88

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف160.حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي في الضعفاء له 60 حديثا أُخر فيكون  كل الضعيف في كل المستدرك 160 حديثا من مجموع 8803=الباقي الصحيح =8743.فهذه قيمة رائعة لمستدرك الحاكم

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الأحد، 21 أغسطس 2022

مجلد35.و36.تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام.

 

35. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام. شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون 

 الصفحة 496
(أما يكفيك أنك كل حينٍ .......... تمُرّ بقَبر خِلٍّ أو حبيبِ)

(كأنك قد لحقْت بهم قريباً .......... ولا يُغنيك إفراط النحيب)
قال الضياء: توفي يوم السبت، يوم الفطر، ودُفن من الغد، وكان الخلْق لا يُحصي عددهم إلا الله عز وجل. وكنت فيمن غسَّله. توفي بمنزله بدمشق.
4 (عبد الله بن أحمد بن علي بن هبة الله.)
الشريف أبو محمد ابن الزوال، الهاشمي، العباسي، البغدادي. ولد سنة ثمان وخمسمائة. وسمع من: يحيى بن ثابت، وأبي المعالي الباجِسرائي، وأبي محمد ابن الخشّاب. وهو من بيت حِشمة وتقدَّم. توفي في ليلة عاشوراء. وقد ناب في القضاء ببغداد، ثم عُزل من القضاء والعدالة بسبب تزوير. ولم يكن محمود الشهادة.
4 (عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان التميمي.)
أبو محمد البَجائي المغربي، المعروف بابن الخطيب. سمع من الحافظ أبي محمد عبد الحق الإشبيلي. وأخذ عن أبي القاسم عبد الرحمن بن يحيى القرشي مختصرة في القراءات. وسمع صحيح مسلم من أبي عبد الله ابن الفخّار. وأجاز له أبو طاهر السلفي. ولي قضاء سَبتة، ثم قضاء بَلَنسية. وكان وجيهاً، ذا حشمة وثروة ولم يكن الحديث من شأنه.

(44/496)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 497
حدث بيسير. ومات بتونس في ربيع الأول. قاله الأبّار.)
4 (عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله.)
أبو القاسم التَّفليسي المغازلي الصوفي، نزيل بغداد. شيخ معمَّر. قدم بغداد واستوطنها، وصحب الشيخ أبا النجيب، وسمع معه من: هبة الله بن أحمد الشبلي، وابن البطي، وأبي زُرعة. وحدث. وقيل: إنه جاوز المائة. روى عنه: الدبيثي، والزين خالد، وجماعةٌ. وتوفي في سادس عشر ربيع الأول.
4 (عبد الله بن عُبيد الله بن عبد الله بن عبد الملك بن علي.)
أبو محمد اللخمي، الباجي. أخذ قراءة نافع، وأبي عمرو، عن أبي محمد بن مّعاذ. وسمع من أبي عبد الله ابن المجاهد الزاهد وكان من كبار أصحابه. وأخذ العربية عن أبي إسحاق بن مَلْكون، وأبي القاسم بن حُبيش. وحدث بيسير. وعمِّر، وأسنَّ، وكُفّ بصره. وكان يُقرئ القرآن. وتوفي في شعبان، وله ثمان وثمانون سنةً.

(44/497)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 498
4 (عبد الله بن عمر بن عبد الله.)
القاضي جمال الدين أبو محمد الدمشقي الشافعي. قاضي اليَمن. ولد بدمشق في حدود ثلاثين وخمسمائة، وعاش تسعين سنة. وسمع بالإسكندرية من السلفي، وغيره. وتوجّه من دمشق صُحبة شمس الدولة تورانشاه بن أيّوب، إلى اليمن، وأمّ به، وتقدَّم عنده فولاّه قضاء اليمن. وحصّل أموالاً، وعاد إلى دمشق. وحدث روى عنه: الشهاب القوصي، وفَرَج الحَبشي، والزين خالد النابُلُسي، وعِدّة.) سمع من علي بن أحمد الحَرَستاني. ومات في ربيع الأول.
4 (عبد الله بن محمد بن خَلَف بن اليُسْر.)
أبو محمد القُشيري، الغَزناطي. معتنٍ بالقراءات عريق فيها من أعمامه وأخواله. اختصّ بأبي خالد بن رِفاعة، ولزم أبا الحسن بن كوثر فأكثر عنه. وسمع من عبد الحق بونه، وجماعة. أخذ عنه ابن مسدي، وأرّخ موته بمرّاكش عن نيّف وستين سنة.

(44/498)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 499
4 (عبد الحميد بن مَري بن ماضي بن نامي.)
أبو أحمد الحسّاني المقدسي الحنبلي. نزيل بغداد وبها توفي في جمادى الآخرة. حدث عن: ابن كُليب، وأبي الفَرَج ابن الجوزي. روى عنه: الضياء، وغيره.
4 (عبد الرحمن بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن مسلِم.)

(44/499)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 500
أبو محمد الزبيدي، ثم البغدادي. من بيت الحديث والفضل. كان فقيهاً، عالماً، مناظراً، فرَضياً. ولد سنة ثلاث وخمسين. وسمع من: أبي الفتح بن البطي، وأحمد بن عمر بن بُنَيمان، وجماعة. وولي مشيخة رباط الشونيزي. روى عنه، الدبيثي وقال: توفي في يوم الجمعة سلخ رمضان.
4 (عبد الرحمن بن أبي السعود الطيّب بن أحمد بن علي بن رزقون بتقديم الراء.)
أبو القاسم القيسي، من أهل الجزيرة الخضراء. أخذ عن أبي محمد بن عُبيد الله. توفي بالجزيرة عام عشرين.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين.)
) الإمام المفتي فخر الدين، أبو منصور الدمشقي، الشافعي، ابن عساكر، شيخ الشافعية بالشام.

(44/500)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 501
ولد في سنة خمسين وخمسمائة. وسمع من عمّيه: الصائن هبة الله وأبي القاسم الحافظ، وعبد الرحمن ابن أبي الحسن الداراني، وحسان بن تميم الزيّات، وأبي المكارم عبد الواحد ابن هِلال، وداود بن محمد الخالدي، ومحمد بن أسعد العراقي، وأبي المعالي بن صابر، وجماعة. وتفقه على الشيخ قُطْب الدين النيسابوري، حتى برع في الفقه. وزوّجه القطب بابنته، فجاءه منها ولد سماه باسم جده قُطب الدين مسعود ومات شاباً، ولو عاش لخَلَف جده وأباه. وقد ولي فخر الدين تدريس الجاروخية، ثم تدريس الصلاحية بالقُدس، ثم بدمشق تدريس التقوية. فكان يقيم بالقدس أشهراً، وبدمشق أشهراً. وكان عنده بالتقوية فضلاء الوقت، حتى كانت تسمى نظامية الشام. وهو أول من درّس بالعَذْراوية، وذلك في سنة ثلاث وتسعين، ماتت الست عذراء بنت شاهنشاه بن أيوب، أخت عز الدين فرُخشاه، فدُفنت بدارها، وكانت أمرت بدارها لأمها فوقفتها الأم على الشافعية والحنفية. وكان لا يملّ الشخص من النظر إليه لحُسن سمته، واقتصاده في لباسه، ولُطفه، ونور وجهه، وكان لا يخلو لسانه من ذكر الله في قيامه وقعوده. وكان يُسمع الحديث تحت النسر وهو المكان الذي كان يُسمع فيه على الحافظ أبي القاسم عمّه. قال أبو شامة: سألته مسائل فقهية وكان الملك المعظّم قد أرسل إليه ليوليه القضاء، فأبى، فطلبه ليلاً، فأتاه، فتلقاه، وأجلسه إلى جانبه، فجلس مستوفزاً، فأحضر الطعام فلم يأكل منه شيئاً، فأمره وألحّ عليه أن يتولى القضاء، فقال: حتى أستخير الله تعالى. فأخبرني من كان معه قال: رجع إلى بيته، ووقف يصلي، ويتضرع، ويبكي إلى الفجْر، ثم صلى الصبح، ودخل بيته الصغير الذي

(44/501)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 502
عند محراب الصحابة وكان أكثر النهار يتعبّد ويُفتي ويُطالع فيه، ويجدد الوضوء من طهارة المئذنة، وهذا البيت هو الذي كان يخرج منه خلفاء بني أمية قبل أن يغير الوليد الجامع قال: فلما طلعت الشمس أتاه من جهة السلطان جماعة، فأصر على الامتناع، وأشار بتولية ابن الحرستاني، فولي. وكان قد خاف أن يُكرَه على القضاء، فجهّز أهله للسفر وخرجت المحابر إلى ناحية حلب، فردّها الملك العادل وعز عليه ما جرى. قال: وكان يتورّع من المرور في رواق الحنابلة لئلا يأثموا بالوقيعة فيه، وذلك أن عوامهم) يُبغضون بني عساكر، لأنهم أعيان الشافعية الأشعرية. وعدل الملك المعظّم عن توليته المدرسة العادلية، لكونه أنكر عليه تضمين المُكوس والخُمور، ثم إنه لما حج أخذ منه التقوية، وأخِذت منه قبل ذلك الصلاحية التي بالقدس، وما بقي له إلا الجاروخية. وقال أبو المظفّر الجوزي: كان زاهداً، عابداً، ورِعاً، منقطعاً إلى العلم والعبادة، حَسَن الأخلاق، قليل الرغبة في الدنيا. توفي في عاشر رجب. ولم يتخلّف عن جِنازته إلا القليل. قال أبو شامة: أخبرني مَنْ حضر وفاته، قال: صلى الظهر، ثم جعل يسأل عن العصْر، فقيل له: لم يقرب وقتها، فتوضأ، ثم تشهّد وهو جالس، وقال: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، ومحمد نبياً. لقنني الله حُجّتي، وأقالني عَثرتي، ورحِم غُربتي، ثم قال: وعليكم السلام. فعلِمنا أنه قد حضرت الملائكة. ثم انقلب على قفاه ميتاً. وغسّله الفخر ابن المالكي، والتاج ابن أخيه زين الأمناء. وكان مرضه بالإسهال وصلى عليه بالجامع أخوه زَين الأمناء، ومن الذي قدر على الوصول إلى سريره

(44/502)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 503
وقال عمر ابن الحاجب: هو أحد الأئمة المبرزين، بل واحدهم فضلاً، وكبيرهم قدراً، شيخ الشافعية في وقته. وكان إماماً، زاهداً، ثقة، كثير التهجّد، غزير الدمعة، حسن الأخلاق، كثير التواضع، قليل التعصّب، سلك طريق أهل اليقين، وكان أكثر أوقاته في بيته في الجامع، ويزجي أكثر أوقاته في نشْر العلم. وكان مطَّرح التكلف. وعُرض عليه مناصب وولايات دينية فتركها. ولد في رجب سنة خمسين، وفي رجب توفي وكان الجمع لا يَنْحصر من الكَثرة. حدّث بمكة، ودمشق، والقدس. وصنّف في الفقه والحديث عدة مصنفات. وسمعنا منه. وقال الشهاب القوصي في معجمه: كان شيخنا فخر الدين كثير البكاء سريع الدموع، كثير الورع والخشوع، وافر التواضع، عظيم الدين كثير البكاء سريع الدموع، كثير الورع والخشوع، وافر التواضع، عظيم الخُضوع، كثير التهجّد، قليل الهُجوع. مبرّزاً في علمي الأصول والفروع. جُمعت له العلوم والزهادة. وعليه تفقّهت، وأحرزتُ الإفادة. لازم القطب النيسابوري حتى بَرَع. قرأت عليه من حفظي كتاب الخلاصة للغزالي. وسمعت منه الأربعين البلدية لعمّه. ودُفن جوار تربة شيخه القُطب. وروى عنه: الزكي البِرزالي، والضياء المقدسي، والتاج عبد الوهّاب ابن زَيْن الأمناء، والزين) خالد، والكمال العَديمي. وسمعنا بإجازته على عمر ابن القوّاس. وتفقّه عليه جماعة منهم: الشيخ عز الدين بن عبد السلام.
4 (عبد الرحمن بن مُقبِل، عفيف الدين المصري، الشرابي.)
حدث عن أبي طاهر السلفي. روى عنه: الزكي المنذري، وغيره. ومات في ذي الحجة.
4 (عبد الرحمن اليَمَني الزاهد.)
نزيل دمشق.

(44/503)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 504
ذكره أبو شامة فقال: المقيم بالمنارة الشرقية بالجامع. وكان قوّالاً بالحق، عابداً. ولما خرج الفرنج حضر هو والشيخ فخر الدين ابن عساكر، والشيخ جمال الدين ابن الحصيري، إلى الملك العادل وأنكروا عليه عدَم حِفظ الثغور. وكان هو أشدّهم كلاماً له. توفي في المحرم.
4 (عبد السلام بن المبارك بن أبي الغنائم عبد الجبار بن محمد بن عبد السلام.)
أبو سعد، ابن البَرْدَغولي، البغدادي العَتّابي. شيخٌ صالحٌ متيقظ، عالي الرواية. ولد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. وحدّث هو، وأبوه، وعمّه الحسن، وهم من محلّة العتّابيين ببغداد. سمع من: واثق بن تمام الهاشمي، وأحمد ابن الطَّلاّية، وعبد الخالق اليوسفي، وابن البطّي. روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، وابن النجار. وآخر من حدّث عنه الجمال محمد بن أبي الفَرَج ابن الدبّاب سمع منه جزء ابن الطَّلاّية. وتوفي في المحرم.
4 (عبد الواحد بن المبارك بن أبي بكر بن المُستَعمل الحريمي.)
أبو منصور. ولد سنة خمس، أو ستّ وأربعين وخمسمائة. سمع من: أبي الوقت، وأبي علي ابن الخرّاز، وأبي المعالي ابن اللحّاس.

(44/504)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 505
روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، وغيرهما.) وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (عثمان بن محمد بن أبي علي.)
القاضي، الإمام عماد الدين أبو عمرو، الكُردي، الحُميدي، الشافعي. تفقه بالمَوْصل على غير واحدٍ، ثم رحل إلى الإمام أبي سَعد بن أبي عَصرون، واشتغل عليه مدّة. وقدِم مصر، فولي قضاء دِمياط، ثم قدم وناب بالقاهرة عن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الملك الماراني. ودرّس بالمدرسة السيفية، وبالجامع الأقمر، ثم حج، وجاور إلى أن مات في ربيع الأول. وكان فاضلاً، وقوراً، حسن السمْت.
4 (علي بن إبراهيم بن تُرَيْك بن عبد المحسن بن تُرَيْك.)
أبو القاسم الأزجي، البيِّع. ولد سنة خمسين وخمسمائة. وسمع من عمّه أبي الفضل عبد المحسن. ومات في ذي القَعدة.
4 (علي بن أبي السعادات المبارك بن علي بن فارس.)

(44/505)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 506
أبو الحسن ابن الوارث، البغدادي. ولد سنة تسع وأربعين. سمع من: يحيى بن ثابت بن بُنْدار، وسليمان بن فيروز العَيْشوني، وأبي محمد ابن الخشّاب، وعبد الله بن منصور ابن المَوصلي، وأحمد بن المبارك المُرقّعاتي، وأبي محمد ابن الخشّاب، وخلق كثير. وكتب الكثير من الكتب والأجزاء، ولازم السماع مدة طويلة. وكان محدّثاً صدوقاً. توفي في رمضان.
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن محمد بن عبد الرحمن بن دحمان.)
أبو محمد الأنصاري، المالقي.) أخذ عن: عمه القاسم بن عبد الرحمن، وأبي مروان بن قَزْمان. بقي إلى حدود هذه السنة.
4 (قريش بن سُبيع بن مُهنا بن سُبيع.)
الشريف أبو محمد العلَوي الحسيني المدني، نزيل بغداد. ولد بالمدينة في رأس الأربعين وخمسمائة. وقدم بغداد، وطلب، وسمع الكثير، وحصّل، وعُني بالحديث. وسمع من: أبي الفتح بن البطي، وأبي زُرعة، وأبي بكر ابن النَّقور، والمبارك بن خُضير، وطبقتهم. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، وأهل بغداد، وغيرهم. توفي في ذي الحجة.

(44/506)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 507
4 (حرف الكاف)

4 (كاملية بنت محمد بن أحمد بن عمر العَلَوي.)
سمّعها عنّها المحدِّث علي بن أحمد الزيدي من أبي الفتح بن البطي. وماتت في المحرّم.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الفوارس.)
أبو عبد الله البغدادي المالكي، ويعرف بابن العُريِّسة. ولد سنة أربعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الوقت، وأبي الفتح بن البطي. وأجاز له ابن ناصر. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، وغيرهما. وحدّث ب البخاري و الدارمي عن أبي الوقت. وكان شيخاً مَطبوعاً، متودّداً، حسن الأخلاق. من جُملة حُجّاب الخلافة. وجدّه محمد بن أبي الفوارس هو الملقّب بالعُريِّسة. توفي في سادس شعبان. ونسبته بالمالكي لأنه كان يذكر أنه من ولَد مالك بن أنس.) ويقال له: الحمَامي بالتخفيف كان يلعب بها.

(44/507)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 508
4 (محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد البرّ.)
أبو عبد الله الخَولاني، الأندلسي. سمع من: أبي القاسم بن بُشْكُوال، وأبي بكر بن خَيْر، وأبي القاسم بن غالب وأخذ عنه القراءات والعربية، ولازم ابن بُشْكُوال أعواماً. وحدث. قال الأبّار: كان فاضلاً، سُنّياً، معدَّلاً. توفي سنة عشرين، وقيل: في المحرم سنة إحدى.
4 (محمد بن إسماعيل الإخْميمي الفقيه.)
ولد سنة خمسين وخمسمائة. وحدث عن السلفي. روى عنه الشهاب القوصي في معجمه.
4 (محمد بن الحسن بن أحمد بن يوسف.)
أبو عبد الله المغربي، السَّبتي، التُّجيبي. سمع من: أبي القاسم بن حُبيش، وأبي عبد الله بن حَميد، وأكثر عن أبي محمد بن عُبيد الله الحَجَري. وكان بارعاً في الشروط. سكن إشبيلية، وحدّث بها.
4 (محمد بن سليمان بن قترمش.)
أبو منصور السمرقندي، ثم البغدادي، حاجب الحُجّاب. كان من أولاد الأمراء، ولي الحجابة الكبرى سنة خمس عشرة.

(44/508)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 509
وكان أديباً، فاضلاً، أخبارياً، علاّمة، لغوياً، متفنّناً، مليح الكتابة، إلا أنه كان قليل الدين لا يعتقد شيئاً. قاله ابن النجار، وقال: حُكي لي عنه أنه كان يُفطِر في رمضان، ولا يصلي، ويرتكب المحرَّمات، ويذهب مذهب الفلاسفة. كتبت عنه في شعره. وعاش سبعاً وسبعين سنة.
4 (محمد بن عبد الجليل.)
الإمام تاج الدين الخُواري، الحنفي. له شعر متوسّط.) روى عنه القوصي، وقال: كان مناظراً، متفنّناً. توفي بدمشق.
4 (محمد بن عبيد الله بن غيّاث.)
أبو عمرو الجُذامي، الشَّريشي، الأديب الشاعر. روى عن: ابن الجدّ، وابن بُشْكُوال. وعاش أربعاً وثمانين سنة.

(44/509)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 510
4 (محمد بن عُروة.)
شرف الدين المَوْصلي. المنسوب إليه مشهد ابن عُروة من جامع دمشق وإنما نُسب إليه لأنه كان مخزناً فيه آلات تتعلق بالجامع، فعزّله، وبيّضه، وعمل له المحراب والخِزانتين ووقف فيهما كتباً، وجعله دار حديث. قال أبو المظفّر الجوزي: كان ابن عُروة مقيماً بالقدس. وكان يداخل المعظَّم وأصحابه ويعاملهم، ويؤذي الفقراء خصوصاً الشيخ عبد الله الأرْمني فإنه انتقل عن القدس بسببه. فلما خرّب المعظّم انتقل إلى دمشق.
4 (محمد بن علي بن إبراهيم بن خَلَف.)
أبو عبد الله الأسَدي، السبتي، شيخ القرّاء بغَرناطة. ظاهر الجلالة، بارز العدالة، وله الإسناد العالي. ولد قبل الثلاثين وخمسمائة.

(44/510)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 511
وتلا بالسبْع على القاسم بن محمد بن ابن الزقاق، صاحب منصور بن الخيِّر، وتصدّر للإقراء. تلا عليه بالروايات أبو بكر ابن مَسدي، وأثنى عليه، وقال: مات سنة عشرين.
4 (محمد بن عيسى بن محمد بن أصبَغ.)
الإمام أبو عبد الله، ابن المناصف، الأزدي القرطبي، نزيل إفريقية. تفقه على قاضي تونس أبي الحجّاج المخزومي وسمع بها من أبي عبد الله بن أبي دَرقة. قال الأبّار: كان عالماً، متقناً، مدققاً نظاراً، واقفاً على الاتفاق والاختلاف، معلِّلاً مُرْجِّحاً، مع الحظ الوافر من اللغة والآداب والشعر. سمعت منه كثيراً، ولم يكن له علم بالحديث. وألّف) كتاباً في الجهاد، وكتاباً في الأحكام، واستدرك على القاضي عبد الوهاب في التلقين باب السَّلَم لإغفاله ذلك. وولي قضاء بَلَنسية، ثم قضاء مُرسية. وكان ذا سيرة عادلة، وشارة جميلة، صُلباً، في الحق. وكانت فيه حدّةٌ مفرطة فصُرف لذلك، ثم لحق بمرّاكش. وتوفي في ربيع الآخر أو جمادى الأولى، وله سبع وخمسون سنة، رحمه الله تعالى.
4 (محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد الغزّال.)
أبو جعفر بن أبي بكر، الإصبهاني، المقرئ، أخو الحافظ أبي رشيد وكان أبو جعفر أكبر بسنتين. ولد في المحرم سنة سبع وستين وخمسمائة بإصبهان.

(44/511)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 512
وسمع الكثير بإفادة والده ومؤدّبه. وقرأ القراءات، وصحب العلماء والأولياء، وانقبض عن الناس، ولزم منزله لا يخرج إلا الصلاة. وله مُلك يسير يكفيه، ولا يأخذ من أحد شيئاً. قدم بغداد سنة ثمان وتسعين، فحدّث بها. قال ابن النجار: سمعنا منه: وكان صدوقاً. أحد عباد الله الصالحين، حميد الأخلاق، كامل الوصاف، سخياً، نزهاً. روى لنا عن إسماعيل بن غانم بن خالد. وسمعت منه أيضاً بإصبهان. توفي في رمضان سنة عشرين.
4 (محمد بن مكي بن بكر بن كخينا.)
أبو منصور الواسطي البزّاز. سكن دمشق، وسمع بها الكثير من: الخُشوعي، والقاسم بن عساكر، وطبقتهما. وكتب، وحصّل الأصول، وعُني بالرواية. ورحل إلى بغداد سنة سبع عشرة وستمائة، وحدث بها. وكان مولده سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة بسواد واسط تقريباً. قال ابن النجار: رأيته بدمشق، ولم أكتب عنه شيئاً. وكان صدوقاً. وتوفي بحلب سنة عشرين. قلت: هو الذي انفرد بنقل سماع كريمة الجزء الرافقي ولم يكن متقناً، رحمه الله.
4 (محمد بن أبي الحسن بن أبي نصر.)

(44/512)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 513
الشيخ أبو الفضل المقرئ البغدادي الضرير، المعروف بالخطيب. قرأ بالروايات على أبي الحسن علي بن عساكر، وسعْد الله بن نصر ابن الدَّجاجي صاحب) الزاهد أبي منصور الخيّاط وسمع منهما ومن ابن البطي، وأبي زُرعة، وجماعة. وحدث. وأقرأ الناس، وكان عالي الإسناد في القراءات. روى عنه: الدبيثي، وغيره. وتوفي في سابع عشر المحرم. ولم يكن خطيباً، وإنما لُقّب به.
4 (محمد بن أبي المظفّر بن شُتّانة.)
بمثنّاة لا بموحَّدة، يُكنى: أبا البركات. سمع: أبا الحسين عبد الحق، وابن شاتيل. كتب عنه بعض الطلبة. توفي في شعبان.
4 (محمد بن أبي المعالي بن محمد بن غَريب.)
أبو جعفر البغدادي، أحد القُرّاء بتُرَب الخلفاء. روى عن أبي جعفر البطي. روى عنه ابن النجّار، وقال: صدوقٌ. توفي في ربيع الأول.

(44/513)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 514
4 (محمود بن كي رَسلان.)
أبو الثناء المَوصلي التركي الجُندي. من أجناد صاحب المَوْصل نور الدين رَسلان شاه، وابنه مسعود. مات في صفر عن أربع وسبعين سنة. وكان رافضياً غالياً. له ديوان شعر. روى عنه المبارك ابن الشعّار، فمن شعره:
(ألا ما لقلبي لا يُبك عليله .......... وما لفؤادي لا يُبلّ غليل)

(بروحي من أصبحت عبد جماله .......... فهذا الجميل الوجه أين جميله)

(يُحَمّلني عبثاً على القُرب والنوى .......... يَهُدُّ قُوى العُشّاق منه ثقيله)

4 (مسافر بن يَعمر بن مسافر.)
) أبو النائم المصري، الجِيزي، الحنبلي، المؤدِّب، الصوفي. الرجل الصالح. سمع من عَشير بن علي، وغيره. وصحب الصالحين، ولبس الخِرقة من عيسى ابن الشيخ عبد القادر. وكان خيّراً متعبّداً، عَمّالاً مبالغاً في الإيثار مع الإقتار. سمع منه الزكي المنذري، وقال: توفي في ربيع الأول.
4 (المظفر بن أسعد بن حمزة ابن القَلانِسي.)
التميمي الدمشقي، الرئيس عز الدين. كان كيّساً، متواضعاً، مُحتشماً. لزم التاج الكِندي مدة وتأدّب به. سمع من أبي القاسم بن عساكر.

(44/514)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 515
وتوفي في رمضان.
4 (منصور بن سيد الأهل بن ناصر.)
أبو علي المصري، الكُتُبي، الواعظ، المعروف بالقَزويني لأنه كان يسلك في الوعظ طريقة الواعظ المشهور أبي القاسم محمود بن محمد القَزويني. سمع من السِّلفي. روى عنه: الزكي عبد العظيم، وغيره. ومات في ربيع الآخر.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن سعيد بن أبي نصر محمد بن أبي تمام.)
القاضي أبو المجد التَّكريتي، ثم المارِديني. تفقه ببغداد، وسمع شُهدة، وخطيب المَوصل أبي الفضل. وحدث بدمشق، وبغداد. وولي قضاء مارِدين. ومات في ذي القعدة.
4 (يحيى ابن الشيخ أبي الفتوح محمد بن علي بن المبارك ابن الجَلاجُلي.)
أبو علي البغدادي.) توفي ببغداد كهلاً، وقد سمع من وفاء بن البَهيّ، وابن شاتيل. وله شعر جيد.

(44/515)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 516
4 (يوسف بن أحمد بن طحلوس.)
أبو الحجّاج الأندلسي، من جزيرة شَقْر. صحب أبا الوليد بن رُشد، وأخذ عنه من علومه. وسمع من: أبي عبد الله بن حَميد، وأبي القاسم بن وضّاح. وكان آخر الأطباء بشرق الأندلس، مع التصوّن، ولين الجانب، والتحقّق بالفلسفة، ومعرفة النحو، وغير ذلك.
4 (يوسف بن محمد بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي، السلطان المستنصر بالله.)
الملقب بأمير المؤمنين أبي يعقوب، القَيسي المغربي، صاحب المغرب. لم يكن في بني عبد المؤمن أحسن منه صورة، ولا أبلغ خطاباً ولكنه كان مشغوفاً باللذات. ومات وهو شابٌ، في هذه السنة. ولم يخلف ولداً. فاتفق أهل دولته على تولية الأمر لأبي محمد عبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي، فلم يُحسن التدبير ولا المُداراة. ولد يوسف في سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وأمه أم ولد رومية اسمها قمر. وكان صافي السمرة، شديد الكُحل، يُشبّهونه كثيراً بجده. وكانت دولته عشر سنين وشهرين. وَزَر له أبو يحيى الهَزْرَجي، وحَجَبه مُبشِّر الخصيّ، ثم

(44/516)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 517
فارج الخصِي. وقضى له قاضي أبيه أبو عمران موسى بن عيسى. وكتب له الإنشاء أبو عبد الله بن عيّاش كاتب أبيه وجده، ثم أبو الحسن بن عيّاش. ثم توفيا سنة بضع عشرة، فأحضر من مُرسية قاضيها أبا عبد الله محمد بن يَخْلَفتَن الغازازي، فولاّه الكتابة. وكان الذين قاموا ببيعته عن جده أبو موسى عيسى بن عبد المؤمن. وكان عيسى آخر أولاد عبد المؤمن وفاةً تأخر إلى حدود العشرين وستمائة، ويحيى بن عمر بن عبد المؤمن، وكانا قائمين على رأسه يوم البَيعة، يأذَنان للناس. قال عبد الواحد بن علي التميمي: حضرتُ يوم البيعة فبايعه القرابة، ثم أشياخ الموحّدين، وأبو عبد الله بن عيّاش قائم يقول للناس: تُبايعون أمير المؤمنين ابن أمراء المؤمنين على ما بايع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من السمع والطاعة في المَنْشَط والمَكْره واليُسر) والعُسر، والنصح له ولعامّة المسلمين، ولكم عليه أن لا يُجمّر بعوثكم، وأن لا يدّخر عنكم شيئاً مما تعمّكم مصلحته، وأن يُعجّل لكم العطاء. أعانكم الله على الوفاء، وأعانه على ما قلّده من أموركم. ولأربعة أشهر من ولايته قُبض على رجل خارجي يدّعي أنه من بني عُبيد، وأنه وَلَد العاضد لصُلبه اسمه عبد الرحمن. قدم البلاد في دولة أبي يوسف، وطلب الاجتماع به، فلم يأذَن له، فأقام بالبلاد مُطَّرحاً إلى أن حبسه أبو عبد الله في سنة ست وتسعين، فحبسه خمس سنين، ثم أطلقه بعد أن ضمنه يحيى بن أبي إبراهيم الهَزْرَجي، فنزح من مرّاكش إلى صُنهاجة، فاجتمع عليه طائفة وعظّموه، لأنه كان كثير الصمت والإطراق، حسن السمت، عليه سيماء الصالحين. رأيته مرتين. ثم قصد سِجِلْماسة في جمْعٍ كبير، فخرج إليه متولّيها

(44/517)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 518
سليمان بن عمر بن عبد المؤمن، فهزمه العُبيدي. فرد سليمان إلى سِجِلْماسة بأسوأ عَوْد. ولم يزل العُبيدي ينتقل في قبائل البربر، ولا يتم له أمر لغُربة بلده ولسانه ولكونه عديم العشيرة. فقبض عليه متولّي فاس إبراهيم بن يوسف بن عبد المؤمن، ثم صلبه، ووجّه برأسه إلى مرّاكش، فهو معلّق هناك مع عدة أرؤس من الثوّار. وكان أبو يعقوب هذا شهماً، فَطِناً، لقيته وجلست بين يديه، فرأيت من حِدّة نفسه وسؤاله عن جُزئيات لا يعرفها أكثر السوقة، ما قضيت منه العجب. توفي في شوال أو ذي القعدة. فاضطرب الأمر، واشرأبّ الناس للخلاف بعده.
4 (الكنى)

4 (أبو الحسن الرّوزبهاري.)
المدفون بالبُرج الذي عن يمين باب الفراديس، بالخانكاه الرُّوزبهارية. توفي في هذه السنة، رحمه الله.
4 (وفيها ولد)
قاضي نابُلُس الجمال محمد بن محمد بن سالم بن صاعد. والمحيي عبد الله بن عبد الظاهر بن نَشوان، الموقّع. والمكين عبد الحميد بن أحمد بن محمد ابن الزجّاج البغدادي. والنجيب عمر بن الله بن عمر ابن خطيب بيت الأبّار.) والبدر عبد اللطيف بن محمد ابن المغَيْزِل، الخطيب.

(44/518)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 519
وجبريل بن إسماعيل الصيدلاني الشارعي، بخُلفٍ فيه. والصاحب التقي توبة بن علي بن مهاجر التكريتي، يوم عرفة بعرفة. وسنج بن محمد بن سونج التركماني. والفقيه عبد الوليّ بن عبد الرحمن، خطيب يونين. وعلاء الدين محمد بن عبد القادر ابن الصائغ. والبُرهان إبراهيم بن عبد العزيز، خطيب أرْزونا. والكمال أحمد بن عبد الرحمن بن رافع الدّمراوي. والمفتي عَلَم الدين أحمد بن إبراهيم القمني. وأحمد بن عبد الله بن عزيز اليونيني. والشهاب أحمد ابن النصير الدقوقي، في رمضان.

(44/519)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 520
1 (المتوفون على التقريب)

4 (حرف العين)

4 (الجمال عثمان بن هبة الله بن أحمد بن أبي الحوافز.)
القيسي الدمشقي، رئيس الأطباء. ذكره ابن أبي أصَيبعة، فقال: أفضل الأطباء، وسيّد العلماء، وأوْحد العصر. أتقن الصناعة، وتميز في أقسامها العلمية والعملية. وله عناية بعلم الأدب وشعر كثير. وكان رئيساً، كريماً، تام المروءة. أخذ الطب عن المهذَّب ابن النقّاش. والرضي الرحبي. وخدم الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين، وأقام معه بمصر، فولاّه رئاسة الطب، ثم خدم بعده الملك الكامل سنين إلى أن توفي بالقاهرة. واشتغل عليه جماعة وتميّزوا، أجلّهم عمي رشيد الدين عليّ.
4 (حرف الميم.)

4 (محمد بن عَلوان بن مهاجر.)
الفقيه، الإمام العالم، أبو المظفر. سمع من الحسين بن المؤمَّل صاحب ابن وَدْعان، ومن محمد بن علي بن ياسر الجيّاني. وبرع في مذهب الشافعي، وكان من فضلاء المَواصلة، ومتميز بهم.) روى عنه: الزكي البِرزالي، والتقيّ اليلداني. وبالإجازة الشهاب القوصي. وهو ابن عم الصاحب كمال الدين محمد بن علي، نزيل دمشق.

(44/520)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 521
4 (محمد بن الفضل.)
أبو عبد الرحمن الزَّنجاني، الشاعر. قال ابن النجار: أنشدني أبو البقاء، خالد بن يوسف النابُلُسي، بدمشق، أنشدنا أبو عبد الرحمن محمد بن الفضل ابن الزَّنجاني البغدادي، لنفسه، بالنظامية:
(قسماً بأيام الصفا ووصالكم .......... والجمع في جَمْع وذاك المُلْتَزَم)

(ما اخترت بعدّكم بديلاً لا ولا .......... نادمتُ بعد فِراقكم إلا الندم)

4 (مسعود بن الحسين بن أبي زَيْد.)
أبو الفتح المَوْصلي الشاعر، المعروف بالنقّاش. وهو غير النقاش الحَلَبي، سمّيه، فإن الحلبي مرّ في سنة ثلاث عشرة. ذكرهما ابن الشعّار، ولم يؤرّخ موت هذا، وقال فيه: كان مكثراً من الشعر في المديح، والهجاء، والغّزَل. مدح أصحاب الموصل وأمراءها. وقيل: إنه أدرك أيام الأتابك زنكي، والد نور الدين، وعاش إلى أيام القاهر مسعود بن أرسلان. وهو القائل في قصيدة:
(يا مَنْ أودّ النوم أرْقُبُ طَيفَه .......... أنا ضَيفُه أفما لضيفكم قِرى)

(أنا كنتُ أوّل عاشقٍ لكنني .......... غَفَل الزمانُ بمولدي فتأخَّرا)

(44/521)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 5
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الثالثة الستون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى وعشرين وستّمائة)

4 (استرداد الأشرف خلاط)
فيها استردّ الأشرف خلاط من أخيه شهاب الدّين غازي، وأبقى عليه ميّافارقين
4 (ظهور السلطان جلال الدين)
وفيها ظهر السّلطان جلال الدّين ابن خوارزم شاه بعدما انفصل عن بلاد الهند وكرمان على أذربيجان، وحكم عليها، وراسله الملك المعظّم ليعينه على قتال أخيه الأشرف، وكتب المعظّم إلى صاحب إربل في هذا المعنى، وبعث ولده النّاصر داود إليه رهينةً.
4 (استيلاء لؤلؤ على الموصل)
وفيها استولى بدر الدّين لؤلؤٌ على الموصل، وأظهر أنّ محمود ابن الملك القاهر قد توفّي، وكان قد أمر بخنقه.

(45/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 6
4 (بناء الكاملية)
وفيها بنيت دار الحديث الكامليّة بين القصرين، وجعل أبو الخطّاب ابن دحية شيخها.
4 (قدوم الأقسيس من اليمن)
وفيها قدم الملك المسعود أقسيس على أبيه الكامل، من اليمن، طامعاً في أخذ الشام من عمّه المعظّم. وقدّم لأبيه أشياء عظيمة منها: ثلاثة فيلة، ومائتا خادم.
4 (عودة التتار من القفجاق)
قال ابن الأثير: وفيها عادت التّتار من بلاد القفجاق، ووصلت إلى الرّيّ، وكان من سلم من أهله قد عمّروها، فلم يشعروا إلاّ بالتّتر بغتةً، فوضعوا فيهم السّيف، وسبوا، ونهبوا، وساروا إلى ساوة، ففعلوا بها كذلك، ثمّ ساروا إلى قمّ وقاشان، وكانت عامرةً، فأخذوها، ثمّ وصلوا إلى همذان فقتلوا أهلها، ثمّ ساروا إلى تبريز، فوقع بينهم وبين الخوارزميّة مصافٌّ.
4 (استيلاء غياث الدين على شيراز)
وفيها سار غياث الدّين محمد ابن السّلطان علاء الدّين محمد خوارزم شاه إلى بلاد فارس، فلم يشعر صاحبها أتابك سعدٌ إلاّ بوصوله، فلم يتمكّن من الامتناع، واحتمى بقلعة إصطخر، فملك) غياث الدّين شيراز بلا تعب، وأقام بها، واستولى على أكثر بلاد فارس، وبقي لسعدٍ بعض الحصون،

(45/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 7
وتصالحا على ذلك.
4 (تملّك امرأة على الكرج)
وفيها أو قبلها بيسير جرت واقعةٌ قبيحة، وهي أنّ الكرج لعنهم الله تعالى لم يبق فيهم من بيت الملك أحدٌ سوى امرأةٍ، فملّكوها عليهم. قال ابن الأثير: طلبوا لها رجلاً يتزوجها، وينوب عنها في الملك، ويكون من بيت مملكة. وكان صاحب أرزن الرّوم مغيث الدّين طغريل شاه ابن قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان، وهو من الملوك السّلجوقية، وله ولد كبير، فأرسل إلى الكرج يخطب الملكة لولده، فامتنعوا، وقالوا: لا يملكنا مسلمٌ، فقال لهم: إنّ ابني يتنصّر ويتزوّجها، فأجابوه، فتنصّر، وتزوّج بها، وأقام عندها حاكماً في بلادهم، نعوذ بالله من الخذلان. وكانت تهوى مملوكاً لها، وكان هذا الزّوج يسمع عنها القبائح، ولا يمكنه الكلام لعجزه، فدخل يوماً، فرآها مع المملوك، فأنكر ذلك، فقالت: إن رضيت بهذا، وإلاّ أنت أخبر، ثمّ نقلته إلى بلد، ووكّلت به، وحجرت عليه. وأحضرت رجلين وصفا لها بحسن الصورة فتزوّجت أحدهما، وبقي معها يسيراً، ثمّ فارقته، وأحضرت آخر من كنجة وهو مسلم، فطلبت منه أن يتنصّر ليتزوّجها، فلم يفعل، فأرادت أن تتزوجه، فقام عليها الأمراء ومعهم إيواني مقدّمهم، فقالوا لها: فضحتنا بين الملوك بما تفعلين. قال: والأمر بينهم متردّد، والرجل الكنجيّ عندهم، وهي تهواه.

(45/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 8
4 (سنة اثنتين وعشرين وستّمائة)

4 (إيقاع جلال الدّين بالكرج)
في ربيع الأوّل وصل السّلطان جلال الدّين إلى دقوقا، فافتتحها بالسّيف، وسبى، ونهب، وفعل مثل ما تفعل الكفّار، وأحرق البلد، لكونهم شتموه، ولعنوه على الأسوار، ثمّ عزم على قصد بغداد، فانزعج الخليفة، ونصب المجانيق، وحصّن بغداد، وفرّق العدد والأهراء، وأنفق ألف ألف دينار. قال أبو المظفّر: قال لي الملك المعظّم: كتب إليّ جلال الدّين يقول: تحضر أنت ومن عاهدني واتّفق معي حتّى نقصد الخليفة، فإنّه كان السّبب في هلاك أبي، وفي مجيء الكفّار إلى البلاد، وجدنا كتبه إلى الخطا وتواقيعه لهم بالبلاد، والخلع، والخيل. قال المعظّم: فكتبت إليه، أنا معك) على كلّ حال، إلاّ على الخليفة، فإنّه إمام المسلمين. قال: فبينا هو على قصد بغداد وكان قد جهّز جيشاً إلى الكرج إلى تفليس فكتبوا إليه: أدركنا، فما لنا بالكرج طاقة، فسار إليهم، وخرج إليه الكرج، فعمل معهم مصافّاً، فظفر بهم، فقتل منهم سبعين ألفاً، قاله أبو شامة، وأخذ تفليس بالسّيف، وقتل بها ثلاثين ألفاً أيضاً، وذلك في سلخ ذي الحجّة.

(45/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 9
4 (ملك جلال الدّين مراغة)
وقال ابن الأثير: سار جلال الدّين من دقوقا فقصد مراغة فملكها، وأقام بها، وأعجبته، وشرع في عمارتها، فأتاه الخبر أن إيغان طائي، خال أخيه غياث الدّين، قد جمع عسكراً نحو خمسين ألفاً، ونهب بعض أذربيجان، وسار إلى البحر من بلاد أرّان فشتّى هناك، فلمّا عاد، نهب أذربيجان مرّة ثانية، وسار إلى همذان بمراسلة الخليفة، وإقطاعه إياها. فسمع جلال الدّين بذلك فسار جريدةً، ودهمه، فبيّته في اللّيل، وهو نازل في غنائم كثيرة، ومواشي أخذها من أذربيجان، فأحاط بالغنائم، وطلع الضّوء، فرأى جيش إيغان السّلطان جلال الدّين والجتر على رأسه، فسقط في أيديهم، وأرعبوا. فأرسل إيغان زوجته وهي أخت جلال الدّين تطلب لزوجها الأمان، فأمّنه، وحضر إليه، وانضاف عسكره إلى جلال الدّين، وبقي إيغان وحده، إلى أن أضاف إليه جلال الدّين عسكراً غير عسكره، وعاد إلى مراغة.
4 (ملك جلال الدّين تبريز)
وكان أوزبك بن البهلوان صاحب أذربيجان قد سار من تبريز إلى كنجة

(45/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 10
خوفاً من جلال الدّين، فأرسل جلال الدّين إلى الكبار بتبريز يطلب منهم أن يتردّد عسكره إليهم، ليمتاروا، فأجابوه إلى ذلك. فتردّد العسكر، وباعوا، واشتروا، ثمّ مدّوا أعينهم إلى أموال النّاس، فصاروا يأخذون الشّيء بأبخس ثمن، فأرسل جلال الدّين لذلك شحنة إلى تبريز. وكان زوجة أوزبك ابنة السّلطان طغرل بن أرسلان شاه بن محمد بن ملكشاه، مقيمةً بالبلد، وكانت الحاكمة في بلاد زوجها، وهو منهمكٌ في اللذّات والخمور، ثمّ شكى أهل تبريز من الشّحنة فأنصفهم جلال الدّين منه، ثمّ قدم تبريز، فلم يمكّنوه من دخولها، فحاصرها خمسة أيّام، وقاتله أهلها أشدّ قتال، ثمّ طلبوا الأمان، وكان جلال الدّين يذمّهم ويقول: هؤلاء قتلوا أصحابنا المسلمين، وبعثوا برؤوسهم إلى التّتار، فلهذا خافوا منه، فلمّا طلبوا الأمان، وذكر لهم فعلهم هذا، فاعتذروا بأنّه) إنّما فعل ذلك ملكهم، فقبل عذرهم، وآمنهم، وأخذ البلد، وآمن ابنة طغرل، وذلك في رجب. وبعث ابنة طغريل إلى خويّ مخفرةً محترمةً، وبثّ العدل في تبريز، ونزل يوم الجمعة إلى الجامع، فلمّا دعا الخطيب للخليفة، قام قائماً حتّى فرغ من الدّعاء. ثمّ سيّر جيشاً إلى بلاد الكرج لعنهم الله ثمّ سار هو وعمل معهم مصافّاً هائلاً. قال ابن الأثير: فالّذي تحقّقناه أنّه قتل من الكرج عشرون ألفاً، وانهزم مقدّمهم إيواني. وجّهز جلال الدّين عسكراً لحصار القلعة الّتي لجأ إليها إيواني، وفرّق باقي جيوشه في بلاد الكرج، يقتلون، ويسبون، مع أخيه غياث الدّين. ثمّ تزوّج جلال الدّين بابنة السّلطان طغريل، لأنّه ثبت عنده أنّ أزبك حلف بطلاقها على أمرٍ وفعله. وأقام بتبريز مدّة، وجهّز جيشاً إلى كنجة، فأخذوها، وتحصّن أزبك بقلعتها، ثمّ أرسل يخضع لجلال الدّين، ففتر عنه.

(45/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 11
4 (وفاة الناصر لدين الله)
وفي سلخ رمضان توفّي النّاصر لدين الله.
4 (بيعة الظاهر بأمر الله)
قال أبو المظفّر سبط الجوزيّ: وفيها حججت راكباً في المحمل السّلطانيّ المعظّميّ، فجاءنا الخبر بموت الخليفة بعرفة، فلمّا دخلنا للطّواف، إذا الكعبة قد ألبست كسوة الخليفة، فوجدت اسم النّاصر في الطّراز في جانبين، واسم الخليفة الظّاهر في جانبين. وهو أبو نصر محمد، بويع بالخلافة وكان جميلاً، وأبيض مشرباً حمرة، حلو الشّمائل، شديد القوى، بويع وهو ابن اثنتين وخمسين سنة، فقيل له: ألا تتفسّح قال: قد لقس الزّرع، فقيل: يبارك الله في عمرك، قال: من فتح دكّاناً بعد العصر أيشٍ يكسب ثمّ إنّه أحسن إلى الرّعيّة، وأبطل المكوس، وأزال المظالم، وفرّق الأموال. وغسّل النّاصر محيي الدّين يوسف ابن الجوزيّ، وصلّى عليه ولده الظّاهر بأمر الله بعد أن بويع بالخلافة. قال ابن السّاعي: بايعه أولاً أهله وأقاربه من أولاد الخلفاء، ثمّ مؤيّد الدّين محمد بن محمد القمّيّ نائب الوزارة، وعضد الدّولة أبو نصر ابن الضّحّاك أستاذ الدّار، وقاضي القضاة محيي الدّين بن فضلان الشّافعيّ، والنّقيب الطّاهر قوام الدّين الحسن بن معدّ الموسويّ، ثمّ بويع يوم عيد الفطر البيعة العامّة، وجلس بثياب بيض، وعليه الطّرحة وعلى كتفه بردة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في

(45/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 12
شبّاك القبّة الّتي بالتّاج، فكان الوزير قائماً بين يدي الشّبّاك على منبر، وأستاذ) الدّار دونه بمرقاة، وهو الّذي يأخذ البيعة على النّاس، ولفظ المبايعة: أبايع سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطّاعة على جميع الأنام، أبا نصر محمّداً الظّاهر بأمر الله على كتاب الله، وسنّة نبيّه، واجتهاد أمير المؤمنين، وأن لا خليفة سواه. ولمّا أسبلت السّتارة، توجّه الوزير وأرباب الدّولة، وجلسوا للعزاء، ووعظ محيي الدّين ابن الجوزيّ، ثمّ دعا الخطيب أبو طالب الحسين ابن المهتدي بالله.
4 (قضاء القضاة ببغداد)
وبعد أيّام عزل ابن فضلان عن قضاء القضاة، وولّي أبو صالح نصر بن عبد الرّزّاق ابن الشّيخ عبد القادر، وخلع عليه. اشتداد الغلاء بالموصل والجزيرة قال ابن الأثير: فيها اشتدّ الغلاء بالموصل والجزيرة جميعها، فأكل النّاس الميتة والسّنانير والكلاب، ففقد الكلاب والسّنانير. ولقد دخلت يوماً إلى داري، فرأيت الجوزي يقطّعن اللّحم، فرأيت حواليه اثني عشر سنّوراً، ورأيت اللّحم في هذا الغلاء في الدّار وليس عنده من يحفظه من السّنانير لعدمها، وليس بين المدّتين كثير. ومع هذا فكانت الأمطار متتابعة إلى آخر الربيع وكلما جاء المطر غلت الأسعار هذا ما لم يسمع بمثله. إلى أن قال: واشتدّ الوباء، وكثر الموتى والمرض، فكان يحمل على النّعش الواحد عدّةٌ من الموتى.

(45/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 13
4 (سنة ثلاث وعشرين وستّمائة)
وصول الخلع من الظاهر بأمر الله إلى أولاد العادل بمصر فيها قدم محيي الدّين يوسف ابن الجوزيّ بالخلع والتقاليد من الظّاهر بأمر الله إلى المعظّم، والكامل، والأشرف. قال أبو المظفّر سبط الجوزيّ: قال لي المعظّم: قال لي خالك: المصلحة رجوعك عن هذا الخارجيّ يعني جلال الدّين إلى إخوتك، ونصلح بينكم. وكان المعظّم قد بعث مملوكه أيدكين إلى السّلطان جلال الدّين، فرحّله من تفليس وأنزله على خلاط، والأشرف حينئذٍ بحرّان، قال: فقلت لخالك: إذا رجعت عن جلال الدّين، وقصدني إخوتي تنجدوني قال: نعم. قلت: ما لكم عادة تنجدون أحداً، هذه كتب الخليفة عندنا ونحن على دمياط، ونحن نكتب إليه) نستصرخ به ونقول: أنجدونا، فيجيء الجواب بأن قد كتبنا إلى ملوك الجزيرة، ولم يفعلوا. وقد اتّفق إخوتي عليّ، وقد أنزلت الخوارزميّ على خلاط، إن قصدني الأشرف منعه الخوارزميّ، وإن قصدني الكامل كان فيّ له. تقديم الأشرف الطاعة للمعظّم وفيها قدم الأشرف دمشق، وأطاع المعظّم، وسأله أن يسأل جلال الدّين أن يرحل عن خلاط، وكان قد أقام عليها أربعين يوماً، فبعث المعظّم، فرحل

(45/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 14
الخوارزميّ عن خلاط. وكان المعظّم يلبس خلعة الخوارزميّ، ويركب فرسه، وإذا حادث الأشرف، حلف برأس خوارزم شاه جلال الدّين، فيتألّم الأشرف.
4 (قضاء القضاة ببغداد)
سفر خال ابن الجوزي إلى الكامل في مصر وتوجّه خالي إلى الملك الكامل.
4 (قضاء القضاة ببغداد)
عصيان نائب كرمان على جلال الدّين وقال ابن الأثير: في جمادى الآخر جاء جلال الدّين الخبر أن نائبه بكرمان قد عصى عليه، وطمع في تملّك ناحيته لاشتغال السّلطان بحرب الكرج وبعده، فسار السّلطان جلال الدّين يطوي الأرض إلى كرمان، وقدّم بين يديه رسولاً إلى متولّي كرمان بالخلع ليطمّنه، فلمّا جاءه الرسول، علم أنّ ذلك مكيدةٌ لخبرته بجلال الدّين، فتحوّل إلى قلعةٍ منيعةٍ، وتحصّن، وأرسل يقول: أنا العبد المملوك، ولمّا سمعت بمسيرك إلى البلاد أخليتها لك، ولو علمت أنّك تبقي عليّ لحضرت إلى الخدمة. فلمّا عرف جلال الدّين، علم أنّه لا يمكنه أخذ ما بيده من الحصون، لأنّه يحتاج إلى تعبٍ وحصار، فنزل بقرب أصبهان، وأرسل إليه الخلع، وأقرّه على ولايته. فبينما هو كذلك، إذ وصل الخبر من تفليس بأنّ عسكر الأشرف الّذي بخلاط قد هزموا بعض عسكره فساق كعادته يطوي المراحل حتّى نازل مدينة منازكرد في آخر السّنة، ثمّ رحل من جمعته، فنازل خلاط، فقاتل أهلها قتالاً شديداً، ووصل عسكره إلى السور، وقتل خلق من الفريقين، ثمّ زحف ثانياً وثالثاً، وعظمت نكاية عسكره في أهل خلاط، ودخلوا الرّبض، وشرعوا في السّبي والنّهب، فلمّا رأى ذلك أهل خلاط تناخوا، وأخرجوهم، ثمّ أقام يحاصرها،) حتّى كثر البرد والثّلج، فرحل عندما بلغه إفساد التّركمان في بلاد أذربيجان، وجدّ في السّير، فلم

(45/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 15
يرعهم إلاّ والجيوش قد أحاطت بهم، فأخذتهم السّيوف، وكثر فيهم النّهب، والسّبي.
4 (أخذ ملك الروم عدّة حصون لصاحب آمد)
وفي شعبان سار علاء الدّين كيقباذ ملك الرّوم، فأخذ عدّة حصون للملك المسعود صاحب آمد.
4 (موت ملك الأرمن)
وفيها جمع البرنس صاحب أنطاكية جموعه، وقصد الأرمن، فمات ملك الأرمن قبل وصوله، ولم يخلف ولداً ذكراً، فملّك الأرمن بنته عليهم، وزوّجوها بابن البرنس، وسكن عندهم، ثمّ ندمت الأرمن، وخافوا أن تستولي الفرنج على قلاعهم وبلادهم، فقبضوا على ابن البرنس وسجنوه، فسار أبوه لحربهم، فلم يحصل له غرضٌ فرجع.
4 (الأرنبة العجيبة)
قال ابن الأثير: وفيها اصطاد صديقٌ لنا أرنباً ولها أنثيان وذكر، وله فرج أنثى، فلما شقّوا بطنه رأوا فيه جروين، سمعت هذا منه ومن جماعة

(45/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 16
كانوا معه، وقالوا: ما زلنا نسمع أن الأرنب تكون سنةً ذكراً، وسنّة أنثى، ولا نصدق، فلمّا رأينا هذا، علمنا أنّه قد حمل وهو أنثى، وانقضت السنة فصار ذكراً، ويحتمل أن يكون خنثى.
4 (تحوّل بنت إلى رجل)
قال ابن الأثير: وكنت بالجزيرة ولنا جارٌ له بنت، اسمها صفيّة، فبقيت كذلك نحو خمس عشرة سنة، وإذا قد طلع لها ذكر رجلٍ، ونبتت لحيته، فكان له فرج امرأة وذكر رجل.
4 (غنم مرّ)
قال: وفيها ذبح إنسانٌ بالموصل رأس غنم، فإذا لحمه ورأسه ومعلاقه مرّ شديد المرارة، وهذا شيء لم يسمع بمثله.
4 (زلزلة الموصل وشهرزور)
وفي ذي الحجّة زلزلت الموصل، وغيرها، وخرب أكثر شهرزور، ولا سيما القلعة، فإنّها أجحفت بها، وبقيت الزلزلة تتردّد عليهم نيفاً وثلاثين يوماً، وخرب أكثر قرى تلك الناحية.

(45/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 17
4 (انخساف القمر)
وفي هذه السّنة انخسف القمر مرّتين.)
4 (برد ماء عين القيّارة)
وفيها برد ماء عين القيّارة حتّى كان السّابح يجد البرد، فتركوها، وهي معروفةٌ بحرارة الماء، بحيث إنّ السّابح فيها يجد الكرب. وكان بردها في هذه السّنة من العجائب.
4 (كثرة الحيوانات)
وفيها كثرت الذّئاب، والخنازير، والحيّات، وقتل كثير منها.
4 (القحط والجراد بالموصل)
وفيها كان قحطٌ وجراد كثير بالموصل. جاء بردٌ كبار أفسد الزّرع والمواشي، قيل: كان وزن البردة مائتي درهم، وقيل: رطلاً بالموصلي.
4 (وفاة الظاهر بأمر الله)
وفي رجب توفي أمير المؤمنين الظاهر بأملا الله وكانت خلافته تسعة أشهر ونصفاً.

(45/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 18
4 (بيعة المستنصر بالله)
وبويع ابنه الأكبر أبو جعفر المستنصر بالله، فبايعه جميع إخوته وبنو عمّه. قال ابن السّاعي: حضرت بيعته العامّة، فلمّا رفعت السّتارة، شاهدته وقد كمّل الله صورته ومعناه، وعمره إذ ذاك خمسٌ وثلاثون سنة، وكان أبيض مشرباً حمرة، وأزج الحاجبين، أدعج العينين، سهل الخدّين، أفننى، رحب الصدر، عليه قميص أبيض، وبقيار أبيض مسكّن، وعليه طرحة قصب بيضاء، ولم يزل جالساً إلى أن أذن الظهر ثم جلس كذلك يوم الأحد ويوم الإثنين، وأحضر بين يدي الشبّاك شمس الدّين أحمد ابن النّاقد، وقاضي القضاة أبو صالح الجيليّ، فرقيا المنبر، فقال الوزير مؤيّد الدّين القمّيّ لقاضي القضاة: أمير المؤمنين قد وكّل أبا الأزهر أحمد هذا وكالةً جامعة في كلّ ما يتجدّد من بيعٍ وإقرار وعتق وابتياع. فقال القاضي: أهكذا يا أمير المؤمنين فقال: نعم، فقال القاضي: ولّيتني يا أمير المؤمنين ما ولاّني والدك رحمة الله عليه فقال: نعم وليتك ما ولاّك والدي. فنزلا، وأثبت القاضي الوكالة بعلمه.
4 (رسليّة ابن الأثير)
وفي شعبان قدم الصّاحب ضياء الدّين نصر الله ابن الأثير رسولاً عن صاحب الموصل بدر) الدّين، فأورد الرسالة وهذه نسختها: ما لّيل والنهار لا يعتذران وقد عظم حادثهما، وما للشمّس والقمر لا ينكسفان وقد فقد ثالثهما.
(فيا وحشة الدّنيا وكانت أنيسةً .......... ووحدة من فيها لمصرع واحد)
وهو سيّدنا، ومولانا، الإمام الظّاهر أمير المؤمنين، الّذي جعلت ولايته

(45/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 19
رحمةً للعالمين، واختير من أرومة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الّذي هو سيّد ولد آدم، ثمّ ذكر فصلاً. قال ابن السّاعي: وخلعت الخلع، فبلغني أنّ عدّتها ثلاثة آلاف خلعة وخمسمائة ونيّف وسبعون خلعة، وركب الخليفة ظاهراً لصلاة الجمعة بجامع القصر، وركب ظاهراً يوم الإثنين الآتي في دجلة بأبّهة الخلافة، ثمّ ركب والنّاس كافّةً مشاة، ووراءه الشّمسة، والألوية المذهّبة، والقصع تضرب وراء السّلاحيّة، فقصد السرادق الّذي ضرب له، ونزله به ساعة، ثمّ ركب وعاد في طريقه.
4 (كسر جلال الدّين للكرج)
وفيها التقى جلال الدّين ملك الخوارزميّة الكرج، وكانوا في جمعٍ عظيم إلى الغاية، فكسرهم، وأمر عسكره، أن لا يبقوا على أحدٍ، فتتبّعوا المنهزمين، ولم يزالوا يستقصون في طلب الكرج إلى أن كادوا يفنونهم. ثمّ نازل تفليس وأخذها عنوةً وكانت دار ملك الكرج، وقد أخذوها من المسلمين من سنة خمس عشرة وخمسمائة، وخرّبوا البلاد، وقهروا العباد، فاستأصلهم الله في هذا الوقت، ولكلّ أجلٍ كتاب.

(45/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 20
4 (سنة أربع وعشرين وستّمائة)

4 (الوقعة بين جلال الدّين والتتار)
فيها جرت وقعة بين جلال الدّين الخوارزميّ وبين التتارن وكان بتوزير فجاءه الخبر أنّ التّتار قد قصدوا إصبهان، فجمع عسكره، وتهيّأ للملتقى لكون أولاده وحرمه فيها، فلمّا وصلها، وأزاح علل الجند بما احتاجوا، جرّد منهم أربعة آلاف صوب الريّ ودامغان يزكاً، فكانت الأخبار ترد من جهتهم وهم يتقهقرون، والتّتار يتقدّمون، إلى أن جاءه اليزك، وأخبروه بما في عسكر التّتار من الأبطال المذكورين مثل باجي نوين، وباقو نوين، وأسر طغان، ووصلت التّتار، فنزلوا شرقيّ إصبهان. وكان المنجّمون أشاروا على السلطان جلال الدين بمصابرتهم ثلاث أيام والتقائهم في الرابع فلزم على المكان مرتقب اليوم الموعود، وكان أمراؤه وجيشه قد) انزعجوا من التّتار، والسّلطان يتجلّد، ويظهر قوّة، ويشجّع أصحابه، ويسهل الخطب، ثمّ استحلفهم أن لا يهربوا، وحلف هو، وأحضر قاضي اصبهان ورئيسها وأمرهما بعرض الرّجّالة في السّلاح. فلمّا رأى التّتار تأخّر السّلطان عن الخروج إليهم، ظنّوا أنه امتلأ خوفاً، فجرّدوا ألفي فارس إلى الجبال يغارون ويجمعون ما

(45/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 21
يقوتهم مدّة الحصار، فدخلوا الجبال وتوسّطوها، فجهّز السّلطان وراءهم ثلاثة آلاف فارس، فأخذوا عليهم المضايق والمسالك، وواقعوهم، وقتلوا فيهم وأسروا. ثمّ خرج في اليوم الموعود، وعبّى جيشه للمصافّ، فلمّا تراءى الجمعان، خذله أخوه غياث الدّين وفارقه بعسكره، فتبعه جهان بهلوان، لوحشةٍ حدثت له ذلك الوقت، وتغافل السّلطان عنه، ووقف التّتار كراديس متفرّقة مترادفة، فلمّا حاذاهم جلال الدّين أمر رجّالة إصبهان بالعود، ورأى عسكره كثيراً، وتباعد ما بين ميمنة السّلطان وميسرته حتّى لم تعرف الواحدة منهما ما حال الأخرى، فحملت ميمنته على ميسرة التّتار هزمتها، وفعلت ميسرته. فلمّا أمسى السّلطان، ورأى انهزام التّتار نزل، فأتاه أحد أمرائه وقال له: قد تمنّينا دهراً نرزق فيه يوماً نفرح فيه، فما حصل لنا مثل هذا اليوم وأنت جالسٌ، فلم يزل به حتّى ركب وعبر الجرف، وكان آخر النهار، فلمّا شاهد التّتار السّواد الأعظم، تجرّد جماعةٌ من شجعانهم، وكمنوا لهم، وخرجوا وقت المغرب على ميسرة السّلطان كالسّيل وحملوا حملةً واحدة، فزالت الأقدام، وانهزموا، وقتل من الأمراء ألب خان، وأرتق خان، وكوج خان، وبولق خان، وماج الفريقان، وحمي الوطيس واشتدّ القتال، وأسر علاء الدّولة آناخان صاحب يزد، ووقف السّلطان في القلب وقد تبدّد نظامه، وتفرّقت أعلامه، وأحاط به التّتار، وصار المخلص من شدّة الاختلاط أضيق من سمّ الخياط، ولم يبق معه إلاّ أربعة عشر نفساً من خواصّ مماليكه، فانهزم على حميّة، فطعن طعنة لولا الأجل، لهلك. ثمّ أفرج له الطريق، وخلص من المضيق، ثمّ إنّ القلب والميسرة تمزّقت في الأقطار، فمنهم من وقع إلى فارس، ومنهم من وصل كرمان، ومنهم من قصد تبريز. وعادت الميمنة بعد يومين، فلم نسمع بمثله مصافاً لانهزام كلا الفريقين، وذلك في الثّاني والعشرين من رمضان. ثمّ لجأ السّلطان إلى إصبهان، وتحصّن بها، فلم تصل التّتار إليه، وحاصروا إصبهان، وردّوا إلى خراسان.)

(45/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 22
4 (إنتقام جلال الدّين من الإسماعيليّة)
قال ابن الأثير: وفي هذه السّنة قتل الإسماعيليّة أميراً كان جلال الدّين خوارزم شاه قد أقطعه مدينة كنجة، وكان نعم الأمير ينكر على جلال الدّين ما يفعله عسكره من النّهب والشّر، فعظم قتله على جلال الدّين واشتدّ عليه، فسار بعساكره إلى بلاد الإسماعيليّة من حدود الألموت إلى كردكوه بخراسان، فخرّب الجميع، وقتل أهلها، وسبى، ونهب، واسترقّ الأولاد، وقتل الرجال وكان قد عظم شرّهم، وزاد ضررهم، فكفّ عاديتهم، ولقّاهم الله بما عملوا بالمسلمين. ثمّ يسار إلى التّتار وحاربهم وهزمهم، وقتل وأسر، ثمّ تجمّعوا له وقصدوه.
4 (فتح خويّ ومرند)
وفيها سارت عساكر الملك الأشرف مع الحاجب حسام الدّين عليّ إلى خويّ بمكاتبةٍ من أهلها، فافتتحها، ثمّ افتتح مرند، وقويت شوكته. قال ابن الأثر: لو داموا لملكوا تلك النّاحية، إنّما عادوا إلى خلاط، واستصحبوا معهم زوجة جلال الدّين خوارزم شاه، وهي ابنة السّلطان طغريل بن أرسلان السّلجوقيّ، وكان قد تزوج بها بعد أزبك بن البهلوان، فأهملها، ولم يلتفت إليها، فخافته مع ما حرمته من الأمر والنّهي، وكاتبت الحسام عليّاً المذكور تطلبه لتسلّم إليه البلاد.
4 (القضاة بدمشق)
وكان بدمشق في سنة أربع: أربع قضاةٍ. شافعيّان وحنفيّان: الخوييّ

(45/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 23
قاضي القضاة، ونائبه نجم الدّين ابن خلف، وشرف الدّين عبد الوهّاب الحنفيّ، والعزيز ابن السنجاريّ.
4 (شنق ابن السقلاطوني)
وشنق ابن السّقلاطونيّ العدل نفسه بسبب مالٍ عليه للدّولة، طولب به، وكان عدلاً من نيّف وأربعين سنة من شهود شرف الدّين بن عصرون.
4 (ترتيب مسند أحمد)
وفيها أحضر البكريّ المحتسب، الجمال ابن الحافظ، والشّرف الإربلّيّ، والبرزاليّ، وقرّر معهم أن يرتّبوا مسند أحمد على الأبواب، وقرّر للجمال في الشّهر خمسين درهماً، وللآخرين ستّين درهماً، وبذل لهم الورق وأجرة النّسّاخ، فما أظنّه تمّ هذا.
4 (مرض المعظّم وموته)
) ومرض الملك المعظّم، فتصدّق وأخرج المسجونين، وأعطى الأشراف ألف غرارة، وفرّقوا على الفقهاء والصّوفيّة وغيرهم ثمانين ألفاً وخمسمائة غرارة. وحلف من بالحضرة لولده النّاصر. واشترى ابن زويزان حصاناً أصفر للمعظّم بألف دينار مصريّة، وأحضرها، فأمر بالتصدّق بها بالمصلّى، فازدحم الخلق لذلك، فمات ثمانية أنفس. ثمّ مات المعظّم في آخر ذي القعدة عن تسعٍ وأربعين سنة. وأوصى أن يغسّله الحصيريّ. مات قبل صلاة الجمعة. ورمى ابنه الكلوتة والمماليك، ولطموا في الأسواق، وقرأ النّجيب في العزاء: يا داود إنّا جعلناك خليفةً في الأرض فضجّ النّاس.
4 (قدوم رسول ملك الفرنج)
وقال أبو شامة: فيها قدم رسول الأنبرور ملك الفرنج من البحر، على

(45/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 24
المعظّم بعد اجتماعه بأخيه الكامل يطلب البلاد الّتي فتحها السّلطان صلاح الدّين، فأغلظ له وقال: قل لصاحبك ما أنا مثل الغير، ما له عندي إلاّ السّيف.
4 (الحجّ الشاميّ)
وفيها حجّ بالشّاميّين شجاع الدّين عليّ ابن السّلاّر وهي آخر إمرته على الركّب، وانقطع بعدها ركب الشّام مدّةً بسبب الفتن. وكان قد جاء من ميّافارقين سلطانها شهاب الدّين غازي ابن العادل، ليحجّ أيضاً. قال أبو المظفر: كان ثقله على ستّمائة جمل، ومعه خمسون هجيناً عليها خمسون مملوكاً، وسار على الرّحبة وعانة وكبيسات إلى كربلاء إلى الكوفة. فبعث الخليفة له فرسين وبغلةً وألفي دينار، فلما عاد لم يصل الكوفة، بل صار غربيّ الطريق فكاد يهلك هو ومن معه عطشاً حتى وصل إلى حرّان. وتوفّي الملك المعظّم وقام بعده ابنه النّاصر داود.

(45/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 25
4 (سنة خمس وعشرين وستّمائة)

4 (المنشور بولاية الناصر)
في صفر جاء منشور الولاية من الملك الكامل لابن أخيه الملك النّاصر داود.
4 (تحرّك الفرنج بالسواحل)
وتحرّكت الفرنج وانبثّوا في السّواحل، لأنّ الهدنة فرغت.)
4 (غارة المسلمين على صور)
وفيها أغار المسلمون على أعمال صور، وغنموا كثيراً من المواشي.
4 (نزول الملك العزيز على بعلبك)
وفيها نزل الملك العزيز عثمان ابن العادل على بعلبك ليأخذها من الملك الأمجد، فأرسل إليه النّاصر داود يأمره بالرّحيل عنها، فرحل، وقد حقد على النّاصر، فقاوا: إنّه كاتب الملك الكامل، وحثّه على قصد دمشق، وإنّها في يده. فقدم الكامل وانضاف إليه العزيز، وجاءه الملك المجاهد أسد الدين شيركوه من حمص، وكانت عنده ضغينة على المعظّم، لكونه نازل حمص وشعث ظاهرها. فاستنجد الملك النّاصر بعمّه الملك الأشرف، فجاء وأكرمه

(45/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 26
غاية الإكرام، ونزل بالنّيرب. وكان رسوله إلى الأشرف فخر الدّين ابن بصاقة. ولمّا وصل الكامل إلى الغور، بلغه قدوم الأشرف، فرجع إلى غزّة، وقال: أنا ما خرجت على أن أقاتل أخي. فبلغ ذلك الأشرف، فقال لابن أخيه النّاصر: إنّ أخي قد رجع حردان، والمصلحة أنّني ألحقه وأسترضيه. فنزل الكامل غزّة، وأرسل إليه ملك الفرنج يطلب منه القدس، وقال: أنا قد حضرت أنجدك بمقتضى مراسلتك، ومعي عساكر عظيمة، فكيف أرجع بلا شيء فأعطاه بعض القدس. وسار الأشرف إلى الكامل واجتمع به في القدس، فكان نجدة على النّاصر لا له. واتّفق الأخوان على أخذ البلاد من النّاصر، وأنّ دمشق تكون للأشرف، وانضاف إليهما من عسكر النّاصر أخوهما الملك الصّالح إسماعيل، وابن عمّ النّاصر شهاب الدّين محمود ابن المغيث، وعزّ الدّين أيدمر، وكريم الدّين الخلاطيّ. وجاء المظفّر شهاب الدّين غازي ابن العادل، فاجتمع الكلّ بفلسطين. وقد كان النّاصر خرج ليتلقّى عمّه الكامل، واعتقد أنّ الأشرف قد أصلح أمره عنده، فسار إلى الغور، فلمّا سمع باجتماع أعمامه عليه ليمسكوه رجع إلى دمشق فحصّنها، واستعدّ للحصار.
4 (المشيخة والحسبة بدمشق)
وفيها عزل الصّدر البكري عن مشيخة الشيوخ وعن حسبة دمشق فولي المشيخة عماد الدّين ابن حمويه، والحسبة رشيد الدّين ابن الهادي.

(45/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 27
4 (نزول جلال الدّين على خلاط ثانية)
) وفيها نزل جلال الدّين ابن خوارزم شاه مرّة ثانية على خلاط، ثمّ هجم عليه الشّتاء، فترحّل إلى أذربيجان. وخرج الحاجب عليٌّ من خلاط فاستولى على خويّ وسلماس وتلك النّاحية، وساق فأخذ خزائن جلال الدّين وعائلته وعاد إلى خلاط، فقيل له: أيشٍ فعلت تحرّشت به ليهلك البلاد فلم تفكر.
4 (جري الكويز الساعي)
وفيها جرى الكويز السّاعي من واسط إلى بغداد في يوم وليلة، ووصل إلى باب سور البصليّة قبل الغروب بساعة، ورزق قبولاً عظيماً، وأعطي خلعاً وأموالاً من الدّولة والتّجّار. ومن جملة ما حصل له نيّف وعشرون فرساً، وقماش بألفٍ وسبعمائة دينار، ومن الذهب خمسة آلاف وأربعمائة دينار، واسمه معتوق الموصليّ. ولازم خدمة الشّرابيّ. ذكر هذا ابن السّاعي.
4 (تأسيس المستنصريّة)
وفيها شرعوا في أساس المستنصريّة ببغداد، وكان مكانها إصطبلاتٌ وأبينةٌ، وتولّى عمارتها أستاذ دار الخلافة.
4 (موقعة الريّ بين جلال الدّين والتتار)
وفيها وقيل: في التي قبلها كما تقدم بعبارةٍ أخرى عادت التّتار إلى

(45/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 28
الريّ، وجرى بينهم وبين جلال الدّين حروبٌ. وكان هؤلاء التّتار قد سخط عليهم جنكزخان وأبعدهم، وطرد مقدّمهم، فقصد خراسان، فرآها خرباً، فقصد الريّ ليتغلّب على تلك النّواحي، فالتقى هو وجلال الدّين، فاقتتلوا قتالاً شديداً، ثمّ انهزم جلال الدّين، ثمّ عاود بمن انهزم، وقصد إصبهان، وأقام بينها وبين الريّ، وجمع جيشه، وأتاه ابن أتابك سعدٍ بعد وفاة والده. ثمّ عاد جلال الدّين، فضرب مع التّتار رأساً، فبينما هم مصطفّون انفرد غياث الدّين أخو السّلطان، وقصد ناحيةً، فظنّهم التّتار يريدون أن يأتوهم من ورائهم، فانهزموا، وتبعهم صاحب بلاد فارس. وأمّا جلال الدّين، فإنّه لمّا رأى مفارقة أخيه له، ظنّ أنّ التّتر قد رجعوا خديعةً ليستدرجوه، فانهزم أيضاً، ولم يجسر أن يدخل إصبهان خوفاً من الحصار، فمضى إلى شبرم. وأمّا صاحب فارس، فلمّا ساق وراء التّتار، وأبعد ولم ير جلال الدّين، خاف وردّ عن التّتار، ورأى التّتر أنّه لا يطلبهم أحدٌ فوقفوا، وردّوا إلى إصبهان وحاصروها، وظنّوا أنّ جلال الدّين قد عدم، فبينما هم كذلك، إذ وصل إليهم قاصدٌ من جلال الدّين يعرّفهم بأنّه سالم، وأنّه يجمع،) وينجد أهل إصبهان، ففرح أهل البلد، وقويت نفوسهم، وفيهم شجاعة طبعيّة، فقدم عليهم، ودخل إليهم، ثمّ خرج بهم، فالتقوا التّتار، فانهزم التّتار أقبح هزيمةٍ، فساق جلال الدّين وراءهم إلى الريّ قتلاً وأسراً، وأقام بالريّ، فأتته رسل ابن جنكزخان يقول: إنّ هؤلاء ليسوا من أصحابي، وإنّما نحن أبعدناهم، فاطمأن جلال الدّين من جانب ابن جنكزخان، وعاد إلى أذربيجان. وأمّا غياث الدّين أخوه، فقصد خوزستان، فلم يمكّنه نائب الخليفة من دخولها، فقصد بلاد الإسماعيليّة، والتجأ إليهم، واستجار بهم. فقصد جلال الدّين بلاد الإسماعيليّة لينهبها إن لم يسلموا إليه أخاه، فأرسل مقدّمهم يقول: لا يجوز لنا أن نسلّمه إليك، لكن نحن ننزله عندنا، ولا نمكّنه أن يقصد شيئاً من بلادك، والضّمان علينا. فأجابهم إلى ذلك، وعاد فنازل خلاط.

(45/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 29
4 (تملّك كيقباذ مدينة أرزن)
وفيها تملّك علاء الدّين كيقباذ صاحب الروم مدينة أرزنكان، وكان صاحبها بهرام شاه قد طال ملكه لها، وجاز ستّين سنةً، فمات، ولم يزل في طاعة قلج أرسلان وأولاده، فملك بعده ولده علاء الدّين داود شاه، فأرسل إليه كيقباذ يطلب منه عسكراً ليسير معه إلى مدينة أرزن الروم، ليحاصرها، وأن يكون معهم، فأتاه في عسكره، فقبض عليه، وأخذ بلده. وكان له حصن كماخ، وله فيه والٍ، فتهدّده إن لم يسلّم الحصن أيضاً، فأرسل إلى نائبه، استنجد بالأمير حسام الدّين عليّ الحاجب نائب الملك الأشرف على خلاط. فسار الحسام ونجده، فردّ كيقباذ لذلك ولأنّ العدوّ أخدوا له حصن صمصون وهو مطلٌّ على البحر وعاصٍ، فأتاه واستعاده منهم، ثمّ أتى أنطاكية يشتّي بها.
4 (ظهور محضر للعناكيّين)
وفيها ظهر محضر للعناكيّين أثبت على نجم الدّين مهنّا قاضي المدينة أنّ حكّام بن حكم بن يوسف بن جعفر بن إبراهيم بن محمد الممدوح بن عبد الله الجواد بن جعفر الطّيّار سكن بقريةٍ بالشّام تعرف بالأعناك، وأولد بها، وعقبه بها، وبالشّام، ومن نسله فلان، وساق نسبه إلى الأحكام.
4 (تدريس المسمارية)
وتقرّر بالمسماريّة بنو المنجّا للتدريس بحكم أنّ نظرها إليهم.)

(45/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 30
4 (تقييد الفتوى)
وتقدم الخويّي إلى المفتين بأن لا يكتبوا فتوى إلاّ بإذنه.
4 (طلوع الفرنج إلى صيدا)
وفيها طلع الفرنج من البحر وعكّا إلى صيدا وكانت مناصفةً لهم وللمسلمين، فاستولوا عليها وحصّنوها، وتمّ لهم ذلك، وقويت شوكتهم، وجاءهم الأنبرور ملك الألمان ومعناه: ملك الأمراء وكان قبيل مجيئه قد استولى على قبرص، وقدم عكّة، وارتاع المسلمون لذلك. وقدم الكامل كما مرّ من مصر، وأقام على تلّ العجول، ثمّ كاتب الأنبرور، واتّفق معه على النّاصر داود ابن المعظّم، ونشب الكامل بالكلام، ولم تكن عساكر الأنبرور وصلت إليه من البحر، وخافه المسلمون، وملوك الفرنج بالسّاحل، فكاتبوا الكامل إذا حصل مصافّ نمسك الأنبرور، فسيّر إلى الأنبرور كتبهم، وأوقفه عليها، فعرف الأنبرور ذلك للكامل، وأجابه إلى كلّ ما يريد، وقدمت رسله على الكامل يتشكّر لما أولاه، وتردّدت بينهم المراسلات. وسيّر الأنبرور إلى الكامل يتلطّف معه، ويقول: أنا عتيقك وأسيرك، وأنت تعلم أنّي أكبر ملوك البحر، وأنت كاتبتني بالمجيء، وقد علم البابا وسائر ملوك البحر باهتمامي وطلوعي، فإن أنا رجعت خائباً، انكسرت حرمتي بينهم، وهذه القدس فهي أصل اعتقادهم وحجّهم والمسلمون قد أخربوها، وليس لها دخلٌ طائل، فإن رأى السّلطان أعزّه الله أن ينعم عليّ بقصبة البلد، والزيادة تكون صدقة منه، وترتفع رأسي بين الملوك، وإن شاء السّلطان أن يكشف عن محصولها، وأحمل أنا مقداره إلى خزانته فعلت. فلما سمع الكامل ذلك، مالت نفسه وجاوبه أجوبةً مغلّظة، والمعنى فيها نعم.

(45/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 31
4 (خلعة الزعامة)
أنبأني ابن البزوريّ، قال: وفي المحرّم منها استدعي الأمير علاء الدّين الدّويدار الظاهريّ أبو شجاع ألطبرس، وخلعت عليه خلعة الزّعامة وهي: قباء أطلس نفطيّ، وشربوش كبير، وفرس بعدّة كاملة، وألحق بالزّعماء.
4 (رسول جلال الدّين)
قال: وفيها وصل قاضي الرّيّ رسولاً من عند جلال الدّين منكوبريّ بن خوارزم شاه.
4 (العقد على ابنة صاحب الموصل)
) وفيها عقد عقد علاء الدّين الدّويدار المذكور على ابنة بدر الدّين صاحب الموصل، على صداقٍ مبلغه عشرون ألف دينار.
4 (قدوم الحجّاج إلى بغداد)
وفيها قدم بغداد من الحجّاج أخت السلطان صلاح الدين يوسف، زوجة مظفّر الدّين صاحب إربل، وابن أخيها الملك المحسن أحمد، فخلع على المحسن.
4 (قدوم الحجّاج على الدّويدار)
وفي رمضان خلع على علاء الدّين الدّويدار خلعة عظيمة، وأعطي تسعة أحمال كوسات.
4 (تغلّب ابن هود على الأندلس)
وفيها تغلّب ابن هود على معظم الأندلس، فكان ملكه تسعة أعوام.

(45/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 32
4 (سنة ستّ وعشرين وستّمائة)

4 (دخول الفرنج بيت المقدس)
في ربيع الأوّل أخلى الكامل البيت المقدّس من المسلمين، وسلّمه إلى الأنبرور، وصالحه على ذلك، وعلى تسليم جملةٍ من القرى فدخلته الفرنج مع الأنبرور. وكانت هذه من الوصمات الّتي دخلت على المسلمين، وتوغّرت القلوب على الكامل فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
4 (حصار الكامل دمشق)
ثمّ أتبعها بحصار دمشق وأذّية المسلمين، فنزل جيشه على الجسورة، وقطعوا عن دمشق باناس والقنوات، ثمّ قطعوا يزيد وثورا، ونهبوا البساتين، وأحرقوا الجواسق. ثمّ جرت بين عسكر النّاصر داود، وبين عسكر عمّه الكامل وقعاتٌ، وقتل جماعةٌ وجرح جماعة، وأخربت حواضر البلد. فلمّا كان يوم رابع

(45/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 33
جمادى الأولى وقعت بينهم وقعةٌ عظيمة. قال أبو شامة: قتل فيها خلق كثير، ونهب قصر حجّاج الشّاغور، وأطلق فيها النّيران، وتسلّموا حصن عزّتا صلحاً مع متولّيه.
4 (دخول الكامل دمشق)
وفي تاسع جمادى الآخرة وصل الكامل، فنزل عند مسجد القدم، فأنفذ النّاصر إليه جماعة من الكبراء: الدّولعيّ، والقاضي، شمس الدّين الخويّيّ، والقاضي شمس الدّين ابن الشّيرازيّ، والشّيخ جمال الدّين الحصيريّ، نيابةً عنه في السّلامة والخدمة. ثمّ خرج من الغدّ عزّ الدّين) أيبك أستاذ الدّار باستدعاءٍ من الكامل فتحدّثا في الصّلح، فلمّا كان يوم منتصف الشهر، كان بينهم وقعةٌ تلقاء باب الحديد في الميدان، وانتصر الدّمشقيّون. ثمّ أصبح من الغد النّهب والحريق بظاهر باب توما، وبدّعوا في الغوطة، وخرّبوها، وغلت الأسعار، وصار اللّحم بستّة دراهم، والجبن بستّة دراهم أيضاً. واشتدّ الحصار، ثمّ إنّهم زحفوا على دمشق من عربيّها مراراً، وتكون الكرّة عليهم، واتّخذوا مسجد خاتون، ومسجد الشّيخ إسماعيل، وخانقاه الطّاحون، وجوسق الميدان، حصوناً وظهراً لهم. وأحرق النّاصر لأجل ذلك مدرسة أسد الدّين، وخانقاه خاتون، وخانقاه الطّواويس، وتلك الخانات. وجرت أمور. ثم زحفوا في تاسع رجب إلى أن قاربوا باب الحديد، ثمّ كان انتظام الصّلح في أوّل شعبان، وذلك أنّ الملك النّاصر داود خرج ليلة رابع عشر رجب إلى الكامل واجتمع به، ثمّ اجتمع به مرّات، وتقرّر الصّلح أنّ النّاصر رضي بالكرك ونابلس وبعض الغور والبلقاء. ثمّ دخل الملك الكامل القلعة، ونزل إلى قبّة والده، ووجّه العسكر، فنازلوا حماة، وحاصروها.

(45/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 34
وفي أواخر شعبان سلّم الكامل دمشق لأخيه الملك الأشرف، وأعطاه الأشرف عوضها حرّان والرّها، ورأس عين والرّقة، ثمّ توجّه إلى الشّرق ليتسلّم هذه البلاد، فسار في تاسع رمضان فلمّا نزل على حماة، خرج إلى خدمته صاحبها صلاح الدّين قلج أرسلان ابن الملك المنصور محمد بن عمر، وسلّم إلى الكامل حماة، فأعطاها لأخي صاحبها لكونه أكبر سنّاً ولأنّ العهد من أبيه كان إليه. ثمّ سار إلى حرّان، ونزل عسكره على بعلبك وجاء إليها الأشرف من دمشق فحاصر الملك الأمجد ثمّ تسلّموا البلد، وبقي الحصار على القلعة، ورجع الأشرف.
4 (الاشتغال بعلوم الأوائل)
قال أبو شامة: وكان في آخر دولة المعظّم قد كثر الاشتغال بعلوم الأوائل، فأخمده الله بدولة الملك الأشرف.
4 (خروج الأمجد من بعلبكّ)
قال أبو المظفّر: بعث الأشرف أخاه الملك الصّالح إسماعيل، فحاصر بعلبكّ، وضربها بالمجانيق، وضايقها ثمّ توجّه إليها الأشرف، فدخل ابن مرزوق بينه وبين صاحبها الملك الأمجد، فأخذت منه، وجاء إلى دمشق، فأقام بداره.
4 (حصار جلال الدين خلاط)
) وفيها نازل جلال الدّين خلاط وضايقها بأوباشه، فأغاروا، ونهبوا، وهجموا حينة، وقتلوا أهلها قتلاً ذريعاً، والكامل على حرّان، فأقام اليزك على الطّرق خوفاً من هجمتهم، وتوجّهت طائفةٌ منهم إلى ميّافارقين، فالتقاهم

(45/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 35
المظفّر غازي، فكسر وجرح، وهو أشجع أولاد العادل. ولم يزل جلال الدّين يجدّ في حصار خلاط حتّى افتتحها في آخر العام.

(45/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 36
4 (سنة سبع وعشرين وستّمائة)

4 (كسرة الخوارزمية أمام الأشرف)
قال أبو شامة: أخذت بعلبكّ من الأمجد في ربيع الآخر، ورحل الأشرف إلى الشرق واستعمل على دمشق أخاه إسماعيل، فلمّا كان في شوّال جاءنا الخبر: بأنّ السّلطان الملك الأشرف التقى الخوارزميّ يعني جلال الدّين وأنّ الأشرف كسره في أواخر رمضان. وقد كان الخوارزميّ استولى على خلاط، وأخذها من نوّاب الأشرف بعد أن أكلوا الجيف والكلاب، وزاد فيهم الوباء، وثبتوا ثباتاً لم يسمع بمثله، لعلمهم بجور خوارزم شاه، ولم يقدر عليها إلاّ بمخامرة إسماعيل الإيوانيّ، تدنّى إليه، واستوثق منه، ثمّ أطلع الخوارزميّة بالجبال ليلاً، واستباحوها، فإنّا لله. فسار الأشرف لحربه، واتّفق هو وصاحب الرّوم على لقائه، فكسرا الخوارزميّة، وقع منهم خلقٌ في وادٍ، فهلكوا ونهبوا، وتتبّعوا أيّاماً، وضربت البشائر في البلاد.

(45/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 37
4 (إنكسار الخوارزميّ في رواية سبط ابن الجوزيّ)
وقال أبو المظفّر ابن الجوزيّ: أخذ خوارزم شاه جلال الدّين مدينة خلاط في جمادى الأولى بعد حصار عشرة أشهر، وكان فيها مجير الدّين ابن العادل وأخوه تقيّ الدّين وزوجة الأشرف بنت ملك الكرج، فأسرهم جلال الدّين. فأرسل صاحب الروم إلى الأشرف يأمره بالمسير، فإنّه ينجده، فشاور أخاه الملك الكامل فقال: نعم مصلحة، فجمع جيشه وسار إلى صاحب الروم، وكان معه أخواه شهاب الدّين غازي، والملك العزيز عثمان، وابن أخيه الملك الجواد. وجمع ملك الروم جيوشه أيضاً واجتمعا، والتقاهم الخوارزميّ فانكسر كسرةً عظيمة، وأخذ الأشرف خلاط، وأرسل إلى الخوارزميّ يطلب إخوته، فأرسلهم ولم يرسل المرأة. قال عبد اللّطيف بن يوسف: كسر الله الخوارزميّين بأخفّ مؤنة بأمرٍ لم يكن في الحساب، فسبحان من هدم ذاك الجبل الراسي في لمحة ناظرٍ.
4 (رجوع رسل الخليفة)
) وفيها رجعت رسل الخليفة من عند جلال الدّين منكوبريّ ملك الخوارزميّة، وخلع على رسوله الّذي قدم معهم.
4 (الخطبة للمستنصر بالله في المغرب)
وفيها خرج الموكب الشّريف لتلقّي رسول الملك محمد بن يوسف بن هود المغربيّ صحبة رسول الملك الكامل زعيم مصر، فأخبر أنّ ابن هود استولى على أكثر بلاد المغرب التي بيد بني عبد المؤمن، وأنّه خطب بها للمستنصر بالله، فحمد فعله، وكتب له منشور متضمّنٌ شكر همّته العالية.

(45/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 38
4 (تسيير ملابس الفتوّة للخوارزميّ)
وفيها سيّر جلال الدّين الخوارزميّ إلى المستنصر، وطلب منه سراويل الفتوّة ليتشرّف بذلك فسيّره إليه مع تحفٍ ونعم لا تحصى، وفرس النّوبة، ففرح بذلك وسرّ وقبّل الأرض مرّات.
4 (الخطبة للمستنصر بالله في تلمسان)
وفيها ملك المايرقي تلمسان، وخطب فيها للمستنصر بالله.
4 (رواية الموّفق البغدادي عن كسرة الخوارزميّة)
وأمّا أمر الخوارزميّة وكسرتهم، قال الموفّق: فتح بعض الأمراء باب خلاط للخوارزميّة في جمادى الآخرة، لا ركوناً إلى دينهم ويمينهم، بل إيثاراً للموت على شدّة القحط، فدخلوا، وقتلوا، وسبوا، واستحلّوا سائر المحرّمات، ودخلوا نصف اللّيل فبقوا كذلك إلى آخر صبيحته، ثمّ رفعوا السّيف، وشرعوا في المصادرات والعذاب. وكانوا يتعمّدون الفقهاء والأخيار بالقتل والتّعذيب أكثر من غيرهم. وأمّا الكامل، فانصرف إلى مصر بغتةً، فضعف النّاس، وأيقنوا أنّ الخوارزميّ إنّ ملك الشّام والرّوم عفى آثارها وأباد سكانها. ثمّ اصطلح الأشرف وعلاء الدّين صاحب الرّوم صلحاً تامّاً بعد عداوةٍ أكيدة، وجيّشوا الجيوش، والقلوب مع ذلك مشحونةٌ خوفاً، ولم يزل على وجلٍ مفرط من التقاء الجيشين، حتّى أتاح الله كسرة الخوارزميّين بأهون مؤنة. فقرأت في كتاب بعض الأجناد: إنّا رحلنا من سيواس، وطلبنا منزلةً يقال لها ياصي جمان في طرف أعمال أرزنجان، إذ بها عشب ومياه فلمّا سمع العدوّ بمجيء العسكرين، ساق سوقاً) حثيثاً في ثلاثة أيّام، ونزل المرج المذكور وبه جماعة من عسكر، فكبسهم بكرة الرابع والعشرين من رمضان، وضرب

(45/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 39
الأشرف المصافّ مع الخوارزميّ، وقامت الحرب على ساقٍ إلى قرب الظهر، ثمّ نصر الله، وكسر العدوّ شرّ كسرة. وكان معه خلق لا يحصون. والمصافّ في اليوم التّاسع والعشرين من رمضان. قال الموفّق: ثمّ تواصل النّاس ومعهم السّبي والأخايذ من المماليك والدّوابّ والأسلحة، والكلّ رديء، يباع الجوشن بثلاثة دراهم، والفرس هناك بخمسة دراهم، وفي حلب بعشرين درهماً وثلاثين في غاية الرداءة. وكذا قسيّهم وسائر أسلحتهم. ووصل منهم أسرى فيهم رجل، حكى لمن أنس به من الفقهاء العجم، قال: إنّ صاحبنا دهش وتحيّر لما شارف عسكر الشّام، فلمّا رأيناه كذلك، انقطعت قلوبنا، ولولا عسكر الشّام، أبدنا عسكر الروم، أنا بنفسي قتلت منهم خمسين فارساً. وحكى نسيب لنا جنديٌّ، قال: وصلنا إلى مرج ياصي جمان، ونحن متوجّهون إلى خلاط على أنّ العدوّ بها، فإذا بعسكر الخوارزميّ محيطٌ بنا، فوقع على طائفة من عسكر الرّوم، فقتل منهم مائتين، ونهب، وأسر. ثمّ من الغد وقع جيش الخوارزميّ على عسكر الروم ونحن نرى الغبرة، فأباد فيهم قتلاً وأسراً. وقد كثر القول بأنّهم قتلوا من عسكر الروم سبعة آلاف من خيارهم، وقيل: أكثر وأقلّ. وقال لي رجل من أهل أرزنجان: إنّ جميع عسكر الروم كان بها، وعدّتهم اثنا عشر ألفاً، فلم يخلص منهم إلاّ جريحٌ، أو هارب توقّل الجبل، وإنّ صاحب الرّوم بقي في ضعفة من أصحابه نحو خمسة آلاف، وأصبحنا يوم الخميس على تعبئة، ووقعت مناوشات. فكان أصحابنا أبداً يربحون عليهم، وعرفنا قتالهم، ونشّابهم، وضعف خيلهم، وقلّة فروسيتهم، فتبدّل خوفنا منهم بالطّمع، واحتقرناهم، وتعجّبنا كيف غلب هؤلاء أمماً كثيرين وبتنا ليلة الجمعة على تعبئة، وكان الرجل قد عزم على الهرب، ففرّ إليه مملوكان، فشجّعاه، فثبت لشقاوته. وأصبح النّاس، ففرّ من عنده اثنان إلى الملك الأشرف فسألهما عن عدّة أصحابهم، قالا: هم ثلاثون ألفاً. وبقي الأشرف

(45/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 40
يجول بين الصّفوف، ويشجع النّاس، ويحقر العدوّ. وأصبح النّاس يوم السّبت على تعبئةٍ تامّةٍ، فسأل الأشرف المملوكين عن موضع الخوارزميّ، قالا: هو على ذلك التّلّ، وشعره في كيس أطلس، وعلى رأس كتفه برجمٌ صغير مخيّط بقبائه، فحمل طائفة من الخوارزميّة) على عسكر الرّوم فثبتوا، فتقدّم الأشرف إلى سابق الدّين ومعه من عسكر مصر ألف وخمسمائة فارس، وإلى عسكر حمص وحلب وحماة، فانتقى ألف فارس، وندب بعض أمراء العرب في ألف فارسٍ من العرب، فحملوا على التّلّ الّذي عليه الخوارزميّ، فلمّا عاين الموت الأحمر مقبلاً، انهزم، فلمّا رأى جيشه فراره انهزموا. وأمّا الّذين حملوا على عسكر الرّوم، فبقوا في الوسط، فلم يفلت منهم أحد. ثمّ إنّ الخوارزميّين لشدّة رعبهم لم يقدروا على الهرب، ولم يهتدوا سبيلاً، وأكثرهم نزلوا عن خيولهم، وانجحروا في بطون الأودية والبيوت الخربة، فتحكّم فيهم الفلاّحون والغلمان، وقتلهم أضعف النّاس. وانحرف منهم ثلاثة آلاف على بلاد جانيت، فخرج إليهم فلاّحو الرّوم والنّصارى فقتلوهم عن آخرهم. وفلّق الخوارزميّ عند هربه نحو مائتي حصان، ووصل خلاط في سبعة أنفس، فأخذ حرمه وما خفّ من الأموال، واجتاز على منازجرد وكانت محصورة بوزيره، ووصل جائعاً فأطعمه وزيره. ثمّ دخل أذربيجان بالخزي والصّغار، فصادر أهل خويّ، ومات منهم جماعة تحت العقوبة. وأمّا الأشرف فلو ساق بعسكره وءاهم لأتى عليهم قتلاً وأسراً. وتسلّم أرزن الرّوم، وسلّمها إلى علاء الدّين كيقباذ، فأخذ ملكاً خيراً من جميع مملكته. وأمّا صاحبها ابن مغيث الدّين ابن عمّ علاء الدّين فإنّه رمي بالخذلان، والتجأ إلى كهفٍ حتّى أخذوه أخذ النّساء. ثمّ نزل الأشرف على منازجرد، وصمّم على أن يدخل وراء الخوارزميّ، وأقام شهوراً، ثمّ تراسلا في الصّلح، فاصطلحا على ما يؤثر الملك الأشرف. فرجع وفرّق العسكر، وأمنت خلاط وشرعت تعمر.

(45/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 41
وحكى أميرٌ قال: حملنا على الخوارزميّ فوقع عسكره في وادٍ وهلكوا، زحمناهم على سفح يفضي إلى وادٍ عميق، فتكردسوا بخيولهم، فتقطّعوا إرباً إرباً. وأشرفنا على الوادي ثاني يوم فرأيناه مملوءاً بالهلكى لو نجد فيهم حيّاً إلاّ خادم الخوارزميّ مكسور الرّجل، وأقمنا أيّاماً نقلّب القتلى لعلّ أن يكون فيهم جلال الدّين الخوارزميّ. وأسر خلق من خواصّه وأعلامه وسناجقه. وذكروا أنّ العرب أخذوا من خيمته باطية ذهبٍ وزنها خمسةٌ وعشرون رطلاً، فنفلهم إيّاها الملك الأشرف. والعجب أنّ هذه الوقعة لم يقتل فيها من عسكر الشّام أحد، ولا جرح فرس إلاّ رجل من عسكر حمص جرح بسهم. وزالت هيبة الخوارزميّة من القلوب، وزال سعدهم.)

(45/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 42
4 (سنة ثمان وعشرين وستّمائة)

4 (ذكر أحدادث في المغرب)
في رجب وصل رجل من المغرب وأخبر أنّ بعض بني عبد المؤمن صعد الجبل، وجمع من أمم البربر نحو مائتي ألف، ونزل بهم، وهاجم مرّاكش وقتل عمّه، وكان قد ولي الأمر دونه، وقتل من أصحابه نحواً من خمسة عشر ألفاً. وسيّر إلى الأندلس يهدّد ابن هود، فأطاعه بشرط أن لا يكون عنده أحد من الموحّدين إلاّ إذا احتاج إليهم للغزاة.
4 (إضمحلال أمر الخوارزميّ)
وفي رجب وصل قزوينيّ إلى الشّام فأخبر أنّ التّتر خرجوا إلى الخوارزميّ، وأنّهم كسروه أقبح كسرة. وأنّ الكفّار الّذين كانوا في جملة عسكره غدروا به، وعادوا إلى أصحابهم، وأنّ المجمّعة كلّهم تفرّقوا عنه، وبقي في ضعفةٍ من أصحابه وهم قليلون لا سبدٌ لهم ولا لبد، وهكذا كلّ ملك يؤسّس على الظّلم يكون سريع الهدم. وقال ابن الأثر وهذه السّنة هي آخر كتابه قال: في أوّلها وصل التّتار من بلاد ما وراء النّهر، وقد كانوا يعبرون كلّ قليل، ينهبون ما يرونه، فالبلاد خاوية على عروشها. فلمّا انهزم جلال الدّين خوارزم شاه في العام الماضي أرسل مقدّم الإسماعيليّة يعرّف التّتار ضعف جلال الدّين، فبادرت

(45/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 43
طائفة وقصدوا أذربيجان، فلم يقدم جلال الدّين على لقائهم، فملكوا مراغة وعاثوا بأذربيجان، فسار هو إلى آمد، وتفرّق جنده، فبيّته التّتار ليلةً، فنجا وتفرّق أصحابه في كلّ وجه. فقصد طائفةٌ منهم حرّان، فأوقع بهم الأمير صواب، مقدّم الملك الكامل بحرّان، وقصد طائفة منهم سنجار والموصل وغير ذلك. وتخطّفتهم الملوك والرّعيّة، وطمع فيهم كلّ أحدٍ حتّى الفلاّحون والأكراد، وانتقم الله منهم. ودخل التّتار ديار بكر في طلب جلال الدّين، لا يعلمون أين سلك فسبحان من بدّل عزّهم ذلاًّ، وكثرتهم قلّة، وأخذت التّتار أسعرد بالأمان، ثمّ غدروا بهم، وبذلوا فيهم السّيف. ثمّ ساروا إلى مدينة طنزة، ففعلوا فيها كذلك. ثمّ ساروا في البلاد يخرّبونها إلى أن وصلوا إلى ماردين، وإلى نصيبين، إلى أن قال: وخرجت هذه السّنة ولم يتحقّق لجلال الدّين خبر، ولا يعلم هل قتل أو اختفى والله أعلم.
4 (الاحتفال بقدوم صاحب إربل في بغداد)
) قلت: وفي المحرّم وصل الملك مظفّر الدّين صاحب إربل إلى بغداد، واحتفل بقدومه، وجلس المستنصر بالله له، وحضر أرباب الدولة كلّهم، ورفع السّتر عن الشّبّاك، فإذا المستنصر جالس، فقبّل الجميع الأرص. ورقي نائب الوزارة مؤيّد الدّين، وأستاذ الدّار مراقي من الكرسيّ المنصوب بين يدي الشّبّاك. واستدعي مظفّر الدّين، فطلع، وأشار بيده بالسّلام على المستنصر، ثمّ قرا: اليوم أكملت لكم دينكم الآية، فردّ المستنصر عليه السّلام، فقبّل الأرض عدّة مرار، فقال له: إنّك اليوم لدينا مكينٌ أمين، في كلام مضمونه: ثبت عندنا إخلاصك في العبوديّة. فقبّل الأرض، وأذن له في الانكفاء،

(45/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 44
وأسبلت الأستار، وأدخل حجرة، فخلع عليه فرجيّة ممزج، ومن تحتها قباء أطلس أسود، وعمامة قصب كحليّة بطرز ذهب وقلّد سيفين محلاّيين بالذّهب، وأمطي فرساً بسرج ذهبٍ، وكنبوش ومشدّة حرير، ورفع وراءه سنجقان مذهّبان. ثمّ اجتمع بالخليفة يوماً آخر، وخلع عليه أيضاً، وأعطي رايات وكوسات وستّين ألف دينار، وخلع على جماعة من أصحابه.
4 (إمام مشهد أبي بكر)
وفيها جدّد لمشهد أبي بكر من جامع دمشق إمامٌ راتب.
4 (الغلاء بمصر)
وفيها كان الغلاء بمصر لنقص النّيل.
4 (حبس الحريري)
وفيها قدم الملك الأشرف دمشق، وحبس الحريريّ بقلعة عزّتا، وأفتى جماعةٌ بقتله وزندقته، فأحجم السّلطان عن القتل.
4 (الشروع ببناء الدار الأشرفية)
وأمر السّلطان بشراء دار الأمير قمياز النّجميّ، لتعمل دار حديث، فهي الدّار الأشرفية، وأن يكون للشيخ سبعون درهماً، وهو الجمال أبو موسى ابن الحافظ، فمات أبو موسى قبل أن يكمل بناؤها.
4 (التدريس بالتقوية والشامية الجوّانية)
وفيها درّس بالتّقويّة العماد الحرستانيّ، وبالشّاميّة الجوّانيّة ابن

(45/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 45
الصّلاح. وحضر الملك الصّالح الدّرس وتكلّموا في هذه المدرسة، وأرادوا إبطالها، وقالوا: هي وقف على الحنفيّة، وعملوا) محضراً أن سودكين المعروفة به أوّلاً وقفها على الحنفيّة، وشهد ثلاثة بذلك بالاستفاضة، فلم ينهض بذلك.
4 (صلب التكريتي الكحّال)
وفيها صلب التّاج التّكريتيّ الكحّال لأنّه قتل جماعةً ختلاً في بيته، ودفنهم، ففاحت الرائحة، وعدمت امرأةٌ عنده، فصلب، وسمّروه.
4 (التدريس بالصاحبية)
ودرّس بالصّاحبيّة مدرسة ربيعة خاتون النّاصح ابن الحنبليّ، وكان يوماً مشهوداً، حضرت الواقفة وراء السّتر.

(45/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 46
4 (سنة تسع وعشرين وستّمائة)

4 (خروج العسكر للتصدّي للتّتار)
فيها أنهي إلى الديوان العزيز أنّ التتر قصدوا أذربيجان وعاثوا بها، لأنّ صاحبها جلال الدّين ابن خوارزم شاه قتل قتله كرديّ بحربةٍ وكان قد انهزم من التّتار لمّا بيّتوه، وساقوا وراءه حتّى بقي وحده، وقتل فارسين من التّتار، وأفسدوا، ووصلوا إلى شهرزور. فبذل المستنصر بالله الأموال في الجيوش، وسأل مظفّر الدّين صاحب إربل إعانته بجيش بغداد ليلتقي التّتار، فجاءته العساكر مع جمال الدّين قشتمر النّاصريّ، وشمس الدّين قيران، وعلاء الدّين ألدكز، وفلك الدّين، وسار الكلّ نحو شهرزور. فبلغ ذلك التّتار، فهربوا. وتمرّض مظفّر الدّين، وعاد إلى بلده.
4 (القبض على نائب الوزارة القمّي)
وفي شوّال تقدّم إلى أستاذ دار الخلافة شمس الدين أبي الأزهر أحمد بن محمد بن النّاقد، وإلى مؤيّد الدّين أبي طالب محمد بن أحمد بن العلقميّ مشرف دار التّشريفات، بالقبض على نائب الوزارة القمّيّ، وعلى ولده فخر الدّين أحمد، وعلى أخيه وأصحابه، فهيّئ جماعةٌ بسيوفٍ مجرّدةٍ، ودخلوا دار

(45/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 47
الوزارة، وقبضوا على مؤيّد الدّين القمّيّ، ثمّ على ولده وأخيه، وحبسوا. وكانت مدّة ولايته الوزارة بصورة النّيابة لا الوزارة المحضة ثلاثاً وعشرين سنةً. ثمّ ولي نيابة الوزارة ابن النّاقد المذكور، ثمّ ولي الأستاذ داريّة مؤيّد الدّين ابن العلقميّ الرّافضيّ.

(45/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 48
4 (سنة ثلاثين وستّمائة)
)
4 (فتح الكامل مدينة آمد)
فيها افتتح الملك الكامل ثغر آمد بعد أن ضربها بالمجانيق، فسلّمها صاحبها الملك المسعود مودود ابن الصّالح الأتابكيّ، وخرج وفي رقبته منديلٌ مرسوم عليه، واستولى على أمواله وقلاعه، وبقي حصن كيفا عاصياً، فسيّر أخويه الأشرف والمظفّر غازياً، ومعهما المسعود تحت الحوطة، فعذّبه الأشرف عذاباً عظيماً، لكونه لم يسلّم حصن كيفا، ولأنّه كان يبغضه. قال أبو المظفّر ابن الجوزيّ فقال لي الملك الأشرف: وجدنا في قصره خمسمائة حرّةٍ من بنات النّاس للفراش. ثمّ سلّمت القلعة في صفر، وعاد الأشرف إلى دمشق. قال أبو شامة: سمعت الصّاحب بدر الدّين جعفراً الآمديّ يحكي عن عظمة يوم دخول الكامل إلى آمد شيئاً ما نحسن نعبّر عنه، قال: وأخذ جميع رؤساء آمد إلى مصر، فكنت أنا وابن أختي الشّمس، وأخي الموفّق فيهم. فلمّا وصلنا الفرات قال أخي: اسمعوا منّي، لا شكّ أنا نعبر إلى بلادٍ ليس فيها

(45/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 49
أحدٌ يعرفنا، ولا يعضدنا، ولا معنا مال نتّجر فيه، فعاهدوني على أداء الأمانة في خدمنا، فعاهدناه، فرزقنا الله بالأمانة أنّا خدمنا في أجلّ المناصب بمصر والشّام، ورأيت جماعةً ممّن كانوا أكبر منّا ببلدنا في مصر، يستعطون بالأوراق. وافتقر أهل آمد، وتمزّقوا. ونقل الصّلاح الإربلّيّ في أمر الملك المسعود أنّه كثرت عنه الأقاويل، واشتهر انّ عينه كانت ممتدةً إلى حرم رعيّته، فوكّل نساءً يطفن في آمد، ويكشفن عن كلّ مليحة، فإذا تحقّق ذلك سيّر من يحضرها قهراً، ويخلو بها الأيّام ويردّها. وكان ظالماً. ولمّا كلموه في تسليم بلاده، وأنّ الكامل يعطيه خبزاً جليلاً بمصر، قال: بشرط أن لا يحجر عليّ، فإنّي ما أصبر عن المغاني والنّساء. فلمّا أدّى الصّلاح الرسالة إلى الكامل، تضاحكوا. وعمل الصلاح وكان شاعراً:
(ولمّا أخذنا آمداً بسيوفنا .......... ولم يبق للمخذول صاحبها حسّ)

(غدا طالباً منّا أماناً مؤكّداً .......... وقال مناي ما تطيب به النّفس)

(سلامة أيري ثمّ كسّ أنيكه .......... فقلنا له خذ ما تمنّيت يا نحس)
ثمّ سلّم الكامل جميع ذلك لولده الصّالح نجم الدّين أيّوب.
4 (تقليد الخليفة بسلطنة الكامل)
) وتوجّه القاضي الأشرف أحمد ابن القاضي الفاضل رسولاً من الكامل، ثمّ مع رسول الخلافة الصّاحب محييّ الدّين ابن الجوزيّ إلى

(45/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 50
الكامل، ومعه تقليدٌ من المستنصر بالله بسلطنة الكامل، من إنشاء الوزير أبي الأزهر أحمد ابن النّاقد، وبخطّ العدل ناصر بن رشيد، وفي أعلاه بخطّ الوزير: للآراء المقدّسة زادها الله جلالاً وتعظيماً مزيد شرفها في تتويجه. وتحت البسملة علامة المستنصر بخطّه: الله القاهر فوق عباده. وأوّله خطبة وإسراف في تعظيم الخليفة، وفيه: وآمره بتقوى الله، وبكذا، وبكذا. وفي أوائله: ولمّا وفّق الله تعالى نصير الدّين محمد بن سيف الدّين أبي بكر بن أيّوب من الطّاعة المشهورة، والخدم المشكورة، إلى أن قال: ووسمه يعني الخليفة بالملك الأجل، السيّد الكامل، المجاهد، المرابط، نصير الدّين، ركن الإسلام، أثير الإمام، جمال الأنام، سند الخلافة، تاج الملوك والسّلاطين، قامع الكفرة والمشركين، ألب غازي بن محمد بن أبي بكر، معين أمير المؤمنين، رعايةً لسوابق خدمه، وخدم أسلافه.
4 (الغلاء ببغداد)
وفيها كان الغلاء ببغداد، وأبيع كرّ القمح بنيّفٍ وثمانين ديناراً.
4 (الواقعة بين صاحب ماردين وصاحب الروم والأشرف)
وفيها وقع بين صاحب ماردين، وبين صاحب الروم، والملك الأشرف، فنزل صاحب ماردين، وجاءته عساكر الروم فحاصروا حرّان والرّها والرّقة،

(45/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 51
فاستولوا على الجزيرة. وفعلت الروم في هذه البلاد كما تفعل التّتار.
4 (دخول مكة)
وفيها جمع راجح بن قتادة جمعاً، وقدم مكّة، فدخلها، وطرد عنها عسكر صاحب مصر الملك الكامل.
4 (رسليّة الجيليّ)
وفي ربيع الأوّل نفّذ أبو صالح نصر بن عبد الرزّاق الجيليّ رسولاً إلى مظفّر الدّين صاحب إربل، وبدر الدّين صاحب الموصل.
4 (وفاة صاحب إربل)
وفي رمضان توفّي صاحب إربل، فتقدّم إلى شرف الدّين إقبال الخاصّ الشّرابيّ بالتّوجّه إلى) إربل، فتوجّه بالعساكر، وجعل مقدّمها جمال الدّين قشتمر. وكان بقلعة إربل خادمان: بنقش وخالص، وفكاتبا عماد الدّين زنكي صهر مظفّر الدّين، يحثّانه على المجيء ليعطياه البلد. فلمّا وصل عسكر الخليفة، عصيا وتمرّدا. فشرعوا في محاصرتهم، وتفاقم الشّرّ، ثمّ زحف العسكر على البلد، وحمي القتال، ثمّ ظهروا على إربل، وألقوا النّار في أبوابها، ودخلوها، ونهب الأوباش بعض الدّور، وسلّمت القلعة، ورتّب بها نواب للخليفة، وضربت البشائر ببغداد. وأمّر على إربل شمس الدّين باتكين أمير البصرة فسار إليها ورتّب بها عارض الجيش تاج الدّين محمد بن صلايا العلويّ.

(45/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 52
4 (استيلاء عسكر الكامل على مكة)
وفيها جاء من جهة الكامل عسكرٌ استولوا على مكّة، وهرب راجح بن قتادة.
4 (فراغ دار الحديث الأشرفية)
وفيها فراغ دار الحديث الأشرفيّة، وفتحت ليلة نصف شعبان، وقرئ بها البخاريّ على ابن الزّبيديّ، وسمعه خلائق. وكانت أوّلاً تعرف بدار قايماز النّجميّ مولى نجم الدّين أيّوب.

(45/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 53
5 (الطبقة الثالثة والستون وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى وعشرين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عليّ بن أحمد. أبو العباس، البردانيّ، الضرير.)
قدم بغداد، وحفظ القرآن، وقرأ بالروايات، ورحل، فقرأ بالعشرة على ابن الباقلاّني، وبرع في التّجويد، وحفظ الحروف. وكان يقرأ في التراويح بالشّواذّ رغبةً في الشّهرة. قال ابن النّجار: لم يكن في دينه بذاك سمعت قراءته وكانت في غاية الحسن، لم أسمع قارئاً أشدّ صوتاً منه. أنشدني أحمد بن عليّ، أنشدنا ابن المعلّم لنفسه بواسط:
(وقفت أشكو اشتياقي والسّحاب به .......... فانهلّ دمعي وما انهلّت عزاليه)

(النار من زفراتي لا بوارقه .......... والماء من عبراتي لا عواديه)

(يوهي قوى جلدي من لا أبوح به .......... ويستحلّ دمي من لا أسمّيه)

(لم أدر حين بدا والكأس في يده .......... من ريقه الخمر أم عينيه أم فيه)

(فما المدامة إلا من ثنيّته .......... ولا التّظلّم إلاّ من تثنّيه)
)

(45/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 54
(حكت جواهره أيامه فصفت .......... وحدّثت عن لياليه لآليه)

(فيه من النّاس ما في الناس من حسن .......... وليس في الخلق معنىً من معانيه)

4 (أحمد بن محمد بن عليّ أبو العبّاس، القادسيّ، ثمّ البغداديّ، الضّرير، الحنبليّ، المقرئ،)
والد المؤرخ الّذي ذيّل على المنتظم لابن الجوزيّ أبي عبد الله محمّد. ولد في حدود سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وقرأ القرآن على عبد الله ابن أحمد الدّاهريّ. وسمع من: يحيى بن ثابت، وأبي الحسين عبد الحقّ، وغيرهما. وهو من أهل القادسيّة: قرية بين سامرّاء وبغداد، لا قادسية الكوفة المشهورة، ومن أعمال جزيرة ابن عمر قرية القادسية، ومن نواحي إربل، أخرى. توفّي في شوّال. وكان صالحاً خيّراً.
4 (أحمد بن محمد بن الحسين بن مفرّج بن حاتم بن الحسن بن جعفر. القاضي، أبو المعالي،)
المقدسيّ، ثمّ الإسكندرانيّ، المنعوت بالصّفيّ ابن الواعظ. هو ابن عمّ الحافظ عليّ بن المفضّل. سمع من: السّلفيّ، وعبد الواحد بن عسكر، ومحمد بن عليّ ابن العريف. روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وقال: توفّي في المحرّم.
4 (أحمد بن مطيع بن أحمد بن مطيع. أبو العبّاس، الباجسرائيّ.)
صحب الشيخ عبد القادر، وقرأ عليه كتاب الغنية تصنيفه. وحدّث. وكان مقيماً بقرية باجسرا من نواحي بغداد، وبها مات في المحرّم.

(45/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 55
روى لنا عنه بالإجازة الشّهاب الأبرقوهيّ، وبالسّماع أبو الفضل محمّد بن محمد بن الدّبّاب.
4 (أحمد بن يوسف ابن الشيخ أبي الحسن محمّد بن أحمد بن صرما. أبو العبّاس، ابن أبي)
الفتح البغداديّ، الأزجيّ، المشتري. ولد ظنّاً في سنة ستّ وثلاثين. وسمع الكثير من: أبي الفضل الأرموي، وابن الطّلاّية، ابن ناصر، وعبد الخالق اليوسفيّ، وسعيد بن البنّاء، وأبي الوقت، وغيرهم. وقد تقدّم أخوه محمد. روى عنه: الدّبيثيّ، والضّياء، والفقيه أبو الحرم مكيّ بن بشر، وشهدة، وزينب، ومحمد أولاد القاضي أبي صالح الجيليّ، والكمال عبد الرحمن الفويره، والجمال محمد بن الدّبّاب البغاددة، والشهاب الأبرقوهيّ. ونقلت من خطّ أيب العلاء الفرضيّ أنّه سمع من الأرمويّ كتاب المصاحف لابن أبي داود،) والمهرونيّات الخمسة، وصفة المنافق، وجزء أبي بكر الصّيدلانيّ، والتّاسع من فضائل الصحابة للدّارقطنيّ، والأوّل من صحيح الدّارقطنيّ، والثالث من البرّ والصّلة لابن المبارك، وجزء ابن شاهي، والثالث من الحربيات وأنّ ذلك كلّه سمعه من ابن صرما الجمال ابن الدّبّاب. أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن أبي الفتح، والفتح بن عبد الله، قالا: أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا ابن النّقور، أخبرنا عليّ بن عمر الحربيّ، حدّثنا أحمد بن الحسن الصوفيّ، حدّثنا يحيى بن معين في شعبان سنة سبعٍ وعشرين ومائتين، حدّثنا سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيّوب،

(45/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 56
عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الميّت يبعث في ثيابه الّتي قبض فيها. هذا حديث صحيح غريب رواه أبو داود، عن الحسن بن عليّ، عن سعيد بن أبي مريم. توفّي ابن صرما في سادس عشر شعبان.
4 (إبراهيم بن عيسى بن أصبغ. الإمام، أبو إسحاق الأزديّ، القرطبيّ، المعروف بابن)
المناصف. شيخ العربية، وأوحد زمانه بإفريقية. وكان جدّه أبو القاسم أصبغ من كبار المالكية بقرطبة. لأبي إسحاق تصانيف تشهد بالبراعة. قال ابن مسدي: أملى علينا بدانية على قول سيبويه: هذا باب من الكلم من العربية، نحو عشرين كرّاساً، بسط القول فيها في مائة وثلاثين وجهاً. مات على قضاء سجلماسة بعد سنة عشرين وستمائة.
4 (إبراهيم بن مجاهد بن محمد. أبو إسحاق، اللّخميّ، الأندلسيّ، المعروف بابن صاحب)
الصّلاة، من أهل حصن ألماشة عمل شاطبة.

(45/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 57
روى عن أبي الحسن بن هذيل، وغيره. وأقرأ القرآن، وحدّث. كان حيّاً في رمضان هذه السّنة.
4 (أمة الرحيم بنت عفيف بن المبارك بن حسين. سيّدة العلماء، البغداديّة، الأزجيّة. كان أبوها)
حنبلياً، ناسخاً، فسمّعها من أبي الوقت السّجزيّ. وكانت صالحة خيّرة، روت المائة الشّريحيّة. وأجازت للكمال الفويره. وماتت في شوّال. روى عنها ابن النّجّار.)
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن عريب بن عمران، الحرشي. من أمراء العرب بالعراق. كان شاعراً، سمحاً،)
جواداً، كريماً، ربما وهب المائة من الإبل. ومن شعره، وأجاد:
(صحا قلبه لا من ملام المؤنّب .......... ولا من سلوّ عن سليمى وزينب)

(سوى زاجرات الحلم إذ وضحت له .......... حواشي صبحٍ في دياجر غيهب)

(وطار غراب الجهل عن روض رأسه .......... وكّلت قلوص الرّاكب المتحوّب)

(وقضّيت أوطار الشّبيبة والصّبا .......... سوى رشفةٍ من بارد الظّلم أشنب)

4 (الحسن بن محمود. العدل، نبيه الدّين، أبو عليّ، القرشيّ، المصريّ، الشافعيّ، الشّروطيّ،)
الكاتب. من كبار العدول، ولي العقود، والفروض، والحسبة بالقاهرة مدّةً، وولي الوكالة السّلطانية بالقاهرة ومصر. وسمع من يوسف بن الطّفيل.

(45/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 58
4 (الحسن بن محمود بن علون البعقوبيّ، المعدّل. حدّث عن أبي المعالي محمد بن اللّحّاس.)
ومات في رجب ببعقوبا. أخذ عنه عبد اللّطيف ابن بورنداز.
4 (حلل بنت الشيخ أبي المكارم محمود بن محمد بن محمد بن السّكن. البغداديّة، وتدعى ستّ)
الملوك. روت بالإجازة عن أبي الوقت.
4 (حرف الخاء)

4 (خديجة بنت عليّ بن الحسن بن أبي الأسود ابن البلّ. روت أيضاً بالإجازة عن أبي الوقت.)
وماتت في رجب، بعد حلل بشهرٍ.
4 (حرف الدال)

4 (داود بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن سليمان بن عمر بن خلف بن عبد الله بن عبد)
الرؤوف، بن حوط الله. المحدّث، أبو سليمان،

(45/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 59
الأنصاريّ، الحارثيّ، الأندي، وأندة: من عمل بلنسية. سكن مالقة، وأخذ عن أبيه، وأخيه أبي محمد عبد الله الحافظ، ورحل في نواحي الأندلس، فسمع ببلنسية من أبي عبد الله بن نوح، وأبي بكر بن مغاور بشاطبة، ومن أبي القاسم بن) حبيش، وأبي عبد الله بن حميد بمرسية، ومن أبي القاسم بن بشكوال بقرطبة وأكثر عنه، ومن أبي عبد الله بن زرقون بإشبيلية، ومن أبي عبد الله بن الفخّار بمالقة، ومن عبد الحقّ بن بونه بالمنكّب، ومن أبي عبد الله بن عروس بغرناطة، ومن أبي محمد بن عبيد الله بسبتة، ومن خلقٍ كثير. وأجاز له أبو الطّاهر بن عوف، وغيره من الإسكندرية. قال الأبّار: وشيوخه يزيدون على المائتين. وكانت الرواية أغلب عليه من الدّراية. وكان هو، وأخوه أوسع أهل الأندلس روايةً في وقتهما، مع الجلالة والعدالة. وكان أبو سليمان ورعاً، منقبضاً، ولي قضاء الجزيرة الخضراء، ثمّ قضاء بلنسية، وبها لقيته. وتوفّي على قضاء مالقة في سادس ربيع الآخر، وله تسعٌ وستّون سنة. وأخذ عنه ابن مسدي وقال: لم أر أكثر باكياً من جنازته، وحمل نعشه على الأكفّ.
4 (حرف الراء)

4 (رقيّة بنت الزّاهد أحمد بن محمّد بن قدامة، أخت الشيخ الموفّق، أمّ الحافظ الضّياء،)
والمفتي شمس الدّين أحمد المعروف بالبخاريّ، وكان حيّاً في هذا العام. روت بالإجازة عن أبي الفتح بن البطّي، وأحمد بن المقرّب، وشهدة. روى عنها ابنها الضّياء، وحفيدها الفخر عليّ، وابن أخيها شمس الدّين عبد الرحمن بن أبي عمر. قال الضّياء: كانت امرأةً صالحةً، تنكر المنكر، يخافها الرجال والنّساء، وتفصل بين النّاس في القضايا. وكانت تاريخاً للمقادسة في المواليد والوفيات.

(45/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 60
وتوفّيت في شعبان، وولدت في حدود سنة ستٍّ وثلاثين.
4 (حرف الزاي)

4 (زيد بن أبي المعمّر يحيى بن أحمد بن عبيد الله. أبو بكر، الأزجيّ، البيّع. ولد في حدود)
سنة سبعٍ وأربعين. وسمع من: أبي الوقت، وأبي بكر ابن الزاغونيّ، وهبة الله ابن الشّبليّ، وأحمد بن قفرجل، وابن البطّي. وعمّر، وتفرّد بأشياء. روى عنه: الدّبيثيّ، والبرزاليّ، والضّياء، والشهاب الأبرقوهيّ، وآخرون. وقرأت مولده بخطّ الضّياء في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وقيل: إنّه سمّع لنفسه فيما لم يسمعه. وقرأت بخطّ ابن نقطة قال: سمع من أبي الوقت صحيح البخاريّ، ومسند الدّارميّ، ومنتخب) عبد. وسمع من أبي القاسم ابن قفرجل، وأبي القاسم ابن الشّبليّ، وسماعه صحيح كثيرٌ ممّن ذكرنا، وغيرهم. وألحق اسمه في نسخة محمد بن السّريّ التّمّار، في طبقة، عن ابن الزاغونيّ، وفي جزء لوين على فورجة، وما أعلم أنّه حدّث بشيءٍ من ذلك الملحق البتّة، ولا قرأه عليه أحدٌ. وتوفّي في نصف رمضان. وهو أخو أحمد، وعبد المنعم، ووالدهم يروي عن ابن الحصين.

(45/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 61
وعمّهم يونس: هو والد الوزير جلال الدّين بن يونس. أخبرنا أبو المعالي الهمذانيّ، أخبرنا زيد بن يحيى، أخبرنا أحمد بن عبد الباقي، أخبرنا عاصم، أخبرنا أبو عمر بن مهديّ، فذكر أحاديث.
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن أبي طاهر هاشم بن هاشم. الإمام، أميل الدّين، أبو البركات، الحلبيّ، الخطيب.)
سمع من محمد بن عليّ بن ياسر الحنّائيّ. روى عنه: عبيد الله بن مريم، وشمس الدّين ابن خليل. توفّي في ربيع الأوّل.
4 (حرف الشين)

4 (شهاب بن محمد. أبو الحسين، الكلبي، الأندلسي.)
أجاز له السّلفيّ. كان يقرئ، ويكتب المصاحف. وكان حيّاً في هذا العام.
4 (حرف الطاء)

4 (طالب بن أبي طاهر بن أبي الغنائم بن ميشا البغداديّ. النّجّار.)
روى عن يحيى بن ثابت. ومات في ربيع الأوّل.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن حامد. أبو محمد، المعافريّ.)

(45/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 62
رئيس مرسية ومحتشمها. ذكره الأبّار، فقال: سمع، وصحب الأدباء. وكان أحد رجالات الأندلس وجاهةً وجلالةً مع التّحقيق بالكتابة والنّظم، وإليه كانت رئاسة بلده.
4 (عبد الله بن الحسن بن عبد الله. أبو الفتوح، ابن رئيس الرّؤساء في ديوان واسط.)
وهو من بيت وزارة وحشمة. روى عن ابن البطّي، ويحيى بن ثابت. توفّي في جمادى الأولى، بواسط.)
4 (عبد الله بن حمّاد بن ثعلب أبو المحاسن، البغداديّ، الضّرير.)
روى عن: شهدة، وعبد الحقّ اليوسفيّ. ومات في جمادى الآخرة.
4 (عبد الله بن عبد المحسن بن عبد الأحد، أبو محمد، ابن الرّبيب، الإسكندرانيّ، المقرئ.)
سمع السّلفيّ، وعبد الواحد بن عسكر. روى عنه الحافظ عبد العظيم، وغيره. ومات في ربيع الآخر. وكان رجلاً صالحاً، خيّراً.
4 (عبد الله بن المبارك بن سعد الله بن وهب البغداديّ، الخبّاز.)
روى عن شهدة، وغير واحد. ومات في سلخ محرّم.

(45/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 63
4 (عبد الله بن أبي البركات بن هبة الله. أبو بكر، البغداديّ، المعروف بابن السّمين.)
سمع من: عليّ بن عساكر، وعبد الحقّ اليوسفيّ. ومات في رمضان.
4 (عبد الخالق بن عليّ. أبو عليّ، القطيعيّ، ويعرف بابن البازبازيّ.)
عمّر تسعين سنة. وروى بالإجازة عن أبي بكر ابن الزاغونيّ، وسعيد بن البنّاء، وجماعة.
4 (عبد الرحمن بن أبي سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون.)
القاضي، نجم الدّين، التّميميّ، ابن شيخ الشام شرف الدّين. مات بحماة في ثامن عشر رمضان.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن عبد السّميع بن أبي تمام عبد الله بن عبد السّميع. الإمام، أبو)
طالب، القرشيّ، الهاشميّ، الواسطيّ، المقرئ، المعدّل.

(45/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 64
ولد سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة. وقرأ القرآن على أبي السّعادات أحمد ابن عليّ بن خليفة، وأبي حميد عبد العزيز بن عليّ السّماتيّ قدم عليهم. وسمع من: جدّه، ومن محمّد بن محمد بن أبي زنبقة، وأبي يعلى حيدرة الرّشيديّ، وخلقٍ بواسط. وسمع ببغداد من أبي المظفّر هبة الله بن الشّبليّ، وسعد الله بن حمدي، وابن البطّي، وابن تاج القرّاء، والشيخ عبد القادر، وأبي بكر بن المقرّب، وطائفة. وكتب الكثير لنفسه، ولغيره، وصنّف أشياء حسنةً. وروى الكثير بواسط. وكان من أكابر اهل بلده وعلمائهم، ومن بيت العلم والدّين. وكان ثقةً، حسن النقل. روى عنه: الدّبيثيّ، وأبو الطاهر ابن الأنماطيّ، وجماعةٌ. وروى عنه بالإجازة أبو المعالي الأبرقوهيّ. ومات في سادس المحرّم.)
4 (عبد الرشيد بن محمد بن عبد الرشيد بن ناصر بن عليّ. أبو محمد، السّرخسيّ، الرّجائيّ.)
ورجاء: من قرى سرخس. إمامٌ فاضلٌ، ديّن، واعظٌ، مذكّر، رزق القبول التّام بإصبهان. مولده في ذي القعدة سنة خمسين وخمسمائة. سافر به والده، وحجّ به، وأسمعه من هبة الله بن أحمد الشّبليّ، وهبة الله الدّقّاق، وابن البطّي، وبالكوفة من ابن ناقة. وسمع بإصبهان من محمود بن أبي القاسم، وأحمد بن التّرك، وطائفة. وحدّث ببغداد. ولمّا حجّ سنة سبعٍ وستمائة روى عنه الحافظان الضّياء، وابن النّجّار. وقد أجاز لمن أدرك حياته. وذكر ذلك أبو رشيد الغزّال في كتابه الجمع المبارك والنفع المشارك. مولده بإصبهان، وبها مات في ذي القعدة

(45/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 65
من سنة إحدى. وذكر الشيخ أيضاً موته في سنة اثنتين، عندما بلغه.
4 (عبد العزيز بن عليّ. أبو الأصبغ، اللّخميّ، الإشبيليّ، الظّاهريّ، ويعرف بابن صاحب)
الرّدّ. كان ممّن برع في فقه الظّاهريّة. ذكره ابن مسدي، فقال: كان ذاكراً لصحيح مسلم، متظاهراً بمذهب أهل الظّاهر، رافعاً راية تلك المظاهر، مع الثقة، والأصالة. سمع ابن الجدّ، وأبا عبد الله بن زرقون. سمعت منه. ومات في عاشر شعبان عن ثمانٍ وخمسين سنة.
4 (عبد الغنيّ بن أبي القاسم عبد العزيز بن أبي البقاء هبة الله بن القاسم بن منصور بن)
البندار. أبو الفتح، البغداديّ، الحريميّ، العدل. ولد سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من أبي الوقت السّجزيّ، وأبي جعفر محمّد بن محمد الطّائي، وابن اللّحّاس. وهو من بيت الحديث. روى عنه: الدّبيثيّ، والبرزاليّ، والجمال محمد بن أبي الفرج ابن الدّبّاب، وغيرهم، ومات في صفر.
4 (عبد القويّ ابن القاضي الجليس أبي المعالي عبد العزيز بن الحسين بن عبد الله بن)
الحسين. القاضي الأسعد، أبو البركات، ابن الجبّاب، التّميميّ، السّعديّ، الأغلبيّ، المصريّ، المالكيّ، المعدّل.

(45/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 66
ولد سنة ستٍّ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من الشريف أبي الفتوح الخطيب، وأبي محمد بن رفاعة، وابن العرقيّ، وأبي طاهر السّلفيّ، وأبي البقاء عمر ابن المقدسيّ.) روى عنه عمر ابن الحاجب، وأبو الطّاهر ابن الأنماطيّ، والزّكيّ المنذريّ، والفخر عليّ ابن البخاريّ، وشرف القضاة محمد بن أحمد بن محمد بن الجّباب، والنّجيب محمد بن أحمد بن محمد الهمذانيّ، والشهاب أحمد بن إسحاق الأبرقوهيّ، وأحمد بن عبد الكريم الأغلاقيّ، وطائفةٌ سواهم. ذكره ابن الحاجب في معجمه فقال: من بيت السّؤدد، والكرم، والفضل، والتّقدّم، ذو كياسة ورئاسة، وله من الوقار والهيبة ما لم يعرف لغيرة وكان ذا حلم وأناة وصمت ولي من أمور المملكة ولايات أبان فيها. عن أمانة ونزاهة، وكثير اللّطف بالقريب والغريب. وأصلهم من القيروان. وتفرّد بالسيرة عن ابن رفاعة. قال: وقد كنت سمعت بدمشق من بعض الطّلبة: أنّ في سماع شيخنا هذا كلاماً، فلمّا قدمت مصر، بحثت عن سماعه، فوجدت أصل سماعه عن ابن رفاعة، وكملت في المحرّم سنة ستٍّ وخمسين بقراءة يحيى بن عليّ القيسيّ. وتحت الطّبقة الأمر على ما ذكر ووصف، وكتب عبد الله بن رفاعة. وأوقفت بعض أصحابنا الطّلبة على هذه النسخة، ونقلها إليّ صاحبنا الرفيع إسحاق بن المؤيّد الهمذانيّ، والنسخة موجودةٌ الآن، وإنّما رأيتهم يقولون: ما وجد سماعه للغريبين إلاّ في بعض الأجزاء، وأنّه قال: جميع الكتاب سماعي، فكان الكلام في هذا دون غيره. وكان شيخنا هذا ثقةً ثبتاً، عارفاً بما سمع، لا ينسب في ذلك إلى غرض. قال: ورأيت خطّ تقيّ الدّين الأنماطيّ، وهو يثني على شيخنا هذا ثناءً جميلاً، ويذكر من جملة مسموعاته السيرة على ابن رفاعة. وكان قد صارت السيرة على ذكر الشيخ بمنزلة الفاتحة يسابق القارئ إلى قراءتها. وكان قيّماً بها وبمشكلها.

(45/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 67
وهو أنبل شيخٍ وجدته بالدّيار المصرية، روايةً ودرايةً. وكان لا يقرأ عليه القارئ إلاّ وأصله بيده، ولا يدع القارئ يدغم. وكان أبوه جليساً لخليفة مصر. قال: وحضرته يوماً وقد أهدى له بعض السّامعين هديّةً، فردّها وأثابه عليها، وقال: ما ذا وقت هديةٍ، ذا وقت سماع. وكان طويل الروح على السّماع مع مرضٍ كان يجده. كنّا نسمع عليه من الصّبح إلى العصر، إلى أن قرأنا عليه السيرة وعدّة أجزاء في أيام.) ثمّ قال: أخبرنا الإمام الأوحد الأسعد صفيّ الملك أبو البركات أحسن الله إليه، وما رأيت في رحلتي شيخاً ابن خمس وثمانين سنة أحسن هدياً وسمتاً واستقامةً منه، ولا أحسن كلاماً، ولا أظرف إيراداً منه، رحمه الله، فلقد كان جمالاً للدّيار المصرية في صفر سنة إحدى وعشرين، قال: أخبرنا ابن رفاعة. وقال ابن الحاجب أيضاً: قال لي ابن نقطة: أبو البركات عبد القويّ ابن الجبّاب، حدّثنا عن السّلفيّ، وسمعت الحافظ عبد العظيم يتكلّم في سماعه للسيرة ويقول: إنّه بقراءة يحيى بن عليّ، إمام مسجد العيثم، وكان كذّاباّ. ثمّ قدمت دمشق فذكرت ذلك لأبي الطّاهر ابن الأنماطيّ، فرايته يثبّت سماعه ويصحّحه. قلت: قرأت السيرة بكمالها في ستّة أيام على الشهاب الأبرقوهيّ، بسماعه لجميعها من أبي البركات في صفر سنة إحدى وعشرين. ومات في سلخ شوّال من السنة. وقد روى كتاب العنوان عن الشريف الخطيب، حدّث به عن سنة نيّفٍ وثمانين الشيخ أبو.
4 (عبد الكريم بن عليّ بن الحسن بن الحسن بن أحمد بن الفرج.)

(45/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 68
الرئيس الأثير، القاضي، أبو القاسم، اللّخميّ، البيسانيّ، ثمّ العسقلانيّ المولد، المصريّ الدّار، الشافعيّ، أخو القاضي الفاضل. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع بالإسكندرية من السّلفيّ، وأبي محمد العثماني، وأخيه أبي الطّاهر إسماعيل بن عبد الرحمن العثمانيّ. روى عنه الحافظ المنذريّ، وغير واحد من المصريّين. وكان كثير الرغبة في تحصيل الكتب، مبالغاً في ذلك إلى الغاية، وملك منها جملةً عظيمة، بحيث لم يبلغنا أن أحداً من الرؤساء جمع منها ما جمع هو، اللّهمّ إلاّ أن يكون ملكاً أو وزيراً. وقال الموفّق عبد اللّطيف: كان له هوسٌ مفرطٌ في تحصيل الكتب، وكان عنده زهاء مائتي ألف كتاب، من كلّ كتاب نسخ. وقال المنذريّ: توفّي في ثالث عشر المحرّم.
4 (عبد اللّطيف بن معمّر بن عسكر بن القاسم بن محمد. أبو محمد، الأزجيّ، المؤدّب،)
المخرّميّ. ولد في المحرّم سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الوقت، ومن أبيه، وأحمد بن المقرّب، وغيرهم. قال الدّبيثيّ وقد روى عنه في تاريخه: كان صاحب لهوٍ وخلاعةٍ.) وذكره أيضاً في الشيوخ الذين أجازوا له. وأخبرنا عنه الشّهاب الأبرقوهيّ. وتوفّي في ذي القعدة.
4 (عبد المحسن بن نصر الله بن كثير، الفقيه. زين الدّين، ابن البيّاع، الشّاميّ الأصل.)
المصريّ، الشافعيّ.

(45/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 69
تفقّه على أبي القاسم عبد الرحمن بن سلامة. وكان طلق العبارة، جيّد القريحة، من أعيان الشافعية. خطب بقلعة الجبل، وناب في الحكم بأعمال مصر، وتقلّب في الخدم الدّيوانيّة.
4 (عبد الواحد بن عبد العزيز بن علوان. أبو محمد، الحربيّ، السّقلاطونيّ.)
سمع من: هبة الله ابن الشّبليّ، وأبي الفتح بن البطّي، وأحمد بن عبد الله اليوسفيّ، وعبد الرحمن بن زيد الورّاق. روى عن ابن البطّي، جميع حلية الأولياء بسماعه من حمدٍ، عنه. ومات في ذي الحجّة. روى لنا عنه بالإجازة الأبرقوهيّ.
4 (عبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ.)
السلطان، أبو محمد، القيسيّ، صاحب المغرب. ولي الأمر في ذي القعدة سنة عشرين بعد أبيه يوسف بن محمد. وكان كبير السنّ، عاقلاً، لكن لم يدار الدّولة ولا أحسن التّدبير، فخلعوه وخنقوه في حدود شعبان. وكانت ولايته تسعة أشهر. ولمّا بويع كان بالأندلس ابن أخيه عبد الله بن يعقوب، فامتنع، ورأى أنه أحقّ بالأمر واستولى على الأندلس بلا كلفة، وتلقّب بالعادل. فلمّا خنق أبو محمد، ثارت الفرنج بالأندلس، فالتقاهم العادل، فانهزم جيشه، وطلب هو مرّاكش، وترك بإشبيلية أخاه إدريس، فأتى مرّاكش في أسوأ حالٍ، فقبضوا عليه، ثمّ بايعوا أبا زكرياء يحيى بن محمّد بن يعقوب بن يوسف، أخا يوسف، وهو لمّا بقل وجهه، فلم

(45/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 70
يلبث أن جاءت الأخبار بأن إدريس ادّعى الخلافة بإشبيليّة، وبايعوه، ثمّ آل أمر يحيى إلى ان حصره العرب بمرّاكش حتّى ضجر أهل مراكش منه، وأخرجوه، فهرب إلى جبل درن، ثمّ تعصّب له طائفة، وعاد، وقتل من بمرّاكش من أعوان إدريس، وهرب إدريس من الأندلس، وقد توثّب عليه بها الأمير محمد بن يوسف بن هود الجذاميّ، ودعى إلى بني العباس، فمال إليه النّاس، وخرجوا على إدريس، فانتهى إلى مراكش بجيشه، فواقع يحيى، فانهزم يحيى إلى الجبل.)
4 (عبد الوهّاب بن أبي المظفّر بن عبد الوهّاب ابن السّبّاك.)
توفّي ببغداد في ذي الحجّة. عنده جزء البانياسيّ، عن ابن البطّي. روى عنه ابن النّجّار.
4 (عزّ النّساء بنت أحمد بن أحمد بن كرم البندنيجيّ، أخت تميم.)
سمعت من وجيه ابن السّقطيّ، وأبي الحسين عبد الحقّ. وتوفّيت في ذي الحجّة.
4 (عليّ بن عبد الله بن سلمان بن حسين.)
قاضي الحلّة، أبو الحسن، الحنفيّ. قدم بغداد، وعظم شأنه، حتّى ولي قضاء القضاة في سنة ثمانٍ وتسعين. وكان قليل الفقه، فعزل بعد عامين لجهله وإرشائه، فرسم عليه، ونزح إلى بلده. توفّي في ذي الحجّة، وقد جاوز الثّمانين.
4 (عليّ بن عبد الرشيد بن عليّ بن بنيمان بن مكّيّ.)

(45/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 71
القاضي، أبو الحسن، الهمذانيّ، الحدّاد، المقرئ. ولد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وقرأ القرآن ببعض الروايات على جدّه الحافظ أبي العلاء العطّار، وسمع منه ومن أبي الخير محمّد بن أحمد الباغبان. وحضر على أبي الوقت في الرابعة، وقدم بغداد، فتفقّه بها مدّة على أبي الخير القزوينيّ، واستملى عليه بالنّظاميّة. وخرج إلى الشام ومصر، ثمّ عاد إلى همذان، فولي قضاءها، ثمّ قدم بغداد، وولي قضاء الجانب الغربيّ، ثمّ ولي قضاء تستر، واستوطنها. وروى الكثير ببغداد، وسمع بها من: أبي الفرج محمد بن أحمد بن يحيى بن نبهان، وابن شاتيل. روى عنه: الدّبيثيّ، والنّجيب عبد اللّطيف، وجماعة. وقد ذكر ابن أنجب مولده في سنة تسعٍ وأربعين. توفّي بتستر في صفر. وكان يرتشي، قاله ابن النجّار.
4 (عليّ بن محمد ابن النّبيه، الأديب صاحب الدّيوان.)
قيل: توفّي بها، وقد تقدّم في سنة تسع عشرة، مات بنصيبين.
4 (عليّ بن يوسف بن أبي الكرم. أبو القاسم، البغداديّ، الظّفريّ، الحمّامي، ابن أخت أبي)
الكرم بن صبوخا. كان شيخاً فاضلاً، يرجع إلى تمييزٍ، ونباهةٍ، ومعرفةٍ، وجلالةٍ، وأخلاقٍ، جميلةٍ. وكان ثقة.)

(45/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 72
سمع من: أبي الوقت، والوزير يحيى بن هبيرة، ويحيى بن ثابت، وأبي زرعة، وجماعة. روى عنه: ابن النّجّار، والدّبيثيّ، والأبرقوهيّ، وجماعة. ومولده في شوّال سنة ثمانٍ وأربعين، وتوفّي في السّادس والعشرين من رجب. أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهيّ، أخبرنا عليّ بن يوسف ببغداد، ومحمد بن أبي القاسم الكسائيّ حضوراً بأبرقوه، قالا: أخبرنا أبو الوقت، أخربنا الدّاووديّ، أخبرنا ابن حمّويه، أخبرنا الفربريّ، حدّثنا محمد بن إسماعيل، حدّثنا عمر بن حفص، حدّثنا أبي، عن الأعمش، حدّثنا أبو صالح، عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يقول الله يوم القيامة: يا آدم، فيقول: لبّيك ربّنا وسعديك، فينادي بصوتٍ: إنّ الله يأمرك أن تخرج من ذرّيّتك بعثاً إلى النّار... الحديث.
4 (عليّ بن أبي سعد بن أحمد. أبو الحسن، ابن تميرة، الحربيّ.)
ولد تقريباً في سنة ثلاثٍ وخمسين. وسمع من هبة الله بن أحمد الشّبليّ. وحدّث. وهو أخو عبد الرحمن. توفّي في رجب
4 (عليّ الفرنثي)
الرجلّ الصالح، كبير القدر، صاحب كرامات، ورياضات، وسياحات، وله أصحابٌ مريدون. وله زاوية بسفح قاسيون.

(45/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 73
حكى الشيخ الضّياء في سيرة الشيخ أبي عمر، قال: سمعت الشيخ محمد بن حسن العراقي، خادم الشيخ علي الفرنثي، قال: جئت بالشيخ علي إلى قبر الشيخ أبي عمر، فقال: صاحب هذا القبر حيٌّ في قبره. وحكى الشيخ تقيّ الدين ابن الواسطي: أنّه حضر عند الشيخ علي في مكان على الشّرف الأعلى، فبينا هو قاعدٌ والناس حوله، إذ صفّق فخرج فقيرٌ، فإذا أناسٌ معهم نعاير لبن وغيرها، وكان إذا صفّق علموا أنّه قد جاء فتوح، أو ما هذا معناه. وذكر الشيخ محمد بن أبي الفضل، قال: شاهدت الشيخ عليّ الفرنثي، والحجر ينزل من المقطع، فيشير إليه: يا مبارك يمين، فينزل يميناً، ويقول: يا مبارك شمال، فينزل شمالاً. توفّي الشيخ عليٌّ، في شهر جمادى الآخرة بقاسيون، وبنوا على قبره قبّةً.
4 (عمر بن محمد بن عمر بن بركة بن سلامة بن أحمد بن أبي القاسم بن أبي الرّيان. أبو)
) حفص، بن أبي بكر، الدّاراقزّي، الكاغديّ. ولد سنة خمسٍ وأربعين، وقال مرّة: سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من أبي الوقت، وابن البطّي. وكان شيخاً فهماً، حسن الأخلاق. روى عنه الدّبيثيّ، وابن النّجار. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ. ومات في ذي الحجّة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله. أبو عبد الله، الأنصاري

(45/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 74
الأندلسي، المعروف بابن)
اليتيم، وبابن البلنسي، وبالأندرشيّ، من أهل المريّة. سمع أباه، ولازم أبا محمد بن عبيد الله. ورحل إلى بلنسية، فسمع من أبي الحسن بن هذيل، وابن النعمة، وبمرسية من أبي القاسم بن حبيش، وغيره وبمالقة أبا إسحاق بن قرقول. وسمع بأشبونة من عمل قرطبة من أبي مروان بن قزمان سمع منه بعض الموطأ، وسمع بقرطبة من ابن بشكوال، وبغرناطة من أبي خالد بن رفاعة. ولقي بفاس أبا الحسن بن حنين. وحجّ فسمع ببجاية من الحافظ عبد الحق الإشبيلي، وسمع بالإسكندرية من أبي طاهر السّلفيّ، وأبي محمد العثمانيّ، وبالقاهرة من عثمان بن فرج، وببغداد من شهدة الكاتبة، وبالموصل من الخطيب أبي الفضل الطّوسيّ، وبدمشق من أبي القاسم بن عساكر الحافظ، وبمكّة من عمر الميانشيّ، وسمع من غيرهم ببلاد شتّى. وولي خطابة المريّة. قال ابن مسدي: لم يكن سليماً من التّركيب حتّى كثرت سقطاته، وقد تتبّع عثراته أبو الربيع بن سالم، وقد سمعت منه كثيراً. وقال أبو جعفر ابن الزبير: قد رأيت بخطّه إسناده صحيح البخاريّ، عن السّلفيّ، عن ابن البطر، عن ابن البيّع، عن المحامليّ عنه. قلت: ما عند هؤلاء عن المحامليّ سوى حديثٍ واهٍ في الدّعاء له. وقد وثّقه جماعةٌ لفضله، وحملوا عنه، وليس بمتقن. وقال الأبّار: كان مكثراً، رحّالةً. نسبه بعض شيوخنا إلى الاضطراب، ومع ذلك انتابه النّاس، ورحلوا إليه، وأخذ عنه أبو سليمان بن حوط الله، وأكابر أصحابنا. وأجاز لي. وولد سنة أربعٍ واربعين وخمسمائة، وأوّل رحلته في سنة اثنتين وستّين وخمسمائة، وتوفّي في الثامن والعشرين من ربيع الأول على ظهر البحر قاصداً مالقة، رحمه الله.)

(45/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 75
وقال ابن الزّبير: سمع الموطأ من ابن حنين بفاس، عن ابن الكلاّع.
4 (محمّد بن أحمد بن محمد بن خميس. أبو عبد الله، المغربيّ الأصل، ثمّ الموصليّ، الحلبي.)
ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وسمع من أبي الفضل خطيب الموصل. روى عنه مجد الدّين العديميّ. وهو والد هدية بنت خميس.
4 (محمد بن عبدان بن عبد الواحد. الطّبيب، العلامة، البارع، المصنّف، شمس الدّين، ابن)
اللّبوديّ، الدّمشقيّ. قال فيه ابن أبي أصيبعة: علاّمة وقته، وأفضل أهل زمانه في العلوم الحكميّة، وفي علم الطّبّ. سافر إلى العجم، واشتغل على النّجيب أسعد الهمذانيّ، وغيره. وكان له دلٌّ مفرطٌ، وحرصٌ بليغٌ. وكن له مجلس للإشغال. وخدم بحلب الملك الظّاهر، ثمّ بعد موته قدم إلى بلده، إلى أن توفّي في رابع ذي القعدة، وله إحدى وخمسون سنة.
4 (محمد بن عبد الرشيد بن عليّ بن بنيمان. أبو أحمد، الهمذانيّ، المقرئ، التّاجر، سبط أبي)
العلاء العطّار، وأمّه هي عاتكة. روى عن أبي الخير الباغبان، وعن جدّه. وتوفّي في التّجارة بأقسرا من بلاد الروم في صفر. كما توفّي أخوه في صفر بتستر. ويقال: إنّ أبا العلاء أحضر أبا الخير من إصبهان بالقصد الأوّل لأجل محمد، هذا. وقيل: بل توفّي بقونية. وكان إماماً في القراءآت والحديث.
4 (محمد ابن الفقيه أبي المنصور فتح بن محمد بن خلف

(45/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 76
السّعديّ، الفقيه. زين الدّين، أبو عبد)
الله، الدّمياطيّ، الشافعيّ، الكاتب. سمّعه أبوه من: السّلفيّ، وبدرٍ الخداداذيّ، وإسماعيل بن قاسم الزّيّات، وأبي المفاخر سعيد المأمونّيّ، وجماعة. وكتب على فخر الكتّاب، وفاق الأقران في حسن الخطّ حتّى فضّلوه على أستاذه. وكتب في ديوان الإنشاء مدّة. وترسّل عن الكامل. وحدّث بدمشق أيضاً. وكان حسن الأخلاق، فيه دين وخيرٌ. ولد في أواخر سنة ستّ وستين وخمسمائة. ومات في رابع صفر. روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، وابن الأنماطيّ، والزّكيّ البرزاليّ.
4 (محمد ابن الشيخ أبي عبد الله بن محمد بن سعيد بن أحمد بن زرقون. العلاّمة، أبو)
الحسين، الأنصاريّ، الإشبيليّ.) قال الأبّار: سمع من أبيه، وأبي بكر من الجدّ، وتفقّه بهما، وسمع من أبي جعفر بن مضاء. وأجاز له السّلفيّ، وغيره. وكان فقيهاً، حافظاً لمذهب مالك، إماماً مبرزاً، متعصّباً للمذهب حتّى امتحن بالسّلطان من أجله، وحبس مدّة. ومن تصانيفه كتاب المعلّى في الرّدّ على المجلّى والمحلّى وله كتاب قطب الشريعة في الجمع بين الصّحيحين. وكان أهل بلده يعيبون مقاصده فيها، ويغضّون من أسجاعه في أثنائها. ولم يكن له بصرٌ بالحديث، وسمع النّاس منه. وتوفّي في شوّال، ودفن بداخل إشبيلية، وله ثلاثٌ وثمانون سنةً. تفقّه به جماعة.
4 (محمد بن محمد بن محمد.)
الفقيه، أبو الفتوح، السّمرقنديّ، ثمّ البغداديّ، الحنفيّ.

(45/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 77
ولد سنة إحدى وأربعين. وسمع من أبي الفتح بن البطّي، وغيره. ومات في ربيع الآخر. روى عنه: ابن الدّبيثيّ، وابن النّجّار.
4 (محمد بن محمد بن أبي الفتح. أبو عبد الله، المقدسيّ.)
حدّث بنسخة أبي مسهر.
4 (محمد بن هبة الله بن المكرّم بن عبد الله. أبوجعفر، البغداديّ، الصّوفيّ.)
ولد في حدود سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: أبيه أبي نصر، وأبي الفضل الأرمويّ، وابن ناصر، وأبي الوقت، وأبي المعمّر بن أحمد الأنصاري، والمظفّر بن أردشير العباديّ، وغيرهم. وكان أبوه يروي عن نصر بن البطر. وأخوه المكرّم بن هبة الله، من شيوخ الضّياء، وابن عبد الدّائم. وهو فحدّث بصحيح البخاريّ، بإربل. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، والبرزاليّ، والجمال محمد ابن الدّبّاب

(45/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 78
الواعظ، والقاضي شمس الدّين ابن خلّكان وأخوه البهاء محمد قاضي بعلبكّ. وكان صوفيّاً، ديّناً. توفّي في خامس المحرّم ببغداد.
4 (محمد بن يحيى بن يحيى الأنصاريّ.)
أبو عبد الله، الأندلسيّ، المقرئ المحقّق. أخذ القراءآت عن يحيى، وأخذ بعض السّبع عن ابن خيرٍ. وعاش نيّفاً وسبعين سنةً. أقرأ النّاس بسبتة. لقيه ابن مسدي.
4 (محمد بن يخلفتن بن أحمد بن تنفليت.)
) أبو عبد الله، اليجفثيّ البربريّ، الفازازيّ، التّلمسانيّ، الفقيه. قال الأبّار: سمع من أبي عبد الله التّجيبيّ. وكان فقيهاً، أديباً، مقدّماً في الكتابة والشّعر. ولي قضاء مرسية، ثمّ قضاء قرطبة. وكان حميد السيرة، جميل الهيئة، شديد الهيبة. حدّثت: أنه كان يحفظ صحيح البخاريّ، أو معظمه. وتوفّي بقرطبة.
4 (محمد بن أبي الفرج بن أبي المعالي معالي. الشيخ فخر الدّين،

(45/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 79
أبو المعالي، الموصليّ،)
المقرئ، الشّافعي، معيد النّظاميّة. قرأ القراءآت على الإمام يحيى بن سعدون القرطبيّ، وسمع منه ومن خطيب الموصل أبي الفضل. وقدم بغداد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة فتفقّه بها. وقرأ العربية على الكمال عبد الرحمن الأنباريّ. وأعاد بالنّظاميّة. وأقرأ القراءآت. وحدّث. وولد سنة تسعٍ وثلاثين وخمسمائة. قرأ عليه القراءآت الشيخ عبد الصّمد ابن أبي الجيش، والكمال عبد الرحمن المكبّر، وطائفة. قال ابن النّجّار: له معرفةٌ تامّة بوجوه القراءآت وعللها وطرقها، وله في ذلك مصنّفات. وكان فقيهاً، فاضلاً، حسن الكلام في مسائل الخلاف، ويعرف النّحو معرفةً حسنة. وكان كيّساً، متودّداً، متواضعاً، لطيف العشرة، صدوقاً. توفّي في سادس رمضان.
4 (المظفّر بن المبارك بن أحمد بن محمد.)
القاضي، أبوالكرم، الحنفيّ، البغداديّ، العدل. عرف والده بحرّكها. ولد سنة ستّ وأربعين. وسمع من أبيه، ومن أبي الوقت، وابن البطّي. وولي الحسبة ببغداد، والقضاء بربع الثلاثاء. وكانت له حلقة إشغال بجامع القصر. وكان أبوه أبو السّعادات من كبار الحنفية. توفّي أبو الكرم في حادي عشر جمادى الآخرة. وروى المائة الشريحية أخذ عنه الطلبة
4 (المظفّر بن أبي الخير بن إسماعيل بن عليّ.)

(45/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 80
الإمام، أمين الدّين، أبو الأسعد، التّبريزيّ، الوارانيّ، الشّافعيّ. تفقّه ببغداد على أبي القاسم بن فضلان، وغيره، وأعاد بالنّظامية مدّة. وتخرّج به جماعةٌ. وسمع من ابن كليب، ثمّ حجّ، وقدم مصر، ودرّس بها، بالمدرسة النّاصريّة المجاورة للجامع العتيق. ثمّ توجّه إلى العراق، ثمّ إلى شيراز، وأقام بها إلى حين وفاته. وحدّث بالبصرة) ومصر. روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، وغيره.
4 (مقدامٌ الوزير فخر الدّين أبو الفوارس، ابن القاضي الأجلّ أبي العبّاس أحمد بن شكرٍ)
المصريّ. ولد سنة إحدى وستين. وتفقّه على مذهب مالكٍ. وسمع من أبي يعقوب بن الطّفيل، وغيره. وكان في برٌّ وإيثارٌ. وهو عمّ الشيخ أبي الحسن علي بن شكرٍ المحدّث، الذي مات سنة ستّ عشرة.
4 (موسى بن عيسى بن خليفة. أبو عمران، اللّخميّ، القرطبيّ، ويعرف بابن الفخّار، النّاسخ،)
المقرئ. أخذ القراءآت عن أبي إسحاق بن طلحة، وأبي القاسم الشّراط. وسمع من أبي القاسم بن بشكوال، وغيره. وصحب الصّالحين. وأقرأ القرآن. وكان يكتب المصاحف. قال الأبّار: توفّي في رجب.

(45/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 81
4 (حرف الهاء)

4 (هارون بن أبي الحسن بن بركة الصّحراويّ.)
سمع من: أبي الحسين عبد الحقّ اليوسفيّ. وحدّث. ودفن بمقبرة معروف.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن أبي نصر عمر.)
أبو زكريا، البغداديّ، المشا، المعروف بالصّحراوي. سمع من: أبي الفتح بن البطّي، وأبي القاسم بن هلال الدّقّاق، وأبي المعالي بن حنيفة. وحدّث. والمشا: بضمّ الميم وتخفيف الشّين.
4 (يوسف بن أحمد بن عيّاد. أبو الحكم، التّميميّ، المليانيّ.)
تجوّل في الأقاليم، ولقي السّهرورديّ الفليسوف بملطية، وأخذ عنه. وسكن دانية، ونوظر عليه بها. قال الأبّار: أخذ عنه أبو إسحاق ابن المناصف، وأبو عبد الرحيم بن غالب. ورأيته مراراً. وكان شاعراً، مجوّداً غالياً في التشيّع. توفّي بدانية ليلة عاشورا. قلت: له عقيدة خبيثة، وفيه اتّحادٌ ظاهر.)
4 (الكنى)

4 (أبو طالب بن أبي طاهر بن أبي الغنائم النّجّار.)

(45/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 82
سمع من يحيى بن ثابت جزءاً. مات في ربيع الأول.
4 (وفيها ولد)
رضيّ الدّين جعفر بن القاسم الرّبعيّ، ابن دبوقا المقرئ، بحرّان. والعزّ عمر بن محمد ابن الأستاذ بحلب. وقاضي حماة الكمال عبد الوهّاب ابن المحيي حمزة البهرانيّ. والشمس محمد ابن المحدّث الشاهد ولد عزّ الدّين عبد الرزّاق الرّسعنيّ. والجمال محمد بن حسن ابن البونيّ، بالإسكندرية. والعماد إسماعيل بن عليّ ابن الطبّال، في صفر. والبهاء عمر بن محمد بن عبد العزيز بن باقا، روى عن جدّه. والركن يونس بن عليّ بن أفتكين. والعماد الموصليّ، صاحب التّجويد عليّ بن أبي زهران. وسليمان بن قايماز النّوريّ الحلبيّ. ويونس بن خليل الحمويّ الشاهد، نزيل مصر. والمؤيّد عليّ ابن خطيب عقربا إبراهيم بن يحيى. والتّقيّ أحمد بن عبد الرحمن ابن العنيقة العطّار. وشيخنا أبو الحسين عليّ ابن الفقيه اليونينيّ. والبدر أحمد بن عبد الله بن عبد الملك المقدسيّ. والنّفيس عبد الرحمن بن سليمان بن طرخان المشهديّ المصريّ. وفي حدودها ولد الشيخ المعمّر أبو العبّاس أحمد بن أبي طالب ابن الشّحنة الحجّار الصّالحيّ، أو بعدها بعام.

(45/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 83
4 (وفيات سنة اثنتين وعشرين وستّمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد أمير المؤمنين الإمام الناصر لدين الله. أبو العبّاس ابن

(45/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 84
الإمام المستضيء بأمر الله)
) أبي محمد الحسن ابن الإمام المستنجد بالله أبي المظفّر يوسف ابن الإمام المقتفي لأمر الله أبي عبد الله محمد ابن الإمام المستظهر بالله أحمد، ابن المقتدي بأمر الله أبي القاسم الهاشميّ، العباسيّ، البغداديّ. ولد يوم الاثنين عاشر رجب سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة. وبويع أوّل ذي القعدة سنة خمسٍ وسبعين. وكان أبيض اللّون، تركيّ الوجه، مليح العينين، أنور الجبهة، أقنى الأنف، خفيف العارضين، أشقر اللّحية، مليح المحاسن. نقش خاتمه رجائي من الله عفوه. أجاز له أبو الحسين عبد الحقّ اليوسفيّ، وأبو الحسن عليّ بن عساكر البطائحي، وشهدة، وجماعة. وأجاز هو لجماعةٍ من الكبار، فكانوا يحدّثون عنه في حياته، ويتنافسون في ذلك، وما غرضهم العلّو ولا الإسناد، بل غرضهم التّفاخر، وإقامة الشعار والوهم. ولم تكن الخلافة لأحد أطول مدّةً منه، إلاّ ما ذكر عن الخوارج العبيديّين، فإنّه بقي في الأمر بديار مصر المستنصر نحواً من ستين سنة. وكذا بقي الأمير عبد الرحمن صاحب الأندلس خمسين سنةً. وكان المستضيء أبوه قد تخوّف منه، فاعتقله، ومال إلى أخيه أبي منصور. وكان ابن العطّار، وأكثر الدّولة مع أبي منصور وحظيّة المستضيء بنفشا، والمجد ابن الصّاحب، ونفرٌ يسير مع أبي العبّاس. فلمّا بويع أبو العبّاس، قبض على ابن العطّار وسلّمه إلى المماليك. وكان قد أساء إليهم، فأخرج بعد أيّام ميتاً، وسحب في شوارع بغداد. وتمكّن المجد ابن الصّاحب فوق الحدّ وطغا، وآلت به الحال إلى أن قتل. قال الموفّق عبد اللّطيف: وكان النّاصر لدين الله، شاباً، مرحاً، عنده ميعة الشّباب. يشقّ الدّروب والأسواق أكثر اللّيل والناس يتهيّبون لقاءه. وظهر

(45/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 85
التّشيّع بسبب ابن الصّاحب، ثمّ انطفى بهلاكه. وظهر التّسنّن المفرط ثمّ زال. وظهرت الفتوة والبندق والحمام الهادي، وتفنّن الناس في ذلك. ودخل فيه الأجلاّء ثمّ الملوك، فألبسوا الملك العادل وأولاده سراويل الفتوّة، وكذا ألبسوا شهاب الدّين الغوريّ ملك غزنة والهند، وصاحب كميش، وأتابك سعد صاحب شيراز، والملك الظّاهر صاحب حلب، وتخوّفوا من السّلطان طغريل. وجرت بينهم حروبٌ. وفي الآخر استدعوا تكش لحربه، وهو خوارزم شاه، فخرج في جحفلٍ لجبٍ، والتقى معه على الريّ، واحتزّ رأسه، وسيّره إلى بغداد. ثمّ تقدّم تكش نحو بغداد يلتمس رسوم السلطنة، فتحرّكت عليه أمّة الخطا، فرجع إلى خوارزم، وما لبث أن مات.) وكان النّاصر لدين الله قد خطب لولده الأكبر أبي نصر بولاية العهد، ثمّ ضيّق عليه لمّا استشعر منه، وعيّن أخاه، ثمّ ألزم أبا نصر بأن أشهد على نفسه أنّه لا يصلح، وأنّه قد نزل عن الأمر. وأكبر الأسباب في نفور الناصر من ولده هو الوزير نصير الدّين ابن مهديّ العلويّ، فإنّه خيّل إلى الخليفة فساد نيّة ولده بوجوهٍ كثيرة. وهذا الوزير أفسد على الخليفة قلوب الرعية والجند، وبغّضه إليهم وإلى ملوك الأطراف، وكاد يخلي بغداد عن أهلها، بالإرهاب تارةً وبالقتل أخرى، ولا يقدر أحد أن يكشف للخليفة حال الوزير، حتّى تمكّن الفساد وظهر، فقبض عليه برفق. وفي أثناء ذلك، ظهر بخراسان وما وراء النهر خوارزم شاه محمد بن تكش وتجبّر وطوى البلاد، واستعبد الملوك الكبار وفتك بكثيرٍ منهم، وأباد أمماً كثيرةً من التّرك، فأباد أمّة الخطا، وأمّة التّرك، وأساء إلى باقي الأمم الّذين لم يصل إليهم سيفه. ورهبه النّاس كلّهم. وقطع خطبة بني العبّاس من بلاده وصرّح بالوقيعة فيهم. وقصد بغداد فوصل إلى همذان وبوادره إلى حلوان فوقع عليهم ثلج عظيمٌ عشرين يوماً، فغطّاهم في غير إبّانه، فأشعره بعض خواصّه أنّ ذلك غضبٌ من الله، حيث نقصد بيت النّبوة. والخليفة مع ذلك قد جمع الجموع، وأنفق النفقات، واستعدّ بكلّ ما تصل المكنة إليه، لكنّ الله وقى شرّه وردّه على عقبه. وسمع أنّ أمم التّرك قد تألّبوا عليه وطمعوا في البلاد لبعده عنها، فقصدهم، فقصدوه، ثمّ كايدوه، وكاثروه إلى أن مزّقوه في كلّ وجهة،

(45/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 86
وبلبلوا لبّه، وشتّتوا شمله، وملكوا عليه أقطار الأرض، حتّى ضاقت عليه بما رحبت، وصار أين توجّه، وجد سيوفهم متحكّمة فيه، فتقاذفت به البلاد حتّى لم يجد موضعاً يحويه، ولا صديقاً يؤويه، فشرّق وغرّب، وأنجد وأسهل، وأصحر وأجبل، والرّعب قد ملك لبّه، فعند ذلك قضى نحبه. قال: وكان الشيخ شهاب الدّين لمّا جاء في الرسالة خاطبه بكلّ قولٍ ولاطفه، ولا يزداد إلاّ طغياناً وعتوّاً، ولم يزل الإمام النّاصر مدّة حياته في عزٍّ وجلالةٍ، وقمع للأعداء، واستظهارٍ على الملوك، لم يجد ضيماً، ولا خرج عليه خارجيّ إلاّ قمعه، ولا مخالفٌ إلاّ دمغه، وكلّ من أضمر له سوءاً رماه الله بالخذلان. وأباده. وكان مع سعادة جدّه شديد الاهتمام بمصالح الملك، لا يخفى عليه شيء من أحوال رعيّته كبارهم وصغارهم. وأصحاب أخباره في أقطار البلاد يوصلون إليه أحوال الملوك الظاهرة والباطنة حتّى يشاهد جميع البلاد دفعةً واحدة.) وكانت له حيلٌ لطيفة، ومكايد غامضة، وخدعٌ لا يفطن لها أحد. يوقع الصداقة بين ملوك متعادين وهم لا يشعرون، ويوقع العداوة بين ملوكٍ متّفقين وهم لا يفطنون. قال: ولو أخذنا في نوادر حكاياته، لاحتاجت إلى صحفٍ كثيرة. ولمّا دخل رسول صاحب مازندران بغداد، كانت تأتيه ورقةٌ كلّ صباح بما عمل في اللّيل، فصار يبالغ في التّكتّم، والورقة تأتيه، فاختلى ليلةً بامرأةٍ دخلت من باب السّرّ، فصبّحته الورقة بذلك، وفيها: كان عليكم دواجٌ فيه صورة الأفيلة. فتحيّر، وخرج من بغداد وهو لا يشك أنّ الخليفة يعلم الغيب لأنّ الإمامية يعتقدون أنّ الإمام المعصوم يعلم ما في بطن الحامل، وما وراء الجدار. وقيل: إنّ النّاصر كان مخدوماً من الجنّ. وأتى رسول خوارزم شاه برسالةٍ مخفيّة وكتابٍ مختوم، فقيل: ارجع، فقد عرفنا ما جئت به، فرجع وهو يظنّ أنّهم يعلمون الغيب. ووصل رسول آخر فقال: الرسالة معي مشافهة إلى الخليفة، فحبس،

(45/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 87
ونسي ثمانية أشهر، ثمّ أخرج وأعطي عشرة آلاف دينار، فذهب إلى خوارزم شاه، وصار صاحب خبرٍ لهم، وسيّر جاسوساً يطلعه على أخبار عسكر خوارزم شاه لمّا وجّه إلى بغداد، وكان لا يقدر أحدٌ أن يدخل بينهم إلاّ قتلوه، فابتدأ الجاسوس وشوّه خلقته وأظهر الجنون، وأنّه قد ضاع له حمار فأنسوا به، وضحكوا منه، وتردّد بينهم أربعين يوماً، ثمّ عاد إلى بغداد، فقال: هم مائة وتسعون ألفاً إلاّ أن يزيدوا ألفاً أو ينقصوا ألفاً. وكان النّاصر إذا أطعم، أشبع، وإذا ضرب، أوجع، وله مواطن يعطي فيها عطاء من لا يخاف الفقر. ووصل رجلٌ معه ببّغاء تقرأ قل هو الله أحدٌ تحفةً للخليفة من الهند، فأصبحت ميتةً، وأصبح حيران، فجاءه فرّاش يطلب منه البّبغاء، فبكى، وقال: اللّيلة ماتت، فقال: قد عرفنا هاتها ميتة، وقال: كم كان في ظنّك أن يعطيك الخليفة قال: خمسمائة دينار، فقال: هذه خمسمائة دينار خذها، فقد أرسلها إليك أمير المؤمنين، فإنّه علم بحالك مذ خرجت من الهند وكان صدر جهان قد صار إلى بغداد ومعه جمعٌ من الفقهاء، وواحد منهم لمّا خرج من داره من سمرقند على فرسٍ جميلة، فقال له أهله: لو تركتها عندنا لئلا تؤخذ منك في بغداد فقال: الخليفة لا يقدر أن يأخذها منّي، فأمر بعض الوقّادين أنّه حين يدخل بغداد يضربه، ويأخذ الفرس ويهرب في الزّحمة، ففعل، فجاء الفقيه يستغيث فلا يغاث، فلمّا رجعوا من الحجّ خلع) على صدر جهان وأصحابه سوى ذلك الفقيه، وبعد الفراغ منهم، خلع عليه، وأخرج إلى الباب وقدّمت له فرسه وعليها سرجٌ من ذهب وطوق، وقيل له: لم يأخذ فرسك الخليفة، إنّما أخذها أتونيٌّ، فخرّ مغشياً عليه، وأسجل بكراماتهم. قلت: يجوز أن يكون الخليفة أو لبعض خواصه رئي من الجنّ، فيخبره بأضعاف هذا، والخطب في هذا سهل، فقد رأينا أنموذج هذا في زماننا بل وأكثر منه. قال الموفق عبد اللّطيف: وفي وسط ولايته اشتغل برواية الحديث، واستناب نواباً في ذلك، وأجرى عليهم جراياتٍ، وكتب للملوك والعلماء

(45/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 88
إجازات. وجمع كتاباً سبعين حديثاً ووصل على يد شهاب الدّين إلى حلب، وسمعه الملك الظّاهر وجماهير الدّولة، وشرحته شرحاً حسناً، وسيّرته صحبة شهاب الدّين. وسبب انعكافه على الحديث أنّ الشريف العباسيّ قاضي القضاة نسب إليه تزوير، فأحضر القاضي وثلاثة شهود، فعزّر القاضي بأنّ حرّكت عمامته فقط، وعزّر الثلاثة بأن أركبوا جمالاً وطيف بهم المدينة يضربون بالدّرّة، فمات واحد تلك اللّيلة، وآخر لبس الفسّاق ودخل بيوتهم، والثالث لزم بيته واختفى وهو البندنيجيّ المحدّث رفيقنا. فبعد مدّةٍ احتاج، وأراد بيع كتبه، ففتّش الجزاز، فوجد فيه إجازة للخليفة من مشايخ بغداد، فرفعها، فخلع عليه، وأعطي مائة دينار، وجعل وكيلاً عن أمير المؤمنين في الإجازة والتّسميع. قلت: أجاز الناصر لجماعة من الأعيان فحدثوا عنه منهم: أبو أحمد ابن سكينة، وأبو محمد ابن الأخضر، وقاضي القضاة أبو القاسم ابن الدامغاني، وولده الظاهر بأمر الله، والملك العادل، وبنوه المعظم والكامل والأشرف. قال ابن النجار: شرفني بالإجازة، فرويت عنه بالحرمين، وبيت المقدس، ودمشق، وحلب، وبغداد، واصبهان، ونيسابور، ومرو، وهمذان. ثم روى عنه حديثاً بالإجازة التي أذن له بخطه. وقال الموفق عبد اللطيف: وأقام سنين يراسل جلال الدين حسن صاحب الموت يراوده أن يعيد شعار الاسلام من الصلاة والصيام وغير ذلك مما رفعوه في زمان سنان، ويقول: إنكم إذا فعلتم ذلك كنا يداً واحدة، ولم يتغير عليكم من أحوالكم شيء، ومن يروم هذا من هؤلاء، فقد رام منال العيوق، واتفق أن رسول خوارزم شاه بن تكش ورد في أمر من الأمور، فزور على) لسانه كتب في حق الملاحدة تشتمل على الوعيد، وعز الايقاع بهم، وأنه سيخرب قلاعهم، ويطلب من الخليفة المعونة في ذلك، وأحضر رجل منهم كان قاطناً ببغداد، ووقف على الكتب، وأخرج بها وبكتب أخرى على وجه النصيحة نصف الليل على البريد، فلما وصل ألموت، أرهبهم، فما وجدوا مخلصاً إلا

(45/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 89
التظاهر بالاسلام، واقامة شعاره. وسيروا إلى بغداد رسولاً ومعه مائتا شاب منهم، ودنانير كبار في مخانق، وعليها لا إله إلا الله محمد رسول الله، وطافوا بها في بغداد، وجميع من حولها يعلن بالشهادتين. وكان الناصر لدين اله قد ملأ القلوب هيبة وخيفة. فكان يرهبه أهل الهند ومصر كما يرهبه أهل بغداد، فأحيى هيبة الخلافة وكانت قد ماتت بموت المعتصم، ثم ماتت بموته. ولقد كنت بمصر والشام في خلوات الملوك والأكابر، فإذا ذكره، خفضوا أصواتهم هيبة وإجلالاً. وورد بغداد تاجرٌ معه متاع دمياط المذهب، فسألوه عنه، فأنكر، فأعطي علاماتٍ فيه من عدده وألوانه وأصنافه، فازداد إنكاره، فقيل له: من العلامات أنّك نقمت على مملوكك التّركيّ فلان، فأخذته إلى سيف بحر دمياط خلوةً، وقتلته ودفنته هناك، ولم يشعر بذلك أحد. قال ابن النجار في ترجمة النّاصر: دانت له السلاطين، ودخل تحت طاعته من كان من المخالفين، وذلّت له العتاة والطّغاة، وانقهرت بسيفه الجبابرة والبغاة، واندحض أضداده وأعداؤه، وكثر أنصاره وأولياؤه، وفتح البلاد العديدة، وملك من الممالك ما لم يملكه من تقدّمه من الخلفاء والملوك أحد، وخطب له ببلاد الأندلس وبلاد الصّين، وكان أسد بني العباس، تتصدّع لهيبته الجبال، وتذلّ لسطوته الأقيال. وكان حسن الخلق، لطيف الخلق، كامل الظّرف، فصيح اللّسان، بليغ البيان، له التّوقعات المسدّدة، والكلمات المؤيّدة، كان أيامه غرّةً في وجه الدّهر، ودرّةً في تاج الفخر. وقد حدّثني الحاجب أبو طالب عليّ بن محمد بن جعفر قال: برز توقيعٌ من الناصر لدين الله إلى جلال الدّين ابن يونس صدر المخزن: لا ينبغي لأرباب هذا المقام أن يقدموا على أمرٍ لم ينظروا إلى عاقبته، فإنّ النظر قبل الإقدام خيرٌ من الندم بعد الفوات، ولا يؤخذ البرآء بقول الأعداء، فلكلّ ناصح كاشح، ولا يطالب بالأموال من لم يخن في الأعمال، فإنّ المصادرة مكافأةً للظالمين، وليكن العفاف والتقى رقيبان عليك.

(45/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 90
قال الحاجب أبو طالب: وبز توقيعٌ آخر منه إلى ابن يونس: قد تكرر تقدّمنا إليك ممّا افترضه) الله علينا، ويلزمنا القيام به كيف يهمل حال الناس حتّى تمّ عليهم ما قد بيّن في باطنها، فتنصف الرجل، وتقابل العامل إن لم يفلج بحجّة شرعية. وقال القاضي ابن واصل: كان الناصر شهماً، شجاعاً، ذا فكرةٍ صائبةٍ وعقلٍ رصينٍ، ومكرٍ ودهاءٍ، وكانت هيبته عظيمة جدّاً، وله أصحاب أخبار في العراق وسائر الأطراف، يطالعونه بجزئيات الأمور، حتّى ذكر أنّ رجلاً ببغداد عمل دعوةً، وغسّل يده قبل أضيافه، فطالع صاحب الخبر الناصر بذلك. فكتب في جواب ذلك: سوء أدبٍ من صاحب الدّار، وفضولٍ من كاتب المطالعة. قال: وكان مع ذلك رديء السّيرة في الرعية، مائلاً إلى الظّلم والعسف، فخربت في أيامه العراق، وتفرّق أهلها في البلاد، وأخذ أموالهم وأملاكهم، وكان يفعل أفعالاً متضادّة، إلى أن قال: وكان يتشيّع، ويميل إلى مذهب الإمامية بخلاف آبائه، إلى أن قال: وبلغني أنّ شخصاً كان يرى صحّة خلافة يزيد، فأحضره الخليفة ليعاقبه، فقيل له: أتقول بصحّة خلافة يزيد فقال: أنا أقول: إن الإمام لا ينعزل بارتكاب الفسق، فأعرض النّاصر عنه، وأمر بإطلاقه، وخاف المحاققة. قال: وسئل ابن الجوزيّ والخليفة يسمع: من أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: أفضلهم بعده من كانت ابنته تحته. وهذا جوابٌ محتمل لأبي بكر وعليّ رضي الله عنهما. وكتب إلى الناصر خادمٌ له اسمه يمن ورقة فيها يعتب، فوقع فيها: بمن يمنّ يمن، ثمن يمنٍ ثمن.

