف اللام ألف -
93 - لاجين. الأمير الكبير، حسام الدين الأيدمري، الداوادار، الملقب بالدرفيل. سمع من سبط السلفي. وكان محبا للعلماء، مقربا لهم، مؤثرا للفقراء، خاضعا لهم. له معرفة وفضيلة ومشاركة، وذكاء مفرط، وهمة عالية، ونفس شريفة. وكان السلطان يحبه ويعتمد عليه في المهمات والمكاتبات وأمر القصاد. توفي في رمضان، ولم يكمل أربعين سنة.
- حرف الياء -
94 - يحيى بن الناصح عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج الشيرازي. الفقيه، المسند الكبير، سيف الدين، أبو زكريا ابن الحنبلي، الأنصاري، الدمشقي، الحنبلي.

(50/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 120
ولد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. وسمع من الخشوعي في الخامسة ؛ وبه ختم حديثه بالسماع. وسع من: حنبل، وابن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وجماعة. وسمع بالموصل من عبد المحسن بن عبد الله الخطيب. وليس هو بالمكثر عن الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو عبد الله بن الزراد، ومحمد بن المحب، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وطائفة سواهم. وتوفي في سابع عشر شوال. 95 - يوسف بن عبد الله بن عبد الباقي بن نهار. الإمام العالم، فخر الدين، أبو المحاسن البكري، المصري، المالكي، خطيب جامع ابن طولون. ولد سنة ثلاث وستمائة. وسمع ببغداد من: أبي الحسن بن روزبة، وغيره. وحدث. وتوفي بمصر في رابع وعشرين ربيع الآخر.
الكنى
96 - أبو بكر بن أحمد بن عمر بن الحبال. البعلبكي. توفي ببعلبك في عشر السبعين، وخلف تركة، قيل إنها تقارب مائة ألف

(50/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 121
دينار، فاحتاط السلطان عليها، واصطفى منها نحو أربعمائة ألف درهم، وأفرج عن الأملاك والوثائق، فتمحق أكثر ذلك. وله وقف جيد على البر. وكان يشح على نفسه باليسير. وكان أولا فقيرا لا مال له، فاكتسب ذلك بالمعاملة. 97 - أبو بكر بن فتيان. الشطي، الزاهد، العارف ابن الزاهد القدوة، رحمهما الله تعالى. سكن سفح قاسيون. وكان زاهدا صالحا، له أحوال وكرامات ومقامات، وله أتباع ومحبون ومريدون، وله شعر كثير رأيته في ديوان مفرد، وهو شعر طيب يقع على القلب، ويحرك الساكن ويثير العزم وإن كان ملحونا. فمنه في كان وكان:
(يا سعد احذر تجهل وإياك تصحب مبتدع .......... ولا تداني باطل تلعب بك الآفات)

(أحذر تخلي التقوى حوك اتكالك على النسب .......... بوجهل وابن المغيرة خذلوا وهم سادات)

(احذر أفاعي الدعاوى السم في أنيابها .......... سمومهن قواتل ما تنفعوا الرقيات)
توفي الشيخ أبو بكر في جمادى الأولى. وكان أبوه من كبار المشايخ، رحمهما الله تعالى.

(50/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 122
98 - أبو بكر بن محمود بن عمر بن محمود. الفرغاني، الحنفي. ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة. وسمع، مقبلا، وابن صباح. وحدث. مات في جمادى الأولى سنة اثنتين. نقلته من ابن الدمياطي.
وفيها ولد:
أبو عمرو أحمد بن أبي الوليد محمد بن أحمد بن احاج القرطبي، المالكي بغرناطة، وشرف الدين أحمد بن الرضى عبد الرحمن بن أبي بكر السنجاري، الحنفي، في ربيع الأول، وصاحب حماة المؤيد عماد الدين إسماعيل بن علي بن المظفر محمود بدمشق في جمادى الأولى.

(50/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 123

سنة ثلاث وسبعين وستمائة

- حرف الألف -
99 - أحمد بن عبد الرحمن بن عمر. العلامة علم الدين الشرمساحي، المالكي. أخو الشيخ سراج الدين عبد الله. درس بالمستنصرية بعد أخيه، وعاش بعده أربع سنين. ومات في المحرم. 100 - أحمد بن عبد القادر بن حسان. الدمشقي، العامري ؛ بالمزة. سمع من: ابن الحرستاني. وأجاز لي.
101 - أحمد بن موسى بن يغمور. الأمير شهاب الدين، أبو العباس ابن الأمير الكبير جمال الدين.

(50/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 124
أديب فاضل، له شعر، ولي الأعمال الغربية فهذبها، وقطع وشنق ووسط، وأفرط في ذلك وأسرف، وراح البريء بجزيرة المفسد. وقد قطع أيدي خلق وأرجلهم، إلا أنه هذب تلك الناحية. مات بالمحلة في جمادى الأولى. 102 - إبراهيم بن شروة بن علي. الأمير سيف الدين الكردي، الجاكي، الزهيري. توفي في رجب ببعلبك وقد نيف على السبعين. حدثنا عنه قطب الدين اليونيني حكاية، وقال: كان أمينا، شريف النفس. وكان أمير جندار الملك العزيز بحلب. وأخذ خبزه بعده الأمير علاء الدين أحمد بن الجاكي. 103 - إبراهيم بن محمد بن عبد الغني. المحدث المفيد: أبو إسحاق ابن النشو القريشي، الدمشقي، المصري. ولد سنة ثمان وستمائة.

(50/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 125
وسمع من مكرم بن أبي الصقر، وعبد الوهاب بن رواح، والساوي، وابن الجميزي، والسبط، وخلق كثير. وعني بالطلب، ونسخ الأجزاء، وأفاد وتعب. ثم سمع أولاده من إبراهيم بن خليل، وطبقته. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وغيرهما. وتوفي في ذي الحجة بدمشق. 104 - إبراهيم البراذعي. الشيخ الموله، بدمشق، مريد الشيخ يوسف القميني. له كشف، وحال على طريقة المولهين. توفي فيها. 105 - إسماعيل بن محمد بن بلدق. الحراني. حدث عن: الشيخ الموفق. ذكره ابن الدمياطي. 106 - إسماعيل بن أبي سعد أحمد بن علي. الصاحب، العالم، شرف الدين، أبو الفداء الشيباني، الآمدي، الحنبلي، المعروف بابن التيتي. صدر، فاضل، صاحب أدب وفنون، ومعرفة بالحديث والتاريخ والأيام والشعر، مع الدين والعقل والرياسة والحشمة. جمع تاريخا لآمد، وترسل عن صاحب ماردين إلى الديوان العزيز.

(50/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 126
وسمع بالقاهرة مع ولده شمس الدين من: أبي الحسن بن المقير، وابن الجميزي. وسمع بالشام، وماردين. توفي في رجب بماردين. وسمع من: كريمة، وجماعة بدمشق. روى عنه: الدمياطي، وابنه. وعاش أربعا وسبعين سنة. 107 - إلياس بن علوان بن ممدود. المقرىء، الزاهد، ركن الدين الإربلي، الملقن، نزيل دمشق. قرأ بالعراق وديار بكر، وقرأ بدمشق على أبي الحسن السخاوي. وسمع من: الشيخ شهاب الدين السهروردي، وغيره. وحدث. وعاش خمسا وسبعين سنة. وتصدر للإقراء بجامع دمشق. ولقن خلقا وكان موصوفا بتعليم الراء. ويقال: ختم عليه أربعة آلاف نفس وأكثر. كذا قال شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري. وذكر أنه قرأ عليه القرآن. وما كان يطلب من أحد شيئا ولا يرد شيئا. وتوفي بمسجده مسجد طوغان الذي بالفسقار، وهو على قدر سعة الكعبة. وأوصى به لتلميذه الشيخ علي الخباز.

(50/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 127
وتوفي، رحمه الله، في ربيع الآخر. 108 - أيوب بن عبد الرحيم بن أبي حامد محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين عبد الملك بن عيسى بن درباس. قطب الدين الماراني، المصري. ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة. وسمع من: عبد العزيز بن باقا. وحدث. ومات في جمادى الأولى.
- حرف الباء -
109 - بردويل بن إسماعيل بن بردويل. ويسمى أيضا عبد العزيز، أبو العز الدمشقي، الحنفي. يروي عن: ابن ملاعب، وابن راجح، وجماعة. روى لنا عنه: ابن العطار، وغيره. 110 - بلك. المؤذن بمنارة الكجك. كان يؤذن في الثلث الأخير. وكان جهوري الصوت بالمرة، بحيث يسمع سائر أهل البلد. ويقولون: قد أذن بلك. وكان في شبيبته حمالا على الخشب. وكان من أطول الرجال، رحمه الله تعالى.

(50/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 128
111 - بيليك الجلالي. الأمير بدر الدين، من أمراء دمشق. ودفن بالجبل. 112 - بيمند الإفرنجي. صاحب طرابلس. توفي فيها، وملك بعده ولده.
- حرف الخاء -
113 - الخضر بن خليل. أبو العباس الهكاري، الصوفي، المؤذن. توفي بالقاهرة في رجب. قال الشريف: سمعت منه. روى عن: إبراهيم السنهوري. 114 - خلف بن علي بن أبي بكر بن علي. أبو القاسم العسقلاني، ثم التوني، الدمياطي. عاش نيفا وسبعين سنة. وكان راغبا في الحديث وطلبه. روى عن: ابن المقير. ومات في شوال.

(50/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 129

- حرف الراء -
115 - الرشيد بن أبي الدر. المكيني، المقرىء. واسمه: أبو بكر. قرأ القراءآت بدمشق على: السخاوي، والزين الكردي. وبالإسكندرية على: ابن عيسى، وجعفر الهمداني. وبمصر على: أبي منصور عبد الله بن جامع. وقرأ للكسائي ختمة على أبي القاسم الصفراوي. وقرأ بالقراءآت العشر على: التقي بن ناسويه، والمرجى بن شقيرة. وقرأ ليعقوب على العفيف ابن الرماح. وكان خبيرا بالقراءآت، بصيرا بالتجويد والأداء. قرأ عليه: رضي الدين بن دبوقا القراءآت، ثم عرضها على السخاوي. وكان يقرىء في أيام السخاوي. وقرأ عليه القراءآت الشيخ محمد المصري، وغير واحد.
- حرف الزاي -
116 - زهير بن عمر بن زهير. الزرعي، الفقيه الحنبلي. ولد بزرع سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وقدم دمشق ليشتغل، فسمع من: عمر بن طبرزد، ومحمد بن وهب بن الشريف، وشيخه الشيخ الموفق. وحدث بدمشق، وزرع. وكان إنسانا مباركا، فقيها، فاضلا.

(50/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 130
سمع منه جماعة كبيرة منهم: ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وحفيده الشهاب محمد بن عمر، والبرهان الذهبي. وتوفي في ذي القعدة. 117 - زينب بنت نصر بن عبد الرزاق الجيلي. روت عن زيد بن هبة الله ببغداد.
- حرف السين -
118 - سعد الله بن سعد الله بن سالم بن واصل. زين الدين الحموي، الطبيب. كان بصيرا بالعلاج، ماهرا بالفن، دينا. توفي في شوال. 119 - سليمان بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم. أبو الربيع الهذباني، الإربلي، الشافعي. توفي في رمضان عن بضع وسبعين سنة. وكان فقيها فاضلا، منقطعا بمدرسة الشافعي بالقرافة. وحدث عن مكرم. 120 - سليمان الملك المغيث بن الملك السعيد عبد الملك بن الصالح إسماعيل. ولد سنة خمسين وستمائة.

(50/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 131
ومات في صفر شابا، ودفن بتربة أم الصالح، وشيعه الأمراء وبكوا عليه.
- حرف الشين -
121 - شجاع بن هبة الله بن شجاع. زين الدين ابن الهليس الأنصاري، المصري، الشافعي. ولد سنة ست وستمائة، وحدث عن: عبد العزيز بن باقا، ومكرم. ومات في أول المحرم.
- حرف الصاد -
122 - الصفي. المؤذن مجامع دمشق. شيخ معمر، صالح، مشهور. شيعه خلق، وأذن في الجامع نحوا من ستين سنة. وقيل إنه جاوز المائة.
- حرف العين -
123 - عبد الله بن محمد بن عطاء بن حسن بن عطاء.

(50/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 132
قاضي القضاة، شمس الدين، أبو محمد الأدرعي، الحنفي. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وسمع من: حنبل، وعمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وداود بن ملاعب، والشيخ الموفق. وتفقه ودرس وأفتى، وصار المشار إليه في المذهب. وولي عدة مدارس. وناب في القضاة عن صدر الدين ابن سني الدولة، وغيره. ثم ولي قضاء الحنفية لما جددت القضاة الأربعة. وكان إماما فاضلا، دينا، متواضعا، محمود السيرة، حسن العشرة، قانعا باليسير، قليل الرغبة في الدنيا، تاركا للتكلف. تفقه عليه جماعة. ولقد صدع بالحق لما حصلت الحوطة على البساتين، فجرى الكلام في دار العدل بدمشق بحضور السلطان، فكل ألان القول، ودارى الحدة من الدولة، وخشي سطوة الملك، إلا هو، فإنه قال: ما يحل لمسلم أن يتعرض لهذه الأملاك، ولا إلى هذه البساتين، فإنها بيد أصحابها، ويدهم عليها ثابتة. فغضب السلطان الملك الظاهر، وقام وقال: إذا كنا ما نحن مسلمين أيش قعودنا؟ فأخذ الأمراء في التلطف، وقالوا: لم يقل عن مولانا السلطان. ولما سكن غضبه قال: أثبتوا كتبنا التي تخصنا عند الحنفي. وتحقق صلابته في الدين، ونبل في عينه. روى عنه: قاضي القضاة شمس الدين ابن الحريري، وأبو الحسن بن العطار، وجماعة. ومات في جمادى الأولى بمنزله بسفح قاسيون، وشيعه خلائق، ولم يخلف بعده مثله.

(50/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 133
124 - عبد الرحمن بن أحمد بن القاضي شمس الدين أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن محمد بن يحيى بن جميل. الصدر، نجم الدين، أبو بكر بن القاضي تاج الدين بن الشيرازي، الدمشقي. من بيت الرواية والعلم والرئاسة والنبل. روى عن: عمر بن طبرزد، وزيد بن الحسن الكندي، وداود بن ملاعب، وابن الحرستاني، وغيرهم. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، والمجد بن الصيرفي، وجماعة. كان من أعيان الشهود. وهو والد شيخنا الزين إبراهيم. توفي في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة بدمشق. وقد سمع جميع ((المسند)) من حنبل. مولده تقريبا سنة ثمان وتسعين. 125 - عبد الرحمن بن أبي علي بن المخلص إبراهيم بن قرناص. جمال الدين الحموي. صدر كبير محتشم، كثير الأموال وافر الديانة. من أعيان بلده. توفي بحماة في ربيع الأول، وهو في عشر السبعين. 126 - عثمان بن محمد بن الحاجب منصور بن عبد الله بن سرور. فخر الدين، أبو عمرو الأميني، الدمشقي، نزيل القاهرة.

(50/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 134
أخو الحافظ أبي الفتح عمر بن الحاجب. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: هبة الله بن طاوس والشيخ الموفق، وابن أبي لقمة، وابن البن، وهذه الطبقة مع أخيه. كتب عنه الطلبة المصريون. ومات في رابع ربيع الآخر. والأميني نسبة إلى أمين الدولة صاحب صرخد. وممن روى عنه الأمير علم الدين الدواداري. 127 - عثمان بن أبي الرجاء. فخر الدين ابن السلعوس التنوخي، الدمشقي، التاجر. والد الصاحب شمس الدين. وكان عدلا، مسموع القول. 128 - عزيزة بنت عثمان بن طرخان بن بزوان. أم المعالي الشيبانية الموصلاية. ولدت بإربل في حدود سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وسمعت من: مسمار بن العويس النيار مع ابن عمها زوجها أبي الفضل عباس بن بزوان. وحدثت بالقاهرة. وبها توفيت في المحرم. 129 - علي بن الفضل بن عقيل بن عثمان النظام. أبو الحسن الهاشمي، العباسي، الدمشقي، المعدل.

(50/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 135
توفي بدمشق في ثالث عشر رجب وله ثمانون سنة. أجاز لشيخنا ابن تيمية وإخوته. سمع منه: ابن الخباز. روى عن أبيه. وأجاز له الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وغيرهما. 130 - علي بن محمد بن هبة الله بن محمد. الرئيس، العدل، علاء الدين، ابن القاضي أبي نصر ابن الشيرازي، الدمشقي. أخو القاضي تاج الدين أحمد، وعماد الدين محمد. سمع من: الكندي، وابن الحرستاني، وداود بن ملاعب. وكتب عنه الطلبة. وتوفي في جمادى الآخرة. 131 - عمر بن محمد بن حسين. مجير الدين، الطحان، الدمشقي. شاب مليح، بارع الحسن. قرأ القراءآت على الشيخ زين الدين الزواوي، والعماد الموصلي. وحفظ ((التنبيه)) و ((الجرجانية)) و ((الشاطبية)). وقال الشعر. وتوفي شابا في شوال.

(50/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 136
132 - عمر بن يعقوب بن عثمان بن أبي طاهر. الشيخ تقي الدين، أبو الفتح الإربلي، الذهبي، الصوفي. ولد سنة ثمان وتسعين بإربل. وسمع بدمشق من: أبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، والمسلم المارني، وابن الزبيدي، وابن صباح، وطبقتهم. وأجاز له: أبو جعفر الصيدلاني، والمؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، وجماعة. وحدث بمصر والشام. وكان صوفيا خيرا، ساكنا. وهو أخو يوسف والد شيخنا مجد الذهبي. توفي يوم عيد الأضحى بدمشق. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، والدواداري، والمجد الصيرفي، وجماعة. وكان محبا للرواية، ومن صوفية الخانقاه السميساطية. وحدث بالقاهرة بقراءة الشيخ قطب الدين ابن القسطلاني، وبقراءة الشيخ شرف الدين حسن بن علي بن الصيرفي.
- حرف الميم -
133 - محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحيم. الصدر، عز الدين ابن المولى كمال الدين ابن العجمي، الحلبي، الكاتب.

(50/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 137
أخو الرئيس بهاء الدين. رتب في كتابة الإنشاء بعد والده بدمشق. وتوفي شابا، رحمه الله. 134 - محمد بن إسحاق. الزاهد، شيخ، أهل الوحدة، صدر الدين القونوي، صاحب التصانيف. قال الكازروني: بلغني أنه توفي في سابع عشر المحرم سنة ثلاث. قلت: مر بلقبه سنة اثنتين. 135 - محمد بن عبد الغني بن عبد الكريم بن نعمة. الإمام، زكي الدين، أبو عبد الله المضري الحندفي، الثوري، المصري، المقرىء، المعروف بابن المهذب. ولد سنة خمس وستمائة. وقرأ القراءآت، وتصدر لإقرائها بجامع مصر. وكان صالحا، ساكنا، فاضلا. توفي في رمضان. 136 - محمد بن علي بن موسى بن عبد الرحمن. الشيخ، أمين الدين، أبو بكر الأنصاري، المحلي، النحوي. أحد أئمة العربية بالقاهرة. تصدر لإقرائها، وانتفع به الناس. وله شعر حسن. ومات في ذي القعدة عن ثلاث وسبعين سنة.

(50/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 138
وله تصانيف حسنة، منها أرجوزة في العروض. 137 - محمد بن مرتضى بن أبي الجود حاتم بن المسلم. أبو الطاهر الحارثي. شيخ، صالح دين. ولد سنة تسعين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله مولى ابن باقا، وعلي بن المفضل الحافظ، وأبي عبد الله بن البنا. وحدث. روى عنه: الدواداري، وغيره. ومات في جمادى الأولى. 138 - محمد بن أبي الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم. أبو عبد الله بن علان القيسي، الدمشقي. سمع من: الزبيدي، وابن اللتي، وجماعة. وتوفي في ذي الحجة وله إحدى وستون سنة. مات فجأة. روى لنا عنه ابن العطاء. 139 - محمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع. العلامة، القاضي، أبو الحسين ابن العلامة المصنف المتكلم، قاضي غرناطة أبي عامر الأشعري، اليماني ؛ القرطبي المحتد، الغرناطي الدار والملحد.