(45/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 91
وقال أبو المظفّر الجوزيّ: قلّ بصر الخليفة في الآخر، قيل: ذهب جملةً. وكان خادمه رشيقٌ قد استولى على الخلافة، وأقام مدّة يوقّع منه شدّةً وشقّ ذكره مراراً، وما زال يعتريه حتّى قتله. وغسّله خالي محيي الدّين يوسف. وقال الموفّق: أمّا مرض موته، فسهوٌ نسيان، بقي به ستّة أشهر ولم يشعر أحد من الرعية بكنه حاله، حتّى خفي على الوزير وأهل الدّار. وكان له جاريةٌ قد علّمها الخطّ نفسه، فكانت تكتب مثل خطّه، فتكتب على التّواقيع بمشورة قهرمانة الدّار. وفي أثناء ذلك نزل جلال الدّين محمد خوارزم شاه على ضواحي بغداد هارباً منفّضاً من المال والرجال والدّواب، فأفسد بقدر ما) كانت تصل يده إليه. وكانوا يدارونه ولا يمضون فيه أمراً لغيبة رأي الخليفة عنهم، إلى أن راح إلى أذربيجان، ونهب في ذهابه دقوقاً واستباحها. وكانت خلافته سبعاً وأربعين سنة. توفّي في سلخ رمضان، وبويع لولده أبي نصر ولقّب بالظّاهر بأمر الله فكانت خلافته تسعة أشهر. وذكر العدل شمس الدّين محمد بن إبراهيم بن أبي بكر الجزريّ قال: حدّثني والدي قال: سمعت الوزير مؤيّد الدّين ابن العلقميّ لمّا كان على الأستاذ داريّة، يقول: إنّ الماء الّذي يشربه الإمام النّاصر كانت تجيء به الدّواب من بغداد بسبعة فراسخ، ويغلى سبعة غلوات، كلّ يوم غلوة، ثمّ يحبس في الأوعية سبعة أيّام، ثمّ يشرب منه، وبعد هذا الاحتراز ما مات حتّى سقي المرقّد ثلاث مرار وشقّ ذكره وأخرج منه الحصى.

(45/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 92
وقال ابن الساعي: فأصبح الناس يوم الأحد يعني يوم الثلاثين من رمضان وقد أغلقت أبواب دار الخلافة، وتولّى غسله محيي الدّين ابن الجوزيّ، وصلّى عليه ولده الظاهر بأمر الله بعد أن بويع، بايعه أولاً أقاربه، ثم نائب الوزارة مؤيّد الدّين محمد القمي وولده فخر الدّين أحمد، والأستاذ دار عضد الدّولة أبو نصر ابن الضّحّاك، وقاضي القضاة محيي الدّين ابن فضلان الشافعيّ، والنقيب قوام الدّين أبو عليّ الموسويّ. ودفن بصحن الدّار، ثمّ نقل بعد شهرين إلى التّرب، ومشى الخلق بين يدي جنازته. وأمّا بيعة الظّاهر، فهي في سنة اثنتين في الحوادث. وقال ابن الأثير: بقي الناصر ثلاث سنين عاطلاً عن الحركة بالكلّية وقد ذهبت إحدى عينيه، توفي الآخر أصابه دوسنطاريا عشرين يوماً، ومات ولم يطلق في طول مرضه شيئاً ممّا كان أحدثه من المرسوم. وكان سيّء السّيرة خرب في أيّامه العراق، وتفرّق أهله في البلاد، وأخذ أموالهم وأملاكهم. قال: وكان يفعل الشيء وضدّه، جعل همّه في رمي البندق والطّيور المناسيب، وسراويلات الفتوّة. ونقل الظّهير الكازرونيّ في تاريخه وأجازه لي أنّ الناصر في وسط خلافته همّ بترك الخلافة، والانقطاع إلى التّعبد. وكتب عنه ابن الضّحّاك توقيعاً فقرئ على الأعيان، وبنى رباطاً للفقراء، واتخذ إلى جانب الرّباط داراً لنفسه كان يتردّد إليها، ويحادث الصوفية وعمل له ثياباً) كبيرةً بزيّ الصوفية.

(45/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 93
قلت: ثمّ ترك ذلك، وملّ، الله تعالى يسامحه ويرحمه.
4 (أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش القطفتيّ. والد الشيخ عبد الصّمد المقريء.)
مات في رجب. وقد روى عن أحمد بن طارق الكركيّ.
4 (أحمد بن محمد بن طغان بن بدر بن أبي الوفاء.)
الفقيه، أبو العباس، المصريّ. سمع من: عبد الله برّي النّحويّ، وعبد الرحمن بن محمد السّبيي. وأمّ بمسجد سوق وردان مدّة. وتوفّي بمدينة سمنّود من الغربية في المحرّم.
4 (أحمد بن محمد بن إسماعيل.)
أبو القاسم، الأمي الطّرسونيّ، ثمّ المرسيّ. سمع: أبا القاسم بن حبيش، وأبا عبد الله بن حميد. وأجاز له من مصر عبد الله بن برّي النّحويّ. قال الأبار: كان فقيهاً، مدرّساً. حدّث، واستشهد في وقعة بنوط من أعمال مرسية، مقبلاً غير مدبر، في رجب وله بضعٌ وستّون سنةً.

(45/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 94
وقال ابن مسدي: كان بارعاً في فنونٍ نقليةٍ وعقليةٍ، وغلب عليه الفقه على طريقة السّلف فاجتهد وللقياس اعتمد، فكثيراً ما كان يميل إلى رأي الكوفيّين. وله يدٌ في الطّب، ومعرفةٌ بالحديث، ومجلس عامٌ للعامّة. وقال ابن فرتون: هو أديبٌ بارع، روى عن ابن هذيل، وابن النّعمة. قال: وأجاز لي.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد.)
أبو القاسم، القرطبيّ. روى عن: جدّه أبي القاسم، وأبيه أبي الوليد، وأبي القاسم بن بشكوال. وتوفي في رمضان.
4 (أحمد ابن الشيخ كما الدّين أبي الفتح موسى ابن الشيخ رضيّ

(45/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 95
الدّين أبي الفضل يونس بن)
محمد بن منعة بن مالك بن محمد بن سعد بن سعيد بن عاصم. الإمام شرف الدّين، أبو الفضل، ابن يونس، الإربليّ الأصل، الموصلي، الفقيه الشافعيّ.) ولد سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة. وتفقّه على والده، وبرع في المذهب. وكان إماماً فقيهاً، مفتياً، مصنّفاً، عاقلاً، حسن السّمت. شرح كتاب التّنبيه فأجاد، واختصر كتاب الأحياء للغزاليّ مرّتين. وكان يلقي الإحياء دروساً من حفظه. قال ابن خلّكان: كان إماماً، كثير المحفوظات، غزير المادة، من بيت الرئاسة والفضل. نسج على منوال والده في التّفنّن في العلوم، وتخرّج عليه جماعةٌ كبيرة، وولي التّدريس بمدرسة الملك المعظّم مظفّر الدّين ابن صاحب إربل بإربل بعد والدي في سنة عشر بعد موت والدي، وكنت أحضر دروسه، وأنا صغير، وما سمعت أحداً يلقي الدّروس مثله. ثمّ حجّ وقدم، وأقام قليلاً، وانتقل إلى الموصل سنة سبع عشرة، وفوّضت إليه المدرسة القاهرية إلى أن توفّي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر. ولقد كان من محاسن الوجود، وما أذكره إلاّ وتصغر الدّنيا في عيني، ولقد فكّرت فيه مرّةً فقلت: هذا الرجل عاش مدّة خلاف الإمام النّاصر لدين الله. قلت: شرحه للتّنبيه يدلّ على توسّطه في الفقه رحمه الله.
4 (أحمد بن يونس بن حسن. أبو العبّاس، المقدسيّ، المرداويّ.)
هاجر من مردا إلى دمشق بأولاده. وسمع من: أبي المعالي بن صابر، وغيره. روى عنه الضّياء، وقال: كان ممّن يضرب به المثل في الأمانة، والخير،

(45/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 96
والمروءة، والدّين، والعقل، والصّلاح. تولّى عمارة الجامع بالجبل، فأحسن فيها. توفّي في سابع عشر ذي الحجّة.
4 (أحمد بن أبي المكارم.)
الخطيب أبو العبّاس المقدسي المرداويّ وفي بمردا في شعبان. وقد رحل، وروى عن: أبي الفتح بن شاتيل، وغيره.
4 (إبراهيم بن إسماعيل بن خليفة الحربيّ.)
روى عن يحيى بن ثابت، وغيره. ومات في رجب. روى عنه ابن النّجار، وقال: لا بأس به.)
4 (إبراهيم بن إسماعيل بن غازي.)
أبو إسحاق، الحرّانيّ، الكحّال، الصّائغ، الشّاعر، المعروف بالنّقيب. له معرفةٌ حسنة بالطّبّ والكحل. وكان طريفاً، كيّساً، مطبوع العشرة. ذكره الصّاحب أبو القاسم في تاريخ حلب وقال: دخل حلب غير مرّةٍ، وروى عن أبيه يسيراً. روى لنا عنه أبو محمد بن شحانة الحرّانيّ، وسليمان بن بنيمان. وأنشدني أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن شحانة بحرّان، أنشدني إبراهيم النقيب لنفسه:
(خيالٌ لسلمى زار وهناً فسلّما .......... فشفّ ولم يشف الغليل من الظّما)

(وما زارني إلا خداعاً وعاتباً .......... على نعسةٍ كانت للقياه سلّما)

(45/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 97
(وأعجب ما في الأمر أنّى اهتدى له .......... خيالٌ إلى مثل الخيال وأسقما)

(أظنّ أنيني دلّه أين مضجعي .......... ودلّهه حرّ الهوى فتضرّما)

(ولولا انطباق الجفن بالجفن لم يزر .......... ولكنّني وهّمته فتوهّما)

(أيا راكباً يطوي الفلا لشملّة .......... أمونٍ تباري الرّيح في أفق السّما)

(لك الله إن جزت العقيق وبابه .......... وشارفت أعلى الواديين مسلّما)

(فقف بربى نجدٍ لعلّك منجدي .......... ورم رامةً ثمّ الوها بلوى الحمى)

(وسلّم وسل لم حلّلوا قتل عاشقٍ .......... على جفنه أضحى الرّقاد محرّما)

(أيجمل أن أقضي ولم يقض لي شفا .......... وأظلم لا ظلماً رشفت ولا لما)

(لئن كان هذا في رضى الحبّ أو قضى .......... به الحبّ صبراً للقضاء ونعم ما)
قال لي ابن شحانة: توفّي إبراهيم النقيب بحرّان في سنة إحدى وعشرين. وقرأت في تاريخ أبي المحاسن بن سلامة المكشوف: وفي سابع جمادى الآخرة مات الحكيم الأجلّ، الشّاعر، الكحّال، الصّائغ للذّهب والفضّة والكلام، أبو إسحاق إبراهيم ابن الحكيم إسماعيل بن غازي النقيب، وكان رجلاً كريماً، سخيّاً، شجاعاً ذكيّاً، طيّب الأخلاق، حسن العشرة، مليح الشمائل، له شعر رقيق يغنّى به.
4 (إبراهيم بن عبد الرحمن بن الحسين بن أبي ياسر. أبو إسحاق، القطيعيّ، المواقيتي،)
الخيّاط، الأزجيّ. من أهل قطيعة العجم بباب الأزج.

(45/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 98
سمع: أبا الوقت السّجزيّ، وأبا المكارم الباذرائيّ، وغيرهما.) روى عنه: ابن نقطة، والدّبيثيّ، وابن النّجّار، ومحمد بن أبي الفرج ابن الدّبّاب، وأبو المعالي الأبرقوهيّ، وغيرهم. وكان ثقةً، صالحاً، فاضلاً، عارفاً بالمواقيت والمنازل. وحدّث بصحيح البخاريّ مرّاتٍ. ومات في خامس شعبان. سمعت من طريقه بالدّعاء للمحاملّيّ.
4 (إبراهيم بن عثمان بن عيسى بن درباس المارانيّ.)
الفقيه، المحدّث، جلال الدّين، أبو إسحاق. ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وأجاز له السّلفيّ. وتفقّه على مذهب الشّافعيّ، ثمّ أحبّ الحديث. وسمع فاطمة بنت سعد الخير، والأرتاحيّ، وطبقتهما. ورحل رحلةً كبيرةً فسمع بدمشق من ابن طبرزد، والكنديّ، والطّبقة. وسمع بنيسابور من المؤيّد، وزينب الشّعرية، وبهراة من أبي روح. وكتب الكثير. وله شعر حسن. روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره. وتوفّي في هذه السنة فيما بين الهند واليمن. وكان مائلاً إلى الآخرة، متقلّلاً من الدّنيا جدّاً، صالحاً، زاهداً رحمه الله.

(45/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 99
وكان أبوه من كبار الشافعية، وعمّه كان قاضي ديار مصر.
4 (إبراهيم بن المظفّر بن إبراهيم بن محمد بن عليّ، الواعظ.)
الإمام، أبو إسحاق، ابن البرنيّ، البغداديّ الأصل، الموصليّ. ولد سنة ستّ وأربعين وخمسمائة. وتفقّه على مذهب أحمد ببغداد، وسمع من: ابن البطّي، وأبي عليّ بن الرّحبيّ، وشهدة، وأحمد بن عليّ العلويّ، وأبي بكر ابن النّقور. وأخذ الوعظ عن أبي الفرج ابن الجوزيّ.

(45/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 100
وحدّث بالموصل وسنجار. ووعظ. وولي مشيخة دار الحديث الّتي لابن مهاجر بالموصل. وكان صالحاً، فاضلاً. روى عنه: الدّبيثيّ، والزّين ابن عبد الدّائم، وإبراهيم بن عليّ العسقلاني، ومحمد بن منصور بن دبيس الموصليّ، والشيخ عبد الرحيم بن الرّجّاج فيما أرى. وروى لنا عنه بالإجازة أبو المعالي الأبرقوهيّ.) وتوفّي في غرّة المحرّم. وقد قرأ عليه بالروايات ركن الدّين إلياس بن علوان. قال ابن نقطة: كان فيه تساهلٌ في الرواية، يحدّث من غير أصوله، سمعت منه بالموصل.

(45/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 101
4 (أسعد بن عليّ بن عليّ بن محمد بن صعلوك.)
أبو القاسم، البغداديّ. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: أبي الوقت، وأبي الكرم المبارك بن الحسن الشّهرزوريّ، وابن البّطّي. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، وغيرهما وأورداه في تاريخيهما. توفّي في المحرّم.
4 (أسعد بن يحيى بن موسى، الشيخ بهاء الدّين.)

(45/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 102
أبو السّعادات السّلميّ، السّنجاريّ، الفقيه الشافعيّ، الشاعر. طوّف البلاد، ومدح الكبار والملوك، وأخذ جوائزهم، وطال عمره، وعاش بضعاً وثمانين سنة. ذكره العماد في الخريدة. ومن شعره:
(وهواك ما خطر السّلوّ بباله .......... ولأنت أدرى في الغرام بحاله)

(وفتى وشى شخصٌ إليك بأنه .......... سالٍ هواك فذاك من عذّاله)

(أوليس للكلف المعنّى شاهدٌ .......... من حاله يغنيك عن تسآله)

(يا للعجائب من أسيرٍ دأبه .......... يفدي الطّليق بنفسه وبماله)

(ريّان من ماء الشّبيبة والصّبر .......... شرقت معاطفه بطيف زلاله)
وقد تفقّه على المجير البغداديّ، ويحيى بن فضلان. قال ابن الساعي: توفّي في أول سنة أربعٍ وعشرين بسنجار. وقال آخر: توفّي سنة ثلاثٍ وعشرين في ربيع الآخر. وديوانه مجلّد كبير. وقد ولي قضاء دنيسر. وخدم تقيّ الدّين عمر صاحب حماة. وله مدح في السّلطان صلاح الدّين.
4 (حرف التاء)

4 (توبة بن أبي البركات التّكريتيّ، الزّاهد.)

(45/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 103
صاحب الشيخ عبد الله اليونينيّ. فقير، صالحٌ، كبير القدر. حدّث عن ابن طبرزد. وتوفّي في) شوال. قال السيف ابن المجد: كان أحد من يشار إليه بالزّهد، صحب الشيخ عبد الله ولازمه، وكان يكرمه ويأنس به، وينزل إذا قدم ت في مغارته على جبل الصّوان بقاسيون. وقال ابن العزذ عمر الخطيب: حدّثتني فاطمة بنت أحمد بن يحيى بن أبي الحسين الزّاهد، حدّثتني أمّي ربيعة بنت الشيخ توبة أنّها كانت تقعد في اللّيل فتجد والدها قاعداً وهو يقول: يا سيّدي اغفر لعبيدك توبة. قالت: وكانت أمّي ربيعة ترجف. وقالت: كنت أحكي للنّاس كرامات الشيخ فرأيته في المنام وهو يقول: كم تهتكيني وسلّ عليّ سيفاً، فبقيت أرجف وما عدت أجسر أن أحكي عنه شيئاً.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر ابن شمس الخلافة، هو الأمير الكبير، مجد الملك، أبو الفضل، ابن شمس الخلافة)
أبي عيد الله محمد بن مختار الأفضليّ، المصريّ، القوصيّ، الشاعر، الأديب. ولد في المحرّم سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة. ولقي الأدباء، وكتب الخطّ المنسوب. وكان من الأذكياء. وله تصانيف تدلّ على فضله. وحدّث بديوانه، وامتدح جماعةً من الأعيان. روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، والشهاب القوصيّ.

(45/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 104
وذكره ابن الشعار في تاريخه فقال: هو جعفر بن إبراهيم بن عليّ، من كبراء بلده. خدم مع السلطان صلاح الدّين أميراً ومع ابنه العزيز، ثمّ قدم حلب، وخدم مع صاحبها غزي، ثمّ رجع إلى مصر. وكان شاعراً، وفاضلاً ذكيّاً، له هجوٌ مقذع في الملك العادل، وفي القاضي الفاضل. توفّي بمصر سنة عشر. قلت: غلط في وفاته وفي اسمه. قال المنذريّ في الوفّيات وفي معجمه: توفّي في ثاني عشر المحرّم. ومن شعره:
(دع جاهلاً غرّه تمكّنه .......... وضنّ بالجود وهو مقتدر)

(فكم غنيّ للنّاس عنه غنى .......... وكم فقيرٍ إليه يفتقر)

4 (حرف الحاء)
)
4 (الحسن بن عليّ بن الحسن، محيي الدّين، الموصليّ، الخطيب، المعروف بابن عمّار.)
شيخٌ واعظ، حلو الوعظ. له تصانيف، وشعرٌ جيّد، فمنه:
(ما بين منعرج اللّوى والأبرق .......... ريمٌ رماني في الغرام الموثق)

(أسر الفؤاد المستهام بحسنه .......... ووقعت منه في العذاب المطلق)

(يصمي القلوب بطرفه السّاجي الّذي .......... يرنو به وإذا رمى لا يتّقي)

(بانت ضباباتي ببانات اللّوى .......... في حبّه ورثت لشجوي أينقي)

(45/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 105
(وأنا الّذي لا أستفيق من الهوى .......... طفلاً وها قد شاب فيه مفرقي)
توفي في سادس جمادى الأولى بالموصل.
4 (الحسن بن المرتضى بن محمد بن زيد.)
النقيب. السيّد بهاء الدذين، العلويّ، الحسينيّ، نقيب الموصل. كان من أكابر البلد رئاسةً، وديناً، وعقلاً، وكرماً، وأدباص. ومن شعره:
(لو كنت شاهد عبرتي .......... وصبابتي عند التّلاقي)

(رحمتنا ممّا بنا .......... وعجبت من ضيق العناق)

4 (الحسين بن عمر بن نصر بن حسن بن سعد بن عبد الله بن باز.)
أبو عبد الله، الموصلّيّ. ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وسمع من خطيب الموصل أبي الفضل، وببغداد من شهدة، وأبي الحسين عبد الحق، ولا حق بن كاره، وعيسى الدّوشابيّ، وطائفةٍ. ودخل الشام ومصر ولم يسمع، وكأنّه قدم تاجراً. وحدّث بالموصل وإربل. وولي مشيخة دار الحديث المظفّرية بالموصل. وقد كتب بخطّه، وله فهم ومعرفةٌ ما.

(45/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 106
روى عنه: الدّبيثي، والرزاليّ، والضّياء، وآخرون. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ. ومات في ثاني ربيع الآخر، رحمه الله.
4 (حرف الراء)

4 (راجية الأرمنية. أمّ محمد، عتيقة عبد اللّطيف ابن الشيخ أبي النّجيب السّهرورديّ.)
) سمعت من: أبي الوقت، وابن البطّي، وجماعةٍ. وروت ببغداد وإربل. وكانت امرأةً صالحة. توفّيت بإربل في جمادى الأولى.
4 (حرف السين)
سعادة بنت الإمام عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيليّ. روت عن: أبي الحسين عبد الحقّ، والحسن بن عليّ بن شيرويه. وتوفّيت في جمادى الآخرة، وصلّى عليها أخوها القاضي أبو صالح.
4 (حرف الشين)

4 (شاكر بن مكّي بن أبي البركات.)
أبو البركات، البغداديّ، النّجّاد. ولد في حدود سنة خمسٍ وأربعين. وسمع من أبي زرعة المقدسيّ. وتوفّي في ذي الحجّة. روى لنا عنه الأبرقوهيّ بالإجازة.

(45/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 107
4 (حرف الصاد)

4 (صدقة بن منصور بن صدقة القطيعيّ، البقّال.)
سمع من أبي المكارم المبارك الباذرائيّ وحدّث. ومات في صفر.
4 (حرف الطاء)

4 (طغرل بن قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش السّلجوقيّ،)
الرّوميّ، الملك مغيث الدّين. صاحب أرزن الروم. توفي في هذه السنة، وتملّك بعده ولده، وقد كان بعث ولده الآخر من سنتين إلى الكرج فتنصّر، وتزوّج بملكة الكرج.
4 (حرف الظاء)

4 (ظفر بن سالم بن عليّ بن سلامة ابن البيطار.)
أبو القاسم، البغداديّ، الحريميّ، أخو شجاع وياسمين. سمّعه أبوه من: أبي الوقت، وابن البنّاء، وهبة الله ابن الشّبليّ. ومولده في حدود سنة ثمانٍ وأربعين.) روى عنه: الدّبيثيّ، والرفيع الهمذانيّ. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ. وتوفّي

(45/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 108
في جمادى الآخرة. قال ابن النّجّار: لم يكن به بأسٌ.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عليّ.)
الفقيه الصّالح، أبو محمد، الهمذانيّ، الخطيب. ولد بهمذان في سنة خمسٍ وأربعين. وسمع من: أبي الوقت، ومن أبي الفضل أحمد بن سعدٍ البيّع. وقدم بغداد، وتفقّه بالنّظاميّة على أبي الخير القزوينيّ، وأعاد بالنظاميّة للشيخ أبي طالب ابن الخلّ، وغيره. وحدّث. وكان فقيهاً، ورعاً، عفيفاً، إماماً، عارفاً بالمذهب والأصول والخلاف. قال الدّبيثيّ: أخبرنا أبو محمد، أخبرنا أحمد بن سعد، أخبرنا الإمام أبو إسحاق الشيرازيّ فذكر حديثاً. وقال ابن النجّار: قدم بغداد سنة سبعين وخمسمائة، فسكنها، وتفقّه علي أبي طالب ابن الكرخيّ، وأبي الخير القزوينيّ. وبرع في المذهب، وأفتى. وكان متقشفاً على منهاج السّلف. قلت: روى عن ابن النجّار، وعليّ ابن الأخضر، والجمال يحيى ابن الصّيرفيّ سمعوا منه جزء العبّادانيّ، وقد خطب بأعمال همذان. توفّي في حادي عشر شعبان.
4 (عبد الله بن باديس. أبو محمد، اليحصبيّ.)

(45/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 109
سكن بلنسية، وتفقّه بأبي عبد الله بن بنوح. وتعلّم العربية، وتحقّق بالعلوم النظرية. ونوظر عليه في المستصفى للغزاليّ. وتعبّد في آخر عمره. توفّي في شعبان.
4 (عبد الله بن صدقة. أبو البركات، البغداديّ، البزّاز، ويعرف بابن أبي قربة: بكسر القاف)
وسكون الراء ثمّ باء موحّدة. سمع من أبي الحسين عبد الحقّ وحدّث. ومات في شعبان.
4 (عبد الله بن عليّ بن الحسين بن عبد الخالق بن الحسين بن الحسن بن منصور. الصاحب)
) الوزير الكبير، صفيّ الدّين، أبو محمد، الشّيبيّ، المصريّ، الدّميريّ، المالكيّ، المعروف بابن شكر. ولد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وتفقّه على الفقيه أبي بكر عتيق البجائيّ وبه تخرّج. ورحل إلى الإسكندرية، وتفقّه بها على شمس الإسلام أبي القاسم مخلوف بن جارة، وسمع منه ومن السّلفيّ إنشاداً، وأجاز له. وسمع من أبي الطّاهر إسماعيل بن عوف، وأبي الطّيّب عبد المنعم بن يحيى بن الخلوف. وأجاز له أبو محمد بن بريّ، وأبو الحسين بن أحمد بن حمزة ابن الموازينيّ، وجماعة. وحدّث بدمشق ومصر، روى عنه الزّكيّ المنذريّ، والشهاب القوصيّ،

(45/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 110
وأثنيا عليه، فقال الزّكيّ: كان مؤثراً للعلماء والصّالحين، كثير البرّ بهم، والتفقّد لهم، لا يشغله ما هو فيه من كثرة الأشغال عن مجالستهم ومباحثتهم، وأنشأ مدرسة قبالة داره بالقاهرة. وقال أبو المظفّر الجوزيّ: كان الملك العادل قد نفاه، فلما مات قدم من آمد بطلبٍ من السّلطان الملك الكامل. قال أبو شامة: وكان خليقاً للوزارة لم يتولّها بعده مثله، وكان متواضعاً، يسلّم على النّاس وهو راكب، ويكرم العلماء ويدرّ عليهم، فمضى إلى مصر. وقال القوصيّ: هو الّذي كان السبب فيما وليته وأوليته في الدّولة الأيوبية من الإنعام، وهو الّذي أنشأني وأنساني الأوطان، ولقد أحسن إلى الفقهاء والعلماء مدّة ولايته، وبنى مصلّى العيد بدمشق، وبلّط الجامع، وأنشأ الفوّارة، وعمّر جامع المزّة وجامع حرستا. ومولده بالدّميرة سنة أربعين. وكذا قال ابن الجوزيّ في مولده، وقول المنذريّ أصحّ، فإنه قال: سمعته يقول: ولدت في تاسع صفر سنة ثمانٍ وأربعين. قال: وتوفّي بمصر في ثامن شعبان. وقال الموفّق عبد اللّطيف: هو رجل طوال، تامّ القصب فعمها، درّيّ اللّون، مشرب بحمرة، له طلاقة محيّا، وحلاوة لسان، وحسن هيئة، وصحة بنية، ذو دهاء في هوج، وخبثٌ في طيشٍ مع رعونةٍ مفرطةٍ، وحقد لا تخبوا ناره، ينتقم ويظنّ أنّه لم ينتقم، فيعود ينتقم، لا ينام عن عدوّه، ولا يقل منه معذرةً ولا إنابةً، ويجعل الرؤساء كلّهم أعداءه، ولا يرضى لعدوّه بدون الإهلاك، ولا تأخذه في نقماته رحمةٌ، ولا يتفكّر في آخره.) وهو من دميرة ضيعةٍ بديار مصر واستولى على العادل ظاهراً وباطناً،

(45/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 111
ولم يمكّن أحداً من الوصول إليه حتّى الطّبيب والحاجب والفرّاش، عليهم عيونٌ، فلا يتكلّم أحدٌ منهم فضل كلمة خوفاً منه، ولمّا عزل، دخل الطّبيب والوكيل وغيرهما، فانبسطوا، وحكوا، وضحكوا، فأعجب السّلطان بذلك وقال: ما منعكم أن تفعلوا هذا فيما مضى قالوا: خوفاً من ابن شكر، قال: فإذاً قد كنت في حبسٍ، وأنا لا أشعر. وكان غرضه إبادة أرباب البيوتات، ويقرّب الأراذل وشرار الفقهاء مثل الجمال المصريّ، الّذي صار قاضي دمشق، ومثل ابن كسا البلبيسيّ، والمجد البهنسيّ الّذي وزر للأشرف. وكان هؤلاء يجتمعون حوله، ويوهمونه أنّه أكتب من القاضي الفاضل، بل ومن ابن العميد الصّابي، وفي الفقه أضل من مالك، وفي الشعر أكمل من المتنبّي وأبي تمّام، ويحلفون على ذلك بالطّلاق وأغلظ الأيمان. وكان لا يأكل من الدّولة ولا فلساً، ويظهر أمانةً مفرطةً، فإذا لاح له مالٌ عظيم احتجنه، وعملت له قيسة العجلان، فأمر كاتبه أن يكتبها ويردّها وقال: لا نستحلّ أن نأخذ منك ورقاً. وكان له في كلّ بلدٍ من بلاد السلطان ضيعة أو أكثر في مصر والشام إلى خلاط، وبلغ مجموع ذلك مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار يعني مغلّه. وكان يكثر الإدلال على العادل، ويسخط أولاده وخواصّه، والعادل يترضّاه بكلّ ما يقدر عليه، وتكررّ ذلك منه، إلى أن غضب منه على حرّان، فلمّا صار إلى مصر وغاضبه على عادته، فأقرّه العادل على الغضب، وأعرض عنه. ثمّ ظهر منه فسادٌ، وكثرة كلام، فأمر بنفيه عن مصر والشام، فسكن آمد، وأحسن إليه صاحبها، فلمّا مات العادل عاد إلى مصر، ووزر للكامل، واخذ في المصادرات، وكان قد عمي، ورأيت منه جلداً عظيماً أنّه كان لا يستكين للنوائب، ولا يخضع للنكبات، فمات أخوه ولم يتغيّر، ومات أولاده وهو على ذلك. وكان يحمّ حمّى قوية، ويأخذه النافض، وهو في

(45/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 112
مجلس السلطان ينفّذ الأشغال، ولا يلقي جنبه إلى الأرض، وكان يقول: ما في قلبي حسرةٌ إلاّ أنّ ابن البيانيّ ما تمرّغ على عتباتي يعني القاضي الفاضل وكان يشتمه وابنه حاضر فلا يظهر منه تغيرٌ، وداراه أحسن مداراة، وبذلك له أموالاً جمّةً في السّرّ. وعرض له إسهالٌ دمويٌ وزحير، وأنهكه حتّى انقطع، ويئس منه الأطباء، فاستدعى من حبسه عشرةٌ من شيوخ الكتّاب، فقال: أنتم تشمتون بي، وركّب عليهم المعاصير وهو يزحر وهم) يصيحون إلى أن أصبح وقد خفّ ما به، وركب في ثالث يوم، وكان يقف الرؤساء والناس على بابه من نصف اللّيل، ومعهم المشاعل والشمع، ويركب عند الصّباح، فلا يراهم ولا يرونه، لأنّه إمّا أن يرفع رأسه إلى السماء تيهاً، وإمّا أن يعرّج على طريقٍ أخرى، والجنادرة تطرد النّاس. وكان له بوابٌ اسمه سالم يأخذ من الناس أموالاً عظيمة، ويهينهم إهانةً مفرطة، واقتنى عقاراً وقرى.
4 (عبد الله بن عليّ بن أحمد بن أبي الفرج ابن الزّيتوني البوازيجيّ.)
سمع من: يحيى بن ثابت، ومعمر ابن الفاخر، وأبي عليّ ابن الرّحبيّ. وتوفّي في ربيع الآخر.

(45/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 113
4 (عبد الله بن محمد بن عبد العزيز.)
أبو محمد، ابن سعدون، الأزديّ، البلنسيّ. أخذ العربية عن الأستاذ عبدون، ومهر في فنون العربية. وأجاز له من الإسكندريّة أبو الطّاهر بن عوف، وغيره. وكان بديع الخطّ، أنيق الوراقة. ذكره الأبّار.
4 (عبد الله بن محمد بن محمد ابن اليازوريّ، البغداديّ.)
حدّث عن عبد الحقّ اليوسفيّ. وتوفّي في رجب.
4 (عبد لاله بن نصر الله بن هبة الله بن عبد الله بن محمد. الشريف أبو جعفر، ابن أبي الفتح،)
الهاشميّ، البغداديّ، المعروف بابن شريف الرّحبة. ولد سنة أربعين وخمسمائة. وسمع الصحيح من أبي الوقت، وسمع من شهدة. قال ابن النّجّار: كتبت عنه، ولم يكن مرضيّاً في سيرته، ولا محمود الطّريقة. وكان أبوه من ذوي الثروة الواسعة. ثم روى عنه، وقال: مات في رابع رمضان. قلت: روى لنا الأبرقوهيّ عنه من البخاريّ.
4 (عبد الحقّ بن الحسن ابن الشيخ سعد الله بن نصر ابن الدّجاجيّ.)
ولد سنة سبعٍ وخمسين ظنّاً. وروى عن جدّه. روى عنه: ابن النّجّار، وأبو الفضل ابن الدّبّاب، وجماعة.

(45/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 114
توفّي في رجب.)
4 (عبد الحقّ ابن الفقيه الزّاهد أبي الغنائم عبد الرحمن بن جامع ابن غنيمة. أبو عبد الله،)
البغداديّ. روى عن: عبد الحقّ اليوسفيّ، وغيره. عبد الحقّ بن محمد بن عليّ بن عبد الرحمن.

(45/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 115
أبو محمد الزّهريّ، الأنديّ، نزيل بلنسية. ولد سنة سبعٍ أو ثمانٍ وثلاثين، وحجّ عام اثنتين وسبعين. وسمع من السّلفيّ الأربعين والمحامليات. وكان عدلاً، تاجراً. قال الأبّار: سمعت منه الأربعين، وقد سمعها منه أبو محمد، وأبو سليمان ابنا ابن حوط الله. وعمّر، وأسنّ، حتّى ألحق الصّغار بالكبار. وتوفّي في ربيع الآخر.
4 (عبد الخالق بن أبي الفضل بن أبي المعالي المحوّلي.)
سمع من عبد الرحمن بن زيد الورّاق. وأجاز له أبو الوقت. وتوفّي في جمادى الأولى.
4 (عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك. أبو سعيد، ابن المرقّعاتيّ.)
ولد في حدود سنة ثلاث وخمسين. وسمع من: أبيه، ويحيى بن ثابت، والمبارك بن خضير. وحدّث. ومات في جب.
4 (عبد الرحمن ابن العلاّمة أبي سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون التّميميّ، قاضي)
القضاة، نجم الدّين. أحد الأكابر والأعيان. حدّث عن والده. روى عنه الشهاب القوصيّ، وقال: توفّي بحماة في رمضان سنة اثنتين وعشرين.
4 (عبد السّلام بن يوسف بن محمد بن عبد السّلام.)

(45/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 116
أبو محمد العبرتيّ، الكرخيّ، الضّرير، المقرئ، الخطيب. ولد في حدود الأربعين وخمسمائة. وقدم بغداد في شبيته، وسمع من: ابن ناصر، وأبي الكرم الشّهرزوريّ، وأبي بكر ابن الزّاغونيّ، وأبي المعالي ابن اللّحّاس، وابن البطّي. وتولّى الخطابة بعبرتا. وتوفّي بكرخ عبرتا في سابع المحرّم.) روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار.
4 (عبد العزيز بن النّفيس بن هبة الله بن وهبان السّلميّ، ويعرف بشمس العرب، البغداديّ،)
الأديب، الشاعر. نزيل دمشق، أخو المحدّث عبد الرحيم. كان مقيماً بالمدرسة العزيزية، ومدح جماعةً من ملوك بني أيّوب. وكان متجمّلاً، متعفّفاً، قنوعاً، يخضب شبيه. توفّي في حادي عشر ذي الحجّة. ومن شعره:
(وقالوا لم تركت مديح قومٍ .......... أقمت على مديحهم سنينا)

(فقلت تغيّروا عمّا عهدنا .......... وصاروا كلّ عامٍ ينقصونا)

(وكانوا ينعمون بغير وعدٍ .......... فصاروا يوعدون ويمطلونا)

4 (عبد القادر بن إبراهيم بن شجاع بن عرفجة.)
أبو محمد، البغداديّ، الحنفيّ. سمع: شهدة، وعبد الحقّ، وحضر يحيى بن ثابت. ومات في رجب.
4 (عبد القادر بن معالي بن غنيمة.)
أبو محمد، البغدادي، الحلاوي.

(45/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 117
سمع من أبي طالب بن خضير. ومات في شعبان.
4 (عبد القادر بن منصور بن مسعود ابن المشتري. القطيعيّ، الخياط.)
سمع من: ابن البطّي، وأبي المكارم البادرائي. وكان شيخاً صالحاً. توفي في رجب.
4 (عبد المحسن ابن خطيب الموصل، أبي الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد. أبو القاسم، ابن)
الطّوسيّ، الموصليّ. خطيب الجامع العتيق بالموصل هو، وأبوه، وجدّه أبو نصر. سمع: أباه، وعمّه عبد الرحمن، وأبا عبد الله الحسين بن نصر بن خميس. وببغداد أبا الكرم ابن الشّهرزوري، وجدّه. وولد في سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة بالموصل، وبها مات في ربيع الأول. وكان ذا دينٍ، وصلاحٍ، وأخلاقٍ حسنة.) روى عنه الدّبيثيّ، وقال: نعم الشّيخ كان والضياء المقدسيّ، والزّين عبد الله بن النّاصح. وأجاز لجماعة. وروى لنا عنه بالإجازة الشهاب الأبرقوهيّ، وقال: يغلب على ظنّي أنّني سمعت منه جزء ابن كرامة.

(45/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 118
4 (عبد الملك بن عبد الملك بن يوسف بن محمد بن قدامة، ابن الفقيه. أبو محمد، المقدسيّ.)
روى عن يحيى الثّقفيّ. ومات كهلاً في ذي القعدة. وهو والد المسند كمال الدّين عبد الرحيم.
4 (عبد المنعم بن عليّ بن عبد الغنيّ.)
أبو محمد، القرشيّ، الصّقلّي، أخو الزّين عليّ الضّرير. قال أبو شامة: كان صالحاً، خيّراً، مقرئاً. قرأ على الكندي، وعلى شيخنا السّخاويّ.
4 (عبيد الله بن عليّ بن أبي السّعادات المبارك بن الحسين بن نغوبا. أبو المعالي، الواسطيّ،)
الصّوفيّ. ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وأحمد بن عبيد الله الآمديّ، وصالح بن سعد الله بن الجوّانيّ، ومحمد بن محمد بن أبي زنبقة. وقدم بغداد مع والده، وسمع من هبة الله ابن الشّبليّ، وابن البطّي، والنّقيب أحمد بن عليّ، وشهدة.

(45/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 119
وروى عنه الدّبيثيّ، والبرزاليّ، وجماعة. وتوفّي في العشرين من جمادى الأولى. وقد حدّث من بيته جماعةٌ: فجدّه من شيوخ الكنديّ، وأبوه من شيوخ الشيخ الموفّق، وله أخوان رويا وعبد الله، وعليّ مضيا قبله. وكان لا بأس به. عطاء الله بن منصور بن نصر. القاضي، الفقيه، أبو محمد، اللّكّيّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ. ولد سنة ثلاثٍ وخمسين. وناب في الحكم ببلده مدّةً. وكان ديّناً، خيّراً، مقبلاً على شأنه. وجدّ نصر بالتّحريك. ولم يسمع من السّلفيّ إنّما روى عنه بالإجازة.
4 (عليّ ابن علم الدّين سليمان بن جندر، الأمير سيف الدّين.)
من أمراء حلب الأعيان، بنى بحلب مدرستين، وبنى الخانات في الطّريق. وله المواقف) المشهورة، والصّدقات. مات بحلب في جمادى الأولى.
4 (عليّ بن محمد بن أحمد بن حريق.)
أبو الحسن، المخزوميّ، البلنسيّ، الشّاعر.

(45/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 120
قال الأبّار: شاعر بلنسية الفحل المستبحر في الآداب واللّغات. روى عن أبي عبد الله بن حميد. وكان عالماً بفنون الآداب، حافظاً لأشعار العرب وأيامها، شاعراً مفلقاً، اعترف له بالسّبق بلغاء وقته، ودوّن شعره في مجلّدتين. وله مقصورة كالدّريديّة سمعتها منه، وصحبته مدّة، وأخذ عنه أصحابنا. ولد سنة إحدى وخمسين. وتوفّي في ثامن عشر شعبان. قال ابن مسدي: كان إن نظم أعجز وأبدع، وإن نثر أوجز وأبلغ، سحب ذيل الفصاحة على سحبانها، ونبغ بإحسان على نابغتها وحسّانها. سمعت من تواليفه، فمن ذلك:
(يا صاحبيّ وما البخيل بصاحبي .......... هذي الخيام فأين تلك الأدمع)

(أتمرّ بالعرصات لا تبكي بها .......... وهي المعاهد منهم والأربع)

(يا سعد ما لهذا المقام وقد نأوا .......... أتقيم من بعد القلوب الأضلع)

(وأبى الهوى إلاّ الحلول بلعلعٍ .......... ويح المطايا أين منها لعلع)

(لم أدر أين ثووا فلم أسأل بهم .......... ريحاً تهبّ ولا بريقاً يلمع)
عليّ بن منصور بن عبد الله. أبو الحسن، اللّغويّ. كان علاّمةً في اللّغة، بصيراً بالعربيّة، إلاّ أنّه كان ضجوراً يأبى التّصدّر والتّصدير للإشغال، ولم يتأهّل قط. وكان مقيماً بالنّظاميّة، وكان أحد الأذكياء حفظ المجمل لابن فارس كلّ يوم كرّاساً، وحفظ إصلاح المنطق وأشياء كثيرة، وكان سريع الحفظ. وعاش بضعاً وسبعين سنة.

(45/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 121
عليّ بن أبي الكرم نصر بن المبارك بن أبي السّيّد بن محمد. أبو الحسن، الواسطيّ، ثمّ البغداديّ، ثمّ المكّيّ، المولد والدّار، الخلاّل، المعروف بابن البنّاء. راوي جامع التّرمذيّ عن أبي الفتح الكروخيّ. حدّث بمكّة، والإسكندرية، ومصر، ودمياط، وقوص وسمع منه لهذا الكتاب خلقٌ كثير. وهو آخر من رواه عن الكروخيّ، وسماعه صحيح. قال ابن نقطة: ذكر لي أنّه وقع له نحواً من ثلثه بخطّ الكروخيّ. وهو شيخٌ فقير عامّيّ، سألته) أن أقرأ عليه، فقال: اقرأ ما شئت، وقد أجزت لك ولولدك لكن لا أكتب لك خطّي، فقرأت عليه في سنة خمس عشرة حديثاً

(45/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 122
واحداً، ثمّ سمعت منه بعد ذلك بعض الجامع. روى عنه: ابن نقطة، والزّكيّ المنذريّ، ومحمد بن صالح التّنّيسيّ، ومحمد بن عبد العزيز الإسكندرانيّ، وزين الدّين محمد ابن الموفّق الإسكندرانيّ الخطيب، والضّياء محمد بن عمر التّوزريّ، ومحمد بن منصور ابن أحمد الحضرميّ الإسكندرانيّ، والحسن بن عثمان القابسيّ المحتسب، وعبد المحسن بن ظافر الحجريّ، وعبد المحسن بن يحيى البجائي، وإسحاق ابن إبراهيم بن قريش المخزوميّ، والقطب محمد بن أحمد ابن القسطلاّنيّ، ومحمد بن عبد الخالق بن طرخان الأمويّ، وعليّ بن صالح الحسينيّ، ويوسف بن إسحاق الطّبريّ المكّيّان، وآخر من روى عنه محمد بن ترجم بالقاهرة. توفّي في ربيع الأول، وقيل: في صفر بمكّة عن سنٍّ عاليةٍ.
4 (عليّ بن يوسف بن عبد الله بن بندار. قاضي القضاة بالدّيار المصرية، زين الدّين، أبو)
الحسن، ابن العلاّمة أبي المحاسن، الدّمشقيّ، ثمّ البغداديّ. روى مسند الشّافعيّ عن أي زرعة المقدسيّ. وولد في سنة خمسين وخمسمائة ببغداد وتفقّه بها على والده، وسافر

(45/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 123
عن بغداد في سنة سبعٍ وسبعين. وكان فقيهاً، إماماً، محتشماً، متواضعاً، خيّراً، حسن الأخلاق، محبّاً لأهل العلم. روى عن: البرزاليّ، والحافظ عبد العظيم، وابنه أبو العبّاس أحمد بن عليّ، وجماعة. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ. وتوفّي في ثالث عشر جمادى الآخرة بالقاهرة.
4 (عليّ بن يوسف بن أيّوب بن شاذي. السلطان، الملك الأفضل، نور الدّين، ابن السلطان)
الملك النّاصر صلاح الدّين. ولد يوم عيد الفطر سنة خمسٍ وستّين بالقاهرة، وقيل: سنة ست وستّين. وسمع من عبد الله بن بري النّحويّ، وأبي الطّاهر إسماعيل بن عوف الزّهريّ، وأجاز له جماعة. وله شعرٌ حسنٌ، وترسّلٌ، وخطٌّ مليح. وكان أسنّ الإخوة، وإليه كانت ولاية عهد أبيه. ولمّا مات أبوه، كان معه بدمشق، فاستقلّ بسلطنتها، واستقلّ أخوه الملك العزيز بمصر، وأخوهما الظّاهر بحلب. ثمّ جرت للأفضل والعزيز فتنٌ وحروب، ثمّ اتّفق العزيز وعمّه الملك العادل على الأفضل،) وقصدا دمشق، وحاصراه، وأخذاها منه، فالتجأ إلى

(45/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 124
صرخد، وأقام بها قليلاً. فمات العزيز بمصر، وقام ولده المنصور محمد وهو صبيٌّ، فطلبوا له الملك الأفضل ليكون أتابكه فقدم مصر، ومشى في ركاب الصّبيّ. ثمّ إنّ العادل عمل على الأفضل، وقدم مصر وأخذها، ودفع إلى الأفضل ثلاثة مدائن بالشرق، فسار إليها، فلم يحصل له سوى سميساط، فأقام بها مدّة. وما أحسن ما قال القاضي الفاضل: أمّا هذا البيت، فإنّ الآباء منه اتفقوا، فملكوا، والأبناء منه اختلفوا، فهلكوا. وقيل: كان فيه تشيّعٌ. ولمّا عمل عمّه العادل أبو بكر قال:
(ذي سنٌّ بين الأنام قديمةٌ .......... أبداً أبو بكرٍ يجور على عليّ)
وكتب إلى الخليفة:
(مولاي إنّ أبا بكرٍ وصاحبه .......... عثمان قد غصبا بالسّيف حقّ علي)

(وهو الّذي كان قد ولاّه والده .......... عليهما واستقام الأمر حين ولي)

(فحالفاه وحلاّ عقد بيعته .......... والأمر بينهما والفصّ فيه جلي)

(فانظر إلى خطّ هذا الاسم كيف لقي .......... منه الأواخر ما لاقى من الأول)
فجاءه في جواب النّاصر لدين الله:
(وافى كتابك يا بن يوسف معلناً .......... بالودّ يخبر أنّ أصلك طاهر)

(غصبوا علياً حقّه إذ لم يكن .......... بعد النّبيّ له بطيبة ناصر)

(فابشر فإنّ غداً عليه حسابهم .......... واصبر فناصرك الإمام النّاصر)
وقيل ولم يصح إنّه جرّد سبعين ألفاً لنصرته. فجاءه الخبر أنّ الأمر قد فات، فبطل التّجريد. قال ابن الأثير في تاريخه: ولم يملك الأفضل مملكة قطّ إلا وأخذها منه عمّه العادل فأوّل ذلك أنّ أباه أقطعه حرّان وميّافارقين سنة ستّ وثمانين وخمسمائة، فسار إليها، فأرسل إليه أبوه، وردّه من حلب، وأعطى

(45/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 125
حرّان وميّافارقين لأخيه الملك العادل. ثمّ ملك الأفضل دمشق بعد والده، فأخذها منه عمّه العادل في شعبان سنة اثنتين وتسعين، ثمّ ملك مصر بعد أخيه العزيز، فأخذها منه. ثمّ ملك صرخد، فأخذها منه. قال: وكان من محاسن الدّنيا لم يكن في الملوك مثله. كان خيّراً، عادلاً، فاضلاً، حليماً، كريماً،) قلّ أن عاقب على ذنب. إلى أن قال: وبالجملة اجتمع فيه من الفضائل والمناقب ما تفرّق في كثير من الملوك. لا جرم حرم الملك والدّنيا، وعاداه الدّهر، ومات بموته كلّ خلقٍ جميل وفعلٍ حميد. ولمّا مات اختلف أولاده وعمّهم قطب الدّين. وقال صاحب كتاب جنى النخل: حضرت يوماً بسميساط، وصاحبها يومئذٍ الأفضل، فنظر إلى صبيّ تركيّ لابسٍ زرديّة، فقال على البديه:
(وذي قلبٍ جليدٍ ليس يقوى .......... على هجرانه القلب الجليد)

(تدرّع للوغى درعاً فأضحى .......... وظاهره وباطنه حديد)
ثمّ أنشدني لنفسه:
(أما آن للحظّ الّذي أنا طالب .......... من الدّهر يوماً أن أرى وهو طالبي)

(وهل يرينّي الدّهر أيدي شيعتي .......... تحكم قهراً في نواصي النّواصب)
وله:
(يا من يسوّد شعره بخضابه .......... لعساه في أهل الشّبيبة يحصل)

(ها فاختضب بسواد خطّي مرّةً .......... ولك الأمان بأنّه لا ينصل)
مات فجاءة في صفر بسميساط: وهي قلعةٌ على فالفرات بين قلعة الروم وملطية، ونقل إلى حلب، فدفن بتربة له بقرب مشهد الهرويّ.

(45/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 126
4 (عليّ بن أبي القاسم بن أبي بكر الحريميّ، الدّلاّل.)
سمع من: يحيى بن ثابت، وأحمد بن بنيمان الحريميّ. ومات في ربيع الأول.
4 (عليّ المولّه الكرديّ، بدمشق.)
وكان يكون بظاهر باب الجابية. وللعوامّ فيه اعتقاد، ويقولون: له كرامات. وكان لا يصوم ولا يصلّي، ويدوس النّجاسة. قاله أبو شامة.
4 (عمر بن بدر بن سعيد.)
المحدّث، أبو حفص، الكرديّ، الموصليّ، الحنفيّ. له تصانيف ومجاميع، ولم يزل يسمع إلى أن مات. لقبه ضياء الدّين. سمع: ابن كليب، ومحمد بن المبارك ابن الحلاويّ، وابن الجوزيّ، وطبقتهم. وحدّث بحلب ودمشق.) روى عنه: مجد الدّين ابن العديم وأخته شهدة، والفخر عليّ ابن البخاريّ، وقبلهم الشّهاب القوصيّ، وغيره. وسماع الفخر منه بالقدس. وتوفّي في شوّال بدمشق بالبيمارستان النّوريّ، وله بضعٌ وستّون سنة.

(45/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 127
4 (عمر بن القاسم بن مفرّج بن درع. أبو عبد الله، التّكريتيّ، الفقيه الشافعيّ، أخو القاضي)
يحيى قاضي تكريت. مات في جمادى الآخرة عن اثنتين وثمانين سنة. إمامٌ، مفتٍ، حسن النظم. ذكر في قلائد الجمان.
4 (حرف الغين)

4 (غالب بن أبي سعد بن غالب بن أحمد.)
أبو غالب، الحربيّ، الغزالّ. سمع من أبي الفتح بن البطّي. روى لنا عنه بالإجازة الشهاب الأبرقوهيّ. وتوفّي في ربيع الآخر.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الجبّار.)
أبو الغنائم، الواسطيّ، الشاعر. توفّي في ذي القعدة، وله بضع وثمانون سنة.

(45/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 128
ومن شعره:
(أيا شجراتٍ بالمصلّى قديمةً .......... سلامٌ عليكنّ الغداة سلام)

(ويا بان كثبان الجنيبة هل لنا .......... بظلّك من بعد البعاد مقام)

4 (محمد بن أحمد بن مسعود الشاطبيّ.)
سيأتي سنة خمس، ولكن ورّخه ابن مسدي في عام اثنتين، فالله أعلم.
4 (محمد بن إبراهيم بن أحمد بن طاهر. الشيخ فخر الدّين، أبو عبد الله، الفارسيّ، الشيرازيّ،)
الخبريّ، الفيروز آباديّ، الصّوفيّ، الشافعيّ. قدم دمشق سنة ستٍّ وستّين وخمسمائة، وعمره سبع وثلاثون سنة، فسمع من الحافظ أبي القاسم بن عساكر، وسافر إلى الإسكندرية في شعبان، فسمع من السّلفيّ، وسمع من أبي الغنائم) المطهّر بن خلف بن عبد الكريم النّيسابوريّ، وأبي القاسم محمود بن محمد القزوينيّ، وجماعة من المتأخّرين. وعلى تقدير عمره كان يمكنه السماع من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاريّ، وطبقته.

(45/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 129
قال المنذريّ: صنّف في الطّريقة كتاباً مشهوراً، وحدّث بالكثير، وجاور بمكّة زماناً، وانقطع في آخر عمره بمعبد ذي النّون بالقرافة. قلت: روى عنه هو، والرشيد عبد الله والجلال عيسى ابنا حسنٍ القاهريّ، والضّياء عليّ ومحمد ابنا عيسى بن سليمان الطّائي، والشهاب الأبرقوهيّ، وطائفة. وأراني شيخاً العماد الحزّاميّ له خطبة كتاب، فيها أشياء منكرة تدلّ على انحرافه في تصوّفه، والله أعلم بحقيقة أمره. وقال للزّكيّ المنذريّ: نحن من خبر سروشين، وهي من أعمال شيراز. وتوفّي في سادس عشر ذي الحجّة. وقد مدحه عمر ابن الحاجب: بالحقيقة، والأحوال، والجلالة، وأنّه فصيح العبارة، كثير المحفوظ. ثمّ قال: إلاّ أنّه كان كثير الوقيعة في الناس لمن يعرف ولم لا يعرف، لا يفكّر في عاقبة ما يقول. وكان عنده دعابة في غالب الوقت، وكان صاحب أصول يحدّث منها، وعنده أنسةٌ بما يقرأ عليه. وقال ابن نقطة: قرأت عليه يوماً حكاية عن ابن معين، فسبّه ونال منه، فأنكرت عليه بلطف. قلت: أول كتابه برق النّقا شمس اللّقا: الحمد لله الّذي أودع الحدود والقدود الحسن، واللّمحات الحوريّة السّالبة بها إليها أرواح الأحرار المفتونة بأسرار الصّباحة، المكنونة في أرجاء سرحة العذار، والنّامية تحت أغطية السّبحانية، وخباء القيومية، المفتونة بغررها قلوب أولي الأيدي والأبصار بنشقة عبقة الخزام الفائحة عن أرجاء الدّار، وأكناف الدّيار، الدّالّة على الأشعّة الجمالية، الموجبة خلع العذار، وكشف الأستار بالبراقع المسبلة على سيماء الملاحة المذهبة بالعقول إلى بيع العقار على ذرى الجمال المصون وراء سحب الأوكار، المذهلة بلطافة الوصلة عن هبوب الرياح المثيرة نيران الاشتياق إلى ثورة الحسن المسحبة عليها أذيال العشق، والافتنان من سورة الإسكار، ومن لواعج الخمار، المزعجة أرواح الطّائفة، الطّائفة حول هالة المشاهدة، والكعبة

(45/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 130
العيانية لاختلاس المكالمة، وطيب الدّلال في السرار.
4 (محمد بن إسماعيل بن محمود بن أحمد. القاضي، صفيّ الدّين أبو عبد الله، ابن الفقيه، أبي)
) الطّاهر، الأنصاريّ، الدّمشقيّ الأصل، المحلّيّ، الشافعيّ، الصّفيّ، الكاتب. تفقّه بمصر على الفقيه أبي إسحاق بن مزيبل ولازمه مدّة. وسمع من

(45/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 131
أبيه، ومن عشير بن عليّ المزارع. وكتب في ديوان الإنشاء العادلي مدّة. ومات بحلب. وكان لأبيه قبولٌ تامّ بالمحلّة.
4 (محمد بن أبي الوليد إسماعيل بن محمد. أبو بكر، الحضرميّ.)
إمام جامع مرسية. كان ينسخ تفسير أبي محمد بن عطيّة وله به عنايةٌ ورواية، كرّر نسخه إلى الممات ومنه كان يقتات. أخذ عن أبي بكر بن خير، وابن بشكوال. قال ابن مسدي: أكثرت عنه، وكان مولده سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة.
4 (محمد بن جعفر. أبو الخطّاب، الرّبعيّ.)
شاعر مات بالرّقة شابّاً، فمن نظمه:
(متى لاح دون الورد آس عذاره .......... فجنّته خفّت بأهوال ناره)

(غريرٌ جرى ماء النعيم بخدّه .......... فزاد اتّقاد النّار في جلّنار)

4 (محمد بن الحسين بن أبي المكارم أحمد بن الحسين بن بهرام. القاضي الصّالح، العالم مجد)
الدّين، أبو المجد، القزوينيّ، الصّوفيّ. ولد في صفر سنة أربع وخمسين وخمسمائة بقزوين. وسمع: أباه، ومحمد بن أسعد حفدة العطاريّ، وأحمد بن ينال التّرك، وأبا الخير أحمد بن إسماعيل القزوينيّ، وعمر الميانشيّ، وابا الفرج ثابت بن محمد المدينيّ، وجماعة.

(45/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 132
وحدّث بأذربيجان، وبغداد، والموصل، ورأس العين، ودمشق، وبعلبكّ، والقاهرة. ونزل بخانقاه سعيد السعداء. قال المنذريّ: كان شيخاً صالحاً، حصل له بمصر قبولٌ. ووالده قدم مصر وحدّث وقد تقدّم. وقال ابن الحاجب: كان شيخاً بهيّ المنظر، كريم الأخلاق، طويل الروح، صاحب أصول. قلت: سمع منه شرح السّنّة ومعالم التّنزيل خلقٌ كثير. ونسخته وقفٌ بدار الحديث الأشرفية بدمشق. روى عنه: الضّياء المقدسيّ، والزّكيّ المنذريّ، وعزّ الدّين عبد الرّزاق ابن رزق الله) الرسعنيّ، والسيف عبد الرحمن بن محفوظ الرّسعنيّ، وعبد القاهر بن تيمية، وأبو الغنائم بن محاسن الكفرّايي، والتّاج عبد الخالق قاضي بعلبكّ، والبهاء عبد الله بن الحسن بن محبوب، والفقيه عباس بن عمر بن عبدان، وأمين الدّين عبد الصّمد بن عساكر، وابن عمّه الشرف أحمد ابن هبة الله، والنّجم أحمد ابن الشهاب القوصيّ وأبوه، والمحيي يحيى بن عليّ ابن القلانسيّ، وعليّ بن الحسن بن صبّاح المخزوميّ، والجمال عمر ابن العقيميّ، والكمال عبد الله بن قوام، والعزّ إسماعيل ابن الفرّاء، والعزّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الكمال، والتّقيّ إبراهيم ابن الواسطيّ وأخوه محمد، والتّقيّ أحمد بن مؤمن، وإبراهيم بن أبي الحسن الفرّاء، ومحمد بن عليّ بن شمام الذّهبيّ، والعماد أحمد بن محمد بن سعد، والفخر عبد الرحمن ابن يوسف الحنبليّ، والشمس خضر بن عبدان الأزديّ، والشهاب الأبرقوهيّ، وأبو الفرج عبد الرحمن بن عبد الوهّاب السّلميّ خطيب بعلبكّ، وهو آخر من حدّث عنه بالسماع.

(45/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 133
توفّي بالموصل في ثالث عشر شعبان، وقيل: في الثالث والعشرين منه.
4 (محمد بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن عليّ بن عبد الله. الإمام فخر الدّين،)
أبو عبد الله، ابن تيمية، الحرّانيّ، الفقيه الحنبليّ، الواعظ، المفسّر، صاحب الخطب. شيخ حرّان وعالمها. ولد في شعبان سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة بحرّان. وتفقّه بحرّان على الفقيه أبي الفتح أحمد بن أبي الوفا، وأبي الفضل حامد بن أبي الحجر، وتفقّه ببغداد على الإمام أبي الفتح نصر بن المنّي، وأبي العباس أحمد بن بكروس. وسمع من أبي الفتح بن البطّي، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النّقور، وأبي طالب بن خضير، وسعد الله بن نصر الدّجاجيّ، وأبي منصور جعفر ابن

(45/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 134
الدّامغانيّ، وشهدة، وخلقٍ. وقرأ العربية على أبي محمد بن الخشّاب. وله مصنّف مختصر في مذهب أحمد، وشعرٌ حسن. حجّ جدّه وله امرأة حامل، فلما كان بتيماء، رأى طفلةً قد خرجت من خباء، فلمّا رجع إلى حرّان، وجد امرأته قد ولدت بنتاً، فلمّا رآها قال: يا تيميّة يا تيميّة فلقّب به. وأمّا ابن النّجّار فقال: ذكر لنا أنّ جدّه محمداً، كانت أمّه تسمّى تيميّة، وكانت واعظةً، فنسب إليها، وعرف بها. قلت: وكان فخر الدّين إماماً في التّفسير، إماماً في الفقه، إماماً في اللّغة.) ولي خطابة بلده، ودرّس، ووعظ، وأفتى. وقد سمع بحرّان من الشيخ أبي النجيب السّهرورديّ، قدم عليهم. قال الشهاب القوصيّ: قرأت عليه ديوان خطبه بحرّان. وروى عنه: الإمام مجد الدّين عبد السلام ابن أخيه، والجمال يحيى بن الصّيرفيّ، وعبد الله ابن أبي العزّ بن صدقة، والفقيه أبو بكر بن إلياس الرّسعنيّ نزيل القاهرة، والسيف عبد الرحمن بن محفوظ، والشهاب الأبرقوهيّ، والرشيد عمر بن إسماعيل الفارقيّ، سمع منه جزء البانياسيّ وإنّما ظهر بعد موته. مات في صفر. أخبرنا الأبرقوهي، أخبرنا أبو عبد الله ابن تيميّة، أخبرنا ابن البطّي، أخبرنا عليّ بن محمد الأنباريّ، أخبرنا أبو عمر بن مهديّ، أخبرنا محمد بن مخلد، حدّثنا أحمد بن منصور الرّماديّ، حدّثناعمرو بن حكّام، أخبرنا شعبة، عن مالك، عن عمرو بن مسلم، عن سعيد بن المسيّب، عن أمّ سلمة، عن

(45/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 135
النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: من رأى هلال ذي الحجّة، فأراد أن يضحّي، فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره حتّى يضحّي. رواه مسلم. توفّي في حادي عشر صفر بحرّان. وقدم دمشق رسولاً سنة ستمائة، فحدّث بها.
4 (محمد بن صدقة.)
أبو عليّ، الخطّاط، المعروف بالخفاجيّ، الشاعر. مدح النّاصر لدين الله، وغيره. وعاش إحدى وخمسين سنة. ومات في شوّال ببغداد. فمن شعره:
(ضعف الشّقيّ بكم لقوّة دائه .......... وأذلّه في الحبّ عزّ دوائه)

(أضحى يعالج دون رملي عالج .......... حرقاً من الأشواق حشو حشائه)

(لم يقض من دنياه بعض ديونه .......... وغرامه في العذل من غرمائه)

(لم أنسه إذ زار زوراً والدّجى .......... متلفّتٌ والصّبح من رقبائه)

(رشأ إذا حاولت منه نظرةً .......... ودّع فؤادك قبل يوم لقائه)

(قسم الزّمان على البريّة حبّه .......... شطرين بين رجاله ونسائه)

(يا عاذل المشتاق كفّ ولا تلم .......... من باع فيه نعيمه بشقائه)

(فالصّبر يغدر بالمحبّ وشوقه .......... أبداً يقوم له بحسن وفائه)
)
4 (محمد بن ظافر بن عليّ بن فتوح بن حسين. أبو عبد الله، ابن

(45/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 136
رواج، الأزديّ،)
الإسكندرانيّ، أخو المحدّث عبد الوهّاب. روى عن السّلفيّ روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره.
4 (محمد بن عبد الجليل بن عثمان.)
أبو عبد الله، المينيّ، الصّوفيّ. روى عن حفدة العطّاريّ وعنه مجد الدّين العديميّ. وتوفّي بحلب في سلخ جمادى الأولى.
4 (محمد بن عليّ بن موسى.)
أبو بكر، الأنصاريّ، الشّريشيّ، ويعرف بابن الغزال. أخذ القراءآت عن أبي الحسن بن ناصر القرطبيّ، وأبي الحسن بن لبال وسمع منهما ومن أبي بكر بن الجدّ. وأقرأ، ودرّس الفقه. وحدّث. وكان فقيهاً، إماماً مشاوراً، زاهداً. روى عنه: ابنه يوسف وأبو إسحاق بن الكمّاد. بقي إلى هذا العام، ولا أعلم وفاته.
4 (محمد بن معالي بن محمد البغداديّ.)
سمع من أبي الفتح بن البطّي. ومات بواقصة راجعاً من الحجّ في المحرّم. وواقصة: قريبة من الكوفة.
4 (محمد بن يعقوب بن عبد الله المارستانيّ.)
أبو بكر، أخو أحمد. سمع من: لاحق بن كاره، وغيره. وحدّث.

(45/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 137
4 (محمد بن أبي سعيد بن أبي طاهر.)
أبو عبد الله، الحنبليّ، الإصبهانيّ. روى عن: عبد الله بن علي الطّامذيّ، وأبي المطهّر الصّيدلانيّ، وجماعة. روى عنه: البرزاليّ، والضّياء، وبالإجازة الشيخ شمس الدّين عبد الرحمن، وغيره.
4 (مخلد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد.)
أبو الحسين، أخو القاضي أبي القاسم أحمد بن بقيّ القرطبيّ.) سمع من: أبيه، ومن جدّه أبي الحسين عبد الرحمن، وأبي يحيى الجزائريّ الصّوفيّ. وأجاء له أبو مروان بن قزمان. وولي الأنكحة مدّة. وكان متصوّناً، منقبضاً. توفّي في المحرّم، وله سبعون إلاّ سنةّ.
4 (مظفّر بن القاسم بن المظفّر بن سابان.)
أبو القاسم، الحربيّ، التّاجر. حدّث عن أبي الفتح بن البطّي. وتوفّي في ربيع الآخر. روى عن ابن النجّار.
4 (حرف النون)

4 (النّجيب بن هبة الله القوصيّ، التّاجر.)
مات بمصر في ذي الحجّة. وكان من كبار المتموّلين، وله مدرسةٌ مشهورةٌ بقوص.
4 (النّفيس بن كرم بن جبارة.)
أبو محمد، البغداديّ، المقرئ، المكاريّ.

(45/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 138
سمع من: أبي الوقت، وهبة الله بن أحمد الشّبليّ، وجعفر بن أحمد المحلّي. وكان شيخاً صالحاً، مقرئاً. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النجّار، وروى عنه الأبرقوهيّ جزء أبي الجّهم. ومكان من أبناء الثّمانين، توفّي في رابع جمادى الأولى.
4 (حرف الهاء)

4 (هاجر بنت إسماعيل بن محمد بن يحيى الزّبيديّ.)
أمّ الخير، البغداديّة، الواعظة، العالمة. ختم عليها القرآن جماعةٌ. وكانت صالحة، عابدةً، من بيت علم ورواية. سمعت من أبي المكارم محمد بن أحمد الطّاهريّ الراوي عن أبي عبد الله ابن البسريّ، ومن أحمد ويحيى ابني موهوب بن السّدنك. وحدّثت. ومات أبوها شابّاً، وماتت في الحادي والعشرين من رجب.
4 (هبة الله ابن العدل أبي المكارم إسماعيل بن هبة الله.)
عزّ القضاة، أبو القاسم، المليجيّ، ثمّ المصريّ. ولد سنة اثنتين وستّين وخمسمائة. وسمع من عبد الله بن برّي، وغيره.) وحدّث. ومليج: من أعمال الغربيّة.
4 (هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن رواحة.)
زكيّ الدّين، الأنصاريّ، الحمويّ، التّاجر، المعدّل.

(45/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 139
كان كثير الأموال، محتشماً، أنشأ مدرسةً بدمشق، وأخرى بحلب. حدّث عن أبي الفرج بن كليب. وإنّما قيل له: ابن رواحة، لأنّه ابن أخت أبي عبد الله الحسين بن عبد الله بن رواحة. توفّي في سابع رجب. وغلط من قال: إنّه مات في سنة ثلاث. وكان أوصى أن يدفن في مدرسته بدمشق في البيت القبو، فما مكّنهم المدرّس وهو الشيخ تقيّ الدّين ابن الصلاح. وشرط على الفقهاء والمدرّس شروطاً صعبةً لا يمكن القيام ببعضها وشرط أن لا يدخل مدرسته يهودياً ولا نصرانياً، ولا حنبلياً حشوياً.
4 (حرف الياء)

4 (ياقوت، مهذّب الدّين، الرّومي، ثمّ البغداديّ، الشاعر، مولى أبي نصر الجيليّ التّاجر.)
كان مكثراً من الأدب، مليح القول، لطيف المعاني. وكان له بيت بالمدرسة النّظاميّة، فوجد فيه ميتاً في جمادى الأولى. ومن شعره:
(إن غاض دمعك والأحباب قد بانوا .......... فكلّ ما تدّعي زورٌ وبهتان)

(وكيف تأنس أو تنسى خيالهم .......... وقد خلا منهم ربعٌ وأوطان)

(لا أوحش الله من قوم نأوا فنأى .......... عن النّواظر أقمارٌ وأغصان)

(ساروا فسار فؤادي إثر ظعنهم .......... وبان جيش اصطباري عندما بانوا)

(يا من تملّك رقي حسن بهجته .......... سلطان حسنك ما لي منه إحسان)

(كن كيف شئت فما لي عنك من بدلٍ .......... أنت الزّلال لقلبي وهو ظمآن)

(45/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 140
4 (يحيى بن أبي طاهر بن أبي العزّ بن حمدون الطيبي، الخيّاط.)
روى عن أبي طالب بن خضير. ومات في شعبان.
4 (يعيش بن ريحان بن مالك، الفقيه.)
أبو المكارم، الأنباريّ، ثمّ البغداديّ، الحنبليّ. ولد بعيد الأربعين وخمسمائة، وكان صالحاً. زاهداً، منقبضاً عن النّاس، من كبار الحنابلة. سمع من: أبي رزعة المقدسيّ، وأبي حامد محمد بن أبي الربيع الغرناطيّ، وسعد الله بن نصر) ابن الدّجاجيّ، وشهدة الكاتبة، وجماعة. روى عنه: الدّبيثيّ، والضّياء، والكمال عبد الرحمن شيخ المستنصرية، وآخرون. وتوفّي في منتصف ذي الحجّة.
4 (الكنى)

4 (أبو البركات بن مكّيّ النجّاد.)
شيخٌ صالح. سمع من أبي زرعة بعض مسند الشافعيّ. مات في ذي الحجّة.

(45/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 141
4 (أبو عبد الله بن عبد الكريم بن سعيد بن كليب الحرّانيّ الأصل، المصريّ، الحدّاد،)
السّكاكينيّ. سمع من قريبه أبي الفرج عبد المنعم بن كليب ببغداد، وسمع بالإسكندرية من السّلفيّ. روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وقال: مات في رمضان.
4 (وفيها ولد)
القاضي شرف الدين أحمد بن أحمد المقدسيّ. والمحدّث تقيّ الدّين عبيد بن محمد الإسعرديّ. والجمال إبراهيم بن داود الفاضليّ. والنور أحمد بن إبراهيم بن مصعب. والعزّ محمد بن أحمد بن أبي الفهم ابن البقّال. والمحيي يحيى بن محمد ابن العدل الزّبدانيّ. وشريف بن مكتوم الزّرعيّ. والشمس محمد بن محمود بن سيما. والشهاب محمود بن محمد بن عبد الله القرشيّ الشاهد. والمعين محمد بن أحمد بن عبد العزيز ابن الصوّاف الإسكندرانيّ. ووجيهة بنت عمر الهواريّ. والخطيب موفّق الدّين محمد بن محمد بن حبيش الحمويّ الشافعيّ. وأبو الحسن عليّ بن نصر الله بن عمر، ابن الصوّاف، صاحب ابن باقا. ومريم بنت أحمد بن حاتم ببعلبكّ.) والسديد أحمد بن محمد بن فيل الكنانيّ بدمياط.

(45/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 142
والنّجم راجح بن عليّ الأزديّ بمصر. والملك القاهر عبد الملك ابن الملك المعظّم. والقاضي جمال الدّين أبو بكر بن عبد العظيم ابن السّقطيّ بمصر. وتاج العرب بنت المسلّم بن علاّن. والشرف أحمد بن عبد الكرم ابن الكبلج، سمع ابن رواج.

(45/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 143
4 (وفيات سنة ثلاث وعشرين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن. الإمام فقيه المغرب، أبو العبّاس، الرّبعيّ،)
التّونسيّ، المالكيّ، نزيل غرناطة. قال ابن مسدي: هو أحفظ من لقيت لمذهب مالك. تفقّه على أبيه أبي القاسم المعروف بالفقيه دمدم. وسمع من الحافظ عبد الحقّ، وجماعة. ولد في حدود سنة أربعين وخمسمائة.
4 (أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل ابن منصور. العلاّمة، شمس)
الدّين، أبو العبذاس، المقدسيّ، المعروف بالبخاريّ. والد الفخر عليّ، وأخو الحافظ الضّياء. ولد في شوّال سنة أربعٍ وستّين. ورحل إلى بغداد وهو ابن بضع عشرة مع أقاربه، فسمع من: أبي الفتح ابن شاتيل، ونصر الله القزاز، وعبد المغيث بن زهير، وجماعة. وكان قد سمع

(45/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 144
بدمشق من: أبي نصر عبد الرحيم اليوسفيّ، وأبي المعالي بن صابر، وأبي المجد البانياسيّ، وأبي الفهم بن أبي العجائز، والخضر بن هبة الله بن طاووس، وجماعة. ودخل نيسابور، فسمع من عبد المنعم بن عبد الله بن الفراويّ، وبهمذان من عليّ بن عبد الكريم الهمذانيّ، ودخل بخارى، فأقام بها مدّة، فلقّب بالبخاريّ وأخذ بها الخلاف عن الشرف أبي الخطّاب، واشتغل بالخلاف على الرضيّ النّيسابوريّ. روى عنه: أخوه، وابنه، وابن أخيه الشمس محمد ابن الكمال، وابن خاله شمس الدّين بن أبي عمر، والشهاب القوصيّ. وحدّثنا عنه العزّ ابن الفرّاء، والعزّ ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وخديجة بنت الرضيّ.) وكان إماماً، عالماً، مفتياً، مناظراً، ذا سمت ووقار. وكان كثير المحفظ، كثير الخير، حجّةً، صدوقاً، كثير الاحتمال، تامّ المروءة، فصيحاً، مفوّهاً لم يكن في المقادسة، أفصح منه. اتّفقت الألسنة على شكره. وقد أدرك أبا الفتح بن المنّي وتفقّه عليه. قال عمر ابن الحاجب: سألت أخاه الضّياء عنه، فقال: كان فقيهاً، ورعاً، ثقة. وقرأت أنا بخطّ الضّياء: في ليلة الجمعة خامس عشر جمادى الآخرة توفّي أخي الإمام العالم أبو العباس رحمة الله عليه ورضوانه، وشهرته وفضله، وما كان عليه يغني عن الإطناب في ذكره. ودفن إلى جانب خاله الإمام موفّق الدّين. قلت: وقد أقام بحمص مدّة، وبها سمع عليه ولده، والحافظ ابن نقطة، وغيرهما.
4 (أحمد بن أبي المظفّر محمد بن عبد الله بن محمد، ابن المعمّر.)
الرئيس أبو العزّ.

(45/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 145
حدّث عن أبي طالب بن خضير. وتوفّي في جمادى الآخرة. وولي أبوه ديوان الزّمام، وعمّه أبو الفضائل يحيى ناب في الوزارة.
4 (أحمد بن محمد بن يحيى.)
أبو العباس، ابن الهمذانيّ، البغداديّ، المؤدّب. سمّعه أبوه من مسلم بن ثابت النّحّاس، وجماعة. روى عنه ابن النّجّار في تاريخه.
4 (أحمد بن محمود بن أحمد بن ناصر.)
الفقيه، أبو العباس، الحريميّ، الحنبليّ، الإسكاف. تفقّه على والده الشيخ أبي البركات. وسمع من: أبي الفتح بن البطّي، ويحيى بن ثابت، وسعد الله ابن الدّجاجيّ. وحدّث. وعاش ثمانين سنة، ومات في رابع عشر جمادى الأولى.
4 (أحمد بن ناصر. الشيخ أبو العباس، الإسكاف، الحريميّ.)
تفقّه على والده أبي البركات، وسمع من: ابن البطّي، ويحيى ابن ثابت. روى عنه ابن النجّار وقال: كان شيخاً حسناً، متيقّظاً. توفّي في جمادى الأولى.
4 (إبراهيم ابن الحافظ عز الدّين محمد ابن الحافظ عبد الغنيّ المقدسيّ.)
)

(45/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 146
حدّث في طريق الحجّ عن ابن طبرزد. وكان شاباً، ساكناً، فيه حياء. توفّي في شوال.
4 (إبراهيم بن موسى، الأمير مبارز الدّين العادليّ، المعروف بالمعتمد، والي دمشق.)
ولد بالموصل، وقدم الشام، فخدم نائبها فرّخشاه بن شاهنشاه، وتقلّبت به الأحوال، ثمّ ولاّه الملك العادل شحنكية دمشق استقلالاً، فأحسن السيرة. قال أبو شامة: كان ديّناً، ورعاً، عفيفاً، نزهاً، اصطنع عالماً عظيماً، وكانت دمشق وأعمالها في ولايته لها حرمةٌ ظاهرة، وهي حرّة طاهرة. قال أبو المظفّر الجوزيّ: ومما جرى في ولايته، أنّ رجلاً خنق صبيّاً لحلقٍ في أذنيه، وأخرجه في قفّةٍ فدفنه، وكان جارهم، فاتّهمته أمّ الصبيّ به، فعذّبه المبارز، فلم يقرّ، فأطلقه وفي قلبها النار فطلّقت زوجها، وتزوّجت بالقاتل، وأقامت معه مدّة، فقالت يوماً وهي تداعبه وقد بلغها موت زوجها: راح الابن وأبوه، وكان منهما ما كان، أأنت قتلت الصبيّ قال: نعم، قالت: فأرني قبره، فخرج بها إلى مقابر باب الصّغير، وحفر القبر، فرأت ولدها، فلم تملك نفسها أن ضربت الرجل بسكّين معها شقّت بطنه، ودفعته فوقع في الحفرة. وجاءت إلى المبارز، فحدّثته، فقام وخرج معها إلى القبر، وقال لها: أحسنت والله ينبغي لنا كلّنا أن نشرب لك فتوّة. قال أبو المظفّر: وحكى لي المبارز قال: لمّا أبطل العادل الخمر، ركبت يوماً وإذا عند باب الفرج رجلٌ في رقبته طبلٌ، فقلت: شقّوا الطّبل فشقّوه، فإذا فيه زكرة خمر فبدّدتها، وضربته. فقلت: من أين علمت قال: رأيت رجليه وهي تلعب، فعلمت أنّه حاملٌ شيئاً ثقيلاً. وطالت ولايته.

(45/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 147
وكان في قلب المعظّم منه لأنّ الملك العادل كان يأمره أن يتتبّعه ويحفظه، فكان المعظّم وهو شابٌّ يدخل إلى دمشق في اللّيل، فيأمر المبارز غلمانه أن يتبعوه. فلمّا مات العادل، حبسه المعظّم مدّة، فلم يظهر عليه أنّه أخذ من أحدٍ شيئاً، فأنزله إلى داره، وحجر عليه، وبالغ في التّشديد عليه. ومات عن ثمانين سنة. ولم يؤخذ عليه شيء إلاّ أنّه كان يحبس وينسى، فعوقب بمثل فعله.
4 (إسحاق بن محمد بن المؤيّد بن عليّ بن إسماعيل. القاضي، المحدّث، رفيع الدّين، الهمذانيّ)
الأصل، المصريّ، الوبريّ، الشافعيّ.) ولد تقديراً في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة بمصر. وسمع من: أبيه، ومن الأرتاحيّ، وأبي الفضل الغزنويّ، وفاطمة بنت سعد الخير، وجماعة. ورحل سنة ثلاثٍ وستمائة، فسمع بدمشق من عمر بن طبرزد، وغيره. وببغداد من أصحاب قاضي المارستان، وباسط من أبي الفتح المندائي، وبإصبهان من عفيفة الفارقانيّة، وجماعة، وبشيراز، وهمذان، وجال في تلك الناحية. وتفقّه في مذهب الشّاعفيّ، وتزوّج. وولي قضاء أبرقوه مدّةً، ثمّ فارقها. ورحل بولديه محمد وشيخنا الشهاب، وسمّعهما بأبرقوه، وشيراز، وبغداد، والموصل، وحرّان، ودمشق، ومصر، وأماكن أخر، واستقرّ بالقاهرة. حدّثنا عنه ابنه الشّهاب. قال عمر ابن الحاجب في معجمه: هو أحد الرّحّالين، عارفٌ بما سمع، إمام مقرئ، حسن السيرة، له سمتٌ ووقار، على مذهب السّلف، كريم النفس، حسن القراءة. ولي قضاء بليدة اسمها أبرقوه، فلمّا جرى على البلاد من الكفّار يعني التّتر ما جرى، رجع إلى وطنه ومسقط رأسه. وكان

(45/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 148
معروفاً بالإقراء. وكان والده يقال له: الوبريّ. قال المنذريّ: توفّي في ليلة سابع عشر جمادى الأولى.
4 (أسعد بن بقاء الأزجيّ، النجّار.)
سمع من أبي طالب بن خضير. ومات في جمادى الأولى. روى عنه ابنا لنجّار، وقال: كان صالحاً، ملازماً لمجالس الحديث.
4 (إسماعيل بن ظافر بن عبد الله.)
الإمام، أبو الطّاهر، العقيليّ، المقرئ، المالكيّ.

(45/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 149
قرأ القراءآت والعربية، ونظر في التفسير، ودرّس، وأفاد. وكان ورعاً، صالحاً، كثير الفضائل، يعيش من كسبه. ولد سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من: عليّ بن هبة الله الكامليّ، ومحمد بن عليّ الرّحبيّ، وعبد الله ابن برّي النّحويّ، وأبي المفاخر سعيد المأمونيّ، وطائفة. روى عنه الحافظ المنذريّ، وغيره. وتوفّي في رجب. وقد تصدّر بالجامع الظّافريّ بالقاهرة مدّةً.)
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن الحسن بن إبراهيم.)
الفقيه، تاج الدّين، أبو الفضل، الدّميريّ، المصريّ، الحنفيّ، المعدّل. قرأ القراءآت على أبي الجيوش عساكر بن عليّ. وتفقّه على الجمال عبد الله بن محمد بن سعد الله، والبدر عبد الوهّاب بن يوسف. وسمع من: عبد الله بن برّي، وأبي الفضل الغزنويّ، وجماعةً. ودرّس بمدرسة السّيوفيين مدّةً، ونسخ بخطّه المليح كثيراً، وكان حسن السمت، ومنجمعاً عن الناس. ولد في حدود سنة خمس وخمسين. روى عنه المنذريّ، وقال: توفّي في ذي القعدة.

(45/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 150
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن عليّ بن إبراهيم.)
الفقيه، أبو عليّ، الكركنتيّ، الصّقلّيّ، الشافعيّ، الشّروطيّ، الشاهد. ولد سنة ستٍّ وثلاثين وخمسمائة. وسمع: أبا الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، وعبد الرزّاق النّجّار، وذكر أنّه سمع من الصائن هبة الله بن عساكر. كتب عنه عمر ابن الحاجب، والطلبة. وحدّث عنه الزّكيّ البرزاليّ. ومات في شعبان.
4 (الحسين بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلّكان.)
الفقيه، ركن الدّين، أبو يحيى، الإربليّ، الشافعيّ. درّس بعدّة مدارس. وكان عارفاً بالمذهب، صالحاً، كثير التلاوة. سمع من يحيى الثقفيّ. وحدّث بإربل. ومات في ذي القعدة.
4 (الحسين بن أبي الوفاء صادق بن عبد الله بن نصر بن عليّ.)
القاضي، الأنجب، أبو عبد الله، المقدسيّ، ثمّ المصريّ، الشافعيّ، المعروف بابن الأنجب. روى عن السّلفيّ روى عنه الزّكيّ المنذريّ، والمصريّون. وعاش ثمانين سنةً. ومات في سادس رمضان.
4 (الحسين بن عليّ بن محمد بن عليّ.)
أبو عليّ، اللّيثيّ، الزّمانيّ بزاي مفتوحة وميم مخفّفة.) سمع من السّلفي. وحدّث. ومات في شوّال.

(45/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 151
4 (الحسين ابن القاضي المرتضى محمد ابن القاضي الجليس أبي المعالي عبد العزيز بن)
الحسين ابن الجبّاب. التّميميّ، السّعديّ، المصريّ، عزّ القضاة، أبو عليّ. سمع من: أبيه، وأبي المفاخر المأمونيّ، وعثمان بن فرج العبدريّ. وكان أديباً، وشاعراً، فاضلاً، محتشماً. ولد سنة ثمانٍ وخمسين، ومات في سادس عشر ذي القعدة. روى عنه المنذريّ.
4 (الحسين بن يوسف بن الحسين ابن العبديّ، البغداديّ.)
حدّث عن شهدة. ومات في ربيع الأول.
4 (حرف الخاء)

4 (خديجة بنت الحافظ أبي طاهر السّلفيّ.)
سمعت من والدها وحدّثت. قال المنذريّ: وقدمت مصر بعد وفاة والدها، واحترمت احتراماً كثيراً، وبولغ في إكرامها، وعادت إلى الإسكندرية، ثمّ توفّيت في رمضان.
4 (خدريجة بنت حسّان بن ماجد الصّحراويّ أبوها من أهل جبل الصّالحية.)
روت بالإجازة عن هبة الله بن يحيى ابن البوقيّ، وغيره. سمع منها الشيخ الضّياء، وعمر ابن الحاجب. وماتت في رجب.

(45/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 152
4 (خزعل بن عسكر بن خليل. العلاّمة، تقيّ الدّين، أبو المجد، الشّنائيّ، المصريّ، المقرئ،)
النّحويّ، اللّغويّ، نزيل دمشق. ذكر أنّه سمع من السّلفيّ، وأنّه دخل بغداد، وقرأ على الكمال عبد الرحمن الأنباريّ أكثر تصانيفه، وعند عوده أخذ في الطّريق، وراحت كتبه. أقرأ القرآن بالقدس مدّة، ثمّ سكن دمشق، وصار إمام مشهد عليّ. وكان يعقد الأنكحة، ويشغل في العزيزية. قال أبو شامة: قرأت عليه عروض النّاصح ابن الدّهّان، وأخبرني به عن مصنّفه. وكان يحثّني) على حفظ الحديث، والتّفقّه فيه خصوصاً صحيح مسلم. ويقول: إنّه أسهل من حفظ كتب الفقه وأنفع وصدق، ويحثّ على مسح جميع الرأس احتياطاً وقد بحث فيه، فأعجبني، واستقرّ في نفسي، فما أعلم أنّي تركته بعد. وكان لا يردّ سائلاً أصلاً، وربّما جاءه فيقول: اقعد، فما جاء، فهو لك. وكان عند الطّلاق لا يأخذ من أحد شيئاً. وكان ذا مروءةٍ تامّة، رحمه الله. وقال ابن الحاجب: أقعد في آخر عمره، وتمرّض، وازدحمت عليه الطّلبة. وقال لي: ولدت فيما أظنّ سنة سبعٍ وأربعين بالإسكندرية. وكان أعلم النّاس بكلام العرب.

(45/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 153
4 (حرف السين)

4 (سليمان بن محمود، بن محفوظ ابن الصّيقل.)
أبو السعود، القرشيّ، الأزجيّ. حدّث عن عيسى بن أحمد الدّوشابيّ. ومات في المحرّم. وله شعر.
4 (سليمان بن يونس البغداديّ، الفرّاش.)
حدّث عن أبي طالب بن خضير.
4 (حرف الصاد)

4 (صدقة بن عبد العزيز بن هبة الله بن حديد الأزجيّ، الدّقّاق.)
سمع من عليّ بن أبي سعد الخبّاز. وأجاز له الشيخ عبد القادر، وجماعة. وكان رجلاً صالحاً. مات في رجب.
4 (حرف الظاء)

4 (ظفر بن أحمد بن غنيمة بن احمد. أبو البدر، البغداديّ، الصّوفيّ، الخرّاط، الخيّاط،)
المعروف بابن زعرورة. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسمع من: مسلم بن ثابت النخّاس، وعبد الله بن عبد الصّمد السّلميّ. وكان شيخاً صالحاً، مشتغلاً بالعبادة، ملازماً لمسجده.

(45/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 154
4 (حرف العين)

4 (عامر بن هشام. أبو القاسم، القرطبيّ، الأزديّ.)
) سمع من أبيه أبي الوليد، ومن أبي القاسم بن بشكوال. وقرأ الملخّص للقابسيّ على أبي محمد بن مغيث. وكان أديباً، كاتباً، شاعراً، مطبوعاً. صنّف شرحاً لغريب الملخّص. وصلحت حاله بأخرة، وأقبل على النّسك والعبادة، فحمل عنه الحديث. ورّخه الأبّار.
4 (عبد الله بن أحمد بن أبي بكر.)
أبو بكر، البغداديّ، العجّان، الخبّاز. روى عن: شهدة، وعبد الحقّ اليوسفيّ، وأبي شاكر السّقلاطونيّ، وطبقتهم. وأكثر جدّاً عن أصحاب ابن الحصين حتّى عن أصحاب أبي الوقت. وجمع لنفسه مشيخة كبيرة، وقرأ القراءآت على أبي بكر ابن الباقلانيّ، وغيره. قال ابن النجّار: لا يعتمد عليه لكثرة وهمه وتسامحه. ومات في ربيع الأول. وكان صالحاً، متعفّفاً.

(45/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 155
4 (عبد الله بن عبد العظيم. أبو محمد، الزّهريّ، المالقيّ.)
تلميذ أبي عبد الله ابن الفخّار مكثرٌ عنه. وأجاز له السّلفيّ، وجماعة. حدّث عنه أبو عبد الله بن عسكر. وكان ذا عنايةٍ بالحديث. وله كتابٌ في رجال الموطّأ. توفّي في شعبان.
4 (عبد الله بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد العزيز.)
أبو محمد، التّميميّ، القابسيّ. نزيل الإسكندرية، قدمها وهو شابٌ، فسمع من السّلفيّ، وتفقّه لمالك، وجاور مديدةً، وكان شيخاً صالحاً، فاضلاً. توفّي بثغر الإسكندريّة في ذي الحجّة، وقد ناهز التّسعين.
4 (عبد الخالق بن تقى بن إبراهيم. الفقيه، أبو محمد الشّافعيّ.)
تفقّه على أبي إسحاق بن مزيبل وتخرّج به. وسمع من أبي القبائل عشير بن عليّ، وجماعة.
4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان بن عبد الله.)
)

(45/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 156
أبو محمد، الأسديّ، الحلبيّ، الزّاهد، المعروف بابن الأستاذ. ولد في ربيع الآخر سنة أربعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع بحلب من: أبي محمد عبد الله بن محمد الأشيريّ، وأبي بكر بن ياسر الجيّانيّ، وأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي العبّاس النّوقانيّ، وأبي عليّ الحسن بن عليّ البطليوسيّ، وأبي حامد محمد بن عبد الرحيم الغرناطيّ، وأبي طالب عبد الرحمن بن الحسن ابن العجميّ، وأبي الأصبغ عبد العزيز بن عليّ السّماتيّ، ومحمد بن بركة الصّلحيّ، وجماعة. وسمع ببغداد من أبي جعفر أحمد بن محمد العبّاسيّ وهو أكبر شيخٍ له. وبدمشق من أبي المكارم بن هلال، وأبي القاسم بن عساكر، وأبي الغنائم هبة الله ابن صصرى. وأجاز له خلق من خراسان وإصبهان، ومصر. وكان له فهمٌ وعناية بالحديث، وفيه ديانة، وصلاح، وخير. تفقّه في مذهب الشّافعيّ، وسمّع أولاده. روى عنه: البرزاليّ، والضّياء، والسيف ابن المجد، والصّاحب كمال الدّين عمر ابن العديم وابنه مجد الدّين، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والأمين ابن الأشتريّ، والكمال أحمد ابن النّصيبيّ، والشمس الخابوريّ، وطائفةٌ سواهم. وهو والد قاضي القضاة زين الدّين عبد الله ابن الأستاذ، وقاضي القضاة جمال الدّين محمد. توفّي في عاشر جمادى الآخرة، وله تسعون سنة. وإنّما سمع ببغداد اتّفاقاً لأنّه سار ليحجّ منها.
4 (عبد الرحمن بن أبي العزّ المبارك بن محمد بن أبي العزّ.)

(45/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 157
أبو محمد، البغداديّ، المعروف بابن الخبّازة، المقرئ، الخيّاط، البزّاز، ويعرف أيضاً بابن الدّويك. شيخٌ صالح، قرأ القرآن على دلف بن كرم العكبريّ. وسمع من: أبي الوقت، وأبي القاسم بن قفرجل، وغيرهما. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، وجماعةٌ. وأثنى عليه ابن النجّار. وقال ابن نقطة: سمع من أبي الوقت صحيح البخاريّ، وبعد، وسماعه صحيح. توفّي في المحرّم ببغداد.)
4 (عبد العزيز السّمائي في سنة أربعٍ وسيأتي.)

4 (عبد القويّ بن عبد الباقي بن أبي اليقظان.)
أبو محمد، الكتبيّ، ضياء الدّين، المعرّي. حدّث عن السّلفيّ بدمشق، وبها مات في جمادى الأولى.
4 (عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن الفضل.)

(45/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 158
العلاّمة، إمام الدّين، أبو القاسم، الرافعيّ، القزوينيّ، الشافعيّ. صاحب الشرح الكبير. ذكره الشيخ تقيّ الدّين ابن الصّلاح، فقال: أظن أنّي لم أر في بلاد العجم مثله. كان ذا فنون. حسن السّيرة، جميل الأمر. صنّف شرح الوجيز في بضعة عشر مجلّداً لم يشرح الوجيز بمثله. وقال الشيخ محيي الدّين النّواويّ: الرّافعيّ من الصالحين المتمكّنين، كانت له كراماتٌ كثيرةٌ ظاهرة. وقال أبو عبد الله محمد بن محمد الإسفريينيّ في الأربعين تأليفه: هو شيخنا، إمام الدّين وناصر السّنّة صدقاً. كان أوحد عصره في العلوم الدّينية، أصولاً وفروعاً، ومجتهد زمانه في المذهب، وفريد وقته في التّفسير. كان له مجلسٌ بقزوين للتّفسير، ولتسميع الحديث، صنّف شرحاً لمسند الشافعيّ وأسمعه سنة تسع عشرة وستّمائة، وصنّف شرحاً للوجيز، ثمّ صنّف أوجز منه. وكان زاهداً، ورعاً، متواضعاً. سمع الكثير، وتوفّي في حدود سنة ثلاثٍ وعشرين بقزوين. وقال ابن الصّلاح: كانت وفاته في أواخر سنة ثلاثٍ أو أوائل سنة أربع. قلت: وكان والده أبو الفضل قد سمع الكثير بنيسابور وقزوين، وروى عن ملكداذ بن عليّ القزوينيّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ، وعمر بن أحمد الصّفّار، وطبقتهم. ومات بعد الثّمانين. قلت: وقد روى أبو القاسم عن أبي زرعة بالإجازة. لقيه الحافظ زكيّ

(45/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 159
الدّين المنذريّ، في الحجّ وسمع منه بالمدينة. ويظهر عليه اعتناء قويّ بالحديث ومتونه في شرح المسند. وقيل: إنّه لم يجد وقتاً للمطالعة في قريةٍ بات بها فتألّم، ثمّ أضاء له عرق كرمة فجلس يطالع) ويكتب عليها.
4 (عبد اللّطيف بن المبارك بن أحمد النّرسيّ.)
قد ذكرته في. قال ابن مسدي: سمع من أبي الوقت ورأيت ثبته وعليه خطّ أبي الوقت. وسمع من أبن البطّي وليس من الشيخ عبد القادر. قدم علينا غرناطة مراراً، ثمّ سمعت منه بستة، وأدخل البلاد كثيراً من تواليف ابن الجوزيّ. ومولده قبل الأربعين وخمسمائة. تحامل عليه ابن الرّوميّة. وليس لأبي محمد عبد اللّطيف في باب الرواية كبير عناية حتّى ينسب إليه تخليط، وإنّما كان كثير الحكايات يعني يجازف ومات بمرّاكش سنة.
4 (عبد المجيد بن هبة الله بن عبد الله.)
الفقيه، أبو المجد، المصريّ، الشافعيّ، الخطيب. تفقّه على أبي العبّاس أحمد بن المظفّر الدّمشقيّ المعروف بابن زين التّجّار، وعلى التّاج محمد بن هبة الله الحمويّ. وصلّى، وخطب بالقرافة، وأعاد، وأفاد. ومات في شوّال.
4 (عبد المنعم بن عليّ بن صدقة بن عليّ.)
أبو الفضل، الحرّانيّ، ثمّ الدّمشقيّ، العدل.

(45/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 160
حدّث عن: أبي القاسم بن عساكر، وأبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز. ومات في عشر السبعين. روى عنه: الزّكيّ البرزاليّ، وغيره.
4 (عبيد الله بن أحمد بن أبي سعيد بن حمّويه.)
أبو القاسم، الجوينيّ الأصل، المصريّ الدّار، الصّوفيّ. روى عن يحيى الثّقفيّ وعنه الزّكيّ المنذري، وغيره. وهو مشهور بكنيته ولهذا سمّاه بعضهم عليّاً، وبعضهم عبد الرحمن.
4 (عليّ بن إسماعيل بن مظفّر ابن السّواديّ، الحربيّ.)
حدّث عن جده لأمّه عتيق بن عبد العزيز بن صيلا. ومات في ربيع الأوّل.)
4 (عليّ بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عليّ.)
أبو الحسن، البلنسيّ، البلويّ، الفقيه. سمع: أبا بكر بن خير، وأبا عمرو بن عظيمة. وأخذ القراءآت عن أبي بكر بن صافٍ، وأبي عبد الله ابن المجاهد، وغيرهما. ولقي بإشبيلية القاسم بن بشكوال، وأبا زيد السّهيليّ وسمع منهما. وأجاز له السّلفيّ، وجماعة. قال الأبّار: في روايته سعةٌ، إلاّ أنّه كان يتحرّج فيها. وكان فرضيّاً.

(45/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 161
متقدّماً، فقيهاً، حافظاً. سمع منه بعض أصحابنا. وتوفّي في ربيع الآخر عن سبعين سنة.
4 (عليّ بن محمد بن ديسم. أبو الحسن، المرسي.)
روى عن: أبي القاسم بن حبيش، وأبي عبد الله بن حميد. وأقرأ القرآن وعلّم العربية. وكان مرضيّ الجملة، يعيش من النّسخ، وخطّه فائق. مات فيها ظنّاً.
4 (عليّ بن محمد بن أبي نصر عبد الله بن الحسين ابن السّكن.)
الحاجب الأجلّ، أبو الحسن، ابن المعوّج، البغداديّ. سمع من عمّ أبيه محمد بن محمد ابن السّكن. وتوفّي في ربيع الأول.
4 (عليّ بن أبي المظفّر محمد بن عبد الله بن محمد ابن المعمّر.)

(45/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 162
الحاجب الأجلّ، أبو طالب، البغداديّ. سمع من: أبي الفتح بن البطّي، وأبي المعالي الباجسرائيّ، وأبي محمد ابن الخشّاب، وجماعة. وهو من بيت حشمة. توفّي في شوّال.
4 (عليّ بن النّفيس بن بورنداز بن حسام.)
الحاجب، أبو الحسن، البغداديّ. ولد سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: أبي الوقت، وأبي محمد ابن المادح، وأبي المظفّر بن التّريكيّ، وأبي المعالي ابن) اللّحّاس، والشيخ عبد القادر، ومحمود بن عبد الكريم فورجة، وعمر بن عليّ الصّيرفيّ، وابن البطّي. روى عنه: البرزاليّ، والسيف ابن المجد، وجماعةٌ، ومن المتأخّرين: التّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والشيخ عبد الرحيم ابن الزّجّاج، ومحمد بن المريخ النّجّار. وبالإجازة العزّ ابن الفرّاء، والشمس ابن الواسطيّ، والشهاب الأبرقوهيّ. وخرّج له ابنه المحدّث عبد اللّطيف مشيخة صغيرة. وتوفّي في السابع والعشرين من ذي القعدة.
4 (عمر بن عليّ بن محمد بن قشام. أبو حفص، الحلبيّ،

(45/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 163
الدّاراقطنيّ. من دار القطن: محلّة)
بحلب. عاش ثمانين سنة. وحدّث عن أبي بكر محمد بن ياسر الجيّانيّ وحدّث، ودرّس، وأفاد ببلده. وكان من كبار الحنفية. وروى أيضاً عن عبد الله بن محمد الأشيريّ. وروى عنه كمال الدّين ابن العديم وابنه مجد الدّين، وغيرهما. ومات في جمادى الآخرة. تفقّه على الكاسانيّ، وأبي الفتح عبد الرحمن بن محمود الغزنويّ. وسمع من أبي محمد عبد الله بن محمدالأشيريّ، وأجاز له من إصبهان مسعود الثّقفيّ، ومحمود فورجة، وطائفة. ولي تدريس الجوردكية. وصنّف في الفقه تصانيف لم تكن بالمفيدة، قاله ابن العديم. وقال ياقوت في المتّفق له: رحل إلى إصبهان، وصنّف تصانيف في التّفسير والمذهب والكلام على غاية ما يكون من السّقط وعدم التّحصيل. وكان إذا سئل عن مختل كلام يفكّر، ثمّ يقول: لا أدري كذا نقلته من كتاب كذا، فإذا روجع الكتاب لم ير ما قاله.

(45/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 164
4 (حرف الكاف)

4 (كافور، الطواشيّ الكبير، شبل الدولة، الحساميّ.)
خادم الأمير حسام الدّين محمد بن لاجين ولد الخاتون ستّ الشام، أخت السلطان الملك العادل. يقال: إنّه كان من خدّام القصر بالقاهرة. وكان ديّناً، صالحاً، وعاقلاً، مهيباً، ذا حرمةٍ وافرة،) ومنزلةٍ عند الملوك، وعليه اعتمدت مولاته في بناء الشاميّة البرّانية. وقد سمع من الخشوعيّ، والكنديّ. روى عنه البرزاليّ، وغيره. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ. قال أبو شامة: كان حنفياً، فبنى المدرسة، والخانقاه، والتربة الّتي دفن فيها عند جسر كحيل. وفتح للنّاس طريقاً إلى الجبل من عند المقبرة الّتي غربيّ الشامية تفضي إلى عين الكرش، ولم يكن لعين الكرش طريقٌ إلاّ من جهة مسجد الصّفى الّذي عند مخازن الفاكهة. توفّي في رجب.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن إسماعيل بن يوسف. الإمام أبو المناقب،

(45/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 165
وأبو حامد ابن العلاّمة الواعظ)
أبي الخير، القزوينيّ، الطالقاني، الشافعي. ولد بقزوين يوم عاشوراء سنة ثمان وأربعين، وبها نشأ وقدم بغداد مع والده وسكنها معه. وسمع منه ومن شهدة. وقدم الشام ومصر. وسمع منه الشهاب القوصيّ وغيره بدمشق. وحدّث عن أبي الوقت فتكلّموا فيه لذلك. قال المنذريّ: في هذه السنة أو في سنة اثنتين وعشرين، بدمشق. وقال ابن النّجّار: سمع وعاد إلى قزوين. وبعد موت أبيه تزهّد وتصوّف، وساح في البلاد، ودخل مصر والروم، ورزق القبول عند الملوك. وقدم بغداد فأخرج إلينا شيئاً سمعناه منه، ثمّ بان كذبه، وكان ادّعى أنّه سمع من أبي الوقت، ومن رجل من أصحاب أبي صالح المؤذّن فمزّقنا ما كتبنا عنه في صفر سنة عشرين. قلت: الرجل هو أبو عليّ الحسن بن أحمد الموسياباذيّ. قلت: كان زوكاريّاً نصّاباً على الأمراء ثمّ كسدت سوقه، وساءت عقائدهم فيه. وتوفّي أخوه محمد سنة أربع عشرة.
4 (محمد، أمير المؤمنين، الظاهر بأمر الله. أبو نصر، ابن أمير

(45/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 166
المؤمنين النّاصر لدين الله)
أحمد ابن المستضيء بأمر الله الحسن بن يوسف الهاشميّ، العباسيّ، البغداديّ. ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وبايع له أبوه بولاية العهد في سنة خمس وثمانين، وخطب له على المنابر، ونثر عند ذكره الدّنانير وعليها اسمه. ولم يزل الأمر على ذلك حتى قطع ذلك أبوه في سنة إحدى وستمائة) وخلعه وأكرهه، وزوى الأمر عنه إلى ولده الآخر. فلمّا مات ذلك الولد، اضطرّ أبوه إلى إعادته، فبايع له وخطب له في شوّال سنة ثمان عشرة. واستخلف عند موت والده، فكانت خلافته تسعة أشهر ونصفاً. وقد روى عن والده بالإجازة قبل أن يستخلف. قال ابن النّجّار: تقدّم أبوه بجلوسه بالتّاج الشريففي كلّ جمعة، ويقعد في خدمته أستاذ الدّار، ليقرأ عليه مسند أحمد بن حنبل بإجازته من والده. ثمّ قال: أخبرنا أبو صالح الجيليّ، أخبرنا الظّاهر بأمر الله أبو نصر بقراءتي، وأنبأنا أبي، أنبأنا عبد الغيث بن زهير، وغيره، أخبرنا ابن الحصين، فذكر حديثاً بهذا السّند النّازل كما ترى. قال ابن الأثير في كامله: ولمّا ولي الظّاهر أظهر من العدل والإحسان ما أعاد به سنّة العمرين فإنّه لو قيل: ما ولي الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز مثله لكان القائل صادقاً، فإنّه أعاد من الأموال المغصوبة، والأملاك

(45/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 167
الموخوذة في أيام أبيه وقبلها وشيئاً كثيراً، وأطلق المكوس في البلاد جميعها، وأمر بإعادة الخراج القديم في جميع العراق، وبإسقاط جميع ما جدّده أبوه، وكان ذلك كثيراً لا يحصى فمن ذلك: بعقوبا، كان يحصل منها قديماً عشرة آلاف دينار، فلمّا استخلف النّاصر كان يؤخذ منها في السنة ثمانون ألف دينار، فاستغاث أهلها، وذكروا أنّ أملاكهم أخذت، فأعادها الظّاهر إلى الخراج الأوّل. ولمّا أعاد الخراج الأصليّ على البلاد حضر خلقٌ، وذكروا أنّ أملاكهم قد يبست أكثر أشجارها وخربت فأمر أن لا يؤخذ إلاّ من كلّ شجرةٍ سالمةٍ، وهذا عظيمٌ جداً. ومن عدله أنّ سنجة المخزن كانت راجحةً نصف قيراط في المثقال يقبضون بها، ويعطون بسنجة البلد، فخرج خطّه إلى الوزير وأوّله: ويلٌ للمطفّفين الآيات، وفيه: قد بلغنا كذا وكذا فتعاد سنجة الخزانة إلى ما يتعامل به النّاس. فكتبوا إليه: إنّ هذا فيه تفاوت كثير، وقد حسبناه في العام الماضي، فكان خمسةً وثلاثين ألف دينار. فأعاد الجواب ينكر على القائل ويقول: يبطل ولو أنّه ثلاثمائة ألف وخمسون ألف دينار. ومن عدله: أنّ صاحب الدّيوان قدم من واسط ومعه أزيد من مائة ألف دينار من ظلمٍ، فردّها على أربابها، وأخرج المحبّسين، وأرسل إلى القاضي عشرة آلاف دينار ليوفيها عمّن أعسر. وقيل له: في هذا الّذي تخرجه من الأموال لا تسمح نفسٌ ببعضها، فقال: أنا فتحت الدّكّان بعد) العصر، فاتركوني أفعل الخير، فكم بقيت أعيش قال: وتصدّق ليلة النّحر بشيءٍ كثير. قلت: ولم يأت عليه عيدٌ سواه، فإنّ عيد الفطر كان يوم مبايعته. قال: تصدّق وفرّق في العلماء والصلحاء مائة ألف دينار. وكان نعم الخليفة، جمع الخشوع مع الخضوع لربّه والعدل والإحسان إلى رعيّته، ولم يزل كلّ يوم يزداد من الخير والإحسان. وكان قبل موته قد اخرج توقيعاً بخطّه إلى الوزير ليقرأه على الأكابر، فقال رسوله: أمير المؤمنين

(45/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 168
يقول: ليس غرضنا أن يقال: برز مرسومٌ أو نفذ مثال، ثمّ لا يبين له أثرٌ، بل أنتم إلى إمام فعّالٍ أحوج منكم إلى إمام قوّال، فقرأه الوزير، فإذا في أوّله: اعلموا أنّه ليس إمهالنا إهمالاً، ولا إغضاؤنا إغفالاً، ولكن لنبلوكم أيّكم أحسن أعمالاً، وقد عفونا لكم عمّا سلف من إخراب البلاد، وتشريد الرّعايا، وتقبيح السّمعة، وإظهار الباطل الجليّ في صورة الحقّ الخفيّ حيلةً ومكيدةً، وتسمية الاستئصال والاجتياح استيفاءً واستدراكاً لأغراض انتهزتم فرصتها مختلسة من براثن ليث باسلٍ وأنياب أسدٍ مهيب، تتّفقون بألفاظٍ مختلفة على معنىً واحدٍ وأنتم أمناؤه وثقاته، فتميلون رأيه إلى هواكم، فيطيعكم وأنتم له عاصون. والآن فقد بدّل الله بخوفكم أمناً، وبفقركم غنىً، وبباطلكم حقّاً، ورزقكم سلطاناً يقيل العثرة، ولا يؤاخذ إلاّ من أصرّ، ولا ينتقم إلاّ ممّن استمرّ، يأمركم بالعدل وهو يريده منكم، وينهاكم عن الجور ويكرهه لكم، يخاف الله ويخوّفكم مكره، ويرجو الله ويرغّبكم في طاعته. فإن سلكتم مسالك نواب خلفاء الله في أرضه وأمنائه على خلقه، وإلاّ هلكتم، والسلام. قال: ولمّا توفّي وجد في بيتٍ من داره ألوف رقاعٍ كلّها مختومة لم يفتحها فقيل له: لم لا تفتحها قال: لا حاجة لنا فيها، كلّها سعايات. وقال أبو شامة في تاريخه: وكان أمير المؤمنين أبو نصر، جميل الصورة، أبيض مشرباً حمرة، حلو الشّمائل، شديد القوى، بويع وهو ابن اثنتين وخمسين سنة. فقيل له: ألا تتفسّح قال: قد لقس الزّرع، فقيل: يبارك الله في عمرك، قال: من فتح دكّاناً بعد العصر أيشٍ يكسب ثمّ إنّه أحسن إلى النّاس، وفرّق الأموال، وأبطل المكوس، وأزال المظالم. وقال أبو المظفّر الجوزيّ: حكيّ لي عنه: أنه دخل إلى الخزائن،

(45/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 169
فقال له خادم: في أيامك تمتلئ، فقال: ما فعلت الخزائن لتملأ، بل لتفرغ، وتنفق في سبيل الله تعالى، فإنّ الجمع شغل) التّجّار وقال ابن واصل: أظهر العدل، وأزال المكس، وظهر للنّاس، وكان أبوه لا يظهر إلاّ نادراً. قلت: توفّي في ثالث عشر رجب، وبويع بعده ولده المستنصر بالله.
4 (محمد بن أبي عليّ الحسن بن إبراهيم بن منصور الفرغانيّ. ثمّ البغداديّ. أبو عبد الله، ابن)
أشنانة. سمع من: شهدة، وعبد الحقّ اليوسفيّ، وغيرهما. روى عنه الكمال عبد الرحمن المكرّر، وغيره. وأبوه من أصحاب هبة الله ابن الحصين. توفّي محمد في ذي الحجّة.
4 (محمد بن أبي الفضل السّيد بن فارس بن سعد بن حمزة. أبو المحاسن، الأنصاريّ،)
الدّمشقيّ، الصّفّار، النّحّاس، المعروف بابن أبي لقمة.

(45/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 170
ولد في شعبان سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وسمّعوه من: أبي الفتح نصر الله المصّيصيّ، وهبة الله بن طاووس، وعبدان بن زرّين الدّوينيّ، والقاضي المنتجب أبي المعالي محمد بن عليّ القرشيّ، وبهجة الملك عليّ بن عبد الرحمن الصّوري، وأبي القاسم الخضر ابن عبدان، ونصر بن مقاتل السّوسيّ. وتفرّد بالرواية عن جماعةٍ. وأجاز له سنة أربعين من بغداد: ابو عبد الله بن السّلاّل، وأحمد ابن الآبنوسيّ، وعليّ بن عبد السّيد ابن الصّبّاغ، وأبو محمد سبط الخيّاط، وأبو بكر أحمد بن الأشقر، وأبو الفتح كروخيّ، ومحمد بن أحمد الطّرائفيّ، وأبو الفضل الأرمويّ، وغيرهم. وكان أسند من بقي بالشام، روى عنه: البهاء عبد الرحمن، والضياء محمد، والبرزاليّ، والسيف ابن المجد، والتّاج ابن زين الأمناء، وأحمد بن يوسف الفاضليّ، وعبد الله بن محمد العامريّ، والشمس محمد ابن الكمال، والتّقيّ ابن الواسطيّ وأخوه محمد، والعزّ ابن الفرّاء، والعزّ ابن العماد، والتّقيّ ابن مؤمن، والشهاب الأبرقوهيّ، وآخرون. وظهر للخضر بن عبدان الكاتب سماعٌ منه بعد موته. وقال عمر ابن الحاجب: كان رجلاً صالحاً، كثير الخير، والتّلاوة. وكان لسانه رطباً بذكر الله، محبّاً للغرباء وطلبة العلم، كريم النّفس. عمّر حتى تفرّد عن جماعة، ممتّعاً بسمعه وبصره) وقوّته إلى أن توفّي قبله ولده بقليلٍ، فوجد عليه وجداً عظيماً، فانحطم لذلك، وأقعد في بيته، واستولت عليه زمانة، وثقل سمعه قبل موته بقليل، في الشتاء، وكان ينصلح في الصيف، ولم يسمع على قدر سنّه، وكانت سماعاته في أصول الناس، ومات في ثالث ربيع

(45/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 171
الأول. وسمعوا عليه بالمزّة.
4 (محمد بن عبد الحقّ بن سليمان.)
الشيخ أبو عبد الله، التّلمسانيّ. حدّث ببلده عن: أبيه، وأبي عليّ ابن الخرّاز. وأخذ بالعدوة عن: ابن الرّمّامة، وابن حبيش، وأبي عبد الله بن خليل القيسي، وأبي الحسن مجاهد. وحظي عند أهل الأندلس. وأجاز له ابن هذيل. وقيل: مات سنة. وكان من أهل التّقشّف والتّصنيف، فصيحاً، لسناً، وسيعاد.
4 (محمد ابن الإمام علم الدّين عليّ بن محمد السّخاويّ، شمس الدّين.)
توفّي شاباً، وحزن عليه والده.
4 (محمد بن عمر بن عليّ بن خليفة ابن الطّيّب.)
أبو الفضل، الواسطيّ، الحربيّ، الرّوبانيّ، العطّار. سمع من: أبيه، وأبي الوقت، وأبي المظفّر هبة الله الشّبليّ، وابن البطّي، وكمال بنت عبد الله ابن السّمرقنديّ، وغيرهم. وأجاز له ابن ناصر، وأبو بكر ابن الزّاغونيّ. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن نقطة، وجماعةٌ. وحدّثنا عنه الشّهاب الأبرقوهيّ.

(45/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 172
ولد في جمادى الآخرة سنة سبعٍ وأربعين، وتوفّي في السابع والعشرين من جمادى الآخرة. وهو من واسط: قرية بدجيل. والرّوبانيّ: بضم الراء وبالباء الوحّدة والنّون. يشتبه بالرّويانيّ. وهو من روبا: قرية من قرى دجيل أيضاً. توفّي ببغداد.
4 (محمد بن المؤيّد بن عبد المؤمن بن عليّ.)
) أبو بكر، الهمذانيّ، التّاجر. رئيسٌ متموّل. سمع البخاري من أبي الوقت. كتب عنه: ابن الدّبيثيّ، وابن النجّار. وتوفّي في شعبان بهمذان.
4 (محمد بن أبي الفرج هبة الله بن أبي حامد عبد العزيز بن عليّ ابن محمد بن عمر بن)
محمد بن حسين بن عمر بنإبراهيم بن سعيد بن إبراهيم بن محمد بن نجا بن موسى بن سعد بن أبي وقاص. أبو المحاسن، القرشيّ، الزّهريّ، السّعديّ، الدّينوريّ الأصل، ثمّ البغداديّ، المراتبيّ، المعروف بابن أبي حامد، البيّع. ولد سنة ثلاثين وخمسمائة.

(45/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 173
وسمع من: عمّه أبي بكر محمد بن أبي حامد، ومحمد بن طراد الزّينبيّ، وعبد الخالق بن أحمد بن يوسف وانفرد بالرواية عنهم، وأبي الوقت السّجزيّ. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس عبد الرحمن ابن الزّين، والشهاب الأبرقوهيّ، وجماعة. وكان شيخاً صالحاً مرضيّ الطّريقة، حسن الأخلاق، من بيت الرواية والثروة. وقد دخل دمشق غير مرّةٍ للتجارة، وأضرّ في أواخر عمره. وتوفّي في سادس عشر شوّال. وكان أبوه قد ولي الحجوبية.
4 (المبارك بن أبي الحسن عليّ بن أبي القاسم المبارك بن عليّ ابن أبي الجود. الشيخ)
الصالح، أبو القاسم، البغداديّ، العتذابيّ، الورّاق. آخر من حدّث في الدّنيا عن أبي العباس ابن الطّلاّية. وهو من أهل محلّة العثّابيين. وقد مرّ جدّه في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. روى عنه: الدّبيثيّ، والجمال محمد بن أبي الفرج الدّبّاب، وجماعةٌ آخرهم موتاً شيخنا الأبرقوهيّ. وتوفّي في ليلة الجمعة سلخ المحرّم. وحدّث ببغداد، والموصل. أخبرنا أبوالمعالي الأبرقوهيّ، أخبرنا المبارك بن عليّ بقراءة أبي، أخبرنا أحمد بن أبي غالب، أخبرنا عبد العزيز بن عليّ، أخبرنا أبو طاهر المخلص،

(45/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 174
حدّثنا أبو بكر بن أبي داود إملاءً،) حدّثنا عمرو بن عليّ الصّيرفيّ، حدّثنا يزيد ابن زريع، وخالد بن الحارث، ويحيى بن سعيد، وابن أبي عديّ، قالوا: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: على اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه رواه النّسائي عن الصّيرفيّ، عن خالد بن الحارث وحده، عن سعيد بن أبي عروبة. وفي الحديث: ثمّ نسي الحسن هذا، وقال: هو مؤتمنٌ لا ضمان عليه.
4 (مظفّر بن إبراهيم بن جماعة بن عليّ بن شاميّ بن أحمد بن ناهض. الأديب، موفّق الدّين،)
العيلانيّ بالعين المهملة المصريّ، الحنبليّ، الشاعر، الأعمى، العروضيّ، من فحول الشعراء. وله مصنّفات في العروض، وشعرٌ كثير. مدح الملوك والأكابر. وسمع من: عبد الرحمن بن محمد السّبيي، ومحمود بن أحمد الصّابونيّ، والبوصيريّ، وجماعة. روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، والشهاب القوصيّ، وطائفةٌ.

(45/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 175
وتوفّي في المحرّم. وما أحسن قوله في الشّمعة:
(جاءت بجسمٍ لسانه ذهبٌ .......... تبكي وتشكو الهوى وتلتهب)

(كأنّها في يمين حاملها .......... رمحٌ من العاج رأسه ذهب)
وله الأبيات السائرة:
(قالوا عشقت وأنت أعمى .......... أحوى كحيل الطّرف ألمى)

(وحلاه ما عاينتها .......... فتقول قد شغفتك وهما)

(وخياله بك في المنا .......... م فما أطاف ولا ألمّا)

(فأجبت أنّي موسوي .......... العشق إنصاتاً وفهما)

(أهوى بجارحتي السّما .......... ع ولا أرى ذات المسمّى)

(45/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 176
4 (مظفّر بن عبد القاهر بن الحسن بن عليّ بن القاسم. القاضي حجّة الدّين، أبو منصور، ابن)
القاضي أبي عليّ، الشّهرزوريّ، الشّافعيّ، قاضي الموصل. كان رئيساً محتشماً، سرياً. ولد سنة ثمانٍ وخمسين وخمسمائة. وولي قضاء الموصل مدّةً، وسار رسولاً إلى الخليفة، وإلى الشام وكان الثناء عليه جميلاً.) سمع من أبي أحمد عبد الوهّاب بن سكينة، وابن الأخضر. وأصابه فالج، وأضرّ قبل موته. وتوفّي في رجب ببلده.

(45/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 177
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الله بن محمد بن حفص.)
أبو الحسين، الأنصاريّ، الدّاني، الكاتب. سمع أبا القاسم بن حبيشٍ، وعبد المنعم بن الفرس. وكتب الإنشاء لأمراء الأندلس، وخطب بدانية، وكان جواداً، مضيافاً معتنياً بالآداب. لقيه الأبّار وسمع منه وقال: توفّي بدانية في شوّال، وله ستّون سنة.
4 (يحيى بن عبد الله بن يحيى. الإمام، أبو الحسين، الأنصاريّ، الشافعيّ، المصريّ، النّحويّ.)
تلميذ العلاّمة عبد الله بن برّي، لزمه مدّة طويلة. وبرع في لسان العرب. وتصدّر بالجامع العتيق مدّة، وتخرّج به جماعةٌ. وكان مشهوراً بحسن التّعليم. روى عن ابن برّي. روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره. ومات في ذي الحجّة.
4 (يحيى بن أبي الحسن بن عبد الله. أبو الحسين، ابن ياقوت، الفقيه، الإسكندرانيّ، المالكيّ،)
المعدّل، والد أبي الحسن محمد. ولد سنة أربعين وخمسمائة. وكان عدلاً، نبيلاً، صالحاً، عفيفاً، متحرّياً في الشّهادة.

(45/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 178
وحدّث عن السّلفيّ. روى عنه المنذريّ، وقال: مات في ثامن عشر شوّال.
4 (يحيى بن أبي القاسم البغداديّ، الأزجيّ.)
حدّث عن خزيفة بن الهاطر.
4 (يرنقش، أبو الحسن، الرّوميّ، الجهيريّ.)
سمع من أحمد بن محمد بالعبّاسيّ المكّيّ. كتب عنه ابن النجّار، وقال: خيّرٌ لا بأس به. مات في رجب سنة.
4 (يونس بن بدران بن فيروز بن صاعد بن عالي بن محمد بن عليّ، قاضي القضاة بالشام.)
) جمال الدّين، أبو محمد وأبو الوليد وأبو الفضائل، وأبو الفرج، القرشيّ، الشّيبيّ، الحجازيّ الأصل، المليجيّ المولد، الشافعيّ، المشهور بالجمال المصريّ. ولد تقريباً سنة خمسين وخمسمائة. وسمع من: السّلفيّ، وعليّ بن هبة الله الكامليّ، وغيرهما. وترسّل إلى الدّيوان العزيز، وولي الوكالة بالشام مدّة، والتّدريس، ثمّ القضاء. ودرّس بالأمينية بعد التّقيّ الضرير، وترسّل عن الملك العادل إقامةً ونوّه باسمه الصاحب ابن شكر. وولي تدريس العادلية في دولة المعظّم فألقى

(45/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 179
بها دروساً جميع تفسير القرآن. وقد اختصر كتاب الأمّ للشافعيّ. وصنّف في الفرائض. قال أبو شامة: كان في ولايته عفيفاً في نفسه نزهاً، مهيباً، ملازماً لمجلس الحكم بالجامع، وغيره. وكان ينقم عليه أنّه إذا ثبت عنده وراثة شخص وقد وضع بيت المال أيديهم عليها، يأمره بالمصالحة لبيت المال. ونقم عليه استنابته في القضاء لابنه التّاج محمد، ولم تكن طريقته مستقيمةً. قال: وكان يذكر أنّه قرشيّ شيبيٌّ، فتكلّم النّاس في ذلك، وولي بعده القضاء وتدريس العادلية شمس الدّين الخوييّ. ونقلت من خطّ الضّياء: توفّي القاضي يونس بن بدران المصريّ، بدمشق، وقليلٌ من الخلق من كان يترحّم عليه. قلت: روى عنه البرزاليّ، الشهاب القوصيّ، وعمر ابن الحاجب وقال: كان يشارك في علومٍ كثيرة، وصار وكيلاً ليت المال، فلم يحسن السيرة قبل القضاء. قال ابن واصل: كان شديد السّمرة، يلثغ بالقاف همزةً، صلّى ليلةً بالملك المعظّم فقرأ نبأ ابني آدم بالحقّ فضحك منه السّلطان، وقطع الصلاة. وقال القوصي: أنشدنا الجمال المصريّ، قال: أنشدنا السّلفيّ لنفسه:
(قد كنت أخطو فصرت أعدو .......... وكنت أغدو فصرت أخطو)

(خان مشيبي يدي ورجلي .......... فليس خطوٌ وليس خطّ)
توفّي في أواخر ربيع الأول، ودفن في مجلس بقاعته شرقيّ القليجية من قبليّ الخضراء.

(45/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 180
4 (الكنى)

4 (أبو بكر بن أحمد بن منخّل بن مشرّف. الشّاطبيّ، المقرئ، الصّالح، الزّاهد، المعمّر.)
) عاش ثمانياً وتسعين سنةً. سمع من إبراهيم بن خليفة في سنة خمسٍ وثلاثين وخمسمائة، كتاب التّفسير بسماعه من ابن الدّش، بسماعه من الدّاني. وسمع من عاشر بن محمد، وعليم بن عبد العزيز، وتفرّد عنهم. سمع منه ابن مسدي وورّخه.
4 (أبو القاسم بن حمّويه الجويني، اسمه عبيد الله، تقدّم.)

4 (وفيها ولد)
شيخ المستنصرية الرشيد محمد بن أبي القاسم. والزّين إبراهيم بن أحمد ابن القوّاس. والرشيد إسماعيل بن عثمان ابن المعلّم، شيخ الحنفية. والفتح عبد الله بن محمد ابن القيسرانيّ. والشرف عبد الوهّاب بن فضل الله، صاحب ديوان الإنشاء. والصّدر إسماعيل بن مكتوم. والنّجم عبد العالي بن عبد الملك بن عبد الكافي الشّاهد. والتّقيّ إسحاق بن عبد الرحيم بن درباس المصريّ. وعبد الرحمن بن أحمد سبط أبي الوقت الركبدار. وحسّان بن سلطان اليونينيّ، خطيب زحلة. والحاج محمد بن رنطار الأشرفيّ. والتّاج عبد القادر بن محمد السّنجاريّ الحنفيّ. والشهاب سليمان بن إبراهيم الحنفيّ ابن الشّركسيّ.

(45/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 181
4 (وفيات سنة أربع وعشرين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إبراهيم بن فرقد.)
أبو جعفر، القرشيّ، الأندلسيّ، نزيل إشبيلية. وحدّث عن أبيه، وعمّه. وولي قضاء غرناطة، وسلا، فلم تحمد سيرته.) روى عنه الأبّار، وقال: توفّي في ربيع الآخر عن ثمانٍ وسبعين سنة.
4 (أحمد بن سليمان بن طالب.)
أبو الثناء، القرشيّ، الفاسيّ، الزّاهد. أحد الأعلام، ويعرف بابن ناهض. سمع وقرأ في الأصول، وصنّف في علم الكلام، والطّريق. قال ابن مسدي: وله كلامٌ على الخواطر وكشفٌ. بتّ عنده، وكاشفني بأشياء ما أخرمت.
4 (أحمد بن عبد المجيد بن سالم بن تمام.)
أبو العبّاس، الحجريّ، المالقيّ، المعروف بابن الجيّار.

(45/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 182
أكثر عن أبي عبد الله ابن الفخّار، وأبي زيد السّهيليّ، وأبي القاسم ابن بشكوال. وأجاز له أبو مروان بن قزمان، والسّلفيّ، وجماعة. قال الأبّار: وكان ذا عناية بالرواية أخذت عنه، مع ورع وصلاح، وتوفّي في جمادى الآخرة، وقد خانق الثمانين.
4 (أحمد بن عليّ بن يوسف القرطبيّ. أبو العبّاس الأنصاريّ.)
روى عن: أبي خالد بن رفاعة، وابن حميد. وولي خطابة لوشة. وقد أسر، ثم خلّصه الله، وسكن مالقة. مات في شهر ربيع الآخر.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد. أبو جعفر، ابن الأصلع، الأندلسيّ، العكّيّ، من أهل لوشة.)
أخذ القراءآت عن أبي العباس بن اليتيم، ولقي بمالقة أبا بحر بن جامع، وأبا محمد بن دحمان، فأخذ عنهما كتاب سيبويه. وبرع في العربية وتصدّر لإقرائها.

(45/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 183
وسمع من أبي القاسم بن بشكوال، والسّهيليّ. وأجاز له أبو الحسن ابن النّعمة، وجماعة. وأقرأ القراءآت، والنحو، وروى الحديث. وتوفّي في الأسر في آخر هذه السنة، وله ثمانون سنة.
4 (إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم. أبو إسحاق، النّقّاش، البغداديّ الأصل، الدمشقيّ)
المولد، الصّوفيّ، الشّاعر. نشأ بدمشق ثمّ دخل بغداد بلد آبائه فاستوطنها.) وكان شيخاً حسناً ينقش في النّحاس. فمن شعره ورواه عنه ابن النّجّار:
(وكم من هوى ليلى قتيل صبابةٍ .......... ومجنونها المضنى بها العلم الفرد)

(وما كلّ ما ذاق الهوى تاه صبوةً .......... ولا كلّ من رام اللّقا حثّه الوجد)
توفّي يوم عرفه.
4 (أسعد بن يحيى بن موسى بن منصور بن عبد العزيز السّلميّ.)
السّنجاريّ، الفقيه، شهاب الدّين. الشافعيّ، الشاعر. له ديوان مشهور. وتوفّي في أوائل المحرّم سنة أربعٍ، وفي موته خلاف. وقد مرّ في عام اثنتين وعشرين.

(45/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 184
ومن شعره في مملوك:
(أصبحت سلطان القلوب ملاحةً .......... وجمال وجهك في البريّة عسكر)

(طلعت طلائع عارضيك مغيرةً .......... بالنّصر يقدّمها لواءٌ أخضر)

(وتسربلت سرب القلوب وأقبلت .......... تبغي الإمام ومثل جيشك ينصر)

(فلأنت أعلى رتبةً من سنجرٍ .......... أبداً يدين لك الورى يا سنجر)
وله:
(لله أيّامي على رامةٍ .......... وطيب أوقاتي على حاجر)

(تكاد للسرعة في مرّها .......... أوّلها يعثر بالآخر)
ويقال: بلغ تسعين سنة. ووزر لصاحب حماة. ونفذ رسولاً.
4 (إسماعيل بن إبراهيم بن محمد. أبو محمد، الشّهرستانيّ، ثمّ البغداديّ، الصوفيّ، المقرئ.)
سمع من: أبي الفتح بن البطّي، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النّقور، وجماعة. وحدّث ببغداد والموصل وإربل. توفّي ليلة عاشوراء. وقد سمع منه الجمال محمد ابن الدّبّاب جزء أخبارٍ وحكاياتٍ للزّبير ابن بكار. أخبرنا يحيى بن ثابت، عن أبيه، عن ابن رزمة، عن السّيرافيّ، عن ابن أبي الأزهر، عنه. وسمع منه ابن الدّبّاب السابع من فوائد الخرقيّ، بسماعه من ابن البطّي، عن حمزة الزّبيريّ، عنه.
4 (إسماعيل بن الحسين. أبو منصور، الدّلاّل، ابن النّرسيّ.)
) روى عن جدّه عبد الله بن أحمد بن النّرسيّ.

(45/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 185
روى عنه ابن النّجّار.
4 (إسماعيل ابن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الملك بن عيسى ابن درباس. القاضي، عماد)
الدّين، المارانيّ، الشافعيّ. ولد بالقاهرة سنة سبعين وخمسمائة. وتفقّه مدّة، وسمع من البوصيريّ، وجماعةٍ. وحدّث. وناب عن والده في القضاء، ودرّس السّيفية، بالقاهرة. وأقبل على صحبة أهل الآخرة، ولزوم طريقتهم. وتوفّي في رمضان.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن أحمد بن عبد الرحيم بن تركي.)
أبو الفضائل، الإسكندرانيّ، العدل. حدّث عن السّلفيّ، ومات في رجب.
4 (جعفر بن عبد الله بن محمد بن سيد بونه.)
أبو أحمد، الخزاعيّ، الأندلسيّ، الزّاهد. من أهل قسطنطانية عمل دانية. ذكره الأبّار فقال: أخذ القراءآت عن أبي الحسن بن هذيل، وسمع منه ومن أبي الحسن بن النّعمة ببلنسية. وحجّ في حياة السّلفيّ، ورجع مائلاً إلى الزّهد والتّخلّي، وكان شيخ الصوفية في زمانه. علا ذكره وبعد صيته في

(45/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 186
العبادة، إلاّ أنّه كانت فيه غفلةٌ، وقد رأيته. وتوفّي في ذي القعدة عن علوّ سن نحو المائة سنة، وقد شيّعه بشرٌ كثيرٌ، وانتاب الناس زيارة قبره. وقال ابن مسدي في معجمه: غلّق المائة إلاّ ما يسقط أو يزيد من شهر. وأخذ القراءآت عن خاله يحيى، وابن هذيل، وابن غادة، وابن النّعمة. وسمع بمكّة من عليّ بن عمّار وليس من ابن الرّفاعي، احتلت في السماع منه، فإنّه كان قد خرج عن هذا الفنّ. قلت: وقد سمع التّيسير من ابن هذيل في ذي القعدة سنة ستّين وخمسمائة بقراءة خاله الحسن بن أحمد بن سيد بونه الخزاعيّ.
4 (جنكزخان، طاغية التّتار وملكهم الأوّل.)
الّذي خرب البلاد، وأباد العباد. وليس للتّتار ذكرٌ قبله، وإنّما كانوا ببادية الصّين، فملكوه) عليهم، وأطاعوه طاعةً أصحاب نبيّ لنبيّ، بل طاعة العباد المخلصين لربّ العالمين. وكان مبدأ ملكه في سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة، واستولى على بخارى وسمرقند في سنة ستّ عشرة، واستولى على مدن خراسان في سنة ثمان عشرة وآخر سنة سبع عشرة. ولمّا رجع من حرب السّلطان جلال الدّين خوارزم شاه على نهر السّند وصل إلى مدينة تنكت من بلاد الخطا، فمرض بها، ومات في رابع رمضان من سنة أربعٍ وعشرين. وكانت أيامه خمساً وعشرين سنة. وكان اسمه قبل أن يلي الملك تمرجين. ومات على دينهم وكفرهم. وبلغنا أنّه خلّف من الأولاد الّذين يصلحون للسلطنة ستةً، وفوض الأمر إلى أوكتابي أحدهم بعد ما استشار الخمسة الآخرين في ذلك، فأجابوه. فلمّا هلك جنكزخان، امتنع أوكتابي من الملك وقال: في إخوتي وأعمامي من هو

(45/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 187
أكبر منّي، فلم يزالوا به نحواً من أربعين يوماً حتى تملّك، وحكم على الملوك، ولقّبوه قاآن الأعظم ومعناه: الخليفة فيما قيل وبثّ جيوشه، وفتح فتوحات، وطالت أيامه. وولي بعده الأمر مونكوكا وهو القاآن الّذي كان أخوه هولاوو من جملة مقدّميه ونوّابه على خراسان. وولي بعد مونكاكا أخوه قبلاي وقد طالت خلافة قبلاي، وبقي في الأمر نيّفاً وأربعين سنة كأخيه، وعاش إلى سنة ثلاثٍ وتسعين وستمائة، ومات سنة خمسٍ بمدينة خان بالق الّتي هي كرسيّ المملكة، وهي أمّ الخطا. وأمّا تنكت: فهو اسم جبلٍ بتلك الدّيار، وهو حدٌّ بين بلاد الهند وبين بلاد الخطا. فقبلاي هذا ومونكاكا وهولاوو إخوة، وهم أولاد تولي بن جنكزخان. وقد قتل تولي في مصافّ عظيم بينه وبين السلطان جلال الدّين خوارزمشاه سنة ثماني عشرة وستمائة بخراسان من ناحية غزنة.
4 (حرف الحاء)

4 (حسن ابن الوزير أبي العباس أحمد بن محمد بن موسى الأنصاريّ، البلنسيّ.)
صحب وهب بن نذير، وتفقّه به، وأخذ القراءآت عن أبي عليّ بن زلال، وعالج الشّروط. عاش نيّفاً وسبعين سنة.
4 (حمّاد بن أحمد بن محمد بن صديق. أبو الثناء، الحرّانيّ.)
سمع من أبي الفتح أحمد بن أبي الوفاء. وحدّث. وهو أخو حمد. مات في شوّال.)

(45/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 188
4 (حرف الدّال)

4 (داود بن معمر بن عبد الواحد بن الفاخر.)
أبو الفتوح، القرشيّ، الإصبهانيّ. ولد في رمضان سنة أربعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: غانم خالد البيّع، وغانم بن أحمد الجلوديّ، وفاطمة بيت محمد بن أحمد البغداديّ، ونصر بنالمظفّر البرمكيّ، وإسماعيل بن علي الحماميّ، وأبي الخير محمد بن أحمد الباغبان، وأبي الحسن بن غبرة، وابن البطّي، وجماعة. قرأت بخطّ ابن نقطة، قال: ذكر لي غير واحدٍ من الطّلبة أنّه سمع صحيح البخاريّ من غانم الجلودي، وفاطمة بنت البغداديّ، قالا: أخبرنا سعيد بن أبي سعيد العيّار، ومن أبي الوقت عن أبي الحسن الداوديّ. وسمع بالكوفة من ابن غبرة كتاب الدّعاء لمحمد بن فضيل. سمعت منه بإصبهان، وحكى لي عن شيخه أبي محمد عبد القادي الجيليّ، وغيره. قال: وهو شيخ الناس بإصبهان، واسع الجاه، رفيع المنزلة، مكرمٌ لأهل العلم وغيرهم. بلغنا أنّه توفّي بإصبهان سنة أربعٍ وعشرين. قلت: وسمع منه الزّكّي البرزاليّ، والصدر البكريّ جزء البيتوتة، بسماعه من فاطمة بنت محمد البغداديّ، بسماعها من العيّار، وهو بسماع عليّ ابن المظفّر الكاتب من البكريّ، وسماعه من بنت البغداديّ حضور، فإنّه في سنة سبعٍ وثلاثين، لهذا الجزء وكذا روايته عنها للبخاريّ حضور، فإنّه في سنة ستّ وثلاثين. وسماعه من ابن غانم في الخامسة.

(45/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 189
وروى عنه أيضاً الحافظ الضياء، وقال: توفّي في رجب أو شعبان. وكذا قال المنذريّ. وروى عنه ابن النجّار، وآخرون.
4 (حرف الصاد)

4 (صدقة بن عبد الله بن أبي بكر بن فتوح. أبو القاسم، اللّخميّ، الجريريّ، الحسينيّ. وبنو)
حسين: بطن من بني جرير اللّخميّين، ويعرف هذا بابن الكيّال، الإسكندرانيّ. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: السّلفي، وأبي محمد العثمانيّ، وأبي طالب اللّخميّ. وحدّث. وله شعرٌ، وفضيلة، ومروءة.) توفّي في سلخ المحرّم.
4 (صفية بنت أبي طاهر عبد الجبّار بن أبي البقاء هبة الله بن القاسم ابن البندار الحريميّ. أمّ)
الخير. سمعت من ابن البطّي، وكرم بن أحمد بن قنيّة. وكانت صالحةً قانتةً، عابدة. سمعوا منها مرّات وروى عنها الدّبيثيّ، وابن نقطة، وروى لنا عنها الأبرقوهيّ جزء البانياسيّ. وماتت في سابع صفر. وكرم: فمن طلبة الحديث، يروي عن أبي غالب ابن البنّاء.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن أبي بكر. أبو القاسم. الهمذانيّ، ثمّ

(45/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 190
البغداديّ، الظّفريّ، الخيّاط،)
المقري. سمع من أبي الفتح بن البطّي. وحدّث. ومات في ذي الحجّة. عبد الله بن جميل بن أحمد بن محمد. أبو إبراهيم وأبو موسى، البردانيّ، الفيجيّ. مات بالفيجة. وحدّث عن أبي نصر عبد الرحيم اليوسفيّ بجزء ابن عرفة. وكان صالحاً، خيّراً. روى عنه الضّياء وأثنى عليه، وعمر ابن الحاجب. وحدّثنا عنه العزّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ. قرأت وفاته بخطّ الضّياء: في ربيع الأول. وقال المنذري: في رابع جمادى الأولى.
4 (عبد الله بن عثمان بن يوسف المقدسيّ.)
قال الضّياء: كان فيما علمنا من عباد الله الصّالحين، لم تعرف له صبوة ولا زلّةٌ. وكان صابراً على الفقر والقلّة متورّعاً، يقرأ القرآن قراءةً حسنةً، وقرأ عليه جماعة. وحدّثني إبراهيم بن أبي الفرج جاره قال: لم يترك القراءة إلاّ ليلةً واحدة، وكان يقرأ اللّيل والنّهار رضي الله عنه. مات في خامس عشر المحرّم بالجبل. عبد الله بن نصر بن أبي بكر بن محمد الحرّانيّ. قاضي حرّان، أبو بكر، الفقيه الحنبليّ، المقرئ.

(45/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 191
دخل إلى بغداد وفقّه بها على غير واحدٍ.) وسمع من: شهدة الكاتبة، وعبد الحقّ اليوسفيّ، وعيسى بن أحمد الدّوشابيّ، وتجنّى الوهبانية. وانحدر إلى واسط، فقرأ بها القراءآت على أبي طالب الكتّانيّ، وأبي بكر الباقلاّنيّ، وابن قشام القاضي. وولي القضاء ببلده، وأقرأ القراءآت، وحمدت سيرته. وفي ذرّيته قضاةٌ وفضلاء. وقد صنّف في القراءآت، وسمع منه جماعةٌ. وولد سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. روى عنه الضّياء، وابن الحاجب. وأخبرنا عنه سبطه أبو الغنائم بن محاسن، والشهاب الأبرقوهيّ. وقال الضّياء: أخبرني بعض أقاربه أنّه توفّي سنة أربع وعشرين.
4 (عبد الله بن يحيى بن أبي البركات.)
أبو محمد، القرشيّ، المهدويّ، ثمّ الإسكندرانيّ. شيخٌ صالحٌ، عابدٌ. ولد بعد الأربعين. وقدم الإسكندرية، وسكنها، وسمع بها من السّلفيّ. ومات في صفر.
4 (عبد الله بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن.)
السّلطان، أبو محمد، الملقّب بالعادل. بويع بالمغرب إثر خلع ابن عمّهم عبد الواحد سنة إحدى وعشرين. ولم يستقلّ بالمملكة، بل كان أخوه المأمون أبو العلى منازعاً له، ثمّ قوي المأمون ودخل قصر الإمارة بمرّاكش، وقبض على العادل في عام أربعة هذا وأحسبه قتل. فكانت دولته أقلّ من أربع سنين، آخرها في شوّال.

(45/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 192
4 (عبد البرّ ابن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن الهمذانيّ، العطّار. أبو محمد.)
سمع: أباه، وعليّ بن محمد المشكانيّ راوي التاريخ البخاريّ الصّغير، ونصر بن مظفر البرمكيّ، وأبا الخير الباغبان، وأبا الوقت السّجزيّ، وجماعة. روى عنه: الضّياء، والصّدر البكريّ، والزّكّي البرزاليّ، وسائر الرّحّالة. وقرأت بخطّ ابن نقطة: أنّه سمع من عليّ بن محمد المشكانيّ تاريخ البخاريّ الصّغير. قال: وذكر لي إسحاق بن محمد بن المؤيّد المصري: أنّ شيخنا عبد البرّ بن أبي العلاء تغيّر بعد سنة عشر وستمائة، وبلغنا أنّه ثاب إليه عقله قبل وفاته بقليل، وحدّث، وأنّه توفّي بروذروار) في شعبان من سنة أربعٍ وعشرين. قلت: وسمعنا بإجازته من الشّرف أحمد بن عساكر.
4 (عبد الجبّار بن عبد الغنيّ بن عليّ بن أبي الفضل بن عليّ بن عبد الواحد بن عبد الضّيف)
الأنصاريّ. ابن الحرستانيّ، الشافعيّ، الفقيه، المفتي، كمال الدّين، أبو محمد. نقلت ذلك كلّه من خطّ ابن الدّخميسيّ. سمع: أبا القاسم الحافظ، وأبا سعد بن أبي عصرون. وأجاز له خطيب الموصل أبو الفضل، والحافظ أبو موسى المدينيّ. سمع منه: الزّكّي البرزاليّ، وخرّج له جزءاً، وأبو حامد ابن الصابونيّ، وابن الدّخميسيّ، والفخر محمد بن محمد ابن التّبني.

(45/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 193
وأخبرنا عنه أبو الفضل بن عساكر. توفّي في شعبان سنة أربعٍ وعشرين وستمائة. وقال ابن الحاجب: مولده سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة، ودرّس بالكلاّسة، والأكزيّة، وهو من بيت ابن طليس.
4 (عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور. الإمام، بهاء)
الدين أبو محمد المقدسيّ، الحنبليّ. ولد بقرية السّاويا من الأرض المقدّسة في سنة خمسٍ أو ستٍّ وخمسين وخمسمائة ز وكان أبوه يؤمّ بأهلها، وهي من عمل نابلس. وأمّه ستّ النّظر بنت أبي المكارم. هاجر به أبوه نحو دمشق سراً وخفية من الفرنج والبلاد لهم، ثمّ سافر أبوه إلى مصر تاجراً، فماتت أمّه وكفلته عمّته فاطمة زوجة الشيخ أبي عمر. ولمّا قدم الحافظ عبد الغنيّ من الإسكندرية درّبه على الكتابة، وأعطاه رزقاً، وختم القرآن في نحو سنة سبعين. ثمّ رحل في سنة اثنتين وسبعين في حلبة الشيخ العماد، فسمع بحرّان من أحمد ابن أبي الوفاء، وكان بحرّان سليمان بن أبي عطاف، وغيره من المقادسة. وقال البهاء: فألفتهم وأشير عليّ بالمقام بها لأجوّد حفظ الختمة، فقعدت بها في دار ابن عبدوس فأحسن إليّ، وقرأت القرآن على جماعةٍ في ستّة أشهر، وصلّيت التّراويح بهم وكنت أستحي كثيراً فأفرغ وقد ابتلّ ثوبي من العرق في البرد، فجمعوا لي شيئاً من الفطرة من حيث) لا أعلم، واشترى لي ابن عبدوس دابّة وجهّزني، وسافرت مع حجّاج حرّان إلى بغداد، وقد سبقني

(45/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 194
العماد ومعه ابن أخته عبد الله بن عمر بن أبي بكر، والشهاب محمد بن خلف، فسمعت بالموصل على خطيبها جزءاً. ثمّ دخلت بغداد وقد مات الشيخ عليّ البطائحيّ فحزنت كثيراُ، لأنّني كنت أريد أن أقرأ عليه الختمة. ثمّ سمعنا الحديث، فأوّل جزء كتبته جزء من حديث مالك على شهدة ولم ندرك أعلى سنداً منها، وسمعنا عليها معاني القرآن للزجّاج، ومصارع العشّاق للسّرّاج، وموطّأ القعنبيّ. وسمعت على عبد الحقّ بن يوسف كثيراً وكان من بيت الحديث فإنّه روى عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، وكان صالحاً فقيراً، وكان عسراً في السّماع جدّاً. وسمعنا عليه الإبانة للسّجزيّ بقراءة الحافظ عبد الغنيّ، ومرضت ففاتني مجلسٌ، وكان يمشي معي من بيته إلى مكّيّ الغرّاد فيعيد فوتي، ورزقت منه حظّاً، لأنّه كان يراني منكسراً مواظباً، وكان يعيرني الأجزاء، فأكتبها، وألهم في آخر عمره القرآن فكان يقرأ كلّ يوم عشرين جزءاً أو أكثر. وسمعت على أبي هاشم الدّوشابي، وكان هرّاساً يربّي الحمام، فقلت لرفيقي عبد الله بن عمر: أريد أفاتحه في الطّيور عسى يلتفت علينا، فنقرأ عليه هذين الجزءين فقال: لا تفعل. فقلت: لا بدّ من ذلك، فقلت: يا سيّدي إن كان عندك من الطّيور الجياد تعطينا وتفيدنا، فالتفت إليّ قال: يا بنيّ عندي الطّيرة الفلانية بنت الطّيرة الفلانية، ولي قنصٌ من فلان، وانبسط، فسمعنا عليه الجزءين ولم نعد إليه. وسمعنا على ابن صيلا، وأبي شاكر السّقلاطونيّ، وتجنّي، وابن يلدرك، ومنوهجر، وابن شاتيل وكان له ابنٌ شيخٌ إذا جلسنا تبيّن كأنّه الأب، وعمي على كبرٍ، وبقي سبعين يوماً أعمى، ثمّ برئ وعاد بصره يعني الابن فسألنا الشيخ عن السبب فذكر لنا: أنّه ذهب به إلى قبر الإمام أحمد وأنّه دعا وابتهل، وقلت: يا أمام أحمد أسألك إلاّ شفعت فيه إلى ربّك، يا ربّ شفّعه في ولدي، وولدي يؤمّن، ثمّ مضينا. فلمّا كان اللّيل استيقظ وقد أبصر. ثمّ أخذنا في سماع الدّرس على ناصح الإسلام أبي الفتح، وكنت قليل الفهم لضيق

(45/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 195
صدري، وكنت أحبّ كتابة الحديث فلو كتبت النّهار كلّه لم أضجر، وربّما سهرت من أول اللّيل، فما أشعر إلاّ بالصّباح. وأشار عليّ الحافظ عبد الغنيّ بالسّفر معه إلى إصبهان، فاتّفق سفره وأنا مريض. ثمّ توفّي أبي سنة خمسٍ وسبعين. ثمّ اشتغلت في مسائل الخلاف على الشيخ أبي الفتح اشتغالاً) جيّداً، وكنت إذ ذاك فقيراً ليس لي بلغةٌ إلاّ من الشيخ أبي الفتح يعني ابن المنّي واتّفق غلاءٌ كثيرٌ فأحسن إليّ، ثمّ وقع المرض، فخاف عليّ فجهّزني وأعطاني، واتّفقت أنا، وعليّ ابن الطّالبانيّ، ويحيى ابن الطّبّاخ، فترافقنا إلى الموصل، ثمّ ذهبنا إلى مراغة في طلب علم الخلاف، فاكتريت إلى حرّان وصبر عليّ الجمّال بالأجرة إلى حرّان، وكنت أقترض من التّجار ما أتبلّغ به. ثمّ أقمت بحرّان نحو سنة أقرأ على شمس الدّين ابن عبدوس كتاب الهداية لأبي الخطّاب، ثمّ مضيت إلى دمشق، وتزوج ببنت عمّي زينب بنت عبد الواحد، وأنفق عليّ عمّي، وساعدني الشيخ أبو عمر، فكنت في أرغد عيشٍ إلى أن سافرت إلى بغداد سنة تسعٍ وسبعين ومعي أخي أبو بكر، وابن عمّي أحمد يعني: الشمس البخاريّ وصمنا رمضان، وسافرنا مع الحجّاج، وجهّزنا ابن عبدوس بالكري والنّفقة، ولم تكن لي همّةٌ إلاّ علم الخلاف. فشرعت في الاشتغال على الشيخ أبي الفتح، وكان معيده الفخر إسماعيل الرّقّاء، ثمّ سافرت سنة ثلاثٍ وثمانين، وخلّفت ببغداد أخي، وابن عمّي. فسافر ابن عمّي إلى بخارى، ولحقني أخي. نقلت هذا كلّه من خطّ السيف ابن المجد. وقد سمع البهاء بدمشق قبل أن يرحل من عبد الله بن الواحد المكنانيّ في سنة سبعٍ وستّين، ومن القاضي كمال الدّين محمد بن عبد الله الشّهرزوريّ، ومحمد بن بركة الصّلحيّ، وأبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، وجماعة. وسمع ببغداد أيضاً من أحمد بن مسعود الهاشميّ، وأحمد ابن أحمد بن حمدي العدل، وأبي بكر أحمد ابن النّاعم، وأحمد بن الحسن بن سلامة المنبجيّ، والحسن بن عليّ بن شيرويه، وسعد الله ابن الوادي،

(45/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 196
وعبد المحسن بن تريك، وعبد المغيث بن زهير، ومحمد بن نسيم العيشونيّ، ونصر الله القزّاز، وأبي العزّ محمد بن محمد بن مواهب، وأبي الثناء محمد بن محمد الزّيتونيّ، مسعود بن عليّ بن النّادر، والمبارك بن المبارك بن الحكيم، وسمع من خلق بدمشق، وبغداد. وأجاز له طائفةٌ كبيرة، وروى الكثير. وكان ينفق حديثه، فحدّث بقطعةٍ كبيرةٍ منه ببعلبكّ، وبنابلس، وبجامع دمشق. وكان إماماً في الفقه، لا بأس به في الحديث. قال الضّياء في البهاء: كان إماماً فقيهاً، مناظراً، اشتغل على ابن المنّي، وسمع الكثير، وكتب) الكثير بخطّه، وأقام بنابلس سنين كثيرة بعد الفتوح يؤمّ بالجامع الغربيّ منها، وانتفع به خلقٌ كثيرٌ من أهل نابلس وأهل القرايا. وكان كريماً جواداً سخياً، حسن الأخلاف، متواضعاً. ورجع إلى دمشق قبل وفاته بيسير، واجتهد في كتابة الحديث وتسميعه، وشرح كتاب المقنّع وكتاب العمدة لشيخنا موفّق الدّين، ووقف من كتبه ما هو مسموع. وقال أبو الفتح عمر بن الحاجب: كان أكثر مقامه بنابلس، وكان مليح المنظر، مطرحاً للتّكلّف، كثير الفائدة، ذا دينٍ وخير، قوّالاً بالحقّ لا يخاف في الله لومة لائم، راغباً في التّحديث. كان يدخل من الجبل قاصداً لمن يسمع عليه، وربّما أتى بغدائه فيطعمه لمن يقرأ عليه. تفرّد بعدّة كتب وأجزاء، وانقطع بموته حديثٌ كثير يعني بدمشق. وأمّا رفقاؤه ببغداد، فتأخّروا، ثمّ قال: ولد سنة ستٍّ وخمسين، وتوفّي في سابع ذي الحجّة سنة أربع.

(45/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 197
قلت: روى عن الضّياء، والبرزاليّ، والسّيف، والشّرف ابن النابلسيّ، والجمال ابن الصّابونيّ، والشمس ابن الكمال، وخلقٌ كثير. وحدّثنا عنه ببعلبكّ: التّاج عبد الخالق، وعبد الكريم بن زيد، ومحمد بان بلغزا، وأبو الحسين شيخنا، وست الأهل بنت علوان، وداود بن محفوظ. وبدمشق: العزّ إسماعيل ابن الفرّاء، والعزّ ابن العماد، والشمس ابن الواسطيّ، والتّقيّ أحمد بن مؤمن، وأبو جعفر محمد ابن الموازينيّ، وإسحاق ابن سلطان. وبنابلس العماد عبد الحافظ، وغيره هؤلاء. وختم حديثه بموت ابن الموازينيّ، وبين موتهما أربعٌ وثمانون سنة.
4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد.)
أبو عمرو، الكتاميّ، الإشبيليّ، الفقيه. سمع أبا عبد الله بن زرقون، وتفقّه به، ولازمه، وأبا محمد بن جمهور، وأبا عبد الله ابن المجاهد الزّاهد. وتفقّه قديماً بأبي محمد بن موجوال، وأخذ القراءآت عن أبي بكر بن صاف. قال الأبّار: وكان حافظاً لمذهب مالك، بعيداً عن الانقياد للسماع منه. وتوفّي في شوّال وله ثلاثٌ وثمانون سنة.
4 (عبد الرحمن بن عبد العليّ بن عليّ. قاضي القضاة، عماد الدّين، أبو القاسم، المصريّ،)
الشافعيّ، المعروف بابن السّكّري. جدّ شيخنا عماد الدّين عليّ بن عبد العزيز.) ولد سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة.

(45/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 198
سمع: إبراهيم بن سماقا، وعليّ بن خلف بن معزوز. وصحب الصّالحين، وتفقّه على الشهاب محمد الطّوسي، وبرع في العلم وولي قضاء القاهرة وخطابتها. وحدّث، وأفتى، ودرّس. توفّي في ثامن عشر شوّال، وله إحدى وسبعون سنة.
4 (عبد الرحمن بن عمر بن سلمان.)
أبو الفرج، الأزجيّ، المعروف بابن حديد. توفّي في جمادى الأولى عن نحوٍ من ثمانين سنة. وحدّث عن عليّ بن أبي سعد الخبّاز.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن حمدان.)
الفقيه، صائن الدّين، أبو القاسم، الطيبيّ. مصنّف شرح التّنبيه، ومعيد النظاميّة. كان شديد الفتوى، متقناً، فرضيّاً، حاسباً، فاضلاً.
4 (عبد السّلام بن أبي بكر بن عبد الملك بن ثابت.)
أبو محمد، البغداديّ، الجماجميّ، كان يعمل الجماجم. وهو رجل صالح. حدّث عن أبي طالب بن خضير.
4 (عبد الصّمد بن الحسن بن يوسف بن أحمد. أبو محمد،

(45/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 199
الأصبحيّ، المصريّ، الشافعيّ،)
المعروف بالمقاماتيّ، لأنّه حفظ مقامات الحريريّ. ولد سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. سمع من السّلفيّ أبيات شعرٍ وحدّث بها، وكتب الكثير بعد ذلك. وسمع من الرتاحيّ، وأبي يعقوب بن الطّفيل، وجماعةٍ. وكان أخبارياً كثير المحفوظ. توفّي في رمضان. روى عنه المنذريّ.
4 (عبد العزيز بن سحنون بن عليّ.)
برهان الدّين، أبو محمد، الغماريّ، النّابيّ، النّحويّ، العدل. ولد سنة أربعٍ وخمسين. وقدم مصر سنة ثمانٍ وستّين، وحدّث عن السّلفيّ، وعبد الله بن برّي، وجماعةٍ بعدهما. وتصدّر لإقراء العربية بجامع مصر، وانتفع الناس به. روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره. وتوفّي في ثامن عشر ذي الحجّة.)
4 (عبد العزيز بن عليّ بن عبد العزيز بن زيدان.)
أبو محمد وأبو بكر، السّماتيّ، القرطبيّ، نزيل فاس. روى عن أبي إسحاق بن قرقول، ونجبة بن يحيى، وأخذ بفاس عن أبي الحسن بن حنين، وهو أكبر شيوخه.

(45/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 200
قال الأبّار: سمع منه الموطّأ في سنة خمس وستّين وخمسمائة، عن ابن الطّلاّع محمد، والشّهاب للقضاعيّ، عن أبي الحسن العبسيّ سماعاً. وأجاز له جماعةٌ. وكان من أهل الفقه، والحديث، والنّحو، واللّغة، والتّاريخ، والأخبار، وأسماء الرجال، متصرّفاً في فنونٍ كثيرةٍ، وأديباً، نحوياً، شاعراً، معلّماً بالعربية، متقدّماً في صناعتها. سمع منه جلّةٌ، وسماه التّجيبيّ في مشيخته وقال: سمعت منه وسمع عليّ. قال الأبّارك مولد ابن زيدان بقرطبة سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة، وتوفّي بفاس في خامس رجب سنة أربعٍ وعشرين. وقال ابن مسدي: أخبرني ابنه يحيى أنّه مات في سنة ثلاثٍ وعشرين في ثالث رجب. قال ابن مسدي: هو علاّمة زمانه، ورئيس أقرانه، كان آخر من حدّثبفاس عن الكنانيّ. وذكر لي أنّه سمع بعض كتاب الجنابة من الموطّأ من أبي عبد الله ابن الرّمّامة. خرّج لنفسه مشيخةً ولم يكن بفاس أنبل منه، قدمها وهو ابن ثماني سنين، وعاش أربعاً وسبعين سنة. قلت: هذا من أعيان الرّواة بالمغرب، ومن طبقة شيوخه سميّه عبد العزيز بن عليّ بن محمد السّماتي المقرئ من أهل إشبيلية. وقد مرّ.
4 (عبد المحسن بن أبي العميد بن خالد بن عبد الغفّار بن إسماعيل. الإمام، حجّة الدّين، أبو)
طالب، الخفيفيّ، الأبهريّ، الشافعيّ، الصوفيّ.

(45/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 201
ولد في رجب سنة ستٍّ وخمسين وخمسمائة. وتفقّه بهمذان على أبي القاسم بن حيدر القزوينيّ، وعلّق التّعليقة عن الفخر النّوقانيّ. وسمع بإصبهان من الحافظ محمد بن عبد الجليل كوتاه، وأحمد بن ينال التّرك، وأبي موسى المدينيّ، وببغداد من أبي الفتح بن شاتيل، وأبي السّعادات، القزّاز، وبأبهر من أبي الفتوح عبد الكافي الخطيب، وبهمذان من أبي المحاسن عبد الرزّاق بن إسماعيل القومسانيّ، وعبدالمنعم الفروايّ. وبدمشق من عبد الرحمن بن عليّ اللّخميّ، وإسماعيل الجنزويّ، وبمصر من هبة) الله البوصيريّ، وبالإسكندرية من القاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرميّ، وبمكّة من محمود بن عبد المنعم القلانسيّ الدّمشقيّ، وبواسط من أبي بكر ابن الباقلانيّ. وكان كثير الأسفار والحجّ، وصاحب صلاة، وتهجّد، وصيام، وعبادةٍ. وله قدمٌ في الفقه، والتّصوّف، وجاور مدّةً، وحضر حصار عكّا مع السلطان صلاح الدّين، ثمّ أقام ببغداد، وأمّ بالصوفية برباط الخليفة. وسمع الكثير بقراءته على بن كليب، ويحيى بن بوش، وطبقتهما. وكان يحجّ كلّ سنة على السّبيل الّذي للجهة. قال ابن النجّار: كان كثير المجاهدة، والعبادة، دائم الصّيام سفراً وحضراً، عارفاً بكلام المشايخ، وأحوال القوم. وكانت له معرفةٌ، وحفظٌ، وإتقانٌ. كتبنا عنه، وكان ثقةً صدوقاً، ثمّ حجّ، وجاور، وصار إمام المقام إلى أن توفّي في ثامن صفر. قلت: روى عنه ابن النجّار، والضّياء، وابن الحاجب، وأبو عبد الله الدّبيثيّ، وأبو الفرج بن أبي عمر، وقطب الدّين القسطلانيّ، وغيرهم. قرأت على أبي المعالي بمصر: حدّثكم أبو طالب عبد المحسن بن

(45/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 202
فرامرز الخفيفيّ، وأخبركم محمد بن الحسين قالا: أخبرنا أحمد بن ينال، أخبرنا محمد بن عبد الواحد، حدّثنا أبو بكر بن مردويه، حدّثنا أحمد بن محمد بن نصير، حدّثنا أحمد بن عصام، حدّثنا معاذ بن هشام، حدّثني أبي، عن قتادة، عن أنس، أنّ نبيّ الله قال: يخرج من النّار من قال لا إله إلاّ الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرّةً. أخرجه مسلم عن محمد بن مثنّى، عن معاذ مثله. وأخبرنا أبو المجد العقيلي إجازةً، أخبرنا عبد المحسن الخفيفيّ بمنى، أخبرنا عبد المنعم فذكر حديثاً.
4 (عليّ بن عبد الوهّاب بن محمد بن أبي الفرج. الرئيس موفّق الدّين، أبو الحسن، الجذاميّ،)
الإسكندرانيّ، المالكيّ. صدر الإسكندرية وعينها. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وحدّث عن السّلفيّ، وعن أبي الفتوح نصر بن قلاقس الأزهريّ. توفّي في سادس ربيعٍ الآخر.)
4 (عليّ بن يونس بن أحمد بن عبيد الله.)
الأجلّ، عماد الدّين، أبو الحسن، البغداديّ. حدّث عن أبي الفتح بن البطّي، وخديجة النّهروانيّة. ومات في شهر ذي الحجّة. وهو أخو الوزير عبيد الله بن يونس.
4 (عمر بن أبي الحارث أعزّ بن عمر بن محمد بن عمّويه.)

(45/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 203
أبو حفص، القرشيّ، التّيميّ، السّهرورديّ، ثمّ البغداديّ، الصّوفيّ. ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وسمع من أبي الوقت المائة الشّريحيّة. وهو أخو محمد وقد ذكر، وكذا أبوهما تقدّم يروي عن أبي عليّ بن نبهان. توفّي هذا، في ثالث عشر ربيع الأول.
4 (عيسى، السّلطان الملك المعظّم. شرف الدّين، ابن السّلطان الملك العادل سيف الدّين أبي)
بكر محمد بن أيوب بن شاذي، صاحب دمشق، الفقيه الحنفيّ، الأديب. ولد بالقاهرة في سنة ستٍّ وسبعين وخمسمائة. ونشأ بالشام، وحفظ بالقرآن، وتفقّه وبرع في المذهب، واعتنى بالجامع الكبير فشرحه في عدّة مجلّدات معاونة غيره. ولازم تاج الدّين الكندي مدّةً،

(45/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 204
وكان ينزل إلى داره بدرب العجم من القلعة والكتاب تحت إبطه، فأخذ عنه كتاب سيبويه، وشرحه للسّيرافي، وأخذ عنه الحجّة في القراءآت لأبي عليّ الفارسيّ، والحماسة وغير ذلك من الكتب المطوّلة، وحفظ الإيضاح في النّحو، وسمع المسند من حنبل المكبّر، وسمع من عمر بن طبرزد، وغيره. وله ديوان شعر. قال القوصيّ: سمعت منه ديوانه، وصنّف في العروض ومع ذلك فما يقيم الوزن في بعض الأوقات. وكان محبّاً لمذهبه، متغالياً فيه، كثير الاشتغال مع كثرة الأشغال، وكان محبّاً للفضيلة، قد جعل لمن يعرض المفصّل للزمخشريّ مائة دينار، ولمن يحفظ الجامع الكبير مائتي دينارٍ، ولمن يحفظ الإيضاح ثلاثين ديناراً، سوى الخلع. وقد حجّ في أيام والده سنة إحدى عشرة وستمائة. وجدّد البرك والمصانع، وأحسن إلى الحجّاج كثيراً. وبنى سور دمشق، والطّارمة الّتي على باب الحديد، والخان الّذي على باب الجابية، وبنى بالقدس مدرسةً، وبنى عند جعفر الطّيّار رضي الله عنه مسجداً. وعمل بمعان دار مضيف وحمّامين. وكان قد عزم على تسهيل طريق الحاجّ وأن يبني في كلّ منزلة. وكان يتلكّم مع العلماء، ويناظر،) ويبحث. وكان ملكاً حازماً، وافر الحرمة، مشهوراً بالشّجاعة والإقدام، وفيه تواضع، وكرمٌ، وحياء، وقد ساق على فرس واحدٍ من دمشق إلى الإسكندرية في ثمانية أيام في حدود سنة سبعٍ وستمائة إلى أخيه الملك الكامل محمد، فلمّا التقيا، قال له الكامل بعد أن اعتنقه والتزمه: اطلع اركب، فقال:
(وإذا المطيّ بنا بلغن محمّداً .......... فظهورهن على الرّكاب حرام)
فطرب الكامل وأعجبه. وكان قد أعدّ الجواسيس والقصّاد، فإنّ الفرنج كانوا على كتفه، فلذلك كان يظلم، ويعسف، ويصادر. وأخرب القدس، لعجزه عن حفظه من الفرنج، وأدار الخمور، وكان يملك من العريش إلى حمص، والكرك، والشّوبك، وإلى العلى.

(45/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 205
وكان عديم الالتفات إلى ما يرغب فيه الملوك من الأبّهة والتّعظيم، وينهى نوابه عن مزاحمة الملوك في طلوع العلم على جبل عرفات. وكان يركب وحده مراراً عديدة، ثمّ يتبعه غلمانه يتطاردون خلفه. وكان مكرماً لأصحابه كأنّه واحدٌ منهم، ويصلّي الجمعة في تربة عمّه صلاح الدّين ويمشي منها إلى تربة أبيه. توفّي في سلخ ذي القعدة سنة أربعٍ، ودفن بالقلعة، ثمّ نقل إلى تربته ومدرسته بقاسيون، سامحه الله. ونقلت من خطّ الضّياء قال: كان شجاعاً، فقيهاً، وكان يشرب المسكر ويجوّز شربه، وكان ربّما أعطى العطاء الكثير لمن لا يشرب حتّى يشربه. وأسّس ظلماً كثيراً ببلاد الشام، وأمر بخراب بيت المقدس، وغيرها من الحصون. وقال ابن الأثير: كان عالماً بعدّة علوم، فاضلاً فيها، منها: الفقه، ومنها علم النّحو، وكذلك اللّغة. نفق العلم في سوقه وقصده العلماء من الآفاق فأكرمهم وأعطاهم، إلى أن قال: لم يسمع أحدٌ منه ممّن يصحبه كلمةً نزقة. وكان يقول كثيراً: اعتقادي في الأصول ما سطّره أبو جعفر الطّحاويّ. وأوصى أن يدفن في لحدٍ، وأن لا بنى عليه بناءٌ، بل يكون قبره تحت السماء، وكان يقول في مرضه: لي عند الله في أمر دمياط ما أرجو أن يرحمني به. وقال ابن واصل: كان جند المعظّم ثلاثة آلاف فارس لم يكن عند أحد من إخوته جند مثلهم في فرط تجمّلهم، وحسن زيّهم، فكان بهذا العسكر القليل يقاوم إخوته، فكان الكامل يخافه لما) يتوهّمه من ميل عسكر مصر إليه لما يعلمونه عن اعتنائه بأمر أجناده. وكان المعظّم يخطب لأخيه الكامل في بلاده، ويضرب السّكة باسمه، ولا يذكر اسمه مع الكامل. وكان مع شهامته، وعظم هيبته قليل التّكلّف جدّاً، لا يركب في السّناجق السلطانية في غالب

(45/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 206
أوقاته، بل في جمع قليل وعلى رأسه كلوتة صفراء بلا شاش، ويتخرّق الطّرق، ولا يطرّق له أحد. ولقد رأيته بالبيت المقدّس في سنة ثلاثٍ وعشرين والرجال والنّساء يزاحمونه ولا يردّهم. ولمّا كثر هذا منه، ضرب به المثل، فمن فعل فعلاً لا تكلّف فيه قيل: فعل المعظّمي. وكان شيخه في الفقه جمال الدّين الحصيريّ، تردّد إليه وإلى الكندي كثيراً. وكان قد بحث كتاب سيبويه وطالعه مرّات. بلغني أنّ أباه قال له: كيف خالفت أهلك وصرت حنفياً قال: يا خوند ألا ترضون أن يكون منّا واحدٌ مسلم قاله على سبيل المداعبة.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت يونس.)
وأخوها هو الوزير أبو المظفّر عبيد الله بن يونس. روت بالإجازة عن أبي الحسن بن غبرة.
4 (الفتح بن عبد الله بن محمد بن عليّ بن هبة الله بن عبد السّلام ابن يحيى. عميد الدّين، أبو)
الفرج، بن أبي منصور بن أبي الفتح بن أبي الحسن، البغداديّ، الكاتب. ولد يوم عاشوراء سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: جدّه أبي الفتح، ومحمد بن أحمد الطّرائفيّ، ومحمد بن عمر الأرمويّ، وأبي غالب محمد بن عليّ ابن الدّاية، وأحمد بن طاهر

(45/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 207
الميهنيّ، وقاضي القضاة عليّ بن الحسين الزّينبيّ، وهبة الله بن أبي شريك الحاسب، وأبي الكرم الشّهرزوريّ، وسعيد ابن البنّاء، وأبي الوقت، ونوشتكين الرّضوانيّ، وأبي بكر ابن الزّاغونيّ، وأحمد بن محمد ابن الإخوة المخلّطيّ، وجماعةٍ. روى عنه خلقٌ كثيرٌ منهم: البرزاليّ، وعمر ابن الحاجب، والسيف ابن المجد، والقاضي شمس الدّين ابن العماد، وتقيّ الدّين ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والكمال عبد الرحمن المكبّر، والجمال محمد ابن الدّبّاب، والشهاب الأبرقوهيّ. وكان أسند من بقي بالعراق. قال المنذري: كان شيخاً حسناً، كاتباً، أديباً، له شعرٌ، تصرّف في الأعمال الدّيوانية، وأضرّ في) آخر عمره، وانفرد بأكثر شيوخه ومروياته. وهو من بيت الحديث، هو، وأبوه، وجدّه، وجدّ أبيه. قال ابن الحاجب: هو من محلّة الدّينارية بباب الأزج، وكان قديماً يسكن بمنزل أسلافه بدار الخلافة. وهو بقية بيته صارت الرّحلة إليه من البلاد وتكاثر عليه الطّلبة، واشتهر اسمه. وكان من ذوي المناصب والولايات، فهماً بصنعنه، ترك الخدمة وبقي قانعاً بالكفاف، وأضرّ بأخرةٍ وكان كثير المرض حتّى أقعد. وكان مجلسه مجلس هيبةٍ ووقار، لا يكاد يشذّ عنه حرف، محقّق لسماعاته إلاّ أنّه لم يكن يحبّ الرّواية لمرضه واشتغاله بنفسه. وكان كثير الذّكر ذا هيبةٍ ووقار، وكان يتوالى ولم يظهر لنا ما تنكره عليه، بل كان يترحم على الصّحابة، ويلعن من يسبّهم. وكان ينظم الشعر في الزّهد والنّدم على ما فات، وكان ثقةً صحيح السّماع، ولم يكن مكثراً، ولكنّه تفرّد بعدة أجزاء ثمّ سمّى الأجزاء الّتي تفرّد بها، وقال: توفّي في الرابع والعشرين من المحرّم. وروى عنه الدّبيثيّ وقال: هو من أهل بيت حديثٍ، وكلّهم ثقات. قلت: وآخر من روى عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان الأنصارية.

(45/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 208
وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد السّلام، أخبرنا محمد بن عليّ ابن الدّاية، ومحمد بن عمر القاضي. وأخبرنا حضوراً محمد بن أحمد الطّرائفيّ. وأنبأنا يحيى بن أبي منصور الحنبليّ، أخبرنا عمر بن محمد المؤدّب ببغداد، أخبرنا أبو غالب ابن البنّاء، ويحيى ابن الطّرّاح، وأبو منصور ابن خيرون، وعبد الخالق ابن البدن، قالوا سبعتهم: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة، أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا جعفر القريابيّ، حدّثنا محمد بن الحسن البلخيّ، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا سفيان الثّوريّ، قال: كان يقال إذا عرفت نفسك لم يضرّك ما قيل فيك. قال المبارك ابن الشعّار الموصليّ في قلائد الجمان: كان الفتح يرجع إلى أدب، وسلامة قريحة في الشعر. قال: وكان مشتهراً بالتّشيع والغلوّ فيه على مذهب الإمامية. كتب من قوله إلى النّاصر لدين الله:
(مولاي عبدك قد أضرّ وقد غدا .......... في قعر منزله طريحاً كالحجر)

(لا يستطيع السّعي فيما نابه .......... لمصابه بالعين مع وهن الكبر)
)
4 (حرف القاف)

4 (قرّة العين بنت المقرئ يعقوب بن يوسف الحربيّ.)
روت عن أبي بكر عتيق بن صيلا. وماتت في صفر.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن سلمون.)
أبو الحسن، البلنسيّ. قرأ لورش على أبي الحسن بن هذيل، وسمع منه الموطّأ والبخاريّ والتّيسير.

(45/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 209
قال الأبّار: وكان عدلاً مرضياً. سمعت منه، وله دكّان بالعطّارين يجلس فيها، ولم يكن له علم بالحديث ولا بغيره. أخذ عنه أصحابنا. وتوفّي في ربيع الآخر، وولد سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة. قلت: وروى عنه رضيّ الدّين الشّاطبيّ اللّغويّ، وقاضي تونس أبو العبّاس بن الغماز، وابن مسدي وقال: سمع من ابن هذيل سنة.
4 (محمد بن حاتم بن متوكّل.)
أبو بكر، التّميميّ، القرطبيّ، الأصل، الإشبيليّ. ولي القضاء. وحدّث عن: أبي عبد الله بن زرقون، وأبي بكر ابن الجدّ. قال الأبّار: توفّي في جمادى الأولى.
4 (محمد بن الحسين بن حرب.)
أبو البركات، الدّارقزّيّ، المقرئ. قرأ القرآن على أبي الفضل أحمد بن محمد بن شنيف بالقراءآت. وأقرأ، وكان عالي الإسناد في القراءآت فإنّ شيخه من أصحاب أبي طاهر ابن سوار، وثابت بن نبدار. وسمع من ابن شنيف، ولاحق ودهبل ابني عليّ بن كاره. وحدّث. ومات في شوّال.
4 (محمد بن حمزة بن محمد بن أبي سلمة. أبو الوفاء، الحلبيّ.)
سمع عبد الله بن محمد الأشيريّ، وعنه مجد الدّين ابن العديم.)
4 (محمد بن عبد الله بن أحمد بن عليّ ابن المعمّر.)
أبو الفضل، العلويّ، الحسينيّ، النّقيب. ولي نقابة العلويّين بالعراق بعد وفاة أبيه سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، ثمّ عزل سنة سبعٍ وثمانين، وجلس في بيته خاملاً إلى هذا الوقت.

(45/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 210
توفّي في سادس صفر. وأحسبه روى عن جدّه.
4 (محمد بن عبد المعيد ابن الشيخ عبد المغيث بن زهير.)
سمع من جدّه، ومن فارس الحفّار. وحدّث. ومات كهلاً في ذي القعدة.
4 (محمد بن عليّ بن محمد بن يحيى بن يحيى.)
الشيخ أبو عبد الله، الغافقيّ، المرسيّ، الشّارّيّ. وشارّة: من عمل مرسية. قال الأبّار: أخذ القراءآت عن أبي نصر فتح بن يوسف صاحب أبي داود المقرئ. وسكن سبتة. وقد سمع من أبي العباس بن إدريس، وتفقّه على أبي محمد بن عاشر. روى عنه ابنه أبو الحسن، وعاش نيّفاً وثمانين سنة.
4 (محمد بن القاسم بن هبة الله التّكريتيّ. الفقيه، أبو عبد الله.)
فقيهٌ، إمام، مفتٍ، صالحٌ، أعاد بالنّظاميّة ببغداد، ثمّ درّس بالقيصرية ببغداد. وكان حمقاً، تيّاهاً، يحطّ رتبته بكثرة دعاويه، وقد أخرج مرةً من بغداد، وجرت له أمور.