(50/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 139
أحد فرسان الكلام. روى عن: أبيه، وعمه أبي جعفر أحمد، وأبي القاسم أحمد بن بقي، وأبي الحسين علي بن محمد التجيبي، وأحمد بن إسحاق بن كوزانة المخزومي. وله إجازة من أبي الحسن الشقوري. قال الإمام أبو حيان: أجاز لي ونقلت أسماء شيوخه. وعمل برنامجا. إلى أن قال: وهو كان المشار إليه بالأندلس في العلوم العقلية من أصول الفقه وعلم الحساب والهندسة. وله معرفة بالطب ووجاهة عند السلطان أبي عبد الله محمد بن السلطان أبي عبد الله محمد بن يوسف بن نصر الخزرجي ابن الأحمر. وكان يعظمه ويقدمه. وكان أشعري النسب والمذهب، متجنيا على أهل البدع وعلى الفلاسفة. وكان يستطيل على أبي عبد الله محمد بن عصام الرقوطي بحضرة السلطان بسبب البحث، إذ كان يقال إن الرقوطي كان يميل لنصرة الفلاسفة. ولأبي الحسين تصانيف في المعقولات. قال: وسمعت قاضي القضاة أبا الفتح ابن دقيق العيد يقول: ما وقفنا على كلام أحد من متأخري المغاربة مشبها لكلام العجم مثل كلام هذا، يعني أبا الحسين. وقال لنا أبو جعفر بن الزبير: ما بقي بالمغرب مثل أبي الحسين في قلت فنونه. قتل: وهو أخو أبي القاسم عبد الله بن يحيى، الراوي عن الخطيب أبي جعفر بن يحيى، وأبي الحسن علي بن محمد الشقوري، وأبي الحسن بن خروف، وقد مر سنة ست وستين وستمائة. وأخو أبي الزهر ربيع بن يحيى

(50/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 140
المتوفى سنة سبع وستين، وأخو أبي عبد الله محمد بن يحيى نزيل مالقة، وكان شروطيا، وهو آخر من حدث عن أبيه بالسماع، وعمر دهرا طويلا. بقي إلى سنة تسع عشرة وسبعمائة. فأما العلامة أبو الحسين فتوفي بغرناطة في ثالث جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، ولم يعقب إلا ولدا صغيرا وبنتا. فالولد كبر وقدم دمشق سنة خمس وتسعين، وسمع معنا من الشرف ابن عساكر وطائفة. وهو أبو العباس أحمد بن محمد الصوفي. ثم دخل بلاد العراق والعجم، ورجع ومات كهلا. 140 - محمد بن يحيى بن الفضل بن يحيى بن عبد الله بن القاسم. القاضي محيي الدين بن القاضي تاج الدين الشهرزوري، الموصلي. ولد سنة تسعين وخمسمائة. له شعر وأدب. ترك زي بيته ولبس زي الأجناد. وكان أبوه قاضي الجزيرة. توفي محمد بمصر في ربيع الآخر. وروى عنه الدمياطي من نظمه. 141 - مسلم البدوي. البرقي، الزاهد، شيخ الفقراء. له زاوية بالقرافة الصغرى، وأصحاب ومريدون، وكان مقصودا بالزيارة والتبرك.

(50/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 141
توفي في ربيع الأول. 142 - منصور بن سليم بن منصور بن فتوح. الإمام، المحدث، وجيه الدين، أبو المظفر الهمداني، الإسكندراني، الشافعي، محتسب الثغر. ولد في ثامن صفر سنة سبع وستمائة. وسمع من: محمد بن عماد الحراني، وجعفر الهمداني، وابن رواج، وجماعة من أصحاب السلفي. وسمع ببغداد من: ابن روزبة، والقطيعي، وأبي إسحاق الكاشغري، وأبي بكر بن الخازن، وجماعة من أصحاب شهدة. وبمصر من: مرتضى بن أبي الجود، وعلي بن مختار، وطبقتهما. وبدمشق من: الناصح بن الحنبلي، وابن اللتي، ومكرم، وجماعة.

(50/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 142
وبحران من: حمد بن صديق، وغيره. وبحماه من: القاسم بن رواحة. وبحلب من: الموفق يعيش، وابن خليل، وجماعة. وبمكة من: أبي النعمان بشير بن سليمان. وصنف وخرج، وعني بالحديث والرجال والتاريخ والفقه وغير ذلك. ودرس بالإسكندرية، وجمع ((المعجم)) لنفسه. وخرج ((أربعين حديثا في أربعين بلدا))، ولكن بعض بلدانه قرى ومحال. وصنف ((تاريخا للإسكندرية)) في مجلدتين. وكان دينا، خيرا، حميد الطريقة، كثير المروءة، محسنا إلى الرحالة، لين الجانب. كتب عنه: الدمياطي، والشريف عز الدين. ولم يخلف بعده ببلده مثله. ويعرف بالوجيه ابن العمادية. سمعت من أخويه لأمه أبي القاسم الهواري وأخته وجيهية. توفي ليلة الحادي والعشرين من شوال.
- حرف النون -
143 - نصر الله بن عبد المنعم بن نصر الله بن أحمد بن جعفر بن حواري بن الشيخ. شرف الدين، أبو الفتح التنوخي، الدمشقي، الحنفي، الأديب. ويعرف بابن شقير أيضا.

(50/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 143
ولد سنة أربع وستمائة. وسمع ((الأربعين))، من أبي الفتح البكري، وسمع من داود بن ملاعب، وغيرهما. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وعلم الدين الدواداري، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وآخرون من كهول شيوخنا. وخطه أسلوب غريب. وكتب بخطه نسخا كثيرة بالأربعين القشيرية الأسعدية. وكان من سمع منه وهبه نسخة. وكان أديبا فاضلا، حسن المحاضرة، حفظة للأشعار والأخبار والنوادر، حسن البزة، كريما، متجملا. عمر في آخر عمره مسجدا عند طواحين الأشنان على النهر، وتأنق في عمارته. وكان يدعو إليه الأصحاب، ويبالغ في الاحتفال. توفي رحمه الله في ربيع الآخر ودفن بمغارة الجوع. وهو أخو محمد.
- حرف الياء -
144 - يوسف بن أحمد بن محمود بن أحمد. المحدث، الملقب بالحافظ اليغموري، جمال الدين، أبو المحاسن الأسدي، الدمشقي. ولد في حدود الستمائة. وسمع الكثير بدمشق، والموصل، ومصر، والإسكندرية.

(50/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 144
وعني بالحديث وتعب فيه، وحصل وكتب الكثير. وكان له فهم ومعرفة وإتقان، ومشاركة في الآداب والتواريخ. وله جموع حسنة لم أرها، بل أثنى على فضائله الشريف عز الدين، وقال: ((توفي في ليلة الحادي والعشرين من ربيع الآخر. وسمعت منه. وكان حسن الأخلاق، لطيف الشمائل، مشغولا بنفسه. وقال الدمياطي: يوسف بن أحمد أبو العز أخو محمود بن الطحان التكريتي الجد، الموصلي الأب، الدمشقي المولد، المحلي الوفاة رفيقنا، أنبا قال: أنبا أحمد بن الأصفر سنة ست عشرة. قلت: وروى عنه: الدواداري أيضا، وجماعة. توفي عند شهاب الدين ابن يغمور. وتوفي ابن يغمور بعده بشهر. وكان يصحب والده جمال الدين نائب السلطنة، فعرف به.
الكنى
145 - أبو غالب بن أبي طالب بن مفضل بن سني الدولة. زين الدين الدمشقي، أخو مفضل الآتي سنة سبع. سمعا من: حنبل. كتب عن هذا: ابن جعوان، وابن العطار. وتوفي في هذه السنة.
وفيها ولد:
شمس الدين محمد بن يوسف بن أبي الفرج العسقلاني المقرىء، الفقيه، صاحبي رحمه الله، في شعبان، وولدت أنا في ربيع الآخر، وفي شوال ولد قاضي القضاة تقي الدين أحمد بن عمر بن عبد الله بن عمر بن عوض الحنبلي، بمصر.

(50/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 145
وفيها ولد: المفتي شرف الدين حسين بن علي بن إسحاق بن سلالم الشافعي، وأبو عبد الله محمد بن جابر الوادياشي التونسي، المقرىء، والمولى علاء الدين علي بن محمد القلانسي، وقاضي حلب كمال الدين عمر بن عبد العزيز بن العديم، وإبراهيم ابن قاضي حماة شرف الدين البارزي، وعلاء الدين علي ابن شيخنا البرهان الإسكندري، والفقيه الزاهد نور الدين علي بن يعقوب البكري، المصري، والشيخ صدر الدين سليمان المالكي، الغماري.

(50/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 146

سنة أربع وسبعين وستمائة

- حرف الألف -
146 - أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الأحد بن عبد العزيز. تقي الدين، أبو العباس بن العنيقة الحراني، الحنبلي، العطار، أخو شيخنا عبد الملك. شيخ جليل فاضل. سمع من: الموفق بن يعيش، وابن رواحة، وابن خليل، وجماعة بحلب. ورحل إلى بغداد، وكتب عن الشيخ يحيى الصرصري ديوانه، ونقله إلى دمشق. روى عنه: ابن الخباز، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وأبو الحسن بن العطار، وجماعة. توفي في صفر بدمشق، وله 63 سنة. 147 - أحمد بن الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله. علم الدين، أبو الحسين المنذري، المصري. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة. وسمع من: عبد العزيز بن باقا، وأبي الحسن بن المقير، وأصحاب السلفي. وأضر قبل موته. وكان يحفظ أشياء مفيدة ويذاكر بها. كتب عنه جماعة.

(50/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 147
ومات في ربيع الأول. 148 - إبراهيم بن عبد الرحيم بن علي بن شيت. كمال الدين، أبو إسحاق القرشي، الكاتب، الأمير. خدم الناصر داود مدة، وترسل عنه، ثم خدم الناصر يوسف، فأعطاه خبزا، واعتمد عليه وقربه. ثم ولي الرحبة للملك الظاهر، ثم ولاه بعلبك. وله أدب وترسل ونظم، ومعرفة بالتاريخ والأخبار. وكان يحفظ متون ((الموطأ))، وله اعتناء بالحديث. وقد روى عن: القاضي أبي القاسم بن الحرستاني. وثنا عنه أبو الحسين اليونيني. وكان أبوه جمال الدين من كبراء دولة المعظم. توفي الكمال في صفر بالساحل، وقد نيف على الستين، وحمل

(50/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 148
فدفن بمقابر بعلبك. 149 - إبراهيم بن يحيى بن غنام. النميري، الحراني. أبو إسحاق العابر، ناظم كتاب ((درة الأحلام)) في علم التعبير. وله قصيدة لامية في التعبير. وقد سكن بمصر، وكان رأسا في التعبير. مات في جمادى الأولى بالقاهرة. 150 - إسماعيل بن إبراهيم بن نصر الله بن حرب. الفارقي. عدل، له ملك جيد. حدث ((بصحيح البخاري)) عن ابن الزبيدي. ثنا عنه إسحاق الآمدي. توفي في جمادى الآخرة.
151 - إسماعيل بن سليمان بن بدر. أبو الطاهر الأنصاري، الجيتي، المصري. يروي عن: ابن عماد.

(50/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 149
روى عنه: الدواداري، وغيره. ومات في شعبان. 152 - إسماعيل بن إبراهيم بن نصر. الفارقي، بدر الدين. سمع: ابن الزبيدي. 153 - أيبك. الأمير عز الدين الإسكندراني، الصالحي. من خواص الملك المعز، ثم ولي بعلبك مدة للظاهر، ثم ولاه الرحبة. وقد تزوج بابنة الشيخ الفقيه محمد اليونيني. وكان فيه كرم وديانة. توفي بالرحبة في رمضان، وهو من أبناء الستين.
- حرف الحاء -
154 - حبيبة بنت الشيخ أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة. أم أحمد، زوجة الإمام تقي الدين محمد بن محمود المراتبي وأم أولاده. روت عن: حنبل، وابن طبرزد. وأجاز لها: عبد الوهاب بن سكينة، وعائشة بنت معمر، وجماعة. وكانت صالحة، عابدة، قوامة تالية لكتاب الله. تلقن نساء الدير. وكانت تنكر على أخيها الشيخ شمس الدين دخوله في القضاء وفي التوسع من الدنيا وكثرة الأواني والقماش. رضي الله عنها.

(50/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 150
روى عنها: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، وابن العطار، وغير واحد. وتوفيت في ثاني عشر ذي القعدة، وهي في عشر الثمانين. 155 - الحسن بن علي بن الحسن. السيد فخر الدين ابن أبي الجن العلوي، الحسيني، الدمشقي، نقيب الأشراف. توفي في ربيع الأول عن نيف وستين سنة.

(50/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 151

- حرف الخاء -
156 - خاص ترك. الأمير ركن الدين الكبير. من أعيان الدولة. توفي بدمشق، ودفن بقاسيون. وكان عالي الرتبة عند الملك الظاهر. توفي في ربيع الأول. 157 - الخضر، ويسمى مسعود، ابن عبد السلام. ويسمى أبوه عبد الله بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه. الشيخ الكبير سعد الدين أبو سعد ابن شيخ الشيوخ تاج الدين، أخو شيخ الشيوخ شرف الدين. ولد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.

(50/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 152
وسمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وجماعة. وأجاز له: عبد المنعم بن كليب، وأبو الفرج بن الجوزي، والمبارك بن المعطوش، وعبد الله بن أبي المجد الكربي، وجماعة. وخدم في شبيبته، وتعانى الجندية مع بني عمه الأمراء الأربعة. ثم تصوف ولبس البقيار. وأمه من ذرية أبي القاسم القشيري. وقد جمع تاريخا في مجلدتين. وكان لديه فضيلة، وشعر حسن. ومرض في أواخر عمره، وقل بصره. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وعلم الدين الدواداري، وجماعة. وأجاز لي مروياته، وكتب عنه بذلك الشيخ أبو الحسن الموصلي. وتوفي في ذي الحجة، رحمه الله. وكان مشاركا لأخيه في المشيخة. نقلت من خط سعد الدين، وأجازه لي. قال: رأيت عند خطيب القاهرة فخر الدين القاضي السكري قشر حية أهدي لوالده من الهند، عرضه ثلاثة أشبار. قال: ورأيت بقرية من أعمال الزبداني سنة ثلاث وخمسين وستمائة شجرة جوز دورها اثني عشر ذراعا، وحملها مائة ألف وعشرون ألف جوزة. قال: ورأيت بقرب ميافارقين شجرة بلوط، قست دورها اثنين وعشرين شبرا. ونزلت عند الملك المظفر غازي ابن العادل، فأحضروا بين يدي جديين توأم، وجه أحدهما قريب من وجه الآدمي، وله خرطوم كالخنزير، وتحت الخرطوم عينان، وفي جبهته عينان أيضا، وله فم كفم الآدمي، ولسان عريض. ورأيت أيضا جديا بفرد عين في وسط جبهته، وله إليه مثل الضأن.
- حرف الراء -
158 - الربيع بن سلمان بن محمد بن سالم.

(50/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 153
شمس الدين، أبو الفضل القرشي. سمع ((الصحيح)) من ابن الزبيدي. وحدث. وكان رجلا فاضلا من أبناء السبعين. توفي بحمص.
- حرف السين -
159 - سنجر. الأمير علم الدين الحصني. توفي بدمشق في جمادى الأولى. وكان من أمراء الألوف. وقد باشر نيابة السلطنة في دمشق وقتا. 160 - سيف الدين الحجامي. الأمير. توفي أيضا في جمادى الأولى بدمشق.
- حرف الصاد -
161 - صبيح. عتيق الحافظ عبد العظيم. سمع الكثير، وحدث عن: مكرم. ومات في صفر بمصر.

(50/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 154

- حرف الطاء -
162 - طرخان بن إسحاق بن طرخان. الشاغوري. روى عن: أبيه. له خطب وأدب. 163 - طغريل. الأمير سيف الدين والي البر بدمشق. لعله الحجامي.
- حرف العين -
164 - عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن إلياس. الصدر الصالح، بدر الدين، أبو محمد الأنصاري، ابن الشيرجي. أخو القاضي عماد الدين محمد. روى عن: الحسين بن الزبيدي. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة. وتوفي في المحرم. وكان يلبس بزي الفقراء.

(50/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 155
وسمع من القزويني، ومن جده. وأجاز لي مروياته. 165 - عبد الله بن أبي القاسم بن علي بن مكي بن ورخز. أبو محمد البغدادي. ولد سنة ست وستمائة. وسمع من: ابن الأخضر، وعمر بن الحسين بن المعوج، وأحمد بن علي الغزنوي، وعدة. روى القلانسي، وابن عبد الصمد، والدقوقي، والصدر بن حمويه، وخلق عنه. 166 - عبد الله بن إسماعيل بن محمد بن أيوب. الملك المسعود بن الملك الصالح. رئيس جليل. وهو أخو الملك المنصور محمد والملك السعيد أبي الكامل. توفي في جمادى الأولى بدمشق. 167 - عبد الله بن شكر بن علي. اليونيني. شيخ، صالح، عابد، قانع، متعفف. صحب المشايخ، وسمع الكثير في كهولته. روى عنه: ابن الخباز. قال قطب الدين: كان قانعا باليسير، متحريا في مطعمه وملبسه،

(50/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 156
ويتقوت من مغل أرض له، لعل مغلها خمسون درهما. وحصل له من الجوع يبس أورثه تخيلات فاسدة. وتوفي بدمشق في رمضان وقد جاوز السبعين. حدث عن: الحافظ الضياء. وروى عنه: ابن تمام، وابن الخباز. 168 - عبد الرحمن بن داود بن رسلان. الشيخ عماد الدين، أبو القاسم القرشي، المخزومي، المصري، السمربائي. وسمربية من أعمال الغربية. عاش ثمانين سنة. وكان دينا، خيرا، مشهورا، له فضل وأدب. توفي رحمه الله في رجب.

(50/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 157
169 - عبد الرحمن بن الشيخ المقرىء أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى. أبو المعالي اللخمي، الإسكندراني. قرأ القرآن على أبيه. وتصدر للإقراء. وحدث. لقبه: عز الدين. وقد أجاز له: الكندي، وداهر بن رستم، وخلق. وقرأ أيضا بالسبع على جعفر الهمداني. وسمع ((جامع الترمذي)) سنة إحدى عشرة من ابن البنا. ومولده تخمينا سنة أربع وستمائة. ومات في عاشر ربيع الأول بالإسكندرية، وله سبعون سنة. 170 - عبد الرحمن بن العلامة أبي العز مظفر بن عبد الله. شرف الدين، أبو القاسم الأنصاري، الخزرجي، المصري، المعروف أبوه بالمقترح. ولد بالإسكندرية سنة سبع وستمائة. وسمع من عبد الله بن محمد بن مجلي. وحدث. ومات في رجب. 171 - عبد الملك بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسن.

(50/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 158
العجمي، زين الدين، أبو المظفر العدل، العاقد بالقاهرة. ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع من: الافتخار، وثابت بن مشرف. روى عنه الدمياطي من نظمه. وتوفي في ذي القعدة بالقاهرة.

(50/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 159
172 - عثمان بن عبد الكريم. سديد الدين الصنهاجي، الشافعي. توفي في ذي القعدة عن تسع وستين سنة. وقد درس واشتغل وناب في قضاء القاهرة. 173 - عثمان بن موسى بن عبد الله. الفقيه الزاهد، أبو عمرو الإربلي، ثم الآمدي. إمام الحنابلة بمكة. يروي عن: يعقوب بن علي الحكاك، ومحمد بن أبي البركات. روى عنه: الدمياطي، وابن العطار. وكتب إلي بالإجازة. توفي في جمادى الأولى، وصلي عليه يوم جمعة بدمشق صلاة الغائب. وكان من الزهاد، رحمه الله تعالى.

(50/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 160
174 - عثمان بن هبة الله بن عبد الرحمن بن مكي بن الإمام أبي الطاهر إسماعيل بن عوف. أبو الفتح القرشي، الزهري، العوفي، الإسكندراني، المالكي، الشماع. آخر أصحاب عبد الرحمن بن موقا بالسماع. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وتوفي في سلخ ربيع الأول بالإسكندرية. روى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان الإربلي، وعلم الدين الدواداري، والقاضي سعد الدين الحارثي، وجماعة كبيرة. وعاش خمسا وثمانين سنة. وكانت جنازته مشهودة. 175 - علي بن أحمد بن العقيب. الشيخ نور الدولة العامري، البعلبكي، النحوي. أخذ العربية عن: ابن معقل الحمصي. وله شعر جيد. وفي دين وشرف نفس، رحمه الله.

(50/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 161
توفي ببعلبك في ربيع الأول. 176 - علي بن أنجب بن عثمان بن عبيد الله. الشيخ تاج الدين، أبو الحسن، وأبو طالب ابن الساعي البغدادي، المؤرخ، خازن كتب المستنصرية. توفي في رمضان وقد قارب الثمانين أوجاوزها. وكان أديبا فاضلا، إخباريا، عمل تاريخا، وما زال يجمع فيه إلى أن مات. وعمل تاريخا لشعراء زمانه، وذيل على ((الكامل)) لابن الأثير. وله كتاب ((غزل الظراف)) في مجلدين أجازه عليه المستنصر بالله بمائة دينار. وله كتاب ((التاريخ المعلم الأتابكي))، إلتمس منه تأليفه صاحب شهرزور نور الدين أرسلان شاه بن زنكي بن أرسلان شاه بن السلطان عز الدين مسعود بن السلطان قطب الدين مودود بن زنكي بن آقسنقر التركي، وفي أخبار بيتهم، وأجازه عليه بمائة دينار. وله كتاب ((نزهة الأبصار)) في ختان ابني المستعصم الشهيد، وما أنفق

(50/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 162
عليهما من الأموال، وتفاصيل ما عمل من المآكل والملبوس، وما عمل من المدائح، فأعطي عليه مائة دينار. وكان إقبال الشرابي ينفذ إليه بالذهب ويحترمه. وله في إقبال مدائح، وفي غيره. ولقد أورد الكازروني في ترجمة ابن الساعي أسماء التصانيف التي صنفها، وهي كثيرة جدا، لعلها وقر بعير، منها ((مشيخته)) بالسماع والإجازة في عشر مجلدات، فروى بالإجازة عن أبي سعد الصفار، فأحسبها العامة. وعن: عبد الوهاب بن سكينة، والكندي، وابن الأخضر، وأحمد بن الدبيقي. وسمع من: أصحاب أبي الوقت. وقرأ على ابن النجار ((تاريخه الكبير لبغداد))، وقد تكلم فيه، فالله أعلم. وله أوهام. قال ابن أنجب: وفي رجب سنة أربع وثلاثين وستمائة، برز إلي من البر المستنصري مائة دينار في مقابلة كتاب وسمته بكتاب ((الإيناس في مناقب خلفاء بني العباس)). وله كتاب ((الحث على طلب الولد)) ألفه باسم مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير، فقدمه له يوم عرسه على ابنة صاحب الموصل لؤلؤ. وحكى ابن أنجب أنه اشترى مملوكا بخمسة عشر دينارا. قال: ثم بعته بمائة دينار على الأمير بكلك، فوهبه لفتاه سنقر شاه، فظهرت منه نهضة تامة، وكفاة، وكثرت أمواله، إلى أن نقم أستاذه، وأخذ من أمواله ما قيمته أزيد من مائة ألف دينار، فلما انتهى أمره إلى الديوان أحضر من خوزستان، وكان سنقر جاء زعيمها، فساعة وصوله، واسمه أدرج، خلع عليه وألحق بالزعماء. فلم تطل أيامه حتى توفي. وكان ينفذ إلي في كل سنة بمائة دينار من ابتداء سعادته إلى أن مات.