(45/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 211
4 (محمد بن أبي الفتوح الليث بن شجاع بن سعود. أبو هريرة ابن الوسطانيّ، البغداديّ،)
الأزجيّ، الدّيناريّ، اللبّان، الضّرير. سمع من: أبي الوقت السّجزيّ، وأبي القاسم أحمد بن قفرجل، وهبة الله ابن هلال الدّقاق، والشيخ عبد القادر، وأبي الفتح بن البطّي، وجماعةٍ. وهو من محلّة الدّيناريّة. روى عنه: الدّبيثيّ، وعمر ابن الحاجب، والتّقيّ ابن الواسطيّ. وأخبرنا عنه الأبرقوهيّ. وأضرّ بأخرة، ورقّ حاله. وتوفّي في التاسع والعشرين من ربيع الأوّل. أخبرني الأبرقوهيّ، أخبرنا أبو هريرة، وزيد بن يحيى، قالا: أخبرنا أحمد بن قفرجل، أخبرنا) عاصمٌ، أخبرنا ابن مهديّ، حدّثنا المحامليّ، حدّثنا أحمد بن إسماعيل، حدّثنا مالك، عن ربيعة، عن حنظلة بن قيس الزّرقي، أنذه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقالك نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن كراء الأرض. فقلت: أبالذّهب والورق قال: أمّا الذّهب والورق فلا بأس به. رواه مسلم.
4 (محمد ابن الإمام أبي الوليد المعروف بالحفيد محمد بن أحمد ابن الإمام محمد بن أحمد بن)
أحمد بن رشد. القاضي، أبو الحسن، القرطبيّ. بقية بيته نبلاً وجلالاً. ناب في الحكم وما استقلّ. سمع من جدّه أبي القاسم، ومن ابن بشكوال. كتب عنه ابن مسدي، وأرّخ وفاته في رمضان هذا العام.

(45/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 212
4 (محمد بن موسى بن هشام المرسي.)
سمع من أبي القاسم بن حبيش وطبقته. وولي قضاء بسطة. ورّخه الأبّار.
4 (محمد بن أبي البركات بن عليّ. أبو البذر، الأزجيّ، الدّقّاق.)
حدّث بالإجازة عن الشيخ عبد القادر، وغيره. ومات في ربيع الآخر.
4 (مالك بن يدو المغربيّ، الزّاهد، نزيل الإسكندرية.)
صالحٌ، قانتٌ، عابدٌ، صحب المشايخ، وانتفع به جماعةٌ. قال الزّكيّ المنذريّ: قيل: إنّه سأل الله تعالى أن يخمل ذكره، فلم تكن شهرته بحسب ما تقتضيه رتبته.
4 (مطّلب بن بدر بن المطّلب بن زهمان.)
أبو محمد، الكرديّ، الجنديّ، البشيريّ، البغداديّ. ولد سنة سبعٍ وأربعين. وسمع من أبي الفتح بن البطّي، ومعمر ابن الفاخر. وحدّث. والبشيريّ: بفتح الباء نسبة إلى جدّهم بشير. توفّي في سادس ذي القعدة.
4 (حرف الياء)

4 (يعقوب، الملك المعزّ، ويقال: الملك الأعزّ، شرف الدّين،

(45/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 213
أبو يوسف، ابن السلطان صلاح)
) الدّين يوسف بن أيّوب. ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الله بن برّي النّحويّ، وابن أسعد الجوانيّ. وقرأ القرآن على الأرتاحيّ. وكان متواضعاً، كثير التّلاوة، ديّناً. حدّث بالحرمين، ودمشق، وكان صدوقاً. سمع منه: الزّكيّ البرزاليّ، وابن الحاجب، وعبد الله بن محمد بن حسّان الخطيب. وتوفّي بحلب. يعيش. سيأتي في.
4 (يوسف بن إبراهيم بن تريك بن عبد المحسن.)
أبو المظفّر، البيّع. من بيت الحديث. سمع من عمّه عبد المحسن بن تريك. ومات في رجب.
4 (المهذّب يوسف بن أبي سعيد السّامريّ. الطّبيب، الصّاحب.)
برع في الطّبّ، وقرأ على مهذّب الدّين ابن النقاش، وجماعة. وخدم الملك الأمجد صاحب بعلبك، وحظي لديه، ونال الأموال، ثمّ وزر له، واستحوذ عليه. وما أحلى ما قال فتيان الشّاغوريّ في الأمجد:
(أصبح السّامريّ معتقداً .......... معتقد السّامريّ في العجل)
ولم يزل أمره مستقيماً حتّى كثر الشكاوى من أقاربه ببعلبكّ، فإنّهم قصدوه من دمشق، واستخدمهم في الجهات، فنكبه الأمجد ونكبهم،

(45/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 214
واستصفى أموالهم، وسجنه، ثمّ أطلقه، فجاء إلى دمشق. ومات في صفر. وهو عمّ الموفّق أمين الدولة.
4 (يوسف بن المظفّر بن شجاع. أبو محمد، العاقوليّ، ثمّ البغداديّ، الأزجيّ، الصّفّار، الزاهد.)
تلميذ الشيخ عبد القادر ومريده. سمع من: أحمد بن قفرجل، وابن البطّي، وأحمد بن المقرّب، وجماعة. وحدّث. وله كلام حسن في التّصوّف والحقيقة. كان صالحاً، زاهداً. عابداً، يبترّك به. وهو آخر من لبس الحرقة من الشيخ.) ولد في رجب سنة خمسٍ وثلاثين، وتوفّي في المحرّم. وأخذ عنه السّيف ابن المجد. وسمع منه الجمال محمد ابن الدّبّاب سمع منه الأوّل والثاني من حديث أبي عليّ بن خزيمة البغداديّ. وأجاز لفاطمة بنت سليمان.
4 (الكنى)

4 (أبو العبّاس ابن البقّال.)
أحد الكبار المتكلّمين العالمين بالأصول بالمغرب. أخذ عنه أبو الحسن البصريّ. ورّخه ابن عمران السّبتيّ في هذا العام، سمعت ذلك منه.
4 (أبو عبد الله بن حمّاد العسقلانيّ، ثمّ الصّالحيّ.)
روى عن يحيى الثقفيّ. وهو والد المسند إسماعيل بن أبي عبد الله. ورّخه الضّياء فقال: توفّي في صفر. وكان محافظاً على الجماعة وسألته عن مولده فقال: سنة أخذ عسقلان، وأخذ في سنة ثمانٍ وأربعين.

(45/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 215
4 (وفيها ولد)
الشيخ تاج الدّين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاريّ، شيخ الشافعية. والقاضي عماد الدّين عبد الرحمن بن سالم بن واصل الحمويّ. والمحيي أبو بكر بن عبد الله ابن خطيب الأبّار. والنّجم عبد الغفار بن محمد بن المغيزل الحمويّ. والزّين محمد بن عبد الوهّاب بن أحمد ابن الجبّاب السّعديّ. والعزّ أحمد ابن شمس الدّين المسلم بن علاّن. والشمس محمد بن يوسف الإربلّي الذّهبي. والبدر حسن بن أحمد بن عطاء الأذرعي، بحلب. والزّين محمد بن أحمد العقيليّ، ابن القلانسيّ والد الشيخ الجلال. والشرف إبراهيم بن أبي الحسن بن صدقة المخرّميّ. والتّقيّ عبد الملك بن أيبك المعرّي، الفقيه. والشمس محمد بن مكّي بن أبي الذّكر الصّقلّيّ. والشمس محمد بن أحمد بن نوال الرّصافيّ.) وأبو الحرم بن محمد الأبّار، نزيل عجلون. والفخر عثمان بن يوسف بن مكتوم.
4 (وفي حدودها ولد)
الشيخ شعبان الإربليّ. والشيخ أبو الحسن عليّ بن أحمد ابن البقّال. والشيخة ستّ الوزراء بنت عمر ابن المنجّى. وشمس الدّين محمد بن إبراهيم بن العيش الأنصاريّ.

(45/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 216
4 (وفيات سنة خمس وعشرين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن تميم بن هشام بن أحمد بن عبد الله بن حيّون.)
المحدّث، محبّ الدّين، أبو العباس، البهرانيّ، اللّبليّ. ولد ببليدة لبلة: من الأندلس، في سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة. أحد الرحّالين إلى الآفاق في الحديث، سمع ببغداد من ابن طبرزد، وطبقته، وبمصر من أبي نزار ربيعة اليمنيّ، وغيره، وبخراسان: المؤيّد الطّوسيّ، وأبي روح الهرويّ، وزينب الشّعريّة، وعبد الرحيم بن أبي سعد السّمعاني. ذكره ابن الأبّار: روى عن أبيه، وابن الجدّ، وأبي عبد الله بن زرقون. وقال ابن نقطة: ثقةٌ، صالح. ذكره ابن الحاجب فقال: أحد الأئمّة المعروفين بطلب الحديث، حسن الخطّ، صحيح النّقل، ثقةٌ، شافعيّ المذهب وقيل: إنّه كان حزمياً كريم

(45/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 217
النفس، حلو المفاكهة. وكان من وجوه أهل بلده وهي قريبة من إشبيلية. قلت: روى عنه مجد الدّين عبد الرحمن ابن العديم، والتّاج عبد الخالق البعلبكيّ، وغيرهما. وتوفّي في منتصف رجب بدمشق.
4 (أحمد بن الخضر بن هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن طاووس. أبو المعالي، الدّمشقيّ،)
الصّوفيّ، أخو هبة الله. ولد بعد الأربعين وخمسمائة. وسمع من أبيه، وحمزة بن كروّس، وأبي القاسم الحافظ. وهو) من بيت العلم والرّواية. وكان صوفياً، عامّياً، قليل الفضيلة. روى عنه: البرزاليّ، والضّياء، وابن العديم، والجمال محمد ابن الصابونيّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والسيف عليّ ابن الرّضيّ، وابن المجاور، وسعد الخير النابلسيّ، والعماد عبد الحافظ. روى لنا عنه العماد الأربعين لنصر المقدسيّ. وتوفّي في رمضان.
4 (أحمد بن شيرويه بن شهردار بن شيرويه.)
أبو مسلم، الدّيلميّ، الهمذانيّ.

(45/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 218
سمع من جدّه، ومن: نصر بن المظفّر البرمكيّ، وأبي الوقت السّجزيّ، وأبي الخير الباغبان، وأبي زرعة المقدسيّ، وسمع صحيح البخاري من أبي الوقت. قال ابن نقطة: وهو شيخ مكثر، وثقةٌ، صحيح السّماع، سمعت منه بهمذان. وبلغنا أنّه توفّي بها في ثاني عشر شعبان من سنة خمسّ وعشرين. قلت: وروى عنه أيضاً الزكيّ البرزاليّ، والضّياء المقدسيّ، وقال: هو ابن شيخنا، وولد في سنة ستٍّ وأربعين. قلت: وأجاز للفخر عليّ، وجماعة.
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري. القرطبيّ، أبو جعفر.)
روى عن: أبيه، وأبي القاسم بن بشكوال، وأبي محمد عبد المنعم بن الفرس، وأبي بكر ابن الجدّ، وغيرهم. وتولّى خطابة قرطبة إلى أن مات في جمادى الآخرة أو رجب من السنة. روى عنه ابن أخيه القاضي أبو الحسين محمد بن أبي عامر يحيى.
4 (أحمد بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن محمد)
بن أحمد بن عثمان بن الحكم بن الوليد بن سليمان بن أبي الحديد السّلميّ. النّظّام، أبو العباس.

(45/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 219
ولد بدمشق في جمادى الآخرة سنة سبعين وخمسمائة. من بيتٍ مشهورٍ، روى منهم جماعةٌ الحديث، وفيهم علماء وخطباء. سمع: الكنديّ، والخشوعيّ، وابن طبرزد. وبمصر البوصيريّ، وابن ياسين، وببغداد أصحاب) ابن الحصين، وبإصبهان عين الشمس الثّقفية. وسكن حلب مدّةً في صباه، وكان مليحاً، ولمّا سافر عنها عمل المهذّب ماجد بن محمد بن نصر ابن القيسرانيّ فيه:
(لا للصّفي صافى ولا للرّضي .......... راضى ولا رق لخطب الخطيب)
وحصّل جملةً من الكتب النّفيسة، وخطوط الشيوخ، واتّصل بخدمة الملك الأشرف ابن العادل. وكان معه فردة نعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ورثه عن آبائه، والأمر معروف فيه، فإنّ الحافظ ابن السّمعاني ذكر: أنه رأى هذا النّعل لمّا قدم دمشق عند الشيخ عبد الرحمن بن أبي الحديد في سنة ستّ وثلاثين وخمسمائة. وكان الأشرف يقرّبه لأجله، ويؤثر أن يشتريه منه، يقفه في مكان يزار فيه، فلم يسمح بذلك، ولعلّه سمح بأن يقطع له منه قطعةً، ففكّر الأشرف أنّ الباب ينفتح في ذلك فامتنع من ذلك. ثمّ رتّبه الملك الأشرف بمشهد الخليل المعروف بالذّهبانيّ بين حرّان والرّقة، وقرّر له معلوماً، فأقام هناك حتّى توفّي، وأوصى بالنّعل للأشرف، ففرح به، وأقرّه بدار الحديث بدمشق. توفّي بالمشهد المذكور في ربيع الأول سنة خمس وعشرين وستمائة. وكان دمث الأخلاق، لطيفاً، حسن المعاشرة. روى عنه ابن الدّبيثيّ، وابن النجّار أناشيد.
4 (أحمد بن يحيى بن أحمد بن عليّ. أبو منصور، ابن البرّاج،

(45/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 220
البغداديّ، الصّوفيّ، الوكيل.)
شيخٌ صالحٌ، خيّر. سمع سنن النّسائي من أبي زرعة، وسمع من ابن البطّي جزء البانياسيّ، وسمع من أحمد بن المقرّب أخبار مكة للأزرقيّ. روى عنه ابن الحاجب فقال: رجلٌ صالح، كثير التّلاوة، كثير الصّمت، لا يكاد يتكلم إلاّ جواباً، سمعت عليه معظم النّسائي وهو كلّه بسماعه من أبي زرعة. قلت: روى عنه السيف ابن المجد، والتقيّ ابن الواسطيّ، والشّمس ابن الزّين، وأبو الفضل محمد ابن الدّبّاب. وروى لنا عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان. وتوفّي في رابع المحرّم.
4 (أحمد بن أبي الوليد يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد ابن أحمد بن مخلد بن عبد)
الرحمن بن أحمد ابن الإمام بقيّ بن مخلد. قاضي الجماعة، العلاّمة، أبو القاسم، الأمويّ،) القرطبيّ، البقويّ. سمع: أباه، وجدّه أبا الحسن، ومحمد بن عبد الحقّ الخزرجي، وأبوي القاسم ابن بشكوال والسّهيليّ. وأجاز له أبو الحسن شريح بن محمد، وعبد الملك بن مسرّة، وتفرّد

(45/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 221
بالرواية عن جماعة. وهو آخر من حدّث في الدّنيا عن شريح، وآخر من روى الموطّأ عن ابن عبد الحقّ سمعه منه بسماعه من البن الطّلاّع. قال ابن مسدي: راس شيخنا هذا بالمغربين، وولي القضاء بالعدوتين. ولمّا أسنّ، استعفى ورجع إلى بلده، فأقام قاضياً بها إلى أن غلب عليه الكبر، فلزم منزله، وكان عارفاً بالإجماع والخلاف، مائلاً إلى التّرجيح والإنصاف. قلت: وحدّث هو، وجميع آبائه. ذكره الأبّار، فقال: هو من رجالات الأندلس جلالاً، وكمالاً، ولا نعلم بها بيتاً أعرق من بيته في العم والنّباهة إلاّ بيت بني مغيث بقرطبة، وبيت بني الباجي بإشبيلية، وله التّقدّم على هؤلاء. وولي قضاء الجماعة بمرّاكش مضافاً إلى خطّتي المظالم والكتابة العليا فحمدت سيرته، ولم تزده الرّفعة إلاّ تواضعاً. ثمّ صرف عن ذلك كلّه، وأقام بمراكش زماناً إلى أن قلّد قضاء بلده وذهب إليه، ثمّ صرف عنه قبل وفاته بيسير، فازدحم الطّلبة عليه، وكان أهلاً لذلك. وقال ابن الزّبير أو غيره: كان لأبي القاسم باعٌ مديد في علم النّحو، والأدب. تنافس الناس في الأخذ عنه. وقرأ جميع سيبويه على الإمام أبي العباس أحمد بن عبد الرحمن بن مضاء، وقرأ عليه المقامات. قلت: ومن المتأخّرين الّذين رووا عنه بالإجازة محمد بن عيّاش بن محمد الخزرجيّ، والخطيب أبو القاسم بن يوسف بن الأيسر الجذاميّ، وأبو الحكم مالك بن عبد الرحمن بن المرحّل المالقيّ، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون الطّائيّ الكاتب وقد سمع منه ابن هارون هذا الموطأ سنة عشرين وستمائة وحدّث به سنة سبعمائة، وفيها أجاز لنا مرويّاته ثمّ اختلط بعد ذلك، ووقع في الهرم. فكتب إلينا ابن هارون من تونس ومولده سنة ثلاثٍ وستمائة: أنّ أبا القاسم أحمد بن يزيد الحاكم أجاز لهم، وهو آخر من حدّث عنه، قال: أنبأنا

(45/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 222
أبو الحسن شريخ بن محمد الرّعينيّ،) وهو آخر من حدّث عنه، عن الحافظ أبي محمد بن حزم وهو آخر من روى عنه، قال: أخبرنا يحيى بن عبد الرحمن، أخبرنا قاسم بن أصبغ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله العبسيّ، حدّثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الصّوم جنّةٌ. وكان أبو القاسم يغلب عليه النّزوع إلى مذهب أهل الحديث والظّاهر في أحكامه وأموره. وتوفّي إثر صلاة الجمعة الخامس عشر من رمضان. وكان مولده في سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة، وتجاوز ثمانياً وثمانين سنة رحمه الله. وممّن تأخّر من أصحابه الإمام أبو الحسين بن أبي الرّبيع. وأجاز لمالك ابن المرحّل، وابن عيّاش المالقيّ، ومحمد بن محمد المومنائيّ الفاسي.
4 (أرسلان، أبو سعيد، السّيّديّ. مولى السيدة بنت أمير المؤمنين المقتفي.)
عاش نيّفاً وتسعين سنة. وحدّث عن أبي العالي الباجسرائيّ. وتوفّي في ذي الحجّة ببغداد.
4 (إسحاق، الملك المعزّ.)
أبو يعقوب، ابن السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيوب. سمع من عبد الله بن برّي النّحويّ. وحدّث. وكان فاضلاً، حسن المذاكرة. نزل بحلب عند أخيه في حرمةٍ وتجمّل. تقنطر به فرسه في الصّيد، فمات في ذي الحجّة، وله ستٌّ وخمسون سنة.

(45/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 223
4 (أسعد بن حسن بن أسعد بن عبد الرحمن ابن العجميّ.)
الحبيّ، العلاّمة، أبو المعالي. تفقّه على أبي الحسين عبد الملك بن نصر الله، وبالموصل على أبي حامد بن يونس. ودخل خراسان، فسكنها مدّةً، ثمّ عاد إلى حلب، ودرّس بالظّاهرية، وأفتى، وأفاد. توفّي بدمشق بعد قدومه من الحجّ في شهر ربيع الأوّل، وحمل فدفن بحلب، وعاش إحدى وستّين سنة. أنبأني بذلك أبو العلاء الفرضيّ.
4 (اسفنديار بن الموفّق بن محمد بن يحيى. أبو الفضل، البوشنجيّ الأصل، الواسطيّ المولد،)
) البغداديّ الدّار، الكاتب، الواعظ. قرأ القراءآت بواسط على أبي الفتح المبارك بن أحمد بن زريق، وغيره، وبالموصل على القرطبيّ، وقرأ العربية ببغداد بعد ذلك على أبي محمد ابن الخشّاب، والكمال الأنباريّ. وسمع من: أبي الفتح بن البطّي، وروح بن أحمد الحديثيّ، وعمر بن بنيمان، وأبي الأزهر محمد بن محمود. وكان وافر الفضل، ومليح الخطّ، جيّد النّظم، والنّثر، والإنشاء، ولي ديوان الرسائل، وكان شيعياً غالياً. روى عنه أبو عبد الله الدّبيثيّ.

(45/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 224
وهو حدّ الواعظ نجم الدّين عليّ بن عليّ بن إسنفديار. قال ابن النّجّار: ولد في سنة أربع وأربعين ببغداد، وجوّد القرآن، وأحكم التّفسير، وقرأ الفقه على مذهب الشافعيّ، والأدب، حتّى برع فيه. وصحب صدقة بن وزير الواعظ، ووعظ، ثمّ ترك ذلك واشتغل بالإنشاء والبلاغة. ثمّ رتّب بالدّيوان سنة أربعٍ وثمانين، ثمّ عزل بعد أشهر، فبطل مدّة، ثمّ رتّب شيخاً برباط، ثمّ عزل بعد مدّة. وكان يتشيّع. كتبت عنه، وكان ظريف الأخلاق، غزير الفضل، متواضعاً، عابداً، متهجّداً، كثير التّلاوة. وقال ابن الجوزيّ في درّة الإكليل: عزل اسفنديار الواعظ من كتابة الإنشاء. حكى عنه بعض عدول بغداد: أنّه حضر مجلسه بالكوفة، فقال: لمّا قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: من كنت مولاه فعلي مولاه تغيّر وصه أبي بكر وعمر، فنزلت هذه الآية: فلمّا رأوه زلفةً سيئت وجوه الّذي كفروا قال: ولمّا وليّ، لبس الحرير والذّهب توفّي في تاسع ربيع الأوّل وله سبعٌ وثمانون سنة وأشهر توفّي ببغداد.
4 (إسماعيل بن أحمد بن عبد الرحمن. أبو الوليد، ابن السّرّاج، الأنصاريّ، الإشبيليّ.)
سمع من أبي عبد الله بن زرقون، وغيره. وأخذ القراءآت عن أبي عمرو ابن عظيمة، والعربية عن أبي إسحاق ابن ملكون. وكان عارفاً بالشّروط. ولي قضاء بعض الكور. قال ابن الأبّار: ما أظنّه حدّث. مات في حدود سنة خمسّ وعشرين.

(45/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 225
4 (حرف الباء)
)
4 (بشارة بن طلائع. أبو الحسن، المكينيّ، المصريّ.)
شيخٌ ديّنٌ. سمع من السّلفي وحدّث.
4 (البهاء، الشريف العبّاسيّ، الدّمشقيّ.)
كاتب الحكم. فيها ذكره أبو شامة، واسمه عبد القاهر بن عقيل. كان رأساً في كتابة السّجلاّت، والشّروط.
4 (حرف الثاء)

4 (ثابت بن الحسن بن خليفة. أبو الحسن، النّحويّ.)
ولد سنة ثلاثٍ وخمسين. وسمع من السّلفيّ. ومات في جمادى الأولى.
4 (حرف الحاء)

4 (حبش بن أبي محمد بن عمر ابن الطّبقيّ.)
أبو عليّ، البغداديّ قطّاع الآجرّ.

(45/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 226
سمع أبا طالب بن خضير. ومات في ذي الحجّة.
4 (الحسن بن إسحاق بن موهوب بن أحمد بن محمد ابن الجواليقيّ. أبو عليّ، ابن أبي طاهر،)
ابن العلاّمة أبي منصور. سمع: ابن ناصر، وأبا بكر ابن الزّاغونيّ، ونصر بن نصر، وأبا الوقت، والعون بن هبيرة، وابن البطّي، وأبا زرعة، وطائفةً سواهم. وولد سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة. وكان من أهل العلم والدّين، له سمتٌ، ووقار، وسماعه صحيح. تفرّد بالعاشر من المخلّصيات وبالثالث الصغير منها، والنّصف الأول من السادس منها وببغض الثاني. وبديوان المتنبّي. وسمع الصّحيح من أبي الوقت. قال ابن النّجّار: كتبت عنه. وكان مرضيّ الطّريقة، متديّناً. قلت: روى عنه البرزاليّ، والدّبيثيّ، وابن النّجّار، والسيف، وابن الحاجب، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والشهاب الأبرقوهيّ، والمجد عبد العزيز ابن الخليليّ والد الوزير، وآخرون. وبالإجازة العزّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وأبو) الحسين اليونينيّ، وفاطمة بنت سليمان وهي آخر من روى عنه. وتوفّي في ثامن شعبان ببغداد، ودفن بمقبرة باب حرب.
4 (الحسن بن عليّ بن أبي القاسم الحسين بن الحسن. الشيخ

(45/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 227
نفيس الدّين، أبو محمد، ابن البنّ،)
الأسديّ، الدّمشقيّ. ولد في حدود سنة سبعٍ وثلاثين. وسمع الكثير من جدّه أبي القاسم، وتفرّد عنه بأشياء. وصحب الأمير محمود بن نعمة الشيزريّ زماناً وتأدّب عليه، وسمع منه وله أصول يحدّث منها. قال ابن الحاجب: كان دائم السّكوت لا يكاد يتكلّم، وإذا نفر من شيء لا يعود إليه. وكان ثقةً، ثبتاً سألت العدل عليّ ابن الشّيرجيّ عنه فقال: كان على خيرٍ، كثير الصدقة والإحسان إلى النّاس. وقال الضّياء: هو شيخٌ حسن، قليل الكلام، موصوفٌ بالخير وقلّة الفضول. وقال ابن الحاجب: أجاز له أبو بكر ابن الزّاغونيّ، ونصر بن نصر العكبريّ. قلت: وكان يسكن بالكشك، وأحسبه كان خشّاباً. روى عنه: الضّياء، والبرزاليّ، ابن خليل، والشرف ابن النابلسيّ، والجمال محمد ابن الصّابونيّ، ومحمد بن داود بن الياس البعلبكيّ، ومحمد ابن سالم النابلسيّ، وبلدياه: سعد الخير ونصرٌ، والفخر ابن البخاريّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الكمال، والعزّ ابن الفرّاء، والشمس ابن الواسطيّ، والشهاب الأبرقوهيّ، والشمس بن عبدان، وجماعةٌ سواهم. توفّي في ثامن عشر شعبان، ودفن بباب الفراديس، وشيّعه ابن الصّلاح.
4 (حرف الدال)

4 (داود بن رستم بن محمد. أبو الفضل، الحرّانيّ، نزيل بغداد.)

(45/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 228
روى عن: نصر الله القزّاز، والكمال الأنباريّ النّحويّ. كتب عنه ابن الحاجب وقال: مات في جمادى الآخرة ببغداد.
4 (درع بن فارس بن حيدرة. حصن الدّولة، أبو المنيع، العسقلانيّ، نزيل دمشق.)
حدّث عن السّلفيّ. روى عنه: البرزاليّ، والقوصيّ، وجماعةٌ والرشيد العطّار، وفاطمة بنت عساكر، ومحمد بن) محمد بن مناقب المنقذيّ، وعبد الصّمد بن عساكر. توفّي في سادس المحرّم بدمشق.
4 (حرف الراء)

4 (رسن بن يحيى بن رسن. أبو إبراهيم، النّيليّ، ثمّ البغداديّ.)
سمع: من ابن البطّي، وغيره. ومات في صفر.
4 (حرف الصاد)

4 (صاعد بن عليّ بن محمد بن عمر. الشيخ صدر الدّين، ابو المعالي، الواسطيّ، الواعظ،)
نزيل إربل. سمع من: أبي الفتح بن البطّي، وشهدة الكاتبة، والحيص بيص الشاعر.

(45/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 229
وقيل: إنّه سمع من أبي الوقت، ولم يصحّ. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وكان حسن الوعظ، مليح الشّكل، وافر الحرمة عند صاحب إربل، رزق القبول التّامّ. وكان قد صحب صداقة بن وزير الواعظ وتخرّج به، وسكن إربل نحواً من خمسين سنة. روى عنه: الدّبيثيّ، والظّهير محمود بن عبيد الله الزّنجابيّ، وجماعة. وتوفّي في تاسع ربيع الآخر.
4 (صفوان بن مرتفع بن طغان. الشيخ أبو الوفاء، الأرسوفيّ، ثمّ المصريّ، المقرئ.)
قرأ القراءآت على أبي الجيوش عساكر بن عليّ وسمع منه ومن غيره. وتفقّه. ومات في رابع عشر صفر، وقد قارب السبعين.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن الحسن بن أبي عبد الله الحسين بن أبي السّنان.)
أبو محمد، الموصليّ، الأديب، الشّروطيّ. ولد بالموصل سنة اثنتين وثلاثين. وروى عن: يحيى بن سعدون القرطبيّ، وغيره. ومات في رابع عشر ربيع الآخر. وكان بصيراً بكتابة الشّروط مشهوراً بها.) قال ابن النّجّار: سمع من أبي سعد عبد اللّطيف بن أحمد بن محمد البغداديّ، وعمّر طويلاً على أحسن طريقةٍ.

(45/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 230
4 (عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الرحمن.)
أبو القاسم، الأزديّ، ابن الحدّاد، التونسيّ. شارح الشاطبية، وكان قد رحل وسمعها من النّاظم، وتلا عليه بالسّبع. وسمع من: ابن برّي النّحويّ، وجماعة.

(45/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 231
ودخل الأندلس وبها ليقيه ابن مسدي، وقال: مات في حدود سنة وولد بعد الخمسين.
4 (عبد الرحيم بن عليّ بن الحسين بن شيث. القاضي، الرئيس، جمال الدّين، الأمويّ،)
القرشيّ، الإسناويّ، القوصيّ. ولد بإسنا في سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة. ونشأ بقوص، وتفنّن بها، وبرع في الآداب والعلم. وكان ديّناً، خيّراً، ورعاً، حسن النّظم، والنثر، منشئاً بليغاً. ولي الدّيوان بقوص، ثمّ بالإسكندرية ثمّ بالقدس، ثمّ ولي كتابة الإنشاء للمعظّم. وقال الشهاب القوصيّ: إنه ولي الوزارة للمعظّم. وقال الضّياء: كان يوصف بالمروءة، وقضاء حوائج الناس. توفّي في سابع المحرّم، ودفن في تربةٍ له بقاسيون. أنشدنا رشيد بن كامل الأديب، وأنشدنا أبو العرب القوصيّ، أنشدنا الوزير جمال الدّين أبو القاسم عبد الرحيم بن عليّ بن شيث لنفسه:
(كن مع الدّهر كيف قلبّك الدّه .......... ر بقلبٍ راضٍ وصدرٍ رحيب)

(وتيقّن أنّ اللّيالي ستأتي .......... كلّ يومٍ وليلةٍ بعجيب)
وله:

(45/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 232
(أنت كالبدر كلّما حلّ في أر .......... ضٍ أضاءت بنوره آفاقه)

(غاب قلبي وأنت فيه فما أع .......... ظم ما برّحت بنا أشواقه)

(فعسى القرب أن يباح وأن ين .......... حلّ من ربقة الغرام وثاقه)

4 (عليّ بن أبي هاشم أفضل بن أشرف. الشّريف، أبو القاسم، الهاشميّ، البغداديّ.)
) سمع من شهدة، وغير واحدٍ. وقتل رحمه الله بطريق مكّة.
4 (حرف اللام)

4 (لبابة بنت أحمد بن أبي الفضل بن أحمد بن مزروع.)
أم الفضل، الحربيّة، بنت الثّلاحيّ. سمعت: عمر بن بنيمان، ودهبل بن كاره. كانت امرأةً صالحة. سمع منها الحافظ ابن نقطة، وغيره، وحدّثنا عنها الشّهاب الأبرقوهيّ. وماتت في ثاني ذي الحجّة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن مسعود بن عبد الرحمن. أبو عبد الله، الأزديّ، الشاطبيّ، المقرئ،)
المعروف بابن صاحب الصّلاة. قرأ برواية نافع على أبي الحسن بن هذيل، وسمع منه كثيراً من تصانيف أبي عمرو الدّاني، وأجاز له في سنة ثلاثٍ وستّين. وكتب بخطّه علماّ كثيراً، واحتيج إليه، وعمّر.

(45/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 233
قال الأبّار: لم آخذ عنه لتسمّحه في الإقراء والإسماع سمح الله له ولد بشاطبة سنة اثنتين وأربعين، وتوفّي ببلنسية. قلت: أنا رأيت خطّه لشخص أنّه قرأ عليه القرآن برواية نافع في يومّ وليلةٍ، وهو من بقايا أصحاب ابن هذيل، حدّث عنه بالتّيسير وغيره. قرأ عليه محمد بن محمد الفصّال نزيل منية بني خصيب، ورضيّ الدّين محمد بن عليّ الشاطبيّ اللّغويّ، والقاضي أبو العباس بن الغمّاز، وابن مسدي وقال فيه: المكتب، كان عاكفاً على التلاوة، واقفاً مع الصلاح، خلف أباه في الإقراء، قال لي: أنا الّذي لقّنت القرآن لأبي القاسم صاحب الشاطبية بين يدي والدي، وبي تدرّب، ومعي رحل إلى بلنسية فقرأنا معاً على ابن هذيل ورجعت قبله. قال ابن مسدي: هو آخر من تلا على ابن هذيل من الثّقات، وكان مقبلاً على تعليم القرآن، ونسخ بالأجرة كثيراً. وكانت له إجازةٌ من عليّ بن النقرات الفاسي.)
4 (محمد بن أحمد بن إسماعيل بن أبي عطاف.)
أبو أحمد، المقدسيّ، الصّالحيّ. ولد سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة. وسمع من: محمد بن بركة الصّلحيّ، وابن صدقة الحرّانيّ. وكان من فقهاء الحنابلة وأعيانهم. روى عنه: الضّياء محمد، وغيره. وتوفّي في تاسع عشر رجب.
4 (محمد بن أحمد بن حمزة.)
أبو الفضل، ابن البرفطيّ، الكاتب، الأديب. كان بارعاً في الكتابة والشعر.

(45/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 234
توفّي في رجب. جوّد عليه خلقٌ بالعراق والشام. وبرفط: من قرى نهر الملك.
4 (محمد بن إسماعيل بن محمد.)
أبو عبد الله الحضرميّ، المغربيّ، المتيجي. ومتيشة: من ناحية بجاية. دخل الأندلس، وسكن مرسية، وولي خطابتها. وكان مكثراً عن ابن بشكوالٍ، وأبي بكر بن خيرٍ. وكان مليح الخطّ والضّبط، مشاركاً في علم الحديث، فاضلاً، زاهداً، شاعراً. كتب علماً كثيراً، وحمل الناس عنه. وتوفّي في ربيع الأوّل عن نحو سبعين سنة. أكثر عنه ابن برطلة.
4 (محمد بن بركة بن محمد بن سنبلة.)
أبو عبد الله، البغداديّ، السّدريّ. حدّث عن دهبل ولاحق ابني كاره. ومات في ذي الحجّة.
4 (محمد بن الحسين بن محمد بن يوسف. معين الدّين، أبو عبد الله بن الشيخ الصالح المجاور)
أبي عليّ الشّيرازيّ، الفارسيّ، الصوفيّ. نسيب الوزير نجم الدّين.)

(45/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 235
ولد سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة بدمشق، وسمع بها من الوزير أبي المظفّر الفلكيّ، وعليّ بن أحمد بن مقاتل، وأبي القاسم الحافظ. ودخل مصر في شبيبته وسمع من عبد الله بن برّي النّحويّ، والتّاج المسعوديّ. وحسنت في الآخر حاله، ولازم الصلوات. روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، والشرف بن عساكر شيخنا. وبالإجازة الشخاب الأبرقوهيّ.
4 (محمد بن عبد الله بن المبارك بن كرم. أبو منصور، البندنيجيّ نسبة إلى البندنيجين:)
بليدة من العراق البغداديّ، البيّع، أبو منصور، المعروف بابن عفيجة، الحماميّ. شيخ مسندٌ، معمّر، من بيت حديث، وعدالة. سمع: الحافظ ابن ناصر، أبا طالب بن خضير. وأجاز له في سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة جماعةٌ منهم: ابو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو محمد عبد الله بن عليّ سبط الخيّاط، وأحمد بن عبد الله ابن الآبنوسيّ. وخرّج له ابن النّجّار جزءاً عنهم، وكذا خرّج له ابن الخيّر. ثقل سمعه في آخر عمر. وعفيجة: لقب أبيه عبد الله. ولد سنة سبعٍ وثلاثين تقريباً، وتوفّي في ثاني عشر ذي الحجّة.

(45/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 236
كان قد رقّت حاله واحتاج، واستولت عليه الأمراض. قال ابن الحاجبّ: فكان يأوي إلى بعض أقاربه، وكنّا نقاسي مشقّةً في الوصول إليه ويمنعونا في أكثر الأوقات. قلت: ولم يكن عنده عن ابن ناصر إلاّ شيءٌ من حديث أبي نعيم الحافظ. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، والسيف أحمد بن عيسى، والتّقيّ ابن الواسطيّ. وسمعنا بإجازته على شرف الدّين اليونينيّ، وفاطمة بنت سليمان. وكان العماد إسماعيل ابن الطّبّال شيخ المستنصرية حضر عليه في الرابعة مشيخته، وهو آخر من روى عنه.
4 (محمد بن عبد الحقّ بن سليمان الكوميّ.)
أبو عبد الله، قاضي تلمسان. تفقّه على أبيه، وأخذ القراءآت، والفقه، والنّحو في سنة إحدى وخمسين عن أبي عليّ ابن الخرّاز النّحويّ.) وسمع من أبي الحسن بن حنين، وأبي عبد الله بن خليل. وأجاز له السّلفيّ، وابن هذيل. وكان معظّماً عند الخاصّة والعامّة، فاضلاً، كثير التّصانيف. نيّف على الثّمانين. وله تأليفٌ في غريب الموطّأ، وله كتاب المختار في الجمع بين المنتقى والاستذكار نحو ثلاثة آلاف ورقة.
4 (محمد بن أبي زيد عبد الرحمن بن عبد الله بن حسّان بن

(45/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 237
ثابت. أبو عبد الله، القيسيّ،)
السّبتيّ، التّاجر، نزيل الإسكندرية. شيخٌ صالح، محتشمٌ، كثير المعروف والبرّ. دخل على السّلفيّ ورآه في سنة خمسٍ وستّين، ثم سمع بعد موته من عبد المجيد بن دليل. ودخل العراق، ورجع إلى المغرب، ثم قدم الإسكندرية وسكنها. ومات في ربيع الأوّل. روى عنه الزّكيّ المنذريّ.
4 (محمد بن أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد. القاضي، أبو)
الحسن، القرطبيّ، المالكيّ. نائب الحكم بقرطبة، وربّما استقلّ بالحكم بها. كان آخر أهل بيته جلالاً، وفضيلة. سمع من: جدّه أبي القاسم، وابن بشكوال. روى عنه ابن مسدي وقال: مات في رمضان. ولجدّه إجازة من ابن الطّلاّع.
4 (محمد بن محمد ابن أخت جميل، الأزجيّ، الزّاهد.)
رجلٌ صالحٌ، عابدٌ، منقبضٌ عن الناس، كبير القدر، قانعٌ باليسير، مسدّدٌ في أقواله وأفعاله. ولمّا استخلف الظّاهر بالله، فرّق أموالاً عظيمة على الفقراء، فقيل: إنّه نفّذ إليه خمسمائة دينار، فلم يقبلها، فقيل له: فرّقها على من تعرف، قال: لا أعرف أحداً. فاشتهر، وقصده النّاس للتبرّك والزّيارة. فكان يتكلّم بكلام حسن. ولم يتغيّر عليه شيء من حاله ولا لباسه. توفّي في الخامس والعشرين من ذي القعدة، وازدحم الخلق عليه، وبنوا على قبره مشهداً. وقد ناطح السّبعين.
4 (محمد بن المبارك بن أبي بكر بن منصور بن المستعمل.)
أبو بكر، الحريميّ.

(45/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 238
سمع: أبا الوقت، وأبا علي أحمد ابن الخزّاز، وأبا المعالي ابن اللّماس. وولد في سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة.) سمع منه: عمر ابن الحاجب، والرّفيع الهمذانيّ، وولداه: أحمد، ومحمد، وابن نقطة، وجماعة. ومات في ربيع الآخر، في أواخره.
4 (محمد بن أبي المعالي النّفيس بن محمد بن إسماعيل بن عطاء. أبو الفتح، البغداديّ،)
الصّوفيّ. شيخٌ صالحٌ من أهل رباط المأمونية، مليح الشّكل. ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وقيل: ولد سنة تسعٍ وثلاثين. ولبس الخرقة من الشيخ أبي الوقت وسمع منه الصحيح بقراءة ابن الأخضر. روى عنه: ابن الحاجب، وابن النّجّار، والسيف ابن المجد، وابن نقطة، والرفيع قاضي أبرقوه، وولداه. وتوفّي في رابع عشر ذي القعدة. أخبرني أحمد بن إسحاق القرافيّ، أخبرنا أبو الفتح محمد بن النّفيس، وعليّ بن يوسف الظّفريّ، ومحمد بن أحمد القطيعيّ ببغداد، ومحمد بن أبي القاسم حضوراً بأبرقوه في سنة سبع عشر وستمائة، قالوا: أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا الدّاووديّ، أخبرنا ابن حمّويه، أخبرنا الفربريّ، حدّثنا البخاريّ، حدّثنا معلّى بن أسد، حدّثنا وهيبٌ، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم احتجم وهو محرمٌ واحتجم وهو صائم رواه النّسائي عن

(45/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 239
محمد بن حاتم، عن حبّان بن موسى، عن ابن المبارك، عن معمر، عن أيّوب، فوقع لنا عالياً.
4 (محاسن بن عمر بن رضوان.)
أبو الوقت، الأزجيّ، الخزائنيّ غلام الخزانة. شيخً مسنٌّ، فقير. سمع من: أبي بكر ابن الزّاغونيّ، وأبي طالب بن خضير. قال ابن نقطة: سمعت منه، وسماعه صحيح. وقال ابن الحاجب: عرضت عليه قليلاً من الذّهب، فردّه، وامتنع مع حاجته. روى عنه: الشمس عبد الرحمن ابن الزّين، والكمال أحمد بن يوسف الفاضل، والتّقيّ ابن الواسطيّ، وبالإجازة الأبرقوهيّ، وفاطمة بن سليمان. وتوفّي في ربيع الأوّل.
4 (مسعود بن عبد الله بن سعد.)
) أبو يحيى، الطّبريّ، ثمّ البغداديّ، الخيّاط. ولد سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من عبد الملك بن عليّ الهمذانيّ. وحدّث.
4 (منصور بن عبد الرحمن بن أبي السّعادات.)
أبو محمد، ابن اللّبّان، البغداديّ.

(45/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 240
روى عن أبي طالب ن خضير. ومات في رمضان.
4 (الموفق النّصرانيّ الطّبيب، يعقوب بن سقلاب القدسيّ.)
أقام بالقدس مدّةً، ولازم بها راهباً، فيلسوفاً، بارعاً في الهيئة والنّجوم. واشتغل على أبي منصور النّصرانيّ الطّبيب. وكان الملعون عاقلاً، رزيناً، ساكناً، متقناً للّسان الرّوميّ، خبيراً بنقله إلى العربيّ، وكان من أعلم أهل زمانه بكتب جالينوس حتّى لعلّه يكاد يستحضرها كلّها. قرأ عليه الموفّق بن أبي أصيبعة، وغيره. وكان ماهراً بالعلاج. وكان الملك المعظّم يشكر طبّه، ويصفه، فأصاب الحكيم يعقوب نقرسٌ، فكان يحمل في محفّةٍ مع الملك المعظّم إذا سافر وقال له: يا حكيم ما لك لا تداوي مرضك فقال: يا مولانا الخشب إذا سوّس ما يبقى في إصلاحه حيلة. مات في ربيع الآخر.
4 (حرف النون)

4 (نصر ابن الأديب أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير.)
أبو الفتح القيسرانيّ. توفّي بحلب في عشر التّسعين. وله شعر لا بأس به.
4 (نعمة بن عبد العزيز بن هبة الله.)
أبو الفضل، العسقلانيّ، العدل، التّاجر. سمع بدمشق من أبي القاسم بن عساكر. وحدّث بمصر، وبغداد. وتوفّي في المحرّم، وله بضع وثمانون سنةً. روى عنه: الرشيد العطّار، والزّكيّ المنذريّ.)

(45/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 241
4 (حرف الواو)

4 (وجه السبع، الأمير مظفّر الدّين سنقر، صاحب بلاد خوزستان.)
كان أحد الشّجعان المذكورين. حجّ بالناس سنة اثنتين وستمائة. ففارق الرّكب، وقفز إلى صاحب الشام الملك العادل لمنافرةٍ جرت بينه وبين الخادم الّذي على سبيل الوزير ناصر بن مهديّ، وكان بينه وبين الوزير وحشةٌ أيضاً، فخاف منه، فالتقاه العادل، وأكرمه، وأقام عنده ستّ سنين. وكان من كبار الدّولة، فلمّا عزل الوزير، سار إلى العراق، وبقي إلى هذه السنة.
4 (حرف الهاء)

4 (هندولة بن خليفة. أبو القاسم، الزّنجانيّ، الصّوفيّ.)
شيخ صالح، نزيل دمشق. وحدّث عن: أبي الفتح بن شاتيل، ويحيى الثّقفيّ.
4 (حرف الياء)
يحيى بن المظفّر بن الحسن. أبو زكريا، البغداديّ، الحنفيّ. روى عن: أبي المظفّر بن التّريكيّ، وأبي المعاليّ ابن اللّحّاس. وكان مفتياً، مدرّساً، مناظراً. وقد صنّف في المذهب. سمع الناسخ والمنسوخ لهبة الدّين المفسّر، من التّريكيّ، وسلامة بن الصّدر معاً، عن رزق الله، عنه. وتوفّي في ثالث عشر ذي الحجّة.

(45/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 242
قال ابن الحاجب: كان يرمى بالاعتزال.
4 (يوسف بن عمر بن أبي بكر بن سبيع.)
أبو بكر، الباقلاّنيّ، الشّروطيّ. سمع من: عبد الحقّ اليوسفيّ، وشهدة. وكان فرضيّاً. توفّي في رجب.
4 (يوسف بن معزوز.)
إمام النّحو، أبو الحجّاج، القيسيّ، المرسي. وصنّف كتاب شرح الإيضاح للفارسيّ. وله ردٌّ على الزّمخشريّ في مفصّله.) أخذ عن أبي إسحاق بن ملكون، والسّهيليّ. وتخرّج به أئمّةٌ. مات في حدود هذه السنة.
4 (وفيها ولد)
العلاّمة تقيّ الدّين محمد بن عليّ ابن دقيق العيد. والعفيف عبد السلام بن محمد بن مزروع. والشرف عيسى بن أبي محمد المغاريّ. ورشيد بن كامل الرّقّيّ. والنّجم أحمد بن محمد بن حسن بن صصرى.

(45/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 243
وفاطمة بنت إبراهيم بن جوهر البعلبكّية، في رجب. والشرف عبد المنعم بن عبد اللّطيف ابن زين الأمناء. وقاضي حلب شمس الدّين محمد بن محمد بن بهرام الدّمشقيّ. والزّين محمد بن عبد الغنيّ بن عبد الكافي ابن الحرستانيّ الذّهبيّ، في رجب. والزّكيّ عبد المحسن بن زين الكنانيّ، يروي عن جعفر. وسيف الدّين بلاشو بن عيسى بن بلاشو. والشيخ عمر بن أبي القاسم السّلاويّ. والشرف شيرزاد بن ممدود بن شيرزاد. والغرس محمود بن عبد المنعم الحرّانيّ. والعزّ عبد العزيز بن محمد بن عبد الحقّ العدل، في شعبان. والمحبّ صدقة بن عليّ بن هلالة، بإشبيلية. ومحيي الدّين يحيى بن عليّ بن أبي طالب الموسويّ. والملك الظّاهر شاذي ابن الناصر داود. والأمين عبد الله بن إسماعيل الحلبيّ المسلمانيّ الكاتب، أسلم وله ثلاثون سنة، وطال عمره.

(45/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 244
4 (وفيات سنة ست وعشرين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن حسّان بن حسّان. أبو القاسم، الكلبيّ، الإشبيليّ.)
) سمع من أبي بكر ابن الجدّ فأكثر، ومن أبي محمد بن بونه. وكان رئيساً، محتشماً، جواداً، أديباً، أخبارياً. قال الأبّار: سمعت منه، وتوفّي في ثالث عشر جمادى الأولى، وله أحد وستّون عاماً.
4 (أحمد بن الحسين بن محمد بن جميل.)
أبو العبّاس، البندنيجيّ، الحفّار. روى عن: أبي الحسين عبد الحقّ. ومات في ربيع الأوّل.
4 (أحمد بن زكرياء بن مسعود.)
أبو جعفر، الأنصاريّ، الأندلسيّ، القبذاقيّ، المقريء.

(45/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 245
أخذ القراءآت عن الحسن بن عبد الله السّعديّ، ومن أبي بكر بن أبي حمزة. أخذ عنه ابن مسدي، ورماه بالاختلاق، وقال: اجتمع طلبةٌ، فوضعوا لفظةً، وسمّوا بها كتاباً، وسألوه عنه، فقال: أدريه وأرويه. وكان يسقط من الأسانيد رجالاً ليوهم العلوّ. عاش بضعاً وستّين سنة.
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعريّ. أبو جعفر، القرطبيّ.)
روى عن: أبيه أبي الحسين، وأبي بكر ابن الجدّ، وابن بشكوال، وجماعة. وولي خطابة قرطبة مدّة. مات في وسط العام. روى عنه ابن أخيه أبو الحسين محمد بن الأشعريّ. وهم بيت علمٍ ورواية.
4 (أحمد بن نجم ابن شرف الإسلام عبد الوهّاب ابن الحنبليّ.)
بهاد الدّين، أبو العبّاس، أخو النّاصح.

(45/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 246
ولد سنة تسعٍ وأربعين. وسمع من القاضي كمال الدّين أبي الفضل الشّهرزوريّ. وحدّث. وسمع من أبي الفوارس الحيص بيص شعراً. ومات في ذي القعدة. وسمع من سلمان الرّحبيّ أيضاً. روى عنه: الضّياء، والشّهاب القوصيّ.)
4 (إسماعيل بن سيف الدّولة المبارك بن كامل بن مقلّد بن عليّ ابن منقذ، الأمير جمال الدّين.)
أبو الطّاهر، الكنانيّ، المصريّ المولد. سمع السّلفيّ ووالده. وولي نيابة حرّان، وبها توفّي في رمضان. وله شعر، وفضائل. روى عنه الشهاب القوصيّ، والزّكي المنذريّ.
4 (أقسيس، يأتي في حرف الياء.)

4 (أمة الله بنت أحمد بن عبد الله بن عليّ ابن الآبنوسيّ.)
شرف النساء، البغدادية. كانت آخر من روى عن أبيها أبي الحسن، وسمعت منه في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وحضرت عليه في سنة أربعين. وتفرّدت بالرابع من المخلّصيات، وبجزء منتقى من السادس من المخلّصيات، وبالتّاسع من المحامليات، وبالمجلّد الأوّل وهو خمس الكامل لابن عديّ، ولها فيه فوت، بروايته عن إسماعيل بن مسعدة الإسماعيليّ.

(45/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 247
قال ابن الحاجب: هي من بيت فقه، وزهدٍ، كثيرة العبادة، لا يكاد لسانها يفتر من ذكر الله. قلت: روى عنها ابن الحاجب، والسيف ابن المجد، والدّبيثيّ، وآخرون. وسمعنا بإجازتها على فاطمة بنت سليمان.
4 (إلياس بن محمد بن عليّ. أبو البركات، الأنصاريّ.)
أحد عدول دمشق. كان مطبوعاً، صاحب نوادر. قال: قرأ القرآءات السبع على يحيى بن سعدون القرطبيّ. كتب عنه ابن الحاجب وقال: توفّي في رجب. وكان يشهد تحت السّاعات.
4 (حرف الجيم)

4 (جبريل بن زطينا. الكاتب البغداديّ.)
كان نصرانياً، فأسلم، وحسن إسلامه، وتزهّد. وله كلامٌ في الحقيقة ساق منه ابن النّجّار، وكان يتولّى كتابة ديوان المجلس. مات في شعبان، وله خمسٌ وسبعون سنة. روى عنه من شعره أبو طالب عليّ بن أنجب، وغيره.)

(45/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 248
4 (حرف الحاء)

4 (الحسين بن أبي الغنائم هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن محمد بن الحسن بن أحمد بن)
الحسين بن صصرى. القاضي، شمس الدّين، أبو القاسم، ابن الشيخ الرئيس، التّغلبيّ، البلديّ الأصل، الدّمشقيّ، أخو الحافظ أبي المواهب. ولد قبل الأربعين وخمسمائة. وسمع: جدّه، وأباه، وجدّه لأمّه أبا المكارم عبد الواحد بن هلال، وعبدان بن زرّين، وأبا القاسم ابن البنّ، ونصر بن أحمد بن مقاتل، وأبا طالب عليّ بن حيدرة، وأبا يعلى حمزة ابن الحبوبيّ، وأبا يعلى حمزة بن كروّس، وعليّ بن أحمد الحرستانيّ، وعبد الرحمن بن أبي الحسن الدّارانيّ، وسعيد بن سهل الفلكيّ، والصّائن هبة الله بن عساكر، وحسّان بن تميم، وعبد الرحمن ابن أبي العجائز، وعليّ بن عساكر المقدسيّ لا البطائحيّ ولا الحافظ الدّمشقيّ، والقاضي الزكيّ عليّ بن محمد بن يحيى القرشيّ، وأبا النّجيب السّهرورديّ، وجمال الأئمّة عليّ بن الحسن الماسح، وعليّ بن أحمد بن مقاتل أخا نصر، وإبراهيم بن موهوب ابن المقصّص، وأبا يعلى حمزة بن

(45/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 249
أسد، والخضر بن شبل الحارثيّ، والمبارك بن عليّ بن عبد الباقي، واسعد بن حسين الشّهرستانيّ، والخضر بن عليّ السّمسار، وعبد الواحد بن إبراهيم بن قزّة، وإبراهيم بن الحسن الحصنيّ، وعليّ بن مهدي الهلاليّ، ووهب بن الزّنف الفقيه، وهؤلاء الثلاثون ذكرهم الحافظ أبو القاسم في تاريخ دمشق. وروى عنهم كلّهم سوى أبيه، والخضر. وقد سمع من خلق سواهم، وسمع بحلب من أبي طالب عبد الرحمن ابن العجمي، ويحيى بن إبراهيم السّلماسيّ. وبمكّة من محمد بن عبيد الله الخطيب الإصبهانيّ حدّثه عن أبي مطيع. وروى بالإجازة عن طائفةٍ تفرّد بالرواية عنهم، كما تفرّد بكثيرٍ ممّن سمع منهم. أجاز له: عليّ بن عبد السّيد ابن الصّبّاغ، ومحمد ابن السّلاّل، وأبو محمد سبط الخيّاط، وأحمد بن عبد الله ابن الآبنوسيّ، والخصيب بن المؤمّل، وإبراهيم بن محمد بن نبهان الغنويّ، ومحمد بن طراد الزّينبيّ، وعبد الخالق بن أحمد اليوسفيّ، ومحمد بن عمر الأرموي، وأبو الفتح نصر الله بن محمد المصّيصيّ الفقيه، ومسعود بن الحسن الثقفيّ، وغيرهم. وخرّج له البزاليّ مشيخةً في سبعة عشر جزءاً بالسّماع والإجازة. وروى عنه: هو، والضّياء، والقوصيّ، والمنذريّ، والشرف النابلسيّ، والجمال ابن الصّابونيّ،) والزّين خالد، وحفيده إسماعيل بن إسحاق بن صصرى، وسعد الخير النابلسيّ، وأخوه نصر، والشمس محمد ابن الكمال، وأبو بكر بن طرخان، وإبراهيم بن اللّمتونيّ، والشرف أحمد بن أحمد الفرضيّ، والكمال محمد بن أحمد ابن النّجّار، والجمال أحمد بن أبي محمد المغاريّ، والشمس محمد بن شمّام الذّهبيّ، والتّقيّ إبراهيم ابن الواسطيّ، وأخوه الشمس محمد، والعزّ إسماعيل ابن فرّاء، والشهاب الأبرقوهيّ، والشمس محمد بن حازم، ونصر الله بن عيّاش، والتّقيّ أحمد بن مؤمن، وعبد الحميد بن خولان، وخلقٌ آخرهم أبو جعفر ابن الموازينيّ. وكان عدلاً، جليلاً، فاضلاً، صحيح الرواية. قرأ شيئاً من الفقه على أبي سعد بن أبي عصرون. ورحل مع أخيه. ثمّ إنّه ردّ من حلب لأجل قلب والده. وكان خلياً من المعرفة بالحديث.

(45/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 250
قال الزّكيّ البرزاليّ: هو مسند الشام في زمانه. وقال: كان يسأل من غير حاجة. وقال أبو الفتح ابن الحاجب: ربّما كان يأخذ من آحاد الأغنياء الشيء على التّسميع. وقال محمد بن الحسن بن سلاّم: كان في شحٌّ بالتّسميع إلاّ بعرضٍ من الدّنيا. وهو من بيت حديث، وأمانة، وصيانة. وكان أخوه من علماء الحديث. وقرأت عليه علوم الحديث للحاكم في ميعادين. وكان متموّلاً له مال وأملاك، رزيء في ماله مرّات. وقال ابن الحاجب: كان صاحب أصولٍ، ليّن الجانب، بهيّاً، سهل الانقياد، مواظباً على أوقات الصلاة، متجنّباً لمخالطة النّاس. وهو ربعيٌّ: من ربيعة الفرس. توفّي في ثالث وعشرين المحرّم، وصلّى عليه الخطيب الدّولعيّ بالجامع، والقاضي شمس الدّين الخويّي بظاهر البلد، وتاج الدّين ابن أبي جعفر بمقبرته بقاسيون.
4 (حرف السين)

4 (سليمان بن الحسين بن سليمان.)
أبو الربيع، الكتبيّ، المليجيّ، الإسكندرانيّ. ولد سنة تسعٍ وأربعين. وحدّث عن السّلفيّ.
4 (حرف الشين)

4 (شرف النّساء، اسمها أمة الله.)

4 (حرف العين)
)
4 (عائشة بنت عرفة بن علي ابن البقليّ البغداديّ. أمة الجبّار.)
تروي عن أبيها.

(45/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 251
ماتت في المحرّم.
4 (عباس بن بهرام بن محمد بن بختيار.)
أبو الفضل، ابن السّلار، الأتابكيّ. حدّث هو، وأبوه، وأخوه. وأصلهم من حمص. سمع الحافظ عليّ بن عساكر، وغيره. روى عنه الجمال ابن الصّابونيّ، وغيره. وتوفّي في ذي الحجّة.
4 (عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن مسلمة. أبو جعفر،)
القرطبيّ. سمع من أبيه، ومن أبن بشكوال. وأخذ القرآءات عن أبي الأصبغ عبد العزيز ابن الطّحّان. وولي خطابة قرطبة، وتمنّع من القضاء، واعتذر، وتغيّب أياماً فلم يقبل منه، فتولّى أشهراً مكرهاً. وتوفّي في رمضان، وقد جاوز السّبعين. قاله الأبّار.
4 (عبد الله بن عبد الوهّاب ابن الإمام صدر الإسلام أبي الطّاهر ابن عوف الزّهريّ.)
الإسكندرانيّ، عماد الدّين، أبو البركات، المالكيّ. سمع من جدّه، ودرّس، وأفتى. وكان مولده في سنة خمسٍ وستّين وخمسمائة. وتوفّي في ثامن عشر رجب.
4 (عبد الرحمن بن عليّ بن أحمد بن عليّ. الفقيه، أبو محمد،

(45/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 252
البغداديّ، الحنبليّ، الواعظ،)
المعروف بابن التانرايا. تفقّه على أبي الفتح بن المنذي. وسمع من: عبد الحقّ اليوسفيّ، وغيره. وناب في القضاء عن أبي صالح الجيليّ. وولي مشيخة رباط الزّوزنيّ.) وكتب عنه ابن النّجّار، وغيره. مات فجاءةً في جمادى الآخرة.

(45/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 253
4 (عبد الرحمن بن أبي السعادات الحسن بن عليّ بن بصلا.)
أبو الفرج، البندنيجيّ، الصّوفيّ. شيخٌ صالحٌ، سديد السّيرة. وولد سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة بالبندنيجين. وقدم بغداد فسمع من يحيى بن ثابت، وأحمد بن المقرّب. ومات في رابع عشر ذي الحجّة. روى عنه مجد الدّين ابن العديم، لقيه بحلب.
4 (عبد الصّمد بن أحمد بن محفوظ بن زقير.)
أبو محمد، البزّاز. شيخٌ بغداديٌّ. روى عنه فوارس ابن الشباكية. وتوفّي في ذي الحجّة.
4 (عبد الكريم بن عبد الرحمن بن سعد الله بن عبد الله بن أبي القاسم. أبو محمد، الأنصاريّ،)
الدّمشقيّ. والد الفقيه سليمان، وجدّ شيختنا فاطمة بنت سليمان. سمع: أبا القاسم بن عساكر، وأبا طاهر الخشوعيّ. وسمع من جماعة من الشّعراء.

(45/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 254
ودخل الدّيار المصرية، وله شعرٌ وفضيلة. كتب عنه: ابنه، والسّراج بن شحانة، والنّجيب ابن الشّقيشقة. توفّي في ثامن وعشرين رجب بدمشق.
4 (عبد المحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن عليّ الخزرجيّ.)
المصريّ الشافعيّ، الرجل الصالح. ولد سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع بالثّغر من السّلفيّ، وبدرٍ الخداداذيّ. وبمصر من: عليّ بن هبة الله الكامليّ، وإسماعيل) بن قاسم الزّيات، وأبي المفاخر المأمونيّ، وجماعة. قال الزّكيّ المنذريّ وروى عنه: كان كثير الصلاة والصوم، مقبلاً على العلم مع رقّة حاله. توفّي فجاءةً في ثاني عشر شوّال رحمه الله.
4 (عبد المولى بن عبد الوهّاب بن يوسف. أبو محمد، القطيعيّ.)
سمع: أبا الفتح بن البطّي، وأبا المكارم البادرائيّ. ومات في ربيع الأول.
4 (عبد الوهّاب بن عتيق بن هبة الله بن ميمون بن عتيق بن وردان. الحافظ، المحدّث المفيد،)
والمقرئ المجيد، أبو الميمون، العامريّ، المصريّ، المالكيّ. قرأ القراءآت على جماعةٍ كثيرة. وسمع من: العلاّمة عبد الله بن برّي، وعبد الرحمن بن محمد السّبييّ، وقاسم بن إبراهيم المقدسيّ، ومنجب بن عبد الله المرشديّ والبوصيريّ، والأرتاحيّ، وطبقتهم ومن بعدهم فأكثر.

(45/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 255
وكتب الكثير، واستنسخ، وأقرأ القراءآت. وحدّث، وأفاد. وولد في سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. روى عنه الحفاظ المنذريّ وقال: كان كثير الإفادة جدّاً. وأنفق في التّحصيل جملةً. وكان بيته غالباً مجمع أصحاب الحديث رحمه الله. توفّي تاسع عشر جمادى الآخرة. قال ابن مسدي: ربّما غلط وأوهم، ولهذا لم يتعرّض لتجريحٍ. وقد كتب عمّن أقبل وأدبر حتّى كتب عن الشّبّان. لم أكثر عنه.
4 (عليّ بن بكمش، فخر الدّين.)
أبو الحسن، التّركيّ، البغداديّ، النّحويّ. ولد سنة ثلاثٍ وستّين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح بن شاتيل، وجماعة. وحدّث. وتوفّي بدمشق في شعبان. وكان من تلامذة التّاج الكنديّ.

(45/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 256
4 (عليّ بن حمّاد. الحاجب، الأمير، حسام الدّين، متولّي خلاط نيابةً للأشرف.)
كان بطلاً، شجاعاً، خيّراً، سائساً. قال ابن الأثير: أرسل الأشرف مملوكه عزّ الدّين أيبك إلى خلاط وأمره بالقبض على الحاجب) عليّ، ولم نعلم سبباً يوجب القبض عليه، لأنّه كان مستقيماً عليه ناصحاً له، حسن السيرة. لقد وقف هذه المدّة الطويلة في وجه جلال الدّين خوارزم شاه، وحفظ خلاط حفظاً يعجز عنه غيره. وكان كثير الخير لا يمكّن أحداً من ظلم، وعمل كثيراً من أعمال البرّ: من الخانات، والمساجد، وبنى بخلاط جامعاً، وبيمارستاناً. قبض عليه أيبك، ثمّ قتله غيلةً، فلم يمهل الله أيبك، ونازله خوارزم شاه وأخذ خلاط، وأسر أيبك وغيره من الأمراء. فلمّا اتّفق هو والأشرف أطلق الجميع، وقيل: بل قتل أيبك.
4 (عليّ بن ثابت بن طاهر البغداديّ. أبو الحسن، النعّال.)
سمع العزّلة للآجريّ من المبارك بن محمد البادرائيّ. وكان صالحاً، حافظاً للقرآن. مات في جمادى الأولى.
4 (عليّ بن صالح. أبو الحسن، المصريّ، المقرئ.)

(45/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 257
صاحب أبي القاسم الشاطبيّ. كان من قرية بمصر اسمها قلين. ورّخه أبو شامة.
4 (عليّ بن محمد بن أبي العافية.)
أبو الحسن، اللّخميّ، المرسيّ، القسطليّ. سمع من: أبي عبد الله بن سعادة، وأبي عبد الله بن عبد الرحيم، وصهره أبي القاسم عبد الرحمن بن حبيش. قال ابن مسدي: رأس بلده ورئيسها، ونفسها ونفيسها، قدّمته الأيام فقام بعينها، واستخرج الله بن مكنون خبئها. وكان عدلاً في أحكامه، عدلاً لأيامه، سديد القولة، شديد الصّولة قتل صبراً. قال الأبّار: ولي قضاء مرسية، وبلنسية، وشاطبة. وكان جزلاً مهيباً، وكان بالرؤساء أشبه منه بالقضاة والفقهاء، وأضرّ بأخرةٍ. وعلى ذلك فكان يتولّى الأعمال، يتعسّف الطّرق، وأثار فتنةً جرّت هلاكه، فقتل بمرسية في جمادى الأولى عن اثنتين وسبعين سنة.
4 (عليّ بن محمد بن عبد الرحمن.)
القاضي، الأكمل، أبو المناقب، الأنصاريّ، الكاتب. من كبار الكتّاب بالدّيار المصرية. روى عن الخشوعيّ، وغيره.) وتوفّي في شعبان عن نحو ثمانين سنة.

(45/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 258
4 (عليّ بن مظفّر بن عليّ بن نعيم. أبو الحسين، ابن الحبير، البغداديّ، التاجر، الرجل)
الصالح. ولد سنة ستّ وأربعين. وحدّث عن أبي الفتح بن البطّي. ولي نظر الحرم الشريف. وتوفّي بمكّة في صفر.
4 (عليّ بن أبي بكر بن محمد.)
أبو الحسن، التّجيبيّ، الشّاطبيّ، المقرئ. اشتغل بالقراءآت والعربية بالمغرب. وصحب بمصر أبا القاسم بن فيرّة الشّاطبيّ. وتوفّي بدمشق في رمضان. ذكره أبو شامة وقال: كان كثير التّغفّل. قلت: هو جدّ شيخنا عليّ بن يحيى، وشيخ الإمام أبي عبد الله الفاسي في سماع الرائية. وقد قرأ بالسبع على الشّاطبيّ. وكان يدري القراءآت والعربية. أثنى عليه الكنديّ، والمشايخ الكبار بدمشق، وكتبوا بكمال أهليته في محضر. وكان شيخ حلّة ابن طاووس. سمع منه ولده يحيى التّيسير في سنة ثمان عشرة وستمائة.

(45/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 259
قال البرزاليّ: رأيت محضراً كبت للشيخ جمال الدّين فيه خطّ جماعة، فكتب له الكنديّ: هو حافظٌ، أديبٌ فاضلٌ، قاريء متقنٌ مجوّد، يضرب في هذين الفنّين بسهمٍ وافٍ، وحظٍّ وافر.
4 (حرف الفاء)

4 (فاضل بن نجا بن منصور. أبو المجد، المخيليّ.)
ومخيل: بقرب برقة. روى عن السّلفيّ. ومات بالإسكندرية يوم عرفة.
4 (فرحة بنت سلطان بن مسلم. أم يونس، الحربيّة.)
روت عن: عبد الرحمن بن زيد الورّاق. وماتت في رمضان.) روى عنها: ابن النّجّار.
4 (الفضل بن عقيل بن عثمان بن عبد القاهر بن الربيع.)
الشريف، بهاء الدّين، أبو المحاسن، الهاشميّ، العبّاسيّ، الدّمشقيّ، الشّروطيّ، الفرضيّ، المعدّل. ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وسمع من: حسّان بن تميم الزّيّات، وأبي القاسم بن عساكر. وكان بصيراً بكتابة السّجلاّت، مليح الخطّ، كثير المحفوظ، حلو الكلام. تفقّه على أبي الحسن عليّ ابن الماسح، وأبي سعد بن أبي عصرون. وكتب الكثير في الشّروط. وسمع منه جماعة.

(45/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 260
أخبرنا محمد بن هاشم العبّاسيّ، أخبرنا جدّي لأمّي أبو المحاسن الفضل ابن عقيل، أخبرنا حسّان بن تميم، وأخبرنا نصر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا سليم ابن أيوب الفقيه، أخبرنا أحمد بن محمد بن القاسم، أخبرنا أبو علي الصّفّار، حدّثنا أحمد بن منصور، حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزّهري، أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن حارثة بن النّعمان قال: مررت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه جبريل جالسٌ بالمقاعد، فسلّمت عليه، واجتزت، فلمّا رجعت، وانصرف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لي: هل رأيت الّذي كان معي قلت: نعم. قال: فإنّه جبريل، وقد ردّ عليك السّلام. توفّي البهاء في سادس ذي القعدة.
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن القاسم بن عمر بن منصور.)
العلاّمة، أبو محمد، الواسطيّ. قرأ القراءآت على أبي بكر ابن الباقلاّنيّ. وسمع الكثير من كتب اللّغة، وبرع في علم اللّسان، وألّف كتباً مفيدةً في ذلك. وسكن حلب زماناً إلى أن توفّي في ربيع الأول سنة ستّ. ذكره الموقانيّ في تعاليقه.

(45/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 261
4 (حرف اللام)
)
4 (لبابة بنت أحمد بن صالح بن شافع. أم الفضل، البغدادية.)
من أولاد الشيوخ. روت عن المبارك بن المبارك بن الحكم. وماتت في ربيع الآخر.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن صلتان. أبو عبد الله، الأنصاريّ، الجيّانيّ، البلنسيّ، المقرئ.)
سمع من ابن بشكوال. وقرأ بالسبع على ابن حميد بمرسية. وأخذ عنه ابن مسدي في سنة خمس وعشرين، ولم يذكر وفاته. ولد سنة.
4 (محمد بن إبراهيم بن معالي. أبو عبد الله، البغدادي، القزّاز، المعروف بابن المغازليّ.)
سمع من: ابن البطّي. روى لنا عنه: الأبرقوهيّ جزء البانياسيّ. وروى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار. وكان شيخاً صالحاً. توفّي في منصف المحرّم.

(45/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 262
4 (محمد بن إسماعيل بن أبي البقاء بن عبد القويّ بن عمّار.)
عزّ القضاة، أبو البركات، القرشيّ، المصريّ، المعروف بابن الجميل. سمع من عبد الله بن محمد ابن المجلّي، وغيره. ونسخ كثيراً. وتوفّي في المحرّم.
4 (محمد بن الحسين بن موفّق. أبو عبد الله، الأندلسيّ.)
ولي خطابة جزيرة ميورقة مديدةً. وروى الحديث. قال الأبّار: وكان فقيهاً مشارواً، ويعرف العربية. وله كتاب في القراءآت سمّاه الميسّر. وتوفّي في شعبان قبل الكائنة العظمى من قبل الروم على ميورقة بنحوٍ من ستّة أشهر.
4 (محمد بن عبد الله بن عليّ بن زهرة بن عليّ.)
أبو حامد، العلويّ، الحسيني، الإسحاقيّ، الحلبيّ، الشّيعيّ. روى عن: عمّه أبي المكارم حمزة بن عليّ، وعنه مجد الدّين العديميّ وقال: مات في جمادى الأولى وله ستّون سنة.) وكان فقيهاً يعدّ من علمائهم.
4 (محمد بن محمد بن أبي حرب بن عبد الصّمد.)
أبو الحسن، ابن النّرسيّ، البغداديّ، الكاتب، الشّاعر. ولد سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة.

(45/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 263
وسمع: من أبي محمد ابن المادح، وأبي المظفّر هبة الله ابن الشّبليّ، وابن البطّي، وأحمد بن المقرّب، وغيرهم. وله ديوان شعر. وكان من ظرفاء بغداد. وله النظم والنّثر والنّوادر السائرة. ثمّ شاخ وأقعده الزمان، ومسّه الفقر، وكسد سوقه. روى عنه: الدّبيثيّ، والسيف ابن المجد، وابن الحاجب، والجمال يحيى ابن الصّيرفيّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، وآخرون. وسمعنا بإجازته على شرف الدّين اليونينيّ، وفاطمة بنت سليمان. ومن جملة ما عنده: الثاني من مسند ابن مسعود لابن صاعد، سمعه من ابن المادح، والأوّل من حديث ابن زنبور عن التّمّار، ومسند حميد عن أنس لأبي بكر الشافعيّ سمعه من ابن البطّي، وجزء البانياسيّ سمعه من ابن البطّي وسمع منه كتاب الاستيعاب لابن عبد البرّ بفوتٍ وأشياء. أنشدنا أبو الحسين اليونينيّ عن محمد بن محمد بن أبي حرب، لنفسه:
(إن كان ميثاق عهدي بالصريم وهى .......... وحال من دونه يا ميّ أعذار)

(فهل حداة مطاياهم تخبّرني .......... أأنجدوا أم ترى من بعدنا غاروا)

(واحرّ قلباه منّي يوم بينهم .......... إذا خلت من أنسها الدّار)

(فلا تثنّى قضيب البان بعدهم .......... ولا تمتّع من قرب الحمى جار)

(ولا صبا قلب ذي وجدٍ بغنية .......... ولا تحرّك في المزموم أوتار)

(حتّى أبثّهم الشّكوى وتكنفنا .......... دارٌ بنجدٍ وعذّالٌ وسمّار)
وتوفّي في تاسع عشر جمادى الآخرة. قال ابن النّجّار: كان ناظراً على عقار الخليفة مدّة، ثمّ عزل واعتقل مدّةً، ثمّ خدم في قلعة تكريت، ثمّ حبس مدّةً طويلةً ولم يستخدم بعدها لسوء عشيرته وظلمه وتعدّيه، وخبث طويّته. وكان يطلب من الناس، ويأخذ الصّدقة.)

(45/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 264
4 (محمد بن أبي المعالي بن أبي الكرم.)
أبو عبد الله، ابن البوريّ. شيخٌ بغداديّ. حدّث عن عبد الحقّ اليوسفي. ومات في شوّال. روى عنه ابن النّجّار بالإجازة.
4 (محمد بن أبي نصر بن جيلشير.)
أبو عبد الله، الهمذانيّ، المقرئ. من كبار القرّاء وحذّاقهم. أقرأ، وحدّث عن أبي الفتح بن شاتيل. ومات في ذي القعدة.
4 (مسعود بن أحمد بن مسعود بن الحسين.)
أبو المظفر، البغداديّ، ابن الحلّيّ. يروي عن ظاعن الزّبيري. توفّي في جمادى الآخرة. أجاز لفاطمة بنت سليمان. مسعود بن أبي بكر بن شكر بن علاّن المقدسيّ، الصّالحيّ. حدّث عن يحيى الثقفيّ. وتوفّي في ربيع الآخر.

(45/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 265
روى عنه الشمس ابن الكمال.
4 (المهذّب بن عليّ بن أبي نصر هبة الله بن عبد الله. الشيخ الصالح، أبو نصر، الأزجيّ،)
الخيّاط، المقرئ، المعروف بابن قنيدة. سمع: أبا الوقت، وابن البطّي، وأبا زرعة، وابن هبيرة الوزير. روى عنه: الدّبيثيّ، والسّيف، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين. وآخر من روى عنه العماد إسماعيل ابن الطّبّال شيخ المستنصرية. وقرأت بخطّ ابن نقطة: أن ابن قنيدة سمع صحيح البخاريّ، ومسند الدّارميّ، ومنتخب عبد بن حميد، ومسند الشافعيّ. وكان سماعه صحيحاً. وتوفّي في الثالث والعشرين من شوّال، وقد جاوز الثمانين.
4 (موسى ابن الفقيه عليّ بن فيّاض بن عليّ.)
) الإمام أبو عمران، الأزديّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ. درّس، وأفتى. وحدّث عن السّلفيّ. وكان أبوه من أصحاب أبي بكر الطّرطوشيّ. توفّي في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة.

(45/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 266
حرف الياء

4 (ياقوت بن عبد الله، شهاب الدّين، الرّوميّ. الحمويّ، البغداديّ.)
ابتاعه وهو صغير عسكرٌ الحمويّ التّاجر ببغداد، وعلّمه الخطّ. فلما كبر قرأ النّحو واللّغة، وشغّله مولاه بالأسفار في التّجارة، ثمّ جرت بينه وبين مولاه أمور أوجبت عتقه، وإبعاده عنه. فاشتغل بالنّسخ بالأجرة، فحصل له اطّلاعٌ ومعرفة. وكان من الأذكياء. ثمّ أعطاه مولاه بضاعةً فسافر له إلى كيش. ثمّ مات مولاه، وحصل شيئاً كان يسافر به. وكان منحرفاً فإنّه طالع كتب الخوارج، فوقر في ذهنه شيء. ودخل دمشق سنة ثلاث عشرة، فتناظر هو وإنسان، فبدا منه تنقّصٌ لعليّ رضي الله عنه، فثار النّاس عليه وكادوا يقتلونه، فهرب إلى حلب ثمّ إلى الموصل وإربل ودخل خراسان، واستوطن مرو يتّجر، ثمّ دخل خوارزم، فصادفه خروج التّتار فانهزم بنفسه، وقاسى الشّدائد، وتوصّل إلى الموصل وهو فقير دائر، ثمّ قدم حلب فأقام في خان بظاهرها. وقد ذكره شرف الدّين أبو البركات ابن المستوفي فقال: صنّف كتاباً سمّاه إرشاد الألبّاء إلى معرفة الأدباء في أربع مجلّدات كبار، وكتاباً في أخبار الشعراء المتأخرين، وكتب معجم البلدان، وكتاب معجم الأدباء، وكتاب

(45/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 267
معجم الشعراء، وكتاب المشترك وضعاً والمختلف صعقاً، وكتاب المبدأ والمآل في التّاريخ، وكتاب الدّول، وكتاب المقتضب في النّسب. وكان أديباً شاعراً، مؤرخاً، أخبارياً، متفنّناً. ذكره القاضي جمال الدّين عليّ بن يوسف القفطيّ الوزير في تاريخ المنّحاة له، وانّه كتب إليه رسالةً من الوصل شرحاً لما تمّ على خراسان منها. وقد كان المملوك لمّا فراق مولاه أراد استعتاب الدّهر الكافح، واستدرار خلف الزّمان الجامح، اغتراراً بأنّ في الحركة بركة، والاغتراب داعية الاكتساب، فامتطى غارب الأمل إلى الغربة، وركب ركوب يصحب له دهره الحرون، ولا رقّ له زمانه المفتون.
(إنّ الليالي والأيّام لو سئلت .......... عن عتب أنفسها لم تكتم الخبرا)
) وهيهات مع حرفة الأدب، بلوغ وطرٍ أو ذاك أرب، ومع عبوس الحظ، ابتسام الدّهر الفظّ. ولم أزل مع الدّهر في تفنيدٍ وعتاب، حتّى

(45/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 268
رضيت من الغنيمة بالإياب. وكان المقام بمرو الشّاهجان إلى أن حدث بخراسان ما حدث من الخراب، والويل المبير واليباب. وكانت لعمر الله بلاداً مونقة الأرجاء رائقة الأنحاء، ذات رياض أريضة، وأهوية صحيحة مريضة، قد تغنّت أطيارها، فتمايلت أشجارها، وبكت أنهارها، فتضاحكت أزهارها، وطاب روح نسيمها، فصحّ مزاج إقليمها. إلى أن قال: جملةٌ أمرها أنّها كانت أنموذج الجنّة لا مينٍ، فيها ما تشتهي الأنفس، وتلذّ العين. إلى أن قال في وصف أهلها: أطفاله رجال، وشبّانهم أبطال وشيوخهم أبدال. ومن العجب العجاب أنّ سلطانهم المالك، هان عليه ترك تلك الممالك، وقال: يا نفس الهوى لك، وإلاّ فأنت في الهوالك، فجاس خلال تلك الدّيار أهل الكفر والإلحاد، وتحكّم في تلك الأبشار أولو الزّيغ والعناد، فأصبحت تلك القصور، كالممحو من السّطور، وآضت تلك الأوطان، مأوى للأصداء والغربان يستوحش فيها الأنيس، ويرثي لمصابها الأوطان، مأوى للأصداء والغربان يستوحش فيها الأنيس، ويرثي لمصابها إبليس، ف إنّا لله وإنّا إليه راجعون من حادثةٍ تقصم الظّهر، وتهدم

(45/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 269
العمر، وتوهي الجلد، وتضاعف الكمد، فحينئذٍ تقهقر المملوك على عقبه ناكساً، ومن الأوبئة إلى حيث تستقرّ في النفس أيساً بقلبٍ واجب، ودمع ساكب، ولبّ عازب وحلم غائب، وتوصّل، وما كاد حتّى استقرّ بالموصل بعد مقاساة أخطار، وابتلاءْ واصطبار، وتمحيص أوزار، وإشرافٍ غير مرةٍ على البوار والتبار، لأنّه مرّ بين سيوفٍ مسلولة، وعساكر مغلوبة، ونظام عقود محلولة ودماءٍ مسكوبةٍ مطلولة. وكان شعاره كلّما علا قتباً، أو قطع سبسباً لقد لقينا من سفرنا من هذا نصباً فالحمد لله الّذي أقدرنا على الحمد، وأولادنا نعماء تفوت الحرص والعدّ. ولولا فسحة الأجل لعزّ أن الحمد، وأولادنا نعماء تفوت الحصر والعد. ولولا فسحة الأجل لعزّ أن يقال: سلم البائس أو وصل ولصفّق عليه أهل الوداد صفقة المغبون، وألحق بألف ألف هالك بأيدي الكفار أو يزيدون. وبعد، فليس للمملوك ما سيلّي به خاطره، ويعد به قلبه وناظره إلاّ التّعليل بإزاحة العلل، إذا هو بالحضرة الشريفة مثل. ولد ياقوت سنة أربعٍ أو خمسٍ وسبعين وخمسمائة.)

(45/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 270
ومات في العشرين من رمضان سنة ستّ هذه. وكان قد سمّى نفسه يعقوب. ووقف كتبه ببغداد على مشهد الزّيديّ. قال ابن النّجّار: أنشدني ياقوت الحمويّ لنفسه:
(أقول لقلبي وهو في الغيّ جامحٌ .......... أما آن للجهل القديم يزول)

(أطعت مهاةً في الحذار خريدةً .......... وأنت على أسد الفلاة تصول)

(ولمّا رأيت الوصل قد حيل دونه .......... وأن لقاكم ما إليه وصول)

(لبست رداء الصّبر لا عن ملالةٍ .......... ولكنّي للضّيم فيك حمول)

(45/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 271
4 (يعقوب بن صابر بن بركات. الأديب، أبو يوسف، القرشيّ، الحرّانيّ، ثمّ البغداديّ،)
المنجنيقيّ، الشاعر. له ديوان. وكان من فحول الشعراء بالعراق. ولد سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من هبة الله بن عبد الله ابن السمرقنديّ. وحدّث. كتب عنه ابن الحاجب، وغيره. ومن شعره:
(شكوت منه إليه جوره فبكى .......... واحمرّ من خجلٍ واصفرّ من وجل)

(فالورد والياسمين الغضّ منغمسٌ .......... في الطّلّ بين البكا والعذر والعذل)
توفّي في صفر. وكان مقدّم المنجنيقيّين ببغداد. وما زال مغرىً بآداب السيف والقلم وصناعة السلاح والرياضة. اشتهر بذلك فلم يلحقه أحدٌ في عصره، في درايته وفهمه، لذلك صنّف كتاباً سمّاه عمدة المسالك في سياسة الممالك يتضمّن أحوال الحروب وتعبئتها وفتح الثغور وبناء الحصون وأحوال الفروسية والهندسة إلى أشباه ذلك. وكان شيخاً لطيفاً، كثير التّواضع والتّودّد، شريف النّفس، طيّب المحاورة، بديع النّظم. وكان ذا منزلةٍ عظيمة عند الإمام النّاصر. روى عنه العفيف عليّ بن عدلان المترجم الموصليّ. وقد طوّل ابن خلّكان ترجمته في خمس ورقات وقال: لقبه نجم

(45/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 272
الدّين بن صابر. ومن شعره) في جاريته السوداء.
(وجاريةٍ من بنات الحبوس .......... بذات جفون صحاحٍ مراض)

(تعشّقتها للتّصابي فشبت .......... غراماً ولم أك بالشّيب راض)

(وكنت أعيّرها بالسّواد .......... فصارت تعيّرني بالبياض)

4 (يعيش بن عليّ بن يعيش بن مسعود بن القديم الأنصاري.)
الشّبليّ، الأندلسيّ، أبو البقاء وأبو محمد وأبو الحسن. روى عنك أبي القاسم القنطريّ، وأبي الحسن عقيل، وموسى بن قاسم، وأبي عبد الله بن زرقون، وجماعة. وأجاز له أبو القاسم بن بشكوال، وأبو الحسن الزّهريّ. وفي مشايخه كثرة. وقد سمع بفاس من أبي عبد الله بن الرّمّامة، وعليّ ابن الحسين اللّواتيّ، وأبي عبد الله بن خليل الإشبيليّ. وكان من أهل المعرفة بالقراءآت، والإكثار من الحديث مع الضّبط والعدالة. وألف فضائل مالك، وكتاباً في القراءآت. حدّث عنه: أبو الحسن ابن القطّان، وأبو العباس النّباتيّ، وأبو بكر بن غلبون، وجماعة. ومن المكثرين عنه ابن فرتون، وقال: عاش سبعاً وتسعين سنة. وقال ابن مسدي: شيخنا أبو البقاء نزيل فاس، أعذب من لقينا بالقرآن لساناً، كتب بخطّه نيّفاً على خمسمائة مجلّد. أخذ القراءآت عن عقيل بن العقل الخولانيّ، وعن موسى بن القاسم. وسمع من جماعة، تفرّد عنهم، ولم يزل يسمع إلى حين وفاته.

(45/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 273
إلى أن قال ابن مسدي: ذكرت لشيخنا ابن القديم يوماً إجازة الفقيه أبي الوليد بن رشد لكلّ من شاء الرواية عنه، فقال: ذكّرتني، وأنا أحبّ الرواية عنه، إشهد عليّ أنّ قد قبلت هذه الإجازة. فقلت أنا: فافعل أنت مثله. فقال: واشهد عليّ أنّي قد أجزت لكلّ من أحب الرواية عن. وهذا في رمضان سنة وقد وقفت على إجازة له بالقراءآت في سنة. قرأت عليه بالعشر. وأخبرنا أنّ مولده سنة سبع عشرة وخمسمائة بشلب، ومات على ما بلغني سنة أربعٍ وعشرين وستمائة. وقال الأبّار: مات سنة.)
4 (يوسف بن أبي بكر بن محمد بن عليّ.)
أبو يعقوب السّكّاكيّ، سراج الدّين، الخوارزميّ. إمامٌ في النّحو والتّصريف وعلمي المعاني والبيان، والاستدلال، والعروض، والشّعر. وله النّصيب الوافر في علم الكلام، وسائر فنون العلوم. من رأى مصنّفه، علم تبحّره ونبله وفضله. توفّي في هذه السنة بخوارزم.
4 (أبو يوسف، السّلطان الملك المسعود ويدعى آقسيس. ابن

(45/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 274
السلطان الملك الكامل محمد ابن)
العادل. صاحب اليمن ومكّة. ملكها تسع عشرة سنة. وكان أبوه وجدّه قد جهّزا معه جيشاً، فدخل اليمن وتملّكها. وكان فارساً، شجاعاً، مهيباً، ذا سطوة، وزعارّة، وعسفٍ، وظلمٍ. لكنّه قمع الخوارج باليمن، وطرد الزّيدية عن مكّة، وأمّن الحاجّ بها. قال ابن المظفّر الجوزيّ: لمّا بلغ آقسيس موت عمّه الملك المعظّم تجهّز ليأخذ الشام، وكان ثقله في خمسمائة مركب، ومعه ألف خادم، ومائة قنطار عنبر وعود، ومائة ألف ثوب، ومائة صندوق أموال وجواهر. وسار إلى مكّة يعني من اليمن فدخلها وقد أصابه فالجٌ، ويبست يداه ورجلاه. ولمّا اسحتضر قال: والله ما أرضى من مالي كفناً. وبعث إلى فقيرٍ مغربيّ فقال: تصدّق عليّ بكفن، ودفن بالمعلى. وبلغني أنّ والده سرّ بموته، ولمّا جاءه موته مع خزنداره ما سأله: كيف مات بل قال له: كم معك من المال. وكان المسعود سيّء السيرة مع التّجّار، يرتكب المعاصي ولا يهاب مكّة، بل يشرب الخمر، ويرمي بالبندق، فربّما علا البندق على البيت.

(45/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 275
وقال ابن الأثير: سار الملك المسعود آتسز إلى مكّة وصاحبها حينئذٍ حسن بن قتادة بن إدريس العلويّ كان قد ملكها بعد أبيه، فأساء إلى الأشراف والعبيد، فلقيه آتسز فتقاتلا ببطن مكّة، فانهزم حسن وأصحابه، ونهب آتسز مكّة. فحدّثني بعض المجاورين أنّهم نهبوها حتّى أخذوا الثّياب عن النّاس وأفقروهم. وأمر آتسز أن ينبش قبر قتادة ويحرق. فظهر التّابوت، فلم يروا فيه شيئاً فعلموا حينئذٍ أنّ الحسن دفن أباه سرّاً. قلت: توفّي في جمادى الآخرة. وخلّف ابناً وهو الصالح يوسف بقي إلى سنة بضعٍ وأربعين.)
4 (وفيها ولد)
شيخنا جمال الدّين أحمد ابن الظّاهريّ، في شوّال بحلب. والفخر محمد بن يحيى ابن الصّيرفيّ الحرّانيّ بها. والعماد يحيى بن أحمد الحسنيّ الشريف البصرويّ، بدمشق. وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن الأنجب ابن الكسّار، ببغداد. والأمي أحمد بن أبي بكر بن رسلان البعلبكّيّ، بدمشق. وقاضي القضاة شهاب الدّين محمد بن أحمد بن الخليل ابن الخوييّ الشافعيّ، في شوّال. والنّجم أحمد بن أبي بكر بن حمزة الهمذانيّ ابن الحنيبليّ. والفخر محمد بن محمد بن الحسين بن عبد السّلام السّفاقسيّ، بالإسكندرية. والجمال إبراهيم بن عليّ ابن الحبوبيّ، بدمشق. وأبو بكر ابن الزّين بن عبد الدّائم، بكفربطنا. وإبراهيم بن عنبر الحبشيّ، قيّم الماردانية.

(45/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 276
وعيسى بن عبد الرحمن المطعّم. وهديّة بنت عليّ بن عسكر الهرّاس. وفاطمة بنت عبد الرحمن أخت ابن الفرّاء. وأبو المحاسن بن أبي الحرم ابن الخرقيّ. وداود بن يحيى الفقير الحريريّ. والكمال عليّ بن محمد بن حسين الفرنثيّ. والعفيف عبد القويّ بن عبد الكريم أخي الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ. وأحمد بن عبد الرحيم بن عازر اللّحّام الصالحيّ. والشيخ عليّ بن محمد بن هارون الثّعلبيّ، بدمشق. وكمال الدّين أحمد بن أبي الفتح ابن العطّار الكاتب، بدمشق. وقيل: بل ولد سنة سبع.

(45/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 277
4 (وفيات سنة سبع وعشرين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أبي الفتح أحمد بن موسى.)
) الشريف، أبو العباس، الجعفريّ، البغداديّ، النقيب. حدّث عن أبي طالب بن خضير، وغيره. وتوفّي في شوّال. قال ابن الحاجب: كان مغفّلاً، كنّا نقرأ عليه حكايات أشعب فيبكي.
4 (أحمد بن إبراهيم بن أبي العلاء بن أحمد بن حسّان.)
أبو العباس، الأزديّ، الحمصيّ، ثم الدمشقيّ. سمع من: أبي سعد بن أبي عصرون، ويحيى الثّقفيّ، وجماعة. وسمع بمصر من البوصيريّ. وحدّث. ومات في المحرّم. روى عنه الأبرقوهيّ بالإجازة.
4 (أحمد بن إبراهيم بن عبد الملك بن مطرّف.)

(45/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 278
أبو جعفر، التّميميّ، الأندلسيّ. رحل إلى المشرق أربع مرّات أولها سنة سبعين وخمسمائة. وسمع من الفقيه أبي الطّاهر بن عوف بالإسكندرية، ومن عمر الميانشيّ والمبارك ابن الطّبّاخ بمكّة. وكان رئيساً واصلاً عند ملوك المغرب، فجرت على يديه قربٌ كثيرة. وله بالحرمين أوقاف وبرٌّ. وتوفّي بسبتة في صفر. وقد حدّث. قاله الأبّار. وقال ابن مسدي عنه: دخلت الإسكندرية سنة تسعٍ وستّين، وفتحت له الدّنيا فصار يلبس الثياب الثّمينة، وعلى جلده جبّة مرقّعةٌ، ذكر: أنّ أبا مدين أعطاه إيّاها. وكان له أورادٌ. وكان كثير الحكايات لكنّه أغرب بأشياء، فأبهمت أمره، وأشكلت عرفه ونكره. ولد على رأس الأربعين، وقال لي: إنّه سمع من السّلفيّ، وببجاية من عبد الحقّ.
4 (أحمد بن أبي السعود بن حسّان.)
أبو الفضل، البغداديّ، الرّصافيّ، الكاتب المجوّد. كان فائق الخطّ، كتب الكثير وجوّد عليه جماعةٌ ببغداد. وكان متديّناً، حسن الأخلاق، متودّداً، لديه فضلٌ، وأدبٌ. حجّ فأدركه الأجل بمكّة بعد قضاء) نسكه في ذي الحجّة.

(45/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 279
روى عنه ابن النّجّار أبياتاً من شعره.
4 (أحمد بن فهد العلثيّ. أبو العبّاس الفقيه.)
توفّي ببغداد في شعبان.
4 (أحمد بن محمد بن جابر. قاضي قضاة إفريقية، أبو العباس، الهواريّ، المالكيّ.)
سمع من: محمد بن إبراهيم ابن الفخّار، ونجبة بن يحيى لمّا قدما تونس، ومن جماعة. وعاش سبعين سنة. أخذ عنه ابن مسدي.
4 (أحمد بن محمد بن عبد الله بن منتال.)
أبو القاسم، الأزديّ، المرسيّ. سمع: أبا القاسم عبد الرحمن بن حبيش، وأبا عبد الله بن حميد. وحدّث. توفّي في ربيع الأوّل.
4 (إسماعيل بن أبي الفتوح محمد ابن البوّاب. أبو العزّ، البغداديّ، توفّي في شوّال.)

(45/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 280
سمع مسلم بن ثابت. قال ابن النّجّار: كتب عنه، ولا بأس به.
4 (أفضل، واسمه محمد، بن أبي البركات المبارك بن عبد الجليل بن أبي تمام. الشريف، أبو)
الفضل، الهاشميّ، الحريميّ، الخطيب، المعروف بابن الشّنكاتيّ. ولد سنة أربعين وخمسمائة. وسمع من: أبي المعالي محمد ابن اللّحّاس، وأحمد بن عليّ النّقيب، وأبي المكارم محمد بن أحمد الطّاهريّ، وعمر بن بنيمان، وشهدة، وطائفة. وشهد عند القضاة، وولي خطابة جامع المنصور، ثمّ خطابة جامع القصر. وحدّث. والشّنكاتيّ: بشين معجمة ونون وتاء مثنّاة.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن محمد بن الحسن بن تركي.)
أبو عليّ، الإسكندرانيّ، العدل. ولد سنة خمسين وخمسمائة. وحدّث عن السّلفيّ. وهو من بيت عدالة وجلالة.) ومات في أول ذي الحجّة.
4 (الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله.)

(45/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 281
زين الأمناء، أبو البركات، ابن عساكر، الدّمشقيّ، الشّافعيّ. ولد في سلخ ربيعٍ الأول سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن أبي الحسن الدّرانيّ، وأبي العشائر محمد ابن خليل، وأبي المظفّر سعيد الفلكيّ، وأبي المكارم بن هلال، وعمّيه الصّائن هبة الله، وأبي القاسم الحافظ، وأبي القاسم الحسن بن الحسين ابن البنّ، وعبد الواحد بن إبراهيم بن القزّة، والخضر بن شبل الحارثيّ، وإبراهيم بن الحسن الحصينيّ، ومحمد بن أسعد العراقيّ، وعليّ بن أحمد بن مقاتل السوسيّ، وأبي النّجيب عبد القاهر السّهرورديّ، وأبي محمد الحسن بن عليّ البطليوسيّ، ومحمد بن حمزة ابن الموازينيّ، وحسّان بن تميم الزّيّات، وعليّ ابن مهديّ الهلاليّ، والمبارك بن عليّ، ومحمد بن محمد الكشميهنيّ وأخيه محمود، وعبد الرشيد بن عبد الجبّار بن محمد الخواريّ، ومحمد بن بركة الصّلحيّ، وداود بن محمد الخالديّ، وطائفة. روى عنه: البرزاليّ، وعزّ الدّين عليّ بن محمد بن الأثير، والزّكيّ المنذريّ، والكمال ابن العديم، وابنه أبو المجد، والزّين خالد، والشرف النابلسيّ، والجمال ابن الصّابونيّ، والشهاب القوصيّ وقال: سمعت منه سنن الدّارقطنيّ والشمس محمد ابن الكمال، وسعد الخير بن أبي القاسم، وأخوه نصر الله، وحفيده أمين الدّين عبد الصمد بن عبد الوهّاب. وحدّثنا عنه: الشرف أحمد بن هبة الله، والعماد عبد الحافظ بن بدران، والشهاب الأبرقوهيّ، وغيرهم. وكان شيخاً جليلاً، نبيلاً، صالحاً، خيّراً، متعبّداً، حسن الهدي، والسّمت، مليح التّواضع، كيّس المحاضرة، من سروات البلد. تفقّه على جمال الأئمّة أبي القاسم عليّ بن الحسن ابن الماسح. وقرأ برواية ابن عامر على أبي القاسم العمريّ، وتأدّب على عليّ بن عثمان السّلميّ.

(45/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 282
وولي نظر الخزانة، ونظر الأوقات، ثمّ ترك ذلك، وأقبل على شأنه وعبادته، وكان كثير الصّلاة حتّى إنّه لقّب السّجّاد. ولقد بالغ في وصفه عمر ابن الحاجب بأشياء لم أكتبها، وقد ضرب على بعضها السّيف. وقال السيف: سمعنا منه إلاّ أنّه كان كثير الالتفات في الصلاة.) ويقال: إنّه كان يشاري في الصلاة، ويشير بيده لمن يبتاع منه وقال ابن الحاجب: حجّ شيخنا وزار القدس. وسألت عنه البرزاليّ فقال: ثقةٌ، نبيلٌ، كريمٌ، صيّنٌ. توفّي في سحر يوم الجمعة سادس عشر صفر. وكان الجمع كثيراً، ودفن بجنب أخيه المفتي فخر الدّين عبد الرحمن. ورأيت الألسنة مجتمعةً على شكره، ووصف محاسنه رحمه الله. وقال أبو شامة: كان شيخاً صالحاً، كثير الصّلاة، والذّكر. أقعد في آخر عمره، فكان يحمل في محفّةٍ إلى الجامع وإلى دار الحديث النّورية، ليسمع عليه، وحضره خلق كثيرٌ. وعاش ثلاثاً وثمانين سنة. قلت: آخر من روى عنه بالإجازة تاج العرب بنت أبي الغنائم بن علاّن.
4 (حرف الخاء)

4 (الخضر، الملك الظافر.)
مظفر الدّين، أبو الدّوام. ويعرف بالمشمّر، ابن السلطان صلاح الدّين. وإنّما عرف بالمشمّر، لأنّ أباه لمّا قسم البلاد بين أولاده الكبار، قال هو: وأنا مشمّر. ولد بالقاهرة سنة ثمانٍ وستّين.

(45/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 283
وهو شقيق الملك الأفضل. توفّي بحرّان عند ابن عمّه الملك الأشرف موسى في جمادى الأولى. والأشرف قد مرّ بها لحرب الخوارزمية.
4 (حرف الراء)

4 (راجح بن إسماعيل بن أبي القاسم.)
أبو الوفاء، الأسديّ، الحلّيّ، الشاعر المشهور، شرف الدّين. صدرٌ نبيلٌ، مدح الملوك بالشام ومصر والجزيرة. وكان شاعراً أخبارياً. ولد سنة سبعين وخمسمائة بالحلّة. ومات في السابع والعشرين من شعبان. وروى شيئاً من نظمه بحلب وحرّان. وشعره كثير.)
4 (حرف الزاي)

4 (زكريا بن يحيى القطفتيّ.)
حدّث عن: أبي نصر يحيى بن السّدنك. ومات في جمادى الأولى.

(45/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 284
4 (حرف السين)

4 (سلامة بن صدقة بن سلامة.)
الفقيه البارع، أبو الخير، ابن الصّوليّ، الحرصانيّ. حدّث عن أبي السعادات نصر الله ابن القزّاز. والصّوليّ بالفتح: الإسكاف بلغة الحرّانيين. وأمّا محمد بن جعفر الصّوليّ، فمنسوب إلى صول: قرية بالصّعيد، سيأتي.
4 (سليمان بن أحمد بن إسماعيل بن أبي عطّاف. المقدسيّ، الفقيه الحنبليّ، نزيل حرّان.)
روى عن أحمد بن أبي الوفاء الصّائغ جزء ابن عرفة، رواه لنا عنه ابنه ابن العباس أحمد. وحدّث عنه الشيخ الضّياء، وغيره. وولد تقديراً سنة اثنتين وخمسين. وكان من أعيان الحنابلة وعلمائهم. توفّي في جمادى الأولى.

(45/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 285
4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن عليّ بن طاهر. أبو الحسن، الطّاهريّ.)
يقال: إنّه من ولد طاهر بن الحسين. توفّي في شوّال بحرّان. وحدّث عن أحمد بن أبي الوفاء.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن معالي بن أحمد.)
الفقيه، الإمام، أبو بكر، الرّيّانيّ، البغداديّ، الحنبليّ. تفقّه على أبي الفتح بن المنّي، وغيره. وسمع من شهدة. والرّيّان: محلة بشرقيّ بغداد. أمّا محمد بن أحمد الرّيّاني النّسائيّ، فنسبة إلى قرية من قرى) نسا، يروي عن أبي مصعب. توفّي أبو بكر في جمادى الأولى ببغداد.
4 (عبد الرحمن بن دحمان. أبو بكر، الأنصاريّ المالقيّ.)
أخذ القراءآت عن عمّه القاسم بن عبد الرحمن، وسمع منه ومن السّهيليّ، وأبي عبد الله ابن الفخّار. وذكره الأبّار فقال: كان من أهل الإتقان للقراءآت والعربيّة.
4 (عبد الرحمن بن عبد الملك بن بقاء بن طنطة.)
أبو محمد، الحريميّ.

(45/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 286
سمع من أحمد بن علي ابن المعمّر النّقيب. ومات في شوّال.
4 (عبد الرحمن بن أبي بكر عتيق بن عبد العزيز بن عليّ بن صيلا. أبو محمد، الحربيّ،)
المؤدّب. ولد سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة. وروى عن: أبيه، وأبي الوقت، وعبد الرحمن بن زيد الورّاق. روى عنه: السّيف، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والأبرقوهيّ، وجماعةٌ. وتوفّي في السادس والعشرين من ربيع الأول. سمع منه: ابن الواسطيّ، وابن الر... كتاب ذمّ الكلام.
4 (عبد الرحمن بن يخلفتن بن أحمد.)
أبو زيد، الفازازيّ، القرطبيّ، نزيل تلمسان. روى عن: أبي القاسم السّهيلي، وأبي الوليد بن بقيّ، وابن الفخّار، وطبقتهم. وكان شاعراً محسناً، بليغاً، فقيهاً، متكلّماً، لغوياً، كاتباً، كتب للأمراء زماناً. ومال إلى التصوّف. وكان شديداً على المبتدعة. مات بمرّاكش في ذي القعدة رحمه الله. أخذ عنه ابن مسدي وذكر: أنّ مولده بعد الخمسين. وقال: أنشدني لنفسه:

(45/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 287
(علم الحديث لكلّ علم حجّةٌ .......... فاشدد يديك به على التّعيين)
)
(وتوخّ أعدل طرقه واعمل بها .......... تعمل بعلم بصيرةٍ ويقين)
في أبيات منها:
(في كلّ عصرٍ للحديث أئمّةٌ .......... نابت عن القطّان وابن معين)

(خلفٌ عن السّلف الكرام ورايةٌ .......... موعودة البقيا ليوم الدّين)

4 (عبد الرّزاق بن حسن بن بالان.)
أبو محمد، المصموديّ، المغربيّ، ثمّ الدّمشقيّ. عاش خمساً وثمانين سنة. حدّث عن أبي المعالي بن صابر. وتوفّي في ربيع الأول.
4 (عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي منصور عليّ بن عليّ بن عبيد الله. علاء الدّين، أبو)
الحسين، البغداديّ، الصّوفيّ، ابن سكينة. من بيت مشيخة ورواية. ولد في صفر سنة ثمانٍ وأربعين. وسمع: أبا الوقت، وأبا المظفّر محمد بن أحمد التّريكيّ، ومحمود فورجة، وأحمد بن قفرجل، ويحيى بن عبد الرحمن ابن تاج القرّاء، والوزير الفلكيّ أبا المظفّر، وابن البطّي، وجماعةٌ. كتب عنه: ابن النجّار، وابن الحاجب، الدّبيثيّ، والسّيف، والشرف ابن النابلسيّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، وجماعةٌ. وسمع حضوراً من سعيد ابن البنّاء، ونصر العكبريّ. وتوفّي في الحادي والعشرين من صفر.

(45/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 288
وآخر من روى عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان. وكان متواضعاً، نسخ الكثير. وروى عنه المجد عبد العزيز الخليليّ أيضاً، والشمس ابن الزّين. وكان عنده جزء لوين عن فورجة. وثّقه ابن النجّار.
4 (عبد السّلام بن عبد الرحمن ابن الشيخ العارف أبي الحكم عبد السّلام بن عبد الرحمن بن)
أبي الرّجّال محمد بن عبد الرحمّن اللّخميّ، الإفريقيّ، المغربيّ. ثمّ الإشبيليّ، المعروف بابن برّجان، وهو مخفّف من ابن أبي الرّجّال. أخذ القراءآت عن: أبي الحسن سليمان بن أحمد، وأبي القاسم أحمد ابن محمد بن أبي هارون. وأخذ العربية واللّغة عن أبي إسحاق بن ملكون ولازمه كثيراً، وسمع منهم.) قال الأبّار: وكان من أحفظ أهل زمانه للّغة، مسلّماً ذلك له، ثقةً، صدوقاً. وله ردٌّ على أبي الحسن بن سيده. رأيته بإشبيلية. وأخذ عنه بعض أصحابنا. وكان رجلاً صالحاً منقبضاً عن الناس، مقبلاً على شأنه. توفّي في جمادى الأولى.
4 (عبد العزيز بن محمود بن عبد الرحمن.)
الفقيه، أبو محمد، المالكيّ، المعروف بالعصّار. من فضلاء المصريّين. قال المنذريّ: تفقّه، واشتغل بعلم الحديث، وأقبل عليه إقبالاً كثيراً، وجاور بمكّة مدّة. وكان على طريقة حسنة، يؤثر الانفراد وترك ما لا يعنيه، ويصحب الصالحين. وكتب بخطّه كثيراً. واختصر الجمع بين الصحيحين للحميدي.

(45/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 289
4 (عبد الغني بن محمد بن عبد الغني بن سلمة.)
أبو محمد، الغرناطيّ، الصّيدلانيّ. سمع أبا محمد بن الفرس، ولازمه نحواً من عشرين سنة، وسمع: أبا زيد السّهيليّ، وأبا عبد الله بن زرقون. وأجاز له أبو طاهر السّلفيّ، وغيره. قال الأبّار: في روايته عن ابن بشكوال نظرٌ. ولي قضاء ميورقة بعناية بعض الكتّاب. وكان لا يحسن الأحكام، ولم يكن مرضيّ الجملة، ولا صادقاً. وتوفّي في المحرّم قبل دخول الروم لعنهم الله ميورقة عنوةً بأيام.
4 (عبد الملك بن عبد الله بن محمد. أبو مروان، الفحصبليّ، المغربيّ، البونيّ، الصّيّاد)
السّمّاك، الزّاهد. رحل، وتفقّه بأبي الطّاهر بن عوف. ودرّس ببونة. أخذ عنه ابن مسدي وقال: مات في شعبان سنة سبع.
4 (عثمان بن عبد الرحمن بن حجاج.)
القاضي، أبو عمرو، التّوّزريّ. حجّ، وسمع من السّلفيّ، وابن عوف. ذكره ابن مسدي وأرّخه.
4 (عليّ بن إبراهيم بن أحمد بن حسّان.)
) أبو الحسن، البغداديّ، البزّاز. حدّث عن أبي الفتح بن شاتيل. ومات في شعبان.
4 (عمر بن أحمد بن عمر. أبو حفص، البغداديّ، الصّحراويّ.)
حدّث عن أبي الحسين عبد الحق. ومات في صفر.

(45/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 290
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن عليّ بن شريف. القاضي، أبو المنصور، المصريّ، البلبيسيّ، الشافعيّ، شرف)
الدّين، قاضي المحلّة. ولد سنة ستّ وستّين وخمسمائة بالقاهرة. وسمع من: الأرتاحيّ، والقاسم بن عساكر، والغزنويّ. وتفقّه على السّيف عليّ بن أبي عليّ الآمديّ لمّا كان بمصر، وهو من قدماء أصحابه. وأعاد بمدرسة الشافعيّ، وبالمدرسة الفاضلية. روى عنه الزّكيّ المنذريّ وقال: شريف: بالضّمّ.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن صالح بن شافع بن صالح بن حاتم.)
أبو المعالي، الجيليّ، ثمّ البغداديّ. ولد سنة أربعٍ وستّين وخمسمائة. سمّعه خاله: أبو بكر محمد بن مشّق من صالح ابن الرّخلة، وشهدة، وظفر بن محمد بن السّدنك، وعبد الحقّ اليوسفيّ، وأبي شار يحيى السّقلاطونيّ، وخلقٍ كثير. ثمّ طلب هو بنفسه وسمع الكثير، وعني بالحديث عنايةً جيّدة، وعدّ في أعيان الطّلبة. وكان ثقةً، مأموناً، كثير الإفادة، ديّناً، وقوراً، حسن السّمت، عارفاً بمذهب أحمد. من بيت العلم والدّيانة. أثنى عليه ابن نقطة، وابن النجّار، والدّبيثيّ. وأخذوا عنه.

(45/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 291
وروى عنه من المتأخّرين: أبو إسحاق ابن الواسطيّ، وأبو المعالي الأبرقوهيّ. ومات في رابع رجب. وكان أبوه من كبار المحدّثين، وجدّه الفقيه أبو محمد شافع هو الّذي قدم من جيلان وسكن) بغداد إلى أن مات بها في سنة ثلاثٍ وأربعين، وروى عن أبي الحسن ابن الطّيوريّ. قال ابن نقطة: أبو المعالي سمع من خلق كثيرٍ، وهو ثقة مأمون، مكثر، حسن السمت. قال عليّ بن أنجب ابن الخازن: ختمت علي القرآن تلقيناً، وسمعت بقراءته على جماعة. وكان صالحاً، وقوراً، خيّراً، يحضر عنده خلقٌ كثير لميعاده. قرأت على الأبرقوهيّ: أخبركم أبو المعالي بن شافع سنة عشرين وستمائة أنّ شهدة الكابت ة أخبرتهم، أخبرنا أبو عبد الله بن طلحة، أخبرنا محمود بن عمر، حدّثنا عليّ بن الفرج، حدّثنا أبو بكر عبد الله بن محمد، حدّثنا أبو هشام، حدّثنا ابن فضيل، حدّثنا عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من سأل النّاس تكثّراً فإنّما يسأل جمراً، فإن شاء فليقلّ، وإن شاء فليكثر. أخرجه مسلم.
4 (محمد بن أحمد بن حبّون.)
أبو بكر، المعافريّ، المرسيّ، الشّاعر. سمع: أبا القاسم بن حبيش، وأبا عبد الله بن حميد. قال الأبّار: أقرأ العربية. وكان له حظٌّ من قرض الشعر. وتوفّي في ذي الحجّة.

(45/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 292
4 (محمد بن أحمد بن عبد الودود البكريّ.)
أبو عبد الله، قاضي ميورقة. كان فقيهاً ذا فنونٍ. عدم في دخول الروم ميورقة في صفر.
4 (محمد بن أحمد بن عليّ بن الزّبير. أبو عبد الله، القضاعيّ، قاضي مدينة مربيطر.)
نحويٌّ، شاعرٌ محسنٌ. يروي عن أبي الحسن بن النّعمة. وأجاز له السّلفيّ.
4 (محمد بن إبراهيم بن محمد، الفقيه.)
أبو عبد الله، المراديّ، السّبتي، نزيل دمشق. اشتغل بفاس بعلم الأصول، وكان عارفاً به. ونسخ بخطّه شيئاً كثيراً. وكان يؤمّ بمسجد الجوزة. وكتب ممّا كتب مائة مجلّدة. ومات في شعبان. سمع بمرّاكش من: أبي محمد بن حوط الله، وأبي الحسن عليّ ابن الحصّار. وبمكّة من يونس الهاشميّ، وابن الحصريّ. وبمصر من ابن المفضّل الحافظ. وبدمشق من: الكنديّ، وابن) الحرستانيّ، وابن مندويه، وخلقٍ كثير. وعني بالحدي أتمّ عناية. وتوفّي في جمادى الأولى سنة سبعٍ وعشرين وستمائة.

(45/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 293
4 (محمد بن بهرام بن محمود بن بختيار الأتابكيّ.)
أبو عبد الله، ابن السّلار. من بيت إمرة وولاية. انقطع وترك الخدمة، ولازم الخمس في جماعةٍ. وكان كثير الصّمت. حدّث هو، وأبوه، وأخوه عبّاس. وولد بدمشق سنة ستّ أو سبعٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع: عليّ بن أحمد الحرستانيّ، وأبا المظفّر الفلكيّ، والحافظ أبا القاسم، وعبد الخالق بن أسد الحنفيّ. واختلط ذهنه من سنة ستّ وعشرين من مرضٍ لحقه. قاله ابن الحاجب وخرّج عنه أحاديث من جزء الرّافقيّ في معجمه. وروى عنه الزّكيّ البرزاليّ.
4 (محمد بن الحسن بن عبد الجليل بن أبي تمّام. أبو عبد الله، الهاشميّ، البغداديّ، الخطيب،)
ويعرف بابن الشّنكاتيّ. سمع: أبا المعالي ابن اللّحّاس، وأحمد بن محمد بن شنيف، وعمر بن بنيمان، وأحمد بن عليّ بن المعمّر النقيب، وطائفة. وكان شحيحاً، وسخاً، دنيئاً، يرابي ولا يزكّي. مات في ربيع الأوّل. قاله ابن النّجّار.
4 (محمد بن عامر بن فرقد بن خلف بن محمد بن فرقد.)
أبو القاسم، القرشيّ، الفهريّ، الأندلسيّ، نزيل إشبيلية.

(45/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 294
روى عن عمّ أبيه أبي إسحاق بن فرقد، وأبي بكر بن الجدّ، وأبي عبد الله بن زرقون. قال الأبار: كان ثقةً. توفّي في شوّال، وله خمسٌ وستّون سنة.
4 (محمد بن أبي الفهم عبد الوهّاب بن عبد الله بن عليّ بن أحمد. فخر الدين، أبو بكر،)
الأنصاريّ، الدّمشقيّ، العدل، المعروف بابن الشّيرجيّ. ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة بدمشق، وسمع بها: من أبي القاسم ابن عساكر، وأبي عبد الله بن أبي الصّقر. وتفقّه قليلاً على الإمام أبي سعد ابن أبي عصرون.) ورحل، وسمع من أبي طاهر السّلفيّ، وأبي محمد العثمانيّ. وحصّل، سماعاته. روى عنه الزّكيّان: البرزاليّ والمنذريّ، والشّهابان: القوصيّ والأبرقوهيّ، والشّرف عمر بن خواجا إمام، والشرف بن عساكر، والشّرف ابن النابلسيّ، وآخرون. وكان عدلاً، رئيساً، جليلاً، من سروات الدّمشقيّين. وكبارهم. مليح الخلق والخلق، ظريفاً، حلو النّادرة، حفظةً للأخبار والتّواريخ، صدوقاً فيما ينقله، وجيهاً عند الدّولة، مليح الخطّ. حدّث بدمشق ومصر. وولي ولايات ثمّ تركها. وكان له مضاربون في التّجارة. توفّي يوم عيد النّحر، ودفن بمقبرة باب الصغير.
4 (محمد بن عليّ بن الزّبير القضاعيّ. أبو عبد الله، الأنديّ.)

(45/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 295
سمع أبا الحسن بن النّعمة فأكثر. وأجاز له السّلفيّ، وأبو عبد الله بن سعيد الدّاني ابن غلام الفرس. روى عن الأبّار، والحافظ ابن مسدي. حدّث في هذه السّنة، ولا أعلم متى مات وكان في نيّفٍ وثمانين سنة. وقال ابن الغمّاز في مشيخته: الخطيب، الفقيه، والمحدّث، القضاعيّ المربيطريّ. أخذ عن جدّه لأمّه ابن النّعمة كثيراً، وقرأ عليه برنامجه. إلى أن قال: وولي الصّلاة، والخطبة ببلده. سمعت عليه بعض الموطّأ. وأجاز لي. ومات في سادس عشر جمادى الآخرة سنة سبعٍ وعشرين. قال: ومولده في جمادى الأولى سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة.
4 (محمد بن عليّ بن عبد الله.)
أبو عبد الله، البغداديّ، الفوطيّ، المقرئ. شيخٌ صالح، خيّرٌ، مشهورٌ بالأمانة والدّين. حدّث عن: أبي الحسين عبد الحقّ، وابن شاتيل. وتوفّي في رمضان.
4 (محمد بن عمر بن إبراهيم.)
أبو عبد الله، ابن الذّهبيّ، البغداديّ، التّاجر، الورّاق. ولد سنة خمسٍ وأربعين. وسمع من: أبي القاسم هبة الله الدّقّاق، وشهدة، وكان صالحاً، منقبضاً عن الناس. يسكن بمحلّة الظّفريّة.)

(45/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 296
توفّي في صفر في الثامن والعشرين منه. ونسخ الكثير بالأجرة. روى عنه ابن النّجّار الغرباء للآجرّيّ.
4 (محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن جعفر. الإمام، شرف الدين، أبو عبد الله، الأزديّ،)
الغسّانيّ، المصريّ، المالكيّ، المعروف بابن اللّهيب. ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وأخذ المذهب عن الإمام ظافر بن الحسين الأزديّ، وأبي البركات هبة الله ابن عبد المحسن. وناظر عند الظّهير الفارسيّ الحنفيّ. وسمع من أبي الجود المقريء، وجماعة. وتصدّر بالجماع العتيق. وكان بصيراً بالمذهب. ولي الوكالة السّلطانية ونظر دمياط. ثمّ درّس بالصاحبيّة بالقاهرة. وكان من الأذكياء الوصوفين. وله شعرٌ، وفضائل، وتفنّن. توفّي في ثامن عشر رجب. وفي بيته جماعةٌ فضلاء.
4 (محمد بن عطاء الله بن خلف بن محمد بن غنيّ.)
أبو عبد الله، الكلابيّ، البدويّ، الزّاهد، نزيل سفح قاسيون. سمع من: أبي عبد الله بن صدقة، ويحيى الثّقفيّ، وأحمد ابن الموازينيّ. ولازم أبا الخير سلامة الحدّاد، وأكثر عنه. وصار ينوب في محراب الحنابلة. ولد في حدود سنة ستّ وخمسين وخمسمائة. وكان معدوداً من العبّاد الأخيار المسابقين إلى الطّاعات. وكان يكرّر على مختصر الخرقيّ.

(45/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 297
كتب عنه: ابن الحاجب، وابن سلاّم، وغيرهما. وتوفّي بدمشق في ربيع الأوّل، وحمل إلى الجبل، وشيّعه خلق.
4 (محمد بن مقبل بن قاسم. أبو عبد الله، الياسريّ، البغداديّ.)
والياسرية: قرية منسوبة إلى ياسر مولى زبيدة. روى عن: أبي شاكر السّقلاطونيّ، ونصر الله القزّاز. ومات في جمادى الآخرة.
4 (محمد بن النفيس بن منجب بن أبي بكر، العدل، العالم، أبو عبد الله، البغداديّ، ابن الرّزّاز.)
) ولد سنة ستّ وستّين وخمسمائة. وسمع من: محمد بن المبارك الحلاوي، ويحيى بن بوش، وابن كليب، وذاكر بن كامل، وجماعة. وقرأ القراءآت، وتفقّه على مذهب أحمد على أبي إسحاق ابن الصّقّال. وتكلّم في مسائل، وناظر، وطلب الحديث، وقرأ، وحصّل الأصول. وكان ثقةً، نبيلاً. روى عنه ابن النجّار، وغيره. وبالإجازة أبو المعالي الأبرقوهيّ. قال ابن النّجّار: ما رأيت في الطّلبة أميز منه. كان ثقةً، ثبتاً.
4 (محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد. القاضي، الزّاهد، أبو غانم، ابن القاضي)
أبي المجد عبد الله بن محمد.

(45/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 298
وتفقه على مذهب أبي حنيفة. وتعبّد وانقطع إلى الصّلاة والصّيام والتّلاوة والمسجد. وعرض عليه قضاء حلب، فامتنع. وهو عمّ الصاحب كمال الدّين عمر. روى عنه هو، وولده القاضي أبو المجد. وكتب عنه عمر ابن الحاجب الأميني، وجماعةٌ. وتوفّي في الخامس والعشرين من شوّال. وقال ابن الأثير في آخر الكامل: فلو قال قائل: إنّه لم يكن في زمانه أعبد منه، لكان صادقاً، رضي الله عنه وأرضاه، فإنّه من جملة شيوخنا، سمعنا عليه الحديث. وقال شيخنا ابن الظّاهريّ: لقبه عمرو الدّين.
4 (مسعود بن صدقة بن عليّ بن مسعود.)
أبو المظفّر، الأنصاريّ، الأوسيّ، البغداديّ، الكاتب. حدّث عن شهدة. وتوفّي في رجب.
4 (حرف النون)

4 (نصر بن جرو بن عنان بن محفوظ.)
أبو الفتح، السّعديّ، المصريّ، الفقيه الحنفيّ. ولد قبل الخمسين. وتفقّه على الجمال عبد الله بن محمد بن سعد الله ابن الوزّان.) وسمع بالإسكندريّة من: السّلفيّ، وأبي طاهر بن عوف، وأبي طالب أحمد بن المسلّم، وجماعة، وبمصر من: منجب المرشديّ، وإسماعيل الزّيّات، وأبي المفاخر المأمونيّ، وجماعةٍ.

(45/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 299
وسكن طوخ مدّة. وقدم مصر في آخر عمره. وحدّث، روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره. وحدّثنا عنه أحمد بن عبد الكريم الأغلاقي، وكان شيخاً صالحاً، فاضلاً.
4 (نصر بن عبد الله بن عبد العزيز.)
أبو عمرو، الغافقي، الفرغليطيّ، القيحاطيّ. سمع من جدّه لأمّه نصر بن عليّ بن أبي عليّ الصّدفيّ. وسمع بقرطبة من عبد الرحمن بن أحمد بن بقيّ، وابن بشكوال. وأجاز له ابن هذيل، والسّلفيّ. وتصدّر بقيحاطة للإقراء. وكان مجاب الدّعوة، معمّراً. ولد سنة خمسٍ وثلاثين وخمسمائة. وأجاز في هذا العام لابن فرقد. وأمّا ابن فرتون، فقال: توفّي سنة ثلاثٍ وثلاثين وستمائة، فسأعيده فيها إن شاء الله.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن وجيه بن هبة الله بن المبارك.)
أبو البركات، ابن السّقطيّ. شيخٌ حسن. سمع: ابن البطّي، ومحمد بن مسعود بن السّدنك. وعنه ابن النّجّار.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن أحمد بن خليل.)
أبو بكر، السّكونيّ، اللّبليّ، نزيل إشبيلية.

(45/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 300
سمع: أباه، وأبا بكر بن الجدّ، وغيرهما. قال الأبّار: كان عالماً بأصول الفقه، وصناعة الكلام متقدّماً فيها. له النّظم والنّثر والبلاغة. ولي قضاء الجزيرة الخضراء، ثمّ ولي قضاء شريش، وأقبل على التّدريس، وأخذ عنه جماعةٌ. وغمزه بعضهم بعدم التنزّه في أحكامه. وتوفّي في ربيع الأوّل، وقد نيّف على السبعين.
4 (يعقوب، الملك الأعزّ، شرف الدّين. أبو يوسف، ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدّين)
يوسف بن أيوب.) ولد بمصر سنة اثنتين وسبعين. وسمع من العلاّمة عبد الله بن برّي. وأجاز له جماعة. وحدّث بعرفة وبدمشق. وكأنّه توفّي بحلب. وقد مرّ في سنة أربعٍ، فتحقّق السّنة.
4 (يونس بن أحمد بن غنيمة بن أحمد. أبو نصر، البغداديّ، البوّاب، الخرّاط، المعروف بابن)
زعرورة. سمع من: عبد الله بن هبة الله ابن النّرسيّ، وعبد الله بن عبد الصمد السّلميّ، ووفاء الرّكيّ.
4 (الكنى)

4 (أبو الحسن المزاليّ، المغربيّ، الأصوليّ، المتكلّم، الزّاهد.)
كان مع تقدّمه في الكلام تؤثر عنه كراماتٌ، وكان لا يأكل إلاّ من كسب يمينه، كان نسّاخاً، وكان يردّ جوائز الدّولة مع فقره. توفّي بمدينة فاس، وقبره يزار.

(45/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 301
أخذ عنه المتكلم أبو الحسن البصريّ.
4 (أبو زيد الفازازي، المغربيّ، الأديب.)
صاحب العشرينيات النبوية. هو عبد الرحمن. توفّي فيها وهو في عشر السبعين بمراكش.
4 (أبو القاسم بن جعفر بن أحمد بن عليّ بن عمّارة، الحربيّ، النّجّار.)
سمع من: يحيى بن ثابت، ولاحق بن كاره. وحدّث. وأجاز لأبي الفرج محمد ابن الدّبّاب، وغيره. ومات في ذي القعدة.
4 (وفيها ولد)
شهاب الدّين عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية. وبهاء الدّين محمد بن إبراهيم بن النّحّاس النّحويّ. وشمس الدّين محمد بن أحمد بن نعمة، مدرّس الشامية. والفخر عثمان بن إبراهيم الحمصي النّسّاج.) وعليّ بن مكّيّ القلانسيّ، والد السّرّاج. والشهاب أحمد بن سليمان بن مروان ابن البعلبكّيّ. ومحمد بن درباس بن باساك الجاكي. ومحمد بن عليّ بن ساعد الحلبيّ. وأبو محمد ظافر بن أبي القاسم النابلسيّ. وأحمد بن أبي العزّ بن مشرّف الأنصاريّ. وأبو القاسم بن سليمان بن عزاز المؤدّب. والكمال محمد بن محمد بالمغاري، بالثغر.

(45/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 302
4 (وفيات سنة ثمان وعشرين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الحسين بن عبد الله ابن الشيخ أبي نصر أحمد بن هبة الله بن محمد بن أحمد بن)
محمد بن أحمد بن حسنون. أبو نصر، النّرسيّ، البغداديّ، البيّع. ولد ظنّاً سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من: جدّه أبي محمد بن عبد الله بن أحمد ابن النّرسيّ عن الطّريثيثيّ، وغيره، ومن أبي الوقت. وكان شيخاً صالحاً، منقطعاً في بيته. وهو من بيت الحديث والعدالة. أضرّ بأخرةٍ. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن نقطة، وجماعةٌ، وتقيّ الدّين ابن الواسطيّ، وأبو عبد الله محمد بن أبي منصور بن معلّى الدّباهيّ. وروى عنه بالإجازة وأبو عبد الله محمد بن أبي القاسم شيخ المستنصرية، وفاطمة بنت سليمان.

(45/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 303
والنّرس: نهر بين الحلّة والكوفة. وممّن ينسب إليه أيضاً أبيّ النّرسيّ، بخلاف العبّاس النّرسيّ فإنّه ينسب إلى جدّه. مات أبو نصر في ثالث رجب.
4 (أحمد بن عبد الغنيّ بن أحمد النّفيس اللّخميّ.)
القطرسيّ، الأديب.) له ديوان مشهورٌ أجاد فيه. وذكره العماد في الخريدة. روى عنه الشهاب القوصيّ ووهم في وفاته قال: في سنة ثلاثٍ وستمائة. ومن شعره:
(يا راحلاً وجميل الصّبر يتبعه .......... هل من سبيلٍ إلى رؤياك يتّفق)

(ما أنصفتك جفوني وهي داميةٌ .......... ولا وفى لك قلبي وهو يحترق)
توفّي في شعبان بالقاهرة، وقد قارب الثمانين.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن عيّاش.)
أبو جعفر، الكنانيّ، المرسيّ. سمع الموطّأ من أبي القاسم بن بشكوال. وحجّ وقدم دمشق فسمع المقامات الحريرية من الخشوعيّ. وسمع من عمر الميانشيّ بمكّة. وكان أديباً عارفاً بالتّعبير، وكفّ بصره بأخرةٍ. ذكره الأبّار.

(45/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 304
4 (أحمد بن هبة الله بن سعد الله بن سعيد. أبو القاسم، الطّائيّ، ابن الجبرانيّ، الحلبيّ،)
المقرئ، النّحويّ، الحنفيّ. ولد سنة إحدى وستّين وخمسمائة. وروى عن: أبيه ويحيى الثّقفيّ. روى عنه: مجد الدّين عبد الرحمن العديميّ، وسنقر القضائيّ. وكان بصيراً باللّغة والعربية. والجبرانيّ: بفتح الجيم، وشكله بعضهم بضمّها. توفّي في سابع عشر رجب. وكانت له حلقة إشغال بحلب. وقد ذكره ابن نقطة. وذكره الفرضيّ فقال: هو تاج الدّين أحمد بن هبة الله بن سعد الله بن سعيد بن سعد بن مقلّد بن صالح بن مقلّد بن عليّ بن يحيى بن أبي جعفر أحمد بن عبيد أخي أبي عبادة الوليد بن عبيد البحتريّ، الشّاعر، النّحويّ، المقرئ. إمامٌ، شاعرٌ، له حلقة بجامع حلب يقرئ بها

(45/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 305
العلم والقرآن. قرأ النّحو على فتيان الحلبيّ، وأبي الرجاء محمد بن حرب. وقرأ القرآن على الدّقّاق المغربيّ.
4 (أحمد بن أبي الفتح بن أبي غالب.)
) أبو حامد، القطيعيّ، المعروف بالمسدّي. حدّث عن: أبي شاكر يحيى السّقلاطونيّ. وحجّ وانقطع بالمدينة لمرضه، فتوفّي بعد أيّامٍ في صفر.
4 (اسفنديار بن سنقر. أبو محمد، المراتبيّ، ويدعى صهيباً الرّوميّ.)
روى عن أبي طالب المبارك بن خضير. ومات في شعبان.
4 (حرف الباء)

4 (بهرام شاه بن فرّوخشاه بن شاهنشاه بن أيّوب بن شادي بن

(45/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 306
مروان. السلطان الملك)
الأمجد، مجد الدّين، أبو المفظّر، صاحب بعلبكّ. ولي إمرة بعلبكّ خمسين سنةً بعد والده. وكان أديباً، فاضلاً، شاعراً، محسناً، جواداً ممدّحاً، له ديوان شعر. أخذت منه بعلبكّ في سنة سبعٍ وعشرين وتملّكها الملك الأشرف موسى، وسلّمها إلى أخيه الصالح، فقدم هو دمشق، وأقام بها قليلاً، وقتله مملوك له مليح، ودفن بتربة والده الّتي على الشرف الشماليّ في شهر شوّال. ومن شعره:
(لكم في فؤآدي شاهدٌ ليس يكذب .......... ومن دمع عيني صامتٌ وهو معرب)

(ولي من شهود الوجد خدٌّ مخدّد .......... وقلبٌ على نار الغرام يقلّب)

(ولي بالرّسوم الخرس من بعد أهلها .......... غرامٌ عليه ما أزال أؤنّب)

(وإن عنّ ذكر الرّاحلين عن الحمى .......... وقفت فلا أدري إلى أين أذهب)

(فربعٌ أناجيه وقد ظلّ خالياً .......... ودمع أعانيه وقد بات يسكب)
ومنها:
(حنينٌ إذا جدّ الرّحيل رأيته .......... بنفسي في إثر الظّعائن يلعب)

(وشوقٌ إلى أهل الدّيار يحثّه .......... غرامٌ إلى العذريّ يعزى وينسب)

(وما مزنةٌ أرخت على الدّار وبلها .......... ففي كلّ أرضٍ جدولٌ منه يثعب)

(بأغزر من دمعي وقد أحفز السّرى .......... وأمست نياق الظّاعنين تقرّب)
) حصره الملك الأشرف، وأعانه عليه صاحب حمص أسد الدّين شيركوه، فأخذت منه بعلبكّ، فقدم إلى دمشق، واتّفق أنّه كان له غلام محبوس في خزانة في الدّار، فجلس ليلةً يلهو بالنّرد فولع الغلام برزّة الباب ففكّها، وهجم على الأمجد، فقتله ليلة ثاني عشر شوّال. ثمّ هرب الغلام، ورمى نفسه من السطح فمات.

(45/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 307
وقيل لحقه المماليك عند وقعته فقطّعوه. وقيل: إنّ الأمجد رآه بعض أصحابه في النوم، فقال له: ما فعل الله بك فقال:
(كنت من ذنبي على وجلٍ .......... زال عنّي ذلك الوجل)

(أمنت نفسي بوائقها .......... عشت لما متّ يا رجل)

4 (حرف الثاء)

4 (ثابت بن محمد بن يوسف بن خيار. أبو الحسن، الكلاعيّ، الأندلسيّ، اللّبليّ الملقّب بأبي)
رزين، نزيل غرناطة. أخذ القراءآت عن أبي العباس أحمد بن نوّار، وحمل عنه تصانيف أبي عمرو الدّاني. وسمع بقرطبة من ابن بشكوال، وأبي خالد بن رفاعة، وأبي بكر القشائشيّ، وجماعة. وقرأ كتاب سيبويه على أبي عبد الله بن مالك المرشانيّ. وحمل جامع التّرمذيّ عن أبي الحسن بن كوثر. وأخذ بوادي آش عن أبي تمّام العوفيّ. وأجاز له السّلفيّ، وغيره. وأقرأ القرآن والنّحو بجيّان وغرناطة. قال الأبّار: روى عنه أبو العباس النّباتيّ، وغيره.
4 (حرف الجيم)

4 (خوارزمشاه، السّلطان جلال الدّين منكوبري ابن السّلطان علاء

(45/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 308
الدّين محمد بن تكش بن)
أرسلان بن آتسز بن محمد بن نوشتكين، الخوارزميّ. لمّا قصد جنكزخان بجيوشه بلاد ما وراء النّهر لخلوّها من العساكر إذ هم مع السّلطان علاء الدّين بهمذان، رجع علاء الدّين مسرعاً وسيّر ولده جلال الدّين هذا في خمسة عشر ألفاً بين يديه، فتوغّل في البلاد، فأحاط به جنكزخان بجيوشه، فطحنوه، وتخلّص بعد الجهد، وتوصّل إلى أبيه. ولمّا زال ملك أبيه ومات غريباً تقاذفت بجلال الدّين البلاد، فرمته بالهند، ثمّ ألقته الهند إلى) كرمان، ثمّ إلى سواد العراق، وساقته المقادير إلى بلاد أذربيجان وأرّان، وغدر بأتابك أزبك، وأخرجه من بلاده، وأخذ زوجته بنت السلطان طغريل وتزوّج بها، وعمل مصافّاً مع الكرج، فكسرهم كسرةً لا انجبار معها، وقتل ملوكهم، وقوي أمره وكثرت جموعه، وافتتح تفليس، وتقلّبت به الأحوال. حكى الشهاب النّسويّ في سيرة خوارزم شاه قال: كان جلال الدّين أسمر قصيراً، تركيّ الجسارة والعبارة. وكان يتكلّم بالفارسية أيضاً. وأمّا شجاعته، فحسبك منها وأوردته من وقعاته، فكان أسداً ضرغاماً، أشجع فرسانه إقداماً. وكان حليماً لا غضوباً ولا شتّاماً، وقوراً، لا يضحك إلاّ تبسّماً، ولا يكثر كلاماً. وكان يختار العدل غير أنّه صادف أيام الفتنة فغلب.

(45/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 309
وهذه السيرة في مجلّد فيها عجائب له من ارتفاع وانخفاض وفرط شجاعة. وفي الآخر تلاشى أمره، وكسبه التّتار في اللّيل، فنجا في نحو مائة فارس، ثمّ تفرّقوا عنه إلى أن بقيّ وحده وساق خلفه خمسة عشر من التّتار وألحّوا في طلبه، فثبت لهم، وقتل منهم اثنين، فوقفوا. وطلع إلى جبلٍ بنواحي آمد به أكراد، فأجاره رجلٌ كبيرٌ منهم، فعرّفه أنّه السلطان ووعده بكلّ جميل، ففرح الكرديّ، ومضى ليحضر خيله، ويعلم بني عمّه، وينهض بأمره، وتركه عند أمّه، فجاء كرديٌ جريء فقال: أيشٍ هذا الخوارزميّ تخلّونه عندكم فقيل له: اسكت، ذا هو السّلطان. فقال: إن كان هكذا، فذا قد قتل بخلاط أخي، ثمّ شدّ عليه بحربةٍ معه، فقتله في الحال. وقال الموفّق عبد اللّطيف: كان أسمر أصفر نحيفاً، سمجاً، لأنّ أمّه هندية. وكان يلبس طرطوراً فيه من شعر الخيل، مصبغاً بألوان. وكان أخوه غياث الدّين أجمل النّاس صورة وأرقّهم بشرة ولكنّه ظلومٌ غشوم وهو ابن تركية. قال: والزّنا فيهم يعني في الخوارزميّة فاش، واللّواط ليس بقبيحٍ ولا معذوقاً بشرط الكبر والصّغر. والغدر خلقٌ لا يزايلهم أخذوا قلعةً عند تفليس بالأمان، فلمّا نزل أهلها، وبعدوا يسيراً، عادوا عليهم، فقتلوا من كان يصلح للقتل، وسبوا من كان يصلح للسبيّ. ورد عليّ رجلٌ من تفليس كان يقرأ علي الطبّ، فذكر لي ذلك كلّه، وأنّه أقام بتفليس ستّ سنين، واكتسب مالاً جمّاً بالطّبّ. فلمّا قرب الخوارزميون جاء رسولهم إلى الملكة بكلام ليّن، فبينا هو في مجلسها وقد وصل قاصدٌ يخبر بأن القوم في أطراف البلاد يعيثون، فقالت للرسول: أهكذا) تكون الملوك يرسلون رسولاً بكلام، ويفعلون خلافه وأمرت بإخراجه. وبعد خمسة عشر يوماً وصلوا، فخرج إليهم جيش الكرج، فقال إيواني: نرتّب العسكر قلباً وميمنة وميسرة، فقال شلوه: هؤلاء أحقر من هذا، أنا أكفي أمرهم. فنزل في قدر سبعة آلاف أكثرهم تركمان بتهوّر، وكان في رأسه سكرٌ، فتقدّم فصار في وسطهم، وأحاطوا به، ووقع علمه. فقال إيواني: هذا شلوه قد كسر، ردّوا بنا، وأخذ في مضيقٍ، وتبعه المنهزمون، فتحطّموا في مضيقٍ عميق حتّى هلك أكثرهم، وتحصّن إيواني بمن معه في

(45/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 310
القلاع. فبقي الخوارزميّون يعيثون، ويفسدون أيّ شيءٍ وجدوه، واعتصمت الملكة بقلاع في مضايق. ثمّ إنّ ابن السّديد التّفليسيّ قصد الإصلاح ظنّاً منه أنّهم يشبهون النّاس، وأنّ لهم قولاً وعهداً، فخرج يطلب الأمان لأهل المدينة أجمعين المسلمين والكرج واليهود، فأخذ خطّ جلال الدّين وأخيه غياث الدّين وحميّته وختومهم، ولوحاً من فضّة مكتوباً بالذّهب يسمّى بايزة، وتوثّق. فساعة دخلوا، نهبوا مماليك ابن السّديد ونعمته وندم، وعملوا بجميع الناس كذلك، وسمّوا المسلمين مرتدّين، واستحلّوا أموالهم وحريمهم، وصاروا لا يتركون زوجةً حسناء، ولا ولداً حسناً، ويهجم الواحد منهم على قوم، فيستدعي بطعام وشراب، ويؤآخي زوجة صاحب الدّار، ويطلبها للفراش ويقول: هكذا أخوّتنا، ثمّ يصبح، فإن وجد لهم ولداً يعجبه، أخذه معه، وإن كان عند أحدٍ سلعة فأراد بيعها، فنادى عليها بخمسين ديناراً، أخذها بخمسة دنانير، فإن تكلّم صاحبها ضربه بمقرعةٍ معه، رأسها مطرقة، فربّما مات، وربّما غشي عليه. قال: وعددهم لا يبلغ مائة ألف، ربّما كان ستّين ألفاً، كلّهم جياع، مجمّعة ليس لهم مدد، وكلّهم عليهم أقبية القطن، وسلاحهم النّشّاب القليل الصنعة يرمون على قسيّ ضعاف لا تؤثّر في الدّروع. وليس لهم ديوان ولا عطاء، إنّما لهم نهب ما وجدوه، ولا يمكنه أن يكفّهم عن شيء. قال لي: وجميع من جرّب التّتر يشهد أنّ سيرتهم خيرٌ من سيرة الخوارزميّين. ثمّ قال الموفّق: ولمّا توجّه جلال الدّين إلى غزنة والهند فارّاً من جنكزخان واستنجد بملكها، فأرسل معه جيشاً، فأقاموا في قتال التّتر أياماً كثيرة، ثمّ انهزم وحيداً فقيداً، وتوجّه نحو كرمان، وكان هناك ملكان كبيران، فأحسنا إليه، فلمّا قوي شيئاً، غدر بهما، وقتل أحدهما، وفرّ فأتى شيراز على بقر وحمير، وأكثر من معه رجاله، فدفع به صاحبها نحو بغداد، فأفسد في شهرابان وتلك النّواحي. وكان أخوه غياث الدّين قد انفرد في ثلاثين رجلاً هارباً، ومعه) صوفيّ يصلّي به، فلمّا نام توامر الجماعة على قتله، والتّقرّب برأسه إلى التّتر، فأحسّ بذلك الصّوفيّ، فتركهم حتّى ناموا وأيقظه وأعلمه، فعاجلهم فذبحهم، وترك منهم قوماً يشهدون بما عزموا عليه. ثمّ دخل إصبهان

(45/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 311
فقيراً وحيداً، فأحسنوا إليه، واجتمع إليه شذّاذ عسكر أبيه، وجاءته خلعٌ من بغداد وتشريف، ووعد بالسلطنة، فسمع بوصول أخيه فقال: لا تصل إلاّ بأمر الدّيوان، فاستأذن، فأذن له، فلمّا وصل جلال الدّين خاف من أخيه، فاعتقله، وقيّده مدّة حتّى قويّ واستظهر، ثمّ أطلقه. وفي الآخر ضعف دست جلال الدّين، ومقته الناس لقبح سيرته، ولم يترك له صديقا من الملوك بل عادى الكلّ، ثمّ اختلف عليه جيشه لمّا فسد عقله بحبّ مملوكٍ، فمات المملوك فأسرف في الحزن عليه، وأمر أهل توريز بالنّوح واللّطم، وما دفنه، بل بقي يستصحبه، ويصرخ عليه، والويل لمن يقول: إنّه ميّت، فاستخفّ به الأمراء وأنفوا منه، وطمعت فيه التّتار لانهزامه من الأشرف واستولوا على مراغة وغيرها. قلت: وفي الحوادث على السنين قطعة من أخباره. ولقد كان سدّاً بين التّتر وبين المسلمين، والتقاهم غير مرّة. وقد ذهب إليه في الرّسليّة الصاحب محيي الدّين يوسف ابن الجوزيّ، فدخل إليه، فرآه يقرأ في المصحف ويبكي، واعتذر عمّا يفعله جنده لكثرتهم وعدم طاعتهم. وفي آخر أمره كسره الملك الأشرف، وصاحب الروم، فراح رواحاً بخساً، ثمّ بعد أيام اغتاله كرديّ، وطعنه بحربةٍ، فقتله في أوائل سنة تسعٍ وعشرين بأخٍ له كان قد قتل على يد الخوارزميّة. وتفرّق جيشه من بعده وذلّوا. قلت: لم يشتهر موته إلا في سنة تسع، وإنما كان في نصف شوّال سنة ثمانٍ.
4 (جلدك، الأمير الكبير، شجاع الدّين.)
أبو المنصور، المظفّريّ، التّقويّ.

(45/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 312
سمع من السّلفيّ، وروى عنه وعن مولاه الملك تقيّ الدّين عمر بن شاهنشاه بشيءٍ من شعره. وولي نيابة الإسكندرية، ودمياط، وشدّ الدّيار المصرية. وكان فاضلاً، له أدب، وشعر جيّد وخطٌّ مليح. وذكر أنّه نسخ بيده أربعاً وعشرين ختمة. وكان سمحاً جواداً، مكرماً للعلماء، مساعداً لهم بماله وجاهه. وله غزواتٌ مشهودة ومواقف بالساحل، ومدح بالشعر. روى عنه: الشهاب القوصيّ، والزّكيّ بالمنذريّ، والرشيد العطّار، والجمال ابن الصّابونيّ. واستفك مائة وثلاثين أسيراً من المغاربة عند موته بمبلغ من الذّهب والله يرحمه ويغفر) له وبنى بحماة مدرسة. وتوفّي في الثامن والعشرين من شعبان. وللنفيس أحمد القطرسيّ فيه قصيدةٌ منها:
(أحرقت يا ثغر الحبي .......... ب حشاي لما ذقت بردك)

(أتظنّ غصن البان يع .......... جبني وقد عاينت قدّك)

(أم خلت آس عذارك ال .......... منشوق يحمي منك وردك)

(يا قلب من لانت معا .......... طفه علينا ما أشدّك)

(أتظنّني جلد القوى .......... أو أنّ لي عزمات جلدك)

(45/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 313
4 (حرف الحاء)

4 (الحارث، القاضي الجليل، مجد الدّين. أبو الأشبال، ابن الرئيس العالم النّحويّ مهذّب الدّين)
أبي المحاسن المهلّب بن حسن بن بركات ابن عليّ بن غياث المهلّبيّ، المصريّ، الشافعيّ، المجد البهنسيّ. اتّصل بالصاحب صفيّ الدّين ابن شكر، وسافر معه إلى الشام وغيرها، وترسّل إلى الدّيوان العزيز، وإلى ملوك النواحي. ووقف وقفاً بمصر على الزاوية الّتي كان والد يقرئ بها بالجامع العتيق. وقد تقدّم ذكر أخيه موفّق الدّين عقيل. وكان المجد ذا يد طولى في اللّغة، وله شعر حسن. توفّي بدمشق في صفر، وقد جاوز السبعين. كتب عنه القوصيّ، وغيره شعراً. وقد وزر بحرّان للأشرف، ثمّ نكبه وصادره وحبسه مدّةً.

(45/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 314
4 (الحسين بن أحمد بن أبي الفرج بن حفاظ البغداديّ، اللّبّان.)
شيخ ديّن، صالح. حدّث عن محمد بن نسيم العيشونيّ. ومات في ذي الحجّة.
4 (حرف الخاء)

4 (خاموش ابن الأتابك أزبك صاحب أذربيجان.)
ولد هذا أصمّ أبكم، فكان يفهّمه ويفهم عنه رجلٌ ربّاه. ولمّا استولى خوارزم شاه على بلاد خاموش جاء خاموش إلى خدمته بكنجة خاضعاً، فقدّم تحفاً من جملتها حياصة كيكاوس ملك) الفرس في الزّمن القديم، فيها عدّة جواهر لا تقوّم منها قطعة بذخشانيّ ممسوح طولانيّ في قدر كفّ، أفخر ما يكون، قد نقر فيها اسم كيكاوس، فكان السلطان خوارزم شاه يشدّها في الأعياد إلى أن كسبه التتار بآمد، فظفروا بهذا الحياصة ونفذوها إلى القان جنكزخان. وأقام الملك خاموش مديدةً في الخدمة، فلم يحظ بعناية إلى أن رقّت حاله، ففارق خوارزم شاه، ودخل إلى حصن الألموت، فأدركه الموت بعد شهر. ذكر ذلك الشهاب النّسويّ في سيرة خوارزم شاه.
4 (خليل بن إسماعيل بن عليّ بن علوان بن زويزان. المولى جمال الدّولة، رئيس قصر)
حجّاج، وإليه تنسب قطائع ابن زويزان.

(45/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 315
مات في شهر ربيع الأوّل. وخلّف عقاراً وعيناً بما يزيد على مائتي ألف دينار، وتصدّق بثلث ماله، ووقف من ذلك على القرّاء والعلماء بتربته بميدان الحصى. والّذي ترك من الذّهب أحدٌ وعشرون ألف دينار.
4 (حرف الزاي)

4 (زبيدة بنت إسماعيل بن الحسن البغدادية.)
أجاز لها أبو الوقت.
4 (الزّين الكرديّ، المقرئ المجوّد، نزيل دمشق، أبو عبد الله، محمد بن عمر بن حسين.)
كان ممن أخذ القراءآت عن الشّاطبيّ، وتصدّر للإقراء بدمشق. وجلس في حلقته بعده بمعلومه أبو عمرو ابن الحاجب.
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد.)
أبو البقاء، الأنصاريّ، الخزرجيّ، القليوبيّ، المصريّ، المالكيّ. ولد في حدود الخمسين وخمسمائة. وذكر أنّه سمع بدمشق من ابن عساكر. وحدّث عن أبي المفاخر المأمونيّ. وكان فقيهاً، عالماً، صالحاً، خيّراً، متعففاً، مقبلاً على ما يعنيه. روى عنه الزّكيّ المنذريّ وقال: مات في رابع عشر ذي الحجّة.

(45/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 316
4 (حرف العين)
)
4 (عائشة بنت الإمام الحافظ عبد الرّزّاق ابن الشيخ عبد القادر الجيليّ. أمّ محمد.)
روت عن أبي الحسين عبد الحقّ. وماتت في ربيع الأوّل.
4 (عبد الله بن ثابت بن عبد الخالق بن عبد الله بن رومي.)
الخطيب، الشّاعر، الأديب، أبو ثابت، التّجيبيّ، الشّنهوريّ. خطيب شنهور بالمعجمة وهي بلدةٌ بقرب قوص، قيّده الحافظ عبد العظيم وقال: سمعت منه من شعره. وتوفّي في رمضان، وله بضعٌ وخمسون سنة.
4 (عبد الحقّ بن إسماعيل. أبو سونج، الفيّاليّ، الصّالحيّ.)
روى عن: أبي نصر عبد الرحيم بن يوسف، وأبي الفتح عمر بن عليّ الجوينيّ. روى عنه: الزّكيّ البرزاليّ، والشمس ابن الكمال، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وجماعةٌ. وتوفّي في صفر.
4 (عبد الخالق بن أبي عبد الله بن عليّ بن أحمد بن هلال القطفتيّ، البوّاب.)
شيخٌ صالحٌ. حدّث عن أبي نصر يحيى بن السّدنك. ومات في أوّل رمضان.

(45/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 317
4 (عبد الرحمن بن محمد بن بدر بن جامع.)
الفقيه، أبو القاسم، الواسطيّ، البرجونيّ، الشافعيّ. ولد في حدود السّتين. وسمع من أبي طالب الكتّانيّ. وتفقّه بواسط على القاضي أبيّ على يحيى بن الرّبيع، وببغداد على أبي القاسم يحيى بن فضلان. وأعاد لأبي الحسن عليّ بن عليّ الفارقيّ، وغيره. ودرّس، وأفاد. وسمع من ابن شاتيل، وغيره. ويعرف بابن المعلّم.
4 (عبد الرحيم بن عليّ بن حامد. الشيخ مهذّب الدّين، الطّبيب، المعروف بالدّخوار.)
شيخ الأطبّاء ورئيسهم بدمشق. وقف داره بالصّاغة العتيقة مدرسةً للطّبّ. وكان مولده في سنة خمسٍ وستّين وخمسمائة. وتوفّي في صفر، ودفن في تربة له بقاسيون فوق الميطور.) روى عنه الشهاب القوصيّ، وغيره شعراً.

(45/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 318
وتخرّج به جماعةٌ كبيرة من الأطبّاء. وصنّف في الصّنعة كتباً، منها: كتاب الجنينة واختصار الحاوي لابن زكريّا الرّازيّ، ومقالة في الاستفراغ وغير ذلك. وقد أطنب ابن أبي أصيبعة في وصفه، وقال: كان أوحد عصره، وفريد دهره، وعلاّمة زمانه، وإليه رئاسة صناعة الطّبّ على ما ينبغي أتعب نفسه في الاشتغال حتّى فاق أهل زمانه، وحظي عند الملوك ونال المال والجاه. وكان أبوه كحّالاً مشهوراً، وكذلك أخوه حامد بن عليّ. وكان هو في أول أمره يكحّل. وقد نسخ كتباً كثيرة بخطّه المنسوب أكثر من مائة مجلّد في الطّبّ وغيره. وأخذ العربية عن الكنديّ، وقرأ على الرّضيّ الرّحبيّ، ثمّ لازم الموفّق ابن المطران مدّةً حتّى مهر، ثمّ أخذ عن الفخر الماردينيّ لمّا قدم دمشق في أيام صلاح الدّين. ثمّ خدم الملك العادل، ولازم خدمة صفيّ الدّين ابن شكر بعد الحكيم الموفّق عبد العزيز، ونزل على جامكيّة مائة دينارٍ في الشهر من الذّهب الصّوريّ. ثمّ حظي عند العادل بحيث إنه حصل له منه في مرضة صعبةٍ سنة عشر وستمائة سبعة آلاف دينار مصرية. ومرض الملك الكامل بمصر، فعالجه الدّخوار، فحصل له من جهته أموالٌ. قال ابن أصيبعة: فكان ملبغ ما وصل إليه من الذّهب نوبة الكامل نحو اثني عشر ألف دينار، وأربع عشرة بغلة بأطواق ذهب والخلع والأطلس وغيرها وذلك في سنة اثنتي عشرة وستمائة. قال: وولاّه السلطان الكبير في ذلك الوقت رئاسة الأطبّاء مصر والشام. وكان خبيراً بكلّ ما يقرأ عليه. وقرأت عليه مدّةً، وكان في كبره يلازم

(45/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 319
الإشغال، ويجتمع كثيراً بالسّيف الآمدي، وحفظ شيئاً من كتبه وحصّل معظم مصنّفاته. ثمّ نظر في الهيئة والنّجوم، ثمّ طلبه الأشرف فتوجّه إليه سنة اثنتين وعشرين وستمائة. فذكر لي أنّه لحقه في هذه السفرة من شري بغلات وخيم ورخت عشرون ألف درهم، فأكرمه الأشرف، وأقطعه ما يغلّ في السنة نحو ألف وخمسمائة دينار. ثمّ عرض له ثقلٌ في لسانه واسترخاء، فجاء إلى دمشق لمّا ملكها الأشرف سنة ستٍّ وعشرين فولاّه رئاسة الطّبّ، وجعل له مجلساً لتدريس الصّنعة، ثمّ زاد به ثقل لسانه حتّى بقي لا يكاد يفهم كلامه، فكان الجماعة يبحثون قدّامه، ويجيب هو وربّما كتب لهم ما يشكل في اللّوح. واجتهد في علاج نفسه، واستفرغ بدنه مرّات، واستعمل المعاجين الحارّة) فعرضت له حمّى قويّة، فأضعفت قوّته، وتوالت عليه أمراضٌ كثيرة. وتوفّي في منتصف صفر، ولم يخلّف ولداً. قرأت بخطّ الناصح ابن الحنبليّ: وفاة الدّاخور بعدما أسكت أشهراً وظهر فيه عبرٌ من الأمراض، وسالت عينه، ودفن في الجبل.
4 (عبد السّلام ابن العالم الفاضل عبد الله أحمد بن بكران.)
أبو الفضل، الدّاهريّ، الخفّاف، الخرّاز. كان يخرز في الخفاف بالحرير. ولد في حدود سنة ستٍّ وأربعين. وسمع من: أبي بكر بن الزّاغونيّ، ونصر بن نصرٍ العكبريّ، وأبي الوقت السّجزيّ، وأبي القاسم بن قفرجل، والعون بن هبيرة، وأحمد بن ناقة،

(45/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 320
وأبي المظفّر هبة الله ابن الشّبليّ، وهبة الله الدّقّاق، وابن البطّي، وجماعة. روى عنه: البرزاليّ، والدّبيثيّ، وابن نقطة، والسيف بن قدامة، وابن الحاجب، والشرف النابلسيّ، والشمس ابن الزّين، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والمجد عبد العزيز الخليليّ، والعماد أحمد ابن العماد، والفخر ابن البخاريّ، ومحمد بن مؤمن الصّوريّ، ومحفوظ بن عمران الحامض. وكان شيخاً حسناً، أمّيّاً لا يكتب، سهل القياد، محبّاً للرواية. ومن مسموعاته: صحيح البخاريّ رواه مرّاتٍ، ومسند الدّارميّ، والمنتخب لعبد بن حميد، واللّمع للسّراج، وشمائل الزّهّاد سمع ذلك من أبي الوقت، والجزء الأول من المخلّصيات، وبعض الخامس والنصف الثاني من السادس من المخلّصيات، وبعض الخامس والنصف الثاني من السادس من المخلّصيات، وغير ذلك. وتوفّي في تاسع ربيع الأوّل، قرأته بخطّ عمر ابن الحاجب. وآخر من روى عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان.
4 (عبد العزيز بن عليّ بن عبد الله بن عليّ بن مفرّج. أبو محمد، القرشيّ، الأمويّ، النابلسيّ،)
ثمّ المصريّ، المالكيّ، العطار. كان أبوه من الصّالحين فولد له هذا بمكّة في سنة ثمانٍ وخمسين. وأجاز له السّلفيّ، وأبو محمد العثمانيّ، وجماعةٌ. وسمع من البوصيريّ.) قال المنذري سمعت منه، وكان شيخاً صالحاً، مقبلاً على ما يعنيه، عفيفاً، وأقعد سنين. ومات في صفر.
4 (عتيق بن حسن بن رملي بن عبد الله بن عمر.)
أبو بكر، الأنصاري، الإسكندرانيّ.

(45/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 321
سمع من: السّلفي، وأبي الطّاهر بن عوف، ومخلوف بن جارة. وحدّث بالإسكندرية بمصر. روى عنه الزّكيّ عبد العظيم. وكان مشهوراً بالأمانة محمود السيرة فيما يتولاّه. ولد سنة أربعٍ وخمسين.
4 (عثمان بن محمد بن أحمد بن الفرج.)
أبو عبد الله، ابن الدّقّاق، البغداديّ. ولد سنة اثنتين وستّين. وسمع من: أبيه أبي منصور، وشهدة، وابن شاتيل. وهو من بيت حديثٍ ورواية. كتب عنه جماعةٌ. وأجاز لفاطمة بنت سليمان. ومات في سادس المحرّم.
4 (عليّ بن محمد بن عبد الملك بن يحيى بن إبراهيم الكتاميّ، الحميريّ، المغربيّ، الفاسيّ،)
الحافظ، أبو الحسن، ابن القطّان. سمع: أبا عبد الله ابن الفخّار فأكثر عنه، وأبا الحسن بن النقرات، وأبا

(45/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 322
جعفر بن يحيى الخطيب، وأبا ذر الخشنيّ، وطائفة. قال الأبّار: كان من أبصر الناس بصناعة الحديث، وأحفظهم لأسماء رجاله، وأشدّهم عنايةً بالرّواية، رأس طلبة العلم بمرّاكش، ونال بخدمة السّلطان دنيا عريضةً. وله تواليف. درّس، وحدّث. وقال ابن مسدي: معروفٌ بالحفظ والإتقان، إمامٌ من أئمّة هذا الشأن، مصريّ الأصل، مرّاكشيّ الدّار. كان شيخ شيوخ أهل العلم في الدّولة المؤمنية فتمكّن من الكتب، وبلغ غاية الأمنية. وولي قضاء الجماعة في أثناء تقلّب تلك الدّول، فنسخت أواخره الأول، ونقمت عليه أغراضٌ انتهكت فيها أعراض. سمع أبا عبد الله بن زرقون، وأبا بكر بن الجدّ، وخلقاً. عاقت الفتن المدلهمّة عن لقائه. وأجاز لي.) قلت: طالعت جميع كتابه الوهم والإيهام الّذي علمه على تبيّين ما وقع في ذلك لعبد الحقّ في الأحكام يدلّ على تبحّره في فنون الحديث، وسيلان ذهنه، لكنّه تعنّت وتكلّم في حال رجالٍ فما أنصف، بحيث إنّه زعم أنّ هشام بن عروة، وسهيل بن أبي صالح ممّن تغيّر واختلط. وهنا فاتته سكتة، ولكنّ محاسنه جمّة. وتوفّي في ربيع الأوّل، وهو على قضاء سجلماسة.
4 (عليّ بن محمد بن يحيى بن الحسين بن عليّ بن رحّال.)
العدل، الأجلّ، نظام الدّين، أبو الحسن. ولد في رمضان سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة. وسمع من: السّلفيّ، وعليّ بن هبة الله الكامليّ، القاسم بن عساكر،

(45/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 323
وغيرهم. وكان أخوه أبو المفضّل عبد المجيد مدرّس القطبيّة، وسمع أيضاً من السّلفيّ، وتفقّه بالعراق. روى عن النّظّام: زكيّ الدّين المنذريّ، والشهاب الأبرقوهيّ، والجمال أبو حامد ابن الصّابونيّ. ولد بالإسكندرية، ومات بالقاهرة، ودفن عند أخيه في الخامس والعشرين من شوّال. ومن حديثه: أخبرنا الأبرقوهيّ، أخبرنا عليّ بن رحّال، أخبرنا السّلفيّ، أخبرنا أحمد بن عبد الغفّار، حدّثنا محمد بن عليّ، أخبرنا إبراهيم بن عليّ الهجيميّ، حدّثنا عبد الله بن زياد اليماميّ، حدّثنا عكرمة بن عمّار، حدّثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: نحن بنو عبد المطّلب سادة أهل الجنّة، أنا وعليّ وفاطمة والحسن والحسين. رواه ابن ماجه عن هديّة بن عبد الوهّاب، عن سعد نحوه، فوقع بدلاً عالياً.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أسد بن نصر الدّمشقيّ.)
أبو طالب. عمّ والد الشرف بن أسيدة صاحبنا. يروي عن الحافظ ابن عساكر. توفّي في ذي القعدة.

(45/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 324
4 (محمد بن أحمد بن أبي الفتح بن أبي غالب.)
) أبو أحمد، ابن القطيعي، ويعرف بالمسديّ. روى عن: أبي شاكر السّقلاطونيّ. مات بطريق مكّة، وقد قارب السبعين سنة.
4 (محمد بن علي بن حمادو بن عيسى.)
أبو عبد الله، الصّنهاجيّ، القلعيّ، نزيل بجاية. من أهل قلعة حمّاد. روى عن: أبي الحسن عليّ بن محمد التّميميّ المعمّر، والحافظ عبد الحقّ بن عبد الرحمن الإشبيليّ، ومحمد بن عليّ بن مخلوف الجزائريّ. ودخل الأندلس، فسمع بها. وولي قضاء الجزيرة الخضراء، ثمّ صرف، وولي قضاء مدينة سلا. قال الأبّار مترسّلاً: وكان شاعراً، كاتباً مترسّلاً، وله ديوان شعر. وله كتاب الإعلام بفوائد الأحكام لعبد الحقّ، وله شرح مقصورة ابن دريد. وقد أخذوا عنه. قلت: روى عنه ابن مسدي.

(45/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 325
4 (محمد بن عليّ بن موسى. الإمام، أبو بكر، الأنصاريّ، الشّريشيّ، المقرئ، المعروف)
بالغزّال. من كبار القرّاء المعمّرين، عاش تسعين سنةً. وهو آخر من حدّث عن عليّ بن محمد بن ناصر المقرئ. وسمع من يحيى بن أزهر، وجماعةٍ، وانفرد بإجازة إبراهيم بن خلف ابن فرقد. قال ابن مسدي: سمعت منه بشريش، وقال لي: ولدت سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة. وبلغني موته في حدود سنة ثمانٍ وعشرين. أنشدنا لنفسه:
(يا أيّها المدمن في غيّه .......... لا يرهب الموت ولا يرتدع)

(قد تخذ الشّهوة معبوده .......... فما سوى شهوته يتّبع)

(يجرّ في اللذات أذياله .......... وبات في خلوته ما متع)

(أنذرك الشّيب فلم تتّعظ .......... خاطبك القبر فلم تستمع)

(فتب إلى ربضك من قبل أن .......... تفجأك الصّرعة فيمن صرع)

4 (محمد بن عمر بن مالك.)
) أبو عبد الله، المعافريّ، المغربيّ، المقرئ.

(45/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 326
روى عنه أبي عبد الله محمد بن عليّ ابن الرّمّامة. ومات في شعبان.
4 (محمد بن أبي الفتح المبارك بن عبد الرحمن بن عليّ بن عصيّة. أبو الرضا، الكندي،)
البغداديّ، الحربيّ. ولد سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة. وحدّث عن: أبي الوقت، وعبد الرحمن بن زيد الورّاق. وكان شيخاً حسناً، متيقظاً. روى عنه: الدّبيثيّ في تاريخه، والسيف ابن المجد، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشهاب الأبرقوهيّ، وجماعة.

(45/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 327
وعصيّة: مختلفٌ فيه، وكان أبو الرضا يقول: إنّما هو بالضمّ. توفّي في الثالث والعشرين من المحرّم. وقال ابن نقطة: من قال: عصيّة بالضمّ أخطأ.

(45/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 328
وعصيّة بالضمّ: محمد بن طالب بن عصيّة الفاروثيّ، مقدّم الباطنية.
4 (محمد بن محمد بن عبد الكريم بن الفضل. المحدّث، أبو الفضائل، الرّافعيّ، القزوينيّ،)
نزيل بغداد. وأخو العلاّمة إمام الدّين عبد الكريم صاحب الشرح الكبير. ولد في حدود الستّين وخمسمائة. وأجاز له ابن البطّي. وسمع من أبيه. ورحل إلى إصبهان، والرّي، وأذربيجان، والعراق. وسمع من: أبي السعادات نصر الله القزّاز، ويحيى بن بوش، وابن الجوزيّ. وتفقّه على أبي القاسم بن فضلان. وولي مشارفة النّظامية وأوقافها، ونفّذ رسولاً من الدّيوان إلى بعض النّواحي. وقد كتب الكثير بخطّه من الفقه والحديث والتّفسير والأدب، وكان ضعيف الخطّ جدّاً. وكان صدوقاً، فاضلاً، ديّناً، متودّداً، طيّب الأخلاق. له معرفة حسنة بالحديث. قال ابن النّجار: كان يذاكرني بأشياء، وله فهم حسن ومعرفةٌ. توفّي في الثامن والعشرين من) جمادى الأولى، وقد قارب السبعين رحمه الله.
4 (محمد بن محمود بن أبي نصر بن فرج. الأمير، معين الدّين،

(45/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 329
أبو عبد الله، الدّوينيّ،)
الجنديّ. ولد بالدّوين في سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من السّلفيّ بالثّغر، ومن محمد بن عبد الرحمن المسعوديّ، وجماعة بمصر. وقد نشأ بدمشق، ودخل مصر صحبة شمس الدّين تورانشاه بن أيوب في سنة أربعٍ وستّين. وكان من كبار الأجناد، وله غزوات عديدة. وانقطع في آخر عمره في بيته فكان لا يخرج إلاّ يوم الجمعة. روى عنه المنذريّ، وقال: توفّي في ذي القعدة.
4 (محمد بن أبي البركات بن أبي السعادات بن أبي القاسم.)
أبو السعادات وأبي بكر، الحريميّ، الطّاريّ الصّيّاد، عرف بابن صعنين. سمع من: أبي الفتح بن البطّي، وأبي المعالي محمد ابن اللّحّاس، وأحمد بن عليّ النّقيب، ولاحق بن كاره. وكان شيخاً صالحاً، عابداً. روى عنه: الدّبيثيّ، ومحمد بن أبي الفرج ابن الدّبّاب، وأبو إسحاق ابن الواسطيّ، وجماعة. وتوفّي في سابع ذي الحجّة. وهو من بيت حديثٍ ورواية. وكان يتعفّف بصيد السمك.
4 (محمد بن أبي الحسن بن يمن. أبو عبد الله، الأنصاريّ،

(45/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 330
الموصليّ، ويعرف بابن الأردخل،)
الشاعر. نديم صاحب ميّافارقين غازي. مات في رمضان عن إحدى وخمسين. وكان من فحول الشعراء، مدح الأشرف موسى، وغيره.
4 (محمود بن محمد بن إبراهيم بن محمد، الشريف.)
أبو القاسم، العلويّ، الحسينيّ، الدّمشقيّ، نقيب الأشراف. ولد سنة أربعٍ وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرّزّاق النّجّار، وأحمد ابن الموازينيّ، ويحيى الثّقفيّ، وغيرهم.) وتوفّي في ثامن عشر المحرّم.
4 (مظفّر بن عقيل بن حمزة بن عليّ. أبو العزّ، الشيبانيّ، الدّمشقيّ، الصفّار، والد المحدّث)
نجيب الدّين ابن الشقيشقة. ولد سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من الحافظ أبي القاسم بن عساكر. روى عنه ابنه.
4 (موسى بن عبد الرحمن.)
أبو عمران، الغرناطيّ، ابن السّخّان. روى عن: أبي القاسم بن بشكوال، وأبي القاسم بن حبيش، وطبقتهما. قال الأبّار: كان مقرئاً، نحويّاً، معلّماً بذلك. توفّي لعلّ في أواخر سنة ثمانٍ هذه.

(45/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 331
وقال ابن مسدي: أخبرنا السّخّان سنة أربع عشرة وستمائة فذكر أحاديث.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد المعطي بن عبد النّور. الشيخ زين الدّين، أبو الحسين، الزّواويّ، المغربيّ،)
النّحويّ، الفقيه، الحنفيّ. ولد سنة أربعٍ وستّين وخمسمائة. وسمع بدمشق من: القاسم بن عساكر، وغيره. وصنّف التّصانيف الأدبية كالفصول والألفية. وأقرأ النّحو بدمشق مدّة، ثمّ بمصر. وتصدّر بالجامع العتيق، وحمل الناس عنه. وكان إماماً مبرّزاً في علم اللّسان، شاعراً محسناً. وكان أحد الشهود بدمشق وما له ما يقوم بكفايته فحضر مع العلماء عند الملك الكامل، وكان الكامل على ذهنه مسائل من العربية، فسألهم فقال: زيد ذهب به يجوز في زيدٍ النصب فقالوا: لا، فقال ابن معط: يجوز النصب على أن يكون به

(45/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 332
المرتفع يذهب المصدر الّذي دلّ عليه ذهب وهو الذّهاب. وعلى هذا فموضع الجار والمجرور الّذي هو به النّصب، فيجيء من باب: زيد مررت به إذ يجوز في زيد النصب وكذلك ها هنا. فاستحسن السلطان جوابه وأمره بالسفر إلى مصر، فسافر إليها، وقرّر له معلوماً جيداً، لكنّه لم تطل حياته بعد. قال القاضي ابن خلّكان: هو أحد أئمّة عصره في النّحو واللّغة. أقرأ بدمشق خلقاً كثيراً،) وصنّف. ثمّ أرغبه الملك الكامل فانتقل إلى مصر، وأشغل بها. وزواوة: قبيلة كبيرةٌ بظاهر بجاية من عمل إفريقية. قلت: وهو من أهل الجزائر. قرأ العربيّة على أبي موسى عيسى بن يللبخت الجزوليّ. وورد دمشق، وخدم في مواضع جليلة. وكانت له حلقة إشغال بالتّربة العادلية. ولمّا حضر الملك الكامل إلى دمشق تكلّم عنده، فأعجبه كلامه، وخلع عليه. وله مصنّف في علم العروض. ومن آخر من قرأ عليه العربيّة شيخنا رضيّ الدّين أبو بكر القسنطينيّ النّحويّ. وله قصيدة طنّانة في الملك الأمجد صاحب بعلبكّ، وهي طويلة منها:
(ذهب الشّباب ورونق العمر الشّهي .......... وأتى المشيب ورونق النّور البهي)

(وجلا له ليل الذّؤابة فجره .......... وأتى بناهٍ من نهاه مموّه)

(وأطار نسر الشيب غربان الصّبا .......... فنعين في إثر الشّباب المنتهي)

(ووهت قوى الآمال منه وما وهت .......... هممٌ أبين على الحوادث أن تهي)

(ما أنس لا أنس اللّوى وتنعّمي .......... فيه بخرّده الحسان الأوجه)
توفّي في سلخ من ذي القعدة، ودفن بالقرافة، وله أربعٌ وستّون سنة.

(45/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 333
4 (يحيى بن أبي غالب بن حامد البغداديّ، الحمّاميّ.)
سمع من عبد الحقّ اليوسفيّ. ومات في رجب.
4 (يونس بن محمد بن محمد بن محمد. الخطيب، العالم، بدر الدّين، أبو منصور، الفارقيّ، ثمّ)
الدمشقيّ، وأصله من بخارى. وسمع من: أبي عليّ الحسن بن عليّ البطليوسيّ، والحافظ أبي القاسم الدّمشقيّ، والقاضي أبي سعد بن أبي عصرون، ومحمد بن أبي الصّقر، والسّلطان صلاح الدّين، ويحيى الثّقفيّ، وجماعة. وولي خطابة المزّة مدّة. وكان فقيهاً، فاضلاً، حسن الأخلاق، ديّناً. تفقّه على ابن أبي عصرون، واختص بصحبته.) وولد تقريباً بميّافارقين سنة ثلاثٍ وخمسين. روى عنه: البرزاليّ، والقوصيّ، وأبو المجد العديميّ، وسبطه الجمال ابن الصّابونيّ. وحدّثنا عنه الجمال عبد الصّمد ابن الحرستانيّ. ومات في ليلةٍ شريفةٍ ليلة السابع والعشرين من رمضان.
4 (وفيها ولد)
القاضي تقيّ الدّين سليمان بن حمزة، في رجب. والشهاب أحمد بن عبد الرحمن النابلسي العابر، في شعبان. والزّين محمد بن محمد بن رشيق، قاضي الإسكندرية. والملك الأوحد يوسف ابن النّاصر داود ابن المعظّم. والعماد إبراهيم بن أحمد بن محمد الماسح. وداود بن أحمد بن سنقر المقدّمي.

(45/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 334
وعزّ الدّين موسى بن عليّ بن أبي طالب الموسويّ. وناصر الدّين محمد بن عبد الرحمن بن نوح ابن المقدسيّ. ونجم الدّين أحمد بن يحيى بن طي البعلبكّيّ. وواقف النّفيسية النفيس إسماعيل بن محمد بن صدقة. ونجم الدّين عبد الله بن أبي السعادات، شيخ المستنصرية. وعلي بن عثمان بن عنان الطّيبيّ. والشيخ تاج الدّين موسى بن محمد المراغي، بها، ويعرف بالحيوان. والفخر يوسف بن أحمد بن عيسى المشهديّ، الصوفيّ. وتاج الدّين عليّ بن أحمد العلويّ الغرّافيّ، في أولها.

(45/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 335
4 (وفيات سنة تسع وعشرين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أحمد بن أبي غالب. أبو القاسم بن أبي الفضل، البغداديّ، الكاتب، الدّقّاق، ابن)
السّمّذيّ، ويعرف أيضاً بالشّاماتي. سمع جزء أبي الجهم من أبي الوقت. وولد سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة.) روى عنه الدّبيثيّ، وابن النجّار. وكان يطلع أميناً في البرّ. وأجاز للزّكيّ المنذريّ، وقال: توفّي في سلخ المحرّم. وهو معروف بكنيته. وقد سمّاه بعضهم علياّ، وبعضهم لاحقاً. وإنّما قيل له الشاماتي، لأنّه كان في وجهه شامة. وكان شيخاً متيقّظاً لا بأس به. روى لنا عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان.
4 (أحمد بن إسماعيل بن حمزة بن أبي البركات الأزجيّ، ابن الطّبّال، أبو العباس.)

(45/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 336
ولد سنة خمسٍ أو ستٍّ وخمسين وخمسمائة. كان مقدّم الطّبّالين بدار الخلافة. وسمع وهو كبير من ابن شاتيل، ونصر الله القزّاز، وجماعة ويقال: إنّه سمع من أبي طالب بن خضير. وهو جدّ العماد إسماعيل بن عليّ شيخ المستنصرية. توفّي في الرابع والعشرين من شوّال. وروى لنا عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان.
4 (أحمد بن عليّ بن أبي محمد. الأديب، نجيب الدّين، الشّيبانيّ، النّحويّ، الكاتب.)
خال النّجيب الصفّار. روى عنه القوصيّ، وقال: توفّي بدمشق. له شعر حسن.
4 (أحمد بن عمر بن أبي المعالي أحمد بن الحسن بن عليّ بن عليّ بن عمر بن أحمد بن)
الهيثم بن بكرون. المعدّل، الرئيس، أبو المعالي، النّهروانيّ، ثم البغداديّ. إمام النّظامية. ولد في ربيع الآخر سنة اثنتين وستّين وخمسمائة. وسمّعه أبوه في صغره من: النقيب أحمد بن عليّ العلويّ، والمبارك بن محمد البادرائيّ، ويحيى بن ثابت، وأحمد بن المبارك المرقّعاتيّ، وشهدة، وتجنّي الوهبانية، وخلقٍ سواهم. وكان ثقةً، متحرّياً في الشّهادة والرّواية. روى عنه ابن النّجّار، وجماعة. توفّي في ذي القعدة.