(50/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 163
قلت: وله من التواليف: ((تاريخ الوزراء))، و ((تاريخ نساء الخلفاء من الحرائر والإماء)) ومنهن سمر أم أولاد المستعصم الأمراء أحمد، وعبد الرحمن، ومبارك. وله مصنف في ((سيرة المستنصر))، وآخر في ((سيرة الناصر)). ومصنف في ((أخبار أهل البيت)). وله عدة تواليف. وعاش اثنتين وثمانين سنة. وقد ذكر الظهير الكازروني له ترجمة طويلة وأثنى عليه بالديانة، رحمه الله تعالى. 177 - علي بن عبد الرحيم بن علي بن إسحاق بن شيث. أخو كمال الدين إبراهيم. القرشي، علاء الدين. ولد سنة إحدى وستمائة. وكان الأكبر. وحدث بالقاهرة، أظن عن ابن الحرستاني. مات في رجب.

(50/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 164
178 - علي بن عمر بن عبد العزيز. القرشي، كمال الدين، العدل، أخو المعين المحدث. توفي بدمشق في جمادى الأولى. سمع من: الكندي، وابن الحرستاني. وحدث. 179 - علي بن محمد بن علي. الآمدي، الرئيس، موفق الدين الكاتب. كان متعينا لنظر الدواوين الكبار. وطال عمره وتقلب في الخدم. ثم صار إلى نظر الكرك والشوبك، ومات هناك في ذي الحجة وله خمس وثمانون سنة. وقدم الشام هو وأخوه في أيام الملك الكامل. 180 - علي بن محمد بن نصر الله. الصاحب علاء الدين ابن منتجب الدين الحلبي، وزير صاحب حماة. وزر إلى أن مات في الكهولة في صفر بحماة.

(50/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 165

- حرف الفاء -
181 - الفارقاني. الأمير بدر الدين. توفي في جمادى الآخرة.
- حرف الميم -
182 - محمد بن الجمال أبي صالح عبد الله بن أبي أسامة. الشيخ الضال، مفيد الدين ابن الأحواضي، رأس الشيعة الغلاة وقدوتهم. مات في جمادى الأولى بقرية حراجل بالحاء المهملة من جبل الجرد، وقد قارب الأربعين. وكان كثير الفنون والفضائل، عريا من علم الكتاب والسنة. ولكنه محكم للمنطق والفلسفة ومذهب الأوائل.

(50/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 166
183 - محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد. ويسمى أيضا: عبد العزيز، العدل، عماد الدين، أبو عبد الله بن الصائغ الأنصاري، الدمشقي أخو قاضي القضاة عز الدين. ولد سنة إحدى عشرة وستمائة. وسمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن صباح، ومكرم بن أبي الصقر. ولازم ابن العربي محيي الدين، وكتب جملة من تصانيفه. نسأل الله السلامة، ولكن ما أظن فهم مغزاه. وقد درس بالعذراوية. وكان بصيرا بالأدب، بارعا في معرفة المساحة والقسمة. وكان من شهود الخزانة. كتب عنه جماعة، وأجاز لي مروياته.

(50/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 167
ومات، سامحه الله وغفر له، في رجب. 184 - محمد بن عبيد الله بن جبريل. الصدر زين الدين المصري. شاعر كاتب. وهو القائل:
(أيا بديع الجمال رق لمن .......... ستر هواه عليك مهتوك)

(دموعه في هواك جارية .......... وقلبه في يديك مملوك)
185 - محمد بن مزيد بن مبشر. أبو عبد الله الخويي. صالح خير، له رواية. توفي في شوال.

(50/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 168
186 - محمد بن أبي بكر. أبو منصور بن النعال، عرف بابن الكرك. من شيوخ الحديث ببغداد. مات، رحمه الله، في شوال. 187 - مبارك بن حامد بن أبي الفرج. تقي الدين الحداد. رأس الرافضة. توفي في عشر السبعين، وله صيت في الحلة والكوفة. ومات ببعلبك، رثاه الجمال بن مقبل بقصيدة أولها:
(لو أن البكاء يجدي على أثر هالك .......... بكينا على الزهر التقي مبارك)

(يرى ود آل المصطفى خير متجر .......... وإن صد عنه بالظبا والنيازك)
188 - محمود بن عابد بن حسين بن محمد. الشيخ تاج الدين، أبو الثناء التميمي، الصرخدي، النحوي، الشاعر المشهور، الحنفي.

(50/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 169
ولد بصرخد في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وكان فقيها فاضلا، نحويا، بارعا، شاعرا، محسنا، زاهدا، متعففا، خيرا، متواضعا، قانعا، فقيرا، كبير القدر، دمث الأخلاق، وافر الحرمة. توفي بالمدرسة النورية في ربيع الآخر. كتب عنه: الدمياطي، والأمير شمس الدين محمد بن التيتي، وجمال الدين ابن الصابوني. ومن شعره:
(لمعت بين حاجر والمصلى .......... نارهم فانجلى الظلام وولى)

(لا تعيدوا لنا حديثا قديما .......... حدثتناه عنكم الريح نقلا)

(مذ تناءوا فالعين تحسد القلب .......... عليهم وتبعث الدمع رسلا)

(وهي معذورة على مثل ليلى .......... بقتل المستهام نفسا وأهلا)
وله:
(خليلي ما لي لا أرى بان حاجر .......... يلوح ولا نشر الخزام يفوح)

(يعز علينا أن تشط بنا النوى .......... ولي عندكم قلب يذوب وروح)

(إذا نفحت من جانب الرمل نفحة .......... وفيها عرار للغوير وشيح)

(50/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 170

(تذكرتكم والدمع يستر مقلتي .......... وقلبي بأسباب البعاد جريح)
وله:
(بدا كقضيب البان والظبي إذ يعطر .......... يرنح عطفيه من الظلم اسفط)

(له من عبير الند في الخد نقطة .......... ينم بها من نبت عارضه خط)

(على خصره جال الوشاح كما غدا .......... على جيده من عجبه يمرح القرط)

(ومن عجب أن الظباء إذا رنا .......... تغار، وأن الأسد من لحظه تسطو)

(إذا ما تجلى في غياهب شعره .......... فللبدر من أنوار طلعته مرط)

(خذا لي أمانا من لحاظ جفونه .......... فما أحد من لحظه سالما قط)
189 - محمود بن عبيد الله بن أحمد بن عبد الله. الإمام، المفتي، ظهير الدين، أبو المحامد الزنجاني، الشافعي الصوفي، الزاهد.

(50/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 171
ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة ظنا. وسمع: الإمام شهاب الدين السهروردي وصحبه مدة، وعبد السلام الداهري، وأبا المعالي صاعد بن علي الواعظ، والمحدث أبا المعمر بدلا التبريزي. وكان فقيها، إماما، صالحا، زاهدا، كبير الشأن. اشتغل عليه جماعة. وروى عنه: أبو الحسن ابن العطار، وأبو الفدا ابن الخباز، وأبو عبد الله إمام الكلاسة الخطيب، وجماعة. وأجاز لي مروياته. وكان إماما بالتقوية، وأكثر نهاره ومبيته بالسميساطية. حدث بكتاب ((العوارف)) عن المصنف. ومات في رمضان رحمه الله تعالى. 190 - مسعود بن عبد الله بن عمر. الجويني. ويسمى الخضر، وقد مر. 191 - موسى بن عيسى بن نجاد بن عيسى. أبو عمران الموصلي، الفقيه، الصالح، خطيب بيت لهيا. روى عن: ابن اللتي، وجعفر الهمداني. روى عنه: ابن العطار. ومات في عشر الثمانين.

(50/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 172

- حرف النون -
192 - نصر الله بن أحمد بن أحمد بن إبراهيم بن أسد. بهاء الدين ابن سيده العدل. روى عن: ابن الزبيدي، والإربلي، وابن اللتي، وجعفر الهمداني. وعاش اثنتين وخمسين سنة. وهو والد صاحبنا شرف الدين أحمد.

(50/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 173

- حرف الياء -
193 - يحيى بن أبي بكر بن عمر. السلاوي. صالح، زاهد، خير، مقرىء، معروف. توفي بدمشق في رمضان، رحمه الله، عن سبع وثمانين سنة. وكان إمام الزلاقة. 194 - يوسف بن محمد بن عبد الله بن علي. أبو المفاخر القرشي، المغيري. توفي في ذي القعدة. 195 - يحيى بن إسماعيل بن جهبل. محيي الدين الحلبي، الشافعي. مات في ربيع الآخر. حدث عن ابن الصلاح.

(50/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 174

الكنى
196 - أبو بكر بن إبراهيم. الخلاطي. إمام مغارة الدم. إنسان مبارك. 197 - أبو بكر بن علي بن أبي بكر. تقي الدين الصوفي. من قدماء الصوفية بالسميساطية. سمع من: تاج الدين بن حمويه شيخ الشيوخ. وحدث. توفي في جمادى الآخرة. 198 - أبو بكر بن علي بن عبد الرحمن بن هلال. قطب الدين. روى ((الأربعين البلدانية)) لابن عساكر. سمع منه: ابن عبد الكافي. ومات في رمضان، رحمه الله تعالى. 199 - أبو الحسن بن عبد العظيم بن أبي الحسن بن أحمد بن إسماعيل. المحدث، العالم، مكين الدين ابن الحصني، المصري. ولد بمصر في أحد الجمادين سنة ستمائة. وسمع الكثير من الجم الغفير. وكتب وتعب، وحصل وفهم، وأكثر عن أصحاب السلفي. ذكره الشريف عز الدين فقال: توفي في تاسع عشر رجب.

(50/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 175
وقال: كتبت عنه، ولم يزل يسمع ويفيد وتقرأ عليه الطلبة ويقرأ لهم إلى حين وفاته، وكان حسن القراءة، فاضلا، متميزا، ثقة، جميل السيرة. وسمعت منه ورافقته مدة، وسمعت بقراءته جملة من الكتب الكبار والأجزاء المنثورة. وكان حسن الأخلاق، مأمون الصحبة، كثير الإفادة. وقد سماه بعض الطلبة: ثابتا، وبعضهم: عليا. قلت: وله ولدان حيان شهدة، ومحمد قد حدثا. مات محمد قديما، وشهدة سنة إحدى وعشرين في المحرم. 200 - أبو القاسم بن إسماعيل بن الحسن. الكلائي، ابن العصيفر. روى عن: ابن الحرستاني. وفيها ولد، فخر الدين محمد بن محمد بن محمد بن عبد القادر بن الصائغ ؛ وعلاء الدين علي بن أبي بكر بن يوسف بن خضر الحرائي ؛ وتقي الدين عبد الرحمن بن عبد المحسن بن عمر الواسطي، الشافعي، المحدث في ذي الحجة ؛ وجمال الدين داود بن أبي الفرج الدمشقي، الصوفي، الطبيب ؛ وعز الدين عبد المؤمن بن عبد الرحمن بن العجمي، الحلبي، الزاهد، صاحب الخط المنسوب ؛ وبرهان الدين إبراهيم بن إسماعيل الزرعي، الشافعي، رحمه الله. وجمال الدين إبراهيم بن نصر الله بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الحموي، رحمه الله ؛ وشهاب الدين أحمد بن محمد بن المهذب كاتب الحكم ؛ وهمام بن منبه الصميدي.

(50/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 176

سنة خمس وسبعين وستمائة

- حرف الألف -
201 - أحمد بن تمام بن حسان. الحاج الصالح، أبو العباس التلي، الصحراوي. والد الشيخ الزاهد. كان يضمن البساتين ويستغلها. روى عن: الشيخ الموفق، وغيره. وتوفي في جمادى الأولى بالصالحية. سمع: القزويني. 202 - أحمد بن عبد السلام بن المطهر بن أبي سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون. الرئيس، العالم، القاضي، قطب الدين، أبو المعالي بن أبي محمد التميمي، الحلبي، الشافعي. ولد في رجب سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وختم القرآن في أواخر سنة تسع وتسعين.

(50/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 177
وأجاز له: عبد المنعم بن كليب، وأبو الفرج بن الجوزي، والمبارك بن المعطوش، وجماعة من العراق، وأبو [طاهر الخشوعي] من دمشق. وسمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وعبد الجليل بن مندويه، وأبي القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وغيرهم. وتفقه مدة، ولم يبرع في الفقه، لكن له محفوظات وبيت وجلالة، فدرس بالأمينية والعصرونية بدمشق. وطال عمره، وعلت رواياته، وأكثر عنه الطلبة. روى عنه: الدمياطي، وابن تيمية، وابن العطار، وابن الخباز، والدواداري، وجماعة. وتوفي في جمادى الآخرة. وقد أجاز لي جميع مروياته، وهو من أكبر شيوخي، واسمه في إجازة ابن عبدان المؤرخة بالمحرم سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وأجاز ابن كليب له بخطه في المحرم سنة ست. 203 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر. المحدث، المتقن، شرف الدين، أبو العباس الموصلي، الناسخ، نزيل دمشق. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: أبي عبد الله بن الزبيدي، وجماعة.

(50/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 178
وصحب أبا عمرو بن الصلاح مدة، وكتب الكثير بخطه. روى عنه: ابن الخباز، وعلم الدين الدواداري، وجماعة. وتوفي في رجب بالأشرفية. 204 - أحمد بن محمد بن ميكال. الأمير، الأديب، العلامة، شهاب الدين الربعي، الكركي. له تصانيف ونظم ونثر، ويد طولى في العربية. من أعيان الجند. 205 - إبراهيم بن أحمد بن أبي المفاخر. الأزجي. سمع: ابن روزبة، والقطيعي، وابن اللتي. روى عنه بالإجازة شرف الدين ابن الكازروني. مات في المحرم. 206 - إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن علي بن جماعة بن خازم بن صخر. الزاهد العابد، أبو إسحاق الكناني، الحموي شيخ البيانية بحماة. كان صالحا، خيرا، كثير الذكر، دائم المراقبة، سلفي المعتقد. ولد بحماة سنة ست وتسعين وخمسمائة.

(50/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 179
وسمع من: المفتي أبي منصور بن عساكر، وغيره. روى عنه ولده قاضي القضاة بدر الدين أبو عبد الله، وخرج في أيامه من حماة وودع أصحابه وقال: أذهب فأموت بالبيت المقدس، فسار وزار، وأدركه الأجل كما أنطق الله به لسانه في بكرة يوم عيد النحر بالقدس الشريف، فرحمه الله تعالى ورضي عنه.

(50/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 180
207 - إبراهيم بن مهلهل. نبيه الدين الأجهوري، المصري. توفي في المحرم بالقرافة. 208 - أسد بن المبارك بن الأثير. أبو أسامة المصري، الدلال. توفي في ذي الحجة، وهو والد شمس الدين حسين، وبهاء الدين سليمان. وهما باقيان في وقتنا سنة أربع عشرة. ورويا ((جزء ابن عرفة)). ومنهم من كناه: أبا الفوارس. روى عن: ابن المقير، وغيره. 209 - إسماعيل بن عمر. الأمير شجاع الدين الطوري، المبارز. متولي قلعة دمشق. كان دينا، علامة، وافر الحرمة عند السلطان، له آثار حسنة في عمارة أبرجة القلعة.

(50/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 181
توفي في جمادى الأولى. 210 - إسماعيل بن محمد بن محمد. الفقيه أبو الطاهر المغربي، القيرواني، المالكي. توفي بمصر في شعبان. وكان من أعيان المالكية وأئمة المذهب. درس بمدرسة الصاحب بن شكر. وقيل: مات في رمضان. لقبه: وجيه الدين. 211 - أيدكين الصالحي، الأمير علاء الدين الخزندار، نائب قوص. بطل شجاع مشهور، من كبار الأمراء المصريين، ضابط لأعماله، له غزو ونكاية في النوبة. وخلف أموالاً عظيمة. ومات في ذي القعدة. وكان من مماليك الصالح نجم الدين أيوب. وأما أيدكين الصالحي الذي ناب في صفد فمنسوب إلى الصالح عماد الدين إسماعيل بن العادل، وسيأتي.
- حرف الباء -
212 - بريد بن منصور.

(50/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 182
الحوراني، الفقيه، خطيب قلعة جوبر. ولد سنة ستمائة. وحدث بالدارمى، عن ابن اللتي. روى عنه: ابن الخباز، وغيره. ومات في شعبان. 213 - بكتمر. الأمير سيف الدين النجيبي. توفي بدمشق في ربيع الآخر، وهو: - بلبان، الأمير سيف الدين المعظمي. 214 - بهاء الدين الترمذي. الحنفي، قاضي حصن الأكراد. مات في ربيع الآخر.
- حرف الثاء -
215 - ثامر بن سعد. المري، خادم الشيخ عثمان. توفي بالمزة. وقد روى وكتب في الإجازات.

(50/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 183

- حرف الجيم -
216 - [جعفر] بن محمد بن علي. الصاحب بدر الدين، أبو الفضل الآمدي. أخو موفق الدين. ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة بحصن كيفا. وكان من بيت حشمة وكتابة. قدم هو و أخوه الشام في الدولة الكاملية فعرفا بالبراعة في الكتابة الديوانية والأمانة في التصرف. وولي نظر الشام بدر الدين، وكان حسن البشر، لين الكلمة، يضرب به المثل في الأمانة. توفي في شوال بدمشق. ومع هذا فنظر الدواوين وظيفة مكس، نسأل الله العفو.

(50/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 184
وقد ولي نظر الدواوين بدمشق بدر الدين الأميري، رئيس آخر توفي سنة سبع وثمانين كما سيأتي. ذكرت ذلك ليعرف أنهما اثنان.
- حرف الحاء -
217 - حسن بن عتيق بن رملي. العدل، نبيه الدين الأنصاري، الإسكندري. سمع كتاب ((الشفا)) من ابن جبير. مات في شوال عن ثلاث وتسعين سنة بالثغر.
- حرف الراء -
218 - رمضان بن حسين بن خطلج. الحنفي، العلامة، صائن الدين التركي. مدرس السيوفية بالقاهرة. حدث بمصر عن: يوسف بن خليل. روى عنه: الأمير علم الدين الدواداري. ومات بالقاهرة في شعبان.

(50/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 185
219 - ريحان الطواشي. عزيز الدولة الخاتوني، الأشرفي، الأقطعاني، النوبي الجنس. حدث عن: ابن اللتي. ومات في رمضان. روى جزء بيبي.
- حرف السين -
220 - ست العرب بنت عبد المجيد بن الحسن بن عبد الله بن الحسن بن عبد الرحمن. أخت الصدر عون الدين سليمان ابن العجمي، والدة الصاحب مجد الدين عبد الرحمن ابن الصاحب كمال الدين ابن العديم، وأخواته. روت عن الركن الحنفي هي وبناتها. وتوفيت في ربيع الآخر بدمشق. ولها إجازات من أبي الفتوح البكري، وابن ملاعب، وجماعة. خرج لها جزءا عنهم ابن الظاهري، فحدثت به هي وابنها، فسمع التقي عبيد، وبدر الدين ابن الجوهري، والشريف عز الدين. 221 - سليمان بن داود بن عمر ابن خطيب بيت الآبار. فخر الدين الكاتب، أخو شيخنا الشرف محمد. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة.

(50/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 186
وروى عن: ابن اللتي، وغيره. مات في صفر. 222 - سليمان بن سلمان بن محمد. الدمشقي. كتب في الإجازات. وعاش ثلاثا وثمانين سنة. 223 - سم الموت. الأمير الكبير عز الدين إيغان الركني، ثم الظاهري. وقيل: اسمه ولادمر بن عبد الله، مولى الأمير ركن الدين بيبرس، الذي كسر الفرنج بغزة. كان أحد الموصوفين بالشجاعة والإقدام. وله الكلمة النافذة والرتبة العالية. ثم غضب عليه السلطان، ورماه في الجب إلى أن مات في جمادى الآخر بقلعة الجبل.
- حرف الشين -
224 - شرف الدين الأردويلي.

(50/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 187
الصوفي، زاهد جليل، من كبار أهل السميساطية. قال قطب الدين: صاحب خلوات ومجاهدات، وتربية للمريدين. توفي في المحرم وقد جاوز السبعين.
- حرف الطاء -
225 - طاهر. الملك عز الدين، نائب خراسان. مات في هذا العام ورثته الشعراء، وعمل له عزاء حفل ببغداد، رحمه الله تعالى.
- حرف العين -
226 - عبد الله بن المحدث مجد الدين أحمد ابن الحلوانية. شمس الدين أبو سعد. سمع صاحبنا شمس الدين محمد بن السراج. توفي في رجب ولم يتكهل، بل مات شابا رحمه الله تعالى.

(50/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 188
227 - عبد الله ابن العلامة اللغوي أبي عمرو عثمان بن دحية. المغربي. ولد سنة أربع عشرة. وحدث عن أبيه وغيره بالموصل. 228 - عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله بن موسى. المقدسي. فقد هو وجماعة بدرب الحجاز الشامي. وكأنه حدث عن ابن اللتي، وغيره. وسماعه حضور. 229 - عثمان بن سليمان بن رمضان بن أبي الكرم. أبو عمرو، رشيد الدين الثعلبي، المصري، ويعرف بالرشيد بصيلة. ويوصف بالصلاح والزهد. حدث بمصر ودمشق، وعاش بضعا وثمانين سنة.

(50/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 189
توفي في ذي القعدة. سمع من الحكيم أبي الحسن بن هبل بالموصل. وهو عم شيخنا أبي الحسن علي بن القيم المعمر. سمع منه: الضياء الزرزاري، وابنه، والمكين الحصني، والتقي عبيد، وشرف الدين المقدسي، وأخوه محيي الدين. 230 - علي بن إبراهيم بن سوار. الصنهاجي، الشيخ زين الدين البوصيري، المحدث. سمع فأكثر عن أصحاب السلفي، وكتب الكثير. مات راجعا في طريق الحج في عشر السبعين. 231 - علي بن محمود بن علي. القاضي، الإمام، شمس الدين أبو الحسن الشهرزوري، الكردي، الشافي، مدرس القيمرية وأبو مدرسها الصلاح وجد مدرسها القاضي شمس الدين علي. شيخ، فقيه، إمام، عارف بالمذهب، موصوف بجودة النقل، حسن الديانة، قوي النفس، ذو هيبة ووقار. بنى الأمير ناصر الدين القيمري مدرسة بالحريمين، وفوض تدريسها إليه وإلى أولي الأهلية من ذريته.

(50/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 190
وقد ناب في القضاء عن القاضي شمس الدين ابن خلكان، وتكلم بدار العدل بحضرة الملك الظاهر عندما احتاط على الغوطة، وقال: الماء والكلأ والمرعى لله لا يملك، وكل من بيده ملك فهو له. فبهت السلطان لكلامه، وانفصل الموعد على هذا المعنى. وقد سمع القاضي شمس الدين ببغداد من جماعة مع ابن العديم، ولم يرو. وتوفي في شوال، رحمه الله، بالقيمرية. 232 - عمر بن أسعد بن عبد الرحمن بن كنفي. الهمداني، الزاهد، العابد، أخو الزاهد محمد. مقرىء صالح، يلقن بحلقة الحنابلة، ويخيط، ويتصدق بأجرته. وله ورد، وتهجد وصيام، وفيه مروءة، وقضاء للحاجة وإغاثة للملهوف. روى عن: أبي إسحاق الكاشغري، وأبي المجد القزويني. روى لنا عنه: أبو الحسن بن العطار، وغيره. ومات بالمدرسة الجوزية في ذي القعدة.

(50/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 191
233 - عمر بن أحمد بن عمر بن أبي بكر بن عبد الله بن سعد. الإمام العدل الكبير، عز الدين، أبو حفص المقدسي، الحنبلي، كاتب الحكم. سمع من: الشيخ الموفق، وموسى بن عبد القادر، وابن أبي لقمة، وابن الزبيدي، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، والطلبة. وقد روى ((الثلاثيات)) بجماعيل في سنة خمس وستين، فسمعها منه: الخطيب أيوب بن يوسف، وأولاده يوسف، وعلي، وعبد الله، وطائفة من الصغار بجامع القرية. وكان بارعا في كتابة الشروط. توفي في رمضان، رحمه الله. 234 - عمر بن محمد بن الحسن ابن الحافظ الكبير أبي القاسم بن عساكر. أبو حفص. يروي عن: ابن اللتي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة. 235 - عيسى بن عبيد. الدمشقي. شيخ معمر. توفي في ربيع الأول. وكان يذكر أن مولده سنة أربع وستين

(50/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 192
وخمسمائة. فإن صدق فقد فاته السماع من أبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، والحافظ أبي القاسم بن عساكر.
- حرف الفاء -
236 - فريدون. شهاب الدين الدمشقي.
- حرف الميم -
237 - محمد بن أحمد بن عبد السخي بن أحمد بن عبد الله. العدل، شرف الدين، أبو عبد الله العمري، الموصلي، ثم الدمشقي. ولد سنة إحدى وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وأبي اليمن الكندي، وداود ابن ملاعب. وحدث: وشهد مدة، وأم بمسجد الزينبي بداخل باب توما. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة. وتوفي في جمادى الآخرة. 238 - محمد بن إبراهيم بن أبي المحاسن بن رسلان.

(50/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 193
الشيخ شمس الدين الدمشقي، الطبيب، المعروف بالكلي، لاشتغاله ((بالكليات)) في الطب. كان حاذقا بالطب، بصيرا بالعلاج، له معرفة جيدة بالتاريخ. روى عن: أبي القاسم بن الحرستاني وغيره. وتوفي بالقاهرة في المحرم وله ثمانون سنة. قال ابن أبي أصيبعة: كان والده أندلسيا فقدم دمشق وبها توفي. ونشأ ولده هذا فقرأ الطب على شيخنا مهذب الدين عبد الرحيم، يعني الدخوار، ولازمه حق الملازمة، حتى إنه حفظ الكتاب الأول من القانون، وهو ((الكليات)) جميعها حفظا متقنا، واستقصى فهم معانيه، وقرأ كثيرا من الكتب العملية، وباشر الصناعة. وهو جيد الفهم لا يخلي وقتا من الاشتغال. وقد خدم بالطب الملك الأشرف موسى، ثم خدم بمارستان نور الدين. وقد ذكر صاحب ((تاريخ مصر)) الكلي، وأنه سمع من ابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وعبد الجليل بن مندويه، وأبي القاسم العطار. ثم روى عنه أول حديث في ((معجم ابن جميع)).

(50/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 194
239 - محمد بن بدر بن محمد بن يعيش. أبو عبد الله الجزري النساج. رجل صالح من أهل جبل قاسيون. حدث عن: عمر بن طبرزد، والشيخ أبي عمر. وروى عنه: القاضي تقي الدين سليمان، والدمياطي، والنجم بن الخباز، والشمس بن الزراد، وغيرهم. وتوفي في ثامن عشر شعبان. 240 - محمد بن سعيد بن محمد بن هشام بن الجنان. الشيخ فخر الدين، أبو الوليد الكتاني، الشاطبي، الحنفي. ولد سنة خمس عشرة وستمائة بشاطبه. وقدم الشام، وصحب الصاحب كمال الدين ابن العديم وولده، فاجتذبوه بالإحسان، وصار حنفيا. وقد درس بالإقبالية، وكان أديبا فاضلا، وشاعرا محسنا. وكان مخالطا للأكابر، حسن العشرة والمزاح. وهو القائل:
(لله قوم يعشقون ذوي اللحى .......... لا يسألون عن السواد المقبل)

(وبمهجتي نفر وإني منهم .......... جبلوا على حب الطراز الأول)

(50/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 195
وقع في النهر ببستان ابن الصائغ فغرق في ربيع الآخر، تجاوز الله عنه. 241 - محمد بن الحسين. الطحان، شمس الدين الدمشقي. رجل صالح، خير، متمول، كثير الصدقات. توفي في ذي القعدة. 242 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن حفاظ. الصدر بدر الدين السلمي، الدمشقي، الحنفي، المعروف بابن الفويرة.

(50/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 196
تفقه على الصدر سليمان، وبرع في المذهب، وأفتى، ودرس، وناظر، وولي غير مدرسة. وأخذ العربية عن الشيخ جمال الدين ابن مالك. ونظر في الأصول. وقال الشعر الفائق. وكان ذا مروءة ودين وبر ومعروف ومكارم. وهو والد المولى جمال الدين. فمن شعره:
(عاينت حبة خاله .......... في روضة من جلنار)

(فغدا فؤادي طائرا .......... فاصطاده شرك العذار)
وله:
(وشاعر يسحرني طرفه .......... ورقة الألفاظ من شعره)

(أنشدني نظما بديعا فما .......... أحسن ذاك النظم من ثغره)
توفي الإمام بدر الدين في جمادى الأولى. وقد حدث عن العلم السخاوي، وغيره. وعنه الدمياطي في ((معجمه)). 243 - محمد بن عبد الوهاب بن منصور.

(50/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 197
العلامة شمس الدين أبو عبد الله الحراني، الحنبلي. كان شيخا إماما، بارعا، أصوليا، من كبار الأئمة في الفقه والأصول والخلاف. تفقه على القاضي نجم الدين بن راجح الحنبلي، ثم الشافعي، والشيخ مجد الدين ابن تيمية وناظره مرات. وقدم دمشق فقرأ الأصول والعربية على الشيخ علم الدين القاسم. ودخل الديار المصرية،. ولازم دروس الشيخ عز الدين بن عبد السلام. وناب في القضاء عن تاج الدين ابن بنت الأعز، فلما جعلت القضاة أربعة ناب في القضاء عن الشيخ شمس الدين محمد بن العماد. ثم قدم دمشق، وانتصب للإشغال والإفادة. تفقه عليه: شمس الدين محمد بن الفخر، وشمس الدين بن أبي الفتح، ومجد الدين إسماعيل. وكانت له حلقة للتدريس والفتوى. وكان حسن العبارة، طويل النفس في البحث. وأعاد بالجوزية مدة. وناب في إمامة محراب الحنابلة مدة. ثم ابتلي بالفالج، وبطل شقه الأيسر، وثقل لسانه، حتى كان لا يفصح، ولا يفهم منه إلا اليسير، فبقي على ذلك أربعة أشهر ومات. وكان من أذكياء الناس. روى عن: ابن اللتي، والموفق عبد اللطيف بن يوسف، و جماعة. ومات في عشر السبعين. روى عنه: ابن أبي الفتح، وابن العطار. ومن شعره:

(50/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 198

(طار قلبي يوم ساروا فرقا .......... وسواء فاض دمعي أو رقا)

(جار في سقمي من بعدهم .......... كل من في الحي داوى أو رقى)

(بعدهم لا ظل وادي المنحنا .......... وكذا بان الحمى لا أورقا)
وكان يحضر حلقة شمس الدين ابن عبد الوهاب جماعة من المذاهب، وكان يقرىء قصيدة ابن الفارض التائية الملقبة بنظم السلوك، ويشرحها، فيبكي بكاء كثيرا. وكان رقيق القلب، صحب الفقراء مدة، وقد ترجمه صاحبه شمس الدين ابن أبي الفتح بهذا وأكثر. وحدثني ابن تيمية شيخنا، عن ناصر الدين إمام الناصرية، أنه كان يحضر في حلقة ابن عبد الوهاب، فرآه يشرح في ((التائية)) لابن الفارض، قال: فلما رحت أخذني ما قدم وما حدث، وانحرجت وقلت: لأنكرن غدا عليه، وأحط على هذا الكلام. قال: فلما حضرت وسمعت الشرح لذ لي وحلا، فلما رحت فكرت في الكلام الذي شرحه، وفي الأبيات، فثارت نفسي، وعزمت على الإنكار، فلما حضرت لذ لي أيضا واستغرقني. أصابني ذلك مرتين أو ثلاثا.

(50/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 199
قلت: ما أملح ما مثل به شيخنا إبراهيم الرقي كلام ابن العربي وابن الفارض، قال: مثله مثل عسل أذيف فيه سم، فيستعمله الشخص، ويستلذ بالعسل حلاوته، ولا يشعر بالسم فيسري فيه وهو لا يشعر، ولا يزال حتى يهلكه. وتوفي الشيخ شمس الدين ليلة الجمعة سادس جمادى الأولى، وصلى عليه بجامع دمشق بعد الصلاة، وصلى عليه خارج البلد الشيخ زين الدين ابن المنجا، ودفن بمقابر باب الصغير، رحمه الله. وما كان الرجل يدري أيش هو الإتحاد، ولا يعرف محط هؤلاء، وهذا الظن به وبكثير من أتباعهم. 244 - محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم. العدل بدر الدين العدوي ابن السكاكري، الشروطي. كان عدلا كبيرا، صدوقا، متحريا، خبيرا بعقد الوثائق والسجلات، وفيه دين ومروءة، وحسن عشرة وبسط ونوادر. سمع من الشيخ الموفق ((مسند الشافعي)) وعاش ثمانين سنة أو دونها. روى عنه: ابن الخباز. وأجاز لي مروياته. ومات في ربيع الآخر بدمشق. 245 - محمد بن عبيد الله.

(50/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 200
الواعظ، الأديب، خطيب جامع السلطان ببغداد، شمس الدين الكوفي، الهاشمي، الشاعر، مدرس البششة. مات في الكهولة. له نظم كثير جيد، منه مرثية بغداد. 246 - محمد بن علي بن أبي الطاهر بن مقلد. الشيخ معين الدين الجزري، التاجر، السفار، من أعيان التجار. عاش تسعين سنة. وذكر ولده أحمد أن أباه دخل إلى ثلاثمائة بلد للتجارة، ثم سكن دمشق. وتوفي يوم الأضحى. 247 - محمد بن علي بن حسين. الفقيه، أبو الفضل البدليسي، الأخلاطي. توفي في رمضان بدمشق. 248 - محمد بن عوضة بن علي بن عوضة.

(50/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 201
الشيخ عماد الدين العرضي، ثم الدمشقي. جليل، متميز، نبيل، يرجع إلى فضل وديانة وقضاء حوائج الناس. توفي ببستانه بالمزة في منتصف المحرم، ودفن بجبل قاسيون، وشيعه طائفة من الأعيان. وكان للأمراء فيه حسن ظن. 249 - محمد بن مشكور. شرف الدين المصري، ناظر الجيوش بالديار المصرية، وصهر الوزير بهاء الدين ابن حنا. توفي في جمادى الأولى عن خمس وستين سنة، 250 - محمد بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر بن يحيى.

(50/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 202
الأمير أبو عبد الله ابن الأمير أبي زكريا الهنتاني، البربري، الموحدي، صاحب تونس، وأجل ملوك المغرب في زمانه. كان جده الشيخ عمر الهنتاني من العشرة خواص ابن تومرت، وولي أبو زكريا الملك مدة، ومات في سنة سبع وأربعين وستمائة. وكان قد عهد إلى ولده أبي عبد الله هذا. فذكر الشيخ قطب الدين أن ابن شداد نقل في ((سيرة الملك الظاهر)) أن الأمير أبا عبد الله كان ملكا مدبرا، عالي الهمة، شجاعا، سائسا، متحيلا على بلوغ مقاصده، مقتحما للأخطار، كريما، جوادا، ذا عزم بالعمارات واللذات، تزف إليه كل ليلة جارية. وكان ولي عهد أبيه، واتفق موت أبيه وهو غائب عن تونس، يعني أبا عبد الله، فساق إليها على بغل في خمسة أيام، ومات البغل، وأسرع خوفا من عميه، ثم لما تمكن قتل عميه، وأنفق في العرب الأموال واستخدمهم، وأباد جماعة من الخوارج عليه، وظفر بجماعة من أعيانهم وسجنهم، ثم أهلكهم ببناء قبة عمل أساسها من ملح، وحبسهم بها، ثم أرسل الماء على أساسها، فانزدمت عليهم. وكانت أسلحة الجيش كلها في خزائنه، فإذا وقع أمر أخرجها وفرقها عليهم، وإذا فرغ الحرب أعادها إلى الخزائن. ولم يكن لجنده إقطاع، بل يجمع ارتفاع البلاد، فيأخذ لنفسه الربع والثمن، وينفق ما بقي فيهم في كل عام أربع نفقات. توفي في أواخر هذه السنة، وهو في عشر الستين، وتملك بعده ابنه أبو زكريا يحيى. وكتب إلي أبو حيان، وحدثني عنه أبو الصفا الصفدي أن المستنصر بالله

(50/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 203
كان شجاعا هماما، سائسا، عالما بفنون، جميل الصورة، استدعى العلماء ووصلهم. وكان يقدم على قتل الأسد. وله حظ من الأدب. يميل في الفقه إلى طريقة أهل الحديث. قلت: روى عنه الخطيب أبو بكر بن سيد الناس. 251 - محمد بن يوسف بن مسعود بن بركة. الأديب البارع، شهاب الدين، أبو عبد الله الشيباني، التلعفري، الشاعر المشهور. ولد في الموصل سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، واشتغل بالأدب، وقال الشعر، ومدح الملوك والأعيان، واشتهر ذكره، وسار شعره، وله ديوان موجود. وكان خليعا معاشرا، سامحه الله وإيانا. قال سعد الدين في تاريخه: كان قد امتحن بالقمار، وكلما أعطاه الملك الأشرف يقامر به، فطرد إلى حلب، فمدح بها صاحبها العزيز، فأحسن إليه، وقرر له مرسوما، فسلك معه مسلك الملك الأشرف، فنودي في حلب: ((إن من قامر مع الشهاب قطعنا يده)). فامتنع الناس من اللعب معه.

(50/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 204
قال: فضاقت عليه الأرض، وترك الخدمة، وجاء إلى دمشق، ولم يزل يستجدي بها ويقامر حتى بقي في أتون من الفقر. قلت: ثم نادم في الآخر صاحب حماة وبها توفي في شوال، سامحه الله وعفا عنه. ومن شعره الفائق:
(يا برق حل بأبرق الجنان عن .......... كئيب عرى جيب الحيا المزرور)

(وأعد جمان الظل وهو منظم .......... عقدا لجيد البانة الممطور)

(وإذا الثنية أشرقت وشممت من .......... أرجائها أرجا كنشر عبير)

(سل هضبها المنصوب أين حديثه .......... المرفوع عن ذيل الصبا المجرور)
وله:
(تتيه على عشاقها كلما رأت .......... حديث صفات الحسن عن وجهها يروى)

(فتاة لها في مذهب الحب حاكم .......... بقتل الورى أعطى لواحظها الفتوى)

(يرنحها سكر الشباب فتنثني .......... بقد إذا ماست يكاد بأن يلوى)

(ولم لم تكن في ثغرها بنت كرمة .......... لما أصبحت أعطاف قامتها نشوى)
وله:
(يا أهل ودي يوم كاظمة أما .......... عن متكلم صبري الجميل قبيح)

(50/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 205

(سرتم وأسررتم بقلبي مهجة .......... أودى بها الهجرات والتبريح)

(قلبي لحفظكم وطرفي شاهد .......... لا أرتضيه لأنه مجروح)

(من لي بطيف منكم إن أغمضت .......... عيني يعين على الأسى ويريح)

(هذي الجفون وإنما أين الكرى .......... منها، وهذا الجسم أين الروح؟)
252 - مروان بن عبد الله بن منير. الشيخ بدر الدين، أبو عبد الله الفارقي، والد شيخنا زين الدين. توفي بالقاهرة في شوال. وقد نيف على السبعين. طلب العلم، وسمع الكثير سنة أربعين وقبلها. وأسمع ولديه عبد الله وسعد الله. وكتب عنه بعض الطلبة. 253 - مظفر بن الخضر بن إسماعيل. ابن العصيفير الكلابي، الدمشقي. توفي بدرب الأكفانيين في المحرم وله تسع وستون سنة. سمع ابن الحرستاني، وأبا الفتوح البكري. قاله ابن الخباز. 254 - مظفر بن عمر بن محمد بن أبي سعد. تاج الدين، أبو المنصور الدمشقي، الخرزي. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وسمع من: حنبل بن عبد الله، وأبي القاسم بن الحرستاني، وعبد الجليل بن مندويه.

(50/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 206
روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والدواداري. وكناه بعضهم أبا غالب. توفي في المحرم. 255 - مظفر بن رضوان بن أبي الفضل. القاضي بدر الدين المنبجي، ثم الدمشقي، الحنفي. مدرس المعينية. ناب في القضاء عن: ابن عطا، وابن العديم. وكان ذا سكون وعقل ودين وتواضع. توفي في ذي القعدة، وهو في عشر السبعين، ورثاه المجد بن الظهير بقصيدة. 256 - مهلهل بن ظافر. السشفزاوي يروي عن الشيخ الموفق وغيره. توفي في صفر. 257 - مياس بن أحمد بن مياس. الحمصي، عفيف الدين. دين، صالح، معمر. ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع سنة أربع عشرة من شمس الدين أحمد بن عبد الواحد البخاري، بحمص ((الأربعين الفراوية)).

(50/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 207
سمع منه: ابن يونس، وابن جعوان. وتوفي بدمشق في شوال. وأجاز لعلم الدين البرزالي.
- حرف النون -
258 - النجم الكاتبي. المتكلم، العلامة، أبو الحسن علي بن عمر بن علي الديبراني، القزويني، المنطقي، الفيلسوف. صاحب التصانيف في مذهب الأوائل، ومات وهو يقول بقدم العالم. وله تصانيف عدة. مات في رمضان، وقيل في شوال. وكان مولده في رجب سنة ستمائة. قال ذلك الظهير الكازروني، وبعضه من قيلي. 259 - نوفل الأمير. سيد عرب آل زبيد. يلقب بناصر الدين. كان ذا حرمة ووجاهة ومكانة. وهو الذي أخذ الملك الناصر يوسف ونجا به يوم المصاف مع البحرية في سنة ثمان وأربعين، فعرف له ذلك. توفي في شعبان وقد نيف على السبعين.

(50/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 208

- حرف الياء -
260 - يمن الطواشي. غرس الدين الحبشي، شيخ الخدام بالمدينة النبوية. حدث عن: عبد الوهاب بن رواح. ومات في ربيع الآخر. وقد سمع من: الصفراوي، والسخاوي، وعدة. 261 - يوسف بن صدقة بن المبارك. الشيخ تاج الدين البغدادي، التاجر. عدل جليل، صاحب أموال ومتاجر. أقعد في آخر عمره. ومات في ذي القعدة بالقاهرة. ذكر قطب الدين أن الملك الناصر يوسف قال له: بحياتي على كم تقدر؟ قال: على أربعمائة ألف دينار. 262 - يوسف بن محمد بن عبد الله بن علي بن عثمان. القاضي علم الدين المخزومي، المصري. سمع من: ابن باقا، وغيره. مات في ذي القعدة.