(45/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 337
4 (إبراهيم بن ريحان بن ربيع. أبو إسحاق، الدّيريّ، الرّقّيّ، الضّرير، المقرئ.)
سمع الحافظ ابن عساكر. وعنه أبو المجد العديميّ. وتوفّي في شوّال بحلب، وقد قارب الثّمانين أو جاوزها. وكان يلقّن بجامع حلب.) وسمع أيضاً من أبي سعد بن أبي عصرون.
4 (إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، أبو إسحاق. الحربيّ، النّسّاج، ويعرف جدّه ببرهان.)
سمع من: عبد الرحمن بن زيد الورّاق، وغيره. وتوفّي في سلخ جمادى الأولى. روى عنه ابن النجّار في تاريخه وقال: دفن بباب حرب، وقد جاوز السّبعين.
4 (إدريس بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ.)
صاحب المغرب، المأمون، أبو العلى. لم يخلص إليّ من أخباره. مات في سلخ هذه السنة. وتملّك أعواماً، وبويع بعده ابنه عبد الواحد ولقّب بالرشيد مع خلاف ابن عمّه يحيى له. وكان أبو العلى قد عصى عليه أهل سبتة مع أبي العباس الينشتيّ وأخذوا منه طنجة وقصر عبد الكريم، فجاء بجيشه، ونازل سبتة وبالغ في حصرها. فخرج أهل سبتة قبله فبيّتوا الجيش فهزموهم. وركب بعضهم الأوباش مركباً في

(45/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 338
البحر، وساروا إلى أن حاذوا الملك أبو العلى، فصيّحوا به، فوقف لهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين أصبح أهل سبة فيك فرقتين، فلمّا سمع هذا، أنصت ورجا خيراً، فقال: ما يقولون قالوا: قوم يقولون أمير المؤمنين أقرع، وقومٌ يقولون أصلع، فبالله أعلمنا حتّى نخبرهم، فغضب وتبرّم من هذا. ومات بعد يسير. كان بطلاً شجاعاً، ذا رأي ودهاء وسعادة. كان بالأندلس مع أخيه العادل عبد الله، فلمّا ثارت الفرنج عليه كما ذكرنا في ترجمة عبد الواحد المتوفّى سنة إحدى وعشرين نزح من الأندلس واستخلف على إشبيلية أبا العلى هذا، وجرت أمور. ثمّ إنّ أبا العلى ادّعى الخلافة بالأندلس كما قدّمنا ثمّ جاء وملك مرّاكش، وانتزع المغرب من الملك يحيى بن محمد وهو نسيبه وحاربه مراراً، ويهزم يحيى فاستجار يحيى بقومٍ في حصن بنواحي تلمسان فقتل غيلة. واستقلّ المأمون بالأمر. وكان صارماً، سفّاكاً للدّماء. مات في الغزو في هذه السنة. وكان قد أزال ذكر ابن تومرت من خطبة الجمعة. وتملّك بعده ابنه عبد الواحد الرشيد عشرة أعوام.)
4 (إسماعيل بن إبراهيم بن أحمد، القاضي. شرف الدين، أبو

(45/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 339
الفضل، ابن الموصليّ،)
الشّيبانيّ، الدّمشقيّ، الفقيه، الحنفيّ. كان شيخاً، ديّناً، خيّراً، لطيفاً، ولد سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة. وكان ينوب في الحكم بدمشق بالمدرسة الطّرخانية بجيرون. وحدّث عن: يوسف بن معالي البزّاز، وهبة الله بن محمد ابن الشّيرازيّ. روى عنه: الزّكيّ البرزاليّ، والشهاب القوصيّ، والمجد ابن الحلوانية، وجماعةٌ سواهم. وكان مولده ببصرى، وتوفّي بدمشق في ثامن جمادى الأولى. وكان جدّه شيرازيّاً، سكن الموصل مدّةً، وولي قضاء الرّها، وقدم أبوه القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم، وولي قضاء دمشق نيابةً، وطلع أبو الفضل هذا من أعيان الحنفية. درّس بالطّرخانية مدّة، ثم ترك القضاء والتّدريس، ولزم بيته مع حاجته، وذلك لأنّ المعظّم بعث إليه يأمره بإظهار إباحة الأنبذة، فأبى وقال: لا أفتح على أبي حنيفة رحمه الله هذا الباب، وأنا على مذهب محمد في تحريمها، وقد صحّ عنه أنّه ما شربها قطّ، وحديث ابن مسعود لا يصحّ، وما روي فيه عن عمر لا يثبت. فغضب عليه المعظّم، وأخرجه من الطّرخانية، فأقام في بيته، واقبل على التّحديث والفتوى الإفادة. وأجاز لتاج العرب بنت علاّن، وهي آخر من روى عنه.
4 (إسماعيل بن حسن بن أحمد بن أحمد بن الحسن بن عبد الكريم. أبو السعود، النّهروانيّ،)
ويعرف بابن الغبيريّ. ولد سنة احدى وخمسين. وحدّث عن عمّة أبيه خديجة النّهرواني. وهو من بيت رئاسة ببغداد. توفّي في حادي عشر شعبان.

(45/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 340
4 (أكمل بن مسعود بن عمر بن عمّار.)
الشريف، أبو هاشم، الهاشميّ، البغداديّ. حدّث بشيءٍ من كلام الشيخ عبد القادر عليه السلام.
4 (حرف الحاء)

4 (حسام بن غزّي بن يونس. الفقيه، عماد الدّين، أبو المناقب، المصريّ، المحلّيّ، الشّافعيّ)
الأديب.) تفقّه على الإمام شهاب الدّين محمد بن محمود الطّوسيّ. وسمع من: البوصيريّ، وغيره. وأقام بدمشق مدّة، بها توفّي في ربيع الأوّل. وكان ذا فضلٍ، ودين، وتفنّن، وفضائل. روى عنه: الشهاب القوصيّ، وغيره. ومن شعره:
(قيل لي من تحبّه عبث الشّع .......... ر بخدّيه قلت ما ذاك عاره)

(جمر خدّيه أحرقت عنبر ال .......... خال فمن ذلك الدّخان عذاره)

4 (الحسن بن الحسين بن محمد بن المفرّج. سديد الدّين، أبو

(45/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 341
محمد، القيسرانيّ، ثمّ المصريّ،)
المعروف بابن الذّهبيّ. كان فاضلاً، شاعراً، مليح الخطّ. وجمع لنفسه مجموعاً هائلاً ذكر أنّه يكون خمسين مجلّداً. روى عنه الزّكيّ المنذريّ شعراّ. وتوفّي في صفر، وله ثمانون سنة.
4 (الحسن بن عليّ ابن العلاّمة أبي الفرج ابن الجوزيّ. أبو عليّ.)
حدّث عن أبي الفتح بن شاتيل. ومات قبل أبيه. توفّي في سادس ذي الحجّة.
4 (الحسن بن أبي المبارك بن محمد بن يحيى بن عليّ بن

(45/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 342
المسلّم. الفقيه الصالح. أبو عليّ،)
ابن الزّبيديّ، البغداديّ، الحنفيّ. أخو سراج الدّين الحسين. ولد سنة ثلاثٍ وأربعين وقيل: سنة اثنتين وأربعين. وسمع من: أبي الوقت السّجزيّ، وأبي عليّ أحمد ابن الخرّاز، وأبي جعفر الطّائيّ، وأبي زرعة، ومعمر ابن الفاخر، وجماعة. وحدّث ببغداد ومكّة. وكان حنبلياً، ثمّ تحوّل شافعياً، ثمّ استقرّ حنفياً. وكان فقيهاً جليلاً، نبيلاً، غزير الفضل، ذا دينٍ وورع. وله معرفةٌ تامّة بالعربية. سمع صحيح البخاري قبل أخيه من أبي الوقت.) روى عنه: الدّبيثيّ، والسيف ابن المجد، وعبد الله بن محمد العامريّ، وعبد العزيز بن الحسين الخليليّ، والضّياء عليّ ابن البالسيّ، والعزّ أحمد بن إبراهيم الفاروثيّ، والشهاب الأبرقوهيّ، وآخرون. وأجاز لفاطمة بنت سليمان. وتوفّي في سلخ ربيع الأوّل. وقد ترجمه ابن الحاجب وكتب: رأيتهم يرمونه بالاعتزال. وقد كتب السّيف تحته: قصّر يعني ابن الحاجب في وصف شيخنا هذا فإنّه كان إماماً عالماً لم نر في المشايخ إلاّ يسيراً مثله.

(45/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 343
وقال ابن النّجّار: كان عالماً، متديّناً، حسن الطّريقة، وله معرفة بالنّحو. كتب كثيراً من التّفاسير والحديث والتّواريخ. كانت أوقاته محفوظة.
4 (الحسن بن يوسف بن السحن بن عبد الحقّ.)
أبو محمد الصّنهاجيّ، الشّاطبيّ. أخو الحسين وأخو عبد الله بن عبد الجبّار العثمانيّ لأمّه. ولد بالإسكندرية في المحرّم سنة إحدى وستّين وخمسمائة. وروى عن السّلفيّ. روى عنه. وتوفّي في السنة.
4 (حرف الذال)

4 (ذاكر بن مكّي بن أبي البركات. أبو القاسم، النّجّاد.)
شيخٌ صالحٌ. حدّث عن أبي الحسين عبد الحقّ، وغيره. ومات في المحرّم.
4 (حرف الراء)

4 (رافع بن عليّ بن رافع.)
أبو البدر، الحسينيّ، الموسويّ، البغداديّ. شيخٌ صالحٌ، له شعر.) وحدّث عن أبي عليّ الرّحبيّ.

(45/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 344
روى لنا عنه أبو المعالي الأبرقوهيّ بالإجازة في معجمه. والدّبيثيّ في تاريخه وقال: مات في شعبان، وقد جاوز المائة.
4 (حرف الزاي)

4 (زيادة بن عمران بن زيادة، الفقيه، أبو النما، المصريّ، المالكيّ، المقرئ، الضرير.)
قرأ بالروايات على أبي الجود. وتفقّه على أبي المنصور ظافر بن الحسين، وأبي محمد عبد الله بن شاس. قرأ العربية على أبي محمد عبد الله ابن عبد العزيز العطّار، وسمع من الأرتاحيّ، وغيره. وتصدّر للإقراء بالجامع العتيق، وبالمدرسة الفاضلية، وتخرّج به جماعة. قرأ عليه من شيوخنا سبطه أبو محمد الحسن بن عبد الكريم، والنّظام محمد التّبريزيّ. وتوفّي في مستهلّ شعبان.
4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن سلّوم بن طاهر بن أحمد بن طاهر الأزجيّ، البيّع، ابن الشّيرجيّ.)
روى عن وجيه بن هبة الله السّقطيّ. ومات في صفر، وقد شاخ.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن عبد الرحمن بن طلحة.)
أبو العلاء، البصريّ، المالكيّ.

(45/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 345
سمع من عبد الله بن عمر بن سليخ. روى عنه بالإجازة أبو المعالي الأبرقوهيّ. وتوفّي بالبصرة في شوّال.
4 (عبد الله بن عبد الغنيّ بن عبد الواحد بن عليّ بن سرور. الحافظ، المحدّث، جمال الدّين،)
أوب موسى، ابن الحافظ الأوحد أبي محمد، المقدسيّ، ثمّ الدّمشقيّ، الصّالحيّ، الحنبليّ. ولد في شوّال سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن عليّ ابن الخرقيّ، وإسماعيل الجنزويّ، والخشوعيّ. ورحل به أخوه عزّ الدّين محمد، فسمع ببغداد من ابن كليب، والمبارك ابن المعطوش، وابن الجوزي، وطائفة من أصحاب ابن الحصين. وسمع المسند من عبد الله بن أبي المجد بالحربية. ورحلا) إلى إصبهان فسمعا سنة أربع وتسعين من: مسعود الجمّال، وخليل بن أبي الرجاء، وأبي جعفر الطّرسوسيّ، وأبي المكارم اللّبّان، وأبي جعفر الصّيدلانيّ، وطائفة. فلمّا رجعا رحلا إلى مصر، وسمع عند والده من فاطمة بنت سعد الخير، وأبي عبد الله الأرتاحي، وابن نجا، وجماعة. ثمّ ارتحل مرّةً ثانية إلى العراق، فدخل إلى واسط، وسمع من أبي الفتح المندائي، ورحل إلى نيسابور فسمع من منصور الفراوي، والمؤيّد الطّوسيّ، وجماعة. وسمع بالحجاز، والموصل، وإربل.

(45/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 346
وعني بالحديث، وكتب الكثير بخطه، وخرّج، وأفاد. وقرأ القرآن على عمّه الشيخ العماد. وتفقّه على الشيخ الموفّق. وقرأ العربية ببغداد على الشيخ أبي البقاء. قال ابن الحاجب: سألت عنه الحافظ الضّياء، فقال: حافظٌ، متقنٌ، ديّنٌ، ثقةٌ. وسألت عن الزّكيّ البرزاليّ، فقال: حافظ، ديّن، متميّز. وقال الضياء: كانت قراءته سريعةٌ صحيحة مليحة. وقال عمر ابن الحاجب: لم يكن في عصره مثله في الحفظ والمعرفة والأمانة. قال: وكان كثير الفضل، وافر العقل، متواضعاً، مهيباً، وقوراً، جواداً، سخيّاً. له القبول التّامّ مع العبادة والورع والمجاهدة. ونقلت من خطّ الضياء: كان رحمه الله اشتغل بالفقه والحديث وصار علماً في وقته. ورحل إلى إصبهان ثانياً، ومشى على رجليه كثيراً. وصار قدوةً، وانتفع الناس بمجالسه الّتي لم يسبق إلى مثلها. وكان جواداً كريماً، واسع النّفس، وعوّد الناس شيئاً لم نره من أحد من أصحابنا، وذلك أنّ أصحابنا من الجبل والبلد كلّ من احتاج إلى قرض أو شراء غلّة أو ثوب أو غير ذلك يمضي إليه، فيحتال له حتّى يحصل له ما يطلب، حتّى كنت يضيق صدري عليه ممّا يصير عليه من الدّيون، وكثيرٌ من الناس لا يرجع يوفّيه حتّى سمعته مرّةً يقول: عليّ نحو ثلاثة ألف درهم. سمعت الحافظ أبا إسحاق الصّريفينيّ قال: مضيت إلى الحافظ أبي موسى فذكرت له مرض ابني، وأننا في شدّةٍ من مرضه فقال لي: هذه اللّيلة تخلّيه الحمّى. قال: فخلته الحمّى تلك اللّيلة. سمعت الإمام أبا إبراهيم حسن ابن عبد الله يقول: رأيت والدي بعد موته بأيام وهو في حالٍ) حسنة فقلت: ما لقيت من ربك فقال: لقيت خيراً. فقلت: فكيف الناس قال: متفاوتون على قدر أعمالهم. وسمعت الإمام أبا عمر أحمد بن عمر بن أبي بكر، قال: رأيت الجمال عبد الله فقلت: أيشٍ عمل معك ربّك قال: أسكنني على بركة الرضوان. سمعت الفقيه عبد العزيز بن عبد الملك بن عثمان المقدسيّ أنّ يوسف بن عثمان القريريّ حدّثه قال: رأيت الجمال عبد الله في النوم في سطح جامع دمشق، ووجهه مثل القمر، وعليه ثيابٌ ما رأيت مثلها فقلت: يا جمال

(45/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 347
الدّين ما هذه الثياب ما رأيتك تلبس مثل هذه فقال: هذه ثياب الرضا. فقلت: ما فعل الله بك قال: نظر إليّ وتفضّل عليّ، أو ما هذا معناه. سمعت الملك الصالح إسماعيل ابن العادل يقول: قال: رجل من أصحابي اسمه أحمد البرد دار وفيه خير، وكان يتردّد إلى الجمال رحمه الله وكان يكتب له أحاديث، فرأى الجمال في النوم فقال: أوصيك بالدّعاء الّذي حفّظتك إياه، فقال: ما بقيت أحفظه، فقال: هو مكتوب على الورقة التي كتبتها لك، وسلّم على فلان يعنيني وقل له: يحفظ هذا الدّعاء، فما نفعني مثله، وهو: اللهم أنت ربّي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك... الحديث. قلت: روى عنه الضياء، والشيخ شمس الدّين عبد الرحمن، والفخر عليٌّ، ونصر الله بن عيّاش، والشمس محمد بن حازم، ونصر الله بن أبي الفرج النابلسيّ، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وآخرون. وتفرّد القاضي تقيّ الدّين بإجازته من سنوات. وقرأت بخطّ الضّياء: قال الإمام أبو عبد الله يوسف بن عبد المنعم بن نعمة يرثي الحافظ أبا موسى:
(لهفي على ميّتٍ مات السّرور به .......... لو كان حيّاً لأحيى الدّين والسّننا)

(فلو كنت أعطى به الدّنيا معاوضةً .......... إذاً لما كانت الدّنيا له ثمنا)

(يا سيّدي ومكان الرّوح من جسدي .......... هلاّ دنا الموت مني حين منك دنا)
وقال فيه الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة المقدسيّ أخو المذكور:
(هذا المصاب قديماً المحذور .......... قد شاط منه أضلعٌ وصدور)

(وتقلّبت منه القلوب حرارةً .......... والدّمع منه ساجمٌ موفور)

(45/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 348
(حمداً فكم بلوى بفقد أحبّةٍ .......... كادت لفقدهم السّماء تمور)

(كانوا نجوماً يهتدي السّاري بهم .......... بل هم على مرّ الزّمان بدور)
)
(فقدت جمال الدّين سنّة أحمدٍ .......... ومساجدٌ ومجالسٌ وصدور)

(من ذا يقوم بوعظه في قلب من .......... غطّى عليه غفلةٌ وغرور)

(حتّى تلين قلوبهم من بعد ما .......... حاكى قساوتها صفاً وصخور)

(من للحديث وأهله يا خير من .......... قرأ الأحاديث الّتي هي نور)

(من لليتامى والأرامل من لذي ال .......... حاجات إن ضاقت عليه أمور)

(أمّا القبور فلا تزال أنيسةً .......... بمكان قبرك والدّيار قبور)

(جلّت صنائعه فعمّ مصابه .......... فالنّاس فيه كلّهم مأجور)
في أبيات أخر. وقرأت بخطّ محمد بن سلاّم في ترجمة الجمال أبي موسى قال: وعقد مجلس التّذكير وقراءة الجمع، ورغب الناس في حضوره. وكان جمّ الفوائد. كان يطرّز مجلسه بالخشوع والبكاء، وإظهار الجزع. قال: وسمعت أبا الفتح ابن الحاجب يقول: لو اشتغل أبو موسى حقّ الاشتغال ما سبقه أحد، ولكنّه تارك. قال: وسمعت أبا الفرج بن أبي العلاء الحنبليّ الفقيه يقول: الجمال كثير الميل إليهم يعني السلاطين. وسمعت أبا عبد الله الحافظ مذاكرةً يصف ما قاسى أبو موسى من الشدائد والجوع والعري في رحلته إلى إصبهان وإلى نيسابور. وقال أبو المظفّر الجوزيّ: كان الجمال ابن الحافظ، أحواله مستقيمة حتّى خالط الصالح إسماعيل وأبناء الدنيا، فتغيّرت أحواله، وآل أمره إلى أن مرض في بستان الصالح على ثورا ومات فيه، فكفّنه الصالح وصلّى عليه. وقال غيره: وقف الملك الأشرف دار الحديث بدمشق، وجعل للجمال أبي موسى وذرّيته رزقاً معلوماً، ومسكناً بعلوّ دار الحديث.

(45/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 349
وقال الضياء: توفي يوم الجمعة خامس رمضان.
4 (عبد الله بن قيصر. أبو بكر، الموصلائيّ، الحاجب.)
روى عن: أبي الفتح بن شاتيل. ومات في رجب.
4 (عبد الرحمن بن عبد الخالق. أبو القاسم، الكنانيّ، الفاسيّ.)
قال ابن مسدي في معجمه: ولد قبل الخمسين وخمسمائة. سمع من القاضي أبي القاسم بن) عيسى الفاسيّ، وعليّ بن الحسين اللّواتيّ، وجماعة. وبمصر البوصيريّ. لقيته بفاس. مات بعيذاب في أول السنة.
4 (عبد الرحمن بن عبد المحسن ابن الخطيب أبي الفضل عبد الله ابن أحمد الطّوسيّ. ثمّ)
الموصليّ، تاج الدّين. خطيب الموصل وابن خطبائها. ولد في رمضان سنة ثلاثٍ وسبعين. وسمع من جدّه، وتفقّه. وكان ورعاً، صالحاً، متواضعاً، شاعراً. وله:
(ما لاح بارق مقلتي .......... ه لناظر إلاّ وشامه)

(للصّبح يشبه والظّلا .......... م إذا بدا خدّاً وشامه)

(فاقت محاسنه الحسا .......... ن عراقه فينا وشامه)

(يا ليته مثلي يقو .......... ل لمن إليه بي وشى مه)

4 (عبد الرحمن بن عليّ بن أبي مطر. أبو القاسم، العسقلانيّ، السّكريّ، المعروف بابن)
المحتسب.

(45/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 350
ولد سنة ست وثلاثين وخمسمائة. وكان شيخاً صالحاً، مقبلاً على شأنه. سمع ببغداد في الكهولة. وحدّث بمصر عن ذاكر بن كامل الخفّاف. وتوفّي في ربيع الآخر.
4 (عبد الرحمن بن محمد ابن الفقيه أبي محمد بن رسلان بن عبد الله بن شعبان. أبو القاسم،)
المقرئ، الفقيه، الشافعيّ، الشّارعيّ. قرأ القراءآت وسمع من القاسم بن إبراهيم المقدسيّ، ومحمد بن عمر ابن جامع البنّاء، وجماعة. وأمّ بالمسجد المعروف بأبيه وجدّه بالشارع بظاهر القاهرة. وكان مشهوراً بالخير والعفاف والسّعي في قضاء حوائج النّاس ومساعدتهم. وعاش ستّاً وخمسين سنة.
4 (عبد السلام بن عب الرحمن بن طليس.)
أبو محمد، الحرستانيّ.) توفّي بحرستا في ذي القعدة. روى عن أبي القاسم الحافظ.
4 (عبد الصّمد بن داود بن محمد بن يوسف.)
أبو محمد، الأنصاريّ، المصريّ، الغضاريّ، المقرئ الجنائزيّ. ولد بمصر في سنة أربعٍ وستّين. ورحل به، فسمع من: السّلفيّ، ومحمد بن عبد الرحمن الحضرميّ. وبمصر من: محمد بن عليّ الرّحبيّ، وإسماعيل بن قاسم الزّيّات، وعبد الله

(45/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 351
ابن برّي، وسعيد بن الحسين المأمونيّ، وعبد الرحمن بن محمد السّبيي، وجماعةٍ كثيرة. وروى عنه: الزّكيّ المنذريّ، ويحيى بن عبد الرحيم بن مسلمة، وعمر ابن الحاجب، والجمال محمد ابن الصّابونيّ، وجماعة. وتوفّي في عاشر شعبان، ودفن بقرب كافور الإخشيد.
4 (عبد الغفّار بن أبي الفوارس شجاع بن عبد الله بن نوشتيكن.)
أبو محمد، التّركمانيّ، الدنوشريّ، المحلّي. استوطن المحلّة، وكان عدلاً، شروطياً. سمع: السّلفيّ، والفقيه أبا الطّاهر بن عوف، ومحمد بن محمد الكركنتي. ولد بدنوشر: قريةٍ بقرب المحلّة، في سنة ثلاثٍ وخمسين. ومات في السادس والعشرين من شوّال. روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، وجماعةٌ. وحدّثنا عنه: عيسى بن شهاب المؤدّب، وأبو العباس أحمد ابن الأغلاقيّ.
4 (عبد الغنيّ بن عبد الكريم بن نعمة.)
أبو القاسم، الثّوريّ، السّفيانيّ. كان يذكر أنّه من ولد سفيان. وكان أديباً، فاضلاً، له شعرٌ، وفضيلةٌ. سمع من عبد الله بن برّي، وعن الزّكيّ المنذريّ.

(45/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 352
ومات في عشر السبعين في ذي القعدة.
4 (عبد الغنيّ بن المبارك بن المبارك بن أبي السعادت بن عبيد الله. أبو القاسم، البغداديّ.)
) من بيت عدالةٍ ورواية. سمع من: تجنّي الوهبانيّة، وعبيد الله بن شاتيل، وغيرهما. ومات في شعبان.
4 (عبد الكريم بن عليّ بن شمخ. العدل، عفيف الدّين، الشافعيّ.)
أمين الحكم لقاضي القضاة أبي القاسم عبد الرحمن ابن السّكريّ. كان ديّناً، كثير التلاوة. مات في ذي الحجّة.
4 (عبد اللطيف بن أبي جعفر عبد الوهّاب بن محمد بن عبد الغني. أبو محمد، الطّبريّ،)
البغداديّ. سمّعه أبوه من: أبي المظفر ابن الشّبليّ، وأبي محمد ابن المادح، وأبي الفتح بن البطّي، وأبي بكر بن النّقّور. وولد في سنة إحدى وخمسين تقريباً. روى عنه: الدّبيثيّ، والبرزاليّ، وعمر ابن الحاجب، والسّيف ابن المجد، والشّرف ابن النابلسيّ، وجماعة. وأجاز لفاطمة بنت سليمان. وكان يقرأ بالألحان، ويؤذّن بالحجرة الشّريفة. وتوفّي في رابع شعبان. سمع ما روى الزّينبيّ عن المخلّص من الأوّل الكبير على هبة الله

(45/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 353
الشّبلي. وسمع من ابن البطّي جميع مسند الطّيالسيّ.
4 (عبد اللّطيف ابن الفقيه أبي العزّ يوسف بن محمد بن عليّ بن أبي سعد. العلاّمة، موفّق)
الدّين، أبو محمد، الموصليّ الأصل، البغداديّ، الفقيه، الشافعيّ، النّحويّ، اللّغويّ، المتكلّم، الطّبيب، الفيلسوف، المعروف قديماً بابن اللّبّاد. ولد ببغداد في أحد الربيعين سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة. وسمّعه أبوه من ابن البطّي، وأبي زرعة المقدسيّ، وأبي عليّ الحسن ابن عليّ البطليوسيّ، ويحيى بن ثابت، وشهدة، وأبي الحسين عبد الحق، وجماعةٍ كثيرة. روى عنه الزّكيّان: البرزاليّ والمنذريّ، والضّياء، وابن النجّار، والشهاب القوصيّ، والتّاج عبد الوهّاب ابن زين الأمناء، والكمال العديميّ، وابنه أبو المجد الحاكم، والأمين أحمد ابن الأشتريّ، والكمال أحمد بن النّصيبيّ، والجمال ابن الصّابونيّ، والعزّ عمر بن محمد ابن) الأستاذ، وخطلب وسنقر القضائيان، وعليّ ابن السيف بن تيميّة، ويعقوب بن فضائل، وستّ الدّار بنت المجد بن تيميّة، وخلقٌ سواهم.

(45/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 354
وحدّث بدمشق، ومصر، والقدس، وحرّان، وبغداد. وصنّف تصانيف كثيرة في اللّغة، والطبّ، والتاريخ، وغير ذلك. وكان أحد الأذكياء المتضلّعين من الآداب والطبّ وعلم الأوائل، إلاّ أنّ دعاويه أكثر من علومه. ذكره الوزير جمال الدّين عليّ القفطي في تاريخ النّحاة فقال: الموفّق النّحويّ الطّبيب الملقّب بالمطحن. كان يدّعي معرفة النّحو، واللّغة، وعلم الكلام، والعلوم القديمة، والطبّ. ودخل مصر وادّعى ما ادّعاه فمشى إليه الطّلبة، فقصّر فيما ادّعاه فجفوه. ثمّ نفق على شابّين بعيدي الخاطر يعرفان بولديّ إسماعيل بن أبي الحجّاج المقدسيّ الكاتب، ونقلاه إليهما، وأخذا عنه. وكان دميم الخلقة نحيلها، قليل لحم الوجه. ولمّا رآه التاج الكندي لقّبه بالمطحن. قلت: وبالغ القفطيّ في الحطّ عليه، ويظهر على كلامه فيه الهوى، حتّى قال: ومن أسوأ أوصافه قلة الغيرة. وقال الدّبيثيّ: غلب عليه علم الطبّ والأدب وبرع فيهما. وقال ابن نقطة: كان حسن الخلق، جميل الأمر، عالماً بالنّحو والغريبين، وله يدٌ في الطّبّ. سمع سنن ابن ماجة، ومسند الشافعيّ من أبي زرعة. وسمع صحيح الإسماعيلي جميعه، والمدخل إليه من يحيى بن ثابت بسماعه من أبيه. وسمع الكثير من ابن البطّي، وأبي بكر بن النّقور، وانتقل إلى الشام ومصر. وكان يتنقّل من دمشق إلى حلب. ومرّة سكن بأرزنكان وغيرها. وقال الموفّق: سمعت الكثير، وكنت في أثناء ذلك أتعلّم الخطّ، وأتحفّظ القرآن، والفصيح، والمقامات، وديوان المتنبيّ، ومختصراً في

(45/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 355
الفقه، ومختصراً في النحو. فلمّا ترعرعت حملني والدي إلى كمال الدّين عبد الرحمن الأنباريّ وكان يومئذٍ شيخ بغداد، وله بوالدي صحبةٌ قديمة أيام التّفقّه بالنّظامية، فقرأت عليه خطبة الفصيح، فهذّ كلاماً كثيراً لم أفهمه، لكنّ التلاميذ حوله يعجبون منه. ثمّ قال: أنا أجفوا عن تعليم الصّبيان احمله إلى تلميذي الوجيه الواسطيّ يقرأ عليه، فإذا توسّطت حاله قرأ عليّ. وكان الوجيه عند بعض أولاد رئيس الرؤساء، وكان) رجلاً أعمى من أهل الثّروة والمروءة، فأخذني بكلتا يديه، وجعل يعلّمني من أوّل النّهار إلى آخره بوجوهٍ كثيرة من التّلطّف. وكنت أحفّظه من كتبه، وأحفظ معه، وأحضر معه حلقة كمال الدّين إلى أن صرت أسبقه في الحفظ والفهم، وأصرف أكثر اللّيل في التّكرار، وأقمنا على ذلك برهة. وحفظت اللّمع في ثمانية أشهر، وكنت أطالع شرح الثّمانينيّ، وشرح الشريف عمر بن حمزة، وشرح ابن برهان، وأشرح لتلامذة يختصّون بي إلى أن صرت أتكلّم على كلّ باب كراريس، ولا ينفذ ما عندي. ثمّ حفظت أدب الكاتب لابن قتيبة حفظاً متقناً، ثمّ حفظت مشكل القرآن له، وغريب القرآن له، وكلّ ذلك في مدّةٍ يسيرة. ثمّ انتقلت إلى الإيضاح لأبي عليّ الفارسيّ، فحفظته في شهورٍ كثيرة، ولازمت مطالعة شروحه وتتبّعته التتبّع التّامّ حتّى تبحّرت فيه. وأمّا التّكملة فحفظتها في أيامٍ يسيرة كلّ يوم كرّاساً. وطالعت الكتب المبسوطة، وفي أثناء ذلك لا أغفل سماع الحديث والتّفقّه على شيخنا ابن فضلان. ومن كلام الموفّق عبد اللّطيف وكان فصيحاً، مفوّهاً: ينبغي أن تحاسب نفسك كلّ ليلة إذا أويت إلى منامك، وتنظر ما اكتسبت في يومك من حسنة فتشكر الله عليها، وما اكتسبت من سيئةٍ، فتستغفر الله منها، وتقلع عنها. وترتّب في نفسك ما تعمله في غدك من الحسنات، وتسأل الله الإعانة على ذلك. وقال: ينبغي أن تكون سيرتك سيرة الصّدر الأوّل، فقرأ سيرة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وتتبّع أفعاله وأحواله، واقتف آثاره، وتشبّه به ما أمكنك، وإذا وقفت على سيرته في مطعمه ومشربه وملبسه ومنامه ويقظته وتمرّضه وتطبّه وتمتّعه وتطيّبه، ومعاملته مع ربّه، ومع أزواجه وأصحابه وأعدائه، وفعلت اليسير من ذلك، فأنت السعيد كلّ السعيد.

(45/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 356
وقال: ومن لم يحتمل ألم التّعلّم، لم يذق لذّة العلم، ومن لم يكدح لم يفلح، وإذا خلوت من التّعلّم والتّفكّر، فحرّك لسانك بذكر الله وتسبيحه وخاصّةً عند النوم. وإذا حدث لك فرحٌ بالدّنيا، فاذكر الموت وسرعة الزّوال، وأصناف المنغّصات، وإذا حزبك أمرٌ، فاسترجع، وإذا اعترتك غفلةٌ فاستغفر، واجعل الموت نصب عينك، والعلم والتّقى زادك إلى الآخرة، وإذا أردت أن تعصي الله، فاطلب مكاناً لا يراك فيه، وعليك أن تجعل باطنك خيراً من ظاهرك فإنّ الناس عيون الله على العبد يريهم خيره وإن أخفاه، وشرّه وإن ستره، فباطنه مكشوفٌ لله، والله يكشفه لعباده. واعلم أنّ للدّين عبقةً وعرفاً ينادي على صاحبه ونوراً وضياءٌ يشرق عليه ويدّل عليه،) وكتاجر المسك لا يخفى مكانه. ثمّ قال: اللّهم أعذنا من شموس الطبيعة، وجموح النّفس الرّديّة، وسلّس لنا مقاد التّوفيق، وخذ بنا في سواء الطّريق، يا هادي العمي يا مرشد الضّلاّل يا محيي القلوب الميّتة بالإيمان خذ بأيدينا من مهواة الهلكة، ونجّنا من ردغة الطبيعة وطهرنا من درن الدنيا الدنية بالاخلاص لك والتقوى إنك مالك الدنيا والآخرة. سبحان من عمّ بحكمته الوجود، واستحق بكلّ وجه أن يكون هو المعبود، تلألأت بنور جلالك الآفاق، وأشرقت شمس معرفتك على النفوس إشراقاً وأيّ إشراق. ومن تصانيفه: غريب الحديث، والمجرّد منه، الواضحة في إعراب الفاتحة، كتاب ربّ، كتاب الألف واللاّم، شرح بانت سعاد، ذيل الفصيح، خمس مسائل نحويّة، شرح مقدّمة بابشاد، شرح الخطب النّباتية، شرح سبعين حديثاً، شرح أربعين حديثاً طبّية، الرّد على الفخر الرازيّ في تفسير سورة الإخلاص، شرح نقد الشعر لقدامة، كتاب قوانين البلاغة، لإنصاف بين ابن برّي وابن الخشّاب في كلامهما على المقامات، مسألة أنت طالق في شهر قبل ما بعد قبله رمضان، كتاب قبسة العجلان في النحو، اختصار العمدة لابن رشيق، مقدّمة حساب، اختصار كتاب النّبات، كتاب الفصول في الحكمة، شرح فصول بقراط، شرح التّقدمة له، اختصار كتاب الحيوان لأرسطو طاليس. واختصر كتباً كثيرةً في الطّبّ. كتاب أخبار مصر الكبير، كتاب الإفادة في أخبار مصر، كتاب تاريخ

(45/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 357
يتضمّن سيرته، مقالة في الجوهر والعرض، مقالة في النّفس مقالة في العطش، مقالة في السّقنقور، مقالة في الردّ على اليهود والنصارى، كتاب الحكمة في العلم الإلهي. وأشياء أكثر ممّا ذكرنا. قلت: سافر الموفّق من حلب ليحجّ من الدّرب العراقيّ، فدخل حرّان وحدّث بها، وسافر، فمرض ودخل بغداد مريضاً، فتعوّق عن الحجّ. ثم مات ببغداد في ثاني عشر المحرّم وصلّى عليه شهاب الدّين السّهروريّ، ودفن بالوردية. وقد ذكره الموفّق أحمد بن أبي أصيبعة فقال بعد أن وصفه: كان يتردّد إليه جماعةٌ من التّلاميذ وغيرهم من الأطبّاء للقراءة عليه، وكان كثير الاشتغال لا يخلي وقتاً من أوقاته من النظر في الكتب والتّصنيف. والّذي رأيته من خطه أشياء كثيرة جدّاً. وكان بينه وبين جدّي صحبةٌ أكيدة بمصر. وكان أبي وعمّي يشتغلان عليه. واشتغل عليه عمّي بكتب أرسطو) طاليس. وكان قلمه أجود من لفظه. وكان يتنقّص بالفضلاء الّذين في زمانه وكثيرٍ من المتقدّمين وخصوصاً الرئيس ابن سينا. ثمّ ساق من سيرته ما ذكرته أنا، ثمّ قال: وقال موفق الدّين: إنّ من مشايخه ولد أمين الدّولة ابن التلميذ وبالغ في وصفه وكرمه. وهذا تعصّب، وإلاّ فولد أمين الدّولة لم يكن بهذه المثابة، ولا قريباً منها. ثمّ قال الموفّق: دخلت الموصل، فأقمت بها سنةً في اشتغال متواصل ليلاً ونهاراً، وزعم أهلها أنّهم لم يروا من أحدٍ قبلي ما رأوا منّي من سعة المحفوظ، وسرعة الخاطر، وسكون الطائر. وسمعت الناس يهرجون في حديث السّهرورديّ المتفلسف، ويعتقدون أنّه قد فاق الأوّلين والآخرين، فطلبت من الكمال ابن يونس شيئاً من تصانيفه وكان يعتقد فيها فوقعت على التلويحات واللّمحة والمعارج فصادفت فيها ما يدلّ على جهل أهل الزّمان، ووجدت لي تعاليق لا أرتضيها هي خيرٌ من كلام هذا الأنوك. وفي أثناء كلامه يثبت حروفاً مقطّعة يوهم بها أنها أسرارٌ إلهية.

(45/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 358
قال: وعملت بدمشق تصانيف جمّة منها: غريب الحديث الكبير الّذي جمعت فيه غريب أبي عبيد، وغريب ابن قتيبة، وغريب الخطّابي. ثمّ عملت له مختصراً سمّيته المجرّد. وأعربت الفاتحة في نحو عشرين كرّاساً. قتل: وله كتاب الجامع الكبير في المنطق والطّبيعي والإلهي زهاء عشرة مجلّدات بقي يصنّف فيه مدّةً طويلة.
4 (عبد الواحد بن إسماعيل بن صدقة، نفيس الدّين.)
أبو محمد، الحرّانيّ، ثمّ الدّمشقيّ، التّاجر. حدّث عن: أبي الحسين أحمد ابن الموازينيّ، ونسيبه محمد بن عليّ بن صدقة. ومات فجاءةً بدمشق في ربيع الآخر. كتب عنه ابن الحاجب، وغيره.
4 (عبد الوهّاب بن أزهر بن عبد الوهّاب بن أحمد ابن السّبّاك.)
أبو البركات، البغداديّ. من أهل نهر القلاّئين. ولد سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة. وسمّعه أبوه من: أبي الفتح بن البطّي، وأبي عليّ ابن الرّحبيّ، ويحيى ابن ثابت، وغيرهم. وكان من وكلاء القضاة، له خبرة بالشّروط والدّعاوى. ثمّ ارتفع عن الوكالة، ولقّب بنجم) الإسلام، وخدم في مناصب، وكان محمود السّيرة. سمع منه عمر ابن الحاجب، وابن نقطة. وهو أخو عبد العزيز، وأحمد. وتوفّي في ربيع الآخر. وروى عنه ابن النّجّار في تاريخه وقال: عزل عن المناصب، ونفي، حبس بواسط.

(45/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 359
4 (عتيق بن حسن بن رملي، أبو بكر، الأنصاريّ، الإسكندرانيّ.)
سمع من السّلفيّ، وابن وعوفٍ. أخذ عنه ابن مسدي وأرّخه.
4 (عثمان بن قزل، الأمير الكبير.)
فخر الدّين، أبو الفتح، الكامليّ. ولد بحلب سنة إحدى وستين وخمسمائة. وكان من كبار أمراء الكامل. وقف المدرسة المشهورة بالقاهرة، والمسجد المقابل لها، وكتّاب السّبيل، والرّباط بمكة، والرباط بسفح المقطّم. وكان مبسوط اليد بالمعروف والصدقات في حياته وبعد وفاته رحمه الله. توفي في ثامن عشر ذي الحجّة بحرّان، ودفن بظاهرها.
4 (عليّ بن أحمد بن إبراهيم. أبو الحسن، الهاشميّ، الواسطيّ، عرف بابن العطّار، الشاعر،)
نزيل بغداد. من أعيان الشعراء. مات في آخر سنّ الكهولة في شهر ربيع الآخر. ومن شعره:
(أتراه بعد قطيعةٍ يتعطّف .......... بدرٌ يميل به قوامٌ أهيف)

(أنت البريء من الإساءة كلّها .......... يا عاذلي وأنا المحبّ المدنف)

(لا تلحني في حبّه فتتيّمي .......... طبعٌ وصبري عن هواه تكلّف)

(جهلوا الذي ألقاه في حمل الهوى .......... فيه ولذّة عشقه لم يعرفوا)

(45/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 360
وله:
(يا من غدا في حبّه هدراً دمي .......... ما لذّ لي إلاّ عليك تتيّمي)

(وهواك أني في الصّبابة واحدٌ .......... وإليّ أهل العشق فيها ينتمي)

(وعلى مرارات الصّدود وصدّه .......... ما باح بالشّكوى إلى بشرٍ فمي)
)
(يا من إذا ما حاولت أفكارنا .......... إدراك سرّ جماله لم تفهم)

(لك عزّة المعشوق ذي الحسنى ولي .......... إطراق ذي ندمٍ وذلّة مجرم)

4 (عليّ بن بكربسان بن جاولي الملكيّ الأفضليّ. الأمير شمس الدّين. من أمراء دمشق.)
قال القوصيّ: كان من أكابر حجّاب الدولة الأفضلية، ومن سادات الأمراء والفضلاء، توفّي بظاهر دمشق في جمادى الأولى، وله خمسٌ وستّون سنة. قلت: روى عنه شعراً.
4 (علي بن خطّاب بن مقلّد، الفقيه. المقرئ، أبو الحسن، الواسطي، المحدّثيّ. الشافعيّ،)
الضّرير. والمحدث، من قرى واسط، ولد بها في سنة إحدى وستّين، وحفظ بها القرآن، وقدم واسطاً، فقرأ بها القراءآت على أبي بكر ابن الباقلاّنيّ، وسمع من أبي طالب الكتّانّي. ثم قدم بغداد، وتفقّه على أبي القاسم يحيى فضلان، وغيره. وسمع من أبي الفتح بن شاتيل، وجماعةٍ. وكان بارعاً في المذهب، والخلاف. درّس، وأعاد، وأفاد، وأفتى.

(45/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 361
ومات في ثامن شعبان. وكان يقرأ في رمضان تسعين ختمةً، وفي باقي السنة في كلّ يومين ختمة. وكن قيّماً بعلم العربية. أقبلت عليه الدّنيا في آخر عمره. وجالس الإمام المستنصر بالله.
4 (عليّ بن عبد الله بن يوسف بن خطّاب.)
أبو الحسن، المعافريّ، الإشبيليّ، المقرئ. أخذ القراءآت عن أبي الحسن نجبة صاحب شريحٍ. وسمع من: أبي عبد الله بن زرقون، وعبد الرحمن بن مسلمة الخطيب، وجماعة. ذكره الأبّار فقال: كان فقيهاً، محدّثاّ، يميل إلى الظاهر. وله النظم والنّثر. وعاش ثمانين سنة.
4 (عليّ بن عبد الرحيم بن يعقوب. الفقيه، أبو الحسن، البكريّ، الببانيّ بموحدتين مفتوحتين)
. وببا: من أعمال البهنسا، المالكيّ، المعدّل. شهد عند قاضي القضاة أبي المكارم محمد بن عين الدّولة.) وسمع من الحافظ ابن المفضّل. وكان من أهل الدّين والصّلاح، والأمر بالمعروف، والتواضع. قال المنذريّ: كان مجتهداً في الأمر المعروف، والنّهي عن المنكر، وكتب بخطّه كثيراً. وتوفّي بالقاهرة في سابع عشر رجب.
4 (عليّ بن عثمان بن مجلّي. الواعظ، نظام الدّين، الجزريّ،

(45/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 362
المعروف بابن دنينة، الشاعر.)
كثير التطواف والأسفار، مدح الأمراء والأكابر. وقرأ الوعظ على أبي الفرج ابن الجوزيّ، وتفقّه على أبي طالب بن الخلّ، وسمع من أبي الفتح المندائيّ. وكان طريفاً، خفيف الرّوح، حلو المزاح. وتوفّي بين قارة والنّبك.
4 (عليّ بن المقرّب بن منصور بن المقرّب بن الحسن. الأديب، أبو الحسن، الرّبعيّ،)
العيونيّ، البحرانيّ، الأحسائيّ، الشّاعر. ولد بالأحساء من بلاد بالبحرين في سنة اثنتين وسبعين. وحدّث ببغداد بشيءٍ من شعره. ودخل الموصل، ومدح صاحبها. وكان شاعراً محسناً، بديع الشعر. توفّي في رجب.
4 (عليّ بن يحيى بن يوسف بن أحمد. نجم الدّين، أبو الحسن، الموصليّ، ثمّ الدّمشقيّ،)
المزّي، ابن خطيب المزّة، الشافعيّ، الشّروطيّ، الشّاهد.

(45/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 363
ولد قبيل الستين وخمسمائة بمسجد الدّيلمي تحت الرّبوة، وكان أبوه إذ ذاك مقيماً به. وسمع من أبي القاسم بن عساكر. وحدّث. سمع منه: عليّ القسطار، ونصر الله بن أبي العزّ الصفّار، ويحيى بن مسلمة، والجمال ابن الصّابونيّ. ومات في ربيع الآخر. وهو ابن أخي المعمّر عبد الرحيم صاحب ابن طبرزد.
4 (عمر بن عبد الملك، أبو محمد، الدّينوريّ، الزّاهد، نزيل سفح قاسيون.)
كان شيخاً زاهداً، عابداً، قانتاً، مخبتاً، منقطعاً إلى عبادة الله تعالى، صاحب أحوالٍ ومجاهدات. له زاويةٌ وأصحاب. قال الضياء: اجتمعت به بالبلاد، وزرت شيخه، وبدلالتي قدم إلى الشام وسكن بالجبل. قلت: وهو والد الخطيب جمال الدّين محمد إمام كفربطنا.) توفّي في ليلة الحادي والعشرين من شعبان.
4 (عمر بن أبي المجد كرم بن أبي الحسن عليّ بن عمر.)

(45/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 364
أبو حفص، الدّينوريّ، ثمّ البغداديّ، الحمّاميّ. ولد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. وسمع من جدّه لأمّه أبي الفتح عبد الوهّاب بن محمد الصّابونيّ، ومن نصر بن نصر العكبريّ، وأبي الوقت السّجزيّ، والمبارك بن المبارك ابن التّعاويذي السّرّاج، وفاطمة بنت سعد الله الميهنيّ، وغيرهم. وأجاز له أبو الفتح الكروخي، وأبو حفص عمر بن أحمد الصفّار الفقيه، وأبو الفرج عبد الخالق اليوسفيّ، وأبي المعالي أحمد بن محمد بن المذاريّ، وجماعة. وتفرّد بالإجازة من أكثر هؤلاء. وحدّث بالكثير. وكان شيخاً مباركاً، صحيح السماع والإجازة. روى صحيح البخاريّ، والدّارميّ، وعبد، وجماعة أجزاءٍ تفرّد بها عن أبي الوقت. وروى الجامع للترمذيّ بالإجازة من أبي الفتح. روى عنه: ابن نقطة، والدّبيثيّ، والبرزاليّ، والسيف بن قدامة، وأبو المظفّر ابن النابلسيّ، والفخر ابن البخاريّ، والشهاب الأبرقوهيّ، والتقيّ ابن الواسطيّ، والعزّ أحمد ابن الفاروثيّ، والشمس عبد الرحمن ابن الزّين، والرشيد محمد بن أبي القاسم، والمجد عبد العزيز الخليليّ والعماد إسماعيل ابن الطبّال وسمعا منه جامع الترمذيّ. وروى عنه بالإجازة: وروى عنه بالإجازة: زاهدة أخت الأبرقوهيّ، وفاطمة بنت سليمان، وأبو الحسين اليونينيّ، والعماد إبراهيم الماسح، وطائفة آخرهم بقاء القاضي تقيّ الدين سليمان. وتوفّي في سادس رجب. ويقال له: الجعفري، لأنّه من محلّة الجعفرية. وقال الأبرقوهيّ في معجمه: كان من أهل العبادة والعفاف، منقطعاً

(45/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 365
عن الناس، خاشعاً عند قراءة الحديث.
4 (عمر بن أبي بكر بن عمر ابن الصياد. أبو محمد، الحربيّ.)
سمع من: أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن أحمد اليوسفيّ، وفارس الحفّار. ومات في صفر.)
4 (عيسى ابن المحدّث أبي محمد عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد بن سليمان اللّخميّ،)
الأندلسيّ. الشّريشيّ، ثم الإسكندرانيّ، المقرئ، أبو القاسم. سمّعه أبوه من السّلفيّ أجزاءً فيها كثيرةً، وكان له بها أصولٌ. وكان مقرئاً بصيراً بالقراءآت المشهورة والشواذ. تصدّر للإقراء ببلده مدةً، وقرأ عليه الشيخ زين الدّين عبد السلام الزّواوي، ورشيد الدّين أبو بكر بن أبي الدّر، والتّقيّ يعقوب بن بدران الجرائديّ. وحدّث عنه: الحافظ عبد العظيم، والكمال العبّاسيّ الضرير، والحافظ محبّ الدّين ابن النجار، وإسحاق بن أسد، وجماعة من المحدّثين والقرأة، وحدّثنا عنه أبو محمد الحسن سبط زيادة. ولد سنة خمسين وخمسمائة ظناً. وأقرأ بمصر أيضاً. وكان غير ثقة ولا صادقٍ مع جلالته وفضائله. قرأت بخطّ عمر ابن الحاجب قال: كان لو رأى ما رأى قال: هذا

(45/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 366
سماعي، أو لي من هذا الشيخ إجازة. قال: وكان يقول: جمعت كتاباً في القراءآت فيه أربعة آلاف رواية. ولم يكن أهل بلده يثنون عليه. وكان فاضلاً، مقرئاً، كيّس الأخلاق، مكرماً لأهل العلم. قلت: وكان قد قرأ القراءآت السبع على أبي الطيّب عبد المنعم بن يحيى بن الخلوف الغرناطيّ نزيل الإسكندرية سنة بضعٍ وسبعين، ومات سنة ستّ وثمانين. وكان قد أخذ القراءآت عن والده ابن الخلوف وشريح. واسند القراءآت والتّيسير عنه في إجازته للزّواوي في سنة ستّ عشرة وستمائة. ولم يذكر له شيخاً سوى أبي الطّيب، وإنما ذكر وكثر في أواخر عمره نسأل الله السلامة، ولو كان قرأ على أبي القاسم بن خلف الله صاحب ابن الفحّام لكان له إسنادٌ عالٍ كصاحبيه أبي الفضل الهمدانيّ، وجمال الدّين الصّفراويّ وما جسر ومع وجودهما أن يزعم أنه قرأ على شيخهما. لكنّي بأخرةٍ قرأت بخطّ ابن مسدي: سمع من عبد الرحمن بن خلف الله، وقرأ عليه بالروايات، وعلى ابن سعادة الدّاني. وابن سعادة هذا من أصحاب ابن هذيل وطبقته فأغرب عنه بالتيسير عن عبد القدوس، عن أبي عمرو الدّاني. وكتب إليه مخبراً أبو الفتوح الخطيب، وأبو الحسن الأرتاحيّ، وأبو سعد السّمعانيّ. وقفت على أثباته ودستور إجازاته وما ذكرته فمن ذلك، إلى أن قال: وله كتاب الجامع الأكبر والبحر الأزخر في اختلاف القرّاء، يحتوي على سبعة آلاف رواية وطريق. ومن هذا الكتاب وقع) الناس فيه، والله أعلم بما يخفيه. جمعت عليه ختمةً بالسبع من طريق التّجريد، وسمعت منه كثيراً. قال: وولد سنةً أربع وخمسين وخمسمائة. وفي أسانيده تخليطٌ كثير، وأنواع من التّركيب والشّره. في كلامٍ نحو هذا لابن مسدي. وقد سألت عنه العلاّمة أبا حيّان الأندلسي أبقاه الله فكتب إليّ فيما كتب: كان له اعتناءٌ كثير بالقراءآت، وتصانيف عدّة. وكان أبوه قد اعنتى به في صغره. وكان فقيهاً، مفتياً. قرأ عليه النّاس وأخذوا عنه، وتكلّم بعضهم فيه. وقفت على إجازته لأبي يوسف يعقوب بن بدران الجرائديّ وقد قرأ عليه بالسبع، وقراءة يعقوب، وابن القعقاع، وابن محيصن، وأشهد على نفسه له بها في صفر سنة سبعٍ وعشرين، وأسند فيها عن أبي طاهر السّلفيّ. وذكر أنه أجازه أبو الفتوح ناصر بن الحسن الخطيب. وأسند في هذا الإجازة عن

(45/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 367
رجلين، أحدهما: أبو محمد عبد الله بن محمد بن خلف بن سعادة الأصبحيّ الدّاني وسيأتي ذكره وأنه قرأ عليه أربعةً وثلاثين كتاباً، وتلا عليه بكلّهنّ، منها كتاب التّيسير ثم ساق أسماءها جميعاً. ثمّ سمّى بعدها خمسة عشر كتاباً ذكر أنّه تلا بهنّ كلّهنّ على عبد الله هذا. وذكر الشيوخ الّذين روى عنهم القرآن والكتب المذكورة، وأسندها عنهم شيخه عبد الله بن محمد بن خلف فذكر منهم: أبا مروان عبد الملك بن عبد القدّوس وأنه قرأ على أبي عمرو الدّاني وأبا الحسن شريح بن محمد، وسلميان بن عبد الله بن سليمان الأنصاريّ، عن أبي معشر الطّبريّ، وذكر أبا سعيد رحمة بن موسى القرطبيّ، عن مكيّ بن أبي طالب، وأبي عليّ الأهوازي، وغيرهما، وأبا عبد الله محمد بن جامع الأندلسيّ، عن يعقوب بن حامد، عن أبي عبد الله بن سفيان مؤلّف الهادي، وأبا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المقرئ، وأبا الحجّاج يوسف بن علي بن حمدان، وأبا عبد الله الخولاني، وأبا محمد عبد الله بن محمد بن السّيد البطليوسيّ. وأما عبد الملك، ورحمة، وسليمان، وابن جامع، وابن حمدان، فمجاهيل أو لم يكونوا موجودين في الدّنيا، بل هي أسماءٌ موضوعة لغير موجود وأما محمد بن عبد الرحمن، فإنه توفّي بعد الخمسمائة. وذكر له شيخنا أبو حيّان ترجمة، ثمّ قال: ثم الّذين أرّخوا في علماء أهل الأندلس ذكروا أبا محمد هذا شيخ ابن عيسى فلم يذكروا في شيوخه أحداً من هؤلاء، هذا مع علمهم، واطّلاعهم على أحوال أهل بلادهم. ثم قال: أخبرنا الخطيب أبو عبد الله بن صالح الكنانيّ الشاطبيّ إجازةً، وغيره عن الحافظ أبو) عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعيّ عرف بالأبّار صاحب كتاب التكملة، قال: عبد الله بن محمد بن خلف بن سعادة الأصبحي من أهل دانية يكنى أبا محمد، سمع أبا بكر بن نمارة، ولازم ببلنسية أبا الحسن سعد الخير، ثمّ رحل إلى المشرق، فسمع بالإسكندرية من أبوي الطّاهر السّلفيّ وابن عوف، وغيرهما. حدّث عنه أبو القاسم عيسى ابن الوجيه أبي محمد عبد العزيز الشّريشيّ وحمّله الرواية عن قومٍ لم يرهم ولا أدركهم وبعضهم لا يعرف، وذلك من أوهام هذا الشيخ عيسى واضطّرابه في روايته، وسمع أيضاً من أبي عبد الله الحضرميّ، وأبي القاسم عليّ بن مهديّ

(45/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 368
الإسكندرانيّ، وأكثر عنهم. إلى أن قال شيخنا أبو حيّان: وأبو عبد الله الأبّار متى عرض له في تاريخه ذكر أبي القاسم بن عيسى يحذّر منه حتى إنّه يذكره في موضع وقال: إنما أكرّر الكلام عليه ليحذر منه، أو قريباً من هذا المعنى أو نحوه. وذكره أيضاً أنه نسب دواوين شعر لناسٍ ما نظموا حرفاً قطّ ولا علم ذلك منهم. ثمّ قال أبو حيّان: فانظر إلى ابن عيسى كيف ادّعى أنه قرأ على ابن سعادة القرآن بنحوٍ من خمسين كتاباً وأنه قرأ منها أربعة وثلاثين كتاباً ونسبته إلى الرواية عن هؤلاء المشايخ الذين ما ذكر أحدٌ أنه روى عن واحدٍ منهم، بل أكثر ما ذكر له الأبّار رجلان من أهل الأندلس ابن نمارة، وابن سعد الخير نعوذ بالله من الكذب والخذلان وآخر من روى القراءآت تلاوةً عن واحد عن أبي عمرو الدّاني فيما علمنا أبو الحسن بن هذيل، وتوفّي سنة أربعٍ وستين وخمسمائة، فكيف يكون ابن سعادة يحدّث بالتّلاوة عن واحدٍ عن أبي عمرو وكان حيّاً في سنة ثلاثٍ وسبعين وربما عاش بعد ذلك سنين. قال: وأما الرجل الآخر الذي روى عنه أبو القاسم بن عيسى القراءآت، فهو أبو الحسن مقاتل بن عبد العزيز بن يعقوب، قال: قرأت عليه التّجريد لابن الفحّام وبما تضمّنه، حدّثني به عن مؤلّفه. وبهذا السند قرأت عليه مفرداته العشر، وقرأت عليه كتاب تلخيص العبارات لابن بلّمية، وتلوت عليه بما تضمّنه، حدّثني به عن مؤلّفه، وتلوت عليه بكتاب العنوان، حدّثني به عن الحسن بن خلف، عن مؤلّفه، وعن ابن مؤلّفه، عن أبيه. قال ابن عيسى: وتلوت عله وعلى غيره من المقرئين بكتبٍ كثيرة لا تسع هذه الإجازة، وهي مذكورة في كتبا التّبيين في ذكر من قرأ عليه ابن عيسى من المقرئين. ومن هذه الكتب والكتب التي بقيت ولم نذكرها) التي تلوت بها على بقية شيوخي هي التي خرّجت منها سبعة آلاف رواية التي تلوت بها. قال أبو حيّان: ومقاتل بن عبد العزيز هذا الذي ذكره أنه روى عن ابن الفحّام، وابن بلّمية لا نعلمه إلاّ من جهة ابن عيسى فينبغي أن يبحث عن مقاتل أكان موجوداً وليس ذلك. لأن يصحّ إسناد ابن عيسى عنه، فإنّ إسناداً فيه ابن عيسى لن يصحّ أبداً.

(45/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 369
قلت: أقطع بأنّ رجلاً اسمه مقاتل منعوتٌ بأخذ القراءآت عن الأربعة المذكورين والحالة هذه لم يوجد أبداً ولا خلق قطّ. وقد طال الخطاب في كشف حال الرّجل. وبدون ما ذكرنا يترك الشخص، أما خاف من الله إذ زعم أنه صنّف كتاباً فيه سبعة آلاف رواية فوالله إنّ القرّاء كلهم من الصّحابة إلى زمانه أعني الذين سمّوا من أهل الأداء في المشارق والمغارب ودوّنوا في التّواريخ لا يبلغون سبعة آلاف بل ولا أربعة آلاف وأنا متردّدٌ في الثلاثة آلاف هل يصلون إليها أم لا هذا أبو القاسم الهذليّ الذي لم يرحل أحدٌ في القراءآت ولا في الحديث مثله، وله مائة شيخ قرأ عليهم القرآن، جمع في كتابه الغثّ والسّمين، والمشهور والشاذّ، والعالي والنازل، وما تحلّ القراءة به وما من خمسين رواية من ألف طريق، وقد يكون الطريق مثل أن يروي مسلم الحديث عن قتيبة، عن الليث، وعن عبد الملك بن شعيب بن اللّيث، عن أبيه، عن الليث، فيسمّي ذلك طريقين. وقد تفرّد القاضي تقيّ الدين سليمان بالإجازة منه. وتوفّي في سابع جمادى الآخرة. وما أنا ممّن يتّهم بالحطّ على ابن عيسى، فلو كنت مداهناً أحداً لداهنت في أمره، لأنّني قرأت التّيسير في مجلس على سبط زيادة بأصل سماعه منه. قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن خلف، أخبرنا ابن عبد القدّوس عن مؤلّفه، فوددت لو ثبت لي هذا الإسناد العالي، ولكنّه شيء لا يصحّ. وأمّا إجازته من الشريف الخطيب، فصحيحة إن شاء الله قد سمع بها الحافظ ابن النّجّار، وغيره. وقرأت كتاب العنوان في القراءآت على سبط زيادة، بسماعه من ابن عيسى، بإجازته من الخطيب. أخبرنا أبو الحسين الخشّاب، أخبرنا المصنّف.
4 (حرف الغين)

4 (غالب بن محمد بن غالب بن حبيش فتح الحاء وشين معجمة. وأبو عمرو، اللّخميّ،)
) الأندلسيّ، المقرئ، نزيل دمشق.

(45/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 370
روى عن أبي القاسم عبد الرحمن بن حبيش، وعن: الخشوعيّ، والقاسم بن عساكر، والقاضي محيي الدّين محمد ابن الزّكي. وتصدّر للإقراء بجامع دمشق. وكان رجلاً صالحاً. توفي في ذي الحجّة.
4 (حرف الفاء)

4 (فرحة بنت أبي سعد بن أحمد بن تميرة.)
أمّ عليّ، البغدادية. قال ابن النّجّار: امرأةٌ صالحةٌ، سمعت من هبة الله ابن الشّبليّ. توفّيت في ثامن ربيع الأوّل. قلت: روى عنها ابن النجّار، وإبراهيم بن مسعود الحويزيّ.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف بن عليّ.)
منتجب الدّين، أبو عبد الله، الماكسانيّ، ثم الدّمشقيّ. روى عن: أبي القاسم بن عساكر. وسمع منه: عمر ابن الحاجب، وقال: كان لا بأس به. وحدّثنا عنه الشّرف بن عساكر. ومات في سابع جمادى الآخرة.
4 (محمد بن أبي البركات بن أبي السعادات بن صعنين.)
أبو بكر، الحريميّ، الصيّاد. سمع: أبا المعالي الجبّان، وابن البطّي، وجماعة.

(45/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 371
وقال ابن النجّار: كتبت عنه. وكان ديّناً، فقيراً، يأكل من كسب يده. مات في ذي الحجّة سنة.
4 (محمد ابن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد العليّ، الفقيه. شرف الدّين،)
الشافعيّ، المصريّ. أحد أئمّة الحديث ببغداد. ولد سن نيّفٍ وسبعين وخمسمائة.) وكان أبوه من مشايخ بغداد وصلحائها، فعني أبو بكر بطلب الحديث. وسمع من يحيى بن بوشٍ وهو أكبر شيخٍ له. وفاته ابن كليب وأضرابه. ثمّ سمع سنة ستمائة أو بعدها من: عبد الوهّاب بن سكينة، وعمر بن طبرزد، وأحمد بن الحسن العاقوليّ، وأبي الفتح المندائيّ، وابن الأخضر، والحافظ عبد الزّاق بن عبد القادر، ومحمد بن عليّ القبّيطيّ، وعليّ بن المبارك بن جابر، وجماعة. ورحل إلى إصبهان فسمع بإصبهان من عفيفة الفارقانيّة، وزاهر بن أحمد الثّقفيّ، والمؤيد ابن الإخوة، وأبي الفخر أسعد بن سعيد بن روحٍ، ومحمود بن

(45/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 372
أحمد المضريّ، وعائشة بنت معمر، وطائفة. وسمع بنيسابور من: منصور الفراوي، والمؤيّد الطّوسيّ، وزينب الشّعرية، وبحرّان من عبد القادر الرّهاويّ، وبدمشق من أبي اليمن الكنديّ، وأبي القاسم ابن الحرستانيّ. وبحلب من الافتخار الهاشميّ، وبمصر من الحسين بن أبي الفخر الكاتب، وعبد القويّ ابن الجبّاب. وبالإسكندرية من محمد بن عماد، وجماعة. وبدمنهور، ودنيسر، ومكّة، وغير ذلك. ونسخ، وحصل الأصول، وصنّف، خرّج. وكان إماماً ضابطاً، متقناً، صدوقاً، ثقةً، حسن القراءة، مليح الكتابة، متثبتاً فيما ينقله. له سمتٌ ووقار، وورعٌ وصلاحٌ. وكان قانعاً باليسير، قفا أثر أبيه في الزهد والتّقشف. سئل عنه الضياء، فقال: حافظٌ، ديّنٌ، ثقةٌ، صاحب مروءة وكرم. وقال في البرزاليّ: ثقةٌ، ديّنٌ، مفيدٌ. قلت: سمع منه السيف ابن المجد، والزكيّ المنذريّ، وعبد الكريم بن منصور الأثريّ، والشرف حسين بن إبراهيم الإربليّ الأديب، وأبو الفتح عمر ابن الحاجب، وأخوه عثمان، وأبو الفرج عبد الرحمن بن محمد ابن الحافظ عبد الغنيّ. وحدّث عنه: ابنه أبو موسى اللّيث، وعزّ الدّين أحمد بن إبراهيم الفاروثي. وأجاز لجماعة من شيوخنا آخرهم فاطمة بنت سليمان. وهو مؤلّف كتاب التقييد في معرفة رواة الكتب والمسانيد وهو مجلّد مفيد. وصنّف المستدرك على إكمال ابن ماكولا في مجلّدين دلّ على براعته وحفظه. وقال الأمير في الإكمال: هو سليمان بن داود، فأخطأ وأظنّ أنه نقله من تاريخ الخطيب، فإنّ الخطيب ذكره في تاريخه على الوهم أيضاً. وقد ذكره على الصّواب في ترجمة أبي شهاب عبد ربّه الحنّاط.)

(45/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 373
وقال أبو أحمد الحاكم في الكنى: أبو داود المباركيّ: هو سليمان بن محمد، كنّاه وسمّاه لنا أبو بكر عبد الله بن محمد الإسفرايينيّ، سمع أبا شهاب عبد ربّه بن نافع. ثمّ قال ابن نقطة: روى عن المباركيّ جماعة، فسمّوا أباه محمداً منهم: خلف البزّاز وهو من أقرانه، وعبد الله بن أحمد، وموسى بن هارون، والحسن بن عليّ المعمري، وإسحاق بن موسى الأنصاريّ، وأبو يعلى الموصليّ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار. وقد أوردنا لكلّ رجل منهم حديثاً في كتابنا الموسوم بالملتقط ممّا في كتب الخطيب وغيره من الوهم والغلط. قلت: وسئل عن نقطة فقال: هي جارية عرفنا بها ربّت لجدّ أبي. توفّي في الثاني والعشرين من صفر ببغداد وهو في سنّ الكهولة.
4 (محمد بن عليّ بن عطّاف. أبو عبد الله، البغداديّ، الحدّاد.)
يروي عن: عبد الحقّ اليوسفيّ. مات في جمادى الأولى. ويعرف بسهوة.
4 (محمد بن عليّ بن محمد ابن الجارود. القاضي، أبو عبد الله، المارانيّ، الكفرعزيّ. قاضي)
إربل.

(45/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 374
كان فقيهاً، عالماً، متصوّناً، عفيفاً. وتوفّي في جمادى الآخرة، وقد جاوز الثمانين. وله شعر جيّد فمنه:
(لا تكثر اللّوم في عذلي وفي فندي .......... وقل عنّي فما أصغي إلى أحد)

(هلاّ نهضت إلى عذلي وما قدحت .......... نار الصّبابة بالأشواق في كبدي)

(أيّام أغدو خليّ القلب في دعةٍ .......... من الغرام وحكمي في الهوى بيدي)

4 (محمد بن عليّ بن خليد. أبو الفرج، الكاتب.)
شيخٌ أديبٌ، أخباريٌ، عالمٌ. اختصر كتاب الأغاني. وخدم ببغداد في عدّة جهات. وصنّف في علم الدّيوان والحساب مصنّفاً وذكر فهي جماعة من الكتّاب، وجعل الأمثلة ثلاثة وثلاثين مثالاً. وكان ابن

(45/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 375
حمدون قد وضع الأمثلة تسعةً وثمانين مثالاً، فلم يخلّ ابن خليد بشيء منها ممّا يحتاج إليه، فذكر صناعة التعديلات، والصياغات، الاستعمالات ثمّ ذكر الفلاحات، وعلاج الغلاّت، وكيفية الشذور وغير ذلك.) توفّي في شوّال.
4 (محمد بن عليّ بن منصور البغداديّ.)
القاضي، أبو عبد الله، الحنفيّ. ناب في القضاء ببغداد عن ابن مقبلٍ، ودرّس، وأفاد. أنشد لبعضهم:
(وكلّ أخٍ يشكون إليّ خصاصةً .......... فهل من أخٍ أشكو إليه خصاصتي)

(ومن كان يشكو ما مضى من زمانه .......... فشكواي من حالٍ وآتٍ وفائت)

4 (محمد بن عليّ بن رمضان، الفقيه. أبو عبد الله، الكرديّ، الزّرازريّ، الشافعيّ، نزيل)
حلب. شيخٌ معمّرٌ. ولد بدمشق في سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة. وحدّث عن يحيى الثّقفيّ. روى عنه مجد الدّن ابن العديم، وسنقر القضائي، وغيرهما. وتوفّي يوم عيد النحر. وقال ابن الظّاهريّ: توفّي في حدود الأربعين وستمائة.
4 (محمد بن عمر بن أحمد بن عليّ بن عمارة.)
أبو عبد الله وأبو عمر، الحربيّ، النجّار. سمع من يحيى بن ثابت. وحدّث. روى عنه ابن النجار، وغيره. وتوفّي في نصف شعبان.
4 (محمد بن غازي الموصليّ، ويعرف بالفقاعيّ.)
شربدار الست ربيعة خاتون أخت الملك العادل. له شعرٌ حسن.

(45/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 376
4 (محمد بن محمد بن يوسف بن أحمد بن جهورٍ.)
أبو بكر، الأزديّ، المرسيّ، الأديب. سمع: أبا القاسم بن الجنيد، وأبا عبد الله بن حميد. وأجاز له السّلفيّ. ورحل إلى قرطبة، فصحب أبا الوليد بن رشدٍ المتكلّم وناظر عليه. ولقي أبا بكر بن الجدّ، وأبا زيد السّهيلي. وكان شاعراً مترسّلاً.)
4 (محمد بن محمد بن جعفر بن عليّ. القاضي، العالم، الزّاهد، أبو السعود، البصريّ.)
ولد سنة ثمانس وأربعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الله بن عمر بن سليخ، وأبي جعفر المبارك بن محمد المواقيتي. وتفقّه على أبي القاسم يحيى ب ن فضلان. وناظر وتكلّم في مسائل الخلاف. وسمع ببغداد من شهدة، وجماعةٍ. وبواسط من أبي جعفر هبة الله بن البوقي، وأبي طالب الكتّانيّ. وحدّث بالبصرة، ودرّس بها، وناب في القضاء مدة ثمّ تركه. وكان ورعاً، وصالحاً، محمود السيرة، أثنى عليه غير واحد. وروى عنه: القاضي شمس الدين محمد بن عليّ بن عتيق البصريّ المعروف بابن الزاهد شيخٌ للفرضيّ. وروى عنه بالإجازة أبو المعالي الأبرقوهيّ. ومات في سادس جمادى الآخرة.
4 (محمد بن محمد بن عبد الكريم.)
أبو الفضائل، القزوينيّ، ثم البغداديّ. تفقّه ببغداد في مذهب الشافعيّ، وسمع من أبي السعادات القزّاز. وحدّث.

(45/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 377
قال ابن النجّار: أبو الفضائل الشافعيّ، من بيتٍ مشهور بقزوين سمع أباه أبا الفضل، وسافر إلى إصبهان، والريّ، زنجان، وأذربيجان. وتفقّه على ابن فضلان. ونفذ رسولاً من الدّيوان إلى بعض النّواحيّ. وكان فاضلاً، ديّناً، له معرفةٌ بالحديث. مات في جمادى الأولى.
4 (محمد بن منصور بن عبد الله بن منصور بن عبد المحسن الأنصاريّ. شمس الدّين، أبو)
عبد الله، النابلسيّ، الكاتب، ويعرف بصدر الباز. سمع من أسعد بن حمزة ابن القلانسيّ. وكان موصوفاً بسلامة الصّدر. زعم أنه سمع أيضاً من أبي القاسم بن عساكر. مات في ذي الحجّة. وقد روى عنه بالإجازة شيخنا قاسم بن عساكر.
4 (محمد بن أبي جعفر منصور بن فارس بن أحمد بن هبة الله بن محمد. الشريف الصالح،)
أبو الفضل، ابن المهتدي بالله، الهاشمي، الصّوفيّ. ولد سنة سبعٍ وخمسين.) وسمع: من يحيى بن ثابت، وأحمد بن المقرّب، وأبي بكر بن النقور، وغيرهم. وحدّث. ويعرف بابن الخطيف وهو لقب لجدّهم. توفّي في حادي عشر رجب. روى عنه ابن النّجّار وقال: كان شيخاً صالحاً، منقطعاً برباط بهروز. قلت: أجاز لجماعةٍ منهم: تاج الدّين إسماعيل بن قريش، وفاطمة بنت سليمان.
4 (محمد ابن الشريف الخطيب أبي الفتوح ناصر بن الحسن.)
عزّ القضاة، أبو عبد الله، الحسينيّ، الزّيديّ، المصريّ. سمع من والده. ومات في جمادى الأولى، وله ثمان وثمانون سنة.

(45/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 378
قال الحافظ عبد العظيم: ما علمت أحداً سمع منه لما كان عليه.
4 (محمد بن يوسف بن حسّان بن الحسن الكنديّ.)
ولد بحمص في سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وحدّث بالمزّة ظاهر دمشق عن الأديب أبي الفرج عبد الله بن أسعد ابن الدّهان النحوي بشيءٍ من شعره. ومات بالمزّة.
4 (مسعود ب عثمان بن الخضر. رفيع الدّين، أبو عبد الله، الشراهي، الجنداذيّ، الصّوفيّ.)
سمع من: خليل الرّارانيّ، وأبي المكارم اللبّان، والكرّانيّ، وغيرهم بإصبهان. وحدّث بحلب. روى عنه: مجد الدّين ابن العديم، والأمين أحمد ابن الأشتري، والكمال أحمد ابن النّصيبيّ، وأخوه محمد. وتوفّي بمنبج.
4 (مضر بن أبي المفاخر أحمد بن ناصر بن عبد الله.)
الشريف، أبو الفضائل، الهاشميّ، البغداديّ. حدّث عن أبي طالب بن خضير. وتوفّي في المحرّم.
4 (مكّي بن خالد. أبو الحرم، المصريّ، الكاتب المجوّد الملقّب بفخر الكتّاب.)
جوّد عليه بمصر جماعةٌ. وكان مليح الخط، جيّد التّوقيف. وحدّث بشيءٍ من شعره. وطال عمره، وعاش سبعاً وثمانين سنة. وما في صفر.
4 (حرف النون)
)
4 (نصر الله وهبة الله. أبو الفتح بن صالح بن عبد الله المصريّ، الغضاريّ، أعزّ الدّين، ابن)
أخي نقّاش السّكة.

(45/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 379
روى عن السّلفي. روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، وعمر ابن الحاجب. توفّي في ربيع الآخر.
4 (نهاية بنت صدقة بن عليّ بن مسعود، الواعظة، العالمة.)
أمة العزيز، بنت الشيخ أبي المواهب الضرير، المقرئ المعروف بابن الأوسيّ. سمعت من شهدة الكاتبة. وتوفّيت في ذي القعدة.
4 (الكنى)

4 (أبو بكر بن يوسف بن يحيى بن عمر بن كامل.)
عفيف الدّين، المقدسيّ، الكاتب. أخو عمر خطيب بيت الأبّار. كان يتعانى الكتابة. وروى عن يحيى الثّقفيّ. روى... وتوفّي في ربيع الآخر.
4 (أبو القاسم بن أحمد السمّذيّ. مرّ في الألف.)

4 (أبو القاسم بن إبراهيم بن...، علم الدّين، ابن النحّاس، الدّمشقي.)
شابٌّ، ديّن، فاضل، مشتغل. سمع الكثير من طبقة ابن البن، وابن أبي لقمة. ودفن بالجبل.

(45/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 380
4 (وفيها ولد)
البدر حسن بن عليّ ابن الخلال. والفخر إسماعيل بن نصر الله بن عساكر. وابن عمّه البهاء أبو محمد القاسم بن محمود. ثلاثتهم في صفر بدمشق. وأبو جعفر عبد الرحمن بن عبد الله ابن المقيّر ببغداد. والشمس أبو نصر محمد بن محمد بن محمد ابن الشّيرازيّ، في شوّال. والنّجم إسماعيل بن إبراهيم ابن الخبّاز. والمجد سالم بن أبي الهيجاء، قاضي نابلس.) والعلم محمدبن نصير ابن الأصفر. والمجد عبد الله بن محمد بن محمد الطّبريّ، إمام الصّخرة. وفخر الدّين عثمان بن عليّ ابن بنت أبي سعد المصريّ. والزّين عليّ بن محمد بن منصور بن المنيّر الإسكندراني، أخو ناصر الدّين. والشيخ أحمد بن زكري بن أبي العشائر الماردينيّ، سمع ابن مسلمة.

(45/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 381
4 (وفيات سنة ثلاثين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أبي الحسن بن أحمد بن حنظلة.)
أبو العباس، البغداديّ، الكتبيّ. سمع أبا الحسين عبد الحقّ. وعنه ابن النجّار وقال: لا بأس به. توفّي في رجب.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن بشير. الأستاذ، أبو جعفر، الجيّاني، المقرئ، خطيب جيّان.)
أخذ القراءآت عن أبي عليّ الحسن بن عبد الله السّعديّ صاحب أبي جعفر ابن الباذش. وسمع منه الموطّأ. أخذ عنه ابن مسدي. عاش ستاً وستين سنة.
4 (إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن سليمان. القاضي الجليل،)
بهاء الدين، أبو إسحاق، التّنوخيّ، المعرّيّ، ثم

(45/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 382
الدمشقيّ، الفقيه، الشافعيّ، الخطيب. ولد بدمشق سنة خمسٍ وستّين وخمسمائة. وسمع من أبيه، ومن: ابن صدقة الحرّانيّ، والخشوعيّ. ومع ولده تقيّ الدين إسماعيل من جماع. ودرّس، وحدّث. وتفقّه على الخطيب ضياء الدّين الدّولعيّ. وله إجازة من شهدة. وكان صدراً فاضلاً، محتشماً، أديباً، كاتباً مترسّلاً، شاعراً، كثير المحفوظ، مليح الإنشاء، مداخلاً للدولة. روى عنه: الزكيّ البرزاليّ، والمجد ابن الصاحب العديميّ، والشهاب القوصيّ. وقال القوصي: كان فاضلاً مكمّلاً، وصدراً مجمّلاً، ترسّل عن الملك العادل، وحصّل العلوم،) واجتهد في طلبها، وحصّل الفقه في صدر عمره، مع ما تحلّى به من حسن الكتابة والبلاغة. أنشدني لنفسه وكان قد ولي فضاء المعرّة وهو ابن خمسٍ وعشرين سنة، فأقام في القضاء خمس سنين.
(وليت الحكم خمساً هنّ خمسٌ .......... لعمري والصّبا في العنفون)

(فلم تضع الأعادي قدر شاني .......... ولا قالوا فلانٌ قد رشاني)
وقال ابن الحاجب بعد مدحه: ترك الفقه والحديث، واشتغل بالولاية والتّصرف. ولم يكن محمود السيرة. وكان عنده بذاذة وفحشٌ. ومات في منتصف المحرّم. قلت: آخر من روى عنه بالإجازة تاج العرب بنت علاّن.
4 (إبراهيم بن نصر بن إبراهيم بن محمد.)
الأمير الأجل، نجم الدّين، ابن الحمصيّ. ولد سنة سبعٍ وخمسين. وسمع من أبي القاسم عليّ بن الحسن الحافظ. وحدّث بدمشق، ثم سكن مصر، وولي شدّ الدّواوين.

(45/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 383
وتوفّي بآمد في نصف المحرّم أيضاً.
4 (أسماء بنت إبراهيم بن سفيان بن مندة.)
أخت أبي الوفاء محمود. ماتت في شوّال بإصبهان.
4 (إسماعيل بن سليمان بن أيداش. الشيخ الأجلّ، شمس الدّين، أبو طاهر، الدّمشقيّ، الحنفيّ،)
ابن السّلار. حدّث عن: الصائن هبة الله بن عساكر، وأبي محمد عبد الخالق بن أسد. ولد في رجب سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وأصله من حمص، وكان يعرف بالرصّاص. وكان من بيت إمرةٍ وتقدّم. ثم ترك الخدمة، ولازم الجماعات. وكان محبّاً لفعل الخير والفقراء، كثير البرّ. ترجمه ابن الحاجب وكتب عنه. وروى عنه: أبو حامد ابن الصّابونيّ، وأبو الفضل بن عساكر، وغيرهما. ومات في رابع ذي القعدة.
4 (حرف الباء)
)
4 (بلد بن سنجار بن بلد. أبو نصر، الضّرير، المقرئ، شيخ بغداد.)
حدّث عن المبارك بن علي الحلاوي. ومات في ذي القعدة.
4 (بكر بن إبراهيم بن مجاهد. أبو عامر، الإشبيليّ، الظّاهريّ.)
سمع: ابن الجدّ، وأبا عبد الله بن زرقون. أخذ عنه ابن مسدي، وقال: مات في ذي الحجّة عن بضعٍ وثمانين سنة.

(45/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 384
4 (حرف الحاء)

4 (حسّان بن رافع بن سمير العامريّ. أبو النّدى، الدّمشقيّ.)
إمام مسجد قصر حجّاج. حدّث عن أبي الحسين أحمد ابن الموازينيّ. وكان رجلاً صالحاً، خيّراً. وهو والد خطيب المصلّى. مات في ثالث رجب، وشيّعه خلقٌ كثير إلى الجبل.
4 (الحسن بن أحمد بن يوسف.)
الزّاهد، القدوة، أبو علي، الإوقيّ. منسوب إلى أوه، قاله: عبد القادر الرّهاويّ، وهي من أعمال العجم. سمع الكثير من السّلفيّ، وسمع من عبد الواحد بن عسكر، والمفضّل ابن عليّ المقدسيّ، ومحمد بن عليّ بن محمد الرّحبيّ، والمشرف بن المؤيّد الهمذانيّ. وأقام بالقدس أربعين سنةً. وكان زاهداً، عابداً، قانتاً، كثير المجاهدة. من أصحاب الأحوال والمقامات، ما له شغلٌ إلا التلاوة والانقطاع بالمسجد الأقصى.

(45/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 385
قال عمر ابن الحاجب: سألت أبا عبد الله البرزاليّ عنه فقال: زاهد أهل زمانه، كثير التلاوة والعبادة والاجتهاد، معرضٌ عن الدنيا، صليبٌ في دينه. قلت: وكان له أجزاء يحدّث منها. روى عنه: الضياء، والكمال ابن الدّخميسي، والكمال العديميّ وابنه أبو المجد، والقاضي محمد بن محمد بن صاعد، والرضي أبو بكر القسنطيني، وأبو المعالي الأبرقوهيّ، وغيرهم. توفّي الإوقيّ بكسر الهمزة في عاشر صفر.
4 (الحسن بن عبد الله بن محمد بن أحمد.)
) أبو المعالي، الأنباريّ، العدل، المعروف بابن الخلاّل. سمع من: عبيد الله بن اشاتيل، ونصر الله القزّاز. وكان شيخاً صالحاً، عابداً، متنسّكاً، صحب الصّالحين. توفّي في رمضان.
4 (الحسن ابن الأمير السيّد أبي الحسن علي ابن المرتضى أبي الحسين بن عليّ. الأمير، أبو)
محمد، العلويّ، الحسينيّ، البغداديّ. روى عن الحافظ محمد بن ناصر كاتب الذّرية الطاهرة للدّولابيّ. وهو آخر من سمع من ابن ناصر، وسمع من هبة الله الدّقّاق. وعاش ستاً وثمانين سنة، وتوفّي في الخامس والعشرين من شعبان. وكان شريفاً، سرياً، محتشماً، كبير القدر.

(45/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 386
روى عنه: أبو نصر محمد بن المبارك المخرّمي شيخٌ للفرضيّ، وأبو العباس الفاروثيّ، والعماد إسماعيل ابن الطبّال وهو آخر من روى عنه بالسّماع، والرشيد محمد بن أبي القاسم. وروى لنا عنه بالإجازة جماعةٌ من آخرهم القاضي تقيّ الدّين. وسماعه من ابن ناصر في السنة الخامسة من عمره. وهو من ذرّية جعفر بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب. وكان يسكن بالجوسق، ويجيء أحياناً إلى بغداد.
4 (الحسن بن عليّ بن ألفكون. أبو علي، القسنطينيّ.)
رئيس الكتّاب، وعلم الآداب. قال ابن مسدي: انقاد العلم إلى بنانه، وسلّم قسٌّ إلى بيانه، فبذّ أهل زمانه نظماً ونثراً، ونفث في الأسماع سحراً. لقيته ببجاية، ومات على رأس الثلاثين، وله نيّف وستون سنة.
4 (الحسنة، أمّ الكمال، بنت القاضي عليّ بن عثمان القرشيّ المخزوميّ.)
توفّيت في المرحّم عن خمسٍ وستّين سنة. وروت بالإجازة عن شهدة، وعبد الحقّ، وغيرهما. وتوفّيت بالقاهرة.
4 (الحسين بن أبي البركات محمد بن أبي الفتوح عبد القاهر بن محمد بن عبد الله بن يحيى)
) ابن الوكيل. العدل، المحتسب، أبو عبد الله، الكرخيّ، الشّطويّ. سمع حضوراً من جدّه، وسمع من: أبيه، وأبي الفرج محمد بن أحمد ابن نبهان. وهو من بيت حديثٍ وتقدّم ببغداد. مات في شعبان. روى عنه ابن النّجّار وقال: كان أديباً، جم تاريخاً ذيّل به على ابن جرير. وطلب بنفسه.

(45/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 387
4 (حميراء بنت إبراهيم بن سفيان بن إبراهيم بن عبد الوهّاب ابن الحافظ ابن مندة،)
الإصبهانيّة. أخت أبي الوفاء محمود، كانت أكبر من أخيها. سمعت حضوراً من أبي الوقت، وسماعاً من غيره. وتوفّيت في جمادى الأولى بإصبهان. روى عنها بالإجازة أبو الفضل بن عساكر، والقاضي تقيّ الدّين سليمان، وغيرهما.
4 (حرف الخاء)

4 (خلف بن محمد بن شمدون.)
أبو سعيد، الأنصاريّ، خطيب توزر. كان من العبّاد والعلماء. رحل إلى البلاد، وسمع. وكان سريع القلم جداً. كتب تاريخ ابن جرير مرّات، وتاريخ ابن عساكر. سمع من السّلفيّ يسيراً، ومن ابن الجوزيّ، ومن العماد الكاتب تواليفه. أخذ عنه ابن مسدي وأرّخه.
4 (حرف الراء)

4 (رضوان بن عبد الحق بن عبد الواحد.)
أبو النّعيم، الأنصاريّ، الحنبليّ. سمع: ابن صدقة الحرّانيّ. وأجاز له التّرك. كتب عنه ابن الحاجب. وأجاز للبهاء بن عساكر عامّاً. توفّي في ربيع الأوّل عن ستٍّ وسبعين سنة.

(45/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 388
4 (حرف السين)

4 (سليمان بن محمود بن أبي غالب.)
) القاضي الأجلّ، فخر الدّين، الدّمشقيّ، الكاتب. كان أديباً منشئاً، وقوراً، حسن السّمت، وافر العقل. كتب في الديوان العادليّ والدّيوان الكامليّ كتابة الإنشاء مدّة. وله شعر حسن. وتوفّي بظاهر حرّان في ربيع الأوّل.
4 (حرف الشين)

4 (شريفة بنت إبراهيم بن سفيان بن مندة.)
ماتت في ذي القعدة بعد أختيها أسماء وحميراء.
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن بدر بن عبد الله.)
الفقيه، تقيّ الدّين، المصريّ، الزّفتاويّ، الشافعيّ. تفقّه على الشهاب محمد بن محمود الطّوسيّ. ودخل الثّغر وسمع من: أبي الطاهر إسماعيل بن عوف، وعبد المجيد بن دليل، وبمصر من البوصيريّ. وأفاد، وأعاد، وناب في القضاء، ودرّس. وزفتا: بليدةٌ من بحريّ الفسطاط. توفّي في ذي القعدة، وهو من أبناء السبعين.

(45/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 389
4 (حرف العين)

4 (عبد الخالق بن عبدي الله بن أحمد بن هبة الله المنصوريّ.)
سمع من ابن كليب. وحدّث.
4 (عبد الرحمن بن سلامة بن نصر بن مقدام.)
أبو محمد، المقدسيّ، المقرئ، الصّالحيّ. شيخٌ صالحٌ، ديّن. ولد سنة ثلاثٍ وخمسين. وسمع من: أبي المعالي بن صابر، والفضل ابن البانياسيّ، ومحمد بن حمزة القرشيّ. روى عن الضياء، والزكيّ البرزاليّ. توفّي في العشرين من المحرّم.)
4 (عبد الرحمن بن أبي المجد فاضل بن عليّ.)
الفقيه، أبو القاسم، الإسكندرانيّ، المعروف بابن السّيوري. رحل إلى بغداد، وقرأ بواسط القراءآت. وسمع ببغداد من أحمد بن علي الغزنويّ، وأبي الحسن عليّ بن محمد ابن السقّاء، وجماعة، وبدمشق من زين الأمناء أبي البركات. وحدّث بمصر والإسكندرية. وكان بصيراً بالقراءآت واختلافها. مات في صفر.
4 (عبد الرحمن بن محفوظ بن أبي بكر بن أبي غالب بن البزن. أبو بكر، البغداديّ، الحنبليّ،)
المقرئ، الرجل الصّالح. سمع من شهدة، وعبد الحقّ، ويحيى بن يوسف السّقلاطوني. وحدّث.

(45/389)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 390
توفّي في رجب. روى لنا عنه بالإجازة القاضي تقيّ الدين سليمان.
4 (عبد العزيز بن أبي الفتح أحمد بن عمر بن سالم بن محمد بن باقا. العدر، صفيّ الدين، أبو)
بكر، البغداديّ، الحنبلي، التّاجر، السّيبيّ الأصل. ولد في رمضان سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبي زرعة، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النّقور، وعليّ بن عساكر البطائحيّ، وعليّ بن أبي سعد الخبّاز، وأبي الحسين عبد الحقّ، وأحمد بن محمد بن بكروس، وأخيه عليّ بن محمد. وسكن مصر وشهد عند قاضي القضاة عبد الملك بن درباس، وغيره. وكان شيخاً حسناً، كثير التلاوة. حدّث بالكثير. روى عنه: ابن نقطة، والزكيّ المنذريّ، ومحمد بن عثمان الشّارعيّ، والرشيد عمر الفارقيّ، وداود بن عبد القويّ، ومحمد بن إبراهيم الميدوميّ، ومحمد بن عبد المنعم ابن الخيميّ الشاعر، وأخوه إسماعيل، والنّجيب محمد بن أحمد الهمذانيّ، والنّور عليّ بن نصر الله ابن الصوّاف الخطيب، ومحمد بن عبد المنعم بن شهاب. وحدّثنا عنه: الشهاب الأبرقوهيّ، ومحمد بن عبد القويّ بن عزّون، وجعفر بن محمد الإدريسيّ، وجبريل بن الخطّاب، ومحمد بن صالح الجهنيّ، وغازي بن أيوب المشطوبيّ، والزّين وهبان بن عليّ المؤذّن، وإسحاق بن درباس المارانيّ، وأحمد بن عبد الكريم الواسطيّ،) وعيسى بن عبد المنعم المؤدّب، وأبو الحسن عليّ بن عيسى ابن القيّم الكاتب. وتفرّد القاضي

(45/390)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 391
الحنبليّ بإجازته الآن. وذكر ابن نقطة: أنّه سمع أيضاً من أبي المعالي أحمد بن عبد الغنيّ بن حنيفة، وقال: سمعت منه بمصر أحاديث من مسند الشافعيّ بروايته عن أبي زرعة. وسمع منه أيضاً سنن ابن ماجة القزوينيّ سوى الجزء الأول، والجزء العاشر، وأوّل المسموع أول أبواب الطهارة، وهو أول الثاني، وأول العاشر: من أعتق عبداً اشترط خدمته: آخر فضل الرّباط في سبيل الله. وقال المنذريّ: توفّي في سحر التاسع عشر من رمضان. وقرئ عليه الحديث في ليلة وفاته إلى قريبٍ من نصف الليل، وفارقهم. وتوفّي في أواخر اللّيلة. قلت: سمع من أبي زرعة مسند الشافعيّ، وسنن ابن ماجة بفوتٍ، وسنن النّسائيّ بفوتٍ أيضاً، وكتاب صوفة التصوّف لابن طاهر، وكتاب فضائل القرآن لأبي عبيد. وعاش خمساً وسبعين سنة. وذكره ابن النجّار مختصراً وقال: قرأت عليه سنن ابن ماجة، وكتبتها بخطّي عنه. وكان صدوقاً، جليلاً. قرأ في الفقه على أبي الفتح بن المنّي.
4 (عبد القادر بن محمد بن سعيد بن جحدر.)
القاضي، أبو محمد، الأنصاريّ، الجزري، الشافعيّ، الصوفيّ. سمع ببغداد من محمود بن نصر ابن الشّعار. وشهد بالقاهرة، وولي القضاء بنواحي الصّعيد. روى عنه الزكيّ المنذريّ وقال: توفّي في ثاني المحرّم، وولد بجزيرة ابن عمر في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.
4 (عبد الواحد بن المسلّم بن الحسين. العدرل، تاج الدّين، ابن

(45/391)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 392
أبي الخوف، الحارثيّ،)
الدّمشقيّ. من بيت عدالةٍ وذكر. حدّث عن المحدّث أبي الفوارس الحسن بن شافع. كتب ابن الحاجب عنه، وعن أخيه محمد.
4 (عبدي الله بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الملك بن عمرو بن عبد العزيز بن محمد بن جعفر)
بن هارون بن محمد بن أحمد بن محبوب بن الوليد بن عبادة بن الصامت رضي الله عنه الأنصاريّ، العبّاديّ، المحبوبيّ، النجاري. العلاّمة، جمال الدّين، أبو الفضل.) كان محدّثاً، مدرّساً، عارفاً بمذهب أبي حنيفة، وكان ذا هيبةٍ وعبادةٍ، وإليه انتهت رئاسة الحنفية بما وراء النهر. أخذ المذهب عن عماد بن أبي العلاء عمر بن بكر بن محمد الزّرنجريّ البخاريّ، عن أبيه شمس الأئمة، وبرهان الأئمّة عبد العزيز بن محمد بن مازة البخاريّ، كليهما، عن شمس الأئمّة أبي بكر محمد بن أبي سهل السّرخسيّ، عن شمس الأئمة عبد العزيز الحلوائيّ البخاريّ، عن القاضي أبي بكر البخاريّ، عن الأستاذ أبي محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثيّ البخاريّ السّدمونيّ، عن أبي عبد الله بن أبي حفص أحمد بن حفص البخاريّ، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الشيبانيّ، عن أبي حنيفة. وتفقّه أيضاً على القاضي فخر الدّين بن أبي المحاسن الحسن بن منصور بن محمود الأوزجنديّ المعروف بقاضي خان. وسمع الحديث منهما ومن أبي المظفّر عبد الرحيم ابن السّمعانيّ، وجماعة.

(45/392)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 393
تفقّه عليه خلقٌ، وسمعوا منه، منهم: سيف الدّين سعيد بن المطهّر الباخرزيّ، والقاضي شرف الدّين محمد بن محمد بن محمد بن عمر العدويّ. وقال لنا أبو العلاء الفرضيّ: روى لنا عنه جمال الدين محمد بن محمد بن إبراهيم الحسينيّ البخاريّ، الإمام شهاب الدّين أبو منصور محمد بن أبي بكر بن أبي اللّيث، والإمام معزّ الدّين محمد بن محمد الدّيزقيّ، والعلاّمة حافظ الدّين أبو الفضل محمد بن محمد بن نصرٍ البخاريّ. ولد في جمادى الأولى سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة. وتوفّي في جمادى الأولى أيضاً سنة ثلاثين وستمائة، وصلّى عليه ابنه شمس الدّين أحمد بكلاباذ محلّتنا. أنبأني بذلك الفرضيّ.
4 (عثمان، الملك العزيز، ابن العادل.)
كان شقيق الملك المعظّم، وهو الذي بنى قلعة الصبيبة، وكانت له هي وبانياس وتبنين وهونين. وكان عاقلاً، قليل الكلام تبعاً لأخيه المعظّم. عامل بعد موت أخيه على قلعة بعلبك، وأخذها من الأمجد. وكتب إليه ولد الأمجد: قد نشرت لك باب السّر، فأت إلينا سحراً، فساق من الصبيبة في أول اللّيل وفي المسافة بعدٌ، فجاء بعلبك وقد أسفر وفات المقصود، فنزل مقابل قلعة بعلبك، فبعث صاحبها يستنجد بالسلطان الملك النّاصر داود، فأرسل الغرس خليل إلى العزيز يقول:) ارحل من كلّ بدّ فإن أبى، فارم الخيمة عليه. وعلم العزيز بذلك، فردّ إلى بلاده. فلمّا قصد الكامل دمشق، كان العزيز معه إلباً على الناصر، وعلم الأمجد بما فعل ولده معه، فيقال: إنّه أهلكه. توفّي العزيز ببستانه المعروف بالنّاعمة ببيت لهيا في عاشر رمضان، ودفن

(45/393)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 394
بالتّربة المعظّميّة بقاسيون.
4 (عليّ بن بركات بن إبراهيم بن طاهر.)
أبو الحسن، ابن الخشوعيّ، الدّمشقيّ. حدّث: عن أبيه، ويحيى بن محمود الثّقفي. ومات في المحرّم كهلاً.
4 (عليّ بن عبد الله بن عبد الرحمن بن لحسن بن علّوش.)
أبو الحسن، الصّنهاجي، الفاسيّ، المغربيّ، الخطيب بمسجد الخليل. ولد بفاس في رجب سنة ثمانٍ وخمسين. وسمع بالمغرب من جماعة، وبدمشق من الخشوعيّ، والبهاء بن عساكر، وببغداد من الحافظ ابن الجوزيّ. كتب عنه ابن الحاجب، والزكيّ عبد العظيم. وكان إمام بلد الخليل وخطيبه. ومات في جمادى الأولى.
4 (عليّ ابن العلاّمة الحافظ جمال الدّين أبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن محمد بن عليّ.)
بدر الدّين، أبو الحسن، ابن الجوزي، البغداديّ، الناسخ. ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة في شوّال أو رمضان.

(45/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 395
وسمع من: أبي الفتح بن البطّي، وأبي زرعة، وأبي بكر بن المقرّب، ويحيى بن ثابت، وشهدة، وجماعة. وتكلّم في الوعظ في شبيبته، ثمّ تركه. وكان كثير المحفوظ، حلو الدّعابة، لزم اللّعب والعشرة، والبطالة مدّة، ثم في الآخر لزم النّسخ، وكان منه عيشته. وكان مطّرح التّكلف، يخدم نفسه. وكان يتكلّم في أبيه. كتب عنه الحفّاظ. وقال ابن نقطة ومن خطّه نقلت: سمعت منه، وهو صحيح السّماع، ثقةٌ، كثير المحفوظ،) حسن الإيراد. سمع صحيح الإسماعيليّ من يحيى بن ثابت، ومسند الشافعيّ من أبي زرعة. قلت: روى عنه السّيف، والعزّ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الغنيّ، والشمس عبد الرحمن ابن الزّين، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والكمال عليّ بن وضّاح، والشمس محمد بن يحيى بن هبية نزيل بلبيس، والفاروثيّ، وجماعة. وبالإجازة الخفر إسماعيل بن عساكر، والقاضي الحنبلي، وأبو نصر ابن الشيرازيّ. مات في سلخ رمضان.
4 (عليّ بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد.)
العلاّمة، عز الدين، أبو الحسن، ابن الأثير أبي الكرم، الشّيبانيّ، الجزريّ، المؤرّخ، الحافظ.

(45/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 396
أخو اللّغوي مجد الدّين صاحب النّهاية وجامع الأصول. والوزير ضياء الدّين نصر الله. ولد بالجزيرة العمريّة سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة، ونشأ بها، ثمّ تحوّل بهم والدهم إلى الموصل، فسمعوا بها، واشتغلوا. سمع من: خطيب الموصل أبي الفضل، ويحيى الثّقفيّ، ومسلم بن عليّ الشّيحي، وغيرهم. وسمع ببغداد لمّا سار إليها رسولاً من عبد المنعم بن كليب، ويعيش بن صدقة الفقيه، وعبد الوهّاب بن سكينة. وكان إماماً، نسّابةً، مؤرّخاً أخبارياً، أديباً، نبيلاً، محتشماً. وكان بيته مأوى الطّلبة. وأقبل في أواخر عمره على الحديث، وسمع العالي والنّازل حتّى سمع لمّا قدم دمشق من أبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء. وصنّف التاريخ المشهور المسمّى بالكامل على الحوادث والسنين في عشر مجلّدات، واختصر الأنساب لأبي سعد السّمعانيّ، وهذّبه، وأفاد فيه أشياء، وهو في مقدار النّصف وأقلّ. وصنّف كتاباً حافلاً في معرفة

(45/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 397
الصّحابة جمع فيه بين كتاب ابن منده، وكتاب أبي نعيم، وكتاب ابن عبد البرّ، وكتاب أبي موسى في ذلك، وزاد وأفاد. وشرع في تاريخٍ للموصل، وقدم الشام رسولاً. وحدّث بحلب ودمشق. روى عنه: الدّبيثيّ، والشّهاب القوصيّ، والمجد بن أبي جرادة، ووالده أبو القاسم في تاريخه، وآخرون من أهل الشام والجزيرة. وحدّثنا عنه الشرف بن عساكر، وسنقرٌ القضائي. وقال ابن خلّكان: كان بيته بالموصل مجمع الفضلاء، اجتمعت به بحلب، فوجدته مكمّلاً في) الفضائل والتّواضع، وكرم الأخلاق، فترددت إليه. وكان طغريل الخادم أتابك الملك العزيز قد أكرمه وأقبل عليه. فصل في نسبته إلى جزيرة ابن عمر: نسبة إلى عبد العزيز بن عمر البرقعيديّ هو الّذي بناها، فنسبت إليه، قاله ابن خلّكان وقال: رأيت في تاريخ ابن المستوفي في ترجمة أبي السعادات المبارك ابن الأثير أنه من جزيرة أوس كامل ابني عمر بن أوس التّغلبي، قال: وقيل: إنها منسوبة إلى يوسف بن عمر الثقفي أمير العراق، فالله أعلم. فصل في نسبه: كان يكتب بخطّه: عليّ بن محمد بن عبد الكريم الجزريّ. وكذا ذكره الحافظ المنذريّ، والقوصيّ في معجمه، وابن الظاهريّ في تخريجه للصاحب مجد الدّين العقيليّ، وأبو الفتح ابن الحاجب

(45/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 398
في معجمه وغيرهم. وهو على سبيل الاختصار. وله أشباه ونظائر، وإنما هو: عليّ بن محمد بن محمد بلا ريب، كما هو في تسمية أخويه، وابن أخيه شرف الدّين. وكذا ذكره القاضي ابن خلّكان، وأبو المظفّر ابن الجوزيّ، وابن السّاعي، وغيرهم. ويوضّحه أنّ المنذري ذكر أخويه فقال: محمد بن محمد مرّتين. فصل في وفاته: رأيت تصحيحه على طبقةٍ تاريخها في نصف شعبان سنة ثلاثين. ثمّ رأيت وفاته في رمضان من السنة بخطّ أبي العباس أحمد ابن الجوهريّ. وأمّا المنذريّ، وابن خلّكان، وابن الساعي، وأبو المظفّر الجوزيّ، وشيخنا ابن الظّاهريّ فقالوا: توفّي في شعبان ولم يعيّنوا اليوم. وأمّا القاضي سعد الدّين الحارثيّ، فقال: توفّي في الخامس والعشرين من شعبان.
4 (عليّ بن أبي الفتح محمد بن أحمد بن بختيار بن عليّ بن محمد. أبو جعفر، ابن المندائيّ،)
الواسطيّ. ولد سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من: جده لأمّه هبة الله بن نصر الله بن الجلخت، وأبي محمد الحسن بن عليّ ابن السّوادي، وأبي طالب بن عليّ الكتّاني، وجماعة. وحدّث ببغداد. وهو أخو أحمد. توفّي ليلة عرفة.
4 (عليّ بن محمد بن إبراهيم بن أبي العافية.)
أبو الحسن، السّبتيّ، التّاجر الأمين.) حجّ مرّات. وتلا بالسبع على أبي محمد بن عبيد الله، ثمّ على محمد بن إبراهيم الزّنجانيّ وغيره. قال ابن مسدي: سمعت منه. مولده في حدود الستّين وخمسمائة. وعاش نحواً من سبعين سنةً. قال: ومات بسبتة قريباً من سنة ثلاثين وستمائة.

(45/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 399
4 (عليّ بن محمد بن يبقى بن جبلة.)
أبو الحسن، الأنصاريّ، الأندلسيّ، خطيب أوريولة. شيخٌ عالم، حجّ سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة، وسمع من: السّلفيّ، وأحمد بن المسلّم اللّخمي، وأبي الطاهر بن عوف، وجماعة. قال الأبّار: وكان صالحاً، حسن السّمت. توفّي بأوريولة سنة ثلاثين. وقال ابن مسدي: كان من أهل الخير والصّلاح، والبرّ والسّماح. حجّ مع أخيه في صغره، فسمع من: السّلفيّ، وعليّ بن هبة الله الكامليّ، وعليّ بن عمار. ولم يحصّل من سماعاته شيئاً، تركها مع أخيه، فسكن أخوه مصر، وبعث إليه ببعضها. قرأت عليه صحيح البخاري بسماعه من ابن عمّار. مات وقد قارب الثمانين.
4 (عليّ ابن الإمام أبي القاسم بن فيرّه بن خلف الرّعينيّ.)
الشاطبيّ، ثم المصريّ، الشافعيّ، العدل، ضياء الدّين. سمع من: أبيه، وأبي القاسم البوصيريّ، والأرتاحيّ. وكان على طريقةٍ حسنة. توفّي جمادى الآخرة.
4 (عمر بن محمد بن منصور. الحافظ، المفيد، عزّ الدين، أبو حفص وأبو الفتح، ابن)
الحاجب، الأمينيّ، الدّمشقيّ.

(45/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 400
عني بالحديث أتمّ عناية، وأوّل سماعه سنة ستّ عشرة بعد موت ابن ملاعب فسمع من: هبة الله بن الخضر بن طاووس وهو أقدم شيخٍ له، وموسى بن عبد القادر، والشيخ الموفّق، وابن أبي لقمة، وابن البنّ، وطبقتهم بدمشق. والفتح بن عبد السّلام، وطبقته ببغداد. وعبد القويّ ابن الجبّاب، وطبقته بمصر. وسمع بإربل، والموصل، والإسكندرية، والحجاز. وعمل معجم البقاع والبلدان التي سمع بها، ومعجم شيوخه وهم ألف ومائة وبضعة وثمانون نفساً. قال الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ: يقال إنّه لم يبلغ الأربعين. وكان فهماً، متيقّظاً، محصّلاً. جمع) مجاميع. وكانت له همّة. وشرع في تصنيف تاريخ لدمشق مذيّلاً على الحافظ أبي القاسم. وقرأت بخطّ السيف ابن المجد، قال: خرّجه خالي الحافظ، ثمّ طلب وسافر، وسمع منه الزكيّ البرزاليّ، وأبو موسى الرّعينيّ، والجمال ابن الصّابونيّ، وغيرهم، وخرذج له وللمشايخ تخاريج كثيرة. وقد كتب ابن الكريم على معجمه بالبقاع:
(هذا كتابٌ حوى فضلاً مؤلّفه .......... الحافظ الخير عزّ الدّين ذو الفطن)

(من فضله شاع في شامٍ وسار إلى .......... أرض العراق إلى مصرٍ إلى عدن)
قال السيف: وسمعت غير واحد يحكي أنّ جماعةً منهم البزاليّ سمعوا أجزاء على شيخ، ثمّ تقاسموا أنّهم لا يظهرون ذلك زادني عبد الرحمن بن هارون أنّ الشيخ كان عبد الرحمن بن عمر النسّاج فسهّل الله ظهور عمر ابن الحاجب عليه من غير جهتهم، فجمع جماعةً، وجاء فسمعه عليه، واشتهر، وحجّ معادلاً للتقيّ أحمد ابن العزّ، فكان يمشي كثيراً لطلب السماع في الأماكن من أقوامٍ في الرّكب، وكان التقيّ يتأذّى بركوبه وسط الجمل. ورأيته حين قدم بغداد صام أوّل يوم قدومها، إذ قيل: إنّ الفتح بن عبد السلام في الأحياء. وكان يصوم كثيراً يستعين بذلك على طلب الحديث. وأقام ببغداد مدّة اشتهر، فما ونى ولا فتر، كان يسمع المحدّثون ببغداد يتعجّبون

(45/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 401
منه ومن كثرة طلبه. وقال الضياء: توفّي في ثامن وعشرين شعبان صاحبنا الشاب الحافظ أبو حفص ابن الحاجب بدمشق ولم يبلغ أربعين سنة. وكان ديّناً، وخيّراً، ثبتاً، متيقّظاً، قد فهم وجمع. قلت: وسمع منه الحافظ أبو إسحاق الصّريفينيّ، وأبو الحسن ابن البالسيّ أيضاً. وكان جده منصور بن مسرور حاجباً لأمين الدّولة صاحب بصرى. وأنبأنا الجمال أبو حامد، أخبرنا ابن الحاجب، أخبرنا عبد السلام بن عبد الرحمن بن سكينة، أخبرنا فورجة، فذكر حديثاً. ثمّ قرأت مولد ابن الحاجب بخطّه سنة ثلاثٍ وتسعين وخمسمائة.
4 (حرف الكاف)

4 (كامروا بن أبي بكر بن عليّ بن محمد بن سعد الأنصاريّ، الأنسيّ، الصّوفيّ.)
شيخٌ صالحٌ، معمّرٌ.) حدّث بالإجازة العامّة عن سعيد بن أبي الرجاء الصّيرفيّ، وغيره. قال المنذري: ذكر أنّ مولده سنة ستٍّ وعشرين. رأيته غير مرّةٍ. وعرف أيضاً بالأثريّ: لأنه كان يذكر أنّ معه أثراً من أثر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان له قبولٌ من الناس، وكن يذكر عنه على علوّ سنّه قوةٌ على الحركة والتّصرّف والمأكل. مات في شعبان.

(45/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 402
4 (كوكبوري بن عليّ بن بكتكين بن محمد، السّلطان الملك المعظّم، مظفّر الدين، أبو سعيد،)
ابن صاحب إربل الأمير زين الدّن أبي الحسن عليّ كوجك التّركمانيّ. وكوجك: لفظ أعجميّ معناه لطيف القدّ. كان شجاعاً، شهماً، ملك بلاداً كثيرة أعني عليّ كوجك ثمّ فرّقها على أولاد الملك قطب الدين مودود صاحب الموصل. وكان موصوفاً بالقوّة المفرطة، وطال عمره، وحجّ هو والأمير أسد الدّين شركوه بن شاذي في سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة، ومات في آخر سنة ثلاثٍ وستين بإربل، وله مدرسةٌ بالموصل وأوقاف. فلمّا مات ولي إربل مظفّر الدين هذا وهو ابن أربع عشرة سنة. وكان أتابكه مجاهد الدّين قايماز، ثمّ تعصّب عليه مجاهد الدّين وكتب محضراً أنّه لا يصلح واعتقله، وشاور الخليفة في أمره. وأقام موضعه أخاه زين الدّين يوسف بن عليّ، وطرد مظفّر الدّين عن البلاد فتوجّه إلى بغداد، فلم يلتفتوا عليه، فقدم الموصل، وبها الملك سيف الدّين غازي بن مودود، فأقطعه حرّان، فأقام بها مدّة، ثمّ اتّصل بخدمة السّلطان صلاح الدّين، ونفق عليه، وتمكّن منه، وزاد في إقطاعه الرّها سنة ثمانٍ وسبعين، وزوّجه بأخته ربيعة خاتون وكانت قبله عند سعد الدّين مسعود ابن الأمير معين الدّين أنر الذي ينسب إليه قصير معين الدّين. وتوفّي سعد الدّين في سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.

(45/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 403
وشهد مظفّر الدّين مع السّلطان صلاح الدّين مواقف كثيرةً أبان فيها عن نجدةٍ وقوّةٍ، وثبت يوم حطّين، وبيّن. ثمّ وفد أخوه زين الدّين يوسف على صلاح الدّين نجدة، وخدمةً من إربل، فمرض في العسكر على عكّا وتوفّي في رمضان سنة ستٍّ وثمانين. فاستنزل صلاح الدّين مظفّر الدّين عن حرّان والرّها ففعل، وأعطاه إربل وشهرزور فسار إليها وقدمها في آخر السنة. ذكره القاضي شمس الدّين وأثنى عليه، وقال: لم يكن شيء أحبّ إليه من الصّدقة، وكان له كلّ) يوم قناطير مقنطرة من الخبز يفرّقها، ويكسو في السنة خلقاً ويعطيهم الدّينار والدّينارين. وبنى أربع خوانك للزّمنى والعميان، وملأها بهم، وكان يأتيهم بنفسه كلّ خميس واثنين، ويدخل إلى كلّ واحد في بيته، ويسأله عن حاله، ويتفقّده بشيءٍ، وينتقل إلى الآخر حتّى يدور على جميعهم، وهو يباسطهم يمزح معهم. وبنى داراً للنّساء الأرامل، وداراً للضعفاء الأيتام، وداراً للملاقيط رتّب بها جماعة من المراضع. وكان يدخل البيمارستان. ويقف على كل مريض ويسأله عن حاله. وكان له دارٌ مضيف يدخل إليها كلّ قادم من فقيرٍ أو فقيهٍ فيها الغداء والعشاء، وإذا عزم على السفر، أعطوه ما يليق به. وبنى مدرسة للشافعية والحنفية وكن يأتيها كلّ وقتٍ، ويعمل بها سماطاً ثمّ يعمل سماعاً فإذا طاب، وخلع من ثيابه سيّر للجماعة شيئاً من الأنعام، ولم تكن له لذّةٌ سوى السّماع، فإنّه كان لا يتعاطى المنكر، ولا يمكن من إدخاله البلد. وبنى للصّوفية خانقاتين، فيهما خلقٌ كثير، ولهما أوقافٌ كثيرة، وكان ينزل إليهم ويعمل عندهم السّماعات. وكان يبعث أمناءه في العام مرتين بمبلغ يفتكّ به الأسرى، فإذا وصلوا إليه أعطى كلّ واحد شيئاً. ويقيم في كلّ سنة سبيلاً للحجّ، ويبعث في العام بخمسة آلاف دينارٍ للمجاورين. وهو أول من أجرى الماء إلى عرفات، وعمل آباراً بالحجاز، وبنى له هناك تربة. قال: وأمّا احتفاله بالمولد، فإنّ الوصف يقصر عن الإحاطة به، كان الناس يقصدونه من الموصل، وبغداد، وسنجار، والجزيرة، وغيرها خلائق من

(45/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 404
الفقهاء والصّوفية والوعّاظ والشعراء، ولا يزالون يتواصلون من المحرّم إلى أوائل ربيع الأوّل ثمّ تنصب قباب خشب نحو العشرين، منها واحدة له، والباقي لأعيان دولته، وكلّ قبة أربع خمس طبقات ثمّ تزيّن في أوّل صفر، ويقعد فيها جوق المغاني والملاهي وأرباب الخيال، ويبطل معاش الناس للفرجة. وكان ينزل كلّ يومٍ العصر، ويقف على قبّة قبة، ويسمع غناءهم، ويتفرّج على خيالاتهم، ويبيت في الخانقاه يعمل السّماع، يركب عقيب الصبّح يتصيّد، ثم يرجع إلى القلعة قبل الظّهر، هكذا يفعل كل يوم إلى ليلة المولد، وكان يعمله سنةً في ثامن الشهر وسنة في ثاني عشرة للاختلاف، فيخرج من الإبل والبقر والغنم شيئاً زائداً عن الوصف مزفوفة بالطّبول والمغاني إلى الميدان، ثمّ تنحر وتطبخ الألوان المختلفة، ثمّ ينزل وبين يديه الشّموع الكبيرة وفي جملتها شمعتان أو أربع أشكّ من الشموع الموكبية التي تحمل كلّ واحدةٍ على بغلٍ يسندها رجل، حتّى إذا أتى الخانقاه نزل. وإذا كان صبيحة يوم المولد أنزل الخلع من القلعة على أيدي) الصّوفية في البقج، فينزل شيءٌ كثير، ويجتمع الرؤساء والأعيان وغيرهم، ويتكلّم الوعاظ، وقد نصب له برج خشب له شبابيك إلى النّاس وإلى الميدان وهو ميدان عظيم يعرض الجند فيه يومئذٍ ينظر إليهم تارةً وإلى الوعّاظ تارةً، فإذا فرغ العرض، مدّ السّماط في الميدان للصّعاليك وفيه من الطّعام شيء لا يحدٌ ولا يوصف، ويمدّ سماطاً ثانياً في الخانقاه للناس المجتمعين عند الكرسي، ولا يزالون في الأكل ولبس الخلع وغير ذلك إلى العصر، ثمّ يبيت تلك الليلة هناك، فيعمل السّماعات إلى بكرة. وقد جمع له أبو الخطّابابن دحية أخبار المولد، فأعطاه ألف دينار. وكان كريم الأخلاق، كثير التّواضع، مائلاً إلى أهل السّنّة والجماعة، لا ينفق عنده سوى الفقهاء والمحدّثين، وكان قليل الإقبال على الشّعر وأهله. ولم ينقل أنّه انكسر في مصافّ.

(45/404)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 405
ثمّ قال: وقد طوّلت ترجمته لما له علينا من الحقوق التي لا نقدر على القيام بشكره، ولم أذكر عنه شيئاً على سبيل المبالغة، بل كلّ ذلك مشاهدة وعيان. ولد بقلعة إربل في المحرّم سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. وقال ابن السّاعي: طالت على مظفّر الدّين مراعاة أولاد العادل ولم يجد منهم إعانةً على نوائبه كما كان هو لهم في حروبهم. فأخذ مفاتيح إربل وقلاعها وسار إلى بغداد وسلّم ذلك إلى المستنصر بالله في أول سنة ثمانٍ وعشرين فاحتفلوا له، وجلس له الخليفة، ورفع له السّتر عن الشّبّاك فقبّل الكلّ الأرض ثمّ طلع إلى كرسيّ نصب له وسلّم وقرأ: اليوم أكملت لكم دينكم... الآية. فردّ عليه المستنصر السلام، فقبّل الأرض مراراً. فقال المستنصر: إنّك اليوم لدينا مكينٌ أمينٌ. وقال ما معناه: ثبت عندنا إخلاصك في العبودية. ثمّ أسبلت السّتارة، ثمّ خلعوا على مظفّر الدّين وقلّد سيفين، رفع وراءه سنجقان مذهّبة. ثم اجتمع بالخليفة يوماً آخر، وخلع أيضاً عليه، ثمّ أعطي راياتٍ وكوساتٍ، وستّين ألف دينار، وخلعوا على خواصّه. قلت: وأمّا أبو المظفّر الجوزيّ فقال في مرآة الزمان والعهدة عليه، فإنّه خسّاف مجازف لا يتوّع في مقاله: كان مظفّر الدّين ابن صاحب إربل ينفق في كلّ سنة على المولد ثلاثمائة ألف دينار، وعلى الخانقاه مائتي ألف، وعلى دار المضيف مائة ألف، وعلى الأسارى مائتي ألف دينار، وفي الحرمين والسبيل ثلاثين ألف دينار. وقال: قال من حضر المولد مرّةً: عددت على السّماط مائة فرس قشلمش، وخمسة آلاف رأسٍ) شوي، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زبديّة، وثلاثين ألف صحن حلواء.

(45/405)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 406
ثمّ قال ابن الجوزيّ، وأبو شامة: توفّي سنة ثلاثين. وقال الحافظ زكيّ الدّين: توفي في هذه السنة بإربل. سمع من حنبل الرصافي، وغيره. وحدّث. وقال ابن خلّكان: توفّي ليلة الجمعة رابع عشر رمضان سنة ثلاثين. ثمّ حمل وقت الحجّ بوصيّته إلى مكّة، فاتّفق أنّ الحاجّ رجعوا تلك السنة لعدم الماء، وقاسوا شدّةً فدفن بالكوفة. وكوكبريّ: كلمة تركية معناها: ذئب أزرق.
4 (كوكبوريّ بن قتربا بن عبد الله.)
أبو الطّلائع، الجنديّ، المستنجديّ. سمع من أحمد بن المبارك المرقّعاتيّ، وعبيد الله بن شاتيل. وحدّث. ومات في سابع عشر المحرّم.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن عيسى بن صلتان. أبو عبد الله، الأنصاريّ، البلنسيّ، نزيل جيّان.)
روى عن: أبي القاسم بن بشكوال، وأبي القاسم بن حبيش، وأبي محمد بن الفرس. قال الأبّار: عدلٌ، مرضيّ. كان يحترف بالتّجارة. توفّي سنة ثلاثين أو بعدها بيسير.

(45/406)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 407
4 (محمد بن الحسن بن سالم بن سلاّم، المحدّث، المفيد، الشابّ، أبو عبد الله، الدّمشقيّ.)
سمع الكثير، وعني بهذا الشأن أتمّ عناية، ونسخ، وحصّل، وخرّج، وكان ذكياً، نبيهاً، له حفظٌ واتقان، وفيه ديانة وافرة وصلاح على صغره. سمع من: داود بن ملاعب، وأبي محمد بن البنّ، وأبي القاسم بن صصرى، وطائفة كبيرة. وأجزاؤه، موقوفة بالضّيائية، وعدم أكثرها في نوبة غازان. رأيت الضياء ابن البالسيّ قد سمع حديثاً من عمر ابن الحاجب، أخبرنا ابن سلاّم، أخبرنا داود بن ملاعب. وأثنى عليه ابن الحاجب وقال: حفظ علوم الحديث لأبي عبد الله الحاكم. وكان قد حجّ، وزرا البيت المقدّس، وقدم مريضاً، فتوفّي إلى رحمة الله في الرابع والعشرين من صفر. وولد في سنة تسعٍ وستمائة. وفجع به والده وأصحابه.
4 (محمد بن عمر بن نصر.)
) أبو عبد الله، الفزاريّ، السّلاويّ، المغربيّ. قدم الشام، وسمع من: الخشوعيّ، والقاسم بن عساكر. وحجّ، وعاد إلى بلاده. قال الأبّار: حدّث عنه عبيد الله بن عاصم خطيب رندة، وأجاز له في شعبان سنة ثلاثين.
4 (محمد بن عمر بن محمد الطّوابيقيّ.)
سمع وفاء بن البهيّ التّركيّ. وعنه ابن النّجّار وقال: مات في العشرين من ذي الحجّة.

(45/407)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 408
4 (محمد بن عمر بن أبي بكر بن عبد الله.)
أبو بكر، ابن النخّال، البغداديّ، المقريء، الخيّاط. شيخٌ صالحٌ، صاحب زهدٍ وعبادةٍ. ولد سنة ثلاثٍ وخمسين. وسمع من: أبي الفتح بن البطّي، وأحمد بن سعود العبّاسيّ. كتب عنه السّيف ابن المجد، وغيره. وروى لنا عنه بالإجازة الفخر بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والقاضي سليمان، وأبو نصر ابن الشيرازيّ. ومات في الرابع والعشرين من ذي القعدة. وهو أخو عبد الله الرّاوي عن شهدة.
4 (محمد بن محمد بن عبد الكريم بن برز.)
الوزير، مؤيّد الدّين، القميّ، أبو الحسن، الكاتب البليغ. قال ابن النّجّار: قدم بغداد في صحبة الوزير ابن القصّاب وكان خصّيصاً به، فلمّا توفّي، قدم القمّي بغداد، وقد سبقت له معرفةٌ بالدّيوان. ويقال: إنّ ابن القصّاب وصفه للنّاصر لدين الله، فحصلت له مكانةٌ بذلك. ولمّا رتّب ابن مهدي في نيابة الوزارة، ونقابة الطّالبيّين، اختصّ به، وتقدّم عنده، وكانا جارين في قمّ، ومتصاحبين هناك. ولمّا مات أبو طالب بن زبادة كاتب الإنشاء، رتّب القمّي مكانه في سنة أربعة وتسعين وخمسمائة، ولم يغيّر هيئة القميص والشربوش على قاعدة العجم. ثمّ ناب أبو البدر بن أمسينا في الوزارة وعزل

(45/408)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 409
في سنة ستّ وستمائة، فردّت النّيابة وأمور الدّيوان إلى القمّي، ونقل إلى دار الوزارة، وحضر عنده الدّولة، ولم يزل في علوّ من شأنه، وقربٍ وارتفاع حتّى إنّ الناصر لدين الله كتب بخطّه ما قرئ في مجلس عام: محمد بن محمد القمّي نائبنا في البلاد والعباد، فمن أطاعه، فقد أطاعنا، ومن أطاعنا، فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصانا، ومن عصانا فقد عصى الله. ولم يزل إلى أن) ولي الظاهر بأمر الله، فأقرّه على ولايته، وزاد في مرتبته، وكذلك المستنصر بالله قرّبه ورفع قدره وحكّمه في العباد. ولم يزل في ارتقاء إلى أن كبا به جواد سعده، فعزل، وسجن بدار الخلافة وخبت ناره، وذهبت آثاره، وانقطعت عن الخلق أخباره. قال: وكان كاتباً سديداً بليغاً وحيداً، فاضلاً، أديباً، عاقلاً، لبيياً، كامل المعرفة بالإنشاء، مقتدراً على الارتجال، متصرّفاً في الكلام، متمكّناً من أدوات الكتابة، حلو الألفاظ، متين العبارة، يكتب بالعربيّ والعجميّ كيف أراد، ويحلّ التّراجم المغلقة. وكان متمكّناً من السياسة وتدبير الممالك، مهيباً، وقوراً، شديد الوطأة تخافه الملوك وترهبه الجبابرة. وكان ظريفاً لطيفاً، حسن الأخلاق، حلو الكلام، مليح الوجه، محبّاً للفضلاء، وله يد باسطة في النّحو واللّغة، ومداخلةٌ في جميع العلوم. إلى أن قال: أنشدني عبد العظيم بن عبد القويّ المنذري، أخبرنا عليّ بن ظافر الأزديّ، أنشدني الوزير مؤيّد الدّين القمّي النائب في الوزارة الناصرية، أنشدني جمال الدّين النّحويّ لنفسه في قينة:
(سمّيتها شجراً صدقت لأنّها .......... كم أثمرت طرباً لقلب الواجد)

(يا حسن زهرتها وطيب ثمارها .......... لو أنّها تسقى بماءٍ واحد)
وبه قال: وأنشدنا لنفسه:
(يشتهي الإنسان في الصّيف والشّتا .......... فإذا ما جاءه أنكره)

(فهو لا يرضى بعيشٍ واحدٍ .......... قتل الإنسان ما أكفره)
ولد مؤيّد الدّين القمّي في سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة. وقبض عليه في شوّال سنة تسع وعشرين، وعلى ولده أحمد، وسجنا

(45/409)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 410
بدار الخلافة، فهلك الابن أوّلاً، ومات أبوه بعده سنة ثلاثين.
4 (محمد بن محمود بن عون بن فريح بن جريّ.)
أبو عبد الله، موفّق الدّين، الرّقيّ. سمع ببغداد من: منوجهر بن تركانشاه، وعبيد الله بن شاتيل، والكمال عبد الرحمن الأنباريّ النحويّ، ونصر الله القزّاز. وبدمشق من يحيى الثّقفيّ. وحدّث بحلب ودمشق. حدّثنا عنه: العزّ أحمد ابن العماد، وسنقرٌ القضائيّ.) وولد سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة. وكان يتعانى التّجارة. وروى عنه مجد الدّين العديمي في مشيخته، وقال: فقد في رجب بدمشق، وظهر مقتولاً بعد سنة. وقد دفن في درب الفواخير، فأظهرت عظامه وظهر أنّه قتله أربعة فواخرة وأخذوا له نحو أربعين ألف درهم. قال ابن النجّار: دخل بغداد، وقرأ بها العربية على الكمال عبد الرحمن، وقرأ بواسط القراءآت على أبي بكر ابن الباقلاّنيّ. وتفقّه ببغداد على ابن فضلان. وكان شديد الإمساك على نفسه، مقتّراً عليها، ظاهره الفقر. أتيته بالرقّة فرأيت منزله صغيراً وسخاً، وثيابه وأثاث بيته في غاية من الضّر، فساءني ما هو فيه، فأخرج لي عدّة أجزاء، فقرأت عليه ثمّ أخرجت شيئاً من الفضّة ودفعته إليه فأبى وقال: أنا في غنى ولي دنيا، فظننته يتعفّف. ثمّ إنّه قدم علينا بغداد، واستعمل ثياباً بنحو ثلاثة آلاف دينارٍ أو أكثر، وإذا رأيته حسبته فقيراً. ثمّ ذكر باقي ترجمته.
4 (محمد بن محمود بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسين ابن السّكن. الشيخ أبو غالب،)
البغداديّ، الحاجب، ويعرف بابن المعوّج.

(45/410)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 411
ولد سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من: محمد بن محمد بن السّكن. كتب عنه ابن الحاجب، وغيره. ومات في ربيع الآخر. وحدّث عنه ابن النّجار.
4 (محمد بن نصر الله بن مكارم بن الحسن بن عنين. الأديب، الرئيس، شرف الدين. أبو)
المحاسن، الأنصاريّ، الكوفيّ الأصل، الزرعيّ المنشأ، الدّمشقيّ، الشاعر. صاحب الديوان المشهور. ولد بدمشق في سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من الحافظ أبي القاسم بن عساكر. وكان شاعراً محسناً، رقيق الشّعر، بديع الهجو. ولم يكن في عصره آخر مثله بالشام. طوّف وجال في العراق، وخراسان وما وراء النّهر، والهند، ومصر في التجّارة. ومدح الملوك والوزراء، وهجا الصّدور والكبراء، وكان

(45/411)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 412
غزير المادّة من الأدب، مطّلعاً على أشعار العرب، ومن نظمه:
(وصلت منك رقعةٌ أسأمتني .......... وثنت صبري الجميل ملولا)

(كنهار المصيف ثقلاً وكرباً .......... وليالي الشّتاء برداً وطولا)
) وله:
(وما حيوانٌ يتّقي النّاس بطشه .......... على أنّه واهي القوى واهن البطش)

(إذا ضعّفوا نصف اسمه كان طائراً .......... وإن كرّروا ما فيه كان من الوحش)
يعني: العقرب. وله:
(وصاحبٍ قال في معاتبتي .......... وظنّ أنّ الملال من قبلي)

(قلبك قد كان شافعي أبداً .......... يا مالكي كيف صرت معتزلي)

(فقلت إذ لجّ في معاتبتي .......... ظلماً وضاقت عن عذره حيلي)

(خدّك ذا الأشعري حنّفني .......... فقال ذا أحمد الحوادث لي)
قال ابن خلّكان: بلغني أنّه كان يستحضر الجمهرة لابن دريد. وله قصيدة طويلةٌ هجا فيها خلقاً من رؤساء دمشق وسمّاها مقراض الأعراض ونفاه صلاح الدّين على ذلك. فقال:
(فعلام أبعدتم أخا ثقةٍ .......... ولم يجترم ذنباً ولا سرقا)

(انفوا المؤذّن من بلادكم .......... إن كان ينفى كلّ من صدقا)
ودخل اليمن، ومدح صاحبها سيف الإسلام طغتكن أخا الملك صلاح الدّين. ثمّ قدم مصر. ورأيته بإربل، وقدمها رسولاً من الملك المعظّم عيسى. وكان وافر الحرمة، ظريفاً، من أخفّ النّاس روحاً. ولي الوزارة في آخر دولة المعظّم ومدّة سلطنة ولده الناصر بدمشق. ولمّا تملّك الملك العادل، بعث إليه بقصيدة يستأذنه في الدخول إلى دمشق ويستعطفه، وهي:
(ماذا على طيف الأحبّة لو سرى .......... وعليهم لو سامحوني بالكرى)

(45/412)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 413
(جنحوا إلى قول الوشاة وأعرضوا .......... والله يعلم أنّ ذلك مفترى)

(يا معرضاً عنّي بغير جنايةٍ .......... إلاّ لما اختلق الحسود وزوّرا)
منها:
(فارقها لا عن رضاً وهجرتها .......... لا عن قلى ورحلت لا متخيّرا)

(أشكو إليك نوىً تمادى عمرها .......... حتّى حسبت اليوم منها أشهرا)

(ومن العجائب أن يقيل بظلّكم .......... كلّ الورى ونبذت وحدي بالعرا)

(لا عيشتي تصفو ولا رسم الهوى .......... يعفو ولا جفني يصافحه الكرا)
) وله:
(مالٌ ابن مازة دونه لعفاته .......... خرط القتادة وامتطاء الفرقد)

(مال لزوم الجمع يمنع صرفه .......... في راحة مثل المنادى المفرد)
وقال أبو حفص ابن الحاجب: اشتغل بطرفٍ من الفقه على القطب النّيسابوريّ، والكمال الشّهرزوريّ. وقرأ الأدب على أبي الثّناء محمود بن رسلان، وذكر أنّه سمع ببغداد من منوجهر بن تركانشاه راوي لمقامات. واشتغل بالرّي على ابن الخطيب. وكانت أدواته في الأدب كاملةً. ذو نوادر للخاصّة والعامة، وله الشعر الرّائق، كان أوحد عصره في نظمه ونثره، يخرج جدّه معرض المزح، وقّاد الخاطر على كبر السنّ. أقامه الملك المعظّم مقام نفسه في ديوانه، وكان محمود الولاية، كثير النّصفة، مكفوف اليد عن أموال الناس مع عظم الهيبة، إلاّ أنّه في الآخر ظهر منه سوء اعتقادٍ، وطعنٌ على السّلف، واستهتارٌ بالشّريعة، وكثر عسفه وظلمه، وترك الصلاة، وسبّ الأنبياء، ولم يزل يتناول الخمر إلى قبل وفاته بقليل. توفّي في العشرين من ربيع الأول سنة ثلاثين. قلت: وله ترجمةٌ في تاريخ ابن النجّار وقال: نظر في الدّيوان بدمشق مدّةً ولم تحمد سيرته، فعزل ولزم بيته عاجزاً عن الحركة لعلوّ سنّه. وهو من أملح أهل زمانه شعراً، وأحلاهم قولاً وأرشقهم رصفاً، ظريف

(45/413)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 414
العشرة، ضحوك السّنّ، طيّب الأخلاق، مقبول الشخص، من محاسن الزمان.
4 (محمد بن أبي القاسم هبة الله بن عليّ بن سعود بن ثابت.)
أبو عبد الله، البوصيريّ، ثمّ المصريّ. سمع من أبيه. وذكر أنه سمع من السّلفيّ. روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره. وولد سنة تسعٍ وخمسين، وتوفّي في ربيع الآخر.
4 (مبارك بن أحمد بن وفاء. أبو المعالي، البغداديّ، الدقّاق. المعروف بابن الشّيرجيّ.)
روى عن عبد الله بن أحمد بن حمتيس. ومات في جمادى الآخرة.
4 (مبارك بن يحيى بن قاسم الحبّال.)
شيخٌ بغداديّ يعرف بالدّويك. حدّث عن أبي الحسين عبد الحقّ. ومات في ربيع الآخر.)
4 (مسعودٌ الأثيريّ، الشافعيّ، الصّوفيّ. أبو العزّ.)
سمع من التّاج المسعوديّ. وذكر أنّه سمع من السّلفيّ. روى عنه الزّكيّ المنذريّ وقال: هو منسوب إلى الأثير الهمذانيّ. وعاش خمساً وثمانين سنة. توفّي في رجب.
4 (مظفّر بن إسماعيل البغداديّ، عرف بابن السّوادي.)

(45/414)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 415
حدّث عن أبي بكر عتيق بن صيلا. ومات في جمادة الأولى.
4 (المعافى بن إسماعيل بن الحسين بن أبي السّنان، الفقيه، أبو محمد، ابن الحدوس،)
الموصليّ، الشافعيّ. سمع من أبي الربيع سليمان بن خميس، ومسلم بن عليّ الشّيحيّ. وولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. وألّف كتاب الموجز في الذّكر، وكتاب أنس المنقطعين. وكان فاضلاً، ديّناً، عارفاً بالمذهب. درّس، وأفتى، وناظر. وكان مليح الشكل والبزّة. روى عنه الزّكيّ البرزاليّ، والمجد ابن العديم، والخضر بن عبدان الكاتب، وهو آخر من حدّث عنه. توفّي في رمضان أو في شعبان بالموصل.
4 (معافى بن أبي السعادات بن أبي محمد، القاضي، سديد الدّين، أبو الفضل.)
سمع من محمد بن المؤيّد الهمذانيّ. وكان يورق بالقاهرة مدّةً. ثمّ دخل اليمن وولي قضاء القضاة بها مدّة، ثمّ عاد إلى مصر، وشهد عند قاضي القضاة أبي المكارم محمد بن عين الدّولة.

(45/415)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 416
4 (موسى ابن الأمير الكبير شمس الخلافة محمد ابن الأمير شمس الخلافة مختار، الأمير،)
فخر الدّين، أبو محمد، المصريّ. من بيت الإمرة والحشمة. ولي شدّ الدّواوين بمصر مدّة. وعاش تسعاً وثمانين سنةً. وتوفّي في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة.
4 (حرف النون)

4 (نجا بن أنجب بن نجا الفرّاش.)
) شيخٌ بغداديٌّ. روى عنه ابن النجّار، وقال: صحيح السّماع، سمع الكثير من أحمد بن عليّ بن المعمّر، ويحيى بن ثابت، وابن الخشّاب. توفّي في صفر.
4 (نصر بن أبي نصر محمد بن المظفّر بن عبد الله بن محمد بن أبي الفنون. الأديب، جمال)
الدّين، أبو الفتوح، الموصليّ الأصل، البغداديّ، النّحويّ، اللّغويّ. سمع من أبي الفتح بن البطّي. وذكر أنّه قرأ الأدب على أبي محمد ابن الخشّاب، والمهذّب عليّ ابن العصّار، و الكمال عبد الرحمن الأنباريّ. وقدم مصر، وسمع بها من أبي المفاخر سعسد المأمونيّ، والبوصيريّ. وغيرهما. وتصدّر بالجامع الأزهر بالقاهرة مدّةً. ومدح جماعةً من الملوك والوزراء. وأقرأ، وحدذث. وولد سنة خمسين وخمسمائة. روى عنه: الزكيّ المنذريّ، والعزّ ابن الحاجب، وجماعة.

(45/416)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 417
وله رسالة في الضّاد والظّاء بديعة. توفّي في مستهلّ المحرّم بمصر.
4 (النّفيس بن خطّاب بن محسن.)
أبو محمد، البغداديّ، الحريميّ. روى عن أبي المعالي ابن اللحّاس جزءاً. قال ابن النّجار: سمعت منه. وكان صالحاً، معمّراً. وروى لنا عنه بالإجازة القاضي تقيّ الدّين سليمان. وتوفّي في ذي القعدة، وقد قارب المائة.
4 (حرف الهاء)

4 (همام بن راجي الله بن سرايا بن ناصر بن داود. الفقيه، العالم، جلال الدّين، أبو العزائم،)
المصريّ، الشافعيّ، الأصوليّ. إمام الجامع الصّالحيّ الذي بظاهر القاهرة وخطيبه هو، وأولاده. ولد بونا من الصّعيد في ذي القعدة، أو ذي الحجّة سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة. وقدم القاهرة، وقرأ العربية على العلاّمة ابن برّي. وارتحل إلى العراق فسمع بها من أبي سعد عبد الواحد بن عليّ بن حمويه، وعبد المنعم بن كليب. وتفقّه على الإمامين المجير محمود بن المبارك الواسطيّ، وأبي القاسم يحيى بن فضلان. وقرأ بمصر الأصول على أبي المنصور) ظافر بن الحسين. وصنّف، ودرّس، وأفتى، وقال الشعر الجيّد، وأمّ بالجامع المذكور إلى حين وفاته. وله كتبٌ في الأصول، والخلاف، والمذهب.

(45/417)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 418
روى عنه: المحبّ ابن النجّار، والزكيّ المنذريّ، والرفيع الأبرقوهيّ، وابنه أبو المعالي شيخنا. توفّي بالشارع بظاهر القاهرة في السادس والعشرين من ربيع الأول. وهمام: بالضمّ.
4 (الهيثم بن أحمد بن جعفر بن أبي غالب.)
أبو المتوكّل، السّكونيّ، الإشبيليّ، الشّاعر. ذكره الأبّار فقال: هو أحد فحول الشّعراء المجوّدين بديهةً ورويّةً. وكان عالماً بالآداب وضروبها، أخبارياص، علاّمة. سمعت منه كثيراً من شعره، وفقد في طريق غرناطة، وله بضعٌ وستّون سنة.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن جعفر بن عبد الله ابن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي. القاضي الأجلّ،)
ظهير الدّين، أبو جعفر، ابن أبي منصور، ابن الدّامغانيّ، البغداديّ، الحنفيّ، الصوفيّ. ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وعمّته تركناز. وقدم حلب وسكنها مدة. وكان شيخاً حسناً. روى عنه: أبو القاسم ابن العديم، وابنه أبو المجد، وعمر بن محمد ابن الأستاذ، وأحمد بن عبد الله ابن الأشتريّ، وسنقرٌ القضائيّ.

(45/418)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 419
ومات بحلب في ربيع الآخر.
4 (يحيى بن شبيب. أبو زكريا، قاضي الملّوحة.)
والملّوحة: من نقرة بني أسد. حدّث عن يحيى الثّقفي. ومات في صفر. وعنه مجد الدّين العديمي.
4 (يحيى بن عبد الله بن عبد المحسن. أبو زكريا.)
أخو الحافظ أبي الطّاهر إسماعيل ابن الأنماطيّ.) توفّي في المحرّم بمصر. حدّث عن البوصيريّ.
4 (يونس بن سعيد بن مسافر بن جميل.)
أبو محمد، البغداديّ، المقرئ، القطّان، الحلاّج. ولد في أول سنة اثنتين وستّين. وسمع من: شهدة، وعبد الحقّ، وأبي هاشم الدّوشابيّ، وابن شاتيل، وتجنّي الوهبانية. قال ابن نقطة: سمعت منه وسماعه صحيح. وكان حسن التلاوة للقرآن. وقال عمر ابن الحاجب: كان إمام مسجد البصليّة. وهو عالم، زاهد، خيّر. قلت: روى عنه: التّقيّ ابن الواسطيّ، والعماد إسماعيل ابن الطبّال، وجماعة. وسمعنا بإجازته من القاضي الحنبليّ، وفاطمة بنت سليمان، وإسماعيل بن عساكر. وتوفّي في الحادي والعشرين من ذي القعدة. وهو أخو يوسف. وقد ختم عليه خلق كثير. وسمع منه الفاروثيّ كتاب الشمس المنيرة في التّسعة الشهيرة بسماعه من عوض بن إبراهيم البردانيّ، والمبارك بن عبد الله البغداديّ، بسماعهما من المؤلّف.

(45/419)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 420
4 (وفيها ولد)
الخطيب شرف الدّين أحمد بن إبراهيم بن الفزاريّ النّحويّ، في رمضان. وفخر الدّين عليّ بن عبد الرحمن النابلسيّ الحنبليّ. والزاهد فخر الدّين إسماعيل ابن عزّ القضاة عليّ بن محمد. ووجيه الدّين محمد بن عثمان بن المنجى. والمحدّث فخر الدّين عثمان بن محمد التّوزريّ. وشمس الدّين محمد بن عبد القويّ النّحويّ. والمحيي محمد بن يوسف ابن المصريّ النّحويّ. والمحيي أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عقبة الحنفيّ. والجمال محمد بن مكرم المصريّ الموقّع. والضياء عبد الرحمن بن عبد الكافي الرّبعيّ، كاتب الحكم. والنّبيه حسن بن حسين الأنصاريّ المصريّ.) والشهاب أحمد ابن الجمال ابن الصّابونيّ. والشرف عبد الأحد بن تيميّة. وفاطمة بنت شهاب الدّين أبي شامة. والقطب حسن ابن الفلك المسيريّ. والشيخ عليّ بن إلياس الغرادي. ورئيس المؤذّنين الشهاب أحمد بن محمد الإصبهاني. والحاج محمد بن أيوب الكتبي ابن الأطروش. والإمام أبو محمد عبد الله بن عبد الحقّ الدّلاصيّ المقرئ. وقاضي نابلس فخر الدين عثمان بن أحمد بن عمرو الزّرعي. وستّ الأجناس موفّقيّة بنت أحمد بن وردان.

(45/420)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 421
4 (ذكر من توفّي بعد العشرين وستمائة)

4 (يحيى بن أبي طي النجّار بن ظافر بن عليّ بن عبد الله بن أبي الحسن ابن الأمير محمد)
بن حسن الغسّانيّ، الحلبيّ، الشيعيّ، الرافضيّ. مصنّف تاريخ الشيعة وهو مسودّةٌ في عدّة مجلّدات، ونقلت منه كثيراً. ومات في آخر الكهولة. فينظر في التّاريخ العديميّ إن كان له ذكر.

(45/421)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 422
4 (صدقة السّامريّ، الطّبيب.)
أحد الكبار في الطّبّ والفلسفة. درّس صناعة الطّبّ. وخدم الملك الأشرف، وبقي معه سنين عديدة بالشّرق. وكان الأشرف يكرمه، ويبالغ. ومات بحرّان سنة نيّفٍ وعشرين. وخلّف أموالاً، ولم يخلف ولداً. ومن كلامه لا رحمه الله وأجاد: كلّ الطاعات ترى إلاّ الصوم لا يراه إلاّ الله، وهو ثلاث درجات: صوم العموم وهو كفّ البطن والفرج عن الشهوات، وصوم الخصوص: وهو كفّ السّمع والبصر والجوارح عن الآثام، وصوم خصوص الخصوص: وهو صوم القلب عن الهمم الدّنيّة، والأفكار الدّنياوية، وكفّه عمّا سوى الله تعالى.) قال ابن أبي أصيبعة: له من الكتب شرح التّوراة، كتاب النفس، تعاليق في الطبّ، مقالة في التّوحيد، كتاب الاعتقاد. محمد بن عمر بن يوسف بن محمد بن بيروز كذا هذه

(45/422)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 423
الكلمة في تاريخي ابن الدّبيثي، وابن النجّار. الفقيه، أبو بكر، ابن الشيخ أبي حفص، البغداديّ، الشافعيّ، المقرئ، الخيّاط، سبط المحدث محمود بن نصر الشعّار. سمع حضوراً من صالح ابن الرّخلة، ومن جدّه محمود. وسمع من شهدة، وعبد الحقّ، وجماعة. وولد سنة ستّ وستين تقريباً. روى عنه ابن النجّار لقيه بحماة وقال: كان هنا مدرّساص وخطيباً بقلعتها، وهو صدوقٌ متديّن. ذكر لي أنّه تفقّه على أبي طالب غلام ابن الخلّ وحفظ عنه تعليقته، وقرأ عليه المهذّب وتعليقة الشريف. ثمّ تفقّه على عليّ بن عليّ الفارقيّ شيخنا. وخرج من بغداد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة فوصل إلى حمص، ثمّ عاد إلى المعرّة فأقام بها عشرين سنة يدرّس، ثمّ تحوّل إلى حماة ودرّس بها. وقال أبو محمد البرزاليّ: هو ا، هرّور براءين.
4 (محمد، الشيخ جمال الدّين، السّاوجيّ، الزّاهد.)
شخي الطائفة القلندريّة. قدم دمشق، وقرأ القرآن والعلم، وسكن بجبل قاسيون بزاوية الشيخ عثمان الرّوميّ، وصلّى بالشيخ عثمان مدّة. ثمّ حصل له زهدٌ وفراغٌ عن الدّنيا، فترك الزّواية وانملس وأقام بمقبرة باب الصغير بقرب موضع القبّة التي بنيت لأصحابه، وبقي مديدةً في قبّة زينب بنت زين العابدين، فاجتمع في بالجلال الدّركزينيّ، والشيخ عثمان كوهي الفارسيّ الذي دفن بالقنوات بمكان القلندرية. ثمّ إنّ السّاوجيّ حلق وجهه ورأسه، فانطلى على أولئك حاله

(45/423)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 424
الشيطانيّ فوافقوه وحلقوا. ثمّ فتّش أصحاب الشيخ عثمان الرّوميّ على السّاوجيّ فوجدوه بالقبّة فسبّوه وقبّحوا فعله، فلم ينطق، ولا ردّ عليهم. ثمّ اشتهر وتبعه جماعةٌ، وحلقوا وذلك في حدود العشرين وستمائة فيما أظنّ. ثمّ لبس دلق شعر وسافر إلى دمياط، فأنكروا حاله وزيّه المنافي للشرع فريّق بينهم ساعةً، ثمّ رفع رأسه، وإذا هو بشبيبة فيما قيل كبيرة بيضاء. فاعتقدوا فيه، وضلّوا به حتى قيل: إنّ قاضي دمياط وأولاده وجماعةً حلقوا لحاهم وصحبوه) والله أعلم بصحّة ذلك. وتوفّي بدمياط، وقبره بها مشهور، وله هناك أتباع. وذكر الأجلّ شمس الدّين الجزريّ في تاريخه: أنه رأى كراريس من تفسير القرآن العظيم للشيخ جمال الدّين السّاوجيّ وبخطّه. وجلس في المشيخة بعده بمقبرة باب الصّغير جلال الدّين الدّركزينيّ وبعده الشيخ محمد البلخيّ وهو أعني البلخيّ من مشاهير القوم، وهو الذي شرع لهم الجولق الثقيل، وأقام الزاوية، وأنشأها، وكثر أصحابه. وكان للملك الظاهر من مال الجامع. وكان إذا قدم يعطيهم ألف درهم وشقتين من البسط ورتّب لهم ثلاثين عرارة قمحٍ في السنة وعشرة دراهم في اليوم. وكان السّويداويّ منهم يحضر سماط السّلطان الملك الظّاهر ويمازح السّلطان. ولمّا أنكروا في دولة الشرف موسى على عليّ الحريريّ أنكروا على القلندرية وتفسيرها بالعربيّ المحلّقين ونفوهم إلى قصر الجنيد. وذكر ابن إسرائيل الشاعر: أنّ هذه الطائفة ظهرت بدمشق سنة نيّف عشرة وستمائة. ثمّ أخذ يحسّن حالهم الملعون، وطريقتهم الخارجة عن الدّين. وفلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

(45/424)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 5
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الرابعة والستون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى وثلاثين وستمائة)

4 (خروج الكامل إلى الروم ورجوعه خائباً)
فيها جاء الكامل، واجتمع بإخوته وبصاحب حمص الملك المجاهد شيركوه، وساروا ليدخلوا الروم من عند النهر الأزرق، فوجدوا عساكر الروم قد حفظوا الدربند ووقفوا على رؤوس الجبال، وسدوا الطرق بالحجارة. وكان الأشرف ضيق الصدر من جهة الكامل لأنه طلب منه الرقة، فقال الكامل: ما يكفيه كرسي بني أمية فاجتمع شيركوه بالأشرف، وقال: إن حكم الكامل على الروم أخذ جميع ما بأيدينا، فوقع التقاعد منهما. فلما رأى الكامل ذلك عبر الفرات ونزل السويداء، وجاءه صاحب خرت برت الأرتقي، فقال: عندنا طريق سهلة تدخل منها فجهز الكامل بين يديه ابنه الملك الصالح، وابن أخيه الملك الناصر داود، وصواباً الخادم، فلم يرعهم إلا وعلاء الدين صاحب الروم بالعساكر، وكان صوابٌ في خمسة آلاف، فاقتتلوا، وأسر صوابٌ، وطائفةٌ، منهم الملك المظفر صاحب حماة، وقتل طائفة وهرب الباقون. فتقهقر الكامل ودخل آمد، ثم أطلق علاء الدين صواباً والمظفر والأمراء، مكرمين. وأعطى الكامل إذ

(46/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 6
ذاك ولده الصالح حصن كيفا، واستناب صواباً بآمد، ورجع إلى الشام خائباً.
4 (تسلطن صاحب الموصل)
وفيها تسمى لؤلؤ صاحب الموصل بالسلطنة، وضرب السكة باسمه. قاله أبو الحسن علي بن أنجب ابن الساعي.
4 (اكتمال بناء المستنصرية)
قال: وفيها تكامل بناء المدرسة المستنصرية ببغداد، ونقل إليها الكتب وهي مائة وستون حملاً، وعدة فقهائها مائتان وثمانية وأربعون فقيهاً من المذاهب الأربعة، وأربعةٌ مدرسون، وشيخ حديث، وشيخ نحو، وشيخ طب، وشيخ فرائض. فرتب شيخ الحديث أبو الحسن ابن القطيعي.) ورتب فيها الخبز والطبيخ والحلاوة والفاكهة. فأنبأني محفوظ ابن البزوري، قال: تكامل بناء المستنصرية وجاءت في غاية الحسن ونهايته، وخلع على أستاذ الدار العزيزة متولي عمارتها وعلى أخيه علم الدين أبي جعفر ابن العلقمي، وعلى حاجبه، وعلى المعمار، وعلى مقدم الصناع. ونقل إلى خزانة الكتب كثيرٌ من الكتب النفيسة، فبلغني أنه حمل إليها ما نقله مائة وستون حمالاً، سوى ما نقل إليها فيما بعد، وأوقفت، وجعل الشيخ عبد العزيز شيخ الصوفية برباط الحريم، وخازن كتب دار الخلافة، هو وولده ضياء الدين أحمد ينظران في ترتيبها، فرتبا الكتب

(46/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 7
أحسن ترتيب. وفي بعض الأيام اتفق حضور أمير المؤمنين عندها لينظر، فسلم عليه عبد العزيز وتلا قوله تعالى: تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جناتٍ تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصوراً فخشع المستنصر بالله أمير المؤمنين، ورد عليه السلام، وكلمه، وجبر قلبه. وشرط لكل مدرسٍ أربعة معيدين، واثنان وستون فقيهاً، وأن يكون بالدار المتصلة بالمدرسة ثلاثون يتيماً يتلقنون.
4 (وقفية المستنصرية)
قلت: رأيت نسخة كتاب وقفها في خمسة كراريس، والوقف عليها عدة رباع وحوانيت ببغداد، وعدة قرى كبار وصغار ما قيمته تسعمائة ألف دينار فيما يخال إلي، ولا أعلم وقفاً في الدنيا يقارب وقفها أصلاً سوى أوقاف جامع دمشق وقد يكون وقفها أوسع. فمن وقفها بمعاملة دجيل: قصر سميكة، وهي ثلاثة آلاف وسبعمائة جريب وجميد وضياعة كلها ومساحته ستة آلاف وأربعمائة جريب، والأجمة كلها، وهي خمسة آلاف جريب وخمسون، ومن نهر الملك برفطا كلها، وهي خمسة آلاف وخمسمائة جريب، وناحية البدو، وهي ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسعون جريباً، وقوسنيثا، وهي ثلاثة آلاف جريب ونيف، وقرية يزيد كلها، وهي أربعة آلاف جريب ومائة وثمانون جريباً، ومن ذلك ناحية

(46/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 8
طبسنى، ومساحتها ثمانية آلاف ومائة جريب، ومن ذلك سستا، وهي ثلاثة آلاف جريبٍ وزيادة، وناحية الأرحاء، وهي أربعة آلاف جريب، ومن ذلك ناحية البسطامية، وهي أربعة آلاف جريب، والفراشة، ألف جريب، وقرية حد النهرين، وهي ألف جريب ومائتا جريب، والخطابية، وهي أربعة) آلافٍ وثمانمائة جريب، وناحية بزندي، وهي ستة آلاف وخمسمائة جريب، ومن ذلك الشدادية ومبلغها عشرون ألف جريب ومائتان وخمسون جريباً، وحصن بقية، وهو أربعة آلاف جريب وثمانمائة، ومن ذلك فرهاطياً، ستة آلاف جريب، ومن ذلك حصن خراسان، وهي خمسة آلاف جريب وتسعمائة جريب، وما أضيف إلى ذلك، وهو سبعة آلاف جريب ومائتا جريب. ومن أعمال نهر عيسى قرية الجديدة، وهي ألفا جريب وستمائة جريب، والقطنية، وهي ستة آلاف وأربعمائة جريب، وقرية المنسل، وهي خمسة آلاف وخمسمائة جريب، وميثا، وهي ألفان وخمسمائة جريب، وقرية الدينارية، وهي أربعة آلافٍ وستمائة جريب، والناصرية كلها، وهي تسعة عشر ألف جريب. فالمرتزقة من أوقاف هذه المدرسة على ما بلغني نحوٌ من خمسمائة نفس المدرسون فمن دونهم، وبلغني أن تبن الوقف يكفي الجماعة ويبقى مغل هذه القرى مع كري الرباع فضلةً، فكذا فليكن البر وإلا فلا. وحدثني الثقة أن ارتفاع وقفها بلغ في بعض السنين وجاء نيفاً وسبعين ألف مثقال ذهبٍ.

(46/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 9
وفي خامس رجب يوم الخميس فتحت، وحضر سائر الدولة والقضاة والمدرسون والأعيان، وكان يوماً مشهوداً.
4 (عودة ركب العراق)
وفيها سار ركب العراق، فبلغهم أن العرب قد طموا المياه، وعزموا على أخذ الركب، فرد بالناس قيران الظاهري أميرهم، ووصل أوائلهم في ذي الحجة إلى بغداد، وماتت الجمال والناس. وكانت سنةً عجيبةً. وكان معهم تابوت مظفر الدين صاحب إربل ليدفن بمكة، فعادوا به ودفنوه بمشهد علي رضي الله عنه.
4 (إقامة الجمعة بمسجد جراح)
وفيها أقيمت بمسجد جراح الجمعة بالشاغور.
4 (تعليق حبل بباب جامع دمشق)
وفيها أمر وزير دمشق، وابن جرير أن يعلق بباب الجامع حبلٌ، فمن دخل من أصحاب) الحريري، علق فيه.

(46/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 10
4 (سنة اثنتين وثلاثين وستمائة)

4 (الشروع في بناء جامع العقيبة)
فيها شرع الملك الأشرف في بناء جامع العقيبة، وكان قبل ذلك خاناً يقال له: خان الزنجاري، فيه الخمور والخواطئ، فأنفق عليه أموالاً كثيرةً.
4 (وصول رسول من اليمن)
وفيها في صفر وصل إلى الديوان العزيز رسولٌ من الأمير عمر بن رسول أنه استولى على بلاد اليمن، وأرسل تقادم وتحفاً.
4 (ختم المستعصم للقرآن)
وفيها ختم القرآن عبد الله ابن المستنصر بالله، وهو المستعصم الذي قتلته التتار، ختم على مؤدبه أبي المظفر علي ابن النيار، فعملت دعوةٌ هائلة غرم عليها عشرة آلاف دينار، وأعطى ابن النيار شيئاً كثيراً، من ذلك: ألف دينار، وخلعٌ عديدة.

(46/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 11
4 (ضرب دراهم بأمر المستنصر بالله)
وفيها جلس الوزير نصير الدين بن الناقد، واستحضر الولاة والتجار والصيارف، ثم فرشت الأنطاع، وأفرغ عليها الدراهم التي ضربت بأمر المستنصر بالله، فقام الوزير والدولة خدمةً لرؤيتها، ثم قال: قد رسم مولانا أمير المؤمنين بمعاملتكم بهذه الدراهم عوضاً عن قراضة الذهب، رفقاً بكم، وإنقاذاً لكم من التعامل بالحرام من الصرف الربوي، فأعلنوا بالدعاء والطاعة. ثم سعرت كل عشرة بدينارٍ إمامي، وأديرت بالعراق، فقال الموفق أبو المعالي القاسم بن أبي الحديد:
(لا عدمنا جميل رأيك فينا .......... أنت باعدتنا عن التطفيف)

(ورسمت اللجين حتى ألفنا .......... ه، وما كان قبل بالمألوف)

(ليس للجمع كان منعك للصر .......... ف، ولكن للعدل والتعريف)

4 (وقعة أهل سبتة مع الفرنج)
وفي ربيع الأول كانت وقعة أهل سبتة مع الفرنج، وذلك أن متوليها الينشتي كان قد بالغ في) تألفهم، فكانوا يأتون بالتجارات، فكثروا إلى الغاية بسبتة بحيث إنهم صاروا بها أكثر من أهلها، فطمعت الفرنج وراموا تملك البلد وأعملوا الحيلة. وكان لأبي العباس الينشتي ابنان: أحدهما قائد البحر، والآخر قائد البر. فخرج قائد البر نوبةً بجيشه لأخذ الخراج من القبائل، فعزم الملاعين على أمرهم، ولبسوا أسلحتهم وخرجوا، فطلبوا من سقاءٍ ماءً، فأبى، فقتلوه، وشرعوا في القتال. وثار المسلمون إليهم، والتحم الحرب، فقتلوا من أهل

(46/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 12
الربض خلقاً، وسد أهل البلد الباب في وجوههم، ورموهم بالنشاب من المرامي، وأسرع الصريخ إلى قائد البر فكر بالجيش ركضاً، والإفرنج قد ملكوا الربض، وسدوا بابه الواحد، وهم على أن يغلقوا الثاني، فحمل الجيش عليهم حملةً صادقة، فدخلوا عليه فلم يفلت منهم إلا الشريد، ففروا إلى البحر هاربين، وغنم المسلمون من الأموال من ما لا يوصف. فذهب المنهزمون واستنجدوا بالفرنج، ثم أقبلوا في هيئةٍ ضخمة من الرجال والمراكب وآلات الحصار والمجانيق، ونازلوا سبتة، واشتد الأمر، فطلب المسلمون المصالحة، فقالوا: لا نرد حتى يغرموا لنا جميع ما أخذ لنا في العام الماضي. فأعطوا جميع ذلك التزم الينشتي لهم بذلك، وعجز عن البعض، فشرع في مصادرة العامة، فتوغلت صدورهم عليه، وقال له الأعيان: الرأي يا أبا العباس أن نصالح صاحب المغرب، فكأنه أحس منهم القيام عليه، فأجاب على كرهٍ، فكاتبوا الرشيد عبد الواحد فبعث جيشاً مع وزيره، وفتح أهل سبتة له البلد، وأسر الينشتي هو وابنه الواحد ثم قتلا بالسم بمراكش، وهرب ابنه الآخر في البحر، فما استقر إلا بعدن. وأما الفرنج فنازلوا على إثر ذلك بلنسية، فأخذوها.

(46/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 13
4 (سنة ثلاث وثلاثين وستمائة)

4 (دخول الناصر داود بغداد)
في المحرم دخل بغداد الناصر داود بن المعظم، وتلقاه الموكب وخلع عليه قباءٌ أطلس وشربوش، وأعطي فرساً بسرج ذهب، وأقيمت له الإقامات. ولما مر بالحلة عمل له زعيمها سماطاً عظيماً، فقيل: إنه غرم على الدعوة اثني عشر ألف دينار، ولما أراد التوجه، خلع عليه قباءٌ أسود، وفرجية ممزج، وعمامة قصبٍ كحليةٌ مذهبةٌ،) وأعطي فرساً بمشدة حريرٍ، يعني الحزام الرقبة، وأعطي علماً، وخفتاتين، وخيماً، وكراعاً، وآلاتٍ، وعدة أرؤس من الخيل، وبقج قماشٍ، وخمسةً وعشرين ألف دينار، وذلك بعد الصلح بينه وبين عميه الكامل والأشرف. وأرسل في حقه رسولٌ إلى الكامل، وسافر في رمضان.
4 (خروج التتار إلى إربل والموصل)
وفي ربيع الأول جاء فرقةٌ من التتار إلى إربل فواقعوا عسكرها، فقتل جماعةٌ من التتار، وقتل من الأرابلة نفرٌ يسير. ثم إن التتار ساقوا إلى الموصل ونهبوا وقتلوا، فاهتم المستنصر بالله وفرق الأموال والسلاح. فرجع التتار ودخلوا الدربند، ورد عسكر بغداد وكان عليهم جمال الدين قشتمر.

(46/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 14
4 (قضاء القضاة والتدريس بالمستنصرية)
وفيها عزل أبو المعالي بن مقبل عن قضاء القضاة، وتدريس المستنصرية. وولي التدريس أبو المناقب محمود بن أحمد الزنجاني الشافعي. ثم ولي قضاءالقضاة أبو الفضل عبد الرحمن بن اللمغاني.
4 (تدريس المالكية بالمستنصرية)
وفيها وصل سراج الدين عبد الله بن عبد الرحمن الشرمساحي المالكي إلى بغداد بأهله، فولي تدريس المالكية بالمستنصرية، وبانت فضائله.
4 (التدريس الحنفي بالمستنصرية)
وفيها وصل إلى بغداد أيضاً شهاب الدين أحمد بن يوسف ابن الأنصاري الحلبي الحنفي، وولي تدريس المستنصرية.
4 (تعدية الكامل والأشراف إلى الشرق وعودتهما)
وفيها عدى الكامل والأشرف الفرات إلى الشرق، واستعاد الكامل حران والرها من صاحب الروم، فأخرب قلعة الرها. ثم نزل على دنيسر فأخربها. فجاءه كتاب صاحب الموصل أن التتار قد قطعوا دجلة في مائة طلبٍ، ووصلوا إلى سنجار، فخرج إليهم معين الدين ابن كمال الدين بن مهاجر فقتلوه. فرد الكامل والأشرف إلى الشام. فأتت عساكر الروم والخوارزمية إلى ماردين فنزل إليهم صاحبها، وأتوا إلى نصيبين، فأخربوها، وبدعوا، وعملوا فيها أعظم مما فعل الكامل درينسر، فلا حول ولا قوة إلا بالله.)

(46/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 15
قال سعد الدين ابن شيخ الشيوخ وأجازه لنا: فيها وصلت الأخبار من مصر بأن فيها وباءً عظيماً، بحيث إنه مات في شهر نيف وثلاثون ألف إنسان. ثم ساق كيفية حصار الكامل لحران. وقتل عليها عددٌ من المسلمين. وزحف عليها الكامل والأشرف مرات، وجرح خلقٌ كثيرٌ. ثم أخذها بالأمان من نواب صاحب الروم وأخذهم في القيود، وجرت أمورٌ قبيحةٌ جداً.
4 (آمرية مائة فارس بدمشق)
وفي رمضان كان الملك الكامل بدمشق نازلاً في دار صاحب بعلبك التي داخل باب الفراديس، فأعطى آمرية مائة فارس للصاحب عماد الدين عمر ابن الشيخ.
4 (منازلة صاحب الروم حران وآمد)
وفي آخر السنة حشد صاحب الروم وجمع ونازل حران وآمد، وتعثرت الرعية بينه وبين أولاد العادل، نسأل الله اللطف. ثم جرت أمورٌ.
4 (أخذ الفرنج قرطبة)
وفيها أخذت الفرنج لعنهم الله قرطبة بالسيف، واستباحوها، فقال لنا أبو حيان: توفي ابن الربيع بإشبيلية بعد استيلاء النصارى على شرقي قرطبة سنة ثلاثٍ وثلاثين.

(46/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 16
وقال ابن الأبار: استولت الروم على قرطبة في شوال سنة ثلاث وثلاثين. قلت: هي أكبر مدائن الأندلس وما زالت دار إسلام من زمن الوليد بن الملك إلى أن استولت النصارى الآن عليها بالأمان.

(46/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 17
4 (سنة أربع وثلاثين وستمائة)

4 (انخساف مشرفة بجماعة)
في المحرم قصد جماعةٌ عيادة مريضٍ ببغداد، فطلعوا وجلسوا عنده على مشرفةٍ، فانخسفت بهم، فماتوا جميعاً سوى المريض، وكانوا سبعةً.
4 (مصرع طير لابن صاحب الموصل)
وفيها صرع الطير الأمير ركن الدين إسماعيل ابن صاحب الموصل، فادعي لشرف الدين إقبال الشرابي، وبعث بالطير إلى بغداد، فقبله، وعلق ببغداد، ونثر عليه ألف دينار فالتقطها رماة البندق.)
4 (امتناع الحج من العراق)
ولم يحج أحد هذا العام من العراق.
4 (نكبة ركب الشام)
وجرى على ركب الشام نكبةٌ شديدةٌ من العطش قبل ثجر وهي على درب خيبر.

(46/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 18
4 (مصالحة الكامل وصاحب الروم)
وفيها وقع الصلح بأمر الخليفة بين الكامل وبين صاحب الروم في شهر محرم.
4 (السيل العرم بدمشق)
وفيها جاء بدمشق سيل عرم قدر قامةٍ وبسطة، خرب الخانات، والدور التي بالعقيبة من شمالي باب الفرج، وذهب للناس شيءٌ كثيرٌ.
4 (وفاة صاحب حلب)
وفيها مات صاحب حلب الملك العزيز.
4 (وفاة صاحب الروم)
وصاحب الروم علاء الدين.
4 (عرس بنت صاحب الموصل)
وفيها كان عرس مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير على بنت بدر الدين صاحب الموصل. وكان عرساً ما شهد مثله. وخلع عليه الخليفة، وأعطاه، ونوه باسمه، ومشى في ركابه الأمراء، ووراء ألوية الملك. وأعطي أنواعاً كثيرةً وتحفاً، واستمر دخوله إلى دار الخلافة في كل يوم.
4 (نزول التتار على إربل)
وفيها نزل التتار على إربل وحاصروها، ونقبوا السور وأخذوها عنوةً، وقتلوا

(46/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 19
وسبوا، وجافت إربل بالقتلى. وكان باتكين نائب البلد بالقلعة فقاتلهم. ثم إن التتار نقبوا القلعة، وجعلوا تحتها سرباً وطرقاً، وقلت المياه على أهل القلعة، ومات بعضهم من العطش، ولم يبق إلا أخذ القلعة، ثم لطف الله بمن بقي بالقلعة، ورحلت التتار بمكاسب لا تحصى.
4 (الخلاف بين الكامل والأشرف)
وفيها وقع بين الكامل والأشرف، لأن الأشرف طلب من أخيه الرقة فامتنع، وأرسل إليه عشرة) آلاف دينار عوضها، فردها. فغضب الكامل وقال: يكفيه عشرته للمغاني، فتنمر الأشرف، وبعث إلى حلب والشرق، فاتفقوا معه. وأما الكامل فإنه خاف ومضى إلى مصر، فلما دخل باس الأرض شكراً، وقال: رأيت روحي في قلعتي، أنبأني بذلك سعد الدين: أن ابن عمه فخر الدين حكى له ذلك.
4 (الاحتياط على ديوان الكامل)
وفي ذي القعدة احتاط الأشرف على ديوان الكامل الذي بدمشق، وأمر بنفي نوابه. وختم على الحواصل من غير أن يتصرف فيها.

(46/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 20
4 (سنة خمس وثلاثين وستمائة)

4 (اختلاف الخوارزمية على الصالح أيوب)
فيها اختلفت العساكر الخوارزمية الذين من جيش الصالح نجم الدين أيوب عليه، وهموا بالقبض عليه، فهرب إلى سنجار، وترك خزائنه فنهبتها الخوارزمية. فلما صار في سنجار، سار إليه بدر الدين صاحب الموصل وحاصره. فطلب منه الصلح فأبى. فبعث الملك الصالح قاضي سنجار بدر الدين وحلق لحيته ودلاه من السور، فاجتمع بالخوارزمية وشرط لهم كل ما أرادوا. فساقوا من حران بسرعة فكبسوا بدر الدين، فهرب على فرس النوبة، وانتهبوا خزائنه وثقله، واستغنوا.
4 (أخذ صاحب حمص عانة)
وفيها أخذ أسد الدين صاحب حمص عانة من صاحبها صلحاً، واحتوى عليها، وجعل له والياً من البلد.
4 (دخول عساكر الأمراء بغداد)
وفيها وصل إبراهيم بن الأمير خضر بن السلطان صلاح الدين إلى بغداد في

(46/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 21
ستمائة فارس، لأن الخليفة كان قد سير إلى الشام مالاً يستخدم به جيشاً لحرب التتار، فدخلها في شوال، ودخل بعده الملك المظفر عمر والملك السعيد غازي ابنا الملك الأمجد صاحب بعلبك، ومعهما عساكر نفذهم الكامل.
4 (الصواعق ببغداد)
وفيها كثرت الصواعق ببغداد في تشرين الأول، فوقعت صاعقةٌ على راكب بغل ظاهر السور) فأهلكتهما وأخرى في بيت يهودي، وأخرى على نخلة بالمحول، وأخرى في ساحة المستنصرية، الكل في ساعة.
4 (رسول ملكة الهند)
وفيها قدم بغداد الرسول من ملكة الهند بنت السلطان شمس الدين ايتامش مملوك السلطان شهاب الدين الغوري. وسبب ملكها أن أخاها ركن الدين تملك في السنة الماضية بعد والده، فلم ينهض بتدبير الرعية، وتفرقت عليه عساكره. فقبضت على أخته هذه، وملكت، وأطاعها الأمراء، ولقبت رضية الدنيا والدين.
4 (قضاء دمشق)
وفيها ولي قضاء دمشق شمس الدين أحمد الخويي، وهو أول قاض رتب مراكز الشهود بالبلد. وكان قبل ذلك يذهب الناس إلى بيوت العدول يشهدونهم.
4 (امتناع الحج العراقي)
ولم يحج أحدٌ أيضاً في العام من العراق بسبب كسرة التتار لعسكر الخليفة، وأخذ إربل في السنة الماضية.

(46/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 22
4 (موت الأشرف الكامل)
ومات السلطانان الأخوان الأشرف والكامل.
4 (سلطنة الصالح إسماعيل)
ولما انقضى عزاء الأشرف تسلطن أخوه الصالح إسماعيل أبو الخيش، وركب، وعن يمينه صاحب حمص الملك المجاهد أسد الدين، وحمل الغاشية عز الدين أيبك المعظمي.
4 (وصول التتار إلى دقوقا)
وفيها وصلت التتار إلى دقوقا، وقلق الناس، خصوصاً أهل العراق.
4 (مصادرة الرؤساء بدمشق)
وأخذ أبو الخيش في مصادرة الرؤساء بدمشق، فصادر العلم تعاسيف، وأولاد ابن مزهر، وابن عريف البدوي. وأخذ أموالهم وحبسهم. وأخرج الحريري من قلعة عزتا، لكنه منعه من دخول دمشق.

(46/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 23
4 (حصار دمشق)
) ثم جاء عسكر الكامل صاحب مصر إلى قريب دمشق، فحصنها أبو الخيش، وقسم الأبرجة على الأمراء. وجاء عز الدين أيبك من صرخد، فأمر بفتح الأبواب. وجاء لأجل الكامل الناصر داود صاحب الكرك فنزل المزة، ونزل مجير الدين، وتقي الدين ابنا العادل بالقابون، وقدم الكامل، فنزل عند مسجد القدم، وقطعت المياه عن المدينة، ووقع الحصار، وغلت الأسعار، وسد أكثر أبواب البلد. ورد الكامل ماء بردى إلى ثورى وغيره. وأحرق أبو الخيش العقيبة والطواحين لئلا يحتمي المصريون. وزحف الناصر داود إلى باب توماء، ووصلت النقوب، ولم يبق إلا فتح البلد. ثم تأخر الناصر إلى وطاة برزة، جاءه أمر الكامل بذلك لئلا يفتح البلد على يده، وأحرق قصر حجاج والشاغور، وتعثر الناس وتمت قبائح. ثم آل الأمر إلى أن أعطي الصالح إسماعيل بعلبك وبصرى، وأخذت منه دمشق. ودخل الكامل القلعة في نصف جمادى الأولى وما هنأه الله بها، بل مات بعد شهرين بدمشق. فبهت الخلق ولم يتحزنوا عليه لجبروته.
4 (الوقعة بين الناصرولجواد)
وفيها كانت الوقعة بين الناصر صاحب الكرك والجواد صاحب دمشق ثم اجتمع عز الدين أيبك، وسيف الدين علي بن قليج، وعماد الدين وفخر الدين ابنا شيخ الشيوخ، والركن الهكاري، وتشاوروا، فانفصلوا على غير شيء. وكان الناصر داود بدار سامة، فجاءه الركن الهكاري فبين له

(46/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 24
الطريق، ونفذ إليه عز الدين أيبك يقول: أخرج الأموال، وأنفق في مماليك أبيك، والعوام معك، وتملك البلاد، ويبقوا محصورين في القلعة، فلم يصر حالٌ، فأصبحوا واجتمعوا في القلعة، وذكروا الناصر وذكروا الجواد، فكان أضر ما على الناصر عماد الدين ابن الشيخ، لأنه كان يتم في مجالس الكامل مباحثاتٍ، فيخطئه الناصر ويستجهله، فحقد عليه، وكان أخوه فخر الدين يميل إلى الناصر، فأشار عماد الدين بالجواد فوافقه الباقون، وأرسلوا أميراً إلى الناصر داود في الحال، فقال: أيش قعودك في بلد القوم فقام وركب وازدحم الناس من بابه إلى القلعة، وما شكوا أنه تسلطن، وساق، فلما تعدى مدرسة العماد الكاتب، وخرج من باب الزقاق، انعطف إلى باب الفرج، فصاحت الناس: لا، لا، لا، وانقلب البلد، فذهب إلى القابون، ووقع بعض الأمراء في الناس بالدبابيس، فهربوا، وسلطنوا الجواد، وفتح الخزائن وبذل الأموال.) قال المظفر ابن الجوزي: فبلغني أنه فرق ستمائة ألف دينار، وخلع خمسة آلاف خلعةً.
4 (افتقار الناصر داود)
وقال سعد الدين بن حمويه: بلغت النفقة تسعمائة ألف دينار وضيعوا الخزائن، وأساءوا التدبير، وكانت النفقة في الطواشي عشرين ديناراً، وثلاثين ديناراً، وللأمير نصف ما لأجناده. وبطلت الخمور والقحاب و المكوس، وهموا

(46/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 25
بالقبض على الناصر، فراح من القابون، ووصل إلى عجلون، ثم نزل غزة، واستولى على الساحل، فخرج إليه الجواد في عسكر مصر والشام، وقال للأشرفية: كاتبوه وطمعوه. ففعلوا، فاغتر، وساق إلى نابلس بخزائنه ومعه سبعمائة فارس، فأحاطت بهم الجيوش، فانهزم جريدةً، وحازوا خزائنه وجنائبه وذخائره، وكانت خزائنه على سبعمائة جملٍ، واستغنوا غناءً للأبد، وافتقر هو. قال أبو المظفر: فبلغني أن عماد الدين ابن الشيخ وقع بسفط جوهر وفصوص، فاستوهبه من الجواد فأعطاه إياه. وتوجه فخر الدين ابن الشيخ، وعدة أمراء إلى مصر.
4 (سلطنة العادل)
وفيها سلطن بمصر الملك العادل ولد الملك الكامل، وانضم إليه حاشية أبيه.
4 (وقعة التتار والأمير بكلك)
وفي ذي العقدة كانت الوقعة بين التتار وبين الأمير جمال الدين بكلك، وعدة جيشه سبعة آلاف فارس. وعدة العدو عشرة آلاف، فانكسر المسلمون من بعد أن أنكوا وقتلوا خلقاً من التتار وكادوا ينتصرون عليهم، ووصل

(46/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 26
المنهزمون إلى بغداد، وهلك الأكثر، وعدم في الوقعة مقدمهم بكلك. ويقال: إنه قتل في الوقعة قريبٌ من خمسين أميراً فإنا لله وإنا إليه راجعون وكانت التتار يعيثون في الشرق، والأمر شديدٌ بهم.

(46/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 27
4 (سنة ست وثلاثين وستمائة)

4 (حبس الوزير ابن مرزوق)
في أولها قبض الملك الجواد صاحب دمشق على الوزير صفي الدين بن مرزوق، وأخذ منه أربعمائة ألف درهم، وسجن بقلعة حمص، فبقي ثلاث سنين لا يرى الضوء. وقيل: حبس) اثنتي عشر سنة، ولكن أسد الدين شيركوه أظهر موته.
4 (ضعف سلطنة الجواد بدمشق)
وفيها تمهن الجواد وضعف عن سلطنة دمشق، وقايض الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل بدمشق سنجار وعانة. وكان الجواد قد سلط على أهل دمشق خادماً يقال له: الناصح، فصادرهم، وضرب، وعلق.