(50/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 209

الكنى
263 - أبو الفتح بن محسن. العطار، الدمشقي، شرف الدين. وهو أبو الفتح محمد بن محمود بن أبي الوحش بن سلامة الشيباني، الشرابي، والد شيخنا كمال الدين الموقع. كان أديبا فاضلا متميزا. حدث عن أبي القاسم بن صصرى فيما قيل، وعن: مكرم التاجر، وأبي صادق بن صباح. مات في شوال. سمع منه جماعة. وفيها ولد: فخر الدين عثمان بن بلبان المقاتلي، المحدث، وشرف الدين محمد بن المنجا بن عثمان التنوخي، مدرس المسمارية ؛ وأبو محمد عبد الله بن الشيخ أبي الوليد بن الحاج المالكي، بغرناطة ؛ وبدر الدين محمد بن سعيد بن أبي المنى الحلبي، الحنبلي، بصفد في رجب ؛ وشهاب الدين أحمد بن مظفر بن النابلسي، سبط الزين خالد المحدث ؛ وعماد الدين محمد بن علي بن حرمي الدمياطي، الفرضي، وشرف الدين لقمان بن عيسى الصميدي، تقريبا، وقد روى عن ابن البخاري، وهمام بن منبه الصميدي ؛

(50/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 210
ومحمد ابن الشيخ محمد الكنجي ؛ وجمال الدين أحمد بن يعقوب الصابوني ؛ والسيد جلال الدين محمد بن محمد العناكبي، في المحرم ؛ والشيخ شهاب الدين أحمد بن علي الرماحي، الحصبي.

(50/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 211

سنة ست وسبعين وستمائة

- حرف الألف -
264 - أحمد بن محمد بن طرخان بن أبي الحسن. أبو العباس الدمشقي، الصالحي، أخو شيخنا أبي بكر. روى بالحضور عن: ابن طبرزد. وسمع من جماعة. وتوفي بقوص. 265 - أحمد بن مجد الدين محمد بن إسماعيل بن عثمان بن عساكر. مؤيد الدين، أبو العباس الدمشقي. من بيت الحديث والعدالة. روى عن: المجد القزويني، وزين الأمناء، وجماعة. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وأبو روح الهروي، وجماعة. توفي في رمضان. ثنا عنه: أبو الحسن بن العطار. 266 - إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن فارس.

(50/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 212
شيخ القراء ومسندهم، كمال الدين، أبو إسحاق، ابن الوزير الصاحب نجيب الدين التميمي، الإسكندراني، ثم الدمشقي، المقرىء الكاتب. ولد بالإسكندرية سنة ست وتسعين وخمسمائة، وحفظ كتاب الله في صغره. وحرص عليه والده حتى قرأ القراءآت العشر بعدة تصانيف على العلامة تاج الدين الكندي ؛ وكان آخر من قرأ عليه موتا. وسمع منه: ومن: أبي القاسم بن الحرستاني. وانتهى إليه علو الإسناد في القراءآت. وكان ذاكرا لأكثر الفن، إلا أنه كان مباشرا نظر بيت المال من المكوس، وغيرها، فتورع جماعة من القراء، وحالته هذه، عن الأخذ عنه. وقرأ عليه القراءآت: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل القصاع، وأبو إسحاق إبراهيم بن غالب الحميري البدوي، وأبو عبد الله محمد المصري المزراب، والدلاصي شيخ مكة، وأبو إسحاق إبراهيم بن مظفر الوزيري، وابنه إسحاق، وآخرون. وحدث إنه: ابن الخباز، وأبو الحسن ابن العطار، وجماعة. وذكره قطب الدين فقال: كان أمينا حسن السيرة، كثير الديانة والخير، ولي نظر الديوان الذي لبيت المال، ونظر الجيش. وأقرأ بالروايات. وتوفي في صفر وله ثمانون سنة.

(50/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 213
قلت: وهو أخو عبد الله الذي لقيه أبو الحجاج المزي بالإسكندرية. 267 - إبراهيم بن حمد بن كامل. أبو إسحاق المقدسي، الحنبلي، من أهل جبل قاسيون. ولد سنة أربع وستمائة، وسمع من: ابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وموسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق، وابن راجح، والقزويني، وابن البن. وأجاز له: عبد الوهاب بن سكينة، وعمر بن طبرزد، وابن الأخضر. وكان دينا خيرا، حافظا لكتاب الله، محبا للرواية. أخذ عنه: الشيخ علي الموصلي، والوجيه السبتي، وابن الخباز، والطلبة. وأجاز لي مروياته. ومات في جمادى الآخرة. لقبه الشرف. 268 - إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن مناقب. الشريف عماد الدين الحسيني. حدث بمصر عن: حنبل، وابن طبرزد. وأجاز له جماعة من الإصبهانيين. توفي بمصر في جمادى الأولى، ومولده سنة سبع وتسعين بدمشق.

(50/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 214
روى عنه: الحارثي، وقطب الدين عبد الكريم. 269 - آسية بنت حسان بن رافع بن سمير. العامرية الدمشقية. سمعت مع أخيها محمد من: حنبل المكبر. وتوفيت في جمادى الأولى. وكان شهرا وبيا. 270 - آقوش. الأمير الكبير جمال الدين الصالحي، النجمي المعروف بالمحمدي الذي قدم دمشق بشيرا بكسرة التتار على عين جالوت. سجنه الملك الظاهر مدة، ثم أخرجه وأعطاه خبزا. توفي بالقاهرة في ربيع الأول، وقد قارب السبعين. 271 - إياس. فخر الدين المقرىء. روى عن: ابن اللتي، وغيره. ومات في شوال. وهو مولى شرف الدين الحموي ابن القطب. 272 - أيبك.

(50/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 215
الأمير الكبير عز الدين الدمياطي. أمير كبير من أعيان الصالحية، فيه شجاعة وجود وكرم. حبسه السلطان مدة. توفي بمصر في شعبان وقد نيف على السبعين، قاله اليونيني. قال ابن الدمياطي: هو مولى جدي لأمي، وإليه نسبي. 273 - أيبك عز الدين الموصلي. الظاهري، نائب حصن الأكراد. قتل في داره بالحصن غيلة، وذلك في رجب. وكان كافيا ناهضا، فيه تشيع. 274 - أيدمر. الأمير عز الدين العلائي، أخو أيدكين الصالحي. كان دينا أمينا، محبا للعلماء والفقراء. وولي نيابة صفد. ثم جرت بينه وبين الأمراء مقاولة، فطلب دستورا وحضر إلى مصر، فأقام يسيرا. ومات في رجب.

(50/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 216

- حرف الباء -
- البرواناه. اسمه سليمان. 275 - بهادر. الأمير شمس الدين صاحب سميساط، وابن صاحبها. كان قدم إلى دمشق مهاجرا من ثلاث سنين، فأكرمه السلطان، وأعطاه إمرة، فمات في شعبان كهلا. 276 - بيبرس.

(50/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 217
السلطان الملك الظاهر ركن الدين أبو الفتوح البندقداري الصالحي النجمي الأيوبي التركي، صاحب مصر والشام. ولد في حدود العشرين وستمائة، قبلها بقليل أو بعدها. وأصله من صحراء القفجاق فأبيع بدمشق ونشأ بها، فيقال: كان مملوكا للعماد الصائغ الذي كان يسكن عند المنكلانية. وسأكشف عن هذا. ثم اشتراه الأمير علاء الدين البندقداري الصالحي فطلع بطلا شجاعا نجيبا لا ينبغي أن يكون إلا عند ملك. فأخذه الملك الصالح إليه وصار من جملة البحرية. وشهد وقعة المنصورة بدمياط، وصار أميرا في الدولة المعزية. وتقلبت به الأمور وجرت له أحوال ذكرناها في الحوادث، واشتهر بالشجاعة والإقدام، وبعد صيته. ولما سارت الجيوش المنصورة من مصر لحرب التتار وهو كان هو طليعة الإسلام. وجلس على سرير الملك بعد قتل المظفر، وذلك في سابع عشر ذي القعدة من سنة ثمان وخمسين بقلعة الجبل. وكان أستاذه البندقدار من بعض أمرائه. وكان غازيا، مجاهدا، مرابطا، خليقا للملك، لولا ما كان فيه من الظلم والله يرحمه ويغفر له ويسامحه، فإن له أياما بيضاء في الإسلام، ومواقف مشهودة، وفتوحات معدودة. وله سيرتان كبيرتان لابن عبد الظاهر ولابن شداد رحمهما الله، لم أقف عليهما بعد.

(50/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 218
وقد دخل الروم، قبل موته بشهرين، وكسر التتار، ودخل مدينة قيصرية، وجلس بها في دست الملك، وصلى بها الجمعة، وخطبوا له، وضربت السكة باسمه، وذلك في ذي القعدة، ثم رجع وقطع الدربند، وعبر النهر الأزرق، ودخل دمشق في سابع المحرم مؤيدا منصورا، فنزل بالقلعة، ثم انتقل إلى قصره الأبلق، فمرض في نصف المحرم، وانتقل إلى عفو الله وسعة رحمته يوم الخميس بعد الظهر الثامن والعشرين من المحرم بالقصر، وحمل إلى القلعة ليلا مع أكابر أمرائه، وغسله وصبره المهتار شجاع الدين عنبر، والكمال علي بن المتيحي الإسكندراني المؤذن، والأمير عز الدين الأفرم. ووضع في تابوت، وعلق في بيت بالقلعة، وهو في أول عشر الستين. وخلف عشرة أولاد: الملك السعيد محمد، وسلامش، وخضر، وسبع بنات. قال ذلك الشيخ قطب الدين، وقال: كان له عشرة آلاف مملوك. وحكى الشيخ شرف الدين عبد العزيز الأنصاري الحموي قال: كان الأمير علاء الدين البندقدار الصالحي لما قبض وأحضر إلى حماة واعتقل بجامع قلعتها، اتفق حضور ركن الدين بيبرس مع تاجر، وكان الملك المنصور إذ ذاك صبيا، فأراد شراء رقيق تبصره الصاحبة والدته. فأحضر بيبرس هذا وخشداشه، فرأتهما من وراء الستر، فأمرت بشراء خشداشة، وقالت: هذا الأسمر لا يكن بينك وبينه معاملة، فإن في عينيه شرا لائحا. فردهما جميعا، فطلب البندقدار الغلامين، فاشتراهما وهو معتقل، ثم أفرج عنه، وسار بهما إلى مصر، وآل أمر ركن الدين إلى ما آل. وقد سار غير مرة في البريد حال سلطته. وعمل في حصارات المدائن التي أخذها من الفرنج في بذل نفسه وفرط إقدامه على المخاوف ما يقضى منه

(50/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 219
العجب، فبه يضرب المثل، وإليه المنتهى في سياسة الملك وتفقد أحوال جنده. فهو كما قيل: لولا نقص عدله لكان أحوذيا نسيج وحده. وقد أعد للأمور أقرانها، أقامه الله وقت ظهور هولاكو وأبغا فهاباه، وانجمعا عن البلاد. 277 - بيليك. الأمير الكبير بدر الدين الخزندار الظاهري نائب الملك، وأتابك الجيوش المنصورة. كان أميرا نبيلا، عالي الهمة، لين الكلمة، كثير المعروف، مجلا للصلحاء والعلماء، حسن السيرة، جيد العقل، صحيح الذهن، وله فهم وذكاء، يسمع الحديث ويطالع التواريخ، ويكتب خطا مليحا، وكان سهل المراس، محببا إلى الناس. وكان أستاذه يحبه ويعتمد عليه في مهماته. كتم موت السلطان، وساس العساكر والخزائن، وساق الخاصكية حول محفة السلطان بصورة أنه متمرض فيها، فلما وصل إلى الملك السعيد بمصر أظهر نعي السلطان، ورمى بعمامته بين يدي الملك السعيد وصرخ، فتحدث الناس أن الأمير شمس الدين سنقر الفارقاني نائب السلطنة سقاه سما، واشتهر ذلك فإنه خاف منه. تأسف الناس عليه. ومات في سابع ربيع الأول عن بضع وأربعين سنة.

(50/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 220
وكانت له جنازة مشهودة. قال شمس الدين الجزري: لما أظهر الخزندار موت السلطان وفرغ من تحليف الأمراء للملك السعيد قام فأتى يعزي أم الملك السعيد، فلما عزاها أخرجت له هنات سكر وليمون، فشرب جرعتين، والحوا عليه بالشرب فتوهم وتركه، وكانت القاضية، فثقل في المرض، وحصل له قولنج، وسيروا إلى طبيبه العماد بن النابلسي ثلاثة آلاف دينار ليسكت ولا يقول إنه مسموم، فتغافل عنه، ولم ينصح في معالجته، فمات بعد جمعة، وخلف بنتين. قال قطب الدين: وخلف تركة عظيمة.
- حرف التاء -
278 - تركانشاه بن عمر. الأسدي المحدث، الأديب، أبو المنهال. سمع من: قايماز المعظمي، وابن رواج، وجماعة. وحدث، وله شعر حسن. توفي في رمضان بالصعيد. حدث عنه: الدواداري، وغيره. ويسمى أيضا: منكبا، فسأعيده.
- حرف الحاء -
279 - الحسن بن إسماعيل بن القاضي صدر الدين عبد الملك بن درباس.

(50/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 221
الشيخ ناصر الدين، مدرس مدرسة سيف الإسلام التي بالبندقانيين بالقاهرة. توفي في رجب. وكان أديبا شاعرا. 280 - الحسين بن رزق الله. الحنبلي، الصالحي، الحجازي. حدث عن الناصح ابن الحنبلي. ومات في جمادى الأولى. وكان ناظر رباط بلدق.
- حرف الخاء -
281 - خضر بن أبي بكر بن موسى. المهراني، العدوي، الشيخ المشهور، شيخ الملك الظاهر. كان صاحب حال ونفس مؤثرة، وهمة إبليسية، وحال كاهني. ذكره شيخنا قطب الدين فقال: كان أخبر بسلطنة الملك الظاهر له قبل وقوعها، فلهذا كان يعظمه وينزل إلى زيارته في كل أسبوع مرة ومرتين وثلاث، ويطلعه على غوامض أسراره، ويستشيره ويستصحبه في أسفاره،

(50/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 222
ويخبره بأمور قبل وقوعها. وسأله وهو محاصر أرسوف متى تؤخذ؟ فعين له اليوم، فوافق ذلك، كذلك في صفد وقيسارية. ولما عاد إلى الكرك سنة خمس وستين استشاره في قصده، فأشار أن لا يقصده، وأن يمضي إلى مصر فخالفه، وقصد الكرك، فوقع عند بركة زيزى وانكسرت فخذه. ولما قصد حصن الأكراد مر الشيخ خضر ببعلبك، فسألوه عن أخذ الحصن، فقال: يأخذه السلطان في أربعين يوما. فوافق ذلك. ولما توجه السلطان إلى الروم، كان خضر في الحبس، فأخبر أن السلطان يظفر ويعود إلى دمشق، وأموت ويموت بعدي بعشرين يوما. فاتفق ذلك كذلك. قال: ولما نقم السلطان عليه، وأحضر من يحاققه، ونسب إلى أمور لا تصدر عن مسلم، فشاور السلطان في أمره، فأشاروا بقتله، فقال هو للسلطان: أنا أجلي قريب من أجلك، وبيني وبينك أيام يسيرة. فوجم السلطان وتوقف في قتله، وحبسه وضيق عليه، لكنه كان يرسل له الأطعمة الفاخرة والملابس. وكان حبس في شوال سنة إحدى وسبعين. ولما وصل السلطان من الروم إلى دمشق كتب إلى مصر بإخراجه، فوصل البريد بعد موته. وكان السلطان قد بنى له عدة زوايا في عدة بلاد، وصرفه في المملكة

(50/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 223
بحيث كان لا يخالف أمره. وكان كل أحد يتقي جانبه، حتى بيليك نائب السلطنة والصاحب بهاء الدين. وكان واسع الصدر، كثير العطاء، وكانت أحواله غير متناسبة. قلت: كان ينبسط ويخرب ويمزح، وإذا كتب ورقة كتب: ((من خضر نياك الحمارة)). أخرج من سجن القلعة ميتا في سادس المحرم، فحمل إلى الحسينية، فدفن بزاويته وقد نيف على الخمسين. وقال شيخنا ابن تيمية: كان خضر مسلما، صحيح العقيدة، لكنه قليل الدين، باطولي. له حال شيطاني. 282 - خديجة الست النبوية باب جوهر. ابنة أمير المؤمنين الشهيد المستعصم. ماتت ببغداد في المحرم، واحتفل الأعيان لجنازتها وعزائها، وتذكروا أيام والدها وما جرى عليه، وبكوا. وكثرت النوائح والنوادب، ورفعت الطرحات. وحزن صاحب الديوان، وجلس في الجنازة على الأرض، رحمها الله تعالى. 283 - خطلو الرومي. عتيق المفتي تقي الدين محمد بن حسين المجلي العطار. سمع ((مسند الشافعي)) من ابن باقا. توفي في جمادى الآخرة بمصر عن بضع وسبعين سنة.
- حرف الراء -
284 - رقية بنت الحافظ تقي الدين إسماعيل بن عبد الله بن الأنماطي. روت بالإجازة عن جماعة.

(50/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 224
وتوفيت بدومة في جمادى الأولى.
- حرف الزاي -
285 - زكي بن الحسن بن عمران. أبو أحمد بن البيلقاني، الشافعي، المتكلم. فقيه مناظر، عارف بالأصول والكلام والعقليات. قرأ على الفخر الرازي علم الكلام. وسمع الحديث من المؤيد الطوسي، وغيره. وكان يروي عنه ((صحيح مسلم))، و ((الموطأ)) المصعبي و ((جزء ابن نجية)). ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وقدم دمشق تاجرا سنة ست وثلاثين وستمائة وحدث بها بأحاديث قرأها عليه الشيخ تاج الدين أبو الحسن بن أبي جعفر القرطبي. وسمع منه: النجيب الصفار، والجمال بن الصابوني. ثم سافر وأقام باليمن مدة واشتهر بها. وقرأوا عليه في العطيات وغيرها. وعمر دهرا. روى عنه: المحدث نور الدين علي بن جابر الهاشمي، وشهاب الدين أحمد بن محمد الإسعردي التاجر، نزيل الإسكندرية، وغيرهما. وذكر ابن جابر أنه توفي بثغر عدن أبين سنة ست هذه. وقد مدحه ابن جابر بأبيات، وسئل عنه فقال: كان فريد دهره علوما

(50/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 225
وورعا وزهدا، من أصحاب فخر الدين. وكان رفقاؤه في الاشتغال الخسروشاهي، والأفضل الخونجي، وجل اشتغاله على القطب المصري. تخرج به جماعة باليمن. وكان معظما بها عند الخاصة والعامة. قلت: وروى عنه من القدماء الجمال ابن الصابوني. وقد سكن الإسكندرية، مدة. وكان كارميا، تجاوز الله عنا وعنه.
- حرف السين -
286 - ست العرب بنت الجمال عبد الله بن عبد الملك بن عثمان المقدسي. روت عن ابن اللتي. وماتت في رمضان. 287 - سلطان شاه بن أبي بكر بن عثمان بن علي. أبو محمد الزنجيلي، حفيد صاحب المدرسة التي برأس السبعة. روى عن: أبي القاسم بن الحرستاني. روى عنه: ابن الخباز، وغيره. وأجاز لأبي محمد البرزالي. ومات في صفر بمدرسة جده. 288 - سليمان بن علي.

(50/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 226
الصاحب معين الدين البرواناه. كان أبوه مهذب الدين علي بن محمد أعجميا سكن الروم، وكان يقرىء القرآن، ويعلم أولاد مستوفي الروم. ثم إنه ناب عنه، ثم ولي موضعه في أيام السلطان علاء الدين صاحب الروم. ثم ظهرت كفايته فاستوزره مدة. ثم وزر لولده غياث الدين إلى أن مات سنة اثنتين وأربعين. ورتب علاء الدين بعده في وزارته ولده هذا، فعظم أمره إلى أن استولى على ممالك الروم، وصانع التتار وداراهم، وعمرت البلاد به. وكاتب الملك الظاهر. وكان من رجال العالم ودهاتهم وشجعانهم. له إقدام على الأهوال وخبرة بجمع الأموال. ثم نقم عليه أبغا ونسبه إلى أنه هو الذي جسر الملك الظاهر على دخول الروم، فحصل ما وقع من قتل أعيان المغل في المصاف. فبكت الخواتين، وشقوا الثياب بين يدي أبغا، وقالوا: ((البرواناه هو الذي قتل رجالنا، ولا بد من قتله)). فقتله أبغا في المحرم. ومات في عشر الستين. قيل في سابع عشر ربيع الأول. وقيل: قطعت أربعته وهو حي، ثم ألقي في مرجل وسلق، وأكل المغل من لحمه من حنقهم. وقتلوا معه في الروم خلائق. 289 - سنقر. الأمير عز الدين الرومي.

(50/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 227
أحد الشجعان المذكورين والأمراء المتكلمين في دولة الظاهر إلى أن قبض عليه وحبس مدة. ثم مات وقد نيف على الخمسين. قاله قطب الدين.
- حرف الشين -
290 - الشهاب التلعفري محمد بن يوسف. قد مر سنة خمس. وذكر بعضهم أنه توفي سنة ست.
- حرف العين -
291 - عامر بن محمود بن سلامة. القلعي، الحراني. روى عن: عبد القادر الرهاوي. ومات بالقاهرة في ربيع الأول. كان آدميا فيه دين وخير. سمع منه جماعة كالحارثي، وابن جعوان. 292 - عبد الباقي بن علي بن عبد الباقي. الصالحي، الصحراوي. سمع ابن الزبيدي. وتوفي في جمادى الأولى. 293 - عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحيم بن علي.

(50/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 228
المغيري، المخزومي، الشيخ عماد الدين، أبو القاسم. ولد سنة ثلاث وتسعين. وسمع من: ابن المفضل. توفي في رمضان بالثغر. 294 - عبد الرحمن بن محمد بن عمران. المفتي الإمام تاج الدين المالكي، إمام المالكية بدمشق. مات في ربيع الأول. 295 - عبد السلام بن عمر بن صالح. الأديب البارع، نجم الدين، أبو الميسر البصري الشاعر، صاحب الشعر البديع. مات في رجب ببغداد، ويعرف بابن الدوس.

(50/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 229
296 - عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش. الإمام المقرىء، المجود، الزاهد، القدوة، مجد الدين، أبو أحمد الحنبلي، البغدادي. سمع من محمد بن... شيخ قديم، وعبد العزيز بن أحمد بن الناقد، وأحمد بن صرما، والفتح بن عبد السلام، وجماعة. وقرأ القرآن والفقه، ولم يمعن فيه. وأجاز له أبو الفرج بن الجوزي، وجماعة. وقرأ القراءآت السبع على الفخر الموصلي، وجماعة. وسمع ((الشاطبية)) من أبي عبد الله محمد بن عمر القرطبي المقرىء. وسمع الكتب الكبار في القراءآت، واعتنى بها عناية كلية، وانتهت إليه مشيخة بغداد في الإقراء. قرأ عليه القراءآت: تقي الدين أبو بكر الجزري المقصاتي، وابن خروف الحنبلي، وأبو العباس أحمد الموصلي الحنبلي، وجماعة. وروى عنه: الدمياطي، والشيخ إبراهيم الرقي الزاهد، وأبو سعد عبد الله بن محمد بن أبي صالح الجيلي، وجماعة.

(50/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 230
وكانت له حلقة كبيرة ؛ تخرج به جماعة في القرآن والخير والفقر والتصوف والسنة. قرأت بخط السيف ابن المجد قال: كنت ببغداد وقد بنى الخليفة المستنصر مسجدا كبيرا وزخرفه واعتنى به، وجعل به من يتلقن ويسمع الحديث، فامتدت الأعناق إليه، فاستدعى الوزير ابن الناقد جماعة من القراء، وكان هناك بعض الحنابلة، فقال: تنقل عن مذهبك وتكون إماما، فأجاب. وأما صاحبنا عبد الصمد عبد الصمد بن أحمد فقال له ذلك، فقال: لا أنتقل عن مذهبي. فقيل: أليس مذهب الشافعي حسنا؟ فقال: بلى، ولكن مذهبي ما علمت به عيبا لأتركه لأجله. فبلغ الخليفة ذلك، فاستحسن قوله وقال: هو يكون إمامه دونهم. وعرضت عليه العدالة، والناس هناك يتنافسون فيها جدا، فأباها. قلت: وحدثني المقصاتي أن الشيخ عبد الصمد حدثه أنه باع مقيارا بسبعة دنانير، وأعطاها لشيخه الفخر الموصلي حتى طول روحه، وأسمعه كتابا في القراءآت لمكي ((التبصرة)) أو غيره. وحدثني أنه قال: عرضت ((الشاطبية)) على القرطبي، ثم قلعت فرجية علي، ووضعتها على أكتافه، فنظر فيها وقال: هذه لي أنا؟ فقلت: نعم. وحدثني أن الشيخ عبد الصمد قال: اعمل لي مقصا. فعملته وأتيت به، فما أخذه حتى أعطاني ثمنه وأكثر من ثمنه. قرأت على إبراهيم بن أحمد الزاهد: أنا عبد الصمد، أنا عبد العزيز بن الناقد، أنا محمد بن عمر، أنا جابر بن ياسين، أنا عمر بن إبراهيم، ثنا

(50/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 231
البغوي، ثنا هدبة، نا همام: سمعت عطا يحدث عن ابن عباس قال: ((يمسك المعتمر عن التلبية حين يفتتح الطواف)). توفي في سابع عشر ربيع الأول، ومولده في أول سنة ثلاث وتسعين. 297 - عبد العزيز بن عبد الرحمن بن أبي الفتح. المقدسي. روى عن: الموفق، وابن الزبيدي. ومات في جمادى الآخرة. 298 - عبد العزيز بن أبي نصر عبد الرحيم بن محمد بن الحسن بن عساكر. شمس الدين أبو محمد. ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة. وسمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وأحمد بن أبي الفضل ابن حديد، وأحمد بن سيدهم. روى عنه: أبو الحسن بن العطار، وابن الخباز، وجماعة. وخرج عنه الدمياطي في ((معجمه)). ومات في جمادى الأولى.

(50/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 232
299 - عبد القاهر بن عبد السلام بن أبي القاسم. المهذب جمال الدين السلمي، الدمشقي، أخو الشيخ عز الدين بن عبد السلام. توفي في شوال بمنزله بعقبة الكتان. كتب في الإجازات لعلم الدين البرزالي، وغيره. وله إجازة من الخشوعي، والقاسم بن عساكر. سمع منه بعض الطلبة. 300 - عبد الكريم بن الحسين بن رزين. شمس الدين الحموي، الشافعي، أخو الشيخ تقي الدين ابن رزين. فقيه دين، منقبض عن الناس. درس مديدة بالسيفية بالقاهرة. ومات في ذي الحجة. 301 - عبد الملك بن عيسى بن أبي بكر بن أيوب. الملك القاهر، بهاء الدين بن السلطان الملك المعظم. ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وسمع من: ابن اللتي، وغيره. وحدث.

(50/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 233
وكان حسن الأخلاق، سليم الصدر،. كثير التواضع، يعاني زي الأعراب في لباسه ومركبه و... وكان بطلا شجاعا من الفرسان المعدودين. قال الشيخ قطب الدين: حدثني تاج الدين نوح ابن شيخ السلامية أن الأمير عز الدين أيدمر العلائي نائب صفد حدثه قال: كان الملك الظاهر مولعا بالنجوم، فأخبر أنه يموت في هذه السنة بالسم ملك. فوجم لذلك، وكان عنده حسد لمن يوصف بالشجاعة، أو يذكر بجميل. وأن الملك القاهر لما كان مع السلطان في وقعة البلستين فعل أفاعيل عجيبة، وبين يوم المصاف، وتعجب الناس منه، فحسده. وكان حصل للسلطان نوع ندم على تورطه في بلاد الروم، فحدثه الملك القاهرة بما فيه نوع من الإنكار عليه، فأثر أيضا عنده. فلما عاد بلغه أن الناس يثنون على ما فعل الملك القاهر، فتخيل في ذهنه أنه إذا سمه كان هو الذي ذكره المنجمون ؛ فأحضره عنده يوم الخميس ثالث عشر المحرم لشرب القمز، وجعل السقية في وريقة في جيبه. وكان للسلطان ثلاث هنابات مختصة به، كل هناب مع ساق، فمن أكرمه السلطان ناوله هنابا منها. فاتفق قيام القاهر ليبزل، فجعل السلطان ما في الوريقة في الهناب، وأمسكه بيده، وجاء القاهر فناوله الهناب، فقبل الأرض وشربه. وقام السلطان ليبزل فأخذ الساقي الهناب من يد القاهر وملأه على العادة ووقف. وأتى السلطان فتناول الهناب وشربه وهو لا يشعر أو نسي، فلما شرب أفاق على نفسه، وعلم أنه شرب من ذلك الهناب وفيه آثار من السم، فتخيل وحصل له وعك وتمرض ومات.

(50/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 234
وأما القاهر فمات من الغد. ذكر العلاني أنه بلغه ذلك من مطلع على الأمور لا يشك في أخباره. وقال شمس الدين الجزري: في منتصف محرم يوم السبت مات القاهر فجأة. كان راكبا يسوق الخيل، فاشتكى فؤآده، فأسرع إلى بيت أخته زوجة الملك الزاهر لقربه، فأدركه الموت في باب الدار. وفي ((تاريخ)) المؤيد: اختلف في سبب موت الظاهر، فقيل: انكسف القمر كله، وتكلم الناس أنه لموت كبير، فأراد الظاهر صرف ذلك عنه، فاستدعى القاهر وسم له القمز وسقاه، ثم نسي وشرب من ذلك الهناب، فحصل له حمى محرقة. 302 - عزية بنت محمد بن عبد الملك بن عبد الملك بن يوسف المقدسي. روت عن ابن اللتي. ماتت في صفر. 303 - عتيق بن عبد الجبار بن عتيق. العدل عماد الدين أبو بكر الأنصاري، الصوفي، الشاهد. ولد بالإسكندرية سنة ثلاث أو أربع وستمائة. وقدم دمشق فسمع بها من: أبي محمد بن البن، وزين الأمناء، وابن الزبيدي. وكان صدوقا، صالحا، متدينا، متواضعا، من كتاب الحكم، سقط في بركة المقدمية وهو يتوضأ، فاختنق ومات شهيدا في شوال.

(50/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 235
كتب عنه الطلبة، وأجاز لي مروياته.
فائدة، وهي: * عتيق بن عبد الجبار البلنسي الشاهد، كتب للقضاة أربعين سنة. ومات سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. ذكره الأبار. 304 - علي بن درباس بن يوسف. الأمير جمال الدين الحميدي. ذكره اليونيني فقال: ولد سنة أربع وستمائة. وكان علي الهمة، وافر البر والإفضال، جوادا، له مهابة شديدة وسطوة وسياسة. ولما توفي الملك الظاهر أحضره نائب دمشق وحبسه وصادره، وكان في نفسه منه. ثم خرج وبقي بطالا من الولاية في منزله بجبل قاسيون وخبزه عليه. ولما عزل تاب وأقلع عن المظالم، وبقي يصلي بالليل ويبكي. وكان حسن المحاضرة، فاضلا.

(50/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 236
توفي آخر رجب. 305 - علي بن صالح بن علي بن صالح بن أبي عمامة. القاضي عماد الدين القرشي، المصري. توفي في جمادى الأولى، ودفن بالقرافة. سمع ابن باقا. وحدث. 306 - علي بن أبي عبد الله بن النظام. البغدادي، الطبيب البارع، نجم الدين. مات ببغداد في شعبان. 307 - علي بن علي بن إسفنديار بن الموفق بن أبي علي. الواعظ، العالم، نجم الدين، أبو عيسى البغدادي. ولد سنة ست عشرة وستمائة. وسمع من: ابن اللتي، والحسين ابن رئيس الرؤساء، وعبد اللطيف ابن القبيطي.

(50/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 237
وقدم دمشق ووعظ فحصل له قبول زائد، وازدحم الناس على ميعاده لحسن إيراده ولطف شمائله. وكان يتكلم في المحافل. وولي مشيخة المجاهدية. روى عنه: أبو الحسن بن العطار، وابن الخباز، وجماعة. وكان حلو النادرة، طيب الأخلاق، لا يمل منه، ومجالسه نزهة الوقت. وفيه حلم زائد واحتمال. حكى القاضي شهاب الدين محمود أن ابن سمنديار كان كثير المبيت عنده والمباسطة. قال: وكان يحيي غالب الليل في [عمل] الخير، ويصبح يعمل المجلس، فترى عليه هيبة وجلالة، ولا يمل أحد من المجلس. قال ابن خلكان: أنا أحكي الحكاية للشيخ نجم الدين، ثم يعيدها هو، فأتمنى أنه لا يفرغها من تنميقه وفصاحته وبيانه. وقد استأذن الملك الناصر في الوعظ في أيام ابن الجوزي، فلم يأذن له. مات في رجب، ودفن بمقابر الصوفية، رحمه الله. 308 - علي بن عمر بن علي بن حربون. القرشي، الإسكندراني، المقرىء، أبو الحسن. عرف بالمهتدي.

(50/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 238
توفي بالقاهرة، رحمه الله تعالى. 309 - العماد بن أبي العواقب. رجل متميز، معروف. قتل في داره بدرب العجم في ربيع الأول. 310 - عمر بن إلياس بن الخضر بن قزغلي. الرهاوي. توفي في جمادى الآخرة بدمشق. سمع ابن البرهان، وحدث. 311 - عمر بن عبد السلام. أبو حفص الدنيسري. حدث بمصر عن: ابن اللتي. ومات في صفر. 312 - عمر. الشيخ شرف الدين النهاوندي، الصوفي، المعروف بالرمال. قال اليونيني: توفي بمصر وقد جاوز التسعين، وكان صالحا، زاهدا، متعبدا، كثير الأسفار، مشهورا. مات في صفر.

(50/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 239
313 - عنبر. عتيق الفخر محمد بن إبراهيم الفارسي، الصوفي. روى عن مولاه. ومات في ربيع الآخر.
- حرف الفاء -
314 - فريدون بن همايون بن زرينكمر. أبو المناقب الديلمي، الشيرازي. روى مجلس رزق الله عن أبي بكر بن سابور. كتب عنه: الشريف، وسعد الدين مسعود، وشمس الدين بن جعوان، والطلبة. ومات في ذي القعدة بمصر عن بضع وستين سنة. وسمع أيضا من مكرم. 315 - فوارس بن محمد بن عبد العزيز. الغساني، الإسكندراني، المالكي، الصدر الكبير، وجيه الدين. سمع: محمد بن عماد، وجماعة. وله مشيخة. توفي في شهر شعبان، رحمه الله.
- حرف الميم -
316 - محمد بن أحمد بن منظور.

(50/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 240
الإمام الزاهد، أبو عبد الله الكناني، المصري، العسقلاني. شيخ صالح عارف له أتباع ومريدون، وزاوية بالمقس. حدث عن: أبي الفتوح الحلاجلي. روى عنه: الدمياطي، والدواداري. وتوفي في رجب. وكان فقيها فاضلا عاش ثمانين سنة. وله صلة وصدقة. 317 - محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور. الشيخ الإمام، قاضي القضاة، شمس الدين أبو بكر ابن الشيخ العماد المقدسي. الصالحي، الحنبلي. ولد في صفر سنة ثلاث وستمائة. وسمع: أبا اليمن الكندي، وأبا القاسم بن الحرستاني، وابن ملاعب والشيخ الموفق وتفقه عليه، وأبا عبد الله بن البنا الصوفي، ومحمد بن كامل التنوخي، وأحمد بن محمد بن سيدهم. وحضر على عمر بن طبرزد، وسمع ببغداد من: الفتح بن عبد السلام، وعمر بن كرم الحمامي، وعبد السلام الداهري، وابن روزبة، وجماعة. وسكنها وتأهل بها، وجاءته الأولاد، فأسمعهم من الكاشغري، وغيره. ثم ارتحل وسكن الديار المصرية في سنة بضع وأربعين، ورأس بها في مذهب أحمد، وصار شيخ الإقليم وحاكمه، وشيخ الخانقاه السعيدية في الأيام

(50/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 241
الظاهرية. وكان إماما محققا، كثير الفضائل، صالحا، خيرا، حسن البشر، مليح الشكل، كثير النفع والمحاسن. وقد نالته محنة ذكرناها في الحوادث. روى عنه: الدمياطي، والقاضي سعد الدين الحارثي، والشيخ علي النشار، والشيخ قطب الدين عبد الكريم وقال: هو أول شيخ سمعت منه، وذلك في سنة أربع وسبعين ؛ وطائفة. وكان حسن السمت، مهيبا، له مشاركة في عدة فنون، ويعرف كلام الصوفية، ويتكلم على طريقتهم فيما بلغني. وتحكى عنه كرامات ومكاشفات. وكان كثير البر والإيثار للفقهاء، حسن التواضع، كبير القدر. وقد عزل عن القضاء في سنة سبعين، وحبس سنتين بالقلعة. ثم أطلق ولزم بيته يدرس ويفتي ويشغل، ويروي الحديث إلى أن توفي في الثاني والعشرين من المحرم بالقاهرة. وقد سمعت من ولديه أحمد وزينب. وقد خرج شيخنا ابن الظاهري له معجما حدث به، سوى الجزء العاشر. قال الحافظ عبد الكريم: سمعت منه ((صحيح مسلم)) بسماعه من ابن الحرستاني. قال: وسمع بمكة من أبي العباس القسطلاني، وبحلب من أبي محمد ابن الأستاذ، وبحران من أحمد النجار، وبالموصل من عمر بن معالي. 318 - محمد بن حياة بن يحيى. القاضي، الإمام، الزاهد، تقي الدين الشافي، الرقي. كان من خيار القضاة وصلحائهم.

(50/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 242
ولاه الملك الظاهر قضاء حمص. وكان يعرفه قديما ويثق بدينه، فزاره بحمص في بيته، وقال: أطعمنا شيئا. فأحضر مأكولا، وأكل منه أولا، فابتسم السلطان، وأكل وفرق على خواصه. ثم ندبه لقضاء حلب. وكان محمود السيرة، متين الديانة. حج وتوفي إلى رحمة الله بتبوك راجعا في المحرم. وكان عديم التكلف. سار إلى قضاء حلب على حمار مع المكارية، ولم يتخذ بغلة. وقد ناب في القضاء لابن الصائغ، وأم بالعادلية. 319 - محمد بن عبد الرحمن بن مهنا بن مخلوف. الإسكندراني، أبو عبد الله. سمع الكثير. وحج ومات في الرجعة في المحرم. سمع من ابن عماد ((الخلعيات)) كاملة. 320 - محمد بن عبد الكريم بن عثمان. المفتي الإمام، عماد الدين ابن الشماع المارديني، الحنفي، مدرس مدرسة [قصاعين] وغيرها. وإمام مقصورة الحنفية، ومدرس الصادرية. كان دينا خيرا، من علماء الحنفية المذكورين بالسماحة والكرم. توفي كهلا في رجب.

(50/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 243
323 - محمد بن شجاع بن علي بن سالم. الشيخ محيي الدين ابن الكمال الضرير، الهاشمي، العباسي. سبط أبي القاسم الشاطبي. ولد سنة أربع عشرة. وسمع من: ابن باقا، وجماعة. وحدث. وكان أديبا فاضلا له النظم والنثر. توفي في جمادى الآخرة بمصر. 322 - محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الواحد بن هلال. الصدر الجليل، عماد الدين، ابن المولى كمال الدين الأزدي، الدمشقي، ناظر الأيتام. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن صصرى، وجماعة. وحدث. وكان عدلا، مأمونا، دينا، خيرا، صاحب مكارم ولطف وحسن محاضرة. ولي نظر الأيتام مدة سنين، وحمدت سيرته. وتوفي في جمادى الآخرة وله أربع وسبعون سنة. وهو من بيت مشهور بالعدالة والرئاسة ورواية العلم. ثنا عنه الشيخ علي بن العطار.

(50/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 244
323 - محمد بن أبي ذكري يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص عمر الهنتي. السلطان، أبو عبد الله البربري، صاحب تونس وإفريقية. مات في حادي عشر ذي الحجة بتونس، وكانت دولته سبعا وعشرين سنة أو أكثر. ولقبه المستنصر بالله، وولي بعده إبنه. 324 - محمد بن أبي بكر بن إبراهيم. عفيف الدين الشاغوري، مؤذن القلعة. حدث عن: ابن الزبيدي. وتوفي في صفر. ثنا عنه إسحاق الآمدي. وولد تقريبا سنة ستمائة. 325 - محمود بن علي بن أبي القاسم. الغسال. أحد من سمع الكثير من ابن عبد الدائم، وطبقته، وحصل، وأثبت له الطلبة. وحج فتوفي في أيام منى. وما أظنه حدث. 326 - منكبا بن عمر بن منكبا. الأسدي، المصري، مجاهد الدين. حدث عن: يوسف بن المخيلي، وقيماز المعظمي.

(50/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 245
وكان فاضلا شاعرا. توفي في رمضان. ويدعى أيضا تركانشاه كما تقدم. وكان محدثا كثير الفضائل.
- حرف النون -
327 - نصر بن عبيد. الشيخ أبو الفتح السوادي، المقدمي، الحنبلي، المقرىء الصالحي. ولد سنة ستمائة بقريته من السواد، واشتغل بجبل قاسيون وسمع من: ابن الزبيدي، والإربلي، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، والدواداري، وابن العطار، وغيرهم. وكان صالحا، زاهدا، فاضلا، خيرا. وهو والد العدل زين الدين عبد الرحمن الحنفي، والشيخ أحمد المقرىء. توفي في رجب. 328 - نعمة بن محمد بن نعمة بن أحمد. أبو الشكر النابلسي، الشافعي. ولد سنة ثمان وستمائة. وسمع من: ابن الزبيدي، والعلم السخاوي، وابن الصلاح. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار. مات في جمادى الآخرة.
- حرف الياء -
329 - يحيى بن زكريا بن مسعود.

(50/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 246
الشيخ، المقرىء، الزاهد، أبو زكريا المنبجي. كان شيخا صالحا، خيرا، عابدا، مجودا للقرآن. عرض على الشيخ أبي عبد الله الفاسي، وتصدر بجامع دمشق للإقراء والتلقين. وكانت له حلقة كبيرة. وحدث عن أبي القاسم بن رواحة، وغيره. وتخرج به جماعة. وأقرأ زمانا. توفي في خامس المحرم. 330 - يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين. مفتي الأمة، شيخ الإسلام، محيي الدين، أبو زكريا النواوي، الحافظ، الفقيه، الشافعي، الزاهد، أحد الأعلام.