(46/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 28
وأما عماد الدين ابن الشيخ، فإنه سار إلى مصر، فلامه الملك العادل ابن الكامل، وتوعده، لكونه قام في سلطنة الجواد، فقال: أنا أمضي إلى دمشق، وأنزل بالقلعة، وأبعث إليك بالجواد. فقدم دمشق، ونزل بالقلعة، فأمر ونهى وقال: أنا نائب السلطان، وقال للجواد: تسير إلى مصر. فاتفق الجلاد والمجاهد شيركوه على قتل عماد الدين. قال أبو المظفر ابن الجوزي: ذكر لي سعد الدين مسعود بن تاج الدين شيخ الشيوخ قال: خرجنا من القاهرة في ربيع الأول، فودع عماد الدين إخوته فقال له أخوه فخر الدين: ما أرى رواحك رأياً، وربما آذاك الجواد. فقال: أنا ملكته دمشق فكيف يخالفني قال: صدقت، أنت فارقته أميراً، وتعود وقد صار سلطاناً، فكيف يسمح بالنزول عن السلطنة وأما إذا أبيت، فانزل على طبرية وكاتبه، فإن أجاب، وإلا فتقيم مكانك، وتعرف العادل. فلم يلتفت إلى قول فخر الدين، وسار. قال سعد الدين: فنزلنا المصلى، وجاء الجواد فتلقانا وسار معنا، وأنزل عماد الدين في القلعة. وقدم أسد الدين شيركوه من حمص، وبعث الملك الجواد لعماد الدين الذهب و الخلع، فما وصلني من رشاشها مطرٌ مع

(46/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 29
ملازمتي لعماد الدين في مرضه، فإنه ما خرج من القاهرة إلا في محفةٍ. ثم إن الجواد رسم عليه في الباطن ومنعه الركوب، واجتمع به وقال: إذا أخذتم مني دمشق وأعطيتموني الإسكندرية، فلابد لكم من نائب بدمشق فاحسبوني ذلك النائب، وإلا فقد نفذت إلى الصالح نجم الدين أسلم إليه دمشق، وأذهب إلى سنجار. فقال: إذا فعلت هذا أصلحت بين الصالح وأخيه العادل، وتبقى أنت بغير شيءٍ. فقام مغضباً، وقص على أسد الدين ما جرى، فقال له: والله لئن اتفق الصالح والعادل ليتركونا نشحذ في المخالي. فجاء أسد الدين إلى عماد الدين وقال: مصلحةٌ أن تكتب إلى العادل تستنزله عن هذا الأمر. فقال: حتى أروح إلى مقام) برزة وأصلي صلاة الاستخارة. فقال: تروح إلى برزة وتهرب إلى بعلبك فغضب من هذا. ثم اتفق شيركوه والجواد على قتله. وسافر شيركوه إلى حمص، ثم بعث الجواد يقول: إن شئت أن تركب وتتنزه، فاركب، فاعتقد أن ذلك عن رضى، فلبس فرجية وبعث إليه بحصان، فلما خرج من باب الدار، وقابله النصراني بيده قصةٌ فاستغاث، فأراد حاجبه أن يأخذها، فقال: لا، لي مع الصاحب شغلٌ. فقال عماد الدين: دعوه، فتقدم إليه وناوله القصة، ثم ضربه بسكينٍ على خاصرته بدد مصارينه، ووثب آخر يضربه على ظهره بسكين، فرد إلى الدار ميتاً. وأخذ الجواد جميع تركته، وعمل محضراً يتضمن أنه ما مالأ على قتله، وبعث إلى أبي، فقال: اطلع، فجهز ابن أخيك، فجهزناه، وأخرجناه. وكانت له جنازةٌ عظيمةٌ، ودفناه بقاسيون في زاوية الشيخ سعد الدين ابن حمويه. وعاش ستا وخمسين سنة. وقد كتب مرة على تقويم:
(إذا كان حكم النجم لا شكَّ واقعاً .......... فما سعينا في دفعه بنجيح)

(وإن كان بالتدبير يمكن رده .......... علمنا بأن الكل غير صحيح)

(46/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 30
قال أبو المظفر: وحبس النصراني أياماً و أطلق.
4 (خروج الجواد من دمشق)
وخرج الجواد عن دمشق فتسلمها الملك الصالح، وعبر في أول جمادى الآخرة، والملك الجواد والملك المظفر الحموي بين يديه يحملان الغاشية بالنوبة، فنزل بالقلعة. ثم ندم الجواد حيث لا ينفعه الندم، وطلب الأمراء وحلف جماعةً، فعلم الملك الصالح فهم أن يحرق داره، فدخل ابن جرير في الصلح. وخرج الجواد إلى النيرب، ووقف الناس على باب النصر يدعون عليه ويسمعونه لكونه صادرهم وأساء إليهم. فأرسل إليه الصالح ليرد إلى الناس أموالهم، فما التفت، وسافر.
4 (وزارة ابن جرير ووفاته)
واستوزر الصالح جمال الدين علي بن جرير، وزير الأشرف، فمات بعد أيام.
4 (وزارة الإربلي)
قلت: ثم ولي الوزارة بعده على ما ذكر سعد الدين فيجريدته تاج الدين ابن الوليد الإربلي.)
4 (الغلاء بدمشق)
وحصل بدمشق الغلاء، وأبيعت الغرارة بمائتين وعشرين درهماً.

(46/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 31
4 (توجه الصالح إلى مصر)
وتوجه الملك الصالح قاصداً ديار مصر، وكاتب عمه عماد الدين إسماعيل صاحب بعلبك ليسير إليه، فسار الصالح نجم الدين إلى نابلس، واستولى على بلاد الناصر داود في شوال، فسار الناصر إلى مصر، وأقام الصالح ينتظر قدوم عمه الصالح إسماعيل. وكان ولد أبو الخيش وعسكره عند الملك الصالح، وعمه في باطن الأمر قد كاتب ولده ناصر الدين ابن يغمور ليحلفا له الجند، والأموال تفرق بدمشق بدار النجم بن سلام، ولم يكن أحدٌ يجسر أن يعرف الملك الصالح لهيبته. وجبوا أسواق البلد لأجل سوقية العسكر، من كل دكان عشرة دراهم.
4 (سرقة النعل)
وفي شوال سرق النعل الذي بدار الحديث، فشدد أولو الأمر على القوام وأهل الدار، فرموه في تراب.
4 (استيلاء الفرنج على قرطبة)
وحدثني أبو القاسم بن عمران عن غير واحد من مشايخ سبتة: أن الفرنج استولوا على جميع قرطبة سنة ست هذه. وذكر أن استيلاءهم على شرقيها كان في سنة ثلاث وثلاثين كما ذكرنا. قال الأبار: وفي صفر سنة ستٍ أخذت الفرنج بلنسية بعد حصار خمسة أشهر.

(46/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 32
4 (سنة سبع وثلاثين وستمائة)

4 (حصار الصالح دمشق)
في صفر خرج الملك الصالح عماد الدين إسماعيل من بعلبك وقد تهيأت له الأمور كما يريد، وذلك بترتيب وزيره الأمين الطبيب السامري، بعث إلى دمشق الأموال والخلع ففرقت. ثم خرج من بعلبك بالفارس والراجل على أنه متوجه إلى نجدة ابن أخيه نجم الدين أيوب، إلى نابلس من طريق بانياس، فبات بالمجدل. وسرح بطاقةً إلى نجم الدين بأنه واصلٌ إليه، وساق بسحرٍ وقصد دمشق، فوصل إلى عقبة دمر، ووقف. فجاءه صاحب حمص أسد الدين من جهة) منين، وقصدوا باب الفراديس وهجموا البلد. فنزل الصالح في داره بدرب الشعارين، ونزل أسد الدين بداره تجاه العزيزة. ثم أصبحوا من الغد يوم الأربعاء فزحفوا على القلعة، ونقبوها من عند باب الفرج وكان بها الملك المغيث عمر ابن الملك الصالح نجم الدين وكان الصالح عماد الدين يكاتب ابن أخيه ويعده المجيء، وسير إليه يطلب منه ولده ليصل إلى بعلبك كي يقيم عوضه في بعلبك، فبعث به إليه. وكان عز الدين أيبك صاحب صرخد قد كاتب الصالح عماد الدين واتفق معه. ثم إن الصالح عماد الدين ملك القلعة بالأمان، ثم نكث وقبض على المغيث عمر، وحبسه في برجٍ. وخربت لذلك دار الحديث الأشرفية ودورٌ وحوانيت من شأن الحصار، ونصب على القلعة سبعة مجانيق، وأخذوا في النقوب، ثم أخذت الأمان. وبلغ نجم الدين ما جرى، فسير عميه مجير الدين، وتقي الدين، وأيدكين، وألتميش وأنفق فيهم وقال: سوقوا إلى دمشق قبل أن تؤخذ القلعة، فساقوا، فبلغهم أخذ القلعة، فمالوا عن نجم الدين

(46/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 33
خوفاً على أهليهم وأسبابهم، وانضموا إلى الصالح عماد الدين، وتم له الدست. وبقي الصالح نجم الدين في مماليكه وجاريته أم خليل، فطمع فيه أهل الغور والقبائل. واتفق عود الملك الناصر من مصر عن غير رضى، فأخبروه بما تم، فأرسل عسكره، فأحاطوا بالملك الصالح نجم الدين وحملوه على بلغة بلا مهماز، وأحضروه إلى الناصر، فاعتقله مكرماً بالكرك سبعة أشهرٍ. فطلب الملك العادل أخاه نجم الدين من الملك الناصر، وبذل فيه مائة ألف دينار. وطلبه أيضاً عمه الملك الصالح وصاحب حمص، فما أجابهم الناصر. واتفق معه على أيمانٍ وعهود، ثم خرج به، وقصد مصر. فلما بلغ الملوك إخراجه تألموا من الناصر وعادوه. واختلفت على الملك العادل ولد الكامل عساكره، وكاتبوا الملك الصالح أخاه يسألونه الإسراع، فوصل إلى بلبيس في أواخر ذي القعدة، وبها منصوبٌ مخيم الملك العادل، فنزل به. وذكر أبو عبد الله الجزري وغيره، قصة نجم الدين أيوب، قال: بقي في غلمانه وطمع فيه أهل الغور والعشران، وكان مقدمهم شيخٌ جاهل يقال له: تبل البيساني، فما زالوا وراءه وهو يحمل فيهم، وأخذوا بعض ثقله، ثم نزل على سبسطية. وكان الوزيري قد عاد إلى نابلس، فأرسل إليه يقول: قد مضى ما مضى وما زالت الملوك كذا، وقد جئت مستجيراً بابن عمي. ونزل في الدار التي للناصر بنابلس. ثم كتب الوزيري إلى الناصر يخبره الخبر. فبعث الناصر عماد) الدين ابن موسك، والظهير ابن سنقر الحلبي في ثلاثمائة فارس، فركب الصالح نجم الدين فتلقاهم، فقالوا: طيب قلبك، إلى بيتك جئت. فقال: لا ينظر ابن عمي إلى ما فعلت وقد استجرت به. فقالوا: قد جارك وما عليك بأسٌ.

(46/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 34
وأقاموا أياماً نازلين حوله، فلما كان في بعض الليالي صرخ بوق النفير، وقيل: جاءت الفرنج. فركب الناس والعساكر ومماليك الصالح وساقوا إلى سبسطية. ثم جاء ابن موسك وابن سنقر إليه، فدخل ابن سنقر إليه، وقال: تطلع إلى الكرك إلى ابن عمك، وأخذ سيفه. قال أبو المظفر الجوزي: فبلغني أن جاريته كانت حاملاً فأسقطت، وأخذوه إلى الكرك، فحدثني بالقاهرة سنة تسعٍ وثلاثين قال: أخذوني على بغلةٍ بلا مهمازٍ ولا مقرعةٍ، وساروا بي ثلاثة أيام، والله ما كلمت أحداً منهم كلمةً، وأقمت بالكرك أشهراً، ورسموا على الباب ثمانين رجلاً. وحكى لي أشياء من هذه الواقعة. ثم أن الوزيري أطلع خزائنه وخيله وحواصله إلى الصلت، وبقيت حاشيته بنابلس. ووصل علاء الدين ابن النابلسي من مصر من عند الملك العادل إلى الناصر يطلب الصلح، ويعطيه مائة ألف دينار، فما أجاب. فلما طال مقامه، استشار عماد الدين ابن موسك وابن قليج، ثم أخرجه، وتحالفا واتفقا في عيد الفطر. فحدثني الصالح قال: حلفني الناصر على أشياء ما يقدر عليها ملوك الأرض، وهو أن آخذ له دمشق، وحمص، وحماة، وحلب، أو الجزيرة، والموصل وديار بكرٍ، ونصف ديار مضر، وأعطيه نصف ما في الخزائن من المال والجواهر والخيل والثياب، فحلفت له من تحت القهر والسيف.

(46/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 35
قال: وبرز العادل إلى بلبيس يقصد الشام، فاختلف عليه العسكر وقبضوه، وأرسلوا إلى الصالح نجم الدين يعرفونه ويحثونه على المجيء، فسار ومعه الناصر وابن موسك وجماعة أمراء فقدموا بلبيس، فنزل الصالح في مخيم أخيه، أخوه معتقلٌ في خركاه من المخيم. وكان محيي الدين يوسف ابن الجوزي بمصر وقد خلع على الملك العادل، وعلى الوزير الفلك المسيري من جهة الخليفة. وحدثني الصالح نجم الدين قال: والله ما قصدت مجيء الملك الناصر معي إلا خفت أن تكون معمولة علي، ومنذ فارقنا غزة، تغير علي، ولا شك، إلا أن بعض أعدائي أطمعه في الملك، فذكر لي جماعة من مماليكي أنه تحدث معهم في قتلي، ولما أفرج عني، ندم وهم بحبسي) ثانياً، فرميت روحي على ابن قليج، فقال: ما كان قصده إلا أن نتوجه أولاً إلى دمشق فنأخذها، فإذا أخذناها عدنا إلى مصر. قال: فلما أتينا بلبيس، شرب الناصر تلك الليلة، وشطح إلى خركاه العادل، فخرج من الخركاه، وقبل الأرض بين يديه فقال له: كيف رأيت ما أشرت عليك ولم تقبل مني فقال: يا خوند التوبة. فقال: طيب قلبك، الساعة أطلقك. ثم جاء فدخل على الخيمة ووقف، فقلت: بسم الله اجلس. قال: ما أجلس حتى تطلق العادل. فقلت: اقعد وهو يكرر الحديث فسكت. ولو أطلقته لضربت رقابنا كلنا. قال: فنام، فما صدقت بنومه، وقمت باقي الليل، فأخذت العادل في محفة ودخلت به القاهرة. ثم بعثت إلى الناصر بعشرين ألف دينار، فردها. وذكر لي الصالح نجم الدين قول الناصر له: بس يدي ورجلي يعني ليلة بلبيس فقلت: ما أظن هذا يبدو منه، هو رجلٌ عاقل. فأقسم بالله أن هذا وقع.

(46/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 36
4 (الخطبة للعادل بدمشق)
وأما الصالح إسماعيل، فلما استقر بقلعة دمشق خطب للعادل ابن الكامل صاحب مصر، ثم لنفسه. وقدم عليه عز الدين أيبك من صرخد.
4 (مرض صاحب حمص)
ثم قوي المرض بصاحب حمص فسافر إليها.
4 (حبس الشهاب القوسي والوزير الإربلي)
وفي ربيع الأول رفع الشهاب القوصي إلى الصالح أنه يستخلص الأموال من أهل دمشق، فصفعه الصالح وحبسه، وحبس الوزير تاج الدين ابن الولي الإربلي، وزير الصالح أيوب.
4 (أخذ سنجار من الملك الجواد)
وفيها أخذ صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ سنجار من الملك الجواد بموافقةٍ من أهلها، لسوء سيرة الجواد فيها، فإنه صادرهم. وخرج يتصيد ويحج في البرية، فبعثوا إلى بدر الدين، فجاء وفتحوا له، فمضى الجواد إلى عانة ولم يبق له سواها، ثم باعها للخليفة.
4 (التدريس بالشامية البرانية)
وفيها درس الرفيع عبد العزيز الجيلي بالشامية البرانية.=

36. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي.
تأليف: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 37
4 (إنزال الكامل في تربته)

) وفيها أنزل الملك الكامل من القلعة في تابوته إلى تربته التي عملت له، وفتح شباكها إلى الجامع الأموي.
4 (خطابة العز بن عبد السلام بدمشق)
وفي ربيع الآخر ولي خطابة دمشق الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام، فخطب خطبة عريةً من البدع، وأزال الأعلام المذهبة، وأقام عوضها سوداً بأبيض، ولم يؤذن قدامه سوى مؤذنٍ واحدٍ. وعزل الذي قبله وهو أصيل الدين الإسعردي.
4 (الخطبة لصاحب الروم بدمشق)
وفيها أمر الملك الصالح إسماعيل خطباء دمشق أن يخطبوا لصاحب الروم معه.
4 (زيادة الأسعار والسيل المخرب)
وفيها كانت الزيادة في أيام المشمش، جاء سيلٌ عرم هدم وخرب.
4 (ولاية قضاء دمشق)
وفيها ولي قضاء دمشق بعد تدريسه بالشامية القاضي الرفيع، وكان قاضي بعلبك في أيام الصالح بها.

(46/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 38
4 (مقاتلة أبي الكرم للتتار)
وفيها جاء الخبر إلى بغداد أن رجلاً ببخارى يعرف بأبي الكرم له أتباع، قال لأصحابه: إني قادرٌ على كسر التتار بمن يتبعني بقوة الله تعالى من غير سلاح، فتبعه طائفةٌ، ونهضوا على شحنة البلد ومن معه فهربوا، وقوي أمره، وتبعه الخلق. فبلغ ذلك جرماغون ملك التتار يومئذٍ، فنفذ جيشاً وشحنه. فخرج لحربهم أبو الكرم في ألوفٍ كثيرةٍ بلا سلاح، وتقدم أمامهم فأحجم عنهم التتار إلا واحداً، فأقدم ليجرب، وحمل على أبي الكرم، فقتله، وشد التتار على الناس قتلاً. ويقال: إن عدة الناس كانوا ستين ألفاً.
4 (الاحتفال بالعيد في بغداد)
وقال ابن الساعي: فيها رفل الخلائق ببغداد في الخلع في العيد بحيث حزر المخلوع عليهم بأكثر من ثلاثة عشر ألفاً.
4 (امتناع الحج العراقي)
ولم يحج ركبٌ من العراق.)
4 (حبس الحريري)
وفي المحرم حبسوا الحريري بعزتا لأجل صبي من قرائب القيمري، حلق رأسه وصحبه.
4 (قدوم رسول ملك اليمن)
وفيها قدم رسول الأمير الذي ملك اليمن نور الدين عمر بن علي بن رسول التركماني، إلى الديوان العزيز. وهذا ولد باليمن وخدم مع صاحبها الملك المسعود أقسيس ابن الكامل، فلما مات أقسيس علت همة هذا، واستولى على

(46/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 39
البلاد وملكها، وقطع خطبة الملك الكامل وطرد نوابه، وخطب لنفسه، وأرسل يطلب من المستنصر بالله تقليداً بسلطنة اليمن. وبقي الملك في بنيه باليمن إلى اليوم.
4 (موت جماعة من أمراء الكاملية)
وفي ذي القعدة كان الصالح عماد الدين إسماعيل قد قبض على جماعة من أمراء الكاملية، فحبسهم وضيق عليهم فماتوا، وهم: أيبك قضيب البان، وبلبان الدنيسري، وأيبك الكردي، وبلبان المجاهدي رحمهم الله.
4 (امتناع الحج العراقي)
ولم يحج ركب العراق في هذه السنين للاهتمام بأمر التتار.

(46/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 40
4 (سنة ثمانٍ وثلاثين وستمائة)

4 (تسليم قلعة الشقيف للفرنج)
فيها سلم الملك الصالح أبو الخيش إسماعيل قلعة الشقيف إلى الفرنج، فتملكها صاحب صيدا، فأنكر على الصالح الشيخان: عز الدين بن عبد السلام، وأبو عمرو ابن الحاجب، فعزل عز الدين عن الخطابة، وحبسهما بالقلعة. وولي الخطابة وتدريس الغزالية الخطيب العماد داود بن عمر المقدسي خطيب بيت الآبار. ثم أطلقهما بعد مدة، وأمرهما بلزوم بيتهما.
4 (كتاب ملك التتار إلى صاحب ميافارقين)
وفيها قال أبو المظفر ابن الجوزي: قدم رسول ملك التتار ومعه كتابٌ إلى صاحب ميافارقين شهاب الدين غازي ابن العادل، وإلى الملوك، عنوان الكتاب: من نائب رب السماء، ماسح وجه الأرض، ملك الشرق والغرب، ويأمرهم أعني ملوك الإسلام بالدخول في طاعة القاآن الأعظم. وقال لشهاب الدين: قد جعلك سلحداره، وأمرك أن تخرب أسوار بلادك. فقال:) أنا من جملة الملوك الذين أرسل إليهم، فمهما فعلوا فعلت. ثم قال أبو المظفر: وكان هذا الرسول شيخاً لطيفاً، مسلماً، إصبهانياً، حكى لشهاب الدين عجائب منها، قال: بالقرب من بلاد قاقان، قريباً من يأجوج ومأجوج على البحر المحيط، أقوامٌ ليس لهم رؤوس، وأعينهم في مناكبهم،

(46/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 41
وأفواههم في الرقبة، وإذا رأوا الناس هربوا، قال: وعيشهم من السمك. وهناك طائفةٌ تزرع في الأرض بزراً يتولد منه غنمٌ كما يتولد الدود، ولا يعيش الخروف أكثر من شهرين أو ثلاثةٍ، مثل بقاء النبات. وإن هذه الغنم لا تتناسل. وأخبر أن عندهم آدمي بريٌ، وعلى جسمه شعرٌ كثير. وخيل بريدٍ لا تلحق.
4 (قدوم ولد ملك الخوارزمية إلى بغداد)
وفي ذي الحجة قدم بغداد شمس الدين بن بركات خان بن دولة شاه، ولد ملك الخوارزمية، وله عشر سنين، فتلقاه الموكب الشريف، وخلع عليه بشربوش، وأركب فرساً بسرج ذهبٍ. ثم قدم بعده ابن كشلي خان أحد أمراء الخوارزمية، فخلع عليه.
4 (امتناع الحج من بغداد)
ولم بحج أحدٌ في هذا العام من بغداد.
4 (كسرة الناصر داود للفرنج)
وفي أولها وصل الناصر داود من مصر إلى غزة، فكان بينه وبين الفرنج وقعةٌ، كسرهم فيها.
4 (نهب الركب الشامي)
وفيها وصل الركب الشامي منهوبين، أخذتهم العرب بين تيماء وخيبر.
4 (القبض على أمراء للصالح)
وفيها قبض الصالح على خمسة أمراء من أمراء دولة أبيه.

(46/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 42
4 (انكسار الخوارزمية أمام الحلبيين)
وفيها سار جيش حلب ومعهم الملك المنصور إبراهيم صاحب حمص إلى حران، فعملوا مع الخوارزمية مصافاً، فانكسرت الخوارزمية، وقتلوا، وأسروا. وأخذ المنصور حران، وعصت عليه القلعة.
4 (هياج الأمراء بمصر)
وفيها هاجت الأمراء بمصر واختلفوا، فمسك منهم الملك الصالح عدةً، فسكن الوقت.)
4 (تسلم الروم آمد)
وفيها تسلم عسكر الروم آمد بعد حصارٍ طويل. وقيل: إنهم اشتروها بثلاثين ألف دينار.
4 (ظهور البابا التركماني)
وفيها ظهر بالروم البابا التركماني، وادعى النبوة، وكان يقول: لا إله إلا الله، البابا ولي الله، واجتمع عليه خلقٌ عظيم. فجهز صاحب الروم جيشاً لقتاله، فالتقوا، وقتل في الوقعة أربعة آلافٍ، وقتل البابا لا رحمه الله.

(46/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 43
4 (كسرة عسكر حلب)
وفيها جاء الملك الجواد والصالح بن شيركوه صاحب حمص ومعهم جيش من الخوارزمية، وقصدوا حلب، فنازلوا بزاعة في خمسة آلاف فارس، فخرج إليهم عسكر حلب في ألفٍ وخمسمائة فارس، فكسروا عسكر حلب، وقتلوا، وأسروا، وقربوا إلى حيلان وقطعوا الماء عن حلب. ثم ردوا فنهبوا منبج، وقتلوا أهلها، ولهذا عمل المصاف على حران.

(46/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 44
4 (سنة تسعٍ وثلاثين وستمائة)

4 (التوسع التتاري)
استهلت والتتار في هذه السنين بأيديهم من الخطا إلى قريب العراق وإربل، وغاراتهم تبدع كل وقتٍ، والناس منهم في رعبٍ، وراسلهم إلى الآن المستنصر بالله ثلاث مرات.
4 (زوال دولة الخوارزمية)
وأما الخوارزمية فزالت دولتهم، وتمزقوا، وقطشت أذنابهم، وبقوا حرامية، يقتلون ويسبون الحريم، ويفعلون كل قبيحٍ.
4 (التجاء الملك الجواد إلى الناصر بالكرك)
وفيها قدم الملك الجواد ملتجئاً إلى السلطان الملك الصالح أيوب، فخاف منه الصالح، ونوى أن يمسكه، فرد الجواد من الرمل والتجأ إلى الملك الناصر بالكرك.
4 (حبس الجواد)
وفيها قدم كمال الدين ابن شيخ الشيوخ في جيشٍ من المصريين، فنزل غزة. فجهز الناصر عسكره مع الجواد، فالتقوا، فكسرهم الجواد وأخذ كمال الدين ابن الشيخ أسيراً، وأحضر إلى بين يدي الناصر داود، فوبخه، فقال الجواد: لا توبخه. ثم بعد قليلٍ تحيل الناصر من الجواد) فأمسكه، وبعث به إلى بغداد

(46/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 45
تحت الحوطة، فلما نزل بنواحي الأزرق عرفه بطنٌ من العرب فأطلقوه، فالتجأ إلى الملك الصالح صاحب دمشق، ثم لم يثبت، وقصد الفرنج، وبقي معهم مدة. ثم رجع إلى دمشق فحبسه الصالح بحصن عزتا، وهلك في سنة إحدى وأربعين.
4 (تعمير وتخريب في مصر)
وفيها شرع الصالح صاحب مصر في عمارة المدرسة بين القصرين، وفي عمارة قلعة الجزيرة، وأخذ أملاك الناس، وخرب نيفاً وثلاثين مسجداً، وقطع ألف نخلةٍ، وغرم على هذه القلعة دخل مصر عدة سنين. ثم أخربها غلمانه في سنة إحدى وخمسين وستمائة.
4 (تخلص الوزير ابن مرزوق من الحبس)
وفيها تخلص الوزير صفي الدين إبراهيم بن مرزوق من حبس حمص بعد أن بقي به عدة سنين. وكان الملك الجواد وصاحب حمص قد تعصبا عليه، وأخذا منه أموالاً عظيمة، فيقال: أخذا أربعمائة ألف درهمٍ.
4 (دخول العز بن عبد السلام مصر)
وفيها دخل الشيخ عز الدين بن عبد السلام الشافعي إلى ديار مصر، وأقبل عليه السلطان إقبالاً عظيماً، وولاه الخطابة والقضاء، فعزل نفسه من القضاء مرتين وانقطع.

(46/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 46
4 (هرب السلطان غياث الدين من التتار)
وفيها دخل بايجوا وطائفةٌ من التتار في بلاد الروم فعاثوا، وسفكوا، وهرب منهم السلطان غياث الدين وضعف عن الملتقى.
4 (تدريس النظامية)
وفيها ولي تدريس النظامية نجم الدين عبد الله ابن البادرائي مدرس مدرسة الإمام الناصر، وخلع عليه بطرحةٍ.
4 (صلح المظفر غازي والخوارزمية)
وفيها أغارت الخوارزمية ونهبت وسبت نصيبين ورأس عين ودنيسر، وقتلوا عدداً كبيراً من المسلمين. ثم طلبوا الصلح مع المظفر غازي، فحلف لهم وحلفوا له، ومقدمهم الكبير هو بركة خان، وهم نحو خمسة آلاف فارس. ودون بركة خان في الرتبة اختيار الدين بردي خان، وقد كان أمير حاجب السلطان جلال الدين، وهو شيخٌ داهيةٌ، له رأيٌ ورواءٌ، ودونه صاروا خان،) شحنة الجمال التي لجلال الدين خوارزم شاه، وهو شيخٌ بطينٌ أبله، ثم كشلوخان تربية جلال الدين، شابٌ عاقلٌ، وابن أخت جلال الدين، وبهادر، وبكجري، وتبلو، وغيرهم من الأمراء. وهذا بركة خان، شابٌ مليح، أول ما طر شاربه. فتزوج الملك المظفر بابنة عم بركة خان، وتسلطت الخوارزمية على بلاد الجزيرة، وبالغوا في العيث والفساد، وخربوا أعمال الموصل حتى أبيع الثور بأربعة دراهم، وقنطار الحديد بدرهمين ثلاثة، والحمار بثلاثة دراهم، لكثرة الشيء ولكونه حراماً. قال سعد الدين هذا كله، وقال: في رمضان نفوا الحريرية من ميافارقين وأنا بها لكثرة إفسادهم أولاد الناس.

(46/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 47
4 (سنة أربعين وستمائة)

4 (تجهيز جيش مصر لقصد الشام)
فيها عزم الصالح صاحب مصر على قصد الشام، فقيل له: البلاد مختلفةٌ، فجهز الجيش وأقام.
4 (الواقعة بين صاحب ميافارقين وعسكر حلب)
وفيها كانت وقعةٌ هائلةٌ بين صاحب ميافارقين شهاب الدين وبين عسكر حلب. كانت الخوارزمية قد خربوا بلاد الموصل وقراها وماردين. وحلفوا لصاحب ميافارقين وحلف لهم، ووافقهم صاحب ماردين. فجمع صاحب ميافارقين الخانات، وهم مقدمو الخوارزمية وشاورهم، فقال: لا بد من تخريب بلد الموصل، وقالوا هم: لا بد من اللقاء. فلما كان في المحرم ركبوا وطلبوا من جبل ماردين إلى الخابور. وساقوا إلى المجدل، ووقف الخانات ميمنةً وميسرةً، وغازي صاحب ميافارقين في القلب. وأقبل عسكر حلب فصدموا صدمة رجل واحد، فانهزمت الخوارزمية، وركب الحلبيون أقفيتهم أسراً وقتلاً، ونهبوا أثقال غازي وعساكره، وأغنام التركمان ونساءهم. وكانوا خلقاً، وأبيع الفرس بخمسة دراهم، والشاة بدرهمٍ، ونهبت نصيبين وسبي أهلها. وقد نهبت قبلها مراراً من المواصلة والخوارزمية. ثم فعلوا كذلك برأس العين والخابور. وجرت قبائح.

(46/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 48
4 (ملك خلاط)
وفيها ملك شهاب الدين غازي مدينة خلاط
4 (تملك الفرنج مرسية)
وفي شوال قدم أحمد بن محمد بن هود مرسية بجماعةٍ من وجوه الفرنج، فملكهم مرسية) صلحاً.
4 (الوباء ببغداد)
وفيها كان الوباء ببغداد، وزادت الأمراض.
4 (وفاة المستنصر بالله)
وتوفي المستنصر بالله.
4 (بيعة المستعصم بالله)
وبويع المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله بن منصور، الذي استشهد على يد التتار.
4 (موت كمال الدين ابن الشيخ)
وفيها سار من مصر الجيش لمحاصرة الصالح إسماعيل، وعليهم كمال الدين ابن الشيخ، فمات بغزة، فقيل: إنه سقي السم.

(46/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 49
4 (أخذ عدة مدن ونهبها)
قال سعد الدين الجويني: وفي المحرم أخذت التتار أرزن الروم، وقتلوا كل من فيها. وانجفل أهل خلاط، وتفرقوا خوفاً من التتار. ثم حكى كسرة الحلبيين للمظفر وللخوارزمية. ثم قال: حكى شخصٌ من أهل نصيبين قال: نهبت نصيبين في هذه السنة سبع عشرة مرة: من المواصلة والماردانية والفارقية، ولولا بساتيننا هجينا في البلاد، فما شاء الله كان.

(46/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 50
5 (الطبقة الرابعة والستون وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى وثلاثين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أحمد بن إبراهيم بن أسد، المنتجب.)
أبو العباس الدمشقي سمع: أبا القاسم الحافظ، وأبا سعد بن عصرون. وسمع بعد ذلك بمصر من البوصيري. وهو جد صاحبنا شرف الدين أحمد بن نصر الله بن أسيدة. كتب عنه جماعةٌ. وروى عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان، والفخر إسماعيل بن عساكر، وعلي بن هارون الثعلبي. وتوفي في رابع عشر ذي الحجة. وأصله من صور.
4 (أحمد بن إبراهيم بن نصر.)
أبو العباس، ابن المركب. القيسي، الطبيب. حدث عن: عبد الرحمن بن علي اللخمي، والقاسم بن عساكر. ومات في شعبان.
4 (أحمد بن أبي بكر جعفر بن أحمد بن علي بن عبد الله.)

(46/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 51
أبو العباس، الحربي، المعروف بابن عمارة. سمع من: عمر بن بنيمان المستعمل، وعبد المغيث بن زهير. وحدث. وللفخر ابن عساكر، ولمحمد بن يوسف الإربلي، ومحمد ابن الشيرازي. منه إجازةٌ. وتوفي في المحرم. وعمارة: بالتشديد، قيده المنذري.
4 (أحمد بن عبد السيد بن شعبان بن محمد بن جابر بن قحطان.)
الأمير الكبير، صلاح الدين الإربلي. ولد ونشأ بإربل، وقدم مصر. وكان حاجب الملك مظفر الدين صاحب إربل، فتغير عليه،) وسجنه مدةً، ثم أطلقه، فقصد الشام صحبة الملك القاهر أيوب ابن العادل. فخدم الملك المغيث محمود ابن العادل. فلما توفي المغيث، دخل مصر، وخدم السلطان الملك العادل، وعظم عنده، وأحبه. وكان فقيهاً، وعالماً، أديباً، شاعراً مجوداً، ظريفاً، فصيحاً. ثم إن الكامل تغير عليه وحبسه سنة ثمان عشرة، فبقي في الحبس خمس سنين، وعمل:
(ما أمر تجنّيك على الصّبّ خفي .......... أفنيت زماني بالأسى والأسف)

(ماذا غضبٌ بقدر ذنبي فلقد .......... بالغت وما أردت إلاّ تلفي)
ثم أوصلهما لبعض القيان، فغنت به للملك الكامل فأعجبه وقال: لمن هذا قيل: للصلاح الإربلي. فأطلقه، وعاد إلى منزلته.

(46/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 52
وله ديوان ودوبيت كثيرٌ. وله:
(يوم القيامة فيه ما سمعت به .......... من كلّ هولٍ فكن منه على حذر)

(يكفيك من هوله أن لست تبلغه .......... إلاّ إذا ذقت طعم الهول بالسّفر)
وكان في خدمة الكامل حين قصد الروم، فمرض بالمعسكر وحمل إلى الرها فمات قبل دخولها، ودفن بظاهرها في ذي الحجة. وعاش ستين سنةً. ثم نقله ابنه بعد أعوام إلى مصر ودفنه بتربته. وكان الصاحب محيي الدين ابن الجوزي قد توجه رسولاً إلى مصر، فانتظروه فتأخر أياماً، فعمل الصلاح الإربلي:
(قالوا الرسول أتى وقالوا إنّه .......... ما رام يوماً عن دمشق نزوحاً)

(ذهب الزّمان وما ظفرت بمسلمٍ .......... يروي الحديث عن الرسول صحيحا)

4 (أحمد بن علي بن ثبات.)
الإمام، أبو العباس، الواسطي، الشافعي، الفرضي، الحاسب. ولد في حدود سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسمع ببغداد من أبي طالب المبارك صاحب ابن الخل. وكان بصيراً بالفرائض، والحساب، وصنف فيه. وانتفع به جماعةٌ. توفي في رجب.)

(46/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 53
4 (أحمد ابن الموفق محمد بن أبي الفتح محمود بن أحمد بن علي بن أحمد بن عثمان.)
الشرف، أبو العباس، ابن الصابوي، المحمودي، الشافعي. حدث بدمشق ومصر عن السلفي، وأبي الفتح بن شاتيل. روى عنه: ابن عمه الجمال محمد ابن الصابوني، والمحيي محمد ابن الحرستاني الخطيب، وأخوه عبد الصمد، وسعد الخير بن أبي القاسم النابلسي، وأخوه أبو الفرج نصرٌ، وإبراهيم بن عثمان اللمتوني، وأخوه عليٌ، وأبو الحسين علي بن محمد اليونيني، وجماعةٌ. قال الحافظ المنذري: سمعت منه، وتوفي في ثالث رمضان بمصر، وسألته عن مولده: فذكر ما يدل تقريباً أنه في سنة تسعٍ وستين وخمسمائة. قلت: وكان كريم النفس، دائم البشر.
4 (أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد.)
الشريف، أبو هاشم، الهاشمي، العباسي، الحلبي، الشاعر، بدر الدين. من ذرية صالح بن علي الهاشمي الأمير عم المنصور، ولم يزل آباؤه بحلب منذ وليها صالحٌ، ولهم وقفٌ عليهم. وكان شاعراً مجوداً. توفي في رمضان.
4 (أحمد بن مسلم بن أبي البدر بن عبد الرزاق.)
أبو العباس، الراذاني، بغداديٌ.

(46/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 54
سمع من أبي المكارم المبارك بن محمد الباذرائي. وتوفي في ربيع الأول.
4 (أحمد بن منظور بن ياسين.)
أبو العباس العسقلاني، ثم المصري، الحريري، التاجر، كهلٌ. سمع مع زكي الدين عبد العظيم من جعفر بن آموسان. وكتب عنه زكي الدين وقال: مات في رجب.
4 (أحمد بن يوسف بن علي.)
أبو العباس الكردي، الهكاري، الجندي. حدث عن السلفي) روى عنه الزكي المنذري وسأله عن مولده: فقال: بدمشق في سنة أربع وخمسين. وله غزواتٌ ورباط. ومات في الثاني والعشرين من ربيع الآخر. وروى عنه الجمال محمد بن الصابوني، وغيره.
4 (إسماعيل بن أبي جعفر أحمد بن علي بن أبي بكر.)
أبو الحسين، القرطبي، ثم الدمشقي. ولد بدمشق سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسمع من: يحيى الثقفي، وعبد الرحمن بن الخرقي، وإسماعيل الجنزوري، وجماعةٍ. كتب عنه ابن الحاجب، وغيره. وروى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، وغيرهما. وبالإجازة الفخر بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والقاضي تقي الدين، وابن الشيرازي.

(46/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 55
وكان صالحاً، زاهداً، ورعاً، تقيا، منقبضاً عن الناس. وكان مقرئاً فصيحاً، أم بالكلاسة مدةً. وكان كثير الوسواس في الطهارة. قال أبو شامة: وفي منتصف شوال توفي البرهان إسماعيل بن أبي جعفر إمام الكلاسة، وكانت له جنازةٌ عظيمةٌ. وكان منقطعاً بالمنارة الشرقية.
4 (إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن باتكين.)
أبو محمدٍِ، الجوهري. شيخٌ صالحٌ بغدادي، مسندٌ. ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. وسمع من: هبة الله بن هلال الدقاق، وأبي المعالي عمر بن علي الصيرفي، وابن البطي، وأبي زرعة، ويحيى بن ثابت، والقاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن البيضاوي، وأحمد بن المقرب، وعبد الله بن سعد خريفة، وشهدة، وجماعةٍ. روى عنه: أحمد ابن الجوهري، وعمر ابن الحاجب، وعز الدين أحمد الفاروثي، والمحب ابن النجار، وابن نقطة. وأجاز للفخر ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والقاضي الحنبلي، وغيرهم. ومن مسموعه كتاب المغازي لعبد الرزاق، سمعه من ابن البطي، أخبرنا جعفرٌ الحكاك،) أخبرنا محمد بن الحسين الصنعاني، عن النقوي، عن

(46/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 56
الدبري، عنه. وسمع كتاب المغازي لموسى بن عقبة، من ابن المقرب: أخبرنا أبو طاهر ابن الباقلاني. وسمع كتاب مسند الطيالسي، من ابن البطي: أخبرنا حمد الحداد. سمع الكتب الثلاثة منه أبو العباس ابن الجوهري. قال ابن نقطة: سمعت منه، وسماعه صحيح. وقال غيره: شيخٌ صالح، ثقة، مسندٌ. توفي في الرابع والعشرين من ذي القعدة. وقد تفرد بإجازته أبو نصر ابن الشيرازي.
4 (إسماعيل بن أبي طالب المبارك بن عبد الخالق.)
أبو أحمد، ابن الغضائري، البغدادي. ولد سنة ستين وخمسمائة. وحدث عن شهدة. وكان تاجراً. روى لنا عنه بالإجازة إسماعيل بن عساكر، وابن عمه البهاء. مات في ربيع الأول.
4 (آمنة بنت الزاهد أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة.)
الصالحة، العابدة، أم أحمد، المقرئة. كان البنات بالدير يقرأن عليها. وكانت حافظةً لكتاب الله. روت بالإجازة عن أبي الفتح بن البطي، وابن المقرب، وسعد الله بن الدجاجي. روى عنها: أخوها الشيخ شمس الدين، والفخر عليٌ، والشمس محمد ابن الكمال.

(46/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 57
قال ابن الحاجب: قرأت القرآن على والدها. وقال لي الحافظ الضياء: ما أعلم رأيت امرأةً ولا رجلاً في الخير مثلها. وسافرت معها إلى مكة. وما أظن كاتبيها كتبا عليا خطيئةً، ولا أعرف لها سيئةً، وكانت كثيرة الصدقة. ولدت سنة خمسٍ وخمسين بجبل قاسيون، وتوفيت في سلخ رمضان. قلت: آخر من روى عنها بالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، وهي عمة جده. وتوفيت أختها خديجة بعد جمعة.
4 (حرف الباء)
)
4 (بسام بن أحمد بن حبيش بن عمر بن عبد الله بن شاكر.)
أبو الرضى، الغافقي، الجياني، نزيل مالقة. سمع من: أبيه، وأبي عبد الله بن الفخار، وأبي جعفر بن مضاءٍ، ويحيى بن نجبة بن يحيى، وأبي القاسم بن بشكوال. وروى أيضاً عن أبي زيد السهيلي، وأبي محمد بن عبيد الله، وجماعةٍ. قال الأبار: وكان من أهل الفضل، والورع، والعناية بالحديث. وله حظٌ من العربية والشعر وولي القضاء بالمنكب وغيرها وحدث وتوفي في عاشر شعبان بمالقة. وولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
4 (حرف الثاء)

4 (ثابت بن تاوان بن أحمد.)

(46/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 58
الإمام، نجم الدين، أبو البقاء، التفليسي، الصوفي. حدث عن أبي الفرج ابن الجوزي، وغيره. وكان صوفياً جليلاً، معظماً، نبيلاً، له معرفة بالفقه، والأصول، والعربية، والأخبار، والشعر، والسلوك. وكان صاحب رياضيات ومجاهدات. وكان من كبار أصحاب الشيخ شهاب الدين السهروردي وأذن له أن يصلح ما رأى في تصانيفه من الخلل. قدم دمشق وكان شيخ الأسدية، وشيخ المنيبع، وله كلام في التصوف، وشعرٌ حسن. قال أبو شامة: كان كبير المحل، حسن الأخلاق، مشتغلاً بعملي الشريعة والحقيقة. وقال المنذري: قدم مصر رسولاً من الديوان العزيز، ولم يتفق لي الاجتماع به. قلت: وهو مليح الكتابة، نسخ الأجزاء، وعني بالرواية سنة نيفٍ وعشرين، وسمع ولده. وولده سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة. وتوفي في سابع جمادى الأولى. روى عنه الجمال ابن الصابوني، وبالإذن البهاء ابن عساكر.

(46/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 59
4 (ثعلب بن عبد الله بن عبد الواحد، القاضي، رضي الدين.)
أبو العباس، المصري، الشافعي، الفقيه، الخطيب، العدل. تفقه على أبي الحسن بن حمويه الجويني شيخ الشيوخ، وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم عبد الرحمن ابن السكري، ومن بعده.) وولي القضاء بالجيزة، والخطابة بالجامع المجاور لضريح الشافعي. وتوفي في ذي الحجة.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أبي طالب صفي الدين.)

(46/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 60
البغدادي، الأديب. جاور بالمدينة، وكتب لصاحب المدينة، ثم وزر له، واشتد على قمع المفسدين، فوثب عليه جماعةٌ على باب المسجد النبوي فضربوه بأسيافهم وقتلوه داخل المسجد في آخر سنة إحدى وثلاثين.
4 (الحسن بن محمد بن سكن.)
أبو علي الموصلي. شيخٌ، رئيسٌ، أديبٌ، شاعرٌ. توفي في ذي الحجة، وهو في عشر التسعين.
4 (الحسين بن أبي بكرٍ المبارك بن محمد بن يحيى بن مسلم. الشيخ سراج الدين.)
أبو عبد الله، الربعي، الزبيدي الأصل، البغدادي، الفقيه الحنبلي، البابصري، الفرسي نسبة إلى ربيعة الفرس. ولد سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة تقريباً، وقيل: سنة خمسٍ وأربعين. وسمع من: جده، وأبي الوقت السجزي، وأبي الفتوح الطائي، وأبي زرعة المقدسي، وأبي حامد الغرناطي، وأبي زيد جعفر بن زيد الحموي، وغيرهم. وأجاز له أبو علي الخزاز، وغيره. وحدث ببغداد، ودمشق، وحلب.

(46/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 61
وكان فقيهاً، فاضلاً، ديناً، خيراً، حسن الأخلاق، متواضعاً، درس بمدرسة الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة. وحدث عنه خلقٌ لا يحصون، منهم: أبو عبد الله الدبيثي، والضياء، والبرزالي، وابن أبي عمر، وسالم بن ركاب، وعمر بن محمود الرقي، ونصر بن عبيدٍ السوادي، والشهاب أحمد بن محمد الخرزي، والشيخ إبراهيم بن عبد الله الأرموي، والتقي عمر بن يعقوب الإربلي، والمنصور محمود ابن الملك الصالح إسماعيل، والحافظ محمد بن السعيد شاهنشاه ابن الأمجد،) والمفتي تاج الدين عبد الرحمن، والخطيبان: محيي الدين محمد ابن الحرستاني، وجمال الدين عبد الكافي، ومجد الدين يوسف ابن المهتار، ومحيي الدين يحيى ابن القلانسي، ومجد الدين محمد بن أحمد بن آبي طالب الأنصاري، ومحيي الدين يحيى بن علي الموسوي الحسيني، وسعد الخير ونصرٌ ابنا النابلسي، وعلاء الدين علي بن محمد المراكشي، والكمال محمد بن عبد الواحد بن أبي بكر الحموي، والرشيد عثمان بن أبي الفضل بن المحبر الحنبلي، والبدر يوسف بن إبراهيم الزراد سبط ابن الحنبلي، والحاج عبد الرحمن بن عباس الخباز، والمحيي يحيى بن أحمد بن المعلم، والفخر عمر بن يحيى الكرجي، والعماد عبد الله بن محمد بن حسان الخطيب، وبدرٌ الأتابكي، والمعمر العماد أبو بكر بن هلال بن عياد الحنفي، والصفي إسحاق بن إبراهيم الشقراوي، والكمال علي بن محمد الفرنثي. وأخبرنا عنه: أبو الحسين اليونيني، والكمال عبد الله بن قوام، والشمس محمد بن هاشم العباسي، والنجم أبو تغلب الفاروتي، والعماد يوسف ابن الشقاري، والشرف أحمد بن عساكر، والأمين أحمد بن رسلان، والعماد أحمد بن محمد بن سعد، والعز إسماعيل ابن الفراء، وعلي بن عثمان اللمتوني، وعليٌ، وعمر، وأبو بكرٍ بنو ابن عبد الدائم، ومحمد بن نوال الرصافي، وأبو بكر بن عجرمة الحجار، والشمس محمد بن حازم، وعلي بن بقاءٍ الزاهد، والبدر يوسف بن عطاء، والعز أحمد ابن العماد، ونصر الله بن عياش، وأحمد بن

(46/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 62
إبراهيم الرقوقي، وعمر بن أبي الفتوح الصحراوي، ومحمد بن أبي الذكر الصقلي، والعماد عبد الحافظ بن بدران، ويحيى ابن العدل، وأحمد ابن المجاهد، وأحمد بن عزيز اليونيني، ومحمد بن قايماز الطحان، ومحمد بن علي ابن الواسطي، ومحمد بن أبي بكر المقبري، وسونج التركماني، وعبد الصمد ابن الحرستاني، وعبد الحميد بن خولان، وأحمد بن أبي بكر الهمذاني، ومحمد بن يوسف الذهبي، ونصر ابن أبي الضوء الفامي الزبداني، وعبد الدائم بن أحمد القباني، وأحمد بن زيد الجمال، وعيسى بن أبي محمد المغاري، وعلي بن محمد الثعلبي، والتقي أحمد بن مؤمن، وسنقر القضائي الحلبي، والشرف عمر بن محمد الفارسي، والقاضي علي بن أحمد الحنفي، والشهاب محمد بن مشرف التاجر، والمفتي رشيد الدين إسماعيل ابن المعلم، والبدر حسن بن أحمد بن عطاء، وعيسى المطعم، والقاضي تقي الدين سليمان بن قدامة، وعثمان بن إبراهيم الحمصي، وأحمد بن أبي طالب الحجار، وخديجة بنت سعد، وهدية بنت عبد الحميد، وخديجة) بنت الرضي، وفاطمة بنت الآمدي، وخديجة بنت المراتبي، وفاطمة بنت البطائحي، وزينب بنت الإسعردي، وست الوزراء بنت المنجى، وهدية بنت عسكر، وفاطمة بنت الفراء. قرأت بخط السيف ابن المجد قال: بقي في نفسي عند سفري من بغداد سنة ثلاثين أنني أقدم بلا شيخ يروي البخاري. ثم ذكر قصة ابن روزيه، وأنه سفره في سنة ست وعشرين وأعطوه خمسين ديناراً من عند الصالح العادل، فلما وصل إلى رأس عينٍ، أرغبوه، فقعد وسمعوا منه البخاري. ثم سار فأرغبوه في حران وسمعوا منه الكتاب، ثم فعل به أهل حلب كذلك وحرصوا أن لا يصل إلى دمشق، وخوفوه من حصار دمشق، فرجع إلى بغداد. قال السيف: فمضيت إليه وقد ذاق الكسب، فإنه حصل له أكثر من مائة دينار فاشتط علينا، واشترط جملة ومن يخدمه، ونفقةً عند أهله وتردد مع ذلك، فكلمنا أبا الحسن ابن القطيعي فاشترط مثل ذلك. فمضيت إلى أبي عبد الله ابن الزبيدي، وأنا لا أطمع به فقال: نستخير الله، ثم قال: لا تعلم أحداً وحرضه على التوجه ابنه عمر، وكان على الشيخ دينٌ نحو سبعين ديناراً، فلأجله ذكر أنه يسافر، فرافقناه. فكان خفيف المؤنة، كثير الاحتمال، حسن الصحبة، كثير الذكر، فنعم الصاحب كان.

(46/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 63
قلت: ولما قدم، فرح السلطان الأشرف بقدومه وذلك في أثناء رمضان، فأخذه إلى القلعة ولازمه وسمع منه الصحيح في أيام يسيرةٍ. ثم نزل إلى دار الحديث الأشرفية وقد فتحت من نحو شهر، فحشد الناس له وتزاحموا عليه وفرغوا عليه الصحيح في شوال. ثم حدث بالكتاب وبمسند الشافعي بالجبل، واشتهر اسمه وبعد صيته. ثم سافر في الحال إلى بلده، فدخل بغداد متمرضاً، وتوفي إلى رحمة الله في الثالث والعشرين من صفرٍ، ودفن بمقبرة جامع المنصور. وقد حدث من بيته جماعةٌ.
4 (حرف الخاء)

4 (خديجة بنت محمد بن عبد الله بن العباس الحراني.)
سمعت من والدها جزء الحفار. كتب عنها ابن الجوهري، وغيره. وروى عنها بالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، وسعد الدين، والبهاء ابن عساكر، وغيرهم. ولا أعلم متى توفيت، إنما كتبتها على التخمين هنا.)
4 (الخضر بن بدران بن بغرا.)
الأديب، أبو العباس، التركي، الشاعر. من أولاد الأمراء المصريين. وله شعرٌ كثير.

(46/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 64
وكان شيخاً كبيراً. عاش ثمانياً وثمانين سنة. كتب عنه الزكي المنذري، وغيره. ومات في ربيع الأول.
4 (حرف الزاي)

4 (زكريا بن علي بن أبي القاسم حسان بن علي بن حسين.)
أبو يحيى، السقلاطوني، الحريمي، الصوفي، المعروف بابن العلبي. ولد في أول سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، ومن أبي الوقت، وأبي المعالي ابن اللحاس. روى عنه: ابن النجار، والسيف ابن المجد، والشرف ابن النابلسي، والمجد عبد العزيز ابن الخليلي، والتقي ابن الواسطي، والشمس عبد الرحمن ابن الزين، والشهاب الأبرقوهي، والعماد إسماعيل ابن الطبال شيخ المستنصرية، وبالإجازة الفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبو نصرٍ محمد بن محمد ابن الشيرازي، والقاضي تقي الدين. وكان من صوفية رباط أبي النجيب السهروردي، وكان ساكناً لا يكاد يتكلم إلا جواباً. وقرأت بخط السيف قال: رأيت اسمه قد ألحق في طبقه مسند عبد.

(46/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 65
وقد كان في الآخر يطلب على السماع أجراً، ويصرح به. فسمع عليه جماعةٌ كتاب الدارمي وكتاب ذم الكلام وعند إنهائه قالوا: قد بقي منه شيء إلى غدٍ أو نعطيك شيئاً ثم لم يعودوا إليه، فكان يشتمهم وينال منهم. قلت: مات في أول ربيع الأول.
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن أبي المظفر، البندنيجي.)
عرف بابن عفيجة. سمع من عبد الحق.) ومات في جمادى الأولى.
4 (سليمان بن المظفر بن غنائم.)
الإمام رضي الدين، أبو داود، الجيلي، الشافعي. تفقه ببغداد بالنظامية، ودرس، وأفتى، وصنف، وبرع في المذهب. وحدث بالإجازة عن الإمام الناصر لدين الله. وتفقه عليه جماعةٌ كثيرة، وندب إلى مشيخة الرباط الكبير فامتنع. وطلب للقضاء فامتنع. قال القاضي شمس الدين ابن خلكان: كان من أكابر فضلاء عصره. وصنف كتاباً في الفقه يدخل في خمس عشرة مجلدة. وعرضت عليه المناصب،

(46/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 66
فلم يفعل. وكان ديناً، نيف على الستين. وتوفي في ثاني ربيع الأول. وكان ملازماً لبيته، حافظاً لوقته.
4 (السيف الآمدي.)
اسمه علي بن أبي علي.
4 (حرف الشين)

4 (شهريار بن أبي بكر بن أبي الكرم.)
أبو أحمد، البغدادي، النساج، الفقير. رجلٌ صالحٌ. حدث عن: محمد بن بركة الحلاج، وعلي بن يحيى ابن الطراح. كتب عنه ابن الحاجب، وغيره. ورخه المنذري بالسنة.
4 (حرف الصاد)

4 (صهيب بن عبد المهيمن.)
أبو يحيى، المراكشي. سمع الموطأ من أبي بكر ابن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون. سمع منه ابن فرتون بفاس. وقال الأبار: توفي في رمضان.
4 (حرف الطاء)
)
4 (طالب بن شمائل بن أحمد الغساني.)
المعروف بابن الدندان الداراني. سمع الحافظ ابن عساكر. وحدث عنه الزكي البرزالي، وغيره. وأجاز لجماعةٍ.

(46/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 67
توفي في المحرم عن اثنتين وثمانين سنة.
4 (طغريل، الأمير الكبير شهاب الدين.)
أتابك السلطان الملك العزيز صاحب حلب، ومدبر دولته. كان خادماً، رئيساً، من كبار الأمراء الظاهرية. لما توفي أستاذه، قام بأمر ولده الملك العزيز أتم قيام. وحفظ عليه البلاد، واستمال الملك الأشرف حتى أعانهم ودافع عنهم. وكان طغريل صالحاً، ديناً، صاحب ليلٍ وبكاءٍ. وكان كثير الصدقات، وافر الخيرات. كان الملك الأشرف يقول: إن كان لله في الأرض وليٌ، فهو هذا الخادم. ولما استعاد الأشرف تل باشرٍ، دفعها له، وقال: هذه تكون برسم صدقاتك، فإنك لا تتصرف في أموال الصغير. وكان قد طهر حلب من الفسق والخمور والمكوس والفجور، قاله أبو المظفر الجوزي. توفي بحلب في حادي عشر المحرم، ودفن بباب أربعين. وقد حدث عن الصالح أبي الحسن علي بن محمد الفاسي.
4 (طيٌ المصري.)
الفقير الصالح، مريد الشيخ محمد القروي. قدم الشام وانقطع إلى العبادة بزاويته بدمشق بناحية عقبة الكتان. وكان كيساً، لطيفاً، ذا مروءةٍ، صحبه جماعةٌ.

(46/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 68
قال ابن الجوزي: كانت مجالسي تطيب بحضوره. قلت: دفن بزاويته. ونسبه بعضهم إلى الزوكرة والمحال. ولما مرض، نزل الملك الأشرف فعاده. فلما توفي أوصى السلطان على أولاده، وقرر ابنه في المشيخة. وكان الحريرية ينالون من طيٍ ويؤذونه. قال العز النسابة: مات شاباً، وحضره خلقٌ، وخلف جملةً.
4 (حرف العين)
)
4 (العباس، الأمير.)
أبو عبد الله أخو الإمام الخليفة المستنصر بالله. توفي في المحرم، وغسله عبد العزيز بن دلف. وعملت فيه المراثي.
4 (عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد الواعظ.)
أبو محمد، ابن الكمال الأنباري صاحب العربية. ولد سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسمع من أبيه، وعبيد الله بن شاتيل. وحدث. ومات في صفر.
4 (عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عفير.)
أبو محمد، الأموي، مولاهم، البلنسي، المحدث. سمع أبا محمد بن حوط الله، وحج فسمع من يونس بن يحيى الهاشمي،

(46/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 69
وزاهر بن رستم. ودخل العراق وخراسان والشام. وسمع من عبد الوهاب بن سكينة، وعمر بن طبرزد، والمؤيد الطوسي، والتاج الكندي، سمع منه تاريخ بغداد. وسمع الموطأ، وصحيح مسلم من المؤيد. ثم قتل إلى المغرب. وحدث بتونس. وتوفي بعد الثلاثين وستمائة. قاله الأبار.
4 (عبد الله بن عبد الودود بن محمد.)
أبو السعود، البصري، المعروف بابن الدباس. سمع من عبد الله بن عمر بن سليخ. ومات في ربيع الأول.
4 (عبد الله بن محمد بن حسين.)
أبو محمد، العبدري، الغرناطي، الكواب. روى عن: أبي الحسن بن كوثر، وأبي خالد بن رفاعة. وتصدر لإقراء القرآن. وكان ورعاً، صالحاً، خطيباً ببلده.) توفي عن خمسٍ وسبعين سنة. ومن الطلبة من سماه: عبد الله بن الحسين بن مجاهد. وقد قرأ بالسبع على الخطيب محمد بن عروس الغرناطي، صاحب يحيى بن المخلوف. قرأ عليه بالروايات عددٌ كبير، منهم: محمد بن إبراهيم الطائي النحوي، وأبو علي الحسن بن أبي الأحوص، وأبو جعفر أحمد ابن الطباع، وقرأ أيضاً على أبي خالدٍ يزيد بن رفاعة تلميذ أبي الحسن ابن الباذش.

(46/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 70
قال ابن مسدي: لم ألق مثله إنفاقاً وتجويداً. وكان يعمل في شبيبته الأكواب. وكان خطيب غرناطة.
4 (عبد الله بن يونس الأرمني.)
الشيخ الزاهد القدوة، نزيل سفح قاسيون. وهو من أرمينية الروم، وقيل من قونية. جال في البلاد، ولقي الصلحاء والزهاد. وكان صاحب أحوالٍ ومجاهداتٍ. وكان سمحاً، لطيفاً، متعففاً، لازماً لشأنه، مطرح التكلف. ساح مدةً وبقي يتقنع بالمباحات. وكان متواضعاً، سيداً، كبير القدر، له أصحاب ومريدون. ولا يكاد يمشي إلا وحده، ويشتري الحاجة بنفسه ويحملها. وكانت له جنازةٌ مشهودةٌ. وكان قد حفظ القرآن، وكتاب القدوري، فوقع برجلٍ من الأولياء، فدله على الطريق إلى الله. وقد طول أبو المظفر الجوزي، ترجمته رحمه الله تعالى. وتوفي في التاسع والعشرين من شوال. وزاويته مطلةٌ على مقبرة الشيخ الموفق.
4 (عبد الحق بن عبد الله بن عبد الحق.)
أبو محمد الأنصاري، المغربي، المهدوي، قاضي الجماعة بمراكش وبإشبيلية.

(46/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 71
ولي أولاً قضاء غرناطة، ثم ولي سنة تسع عشرة وستمائة مراكش وقتاً، وامتحن فيها بالفتنة المتفاقمة حينئذٍ. قال الأبار: وكان من العلماء المتفننين، فقيهاً مالكياً، حافظاً للمذهب، نظاراً، بصيراً بالأحكام، صليباً في الحق، مهيباً، معظماً. وله كتابٌ في الرد على أبي محمد بن حزم، دل على فضله علمه، وأفاد بوضعه، ولا أعلم له روايةً. وذكر وفاته.)
4 (عبد الحميد بن أبي المكارم عرفة بن علي بن الحسن.)
أبو سعد، ابن بصلا، البندنيجي. ولد سنة نيفٍ وستين. وسمع من: عبد الحق اليوسفي، وشهدة. وكان شيخاً صالحاً، عابداً. مات في ذي القعدة.
4 (عبد الرحيم بن محمد بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين، القاضي.)
أبو نصرٍ، الدمشقي، ابن عساكر. أخو تاج الأمناء، وفخر الدين. كان ناقص الفضيلة. سمع الكثير من: عميه الصائن، والحافظ، وعبد الرحمن بن أبي العجائز،

(46/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 72
وأبي بكر عبد الله بن محمد النوقاني، وأبي نصرٍ عبد الرحيم اليوسفي، وأبي المعالي بن صابر، وأبي المفاخر علي بن محمد بن الحسن البيهقي، وغيرهم. روى عنه: الزكي البرزالي، والشهاب القوصي، والمجد ابن الحلوانية. وحدثنا عنه الشرف أحمد بن عساكر، وأبو الفضل محمد بن يوسف الذهبي، وأبو إسحاق إبراهيم ابن المخرمي. وبالحضور الفخر إسماعيل بن عساكر، والبهاء قاسم بن عساكر. وأجاز للقاضي تقي الدين سليمان، ولجماعةٍ. وكان يلقب بالقاضي. قرأت بخط عمر ابن الحاجب في ترجمة هذا قال: لم يكن عنده مما عند بيته لا قليل ولا كثير. وكان يرمى برذائل لا تليق بأهل العلم. وكان الغالب عليه البله والخواثة. وسألت أبا عبد الله البرزالي عنه فقال: ليس بثقةٍ. قال المنذري: توفي في الثاني والعشرين من شعبان. وقد أجاز لي.
4 (عبد السلام بن يوسف بن علي البرزي.)
من قرية برزة. حدث عن أبي الفتح عمر بن علي بن حمويه. وتوفي في ربيع الأول. روى عنه الزكي الرزالي، وغيره. وأجاز لطائفةٍ.) وكان أميناً في القرى. وقد صحب الحافظ عبد الغني مديدةً.
4 (عبد العزيز بن عبد الله بن علي بن عبد الباقي.)

(46/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 73
أبو محمد، ابن الصواف الإسكندري. شيخٌ صالحٌ، معتبرٌ، مؤدبٌ ببلده. ولد في سنة خمسينٍ وخمسين. وحدث عنه السلفي. كتب عنه ابن الحاجب، وغيره. وحدثني عنه حفيداه: الشرف يحيى، وأبو المعالي محمد ابنا أحمد بن الصواف. وتوفي في رابع ذي القعدة.
4 (عبد المجير بن محمد بن عشائر.)
أبو محمد، كمال الدين، القبيصي، العدل. شيخٌ معمر، فاضلٌ. قرأ القراءآت بالموصل على يحيى بن سعدون القرطبي، وسمع منه ومن خطيب الموصل. قال الزكي المنذري: كان من القراء المجودين، وأعيان الفقهاء. توفي في جمادى الأولى. قلت: سمع منه القاضي مجد الدين العديمي، وغيره. وكان عالي الإسناد في القراءآت. ولا أعلم أحداً ممن قرأ عليه. وقد روى عنه القراءآت بالإجازة عبد الصمد بن أبي الجيش.
4 (عبد الواحد بن محمد ن عبد الواحد بن شنيف.)
أبو الفرج، الدارقزي. حدث عن مسعود بن محمد بن شنيف. ومات في جمادى الآخرة.

(46/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 74
4 (علي بن حسان بن محمد.)
أبو الحسن، الكتبي. الحنفي. حدث عن: أحمد بن حمزة ابن الموازيني، والخشوعي. وكان فقيهاً، فاضلاً. لقبه موفق الدين. انتقى له زكي الدين البرزالي جزءاً.) روى عنه: أمين الدين عبد الصمد بن عساكر، والمجد ابن الحلوانية، ومحمد بن عربشاه. توفي في رابع عشر شعبان.
4 (علي بن أبي علي بن محمد بن سالم التغلبي.)
العلامة، المتكلم، سيف الدين، الآمدي، الحنبلي، ثم الشافعي. ولد بعد الخمسين وخمسمائة بيسيرٍ بآمد، وقرأ بها القراءآت على الشيخ محمدٍ الصفار، وعمارٍ الآمدي. وحفظ الهداية في مذهب أحمد. وقرأ القراءآت أيضاً ببغداد على ابن عبيدة. وقدم بغداد وهو شابٌ فتفقه بها على أبي الفتح بن المني الحنبلي،

(46/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 75
وسمع من أبي الفتح بن شاتيل. ثم انتقل شافعياً وصحب أبا القاسم بن فضلان، واشتغل عليه في الخلاف، وبرع فيه. وحفظ طريقة الشريف، ونظر في طريقة اسعد الميهني، وغيره. وتفنن في علم النظر، والفلسفة وأكثر من ذلك. وكان من أذكياء العالم. ثم دخل الديار المصرية وتصدر بها لإقراء العقليات بالجامع الظافري. وأعاد بمدرسة الشافعي. وتخرج به جماعةٌ. وصنف تصانيف عديدة. ثم قاموا عليه، ونسبوه إلى فساد العقيدة، والانحلال، والتعطيل، والفلسفة. وكتبوا محضراً بذلك. قال القاضي ابن خلكان: وضعوا خطوطهم بما يستباح به الدم، فخرج مستخفياً إلى الشام فاستوطن حماة. وصنف في الأصلين، والمنطق، والحكمة، والخلاف، وكل ذلك مفيد، فمنه: كتاب أبكار الأفكار في علم الكلام، ومنتهى السول في علم الأصول. وله طريقة في الخلاف. وشرح جدل الشريف. وله نحوٌ من عشرين تصنيفاً. ثم تحول إلى دمشق، ودرس بالعزيزية مدةً، ثم عزل عنها لسببٍ اتهم فيه. وأقام بطالاً في بيته. ومات في رابع صفر، وله ثمانون سنة. وقال أبو المظفر الجوزي: لم يكن في زمانه من يجاريه في الأصلين، وعلم الكلام. وكان يظهر منه رقة قلب، وسرعة دمعة. وأقام بحماة، ثم انتقل إلى دمشق. قال: ومن عجيب ما يحكى عنه، أنه ماتت له قطةٌ بحماة فدفنها، فلما سكن دمشق، أرسل، ونقل عظامها في كيسٍ، ودفنها في تربة بقاسيون. وكان أولاد الملك العادل كلهم يكرهونه لما اشتهر عنه من الاشتغال بالمنطق، وعلم الأوائل. وكان يدخل على المعظم والمجلس غاصٌ بأهله فلم يتحرك له،

(46/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 76
فقلت له: قم له عوضاً عني فقال: ما يقبله قلبي. ومع ذلك ولاه تدريس) العزيزية. فلما مات المعظم، أخرجه منها الأشرف، ونادى في المدارس: من ذكر غير التفسير والفقه، أو تعرض لكلام الفلاسفة، نفيته. فأقام السيف خاملاً في بيته قد طفئ أمره إلى أن مات، ودفن بقاسيون بتربته. وقال أبو محمد المنذري: توفي في ثالث صفر. قلت: وصنف أبكار الأفكار في أصول الدين، خمس مجلدات، ثم اختصره في مجلد. وصنف الإحكام في أصول الأحكام، أربع مجلدات. ومن تلامذته القاضي صدر الدين ابن سني الدولة، والقاضي محيي الدين ابن الزكي، وغيرهما. وقدم إلى الشام سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وكان شيخنا القاضي تقي الدين سليمان يحكي عن الشيخ شمس الدين بن أبي عمر رحمه الله قال: كنا نتردد إلى السيف الآمدي، فشككنا فيه هل يصلي فتركناه وقد نام، فعلمناه على رجله بالحبر، فبقيت العلامة نحو يومين مكانها. فعرفنا أنه ما كان يتوضأ نسأل الله السلامة. وقد حدث ب غريب الحديث لأبي عبيدٍ، عن ابن شاتيل.
4 (حرف الغين)

4 (غنائم بن أبي القاسم بن علي الخشاب، الدمشقي.)
يعرف بابن المنجنيقي. روى عن أبي المعالي بن صابر. روى عنه الزكي البرزالي، وغيره.

(46/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 77
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إسماعيل بن جوهر بن مطر.)
أبو الحسن، الدمشقي، الفراء. سمع من الحافظ أبي القاسم بن عساكر. روى عنه الزكي البرزالي، وغير واحد من الطلبة. وبالإجازة إبراهيم ابن أبي الحسن المخرمي، وفاطمة بنت سليمان، وجماعةٌ. وتوفي في تاسع عشر صفر.) وكان صالحاً، متعبداً.
4 (محمد بن خالد بن كرم بن سالم.)
أبو خالدٍ، الحربي، المؤذن، البقال. ولد في شعبان سنة تسعٍ وخمسين. وسمع من: يحيى بن ثابت، ولاحقٍ، ودهبل ابن كاره، وغيرهم. روى عنه بالإجازة القاضيان شهاب الدين الخويي، وتقي الدين المقدسي، وغيرهما. توفي في أول صفر.
4 (محمد بن عبد الله بن الحسين بن رواحة أبو عبد الله، الحموي، التاجر، ابن عم عز الدين)
عبد الله بن الحسين. ولد سنة ستٍ وخمسين بحماة. ورحل فسمع من السلفي. روى عنه مجد الدين ابن العديم، وغيره. ومات بحلب في صفرٍ.
4 (محمد بن عبد الله بن محمود بن حبيش.)

(46/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 78
أبو عبد الله، الحسيني، العدل، الإسكندري، المالكي، الأديب، صاحب التصانيف. سمع من ابن موقا، وعدة. صحب أبا الخطاب بن دحية، ولقي الكندي. له النظم، والنثر، وله ديوان. توفي في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين. وله خمسون سنة. ذكره ابن العمادية في تاريخه: بفتح الحاء وتثقيل الموحدة، وشين معجمة.
4 (محمد بن عبد اللطيف بن يحيى بن علي بن خطاب.)
الدينوري، الخيمي، أبو الفضل. شيخٌ بغداديٌ. حدث عن عبيد الله بن شاتيل. وأجاز لشيوخنا.
4 (محمد بن علي بن أبي بكر بن سالم.)
أبو عليٍ، الأزجي، الحداد. سمع من: أبي الحسين عبد الحق، وأبي هاشم الدوشابي.) روى عنه القاضي شهاب الدين الخويي، وغيره بالإجازة. ومات في ربيع الآخر.
4 (محمد ابن الحافظ أبي الحسن علي بن المفضل بن علي بن مفرجٌ.)
أبو الطاهر اللخمي، المقدسي، ثم الإسكندراني، الفقيه المالكي. ولد سنة خمسٍ وستين وخمسمائة.

(46/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 79
وسمع من: جده أبي المكارم، وأبي طاهرٍ السلفي، وبدر الخداداذي، وأبي القاسم محمد بن علي بن العريف، وجماعةٍ كثيرة. وناب عن والده في تدريس الصاحبية بالقاهرة. روى عنه: الزكي المنذري، والزكي البرزالي، وغيرهما. وتوفي في العشرين من جمادى الآخرة.
4 (محمد بن عمر بن يوسف.)
الإمام، أبو عبد الله، الأنصاري القرطبي، المقرئ، المالكي، الزاهد، المعروف بالأندلس بابن مغايظ. انتقل به أبوه إلى فاس فنشأ بها. ثم حج وسمع بمكة من أبي المعالي عبد المنعم بن عبد الله ابن الفراوي. وسمع بالإسكندرية من القاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وعبد الرحمن بن موقا. وبمصر من الأستاذ أبي القاسم بن فيرة الشاطبي، ولزمه مدة وقرأ عليه القراءآت. وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وعلي بن أحمد الحديثي، ومحمد بن حمد الأرتاحي، والمشرف ابن المؤيد الهمذاني. وكان إماماً صالحاً، زاهداً، مجوداً للقراءآت، عارفاً بوجوهها، بصيراً بمذهب مالك، حاذقاً بفنون العربية. وله يدٌ طولى في التفسير. تخرج به جماعةٌ. وجلس بعد موت الشاطبي في مكانه للإقراء.

(46/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 80
قال أبو عبد الله الأبار: حدث بالقاهرة. وأخذ عنه القرآن والحديث، والعربية. ونوظر عليه في كتاب سيبويه. ثم جاور بالمدينة. وشهر بالفضل والصلاح والورع. وأم بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن الطيلسان: توفي بمصر ودفن بقرافتها، كذا قال، وإنما مات بالمدينة. وقال المنذري: توفي في مستهل صفر. وقرأ القراءآت على الشاطبي. وسمع، وحدث، وأقرأ،) وانتفع به جماعةٌ. وحج مراتٍ. وأكثر المجاورة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم. وبرع في التفسير والأدب. وكان له القبول التام من الخاصة والعامة، مثابراً على قضاء حوائج الناس. سمعته يذكر ما يدل على أن مولده سنة ثمانٍ أو سبعٍ وخمسين وخمسمائة. قلت: روى عنه الزكي المنذري، والشهاب القوصي، والمجد ابن العديم، وعبد الصمد بن أبي الجيش، وأبو محمد الحسن سبط زيادة، وهو آخر من روى عنه.
4 (محمد بن محمد بن سعيد.)
أبو عبد الله، اليحصبي الجياني، اللوشي. روى عن: أبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون. وحج فسمع بالإسكندرية محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وغيره. وولي القضاء والخطابة ببلده مدةً، ثم خطابة قرطبة. وأسمع الناس. ومات في رمضان.
4 (محمد بن أبي بكر محمد بن أبي القاسم عبد الله بن محمد.)
الحافظ، المفيد، أبو الرشيد، الغزال، الإصبهاني.

(46/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 81
ولد سنة تسعٍ وستين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح الخرقي، وخليلٍ الداراني، ومسعود الجمال، وأبي المكارم اللبان، وأبي جعفرٍ الصيدلاني، وجماعةٍ من أصحاب الحداد، وفاطمة الجوزدانية. وعني بالحديث، وكتب، وحصل الأصول. وكان محمود الصحبة، حسن الطريقة، متديناً. دخل خوارزم، فأثرى بها، وكثر ماله. ثم عاد إلى إصبهان، وجمع شيئاً كثيراً من الكتب. ثم عاد إلى خراسان، وعبر النهر. وسكن بخارى مدةً إلى أن دخلها العدو واستباحوها، فأحرقت كتبه، وراحت أمواله، وهرب إلى الجبال والشعاب. فلما جعلوا بها شحنةً، عاد أبو رشيد إليها، وبقي يشتري من كتب النهب بأيسر ثمنٍ. وكان يحفظ ويفهم مع ثقةٍ، ودينٍ ومروءةٍ. توفي ببخارى في شوال في هذه السنة. روى عنه سيف الدين الباخرزي، وحافظ الدين محمد بن محمد البخاري شيخ بخارى، وابن النجار، وقال: قدم علينا بغداد في آخر سنة ستٍ وتسعين وخمسمائة، فسمع من أصحاب ابن الحصين. وكنا نصطحب كثيراً. وسمع بقراءتي، وسمعت بقراءته. وكان محمود الصحبة،) متديناً. ثم رحل إلى خراسان وسمع بها الكثير، وبما وراء النهر، وأقام بمرو يقرأ على شيخنا أبي المظفر ابن السمعاني، ويكتب عنه فلعله سمع أكثر ما كان عنده. ثم قدم علينا هراة وكنت بها سنة إحدى عشرة، فأقام نحواً من سنة يكتب ويسمع ويحصل بهمةٍ وافرةٍ وجدٍ واجتهادٍ شديدٍ، ويكتب العالي والنازل. إلى أن قال: وكان يرجع إلى فضلٍ، وحفظٍ، ومعرفةٍ، وإتقانٍ، وصدقٍ، ومروءةٍ ظاهرةٍ، وديانةٍ، وصلاحٍ. حدثنا أبو رشيدٍ ببغداد، أخبرنا إسماعيل بن غانم، أخبرنا أبو سعدٍ المطرز فذكر حديثاً.
4 (محمد بن محمد بن أبي بكر.)
أبو سعد الشهرستاني الصوفي. توفي بدمشق في ذي الحجة.

(46/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 82
يروي عن: أبي سعد عبد الله بن عمر الصفار، ومحمد بن فضل الله السالاري. وكان صالحاً، عارفاً، معروفاً بتربية الأصحاب والمريدين. وهو من أعيان صوفية السميساطية. لقبه: منصف الدين. سمع منه ابن الحاجب، وغيره.
4 (محمد بن المبارك بن أبي المظفر هبة الله بن محمد ابن الوزير أبي طالب محمد بن أيوب.)
أبو الحسن، البغدادي، الحاجب. ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وسمع من: محمد بن محمد بن السكن، ومحمد بن إسحاق ابن الصابئ، وغيرهما. وكان يسمي نفسه علياً، وهو مشهورٌ بالكنية. وجدهم وزيرٌ للقائم بأمر الله. روى عنه بالإجازة القاضيان ابن الخويي، والتقي سليمان، وابن الشيرازي، وفاطمة بنت سليمان، وجماعةٌ. وكان صالحاً ن ديناً، متعبداً. توفي فجاءةً في الخامس والعشرين من صفر. وحدث عنه الفاروثي.
4 (محمد بن نصر بن قوام بن وهب بن مسلم.)
) العدل، شمس الدين، وأبو عبد الله، الرصافي، التاجر، الشاهد. ولد سنة سبعٍ وسبعين وخمسمائة بالرصافة. ودخل إصبهان مع أخيه للتجارة، وسمعا مع يوسف بن خليل وكانا يحسنان إليه وأنزلاه عندهم.

(46/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 83
روى عن خليلٍ الراراني، وغيره. حدثنا عنه محمد بن قايماز الدقيقي. قال عمر ابن الحاجب: هو من ذوي اليسار، له دينٌ، وكرمٌ، وتودد. وقال الضياء: كان خيراً، ذا مروءة. توفي في شوال. قلت: وهو والد شيخنا الكمال عبد الله.
4 (محمد بن يحيى بن علي بن الفضل بن هبة الله، قاضي القضاة، محيي الدين.)
أبو عبد الله، ابن فضلان، البغدادي، الفقيه الشافعي، مدرس المستنصرية. وقد ولي قضاء القضاة للإمام الناصر في آخر دولته. وكان مولده في سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة. تفقه على والده العلامة أبي القاسم يحيى ابن فضلان. وبرع في المذهب. ورحل إلى خراسان وناظر علماءها. وكان علامةً في المذهب، والخلاف، والأصول، والمنطق، موصوفاً بحسن المناظرة، سمحاً، جواداً، نبيلاً. لا يكاد يدخر شيئاً. ولما عزل من القضاء، انقطع في داره يكابد فقراً، ويتعفف ويكتم حاله. وولي تدريس النظامية ببغداد. وتفقه عليه جماعةٌ. وقد سمع من أصحاب أبي القاسم بن بيان الرزاز، وأبي طالب الزينبي. وولي قضاء القضاة في سنة تسع عشرة وستمائة، ثم عزله الخليفة الظاهر بعد شهر من بيعته، ولزم بيته ثمانية أشهر، ثم ولي نظر المارستان، فبقي ستة أشهر، وعزل. وولي نظر ديوان الجوالي، ثم ولي تدريس مدرسة أم الناصر لدين

(46/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 84
الله. وذهب رسولاً إلى الروم. ثم ولي تدريس المستنصرية في رجب من سنة وفاته، فأدركه الموت. توفي العلامة محيي الدين ابن فضلان في سلخ شوال. وكان قوالاً بالحق، متديناً، ازدحموا على نعشه رحمه الله تعالى فلقد كان من خيار الحكام.) قال علي بن أنجب عنه: إنه كتب إلى الناصر في شأن أهل الذمة: يقبل الأرض، وينهي أن الأنعام تحمله على النهوض بمحامد الذكر، فالمأخوذ من أهل الذمة في العام أجرةٌ عن سكناهم في دار السلام، فلا يؤخذ منهم أقل من دينار، ويجوز أن يؤخذ منهم ما زاد إلى المائة حسب امتداد اليد عليهم. فإن رأى من الغبطة الملاحظة لبيت المال أن يضاعف على الشخص منهم ما يؤخذ في السنة فللآراء الشريفة علوها وساق فصلاً طويلاً في ترقي الملاعين على رقاب المسلمين.
4 (محمد بن أبي بكر بن عثمان بن إبراهيم.)
أبو عبد الله، السمرقندي، القارئ بالألحان. توفي في صفر عن ستين سنة. وروى عن أحمد بن علي بن هبة الله بن المأمون.
4 (محمد بن أبي بكر بن علي.)
العلامة، نجم الدين ابن الخباز، الموصلي، الشافعي، الفقيه. كان من كبار العلماء.

(46/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 85
ولد سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة. قدم مصر، وأقام بها مدةً. وتفقه عليه جماعة. وكان كيساً، لطيفاً، متواضعاً، بصيراً بالمذهب.
4 (محمود بن همام بن محمود.)
الفقيه، الإمام، الزاهد، المحدث، عفيف الدين، أبو الثناء، الأنصاري، الدمشقي، المقرئ، الضرير. روى عن: يحيى الثقفي، وإسماعيل الجنزوي، وبركاتٍ الخشوعي، وعبد الرحمن ابن الخرقي، والقاسم بن عساكر، وابن طبرزد، وجماعة. ولازم الحافظ عبد الغني كثيراً، وأخذ عنه السنة. قرأت بخط الضياء المقدسي: وفي يوم الأحد ثالث عشر ربيع الآخر توفي الشيخ الإمام العالم الزاهد أبو الثناء محمود بن همام، ودفن من يومه بالجبل. وكان الخلق في جنازته كثيراً جداً. وما رأينا من أئمة الشافعية مثله. ما كان يداهن أحداً في الحق، ويتكلم عند من حضره بالحق من أميرٍ، أو قاضٍ، أو فقيهٍ. ولأهل السنة كان مجداً وناصراً، فرحمة الله عليه ورضوانه.) وقرأت في ترجمته بخط محمد بن سلام: جمع الله فيه كل خلةٍ مليحة، واحتوى على كل فضيلة مع دماثة الأخلاق، وطيب الأعراق. وكان فقيهاً، محققاً، مدققاً، حسن الأداء للقرآن. وانتفع بع عالمٌ عظيم. وقرأوا عليه القرآن. وكان طويل الروح على التلقين. وكان قد جمع مع هذا الزهد العظيم، والورع الغزير، كان صائم الدهر، ملازماً للجامع، ما كان يخرج منه إلا بعد العشاء ليفطر، ويعود إليه سحراً. قلت: روى عنه الضياء حكاياتٍ. وحدثنا عنه الشرف ابن عساكر. وأجاز للشيخ علي القارئ، وفاطمة بنت سليمان، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، وغيرهم.

(46/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 86
4 (المسلم بن أحمد بن علي بن أحمد.)
أبو الغنائم، المازني، النصيبي، ثم الدمشقي، ويعرف بخطيب الكتان. شيخٌ معمرٌ، عالي الرواية. ولد سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، وأبي القاسم علي بن الحسن الحافظ، وأخيه الصائن هبة الله. وذكر أنه دخل الإسكندرية، وسمع من أبي طاهر السلفي. وكان يخدم في الضمان والمكس، ثم ترك ذلك، وحسنت حاله، ولزم بيته والجامع. وافتقر وباع ملكه. وروى الكثير، روى عنه: البرزالي، والقوصي، والمجد ابن الحلوانية، والحافظ ضياء الدين، والشرف ابن النابلسي، وابن الصابوني، وعلي بن هارون بمصر. وحدثنا عنه: أبو الفضل بن عساكر، وأبو الفضل محمد بن يوسف الذهبي، والخضر بن عبدان الأزدي، وفاطمة بنت سليمان. وبالإجازة القاضي تقي الدين الحنبلي، وابن الشيرازي، وتاج العرب بنت علان، والفخر إسماعيل ابن عساكر. وتوفي في الثامن والعشرين من ربيع الأول.
4 (مقبل بن عمر بن مهنا الأزجي، النجار.)
سمع من عيسى الدوشابي. ومات في ذي الحجة.
4 (مكرم بن مسعود بن حماد بن عبد الغفار بن سعادة بن معقل بن عبد

(46/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 87
الحميد بن أحمد بن)
محمد ابن قاضي القضاة أحمد بن أبي داود الإيادي.) ولد سنة ستٍ وخمسين وخمسمائة. وولي القضاء ببلاد الروم. وقدم مصر وحدث عن عبد المنعم ابن الفراوي. روى عنه الزكي المنذري. ومكرمٌ: مخففٌ. توفي بأبهر زنجان في السنة.
4 (منصور بن زكي بن منصور بن مسعود الغزال.)
شيخٌ بغدادي. ولد سنة ستٍ وخمسين. وسمع من: عبد الله بن منصور الموصلي، وعبد الله بن أحمد ابن النرسي، وعبد الحق اليوسفي. روى عنه ابن النجار، وقال: لا بأس به. ومات في ربيع الأول. أجاز لابن الشيرازي. ويقال له: أبو منصورٍ.
4 (منكورس الفلكي، الأمير الكبير.)
ركن الدين، العادلي. ناب في الديار المصرية للملك العادل، وفي دمشق مرة. وكان محتشماً، عفيفاً، ديناً، خيراً، كثير الصدقات. يجيء المؤذن إلى الجامع وحده وبيده طوافة. وله بجبل قاسيون تربةٌ ومدرسةٌ وقف عليهما أوقافاً كثيرةً.

(46/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 88
4 (موسى، الملك المفضل، قطب الدين.)
ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي. أجاز له العلامة أبو محمد عبد الله بن بري، ومحمد بن صدقة الحراني. وتوفي في ذي الحجة.
4 (حرف النون)

4 (ناصر بن عبد العزيز بن ناصر بن عبد الله بن يحيى.)
أبو الفتوح، الأغماتي الأصل، الإسكندراني، ويعرف بابن السقطي.) ولد سنة ستين وخمسمائة. وحدث عن: السلفي، وأبي الطاهر بن عوف، وغيرهما. وكان رجلاً مباركاً، صالحاً. مات في رابع ذي العقدة. وحدثنا عنه عبد المعطي الهمداني.
4 (نصر الله بن حسان بن أبي الزهر.)
أبو الفتح، الدمشقي، الشروطي، الدلال. روى عن: الخشوعي، وغيره. ومات في سادس صفرٍ.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن حسن بن حسين، الشريف.)

(46/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 89
أبو الفضائل، العلوي، الجواني، الواسطي. توفي في رمضان عن ستٍ وثمانين سنة، بواسط. يروي عن أبي طالب بن علي الكتاني.
4 (يحيى بن سلمان بن أبي البركات بن ثابت.)
أبو البركات، البغدادي، المأموني، الصواف. ولد سنة تسعٍ وأربعين. وسمع من أبي الفتح بن البطي. روى عنه بالإجازة القاضي شهاب الدين الخويي، وغيره. وبالسماع عز الدين الفاروتي، وقبله محب الدين ابن النجار وقال: كان لا يأس به، توفي في سادس ربيع الأول.
4 (يحيى بن منصور بن يحيى بن الحسن.)
الفقيه، أبو الحسين، السليماني، اليماني، المقرئ، الشافعي. من أعيان شيوخ القاهرة. قرأ القراءآت على أبي الجود. وتفقه على الشهاب محمد بن محمود الطوسي. وقرأ علم الكلام بالثغر على أبي الحسن البخاري. ولازم الحافظ علي بن المفضل مدةً.) ودرس بمدرسة قاضي قوص بالقاهرة، وأم بمسجدٍ. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (يوسف بن حيدرة بن حسن، العلامة.)

(46/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 90
رضي الدين، أبو الحجاج، الرحبي. شيخ الطب بالشام. له القدم والاشتهار عند الخاص والعام. ولم يزل مبجلاً عند الملوك. وكان كبير النفس، عالي الهمة، كثير التحقيق، حسن السيرة، محباً للخير، عديم الأذية. كان أبوه من الرحبة كحالاً، فولد له رضي الدين بجزيرة ابن عمر، أقام بنصيبين مدةً، وبالرحبة. وقدم بعد ذلك دمشق مع أبيه في سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة. ثم بعد مدةٍ توفي أبوه بدمشق، وأقبل رضي الدين على الاشتغال. والنسخ، ومعالجة المرضى. واشتغل على مهذب الدين ابن النقاش ولازمه، فنوه بذكره وقدمه. ثم اتصل بالسلطان صلاح الدين، فحسن موقعه عنده، أطلق له في كل شهر ثلاثين ديناراً، وان يكون ملازماً للقلعة والبيمارستان. ولم تزل عليه إلى أيام المعظم، فنقصه النصف، ولم يزل متردداً إلى المارستان إلى أن مات. وقد اشتغل عليه خلقٌ كثيرٌ، وطالت أيامه، وبقي أطباء الشام تلامذته. ومن جملة من قرأ عليه أولاً مهذب الدين عبد الرحيم. قال ابن أبي أصيبعة: حدثني رضي الدين الرحبي قال: جميع من قرأ علي سعدوا، وانتفع الناس بهم ثم سمى كثيراً منهم قد تميزوا وكان لا يقرئ أحداً من أهل الذمة، ولم يقرئ في سائر عمره منهم سوى اثنين، وكلٌ منهما نبغ، وتميز، وكتب. قد قرأت عليه في سنة اثنتين وثلاثٍ وعشرين وستمائة كتباً في الطب، وانتفعت به. وكان محباً للتجارة مغرىً بها. وكان يراعي مزاجه، ويعتني بنفسه، ويحفظ صحته. وكان لا يصعد في سلم، وإذا طلب لمريضٍ، سأل عن ذلك أولاً. ويطلع إلى بستانه يوم السبت يتنزه. وكان الصاحب صفي الدين ابن شكر يلزم أكل الدجاج، فشحب لونه، فقال له رضي الدين يوماً: الزم لحم الضأن وقد ظهر لونك، ألا ترى إلى لون هذا اللحم ولون هذا اللحم قال: فلزمه،

(46/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 91
فصلح لونه واعتدل مزاجه، لأن لحم الضأن يتولد منه دمٌ متينٌ بخلاف الدجاج. ولد رضي الدين الرحبي في جمادى الأولى سنة أربعٍ وثلاثين، وعاش سبعاً وتسعين سنةً. ومات يوم عاشوراء المحرم. وكان مرضه شهراً ولم يتبين تغير شيءٍ من سمعه ولا بصره،) وإنما كان في الآخر يعتريه نسيانٌ لأشياء القريبة العهد المتجددة. وخلف ولدين: شرف الدين علياً، وجمال الدين عثمان، وكلاهما طبيبٌ فاضلٌ.
4 (يونس ابن الخطيب أبي عبد الله محمد بن أبي الفضل بن زيد الدولعي.)
أبو المظفر. حدث عن: جده لأمه الخطيب عبد الملك بن زيد الدولعي، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ. ومات في ذي القعدة، قبل أبيه.
4 (الكنى)

4 (أبو الفرج المالكي.)
أحد العلماء، وصاحب كتاب الحاوي. قال لي أبو عبد الله الوادياشي: إنه تفي سنة.
4 (وفيها ولد)
الإمام محيي الدين النواوي. والقاضي حسام الدين الرومي الحنفي: الحسن بن أحمد الرازي، باقسرا. والقاضي عز الدين عمر بن عبدالله بن عمر بن عوض الحنبلي.

(46/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 92
وزين الدين المنجى بن عثمان، شيخ الحنابلة. وشمس الدين محمد بن حمزة، أخو القاضي تقي الدين. وسعد الدين يحيى بن محمد بن سعد، في ربيع الأول. والبهاء أبو بكر بن عبد الله بن عمر ابن العجمي، في رجبٍ. والشمس محمد بن عثمان بن مشرق، في رمضان. والأديب أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مفرج الإشبيلي. والبدر احمد بن محمد بن حسن الصواف. والنجم أحمد بن إسماعيل ابن التبلي الحلبي. والقاضي أحمد بن محمد بن أحمد البشع. والشيخ علي بن جعفر، مؤذن القلعة. والزاهد إبراهيم بن أحمد بن حاتم، ببعلبك.)

(46/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 93
4 (وفيات سنة اثنتين وثلاثين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن عمر، ابن الأمير السلار، بختيار الأتابكي، الدمشقي.)
الأمير، الأديب، زين الدين، أبو العباس. من بيت إمرةٍ وتقدمٍ. وله شعرٌ بديعٌ. روى عنه شهاب الدين القوصي، وغيره. توفي في المحرم. أنشدنا له نسيبه الأديب ناصر الدين أبوبكر ابن السلار:
(أحنّ إلى الوادي الّذي تسكنونه .......... حنين محبٍّ زال عنه قرينه)

(وأشتاقكم شوق العليل لبرئه .......... وقد أميل آسيه وقل معينه)

(ولولا رضاكم بالعباد لزرتكم .......... زيارة من دنياه أنتم ودينه)

(وأرغمت أنف البين في جمع شملنا .......... ولكن بجهدي في رضاكم أعينه)

4 (أحمد بن علي بن عبد العزيز، العفيف.)
أبو العباس، القرشي، المصري، الشافعي، المقرئ، المعروف بابن الصيرفي. قرأ القراءآت على أبي الجود. وسمع من أبي الحسن علي بن نجا. أجاز له الأثير أبو الطاهر الأنباري، وجماعةٌ.

(46/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 94
وأم بمسجد الشارع، وأدب فيه. ومات في سادس عشر شوال، وجاوز السبعين.
4 (أحمد بن محمد بن الحسين.)
أبو بكر ابن الخرساني، الخطاط. سمع أبا الحسن عبد الحق. روى عنه ابن النجار، وقال: كان متديناً، صالحاً، على طريقة السلف، توفي في ربيعٍ الآخر، وله سبعون سنة. وأجاز لشيخنا أبي نصر ابن الشيرازي.
4 (أحمد بن ناصر بن محمود.)
) أبو إسماعيل الخزرجي، الكفرسوسي، المعمر. سمع في سنة خمسٍ وخمسمائة من أبي القاسم الحافظ. وحدث في هذا العام ببيت رأس. سمع منه ابن الحلوانية، وجماعةٌ، أجاز للبهاء ابن عساكر.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن الأسعد بن أبي القاسم بن سعد.)
أبو القاسم، الصوفي، الخياط. ولد سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة. وطلب الحديث في الكبر بعد الثمانين، وسمع من: عبيد الله بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وأبي الخير القزويني، وجماعةٍ.

(46/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 95
وروى الكثير بمكة، وحصل الأصول والأجزاء. وكان صواماً، قواماً، تالياً للقرآن، حجاجاً. وكان يعرف بابن الشيعية. أم بمسجد الظفرية مدةً. وكتب عنه طلبة بغداد. حدث عنه عز الدين الفاروثي. وأجاز للفخر إسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبي نصرٍ محمد ابن الشيرازي، وتقي الدين سليمان الحاكم. وتوفي في ثامن جمادى الأولى. قال ابن النجار: حصل الأصول، ونسخ الكثير مع ضعف يده ورداءة خطه. وكان صالحاً، ورعاً، عفيفاً، حافظاً للقرآن، كثير التلاوة والتعبد، صدوقاً.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن يحيى بن صباح بن الحسين بن علي.)
أبو صادق، القرشي، المخزومي، المصري، الكاتب، نشء الملك. قال: ولدت في العاشر من جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين بمصر في زقاق بني جمح. سمع من الفقيه عبد الله بن رفاعة، وأجاز له وهو آخر أصحابه. وكان عدلاً، ديناً، صالحاً. روى عنه: الضياء، وابن خليلٍ، والبرزالي، وجماعةٌ من الحفاظ، وابنه عليٌ، وسليمان بن إبراهيم ابن القائد، ومحيي الدين ابن الحرستاني الخطيب، وأمين الدين عبد الصمد بن عساكر،) وابن عمه الشرف أحمد، ونصرٌ وسعد الخير

(46/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 96
ابنا النابلسي، والشرف يوسف ابن النابلسي، والجمال محمد ابن الصابوني، والعلامة الجمال محمد بن مالكٍ النحوي، وأبو الحسين بن محمد اليونيني، والعز إسماعيل ابن الفراء، والعز أحمد ابن العماد، والشهاب محمد بن أبي العز الأنصاري، وهو آخر من حدث عنه سماعاً، ومحمد بن قايماز الطحان، والتقي ابن مؤمن، والعماد أحمد بن سعد، وعبد الحميد بن خولان، ومحمد بن مكي القرشي، وأبو الحرم بن محمد الأبار، وعلي بن الزين بن عبد الدائم، وأحمد بن المجاهد، ومحمد بن حازمٍ، وعلي بن بقاء الملقن، وعبد الدائم بن احمد الوزان، ومحمد بن علي الواسطي، وعبد الصمد ابن الحرستاني، ومحمد بن سلطان الحنفي، وخلقٌ سواهم. قال ابن الحاجب: هو شيخٌ ثقةٌ، وقورٌ، مكرمٌ لأهل الحديث، كثير التواضع. قال لي: إنه يبقى ستة أشهرٍ لا يشرب الماء، قلت: فتركته لمعنىً قال: لا أشتهيه. وقرأت بخط الضياء: توفي شيخنا أبو صادق بدمشق، وحمل من يومه إلى الجبل فدفن به. وكان خيراً قل من رأيت إلا ويشكره ويثني عليه. وهو آخر من روى عن ابن رفاعة فيما علمت. توفي في يوم الجمعة سادس عشر رجب. قلت: استوطن دمشق من بعد السبعين وخمسمائة، وشهد بها، أظنه كان من شهود الخزانة بدمشق.
4 (الحسين بن إبراهيم بن هبة الله بن مسلمة.)
أبو القاسم، التنوخي، الدمشقي. سمع من: أبي المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبي القاسم بن عساكر، وأبي المجد ابن البانياسي. وتوفي في شعبان. روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، والجمال ابن الصابوني، وعلي بن محمدٍ المراكشي.

(46/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 97
4 (الحسين ابن الإمام الفقيه عتيق بن الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق بن عبد الله.)
الفقيه، العالم، جمال الدين، أبو علي الربعي، المصري، المالكي. شهد عند قاضي القضاة صدر الدين عبد الملك بن درباس، فمن بعده. وسمع بالإسكندرية من) أبي الطاهر بن عوفٍ، وبمصر من أبيه. ودرس بالمسجد المعروف به بالفسطاط مدةً، وأفتى، وصنف في المذهب. وتفقه به جماعةٌ، وكان ديناً، ورعاً. قال: ولدت بالإسكندرية في ثالث شعبان سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. روى عنه الزكي المنذري وقال: توفي في ثالث وعشرين ربيع الآخر. وسيأتي غير واحد من بيته. وتوفي أبوه في سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة.
4 (وتوفي ابنه الفقيه عبد الحميد بن الحسين بعده في شعبان من السنة كهلاً، ولم يحدث.)

(46/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 98
4 (حمزة بن أحمد بن عم ابن الزاهد القدوة أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة.)
أبو عبد الله، المقدسي، الحنبلي. والد قاضي القضاة تقي الدين الحنبلي. سمع الكثير، ولم يحدث لأنه مات قبل أوان الرواية بقرية جماعيل، في جمادى الآخرة في حياة والده الجمال أبي حمزة، وربيت أولاده اليتامى، وجاء منهم مثل: قاضي القضاة، وأخيه المقرئ ناصر الدين داود، والفقيه شمس الدين محمد.
4 (حرف الخاء)

4 (خلف بن أبي المجد.)
موفق الدين الأنصاري، المصري، الشافعي، الفقيه. عاش بضعاً وثمانين سنةً. وتصدر بالجامع الأقمر بالتبانين بالقاهرة مدةً. وسمع من أبي الجيوش عساكر بن علي، وغيره. ومات في جمادى الأولى.
4 (حرف الدال)

4 (داود، الملك الزاهر ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي.)

(46/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 99
أبو سليمان، صاحب إلبيرة. ولد بمصر. وأجاز له عبد الله بن بري النحوي، وأحمد بن حمزة ابن الموازيني، والبويصري. وكان فاضلاً، شاعراً. ملك إلبيرة مدةً طويلةً. مولده بالقاهرة في سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة. وتوفي بإلبيرة في تاسع صفرٍ، فتملك إلبيرة صاحب حلب ابن شقيقٍ له.)
4 (حرف الراء)

4 (رتن الهندي.)
الذي زعموا أنه صحابيٌ. ذكر النجيب عبد الوهاب الفارسي الصوفي: أنه توفي في حدود سنة اثنتين وثلاثين. وذكر النجيب: أنه سمع من الشيخ محمود ولد بابارتن، وأنه بقي إلى سنة تسع وسبعمائة. وأنه قدم عليهم شيراز، فذكر: أنه ابن مائة وستة وسبعين عاماً، وأنه تأهل ورزق أولاداً. قلت: من صدق بهذه الأعجوبة وآمن ببقاء رتن، فما لنا فيه طبٌ، فليعلم أنني أول من كذب بذلك، وأنني عاجزٌ منقطعٌ معه في المناظرة. وما أبعد أن يكن جنيٌ تبدى بأرض الهند، وادعى ما ادعى، فصدقوه، لأن هذا شيخٌ مفترٍ كذابٌ كذب كذبةً ضخمةً لكي تنصلح خابية الضياع وأتى بفضيحةٍ كبيرةٍ، فوالذي يحلف به إن رتن لكذابٌ قاتله الله أنى يؤفك. وقد أفردت جزءاً فيه أخبار هذا الضال وسميته: كسر وثن رتن.

(46/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 100
4 (حرف الزاي)

4 (زهرة بنت عبد العزيز ابن الشيخ عبد القادر الجيلي.)
قال أبو محمد المنذري: توفيت في جمادى الآخرة. وروت بالإجازة عن أبي الحسين عبد الحق.
4 (زهرة بنت الحافظ عبد القادر الرهاوي.)
روت عن أبيها. قاله المنذري.
4 (حرف السين)

4 (ست العز بنت الرئيس أبي الغنائم هبة الله بن محفوظ بن صصرى التغلبي.)
أم منعمٍ. أجاز لها عبد الجليل بن أبي سعد الهروي الراوي عن بيبى الهرثمية، ومحمد بن أسعد حفدة العطاري. وسمع منها الطلبة. وتوفيت في رمضان، ودفنت بسفح قاسيون. وهي أخت الحافظ.
4 (سيدة الرؤساء بنت محمد بنت شجاع الحاجي البغدادي.)
) سمعت من تجني الوهبانية. وماتت في صفر. روى عنها بالإجازة أبو نصرٍ ابن الشيرازي، وغيره.

(46/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 101
4 (حرف الشين)

4 (شرف الدين ابن الفارض.)
هو عمر بن علي. سيأتي إن شاء الله.
4 (حرف الصاد)

4 (صوابٌ، الطواشي الكبير، شمس الدين.)
العادلي، الخادم. مقدم الجيوش العادلية، وأحد الأبطال المذكورين، ومن أمراء الدولتين، فكان إذا حمل، يقول: أين أصحاب الخصى أسره ملك الروم، ثم خلص. وقيل: إنه كان له مائة مملوكٍ خدامٌ، وطلع منهم جماعةٌ أمراء، منهم: الأمير بدرٌ الصوابي، والأمير شبل الدولة الخزندار، والطواشي السهيلي خزندار الكرك. وكان له برٌ وصدقةٌ. وتوفي بحران في أواخر رمضان، وكان مقيماً بها، وهي مضافةٌ إليه مع ديار بكرٍ وما والاها.
4 (حرف الظاء)

4 (ظافر بن تمام بن ظافر.)
أبو العباس الدمشقي، الطحان. حدث عن أبي المعالي بن صابرٍ، روى عنه المجد ابن الحلوانية، وغيره.

(46/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 102
وتوفي في شعبان. وأجاز للشيخ علي بن هارون، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، ولفاطمة بنت سليمان، والقاضي تقي الدين الحنبلي. وخرج عنه البهاء ابن عساكر.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أيدغمش بن أحمد.)
أبو محمد، الدمشقي، الزاهد، المعروف بالمارديني.) صحب المشايخ، وتزهد، وانقطع إليه جماعةٌ، ورزق القبول خصوصاً من الأمراء. وكان كثير الإقدام عليهم والإغلاظ لهم. وسمع من: الحافظ عبد الغني، وغيره. ثم جاور بمكة وبها مات في المحرم.
4 (عبد الله ابن الأمير علي ابن الوزير أبي منصور الحسين ابن الوزير أبي شجاع محمد بن)
الحسين الروذراوري. ثم البغدادي. ولد بإصبهان سنة خمسٍ وخمسين. وسمع من: محمد بن تميم بن محمد اليزدي. أجاز للفخر إسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وابن الشيرازي. وتوفي في جمادى الأولى. كنيته أبو منصور.
4 (عبد الخالق بن طرخان بن الحسين.)

(46/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 103
أبو محمد القرشي، الأموي، الإسكندراني، الحريري. حدث عن عبد الرحمن بن موقا. ومات في ربيع الأول. وهو والد الشرف محمد، الراوي عن ابن المفضل المقدسي.
4 (عبد السلام ابن المطهر ابن قاضي القضاة أبي سعد عبد الله ابن أبي السري محمد ابن هبة)
الله ابن المطهر بن علي بن أبي عصرون. الفقيه، شهاب الدين، أبو العباس، التميمي، الدمشقي، الشافعي. سمع من: جده أبي سعد، ومن يحيى الثقفي، وأحمد ابن الموازيني، وجماعةٍ. وكان فقيهاً، جليل القدر، وافر الديانة. ترسل من حلب إلى بغداد وإلى الأطراف. وانقطع في الآخر بمكانه بالجبل عند حمام النحاس. وكان منهمكاً في التمتع. كان له أكثر من عشرين سرية حتى يبست أعضاؤه وتولدت عله أمراضٌ. روى عنه: البرزالي، والقوصي، والمجد ابن الحلوانية، والمجد ابن أبي جرادة الحاكم،) وجماعةٌ. وحدثنا عنه ابنه تاج الدين محمد. وتوفي في الثامن والعشرين من المحرم.
4 (عبد الكريم بن عمر ابن شيخ الشيوخ صدر الدين عبد الرحيم ابن إسماعيل بن أبي سعد)
النيسابوري.

(46/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 104
ثم البغدادي، الصوفي، أبو سعدٍ. ولد سنة خمس وسبعين. وحدث عن عبيد الله بن شاتيل. وتوفي ذي القعدة.
4 (عبد اللطيف بن أبي المظفر البغدادي.)
أبو طالبٍ، ابن عفيجة. حدث عن أبي الحسين عبد الحق اليوسفي. ومات في ربيع الآخر. روى عنه ابن الشيرازي.
4 (عبد المولى بن عبد السيد بن إبراهيم، بدر الدين.)
القرشي، الدمشقي، الوكيل بمجلس الحكم. حدث عن يحيى الثقفي. روى عنه الشهاب القوصي وقال: مات في المحرم.
4 (عبد الوهاب بن محمود بن الحسن بن علي.)
أبو محمدٍ، الجوهري، التاجر، البغدادي، المعروف بابن الأهوازي. سمع من: يحيى بن ثابت، وأحمد بن المقرب، وأحمد بن محمد بن بكروس. وتوفي في سابع جمادى الأولى، وقد قارب الثمانين. قاله المنذري. قلت: أجاز لكمال الدين أحمد ابن العطار، وللفخر إسماعيل بن عساكر،

(46/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 105
ولزينب بنت الإسعردي، ولمحمد بن يوسف الذهبي، وابن الشيرازي، وفاطمة بنت سليمان. وكتب عنه ابن النجار، وغيره.
4 (علي بن إبراهيم بن علي. القاضي، الإمام، الحافظ.)
) المتقن أبو الحسن، الجذامي، الغرناطي، ابن القفاص. روى عنه: أبي عبد الله بن زرقون، وعبد الحق بن بونه، وأبي زيدٍ السهيلي، وأبي القاسم بن حبيش، وعدةٍ، واعتنى، وقيد، وكتب الكثير. قال ابن الزبيري: كان ضابطاً، فقيهاً، حافظاً جليلاً. اختصر كتاب الاستذكار لابن عبد البر. روى عنه أبو علي بن أبي الأحوص، مات في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين عن سبع وسبعين سنة.
4 (علي بن إسماعيل بن إبراهيم بن جبارة، القاضي.)
الرئيس، شرف الدين، أبو الحسن، الكندي، التجيبي، السخاوي المولد، المحلي الدار، النحوي، المالكي، العدل. ولد في أول سنة أربع وخمسين. وحدث عن السلفي. وتوفي في القاهرة في خامس ذي الحجة، قاله الحافظ المنذري، وروى عنه هو، وشيخنا التاج العراقي.

(46/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 106
وكان من أئمة العلم. أضر بأخرةٍ. نظر في الديوان، وخدم الدولة بالمحلة. وله ديوان شعرٍ كبير. وكان يقرئ النحو. قرأت على علي بن أحمد الهاشمي: أخبرك الأديب شرف الدين علي بن إسماعيل بالقاهرة، أخبرنا أبو طاهرٍ السلفي، أخبرنا أبو الحسين الصيرفي، أخبرنا محمد بن علي الصوري، أخبرنا ابن النحاس، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الحراني، حدثنا هاشم بن مرثد، حدثنا المعافى، حدثنا موسى بن أعين، عن عبد الله، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تجوزوا في الصلاة، فإن خلفكم الضعيف، والكبير، وذا الحاجة.
4 (علي بن الحسن بن أحمد بن رشيد.)
أبو الحسن، الرشيدي، البزاز، الضرير. شيخٌ بغداديٌ. سمع من: عبد الواحد بن الحسين البارزي، ويحيى بن ثابت البقال. وتوفي في ثامن عشر ربيع الأول.) أجاز للفخر ابن عساكر، ولفاطمة بنت سليمان، ولأبي نصرٍ محمد بن محمد المزي. وقد سمع منه ابن الجوهري، وعلي ابن الأخضر، وجماعةٌ بقراءة الحافظ محمد ابن النجار.

(46/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 107
وكتب له ابن النجار: الشيخ الصالح. قرأت على محمد بن محمد، عن علي بن أبي محمد الرشيدي، أن عبد الواحد بن حسين أخبرهم، أخبرنا الحسين بن طلحة، أخبرنا ابن بشران، أخبرنا إسماعيل الصفار، حدثنا عمر بن مدرك، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن سالمٍ، عن ابن عمر، قال: كل استثناءٍ غير موصولٍ فصاحبه حانثٌ.
4 (علي بن علي بن محمد بن نصر بن غنيمة.)
أبو الحسن، الواسطي، البزاز عرف بابن قطب. ولد بواسط سنة خمسٍ وستين. وسمع من أبي طالبٍ محمد بن علي الكتاني. وتوفي في رجبٍ.
4 (علي بن أبي الفتح المبارك بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم.)
أبو الحسن، الواسطي، البرجوني، الفقيه، المقرىء، تقي الدين، ابن باسويه، وهو لقبٌ لأحمد. حفظ القرآن على أحمد بن سالم البرجوني، وقرأ بالعشر على أبي الحسن

(46/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 108
علي بن المظفر الخطيب، وأبي بكرٍ بن منصورٍ الباقلاني. وسمع من أبي طالبٍ الكتاني، ومسعود بن علي بن صدقة، وقدم بغداد، فسمع بها من عبيد الله بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وعبد المنعم بن عبد الله الفراوي، والحافظ أبي بكر محمد بن عثمان الحازمي، وابن بوش، وابن كليب، وجماعةٍ. وقدم دمشق وسكنها، وأقرأ بها، وحدث. وكان جيد الأداء، حسن الأخلاق، ثقةً، فاضلاً. وقد تفقه علي أبي طالب صاحب ابن الخل، ويعيش بن صدقة. سمع منه: الزكي البرزالي، والضياء، والسيف، وابن الحاجب، والقوصي، وابن الحلوانية، وجماعةٌ. وقرأ عليه القراءآت علم الدين القاسم بن أحمد الأندلسي، والتقي يعقوب الجرائدي، والرشيد بن أبي الدر، وغيرهم. وحدثنا عنه أبو القاسم عبد الصمد ابن الحرستاني، ومحمد بن قايماز الطحان، والشهاب بن) مشرف. وبالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، والفخر إسماعيل بن عساكر. وتوفي في ثامن شعبان، وله ست وسبعون سنةً، ودفن بمقبرة باب الصغير. ولسعدٍ، والمطعم منه إجازة.
4 (عمر بن أحمد بن أحمد بن أبي سعد.)
الإمام، أبو حفصٍ، شعرانة، الإصبهاني، المستملي، الحافظ. سمع الكثير، وكتب، وانتخب، وهو الذي رتب مسند الإمام أحمد على أبواب الفقه. وصنف كتاباً في ثمانية أسفارٍ سماه روضة المذكرين وبهجة المحدثين وما أحسبه رحل في الحديث.

(46/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 109
سمع: أبا جعفر الصيدلاني، وعفيفة، وأبا الفضائل العبدكوي، ومحمود بن أحمد الثقفي، ومسعود بن إسماعيل الجنداني، وأبا القاسم الخوارزمي الخطيب، وأبا الماجد محمد بن حامد المصري، وخلقاً سواهم. كأنه عدم بإصبهان في هذا العام رحمه اللهفي الكهولة. روى عنه بالإجازة جماعةٌ من شيوخنا من آخرهم ابن الشيرازي، وابن عساكر الطبيب.
4 (عمر بن علي بن مرشد بن علي.)
الأديب البليغ، شرف الدين، أبو القاسم، الحموي الأصل، المصري المولد والدار، ابن الشيخ أبي الحسن الفارض. سيد شعراء العصر، وشيخ الاتحادية. ولد في رابع ذي القعدة سنة ست وسبعين وخمسمائة بالقاهرة. وسمع بها من بهاء الدين القاسم بن عساكر شيئاً قليلاً. وذكره الحافظ زكي الدين عبد العظيم في معجمه وقال: سمعت منه من شعره.

(46/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 110
وقال في الوفيات: كان قد جمع في شعره بين الجزالة والحلاوة. قلت: وديوان شعره مشهورٌ، وهو في غاية الحسن، واللطافة، والبراعة، والبلاغة، لولا ما شانه بالتصريح بالاتحاد الملعون في ألذ عبارة وأرق استعارةٍ كالفالوذج سمه سم الأفاعي، وهاأنا أذكر لك منه أبياتاً لتشهد بصدق دعواي، فإنه قالتعالى الله عما يقول:
(وكل الجهات السِّتِّ نحوي مشيرةٌ .......... بما تم من نسكٍ وحجٍّ وعمرة)

(لها صلواتي بالمقام أقيمها .......... وأشهد فيها أنَّها لي صلَّت)
)
(كلانا مصلٍّ واحدٌ ساجدٌ إلى .......... حقيقته بالجمع في كلّ سجدة)

(إلى كم أواخي السِّتر ها قد هتكته .......... وحلُّ أواخي الحجب في عقد بيعتي)

(وها أنا أبدي في اتِّحادي مبدئي .......... وأنهي انتهائي فيتواضع رفعتي)

(فإن لم يجوِّز رؤية اثنين واحداً .......... حجاك ولم يثبت لبعد تثبُّت)

(فبي موقفي، لا بل إليَّ توجُّهي .......... ولكن صلاتي لي، ومنِّي كعبتي)

(فلا تك مفتوناً بحسِّك معجباً .......... بنفسك موقوفاً على لبس غرَّة)

(وفارق ضلال الفرق فالجمع منتجٌ .......... هدى فرقةٍ بالاتّحاد تحدَّت)

(وصرِّح بإطلاق الجمال ولا تقل .......... بتقييده ميلاً لزخرف زينة)

(فكلُّ مليحٍ حسنه من جمالها .......... معارٌ له أو حسن كلِّ مليحة)

(بها قيس لبنى هام بل عاشقٍ .......... كمجنون ليلى أو كثيِّر عزَّة)

(وما ذاك إلاَّ أن بدت بمظاهرٍ .......... فظُّنوا سواها وهي فيهم تجلَّت)

(وما زلت إيَّاها، وإيَّاي لم تزل .......... ولا فرق بل ذاتي لذاتي أحبَّت)

(وليس معي في الملك شيءٌ سواي وال .......... معيَّة لم تخطر على ألمعيَّتي)

(وها دحيةٌ وافى الأمين نبيَّنا .......... بصورته في بدء وحي النُّبوَّة)

(أجبريل قل لي كان إذ بدا .......... لمهدي الهدى في صورةٍ بشريَّة)
ومنها:

(46/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 111
(ولا تك ممّن طيّشته دروسه .......... بحيث استقلّت عقله فاستقرّت)

(فثمّ وراء النّقل علمٌ يدقّ عن .......... مدارك غايات العقول السّليمة)

(تلقّيته عنّي ومنّي أخذته .......... ونفسي كانت من عطائي ممدّتي)

(ولا تك باللاهي عن اللّهو جملةً .......... فهزل الملاهي جدّ نفسٍ مجدّة)

(تنزّهت في آثار صنعي منزّهاً .......... عن الشّرك بالأغيار جمعي وألفتي)

(فبي مجلس الأذكار سمع مطالعٍ .......... ولي حانة الخمّار عين طليعتي)

(وما عقد الزنّار حكماً سوى يدي .......... وإن حلّ بالإقرار بي فهي حلّت)

(وإن خرّ للأحجار في البدّ عاكفٌ .......... فلا تعد بالإنكار بالعصبيّة)

(قد عبد الدينار معنى منزهٌ .......... عن العار بالإشراك بالوثنية)
)
(وما زاغت الأبصار من كلّ ملّةٍ .......... وما زاغت الأفكار في كلّ نحلة)

(وما حار من للشّمس عن غرّة صبا .......... وإشراقها من نور إسفار غرّتي)

(وإن عبد النّار المجوس وما انطفت .......... كما جاء في الأخبار في ألف حجّة)

(فما قصدوا غيري وإن كان قصدهم .......... سواي وإن لم يظهروا عقد نيّة)

(رأوا ضوء نوري مرّةً فتوهمو .......... ه ناراً فضلّوا في الهدى بالأشعّة)
توفي ابن الفارض في جمادى الأولى، ثاني يوم منه بمصر. وقد جاور بمكة زماناً. وأنشدنا غير واحد له أنه قال عند الموت هذين البيتين لما انكشف له الغطاء:
(إن كان منزلتي في الحبّ عندكم .......... ما قد لقيت فقد ضيّعت أيّامي)

(أمنيّةٌ وثقت نفسي بها زمناً .......... واليوم أحسبها أضغاث أحلام)

(46/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 112
4 (عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمويه.)
الشيخ شهاب الدين، أبو حفص وأبو عبد الله، القرشي، التيمي، البكري، الصوفي، السهروردي، الزاهد، العارف، شيخ العراقرضي الله عنه. ولد في رجب سنة تسع وثلاثين وخمسمائة بسهرورد. وقدم بغدادوهو أمردفصحب عمه الشيخ أبا النجيب عبد القاهر، وأخذ عنه التصوف والوعظ. وصحب أيضاً الشيخ عبد القادر. وصحب بالبصرة الشيخ أبا محمد بن عبد.

(46/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 113
وسمع من: عمه، وأبي المظفر هبة الله ابن الشبلي، وأبي الفتح بن البطي، ومعمر بن الفاخر، وأبي زرعة المقدسي، وأحمد بن المقرب، وأبي الفتوح الطائي، وسلامة بن أحمد ابن الصدر، ويحيى بن ثابت، وخزيفة ابن الهاطرا، وغيرهم. ومشيختهجزءٌ لطيفٌ اتصل لنا. روى عنه: ابن الدبيثي، وابن نقطة، والضياء، والبرزالي، وابن النجار، والقوصي، والشرف ابن النابلسي، والظهير محمود بن عبيد الله الزنجاني، والشمس أبو الغنائم بن علان، والتقي ابن الواسطي، والعز أحمد بن إبراهيم الفاروثي الخطيب، والشمس عبد الرحمن ابن الزين، والرشيد محمد بن أبي القاسم، والشهاب الأبرقوهي، وآخرون. وبالإجازة البدر حسن بن الخلال، والكمال أحمد ابن العطار، والفخر إسماعيل ابن عساكر، والشمس محمد بن محمد ابن الشيرازي، والتقي سليمان القاضي، وجماعةٌ.) وكناه بعضهم أبا نصر، وبعضهم أبا القاسم. قال الدبيثي: قدم بغداد مع عمه أبا النجيب. وكان له في الطريقة قدمٌ ثابتٌ، ولسانٌ ناطق. وولي عدة ربط للصوفية، ونفذ رسولاً إلى عدة جهات. وقال ابن النجار: كان أبوه أبو جعفر قد قدم بغداد وتفقه على أسعد الميهني. وكان فقيهاً واعظاً، قال لي ابنه: قتل بسهرورد وعمري ستة أشهر. كان ببلدنا شحنة ظالم فاغتاله جماعةٌ، وادعوا أن أبي أمرهم بذلك، فجاء غلمان المقتول وفتكوا بأبي، فمضى العوام إلى الغلمان فقتلوهم، وثارت الفتنة، فأخذ السلطان أربعة منهم وصلبهم حتى سكنت الفتنة. فكبر قتلهم على عمي أبي النجيب، ولبس القباء وقال: لا أريد التصوف. حتى استرضي من جهة الدولة. ثم قال ابن النجار في الشيخ شهاب الدين: كان شيخ وقته في علم الحقيقة، وانتهت إليه الرئاسة في تربية المريدين، ودعاء الخلق إلى الله، وتسليك

(46/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 114
طريق العبادة والزهد. صحب عمه، وسلك طريق الرياضات والمجاهدات. وقرأ الفقه، والخلاف، والعربية، وسمع الحديث، ثم انقطع ولازم الخلوة، وداوم الصوم، والذكر، والعبادة، إلى أن خطر له عند علو سنه أن يظهر للناس ويتكلم عليهم، فعقد مجلس الوعظ بمدرسة عمه على دجلة، فكان يتكلم بكلامٍ مفيد من غير تزويق ولا تنميق. وحضر عنده خلقٌ عظيمٌ. وظهر له قبولٌ عظيمٌ من الخاص والعام، واشتهر اسمه، وقصد من الأقطار، وظهرت بركات أنفاسه على خلقٍ من العصاة فتابوا. ووصل به خلقٌ إلى الله، وصار له أصحابٌ كالنجوم. ونفذ رسولاً إلى الشام مرات، وإلى السلطان خوارزم شاه. ورأى من الجاه والحرمة عند الملوك ما لم يره أحدٌ. ثم رتب شيخاً بالرباط الناصري، وبرباط البسطامي، ورباط المأمونية. ثم إنه أضر في آخر عمره وأقعد. ومع هذا فما أخل بالأوراد، ودوام الذكر وحضور الجمع في محفة، والمضي إلى الحج، إلى أن دخل في عشر المائة، وضعف، فانقطع في منزله. قال: وكان تام المروءة، كبير النفس، ليس للمال عنده قدرٌ، لقد حصل له ألوفٌ كثيرة، فلم يدخر شيئاً، ومات ولم يخلف كفناً. وكان مليح الخلق والخلق. متواضعاً، كامل الأوصاف الجميلة. قرأت عليه كثيراً وصحبته مدةً، وكان صدوقاً، نبيلاً. صنف في التصوف كتاباً شرح فيه أحوال القوم، وحدث به مراراً يعنيعوارف المعارف. قال: وأملى في أخر عمره كتاباً في الرد على الفلاسفة، وذكر أنه دخل بغداد بعد وفاة أبي) الوقت المحدث. وقال ابن نقطة: كان شيخ العراق في وقته، صاحب مجاهدة وإيثارٍ، وطريقةٍ حميدةٍ، ومروءةٍ تامةٍ، وأورادٍ على كبر سنه. وقال يوسف الدمشقي: سمعت وعظ أبي جعفروالد السهرورديببغداد في جامع القصر، وفي المدرسة النظامية، وتولى قضاء سهرورد، وقتل.

(46/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 115
وقال ابن الحاجب: يلتقي هو والإمام أبو الفرج ابن الجوزي في النسب، في القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ابن الصديق أبي بكر رضي الله عنهوقال: هو عمر بن محمد بن عبد الله عمويه بن سعد بن الحسين بن القاسم بن النضر. قلت: وقد ذكرنا نسب ابن الجوزي في ترجمته، أنبأني مسعود بن حمويه: أن قاضي القضاة بدر الدين يوسف السنجاري حكى عن الملك الأشرف موسى أن السهروردي جاءه رسولاً، فقال في بعض حديثه: يا مولانا تطلبت كتا بالشفاءلابن سينا من خزائن الكتب ببغداد، وغسلت جميع النسخ. ثم في أثناء الحديث قال: كان السنة ببغداد مرضٌ عظيم وموتٌ. فقلت: كيف لا يكون وأنت قد غسلت الشفاءمنها. قلت: وقد لبست الخرقة بالقاهرة من الشيخ ضياء الدين عيسى بن يحيى الأنصاري السبتي وقال: ألبسنيها الشيخ شهاب الدين بمكة في سنة سبعٍ وعشرين وستمائة. توفي الشيخ في أول ليلة من السنة ببغداد.

(46/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 116
4 (عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن أبي نصر.)
العلامة، أبو حفص، الفرغاني، الحنفي. مدرس الطائفة الحنفية بالمستنصرية. قدم بغداد واستوطنها. ودرس، واشتغل، وأفتى. وكان مع تفننه بالعلوم صاحب عبادةٍ، وصلاحٍ، ونسكٍ. وله النظم والنثر. توفي في هذا العام. وقد درس قبل بسنجار، وحدث عن الحافظ أبي بكر الحازمي، وغيره.
4 (عيسى بن سليمان بن عبد الله بن عبد الملك.)
أبو موسى، الرعيني، الأندلسي، المالقي، المعروف بالرندي، لأنه نشأ برندة. وقد كنى نفسه) أخيراً: أبا محمد. سمع ببلده من أبي محمد ابن القرطبي، وأبي العباس ابن الجيار، وبحصن اصطبة من إبراهيم بن علي الخولاني. وحج وتوسع في الرحلة، وقدم دمشق وسمع بها الكثير من أبي محمد ابن البن، والموجودين على رأس العشرين وستمائة.

(46/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 117
قال الأبار: كان ضابطاً، متقناً. كتب الكثير لكنه امتحن في صدره بأسر العدو فذهب أكثر ما جلب. وولي خطابة مالقة. وأجاز لي. وتوفي في ربيع الأول، وله إحدى وخمسون سنةً. وقال ابن الحاجب: ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وكان محدثاً، حافظاً، متقناً، أديباً، نبيلاً، ساكناً، وقوراً، نزهاً، وافر العقل، ثقةً، محتاطاً في نقله، يفتش عن المشكل. سألت عنه الحافظ الضياء، فقال: خيرٌ عالمٌ متيقظٌ، ما في طلبة زمانه مثله. وسألت الزكي البرزالي عنه، فقال: ثقةٌ، ثبتٌ، محصلٌ، حدثنا من حفظه أنه قرأ على الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن علي، أخبرنا أبو مروان عبد الرحمن بن محمد بن قزمان، حدثنا محمد بن فرج الطلاع، فذكر حديثاً منالموطأ. قلت: مات ابن قزمان سنة أربعٍ وستين وخمسمائة، وإبراهيم سنة ست عشرة.
4 (عيسى بن سنجر بن بهرام بن خمارتكين.)
حسام الدين، الإربلي، الجندي، الشاعر المفلق، المعروف بالحاجري. وديوانه مشهورٌ. حبس مرةً بقلعة إربل، ثم خلص، ولبس زي الصوفية، واتصل بخدمة صاحب إربل. ثم وثب عليه شخصٌ قتله في شوال، وله خمسون سنة. وغلب عليه الحاجري لكثرة ذكره الحاجر في شعره. وكان ذا نوادر، ومفاكهة، ونحوه قليلٌ، لكن شعره في الذروة.

(46/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 118
4 (حرف الغين)

4 (غانم بن علي بن إبراهيم بن عساكر بن حسين.)
الشيخ، القدوة، الزاهد، أبو علي، الأنصاري، السعدي، المقدسي، النابلسي. أحد مشايخ الطرق. ولد بقرية بورين من عمل نابلس سنة اثنتين وستين وخمسمائة. وسكن القدس عام أنقذه السلطان من الفرنج سنة ثلاثٍ وثمانين، وساح بالشام، ورأى الصالحين. وكان) زاهداً، عابداً، مخبتاً، قانتاً لله، مؤثراً للخمول والانقباض، صاحب أحوالٍ وكراماتٍ. حكى ابنه الشيخ عبد الله: أن أباه أخبره أن رجلاً من الصديقيين اجتمع به ساعة قال: فلما وقعت يدي في يده انتزعت الدنيا من قلبي، ولما نهضت قال لي: وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى. فجعلت هذه الآية قدوتي إلى الله، وسلكت بها في طريقي، وجعلتها نصب عيني لكل شيءٍ قالته لي نفسي. فإن قالت لي: كل، أجوع، وإن قالت: نم، سهرت، وإن قالت: استرح، أتعبتها. قال ابنه عبد الله: انقطع رحمه الله تحت الصخرة في الأقباء السليمانية سنة ستين، وصحب الشيخ عبد الله الأرموي بقية عمره وعاشا جميعاً مصطحبين. قال: وحج ثلاث مرات محرماً من القدس، فقال: رجعت من الحج وأنا مريض لا أستطيع الكلام، فانطرحت في البرية، فجاءني مغربيٌ فسلم، فأومأت له، فقال: قم. فأقامني وجعل يده تحت جناحي، ثم سار بي يحدثني بما أنا فيه وبما يكون مني، لا أشك أني سائر في الهواء غير أني قريبٌ من الأرض مقدار ساعةٍ، ثم قال: اجلس ونم فنمت ونام معي فاستيقظت، فلم أجده، ووجدت نفسي قريباً من الشام وأنا طيبٌ، ولم أحتج بعد ذلك إلى طعامٍ ولا شرابٍ حتى دخلت بيت المقدس.

(46/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 119
ثم أخذ ولده عبد الله يصف توكله وفناءه ومحبته ورضاه ومقاماته، وأن أخلاقه كريمةٌ وهيبته عظيمةٌ، وأنه بقي عشرين سنة بقميصٍ واحد وطاقيةٍ على رأسه، ثم سأله الفقراء أن يلبس جبةً، فلبس، وأنه ما لقي أحداً إلا ابتسم له. قال: ورأيت ابن شير المغربي، وحج سنةً، ثم قدم وحضر عند الفقراء، فقال: كيف كان وصول الشيخ قالوا: الشيخ ما حج. فقال: والله لقد سلمت عليه على الجبل وصافحته، ثم أتى إليه وسلم عليه، وقال: يا شيخ غانم أما سلمت عليك بالجبل فتبسم وقال: يا شمس الدين هذا يكون بحسن نظرك والسكوت أصلح. وحكى الشيخ القدوة إبراهيم بن عبد الله الأرموي قال: حضرت مع والدي سماعاً حضره الشيخ غانم والشيخ طيٌ والشيخ عليٌ الحريري، فلما تكلم الحادي حصل للشيخ غانم حالٌ، فحملني وقام بي، ودار مراراً، فنظرت، فإذا بي في غير ذلك الموضع، ورأيت بلاداً عجيبةً، وأشجاراً غير المعهودة، وناساً موشحين بوزراتٍ، حتى رأيت شخصاً خارجاً من باب حديقةٍ) وهو يسوق بقرةً، فهالني ذلك. فلما جلس بي الشيخ، قال له الشيخ طيٌ أو غيره: أيش كانت وظيفة ولد الشيخ عليك في هذه القومة فلم ينطق. فقال والدي: الشيخ عبد الله فرج ولدي في إقليم الهند وجاء، فسكت الشيخ غانم. هذه الحكاية يرويها قاضي القضاة أبو العباس بن صصرى، والشيخ علاء الدين علي ابن شيخنا شمس الدين محمد سبط الشيخ غانم. وقد أفرد سيرة الشيخ غانم في جزء مليحٍ حفيد شيخنا شمس الدين المذكور المولى الأمام أبو عبد الله محمد ابن الشيخ علاء الدين أبقاهما الله ورحمهما وقال: توفي في غرة شعبان سنة اثنتين وثلاثين، ودفن في الحضرة التي بها صاحبه ورفيقه الشيخ عبد الله الأرموي بسفح قاسيون.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الملك.)

(46/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 120
أبو عبد الله، ابن مشليون، الأنصاري، الفقيه الأندلسي. روى عن أبي بكر بن نمارة، وغيره. أخذ عنه الأبار وقال: توفي في ربيع الأول، وله تسعون سنة.
4 (محمد بن أحمد بن محمد بن علي.)
أبو عبد الله، القادسي، الكتبي، صاحب التاريخ. حدث عن عبيد الله بن شاتيل الدباس، وغيره. وكان رجلاً فاضلاً، ذا اعتناء بالتواريخ والحوادث. أجاز لتاج الدين إسماعيل بن إبراهيم بن قريش المخزومي، ولفاطمة بنت سليمان الأنصاري، وجماعةٍ. وتوفي في التاسع عشر من جمادى الآخرة ببغداد. وهو منسوبٌ إلى القادسية التي بين سامراء وبغداد، لا قادسية الكوفة التي كانت بها الوقعة المشهورة. وقد ذكرنا والده من سنواتٍ.
4 (ابن القاضي أبي محمد جامع بن عبد الباقي بن عبد الله بن علي، علاء الدين.)
أبو المعالي، التميمي، الأندلسي، ثم الدمشقي.) سمعه أبوه من: بركاتٍ الخشوعي، وعبد اللطيف بن أبي سعد، والقاسم بن عساكر، وعمر بن طبرزد، وجماعةٍ. وبمصر من عبد الله بن محمد بن مجلي، وجماعة. وبحران من عبد القادر الرهاوي الحافظ. وبحماة، وحلب. وحدث.

(46/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 121
ووالده:
4 (جامع بن باقي من أصحاب السلفي.)
روى عنه ابن خليل في معجمه وغيره. روى عن محمد زكي الدين البرزالي، ومجد الدين ابن الحلوانية. وتوفي في ذي الحجة بدمشق.
4 (محمد بن جعفر بن أحمد، أبو عبد الرحمن.)
المخزومي، الشقري. سمع أباه، وحج، فأخذ عن العلامة أبي محمد عبد الحق الإشبيلي نزيل بجاية كتاب التهجد له. ولم يكن له معرفةٌ بالحديث، بل له حظ مبرور من منظوم ومنثور. وتوفي في شوال.
4 (محمد بن حسن بن محمد.)
أبو عبد الله، الأنصاري. من أهل قرطاجنة عمل مرسية. روى عن: خاله أبي الحسن بن أبي العافية، وأبي بكر بن أبي جمرة. وولي قضاء موضعه أربعين سنة. وكان له حظٌ من الفقه والأدب. توفي في شوال، وله ثمان وسبعون سنة.
4 (محمد بن دلف بن كرم بن فارس.)
أبو الكرم، العكبري، القصار. ولد سنة إحدى وستين. وسمعه أبوه من: عبد الله بن أحمد ابن النرسي، ويحيى بن ثابت، ومسلم بن ثابت ابن النخاس. وحدث، ومات في صفر.

(46/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 122
4 (محمد بن أبي غالب زهير بن محمد.)
) وجيه الدين، الأصبهاني، الزاهد، يعرف بشعرانة. سمعصحيح البخاري من أبي الوقت بإصبهان. وطال عمره. وحدث مدةً. وأجاز في سنة ثلاثين وسنة إحدى وثلاثين لأهل الشام. وكان شيخاً صالحاً، عابداً. أجاز لمحمد بن أبي العز بن مشرف، وإبراهيم بن علي بن الحبوبي، وفاطمة بنت سليمان، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، وللقاضي تقي الدين سليمان، وجماعةٍ. وحدث عنه القاضي كتابةً بصحيحالبخاري.
4 (محمد بن عبد الواحد بن أبي سعد.)
أبو عبد الله المديني، الشافعي، الواعظ. ولد في ذي الحجة سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة بمدينة جي. وسمع من: أبي القاسم إسماعيل بن علي الحمامي، وأبي الوقت السجزي، وأبي الخير محمد بن أحمد الباغبان، وغيرهم. روى عنه الضياء المقدسي، وابن النجار. وسمعنا بإجازته على الشرف أحمد بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والأمين أحمد بن رسلان، والقاضي تقي الدين سليمان، وغيرهم.

(46/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 123
قال ابن النجار: هو واعظٌ، مفتٍ، شافعيٌ. له معرفةٌ بالحديث وله قبولٌ عند أهل بلده. وحدثني عن أبي الوقت بجزء بيبى، وفيه ضعف. وبلغنا أنه قتل بإصبهان شهيداً على يد التتار في أواخر رمضان سنة اثنتين. قلت: أخذت التتار إصبهان في هذا العام، وسلمت منهم إلى هذا الوقت وقتلوا بها خلقاً لا يحصون.
4 (محمد بن عبد الرشيد بن محمد بن عبد الرشيد بن ناصر.)
أبو الفضل، الإصبهاني. من بيت العلم، والزهد. وولد سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة. وسمع من أحمد بن ينال الترك. وصحب الصوفية. وكان يعظ في القرى.) كتب عنه ابن النجار، وغيره. وقال ابن النجار بلغنا أنه قتل بإصبهان في شوال. قلت: هذا لم أره فيمن أجاز للقاضي تقي الدين.
4 (محمد بن عماد بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن أبي يعلى.)
أبو عبد الله، الجزري، الحراني، الحنبلي، التاجر. ولد بحران يوم الأضحى سنة اثنين وأربعين وخمسمائة. وقدم ديار مصر وهو مراهقٌ، فسمع الخلعيات من عبد الله بن رفاعة

(46/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 124
الفرضي. وسمع بالإسكندرية من السلفي. وببغداد من: أبي الفتح ابن البطي، ويحيى بن ثابت، وأبي حنيفة محمد بن عبيد الله الخطيبي، وأبي محمد ابن الخشاب، وعبد الله بن منصور الموصلي، وسعد الله ابن الدجاجي، وأبي بكر بن النقور، وشهدة، وأحمد بن المقرب، والأبله الشاعر، وغيرهم. وروى بالإجازة عن هبة الله بن أبي شريك، وأبي القاسم ابن البناء، وأبي الوقت. وسمع بمصر أيضاً من علي بن نصر الأرتاحي، عن أبي علي بن نبهان. روى عنه: ابن النجار، والزكي المنذري، ومحمد بن عبد الخالق بن طرخان الكندي، وعطية بن ماجد، وعلي بن عبد الله المنبجي، وجمال الدين محمد بن أحمد الشريشي الفقيه، وعبد المنعم ابن النجيب عبد اللطيف الحراني، وأبي محمد بن غلام الله ابن الشمعة، والتاج عبد الغني الجذامي، ومحمد بن عثمان الإربلي، وأبو العز بن محاسن، وكافور الصواف، وطائفةٌ. وحدثنا عنه محمد بن الحسين الفوي، وعلي بن أحمد العلوي، ويحيى بن أحمد الصواف، وآخر من روى عنه هو بالسماع، والقاضي تقي الدين سليمان بالإجازة. وكان ثقةً، صدوقاً، صالحاً. ذكره عمر ابن الحاجب فقال: شيخٌ عالمٌ، فقيهٌ، صالحٌ، كثير المحفوظ، ثقةً، حسن الإنصات، كثير السماع. سمع الكثير بإفادة خاله. وأصوله بأيدي المحدثين، وطال عمره. وسكن الإسكندرية، ورحل إليه. وتوفي في عاشر صفر بالإسكندرية.
4 (محمد بن غسان بن غافل بن نجاد بن غسان بن غافل بن نجاد بن ثامر الحنفي، الأمير،)
الأنصاري.

(46/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 125
الخزرجي، الحمصي، سيف الدولة، أبو عبد الله.) ولد بحمص في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وقدم دمشقوهو صبيفسمع من الصائن هبة الله، والحافظ علي ابني الحسن بن هبة الله، وأبي المظفر سعيد بن سهل الفلكي، وأبي المكارم عبد الله بن هلال، وعلي بن أحمد الحرستاني، وعبد الخالق بن أسد الحنفي، وغيرهم. روى عنه: الضياء، ابن خليل، والجمال ابن الصابوني، وسعد الخير النابلسي، وأخوه نصرٌ، وعلي بن عثمان اللمتوني، وسليمان بن داود بن كسا، والمؤيد علي بن إبراهيم الكاتب، والشرف أحمد بن عساكر، وأحمد بن عبد الرحمن المنقذي، ومحمد بن حازم، والعز أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطي، وآخرون. وآخر من روى عنه حضوراً البهاء قاسم بن عساكر. وكان يعيش من ملكه، ويواظب على الصلاة في جماعة. توفي في ثالث عشر شعبان.
4 (محمود بن إبراهيم بن سفيان بن إبراهيم بن عبد الوهاب ابن الحافظ أبي عبد الله محمد بن)
إسحاق بن مندة. أبو الوفاء، العبدي، الإصبهاني. من بيت الحديث والرواية، حدث من بيته طائفةٌ كبيرةٌ. وسمع من: أبي رشيد أحمد بن محمد الفيج، ومسعود بن الحسن الثقفي، وأبي الخير محمد بن أحمد الباغبان، والحسن الثقفي، وأبي الخير محمد بن أحمد الباغبان، والحسن بن العباس الرستمي، وعبد المنعم بن محمد بن سعدويه، وجماعة.

(46/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 126
قال ابن النجار: سمع كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا، وكتاب حلم معاوية، وكتابالرقة والبكاء، وكتابالموت، وكتابالتهجد، لابن أبي الدنيا، وكتا بالإيمانلابن مندة في مجلدة، سمعه من الرستمي، عن عبد الوهاب بن مندة، عن أبيه. فأما التهجدفسمعه من مسعود الثقفي. وأماالرقة والمحتضرينفسمعه من أبي الخير الباغبان. وأماذكر الموتوحلم معاوية فسمعه من أبي عبد الله الرستمي بسندهم. روى عنه: ابن النجار، والضياء، وعبد الصمد بن أبي الجيش، والكمال عبد الرحمن المكبر شيخ المستنصرية، وآخرون. وبالإجازة القاضيان شهاب الدين ابن الخويي، وتقي الدين) سليمان، والشرف ابن عساكر، وأبو الحسين علي ابن اليونيني، والعماد إسماعيل ابن الطبال، وإبراهيم بن علي ابن الحبوبي، وفاطمة بنت سليمان، والشيخ علي بن هارون القارىء، ومحمد بن مشرف، والأمين أحمد بن أبي بكر ابن البعلبكي، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، ومحمد بن يوسف الذهبي، وعزية بنت محمد الكفر بطنانية، وغيرهم. وكان مولده في سنة خمسين أو اثنتين وخمسين وخمسمائة، وسمع الكثير، فمن ذلك، قال: من مسموعاتي كتبمعرفة الصحابة للإمام أبي عبد الله جدي، سمعته من أبي الخير الباغبان سنة ست وخمسين وخمسمائة. قلت: وأكثر سماعاته وهو في الخامسة، فإنه كتب: وولادتي في سنة اثنتين وخمسين. وعدم في أخذ إصبهان هو، ومحمد بن عبد الواحد المدينيوقد مر، ومحمد بن زهير شعرانة وقد مر.
4 (وأبو بكر بن أحمد بن محمد ابن الحافظ أبي حامد بن كوتاه.)

(46/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 127
الإصبهاني صاحب أحمد بن ينال.
4 (وأبو الفتوح محمد بن محمد بن أبي المعالي الوثابي الإصبهاني.)
الراويمسند الشافعي عن رجاء بن حامد المعداني، عن مكي السلار. وسمع من جده أبي المعالي كتاب الذكر لابن أبي الدنيا، بسماعه من طراد الزينبي، وسمع جامع الترمذي من شاكر الأسواري: أخبرنا أبو الفتح الحداد، أخبرنا إسماعيل بن ينال، إجازة، أخبرنا ابن محبوب، أخبرنا الترمذي. وكان مولد في سنة أربعٍ وخمسين.
4 (وابنه أبو علي محمد بن محمد.)
وله سماعات كثيرة من عين الشمس الثقفية، وطبقتها.
4 (ومحمد بن أبي سعيد بن أبي الرجاء بدر بن أبي الفتح الراراني.)
أبو عبد الله. سمع شيئاً كثيراً بعد الستين وخمسمائة.
4 (والفقيه الحافظ المحدث ظهير الدين أبو محمد عبد الأعلى ابن العلامة عبد الله محمد بن)
أبي القاسم ابن القطان الرستمي الإصبهاني.) مكثرٌ عن الترك وأبي موسى المديني، وبنيمان بن أبي الفوارس، وأبي رشيد إسماعيل بن غانم. وسمع حضوراً مسندالشافعي من أبي بكر محمد بن أحمد بن ماشاذة. ومعجمهذكر أنه خمسمائة وخمسون نفساً. وقد ذكر أنه سمع كتباً كباراً كدلائل النبوة، وحلية الأولياءلأبي نعيم، ومعالم السنن للخطابي، وغير ذلك. وولد سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة.

(46/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 128
4 (والزاهد صائن الدين أبو القاسم جامع بن إسماعيل بن غانم الإصبهاني المقرىء الصوفي)
المعروف بيالة. راويجزءلوين، عن أبي بكر محمد بن أبي القاسم بن محمد الصالحاني.
4 (والشيخ عماد الدين أبو العباس أحمد بن أحمد بن عبد الغفار ابن أميركا.)
الذين يروي عن أبي جعفر محمد بن الحسن الصيدلاني.
4 (والشيخ جمال الدين أبو محمد أسعد بن أحمد بن محمد بن معدان الإصبهاني السمسار.)
الذي يروي عن القاسم بن الفضل الصيدلاني.
4 (وأبو عبد الله محمد ابن النجيب أحمد بن نصر بن طاهر الإصبهاني.)
الذي يروي عن إسماعيل بن غانم.
4 (وابن عمه محمد بن سعيد بن أحمد بن أبي طاهر الأسواري.)
وأحسبه ابن عم محمدالذي قبله. يروي أيضاً إسماعيل بن غانم.
4 (والإمام أبو نجيح محمد بن معاوية بن محمد بن أحمد الإصبهاني المقرىء.)
مقرىء أهل إصبهان. له روايةٌ عن الحافظ أبي موسى المديني.
4 (وأبو إسحاق إبراهيم بن إبراهيم الإصبهاني، المقرىء، المستملي.)
سمع أحمد بن ينال الترك. وكان شيخاً صالحاً.
4 (والمحدث الواعظ أبو الماجد محمد بن صالح بن أحمد ابن المصلح أبي عبد الله بن أحمد)
بن علي الإصبهاني، الحنبلي.)

(46/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 129
سمع من جد أبيه المصلح جميع الحلية: أخبرنا الحداد، أخبرنا المصنف أبو نعيمٍ. وسمع صحيح مسلم من جده.
4 (والإمام المحدث أبو حفص عمر بن أحمد بن أحمد بن أبي سعد الإصبهاني، المستملي)
شعرانة، الشيخ السلفي. سمع وخرج وكتب الكثير وصنف ورتب مسندالإمام أحمد على أبواب الفقه والأحكام. وصنف كتاباً آخر في ثمان مجلداتٍ سماهروضة المذكرين وبهجة المحدثين. وسمع عن أبي جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني، وأبي الفضائل العبد كوي، ومحمد بن أحمد الثقفي، وطبقتهم. وقد تفرد القاضي تقي الدين سليمان بالراوية بحكم الإجازة المحققة عن هؤلاء المذكورين، وعن خلق سواهم أذنوا له ولغيره في الرواية، وكاتبوه من إصبهان. واستشهد سائرهم بسيف التتار الكفرة في هذا العام. ومن سلم منهم أضمرته البلاد وانقطع خبره. فسبحان وارث الأرض ومن عليها ومعيد من خلق منه إليها. ولقد كانت إصبهان تكاد أن تضاهي بغداد في علو الإسناد في زمان أبي محمد بن فارس، والطبراني، وأبي الشيخ. ثم كان بعدهم طبقةٌ أخرى في العلو وهم: أبو بكر ابن المقرىء، وغيره. ثم طبقة أبي عبد الله بن مندة العبدي، وأبي إسحاق بن خرشند قوله، وأبي جعفر ابن المرزبان الأبهري، ثم طبقة أبي بكر بن مردويه، وأبي نعيم. ثم طبقة ابن ريذدة، وأبي طاهر بن عبد الرحيم، ورواة أبي الشيخ. ثم طبقة أصحاب ابن المقرىء. ثم أصحاب ابن مندة. ثم طبقة من بعدهم هكذا إلى أن سلط الله عليهم بذنوبهم العدو الكافر ليكفر عنهم ويعوضهم بالآخرة الباقية. فنسأل الله العفو والعافية. وأبو الوفاء محمود ابن منده، هو آخر من روى الحديثفيما علمتمن أهل بيته، وكان يلقب بجمال الدين.

(46/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 130
4 (محمود بن عبد الله بن محمد بن يوسف.)
أبو الثناء، المغربي الأصل. الرومي المولد، المصري الدار المؤذن، الحنفي، ابن الملثم، المعروف بالعجمي. قدم مصر في حدود السبعين وخمسمائة. وسمع من: علي بن هبة الله الكاملي، وهبة الله بن علي الأنصاري، وجماعة.) وأجاز له السلفي. وحصل أصولاً، وكتباً كثيرة، وأنفق على المحدثين جملةً. روى عنه الزكي المنذري، وعمر ابن الحاجب ووصفه بالصلاح. مولده بأقصرا سنة خمس وأربعين وخمسمائة. ومات في خامس ربيع الأول. وقد أذن للسلطان مدةً طويلةً.
4 (محمود بن علي بن محمود بن قرقين، الأمير الفاضل.)
شمس الدين، أبو الثناء الجندي المقرىء. ولد بدمشق سنة أربعٍ وستين وخمسمائة. وسمع من أبي سعد من أبي عصرون. وسكن بعلبك واختص بملكها الملك الأمجد. وكان أديباً، منشئاً، شاعراً، يرجع إلى ديانةٍ وخيرٍ. روى عنه: تاج الدين محمد بن أبي عصرون، ومجد الدين ابن العديم، ومحمد بن يوسف الذهبي، وقبلهم البرزالي.

(46/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 131
وكانت وفاته في شوال بمدينة بصرى.
4 (المهذب بن الحسين بن أبي غانم محمد بن الحسين بن الحسن بن زينة.)
أبو غانم، الإصبهاني، الحافظ. ولد في حدود السبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح الخرقي، وأحمد بن ينال الترك، وأبي موسى الحافظ، ووالده أبي ثابت، وطبقتهم. وأكثر عن أصحاب أبي علي الحداد كأبي جعفر الطرسوسي، وغيره. وسمع منه الزكي البرزالي، وغيره. قال ابن نقطة: دخلت إصبهان وهو بقرية، فلم يقدر لي لقيه، وهو حافظٌ، ثقةٌ، وقيد زينة بالكسر. ولا أدري متى مات، لكنه أجاز للقاضي تقي الدين سليمان في سنة ثلاثين وستمائة.
4 (مهلهل بن عبد الله بن مهلهل.)
) أبو السعادات، القطيعي. سمع من أبي المكارم المبارك بن محمد البادرائي. وحدث. توفي في منتصف جمادى الآخرة.
4 (حرف النون)

4 (ناصر بن سعد بن رشيد.)
أبو محمد، العراقي، الحربوي، الكاتب المجود. تنقل في الخدم. وكتب بين يدي الوزير ابن الناقد.

(46/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 132
4 (حرف الواو)

4 (وائلة بن بقاء بن أبي نصر بن عبد السلام.)
أبو الحسن البغدادي، الحريمي، الملاح، المعروف بابن كراز. سمع من أبي علي أحمد ابن الرحبي رابع المحامليات. كتب عنه عبد اللطيف بن بورنداز، وعمر ابن الحاجب، والطلبة. وروى عنه التقي ابن الواسطي، والشمس ابن الزين، والشهاب الأبرقوهي. وبالإجازة الفخر بن عساكر، وغيره. وتوفي في السابع والعشرين من رجب. وكان صالحاً، خيراً. أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي، أخبرنا وائلة بن كراز بقراءة ابن نقطة الحافظ، أخبرنا أبو علي أحمد بن محمدحوأخبرنا أبو المعالي، أخبرنا نصر بن عبد الرزاق الفقيهحوأخبرنا أحمد ابن العماد، ومحمد بن بطيخ، وعبد الحميد بن خولان، وأحمد بن مؤمن، قالوا: أخبرنا عبد الرحمن بن نجم الواعظح. وأخبرتنا خديجة بنت عبد الرحمن، أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم حضوراً في الرابعة، قالوا: أخبرتنا شهدة الكاتبة. قالا: أخبرنا الحسين بن طلحة ح. وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا محمد بن هبة الله بن عبد العزيز، أخبرنا عمي محمد بن العزيز الدينوري، أخبرنا عاصم بن الحسن، قالا: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد، حدثنا الحسين بن إسماعيل القاضي، حدثنا القاسم بن محمد المروزي، حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن مطرفٍ، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد، جافى بطنه عن فخذيه.)

(46/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 133
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن إبراهيم بن عبد الأعلى.)
أبو الفتح، الواسطي، الخطيب. حدث عن هبة الله بن نصر الله بن الجلخت. وتوفي في صفر.
4 (يحيى بن مظفر بن موسى.)
الإمام، أبو زكريا، الهاشمي، الواسطي. المعروف بابن الصابوني، الواعظ، الفقيه، الشاعر. سمع الحديث، وقال الشعر.
4 (يوسف بن رافع بن تميم بن عتبة بن محمد بن عتاب.)

(46/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 134
قاضي القضاة، بهاء الدين، أبو المحاسن وأبو العز، الأسدي، الحلبي الأصل، الموصلي المولد والمنشأ، الشافعي، الفقيه، المعروف بابن شداد. ولد في رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. وحفظ القرآن. ولزم أبا بكر يحيى بن سعدون القرطبي فقرأ عليه القراءآت والعربية، وسمع منه ومن أسعد حفدة العطاري، وابن ياسر الجياني، وأبي الفضل خطيب الموصل، وأخيه عبد الرحمن بن أحمد، والقاضي أبي الرضا سعيد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري، وأبي البركات عبد الله بن الخضر ابن الشيرجي الفقيه، ويحيى الثقفي. وببغداد من شهدة الكاتبة، وأبي الخير أحمد بن إسماعيل القزويني. وتفقه، وتفنن، وبرع في العلم. وحدث بمصر، ودمشق، وحلب. روى عنه: أبو عبد الله الفاسي المقرىء، والزكي المنذري، والكمال العديمي، وابنه المجد، والجمال ابن الصابوني، والشهاب القوصي، ونصر الله وسعد الخير ابنا النابلسي، والشهاب الأبرقوهي، وأبو صادق محمد بن الرشيد العطار، وسنقر القضائي، وجماعةٌ. وبالإجازة قاضي القضاة تقي الدين سليمان، وأبو نصر محمد بن محمد ابن الشيرازي، وجماعةٌ. وكانكما قال عمر ابن الحاجب: ثقةً، حجةً، عارفاً بأمور الدين، اشتهر اسمه، وسار ذكره. وكان ذا صلاحٍ وعبادةٍ. وكان في زمانه كالقاضي أبي يوسف في زمانه. دبر أمور الملك) بحلب، واجتمعت الألسن على مدحه. وأنشأ

(46/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 135
دار حديثٍ بحلب. وصنف كتابدلائل الأحكامفي أربع مجلدات. وحكى القاضي ابن خلكان، أن بعض أصحابه حدثه قال: سمعت القاضي بهاء الدين يقول: كنا في النظامية فاتفق أربعةٌ من فقهائها أو خمسةٌ على شرب البلاذر، واشتروا قدراً قال لهم الطبيبواستعملوه في مكانٍ، فجنوا، ونفروا إلى بعد أيامٍ وإذا واحدٌ منهم قد جاء إلى المدرسة عرياناً بادي العورة، وعليه بقيار كبيرٍ بعذبة إلى كعبه، وهو ساكتٌ مصممٌ، فقام إليه فقيهٌ، وسأله عن الحال، فقال: اجتمعنا وشربنا البلاذر فجن أصحابي وسلمت أنا وحدي، وصار يظهر العقل العظيم، وهم يضحكون وهو لا يدري. وقال القاضي شمس الدين ابن خلكان: انحدر إلى بغداد، وأعاد بها، ثم مضى إلى الموصل، فدرس بالمدرسة التي أنشأها القاضي كمال الدين ابن الشهرزوري. وانتفع به جماعةٌ. ثم حج سنة ثلاثٍ وثمانين وزار الشام، فاستحضره السلطان صلاح الدين، وأكرمه، وسأله عن جزء حديث ليسمع منه، فأخرج لهجزءاً فيه أذكار منالبخاريفقرأه عليه بنفسه. ثم جمع كتاباً مجلداً في فضائل الجهاد وقدمه للسلطان، ولازمه فولاه قضاء العسكر المنصور وقضاء القدس. وكان حاضراً موت صلاح الدين. ثم خدم بعده ولده الملك الظاهر، فولاه قضاء مملكته، ونظر أوقافها سنة نيفٍ وتسعين. ولم يرزق ولداً، ولا كان له أقارب. وتفق أن الملك الظاهر أقطعه إقطاعاً يحصل له منها جملةٌ كثيرةٌ، فتصمد له مالٌ كثيرٌ، فعمر منه مدرسةً سنة إحدى وستمائة، ثم عمر في جوارها دار حديث وبينهما تربة له. قصده الطلبة واشتغلوا عليه للعلم والدنيا. وصار المشار إليه في تدبير الدولة بحلب إلى أن كبر، واستولت عليه البرودات والضعف، فكان يتمثل بهذا:
(من يتمنّ العمر فليدّرع .......... صبراً على فقد أحبابه)

(ومن يعمّر يلق في نفسه .......... ما يتمنّاه لأعدائه)

(46/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 136
وقال شيخنا ابن الظاهري: ابن شداد هو جد قاضي القضاة بهاء الدين هذا لأمه، فنسب إليه. وقال الأبرقوهي: قدم مصر رسولاً غير مرة آخرها القدمة التي سمعت منه فيها. وقال ابن خلكان: كان يكنى أولاً أبا العز فغيرها بأبي المحاسن. وقال: قال في بعض تواليفه: أول من أخذت عنه شيخي صائن الدين القرطبي، فإني لازمت) الراءة عليه إحدى عشرة سنةً، وقرأت عليه معظم ما رواه من كتب القراءآت، والحديث وشروحه، والتفسير، وكتب لي خطه بأنه ما قرأ عليه أحدٌ أكثر مما قرأت عليه. إلى أن قال: ومن شيوخي سراج الدين محمد بن علي الجياني قرأت عليهصحيحمسلم كله بالموصل، والوسيط للواحدي، وأجاز له سنة تسعٍ وخمسين. ومنهم: فخر الدين أبو الرضا أسعد ابن الشهرزوري سمعت عليه مسند أبي يعلى، ومسند الشافعي، وسننأبي داود، وجامع الترمذي. وسمعت من جماعة، منهم: شهدة ببغداد. قال ابن خلكان: أعاد بالنظامية ببغداد في حدود السبعين. وحج سنة ثلاثٍ وثمانين. وقدم زائراً بيت المقدس، فبالغ في إكرامه صلاح الدين، فصنف له مصنفاً في الجهاد وفضله. وكان شيخنا وأخذت عنه كثيراً. وكتب صاحب إربل في حقي وحق أخي كتاباً إليه يقول: أنت تعلم ما يلزم من أمر هذين الوالدين وأنهما ولدا أخي، وولدا أخيك، ولا حاجة مع هذا إلى تأكيدٍ. فتفضل القاضي وتلقانا بالقبول والإكرام وأحسن حسب الإمكان، وكان بيده حل الأمور وعقدها، ولم يكن لأحد معه كلامٌ. ولا يعمل الطواشي شهاب الدين طغريل شيئاً إلا بمشورته، وكان للفقهاء به حرمةٌ تامةٌ وافرةٌ، وطال عمره. وأثر الهرم فيه حتى

(46/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 137
صار كالفرخ وضعفت حركته. ثم طول ترجمته وهي ثمان ورقات منها، قال: وكان القاضي يسلك طريق البغاددة في أوضاعهم، ويلبس زيهم، والرؤساء ينزلون عن دوابهم إليه على قدر أقدارهم. ثم سار إلى مصر لإحضار ابنة الكامل لزوجها العزيز، فقدم وقد استقل العزيز بنفسه ورفعوا عنه الحجر ونزل طغرل إلى البلد. واستولى على العزيز جماعة شبابٍ يعاشرونه فاشتغل بهم، ولم ير القاضي وجهاً يرتضيه، فلازم داره إلى أن مات وهو باقٍ على القضاء. ولم يبق له حديثٌ في الدولة، فصار يفتح بابه لإسماع الحديث كل يوم، وظهر عليه الخرف بحيث أنه صار إذا جاءه إنسان، لا يعرفه، وإذا عاد إليه، لا يعرفه، ويسأل عنه، واستمر على هذا الحال مديدةً. ثم مرض أياماً قلائل، ومات يوم الأربعاء رابع عشر صفر بحلب. وقد صنف كتابملجأ الحكامفي مجلدين، وكتابسيرة صلاح الدينفجودها.
4 (يوسف ابن الوزير الجليل أبي محمد عبد الله ابن القاضي أبي الحسن علي بن الحسين)
الشيبي. الدميري، المصري، الوزير العالم تاج الدين، أبو إسحاق، المعروف بابن شكر.) ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بمصر. وتفقه، وبرع، وقرأ الأدب، ودرس بمدرسة الصاحب والده. وأخذ بدمشق عن تاج الدين أبي اليمن الكندي. وناب عن والده بالشام ومصر مدةً. وولي وزارة الجزيرة وديار بكرٍ مدة. توفي في حادي عشر رجب بحران. روى عنه القوصي في معجمه شعراً.

(46/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 138
4 (الكنى)

4 (أبو بكر بن أبي زكري الكردي.)
الأمير الكبير، سيف الدين، من كبار الدولة الكاملية. وله مواقف مشهودةٌ. ذكره المنذري فيالوفياتفق ال: توفي ليلة ثالث عشر محرم ودفن قريباً من قبر ذي النون المصريرضي الله عنه. قال: وكان شجاعاً، وكريماً، عزيز النفس، عالي الهمة. وهو أحد الأمراء المشهورين.
4 (وفيها ولد)
المفتي علاء الدين علي بن محمد بن خطاب الباجي الشافعي بدمشق. والفقيه عماد الدين عبد الرحمن بن محمد بن علي المكي. ونجم الدين عمر بن أبي القاسم بن أبي الطيب، الوكيل بالبلاد الشامية. وشمس الدين محمد بن منصور بن موسى الحاضري المقرىء. والزين أحمد بن شمخ بن ثابت العرضي، وأخوه محمدٌ توأماً. وخطيب جماعيل أيوب بن يوسف بن محمد الحنبلي. وعمر بن أبي طالب بن محمد ابن القطان. ويحيى بن محمد بن الحسين السفاقسي الإسكندري. والأمين عبد القادر بن محمد الصعبي. والبهاء عبد المحسن بن محمد بن أحمد ابن العديم العقيلي الصوفي.

(46/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 139
4 (وفيات سنة ثلاثٍ وثلاثين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عمر ابن الزاهد الكبير أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة.)
) جمال الدين، أبو حمزة وأبو طاهرٍ، المقدسي، الحنبلي. ولد في رجب سنة تسع وستين. رحل إلى بغدادوهو صبيٌ مع بعض أقاربه وسمع من: نصر الله القزاز، وعبيد الله بن شاتيل، وابن كليب، وعبد الخالق بن عبد الوهاب، وأبي الفرج ابن الجوزي. وبدمشق من: الخضر بن طاوس، وأبي المعالي ابن صابر، وأبي المجد ابن البانياسي، وابن صدقة الحراني. واشتغل اشتغالاً يسيراً، ثم اشتغل بالخدمة، وتعانى ركوب الخيل والفروسية. وحضر مرة مع الغيارة، فحمل وقتل إفرنجياً، وفرسه، فهابه الأجناد، وصار له بذلك عندهم منزلةٌ. وتولى على قرية جماعيل مدة. روى عنه: عمه الشيخ شمس الدين، والحافظ الضياء، والشمس محمد ابن الكمال، والعز أحمد ابن العماد والتقي أحمد بن مؤمن، وعبد الحميد ابن خولان، وطائفةٌ آخرهم حفيده القاضي تقي الدينأبقاه الله. توفي الجمال أبو حمزة في خامس ربيع الأول، ودفن عند جده الشيخ أبي عمر.

(46/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 140
4 (أحمد بن أبي عبد الله محمد بن أبي عبد الله محمد بن عبد العزيز بن إسماعيل.)
أبو الحسين، الأنصاري، الخزرجي، التلمساني، ثم المصري، الشيخ موفق الدين. ولد بمصر في سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة، وأدرك ابن رفاعة، وكان يمكنه السماع منه، لكن كانت السنة غامرةً ميتةً بدولة بني عبيد أصحاب مصر، فلما أزال السلطان صلاح الدين دولتهم ولله الحمد أظهر السنة والرواية والآثار وهلم جراً. وإنما سمع هذا من البوصيري، وبحران من عبد القادر الرهاوي. روى عنه الزكي المنذري، وغيره، قال: توفي في ربيع الآخر. انقطع في آخر عمره بالرباط المجاور للجامع العتيق وجمع مجاميع في التصوف بعبارةٍ حسنةٍ، وله شعر. قلت: في تصوفه انحرافٌ. وقد أخذ عنه ابن مسدي الحافظ، فقال: غلب عليه الكلام في معنى الباطن، حتى ظهر عليه من ذلك كل باطنٍ، وربما تصدر عنه نفثاتٌ أولى بها لأن تكون سكتاتٍ.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن حرب.)
أبو العباس. قاضي المحول، البغدادي، المقرئ.) ذكره ابن النجار، فقال: ذكر أنه قرأ في عمره أربعاً وعشرين ألف ختمةٍ. ذكر لي عبد الصمد بن أبي الجيش المقرئ أنه قرأ عليه القرآن وأثنى عليه خيراً. وقال: قرأ على عبد الوهاب بن شحانة، عن عبد الوهاب الصابوني. توفي في رمضان عن خمسٍ وسبعين سنة.

(46/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 141
4 (أحمد بن محمد بن أحمد اللخمي الفقيه.)
المحدث، الرئيس، أبو العباس، ابن الخطيب أبي عبد الله، اللخمي، السبتي، المعروف بالعزفي. سمع الكثير من أبي محمد بن عبيد الله الحجري. وأجاز له ابن بشكوال، وطائفةٌ. وله تواليف حسنةٌ. وكان ذا فضلٍ، وصلاحٍ، وجلالةٍ، وإتقانٍ. أجاز له: أبو القاسم بن حبيش، وأبو محمد بن فيره الشاطبي، وعبد الحق مصنف الأحكام، وعبد الجليل القصري. وهو والد صاحب سبتة. قال لي أبو القاسم بن عمران: أخبرني عنه الوزير أبو عبد الله محمد ابن أبي عامر الأشعري المالقي، وأبو بكر محمد بن محمدٍ المومنائي، وأبو الحسين بن أبي الربيع، وغيرهم. قلت: صنف كتاباً في مولد النبي صلى الله عليه وسلم وجوده. وكان إماماً ذا فنونٍ. وقد ذكره ابن مسدي في معجمه وأوضح اسمه، فقال: أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن سليمان بن أبي عزفة، مكين المكانة في العلم والديانة، له عنايةٌ بالحديث، معلنٌ في فتياه مذهب مالكٍ، وربما خالفه. وكان معتمد بلده بفقهه وسنده. له الجاه والمال. سمع من ابن غاز، ومن أبي عبد الله بن زرقون لما ولي قضاء سبتة، ومن السهيلي، وجماعة لما وفدوا إلى مراكش. وكان فصيحاً لسناً، وعلى الرواية مؤتمناً. قال لي: إنه ولد سنة تسعٍ وخمسين، أخبرنا أبو العباس، اخبرنا أبي أبو عبد الله بن أبي عزفة، أخبرنا القاضي عياضٌ فذكر حديثاً.

(46/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 142
قلت: روى عنه جماعةٌ. مات في رمضان، وله ستٌ وسبعون سنة.
4 (إبراهيم بن مرتفع بن نصر. أبو إسحاق، الحمزي، الشارعي.)
الشافعي، وبعرف بصفي الدين ابن البطوني.) سمع من: القاسم بن عساكر، وإسماعيل بن ياسين، وجماعةٍ. روى عنه الزكي المنذري وقال: كان من أهل العفاف والخير. ولأهل الشارع به نفعٌ كثيرٌ. ولد سنة ستين وخمسمائة، وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (إدريس بن الخضر بن إدريس بن محمد.)
أبو البهاء، الهروي الأصل، السقباني. سمع بسقبا من الحافظ أبي القاسم الدمشقي. روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، وأظن ابن الصابوني. وقال المنذري توفي في هذا السنة.
4 (إسماعيل بن عمر بن إبراهيم بن سليمان.)
أبو الفضل، اللرستاني، الصوفي، نزيل دمشق. شيخٌ صالح. روى عن الخشوعي، والقاسم. روى عنه ابن الحلوانية. وتوفي في رمضان.
4 (آسية بنت الشهاب محمد بن خلف بن راجح.)
زوجة الحافظ الضياء.

(46/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 143
نقلت من خطه: كانت دينةً خيرةً، حافظةً لكتاب الله. وكانت عندي أربعين سنة وثلاثة أشهرٍ. لم تدخل حماماً ولا دخلت المدينة، وكنت أخذتها بذلك فأطاعتني. وكانت تؤثرني على نفسها. وقد سمع عليها بالإجازة عن جماعة. قلت: منهم أبو السعادات القزاز. روى عنها الشمس ابن الكمال وغيره. وبالإجازة القاضي تقي الدين. وتوفيت في المحرم.
4 (آمنة بنت الحافظ عبد العزيز بن الأخضر.)
أمة الرحيم. روت عن: شهدة، وعبد الحق اليوسفي. وتوفيت في عاشر صفر. روى عنها أخوها عليٌ.
4 (إياز، الأمير الكبير، فخر الدين المعروف بالبانياسي.)
) كان من أمراء الدولتين العادلية والكاملية. وكان مشهوراً بالقوة في بدنه ولا سيما في شبيبته. وكان فيه خيرٌ، وله صدقاتٌ. توفي في ربيع الأول ببلاد الجزيرة.
4 (حرف الباء)

4 (بدر بن أبي الفرج.)
أبو القاسم، البغدادي، المقرئ، التاجر. سمع من ابن كليب، وجماعةٍ. وتوفي في ربيع الآخر. روى عنه إجازة أبو نصر ابن الشيرازي.

(46/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 144
4 (بقي بن محمد بن تقي.)
أبو علي الجذامي، المالقي. من العلماء الأذكياء. ورخه ابن فرتون، وقيد جده بتاء مثناة. أخذ عن أبي علي الرندي.
4 (حرف الجيم)

4 (جودي بن عبد الرحمن بن جودي بن موسى بن وهب بن عدنان.)
أبو الكرم الأندلسي من أهل مدينة وادي آش. روى عن: أبي القاسم السهيلي، وأبي جعفر بن الحكم، ويعقوب بن طلحة، وأبي بكر بن أبي جمرة، وجماعة. قال الأبار: كان راوياً مكثراً، معتنياً بالحديث. أدب بالقرآن، وعلم بالعربية. أخذ عنه أصحابنا. دخلت وادي آش ولم أره. وتوفي بعد خدرٍ أصابه واختلالٍ أعطبه سنة ثلاثٍ وثلاثين أو نحوها.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن عبد الرحمن.)
أبو علي، الكتاني المرسي، الرفاء، المقرئ. قال الأبار: أخذ القراءآت عن أبي محمد الشمنتي. وسمع من أبي عبد الله بن حميد، وغيره. وكان صاحب فضائل.)

(46/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 145
4 (الحسن بن محمد بن إسماعيل.)
الأديب، أبو علي، القيلولي، المؤرخ. حدث عن الأبله الشاعر، وعن عمر بن طبرزد. وعاش سبعين سنة. وهو من قيلوية: بفتح القاف، وضم اللام، وسكون الواو، ثم ياء مفتوحة، وتاء تأنيث، قريةٌ بأرض بابل. ولنا قيلوية بنهر الملك. وكان أديباً، تاجراً في الكتب، سفاراً بها، متودداً، ظريفاً، جيد المذاكرة، مليح الشعر. روى عنه: الشهاب القوصي، والزكي المنذري. وكان يلقب بالقاضي، وبعز الدين. توفي في ثاني ذي القعدة بدمشق. وله تاريخ كبير عمله على الشهور. وهو صعب الكشف. قال ابنه عليٌ: كان في فن التاريخ أوحد العصر، وفي فن الأدب. وكتب الكثير، من ذلك الصحاح في اللغة ست نسخ. وقد سألته: كم مقدار ما كتبت قال: ألفي مجلدة ما بين صغيرة وكبير. قال: وكان مليح المحاضرة، ديناً، خيراً، سليم الباطن. ولد بالنيل من أعمال بغداد سنة أربعٍ وستين وخمسمائة.
4 (حرف الخاء)

4 (الغرز خليل.)
من أمراء دمشق، وإليه تنسب الدار التي هي اليوم لبلبان التتري وحمام الغرز.

(46/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 146
توفي في شعبان.
4 (حرف الراء)

4 (ربيع بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع.)
القاضي، أبو سليمان الأشعري، القرطبي، قاضي قرطبة. سمع من: أبي القاسم الشراط، وأبي القاسم أحمد بن بقي. وأجاز له والده، وأبو القاسم بن بشكوال. قال الأبار: كان صالحاً، عدلاً في أحكامه، نبيه القدر والبيت. حدث بشيء يسير. ونزح عن قرطبة لما استولى الروم لعنهم الله عليها في شوال فنزل إشبيلية، وتوفي على إثر ذلك) عن بضعٍ وستين سنة. قلت: وكان بارعاً في اللغة، عارفاً بالحديث والأدب. وهو أخو أبي عامر يحيى، وأبي جعفر أحمد، رحمهم الله. مر أحمد سنة ستٍ وعشرين. وسيأتي أبو عامر.
4 (ربيعة بنت عليٍ بن محمد بن محفوظ بن صصرى، التغلبية.)
زوجة أمين الدين سالم ابن الحافظ أبي المواهب بن صصرى. روت عن أبي الحسين أحمد ابن الموازيني. كتب عنها ابن الحاجب، وغيره. وروى عنها المجد ابن الحلوانية. توفيت في ذي العقدة.
4 (حرف الزاي)

4 (زهرة بنت محمد بن أحمد بن حاضر.)

(46/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 147
أم الحياء، الأنبارية، ثم البغدادية. سمعت من: أبي الفتح بن البطي، ويحيى بن ثابتٍ، وأحمد بن المبارك المرقعاتي. قال ابن النجار: كانت امرأةً صالحةً منقطعةً في رباطٍ. ولدت في رمضان سنة أربع وخمسين. وزهرة: بالضم. كتب عنها ابن النجار، وابن الجوهري. وروى عنها محمد بن مكي بن أبي القاسم، وعزالدين الفاروثي. وبالإجازة فاطمة بنت سليمان، والقاضي سليمان، وإسماعيل بن عساكر. وتوفيت في حادي عشر جمادى الأولى. وأجازت أيضاً لابن الشيرازي، وسعد، وابن الشحنة، وغيرهم. قال ابن النجار: سمعت مسند مسدد في مجلدة من يحيى بن ثابت، عن أبيه، عن أبي العلاء الواسطي، وسمعت كتاب التاريخ والرجال لأحمد بن عبد الله العجلي من يحيى بن ثابت، عن أبيه، عن الحسين بن جعفر السلماسي، عن الوليد بن بكر.
4 (زينب، فخر النساء، ابنة الوزير أبي الفرج محمد بن عبد الله بن هبة الله ابن المظفر ابن)
الوزير رئيس الرؤساء أبي القاسم علي بن المسلمة.) سمعت من تجني الوهبانية. لأبي نصر ابن الشيرازي منها إجازة. روى عنها ابن النجار، وقال: ماتت في جمادى الآخرة.

(46/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 148
4 (حرف السين)

4 (سليمان بن أحمد بن علي بن أحمد.)
أبو الربيع، السعدي، الشارعي، الشافعي، المقرئ، المعروف بابن المغربل. قرأ القرآن على الفقيه رسلان بن عبد الله. وقال ابن مسدي: أخذ القرآن بالروايات عن محمد بن إبراهيم الكيزاني، فهذا آخر من روى عنه في الدنيا. وسمعت منه من شعره. قلت: وسمع بمكة من أبي الحسن عليٍ بن حميد بن عمار، وبالشارع من قاسم بن إبراهيم المقدسي. وذكر أنه سمع من أبي العباس أحمد بن الحطيئة، والسلفي. وولد بالشارع في سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة. روى عنه الزكي المنذري، وجماعةٌ من المصريين. ولم يدرك أحداً سمع منه. وروى عنه بالإجازة سعدٌ، والقاضيان ابن الخويي، وابن حمزة الحنبلي، وغيرهم. وهو آخر من حدث بمصر عن ابن عمار. توفي في التاسع والعشرين من ذي الحجة.
4 (سليمان بن داود بن علي بن درع.)
أبو الربيع، الحربي، النساج. ولد في حدود الخمسين وخمسمائة. وسمع من علي بن المبارك بن نغوبا. روى عنه بالإجازة: القاضي ابن الخويي، وأبو النصر ابن الشيرازي وسعدٌ، والمطعم.

(46/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 149
4 (حرف الصاد)

4 (صالح ابن الأمير المكرم أبي الطاهر إسماعيل بن أحمد بن حسن ابن اللمطي.)
الأمير، أبو التقى. سمع من: عبد الوهاب بن سكينة، وعمر بن طبرزد، ومحمد بن هبة الله الوكيل، ومنصورٍ) الفراوي، والمؤيد الطوسي، وأبي روح عبد المعز الهروي، وأبي المظفر ابن السمعاني، وأبي الفضل عبد الرحمن بن المعزم الهمذاني، وأبي القاسم عبد الصمد ابن الحرستاني. وعبر نهر جيحون وطوف البلاد. ولم يحصل من مسموعاته إلا اليسير. وحدث. دفن بتربته بالقرافة، وقد قارب الستين.
4 (حرف الطاء)

4 (طاهر بن الحسين المحلي، الخطيب، الزاهد، ويعرف بالجابري، خطيب جامع القصر.)
ذكره القوصي في معجمه وأنه مات في هذه السنة، وله ثمانون سنة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أبي بكر عتيق بن علي بن إبراهيم.)
أبو محمد، المالكي، العدل، المعروف بابن الزيات. ولد بمصر في حدود سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة. وولي عقد الأنكحة بمصر، وحسبتها مدة. وكان كثير التحري.

(46/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 150
سمع من: أبي العباس أحمد بن الحطيئة، والشريف عبد الله العثماني. وكان يتمنع من التحديث. وتوفي في رابع عشر ربيع الآخر. سماه المنذري في معجمه.
4 (عبد الخالق بن إسماعيل بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عتيق.)
الفقيه، وجيه الدين أبو محمد، التنيسي المولد، الإسكندراني الدار. تفقه، وسمع، وحدث عن السلفي، والعثماني، والفقيه إسماعيل بن عوف. ثم تقلب في الخدم الديوانية. ولد سبعٍ وخمسين وخمسمائة. قال الزكي المنذري: كان من أهل الأمانة، والتحري، والصلاح، والخير. مضى على سدادٍ، وأمرٍ جميل. وتوفي في ثالث عشر ربيع الأول. قلت: روى عنه هو، وشيخنا الشرف ابن الصواف. وبالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، وأبو نصر محمد بن محمد المزي، وسعدٌ، والمطعم، وغيرهم.)
4 (عبد الخالق بن أبي المعالي بن محمد بن عبد الواحد.)
الإمام بهاء الدين، أبو المكارم، الأراني، الفقيه، الشافعي، الزاهد. درس بخلاط مدةً. ثم سكن دمشق. وكان صالحاً، ورعاً، منقبضاً عن الناس، خبيراً بالمذهب. توفي في نصف شوال، ودفن بقاسيون، وشيعه خلقٌ كثير. وأران: إقليمٌ صغيرٌ بين أذربيجان، وأرمينية. ومن مدنه بيلقان وجنزة.