(50/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 247
ولد في العشر الأوسط من المحرم سنة إحدى وثلاثين بنوى. وجدهم هو حسين بن محمد بن جمعة بن حزام الحزامي، بحاء مهملة وزاي. نزل حسين بالجولان بقرية نوى على عادة العرب، فأقام بها ورزقه الله ذرية إلى أن صار منهم عدد كثير. قال الشيخ محيي الدين: كان بعض أجدادي يزعم أنها نسبة إلى حزام والد حكيم بن حزام، رضي الله عنه، وهو غلط. والنووي بحذف الألف، ويجوز إثباتها. حكى والده لشيخنا أبي الحسن بن العطار أن الشيخ كان نائما إلى جنبه وهو ابن سبع سنين ليلة السابع والعشرين من رمضان، قال: فانتبه نحو نصف الليل وأيقظني وقال: يا أبه ما هذا الضوء الذي قد ملأ الدار؟ فاستيقظ [أهلي] كلهم، فلم نر شيئا، فعرفت أنها ليلة القدر. وقال ابن العطار: ذكر لي الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي، رحمه الله قال: رأيت الشيخ محيي الدين وهو ابن عشر بنوى والصبيان يكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب ويبكي، ويقرأ القرآن في [ذلك] الحال، فوقع في قلبي محبته. وجعله أبوه في دكان بالقرية، فجعل لا يشتغل بالبيع [والشراء] عن القرآن، فوصيت الذي يقرئه وقلت: هذا يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه. ف (...) وقال لي: أمنجم أنت؟ قلت: لا، إنما أنطقني الله بذلك. فذكر ذلك لوالده فحرص عليه (...) وقد ناهز الاحتلام.

(50/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 248
قال ابن العطار: قال لي الشيخ: فلما كان لي تسع عشرة سنة قدم بي والدي إلى دمشق في سنة تسع وأربعين فسكنت المدرسة الرواحية، وبقيت نحو سنتين لم أضع جنبي إلى الأرض. وكان قوتي بها جراية المدرسة لا غير. وحفظت ((التنبيه)) في نحو أربعة أشهر ونصف. قال: وبقيت أكثر من شهرين أو أقل لما قرأت: يجب الغسل من إيلاج الحشفة في الفرج، أعتقد أن ذلك قرقرة البطن. وكنت أستحم بالماء البارد كلما قرقر بطني. قال: وقرأت حفظا ربع ((المهذب)) في باقي السنة، وجعلت أشرح وأصحح على شيخنا كمال الدين إسحاق بن أحمد المغربي، ولازمته فأعجب بي وأحبني، وجعلني أعيد لأكثر جماعته. فلما كانت سنة إحدى وخمسين حججت مع والدي، وكانت وقفة جمعة، وكان رحيلنا من أول رجب، فأقمنا بالمدينة نحوا من شهر ونصف. فذكر والده قال: لما توجهنا من نوى أخذته الحمى، فلم تفارقه إلى يوم عرفة، ولم يتأوه قط. ثم قدم ولازم شيخه كمال الدين إسحاق. قال لي أبو المفاخر محمد بن عبد القادر القاضي: لو أدرك القشيري شيخكم وشيخه لما قدم عليهما في ذكره لمشايخها، يعني الرسالة، أحدا لما جمع فيهما من العلم والعمل والزهد والورع والنطق بالحكم. قال: وذكر لي الشيخ أنه كان يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على المشايخ شرحا وتصحيحا، درسين في ((الوسيط)) ودرسين في ((المهذب)) ودرسا في ((الجمع بين الصحيحين)) ودرسا في ((صحيح مسلم))، ودرسا في ((اللمع)) لابن جني، ودرسا في ((إصلاح المنطق)) لابن السكيت، ودرسا في ((التصريف))، ودرسا في أصول الفقه، تارة في ((اللمع)) لأبي إسحاق، وتارة في ((المنتخب)) لفخر الدين، ودرسا في أسماء الرجال، ودرسا في أصول الدين.

(50/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 249
وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل، ووضوح عبارة، وضبط لغة، وبارك الله لي في وقتي. وخطر لي الاشتغال بعلم الطب، فاشتريت كتاب ((القانون)) فيه، وعزمت على الاشتغال فيه، فأظلم علي قلبي، وبقيت أياما لا أقدر على الاشتغال بشيء، ففكرت في أمري، ومن أين دخل علي الداخل، فألهمني الله أن سببه اشتغالي بالطب، فبعث ((القانون)) في الحال، واستنار قلبي. وقال: كنت مريضا بالرواحية، فبينا أنا في ليلة في الصفة الشرقية منها، وأبي وإخوتي نائمون إلى جنبي إذ نشطني الله وعافاني من ألمي، فاشتاقت نفسي إلى الذكر، فجعلت أسبح، فبينا أنا كذلك بين السر والجهر، إذ شيخ حسن الصورة، جميل المنظر، يتوضأ على البركة في جوف الليل، فلما فرغ أتاني وقال: يا ولدي لا تذكر الله تشوش على والدك وإخوتك وأهل المدرسة. فقلت: من أنت؟ قال: أنا ناصح لك، ودعني أكون من كنت. فوقع في نفسي أنه إبليس فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ورفعت صوتي بالتسبيح، فأعرض ومشى إلى ناحية باب المدرسة، فانتبه والدي والجماعة على صوتي، فقمت إلى باب المدرسة فوجدته مقفلا، وفتشتها فلم أجد فيها أحدا غير أهلها. فقال لي أبي: يا يحيى ما خبرك؟ فأخبرته الخبر، فجعلوا يتعجبون، وقعدنا كلنا نسبح ونذكر. قلت: ثم سمع الحديث، فسمع ((صحيح مسلم)) من الرضى ابن البرهان. وسمع ((صحيح البخاري)) و ((ومسند أحمد))، و ((سنن أبي داود))، والنسائي، وابن ماجه، و ((جامع الترمذي)) و ((مسند الشافعي)) و ((سنن الدارقطني)) و ((شرح السنة)) وأشياء عديدة. وسمع من: ابن عبد الدائم، والزين خالد، وشيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز، والقاضي عماد الدين عبد الكريم بن الحرستاني، وأبي محمد عبد الرحمن بن سالم الأنباري، وأبي محمد إسماعيل بن أبي اليسر، وأبي

(50/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 250
زكريا يحيى بن الصيرفي، وأبي الفضل محمد بن محمد بن البكري، والشيخ شمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر، وطائفة سواهم. وأخذ علم الحديث عن جماعة من الحفاظ، فقرأ كتاب ((الكمال)) لعبد الغني الحافظ، على أبي النقا خالد النابلسي، وشرح مسلما ومعظم ((البخاري)) على أبي إسحاق بن عيسى المرادي. وأخذ أصول الفقه عن القاضي أبي الفتح التفليسي، قرأ عليه ((المنتخب)) وقطعة من ((المستصفى)) للغزالي. وتفقه على الإمام كمال الدين إسحاق المغربي ثم المقدسي، والإمام شمس الدين عبد الرحمن بن نوح المقدسي، ثم الدمشقي، وعز الدين عمر بن أسعد الإربلي. وكان النووي يتأدب مع هذا الإربلي، ربما قام وملأ الإبريق ومشى به قدامه إلى الطهارة. والإمام كمال الدين سلار بن الحسين الإربلي، ثم الحلبي صاحب الإمام أبي بكر الماهاني. وقد تفقه الثلاثة الأولون على ابن الصلاح، رحمه الله. وقرأ النحو على فخر الدين المالكي، والشيخ أحمد بن سالم المصري. وقرأ على ابن مالك كتابا من تصانيفه، وعلق عنه أشياء. أخذ عنه: القاضي صدر الدين سليمان الجعبري خطيب داريا، والشيخ شهاب الدين أحمد بن جعوان، والشيخ علاء الدين علي بن العطار، وأمين الدين سالم بن أبي الدر، والقاضي شهاب الدين الإربدي. وروى عنه: ابن العطار، والمزي، وابن أبي الفتح، وجماعة كثيرة. أخبرنا علي بن الموفق الفقيه: أنا يحيى بن شرف الفقيه، أنا خالد بن يوسف بن سعد الحافظ. ح وأنبأتنا ست العرب بنت يحيى قالا: أنا زيد بن الحسن، أنا

(50/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 251
المبارك بن الحسين، أنا علي بن أحمد، أنا محمد بن عبد الرحمن، ثنا عبد الله ثنا شيبان، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من طلب الشهادة صادقا من قلبه أعطها ولو لم تصبه)). رواه مسلم، عن شيبان. وقرأت بخط نجم الدين ابن الخباز: أنبا الإمام محيي الدين النووي، أنا عبد الرحمن ابن أبي عمر بن قدامة الفقيه، أنا أبو عبد الله بن الزبيدي، أنا أبو الوقت فذكر أول حديث في الصحيح. قال شيخنا ابن العطار: ذكر لي شيخنا رحمه الله أنه كان لا يضيع له وقتا في ليل ولا نهار إلا في وظيفة من الاشتغال بالعلم حتى في ذهابه في الطريق يكرر أو يطالع. وأنه بقي على هذا نحو ست سنين، ثم اشتغل بالتصنيف والإشتغال والنصح للمسلمين وولاتهم، على ما هو عليه من المجاهدة لنفسه، والعمل بدقائق الفقه، والحرص على الخروج من خلاف العلماء والمراقبة لأعمال القلوب وتصفيتها من الشوائب. يحاسب نفسه على الخطرة بعد الخطرة. وكان محققا في علمه وفنونه، مدققا في علمه وشؤونه، حافظا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عارفا بأنواعه من صحيحه وسقيمه وغريب الفاظ واستنباط فقهه، حافظا للمذهب وقواعده وأصوله، وأقوال الصحابة والتابعين، واختلاف العلماء ووفاقهم. سالكا في ذلك طريقة السلف. قد صرف أوقاته كلها في أنواع العلم والعمل بالعلم. قال: فذكر لي صاحبنا أبو عبد الله محمد بن أبي الفتح الحنبلي قال: كنت ليلة في أواخر الليل بجامع دمشق والشيخ واقف يصلي إلى سارية في ظلمة، وهو يردد قوله تعالى: {وقفوهم إنهم مسؤولون} مرارا بحزن وخشوع، حتى حصل عندي من ذلك ما الله به عليم.

(50/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 252
قال: وكان إذا ذكر الصالحين ذكرهم بتعظيم وتوقير، وذكر مناقبهم وكراماتهم، فذكر لي شيخنا ولي الدين علي المقيم ببيت لهيا قال: مرضت بالنقرس فعادني الشيخ محيي الدين، فلما جلس شرع يتكلم في الصبر، فبقي كلما تكلم جعل الألم يذهب قليلا قليلا. فلم يزل يتكلم حتى زال جميع الألم. وكنت لا أنام في الليل، فعرفت أن زوال الألم من بركته. وقال الشيخ رشيد الدين ابن المعلم. عذلت الشيخ في عدم دخول الحمام، وتضييق عيشه في أكله ولبسه وأحواله، وقلت: أخشى عليك مرضا يعطلك عن أشياء أفضل مما تقصده. فقال: أن فلانا صام وعبد الله حتى اخضر. فعرفت أنه ليس له غرض في المقام في دارنا هذه، ولا يلتفت إلى ما نحن فيه. قال: ورأيت رجلا قشر خيارة ليطعمه إياها، فامتنع وقال: أخشى أن ترطب جسمي وتجلب النوم. قال: وكان لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكلة بعد العشاء الآخرة. ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر. ولا يشرب الماء المبرد، ولا يأكل فاكهة، فسألته عن ذلك فقال: دمشق كثيرة الأوقاف وأملاك المحجوز عليهم، والتصرف لهم لا يجوز إلا على وجه الغبطة، والمعاملة فيها على وجه المساقاة، وفيها خلاف والناس لا يفعلونها إلا على جزء من ألف جزء لمالك فكيف تطيب نفسي بأكل ذلك؟ وقال لي شيخنا مجد الدين أبو عبد الله بن الظهير: ما وصل الشيخ تقي الدين ابن الصلاح إلى ما وصل إليه الشيخ محيي الدين من العلم في الفقه والحديث واللغة وعذوبة اللفظ.
فصل
وقد نفع الله تعالى الأمة بتصانيفه، وانتشرت في الأقطار، وجلبت إلى

(50/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 253
الأمصار، فمنها: ((المنهاج في شرح مسلم))، و ((كتاب الأذكار))، و ((كتاب رياض الصالحين))، و ((كتاب الأربعين حديثا))، و ((كتاب الإرشاد)) في علوم الحديث، و ((كتاب التيسير)) في مختصر الإرشاد المذكور، و ((كتاب المبهمات))، و ((كتاب التحرير في ألفاظ التنبيه))، و ((العمدة في صحيح التنبيه))، و ((الإيضاح)) في المناسك، و ((الإيجاز)) في المناسك، وله أربع مناسك أخر. وكتاب ((التبيان في آداب حملة القرآن))، وفتاوى له. و ((الروضة)) في أربع مجلدات، و ((المنهاج)) في المذهب، و ((المجموع)) في شرح المهذب، بلغ فيه إلى باب المطرة في أربع مجلدات كبار. وشرح قطعة من البخاري، وقطعة جيدة من أول ((الوسيط))، وقطعة في ((الأحكام))، وقطعة كبيرة في ((تهذيب الأسماء واللغات))، وقطعة مسودة في طبقات الفقهاء، وقطعة في التحقيق في الفقة، إلى باب صلاة المسافر. قال ابن العطار: وله مسودات كثيرة، ولقد أمرني مرة ببيع كراريس نحو ألف كراس بخطه، وأمرني بأن أقف على غسلها في الوراقة، فلم أخالف أمره، وفي قلبي منها حسرات. وقد وقف الشيخ رشيد الدين الفارقي على ((المنهاج)) فقال:
(اغتنى بالفضل يحيى فاغتنى .......... عن بسيط بوجيز نافع)

(وتحلى بتقاه وفضله .......... فتجلى بلطيف جامع)

(ناصبا أعلام علم جازما .......... بمقال رافعا للرافعي)

(فكأن ابن صلاح حاضر .......... وكأن ما غاب عنا الشافعي)
وكان لا يقبل من أحد شيئا إلا في النادر ممن لا له به علقة من إقراء. أهدى له فقير مرة إبريقا فقبله. وعزم عليه الشيخ برهان الدين الإسكندراني أن يفطر عنده في رمضان فقال: أحضر الطعام إلى هنا ونفطر جملة. قال أبو الحسن: فأفطرنا ثلاثتنا على لونين من طعام أو أكثر. وكان الشيخ يجمع إدامين ببعض الأوقات. وكان أماراً بالمعروف نهاء

(50/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 254
عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم. يواجه الملوك والجبابرة بالإنكار، وإذا عجز عن المواجهة كتب الرسائل، فمما كتبه وأرسلني في السعي فيه وهو يتضمن العدل في الرعية وإزالة المكوس. وكتب معه في ذلك شيوخنا الشيخ شمس الدين، والزواوي، والشريشي، والشيخ إبراهيم بن الأرموي، والخطيب بن الحرستاني، ووضعها في ورقة إلى الخزندار، فيها: من عبد الله يحيى النواوي، سلام الله ورحمته وبركاته على المولى المحسن، ملك الأمراء بدر الدين أدام الله له الخيرات، وتولاه بالحسنات، وبلغه من خيرات الدنيا والآخرة كل آماله، وبارك له في جميع أحواله آمين، وينهى إلى العلوم الشريفة أن أهل الشام في ضيق وضعف حال بسبب قلة الأمطار وغلاء الأسعار.. وذكر فصلا طويلا فلما وقف على ذلك أوصل الورقة التي في طيها إلى السلطان، فرد جوابها ردا عنيفا مؤلما، فتنكدت خواطر الجماعة. وله غير رسالة إلى الملك الظاهر في الأمر بالمعروف. قال ابن العطار: وقال لي المحدث أبو العباس بن فرح، وكان له ميعادان في الجمعة على الشيخ يشرح عليه في الصحيحين، قال: كان الشيخ محيى الدين قد صار إليه ثلاث مراتب، كل مرتبة منها لو كانت لشخص شدت إليه الرحال. المرتبة الأولى: العلم. والثانية: الزهد. والثالثة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. سافر الشيخ إلى نوى وزار القدس والخليل وعاد إلى نوى، وتمرض عند أبيه. قال ابن العطار: فذهبت لعيادته ففرح ثم قال لي: ارجع إلى أهلك. وودعته وقد أشرف على العافية، وذلك يوم السبت. ثم توفي ليلة الأربعاء. قال: فبينا أنا نائم تلك الليلة إذ مناد ينادي على سدة جامع دمشق في يوم جمعة: الصلاة على الشيخ ركن الدين الموقع. فصاح الناس لذلك. فاستيقظت فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. فلما كان آخر يوم الخميس جاءنا وفاته، فنودي يوم الجمعة بعد الصلاة بموته، وصلي عليه صلاة الغائب.

(50/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 255
قال الشيخ قطب الدين: وفي ليلة الأربعاء رابع وعشرين رجب توفي الشيخ محيي الدين النووي صاحب التصانيف بنوى ودفن بها. وكان أوحد زمانه في الورع والعبادة والتقلل وخشونة العيش والأمر بالمعروف. واقف الملك الظاهر بدار العدل غير مرة ؛ وحكي عن الملك الظاهر أنه قال: أنا أفزع منه. وكانت مقاصده جميلة. ولي مشيخة دار الحديث. قلت: وليها بعد موت أبي شامة سنة خمس وستين وإلى أن مات. وقال شمس الدين ابن الفخر: كان إماما، بارعا، حافظا. مفتيا، أتقن علوما شتى، وصنف التصانيف الجمة. وكان شديد الورع والزهد. ترك جميع ملاذ الدنيا من المأكول إلا ما يأتيه به أبوه من كعك يابس وتين حوراني، والملبس إلى الثياب الرثة المرقعة. ولم يدخل الحمام. وترك الفواكه جميعها. وكان أمارا بالمعروف ناهيا عن المنكر على الأمراء والملوك والناس عامة، فنسأل الله أن يرضى عنه وأن يرضى عنا به.

(50/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 256
وذكر مناقبه يطول. وترك جميع الجهات الدنياوية ولم يكن يتناول من جهة من الجهات درهما فردا. وحكى لنا الشيخ أبو الحسن بن العطارأن الشيخ قلع ثوبه ففلاه بعض الطلبة، وكان فيه قمل فنهاه وقال: دعه. قلت: وكان في ملبسه مثل آحاد الفقهاء من الحوارنة لا يؤبه به. عليه شبختانية صغيرة، ولحيته سوداء فيها شعرات بيض، وعليه هيبة وسكينة. وكان لا يتعاني لفظ الفقهاء وعياطهم في البحث، بل يتكلم بتؤدة وسمت ووقار. وقد رثاه غير واحد يبلغون عشرين نفسا بأكثر من ستمائة بيت، منهم: مجد الدين ابن الظهير، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، ومجد الدين ابن المهتار، وعلاء الدين الكندي الكاتب، والعفيف التلمساني الصوفي الشاعر. وأراد أقاربه أن يبنوا عليه قبة فرأته عمته، أو قرابة له، في النوم فقال لها: قولي لهم لا يفعلوا هذا الذي قد عزموا عليه، فإنهم كلما بنوا شيئا تهدم عليهم. فانتبهت منزعجة وحدثتهم، وحوطوا على قبره حجارة ترد الدواب. قال أبو الحسن: وقال لي جماعة بنوى أنهم سألوه يوما أن لا ينساهم في عرصات القيامة، فقال لهم: إن كان لي ثم جاه، والله لا دخلت الجنة وأحد ممن أعرفه ورائي. قلت: ولا يحتمل كتابنا أكثر مما ذكرنا من سيرة هذا السيد رحمة الله عليه. وكان مذهبه في الصفات السمعية السكوت وإمرارها كما جاءت. وربما تأول قليلا في شرح مسلم، رحمه الله تعالى.

(50/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 257
331 - يحيى بن موسى. السلمي، الزرعي، الفقيه محيي الدين الحنبلي. روى عن: ابن اللتي. وتوفي بدمشق. وحدث. وللبرزالي منه إجازة سنة سبع. 332 - يحيى بن محمد بن هبة الله بن الحسن. ابن الدوامي، الرئيس الأنبل عز الدين بن فخر الدين. مات في شعبان ببغداد عن أربع وستين سنة. من بيت كبير. 333 - يحيى الزبشة. الحنبلي، الشروطي. من مشاهير وكلاء الحكم بدمشق. توفي بها في ربيع الأول. 334 - يوسف الكردي. العدوي، الزاهد. ويعرف بالشيخ يوسف أبونا. صالح، زاهد، خير، مجتهد في خدمة الفقراء، مشهور. توفي بالقرافة في المحرم. وكان شيخا مسنا، رحمه الله.
الكنى
335 - أبو القاسم بن عبد الغني بن محمد بن الخضر ابن تيمية. الحراني، شمس الدين أخو شيخنا أبي الحسن علي.

(50/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 258
حدث عن جده الإمام فخر الدين ((بمسند الحميدي)). كتب عنه: ابن الخباز، وابن أبي الفتح، والطلبة. وتوفي في جمادى الأولى بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية. وقد سمع أيضا من: ابن روزبة، والموفق عبد اللطيف. 336 - الرشيد أبو الوحش بن أبي حليقة. القش الطبيب النصراني، الكلب، والد شيخ الأطباء علم الدين الذي أسلم. هلك في شهر ربيع الأول، وله خمس وثمانون سنة. وفيها ولد: شهاب الدين أحمد بن أحمد بن الحسين بن موسك الهكاري، والإمام بدر الدين أبو اليسر محمد ابن قاضي القضاة ابن الصائغ، وجمال الدين إبراهيم ابن القاضي شهاب الدين محمود الكاتب، وشمس الدين محمد بن حسن بن السلون البعلي، والشيخ جمال الدين محمد بن أحمد بن خلف الخزرجي المدني، المعروف بالمطري محدث الحرمين.

(50/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 259

سنة سبع وسبعين وستمائة

- حرف الألف 0
337 - أحمد بن شجاع بن ضرغام. أبو العباس القرشي، المصري، الكاتب. ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وسمع من: علي بن المفضل الحافظ. كتب عنه: الأبيوردي، والحارثي، والمصريون. توفي في شعبان. 338 - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد. الدشناوي، الإمام جلال الدين. توفي بقوص عن نيف وستين سنة. قرأ عليه جماعة، وأخذ النحو عن المرسي. 339 - أحمد بن محمد بن عيسى.