(46/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 151
4 (عبد الرحمن بن عبد العزيز بن مكي بن أبي العرب.)
أبو القاسم، المغربي الأصل، البغدادي، التاجر. سمع: الأسعد بن يلدرك، ومحمد بن جعفر بن عقيل، ونصر الله القزاز. وكان تاجراً سفاراً. روى عنه الزكي المنذري، وقال: قتله الكفار خذلهم الله بطريق سنجار، فجاء الخبر إلى بغداد في ربيع الأول.
4 (عبد الرحمن بن عمر بن عبد الرحمن بن أبي منصور النساج.)
أبو محمد. شيخٌ معمر، دمشقيٌ، صالحٌ، خير. كان يسكن بدرب الوزير. سمع من: أبي تميم سلمان بن علي الخباز، والحافظ ابن عساكر. روى عنه: الزكي البرزالي عن ابن عساكر، والعز ابن الحاجب، والجمال محمد ابن الصابوني، وجماعةٌ. وأخبرنا عنه الشمس محمد ابن الواسطي. وكمل تسعين سنة، وتوفي في سابع صفر.
4 (عبد الكريم بن خلف بن نبهان بن سلطان بن أحمد الأنصاري.)
السماكي. خطيب زملكا، ولد بها في المحرم سنة إحدى وستين وخمسمائة. وهو من ذرية أبي دجانة سماك بن خرشة رضي الله عنه. حدث عن: الحافظ أبي القاسم الدمشقي، وأبي بكر عبد الله بن محمد النوقاني.

(46/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 152
روى عنه الزكي البرزالي، وغيره. وبالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، ومحمد بن محمد) ابن الشيرازي. وكان خيراً صالحاً، ابتلي بالمرض مدة. توفي في الثاني والعشرين من ذي الحجة.
4 (عبد المحسن بن أبي عبد الله بن علي بن عيسى.)
أبو محمد، العشيشي الشامي، ثم المصري، الفامي، السطحي. قيم سطح الجامع العتيق، وصاحب الواعظ أبي الحسن بن نجا، صحبه مدةً، وسمع منه، ومن أبي طاهرٍ السلفي. ولد سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة. روى عنه زكي الدين المنذري، وابن الجوهري، وأهل القاهرة. وبالإجازة تقي الدين سليمان. وما أظنه روى غير جزء الذهلي. وكان رجلاً صالحاً، ديناً. توفي في الثالث والعشرين من ربيع الأول. وأجاز أيضاً لعيسى الشجري، وسعد السكاكري.
4 (عبد المنعم بن صالح بن أحمد بن محمد.)
أبو محمدٍ، المصري، المسكي، النحوي. المعروف بالإسكندراني لسكناه بها يعلم العربية مدةً. ولد في شعبان سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة.

(46/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 153
وأخذ النحو عن العلامة أبي محمد عبد الله بن بري، وانقطع إليه مدةً حتى أحكم الفن. وسمع من حماد الحراني، وروى شيئاً من شعره. وكان مليح الخط. كتب عنه الزكي المنذري وقال: توفي في الثالث والعشرين من ربيعٍ الآخر. وروى عنه ابن مسدي الحافظ في معجمه فقال: ومسكة: من أعمال الإسكندرية. وكان علامة ديار مصر أدباً، ونحواً، وشيخ مجونها لعباً ولهواً. له النوادر الغريبة والأبد العجيبة. أكثر عن ابن بري. وكان يذكر أنه سمع من السلفي، ومن العثماني. روى لنا ديوان محمد بن هانئ الأندلسي بإسنادٍ غريب. قال لي: إنه ولد في سنة تسعٍ وأربعين.
4 (عبد المولى بن القاسم بن عبد الجبار.)
) أبو محمد، القطيعي. سمع من: أبي الحسين عبد الحق، ومحمد بن جعفر بن عقيل. ومات في جمادى الأولى.
4 (علي بن احمد بن محمود، الشيخ عماد الدين.)
ابن الغزنوي، الحنفي، الفقيه، نزيل مصر، ومدرس مدرسة السيوفيين. توفي في جمادى الأولى.
4 (علي بن سليمان بن إيداش بن السلار، أمير الحاج.)

(46/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 154
شجاع الدين، أبو الحسن. رجلٌ صالحٌ، كثير العبادة والأوراد. حج بالناس من الشام نيفاً وعشرين حجةً. وكان الملك المعظم يحترمه، ثم كان في خدمة ابنه الملك الناصر بالكرك، فبلغه عنه شيءٌ، فكلمه كلاماً خشناً، فتركه وقدم دمشق. قال ابن الجوزي: حكى لي ذلك، فقلت: هو ولدك، فقال: والله ما قلت عنه إلا أنه يقرأ المنطق، فقلت: الفقه أولى به كما كان والده. توفي في جمادى الآخرة.
4 (علي بن عبد الصمد بن محمد بن مفرج.)
الشيخ عفيف الدين، ابن الرماح، المصري، المقرئ، النحوي، الشافعي، المعدل. ولد سنة سبعٍ وخمسين بالقاهرة. وسمع من السلفي. وقرأ القراءآت على أبي الجيوش عساكر بن علي، والإمام أبي الجود. وأخذ العربية عن أبي الحسين يحيى بن عبد الله. وتصدر للإقراء، والعربية بالمدرسة السيفية، والمدرسة الفاضلية مدةً. وحمل عنه جماعةٌ وشهد عند قاضي القضاة عبد الرحمن ابن السكري فمن بعده. وكان من محاسن الشيوخ.

(46/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 155
روى عنه الزكي المنذري وقال: كان حسن السمت، مؤثراً للانفراد، مقبلاً على خويصته، منتصباً للإفادة، راغباً في الإقراء. اتصل بخدمة السلطان مدةً ولم يتغير عن طريقته وعادته. قلت: قرأت القرآن كله على النظام محمد بن عبد الكريم التبريزي، وأخبرني: أنه قرأ على ابن) الرماح. ولم يحدثني أحدٌ عنه. وآخر من روى عنه بالإجازة القاضي تقي الدين سليمان. توفي في الثاني والعشرين من جمادى الأولى. بل إجازته باقية لابن الشيرازي وسعد.
4 (علي بن محمد بن عبد الودود الأندلسي.)
خطيب مريبط. أخذ القراءآت عن أبي عبد الله محمد بن واجب. وسمع من جماعةٍ. وأجاز له أبو الطاهر إسماعيل بن عوفٍ من الإسكندرية. وكان رجلاً صالحاً. روى عنه أبو عبد الله الأبار وقال: توفي في ذي الحجة.
4 (علي بن أبي بكر بن روزبة بن عبد الله.)
أبو الحسن، البغدادي، القلانسي، الصوفي، العطار. سمع صحيح البخاري من أبي الوقت، وسمع جزء ابن العالي.

(46/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 156
وحدث ببغداد، وحران، وحلب، ورأس عين بالصحيح مرات، وازدحموا عليه، ووصله بجملةٍ جيدةٍ من الذهب. وكان عازماً على المجيء من حلب إلى دمشق، فخوفوه من حصار دمشق فرد إلى بغداد فطالبوه بما كانوا أعطوه ليذهب إلى دمشق، فأعطى البعض وماطل بما بقي، ثم أضر في أواخر عمره. وكان لا يحقق مولده ولكنه بلغ التسعين. روى عنه: عز الدين عبد الرزاق الرسعني، والشريف أبو المظفر ابن النابلسي، والجمال يحيى ابن الصيرفي، وابنه الفخر محمد، والقاضي شمس الدين محمد ابن العماد الحنبلي، والزين نصر الله بن عبد المنعم بن حواري الحنفي، والمجد عبد الرحمن العديمي، والعز أحمد بن الفاروثي، والجمال أبو بكر محمد بن أحمد الشريشي، والأمين أحمد ابن الأشتري، والسيف عبد الرحمن بن محفوظ، والشمس عبد الواسع الأبهري، والشمس حمد بن عبد الله الخابوري، والضياء محمد بن أبي بكر الجعفري، والتاج علي بن أحمد الغرافي، والرشيد محمد بن أبي القاسم، وأبو الغنائم بن محاسن الكفرابي، والجمال عمر بن إبراهيم العقيمي، ويعقوب بن) فضائل، وأحمد ابن السيف سليمان المقدسي، وأبو الحسن علي بن عبد الغني بن تيمية، ومحمد بم مؤمن الصوري، والتاج محمد بن عبد السلام بن أبي عصرون، وابن عمه الشرف محمد بن يوسف بن عبد الرحمن، وسنقر القضائي الزيني، وخلقٌ سواهم. وكان شيخاً حسناً، مليح الشيبة والهيئة، حلو الكلام، قوي النفس على كبر السن. من ساكني رباط الخلاطية. سمع الصحيح بقراءة يوسف بن مقلد الدمشقي، وكان معه به ثبتٌ صحيحٌ عليه خط أبي الوقت. قال الحافظ عبد العظيم: توفي فجاءةً في ليلة الخامس من ربيع الآخر، وقد جاوز التسعين.

(46/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 157
وأجاز لابن الشيرازي، وابن عساكر، وسعدٍ والمطعم، وأحمد ابن الشحنة، وغيرهم.
4 (عمر بن حسن بن علي بن محمد الجميل بن فرح بن خلف بن قومس بن مزلال بن ملال)
بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة كذا نسب نفسه. العلامة، أبو الخطاب، ابن دحية. الداني الأصلٍ، السبتي. كان يكتب لنفسه: ذو النسبيين بين دحية والحسين. قال أبو عبد الله الأبار: كان يذكر أنه من ولد دحية الكلبي، وأنه سبط

(46/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 158
أبي البسام الحسيني الفاطمي. وكان يكنى أبا الفضل، ثم كنى نفسه أبا الخطاب. قال: وسمع بالأندلس أبا عبد الله ابن المجاهد، وأبا القاسم بن بشكوال، وأبا بكر بن الجد، وأبا عبد الله بن زرقون، وأبا بكر بن خير، وأبا القاسم بن حبيش، وأبا محمد بن عبيد الله، وأبا العباس بن مضاء، وأبا محمد بن بونه، وجماعةً. قال: وحدث بتونس بصحيح مسلم عن طائفةٍ من هؤلاء. وروى عن آخرين، منهم: أبو عبد الله بن المناصف، وأبو القاسم بن دحمان، وصالح بن عبد الملك، وأبو إسحاق بن قرقول، وأبو العباس بن سيد، وأبو عبد الله بن عميرة، وأبو خالد بن رفاعة، وأبو القاسم بن رشد الوراق، وأبو عبد الله القباعي، وأبو بكر بن مغاور. وكان بصيراً بالحديث معتنياً بتقييده، مكباً على سماعه، حسن الحظ معروفاً بالضبط، له حظٌ وافرٌ من اللغة، ومشاركةٌ في العربية وغيرها. ولي قضاء دانية مرتين، ثم صرف عن ذلك لسيرة نعتت عليه، فرحل منها، ولقي بتلمسان) قاضيها أبا الحسن بن أبي حيون فحمل عنه. وحدث بتونس أيضاً سنة خمسٍ وتسعين. وحج، وكتب بالمشرق عن جماعة بإصبهان ونيسابور من أصحاب أبي علي الحداد، وأبي عبد الله الفراوي وغيرهما. وعاد إلى مصر، فاستأدبه الملك العادل لابنه الكامل ولي عهده وأسكنه القاهرة، فنال بذلك دنيا عريضةً. وكان يسمع ويدرس، وله تواليف منها: كتاب إعلام النص المبين في المفاضلة بين أهل صفين. وكتب إلي بالإجازة سنة ثلاث عشرة. قلت: رحل وهو كهلٌ فحج، وسمع بمصر من أبي القاسم البويصيري، وغيره، وببغداد من جماعةٍ. وبواسط من أبي الفتح المندائي، سمع منه مسند أحمد. وسمع بإصبهان معجم الطبراني الكبير من أبي جعفر الصيدلاني. وسمع بنيسابور صحيح مسلم بعلو بعد أن حدث به بالمغرب بالإسناد الأندلسي النازل، ثم صار إلى دمشق وحدث بها.

(46/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 159
روى عنه الدبيثي وقال: كان له معرفةٌ حسنةٌ بالنحو واللغة، وأنسةٌ بالحديث، فقيهاً على مذهب مالك، وكان يقول: إنه حفظ صحيح مسلمٍ جميعه، وأنه قرأه على بعض شيوخ المغرب من حفظه، ويدعي أشياء كثيرة. قلت: كان صاحب فنونٍ، وله يدٌ طولى في اللغة، ومعرفةٌ جيدة بالحديث على ضعفٍ فيه. قرأت بخط الضياء الحافظ: وفي ليلة الثلاثاء رابع عشر ربيع الأول توفي أبو الخطاب عمر بن دحية. وكان يتسمى بذي النسبين بين دحية والحسين. لقيته بإصبهان، ولم أسمع منه شيئاً، ولم يعجبني حاله. وكان كثير الوقيعة في الأئمة. وأخرني إبراهيم السنهوري بإصبهان: أنه دخل المغرب، وأن مشايخ المغرب كتبوا له جرحه وتضعيفه. وقد رأيت منه أنا غير شيء مما يدل على ذلك. قلت: بسببه بنى السلطان الملك الكامل دار الحديث بالقاهرة، وجعله شيخها. وقد سمع منه الإمام أبو عمرو ابن الصلاح الموطأ سنة نيفٍ وستمائة، وأخبر به عن جماعة منهم: أبو عبد الله بن زرقون بإجازته من أحمد بن محمد الخولاني، وهو إسنادٌ مليحٌ عالٍ. ولكن قد أسنده الضياء أعلى من هذا والعهدة عليه. فقرأت بخط الحافظ علم الدين أنه قرأ بخط ابن الصلاح رحمه الله قال: سمعت الموطأ على الحافظ ابن دحية، وحدثنا به بأسانيد كثيرةٍ جداً، وأقربها ما حدثه به الشيخان الفقيهان: أبو الحسن علي بن حنين الكناني، والمحدث) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن خليل القيسي قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن فرج الطلاع، وأبو بكرٍ خازم بن محمد بن خازم، قالا: حدثنا يونس بن عبد الله بن مغيث بسنده. قال الذهبي: أما القيسي فحدث بفاس ومراكش، واستوطن بلاد العدوة

(46/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 160
فكيف لقيه ابن دحية فلعله أجار له. وكذلك ابن حنين فإنه خرج عن الأندلس ولم يرجع بل نزل مدينة فاسٍ ومات سنة تسعٍ وستين. فبالجهد أن يكون لابن دحية منه إجازة. وقوله: حدثني، فهذا مذهبٌ رديءٌ يستعمله بعض المغاربة في الإجازة، فهو تدليسٌ قبيحٌ. وقرأت بخط أبي عبد الله محمد بن عبد الملك القرطبي وقد كتبه ثمانٍ وثمانين وخمسمائة وتحته تصحيح ابن دحية: حدثني القاضي أبو الخطاب ابن الكلبي بكتاب الموطأ عن أبي الحسن علي بن الحسين اللواتي، وابن زرقون قالا: حدثنا الثقة أحمد بن محمد الخولاني، حدثنا أبو عمرو القيشطالي سماعاً، حدثنا يحيى بن عبيد الله، عن عم أبيه عبيد الله، عن أبيه يحيى بن يحيى، عن مالكٍ. قال ابن واصل: وكان أبو الخطاب مع فرط معرفته الحديث وحفظه الكثير له، متهماً بالمجازفة في النقل، وبلغ ذلك الملك الكامل، فأمره يعلق شيئاً على الشهاب، فعلق كتاباً تكلم فيه على أحاديثه وأسانيده، فلما وقف الكامل على ذلك، قال له بعد أيام: قد ضاع مني ذلك الكتاب فعلق لي مثله، ففعل، فجاء في الثاني مناقضة للأول. فعلم السلطان صحة ما قيل عنه. فنزلت مرتبته عنده وعزله من دار الحديث آخراً وولى أخاه أبا عمرو الذي نذكره في العام الآتي. قال ابن نقطة: كان موصوفاً بالمعرفة والفضل، ولم أره. إلا أنه كان يدعي أشياء لا حقيقة لها. ذكر لي أبو القاسم بن عبد السلام ثقةٌ قال: نزل عندنا ابن دحية، فكان يقول: أحفظ صحيح مسلم، والترمذي قال: فأخذت خمسة أحاديث من الترمذي، وخمسة من المسند وخمسةً من الموضوعات فجعلتها في جزءٍ، ثم عرضت عليه حديثاً من الترمذي فقال: ليس بصحيحٍ، وآخر فقال: لا أعرفه. ولم يعرف منها شيئاً.

(46/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 161
قلت: ما أحسن الصدق، ولقد أفسد هذا المرء نفسه. وقال ابن خلكان: عند وصول ابن دحية إلى إربل صنف لسلطانها المظفر كتاب المولد وفي آخره قصيدةٌ طويلة مدحه بها، أولها:)
(لولا الوشاة وهم .......... أعداؤنا ما وهموا)
ثم ظهرت القصيدة بعينها للأسعد بن مماتي في ديوانه. قلت: وكذلك نسبه شيءٌ لا حقيقة. قرأت بخط ابن مسدي: كان أبوه تاجراً يعرف بالكلبي بين الباء والفاء وهو اسم موضع بدانية. وكان أبو الخطاب أولاً يكتب الكلبي معاً إشارة إلى البلد والنسب، وإنما كان يعرف بابن الجميل تصغير جمل. وكان أبو الخطاب علامة زمانه، وقد ولي أولاً قضاء دانية. وقال التقي عبيد الإسعردي: أبو الخطاب ذو النسبين، صاحب الفنون والرحلة الواسعة. له المصنفات الفائقة والمعاني الرائفة. وكان معظماً عند الخاص والعام. سئل عن مولده فقال: سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة. وحكي عنه في مولده غير ذلك. حدث عنه جماعة.

(46/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 162
4 (عمر بن يحيى بن شافع بن جمعة.)
أبو عبد الغني، النابلسي، المؤذن. شيخٌ معمر. سمع من الحسن بن مكي المرندي سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة بدمشق جزءاً من حديث الجلابي. روى عنه: التقي ابن الواسطي، وأخوه محمدٌ، وأحمد بن محمد بن أبي الفتح، والعز أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الكمال، وغيرهم. وقد سمع منه الحافظ الضياء. وخطيب كفربطنا الجمال محمد الدينوري. توفي بنابلس في هذه السنة.
4 (عوض بن محمود بن صافٍ بن علي بن إسماعيل.)
أبو الوفاء، الحميري، البوشي، المالكي. سمع من أبي المفاخر سعيد المأموني.

(46/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 163
روى عنه الزكي المنذري، وغيره، قال المنذري: جاور بعبد ي النون، وصحب جماعة من المشايخ. وكان أحد مشايخ الفقراء المشهورين والصلحاء المذكورين، مقبلاً على خويصته وعبادته، وله القبول التام من العامة والخاصة. وأم بالمسجد الذي بجزيرة مصر مدةً. وبوش:) بلدةٌ مشهورةٌ بالصعيد الأدنى. وذكر لي ما يدل على انه ولد سنة خمسٍ وخمسين. وتوفي في سلخ ربيعٍ الآخر. وقد أجاز لأبي نصر ابن الشيرازي وغيره.
4 (حرف الكاف)

4 (كرم بن أحمد بن كرم.)
أبو محمد. الحربي، الذهبي. حدث عن أبي الحسين عبد الحق اليوسفي. وكان لا بأس به. توفي في شوال. روى عنه بالإجازة القاضي ابن الخويي، والفخر إسماعيله بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبو نصر محمد بن محمد ابن الشيرازي.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن مسلم.)
الفخر، أبو عبد الله، الإربلي، الصوفي.

(46/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 164
ولد سنة تسعٍ وخمسين، وقال مرةً أخرى: في المحرم سنة ستين. وروى عنه: يحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النقور، وعلي ابن عساكر البطائحي، وشهدة الكاتبة، والحسن بن علي البطليوسي، وهبة الله بن يحيى الوكيل، وخمرتاش مولى أبي الفرج ابن رئيس الرؤساء، وتجني الوهبانية، وغيرهم. روى عنه: الجمال ابن الصابوني، والجمال الدينوري خطيب كفربطنا، والعماد يوسف ابن الشقاري، والشرف أبو الحسن اليونيني، والجمال أحمد ابن الظاهري، والشرف أحمد ابن عساكر، وعلي بن بقاء المقرئ، والعماد بن سعدٍ، وعليٌ وعم وأبو بكر بنو ابن عبد الدائم، وعمر بن طرخان المعري، والتقي بن مؤمن، والشمس محمد بن يوسف الذهبي، وعيسى بن أبي محمد المغاري، والمحيي أبو بكر بن عبد الله ابن خطيب بيت الآبار، ومحمد بن مكي الصقلي، وعبد المنعم بن عساكر، وخلقٌ. وخرج له الزكي البرزالي مشيخة في جزء.) تفرد به بمصر موسى بن علي الموسوي، حضره في الرابعة. وبقي بدمشق في سنة أربع عشرة. من الرواة عنه بالحضور: أبو بكر بن عبد الدائم المذكور، وعيسى المطعم، والقاضي تقي الدين سليمان، وبهاء الدين القاسم بن عساكر. قال شيخنا ابن الظاهري: توفي بإربل في رمضان أو شوال. ووجدت بخط السيف ابن المجد: رأيت أصحابنا ومشايخنا يتكلمون فيه بسبب قلة الدين والمروءة. وكان سماعه صحيحاً. وقال لي شمس الدين ابن سامة: عن لقبه قنور. وقرأت بخط ابن مسدي، إنه يعرف بالقور. قال: وكان لا يتحقق مولده،

(46/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 165
وذكر ما يدل على انه بعد الخمسين وخمسمائة، وقال مرةً: ولدت بعد ذلك. فلهذا امتنعوا من الأخذ عنه بإجازات، فإنه يذكر ما يدل على أن مولده بعد تاريخها.
4 (محمد بن الحسين بن عبد الرحمن.)
الإمام، أبو الطاهر، الأنصاري، الجابري، الشافعي، المحلي. خطيب جامع مصر. قدم من المحلة إلى مصر، وتفقه على التاج محمد بن هبة الله الحموي، وغيره. وصحب الشيخ أبا عبد الله القرشي الزاهد مدةً، وكان من أعيان أصحابه. وسمع من الفقيه إبراهيم بن عمر الإسعردي، وغيره. ودرس، وأفاد، وخطب. وكان مولده ظناً في سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. قال الزكي المنذري: كتبت عنه فوائد. وكان من أهل الدين والورع التام على طريقةٍ صالحة، ذا جدٍ في جميع أموره، قاضياً لحقوق معارفه، ساعياً في أفعال البر، كثير الإجهاد في العبادة. حصل كتباً كثيرةٌ وكان لا يمنعها، وربما لأعارها لمن لا يعرفه. توفي في سابع ذي القعدة رحمه الله تعالى.

(46/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 166
4 (محمد بن رجب بن علي)
أبو بكر، الحارثي، الفقيه، الحنبلي. من أهل قرية الحارثية من أعمال نهر عيسى. سكن بغداد وتفقه وسمع من عبد الحق اليوسفي، وأبي العز بن مواهب الخراساني.) روى عنه ابن النجار، وقال: كان متيقظاً، حسن الطريقة، توفي في شعبان، وله إحدى وثمانون سنة.
4 (محمد بن علي بن محمد بن أحمد، الشريف.)
أبو شجاعٍ، فخر الدين، الأموي، العثماني، البغدادي، الكاتب. ولد ببغداد في سنة خمسٍ وستين، وسكن الديار المصرية. وحدث عن عبد الرحمن بن موقا. روى عنه الزكي المنذري، وقال: كان حسن السمت، كثير التصون جداً، من أعيان الطائفة العثمانية، رق حاله، وانقطع للعبادة. وتوفي في خامس شعبان.
4 (محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي زاهر.)
أبو حامد، البلنسي، المؤدب. أخذ القراءآت عن أبيه. وسمع من أبي العطاء بن نذير، وأبي عبد الله ابن نسع، فأكثر. وأدب بالقرآن. قال الأبار: هو معلمي، وعنه أخذت قراءة نافع، وسمعت منه، وسمع

(46/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 167
مني كتاب معدن اللجين في مراثي الحسين من تأليفي. وكان امرأ صدقٍ ناشئاٍ في الصلاح، متواضعاً، بارع الخط، يكتب المصاحف، ويؤم بمسجد. وأخذ عنه صاحبنا أبو الحجاج بن عبد الرحمن، وسافر ليحج فتوفي في آخر سنة ثلاثٍ هذه.
4 (محمد بن محمد بن المطهر بن سالم بن شجاع.)
أبو الفوارس، الكلبي، الفقيه الحنفي. شيخٌ دمشقي متميزٌ. روى عن: يحيى الثففي، وعبد الرحمن الخرقي، وإسماعيل الجنزوي. روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، وغيرهما. وكان عارفاً بالحساب وكتابة الديوان. توفي في صفر.
4 (محمد بن محمد بن أبي المفاخر سعيد بن الحسين.)
الشريف، أبو بكر، العباسي، المأموني، النيسابوري الأصل، المصري المولد، المقرئ على) الجنائز. سمعه أبوه من السلفي، وإسماعيل بن قاسم الزيات، وجده. روى عنه الزكي المنذري، وجماعةٌ من الطلبة. وحدثنا عنه ابنه محمدٌ، والشهاب الأبرقوهي. ولد في أول سنة سبعين وخمسمائة. وتوفي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر.

(46/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 168
أخبرنا محمد بن محمد المأموني، وأبو المعالي الأبرقوهي، قالا: أخبرنا أبو بكر المأموي، أخبرنا السلفي، أخبرنا الثقفي، أخبرنا الجرجاني، أخبرنا محمد بن الحسين القطان، حدثنا علي بن عيسى الهلالي، حدثنا عبد المجيد بن أبي رواد، حدثنا ابن جريح، عن أبي الزبير، عن جابرٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تستبطئوا الرزق واتقوا الله أيها الناس، وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم.
4 (محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله المقرئ.)
الزاهد، أبو عبد الله، القرطبي، المعروف بابن الفريشي بتشديد الراء. كان معروفاً بإجابة الدعوة. أخذ عنه ابن مسدي وقال: تلا بالسبع على أبي القاسم بن غالب. وسمع من ابن بشكوال، وحج. وسمع من يونس بمكة. استشهد في شوال وقت أخذ قرطبة.
4 (محمد بن هندي بن يوسف بن يحيى بن علي بن حسين بن هندي القاضي.)
زين الدين، أبو الفضل، المازني، الحمصي، قاضي حمص. صدرٌ جليلٌ، فاضلٌ. سمع بدمشق من: أبي الحسين أحمد ابن الموازيني، وأبي القاسم عبد الملك الدولعي، وأبي اليسر شاكر التنوخي، وغيرهم. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، ونصرٌ وسعد الخير ابنا أبي القاسم النابلسي. وله مشيخة في جزء خرجها البرزالي. توفي في تاسع عشر ذي القعدة، وله نيفٌ وثمانون سنة.

(46/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 169
4 (محمد بن يحيى بن أبي المكارم.)
الشيخ شمس الدين، الطائي، الواسطي، الواعظ. لقي جماعة من الفضلاء والوعاظ، وبرع في الوعظ. وقدم مصر بعد التسعين وخمسمائة) وسمع من البوصيري، وجماعةٍ. وحدث، ووعظ، وتقدم على أقرانه بالديار المصرية. وحصل له قبولٌ زائد من العامة. توفي في ربيع الآخر، وله نيفٌ وستون سنة.
4 (محمد بن يحيى بن أحمد، القاضي.)
وجيه الدين، الأنصاري، المصري، الكاتب، المعروف بابن السدار. مشارف الأوقاف. ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. ورحل إلى الإسكندرية، وسمع من السلفي. روى عنه الزكي المنذري وقال: توفي في مستهل ذي القعدة. وأجاز لسعدٍ، والمطعم. ومن مسموعه العاشر من الثقفيات.
4 (محمد بن يوسف بن همام.)
أبو الفتح المقدسي، ثم الدمشقي، الحنبلي، نزيل بغداد. ولد سنة بضعٍ وخمسين وخمسمائة. ودخل بغداد سنة إحدى وثمانين، فسمع الحديث من أبي السعادات القزاز وطبقته. وتفقه على أبي الفتح ابن المني. ثم تحول شافعياً. وولي خزن الكتب بالنظامية. وكان متودداً، مطبوعاً، ديناً.

(46/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 170
أثنى عليه ابن النجار، وروى عنه. وتوفي في شعبان.
4 (المأمون بن أحمد بن العباس بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن يعقوب بن)
حسين ابن الخليفة المأمون بن هارون الرشيد، الشريف. أبو محمدٍ، الهاشمي، المأموني، البغدادي، الواعظ،. كان يتكلم في الأعزية. وله حظٌ من الأدب، وصوته طيب. سمع من: أبي الحسين عبد الحق، ومحمد بن نسيم العيشوني. وعاش ثلاثاً وسبعين سنة. وأجاز: للفخر إسماعيل بن عساكر، ومحمد بن يوسف الذهبي، وفاطمة بنت سليمان، وسعد الدين بن سعد، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وجماعة.) وتوفي في رابع عشر ذي القعدة فجاءةً.
4 (محمود بن خليل بن محمود.)
أبو الثناء، التبريزي، ثم البغدادي، السقلاطوني. أمين الحكم كأبيه. لعب في أموال الأيتام، فحبس مدةً، ثم اخرج، وافتقر. وجد له سماع كتاب المصحفين للدارقطني من يحيى بن ثابت، فرواه مراتٍ. مات في ذي القعدة سنة، وله إحدى وثمانون سنة. وقد روى عنه ابن النجار. وأجاز لشيخنا أحمد ابن الشحنة.
4 (محمود بن أبي العز بن مواهب ابن الشطيطي.)
الموصلي، الحداد.

(46/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 171
روى جزء الأصم عن خطيب الموصل. حدث عن القاضي شمس الدين ابن العماد. مات في جمادى الأولى سنة ثلاث.
4 (مريم بنت خلف بن راجح. أم أحمد، المقدسية.)
امرأةٌ صالحة، كثيرة العبادة والإيثار. روت بالإجازة عن الحافظ أبي موسى المديني. وتوفيت في صفر. كتب عنها العز ابن الحاجب، وغيره.
4 (مشهور بن منصور بن محمد.)
أبو أحمد القيسي، الحوراني، الفلاح بالنيرب. سافر في خدمة المحدث عماد الدين علي بن القاسم بن عساكر إلى خراسان، فسمع من المؤيد الطوسي، وأبي روح، وزينب الشعرية. روى عنه الشرف أحمد بن عساكر، وغيره. وتفرد بالحضور عنه البهاء ابن عساكر. توفي في ثالث عشر ذي الحجة، ودفن بالنيرب.
4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن عبد الرحمن بن أبي المكارم بن فتيان.)
أبو الفتح، الأنصاري، الدمشقي.) ابن أخي الفقيه البهاء.

(46/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 172
روى عن: أبي القاسم بن عساكر، وأبي سعد بن أبي عصرون، وأبي نصر عبد الرحيم اليوسفي، والأمير أسامة بن منقذٍ. ويعرف بابن الحكيم، وبابن النحاس. روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، والشرف بن عساكر، وجماعةٌ. ولد سنة ستٍ وخمسين وخمسمائة. وتوفي في سابع ذي الحجة.
4 (نصر الدين بن عبد الله بن عبد العزيز بن بشير، القدوة.)
أبو عمرو، الغافقي، الأندلسي، الفرغليطي، نزيل قيجاطة، ويعرف بالشقوري. قال الأبار: سمع من جده لأمه نصر بن علي، وعبد الله بن سهلٍ الكفيف. وبقرطبة من عبد الرحمن بن أحمد بن بقي، وأبي القاسم بن بشكوال. وبمرسية من أبي عبد الله بن عبد الرحيم. وأجاز له أبو الحسن ابن هذيل، وأبو طاهرٍ السلفي. وتصدر بقيشاطة للإقراء، فأخذ عنه وسمع منه. وكان من أهل الزهد والفضل، يشار إليه بإجابة الدعوة. عمر وأسن وأسر عند تغلب الروم على قيشاطة في سنة إحدى وعشرين. ثم تخلص بعد ذلك. وقدم قرطبة فأخذ عنه أبو القاسم ابن الطيلسان، وقال: توفي بلورقة عام ثلاثةٍ وعشرين وستمائة، ومولده سنة خمسٍ وثلاثين وخمسمائة. قال: وقال ابن فرقد: كتب أبو عمرو الغافقي لي ولابني محمدٍ وأحمد في جمادى الأولى سنة سبعٍ وعشرين وستمائة. وقال ابن فرتون: توفي سنة ثلاثٍ وثلاثين.

(46/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 173
قلت: هذا أصح من قول ابن الطيلسان.
4 (نصر بن عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر بن أبي صالح بن جنكي دوست، قاضي)
القضاة. عماد الدين، أبو صالح، ابن الحافظ الزاهد الإمام أبي بكر، الجيلي، ثم البغدادي، الأزجي، الفقيه، الحنبلي. ولد في ربيع الآخر سنة أربع وستين وخمسمائة.) وأجاز له وهو ابن شهر أبو الفتح ابن البطي، وأبو محمد ابن الخشاب، والمبارك بن محمد الباذرائي، وغيرهم. وسمع من: أبيه، وعلي بن عساكر البطائحي، وخديجة بنت أحمد الهوزاني، وشهدة بنت الإبري، وعبد الحق اليوسفي، ومسلم بن ثابتٍ النحاس، وأحمد بن المبارك المرقعاتي، وسعيد بن صافي الجمال، وعيسى الدوشابي، ومحمد بن بدر الشيحي، وفاطمة بنت أبي غالب محمد بن الحسن الماوردي، وأبي شاكر السقلاطوني، وجماعة. وتفقه على والده، وأبي الفتح بن المني. ودرس، وأفتى، وناظر، وبرع في المذهب. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، والشرف ابن النابلسي، والشمس محمد بن

(46/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 174
هامل، والعز الفاروثي، والتاج الغرافي، والجمال محمد ابن الدباب، والجمال محمد البكري، والعلاء ابن بلبان الناصري، والشهاب الأبرقوهي، وآخرون. وجمع لنفسه أربعين حديثاً سمعناها من الأبرقوهي. ودرس بمدرسة جده.، وبالمدرسة الشاطئية. وتكلم في الوعظ. وألف في التصوف. وولي القضاء للظاهر بأمر الله وأوائل دولة المستنصر بالله ثم صرف. سئل الضياء عنه فقال: فقيهٌ، خير، كريم النفس، ونالته محنةٌ، فإن سنة أربع وعشرين صاموا ببغداد رمضان بشهادة اثنين، ثم ثاني ليلة رقب الهلال فلم ير، ولاح خطأ الشهود، وأفطر قومٌ من أصحاب أبي صالح، فأمسكوا ستة من أعيانهم، فاعترفوا، فعززوا بالدرة وحبسوا. ثم أخذ الذين شهدوا، فحبسوا وضرب كل واحد خمسين، ثم إن قاضي المحول أفطر بعد الثلاثين على حساب ما شهدوا، فضرب، وطيف به. واحتمى أبو صالح بالرصافة في بيت حائكٍ، واجتمع عنده خلقٌ من باب الأزج، فمنعوا من الدخول إليه، ثم أطلق بعد انسلاخ شوال. نعم. وذكره ابن النجار، فقال: قرأ الخلاف على أبي محمد بن أبي علي النوقاني الشافعي. ودرس بمدرسة جده. وبنيت له دكةٌ بجامع القصر للمناظرة، وجلس للوعظ. وكان له قبولٌ تام، ويحضره خلقٌ كثير. وأذن له في الدخول على الأمير أبي نصر محمد ابن الإمام الناصر في كل جمعة لسماع مسند الإمام أحمد منه بإجازته من أبيه الناصر، فحصل له به أنسٌ. فلما استخلف، قلده القضاء في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين، فسار السيرة الحسنة، وسلك الطريقة المستقيمة، وأقام ناموس الشرع، ولم يحاب أحداً في دين الله. وكان لا يمكن أحداً من الصياح) بين يديه. ويمضي إلى الجمعة ماشياً. ويكتب الشهود من دواته في مجلسه. فلما أفضت الخلافة إلى المستنصر أقره أشهراً، ثم عزله. روى الكثير. وكان ثقةً متحرياً، له في المذهب اليد الطولي. وكان لطيفاً، متواضعاً، مزاحاً، كيساً. وكان مقداماً رجلاً من الرجال، سمعته يقول: كنت في دار الوزير القمي وهناك جماعةٌ، إذ دخل رجلٌ ذو هيئةٍ، فقاموا له وخدموه، فقمت، وظننته بعض الفقهاء، فقيل: هذا ابن كرم اليهودي عامل دار الضرب، فقلت له: تعال إلى

(46/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 175
هنا، فجاء ووقف بين يدي، فلت له: ويلك، توهمتك فقيهاً، فقمت إكراماً لذلك، ولست ويلك عندي بهذه الصفة، ثم كررت ذلك عليه. وهو قائم يقول: الله يحفظك، الله يبقيك، ثم قلت: اخسأ هناك بعيداً عنا. فذهب. قال: وحدثني أنه رسم له برزقٍ من الخليفة، وأنه زار يومئذٍ قبر الإمام أحمد، فقيل لي: دفع رسمك إلى ابن توما النصراني، فامض إليه فخذه، فقلت: والله لا أمضي ولا أطلبه، فبقي ذلك الذهب عنده إلى أن قتل لعنه الله في السنة الأخرى، وأخذ الذهب من داره فنفذ إلي. توفي في سادس عشر شوال، ودفن في الدكة التي لقبر الإمام أحمد بن حنبل. وقيل: دفن معه في قبره، تولى ذلك الرعاع والعوام، فقبض على من فعل ذلك وعوقب وحبس. ثم نبش أبو صالح ليلاً بعد أيام، ولم يعلم أين دفن رحمه الله. قلت: وأجاز لإبراهيم بن حاتم البعلبكي، وإسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والبدر حسن ابن الخلال، والقاضي الحنبلي، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وسعد بن محمد بن سعد، وأبي بكر بن عبد الدائم، وأبي نصر بن مميل، وغيرهم.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن إسحاق بن حمو بن علي، الأمير الجليل.)
أبو زكريا، الصنهاجي، الميورقي الذي خرج على بني عبد المؤمن ويعرف بابن غانية. توفي في أواخر شوال بالبرية بنواحي تلمسان.

(46/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 176
ذكره الحافظ زكي الدين عبد العظيم فقال: يقال: إن خروجه كان من ميورقة في شعبان سنة ثمانين وخمس مائة، واستولى على بلاد كثيرة. وكان مشهوراً بالشجاعة والإقدام. قلت: وقد أقام في بلاده الدعوة والخطبة لبني العباس، وقدم رسوله إلى العراق يطلب تقليداً بالسلطنة، فنفذت إليه الخلع واللواء. وقد ذكرنا ذلك في الحوادث.)
4 (يحيى ابن الخليفة الناصر محمد ابن المنصور المؤمني.)
المغربي، أبو زكريا. تملك المغرب بعد العادل عبد الله سنة أربع وعشرين، فكانت دولته ثلاثة أعوامٍ ونصفاً، وفي بعضها كان معه على جملة من الممالك ابن عمه. مات يحيى في ذي القعدة أو شوال.
4 (يعقوب بن علي بن يوسف.)
أبو عيسى، الموصلي، الحكاك، الجوهري. سمع من خطيب الموصل أبي الفضل الطوسي. وببغداد من: عبيد الله بن شاتيل، وعبد المغيث بن زهير، ونصر الله القزاز، وجماعةٍ. وجاور بمكة، وحدث بها، وبالمدينة ومصر. روى عنه: الزكي المنذري، والشرف ابن الجوهري، وعثمان بن موسى إمام الحطيم، وغيرهم. قال المنذري: توفي في الرابع والعشرين من صفر ببغداد بالبيمارستان العضدي.

(46/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 177
قلت: وقيل: إنه توفي بالمدينة سنة أربعٍ.
4 (يوسف بن جبريل بن جميل بن محبوب.)
أبو الحجاج، القيسي، اللواتي، الحنفي، البزاز. ولد في حدود سنة سبعٍ وستين وخمسمائة. وسمعه أبوه الإمام أبو الأمانة من السلفي، وبدر الخداداذي، وأحمد بن عبد الرحمن الحضرمي. وقدم دمشق ولم يرو بها. روى عنه: ابن النجار، والزكي عبد العظيم، والشهاب الأبرقوهي. وتوفي في أواخر شعبان.
4 (وفيها ولد)
شيخنا زين الدين عبد الله بن مروان الفارقي، في المحرم. وعز الدين عبد العزيز بن محمد ابن العديم الحنفي، قاضي حماة، في رمضان.) وبدر الدين محمد بن مسعود ابن التوزي. والشمس محمد بن إسحاق بن محمد بن صقر: اللبيون، بحلب. الشيخ يوسف بن قيس بن أبي بكر ابن الشيخ حياة بن قيس. والبهاء أبو القاسم بن يحيى بن زياد، خطيب بيت لهيا. والأمين عبد الله بن عبد الأحد بن شقير: الحرانيون، بها. والصفي أحمد بن محمد بن إبراهيم الطبري، بمكة. والبدر حسن بن علي بن يوسف بن هود المرسي، بها. وشيخ تدمر عيسى بن ثروان. وشيخ الحرم الظهير محمد بن عبد الله بن منعة البغدادي. وناصر الدين محمد بن نوح ابن المقدسي، وله حضورٌ في الأولى على ابن اللتي.

(46/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 178
4 (وفيات سنة أربعٍ وثلاثين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أكمل بن أحمد بن مسعود بن عبد الواحد بن مطر بن أحمد بن محمد.)
الشريف، أبو العباس، الهاشمي، العباسي، البغدادي، الحنبلي، الخطيب، العدل. ولد سنة سبعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح بن شاتيل، ووفاء بن أسعد، وأبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل. وحدث من بيته غير واحد. توفي في ربيع الأول.
4 (أحمد بن الخضر.)
الأمير، شهاب الدين، الكاملي. توفي في جمادى الأولى بالقاهرة. وكان من كبار الدولة.
4 (أحمد بن سليمان بن كسا المصري.)
الشاعر المشهور.

(46/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 179
كان محتشماً، ذا ثروةٍ وله غلمان ترك. توفي في صفر بالقاهرة. والأصح وفاته في السنة الآتية.
4 (أحمد بن يوسف بن أيوب بن شاذي.)
) الملك المحسن، يمين الدين، أبو العباس، ابن سلطان صلاح الدين. ولد سنة سبع وسبعين. وسمع بدمشق من: أبي عبد الله بن صدقة الحراني، وحنبلٍ، وابن طبرزد، وبمصر من أبي القاسم البوصيري، وغير واحد. وعني بالحديث وطلبه. وكتب، واستنسخ. وقرأ على الشيوخ. وكان مليح الكتابة، جيد النقل، متواضعاً متزهداً، حسن الأخلاق، مفضلاً على أصحاب الحديث وعلى الشيوخ. وحصل الكتب النفيسة والأصول المليحة، ووجد المحدثون به راحةً عظيمةً، وجاهاً ووجاهةً. وهو الذي كان السبب في مجيء حنبل وابن طبرزد. وكان كثير التحري في القراءة. وسمع بمكة من أبي الفتوح ابن الحصري، وببغداد من عبد السلام الداهري. سئل عنه الضياء فقال: سمع وحصل الكثير، وانتفع الخلق بإفادته، وطلب الحديث على وجهه. ووجدت بخط السيف ابن المجد أنه ينبز بميل إلى التشيع.

(46/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 180
قلت: روى عنه القاضي شمس الدين أبو نصر الشيرازي وهو أكبر منه، والقاضي مجد الدين العديمي، وسنقر القضائي. وبالإجازة: أبو نصر محمد بن محمدٍ المزي. وتوفي بحلب في الرابع والعشرين من المحرم، وحمل إلى الرقة، فدفن بها بقرب قبر عمار بن ياسر.
4 (أحمد بن أبي الذر بن معالي بن أبي البقاء.)
أبو العباس، القطفتي، المقرئ، والضرير. ولد سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وخمسين. وسمع من: يحيى بن موهوب بن السدنك. ومات في جمادى الأولى. أجاز لفاطمة بنت سليمان، وعيسى المطعم، وجماعة.
4 (أحمد بن أبي الغنائم بن صدقة بن أحمد بن الخضر.)
أبو الفتح القرشي، الواسطي، الزاهد، نزيل الإسكندرية. لقي جماعةً من المشايخ بالعراق. وقدم مصر وانتفع به طائفةٌ. وكان له القبول التام من العالم. توفي في شوال.)
4 (إبراهيم بن عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الله.)
أبو إسحاق، ابن الجباب، التميمي، السعدي، الأغلبي، المصري، الزاهد.

(46/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 181
ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة في نصف رجب بمكة. وسمع بالإسكندرية من السلفي. كتب عنه عمر ابن الحاجب، والزكي المنذري. وروى لنا بالإجازة أبو المعالي الأبرقوهي. وتوفي في خامس ذي القعدة. وكان أبوه سنياً له مع بني عبيد مواقف وأمورٌ.
4 (إبراهيم بن علي بن محمد بن الحسن بن تميم بن الحسين.)
أبو إسحاق، التميمي، الصقلي، المحلي المولد والمنشأ، العدل، أمين الحكم بالمحلة. ولد سنة خمسٍ وخمسين. وسمع من السلفي. روى عنه الزكي المنذري، وغيره من المصريين. وحدثنا عنه عبد القوي بن عبد الكريم المنذري. توفي في جمادى الآخرة.
4 (إسحاق بن أحمد بن غانم.)
أبو محمد، العلثي، الحنبلي، الزاهد. سمع ببغداد من عبيد الله بن شاتيل، وغيره. وحدث بالعلث. وكان صالحاً، زاهداً فقيهاً، عابداً، قوالاً بالحق، أماراً بالمعروف، لا تأخذه في الله لومة لائمٍ.

(46/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 182
توفي بالعلث في ربيع الأول. ذكره الحافظ عبد العظيم فقال: قيل إنه لم يكن في زمانه أكثر إنكاراً للمنكر منه، وحبس على ذلك مدةً. وهو ابن عم المحدث الزاهد طلحة بن مظفر العلثي الذي مر في سنة. والعلث: من قرى بغداد. وقد سمع الشيخ إسحاق أيضاً من عبد الرزاق الجيلي، وابن الأخضر، وجماعةٍ.) روى عنه العماد إسماعيل بن علي الطبال. وقيل: إنه مات في صفر، ذكره الفرضي. ورأيت له رسالةً في ورقات كتبها إلى ابن الجوزي ينكر عليه خوضه التأويل، وينكر عليه ما خاطب به الملائكة على طريق الوعظ، فما اقصر، وأبان عن فضيلةٍ وورعٍ رحمه الله.
4 (أسعد بن عبد الرحمن بن الخضر بن هبة الله بن حبيش.)
وجيه الدين، أبو التمام، التنوخي، الدمشقي. روى عن إسماعيل الجنزوري. روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية. وأجاز للقاضي تقي الدين الحنبلي، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، وجماعة. وتوفي في ثالث صفر. وكان رئيساً فاضلاً، وشاعراً محسناً.
4 (إقبال بن أبي محمدٍ.)
أبو علي، الحريمي المشتري.

(46/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 183
سمع من يحيى بن السدنك. ومات في جمادى الأولى.
4 (أنجب بن محمد بن أبي القاسم بن أبي الحسن بن صيلا.)
أبو محمدٍ، الحربي، الحمامي. سمع من قرابته أبي بكر عتيق بن صيلا في سنة اثنتين وستين وخمسمائة. روى عنه بالإجازة: القاضيان شهاب الدين الخويي، وتقي الدين الحنبلي، والفخر إسماعيل بن عساكر، وأبو نصر ابن الشيرازي. وتوفي في رمضان.
4 (حرف الباء)

4 (بركات بن ظافر بن عساكر بن عبد الله بن أحمد.)
المحدث، وجيه الدين، أبو اليمن، الأنصاري، الخزرجي، المصري، الصبان. سمع الكثير من: أبي القاسم البوصيري، وأبي عبد الله الأرتاحي، وأحمد بن طارق الكركي،) وفاطمة بنت سعد الخير، وأبي نزارٍ ربيعة اليمني، وابن المفضل، وخلقٍ كثير. حتى إنه سمع ممن هو أصغر منه. وكتب الكثير. وحدث. وعني بفن الرواية. ولم يزل يسمع إلى أن مات. روى عنه الزكي المنذري، وبالإجازة غير واحد. وله نظمٌ ونثر، ومعرفةٌ بالطب والهندسة. ولد سنة ستين. وتوفي في أول ربيع الآخر. وذكره ابن مسدي في معجمه فقال: كان يستفيد ولا يفيد، ويستعير ولا

(46/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 184
يعيد. وكان ينظم ويهجو ويستميح من يرجو. سمع مني وسمعت منه. مات، فرأيته غير مرة، ويقول: لقيت شدةً وما نظر لي في شيءٍ. ثم رأيته وقد حسن زيه وقال: رحمني ربي بصلاتي على النبي صلى الله عليه وسلم.
4 (بركة بن أبي بكر بن عمر بن ربيع.)
أبو محمدٍ، البغدادي، العلاف. حدث عن أبي الحسين عبد الحق. ومات في ربيع الأول عن نيفٍ وسبعين سنة. روى عنه ابن النجار.
4 (حرف الثاء)

4 (ثامر بن أبي افتح مسعود بن مطلق بن نصر الله بن محرز.)
أبو المظفر، الربعي، الفرسي، الأزجي، الطحان، البواب. ولد سنة ثمانٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من أبي الفتح بن البطي. وكان اسمه قديماً يحيى، ثم اشتهر بثامر. روى عنه أبو القاسم علي بن بلبان جزء البانياسي. وأجاز له الفخر ابن عساكر، وسعد الدين بن سعد، وأحمد بن أبي طالب الشحنة، وعيسى المطعم، وأبي نصرٍ محمد بن محمد ابن الشيرازي. وتوفي في أواخر المحرم.)
4 (حرف الحاء)

4 (حسين بن مسعود بن بركة.)

(46/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 185
أبو عبد الله، البغدادي، البيع. سمع من: مسلم بن ثابت النخاس، وأبي الخير القزويني. وأجاز للقاضي شهاب الدين الخويي، وللكمال أحمد ابن العطار، وفاطمة بنت سليمان. وتوفي في رابع عشر رمضان. وقد تفرد بإجازته أبو النصر ابن الشيرازي.
4 (حمد بن أحمد بن محمد بن بركة بن أحمد بن صديق بن صروف، الفقيه.)
موفق الدين، أبو عبد الله، الحراني، الحنبلي، ولد سنة ثلاثٍ أو أربع وخمسين. رحل إلى بغداد، وتفقه على ناصح الإسلام أبي الفتح بن المني، وأبي الفرج ابن الجوزي. وسمع من: عبد الحق اليوسفي، وأبي هاشم عيسى الدوشابي، وتجني الوهبانية، وأبي الفتح بن شاتيل، وعبد المغيث بن زهيرٍ، وغيرهم. وسمع بحران من أحمد بن أبي الوفاء الصائغ، وعبد الوهاب بن أبي حبة. وأعاد بمدرسة حران مدةً، وحدث بها، وبدمشق. وكان ثقةً، فقيهاً، صحيح السماع.

(46/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 186
روى عنه: الزكي المنذري، والشرف ابن النابلسي، والمجد ابن الحلوانية، والشهاب الأبرقوهي، والبدر أبو علي ابن الخلال، ومحمد بن أبي الذكر، وآخرون. توفي ابن صديق في سادس عشر صفر بدمشق، ودفن بسفح قاسيون.
4 (حمزة ويسمى عبد الرحمن بن الحسين بن أبي الحسين أحمد بن حمزة بن علي بن)
الحسن بن الحسين. أبو طاهرٍ، ابن الموازيني، السلمي، الدمشقي، العطار. حدث عن: جده، وأبي سعد بن أبي عصرون، ويحيى الثقفي. روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، وجماعةٌ. ولم ألق أحداً من أصحابه. توفي في جمادى الآخرة.) وقد أجاز للفخر ابن عساكر، والشرف المخرمي، وجماعةٍ.
4 (حيدر بن محمد بن زيد بن محمد، السيد.)
أبو الفتوح، الحسيني، نقيب الأشراف بالموصل. كان صدراً جليلاً، محتشماً. له مصنف في صفات سيد البشر، وله شعر متوسط.
4 (حرف الخاء)

4 (خديجة بنت أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن العباس بن عبد الحميد الحراني.)
أم محمد. امرأةٌ صالحةٌ مسنة. سمعت من أبيها جزء الحفار. كتب عنها جماعةٌ.

(46/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 187
وأجازت للفخر ابن عساكر، وللقاضي شهاب الدين الخويي، وفاطمة بنت سليمان، وعيسى المطعم، وأبي بكر بن عبد الدائم. وأحمد ابن الشحنة، وجماعةٍ. وتوفيت في سادس عشر ذي الحجة. قال ابن النجار: جاوزت الثمانين.
4 (الخليل بن أحمد بن علي بن خليل بن إبراهيم بن خليل بن وشاح.)
أبو طاهرٍ، الجوسقي الصرصري، الخطيب بها. ولد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وقرأ القراءآت على جماعة. وسمع من: والده الشيخ أبي العباس، وأبي الفتح بن البطي، وعبد الله بن عبد الصمد السلمي، وشهدة، وصدقةً بن الحسين الناسخ، والأسعد ابن يلدرك. وخطب بجامع صرصر الدير بعد والده. وكان صالحاً، عالماً، خيراً. روى عنه: أبو الفرج أيوب بن محمود ابن البعلبكي، وأبو القاسم علي بن بلبان، ومحمد بن مؤمن، والجمال أبو بكر الشريشي، ومحمد بن مكي بن حامد الإصبهاني، ثم الدمشقي، وأحمد بن محمد الطيبي التاجر، ومحفوظ بن الحامض. وأجاز للقاضيين ابن الخويي والحنبلي، وسعد الدين بن سعد، وأبي بكر بن عبد الدائم، وأبي نصرٍ محمد بن محمد ابن الشيرازي، وجماعةٍ.) وتوفي في العشرين من ربيعٍ الأول.

(46/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 188
4 (خليل بن إبراهيم بن خليل.)
أبو الصفاء، العقيسي، الدمشقي. شيخٌ معمر. سمع في كبره من: أحمد بن وهب بن الزنف، وإلياس بن أحمد المقرئ. روى عنه: الزكي البزالي، والمجد ابن الحلوانية، وغيرهما. وتوفي في صفر. وكان يقرئ بالجامع.
4 (حرف الراء)

4 (رضوان بن عمر بن علي بن خميس.)
أبو الجنان، الديباجي، الدمشقي، الكاغدي، الحلاوي، الشاعر. قدم مصر بعد الستمائة، ومدح جماعةً، وله شعرٌ جيدٌ، روى عنه منه زكي الدين عبد العظيم. ومات في نصف ربيع الأول.
4 (حرف السين)

4 (سرخاب بن زرير بن سرخاب بن أبي الفوارس.)
الشريف، أبو المناقب، الحسيني، الدينوري، الصوفي، الحنبلي، نزيل دمشق. حدث عن النسابة أبي علي بن محمد بن أسعد الجواني، والخشوعي.

(46/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 189
روى عنه المجد ابن الحلوانية، وغيره. وبالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، وجماعةٌ. توفي في السادس والعشرين من المحرم بدمشق.
4 (سعيد بن محمد بن ياسين بن عبد الملك بن مفرج.)
أبو منصور، بن أبي نصر، البغدادي، البزاز، السفار. فذكر أبو طالب بن أنجب في تاريخه: أنه حج تسعاً وأربعين حجةً. قلت: كان يحج تاجراً. سمع من: أبي الفتح بن البطي، وجعفرٍ وتركناز ابني عبد الله بن محمد الدامغاني. روى عنه: عز الدين أحمد الفاروثي، وأبو القاسم بن بلبان، وغيرهما. وبالإجازة القاضيان ابن) الخويي، وتقي الدين سليمان، والفخر إسماعيل بن عساكر، وأبو نصرٍ محمد بن محمد المزي، والقاسم بن عساكر. توفي في خامس صفر. قال ابن النجار: أسقطت شهادته لسوء طريقته وظلمه.
4 (سعيد بن محمد بن سعيد الظهيري.)
روى عن: أبي منصور بن عبد السلام، وابن كليب. وكان سيخاً مهيباً، جليلاً. أجاز لأبي نصر ابن الشيرازي، وسعدٍ، والمطعم، وغيرهم.
4 (سليمان بن مسعود الطوسي.)

(46/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 190
ثم الحلبي، الشاعر. توفي بحلب في صفر. ومن شعره.
(وذي هيفٍ فيه يقوم لعاذلي .......... بعذرى إذا ما لام لام عذاره)

(فلا بدر إلاّ مابدا من جيوبه .......... ولا غصن إلا ما انثنى في إزاره)

4 (سليمان بن موسى بن سالم بن حسان الحميري.)
الكلاعي، الأندلسي، البلنسي. هو الحافظ الكبير، أبو الربيع ابن سالم. ولد في رمضان سنة خمسٍ وستين وخمسمائة. وكان بقية أعلام الحديث ببلنسية. ذكره أبو عبد الله الأبار، فقال: سمع ببلده أبا العطاء بن نذير، وأبا الحجاج بن أيوب. ورحل، فسمع أبا القاسم بن حبيش، وأبا بكر بن الجد، وأبا عبد الله بن زرقون، وأبا عبد الله ابن الفخار، وأبا محمد بن عبيد الله، وأبا

(46/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 191
محمد بن بونه، وأبا الوليد بن جمهور، ونجبة بن يحيى، وخلقاً سواهم. وأجاز له أبو العباس بن مضاء، وأبو محمد عبد الحق صاحب الأحكام وآخرون. وعني أتم عنايةٍ بالتقييد والرواية. وكان إماماً في صناعة الحديث، بصيراً به، حافظاً، حافلاً، عارفاً بالجرح والتعديل، ذاكراً للمواليد والوفيات، يتقدم أهل زمانه في ذلك،) وفي حفظ أسماء الرجال، خصوصاً من تأخر زمانه وعاصره. وكتب الكثير، وكان الخط الذي يكتبه لا نظير له في الإتقان والضبط، مع الاستبحار في الأدب والاشتهار بالبلاغة، فرداً في إنشاء الرسائل، مجيداً في النظم، خطيباً، فصيحاً، مفوهاً، مدركاً، حسن السرد والمساق لما يقوله، مع الشارة الأنيقة والزي الحسن. وهو كان المتكلم عن الملوك في مجالسهم والمبين عنهم لما يريدونه على المنبر في المحافل. ولي خطابة بلنسية في أوقاتٍ. وله تصانيف مفيدة في عدة فنون، ألف كتاب الاكتفاء في مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم والثلاثة الخلفاء، وهو في أربعة مجلداتٍ، وله كتابٌ حافلٌ في معرفة الصحابة والتابعين لم يكمله، وكتاب مصباح الظلم يشبه الشهاب، وكتاب في أخبار الإمام أبي عبد الله البخاري وسيرته، وكتاب الأربعين، وتصانيف سوى ذلك كثيرةٌ في الحديث، والأدب، والخطب. وإليه كانت الرحلة في عصره للأخذ عنه. أخذت عنه كثيراً، وانتفعت به في الحديث كل الانتفاع، وحضني على هذا التاريخ يعني تكملة الصلة. قال: وأمدني من تقييداته وطرفه بما شحنته به. واستشهد بكائنة أنيشة على ثلاثة فراسخ من بلنسية، مقبلاً غير مدبرٍ، في العشرين من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين. وكان أبداً يحدثنا أن السبعين منتهى عمره لرؤيا رآها. وهو آخر الحفاظ والبلغاء المترسلين بالأندلس. قلت: وقد روى أبو العباس ابن الغماز قاضي تونس عدة دواوين. قال ابن الغماز: أنشدنا أبو الربيع لنفسه:

(46/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 192
(قبائح آثارٍ شغلن ظنوني .......... وخوقن أفكاري لقاء منون)

(وكيف اعتذاري عن ذنوبي وقبحها .......... ويأبى لي العذر الجميل حقيني)

(على أن لي من حسن ظنّي بخالقي .......... معاذاً بحصنٍ في المعاد حصين)

(فإن أوبقتني سلفاتٌ تقدمت .......... فحسن يقيني بالإله يقيني)
قال ابن مسدي: لم ألق مثله جلالةً، ونبلاً، ورياسةً وفضلاً. وكان غماماً مبرزاً في فنونٍ من منقولٍ ومعقولٍ، ومنشورٍ وموزونٍ، جامعاً للفضائل. وبرع في علوم القرآن والتجويد والأدب، فكان ابن بجدته، وهو ختام الحفاظ، ندب لديوان الإنشاء فاستعفى. أخذ القراءآت عن أصحاب ابن هذيل. رحل واختص بأبي القاسم بن حبيش بمرسية. أكثرت عنه رحمه الله. وقال أبو العباس ابن الغماز: وله كتاب الأربعين عن أربعين شيخاً، وكتاب الموافقات) العوالي، وجزء المسلسلات. وقال أبو محمد المنذري: في العشرين من ذي الحجة توفي الحافظ أبو الربيع الكلاعي الخطيب الكاتب شهيداً بيد العدو خذله الله بظاهر بلنسية. ومولده بظاهر مرسية في مستهل رمضان سنة خمسٍ وستين. سمع ببلنسية من محمد بن جعفر النحوي، وأبي الحجاج يوسف بن عبد الله، وأبي بكر أحمد بن أبي المطرف، وبمرسية من أبي القاسم عبد الرحمن بن حبيش، بإشبيلية، وشاطبة، وغرناطة، وسبته، ومالقة، ودانية. وجمع مجاميع مفيدة تدل على غزارة علمه وكثيرة حفظه ومعرفته بهذا الشأن. وكتب إلينا بالإجازة من بلنسية سنة أربع عشرة وستمائة.
4 (حرف الضاد)

4 (الضحاك بن أبي بكر بن أبي الفرج.)
أبو الفرج، القطيعي، النجار، المعروف بابن الأطروش.

(46/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 193
ولد سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة ظناً. وسمع من أبي المكارم المبارك الباذرائي. وتوفي في تاسع شعبان. وكان صالحاً، خيراً. سمع منه الكمال ابن الدخميسي، والسيف ابن المجد. وحدثنا عنه بالإجازة: أبو المعالي الأبرقوهي، وفاطمة بنت سليمان، والقاضي تقي الدين الحنبلي، والفخر إسماعيل بن عساكر، ومحمد بن محمد ابن الشيرازي، والمطعم وسعدٌ، وابن الشحنة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن إسماعيل بن الحسين.)
الواعظ، أبو طالبٍ، ابن الفخر، غلام ابن المني. تنقل في البلاد، ووعظ بالقاهرة مدةً. وما أقام ببلدةٍ مدة إلا أزعج منها لسوء سيرته. سمع من ابن كليب جزء ابن عرفة. مات في شعبان كهلاً.)
4 (عبد الله ابن القاضي أبي الطاهر إسماعيل بن رمضان بن عبد السميع.)

(46/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 194
القاضي، الرئيس، أبو الفضل، الإسكندراني، المالكي، ناظر الإسكندرية. سمع من السلفي. وحضر أبا محمد العثماني، وأخاه أبا الطاهر إسماعيل بن عبد الرحمن العثماني. وولي النظر مدةً وغير ذلك من الخدم. روى عنه الزكي المنذري، وسأله عن مولده فقال: في شعبان سنة ستٍ وستين. وتوفي في الرابع عشر من جمادى الآخرة. قال: وكان محباً لأهل الصلاح والخير ساعياً في حوائجهم، مؤثراً للاجتماع بهم والانقطاع إليهم. قلت: أجاز لأبي الفضل محمد بن محمد ابن الشيرازي، والفخر إسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان.
4 (عبد الله بن صالح بن عيسى بن عبد الملك.)
الفقيه، أبو محمد، المصري، المالكي. تفقه على: أبي محمد بن اللهيب، وأبي المنصور ظافر الأزدي، وأبي البركات هبة الله بن ثعلب. ودخل الإسكندرية ورأى الإمام أبا طاهر السلفي، وحكى عنه، وعن أبي الطاهر بن عوف. روى عنه الزكي المنذري، وقال: كان على طريقة أهل العلم والصلاح، مقبلاً على ما يعنيه. مضى على سدادٍ وأمرٍ جميلٍ. ولد سنة سبع وأربعين وخمسمائة. وتوفي بالفرعونية من أعمال الغريبة في العشرين من جمادى الأولى.
4 (عبد الله بن معالي بن أبي بكر.)
أبو بكر الديناري، الخياط. توفي ببعقوبا في جمادى الآخرة.

(46/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 195
سمع من شهدة، وعبد الحق. لا أعرفه.
4 (عبد الرحمن بن إبراهيم بن محفوظ.)
أبو علي، البغدادي، القطان. سمع من عبد الحق. وتوفي في أول رجب.) ولا أعرفه أيضاً. فإن كان ابن البزازة فقد أجاز لأبي نصر ابن الشيرازي.
4 (عبد الرحمن بن حمدان بن أحمد، القاضي.)
أبو محمد، الكناني، التكريتي، قاضي الكرك. سمع بالموصل من أبي ياسرٍ عبد الوهاب بن أبي حبة، وبدمشق من إسماعيل الجنزوي، وجماعة. وسمع الكثير. وكتب بخطه مع الدين والفضل. وناب في القضاء بدمشق. روى عنه المجد ابن الحلوانية، وغيره. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (عبد الرحمن ابن العلامة أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن مهران.)
الفقيه، صدر الدين، أبو القاسم، القرميسيني، ثم الإسكندراني، الشافعي، العدل، الحاكم. له أدبٌ وشعرٌ جيدٌ، وفضائل. وولي الحكم بالغربية مدةً. وخدم في الديوان، ودرس بمصر بزاوية المجد البهنسي مدة.

(46/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 196
كتب عنه الزكي المنذري وقال: كان عالي الهمة، حاد القريحة. توفي في صفر.
4 (عبد الرحمن بن محمود بن أبي منصور.)
الشيخ الصالح أبو منصورٍ، الدمشقي الحنفي، النصولي. سمع من: القاضي أبي سعد عبد الله بن أبي عصرون، وابن صدقة الحراني. وببغداد من: ذاكر بن كامل، وابن بوش، وابن كليب. وبمصر من: أبي القاسم البوصيري، وغيرهم. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والمؤيد علي ابن خطيب عقرباء، وجماعةٌ. وأجاز لغير واحد. وتوفي في ثامن ربيع الآخر.
4 (عبد الرحمن بن نجم ابن شرف الإسلام أبي البركات عبد الوهاب ابن الشيخ الإمام أبي)
الفرج عبد الواحد بن محمد بن علي.

(46/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 197
الإمام، ناصح الدين، أبو الفرج، ابن الحنبلي، الأنصاري، السعدي، العبادي، الشيرازي الأصل، الدمشقي، الحنبلي، الواعظ. ولد في شوال سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. واشتغل بالوعظ وبرز فيه. ورحل وسمع من: شهدة، وأبي الحسين عبد الحق، ومسلم بن ثابت، وأبي شاكرٍ يحيى) السقلاطوني، وتجني الوهبانية، ونعمة بنت القاضي أبي خازم محمد ابن الفراء، وجماعةٍ ببغداد. والحافظ أبي موسى المديني، وأحمد بن أبي منصور الترك بإصبهان. وبهمذان من عبد الغني بن أبي العلاء. وحدث. ووعظ بمصر ودمشق. وكان له قبولٌ زائد. وصنف، ودرس، وأفتى، وله خطبٌ ومقاماتٌ. وكتاب تاريخ الوعاظ وأشياء في الوعظ. وكان حلو الكلام، جيد الإيراد، شهماً، مهيباً، صارماً. وكان رئيس المذهب في زمانه بالشام. وهو من بيت العلم والجلالة والسؤدد. روى عنه: الدبيثي، والضياء، والبرزالي، والزكي المنذري، والجمال ابن الصابوني، والشمس ابن الكمال، والشمس ابن خازم، والعز ابن العماد، والتقي بن مؤمن، ونصر الله بن عياش، ومحمد بن أبي بكر بن بطيخ، وأحمد بن إبراهيم الرقوقي، وعبد الحميد بن خولان، وعلي بن بقاءٍ المقرئ، ومحمد بن علي الطواسي، والشهاب محمد بن مشرف، وطائفةٌ سواهم. وقد تفرد بالرواية عنه حضوراً أبو بكر بن عبد الدائم. وروى بالإجازة القاضيان ابن الخويي، وتقي الدين بن أبي عمر. أخبرنا محمد بن علي بقراءتي، اخبرنا عبد الرحمن بن نجم الواعظ، أخبرنا أبو موسى الحافظ، أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا إسحاق بن حمزة، حدثنا عبدان.

(46/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 198
قال أبو نعيم: وحدثنا الحسين بن محمد بن رزين الخياط، حدثنا الباغندي. قالا: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا عبد الرحمن بن جابر، حدثنا عطية بن قيس، عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري، أخبرني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري والله ما كذبني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليكونن في أمتي أقوامٌ يستحلون الحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوامٌ إلى جنب علمٍ يروح عليهم بسارحةٍ فيأتيهم رجلٌ لحاجةٍ، فيقولون له: ارجع إلينا غداً. فيبيتهم الله تعالى، ويضع العلم عليهم، ويمسخ آخرون قردةً وخنازير. أخرجه البخاري تعليقاً عن هشام، ورواه الدبيثي في تاريخه عن الناصح. توفي في ثالث المحرم بدمشق، ودفن بسفح قاسيون بتربتهم.
4 (عبد الرحمن ابن الشيخ أبي البقاء العكبري.)
أبو محمدٍ.) سمع أكثر مصنفات والده أبي البقاء عبد الله بن الحسين، وسمع من ابن كليب. وتوفي كهلاً.
4 (عبد السلام بن جعفر.)
أبو الغنائم التكريتي، العدل. سمع ابن شاتيل.
4 (عبد العزيز بن عبد الملك بن عثمان المقدسي.)

(46/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 199
الحنبلي، الفقيه، العز. من كبار العلماء. تفقه على الشيخ الموفق، ورحل إلى إصبهان، وسمع من: أبي الفخر أسعد بن سعيد، وغيره. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والشيخ شمس الدين بن أبي عمر. وأجاز للشيخ علي بن هارون، وللشهاب محمد بن مشرف، وللشرف إبراهيم ابن المخرمي، وغيره. قرأت بخط الضياء: وفي يوم الاثنين حادي عشر ذي القعدة توفي الفقيه الإمام العالم أبو محمد عبد العزيز بن عبد الملك رحمة الله عليه ورضوانه. وكان إماماً عالماً فطناً ذكياً. وفقد ألقى الدرس مدةً بمدرسة شيخنا أبي عمر. وكان ديناً خيراً. دفن في تربة خال أمه الشيخ موفق الدين.
4 (عبد العزيز بن محمد بن علي بن حمزة بن فارس.)
أبو البركات ابن القبيطي. سمع مع أخيه عبد اللطيف من: شهدة، وأبي نصرٍ عبد الرحيم اليوسفي، وابن شاتيل، ومحمد بن نسيم. وكان من أعيان قراء بغداد، جيد الأداء، طيب الصوت. قرأ القراءآت على عمه أبي يعلى حمزة. وأم بمسجدهم على باب البدرية. وكان فقيهاً، ديناً، شافعياً، حسن السمت. ولد سنة ثلاثٍ وستين. وتوفي في رابع عشر ربيع الأول. روى عنه أبو القاسم بن بلبان. وأجاز للبهاء ابن عساكر. قال ابن النجار: قرأت عليه كتاب التذكار لابن شيطا بسماعه من أبي نصرٍ عبد الرحيم بن) يوسف، عن الباقرحي، عنه. وكان صدوقاً.

(46/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 200
4 (عبد العزيز بن نصر بن هبة الله بن سلامة بن معالي.)
أبو محمد الحراني، الحنبلي، الصفار، العدل، المعروف بابن أبي الربع. سمع من: أبي الفتح أحمد بن أبي الوفاء. وأجاز له أبو الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي، وتجني الوهبانية، وجماعةٍ. روى عنه: الحافظ عبد العظيم، وعمر ابن الحاجب، وغيرهما. وقد سمع بدمشق من الشيخ الموفق.
4 (عبد القادر بن عبد القاهر بن أبي الفرج عبد المنعم بن أبي الفهم، الفقيه.)
الإمام، ناصح الدين، أبو الفرج، الحراني، الحنبلي. تفقه بحران وسمع بها من ابن طبرزد، وببغداد من يحيى بن بوش، وابن كليب، وبدمشق من ابن صدقة الحراني، ويحيى الثقفي، وعبد الرحمن بن علي الخرقي. وأقرأ، وحدث، وأفاد، ودرس، وأفتى. كتب عنه عمر ابن الحاجب وقال: عرض عليه قضاء حران، فامتنع، وكان مفتياً، صالحاً، لم يكن ببلده مثله. ولد سنة ثلاثٍ وستين وخمسمائة.

(46/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 201
وروى عنه: الزكي المنذري، والنجم أحمد بن حمدان الفقيه. وبالإجازة أبو المعالي الأبرقوهي، وأظن أن ابن حمدان تفقه عليه. توفي في حادي عشر ربيع الأول بحران. رأيت شيخنا ابن تيمية يبالغ في تعظيم شأنه ومعرفته بالمذهب.
4 (عبد القادر بن عبد الله ابن الفقيه القدوة الشيخ عبد القادر الجيلي.)
أبو محمد. سمع من أبي الحسين عبد الحق. وحدث. ومات بسواد بغداد في ربيع الآخر.
4 (عبد القادر بن أبي عبد الله محمد بن الحسن.)
) الإمام، شرف الدين، أبو محمدٍ، ابن البغدادي، المصري، الشافعي. رحل من الشام في الصبى وسكن القاهرة، وتفقه بها على الشهاب محمد بن محمود الطوسي. ودرس بجامع السراجين، ثم بالمدرسة القطبية إلى حين وفاته. وكان قد تفقه بدمشق على القطب مسعود بن محمد النيسابوري، وسمع من الحافظ ابن عساكر بعض مجالسه. وولد في سنة ثلاثٍ وخمسين. روى عنه الزكي المنذري وقال: كان فقيهاً حسناً، من أهل الدين والعفاف، طارحاً للتكلف مقبلاً على ما يعينه. توفي في الثاني والعشرين من شعبان.

(46/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 202
قلت: روى لنا عنه أحمد بن عبد الكريم الواسطي. وأجاز للقاضي شهاب الدين ابن الخويي، ولأحمد بن أبي الغنائم بن علان، وجماعةٍ. وقال ابن مسدي: ولد بدمشق، وكان رأساً في الفتوى، مشاراً إليه بالبر والتقوى. سكن القاهرة.
4 (عبد اللطيف ابن الأديب البارع أبي الفتح محمد بن عبيد الله ابن التعاويذي.)
أبو القاسم، البغدادي، الحاجب. ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وسمع من: شهدة الكاتبة، وأبي الحسين عبد الحق. وسمع من والده ديوانه. روى عنه: السيف ابن المجد، وعبد اللطيف بن بورنداز، وجمال الدين أبو بكر الشريشي، وأبو القاسم علي بن بلبان، وأبو عبد الله محمد ابن المجير الكتبي، وغيرهم. وبالإجازة: الفخر إسماعيل بن عساكر، وأبو نصر محمد بن محمد الشيرازي، وفاطمة بنت سليمان، ويحيى بن محمد بن سعد، وعيسى المطعم، وآخرون. توفي في الثاني والعشرين من صفر.
4 (عبد المنعم بن جماعة بن ناصر، صائن الدين.)
أبو محمد، الحمزي، الشارعي. شيخٌ صالحٌ، خيرٌ. صحب المشايخ، وسمع من فاطمة بنت سعد الخير وزوجها ابن نجا الواعظ.

(46/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 203
حدثنا عنه أبو المعالي الأبرقوهي. وتوفي في تاسع جمادى الأولى.)
4 (عبد الواحد بن نزار بن عبد الواحد البغدادي.)
أبو نزار، التستري. ابن الجمال، الرجل الصالح. شيخٌ دين، معمر. كان يمكنه السماع من ابن الطلاية، والأرموي، لأنه ولد في رمضان سنة ثمانٍ وثلاثين. سمع من علي بن محمد بن أبي عمر البزاز، وعمر الحربي، سمع منها مجلساً من أمالي طراد، تفرد في الدنيا به، وبإجازة المبارك بن أحمد الكندي. كتب عنه عمر ابن الحاجب، والقدماء. وحدث عنه: أبو القاسم بن بلبان، وأبو بكر محمد بن أحمد البكري الأصولي. وبالإجازة: الفخر إسماعيل بن عساكر، والقاضيان ابن الخويي وتقي الدين سلمان، وسعد الدين بن سعد، وعيسى بن عبد الرحمن المطعم، وأحمد بن أبي طالب الحجار، وجماعةٌ. وقال ابن النجار: سمعنا منه قديماً. وهو شيخٌ متيقظٌ لا بأس به. توفي في عاشر شعبان. وأخوه بركة سمع من هبة الله ابن الطبر، وقد مر سنة ستمائة.
4 (عبيد الله بن بيرم بن يوسف بن خمرتكين، شمس الدين.)
أبو محمد، الصوري، ثم الحلبي، المحدث. ولد سنة أربعٍ وسبعين، وعاش ستين سنة. طلب، وكتب، وتعب، وأفاد، وحصل الأصول.

(46/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 204
وروى عن الافتخار الهاشمي فمن بعده.
4 (عثمان بن حسن بن علي بن الجميل محمد بن فرح.)
أبو عمرو، الكلبي، السبتي، اللغوي. أخو أبي الخطاب ابن دحية. سمع مع أخيه، ووحده من جماعةٍ كثيرةٍ منهم: أبو القاسم خلف بن بشكوال، وأبو بكر بن الجد، وأبو عبد الله بن زرقون، وأبو الحسن الشقوري، وأبو بكر بن خيرٍ، وأبو الحسين بن ربيعٍ، وأبو محمد بن عبيد الله، وأبو القاسم السهيلي. قال الأبار: لكنه كان لا يحدث عن السهيلي ويقع فيه. ومن شيوخه الذين سمع منهم: أبو محمد بن بونه، وأبو محمد عبد المنعم بن الخلوف. وحج، وحدث بإفريقية، ونزل القاهرة عند أخيه) وفي كنفه. ورأس. قلت: ودرس بعده بالكاملية. وكان مولعاً بالتقعير في كلامه ورسائله لهجاً بذلك. ورخه أبو شامة فيها: ولم يذكره المنذري. وقال الأبار: توفي سنة خمسٍ أو ستٍ وثلاثين. ثم ظفرت بوفاته، ذكرها ابن واصلٍ في ثالث عشر جمادى الأولى سنة أربعٍ وثلاثين. وكان من كبار الأئمة، لكنه يتمقت بما يستعمله من اللغة في رسائله.

(46/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 205
سمع الملخص للقابسي منه أبو محمد الجزائري. وقد ذكره ابن نقطة فقال: رأيته بالإسكندرية لما قدم والناس مجتمعون عليه بالجامع يوم الجمعة يسمعهم الترمذي، فقلت لرجل: أمن أصلٍ فقال: قد قال الشيخ لا أحتاج إلى أصل، اقرؤوه من أي نسخةٍ شئتم، فإني أحفظه. ثم ظهر منه كلامٌ قبيحٌ في ذم مالك والشافعي، وغيرهما. فتركت الاجتماع به لذلك. قلت: نعم كان يسيء الأدب في درسه على العلماء. قال ابن مسدي: أربى أبو عمرو على أخيه بكثرة السماع كما أربى عليه أخوه بالفطنة، وكرم الطباع. وكان متزهداً، لم يكن له أصولٌ. وكان شيخه ابن الجد يصله ويعظمه. ولما بلغه حالٌ أخيه بمصر، نهد إليه، ونزل عليه إلى أن خرف أخوه فيما أنهي إلى الكامل فجعله عوضه بالكاملية. وكان متساهلاً يحدث من غير أصلٍ. وألف منتخباً في الأحكام. مات في جمادى الأولى عن ثمانٍ وثمانين سنة.
4 (عزيزة بنت عبد الملك الهاشمية.)
أم أبي العباس. المرأة الصالحة، الزاهدة. ولدت بمرسية، ونشأت بقرطبة، وعمرت بضعاً وثمانين سنة. وقدمت ديار مصر وصحبت الشيخ الزاهد أبا إسحاق إبراهيم بن طريف مدةً وخدمته، وحجت. وكان الشيخ عتيقٌ وأبو العباس الرأس يثنون عليها كثيراً. علق عنها الحافظ عبد العظيم. وتوفيت في رجب.)
4 (علي بن أحمد بن عبد الله بن محمد.)

(46/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 206
أبو الحسن، ابن خيرة، البلنسي، المقرئ. خطيب بلنسية. قال الأبار: أخذ عن أبي جعفر طارق بن موسى قراءة ورشٍ. وأخذ القراءآت عن شيخنا أبي جعفر بن عون الله. وسمع من أبي العطاء بن نذير، وغيره. وأجاز له أبو عبد الله بن حميد، وأبو محمد بن عبيد الله، وحج سنة ثمانٍ وسبعين، وجاوز وسمع من: أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وحمادٍ الحراني، وعبد المجيد بن دليل، سمع منه سنن أبي داود عن أبي بكر الطرطوشي في سنة تسع وخمسمائة، وسمع من الإمام عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي ببجاية، ومن أبي حفص عمر الميانشي بمكة. وانصرف إلى بلده وأقام على حاله من الانقباض وحسن السمت إلى أن قلد الصلاة، فتولاها أربعين سنة لم يحفظ عنه سهوٌ فيها إلا في النادر. وأقرأ القرآن وقتاً. وحدث. وأخذ الناس عنه. وكان عدلاً راجح العقل. وفي مشيخته كثرة. تلوث عليه بالقراءآت السبع، وسمعت منه جل ما عنده. واختلط قبل موته بأزيد من عام، وأخر عن الصلاة في رجب سنة ثلاثٍ وثلاثين وستمائة لاختلالٍ ظهر في كلامه. ولم يسمع منه بعد ذلك شيءٌ. وتوفي في أواخر رجب سنة أربع، وكانت جنازته مشهودة حضرها السلطان، ونزل في قبره أبو الربيع بن سالم. وولد سنة خمسين أو إحدى وخمسين وخمسمائة. قلت: لقيه ابن الغماز فقال: سمعت منه سنن أبي داود، وسمعت منه كتاب الشهاب للقضاعي، بسماعه من الحضرمي، بسماعه من الرازي، عنه.
4 (علي بن سليمان بن إيداش بن السلار، الأمير، شجاع الدين.)
أبو الحسن، الدمشقي، الحنفي، أمير الحاج. ورخه أبو المظفر ابن الجوزي في سنة ثلاث كما ذكرنا وإنما توفي

(46/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 207
في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربعٍ. كما ورخه المنذري قال: وحدث عن محمد بن حمزة بن أبي الصقر، والخشوعي. وكان منقطعاً عن الناس، محباً للفقراء، تاركاً للإقبال على الدنيا. وحج بالناس مراراً رحمه الله.
4 (علي بن محمد بن جعفر بن معالي.)
أبو الحسن ابن أبي الفرج، البصري، ثم البغدادي، التاجر المؤدب، المعروف بابن كبة.) كان يؤدب الصبيان. وولد سنة خمسٍ وخمسين. وسمع من أبي الفتح بن البطي. روى عنه: ابن الدبيثي، وعز الدين أحمد الفاروثي، وعلاء الدين علي بن بلبان، وجمال الدين محمد الشريشي، وجماعة. وأجاز للقاضي تقي الدين، ولعيسى المطعم، وسعدٍ، وفاطمة بنت جوهر، واحمد ابن الشحنة، وأبي بكر بن عبد الدائم. وتوفي في نصف رجب.
4 (علي بن أبي الفتح بن يحيى الحكيم.)
كمال الدين، أبو الحسن، ابن الكناري، الموصلي، الطبيب، الصفار.

(46/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 208
روى عن خطيب الموصل أبي الفضل. ولد في حدود سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة. وتوفي بحلب في المحرم. روى عنه: مجد الدين ابن العديم، وشهاب الدين ابن تيمية، وعلاء الدين سنقر القضائي. أخبرنا سنقر، أخبرنا أبو الحسن الكناري، أخبرنا أبو الفضل الطوسي، أخبرنا منصور بن بكر، أخبرنا محمد بن علي، حدثنا الأصم، حدثنا ابن المنادي، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا أشعث، عن الحسن، عن جابر قال: كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا صعدنا كبرنا، وإذا هبطنا سبحنا.
4 (علي بن أبي الفرج بن أبي منصور بنعلي.)
أبو القاسم، ابن البعقوبي. ولد سنة خمسٍ وأربعين. وأجاز له الشيخ عبد القادر، وابن البطي. وسمع في الكهولة من عبد المنعم بن كليب، وجماعةٍ. توفي بالموصل في جمادى الأولى.
4 (عمر بن أبي البركات بن هبة الله.)
أبو حفص، ابن السمين. شيخٌ بغداديٌ.) سمع من: عبد الحق اليوسفي، وعبيد الله الشاتيلي، وغيرهما. توفي في سابع عشر ربيع الأول.
4 (حرف الفاء)

4 (فتوح بن نوح بن عيسى بن نوح.)

(46/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 209
العدل، خطير الدين، أبو نصرٍ، الساماني، الخويي، نزيل دمشق. كان مختصاً بخدمة العماد الكاتب، فسمع منه ومن بركات الخشوعي، وبواسط من أبي الفتح ابن المندائي، وبمصر والإسكندرية. روى عنه: مجد الدين ابن الحلوانية، وغيره. وحدثنا عنه محمد بن يوسف الذهبي، وزينب بنت القاضي محيي الدين. توفي في العشرين من ذي القعدة.
4 (فضائل بن علي بن عبد الله بن شبيل بن حسن.)
الفقيه، أبو الوفاء، القرشي، المخزومي، الأرسوفي، ثم المصري، الشافعي، الجلاجلي، المواقيتي. ولد تقديراً في سنة اثنتين وستين. وتفقه على أبي القاسم عبد الرحمن ابن الوراق، وقبله أيضاً على جماعة. وسمع من: أبي عبد الله الأرتاحي، وفاطمة بنت سعد الخير، والحافظ عبد الغني، وانقطع إليه مدةً. واشتغل بالمواقيت وبرع فيها، وولي رئاسة المؤذنين بجامع القاهرة إلى أن توفي. روى عنه الزكي المنذري وقال: توفي في الرابع والعشرين من رجب.
4 (حرف الكاف)

4 (كتائب بن أحمد بن مهدي بن محمد بن علي.)
أبو أحمد، البانياسي، ثم الصالحي. من أهل جبل الصالحين. حدث عن: أبي المعالي بن صابر، وأبي نصرٍ عبد الرحيم بن عبد الخالق.

(46/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 210
وكان رجلاً خيراً، ديناً.) روى عنه: الزكي البرزالي، والضياء بن عبد الواحد، والمجد ابن الحلوانية، والشمس ابن الكمال، والعز أحمد ابن العماد، وغيرهم. أنبأنا أبو عبد الله ابن الكمال، أخبرنا الضياء الحافظ: سمعت العفيف كتائب بن مهدي بعد موت الشيخ الموفق بأيام وهو عندنا عدلٌ مأمونٌ ثقةٌ ما عرفنا له زلةً قط يقول: رأيت الشيخ الموفق على حافة النهر شرقي المدرسة من الناحية القبلية يتوضأ، فوقفت بجانب المدرسة، وقلت: لا أنزل أتوضأ حتى يفرغ، فلما توضأ أخذ قبقابه ومشى على الماء إلى الجانب الآخر ثم لبس القبقاب، وصعد المدرسة. ثم حلف لي بالله لقد رأيته وما لي في الكذب من حاجةٍ، وكتمت ذلك في حياته. فقلت هل رآك قال: لا ولم يكن ثم أحدٌ وذلك وقت الظهر، فقلت: هل كانت رجلاه تغوص قال: لا إلا كأنه يمشي على وطاء. توفي كتائب في رجب.
4 (كيقباذ بن كيخسرو بن قلج أرسلان.)
سلطان الروم، الملك علاء الدين. توفي في شوال في اليوم السابع منه. وكان ملكاً، مهيباً، شجاعاً، راجح العقل، سعيداً. كسر خوارزم شاه وعسكر الملك الكامل. واستولى على عدة بلادٍ تجاوره. وزوجه السلطان الملك العادل بابنته، وولد له منها.

(46/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 211
وكان قد تملك الروم قبله أخوه كيكاوس فحبس أخاه كيقباذ هذا فلما نزل به الموت أحضره وفك قيده، وعهد إليه بالملك، وأوصى إليه بأطفاله. فطالت أيامه واتسعت ممالكه. وكان يرجع إلى عدلٍ ونصفةٍ فيما بلغنا. وهو كيقباذ بن كيخسرو بن قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان بن سليمان بن قتلمش بن سلجوق السلجوقي. وتملك بعده ولده السلطان غياث الدين كيخسرو.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن احمد بن عمر بن حسين بن خلف.)
الحافظ، المفيد، أبو الحسن، البغدادي، القطيعي. ولد في رجب سنة ستٍ وأربعين.) وسمعه أبوه الفقيه أبو العباس من: أبي بكر ابن الزاغوني، وأبي القاسم نصر بن نصر العكبري، وأبي جعفرٍ أحمد بن محمد العباسي، وأبي الوقت السجزي، وسلمان الشحام، وأبي الحسن ابن الخل، وجماعةٍ. ثم سمع بنفسه على طبقةٍ بعد هؤلاء. وعني بالحديث ورحل فيه، وكتب، وحصل. فقرأ بالموصل في رحلته

(46/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 212
على يحيى بن سعدون القرطبي، وسمع منه ومن خطيب الموصل. وسمع بدمشق من أبي المعالي بن صابر، ومحمد بن أبي الصقر. ثم لزم الشيخ أبا الفرج ابن الجوزي وأخذ عنه الوعظ، وقرا عليه كثيراً من كتبه، وناب لولده الصاحب محيي الدين في الحسبة بباب الأزج. وخدم في أماكن. وجمع تاريخاً لبغداد ذيل به على تاريخ ابن السمعاني الذي ذيل تاريخ الخطيب، ولم يتممه. وخدم في بعض الجهات، وفتر عن الحديث بل تركه، ثم طال عمره، وعلا سنده، وتفرد في زمانه. وهو أول شيخ ولي دار الحديث بالمستنصرية. وكان يخصب بالسواد ثم تركه. وهو آخر من حدث بالبخاري كاملاً بالسماع عن أبي الوقت. وتفرد بأجزاء عديدة. قال ابن نقطة: هوشيخٌ صحيح السماع. صنف لبغداد تاريخاً إلا أنه ما أظهره. قلت: وكان عنده أصولٌ له يحدث منها، وكان عسراً في الرواية. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، والسيف ابن محمد ابن الكسار، وأبو القاسم بن بلبان، والفقيه أبو العز سعيدبن أحمد الطيبي الشافعي، والمجد عبد العزيز بن الحسين الخليلي، والتاج علي بن احمد العلوي الغرافي، والشهاب الأبرقوهي. وبالإجازة القاضيان ابن الخويي وتقي الدين سليمان، وأبو علي ابن الخلال، والفخر إسماعيل ابن عساكر، والبهاء ابن عمه، وعيسى المطعم، وسعد الدين بن سعد، وأحمد ابن الشحنة، وأبو بكر بن عبد الدائم، وفاطمة بنت جوهر، وأبو نصر محمد بن محمد ابن الشيرازي، وجماعة.

(46/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 213
وقال ابن النجار: جمع تاريخاً ولم يكن محققاً فيما ينقله ويقوله عفا الله عنه وانفرد بالرواية في وقته عن ابن الزاغواني، والعباس ابن الخل، ونصر، والشحام. توفي في رابع أو خامس ربيع الآخر. وأذهب كل عمره في التاريخ الذي عمله، طالعته، فرأيت كثيراً من الغلط والتصحيف، فأوقفته على وجه الصواب فيه، فلم يفهم. وقد نقلت عنه منه أشياء لا يطمئن قلبي إليها، والعهدة عليه. سمعت عبد العزيز بن دلف يقول: سمعت الوزير أبا المظفر بن يونس) يقول لأبي الحسن ابن القطيعي: ويلك عمرك تقرأ الحديث، ولا تحسن تقرأ حديثاً واحداً صحيحاً. قال ابن النجار: وكان لحنةً، قليل المعرفة بأسماء الرجال. أسن وعزل عن الشهادة ولزم منزله.
4 (محمد بن إدريس بن علي.)
أبو عبد الله الأندلسي الشقري، الشاعر المشهور المعروف بمرج الكحل. قال الأبار: شاعرٌ مفلقٌ، بديع التوليد. وقد حمل عنه ديوان شعره. وسمعت منه. كتب عنه الحافظ أبو الربيع بن سالم، وأبو عبد الله ابن أبي البقاء. وتوفي في ربيع الأول. ومن شعره:
(مثل الرّزق الذي تطلبه .......... مثل الظّلّ الذي يمشي معك)

(أنت لا تدركه متبعاً .......... وإذا ولّيت عنه تبعك.)
قال: وأنشدني أبو محمد بن برطلة، أنشدني ابن مرج الكحل لنفسه:
(لك الخير يا مولاي ما العبد بامرئٍ .......... لديه حسامٌ، بل لديه يراع)

(وهل أنا إلا مثل حسّان شيمةً .......... جبانٌ وفي النظم النفيس شجاع)

(46/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 214
4 (محمد بن الحسن بن المبارك سعد الله.)
أبو بكر ابن البواب المقرئ الحريمي. ولد سنة أربعٍ وخمسين تقريباً. وسمع من: أبي علي ابن الرحبي، وأحمد بن علي العلوي، وعبد الحق اليوسفي، ولاحقٍ ودهبل ابني علي بن كارة. وأجاز له ابن البطي، وأبو المعالي ابن اللحاس. كتب عنه جماعةٌ. وأجاز للفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبي نصر ابن الشيرازي، وجماعةٍ. وتفي في المحرم.
4 (محمد بن سلامة بن عبد الله بن علي.)
أبو محمد الحراني العطار. ولد سنة اثنتين وستين وخمسمائة. وسمع من أحمد بن أبي الوفاء.) وتوفي في منتصف ذي العقدة.
4 (محمد بن علي بن أبي المعالي بن عبد الواحد البغدادي الصائغ.)
ويعرف بابن غبلان. سمع من أبي الحسيس عبد الحق. ومات في صفر.
4 (محمد بن علي بن مهاجر.)

(46/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 215
الصاحب، كمال الدين أبو الكلام الموصلي. قدم دمشق وسكنها. وسمع من يحيى الثقفي بالموصل، ومن ابن طبرزد بدمشق. روى عنه: الزكي البرزالي، وغيره. وحدثنا عنه أبو علي ابن الخلال. قال نجم الدين ابن السابق: قدم ابن مهاجر دمشق وسكن بعقبة الكتان في دار ابن البانياسي، وشرع في الصدقات وشراء الأملاك ليوقفها. وكان قد اتفق مع والدي على عمل رصيف عقبة الكتان، وقال: تجيء غداً وتأخذ دراهم لعمله. فلما أمسى، بعث إليه الملك الأشرف خرزة بنفسجٍ وقال: هذه بركة السنة. فأخذها وشمها فكانت القاضية، فأصبح ميتاً، فورثه السلطان، وأعطوا من تركته ألف درهمٍ، فاشتروا له بها تربة في سوق الصالحية. قلت: فلما كان بعد ذلك بنى الصاحب تقي الدين توبة بن علي بن مهاجر التكريتي في حيطان البرية خمسة دكاكين وادعى أنه ابن عمه. وقال أبو المظفر الجوزي: بلغ قيمة ما خلف الصاحب كمال الدين ثلاثمائة ألف دينارٍ. وأراني الملك الأشرف مسبحةً فيها مائة حبةٍ، مثل بيض الحمام يعني: من التركة. توفي في مستهل جمادى الآخرة. قلت: وروى عنه القوصي في معجمه فقال: الوزير كمال الدين ابن الشهيد معين الدين. كان من سادات الكرام في زمانه، مستعيناً بأمواله عن أموال السلطان، باذلاً إنعامه للإخوان، مديماً لهم مد الخوان. توفي في يوم الجمعة وهو ساجدٌ في صلاة الصبح.
4 (محمدٌ، السلطان، الملك، العزيز، غياث الدين.)
)

(46/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 216
ابن السلطان الملك الظاهر غازي ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، صاحب حلب. ولي بعده والده وله أربع سنين أو نحوها. وجعل أتابكه الطواشي طغريل، وأقر الملك العادل ذلك، وأمضاه لأجل الصاحبة والدة العزيز لأنها بنت العادل، وكانت هي الكل إلى أن اشتد. وكان فيه عدلٌ، وشفقةٌ، وتوددٌ، وميلٌ إلى الدين. قال ابن واصل: يكفيه من المناقب له رده لكمال الدين عمر ابن العجمي لما طلب قضاء حلب بعد موت ابن شداد، وبذل نحو ستين ألف درهم في القضاء فما التفت إليه ولا ولاه. توفي في ربيعٍ الأول شاباً طرياً، وله نيفٌ وعشرون سنة. وخلف ولده الملك الناصر يوسف صغيراً، فأقاموه في الملك بعده، نعوذ بالله من إمرة الأطفال.
4 (محمد بن قراطاي الإربلي.)
الأمير، أبو العباس. كان مليح الصورة، مهيباً، من أمراء صاحب إربل، فلما مات صاحب إربل قدم هذا حلب فأكرمه الملك العزيز وأقطعه خبزاً.

(46/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 217
وله شعرٌ حسن كأخيه، فمنه:
(أقدّك هذا أم هو الغصن الرطب .......... وطرفك ذا أم هو الصّارم العضب)

(أيا بدر تمٍّ فيك للعين نزهةٌ .......... والقلب تعذيبٌ ولكنّه عذب)

(خف الله في قتل الكئيب وعده بال .......... وصال عسى نارٌ بمهجته تخبو)
توفي في رجبٍ بحلب شاباً، وله ثمانٍ وعشرون سنةً إلا شهرين.
4 (محمد بن محمد بن وضاح.)
أبو بكر، اللخمي، الأندلسي. خطيب مدينة شقر. روى عن أبيه أبي القاسم، وأخذ عنه القراءآت. وسمع أبا إسحاق بن فتحون. وحج سنة ثمانين وخمسمائة، وسمع من الشطاطبي قصيدته حرز الأماني. وسمع ببجاية من الحافظ عبد الحق بن عبد الرحمن. وأجاز له الإمام أبو الحسن بن هذيل، وحماعةٌ. وتصدر بلده للإقراء. وحدث بيسير.) قال الأبار: وكان رجلاً صالحاً، لقيته مراراً. ولد سنة تسعٍ وخمسين. وتوفي في سادس شهر صفر. وقال ابن مسدي: حكى لي أن ابن هذيل اشترى له شيئاً وألبسه إياه. قال: ففرحت به، فقال لأبي: هذا تذكرة العهد إذا كبر. وسمع من ابن هذيل التيسير بعضه أو كله في سنة أربع وستين. ثم خرج ابن مسدي عنه من ذلك سند الكبير. وسمع منه التيسير ابن أبي الأحوص شيخ أبي حيان النحوي.
4 (محمد بن يحيى بن قائدٍ بالقاف.)

(46/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 218
أبو عبد الله، الأموي العثماني المعروف بالزواوي. أحد الصلحاء المشهورين بمصر. كان زاهداً خيراً منقطعاً عن الناس لازماً للعزلة. كان يسكن القرافة. قال المنذري كتبت عنه فوائد.
4 (محمد بن يوسف بن محفوظ بن محمد بن عبد المنعم.)
أبو الحسن، ابن الوراق، البغدادي، الوكيل. شيخٌ مباركٌ، حسن السمت. روى عن جده محفوظٍ، عن أبي الحسين ابن الطيوري. كتب عنه ابن الحاجب، وغيره. ولد في سنة إحدى وخمسين، وتوفي في ذي الحجة. وروى عنه بالإجازة القاضي الحنبلي.
4 (محمود بن سالم بن سلامة، أبو القاسم.)
التكريتي، الشاهد. أحد عدول تكريت وعلمائها. له معرفةً بالأدب، وشعرٌ حسنٌ كثيرٌ. ويلقب بالناصح. سمع من عبد الله بن علي بن سويدة. روى عنه بالإجازة بهاء الدين ابن عساكر. توفي في أواخر ذي القعدة. أرخه ابن النجار.)
4 (محمود بن عبد اللطيف بن محمد بن سيما بن عامر.)

(46/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 219
أبو الثناء، السلمي، الدمشقي، المحتسب، فخر الدين، ابن المحتسب أبي محمد. روى عن: أبي سعد بن عصرون، وابن صدقة الحراني، وطغدي الأميري، والبهاء ابن عساكر. روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية. وآخر من روى عنه ابنه عليٌ حضوراً. وأجاز لغير واحدٍ. وتوفي في الثامن والعشرين من شوال.
4 (محفوظ بن المبارك بن المبارك بن هبة الله بن بكري.)
أبو الوفاء، الحريمي، المستعمل. سمع من: أحمد بن موهوب بن السدنك، ولاحق بن كارة. ومات في صفر. أجاز لابن الشيرازي.
4 (مرتضى بن أبي الجود حاتم بن المسلم بن أبي العرب.)
أبو الحسن، ابن العفيف، الحارثي، المصري، الحوفي. ولد سنة تسع وأربعين تقريباً بالحوف. وقرأ القراءآت، وسمع بالإسكندرية من السلفي، والقاضي الحضرمي. وبمصر من: عبد الله بن بري، وإسماعيل بن قاسمٍ الزيات، وسلامة بن عبد الباقي الأنباري، وغيرهم.

(46/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 220
روى عنه: الزكي المنذري، وابن النجار، وأبو طاهرٍ أحمد بن عبد الكريم المنذري، وحفيده أبو الجود حاتم بن الحسين بن مرتضى، والشهاب أحمد الأبرقوهي، والغرافي. وآخر من روى عنه بالحضور أبو عبد الله محمد بن مكرم، وجماعةٌ بالإجازة. وكان من الأئمة العاملين. قال الزكي عبد العظيم: كان على طريقةٍ حسنة، كثير التلاوة للقرآن في الليل النهار. ووالده العفيف أحد المنقطعين المشهورين بالخير والصلاح، وله القبول من الناس. قات: حدث مرتضى بدمشق أيضاً. وكان عنده فقهٌ، ومعرفةٌ، ونباهةٌ. وكتب بخطه كثيراً. وقال التقي عبيد الحافظ: كان فقيراً، صبوراً، له قبولٌ. ويختم كل يوم وليلة ختمةً، وله في) رمضان ستون ختمةً. وتوفي بالشارع في ليلة التاسع والعشرين من شوال. وكان شافعي المذهب. ولم يذكر المنذري على من قرأ القراءآت.
4 (مرهف بن صارم بن فلاح بن راشد.)
أبو المهند الجذامي، المنظوري، السفطي، الشافعي، الزاهد. صحب الشيخ أبا عبد الله القرشي زماناً، وغيره من الصالحين. وأم بالمسجد بزقاق الطباخ بمصر، ثم انقطع بالمسجد الملقب بالأندلس الذي بالقرافة. وكان يزار ويتبرك بلقائه. وله شعرٌ حسنٌ.

(46/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 221
روى عنه الزكي المنذري وقال: كان متواضعاً، حسن المحاضرة، منبسط الوجه، أحد المشهورين بالصلاح والخير. ذكر ما يدل على أن مولده في سنة ثمانٍ وأربعين. ومنظور: فخذٌ من جذام. وسفط: قريةٌ مشهورةٌ تعرف بسفط نهيا بجيزة الفسطاط. وبديار مصر سبعة عشر موضعاً تسمى سفط.
4 (مسعود بن يرنقش.)
الأمير، بدر الدين، النجمي. حدث عن أبي الحسن علي بن محمد ابن الساعاتي الشاعر. روى عنه زكي الدين عبد العظيم وقال: ولد بتكريت سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة، ومات في ربيع الأول بالشوبك.
4 (مظفر بن عبد الله بن مظفر بن أبي البركات.)
أبو المنصور، الهاشمي، العباسي، الإربلي، الواعظ ويعرف بالشريف العباسي. تفقه بإربل على مذهب الشافعي. واشتغل بالوعظ. وسمع من: الفقيه عمر بن محمد العاقلي، وذاكر بن كامل. وحدث بمصر ودمشق. ووعظ بجامع مصر. وتوفي بإربل في شوال.)

(46/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 222
كتب عنه الزكي المنذري، عمر ابن الحاجب. وروى عنه بالإجازة البهاء بن عساكر.
4 (مكي بن عمر بن نعمة بن يوسف بن سيف بن عساكر.)
الفقيه، أبو المحرم، ابن الزاهد المقرئ أبي حفص، الرؤبي، المقدسي، ثم المصري، الحنبلي، البناء. أحد العالمين بمذهب الإمام أحمد. سمع من: والده، والعلامة عبد الله بن بري، وأبي الفتح محمود الصابوني، والبوصيري، وخلقٍ كثير. وبمكة من محمد بن الحسين الهروي، ويونس الهاشمي، وجماعةٍ. وله مجاميع في الفقه، وغيره. وتخرج به جماعةٌ. وأم بالمسجد المعروف به بدرب البقالين بمصر. وكان يبني ويأكل من كسب يده. والرؤبي: نسبة إلى رؤبة جدهم. روى عنه: ابن النجار، والزكي المنذري، وغيرهما. وتوفي في العشرين من جمادى الآخرة. وأبوه من الرواة عن أبي الفتح الكروخي. وكان مولد مكي في رمضان سنة ثمانٍ وأربعين.
4 (موفق بن محمد بن حسين، القاضي.)
أبو المؤيد الخوارزمي، الحنفي، الأصولي، الصوفي. كان فقيهاً، عارفاً بالنظر والجدل، قيماً بالمناظرة، مليح النظم والنثر. ولي القضاء للسلطان جلال الدين خوارزم شاه ثم استعفى، وقدم بغداد.

(46/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 223
توفي بمصر في سنتنا هذه. ذكره أبو عبد الله ابن الجزري.
4 (المؤمل ابن الكامل أبي الفوارس شجاع ابن أمير الجيوش شاور.)
القاضي، العدل، أوحد الدين، أبو المكارم، السعدي، الشافعي. شهد عند القاضي أبي القاسم عبد الرحمن ابن السكري فمن بعده. ومولده في حدود سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة، وأدرك دولة جده. قال المنذري: كان من أهل الدين والخير، مقبلاً على ما يعنيه على طريقةٍ حسنةٍ.
4 (حرف النون.)
)
4 (ناصر بن أبي المفاخر بن ناصر الهاشمي.)
البغدادي، النقاش، أبو المنيع. حدث عن عيسى بن أحمد الدوشابي. ومات في ربيع الأول.
4 (ناصر بن عبد الله بن عبد الرحمن.)
أبو علي المصري، العطار، نزيل مكة. شيخٌ صالح مسنٌ. قال المنذري: بلغنا أنه وقف ستين وقفةً. حدث عن الفقيه محمد بن علي القلعي، وعلي بن حميد الطرابلسي المقرئ. ولنا منه إجازةٌ. حججت ولم يتفق لي السماع منه.

(46/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 224
4 (ناصر بن عبد الله بن عبد الرحمن.)
المصري، العطار، الزاهد المجاور، أبو أحمد. ذكره القطب ابن السقطلاني في شيوخه الصوفية. وقال: ذكر لي أنه حج ستين حجةً، وسمع البخاري من علي بن عمار، وعمر ستاً وتسعين سنة. قال: قرأت عليه، وسمعت منه، وكان مشغولا بما يعينه. مات بمكة في أوائل سنة أربعٍ وثلاثين رحمه الله. سمع منه الرشيد العطار.
4 (نجم بن أبي الفرج بن سالم.)
الفقيه، أبو الثريا، الكناني، المصري، الشافعي. سمع من: عبد الله بن بري، وعشير بن علي المزارع، وفارس بن تركي الضرير. وتصدر بالجامع العتيق، وأعاد بالمدرسة السيفية، وصنف في الفقه. وكان فقيهاً حسناً من أهل الخير والصيانة. روى عنه الزكي المنذري. وولد في حدود سنة تسعٍ وخمسين. وتوفي في ثامن ربيع الأول.
4 (نصر بن محمد بن علي.)
أبو الفتوح، ابن القبيطي.)

(46/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 225
أخو عبد العزيز المذكور آنفاً، وعبد اللطيف الذي في سنة إحدى وأربعين. ولد سنة ستٍ وستين. وسمع من: شهدة، وعبيد الله بن شاتيل، ونصر الله القزاز. روى عنه: محمد بن أبي الفرج ابن الدباب، وغيره. وسمع منه: العز عمر ابن الحاجب، والشرف أحمد ابن الجوهري. وروى عنه بالإجازة: القاضي شهاب الدين ابن الخويي، وفاطمة بنت سليمان، وأبو علي ابن الخلال، والبهاء ابن عساكر، ومحمد ابن الشيرازي. وكان يتعانى الكتابة. توفي في نصف ربيع الأول. ومن مسموعاته عوالي طراد على شهدة الكاتبة.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن الحسن.)
أبو القاسم، البغدادي، المقرئ، المعروف بالأشقر. إمام مسجد ابن حمدي. كان من أعيان القراء بالروايات. ورتب خازناً بالديوان العزيز.
4 (هبة الله بن عمر بن الحسن.)
أبو بكر، الحربي، القطان، ويعرف بابن كمال الحلاج. سمع من: هبة الله بن أحمد الشبلي، وكمال بنت الحافظ أبي محمد ابن السمرقندي وهو آخر من حدث عنهما، وأبي المعالي محمد ابن اللحاس.

(46/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 226
روى عنه: أبو القاسم بن بلبان، وغيره. وبالإجازة القاضيان ابن الخويي وتقي الدين سليمان، وأبو المعالي الأبرقوهي، والفخر إسماعيل ابن عساكر، والبهاء ابن عساكر، وابن الشحنة، وابن سعد، والمطعم، وفاطمة بنت سليمان، وأبو نصر محمد بن محمد المزي. وكتب عنه السيف المقدسي، والكمال ابن الدخميسي. وكان فيه دينٌ، صلاحٌ، وخشوع. توفي في العشرين من جمادى الأولى عن نيفٍ وثمانين سنة.
4 (حرف الياء)
)
4 (ياسمين بنت سالم بن علي بن سلامة ابن البيطار.)
أم عبد الله، الحريمية. سمعت من أبي المظفر هبة الله ابن الشبلي وهي آخر من روى عنه وهي أخت ظفر. روى عنها: علاء الدين علي بن بلبان، وجمال الدين أبو بكر الشريشي، وتقي الدين إبراهيم ابن الواسطي، وشمس الدين عبد الرحمن ابن الزين. ومن القدماء أبو عبد الله ابن الدبيثي، وغيره. وبالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، وسعد الدين بن سعد، وعيسى المطعم، والفخر إسماعيل ابن عساكر، وابن عمه بهاء الدين قاسم، وأحمد بن أبي طالب، وأبو بكر بن عبد الدائم، وجماعة. وتوفيت يوم عاشوراء.
4 (يحيى بن أحمد بن محمد الأنصاري.)

(46/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 227
السعدي، الأمير أبو الحسين، الداني. سمع من: صهره أبي بكر بن أبي حمزة، وأبي الخطاب بن واجب، وخلقٍ. وعني بالحديث مع حظٍ من البلاغة والأدب والشعر. ولي شاطبة من قبل محمد بن يوسف بن هود. ومات في شعبان عن خمسٍ وخمسين سنة.
4 (يوسف بن أحمد بن علي بن حسين.)
أبو المظفر، الحلاوي، البغدادي، الحنبلي، الفقيه، الصالح. روى عن أبي الفتح بن شاتيل. روى عنه بالإجازة: الفخر إسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبو نصر محمد ابن الشيرازي، وسعد الدين بن سعد، وعيسى المطعم، وجماعةٌ. توفي في العشرين من ربيع الأول، وقد بلغ الستين.
4 (الكنى)
أبو الفرج القطيعي. يسمى الضحاك، وقد تقدم.
4 (وفيها ولد)
) القاضي زين الدين علي بن مخلوق المالكي. وعز الدين محفوظ بن معتوق ابن البزوري، التاجر، المؤرخ. وبدر الدين محمد بن فضل الله الكاتب. والشهاب أبو بكر أحمد بن محمد الدشتي، بحلب.

(46/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 228
والزين إبراهيم بن عبد الرحمن ابن الشيرازي، في أول المحرم. والقطب محمود بن مسعود الشيرازي، صاحب التصانيف، في صفر بكازون. والشهاب أحمد بن أبي بكر القرافي الصوفي. والزين محمد بن سليمان بن طرخان المشهدي. وأبو محمد عبد الله بن عمر ابن الإمام بهاء الدين ابن الجميزي. ويوسف بن محمد بن مزيبل المخزومي الشاهد. ونخوة بنت محمد بن عبد القاهر ابن النصيبي. وعبيد الجمل، وهو: عبد الرحمن بن عبد الواحد المقدسي الفقير. وعبد الحميد بن سليمان بن معالي المغربي المعدل، بحلب.

(46/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 229
4 (وفيات سنة خمس وثلاثين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إبراهيم بن علي بن محمد)
أبو العباس، الحريمي، الواعظ، عرف بابن الزبال. ولد سنة ستين وخمسمائة. وحدث عن النقيب أحمد بن علي العلوي. كتب عنه السيف ابن المجد، والكمال الدخميسي. وأجاز للقاضي تقي الدين سليمان بن حمزة، وفاطمة بنت سليمان، وابن سعد، وأبي بكر بن عبد الدائم، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وغيرهم. وكان كثير الصمت، قليل المخالطة للناس. والزبال: بباءٍ موحدة. توفي في التاسع والعشرين من رجب.)
4 (أحمد بن سليمان بن حميد بن إبراهيم بن مهلهل.)
أبو العباس، القرشي، المخزومي، البلبيسي، الشافعي، الأديب، الشاعر المعروف بابن كسا. ولد سنة سبعٍ وستين وخمسمائة.

(46/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 230
وتفقه، وقال الشعر الجيد. وسافر الكثير. واشتغل بدمشق. وذكر بدمشق. وذكر أنه اجتمع بالفخر الرزاي صاحب التصانيف بخوارزم. وكان له أنسٌ بالنظريات والخلافيات. وتفي في ربيع الآخر. وحدث بشيءٍ من شعره.
4 (أحمد بن علي بن أحمد. أبو عبد الله، الأواني.)
شاعرٌ محسنٌ، توفي فيها. فمن شعره:
(سلوا من كسا جسمي نحافة خصره .......... وكلّفني في الحبّ طاعة أمره)

(يبدّل نكر الوصل منه بعرفه .......... لديّ وعرف الهجر منه بنكره)

(فما تنعم اللذّات إلاّ بوصله .......... ولا تعظم الآفات إلا بهجره)

(فأقسم بالمحمرّ من ورد خدّه .......... يميناً وبالمبيض من درّ ثغره)

(لقد كدت لولا ضوء صبح جبينه .......... أتيه ضلالاً في دياجي شعره)

4 (أحمد بن علي بن أبي جعفر أحمد بن أبي الحسن بن الباذش.)
أبو جعفر، الأنصاري، الغرناطي، المقرئ. قرأ بالروايات على أبي الحسن بن كوثر. عرض عليه الختمة ابن مسدي وقال: مات سنة بضعٍ وثلاثين. ولم يعقب. وجده هو مؤلف الإقناع في القراءآت.
4 (أحمد بن محمد بن أبي الفهم عبد الوهاب ابن الشيرجي.)
شرف الدين، أبو الفتح، ابن فخر الدين، الأنصاري، الدمشقي. حدث عن الخشوعي.

(46/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 231
ومات في شعبان.
4 (أحمد بن محمد بن محمد.)
الشيخ أبو حجة. القرطبي، القيسي.) أخذ القراءآت عن عبد الرحمن ابن الشراط. وكان من العباد، بلي بالأسر. ومات في هذا الحدود عن نيفٍ وسبعين سنة.
4 (أحمد بن يوسف بن محمد.)
أبو جعفرٍ الدلال. نزيل بلنسية. سمع: أبا العطاء بن نذيرٍ، وأبا عبد الله بن نوح الغافقي، وأبا زكريا الدمشقي، وجماعةً.

(46/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 232
قال الأبار: وكان ثبتاً، ورعاً، بصيراً بالفرائض والشروط. توفي في جمادى الآخرة، وله سبعٌ وستون سنة. وبعد وفاته في رمضان نازل الفرنج لعنهم الله بلنسية وأخذوها صلحاً بعد حصار خمس أشهرٍ ملكوها في صفر سنة ستٍ.
4 (إبراهيم بن ترجم بن حازم.)
أبو إسحاق، المازني، المصري، الضرير، المقرئ، الشافعي. قرأ القراءآت على أبي الجود. وسمع من: إسماعيل بن ياسين، والبوصيري. صحب أبا عبد الله القرشي الزاهد. وتفقه، وتصدر بالجامع العتيق، وأم بالمدرسة الفاضلية. وكان ذا مروءةٍ وخيرٍ. روى عنه الزكي المنذري. وتوفي في السابع والعشرين من جمادى الأولى.
4 (إبراهيم بن محمد بن غالب.)
أبو إسحاق، الأنصاري، المرسي، نزيل المرية. أخذ عن أبي موسى الجزولي إملاءه على الجمل المترجم بالقانون. وصحب أبا عبد الله بن عماد. وأقرأ القرآن والنحو. وروى الحديث. وكان صالحاً. ورعاً، منقبضاً. لم يدخل الحمام أربعين سنة.
4 (الأسعد، الطبيب المشهور بالديار المصرية.)
اسمه عبد العزيز.
4 (إسماعيل بن إبراهيم بن أبي غالب.)

(46/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 233
أبو عبد الله، الأزجي.) ظهر سماعه بعد موته من أبي الحسين عبد الحق. وأجاز له أحمد بن علي بن المعمر، وجماعةٌ. ومات في أول رجبٍ.
4 (إسماعيل بن علي بن يوسف.)
سراج الدين، أبو الطاهر، الحميري، المهدوي، الكاتب. قدم مصر، واشتغل، ولقي أبا الخير سلامة بن عبد الباقي النحوي، والنسابة أبا علي محمد بن أسعد الجواني. ورحل إلى بغداد وكتب على ابن البرفطي مدةً. وكتب عنه ابن الدبيثي أناشيد. وعاد إلى مصر وانقطع بالقرافة. كتبت عنه من شعره، قاله المنذري. وتوفي في ذي القعدة.
4 (الأنجب بن أبي السعادات بن محمد بن عبد الرحمن.)
أبو حمد البغدادي، الحمامي، ويسمى أيضاً محمداً. قال ابن النجار: حدث بالكثير، وقصده الغرباء. وكان سماعه صحيحاً. وكان شيخاً لا بأس به، حسن الأخلاق، عزيز النفس مع فقره، يلقى المحدثين بوجهٍ طلقٍ، ويصبر على طول قراءتهم وإبرامهم. قلت: ولد في المحرم سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة.

(46/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 234
وسمع من: أبي الفتح بن البطي، وأبي المعالي ابن اللحاس، وأبي زرعة، وأحمد بن المقرب، ويحيى بن ثابت، وسعد الله ابن الدجاجي. وأجاز له مسعودٌ الثقفي، والحسن بن العباس الرستمي. وكان شيخاً حسناً، محباً للرواية، حسن الأخلاق. سمع منه أبو العباس ابن الجوهري المنتقى من سبعة أجزاء المخلص بسماعه من ابن اللحاس عن كتابة ابن البسري عن المخلص، وسمع منه جميع سنن ابن ماجة بسماعه من أبي زرعة. وقال ابن نقطة: سمع سنن ابن ماجة من أبي زرعة، ومسند الحميدي من سعد الله ابن الدجاجي، وكان سماعه صحيحاً. قلت: وروى عنه ابن النجار، وعز الدين الفاروثي، وجمال الدين أبو بكر الشريشي، وجمال الدين محمد ابن الدباب، وعلاء الدين بن بلبان، وتقي الدين إبراهيم ابن الواسطي، والشمس) عبد الرحمن ابن الزين، والمجد عبد العزيز ابن الخليلي، ومحمد بن مكي الإصبهاني، والشهاب الأبرقوهي، وسنقر القضائي، وعبد الله بن أبي السعادات، وطائفةً آخرهم ابن ابن عمه الشيخ أحمد بن أبي طالب بن أبي طالب بن أبي بكر بن محمد بن عبد الرحمن الحمامي. وروى عنه بالإجازة الفخر إسماعيل بن عساكر، والقاضيان ابن الخويي، وتقي الدين الحنبلي، وعيسى المطعم، ويحيى بن سعد، وأحمد بن أبي طالب الحجار، وأبو بكر بن عبد الدائم، وأبو نصر المزي، وجماعةٌ. وقال التقي عبيدٌ: حدث الأنجب بالكثير من ذلك: حلية الأولياء لأبي نعيم بسماعه من ابن البطي. وقال المنذري: توفي بالمارستان العضدي في تاسع عشر ربيع الآخر رحمه الله.

(46/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 235
4 (الأوحد الكرماني.)
أبو حامدٍ، ابن أبي الفخار. من مشايخ الصوفية وأعيانهم، له أتباعٌ ومريدون. عاش خمساً وسبعين سنة. وتوفي ببغداد في شعبان رحمه الله.
4 (حرف التاء)

4 (تورانشاه ابن الأمير عباسٍ الحلبي.)
المعروف بالشيخ شمس الدين، الزاهد. كان من أحسن الناس صورةً، فزهد في صباه، وصحب الشيخ عبد الله اليونيني، ولزم العبادة فبنى له أبوه الزاوية المعروفة بظاهر حلب. وكان صاحب أحوالٍ ورياضياتٍ وجدٍ. وكان يسمى عروس الشام. وبلغنا أنه عمل خلوةً أربعين يوماً بوقية تمرٍ فخرج ومعه ثلاث تمرات. وقال الشيخ سليمان الجعبري: ما رأيت شيخاً اصبر على حمل الأذى من الشيخ شمس الدين بن عباس. وقال الشيخ خضر ابن الأكحل: ما رأيت شيخاً أكرم أخلاقاً من الشيخ شمس الدين بن عباسٍ، كان يطعم الفقراء، ويخضع لهم، ويباسطهم، وكان صاحب حلب يجيء إلى عنده، فما كان يلتفت عليه وما يصدق متى يفارقه. وكان يمد للفقراء الأطعمة والحلاوات. توفي في رجب.)
4 (حرف الحاء)
الحسن بن عبد العزيز بن إسماعيل.

(46/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 236
أبو عليٍ، التجيبي، الأندلسي، القشتلوني، البلنسي. وقشتليونة: من عمل بلنسية. ولد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. ذكره أبو عبد الله الأبار، فقال: أخذ القراءآت عن أبي الحسن بن هذيل، وأجاز له إجازةٌ عامة في جمادى الآخرة سنة ثلاثٍ وستين. وكان يكتب المصاحف. وسكن تونس وأقرأ بها القرآن. ورأيت الآخذ عنه في سلخ شعبان سنة خمسٍ وثلاثين وعلى أثر ذلك توفي بتونس لأني قدمتها رسولاً من قبل والي بلنسية في منتصف السنة التي بعدها، فلم أجده.
4 (الحسن بن محمد بن الحسن بن فاتح.)
أبو علي البلنسي، الشعار. لقي أبا الحسن ابن النعمة، وأخذ عنه القراءآت السبع، وأجاز له، وأخذها أيضاً عن أيوب بن غالب صاحب ابن هذيل. وسمع من وهب بن نذير صحيح البخاري، ومن ابن نوح الغافقي. وحج. وتعانى التجارة. وجلس أخيراً للإقراء. روى عنه أبو عبد الله الأبار، وقال: توفي يوم الأضحى، وله أربع وثمانون سنة.
4 (حسن بن عبد الله الدجيلي.)
الشيخ الصالح المعروف بشليل. من مشايخ الفقراء بالعراق، له زاويةٌ ومريدون. وكان ساذجاً سليم الصدر، كثير الصلاة، وللناس فيه اعتقادٌ. وكان يمد الكسرة ويحضر سماع الفقراء. ولا يدخر شيئاً. وقد جاوز السبعين.

(46/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 237
وتوفي في شوال، وشيعه خلائق.
4 (الحسين بن علي بن الحسين بن هبة الله ابن رئيس الرؤساء أبي القاسم علي بن الحسن بن)
المسلمة. أبو محمدٍ البغدادي، الصوفي.) شيخٌ محتشم، أصيلٌ، دينٌ، صالحٌ. ينسخ ويأكل من كسبه. ولد في شعبان سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح بن البطي، وأبي بكر بن المقرب. روى عنه: أبو القاسم بن بلبان، وعز الدين أحمد الفاروثي، وغيرهما. وبالإجازة فاطمة بنت سليمان، وأبو علي ابن الخلال، وأبو نصر ابن الشيرازي، وجماعةٌ. وتوفي في ثالث رجب.
4 (حرف الخاء)

4 (خطلبا، الأمير، صارم الدين التبنيني.)
كان غازياً مجاهداً، ديناً، كثير الرباط والصدقات. توفي بدمشق في شعبان، ودفن بتربة جهاركس بالجبل، وهو الذي أنشأها ووقف عليها من ماله رحمه الله.
4 (حرف الزاي)

4 (زينب بنت محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الزهرية.)

(46/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 238
البلنسية، المدعوة عزيزة بنت ابن محرز. ولدت سنة نيفٍ وخمسين. قال الأبار: سمعت من جدها لأمها أبي الحسن بن هذيل كتاب التقصي لابن عبد البر. وكانت امرأةٌ صالحةً. وقد أخذ عنها يسيراً. وكان خطها ضعيفاً. عمرت وبلغت الثمانين. وتوفيت في نصف جمادى الأولى.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن إبراهيم بن علي بن مواهب.)
أبو محمد، الأنصاري، البغدادي، الصوفي الصالح، المعروف بابن الزراد. قدم مصر غير مرة وسمع بها من إسماعيل بن ياسين، وفاطمة بنت سعد الخير، وببغداد من أبي محمد ابن الأخضر. وذكر أنه سمع من والده أبي إسحاق، وهو شيوخ الحافظ الكبير أبي سعد ابن المعاني حدثه عن أبي النرسي. ولد عبد الله ببغداد سنة ستٍ وستين، وتوفي بها في ثالث ذي القعدة.)
4 (عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن.)
أبو محمدٍ، الثقفي، الأندلسي، البياسي، المالكي، الفقيه، الكاتب، نزيل القاهرة. ولد ببياسة سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة. لقي أبا القاسم السهيلي، وجماعةً من الفضلاء، وقدم مصر وتولى بها ولاياتٍ. وكان أديباً فاضلاً، إخبارياً. له شعرٌ حسن.

(46/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 239
كتب عنه الحافظ عبد العظيم، وغيره، وقال: توفي في جمادى الأولى.
4 (عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان بن عبد الله بن علوان بن رافع.)
قاضي حلب، زين الدين، أبو محمدٍ، ابن الأستاذ، الأسدي أسد خزيمة، الشافعي. ولد بحلب في ربيع الأول سنة ثمانٍ وسبعين. وسمع من يحيى الثقفي. وتفقه. وناب في القضاء عن ابن شداد، ثم ولي بعده قضاء القضاة، والتدريس، وترسل إلى الديوان العزيز. وكان صدراً معظماً جامعاً للفضائل. له عنايةٌ بالحديث والسماع. حدث ببغداد، وحلب، ودمشق، ومصر. وقد اختصر ابن النجار ترجمته وأبلغ، فقال: كان كامل الأوصاف، له أيادٍ يعجز عن حصرها قلمي، ويقصر عن شرحها كلمي. كان ثقةً. وما رأيت عيناي أكمل منه.

(46/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 240
قلت: روى عنه القاضي مجد الدين ابن العديم، وعلاء الدين سنقر الزيني، مولاه، وغيرهما. وتوفي في سادس عشر شعبان بحلب، وكانت جنازته مشهودةً.
4 (عبد الله بن عمر بن علي بن عمر بن زيد.)
الشيخ، أبو المنجى، ابن اللتي، البغدادي، الحريمي، الطاهري، القزاز. ولد بشارع دار الرقيق في العشرين من ذي العقدة سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة.

(46/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 241
وسمع بإفادة عمه محمد بن علي ابن اللتي من سعيد بن أحمد ابن البناء في الخامسة، ومن: أبي الوقت السجزي، وأبي الفتوح الطائي، وأبي المعالي محمد ابن اللحاس، وعمر بن عبد الله الحربي، والحسن بن جعفر المتوكلي، وأبي الفتح بن البطي، وأحمد بن المقرب، ومقبل بن أحمد بن الصدر، وعمر بن بنيمان، وأخيه أحمد، والمفتي أبي عبد الله الرستمي، وأبي القاسم فورجة، وإسماعيل بن شهريار، وعلي بن أحمد اللباد، وأبي جعفر محمد بن الحسن) الصيدلاني، وأبي عاصم قيس بن محمد السويقي من إصبهان. وفاتته إجازة أبي الفضل الأرموي وطبقته. قال ابن نقطة: سماعه صحيحٌ. وله أخٌ قد زور لعبد الله إجازاتٍ من ابن ناصر، وغيره، وإلى الآن ما علمته روى بها شيئاً وهي باطلةٌ. فأما الشيخ فشيخ صالح لا يدري هذا الشأن البتة. قلت: وكان قد سمع كتاب ذم الكلام لشيخ الإسلام من أبي الوقت بفوت كراس. ولا أعلمه حدث إلا بمنتقى ابن النابلسي له وهو جزء ضخم. وأنا أتعجب كيف فوت ابن الجوهري والطلبة ذلك عليه. وروى الكثير ببغداد، وحلب ودمشق، والكرك. واشتهر اسمه وعلا سنده، وتفرد في الدنيا. قال ابن النجار: وبه ختم حديث أبي القاسم البغوي بعلوٍ. قال: وكان سماعه صحيحاً. قلت: أقدمه الشام معه المفيد أبو العباس ابن الجوهري، قدم في ذي القعدة من سنة ثلاثٍ وثلاثين فنزل به ببستانهم بجديا. وسمع عليه قبل كل أحدٍ

(46/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 242
أبا علي ابن الخلال وإخوته. ثم حدث بالكثير بالصالحية وبالبلد غير مرة. وذهب إلى الكرك، طلبه الملك الناصر فسمع عليه أولاده وأهل الكرك، وأنعم عليه، وأقام بالكرك مدةً. ثم رجع إلى دمشق، وحدث بخان الصارم بظاهر دمشق. وذهب إلى حلب، فحدث بها في ذي القعدة وذي الحجة من سنة أربعٍ. وسافر إلى بغداد. وقد حصل جملةً صالحةً من صلات الناصر وأهل حلب. ازدحم عليه الطلبة، وجلس بين يديه الحفاظ والأئمة. حدث عنه: ابن النجار، وأبو عبد الله الدبيثي، والضياء، والأشرف ابن النابلسي، والشمس محمد بن هامل، والجمال محمد ابن الصابوني، والضياء علي ابن البالسي، والنجم محمد بن محمد السبتي، والشمس محمد بن عبد الوهاب الحنبلي، والشهاب أحمد بن الخزري، والجمال أحمد ابن الظاهري، والشريف أبو الحسين اليونيني، وأبو القاسم بن بلبان، والمجد يوسف ابن المهتار، والبهاء محمد بن إبراهيم النحوي، والعز بن عبد الحق، وأبو حامدٍ المكبر، وعيسى المغاري، وعيسى المعلم وعيسى المطعم، وأحمد بن عبد الرحمن المنقذي، وعلي بن هارون القارئ، وخطيب بعلبك عبد الرحمن بن عبد الوهاب السلمي، والفخر إسماعيل بن عساكر، ومحمد بن قايماز الدقيقي، والزين محمد بن عبد الغني الذهبي، وإبراهيم بن علي ابن الحبوبي، وعمر بن إبراهيم الجندي، والصدر بن مكتومٍ، وعبد الأحد ابن تيمية، وزينب الإسعردي،) وهدية بنت الهراس، وزينب بنت شكرٍ، وأحمد بن أبي طالب الحجار، والقاسم بن عساكر، وخلقٌ كثير. وتوفي ببغداد في رابع عشر جمادى الأولى. وكان شيخاً صالحاً، مباركاً، خالياً من العلم.
4 (عبد الله بن عمر بن يوسف، خطيب بيت الآبار.)
نجيب الدين، أبو حامدٍ، ابن خطيب بيت الآبار، المقدسي، العدل.

(46/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 243
كان مشهوراً بالخير والأمانة. ولد سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة. وحدث عن: القاضي أي سعد بن عصرون، ويحيى الثقفي، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، وإسماعيل الجنزوي، وجماعةٍ. روى عنه المجد ابن الحلوانية، وجماعةٌ. وأجاز لأبي نصر ابن الشيرازي. وأخبرنا عنه ست الفقهاء بنت أخيه. توفي في ربيع الآخر.
4 (عبد الله بن محمد بن يوسف.)
أبو محمد، التجيبي، الأندلسي. ولد بعد الخمسين وخمسمائة. وذكر أنه سمع من أبي عبد الله ابن عبد الفخار، وأنه رأى أبا زيدٍ السهيلي. وقدم مصر وسكنها. وأدب الصبيان بالشارع. وكان فيه دينٌ، وخيرٌ، ونزاهة نفسٍ، وله سمتٌ حسن. وقد قدم مصر بعد الثمانين، ثم عاد إلى المغرب، ثم قدم. كتب عنه الزكي المنذري، وغيره. توفي في ربيع الآخر.
4 (عبد الله بن أبي الفخر محمد بن أبي الطاهر عبد الوارث ابن قاضي القضاة أبي الفضائل)
هبة الله بن عبد الله بن الحسين. الشيخ، أبو الحسين، الأنصاري، المصري، الشافعي، الصوفي، المعروف بابن الأزرق. ولد بالقاهرة سنة أربعٍ وستين وخمسمائة.) وسمع من: محمد بن أبي الضوء التونسي، والفقيه أبي القاسم محمود ابن محمد القزويني. وصحب الصوفية.

(46/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 244
وحدث. وتوفي في شوال.
4 (عبد الله بن مسعود بن مطر.)
الشيخ المعمر، الصالح، أبو محمد، الرومي، الصوفي. ولد في ذي العقدة سنة أربعين وخمسمائة. وصحب ببغداد الشيخ أبا النجيب السهروردي ولعله آخر أصحابه. كتب عنه الزكي المنذري وقال: توفي في صفر بمصر.
4 (عبد الله بن المظفر ابن الوزير أبي القاسم علي بن طراد بن محمد بن علي.)
أبو طالب، الهاشمي، الزينبي، البغدادي. ولد في شعبان سنة تسع وخمسين. وسمع من: أبي الفتح ابن البطي، ومحمد بن محمد السكن، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النقور، وشهدة. وهو من بيت شرفٍ، ووزارةٍ، ونقابةٍ. روى عنه: علاء الدين بن بلبان، وجمال الدين أبو بكر الشريشي، وعز الدين أحمد الفاروثي، وآخرون. وبالإجازة: القاضيان أبو عبد الله ابن الخويي، وأبو الربيع المقدسي، والفخر بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبو نصرٍ محمد بن محمد المزي، والسعد بن سعد، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وجماعةٌ. وتوفي في سادس عشر رمضان.

(46/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 245
4 (عبد الله بن منصور بن أبي طالب.)
أبو الفتح ابن السياف، البغدادي، الإسكاف. ولد سنة إحدى وخمسين. وسمع وهو كبير من: أبي ياسر عبد الوهاب بن أبي حبة، والمبارك بن علي ابن أخي الحريص، وعلي بن محمد بن علي المقرئ. توفي في شعبان.) روى عنه بالإجازة: القاضيان ابن الخويي، وتقي الدين الحنبلي، وسعد الدين بن سعد، وجماعةٌ. وكتب الحديث. وكان رجلاً خيراً.
4 (عبد الرحمن بن أحمد بن إبراهيم البغدادي.)
الصوفي، المطرز. حدث عن عبيد الله بن شاتيل. وتوفي في صفر.
4 (عبد الرحمن بن عمر بن أبي بكر محمد بن أحمد بن الحسن ابن جابر.)
أبو بكر، الدينوري، ثم البغدادي. سمع من: وفاء بن البهي، وعبيد الله بن أحمد السراج بن حمتيش بشين معجمة. وتوفي في صفر.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار.)

(46/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 246
الإمام، رضي الدين، أبو محمد، المقدسي، الحنبلي، المقرئ، والد السيف ابن الرضي. شيخٌ صالح، تالٍ لكتاب الله، كثير الخير والعبادة، يلقن بالجبل احتساباً لله تعالى من نحو أربعين سنة. ختم عليه القرآن خلقٌ كثير. وحدث عن: يحيى الثقفي، وأبي الحسين أحمد ابن الموازيني، وابن صدقة الحراني، وجماعةٍ من الشاميين، وهبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وجماعةٍ من المصريين. قال عز الدين ابن الحاجب: كان رفيقي إلى مكة. وكتب كثيراً. أراه يتلو القرآن، وفي أكثر ليله يدعو الله تعالى ويتهجد، سألت عنه الضياء فقال: إمامٌ دين، يقرئ الناس احتساباً. قلت: روى عنه لنا بنته خديجة، والشمس محمد ابن الواسطي، والعز أحمد ابن العماد، والتقي سليمان الحاكم، وغيرهم. قال الضياء: توفي في ليلة الخميس ثاني صفر. وكان يلقن القرآن احتساباً. حدثني ولده أبو العباس أحمد قال: كنا عنده قبل موته، فإذا هو كأنه ينظر إلى أحد ويبش إليه كأنه يريد القيام له، فقلنا له في ذلك، فقال: جاءني رجلٌ حسن الوجه، ووصفه، فقال: أنا أونسك في قبرك قال: وكان قبل ذلك قد صار لفمه رائحة، فطابت رائحة فمه، ولما وضعناه في قبره وجدنا له رائحةً) طيبةً، أو كما قال.
4 (عبد الرحمن بن أبي القاسم بن غنائم بن يوسف.)

(46/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 247
الأديب، بدر الدين، الكناني، العسقلاني، ابن المسجف، الشاعر. ولد سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة. وتوفي في الرابع والعشرين من ذي الحجة، ودفن عند والده بالمزة. وكان أديباً، شاعراً، ظريفاً، خليعاً، عفا الله عنه. قال سعد الدين بن حمويه: توفي فجاءةً. وظهر له خمسمائة ألف درهم، فأخذها ابن ممدود يعني الجواد صاحب دمشق وله أختٌ عمياء فقيرةٌ منعها حقها. وكان ابن المسجف يتجر، وله رسوم على الملوك. وأكثر شعره في الهجو، سلك طريق الشرف بن عنين.
4 (عبد الرحيم بن علي بن احمد بن أبي مسعود.)
الرئيس، أبو جعفر، ابن الناقد، البغدادي. ولد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وحدث بالإجازة عن أبي الحسن محمد بن محمد بن غبرة، وابن البطي. ومات في صفر، وله سبعٌ وثمانون سنة.
4 (عبد الرزاق بن عبد الوهاب بن علي بن علي بن عبيد الله.)
شيخ الشيوخ، صدر الدين، أبو الفضائل، ابن الإمام أبي أحمد بن سكينة، البغدادي، الصوفي. ولد في جمادى الآخرة سنة تسعٍ وخمسين. وسمع من أبي الفتح بن البطي حضوراً، ومن: شهدة، وجده لأمه أبي

(46/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 248
القاسم عبد الرحيم بن إسماعيل بن أبي سعد. وحدث ببغداد ودمشق. وكان شيخاً جليلاً، له رواءٌ ومنظرٌ. وهو من بيت رواية ومشيخةٍ. كتب عنه البكار. وحدث عنه: البرزالي، وعلاء الدين بن بلبان، وسعد الخير ونصر الله ابنا أبي الفرج النابلسي، والشرف أحمد بن عساكر، وجماعةٌ. وولي مشيخة رباط جده أبي القاسم. وروسل به إلى الأطراف. وروى عنه بالإجازة: الفخر إسماعيل بن عساكر، وأبو نصر محمد بن محمد.) وتوفي في الثاني والعشرين من جمادى الأولى.
4 (عبد العزيز بن علي بن المظفر بن أبي المعالي.)
أبو محمدٍ، البغدادي، الصوفي، النعال، ويعرف بابن المنقي. روى عن: محمد بن جعفر بن عقيل، وعبيد الله بن شاتيل، والقزاز. توفي في رجب. أجاز لأبي نصر ابن الشيرازي، وغيره.
4 (عبد العزيز بن أبي الحسن.)
الحكيم، أسعد الدين، أبو محمد، المصري، رئيس الأطباء بالديار المصرية. سمع من القاسم بن عساكر. وشهد على القضاة. وتوفي في سابع ذي القعدة بالقاهرة. وأخذ الطب عن أبي زكريا البياسي. وخدم الملك المسعود أقسيس مدةً باليمن. وحصل أموالاً. وعاش خمساً وستين سنة.

(46/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 249
وكان أبوه طبيباً أيضاً. وللأسعد كتاب نوادر الألباء في امتحان الأطباء.
4 (عبد القادر بن أب الفضل عبيد الله بن أحمد بن هبة الله.)
الشريف، الخطيب، أبو طالب، ابن المنصوري، الهاشمي، البغدادي. سمع ابن شاتيل. وتوفي في ذي القعدة.
4 (عبد الكافي بن أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن.)
الصالح، أبو محمد، السلاوي، المالكي. ولد بمكة، ونشأ بالإسكندرية وسمع من السلفي. روى عنه الزكي المنذري وقال: توفي في ربيع الأول. وروى عنه بالإجازة جماعة. قال ابن مسدي: منعه الأشرف ابن البيساني من الإسماع لغيره، وأغلق عليه. فسمعنا من خلف الباب.
4 (عبد الكريم بن خلف بن نبهان.)
) الخطيب، الصالح، أبو محمد، الأنصاري، السماكي، الخرشي، خطيب زملكا. روى عن: أبي القاسم بن عساكر، ومحمد بن أبي العباس النوقاني. روى عنه: زكي الدين البرزالي، وغير واحد. وبالإجازة القاضي تقي الدين الحنبلي، وإبراهيم ابن المخرمي، وغيرهما. مرض مدةً، وتوفي في هذه السنة.

(46/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 250
ورخه أبو شامة هكذا. وقد مر في سنة ثلاثٍ.
4 (عبد الواحد بن محمد بن الحسين بن الخضر بن عبدان.)
أبو الفضل، الأزدي، الدمشقي. سمع من محمد بن حمزة بن أبي الصقر. وتوفي في جمادى الآخرة. روى عنه الزكي البرزالي.
4 (علي بن أبي بكر محمد بن عمر بن بركة بن أبي الريان.)
المؤدب، البغدادي، الوراق. أخو عمر شيخ الأبرقوهي. ولد بعد الخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفضل أحمد بن محمد بن شنيف المقرئ، ودهبل ابن كارة. وتوفي في ثالث عشر جمادى الأولى. قال المحب ابن النجار: كان شيخاً لا بأس به. قلت: روى عنه بالإجازة القاضي شهاب الدين ابن الخويي، وأبو نصر محمد بن محمد ابن الشيرازي، وغيرهما.
4 (علي بن المبارك بن علي بن محمد بن غنيمة بن فائق.)
أبو الحسن، البغدادي.

(46/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 251
الوكيل، المدير يعني مدير الإسجالات على شهود الحكم كان وكيلاً، شروطياً بارعاً في الحكومات.) ولد سنة ثمانٍ وخمسين. وسمع من: يحيى بن ثابت بن بندار، وعبد الحق اليوسفي. وأجاز لفاطمة بنت سليمان، وكمال الدين أحمد ابن العطار، وأبي علي ابن الخلال، والقاضي تقي الدين سليمان، وغيرهم. ومات في مستهل جمادى الأولى.
4 (علي بن نصر الله ابن جمال الأئمة أبي القاسم علي بن أبي الفضائل الحسن بن الحسن بن)
أحمد. الفقيه، الرئيس، عز الدين، أبو الحسن، الكلابي، الدمشقي، الشافعي، المعروف بابن الماسح والماسح: هو أبو الفضائل. وولي العز الوكالة السلطانية بحران. وانقطع إلى شيخ الشيوخ صدر الدين أبي الحسن بن حمويه مدةً. وولي التدريس بالجامع الظافري بالقاهرة إلى أن توفي بالقاهرة في تاسع جمادى الأولى.
4 (حرف الغين)
غضيبة بنت عنان بن حميد. أم الحسن، السعدية، المصرية، وتدعى عزية وعزيزة. زوجة مرتضى ابن العفيف حاتم. سمعها زوجها من: منجب بن عبد الله المرشدي، وأبي القاسم عبد الرحمن بن محمد السبتي، وغيرهما.

(46/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 252
روى عنها الحفظ عبد العظيم، وقال: توفيت في ثالث عشر المحرم. وهي بضم الغين، وفتح الضاد، المعجمتين.
4 (حرف الفاء)

4 (فخر النساء بنت علي بن ثابت بن علي الباجسرائي.)
روت عن جدها أبي المظفر يحيى ابن الخيمي. سمع منها ابن النجار. روى لنا عنها بالإجازة: الفخر إسماعيل بن عساكر، والقاضي تقي الدين سليمان، وابن) الشحنة، والمطعم، وابن عبد الدائم، وسعد. توفيت في صفر.
4 (حرف القاف)

4 (قلج رسلان بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب.)
الملك الناصر ابن المنصور، صاحب حماة. ملك بعد أبيه وبقي في الأمر سنواتٍ تسعاً. ثم أخذ أخوه الملك المظفر منه حماة بإعانة الملك الكامل. ثم بقيت له قلعة بعرين، ثم أخذت منه. فسافر إلى مصر، فأعطي بها خبز مائتي فارس، ثم بدا منه كلامٌ فجٌ فحبسه الكامل بقلعة الجبل إلى أن مات قبل وفاة الكامل بأيام قليلة.
4 (حرف الميم)

4 (محاسن بن إسماعيل بن عليٍ، الأديب المشهور.)
شهاب الدين، الحلبي، الشواء.

(46/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 253
كوفي الأصل. بديع النظم. مات بحلب في صفر سنة خمسٍ وقد كمل السبعين.
4 (محمد بن أحمد بن عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الملك ابن أحمد بن عبد الله ابن)
الباجي. القاضي، أبو مروان، اللخمي، الإشبيلي، الأندلسي. قاضي الجماعة بإشبيلية. سمع الكثير من أبي بكر بن الجهد الفهري، وغيره. وأجاز له والده أبو عمر، وأبو القاسم السهيلي، وجماعة. وولي قضاء إشبيلية وخطابتها مدةً طويلة. قال الأبار: لم يكن من أهل العناية بالرواية. امتحن في الفتنة عند مقتل ابن أخيه متولي إشبيلية أبي مروان أحمد بن محمد بن أحمد على يدي أبي عبد الله بن الأحمر في سنة إحدى وثلاثين وستمائة. ورحل للحج في سنة أربع وثلاثين، فدخل دمشق من مرسى عكا، وسمع من أبي نصر الشيرازي. وحج وعاد إلى مصر، فتوفي بها في ربيعٍ الآخر. قال المنذري: في الثامن والعشرين منه. وكان من أعيان أهل الأندلس، مشهوراً بالصلاح) والدين، مقبلاً على أمر آخرته، فاراً بدينه من الفتن، راغباً عن صحبة أهل الدنيا. وقال أبو شامة: في سنة أربع قدم القاضي أبو مروان محمد بن أحمد بن عبد الملك اللخمي الإشبيلي، من بيتٍ كبيرٍ يعرف ببيت الباجي، قدم في البحر

(46/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 254
إلى عكا. وجدهم أبو عبد الملك أحمد بن عبد الله من شيوخ أبي عمر بن عبد البر. قلت: أجاز لشيخنا أبي نصر ابن الشيرازي.
4 (محمد بن رشيد بن محمود بن أبي القاسم.)
رشيد الدين، أبو عبد الله، النيسابوري، العطار، الصوفي، الكاتب المجود. كتب الناس عليه بجامع دمشق. وحدث عن المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية. أجاز للفخر إسماعيل بن عساكر، وللشيخ علي بن هارون، ولإبراهيم ابن أبي الحسن المخرمي، وفاطمة بنت سليمان، وجماعة. وتوفي في تاسع ربيع الآخر.
4 (محمد بن عبد الكافي بن عبد الرحمن.)
تاج الدين، أبو عبد الله، الحنفي، المصري. حدث عن البوصيري، وغيره. وتوفي في شعبان.
4 (محمد بن محمد بن شيب بن سالم.)
أبو عبد الله، القزاز، الحلبي. سمع من شهدة. وعنه مجد الدين ابن العديم. وتوفي بحلب في ربيع الأول.
4 (محمدٌ السلطان الملك الكامل ناصر الدين، أبو المعالي.)

(46/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 255
وأبو المظفر، ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد بن أيوب ابن شاذي، صاحب مصر. ولد بمصر سنة ستٍ وسبعين وخمسمائة.) وأجاز له العلامة عبد الله بن بري، وأبو عبد الله بن صدقة الحراني، وعبد الله الرحمن ابن الخرقي. قرأت بخط ابن مسدي في معجمه: كان الكامل محباً في الحديث وأهله، حريصاً على حفظه ونقله، وللعلم عنده سوقٌ قائمةٌ على سوق. خرج له أبو القاسم ابن الصفراوي أربعين حديثاً وسمعها جماعة. وحكى عنه ابن مكرم الكاتب أن أباه العادل استجاز له السلفي قبل موت السلفي بأيامٍ. قال ابن مسدي: ثم وقفت أنا على ذلك. وأجاز لي ولابني. قلت: وتملك الديار المصرية أربعين سنة، شطرها في أيام والده. وقيل: بل ولد في ذي القعدة سنة خمسٍ وسبعين. قال المنذري: أنشأ دار الحديث بالقاهرة وعمر القبة على ضريح الشافعي، وجر الماء من بركة الحبش إلى حوض السبيل والسقاية، وهما على باب القبة المذكورة. ووقف غير ذلك من الوقوف على أنواعٍ من أعمال البر بمصر

(46/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 256
وغيرهما. وله المواقف المشهودة في الجهاد بدمياط المدة الطويلة، وأنفق الأموال الكثيرة. قلت: وأنشأ بالغرب مدينةً كبيرةً جداً، وجعلها دار ملكه، وأسكنها جيشه. ومن شعره كتبه من دمياط:
(يا مسعفي إن كنت حقّاً مسعفي .......... فارحل بغير تقيّدٍ وتوقّف)

(واطو المنازل والديار ولا تنخ .......... إلا على باب المليك الأشرف)

(قبّل يديه لا عدمت وقل له .......... عنّي بحسن تعطّفٍ وتلطّف)

(إن تأت صنوك عن قريبٍ تلقه .......... ما بين حدّ مهنّدٍ ومثقّف)

(أو تبط عن إنجاده فلقاؤه .......... يوم القيامة في عراص الموقف)
وكافح العدو المخذول براً وبحراً ليلاً ونهاراً، يعرف ذلك من شاهده. ولم يزل على ذلك حتى أعز الله الإسلام وأهله وخذل الكفر وأهله. وكان معظماً للسنة النبوية راغباً في نشرها والتمسك بها، مؤثراً للاجتماع مع العلماء والكلام معهم حضراً وسفراً. وقال غيره: كان الملك الكامل فاضلاً عادلاً، شهماً، مهيباً، عاقلاً، محباً للعلماء يباحثهم ويفهم أشياء. وله شعرٌ حسن، واشتغالٌ في العلم.) وقيل: إنه شكا إليه ركبدارٌ أستاذه بأنه استخدمه ستة أشهرٍ بلا جامكية، فأنزل أستاذه من فرسه، وألبسه ثياب الركبدار، وألبس الركبدار ثيابه، وأمره بخدمة الركبدر، وحمل مداسه ستة أشهر. وكانت الطرق آمنة في زمانه. وقد بعث ابنه الملك المسعود إقسيس، فافتتح اليمن والحجاز ومات قبله، وورث منه أموالاً عظيمةً. وكانت رايته صفراء.

(46/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 257
وفيه يقول البهاء زهيرٌ:
(بك اهتزّ عطف الدين في حلل النّصر .......... وردّت على أعقابها ملّة الكفر)
يقول فيها:
(وأقسم إن ذاقت بنو الأصفر الكرى .......... لما حملت إلاّ بأعلامك الصّفر)

(ثلاثة أعوامٍ أقمت وأشهراً .......... تجاهد فيهم لا بزيدٍ ولا عمرو)

(وليلة نفرٍ للعدوّ رأيتها .......... بكثرة من أرديته ليلة النّحر)

(فيا ليلةً قد شرّف الله قدرها .......... فلا غرو إن سمّيتها ليلة القدر)
وهي من غرر القصائد. ولما بلغته وفاة أخيه الأشرف سار إلى دمشق وقد تملكها أخوه الصالح فحاصره وأخذها منه وملكها واستقر بقلعتها في جمادى الأولى من السنة، فلم يمتع بها، وعاجلته المنية، ومات بعد شهرين بالقلعة في بيتٍ صغير، ولم يشعر أحدٌ بموته، ولا حضره أحدٌ من شدة هيبته. مرض بالسعال والإسهال نيفاً وعشرين يوماً، وكان في رجله نقرسٌ ولم يتحزن الناس عليه، ولحقتهم بهتةٌ لما سمعوا بموته. وكان فيه جبروتٌ. ومن عدله الممزوج بالعسف أنه شنق جماعةً من الأجناد على آمد في أكيال شعير أخذوه، وكذا لما نزل دمشق، بعث صاحب حمص رجاله نجدةً لإسماعيل، عدتهم خمسون نفساً، فأخذهم وشنقهم كلهم. ذكر شمس الدين محمد بنإبراهيم الجزري: أن عماد الدين يحيى البصراوي الشريف قال: حكى لي الخادم الذي للكامل قال: طلب مني الكامل طستاً حتى يتقيأ، فأحضرته. وكان الملك الناصر داود على الباب ليعود عمه، فقلت: داود على الباب. فقال: ينتظر موتي وانزعج، فخرجت، وقلت: ماذا وقتك، السلطان منزعج. فنزل إلى دار سامة، وكان نازلاً بها، ودخلت إلى السلطان، فرأيته قد قضى والطست بين يديه وهو مكبوبٌ على المخدة.

(46/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 258
قال ابن واصل: حكى لي طبيبه قال: أصابه لما دخل قلعة دمشق زكامٌ، فدخل الحمام، وصب) على رأسه ماءً شديد الحرارة اتباعاً لقول محمد بن زكريا الرازي في كتابٍ سماه طب ساعة قال: من أصابه زكامٌ، فصب على رأسه ماءً شديد الحرارة، انحل زكامه لوقته. وهذا لا ينبغي أن يعمل على إطلاقه. قال: فانصب من دماغه مادةٌ إلى فم معدته فتورمت، وعرضت له حمى شديدة، وأراد القيء، فنهاه الأطباء وقالوا: إن تقيأ هلك، فخالفهم وتقيأ فهلك لوقته. قال ابن واصل: وحكى لي الحكيم رضي الدين قال: عرضت له خوانيق فانفقأت، وتقيأ دماً كثيراً ومدةً، وأراد القيء أيضاً، فنهاه أبي موفق الدين إبراهيم وأشار به بعض الأطباء، فتقيأ، فانصبت بقية المادة إلى قصبة الرئة، وسدتها فمات. قال ابن واصل: استوزر في أول ملكه وزير ابنه صفي الدين ابن شكر، فلما مات لم يستوزر أحداً، بل كان يباشر الأمور بنفسه. وكان ملكاً جليلاً، مهيباً، حازماً سديد الآراء حسن التدبير لممالكه، عفيفاً، حليماً، عمرت في أيامه ديار مصر عمارةً كبيرةً. وكانت عنده مسائل غريبةٌ من الفقه والنحو يوردها، فمن أجاب، حظي عنده. قال المنذري: توفي بدمشق في الحادي والعشرين من رجب. قلت: دفن بالقلعة في تابوت، ثم نقل سنة سبعٍ وثلاثين إلى تربة بنيت له إلى جانب السميساطة، وفتح لها شباكٌ وبابٌ إلى الجامع الأموي. وخلف ولدين: الملك العادل أبا بكر والملك الصالح أيوب، والصاحبة.
4 (محمد بن محمود بن يحيى، أبو علي، البغدادي.)

(46/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 259
الحمامي. ولد سنة ثمانٍ وخمسين. وحدث عن أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن النرسي. روى عنه أبو عبد الله ابن النجار، وغيره. وأضر في آخر عمره. وتوفيت في أول صفر.
4 (محمد بن مسعود بن بهروز.)
الطبيب، المعمر، أبو بكر البغدادي. حدث أن جده قدم من العجم إلى بغداد في طلب علم الطب.) وسمع هو بإفادة خاله يحيى ابن الصدر من أبي الوقت مسند عبد، والدرامي، وكتاب ذم الكلام. وسمع من: أبي الفتح بن البطي وأبي زرعة، وأحمد بن علي ابن المعمر الحسيني. وتفرد بالسماع ببغداد من أبي الوقت. روى عنه: أبو المظفر ابن النابلسي، وأبو القاسم بن بلبان، وأبو بكر الشريشي، والرشيد أبو عبد الله بن أبي القاسم، وأبو الحسن علي بن أحمد الغرافي، وأخوه محمد، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم الفاروثي، والمجد محمد بن خالد بن حمدون، والعماد أحمد بن عبد الرحمن الأشقر خطيب الحرم، وأبو الحسن محمد بن علي بن علي بن أبي البدر، وأخته ست الملوك،

(46/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 260
وعبد الله بن أبي السعادات، ويوسف بن صعنين، وطائفةٌ. وأجاز للقاضيين: أبي عبد الله ابن الخويي، وأبي الربيع سليمان بن حمزة، والفخر إسماعيل بن عساكر، وللشيخ علي بن هارون، وفاطمة بنت سليمان، وسعد بن محمد بن سعد، وعيسى بن عبد الرحمن المطعم، وأبي بكر بن عبد الدائم، وابن الشيرازي، وفاطمة بنت جوهر البعلبكية، وأحمد بن أبي طالب ابن الشحنة. توفي في مستهل رمضان، وقد جاوز التسعين.
4 (محمد بن موسى بن مهيا بن عيسى بن أبي الفرج.)
أبو عبد الله، اللخمي، الإسكندراني. سمع من أبي الطاهر السلفي. وحدث. ومهيا: بالياء. قال المنذري: توفي في هذه السنة، ولنا منه إجازة. ومهنا بالنون كثيرٌ.
4 (محمد بن نصر بن عبد الرحمن بن محمد بن محفوظ بن أحمد بن الحسين.)
الشرف أبو عبد الله، القرشي، الدمشقي، الفقيه. ابن ابن أخي الشيخ أبي البيان. ولد سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من الحافظ ابن عساكر. وحدث.

(46/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 261
وكان فاضلاً، أديباً، شاعراً، صالحاً، منقطعاً عن الناس.) روى عنه: ناصر الدين محمد بن عربشاه، وأمين الدين عبد الصمد بن عساكر، وابن عنه الشرف أحمد بن هبة الله، والمجد ابن الحلوانية، وسعد الخير النابلسي، وأخوه نصر الله، ومحمد بن يوسف الذهبي، وجماعةٌ. وتوفي في ثالث عشر رجب. وروى عنه من القدماء الزكيان البرزالي والمنذري. وذكره ابن الحاجب فقال: إمامٌ زاهدٌ، ورعٌ، كثير الذكر، له مؤلفاتٌ على لسان القوم في الطريقة. وكان شيخ رباط عمه.
4 (محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن يحيى بن بندار بن مميل.)
القاضي، شمس الدين، أبو نصرٍ، ابن الشيرازي، الدمشقي، الشافعي. ولد في ذي القعدة سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. وأجاز له: أبو الوقت السجزي، ونصر بن سيار الهروي، وجماعةٌ.

(46/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 262
وسمع من: أبي يعلى ابن الحبوبي، والخطيب أبي البركات الخضر بن شبل الحارثي، وأبي طاهر إبراهيم ابن الحصني، والصائن هبة الله ابن عساكر، وأخيه الحافظ أبي القاسم، فأكثر عنه، وعلي بن مهدي الهلالي، وأبي المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبي المعالي محمد بن حمزة ابن الموازيني، ومحمد بن بركة الصلحي، وداود بن محمد الخالدي، وأبي علي الحسن بن علي البطليوسي، وأبي المظفر محمد بن أسعد ابن الحكيم العراقي، وجماعةٍ. وحدث بمصر والقدس ودمشق. وطال عمره، وتفرد عن أقرانه. روى عنه البرزالي، وابن خليل، والمنذري وقال: ولي الحكم بالبيت المقدس، وغيره. ودرس، وأفتى. وهو آخر من حدث عن الفقيه أبي البركات الحارثي، والصائن، وأبي طاهرٍ الحصني. وانفرد برواية أكثر من مائتي جزء من تاريخ دمشق. ومميل بالفارسية: محمد. وذكره ابن الحاجب فقال: أحد قضاة الشام استقلالاً بعد نيابة. قلت: استقل بالقضاء مع مشاركة غيره مديدةً. ثم لما استقل بالقضاء القاضيان الشمسان ابن سني الدولة، والخويي، عرضت عليه النيابة، فامتنع. ثم عزل في سنة تسعٍ وعشرين بالعماد ابن الحرستاني، ثم عزل العماد في سنة إحدى وثلاثين، وولي ابن سني الدولة.) وكان ابن الشيرازي يدرس بمدرسة العماد الكاتب ثم تركها، ثم درس بالشامية الكبرى. وكان رئيساً، نبيلاً، ماضي الأحكام، عديم المحاباة، يستوي عنده الخصمان في النظر والإقبال عليهم. وكان ساكناً، وقوراً، مليح الشيبة، حلو الشكل، يزجى غالب زمانه في نشر العلم وإلقاء الدرس على أصحابه.

(46/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 263
أخذ الفقه عن القطب النيسابوري، وأبي سعد بن أبي عصرون فيما أرى. روى عنه: الشرف ابن النابلسي، والجمال ابن الصابوني، وأبو الحسين ابن اليونيني، ومحمد بن أبي الذكر الصقلي، وخديجة بنت يوسف الحمامي، والشرف عبد المنعم بن عساكر، والشرف أحمد بن عساكر، والشهاب محمد بن مشرف، وأبو محمد ظافر النابلسي، ومحمد بن علي ابن الواسطي، وأحمد ابن العماد عبد الحميد، ومحمد بن يوسف الذهبي، وطائفةٌ سواهم. وتفرد بالحضور عنه حفيده أبو نصر محمد بن محمد، وأبو محمدٍ القاسم بن عساكر. وتوفي في ثاني جمادى الآخرة.
4 (محمد بن أبي الفتح بن حسين.)
أبو عبد لله، الحريمي، الباقلاني. سمع من: دهبل بن كاره، وأخيه لاحق، وعبد المغيث بن زهير، وغيرهم. وتوفي في رجب.
4 (محمد بن أبي الفضل بن زيد بن ياسين بن زيد. الخطيب، الإمام، جمال الدين.)
أبو عبد الله، التغلبي، الأرقمي، الدولعي، الشافعي، خطيب دمشق.

(46/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 264
ولد بقرية الدولعية من قرى الموصل في سنة خمسٍ وخمسين ظناً. وقدم دمشق شاباً، وتفقه على عمه خطيب دمشق ضياء الدين عبد الملك الدولعي وسمع منه، ومن: أبي عبد الله محمد بن علي بن صدقة، وشيخ الشيوخ صدر الدين عبد الرحيم بن إسماعيل، والخشوعي. وولي الخطابة من بعد عمه وطالت مدته. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والجمال ابن الصابوني، وغيرهما. وحدثنا عنه خادمه الجمال سليمان بن أبي الحسن الشاهد. وتوفي في رابع عشر جمادى الأولى، ودفن بمدرسته التي بجيرون رحمه الله.) قال أبو شامة: وكان المعظم قد منعه من الفتوى مدةً. ولم يحج لحرصه على المنصب. وولي بعده الخطابة أخٌ له جاهلٌ. وقال غيره: كان ذا سمتٍ وناموسٍ. وكان يفخم كلامه. وكان شديداً على الرافضة. درس مدةً بالغزالية.
4 (المبارك بن علي بن الحسين.)
أبو علي ابن المطرز، الحريمي، القزاز. سمع من: النقيب أحمد بن علي الحسيني، وأبي الفتح محمد ابن البطي، ودهبل بن كاره، وأخيه لاحقٍ. روى عنه: الشمس عبد الرحمن ابن الزين، والتقي ابن الواسطي، وغيرهما. وبالإجازة القاضيان ابن الخويي، وتقي الدين بن أبي عمر، وسعد الدين بن سعد، وعيسى السمسار، وأحمد ابن الشحنة، وجماعةٌ. وتوفي في رابع عشر ربيع الأول.
4 (محمود بن عمر بن محمد بن إبراهيم بن شجاع، الشيباني.)

(46/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 265
الحانوي، الحكيم، سديد الدين، أبو الثناء، ابن زقيقة، الطبيب. والد المحدث أبي العباس أحمد. كان من رؤوس علماء الطب، ومن كبار الشعراء. نظم عدة كتب في الطب رجزاً في غاية السهولة والجزالة. ولازم الفخر المارديني، وهو محمد بن عبد السلام، وتخرج عليه في الطب والفلسفة. وكان لسديد الدين يدٌ في الكحل والجراح، ويدٌ في التنجيم. وقد روى عنه الموفق بن أبي أصيبعة الكثير من النثر والنظم، وصحبه مدةً، وأثنى عليه وعلى علومه، وقال: أخبرنا سديد الدين من لفظه، حدثني الفخر المارديني، حدثنا موهوب ابن الجواليقي، حدثنا أبو زكريا التبريزي، فذكر حديثاً. ولد بمدينة حيني ونشأ بها، وعاش إحدى وسبعين سنة. وأقام بخلاط مدةً وبميافارقين، وقدم دمشق سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، فأنعم عليه الأشرف، ورتب له جامكية إلى أن مات في هذه السنة.
4 (المسلم بن عبد الوهاب بن مناقب بن أحمد بن علي بن أحمد بن الحسن بن علي بن أحمد)
) بن الحسين بن محمد بن إسماعيل المنقذي بن جعفر الصادق. الشريف، أبو الغنائم، العلوي، الحسيني، المنقي، الدمشقي، الشروطي. سمع من: ابن صدقة الحراني، وأبي يعلى حمزة بن الحسن الأزدي، وإسماعيل الجنزوي، وأبي الفوارس الحسن بن عبد الله بن شافع. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والفخر إسماعيل بن عساكر، وابن عمه بهاء الدين القاسم. توفي في حادي عشر رجب.

(46/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 266
4 (مكتوم بن احمد بن محمد بن سليم بن مجلي.)
أبو السر، القيسي، السويدي، الحوراني، الشافعي. روى عن: ابن صدقة الحراني، وإسماعيل الجنزوي، وجماعةٍ. وسمع أولاده يوسف وعبد الله. وكان مولده في ذي الحجة سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة بالسويداء من قرى حوران، لا السويداء التي على مرحلتين من طيبة، ولا التي بقرب حران. قدم دمشق في شبيبته وسكنها، وتفقه على الخطيب عبد الملك الدولعي. وقرأ القرآن وأتقنه، ولقن بجامع دمشق مدةً. وكان صالحاً، متودداً. وسمع أيضاً من: أبي اليسر شاكر بن عبد الله، وأبي المظفر أسامة بن منقذ. وكان من جملة الفقهاء الشافعية. وهو جد المعمر صدر الدين إسماعيل. روى عنه حفيده هذا، والفخر إسماعيل بن عساكر، وابن عمه البهاء قاسمٌ، وغيرهم. وأجاز لجماعةٍ من شيوخنا. توفي في رجب.
4 (مكرم بن محمد بن حمزة بن محمد بن أحمد بن سلامة بن أبي جميل، الشيخ نجم الدين.)
أبو المفضل، ابن الإمام المحدث أبي عبد الله بن أبي يعلى بن أبي عبد الله

(46/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 267
القرشي، الدمشقي، التاجر، السفار، المعروف بابن أبي الصقر. ولد بدمشق في رجب سنة ثمانٍ وأربعين. وسمع من: حسان بن تميم الزيات، وحمزة بن أحمد بن كروس، وعبد الرحمن بن أبي الحسن) الداراني، والوزير سعيد بن سهل الفلكي، وأبي يعلى حمزة ابن الحبوبي، والصائن هبة الله بن عساكر، وعلي بن أحمد بن مقاتل، وعلي بن أحمد الحرستاني، وأبي المعالي بن صابر. وحدث في تجارته إلى بغداد وحلب ومصر بهن. قال أبو محمدٍ المنذري: كان يقدم مصر كثيراً للتجارة. وقال عمر ابن الحاجب: كان يواظب على الخمس في جماعةٍ، ويشتغل بالتجارة. وكان كثير المجون مع أصحابه. ولم يكن مكرماً لأهل الحديث بل يتعاسر عليهم. قلت: روى عنه ابن خليل، والبرزالي، والمنذري، والضياء، وخلقٌ من المتقدمين والمتأخرين، وأبو حامد ابن الصابوني، وأبو المظفر ابن النابلسي، وأبو عبد الله بن هامل، وأبو المجد ابن العديم الحاكم، وأبو علي ابن الخلال، وعبد المنعم بن عساكر، وابن عمه الفخر إسماعيل، وابن عمه الشرف أحمد، والمؤيد علي ابن الخطيب، وعلي بن عثمان اللمتوني، ومحمد بن مكي القرشي، وأبو الحسين اليونيني، ومحمد بن يوسف الذهبي، وسنقر القضائي، والبهاء أيوب بن أبي بكر الحنفي، والشهاب محمد بن مشرف البزاز، وموسى بن علي الموسوي الشاهد. وأما الصدر إسماعيل بن يوسف بن مكتوم، فإنه سمع منه الموطأ لكن خبط في اسمه كاتب الأسماء، فصحف يوسف بيونس، فبقي في النفس شيءٌ، وهو إن شاء الله هو. توفي مكرمٌ في ثاني رجب بدمشق ودفن على والده بمقبرة باب الصغير.

(46/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 268
4 (موسى، السلطان الملك الأشرف، مظفر الدين.)
أبو الفتح، شاه أرمن، ابن الملك العادل أبي بكر محمد بن أيوب. ولد بالقصر بالقاهرة سنة ستٍ وسبعين وخمسمائة. وسمع من عمر بن طبرزد. وسمع صحيح البخاري من أبي عبد الله ابن الزبيدي. روى عنه الشهاب القوصي، وغيره. وحدثنا عنه أبو الحسين اليونيني بأربعين حديثاً خرجت له. أعطاه أبوه أول شيء القدس، ثم أعطاه حران والرها. وجهزه أخوه الملك المعظم بالخيل والمماليك. وسار وتنقلت به الأحوال، وجرت له أمورٌ أشرنا إلى أخبارها في الحادث. وكسر المواصلة، وكسر الخوارزمية والروم. ولقب شاه أرمن لتملكه مدينة الخلاط، وهي قصبة أرمينية. وتملك دمشق سنة ستٍ وعشرين وأخذها من الناصر داود ابن المعظم، فأحسن إلى) أهلها وعدل فيهم وأزال عنهم بعض الجور وأحبوه. وكان فيه دينٌ، وخشيةٌ، وعفةٌ في الجملة، وسخاءٌ مفرط حتى لقد قال ابن واصل: كان يطلق الأموال الجليلة ولم يسمع أن أحداً من

(46/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 269
الملوك والعظماء بعد آل البرمك فعل فعله في العطاء. ومن سعادته أنه عاد أخوه الأوحد بخلاط، فتماثل ودخل الحمام، فأراد الأشرف الرجوع إلى حران، فقال له طبيب الأوحد: اصبر، فإن الأوحد ميتٌ. فأقام ليلةً ومات الأوحد، فاستولى على مملكة خلاط جميعها. قلت: إلا أنه كان منهمكاً في الخمر والملاهي. وكان مليح الشكل، حلو الشمائل، وافر الشجاعة، يقال: إنه لم تكسر له رايةٌ قط. وكان يحب الفقراء والصالحين، ويتواضع لهم، ويزورهم ويصلهم، ويجيز الشعراء. وكان في رمضان لا يغلق باب القلعة، ويخرج منها صحون الحلواء إلى أماكن الفقراء. وكان ذكياً، فطناً، يشارك في الصنائع، ومحاسنه كثيرةٌ، الله يسامحه. قال أبو المظفر: وكان يحضر الملك الأشرف مجالسي بخلاط وحران ودمشق، وكان عفيفاً. ولما كنت عنده بخلاط قال لي: والله ما مددت عيني إلى حريم أحدٍ لا ذكرٍ ولا أنثى. ولقد جاءتني عجوزٌ من عند بيت شاه أرمن صاحب خلاط بورقةٍ، فذكرت أن الحاجب علياً قد أخذ ضيعتها، فكتبت بإطلاقها، فقالت العجوز: هي تسأل الحضور بين يديك، فعندها سرٌ، فقلت: بسم الله، فقامت وغابت ساعةً ثم جاءت بها، فإذا هي امرأةٌ ما رأيت أحسن من قدها، ولا أظرف من شكلها، كأن الشمس تحت نقابها، فخدمت، ووقفت، فقمت لها، وقلت: أنت في هذا البلد وما أعلم بك فسفرت عن وجهٍ أضاءت منه المنظرة، فقلت: استتري، فقالت: مات أبي صاحب هذه المدينة، واستولى بكتمر على البلاد، وكان لي ضيعة أعيش منها أخذها الحاجب عليٌ، وما أعيش إلا من عمل النقش وأنا في دور الكراء. فبكيت وأمرت لها بقماش، وأن يصلح دار لسكناها، وقلت: بسم الله. فقالت العجوز: يا خوند ما جاءت إلى خدمتك إلا حتى تحظى بك الليلة. فساعة سمعت كلامها، أوقع الله في قلبي تغير الزمان، وأن يملك خلاط غيري وتحتاج بنتي إلى أن تقعد مثل هذه القعدة فقلت: معاذ الله، والله ما

(46/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 270
هو من شيمتي، ولا خلوت بغير محارمي، فخذيها وانصرفي كريمةً. فقامت باكيةً وهي تقول: صان الله عاقبتك كما صنتني. وحدثني قال: مات مملوكٌ بالرها، وخلف ولداً لم يكن في زمانه أحسن منه، وكان من لا يدري) يتهمني به، وكنت أحبه، وهو عندي أعز من الولد، وبلغ عشرين سنة، فضرب غلاماً له فمات، فاستغاث أولياؤه وأثبتوا أنه قتله وجاؤوا يطلبون الثأر، فاجتمع عليهم مماليكي وقالوا: نحن نعطيكم عشر دياتٍ، فأبوا، فطردوهم فوقفوا لي، فقلت: سلموه إليهم، فسلموه فقتلوه. خفت الله أن أمنعهم حقهم لغرض نفسي. قال أبو المظفر: وقضيته بحران مشهورةٌ مع أصحاب الشيخ حياة لما بددوا المسكر من بين يديه، وكان يقول: بها نصرت. قال أبو المظفر: لما فارقت دمشق وطلعت إلى الكرك، أقمت عند الناصر، فكنت أتردد إلى القدس من سنة ستٍ وعشرين إلى سنة ثلاثٍ وثلاثين. ثم جرت أسبابٌ أوجبت قدومي دمشق، فسر بقدومي وزارني وخلع علي، فامتنعت من لبسها، فقال: لا بالله البسها ولو ساعةً، ليعلم الناس انك قد رضيت وزالت الوحشة. وبعث لي بغله الخاص وعشرة آلاف درهم، وأقمت بدمشق إلى أن توفي في أرغد عيشٍ معه. وحدثني الفقيه محمدٌ اليونيني قال: حكى لي فقيرٌ صالح قال: لما مات الأشرف رأيته في المنام وعليه ثيابٌ خضرٌ وهو يطير مع الأولياء، فقلت: أيش تعمل مع هؤلاء وأنت كنت تفعل وتصنع فتبسم وقال: الجسد الذي كان يفعل تلك الأفاعيل عندكم والروح التي كانت تحب هؤلاء قد صارت معهم. قال: وقيل: إن هذه الأبيات من نظمه كتب بها إلى الإمام الناصر:
(العبد موسى طوره لمّا غدا .......... بغداد آنس عندها نار الهدى)

(46/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 271
(عبدٌ أعدّ لدى الإله وسيلةً .......... ديناً ودنيا أحمداً ومحمّدا)

(هذا يقوم بنصره في هذه .......... عند الخطوب وذاك شافعه غدا)
ومما أنشده الملك الأشرف:
(لولا هيف القدّ وغنج المقل .......... ما كنت تجرّعت كؤوس العذل)

(في حبّ مقرطقٍ من الترك يلي .......... أمري وأنا له وإن أصبح لي)
وقال أبو المظفر: كنت أغشى الأشرف في مرضه لما أحس بوفاته فقلت له: استعد للقاء الله فما يضرك قال: لا، والله، ل ينفعني. ففرق البلاد، وأعتق مائتي نفسٍ من مملوك وجارية، وقف دار فرخشاه التي يقال لها: دار السعادة، وبستان النيرب على ابنته، وأوصى لها بجميع) الجواهر. وقال سعد الدين بن مسعود بن حمويه في تاريخه: وقف دار السعادة على ابنته، وبستانه بالنيرب، وأوصى لها بجميع الجواهر، وأعتق مائتي مملوك ومائتي جارية. وفي آخر ذي الحجة غشي عليه حتى ظنوا أنه قد مات، فجاؤوا به إلى القلعة من النيرب وقد أفاق. قال ابن واصل: خلف بنتاً واحدة تزوجها ابن عمها الملك الجواد يونس لما تملك دمشق، فلما ملك عمه الصالح إسماعيل دمشق ثانياً، فسخ نكاحها منه، لأنه حلف بطلاقها في أمرٍ وفعله، ثم تزوجها ثانية الملك المنصور وهي معه إلى الآن. قلت: وقد أنشأ جامع العقيبة وكان حانةً. قال أبو المظفر الجوزي: جلست فيه لما فرغ، فحضر وبكى، وأعتق كثيراً من المماليك. وأنشأ بالقلعة مسجد أبي الدرداء، وأنشأ مسجد باب النصر، ومسجد القصب، ومسجد جراح، وجامع بيت الآبار، ودار الحديث، وأخرى

(46/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 272
بالجبل. ولم يخلف ولداً ذكراً. وأنشأ دار السعادة، وبالنيرب الدهشة، وصفة بقراط. ومن حسنات الأشرف قال ابن واصل في تاريخه: وقعت بدمشق فتنةٌ بين الشافعية والحنابلة بسبب العقائد، وتعصب الشيخ عز الدين ابن عبد السلام على الحنابلة، وجرى بذلك خبطٌ طويل حتى كتب عز الدين إلى الأشرف يقع في الحنابلة، وذكر الناصح ابن الحنبلي وعرض بأنه ساعد على فتح باب السلامة لعسكر الملك الأفضل والملك الظاهر لما حاصرا العادل بدمشق. فكتب الأشرف بخطه وقد رأيته: يا عز الدين الفتنة ساكنةٌ، فلعن الله مثيرها. وأما حديث باب السلامة فكما قال الشاعر:
(وجرمٌ جرّه سفهاء قومٍ .......... فحلّ بغير جانيه العذاب)
قال: وقد تاب الأشرف في مرضه، وأظهر الابتهال والاستغفار والذكر إلى أن توفي تائباً، وختم له بخير. وقال ابن الجوزي: مرض الملك الأشرف في رجب سنة أربع وثلاثين وستمائة مرضين مختلفين في أعلاه وأسفله، فكان الجرائحي يخرج العظام من رأسه وهو يسبح الله تعالى ويحمده، واشتد به ألمه، فلما يئس من نفسه، قال لوزيره ابن جرير: في أي شيء تكفنوني فما بقي في قوةٌ تحملني أكثر من غدٍ فقال: عندنا في الخزانة نصافي فقال: حاش الله أن أكفن من) الخزانة. ثم نظر إلى ابن موسك الأمير فقال: قم وأحضر وديعتي. فقام وعاد وعلى رأسه مئزر صوفٍ، ففتحه فإذا فيه خرقٌ من آثار الفقراء. وطاقيات قومٍ صالحين مثل الشيخ مسعود الرهاوي، والشيخ يونس البيطار، وفي ذلك إزارٌ عتيق يساوي نصف درهم أو نحوه فقال: هذا يكون على جسدي أتقي به حر جهنم، فإن صاحبه كان من الأبدال، كان حبشياً أقام بجبل الرها مدةً يزرع قطعة أرضٍ زعفراناً، ويتقوت منها

(46/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 273
وكنت أزوره فأعرض عليه المال فيمتنع، فهو وهبني هذا الإزار وقال لي: أحرمت فيه عشرين حجةً. قلت: وأما تعظيمه للفقيه محمد اليونيني فأمرٌ زائدٌ، كان عنده بالقلعة وهو في سماع البخاري، فتوضأ الفقيه مرةً، فقام ونفض تخفيفته وقدمها إلى يديه ليتنشف بها أو ليطأ عليها أنا أشك حدثني بذلك شيخنا أبو الحسين ابن اليونيني. وقد سار مرةً إلى بعلبك، فبدأ قبل كل شيء، فأتى دار الفقيه، ونزل فدق الباب، فقيل: من ذا فقال: موسى. قال أبو المظفر ابن الجوزي: مات في يوم الخميس رابع المحرم ودفن بالقلعة. وقال: وكان آخر كلامه لا إله إلا الله، ونقل إلى تربته بعد أربعة أشهر. وقال سعد الدين في تاريخه: كان مرضه دمامل في رأسه ومخرجه. تنسر جرحه، ودود، ووقع منه لحم. وأظهر الناس عليه حزناً عظيماً. ولبس أجناده وحاشيته البلاسات والحصر، وجاءه نساؤهم إلى باب القلعة يندبن ويبكين. وغلقت الأسواق.
4 (حرف النون)

4 (ناص بن نصر بن قوام بن وهب.)
العدل، الأجل، أمين الدين، الرصافي، التاجر. ولد سنة سبعٍ وستين وخمسمائة. وسمع بإصبهان من خليلٍ الراراني بإفادة شمس الدين ابن خليل. روى عنه: زكي الدين البرزالي، وشهاب الدين القوصي، ومجد الدين ابن الحلوانية، وغيرهم.

(46/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 274
وتوفي في رجب بدمشق.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن عبد الله بن أحمد بن هبة الله بن عبد القادر.)
الخطيب، الشريف أبو القاسم، الهاشمي، العباسي، البغدادي، المعروف بابن المنصوري، نقيب) بني هاشم، وخطيب جامع المهدي. أجاز له الشيخ عبد القادر الجيلي، وابن البطي. وسمع في كبره من: يحيى بن بوش، وابن كليب. وتوفي في جمادى الآخرة. كتب عنه عمر ابن الحاجب. وأجاز لغير واحدٍ من المتأخرين منهم القاسم بن عساكر.
4 (هبة الله بن علي بن جراح بن الحسين.)
القاضي، الرئيس، أبو القاسم، المصري، الكاتب. ولد في ذي الحجة سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. وسمع من السلفي. وحدث. روى عنه الزكي عبد العظيم وقال: تقلب في الخدم الديوانية بمصر، وغيرها. ومات بقلعة الشوبك في الثالث والعشرين من ذي الحجة، وحمل بعد دفنه ونقل إلى القاهرة.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن المظفر بن عمار.)
أبو القاسم، البزاز. روى عن أبي زرعة. وبالإجازة من أبي الكرم الشهرزوري، لكن زور ذلك له ولده.

(46/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 275
قاله ابن النجار، قال: ولمت ابنه فما نفع. وما أظن سمع منه غير ابنه.
4 (يحيى بن هبة الله بن الحسن بن يحيى بن محمد بن علي ابن صدقة.)
قاضي القضاة، شمس الدين، أبو البركات، ابن سني الدولة، الدمشقي، الشافعي. والد قاضي القضاة صدر الدين أحمد، ويعرف بيتهم بأولاد الخياط الشاعر المشهور. ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وتفقه على القاضي أبي سعد بن أبي عصرون، واشتغل بالخلاف على القطب النيسابوري، والشرف ابن الشهرزوري. وسمع من: أبي الحسين أحمد ابن الموازيني، ويحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، والخشوعي. وسمع ولده من الخشوعي معه. وولي قضاء الشام وحمدت سيرته. وكان إماماً فاضلاً، مهيباً جليلاً.) حدث بمكة، والقدس، ودمشق، وحمص. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والشرف ابن عساكر، وابن عمه الفخر إسماعيل، وجماعة. وتوفي في خامس ذي القعدة.

(46/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 276
4 (يوسف بن إسماعيل بن علي.)
الأديب البارع، شهاب الدين، أبو المحاسن، ابن الشواء، الكوفي الأصل، الحلبي، الشاعر المشهور. ديوانه في أربع مجلدات، وتقع له معانٍ بديعة. توفي في المحرم وله ثلاثٌ وسبعون سنة. ومن شعره في صبيٍ مليح وقد ختن:
(أمعذّبي كيف استطعت على الأذى .......... جلداً وأجزع ما يكون الرّيم)

(لولم تكن هذي الطهارة سنّةً .......... قد سنّها من قبل إبراهيم)

(لفتكت جهدي بالمزيّن إذ غدا .......... في كفّه موسى وأنت كليم)
وله:
(بنفسي وعيني رأس عينٍ ومن فيها .......... وبيض السّواقي حول زرق سواقيها)

(إذا راقني منها جواري عيونها .......... أراق دمي منها عيون جواريها)

4 (يوسف بن محمد بن علي بن خليفة.)
أبو الحجاج، القضاعي، الأندي، نزيل بلنسية. سمع: أبا محمد بن عبيد الله، وأبا الحسن بن النقرات، وجماعة. وأخذ العربية عن أبي ذرٍ الخشني، وأبي بكر بن زيدان. وبرع في النحو، وجلس لإقرائه عامة عمره. وكان ديناً، خيراً، مقبلاً على شأنه، يؤثر العزلة. قال الأبار: أخذت عنه جملةً من كتب النحو واللغة. وأجاز لي. وتوفي

(46/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 277
وبلنسية محاصرةٌ في شهر ذي القعدة سنة خمس، وعمره ثمانٍ وسبعون سنة.
4 (الكنى)

4 (أبو بكر حديد بن طاهر البغدادي، الزوري.)
) الصوفي. عاش نيفاً وسبعين سنة. وروى عن نصر الله القزاز، وغيره.
4 (أبو بكر بن هشام بن عبد الله بن هشام بن سعيد.)
أبو يحيى، الأزدي، القرطبي، الأديب. روى عن أبيه أبي الوليد. وأجاز له ابن بشكوال. ورخه الأبار وقال: كان كاتباً بليغاً، وشاعراً مجوداً.
4 (وفيها ولد)
سعد الدين سعد الله بن مروان الفارقي الموقع. وضياء الدين إسماعيل بن عمر ابن الحموي الكاتب. والمحيي أبو بكر بن عباس بن جعوان. والشمس عبيد الله بن محمد بن أحمد بن عبيد الله الحنبلي. والكمال عمر بن محمد بن عمر بن هلال. وأبو بكر بن محمد بن منيع الشطاري. وشيخ الشيعة الشيخ محمد بن أبي بكر الهمذاني السكاكيني، في رجب. والشمس عبد القادر بن يوسف ابن الحظيري الكاتب، في صفر. والجمال عبد الغني بن منصور الحراني المؤذن. والمحيي يحيى بن مكي بن عبد الرزاق.

(46/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 278
والشيخ علي بن محمد بن عطاف النشار. والعز إبراهيم ابن الملك الحافظ. والشيخ علي بن عمر الواني، يروي عن ابن رواج. وشهاب الدين إبراهيم بن محمد بن باجوك، في ذي القعدة. والمجد عبد الرحمن بن محمد بن محمد الأسفراييني. والقاضي شمس الدين أحمد بن علي بن الزبير الجيلي.

(46/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 279
4 (وفيات سنة ست وثلاثين وستمائة)
)
4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن صدقة بن المظفر.)
أبو المظفر، البغدادي، الصوفي، عرف بابن الطاهري نسبة إلى طاهر بن الحسين الخزاعي. حدث عن عبد المنعم بن كليب. أجاز للقاسم بن عساكر، وأقرانه.
4 (أحمد بن عبد القوي بن أبي الحسن بن ياسين القيسراني.)
أبو الرضا، ابن المحدث المفيد الفاضل أبي محمد، المصري، الكتبي، الجلد. سمعه أبوه من: إسماعيل بن قاسم الزيات، والعلامة عبد الله بن بري، وعشير بن علي بن المزارع، وأبي الجيوش عساكر المقرئ، وجماعةٍ. روى عنه الزكي المنذري، وقال: ولد سنة سبعين، وتوفي في الخامس والعشرين من رجب، والجمال ابن الصابوني، وولده أحمد، وسليمان بن أبي الهكاري. ولم ألق من يروي عنه فيما علمت.
4 (أحمد بن علي بن محمد بن الحسن.)

(46/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 280
الشيخ، أبو العباس، القسطلاني، ثم المصري، الفقيه، المالكي، الزاهد. تلميذ الشيخ أبي عبد الله محمد بن أحمد القرشي، صحبه دهراً، وجمع من كلامه كتاباً حسناً. وسمع من العلامة عبد الله بن بري. وأجاز له أبو طاهرٍ السلفي، وغيره. وولي التدريس بمدرسة المالكية بمصر. ثم توجه إلى مكة وجاور بها، وحدث بها وبمصر. وولد في سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة. روى عنه الزكي المنذري وقال: كان قد جمع بين الفقه والزهد وكثرة الإيثار مع الإقتار والانقطاع التام عن مخالطة الناس. توفي بمكة في مستهل جمادى الآخرة. وروى عنه: مجد الدين ابن العديم وولداه تاج الدين وقطب الدين أبو بكر، وغيرهم.
4 (إبراهيم بن أحمد بن أبي الكرم بن علي.)
أبو إسحاق، البغدادي، الخياط، الصوفي، سبط يحيى بن بوش. سمع من جده، ومن عبد المنعم بن كليب. وتوفي في سلخ ربيع الآخر.) سمعنا بإجازته من القاضي تقي الدين، وغيره.
4 (إبراهيم بن شعيب ابن الشيخ أبي العباس أحمد بن إبراهيم بن أبي الفتح.)

(46/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 281
أبو إسحاق، العريشي الأصل، الرشيدي المولد، الإسكندراني الدار، المالكي. حدث عن جده، وأبيه بأناشيد. كتب عنه زكي الدين المنذري، وغيره، وقال: كان جده من أصحاب الفقيه أبي بكر الطرطوشي، فسكن ثغر رشيد. ولد إبراهيم في سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة، وعاش ثمانيةً وثمانين عاماً.
4 (إبراهيم بن عبد الله بن محمد.)
أبو إسحاق، الكلبي، البلنسي، المعروف باليابري. قال الأبار: كان ثقةً، تاجراً. حج وسمع الموطأ سنة ثمانين من أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي. وحدث.
4 (إبراهيم بن علي بن حامد بن قنبر بضم القاف والباء بن هندي.)
أبو إسحاق، البغدادي، الحنبلي. سمع من: نصر الله القزاز، وعبد المغيث بن زهير، وجماعة كثيرة. وتوفي في شعبان. وأجاز لابن الشيرازي، والمطعم، وسعدٍ.
4 (أرتق ابن الملك أرسلان بن ألبيبن تمرتاش بن أيل غازي، الأرتقي.)

(46/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 282
التركماني، صاحب ماردين، الملك المنصور، ناصر الدين. ولي ماردين بعد أخيه حسام الدين أيل غازي وهو دون البلوغ. وكان أتابكه مملوك أخيه وزوج أمه، فلما تمكن قتلهما سنة ستمائة واستقام أمره. وكان عادلاً، حسن السيرة، يصوم الخميس والاثنين، ويترك الخمر في الثلاثة أشهر. فقتله مماليكه بمواطأةٍ من ولد ولده ألبي غازي بن نجم الدين غازي بن أرتق. وكان شديد المحبة لهذا إلا أنه كان قد أبعد والده بحيث أنه حلق رأسه وتفقر، فغضب أبوه عليه وحبسه. فلما قتل، أخرجه ابنه وحلف له وقام بأمر سلطنته. ذكر ذلك ابن الجوزي وغيره. وكان قتله في وسط ذي الحجة، فلما تمكن الملك السعيد غازي قبض على ولده وحبسه إلى أن مات.)
4 (أسعد بن أبي الغنائم المسلم بن مكي بن خلف بن المسلم بن أحمد بن محمد بن علان.)
أبو المعالي، ابن الرئيس الأمين، القيسي، الدمشقي. سمع: أباه، وأبا القاسم بن عساكر، وعلي بن هبة الله بن خلدون الواعظ، وأبا الفهم بن أبي العجائز، والفضل بن الحسين البانياسي، وأبا المفاخر علي بن محمد البيهقي، وجماعةً. وكان عدلاً متميزاً، يشهد تحت الساعات. وهو أكبر من أخيه السديد. روى عنه: الشهاب القوصي، والمجد ابن الحلوانية، والبدر ابن الخلال، وتاج العرب بنت ابن أخيه المسلم، وغيرهم. وبالإجازة القاضي شهاب الدين

(46/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 283
الخويي، ومحمد بن عثمان بن مشرق. لقبه تاج الدين. توفي في رجبٍ، وله ستٌ وسبعون سنة. وقد حدث بمصر، وبها سمع منه الحافظ عبد العظيم.
4 (حرف الباء)

4 (بدل بن أبي المعمر بن إسماعيل بن أبي نصر.)
أبو الخير، التبريزي، المحدث، المفيد. ولد سنة اثنتين وخمسين ظناً. وقدم دمشق وهو شابٌ فسمع بها من: الإمام أبي سعد بن عصرون، ويحيى الثقفي، وأحمد بن حمزة ابن الموازيني. ولازم بهاء الدين القاسم بن عساكر وسمع منه بدمشق وبمصر فأكثر عنه. ثم رحل إلى إصبهان فسمع من أبي المكارم اللبان، ومحمد بن أبي زيد الكراني، وأبي جعفر الصيدلاني، وجماعةٍ. ووصل إلى نيسابور، فسمع من أبي سعد الصفار، وعبد الرحيم ابن الشعري وأخته زينب. ورحل إلى مصر، فسمع من البوصيري، وغيره. وعني بالحديث، وكتب الكثير، وخطه رديءٌ، وكان من أهل الفضل والدين. سكن إربل وولي مشيخة دار الحديث بها. وخرج مجاميع وفوائد. فلما

(46/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 284
أخذت الكفرة التتار إربل، نزح إلى حلب وأقام بها إلى حين وفاته. روى عنه: محيي الدين بن سراقة، وشهاب الدين القوصي، ومجد الدين ابن العديم، وظهير الدين محمودٌ الزنجاني. وبالإجازة القاضي تقي الدين الحنبلي، والفخر بن عساكر، وأبو نصر ابن الشيرازي.) توفي بدلٌ في خامس جمادى الأولى. وكان مع كثرة طلبه مزجى البضاعة.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن علي بن أبي البركات هبة الله بن جعفر بن يحيى بن أبي الحسن بن منير بن أبي)
الفتح. أبو الفضل، الهمذاني، الإسكندراني، المقرئ، المجود، المحدث الفقيه، المالكي.

(46/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 285
ولد في عاشر صفر سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة. وقرأ الفقه، وقرأ بالروايات للسبعة، ويعقوب على الإمام الصالح أبي القاسم عبد الرحمن بن خلف الله بن عطية القرشي الإسكندراني المؤذن صاحب ابن الفحام. ثم سمع الحديث وله أربعٌ وعشرون سنة من السلفي. ونسخ، وقابل، وحصل الفوائد. وسمع من: أبي محمد العثماني، وأحمد بن جعفر الغافقي، وأبي يحيى اليسع بن عيسى بن حزم الغافقي، وأبي الطاهر بن عوف الزهري، وعبد الواحد بن عسكر، وابن عطية شيخه، والقاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وغيرهم. وأجاز له جماعةٌ كثيرة من الأندلس، وإصبهان، وهمذان. وأم بمسجد النخلة، وأقرأ به مدةً. وحدث ببلده، وبمصر، ودمشق. وكتب الكثير ورواه. روى عنه: أبو عبد الله ابن النجار، وأبو بكر بن نقطة، والسيف بن قدامة، وابن الحلوانية، والكمال أحمد ابن الدخميسي. وأخذ عنه القراءآت الشيخ عليٌ الدهان، وغيره. وحدثنا عنه: أبو الحسين ابن اليونيني، وأبو المعالي الأبرقوهي، وإبراهيم بن عبد الرحمن المتيجي النجار، والعز أحمد ابن العماد، والقاضي أبو الربيع سليمان بن حمزة، وأخواه محمدٌ وداود، والقاضي أبو حفص عمر بن عبد الله بن عمر بن عوض، ومحمد بن علي ابن الواسطي، وأحمد بن مؤمن، ونصر الله بن عياش، وأبو القاسم بن عمر الهواري، وأبو علي ابن الخلال، ومحمد بن يوسف الذهبي، وأبو بكر بن عبد الدائم الأصم، وزينب بنت شكر، وهدية بنت عسكر، وعبد الرحمن بن جماعة الإسكندراني وهو آخر من بقي بها من أصحابه والفخر إسماعيل بن عساكر، وعيسى المطعم، وطائفةٌ سواهم.

(46/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 286
قال المنذري: أقرأ، وانتفع به جماعةٌ. وكان بعث إليها ليحضر إلى مصر، فتوجه من بلده إلى) مصر، ومعه جملة من مسموعاته، وأقام بالقاهرة مدة، وحدث بها. قلت: سمع منه بها الكثير: سعد الدين عبد الرحمن بن علي ابن القاضي الأشرف. قال: ثم توجه إلى دمشق، وأقام بها، وحدث بها الكثير، ولم يزل بها إلى حين وفاته. قلت: روى الكثير بالبلد، وبالصالحة، والقابون، وأقام بها تسعة أشهر أو نحوها أقدمه الشرف أحمد ابن الجوهري إلى دمشق، وقام بواجب حقه. قال ابن نقطة: سمعت منه. وكان ثقةً صالحاً، من أهل القرآن. وقال المنذري: توفي ليلة السادس والعشرين من صفر بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية. قلت: لو كان له من يعتني به، لأخذ له إجازة القاضي أبي الفضل الأرموي، وطبقته.
4 (حرف الحاء)

4 (حامد بن أبي العميد بن أميري بن ورشي بن عمر.)
أبو الرضا، القزويني، المفتي، الفقيه، الشافعي، شمس الدين، ويكنى أيضاً أبا المظفر. ولد بقزوين سنة ثمانٍ وأربعين.

(46/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 287
تفقه، وقرأ شيئاً من الخلاف على القطب النيسابوري. وكان إماماً، فقيهاً بارعاً، رئيساً. سمع من: شهدة بنت الإبري، وخطيب الموصل، ويحيى الثقفي. روى عنه: مجد الدين ابن العديم وأبوه. وبالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، وغيرهما. ومات بحلب. وأبو نصر محمد بن المز. وروى عنه أيضاً سماعاً شهاب الدين عبد الحليم بن تيمية. وقيل: ولد سنة ستٍ وأربعين. وقدم الشام سنة ستٍ وسبعين مع القطب النيسابوري. وولي قضاء حمص، ثم درس بحلب. وكان من كبار الأئمة بحلب. وكان ابنه عماد الدين مدرساً.
4 (حسان بن أبي القاسم عبد الرحمن بن حسان بن محمد بن عبد الواحد.)
الفقيه، أبو علي، الجهني، المهدوي، المغربي، ثم الإسكندراني، المالكي، الطبيب. حدث عن السلفي. وقرأ الأصول، والطب وبرع في ذلك. سمعنا بإجازته من شمس الدين عبد القادر ابن الحظيري. توفي في أواخر رجب. وروى عنه: المجد ابن الحلوانية، وابن العمادية، وغير واحد.)
4 (الحسين بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن حسون.)

(46/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 288
عماد الدين، أبو عبد الله، القرشي، الفوي، الشافعي، خطيب فوة. ولد سنة أربع وستين وخمسمائة ببلد سخا. وولي القضاء ببعض الأعمال. وأرسل ولده محمداً شيخنا إلى الإسكندرية فسمع الخلعيات من ابن العماد. حدث عن الفقيه أبي القاسم عبد الرحمن بن سلامة. روى عنه الحافظ زكي الدين شيئاً من شعره وقال: توفي في سادس صفر. وخرج عنه ابن مسدي، وقال: سمع من البوصيري، وحمادٍ الحراني. وكان متصدراً بجامع مصر.
4 (حرف الخاء)

4 (خالد بن مسعود بن أبي نصر.)
أبو بكرٍ، الأزجي، البقال، المعروف بابن المشهدية. ولد سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة. وسمع من أبي الحسين عبد الحق اليوسفي. ومات ببعقوبا في صفر.
4 (حرف الذال)

4 (ذاكر بن عبد الوهاب بن عبد الكريم بن المتوج.)
أبو الفضل، الأنصاري، السقباني. سمع من الحافظ أبي القاسم بن عساكر.

(46/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 289
ومات بسقبا في جمادى الأولى. روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، والطلبة. وكتب عنه ابن الحاجب وقال: شيخٌ أميٌ، لا يكاد يعرف ما الناس فيه، ذاكرته فيما كنت أسمع به من الوقائع التي بين أهل كفربطنا وسقبا وقت فرط الجوز، وما يجري من السب واللعن لعداوة المذهب، فإن أهل كفربطنا حنابلةٌ، وأهل سقبا أشاعرةٌ، فقلت: ماذا الذي يتم بينكم وبين أهل كفربطنا من اللعنة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يكون المؤمن لعاناً أنا أحدثك،) هؤلاء يدعونا إلى سب أبي الحسن وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم كما علمت وزوج بنته، فكيف يجوز لنا لعنته وإلا ما ثم شيء آخر، ولذا نلعنهم. قلت: أفلا يكون لأبي الحسن الأشعري لتعصبكم فيه فقال: ومن هو أبو الحسن الأشعري فعرفت أنه جاهل بما يقول.
4 (حرف السين)

4 (سونج بن صيرم.)
الأمير جمال الدين. من كبار أمراء الدولة الكاملية. له مدرسةٌ بقرب الجامع الكبير بالقاهرة. توفي في صفر. وأعتق عند موته الأرقاء وتصدق.
4 (حرف الطاء)

4 (طغريل التركي، الشبلي، الحسامي.)

(46/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 290
أبو سعيد. روى عن الخشوعي. وتوفي في ربيع الآخر، ودفن بقاسيون. روى عنه ابن الحلوانية، وغيره.
4 (حرف العين.)

4 (عبد الله بن إبراهيم بن عيسى بن مغنين.)
أبو محمد، العجيسي، المتيجي. ولد في آخر سنة إحدى وخمسين ظناً. وقدم الإسكندرية في حياة السلفي، وسمع من: عبد المجيد بن دليل، والقاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وجماعةٍ. وعجيسة: قبيلة بالمغرب. ومتيجة: ناحيةٌ وولاية بالمغرب. توفي في ثامن شعبان. سمعت من حفيده إبراهيم بن عبد الرحمن.)
4 (عبد الله بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الغني.)
أبو القاسم، الطبري، ثم البغدادي، المقرئ. سمعه أبوه من: أبي السعادات نصر الله القزاز، وأبي الخير القزويني. وتوفي في صفر. روى عنه بالإجازة: أبو نصر ابن الشيرازي، وسعد الدين والمطعم.
4 (عبد الله بن أبي غالبٍ هبة الله بن أبي الفتح عبد الله السامري.)

(46/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 291
أبو الفتح، المؤدب. سمع من خمرتاش الرؤسائي. وأجاز له عبد الحق، وشهدة. روى عنه البهاء في معجمه، وابن النجار في تاريخه. توفي في شعبان.
4 (عبد الرحمن بن أبي طاهر إسحاق ابن العلامة أبي منصور موهوب بن أحمد ابن)
الجواليقي. أبو بكرٍ، البغدادي، المقرئ. شيخ صالح، خيرٌ. ولد سنة نيف وستين. وسمع بنفسه من عبيد الله بن شاتيل، ومحمد بن المطهر العلوي. وحدث. وقد تقدم أخوه أبو علي الحسن. روى عنه أبو القاسم بن بلبان، وغيره. وبالإجازة: القاضي شهاب الدين الخويي، وفاطمة بنت سليمان، والمطعم، وأبو نصر محمد بن محمد ابن الشيرازي، وجماعة. وتوفي في ثاني عشر ذي الحجة.
4 (عبد الرحمن بن عبد المجيد بن إسماعيل بن عثمان بن يوسف بن الحسين بن حفص.)

(46/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 292
الإمام، جمال الدين، أبو القاسم، ابن الصفراوي، الإسكندراني، المالكي، المقرئ، المفتي. ولد بالإسكندرية في أول يومٍ من سنة أربع وأربعين وخمسمائة. وقرأ القراءآت على أبي القاسم عبد الرحمن بن خلف الله بن محمد بن عطية القرشي، وعلى أبي العباس أحمد بن جعفر الغافقي، وأبي يحيى اليسع بن عيسى بن حزم، وأبي الطيب عبد) المنعم بن الخلوف. وتفقه على العلامة أبي طالب صالح بن إسماعيل بن بنت معافى. وسمع: السلفي، وأبا الطاهر إسماعيل بن عوف، وأبا محمد العثماني، وجماعةً. وكان من الأئمة الأعلام انتهت إليه رئاسة الإقراء والفتوى ببلده، ونزل الناس بموته في القراءآت درجةً. وهو آخر من قرأ على الأربعة المذكورين. حدث ببلده، وبمصر، والمنصورة. قرأ عليه: الرشيد أبو بكر بن أبي الدر، والمكين عبد الله بن منصور الأسمر، والشرف يحيى بن أحمد ابن الصواف، وأبو القاسم عبد الرحمن بن عمران الدكالي، وجماعةٌ. وممن قرأ عليه بعض القراءآت: أبو الفضل يوسف بن حسن القابسي، وأبو العباس أحمد بن هبة الله بن عطية، والنظام محمد بن عبد الكريم التبريزي. قرأت القرآن على النظام، والدكالي، وحدثاني أنهما قرآ عليه. وأخبرنا عنه القابسي، وابن عطية، وأبو الهدى عيسى بن يحيى السبتي، وأبو الحسين ابن الصواف. وممن روى عنه: أبو بكر محمد بن منصورٍ المالكي الوراق، والمفتي أبو محمد عبد القادر بن عبد العزيز الحجري الحاكم، وأبو محمد عبد المعطي بن عبد النصير الأنصاري، وعمر بن علي بن الكدوف، وجماعة. وسمعنا بإجازته على أبي الحسن علي بن سيما، ومحمد بن عثمان بن مشرق، وابن الحظيري.

(46/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 293
وقد درس، وأفتى، وتخرج عليه جماعةٌ نبلاء في القراءآت، والفقه. وخرج لنفسه مشيخة. وكان صاحب ديانةٍ، وعدالةٍ، وجلالةٍ. وعاش اثنتين وتسعين سنة وأشهراً. توفي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر.
4 (عبد العزيز بن إبراهيم بن عبد الله.)
أبو محمد، المصري، الأبزاري، التمار، المعروف بالحكمة. ولد سنة ستين أو إحدى وستين وخمسمائة. وسمع من أبي القاسم البوصيري وطبقته، فأكثر. وحصل كتباً حسنة. وكان يؤثر الطلب والسماع على معاشه. وكان على طريقةٍ حسنة.) روى عنه: الزكي المنذري، والمجد ابن الحلوانية، وغيرهما. وتوفي في سابع جمادى الآخرة.
4 (عبد العظيم بن عبد القوي بن فريج.)
أبو محمدٍ، المصري، الخراز بخاء معجمة وراء ثم زاي. سمع الأرتاحي، وعمر بن طبرزد. وحدث. ومات بدمشق.
4 (عبد القادر بن عثمان بن أبي البركات بن علي بن رزق الله بن عبد الوهاب التميمي.)
أبو محمد، البغدادي. شيخٌ صالحٌ، معمر، من بيت مشيخة وعلمٍ. ولد في رابع صفر سنة خمسٍ وثلاثين.

(46/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 294
ولو سمعه أبوه لصار مسند الدنيا، فإنه أدرك إجازة القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبي القاسم ابن السمرقندي، وأدرك السماع من أصحاب أبي جعفر بن المسلمة، وابن هزار مرد الصريفيني. ولكن ذهب تعميره ضياعاً. وقد صحب الشيخ عبد القادر الجيلي، وذكر أنه سمع منه. ومات في رمضان رحمه الله.
4 (عبد الواحد بن إبراهيم بن الحسن بن نصر الله بن عبد الواحد.)
أبو منصور. ابن الحصين، الشباني، البغدادي، ثم الموصلي. ولد بالموصل في سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسمع حضوراً من أبي الفضل خطيب الموصل. وحدث ببغداد. وهو من بيت رئاسةٍ وفضيلةٍ. وكان أديباً، كاتباً، بديع الخط، مليح الشعر. كتب الكثير بخطه. ويعرف بابن الفقيه. روى عنه ابن النجار.
4 (عبد الواحد بن بركات بن إبراهيم الخشوعي.)

(46/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 295
الدمشقي. روى عن أبيه أبي طاهر.) سمع منه بعض الطلبة. ومات في صفر.
4 (عثمان بن سليمان بن أحمد. أبو عمرو، البغدادي.)
المطرز، الزاهد، شيخ رباط رئيس الرؤوساء بالقصر، ويقال له: عثمان القصر. صحب عبد الغني بن نقطة الزاهد. وسمع من: ذاكر بن كامل، وعمر بن أبي بكر التبان، وعبد المنعم بن كليب. وكان الناس يعتقدون فيه ويرجون بركته. قال ابن النجار: كان ساكناً، حسن الخلاق، متواضعاً. صار له أتباعٌ ومريدون، فاتخذ زاويةً بالحريم، وخدمه أبناء الدنيا، وجاءته العطايا والصلات ففرقها على أصحابه، فكثر أتباعه، وعمر موضعاً كبيراً أضافه إلى زاويته. واستغنى جماعةٌ من أتباعه، وصاروا ينفذون التجارات للتكسب. وهو مع هذا يعطيهم من الصدقات ولم يدخر لنفسه شيئاً. وكان مديماً لصلاة والصيام ويلبس الخشن الوسخ. وما أظنه تزوج قط. كان ربما يطعم أبناء الدنيا الشيء اللطيف، ويطعم الفقراء دونه. سمع الحديث منه آحاد الطلبة. توفي في السادس والعشرين من جمادى الأولى وقد ناطح السبعين رحمه الله. قلت: أجاز للقاضي الحنبلي، وابن عبد الدائم، وابن سعد، والمطعم، وأحمد ابن الشحنة، وجماعة.
4 (عثمان بن أبي نصر بن منصور بن هلال.)

(46/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 296
أبو الفرج وأبو الفتوح، المسعودي، المعروف بابن الوتار، الواعظ، الحنبلي. ولد في حدود الخمسين وخمسمائة. وتفقه على الإمام أبي الفتح بن فتيان بن المني، وسمع منه ومن: عيسى الدوشابي، وعبد الله بن عبد الرزاق السلمي، ومسلم بن ثابت النخاس، وشهدة الكاتبة، وخديجة النهروانية. وتكلم في مسائل الخلاف. وناظر، ودرس، وأفتى، ووعظ. وكان مطبوعاً، حسن الخلاق. روى عنه ابن النجار، والشريشي، وغيرهما. وبالإجازة: القاضيان ابن الخويي، وتقي الدين سليمان، والفخر بن عساكر وعيسى المطعم، وسعد الدين بن سعد، وأحمد ابن الشحنة، وأبو بكر بن أحمد بن عبد الدائم، وجماعة.) وهو من أهل المسعودة وهي محلةٌ بشرقي بغداد. توفي في السابع والعشرين من جمادى الأولى. وروى لنا عنه تاج الدين الغرافي.
4 (عزيز بن عبد الملك بن محمد بن خطاب.)
أبو بكر، رئيس مرسية. ذكره أبو عبد الله القضاعي الأبار، فقال: أخذ عن أبي محمد بن حوط الله، وغيره. وأجاز له أبو القاسم بن سمجون، وجماعةٌ. ونظر في العلوم على

(46/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 297
تفاريقها، وتحقق بكثير منها، مع بلاغةٍ في النظم والنثر. وكان من رجالات الأندلس وأهل الكمال. زهد في أول أمره، وأقبل على الآخرة، ثم مالت به الدنيا وقدم لولاية مرسية، فلم تحمد سيرته، فعزل عنها، ثم صارت إليه رئاستها آخراً فدبرها ودعا لنفسه. قتل بعد صلاة التراويح في رمضان، وعاش سبعاً وستين سنة.
4 (عسكر بن عبد الرحيم بن عسكر بن أسامة بن جامع بن مسلم.)
أبو عبد الرحيم، العدوي، النصيبي. شيخ أهل نصيبين، ولد بها في سنة خمسٍ وستين وخمسمائة. وهو من بيت مشيخةٍ وصلاح. وكان جده عسكرٌ من أهل الدين والحديث. وهذا ذكره ابن الحاجب، فقال: شيخ زاهدٌ، عابدٌ، يقصده القراء من البلاد، وله برٌ ومعروف، وفيه صلاحٌ وجهاد، ومعرفةٌ بكلام القوم. رحل وسمع من: عبد العزيز بن منينا، وسليمان الموصلي، وإسماعيل بن سعد الله بن حمدي. وسمع بهمذان من عبد البر بن أبي العلاء الهمذاني، وبمصر من أصحاب عبد الله بن رفاعة، وبالموصل وحران. وسمع معنا. وكان يطوف ويكتب بنفسه. وهو حريصٌ على الحديث. وله إجازة من الحافظين أبي بكر الحازمي وأبي الفرج ابن الجوزي. وكان كثير التواضع، جواداً على الإضافة. وقال المنذري: حدث ببغداد ونصيبين ودمشق. وجمع مجاميع. ولنا فيه إجازةٌ. وتوفي في المحرم.

(46/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 298
4 (علي بن جرير، الصاحب، الوزير الأجل.)
جمال الدين، الرقي.) وزر للأشرف في آخر أيامه، ووزر للصالح إسماعيل شهراً. ومرض يومين، ومات في أواخر جمادى الآخرة، ودفن بمقابر الصوفية.
4 (علي بن عبد الوهاب بن علي بن أحمد.)
أبو الحسن، الدووي، الصوفي. سمع من شهدة، وجماعةٍ. والدووي بواوين: نسبة إلى حمل الدواة. توفي في الثامن والعشرين من شوال. روى عنه ابن النجار وقال: لا بأس به.
4 (علي بن علي بن عبد الله بن ياسين بن نجم. أبو الحسن، الكناني.)
العسقلاني الأصل، التنيسي المولد، المصري المنشأ، المقرئ، المعروف بابن البلان. ولد سنة بضعٍ وخمسين وخمسمائة. وقرأ القراءآت على أبي الجود، وقرأ العربية على عبد الله بن بري، ولزمه مدةً، وسمع منه ومن المشرف بن علي الأنماطي.

(46/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 299
وتصدر بالجامع العتيق بمصر. وأم بمسجد سوق وردان. ودخل بغداد ودمشق. وكان ثقةً، متحرياً، صالحاً، ديناً، كثير التلاوة. والبلان: هو قيم الحمام. توفي في ثامن عشر ذي القعدة.
4 (علي بن أبي غالب بن أحمد بن حميدان.)
أبو البدر، الأزجي، الدقاق. روى عن شهدة. روى عنه: العلامة أبو بكر الشريشي، والفقيه أبو الحسن الغرافي. وأجاز لأبي علي ابن الخلال، وأبي نصر محمد بن محمد ابن الشيرازي، وجماعةٍ. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (عمر، الرئيس، الصاحب، شيخ الشيوخ.)
عماد الدين، أبو الفتح ابن العلامة شيخ الشيوخ صدر الدين أبي الحسن محمد ابن شيخ الشيوخ) عماد الدين أبي الفتح عمر بن علي ابن الزاهد الكبير أبي عبد الله محمد بن حمويه، الحموئي، الجويني الأصل، الدمشقي المولد والوفاة.

(46/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 300
ولد في شعبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. ونشأ بمصر، وسمع بها من الأثير أبي الطاهر محمد بن بنان، وأبي الفضل الغزنوي. ولقب بعد وفاة أبيه بشيخ الشيوخ، وولي مناصب والده: التدريس بمدرسة الشافعي، وبمشهد الحسين، وخانقاه سعيد السعداء. وحدث بدمشق، والقاهرة. كان صدراً معظماً، نبيلاً. قام بسلطنة الملك الجواد بدمشق عند موت الملك الكامل. قال الإمام أبو شامة: وفي السادس والعشرين من جمادى الأولى قفز ثلاثةٌ على عماد الدين عمر ابن شيخ الشيوخ داخل قلعة دمشق، فقتله أحدهم. وكان من بيت التصوف والإمرة. من أعيان المتعصبين لمذهب الأشعري. وقال سعد الدين في الجريدة: نزل عماد الدين من المحفة في المصلى ليركب فرساً، وكنت أفتح شاش علم عماد الدين، فأخذه الملك الجواد مني وقال: هذا يلزمني خدمة المولى عماد الدين لأنه جعلني من اليأس، وكان السبب في ملكي لدمشق. وقال أبو المظفر الجوزي: كان عماد الدين هو السبب في إعطاء دمشق للجواد، فلما مضى لامه الملك العادل ابن الكامل، فقال: أنا أمضي إلى دمشق وأبعث بالجواد إليك، وإن امتنع أقمت نائباً عنك. فقدم دمشق، ونزل بالقلعة، وأمر ونهى، وقال: أنا نائب السلطان، وقال للجواد: تسير إلى مصر. فتألم الجواد، وأراد قتله. وكان العماد منذ خرج من مصر مريضاً في محفةٍ، فتلقاه الجواد إلى المصلى وأرسل إليه بالأموال والخلع. وقال له فيما قال: اجعلوني نائباً لكم بدمشق، وإلا فأنا أسلم دمشق إلى الملك الصالح أيوب بن الكامل، وآخذ منه سنجار. فقال: إذا فعلت ذلك نصلح نحن بين الأخوين، وتبقى أنت بلا شيءٍ. فغضب، وجهز عليه فداوية. فذكر لي سعد الدين مسعود

(46/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 301
ابن شيخ الشيوخ تاج الدين، قال: خرجنا من القاهرة في ربيع الأول، فودع عماد الدين إخوته، وقال له أخوه فخر الدين: ما أرى رواحك مصلحةً. وربما آذاك الجواد، فقال: أنا ملكته دمشق فكيف يخالفني فقال: صدقت، أنت فارقته أميراً وتعود إليه وقد صار سلطاناً فكيف يسمح لنفسه بالنزول عن السلطنة وإذا أتيت فانزل على طبرية وكاتبه، فإن أجاب، وإلا فتقيم مكانك وتعرف العادل. فلم يقبل، وسار فنزلنا بالمصلى،) وجاء الجواد للقائنا وسار معنا، وأنزل عماد الدين في القلعة. وعاد أسد الدين من حمص إلى دمشق. وبعث الجواد لعماد الدين الذهب والخلع، وما وصلني من رشاشها مطرٌ مع ملازمتي له في مرضه، فأنه ما خرج من القاهرة إلا في محفةٍ. ثم إن الجواد رسم عليه ومنعه في المخالي، فجاء أسد الدين إلى ابن الشيخ وقال: المصلحة أن تكتب إلى العادل تستنزله عن هذا. فقال: فقال: حتى أروح إلى برزة وأصلي صلاة الاستخارة فقال: تروح إلى برزة، وتهرب إلى بعلبك. فغضب وانفصلا على هذا ثم اتفقوا على قتله. وسافر أسد الدين إلى حمص ثم بعث إلى الجواد يقول: إن شئت أن تركب وتتنزه، فاركب. فاعتقد أن ذلك عن رضا، فلبس فرجية كان خلعها عليه، وبعث إليه بحصانٍ، فلما خرج من باب الدار، إذا شخصٌ بيده قصةٌ، واستغاث، فأراد حاجبه أن يأخذها منه، فقال: لي مع الصاحب شغلٌ. فقال عماد الدين: دعوه فتقدم وناوله القصة وضربه بسكينٍ في خاصرته بدد مصارينه، وجاء آخر فضربه بسكين على ظهره، فرد إلى الدار ميتاً. وأخذ الجواد جميع تركته، وعمل محضراً أنه ما مالأ على قتله، وبعث إلى أبي فقال: اطلع، فجهز ابن أخيك. فجهزناه وأخرجناه وخيطنا جراحاته ودفناه في زاوية الشيخ سعد الدين ابن حمويه بقاسيون. وكانت له جنازةٌ عظيمة. ومن شعره:
(ولمّا حضرنا والنفوس كأنّها .......... لفرط اتحادٍ بيننا جوهرٌ فردٌ)

(وقام لنا ساقٍ يدير مع الدّجى .......... كؤوس اقترابٍ ما لشاربها حدّ)

(فيا ربّ لا تجعل حراماً حلالها .......... فيصبح حدّاً من تناوله البعد)

(46/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 302
4 (عمر بن محمد بن عيسى بن محمد ن عيسى بن أحمد.)
الأمير، مجد الدين، أبو حفصٍ، الكردي، أخو الفقيه عيسى الهكاري. سمع من عساكر بن علي بمصر، ومن ابن موقى بالإسكندرية. وحدث عن السلفي بإنشادٍ. وكان من كبار الدولة وله مواقف مشهورةٌ. ولد سنة ستين وخمسمائة، وتوفي في الثالث والعشرين من ذي الحجة. روى عنه الزكي المنذري، والمصريون. وكان مشهوراً بأخي الفقيه عيسى. أجاز لمحمد بن مشرق الخشاب، وغيره.)
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت أبي بكر بن مواهب بن عبد الملك بن زنكي.)
سمعت من الحسن علي بن شيرويه. وتوفيت في رمضان ببغداد.
4 (فضلان بن طالب بن مفلح.)
أبو نصرٍ. الأزجي، الوزان. سمع أبا الحسين عبد الحق، وغيره. وتوفي في صفر.
4 (حرف الميم)

4 (محمد ابن الإمام القدوة أبي إسحاق إبراهيم بن عيسى بن روبيل الفقيه.)
الحافظ، القاضي، المحدث، المقرئ، أبو عبد الله، الأنصاري، البلنسي.

(46/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 303
ذكره أبو العباس الغماز في مشيخته، وأنه أخذ عن أبي عبد الله بن نوح، ومحمد بن سعيد المرادي، وأبي الخطاب بن واجب، وابن اليتيم الأندرشي، وسمى عدةً. ولي قضاء دانيةً وخطابتها. تلوث عليه بروايات. وأخذت عنه كثيراً. مات في المحرم عام ستة.
4 (محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الجليل بن غالب.)
أبو عبد الرحمن، الخزرجي، الأندلسي، الألشي. وألش: بليدةٌ من عمل مرسية. قال الأبار: سمع من أبي بكر بن أبي جمرة، وأبي يحيى بن إدريس، وأبي محمد بن غلبون، وخلقٍ سواهم. وأجاز له جماعةٌ. وكان من أهل المعرفة والدراية والمناظرة، بصيراً بالحديث. ولي قضاء المرية، فحمدت سيرته. وتوفي بغرناطة وقد طلب للقضاء بها في صفر. وعاش إحدى وخمسين سنة.
4 (محمد بن إسماعيل بن محمد بن خلفون.)
أبو بكر، الحافظ الأزدي، الأندلسي، الأونبي، نزيل إشبيلية. قال الأبار: ولد سنة خمس وخمسين. وسمع من أبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون. وأبي بكر النيار، وجماعةٍ. وكان بصيراً بصناعة الحديث، حافظاً للرجال، متقناً. وله كتابٌ سماه المنتقى في رجال الحديث في خمسة أسفارٍ، وله كتاب المفهم في شيوخ البخاري) ومسلم، وكتابٌ في علوم الحديث، وغير ذلك. وولي القضاء ببعض النواحي، فشكر في قضائه. أخذ عنه جماعةٌ، وكان أهلاً للأخذ عنه. توفي في ذي القعدة.

(46/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 304
4 (محمد بن الحسن بن أبي الفائز محمد بن أبي يعلى يحيى بن عبد المتكبر ابن المهتدي بالله.)
الشريف، أبو المنجي، الهاشمي، خطيب جامع المنصور. سمع من عثمان بن محمد بن قديره. وتوفي يوم عرفة.
4 (محمد بن علي بن يوسف بن مطرف.)
أبو بكر، الأموي، المالقي. روى عن: أبي إسحاق بن قرقول، والقاسم بن حمكان، وأبي عبد الله ابن الفخار، وجماعةٍ. قال الأبار: ولي خطة الشورى ببلده، فحمدت سيرته. وحدث وتوفي في ربيع الآخر عن أربعٍ ثمانين سنة.
4 (محمد بن علي بن خضر بن هارون.)
أبو عبد الله، الغساني، المالقي، المعروف بابن عساكر. سمع من: أبي الحجاج ابن الشيخ، وأبي القاسم بن سمجون، وجماعةٍ بعدهما. قال الأبار: ولي قضاء مالقة مرتين. وكان فقيهاً مجيداً، حافظاً للغة، أديباً بليغاً، له مصنفاتٌ مفيدةٌ منها: أربعون حديثاً التزم فيها موافقة اسم شيخه اسم الصحابي وما أراه سبق إلى ذلك. توفي في جمادى الآخرة وله نيفٌ وستون سنة.
4 (محمد بن علي بن سليمان بن رفاعة.)
أبو بكر، الشريشي.

(46/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 305
روى عن: أبي بكر بن زهر، وأبي محمد بن عبيد الله. وكان عدلاً، حسن السمت. يشارك في الطب والأدب.
4 (محمد بن محمد بن أحمد.)
أبو القاسم الأنصاري، الشاطبي، المعروف بالولي. سمع: أباه، وأبا عبد الله بن سعادة وأخذ عنهما القراءآت، وأبا الخطاب بن واجب، وجماعةً. وتصدر للإقراء، وأخذ عنه.)
4 (محمد بن محمد بن الحسن.)
أبو الفضل ابن السباك، البغدادي، الوكيل عند القضاة. ولد سنة نيفٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح بن البطي، وأبي المعالي محمد ابن اللحاس، وعمر بن بنيمان. ومن مسموعه المنتقى من سبعة أجزاء المخلص سمعه من ابن اللحاس. روى عنه: أبو القاسم بن بلبان، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم الفاروثي، وأبو بكر محمد بن أحمد الشريشي، وسنقر القضائي الحلبي، وآخرون. وأجاز للفخر بن عساكر، والقاضي تقي الدين سليمان، وفاطمة بنت سليمان، وعيسى المطعم، وابن سعد، وأبي بكر بن عبد الدائم، وابن الشحنة، وفاطمة بنت البطائحي، ومحمد بن محمد ابن الشيرازي.

(46/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 306
قال ابن النجار: كان لا بأس به. وقال ابن الحاجب: كان منسوباً إلى الدهاء وكثرة الشر في الحكومات. وكان ربيب أزهر ابن السباك وهو الذي سمعه. قلت: مات في سابع عشر ربيع الآخر.
4 (محمد بن المبارك بن هبة الله.)
أبو البقاء، بن بكري، الحريمي، الصوفي. روى عنه أبي شاكر يحيى القسطلاني. وتوفي في ذي الحجة. أجاز للبهاء ابن عساكر.
4 (محمد بن محمود بن حسين.)
أبو عبد الله، ابن العلاف، الأزجي. سمع ابن بوش، وابن كليب، وحدث. روى عنه بالإجازة محمد ابن الشيرازي.
4 (محمد بن يحيى بن إبراهيم.)
أبو عبد الله، الخزرجي الأنصاري، الغرناطي، ويعرف بابن الحلاء. قرأ على جماعةٍ. وسمع من أبي خالد بن جماعةٍ.) وتصدر للإقراء. وولي الخطابة. وعاش سبعاً وخمسين سنة.

(46/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 307
4 (محمد بن يوسف بن محمد بن أبي يداس.)
الحافظ، الرحال، زكي الدين، أبو عبد الله، البرزالي، الإشبيلي. ذكر أن مولده تقريباً في سنة سبعٍ وسبعين وخمسمائة. وقدم الثغر سنة اثنتين وستمائة، فحبب إليه سماع العلم وكتابته، فسمع الحافظ ابن المفضل، وعبد الله بن عبد الجبر العثماني. وبمصر من عبد الله بن محمد بن مجلي القاضي، وجماعةٍ. وحج فسمع من زاهر بن رستم، ويونس الهاشمي. وجاوز سنة أربعٍ. وقدم دمشق سنة خمسٍ وستمائة، فسمع بها من التاج الكندي، والخضر بن كاملٍ. ثم رجع إلى مصر، ثم رد إلى دمشق، ورحل إلى خراسان وبلاد الجبل، وسمع بإصبهان من عين الشمس الثقفية، ومحمد بن محمد بن محمد بن الجنيد، ومحمد بن أبي طاهر بن غانم بن خالد، وطائفةٍ. وبنيسابور منصور بن عبد الله الفراوي، والمؤيد بن محمد الطوسي، وزينب الشعرية. وجماعةً. وبمرو من أبي المظفر عبد الرحيم ابن السمعاني وجماعةٍ. وبهراة من أبي روح عبد المعز، وجماعةٍ. وبهمذان من عبد البر بن أبي العلاء، وجماعة. وببغداد من أبي محمد بن الأخضر، وأحمد بن الدبيقي، وعبد العزيز بن منينا، وطائفةٍ. وبالري، والموصل، وتكريت، وإربل، وحلب، وحران. وعاد

(46/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 308
إلى دمشق بعد خمسين سنين، فاستوطنها واكثر بها، وكتب عمن دب ودرج بخطه المليح، ونسخ شيئاً كثيراً لنفسه وللناس. وخرج لعددٍ كثير من شيوخ دمشق. وأم بمسجد فلوس بطرف ميدان الحصا، وسكنه. وكان مطبوعاً، حسن الأخلاق، متواضعاً، سهل العارية، كثير الاحتمال. ولي مشيخة مشهد عروة. وحدث بالكثير. ولم يفتر عن السماع، وسمع ولده يوسف شيئاً كثيراً سنة بضع وعشرين وبعدها. قال الزكي المنذري: وفي ليلة الرابع عشر من رمضان توفي الحافظ أبو عبد الله البرزالي بمدينة حماة ودفن بها، وهو في سن الكهولة. قال: وكتب الكثير، وخرج على جماعة من الشيوخ. وكان يحفظ ويذاكر مذاكرةً حسنةً. وصحبنا مدةً عند شيخنا الحافظ أبي الحسن) المقدسي بالقاهرة. وسمعت منه وسمع مني. قلت: روى عنه الجمال محمد ابن الصابوني، وعمر بن يعقوب الإربلي، والقاضي أبو المجد ابن العديم، والجمال محمد بن واصل، والشرف بن عساكر، ومحمد بن يوسف الذهبي، وأبو علي ابن الخلال، وجماعةٌ. وبرزالة: قبيلةٌ بالمغرب.
4 (محمود بن أحمد بن عبد السيد بن عثمان، العلامة.)

(46/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 309
جمال الدين، أبو المحامد، البخاري، الحصيري، التاجري. شيخ الحنفية. ولد سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة. وتفقه ببخارى على جماعة. ولو سمع في صغره لصار مسند أهل الشام في زمانه، وإنما سمع وهو كهلٌ لما مر بنيسابور من أبي سعد عبد الله ابن الصفار، ومن منصور بن عبد الله الفراوي، والقاضي أبي الفضائل إبراهيم بن علي بن حمك المغيثي، والمؤيد بن محمد الطوسي، وغيرهم. وحدث. ودرس، وأفتى، وناظر، وتفقه به طائفةٌ كبيرة. وكان مع براعته في المذهب ديناً، صالحاً متواضعاً، جامعاً للعلم والعمل، كبير القدر، وافر الحرمة. ولي تدريس المدرسة النورية سنة إحدى عشرة وستمائة وإلى أن مات. ونسبته بالحصيري إلى محلة ببخارى ينسج فيها الحصر. روى عنه الزكي البرزالي، ومجد ابن الحلوانية، ومجد الدين ابن العديم، وجمال الدين ابن الصابوني. وبالإجازة القاضيان ابن الخويي وتقي الدين سليمان. وأخبرنا عنه فاطمة بنت إبراهيم البطائحي وهي آخر من روى عنه سمعت منه صحيح مسلم. توفي في ثامن صفر ودفن بمقابر الصوفية، وازدحم الخلق على جنازته وحمله الفقهاء على الأصابع رحمه الله. وابن حمك روى عن هبة الله السيدي الموطأ.
4 (موسى بن يوسف بن ريس، أبو عمران. الشارعي. العطار.)
) روى عن القاسم بن إبراهيم المقدسي.

(46/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 310
روى عنه الحافظ عبد العظيم، وقال: توفي في سابع عشر جمادى الأولى.
4 (حرف النون)

4 (ناصر بن الأفضل بن أبي الحارث بن محمد بن عبد الله.)
أبو هشم، الهاشمي، العباسي، الدوباشي. من ولد محمدٍ الملقب بدوشاب بن علي بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي البغدادي الصوفي. عاش اثنتين وثمانين سنة. وحدث عن عبد الحق، وعبيد الله بن شاتيل. ومات في ربيع الأول. روى عنه القاضي تقي الدين كتابةً، ثم البهاء ابن عساكر، وعيسى السمسار، وابن سعد.
4 (نذير بن وهب بن لب بن عبد الملك.)
أبو عامر، الفهري، البلنسي، المقرئ. أخذ القراءآت عن أبيه، وسمع منه ومن أبي القاسم بن حبيش، وأبي عبد الله بن حميد. وأجاز له أبو الحسن بن هذيل. وتفقه على أبي بكر بن أبي حمزة. قال الأبار: عني بعقد الشروط، فلم يكن أحدٌ يدانيه فيها. وكان قائماً على كتاب الكامل للمبرد. وولي قضاء بعض الكور، ثم قضاء دانية. وسمعت منه كثيراً. وتوفي بدانية في شعبان.

(46/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 311
4 (حرف الهاء)

4 (هارون بن العباس بن حيدرة بن بدر.)
أبو جعفر، الهاشمي، الرشيدي، الواسطي، العدل. روى عن أبي طالبٍ محمد بن علي الكتاني، وجماعة. وقدم، فسمع من ابن كليب. وسكن بغداد وخطب بها ببعض الجوامع. وكان ديناً، متواضعاً، حسن الطريقة. توفي في رمضان. وللبهاء ابن عساكر منه إجازةٌ.)
4 (حرف الياء)

4 (ياسمين بنت عبد الرحيم بن أبي خازم محمد بن أبي يعلى محمد بن الحسين ابن الفراء.)
أمة الرحيم. سبطة أبي الفتح بن شاتيل، روت عنه. وتوفيت في رابع صفر.
4 (يحيى بن عبد الله بن هاشم بن الحسن.)
أبو الفضل، العباسي، الحلبي. سمع يحيى الثقفي. وعنه أبو المجد ابن العديم. ومات في ذي العقدة.
4 (يوسف بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن.)

(46/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 312
أبو الحجاج بن أبي الفتح، البلنسي، المعروف بابن المزينة. قال الأبار: سمع معنا من أبي عبد الله بن نوح، وأبي عبد الله بن سعادة، وأبي الخطاب بن واجب، وأبي سليمان بن حوط الله، وأبي عبد الله بن زلال. وانفرد بلقي جماعةٍ، منهم: أبو القاسم الطرسوني، وأبو الحسن بن يبقى. ومهر في علم العربية، وجلس لإقرائها نحو عشرين سنة. وكان معتنياً بالرواية، مشاركاً في الفقه، مع الصلاح والذكاء. وولي قضاء بلنسية سنة ثلاثٍ وثلاثين. وسمعت منه. وتوفي بشاطبة في جمادى الآخرة.
4 (يوسف بن عبد الوهاب بن زيد.)
أبو الحجاج، الثعلبي بثاء مثلثةٍ الدمشقي. روى عن أحمد بن حمزة ابن الموازيني. ومات في ربيع الآخر.
4 (يوسف بن عمر بن أبي بكر.)
أبو يعقوب، ابن صقير، الواسطي، الصوفي، المحدث. سمع الكثير من: هبة الكريم بن سليمان الزاهد، وهبة الله بن علي بن قسام، وسليمان بن محمد العكبري الزاهد، وأبي طالب المحتسب، وهبة الله بن الجلخت، وأبي هاشم الدوشابي، وأبي) الحسين عبد الحق، وتجني الوهبانية، وخلقٍ. قال ابن النجار: كان حافظاً لحديثه، عارفاً بأحوال شيوخه، صدوقاً،

(46/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 313
فاضلاً، متديناً. ولد تقريباً سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة، ومات في تاسع عشر ربيع الآخر من السنة بواسط.
4 (الكنى)

4 (أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم بن صيلا الحمامي، الحربي.)
سمع عتيق بن عبد العزيز بن صيلا. وتوفي في ثاني رجب. أجاز للفخر بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وسعد بن محمد بن سعد، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، ومحمد بن محمد المزي، وجماعةٍ.
4 (وفيها ولد)
الرضي إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبري، إمام المقام. والشرف يحيى بن محمد بن علي المكي. والحافظ عز الدين أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسيني، بمصر في شوال. والجمال علي بن يحيى ابن الشاطبي. ومحمد بن أحمد الكركرية، كلاهما في رجب بدمشق. والشمس عمر بن عباس بن جعوان. والشرف عبد الله بن عمر بن غمش الحلبي. والشرف حسن ابن الكمال علي بن شجاع العباسي. والشمس محمد بن أحمد بن أبي بكر، أخو المحب. والشهاب أحمد ابن العفيف محمد بن عمر الحنفي.

(46/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 314
والشرف عبد العزيز بن عبد الرحمن بن هلال. وعلي بن إبراهيم المعري، تربية الشاطبي. والشمس محمد بن إسحاق ابن قاضي اليمن، المجلد. والتاج أحمد بن علي بن دقيق العيد. والشمس موسى بن عبد العزيز بن جعفر البعلبكي.) والموفق عبد السلام ابن التاج عبد الخالق البعلبكي، في رجب. وأبو السعود محمد بن عبد الكريم بن عبد القوي المنذري. والشرف محمد بن علي بن محمد بن سعيد ابن القلانسي. والسراج عبد اللطف بن رشيد التكريتي، بها.
4 (وفيها ظناً)
شمس الدين محمد بن أحمد ابن الدباهي. والشمس محمد بن علي بن أحمد بن محمد المعافري المالقي، ثم الكركي، تقريباً. والنور محمود بن أحمد بن محمد بن أبي الرضا البعلبكي، الشاهد، ببعلبك في أواخر السنة. وشيخٌ المقرئين بمصر تقي الدين محمد بن أحمد الصائغ، في جمادى الآخرة.

(46/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 315
4 (وفيات سنة سبع وثلاثين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى.)
قاضي القضاة بالشام، شمس الدين، أبو العباس، الخويي، الشافعي. ولد في شوال سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة. ودخل خراسان وقرأ بها الأصول والكلام على فخر الدين ابن الخطيب، والفقه على الرافعي. وقرأ علم الجدل على علاء الدين الطاووسي. وسمع من المؤيد الطوسي، وبدمشق من ابن الزبيدي، وابن صباح. وكان فقيهاً، إماماً، مناظراً، خبيراً بعلم الكلام، أستاذاً في الطب والحكمة ديناً، كثير الصلاة والصيام. وله كتابٌ في النحو، وكتابٌ في الأصول، وكتابٌ فيه رموز حكمية.

(46/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 316
قال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة: قرأت عليه كتاب التبصرة لابن سهلان. وقال الرشيد الفارقي: أنشدني القاضي شمس الدين الخويي لنفسه في قاضي خوي:
(وقاضٍ لنا ما مضى حكمه .......... وأحكام زوجته ماضيه)

(فيا ليته لم يكن قاضياً .......... ويا ليتها كانت القاضيه)
وله كتابٌ في العروض، وفيه يقول الإمام أبو شامة:
(أحمد بن الخليل أرشده الله .......... لما أرشد الخليل بن أحمد)

(ذاك مستخرج العروض وهذا .......... مظهر السّر منه والعود أحمد)
) سمع منه: تاج الدين بن أبي جعفر مع تقدمه، والعز عمر ابن الحاجب، والمعين إبراهيم القرشي، والجمال محمد ابن الصابوني. وروى عنه ولده قاضي القضاة شهاب الدين محمد. وخوي: من مدن أذربيجان. توفي في سابع شعبان، ودفن بسفح قاسيون. ومات بحمى الدق.
4 (أحمد بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد بن سليمان التنوخي، المعري.)
القاضي الأجل، صفي الدين، أبو العلاء. سمع من أبي القاسم بن عساكر الحافظ في سنة خمسٍ وستين. وأجاز له أحمد بن المقرب. وجماعة. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، ومحمد بن يوسف الإربلي الذهبي، وغيرهما.

(46/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 317
حدث بدمشق وبالمعرة. وهو عم الشيخ تقي الدين بن أبي اليسر. حدث في هذا العام، ولا أعلم متى توفي.
4 (أحمد بن محمد بن عمر.)
الإمام، أبو جعفر، المالقي، النباتي. حدث عن: ابن الجد، وأبي عبد الله ابن الفخار، وطائفةٍ. ورحل، فحج، وسمع. وكان عارفاً بالنبات، خيراً، مؤثراً، معلماً للخير. قال ابن فرتون: اجتمعت به في سنة خمسٍ وثلاثين وستمائة وهو في عشر الثمانين.
4 (أحمد بن محمد بن عمر بن محمد بن واجب.)
أبو الحسن، القيسي، البلنسي. سمع من ابن عمه أبي الخطاب بن واجب، وأبي العطاء بن نذير. وأجاز له السلفي. ومولده سنة سبعين وخمسمائة. وولي قضاء بلده وخطابته، وكان من أطيب الناس صوتاً بالقرآن. قال الأبار: سمعت منه جل ما عنده. توفي بسبتة في ربيع الآخر.
4 (أحمد بن محمد بن مفرج.)
)

(46/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 318
الحافظ، أبو العباس، الأندلسي، الإشبيلي، الأموي، الحزمي الظاهري، ويعرف بابن الرومية، النباتي، العشاب، الزهري. ولد سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسمع من: أبي عبد الله بن زرقون، وأبي بكر بن الجد الفهري، وأبي محمد أحمد بن جمهور، ومحمد بن علي التجيبي، وأبي ذرٍ الخشني. ثم حج، ورحل إلى العراق وغيرها، وسمع من أصحاب الفراوي، وأبي الوقت. قال الأبار: كان ظاهرياً متعصباً لابن حزم بعد أن كان مالكياً. وكان بصيراً بالحديث ورجاله، وله مجلدٌ مفيدٌ فيه استلحاق على الكامل لأبي أحمد بن عدي. وكانت له بالنبات والحشائش معرفةٌ فاق أهل العصر فيها، وقعد في دكان لبيعها.

(46/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 319
وسمع منه جل أصحابنا. وتوفي في ربيع الآخر. وقال الحافظ عبد العظيم: سمع ببغداد. ولقيته بمصر بعد عوده. وحدث بأحاديث من حفظه بمصر، ولم يتفق لي السماع منه. وجمع مجاميع. قلت: له كتاب التذكرة في معرفة مشيخته، واختصر كامل ابن عدي، وألف كتاب المعلم بما زاد البخاري على مسلم. قال أحمد بن فرتون في تاريخه قال: وأفرد بعض أصحابه له سيرةً. ثم ذكر أنه توفي فجاءة في سلخ ربيعٍ الأول، ورثاه ناسٌ من تلامذته. وروى عنه: أبو بكر المؤمنائي، وأبو إسحاق البلفيقي. وكتب عنه ابن نقطة وقال: كان ثقةً، حافظاً، صالحاً. والزهري: بفتح أوله.
4 (إبراهيم بن عثمان بن علي بن عبد الله.)
ركن الدين، أبو إسحاق، الحموي، ثم الدمشقي، الفقه، الحنفي. شيخ دين، فاضلٌ، زاهدٌ، خيرٌ. سمع من أبي سعد بن أبي عصرون. وأقام بحلب مدةً. روى عنه الصاحب أبو القاسم ابن العديم وأولاده: أبو المجد، وشهدة، وخديجة، وسنقر القضائي، وغيرهم.

(46/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 320
وتوفي في شوال وله سبعٌ وستون سنة رحمه الله.) وكان أبوه زكي الدين أبو عمرو فقيهاً، فاضلاً. وقد سمع الركن أيضاً بالقاهرة من البوصيري، والأرتاحي. وسكن بجبل قاسيون مدةً. قال ابن الحاجب: وكان عنده تقشفٌ زائد.
4 (إبراهيم بن محمد بن إبراهيم.)
أبو إسحاق، البطليوسي، المعروف بالأعلم، النحوي، نزيل إشبيلية. روى عن أبيه، وأبي الحسن بن سليمان المقرئ واختص به، وعن أبي عبد الله بن زرقون، وأبي محمد بن عبيد الله. وأقرأ القرآن والنحو. وله شروحٌ في الإيضاح، والجمل، والأمالي. قال الأبار: توفي سنة سبعٍ وثلاثين أو نحوها. ولم يكن بالضابط.
4 (أرتق، ناصر الدين.)
صاحب ماردين. توفي هذه السنة. وأخته هي زوجة الملك المعظم التي بنت المدرسة عند الجسر الأبيض، ولم تدفن بها، لأنها رجعت بعد موت المعظم إلى ماردين. مات أرتق بماردين، خنقه ابنه وهو سكران. وقد مر في العام الماضي، فتحرر السنة.

(46/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 321
4 (أسعد بن محمد بن الحسين بن الخضر بن عبدان.)
زين الأمناء، أبو المعالي، الأزدي، الدمشقي، الكاتب. حدث عن والده. وتوفي بالمحلة من ديار مصر في أول جمادى الأولى.
4 (إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان.)
عفيف الدين، الصبري، الزفتاوي، الشافعي. سمع من البوصيري. وأدب الصبيان مدةً. وكان مقرئاً بقبة الشافعي. روى شيئاً من شعره. وتوفي في جمادى الأولى وله ستٌ وثمانون سنة.)
4 (إسماعيل بن إبراهيم بن غازي بن علي.)
الفقيه، أبو أحمد، النميري، المارديني، الحنفي، المعروف بابن فلوس. كان ذا بصرٍ بالكلام، والمنطق، والطب، والنحو. ودرس بمصر ثم درس بدمشق بالعزية التي على الشرف الشمالي. وتوفي في صفر. وابنه أحمد محدثٌ معروفٌ.
4 (إسماعيل بن أبي الحسن محمد بن يحيى بن علي.)

(46/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 322
أبو البقاء، البغدادي، المقرئ، المؤدب. شيخٌ صالح، دينٌ، ثقةٌ، مشهور. سمع من: أبي الفوارس سعد بن محمد الحيص بيص، وأبي الخير أحمد بن إسماعيل القزويني. وحدث بمسند إسحاق بن راهويه عن القزويني. روى عنه: جمال الدين ابن الشريشي، وابن بلبان، ومحمد بن أبي بكر القزويني الفقيه، والرشيد محمد بن أبي القاسم، والعماد ابن الطبال. ومات في عاش المحرم.
4 (حرف الثاء)

4 (ثابت بن محمد بن أبي بكر أحمد بن محمد ابن الخجندي.)
ثم الإصبهاني، الصدر، الإمام، علاء الدين، أبو سعد. ولد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع صحيح البخاري حضوراً من أبي الوقت السجزي في سنة إحدى وخمسين، وسمع من أبي الفضل محمود بن محمد بن أبي بكر الشحام. وهو آخر من حضر مجلس أبي الوقت. وكان بإصبهان إلى أن دخلها التتار بالسيف في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، فسلم وذهب إلى شيراز، فأقام بها إلى أن مات في هذا العام. كذا ذكره الحافظ أبو محمد المنذري.

(46/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 323
روى عنه بالإجازة القاضي تقي الدين الحنبلي، وجماعةٌ.
4 (حرف الجيم)
)
4 (جوهرة بنت وهبٍ الكبريتي.)
توفيت ببغداد في صفر. وحدثت عن أبي نصرٍ محمد بن المبارك بن جابر الراوي، عن أبي علي بن نبهان.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن معالي بن مسعود.)
أبو علي، الحلي، النحوي، شيخ العربة في وقته ببغداد. قرأ عليه جماعةٌ. ونفذ صحبة المؤيد أبي عبد الله الحسين ابن الأمير علي ابن الخليفة الناصر إلى تستر حين صير ملكها، ليعلمه النحو. وقد نسخ بخطه كتباً نفيسةً. توفي في جمادى الأولى وله سبعون سنة. وكان ذا تفننٍ في العلوم، قاله ابن البزوري. وقال ابن النجار: أبو علي الباقلاني الحل اشتغل على يوسف بن إسماعيل اللغماني، والمجيز محمودٍ البغدادي، وأبي البقاء العكبري، وبرع في عدة

(46/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 324
علوم، وحاز قصب السبق. سمع من مسعود ابن النادر، وابن كليب. وكان متواضعاً، صدوقاً، خارق الذكاء.
4 (الحسن بن سيف بن علي بن عبد الله بن أبي الفتح بن مكثر بن يعلى بن عبد الله بن محمد.)
أبو علي، المنذري، الأندلسي الأصل، المصري، الوراق، المقرئ. قرأ القراءآت على أبي الجيوش عساكر بن علي، وسمع منه، وبمكة من عمر الميانشي.

(46/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 325
وحج مراتٍ. وورق بالقاهرة مدةً طويلةً للناس، وبها ولد في سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وتوفي في الحادي والعشرين من شعبان. روى عنه: الزكي المنذري، والشهاب الأبرقوهي، وغيرهما.
4 (الحسين بن أبي السعادات أحمد بن الحسين بن شاكر.)
أبو محمدٍ، الواسطي، النهرباني. سمع من أبي طالب الكتاني، وحدث ببغداد. ومات في شوال. أجاز لقاسم بن عساكر، والمطعم، وجماعةٍ. الحسين بن يوسف بن الحسن بن عبد الحق.) أبو علي، الصنهاجي، الشاطبي، ثم الإسكندراني، الكتبي، الناسخ. ولد بالإسكندرية في المحرم سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسمع من: السلفي، وأبي الطاهر بن عوفٍ الفقيه، وأبي القاسم مخلوف بن جارة، وأبي الطيب عبد المنعم بن الخلوف، وغيرهم. وحدث بالإسكندرية، ومصر. وكان فاضلاً، متيقظاً، كتب الكثير بخطه. وهو أخو المحدث أبي محمدٍ عبد الله بن عبد الجبار العثماني لأمه. روى عنه: الزكي المنذري، والتاج الغرافي، والمجد ابن الحلوانية. وأجاز لابن مشرق، وابن الشيرازي. توفي في الخامس والعشرين من ذي القعدة.

(46/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 326
وكان يلقب بالنظام. وهو أقدم شيخٍ للدمياطي موتاً.
4 (حرف الخاء)

4 (الخضر بن عبد الرحمن بن الخضر بن عبد الرحمن بن علي بن الحسن.)
العدل، فخر الأمناء، أبو عبد الله، ابن الدواتي، الدمشقي، الأديب. ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وسمع من: الحافظ أبي القاسم بن عساكر، وأبي طاهرٍ الخشوعي، وجماعةٍ. روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد الحلواني، وغيرهما. وتوفي في رمضان بدمشق. أجاز للقاضي تقي الدين سليمان، ولعلي بن هارون القارئ، ومحمد بن محمد المزي، ولإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، وجماعة.
4 (الخياط العجمي ببغداد.)
كان أعرج، قصيراً، له حدبةٌ. وكان أستاذاً في الخياطة. عمل أشياء عجيبةٍ بديعةً. وأقفل عليه صندوقٌ وعنده تفصيله، ثم أصبح وقد خاطه قباءً وطواه. وكان مذموم السيرة، فجرح جاراً له، فمات، فأخذ وصلب في سنة.
4 (حرف السين)

4 (سالم ابن الحافظ أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن محمد.)
)

(46/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 327
الرئيس، أمين الدين، أبو الغنائم، ابن صصرى، التغلبي، البلدي الأصل، الدمشقي، الشافعي، المعدل. شهد على القضاة وله عشرون سنةً، ورحل به والده وله خمس سنين، فأسمعه من: أبي الفتح بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وأبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل، وأبي الفرج محمد بن أحمد بن نبهان، وأحمد بن المبارك بن درك، وشيخ الشيوخ عبد الرحيم بن إسماعيل، وابن بوش، وطائفةٍ. وسمع بدمشق من: أبي طالبٍ الخضر بن طاووس، والأمير أسامة بن منقذٍ، وعبد الرزاق النجار، ويحيى الثقفي، والفضل بن الحسين البانياسي، وغيرهم. وحفظ القرآن، وتفقه، وقرأ في الأدب شيئاً. روى عنه الزكي البرزالي في حياته، والشهاب القوصي، والمجد ابن الحلوانية، وسعد الخير بن أبي الفرج النابلسي، وطائفة. وحدثنا عنه الشرف أحمد بن عساكر، وابن عمه الفخر إسماعيل، ومحمد بن يوسف الذهبي، وأبو علي ابن الخلال، وأبو بكر بن عبد الدائم وهو آخر من حدث عنه. قال القوصي في معجمه: أخبرنا القاضي الرئيس العدل أبو الغنائم بمنزله المجاور لي بدرب زكري. وكان جميل الصحبة والمعاشرة، فكه المحاضرة، حسن المحاورة والمجاورة. حمدت سيرته فيما تولاه من المارستانات والمواريث. قلت: توفي في ثالث جمادى الآخرة عن ستين سنة، ودفن بتربته بسفح قاسيون.
4 (حرف الشين)

4 (شيركوه، السلطان، الملك المجاهد، أسد الدين.)

(46/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 328
أبو الحارث، صاحب حمص، ولد الأمير ناصر الدين محمد ابن السلطان الملك المنصور أسد الدين شيركوه بن شاذي بن مروان بن يعقوب. ولد بمصر سنة تسعٍ وستين وخمسمائة. وأعطى السلطان صلاح الدين حمص بعد موت والده في سنة إحدى وثمانين، فملكها ستاً وخمسين سنة. وسمع بدمشق من أبي الفضل بن الحسين ابن البانياسي. وأجاز له العلامة عبد الله بن بري، وجماعةٌ.) وحدث بدمشق وحمص. وشهد غزاة دمياط، ورابط عليها. وسكن المنصورة إلى انقضاء الغزاة، واستنقاذ دمياط. وكان شهماً، مهيباً، بطلاً، شجاعاً، مقداماً، معروفاً بالشجاعة. قرر الحمام في نواحي بلاده لنقل الأخبار. وكانت بلاده طاهرةً من الخمر والمكوس. ومنع النساء من الخروج من أبواب حمص مدة إمرته عليها خوفاً أن يأخذ أهل حمص أهاليهم وينزحون عنها لفسقه وجوره. وله أخبارٌ في الظلم والتعذيب والاعتقال. إلا أنه كان لا يشرب الخمر أبداً، ويلازم الصلاة في أوقاتها، ولا يقبل على اللهو، بل همته في مصالح ملكه. وكان ذي رأيٍ ودهاء. وكان الملك الكامل قد استوحش منه واتهمه بأنه أوقع بينه وبين الأشرف، فلما

(46/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 329
مات الأشرف وتملك الكامل دمشق تلك الشهرين، طلب من شيركوه مالاً عظيماً، فبعث إليه نساءه يشفعن فيه، فما أجاب وقال: لا بد من المال، فأيس وهيأ الأموال، ولم يبق إلا تسييرها فأتته بطاقةٌ بموت الكامل، فجاء وجلس عند ق الكامل وتصرف في أمواله وخيله. مات بها بحمص في تاسع عشر رجب. وشيركوه: لفظةٌ أعجميةٌ تعني أسد الجبل، فإن شير أسد، وكوه جبل. ولما مرض أعطى حمص لولده الملك المنصور إبراهيم، وفرق باقي بلاده وأمواله على أولاده. وكان له بكل بلدٍ تجارةٌ. ولما مات قبض ابنه المنصور أخيه الملك المسعود صاحب الرحبة.
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن شافع بن صالح بن حاتم.)
الشيخ، أبو المعالي، الجيلي، ثم البغدادي الدار. سمع من والده. وأجاز له أبو الفتح بن البطي، وأبو بكر بن النقور. من بيت الفقه والحديث. توفي في جمادى الأولى.
4 (صفية بنت أبي القاسم عبد العزيز بن هبة الله.)
أم عثمان، الأزجية، الواعظة. روت عن الشيخ عبد القادر، وابن الطي بالإجازة. وسمعت من عبد المنعم بن كليب.)
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن إقبال الخزيمي.)

(46/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 330
4 (عبد الله بن صدقة بن محمد بن يوسف.)
أبو محمد، الأنصاري، الخزرجي. حدث بدمشق عن أبي القاسم البوصيري، وبها مات بالمارستان. وكان من المقرئين المجودين. روى عنه أبو المجد ابن الحلوانية، وبالإجازة البهاء ابن عساكر.
4 (عبد الله بن محمد بن عبد الله بن العربي المعافري.)
الإشبيلي، أبو محمد. روى عن: أبيه، وأبي الحسن نجبة بن يحيى. وسما بنفسه وببيته وتلبس بالدنيا. ولم يكن يعرف الحديث. وتوفي بمراكش. أخذ عنه أبو إسحاق ابن الكماد.
4 (عبد الحميد بن عبد الرشيد بن عل بن بنيمان.)
القاضي، أبو بكرٍ، الهمذاني، الشافعي، الحداد، سبط الحافظ أبي العلاء الهمذاني. ولد سنة أربعٍ وستين وخمسمائة. وسمع من جده وله أربع سنين سنن أبي مسلم الكجي بروايته عن أبي

(46/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 331
علي الحداد، وجامع معمر، وهو جزآن بروايته عن الحداد، وغانم البرجي، قالا: أخبرنا أبو نعيم. وسمع ببغداد من شهدة اختيار خلف بن هشام، وسمع من: عبيد الله بن شاتيل، وعبد المغيث بن زهير، وجماعةٍ. وهو ابن عاتكة بنت الحافظ أبي العلاء. وتفقه ببغداد، وأعاد بالنظامية، وناب في القضاء بالجانب الغربي عن أخيه أبي الحسن علي بن عبد الرشيد. وكان صالحاً، ورعاً ديناً، زاهداً على طريقة السلف. وكان كثير المحفوظ. قدم دمشق، وحدث بها في سنة إحدى وعشرين وستمائة، ونزل بالغزالية بالجامع. ثم رجع إلى بغداد، وولي) قضاء الجانب الشرقي، وكان محمود الولاية. روى عنه: عز الدين أحمد الفاروثي، وعلاء الدين ابن بلبان، وجمال الدين أبو بكر الشريشي، والخطيب عبد الحق بن عبد الله بن شمائل، وغيرهم. وأجاز لأبي علي بن الخلال، وابن الشيرازي، وفاطمة بنت سليمان، والقاضي شهاب الدين ابن الخويي. وتوفي في سابع شوال. وفي هذا العام أجاز لابن سعد، والبجدي، وبنت مؤمن، وست الفقهاء بنت الواسطي. وممن سمع عليه: إسماعيل ابن الطبال، وعبد الله بن أبي السعادات شيخا المستنصرية.
4 (عبد الرحمن بن أبي السعود محمد بن محمد بن جعفر.)
أبو القاسم، البصري. ولد سنة سبعين.

(46/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 332
وسمع بالبصرة من أبي الحسين المبارك بن عبد الله، وغيره. وأجازت له شهدة. ومات في جمادى الأولى.
4 (عبد الرحيم ابن المحدث يوسف بن هبة الله بن محمود بن الطفيل.)
أبو القاسم، الدمشقي، ثم المصري، الصوفي، ويعرف بابن المكبس. سمع أو أجازه بدمشق من: الوزير أبي المظفر سعيد بن سهل الفلكي، وأبي المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبي البركات الخضر بن شبل الخطيب، وأبي المعالي محمد بن حمزة ابن الموازيني، وأبي بكر محمد بن بركة الصلحي، وجماعة، وبالإسكندرية من السلفي، وأبي الطاهر بن عوف، وجماعةٍ. وبمصر من: علي بن هبة الله الكاملي، ومحمد بن علي الرحبي، وعثمان بن فرجٍ العبدري، وعبد الله بن بري النحوي، وإسماعيل بن قاسم الزيات، وجماعةٍ. وولد بدمشق في عاشر صفر سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة. ومن مسموعاته من السلفي معجم أبي بكر الذكواني، وجزء علي بن حرب رواية العباداني، وغير ذلك. روى عنه: الزكي المنذري، والمجد ابن الحلوانية، والعلاء ابن بلبان، والجمال محمد ابن) الصابوني، وابنه أحمد، والتاج الغرافي، والشهاب الأبرقوهي، والضياء عيسى السبتي، ويوسف بن كوركيك. وأجاز لابن الشيرازي، والمطعم، وسعدٍ، وغيرهم. وسمع منه ابن مسدي وقال: لم تكن حالة مرضيةً، لكن سماعه صحيحٌ.

(46/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 333
وهو آخر من حدث عن الفلكي وسماعه منه في ربيع الآخر سنة ستين وخمسمائة. طلق زوجته، ولزم بيته. فأكثرت عنه، واستوعبت لولدي عليه. توفي في رابع ذي الحجة.
4 (عبد السيد بن عبد الرحمن بن عبد السيد بن صدقة.)
أبو العز، البغدادي، الحربي. عرف بابن البوراني وهو نسبة إلى عمل البواري. ولد سنة ثمانين. وسمع من: أبي منصور بن عبد السلام، وفارس بن أبي القاسم الحفار. وحدث.
4 (عبد العزيز بن بركات بن إبراهيم بن طاهر.)
أبو محمد الخشوعي، الدمشقي، الحنفي. إمام الربوة. حدث عن: أبي القاسم بن عساكر، وأبي الفرج يحيى الثقفي، وغيرهما. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والمجد ابن العديم، والشرف أحمد بن عساكر، وابن عمه الفخر إسماعيل، والبدر حسن ابن الخلال، والشمس محمد بن يوسف الإربلي. وأجاز لابن الشيرازي، ولبهاء الدين ابن عساكر. وتوفي في ثامن ربيعٍ الآخر.
4 (عبد العزيز بن دلف بن أبي طالب.)

(46/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 334
أبو محمد، البغدادي، المقرئ، الناسخ، الخازن. ولد في حدود الخمسين وخمسمائة. وقرأ بالروايات على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي وهو من آخر أصحابه أو آخرهم، وعلى أبي الحارث أحمد بن سعيد العسكري، ويعقوب بن يوسف الحربي، وأحمد بن أحمد ابن) القاص، وسمع منهم ومن أبي علي أحمد بن محمد الرحبي، وخديجة بنت النهرواني، وشهدة الكاتبة، ولاحق بن كاره، وعبيد الله بن شاتيل، وجماعةٍ كثيرة. وكان عدلاً، ثقةً، فاضلاً، صالحاً، كثير التلاوة والصوم والخير والسعي في مصالح الناس والشفاعة لهم. وكان له صورة كبيرة ببغداد. روى عنه ابن النجار في تاريخه وقال: كان كثير العبادة، دائم الصلاة والصوم، سعاءً في مصالح الناس. لم تر العيون مثله. وروى عنه الرشيد بن أبي القاسم، وغيره. وبالإجازة أبو المعالي الأبرقوهي، وفاطمة بنت سليمان، ويحيى بن سعد، والقاضي تقي الدين سليمان، وجماعةٌ. ومن مسموعه كتاب الموطأ من طريق القعنبي، سمعه من شهدة، وجزء الغرباء للآجري، سمعه من أبي الحسين عبد الحق، وست مجالس أبي جعفر

(46/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 335
ابن البختري سمعها من شهدة، ومحاسبة النفس لابن أبي الدنيا، عنها، وغير ذلك. وولي خزانة الكتب المستنصرية، وغيرها. توفي في السادس والعشرين من صفر. وقرأ عليه بالروايات الشيخ عبد الصمد.
4 (عبد العزيز ابن الشيخ أبي طاهر المبارك بن المبارك ابن المعطوش.)
أبو القاسم. ولد سنة ثمانٍ وخمسين. وسمع: أباه، ولاحق بن كاره، وعبد الخالق بن البندار، وجماعةً متأخرين. مات في المحرم، وقل ما روى.
4 (عبد الواحد بن محمد بن بقي بموحدة بن محمد بن تقي بمثناة الجذامي.)
أبو عمرو. روى عن عتيق بن خلفٍ، وأبي الرندي، وغيره. ومات بمراكش. وهو خال الشيخ أبي عبد الله الطنجالي.
4 (علي بن إبراهيم بن عبد الله بن خلف بن وهب، الفقيه.)
)

(46/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 336
جمال الدين، أبو الحسن، القرشي، المخزومي، المصري، البوشي، المالك، العدل. سمع بالإسكندرية من: أبي الطاهر بن عوف، والقاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وأخيه أبي الفضل. وبمصر من البوصيري. وتفقه ببغداد على أبي علي يحيى بن الربيع. وحدث ببغداد. وعاد إلى مصر، وتصدر بالجامع العتيق، وشهد على القضاة. وبوش: من الصعيد الأدنى. روى عنه: الزكي المنذري، والجمال ابن الصابوني، وغيرهما. وكان فقيهاً، مناظراً، عارفاً بمذهب مالك.
4 (علي بن أحمد بن الحسن بن إبراهيم التجيبي.)
الإمام، أبو الحسن، الحرالي الأندلسي. وحرالة: قريةٌ من أعمال مرسية. ولد بمراكش. وأخذ العربية من أبي الحسن بن خروف، وأبي الحجاج بن نمرٍ.

(46/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 337
وحج، ولقي العلماء، وجال في البلاد، وتغرب. وشارك في فنون عديدة. ومال إلى النظريات وعلم الكلام. وأقام بحماة، ومات بها. وله تفسيرٌ فيه أشياء عجيبة الأسلوب. ولم أتحقق بعد ما كان ينطوي عليه من العقد. غير أنه تكلم في علم الحروف والأعداد وزعم أنه استخرج علم وقت خروج الدجال، ووقت طلوع الشمس من مغربها، ويأجوج ومأجوج. وتكلم ووعظ بحماة. وصنف في المنطق، وفي الأسماء الحسنى، وغير ذلك. وله عبارةٌ حلوة إلى الغاية وفصاحةٌ وبيان. ورأيت شيخنا المجد التونسي يتغالى في تفسيره، ورأيت غير واحدٍ معظماً له، وجماعةً يتكلمون في عقيدته. وكان من أحلم الناس بحيث يضرب به المثل. وكان نازلاً عند قاضي حماة ابن البارزي رحمه الله. حكى لنا القاضي شرف الدين ابن البارزي: أنه تزوج بحماة، قال: وكانت زوجته تؤذيه وتشتمه وهو يبتسم ويدعو لها. وأن رجلاً راهن جماعةً على أن يحرجه، فقالوا: لا تقدر، فأتاه وهو يعظ وصاح، وقال: أنت كان أبوك يهودياً وأسلم فنزل من الكرسي إليه، فاعتقد الرجل أنه غضب وأنه تم له ما رامه حتى وصل إليه، فقلع فرجيةً عليه وأعطاه إياها، وقال: بشرك الله بالخير الذي شهدت لأبي بأنه مات مسلماً.) وكان شيخنا ابن تيمية، وغيره يحط على كلامه ويقول: تصوفه على طريقة الفلاسفة.

(46/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 338
4 (علي بن حازم البغدادي، المقرئ.)
هو الشيخ علي الأبله. كان آيةً في حفظ القرآن وجودة أدائه. وكان من تمكنه من حفظ القرآن يقرأ السورة معكوسةً للآيات كأسرع ما يكون. وكان فيه بلةٌ في حديثه وحركاته. كان يقرأ عليه إنسان فحركه فوجده ميتاً.
4 (علي بن معالي، العلامة، شيخ النحو.)
ابن الباقلاني، الحلي، المتكلم، الحنفي، ثم الشافعي. من فضلاء زمانه ببغداد. وله نظمٌ.

(46/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 339
كبر وشاخ. توفي سنة سبعٍ.
4 (حرف القاف)

4 (قشتمر، الأمير، جمال الدين.)
الناصري، المستنصري. مقدم الجيوش الأمامية. كان أميراً، جليل القدر، مهيباً، وقوراً، كثير الصدقات والمعروف. توفي في ذي القعدة، وكان يوماً مشهوداً، غسله الأمام نجم الدين عبد الله الباذائي الشافعي وساعده على غسله المقرئ عبد الصمد بن أبي الجيش. وشيعه الكافة. ودفن بتربته. وكان أكبر الدولة المستنصرية، كان حوله من الغلمان والخدم المحللين الشعور نحو خمسمائة نفس.
4 (حرف اللام)

4 (ليث بن علي بن محمود بن أبي نصر بن خليل.)
أبو الفرج، ابن السقاء، البغدادي، البوقي، السمسار. كان يصنع البوق. سمع من: أحمد بن المبارك بن درك، وعبيد الله بن شاتيل، ونصر الله القزاز. أبو الفرج. توفي في ثامن ربيع الأول.) ويقال له: سبط خليل السقاء.

(46/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 340
وقد أجاز للفخر ابن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبي نصر بن محمد بن محمد ابن الشيرازي، وعيسى بن معالي، وأبي بكر بن عبد الدائم، وابن سعد، والقاضي تقي الدين سليمان، وأحمد بن أبي طالب الحجار، وجماعةٍ. وروى عنه أبو القاسم علي بن بلبان، وغيره.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عدي بن حسن بن أبي العلاء.)
زين الدين، أبو عبد الله، السلماني، ثم الدمشقي، الصالحي، الوكيل، الفقيه. كان مختصاً بخدمة بني سني الدولة. وحدث عن يحيى الثقفي، وغيره. وحدث عن البهاء ابن عساكر كتابةً. وتوفي في غرة رجبٍ. ذكره ابن الحاجب في معجمه.
4 (محمد بن أحمد، أبو عبد الله، اللخمي.)
السلاوي، الفقيه. أخذ بمدينة سلا عن أبي محمد عبد الله بن سليمان بن حوط الله الحافظ. وتفقه بالقاهرة على التاج محمد بن الحسين الأرموي. وتوفي بالقاهرة في صفر.
4 (محمد بن جبريل بن المغيرة بن سلطان بن نعمة.)
القاضي، عماد الدين، أبو عبد الله، المعروف بابن لأخي العلم، المصري، الشافعي، الكاتب، العدل. قال المنذري: ولد سنة ثمانٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من أبي

(46/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 341
المفاخر سعيدٍ المأموني، وعساكرٍ المقرئ. وتقلب في الدواوين. وكان مشهوراً بالأمانة. توفي في خامس شعبان. روى عنه المجد ابن الحلوانية.
4 (محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن إبراهيم، الأديب.)
) العالم، شمس الدين، أبو عبد الله، ابن الكريم، البغدادي، الكاتب، الماسح، الحاسب، المحدث. قال مولدي في صفر سنة تسعٍ وسعين. وحفظت القرآن على السراج عبد الرحمن بن البزن. وتفقهت في مذهب الشافعي على الزين أبي بكر الهمذاني، ثم في الخلاف على الرضي محمد بن ياسين. وسمعت ببغداد على جدي محمد بن علي، والحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي وهو ابن عم جدي المذكور وعلى أبي الفرج ابن الجوزي، ويحيى بن بوش، وعبد المنعم بن كليب. ثم سمى جماعة. واشتغلت بالعربية والحساب على أبي البقاء، وسمعت عليه معظم مصنفاته. ثم بالحساب والمساحة على والدي أبي منصور، والصاحب كمال الدين داود بن يونس. وخدمت بالأعمال السلطانية ببغداد إلى آخر سنة تسع وستمائة. ثم قدمت دمشق، وخدمت الملك المعظم في سنة تسع عشرة في المساحة والكشف. ولي من المؤلفات أنس المسافر مجلد، كتابٌ في صناعة الطبيخ، كتاب نهج الوضاحة في المساحة، كتابٌ في الحساب. وغير ذلك. قلت: وكتب الكثير من الأجزاء. وله شعر جيدٌ. روى عنه: الشهاب محمد بن مشرف، القاضي تقي الدين سليمان، والبهاء قاسمٌ الطبيب، والمجد ابن الحلوانية، وآخرون.

(46/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 342
مات في رجب.
4 (محمد بن أبي المعالي سعيد بن يحيى بن علي بن الحجاج ابن محمد، الحافظ الكبير،)
المؤرخ. أبو عبد الله، الدبيثي، ثم الواسطي، الشافعي، العدل. ولد في رجب سنة ثمانٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع بواسط من: أبي طالب محمد بن علي الكتاني، وهبة الله بن علي بن قسام، وهبة الله بن نصر الله بن الجلخت، وعلي بن المبارك الآمدي، وطبقتهم. وقرأ القراءآت بها على أصحاب أبي العز القلانسي كأبي بكر ابن الباقلاني، وأبي الحسن علي بن المظفر خطيب شافيا. وقرأ الفقه والعربية.

(46/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 343
ثم رحل إلى بغداد في حدود الثمانين، وسمع من: أبي الفتح عبيد الله ابن شاتيل، ونصر الله القزاز، وأبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل، وأبي الفرج محمد بن أحمد بن نبهان، وعبد) المنعم بن عبد الله ابن الفراوي، وأبي العز محمد بن محمد ابن الخراساني، وعبد الجبار ابن الأعرابي، والحافظ أبي بكر محمد بن موسى الحازمي، وعبد الله بن أحمد بن حمتيس السراج، وعبد المغيث بن زهير، وخلقٍ كثيرٍ بعدهم ببغداد، والحجاز، ومصر، والموصل. وقرأ ببغداد القراءآت على جماعةٍ. وقرأ الفقه على أبي الحسين بن هبة الله ابن البوقي. وعلق الأصول والخلاف. وعني بالحديث ورجاله. وصنف تاريخاً كبيراً لواسط، وصنف تاريخاً ذيل به على الذيل لأبي سعد السمعاني. وله شعر جيد. وكان من المعدلين الأعيان ببغداد، وعزل من العدالة، والعدالة ببغداد منصبٌ كالقضاء والفتيا. فذكر ابن النجار في ترجمته: أنه ولي الإشراف على الوقف العام مدةً، ثم إنه استعفى من الشهادة ضجراً، فأجيب، فانقطع في منزله منعكفاً على إقراء القرآن ورواية الحديث. سل عنه الحافظ الضياء، فقال: هو حافظ. وقال ابن نقطة: له معرفةٌ وحفظٌ. وقال ابن النجار: سكن بغداد، وحدث ب تاريخ واسط وبتذييل تاريخ بغداد له، وبمعجمه. وقل أن يجمع شيئاً إلا وأكثره على ذهنه. وله معرفةٌ تامةٌ بالأدب والشعر. وهو سخيٌ بكتبه وأصوله. صحبته عدة سنين، فما رأيت منه إلا الجميل والديانة وحسن الطريقة.

(46/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 344
قال: هو أحد الحفاظ المكثرين ما رأت عيناي مثله في حفظ التواريخ والسير وأيام الناس رحمه الله. قلت: روى عنه هو، والشرف أحمد ابن الجوهري، وابن نقطة، والزكي الرزالي، وأبو الحسن علي بن محمد الكازروني ثم البغدادي، وعز الدين الفاروثي، وجمال الدين أبو بكر الشريشي، وتاج الدين أبو الحسن الغرافي، وجماعةٌ سواهم. وسمع منه من شيوخه أحمد بن طارق الكركي، وأبو طالب بن عبد السميع. وأجاز للقاضي تقي الدين سليمان، وغيره. وقد وجدت سماعه من القزاز في سنة ستٍ وسبعين وخمسمائة في ربيع الأول بجزء الآدمي وما معه من حديث الفتون. ولابن الدبيثي مما رواه عنه ابن النجار في تاريخه وانقطعت إجازته اليوم. قال:)
(إذا اختار كلّ الناس في الدين مذهباً .......... وصوّبه رأياً ودقّقه فعلا)

(فإنّي أرى علم الحديث وأهله .......... أحقّ اتّباعاً بل أسدّهم سبلا)

(لتركهم فيه القياس وكونهم .......... يؤمّون ما قال الرسول وما أملى)
أنشدني أبو الحسن علي بن أحمد الحسيني، أنشدنا أبو عبد الله الدبيثي لنفسه:
(علم الحديث فضيلةٌ تحصيلها .......... بالسّعي والتّطواف في الأمصار)

(فإذا أردن حصولها بإجازةٍ .......... فقد استعضت الصّفر بالدينار)
قال ابن النجار: أضر ابن الدبيثي بأخرةٍ. وتوفي في ثامن ربيع الآخر ببغداد، ولقد مات عديم النظير في فنه.

(46/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 345
4 (محمد بن طرخان بن أبي الحسن علي بن عبد الله.)
تقي الدين، أبو عبد الله، السلمي، الدمشقي، الصالحي، الحنبلي. ولد بجبل قاسيون في سنة إحدى وستين وخمسمائة. وسمع من: أبي المعالي بن صابرٍ، وأبي المجد ابن البانياسي، ويحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني، وأبي الحسين ابن الموازيني، والخشوعي، وطائفةٍ. وخرج له الشيخ الضياء أربعين حديثاً، وخرج هو لنفسه مشيخة كبيرة. وكان شيخاً فاضلاً، فقيهاً، حسن الطريقة، متودداً إلى الناس. روى عنه: الضياء المقدسي، والمجد ابن الحلوانية، والفخر ابن البخاري، وأبو علي ابن الخلال، والعز أحمد ابن العماد، والشرف أحمد ابن عساكر، وابن عمه الفخر إسماعيل، والتقي أحمد بن مؤمن، والشمس محمد بن علي ابن الواسطي، وجماعةٌ. وتوفي في تاسع المحرم بسفح قاسيون. وقد سمع بالحجاز واليمن من غير واحد. وسمع ولده أبا بكر.
4 (محمد بن أبي المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن صابر.)
أبو طالبٍ، السلمي، الدمشقي، الزاهد، ويعرف بابن سيدة. سمع: أباه، وأبا طاهر الخشوعي بدمشق. وإسماعيل بن ياسين، وغيره بمصر.

(46/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 346
وهو من بيت الحديث والرواية، كان جده أبو القاسم محدث الشام في وقته، سمع ما لا يوصف كثرةً وأخذ عنه السلفي، وابن عساكر. وكان أبوه عبد الله من بقايا المسندين بدمشق روى عنه) الحافظ أبو سعد السمعاني مع تقدمه وذكره في تاريخ بغداد. وكان أبو طالب مشهوراً بالصلاح، والدين، والفضيلة على طريقة الصوفية. وله كلامٌ في الطريق، وكان مليح الشكل، كريم النفس، مطرحاً للتكلف، يخضب بالحناء. وكان كثير الأسفار، ثم صار شيخاً للحدث بالعزية التي على الشرف. روى عنه ابن الحلوانية فقال: أخبرنا الشيخ العابد الورع شيخ الطائفة، ثم ذكر حديثاً. وسعد الخير بن أبي الفرج النابلسي، وأبو علي ابن الخلال، والشرف أحمد بن عساكر، وابن عمه الفخر، وأبو الفضل محمدٌ الذهبي، وأبو المحاسن ابن الخرقي، والجمال عبد الله الجزائري، والعلاء ابن البقال، وجماعةٌ. توفي في سابع المحرم بدمشق. وكانت له دنيا وثروةٌ وتزهد، وجاور مدةً. ثم لما قدم أبو حفص السهروردي دمشق، لبس منه وصحبه إلى بغداد وسمع بها من أبي أحمد عبد الوهاب بن سكينة. قال ابن النجار: لم أر إنساناً كاملاً غيره، اجتمعت به كثيراً ببغداد ودمشق وبيت المقدس. وهو زاهدٌ عابد، ورعٌ، تقيٌ، كثير الصلاة والصيام، كتب بخطه الكثير.
4 (محمد بن عبد الكريم بن يحيى بن شجاع بن عياش.)
رشيد الدين، أبو الفضل، القيسي، الدمشقي، المحتسب، المعروف بابن الهادي.

(46/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 347
سمع: أباه، وأبا القاسم علي بن الحسين الحافظ، وأبا المعالي بن صابر. وكان عارفاً بأمور الحسبة. وله هيبة ووقار، ويه عفة وكرم. ترك الحسبة مدةً، ثم وليها في دولة الناصر داود. روى عنه: الزكي البرزالي، والمجد ابن الحلوانية، وسعد الخير النابلسي، وأبو علي ابن الخلال، وأمير الحاج أبو المحاسن يوسف ابن الشقاري، وجماعةٌ. ولد في صفر سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. وتوفي في سادس جمادى الآخرة. أنبأني سعد الدين ابن حمويه: أن الرشيد حكى له أنه كان يدور يوماً في البلد أيام الملك العادل، فوقف على إنسانٍ ونهاه عن البخس في الوزن، قال: فقام إي بسكين، وقال: أنا غلام دار الدعوة تهددني فشمرت أكمامي، ونزلت عن البغلة، ولكمته في رأسه رميته وأخذت السكين من يده وكتفته وحبسته. قال: ولم يخرج إلا بعد شفاعة ألا يقيم في المدينة.)
4 (محمد ابن الأمير عثمان ابن الأمير علكان.)
الأمير أبو عبد الله، الكردي. كان شاباً، دينا،ً خيراً. قتل بظاهر غزة مقبلاً غير مدبر في وقعةٍ بين الملوك. وعاش ثلاثين سنة. وهو ابن بنت الأمير سيف الدين يازكوج الأسدي.
4 (محمد بن محمد بن أبي علي بن أبي نصر.)
فخر الدين، أبو عبد الله، النوقاني.

(46/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 348
سمع ببغداد من: شهدة الكتبة، وعبد المنعم الفراوي، وأبي القاسم عبد الرحيم بن أبي سعد الصوفي شيخ الشيوخ، وأبي الثناء محمد بن محمد الزيتوني، وجماعة. وسمع من عمر بن أحمد الخطيبي. وقدم مصر، وسكن بمدرسة الشافعي. روى عنه الزكي المنذري وقال: سألته عن مولده فقال: في تاسع ذي القعدة سنة تسعٍ وأربعين بطوس. قال: وكان شيخاً صالحاً، حسن السمت، مشتغلاً بنفسه. وأبوه الإمام أبو المفاخر النوقاني أحد الفضلاء المذكورين. ونوقان: من قرى نيسابور. وروى عنه أيضاً المجد ابن الحلوانية. وأجاز لمحمد بن مشرق. وتوفي في سادس ربيع الآخر.
4 (محمد بن منير بن البطريق.)
فصيح الدين، العجلي، البغدادي، الجزري، الشاعر، الأديب. سمع منه الزكي المنذري شعراً له بالقاهرة، وكناه أبا بكر. توفي بدمشق في سادس جمادى الآخرة.
4 (ممد بن هبة الله بن أحمد بن هبة الله بن قرناص.)
أبو عبد الله، الخزاعي، الطاهري، الحموي. ولد سنة ستٍ وخمسين بحماه. وروى عن عبد العزيز بن عبد الواحد ابن القشيري، عن هبة الرحمن.) روى عنه مجد الدين العديمي وقال: توفي في رجب.

(46/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 349
وروى عنه ابن مسدي فقال: كبير بلده، وصدر محتده. سمع من أبي هاشم بن ظفر.
4 (محمد بن ياقوت بن عبد الله.)
أبو بكر، الرومي، البغدادي، الصوفي. عتيق أبي الحسن الجازري من جازرة: قريةٌ من قرى النهروان. سمع: أبا الفتح بن البطي، وأبا منصورٍ عبد الوهاب بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر الطوسي، وأبا الحسين عبد الحق اليوسفي. أجاز للفخر إسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وسعد الدين بن عبد القاهر الطوسي، وأبي بكر بن عبد الدائم، والقاضي تقي الدين الحنبلي، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وجماعة. وتوفي في العشرين من رمضان. ورخه ابن النجار، وروى عنه حديثاً.
4 (محمد بن يوسف ابن الفقيه سعيد الدولة عبد المعطي بن منصور.)
الفقيه، تاج الدين، ابن المخيلي، الإسكندراني، المالكي. توجه رسولاً إلى حمص، فأدركه أجله في ربيع الآخر في حياة والده. تفقه على الحافظ أبي الحسن علي بن المفضل. وتصدر بالإسكندرية، ودرس، وأفتى. وتقلب في الخدم الديوانية. وعاش خمسين سنة. كتب عنه الزكي المنذري، وغيره.

(46/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 350
4 (محمد بن أبي بكر بن علي بن سلمان.)
الفقيه، رشيد الدين، النيسابوري، الحنفي. تفقه على مذهب أبي حنيفة. وسمع من: أبي الجيوش عساكر بن علي، وأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن المسعودي، والبوصيري، وجماعةٍ. وبدمشق من الخشوعي. ودرس بها. وحدث. وذكر أنه ولد بنيسابور في سنة تسعٍ وخمسين.) وكان من كبار الحنفية. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، ومحمد بن يوسف الذهبي، وسبطه موسى بن علي الحسيني. توفي في خامس ذي القعدة. وأجاز للقاسم بن عساكر. وقد ولي قضاء الكرك، والشوبك. ثم درس بالمعينية. وقد تفقه بخراسان على الركن المغيثي. وبمكة على محمد بن مكرم الكرماني. وبمصر على الفقيه ندى بن عبد الغني. وبدمشق على البرهان مسعودٍ الحنفي. وروى عنه بالإجازة القاضيان ابن الخويي وتقي الدين سليمان، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي.
4 (محمد الزيلعي، الأسود.)
أبو عبد الله، الزاهد. إمام المدرسة النظامية. كان صالحاً، عابداً، خاشعاً، قانتاً، قليل النوم، لين الكلمة، متواضعاً. توفي في صفر، وحمل على الرؤوس وازدحموا على نعشه.

(46/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 351
4 (المبارك بن أحمد بن أبي البركات المبارك بن موهوب بن غنيمة بن علي، الصاحب)
الرئيس. شرف الدين، أبو البركات، ابن المستوفي، اللخمي، الإربلي، الكاتب. ولد بإربل في سنة أربعٍ وستين وخمسمائة. قرأ القرآن والأدب على أبي عبد الله محمد بن يوسف البحراني، وأبي الحرم مكي بن ريان الماكسيني. وسمع من: عبد الوهاب بن أبي حبة، والمبارك بن طاهر الخزاعي، وحنبل بن عبد الله، وعمر بن طبرزد، وعبد اللطيف بن أبي النجيب السهروردي، وأبي المعالي نصر الله بن سلامة الهيتي، وخلقٍ كثيرٍ من القادمين إلى إربل. وأجاز له جماع. وكتب العالي والنازل. وعني بالتاريخ والأخبار وأيام الناس. وجمع لإربل تاريخاً حسناً في خمس مجلدات. وكان بيته مجمع الفضلاء بإربل. وكان كثير المحفوظ، مليح الخط، حسن الإيراد، جيد النظم والنثر. وله إجازةٌ من أبي حعفرٍ الصيدلاني، وقد أجاز لشيخنا ابن الشيرازي.

(46/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 352
ولي نظر الديوان بإربل، ونزح عنها بعد استيلاء التتار عليها إلى الموصل فأقام بها. وولي) والده أبو الفتح الاستيفاء بإربل مدةً، وكذا والدهم أبو البركات كان مستوفياً بها. وقال ابن خلكان رحمه الله: كان شرف الدين رئيساً، جليل القدر، متواضعاً، واسع الكرم، مبادراً إلى رفادة من يقدم البلد، ومتقرباً إلى قلبه بكل ما يقدر عليه. وكان جم الفضائل، عارفاً بعدة فنون منها: الحديث وفنونه وأسماؤه وما يتعلق به. وكان ماهراً في فنون الأدب من النحو، واللغة، والبيان، والشعر، والعروض، وأيام العرب. وكان بارعاً في علم الديوان وحسابه وقوانينه. صنف كتاب المحصل في نسبة أبيات المفضل في مجلدين. سمعت منه كثيراً، وسمعت بقراءته على المشايخ الواردين شيئاً كثيراً. قال ابن الشعار في كتاب قلائد الجمان بعد أن بالغ في وصف الصاحب أبي البركات وفضائله ومكارمه: وكان محافظاً على عمل الخير والصلاح، مواظباً على الصلاة والعبادة، كثير الصوم، دائم الذكر، متتابع الصدقات. وله ديوان شعر أجاد فيه. خرج من مسجده ليلاً إلى داره، فوثب عليه شخصٌ فضربه بسكينٍ في عضده، فأحضر مزيناً وقمطها بلفائف وسلم. وكتب إلى مظفر الدين صاحب إربل:
(يا أيّها الملك الذي سطواته .......... من فعلها يتعجّب المرّيخ)

(آيات جودك محكمٌ تنزيلها .......... لا ناسخٌ فيها ولا منسوخ)

(أشكو إليك وما بليت بمثلها .......... شنعاء ذكر حديثها تاريخ)

(هي ليلةٌ فيها ولدت وشاهدي .......... فيما ادّعيت القمط والتمريخ)
خرجت من إربل سنة ستٍ وعشرين وشرف الدين في رتبةٍ دون الوزارة، ثم

(46/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 353
وليها في أول سنة تسعٍ وعشرين. فلما صارت إربل للخليفة، لزم بيته. ولما أخذت إربل سلم هو بالقلعة، ثم سكن الموصل، وأقام بها في حرمة وافرة، واقتنى من الكتب النفيسة شيئاً كثيراً. ومات في خامس المحرم. قلت: ومن شعره وهو عذبٌ رائقٌ:
(ومخنّث الأعطاف مياس الخطا .......... حلو الصّبا متناسب التركيب)

(عاتبته فتورّدت وجناته .......... من حرّ أنفاسي ونار لهيب)

(وشكوت ما ألقى فأعرض مغضباً .......... فرجعت عنه بذلّة المكروب)

(يا من تبيت قريرةً أجفانه .......... حاشاك من قلقي وطول نحيبي)
)
(أتنام عن سهري وأنت معلّلي .......... وتملّ من سقمي وأنت طبيبي)

(وأقلّ ما ألقاه من ألم الهوى .......... أنّي أموت وأنت لا تدري بي)
وله:
(رعى الله ليلاتٍ تقضّت بقربكم .......... قصاراً وحيّاها الحيا وسقاها)

(فما قلت إيهٍ بعدها لمسامرٍ .......... من الناس إلاّ قال قلبي آها)

4 (محمود بن عمر بن محمد بن إبراهيم بن شجاع، الحكيم، الأستاذ البارع، سديد الدين،)
الشيباني، المعروف بابن زقيقة. والد المحدث أحمد. كان مع تقدمه في الطب أديباً، شاعراً متميزاً. توفي في جمادى الآخرة بدمشق، وله ثلاثٌ وسبعون سنة. روى عنه: الموفق أحمد بن أبي أصيبعة، والشهاب القوصي. ومر في العام الماضي.
4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد.)

(46/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 354
الصاحب، ضياء الدين، أبو الفتح، ابن الأثير، الشيباني، الجزري، الكاتب، مصنف المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر. ولد بجزيرة ابن عمر في سنة ثمانٍ وخمسين. وانتقل منها مع أبيه وإخوته إلى الموصل، فنشأ بها، وحفظ القرآن، وسمع الحديث، وأقبل على العربية واللغات والشعر حتى برع في الأدبيات، فإنه قال في أول كتاب الوشي المرقوم له: حفظت من الأشعار القديمة والمحدثة ما لا أحصيه كثرةً، ثم اقتصرت بعد ذلك على شعر أبي تمام والبحتري والمتنبي، فحفظت هذه الدواوين الثلاثة، وكنت اكرر عليها حتى تمكنت من صوغ المعاني، وصار الإدمان لي خلقاً وطبعاً. ذكره القاضي ابن خلكان وقال: ثم إنه قصد السلطان صلاح الدين سنة سبعٍ وثمانين، فوصله القاضي الفاضل بخدمة صلاح الدين، فأقام عنده أشهراً، ثم بعثه إلى ولده الملك الأفضل ليكون عنده مكرماً، فاستوزره. فلما توفي صلاح الدين واستقل الأفضل بدمشق، رد الأمور إلى) ضياء الدين، فأساء في الناس العشرة وهموا بقتله فأخرجه الحاجب محاسن مستخفياً في صندوق وسار معه إلى مصر. ولما قصد الملك العادل مصر، وأخذها من ابن أخيه، وخرج من مصر، لم يخرج ابن الأثير في خدمته، لأنه خاف على نفسه، فخرج متنكراً. ولما أخذت دمشق من الأفضل، واستقر بسميساط، راح إليه ابن الأثير وأقام عنده، ثم فارقه

(46/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 355
في سنة سبعٍ وستمائة، واتصل بالملك الظاهر صاحب حلب، فلم ينتظر أمره، فذهب مغاضباً إلى الموصل، واستقر بها، وكتب الإنشاء لصاحبها ناصر الدين محمود ابن عز الدين مسعود، ولأتابكه بدر الدين لؤلؤ. وله يدٌ طولى في الترسل، وكان يعارض القاضي الفاضل في رسائله، فإذا أنشأ رسالة، أنشأ مثلها وكانت بينهما مكاتباتٌ ومحارباتٌ. وأنشأ في العصا: هذه لمبتدأ ضعفي خبر ولقوس ظهري وتر وإن كان إلقاؤها دليلاً على الإقامة، فإن حملها دليلٌ على السفر. وقال ابن النجار: حاز قصب السبق في الإنشاء. وكان ذا رأيٍ ولسانٍ وعارضة وبيان. قدم بغداد رسولاً غير مرة، وروى بها كتاب المثل السائر له. ومرض بها أياماً ومات في ربيع الآخر. وقال غيره: كان بينه وبين أخيه عز الدين علي مجانبةٌ شديدة ومقاطعة.
4 (نصر الله بن أبي المعالي نصر الله بن أبي الفتح سلامة بن سالم.)
أبو الفتح، الهيتي، معين الدين، الشافعي، الشاعر، نزيل مصر. ولد يوم عاشوراء سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة. ومدح الملوك والوزراء. توفي في نصف شوال. وأبوه محدثٌ فاضل معروف.
4 (حرف الياء)

4 (ياقوت الرومي، الأتابكي، الموصلي.)
شاعرٌ محسن، رشيق القول. توفي بالموصل في جمادى الآخرة.

(46/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 356
4 (يحيى بن المبارك بن علي ابن شيخ الحنابلة المبارك بن علي بن الحسين بن بندار)
المخرمي. الرئيس، عز الدين، البغدادي، والد صاحب الديوان فخر الدين.) كان كاتباً في أعمال السواد، وناظراً كيساً، حميد السيرة. مات فجاءةً في رمضان عن نيفٍ وثمانين سنة.
4 (يوسف بن أحمد بن نجم بن عبد الوهاب ابن الحنبلي.)
أبو المظفر، الأنصاري، الدمشقي. سمع: يحيى الثقفي، وعبد الرحمن ابن الخرقي، وعبد المنعم بن كليب. وعاش خمساً وستين سنة. ومات بالغور في شعبان وحمل إلى جبل قاسيون فدفن بتربتهم.
4 (يوسف بن إسماعيل ابن القاضي الأكرم أبي محمد عبد الجبار بن شبل بن علي.)
القاضي، الرئيس، جمال الدين، أبو الحجاج، الجذامي، الصويتي، المقدسي الأصل، ثم المصري، الكاتب. سمع من القاسم بن عساكر. وولي ديوان الجيوش المنصورة مدةً. وتوجه إلى اليمن، فأقام بها مدةً وعاد. وحدث. كتب عنه من شعره الحافظ عبد العظيم وقال: ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وهو أخو الضياء محمدٍ.

(46/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 357
4 (الكنى)

4 (أبو الكرم العجمي، الصوفي.)
مارقٌ، نصابٌ، متحيلٌ، بالشعوذة. ظهر ببخارى وأراهم الخوارق، فكان يأمر من يرميه بسهمٍ فتثقل يده ويعجز، فكثر جمعه، واستباح اليهود، واستفحل شأنه، وقال: أنا قادرٌ على قتل المغل بنفسي بقدرة الله بلا سلاح. وشد على شحنة بخارى فقتله في عدة من المغل، فعظم على جرماغون، وجهز لحربه، فبرز أبو الكرم في ألوفٍ من الناس بلا سلاح، فالتقى الجمعان، فأحجمت عنه المغل، فقال مقدمٌ: أنا أريد أن أجرب، ثم شد على أبي الكرم طير رأسه، وحملت المغل فحصدوهم، فيقال: قتلوا ستين ألفاً، وذلك في سنة سبعٍ وثلاثين وستمائة.
4 (وولد فيها)
شمس الدين محمد بن إسماعيل بن التيبتي الآمدي، بمصر في المحرم.) وناصر الدين محمد بن يوسف ابن المهتار، في رجب بدمشق. والشمس أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن العجمي، بحلب. والشمس محمد ابن الخطيب جمال الدين عبد الكافي الربعي. والبدر محمد بن داود بن محمد بن أبي القاسم الهكاري، بحلب. والجمال يوسف بن محمد الإعزازي المنشد. والأمين إسماعيل بن إبراهيم بن نصر الرقي الشاهد، بجبل قاسيون. وعيسى بن عبد الرحمن بن أحمد المعري، ببعلبك. والعماد أحمد ابن الشيخ شمس الدين ابن العماد الحنبلي، ببغداد. والنجم عبد الرحيم بن علي ابن الحبال البعلبكي. والمعين محمد بن محمد بن محمد بن عبد الحميد الشاهد. والشيح عبيد الرحمن بن عبد الواحد الصالحي الجمل في رمضان. وقيل: سنة أربع.

(46/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 358
4 (وفيات سنة ثمان وثلاثين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن فارس بن عبد العزيز، القاضي، الوزير.)
نجيب الدين، أبو العباس، التميمي، السعدي، الأهتمي، الصفواني، الخالدي، الإسكندراني، المالكي. تفقه على: أبي القاسم مخلوف بن جارة، وأبي الفضل أحمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وابن المفضل الحافظ. وسمع من عبد المجيد بن دليل، وجماعةٍ. وحدث. وتقلب في الخدم الديوانية بمصر، ودمشق، والجزيرة، وولي نظر الديوان بدمشق. روى عنه الحافظ عبد العظيم وقال: وسألته عن مولده فقال: ولدت في سنة ستٍ وستين وخمسمائة بالإسكندرية، وبها توفي في الحادي والعشرين من ربيع الأول. وهو والد الكمال إبراهيم بن فارس الكاتب المقرئ، وأخيه عبد الله، ولهما سماعٌ من الكندي.
4 (أحمد بن صالح بن أحمد بن طاهر.)
أبو العباس، السجستاني.)

(46/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 359
روى بالإجازة عن السلفي، وأبي الطاهر بن عوف، سمع أبوه منهما واستجاز له. وحدث بدمشق وحران. روى عنه: محمد بن يوسف الذهبي، وأبو إسحاق الفاضلي، وعبد الله بن يحيى الجزائري. وبالإجازة أبو المعالي الأبرقوهي، والعماد محمد ابن البالسي. وتوفي بدمشق في ثالث جمادى الأولى.
4 (أحمد بن محمد بن طلحة بن الحسن بن طلحة.)
أبو بكر، البغدادي. سمع: يحيى بن بوش، وعبد المنعم بن كليب، وطائفة. وقدم مصر وحدث بها. روى عنه: الزكي المنذري، وابن النجار، وغيرهما. ومات ببغداد في ثالث ربيع الآخر عن بضعٍ وستين سنة. وأجاز للقاضي سليمان. قال ابن النجار: كتب بخطه كثيراً بهمةٍ وجدٍ واجتهاد، وقرأ الفقه على مذهب أحمد. وكلم في مسائل الخلاف. وحصل طرفاً صالحاً من الأدب. ثم صار حاجباً لمحيي الدين ابن الجوزي. وقد خرج لنفسه السباعيات ومعجماً لشيوخه. وهو ثقةٌ، نزةٌ، محبوبٌ إلى الناس. ولد سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة.
4 (أحمد بن محمد بن محمود بن المعز بن إسحاق.)

(46/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 360
أبو علي، الحراني، ثم البغدادي، الصوفي، ابن القاضي أبي الفتح. سمعه أبوه من: أبي الفتح محمد بن البطي، وأحمد بن المقرب، ومحمد بن محمد بن السكن، ويحيى بن ثابت، وأبي طالب بن خضير، وأبي المكارم الباذرائي، وغيرهم. وكان من صوفية رباط شهدة. وقد سافر وأقام بالموصل مدةً. روى عنه: ابن النجار، وأبو القاسم بن بلبان، وجمال الدين الشريشي، ومجد الدين ابن الحلوانية، وعز الدين الفاروثي، وجماعةٌ. وبالإجازة القاضيان ابن الخويي وتقي الدين الحنبلي، والفخر بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان. وولي أبوه قضاء باب الأزج. توفي أبو علي في سلخ المحرم.) قال ابن النجار: شيخٌ حسن الهيئة، متوددٌ، لطيف الأخلاق.
4 (أحمد ابن الشهاب محمد بن خلف بن راجح بن بلال بن هلال بن عيسى.)
القاضي، العلامة، نجم الدين، أبو العباس، المقدسي، الحنبلي، ثم الشافعي. ولد ليلة نصف شعبانٍ سنة ثمانٍ وسبعين. وسمع من يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني في الخامسة، ومن: عبد

(46/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 361
الرحمن بن علي الخرقي، وإسماعيل الجنزوي، وغيرهم. واشتغل أولاً على الشمس أحمد بن عبد الواحد المقدسي البخاري. ثم سافر إلى بغداد مع الضياء وله سبع عشرة سنة، فسمع من ابن الجوزي، وغيره. وسافر إلى همذان إلى الركن الطاوسي الأصولي فلازمه مدةً حتى صار معيده، وسمع بها من أبي العز عبد الباقي بن عثمان الهمذاني، وغيره. ثم سافر هو وأخوه إبراهيم إلى بخارى واشتغلا بها مدةً. وبرع هو في علم الخلاف وصار له صيتٌ بتلك الديار ومنزلةٌ رفيعة. وتفقه في المذهب الشافعي وأتقنه. ومن جملة محفوظاته: كتاب الجمع بين الصحيحين للحميدي. قال زكي الدين المنذري: تقدم في الخلاف، وناظر. وكان له اعتناءٌ بحفظ الجمع بين الصحيحين. وقال الضياء: من وقت قدومه إلى دمشق لم يزل يشغل الناس، ويذكر الدروس في التفسير، والحديث، والخلاف، وغير ذلك. وحفظ الصحيحين. وكان لا يكاد يقعد بلا اشتغال. وهو ممن يقوم الليل، ويداوم على صلاة الضحى صلاة حسنة طويلة. قال: وسمعت أنه يقرأ كل ليلة ثلث القرآن. وسمعت عمر بن صومع يذكر أنه رأى الحق في النوم، فسأله عن النجم، فقال: هو من المقربين. فذكرت التعصب عليه لما أثبت رؤية الهلال فقال: ما يضره وهذا ما يقضي إلا بالحق أو ما معناه. وقال العز ابن الحاجب: كان إماماً ورعاً، معظماً لفضله وبيته، عديم النظير في فنه، بالغ في طلب العلم. وكان وافر الحظ من الخلاف. وكان سليم الباطن، ذا سمتٍ، ووقار، وتعبدٍ. كثرت التشانيع على وكلاء مجلسه وما يعلمونه في المحاضر، وأشرفت بعض الحقوق على الضياع من فتح أبواب الرشا، فصرف عن القضاء، وربما اطلع على بعض ذلك وسامح. قلت: غاب عن دمشق ثلاث عشرة سنة. وأخذ عن نجم الدين الكبرى

(46/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 362
الزاهد. وذكر أنه رأى) الحق تعالى عشرة مرةً ورأى النبي صلى الله عليه وسلم بضعاً وأربعين مرة. وقد ساق ذلك كله الضياء في ترجمته فمنها: قال: رأيت كأني أسمع كلامه سبحانه يقول: إن سهامنا ستصيب من أرادك بسوءٍ. قال: ورأيت كأنه تعالى يقول: ادن مني مرحباً بالحاكم الفاضل، أوصيك بالقاضي الخويي. ورأيت في سنة ثمانٍ وعشرين كأني أسمع من الحق تعالى: أنا عنك راضٍ، فهل أنت عني راضٍ وقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وإذا هو يقول: تعالوا فانظروا ماذا أمرني به ربي فدنوت منه، فإذا بيده لوحٌ فيه خطٌ بالكوفي: يا محمد، إنك لن تطيعني حتى تتبع رضاي في سخطك. وقال: ورأيته صلى الله عليه وسلم بخوارزم فقلت: يا رسول الله، لماذا أنزل الله في التوراة والإنجيل والقرآن وسائر الكتب: إن الله في السماء وأرى الناس ينكرون ذلك قال: ومن ينكر ذلك الأمر كذلك. قال: ورأيته فسمعته عليه السلام يقول: ليس أحدٌ أقرب إلي من مؤمن آل فرعون، فحكيته للشيخ نجم الدين الكبرى، فقال: المراد بمؤمن آل فرعون الذي يقول الحق، ويظهره عند غلبة الباطل وظهور الكفر كما فعل مؤمن آل فرعون. وقال: رأيته صلى الله عليه وسلم بدهستان، فقال لي: من لم يرو عني حديثاً عذب. فقلت: كيف يروي عنك، يراك هكذا فيسمع منك قال: لا، بل يقول: حدثنا فلان قال: حدثنا فلان، وذكر إسناداً فيه إجازة، ثم ذكر متنه خطبةً لم أحفظها. قال الضياء: ولما تولى المدرسة العذراوية رأى القاضي صدر الدين سليمان الحنفي رحمه الله في النوم كأن الإمام أحمد يدرس فيها، فيفسر به.

(46/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 363
وذكر درساً في مدرسة الشيخ أبي عمر وهو حنبليٌ. وقرأ على شيخنا موفق الدين كتاب المقنع، وكتب له خطه عليه ما لم يكتبه لغيره في سنة ثلاث عشرة. قال: ثم درس بالعذراوية، ودرس بالصارمية التي بحارة الغرباء، ودرس بمدرسة أم الصالح إسماعيل، وبالشامية البرانية. ومات وهو يدرس بالعذراوية، بها. قلت: وناب في القضاء عن القاضي جمال الدين المصري، والقاضي شمس الدين الخويي،) والقاضي عماد الدين عبد الكريم ابن الحرستاني الخطيب، والقاضي شمس الدين ابن سني الدولة، والرفيع الجيلي ناب عنه إلى أن مات. قال أبو شامة: كان يعرف بالحنبلي. وكان فاضلاً، ديناً، بارعاً في علم الخلاف، وفقه الطريقة، حافظاً للجمع بين الصحيحين للحميدي. وقرأت وفاته بخط الضياء في يوم الجمعة خامس شوال ودفن ليومه بالجبل، وكان الجمع في جنازته كثيراً. قال: وكان أوحد عصره في علم الخلاف. وكان مجتهداً في الخير لا سيما في آخر عمره. قلت: وصنف طريقته في الخلاف وهي مجلدان، وكتاب الفصول والفروق، وكتاب الفروق، وكتاب الدلائل الأنيقة وغير ذلك. روى عنه الحافظ الضياء حديثاً واحداً، والمجد ابن الحلوانية، والشرف ابن عساكر، وابن عمه الفخر إسماعيل، والبدر حسن ابن الخلال، والشمس محمد ابن الكمال، ومحمد بن يوسف الذهبي، والعماد بن بدران. وانفرد بإجازته القاسم بن عساكر الطبيب.
4 (إسماعيل بن أحمد بن الحسن.)
الأمير الأجل، مكرم الدين، ابن اللمطي.

(46/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 364
من بيتٍ مشهور. ولد في حدود سنة خمسٍ وأربعين. وسمع من الفقيه أبي العباس أحمد بن الحطيئة. وولي عدة ولايات بالوجه القبلي، والوجه البحري. روى عنه الحافظ عبد العظيم وقال: توفي بالصعيد في السابع والعشرين من ربيع الأول.
4 (حرف الجيم)

4 (جبريل بن عبد الله، الزاهد.)
مريد الشيخ عبيد الله الإخميمي الزاهد. من شيوخ الصعيد، له أحوالٌ ومقامات. وانتفع بصحبته جماعةٌ من الصالحين. توفي بمنية بني خصيب في رابع جمادى الأولى رحمه الله.)
4 (جمهة بنت المفرج بن علي بن المفرج بن عمرو بن مسلمة.)
أم الفتيان، أخت الرشيد أحمد. ولدت في سنة ثمانٍ وأربعين أو نحو ذلك. وأجاز لها أبو الوقت السجزي، ومسعود بن عبد الواحد بن الحصين، وجماعة. روى عنها: المجد ابن الحلوانية، ونصر الله وسعد الخير ابنا النابلسي. ولشيخنا البهاء ابن عساكر إجازةٌ منها. وتوفيت في ثالث عشر صفر.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسين بن محمد بن علي بن وزير.)
زين الدين، أبو المعالي، الصوفي.

(46/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 365
من أهل واسط. كان يلقن. سمع من ابن بوش، وغيره في الكبر. توفي في رمضان. ذكره ابن النجار. وروى عنه بالإجازة البهاء ابن عساكر.
4 (حرف الخاء)

4 (خليفة بن سليمان بن خليفة بن محمد، الفقيه.)
أبو السرايا، القرشي، الشروطي، الحنفي. ولد سنة ستٍ وستين. وحدث بحلب عن ابن صدقة الحراني. روى عنه القاضي مجد الدين العقيلي. توفي رحمه الله في شوال. وذكره الصاحب في تاريخ حلب. وأنه تفقه بالعجم. وكتب الحكم بين يدي والدي، ثم بين يدي ابن شداد. ثم درس بمدرسة الجاولي، ثم بمدرسة الأتابك طغرك. وكان لا يحرر مولده.
4 (حرف السين)

4 (سعد بن أبي منصور سعيد بن محمد ابن العلامة أبي منصور ابن الرزاز البغدادي.)
أبو محمد.) سمع حضوراً من عبيد الله بن شاتيل. وحدث. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (سعيد بن علي بن أبي الفتح المبارك بن أحمد بن محمد بن علي بن بكري.)

(46/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 366
أبو الرضا، الحريمي، الصوفي. ولد سنة ثلاثٍ وخمسين. وسمع من: أبي الفتح البطي، وأبي المكارم محمد بن أحمد الطاهري، وأبي علي أحمد بن محمد الرحبي، وأبي شجاعٍ أحمد، ويحيى ابني موهوب بن السدنك، وغيرهم. ذكره المنذري وقال: توفي في حادي عشر شوال. ولنا منه إجازةٌ. قلت: لم أعرفه بعد.
4 (سعيد بن محمد بن سعيد بن جحدر، القاضي.)
بهاء الدين، أبو منصور، الأنصاري، الخزرجي، الجزري، الصوفي، الشافعي، الحاكم. ولد بجزيرة ابن عمر في سنة تسعٍ وأربعين. وسمع في كبره من محمود بن نصر ابن الشعار. ونزل بخانقاه سعيد السعداء مدةً، وولي القضاء ببعض بلاد الصعيد. روى عنه: الزكي المنذري، والمجد ابن الحلوانية، وغيرهما. وبالإجازة القاضي شهاب الدين ابن الخويي، والفخر إسماعيل بن عساكر، وأبو نصر محمد ابن الشيرازي، وسعدٌ، والمطعم. وتوفي إلى رحمة الله ليلة السابع والعشرين من رمضان.
4 (سليمان بن أبي بكر بن أميرك، العلامة، علم الدين.)
أبو الربيع، النيسابوري الأصل، الحموي المولد، المصري الديار، الحنفي. كان مدرساً بالقاهرة بمدرسة يازكوج الأسدي، ومدرسة حارة الديلم، ومسجد الشهاب الغزنوي. وحدث عن: أبي عبد الله الأرتاحي، والعماد الكاتب.

(46/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 367
وكان ديناً، خيراً، عارفاً بالمذهب. توفي في ذي القعدة.
4 (حرف الشين)
)
4 (سمخ بن ثابت بن عنان بن وافد بالفاء.)
أبو علي العرضي، السنبسي، خطيب داريا. فقيهٌ شافعي، فصيحٌ، قادرٌ على صوغ الخطب. سمع بخراسان من: محمد بن فضل الله السالاري، ومحمد بن أحمد البخاري الخوارزمي. روى عنه: ابنه الخطيب، والمجد ابن الحلوانية، وأبو علي ابن الخلال، وغيرهم. وبالإجازة العماد محمد ابن البالسي، وإبراهيم بن أبي الحسن المحرمي. قرأت وفاته بخط الضياء في عاشر رمضان.
4 (شمس الدين بن برق.)
أحمد أمراء دمشق. وكان والي البر. ذكروا أنه كاتب صاحب مصر، وأن كمال الدين ابن شيخ الشيوخ لما وصل إلى دمشق اعتنقه وسلم عليه وبالغ، فقبض عليه الصالح إسماعيل ونفذه إلى بعلبك، فشنق بها في جمادى الأولى من السنة. نقله تاج الدين عبد الوهاب.
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن خلف بن أحمد بن علي بن أحمد.)
الفقيه، أبو التقي الجهني، المصري، الشافعي، المقرئ، والد شيخنا أبي عبد الله محمد.

(46/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 368
قرأ القرآن على أبي الجواد. وتفقه وسمع من المتأخرين. وأسمع ولده من ابن باقا. وتصدر بالجامع الظافري مدةً. وكان شيخاً صالحاً، فاضلاً. توفي في شوال ببلبيس.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن رافع بن ترجم بن رافع.)
أبو محمد، الشارعي، الشافعي. شيخٌ صالح، خيرٌ، مشهور بزيارة قبور الصاحين ومعرفة مواضعها له نهمةٌ في ذلك، وقصد صالح. روى عن أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد السبيي.) روى عنه الحافظ عبد العظيم وقال: توفي في ثالث عشر شعبان. ولقبه الشيخ عابد بباء موحدة، عاش بضعاً وسبعين سنة. وأجاز للفخر إسماعيل بن عساكر، وأبي نصرٍ محمد ابن الشيرازي.
4 (عبد الله بن محمد بن علي بن محمد.)
الأديب، أبو محمد، ابن الهروي، البغدادي. ذكره ابن النجار فقال: من أولاد المحدثين. قرأ الأدب، وقال الشعر وغلب عليه المجون والخلاعة والفحش والسخف. وجمع مقاماتٍ في الهزل. وكان متهتكاً. سيئ الطريقة. مات في جمادى الأولى، وله إحدى وسبعون سنة. روى عنه ابن النجار شعراً.

(46/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 369
4 (عبد الله بن يوسف بن أحمد.)
أبو حمد، البلنسي، المقرئ. سمع من: أبي عبد الله بن نوح الغافقي. وأخذ القراءآت عن: أبي جعفر ابن الحصار، وأبي عبد الله بن سعادة، وأبي علي بن زلال. وتفقه، ونوظر عليه في كتب الرأي. وولي خطابة بلنسية مدةً إلى أن أخذتها الفرنج صلحاً في سنة ستٍ وثلاثين، فنزح إلى دانية وولي خطابتها، ثم انتقل إلى مرسية وبها توفي. ذكره الأبار.
4 (عبد الحميد بن الحسن بن يحيى بن علي.)
القاضي، رشيد الدين، أبو المكارم، التميمي، المصري، المعدل. حدث بدمشق عن البوصيري. وأدركه الأجل بقطنا في أول شعبان. روى عنه المجد ابن الحلوانية.
4 (عبد الرحمن بن عبد المؤمن بن عبد الله بن أبي طالب.)
أبو علي، السلمي، الموازيني، الطرائفي، العطار، المعروف بزريق الصيدلاني. حدث عن: أبي القاسم بن عساكر المؤرخ، وأبي المواهب بن صصرى. روى عنه: الزكيان البرزالي والمنذري، والمجد ابن الحلوانية، والبدر ابن الخلال، وجماعةٌ.) وكان عطاراً في سوق الكبير.

(46/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 370
وتوفي في رابع عشر جمادى الأولى. أخبرنا أبو علي القلانسي، أخبرنا عبد الرحمن بن عبد المؤمن، أخبرنا علي بن الحسن، أخبرنا الفراوي وزاهرٌ قالا: أخبرنا أبو سعدٍ الكنجروذي، أخبرنا الحسين بن علي التميمي، أخبرنا البغوي، حدثني جدي، وشجاع، ومحمود قالوا: حدثنا ابن علية، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لايتمن أحدكم الموت لضر نزل به ولكن ليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي أخرجناه من حديث ابن علية.
4 (عبد الرحيم ابن الفقيه أبي الحجاج يوسف بن محمد ابن الشيخ.)
أبو محمد، البلوي، المالقي. أخذ عن: أبيه، وأبي محمد القرطبي، وعبد الحق بن محمد. وأجاز له: عبد الوهاب بن علي، وأبو العباس بن مقدام الرعيني. مولده سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. ولي خطابة مالقة. أخذ عنه ابن فرتون وورخه.
4 (عبد المعطي بن محمود بن عبد المعطي بن عبد الخالق.)
أبو محمد، الإسكندراني، اللخمي، المالكي، الضرير، الرجل الصالح. سمع من عبد المجيد بن دليل. وعاش خمساً وسبعين سنة. وكان له بالإسكندرية رباطٌ مشهور وانتفع بصحبته جماعةٌ. وله فوائد ومجاميع.

(46/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 371
وتوفي بمكة في أواخر ذي الحجة رحمه الله.
4 (عفيفة بنت أبي منصور محمد بن أحمد بن الفرج الدقاق.)
أم سارة، البغدادية. أجاز لها: أبو زرعة، ومعمر بن الفاخر، وأحمد بن المقرب، وجماعة. وتوفيت بالمحرم.)
4 (علي بن أحمد بن محمد بن العالي بن جوشن.)
أبو الحسن، القرشي، الشارعي، المقرئ، الشافعي، الجباس بجيم وباء موحدة. قرأ القراءآت على فارس بن تركي الضرير وصحبه مدة. وكان كثير التلاوة يختم في كل ليلة جمعةٍ بالقرافة ختمةً، وفي كل ليلة ثلاثاء بمشهد نفيسة رحمها الله ختمةً وبمشهد زيد كل ليلة سبتٍ ختمةً، أقام على هذا مدةً. وكان له قبولٌ تامٌ من الناس، وانتفع به جماعةٌ في حفظ القرآن. وعاش نيفاً وثمانين سنة. ومات في ثاني ربيع الأول.
4 (علي بن مختار بن نصر بن طغان.)
جمال الملك، أبو الحسن، العامري، المحلي المولد، الإسكندراني، المعروف بابن الجمل. ولد في أول سنة ثمانٍ وأربعين.

(46/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 372
وسمع من: السلفي، والشريف أبي محمد العثماني. وحدث غير مرة، روى عنه: الزكي المنذري، والمجد ابن الحلوانية، وشيخنا الشرف الدمياطي، وخديجة بنت غنيمة البغدادية، والزين محمد بن عبد الوهاب ابن الجباب الكاتب، وأبو القاسم عبد الرحمن بن عمران الدكالي حنون، وأبو القاسم عبد الرحمن بن مخلوف بن جماعةٍ، وشرف القضاة أبو الفتح محمد ابن الشيخ أبي الفضل أحمد بن محمد ابن الجباب، وأبو صادقٍ محمد ابن الرشيد العطار، وآخرون. وبالإجازة شمس الدين عبد القادر ابن الحظيري، وسعد الدين بن سعد، والقاضي تقي الدين سليمان، والقاضي شهاب الدين الخويي. وهو من أولاد أمراء الدولة العبيدية. سمع قطعةً صالحة من السلفي. وتوفي في ثامن عشر شعبان.
4 (عمر ابن الملك الأمجد بهرام شاه بن فروخشاه.)
الملك المظفر، تقي الدين. توفي في ربيع الأول بدمشق. وله شعرٌ جيدٌ.
4 (عمر بن مظفر بن سعيد، القاضي.)
) رشيد الدين، أبو حفص، الفهري، الفوي، المصري، الشاعر، الكاتب. تقلب في الخدم الديوانية. وكان شاعراً محسنا، مدح الملوك والوزراء. وكان كثير المحفوظ، حلو النادرة.

(46/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 373
روى عنه الزكي المنذري، وغيره. وعاش خمساً وسبعين سنة. توفي في سابع جمادى الأولى.
4 (عوض بن فخير بن رمضان.)
أبو القاسم القرشي، الفهري، الفوي، ثم المصري، الأديب، الشاعر، ويعرف بالأديب القطان. صحب الأديب إسماعيل العطار. روى عنه من شعره الزكي المنذري وقال: كان محباً للفضيلة، كثير الشغف بعرفة التواريخ، والوفيات، والوقائع. توفي في العشرين من رمضان عن أربعٍ وثمانين سنة.
4 (حرف اللام)

4 (لب بن عمر بن جراح.)
أبو عيسى الأنصاري، المراكشي. أخذ كتابي النجم والكواكب للإقليشي عن ابن كوثر. وتلا بالسبع بسبتة على أبي زكريا الهورني. توفي في شوال. قاله ابن فرتون.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن احمد بن يعلى.)
أبو عبد الله، الهاشمي، المالقي، المعمر، المالكي، الضرير، نزيل الإسكندرية، ويعرف بالغزال. ذكر أنه ولد بمالقة سنة أربع وثلاثين وخمسمائة. وأنه سمع الأحكام

(46/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 374
الكبرى من عبد الحق ببجاية، وأنه سمع من السلفي بالإسكندرية. كتب عنه الزكي عبد العظيم، وذكره في معجمه. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله. الشيخ، محيي

(46/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 375
الدين، أبو بكر، الطائي،)
) الحاتمي، الأندلسي، المرسي، المعروف بابن العربي. ويعرف أيضاً بالقشيري لتصوفه، صاحب المصنفات، وقدوة أهل الوحدة. ولد في رمضان سنة ستين وخمسمائة برسية. وذكر أنه سمع بمرسية، وأنه سمع بقرطبة من أبي القاسم خلف بن بشكوال، وبإشبيلية من أبي بكر محمد بن خلف بن صاف. وقد سمع بمكة من زاهر بن رستم كتاب الترمذي، وسمع بدمشق من أبي القاسم عبد الصمد ابن الحرستاني القاضي، وبالموصل، وبغداد، وسكن الروم مدةً. قرأت بخط ابن مسدي يقول عن ابن العربي: ولقد خاض في بحر الإشارات، وتحقق بمجال العبارات، وتكون في تلك الأطوار حتى قضى ما شاء من لباناتٍ وأوطارٍ، فضربت عليه العلمية رواقها، وطبق ذكره الدنيا وآفاقها، فجال بمجالها، ولقي رجالها. وكان جميل الجملة والتفصيل، محصلاً للفنون أحصن تحصيل، وله في الأدب الشأو الذي لا يلحق. سمع ابن الجد، وابن زرقون، ونجبة بن يحيى. وذكر أنه لقي ببجاية عبد الحق وفي ذلك نظرٌ وأن السلفي أجاز له وأحسبها العامة وذكر أنه سمع من أبي الخير أحمد بن إسماعيل الطالقاني. قلت: هذا إفكٌ بينٌ ما لحقه أبداً. قال ابن مسدي: وله تواليف تشهد له بالتقدم والإقدام ومواقف النهايات في مزالق الإقدام. وكان مقتدراً على الكلام، ولعله ما سلم من الكلام، وعندي من أخباره عجائب. وكان ظاهري المذهب في العبادات، باطني النظر في الاعتقادات، ولهذا ما ارتبت في أمره والله أعلم بسره.

(46/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 376
ذكره أبو عبد الله الدبيثي فقال: أخذ عن مشيخة بلده، ومال إلى الآداب، وكتب لبعض الولاة، ثم حج ولم يرجع، وسمع بتلك الديار. وروى عن السلفي بالإجازة العامة. وبرع في علم التصوف وله فيه مصنفات كثيرة. ولقيه جماعةٌ من العلماء والمتعبدين وأخذوا عنه. وقال ابن نقطة: سكن قونية وملطية مدةً. وله كلامٌ وشعرٌ غير أنه لا يعجبني شعره. قلت: كأنه يشير إلى ما في شعره من الاتحاد وذكر الخمر والكنائس والملاح، كما أنشدنا أبو المعالي محمد بن علي عن ابن العربي لنفسه:
(بذي سلم والدّير من حاضر الحمى .......... ظباءٌ تريك الشمس في صورة الدّمى)
)
(فأرقب أفلاكاً وأخدم بيعةً .......... وأحرس روضاً بالربيع منمنما)

(فوقتاً أسمّى راعي الظبي بالفلا .......... ووقتاً أسمّى راهباً ومنجّما)

(تثلّث محبوبي وقد كان واحداً .......... كما صيّروا الأقنام بالذات أقنما)

(فلا تنكرن يا صاح قولي غزالةٌ .......... تضيء لغزلانٍ يطفن على الدّما)

(فللظّبي أجياداً وللشمس أوجهاً .......... وللدّمية البيضاء صدراً ومعصما)

(كما قد أعرت للغصون ملابساً .......... وللروض أخلاقاً وللبرق مبسما)
ومن شعره في الحق تعالى:
(ما ثمّ سترٌ ولا حجابٌ .......... بل كلّه ظاهرٌ مبيّن)
وله:
(فما ثمّ إلا الله ليس سواه .......... فكلّ بصيرٍ بالوجد يراه)
وله:
(لقد صار قلبي قابلاً كلّ صورةٍ .......... فمرعىً لغزلانٍ وديرٌ لرهبان)

(46/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 377
(وبيتٌ لأوثان وكعبة طائفٍ .......... وألواح توراةٍ ومصحف قرآن)

(أدين بدين الحبّ أين توجّهت .......... ركائبه فالحبّ ديني وإيماني)
وله من قصيدة:
(عقد الخلائق في الإله عقائداً .......... وأنا اعتقدت جميع ما اعتقدوه)
هذا الرجل كان قد تصوف، وانعزل، وجاع، وسهر، وفتح عليه بأشياء امتزجت بعالم الخيال، والخطرات، والفكرة، فاستحكم به ذلك حتى شاهد بقوة الخيال أشياء ظنها موجودةً في الخارج. وسمع من طيش دماغه خطاباً اعتقده من الله ولا وجود لذلك أبداً في الخارج، حتى إنه قال: لم يكن الحق أوقفني على ما سطره لي في توقيع ولايتي أمور العالم، حتى أعلمني بأني خاتم الولاية المحمدية بمدينة فاس سنة خمسٍ وتسعين. فلما كانت ليلة الخميس في سنة ثلاثين وستمائة أوقفني الحق على التوقيع في ورقةٍ بيضاء، فرسمته بنصه: هذا توقيع إلهي كريم من الرؤوف الرحيم إلى فلان، وقد أجزل له رفده وما خبينا قصده، فلينهض إلى ما فوض إليه، ولا تشغله الولاية عن المثول بين أيدينا شهراً بشهرٍ إلى انقضاء العمر. ومن كلامه في كتاب فصوص الحكم قال: أعلم أن التنزه عند أهل الحقائق في الجناب الإلهي) عين التحديد والتقييد، فالمنزه، إما جاهلٌ وإما صاحب سوء أدب، ولكن إذا أطلقاه، وقالا به، فالقائل الشرائع المؤمن إذا نزه ووقف عند التنزيه، ولم ير غير ذلك، فقد أساء الأدب، وأكذب الحق والرسل وهو لا يشعر، وهو كمن آمن ببعضٍ وكفر ببعض، ولا سيما وقد علم أن ألسنة الشرائع الإلهية إذا

(46/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 378
نطقت في الحق تعالى بما نطقت به إنما جاءت به في العموم على المفهوم الأول وعلى الخصوص على كل مفهوم يفهم من وجوه ذلك اللفظ بأي لسان كان في موضع ذلك اللسان، فإن للحق في كل خلقٍ ظهوراً، فهو الظاهر في كل مفهوم، وهو الباطن عن كل فهم، إلا عن فهم من قال: إن العالم صورته وهويته وهو الاسم الظاهر، كما أنه بالمعنى روح ما ظهر فهو الباطن، فنسبته لما ظهر عن صور العالم نسبة الروح المدبرة للصورة، فتوجد في حد الإنسان مثلاً باطنة وظاهرة، وكذلك كلٌ محدود، فالحق محدودٌ بكل حدٍ، وصور العالم لا تنضبط، ولا يحاط بها، ولا يعلم حدود كل سورة منها إلا على قدر ما حصل لكل عالم من صوره، ولذلك يجهل حد الحق، فإنه لا يعلم حده إلا بعلم حد كل صورة وهذا محال. وكذلك من شبهه وما نزهه، فقد قيده وحدده وما عرفه. ومن جمع في معرفته بين التنزيه والتشبه، وصفه بالوصفين على الإجمال، لأنه يستحيل ذلك على التفصيل، كما عرف نفسه مجملاً لا على التفصيل. ولذلك ربط النبي صلى الله عليه وسلم معرفة الحق بمعرفة النفس، فقال: من عرف نفسه عرف ربه. وقال تعالى: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم وهو عينك حتى يتبين لهم أي للناظرين أنه الحق من حيث إنك صورته، وهو روحك، فأنت له كالصورة الجسمية لك، وهو لك كالروح المدبر لصورة جسدك، فإن الصورة الباقية إذا زال عنها الروح المدبر لها لم تبق إنساناً ولكن يقال فيها: إنها صورةٌ تشبه صورة الإنسان، فلا فرق بينها وبين صورةٍ من خشب أو حجارة ولا ينطق عليها اسم إنسان إلا بالمجاز لا بالحقيقة. وصورة العالم لا يتمكن زوال الحق عنها أصلاً، فحد الألوهية له بالحقيقة لا بالمجاز كما هو حد الإنسان. إلى أن قال في قوله تعالى: وقالوا لا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث

(46/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 379
ويعوق ونسراً قال: فإنهم إذا تركوهم جهلوا من الحق على قدر ما تركوا من هؤلاء فإن للحق في كل معبود وجهاً يعرفه من يعرفه، ويجهله من يجهله من المحمديين وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه أي: حكم، فالعالم يعلم من عبد، وفي أي صورة ظهر حتى عبد، وإن التفريق والكثرة كالأعضاء) في الصورة المحسوسة، وكالقوى المعنوية في الصورة الروحانية، فما عبد غير الله في كل معبود. إلى أن قال: مما خطيئاتهم فهي التي خطت بهم فغرقوا في بحار العلم بالله، وهو الحيرة فادخلوا ناراً في عين الماء في المحمديين وإذا البحار سجرت سجرت التنور: إذا أوقدته فلم يجدوا من دون الله أنصاراً فكان الله عين أنصارهم، فهلكوا فيه إلى الأبد فلو أخرجهم إلى السيف سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وإن كان الكل لله وبالله، بل هو الله. وقال في قوله: يا أبت افعل ما تؤمر فالوالد عين أبيه، فما رأى يذبح سوى نفسه، وفداه بذبحٍ عظيمٍ، فظهر بصورة كبش من ظهر بصورة إنسان، لا بل بحكم ولد من هو عين الوالد، وخلق منها زوجها فما نكح سوى نفسه فمنه الصاحبة والولد والأمر واحد في العدد. وفيه:
(فيحمدني وأحمده .......... ويعبدني وأعبده)

(ففي حالٍ أقرّ به .......... وفي الأعيان أجحده)

(فيعرفني وأنكره .......... وأعرفه فأشهده)
وقال: ثم تممها محمد صلى الله عليه وسلم بما اخبرنا به عن الحق تعالى بأنه عين السمع

(46/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 380
والبصر واليد والرجل واللسان، أي: هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس، فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد. إلى أن قال: وما رأينا قط من عبد الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أوصله إلينا فيما نرجع إليه إلا بالتحديد، تنزيهاً كان أو غير تنزيه، أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش فهذا أيضاً تحديد، ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد، ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا ونحن محدودون فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله: ليس كمثله شيء حدٌ أيضاً إن أخذنا الكاف زائدةً لغير الصفة، وإن جعلنا الكاف للصفة قد حددناه. وإن أخذنا ليس كمثله شيء على نفي المثل تحققنا بالمفهوم، وبالخبر الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة، وإن اختلفت حدودها، فهو محدود بحد كل محدود، فما تحد شيئاً إلا وهو حدٌ للحق، فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود، فهو عين الوجود. وذكر فصلاً من هذا النمط. تعالى الله عما يقول علواً) كبيراً. أستغفر الله، وحاكي الكفر ليس بكافرٍ. قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في ابن العربي هذا: شيخ سوءٍ، كذاب، يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجاً. هكذا حدثني شيخنا ابن تيمية الحراني به عن جماعةٍ حدثوه عن شيخنا ابن دقيق العيد أنه سمع الشيخ عز الدين يقول ذلك. وحدثني بذلك المقاتلي، ونقلته من خط أبي الفتح بن سيد الناس أنه سمعه من ابن دقيق العيد. قلت: ولو رأى كلامه هذا لحكم بكفره، إلا أن يكون ابن العربي رجع عن هذا الكلام، وراجع دين الإسلام، فعليه من الله السلام. وقد توفي في الثاني والعشرين من ربيع الآخر.

(46/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 381
ولابن العربي توسع في الكلام، وذكاءٌ، وقوةٌ حافظةٌ، وتدقيقٌ في التصوف، وتواليف جمةٌ في العرفان. ولولا شطحاتٌ في كلامه وشعره لكان كلمة إجماع، ولعل ذلك وقع منه في حال سكره وغيبته، فنرجو له الخير.
4 (محمد بن جعفر بن أحمد بن علي.)
أبو عبد الله، الأنصاري، الصولي، المالكي. ولد بصول قبل الستين وخمسمائة. وصول: من الصعيد الأدنى. وسمع من أبي البركات هبة الله بن عبد المحسن. روى عنه الزكي المنذري شعراً وقال: توفي في ثاني عشر المحرم.
4 (محمد بن سعيد بن محمد بن سعيد ابن الرزاز.)
أبو سعد، البغدادي. حضر في الرابعة عند عبيد الله بن شاتيل. وصار عدلاً، وولي وكالة أولاد الخليفة. وحدث. وتوفي في جمادى الأولى، ودفن عند أبيه وأجداده.
4 (محمد ابن القاضي عبد الله ابن القاضي السعيد علي بن عثمان، القاضي شرف الدين.)
أبو الحسن، المخزومي، الشافعي، العدل.

(46/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 382
سمع من البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، والأرتاحي، وجماعةٍ كثيرة. وشهد على القضاة، وتقلب في الخدم.) وحدث بمصر والشام. وعاش خمسين سنة. وتوفي في ذي القعدة بغزة.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان بن عبد الله بن علوان بن رافع، قاضي)
القضاة. جمال الدين، أبو عبد الله، ابن الأستاذ، الأسدي، الحلبي، الشافعي. ولد بحلب في سنة أربعٍ وستين وخمسمائة. وسمع من: جده لأمه عبد الصمد لن ظفر، ويحيى الثقفي، وأبي الفتح عمر بن علي الجويني، وغيرهم. وحدث بمصر وحلب. وناب عن أخيه القاضي زين الدين عبد الله، فلما توفي ولي القضاء. وكان من النبلاء العلماء يرجع إلى فضلٍ، ودينٍ وسؤددٍ. روى عنه: الجمال محمد ابن الصابوني، والمجد ابن العديم الحاكم، والشهاب الأبرقوهي، وجماعة. وقد سمع في سنة تسعٍ وستين بقراءة الحافظ عبد القادر الرهاوي على جده المهذب عبد الصمد الخامس عشر من الأفراد للدارقطني: أخبرنا طاهر بن عبد الرحمن ابن العجمي سنة عشرون وخمسمائة، أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسين بن سعدون الموصلي بحلب سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، أخبرنا الدارقطني.

(46/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 383
توفي جمال الدين في صفر بحلب. وقد روى سعد الخير النابلسي، عنه عن القطب مسعود بن محمد.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن مسعود بن الحسين ابن الحلي.)
أبو عبد الله، البغدادي. سمع من: أبي السعادات القزاز، وطاعنٍ الزبيري. وكان كاتباً متصرفاً، متميزاً، حسن الطريقة. توفي في جمادى الآخرة. أجاز للقاضي شهاب الدين ابن الخويي، والبدر حسن ابن الخلال، وزينب بنت الإسعردي،) ومحمد ابن الشيرازي، والبهاء بن عساكر.
4 (محمد بن عبد الملك بن يوسف بن محمد بن قدامة.)
الإمام، أبو يوسف، الجماعيلي. روى عن يحيى الثقفي. روى لبا عنه العماد عبد الحافظ بن بدران. قال الحافظ الضياء: توفي في المحرم بجماعيل. قال: وقال لي بشارة عتيق أبي حمزة: توفي في ذي الحجة سنة سبع، والله أعلم.
4 (محمد بن علي بن عبد الوهاب بن خليف بن عبد القوي.)
الشيخ الجليل، أبو البركات، الجذامي، السعدي، الإسكندراني. من بيت حشمة وتقدم. ولد سنة خمسٍ وستين وخمسمائة. وحدث عن السلفي ببلده وبمصر.

(46/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 384
روى عنه الحافظ عبد العظيم وقال: توفي في التاسع والعشرين من جمادى الآخرة. وروى عنه الجمال ابن الصابوني وقال: سقط عليه جدارٌ فقتله.
4 (محمد بن علي بن محفوظ بن تميم بن إسماعيل.)
الشيخ الجليل، أبو البركات، الأنصاري، الإسكندراني، المعروف بابن تاجر عينة. ولد سنة تسعٍ وأربعين. وحدث عن: السلفي، وعبد العزيز بن فارس الشيباني. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والتاج الغرافي، وجماعة. وقد توفي في شعبان.
4 (محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي العجائز.)
أبو عبد الله، الأزدي، الدمشقي. من بيتٍ كبر قديم. رق حاله وافتقر، وصار يخدم القضاة، ويقف بين أيديهم. حدث عن: أبي القاسم بن عساكر الحافظ، وأبي بكرٍ عبد الله بن محمد النوقاني. روى عنه الزكي المنذري وقال: كان شيخاً صالحاً، حدث من أهل بيته جماعةٌ.) قلت: وقد حدث الحافظ أبو القاسم عن جده أبي الفهم عبد الرحمن.

(46/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 385
وممن روى عن محمد: المجد ابن الحلوانية، والبدر ابن الخلال. وأجاز لأبي المعالي ابن البالسي، وتقي الدين سليمان الحاكم، وإبراهيم بن أبي الحسن المخرمي، والشيخ علي القارئ. وتوفي في رابع شوال.
4 (محمد بن لؤي.)
أبو منصور البغدادي، الأديب. من شعراء الديوان العزيز. وكان مسناً، عاش تسعين سنة. وتوفي في جمادى الأولى. وله من قصيدة:
(لا نفع في عذلي وعندي منهم .......... خوف التّفرّق مقعدٌ ومقيم)

(ولقد أراني ذا اشتياقٍ بعدهم .......... إن هبّ من أرض الغوير نسيم)

(هل عندكم ترياق من هو في الهوى .......... بلحاظ آرام الخدور سليم)

4 (محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ابن الحاج.)
أبو القاسم، التجيبي، القرطبي. سمع من: نجبة بن يحيى، وابن غالب. وتوفي بإشبيلية في عشر السبعين في صفر.
4 (محمد بن أبي المظفر محمد بن علي بن عبد الله.)
المعروف الصدر، ابن الهروي. بغداديٌ، شاعرٌ، وخليعٌ ماجنٌ، له يدٌ طولى في النظم والنثر، والجد

(46/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 386
والهزل. وسلك في شعره أسلوب ابن حجاجٍ في الفحش في بعض الأوقات. وله مقامات مليحة. توفي في تاسع جمادى الآخر.
4 (محمد بن أبي بكر بن عبد الواسع الهروي.)
الإسكاف، نزيل جبل قاسيون. حدث عن أحمد بن حمزة الموازيني. كتب عنه عمر ابن الحاجب. وحدث عنه ابن الحلوانية، وغيره.) وتوفي بعد الحج بخيبر في المحرم.
4 (مظفر بن أبي القاسم عبيد الله بن المبارك بن إبراهيم بن مختار.)
العدل، الرئيس، أبو نصر، ابن السيبي، البغدادي، الأزجي، الدقاق. أسمعه أبوه من: نصر الله القزاز، وذاكر بن كامل، وجماعة. وحضر ابن شاتل. وهو من بيت حديثٍ وعدالةٍ. قال ابن النجار: لم يكن محمود الطريقة. توفي في ثامن عشر ربيع الأول. أجاز لسعد الدين، وللبجدي، وبنت مؤمن.
4 (ممدود بم عبد الله الربابي، القوال، البغدادي.)
كان أستاذاً في الطرب وعلم الموسيقى. ولم يكن في وقته مثله. وكان طيب الصوت، بعيد الصيت، ظريفاً، خفيفاً، لطيفاً، له حشمةٌ ودنيا. توفي في ذي القعدة، وله سبعون سنة، ودفن بداره.
4 (مواهب بن أبي الرضا محمد بن المبارك بن عد الرحمن بن عصية بالضم، والأصح)
بالفتح.

(46/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 387
أبو بكر، البغدادي. سمع من عبد المغيث بن زهير. مات في ربيع الآخر.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن أحمد بن أبي الفتح ابن الدخني.)
بغدادي. روى عن فارسٍ الحفار.
4 (هبة الله بن علي بن أبي البركات هبة الله.)
أبو البركات أخو الإمام أبي الفضل جعفر الهمذاني. روى عن السلفي بالإجازة.
4 (حرف الياء)

4 (يوسف ن سلمان بن قاسم.)
) أبو الحجاج، القلوسني، الصعيدي، الزاهد، مريد الشيخ أبي عبد الله القرشي. كان أحد من يشار إله بقلوسنا بالصلاح والكرامات، وله أتباعٌ. وكان من أبناء الثمانين. توفي في جمادى الآخرة.
4 (يوسف بن عبد المنعم بن نعمة بن سلطان بن سرور بن رافع بن حسن.)

(46/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 388
الفقيه، تقي الدين، أبو عبد الله، المقدسي، ثم النابلسي، الحنبلي. ولد ببيت المقدس تقديراً في سنة ستٍ وثمانين. وقدم دمشق وسمع بها من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم ابن الحرستاني، وست الكتبة بنت الطراح، وطائفةٍ. وتفقه على الشيخ الموفق. وكتب الخط المنسوب. وكان إمام الجامع الغربي بنابلس. وفيه دينٌ، وعبادةٌ، وخيرٌ. كتب عنه عمر ابن الحاجب، وغيره. وتوفي في عاشر ذي القعدة.
4 (وفيها ولد)
العماد محمد بن علي ابن البالسي العدل، في صفر. والبهاء محمد بن يوسف ابن البرزالي العدل، في رجب. وأبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد ابن الحاج القرطبي المالكي. والعماد علي بن عبد العزيز ابن السكري، الخطيب المصري. والفتح محمد ابن محيي الدين عبد الله بن عبد الظاهر الموقع. والعفيف محمد بن عبد المحسن ابن الدواليبي الواعظ، شيخ المستنصرية. والعفيف عبد الخالق بن أبي علي ابن الفارع الحموي، في رجب. وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الحسيني الناسخ، أخو التاج الغرافي، بالإسكندرية. والنجم عبد اللطيف بن عبد العزيز بن تيمية. والصلاح صالح بن أحمد القواس البعلبكي الشاعر. وإسماعيل بن صالح بن هاشم ابن العجمي الحلبي الفقيه. والشيخ محمد بن أحمد بن منعة الصالحي. والمجد محمد بن عمر بن محمد ابن العماد الكاتب، في جمادى الأولى.) والفتح عبد الوهاب بن محمد بن محمد بن محمد ابن البلخي الحنفي، بحلب.

(46/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 389
4 (وفيات سنة تسع وثلاثين وستمائة.)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أسفنديار بن الموفق.)
أبو العباس، البوشنجي، الواعظ، شيخ رباط الأرجوانية. كان أديباً، شاعراً، مفوهاً. توفي فجاءةً في ذي القعدة.
4 (أحمد بن الحسين بن أحمد بن معالي بن منصور.)
العلامة شمس الدين، أبو عبد الله، ابن الخباز، الإربلي الأصل، الموصلي، النحوي، الضرير، صاحب التصانيف. كان أستاذا بارعا في النحو واللغة والعروض والفرائض. وله شعر رائق. توفي في رجب في عاشره بالموصل، وله خمسون سنة. وله:

(46/389)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 390
(سقت الغضون الرّاح من حركاتها .......... وتعلّم الملكان من لحظاتها)

(سمراء تحمى بالملاحة، طرفها .......... كسنانها، وقوامها كقناتها)

(يا من غرسن لها المودة في الحشى .......... وسقتها من أدمعي لنباتها)

(لا تحسبي طول النّوى ينسي الهوى .......... حتّى تردّ النفس عن صبواتها)

4 (أحمد ابن تاج الدولة عبد الله ابن الوزير أبي الفرج محمد بن عبد الله بن هبة الله بن)
المظفر ابن رئيس الرؤساء الوزير أبي القاسم ابن المسلمة. أبو الفضل، البغدادي. كان عاشر الفقراء ويسلك منهجهم. وكان يقرأ بصوتٍ طيبٍ. توفي في رجب.
4 (أحمد بن يعقوب بن عبد الله بن عبد الواحد.)
أبو العباس، البغدادي، المارستاني، الصوفي، قم جامع المنصور. ولد في حدود سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة.) وسمع: أبا المعالي محمد بن محمد ابن اللحاس، وعمر بن بنيمان البقال، وأبا علي أحمد بن محمد الرحبي، ومحمد بن أسعد العطاري حفدة، وخديجة بنت النهرواني، وشهدة بنت الإبري، وأبا الفرج محمد بن أحمد الدقاق، وغيرهم. وكان شيخاً صالحاً، معمراً، عالي الإسناد. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والفاروثي، وأبو القاسم بن بلبان، وأبو الفضل محمد بن أبي الفرج ابن الدباب، وأبو بكر محمد بن أحمد الشريشي، وعبد الله بن أبي السعادات، وأبو الحسن علي بن أحمد الحسيني الغراف، وجماعةٌ. وبالإجازة القاضيان ابن الخويي، وتقي الدين سليمان، والفخر إسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وابن سعد، وعيسى المطعم، وأحمد بن الشحنة، وآخرون.

(46/390)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 391
قال ابن نقطة: هو ابن الحبيق. سمعت منه، وسماعه صحيح. وكان رجلاً صالحاً. توفي في الثالث والعشرين من ذي الحجة. قلت: ومن مسموعه كتاب التقوى لابن أبي الدنيا على ابن اللحاس بإجازته من أبي القاسم ابن البسري. وسمع منه ابن الجوهري نسخة الكجي عن القعنبي، بسماعه من جعفر ابن الدامغاني، عن ابن سوار، وابن المقير، وعن محمد بن الحسين الحراني، عن ابن ماسي، عنه. وسمع منه الجزء الثاني عشر من مسند الحارث بن أبي أسامة، بسماعه من عمر بن بنيمان في سنة ستٍ وخمسين وخمسمائة: أخبرنا الطريثيثي، أخبرنا الحسين بن شجاع، عن ابن خلاد، عنه. قرأت على أبي الحسن العلوي أن أحمد بن يعقوب أخبرهم: أخبرنا محمد بن محمد، أخبرنا علي بن أحمد كتابة، أخبرنا عبيد الله ن أبي مسلم، حدثنا أبو بكر الصولي، حدثنا أبو بكر أحمد بن عمرو البزار، حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا علي بن هاشم بن البريد، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، عن أي ذر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي بن أبي طالب: أنت أول من آمن بي، وأنت أول من يصافحني يوم القيامة، وأنت الصديق الأكبر، وأنت الفاروق تفرق بين الحق والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الكافرين. محمد بن عبيد الله ليس بشيءٍ.)
4 (أرسلان شاه بن أبي بكر بن أيوب بن شاذي السلطان.)

(46/391)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 392
الملك الحافظ نور الدين ابن السلطان الكبير الملك العادل الأيوبي صاحب جعبر. ملك قلعة جعبر دهراً طويلاً، وكان بها خزائن عظيمة من المال لوالده، فلما تولى أخوه أخذها منه، فلما كان في أواخر أمره وخاف من الخوارزمية لأنهم شعثوا بلاده، وخاف من ابنه أن يسلم إليهم القلعة، فأرسل إلى أخته صاحبة حلب ليسلم إليها قلعة جعبر وبالس، وأن تعوضه بمدينة عزاز، ففعل ذلك وتسلم نوابه بلد عزاز وقلعتها، فسمعت الخوارزمية وأغاروا على جعبر وبالس، وعثروا على أهلها ثم إنه سكن عزاز، فتوفي بها وحمل تابوته إلى حلب ودفن بالفردوس.
4 (إسحاق بن طرخان بن ماضي بن جوشن.)
الفقيه، تقي الدين، أبو الفداء، ابن الفقيه العالم أبي محمد، اليمني الأصل، الدمشقي، الشاغوري، الشافعي. سمع والده في سنة أربع وخمسين من أبي يعلى حمزة بن أحمد ابن كورس الثلث الأخير من كتاب البسملة لسليم الفقيه وأجاز له الباقي. وحدث بهذا الكتاب مراتٍ عديدة. وكان شيخاً فاضلاً، حسن الطريقة، يؤم بمسجد بالشاغور. روى عنه: الشرف أبو المظفر ابن النابلسي، والمجد ابن الحلوانية، والشهاب القوصي، والشهاب أحمد بن محمد ابن الخرزي، والشرف ابن عساكر، والبدر

(46/392)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 393
ابن الخلال، والشرف عبد المنعم بن عساكر. وبالحضور العماد محمد ابن البالسي. وآخر من روى عنه الشرف محمد بن داود ابن خطيب بيت الآبار. توفي بالشاغور في عاشر رمضان. وهو آخر من روى عن ابن كروس.
4 (إسحاق بن يعقوب بن عثمان.)
الفقيه، جمال الدين، المراغي، الشافعي. تفقه بمراغة على والده. وبالموصل على ابن يونس مدةً. وصحب الشيخ صدر الدين أبا الحسن بن حمويه بمصر وأعاد له مدة. وولي تدريس جامع الإسكندرية.) وكان إماماً فاضلاً. له تعليقٌ في الخلاف. توفي في حادي عشر جمادى الأولى بالقاهرة، وقد نيف على السبعين رحمه الله تعالى.
4 (أسعد ابن القاضي عبد الغني بن أسعد بن عبد الغني بن أسعد.)
القاضي الجليل، نفيس الدين، أبو الكرم، ابن قادوس، العدوي، المصري. شيخٌ معمر. ولد بمصر في رجب سنة ثلاثٍ وأربعين. وسمع من: الشريف أبي الفتوح الخطيب، وأبي العباس أحمد بن الحطيئة وهو آخر أصحابهما، وأبي الحسن علي بن عبد الرحيم ابن العصار، وعبد الله بن بري، ومحمد بن علي الرحبي، وغيرهم. وبالإسكندرية من: عبد المجيد بن دليل، والقاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وأبي طاهر السلفي، لكن لم يظهر سماعه منه إلا قبيل موته ولم يحدث عنه. سمع الأول من الثقفيات.

(46/393)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 394
وكان كثير التلاوة للقرآن. روى عنه: الزكي المنذري، والمجد ابن الحلوانية، وابن مسدي، وأثنى عليه في معجمه. وبالإجازة القاضي شهاب الدين ابن الخويي، وغيره. ولم أسمع على أحدٍ من أصحابه لا بالسماع ولا بالإجازة. توفي في التاسع والعشرين من ذي الحجة بالإسكندرية.
4 (إسماعيل بن سعد السعود بن أحمد بن هشام.)
أبو أمية الأموي، الأندلسي، اللبلي، نزيل إشبيلية. روى عن أبي الوليد والده، وعن أبي بكر محمد بن خلف بن صاف، وأخذ عنه القراءآت، وسمع منه صحيح البخاري. وسمع صحيح مسلم بقرطبة من أبي بكر بن خير. وكان مولده في سنة ثمانٍ وخمسين. ومات ابن صاف سنة خمسٍ وثمانين، وهو من كبار أصحاب أبي الحسن شريح. ولي أبو أمية قضاء مراكش في الفتنة. ثم انصرف إلى إشبيلية. قال الأبار: أخذ عنه أصحابنا. وتوفي سنة تسبع. قلت: كتابتها تحتمل العامين فالله أعلم.)
4 (إسماعيل بن ظفر بن أحمد بن إبراهيم بن مفرج بن منصور ابن ثعلب بن عنيبة ثانيه)
نون

(46/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 395
. الرجل الصالح، أبو الطاهر، المنذري، النابلسي، ثم الدمشقي، الحنبلي، المحدث. من ولد النعمان بن المنذر ملك عرب الشام. ولد بدمشق في سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وسمع بمصر من: أبي القاسم البوصيري، وأبي عبد الله الأرتاحي، وإسماعيل بن ياسين، وجماعة. ورحل إلى العراق، فسمع من: المبارك بن المعطوش، وأبي الفرج ابن الجوزي، وعبد الله بن أبي المجد. ودخل إصبهان، فسمع من: أبي المكارم اللبان، ومحمد بن أبي زيد الكراني، وأبي جعفر الصيدلاني، وطائفةٍ. ورحل إلى خراسان وأدرك أبا سعد عبد الله بن عمر الصفار، وسمع منه ومن منصور الفراوي، والمؤيد. وبحران: عبد القادر الحافظ، وانقطع إليه مدةً وأكثر عنه. وجاور سنة بمكة لأجل ابن الحصري. وكان كثير الأسفار، فقيراً، قانعاً، ديناً، صالحاً، له كرامات. قال عمر ابن الحاجب: كان عبداً صالحاً، ذا مروءة، مع فقر مدقع، صاحب كرامات. قلت: حدث بدمشق، وحران، وبغداد. وعني بالحديث، وكتب بخطه الكثير وهو خط رديء فيه سقم. قال الحافظ الضياء: وهو رجل دين، خير، اعتنى بطلب الحديث وجمعه. قلت: روى عنه هو، والزكيان البرزالي، والمنذري، والمجد ابن الحلونية، والعماد إبراهيم بن الماسح، والحسام عبد الحميد اليونيني، والبدر حسن ابن الخلال، والعماد إسماعيل ابن الطبال، والنجم موسى الشقراوي، والشمس محمد ابن الواسطي، والعز أحمد ابن العماد، والفخر إسماعيل بن عساكر، والقاضي تقي الدين سليمان. وبالحضور العماد محمد ابن البالسي. ومات بجبل قاسيون في رابع شوال.

(46/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 396
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن محمد بن هبة الله.)
أبو الفضل، الخلدي، البغدادي، الصوفي، ساكن الديار مصر. قال ابن مسدي: لقيته، فذكر لي أنه سمع البخاري من أبي الوقت، وأن له سماعات كثيرة من) أبي زرعة، وغيره. ورحل إلى السلفي، وأن أثباته مودعة، وأنه ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة فقرأت عليه بالإجازة العامة من أبي الوقت. مات بقوص سنة تسع وثلاثين.
4 (جعفر بن مكي بن علي بن سعيد.)
الحاجب، الرئيس، أبو محمد، فخر الدين، البغدادي، المقرئ، الشافعي، الشاعر. قرأ القراءآت، وتفقه، وقرأ الأصلين، والخلاف، والعربية. وله شعر كثير مدون في مجلدتين. وكان خازن كتب النظامية، ثم صار حاجباً بباب المراتب، ثم عزل ثم أعيد،

(46/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 397
ثم عزل، ثم صار من حجاب المناطق، وقدم على سائر الشعراء الديوان العزيز. وتوفي في ثاني صفر. وقد حدث عن عمر بن بكرون. وعاش سبعاً وستين سنة. ومن شعره:
(كم سامني أبرق الوادي وأجرعه .......... شوقاً ظللت غداة البين أجرعه)

(وكم يسمّعني فيه العذول على .......... حبّي ظالماً ما لست أسمعه)

(بان الحبيب ولمّا يقض لي وطرٌ .......... فبان عنّي لمّا بان موضعه)

(نخّلف الجسم عنه يوم كاظمةٍ .......... لكنّ قلبي المعنّى سار تبعه)

4 (حرف الحاء)

4 (حرمي بن محمود بن عبد الله بن زيد بن نعمة.)
الصالح، أبو الحرم، الرؤبي، ورؤبة: بالضم، قرية بالشام المصري المولد والدار، الطحان. ولد قبل الستين وخمسمائة. وسمع من عبد الله بن عبد الرحمن البلنسي بمصر، ومن الشريف أبي الفضل عباس بن الحسين العباسي الطبري بمكة. روى عنه زكي الدين المنذري وقال: توفي في العشرين من صفر.
4 (الحسن بن إبراهيم بن هبة الله بن دينار.)

(46/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 398
أبو علي، المصري، السمسار، الصائغ. ولد سنة خمسين.) وسمع من السلفي. روى عنه: الزكي المنذري، والكمال ابن العديم الصاحب، وابنه أبو المجد الحاكم، والمجد ابن الحلوانية، والجمال محمد ابن الصابوني، وولده الشهاب أحمد، والعلاء بن بلبان، والضياء عيسى السبتي، وموفقية المصرية، وجماعة. وبالإجازة أبو نصر محمد ابن الشيرازي، والشمس عبد القادر ابن الحظيري، وغيرهما. ومات في ثامن عشر جمادى الآخرة.
4 (الحسن بن علي بن أبي السعود.)
الأديب، أبو محمد، الكوفي، نزيل القاهرة. له قصيدة نونية في القراءآت رواها عنه الدمياطي أبو محمد وقال: توفي في جمادى الآخرة بالقاهرة.

(46/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 399
4 (الحسين بن أحمد بن الخضر.)
أبو عبد الله، الحربي، البزاز. شيخ صالح. حدث عن عبد المغيث بن زهير. ومات في ربيع الآخر.
4 (حرف الراء)

4 (ربيعة بن أبي الجواد حاتم بن سنان بن بشر.)
أبو محمد، الرملي، ثم المصري، الجلد، الكتبي. سمع من: قاسم بن إبراهيم المقدسي، وأبي القاسم هبة الله البوصيري. وأم بمسجد عبد الله بمصر. روى عنه: الزكي المنذري، والمجد ابن الحلوانية، وجماعة. توفي في ذي القعدة.
4 (رشيد الدين ابن الصوري.)
الطبيب، أبو منصور، ابن أبي الفضل بن علي. ولد سنة ثلاثٍ وسبعين بصور، ونشأ بها.

(46/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 400
واشتغل على موفق الدين عبد العزيز، والموفق عبد اللطيف بن يوسف.) وطب بالقدس مدة. وخدم الملك العادل، ثم عظم عند المعظم، وتمكن منه ومن ابنه الناصر، وفوض إليه ابنه رئاسة الأطباء. وكان له حلقة إشغال. توفي بدمشق في أول رجب.
4 (حرف السين)

4 (سليمان بن إبراهيم بن هبة الله بن رحمة.)
الفقيه، المحدث، الزاهد، أبو الربيع، الإسعردي، خطيب بيت لهيا. ولد بإسعرد في سنة سبع وستين وخمسمائة. وطلب الحديث بدمشق لما قدمها، وتخرج بالحافظ عبد الغني، وسمع منه ومن الخشوعي، وجماعة. وبمصر من: البوصيري، وابن ياسين، وفاطمة بنت سعد الخير، والأرتاحي. وبالإسكندرية من عبد الرحمن بن موقى. وكتب الكثير بخطه وهو طريقة معروفة فيها تكويف. وكان صالحاً، ثقة، خيراً. أسمع بنته زينب الكثير، وهي أحد من روى صحيح البخاري بالقاهرة عالياً. روى عنه الشهاب القوصي، والمجد ابن الحلوانية، والشرف أبو الحسين اليونيني، والبدر حسن ابن الخلال، وأبو إسحاق إبراهيم بن حاتم، وأبو العباس أحمد بن طي، وجماعة. وبالإجازة: العماد ابن البالسي، ومحمد بن مشرق، وغيرهما. ومات في الثاني والعشرين من ربيع الآخر ببيت لهيا.

(46/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 401
4 (حرف الشين)

4 (شمس الدين ابن الخباز النحوي.)
أحمد، تقدم.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن المبارك بن أحمد بن أحمد.)
أبو محمد البقال، البغدادي. حدث عن المنعم بن كليب.) وعاش ثمانين سنة. وتوفي في نصف ربيع الأول.
4 (عبد الله بن معد بن عبد العزيز بن عبد الكريم.)
الفقيه، جمال الدين، أبو محمد، ابن البوري، الدمياطي، الشافعي، المدرس بالإسكندرية بمدرسة السلفي. ولد سنة أرع وستين وخمسمائة ظناً. وتفقه، ودرس، وتقلب في الخدم الديوانية. وحدث بدمشق عن أبي القاسم عبد الرحمن بن موقى. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والبدر ابن الخلال، وغيرهما. وولي التدريس بالإسكنرية إلى أن توفي. مات بالقاهرة في عاشر جمادى الآخرة.
4 (عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماضي بن وحيش بن علي، الفقيه.)

(46/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 402
أبو محمدٍ، المقدسي، الحنبلي. حدث عن يحيى الثقفي. وجلس لإقراء القرآن، وانتفع به خلق بالجبل. وكان من أهل الدين والصلاح. روى عنه: المجد ابن الحلوانية، وأبو علي ابن الخلال، والعماد الحافظ، ومحمد بن علي الواسطي، وغيرهم. توفي في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة.
4 (عبد الرحمن بن مقبل بن الحسين بن علي، العلامة.)
قاضي القضاة، عماد الدين، أبو المعلي، الواسطي، الشافعي. ولد بواسط سنة سبعين، وتفقه بها. وقرأ القرآن وجوده فتفقه على ابن البوقي، وعلى: المجير البغدادي، وأبي القاسم بن فضلان، وابن الربيع. وبرع في المذهب، وأعاد وأفتى، ودرس، وناب في القضاء عن أبي صالح الجيلي، ثم ولي بعده قضاء القضاة في سنة أربع وعشرين. وولي تدريس مذهبه بالمستنصرية إحدى وثلاثين.) ثم عزل من الكل في شعبان ثلاث وثلاثين، ولزم بيته، ونسك، وتعبد، ثم ولي مشيخة رباط الموزبانية في سنة خمس وثلاثين إلى أن مات. وحدث عن عبد المنعم بن كليب. مات في الحادي والعشرين من ذي القعدة عن سبعين سنة.