(50/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 260
المحدث، العالم، شهاب الدين، أبو العباس الأنصاري، الدمشقي، الخرزي، الحنبلي. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة. وسمع من: أبي المنجا بن اللتي، وأبي الفضل الهمداني، وأبي الحسن بن المقير. ورحل فسمع بحلب من: ابن رواحة، وابن خليل. وأكثر، وحصل ونسخ بخطه الكثير. وكان حسن القراءة فيه حسن ونباهة. قال شيخنا ابن الظاهري: كنا نسميه الحويفظ لمعرفته. قلت: وكان يقرأ على كرسي ابن بطحان بالحائط الشمالي. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وغيرهم. وأجاز لي مروياته. وقد قرأ كتبارا على أبي الحجاج بن خليل. توفي بدار الحديث الأشرفية في جمادى الآخرة رحمه الله. وكان فقيرا قانعا، وربما عرض بالطلب في مجلسه لحاجته. 340 - أحمد بن محمد بن علي. ابن البالسي: أخو المحدث ضياء الدين علي. توفي في ذي القعدة. حدث عن: أبي نصر بن الشيرازي. أخذ عنه السبط. 341 - أحمد بن نوال بن غثور. الرصافي، المقرىء، نزيل الصالحية، ووالد شيخنا محمد. عمر وأسن. وحدث عن: الشهاب بن راجح.

(50/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 261
سمعه: ابن الخباز، والمزي. ولم يدركه البرزالي. لا أعرف وفاته. 342 - أحمد بن يوسف بن بندار. أبو العباس السلماسي. له رواية. سمع من: الشمس العطار جزء بيبى. قرأه عليه سعد الدين الحارثي. وتوفي في جمادى الأولى. 343 - إبراهيم بن أحمد بن أبي الفرج بن أبي عبد الله. زين الدين ابن السديد، الحنفي، الدمشقي إمام مقصورة الحلبيين من جامع دمشق. سمع: أبا اليمن الكندي، وأبا القاسم بن الحرستاني. وكان عدلا خيرا، دينا، ذا مروءة. وسمع من المحدث عمر بن بدر الموصلي ((مسند أبي حنيفة))، رواية ابن الثلجي. روى عنه: ابن العطار، والمزي، وجماعة. ومات في جمادى الأولى وله ثلاث وسبعون سنة. ومن مروياته كتاب ((الشمائل)) للترمذي. 344 - إبراهيم بن يوسف بن خليل. ابن الفحام الإربلي.

(50/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 262
حدث عن ابن الجميزي بأحاديث. ومات في ذي القعدة. وهو أخو البدر خليل. توفي بدمشق. 345 - إسحاق بن الخضر بن كيلوا. المراغي. صوفي بمصر. روى عن مكرم. مات في ذي القعدة. 346 - آقسنقر. الأمير الكبير شمس الدين الفارقاني. قبض عليه الملك السعيد في السنة الماضية، واختفى خبره، فقيل إنه خنق عقيب اعتقاله. وكان أستاذ دار الملك الظاهر وممن يعتمد عليه ويقدمه على الجيوش. ثم إن الملك السعيد جعله نائب السلطنة، فلم ترض حاشية السعيد بذلك، ووثبوا على الفارقاني، واعتقلوه، ولم يسع السعيد مخالفتهم. قال قطب الدين: كان وسيما جسيما، شجاعا، مقداما، كثير البر والصدقة، خبيرا بالتصرف، حسن التدبير، عليه هيبة شديدة مع لين كلمته. عمل عزاؤه في جمادى الأولى بدمشق. ومات في عشر الخمسين.

(50/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 263
347 - آقطوان. الأمير علاء الدين المهمندار الظاهري. أحد أمراء الشام. توفي في شعبان. أمير عاقل، دين، شجاع، عارف. 348 - آقوش. الأمير جمال الدين النجيبي، الصالحي، النجمي، نائب السلطنة بدمشق. قال قطب الدين: أمره مولاه الملك الصالح وجعله أستاذ داره، وكان يعتمد عليه. وولد في حدود العشر وستمائة. وقد جعله الملك الظاهر في أول دولته أستاذ داره، ثم ناب له بدمشق تسع سنين، وصرف بعز الدين أيدمر فانتقل إلى القاهرة، وأقام بداره بطالا كبير الحرمة، عالي المكانة. ولما مرض عاده الملك السعيد، وكان قد لحقه فالج قبل موته بأربع سنين. وكان كثير الصدقة محبا للعلماء والفقراء، شافعي المذهب، حسن الاعتقاد. وقال غيره: كان مشكورا، قليل الأذى، كارها للمواقعة. لم يرزق ولدا. وكان ضخم الشكل، سمينا، جهوري الصوت، كثير الأكل. له أوقاف على الحرمين.

(50/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 264
توفي في ربيع الآخر. 349 - أيدكين. الأمير علاء الدين الشهابي، أحد أمراء دمشق. وصاحب الخانقاه الشهابية. وهو منسوب إلى شهاب الدين رشيد الصالحي الخادم. وقد ولي نيابة حلب مدة. ومات بدمشق في ربيع الأول وهو كهل.
- حرف الباء -
350 - بلبان الزيني. الأمير الكبير. سيف الدين الصالحي. كان مقدم البحرية في أول دولة الترك. ثم حبسه السلطان مدة ثم أطلقه وأعطاه إمرة دمشق. وكان ذا نهضة وشهامة وشجاعة مات في عشر الستين.
- حرف الحاء -
351 - الحسن بن علي بن محمد بن إلياس. شرف الدين أبو علي بن الشيرجي، الأنصاري، الدمشقي، المعدل. الملقب بالقاضي. حدث عن: أبي محمد بن البن الأسدي، وغيره.

(50/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 265
ومات في ذي القعدة. سمع منه: ابن نفيس، وابن الخباز، وابن هلال. 352 - الحسن بن علي بن نباتة. جمال الدين الفارقي الكاتب المشطوب، والد أولاد المشطوب. ولد سنة ستمائة، وكتب في الإجازات في هذه السنة. ولا أعلم متى مات.
- حرف الخاء -
353 - خديجة بنت الشهاب محمد بن خلف بن راجح المقدسي. والدة شيخنا القاضي تقي الدين سليمان. روت عن: عمر بن طبرزد، وغيره. وكانت من عجائز الدير الصالحات العوابد. روى عنها: ولدها، والدمياطي، وعلم الدين الدواداري، وعلاء الدين ابن العطار، وجمال الدين المزي. وسماعها حضور ولها أربع سنين. وقد أجاز لها المؤيد ابن الأخوة، وعفيفة الفارقانية. وتوفيت إلى رحمة الله في ربيع الأول.
- حرف الزاي -
354 - زينب بنت الصاحب أبي القاسم عمر بن أحمد بن العديم العقيلي.

(50/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 266
روت عن: الركن الحنفي. وتوفيت في ربيع الأول أيضا.
- حرف السين -
355 - ست العرب بنت محمد. أم علاء الدين علي بن بلبان الناصري. روت عن: ابن اللتي. وماتت في جمادى الآخرة. 356 - سليم الهوي. الشاعر المجود حسن بن بدر النيلي. مدح ببغداد صاحب الديوان علاء الدين، وغيره. أرخ موته ابن الفوطي. 357 - سليمان بن أبي العز بن وهيب. المفتي الكبير، الشيخ صدر الدين قاضي القضاة أبو الفضل الأذرعي، ثم الدمشقي، الحنفي، إمام عالم متبحر، عارف بدقائق المذهب وغوامضه. انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر والشام. وتفقه على الشيخ جمال الدين الحصيري، وغيره.

(50/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 267
أقرأ الفقه بدمشق مدة، ثم سكن مصر وحكم بها ودرس بالصالحية ثم انتقل إلى دمشق قبل موته بيسير. واتفق موت القاضي مجد الدين ابن العديم فقلد بعده القضاء، فلم يبق فيه ثلاثة أشهر. وكان الملك الظاهر يحبه ويبالغ في احترامه، وقد أذن له أن يحكم حيث حل. وكان لا يكاد يفارقه في غزواته، وحج معه. ولم يخلف بعده مثله في مذهبه. وله شعر جيد. توفي إلى رحمة الله في سادس شعبان عن ثلاث وثمانين سنة. ودفن بسفح قاسيون ؛ وولي القضاء بعده حسام الدين الرومي. 358 - سنجر. الأمير علم الدين التركستاني. كان ذا حرمة وتجمل مع الشجاعة الموصوفة والإقدام. توفي في جمادى الأولى. ودفن بسفح قاسيون كهلا.
- حرف الطاء -
359 - طه بن إبراهيم بن أبي بكر.

(50/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 268
الشيخ جمال الدين أبو محمد الإربلي، الفقيه، الشافعي، الأديب. ولد بإربل سنة بضع وتسعين وخمسمائة. وقدم الديار المصرية شابا. وسمع من: محمد بن عماد، وغيره. وحمل الناس عنه. وله شعر جيد. روى عنه: الدمياطي، والدواداري، والمصريون. وتوفي في جمادى الأولى، وقد نيف على الثمانين. ولا أعلم في كتابنا من اسمه طه غيره.
- حرف الظاء -
360 - ظافر بن نصر. كمال الدين، أبو المنصور المصري، الفقيه. وكيل بيت المال بالديار المصرية. ولد سنة إحدى وستمائة، وحدث عن عبد العزيز بن باقا. وله نظم حسن ونثر، وفيه رئاسة. وله مكانة عند الملك الصالح نجم الدين، قال قطب الدين، بحيث كتب في وصيته أن يقر على منصبه، فلم يزل فيه إلى أن مات. توفي في ذي القعدة. وقد حدث عن: مكرم بن أبي الصقر. روى عنه: الدمياطي في ((معجمه))، والدواداري.

(50/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 269

- حرف العين -
361 - عبد الله بن الحسن بن إسماعيل بن محبوب. الصدر الأجل بهاء الدين المعري الأصل، البعلبكي. ولي نظر الجوشخاناه ونظر بعلبك، ثم نظر جامع دمشق قليلا. وولي نظر المارستان النوري ونظر الأسرى. وكان مشهورا بالأمانة والدين ومعرفة الكتابة. وكان عاقلا، حسن المحاضرة، من أعيان البعلبكيين. استوطن دمشق، وحدث عن: أبي المجد القزويني. سمع منه: أولاده: القاضي شهاب الدين قاضي البقاع، والرئيس نجم الدين، والشيخ فخر الدين عبد الرحمن، وعلاء الدين الكتبة، والفقيه محيي الدين، والعدل صدر الدين. وسمع منه: الشيخ علي الموصلي، والوجيه السبتي، والطلبة. توفي في ليلة الجمعة سلخ ذي القعدة بداره بدرب بري، وقد قارب الثمانين. 362 - عبد الله بن الحسين بن علي. الشيخ الإمام، مجد الدين، أبو محمد الكردي، الزرزاري، الإربلي، الشافعي، إمام المدرسة القيمرية. وقد أم بالتربة الظاهرية، ودرس بالكلاسة. وكان خبيرا بالمذهب، عارفا بالقراءآت، متين الديانة، حسن الأخلاق،

(50/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 270
صاحب زهد وتعبد وحسن سمت. روى عن: الحافظ يوسف بن خليل. وقرأ القراءآت على أبي عبد الله الفاسي. وتوفي إلى رحمة الله في ذي القعدة عن ست وستين سنة. وهو والد المفتي شهاب الدين والشيخ ركن الدين، والشيخ عفيف الدين المحمدين. 363 - عبد الله بن عمر بن نصر. الأديب، العالم، موفق الدين، أبو محمد الأنصاري، الورن. توفي بمصر في صفر. قال قطب الدين: كان قادرا على النظم، وله مشاركة في الطب والوعظ والفقه، حلو النادرة، لا تمل مجالسته. أقام ببعلبك مدة، وقد خمس مقصورة ابن دريد، ورثى بها الحسين رضي الله عنه. ومات كهلا. ومن شعره:
(جميعي لسان وهو باسمك ناطق .......... وكلي قلب عند ذكرك خافق)

(وإني وإن لم أقض فيك صبابة .......... فما أنا في دعوى المحبة صادق)

(خليلي ما للبرق يخفق غيرة .......... أبرق حماها مثل قلبي عاشق)

(تميل قدود البان شوقا لقدها .......... فتنطق إشفاقا عليها المناطق)

(وينشق قلبي للشقائق غيرة .......... إذا حدقت يوما إليها الحدائق)

(50/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 271
364 - عبد الله بن مسعود. الصدر الكبير جمال الدين اليزدي. ولي نظر جامع دمشق، والخوانق أيام التجيبي، ثم عزل بعده. توفي بدمشق في صفر. 365 - عبد الباقي بن عبد الرحمن بن خليل. الإمام عز الدين الأنصاري، المصري، والد المحدث أبي بكر محمد. رئيس عالم نبيل، ولي خاطبة جامع الفسطاط مدة. وتوفي في جمادى الأولى. 366 - عبد الرحمن بن حسين بن يوسف. الشاطبي، ثم الإسكندراني، العدل، وجيه الدين، أبو القاسم. سمع كتاب ((الشفا)) من ابن جبير الكناني، و ((الخلعيات)) من ابن عماد. وأكثر عن العثماني الصغير. وعاش أربعا وسبعين سنة. مات في جمادى الآخرة. أجاز للبرزالي. 367 - عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن الحسن.

(50/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 272
الإمام، جمال الدين ابن الشيخ الإمام نجم الدين الباذرائي، الشافعي. درس بمدرسة والده إلى أن مات عن نيف وخمسين سنة. وكان صدرا رئيسا، حسن الأخلاق، كريما. توفي في رجب، ودرس بعده الشيخ تاج الدين. يروي عن: الكاشغري، وابن الخازن. سمع منه: ابن جعوان، والسيبي. 368 - عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة. الصاحب قاضي القضاة مجد الدين، أبو المجد بن الصاحب العلامة كمال الدين أبي القاسم ابن العديم العقيلي، الحلبي، الحنفي. ولد سنة ثلاث عشرة أو قريبا منها. وسمع من: ثابت بن مشرف حضورا، ومن: عم أبيه القاضي أبي غانم محمد بن هبة الله، وأبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان، وأبي حفص السهروردي، وعبد الرحمن بن بصلا، وأبي المحاسن يوسف بن شداد الحكم، وعبد اللطيف بن يوسف، وابن روزبة، وابن اللتي، وأبي الحسن بن الأثير، وأبي حفص عمر بن علي بن قشام، وأبي المجد القزويني، وأبي الوفاء محمد بن حمزة الحراني، ومحمد بن عبد الجليل الميمني، وطائفة بحلب.

(50/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 273
وأبي علي بن الزبيدي، وأبي الحسن محمد بن المبارك بن أيوب، وجماعة بمكة، وأبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، وطبقتهم بدمشق. ومنصور بن المعوج، وإبراهيم بن عثمان الكاشغري، وإلياس بن أنجب الغراد، وجماعة بدمشق. والحسن بن دينار، وابن الطفيل، وجماعة بمصر. ومحمد بن عمر القرطبي بالمدينة، وهبة الله ابن الواعظ بالإسكندرية. وقرأ بالسبع على الفاسي. وخرج له شيخنا ابن الظاهري ((معجما)) في مجلدة. وأجاز له المؤيد الطوسي، وجماعة. وكان صدرا معظما، مهيبا محتشما، ذا دين وتعبد وأوراد، وسيرة حميدة، لولا بأو فيه وتيه، رحمه الله. وكان إماما، مفتيا، مدرسا، بارعا في المذهب، عارفا بالأدب. وهو أول حنفي ولي خطابة جامع الحاكم، ودرس بالظاهرية التي بالقاهرة، وحضر السلطان، وهو لم يأت بعد، وطلبه السلطان فقيل: حتى يقضي ورده الضحى. ثم جاء وقد تكامل الناس، فقام كلهم له، ولم يقم هو لأحد. ثم قدم على قضاء الشام. وكان بزي الوزراء والرؤساء، لم يعبأ بالمنصب، ولا غير لبسه، ولا وسع كمه. وقد مر ليلة بوادي الربيعة، وهو مخوف إذ ذاك، فنزل وصلى ورده بين العشاءين والغلمان ينتظرونه بالخيل، فلما فرغ ركب وسار. ثم وجدت أنه ولد في جمادى الأولى سنة أربع عشرة. وكان رحمه الله يتواضع للصالحين، ويعتقد فيهم. وقد درس بدمشق بعدة مدارس. وسمع منه: ابن الظاهري، والدمياطي، والحارثي، وشرف الدين

(50/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 274
الحسن بن العطار، وشمس الدين ابن جعوان، ومجد الدين ابن الصيرفي، والقاضي شمس الدين محمد بن الصفي، وجماعة كثيرة. وأجاز لي مروياته. وتوفي في سادس عشر ربيع الآخر. ودفن بتربته قبالة جوسق ابن العديم عند زاوية الحريري، وكان يوما مشهودا، ورثته الشعراء، فمن ذلك ما أنشدني المولى القاضي شهاب الدين محمود بن سلمان الكاتب لنفسه:
(رقادي أبى إلا مفارقة الجفن .......... وقلبي نأى إلا عن الوجد والحزن)

(أبيت وراحي أدمعي وكآبتي .......... كؤوسي وحزني مؤنسي والأسى خدني)

(وأضحى وطرفي يحسد العمي إذ .......... يرى حمى المجد تغشاه الخطوب بلا إذن)

(ألا في سبيل المجد وجد وأدمع .......... وهبتهما للبرق إن كل والمزن)

(لأنهما سنا الحداد وأقبلا .......... يزوران في سود الملابس والدكن)

(ثوى المجد في حزن من الأرض .......... فاغتدت تتيه على سهل الربى روضة الحزن)

(وكان لوفد الجود مغناه كعبة .......... يطوفون منها من يمينه بالركن)

(فأضحت وهذا القلب مرمى جمارها .......... وأسست وهذا الجفن مجرى دم البدن)

(غدت بعده كأس العلوم مريرة .......... وكانت به من قبل أحلا من الأمن)

(كأن سماء الدست من بعد شخصه .......... تغشى محياها عبوس من الدجن)

(كأن غروس الفضل عزت قطوفها .......... وطالت وقد غاب المدلل والمدني)

(أمر على مغناه كي يذهب الأسى .......... كعادته الأولى فيغري ولا يغني)

(وتنثر عيني لؤلؤا كان كلما .......... يساقطه من فيه تلقطه أذني)

(وأحسد عجم الطير فيه لأنها .......... تزيد على إعراب نظمي باللحن)

(وأقسم أن الفضل مات لموته .......... ويخطر في ذهني أخوه فأستثني)
ورثاه شهاب الدين أيضا بقصيدة أولها:

(50/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 275

(أقم يا ساري الخطب الذميم .......... فقد أدركت مجد بني العديم)

(هدمت، وكنت تقصر عنه، بيتا .......... له شرف يطول على النجوم)

(عثرت وقد ضللت بطود علم .......... أما تمشي على السنن القويم)

(صحيح الزهد غادره تقاه .......... وخوف الله كالنضر السقيم)

(وكم قد بات وهو من الخطايا .......... سليم النفس في ليل السليم)
369 - عبد الرحيم بن عبد الحميد بن محمد بن ماضي. المقدسي، أخو شيخنا هدية. رجل خير، مات بمصر في ذي القعدة، رحمه الله تعالى. 370 - عبد الملك بن يوسف بن عبد الوهاب بن عمر. المحدث، نجم الدين السهرزوري. إمام مسجد فيروز بمقابر باب الفراديس، وأحد الشهود بالعقيبة. سمع الحديث الكثير، وكتب الطباق والأجزاء. وحدث. ولد سنة ست عشرة وستمائة. وسمع من: ابن الزبيدي، والمسلم المازني، وابن اللتي، والإربلي، وابن باسويه. روى لنا عنه ابن العطار. وكان من فقهاء العزيزية. توفي في الحادي والعشرين من جمادى الأولى. وكان يعرف بابن الباقلاني. 371 - العزفي. صاحب سبتة وأعمالها الشيخ أبو القاسم بن الفقيه أبي العباس أحمد. امتدت دولته، فإنه تملك من بعد والده.

(50/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 276
وتوفي في ذي الحجة بسبتة، رحمه الله. 372 - علي بن إسماعيل بن إبراهيم. العدل نجم الدين ابن القصاع الدمشقي. أحد عدول (...). سمع من أبي المجد القزويني. وما كأنه حدث. توفي في ذي القعدة. 373 - علي بن محمد بن سليم. الصاحب، الوزير الكبير، بهاء الدين ابن حنا المصري. أحد رجال الدهر حزما وعزما ورأيا ودهاء وخبرة بالتصرف. استوزره الملك الظاهر، وفوض إليه الأمور، ولم يجعل على يده يدا، فساس الأحوال، وقام بأعباء المملكة، وأخمل خلقا ممن ناوأه. وكان واسع الصدر، عفيفا، نزها، لا يقبل لأحد شيئا إلا أن يكون من الصلحاء والفقراء. وكان قائلا بهم يحسن إليهم ويحترمهم ويدر عليهم الصلات. وقد قصده غير واحد بالأذى، فلم يجدوا ما يتعلقون به عليه. واستمر في وزارة الملك السعيد، وزادت رتبته. وله مدرسة وبر وأوقاف ومتاجر كثيرة. ابتلي بفقد ولديه فخر الدين ومحيي الدين فصبر وتجلد.

(50/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 277
ولسعد الدين الفارقي الكاتب فيه:
(يمم عليا فهو بحر الندا .......... وناده في المضلع