(46/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 403
وكان من عقلاء العلماء.
4 (عبد الرحيم بن أبي أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي بن سكينة.)
عون الدين، أبو محمد. شيخ رباط العميد، وناظر وقفه. وكان له اتصال بالدولة. وولي وكالة شرف الدين إقبال الشرابي وكان مقصداً في قضاء الحوائج، ذا مروءة وتودد، وحسن عشرة. توفي في شعبان كهلاً.
4 (عبد السيد بن أحمد بن عبد السيد بن أبي سعد بن محمد.)
أبو محمد، الضبي، البعقوبي، خطيب بعقوبا. سمع من: يحيى بن ثابت، وأحمد بن المبارك المرقعاتي، وغيرهما. روى عنه: أبو المعالي الإبرقوهي، وغيره. وبالإجازة القاضيان ابن الخويي وتقي الدين سليمان، والفخر بن عساكر، وأبو بكر بن عبد الدائم، وعيسى المطعم، وسعد الدين بن سعد، والشهاب أحمد بن أبي طالب، وغيرهم. توفي ببعقوبا في ثاني عشر صفر وله تسع وسبعون سنة.
4 (عبد العظيم بن عبد المنعم بن يحيى بن الحسن بن موسى.)
أبو محمد، التيمي، الكري. ذكر أنه من ولد نوح بن طلحة بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

(46/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 404
ولد بعد السبعين وخمسمائة بالصعيد. وصحب الصالحين، ودخل المغرب وذكر أنه سمع من أبي عبد الله محمد ابن القطان بمنكاسة. كتب عنه الزكي المنذري فوائد وقال: كان صالحاً، حسن الطريقة، له قبول تام بدهر يوط، وبها مات في المحرم.)
4 (عبد الغني ابن شيخ حران وخطيبها فخر الدين أبي عبد الله محمد بن الخضر بن محمد بن)
الخضر بن علي بن تيمية. الخطيب، سيف الدين، أبو محمدٍ، والد شيخنا العدل أبي الحسن علي. سمع من والده، ومن عبد القادر الرهاوي. وولي الخطابة بعد أبيه. ولد سنة إحدى وثمانين، وتوفي في سابع عشر المحرم.
4 (عبد اللطيف بن أحمد بن مكي بن رجاء.)
أبو طالب، التيمي، البغدادي، الخياط. حدث عن أبي السعادات نصر الله القزاز. ومات في صفر.
4 (عبد المجيد ابن تاج الدين الحسن بن أبي الفتوح عبد الله بن هبة الله بن المظفر ابن رئيس)
الرؤساء. ابن أخي الوزير أبي الفرج. ولد سنة ست وستين ببغداد.

(46/404)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 405
وسمع من أبي الخير أحمد بن إسماعيل القزويني. وأجاز له أبو الحسين عبد الحق، وشهدة. وهو من بيت حشمة ووزارة. أجاز للقاضي تقي الدين سليمان، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وسعد الدين، وجماعة. وتوفي في رمضان. عبد المنعم بن رضوان بن سيدهم بن مناد. زين الدين، أبو محمد، الكتامي، المصري، الشارعي، الشافعي، المقرئ. ولد ظناً في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وقرأ بالروايات على الشيوخ. وسمع من: علي بن هبة الله الكاملي، وعثمان بن فرج العبدري، وإسماعيل بن ياسين، وجماعة. وأجاز له أبو القاسم بن حبيش الحافظ، وأبو زيد السهيلي من المغرب. وكان إمام مسجد فندق مسرور.) روى عنه: الزكي المنذري، والمجد ابن الحلوانية، والشهاب الأبرقوهي، والشرف الدمياطي، وجماعة. وكان صالحاً، خيراً كوالده. توفي في ثاني عشر جمادى الآخرة.
4 (عبد الواحد الدمشقي.)
الزاهد رحمه الله تعالى. قال الإمام أبو شامة: أقام قساً راهباً بكنيسة مريم سبعين سنة، ثم أسلم

(46/405)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 406
قبل موته بأيام، وأخذته الصوفة إلى السميساطية وأقام بها أياماً، ومات وكانت له جنازة حافلة.
4 (عثمان بن سعيد بن كثير.)
الإمام شمس الدين، أبو عمرو، الصنهاجي، الفاسي. قدم مصر في صباه وسكنها. وسمع من: عشير بن علي المزارع، وهبة الله البوصيري، وغيرهما. وتفقه على الشهاب محمد بن محمود الطوسي، ومهر في مذهب الشافعي. وولي قضاء قوص، وتصدر بالجامع العتيق بمصر، وولي وكالة القاهرة ومصر مدةً، ودرس بالجامع الأقمر. ولد بفاس في سنة خمس وستين وخمسمائة ظناً. وتوفي بالقاهرة في جمادى الأولى.
4 (علي بن حيدرة بن محمد بن القاسم بن ميمون بن حمزة بن الحسين، الشريف، العدل.)
أبو الحسن، الحسيني، المصري، ويعرف بابن سكر. سمع من: الشريف يونس بن يحيى الهاشمي، وغيره. وشهد عند أبي القاسم عبد الملك بن درباس ومن بعده. وهو من بيت جلالة ونبل. وسكر: بسين مهملة، وكاف مثقلة. توفي في جمادى الآخرة.
4 (علي بن عبد الصمد بن عبد الجليل بن عبد الملك.)
)

(46/406)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 407
الفقيه، بدر الدين، أبو الحسن، الرازي، ثم الدمشقي، الأديب، المؤدب. ذكر أنه ولد في سنة أربع وستين وخمسمائة. وسمع ثمانين حديثاً للآجري من السلفي. وكان يؤدب بمكتب جاروخ جوار العادلية. وله سعر لا بأس به. روى عنه: أبو عبد الله البرزالي، وأبو العباس ابن الحلوانية، وأبو علي ابن الخلال، وأبو المحاسن ابن الخرقي، وأبو بكر عبد الله بن الصائن العامري، وغيرهم. وروى عنه بالحضور: العماد محمد ابن البالسي، ومحمد بن أحمد ابن الكركرية. وأجاز لجماعة. وتوفي في ربيع الآخر. وحضور الاثنين منه في حادي عشر هذا الشهر ومات على إثر ذلك. ورخ وفاته الإمام أبو شامة.
4 (علي بن أبي بكر بن محمد بن محمود.)
أبو الحسن، الصنهاجي، الإسكندراني، العابر، ويعرف بابن الطبيبة. ولد سنة سبع وخمسين. وسمع من أبي طالب أحمد بن المسلم بن رجاء. وله شعر حسن، ومعرفة بالتعبير. وفيه خير وصلاح. أضر بأخرة. ومات في سادس عشر شوال.
4 (عمر بن وفاء بن يوسف بن غنيمة.)
أبو الوفاء، الحربي. شيخ لا بأس به.

(46/407)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 408
سمع محمد بن المبارك ابن الحلاوي قال: أخبرنا محمد بن عبد السلام الأنصاري إجازة.
4 (عياش بن محمد بن أحمد بن خلف بن عياش.)
أبو بكر، القرطبي، الأنصاري، ويعرف بالشنتيالي المقرئ. أخذ القراءآت عن أبيه، وعن جده لأمه أبي القاسم بن غالب. وسمع من أبي العباس ابن الحاج. وولي خطابة قرطبة.) مات بمالقة هو والشيخ أبو عامر يحيى بن الربيع في يوم واحد، في ربيع الأول.
4 (حرف الغين)

4 (غياث بن أفضل بن الأشرف بن أبي المظفر بن أبي المكارم.)
الشريف، أبو المظفر، العباسي، المتوكلي، الحريمي. سمع من: أبي شاكر يحيى السقلاطوني، ولاحق بن كاره، وعبد المغيث بن زهير. وهو بكنيته أشهر. وقيل: إن المحدثين سموه وسمعوا منه. أجاز للفخر إسماعيل بن عساكر، والبدر ابن الخلال، وفاطمة بنت سليمان، وجماعة.
4 (حرف القاف)

4 (قاسم بن عبد الله أحمد بن جمهور.)

(46/408)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 409
أبو عبيد، القيسي، الأندلسي. سمع: أباه، وأبا بكر بن الجد. وعالج الشروط. وبقي إلى قبل الأربعين وستمائة.
4 (قايماز، الأمير، مجاهد الدين.)
أبو المظفر، المعظمي، الشمسي، أبو فصيد. مولى الملك المعظم شمس الدولة تورانشاه بن أيوب بن شاذي بن مروان. كان والي البحيرة، وغيرها. وحمدت سيرته وعفته. كان موصوفاً بالشجاعة والإقدام. له حرمة وقدم. ولد في حدود سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسمع من أبي طاهر السلفي. وحدث بدمشق ومصر. روى عنه: الزكي المنذري، والمجد ابن الحلوانية، والعلاء بن بلبان، وطائفة سواهم. وبالإجازة العماد محمد ابن البالسي. وتوفي في سلخ شوال.
4 (حرف الميم)
)
4 (محمد بن عبيد الله بن عمر بن علي.)
أبو عبد الله، الأنصاري، الأوسي، القرطبي، الضرير، المعروف بابن الصفار.

(46/409)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 410
قال الأبار: سمع أبا القاسم بن بشكوال، وأبا بكر بن الجد، وأبا عبد الله بن زرقون، وأبا محمد بن عبيد الله الحجري، وجماعة. وسكن مراكش، وأخذ القراءآت عن أبي القاسم ابن الشراط، وغيره. وأقرأ. وتجول كثيراً في الفتنة، ثم استقر بتونس، وبها لقيته وصحبته طويلاً وسمعت منه. وإدعى الإكثار عن شيوخه، فاستربت. وكان يقرىء العربية، ويسمع الحديث، وله مشاركة في النظم. توف في جمادى الآخرة وقد نيف على السبعين.
4 (محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن قسوم.)
أبو بكر، الإشبيلي. مصنف كتاب مجالس الأبرار في معاملة الجبار ويشتمل على أخبار صلحاء إشبيلية. روى عنه الحافظ أبو بكر ابن سيد الناس. توفي في ذي الحجة.
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المجيد.)
أبو عبد الله، البغدادي، الصوفي، المعروف بالمصري. ولد سنة ثمانين. وسمع من: أبي منصور عبد الله بن عبد السلام، وذاكر بن كامل، وابن كليب، وطائفة. وكان إماماً فاضلاً متفنناً، عارفاً بالفقه، والخلاف، والنحو، صاحب أدب وشعر، ولطف ونوادر، وفيه مروءة وأخلاق. طلب بنفسه، وأكثر عن أصحاب ابن الحصين، وقاضي المارستان. وكان ثقة متقناً.

(46/410)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 411
روى عنه ابن النجار في تاريخه، وجمال الدين أبو بكر الشريشي. وبالإجازة القاضي شهاب الدين الخويي، والعماد ابن البالسي، وغيرهما. توفي في ثالث ذي العقدة، وقيل: في خامسه. وأظن المحب أدركه.
4 (محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين بن عبد الخالق.)
القاضي، الرئيس، عز الدين، أبو عبد الله، ابن الصاحب صفي الدين، ابن شكر، الشيبي،) المالكي. سمع من: الحافظ ابن المفضل. وأجاز له الخشوعي، وجماعة. توفي في المحرم.
4 (محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي القاسم بن صدقة بن حفص.)
قاضي القضاة، شرف الدين، أبو المكارم، ابن القاضي الرشيد أبي الحسن،

(46/411)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 412
ابن القاضي أبي المجد، ابن الصفراوي، الإسكندراني، ثم المصري، الشافعي، المعروف بابن عين الدولة. ولد بالإسكندرية في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. وقدم القاهرة في سنة ثلاثٍ وسبعين، فكتب لقاضي القضاة صدر الدين عبد الملك بن درباس، ثم ناب عنه في القضاء سنة أربعٍ وثمانين وخمسمائة. وقد حكم بالإسكندرية من أعمامه وأخواله ثمانية أنفسٍ. وناب في القضاء أيضاً عن قاضي القضاة ابن أبي عصرون، وعن زيد الدين علي بن يوسف الدمشقي، وعن عماد الدين عبد الرحمن ابن السكري. ثم استقل بالقضاء بالقاهرة في سنة ثلاث عشر وستمائة. وولي قضاء الديار المصرية وبعض الشامية في سنة سبع عشرة. قال ذلك الحافظ زكي الدين وقال: كان عارفا بالأحكام، مطلعاً على غوامضها. وكتب الخط الجيد. وله نظم ونثر. وكان يحفظ من شعر المتقدمين والمتأخرين جملة. وتوفي في تاسع عشر ذي القعدة. قلت: وروى عنه حكايةً في معجمه وقال: سمع من والده، ومن أبي الطاهر محمد بن محمد بن بنان شعراً، وسمع من قاضي القضاة ابن درباس. وقد ذكره القاضي جمال الدين ابن واصل وقال: عزل عن قضاء مصر بالقاضي بدر الدين السنجاري في سنة ثمانٍ وثلاثين. وبقي شرف الدين ابن عين الدولة قاضياً بالقاهرة وبالوجه البحري. قلت: ثم عاش بعد ذلك أشهراً ومات. قال: وكان فاضلاً في الفقه، والأدب، والشروط، عفيفاً، نزيهاً. وكان يحفظ كثيراً من علم الأدب. ونقل المصريون عنه كثيراً من النوادر والزوائد، وكان يقولها يسكون وناموس. ومن شعره:)

(46/412)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 413
(وليت القضاء وليت القضا .......... ء لم يك شيئاً توليته)

(فأوقعني في القضاء القضا .......... وما كنت قدماً تمنيته)

4 (محمد بن عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن علي.)
أبو عبد الله، ابن أبي بكر، البغدادي، الخراز بخاء معجمة ثم راء. سيخٌ صالح، مسنٌ جاوز الثمانين. وحدث عن: أحمد بن علي بن المعمر العلوي، وأبي علي أحمد بن محمد الرحبي، وعبد الحق. وحدث من بيته جماعةٌ. وتوفي في نصف ذي القعدة، قاله المنذري. وروى عنه ابن النجار. وبالإجازة ابن عساكر، وابن الشيرازي، وسعدٌ، والمطعم، وطائفة.
4 (محمد بن علي بن أبي العز سلطان بن سالم.)
أبو عبد الله، الشيباني، الصوفي، الواعظ. حدث عن ابن كليب. ومات في ثاني عشر ربيع الأول.
4 (محمد بن علي بن سعيد بن أبي نصر.)
الأستاذ، أبو عبد الله، الحصيني، البغدادي، النحوي، الضرير. من أئمة العربية، أخذ عن أبي البقاء. وسمع من: عبد الوهاب بن سكينة، وابن الأخضر.

(46/413)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 414
ودرس النحو بالمستنصرية، وانتفع به جماعةٌ. ومات في شوال. وحصين: من قرى نهر عيسى بالعراق.
4 (محمد بن عيسى بن معتصر.)
أبو عبد الله، المغربي. روى عن: أبي ذر الخشني، وأبي موسى الجزولي. وكان يشارك في فنون. قتل بمراكش.)
4 (محمد بن محمد بن عيسى، الأديب.)
أبو عبد الله، الفاسي، المالكي. ولي القضاء بأماكن من المغرب. وحدث عن: أبي بكر بن أبي جمرة، ونجبة بن يحيى، وطائفة. وعاش سبعين سنة.
4 (محمد بن يحيى بن مظفر بن علي بن نعيم.)

(46/414)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 415
القاضي، العالم، أبو بكر، البغدادي، الشافعي، المعروف بابن الحبير بضم الحاء المهملة. ولد سنة تسعٍ وخمسين. وسمع من: شهدة، وعبد الله بن عبد الصمد السلمي، ومحمد بن نسيم العيشوني، وأبي الفتح بن المني. وحدث، روى عنه لنا أبو الحسن الغرافي. كان إماماً عارفاً بالمذهب بصيراً بدقائقه، ديناً، خيراً، كثير التلاوة والحج، صاحب ليل وتهجد. وكانت له يد طولى في الجدل والمناظرة. تفقه على أبي الفتح بن المني الحنبلي، وعلى المجير أبي القاسم محمود بن المبارك البغدادي، وأبي المفاخر النوقاني. وتأدب على أبي الحسن بن العصار، وغيره. وكان حنبلياً في أوئل أمره ثم تحول شافعياً. وناب في القضاء عن أبي عبد الله بن فضلان. ثم ولي تدريس النظامية في سنة ستً وعشرين وستمائة. أخبرنا علي بن أحمد العلوي، أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الفقيه، أخبرتنا شهدة، أخبرنا طراد، أخبرنا هلال، أخبرنا ابن عياش القطان، أخبرنا أبو الأشعث، حدثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر: أن رجلاً أتى المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصليت يافلان قال: لا قال: قم فاركع. توفي في سابع شوال. قاله ابن النجار وقد روى عنه، ووصفه بالعلم والعمل، فأطنب. أجاز للبهاء ابن عساكر.

(46/415)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 416
4 (محمد بن يوسف.)
أبو عبد الله، المنبجي الصوفي.) توفي بعد ذي النون المصري. وحدث عن البوصيري. مات في رمضان.
4 (مكي بن أحمد بن علي.)
أبو الجرم، المكناسي الوراق. روى عن: عبد المجيد بن محمد الكركنتي، وغيره.
4 (مكي بن داود بن هلال.)
أبو الحرم السعدي، الجزري، نبيه الدين، المالكي. مدرس المالكية بمصر. فقيهٌ، إمامٌ. له شعرٌ وأدب. وقد سمع من الحافظ ابن المفضل. وهو منسوب إلى جزيرة الفسطاط. توفي في تاسع ربيع الأول.
4 (منصور بن حباسة.)
القاضي وجيه الدين الإسكندراني، التاجر، العدل. من أعيان التجار وذوي الثروة. له ببلده مدرسة معروفة، ورباط. توفي في ثاني ذي القعدة.

(46/416)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 417
4 (موسى بن يونس بن محمد بن منعة بن مالك.)
العلامة، كمال الدين، أبو الفتح، الموصلي، الشافعي. أحد الأعلام. ولد في صفر سنة إحدى وخمسين وخمسمائة بالموصل. وتفقه على والده. ثم توجه إلى بغداد، فتفقه بالنظامية على معيدها السديد السلماسي بالخلاف والأصول. وقرأ العربية بالموصل على الإمام يحيى بن سعدون، وببغداد على الكمال عبد الرحمن) الأنباري. وتميز، وبرع في العلم. ورجع إلى الموصل، وأقبل على الدروس والاشتغال والاستبحار من العلوم حتى اشتهر اسمه وبعد صيته، ورحل إليه الطلبة، وتزاحموا عليه. قال القاضي شمس الدين ابن خلكان وهو من بعض تلامذته: انثال عليه الفقهاء، وجمع من العلوم ما لم يجمعه أحد، وتفرد بعلم الرياضي.

(46/417)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 418
قال: وقيل: إنه كان يتقن أربعة عشر فناً من العلوم. وكان الحنيفية يقرأون عليه مذهبهم، ويحل مسائل الجامع الكبير أحسن حلٍ. وكذلك أهل الذمة يقرأون عليه التوراة والإنجيل، ويشرحها لهم شرحاً يعترفون أنهم لا يجدون من يوضحها لهم مثله. وكذلك في كل فنٍ متى أخذ معه يوهم أنه لا يعرف سواه لجودة معرفته به. وبالجملة فأخبار فضله في جميع العلوم مشهورةٌ حتى إن الأثير مفضل بن عمر الأبهري على جلالة قدره في العلم وما له من التصانيف كالتعليقة في الخلاف والزيج يجلس بين يديه، ويقرأ عليه والناس يوم ذاك يشتغلون في تصانيف الأثير. وسئل الشيخ كمال الدين عن الأثير ومنزلته في العلوم، فقال: ما أعلم فقيل: وكيف وهو في خدمتك منذ سنين عديدة واشتغل عليك فقال: لأني مهما قلت له تلقاه بالقبول وما جاذبني في مبحثٍ قط حتى أعلم حقيقة فضله. ولما حج الشيخ قال الأثير لما بلغه انهم لم ينصفوه من دار الخلافة: ولله ما دخل بغداد مثل أبي حامدٍ الغزالي، وولله ما بينه وبين الشيخ نسبة. قال ابن خلكان: وكان الشيخ يعرف الفقه، والأصلين، والخلاف، والمنطق، والطبيعي، والإلهي، والمجسطي، وإقليدس، والهيئة، والحساب، والجبر، والمقابلة، والمساحة، والموسيقى معرفةً لا يشاركه فيها غيره. وكان يقرأ كتاب سيبويه، المفصل للزمخشري. وكان له في التفسير، والحديث، وأسماء الرجال يد جيدة. وكان يحفظ من التاريخ والأخبار شيئاً كثيراً. وله شعر حسن. وكان الأثير يقرأ عليه في المجسطي، وهي لفظة يونانية، أي: الترتيب. وكان شيخنا تقي الدين ابن الصلاح يبالغ في الثناء عليه، ويعظمه، فقيل له يوماً: من شيخه فقال: هذا الرجل خلقه الله عالماً، لا يقال على من اشتغل فإنه أكبر من هذا.

(46/418)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 419
وطول ابن خلكان ترجمته، ثم قال: ومن وقف على هذه الترجمة فلا ينسبني إلى المغالاة فمن كان فاضلاً وعرف ما كان عليه الشيخ، عرف أني ما أعرته وصفاً ونعوذ بالله من الغلو.) ثم إن القاضي رحمه الله أنصف، وقال: كان سامحه الله يتهم في دينه لكون العلوم العقلية غالبةً عليه. وعمل فيه العماد المغربي وهو عمر بن عبد النور الصنهاجي النحوي:
(أجدّك أن قد جاء بعد التعبس .......... غزالٌ بوصل لي وأصبح مؤنسي)

(وعاطيته صهباء من فيه مزجها .......... كرقة شعري أو كدين ابن يونس)
وللعماد هذا فيه وقد حضر درس الشيخ جماعةٌ بالطيالسة:
(كما كمال الدين للعلم والعلى .......... فهيهات ساعٍ في معاليك يطمع)

(إذا اجتمع النّظّار في كلّ موطنٍ .......... فغاية كلٍّ أن تقول ويسمعوا)

(فلا تحسبوهم من عنادٍ تطيلسوا .......... ولكن حياءً واعترافاً تقنّعوا)
وقال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة في تاريخ الأطباء له في ترجمة كمال الدين: وهو علامة زمانه، وأوحد أوانه، وقدوة العلماء، وسيد الحكماء، أتقن حكمة يعني الفلسفة وتميز في سائر العلوم، كان يقرئ العلوم بأسرها، وله مصنفاتٌ في نهاية الجودة، ولم يزل مقيماً بالموصل. وقيل: إنه كان يعرف علم السيمياء وله كتاب تفسير القرآن، وكتاب شرح التنبيه وكتاب مفردات ألفاظ القانون وكتاب في الأصول، وكتاب عيون المنطق، وكتاب لغز في الحكمة، وكتاب في النجوم.

(46/419)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 420
قال ابن خلكان: توفي بالموصل في رابع عشر شعبان. ولما ترددت إليه، وقع في نفسي أن جاءني ابنٌ سميته باسمه، فرزقت ولدي الأكبر في صفر سنة إحدى وخمسين بالقاهرة يعني كمال الدين موسى خطيب كفربطنا قال: وعجبت من موافقته له في تاريخ المولد فبينهما مائة سنة كاملة. قال الموفق عبد اللطيف: ولما كان سنة خمس وثمانين وخمسمائة حيث لم يبق ببغداد من يملأ عيني، ويحل ما يشكل علي، دخلت الموصل فلم أجد فيها بغيتي، لكن وجدت الكمال بن يونس جيداً في الرياضيات والفقه متطرفاً من باقي أجزاء الحكمة ولقد استغرق عقله ووقته حب الكيمياء، وعملها حتى صار يستخف بكل ما عداها. وقال أبو شامة: توفي في نصف شعبان.
4 (حرف النون)

4 (نصر بن علي بن عبد الله بن المبارك بن نغوبا.)
) أبو القاسم، الواسطي. ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة. وتوفي في هذه السنة. وله إجازة أبي الفتح بن البطي، ولقد حدث عنه بها. قلت: سمع شيخنا سنقر القضائي ببغداد سنة أربع وثلاثين جزء البانياسي على خمسة مجتمعين أحدهم ابن نغوبا. ولم يسم في الطبقة، بل كتبوه ابن نغوبا فقط، والظاهر أنه هذا، لأنا لم نعرف أحداً كان حياً في سنة أربعٍ وثلاثين من أولاد ابن نغوبا له سماع أو إجازة إلا هو.

(46/420)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 421
4 (حرف الهاء)

4 (هواش بن رزين بن نمير.)
أبو قايماز، الفرمي، الطيني، المعمر. شيخٌ صالح طاعنٌ في السن. توفي في صفر بدمياط. قال الحافظ زكي الدين: علقت عنه بالطينة على بحيرة تنيس فوائد في سنة أربع وثلاثين، فحدثني أن له من العمر مائة وست سنين، وأن مولده بالفرما، وأن له بالطينة سبعين إلا سنة. قال: ولم تزل الفرما عامرةً حتى خربها شاور، فرأيت الفرما أنا في سنة أربع ثلاثين خاليةً وعليها سورٌ وأبراجٌ.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع بن أحمد بن ربيع.)
أبو عامر، الأشعري، القرطبي. كان من أجل أهل بيته وأعلمهم. روى عن: أبيه، وخلفة بن بشكوال، وأبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، وطائفة. له مصنفات كلامية. ولي قضاء قرطبة، وخرج منها سنة ثلاث وثلاثين حين تغلب عليها العدو، وكان قيماً بعلم الكلام يقرئه، ويقرئ الفقه وأصوله. ولد سنة ثلاثٍ وستين، ومات في ثامن عشر ربيع الأول.)

(46/421)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 422
روى عنه: ابنه أبو الحسين محمد، وأبو علي ابن الأحوص، وأبو جعفر ابن الطباع. توفي بمالقة.
4 (يسار بن خلف بن سراج، الفقيه.)
عفيف الدين، أبو عبد الله، القيسي، الدمشقي، الشاغوري، الشافعي. ولد بحوران، وقدم دمشق، فتفقه، وجود المذهب. وسمع من: يحيى الثقفي، والخشوعي، وجماعةٍ. وروى عنه: الشهاب القوصي، والمجد ابن الحلوانية، وجماعةٌ. وتوفي في تاسع صفر. وكان يشهد ويحضر المدارس.
4 (يوسف بن يحيى بن البركات.)
أبو المظفر، البغدادي، البزاز. ولد سنة ثلاثٍ وستين. وسمع من تجني الوهبانية. أجاز لابن سعد، وللبجدي، وبنت مؤمن، وجماعة.
4 (الكنى)

4 (أبو بكر بن أحمد بن معبد الكريدي.)
الحربي. سمع من أبي الفتح بن البطي. وولد في حدود الخمسين وخمسمائة. وكان شيخاً صالحاً، خيراً. سماه الطلبة تماماً.

(46/422)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 423
وتوفي في خامس جمادى الآخرة.
4 (أبو بكر بن جعفر بن حسنٍ الباهي وباها: قريبةٌ من القاهرة.)
المالكي، العابر، الرجل الصالح. كان إماماً في تعبير الرؤيا مقدماً فيها. توفي بباها وحمل، فدفن بقرب قبر الليث رحمه الله في صفر.)
4 (أبو غالب بن خضر بن نحرير الصالحي.)
الشاوي. حدث عن أبي الحسين أحمد ابن الموازيني. ومنهم من يسميه غالباً. سمع من: التاج بن أبي جعفر، والمجد ابن الحلوانية، وغيرهما. وأجاز للقاضي تقي الدين الحنبلي. ومات في شعبان.
4 (وفيها ولد)
شيخنا القاضي بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني، في ربيعٍ الآخر. والقاضي شرف الدين حسن بن عبد الله ابن الشيخ أبي عمر الحنبلي. والقاضي بهاء الدين يوسف بن محمد بن محمد ابن الأستاذ الحلبي. والنور علي بن عبد العظيم بن سلمان العلوي الرسي، بمصر. سمع ابن رواج. ووكيل بيت المال بمصر مجد الدين عيسى بن عمر ابن الخشاب. والعماد أبو بكر بن مكي بن أبي الخوف، بدمشق، قاضي سرمين.

(46/423)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 424
وشهاب الدين غازي ابن الملك الناصر داود ابن المعظم. وزين الدين عبد الرحمن بن نصر بن عبيد الله الحنفي. والعماد محمد ابن التقي يعقوب ابن الجرائدي. والبدر محمد بن عتيق الأنصاري الشاهد. وأحمد بن عمر النصيبي، الموقت بالقدس. والكمال محمد بن نصر الله بن إسماعيل ابن النحاس، بقاسيون. والشرف إسماعيل ابن الخطيب محيي الدين محمد ابن الحرستاني. والبدر محمد بن علي بن الزبير الجيلي الأصم. والركن عمر بن محمد بن يحيى العتبي الإسكندري. والبهاء إبراهيم بن عبد الرحمن بن نوح المقدسي الكاتب. والعفيف محمد بن عبد المحسن ابن الخراط، شيخ المستنصرية.)

(46/424)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 425
4 (وفيات سنة أربعين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن ثناء بن أحمد.)
أبو العباس، ابن القرطبان، الحربي. سمع: محمد بن المبارك ابن الحلاوي. وعنه ابن النجار وقال: مات في المحرم وقد بلغ الثمانين. قلت: أظن للقاضي تقي الدين سليمان بن حمزة منه إجازة. وأجاز لابن الشيرازي، والمطعم، وسعدٍ، وابن الشحنة. وهو أحمد بن أبي حامد ثناء.
4 (أحمد بن عبد الملك بن عثمان بن عبد الله بن سعد.)
الشيخ، زين الدين، أبو العباس، المقدسي، الحنبلي، الناسخ، الشروطي، المحدث. سمع: يحيى الثقفي، وابن صدقة الحراني، وعبد الرحمن بن علي اللخمي، وإسماعيل الجنزوي، وجماعةً بدمشق. والبوصيري، وإسماعيل ابن ياسين، وجماعة بمصر. وأبا الفرج ابن الجوزي، والمبارك بن المعطوش، وعبد الله بن أبي المجد، وجماعةً ببغداد. وكان مليح الخط، فاضلاً، فقيهاً. سئل عنه الضياء فقال: ما عرفنا منه إلا الخير.

(46/425)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 426
روى عنه: المجد ابن الحلوانية، والتاج عبد الرحمن شيخ الشافعية، وأخوه الشرف خطيب دمشق، والبدر ابن الخلال، والشمس محمد ابن الواسطي، والعز أحمد ابن العماد، وجماعةٌ. وبالحضور ابن البالسي. وتوفي في تاسع عشر رمضان، وله ثلاثٌ وستون سنة. وهو والد الشمس عبد الرحمن.
4 (أحمد بن علي بن محمد بن علي بن شكر.)
أبو العباس، الأندلس، المقرئ. قال الأبار: رحل، وأخذ القراءآت عن أبي الفضل جعفر الهمذاني، وسمع من أبي القاسم بن عيسى. وسكن الفيوم، واختصر التيسير، وصنف شرحاً للشاطبية. وتوفي في حدود الأربعين وستمائة.)
4 (أحمد بن المبارك بن المبارك بن هبة الله بن بكري.)
أبو بكر بن أبي المعالي، الحريمي. سمع من أبي شاكر السقلاطوني. كتب عنه ابن النجار وقال: لا بأس به. توفي في المحرم.

(46/426)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 427
قلت: ومن مسموعه السابع من حديث ابن السماك على أبي شاكر. أجاز لابن الشيرازي وروى عنه بالإجازة.
4 (أحمد بن محمد بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه.)
الصاحب الجليل، مقدم الجيوش الصالحية، كمال الدين، أبو العباس، ابن الشيخ الإمام صدر الدين أبي الحسن، الجويني، ثم الدمشقي، الصوفي، الشافعي. ولد بدمشق سنة أربع وثمانين. وأجاز له: الخشوعي، وأبو الفرج ابن الجوزي. وسمع من جماعة. وحدث. ودرس بمدرسة الشافعي، وبالناصرية المجاورة للجامع العتيق، ومشيخة الشيوخ، وغير ذلك. ودخل في أمور الدولة، وكان نافذ الأمر، مطاع الكلمة هو وإخوته. وكان أخوه معين الدين هو وزير الصالح حينئذٍ. وفي العام الماضي جرد الصالح نجم الدين عسكراً عليهم كمال الدين لحرب الناصر داود، فالتقاه بجبل القدس. واقتتلوا أشد قتالٍ، فانكسر المصريون، وأسر الناصر جماعةً منهم مقدم الجيش كمال الدين فمن الناصر عليهم وأطلقهم. قلت: ثم إن كمال الدين خرج من الديار المصرية بالعساكر لحصار الصالح إسماعيل بدمشق فأدركه أجله بغزة، ودفن بها في ثاني عشر صفر.
4 (أحمد بن محمد ابن القاضي أبي العباس أحمد.)

(46/427)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 428
الفقيه، الإمام، تاج الدين، أبو العباس، البكري، الشريشي، الصوفي، المالكي، الأصولي. له مصنفات في الأصول والنظر ويدٌ في الطب والشعر. وقد دخل بغداد، ولقي بها الشيخ شهاب الدين السهروردي. قال المنذري: توفي بالفيوم في عاشر ربيع الآخر.
4 (أحمد بن نجم بن أحمد بن أبي بكر.)
أبو العباس، البغدادي، الخياط.) رجلٌ صالحٌ. سمعه أبوه كثيراً من المتأخرين. وحدث عن عبد المغيث بن زهير.

(46/428)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 429
أجاز للقاسم بن عساكر، وسعد الدين، والبجدي، وطائفةٍ. توفي في شهر ربيع الآخر.
4 (أحمد بن أبي القاسم بن عنان.)
الفقيه الصالح، أبو العباس، الميدومي، المالكي. كان من أعيان أصحاب أبي القاسم عبد الرحمن بن سلامة المالكي. واشتغل بعلوم النظر، وتصدر بالجامع الأزهر، وأخذ عنه طائفةٌ. وولي خطابة منية الشيرج بظاهر القاهرة، وأم بمسجد الصاغة بالقاهرة، وكان على طريقة السلف، مطرح التكلف، حسن التفهيم. ولد بميدوم من كورة بوش. ومات بالقاهرة في سابع ذي الحجة، ودفن بسفح المقطم بقرب قبر كافور الأخشيدي. قال المنذري: كتبت عنه فوائد. وروى عنه الدمياطي وبحث عليه المنخول للغزالي.
4 (إبراهيم بن بركات بن إبراهيم بن طاهر بن بركات بن إبراهيم بن علي.)
أبو إسحاق، الخشوعي، الدمشقي.

(46/429)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 430
ولد سنة ثمانٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبيه أبي طاهر، وأبي المكارم عبد الواحد بن محمد بن هلال وهو آخر من سمع منه، وأبي القاسم بن عساكر الحافظ، وأبي الفهم بن أبي العجائز، وأبي المعالي بن صابر، والخضر بن طاوس، وعبد الرزاق النجار، ويحيى الثقفي، وغيرهم. وكان مكثراً عن الحافظ أبي القاسم لعله سمع منه أكثر أماليه وكثيراً من مصنفاته. وخرج له أبو عبد الله البرزالي مشيخة. روى عنه: الحافظ الضياء وقال: ما علمت فيه إلا الخير وابن الحلوانية، والشيخ تاج الدين الفزاري، ومحمد بن محمد الكنجي، وأبو علي ابن الخلال، وأبو الفضل الذهبي، وأبو الفداء بن عساكر، ويوسف بن عبادة البقال، وأبو الحسن علي بن أحمد ابن البقال، وخلقٌ) سواهم. وحضر عليه العماد محمد ابن البالسي. وأجاز لجماعةٍ تأخروا. عاش اثنين وثمانين سنة، وتوفي في سلخ رجب بدمشق. وله جماعة إخوة. ولقبه زكي الدين.
4 (إبراهيم بن عمر بن أحمد بن عمر بن سالم.)
أبو إسحاق، الحربي، المعروف بابن الدردانة. ولد سنة اثنتين وخمسمائة. وسمع بنفسه من: أبي منصور بن عبد السلام، وفارس بن أبي القاسم الحفار، وأبي الفرج ابن الجوزي، وطبقتهم. وأجاز له أبو الفتح بن البطي، وأبو بكر بن النقور، وجماعةٌ. سمعنا بإجازته من العماد محمد ابن البالسي، وجماعةٍ. وروى عنه ابن النجار في تاريخه وقال: عزل عن الشهادة لجهله. توفي في ربيع الآخر.

(46/430)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 431
4 (آسية بنت عبد الواحد المقدسية.)
أم أحمد، أخت الحافظ الحجة ضياء الدين. نقلت وفاتها من خط أخيها في السادس والعشرين من رجب، وقال: كانت دينةً، خيرةً، كثيرة الصلاة والصيام، حافظةً لكتاب الله، وكانت تلقن النساء. قلت: روت بالإجازة عن أبي الفتح بن شاتيل، وأبي السعادات القزاز. وولدت سنة سبعٍ وسبعين. وهي والدة الحافظ الزاهد سيف الدين أحمد ابن المجد. وقرأت بخط ابن الحاجب قال: قال الضياء: توصف بالدين والخير وما في زمانها مثلها، لا تكاد تخلي قيام الليل. قلت: روى عنها الشمس ابن الكمال، وعائشة بنت المجد وهي أمها وبالإجازة القاضي تقي الدين سليمان، وغيره.
4 (حرف الباء)
)
4 (باتكين، الأمير.)
أبو الفضل الخليفتي الناصري. قدم بغداد صبياً في سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وتأدب، وأحب الفضيلة، وتنقلت به الأحوال إلى أن أمر وأقطع البصرة في الأيام الناصرية فأثر بها الآثار الجميلة، وبنى بها المدارس، وجدد جامعها، وبنى المارستان والرباط، ووقف على ذلك الأوقاف، وبنى قبةً على قبر طلحة رضي الله عنه وبنى سوراً على البصرة وحصنها، وعدل في الرعية، واشتهر ذكره. ثم طلب وولي سلطنة

(46/431)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 432
إربل، فتوجه إليها، وعدل في أهلها. وكان يرجع إلى دين وخير. وآثاره جميلةٌ كثيرة الله يرحمه فلما أخذت التتار إربل، قدم بغداد ولزم منزله إلى أن توفي في الثالث والعشرين من شوال. أنبأني بأمره ابن البزوري.
4 (بدران بن شبل بن طرخان.)
أبو محمد، المقدسي، الحنبلي، الشيخ الصالح. سمع بدمشق من: الخشوعي، وعمر بن طبرزد. وولد في حدود سنة سبعين بقرية زيتا من أعمال قيسارية. وحدث. وهو والد شيخنا عبد الحافظ. قتل في جملة من قتل بنابلس إذ دخلها الفرنج واستباحوها وقتلوا بها خلقاً كثيراً، والأمر لله.
4 (حرف التاء)

4 (تركان خاتون، الجهة الأتابكية.)
بنت السلطان عز الدين مسعود ابن قطب الدين مودود بن زنكي بن آقسنقر، زوجة الملك الأشرف مظفر الدين موسى. توفيت في ربيع الأول ودفنت بتربتها.
4 (حرف الجيم.)
جمال النساء بنت أبي بكر أحمد بن أبي سعد ابن الغراف.

(46/432)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 433
أم الخير، البغدادية.) سمعها أبوها من: أبي الفتح بن البطي، وأبي المظفر أحمد بن محمد الكاغدي، وشجاع بن خليفة الحربي، وغيرهم. وكانت امرأةً صالحةً من أهل الحربية. حجت غير مرة. وروت. وكان أبوها يروي عن هبة الله بن الحصين. أجازت للفخر إسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والقاضيين ابن الخويي وتقي الدين سليمان، وأبي بكر بن عبد الدائم، وابن سعد، وابن الشحنة، والبجدي، وجماعةٍ. وتوفيت في التاسع والعشرين من جمادى الأولى. والغراف: بغين معجمة. وسمع منها ابن النجار.
4 (حرف الحاء)

4 (حسام بن مرهف بن إسماعيل.)
الفقيه، أبو المهند، الفزاري، المصري، الشافعي. قال المنذري: قرأ القراءآت، وسمع معنا من جماعة. وتصدر بالجامع الظافري، وأم بالمدرسة الفاضلية. توفي في ذي الحجة.
4 (حمد بن شكر، بهاء الدين.)
أبو الثناء، الزفتاوي، المصري، العدل. شهد على القضاة، وتفقه. ومات في ذي الحجة.

(46/433)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 434
4 (حرف الذال)

4 (ذاكر بن هبة الله بن عبد الوهاب بن أبي حبة.)
أبو البدر، الدقاق. سمع من: جده، وأحمد بن السدنك. وعنه ابن النجار. مات في عشر الثمانين.
4 (حرف السين)

4 (ست العجم بنت إبراهيم بن أبي طاهر بركات بن إبراهيم بن طاهر الخشوعي.)
) سمعت من جدها. وحدثت بالربوة. سمع منها: العز ابن الحاجب، والمجد ابن الحلوانية. وحضر عليها العماد ابن البالسي. وتوفيت في شوال.
4 (ستهم بنت بركات بن إبراهيم الخشوعي.)
عمة ست العجم. تروي عن والدها. وتوفيت أيضاً في هذه السنة.
4 (سعيدة بنت عبد الملك بن يوسف بن قدامة.)
أم أحمد، المقدسية، أخت محمد، وقد تقدم. امرأةٌ خيرةٌ مباركة.

(46/434)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 435
روت بالإجازة عن أبي محمد العثماني الديباجي. روى لنا عنها أبو علي ابن الخلال، وغيره. وأجازت للعماد محمد ابن البالسي، وغيره. وتوفيت في رجب بقاسيون.
4 (سهل بن محمد بن سهل بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن مالك.)
أبو الحسن، الأزدي، الغرناطي. سمع من: خاله أبي عبد الله بن عروس، وأبي بكر بن يحيى بن محمد بن عروس خال والدته، وأبي الحسن بن كوثر، وأبي خالد بن رفاعة، وأبي محمد بن الفرس. ورحل إلى مرسية، وسمع من أبي القاسم عبد الرحمن بن حبيش، وأبي عبد الله بن حميد. ولقي بمالقة أبا القاسم السهيلي، وأبا عبد الله ابن الفخار. وسمع أيضاً من أبي بكر بن الجد، وأبي العباس بن مضاء، وجماعةٍ. قال الأبار: وكان من جلة العلماء الأدباء والأئمة البلغاء الخطباء مع التفنن في العلوم. وكان رئيساً في بلده جواداً محسناً معظماً. نالته في الفتنة محنةٌ، وغرب عن غرناطة إلى مرسية، وأسكنها مدةً إلى أن هلك محمد بن يوسف بن هود سنة خمس وثلاثين بالمرية، فسرح أبو الحسن إلى بلده. رأيته بإشبيلية سنة سبع عشرة. وأجاز لي مروياته وتواليفه. وتوفي عن) إحدى وثمانين سنة. وممن روى عنه ابن مسدي المهلبي وعظمه.

(46/435)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 436
4 (سيدة بنت عبد الرحيم بن أبي النجيب عبد القاهر بن عبد الله السهروردي.)
زوجة الشيخ شهاب الدين السهروردي. ولدت في سنة ثلاثٍ وستين. وسمعت من تجني الوهبانية. وحدثت. وأجازت للقاضي تقي الدين، ولسعد الدين، وأبي بكر بن عبد الدائم، وعيسى بن معالي، وأحمد ابن الشحنة، والبجدي، وبنت الواسطي، وجماعةٍ. وكان فيها صلاحٌ، وخيرٌ، وتعبدٌ. توفيت في سادس عشر رجب.
4 (حرف الشين)

4 (شعبة ابن الحافظ أبي عبد الله محمد بن سعيد بن يحيى.)
أبو المعالي، ابن الدبيثي، الواسطي، ثم البغدادي. سمعه أبوه من: يحيى بن بوش، وعبد المنعم بن كليب، وجماعةٍ. وتوفي في سادس عشر جمادى الأولى.
4 (شيرين الهندية، مولاة أبي بكرٍ محمد بن تميم البندنيجي.)
توفيت في ذي الحجة. سمع منها: الرفيع الهمذاني، وولداه وأحمد، وغيرهم ببغداد. أخبرنا أحمد، أخبرنا أبو بكر محمد بن تميم وفتاته شيرين وغيرهما، قالوا: أخبرنا ابن كليب، أخبرنا ابن بيان، أخبرنا محمد بن مخلد، حدثنا الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: أول من أسلم أبو بكر رضي الله عنه.

(46/436)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 437
4 (حرف الضاد)

4 (الصاحبة ضيفة خاتون بنت السلطان الملك العادل.)
زوجة الملك الظاهر صاحب حلب، وأم العزيز صاحب حلب، وجدة الناصر سلطان الشام. كانت ملكةً جليلةً عاقلةً.) توفيت في جمادى الأولى بحلب، وبها ولدت في سنة إحدى وثمانين وخمسمائة حين كانت لوالده العادل. وقد تزج الطاهر قبلها بأختها غازية، فولدت منه ابناً مات صغيراً، ثم ماتت فزوجه العادل بهذه. ولما مات ولدها العزيز، تصرفت تصرف السلاطين ونهضت بالملك أتم نهوض بعدلٍ، وشفقةٍ، وبذلٍ، وصدقةٍ، وعملٍ، وحذلقة. قال ابن واصل: أزالت المظالم والمكوس في جميع بلاد حلب. وكانت تؤثر الفقراء والعلماء، وتحمل إليهم الصدقات الكثيرة، وما قصدها أحدٌ إلا رجع بخيرٍ محبوراً. ولما توفيت غلقت أبواب حلب ثلاثة أيام، ثم أشهد الناصر صلاح الدين على نفسه بالبلوغ وله يومئذٍ ثلاث عشر سنة، وأمر ونهى، وجلس في دار العدل. والإشارة والرأي إلى جمال الدولة إقبال، والوزير القفطي.
4 (حرف العين)

4 (عائشة بنت الإمام المستنجد بالله يوسف ابن المقتفي.)

(46/437)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 438
السيدة المكرمة المدعوة بالفيروزجية. مسنة معمرة، ذات دين وصلاح. أدركت خلافة أبيها، وأخيها، وابن أخيها الناصر، وابن ابن أخيها الظاهر، وابن هذا المستنصر بالله، وحفيده المستعصم، وماتت في ذي الحجة. وشيعها كافة الدولة. وتكلم الوعاظ. وعمرت نحواً من ثمانين سنة رحمها الله وبنت ببغداد رباطاً.
4 (عبد الله بن ريحان بن تيكان بن موسك.)
أبو محمد، الحربي. سمع من: أبي الحسين عبد الحق، وغيره. ومات في جمادى الآخرة. أجاز للبجدي ورفاقه.
4 (عبد الله بن عبد الملك بن مظفر بن غالب.)
أبو محمد، الحربي. سمعه أبوه من: أبي الفتح بن شاتيل، وأبي المنصور بن عبد السلام، وجماعةٍ. ثم سمع هو) الكثير بنفسه. وكان رجلاً صالحاً، من أولاد المحدثين. ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وتوفي في رجب. روى عنه بالإجازة: بهاء الدين محمد ابن البرزالي، وعماد الدين محمد ابن البالسي، وسعد، والبجدي، وهدية بنت عبد الله بن مؤمن. سمع الشكر من ابن شاتيل.
4 (عبد الحميد بن محمد بن سعد.)
أبو محمدٍ، المرداوي، الطيان، الصالحي.

(46/438)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 439
حدث عن يحيى الثقفي. وسئل عنه الضياء، فقال: ثقةٌ أمينٌ. روى عنه: ابن الحلوانية، والشيخ تاج الدين، وأخوه الخطيب شرف الدين، وأبو عبد الله محمد بن علي الواسطي. وبالحضور العماد ابن البالسي. وأجاز لجماعة. وتوفي في رجبٍ.
4 (عبد الدائم ابن العلامة عبد الله بن بري بن عبد الجبار.)
أبو القاسم، المقدسي الأصل، المصري، الكاتب بديوان الزكاة. ولد في سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة تقديراً. وسمع من: أبيه، والشريف أبي المفاخر المأموني. روى عنه: الحافظ عبد العظيم، والحافظ أبو محمد الدمياطي، وغيرهما. وتوفي في حادي عشر رمضان.
4 (عبد الرحمن بن إسماعيل الأزدي.)
أبو القاسم، ابن الحداد، التونسي. قال الأبار: أخذ عن أبي محمد بن أبي القاسم المؤدي، وعلي بن اليسع، وعبد الولي بن المناصف. ولقي بمكة أبا حفص الميانشي، وبمصر أبا القاسم بن جارة، وأبا القاسم بن فيره الشاطبي، وبالإسكندرية أبا الطاهر ابن عوف، فسمع منهم. وسكن إشبيلية وقتاً وتصدر لإقراء العربية. توفي بمراكش في حدود الأربعين وستمائة، وقد عمر.)
4 (عبد الرحمن بن يحيى بن أبي الحسن بن ياقوت.)
أبو القاسم، الإسكندراني، الصوفي.

(46/439)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 440
حدث عن عبد الرحمن بن موقى.
4 (عبد الرزاق بن أبي القاسم بن علي بن دادا.)
أبو بكر، البغدادي، النصري، الخباز. سمع من عبد الحق بن يوسف. كتب عنه ابن النجار. وعاش ثلاثاً وثمانين سنة. مات في جمادى الآخرة سنة أربعين.
4 (عبد العزيز بن أبي القاسم عبد المنعم بن إبراهيم بن يحيى.)
الأجل، عماد الدين، أبو محمد، ابن النقار، المصري، الشافعي، الكاتب، أخو الرشيد عبد المحسن. كان على ديوان الحشرية بمصر إلى أن مات. ولد في سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من السلفي. روى عنه: الزكي المنذري، والعلاء بن بلبان، والشرف الدمياطي، والمجد ابن الحلوانية، والقاضي أبو المجد ابن العديم، وموفقية بنت وردان. توفي في التاسع والعشرين من رمضان.
4 (عبد العزيز بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أبي الحرم.)
أبو محمدٍ، الصالحي، المعروف بابن الدجاجية، وبابن أبيه.

(46/440)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 441
ولد سنة أربعٍ وستين. وسمع من الحافظ ابن عساكر. وكان شيخاً حسناً ملازماً لحلق الذكر والصلاة. روى عنه: أبو علي ابن الخلال، والشريف حسن بن المظفر المنقذي، والفخر إسماعيل بن عساكر، والنجم أحمد بن صصرى الكاتب، وأبو محمد ظافر النابلسي. وبالحضور العماد ابن) البالسي، والبهاء ابن عساكر. وتوفي في الخامس والعشرين من المحرم.
4 (عبد العزيز بن مكي بن أبي منصور سلمان بن طراد بن كرسا.)
أبو محمدٍ، البغدادي، الحريري. شيخٌ طاعنٌ في السن، مسندٌ. سمع من: أبي الفتح بن البطي، وأحمد بن علي العلوي، وأحمد بن بنيمان، ولاحق بن كاره، وأبي الحسين عبد الحق، وغيرهم. وتوفي في ربيع الآخر. حدثنا عنه: القاضي تقي الدين سليمان، وأبو نصر ابن الشيرازي، وسعدٌ، والمطعم، وهدية بنت عبد الله بن مؤمن. وآخرون بالإجازة. قال ابن النجار: كتبت عنه، ولا بأس به. جاوز الثمانين.
4 (عبد القادر بن ذاكر بن كامل.)
أبو بكر، الخفاف، الأعرج. شيخٌ بغداديٌ يؤم بمسجدٍ، ويلقن القرآن. وطال عمره. لم يعتن به أبوه في السماع، فإنه ولد في سنة ستٍ وخمسين، وأدرك الكبار وأكثر ما عنده إجازة يحيى بن ثابت. وسمع من أبيه.

(46/441)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 442
توفي في ثالث عشر شعبان. أجاز لسعدٍ، وهدية بنت مؤمن، وستيت بنت الواسطي، وغيرهم.
4 (عبد القادر بن المطهر بن أبي علي الحسن بن عبد القاهر بن شجاع.)
العدل، زين الدين، أبو محمد، ابن ثمامة، الكلبي، الدمشقي، الشروطي، الأديب. ولد سنة ستٍ وخمسين وخمسمائة. وتفقه على القطب النيسابوري، والفخر الأرموي. وأخذ الأدب عن فتيان الشاغوري. وقال الشعر الوسط. وسمع من يحيى الثقفي. روى عنه: الشهاب القوصي، والمجد ابن الحلوانية، والبدر ابن الخلال، وجماعةٌ. ولي في صدر عمره ديوان زرع، وما سلم من آفات الخدم. ثم كتب الشروط بباب الجامع. روى عنه بالإجازة أبو نصر ابن الشيرازي.)
4 (عبد القوي بن أبي العز عزون بن داود بن عزون بن الليث.)
أبو محمد، الأنصاري، المصري، المقرئ، الشافعي، والد إسماعيل وشيخنا محمد. ولد سنة سبعٍ وستين وخمسمائة. وسمع بنفسه من: هبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، والغزنوي، والقاسم بن عساكر، وطائفة. ورحل، فسمع بالثغر من حماد الحراني، وغيره. وبدمشق من الخشوعي، وغيره. وبحلب، والموصل. وتفقه وقرأ القراءآت على أبي الجود اللخمي.

(46/442)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 443
وأم بمسجد جهاركس. وكان فاضلاً، عالماً، ديناً، متصوناً، متحرياً. روى عنه: الحافظان المنذري والدمياطي، وأبو المعالي الأبرقوهي، وغيرهم. وما أظن إجازته إلا قد انقطعت. توفي هو والعلم ابن الصابوني في يومٍ واحد في رابع عشر شوال.
4 (عبد الكريم بن غازي بن أحمد.)
الفقيه، تاج الدين، أبو نصر، ابن الأغلافي، الواسطي المولد، المصري الدار، الشافعي، المقرئ، الضرير. والد شيخنا أحمد. قرأ القراءآت على أبي الجود. وسمع من البوصيري. وتفقه على مذهب الشافعي. وحدث. وتصدر بالجامع الظافري. وأعاد، وأفاد. وكان فاضلاً، ديناً، حاد القريحة. توفي في نصف رجب.
4 (عبد الملك ابن الشيخ الزاهد ذيال.)
استشهد على يد الفرنج لعنهم الله دير أبي القرطام من الأرض المقدسة في ربيع الآخر. حكى عنه الحافظ الضياء حكايات.
4 (عبد الواحد بن أبي العلى إدريس بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي.)

(46/443)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 444
صاحب المغرب وأمير المؤمنين به، الملقب بالرشيد، ابن المأمون. ولي الأمر سنة ثلاثين بعد أبيه. وكان أبوه قد قطع خطبة المهدي ابن تومرت، فأعاد ذكرها الرشيد، واستمال بها قلوب جماعةٍ. وبقي إلى أن توفي غريقاً في صهريج بستانٍ له بمراكش) وكتموا موته شهراً. وولي بعده أخوه السعيد علي بن إدريس، فقيل: إنه صنع له مركبٌ في قصره، فكان ينزل فيه هو وإماؤه، فقدمن بالمركب فانقلب بهن، فغرقوا.
4 (علي بن إبراهيم البغدادي البزوري.)
شيخٌ صالح، معتبرٌ، كثير البر والصدقة والمروءة، راغبٌ في الخيرات، له حجاتٌ عديدة. وفوض إليه سبيل أمير المؤمنين المستنصر بالله، فحمدت فيه سيرته. ولما حضره الموت تصدق بثلث ماله. أنبأني بذلك نسيبه أبو بكر ابن البزوري وقال: توفي في المحرم، وصلى عليه الخلق العظيم.
4 (علي بن محمد بن إلياس بن عبد الرحمن.)
العدل، بهاء الدين، أبو الحسن، ابن الشيرجي، الأنصاري، الدمشقي. حدث عن الخشوعي. وتوفي في ربيع الأول. كتب عنه: الزكي البرزالي، والعز ابن الحاجب. وحدثنا عنه محمد بن يوسف الذهبي.
4 (علي بن محمود بن أحمد بن علي بن أحمد بن عثمان.)

(46/444)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 445
علم الدين، أبو الحسن، ابن العارف الزاهد أبي الفتح، ابن الصابوني، المحمودي، الجويثي، الصوفي. ولد سنة ستٍ وخمسين وخمسمائة بالجويث وهي حاضرٌ كبيرٌ بظاهر البصرة بينهما دجلة. واستجاز له والده جماعةٌ من الكبار، وتفرد بالرواية عن بعضهم، أجاز له أبو الحسن علي بن إبراهيم بن بنت أبي سعد المصري، وأبو المطهر القاسم بن الفضل الصيدلاني، وأبو جعفر محمد بن الحسن الصيدلاني، وأبو طاهر الخضر بن الفضل المعروف برجل، ومعمر بن الفاخر، وأبو مسعودٍ عبد الرحيم الحاجي، وأبو الفتح بن البطي. وأسمعه أبوه من السلفي، ومنه. روى عنه: ابنه الجمال محمد، وحفيده الشهاب أحمد بن محمد، والضياء محمد، والزكي عبد العظيم، والشرف عبد المؤمن، والضياء السبتي، والتقي بن مؤمن، والتاج بن أبي عصرون، والشرف بن عساكر، وعلي بن بقاء المقرئ الوزان، والشمس محمد ابن الواسطي، وعبد) الرحمن ومحمد ابنا سليمان المشهدي، وسنقر القضائي، والجمال محمد ابن السقطي، وآخرون. وإجازته موجودةٌ لجماعة. وولي مشيخة الصوفية ببعض الربط. وكان عادلاً، جليلاً، متواضعاً، كيساً واسع الرواية. حدث بمصر، ودمشق، وحلب. وأم بالسلطان الملك الأفضل علي بالشام مدةً. وولي مشيخة جامع الفيلة، وبالرباط الخاتوني. وله سفراتٌ عديدة من الشام إلى مصر، ثم سكنها إلى أن توفي بها بالرباط المجاور للست نفيسة في ثالث عشر شوال. وقد انفرد بالسماع منه شمس الدين ابن الشيرازي.

(46/445)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 446
4 (علي بن النفيس بن أبي منصور.)
أبو الحسن، البغدادي، المعروف بابن المقدسي، الإجازاتي، ويعرف أيضاً بابن المكبر. سمع ببغداد، ومصر، ودمشق. وحدث. وعني بالسماع وسعى في حمل الإجازات سنين وسافر بها فعرف بالإجازاتي. توفي بالقاهرة في المحرم.
4 (علي بن أبي طالب بن علي.)
كمال الدين، ابن الشواء، الكاتب المجود صاحب الخط المنسوب. توفي في هذا العام.
4 (عمر بن عبد العزيز بن أبي الرضا أحمد بن مسعود ابن الناقد.)
أبو الفضل، البغدادي. أمين القاضي، ويعرف أيضاً بابن الجصاص. ولد سنة سبعٍ وستين وخمسمائة. وسمع من: تجني الوهبانية، وعبيد الله بن شاتيل، وغيرهما. وكان رجلاً جيداً، مشكوراً.

(46/446)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 447
كتب عنه محب الدين عبد الله المقدسي، وغيره.) وأجاز للعماد محمد ابن البالسي، وأقرانه. وتوفي في عاشر شوال. وهو من بيت حديث. وللقاضي، وابن سعد، وابن الشحنة، والمطعم، والبجدي، وبنت الواسطي، وابن العماد الكاتب، منه إجازةٌ.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عبد الرحيم.)
الإمام، سيف الدين، أبو المحامد، الزنجاني. شيخٌ جليلٌ. حدث بإكرام الضيف للحربي، عن أبي جعفر الصيدلاني بحلب في رمضان سنة أربعين. سمع منه: عبد الله بن أحمد التاذفي، وعباس بن بزوان، وفتح الدين ابن القيسراني. ومات بعد السماع بأسبوع في رابع شوال، وله سبعٌ وسبعون سنة.
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن خلف.)
أبو عبد الله الأنصاري، البلنسي. سمع من: أبي العطاء بن نذير، وأبي عبد الله بن نوح، وأخذ عنهما القراءآت والعربية. وسمع أيضاً من أبي الخطاب بن واجب. ثم زهد وأقبل على العلم، وبرع في التفسير، وجلس لذلك بجامع بلنسية وقتاً.

(46/447)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 448
وأخذ عنه القراءآت جماعةٌ. وصنف كتاب نسيم الصبا في الوعظ على طريقة البغاددة، وكتاباً في الخطب. قال أبو عبد الله الأبار: كتبت عنه، وصحبته طويلاً. أقام بشاطبة حال حصار بلنسية، لأنه كان وجه إلى مرسية لاستمداد أهلها. وتوفي بأوريولة في رجب، وازدحم الخلق على نعشه حتى كسروه. وولد سنة أربعٍ وسبعين وخمسمائة.
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد.)
ابن المهتدي بالله، الشريف، أبو الحسن، الهاشمي، العباسي، البغدادي، العدل. ولد سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من: محمد بن نسيم العيشوني، وأبي العز محمد بن محمد بن مواهب.) وهو من بيت خطابةٍ وجلالةٍ. كتب عنه أبو الفتح ابن الحاجب، وغيره. وله شعر. وكان متودداً، كريماً، متواضعاً، رئيساً. روى لنا عنه بالإجازة: أبو المعلي ابن البالسي، ومحمد البجدي، وبنت الواسطي، وغير واحد. وتوفي في الحادي والعشرين من صفر. قال ابن النجار: خدم في الأعمال، وعزل من الشهادة مراراً.

(46/448)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 449
4 (محمد بن أبي الفرج عبد الرحمن بن محمد ابن الشيخ أبي طالب عبد القادر بن محمد بن)
يوسف. أبو الحسن، اليوسفي، البغدادي. ولد سنة تسعٍ وستين وخمسمائة في ذي الحجة. وسمع حضوراً من: شهدة، وأبي الحسين عبد الحق. كتب عنه الضياء علي ابن البالسي بمكة، وغيره. وأجاز للفخر إسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والبدر ابن الخلال، والبجدي، وبنت مؤمن، وجماعة. توفي في ذي الحجة.
4 (محمد بن عبد الواحد بن احمد بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن عبد الله)
محمد بن أبي عيسى ابن المتوكل على الله جعفر ابن المعتصم ابن الرشيد. الشريف، المسند، أبو الكرم، المتوكلي، البغدادي، المعروف بابن شفنين. ولد سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من: عمه أبي تمام عبد الكريم بن أحمد الهاشمي، وأبي نصر يحيى بن السدنك. وأجاز له: أبو بكر ابن الزاغواني، وأبو القاسم نصر بن نصر العكبري، وأبو الوقت، وأبو المظفر محمد بن أحمد ابن الريكي، ومحمد بن عبيد الله الرطبي، وأحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي، وجماعةٌ.

(46/449)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 450
وكان شيخاً جليلاً، سرياً. حسن الطريقة، جيد الفضيلة، عالي الإسناد. روى عنه: ابن النجار في تاريخه وأثنى عليه، وجمال الدين الشريشي، ومجد الدين ابن العديم.) وسمع منه: ابن الحاجب، وابن المجد، والطلبة. وبالإجازة: القاضيان ابن الخويي وتقي الدين الحنبلي، وبهاء الدين البرزالي، والعماد ابن البالسي، وعيسى المطعم، وابن سعد، وأحمد ابن الشحنة. والبجدي، وبنت الرضي، وبنت مؤمن، وآخرون. توفي في رابع رجب. شفنين: لقب عبيد الله.
4 (محمد بن علي بن خطلخ.)
أبو عبد الله، البغدادي، الصوفي، الخياط. سمع حضوراً من تجني، وعبد الحق. وسمع من عبيد الله بن شاتيل. روى عنه جمال الدين الشريشي، وغيره. وبالإجازة إسماعيل بن عساكر، وابن سعد، وأحمد ابن الشحنة، وعيسى السمسار، والعماد ابن البالسي، وجماعة. توفي في مستهل جمادى الأولى. وتوفي سميه ابن خطلخ في سنة عشرة وستمائة.
4 (محمد بن معن بن سلطان.)

(46/450)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 451
أبو عبد الله، الدمشقي، الصيدلاني، والفقيه، الشافعي. حدث عن الحافظ أبي المواهب الحسن بن صصرى. ودرس بالمدرسة الظاهرية التي بظاهر دمشق. أخبرنا عنه شرف الدين الفزاري، والفخر ابن عساكر.
4 (معالي بن أبي الخير سلامة بن عبد الله بن علي بن صدقة.)
أبو الفضل، الحراني، العطار، الحنبلي، العدل، التاجر، المعروف بابن سويطلة. ولد سنة ستٍ وستين وخمسمائة تقريباً بحران. وسمع بإصبهان من: أبي الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي، وأحمد بن ينال الترك. وأجاز له: أبو سعد محمد بن عبد الواحد الصائغ، وأبو موسى المديني، وأبو الفتح بن شاتيل، وجماعةٌ. وكان من كبار التجار بحران. روى عنه: الزكي عبد العظيم، وأثنى عليه، والنجم بن حمدان الفقيه، وعبد المنعم ابن النجيب عبد اللطيف، وعلي ابن السيف بن تيمية، والتقي إبراهيم ابن الواسطي، وعبد الملك ابن) العتيقة. وتوفي في شعبان. ومات أخوه حمد قبله.
4 (مكي بن أبي طاهر بن أبي العز بن حمدون.)

(46/451)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 452
أبو الحرم، الطيبي، الكتبي، الأديب. ولد سنة ستين وخمسمائة. وسمع من: أبي الحسين عبد الحق، وعبيد الله بن شاتيل، وجماعةٍ. وتوفي في سادس عشر رجب. روى عنه ابن النجار، وأجاز لابن الشيرازي، وجماعةٍ.
4 (منصور المستنصر بالله أمير المؤمنين، أبو حعفرٍ.)
ابن الظاهر بأمر الله أمير المؤمنين محمد ابن الناصر لدين الله أبي العباس أحمد ابن المستضيء بأمر الله الحسن ابن المستنجد يوسف ابن المقتفي الهاشمي، العباسي، البغدادي. ولد سنة ثمانٍ وثمانين وخمسمائة. وأمه جاريةٌ تركيةٌ.

(46/452)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 453
بويع بعد موت أبيه في رجب سنة ثلاثٍ وعشرين. قال ابن النجار: فنشر العدل في الرعايا، وبذل الإنصاف في القضايا، وقرب أهل العلم والدين، وبنى المساجد والربط والمدارس والمارستانات، وأقام منار الدين، وقمع المتمردة، ونشر السنن، وكف الفتن وحمل الناس على أقوم سنن، وقام بأمر الجهاد احسن قيام، وجمع الجيوش لنصرة الإسلام، وحفظ الثغور، وافتتح الحصون. إلى أن قال: وكان أبيض، أشقر الشعر، ضخماً، قصيراً وخطه الشيب، فخضب بالحناء، ثم ترك الخضاب. وقال الموفق عبد اللطيف: بويع أبو جعفر، وسار السيرة الجميلة، وعمر طرق المعروف الداثرة، وأقام شعائر الدين ومنار الإسلام، وعمر بسخائه وبذله. واجتمعت القلوب على حبه والألسنة على مدحه. ولم يجد أحد من المتعنتة فيه معاباً وقد أطبقوا عليه. وكان جده الناصر يقربه ويحبه ويسميه القاضي لعقله وهديه وإنكاره ما يجد من المنكر. والناس معه اليوم في بلهنية هنيةٍ، وعيشةٍ مرضيةٍ. وسير إليه خوارزم شاه يلتمس منه سراويل الفتوة، فسيره إليه مع أموال جمة وتحف، وفيما سير إليه فرس النوبة، فسر بذلك وابتهج، وقبل الأرض مراتٍ) شكراً لله على هذه المنزلة التي رزقها وحرمها أبوه، ثم إنه أذعن بالعبودية والطاعة. وقال ابن واصل: بنى المستنصر على دجلة من الجانب الشرقي مما يلي دار الخلافة مدرسة ما بني على وجه الأرض أحسن منها ولا أكثر وقفاً، وهي بأربعة مدرسين على المذاهب الأربعة، وعمل فيها بيمارستاناً كبيراً ورتب فيها مطبخاً للفقهاء، ومزملة للماء البارد، ورتب لبيوت الفقهاء الحصر، والبسط، والفحم، والأطعمة، والورق، والحبر، والزيت، وغير ذلك. وللفقيه بعد ذلك في الشهر ديناران، ورتب لهم حماماً، ورتب لهم بالحمام قومةً. وهذا ما سبق إليه. وللمدرسة شبابيك على دجلة. وللخليفة منظرةٌ مطلةٌ على المدرسة يحضر فيها الخليفة، ويسمع الدرس إلى أن قال: واستخدم عساكر عظيمةً لم يستخدم

(46/453)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 454
مثلها أبوه لا جده، وكانت تزيد على مائة ألف وعشرين ألف فارسٍ، وأكثر من ذلك، كذا قال ابن واصل وكان ذا همة عاليةٍ، وشجاعةٍ وإقدامٍ عظيمٍ، قصدت التتار البلاد فلقيهم عسكره فهزموا التتار هزيمةً عظيمةً. وكان له أخٌ له يقال له الخفاجي فيه شهامةٌ زائدةٌ، كان يقول: إن وليت لأعبرن بالعساكر نهر جيحون، وأخذ البلاد من أيدي التتار استأصلهم. فلما مات المستنصر لم يرى الدويدار ولا الشرابي تقليد الخفاجي خوفاً منه، وأقاما أبا أحمد للينه وضعف رأيه، ليكون لهما الأمر لينفذ الله أمره في عباده. وقد رثاه الناصر داود بقصيدة فائقةٍ مطلعها:
(أيا رنّة الناعي عبثت بمسمعي .......... وأجّجت نار الحزن ما بين أضلعي)

(وأخرست منّي مقولاً ذا براعةٍ .......... يصوغ أفانين القريب الموشّع)

(نعيت إليّ البأس والجود والحجى .......... فأوقفت أمالي وأجريت أدمعي)
وقال الحافظ عبد العظيم: مولده في صفر سنة ثمانٍ وثمانين، وتوفي في العشرين من جمادى الأولى. قال: وكان راغباً في فعل الخير، مجتهداً في تكثير أعمال البر وله في ذلك آثار جميلةٌ كثيرة، وأنشأ المدرسة المعروفة به، ورتب فيها من الأمور الدالة على تفقده لأحوال أهل العلم وكثرة فكرته فيما يقضي براحتهم وإزاحة عللهم ما هو معروفٌ لمن شاهده وسمع به. وأنبأني ابن البزوري أنه توفي يوم الجمعة عاشر جمادى الآخرة، وكذا قال ابن النجار في تاريخه، وغيره. وهو الصحيح. وقول المنذري وهم.) قال ابن البزوري: توفي بكرةً عن إحدى وخمسين سنة وأربعة أشهر وسبعة

(46/454)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 455
أيام. وكتم يومئذٍ موته فخطبوا له يومئذٍ، فحضر شرف الدين إقبال الشرابي ومعه جمعٌ من الخدم إلى التاج الشريف، وحضروا بين يدي ولده أبي أحمد عبد الله، فسلم عليه إقبال بإمرة المؤمنين، واستدعاه إلى سدة الخلافة، ثم عرف الوزير، وأستاذ الدار ذلك، واستكتماه إلى الليل. ثم استدعي الوزير، فجاء من باب السر الذي بدار الأمير علاء الدين الدويدار المقابل لداره، واستدعي وهو عاجزٌ في محفةٍ، وأحضر أيضاً مؤيد الدين محمد ابن العلقمي أستاذ دار، فمثلا بين يدي السدة فقبلا الأرض وهناه بالخلافة، وعزياه بالمستنصر وبايعاه. وأحضر جماعة من الأسرة الشريفة من أعمامه وأولاد الخلفاء، ثم خرج الوزير وسلم إلى الزعماء والولاة محال بغداد، وأمر أن لا يركب أحد من الأمراء من داره. وفي بكرة السبت رأى الناس أبواب الخلافة مغلقةً، وجلس عبد اللطيف بن عبد الوهاب الواعظ وأخبر بوفاة الخليفة وجلوس ولده المستعصم بالله ومولده سنة تسعٍ وستمائة ثم لما ارتفع النهار، استدعي الأعيان للبيعة وجلس الوزير لعجزه، ودونه بمرقاة أستاذ الدار، وكان يأخذ البيعة على الناس، وصورتها. أبايع سيدنا ومولانا أمير المؤمنين على كتاب الله وسنة رسوله واجتهاد رأيه الشريف وأن لا خليفة للمسلمين سواه. فبايع الناس على درجاتهم. ثم أسلبت الستارة وبايع من الغد الأمراء الصغار والمماليك الميامين، ثم بايع في اليوم الثالث من تبقى من الأمراء التجار وبياض الناس. ثم جلس الملأ للعزاء بالمستنصر، وتكلم المحتسب جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن ابن محيي الدين يوسف ابن الإمام أبي الفرج ابن الجوزي، وتكلم الشعراء فأول من أورد مقدمهم صفي الدين عبد الله بن جميل حاجب المخزن بقصيدته التي يقول فيها:
(عزّ العزاء وأعوز الإلمام .......... واسترجعت ما أعطت الأيّام)

(فدع العيون تسحّ بعد فراقهم .......... عوض الدّموع دماً فليس تلام)

(بانوا فلا قلبي يقرّ قراره .......... أسفاً ولا جفني القريح ينام)

(فعلى الذين فقدتهم وعدمتهم .......... منّي تحية موجعٍ وسلام)

(46/455)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 456
ثم أنشد الشعراء وعزوا بالمستنصر، وهنأوا بالمستعصم. ثم برزت مطالعةٌ على يد إقبالٍ) الشرابي في كيسٍ، وبسمل الخدم بين يديها، فقرأها الوزير، ثم قرأها أستاذ الدار على الناس قائماً خلاصتها التأسي والتسلي والوعد بالعدل والإحسان. قلت: بلغ ارتفاع وقوف المستنصرية في بعض الأعوام نيفاً وسبعين ألف مثقال، وتليها في الكبر وكثرة الريع المنصورية بالقاهرة وبها ضريح السلطان في قبةٍ عظيمة، وبها دار جملة القرى الموقوفة على المدرسة المستنصرية ما مساحته مائة ألف جريب، وخمسون ألف جريب سوى الخانات والرباع، وغير ذلك. ويقرب من وقفها وقوف جامع دمشق وهي أكثر منه وقوفاً. لكن اليوم ما يدخل المستنصرية عشر ذلك، بل أقل بكثير.
4 (منصور بن عبد الله بن جامع بن مقلد.)
الشيخ شرف الدين، أبو علي، الأنصاري، الدهشوري، المصري، المقرئ، الضرير. قرأ القراءآت على أبي الجود، وعلى أبي عبد الله محمد بن عمر القرطبي صاحب الشاطبي وقرأ بدمشق بكتاب المبهج على أبي اليمن الكندي. وسمع من عمر بن طبرزد، وغيره. وتصدر للإقراء بالفيوم مدةً. وقرأ عليه جماعةٌ منهم الرشيد بن أبي الدر. توفي في هذا العام أو في الذي بعده. قال المنذري. ودهشور: من أعمال جيزة الفسطاط.

(46/456)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 457
4 (موسى، العلامة، كمال الدين.)
ابن يونس، الموصلي. ذكر المنذري وفاته في رابع شعبان من هذه السنة. وقد ذكرناه في سنة تسعٍ. قال: وقرأ شيئاً من الأدب على أبي بكر يحيى بن سعدون القرطبي. وبرع في فنونٍ من العمل، ودرس في عدة مدارس بالموصل. وحدث عن والده.
4 (حرف الهاء)

4 (هاشمٌ، الشريف، علاء الدين.)
أبو نضلة، العلوي، البغدادي. رسول الخلافة المعظمة.) قال المنذري: توفي بالقاهرة في عاشر ربيع الآخر.
4 (هبة الله بن أبي بكر بن شنيف بن نجم.)
أبو الفضل، البغدادي، دلال الكتب. حدث عن عبيد الله بن شاتيل. وعاش تسعاً وستين سنة. كان قبيح السيرة. وقد حدث. ولابن الشيرازي، وقاسم بن عساكر منه إجازةٌ.
4 (حرف لام ألف.)
أبو بكر لافظ.

(46/457)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 458
ابن أحمد بن بدر الحربي، ابن الكريدي. قال ابن النجار: شيخٌ مسنٌ. سمع أجزاء من حلية الأولياء من ابن البطي، قرأت عليه منها. ولعله جاوز التسعين. مات في جمادى الآخرة.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع.)
القاضي، أبو عامرٍ، الأشعري، القرطبي. سمع: أباه أبا الحسين، وأبا القاسم بن بشكوال. وأجاز له أبو عبد الله بن زرقون، وأبو بكر بن الجد. قال الأبار: كان إماماً في علم الكلام وأصول الفقه ماهراً، نوظر عليه في كتب أبي المعالي الجويني كتاب الشامل وكتاب الإرشاد وغير ذلك. وله تواليف في ذلك. وكان يقرأ عليه صحيح البخاري، وغيره تفهماً. وولي قضاء قرطبة إلى أن أخذتها الروم في سنة ثلاثٍ وثلاثين، فنزح عنها، فولي قضاء غرناطة. وتوفي بمالقة معزولاً من فالجٍ أصابه وأقعده. وعاش سبعاً وسبعين سنة. وكان أجل أهل بيته. وأما شيخنا أبو حيان فقال: توفي في ربيع الأول سنة تسعٍ وثلاثين. روى عنه ابنه القاضي أبو الحسن محمد، وأبو علي بن أبي الأحوص، وأبو جعفر ابن الطباع.
4 (يحيى بن علي بن أحمد بن غالب.)
) زين الدين، أبو زكريا، الحضرمي، الأندلسي، المالقي، النحوي، الأديب. ولد سنة سبعٍ أو ثمانٍ وسبعين بمالقة.

(46/458)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 459
وسمع من: الحافظ أبي محمد، وأبي سلمان ابني حوط الله. وبمصر من ابن المفضل الحافظ. وبنيسابور من: المؤيد الطوسي، والقاسم بن عبد الله الصفار. وبدمشق من التاج الكندي، وجماعةٍ. وقرأ على الشيوخ. وأقرأ الناس القراءآت والعربية. وله شعرٌ جيد. روى عنه: الشيخ زين الدين الفارقي، والشيخ تاج الدين الفزاري، وأخوه الخطيب شرف الدين، والفخر ابن عساكر، وجماعةٌ. وبالحضور أبو المعالي ابن البالسي. وأدركه أجله في وسط جمادى الأولى. وحدث بصحيح مسلم.
4 (الكنى)
أبو بكر ابن الشيخ أبي المعالي المبارك بن المبارك بن هبة الله بن محمد بن بكري البغدادي. شيخٌ صالح. حدث عن أبي شاكر يحيى بن يوسف السقلاطوني. وتوفي في المحرم. ولأبيه روايةٌ عن أبي بكر بن الأشقر. هذا اسمه أحمد وقد ذكر.
4 (أبو بكر بن وردة الحربي.)
الحلاوي. مات في المحرم. سمع من محمد بن المبارك الحلاوي سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة.

(46/459)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 460
أجاز للبجدي، وابن سعد، وبنت مؤمن.
4 (أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن القير الحريمي.)
البواب. سمع من: أبي علي أحمد بن محمد الرحبي. روى لنا عنه بالإجازة سليمان بن حمزة الحاكم، وغيره.) توفي في حادي عشر جمادى الأولى.
4 (أبو القاسم بن أبي الحسن بن أبي القاسم الحربي.)
الحاجي، المالحاني. سمع من أبي بكر عتيق بن صيلا. والمالحاني: هو الذي يبيع السمك المالح. روى عنه: القاضيان ابن الخويي، وتقي الدين سليمان، وغيرهما. وقال ابن النجار: لا بأس به. توفي في عاشر صفر وقد قارب الثمانين. أجاز للبجدي، ورفاقه.
4 (وفيها ولد من المشاهير)
القاضي بهاء الدين يوسف ابن القاضي محيي الدين يحيى ابن محيي الدين محمد ابن الزكي القرشي، بدمشق. وقطب الدين موسى ابن الشيخ الفقيه ببعلبك. والشرف عبد الله ابن الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، بخلف فيه. وتاج الدين محمد ابن فخر الدين محمد بن علي المصري، ابن جني. ومحمد بن علي بن عبد الله الحلبي العجوي.

(46/460)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 461
والمنتجب علي بن علي الزكوي. والحسن بن أحمد بن مظفر الحظيري، بكنبايت. ومحمود بن احمد بن يوسف البعلبكي، بدمشق. ومحمد بن عثمان بن عبد الملك المصري النجار.

(46/461)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 462
4 (المتوفون بعد الثلاثين)

4 (محمد بن علي بن أبي بكر بن سالم.)
أبو عبد الله، الحداد. سمع من أبي هاشم الدوشابي جزء الترقفي أو بعضه. روى عنه بالإجازة أبو نصر ابن الشيرازي.
4 (المبارك بن محمد بن عبد الله بن عفيجة.)
) أبو البركات، البندنيجي. من أولاد الشيوخ. سمع أبا الحسين بن يوسف. أجاز لابن الشيرازي، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وسعد.
4 (أبو بكرٍ بن مسعود بن أبي نصر البغدادي.)
ابن المشهدية. سمع من عبد الحق بن يوسف. أجاز لابن الشيرازي.
4 (أبو بكر بن حديد بن طاهر البزوري.)
وسموه واثقاً. سمع من نصر الله القزاز. أجاز لابن الشيرازي.
4 (محمد بن جابر بن علي.)
أبو بكر، الأنصاري، الإشبيلي، السقطي. روى عن: نجبة بن يحيى، وأبي ذر الخشني، وجماعة. وكان محدثاً، مفسراً، مقرئا، نحوياً.

(46/462)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 463
توفي سنة نيفٍ وثلاثين وستمائة.
4 (محمد بن محمد بن إبراهيم بن الحسن.)
أبو عبد الله، ابن الحصني، الحموي، الصوفي. سمع عبد الرزاق بن نصر النجار، وغيره. وحدث بدمشق، ومصر. وكان من صوفية الخانقاه السعيدية. روى عنه: الشرف ابن عساكر، والحافظ الدمياطي، وغيرهما. وأجاز للعماد ابن البالسي، وغيره. بقي إلى قريب الأربعين.

(46/463)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 464
4 (وممن كان بعد الثلاثين وستمائة حياً)

4 (السديد بن أبي البيان اليهودي.)
) المصري، الطبيب. اسمه داود بن سليمان بن إسرائيل بن أبي الطيب. ولد سنة تٍ وخمسين وخمسمائة. وكان محققاً للطب ماهراً فيه، بارعاً في الأدوية المفردة والمركبة. قال الموفق بن أبي أصيبعة: لقد شاهدت منه حيث كنا نعالج المرضى بالبيمارستان الناصري بالقاهرة من حسن تأتيه لمعرفة الأمراض وتحقيقها، وذكر مداواتها، والاطلاع على ما ذكره جالينوس فيها ما يعجز عنه الوصف. وكان أقدر الناس على تركيب الأدوية ومعرفة مقاديرها. أخذ الطب عن الرئيس هبة الله بن جميع اليهودي، وأبي الفضائل ابن الناقد. وخدم السلطان الملك العادل. وعاش فوق الثمانين. وله كتاب الاقراباذين في غاية الحسن.
4 (فتح الدين ابن الجمال عثمان بن أبي الحوافر الدمشقي.)
ثم المصري، الطبيب. من كبار الأطباء يقرب من والده. خدم الملك الكامل بعده ابنه الصالح نجم الدين أيوب، وتوفي في دولته. وهو والد شهاب الدين طبيب السلطان الملك الظاهر ورئيس الأطباء في الدولة الظاهرية.
4 (عمر بن الخضر بن اللمش بن ألدزمش بن إسرائيل.)

(46/464)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 465
الحافظ، العالم، الحكيم، كمال الدين، أبو حفص، التركي، ثم الدنيسري، الشافعي. سمع: عبد المنعم بن كليب، وأبا الفرج ابن الجوزي، والمبارك بن المعطوش، وطبقتهم ببغداد. وأبا حفص بن طبرزد بإربل. وجعفر بن محمد العباسي بدنيسر. وكان مولده في سنة أربع وسبعين وخمسمائة. سمع منه جماعةٌ كثيرة بدنيسر وماردين. روى عنه ابنه أبو محمد عبد الرحمن بن عمر. وكان عارفاً بالطب. مجموع الفضائل. جمع تاريخاً لدنيسر.
4 (عبد الكافي بن حسين بن محمد.)
أبو محمد، القرشي، الصقلي، ثم الدمشقي، المقرئ. سمع: أبا القاسم الحافظ، وأبا الحسين أحمد ابن الموازيني، والمفضل بن حيدرة، وعبد الله بن عبد الواحد بن شواش، والخشوعي، وطائفةً.) وخرج له الزكي البرزالي مشيخة. حدث عنه: ابن الحلوانية، وابن عربشاه، وأبو علي ابن الخلال. وأجاز لابن البالسي.
4 (عبد العزيز بن علي بن المظفر ابن المنقى.)
شيخٌ بغداديٌ. سمع بعض مشيخة الفسوي من أبي السعادات القزاز. أجاز للبهاء ابن عساكر، والشمس ابن الشيرازي.
4 (عبد الرزاق بن أبي القاسم بن علي دادا.)
أبو بكر الخباز.

(46/465)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 466
من محلة النصرية ببغداد. ولد سنة سبعٍ وخمسين. وسمع من أبي الحسين اليوسفي. أجاز لابن الشيرازي، والقاسم بن عساكر، وجماعة.
4 (علي بن الأنجب بن ما شاء الله حسن.)
أبو الحسن، الجصاص، الحنبلي، الفقيه. كان رأساً في معرفة مسائل الخلاف. سمع من شهدة، وعبد الحق. وانحدر، فقرأ بواسط على ابن الباقلاني. كتب عنه ابن الشيرازي.
4 (محمد بن أبي بكر بن عبد الواحد البغدادي.)
أبو بكر. سمع عبد الحق اليوسفي. أجاز لابن الشيرازي.
4 (محمد بن بزغش.)
مولى أنوشتكين الجوهري. قال: أخبرنا علي بن أنوشتكين الجوهري، أخبرنا أبيٌ النرسي. أجاز لابن الشيرازي.)
4 (مغيث بن أحمد بن أبي بكر بن محمد بن يوسف بن محمد بن يونس بن مغيثٍ.)

(46/466)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السادس والأربعون الصفحة 467
القاضي، أبو يونس، القرطبي. من بيت العلم والخلافة بقرطبة. روى عن أبيه، وأبي الوليد بن رشد وهو جده لأمه وعن أبي جعفر بن يحيى الحميري، وطائفةٍ. لقيه ابن فرتون بسبتة في سنة خمسٍ وثلاثين وستمائة، ولم يذكر له وفاةً.
4 (أبو بكر بن عمر بن علي بن مقلد الدمشقي.)
الفقاعي. سمع من السلفي، ومن: المسعودي، وابن ياسين. مولده في رجب سنة ستٍ وخمسين. وأجاز في إجازة ابن الحاجب سنة ثلاثين في مشيخة البهاء عنه.

(46/467)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 5
1 (ومن حوادث المجلد العشرين)

1 (سنة إحدى وأربعين وستمائة)

4 (مكاتبة الصالح نجم الدين الخوارزمية)
فيها ترددت الرسل بين الصالح إسماعيل وبين ابن أخيه الصالح نجم الدين، فأطلق ابنه الملك المغيث من حبس قلعة دمشق، فركب المغيث وخطب للصالح نجم الدين بدمشق. ولم يبق إلا أن يتوجه المغيث إلى مصر، ورضي صاحب مصر ببقاء دمشق على عمه ومشي الحال، فأفسد أمين الدولة وزير إسماعيل القضية وقال لمخدومه: هذا خاتم سليمان لا تخرجه من يدك تعدم الملك. فتوقف ومنع الملك المغيث من الركوب. وشرع الفساد. وكاتب الصالح نجم الدين الخوارزمية فعبروا وانقسموا قسمين، فجاءت طائفة على البقاع، وجاءت طائفة على غوطة دمشق فنهبوا في القرى وسبوا وقتلوا. وحصن الصالح إسماعيل دمشق وأغلقت، فساروا إلى غزة.

(47/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 6
4 (دخول ابن الجوزي الاسكندرية)
قال شمس الدين ابن الجوزي: ودخلت تلك الأيام إلى الاسكندرية فوجدتها كما قال الله تعالى:) ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعينٍ مغمورة بالعلماء والأولياء كالشيخ محمد القباري، والشاطبي، وابن أبي شامة. ووعظت مرتين.
4 (محاصرة عجلون)
وفيها حاصر صاحب حمص عجلون، وقتل من أصحابه يوم الزحف نحو ثلاثمائة. ويقال أنفق على الحصار أربعمائة ألف دينار، ولم يقدر عليها فترحل عنها.
4 (زيادة نهر دمشق)
وجاءت بدمشق الزيادة العظمى فوصلت إلى جامع العقيبة.

(47/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 7
4 (استيلاء التتار على بلاد الروم)
وفيها استولت التتار على بلاد الروم صلحاً مع صاحبها غياث الدين بأن يحمل إليهم كل يوم ألف دينار، وفرساً، ومملوكاً، وجاريةً، وكلب صيد. وكان ذلك بعد وقعة كبيرة بين التتار والمسلمين، فانكسر المسلمون في المحرم وقتل الحلبيون، وكانوا في المقدمة، فلم ينج منهم إلا القليل. وحاصرت التتار قيصرية، واستباحوا سيواس. ثم افتتحوا قيصرية واستباحوها. وكان صاحب الروم شاباً لعاباً ظالماً، قليل العقل، يلعب بالكلاب والسباع، فعضه سبع فمات.
4 (إقامة شحنة التتار)
وأقامت التتار شحنة بالروم.
4 (هلاك القاضي الرفيع)
وفيها أُهلك الرفيع قاضي دمشق وصودر أعوانه، وولي القضاء محيي الدين ابن الزكي.

(47/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 8
4 (حج العراقيين ووالدة المستعصم)
وفيها حج بالعراقيين الأمير مجاهد الدين أيبك الدويدار ومعه والدة المستعصم بالله، وجرد معها أربعمائة مملوك. وكان مع الدويدار أربعمائة فارس، ومع قيران مائتان وأربعون فارساً. وكان عدة السبلانات اثني عشر سبيلاً. وحدث المولى شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري في تاريخه أنه حج في هذا العام من بغداد، وعدت جمال الركب جميعها عند مدائن عائشة فكانوا زيادة على مائة وعشرين ألف جمل.) وكان مع الدويدار ستون ألف دينار، وستة آلاف خلعة، الخلعة ثوب وزميطية وشبختانية ليفرقها على العربان والمحاويج. وعطشنا في الطريق.
4 (تسليم السلطان إسماعيل أماكن للفرنج)
قلت: وأعطى السلطان إسماعيل الفرنج أماكن، ودخلوا القدس وخربوا الصخرة، كسروا منها قطعتين، ورموا عليها الخمر، وذبحوا عندها خنزيراً، فأعطاهم مزارات عدة، وطبرية، وعسقلان فعمروها.

(47/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 9
قال ابن واصل: فمررت بالقدس فرأيت القسوس وقد جعلوا على الصخرة قناني الخمر للقربان. قلت: وكان قد أعطاهم قبلها صفد، والشقيف، فواغوثاه، ولا قوة إلا بالله.

(47/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 10
1 (سنة اثنتين وأربعين وستمائة)

4 (إنكسار الفرنج ومن معهم من الأيوبيين أمام الخوارزمية)
لما نزلت الخوارزمية بأراضي غزة كما تقدم، طال مقامهم، وبعث إليهم الصالح نجم الدين النفقة والخلع والخيل، وأمدهم بجيش من عنده، وأمرهم أن ينازلوا بدمشق، فاتفق الصالح إسماعيل، والناصر داود، والمنصور إبراهيم صاحب حمص، وفرنج الساحل الذين أعطاهم إسماعيل الشقيف وصفد وغير ذلك. وعذب إسماعيل والي الشقيف لكونه تمنع من تسليم الشقيف، وسار بنفسه إلى الشقيف وسلمها إلى الفرنج. قال الراوي: فخرج الملك المنصور بعسكر دمشق مع الفرنج، وجهز الناصر داود عسكره من نابلس مع الظهيري سنقر والوزيري. قال أبو المظفر: وكنت يومئذ بالقدس، فاجتمعوا على يافا، وكان المصريون والخوارزمية على غزة، وسار الملك المنصور والعسكر تحت صلبان الفرنج وراياتهم والقسيسون في الأطلاب يصلبون ويقسسون، وبيدهم

(47/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 11
كاسات الخمر يسقون الفرنج، فأقبلت الخوارزمية والمصريون، فكانت الوقعة بين عسقلان وغزة، وكانت الفرنج في الميمنة، وعسكر الناصر في الميسرة، والملك المنصور في القلب، وكان يوماً مشهوداً. التقوا فانهزمت الميسرة وأُسر الظهيري سنقر، وانهزم الوزيري، ونهبت خزانة الظهيري. ثم انهزم الملك المنصور، وأحاطت الخوارزمية بالفرنج. وكان عسكر المصريين قد انهزموا أيضاً إلى قريب العريش. وكان عدد الفرنج يومئذ) ألفاً وخمسمائة فارس وعشرة آلاف راجل، وما كانت إلا ساعة حتى حصدهم الخوارزميون بالسيوف وأسروا منهم ثمانمائة. قال أبو المظفر: فذهبت ثاني يوم إلى موضع المصاف فوجدتهم يعدون القتلى فقالوا: هم زيادة على ثلاثين ألفاً. وبعث الخوارزميون بالأسارى وبالرؤوس إلى مصر. ووصل المنصور في نفر يسير ونهبت خزائنه وخيله، وقتل أصحابه، وجعل يبكي ويقول: قد علمت إن لما سرنا تحت صلبان الفرنج أننا لا نفلح. ثم حض الملك الصالح معين الدين ابن الشيخ في العساكر لحصار دمشق، ودخلت الأسارى القاهرة وملئت الحبوس بهم. وخذل الصالح إسماعيل وأخذ يتهيأ للحصار، وخرب رباعاً عظيمة حول البلد، والله المستعان.

(47/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 12
4 (تحرك التتار)
وفيها ورد كتاب بدر الدين صاحب الموصل يقول فيه: إنني قررت على أهل الشام قطيعةً في كل سنة عشرة دراهم على الغني، وعلى الوسط خمسة دراهم، وعلى الفقير درهماً. وقرأ القاضي محيي الدين ابن الزكي الكتاب على الناس وشرعوا في الجباية. قلت: أظن هذا مصالحة عنهم للتتار، فإن سعد الدين ذكر في تاريخه أن في آخر سنة إحدى وأربعين وصل رسول قاءآن إلى صاحب ميافارقين يطلب الدخول في طاعته، وأن في المحرم سنة اثنتين جهز صاحب ميافارقين رسل التتار بهدية عظيمة. وأن في أواخر المحرم أخذت التتار خلاط وعبروا إلى بدليس، كانت مع الملك المظفر، إلى حصن كيفا. ثم أنفذ إلى ميافارقين جهز أمه وزوجته وما خف معهما من جواهر ومصالح، فطلعوا إلى حصن كيفا عند المعظم ولد الملك الكامل. وطلب المظفر ولده الملك السعيد، وكان شاباً مليحاً، شجاعاً، كريماً فقال: تعود إلى ميافارقين وتجمع الناس والعسكر لقتال التتار، وأنا فأمضي إلى مصر أو إلى بغداد لجمع الجيوش واستنفار الناس. فأبى وقال: ما أفارق خدمة السلطان. فضربه ابن عمه بسكين قتله وقتلوه بعده في الحال. ثم سار المظفر وأنا معه إلى نصيبين ثم إلى ماكسين، وأخذنا على بلاد الخابور. ثم سرنا إلى عانة، ثم عدينا إلى الجانب الغربي فوصلتنا إقامة الخليفة.

(47/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 13
وجاء الخبر أن التتار وصلوا إلى سنجار. وجاءنا رسول من بغداد معه جوشخاناه وروايا وقرب برسم طريق مصر، فعدنا إلى) عانة. وجاءتنا الكتب برحيل التتار عن البلاد لأن الطبق وقع في حوافر خيلهم، فجئنا إلى مشهد علي، ثم سرنا إلى أن وصلنا حران، ثم إلى ميافارقين.
4 (خروج الأعيان للقاء أم الخليفة)
وفيها، في ثالث صفر، خرج الأعيان إلى ملتقى أم الخليفة وقد رفعوا الغرز، والمدرسون والقضاة قد رفعوا الطرحات وجعلوا عددهم حمراً. وخرج ثاني يوم أستاذ دار الخلافة مؤيد الدين محمد بن العلقمي بالقميص والبقيار والغرزة، متقلداً سيفاً ووراءه ثلاثة أسياف، وتوجهوا إلى زريران، فكان أحدهم يحضر إلى زعيم الحاج مجاهد الدين الدويدار فيسلم، وقد نصب هناك سرادق عظيم، فيأتي أحدهم ويقبل الأرض على باب السرادق، فيخرج الأمين كافور ويقول: قد عرف حضورك. فلما قرب ابن العلقمي نزل ولبس بقياراً بلا غرزة، وغير عدة مركوبه فجعلها حمراء، وقصد السرادق ومعه زعيم الحاج، ثم قبل الأرض، فخرج إليه كافور فتشكر له. ثم أُحضرت شبارة بمشرعة زريران فنزلت فيها والدة الخليفة.

(47/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 14
قال: وخلع على الدويدار وأُنعم عليه بخمسة عشر ألف دينار.
4 (ولاية العلقمي الوزارة)
وفي ربيع الأول ولي وزارة العراق مؤيد الدين محمد بن العلقمي بعد موت ابن الناقد الوزير.
4 (ولاية ابن الجوزي الاستاذ دارية)
ثم ولي الأستاذ دارية الصاحب محيي الدين يوسف بن الجوزي.
4 (دخول التتار شهرزور)
وفي ذي الحجة وقعت بطاقة ببغداد أن التتار، خذلهم الله تعالى دخلوا شهرزور وهرب صاحبها فلك الدين محمد بن سنقر إلى بعض القلاع، وأنهم قتلوا وفسقوا وبدعوا. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
4 (محاصرة المصريين والخوارزمية دمشق)
وفي أواخر السنة شرعوا، أعني المصريين والخوارزمية، في حصار دمشق وعلى العساكر معين الدين ابن الشيخ.

(47/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 15
1 (سنة ثلاث وأربعين وستمائة)
)
4 (منازلة دمشق ومضايقتها)
قيل: في أولها وصل الصاحب معين الدين ابن شيخ الشيوخ بالجيوش والخوارزمية فنازل دمشق وضايقها، وزحفوا على البلد من نواحيه، فلما كان يوم ثامن المحرم بعث الصالح إسماعيل إلى معين الدين سجادةً وإبريقاً وعكازاً وقال: اشتغالك بهذا أولى. فبعث إليه المعين بجنك وزمر وغلالة حريري وقال: ما بعثت به يصلح لي، وهذا يصلح لك. ثم أصبح فزحف على دمشق ورموا النيران في قصر الحجاج، ورموا بالمجانيق، وكان يوماً عظيماً. وبعث الصالح النفطية فأحرقوا جوسق العادل والعقيبة، ونهبت بيوت الناس ورموا على الطرق. ودام الحصار في ربيع الأول، فخرج الملك المنصور صاحب حمص من عند الصالح فاجتمع ببركة خان مقدم الخوارزمية ثم عاد.

(47/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 16
فلما طال الأمر فتحت دمشق في جمادي الأولى. قال سعد الدين الجويني: كان أمين الدولة في أيام الحصار يشتغل بالطلاسم والسحر، عمل خيلاً من خشب ووجوهها مقلوبة إلى أذنابها، ودفنها بظاهر البلد، وعمل ثوراً من عقاقير، ووضعه على منارة الجامع، ووضع فيه النار، فلم يغن شيئاً. قال ابن الجوزي: وبعث أمين الدولة السامري إلى ابن الشيخ يطلب منه شيئاً من ملبوسه، فبعث إليه بفرجية وعمامة ومنديل فلبسها، وخرج إليه بعد العشاء، وتحدث معه ساعة، ثم عاد إلى البلد. ثم خرج مرة أخرى فوقف الحال، وخرج الصالح وصاحب حمص إلى بعلبك وسلموا البلد، ودخل من الغد معين الدين ابن الشيخ دمشق. وكان المغيث ابن الصالح نجم الدين قد مات بحبس القلعة ودفن عند جده بالكاملية. وكان معين الدين حسن السياسة، فلم يمكن الخوارزمية من دخول البلد خوفاً أن ينهبوها. ثم حضر الوزير السامري تحت الحوطة إلى مصر.
4 (محاصرة الخوارزمية دمشق)
وأما الخوارزمية فلم يطلعوا على الصلح، فرحلوا إلى داريا ونهبوها،

(47/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 17
وغضبوا على ابن الشيخ ورحلوا عن دمشق، وراسلوا الصالح إسماعيل في أن يكون معهم، وانتقض الصلح، وعادت الخوارزمية تحاصر البلد وبه معين الدين ابن الشيخ. وجاءهم إسماعيل من بعلبك بعد موت ابن) الشيخ وضيقوا على دمشق. وقلت بها الأقوات وأكلوا الجيف، وبلغت الغرارة القمح ألفاً وستمائة درهم، وأبيعت الأملاك والأمتعة بالهوان، وبلغ الخبز كل وقيتين إلا ربع بدرهم، واللحم رطل بتسعة دراهم. وهلك الناس وماتوا جوعاً على الطرق، وأنتنت الدنيا بهم، ووقع المرض والوباء المفرط. وآل الأمر بأن عجزوا عن دفن أكثر الناس، فكانوا يحفرون لهم حفائر ويرمون الموتى بها بلا غسل ولا كفن. هذا، والخمور دائرة، والفسق ظاهر، والمكوس بحالها. فلما علم الصالح نجم الدين بانقلاب الدست راسل الملك المنصور يفسده ويستمليه فأجابه.

(47/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 18
4 (وفاة معين الدين ابن شيخ الشيوخ)
وتوفي في وسط الأمر معين الدين ابن شيخ الشيوخ في رمضان. وكان قد نزل بدار سامة. ودخل الشهاب رشيد فتسلم القلعة. وولى معين الدين القضاء صدر الدين ابن سني الدولة، والولاية جمال الدين هارون.
4 (وفاة سيف الدين ابن قليج)
ووصل سيف الدين بن قليج من عجلون منفصلاً عن الناصر، وأوصى بعجلون وبأمواله للصالح نجم الدين، ونزل بدار فلوس فمات.
4 (رواية أبي شامة عن حصار دمشق)
وقال شهاب الدين أبو شامة: في أولها اجتمع على دمشق عسكر عظيم من المصريين والخوارزمية وغيرهم. وأحرق قصر حجاج والشاغور وجامع جراح ونصبت المجانيق ورمي بها من باب الجابية وباب الصغير. ورمي المجانيق أيضاً من داخل البلد. وترامى الفريقان، وأمر بتخريب عمارة العقبة وأحرق حكر السماق وغير ذلك، واشتد الغلاء وعظم البلاء حتى أُبيع التبن كل أوقية بقرطاس. ثم أُحرقت العقيبة.
4 (رواية سبط ابن الجوزي)
قال أبو المظفر بن الجوزي: فحكي أن رجلاً كان له عشر بنات أبكار،

(47/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 19
فقال لهن: اخرجن. يعني لما احترقت العقيبة، فقلن: والله لا نخرج، الحريق أهون من الفضيحة. فاحترقن في الدار. قلت: هذه حكاية منكرة، وابن الجوزي حاطب ليل وصاحب غرائب.)
4 (رواية ابن حمويه)
وقال سعد الدين ابن حمويه في ذكر انتقاله من خدمة صاحب ميافارقين: ثم خرجنا من حماة في أول ربيع الأول مع رسل حماة، ومعهم مائتا فارس لخوف الطريق، فنزلنا سلمية وسرنا فيها، والخوارزمية على الطرقات يأخذون من كل أحد شيئاً. إلى أن قال: ونزلت عند ابن عمي معين الدين بالقرب من المصلى، فخلع علي. ورأيت دمشق وقد قطع العسكر أكثر أشجارها، ونضبت أنهارها، وخربت أكثر ديارها. وكان الصالح إسماعيل قد خرب أرباضها وأحرقها، وخرب عسكر مصر بقية العمارة التي تليهم بحيث ما بقي بظاهر البلد عمارة تسكن. وكان عليها المجانيق منصوبة من باب الجابية إلى باب النصر. وفي ربيع الأول قفر إلينا ابن صاحب صرخد، فأعطاه ابن عمي ألف دينار وخلعة وفرس، وكان في أكثر الأيام يفرق خمسمائة خلعة وخمسة آلاف دينار على المقفرين.
4 (رواية أبي شامة)
قال أبو شامة: وفي ثامن جمادي الأولى زال الحصار وترحل عن البلد سلطانه الملك الصالح عماد الدين ورفيقه صاحب حمص إلى بعلبك وحمص، ودخل من الغد نائب صاحب مصر معين الدين حسن ابن شيخ الشيوخ

(47/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 20
صدر الدين فنزل في دار سامة، وهي الدار المعظمية الناصرية. وعزل محيي الدين ابن الزكي عن القضاء وولى ابن سني الدولة.
4 (وصول الست خاتون إلى خلاط)
وفيها وصلت إلى خلاط الست خاتون الكرجية ابنة ملك الكرج إيواني ومعها منشور من ملك التتار خاقان بخلاط وأعمالها إطلاقاً. فراسلت الملك شهاب الدين غازي ابن العادل تقول: أنا كنت زوجة أخيك الملك الأشرف، فإن تزوجت بي فالبلاد لك. فما أجابها. وكان جلال الدين خوارزم شاه قد أخذها لما تملك خلاط فغاب خبرها هذه المدة. وكانت قبل الأشرف عند الملك الأوحد أخيه.
4 (خوف الملك المعظم من أبيه)
وفيها بعث الملك الصالح صاحب مصر الأمير حسام الدين بهرام ليحضر ولده الملك المعظم تورانشاه من حصن كيفا. فبعث إليه الملك المظفر شهاب الدين غازي الخيل والمماليك، وكذلك) فعل صاحب ماردين. فخاف المعظم ولم يجب أباه. قال أبو المظفر: فحكى لي الأمير حسام الدين بن أبي علي أن الصالح كان يكره مجيء ابنه إليه، وكنا إذا قلنا له: أرسل أحضره يغضب ويقبض يده ويقول: أجيبه أقتله وكان القضاء موكلاً بالمنطق.

(47/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 21
4 (الإفراج عن ابن شيخ الشيوخ)
وفيها أخرج الصالح نجم الدين فخر الدين ابن شيخ الشيوخ من السجن بعد أن حبسه ثلاث سنين ولاقى شدائد وضر، حتى كان لا ينام من القمل.
4 (توجيه الخليفة الخلع إلى مصر)
وفيها وجه أمير المؤمنين مع جمال الدين عبد الرحمن ابن الصاحب محيي الدين ابن الجوزي خلعة السلطنة إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب. وهي عمامة سوداء، وفرجية مذهبة، وثوبان ذهب، وسيفان بحلية ذهب، وعلمان، وطوق ذهب، وحصان بعدة فاخرة، وترس ذهب، فلبس السلطان الخلعة بمصر. ووجهوا أيضاً خلعة الصاحب معين الدين، وهي ثوب واسع مذهب، وعمامة، وسيف، وفرس بعدته، فأعطاها السلطان للأمير فخر الدين لبسها لموت معين الدين، وخلعة وفرساً للملك المعظم ولد السلطان، وخلعاً لأصحابه.
4 (كسرة التتار عند بعقوبا)
وفيها وصلت التتار إلى بعقوبا فعاثوا وأفسدوا، فخرج من بغداد الدوادار

(47/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 22
الصغير في عسكر بغداد فالتقاهم في ربيع الآخر فكسرهم ورد ومعه الأسرى.
4 (رواية أبي شامة عن الأسعار بدمشق)
وقال أبو شامة: في ثامن عشر شوال بلغت الغرارة ستمائة درهم وذلك في تاسع آذار بدمشق. وفي آخر شوال بلغت الغرارة القمح مائة دينار صورية. وفي عاشر ذي القعدة تفاقم الأمر وبيع الخبز الأسود أوقيتان بدرهم، وخبز الشعير أوقيتان ونصف بدرهم. وفي ثاني عشر ذي القعدة بلغت الغرارة ألفاً ومائتي درهم كاملية، والزبيب كل أوقيتين بدرهم، والباقلا الأخضر رطل بدرهم وربع. ويوم عيد النحر بيع رطل الخبز بسبعة دراهم. ثم نزلت الأسعار.) وفي آخر السنة نزل إلى رطل بدرهمين، وبعد شهر رخص واشتري رطل وثلث بدرهم.

(47/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 23
1 (سنة أربع وأربعين وستمائة)

4 (إنكسار الخوارزمية)
في أولها كانت كسرة الخوارزمية بين حمص وبعلبك، وذلك أن الخوارزمية اجتمعوا على بحيرة حمص، وكتب صاحب مصر فاستمال الملك المنصور إبراهيم، وكاتب الحلبيين بأن هؤلاء الخوارزمية قد أخربوا الشام والمصلحة أن نتفق عليهم، فأجابوه. وسار شهاب الدين لؤلؤ بجيش حلب، وجمع صاحب حمص إبراهيم التركمان والعرب، وسار إليهم عسكر السلطان الذين بدمشق، فاجتمعوا كلهم على حمص. واتفق الخوارزمية والملك الصالح إسماعيل، والناصر داود، وعز الدين أيبك المعظمي، واجتمعوا على مرج الصفر. فأشار بركة خان بالمسير لقصدهم فساروا، فكان المصاف على بحيرة حمص في المحرم، فكانت الدائرة على حزب إسماعيل، وقتل رأس الخوارزمية بركة خان، وانهزم إسماعيل وصاحب صرخد والجند عرايا جياعاً ونهبت أموالهم، ووصلوا إلى حوران في أنحس تقويم. فساق صاحب حمص إلى بعلبك فأخذ البلد وسلمه إلى أمير،

(47/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 24
وسار الحلبيون ومعهم رأس بركة خان، فنصب على باب حلب. وقدم صاحب حمص دمشق ونزل ببستان سامة، وذهبت طائفة كبيرة من الخوارزمية إلى البلقاء، فنزل إليهم الناصر من الكرك وصاهرهم واستخدمهم، وأطلع حريمهم إلى الصلت، وكذا فعل عز الدين صاحب صرخد، وساروا فاستولوا على نابلس. ومرض صاحب حمص بالنيرب ومات وحمل إلى حمص. وحضر نائب صاحب مصر الصاحب الأمير فخر الدين ابن الشيخ إلى الشام بعسكر فقدم غزة، فعاد من كان بنابلس من الخوارزمية إلى الصلت، فقصدهم فخر الدين فكسرهم وفرقهم. وكان الناصر معهم ففر إلى الكرك وتبعته الخوارزمية فلم يمكنهم من دخول الكرك. وأحرق ابن شيخ الشيوخ الصلت، وهي للناصر. ثم ساق فنازل الكرك. وتحصن عز الدين بصرخد. وكان يوم الوقعة المذكورة في ربيع الآخر.

(47/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 25
وقيل إن الناصر كتب إلى فخر الدين وهو منازله:
(غدوت على قيسٍ لخفر جواره .......... لأمنع عرضي إنّ عرضي ممنَّع)
)
4 (تسلم حسام الدين بعلبك)
وكان الأمير حسام الدين بن أبي علي بدمشق فسار إلى بعلبك وتسلم قلعتها باتفاق من الساماني مملوك الصالح إسماعيل، وكان واليها، وبعث عيال إسماعيل إلى مصر.
4 (تسلم بصرى)
وتسلم نواب الصالح نجم الدين بصرى، وكان بها الشهاب غازي، فأعطوه حرستا القنطرة بالمرج.
4 (إلتجاء الصالح إسماعيل إلى حلب)
وفي ربيع الآخر وصل الصالح إسماعيل بطائفة من الخوارزمية أميرهم كشلوخان إلى حلب، ولم يبق للصالح مكان يلجأ إليه، فتلقاه صاحب حلب الناصر يوسف فأنزله في دار جمال الدين الخادم، وقبض على كشلوخان

(47/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 26
والخوارزمية وملأ بهم الحبوس. وقال الأمير شمس الدين لؤلؤ أتابك حلب للصالح: أبصر عواقب الظلم كيف صارت.
4 (دخول الصالح نجم الدين دمشق)
وفي ذي القعدة قدم السلطان الملك الصالح نجم الدين دمشق فدخل يوم تاسع عشرة وكان يوماً مشهوداً بكثرة الخلائق والزينة، وأحسن إلى الناس. وأقام نصف شهر، ورحل إلى بعلبك فكشفها، ثم رجع ومضى نحو صرخد فتسلمها من عز الدين أيبك بعد أن نزل إلى خدمته برأي ابن العميد، فدخلها الصالح. ثم مضى إلى بصرى. وقدم عز الدين أيبك دمشق وكتب له منشور بقرقيسيا، والمجدل، وضياع في الخابور، فلم يحصل له من ذلك شيء.
4 (الأمر بعمارة سور القدس)
وتوجه السلطان إلى مصر، وتصدق في القدس بألفي دينار، وأمر بعمارة سورها وقال: اصرفوا دخل البلد في عمارة السور.

(47/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 27
4 (تحريض البابا على قتل الإمبراطور)
وفيها وصلت الأخبار أن البابا طاغوت النصرانية غضب على الأنبرور وعامل خواصه الملازمين له على قتله، وكانوا ثلاثة. وقال لهم: قد خرج الأنبرور عن دين النصرانية ومال إلى المسلمين فاقتلوه وخذوا بلاده لكم. وأعطى أحدهم صقلية، والآخر بغفاته، والآخر بوليه. وهذه الثلاثة مملكة الأنبرور، فكتب مناصحوا الأنبرور إليه بذلك، فعمد إلى مملوك له فجعله) على سرير الملك مكانه وأظهر أنه هو وأنه قد شرب شربة، فجاء الثلاثة يعودونه والأنبرور في مجلس ومعه مائة بالسلاح. فأما الثلاثة فإنهم رأوا قتل الأنبرور فرصة لكونه ضعيفاً من الدواء فحطوا عليه، وهو مغطى الوجه، بالسكاكين فقتلوا الغلام، فخرج عليهم المائة فقبضوا عليهم، وذبحهم الأنبرور بيده وسلخهم، فلما بلغ البابا بعث إلى قتاله جيشاً، والخلف بينهم واقع.
4 (تسلم نجم الدين قلعة الصبيبة وحصن الصلت)
وفيها تسلم السلطان نجم الدين أيوب قلعة الصبيبة من ابن عمه الملك السعيد بن الملك العزيز، ثم أخذ حصن الصلت من الناصر.

(47/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 28
4 (التوقيع لابن حمويه بمشيخة خوانق دمشق)
وفيها كتب توقيع لشرف الدين عبد الله ابن شيخ الشيوخ بن حمويه بمشيخة خوانق دمشق مع الولاية عليها والنظر في وقوفها كوالده.
4 (التوقيع لابن أبي عصرون بتدريس الشافعية)
وكتب توقيع للشيخ تاج الدين بن أبي عصرون بتدريس الشافعية، فدرس بها دهراً طويلاً، فتوجه المذكوران إلى دمشق.
4 (استخدام الرجال بغزة)
وبعث السلطان خمسة عشر ألف دينار إلى الأمير فخر الدين ابن الشيخ إلى غزة ليستخدم بها رجاله.
4 (كسرة الملك والمظفر صاحب ميافارقين)
وفي ربيع الأول، قال سعد الدين الجويني: جاء الخبر أن المعظم صاحب حصن كيفا جاءته نجدة الموصل وماردين، فضرب مصافاً مع الملك المظفر صاحب ميافارقين فكسره، وشحن على أكثر بلاده.
4 (بناء السانح وتسميته بالصالحية)
قال: وسافرت إلى مصر فسرت من الغرابي إلى القيصر، ثم سريت فجئت إلى السانح، نزلت به، وقد بنى به السلطان نجم الدين دوراً وبستاناً وقرية بها جامع وفنادق، وسميت الصالحية.

(47/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 29
قلت: وقبل ذلك إنما كان هذا المكان يعرف بالسانح.
4 (القبض على ابن موسك)
) وقبض الناصر في الكرك على الأمير عماد الدين ابن موسك وأخذ أمواله.
4 (ختن ولدي المستعصم بالله وأخيه)
وفيها ختن المستعصم بالله ولديه أحمد وعبد الرحمن، وأخاه علياً فذكر ابن الساعي أنه أخرج على الختان نحواً من مائة ألف دينار، فمن ذلك ألف وخمسمائة رأس شواء.
4 (اجتماع رسل التتار بالعلقمي)
وفيها قدم رسولان من التتار، أحدهما من بركة، والآخر من باجو، فاجتمعا بالوزير مؤيد الدين بن العلقمي، وتغمت على الناس بواطن الأمور.
4 (وفاة المنصور صاحب حمص)
وفيها توفي المنصور صاحب حمص، وتملك بعده ابنه الملك الأشرف موسى.

(47/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 30
4 (عودة الحياة إلى الشام بهلاك الخوارزمية)
وعاش أهل الشام بهلاك الخوارزمية، وكانوا كالتتر في الغدر والمكر والقتل والنهب.
4 (أخذ الفرنج شاطبة)
وفيها أخذت الفرنج شاطبة صلحاً، ثم أجلوا أهلها بعد سنة عنها.

(47/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 31
4 (سنة خمس وأربعين وستمائة)

4 (فتح طبرية وعسقلان)
في أولها وجه السلطان إلى مصر جريدةً وأبقى جيوشه بالشام، فحاصروا بلاد الفرنج عسقلان وطبرية. ففتحت طبرية في صفر، وفتحت عسقلان في جمادى الآخرة.
4 (العزل والولاية بخطابة دمشق)
وفي رجب عزل خطيب البلد عماد الدين داود الآباري، من الخطابة ومن الغزالية ووليهما القاضي عماد الدين عبد الكريم بن الحرستاني.
4 (ارتفاع شأن ابن الشيخ بفتح طبرية وعسقلان)
قال أبو المظفر: نازل فخر الدين ابن الشيخ طبرية فافتتحها، ثم حاصر عسقلان وقاتل عليها قتالاً عظيماً وأخذها في جمادى الآخرة. قلت: وانفرد هذين البلدين وعظم شأنه عند السلطان، ولم يبق له نظيراً في الأمراء.

(47/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 32
4 (أخذ قلعة الصبيبة من السعيد)
) قال سعد الدين بن حمويه: في المحرم أخذ السلطان من السعيد بن العزيز قلعة الصبيبة، وأعطي خبز مائة وخمسين بمصر ومائة ألف درهم، وقيسارية جركس، وخمسمائة تفصيلة.
4 (نفي السلطان مملوكه البندقدار)
وفيه نفى السلطان مملوكه البندقدار وأضاف أجناده إلى الحلقة لكونه صعد قلعة عجلون بلا أمر. قلت: وفي هذه المرة أخذ السلطان من مماليك البندقدار بيبرس وصار من أعيان مماليكه، وآل أمره إلى سلطنة البلاد.
4 (زيارة السلطان نجم الدين للقدس)
قال: وزار السلطان القدس وأمر أن يذرع سوره، فجاء ستة آلاف ذراع، فأمر أن يصرف دخل القدس في عمارة سوره، وتصدق بألفي دينار في الحرم، وزار الخليل عليه السلام.
4 (فتح طبرية)
وكان الأمير فخر الدين نازلاً على طبرية فنصب عليها المجانيق، فخرجوا في بعض الليالي فقتلوا الأمير سابق الدين الجزري، وقتلوا سبعةً معه، وركبنا في المراكب في البحيرة لقطع الميرة عن طبرية، فجاءت مراكبهم وقاتلونا ساعة، ثم زحفنا على القلعة من كل مكان، وجرع جماعة. قال: ووقعت البدنة التي علقناها من الباشورة، فزحفنا كلنا، وهجم

(47/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 33
المسلمون الثغرة، وجاء الفرنج بأسرهم إليها ورموا بالحجارة، وقتلوا خلقاً كثيراً، وصبر الناس، وكلما تعب قوم خرجوا وجاء غيرهم إلى أن تعبت الفرنج فطلبوا الأمان، فأمنهم الأمير على أن يكونوا أسرى. فنزلوا على ذلك، فكانوا مائتين وستين أسيراً. وأخذ الأمراء خفيةً نحو خمسين أسيراً، وغنم الناس طبرية بما فيها. ووجدنا منهم في القلعة قتلى كثيرة وجرحى، وكان يوماً مشهوداً. وأُخربت القلعة وقسمت على العسكر.
4 (فتح عسقلان)
ثم رحلنا بآلات الحصار جميعها إلى عسقلان، وقد نزل عليها قبلنا الأمير شهاب الدين بن الغرز، فأحاطت بها العساكر، ومراكب الفرنج وشوانيهم تحتها، ومراكبنا مرسية على الساحل، وهي قلعة مليحة ستة عشر برجاً، نصفها في البحر، فنزلنا ورمينا بالمجانيق. وجاءت مراكبهم) إلى مراكبنا فاقتتلوا، وكانت ساعة مشهودة. ثم هاج البحر واغتلم، واصطدم موجه فكسر شوانينا وطحنها على الساحل، وهي خمسة وعشرون. وسلمت شواني الفرنج لأنهم كانوا مرسيين في وسط البحر، فأخذنا خشب الشواني عملناه ستائر للزحف. وكمل لنا أربع عشرة منجنيقاً ترمي على القلعة، ومناجيقهم لا تبطل ساعةً، وأحرقوا ستائر منجنيقين رموها... محمية، وكسروا لنا منجنيقين، وخربوا وقتلوا جماعة. وبعد أيام شرعنا في طم الخندق من الثقب، وجاءهم اثنا عشر مركباً نجدة. وكان المدد يأتيهم ويأتينا أيضاً. وخرجوا غير مرة وقاتلوا، فزحفنا في عاشر جمادى الأولى عليها من كل جهة، وقاتل المسلمون قتالاً عظيماً وملكوا الباشورة، وقتل نحو ستين نفساً، وجرح خلق. وثبنا على خنادق القلعة وأخذنا ثقوباً في برج وبدنة.

(47/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 34
ثم بعد يومين زحفنا عليهم. ثم أخذوا الثقوب منا وهرب أصحابنا منها، ثم من الغد استعدناها منهم. وفي سادس عشر الشهر أحرقنا البرج فنقبوه من عندهم وأطفأوا النار. ثم تقور البرج من الغد، ووقع على اثني عشر فارساً منهم، فأخرجهم أصحابنا وغنموا سلبهم. ثم جاءتهم سبع مراكب كبار. قال: وحجر المنجنيق المغربي الذي لنا وزنه قنطار وربع بالشامي. وطال الحصار وقفز غير واحد، وقفز فارسان من الفرنج فخلع عليهما فخر الدين. وذكروا أن الخلف وقع بين الإسبتار والغرب. وانسلخت الباشورة فمات تحتها ثمانية أنفس. وليلة الخميس ثاني وعشرين جمادى الآخرة طلع أصحابنا من البرج المنقوب وملكوه وصاحوا، فضربنا الكوسات في الليل، وعلت الصيحات، وتكاثر الناس، فاندهش الفرنج وخذلوا، وهربوا إلى المراكب وإلى الأبراج واحتموا بها. ودخل المسلمون القلعة في الليل وبذلوا السيف، وربما قتل بعضهم بعضاً لكثرة العالم وظلمة الليل وللكسب. ولم يزالوا ينقلون ذخائرها وأسلحتها طوال الليل. ودخلها من الغد الأمير فخر الدين، وأعطى من في الأبراج أماناً على أنفسهم دون أموالهم. وكان فيهم ثلاثة أمراء معتبرين، وكانت الأسرى مائتين وستين أسيراً، ووجدنا غرقى) وأيدي مقطعة في البحر وسببه تعلقهم بالمراكب للهرب، فيخاف الآخرون لا تغرق المراكب، فيضربون بالسيوف على أيديهم يقطعونها. ثم شرعنا في خراب القلعة، ورحلنا وقد تركناها مأوى للبوم والغربان، ومساكن الأراوي والغزلان، فسبحان الباقي الديان.

(47/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 35
4 (أخذ السلطان قلعة شميمس)
وفيها أخذ السلطان قلعة شميمس من الأشرف صاحب حمص، فحصنها وبعث إليها الخزائن.
4 (أخذ حمص من قبل عسكر حلب)
وفيها جاء عسكر حلب فنازلوا حمص وحاصروها مدة، وأخذوها في سنة ست.
4 (إقامة جماعة من العلماء بمصر)
وفيها جاءت تذكرة بأن يحمل إلى مصر القاضي محيي الدين ابن الزكي، وابن العماد الكاتب، وابن الحصيري، وبنو صصرى الأربعة، والشرف بن المعتمد، وجماعة لأنهم كانوا من أصحاب الصالح إسماعيل، فلما وصلوا مصر أقاموا بحسب اختيارهم، فبقوا بها إلى بعد موت الصالح نجم الدين.

(47/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 36
4 (وفاة عز الدين أيبك المعظمي)
وفي ذي القعدة جلس عز الدين أيبك المعظمي في دار فرخشاه بتواطي من ابن مطروح وغيره. وصنعوا مترجماً قد جاءه من حلب من عند الصالح إسماعيل، وكتبوا إلى السلطان يخبرونه بذلك، فأمر أن يحمل إلى القاهرة تحت الحوطة، فحمل وأنزل في دار صواب، فاعتقل بها، ودافعه ولده وقال: أموال أبي قد بعثها إلى حلب. فمرض أيبك ومات بغبنه، ثم نقل في تابوت ودفن في قبته التي على الشرف الأعلى.
4 (الغلاء ببغداد)
وفيها كان ببغداد غلاء عظيم، وأبيع الخبز ثلاثة أرطال بقيراط.
4 (هرب مماليك للسلطان وإمساكهم)
وفيها هرب للسلطان نجم الدين مماليك، فمسك منهم أربعون نفساً بحلب، وأرسلوهم إلى دمشق، فشنق الأربعين على أبواب البلد.

(47/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 37
1 (سنة ست وأربعين وستمائة)
)
4 (عمل أشلاق للسلطان وإبطاله)
فيها أمر السلطان أن يعمل له أُشلاق تحت القلعة ليتفرج، فتشالقوا فقتل سبعة أنفس وجرح جماعة. وسببه دخول المماليك بينهم، فمنعهم السلطان من الشلاق، وكان يترتب عليه شر كبير ومفاسد بدمشق.
4 (ملك الفرنج إشبيلية)
وفي شعبان ملكت الفرنج إشبيلية بعد حصارهم لها سبعة عشر شهراً، ودخولها صلحاً.
4 (تسليم حمص لنواب الملك الناصر يوسف)
وفيها مل صاحب حمص الملك الأشرف من محاصرة الحلبيين له، وقايض بها تل باشر من أعمال حلب، وسلم حمص لنواب الملك الناصر يوسف.

(47/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 38
4 (ولادة أربعة توائم)
وفيها امرأة ولدت ببغداد أربعةً في بطن وشاع ذلك، فطلبهم الخليفة ورآهم وتعجب، ثم أمر لهم بستمائة دينار وثياب، وكان الأبوان من المساكين.
4 (الغرق ببغداد)
وكان ببغداد الغرق الكثير الذي هو أكبر من غرق سنة بحيث أن الأمراء والوزير بنفسه نزل وحمل جرزة حطب للسد. ثم زاد الماء بعد شهرين زيادةً أعظم من الأولى وتهدم من السور عدة أبراج، ونبع الماء من أساس المستنصرية، ولا يحصى ما تهدم من الدور. وبقي الماء في النظامية ستة أذرع، وغرقت الرصافة، وجرى ما لا يعبر عنه وذهبت أموال لا تحصى.
4 (محاصرة السلطان نجم الدين حمص)
وفيها خرج السلطان نجم الدين من مصر، وجهز الجيش مع فخر الدين ابن الشيخ إلى حمص، وبعثر الفلاحون بجر آلة الحصار والمجانيق إلى حمص، ثم نازلوا حمص يحاصرون نواب الناصر صاحب حلب، ونصبت المجانيق، فجاء

(47/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 39
العسكر الحلبي في النجدة. وكان الشيخ نجم الدين عبد الله البادرائي قد جاء رسولاً فدخل في القضية ورد العسكريين.

(47/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 40
1 (سنة سبع وأربعين وستمائة)
)
4 (نيابة ابن يغمور بدمشق)
رجع السلطان إلى مصر مريضاً في محفة، واستعلم على نيابة دمشق الأمير جمال الدين ابن يغمور.
4 (ذكر خبر التوائم الأربعة ثانية)
وفيها ولدت امرأة ببغداد ابنين وبنتين في جوف، وشاع ذاك فطلبوا إلى دار الخلافة فأُحضروا وقد مات واحد فأُحضر ميتاً، فتعجبوا وأُعطيت الأم من الثياب والحلي ما يبلغ ألف دينار، وكانت فقيرةً مستورة.
4 (توجه الناصر داود إلى حلب)
وفيها توجه الناصر داود إلى حلب.
4 (تخريب دار سامة وبستان القصر بدمشق)
وجاء كتاب السلطان نجم الدين إلى ابن يغمور بخراب دار سامة وقطع

(47/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 41
شجر بستان القصر الذي للناصر داود بالقابون، وخراب القصر، ففعل ذلك.
4 (تسليم الأمجد الكرك للسلطان)
وفيها مضى الأمجد حسن ابن الناصر من الكرك إلى مصر، وسلم الكرك إلى السلطان، وخبث على أبيه وخانه، فأعطاه السلطان جملة، وأخرج من الكرك عيال المعظم وأولاده وبناته، وبعث إليهم بأموال وتحف يرضيهم بها. وأما سعد الدين فقال في تاريخه: وصل كتاب الظاهر ابن الناصر إلى السلطان بذلك وأنفذ أستاذ داره جمال الدين أقوش التجيبي ليتسلمها فلما قدم الملك الظاهر أمر السلطان بتلقيه واحترمه، ودفع له أسيوط، ومائتي فارس، وخمسين ألف دينار، وثلاثمائة قطعة قماش ثمن الذخائر التي بالكرك، وأعطى لأخيه الأمجد إخميم، ومائةً وخمسين فارساً، ثم بعث خزانةً إلى الكرك مع مجير الدين بن أبي زكري مبلغها مائتي ألف دينار.
4 (أخذ الفرنج دمياط)
وفيها هجمت الفرنج دمياط وأحاطت بها في ربيع الأول، وكان عليها فخر الدين ابن الشيخ والعساكر فخرجوا عنها، وخرج أهلها منها من الجهة الأخرى، وملكتها الفرنج صفواً عفواً بلا قتال ولا كلفة، بل مجرد خذلان

(47/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 42
نزل، فلا حول ولا قوة إلا بالله. وهذا من أغرب ما تم في) الوجود حتى إن الفرنج اعتقدوا أن المسلمين فعلوا هذا مكيدةً. ثم كان لهم الأمر، وابتلى الله تعالى العسكر بالعدو وذهاب أموالهم. فقيل سبب هروبهم أنهم بطقوا مرةً بعد أخرى إلى السلطان ليكشف لما جاء خبر، وكان قد سقاه الطبيب دواء مخدراً، وأوصى بأن لا يزعج ولا ينبه، فكتموه الخبر، فوقع إرجاف في دمياط بموته، ونزل بهم الخذلان. وكان الملك الصالح نجم الدين أيوب على المنصورة نازلاً، فغضب كيف يسيبها أهلها، وشنق من أعيان أهلها ستين رجلاً. ولما أمر بشنقهم قالوا: ما ذنبنا إذا كانت عساكره وأمراؤه هربوا وأحرقوا الزردخاناه، فأيش نعمل نحن وقامت القيامة على العسكر، وخرج أهل دمياط حفاةً عراة جياعاً فقراء حيارى بالحريم والأطفال، قد سلم لهم بعض ما يعيشون به، فنهبهم المسلمون في الطريق. وأما العسكر فاستوحشوا من السلطان ودعوا بهلاكه.

(47/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 43
4 (وفاة نجم الدين أيوب وإخفاء الخبر)
قال أبو المظفر: وبلغني أن مماليكه أرادوا قتله فقال لهم فخر الدين ابن الشيخ اصبروا عليه فهو على شفا. فمات ليلة نصف شعبان وهو على المنصورة. وكانت أم خليل زوجته معه وهي المدبرة لأموره أيام مرضه، فلم تغير شيئاً، بل الدهليز بحاله، والسماط يمد كل يوم، والأمراء يجيئون للخدمة، وهي تقول: السلطان مريض ما يصل إليه أحد. فبعثوا إلى الملك المعظم تورانشاه ولده، وهو بحصن كيفا، الفارس أقطاي من مماليك أبيه، فسلك على البرية وكاد يهلك عطشاً، وأسرع به أقطاي، فقدم دمشق في آخر رمضان، وخلع على أمراء دمشق وأحسن إليهم. قال أبو المظفر: بلغني أنه وجد في دمشق ثلاثمائة ألف دينار فأنفقها، واستدعى من الكرك مالاً فأنفقه. وأمر فخر الدين ابن الشيخ الأمراء فحلفوا للمعظم. وأخفوا موت السلطان.

(47/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 44
وكانت أم خليل تعلم على التواقيع على هيئة خط السلطان. وقيل بل كان يعلم على التواقيع خادم يشبه خطه خط السلطان يقال له السهيلي، وكان قد فسد مخرجه وامتد إلى فخذه، وعمل عليه جسده، وهو يتجلد ولا يطلع أحداً على حاله حتى هلك.
4 (إنكسار الفرنج عند المنصورة)
) وكان المسلمون مرابطين بالمنصورة مدة أشهر، وجرت لهم مع الفرنج فصول طويلة ينال هؤلاء من هؤلاء وهؤلاء من هؤلاء، فمنها وقعة عظمى يوم مستهل رمضان استشهد فيها جماعة من كبار المسلمين، ثم تناخوا وكروا على الفرنج فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وكان الفتح.
4 (دخول المعظم مصر)
ووصل المعظم إلى مصر بعد أن أقام بدمشق سبعة وعشرين يوماً فدخل

(47/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 45
الديار المصرية في ذي الحجة بعد الوقعة. وكان في عزمه الفتك بابن الشيخ لأنه بلغه أنه يريد الملك والناس يريدونه فقتل.
4 (رواية ابن الساعي عن سقوط دمياط)
وقال ابن الساعي: في أول السنة أخذت الفرنج دمياط، نزلوا عليها فأرسل الصالح نجم الدين عسكراً نجدة لمن بها، وكان مريضاً، فكسروا الفرنج، ثم ظهرت الفرنج عليهم، فانتخى أميران وهما: ابن شيخ الإسلام، والجولاني، فحملا عليهم، فاستشهد ابن شيخ الإسلام، وسلم الجولاني، وغلقت أبواب دمياط، وأرسلوا بطاقة، وكان السلطان قد سقي دواء مخدراً، وأمرهم الطبيب أن لا ينبهوه، فوقعت البطاقة فكتمها الخادم، ثم وقعت أخرى فلم يرد عليهم جواب، والسلطان لا يعلم بشيء، فقيل في دمياط إن السلطان مات، فضعفت النفوس، وعزم أهل دمياط على الهرب، فأحرقوا باباً وخرجوا، فأخذ العسكر في ردهم فلم يلتفتوا، فعاد العسكر ونهب البلد، فخرج أهل البلد عن آخرهم، وهلك خلق في زحمة الأبواب، وأخلوا البلد، فأخذت البلد بلا كلفة. فلما علم السلطان غضب وهم بقتل ذلك العسكر الذين نهبوا دمياط، ثم صلب منهم نيفاً وثمانين أمراء، وغيرهم ترك، وأمر أن لا تضرب النوبة إلا للجولاني وحده.

(47/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 46
4 (مقتل شيحة أمير المدينة)
قال: وفيها قتل شيحة أمير المدينة، وكان قد خرج عن المدينة في نفر يسير فوقع عليه قوم من العرب بينه وبينهم دم فحاربوه، فقتل وسلبوه، وكان موصوفاً بالخير والتواضع، وولي مكانه ولده الأكبر عيسى.
4 (سعي الإربلي من دقوقا إلى بغداد)
قال: وفي نصف ذي الحجة سعى علي الإربلي الساعي من دقوقا إلى بغداد فوصل بعيد العصر، فأنعم عليه الأمير مبارك بما قيمته عشرة آلاف دينار.)
4 (السيل العظيم بالسلامية)
وفيها جاء سيل عظيم على السلامية من عمل الموصل، فأهلك خلقاً، وأتلف الزرع، وهدم الأسواق، وغرق كثير من المواشي، وغرقت السلامية كلها، وكان بها أكثر من ثلاثة آلاف نفس.
4 (الزيادة بجزيرة ابن عمر)
وجاءت الزيادة على جزيرة ابن عمر حتى كادت تدخل من شراريف سور البلد، وكان أمهراً مهولاً.

(47/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 47
4 (الفتيا بالإيمان يزيد وينقص)
وفيها كتبت فتيا ببغداد: هل الإيمان يزيد وينقص فامتنع الفقهاء من الجواب خوفاً من الفتنة، وكتب فيها الكمال علي بن وضاح والمحدث عبد العزيز القحيطي وبالغاً في ذم من يقول لا يزيد ولا ينقص. فأخذ الفتيا بعض الحنفية وعرضها على الديوان العزيز وقال: قد تعرض لسب أبي حنيفة. فأُمر بإخراج ابن وضاح من المستنصرية وبنفي القحيطي.
4 (وصول قزم إلى بغداد)
وفيها وصل إلى بغداد أبو منصور الإصبهاني، رجل كهل، صغير الخلقة، حذا طوله ثلاثة أشبار وثلاثة أصابع، ولحيته طولها أكثر من شبر، فحمل إلى دار الخلافة، فأُنعم عليه ودار على الأكابر.
4 (مقتل خلق من النزال بخانقين)
وفيها قتلت التتر بخانقين خلقاً عظيماً من النزال ونهبوا أغنامهم وأبقارهم، ثم نهبوا ناحية البت والراذان وأخربوا تلك النواحي، فخرج من بغداد عسكر لذلك. وأُمر الناس في جمادى الآخرة بالمبيت في أسواق بغداد وفي دروبها وبالوقيد.

(47/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 48
4 (استيلاء الحلبيين على نصيبين ودارا وقرقيسيا)
وفيها سار عسكر حلب فالتقوا المواصلة بنصيبين، فانهزمت المواصلة واستولى الحلبيون على خيامهم، وتسلموا نصيبين، ودارا، وقرقيسيا.

(47/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 49
1 (سنة ثمان وأربعين وستمائة)

4 (موقعة المنصورة)
) استهلت والفرنج على المنصورة والجيش المصري بإزائهم، وقد ضعف حال الفرنج لانقطاع الميرة عنهم، ووقع في خيلهم مرض وموت، وعزم ملكهم الفرنسيس على أن يركب في أول الليل ويسير إلى دمياط، فعلم المسلمون بذلك. وكان الفرنج قد عملوا جسراً عظيماً من الصنوبر على النيل، فسهوا عن قطعه، فعبر منه المسلمون في الليل إلى برهم، وخيامهم على حالها وثقلهم، فبدأوا في المسير، وأحدث المسلمون بهم يتخطفونهم طول الليل قتلاً وأسراً، فالتجأوا إلى قرية تسمى منية أبي عبد الله وتحصنوا بها. ودار المسلمون

(47/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 50
حولها. وظفر أصطول المسلمين بأصطولهم فغنموا جميع المراكب بمن فيها. واجتمع إلى الفرنسيس خمسمائة فارس من أبطال الفرنج وقعد في حوش المنية، وطلب الطواشي رشيد، والأمير سيف الدين القيمري، فحضروا إليه، فطلب منهم الأمان على نفسه وعلى من معه، وأن لا يدخلوا بين السوقة والرعاع، فأجاباه وأمناه، وهرب باقي الفرنج على حمية، وأحدق المسلمون بهم وبقوا جملةً واحدةً حملةً وحملةً حتى أُبيدت الفرنج، ولم يبق منهم سوى فارسين رفسوا بخيولهم في البحر فغرقوا، وغنم المسلمون منهم ما لا يوصف، واستغنى خلق. وأُنزل الفرنسيس في حراقة، وأحدقت به مراكب المسلمين تضرب فيها الكوسات والطبول، وفي البر الشرقي أطلاب العساكر سائرة منصورة، والبر الغربي فيه العربان والعوام في لهو وسرور بهذا الفتح العظيم، والأسرى تقاد في الحبال. فذكر سعد الدين في تاريخه أن الفرنسيس لو أراد أن ينجو بنفسه خلص على خيل سبق أو في حرامة، لكنه أقام في الساقة يحمي أصحابه، وكان في

(47/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 51
الأسرى ملوك وكنود، وأُحصي عدة الأسرى فكانوا نيفاً وعشرين ألف آدمي، والذي غرق وقتل سبعة آلاف نفس، فرأيت القتلى وقد ستروا وجه الأرض من كثرتهم. وكان الفارس العظيم يأتيه وشاقي يسوقه وراءه كأذل ما يكون وكان يوماً لم يشاهد المسلمون ولا سمعوا بمثله، ولم يقتل في ذلك اليوم من المسلمين مائة نفس. ونفذ الملك المعظم للفرنسيس وللملوك والكنود خلعاً، وكانوا نيفاً وخمسين، فلبس الكل سواه وقال: أنا بلادي بقدر بلاد صاحب مصر كيف ألبس خلعته. وعمل من الغد دعوةً عظيمة، فامتنع الملعون أيضاً من حضورها وقال: أنا ما آكل طعامه، وما يحضرني إلا ليهزأ بي عسكره، ولا سبيل إلى هذا. وكان عنده عقل وثبات ودين فيهم، وكانوا يعتقدون فيه. وكان) حسن الخلقة. وانتقى المعظم الأسرى فأخذ أصحاب الصنائع، ثم أمر بضرب أعناق الجميع. وقال غيره: ثم حبسوا الإفرنسيس بالمنصورة بدار الطواشي صبيح مكرماً غاية الإكرام. وفي ذلك يقول الصاحب جمال الدين ابن مطروح:
(قُل للفرنسيس إذا جئته .......... مقال صدقٍ من قؤولٍ فصيح)

(47/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 52
(أتيت مصر تبتغي ملكها .......... تحسب أنّ الزّمر والطّبل ريح)

(فساقك الحينُ إلى أدهم .......... ضاق به عن ناظريك الفسيح)

(وكلّ أصحابك أودعتهم .......... بحسن تدبيرك بطن الضّريح)

(تسعين ألفاً لا ترى منهم .......... إلا قتيلاً أو أسيراً أو جريح)

(فقل لهم إن أضمروا عودةً .......... لأخذ الثّأر أو لعقدٍ صحيح)

(دار ابن لُقمان على حالها .......... والقيد باقٍ والطُّواشي صبيح)
وكان هذا النصر العزيز في أول يوم من السنة. وبقي الفرنسيس في الاعتقال إلى أن قتل السلطان المعظم ابن الصالح، فدخل حسام الدين ابن أبي علي في قضيته على أن يسلم إلى المسلمين دمياط ويحمل خمسمائة ألف دينار، فأركبوه بغلةً وساقت معه الجيوش إلى دمياط، فما وصلوا إلا والمسلمون على أعلاها بالتهليل والتكبير، والفرنج الذين بها قد هربوا إلى المراكب وأخلوها. فخاف الفرنسيس واصفر لونه، فقال الأمير حسام الدين: هذه دمياط قد حصلت لنا، وهذا الرجل في أسرنا وهو عظيم النصرانية وقد اطلع على عوراتنا، والمصلحة أن لا نطلقه.

(47/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 53
وكان قد تسلطن الملك المعز أيبك الصالحي فقال: ما أرى الغدر. وأمر به فركب في البحر الرومي في شيني. وذكر حسام الدين أنه سأله عن عدة العسكر الذين قدم بهم فقال: كان معي تسعة آلاف وخمسمائة فارس، ومائة ألف وثلاثون ألف طقشي، سوى الغلمان والسوقية والبحارة. وقال سعد الدين في تاريخه: اتفقوا على أن يسلم الإفرنسيس دمياط، وأن يعطي هو والكنود ثمانمائة ألف دينار عوضاً عما كان بدمياط من الحواصل، ويطلقوا أسرى المسلمين. فحلفوا على هذا، وركب العسكر ثاني صفر، وسقنا وقفنا حول دمياط إلى قريب الظهر، ودخل الناس إليها ونهبوا وقتلوا من بقي من الفرنج، فضربهم الأمراء وأخرجوهم، وقوموا الحواصل التي) بقيت بها بأربعمائة ألف دينار، وأخذوا من الإفرنسيس أربعمائة ألف دينار، وأطلقوه العصر هو وجماعة، فانحدروا في شيني إلى البطس، وأنفذ رسولاً إلى الأمراء يقول: ما رأيت أقل عقل ولا دين منكم. أما قلة الدين فقتلتم سلطانكم، وأما قلة العقل فكون مثلي ملك البحر وقع في أيديكم بعتموه بأربعمائة ألف دينار، ولو طلبتم مملكتي دفعتها لكم حتى أخلص.
4 (كتاب المعظم بالفتح)
وجاء إلى دمشق كتاب الملك المعظم فيه. ولما كان يوم أول السنة فتحنا الخزائن وبذلنا الأموال وفرقنا السلاح، وجمعنا العربان والمطوعة واجتمع خلائق، فلما رأى العدو ذلك طلب الصلح على ما كان أيام الكامل فأبينا،

(47/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 54
فلما كان الليل تركوا خيامهم وأثقالهم، وقصدوا دمياط هاربين، فطلبناهم وما زال السيف يعمل في أقفيتهم عامة الليل وإلى النهار، فقتلنا منهم ثلاثين ألفاً، غير من ألفى نفسه في اللجج. وأما الأسرى فحدث عن البحر ولا حرج. وطلب الفرنسيس الأمان فأمناه وأخذناه وأكرمناه، وتسلمنا دمياط. وأرسل المعظم إلى نائب دمشق ابن يغمور بغفارة الإفرنسيس فلبسها، وهي سقرلاط أحمر بفرو سنجاب، فكتب إلى السلطان بيتين لابن إسرائيل:
(أسيِّد أملاك الزّمان بأسرهمُ .......... تنجّزت من نصر الإله وُعوده)

(فلا زال مولانا يفتح حمى العدى .......... ويُلبسُ أسلاب الملوك عبيده)

(47/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 55
4 (سلطنة شجر الدر)
وسلطنوا عليهم عز الدين أيبك التركماني، ورجعوا إلى القاهرة، وكاتبوا أمراء الشام. قال سعد الدين: جاء الترك إلى دهليز السلطان وحلفوا لشجر الدر ولنائبها الأمير عز الدين التركماني. وفي صفر شرعت الست شجر الدر في الخلع للأمراء، وأعطتهم الذهب والخيل. وأطلقوا خمسمائة أسير من الفرنج، فيهم مائة فارس.

(47/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 56
وفي أول ربيع الأول رفعوا خبر فخر الدين ابن الشيخ، وزيادة ثلاثة أضياع للفارس أقطاي الجمدار، وجردوا عشرة أمراء إلى غزة مقدمهم خاص ترك الكبير، ونفوا أولاد الناصر داود.
4 (خروج عسكر مصر لقتال الحلبيين)
وفي ربيع الآخر خرج عسكر مصر جميعه لأجل حركة الحلبيين، فسار الملك الناصر صلاح) الدين يوسف صاحب حلب بمن معه من الملوك والعساكر لأخذ البلاد والانتقام ممن قتل السلطان.
4 (دخول الناصر دمشق)
وقال غيره: فلما قرب الناصر من دمشق أرسل النائب جمال الدين بن يغمور والقيمرية إلى عزتا فأخرجوا ابن الملك العزيز إلى دمشق واحترموه، وأسكنوه دار فرخشاه. ونزل الملك الناصر بالقصير، ثم انتقل إلى داريا، وزحفوا على دمشق في ثامن ربيع الآخر عند باب الصغير، وكان مسلماً إلى ضياء الدين القيمري، ومن عند باب الجابية، وكان مسلماً إلى ناصر الدين القيمري، فلما وصلوا إلى البابين كسرت لهم الأقفال من داخل، وفتحت لهم الأبواب فدخلوا، ونهبت دار جمال الدين بن يغمور وسيف الدين المشد ودور عسكر دمشق، وأُخذت خيولهم وأمتعتهم. ودخل ابن يغمور إلى القلعة. ثم نودي بالأمان ودخل الملك الناصر يوسف القلعة.

(47/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 57
4 (تسلم ابن المعظم الصبيبة)
وكان الملك الناصر داود بن المعظم نازلاً بالعقيبة، فجاءه ابن الملك العزيز الذي كان محبوساً بعزتا فبات عنده، ثم قام بليل فساق إلى الصبيبة، وكان بها خادم له قد كاتبه، ففتح له الخادم بابها فدخلها وتسلمها.
4 (تسلم الناصر بعلبك وصرخد)
وأما الملك الناصر فتسلم بعلبك وصرخد.
4 (القبض على السلطان الناصر)
ثم تمرض السلطان الناصر وخرج إلى المزة، فبعث ناصر الدين القيمري ونظام الدين ابن المولى الحلبي إلى الناصر داود، وكان نازلاً بالقابون، فحضر معهما إلى السلطان فقبض عليه، ثم بعث به إلى قلعة حمص فاعتقله بها، وأنزل حرمه وأولاده بالخانقاه الشبلية عند ثورا.
4 (فشل محاولة الفتك بعز الدين أيبك)
قال سعد الدين: في ربيع الآخر أراد جماعة من البحرية الفتك بعز الدين أيبك التركماني، فمسك منهم قوماً، وحلف الأمراء مرة أخرى.
4 (زواج البحرية والمماليك)
) وفي هذين الشهرين كل يوم يتزوج اثنان ثلاثة من البحرية والمماليك تزوجهم الست بجواري القلعة، وأخرجت معهم نعماً عظيمة.

(47/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 58
4 (إمساك جماعة من الأمراء)
ثم مسكوا أمراء الأكراد سيف الدين القيمري، وجمال الدين هارون، والشرف الشيزري، والعز القيمري، وعلاء الدين بن الشهاب، والحسام ابن القيسي، وقطب الدين صاحب آمد، وقطب الدين صاحب السويدا، وناصر الدين التبنيني، وشرف الدين ابن المعتمد الذي كان والي قلعة دمشق، وشمس الدين ابن بكا الذي كان ولي دمشق، والشجاع الحاجب.
4 (سلطنة عز الدين أيبك واستقالته)
ثم في الثامن والعشرين منه تسلطن عز الدين أيبك وركب بأُبهة الملك، ثم في ثاني جمادى الأولى استقال منها، وحلف العسكر للملك الأشرف ابن صلاح الدين ابن المسعود إقسيس ابن الكامل، وله ثمان سنين، وبقي عز الدين أتابكه، وقطعوا جنزي.
4 (إخراج جماعة أمراء من الحبس)
وفيه أمروا البندقدار، وأخرجوا جماعة أمراء من حبس الصالح، وهم: بدر الدين يونس، وعلم الدين شمائل، ولؤلؤ الباسلي، وناصر الدين بن برطاس، وآخرين. وهرب خاص ترك الكبير، والشهاب رشيد الكبير، وشهاب الدين ابن العزيز، وجماعة أمراء، وراحوا إلى الكرك.
4 (استيلاء الملك المغيث على الكرك)
وجاء الخبر أن الملك المغيث ابن العادل ابن الكامل استولى على الكرك، فبعد أيام قبض المغيث على رشيد الكبير، وعلى ابن الغرز لمكاتبتهم الحلبيين، ومسك المعز عدة أمراء فأسرف.

(47/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 59
4 (مسير السلطان الناصر إلى مصر)
قلت: ثم سار السلطان الملك الناصر يريد الديار المصرية بإشارة نائبه شمس الدين لؤلؤ وإلحاحه عليه، وكان يستهزىء بعسكر مصر ويقول: آخذها بمائتي فارس. وكانت تأتيه كتب من مصر فساروا، وتقدم جمال الدين ابن يغمور وسيف الدين المشد، وتقدم الجيش، وانفرد لؤلؤ وضياء الدين القيمري، وبرز الصالحيون، فكان الملتقى في ذي القعدة عند الصالحية في آخر الرمل، فانكسرت الصالحية ونهبت أثقالهم، وانهزم طائفة منهم إلى الصعيد، وخطب في) ذلك اليوم بالقاهرة وبقلعة مصر للملك الناصر وبات جمال الدين ابن يغمور تلك الليلة بالعباسة، وأحمى الحمام للسلطان، وهيأ الإقامات. هذا، والسلطان ما عنده خبر من نصرته، وهو واقف بسناجقه وخزائنه وخواصه.
4 (كسرة عسكر السلطان الناصر)
وأما الصالحية فلما رأوا الكسرة ساق منهم عز الدين أيبك التركماني الذي تسلطن، والفارس أقطاي في ثلاثمائة فارس هاربين طالبين الشام، فمروا في طريقهم بالشمس لؤلؤ، والضياء القيمري، فالتقوا على غير تعبئة، فحمل عليهم لؤلؤ وحملوا عليه، فظفروا به وأسروه، وقتلوا ضياء الدين، ثم قتلوا

(47/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 60
لؤلؤ صبراً بين يدي التركماني لأنهم بلغهم استخفافه بهم، وقوله: أنا آخذ مصر بمائتي قناع. ثم ساقوا فاعترضوا طلب السلطان، فخامر جماعة من الأمراء العزيزية عليه، وانحازوا إلى التركماني وجسروه على السلطان، وعطفوا به على الطلب، وكسروا سناجق السلطان، ونهبوا الخزائن، ورموا بالنشاب، فأخذ نوفل البدوي السلطان والخاصكية، ومضى بهم سوقاً إلى دمشق، وكان معه الملك المعظم تورانشاه ولد السلطان صلاح الدين، فأسروا مجروحاً، وجرحوا ولده تاج الملوك ابن تورانشاه، وأسروا أخاه النصرة بن صلاح الدين، والملك الأشرف موسى ابن صاحب حمص، والشريف المرتضى، فمات تاج الملوك من جراحه، فحمل ودفن بالقدس، وجرح حسام الدين القيمري فحمل إلى القدس فمات به. وذكر سعد الدين أنه قتل في هذه الوقعة مع شمس الدين لؤلؤ حسام الدين المذكور، وناصر الدين ابن الأمير سيف الدين القيمري، والأمير ضياء الدين القيمري، والأمير سعد الدين الحميدي، رحمهم الله.

(47/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 61
4 (فكاك أسرى الفرنج)
وقال ابن الساعي: لما قتل المعظم ثارت أسرى الفرنج وفكوا قيودهم وقتلوا خلقاً، فأحاط بهم العسكر وقتلوا منهم زيادة على ثلاثة عشر ألفاً. وجاءت الشريف المرتضى هذا ضربة سيف فقال: بقيت ملقى في الرمل يوماً وليلة والدماء تخرج، فمن الله علي بالملك الصالح ابن صاحب حمص، فخيط وجهي بمسلة وحملني وعاينت الموت. وتمزق طائفة كبيرة من الجيش الشامي ومشوا في الرمال وتعتروا.
4 (إعدام الملك الصالح)
) ودخلت الصالحية، الأسرى، والسناجق منكسة مكسرة، والخيول والطبول مشققة، فلما عبروا على تربة السلطان الملك الصالح نجم الدين أحاطوا بالصالح إسماعيل وصاحوا: يا خوند أين عينيك ترى عدوك. ثم رموا الأسارى في الجب، وجمعوا بين الصالح وبين أولاده أياماً، ثم أفردوه وأعدموه سراً، ولم يدر أين دفن.

(47/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 62
4 (شنق جماعة من أمراء الناصر بالقلعة)
وكان أمير الدولة السامري محبوساً في قلعة مصر هو وابن يغمور ناصر الدين، وسيف الدين القيمري ومقدم الخوارزمية صهر الملك الناصر يوسف، فخرجوا من الحبس لما خطب ذلك اليوم للناصر وصاحوا: الملك الناصر يا منصور. فجاء الترك ودخلوا القلعة وشنقوهم، سوى ابن يغمور، فإنه لم يوافقهم، بل جاء وقعد على باب دار حريم التركماني وحماها. وكان الملك الناصر يوسف بعث الصاحب كمال الدين ابن العديم رسولاً إلى بغداد إلى الخليفة ليجيئه بتقليد السلطنة، فدخلها في شعبان.
4 (إخلاء قلعة الجزيرة)
وفي وسط السنة أخلى الملك المعز قلعة الجزيرة التي قبالة مصر، وقطعوا جسرها الذي على النيل، ونزل بها نحو مائة نفس يحفظون أبراجها. وكان الملك الصالح قد أنشأها في أيامه، وغرم عليها أموالاً عظيمة لا تحصى، وكان مكانها دور ومساجد ونخل وبستان، فخرب المساجد والدور، وكثر الدعاء عليه لذلك. ثم بعثوا حجارين لخراب سور دمياط باتفاق من أمراء الترك، ثم أحضروا بعد أيام أبوابها إلى مصر.

(47/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 63
4 (القبض على جماعة من الأمراء وغيرهم)
وقبض المعز في هذه الأيام على خلق من الأمراء والمفاردة.
4 (كثرة الحرامية ببغداد)
وفيها كثر الحرامية ببغداد وصار لهم مقدم يقال له غيث، وتجرأوا على دور الأمراء.
4 (قطع الخطبة ببغداد)
وفيها ثارت طائفة من الجند ببغداد ومنعوا يوم الجمعة الخطيب من الخطبة، واستغاثوا لأجل قطع أرزاقهم. وكل ذلك من عمل الوزير ابن العلقمي الرافضي، وكان حريصاً على زوال دولة بني العباس ونقلها إلى العلويين، والرسل في السر بينه وبين التتر، والمستعصم بالله تائه) في لذاته لا يطلع على الأمور، ولا له غرض في المصلحة.
4 (امتناع الحج من الشام ومصر)
وفيها حج طائفة من العراق، ولم يحج أحد من الشام ولا مصر لاضطراب الأمور، فأغلق صاحب مكة أبو سعد أبواب مكة، وأخذ على الناس ديناراً، ورتب إماماً للزيدية في الحرم عناداً وتقرباً إلى العلوي الخارج باليمن.

(47/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 64
ومن زمان المستنصر بالله إلى الآن لم يخرج من بغداد ركب، إنما يتجمع ناس ويحجون مع عرب البصرة يخفرونهم، وذلك لضعف الخلافة وخبث الوزير قاتله الله.
4 (تخريب دمياط)
وفيها فرغوا من خراب دمياط، وتفرق أهلها، ونقلوا أخشاب بيوتهم وأبوابها، وتركوها خاويةً على رؤوسها. ثم بنيت بليدة قريباً منها تسمى المنشية. وكان سور دمياط من عمل المتوكل على الله.

(47/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 65
1 (سنة تسع وأربعين وستمائة)

4 (دخول الملك الناصر دمشق)
فيها دخل الملك الناصر دمشق، فإنه أقام على غزة حتى تراجع أكثر عسكره.
4 (لقاء العسكرين المصري والشامي)
وفيها جاء عسكر مصر فنزلوا على غزة والساحل ونابلس وحكموا على بلاد فلسطين، فجهز الملك الناصر جيشاً، وجاءته النجدة، فسار عسكره إلى غزة، وتقهقر المصريون إلى بلادهم، وأقام عسكر الشام على غزة سنتين وأشهروا، وترددت الرسل بين الملك المعز أيبك، وبين الملك الناصر يوسف.
4 (تملك المغيث الكرك والشوبك)
وفيها تملك الملك المغيث ابن الملك العادل ابن الكامل الكرك والشوبك، أعطاه إياها الطواشي صواب متوليها.

(47/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 66
4 (قصد أقطاي غزة)
وفيها قصد الفارس أقطاي غزة في ألف فارس.
4 (زواج المعز بشجر الدر)
) وفيها تزوج الملك المعز بشجر الدر حظية الملك الصالح أستاذه على صداق مبلغه ثلاثون ألف دينار.
4 (إغراق المسعود بن المعظم صاحب الجزيرة)
وفيها حاصر لؤلؤ صاحب الموصل الملك المسعود بن المعظم الأتابكي صاحب الجزيرة، وأخذها منه، وأنزله من القلعة وقيده، ثم غرقه. وسلطن بالجزيرة ولده، وأزال عن أهلها كثيراً من المكوس.
4 (مصادرة المصريين)
وكان المصريون في هذا العام في جور عظيم ومصادرة لكل أحد حتى آحاد الناس، وأخذوا مال الأوقاف والأيتام على نية القرض، ومن أرباب الصنائع، ومن الأجناد، ومن الشهود.

(47/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 67
1 (سنة خمسين وستمائة)

4 (وصول التتار إلى أطراف ديار بكر وغيرها)
فيها وصلت التتار إلى أطراف ديار بكر، وميافارقين، وسروج، فعاثوا وقتلوا أكثر من عشرة آلاف، وأخذوا قفلاً كبيراً قد قدم من الشام يكون ستمائة جمل. وقتل مقدمهم كشلوخان في هذه السنة.
4 (حج الركب العراقي)
وفيها حج الركب العراقي بعد انقطاعه عشر سنين.
4 (المصالحة بين الناصر والمعز)
وفيها توجه نجم الدين البادرائي رسول الخليفة من دمشق إلى المعز أيبك فأصلح بين الناصر والمعز، وكان كل واحد من الطائفتين قد سئم وضر من الحرب. وقرر أن تكون غزة والقدس للمعز، ونابلس وما يليها للناصر.

(47/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 68
وكان معه نظام الدين ابن المولى فرجع بالصلح في أول سنة إحدى وخمسين، وسكنت الفتنة، ولله الحمد.

(47/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 69
1 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الخامسة والستون)

1 (المتوفون سنة إحدى وأربعين وستمائة)

4 (حرف الألف)
)
1 (أحمد بن سعيد بن يعقوب بن إبراهيم)

4 (ابن البناء)
البغدادي، الأزجي، شيخ صالح. سمع: أبا الحسين عبد الحق، وأبا العلاء بن عقيل، ونصر الله القزاز. وطلب بنفسه وكتب الأجزاء، وكان يعبر الرؤيا. توفي في التاسع والعشرين من رمضان، وإجازته موجودة للفخر إسماعيل بن عساكر، وفاطمة بنت جوهر، والقاضي تقي الدين، وابن سعد، وعيسى المطعم، وأحمد ابن الشحنة، وجماعة. روى عنه: ابن النجار، وقال: هو صالح صدوق حافظ لكتاب الله، له معرفة بالعلم والتعبير.
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن أبي القاسم شمس الدين.)

4 (أبو العباس التونسي الشافعي)
سمع: الخشوعي، والبهاء ابن عساكر. روى عنه: ابن الحلوانية، والفخر بن عساكر، والخطيب شرف الدين الفزاري. وبالحضور العماد محمد بن البالسي.

(47/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 70
توفي في شعبان.
4 (أحمد بن محمد بن مفلح)
المقدسي. توفي بسفح قاسيون كهلاً. وله رواية نازلاً.
4 (أحمد بن أبي الفتح محمد بن أحمد بن بختيار بن علي.)

4 (أبو العباس المندائي، الواسطي)
ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسمع بواسط من: الحسن بن علي السوادي، وأبي طالب محمد بن علي الكتاني، وغيرهما. روى عنه: عز الدين أحمد الفاروثي، وغيره. وتوفي بطريق الحج بوادي الصفراء. روى عنه: مجد الدين ابن العديم.
4 (إبراهيم بن جابر)
) أبو إسحاق المخزومي، المراكشي الواعظ، المعروف بالقفال. قال الأبار: كان عالماً عاملاً. أقام بإشبيلية مدةً، ثم بمراكش، فوعظ بها إلى أن مات. وعاش ثمانين سنة.
4 (إبراهيم بن شكر بن إبراهيم بن علي.)

(47/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 71
4 (وجيه الدين أبو إسحاق السخاوي)
أخو الشيخ علم الدين لأمه. حدث عن: أبي القاسم البوصيري بدمشق. روى عنه: التاج الشيخ تاج الدين، وأخوه الخطيب شرف الدين أحمد، وأبو علي بن الخلال، والفخر بن عساكر، ومحمد بن يوسف الذهبي، ومحمد ابن خطيب بيت الآبار، وجماعة. توفي في سابع عشر ذي القعدة، وله سبعون سنة. وكان فقيهاً عالماً.
1 (إبراهيم بن محمد بن الأزهر بن أحمد بن محمد.)
الحافظ تقي الدين
4 (أبو إسحاق الصريفيني، العراقي)
الحنبلي. ولد بصريفين سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، وكان أوحد عصره، أحد أوعية العلم. رحل في الحديث إلى الشام، والجزيرة، وخراسان، وأصبهان. وصحب الحافظ عبد القادر مدة، وتخرج به. وسمع من: المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، وأبي روح الحصروي، وعلي بن منصور الثقفي الأصبهاني، وعمر بن طبرزد، وحنبل بن عبد الله سمع منهما بإربل، وأبا اليمن الكندي، وأبا القاسم الأنصاري الحاكم، وأبا محمد بن الأخضر، وخلقاً من هذه الطبقة. روى عنه: الحافظ الضياء وهو أكبر منه، والمجد بن العديم، والمجد بن الحلوانية، والتاج عبد الرحمن، وأخوه الشرف الخطيب، والزين الفارقي، والبدر بن الخلال، والفخر بن عساكر، وآخرون.

(47/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 72
قال أبو محمد المنذري: كان ثقة حافظاً صالحاً، له جموع حسنة لم يتمها. وقال العز عمر بن الحاجب: إمام صدوق، ثبت، واسع الرواية، سخي النفس، مع القلة. سافر) الكثير وكتب وأفاد. وكان يرجع إلى فقه وورع. ولي مشيخة دار الحديث بمنبج، ثم تركها وسكن حلب، وولي مشيخة دار الحديث التي لابن شداد. سألت الضياء عنه فقال: إمام حافظ ثقة حسن الصحبة، له معرفة بالفقه. قال العز: قرأ القرآن على والده وعلى الشيخ عوض الصريفيني. وتفقه على عبد الله بن أحمد البوازيجي. وقرأ الأدب على هبة الله بن عمر الدوري. قلت: وقدم دمشق أخيراً، وروى بها. ومات في سادس عشر جمادى الأولى ودفن بسفح قاسيون. وتخاريجه وتواليفه تدل على حفظه ومعرفته.
4 (أسعد بن القاضي أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن الشيرازي.)
الأجل،
4 (أبو الفتح الدمشقي، الشافعي)
هو أصغر من أخيه تاج الدين أحمد. سمع من: عبد الرحمن بن علي الخرقي، والتاج محمد بن عبد الرحمن المسعودي، ويوسف بن معالي، والخشوعي، وجماعة. روى عنه: الحافظ عبد العظيم، وأخوه أبو الفضل بن الشيرازي. وأجاز للطلبة. وبالإجازة: أبو المعالي بن البالسي، وغيره. وتوفي في ذي القعدة، رحمه الله تعالى.

(47/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 73
1 (إسماعيل بن محمود)

4 (الفقيه أبو البركات القزويني الصوفي)
ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبي الخير القزويني الطالقاني. وولي مشيخة رباط والدة الناصر لدين الله. وتوفي في جمادى الأولى ببغداد، رحمه الله.
4 (أعز بن كرم بن محمد بن علي)
أبو محمد وأبو الشكر الحربي، البزاز، ويعرف)
4 (بابن الإسكاف)
شيخ جليل مسند مسن. ولد سنة خمس وخمسين. وسمع من: يحيى بن ثابت، وأبي الحسين عبد الحق، وعمر بن بنيمان. كتب عنه عمر بن الحاجب وقال: لا بأس به. وروى عنه بالإجازة: القاضيان ابن الخوبي وتقي الدين الحنبلي، وبهاء الدين ابن البرزالي، وأبو نصر ابن الشيرازي، ومحمد البحيري، وبنت مؤمن، وأبو المعالي ابن البالسي. وتوفي في التاسع والعشرين من صفر.
4 (حرف الجيم)

4 (جبريل بن محمود بن موسى.)

4 (أبو الأمانة المصري، الحريري)
سمع من: العلامة عبد الله بن بري، وسعيد المأموني.

(47/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 74
روى عنه الحافظان المنذري والدمياطي، وجماعة. وبالإجازة: أبو الفضل ابن البرزالي، وأبو المعالي ابن البالسي. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (حرف الحاء)

4 (حرمي بن موسى بن هلوات)
الشيخ الصالح أبو موسى الجذامي الناتلي، الشافعي، الخراط. ولد بمصر في سنة تسع وخمسين. وسمع من: أبي المفاخر سعيد المأموني. روى عنه الحافظان المنذري والدمياطي. وناتل: بطن من جذام، وناتل أيضاً في قضاعة، وفي الصدف. أما أبو عبد الله الناتلي المنسوب إلى ناتل، بليدة بنواحي آمل طبرستان قد خرج منها جماعة من الفضلاء. توفي في أوائل السنة.
4 (الحسن بن الأجل العالم أبي القاسم عبد الرحمن بن علي بن هبة الله.)
)
4 (أبو علي الأنصاري المصري)
المقرىء المصحفي. شيخ معمر جاوز التسعين، وحدث عن علي بن نصر الأرتاحي. روى عنه: الزكي المنذري وقال: كان مشهوراً بالخير والصلاح والعفة. وكان قارىء المصحف بجامع مصر كوالده.

(47/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 75
توفي، رحمه الله، في خامس ربيع الآخر.
4 (حمزة بن عمر بن عتيق بن أوس.)

4 (أبو القاسم الإسكندراني)
الأنصاري، المالكي، الغزال. حدث عن السلفي. وكان فقيهاً متيقظاً، له حانوت بقيسارية الغزل. وكان دلالاً. كتب عنه: عمر بن الحاجب، وابن الجوهري. وحدث عنه: المجد ابن الحلوانية، والشرف الدمياطي، والضياء عيسى السبتي، والجمال بن الصابوني، وغيرهم. توفي في ثالث ذي الحجة.
4 (حرف الخاء)

1 (خديجة بنت الحسين بن علي بن محمد بن يحيى بن عبد العزيز.)

4 (أم البقاء القرشية الدمشقية)
كانت صالحة زاهدة قارئة، تحفظ القرآن وتشتغل بالفقه. وهي بنت عم القاضي محيي الدين الزكوي. سمعت من: أبي الحسين أحمد بن الموازيني. وثنا عنها بالإجازة أبو المعالي ابن البالسي. وهي عمة والد المعين القرشي المحدث. توفيت في رجب.

(47/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 76
4 (خضر بن أحمد بن عبد الله.)

4 (أبو منصور الحربي)
) روى عن: يحيى بن غالب الحربي. وتوفي في المحرم.
4 (خليل بن علي بن حسين.)

4 (أبو النجم الحموي)
الحنفي. مدرس الزنجيلية التي عند خان الطعم، وقاضي العسكر. ذهب في الرسلية إلى بغداد، وخدم الملك المعظم، وناب في القضاء عن الرفيع الجيلي. لقيه نجم الدين. توفي في ربيع الأول.
4 (حرف السين)

4 (سلطان بن محمود)
البعلبكي الزاهد. من أصحاب الشيخ عبد الله اليونيني، رضي الله عنه. كان من كبار أولياء الله. توقت مدةً من مباح جبل لبنان، وله كرامات وأقوال.

(47/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 77
حكى العماد أحمد بن محمد بن سعد أن الشيخ معالي خادم الشيخ سلطان حدثه أنه سأل الشيخ سلطان، فقال له: يا سيدي، كم مرة رحت إلى مكة في ليلة قال: ثلاث عشرة مرة. قلت: فالشيخ عبد الله اليونيني قال: الشيخ عبد الله لو أراد أن لا يصلي فريضةً إلا في مكة لفعل. وقال الشيخ عبد الدائم بن أحمد بن عبد الدائم: لما أُعطي الشيخ سلطان الحال جاء إليه سائس كردي فقال: قد عزلت أنا ووليت أنت، وبعد ثلاثة أيام ادفني. قال: فمات بعد ثلاث ودفنه. وحكى الشيخ الصالح محمود بن سلطان أن أباه كانت تفتح له أبواب بعلبك بالليل. وقال لي: إذا كانت لك حاجة تعال إلى قبري واسأل الله فإنها تقضى. فهذا ما وجدت من أخبار هذا الشيخ، وفي النفس شيء من ثبوت هذه الحكايات. والدعاء عند القبور جائز لكن في المسجد أفضل، وفي السحر أفضل، ودبر الصلاة أفضل، والصلاة لا تجوز عند القبور الفاضلة. وأما مضي الولي إلى مكة فممكن، لكن ذلك بلطيفته لا بهذا الجسد، فالذي أُسري به ليلاً إلى المسجد الأقصى هو سيد البشر، وذلك كان بجسده لا يشاركه في ذلك) بشر إلا أن يشاء الله.
4 (حرف العين)

4 (عائشة بنت أبي المظفر محمد بن علي بن البل الدوري، الواعظ.)

4 (أمة الحكم الواعظة)

(47/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 78
سمعت من والدها. وأجاز لها مثل أبي الحسن بن خيرة، والشيخ عبد القادر ابن البطي. روى عنها: المجد ابن الحلوانية، وغيره. وبالإجازة: أبو المعالي ابن البالسي، وغيره. توفيت في خامس وعشرين جمادى الأولى.
4 (عبد الله بن محمد بن جعفر بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز.)

4 (أبو الفضل العباسي المكي)
ثم البغدادي. من بيت علم وشرف. وهو أخو المحدث جعفر. عاش ستاً وخمسين سنة. وحدث عن عبد المنعم بن كليب.
4 (عبد الله بن يوسف)

4 (الفقيه أبو محمد الأنصاري)
الأندلسي. أخذ عن: أبي جعفر أحمد بن محمد خطيب قرطبة. ورحل فتفقه بمصر، وأخذ عن: زاهر بن رستم بمكة، وعن: الحافظ ابن المفضل. ومات في جمادى الأولى بالأندلس.
4 (عبد الحق بن خلف بن عبد الحق)
ضياء الدين أبو محمد الدمشقي الصالحي، الحنبلي، المغسل، إمام مسجد الأرزة الذي بطريق الجسر الأبيض.

(47/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 79
ولد سنة سبع وأربعين وخمسمائة تقريباً. وسمع من: أبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، وأبي الغنائم هبة الله بن صابر، وأحمد بن) حمزة ابن الموازيني، والفضل بن البانياسي، وعبد الرزاق النجار، ومحمد بن حمزة بن أبي الصفر، وجماعة. وله مشيخة، وسماه من ابن أبي الوفاء. روى عنه: الحافظان البرزالي، والضياء محمد، وحفيده عز الدين عبد العزيز بن محمد المعدل، وسبط كمال الدين علي بن أحمد القاضي، وأبو علي بن الخلال، والمحدث إسماعيل بن الخباز، والعز أحمد بن العماد، وآخرون. وبالحضور: القاضي تقي الدين سليمان، والعماد ابن البالسي. قال الضياء: هو دين خير. وقال غيره: هو شيخ معمر صالح حسن المحاضرة، حلو النادرة. وقال الزكي عبد العظيم: هو مشهور بالصلاح والخير، وعجز في آخر عمره عن التصرف. وتوفي في العشرين من شعبان.
4 (عبد الرحمن بن عبد السلام بن سكينة)
الضرير. فيها.
4 (عبد الرحمن بن يونس بن إبراهيم)
أبو محمد الأنصاري، المغربي، التونسي. ولد بتونس سنة أربع وسبعين وخمسمائة. وقدم الشام فسمع بها من: عمر بن طبرزذ.

(47/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 80
وكتب بخطه. وكان خيراً، نزهاً، منقبضاً. أقام بدمشق، وكتب عنه: ابن الحاجب، والضياء ابن البالسي. وتوفي، رحمه الله، في شعبان.
4 (عبد العزيز بن الرفيع الجيلي)
قيل إنه هلك في آخر السنة، وقيل في أول السنة الآتية. وقد ذكرناه هناك.
4 (عبد الغني بن أحمد بن فهد)

4 (العلثي)
سمع: ابن كليب.) وتوفي في ذي القعدة.
4 (عبد اللطيف بن جوهر بن عبد الرحمن)
البغدادي، المطرز، الزاهد. كان يطرز ثم تزهد وتعبد وتصوف، وتكلم في الحقيقة، ورزق القبول التام، وصار له أتباع. توفي في ربيع الأول وشيعه أمم.
4 (عبد اللطيف بن أبي الفرج محمد بن علي بن حمزة بن فارس.)

(47/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 81
4 (أبو طالب ابن القبيطي، الحراني)
ثم البغدادي، التاجر، الجوهري، مسند العراق في وقته. ولد في شعبان سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وسمع من: جده أبي الحسن، والشيخ عبد القادر الجيلي، وابن البطي، وأبي زرعة، وأحمد بن المقرب، وهبة الله بن الحسن الدقاق، وأحمد بن عبد الغني الباجسرائي، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النقور، وسعد الله بن الدجاجي، وعبد الله بن منصور الموصلي، وأبي محمد بن الخشاب، وشهدة، وجماعة. وروى الكثير. وسمع منه الحفاظ. وكان ديناً خيراً، حافظاً للقرآن، محباً للرواية. تكاثر عليه الطلبة وحملوا عنه الكثير. وروى المقامات عن ابن النقور، عن الحريري، وروى سنن الترمذي بفوت سبعة أجزاء، أول الفوت باب الإحداد في الجزء التاسع عشر إلى باب عفو النساء عن الدم في الجزء الخامس والعشرين. ثم الجزء السابع والعشرين بكماله، عن أبي زرعة، وروى عنه سنن ابن ماجة بفوت أوله من ترجمة من لبد رأسه، وآخره للأضاحي واجبة أم لا، عن أبي زرعة أيضاً.

(47/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 82
وروى مسند الحميدي عن الباجسرائي، وديوان المتنبين عن ابن الوكيل، وغريب الحديث لأبي عبيد، عن عبد الحق، وفصيح ثعلب عن غلام التبريزي، ومغازي الأموي عن عبد الله بن منصور، ومصافحة البرقاني، عن شهدة، وسنن الدارقطني، عن عبد الحق، وفضائل القرآن لأبي عبيد، عن أبي زرعة. وروى جزء الحفار وتذكرة الحميدي، وأخلاق حملة القرآن للآجري، وجزء ابن مخلد، وجزء) البانياسي وأربعة مجالس ابن أبي الفوارس. وروى المستنير في القراءات، عن ابن المقرب، عن مؤلفه. وولي مشيخة المستنصرية بعد ابن القطيعي، وعفي من المجيء إليها، فكان يقيم الوظيفة في بيته. روى عنه: جمال الدين أبو بكر الشريشي، والعلاء بن بلبان، وتقي الدين ابن الواسطي، والشمس عبد الرحمن بن زيد، والرشيد محمد بن أبي القاسم، والعماد إسماعيل ابن الطبال، والشيخ شمس الدين محمد بن العماد، والمجد عبد العزيز ابن الخليلي، والشيخ عبد الساتر بن عبد الحميد، والقطب سنجر النحوي، وأحمد بن عبد الله بن عبد الهاد، ومحمد بن أحمد بن معضاد الصرصري، والإمام أبو محمد عبد الجبار بن عبد الخالق بن عكر الواعظ. وأنا عنه: أبو بكر بن البزوري، وأبو الحسن الغرافي، وسنقر القصابي. وتوفي في منتصف جمادى الآخرة. وقد تفرد بالسماع من الشيخ عبد القادر. وقبيط حران: حلاوة تعمل من العسل. قال السيف ابن المجد: شيخ متيقظ، حافظ لأمره، رأيته بآخرة ملازماً لبيته طول الزمان يخرج إلى الجمعة فقط.

(47/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء السابع والأربعون الصفحة 83
وكان يؤثر الخمول، وكان كثير الحكايات، ويتشدد في إعارة كتبه. وقد عمل التجارة إلى مصر والروم والشام سنين. ثم تجر ابن امرأته إلى المغرب وذهب ماله وبقي له دويرات فيها كراء. وإجازته متيسرة لجماعة منهم البحيري، وبنت الواسطي، وابن العماد الكاتب.
1 (عبد الملك بن عبد الحق بن عبد الوهاب بن عبد الواحد بن محمد بن علي.)

4 (مجد الدين أبو الوفاء ابن الحنبلي)
الأنصاري، العبادي، السعدي، الشيرازي الأصل، الدمشقي. ابن عم الناصح ابن الحنبلي. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة، ورحل إلى الإسكندرية، وسمع من السلفي الأربعين. وسمع بمكة من المبارك بن الطباخ، وبدمشق من أبي الحسين بن الموازيني. وأم بمسجد الرياحين مدة. روى عنه: الزكي البرزالي في حياته، والمجد ابن الحلوانية، والبدر بن الخلال، والشهاب بن) مشرف، وعبد الرحمن بن الإسفرائيني، وجماعة سواهم. ==

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المستدرك للحاكم فيه8803 كل احاديثه كلها صحيح ما عدا 160.حديث بعد تعقب الذهبي فضعف100 حديث وابن الجوزي60. حديث يصبح كل الصحيح في المستدرك 8743.حديثا

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف 160 .حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي ...