88

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف160.حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي في الضعفاء له 60 حديثا أُخر فيكون  كل الضعيف في كل المستدرك 160 حديثا من مجموع 8803=الباقي الصحيح =8743.فهذه قيمة رائعة لمستدرك الحاكم

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الأحد، 21 أغسطس 2022

مجلد35.و36.تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام.

 

35. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام. شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون 

 الصفحة 496
(أما يكفيك أنك كل حينٍ .......... تمُرّ بقَبر خِلٍّ أو حبيبِ)

(كأنك قد لحقْت بهم قريباً .......... ولا يُغنيك إفراط النحيب)
قال الضياء: توفي يوم السبت، يوم الفطر، ودُفن من الغد، وكان الخلْق لا يُحصي عددهم إلا الله عز وجل. وكنت فيمن غسَّله. توفي بمنزله بدمشق.
4 (عبد الله بن أحمد بن علي بن هبة الله.)
الشريف أبو محمد ابن الزوال، الهاشمي، العباسي، البغدادي. ولد سنة ثمان وخمسمائة. وسمع من: يحيى بن ثابت، وأبي المعالي الباجِسرائي، وأبي محمد ابن الخشّاب. وهو من بيت حِشمة وتقدَّم. توفي في ليلة عاشوراء. وقد ناب في القضاء ببغداد، ثم عُزل من القضاء والعدالة بسبب تزوير. ولم يكن محمود الشهادة.
4 (عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان التميمي.)
أبو محمد البَجائي المغربي، المعروف بابن الخطيب. سمع من الحافظ أبي محمد عبد الحق الإشبيلي. وأخذ عن أبي القاسم عبد الرحمن بن يحيى القرشي مختصرة في القراءات. وسمع صحيح مسلم من أبي عبد الله ابن الفخّار. وأجاز له أبو طاهر السلفي. ولي قضاء سَبتة، ثم قضاء بَلَنسية. وكان وجيهاً، ذا حشمة وثروة ولم يكن الحديث من شأنه.

(44/496)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 497
حدث بيسير. ومات بتونس في ربيع الأول. قاله الأبّار.)
4 (عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله.)
أبو القاسم التَّفليسي المغازلي الصوفي، نزيل بغداد. شيخ معمَّر. قدم بغداد واستوطنها، وصحب الشيخ أبا النجيب، وسمع معه من: هبة الله بن أحمد الشبلي، وابن البطي، وأبي زُرعة. وحدث. وقيل: إنه جاوز المائة. روى عنه: الدبيثي، والزين خالد، وجماعةٌ. وتوفي في سادس عشر ربيع الأول.
4 (عبد الله بن عُبيد الله بن عبد الله بن عبد الملك بن علي.)
أبو محمد اللخمي، الباجي. أخذ قراءة نافع، وأبي عمرو، عن أبي محمد بن مّعاذ. وسمع من أبي عبد الله ابن المجاهد الزاهد وكان من كبار أصحابه. وأخذ العربية عن أبي إسحاق بن مَلْكون، وأبي القاسم بن حُبيش. وحدث بيسير. وعمِّر، وأسنَّ، وكُفّ بصره. وكان يُقرئ القرآن. وتوفي في شعبان، وله ثمان وثمانون سنةً.

(44/497)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 498
4 (عبد الله بن عمر بن عبد الله.)
القاضي جمال الدين أبو محمد الدمشقي الشافعي. قاضي اليَمن. ولد بدمشق في حدود ثلاثين وخمسمائة، وعاش تسعين سنة. وسمع بالإسكندرية من السلفي، وغيره. وتوجّه من دمشق صُحبة شمس الدولة تورانشاه بن أيّوب، إلى اليمن، وأمّ به، وتقدَّم عنده فولاّه قضاء اليمن. وحصّل أموالاً، وعاد إلى دمشق. وحدث روى عنه: الشهاب القوصي، وفَرَج الحَبشي، والزين خالد النابُلُسي، وعِدّة.) سمع من علي بن أحمد الحَرَستاني. ومات في ربيع الأول.
4 (عبد الله بن محمد بن خَلَف بن اليُسْر.)
أبو محمد القُشيري، الغَزناطي. معتنٍ بالقراءات عريق فيها من أعمامه وأخواله. اختصّ بأبي خالد بن رِفاعة، ولزم أبا الحسن بن كوثر فأكثر عنه. وسمع من عبد الحق بونه، وجماعة. أخذ عنه ابن مسدي، وأرّخ موته بمرّاكش عن نيّف وستين سنة.

(44/498)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 499
4 (عبد الحميد بن مَري بن ماضي بن نامي.)
أبو أحمد الحسّاني المقدسي الحنبلي. نزيل بغداد وبها توفي في جمادى الآخرة. حدث عن: ابن كُليب، وأبي الفَرَج ابن الجوزي. روى عنه: الضياء، وغيره.
4 (عبد الرحمن بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن مسلِم.)

(44/499)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 500
أبو محمد الزبيدي، ثم البغدادي. من بيت الحديث والفضل. كان فقيهاً، عالماً، مناظراً، فرَضياً. ولد سنة ثلاث وخمسين. وسمع من: أبي الفتح بن البطي، وأحمد بن عمر بن بُنَيمان، وجماعة. وولي مشيخة رباط الشونيزي. روى عنه، الدبيثي وقال: توفي في يوم الجمعة سلخ رمضان.
4 (عبد الرحمن بن أبي السعود الطيّب بن أحمد بن علي بن رزقون بتقديم الراء.)
أبو القاسم القيسي، من أهل الجزيرة الخضراء. أخذ عن أبي محمد بن عُبيد الله. توفي بالجزيرة عام عشرين.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين.)
) الإمام المفتي فخر الدين، أبو منصور الدمشقي، الشافعي، ابن عساكر، شيخ الشافعية بالشام.

(44/500)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 501
ولد في سنة خمسين وخمسمائة. وسمع من عمّيه: الصائن هبة الله وأبي القاسم الحافظ، وعبد الرحمن ابن أبي الحسن الداراني، وحسان بن تميم الزيّات، وأبي المكارم عبد الواحد ابن هِلال، وداود بن محمد الخالدي، ومحمد بن أسعد العراقي، وأبي المعالي بن صابر، وجماعة. وتفقه على الشيخ قُطْب الدين النيسابوري، حتى برع في الفقه. وزوّجه القطب بابنته، فجاءه منها ولد سماه باسم جده قُطب الدين مسعود ومات شاباً، ولو عاش لخَلَف جده وأباه. وقد ولي فخر الدين تدريس الجاروخية، ثم تدريس الصلاحية بالقُدس، ثم بدمشق تدريس التقوية. فكان يقيم بالقدس أشهراً، وبدمشق أشهراً. وكان عنده بالتقوية فضلاء الوقت، حتى كانت تسمى نظامية الشام. وهو أول من درّس بالعَذْراوية، وذلك في سنة ثلاث وتسعين، ماتت الست عذراء بنت شاهنشاه بن أيوب، أخت عز الدين فرُخشاه، فدُفنت بدارها، وكانت أمرت بدارها لأمها فوقفتها الأم على الشافعية والحنفية. وكان لا يملّ الشخص من النظر إليه لحُسن سمته، واقتصاده في لباسه، ولُطفه، ونور وجهه، وكان لا يخلو لسانه من ذكر الله في قيامه وقعوده. وكان يُسمع الحديث تحت النسر وهو المكان الذي كان يُسمع فيه على الحافظ أبي القاسم عمّه. قال أبو شامة: سألته مسائل فقهية وكان الملك المعظّم قد أرسل إليه ليوليه القضاء، فأبى، فطلبه ليلاً، فأتاه، فتلقاه، وأجلسه إلى جانبه، فجلس مستوفزاً، فأحضر الطعام فلم يأكل منه شيئاً، فأمره وألحّ عليه أن يتولى القضاء، فقال: حتى أستخير الله تعالى. فأخبرني من كان معه قال: رجع إلى بيته، ووقف يصلي، ويتضرع، ويبكي إلى الفجْر، ثم صلى الصبح، ودخل بيته الصغير الذي

(44/501)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 502
عند محراب الصحابة وكان أكثر النهار يتعبّد ويُفتي ويُطالع فيه، ويجدد الوضوء من طهارة المئذنة، وهذا البيت هو الذي كان يخرج منه خلفاء بني أمية قبل أن يغير الوليد الجامع قال: فلما طلعت الشمس أتاه من جهة السلطان جماعة، فأصر على الامتناع، وأشار بتولية ابن الحرستاني، فولي. وكان قد خاف أن يُكرَه على القضاء، فجهّز أهله للسفر وخرجت المحابر إلى ناحية حلب، فردّها الملك العادل وعز عليه ما جرى. قال: وكان يتورّع من المرور في رواق الحنابلة لئلا يأثموا بالوقيعة فيه، وذلك أن عوامهم) يُبغضون بني عساكر، لأنهم أعيان الشافعية الأشعرية. وعدل الملك المعظّم عن توليته المدرسة العادلية، لكونه أنكر عليه تضمين المُكوس والخُمور، ثم إنه لما حج أخذ منه التقوية، وأخِذت منه قبل ذلك الصلاحية التي بالقدس، وما بقي له إلا الجاروخية. وقال أبو المظفّر الجوزي: كان زاهداً، عابداً، ورِعاً، منقطعاً إلى العلم والعبادة، حَسَن الأخلاق، قليل الرغبة في الدنيا. توفي في عاشر رجب. ولم يتخلّف عن جِنازته إلا القليل. قال أبو شامة: أخبرني مَنْ حضر وفاته، قال: صلى الظهر، ثم جعل يسأل عن العصْر، فقيل له: لم يقرب وقتها، فتوضأ، ثم تشهّد وهو جالس، وقال: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، ومحمد نبياً. لقنني الله حُجّتي، وأقالني عَثرتي، ورحِم غُربتي، ثم قال: وعليكم السلام. فعلِمنا أنه قد حضرت الملائكة. ثم انقلب على قفاه ميتاً. وغسّله الفخر ابن المالكي، والتاج ابن أخيه زين الأمناء. وكان مرضه بالإسهال وصلى عليه بالجامع أخوه زَين الأمناء، ومن الذي قدر على الوصول إلى سريره

(44/502)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 503
وقال عمر ابن الحاجب: هو أحد الأئمة المبرزين، بل واحدهم فضلاً، وكبيرهم قدراً، شيخ الشافعية في وقته. وكان إماماً، زاهداً، ثقة، كثير التهجّد، غزير الدمعة، حسن الأخلاق، كثير التواضع، قليل التعصّب، سلك طريق أهل اليقين، وكان أكثر أوقاته في بيته في الجامع، ويزجي أكثر أوقاته في نشْر العلم. وكان مطَّرح التكلف. وعُرض عليه مناصب وولايات دينية فتركها. ولد في رجب سنة خمسين، وفي رجب توفي وكان الجمع لا يَنْحصر من الكَثرة. حدّث بمكة، ودمشق، والقدس. وصنّف في الفقه والحديث عدة مصنفات. وسمعنا منه. وقال الشهاب القوصي في معجمه: كان شيخنا فخر الدين كثير البكاء سريع الدموع، كثير الورع والخشوع، وافر التواضع، عظيم الدين كثير البكاء سريع الدموع، كثير الورع والخشوع، وافر التواضع، عظيم الخُضوع، كثير التهجّد، قليل الهُجوع. مبرّزاً في علمي الأصول والفروع. جُمعت له العلوم والزهادة. وعليه تفقّهت، وأحرزتُ الإفادة. لازم القطب النيسابوري حتى بَرَع. قرأت عليه من حفظي كتاب الخلاصة للغزالي. وسمعت منه الأربعين البلدية لعمّه. ودُفن جوار تربة شيخه القُطب. وروى عنه: الزكي البِرزالي، والضياء المقدسي، والتاج عبد الوهّاب ابن زَيْن الأمناء، والزين) خالد، والكمال العَديمي. وسمعنا بإجازته على عمر ابن القوّاس. وتفقّه عليه جماعة منهم: الشيخ عز الدين بن عبد السلام.
4 (عبد الرحمن بن مُقبِل، عفيف الدين المصري، الشرابي.)
حدث عن أبي طاهر السلفي. روى عنه: الزكي المنذري، وغيره. ومات في ذي الحجة.
4 (عبد الرحمن اليَمَني الزاهد.)
نزيل دمشق.

(44/503)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 504
ذكره أبو شامة فقال: المقيم بالمنارة الشرقية بالجامع. وكان قوّالاً بالحق، عابداً. ولما خرج الفرنج حضر هو والشيخ فخر الدين ابن عساكر، والشيخ جمال الدين ابن الحصيري، إلى الملك العادل وأنكروا عليه عدَم حِفظ الثغور. وكان هو أشدّهم كلاماً له. توفي في المحرم.
4 (عبد السلام بن المبارك بن أبي الغنائم عبد الجبار بن محمد بن عبد السلام.)
أبو سعد، ابن البَرْدَغولي، البغدادي العَتّابي. شيخٌ صالحٌ متيقظ، عالي الرواية. ولد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. وحدّث هو، وأبوه، وعمّه الحسن، وهم من محلّة العتّابيين ببغداد. سمع من: واثق بن تمام الهاشمي، وأحمد ابن الطَّلاّية، وعبد الخالق اليوسفي، وابن البطّي. روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، وابن النجار. وآخر من حدّث عنه الجمال محمد بن أبي الفَرَج ابن الدبّاب سمع منه جزء ابن الطَّلاّية. وتوفي في المحرم.
4 (عبد الواحد بن المبارك بن أبي بكر بن المُستَعمل الحريمي.)
أبو منصور. ولد سنة خمس، أو ستّ وأربعين وخمسمائة. سمع من: أبي الوقت، وأبي علي ابن الخرّاز، وأبي المعالي ابن اللحّاس.

(44/504)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 505
روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، وغيرهما.) وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (عثمان بن محمد بن أبي علي.)
القاضي، الإمام عماد الدين أبو عمرو، الكُردي، الحُميدي، الشافعي. تفقه بالمَوْصل على غير واحدٍ، ثم رحل إلى الإمام أبي سَعد بن أبي عَصرون، واشتغل عليه مدّة. وقدِم مصر، فولي قضاء دِمياط، ثم قدم وناب بالقاهرة عن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الملك الماراني. ودرّس بالمدرسة السيفية، وبالجامع الأقمر، ثم حج، وجاور إلى أن مات في ربيع الأول. وكان فاضلاً، وقوراً، حسن السمْت.
4 (علي بن إبراهيم بن تُرَيْك بن عبد المحسن بن تُرَيْك.)
أبو القاسم الأزجي، البيِّع. ولد سنة خمسين وخمسمائة. وسمع من عمّه أبي الفضل عبد المحسن. ومات في ذي القَعدة.
4 (علي بن أبي السعادات المبارك بن علي بن فارس.)

(44/505)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 506
أبو الحسن ابن الوارث، البغدادي. ولد سنة تسع وأربعين. سمع من: يحيى بن ثابت بن بُنْدار، وسليمان بن فيروز العَيْشوني، وأبي محمد ابن الخشّاب، وعبد الله بن منصور ابن المَوصلي، وأحمد بن المبارك المُرقّعاتي، وأبي محمد ابن الخشّاب، وخلق كثير. وكتب الكثير من الكتب والأجزاء، ولازم السماع مدة طويلة. وكان محدّثاً صدوقاً. توفي في رمضان.
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن محمد بن عبد الرحمن بن دحمان.)
أبو محمد الأنصاري، المالقي.) أخذ عن: عمه القاسم بن عبد الرحمن، وأبي مروان بن قَزْمان. بقي إلى حدود هذه السنة.
4 (قريش بن سُبيع بن مُهنا بن سُبيع.)
الشريف أبو محمد العلَوي الحسيني المدني، نزيل بغداد. ولد بالمدينة في رأس الأربعين وخمسمائة. وقدم بغداد، وطلب، وسمع الكثير، وحصّل، وعُني بالحديث. وسمع من: أبي الفتح بن البطي، وأبي زُرعة، وأبي بكر ابن النَّقور، والمبارك بن خُضير، وطبقتهم. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، وأهل بغداد، وغيرهم. توفي في ذي الحجة.

(44/506)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 507
4 (حرف الكاف)

4 (كاملية بنت محمد بن أحمد بن عمر العَلَوي.)
سمّعها عنّها المحدِّث علي بن أحمد الزيدي من أبي الفتح بن البطي. وماتت في المحرّم.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الفوارس.)
أبو عبد الله البغدادي المالكي، ويعرف بابن العُريِّسة. ولد سنة أربعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الوقت، وأبي الفتح بن البطي. وأجاز له ابن ناصر. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، وغيرهما. وحدّث ب البخاري و الدارمي عن أبي الوقت. وكان شيخاً مَطبوعاً، متودّداً، حسن الأخلاق. من جُملة حُجّاب الخلافة. وجدّه محمد بن أبي الفوارس هو الملقّب بالعُريِّسة. توفي في سادس شعبان. ونسبته بالمالكي لأنه كان يذكر أنه من ولَد مالك بن أنس.) ويقال له: الحمَامي بالتخفيف كان يلعب بها.

(44/507)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 508
4 (محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد البرّ.)
أبو عبد الله الخَولاني، الأندلسي. سمع من: أبي القاسم بن بُشْكُوال، وأبي بكر بن خَيْر، وأبي القاسم بن غالب وأخذ عنه القراءات والعربية، ولازم ابن بُشْكُوال أعواماً. وحدث. قال الأبّار: كان فاضلاً، سُنّياً، معدَّلاً. توفي سنة عشرين، وقيل: في المحرم سنة إحدى.
4 (محمد بن إسماعيل الإخْميمي الفقيه.)
ولد سنة خمسين وخمسمائة. وحدث عن السلفي. روى عنه الشهاب القوصي في معجمه.
4 (محمد بن الحسن بن أحمد بن يوسف.)
أبو عبد الله المغربي، السَّبتي، التُّجيبي. سمع من: أبي القاسم بن حُبيش، وأبي عبد الله بن حَميد، وأكثر عن أبي محمد بن عُبيد الله الحَجَري. وكان بارعاً في الشروط. سكن إشبيلية، وحدّث بها.
4 (محمد بن سليمان بن قترمش.)
أبو منصور السمرقندي، ثم البغدادي، حاجب الحُجّاب. كان من أولاد الأمراء، ولي الحجابة الكبرى سنة خمس عشرة.

(44/508)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 509
وكان أديباً، فاضلاً، أخبارياً، علاّمة، لغوياً، متفنّناً، مليح الكتابة، إلا أنه كان قليل الدين لا يعتقد شيئاً. قاله ابن النجار، وقال: حُكي لي عنه أنه كان يُفطِر في رمضان، ولا يصلي، ويرتكب المحرَّمات، ويذهب مذهب الفلاسفة. كتبت عنه في شعره. وعاش سبعاً وسبعين سنة.
4 (محمد بن عبد الجليل.)
الإمام تاج الدين الخُواري، الحنفي. له شعر متوسّط.) روى عنه القوصي، وقال: كان مناظراً، متفنّناً. توفي بدمشق.
4 (محمد بن عبيد الله بن غيّاث.)
أبو عمرو الجُذامي، الشَّريشي، الأديب الشاعر. روى عن: ابن الجدّ، وابن بُشْكُوال. وعاش أربعاً وثمانين سنة.

(44/509)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 510
4 (محمد بن عُروة.)
شرف الدين المَوْصلي. المنسوب إليه مشهد ابن عُروة من جامع دمشق وإنما نُسب إليه لأنه كان مخزناً فيه آلات تتعلق بالجامع، فعزّله، وبيّضه، وعمل له المحراب والخِزانتين ووقف فيهما كتباً، وجعله دار حديث. قال أبو المظفّر الجوزي: كان ابن عُروة مقيماً بالقدس. وكان يداخل المعظَّم وأصحابه ويعاملهم، ويؤذي الفقراء خصوصاً الشيخ عبد الله الأرْمني فإنه انتقل عن القدس بسببه. فلما خرّب المعظّم انتقل إلى دمشق.
4 (محمد بن علي بن إبراهيم بن خَلَف.)
أبو عبد الله الأسَدي، السبتي، شيخ القرّاء بغَرناطة. ظاهر الجلالة، بارز العدالة، وله الإسناد العالي. ولد قبل الثلاثين وخمسمائة.

(44/510)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 511
وتلا بالسبْع على القاسم بن محمد بن ابن الزقاق، صاحب منصور بن الخيِّر، وتصدّر للإقراء. تلا عليه بالروايات أبو بكر ابن مَسدي، وأثنى عليه، وقال: مات سنة عشرين.
4 (محمد بن عيسى بن محمد بن أصبَغ.)
الإمام أبو عبد الله، ابن المناصف، الأزدي القرطبي، نزيل إفريقية. تفقه على قاضي تونس أبي الحجّاج المخزومي وسمع بها من أبي عبد الله بن أبي دَرقة. قال الأبّار: كان عالماً، متقناً، مدققاً نظاراً، واقفاً على الاتفاق والاختلاف، معلِّلاً مُرْجِّحاً، مع الحظ الوافر من اللغة والآداب والشعر. سمعت منه كثيراً، ولم يكن له علم بالحديث. وألّف) كتاباً في الجهاد، وكتاباً في الأحكام، واستدرك على القاضي عبد الوهاب في التلقين باب السَّلَم لإغفاله ذلك. وولي قضاء بَلَنسية، ثم قضاء مُرسية. وكان ذا سيرة عادلة، وشارة جميلة، صُلباً، في الحق. وكانت فيه حدّةٌ مفرطة فصُرف لذلك، ثم لحق بمرّاكش. وتوفي في ربيع الآخر أو جمادى الأولى، وله سبع وخمسون سنة، رحمه الله تعالى.
4 (محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد الغزّال.)
أبو جعفر بن أبي بكر، الإصبهاني، المقرئ، أخو الحافظ أبي رشيد وكان أبو جعفر أكبر بسنتين. ولد في المحرم سنة سبع وستين وخمسمائة بإصبهان.

(44/511)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 512
وسمع الكثير بإفادة والده ومؤدّبه. وقرأ القراءات، وصحب العلماء والأولياء، وانقبض عن الناس، ولزم منزله لا يخرج إلا الصلاة. وله مُلك يسير يكفيه، ولا يأخذ من أحد شيئاً. قدم بغداد سنة ثمان وتسعين، فحدّث بها. قال ابن النجار: سمعنا منه: وكان صدوقاً. أحد عباد الله الصالحين، حميد الأخلاق، كامل الوصاف، سخياً، نزهاً. روى لنا عن إسماعيل بن غانم بن خالد. وسمعت منه أيضاً بإصبهان. توفي في رمضان سنة عشرين.
4 (محمد بن مكي بن بكر بن كخينا.)
أبو منصور الواسطي البزّاز. سكن دمشق، وسمع بها الكثير من: الخُشوعي، والقاسم بن عساكر، وطبقتهما. وكتب، وحصّل الأصول، وعُني بالرواية. ورحل إلى بغداد سنة سبع عشرة وستمائة، وحدث بها. وكان مولده سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة بسواد واسط تقريباً. قال ابن النجار: رأيته بدمشق، ولم أكتب عنه شيئاً. وكان صدوقاً. وتوفي بحلب سنة عشرين. قلت: هو الذي انفرد بنقل سماع كريمة الجزء الرافقي ولم يكن متقناً، رحمه الله.
4 (محمد بن أبي الحسن بن أبي نصر.)

(44/512)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 513
الشيخ أبو الفضل المقرئ البغدادي الضرير، المعروف بالخطيب. قرأ بالروايات على أبي الحسن علي بن عساكر، وسعْد الله بن نصر ابن الدَّجاجي صاحب) الزاهد أبي منصور الخيّاط وسمع منهما ومن ابن البطي، وأبي زُرعة، وجماعة. وحدث. وأقرأ الناس، وكان عالي الإسناد في القراءات. روى عنه: الدبيثي، وغيره. وتوفي في سابع عشر المحرم. ولم يكن خطيباً، وإنما لُقّب به.
4 (محمد بن أبي المظفّر بن شُتّانة.)
بمثنّاة لا بموحَّدة، يُكنى: أبا البركات. سمع: أبا الحسين عبد الحق، وابن شاتيل. كتب عنه بعض الطلبة. توفي في شعبان.
4 (محمد بن أبي المعالي بن محمد بن غَريب.)
أبو جعفر البغدادي، أحد القُرّاء بتُرَب الخلفاء. روى عن أبي جعفر البطي. روى عنه ابن النجّار، وقال: صدوقٌ. توفي في ربيع الأول.

(44/513)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 514
4 (محمود بن كي رَسلان.)
أبو الثناء المَوصلي التركي الجُندي. من أجناد صاحب المَوْصل نور الدين رَسلان شاه، وابنه مسعود. مات في صفر عن أربع وسبعين سنة. وكان رافضياً غالياً. له ديوان شعر. روى عنه المبارك ابن الشعّار، فمن شعره:
(ألا ما لقلبي لا يُبك عليله .......... وما لفؤادي لا يُبلّ غليل)

(بروحي من أصبحت عبد جماله .......... فهذا الجميل الوجه أين جميله)

(يُحَمّلني عبثاً على القُرب والنوى .......... يَهُدُّ قُوى العُشّاق منه ثقيله)

4 (مسافر بن يَعمر بن مسافر.)
) أبو النائم المصري، الجِيزي، الحنبلي، المؤدِّب، الصوفي. الرجل الصالح. سمع من عَشير بن علي، وغيره. وصحب الصالحين، ولبس الخِرقة من عيسى ابن الشيخ عبد القادر. وكان خيّراً متعبّداً، عَمّالاً مبالغاً في الإيثار مع الإقتار. سمع منه الزكي المنذري، وقال: توفي في ربيع الأول.
4 (المظفر بن أسعد بن حمزة ابن القَلانِسي.)
التميمي الدمشقي، الرئيس عز الدين. كان كيّساً، متواضعاً، مُحتشماً. لزم التاج الكِندي مدة وتأدّب به. سمع من أبي القاسم بن عساكر.

(44/514)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 515
وتوفي في رمضان.
4 (منصور بن سيد الأهل بن ناصر.)
أبو علي المصري، الكُتُبي، الواعظ، المعروف بالقَزويني لأنه كان يسلك في الوعظ طريقة الواعظ المشهور أبي القاسم محمود بن محمد القَزويني. سمع من السِّلفي. روى عنه: الزكي عبد العظيم، وغيره. ومات في ربيع الآخر.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن سعيد بن أبي نصر محمد بن أبي تمام.)
القاضي أبو المجد التَّكريتي، ثم المارِديني. تفقه ببغداد، وسمع شُهدة، وخطيب المَوصل أبي الفضل. وحدث بدمشق، وبغداد. وولي قضاء مارِدين. ومات في ذي القعدة.
4 (يحيى ابن الشيخ أبي الفتوح محمد بن علي بن المبارك ابن الجَلاجُلي.)
أبو علي البغدادي.) توفي ببغداد كهلاً، وقد سمع من وفاء بن البَهيّ، وابن شاتيل. وله شعر جيد.

(44/515)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 516
4 (يوسف بن أحمد بن طحلوس.)
أبو الحجّاج الأندلسي، من جزيرة شَقْر. صحب أبا الوليد بن رُشد، وأخذ عنه من علومه. وسمع من: أبي عبد الله بن حَميد، وأبي القاسم بن وضّاح. وكان آخر الأطباء بشرق الأندلس، مع التصوّن، ولين الجانب، والتحقّق بالفلسفة، ومعرفة النحو، وغير ذلك.
4 (يوسف بن محمد بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي، السلطان المستنصر بالله.)
الملقب بأمير المؤمنين أبي يعقوب، القَيسي المغربي، صاحب المغرب. لم يكن في بني عبد المؤمن أحسن منه صورة، ولا أبلغ خطاباً ولكنه كان مشغوفاً باللذات. ومات وهو شابٌ، في هذه السنة. ولم يخلف ولداً. فاتفق أهل دولته على تولية الأمر لأبي محمد عبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي، فلم يُحسن التدبير ولا المُداراة. ولد يوسف في سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وأمه أم ولد رومية اسمها قمر. وكان صافي السمرة، شديد الكُحل، يُشبّهونه كثيراً بجده. وكانت دولته عشر سنين وشهرين. وَزَر له أبو يحيى الهَزْرَجي، وحَجَبه مُبشِّر الخصيّ، ثم

(44/516)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 517
فارج الخصِي. وقضى له قاضي أبيه أبو عمران موسى بن عيسى. وكتب له الإنشاء أبو عبد الله بن عيّاش كاتب أبيه وجده، ثم أبو الحسن بن عيّاش. ثم توفيا سنة بضع عشرة، فأحضر من مُرسية قاضيها أبا عبد الله محمد بن يَخْلَفتَن الغازازي، فولاّه الكتابة. وكان الذين قاموا ببيعته عن جده أبو موسى عيسى بن عبد المؤمن. وكان عيسى آخر أولاد عبد المؤمن وفاةً تأخر إلى حدود العشرين وستمائة، ويحيى بن عمر بن عبد المؤمن، وكانا قائمين على رأسه يوم البَيعة، يأذَنان للناس. قال عبد الواحد بن علي التميمي: حضرتُ يوم البيعة فبايعه القرابة، ثم أشياخ الموحّدين، وأبو عبد الله بن عيّاش قائم يقول للناس: تُبايعون أمير المؤمنين ابن أمراء المؤمنين على ما بايع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من السمع والطاعة في المَنْشَط والمَكْره واليُسر) والعُسر، والنصح له ولعامّة المسلمين، ولكم عليه أن لا يُجمّر بعوثكم، وأن لا يدّخر عنكم شيئاً مما تعمّكم مصلحته، وأن يُعجّل لكم العطاء. أعانكم الله على الوفاء، وأعانه على ما قلّده من أموركم. ولأربعة أشهر من ولايته قُبض على رجل خارجي يدّعي أنه من بني عُبيد، وأنه وَلَد العاضد لصُلبه اسمه عبد الرحمن. قدم البلاد في دولة أبي يوسف، وطلب الاجتماع به، فلم يأذَن له، فأقام بالبلاد مُطَّرحاً إلى أن حبسه أبو عبد الله في سنة ست وتسعين، فحبسه خمس سنين، ثم أطلقه بعد أن ضمنه يحيى بن أبي إبراهيم الهَزْرَجي، فنزح من مرّاكش إلى صُنهاجة، فاجتمع عليه طائفة وعظّموه، لأنه كان كثير الصمت والإطراق، حسن السمت، عليه سيماء الصالحين. رأيته مرتين. ثم قصد سِجِلْماسة في جمْعٍ كبير، فخرج إليه متولّيها

(44/517)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 518
سليمان بن عمر بن عبد المؤمن، فهزمه العُبيدي. فرد سليمان إلى سِجِلْماسة بأسوأ عَوْد. ولم يزل العُبيدي ينتقل في قبائل البربر، ولا يتم له أمر لغُربة بلده ولسانه ولكونه عديم العشيرة. فقبض عليه متولّي فاس إبراهيم بن يوسف بن عبد المؤمن، ثم صلبه، ووجّه برأسه إلى مرّاكش، فهو معلّق هناك مع عدة أرؤس من الثوّار. وكان أبو يعقوب هذا شهماً، فَطِناً، لقيته وجلست بين يديه، فرأيت من حِدّة نفسه وسؤاله عن جُزئيات لا يعرفها أكثر السوقة، ما قضيت منه العجب. توفي في شوال أو ذي القعدة. فاضطرب الأمر، واشرأبّ الناس للخلاف بعده.
4 (الكنى)

4 (أبو الحسن الرّوزبهاري.)
المدفون بالبُرج الذي عن يمين باب الفراديس، بالخانكاه الرُّوزبهارية. توفي في هذه السنة، رحمه الله.
4 (وفيها ولد)
قاضي نابُلُس الجمال محمد بن محمد بن سالم بن صاعد. والمحيي عبد الله بن عبد الظاهر بن نَشوان، الموقّع. والمكين عبد الحميد بن أحمد بن محمد ابن الزجّاج البغدادي. والنجيب عمر بن الله بن عمر ابن خطيب بيت الأبّار.) والبدر عبد اللطيف بن محمد ابن المغَيْزِل، الخطيب.

(44/518)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 519
وجبريل بن إسماعيل الصيدلاني الشارعي، بخُلفٍ فيه. والصاحب التقي توبة بن علي بن مهاجر التكريتي، يوم عرفة بعرفة. وسنج بن محمد بن سونج التركماني. والفقيه عبد الوليّ بن عبد الرحمن، خطيب يونين. وعلاء الدين محمد بن عبد القادر ابن الصائغ. والبُرهان إبراهيم بن عبد العزيز، خطيب أرْزونا. والكمال أحمد بن عبد الرحمن بن رافع الدّمراوي. والمفتي عَلَم الدين أحمد بن إبراهيم القمني. وأحمد بن عبد الله بن عزيز اليونيني. والشهاب أحمد ابن النصير الدقوقي، في رمضان.

(44/519)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 520
1 (المتوفون على التقريب)

4 (حرف العين)

4 (الجمال عثمان بن هبة الله بن أحمد بن أبي الحوافز.)
القيسي الدمشقي، رئيس الأطباء. ذكره ابن أبي أصَيبعة، فقال: أفضل الأطباء، وسيّد العلماء، وأوْحد العصر. أتقن الصناعة، وتميز في أقسامها العلمية والعملية. وله عناية بعلم الأدب وشعر كثير. وكان رئيساً، كريماً، تام المروءة. أخذ الطب عن المهذَّب ابن النقّاش. والرضي الرحبي. وخدم الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين، وأقام معه بمصر، فولاّه رئاسة الطب، ثم خدم بعده الملك الكامل سنين إلى أن توفي بالقاهرة. واشتغل عليه جماعة وتميّزوا، أجلّهم عمي رشيد الدين عليّ.
4 (حرف الميم.)

4 (محمد بن عَلوان بن مهاجر.)
الفقيه، الإمام العالم، أبو المظفر. سمع من الحسين بن المؤمَّل صاحب ابن وَدْعان، ومن محمد بن علي بن ياسر الجيّاني. وبرع في مذهب الشافعي، وكان من فضلاء المَواصلة، ومتميز بهم.) روى عنه: الزكي البِرزالي، والتقيّ اليلداني. وبالإجازة الشهاب القوصي. وهو ابن عم الصاحب كمال الدين محمد بن علي، نزيل دمشق.

(44/520)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 521
4 (محمد بن الفضل.)
أبو عبد الرحمن الزَّنجاني، الشاعر. قال ابن النجار: أنشدني أبو البقاء، خالد بن يوسف النابُلُسي، بدمشق، أنشدنا أبو عبد الرحمن محمد بن الفضل ابن الزَّنجاني البغدادي، لنفسه، بالنظامية:
(قسماً بأيام الصفا ووصالكم .......... والجمع في جَمْع وذاك المُلْتَزَم)

(ما اخترت بعدّكم بديلاً لا ولا .......... نادمتُ بعد فِراقكم إلا الندم)

4 (مسعود بن الحسين بن أبي زَيْد.)
أبو الفتح المَوْصلي الشاعر، المعروف بالنقّاش. وهو غير النقاش الحَلَبي، سمّيه، فإن الحلبي مرّ في سنة ثلاث عشرة. ذكرهما ابن الشعّار، ولم يؤرّخ موت هذا، وقال فيه: كان مكثراً من الشعر في المديح، والهجاء، والغّزَل. مدح أصحاب الموصل وأمراءها. وقيل: إنه أدرك أيام الأتابك زنكي، والد نور الدين، وعاش إلى أيام القاهر مسعود بن أرسلان. وهو القائل في قصيدة:
(يا مَنْ أودّ النوم أرْقُبُ طَيفَه .......... أنا ضَيفُه أفما لضيفكم قِرى)

(أنا كنتُ أوّل عاشقٍ لكنني .......... غَفَل الزمانُ بمولدي فتأخَّرا)

(44/521)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 5
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الثالثة الستون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى وعشرين وستّمائة)

4 (استرداد الأشرف خلاط)
فيها استردّ الأشرف خلاط من أخيه شهاب الدّين غازي، وأبقى عليه ميّافارقين
4 (ظهور السلطان جلال الدين)
وفيها ظهر السّلطان جلال الدّين ابن خوارزم شاه بعدما انفصل عن بلاد الهند وكرمان على أذربيجان، وحكم عليها، وراسله الملك المعظّم ليعينه على قتال أخيه الأشرف، وكتب المعظّم إلى صاحب إربل في هذا المعنى، وبعث ولده النّاصر داود إليه رهينةً.
4 (استيلاء لؤلؤ على الموصل)
وفيها استولى بدر الدّين لؤلؤٌ على الموصل، وأظهر أنّ محمود ابن الملك القاهر قد توفّي، وكان قد أمر بخنقه.

(45/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 6
4 (بناء الكاملية)
وفيها بنيت دار الحديث الكامليّة بين القصرين، وجعل أبو الخطّاب ابن دحية شيخها.
4 (قدوم الأقسيس من اليمن)
وفيها قدم الملك المسعود أقسيس على أبيه الكامل، من اليمن، طامعاً في أخذ الشام من عمّه المعظّم. وقدّم لأبيه أشياء عظيمة منها: ثلاثة فيلة، ومائتا خادم.
4 (عودة التتار من القفجاق)
قال ابن الأثير: وفيها عادت التّتار من بلاد القفجاق، ووصلت إلى الرّيّ، وكان من سلم من أهله قد عمّروها، فلم يشعروا إلاّ بالتّتر بغتةً، فوضعوا فيهم السّيف، وسبوا، ونهبوا، وساروا إلى ساوة، ففعلوا بها كذلك، ثمّ ساروا إلى قمّ وقاشان، وكانت عامرةً، فأخذوها، ثمّ وصلوا إلى همذان فقتلوا أهلها، ثمّ ساروا إلى تبريز، فوقع بينهم وبين الخوارزميّة مصافٌّ.
4 (استيلاء غياث الدين على شيراز)
وفيها سار غياث الدّين محمد ابن السّلطان علاء الدّين محمد خوارزم شاه إلى بلاد فارس، فلم يشعر صاحبها أتابك سعدٌ إلاّ بوصوله، فلم يتمكّن من الامتناع، واحتمى بقلعة إصطخر، فملك) غياث الدّين شيراز بلا تعب، وأقام بها، واستولى على أكثر بلاد فارس، وبقي لسعدٍ بعض الحصون،

(45/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 7
وتصالحا على ذلك.
4 (تملّك امرأة على الكرج)
وفيها أو قبلها بيسير جرت واقعةٌ قبيحة، وهي أنّ الكرج لعنهم الله تعالى لم يبق فيهم من بيت الملك أحدٌ سوى امرأةٍ، فملّكوها عليهم. قال ابن الأثير: طلبوا لها رجلاً يتزوجها، وينوب عنها في الملك، ويكون من بيت مملكة. وكان صاحب أرزن الرّوم مغيث الدّين طغريل شاه ابن قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان، وهو من الملوك السّلجوقية، وله ولد كبير، فأرسل إلى الكرج يخطب الملكة لولده، فامتنعوا، وقالوا: لا يملكنا مسلمٌ، فقال لهم: إنّ ابني يتنصّر ويتزوّجها، فأجابوه، فتنصّر، وتزوّج بها، وأقام عندها حاكماً في بلادهم، نعوذ بالله من الخذلان. وكانت تهوى مملوكاً لها، وكان هذا الزّوج يسمع عنها القبائح، ولا يمكنه الكلام لعجزه، فدخل يوماً، فرآها مع المملوك، فأنكر ذلك، فقالت: إن رضيت بهذا، وإلاّ أنت أخبر، ثمّ نقلته إلى بلد، ووكّلت به، وحجرت عليه. وأحضرت رجلين وصفا لها بحسن الصورة فتزوّجت أحدهما، وبقي معها يسيراً، ثمّ فارقته، وأحضرت آخر من كنجة وهو مسلم، فطلبت منه أن يتنصّر ليتزوّجها، فلم يفعل، فأرادت أن تتزوجه، فقام عليها الأمراء ومعهم إيواني مقدّمهم، فقالوا لها: فضحتنا بين الملوك بما تفعلين. قال: والأمر بينهم متردّد، والرجل الكنجيّ عندهم، وهي تهواه.

(45/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 8
4 (سنة اثنتين وعشرين وستّمائة)

4 (إيقاع جلال الدّين بالكرج)
في ربيع الأوّل وصل السّلطان جلال الدّين إلى دقوقا، فافتتحها بالسّيف، وسبى، ونهب، وفعل مثل ما تفعل الكفّار، وأحرق البلد، لكونهم شتموه، ولعنوه على الأسوار، ثمّ عزم على قصد بغداد، فانزعج الخليفة، ونصب المجانيق، وحصّن بغداد، وفرّق العدد والأهراء، وأنفق ألف ألف دينار. قال أبو المظفّر: قال لي الملك المعظّم: كتب إليّ جلال الدّين يقول: تحضر أنت ومن عاهدني واتّفق معي حتّى نقصد الخليفة، فإنّه كان السّبب في هلاك أبي، وفي مجيء الكفّار إلى البلاد، وجدنا كتبه إلى الخطا وتواقيعه لهم بالبلاد، والخلع، والخيل. قال المعظّم: فكتبت إليه، أنا معك) على كلّ حال، إلاّ على الخليفة، فإنّه إمام المسلمين. قال: فبينا هو على قصد بغداد وكان قد جهّز جيشاً إلى الكرج إلى تفليس فكتبوا إليه: أدركنا، فما لنا بالكرج طاقة، فسار إليهم، وخرج إليه الكرج، فعمل معهم مصافّاً، فظفر بهم، فقتل منهم سبعين ألفاً، قاله أبو شامة، وأخذ تفليس بالسّيف، وقتل بها ثلاثين ألفاً أيضاً، وذلك في سلخ ذي الحجّة.

(45/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 9
4 (ملك جلال الدّين مراغة)
وقال ابن الأثير: سار جلال الدّين من دقوقا فقصد مراغة فملكها، وأقام بها، وأعجبته، وشرع في عمارتها، فأتاه الخبر أن إيغان طائي، خال أخيه غياث الدّين، قد جمع عسكراً نحو خمسين ألفاً، ونهب بعض أذربيجان، وسار إلى البحر من بلاد أرّان فشتّى هناك، فلمّا عاد، نهب أذربيجان مرّة ثانية، وسار إلى همذان بمراسلة الخليفة، وإقطاعه إياها. فسمع جلال الدّين بذلك فسار جريدةً، ودهمه، فبيّته في اللّيل، وهو نازل في غنائم كثيرة، ومواشي أخذها من أذربيجان، فأحاط بالغنائم، وطلع الضّوء، فرأى جيش إيغان السّلطان جلال الدّين والجتر على رأسه، فسقط في أيديهم، وأرعبوا. فأرسل إيغان زوجته وهي أخت جلال الدّين تطلب لزوجها الأمان، فأمّنه، وحضر إليه، وانضاف عسكره إلى جلال الدّين، وبقي إيغان وحده، إلى أن أضاف إليه جلال الدّين عسكراً غير عسكره، وعاد إلى مراغة.
4 (ملك جلال الدّين تبريز)
وكان أوزبك بن البهلوان صاحب أذربيجان قد سار من تبريز إلى كنجة

(45/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 10
خوفاً من جلال الدّين، فأرسل جلال الدّين إلى الكبار بتبريز يطلب منهم أن يتردّد عسكره إليهم، ليمتاروا، فأجابوه إلى ذلك. فتردّد العسكر، وباعوا، واشتروا، ثمّ مدّوا أعينهم إلى أموال النّاس، فصاروا يأخذون الشّيء بأبخس ثمن، فأرسل جلال الدّين لذلك شحنة إلى تبريز. وكان زوجة أوزبك ابنة السّلطان طغرل بن أرسلان شاه بن محمد بن ملكشاه، مقيمةً بالبلد، وكانت الحاكمة في بلاد زوجها، وهو منهمكٌ في اللذّات والخمور، ثمّ شكى أهل تبريز من الشّحنة فأنصفهم جلال الدّين منه، ثمّ قدم تبريز، فلم يمكّنوه من دخولها، فحاصرها خمسة أيّام، وقاتله أهلها أشدّ قتال، ثمّ طلبوا الأمان، وكان جلال الدّين يذمّهم ويقول: هؤلاء قتلوا أصحابنا المسلمين، وبعثوا برؤوسهم إلى التّتار، فلهذا خافوا منه، فلمّا طلبوا الأمان، وذكر لهم فعلهم هذا، فاعتذروا بأنّه) إنّما فعل ذلك ملكهم، فقبل عذرهم، وآمنهم، وأخذ البلد، وآمن ابنة طغرل، وذلك في رجب. وبعث ابنة طغريل إلى خويّ مخفرةً محترمةً، وبثّ العدل في تبريز، ونزل يوم الجمعة إلى الجامع، فلمّا دعا الخطيب للخليفة، قام قائماً حتّى فرغ من الدّعاء. ثمّ سيّر جيشاً إلى بلاد الكرج لعنهم الله ثمّ سار هو وعمل معهم مصافّاً هائلاً. قال ابن الأثير: فالّذي تحقّقناه أنّه قتل من الكرج عشرون ألفاً، وانهزم مقدّمهم إيواني. وجّهز جلال الدّين عسكراً لحصار القلعة الّتي لجأ إليها إيواني، وفرّق باقي جيوشه في بلاد الكرج، يقتلون، ويسبون، مع أخيه غياث الدّين. ثمّ تزوّج جلال الدّين بابنة السّلطان طغريل، لأنّه ثبت عنده أنّ أزبك حلف بطلاقها على أمرٍ وفعله. وأقام بتبريز مدّة، وجهّز جيشاً إلى كنجة، فأخذوها، وتحصّن أزبك بقلعتها، ثمّ أرسل يخضع لجلال الدّين، ففتر عنه.

(45/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 11
4 (وفاة الناصر لدين الله)
وفي سلخ رمضان توفّي النّاصر لدين الله.
4 (بيعة الظاهر بأمر الله)
قال أبو المظفّر سبط الجوزيّ: وفيها حججت راكباً في المحمل السّلطانيّ المعظّميّ، فجاءنا الخبر بموت الخليفة بعرفة، فلمّا دخلنا للطّواف، إذا الكعبة قد ألبست كسوة الخليفة، فوجدت اسم النّاصر في الطّراز في جانبين، واسم الخليفة الظّاهر في جانبين. وهو أبو نصر محمد، بويع بالخلافة وكان جميلاً، وأبيض مشرباً حمرة، حلو الشّمائل، شديد القوى، بويع وهو ابن اثنتين وخمسين سنة، فقيل له: ألا تتفسّح قال: قد لقس الزّرع، فقيل: يبارك الله في عمرك، قال: من فتح دكّاناً بعد العصر أيشٍ يكسب ثمّ إنّه أحسن إلى الرّعيّة، وأبطل المكوس، وأزال المظالم، وفرّق الأموال. وغسّل النّاصر محيي الدّين يوسف ابن الجوزيّ، وصلّى عليه ولده الظّاهر بأمر الله بعد أن بويع بالخلافة. قال ابن السّاعي: بايعه أولاً أهله وأقاربه من أولاد الخلفاء، ثمّ مؤيّد الدّين محمد بن محمد القمّيّ نائب الوزارة، وعضد الدّولة أبو نصر ابن الضّحّاك أستاذ الدّار، وقاضي القضاة محيي الدّين بن فضلان الشّافعيّ، والنّقيب الطّاهر قوام الدّين الحسن بن معدّ الموسويّ، ثمّ بويع يوم عيد الفطر البيعة العامّة، وجلس بثياب بيض، وعليه الطّرحة وعلى كتفه بردة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في

(45/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 12
شبّاك القبّة الّتي بالتّاج، فكان الوزير قائماً بين يدي الشّبّاك على منبر، وأستاذ) الدّار دونه بمرقاة، وهو الّذي يأخذ البيعة على النّاس، ولفظ المبايعة: أبايع سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطّاعة على جميع الأنام، أبا نصر محمّداً الظّاهر بأمر الله على كتاب الله، وسنّة نبيّه، واجتهاد أمير المؤمنين، وأن لا خليفة سواه. ولمّا أسبلت السّتارة، توجّه الوزير وأرباب الدّولة، وجلسوا للعزاء، ووعظ محيي الدّين ابن الجوزيّ، ثمّ دعا الخطيب أبو طالب الحسين ابن المهتدي بالله.
4 (قضاء القضاة ببغداد)
وبعد أيّام عزل ابن فضلان عن قضاء القضاة، وولّي أبو صالح نصر بن عبد الرّزّاق ابن الشّيخ عبد القادر، وخلع عليه. اشتداد الغلاء بالموصل والجزيرة قال ابن الأثير: فيها اشتدّ الغلاء بالموصل والجزيرة جميعها، فأكل النّاس الميتة والسّنانير والكلاب، ففقد الكلاب والسّنانير. ولقد دخلت يوماً إلى داري، فرأيت الجوزي يقطّعن اللّحم، فرأيت حواليه اثني عشر سنّوراً، ورأيت اللّحم في هذا الغلاء في الدّار وليس عنده من يحفظه من السّنانير لعدمها، وليس بين المدّتين كثير. ومع هذا فكانت الأمطار متتابعة إلى آخر الربيع وكلما جاء المطر غلت الأسعار هذا ما لم يسمع بمثله. إلى أن قال: واشتدّ الوباء، وكثر الموتى والمرض، فكان يحمل على النّعش الواحد عدّةٌ من الموتى.

(45/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 13
4 (سنة ثلاث وعشرين وستّمائة)
وصول الخلع من الظاهر بأمر الله إلى أولاد العادل بمصر فيها قدم محيي الدّين يوسف ابن الجوزيّ بالخلع والتقاليد من الظّاهر بأمر الله إلى المعظّم، والكامل، والأشرف. قال أبو المظفّر سبط الجوزيّ: قال لي المعظّم: قال لي خالك: المصلحة رجوعك عن هذا الخارجيّ يعني جلال الدّين إلى إخوتك، ونصلح بينكم. وكان المعظّم قد بعث مملوكه أيدكين إلى السّلطان جلال الدّين، فرحّله من تفليس وأنزله على خلاط، والأشرف حينئذٍ بحرّان، قال: فقلت لخالك: إذا رجعت عن جلال الدّين، وقصدني إخوتي تنجدوني قال: نعم. قلت: ما لكم عادة تنجدون أحداً، هذه كتب الخليفة عندنا ونحن على دمياط، ونحن نكتب إليه) نستصرخ به ونقول: أنجدونا، فيجيء الجواب بأن قد كتبنا إلى ملوك الجزيرة، ولم يفعلوا. وقد اتّفق إخوتي عليّ، وقد أنزلت الخوارزميّ على خلاط، إن قصدني الأشرف منعه الخوارزميّ، وإن قصدني الكامل كان فيّ له. تقديم الأشرف الطاعة للمعظّم وفيها قدم الأشرف دمشق، وأطاع المعظّم، وسأله أن يسأل جلال الدّين أن يرحل عن خلاط، وكان قد أقام عليها أربعين يوماً، فبعث المعظّم، فرحل

(45/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 14
الخوارزميّ عن خلاط. وكان المعظّم يلبس خلعة الخوارزميّ، ويركب فرسه، وإذا حادث الأشرف، حلف برأس خوارزم شاه جلال الدّين، فيتألّم الأشرف.
4 (قضاء القضاة ببغداد)
سفر خال ابن الجوزي إلى الكامل في مصر وتوجّه خالي إلى الملك الكامل.
4 (قضاء القضاة ببغداد)
عصيان نائب كرمان على جلال الدّين وقال ابن الأثير: في جمادى الآخر جاء جلال الدّين الخبر أن نائبه بكرمان قد عصى عليه، وطمع في تملّك ناحيته لاشتغال السّلطان بحرب الكرج وبعده، فسار السّلطان جلال الدّين يطوي الأرض إلى كرمان، وقدّم بين يديه رسولاً إلى متولّي كرمان بالخلع ليطمّنه، فلمّا جاءه الرسول، علم أنّ ذلك مكيدةٌ لخبرته بجلال الدّين، فتحوّل إلى قلعةٍ منيعةٍ، وتحصّن، وأرسل يقول: أنا العبد المملوك، ولمّا سمعت بمسيرك إلى البلاد أخليتها لك، ولو علمت أنّك تبقي عليّ لحضرت إلى الخدمة. فلمّا عرف جلال الدّين، علم أنّه لا يمكنه أخذ ما بيده من الحصون، لأنّه يحتاج إلى تعبٍ وحصار، فنزل بقرب أصبهان، وأرسل إليه الخلع، وأقرّه على ولايته. فبينما هو كذلك، إذ وصل الخبر من تفليس بأنّ عسكر الأشرف الّذي بخلاط قد هزموا بعض عسكره فساق كعادته يطوي المراحل حتّى نازل مدينة منازكرد في آخر السّنة، ثمّ رحل من جمعته، فنازل خلاط، فقاتل أهلها قتالاً شديداً، ووصل عسكره إلى السور، وقتل خلق من الفريقين، ثمّ زحف ثانياً وثالثاً، وعظمت نكاية عسكره في أهل خلاط، ودخلوا الرّبض، وشرعوا في السّبي والنّهب، فلمّا رأى ذلك أهل خلاط تناخوا، وأخرجوهم، ثمّ أقام يحاصرها،) حتّى كثر البرد والثّلج، فرحل عندما بلغه إفساد التّركمان في بلاد أذربيجان، وجدّ في السّير، فلم

(45/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 15
يرعهم إلاّ والجيوش قد أحاطت بهم، فأخذتهم السّيوف، وكثر فيهم النّهب، والسّبي.
4 (أخذ ملك الروم عدّة حصون لصاحب آمد)
وفي شعبان سار علاء الدّين كيقباذ ملك الرّوم، فأخذ عدّة حصون للملك المسعود صاحب آمد.
4 (موت ملك الأرمن)
وفيها جمع البرنس صاحب أنطاكية جموعه، وقصد الأرمن، فمات ملك الأرمن قبل وصوله، ولم يخلف ولداً ذكراً، فملّك الأرمن بنته عليهم، وزوّجوها بابن البرنس، وسكن عندهم، ثمّ ندمت الأرمن، وخافوا أن تستولي الفرنج على قلاعهم وبلادهم، فقبضوا على ابن البرنس وسجنوه، فسار أبوه لحربهم، فلم يحصل له غرضٌ فرجع.
4 (الأرنبة العجيبة)
قال ابن الأثير: وفيها اصطاد صديقٌ لنا أرنباً ولها أنثيان وذكر، وله فرج أنثى، فلما شقّوا بطنه رأوا فيه جروين، سمعت هذا منه ومن جماعة

(45/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 16
كانوا معه، وقالوا: ما زلنا نسمع أن الأرنب تكون سنةً ذكراً، وسنّة أنثى، ولا نصدق، فلمّا رأينا هذا، علمنا أنّه قد حمل وهو أنثى، وانقضت السنة فصار ذكراً، ويحتمل أن يكون خنثى.
4 (تحوّل بنت إلى رجل)
قال ابن الأثير: وكنت بالجزيرة ولنا جارٌ له بنت، اسمها صفيّة، فبقيت كذلك نحو خمس عشرة سنة، وإذا قد طلع لها ذكر رجلٍ، ونبتت لحيته، فكان له فرج امرأة وذكر رجل.
4 (غنم مرّ)
قال: وفيها ذبح إنسانٌ بالموصل رأس غنم، فإذا لحمه ورأسه ومعلاقه مرّ شديد المرارة، وهذا شيء لم يسمع بمثله.
4 (زلزلة الموصل وشهرزور)
وفي ذي الحجّة زلزلت الموصل، وغيرها، وخرب أكثر شهرزور، ولا سيما القلعة، فإنّها أجحفت بها، وبقيت الزلزلة تتردّد عليهم نيفاً وثلاثين يوماً، وخرب أكثر قرى تلك الناحية.

(45/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 17
4 (انخساف القمر)
وفي هذه السّنة انخسف القمر مرّتين.)
4 (برد ماء عين القيّارة)
وفيها برد ماء عين القيّارة حتّى كان السّابح يجد البرد، فتركوها، وهي معروفةٌ بحرارة الماء، بحيث إنّ السّابح فيها يجد الكرب. وكان بردها في هذه السّنة من العجائب.
4 (كثرة الحيوانات)
وفيها كثرت الذّئاب، والخنازير، والحيّات، وقتل كثير منها.
4 (القحط والجراد بالموصل)
وفيها كان قحطٌ وجراد كثير بالموصل. جاء بردٌ كبار أفسد الزّرع والمواشي، قيل: كان وزن البردة مائتي درهم، وقيل: رطلاً بالموصلي.
4 (وفاة الظاهر بأمر الله)
وفي رجب توفي أمير المؤمنين الظاهر بأملا الله وكانت خلافته تسعة أشهر ونصفاً.

(45/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 18
4 (بيعة المستنصر بالله)
وبويع ابنه الأكبر أبو جعفر المستنصر بالله، فبايعه جميع إخوته وبنو عمّه. قال ابن السّاعي: حضرت بيعته العامّة، فلمّا رفعت السّتارة، شاهدته وقد كمّل الله صورته ومعناه، وعمره إذ ذاك خمسٌ وثلاثون سنة، وكان أبيض مشرباً حمرة، وأزج الحاجبين، أدعج العينين، سهل الخدّين، أفننى، رحب الصدر، عليه قميص أبيض، وبقيار أبيض مسكّن، وعليه طرحة قصب بيضاء، ولم يزل جالساً إلى أن أذن الظهر ثم جلس كذلك يوم الأحد ويوم الإثنين، وأحضر بين يدي الشبّاك شمس الدّين أحمد ابن النّاقد، وقاضي القضاة أبو صالح الجيليّ، فرقيا المنبر، فقال الوزير مؤيّد الدّين القمّيّ لقاضي القضاة: أمير المؤمنين قد وكّل أبا الأزهر أحمد هذا وكالةً جامعة في كلّ ما يتجدّد من بيعٍ وإقرار وعتق وابتياع. فقال القاضي: أهكذا يا أمير المؤمنين فقال: نعم، فقال القاضي: ولّيتني يا أمير المؤمنين ما ولاّني والدك رحمة الله عليه فقال: نعم وليتك ما ولاّك والدي. فنزلا، وأثبت القاضي الوكالة بعلمه.
4 (رسليّة ابن الأثير)
وفي شعبان قدم الصّاحب ضياء الدّين نصر الله ابن الأثير رسولاً عن صاحب الموصل بدر) الدّين، فأورد الرسالة وهذه نسختها: ما لّيل والنهار لا يعتذران وقد عظم حادثهما، وما للشمّس والقمر لا ينكسفان وقد فقد ثالثهما.
(فيا وحشة الدّنيا وكانت أنيسةً .......... ووحدة من فيها لمصرع واحد)
وهو سيّدنا، ومولانا، الإمام الظّاهر أمير المؤمنين، الّذي جعلت ولايته

(45/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 19
رحمةً للعالمين، واختير من أرومة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الّذي هو سيّد ولد آدم، ثمّ ذكر فصلاً. قال ابن السّاعي: وخلعت الخلع، فبلغني أنّ عدّتها ثلاثة آلاف خلعة وخمسمائة ونيّف وسبعون خلعة، وركب الخليفة ظاهراً لصلاة الجمعة بجامع القصر، وركب ظاهراً يوم الإثنين الآتي في دجلة بأبّهة الخلافة، ثمّ ركب والنّاس كافّةً مشاة، ووراءه الشّمسة، والألوية المذهّبة، والقصع تضرب وراء السّلاحيّة، فقصد السرادق الّذي ضرب له، ونزله به ساعة، ثمّ ركب وعاد في طريقه.
4 (كسر جلال الدّين للكرج)
وفيها التقى جلال الدّين ملك الخوارزميّة الكرج، وكانوا في جمعٍ عظيم إلى الغاية، فكسرهم، وأمر عسكره، أن لا يبقوا على أحدٍ، فتتبّعوا المنهزمين، ولم يزالوا يستقصون في طلب الكرج إلى أن كادوا يفنونهم. ثمّ نازل تفليس وأخذها عنوةً وكانت دار ملك الكرج، وقد أخذوها من المسلمين من سنة خمس عشرة وخمسمائة، وخرّبوا البلاد، وقهروا العباد، فاستأصلهم الله في هذا الوقت، ولكلّ أجلٍ كتاب.

(45/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 20
4 (سنة أربع وعشرين وستّمائة)

4 (الوقعة بين جلال الدّين والتتار)
فيها جرت وقعة بين جلال الدّين الخوارزميّ وبين التتارن وكان بتوزير فجاءه الخبر أنّ التّتار قد قصدوا إصبهان، فجمع عسكره، وتهيّأ للملتقى لكون أولاده وحرمه فيها، فلمّا وصلها، وأزاح علل الجند بما احتاجوا، جرّد منهم أربعة آلاف صوب الريّ ودامغان يزكاً، فكانت الأخبار ترد من جهتهم وهم يتقهقرون، والتّتار يتقدّمون، إلى أن جاءه اليزك، وأخبروه بما في عسكر التّتار من الأبطال المذكورين مثل باجي نوين، وباقو نوين، وأسر طغان، ووصلت التّتار، فنزلوا شرقيّ إصبهان. وكان المنجّمون أشاروا على السلطان جلال الدين بمصابرتهم ثلاث أيام والتقائهم في الرابع فلزم على المكان مرتقب اليوم الموعود، وكان أمراؤه وجيشه قد) انزعجوا من التّتار، والسّلطان يتجلّد، ويظهر قوّة، ويشجّع أصحابه، ويسهل الخطب، ثمّ استحلفهم أن لا يهربوا، وحلف هو، وأحضر قاضي اصبهان ورئيسها وأمرهما بعرض الرّجّالة في السّلاح. فلمّا رأى التّتار تأخّر السّلطان عن الخروج إليهم، ظنّوا أنه امتلأ خوفاً، فجرّدوا ألفي فارس إلى الجبال يغارون ويجمعون ما

(45/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 21
يقوتهم مدّة الحصار، فدخلوا الجبال وتوسّطوها، فجهّز السّلطان وراءهم ثلاثة آلاف فارس، فأخذوا عليهم المضايق والمسالك، وواقعوهم، وقتلوا فيهم وأسروا. ثمّ خرج في اليوم الموعود، وعبّى جيشه للمصافّ، فلمّا تراءى الجمعان، خذله أخوه غياث الدّين وفارقه بعسكره، فتبعه جهان بهلوان، لوحشةٍ حدثت له ذلك الوقت، وتغافل السّلطان عنه، ووقف التّتار كراديس متفرّقة مترادفة، فلمّا حاذاهم جلال الدّين أمر رجّالة إصبهان بالعود، ورأى عسكره كثيراً، وتباعد ما بين ميمنة السّلطان وميسرته حتّى لم تعرف الواحدة منهما ما حال الأخرى، فحملت ميمنته على ميسرة التّتار هزمتها، وفعلت ميسرته. فلمّا أمسى السّلطان، ورأى انهزام التّتار نزل، فأتاه أحد أمرائه وقال له: قد تمنّينا دهراً نرزق فيه يوماً نفرح فيه، فما حصل لنا مثل هذا اليوم وأنت جالسٌ، فلم يزل به حتّى ركب وعبر الجرف، وكان آخر النهار، فلمّا شاهد التّتار السّواد الأعظم، تجرّد جماعةٌ من شجعانهم، وكمنوا لهم، وخرجوا وقت المغرب على ميسرة السّلطان كالسّيل وحملوا حملةً واحدة، فزالت الأقدام، وانهزموا، وقتل من الأمراء ألب خان، وأرتق خان، وكوج خان، وبولق خان، وماج الفريقان، وحمي الوطيس واشتدّ القتال، وأسر علاء الدّولة آناخان صاحب يزد، ووقف السّلطان في القلب وقد تبدّد نظامه، وتفرّقت أعلامه، وأحاط به التّتار، وصار المخلص من شدّة الاختلاط أضيق من سمّ الخياط، ولم يبق معه إلاّ أربعة عشر نفساً من خواصّ مماليكه، فانهزم على حميّة، فطعن طعنة لولا الأجل، لهلك. ثمّ أفرج له الطريق، وخلص من المضيق، ثمّ إنّ القلب والميسرة تمزّقت في الأقطار، فمنهم من وقع إلى فارس، ومنهم من وصل كرمان، ومنهم من قصد تبريز. وعادت الميمنة بعد يومين، فلم نسمع بمثله مصافاً لانهزام كلا الفريقين، وذلك في الثّاني والعشرين من رمضان. ثمّ لجأ السّلطان إلى إصبهان، وتحصّن بها، فلم تصل التّتار إليه، وحاصروا إصبهان، وردّوا إلى خراسان.)

(45/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 22
4 (إنتقام جلال الدّين من الإسماعيليّة)
قال ابن الأثير: وفي هذه السّنة قتل الإسماعيليّة أميراً كان جلال الدّين خوارزم شاه قد أقطعه مدينة كنجة، وكان نعم الأمير ينكر على جلال الدّين ما يفعله عسكره من النّهب والشّر، فعظم قتله على جلال الدّين واشتدّ عليه، فسار بعساكره إلى بلاد الإسماعيليّة من حدود الألموت إلى كردكوه بخراسان، فخرّب الجميع، وقتل أهلها، وسبى، ونهب، واسترقّ الأولاد، وقتل الرجال وكان قد عظم شرّهم، وزاد ضررهم، فكفّ عاديتهم، ولقّاهم الله بما عملوا بالمسلمين. ثمّ يسار إلى التّتار وحاربهم وهزمهم، وقتل وأسر، ثمّ تجمّعوا له وقصدوه.
4 (فتح خويّ ومرند)
وفيها سارت عساكر الملك الأشرف مع الحاجب حسام الدّين عليّ إلى خويّ بمكاتبةٍ من أهلها، فافتتحها، ثمّ افتتح مرند، وقويت شوكته. قال ابن الأثر: لو داموا لملكوا تلك النّاحية، إنّما عادوا إلى خلاط، واستصحبوا معهم زوجة جلال الدّين خوارزم شاه، وهي ابنة السّلطان طغريل بن أرسلان السّلجوقيّ، وكان قد تزوج بها بعد أزبك بن البهلوان، فأهملها، ولم يلتفت إليها، فخافته مع ما حرمته من الأمر والنّهي، وكاتبت الحسام عليّاً المذكور تطلبه لتسلّم إليه البلاد.
4 (القضاة بدمشق)
وكان بدمشق في سنة أربع: أربع قضاةٍ. شافعيّان وحنفيّان: الخوييّ

(45/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 23
قاضي القضاة، ونائبه نجم الدّين ابن خلف، وشرف الدّين عبد الوهّاب الحنفيّ، والعزيز ابن السنجاريّ.
4 (شنق ابن السقلاطوني)
وشنق ابن السّقلاطونيّ العدل نفسه بسبب مالٍ عليه للدّولة، طولب به، وكان عدلاً من نيّف وأربعين سنة من شهود شرف الدّين بن عصرون.
4 (ترتيب مسند أحمد)
وفيها أحضر البكريّ المحتسب، الجمال ابن الحافظ، والشّرف الإربلّيّ، والبرزاليّ، وقرّر معهم أن يرتّبوا مسند أحمد على الأبواب، وقرّر للجمال في الشّهر خمسين درهماً، وللآخرين ستّين درهماً، وبذل لهم الورق وأجرة النّسّاخ، فما أظنّه تمّ هذا.
4 (مرض المعظّم وموته)
) ومرض الملك المعظّم، فتصدّق وأخرج المسجونين، وأعطى الأشراف ألف غرارة، وفرّقوا على الفقهاء والصّوفيّة وغيرهم ثمانين ألفاً وخمسمائة غرارة. وحلف من بالحضرة لولده النّاصر. واشترى ابن زويزان حصاناً أصفر للمعظّم بألف دينار مصريّة، وأحضرها، فأمر بالتصدّق بها بالمصلّى، فازدحم الخلق لذلك، فمات ثمانية أنفس. ثمّ مات المعظّم في آخر ذي القعدة عن تسعٍ وأربعين سنة. وأوصى أن يغسّله الحصيريّ. مات قبل صلاة الجمعة. ورمى ابنه الكلوتة والمماليك، ولطموا في الأسواق، وقرأ النّجيب في العزاء: يا داود إنّا جعلناك خليفةً في الأرض فضجّ النّاس.
4 (قدوم رسول ملك الفرنج)
وقال أبو شامة: فيها قدم رسول الأنبرور ملك الفرنج من البحر، على

(45/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 24
المعظّم بعد اجتماعه بأخيه الكامل يطلب البلاد الّتي فتحها السّلطان صلاح الدّين، فأغلظ له وقال: قل لصاحبك ما أنا مثل الغير، ما له عندي إلاّ السّيف.
4 (الحجّ الشاميّ)
وفيها حجّ بالشّاميّين شجاع الدّين عليّ ابن السّلاّر وهي آخر إمرته على الركّب، وانقطع بعدها ركب الشّام مدّةً بسبب الفتن. وكان قد جاء من ميّافارقين سلطانها شهاب الدّين غازي ابن العادل، ليحجّ أيضاً. قال أبو المظفر: كان ثقله على ستّمائة جمل، ومعه خمسون هجيناً عليها خمسون مملوكاً، وسار على الرّحبة وعانة وكبيسات إلى كربلاء إلى الكوفة. فبعث الخليفة له فرسين وبغلةً وألفي دينار، فلما عاد لم يصل الكوفة، بل صار غربيّ الطريق فكاد يهلك هو ومن معه عطشاً حتى وصل إلى حرّان. وتوفّي الملك المعظّم وقام بعده ابنه النّاصر داود.

(45/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 25
4 (سنة خمس وعشرين وستّمائة)

4 (المنشور بولاية الناصر)
في صفر جاء منشور الولاية من الملك الكامل لابن أخيه الملك النّاصر داود.
4 (تحرّك الفرنج بالسواحل)
وتحرّكت الفرنج وانبثّوا في السّواحل، لأنّ الهدنة فرغت.)
4 (غارة المسلمين على صور)
وفيها أغار المسلمون على أعمال صور، وغنموا كثيراً من المواشي.
4 (نزول الملك العزيز على بعلبك)
وفيها نزل الملك العزيز عثمان ابن العادل على بعلبك ليأخذها من الملك الأمجد، فأرسل إليه النّاصر داود يأمره بالرّحيل عنها، فرحل، وقد حقد على النّاصر، فقاوا: إنّه كاتب الملك الكامل، وحثّه على قصد دمشق، وإنّها في يده. فقدم الكامل وانضاف إليه العزيز، وجاءه الملك المجاهد أسد الدين شيركوه من حمص، وكانت عنده ضغينة على المعظّم، لكونه نازل حمص وشعث ظاهرها. فاستنجد الملك النّاصر بعمّه الملك الأشرف، فجاء وأكرمه

(45/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 26
غاية الإكرام، ونزل بالنّيرب. وكان رسوله إلى الأشرف فخر الدّين ابن بصاقة. ولمّا وصل الكامل إلى الغور، بلغه قدوم الأشرف، فرجع إلى غزّة، وقال: أنا ما خرجت على أن أقاتل أخي. فبلغ ذلك الأشرف، فقال لابن أخيه النّاصر: إنّ أخي قد رجع حردان، والمصلحة أنّني ألحقه وأسترضيه. فنزل الكامل غزّة، وأرسل إليه ملك الفرنج يطلب منه القدس، وقال: أنا قد حضرت أنجدك بمقتضى مراسلتك، ومعي عساكر عظيمة، فكيف أرجع بلا شيء فأعطاه بعض القدس. وسار الأشرف إلى الكامل واجتمع به في القدس، فكان نجدة على النّاصر لا له. واتّفق الأخوان على أخذ البلاد من النّاصر، وأنّ دمشق تكون للأشرف، وانضاف إليهما من عسكر النّاصر أخوهما الملك الصّالح إسماعيل، وابن عمّ النّاصر شهاب الدّين محمود ابن المغيث، وعزّ الدّين أيدمر، وكريم الدّين الخلاطيّ. وجاء المظفّر شهاب الدّين غازي ابن العادل، فاجتمع الكلّ بفلسطين. وقد كان النّاصر خرج ليتلقّى عمّه الكامل، واعتقد أنّ الأشرف قد أصلح أمره عنده، فسار إلى الغور، فلمّا سمع باجتماع أعمامه عليه ليمسكوه رجع إلى دمشق فحصّنها، واستعدّ للحصار.
4 (المشيخة والحسبة بدمشق)
وفيها عزل الصّدر البكري عن مشيخة الشيوخ وعن حسبة دمشق فولي المشيخة عماد الدّين ابن حمويه، والحسبة رشيد الدّين ابن الهادي.

(45/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 27
4 (نزول جلال الدّين على خلاط ثانية)
) وفيها نزل جلال الدّين ابن خوارزم شاه مرّة ثانية على خلاط، ثمّ هجم عليه الشّتاء، فترحّل إلى أذربيجان. وخرج الحاجب عليٌّ من خلاط فاستولى على خويّ وسلماس وتلك النّاحية، وساق فأخذ خزائن جلال الدّين وعائلته وعاد إلى خلاط، فقيل له: أيشٍ فعلت تحرّشت به ليهلك البلاد فلم تفكر.
4 (جري الكويز الساعي)
وفيها جرى الكويز السّاعي من واسط إلى بغداد في يوم وليلة، ووصل إلى باب سور البصليّة قبل الغروب بساعة، ورزق قبولاً عظيماً، وأعطي خلعاً وأموالاً من الدّولة والتّجّار. ومن جملة ما حصل له نيّف وعشرون فرساً، وقماش بألفٍ وسبعمائة دينار، ومن الذهب خمسة آلاف وأربعمائة دينار، واسمه معتوق الموصليّ. ولازم خدمة الشّرابيّ. ذكر هذا ابن السّاعي.
4 (تأسيس المستنصريّة)
وفيها شرعوا في أساس المستنصريّة ببغداد، وكان مكانها إصطبلاتٌ وأبينةٌ، وتولّى عمارتها أستاذ دار الخلافة.
4 (موقعة الريّ بين جلال الدّين والتتار)
وفيها وقيل: في التي قبلها كما تقدم بعبارةٍ أخرى عادت التّتار إلى

(45/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 28
الريّ، وجرى بينهم وبين جلال الدّين حروبٌ. وكان هؤلاء التّتار قد سخط عليهم جنكزخان وأبعدهم، وطرد مقدّمهم، فقصد خراسان، فرآها خرباً، فقصد الريّ ليتغلّب على تلك النّواحي، فالتقى هو وجلال الدّين، فاقتتلوا قتالاً شديداً، ثمّ انهزم جلال الدّين، ثمّ عاود بمن انهزم، وقصد إصبهان، وأقام بينها وبين الريّ، وجمع جيشه، وأتاه ابن أتابك سعدٍ بعد وفاة والده. ثمّ عاد جلال الدّين، فضرب مع التّتار رأساً، فبينما هم مصطفّون انفرد غياث الدّين أخو السّلطان، وقصد ناحيةً، فظنّهم التّتار يريدون أن يأتوهم من ورائهم، فانهزموا، وتبعهم صاحب بلاد فارس. وأمّا جلال الدّين، فإنّه لمّا رأى مفارقة أخيه له، ظنّ أنّ التّتر قد رجعوا خديعةً ليستدرجوه، فانهزم أيضاً، ولم يجسر أن يدخل إصبهان خوفاً من الحصار، فمضى إلى شبرم. وأمّا صاحب فارس، فلمّا ساق وراء التّتار، وأبعد ولم ير جلال الدّين، خاف وردّ عن التّتار، ورأى التّتر أنّه لا يطلبهم أحدٌ فوقفوا، وردّوا إلى إصبهان وحاصروها، وظنّوا أنّ جلال الدّين قد عدم، فبينما هم كذلك، إذ وصل إليهم قاصدٌ من جلال الدّين يعرّفهم بأنّه سالم، وأنّه يجمع،) وينجد أهل إصبهان، ففرح أهل البلد، وقويت نفوسهم، وفيهم شجاعة طبعيّة، فقدم عليهم، ودخل إليهم، ثمّ خرج بهم، فالتقوا التّتار، فانهزم التّتار أقبح هزيمةٍ، فساق جلال الدّين وراءهم إلى الريّ قتلاً وأسراً، وأقام بالريّ، فأتته رسل ابن جنكزخان يقول: إنّ هؤلاء ليسوا من أصحابي، وإنّما نحن أبعدناهم، فاطمأن جلال الدّين من جانب ابن جنكزخان، وعاد إلى أذربيجان. وأمّا غياث الدّين أخوه، فقصد خوزستان، فلم يمكّنه نائب الخليفة من دخولها، فقصد بلاد الإسماعيليّة، والتجأ إليهم، واستجار بهم. فقصد جلال الدّين بلاد الإسماعيليّة لينهبها إن لم يسلموا إليه أخاه، فأرسل مقدّمهم يقول: لا يجوز لنا أن نسلّمه إليك، لكن نحن ننزله عندنا، ولا نمكّنه أن يقصد شيئاً من بلادك، والضّمان علينا. فأجابهم إلى ذلك، وعاد فنازل خلاط.

(45/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 29
4 (تملّك كيقباذ مدينة أرزن)
وفيها تملّك علاء الدّين كيقباذ صاحب الروم مدينة أرزنكان، وكان صاحبها بهرام شاه قد طال ملكه لها، وجاز ستّين سنةً، فمات، ولم يزل في طاعة قلج أرسلان وأولاده، فملك بعده ولده علاء الدّين داود شاه، فأرسل إليه كيقباذ يطلب منه عسكراً ليسير معه إلى مدينة أرزن الروم، ليحاصرها، وأن يكون معهم، فأتاه في عسكره، فقبض عليه، وأخذ بلده. وكان له حصن كماخ، وله فيه والٍ، فتهدّده إن لم يسلّم الحصن أيضاً، فأرسل إلى نائبه، استنجد بالأمير حسام الدّين عليّ الحاجب نائب الملك الأشرف على خلاط. فسار الحسام ونجده، فردّ كيقباذ لذلك ولأنّ العدوّ أخدوا له حصن صمصون وهو مطلٌّ على البحر وعاصٍ، فأتاه واستعاده منهم، ثمّ أتى أنطاكية يشتّي بها.
4 (ظهور محضر للعناكيّين)
وفيها ظهر محضر للعناكيّين أثبت على نجم الدّين مهنّا قاضي المدينة أنّ حكّام بن حكم بن يوسف بن جعفر بن إبراهيم بن محمد الممدوح بن عبد الله الجواد بن جعفر الطّيّار سكن بقريةٍ بالشّام تعرف بالأعناك، وأولد بها، وعقبه بها، وبالشّام، ومن نسله فلان، وساق نسبه إلى الأحكام.
4 (تدريس المسمارية)
وتقرّر بالمسماريّة بنو المنجّا للتدريس بحكم أنّ نظرها إليهم.)

(45/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 30
4 (تقييد الفتوى)
وتقدم الخويّي إلى المفتين بأن لا يكتبوا فتوى إلاّ بإذنه.
4 (طلوع الفرنج إلى صيدا)
وفيها طلع الفرنج من البحر وعكّا إلى صيدا وكانت مناصفةً لهم وللمسلمين، فاستولوا عليها وحصّنوها، وتمّ لهم ذلك، وقويت شوكتهم، وجاءهم الأنبرور ملك الألمان ومعناه: ملك الأمراء وكان قبيل مجيئه قد استولى على قبرص، وقدم عكّة، وارتاع المسلمون لذلك. وقدم الكامل كما مرّ من مصر، وأقام على تلّ العجول، ثمّ كاتب الأنبرور، واتّفق معه على النّاصر داود ابن المعظّم، ونشب الكامل بالكلام، ولم تكن عساكر الأنبرور وصلت إليه من البحر، وخافه المسلمون، وملوك الفرنج بالسّاحل، فكاتبوا الكامل إذا حصل مصافّ نمسك الأنبرور، فسيّر إلى الأنبرور كتبهم، وأوقفه عليها، فعرف الأنبرور ذلك للكامل، وأجابه إلى كلّ ما يريد، وقدمت رسله على الكامل يتشكّر لما أولاه، وتردّدت بينهم المراسلات. وسيّر الأنبرور إلى الكامل يتلطّف معه، ويقول: أنا عتيقك وأسيرك، وأنت تعلم أنّي أكبر ملوك البحر، وأنت كاتبتني بالمجيء، وقد علم البابا وسائر ملوك البحر باهتمامي وطلوعي، فإن أنا رجعت خائباً، انكسرت حرمتي بينهم، وهذه القدس فهي أصل اعتقادهم وحجّهم والمسلمون قد أخربوها، وليس لها دخلٌ طائل، فإن رأى السّلطان أعزّه الله أن ينعم عليّ بقصبة البلد، والزيادة تكون صدقة منه، وترتفع رأسي بين الملوك، وإن شاء السّلطان أن يكشف عن محصولها، وأحمل أنا مقداره إلى خزانته فعلت. فلما سمع الكامل ذلك، مالت نفسه وجاوبه أجوبةً مغلّظة، والمعنى فيها نعم.

(45/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 31
4 (خلعة الزعامة)
أنبأني ابن البزوريّ، قال: وفي المحرّم منها استدعي الأمير علاء الدّين الدّويدار الظاهريّ أبو شجاع ألطبرس، وخلعت عليه خلعة الزّعامة وهي: قباء أطلس نفطيّ، وشربوش كبير، وفرس بعدّة كاملة، وألحق بالزّعماء.
4 (رسول جلال الدّين)
قال: وفيها وصل قاضي الرّيّ رسولاً من عند جلال الدّين منكوبريّ بن خوارزم شاه.
4 (العقد على ابنة صاحب الموصل)
) وفيها عقد عقد علاء الدّين الدّويدار المذكور على ابنة بدر الدّين صاحب الموصل، على صداقٍ مبلغه عشرون ألف دينار.
4 (قدوم الحجّاج إلى بغداد)
وفيها قدم بغداد من الحجّاج أخت السلطان صلاح الدين يوسف، زوجة مظفّر الدّين صاحب إربل، وابن أخيها الملك المحسن أحمد، فخلع على المحسن.
4 (قدوم الحجّاج على الدّويدار)
وفي رمضان خلع على علاء الدّين الدّويدار خلعة عظيمة، وأعطي تسعة أحمال كوسات.
4 (تغلّب ابن هود على الأندلس)
وفيها تغلّب ابن هود على معظم الأندلس، فكان ملكه تسعة أعوام.

(45/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 32
4 (سنة ستّ وعشرين وستّمائة)

4 (دخول الفرنج بيت المقدس)
في ربيع الأوّل أخلى الكامل البيت المقدّس من المسلمين، وسلّمه إلى الأنبرور، وصالحه على ذلك، وعلى تسليم جملةٍ من القرى فدخلته الفرنج مع الأنبرور. وكانت هذه من الوصمات الّتي دخلت على المسلمين، وتوغّرت القلوب على الكامل فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
4 (حصار الكامل دمشق)
ثمّ أتبعها بحصار دمشق وأذّية المسلمين، فنزل جيشه على الجسورة، وقطعوا عن دمشق باناس والقنوات، ثمّ قطعوا يزيد وثورا، ونهبوا البساتين، وأحرقوا الجواسق. ثمّ جرت بين عسكر النّاصر داود، وبين عسكر عمّه الكامل وقعاتٌ، وقتل جماعةٌ وجرح جماعة، وأخربت حواضر البلد. فلمّا كان يوم رابع

(45/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 33
جمادى الأولى وقعت بينهم وقعةٌ عظيمة. قال أبو شامة: قتل فيها خلق كثير، ونهب قصر حجّاج الشّاغور، وأطلق فيها النّيران، وتسلّموا حصن عزّتا صلحاً مع متولّيه.
4 (دخول الكامل دمشق)
وفي تاسع جمادى الآخرة وصل الكامل، فنزل عند مسجد القدم، فأنفذ النّاصر إليه جماعة من الكبراء: الدّولعيّ، والقاضي، شمس الدّين الخويّيّ، والقاضي شمس الدّين ابن الشّيرازيّ، والشّيخ جمال الدّين الحصيريّ، نيابةً عنه في السّلامة والخدمة. ثمّ خرج من الغدّ عزّ الدّين) أيبك أستاذ الدّار باستدعاءٍ من الكامل فتحدّثا في الصّلح، فلمّا كان يوم منتصف الشهر، كان بينهم وقعةٌ تلقاء باب الحديد في الميدان، وانتصر الدّمشقيّون. ثمّ أصبح من الغد النّهب والحريق بظاهر باب توما، وبدّعوا في الغوطة، وخرّبوها، وغلت الأسعار، وصار اللّحم بستّة دراهم، والجبن بستّة دراهم أيضاً. واشتدّ الحصار، ثمّ إنّهم زحفوا على دمشق من عربيّها مراراً، وتكون الكرّة عليهم، واتّخذوا مسجد خاتون، ومسجد الشّيخ إسماعيل، وخانقاه الطّاحون، وجوسق الميدان، حصوناً وظهراً لهم. وأحرق النّاصر لأجل ذلك مدرسة أسد الدّين، وخانقاه خاتون، وخانقاه الطّواويس، وتلك الخانات. وجرت أمور. ثم زحفوا في تاسع رجب إلى أن قاربوا باب الحديد، ثمّ كان انتظام الصّلح في أوّل شعبان، وذلك أنّ الملك النّاصر داود خرج ليلة رابع عشر رجب إلى الكامل واجتمع به، ثمّ اجتمع به مرّات، وتقرّر الصّلح أنّ النّاصر رضي بالكرك ونابلس وبعض الغور والبلقاء. ثمّ دخل الملك الكامل القلعة، ونزل إلى قبّة والده، ووجّه العسكر، فنازلوا حماة، وحاصروها.

(45/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 34
وفي أواخر شعبان سلّم الكامل دمشق لأخيه الملك الأشرف، وأعطاه الأشرف عوضها حرّان والرّها، ورأس عين والرّقة، ثمّ توجّه إلى الشّرق ليتسلّم هذه البلاد، فسار في تاسع رمضان فلمّا نزل على حماة، خرج إلى خدمته صاحبها صلاح الدّين قلج أرسلان ابن الملك المنصور محمد بن عمر، وسلّم إلى الكامل حماة، فأعطاها لأخي صاحبها لكونه أكبر سنّاً ولأنّ العهد من أبيه كان إليه. ثمّ سار إلى حرّان، ونزل عسكره على بعلبك وجاء إليها الأشرف من دمشق فحاصر الملك الأمجد ثمّ تسلّموا البلد، وبقي الحصار على القلعة، ورجع الأشرف.
4 (الاشتغال بعلوم الأوائل)
قال أبو شامة: وكان في آخر دولة المعظّم قد كثر الاشتغال بعلوم الأوائل، فأخمده الله بدولة الملك الأشرف.
4 (خروج الأمجد من بعلبكّ)
قال أبو المظفّر: بعث الأشرف أخاه الملك الصّالح إسماعيل، فحاصر بعلبكّ، وضربها بالمجانيق، وضايقها ثمّ توجّه إليها الأشرف، فدخل ابن مرزوق بينه وبين صاحبها الملك الأمجد، فأخذت منه، وجاء إلى دمشق، فأقام بداره.
4 (حصار جلال الدين خلاط)
) وفيها نازل جلال الدّين خلاط وضايقها بأوباشه، فأغاروا، ونهبوا، وهجموا حينة، وقتلوا أهلها قتلاً ذريعاً، والكامل على حرّان، فأقام اليزك على الطّرق خوفاً من هجمتهم، وتوجّهت طائفةٌ منهم إلى ميّافارقين، فالتقاهم

(45/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 35
المظفّر غازي، فكسر وجرح، وهو أشجع أولاد العادل. ولم يزل جلال الدّين يجدّ في حصار خلاط حتّى افتتحها في آخر العام.

(45/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 36
4 (سنة سبع وعشرين وستّمائة)

4 (كسرة الخوارزمية أمام الأشرف)
قال أبو شامة: أخذت بعلبكّ من الأمجد في ربيع الآخر، ورحل الأشرف إلى الشرق واستعمل على دمشق أخاه إسماعيل، فلمّا كان في شوّال جاءنا الخبر: بأنّ السّلطان الملك الأشرف التقى الخوارزميّ يعني جلال الدّين وأنّ الأشرف كسره في أواخر رمضان. وقد كان الخوارزميّ استولى على خلاط، وأخذها من نوّاب الأشرف بعد أن أكلوا الجيف والكلاب، وزاد فيهم الوباء، وثبتوا ثباتاً لم يسمع بمثله، لعلمهم بجور خوارزم شاه، ولم يقدر عليها إلاّ بمخامرة إسماعيل الإيوانيّ، تدنّى إليه، واستوثق منه، ثمّ أطلع الخوارزميّة بالجبال ليلاً، واستباحوها، فإنّا لله. فسار الأشرف لحربه، واتّفق هو وصاحب الرّوم على لقائه، فكسرا الخوارزميّة، وقع منهم خلقٌ في وادٍ، فهلكوا ونهبوا، وتتبّعوا أيّاماً، وضربت البشائر في البلاد.

(45/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 37
4 (إنكسار الخوارزميّ في رواية سبط ابن الجوزيّ)
وقال أبو المظفّر ابن الجوزيّ: أخذ خوارزم شاه جلال الدّين مدينة خلاط في جمادى الأولى بعد حصار عشرة أشهر، وكان فيها مجير الدّين ابن العادل وأخوه تقيّ الدّين وزوجة الأشرف بنت ملك الكرج، فأسرهم جلال الدّين. فأرسل صاحب الروم إلى الأشرف يأمره بالمسير، فإنّه ينجده، فشاور أخاه الملك الكامل فقال: نعم مصلحة، فجمع جيشه وسار إلى صاحب الروم، وكان معه أخواه شهاب الدّين غازي، والملك العزيز عثمان، وابن أخيه الملك الجواد. وجمع ملك الروم جيوشه أيضاً واجتمعا، والتقاهم الخوارزميّ فانكسر كسرةً عظيمة، وأخذ الأشرف خلاط، وأرسل إلى الخوارزميّ يطلب إخوته، فأرسلهم ولم يرسل المرأة. قال عبد اللّطيف بن يوسف: كسر الله الخوارزميّين بأخفّ مؤنة بأمرٍ لم يكن في الحساب، فسبحان من هدم ذاك الجبل الراسي في لمحة ناظرٍ.
4 (رجوع رسل الخليفة)
) وفيها رجعت رسل الخليفة من عند جلال الدّين منكوبريّ ملك الخوارزميّة، وخلع على رسوله الّذي قدم معهم.
4 (الخطبة للمستنصر بالله في المغرب)
وفيها خرج الموكب الشّريف لتلقّي رسول الملك محمد بن يوسف بن هود المغربيّ صحبة رسول الملك الكامل زعيم مصر، فأخبر أنّ ابن هود استولى على أكثر بلاد المغرب التي بيد بني عبد المؤمن، وأنّه خطب بها للمستنصر بالله، فحمد فعله، وكتب له منشور متضمّنٌ شكر همّته العالية.

(45/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 38
4 (تسيير ملابس الفتوّة للخوارزميّ)
وفيها سيّر جلال الدّين الخوارزميّ إلى المستنصر، وطلب منه سراويل الفتوّة ليتشرّف بذلك فسيّره إليه مع تحفٍ ونعم لا تحصى، وفرس النّوبة، ففرح بذلك وسرّ وقبّل الأرض مرّات.
4 (الخطبة للمستنصر بالله في تلمسان)
وفيها ملك المايرقي تلمسان، وخطب فيها للمستنصر بالله.
4 (رواية الموّفق البغدادي عن كسرة الخوارزميّة)
وأمّا أمر الخوارزميّة وكسرتهم، قال الموفّق: فتح بعض الأمراء باب خلاط للخوارزميّة في جمادى الآخرة، لا ركوناً إلى دينهم ويمينهم، بل إيثاراً للموت على شدّة القحط، فدخلوا، وقتلوا، وسبوا، واستحلّوا سائر المحرّمات، ودخلوا نصف اللّيل فبقوا كذلك إلى آخر صبيحته، ثمّ رفعوا السّيف، وشرعوا في المصادرات والعذاب. وكانوا يتعمّدون الفقهاء والأخيار بالقتل والتّعذيب أكثر من غيرهم. وأمّا الكامل، فانصرف إلى مصر بغتةً، فضعف النّاس، وأيقنوا أنّ الخوارزميّ إنّ ملك الشّام والرّوم عفى آثارها وأباد سكانها. ثمّ اصطلح الأشرف وعلاء الدّين صاحب الرّوم صلحاً تامّاً بعد عداوةٍ أكيدة، وجيّشوا الجيوش، والقلوب مع ذلك مشحونةٌ خوفاً، ولم يزل على وجلٍ مفرط من التقاء الجيشين، حتّى أتاح الله كسرة الخوارزميّين بأهون مؤنة. فقرأت في كتاب بعض الأجناد: إنّا رحلنا من سيواس، وطلبنا منزلةً يقال لها ياصي جمان في طرف أعمال أرزنجان، إذ بها عشب ومياه فلمّا سمع العدوّ بمجيء العسكرين، ساق سوقاً) حثيثاً في ثلاثة أيّام، ونزل المرج المذكور وبه جماعة من عسكر، فكبسهم بكرة الرابع والعشرين من رمضان، وضرب

(45/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 39
الأشرف المصافّ مع الخوارزميّ، وقامت الحرب على ساقٍ إلى قرب الظهر، ثمّ نصر الله، وكسر العدوّ شرّ كسرة. وكان معه خلق لا يحصون. والمصافّ في اليوم التّاسع والعشرين من رمضان. قال الموفّق: ثمّ تواصل النّاس ومعهم السّبي والأخايذ من المماليك والدّوابّ والأسلحة، والكلّ رديء، يباع الجوشن بثلاثة دراهم، والفرس هناك بخمسة دراهم، وفي حلب بعشرين درهماً وثلاثين في غاية الرداءة. وكذا قسيّهم وسائر أسلحتهم. ووصل منهم أسرى فيهم رجل، حكى لمن أنس به من الفقهاء العجم، قال: إنّ صاحبنا دهش وتحيّر لما شارف عسكر الشّام، فلمّا رأيناه كذلك، انقطعت قلوبنا، ولولا عسكر الشّام، أبدنا عسكر الروم، أنا بنفسي قتلت منهم خمسين فارساً. وحكى نسيب لنا جنديٌّ، قال: وصلنا إلى مرج ياصي جمان، ونحن متوجّهون إلى خلاط على أنّ العدوّ بها، فإذا بعسكر الخوارزميّ محيطٌ بنا، فوقع على طائفة من عسكر الرّوم، فقتل منهم مائتين، ونهب، وأسر. ثمّ من الغد وقع جيش الخوارزميّ على عسكر الروم ونحن نرى الغبرة، فأباد فيهم قتلاً وأسراً. وقد كثر القول بأنّهم قتلوا من عسكر الروم سبعة آلاف من خيارهم، وقيل: أكثر وأقلّ. وقال لي رجل من أهل أرزنجان: إنّ جميع عسكر الروم كان بها، وعدّتهم اثنا عشر ألفاً، فلم يخلص منهم إلاّ جريحٌ، أو هارب توقّل الجبل، وإنّ صاحب الرّوم بقي في ضعفة من أصحابه نحو خمسة آلاف، وأصبحنا يوم الخميس على تعبئة، ووقعت مناوشات. فكان أصحابنا أبداً يربحون عليهم، وعرفنا قتالهم، ونشّابهم، وضعف خيلهم، وقلّة فروسيتهم، فتبدّل خوفنا منهم بالطّمع، واحتقرناهم، وتعجّبنا كيف غلب هؤلاء أمماً كثيرين وبتنا ليلة الجمعة على تعبئة، وكان الرجل قد عزم على الهرب، ففرّ إليه مملوكان، فشجّعاه، فثبت لشقاوته. وأصبح النّاس، ففرّ من عنده اثنان إلى الملك الأشرف فسألهما عن عدّة أصحابهم، قالا: هم ثلاثون ألفاً. وبقي الأشرف

(45/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 40
يجول بين الصّفوف، ويشجع النّاس، ويحقر العدوّ. وأصبح النّاس يوم السّبت على تعبئةٍ تامّةٍ، فسأل الأشرف المملوكين عن موضع الخوارزميّ، قالا: هو على ذلك التّلّ، وشعره في كيس أطلس، وعلى رأس كتفه برجمٌ صغير مخيّط بقبائه، فحمل طائفة من الخوارزميّة) على عسكر الرّوم فثبتوا، فتقدّم الأشرف إلى سابق الدّين ومعه من عسكر مصر ألف وخمسمائة فارس، وإلى عسكر حمص وحلب وحماة، فانتقى ألف فارس، وندب بعض أمراء العرب في ألف فارسٍ من العرب، فحملوا على التّلّ الّذي عليه الخوارزميّ، فلمّا عاين الموت الأحمر مقبلاً، انهزم، فلمّا رأى جيشه فراره انهزموا. وأمّا الّذين حملوا على عسكر الرّوم، فبقوا في الوسط، فلم يفلت منهم أحد. ثمّ إنّ الخوارزميّين لشدّة رعبهم لم يقدروا على الهرب، ولم يهتدوا سبيلاً، وأكثرهم نزلوا عن خيولهم، وانجحروا في بطون الأودية والبيوت الخربة، فتحكّم فيهم الفلاّحون والغلمان، وقتلهم أضعف النّاس. وانحرف منهم ثلاثة آلاف على بلاد جانيت، فخرج إليهم فلاّحو الرّوم والنّصارى فقتلوهم عن آخرهم. وفلّق الخوارزميّ عند هربه نحو مائتي حصان، ووصل خلاط في سبعة أنفس، فأخذ حرمه وما خفّ من الأموال، واجتاز على منازجرد وكانت محصورة بوزيره، ووصل جائعاً فأطعمه وزيره. ثمّ دخل أذربيجان بالخزي والصّغار، فصادر أهل خويّ، ومات منهم جماعة تحت العقوبة. وأمّا الأشرف فلو ساق بعسكره وءاهم لأتى عليهم قتلاً وأسراً. وتسلّم أرزن الرّوم، وسلّمها إلى علاء الدّين كيقباذ، فأخذ ملكاً خيراً من جميع مملكته. وأمّا صاحبها ابن مغيث الدّين ابن عمّ علاء الدّين فإنّه رمي بالخذلان، والتجأ إلى كهفٍ حتّى أخذوه أخذ النّساء. ثمّ نزل الأشرف على منازجرد، وصمّم على أن يدخل وراء الخوارزميّ، وأقام شهوراً، ثمّ تراسلا في الصّلح، فاصطلحا على ما يؤثر الملك الأشرف. فرجع وفرّق العسكر، وأمنت خلاط وشرعت تعمر.

(45/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 41
وحكى أميرٌ قال: حملنا على الخوارزميّ فوقع عسكره في وادٍ وهلكوا، زحمناهم على سفح يفضي إلى وادٍ عميق، فتكردسوا بخيولهم، فتقطّعوا إرباً إرباً. وأشرفنا على الوادي ثاني يوم فرأيناه مملوءاً بالهلكى لو نجد فيهم حيّاً إلاّ خادم الخوارزميّ مكسور الرّجل، وأقمنا أيّاماً نقلّب القتلى لعلّ أن يكون فيهم جلال الدّين الخوارزميّ. وأسر خلق من خواصّه وأعلامه وسناجقه. وذكروا أنّ العرب أخذوا من خيمته باطية ذهبٍ وزنها خمسةٌ وعشرون رطلاً، فنفلهم إيّاها الملك الأشرف. والعجب أنّ هذه الوقعة لم يقتل فيها من عسكر الشّام أحد، ولا جرح فرس إلاّ رجل من عسكر حمص جرح بسهم. وزالت هيبة الخوارزميّة من القلوب، وزال سعدهم.)

(45/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 42
4 (سنة ثمان وعشرين وستّمائة)

4 (ذكر أحدادث في المغرب)
في رجب وصل رجل من المغرب وأخبر أنّ بعض بني عبد المؤمن صعد الجبل، وجمع من أمم البربر نحو مائتي ألف، ونزل بهم، وهاجم مرّاكش وقتل عمّه، وكان قد ولي الأمر دونه، وقتل من أصحابه نحواً من خمسة عشر ألفاً. وسيّر إلى الأندلس يهدّد ابن هود، فأطاعه بشرط أن لا يكون عنده أحد من الموحّدين إلاّ إذا احتاج إليهم للغزاة.
4 (إضمحلال أمر الخوارزميّ)
وفي رجب وصل قزوينيّ إلى الشّام فأخبر أنّ التّتر خرجوا إلى الخوارزميّ، وأنّهم كسروه أقبح كسرة. وأنّ الكفّار الّذين كانوا في جملة عسكره غدروا به، وعادوا إلى أصحابهم، وأنّ المجمّعة كلّهم تفرّقوا عنه، وبقي في ضعفةٍ من أصحابه وهم قليلون لا سبدٌ لهم ولا لبد، وهكذا كلّ ملك يؤسّس على الظّلم يكون سريع الهدم. وقال ابن الأثر وهذه السّنة هي آخر كتابه قال: في أوّلها وصل التّتار من بلاد ما وراء النّهر، وقد كانوا يعبرون كلّ قليل، ينهبون ما يرونه، فالبلاد خاوية على عروشها. فلمّا انهزم جلال الدّين خوارزم شاه في العام الماضي أرسل مقدّم الإسماعيليّة يعرّف التّتار ضعف جلال الدّين، فبادرت

(45/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 43
طائفة وقصدوا أذربيجان، فلم يقدم جلال الدّين على لقائهم، فملكوا مراغة وعاثوا بأذربيجان، فسار هو إلى آمد، وتفرّق جنده، فبيّته التّتار ليلةً، فنجا وتفرّق أصحابه في كلّ وجه. فقصد طائفةٌ منهم حرّان، فأوقع بهم الأمير صواب، مقدّم الملك الكامل بحرّان، وقصد طائفة منهم سنجار والموصل وغير ذلك. وتخطّفتهم الملوك والرّعيّة، وطمع فيهم كلّ أحدٍ حتّى الفلاّحون والأكراد، وانتقم الله منهم. ودخل التّتار ديار بكر في طلب جلال الدّين، لا يعلمون أين سلك فسبحان من بدّل عزّهم ذلاًّ، وكثرتهم قلّة، وأخذت التّتار أسعرد بالأمان، ثمّ غدروا بهم، وبذلوا فيهم السّيف. ثمّ ساروا إلى مدينة طنزة، ففعلوا فيها كذلك. ثمّ ساروا في البلاد يخرّبونها إلى أن وصلوا إلى ماردين، وإلى نصيبين، إلى أن قال: وخرجت هذه السّنة ولم يتحقّق لجلال الدّين خبر، ولا يعلم هل قتل أو اختفى والله أعلم.
4 (الاحتفال بقدوم صاحب إربل في بغداد)
) قلت: وفي المحرّم وصل الملك مظفّر الدّين صاحب إربل إلى بغداد، واحتفل بقدومه، وجلس المستنصر بالله له، وحضر أرباب الدولة كلّهم، ورفع السّتر عن الشّبّاك، فإذا المستنصر جالس، فقبّل الجميع الأرص. ورقي نائب الوزارة مؤيّد الدّين، وأستاذ الدّار مراقي من الكرسيّ المنصوب بين يدي الشّبّاك. واستدعي مظفّر الدّين، فطلع، وأشار بيده بالسّلام على المستنصر، ثمّ قرا: اليوم أكملت لكم دينكم الآية، فردّ المستنصر عليه السّلام، فقبّل الأرض عدّة مرار، فقال له: إنّك اليوم لدينا مكينٌ أمين، في كلام مضمونه: ثبت عندنا إخلاصك في العبوديّة. فقبّل الأرض، وأذن له في الانكفاء،

(45/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 44
وأسبلت الأستار، وأدخل حجرة، فخلع عليه فرجيّة ممزج، ومن تحتها قباء أطلس أسود، وعمامة قصب كحليّة بطرز ذهب وقلّد سيفين محلاّيين بالذّهب، وأمطي فرساً بسرج ذهبٍ، وكنبوش ومشدّة حرير، ورفع وراءه سنجقان مذهّبان. ثمّ اجتمع بالخليفة يوماً آخر، وخلع عليه أيضاً، وأعطي رايات وكوسات وستّين ألف دينار، وخلع على جماعة من أصحابه.
4 (إمام مشهد أبي بكر)
وفيها جدّد لمشهد أبي بكر من جامع دمشق إمامٌ راتب.
4 (الغلاء بمصر)
وفيها كان الغلاء بمصر لنقص النّيل.
4 (حبس الحريري)
وفيها قدم الملك الأشرف دمشق، وحبس الحريريّ بقلعة عزّتا، وأفتى جماعةٌ بقتله وزندقته، فأحجم السّلطان عن القتل.
4 (الشروع ببناء الدار الأشرفية)
وأمر السّلطان بشراء دار الأمير قمياز النّجميّ، لتعمل دار حديث، فهي الدّار الأشرفية، وأن يكون للشيخ سبعون درهماً، وهو الجمال أبو موسى ابن الحافظ، فمات أبو موسى قبل أن يكمل بناؤها.
4 (التدريس بالتقوية والشامية الجوّانية)
وفيها درّس بالتّقويّة العماد الحرستانيّ، وبالشّاميّة الجوّانيّة ابن

(45/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 45
الصّلاح. وحضر الملك الصّالح الدّرس وتكلّموا في هذه المدرسة، وأرادوا إبطالها، وقالوا: هي وقف على الحنفيّة، وعملوا) محضراً أن سودكين المعروفة به أوّلاً وقفها على الحنفيّة، وشهد ثلاثة بذلك بالاستفاضة، فلم ينهض بذلك.
4 (صلب التكريتي الكحّال)
وفيها صلب التّاج التّكريتيّ الكحّال لأنّه قتل جماعةً ختلاً في بيته، ودفنهم، ففاحت الرائحة، وعدمت امرأةٌ عنده، فصلب، وسمّروه.
4 (التدريس بالصاحبية)
ودرّس بالصّاحبيّة مدرسة ربيعة خاتون النّاصح ابن الحنبليّ، وكان يوماً مشهوداً، حضرت الواقفة وراء السّتر.

(45/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 46
4 (سنة تسع وعشرين وستّمائة)

4 (خروج العسكر للتصدّي للتّتار)
فيها أنهي إلى الديوان العزيز أنّ التتر قصدوا أذربيجان وعاثوا بها، لأنّ صاحبها جلال الدّين ابن خوارزم شاه قتل قتله كرديّ بحربةٍ وكان قد انهزم من التّتار لمّا بيّتوه، وساقوا وراءه حتّى بقي وحده، وقتل فارسين من التّتار، وأفسدوا، ووصلوا إلى شهرزور. فبذل المستنصر بالله الأموال في الجيوش، وسأل مظفّر الدّين صاحب إربل إعانته بجيش بغداد ليلتقي التّتار، فجاءته العساكر مع جمال الدّين قشتمر النّاصريّ، وشمس الدّين قيران، وعلاء الدّين ألدكز، وفلك الدّين، وسار الكلّ نحو شهرزور. فبلغ ذلك التّتار، فهربوا. وتمرّض مظفّر الدّين، وعاد إلى بلده.
4 (القبض على نائب الوزارة القمّي)
وفي شوّال تقدّم إلى أستاذ دار الخلافة شمس الدين أبي الأزهر أحمد بن محمد بن النّاقد، وإلى مؤيّد الدّين أبي طالب محمد بن أحمد بن العلقميّ مشرف دار التّشريفات، بالقبض على نائب الوزارة القمّيّ، وعلى ولده فخر الدّين أحمد، وعلى أخيه وأصحابه، فهيّئ جماعةٌ بسيوفٍ مجرّدةٍ، ودخلوا دار

(45/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 47
الوزارة، وقبضوا على مؤيّد الدّين القمّيّ، ثمّ على ولده وأخيه، وحبسوا. وكانت مدّة ولايته الوزارة بصورة النّيابة لا الوزارة المحضة ثلاثاً وعشرين سنةً. ثمّ ولي نيابة الوزارة ابن النّاقد المذكور، ثمّ ولي الأستاذ داريّة مؤيّد الدّين ابن العلقميّ الرّافضيّ.

(45/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 48
4 (سنة ثلاثين وستّمائة)
)
4 (فتح الكامل مدينة آمد)
فيها افتتح الملك الكامل ثغر آمد بعد أن ضربها بالمجانيق، فسلّمها صاحبها الملك المسعود مودود ابن الصّالح الأتابكيّ، وخرج وفي رقبته منديلٌ مرسوم عليه، واستولى على أمواله وقلاعه، وبقي حصن كيفا عاصياً، فسيّر أخويه الأشرف والمظفّر غازياً، ومعهما المسعود تحت الحوطة، فعذّبه الأشرف عذاباً عظيماً، لكونه لم يسلّم حصن كيفا، ولأنّه كان يبغضه. قال أبو المظفّر ابن الجوزيّ فقال لي الملك الأشرف: وجدنا في قصره خمسمائة حرّةٍ من بنات النّاس للفراش. ثمّ سلّمت القلعة في صفر، وعاد الأشرف إلى دمشق. قال أبو شامة: سمعت الصّاحب بدر الدّين جعفراً الآمديّ يحكي عن عظمة يوم دخول الكامل إلى آمد شيئاً ما نحسن نعبّر عنه، قال: وأخذ جميع رؤساء آمد إلى مصر، فكنت أنا وابن أختي الشّمس، وأخي الموفّق فيهم. فلمّا وصلنا الفرات قال أخي: اسمعوا منّي، لا شكّ أنا نعبر إلى بلادٍ ليس فيها

(45/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 49
أحدٌ يعرفنا، ولا يعضدنا، ولا معنا مال نتّجر فيه، فعاهدوني على أداء الأمانة في خدمنا، فعاهدناه، فرزقنا الله بالأمانة أنّا خدمنا في أجلّ المناصب بمصر والشّام، ورأيت جماعةً ممّن كانوا أكبر منّا ببلدنا في مصر، يستعطون بالأوراق. وافتقر أهل آمد، وتمزّقوا. ونقل الصّلاح الإربلّيّ في أمر الملك المسعود أنّه كثرت عنه الأقاويل، واشتهر انّ عينه كانت ممتدةً إلى حرم رعيّته، فوكّل نساءً يطفن في آمد، ويكشفن عن كلّ مليحة، فإذا تحقّق ذلك سيّر من يحضرها قهراً، ويخلو بها الأيّام ويردّها. وكان ظالماً. ولمّا كلموه في تسليم بلاده، وأنّ الكامل يعطيه خبزاً جليلاً بمصر، قال: بشرط أن لا يحجر عليّ، فإنّي ما أصبر عن المغاني والنّساء. فلمّا أدّى الصّلاح الرسالة إلى الكامل، تضاحكوا. وعمل الصلاح وكان شاعراً:
(ولمّا أخذنا آمداً بسيوفنا .......... ولم يبق للمخذول صاحبها حسّ)

(غدا طالباً منّا أماناً مؤكّداً .......... وقال مناي ما تطيب به النّفس)

(سلامة أيري ثمّ كسّ أنيكه .......... فقلنا له خذ ما تمنّيت يا نحس)
ثمّ سلّم الكامل جميع ذلك لولده الصّالح نجم الدّين أيّوب.
4 (تقليد الخليفة بسلطنة الكامل)
) وتوجّه القاضي الأشرف أحمد ابن القاضي الفاضل رسولاً من الكامل، ثمّ مع رسول الخلافة الصّاحب محييّ الدّين ابن الجوزيّ إلى

(45/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 50
الكامل، ومعه تقليدٌ من المستنصر بالله بسلطنة الكامل، من إنشاء الوزير أبي الأزهر أحمد ابن النّاقد، وبخطّ العدل ناصر بن رشيد، وفي أعلاه بخطّ الوزير: للآراء المقدّسة زادها الله جلالاً وتعظيماً مزيد شرفها في تتويجه. وتحت البسملة علامة المستنصر بخطّه: الله القاهر فوق عباده. وأوّله خطبة وإسراف في تعظيم الخليفة، وفيه: وآمره بتقوى الله، وبكذا، وبكذا. وفي أوائله: ولمّا وفّق الله تعالى نصير الدّين محمد بن سيف الدّين أبي بكر بن أيّوب من الطّاعة المشهورة، والخدم المشكورة، إلى أن قال: ووسمه يعني الخليفة بالملك الأجل، السيّد الكامل، المجاهد، المرابط، نصير الدّين، ركن الإسلام، أثير الإمام، جمال الأنام، سند الخلافة، تاج الملوك والسّلاطين، قامع الكفرة والمشركين، ألب غازي بن محمد بن أبي بكر، معين أمير المؤمنين، رعايةً لسوابق خدمه، وخدم أسلافه.
4 (الغلاء ببغداد)
وفيها كان الغلاء ببغداد، وأبيع كرّ القمح بنيّفٍ وثمانين ديناراً.
4 (الواقعة بين صاحب ماردين وصاحب الروم والأشرف)
وفيها وقع بين صاحب ماردين، وبين صاحب الروم، والملك الأشرف، فنزل صاحب ماردين، وجاءته عساكر الروم فحاصروا حرّان والرّها والرّقة،

(45/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 51
فاستولوا على الجزيرة. وفعلت الروم في هذه البلاد كما تفعل التّتار.
4 (دخول مكة)
وفيها جمع راجح بن قتادة جمعاً، وقدم مكّة، فدخلها، وطرد عنها عسكر صاحب مصر الملك الكامل.
4 (رسليّة الجيليّ)
وفي ربيع الأوّل نفّذ أبو صالح نصر بن عبد الرزّاق الجيليّ رسولاً إلى مظفّر الدّين صاحب إربل، وبدر الدّين صاحب الموصل.
4 (وفاة صاحب إربل)
وفي رمضان توفّي صاحب إربل، فتقدّم إلى شرف الدّين إقبال الخاصّ الشّرابيّ بالتّوجّه إلى) إربل، فتوجّه بالعساكر، وجعل مقدّمها جمال الدّين قشتمر. وكان بقلعة إربل خادمان: بنقش وخالص، وفكاتبا عماد الدّين زنكي صهر مظفّر الدّين، يحثّانه على المجيء ليعطياه البلد. فلمّا وصل عسكر الخليفة، عصيا وتمرّدا. فشرعوا في محاصرتهم، وتفاقم الشّرّ، ثمّ زحف العسكر على البلد، وحمي القتال، ثمّ ظهروا على إربل، وألقوا النّار في أبوابها، ودخلوها، ونهب الأوباش بعض الدّور، وسلّمت القلعة، ورتّب بها نواب للخليفة، وضربت البشائر ببغداد. وأمّر على إربل شمس الدّين باتكين أمير البصرة فسار إليها ورتّب بها عارض الجيش تاج الدّين محمد بن صلايا العلويّ.

(45/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 52
4 (استيلاء عسكر الكامل على مكة)
وفيها جاء من جهة الكامل عسكرٌ استولوا على مكّة، وهرب راجح بن قتادة.
4 (فراغ دار الحديث الأشرفية)
وفيها فراغ دار الحديث الأشرفيّة، وفتحت ليلة نصف شعبان، وقرئ بها البخاريّ على ابن الزّبيديّ، وسمعه خلائق. وكانت أوّلاً تعرف بدار قايماز النّجميّ مولى نجم الدّين أيّوب.

(45/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 53
5 (الطبقة الثالثة والستون وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى وعشرين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عليّ بن أحمد. أبو العباس، البردانيّ، الضرير.)
قدم بغداد، وحفظ القرآن، وقرأ بالروايات، ورحل، فقرأ بالعشرة على ابن الباقلاّني، وبرع في التّجويد، وحفظ الحروف. وكان يقرأ في التراويح بالشّواذّ رغبةً في الشّهرة. قال ابن النّجار: لم يكن في دينه بذاك سمعت قراءته وكانت في غاية الحسن، لم أسمع قارئاً أشدّ صوتاً منه. أنشدني أحمد بن عليّ، أنشدنا ابن المعلّم لنفسه بواسط:
(وقفت أشكو اشتياقي والسّحاب به .......... فانهلّ دمعي وما انهلّت عزاليه)

(النار من زفراتي لا بوارقه .......... والماء من عبراتي لا عواديه)

(يوهي قوى جلدي من لا أبوح به .......... ويستحلّ دمي من لا أسمّيه)

(لم أدر حين بدا والكأس في يده .......... من ريقه الخمر أم عينيه أم فيه)

(فما المدامة إلا من ثنيّته .......... ولا التّظلّم إلاّ من تثنّيه)
)

(45/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 54
(حكت جواهره أيامه فصفت .......... وحدّثت عن لياليه لآليه)

(فيه من النّاس ما في الناس من حسن .......... وليس في الخلق معنىً من معانيه)

4 (أحمد بن محمد بن عليّ أبو العبّاس، القادسيّ، ثمّ البغداديّ، الضّرير، الحنبليّ، المقرئ،)
والد المؤرخ الّذي ذيّل على المنتظم لابن الجوزيّ أبي عبد الله محمّد. ولد في حدود سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وقرأ القرآن على عبد الله ابن أحمد الدّاهريّ. وسمع من: يحيى بن ثابت، وأبي الحسين عبد الحقّ، وغيرهما. وهو من أهل القادسيّة: قرية بين سامرّاء وبغداد، لا قادسية الكوفة المشهورة، ومن أعمال جزيرة ابن عمر قرية القادسية، ومن نواحي إربل، أخرى. توفّي في شوّال. وكان صالحاً خيّراً.
4 (أحمد بن محمد بن الحسين بن مفرّج بن حاتم بن الحسن بن جعفر. القاضي، أبو المعالي،)
المقدسيّ، ثمّ الإسكندرانيّ، المنعوت بالصّفيّ ابن الواعظ. هو ابن عمّ الحافظ عليّ بن المفضّل. سمع من: السّلفيّ، وعبد الواحد بن عسكر، ومحمد بن عليّ ابن العريف. روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وقال: توفّي في المحرّم.
4 (أحمد بن مطيع بن أحمد بن مطيع. أبو العبّاس، الباجسرائيّ.)
صحب الشيخ عبد القادر، وقرأ عليه كتاب الغنية تصنيفه. وحدّث. وكان مقيماً بقرية باجسرا من نواحي بغداد، وبها مات في المحرّم.

(45/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 55
روى لنا عنه بالإجازة الشّهاب الأبرقوهيّ، وبالسّماع أبو الفضل محمّد بن محمد بن الدّبّاب.
4 (أحمد بن يوسف ابن الشيخ أبي الحسن محمّد بن أحمد بن صرما. أبو العبّاس، ابن أبي)
الفتح البغداديّ، الأزجيّ، المشتري. ولد ظنّاً في سنة ستّ وثلاثين. وسمع الكثير من: أبي الفضل الأرموي، وابن الطّلاّية، ابن ناصر، وعبد الخالق اليوسفيّ، وسعيد بن البنّاء، وأبي الوقت، وغيرهم. وقد تقدّم أخوه محمد. روى عنه: الدّبيثيّ، والضّياء، والفقيه أبو الحرم مكيّ بن بشر، وشهدة، وزينب، ومحمد أولاد القاضي أبي صالح الجيليّ، والكمال عبد الرحمن الفويره، والجمال محمد بن الدّبّاب البغاددة، والشهاب الأبرقوهيّ. ونقلت من خطّ أيب العلاء الفرضيّ أنّه سمع من الأرمويّ كتاب المصاحف لابن أبي داود،) والمهرونيّات الخمسة، وصفة المنافق، وجزء أبي بكر الصّيدلانيّ، والتّاسع من فضائل الصحابة للدّارقطنيّ، والأوّل من صحيح الدّارقطنيّ، والثالث من البرّ والصّلة لابن المبارك، وجزء ابن شاهي، والثالث من الحربيات وأنّ ذلك كلّه سمعه من ابن صرما الجمال ابن الدّبّاب. أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن أبي الفتح، والفتح بن عبد الله، قالا: أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا ابن النّقور، أخبرنا عليّ بن عمر الحربيّ، حدّثنا أحمد بن الحسن الصوفيّ، حدّثنا يحيى بن معين في شعبان سنة سبعٍ وعشرين ومائتين، حدّثنا سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيّوب،

(45/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 56
عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الميّت يبعث في ثيابه الّتي قبض فيها. هذا حديث صحيح غريب رواه أبو داود، عن الحسن بن عليّ، عن سعيد بن أبي مريم. توفّي ابن صرما في سادس عشر شعبان.
4 (إبراهيم بن عيسى بن أصبغ. الإمام، أبو إسحاق الأزديّ، القرطبيّ، المعروف بابن)
المناصف. شيخ العربية، وأوحد زمانه بإفريقية. وكان جدّه أبو القاسم أصبغ من كبار المالكية بقرطبة. لأبي إسحاق تصانيف تشهد بالبراعة. قال ابن مسدي: أملى علينا بدانية على قول سيبويه: هذا باب من الكلم من العربية، نحو عشرين كرّاساً، بسط القول فيها في مائة وثلاثين وجهاً. مات على قضاء سجلماسة بعد سنة عشرين وستمائة.
4 (إبراهيم بن مجاهد بن محمد. أبو إسحاق، اللّخميّ، الأندلسيّ، المعروف بابن صاحب)
الصّلاة، من أهل حصن ألماشة عمل شاطبة.

(45/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 57
روى عن أبي الحسن بن هذيل، وغيره. وأقرأ القرآن، وحدّث. كان حيّاً في رمضان هذه السّنة.
4 (أمة الرحيم بنت عفيف بن المبارك بن حسين. سيّدة العلماء، البغداديّة، الأزجيّة. كان أبوها)
حنبلياً، ناسخاً، فسمّعها من أبي الوقت السّجزيّ. وكانت صالحة خيّرة، روت المائة الشّريحيّة. وأجازت للكمال الفويره. وماتت في شوّال. روى عنها ابن النّجّار.)
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن عريب بن عمران، الحرشي. من أمراء العرب بالعراق. كان شاعراً، سمحاً،)
جواداً، كريماً، ربما وهب المائة من الإبل. ومن شعره، وأجاد:
(صحا قلبه لا من ملام المؤنّب .......... ولا من سلوّ عن سليمى وزينب)

(سوى زاجرات الحلم إذ وضحت له .......... حواشي صبحٍ في دياجر غيهب)

(وطار غراب الجهل عن روض رأسه .......... وكّلت قلوص الرّاكب المتحوّب)

(وقضّيت أوطار الشّبيبة والصّبا .......... سوى رشفةٍ من بارد الظّلم أشنب)

4 (الحسن بن محمود. العدل، نبيه الدّين، أبو عليّ، القرشيّ، المصريّ، الشافعيّ، الشّروطيّ،)
الكاتب. من كبار العدول، ولي العقود، والفروض، والحسبة بالقاهرة مدّةً، وولي الوكالة السّلطانية بالقاهرة ومصر. وسمع من يوسف بن الطّفيل.

(45/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 58
4 (الحسن بن محمود بن علون البعقوبيّ، المعدّل. حدّث عن أبي المعالي محمد بن اللّحّاس.)
ومات في رجب ببعقوبا. أخذ عنه عبد اللّطيف ابن بورنداز.
4 (حلل بنت الشيخ أبي المكارم محمود بن محمد بن محمد بن السّكن. البغداديّة، وتدعى ستّ)
الملوك. روت بالإجازة عن أبي الوقت.
4 (حرف الخاء)

4 (خديجة بنت عليّ بن الحسن بن أبي الأسود ابن البلّ. روت أيضاً بالإجازة عن أبي الوقت.)
وماتت في رجب، بعد حلل بشهرٍ.
4 (حرف الدال)

4 (داود بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن سليمان بن عمر بن خلف بن عبد الله بن عبد)
الرؤوف، بن حوط الله. المحدّث، أبو سليمان،

(45/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 59
الأنصاريّ، الحارثيّ، الأندي، وأندة: من عمل بلنسية. سكن مالقة، وأخذ عن أبيه، وأخيه أبي محمد عبد الله الحافظ، ورحل في نواحي الأندلس، فسمع ببلنسية من أبي عبد الله بن نوح، وأبي بكر بن مغاور بشاطبة، ومن أبي القاسم بن) حبيش، وأبي عبد الله بن حميد بمرسية، ومن أبي القاسم بن بشكوال بقرطبة وأكثر عنه، ومن أبي عبد الله بن زرقون بإشبيلية، ومن أبي عبد الله بن الفخّار بمالقة، ومن عبد الحقّ بن بونه بالمنكّب، ومن أبي عبد الله بن عروس بغرناطة، ومن أبي محمد بن عبيد الله بسبتة، ومن خلقٍ كثير. وأجاز له أبو الطّاهر بن عوف، وغيره من الإسكندرية. قال الأبّار: وشيوخه يزيدون على المائتين. وكانت الرواية أغلب عليه من الدّراية. وكان هو، وأخوه أوسع أهل الأندلس روايةً في وقتهما، مع الجلالة والعدالة. وكان أبو سليمان ورعاً، منقبضاً، ولي قضاء الجزيرة الخضراء، ثمّ قضاء بلنسية، وبها لقيته. وتوفّي على قضاء مالقة في سادس ربيع الآخر، وله تسعٌ وستّون سنة. وأخذ عنه ابن مسدي وقال: لم أر أكثر باكياً من جنازته، وحمل نعشه على الأكفّ.
4 (حرف الراء)

4 (رقيّة بنت الزّاهد أحمد بن محمّد بن قدامة، أخت الشيخ الموفّق، أمّ الحافظ الضّياء،)
والمفتي شمس الدّين أحمد المعروف بالبخاريّ، وكان حيّاً في هذا العام. روت بالإجازة عن أبي الفتح بن البطّي، وأحمد بن المقرّب، وشهدة. روى عنها ابنها الضّياء، وحفيدها الفخر عليّ، وابن أخيها شمس الدّين عبد الرحمن بن أبي عمر. قال الضّياء: كانت امرأةً صالحةً، تنكر المنكر، يخافها الرجال والنّساء، وتفصل بين النّاس في القضايا. وكانت تاريخاً للمقادسة في المواليد والوفيات.

(45/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 60
وتوفّيت في شعبان، وولدت في حدود سنة ستٍّ وثلاثين.
4 (حرف الزاي)

4 (زيد بن أبي المعمّر يحيى بن أحمد بن عبيد الله. أبو بكر، الأزجيّ، البيّع. ولد في حدود)
سنة سبعٍ وأربعين. وسمع من: أبي الوقت، وأبي بكر ابن الزاغونيّ، وهبة الله ابن الشّبليّ، وأحمد بن قفرجل، وابن البطّي. وعمّر، وتفرّد بأشياء. روى عنه: الدّبيثيّ، والبرزاليّ، والضّياء، والشهاب الأبرقوهيّ، وآخرون. وقرأت مولده بخطّ الضّياء في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وقيل: إنّه سمّع لنفسه فيما لم يسمعه. وقرأت بخطّ ابن نقطة قال: سمع من أبي الوقت صحيح البخاريّ، ومسند الدّارميّ، ومنتخب) عبد. وسمع من أبي القاسم ابن قفرجل، وأبي القاسم ابن الشّبليّ، وسماعه صحيح كثيرٌ ممّن ذكرنا، وغيرهم. وألحق اسمه في نسخة محمد بن السّريّ التّمّار، في طبقة، عن ابن الزاغونيّ، وفي جزء لوين على فورجة، وما أعلم أنّه حدّث بشيءٍ من ذلك الملحق البتّة، ولا قرأه عليه أحدٌ. وتوفّي في نصف رمضان. وهو أخو أحمد، وعبد المنعم، ووالدهم يروي عن ابن الحصين.

(45/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 61
وعمّهم يونس: هو والد الوزير جلال الدّين بن يونس. أخبرنا أبو المعالي الهمذانيّ، أخبرنا زيد بن يحيى، أخبرنا أحمد بن عبد الباقي، أخبرنا عاصم، أخبرنا أبو عمر بن مهديّ، فذكر أحاديث.
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن أبي طاهر هاشم بن هاشم. الإمام، أميل الدّين، أبو البركات، الحلبيّ، الخطيب.)
سمع من محمد بن عليّ بن ياسر الحنّائيّ. روى عنه: عبيد الله بن مريم، وشمس الدّين ابن خليل. توفّي في ربيع الأوّل.
4 (حرف الشين)

4 (شهاب بن محمد. أبو الحسين، الكلبي، الأندلسي.)
أجاز له السّلفيّ. كان يقرئ، ويكتب المصاحف. وكان حيّاً في هذا العام.
4 (حرف الطاء)

4 (طالب بن أبي طاهر بن أبي الغنائم بن ميشا البغداديّ. النّجّار.)
روى عن يحيى بن ثابت. ومات في ربيع الأوّل.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن حامد. أبو محمد، المعافريّ.)

(45/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 62
رئيس مرسية ومحتشمها. ذكره الأبّار، فقال: سمع، وصحب الأدباء. وكان أحد رجالات الأندلس وجاهةً وجلالةً مع التّحقيق بالكتابة والنّظم، وإليه كانت رئاسة بلده.
4 (عبد الله بن الحسن بن عبد الله. أبو الفتوح، ابن رئيس الرّؤساء في ديوان واسط.)
وهو من بيت وزارة وحشمة. روى عن ابن البطّي، ويحيى بن ثابت. توفّي في جمادى الأولى، بواسط.)
4 (عبد الله بن حمّاد بن ثعلب أبو المحاسن، البغداديّ، الضّرير.)
روى عن: شهدة، وعبد الحقّ اليوسفيّ. ومات في جمادى الآخرة.
4 (عبد الله بن عبد المحسن بن عبد الأحد، أبو محمد، ابن الرّبيب، الإسكندرانيّ، المقرئ.)
سمع السّلفيّ، وعبد الواحد بن عسكر. روى عنه الحافظ عبد العظيم، وغيره. ومات في ربيع الآخر. وكان رجلاً صالحاً، خيّراً.
4 (عبد الله بن المبارك بن سعد الله بن وهب البغداديّ، الخبّاز.)
روى عن شهدة، وغير واحد. ومات في سلخ محرّم.

(45/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 63
4 (عبد الله بن أبي البركات بن هبة الله. أبو بكر، البغداديّ، المعروف بابن السّمين.)
سمع من: عليّ بن عساكر، وعبد الحقّ اليوسفيّ. ومات في رمضان.
4 (عبد الخالق بن عليّ. أبو عليّ، القطيعيّ، ويعرف بابن البازبازيّ.)
عمّر تسعين سنة. وروى بالإجازة عن أبي بكر ابن الزاغونيّ، وسعيد بن البنّاء، وجماعة.
4 (عبد الرحمن بن أبي سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون.)
القاضي، نجم الدّين، التّميميّ، ابن شيخ الشام شرف الدّين. مات بحماة في ثامن عشر رمضان.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن عبد السّميع بن أبي تمام عبد الله بن عبد السّميع. الإمام، أبو)
طالب، القرشيّ، الهاشميّ، الواسطيّ، المقرئ، المعدّل.

(45/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 64
ولد سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة. وقرأ القرآن على أبي السّعادات أحمد ابن عليّ بن خليفة، وأبي حميد عبد العزيز بن عليّ السّماتيّ قدم عليهم. وسمع من: جدّه، ومن محمّد بن محمد بن أبي زنبقة، وأبي يعلى حيدرة الرّشيديّ، وخلقٍ بواسط. وسمع ببغداد من أبي المظفّر هبة الله بن الشّبليّ، وسعد الله بن حمدي، وابن البطّي، وابن تاج القرّاء، والشيخ عبد القادر، وأبي بكر بن المقرّب، وطائفة. وكتب الكثير لنفسه، ولغيره، وصنّف أشياء حسنةً. وروى الكثير بواسط. وكان من أكابر اهل بلده وعلمائهم، ومن بيت العلم والدّين. وكان ثقةً، حسن النقل. روى عنه: الدّبيثيّ، وأبو الطاهر ابن الأنماطيّ، وجماعةٌ. وروى عنه بالإجازة أبو المعالي الأبرقوهيّ. ومات في سادس المحرّم.)
4 (عبد الرشيد بن محمد بن عبد الرشيد بن ناصر بن عليّ. أبو محمد، السّرخسيّ، الرّجائيّ.)
ورجاء: من قرى سرخس. إمامٌ فاضلٌ، ديّن، واعظٌ، مذكّر، رزق القبول التّام بإصبهان. مولده في ذي القعدة سنة خمسين وخمسمائة. سافر به والده، وحجّ به، وأسمعه من هبة الله بن أحمد الشّبليّ، وهبة الله الدّقّاق، وابن البطّي، وبالكوفة من ابن ناقة. وسمع بإصبهان من محمود بن أبي القاسم، وأحمد بن التّرك، وطائفة. وحدّث ببغداد. ولمّا حجّ سنة سبعٍ وستمائة روى عنه الحافظان الضّياء، وابن النّجّار. وقد أجاز لمن أدرك حياته. وذكر ذلك أبو رشيد الغزّال في كتابه الجمع المبارك والنفع المشارك. مولده بإصبهان، وبها مات في ذي القعدة

(45/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 65
من سنة إحدى. وذكر الشيخ أيضاً موته في سنة اثنتين، عندما بلغه.
4 (عبد العزيز بن عليّ. أبو الأصبغ، اللّخميّ، الإشبيليّ، الظّاهريّ، ويعرف بابن صاحب)
الرّدّ. كان ممّن برع في فقه الظّاهريّة. ذكره ابن مسدي، فقال: كان ذاكراً لصحيح مسلم، متظاهراً بمذهب أهل الظّاهر، رافعاً راية تلك المظاهر، مع الثقة، والأصالة. سمع ابن الجدّ، وأبا عبد الله بن زرقون. سمعت منه. ومات في عاشر شعبان عن ثمانٍ وخمسين سنة.
4 (عبد الغنيّ بن أبي القاسم عبد العزيز بن أبي البقاء هبة الله بن القاسم بن منصور بن)
البندار. أبو الفتح، البغداديّ، الحريميّ، العدل. ولد سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من أبي الوقت السّجزيّ، وأبي جعفر محمّد بن محمد الطّائي، وابن اللّحّاس. وهو من بيت الحديث. روى عنه: الدّبيثيّ، والبرزاليّ، والجمال محمد بن أبي الفرج ابن الدّبّاب، وغيرهم، ومات في صفر.
4 (عبد القويّ ابن القاضي الجليس أبي المعالي عبد العزيز بن الحسين بن عبد الله بن)
الحسين. القاضي الأسعد، أبو البركات، ابن الجبّاب، التّميميّ، السّعديّ، الأغلبيّ، المصريّ، المالكيّ، المعدّل.

(45/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 66
ولد سنة ستٍّ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من الشريف أبي الفتوح الخطيب، وأبي محمد بن رفاعة، وابن العرقيّ، وأبي طاهر السّلفيّ، وأبي البقاء عمر ابن المقدسيّ.) روى عنه عمر ابن الحاجب، وأبو الطّاهر ابن الأنماطيّ، والزّكيّ المنذريّ، والفخر عليّ ابن البخاريّ، وشرف القضاة محمد بن أحمد بن محمد بن الجّباب، والنّجيب محمد بن أحمد بن محمد الهمذانيّ، والشهاب أحمد بن إسحاق الأبرقوهيّ، وأحمد بن عبد الكريم الأغلاقيّ، وطائفةٌ سواهم. ذكره ابن الحاجب في معجمه فقال: من بيت السّؤدد، والكرم، والفضل، والتّقدّم، ذو كياسة ورئاسة، وله من الوقار والهيبة ما لم يعرف لغيرة وكان ذا حلم وأناة وصمت ولي من أمور المملكة ولايات أبان فيها. عن أمانة ونزاهة، وكثير اللّطف بالقريب والغريب. وأصلهم من القيروان. وتفرّد بالسيرة عن ابن رفاعة. قال: وقد كنت سمعت بدمشق من بعض الطّلبة: أنّ في سماع شيخنا هذا كلاماً، فلمّا قدمت مصر، بحثت عن سماعه، فوجدت أصل سماعه عن ابن رفاعة، وكملت في المحرّم سنة ستٍّ وخمسين بقراءة يحيى بن عليّ القيسيّ. وتحت الطّبقة الأمر على ما ذكر ووصف، وكتب عبد الله بن رفاعة. وأوقفت بعض أصحابنا الطّلبة على هذه النسخة، ونقلها إليّ صاحبنا الرفيع إسحاق بن المؤيّد الهمذانيّ، والنسخة موجودةٌ الآن، وإنّما رأيتهم يقولون: ما وجد سماعه للغريبين إلاّ في بعض الأجزاء، وأنّه قال: جميع الكتاب سماعي، فكان الكلام في هذا دون غيره. وكان شيخنا هذا ثقةً ثبتاً، عارفاً بما سمع، لا ينسب في ذلك إلى غرض. قال: ورأيت خطّ تقيّ الدّين الأنماطيّ، وهو يثني على شيخنا هذا ثناءً جميلاً، ويذكر من جملة مسموعاته السيرة على ابن رفاعة. وكان قد صارت السيرة على ذكر الشيخ بمنزلة الفاتحة يسابق القارئ إلى قراءتها. وكان قيّماً بها وبمشكلها.

(45/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 67
وهو أنبل شيخٍ وجدته بالدّيار المصرية، روايةً ودرايةً. وكان لا يقرأ عليه القارئ إلاّ وأصله بيده، ولا يدع القارئ يدغم. وكان أبوه جليساً لخليفة مصر. قال: وحضرته يوماً وقد أهدى له بعض السّامعين هديّةً، فردّها وأثابه عليها، وقال: ما ذا وقت هديةٍ، ذا وقت سماع. وكان طويل الروح على السّماع مع مرضٍ كان يجده. كنّا نسمع عليه من الصّبح إلى العصر، إلى أن قرأنا عليه السيرة وعدّة أجزاء في أيام.) ثمّ قال: أخبرنا الإمام الأوحد الأسعد صفيّ الملك أبو البركات أحسن الله إليه، وما رأيت في رحلتي شيخاً ابن خمس وثمانين سنة أحسن هدياً وسمتاً واستقامةً منه، ولا أحسن كلاماً، ولا أظرف إيراداً منه، رحمه الله، فلقد كان جمالاً للدّيار المصرية في صفر سنة إحدى وعشرين، قال: أخبرنا ابن رفاعة. وقال ابن الحاجب أيضاً: قال لي ابن نقطة: أبو البركات عبد القويّ ابن الجبّاب، حدّثنا عن السّلفيّ، وسمعت الحافظ عبد العظيم يتكلّم في سماعه للسيرة ويقول: إنّه بقراءة يحيى بن عليّ، إمام مسجد العيثم، وكان كذّاباّ. ثمّ قدمت دمشق فذكرت ذلك لأبي الطّاهر ابن الأنماطيّ، فرايته يثبّت سماعه ويصحّحه. قلت: قرأت السيرة بكمالها في ستّة أيام على الشهاب الأبرقوهيّ، بسماعه لجميعها من أبي البركات في صفر سنة إحدى وعشرين. ومات في سلخ شوّال من السنة. وقد روى كتاب العنوان عن الشريف الخطيب، حدّث به عن سنة نيّفٍ وثمانين الشيخ أبو.
4 (عبد الكريم بن عليّ بن الحسن بن الحسن بن أحمد بن الفرج.)

(45/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 68
الرئيس الأثير، القاضي، أبو القاسم، اللّخميّ، البيسانيّ، ثمّ العسقلانيّ المولد، المصريّ الدّار، الشافعيّ، أخو القاضي الفاضل. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع بالإسكندرية من السّلفيّ، وأبي محمد العثماني، وأخيه أبي الطّاهر إسماعيل بن عبد الرحمن العثمانيّ. روى عنه الحافظ المنذريّ، وغير واحد من المصريّين. وكان كثير الرغبة في تحصيل الكتب، مبالغاً في ذلك إلى الغاية، وملك منها جملةً عظيمة، بحيث لم يبلغنا أن أحداً من الرؤساء جمع منها ما جمع هو، اللّهمّ إلاّ أن يكون ملكاً أو وزيراً. وقال الموفّق عبد اللّطيف: كان له هوسٌ مفرطٌ في تحصيل الكتب، وكان عنده زهاء مائتي ألف كتاب، من كلّ كتاب نسخ. وقال المنذريّ: توفّي في ثالث عشر المحرّم.
4 (عبد اللّطيف بن معمّر بن عسكر بن القاسم بن محمد. أبو محمد، الأزجيّ، المؤدّب،)
المخرّميّ. ولد في المحرّم سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الوقت، ومن أبيه، وأحمد بن المقرّب، وغيرهم. قال الدّبيثيّ وقد روى عنه في تاريخه: كان صاحب لهوٍ وخلاعةٍ.) وذكره أيضاً في الشيوخ الذين أجازوا له. وأخبرنا عنه الشّهاب الأبرقوهيّ. وتوفّي في ذي القعدة.
4 (عبد المحسن بن نصر الله بن كثير، الفقيه. زين الدّين، ابن البيّاع، الشّاميّ الأصل.)
المصريّ، الشافعيّ.

(45/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 69
تفقّه على أبي القاسم عبد الرحمن بن سلامة. وكان طلق العبارة، جيّد القريحة، من أعيان الشافعية. خطب بقلعة الجبل، وناب في الحكم بأعمال مصر، وتقلّب في الخدم الدّيوانيّة.
4 (عبد الواحد بن عبد العزيز بن علوان. أبو محمد، الحربيّ، السّقلاطونيّ.)
سمع من: هبة الله ابن الشّبليّ، وأبي الفتح بن البطّي، وأحمد بن عبد الله اليوسفيّ، وعبد الرحمن بن زيد الورّاق. روى عن ابن البطّي، جميع حلية الأولياء بسماعه من حمدٍ، عنه. ومات في ذي الحجّة. روى لنا عنه بالإجازة الأبرقوهيّ.
4 (عبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ.)
السلطان، أبو محمد، القيسيّ، صاحب المغرب. ولي الأمر في ذي القعدة سنة عشرين بعد أبيه يوسف بن محمد. وكان كبير السنّ، عاقلاً، لكن لم يدار الدّولة ولا أحسن التّدبير، فخلعوه وخنقوه في حدود شعبان. وكانت ولايته تسعة أشهر. ولمّا بويع كان بالأندلس ابن أخيه عبد الله بن يعقوب، فامتنع، ورأى أنه أحقّ بالأمر واستولى على الأندلس بلا كلفة، وتلقّب بالعادل. فلمّا خنق أبو محمد، ثارت الفرنج بالأندلس، فالتقاهم العادل، فانهزم جيشه، وطلب هو مرّاكش، وترك بإشبيلية أخاه إدريس، فأتى مرّاكش في أسوأ حالٍ، فقبضوا عليه، ثمّ بايعوا أبا زكرياء يحيى بن محمّد بن يعقوب بن يوسف، أخا يوسف، وهو لمّا بقل وجهه، فلم

(45/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 70
يلبث أن جاءت الأخبار بأن إدريس ادّعى الخلافة بإشبيليّة، وبايعوه، ثمّ آل أمر يحيى إلى ان حصره العرب بمرّاكش حتّى ضجر أهل مراكش منه، وأخرجوه، فهرب إلى جبل درن، ثمّ تعصّب له طائفة، وعاد، وقتل من بمرّاكش من أعوان إدريس، وهرب إدريس من الأندلس، وقد توثّب عليه بها الأمير محمد بن يوسف بن هود الجذاميّ، ودعى إلى بني العباس، فمال إليه النّاس، وخرجوا على إدريس، فانتهى إلى مراكش بجيشه، فواقع يحيى، فانهزم يحيى إلى الجبل.)
4 (عبد الوهّاب بن أبي المظفّر بن عبد الوهّاب ابن السّبّاك.)
توفّي ببغداد في ذي الحجّة. عنده جزء البانياسيّ، عن ابن البطّي. روى عنه ابن النّجّار.
4 (عزّ النّساء بنت أحمد بن أحمد بن كرم البندنيجيّ، أخت تميم.)
سمعت من وجيه ابن السّقطيّ، وأبي الحسين عبد الحقّ. وتوفّيت في ذي الحجّة.
4 (عليّ بن عبد الله بن سلمان بن حسين.)
قاضي الحلّة، أبو الحسن، الحنفيّ. قدم بغداد، وعظم شأنه، حتّى ولي قضاء القضاة في سنة ثمانٍ وتسعين. وكان قليل الفقه، فعزل بعد عامين لجهله وإرشائه، فرسم عليه، ونزح إلى بلده. توفّي في ذي الحجّة، وقد جاوز الثّمانين.
4 (عليّ بن عبد الرشيد بن عليّ بن بنيمان بن مكّيّ.)

(45/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 71
القاضي، أبو الحسن، الهمذانيّ، الحدّاد، المقرئ. ولد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وقرأ القرآن ببعض الروايات على جدّه الحافظ أبي العلاء العطّار، وسمع منه ومن أبي الخير محمّد بن أحمد الباغبان. وحضر على أبي الوقت في الرابعة، وقدم بغداد، فتفقّه بها مدّة على أبي الخير القزوينيّ، واستملى عليه بالنّظاميّة. وخرج إلى الشام ومصر، ثمّ عاد إلى همذان، فولي قضاءها، ثمّ قدم بغداد، وولي قضاء الجانب الغربيّ، ثمّ ولي قضاء تستر، واستوطنها. وروى الكثير ببغداد، وسمع بها من: أبي الفرج محمد بن أحمد بن يحيى بن نبهان، وابن شاتيل. روى عنه: الدّبيثيّ، والنّجيب عبد اللّطيف، وجماعة. وقد ذكر ابن أنجب مولده في سنة تسعٍ وأربعين. توفّي بتستر في صفر. وكان يرتشي، قاله ابن النجّار.
4 (عليّ بن محمد ابن النّبيه، الأديب صاحب الدّيوان.)
قيل: توفّي بها، وقد تقدّم في سنة تسع عشرة، مات بنصيبين.
4 (عليّ بن يوسف بن أبي الكرم. أبو القاسم، البغداديّ، الظّفريّ، الحمّامي، ابن أخت أبي)
الكرم بن صبوخا. كان شيخاً فاضلاً، يرجع إلى تمييزٍ، ونباهةٍ، ومعرفةٍ، وجلالةٍ، وأخلاقٍ، جميلةٍ. وكان ثقة.)

(45/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 72
سمع من: أبي الوقت، والوزير يحيى بن هبيرة، ويحيى بن ثابت، وأبي زرعة، وجماعة. روى عنه: ابن النّجّار، والدّبيثيّ، والأبرقوهيّ، وجماعة. ومولده في شوّال سنة ثمانٍ وأربعين، وتوفّي في السّادس والعشرين من رجب. أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهيّ، أخبرنا عليّ بن يوسف ببغداد، ومحمد بن أبي القاسم الكسائيّ حضوراً بأبرقوه، قالا: أخبرنا أبو الوقت، أخربنا الدّاووديّ، أخبرنا ابن حمّويه، أخبرنا الفربريّ، حدّثنا محمد بن إسماعيل، حدّثنا عمر بن حفص، حدّثنا أبي، عن الأعمش، حدّثنا أبو صالح، عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يقول الله يوم القيامة: يا آدم، فيقول: لبّيك ربّنا وسعديك، فينادي بصوتٍ: إنّ الله يأمرك أن تخرج من ذرّيّتك بعثاً إلى النّار... الحديث.
4 (عليّ بن أبي سعد بن أحمد. أبو الحسن، ابن تميرة، الحربيّ.)
ولد تقريباً في سنة ثلاثٍ وخمسين. وسمع من هبة الله بن أحمد الشّبليّ. وحدّث. وهو أخو عبد الرحمن. توفّي في رجب
4 (عليّ الفرنثي)
الرجلّ الصالح، كبير القدر، صاحب كرامات، ورياضات، وسياحات، وله أصحابٌ مريدون. وله زاوية بسفح قاسيون.

(45/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 73
حكى الشيخ الضّياء في سيرة الشيخ أبي عمر، قال: سمعت الشيخ محمد بن حسن العراقي، خادم الشيخ علي الفرنثي، قال: جئت بالشيخ علي إلى قبر الشيخ أبي عمر، فقال: صاحب هذا القبر حيٌّ في قبره. وحكى الشيخ تقيّ الدين ابن الواسطي: أنّه حضر عند الشيخ علي في مكان على الشّرف الأعلى، فبينا هو قاعدٌ والناس حوله، إذ صفّق فخرج فقيرٌ، فإذا أناسٌ معهم نعاير لبن وغيرها، وكان إذا صفّق علموا أنّه قد جاء فتوح، أو ما هذا معناه. وذكر الشيخ محمد بن أبي الفضل، قال: شاهدت الشيخ عليّ الفرنثي، والحجر ينزل من المقطع، فيشير إليه: يا مبارك يمين، فينزل يميناً، ويقول: يا مبارك شمال، فينزل شمالاً. توفّي الشيخ عليٌّ، في شهر جمادى الآخرة بقاسيون، وبنوا على قبره قبّةً.
4 (عمر بن محمد بن عمر بن بركة بن سلامة بن أحمد بن أبي القاسم بن أبي الرّيان. أبو)
) حفص، بن أبي بكر، الدّاراقزّي، الكاغديّ. ولد سنة خمسٍ وأربعين، وقال مرّة: سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من أبي الوقت، وابن البطّي. وكان شيخاً فهماً، حسن الأخلاق. روى عنه الدّبيثيّ، وابن النّجار. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ. ومات في ذي الحجّة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله. أبو عبد الله، الأنصاري

(45/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 74
الأندلسي، المعروف بابن)
اليتيم، وبابن البلنسي، وبالأندرشيّ، من أهل المريّة. سمع أباه، ولازم أبا محمد بن عبيد الله. ورحل إلى بلنسية، فسمع من أبي الحسن بن هذيل، وابن النعمة، وبمرسية من أبي القاسم بن حبيش، وغيره وبمالقة أبا إسحاق بن قرقول. وسمع بأشبونة من عمل قرطبة من أبي مروان بن قزمان سمع منه بعض الموطأ، وسمع بقرطبة من ابن بشكوال، وبغرناطة من أبي خالد بن رفاعة. ولقي بفاس أبا الحسن بن حنين. وحجّ فسمع ببجاية من الحافظ عبد الحق الإشبيلي، وسمع بالإسكندرية من أبي طاهر السّلفيّ، وأبي محمد العثمانيّ، وبالقاهرة من عثمان بن فرج، وببغداد من شهدة الكاتبة، وبالموصل من الخطيب أبي الفضل الطّوسيّ، وبدمشق من أبي القاسم بن عساكر الحافظ، وبمكّة من عمر الميانشيّ، وسمع من غيرهم ببلاد شتّى. وولي خطابة المريّة. قال ابن مسدي: لم يكن سليماً من التّركيب حتّى كثرت سقطاته، وقد تتبّع عثراته أبو الربيع بن سالم، وقد سمعت منه كثيراً. وقال أبو جعفر ابن الزبير: قد رأيت بخطّه إسناده صحيح البخاريّ، عن السّلفيّ، عن ابن البطر، عن ابن البيّع، عن المحامليّ عنه. قلت: ما عند هؤلاء عن المحامليّ سوى حديثٍ واهٍ في الدّعاء له. وقد وثّقه جماعةٌ لفضله، وحملوا عنه، وليس بمتقن. وقال الأبّار: كان مكثراً، رحّالةً. نسبه بعض شيوخنا إلى الاضطراب، ومع ذلك انتابه النّاس، ورحلوا إليه، وأخذ عنه أبو سليمان بن حوط الله، وأكابر أصحابنا. وأجاز لي. وولد سنة أربعٍ واربعين وخمسمائة، وأوّل رحلته في سنة اثنتين وستّين وخمسمائة، وتوفّي في الثامن والعشرين من ربيع الأول على ظهر البحر قاصداً مالقة، رحمه الله.)

(45/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 75
وقال ابن الزّبير: سمع الموطأ من ابن حنين بفاس، عن ابن الكلاّع.
4 (محمّد بن أحمد بن محمد بن خميس. أبو عبد الله، المغربيّ الأصل، ثمّ الموصليّ، الحلبي.)
ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وسمع من أبي الفضل خطيب الموصل. روى عنه مجد الدّين العديميّ. وهو والد هدية بنت خميس.
4 (محمد بن عبدان بن عبد الواحد. الطّبيب، العلامة، البارع، المصنّف، شمس الدّين، ابن)
اللّبوديّ، الدّمشقيّ. قال فيه ابن أبي أصيبعة: علاّمة وقته، وأفضل أهل زمانه في العلوم الحكميّة، وفي علم الطّبّ. سافر إلى العجم، واشتغل على النّجيب أسعد الهمذانيّ، وغيره. وكان له دلٌّ مفرطٌ، وحرصٌ بليغٌ. وكن له مجلس للإشغال. وخدم بحلب الملك الظّاهر، ثمّ بعد موته قدم إلى بلده، إلى أن توفّي في رابع ذي القعدة، وله إحدى وخمسون سنة.
4 (محمد بن عبد الرشيد بن عليّ بن بنيمان. أبو أحمد، الهمذانيّ، المقرئ، التّاجر، سبط أبي)
العلاء العطّار، وأمّه هي عاتكة. روى عن أبي الخير الباغبان، وعن جدّه. وتوفّي في التّجارة بأقسرا من بلاد الروم في صفر. كما توفّي أخوه في صفر بتستر. ويقال: إنّ أبا العلاء أحضر أبا الخير من إصبهان بالقصد الأوّل لأجل محمد، هذا. وقيل: بل توفّي بقونية. وكان إماماً في القراءآت والحديث.
4 (محمد ابن الفقيه أبي المنصور فتح بن محمد بن خلف

(45/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 76
السّعديّ، الفقيه. زين الدّين، أبو عبد)
الله، الدّمياطيّ، الشافعيّ، الكاتب. سمّعه أبوه من: السّلفيّ، وبدرٍ الخداداذيّ، وإسماعيل بن قاسم الزّيّات، وأبي المفاخر سعيد المأمونّيّ، وجماعة. وكتب على فخر الكتّاب، وفاق الأقران في حسن الخطّ حتّى فضّلوه على أستاذه. وكتب في ديوان الإنشاء مدّة. وترسّل عن الكامل. وحدّث بدمشق أيضاً. وكان حسن الأخلاق، فيه دين وخيرٌ. ولد في أواخر سنة ستّ وستين وخمسمائة. ومات في رابع صفر. روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، وابن الأنماطيّ، والزّكيّ البرزاليّ.
4 (محمد ابن الشيخ أبي عبد الله بن محمد بن سعيد بن أحمد بن زرقون. العلاّمة، أبو)
الحسين، الأنصاريّ، الإشبيليّ.) قال الأبّار: سمع من أبيه، وأبي بكر من الجدّ، وتفقّه بهما، وسمع من أبي جعفر بن مضاء. وأجاز له السّلفيّ، وغيره. وكان فقيهاً، حافظاً لمذهب مالك، إماماً مبرزاً، متعصّباً للمذهب حتّى امتحن بالسّلطان من أجله، وحبس مدّة. ومن تصانيفه كتاب المعلّى في الرّدّ على المجلّى والمحلّى وله كتاب قطب الشريعة في الجمع بين الصّحيحين. وكان أهل بلده يعيبون مقاصده فيها، ويغضّون من أسجاعه في أثنائها. ولم يكن له بصرٌ بالحديث، وسمع النّاس منه. وتوفّي في شوّال، ودفن بداخل إشبيلية، وله ثلاثٌ وثمانون سنةً. تفقّه به جماعة.
4 (محمد بن محمد بن محمد.)
الفقيه، أبو الفتوح، السّمرقنديّ، ثمّ البغداديّ، الحنفيّ.

(45/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 77
ولد سنة إحدى وأربعين. وسمع من أبي الفتح بن البطّي، وغيره. ومات في ربيع الآخر. روى عنه: ابن الدّبيثيّ، وابن النّجّار.
4 (محمد بن محمد بن أبي الفتح. أبو عبد الله، المقدسيّ.)
حدّث بنسخة أبي مسهر.
4 (محمد بن هبة الله بن المكرّم بن عبد الله. أبوجعفر، البغداديّ، الصّوفيّ.)
ولد في حدود سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: أبيه أبي نصر، وأبي الفضل الأرمويّ، وابن ناصر، وأبي الوقت، وأبي المعمّر بن أحمد الأنصاري، والمظفّر بن أردشير العباديّ، وغيرهم. وكان أبوه يروي عن نصر بن البطر. وأخوه المكرّم بن هبة الله، من شيوخ الضّياء، وابن عبد الدّائم. وهو فحدّث بصحيح البخاريّ، بإربل. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، والبرزاليّ، والجمال محمد ابن الدّبّاب

(45/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 78
الواعظ، والقاضي شمس الدّين ابن خلّكان وأخوه البهاء محمد قاضي بعلبكّ. وكان صوفيّاً، ديّناً. توفّي في خامس المحرّم ببغداد.
4 (محمد بن يحيى بن يحيى الأنصاريّ.)
أبو عبد الله، الأندلسيّ، المقرئ المحقّق. أخذ القراءآت عن يحيى، وأخذ بعض السّبع عن ابن خيرٍ. وعاش نيّفاً وسبعين سنةً. أقرأ النّاس بسبتة. لقيه ابن مسدي.
4 (محمد بن يخلفتن بن أحمد بن تنفليت.)
) أبو عبد الله، اليجفثيّ البربريّ، الفازازيّ، التّلمسانيّ، الفقيه. قال الأبّار: سمع من أبي عبد الله التّجيبيّ. وكان فقيهاً، أديباً، مقدّماً في الكتابة والشّعر. ولي قضاء مرسية، ثمّ قضاء قرطبة. وكان حميد السيرة، جميل الهيئة، شديد الهيبة. حدّثت: أنه كان يحفظ صحيح البخاريّ، أو معظمه. وتوفّي بقرطبة.
4 (محمد بن أبي الفرج بن أبي المعالي معالي. الشيخ فخر الدّين،

(45/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 79
أبو المعالي، الموصليّ،)
المقرئ، الشّافعي، معيد النّظاميّة. قرأ القراءآت على الإمام يحيى بن سعدون القرطبيّ، وسمع منه ومن خطيب الموصل أبي الفضل. وقدم بغداد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة فتفقّه بها. وقرأ العربية على الكمال عبد الرحمن الأنباريّ. وأعاد بالنّظاميّة. وأقرأ القراءآت. وحدّث. وولد سنة تسعٍ وثلاثين وخمسمائة. قرأ عليه القراءآت الشيخ عبد الصّمد ابن أبي الجيش، والكمال عبد الرحمن المكبّر، وطائفة. قال ابن النّجّار: له معرفةٌ تامّة بوجوه القراءآت وعللها وطرقها، وله في ذلك مصنّفات. وكان فقيهاً، فاضلاً، حسن الكلام في مسائل الخلاف، ويعرف النّحو معرفةً حسنة. وكان كيّساً، متودّداً، متواضعاً، لطيف العشرة، صدوقاً. توفّي في سادس رمضان.
4 (المظفّر بن المبارك بن أحمد بن محمد.)
القاضي، أبوالكرم، الحنفيّ، البغداديّ، العدل. عرف والده بحرّكها. ولد سنة ستّ وأربعين. وسمع من أبيه، ومن أبي الوقت، وابن البطّي. وولي الحسبة ببغداد، والقضاء بربع الثلاثاء. وكانت له حلقة إشغال بجامع القصر. وكان أبوه أبو السّعادات من كبار الحنفية. توفّي أبو الكرم في حادي عشر جمادى الآخرة. وروى المائة الشريحية أخذ عنه الطلبة
4 (المظفّر بن أبي الخير بن إسماعيل بن عليّ.)

(45/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 80
الإمام، أمين الدّين، أبو الأسعد، التّبريزيّ، الوارانيّ، الشّافعيّ. تفقّه ببغداد على أبي القاسم بن فضلان، وغيره، وأعاد بالنّظامية مدّة. وتخرّج به جماعةٌ. وسمع من ابن كليب، ثمّ حجّ، وقدم مصر، ودرّس بها، بالمدرسة النّاصريّة المجاورة للجامع العتيق. ثمّ توجّه إلى العراق، ثمّ إلى شيراز، وأقام بها إلى حين وفاته. وحدّث بالبصرة) ومصر. روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، وغيره.
4 (مقدامٌ الوزير فخر الدّين أبو الفوارس، ابن القاضي الأجلّ أبي العبّاس أحمد بن شكرٍ)
المصريّ. ولد سنة إحدى وستين. وتفقّه على مذهب مالكٍ. وسمع من أبي يعقوب بن الطّفيل، وغيره. وكان في برٌّ وإيثارٌ. وهو عمّ الشيخ أبي الحسن علي بن شكرٍ المحدّث، الذي مات سنة ستّ عشرة.
4 (موسى بن عيسى بن خليفة. أبو عمران، اللّخميّ، القرطبيّ، ويعرف بابن الفخّار، النّاسخ،)
المقرئ. أخذ القراءآت عن أبي إسحاق بن طلحة، وأبي القاسم الشّراط. وسمع من أبي القاسم بن بشكوال، وغيره. وصحب الصّالحين. وأقرأ القرآن. وكان يكتب المصاحف. قال الأبّار: توفّي في رجب.

(45/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 81
4 (حرف الهاء)

4 (هارون بن أبي الحسن بن بركة الصّحراويّ.)
سمع من: أبي الحسين عبد الحقّ اليوسفيّ. وحدّث. ودفن بمقبرة معروف.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن أبي نصر عمر.)
أبو زكريا، البغداديّ، المشا، المعروف بالصّحراوي. سمع من: أبي الفتح بن البطّي، وأبي القاسم بن هلال الدّقّاق، وأبي المعالي بن حنيفة. وحدّث. والمشا: بضمّ الميم وتخفيف الشّين.
4 (يوسف بن أحمد بن عيّاد. أبو الحكم، التّميميّ، المليانيّ.)
تجوّل في الأقاليم، ولقي السّهرورديّ الفليسوف بملطية، وأخذ عنه. وسكن دانية، ونوظر عليه بها. قال الأبّار: أخذ عنه أبو إسحاق ابن المناصف، وأبو عبد الرحيم بن غالب. ورأيته مراراً. وكان شاعراً، مجوّداً غالياً في التشيّع. توفّي بدانية ليلة عاشورا. قلت: له عقيدة خبيثة، وفيه اتّحادٌ ظاهر.)
4 (الكنى)

4 (أبو طالب بن أبي طاهر بن أبي الغنائم النّجّار.)

(45/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 82
سمع من يحيى بن ثابت جزءاً. مات في ربيع الأول.
4 (وفيها ولد)
رضيّ الدّين جعفر بن القاسم الرّبعيّ، ابن دبوقا المقرئ، بحرّان. والعزّ عمر بن محمد ابن الأستاذ بحلب. وقاضي حماة الكمال عبد الوهّاب ابن المحيي حمزة البهرانيّ. والشمس محمد ابن المحدّث الشاهد ولد عزّ الدّين عبد الرزّاق الرّسعنيّ. والجمال محمد بن حسن ابن البونيّ، بالإسكندرية. والعماد إسماعيل بن عليّ ابن الطبّال، في صفر. والبهاء عمر بن محمد بن عبد العزيز بن باقا، روى عن جدّه. والركن يونس بن عليّ بن أفتكين. والعماد الموصليّ، صاحب التّجويد عليّ بن أبي زهران. وسليمان بن قايماز النّوريّ الحلبيّ. ويونس بن خليل الحمويّ الشاهد، نزيل مصر. والمؤيّد عليّ ابن خطيب عقربا إبراهيم بن يحيى. والتّقيّ أحمد بن عبد الرحمن ابن العنيقة العطّار. وشيخنا أبو الحسين عليّ ابن الفقيه اليونينيّ. والبدر أحمد بن عبد الله بن عبد الملك المقدسيّ. والنّفيس عبد الرحمن بن سليمان بن طرخان المشهديّ المصريّ. وفي حدودها ولد الشيخ المعمّر أبو العبّاس أحمد بن أبي طالب ابن الشّحنة الحجّار الصّالحيّ، أو بعدها بعام.

(45/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 83
4 (وفيات سنة اثنتين وعشرين وستّمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد أمير المؤمنين الإمام الناصر لدين الله. أبو العبّاس ابن

(45/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 84
الإمام المستضيء بأمر الله)
) أبي محمد الحسن ابن الإمام المستنجد بالله أبي المظفّر يوسف ابن الإمام المقتفي لأمر الله أبي عبد الله محمد ابن الإمام المستظهر بالله أحمد، ابن المقتدي بأمر الله أبي القاسم الهاشميّ، العباسيّ، البغداديّ. ولد يوم الاثنين عاشر رجب سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة. وبويع أوّل ذي القعدة سنة خمسٍ وسبعين. وكان أبيض اللّون، تركيّ الوجه، مليح العينين، أنور الجبهة، أقنى الأنف، خفيف العارضين، أشقر اللّحية، مليح المحاسن. نقش خاتمه رجائي من الله عفوه. أجاز له أبو الحسين عبد الحقّ اليوسفيّ، وأبو الحسن عليّ بن عساكر البطائحي، وشهدة، وجماعة. وأجاز هو لجماعةٍ من الكبار، فكانوا يحدّثون عنه في حياته، ويتنافسون في ذلك، وما غرضهم العلّو ولا الإسناد، بل غرضهم التّفاخر، وإقامة الشعار والوهم. ولم تكن الخلافة لأحد أطول مدّةً منه، إلاّ ما ذكر عن الخوارج العبيديّين، فإنّه بقي في الأمر بديار مصر المستنصر نحواً من ستين سنة. وكذا بقي الأمير عبد الرحمن صاحب الأندلس خمسين سنةً. وكان المستضيء أبوه قد تخوّف منه، فاعتقله، ومال إلى أخيه أبي منصور. وكان ابن العطّار، وأكثر الدّولة مع أبي منصور وحظيّة المستضيء بنفشا، والمجد ابن الصّاحب، ونفرٌ يسير مع أبي العبّاس. فلمّا بويع أبو العبّاس، قبض على ابن العطّار وسلّمه إلى المماليك. وكان قد أساء إليهم، فأخرج بعد أيّام ميتاً، وسحب في شوارع بغداد. وتمكّن المجد ابن الصّاحب فوق الحدّ وطغا، وآلت به الحال إلى أن قتل. قال الموفّق عبد اللّطيف: وكان النّاصر لدين الله، شاباً، مرحاً، عنده ميعة الشّباب. يشقّ الدّروب والأسواق أكثر اللّيل والناس يتهيّبون لقاءه. وظهر

(45/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 85
التّشيّع بسبب ابن الصّاحب، ثمّ انطفى بهلاكه. وظهر التّسنّن المفرط ثمّ زال. وظهرت الفتوة والبندق والحمام الهادي، وتفنّن الناس في ذلك. ودخل فيه الأجلاّء ثمّ الملوك، فألبسوا الملك العادل وأولاده سراويل الفتوّة، وكذا ألبسوا شهاب الدّين الغوريّ ملك غزنة والهند، وصاحب كميش، وأتابك سعد صاحب شيراز، والملك الظّاهر صاحب حلب، وتخوّفوا من السّلطان طغريل. وجرت بينهم حروبٌ. وفي الآخر استدعوا تكش لحربه، وهو خوارزم شاه، فخرج في جحفلٍ لجبٍ، والتقى معه على الريّ، واحتزّ رأسه، وسيّره إلى بغداد. ثمّ تقدّم تكش نحو بغداد يلتمس رسوم السلطنة، فتحرّكت عليه أمّة الخطا، فرجع إلى خوارزم، وما لبث أن مات.) وكان النّاصر لدين الله قد خطب لولده الأكبر أبي نصر بولاية العهد، ثمّ ضيّق عليه لمّا استشعر منه، وعيّن أخاه، ثمّ ألزم أبا نصر بأن أشهد على نفسه أنّه لا يصلح، وأنّه قد نزل عن الأمر. وأكبر الأسباب في نفور الناصر من ولده هو الوزير نصير الدّين ابن مهديّ العلويّ، فإنّه خيّل إلى الخليفة فساد نيّة ولده بوجوهٍ كثيرة. وهذا الوزير أفسد على الخليفة قلوب الرعية والجند، وبغّضه إليهم وإلى ملوك الأطراف، وكاد يخلي بغداد عن أهلها، بالإرهاب تارةً وبالقتل أخرى، ولا يقدر أحد أن يكشف للخليفة حال الوزير، حتّى تمكّن الفساد وظهر، فقبض عليه برفق. وفي أثناء ذلك، ظهر بخراسان وما وراء النهر خوارزم شاه محمد بن تكش وتجبّر وطوى البلاد، واستعبد الملوك الكبار وفتك بكثيرٍ منهم، وأباد أمماً كثيرةً من التّرك، فأباد أمّة الخطا، وأمّة التّرك، وأساء إلى باقي الأمم الّذين لم يصل إليهم سيفه. ورهبه النّاس كلّهم. وقطع خطبة بني العبّاس من بلاده وصرّح بالوقيعة فيهم. وقصد بغداد فوصل إلى همذان وبوادره إلى حلوان فوقع عليهم ثلج عظيمٌ عشرين يوماً، فغطّاهم في غير إبّانه، فأشعره بعض خواصّه أنّ ذلك غضبٌ من الله، حيث نقصد بيت النّبوة. والخليفة مع ذلك قد جمع الجموع، وأنفق النفقات، واستعدّ بكلّ ما تصل المكنة إليه، لكنّ الله وقى شرّه وردّه على عقبه. وسمع أنّ أمم التّرك قد تألّبوا عليه وطمعوا في البلاد لبعده عنها، فقصدهم، فقصدوه، ثمّ كايدوه، وكاثروه إلى أن مزّقوه في كلّ وجهة،

(45/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 86
وبلبلوا لبّه، وشتّتوا شمله، وملكوا عليه أقطار الأرض، حتّى ضاقت عليه بما رحبت، وصار أين توجّه، وجد سيوفهم متحكّمة فيه، فتقاذفت به البلاد حتّى لم يجد موضعاً يحويه، ولا صديقاً يؤويه، فشرّق وغرّب، وأنجد وأسهل، وأصحر وأجبل، والرّعب قد ملك لبّه، فعند ذلك قضى نحبه. قال: وكان الشيخ شهاب الدّين لمّا جاء في الرسالة خاطبه بكلّ قولٍ ولاطفه، ولا يزداد إلاّ طغياناً وعتوّاً، ولم يزل الإمام النّاصر مدّة حياته في عزٍّ وجلالةٍ، وقمع للأعداء، واستظهارٍ على الملوك، لم يجد ضيماً، ولا خرج عليه خارجيّ إلاّ قمعه، ولا مخالفٌ إلاّ دمغه، وكلّ من أضمر له سوءاً رماه الله بالخذلان. وأباده. وكان مع سعادة جدّه شديد الاهتمام بمصالح الملك، لا يخفى عليه شيء من أحوال رعيّته كبارهم وصغارهم. وأصحاب أخباره في أقطار البلاد يوصلون إليه أحوال الملوك الظاهرة والباطنة حتّى يشاهد جميع البلاد دفعةً واحدة.) وكانت له حيلٌ لطيفة، ومكايد غامضة، وخدعٌ لا يفطن لها أحد. يوقع الصداقة بين ملوك متعادين وهم لا يشعرون، ويوقع العداوة بين ملوكٍ متّفقين وهم لا يفطنون. قال: ولو أخذنا في نوادر حكاياته، لاحتاجت إلى صحفٍ كثيرة. ولمّا دخل رسول صاحب مازندران بغداد، كانت تأتيه ورقةٌ كلّ صباح بما عمل في اللّيل، فصار يبالغ في التّكتّم، والورقة تأتيه، فاختلى ليلةً بامرأةٍ دخلت من باب السّرّ، فصبّحته الورقة بذلك، وفيها: كان عليكم دواجٌ فيه صورة الأفيلة. فتحيّر، وخرج من بغداد وهو لا يشك أنّ الخليفة يعلم الغيب لأنّ الإمامية يعتقدون أنّ الإمام المعصوم يعلم ما في بطن الحامل، وما وراء الجدار. وقيل: إنّ النّاصر كان مخدوماً من الجنّ. وأتى رسول خوارزم شاه برسالةٍ مخفيّة وكتابٍ مختوم، فقيل: ارجع، فقد عرفنا ما جئت به، فرجع وهو يظنّ أنّهم يعلمون الغيب. ووصل رسول آخر فقال: الرسالة معي مشافهة إلى الخليفة، فحبس،

(45/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 87
ونسي ثمانية أشهر، ثمّ أخرج وأعطي عشرة آلاف دينار، فذهب إلى خوارزم شاه، وصار صاحب خبرٍ لهم، وسيّر جاسوساً يطلعه على أخبار عسكر خوارزم شاه لمّا وجّه إلى بغداد، وكان لا يقدر أحدٌ أن يدخل بينهم إلاّ قتلوه، فابتدأ الجاسوس وشوّه خلقته وأظهر الجنون، وأنّه قد ضاع له حمار فأنسوا به، وضحكوا منه، وتردّد بينهم أربعين يوماً، ثمّ عاد إلى بغداد، فقال: هم مائة وتسعون ألفاً إلاّ أن يزيدوا ألفاً أو ينقصوا ألفاً. وكان النّاصر إذا أطعم، أشبع، وإذا ضرب، أوجع، وله مواطن يعطي فيها عطاء من لا يخاف الفقر. ووصل رجلٌ معه ببّغاء تقرأ قل هو الله أحدٌ تحفةً للخليفة من الهند، فأصبحت ميتةً، وأصبح حيران، فجاءه فرّاش يطلب منه البّبغاء، فبكى، وقال: اللّيلة ماتت، فقال: قد عرفنا هاتها ميتة، وقال: كم كان في ظنّك أن يعطيك الخليفة قال: خمسمائة دينار، فقال: هذه خمسمائة دينار خذها، فقد أرسلها إليك أمير المؤمنين، فإنّه علم بحالك مذ خرجت من الهند وكان صدر جهان قد صار إلى بغداد ومعه جمعٌ من الفقهاء، وواحد منهم لمّا خرج من داره من سمرقند على فرسٍ جميلة، فقال له أهله: لو تركتها عندنا لئلا تؤخذ منك في بغداد فقال: الخليفة لا يقدر أن يأخذها منّي، فأمر بعض الوقّادين أنّه حين يدخل بغداد يضربه، ويأخذ الفرس ويهرب في الزّحمة، ففعل، فجاء الفقيه يستغيث فلا يغاث، فلمّا رجعوا من الحجّ خلع) على صدر جهان وأصحابه سوى ذلك الفقيه، وبعد الفراغ منهم، خلع عليه، وأخرج إلى الباب وقدّمت له فرسه وعليها سرجٌ من ذهب وطوق، وقيل له: لم يأخذ فرسك الخليفة، إنّما أخذها أتونيٌّ، فخرّ مغشياً عليه، وأسجل بكراماتهم. قلت: يجوز أن يكون الخليفة أو لبعض خواصه رئي من الجنّ، فيخبره بأضعاف هذا، والخطب في هذا سهل، فقد رأينا أنموذج هذا في زماننا بل وأكثر منه. قال الموفق عبد اللّطيف: وفي وسط ولايته اشتغل برواية الحديث، واستناب نواباً في ذلك، وأجرى عليهم جراياتٍ، وكتب للملوك والعلماء

(45/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 88
إجازات. وجمع كتاباً سبعين حديثاً ووصل على يد شهاب الدّين إلى حلب، وسمعه الملك الظّاهر وجماهير الدّولة، وشرحته شرحاً حسناً، وسيّرته صحبة شهاب الدّين. وسبب انعكافه على الحديث أنّ الشريف العباسيّ قاضي القضاة نسب إليه تزوير، فأحضر القاضي وثلاثة شهود، فعزّر القاضي بأنّ حرّكت عمامته فقط، وعزّر الثلاثة بأن أركبوا جمالاً وطيف بهم المدينة يضربون بالدّرّة، فمات واحد تلك اللّيلة، وآخر لبس الفسّاق ودخل بيوتهم، والثالث لزم بيته واختفى وهو البندنيجيّ المحدّث رفيقنا. فبعد مدّةٍ احتاج، وأراد بيع كتبه، ففتّش الجزاز، فوجد فيه إجازة للخليفة من مشايخ بغداد، فرفعها، فخلع عليه، وأعطي مائة دينار، وجعل وكيلاً عن أمير المؤمنين في الإجازة والتّسميع. قلت: أجاز الناصر لجماعة من الأعيان فحدثوا عنه منهم: أبو أحمد ابن سكينة، وأبو محمد ابن الأخضر، وقاضي القضاة أبو القاسم ابن الدامغاني، وولده الظاهر بأمر الله، والملك العادل، وبنوه المعظم والكامل والأشرف. قال ابن النجار: شرفني بالإجازة، فرويت عنه بالحرمين، وبيت المقدس، ودمشق، وحلب، وبغداد، واصبهان، ونيسابور، ومرو، وهمذان. ثم روى عنه حديثاً بالإجازة التي أذن له بخطه. وقال الموفق عبد اللطيف: وأقام سنين يراسل جلال الدين حسن صاحب الموت يراوده أن يعيد شعار الاسلام من الصلاة والصيام وغير ذلك مما رفعوه في زمان سنان، ويقول: إنكم إذا فعلتم ذلك كنا يداً واحدة، ولم يتغير عليكم من أحوالكم شيء، ومن يروم هذا من هؤلاء، فقد رام منال العيوق، واتفق أن رسول خوارزم شاه بن تكش ورد في أمر من الأمور، فزور على) لسانه كتب في حق الملاحدة تشتمل على الوعيد، وعز الايقاع بهم، وأنه سيخرب قلاعهم، ويطلب من الخليفة المعونة في ذلك، وأحضر رجل منهم كان قاطناً ببغداد، ووقف على الكتب، وأخرج بها وبكتب أخرى على وجه النصيحة نصف الليل على البريد، فلما وصل ألموت، أرهبهم، فما وجدوا مخلصاً إلا

(45/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 89
التظاهر بالاسلام، واقامة شعاره. وسيروا إلى بغداد رسولاً ومعه مائتا شاب منهم، ودنانير كبار في مخانق، وعليها لا إله إلا الله محمد رسول الله، وطافوا بها في بغداد، وجميع من حولها يعلن بالشهادتين. وكان الناصر لدين اله قد ملأ القلوب هيبة وخيفة. فكان يرهبه أهل الهند ومصر كما يرهبه أهل بغداد، فأحيى هيبة الخلافة وكانت قد ماتت بموت المعتصم، ثم ماتت بموته. ولقد كنت بمصر والشام في خلوات الملوك والأكابر، فإذا ذكره، خفضوا أصواتهم هيبة وإجلالاً. وورد بغداد تاجرٌ معه متاع دمياط المذهب، فسألوه عنه، فأنكر، فأعطي علاماتٍ فيه من عدده وألوانه وأصنافه، فازداد إنكاره، فقيل له: من العلامات أنّك نقمت على مملوكك التّركيّ فلان، فأخذته إلى سيف بحر دمياط خلوةً، وقتلته ودفنته هناك، ولم يشعر بذلك أحد. قال ابن النجار في ترجمة النّاصر: دانت له السلاطين، ودخل تحت طاعته من كان من المخالفين، وذلّت له العتاة والطّغاة، وانقهرت بسيفه الجبابرة والبغاة، واندحض أضداده وأعداؤه، وكثر أنصاره وأولياؤه، وفتح البلاد العديدة، وملك من الممالك ما لم يملكه من تقدّمه من الخلفاء والملوك أحد، وخطب له ببلاد الأندلس وبلاد الصّين، وكان أسد بني العباس، تتصدّع لهيبته الجبال، وتذلّ لسطوته الأقيال. وكان حسن الخلق، لطيف الخلق، كامل الظّرف، فصيح اللّسان، بليغ البيان، له التّوقعات المسدّدة، والكلمات المؤيّدة، كان أيامه غرّةً في وجه الدّهر، ودرّةً في تاج الفخر. وقد حدّثني الحاجب أبو طالب عليّ بن محمد بن جعفر قال: برز توقيعٌ من الناصر لدين الله إلى جلال الدّين ابن يونس صدر المخزن: لا ينبغي لأرباب هذا المقام أن يقدموا على أمرٍ لم ينظروا إلى عاقبته، فإنّ النظر قبل الإقدام خيرٌ من الندم بعد الفوات، ولا يؤخذ البرآء بقول الأعداء، فلكلّ ناصح كاشح، ولا يطالب بالأموال من لم يخن في الأعمال، فإنّ المصادرة مكافأةً للظالمين، وليكن العفاف والتقى رقيبان عليك.

(45/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 90
قال الحاجب أبو طالب: وبز توقيعٌ آخر منه إلى ابن يونس: قد تكرر تقدّمنا إليك ممّا افترضه) الله علينا، ويلزمنا القيام به كيف يهمل حال الناس حتّى تمّ عليهم ما قد بيّن في باطنها، فتنصف الرجل، وتقابل العامل إن لم يفلج بحجّة شرعية. وقال القاضي ابن واصل: كان الناصر شهماً، شجاعاً، ذا فكرةٍ صائبةٍ وعقلٍ رصينٍ، ومكرٍ ودهاءٍ، وكانت هيبته عظيمة جدّاً، وله أصحاب أخبار في العراق وسائر الأطراف، يطالعونه بجزئيات الأمور، حتّى ذكر أنّ رجلاً ببغداد عمل دعوةً، وغسّل يده قبل أضيافه، فطالع صاحب الخبر الناصر بذلك. فكتب في جواب ذلك: سوء أدبٍ من صاحب الدّار، وفضولٍ من كاتب المطالعة. قال: وكان مع ذلك رديء السّيرة في الرعية، مائلاً إلى الظّلم والعسف، فخربت في أيامه العراق، وتفرّق أهلها في البلاد، وأخذ أموالهم وأملاكهم، وكان يفعل أفعالاً متضادّة، إلى أن قال: وكان يتشيّع، ويميل إلى مذهب الإمامية بخلاف آبائه، إلى أن قال: وبلغني أنّ شخصاً كان يرى صحّة خلافة يزيد، فأحضره الخليفة ليعاقبه، فقيل له: أتقول بصحّة خلافة يزيد فقال: أنا أقول: إن الإمام لا ينعزل بارتكاب الفسق، فأعرض النّاصر عنه، وأمر بإطلاقه، وخاف المحاققة. قال: وسئل ابن الجوزيّ والخليفة يسمع: من أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: أفضلهم بعده من كانت ابنته تحته. وهذا جوابٌ محتمل لأبي بكر وعليّ رضي الله عنهما. وكتب إلى الناصر خادمٌ له اسمه يمن ورقة فيها يعتب، فوقع فيها: بمن يمنّ يمن، ثمن يمنٍ ثمن.

(45/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 91
وقال أبو المظفّر الجوزيّ: قلّ بصر الخليفة في الآخر، قيل: ذهب جملةً. وكان خادمه رشيقٌ قد استولى على الخلافة، وأقام مدّة يوقّع منه شدّةً وشقّ ذكره مراراً، وما زال يعتريه حتّى قتله. وغسّله خالي محيي الدّين يوسف. وقال الموفّق: أمّا مرض موته، فسهوٌ نسيان، بقي به ستّة أشهر ولم يشعر أحد من الرعية بكنه حاله، حتّى خفي على الوزير وأهل الدّار. وكان له جاريةٌ قد علّمها الخطّ نفسه، فكانت تكتب مثل خطّه، فتكتب على التّواقيع بمشورة قهرمانة الدّار. وفي أثناء ذلك نزل جلال الدّين محمد خوارزم شاه على ضواحي بغداد هارباً منفّضاً من المال والرجال والدّواب، فأفسد بقدر ما) كانت تصل يده إليه. وكانوا يدارونه ولا يمضون فيه أمراً لغيبة رأي الخليفة عنهم، إلى أن راح إلى أذربيجان، ونهب في ذهابه دقوقاً واستباحها. وكانت خلافته سبعاً وأربعين سنة. توفّي في سلخ رمضان، وبويع لولده أبي نصر ولقّب بالظّاهر بأمر الله فكانت خلافته تسعة أشهر. وذكر العدل شمس الدّين محمد بن إبراهيم بن أبي بكر الجزريّ قال: حدّثني والدي قال: سمعت الوزير مؤيّد الدّين ابن العلقميّ لمّا كان على الأستاذ داريّة، يقول: إنّ الماء الّذي يشربه الإمام النّاصر كانت تجيء به الدّواب من بغداد بسبعة فراسخ، ويغلى سبعة غلوات، كلّ يوم غلوة، ثمّ يحبس في الأوعية سبعة أيّام، ثمّ يشرب منه، وبعد هذا الاحتراز ما مات حتّى سقي المرقّد ثلاث مرار وشقّ ذكره وأخرج منه الحصى.

(45/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 92
وقال ابن الساعي: فأصبح الناس يوم الأحد يعني يوم الثلاثين من رمضان وقد أغلقت أبواب دار الخلافة، وتولّى غسله محيي الدّين ابن الجوزيّ، وصلّى عليه ولده الظاهر بأمر الله بعد أن بويع، بايعه أولاً أقاربه، ثم نائب الوزارة مؤيّد الدّين محمد القمي وولده فخر الدّين أحمد، والأستاذ دار عضد الدّولة أبو نصر ابن الضّحّاك، وقاضي القضاة محيي الدّين ابن فضلان الشافعيّ، والنقيب قوام الدّين أبو عليّ الموسويّ. ودفن بصحن الدّار، ثمّ نقل بعد شهرين إلى التّرب، ومشى الخلق بين يدي جنازته. وأمّا بيعة الظّاهر، فهي في سنة اثنتين في الحوادث. وقال ابن الأثير: بقي الناصر ثلاث سنين عاطلاً عن الحركة بالكلّية وقد ذهبت إحدى عينيه، توفي الآخر أصابه دوسنطاريا عشرين يوماً، ومات ولم يطلق في طول مرضه شيئاً ممّا كان أحدثه من المرسوم. وكان سيّء السّيرة خرب في أيّامه العراق، وتفرّق أهله في البلاد، وأخذ أموالهم وأملاكهم. قال: وكان يفعل الشيء وضدّه، جعل همّه في رمي البندق والطّيور المناسيب، وسراويلات الفتوّة. ونقل الظّهير الكازرونيّ في تاريخه وأجازه لي أنّ الناصر في وسط خلافته همّ بترك الخلافة، والانقطاع إلى التّعبد. وكتب عنه ابن الضّحّاك توقيعاً فقرئ على الأعيان، وبنى رباطاً للفقراء، واتخذ إلى جانب الرّباط داراً لنفسه كان يتردّد إليها، ويحادث الصوفية وعمل له ثياباً) كبيرةً بزيّ الصوفية.

(45/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 93
قلت: ثمّ ترك ذلك، وملّ، الله تعالى يسامحه ويرحمه.
4 (أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش القطفتيّ. والد الشيخ عبد الصّمد المقريء.)
مات في رجب. وقد روى عن أحمد بن طارق الكركيّ.
4 (أحمد بن محمد بن طغان بن بدر بن أبي الوفاء.)
الفقيه، أبو العباس، المصريّ. سمع من: عبد الله برّي النّحويّ، وعبد الرحمن بن محمد السّبيي. وأمّ بمسجد سوق وردان مدّة. وتوفّي بمدينة سمنّود من الغربية في المحرّم.
4 (أحمد بن محمد بن إسماعيل.)
أبو القاسم، الأمي الطّرسونيّ، ثمّ المرسيّ. سمع: أبا القاسم بن حبيش، وأبا عبد الله بن حميد. وأجاز له من مصر عبد الله بن برّي النّحويّ. قال الأبار: كان فقيهاً، مدرّساً. حدّث، واستشهد في وقعة بنوط من أعمال مرسية، مقبلاً غير مدبر، في رجب وله بضعٌ وستّون سنةً.

(45/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 94
وقال ابن مسدي: كان بارعاً في فنونٍ نقليةٍ وعقليةٍ، وغلب عليه الفقه على طريقة السّلف فاجتهد وللقياس اعتمد، فكثيراً ما كان يميل إلى رأي الكوفيّين. وله يدٌ في الطّب، ومعرفةٌ بالحديث، ومجلس عامٌ للعامّة. وقال ابن فرتون: هو أديبٌ بارع، روى عن ابن هذيل، وابن النّعمة. قال: وأجاز لي.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد.)
أبو القاسم، القرطبيّ. روى عن: جدّه أبي القاسم، وأبيه أبي الوليد، وأبي القاسم بن بشكوال. وتوفي في رمضان.
4 (أحمد ابن الشيخ كما الدّين أبي الفتح موسى ابن الشيخ رضيّ

(45/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 95
الدّين أبي الفضل يونس بن)
محمد بن منعة بن مالك بن محمد بن سعد بن سعيد بن عاصم. الإمام شرف الدّين، أبو الفضل، ابن يونس، الإربليّ الأصل، الموصلي، الفقيه الشافعيّ.) ولد سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة. وتفقّه على والده، وبرع في المذهب. وكان إماماً فقيهاً، مفتياً، مصنّفاً، عاقلاً، حسن السّمت. شرح كتاب التّنبيه فأجاد، واختصر كتاب الأحياء للغزاليّ مرّتين. وكان يلقي الإحياء دروساً من حفظه. قال ابن خلّكان: كان إماماً، كثير المحفوظات، غزير المادة، من بيت الرئاسة والفضل. نسج على منوال والده في التّفنّن في العلوم، وتخرّج عليه جماعةٌ كبيرة، وولي التّدريس بمدرسة الملك المعظّم مظفّر الدّين ابن صاحب إربل بإربل بعد والدي في سنة عشر بعد موت والدي، وكنت أحضر دروسه، وأنا صغير، وما سمعت أحداً يلقي الدّروس مثله. ثمّ حجّ وقدم، وأقام قليلاً، وانتقل إلى الموصل سنة سبع عشرة، وفوّضت إليه المدرسة القاهرية إلى أن توفّي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر. ولقد كان من محاسن الوجود، وما أذكره إلاّ وتصغر الدّنيا في عيني، ولقد فكّرت فيه مرّةً فقلت: هذا الرجل عاش مدّة خلاف الإمام النّاصر لدين الله. قلت: شرحه للتّنبيه يدلّ على توسّطه في الفقه رحمه الله.
4 (أحمد بن يونس بن حسن. أبو العبّاس، المقدسيّ، المرداويّ.)
هاجر من مردا إلى دمشق بأولاده. وسمع من: أبي المعالي بن صابر، وغيره. روى عنه الضّياء، وقال: كان ممّن يضرب به المثل في الأمانة، والخير،

(45/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 96
والمروءة، والدّين، والعقل، والصّلاح. تولّى عمارة الجامع بالجبل، فأحسن فيها. توفّي في سابع عشر ذي الحجّة.
4 (أحمد بن أبي المكارم.)
الخطيب أبو العبّاس المقدسي المرداويّ وفي بمردا في شعبان. وقد رحل، وروى عن: أبي الفتح بن شاتيل، وغيره.
4 (إبراهيم بن إسماعيل بن خليفة الحربيّ.)
روى عن يحيى بن ثابت، وغيره. ومات في رجب. روى عنه ابن النّجار، وقال: لا بأس به.)
4 (إبراهيم بن إسماعيل بن غازي.)
أبو إسحاق، الحرّانيّ، الكحّال، الصّائغ، الشّاعر، المعروف بالنّقيب. له معرفةٌ حسنة بالطّبّ والكحل. وكان طريفاً، كيّساً، مطبوع العشرة. ذكره الصّاحب أبو القاسم في تاريخ حلب وقال: دخل حلب غير مرّةٍ، وروى عن أبيه يسيراً. روى لنا عنه أبو محمد بن شحانة الحرّانيّ، وسليمان بن بنيمان. وأنشدني أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن شحانة بحرّان، أنشدني إبراهيم النقيب لنفسه:
(خيالٌ لسلمى زار وهناً فسلّما .......... فشفّ ولم يشف الغليل من الظّما)

(وما زارني إلا خداعاً وعاتباً .......... على نعسةٍ كانت للقياه سلّما)

(45/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 97
(وأعجب ما في الأمر أنّى اهتدى له .......... خيالٌ إلى مثل الخيال وأسقما)

(أظنّ أنيني دلّه أين مضجعي .......... ودلّهه حرّ الهوى فتضرّما)

(ولولا انطباق الجفن بالجفن لم يزر .......... ولكنّني وهّمته فتوهّما)

(أيا راكباً يطوي الفلا لشملّة .......... أمونٍ تباري الرّيح في أفق السّما)

(لك الله إن جزت العقيق وبابه .......... وشارفت أعلى الواديين مسلّما)

(فقف بربى نجدٍ لعلّك منجدي .......... ورم رامةً ثمّ الوها بلوى الحمى)

(وسلّم وسل لم حلّلوا قتل عاشقٍ .......... على جفنه أضحى الرّقاد محرّما)

(أيجمل أن أقضي ولم يقض لي شفا .......... وأظلم لا ظلماً رشفت ولا لما)

(لئن كان هذا في رضى الحبّ أو قضى .......... به الحبّ صبراً للقضاء ونعم ما)
قال لي ابن شحانة: توفّي إبراهيم النقيب بحرّان في سنة إحدى وعشرين. وقرأت في تاريخ أبي المحاسن بن سلامة المكشوف: وفي سابع جمادى الآخرة مات الحكيم الأجلّ، الشّاعر، الكحّال، الصّائغ للذّهب والفضّة والكلام، أبو إسحاق إبراهيم ابن الحكيم إسماعيل بن غازي النقيب، وكان رجلاً كريماً، سخيّاً، شجاعاً ذكيّاً، طيّب الأخلاق، حسن العشرة، مليح الشمائل، له شعر رقيق يغنّى به.
4 (إبراهيم بن عبد الرحمن بن الحسين بن أبي ياسر. أبو إسحاق، القطيعيّ، المواقيتي،)
الخيّاط، الأزجيّ. من أهل قطيعة العجم بباب الأزج.

(45/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 98
سمع: أبا الوقت السّجزيّ، وأبا المكارم الباذرائيّ، وغيرهما.) روى عنه: ابن نقطة، والدّبيثيّ، وابن النّجّار، ومحمد بن أبي الفرج ابن الدّبّاب، وأبو المعالي الأبرقوهيّ، وغيرهم. وكان ثقةً، صالحاً، فاضلاً، عارفاً بالمواقيت والمنازل. وحدّث بصحيح البخاريّ مرّاتٍ. ومات في خامس شعبان. سمعت من طريقه بالدّعاء للمحاملّيّ.
4 (إبراهيم بن عثمان بن عيسى بن درباس المارانيّ.)
الفقيه، المحدّث، جلال الدّين، أبو إسحاق. ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وأجاز له السّلفيّ. وتفقّه على مذهب الشّافعيّ، ثمّ أحبّ الحديث. وسمع فاطمة بنت سعد الخير، والأرتاحيّ، وطبقتهما. ورحل رحلةً كبيرةً فسمع بدمشق من ابن طبرزد، والكنديّ، والطّبقة. وسمع بنيسابور من المؤيّد، وزينب الشّعرية، وبهراة من أبي روح. وكتب الكثير. وله شعر حسن. روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره. وتوفّي في هذه السنة فيما بين الهند واليمن. وكان مائلاً إلى الآخرة، متقلّلاً من الدّنيا جدّاً، صالحاً، زاهداً رحمه الله.

(45/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 99
وكان أبوه من كبار الشافعية، وعمّه كان قاضي ديار مصر.
4 (إبراهيم بن المظفّر بن إبراهيم بن محمد بن عليّ، الواعظ.)
الإمام، أبو إسحاق، ابن البرنيّ، البغداديّ الأصل، الموصليّ. ولد سنة ستّ وأربعين وخمسمائة. وتفقّه على مذهب أحمد ببغداد، وسمع من: ابن البطّي، وأبي عليّ بن الرّحبيّ، وشهدة، وأحمد بن عليّ العلويّ، وأبي بكر ابن النّقور. وأخذ الوعظ عن أبي الفرج ابن الجوزيّ.

(45/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 100
وحدّث بالموصل وسنجار. ووعظ. وولي مشيخة دار الحديث الّتي لابن مهاجر بالموصل. وكان صالحاً، فاضلاً. روى عنه: الدّبيثيّ، والزّين ابن عبد الدّائم، وإبراهيم بن عليّ العسقلاني، ومحمد بن منصور بن دبيس الموصليّ، والشيخ عبد الرحيم بن الرّجّاج فيما أرى. وروى لنا عنه بالإجازة أبو المعالي الأبرقوهيّ.) وتوفّي في غرّة المحرّم. وقد قرأ عليه بالروايات ركن الدّين إلياس بن علوان. قال ابن نقطة: كان فيه تساهلٌ في الرواية، يحدّث من غير أصوله، سمعت منه بالموصل.

(45/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 101
4 (أسعد بن عليّ بن عليّ بن محمد بن صعلوك.)
أبو القاسم، البغداديّ. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: أبي الوقت، وأبي الكرم المبارك بن الحسن الشّهرزوريّ، وابن البّطّي. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، وغيرهما وأورداه في تاريخيهما. توفّي في المحرّم.
4 (أسعد بن يحيى بن موسى، الشيخ بهاء الدّين.)

(45/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 102
أبو السّعادات السّلميّ، السّنجاريّ، الفقيه الشافعيّ، الشاعر. طوّف البلاد، ومدح الكبار والملوك، وأخذ جوائزهم، وطال عمره، وعاش بضعاً وثمانين سنة. ذكره العماد في الخريدة. ومن شعره:
(وهواك ما خطر السّلوّ بباله .......... ولأنت أدرى في الغرام بحاله)

(وفتى وشى شخصٌ إليك بأنه .......... سالٍ هواك فذاك من عذّاله)

(أوليس للكلف المعنّى شاهدٌ .......... من حاله يغنيك عن تسآله)

(يا للعجائب من أسيرٍ دأبه .......... يفدي الطّليق بنفسه وبماله)

(ريّان من ماء الشّبيبة والصّبر .......... شرقت معاطفه بطيف زلاله)
وقد تفقّه على المجير البغداديّ، ويحيى بن فضلان. قال ابن الساعي: توفّي في أول سنة أربعٍ وعشرين بسنجار. وقال آخر: توفّي سنة ثلاثٍ وعشرين في ربيع الآخر. وديوانه مجلّد كبير. وقد ولي قضاء دنيسر. وخدم تقيّ الدّين عمر صاحب حماة. وله مدح في السّلطان صلاح الدّين.
4 (حرف التاء)

4 (توبة بن أبي البركات التّكريتيّ، الزّاهد.)

(45/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 103
صاحب الشيخ عبد الله اليونينيّ. فقير، صالحٌ، كبير القدر. حدّث عن ابن طبرزد. وتوفّي في) شوال. قال السيف ابن المجد: كان أحد من يشار إليه بالزّهد، صحب الشيخ عبد الله ولازمه، وكان يكرمه ويأنس به، وينزل إذا قدم ت في مغارته على جبل الصّوان بقاسيون. وقال ابن العزذ عمر الخطيب: حدّثتني فاطمة بنت أحمد بن يحيى بن أبي الحسين الزّاهد، حدّثتني أمّي ربيعة بنت الشيخ توبة أنّها كانت تقعد في اللّيل فتجد والدها قاعداً وهو يقول: يا سيّدي اغفر لعبيدك توبة. قالت: وكانت أمّي ربيعة ترجف. وقالت: كنت أحكي للنّاس كرامات الشيخ فرأيته في المنام وهو يقول: كم تهتكيني وسلّ عليّ سيفاً، فبقيت أرجف وما عدت أجسر أن أحكي عنه شيئاً.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر ابن شمس الخلافة، هو الأمير الكبير، مجد الملك، أبو الفضل، ابن شمس الخلافة)
أبي عيد الله محمد بن مختار الأفضليّ، المصريّ، القوصيّ، الشاعر، الأديب. ولد في المحرّم سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة. ولقي الأدباء، وكتب الخطّ المنسوب. وكان من الأذكياء. وله تصانيف تدلّ على فضله. وحدّث بديوانه، وامتدح جماعةً من الأعيان. روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، والشهاب القوصيّ.

(45/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 104
وذكره ابن الشعار في تاريخه فقال: هو جعفر بن إبراهيم بن عليّ، من كبراء بلده. خدم مع السلطان صلاح الدّين أميراً ومع ابنه العزيز، ثمّ قدم حلب، وخدم مع صاحبها غزي، ثمّ رجع إلى مصر. وكان شاعراً، وفاضلاً ذكيّاً، له هجوٌ مقذع في الملك العادل، وفي القاضي الفاضل. توفّي بمصر سنة عشر. قلت: غلط في وفاته وفي اسمه. قال المنذريّ في الوفّيات وفي معجمه: توفّي في ثاني عشر المحرّم. ومن شعره:
(دع جاهلاً غرّه تمكّنه .......... وضنّ بالجود وهو مقتدر)

(فكم غنيّ للنّاس عنه غنى .......... وكم فقيرٍ إليه يفتقر)

4 (حرف الحاء)
)
4 (الحسن بن عليّ بن الحسن، محيي الدّين، الموصليّ، الخطيب، المعروف بابن عمّار.)
شيخٌ واعظ، حلو الوعظ. له تصانيف، وشعرٌ جيّد، فمنه:
(ما بين منعرج اللّوى والأبرق .......... ريمٌ رماني في الغرام الموثق)

(أسر الفؤاد المستهام بحسنه .......... ووقعت منه في العذاب المطلق)

(يصمي القلوب بطرفه السّاجي الّذي .......... يرنو به وإذا رمى لا يتّقي)

(بانت ضباباتي ببانات اللّوى .......... في حبّه ورثت لشجوي أينقي)

(45/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 105
(وأنا الّذي لا أستفيق من الهوى .......... طفلاً وها قد شاب فيه مفرقي)
توفي في سادس جمادى الأولى بالموصل.
4 (الحسن بن المرتضى بن محمد بن زيد.)
النقيب. السيّد بهاء الدذين، العلويّ، الحسينيّ، نقيب الموصل. كان من أكابر البلد رئاسةً، وديناً، وعقلاً، وكرماً، وأدباص. ومن شعره:
(لو كنت شاهد عبرتي .......... وصبابتي عند التّلاقي)

(رحمتنا ممّا بنا .......... وعجبت من ضيق العناق)

4 (الحسين بن عمر بن نصر بن حسن بن سعد بن عبد الله بن باز.)
أبو عبد الله، الموصلّيّ. ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وسمع من خطيب الموصل أبي الفضل، وببغداد من شهدة، وأبي الحسين عبد الحق، ولا حق بن كاره، وعيسى الدّوشابيّ، وطائفةٍ. ودخل الشام ومصر ولم يسمع، وكأنّه قدم تاجراً. وحدّث بالموصل وإربل. وولي مشيخة دار الحديث المظفّرية بالموصل. وقد كتب بخطّه، وله فهم ومعرفةٌ ما.

(45/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 106
روى عنه: الدّبيثي، والرزاليّ، والضّياء، وآخرون. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ. ومات في ثاني ربيع الآخر، رحمه الله.
4 (حرف الراء)

4 (راجية الأرمنية. أمّ محمد، عتيقة عبد اللّطيف ابن الشيخ أبي النّجيب السّهرورديّ.)
) سمعت من: أبي الوقت، وابن البطّي، وجماعةٍ. وروت ببغداد وإربل. وكانت امرأةً صالحة. توفّيت بإربل في جمادى الأولى.
4 (حرف السين)
سعادة بنت الإمام عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيليّ. روت عن: أبي الحسين عبد الحقّ، والحسن بن عليّ بن شيرويه. وتوفّيت في جمادى الآخرة، وصلّى عليها أخوها القاضي أبو صالح.
4 (حرف الشين)

4 (شاكر بن مكّي بن أبي البركات.)
أبو البركات، البغداديّ، النّجّاد. ولد في حدود سنة خمسٍ وأربعين. وسمع من أبي زرعة المقدسيّ. وتوفّي في ذي الحجّة. روى لنا عنه الأبرقوهيّ بالإجازة.

(45/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 107
4 (حرف الصاد)

4 (صدقة بن منصور بن صدقة القطيعيّ، البقّال.)
سمع من أبي المكارم المبارك الباذرائيّ وحدّث. ومات في صفر.
4 (حرف الطاء)

4 (طغرل بن قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش السّلجوقيّ،)
الرّوميّ، الملك مغيث الدّين. صاحب أرزن الروم. توفي في هذه السنة، وتملّك بعده ولده، وقد كان بعث ولده الآخر من سنتين إلى الكرج فتنصّر، وتزوّج بملكة الكرج.
4 (حرف الظاء)

4 (ظفر بن سالم بن عليّ بن سلامة ابن البيطار.)
أبو القاسم، البغداديّ، الحريميّ، أخو شجاع وياسمين. سمّعه أبوه من: أبي الوقت، وابن البنّاء، وهبة الله ابن الشّبليّ. ومولده في حدود سنة ثمانٍ وأربعين.) روى عنه: الدّبيثيّ، والرفيع الهمذانيّ. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ. وتوفّي

(45/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 108
في جمادى الآخرة. قال ابن النّجّار: لم يكن به بأسٌ.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عليّ.)
الفقيه الصّالح، أبو محمد، الهمذانيّ، الخطيب. ولد بهمذان في سنة خمسٍ وأربعين. وسمع من: أبي الوقت، ومن أبي الفضل أحمد بن سعدٍ البيّع. وقدم بغداد، وتفقّه بالنّظاميّة على أبي الخير القزوينيّ، وأعاد بالنظاميّة للشيخ أبي طالب ابن الخلّ، وغيره. وحدّث. وكان فقيهاً، ورعاً، عفيفاً، إماماً، عارفاً بالمذهب والأصول والخلاف. قال الدّبيثيّ: أخبرنا أبو محمد، أخبرنا أحمد بن سعد، أخبرنا الإمام أبو إسحاق الشيرازيّ فذكر حديثاً. وقال ابن النجّار: قدم بغداد سنة سبعين وخمسمائة، فسكنها، وتفقّه علي أبي طالب ابن الكرخيّ، وأبي الخير القزوينيّ. وبرع في المذهب، وأفتى. وكان متقشفاً على منهاج السّلف. قلت: روى عن ابن النجّار، وعليّ ابن الأخضر، والجمال يحيى ابن الصّيرفيّ سمعوا منه جزء العبّادانيّ، وقد خطب بأعمال همذان. توفّي في حادي عشر شعبان.
4 (عبد الله بن باديس. أبو محمد، اليحصبيّ.)

(45/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 109
سكن بلنسية، وتفقّه بأبي عبد الله بن بنوح. وتعلّم العربية، وتحقّق بالعلوم النظرية. ونوظر عليه في المستصفى للغزاليّ. وتعبّد في آخر عمره. توفّي في شعبان.
4 (عبد الله بن صدقة. أبو البركات، البغداديّ، البزّاز، ويعرف بابن أبي قربة: بكسر القاف)
وسكون الراء ثمّ باء موحّدة. سمع من أبي الحسين عبد الحقّ وحدّث. ومات في شعبان.
4 (عبد الله بن عليّ بن الحسين بن عبد الخالق بن الحسين بن الحسن بن منصور. الصاحب)
) الوزير الكبير، صفيّ الدّين، أبو محمد، الشّيبيّ، المصريّ، الدّميريّ، المالكيّ، المعروف بابن شكر. ولد سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وتفقّه على الفقيه أبي بكر عتيق البجائيّ وبه تخرّج. ورحل إلى الإسكندرية، وتفقّه بها على شمس الإسلام أبي القاسم مخلوف بن جارة، وسمع منه ومن السّلفيّ إنشاداً، وأجاز له. وسمع من أبي الطّاهر إسماعيل بن عوف، وأبي الطّيّب عبد المنعم بن يحيى بن الخلوف. وأجاز له أبو محمد بن بريّ، وأبو الحسين بن أحمد بن حمزة ابن الموازينيّ، وجماعة. وحدّث بدمشق ومصر، روى عنه الزّكيّ المنذريّ، والشهاب القوصيّ،

(45/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 110
وأثنيا عليه، فقال الزّكيّ: كان مؤثراً للعلماء والصّالحين، كثير البرّ بهم، والتفقّد لهم، لا يشغله ما هو فيه من كثرة الأشغال عن مجالستهم ومباحثتهم، وأنشأ مدرسة قبالة داره بالقاهرة. وقال أبو المظفّر الجوزيّ: كان الملك العادل قد نفاه، فلما مات قدم من آمد بطلبٍ من السّلطان الملك الكامل. قال أبو شامة: وكان خليقاً للوزارة لم يتولّها بعده مثله، وكان متواضعاً، يسلّم على النّاس وهو راكب، ويكرم العلماء ويدرّ عليهم، فمضى إلى مصر. وقال القوصيّ: هو الّذي كان السبب فيما وليته وأوليته في الدّولة الأيوبية من الإنعام، وهو الّذي أنشأني وأنساني الأوطان، ولقد أحسن إلى الفقهاء والعلماء مدّة ولايته، وبنى مصلّى العيد بدمشق، وبلّط الجامع، وأنشأ الفوّارة، وعمّر جامع المزّة وجامع حرستا. ومولده بالدّميرة سنة أربعين. وكذا قال ابن الجوزيّ في مولده، وقول المنذريّ أصحّ، فإنه قال: سمعته يقول: ولدت في تاسع صفر سنة ثمانٍ وأربعين. قال: وتوفّي بمصر في ثامن شعبان. وقال الموفّق عبد اللّطيف: هو رجل طوال، تامّ القصب فعمها، درّيّ اللّون، مشرب بحمرة، له طلاقة محيّا، وحلاوة لسان، وحسن هيئة، وصحة بنية، ذو دهاء في هوج، وخبثٌ في طيشٍ مع رعونةٍ مفرطةٍ، وحقد لا تخبوا ناره، ينتقم ويظنّ أنّه لم ينتقم، فيعود ينتقم، لا ينام عن عدوّه، ولا يقل منه معذرةً ولا إنابةً، ويجعل الرؤساء كلّهم أعداءه، ولا يرضى لعدوّه بدون الإهلاك، ولا تأخذه في نقماته رحمةٌ، ولا يتفكّر في آخره.) وهو من دميرة ضيعةٍ بديار مصر واستولى على العادل ظاهراً وباطناً،

(45/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 111
ولم يمكّن أحداً من الوصول إليه حتّى الطّبيب والحاجب والفرّاش، عليهم عيونٌ، فلا يتكلّم أحدٌ منهم فضل كلمة خوفاً منه، ولمّا عزل، دخل الطّبيب والوكيل وغيرهما، فانبسطوا، وحكوا، وضحكوا، فأعجب السّلطان بذلك وقال: ما منعكم أن تفعلوا هذا فيما مضى قالوا: خوفاً من ابن شكر، قال: فإذاً قد كنت في حبسٍ، وأنا لا أشعر. وكان غرضه إبادة أرباب البيوتات، ويقرّب الأراذل وشرار الفقهاء مثل الجمال المصريّ، الّذي صار قاضي دمشق، ومثل ابن كسا البلبيسيّ، والمجد البهنسيّ الّذي وزر للأشرف. وكان هؤلاء يجتمعون حوله، ويوهمونه أنّه أكتب من القاضي الفاضل، بل ومن ابن العميد الصّابي، وفي الفقه أضل من مالك، وفي الشعر أكمل من المتنبّي وأبي تمّام، ويحلفون على ذلك بالطّلاق وأغلظ الأيمان. وكان لا يأكل من الدّولة ولا فلساً، ويظهر أمانةً مفرطةً، فإذا لاح له مالٌ عظيم احتجنه، وعملت له قيسة العجلان، فأمر كاتبه أن يكتبها ويردّها وقال: لا نستحلّ أن نأخذ منك ورقاً. وكان له في كلّ بلدٍ من بلاد السلطان ضيعة أو أكثر في مصر والشام إلى خلاط، وبلغ مجموع ذلك مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار يعني مغلّه. وكان يكثر الإدلال على العادل، ويسخط أولاده وخواصّه، والعادل يترضّاه بكلّ ما يقدر عليه، وتكررّ ذلك منه، إلى أن غضب منه على حرّان، فلمّا صار إلى مصر وغاضبه على عادته، فأقرّه العادل على الغضب، وأعرض عنه. ثمّ ظهر منه فسادٌ، وكثرة كلام، فأمر بنفيه عن مصر والشام، فسكن آمد، وأحسن إليه صاحبها، فلمّا مات العادل عاد إلى مصر، ووزر للكامل، واخذ في المصادرات، وكان قد عمي، ورأيت منه جلداً عظيماً أنّه كان لا يستكين للنوائب، ولا يخضع للنكبات، فمات أخوه ولم يتغيّر، ومات أولاده وهو على ذلك. وكان يحمّ حمّى قوية، ويأخذه النافض، وهو في

(45/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 112
مجلس السلطان ينفّذ الأشغال، ولا يلقي جنبه إلى الأرض، وكان يقول: ما في قلبي حسرةٌ إلاّ أنّ ابن البيانيّ ما تمرّغ على عتباتي يعني القاضي الفاضل وكان يشتمه وابنه حاضر فلا يظهر منه تغيرٌ، وداراه أحسن مداراة، وبذلك له أموالاً جمّةً في السّرّ. وعرض له إسهالٌ دمويٌ وزحير، وأنهكه حتّى انقطع، ويئس منه الأطباء، فاستدعى من حبسه عشرةٌ من شيوخ الكتّاب، فقال: أنتم تشمتون بي، وركّب عليهم المعاصير وهو يزحر وهم) يصيحون إلى أن أصبح وقد خفّ ما به، وركب في ثالث يوم، وكان يقف الرؤساء والناس على بابه من نصف اللّيل، ومعهم المشاعل والشمع، ويركب عند الصّباح، فلا يراهم ولا يرونه، لأنّه إمّا أن يرفع رأسه إلى السماء تيهاً، وإمّا أن يعرّج على طريقٍ أخرى، والجنادرة تطرد النّاس. وكان له بوابٌ اسمه سالم يأخذ من الناس أموالاً عظيمة، ويهينهم إهانةً مفرطة، واقتنى عقاراً وقرى.
4 (عبد الله بن عليّ بن أحمد بن أبي الفرج ابن الزّيتوني البوازيجيّ.)
سمع من: يحيى بن ثابت، ومعمر ابن الفاخر، وأبي عليّ ابن الرّحبيّ. وتوفّي في ربيع الآخر.

(45/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 113
4 (عبد الله بن محمد بن عبد العزيز.)
أبو محمد، ابن سعدون، الأزديّ، البلنسيّ. أخذ العربية عن الأستاذ عبدون، ومهر في فنون العربية. وأجاز له من الإسكندريّة أبو الطّاهر بن عوف، وغيره. وكان بديع الخطّ، أنيق الوراقة. ذكره الأبّار.
4 (عبد الله بن محمد بن محمد ابن اليازوريّ، البغداديّ.)
حدّث عن عبد الحقّ اليوسفيّ. وتوفّي في رجب.
4 (عبد لاله بن نصر الله بن هبة الله بن عبد الله بن محمد. الشريف أبو جعفر، ابن أبي الفتح،)
الهاشميّ، البغداديّ، المعروف بابن شريف الرّحبة. ولد سنة أربعين وخمسمائة. وسمع الصحيح من أبي الوقت، وسمع من شهدة. قال ابن النّجّار: كتبت عنه، ولم يكن مرضيّاً في سيرته، ولا محمود الطّريقة. وكان أبوه من ذوي الثروة الواسعة. ثم روى عنه، وقال: مات في رابع رمضان. قلت: روى لنا الأبرقوهيّ عنه من البخاريّ.
4 (عبد الحقّ بن الحسن ابن الشيخ سعد الله بن نصر ابن الدّجاجيّ.)
ولد سنة سبعٍ وخمسين ظنّاً. وروى عن جدّه. روى عنه: ابن النّجّار، وأبو الفضل ابن الدّبّاب، وجماعة.

(45/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 114
توفّي في رجب.)
4 (عبد الحقّ ابن الفقيه الزّاهد أبي الغنائم عبد الرحمن بن جامع ابن غنيمة. أبو عبد الله،)
البغداديّ. روى عن: عبد الحقّ اليوسفيّ، وغيره. عبد الحقّ بن محمد بن عليّ بن عبد الرحمن.

(45/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 115
أبو محمد الزّهريّ، الأنديّ، نزيل بلنسية. ولد سنة سبعٍ أو ثمانٍ وثلاثين، وحجّ عام اثنتين وسبعين. وسمع من السّلفيّ الأربعين والمحامليات. وكان عدلاً، تاجراً. قال الأبّار: سمعت منه الأربعين، وقد سمعها منه أبو محمد، وأبو سليمان ابنا ابن حوط الله. وعمّر، وأسنّ، حتّى ألحق الصّغار بالكبار. وتوفّي في ربيع الآخر.
4 (عبد الخالق بن أبي الفضل بن أبي المعالي المحوّلي.)
سمع من عبد الرحمن بن زيد الورّاق. وأجاز له أبو الوقت. وتوفّي في جمادى الأولى.
4 (عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك. أبو سعيد، ابن المرقّعاتيّ.)
ولد في حدود سنة ثلاث وخمسين. وسمع من: أبيه، ويحيى بن ثابت، والمبارك بن خضير. وحدّث. ومات في جب.
4 (عبد الرحمن ابن العلاّمة أبي سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون التّميميّ، قاضي)
القضاة، نجم الدّين. أحد الأكابر والأعيان. حدّث عن والده. روى عنه الشهاب القوصيّ، وقال: توفّي بحماة في رمضان سنة اثنتين وعشرين.
4 (عبد السّلام بن يوسف بن محمد بن عبد السّلام.)

(45/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 116
أبو محمد العبرتيّ، الكرخيّ، الضّرير، المقرئ، الخطيب. ولد في حدود الأربعين وخمسمائة. وقدم بغداد في شبيته، وسمع من: ابن ناصر، وأبي الكرم الشّهرزوريّ، وأبي بكر ابن الزّاغونيّ، وأبي المعالي ابن اللّحّاس، وابن البطّي. وتولّى الخطابة بعبرتا. وتوفّي بكرخ عبرتا في سابع المحرّم.) روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار.
4 (عبد العزيز بن النّفيس بن هبة الله بن وهبان السّلميّ، ويعرف بشمس العرب، البغداديّ،)
الأديب، الشاعر. نزيل دمشق، أخو المحدّث عبد الرحيم. كان مقيماً بالمدرسة العزيزية، ومدح جماعةً من ملوك بني أيّوب. وكان متجمّلاً، متعفّفاً، قنوعاً، يخضب شبيه. توفّي في حادي عشر ذي الحجّة. ومن شعره:
(وقالوا لم تركت مديح قومٍ .......... أقمت على مديحهم سنينا)

(فقلت تغيّروا عمّا عهدنا .......... وصاروا كلّ عامٍ ينقصونا)

(وكانوا ينعمون بغير وعدٍ .......... فصاروا يوعدون ويمطلونا)

4 (عبد القادر بن إبراهيم بن شجاع بن عرفجة.)
أبو محمد، البغداديّ، الحنفيّ. سمع: شهدة، وعبد الحقّ، وحضر يحيى بن ثابت. ومات في رجب.
4 (عبد القادر بن معالي بن غنيمة.)
أبو محمد، البغدادي، الحلاوي.

(45/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 117
سمع من أبي طالب بن خضير. ومات في شعبان.
4 (عبد القادر بن منصور بن مسعود ابن المشتري. القطيعيّ، الخياط.)
سمع من: ابن البطّي، وأبي المكارم البادرائي. وكان شيخاً صالحاً. توفي في رجب.
4 (عبد المحسن ابن خطيب الموصل، أبي الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد. أبو القاسم، ابن)
الطّوسيّ، الموصليّ. خطيب الجامع العتيق بالموصل هو، وأبوه، وجدّه أبو نصر. سمع: أباه، وعمّه عبد الرحمن، وأبا عبد الله الحسين بن نصر بن خميس. وببغداد أبا الكرم ابن الشّهرزوري، وجدّه. وولد في سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة بالموصل، وبها مات في ربيع الأول. وكان ذا دينٍ، وصلاحٍ، وأخلاقٍ حسنة.) روى عنه الدّبيثيّ، وقال: نعم الشّيخ كان والضياء المقدسيّ، والزّين عبد الله بن النّاصح. وأجاز لجماعة. وروى لنا عنه بالإجازة الشهاب الأبرقوهيّ، وقال: يغلب على ظنّي أنّني سمعت منه جزء ابن كرامة.

(45/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 118
4 (عبد الملك بن عبد الملك بن يوسف بن محمد بن قدامة، ابن الفقيه. أبو محمد، المقدسيّ.)
روى عن يحيى الثّقفيّ. ومات كهلاً في ذي القعدة. وهو والد المسند كمال الدّين عبد الرحيم.
4 (عبد المنعم بن عليّ بن عبد الغنيّ.)
أبو محمد، القرشيّ، الصّقلّي، أخو الزّين عليّ الضّرير. قال أبو شامة: كان صالحاً، خيّراً، مقرئاً. قرأ على الكندي، وعلى شيخنا السّخاويّ.
4 (عبيد الله بن عليّ بن أبي السّعادات المبارك بن الحسين بن نغوبا. أبو المعالي، الواسطيّ،)
الصّوفيّ. ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وأحمد بن عبيد الله الآمديّ، وصالح بن سعد الله بن الجوّانيّ، ومحمد بن محمد بن أبي زنبقة. وقدم بغداد مع والده، وسمع من هبة الله ابن الشّبليّ، وابن البطّي، والنّقيب أحمد بن عليّ، وشهدة.

(45/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 119
وروى عنه الدّبيثيّ، والبرزاليّ، وجماعة. وتوفّي في العشرين من جمادى الأولى. وقد حدّث من بيته جماعةٌ: فجدّه من شيوخ الكنديّ، وأبوه من شيوخ الشيخ الموفّق، وله أخوان رويا وعبد الله، وعليّ مضيا قبله. وكان لا بأس به. عطاء الله بن منصور بن نصر. القاضي، الفقيه، أبو محمد، اللّكّيّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ. ولد سنة ثلاثٍ وخمسين. وناب في الحكم ببلده مدّةً. وكان ديّناً، خيّراً، مقبلاً على شأنه. وجدّ نصر بالتّحريك. ولم يسمع من السّلفيّ إنّما روى عنه بالإجازة.
4 (عليّ ابن علم الدّين سليمان بن جندر، الأمير سيف الدّين.)
من أمراء حلب الأعيان، بنى بحلب مدرستين، وبنى الخانات في الطّريق. وله المواقف) المشهورة، والصّدقات. مات بحلب في جمادى الأولى.
4 (عليّ بن محمد بن أحمد بن حريق.)
أبو الحسن، المخزوميّ، البلنسيّ، الشّاعر.

(45/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 120
قال الأبّار: شاعر بلنسية الفحل المستبحر في الآداب واللّغات. روى عن أبي عبد الله بن حميد. وكان عالماً بفنون الآداب، حافظاً لأشعار العرب وأيامها، شاعراً مفلقاً، اعترف له بالسّبق بلغاء وقته، ودوّن شعره في مجلّدتين. وله مقصورة كالدّريديّة سمعتها منه، وصحبته مدّة، وأخذ عنه أصحابنا. ولد سنة إحدى وخمسين. وتوفّي في ثامن عشر شعبان. قال ابن مسدي: كان إن نظم أعجز وأبدع، وإن نثر أوجز وأبلغ، سحب ذيل الفصاحة على سحبانها، ونبغ بإحسان على نابغتها وحسّانها. سمعت من تواليفه، فمن ذلك:
(يا صاحبيّ وما البخيل بصاحبي .......... هذي الخيام فأين تلك الأدمع)

(أتمرّ بالعرصات لا تبكي بها .......... وهي المعاهد منهم والأربع)

(يا سعد ما لهذا المقام وقد نأوا .......... أتقيم من بعد القلوب الأضلع)

(وأبى الهوى إلاّ الحلول بلعلعٍ .......... ويح المطايا أين منها لعلع)

(لم أدر أين ثووا فلم أسأل بهم .......... ريحاً تهبّ ولا بريقاً يلمع)
عليّ بن منصور بن عبد الله. أبو الحسن، اللّغويّ. كان علاّمةً في اللّغة، بصيراً بالعربيّة، إلاّ أنّه كان ضجوراً يأبى التّصدّر والتّصدير للإشغال، ولم يتأهّل قط. وكان مقيماً بالنّظاميّة، وكان أحد الأذكياء حفظ المجمل لابن فارس كلّ يوم كرّاساً، وحفظ إصلاح المنطق وأشياء كثيرة، وكان سريع الحفظ. وعاش بضعاً وسبعين سنة.

(45/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 121
عليّ بن أبي الكرم نصر بن المبارك بن أبي السّيّد بن محمد. أبو الحسن، الواسطيّ، ثمّ البغداديّ، ثمّ المكّيّ، المولد والدّار، الخلاّل، المعروف بابن البنّاء. راوي جامع التّرمذيّ عن أبي الفتح الكروخيّ. حدّث بمكّة، والإسكندرية، ومصر، ودمياط، وقوص وسمع منه لهذا الكتاب خلقٌ كثير. وهو آخر من رواه عن الكروخيّ، وسماعه صحيح. قال ابن نقطة: ذكر لي أنّه وقع له نحواً من ثلثه بخطّ الكروخيّ. وهو شيخٌ فقير عامّيّ، سألته) أن أقرأ عليه، فقال: اقرأ ما شئت، وقد أجزت لك ولولدك لكن لا أكتب لك خطّي، فقرأت عليه في سنة خمس عشرة حديثاً

(45/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 122
واحداً، ثمّ سمعت منه بعد ذلك بعض الجامع. روى عنه: ابن نقطة، والزّكيّ المنذريّ، ومحمد بن صالح التّنّيسيّ، ومحمد بن عبد العزيز الإسكندرانيّ، وزين الدّين محمد ابن الموفّق الإسكندرانيّ الخطيب، والضّياء محمد بن عمر التّوزريّ، ومحمد بن منصور ابن أحمد الحضرميّ الإسكندرانيّ، والحسن بن عثمان القابسيّ المحتسب، وعبد المحسن بن ظافر الحجريّ، وعبد المحسن بن يحيى البجائي، وإسحاق ابن إبراهيم بن قريش المخزوميّ، والقطب محمد بن أحمد ابن القسطلاّنيّ، ومحمد بن عبد الخالق بن طرخان الأمويّ، وعليّ بن صالح الحسينيّ، ويوسف بن إسحاق الطّبريّ المكّيّان، وآخر من روى عنه محمد بن ترجم بالقاهرة. توفّي في ربيع الأول، وقيل: في صفر بمكّة عن سنٍّ عاليةٍ.
4 (عليّ بن يوسف بن عبد الله بن بندار. قاضي القضاة بالدّيار المصرية، زين الدّين، أبو)
الحسن، ابن العلاّمة أبي المحاسن، الدّمشقيّ، ثمّ البغداديّ. روى مسند الشّافعيّ عن أي زرعة المقدسيّ. وولد في سنة خمسين وخمسمائة ببغداد وتفقّه بها على والده، وسافر

(45/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 123
عن بغداد في سنة سبعٍ وسبعين. وكان فقيهاً، إماماً، محتشماً، متواضعاً، خيّراً، حسن الأخلاق، محبّاً لأهل العلم. روى عن: البرزاليّ، والحافظ عبد العظيم، وابنه أبو العبّاس أحمد بن عليّ، وجماعة. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ. وتوفّي في ثالث عشر جمادى الآخرة بالقاهرة.
4 (عليّ بن يوسف بن أيّوب بن شاذي. السلطان، الملك الأفضل، نور الدّين، ابن السلطان)
الملك النّاصر صلاح الدّين. ولد يوم عيد الفطر سنة خمسٍ وستّين بالقاهرة، وقيل: سنة ست وستّين. وسمع من عبد الله بن بري النّحويّ، وأبي الطّاهر إسماعيل بن عوف الزّهريّ، وأجاز له جماعة. وله شعرٌ حسنٌ، وترسّلٌ، وخطٌّ مليح. وكان أسنّ الإخوة، وإليه كانت ولاية عهد أبيه. ولمّا مات أبوه، كان معه بدمشق، فاستقلّ بسلطنتها، واستقلّ أخوه الملك العزيز بمصر، وأخوهما الظّاهر بحلب. ثمّ جرت للأفضل والعزيز فتنٌ وحروب، ثمّ اتّفق العزيز وعمّه الملك العادل على الأفضل،) وقصدا دمشق، وحاصراه، وأخذاها منه، فالتجأ إلى

(45/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 124
صرخد، وأقام بها قليلاً. فمات العزيز بمصر، وقام ولده المنصور محمد وهو صبيٌّ، فطلبوا له الملك الأفضل ليكون أتابكه فقدم مصر، ومشى في ركاب الصّبيّ. ثمّ إنّ العادل عمل على الأفضل، وقدم مصر وأخذها، ودفع إلى الأفضل ثلاثة مدائن بالشرق، فسار إليها، فلم يحصل له سوى سميساط، فأقام بها مدّة. وما أحسن ما قال القاضي الفاضل: أمّا هذا البيت، فإنّ الآباء منه اتفقوا، فملكوا، والأبناء منه اختلفوا، فهلكوا. وقيل: كان فيه تشيّعٌ. ولمّا عمل عمّه العادل أبو بكر قال:
(ذي سنٌّ بين الأنام قديمةٌ .......... أبداً أبو بكرٍ يجور على عليّ)
وكتب إلى الخليفة:
(مولاي إنّ أبا بكرٍ وصاحبه .......... عثمان قد غصبا بالسّيف حقّ علي)

(وهو الّذي كان قد ولاّه والده .......... عليهما واستقام الأمر حين ولي)

(فحالفاه وحلاّ عقد بيعته .......... والأمر بينهما والفصّ فيه جلي)

(فانظر إلى خطّ هذا الاسم كيف لقي .......... منه الأواخر ما لاقى من الأول)
فجاءه في جواب النّاصر لدين الله:
(وافى كتابك يا بن يوسف معلناً .......... بالودّ يخبر أنّ أصلك طاهر)

(غصبوا علياً حقّه إذ لم يكن .......... بعد النّبيّ له بطيبة ناصر)

(فابشر فإنّ غداً عليه حسابهم .......... واصبر فناصرك الإمام النّاصر)
وقيل ولم يصح إنّه جرّد سبعين ألفاً لنصرته. فجاءه الخبر أنّ الأمر قد فات، فبطل التّجريد. قال ابن الأثير في تاريخه: ولم يملك الأفضل مملكة قطّ إلا وأخذها منه عمّه العادل فأوّل ذلك أنّ أباه أقطعه حرّان وميّافارقين سنة ستّ وثمانين وخمسمائة، فسار إليها، فأرسل إليه أبوه، وردّه من حلب، وأعطى

(45/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 125
حرّان وميّافارقين لأخيه الملك العادل. ثمّ ملك الأفضل دمشق بعد والده، فأخذها منه عمّه العادل في شعبان سنة اثنتين وتسعين، ثمّ ملك مصر بعد أخيه العزيز، فأخذها منه. ثمّ ملك صرخد، فأخذها منه. قال: وكان من محاسن الدّنيا لم يكن في الملوك مثله. كان خيّراً، عادلاً، فاضلاً، حليماً، كريماً،) قلّ أن عاقب على ذنب. إلى أن قال: وبالجملة اجتمع فيه من الفضائل والمناقب ما تفرّق في كثير من الملوك. لا جرم حرم الملك والدّنيا، وعاداه الدّهر، ومات بموته كلّ خلقٍ جميل وفعلٍ حميد. ولمّا مات اختلف أولاده وعمّهم قطب الدّين. وقال صاحب كتاب جنى النخل: حضرت يوماً بسميساط، وصاحبها يومئذٍ الأفضل، فنظر إلى صبيّ تركيّ لابسٍ زرديّة، فقال على البديه:
(وذي قلبٍ جليدٍ ليس يقوى .......... على هجرانه القلب الجليد)

(تدرّع للوغى درعاً فأضحى .......... وظاهره وباطنه حديد)
ثمّ أنشدني لنفسه:
(أما آن للحظّ الّذي أنا طالب .......... من الدّهر يوماً أن أرى وهو طالبي)

(وهل يرينّي الدّهر أيدي شيعتي .......... تحكم قهراً في نواصي النّواصب)
وله:
(يا من يسوّد شعره بخضابه .......... لعساه في أهل الشّبيبة يحصل)

(ها فاختضب بسواد خطّي مرّةً .......... ولك الأمان بأنّه لا ينصل)
مات فجاءة في صفر بسميساط: وهي قلعةٌ على فالفرات بين قلعة الروم وملطية، ونقل إلى حلب، فدفن بتربة له بقرب مشهد الهرويّ.

(45/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 126
4 (عليّ بن أبي القاسم بن أبي بكر الحريميّ، الدّلاّل.)
سمع من: يحيى بن ثابت، وأحمد بن بنيمان الحريميّ. ومات في ربيع الأول.
4 (عليّ المولّه الكرديّ، بدمشق.)
وكان يكون بظاهر باب الجابية. وللعوامّ فيه اعتقاد، ويقولون: له كرامات. وكان لا يصوم ولا يصلّي، ويدوس النّجاسة. قاله أبو شامة.
4 (عمر بن بدر بن سعيد.)
المحدّث، أبو حفص، الكرديّ، الموصليّ، الحنفيّ. له تصانيف ومجاميع، ولم يزل يسمع إلى أن مات. لقبه ضياء الدّين. سمع: ابن كليب، ومحمد بن المبارك ابن الحلاويّ، وابن الجوزيّ، وطبقتهم. وحدّث بحلب ودمشق.) روى عنه: مجد الدّين ابن العديم وأخته شهدة، والفخر عليّ ابن البخاريّ، وقبلهم الشّهاب القوصيّ، وغيره. وسماع الفخر منه بالقدس. وتوفّي في شوّال بدمشق بالبيمارستان النّوريّ، وله بضعٌ وستّون سنة.

(45/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 127
4 (عمر بن القاسم بن مفرّج بن درع. أبو عبد الله، التّكريتيّ، الفقيه الشافعيّ، أخو القاضي)
يحيى قاضي تكريت. مات في جمادى الآخرة عن اثنتين وثمانين سنة. إمامٌ، مفتٍ، حسن النظم. ذكر في قلائد الجمان.
4 (حرف الغين)

4 (غالب بن أبي سعد بن غالب بن أحمد.)
أبو غالب، الحربيّ، الغزالّ. سمع من أبي الفتح بن البطّي. روى لنا عنه بالإجازة الشهاب الأبرقوهيّ. وتوفّي في ربيع الآخر.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الجبّار.)
أبو الغنائم، الواسطيّ، الشاعر. توفّي في ذي القعدة، وله بضع وثمانون سنة.

(45/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 128
ومن شعره:
(أيا شجراتٍ بالمصلّى قديمةً .......... سلامٌ عليكنّ الغداة سلام)

(ويا بان كثبان الجنيبة هل لنا .......... بظلّك من بعد البعاد مقام)

4 (محمد بن أحمد بن مسعود الشاطبيّ.)
سيأتي سنة خمس، ولكن ورّخه ابن مسدي في عام اثنتين، فالله أعلم.
4 (محمد بن إبراهيم بن أحمد بن طاهر. الشيخ فخر الدّين، أبو عبد الله، الفارسيّ، الشيرازيّ،)
الخبريّ، الفيروز آباديّ، الصّوفيّ، الشافعيّ. قدم دمشق سنة ستٍّ وستّين وخمسمائة، وعمره سبع وثلاثون سنة، فسمع من الحافظ أبي القاسم بن عساكر، وسافر إلى الإسكندرية في شعبان، فسمع من السّلفيّ، وسمع من أبي الغنائم) المطهّر بن خلف بن عبد الكريم النّيسابوريّ، وأبي القاسم محمود بن محمد القزوينيّ، وجماعة من المتأخّرين. وعلى تقدير عمره كان يمكنه السماع من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاريّ، وطبقته.

(45/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 129
قال المنذريّ: صنّف في الطّريقة كتاباً مشهوراً، وحدّث بالكثير، وجاور بمكّة زماناً، وانقطع في آخر عمره بمعبد ذي النّون بالقرافة. قلت: روى عنه هو، والرشيد عبد الله والجلال عيسى ابنا حسنٍ القاهريّ، والضّياء عليّ ومحمد ابنا عيسى بن سليمان الطّائي، والشهاب الأبرقوهيّ، وطائفة. وأراني شيخاً العماد الحزّاميّ له خطبة كتاب، فيها أشياء منكرة تدلّ على انحرافه في تصوّفه، والله أعلم بحقيقة أمره. وقال للزّكيّ المنذريّ: نحن من خبر سروشين، وهي من أعمال شيراز. وتوفّي في سادس عشر ذي الحجّة. وقد مدحه عمر ابن الحاجب: بالحقيقة، والأحوال، والجلالة، وأنّه فصيح العبارة، كثير المحفوظ. ثمّ قال: إلاّ أنّه كان كثير الوقيعة في الناس لمن يعرف ولم لا يعرف، لا يفكّر في عاقبة ما يقول. وكان عنده دعابة في غالب الوقت، وكان صاحب أصول يحدّث منها، وعنده أنسةٌ بما يقرأ عليه. وقال ابن نقطة: قرأت عليه يوماً حكاية عن ابن معين، فسبّه ونال منه، فأنكرت عليه بلطف. قلت: أول كتابه برق النّقا شمس اللّقا: الحمد لله الّذي أودع الحدود والقدود الحسن، واللّمحات الحوريّة السّالبة بها إليها أرواح الأحرار المفتونة بأسرار الصّباحة، المكنونة في أرجاء سرحة العذار، والنّامية تحت أغطية السّبحانية، وخباء القيومية، المفتونة بغررها قلوب أولي الأيدي والأبصار بنشقة عبقة الخزام الفائحة عن أرجاء الدّار، وأكناف الدّيار، الدّالّة على الأشعّة الجمالية، الموجبة خلع العذار، وكشف الأستار بالبراقع المسبلة على سيماء الملاحة المذهبة بالعقول إلى بيع العقار على ذرى الجمال المصون وراء سحب الأوكار، المذهلة بلطافة الوصلة عن هبوب الرياح المثيرة نيران الاشتياق إلى ثورة الحسن المسحبة عليها أذيال العشق، والافتنان من سورة الإسكار، ومن لواعج الخمار، المزعجة أرواح الطّائفة، الطّائفة حول هالة المشاهدة، والكعبة

(45/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 130
العيانية لاختلاس المكالمة، وطيب الدّلال في السرار.
4 (محمد بن إسماعيل بن محمود بن أحمد. القاضي، صفيّ الدّين أبو عبد الله، ابن الفقيه، أبي)
) الطّاهر، الأنصاريّ، الدّمشقيّ الأصل، المحلّيّ، الشافعيّ، الصّفيّ، الكاتب. تفقّه بمصر على الفقيه أبي إسحاق بن مزيبل ولازمه مدّة. وسمع من

(45/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 131
أبيه، ومن عشير بن عليّ المزارع. وكتب في ديوان الإنشاء العادلي مدّة. ومات بحلب. وكان لأبيه قبولٌ تامّ بالمحلّة.
4 (محمد بن أبي الوليد إسماعيل بن محمد. أبو بكر، الحضرميّ.)
إمام جامع مرسية. كان ينسخ تفسير أبي محمد بن عطيّة وله به عنايةٌ ورواية، كرّر نسخه إلى الممات ومنه كان يقتات. أخذ عن أبي بكر بن خير، وابن بشكوال. قال ابن مسدي: أكثرت عنه، وكان مولده سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة.
4 (محمد بن جعفر. أبو الخطّاب، الرّبعيّ.)
شاعر مات بالرّقة شابّاً، فمن نظمه:
(متى لاح دون الورد آس عذاره .......... فجنّته خفّت بأهوال ناره)

(غريرٌ جرى ماء النعيم بخدّه .......... فزاد اتّقاد النّار في جلّنار)

4 (محمد بن الحسين بن أبي المكارم أحمد بن الحسين بن بهرام. القاضي الصّالح، العالم مجد)
الدّين، أبو المجد، القزوينيّ، الصّوفيّ. ولد في صفر سنة أربع وخمسين وخمسمائة بقزوين. وسمع: أباه، ومحمد بن أسعد حفدة العطاريّ، وأحمد بن ينال التّرك، وأبا الخير أحمد بن إسماعيل القزوينيّ، وعمر الميانشيّ، وابا الفرج ثابت بن محمد المدينيّ، وجماعة.

(45/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 132
وحدّث بأذربيجان، وبغداد، والموصل، ورأس العين، ودمشق، وبعلبكّ، والقاهرة. ونزل بخانقاه سعيد السعداء. قال المنذريّ: كان شيخاً صالحاً، حصل له بمصر قبولٌ. ووالده قدم مصر وحدّث وقد تقدّم. وقال ابن الحاجب: كان شيخاً بهيّ المنظر، كريم الأخلاق، طويل الروح، صاحب أصول. قلت: سمع منه شرح السّنّة ومعالم التّنزيل خلقٌ كثير. ونسخته وقفٌ بدار الحديث الأشرفية بدمشق. روى عنه: الضّياء المقدسيّ، والزّكيّ المنذريّ، وعزّ الدّين عبد الرّزاق ابن رزق الله) الرسعنيّ، والسيف عبد الرحمن بن محفوظ الرّسعنيّ، وعبد القاهر بن تيمية، وأبو الغنائم بن محاسن الكفرّايي، والتّاج عبد الخالق قاضي بعلبكّ، والبهاء عبد الله بن الحسن بن محبوب، والفقيه عباس بن عمر بن عبدان، وأمين الدّين عبد الصّمد بن عساكر، وابن عمّه الشرف أحمد ابن هبة الله، والنّجم أحمد ابن الشهاب القوصيّ وأبوه، والمحيي يحيى بن عليّ ابن القلانسيّ، وعليّ بن الحسن بن صبّاح المخزوميّ، والجمال عمر ابن العقيميّ، والكمال عبد الله بن قوام، والعزّ إسماعيل ابن الفرّاء، والعزّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الكمال، والتّقيّ إبراهيم ابن الواسطيّ وأخوه محمد، والتّقيّ أحمد بن مؤمن، وإبراهيم بن أبي الحسن الفرّاء، ومحمد بن عليّ بن شمام الذّهبيّ، والعماد أحمد بن محمد بن سعد، والفخر عبد الرحمن ابن يوسف الحنبليّ، والشمس خضر بن عبدان الأزديّ، والشهاب الأبرقوهيّ، وأبو الفرج عبد الرحمن بن عبد الوهّاب السّلميّ خطيب بعلبكّ، وهو آخر من حدّث عنه بالسماع.

(45/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 133
توفّي بالموصل في ثالث عشر شعبان، وقيل: في الثالث والعشرين منه.
4 (محمد بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن عليّ بن عبد الله. الإمام فخر الدّين،)
أبو عبد الله، ابن تيمية، الحرّانيّ، الفقيه الحنبليّ، الواعظ، المفسّر، صاحب الخطب. شيخ حرّان وعالمها. ولد في شعبان سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة بحرّان. وتفقّه بحرّان على الفقيه أبي الفتح أحمد بن أبي الوفا، وأبي الفضل حامد بن أبي الحجر، وتفقّه ببغداد على الإمام أبي الفتح نصر بن المنّي، وأبي العباس أحمد بن بكروس. وسمع من أبي الفتح بن البطّي، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النّقور، وأبي طالب بن خضير، وسعد الله بن نصر الدّجاجيّ، وأبي منصور جعفر ابن

(45/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 134
الدّامغانيّ، وشهدة، وخلقٍ. وقرأ العربية على أبي محمد بن الخشّاب. وله مصنّف مختصر في مذهب أحمد، وشعرٌ حسن. حجّ جدّه وله امرأة حامل، فلما كان بتيماء، رأى طفلةً قد خرجت من خباء، فلمّا رجع إلى حرّان، وجد امرأته قد ولدت بنتاً، فلمّا رآها قال: يا تيميّة يا تيميّة فلقّب به. وأمّا ابن النّجّار فقال: ذكر لنا أنّ جدّه محمداً، كانت أمّه تسمّى تيميّة، وكانت واعظةً، فنسب إليها، وعرف بها. قلت: وكان فخر الدّين إماماً في التّفسير، إماماً في الفقه، إماماً في اللّغة.) ولي خطابة بلده، ودرّس، ووعظ، وأفتى. وقد سمع بحرّان من الشيخ أبي النجيب السّهرورديّ، قدم عليهم. قال الشهاب القوصيّ: قرأت عليه ديوان خطبه بحرّان. وروى عنه: الإمام مجد الدّين عبد السلام ابن أخيه، والجمال يحيى بن الصّيرفيّ، وعبد الله ابن أبي العزّ بن صدقة، والفقيه أبو بكر بن إلياس الرّسعنيّ نزيل القاهرة، والسيف عبد الرحمن بن محفوظ، والشهاب الأبرقوهيّ، والرشيد عمر بن إسماعيل الفارقيّ، سمع منه جزء البانياسيّ وإنّما ظهر بعد موته. مات في صفر. أخبرنا الأبرقوهي، أخبرنا أبو عبد الله ابن تيميّة، أخبرنا ابن البطّي، أخبرنا عليّ بن محمد الأنباريّ، أخبرنا أبو عمر بن مهديّ، أخبرنا محمد بن مخلد، حدّثنا أحمد بن منصور الرّماديّ، حدّثناعمرو بن حكّام، أخبرنا شعبة، عن مالك، عن عمرو بن مسلم، عن سعيد بن المسيّب، عن أمّ سلمة، عن

(45/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 135
النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: من رأى هلال ذي الحجّة، فأراد أن يضحّي، فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره حتّى يضحّي. رواه مسلم. توفّي في حادي عشر صفر بحرّان. وقدم دمشق رسولاً سنة ستمائة، فحدّث بها.
4 (محمد بن صدقة.)
أبو عليّ، الخطّاط، المعروف بالخفاجيّ، الشاعر. مدح النّاصر لدين الله، وغيره. وعاش إحدى وخمسين سنة. ومات في شوّال ببغداد. فمن شعره:
(ضعف الشّقيّ بكم لقوّة دائه .......... وأذلّه في الحبّ عزّ دوائه)

(أضحى يعالج دون رملي عالج .......... حرقاً من الأشواق حشو حشائه)

(لم يقض من دنياه بعض ديونه .......... وغرامه في العذل من غرمائه)

(لم أنسه إذ زار زوراً والدّجى .......... متلفّتٌ والصّبح من رقبائه)

(رشأ إذا حاولت منه نظرةً .......... ودّع فؤادك قبل يوم لقائه)

(قسم الزّمان على البريّة حبّه .......... شطرين بين رجاله ونسائه)

(يا عاذل المشتاق كفّ ولا تلم .......... من باع فيه نعيمه بشقائه)

(فالصّبر يغدر بالمحبّ وشوقه .......... أبداً يقوم له بحسن وفائه)
)
4 (محمد بن ظافر بن عليّ بن فتوح بن حسين. أبو عبد الله، ابن

(45/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 136
رواج، الأزديّ،)
الإسكندرانيّ، أخو المحدّث عبد الوهّاب. روى عن السّلفيّ روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره.
4 (محمد بن عبد الجليل بن عثمان.)
أبو عبد الله، المينيّ، الصّوفيّ. روى عن حفدة العطّاريّ وعنه مجد الدّين العديميّ. وتوفّي بحلب في سلخ جمادى الأولى.
4 (محمد بن عليّ بن موسى.)
أبو بكر، الأنصاريّ، الشّريشيّ، ويعرف بابن الغزال. أخذ القراءآت عن أبي الحسن بن ناصر القرطبيّ، وأبي الحسن بن لبال وسمع منهما ومن أبي بكر بن الجدّ. وأقرأ، ودرّس الفقه. وحدّث. وكان فقيهاً، إماماً مشاوراً، زاهداً. روى عنه: ابنه يوسف وأبو إسحاق بن الكمّاد. بقي إلى هذا العام، ولا أعلم وفاته.
4 (محمد بن معالي بن محمد البغداديّ.)
سمع من أبي الفتح بن البطّي. ومات بواقصة راجعاً من الحجّ في المحرّم. وواقصة: قريبة من الكوفة.
4 (محمد بن يعقوب بن عبد الله المارستانيّ.)
أبو بكر، أخو أحمد. سمع من: لاحق بن كاره، وغيره. وحدّث.

(45/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 137
4 (محمد بن أبي سعيد بن أبي طاهر.)
أبو عبد الله، الحنبليّ، الإصبهانيّ. روى عن: عبد الله بن علي الطّامذيّ، وأبي المطهّر الصّيدلانيّ، وجماعة. روى عنه: البرزاليّ، والضّياء، وبالإجازة الشيخ شمس الدّين عبد الرحمن، وغيره.
4 (مخلد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد.)
أبو الحسين، أخو القاضي أبي القاسم أحمد بن بقيّ القرطبيّ.) سمع من: أبيه، ومن جدّه أبي الحسين عبد الرحمن، وأبي يحيى الجزائريّ الصّوفيّ. وأجاء له أبو مروان بن قزمان. وولي الأنكحة مدّة. وكان متصوّناً، منقبضاً. توفّي في المحرّم، وله سبعون إلاّ سنةّ.
4 (مظفّر بن القاسم بن المظفّر بن سابان.)
أبو القاسم، الحربيّ، التّاجر. حدّث عن أبي الفتح بن البطّي. وتوفّي في ربيع الآخر. روى عن ابن النجّار.
4 (حرف النون)

4 (النّجيب بن هبة الله القوصيّ، التّاجر.)
مات بمصر في ذي الحجّة. وكان من كبار المتموّلين، وله مدرسةٌ مشهورةٌ بقوص.
4 (النّفيس بن كرم بن جبارة.)
أبو محمد، البغداديّ، المقرئ، المكاريّ.

(45/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 138
سمع من: أبي الوقت، وهبة الله بن أحمد الشّبليّ، وجعفر بن أحمد المحلّي. وكان شيخاً صالحاً، مقرئاً. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النجّار، وروى عنه الأبرقوهيّ جزء أبي الجّهم. ومكان من أبناء الثّمانين، توفّي في رابع جمادى الأولى.
4 (حرف الهاء)

4 (هاجر بنت إسماعيل بن محمد بن يحيى الزّبيديّ.)
أمّ الخير، البغداديّة، الواعظة، العالمة. ختم عليها القرآن جماعةٌ. وكانت صالحة، عابدةً، من بيت علم ورواية. سمعت من أبي المكارم محمد بن أحمد الطّاهريّ الراوي عن أبي عبد الله ابن البسريّ، ومن أحمد ويحيى ابني موهوب بن السّدنك. وحدّثت. ومات أبوها شابّاً، وماتت في الحادي والعشرين من رجب.
4 (هبة الله ابن العدل أبي المكارم إسماعيل بن هبة الله.)
عزّ القضاة، أبو القاسم، المليجيّ، ثمّ المصريّ. ولد سنة اثنتين وستّين وخمسمائة. وسمع من عبد الله بن برّي، وغيره.) وحدّث. ومليج: من أعمال الغربيّة.
4 (هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن رواحة.)
زكيّ الدّين، الأنصاريّ، الحمويّ، التّاجر، المعدّل.

(45/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 139
كان كثير الأموال، محتشماً، أنشأ مدرسةً بدمشق، وأخرى بحلب. حدّث عن أبي الفرج بن كليب. وإنّما قيل له: ابن رواحة، لأنّه ابن أخت أبي عبد الله الحسين بن عبد الله بن رواحة. توفّي في سابع رجب. وغلط من قال: إنّه مات في سنة ثلاث. وكان أوصى أن يدفن في مدرسته بدمشق في البيت القبو، فما مكّنهم المدرّس وهو الشيخ تقيّ الدّين ابن الصلاح. وشرط على الفقهاء والمدرّس شروطاً صعبةً لا يمكن القيام ببعضها وشرط أن لا يدخل مدرسته يهودياً ولا نصرانياً، ولا حنبلياً حشوياً.
4 (حرف الياء)

4 (ياقوت، مهذّب الدّين، الرّومي، ثمّ البغداديّ، الشاعر، مولى أبي نصر الجيليّ التّاجر.)
كان مكثراً من الأدب، مليح القول، لطيف المعاني. وكان له بيت بالمدرسة النّظاميّة، فوجد فيه ميتاً في جمادى الأولى. ومن شعره:
(إن غاض دمعك والأحباب قد بانوا .......... فكلّ ما تدّعي زورٌ وبهتان)

(وكيف تأنس أو تنسى خيالهم .......... وقد خلا منهم ربعٌ وأوطان)

(لا أوحش الله من قوم نأوا فنأى .......... عن النّواظر أقمارٌ وأغصان)

(ساروا فسار فؤادي إثر ظعنهم .......... وبان جيش اصطباري عندما بانوا)

(يا من تملّك رقي حسن بهجته .......... سلطان حسنك ما لي منه إحسان)

(كن كيف شئت فما لي عنك من بدلٍ .......... أنت الزّلال لقلبي وهو ظمآن)

(45/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 140
4 (يحيى بن أبي طاهر بن أبي العزّ بن حمدون الطيبي، الخيّاط.)
روى عن أبي طالب بن خضير. ومات في شعبان.
4 (يعيش بن ريحان بن مالك، الفقيه.)
أبو المكارم، الأنباريّ، ثمّ البغداديّ، الحنبليّ. ولد بعيد الأربعين وخمسمائة، وكان صالحاً. زاهداً، منقبضاً عن النّاس، من كبار الحنابلة. سمع من: أبي رزعة المقدسيّ، وأبي حامد محمد بن أبي الربيع الغرناطيّ، وسعد الله بن نصر) ابن الدّجاجيّ، وشهدة الكاتبة، وجماعة. روى عنه: الدّبيثيّ، والضّياء، والكمال عبد الرحمن شيخ المستنصرية، وآخرون. وتوفّي في منتصف ذي الحجّة.
4 (الكنى)

4 (أبو البركات بن مكّيّ النجّاد.)
شيخٌ صالح. سمع من أبي زرعة بعض مسند الشافعيّ. مات في ذي الحجّة.

(45/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 141
4 (أبو عبد الله بن عبد الكريم بن سعيد بن كليب الحرّانيّ الأصل، المصريّ، الحدّاد،)
السّكاكينيّ. سمع من قريبه أبي الفرج عبد المنعم بن كليب ببغداد، وسمع بالإسكندرية من السّلفيّ. روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وقال: مات في رمضان.
4 (وفيها ولد)
القاضي شرف الدين أحمد بن أحمد المقدسيّ. والمحدّث تقيّ الدّين عبيد بن محمد الإسعرديّ. والجمال إبراهيم بن داود الفاضليّ. والنور أحمد بن إبراهيم بن مصعب. والعزّ محمد بن أحمد بن أبي الفهم ابن البقّال. والمحيي يحيى بن محمد ابن العدل الزّبدانيّ. وشريف بن مكتوم الزّرعيّ. والشمس محمد بن محمود بن سيما. والشهاب محمود بن محمد بن عبد الله القرشيّ الشاهد. والمعين محمد بن أحمد بن عبد العزيز ابن الصوّاف الإسكندرانيّ. ووجيهة بنت عمر الهواريّ. والخطيب موفّق الدّين محمد بن محمد بن حبيش الحمويّ الشافعيّ. وأبو الحسن عليّ بن نصر الله بن عمر، ابن الصوّاف، صاحب ابن باقا. ومريم بنت أحمد بن حاتم ببعلبكّ.) والسديد أحمد بن محمد بن فيل الكنانيّ بدمياط.

(45/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 142
والنّجم راجح بن عليّ الأزديّ بمصر. والملك القاهر عبد الملك ابن الملك المعظّم. والقاضي جمال الدّين أبو بكر بن عبد العظيم ابن السّقطيّ بمصر. وتاج العرب بنت المسلّم بن علاّن. والشرف أحمد بن عبد الكرم ابن الكبلج، سمع ابن رواج.

(45/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 143
4 (وفيات سنة ثلاث وعشرين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن. الإمام فقيه المغرب، أبو العبّاس، الرّبعيّ،)
التّونسيّ، المالكيّ، نزيل غرناطة. قال ابن مسدي: هو أحفظ من لقيت لمذهب مالك. تفقّه على أبيه أبي القاسم المعروف بالفقيه دمدم. وسمع من الحافظ عبد الحقّ، وجماعة. ولد في حدود سنة أربعين وخمسمائة.
4 (أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل ابن منصور. العلاّمة، شمس)
الدّين، أبو العبذاس، المقدسيّ، المعروف بالبخاريّ. والد الفخر عليّ، وأخو الحافظ الضّياء. ولد في شوّال سنة أربعٍ وستّين. ورحل إلى بغداد وهو ابن بضع عشرة مع أقاربه، فسمع من: أبي الفتح ابن شاتيل، ونصر الله القزاز، وعبد المغيث بن زهير، وجماعة. وكان قد سمع

(45/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 144
بدمشق من: أبي نصر عبد الرحيم اليوسفيّ، وأبي المعالي بن صابر، وأبي المجد البانياسيّ، وأبي الفهم بن أبي العجائز، والخضر بن هبة الله بن طاووس، وجماعة. ودخل نيسابور، فسمع من عبد المنعم بن عبد الله بن الفراويّ، وبهمذان من عليّ بن عبد الكريم الهمذانيّ، ودخل بخارى، فأقام بها مدّة، فلقّب بالبخاريّ وأخذ بها الخلاف عن الشرف أبي الخطّاب، واشتغل بالخلاف على الرضيّ النّيسابوريّ. روى عنه: أخوه، وابنه، وابن أخيه الشمس محمد ابن الكمال، وابن خاله شمس الدّين بن أبي عمر، والشهاب القوصيّ. وحدّثنا عنه العزّ ابن الفرّاء، والعزّ ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وخديجة بنت الرضيّ.) وكان إماماً، عالماً، مفتياً، مناظراً، ذا سمت ووقار. وكان كثير المحفظ، كثير الخير، حجّةً، صدوقاً، كثير الاحتمال، تامّ المروءة، فصيحاً، مفوّهاً لم يكن في المقادسة، أفصح منه. اتّفقت الألسنة على شكره. وقد أدرك أبا الفتح بن المنّي وتفقّه عليه. قال عمر ابن الحاجب: سألت أخاه الضّياء عنه، فقال: كان فقيهاً، ورعاً، ثقة. وقرأت أنا بخطّ الضّياء: في ليلة الجمعة خامس عشر جمادى الآخرة توفّي أخي الإمام العالم أبو العباس رحمة الله عليه ورضوانه، وشهرته وفضله، وما كان عليه يغني عن الإطناب في ذكره. ودفن إلى جانب خاله الإمام موفّق الدّين. قلت: وقد أقام بحمص مدّة، وبها سمع عليه ولده، والحافظ ابن نقطة، وغيرهما.
4 (أحمد بن أبي المظفّر محمد بن عبد الله بن محمد، ابن المعمّر.)
الرئيس أبو العزّ.

(45/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 145
حدّث عن أبي طالب بن خضير. وتوفّي في جمادى الآخرة. وولي أبوه ديوان الزّمام، وعمّه أبو الفضائل يحيى ناب في الوزارة.
4 (أحمد بن محمد بن يحيى.)
أبو العباس، ابن الهمذانيّ، البغداديّ، المؤدّب. سمّعه أبوه من مسلم بن ثابت النّحّاس، وجماعة. روى عنه ابن النّجّار في تاريخه.
4 (أحمد بن محمود بن أحمد بن ناصر.)
الفقيه، أبو العباس، الحريميّ، الحنبليّ، الإسكاف. تفقّه على والده الشيخ أبي البركات. وسمع من: أبي الفتح بن البطّي، ويحيى بن ثابت، وسعد الله ابن الدّجاجيّ. وحدّث. وعاش ثمانين سنة، ومات في رابع عشر جمادى الأولى.
4 (أحمد بن ناصر. الشيخ أبو العباس، الإسكاف، الحريميّ.)
تفقّه على والده أبي البركات، وسمع من: ابن البطّي، ويحيى ابن ثابت. روى عنه ابن النجّار وقال: كان شيخاً حسناً، متيقّظاً. توفّي في جمادى الأولى.
4 (إبراهيم ابن الحافظ عز الدّين محمد ابن الحافظ عبد الغنيّ المقدسيّ.)
)

(45/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 146
حدّث في طريق الحجّ عن ابن طبرزد. وكان شاباً، ساكناً، فيه حياء. توفّي في شوال.
4 (إبراهيم بن موسى، الأمير مبارز الدّين العادليّ، المعروف بالمعتمد، والي دمشق.)
ولد بالموصل، وقدم الشام، فخدم نائبها فرّخشاه بن شاهنشاه، وتقلّبت به الأحوال، ثمّ ولاّه الملك العادل شحنكية دمشق استقلالاً، فأحسن السيرة. قال أبو شامة: كان ديّناً، ورعاً، عفيفاً، نزهاً، اصطنع عالماً عظيماً، وكانت دمشق وأعمالها في ولايته لها حرمةٌ ظاهرة، وهي حرّة طاهرة. قال أبو المظفّر الجوزيّ: ومما جرى في ولايته، أنّ رجلاً خنق صبيّاً لحلقٍ في أذنيه، وأخرجه في قفّةٍ فدفنه، وكان جارهم، فاتّهمته أمّ الصبيّ به، فعذّبه المبارز، فلم يقرّ، فأطلقه وفي قلبها النار فطلّقت زوجها، وتزوّجت بالقاتل، وأقامت معه مدّة، فقالت يوماً وهي تداعبه وقد بلغها موت زوجها: راح الابن وأبوه، وكان منهما ما كان، أأنت قتلت الصبيّ قال: نعم، قالت: فأرني قبره، فخرج بها إلى مقابر باب الصّغير، وحفر القبر، فرأت ولدها، فلم تملك نفسها أن ضربت الرجل بسكّين معها شقّت بطنه، ودفعته فوقع في الحفرة. وجاءت إلى المبارز، فحدّثته، فقام وخرج معها إلى القبر، وقال لها: أحسنت والله ينبغي لنا كلّنا أن نشرب لك فتوّة. قال أبو المظفّر: وحكى لي المبارز قال: لمّا أبطل العادل الخمر، ركبت يوماً وإذا عند باب الفرج رجلٌ في رقبته طبلٌ، فقلت: شقّوا الطّبل فشقّوه، فإذا فيه زكرة خمر فبدّدتها، وضربته. فقلت: من أين علمت قال: رأيت رجليه وهي تلعب، فعلمت أنّه حاملٌ شيئاً ثقيلاً. وطالت ولايته.

(45/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 147
وكان في قلب المعظّم منه لأنّ الملك العادل كان يأمره أن يتتبّعه ويحفظه، فكان المعظّم وهو شابٌّ يدخل إلى دمشق في اللّيل، فيأمر المبارز غلمانه أن يتبعوه. فلمّا مات العادل، حبسه المعظّم مدّة، فلم يظهر عليه أنّه أخذ من أحدٍ شيئاً، فأنزله إلى داره، وحجر عليه، وبالغ في التّشديد عليه. ومات عن ثمانين سنة. ولم يؤخذ عليه شيء إلاّ أنّه كان يحبس وينسى، فعوقب بمثل فعله.
4 (إسحاق بن محمد بن المؤيّد بن عليّ بن إسماعيل. القاضي، المحدّث، رفيع الدّين، الهمذانيّ)
الأصل، المصريّ، الوبريّ، الشافعيّ.) ولد تقديراً في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة بمصر. وسمع من: أبيه، ومن الأرتاحيّ، وأبي الفضل الغزنويّ، وفاطمة بنت سعد الخير، وجماعة. ورحل سنة ثلاثٍ وستمائة، فسمع بدمشق من عمر بن طبرزد، وغيره. وببغداد من أصحاب قاضي المارستان، وباسط من أبي الفتح المندائي، وبإصبهان من عفيفة الفارقانيّة، وجماعة، وبشيراز، وهمذان، وجال في تلك الناحية. وتفقّه في مذهب الشّاعفيّ، وتزوّج. وولي قضاء أبرقوه مدّةً، ثمّ فارقها. ورحل بولديه محمد وشيخنا الشهاب، وسمّعهما بأبرقوه، وشيراز، وبغداد، والموصل، وحرّان، ودمشق، ومصر، وأماكن أخر، واستقرّ بالقاهرة. حدّثنا عنه ابنه الشّهاب. قال عمر ابن الحاجب في معجمه: هو أحد الرّحّالين، عارفٌ بما سمع، إمام مقرئ، حسن السيرة، له سمتٌ ووقار، على مذهب السّلف، كريم النفس، حسن القراءة. ولي قضاء بليدة اسمها أبرقوه، فلمّا جرى على البلاد من الكفّار يعني التّتر ما جرى، رجع إلى وطنه ومسقط رأسه. وكان

(45/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 148
معروفاً بالإقراء. وكان والده يقال له: الوبريّ. قال المنذريّ: توفّي في ليلة سابع عشر جمادى الأولى.
4 (أسعد بن بقاء الأزجيّ، النجّار.)
سمع من أبي طالب بن خضير. ومات في جمادى الأولى. روى عنه ابنا لنجّار، وقال: كان صالحاً، ملازماً لمجالس الحديث.
4 (إسماعيل بن ظافر بن عبد الله.)
الإمام، أبو الطّاهر، العقيليّ، المقرئ، المالكيّ.

(45/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 149
قرأ القراءآت والعربية، ونظر في التفسير، ودرّس، وأفاد. وكان ورعاً، صالحاً، كثير الفضائل، يعيش من كسبه. ولد سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. وسمع من: عليّ بن هبة الله الكامليّ، ومحمد بن عليّ الرّحبيّ، وعبد الله ابن برّي النّحويّ، وأبي المفاخر سعيد المأمونيّ، وطائفة. روى عنه الحافظ المنذريّ، وغيره. وتوفّي في رجب. وقد تصدّر بالجامع الظّافريّ بالقاهرة مدّةً.)
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن الحسن بن إبراهيم.)
الفقيه، تاج الدّين، أبو الفضل، الدّميريّ، المصريّ، الحنفيّ، المعدّل. قرأ القراءآت على أبي الجيوش عساكر بن عليّ. وتفقّه على الجمال عبد الله بن محمد بن سعد الله، والبدر عبد الوهّاب بن يوسف. وسمع من: عبد الله بن برّي، وأبي الفضل الغزنويّ، وجماعةً. ودرّس بمدرسة السّيوفيين مدّةً، ونسخ بخطّه المليح كثيراً، وكان حسن السمت، ومنجمعاً عن الناس. ولد في حدود سنة خمس وخمسين. روى عنه المنذريّ، وقال: توفّي في ذي القعدة.

(45/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 150
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن عليّ بن إبراهيم.)
الفقيه، أبو عليّ، الكركنتيّ، الصّقلّيّ، الشافعيّ، الشّروطيّ، الشاهد. ولد سنة ستٍّ وثلاثين وخمسمائة. وسمع: أبا الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، وعبد الرزّاق النّجّار، وذكر أنّه سمع من الصائن هبة الله بن عساكر. كتب عنه عمر ابن الحاجب، والطلبة. وحدّث عنه الزّكيّ البرزاليّ. ومات في شعبان.
4 (الحسين بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلّكان.)
الفقيه، ركن الدّين، أبو يحيى، الإربليّ، الشافعيّ. درّس بعدّة مدارس. وكان عارفاً بالمذهب، صالحاً، كثير التلاوة. سمع من يحيى الثقفيّ. وحدّث بإربل. ومات في ذي القعدة.
4 (الحسين بن أبي الوفاء صادق بن عبد الله بن نصر بن عليّ.)
القاضي، الأنجب، أبو عبد الله، المقدسيّ، ثمّ المصريّ، الشافعيّ، المعروف بابن الأنجب. روى عن السّلفيّ روى عنه الزّكيّ المنذريّ، والمصريّون. وعاش ثمانين سنةً. ومات في سادس رمضان.
4 (الحسين بن عليّ بن محمد بن عليّ.)
أبو عليّ، اللّيثيّ، الزّمانيّ بزاي مفتوحة وميم مخفّفة.) سمع من السّلفي. وحدّث. ومات في شوّال.

(45/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 151
4 (الحسين ابن القاضي المرتضى محمد ابن القاضي الجليس أبي المعالي عبد العزيز بن)
الحسين ابن الجبّاب. التّميميّ، السّعديّ، المصريّ، عزّ القضاة، أبو عليّ. سمع من: أبيه، وأبي المفاخر المأمونيّ، وعثمان بن فرج العبدريّ. وكان أديباً، وشاعراً، فاضلاً، محتشماً. ولد سنة ثمانٍ وخمسين، ومات في سادس عشر ذي القعدة. روى عنه المنذريّ.
4 (الحسين بن يوسف بن الحسين ابن العبديّ، البغداديّ.)
حدّث عن شهدة. ومات في ربيع الأول.
4 (حرف الخاء)

4 (خديجة بنت الحافظ أبي طاهر السّلفيّ.)
سمعت من والدها وحدّثت. قال المنذريّ: وقدمت مصر بعد وفاة والدها، واحترمت احتراماً كثيراً، وبولغ في إكرامها، وعادت إلى الإسكندرية، ثمّ توفّيت في رمضان.
4 (خدريجة بنت حسّان بن ماجد الصّحراويّ أبوها من أهل جبل الصّالحية.)
روت بالإجازة عن هبة الله بن يحيى ابن البوقيّ، وغيره. سمع منها الشيخ الضّياء، وعمر ابن الحاجب. وماتت في رجب.

(45/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 152
4 (خزعل بن عسكر بن خليل. العلاّمة، تقيّ الدّين، أبو المجد، الشّنائيّ، المصريّ، المقرئ،)
النّحويّ، اللّغويّ، نزيل دمشق. ذكر أنّه سمع من السّلفيّ، وأنّه دخل بغداد، وقرأ على الكمال عبد الرحمن الأنباريّ أكثر تصانيفه، وعند عوده أخذ في الطّريق، وراحت كتبه. أقرأ القرآن بالقدس مدّة، ثمّ سكن دمشق، وصار إمام مشهد عليّ. وكان يعقد الأنكحة، ويشغل في العزيزية. قال أبو شامة: قرأت عليه عروض النّاصح ابن الدّهّان، وأخبرني به عن مصنّفه. وكان يحثّني) على حفظ الحديث، والتّفقّه فيه خصوصاً صحيح مسلم. ويقول: إنّه أسهل من حفظ كتب الفقه وأنفع وصدق، ويحثّ على مسح جميع الرأس احتياطاً وقد بحث فيه، فأعجبني، واستقرّ في نفسي، فما أعلم أنّي تركته بعد. وكان لا يردّ سائلاً أصلاً، وربّما جاءه فيقول: اقعد، فما جاء، فهو لك. وكان عند الطّلاق لا يأخذ من أحد شيئاً. وكان ذا مروءةٍ تامّة، رحمه الله. وقال ابن الحاجب: أقعد في آخر عمره، وتمرّض، وازدحمت عليه الطّلبة. وقال لي: ولدت فيما أظنّ سنة سبعٍ وأربعين بالإسكندرية. وكان أعلم النّاس بكلام العرب.

(45/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 153
4 (حرف السين)

4 (سليمان بن محمود، بن محفوظ ابن الصّيقل.)
أبو السعود، القرشيّ، الأزجيّ. حدّث عن عيسى بن أحمد الدّوشابيّ. ومات في المحرّم. وله شعر.
4 (سليمان بن يونس البغداديّ، الفرّاش.)
حدّث عن أبي طالب بن خضير.
4 (حرف الصاد)

4 (صدقة بن عبد العزيز بن هبة الله بن حديد الأزجيّ، الدّقّاق.)
سمع من عليّ بن أبي سعد الخبّاز. وأجاز له الشيخ عبد القادر، وجماعة. وكان رجلاً صالحاً. مات في رجب.
4 (حرف الظاء)

4 (ظفر بن أحمد بن غنيمة بن احمد. أبو البدر، البغداديّ، الصّوفيّ، الخرّاط، الخيّاط،)
المعروف بابن زعرورة. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسمع من: مسلم بن ثابت النخّاس، وعبد الله بن عبد الصّمد السّلميّ. وكان شيخاً صالحاً، مشتغلاً بالعبادة، ملازماً لمسجده.

(45/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 154
4 (حرف العين)

4 (عامر بن هشام. أبو القاسم، القرطبيّ، الأزديّ.)
) سمع من أبيه أبي الوليد، ومن أبي القاسم بن بشكوال. وقرأ الملخّص للقابسيّ على أبي محمد بن مغيث. وكان أديباً، كاتباً، شاعراً، مطبوعاً. صنّف شرحاً لغريب الملخّص. وصلحت حاله بأخرة، وأقبل على النّسك والعبادة، فحمل عنه الحديث. ورّخه الأبّار.
4 (عبد الله بن أحمد بن أبي بكر.)
أبو بكر، البغداديّ، العجّان، الخبّاز. روى عن: شهدة، وعبد الحقّ اليوسفيّ، وأبي شاكر السّقلاطونيّ، وطبقتهم. وأكثر جدّاً عن أصحاب ابن الحصين حتّى عن أصحاب أبي الوقت. وجمع لنفسه مشيخة كبيرة، وقرأ القراءآت على أبي بكر ابن الباقلانيّ، وغيره. قال ابن النجّار: لا يعتمد عليه لكثرة وهمه وتسامحه. ومات في ربيع الأول. وكان صالحاً، متعفّفاً.

(45/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 155
4 (عبد الله بن عبد العظيم. أبو محمد، الزّهريّ، المالقيّ.)
تلميذ أبي عبد الله ابن الفخّار مكثرٌ عنه. وأجاز له السّلفيّ، وجماعة. حدّث عنه أبو عبد الله بن عسكر. وكان ذا عنايةٍ بالحديث. وله كتابٌ في رجال الموطّأ. توفّي في شعبان.
4 (عبد الله بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد العزيز.)
أبو محمد، التّميميّ، القابسيّ. نزيل الإسكندرية، قدمها وهو شابٌ، فسمع من السّلفيّ، وتفقّه لمالك، وجاور مديدةً، وكان شيخاً صالحاً، فاضلاً. توفّي بثغر الإسكندريّة في ذي الحجّة، وقد ناهز التّسعين.
4 (عبد الخالق بن تقى بن إبراهيم. الفقيه، أبو محمد الشّافعيّ.)
تفقّه على أبي إسحاق بن مزيبل وتخرّج به. وسمع من أبي القبائل عشير بن عليّ، وجماعة.
4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان بن عبد الله.)
)

(45/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 156
أبو محمد، الأسديّ، الحلبيّ، الزّاهد، المعروف بابن الأستاذ. ولد في ربيع الآخر سنة أربعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع بحلب من: أبي محمد عبد الله بن محمد الأشيريّ، وأبي بكر بن ياسر الجيّانيّ، وأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي العبّاس النّوقانيّ، وأبي عليّ الحسن بن عليّ البطليوسيّ، وأبي حامد محمد بن عبد الرحيم الغرناطيّ، وأبي طالب عبد الرحمن بن الحسن ابن العجميّ، وأبي الأصبغ عبد العزيز بن عليّ السّماتيّ، ومحمد بن بركة الصّلحيّ، وجماعة. وسمع ببغداد من أبي جعفر أحمد بن محمد العبّاسيّ وهو أكبر شيخٍ له. وبدمشق من أبي المكارم بن هلال، وأبي القاسم بن عساكر، وأبي الغنائم هبة الله ابن صصرى. وأجاز له خلق من خراسان وإصبهان، ومصر. وكان له فهمٌ وعناية بالحديث، وفيه ديانة، وصلاح، وخير. تفقّه في مذهب الشّافعيّ، وسمّع أولاده. روى عنه: البرزاليّ، والضّياء، والسيف ابن المجد، والصّاحب كمال الدّين عمر ابن العديم وابنه مجد الدّين، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والأمين ابن الأشتريّ، والكمال أحمد ابن النّصيبيّ، والشمس الخابوريّ، وطائفةٌ سواهم. وهو والد قاضي القضاة زين الدّين عبد الله ابن الأستاذ، وقاضي القضاة جمال الدّين محمد. توفّي في عاشر جمادى الآخرة، وله تسعون سنة. وإنّما سمع ببغداد اتّفاقاً لأنّه سار ليحجّ منها.
4 (عبد الرحمن بن أبي العزّ المبارك بن محمد بن أبي العزّ.)

(45/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 157
أبو محمد، البغداديّ، المعروف بابن الخبّازة، المقرئ، الخيّاط، البزّاز، ويعرف أيضاً بابن الدّويك. شيخٌ صالح، قرأ القرآن على دلف بن كرم العكبريّ. وسمع من: أبي الوقت، وأبي القاسم بن قفرجل، وغيرهما. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، وجماعةٌ. وأثنى عليه ابن النجّار. وقال ابن نقطة: سمع من أبي الوقت صحيح البخاريّ، وبعد، وسماعه صحيح. توفّي في المحرّم ببغداد.)
4 (عبد العزيز السّمائي في سنة أربعٍ وسيأتي.)

4 (عبد القويّ بن عبد الباقي بن أبي اليقظان.)
أبو محمد، الكتبيّ، ضياء الدّين، المعرّي. حدّث عن السّلفيّ بدمشق، وبها مات في جمادى الأولى.
4 (عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن الفضل.)

(45/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 158
العلاّمة، إمام الدّين، أبو القاسم، الرافعيّ، القزوينيّ، الشافعيّ. صاحب الشرح الكبير. ذكره الشيخ تقيّ الدّين ابن الصّلاح، فقال: أظن أنّي لم أر في بلاد العجم مثله. كان ذا فنون. حسن السّيرة، جميل الأمر. صنّف شرح الوجيز في بضعة عشر مجلّداً لم يشرح الوجيز بمثله. وقال الشيخ محيي الدّين النّواويّ: الرّافعيّ من الصالحين المتمكّنين، كانت له كراماتٌ كثيرةٌ ظاهرة. وقال أبو عبد الله محمد بن محمد الإسفريينيّ في الأربعين تأليفه: هو شيخنا، إمام الدّين وناصر السّنّة صدقاً. كان أوحد عصره في العلوم الدّينية، أصولاً وفروعاً، ومجتهد زمانه في المذهب، وفريد وقته في التّفسير. كان له مجلسٌ بقزوين للتّفسير، ولتسميع الحديث، صنّف شرحاً لمسند الشافعيّ وأسمعه سنة تسع عشرة وستّمائة، وصنّف شرحاً للوجيز، ثمّ صنّف أوجز منه. وكان زاهداً، ورعاً، متواضعاً. سمع الكثير، وتوفّي في حدود سنة ثلاثٍ وعشرين بقزوين. وقال ابن الصّلاح: كانت وفاته في أواخر سنة ثلاثٍ أو أوائل سنة أربع. قلت: وكان والده أبو الفضل قد سمع الكثير بنيسابور وقزوين، وروى عن ملكداذ بن عليّ القزوينيّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ، وعمر بن أحمد الصّفّار، وطبقتهم. ومات بعد الثّمانين. قلت: وقد روى أبو القاسم عن أبي زرعة بالإجازة. لقيه الحافظ زكيّ

(45/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 159
الدّين المنذريّ، في الحجّ وسمع منه بالمدينة. ويظهر عليه اعتناء قويّ بالحديث ومتونه في شرح المسند. وقيل: إنّه لم يجد وقتاً للمطالعة في قريةٍ بات بها فتألّم، ثمّ أضاء له عرق كرمة فجلس يطالع) ويكتب عليها.
4 (عبد اللّطيف بن المبارك بن أحمد النّرسيّ.)
قد ذكرته في. قال ابن مسدي: سمع من أبي الوقت ورأيت ثبته وعليه خطّ أبي الوقت. وسمع من أبن البطّي وليس من الشيخ عبد القادر. قدم علينا غرناطة مراراً، ثمّ سمعت منه بستة، وأدخل البلاد كثيراً من تواليف ابن الجوزيّ. ومولده قبل الأربعين وخمسمائة. تحامل عليه ابن الرّوميّة. وليس لأبي محمد عبد اللّطيف في باب الرواية كبير عناية حتّى ينسب إليه تخليط، وإنّما كان كثير الحكايات يعني يجازف ومات بمرّاكش سنة.
4 (عبد المجيد بن هبة الله بن عبد الله.)
الفقيه، أبو المجد، المصريّ، الشافعيّ، الخطيب. تفقّه على أبي العبّاس أحمد بن المظفّر الدّمشقيّ المعروف بابن زين التّجّار، وعلى التّاج محمد بن هبة الله الحمويّ. وصلّى، وخطب بالقرافة، وأعاد، وأفاد. ومات في شوّال.
4 (عبد المنعم بن عليّ بن صدقة بن عليّ.)
أبو الفضل، الحرّانيّ، ثمّ الدّمشقيّ، العدل.

(45/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 160
حدّث عن: أبي القاسم بن عساكر، وأبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز. ومات في عشر السبعين. روى عنه: الزّكيّ البرزاليّ، وغيره.
4 (عبيد الله بن أحمد بن أبي سعيد بن حمّويه.)
أبو القاسم، الجوينيّ الأصل، المصريّ الدّار، الصّوفيّ. روى عن يحيى الثّقفيّ وعنه الزّكيّ المنذري، وغيره. وهو مشهور بكنيته ولهذا سمّاه بعضهم عليّاً، وبعضهم عبد الرحمن.
4 (عليّ بن إسماعيل بن مظفّر ابن السّواديّ، الحربيّ.)
حدّث عن جده لأمّه عتيق بن عبد العزيز بن صيلا. ومات في ربيع الأوّل.)
4 (عليّ بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عليّ.)
أبو الحسن، البلنسيّ، البلويّ، الفقيه. سمع: أبا بكر بن خير، وأبا عمرو بن عظيمة. وأخذ القراءآت عن أبي بكر بن صافٍ، وأبي عبد الله ابن المجاهد، وغيرهما. ولقي بإشبيلية القاسم بن بشكوال، وأبا زيد السّهيليّ وسمع منهما. وأجاز له السّلفيّ، وجماعة. قال الأبّار: في روايته سعةٌ، إلاّ أنّه كان يتحرّج فيها. وكان فرضيّاً.

(45/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 161
متقدّماً، فقيهاً، حافظاً. سمع منه بعض أصحابنا. وتوفّي في ربيع الآخر عن سبعين سنة.
4 (عليّ بن محمد بن ديسم. أبو الحسن، المرسي.)
روى عن: أبي القاسم بن حبيش، وأبي عبد الله بن حميد. وأقرأ القرآن وعلّم العربية. وكان مرضيّ الجملة، يعيش من النّسخ، وخطّه فائق. مات فيها ظنّاً.
4 (عليّ بن محمد بن أبي نصر عبد الله بن الحسين ابن السّكن.)
الحاجب الأجلّ، أبو الحسن، ابن المعوّج، البغداديّ. سمع من عمّ أبيه محمد بن محمد ابن السّكن. وتوفّي في ربيع الأول.
4 (عليّ بن أبي المظفّر محمد بن عبد الله بن محمد ابن المعمّر.)

(45/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 162
الحاجب الأجلّ، أبو طالب، البغداديّ. سمع من: أبي الفتح بن البطّي، وأبي المعالي الباجسرائيّ، وأبي محمد ابن الخشّاب، وجماعة. وهو من بيت حشمة. توفّي في شوّال.
4 (عليّ بن النّفيس بن بورنداز بن حسام.)
الحاجب، أبو الحسن، البغداديّ. ولد سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: أبي الوقت، وأبي محمد ابن المادح، وأبي المظفّر بن التّريكيّ، وأبي المعالي ابن) اللّحّاس، والشيخ عبد القادر، ومحمود بن عبد الكريم فورجة، وعمر بن عليّ الصّيرفيّ، وابن البطّي. روى عنه: البرزاليّ، والسيف ابن المجد، وجماعةٌ، ومن المتأخّرين: التّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والشيخ عبد الرحيم ابن الزّجّاج، ومحمد بن المريخ النّجّار. وبالإجازة العزّ ابن الفرّاء، والشمس ابن الواسطيّ، والشهاب الأبرقوهيّ. وخرّج له ابنه المحدّث عبد اللّطيف مشيخة صغيرة. وتوفّي في السابع والعشرين من ذي القعدة.
4 (عمر بن عليّ بن محمد بن قشام. أبو حفص، الحلبيّ،

(45/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 163
الدّاراقطنيّ. من دار القطن: محلّة)
بحلب. عاش ثمانين سنة. وحدّث عن أبي بكر محمد بن ياسر الجيّانيّ وحدّث، ودرّس، وأفاد ببلده. وكان من كبار الحنفية. وروى أيضاً عن عبد الله بن محمد الأشيريّ. وروى عنه كمال الدّين ابن العديم وابنه مجد الدّين، وغيرهما. ومات في جمادى الآخرة. تفقّه على الكاسانيّ، وأبي الفتح عبد الرحمن بن محمود الغزنويّ. وسمع من أبي محمد عبد الله بن محمدالأشيريّ، وأجاز له من إصبهان مسعود الثّقفيّ، ومحمود فورجة، وطائفة. ولي تدريس الجوردكية. وصنّف في الفقه تصانيف لم تكن بالمفيدة، قاله ابن العديم. وقال ياقوت في المتّفق له: رحل إلى إصبهان، وصنّف تصانيف في التّفسير والمذهب والكلام على غاية ما يكون من السّقط وعدم التّحصيل. وكان إذا سئل عن مختل كلام يفكّر، ثمّ يقول: لا أدري كذا نقلته من كتاب كذا، فإذا روجع الكتاب لم ير ما قاله.

(45/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 164
4 (حرف الكاف)

4 (كافور، الطواشيّ الكبير، شبل الدولة، الحساميّ.)
خادم الأمير حسام الدّين محمد بن لاجين ولد الخاتون ستّ الشام، أخت السلطان الملك العادل. يقال: إنّه كان من خدّام القصر بالقاهرة. وكان ديّناً، صالحاً، وعاقلاً، مهيباً، ذا حرمةٍ وافرة،) ومنزلةٍ عند الملوك، وعليه اعتمدت مولاته في بناء الشاميّة البرّانية. وقد سمع من الخشوعيّ، والكنديّ. روى عنه البرزاليّ، وغيره. وحدّثنا عنه الأبرقوهيّ. قال أبو شامة: كان حنفياً، فبنى المدرسة، والخانقاه، والتربة الّتي دفن فيها عند جسر كحيل. وفتح للنّاس طريقاً إلى الجبل من عند المقبرة الّتي غربيّ الشامية تفضي إلى عين الكرش، ولم يكن لعين الكرش طريقٌ إلاّ من جهة مسجد الصّفى الّذي عند مخازن الفاكهة. توفّي في رجب.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن إسماعيل بن يوسف. الإمام أبو المناقب،

(45/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 165
وأبو حامد ابن العلاّمة الواعظ)
أبي الخير، القزوينيّ، الطالقاني، الشافعي. ولد بقزوين يوم عاشوراء سنة ثمان وأربعين، وبها نشأ وقدم بغداد مع والده وسكنها معه. وسمع منه ومن شهدة. وقدم الشام ومصر. وسمع منه الشهاب القوصيّ وغيره بدمشق. وحدّث عن أبي الوقت فتكلّموا فيه لذلك. قال المنذريّ: في هذه السنة أو في سنة اثنتين وعشرين، بدمشق. وقال ابن النّجّار: سمع وعاد إلى قزوين. وبعد موت أبيه تزهّد وتصوّف، وساح في البلاد، ودخل مصر والروم، ورزق القبول عند الملوك. وقدم بغداد فأخرج إلينا شيئاً سمعناه منه، ثمّ بان كذبه، وكان ادّعى أنّه سمع من أبي الوقت، ومن رجل من أصحاب أبي صالح المؤذّن فمزّقنا ما كتبنا عنه في صفر سنة عشرين. قلت: الرجل هو أبو عليّ الحسن بن أحمد الموسياباذيّ. قلت: كان زوكاريّاً نصّاباً على الأمراء ثمّ كسدت سوقه، وساءت عقائدهم فيه. وتوفّي أخوه محمد سنة أربع عشرة.
4 (محمد، أمير المؤمنين، الظاهر بأمر الله. أبو نصر، ابن أمير

(45/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 166
المؤمنين النّاصر لدين الله)
أحمد ابن المستضيء بأمر الله الحسن بن يوسف الهاشميّ، العباسيّ، البغداديّ. ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وبايع له أبوه بولاية العهد في سنة خمس وثمانين، وخطب له على المنابر، ونثر عند ذكره الدّنانير وعليها اسمه. ولم يزل الأمر على ذلك حتى قطع ذلك أبوه في سنة إحدى وستمائة) وخلعه وأكرهه، وزوى الأمر عنه إلى ولده الآخر. فلمّا مات ذلك الولد، اضطرّ أبوه إلى إعادته، فبايع له وخطب له في شوّال سنة ثمان عشرة. واستخلف عند موت والده، فكانت خلافته تسعة أشهر ونصفاً. وقد روى عن والده بالإجازة قبل أن يستخلف. قال ابن النّجّار: تقدّم أبوه بجلوسه بالتّاج الشريففي كلّ جمعة، ويقعد في خدمته أستاذ الدّار، ليقرأ عليه مسند أحمد بن حنبل بإجازته من والده. ثمّ قال: أخبرنا أبو صالح الجيليّ، أخبرنا الظّاهر بأمر الله أبو نصر بقراءتي، وأنبأنا أبي، أنبأنا عبد الغيث بن زهير، وغيره، أخبرنا ابن الحصين، فذكر حديثاً بهذا السّند النّازل كما ترى. قال ابن الأثير في كامله: ولمّا ولي الظّاهر أظهر من العدل والإحسان ما أعاد به سنّة العمرين فإنّه لو قيل: ما ولي الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز مثله لكان القائل صادقاً، فإنّه أعاد من الأموال المغصوبة، والأملاك

(45/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 167
الموخوذة في أيام أبيه وقبلها وشيئاً كثيراً، وأطلق المكوس في البلاد جميعها، وأمر بإعادة الخراج القديم في جميع العراق، وبإسقاط جميع ما جدّده أبوه، وكان ذلك كثيراً لا يحصى فمن ذلك: بعقوبا، كان يحصل منها قديماً عشرة آلاف دينار، فلمّا استخلف النّاصر كان يؤخذ منها في السنة ثمانون ألف دينار، فاستغاث أهلها، وذكروا أنّ أملاكهم أخذت، فأعادها الظّاهر إلى الخراج الأوّل. ولمّا أعاد الخراج الأصليّ على البلاد حضر خلقٌ، وذكروا أنّ أملاكهم قد يبست أكثر أشجارها وخربت فأمر أن لا يؤخذ إلاّ من كلّ شجرةٍ سالمةٍ، وهذا عظيمٌ جداً. ومن عدله أنّ سنجة المخزن كانت راجحةً نصف قيراط في المثقال يقبضون بها، ويعطون بسنجة البلد، فخرج خطّه إلى الوزير وأوّله: ويلٌ للمطفّفين الآيات، وفيه: قد بلغنا كذا وكذا فتعاد سنجة الخزانة إلى ما يتعامل به النّاس. فكتبوا إليه: إنّ هذا فيه تفاوت كثير، وقد حسبناه في العام الماضي، فكان خمسةً وثلاثين ألف دينار. فأعاد الجواب ينكر على القائل ويقول: يبطل ولو أنّه ثلاثمائة ألف وخمسون ألف دينار. ومن عدله: أنّ صاحب الدّيوان قدم من واسط ومعه أزيد من مائة ألف دينار من ظلمٍ، فردّها على أربابها، وأخرج المحبّسين، وأرسل إلى القاضي عشرة آلاف دينار ليوفيها عمّن أعسر. وقيل له: في هذا الّذي تخرجه من الأموال لا تسمح نفسٌ ببعضها، فقال: أنا فتحت الدّكّان بعد) العصر، فاتركوني أفعل الخير، فكم بقيت أعيش قال: وتصدّق ليلة النّحر بشيءٍ كثير. قلت: ولم يأت عليه عيدٌ سواه، فإنّ عيد الفطر كان يوم مبايعته. قال: تصدّق وفرّق في العلماء والصلحاء مائة ألف دينار. وكان نعم الخليفة، جمع الخشوع مع الخضوع لربّه والعدل والإحسان إلى رعيّته، ولم يزل كلّ يوم يزداد من الخير والإحسان. وكان قبل موته قد اخرج توقيعاً بخطّه إلى الوزير ليقرأه على الأكابر، فقال رسوله: أمير المؤمنين

(45/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 168
يقول: ليس غرضنا أن يقال: برز مرسومٌ أو نفذ مثال، ثمّ لا يبين له أثرٌ، بل أنتم إلى إمام فعّالٍ أحوج منكم إلى إمام قوّال، فقرأه الوزير، فإذا في أوّله: اعلموا أنّه ليس إمهالنا إهمالاً، ولا إغضاؤنا إغفالاً، ولكن لنبلوكم أيّكم أحسن أعمالاً، وقد عفونا لكم عمّا سلف من إخراب البلاد، وتشريد الرّعايا، وتقبيح السّمعة، وإظهار الباطل الجليّ في صورة الحقّ الخفيّ حيلةً ومكيدةً، وتسمية الاستئصال والاجتياح استيفاءً واستدراكاً لأغراض انتهزتم فرصتها مختلسة من براثن ليث باسلٍ وأنياب أسدٍ مهيب، تتّفقون بألفاظٍ مختلفة على معنىً واحدٍ وأنتم أمناؤه وثقاته، فتميلون رأيه إلى هواكم، فيطيعكم وأنتم له عاصون. والآن فقد بدّل الله بخوفكم أمناً، وبفقركم غنىً، وبباطلكم حقّاً، ورزقكم سلطاناً يقيل العثرة، ولا يؤاخذ إلاّ من أصرّ، ولا ينتقم إلاّ ممّن استمرّ، يأمركم بالعدل وهو يريده منكم، وينهاكم عن الجور ويكرهه لكم، يخاف الله ويخوّفكم مكره، ويرجو الله ويرغّبكم في طاعته. فإن سلكتم مسالك نواب خلفاء الله في أرضه وأمنائه على خلقه، وإلاّ هلكتم، والسلام. قال: ولمّا توفّي وجد في بيتٍ من داره ألوف رقاعٍ كلّها مختومة لم يفتحها فقيل له: لم لا تفتحها قال: لا حاجة لنا فيها، كلّها سعايات. وقال أبو شامة في تاريخه: وكان أمير المؤمنين أبو نصر، جميل الصورة، أبيض مشرباً حمرة، حلو الشّمائل، شديد القوى، بويع وهو ابن اثنتين وخمسين سنة. فقيل له: ألا تتفسّح قال: قد لقس الزّرع، فقيل: يبارك الله في عمرك، قال: من فتح دكّاناً بعد العصر أيشٍ يكسب ثمّ إنّه أحسن إلى النّاس، وفرّق الأموال، وأبطل المكوس، وأزال المظالم. وقال أبو المظفّر الجوزيّ: حكيّ لي عنه: أنه دخل إلى الخزائن،

(45/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 169
فقال له خادم: في أيامك تمتلئ، فقال: ما فعلت الخزائن لتملأ، بل لتفرغ، وتنفق في سبيل الله تعالى، فإنّ الجمع شغل) التّجّار وقال ابن واصل: أظهر العدل، وأزال المكس، وظهر للنّاس، وكان أبوه لا يظهر إلاّ نادراً. قلت: توفّي في ثالث عشر رجب، وبويع بعده ولده المستنصر بالله.
4 (محمد بن أبي عليّ الحسن بن إبراهيم بن منصور الفرغانيّ. ثمّ البغداديّ. أبو عبد الله، ابن)
أشنانة. سمع من: شهدة، وعبد الحقّ اليوسفيّ، وغيرهما. روى عنه الكمال عبد الرحمن المكرّر، وغيره. وأبوه من أصحاب هبة الله ابن الحصين. توفّي محمد في ذي الحجّة.
4 (محمد بن أبي الفضل السّيد بن فارس بن سعد بن حمزة. أبو المحاسن، الأنصاريّ،)
الدّمشقيّ، الصّفّار، النّحّاس، المعروف بابن أبي لقمة.

(45/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 170
ولد في شعبان سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وسمّعوه من: أبي الفتح نصر الله المصّيصيّ، وهبة الله بن طاووس، وعبدان بن زرّين الدّوينيّ، والقاضي المنتجب أبي المعالي محمد بن عليّ القرشيّ، وبهجة الملك عليّ بن عبد الرحمن الصّوري، وأبي القاسم الخضر ابن عبدان، ونصر بن مقاتل السّوسيّ. وتفرّد بالرواية عن جماعةٍ. وأجاز له سنة أربعين من بغداد: ابو عبد الله بن السّلاّل، وأحمد ابن الآبنوسيّ، وعليّ بن عبد السّيد ابن الصّبّاغ، وأبو محمد سبط الخيّاط، وأبو بكر أحمد بن الأشقر، وأبو الفتح كروخيّ، ومحمد بن أحمد الطّرائفيّ، وأبو الفضل الأرمويّ، وغيرهم. وكان أسند من بقي بالشام، روى عنه: البهاء عبد الرحمن، والضياء محمد، والبرزاليّ، والسيف ابن المجد، والتّاج ابن زين الأمناء، وأحمد بن يوسف الفاضليّ، وعبد الله بن محمد العامريّ، والشمس محمد ابن الكمال، والتّقيّ ابن الواسطيّ وأخوه محمد، والعزّ ابن الفرّاء، والعزّ ابن العماد، والتّقيّ ابن مؤمن، والشهاب الأبرقوهيّ، وآخرون. وظهر للخضر بن عبدان الكاتب سماعٌ منه بعد موته. وقال عمر ابن الحاجب: كان رجلاً صالحاً، كثير الخير، والتّلاوة. وكان لسانه رطباً بذكر الله، محبّاً للغرباء وطلبة العلم، كريم النّفس. عمّر حتى تفرّد عن جماعة، ممتّعاً بسمعه وبصره) وقوّته إلى أن توفّي قبله ولده بقليلٍ، فوجد عليه وجداً عظيماً، فانحطم لذلك، وأقعد في بيته، واستولت عليه زمانة، وثقل سمعه قبل موته بقليل، في الشتاء، وكان ينصلح في الصيف، ولم يسمع على قدر سنّه، وكانت سماعاته في أصول الناس، ومات في ثالث ربيع

(45/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 171
الأول. وسمعوا عليه بالمزّة.
4 (محمد بن عبد الحقّ بن سليمان.)
الشيخ أبو عبد الله، التّلمسانيّ. حدّث ببلده عن: أبيه، وأبي عليّ ابن الخرّاز. وأخذ بالعدوة عن: ابن الرّمّامة، وابن حبيش، وأبي عبد الله بن خليل القيسي، وأبي الحسن مجاهد. وحظي عند أهل الأندلس. وأجاز له ابن هذيل. وقيل: مات سنة. وكان من أهل التّقشّف والتّصنيف، فصيحاً، لسناً، وسيعاد.
4 (محمد ابن الإمام علم الدّين عليّ بن محمد السّخاويّ، شمس الدّين.)
توفّي شاباً، وحزن عليه والده.
4 (محمد بن عمر بن عليّ بن خليفة ابن الطّيّب.)
أبو الفضل، الواسطيّ، الحربيّ، الرّوبانيّ، العطّار. سمع من: أبيه، وأبي الوقت، وأبي المظفّر هبة الله الشّبليّ، وابن البطّي، وكمال بنت عبد الله ابن السّمرقنديّ، وغيرهم. وأجاز له ابن ناصر، وأبو بكر ابن الزّاغونيّ. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن نقطة، وجماعةٌ. وحدّثنا عنه الشّهاب الأبرقوهيّ.

(45/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 172
ولد في جمادى الآخرة سنة سبعٍ وأربعين، وتوفّي في السابع والعشرين من جمادى الآخرة. وهو من واسط: قرية بدجيل. والرّوبانيّ: بضم الراء وبالباء الوحّدة والنّون. يشتبه بالرّويانيّ. وهو من روبا: قرية من قرى دجيل أيضاً. توفّي ببغداد.
4 (محمد بن المؤيّد بن عبد المؤمن بن عليّ.)
) أبو بكر، الهمذانيّ، التّاجر. رئيسٌ متموّل. سمع البخاري من أبي الوقت. كتب عنه: ابن الدّبيثيّ، وابن النجّار. وتوفّي في شعبان بهمذان.
4 (محمد بن أبي الفرج هبة الله بن أبي حامد عبد العزيز بن عليّ ابن محمد بن عمر بن)
محمد بن حسين بن عمر بنإبراهيم بن سعيد بن إبراهيم بن محمد بن نجا بن موسى بن سعد بن أبي وقاص. أبو المحاسن، القرشيّ، الزّهريّ، السّعديّ، الدّينوريّ الأصل، ثمّ البغداديّ، المراتبيّ، المعروف بابن أبي حامد، البيّع. ولد سنة ثلاثين وخمسمائة.

(45/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 173
وسمع من: عمّه أبي بكر محمد بن أبي حامد، ومحمد بن طراد الزّينبيّ، وعبد الخالق بن أحمد بن يوسف وانفرد بالرواية عنهم، وأبي الوقت السّجزيّ. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس عبد الرحمن ابن الزّين، والشهاب الأبرقوهيّ، وجماعة. وكان شيخاً صالحاً مرضيّ الطّريقة، حسن الأخلاق، من بيت الرواية والثروة. وقد دخل دمشق غير مرّةٍ للتجارة، وأضرّ في أواخر عمره. وتوفّي في سادس عشر شوّال. وكان أبوه قد ولي الحجوبية.
4 (المبارك بن أبي الحسن عليّ بن أبي القاسم المبارك بن عليّ ابن أبي الجود. الشيخ)
الصالح، أبو القاسم، البغداديّ، العتذابيّ، الورّاق. آخر من حدّث في الدّنيا عن أبي العباس ابن الطّلاّية. وهو من أهل محلّة العثّابيين. وقد مرّ جدّه في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. روى عنه: الدّبيثيّ، والجمال محمد بن أبي الفرج الدّبّاب، وجماعةٌ آخرهم موتاً شيخنا الأبرقوهيّ. وتوفّي في ليلة الجمعة سلخ المحرّم. وحدّث ببغداد، والموصل. أخبرنا أبوالمعالي الأبرقوهيّ، أخبرنا المبارك بن عليّ بقراءة أبي، أخبرنا أحمد بن أبي غالب، أخبرنا عبد العزيز بن عليّ، أخبرنا أبو طاهر المخلص،

(45/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 174
حدّثنا أبو بكر بن أبي داود إملاءً،) حدّثنا عمرو بن عليّ الصّيرفيّ، حدّثنا يزيد ابن زريع، وخالد بن الحارث، ويحيى بن سعيد، وابن أبي عديّ، قالوا: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: على اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه رواه النّسائي عن الصّيرفيّ، عن خالد بن الحارث وحده، عن سعيد بن أبي عروبة. وفي الحديث: ثمّ نسي الحسن هذا، وقال: هو مؤتمنٌ لا ضمان عليه.
4 (مظفّر بن إبراهيم بن جماعة بن عليّ بن شاميّ بن أحمد بن ناهض. الأديب، موفّق الدّين،)
العيلانيّ بالعين المهملة المصريّ، الحنبليّ، الشاعر، الأعمى، العروضيّ، من فحول الشعراء. وله مصنّفات في العروض، وشعرٌ كثير. مدح الملوك والأكابر. وسمع من: عبد الرحمن بن محمد السّبيي، ومحمود بن أحمد الصّابونيّ، والبوصيريّ، وجماعة. روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، والشهاب القوصيّ، وطائفةٌ.

(45/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 175
وتوفّي في المحرّم. وما أحسن قوله في الشّمعة:
(جاءت بجسمٍ لسانه ذهبٌ .......... تبكي وتشكو الهوى وتلتهب)

(كأنّها في يمين حاملها .......... رمحٌ من العاج رأسه ذهب)
وله الأبيات السائرة:
(قالوا عشقت وأنت أعمى .......... أحوى كحيل الطّرف ألمى)

(وحلاه ما عاينتها .......... فتقول قد شغفتك وهما)

(وخياله بك في المنا .......... م فما أطاف ولا ألمّا)

(فأجبت أنّي موسوي .......... العشق إنصاتاً وفهما)

(أهوى بجارحتي السّما .......... ع ولا أرى ذات المسمّى)

(45/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 176
4 (مظفّر بن عبد القاهر بن الحسن بن عليّ بن القاسم. القاضي حجّة الدّين، أبو منصور، ابن)
القاضي أبي عليّ، الشّهرزوريّ، الشّافعيّ، قاضي الموصل. كان رئيساً محتشماً، سرياً. ولد سنة ثمانٍ وخمسين وخمسمائة. وولي قضاء الموصل مدّةً، وسار رسولاً إلى الخليفة، وإلى الشام وكان الثناء عليه جميلاً.) سمع من أبي أحمد عبد الوهّاب بن سكينة، وابن الأخضر. وأصابه فالج، وأضرّ قبل موته. وتوفّي في رجب ببلده.

(45/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 177
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الله بن محمد بن حفص.)
أبو الحسين، الأنصاريّ، الدّاني، الكاتب. سمع أبا القاسم بن حبيشٍ، وعبد المنعم بن الفرس. وكتب الإنشاء لأمراء الأندلس، وخطب بدانية، وكان جواداً، مضيافاً معتنياً بالآداب. لقيه الأبّار وسمع منه وقال: توفّي بدانية في شوّال، وله ستّون سنة.
4 (يحيى بن عبد الله بن يحيى. الإمام، أبو الحسين، الأنصاريّ، الشافعيّ، المصريّ، النّحويّ.)
تلميذ العلاّمة عبد الله بن برّي، لزمه مدّة طويلة. وبرع في لسان العرب. وتصدّر بالجامع العتيق مدّة، وتخرّج به جماعةٌ. وكان مشهوراً بحسن التّعليم. روى عن ابن برّي. روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره. ومات في ذي الحجّة.
4 (يحيى بن أبي الحسن بن عبد الله. أبو الحسين، ابن ياقوت، الفقيه، الإسكندرانيّ، المالكيّ،)
المعدّل، والد أبي الحسن محمد. ولد سنة أربعين وخمسمائة. وكان عدلاً، نبيلاً، صالحاً، عفيفاً، متحرّياً في الشّهادة.

(45/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 178
وحدّث عن السّلفيّ. روى عنه المنذريّ، وقال: مات في ثامن عشر شوّال.
4 (يحيى بن أبي القاسم البغداديّ، الأزجيّ.)
حدّث عن خزيفة بن الهاطر.
4 (يرنقش، أبو الحسن، الرّوميّ، الجهيريّ.)
سمع من أحمد بن محمد بالعبّاسيّ المكّيّ. كتب عنه ابن النجّار، وقال: خيّرٌ لا بأس به. مات في رجب سنة.
4 (يونس بن بدران بن فيروز بن صاعد بن عالي بن محمد بن عليّ، قاضي القضاة بالشام.)
) جمال الدّين، أبو محمد وأبو الوليد وأبو الفضائل، وأبو الفرج، القرشيّ، الشّيبيّ، الحجازيّ الأصل، المليجيّ المولد، الشافعيّ، المشهور بالجمال المصريّ. ولد تقريباً سنة خمسين وخمسمائة. وسمع من: السّلفيّ، وعليّ بن هبة الله الكامليّ، وغيرهما. وترسّل إلى الدّيوان العزيز، وولي الوكالة بالشام مدّة، والتّدريس، ثمّ القضاء. ودرّس بالأمينية بعد التّقيّ الضرير، وترسّل عن الملك العادل إقامةً ونوّه باسمه الصاحب ابن شكر. وولي تدريس العادلية في دولة المعظّم فألقى

(45/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 179
بها دروساً جميع تفسير القرآن. وقد اختصر كتاب الأمّ للشافعيّ. وصنّف في الفرائض. قال أبو شامة: كان في ولايته عفيفاً في نفسه نزهاً، مهيباً، ملازماً لمجلس الحكم بالجامع، وغيره. وكان ينقم عليه أنّه إذا ثبت عنده وراثة شخص وقد وضع بيت المال أيديهم عليها، يأمره بالمصالحة لبيت المال. ونقم عليه استنابته في القضاء لابنه التّاج محمد، ولم تكن طريقته مستقيمةً. قال: وكان يذكر أنّه قرشيّ شيبيٌّ، فتكلّم النّاس في ذلك، وولي بعده القضاء وتدريس العادلية شمس الدّين الخوييّ. ونقلت من خطّ الضّياء: توفّي القاضي يونس بن بدران المصريّ، بدمشق، وقليلٌ من الخلق من كان يترحّم عليه. قلت: روى عنه البرزاليّ، الشهاب القوصيّ، وعمر ابن الحاجب وقال: كان يشارك في علومٍ كثيرة، وصار وكيلاً ليت المال، فلم يحسن السيرة قبل القضاء. قال ابن واصل: كان شديد السّمرة، يلثغ بالقاف همزةً، صلّى ليلةً بالملك المعظّم فقرأ نبأ ابني آدم بالحقّ فضحك منه السّلطان، وقطع الصلاة. وقال القوصي: أنشدنا الجمال المصريّ، قال: أنشدنا السّلفيّ لنفسه:
(قد كنت أخطو فصرت أعدو .......... وكنت أغدو فصرت أخطو)

(خان مشيبي يدي ورجلي .......... فليس خطوٌ وليس خطّ)
توفّي في أواخر ربيع الأول، ودفن في مجلس بقاعته شرقيّ القليجية من قبليّ الخضراء.

(45/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 180
4 (الكنى)

4 (أبو بكر بن أحمد بن منخّل بن مشرّف. الشّاطبيّ، المقرئ، الصّالح، الزّاهد، المعمّر.)
) عاش ثمانياً وتسعين سنةً. سمع من إبراهيم بن خليفة في سنة خمسٍ وثلاثين وخمسمائة، كتاب التّفسير بسماعه من ابن الدّش، بسماعه من الدّاني. وسمع من عاشر بن محمد، وعليم بن عبد العزيز، وتفرّد عنهم. سمع منه ابن مسدي وورّخه.
4 (أبو القاسم بن حمّويه الجويني، اسمه عبيد الله، تقدّم.)

4 (وفيها ولد)
شيخ المستنصرية الرشيد محمد بن أبي القاسم. والزّين إبراهيم بن أحمد ابن القوّاس. والرشيد إسماعيل بن عثمان ابن المعلّم، شيخ الحنفية. والفتح عبد الله بن محمد ابن القيسرانيّ. والشرف عبد الوهّاب بن فضل الله، صاحب ديوان الإنشاء. والصّدر إسماعيل بن مكتوم. والنّجم عبد العالي بن عبد الملك بن عبد الكافي الشّاهد. والتّقيّ إسحاق بن عبد الرحيم بن درباس المصريّ. وعبد الرحمن بن أحمد سبط أبي الوقت الركبدار. وحسّان بن سلطان اليونينيّ، خطيب زحلة. والحاج محمد بن رنطار الأشرفيّ. والتّاج عبد القادر بن محمد السّنجاريّ الحنفيّ. والشهاب سليمان بن إبراهيم الحنفيّ ابن الشّركسيّ.

(45/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 181
4 (وفيات سنة أربع وعشرين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إبراهيم بن فرقد.)
أبو جعفر، القرشيّ، الأندلسيّ، نزيل إشبيلية. وحدّث عن أبيه، وعمّه. وولي قضاء غرناطة، وسلا، فلم تحمد سيرته.) روى عنه الأبّار، وقال: توفّي في ربيع الآخر عن ثمانٍ وسبعين سنة.
4 (أحمد بن سليمان بن طالب.)
أبو الثناء، القرشيّ، الفاسيّ، الزّاهد. أحد الأعلام، ويعرف بابن ناهض. سمع وقرأ في الأصول، وصنّف في علم الكلام، والطّريق. قال ابن مسدي: وله كلامٌ على الخواطر وكشفٌ. بتّ عنده، وكاشفني بأشياء ما أخرمت.
4 (أحمد بن عبد المجيد بن سالم بن تمام.)
أبو العبّاس، الحجريّ، المالقيّ، المعروف بابن الجيّار.

(45/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 182
أكثر عن أبي عبد الله ابن الفخّار، وأبي زيد السّهيليّ، وأبي القاسم ابن بشكوال. وأجاز له أبو مروان بن قزمان، والسّلفيّ، وجماعة. قال الأبّار: وكان ذا عناية بالرواية أخذت عنه، مع ورع وصلاح، وتوفّي في جمادى الآخرة، وقد خانق الثمانين.
4 (أحمد بن عليّ بن يوسف القرطبيّ. أبو العبّاس الأنصاريّ.)
روى عن: أبي خالد بن رفاعة، وابن حميد. وولي خطابة لوشة. وقد أسر، ثم خلّصه الله، وسكن مالقة. مات في شهر ربيع الآخر.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد. أبو جعفر، ابن الأصلع، الأندلسيّ، العكّيّ، من أهل لوشة.)
أخذ القراءآت عن أبي العباس بن اليتيم، ولقي بمالقة أبا بحر بن جامع، وأبا محمد بن دحمان، فأخذ عنهما كتاب سيبويه. وبرع في العربية وتصدّر لإقرائها.

(45/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 183
وسمع من أبي القاسم بن بشكوال، والسّهيليّ. وأجاز له أبو الحسن ابن النّعمة، وجماعة. وأقرأ القراءآت، والنحو، وروى الحديث. وتوفّي في الأسر في آخر هذه السنة، وله ثمانون سنة.
4 (إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم. أبو إسحاق، النّقّاش، البغداديّ الأصل، الدمشقيّ)
المولد، الصّوفيّ، الشّاعر. نشأ بدمشق ثمّ دخل بغداد بلد آبائه فاستوطنها.) وكان شيخاً حسناً ينقش في النّحاس. فمن شعره ورواه عنه ابن النّجّار:
(وكم من هوى ليلى قتيل صبابةٍ .......... ومجنونها المضنى بها العلم الفرد)

(وما كلّ ما ذاق الهوى تاه صبوةً .......... ولا كلّ من رام اللّقا حثّه الوجد)
توفّي يوم عرفه.
4 (أسعد بن يحيى بن موسى بن منصور بن عبد العزيز السّلميّ.)
السّنجاريّ، الفقيه، شهاب الدّين. الشافعيّ، الشاعر. له ديوان مشهور. وتوفّي في أوائل المحرّم سنة أربعٍ، وفي موته خلاف. وقد مرّ في عام اثنتين وعشرين.

(45/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 184
ومن شعره في مملوك:
(أصبحت سلطان القلوب ملاحةً .......... وجمال وجهك في البريّة عسكر)

(طلعت طلائع عارضيك مغيرةً .......... بالنّصر يقدّمها لواءٌ أخضر)

(وتسربلت سرب القلوب وأقبلت .......... تبغي الإمام ومثل جيشك ينصر)

(فلأنت أعلى رتبةً من سنجرٍ .......... أبداً يدين لك الورى يا سنجر)
وله:
(لله أيّامي على رامةٍ .......... وطيب أوقاتي على حاجر)

(تكاد للسرعة في مرّها .......... أوّلها يعثر بالآخر)
ويقال: بلغ تسعين سنة. ووزر لصاحب حماة. ونفذ رسولاً.
4 (إسماعيل بن إبراهيم بن محمد. أبو محمد، الشّهرستانيّ، ثمّ البغداديّ، الصوفيّ، المقرئ.)
سمع من: أبي الفتح بن البطّي، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النّقور، وجماعة. وحدّث ببغداد والموصل وإربل. توفّي ليلة عاشوراء. وقد سمع منه الجمال محمد ابن الدّبّاب جزء أخبارٍ وحكاياتٍ للزّبير ابن بكار. أخبرنا يحيى بن ثابت، عن أبيه، عن ابن رزمة، عن السّيرافيّ، عن ابن أبي الأزهر، عنه. وسمع منه ابن الدّبّاب السابع من فوائد الخرقيّ، بسماعه من ابن البطّي، عن حمزة الزّبيريّ، عنه.
4 (إسماعيل بن الحسين. أبو منصور، الدّلاّل، ابن النّرسيّ.)
) روى عن جدّه عبد الله بن أحمد بن النّرسيّ.

(45/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 185
روى عنه ابن النّجّار.
4 (إسماعيل ابن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الملك بن عيسى ابن درباس. القاضي، عماد)
الدّين، المارانيّ، الشافعيّ. ولد بالقاهرة سنة سبعين وخمسمائة. وتفقّه مدّة، وسمع من البوصيريّ، وجماعةٍ. وحدّث. وناب عن والده في القضاء، ودرّس السّيفية، بالقاهرة. وأقبل على صحبة أهل الآخرة، ولزوم طريقتهم. وتوفّي في رمضان.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن أحمد بن عبد الرحيم بن تركي.)
أبو الفضائل، الإسكندرانيّ، العدل. حدّث عن السّلفيّ، ومات في رجب.
4 (جعفر بن عبد الله بن محمد بن سيد بونه.)
أبو أحمد، الخزاعيّ، الأندلسيّ، الزّاهد. من أهل قسطنطانية عمل دانية. ذكره الأبّار فقال: أخذ القراءآت عن أبي الحسن بن هذيل، وسمع منه ومن أبي الحسن بن النّعمة ببلنسية. وحجّ في حياة السّلفيّ، ورجع مائلاً إلى الزّهد والتّخلّي، وكان شيخ الصوفية في زمانه. علا ذكره وبعد صيته في

(45/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 186
العبادة، إلاّ أنّه كانت فيه غفلةٌ، وقد رأيته. وتوفّي في ذي القعدة عن علوّ سن نحو المائة سنة، وقد شيّعه بشرٌ كثيرٌ، وانتاب الناس زيارة قبره. وقال ابن مسدي في معجمه: غلّق المائة إلاّ ما يسقط أو يزيد من شهر. وأخذ القراءآت عن خاله يحيى، وابن هذيل، وابن غادة، وابن النّعمة. وسمع بمكّة من عليّ بن عمّار وليس من ابن الرّفاعي، احتلت في السماع منه، فإنّه كان قد خرج عن هذا الفنّ. قلت: وقد سمع التّيسير من ابن هذيل في ذي القعدة سنة ستّين وخمسمائة بقراءة خاله الحسن بن أحمد بن سيد بونه الخزاعيّ.
4 (جنكزخان، طاغية التّتار وملكهم الأوّل.)
الّذي خرب البلاد، وأباد العباد. وليس للتّتار ذكرٌ قبله، وإنّما كانوا ببادية الصّين، فملكوه) عليهم، وأطاعوه طاعةً أصحاب نبيّ لنبيّ، بل طاعة العباد المخلصين لربّ العالمين. وكان مبدأ ملكه في سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة، واستولى على بخارى وسمرقند في سنة ستّ عشرة، واستولى على مدن خراسان في سنة ثمان عشرة وآخر سنة سبع عشرة. ولمّا رجع من حرب السّلطان جلال الدّين خوارزم شاه على نهر السّند وصل إلى مدينة تنكت من بلاد الخطا، فمرض بها، ومات في رابع رمضان من سنة أربعٍ وعشرين. وكانت أيامه خمساً وعشرين سنة. وكان اسمه قبل أن يلي الملك تمرجين. ومات على دينهم وكفرهم. وبلغنا أنّه خلّف من الأولاد الّذين يصلحون للسلطنة ستةً، وفوض الأمر إلى أوكتابي أحدهم بعد ما استشار الخمسة الآخرين في ذلك، فأجابوه. فلمّا هلك جنكزخان، امتنع أوكتابي من الملك وقال: في إخوتي وأعمامي من هو

(45/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 187
أكبر منّي، فلم يزالوا به نحواً من أربعين يوماً حتى تملّك، وحكم على الملوك، ولقّبوه قاآن الأعظم ومعناه: الخليفة فيما قيل وبثّ جيوشه، وفتح فتوحات، وطالت أيامه. وولي بعده الأمر مونكوكا وهو القاآن الّذي كان أخوه هولاوو من جملة مقدّميه ونوّابه على خراسان. وولي بعد مونكاكا أخوه قبلاي وقد طالت خلافة قبلاي، وبقي في الأمر نيّفاً وأربعين سنة كأخيه، وعاش إلى سنة ثلاثٍ وتسعين وستمائة، ومات سنة خمسٍ بمدينة خان بالق الّتي هي كرسيّ المملكة، وهي أمّ الخطا. وأمّا تنكت: فهو اسم جبلٍ بتلك الدّيار، وهو حدٌّ بين بلاد الهند وبين بلاد الخطا. فقبلاي هذا ومونكاكا وهولاوو إخوة، وهم أولاد تولي بن جنكزخان. وقد قتل تولي في مصافّ عظيم بينه وبين السلطان جلال الدّين خوارزمشاه سنة ثماني عشرة وستمائة بخراسان من ناحية غزنة.
4 (حرف الحاء)

4 (حسن ابن الوزير أبي العباس أحمد بن محمد بن موسى الأنصاريّ، البلنسيّ.)
صحب وهب بن نذير، وتفقّه به، وأخذ القراءآت عن أبي عليّ بن زلال، وعالج الشّروط. عاش نيّفاً وسبعين سنة.
4 (حمّاد بن أحمد بن محمد بن صديق. أبو الثناء، الحرّانيّ.)
سمع من أبي الفتح أحمد بن أبي الوفاء. وحدّث. وهو أخو حمد. مات في شوّال.)

(45/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 188
4 (حرف الدّال)

4 (داود بن معمر بن عبد الواحد بن الفاخر.)
أبو الفتوح، القرشيّ، الإصبهانيّ. ولد في رمضان سنة أربعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: غانم خالد البيّع، وغانم بن أحمد الجلوديّ، وفاطمة بيت محمد بن أحمد البغداديّ، ونصر بنالمظفّر البرمكيّ، وإسماعيل بن علي الحماميّ، وأبي الخير محمد بن أحمد الباغبان، وأبي الحسن بن غبرة، وابن البطّي، وجماعة. قرأت بخطّ ابن نقطة، قال: ذكر لي غير واحدٍ من الطّلبة أنّه سمع صحيح البخاريّ من غانم الجلودي، وفاطمة بنت البغداديّ، قالا: أخبرنا سعيد بن أبي سعيد العيّار، ومن أبي الوقت عن أبي الحسن الداوديّ. وسمع بالكوفة من ابن غبرة كتاب الدّعاء لمحمد بن فضيل. سمعت منه بإصبهان، وحكى لي عن شيخه أبي محمد عبد القادي الجيليّ، وغيره. قال: وهو شيخ الناس بإصبهان، واسع الجاه، رفيع المنزلة، مكرمٌ لأهل العلم وغيرهم. بلغنا أنّه توفّي بإصبهان سنة أربعٍ وعشرين. قلت: وسمع منه الزّكّي البرزاليّ، والصدر البكريّ جزء البيتوتة، بسماعه من فاطمة بنت محمد البغداديّ، بسماعها من العيّار، وهو بسماع عليّ ابن المظفّر الكاتب من البكريّ، وسماعه من بنت البغداديّ حضور، فإنّه في سنة سبعٍ وثلاثين، لهذا الجزء وكذا روايته عنها للبخاريّ حضور، فإنّه في سنة ستّ وثلاثين. وسماعه من ابن غانم في الخامسة.

(45/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 189
وروى عنه أيضاً الحافظ الضياء، وقال: توفّي في رجب أو شعبان. وكذا قال المنذريّ. وروى عنه ابن النجّار، وآخرون.
4 (حرف الصاد)

4 (صدقة بن عبد الله بن أبي بكر بن فتوح. أبو القاسم، اللّخميّ، الجريريّ، الحسينيّ. وبنو)
حسين: بطن من بني جرير اللّخميّين، ويعرف هذا بابن الكيّال، الإسكندرانيّ. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: السّلفي، وأبي محمد العثمانيّ، وأبي طالب اللّخميّ. وحدّث. وله شعرٌ، وفضيلة، ومروءة.) توفّي في سلخ المحرّم.
4 (صفية بنت أبي طاهر عبد الجبّار بن أبي البقاء هبة الله بن القاسم ابن البندار الحريميّ. أمّ)
الخير. سمعت من ابن البطّي، وكرم بن أحمد بن قنيّة. وكانت صالحةً قانتةً، عابدة. سمعوا منها مرّات وروى عنها الدّبيثيّ، وابن نقطة، وروى لنا عنها الأبرقوهيّ جزء البانياسيّ. وماتت في سابع صفر. وكرم: فمن طلبة الحديث، يروي عن أبي غالب ابن البنّاء.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن أبي بكر. أبو القاسم. الهمذانيّ، ثمّ

(45/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 190
البغداديّ، الظّفريّ، الخيّاط،)
المقري. سمع من أبي الفتح بن البطّي. وحدّث. ومات في ذي الحجّة. عبد الله بن جميل بن أحمد بن محمد. أبو إبراهيم وأبو موسى، البردانيّ، الفيجيّ. مات بالفيجة. وحدّث عن أبي نصر عبد الرحيم اليوسفيّ بجزء ابن عرفة. وكان صالحاً، خيّراً. روى عنه الضّياء وأثنى عليه، وعمر ابن الحاجب. وحدّثنا عنه العزّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ. قرأت وفاته بخطّ الضّياء: في ربيع الأول. وقال المنذري: في رابع جمادى الأولى.
4 (عبد الله بن عثمان بن يوسف المقدسيّ.)
قال الضّياء: كان فيما علمنا من عباد الله الصّالحين، لم تعرف له صبوة ولا زلّةٌ. وكان صابراً على الفقر والقلّة متورّعاً، يقرأ القرآن قراءةً حسنةً، وقرأ عليه جماعة. وحدّثني إبراهيم بن أبي الفرج جاره قال: لم يترك القراءة إلاّ ليلةً واحدة، وكان يقرأ اللّيل والنّهار رضي الله عنه. مات في خامس عشر المحرّم بالجبل. عبد الله بن نصر بن أبي بكر بن محمد الحرّانيّ. قاضي حرّان، أبو بكر، الفقيه الحنبليّ، المقرئ.

(45/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 191
دخل إلى بغداد وفقّه بها على غير واحدٍ.) وسمع من: شهدة الكاتبة، وعبد الحقّ اليوسفيّ، وعيسى بن أحمد الدّوشابيّ، وتجنّى الوهبانية. وانحدر إلى واسط، فقرأ بها القراءآت على أبي طالب الكتّانيّ، وأبي بكر الباقلاّنيّ، وابن قشام القاضي. وولي القضاء ببلده، وأقرأ القراءآت، وحمدت سيرته. وفي ذرّيته قضاةٌ وفضلاء. وقد صنّف في القراءآت، وسمع منه جماعةٌ. وولد سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. روى عنه الضّياء، وابن الحاجب. وأخبرنا عنه سبطه أبو الغنائم بن محاسن، والشهاب الأبرقوهيّ. وقال الضّياء: أخبرني بعض أقاربه أنّه توفّي سنة أربع وعشرين.
4 (عبد الله بن يحيى بن أبي البركات.)
أبو محمد، القرشيّ، المهدويّ، ثمّ الإسكندرانيّ. شيخٌ صالحٌ، عابدٌ. ولد بعد الأربعين. وقدم الإسكندرية، وسكنها، وسمع بها من السّلفيّ. ومات في صفر.
4 (عبد الله بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن.)
السّلطان، أبو محمد، الملقّب بالعادل. بويع بالمغرب إثر خلع ابن عمّهم عبد الواحد سنة إحدى وعشرين. ولم يستقلّ بالمملكة، بل كان أخوه المأمون أبو العلى منازعاً له، ثمّ قوي المأمون ودخل قصر الإمارة بمرّاكش، وقبض على العادل في عام أربعة هذا وأحسبه قتل. فكانت دولته أقلّ من أربع سنين، آخرها في شوّال.

(45/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 192
4 (عبد البرّ ابن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن الهمذانيّ، العطّار. أبو محمد.)
سمع: أباه، وعليّ بن محمد المشكانيّ راوي التاريخ البخاريّ الصّغير، ونصر بن مظفر البرمكيّ، وأبا الخير الباغبان، وأبا الوقت السّجزيّ، وجماعة. روى عنه: الضّياء، والصّدر البكريّ، والزّكّي البرزاليّ، وسائر الرّحّالة. وقرأت بخطّ ابن نقطة: أنّه سمع من عليّ بن محمد المشكانيّ تاريخ البخاريّ الصّغير. قال: وذكر لي إسحاق بن محمد بن المؤيّد المصري: أنّ شيخنا عبد البرّ بن أبي العلاء تغيّر بعد سنة عشر وستمائة، وبلغنا أنّه ثاب إليه عقله قبل وفاته بقليل، وحدّث، وأنّه توفّي بروذروار) في شعبان من سنة أربعٍ وعشرين. قلت: وسمعنا بإجازته من الشّرف أحمد بن عساكر.
4 (عبد الجبّار بن عبد الغنيّ بن عليّ بن أبي الفضل بن عليّ بن عبد الواحد بن عبد الضّيف)
الأنصاريّ. ابن الحرستانيّ، الشافعيّ، الفقيه، المفتي، كمال الدّين، أبو محمد. نقلت ذلك كلّه من خطّ ابن الدّخميسيّ. سمع: أبا القاسم الحافظ، وأبا سعد بن أبي عصرون. وأجاز له خطيب الموصل أبو الفضل، والحافظ أبو موسى المدينيّ. سمع منه: الزّكّي البرزاليّ، وخرّج له جزءاً، وأبو حامد ابن الصابونيّ، وابن الدّخميسيّ، والفخر محمد بن محمد ابن التّبني.

(45/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 193
وأخبرنا عنه أبو الفضل بن عساكر. توفّي في شعبان سنة أربعٍ وعشرين وستمائة. وقال ابن الحاجب: مولده سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة، ودرّس بالكلاّسة، والأكزيّة، وهو من بيت ابن طليس.
4 (عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور. الإمام، بهاء)
الدين أبو محمد المقدسيّ، الحنبليّ. ولد بقرية السّاويا من الأرض المقدّسة في سنة خمسٍ أو ستٍّ وخمسين وخمسمائة ز وكان أبوه يؤمّ بأهلها، وهي من عمل نابلس. وأمّه ستّ النّظر بنت أبي المكارم. هاجر به أبوه نحو دمشق سراً وخفية من الفرنج والبلاد لهم، ثمّ سافر أبوه إلى مصر تاجراً، فماتت أمّه وكفلته عمّته فاطمة زوجة الشيخ أبي عمر. ولمّا قدم الحافظ عبد الغنيّ من الإسكندرية درّبه على الكتابة، وأعطاه رزقاً، وختم القرآن في نحو سنة سبعين. ثمّ رحل في سنة اثنتين وسبعين في حلبة الشيخ العماد، فسمع بحرّان من أحمد ابن أبي الوفاء، وكان بحرّان سليمان بن أبي عطاف، وغيره من المقادسة. وقال البهاء: فألفتهم وأشير عليّ بالمقام بها لأجوّد حفظ الختمة، فقعدت بها في دار ابن عبدوس فأحسن إليّ، وقرأت القرآن على جماعةٍ في ستّة أشهر، وصلّيت التّراويح بهم وكنت أستحي كثيراً فأفرغ وقد ابتلّ ثوبي من العرق في البرد، فجمعوا لي شيئاً من الفطرة من حيث) لا أعلم، واشترى لي ابن عبدوس دابّة وجهّزني، وسافرت مع حجّاج حرّان إلى بغداد، وقد سبقني

(45/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 194
العماد ومعه ابن أخته عبد الله بن عمر بن أبي بكر، والشهاب محمد بن خلف، فسمعت بالموصل على خطيبها جزءاً. ثمّ دخلت بغداد وقد مات الشيخ عليّ البطائحيّ فحزنت كثيراُ، لأنّني كنت أريد أن أقرأ عليه الختمة. ثمّ سمعنا الحديث، فأوّل جزء كتبته جزء من حديث مالك على شهدة ولم ندرك أعلى سنداً منها، وسمعنا عليها معاني القرآن للزجّاج، ومصارع العشّاق للسّرّاج، وموطّأ القعنبيّ. وسمعت على عبد الحقّ بن يوسف كثيراً وكان من بيت الحديث فإنّه روى عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، وكان صالحاً فقيراً، وكان عسراً في السّماع جدّاً. وسمعنا عليه الإبانة للسّجزيّ بقراءة الحافظ عبد الغنيّ، ومرضت ففاتني مجلسٌ، وكان يمشي معي من بيته إلى مكّيّ الغرّاد فيعيد فوتي، ورزقت منه حظّاً، لأنّه كان يراني منكسراً مواظباً، وكان يعيرني الأجزاء، فأكتبها، وألهم في آخر عمره القرآن فكان يقرأ كلّ يوم عشرين جزءاً أو أكثر. وسمعت على أبي هاشم الدّوشابي، وكان هرّاساً يربّي الحمام، فقلت لرفيقي عبد الله بن عمر: أريد أفاتحه في الطّيور عسى يلتفت علينا، فنقرأ عليه هذين الجزءين فقال: لا تفعل. فقلت: لا بدّ من ذلك، فقلت: يا سيّدي إن كان عندك من الطّيور الجياد تعطينا وتفيدنا، فالتفت إليّ قال: يا بنيّ عندي الطّيرة الفلانية بنت الطّيرة الفلانية، ولي قنصٌ من فلان، وانبسط، فسمعنا عليه الجزءين ولم نعد إليه. وسمعنا على ابن صيلا، وأبي شاكر السّقلاطونيّ، وتجنّي، وابن يلدرك، ومنوهجر، وابن شاتيل وكان له ابنٌ شيخٌ إذا جلسنا تبيّن كأنّه الأب، وعمي على كبرٍ، وبقي سبعين يوماً أعمى، ثمّ برئ وعاد بصره يعني الابن فسألنا الشيخ عن السبب فذكر لنا: أنّه ذهب به إلى قبر الإمام أحمد وأنّه دعا وابتهل، وقلت: يا أمام أحمد أسألك إلاّ شفعت فيه إلى ربّك، يا ربّ شفّعه في ولدي، وولدي يؤمّن، ثمّ مضينا. فلمّا كان اللّيل استيقظ وقد أبصر. ثمّ أخذنا في سماع الدّرس على ناصح الإسلام أبي الفتح، وكنت قليل الفهم لضيق

(45/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 195
صدري، وكنت أحبّ كتابة الحديث فلو كتبت النّهار كلّه لم أضجر، وربّما سهرت من أول اللّيل، فما أشعر إلاّ بالصّباح. وأشار عليّ الحافظ عبد الغنيّ بالسّفر معه إلى إصبهان، فاتّفق سفره وأنا مريض. ثمّ توفّي أبي سنة خمسٍ وسبعين. ثمّ اشتغلت في مسائل الخلاف على الشيخ أبي الفتح اشتغالاً) جيّداً، وكنت إذ ذاك فقيراً ليس لي بلغةٌ إلاّ من الشيخ أبي الفتح يعني ابن المنّي واتّفق غلاءٌ كثيرٌ فأحسن إليّ، ثمّ وقع المرض، فخاف عليّ فجهّزني وأعطاني، واتّفقت أنا، وعليّ ابن الطّالبانيّ، ويحيى ابن الطّبّاخ، فترافقنا إلى الموصل، ثمّ ذهبنا إلى مراغة في طلب علم الخلاف، فاكتريت إلى حرّان وصبر عليّ الجمّال بالأجرة إلى حرّان، وكنت أقترض من التّجار ما أتبلّغ به. ثمّ أقمت بحرّان نحو سنة أقرأ على شمس الدّين ابن عبدوس كتاب الهداية لأبي الخطّاب، ثمّ مضيت إلى دمشق، وتزوج ببنت عمّي زينب بنت عبد الواحد، وأنفق عليّ عمّي، وساعدني الشيخ أبو عمر، فكنت في أرغد عيشٍ إلى أن سافرت إلى بغداد سنة تسعٍ وسبعين ومعي أخي أبو بكر، وابن عمّي أحمد يعني: الشمس البخاريّ وصمنا رمضان، وسافرنا مع الحجّاج، وجهّزنا ابن عبدوس بالكري والنّفقة، ولم تكن لي همّةٌ إلاّ علم الخلاف. فشرعت في الاشتغال على الشيخ أبي الفتح، وكان معيده الفخر إسماعيل الرّقّاء، ثمّ سافرت سنة ثلاثٍ وثمانين، وخلّفت ببغداد أخي، وابن عمّي. فسافر ابن عمّي إلى بخارى، ولحقني أخي. نقلت هذا كلّه من خطّ السيف ابن المجد. وقد سمع البهاء بدمشق قبل أن يرحل من عبد الله بن الواحد المكنانيّ في سنة سبعٍ وستّين، ومن القاضي كمال الدّين محمد بن عبد الله الشّهرزوريّ، ومحمد بن بركة الصّلحيّ، وأبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، وجماعة. وسمع ببغداد أيضاً من أحمد بن مسعود الهاشميّ، وأحمد ابن أحمد بن حمدي العدل، وأبي بكر أحمد ابن النّاعم، وأحمد بن الحسن بن سلامة المنبجيّ، والحسن بن عليّ بن شيرويه، وسعد الله ابن الوادي،

(45/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 196
وعبد المحسن بن تريك، وعبد المغيث بن زهير، ومحمد بن نسيم العيشونيّ، ونصر الله القزّاز، وأبي العزّ محمد بن محمد بن مواهب، وأبي الثناء محمد بن محمد الزّيتونيّ، مسعود بن عليّ بن النّادر، والمبارك بن المبارك بن الحكيم، وسمع من خلق بدمشق، وبغداد. وأجاز له طائفةٌ كبيرة، وروى الكثير. وكان ينفق حديثه، فحدّث بقطعةٍ كبيرةٍ منه ببعلبكّ، وبنابلس، وبجامع دمشق. وكان إماماً في الفقه، لا بأس به في الحديث. قال الضّياء في البهاء: كان إماماً فقيهاً، مناظراً، اشتغل على ابن المنّي، وسمع الكثير، وكتب) الكثير بخطّه، وأقام بنابلس سنين كثيرة بعد الفتوح يؤمّ بالجامع الغربيّ منها، وانتفع به خلقٌ كثيرٌ من أهل نابلس وأهل القرايا. وكان كريماً جواداً سخياً، حسن الأخلاف، متواضعاً. ورجع إلى دمشق قبل وفاته بيسير، واجتهد في كتابة الحديث وتسميعه، وشرح كتاب المقنّع وكتاب العمدة لشيخنا موفّق الدّين، ووقف من كتبه ما هو مسموع. وقال أبو الفتح عمر بن الحاجب: كان أكثر مقامه بنابلس، وكان مليح المنظر، مطرحاً للتّكلّف، كثير الفائدة، ذا دينٍ وخير، قوّالاً بالحقّ لا يخاف في الله لومة لائم، راغباً في التّحديث. كان يدخل من الجبل قاصداً لمن يسمع عليه، وربّما أتى بغدائه فيطعمه لمن يقرأ عليه. تفرّد بعدّة كتب وأجزاء، وانقطع بموته حديثٌ كثير يعني بدمشق. وأمّا رفقاؤه ببغداد، فتأخّروا، ثمّ قال: ولد سنة ستٍّ وخمسين، وتوفّي في سابع ذي الحجّة سنة أربع.

(45/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 197
قلت: روى عن الضّياء، والبرزاليّ، والسّيف، والشّرف ابن النابلسيّ، والجمال ابن الصّابونيّ، والشمس ابن الكمال، وخلقٌ كثير. وحدّثنا عنه ببعلبكّ: التّاج عبد الخالق، وعبد الكريم بن زيد، ومحمد بان بلغزا، وأبو الحسين شيخنا، وست الأهل بنت علوان، وداود بن محفوظ. وبدمشق: العزّ إسماعيل ابن الفرّاء، والعزّ ابن العماد، والشمس ابن الواسطيّ، والتّقيّ أحمد بن مؤمن، وأبو جعفر محمد ابن الموازينيّ، وإسحاق ابن سلطان. وبنابلس العماد عبد الحافظ، وغيره هؤلاء. وختم حديثه بموت ابن الموازينيّ، وبين موتهما أربعٌ وثمانون سنة.
4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد.)
أبو عمرو، الكتاميّ، الإشبيليّ، الفقيه. سمع أبا عبد الله بن زرقون، وتفقّه به، ولازمه، وأبا محمد بن جمهور، وأبا عبد الله ابن المجاهد الزّاهد. وتفقّه قديماً بأبي محمد بن موجوال، وأخذ القراءآت عن أبي بكر بن صاف. قال الأبّار: وكان حافظاً لمذهب مالك، بعيداً عن الانقياد للسماع منه. وتوفّي في شوّال وله ثلاثٌ وثمانون سنة.
4 (عبد الرحمن بن عبد العليّ بن عليّ. قاضي القضاة، عماد الدّين، أبو القاسم، المصريّ،)
الشافعيّ، المعروف بابن السّكّري. جدّ شيخنا عماد الدّين عليّ بن عبد العزيز.) ولد سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة.

(45/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 198
سمع: إبراهيم بن سماقا، وعليّ بن خلف بن معزوز. وصحب الصّالحين، وتفقّه على الشهاب محمد الطّوسي، وبرع في العلم وولي قضاء القاهرة وخطابتها. وحدّث، وأفتى، ودرّس. توفّي في ثامن عشر شوّال، وله إحدى وسبعون سنة.
4 (عبد الرحمن بن عمر بن سلمان.)
أبو الفرج، الأزجيّ، المعروف بابن حديد. توفّي في جمادى الأولى عن نحوٍ من ثمانين سنة. وحدّث عن عليّ بن أبي سعد الخبّاز.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن حمدان.)
الفقيه، صائن الدّين، أبو القاسم، الطيبيّ. مصنّف شرح التّنبيه، ومعيد النظاميّة. كان شديد الفتوى، متقناً، فرضيّاً، حاسباً، فاضلاً.
4 (عبد السّلام بن أبي بكر بن عبد الملك بن ثابت.)
أبو محمد، البغداديّ، الجماجميّ، كان يعمل الجماجم. وهو رجل صالح. حدّث عن أبي طالب بن خضير.
4 (عبد الصّمد بن الحسن بن يوسف بن أحمد. أبو محمد،

(45/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 199
الأصبحيّ، المصريّ، الشافعيّ،)
المعروف بالمقاماتيّ، لأنّه حفظ مقامات الحريريّ. ولد سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. سمع من السّلفيّ أبيات شعرٍ وحدّث بها، وكتب الكثير بعد ذلك. وسمع من الرتاحيّ، وأبي يعقوب بن الطّفيل، وجماعةٍ. وكان أخبارياً كثير المحفوظ. توفّي في رمضان. روى عنه المنذريّ.
4 (عبد العزيز بن سحنون بن عليّ.)
برهان الدّين، أبو محمد، الغماريّ، النّابيّ، النّحويّ، العدل. ولد سنة أربعٍ وخمسين. وقدم مصر سنة ثمانٍ وستّين، وحدّث عن السّلفيّ، وعبد الله بن برّي، وجماعةٍ بعدهما. وتصدّر لإقراء العربية بجامع مصر، وانتفع الناس به. روى عنه الزّكيّ المنذريّ، وغيره. وتوفّي في ثامن عشر ذي الحجّة.)
4 (عبد العزيز بن عليّ بن عبد العزيز بن زيدان.)
أبو محمد وأبو بكر، السّماتيّ، القرطبيّ، نزيل فاس. روى عن أبي إسحاق بن قرقول، ونجبة بن يحيى، وأخذ بفاس عن أبي الحسن بن حنين، وهو أكبر شيوخه.

(45/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 200
قال الأبّار: سمع منه الموطّأ في سنة خمس وستّين وخمسمائة، عن ابن الطّلاّع محمد، والشّهاب للقضاعيّ، عن أبي الحسن العبسيّ سماعاً. وأجاز له جماعةٌ. وكان من أهل الفقه، والحديث، والنّحو، واللّغة، والتّاريخ، والأخبار، وأسماء الرجال، متصرّفاً في فنونٍ كثيرةٍ، وأديباً، نحوياً، شاعراً، معلّماً بالعربية، متقدّماً في صناعتها. سمع منه جلّةٌ، وسماه التّجيبيّ في مشيخته وقال: سمعت منه وسمع عليّ. قال الأبّارك مولد ابن زيدان بقرطبة سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة، وتوفّي بفاس في خامس رجب سنة أربعٍ وعشرين. وقال ابن مسدي: أخبرني ابنه يحيى أنّه مات في سنة ثلاثٍ وعشرين في ثالث رجب. قال ابن مسدي: هو علاّمة زمانه، ورئيس أقرانه، كان آخر من حدّثبفاس عن الكنانيّ. وذكر لي أنّه سمع بعض كتاب الجنابة من الموطّأ من أبي عبد الله ابن الرّمّامة. خرّج لنفسه مشيخةً ولم يكن بفاس أنبل منه، قدمها وهو ابن ثماني سنين، وعاش أربعاً وسبعين سنة. قلت: هذا من أعيان الرّواة بالمغرب، ومن طبقة شيوخه سميّه عبد العزيز بن عليّ بن محمد السّماتي المقرئ من أهل إشبيلية. وقد مرّ.
4 (عبد المحسن بن أبي العميد بن خالد بن عبد الغفّار بن إسماعيل. الإمام، حجّة الدّين، أبو)
طالب، الخفيفيّ، الأبهريّ، الشافعيّ، الصوفيّ.

(45/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 201
ولد في رجب سنة ستٍّ وخمسين وخمسمائة. وتفقّه بهمذان على أبي القاسم بن حيدر القزوينيّ، وعلّق التّعليقة عن الفخر النّوقانيّ. وسمع بإصبهان من الحافظ محمد بن عبد الجليل كوتاه، وأحمد بن ينال التّرك، وأبي موسى المدينيّ، وببغداد من أبي الفتح بن شاتيل، وأبي السّعادات، القزّاز، وبأبهر من أبي الفتوح عبد الكافي الخطيب، وبهمذان من أبي المحاسن عبد الرزّاق بن إسماعيل القومسانيّ، وعبدالمنعم الفروايّ. وبدمشق من عبد الرحمن بن عليّ اللّخميّ، وإسماعيل الجنزويّ، وبمصر من هبة) الله البوصيريّ، وبالإسكندرية من القاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرميّ، وبمكّة من محمود بن عبد المنعم القلانسيّ الدّمشقيّ، وبواسط من أبي بكر ابن الباقلانيّ. وكان كثير الأسفار والحجّ، وصاحب صلاة، وتهجّد، وصيام، وعبادةٍ. وله قدمٌ في الفقه، والتّصوّف، وجاور مدّةً، وحضر حصار عكّا مع السلطان صلاح الدّين، ثمّ أقام ببغداد، وأمّ بالصوفية برباط الخليفة. وسمع الكثير بقراءته على بن كليب، ويحيى بن بوش، وطبقتهما. وكان يحجّ كلّ سنة على السّبيل الّذي للجهة. قال ابن النجّار: كان كثير المجاهدة، والعبادة، دائم الصّيام سفراً وحضراً، عارفاً بكلام المشايخ، وأحوال القوم. وكانت له معرفةٌ، وحفظٌ، وإتقانٌ. كتبنا عنه، وكان ثقةً صدوقاً، ثمّ حجّ، وجاور، وصار إمام المقام إلى أن توفّي في ثامن صفر. قلت: روى عنه ابن النجّار، والضّياء، وابن الحاجب، وأبو عبد الله الدّبيثيّ، وأبو الفرج بن أبي عمر، وقطب الدّين القسطلانيّ، وغيرهم. قرأت على أبي المعالي بمصر: حدّثكم أبو طالب عبد المحسن بن

(45/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 202
فرامرز الخفيفيّ، وأخبركم محمد بن الحسين قالا: أخبرنا أحمد بن ينال، أخبرنا محمد بن عبد الواحد، حدّثنا أبو بكر بن مردويه، حدّثنا أحمد بن محمد بن نصير، حدّثنا أحمد بن عصام، حدّثنا معاذ بن هشام، حدّثني أبي، عن قتادة، عن أنس، أنّ نبيّ الله قال: يخرج من النّار من قال لا إله إلاّ الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرّةً. أخرجه مسلم عن محمد بن مثنّى، عن معاذ مثله. وأخبرنا أبو المجد العقيلي إجازةً، أخبرنا عبد المحسن الخفيفيّ بمنى، أخبرنا عبد المنعم فذكر حديثاً.
4 (عليّ بن عبد الوهّاب بن محمد بن أبي الفرج. الرئيس موفّق الدّين، أبو الحسن، الجذاميّ،)
الإسكندرانيّ، المالكيّ. صدر الإسكندرية وعينها. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وحدّث عن السّلفيّ، وعن أبي الفتوح نصر بن قلاقس الأزهريّ. توفّي في سادس ربيعٍ الآخر.)
4 (عليّ بن يونس بن أحمد بن عبيد الله.)
الأجلّ، عماد الدّين، أبو الحسن، البغداديّ. حدّث عن أبي الفتح بن البطّي، وخديجة النّهروانيّة. ومات في شهر ذي الحجّة. وهو أخو الوزير عبيد الله بن يونس.
4 (عمر بن أبي الحارث أعزّ بن عمر بن محمد بن عمّويه.)

(45/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 203
أبو حفص، القرشيّ، التّيميّ، السّهرورديّ، ثمّ البغداديّ، الصّوفيّ. ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وسمع من أبي الوقت المائة الشّريحيّة. وهو أخو محمد وقد ذكر، وكذا أبوهما تقدّم يروي عن أبي عليّ بن نبهان. توفّي هذا، في ثالث عشر ربيع الأول.
4 (عيسى، السّلطان الملك المعظّم. شرف الدّين، ابن السّلطان الملك العادل سيف الدّين أبي)
بكر محمد بن أيوب بن شاذي، صاحب دمشق، الفقيه الحنفيّ، الأديب. ولد بالقاهرة في سنة ستٍّ وسبعين وخمسمائة. ونشأ بالشام، وحفظ بالقرآن، وتفقّه وبرع في المذهب، واعتنى بالجامع الكبير فشرحه في عدّة مجلّدات معاونة غيره. ولازم تاج الدّين الكندي مدّةً،

(45/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 204
وكان ينزل إلى داره بدرب العجم من القلعة والكتاب تحت إبطه، فأخذ عنه كتاب سيبويه، وشرحه للسّيرافي، وأخذ عنه الحجّة في القراءآت لأبي عليّ الفارسيّ، والحماسة وغير ذلك من الكتب المطوّلة، وحفظ الإيضاح في النّحو، وسمع المسند من حنبل المكبّر، وسمع من عمر بن طبرزد، وغيره. وله ديوان شعر. قال القوصيّ: سمعت منه ديوانه، وصنّف في العروض ومع ذلك فما يقيم الوزن في بعض الأوقات. وكان محبّاً لمذهبه، متغالياً فيه، كثير الاشتغال مع كثرة الأشغال، وكان محبّاً للفضيلة، قد جعل لمن يعرض المفصّل للزمخشريّ مائة دينار، ولمن يحفظ الجامع الكبير مائتي دينارٍ، ولمن يحفظ الإيضاح ثلاثين ديناراً، سوى الخلع. وقد حجّ في أيام والده سنة إحدى عشرة وستمائة. وجدّد البرك والمصانع، وأحسن إلى الحجّاج كثيراً. وبنى سور دمشق، والطّارمة الّتي على باب الحديد، والخان الّذي على باب الجابية، وبنى بالقدس مدرسةً، وبنى عند جعفر الطّيّار رضي الله عنه مسجداً. وعمل بمعان دار مضيف وحمّامين. وكان قد عزم على تسهيل طريق الحاجّ وأن يبني في كلّ منزلة. وكان يتلكّم مع العلماء، ويناظر،) ويبحث. وكان ملكاً حازماً، وافر الحرمة، مشهوراً بالشّجاعة والإقدام، وفيه تواضع، وكرمٌ، وحياء، وقد ساق على فرس واحدٍ من دمشق إلى الإسكندرية في ثمانية أيام في حدود سنة سبعٍ وستمائة إلى أخيه الملك الكامل محمد، فلمّا التقيا، قال له الكامل بعد أن اعتنقه والتزمه: اطلع اركب، فقال:
(وإذا المطيّ بنا بلغن محمّداً .......... فظهورهن على الرّكاب حرام)
فطرب الكامل وأعجبه. وكان قد أعدّ الجواسيس والقصّاد، فإنّ الفرنج كانوا على كتفه، فلذلك كان يظلم، ويعسف، ويصادر. وأخرب القدس، لعجزه عن حفظه من الفرنج، وأدار الخمور، وكان يملك من العريش إلى حمص، والكرك، والشّوبك، وإلى العلى.

(45/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 205
وكان عديم الالتفات إلى ما يرغب فيه الملوك من الأبّهة والتّعظيم، وينهى نوابه عن مزاحمة الملوك في طلوع العلم على جبل عرفات. وكان يركب وحده مراراً عديدة، ثمّ يتبعه غلمانه يتطاردون خلفه. وكان مكرماً لأصحابه كأنّه واحدٌ منهم، ويصلّي الجمعة في تربة عمّه صلاح الدّين ويمشي منها إلى تربة أبيه. توفّي في سلخ ذي القعدة سنة أربعٍ، ودفن بالقلعة، ثمّ نقل إلى تربته ومدرسته بقاسيون، سامحه الله. ونقلت من خطّ الضّياء قال: كان شجاعاً، فقيهاً، وكان يشرب المسكر ويجوّز شربه، وكان ربّما أعطى العطاء الكثير لمن لا يشرب حتّى يشربه. وأسّس ظلماً كثيراً ببلاد الشام، وأمر بخراب بيت المقدس، وغيرها من الحصون. وقال ابن الأثير: كان عالماً بعدّة علوم، فاضلاً فيها، منها: الفقه، ومنها علم النّحو، وكذلك اللّغة. نفق العلم في سوقه وقصده العلماء من الآفاق فأكرمهم وأعطاهم، إلى أن قال: لم يسمع أحدٌ منه ممّن يصحبه كلمةً نزقة. وكان يقول كثيراً: اعتقادي في الأصول ما سطّره أبو جعفر الطّحاويّ. وأوصى أن يدفن في لحدٍ، وأن لا بنى عليه بناءٌ، بل يكون قبره تحت السماء، وكان يقول في مرضه: لي عند الله في أمر دمياط ما أرجو أن يرحمني به. وقال ابن واصل: كان جند المعظّم ثلاثة آلاف فارس لم يكن عند أحد من إخوته جند مثلهم في فرط تجمّلهم، وحسن زيّهم، فكان بهذا العسكر القليل يقاوم إخوته، فكان الكامل يخافه لما) يتوهّمه من ميل عسكر مصر إليه لما يعلمونه عن اعتنائه بأمر أجناده. وكان المعظّم يخطب لأخيه الكامل في بلاده، ويضرب السّكة باسمه، ولا يذكر اسمه مع الكامل. وكان مع شهامته، وعظم هيبته قليل التّكلّف جدّاً، لا يركب في السّناجق السلطانية في غالب

(45/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 206
أوقاته، بل في جمع قليل وعلى رأسه كلوتة صفراء بلا شاش، ويتخرّق الطّرق، ولا يطرّق له أحد. ولقد رأيته بالبيت المقدّس في سنة ثلاثٍ وعشرين والرجال والنّساء يزاحمونه ولا يردّهم. ولمّا كثر هذا منه، ضرب به المثل، فمن فعل فعلاً لا تكلّف فيه قيل: فعل المعظّمي. وكان شيخه في الفقه جمال الدّين الحصيريّ، تردّد إليه وإلى الكندي كثيراً. وكان قد بحث كتاب سيبويه وطالعه مرّات. بلغني أنّ أباه قال له: كيف خالفت أهلك وصرت حنفياً قال: يا خوند ألا ترضون أن يكون منّا واحدٌ مسلم قاله على سبيل المداعبة.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت يونس.)
وأخوها هو الوزير أبو المظفّر عبيد الله بن يونس. روت بالإجازة عن أبي الحسن بن غبرة.
4 (الفتح بن عبد الله بن محمد بن عليّ بن هبة الله بن عبد السّلام ابن يحيى. عميد الدّين، أبو)
الفرج، بن أبي منصور بن أبي الفتح بن أبي الحسن، البغداديّ، الكاتب. ولد يوم عاشوراء سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: جدّه أبي الفتح، ومحمد بن أحمد الطّرائفيّ، ومحمد بن عمر الأرمويّ، وأبي غالب محمد بن عليّ ابن الدّاية، وأحمد بن طاهر

(45/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 207
الميهنيّ، وقاضي القضاة عليّ بن الحسين الزّينبيّ، وهبة الله بن أبي شريك الحاسب، وأبي الكرم الشّهرزوريّ، وسعيد ابن البنّاء، وأبي الوقت، ونوشتكين الرّضوانيّ، وأبي بكر ابن الزّاغونيّ، وأحمد بن محمد ابن الإخوة المخلّطيّ، وجماعةٍ. روى عنه خلقٌ كثيرٌ منهم: البرزاليّ، وعمر ابن الحاجب، والسيف ابن المجد، والقاضي شمس الدّين ابن العماد، وتقيّ الدّين ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والكمال عبد الرحمن المكبّر، والجمال محمد ابن الدّبّاب، والشهاب الأبرقوهيّ. وكان أسند من بقي بالعراق. قال المنذري: كان شيخاً حسناً، كاتباً، أديباً، له شعرٌ، تصرّف في الأعمال الدّيوانية، وأضرّ في) آخر عمره، وانفرد بأكثر شيوخه ومروياته. وهو من بيت الحديث، هو، وأبوه، وجدّه، وجدّ أبيه. قال ابن الحاجب: هو من محلّة الدّينارية بباب الأزج، وكان قديماً يسكن بمنزل أسلافه بدار الخلافة. وهو بقية بيته صارت الرّحلة إليه من البلاد وتكاثر عليه الطّلبة، واشتهر اسمه. وكان من ذوي المناصب والولايات، فهماً بصنعنه، ترك الخدمة وبقي قانعاً بالكفاف، وأضرّ بأخرةٍ وكان كثير المرض حتّى أقعد. وكان مجلسه مجلس هيبةٍ ووقار، لا يكاد يشذّ عنه حرف، محقّق لسماعاته إلاّ أنّه لم يكن يحبّ الرّواية لمرضه واشتغاله بنفسه. وكان كثير الذّكر ذا هيبةٍ ووقار، وكان يتوالى ولم يظهر لنا ما تنكره عليه، بل كان يترحم على الصّحابة، ويلعن من يسبّهم. وكان ينظم الشعر في الزّهد والنّدم على ما فات، وكان ثقةً صحيح السّماع، ولم يكن مكثراً، ولكنّه تفرّد بعدة أجزاء ثمّ سمّى الأجزاء الّتي تفرّد بها، وقال: توفّي في الرابع والعشرين من المحرّم. وروى عنه الدّبيثيّ وقال: هو من أهل بيت حديثٍ، وكلّهم ثقات. قلت: وآخر من روى عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان الأنصارية.

(45/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 208
وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد السّلام، أخبرنا محمد بن عليّ ابن الدّاية، ومحمد بن عمر القاضي. وأخبرنا حضوراً محمد بن أحمد الطّرائفيّ. وأنبأنا يحيى بن أبي منصور الحنبليّ، أخبرنا عمر بن محمد المؤدّب ببغداد، أخبرنا أبو غالب ابن البنّاء، ويحيى ابن الطّرّاح، وأبو منصور ابن خيرون، وعبد الخالق ابن البدن، قالوا سبعتهم: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة، أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا جعفر القريابيّ، حدّثنا محمد بن الحسن البلخيّ، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا سفيان الثّوريّ، قال: كان يقال إذا عرفت نفسك لم يضرّك ما قيل فيك. قال المبارك ابن الشعّار الموصليّ في قلائد الجمان: كان الفتح يرجع إلى أدب، وسلامة قريحة في الشعر. قال: وكان مشتهراً بالتّشيع والغلوّ فيه على مذهب الإمامية. كتب من قوله إلى النّاصر لدين الله:
(مولاي عبدك قد أضرّ وقد غدا .......... في قعر منزله طريحاً كالحجر)

(لا يستطيع السّعي فيما نابه .......... لمصابه بالعين مع وهن الكبر)
)
4 (حرف القاف)

4 (قرّة العين بنت المقرئ يعقوب بن يوسف الحربيّ.)
روت عن أبي بكر عتيق بن صيلا. وماتت في صفر.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن سلمون.)
أبو الحسن، البلنسيّ. قرأ لورش على أبي الحسن بن هذيل، وسمع منه الموطّأ والبخاريّ والتّيسير.

(45/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 209
قال الأبّار: وكان عدلاً مرضياً. سمعت منه، وله دكّان بالعطّارين يجلس فيها، ولم يكن له علم بالحديث ولا بغيره. أخذ عنه أصحابنا. وتوفّي في ربيع الآخر، وولد سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة. قلت: وروى عنه رضيّ الدّين الشّاطبيّ اللّغويّ، وقاضي تونس أبو العبّاس بن الغماز، وابن مسدي وقال: سمع من ابن هذيل سنة.
4 (محمد بن حاتم بن متوكّل.)
أبو بكر، التّميميّ، القرطبيّ، الأصل، الإشبيليّ. ولي القضاء. وحدّث عن: أبي عبد الله بن زرقون، وأبي بكر ابن الجدّ. قال الأبّار: توفّي في جمادى الأولى.
4 (محمد بن الحسين بن حرب.)
أبو البركات، الدّارقزّيّ، المقرئ. قرأ القرآن على أبي الفضل أحمد بن محمد بن شنيف بالقراءآت. وأقرأ، وكان عالي الإسناد في القراءآت فإنّ شيخه من أصحاب أبي طاهر ابن سوار، وثابت بن نبدار. وسمع من ابن شنيف، ولاحق ودهبل ابني عليّ بن كاره. وحدّث. ومات في شوّال.
4 (محمد بن حمزة بن محمد بن أبي سلمة. أبو الوفاء، الحلبيّ.)
سمع عبد الله بن محمد الأشيريّ، وعنه مجد الدّين ابن العديم.)
4 (محمد بن عبد الله بن أحمد بن عليّ ابن المعمّر.)
أبو الفضل، العلويّ، الحسينيّ، النّقيب. ولي نقابة العلويّين بالعراق بعد وفاة أبيه سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، ثمّ عزل سنة سبعٍ وثمانين، وجلس في بيته خاملاً إلى هذا الوقت.

(45/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 210
توفّي في سادس صفر. وأحسبه روى عن جدّه.
4 (محمد بن عبد المعيد ابن الشيخ عبد المغيث بن زهير.)
سمع من جدّه، ومن فارس الحفّار. وحدّث. ومات كهلاً في ذي القعدة.
4 (محمد بن عليّ بن محمد بن يحيى بن يحيى.)
الشيخ أبو عبد الله، الغافقيّ، المرسيّ، الشّارّيّ. وشارّة: من عمل مرسية. قال الأبّار: أخذ القراءآت عن أبي نصر فتح بن يوسف صاحب أبي داود المقرئ. وسكن سبتة. وقد سمع من أبي العباس بن إدريس، وتفقّه على أبي محمد بن عاشر. روى عنه ابنه أبو الحسن، وعاش نيّفاً وثمانين سنة.
4 (محمد بن القاسم بن هبة الله التّكريتيّ. الفقيه، أبو عبد الله.)
فقيهٌ، إمام، مفتٍ، صالحٌ، أعاد بالنّظاميّة ببغداد، ثمّ درّس بالقيصرية ببغداد. وكان حمقاً، تيّاهاً، يحطّ رتبته بكثرة دعاويه، وقد أخرج مرةً من بغداد، وجرت له أمور.

(45/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 211
4 (محمد بن أبي الفتوح الليث بن شجاع بن سعود. أبو هريرة ابن الوسطانيّ، البغداديّ،)
الأزجيّ، الدّيناريّ، اللبّان، الضّرير. سمع من: أبي الوقت السّجزيّ، وأبي القاسم أحمد بن قفرجل، وهبة الله ابن هلال الدّقاق، والشيخ عبد القادر، وأبي الفتح بن البطّي، وجماعةٍ. وهو من محلّة الدّيناريّة. روى عنه: الدّبيثيّ، وعمر ابن الحاجب، والتّقيّ ابن الواسطيّ. وأخبرنا عنه الأبرقوهيّ. وأضرّ بأخرة، ورقّ حاله. وتوفّي في التاسع والعشرين من ربيع الأوّل. أخبرني الأبرقوهيّ، أخبرنا أبو هريرة، وزيد بن يحيى، قالا: أخبرنا أحمد بن قفرجل، أخبرنا) عاصمٌ، أخبرنا ابن مهديّ، حدّثنا المحامليّ، حدّثنا أحمد بن إسماعيل، حدّثنا مالك، عن ربيعة، عن حنظلة بن قيس الزّرقي، أنذه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقالك نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن كراء الأرض. فقلت: أبالذّهب والورق قال: أمّا الذّهب والورق فلا بأس به. رواه مسلم.
4 (محمد ابن الإمام أبي الوليد المعروف بالحفيد محمد بن أحمد ابن الإمام محمد بن أحمد بن)
أحمد بن رشد. القاضي، أبو الحسن، القرطبيّ. بقية بيته نبلاً وجلالاً. ناب في الحكم وما استقلّ. سمع من جدّه أبي القاسم، ومن ابن بشكوال. كتب عنه ابن مسدي، وأرّخ وفاته في رمضان هذا العام.

(45/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 212
4 (محمد بن موسى بن هشام المرسي.)
سمع من أبي القاسم بن حبيش وطبقته. وولي قضاء بسطة. ورّخه الأبّار.
4 (محمد بن أبي البركات بن عليّ. أبو البذر، الأزجيّ، الدّقّاق.)
حدّث بالإجازة عن الشيخ عبد القادر، وغيره. ومات في ربيع الآخر.
4 (مالك بن يدو المغربيّ، الزّاهد، نزيل الإسكندرية.)
صالحٌ، قانتٌ، عابدٌ، صحب المشايخ، وانتفع به جماعةٌ. قال الزّكيّ المنذريّ: قيل: إنّه سأل الله تعالى أن يخمل ذكره، فلم تكن شهرته بحسب ما تقتضيه رتبته.
4 (مطّلب بن بدر بن المطّلب بن زهمان.)
أبو محمد، الكرديّ، الجنديّ، البشيريّ، البغداديّ. ولد سنة سبعٍ وأربعين. وسمع من أبي الفتح بن البطّي، ومعمر ابن الفاخر. وحدّث. والبشيريّ: بفتح الباء نسبة إلى جدّهم بشير. توفّي في سادس ذي القعدة.
4 (حرف الياء)

4 (يعقوب، الملك المعزّ، ويقال: الملك الأعزّ، شرف الدّين،

(45/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 213
أبو يوسف، ابن السلطان صلاح)
) الدّين يوسف بن أيّوب. ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الله بن برّي النّحويّ، وابن أسعد الجوانيّ. وقرأ القرآن على الأرتاحيّ. وكان متواضعاً، كثير التّلاوة، ديّناً. حدّث بالحرمين، ودمشق، وكان صدوقاً. سمع منه: الزّكيّ البرزاليّ، وابن الحاجب، وعبد الله بن محمد بن حسّان الخطيب. وتوفّي بحلب. يعيش. سيأتي في.
4 (يوسف بن إبراهيم بن تريك بن عبد المحسن.)
أبو المظفّر، البيّع. من بيت الحديث. سمع من عمّه عبد المحسن بن تريك. ومات في رجب.
4 (المهذّب يوسف بن أبي سعيد السّامريّ. الطّبيب، الصّاحب.)
برع في الطّبّ، وقرأ على مهذّب الدّين ابن النقاش، وجماعة. وخدم الملك الأمجد صاحب بعلبك، وحظي لديه، ونال الأموال، ثمّ وزر له، واستحوذ عليه. وما أحلى ما قال فتيان الشّاغوريّ في الأمجد:
(أصبح السّامريّ معتقداً .......... معتقد السّامريّ في العجل)
ولم يزل أمره مستقيماً حتّى كثر الشكاوى من أقاربه ببعلبكّ، فإنّهم قصدوه من دمشق، واستخدمهم في الجهات، فنكبه الأمجد ونكبهم،

(45/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 214
واستصفى أموالهم، وسجنه، ثمّ أطلقه، فجاء إلى دمشق. ومات في صفر. وهو عمّ الموفّق أمين الدولة.
4 (يوسف بن المظفّر بن شجاع. أبو محمد، العاقوليّ، ثمّ البغداديّ، الأزجيّ، الصّفّار، الزاهد.)
تلميذ الشيخ عبد القادر ومريده. سمع من: أحمد بن قفرجل، وابن البطّي، وأحمد بن المقرّب، وجماعة. وحدّث. وله كلام حسن في التّصوّف والحقيقة. كان صالحاً، زاهداً. عابداً، يبترّك به. وهو آخر من لبس الحرقة من الشيخ.) ولد في رجب سنة خمسٍ وثلاثين، وتوفّي في المحرّم. وأخذ عنه السّيف ابن المجد. وسمع منه الجمال محمد ابن الدّبّاب سمع منه الأوّل والثاني من حديث أبي عليّ بن خزيمة البغداديّ. وأجاز لفاطمة بنت سليمان.
4 (الكنى)

4 (أبو العبّاس ابن البقّال.)
أحد الكبار المتكلّمين العالمين بالأصول بالمغرب. أخذ عنه أبو الحسن البصريّ. ورّخه ابن عمران السّبتيّ في هذا العام، سمعت ذلك منه.
4 (أبو عبد الله بن حمّاد العسقلانيّ، ثمّ الصّالحيّ.)
روى عن يحيى الثقفيّ. وهو والد المسند إسماعيل بن أبي عبد الله. ورّخه الضّياء فقال: توفّي في صفر. وكان محافظاً على الجماعة وسألته عن مولده فقال: سنة أخذ عسقلان، وأخذ في سنة ثمانٍ وأربعين.

(45/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 215
4 (وفيها ولد)
الشيخ تاج الدّين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاريّ، شيخ الشافعية. والقاضي عماد الدّين عبد الرحمن بن سالم بن واصل الحمويّ. والمحيي أبو بكر بن عبد الله ابن خطيب الأبّار. والنّجم عبد الغفار بن محمد بن المغيزل الحمويّ. والزّين محمد بن عبد الوهّاب بن أحمد ابن الجبّاب السّعديّ. والعزّ أحمد ابن شمس الدّين المسلم بن علاّن. والشمس محمد بن يوسف الإربلّي الذّهبي. والبدر حسن بن أحمد بن عطاء الأذرعي، بحلب. والزّين محمد بن أحمد العقيليّ، ابن القلانسيّ والد الشيخ الجلال. والشرف إبراهيم بن أبي الحسن بن صدقة المخرّميّ. والتّقيّ عبد الملك بن أيبك المعرّي، الفقيه. والشمس محمد بن مكّي بن أبي الذّكر الصّقلّيّ. والشمس محمد بن أحمد بن نوال الرّصافيّ.) وأبو الحرم بن محمد الأبّار، نزيل عجلون. والفخر عثمان بن يوسف بن مكتوم.
4 (وفي حدودها ولد)
الشيخ شعبان الإربليّ. والشيخ أبو الحسن عليّ بن أحمد ابن البقّال. والشيخة ستّ الوزراء بنت عمر ابن المنجّى. وشمس الدّين محمد بن إبراهيم بن العيش الأنصاريّ.

(45/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 216
4 (وفيات سنة خمس وعشرين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن تميم بن هشام بن أحمد بن عبد الله بن حيّون.)
المحدّث، محبّ الدّين، أبو العباس، البهرانيّ، اللّبليّ. ولد ببليدة لبلة: من الأندلس، في سنة ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة. أحد الرحّالين إلى الآفاق في الحديث، سمع ببغداد من ابن طبرزد، وطبقته، وبمصر من أبي نزار ربيعة اليمنيّ، وغيره، وبخراسان: المؤيّد الطّوسيّ، وأبي روح الهرويّ، وزينب الشّعريّة، وعبد الرحيم بن أبي سعد السّمعاني. ذكره ابن الأبّار: روى عن أبيه، وابن الجدّ، وأبي عبد الله بن زرقون. وقال ابن نقطة: ثقةٌ، صالح. ذكره ابن الحاجب فقال: أحد الأئمّة المعروفين بطلب الحديث، حسن الخطّ، صحيح النّقل، ثقةٌ، شافعيّ المذهب وقيل: إنّه كان حزمياً كريم

(45/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 217
النفس، حلو المفاكهة. وكان من وجوه أهل بلده وهي قريبة من إشبيلية. قلت: روى عنه مجد الدّين عبد الرحمن ابن العديم، والتّاج عبد الخالق البعلبكيّ، وغيرهما. وتوفّي في منتصف رجب بدمشق.
4 (أحمد بن الخضر بن هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن طاووس. أبو المعالي، الدّمشقيّ،)
الصّوفيّ، أخو هبة الله. ولد بعد الأربعين وخمسمائة. وسمع من أبيه، وحمزة بن كروّس، وأبي القاسم الحافظ. وهو) من بيت العلم والرّواية. وكان صوفياً، عامّياً، قليل الفضيلة. روى عنه: البرزاليّ، والضّياء، وابن العديم، والجمال محمد ابن الصابونيّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والسيف عليّ ابن الرّضيّ، وابن المجاور، وسعد الخير النابلسيّ، والعماد عبد الحافظ. روى لنا عنه العماد الأربعين لنصر المقدسيّ. وتوفّي في رمضان.
4 (أحمد بن شيرويه بن شهردار بن شيرويه.)
أبو مسلم، الدّيلميّ، الهمذانيّ.

(45/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 218
سمع من جدّه، ومن: نصر بن المظفّر البرمكيّ، وأبي الوقت السّجزيّ، وأبي الخير الباغبان، وأبي زرعة المقدسيّ، وسمع صحيح البخاري من أبي الوقت. قال ابن نقطة: وهو شيخ مكثر، وثقةٌ، صحيح السّماع، سمعت منه بهمذان. وبلغنا أنّه توفّي بها في ثاني عشر شعبان من سنة خمسّ وعشرين. قلت: وروى عنه أيضاً الزكيّ البرزاليّ، والضّياء المقدسيّ، وقال: هو ابن شيخنا، وولد في سنة ستٍّ وأربعين. قلت: وأجاز للفخر عليّ، وجماعة.
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري. القرطبيّ، أبو جعفر.)
روى عن: أبيه، وأبي القاسم بن بشكوال، وأبي محمد عبد المنعم بن الفرس، وأبي بكر ابن الجدّ، وغيرهم. وتولّى خطابة قرطبة إلى أن مات في جمادى الآخرة أو رجب من السنة. روى عنه ابن أخيه القاضي أبو الحسين محمد بن أبي عامر يحيى.
4 (أحمد بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن محمد)
بن أحمد بن عثمان بن الحكم بن الوليد بن سليمان بن أبي الحديد السّلميّ. النّظّام، أبو العباس.

(45/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 219
ولد بدمشق في جمادى الآخرة سنة سبعين وخمسمائة. من بيتٍ مشهورٍ، روى منهم جماعةٌ الحديث، وفيهم علماء وخطباء. سمع: الكنديّ، والخشوعيّ، وابن طبرزد. وبمصر البوصيريّ، وابن ياسين، وببغداد أصحاب) ابن الحصين، وبإصبهان عين الشمس الثّقفية. وسكن حلب مدّةً في صباه، وكان مليحاً، ولمّا سافر عنها عمل المهذّب ماجد بن محمد بن نصر ابن القيسرانيّ فيه:
(لا للصّفي صافى ولا للرّضي .......... راضى ولا رق لخطب الخطيب)
وحصّل جملةً من الكتب النّفيسة، وخطوط الشيوخ، واتّصل بخدمة الملك الأشرف ابن العادل. وكان معه فردة نعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ورثه عن آبائه، والأمر معروف فيه، فإنّ الحافظ ابن السّمعاني ذكر: أنه رأى هذا النّعل لمّا قدم دمشق عند الشيخ عبد الرحمن بن أبي الحديد في سنة ستّ وثلاثين وخمسمائة. وكان الأشرف يقرّبه لأجله، ويؤثر أن يشتريه منه، يقفه في مكان يزار فيه، فلم يسمح بذلك، ولعلّه سمح بأن يقطع له منه قطعةً، ففكّر الأشرف أنّ الباب ينفتح في ذلك فامتنع من ذلك. ثمّ رتّبه الملك الأشرف بمشهد الخليل المعروف بالذّهبانيّ بين حرّان والرّقة، وقرّر له معلوماً، فأقام هناك حتّى توفّي، وأوصى بالنّعل للأشرف، ففرح به، وأقرّه بدار الحديث بدمشق. توفّي بالمشهد المذكور في ربيع الأول سنة خمس وعشرين وستمائة. وكان دمث الأخلاق، لطيفاً، حسن المعاشرة. روى عنه ابن الدّبيثيّ، وابن النجّار أناشيد.
4 (أحمد بن يحيى بن أحمد بن عليّ. أبو منصور، ابن البرّاج،

(45/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 220
البغداديّ، الصّوفيّ، الوكيل.)
شيخٌ صالحٌ، خيّر. سمع سنن النّسائي من أبي زرعة، وسمع من ابن البطّي جزء البانياسيّ، وسمع من أحمد بن المقرّب أخبار مكة للأزرقيّ. روى عنه ابن الحاجب فقال: رجلٌ صالح، كثير التّلاوة، كثير الصّمت، لا يكاد يتكلم إلاّ جواباً، سمعت عليه معظم النّسائي وهو كلّه بسماعه من أبي زرعة. قلت: روى عنه السيف ابن المجد، والتقيّ ابن الواسطيّ، والشّمس ابن الزّين، وأبو الفضل محمد ابن الدّبّاب. وروى لنا عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان. وتوفّي في رابع المحرّم.
4 (أحمد بن أبي الوليد يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد ابن أحمد بن مخلد بن عبد)
الرحمن بن أحمد ابن الإمام بقيّ بن مخلد. قاضي الجماعة، العلاّمة، أبو القاسم، الأمويّ،) القرطبيّ، البقويّ. سمع: أباه، وجدّه أبا الحسن، ومحمد بن عبد الحقّ الخزرجي، وأبوي القاسم ابن بشكوال والسّهيليّ. وأجاز له أبو الحسن شريح بن محمد، وعبد الملك بن مسرّة، وتفرّد

(45/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 221
بالرواية عن جماعة. وهو آخر من حدّث في الدّنيا عن شريح، وآخر من روى الموطّأ عن ابن عبد الحقّ سمعه منه بسماعه من البن الطّلاّع. قال ابن مسدي: راس شيخنا هذا بالمغربين، وولي القضاء بالعدوتين. ولمّا أسنّ، استعفى ورجع إلى بلده، فأقام قاضياً بها إلى أن غلب عليه الكبر، فلزم منزله، وكان عارفاً بالإجماع والخلاف، مائلاً إلى التّرجيح والإنصاف. قلت: وحدّث هو، وجميع آبائه. ذكره الأبّار، فقال: هو من رجالات الأندلس جلالاً، وكمالاً، ولا نعلم بها بيتاً أعرق من بيته في العم والنّباهة إلاّ بيت بني مغيث بقرطبة، وبيت بني الباجي بإشبيلية، وله التّقدّم على هؤلاء. وولي قضاء الجماعة بمرّاكش مضافاً إلى خطّتي المظالم والكتابة العليا فحمدت سيرته، ولم تزده الرّفعة إلاّ تواضعاً. ثمّ صرف عن ذلك كلّه، وأقام بمراكش زماناً إلى أن قلّد قضاء بلده وذهب إليه، ثمّ صرف عنه قبل وفاته بيسير، فازدحم الطّلبة عليه، وكان أهلاً لذلك. وقال ابن الزّبير أو غيره: كان لأبي القاسم باعٌ مديد في علم النّحو، والأدب. تنافس الناس في الأخذ عنه. وقرأ جميع سيبويه على الإمام أبي العباس أحمد بن عبد الرحمن بن مضاء، وقرأ عليه المقامات. قلت: ومن المتأخّرين الّذين رووا عنه بالإجازة محمد بن عيّاش بن محمد الخزرجيّ، والخطيب أبو القاسم بن يوسف بن الأيسر الجذاميّ، وأبو الحكم مالك بن عبد الرحمن بن المرحّل المالقيّ، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون الطّائيّ الكاتب وقد سمع منه ابن هارون هذا الموطأ سنة عشرين وستمائة وحدّث به سنة سبعمائة، وفيها أجاز لنا مرويّاته ثمّ اختلط بعد ذلك، ووقع في الهرم. فكتب إلينا ابن هارون من تونس ومولده سنة ثلاثٍ وستمائة: أنّ أبا القاسم أحمد بن يزيد الحاكم أجاز لهم، وهو آخر من حدّث عنه، قال: أنبأنا

(45/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 222
أبو الحسن شريخ بن محمد الرّعينيّ،) وهو آخر من حدّث عنه، عن الحافظ أبي محمد بن حزم وهو آخر من روى عنه، قال: أخبرنا يحيى بن عبد الرحمن، أخبرنا قاسم بن أصبغ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله العبسيّ، حدّثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الصّوم جنّةٌ. وكان أبو القاسم يغلب عليه النّزوع إلى مذهب أهل الحديث والظّاهر في أحكامه وأموره. وتوفّي إثر صلاة الجمعة الخامس عشر من رمضان. وكان مولده في سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة، وتجاوز ثمانياً وثمانين سنة رحمه الله. وممّن تأخّر من أصحابه الإمام أبو الحسين بن أبي الرّبيع. وأجاز لمالك ابن المرحّل، وابن عيّاش المالقيّ، ومحمد بن محمد المومنائيّ الفاسي.
4 (أرسلان، أبو سعيد، السّيّديّ. مولى السيدة بنت أمير المؤمنين المقتفي.)
عاش نيّفاً وتسعين سنة. وحدّث عن أبي العالي الباجسرائيّ. وتوفّي في ذي الحجّة ببغداد.
4 (إسحاق، الملك المعزّ.)
أبو يعقوب، ابن السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيوب. سمع من عبد الله بن برّي النّحويّ. وحدّث. وكان فاضلاً، حسن المذاكرة. نزل بحلب عند أخيه في حرمةٍ وتجمّل. تقنطر به فرسه في الصّيد، فمات في ذي الحجّة، وله ستٌّ وخمسون سنة.

(45/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 223
4 (أسعد بن حسن بن أسعد بن عبد الرحمن ابن العجميّ.)
الحبيّ، العلاّمة، أبو المعالي. تفقّه على أبي الحسين عبد الملك بن نصر الله، وبالموصل على أبي حامد بن يونس. ودخل خراسان، فسكنها مدّةً، ثمّ عاد إلى حلب، ودرّس بالظّاهرية، وأفتى، وأفاد. توفّي بدمشق بعد قدومه من الحجّ في شهر ربيع الأوّل، وحمل فدفن بحلب، وعاش إحدى وستّين سنة. أنبأني بذلك أبو العلاء الفرضيّ.
4 (اسفنديار بن الموفّق بن محمد بن يحيى. أبو الفضل، البوشنجيّ الأصل، الواسطيّ المولد،)
) البغداديّ الدّار، الكاتب، الواعظ. قرأ القراءآت بواسط على أبي الفتح المبارك بن أحمد بن زريق، وغيره، وبالموصل على القرطبيّ، وقرأ العربية ببغداد بعد ذلك على أبي محمد ابن الخشّاب، والكمال الأنباريّ. وسمع من: أبي الفتح بن البطّي، وروح بن أحمد الحديثيّ، وعمر بن بنيمان، وأبي الأزهر محمد بن محمود. وكان وافر الفضل، ومليح الخطّ، جيّد النّظم، والنّثر، والإنشاء، ولي ديوان الرسائل، وكان شيعياً غالياً. روى عنه أبو عبد الله الدّبيثيّ.

(45/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 224
وهو حدّ الواعظ نجم الدّين عليّ بن عليّ بن إسنفديار. قال ابن النّجّار: ولد في سنة أربع وأربعين ببغداد، وجوّد القرآن، وأحكم التّفسير، وقرأ الفقه على مذهب الشافعيّ، والأدب، حتّى برع فيه. وصحب صدقة بن وزير الواعظ، ووعظ، ثمّ ترك ذلك واشتغل بالإنشاء والبلاغة. ثمّ رتّب بالدّيوان سنة أربعٍ وثمانين، ثمّ عزل بعد أشهر، فبطل مدّة، ثمّ رتّب شيخاً برباط، ثمّ عزل بعد مدّة. وكان يتشيّع. كتبت عنه، وكان ظريف الأخلاق، غزير الفضل، متواضعاً، عابداً، متهجّداً، كثير التّلاوة. وقال ابن الجوزيّ في درّة الإكليل: عزل اسفنديار الواعظ من كتابة الإنشاء. حكى عنه بعض عدول بغداد: أنّه حضر مجلسه بالكوفة، فقال: لمّا قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: من كنت مولاه فعلي مولاه تغيّر وصه أبي بكر وعمر، فنزلت هذه الآية: فلمّا رأوه زلفةً سيئت وجوه الّذي كفروا قال: ولمّا وليّ، لبس الحرير والذّهب توفّي في تاسع ربيع الأوّل وله سبعٌ وثمانون سنة وأشهر توفّي ببغداد.
4 (إسماعيل بن أحمد بن عبد الرحمن. أبو الوليد، ابن السّرّاج، الأنصاريّ، الإشبيليّ.)
سمع من أبي عبد الله بن زرقون، وغيره. وأخذ القراءآت عن أبي عمرو ابن عظيمة، والعربية عن أبي إسحاق ابن ملكون. وكان عارفاً بالشّروط. ولي قضاء بعض الكور. قال ابن الأبّار: ما أظنّه حدّث. مات في حدود سنة خمسّ وعشرين.

(45/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 225
4 (حرف الباء)
)
4 (بشارة بن طلائع. أبو الحسن، المكينيّ، المصريّ.)
شيخٌ ديّنٌ. سمع من السّلفي وحدّث.
4 (البهاء، الشريف العبّاسيّ، الدّمشقيّ.)
كاتب الحكم. فيها ذكره أبو شامة، واسمه عبد القاهر بن عقيل. كان رأساً في كتابة السّجلاّت، والشّروط.
4 (حرف الثاء)

4 (ثابت بن الحسن بن خليفة. أبو الحسن، النّحويّ.)
ولد سنة ثلاثٍ وخمسين. وسمع من السّلفيّ. ومات في جمادى الأولى.
4 (حرف الحاء)

4 (حبش بن أبي محمد بن عمر ابن الطّبقيّ.)
أبو عليّ، البغداديّ قطّاع الآجرّ.

(45/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 226
سمع أبا طالب بن خضير. ومات في ذي الحجّة.
4 (الحسن بن إسحاق بن موهوب بن أحمد بن محمد ابن الجواليقيّ. أبو عليّ، ابن أبي طاهر،)
ابن العلاّمة أبي منصور. سمع: ابن ناصر، وأبا بكر ابن الزّاغونيّ، ونصر بن نصر، وأبا الوقت، والعون بن هبيرة، وابن البطّي، وأبا زرعة، وطائفةً سواهم. وولد سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة. وكان من أهل العلم والدّين، له سمتٌ، ووقار، وسماعه صحيح. تفرّد بالعاشر من المخلّصيات وبالثالث الصغير منها، والنّصف الأول من السادس منها وببغض الثاني. وبديوان المتنبّي. وسمع الصّحيح من أبي الوقت. قال ابن النّجّار: كتبت عنه. وكان مرضيّ الطّريقة، متديّناً. قلت: روى عنه البرزاليّ، والدّبيثيّ، وابن النّجّار، والسيف، وابن الحاجب، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والشهاب الأبرقوهيّ، والمجد عبد العزيز ابن الخليليّ والد الوزير، وآخرون. وبالإجازة العزّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وأبو) الحسين اليونينيّ، وفاطمة بنت سليمان وهي آخر من روى عنه. وتوفّي في ثامن شعبان ببغداد، ودفن بمقبرة باب حرب.
4 (الحسن بن عليّ بن أبي القاسم الحسين بن الحسن. الشيخ

(45/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 227
نفيس الدّين، أبو محمد، ابن البنّ،)
الأسديّ، الدّمشقيّ. ولد في حدود سنة سبعٍ وثلاثين. وسمع الكثير من جدّه أبي القاسم، وتفرّد عنه بأشياء. وصحب الأمير محمود بن نعمة الشيزريّ زماناً وتأدّب عليه، وسمع منه وله أصول يحدّث منها. قال ابن الحاجب: كان دائم السّكوت لا يكاد يتكلّم، وإذا نفر من شيء لا يعود إليه. وكان ثقةً، ثبتاً سألت العدل عليّ ابن الشّيرجيّ عنه فقال: كان على خيرٍ، كثير الصدقة والإحسان إلى النّاس. وقال الضّياء: هو شيخٌ حسن، قليل الكلام، موصوفٌ بالخير وقلّة الفضول. وقال ابن الحاجب: أجاز له أبو بكر ابن الزّاغونيّ، ونصر بن نصر العكبريّ. قلت: وكان يسكن بالكشك، وأحسبه كان خشّاباً. روى عنه: الضّياء، والبرزاليّ، ابن خليل، والشرف ابن النابلسيّ، والجمال محمد ابن الصّابونيّ، ومحمد بن داود بن الياس البعلبكيّ، ومحمد ابن سالم النابلسيّ، وبلدياه: سعد الخير ونصرٌ، والفخر ابن البخاريّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الكمال، والعزّ ابن الفرّاء، والشمس ابن الواسطيّ، والشهاب الأبرقوهيّ، والشمس بن عبدان، وجماعةٌ سواهم. توفّي في ثامن عشر شعبان، ودفن بباب الفراديس، وشيّعه ابن الصّلاح.
4 (حرف الدال)

4 (داود بن رستم بن محمد. أبو الفضل، الحرّانيّ، نزيل بغداد.)

(45/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 228
روى عن: نصر الله القزّاز، والكمال الأنباريّ النّحويّ. كتب عنه ابن الحاجب وقال: مات في جمادى الآخرة ببغداد.
4 (درع بن فارس بن حيدرة. حصن الدّولة، أبو المنيع، العسقلانيّ، نزيل دمشق.)
حدّث عن السّلفيّ. روى عنه: البرزاليّ، والقوصيّ، وجماعةٌ والرشيد العطّار، وفاطمة بنت عساكر، ومحمد بن) محمد بن مناقب المنقذيّ، وعبد الصّمد بن عساكر. توفّي في سادس المحرّم بدمشق.
4 (حرف الراء)

4 (رسن بن يحيى بن رسن. أبو إبراهيم، النّيليّ، ثمّ البغداديّ.)
سمع: من ابن البطّي، وغيره. ومات في صفر.
4 (حرف الصاد)

4 (صاعد بن عليّ بن محمد بن عمر. الشيخ صدر الدّين، ابو المعالي، الواسطيّ، الواعظ،)
نزيل إربل. سمع من: أبي الفتح بن البطّي، وشهدة الكاتبة، والحيص بيص الشاعر.

(45/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 229
وقيل: إنّه سمع من أبي الوقت، ولم يصحّ. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وكان حسن الوعظ، مليح الشّكل، وافر الحرمة عند صاحب إربل، رزق القبول التّامّ. وكان قد صحب صداقة بن وزير الواعظ وتخرّج به، وسكن إربل نحواً من خمسين سنة. روى عنه: الدّبيثيّ، والظّهير محمود بن عبيد الله الزّنجابيّ، وجماعة. وتوفّي في تاسع ربيع الآخر.
4 (صفوان بن مرتفع بن طغان. الشيخ أبو الوفاء، الأرسوفيّ، ثمّ المصريّ، المقرئ.)
قرأ القراءآت على أبي الجيوش عساكر بن عليّ وسمع منه ومن غيره. وتفقّه. ومات في رابع عشر صفر، وقد قارب السبعين.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن الحسن بن أبي عبد الله الحسين بن أبي السّنان.)
أبو محمد، الموصليّ، الأديب، الشّروطيّ. ولد بالموصل سنة اثنتين وثلاثين. وروى عن: يحيى بن سعدون القرطبيّ، وغيره. ومات في رابع عشر ربيع الآخر. وكان بصيراً بكتابة الشّروط مشهوراً بها.) قال ابن النّجّار: سمع من أبي سعد عبد اللّطيف بن أحمد بن محمد البغداديّ، وعمّر طويلاً على أحسن طريقةٍ.

(45/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 230
4 (عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الرحمن.)
أبو القاسم، الأزديّ، ابن الحدّاد، التونسيّ. شارح الشاطبية، وكان قد رحل وسمعها من النّاظم، وتلا عليه بالسّبع. وسمع من: ابن برّي النّحويّ، وجماعة.

(45/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 231
ودخل الأندلس وبها ليقيه ابن مسدي، وقال: مات في حدود سنة وولد بعد الخمسين.
4 (عبد الرحيم بن عليّ بن الحسين بن شيث. القاضي، الرئيس، جمال الدّين، الأمويّ،)
القرشيّ، الإسناويّ، القوصيّ. ولد بإسنا في سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة. ونشأ بقوص، وتفنّن بها، وبرع في الآداب والعلم. وكان ديّناً، خيّراً، ورعاً، حسن النّظم، والنثر، منشئاً بليغاً. ولي الدّيوان بقوص، ثمّ بالإسكندرية ثمّ بالقدس، ثمّ ولي كتابة الإنشاء للمعظّم. وقال الشهاب القوصيّ: إنه ولي الوزارة للمعظّم. وقال الضّياء: كان يوصف بالمروءة، وقضاء حوائج الناس. توفّي في سابع المحرّم، ودفن في تربةٍ له بقاسيون. أنشدنا رشيد بن كامل الأديب، وأنشدنا أبو العرب القوصيّ، أنشدنا الوزير جمال الدّين أبو القاسم عبد الرحيم بن عليّ بن شيث لنفسه:
(كن مع الدّهر كيف قلبّك الدّه .......... ر بقلبٍ راضٍ وصدرٍ رحيب)

(وتيقّن أنّ اللّيالي ستأتي .......... كلّ يومٍ وليلةٍ بعجيب)
وله:

(45/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 232
(أنت كالبدر كلّما حلّ في أر .......... ضٍ أضاءت بنوره آفاقه)

(غاب قلبي وأنت فيه فما أع .......... ظم ما برّحت بنا أشواقه)

(فعسى القرب أن يباح وأن ين .......... حلّ من ربقة الغرام وثاقه)

4 (عليّ بن أبي هاشم أفضل بن أشرف. الشّريف، أبو القاسم، الهاشميّ، البغداديّ.)
) سمع من شهدة، وغير واحدٍ. وقتل رحمه الله بطريق مكّة.
4 (حرف اللام)

4 (لبابة بنت أحمد بن أبي الفضل بن أحمد بن مزروع.)
أم الفضل، الحربيّة، بنت الثّلاحيّ. سمعت: عمر بن بنيمان، ودهبل بن كاره. كانت امرأةً صالحة. سمع منها الحافظ ابن نقطة، وغيره، وحدّثنا عنها الشّهاب الأبرقوهيّ. وماتت في ثاني ذي الحجّة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن مسعود بن عبد الرحمن. أبو عبد الله، الأزديّ، الشاطبيّ، المقرئ،)
المعروف بابن صاحب الصّلاة. قرأ برواية نافع على أبي الحسن بن هذيل، وسمع منه كثيراً من تصانيف أبي عمرو الدّاني، وأجاز له في سنة ثلاثٍ وستّين. وكتب بخطّه علماّ كثيراً، واحتيج إليه، وعمّر.

(45/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 233
قال الأبّار: لم آخذ عنه لتسمّحه في الإقراء والإسماع سمح الله له ولد بشاطبة سنة اثنتين وأربعين، وتوفّي ببلنسية. قلت: أنا رأيت خطّه لشخص أنّه قرأ عليه القرآن برواية نافع في يومّ وليلةٍ، وهو من بقايا أصحاب ابن هذيل، حدّث عنه بالتّيسير وغيره. قرأ عليه محمد بن محمد الفصّال نزيل منية بني خصيب، ورضيّ الدّين محمد بن عليّ الشاطبيّ اللّغويّ، والقاضي أبو العباس بن الغمّاز، وابن مسدي وقال فيه: المكتب، كان عاكفاً على التلاوة، واقفاً مع الصلاح، خلف أباه في الإقراء، قال لي: أنا الّذي لقّنت القرآن لأبي القاسم صاحب الشاطبية بين يدي والدي، وبي تدرّب، ومعي رحل إلى بلنسية فقرأنا معاً على ابن هذيل ورجعت قبله. قال ابن مسدي: هو آخر من تلا على ابن هذيل من الثّقات، وكان مقبلاً على تعليم القرآن، ونسخ بالأجرة كثيراً. وكانت له إجازةٌ من عليّ بن النقرات الفاسي.)
4 (محمد بن أحمد بن إسماعيل بن أبي عطاف.)
أبو أحمد، المقدسيّ، الصّالحيّ. ولد سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة. وسمع من: محمد بن بركة الصّلحيّ، وابن صدقة الحرّانيّ. وكان من فقهاء الحنابلة وأعيانهم. روى عنه: الضّياء محمد، وغيره. وتوفّي في تاسع عشر رجب.
4 (محمد بن أحمد بن حمزة.)
أبو الفضل، ابن البرفطيّ، الكاتب، الأديب. كان بارعاً في الكتابة والشعر.

(45/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 234
توفّي في رجب. جوّد عليه خلقٌ بالعراق والشام. وبرفط: من قرى نهر الملك.
4 (محمد بن إسماعيل بن محمد.)
أبو عبد الله الحضرميّ، المغربيّ، المتيجي. ومتيشة: من ناحية بجاية. دخل الأندلس، وسكن مرسية، وولي خطابتها. وكان مكثراً عن ابن بشكوالٍ، وأبي بكر بن خيرٍ. وكان مليح الخطّ والضّبط، مشاركاً في علم الحديث، فاضلاً، زاهداً، شاعراً. كتب علماً كثيراً، وحمل الناس عنه. وتوفّي في ربيع الأوّل عن نحو سبعين سنة. أكثر عنه ابن برطلة.
4 (محمد بن بركة بن محمد بن سنبلة.)
أبو عبد الله، البغداديّ، السّدريّ. حدّث عن دهبل ولاحق ابني كاره. ومات في ذي الحجّة.
4 (محمد بن الحسين بن محمد بن يوسف. معين الدّين، أبو عبد الله بن الشيخ الصالح المجاور)
أبي عليّ الشّيرازيّ، الفارسيّ، الصوفيّ. نسيب الوزير نجم الدّين.)

(45/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 235
ولد سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة بدمشق، وسمع بها من الوزير أبي المظفّر الفلكيّ، وعليّ بن أحمد بن مقاتل، وأبي القاسم الحافظ. ودخل مصر في شبيبته وسمع من عبد الله بن برّي النّحويّ، والتّاج المسعوديّ. وحسنت في الآخر حاله، ولازم الصلوات. روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، والشرف بن عساكر شيخنا. وبالإجازة الشخاب الأبرقوهيّ.
4 (محمد بن عبد الله بن المبارك بن كرم. أبو منصور، البندنيجيّ نسبة إلى البندنيجين:)
بليدة من العراق البغداديّ، البيّع، أبو منصور، المعروف بابن عفيجة، الحماميّ. شيخ مسندٌ، معمّر، من بيت حديث، وعدالة. سمع: الحافظ ابن ناصر، أبا طالب بن خضير. وأجاز له في سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة جماعةٌ منهم: ابو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو محمد عبد الله بن عليّ سبط الخيّاط، وأحمد بن عبد الله ابن الآبنوسيّ. وخرّج له ابن النّجّار جزءاً عنهم، وكذا خرّج له ابن الخيّر. ثقل سمعه في آخر عمر. وعفيجة: لقب أبيه عبد الله. ولد سنة سبعٍ وثلاثين تقريباً، وتوفّي في ثاني عشر ذي الحجّة.

(45/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 236
كان قد رقّت حاله واحتاج، واستولت عليه الأمراض. قال ابن الحاجبّ: فكان يأوي إلى بعض أقاربه، وكنّا نقاسي مشقّةً في الوصول إليه ويمنعونا في أكثر الأوقات. قلت: ولم يكن عنده عن ابن ناصر إلاّ شيءٌ من حديث أبي نعيم الحافظ. روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، والسيف أحمد بن عيسى، والتّقيّ ابن الواسطيّ. وسمعنا بإجازته على شرف الدّين اليونينيّ، وفاطمة بنت سليمان. وكان العماد إسماعيل ابن الطّبّال شيخ المستنصرية حضر عليه في الرابعة مشيخته، وهو آخر من روى عنه.
4 (محمد بن عبد الحقّ بن سليمان الكوميّ.)
أبو عبد الله، قاضي تلمسان. تفقّه على أبيه، وأخذ القراءآت، والفقه، والنّحو في سنة إحدى وخمسين عن أبي عليّ ابن الخرّاز النّحويّ.) وسمع من أبي الحسن بن حنين، وأبي عبد الله بن خليل. وأجاز له السّلفيّ، وابن هذيل. وكان معظّماً عند الخاصّة والعامّة، فاضلاً، كثير التّصانيف. نيّف على الثّمانين. وله تأليفٌ في غريب الموطّأ، وله كتاب المختار في الجمع بين المنتقى والاستذكار نحو ثلاثة آلاف ورقة.
4 (محمد بن أبي زيد عبد الرحمن بن عبد الله بن حسّان بن

(45/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 237
ثابت. أبو عبد الله، القيسيّ،)
السّبتيّ، التّاجر، نزيل الإسكندرية. شيخٌ صالح، محتشمٌ، كثير المعروف والبرّ. دخل على السّلفيّ ورآه في سنة خمسٍ وستّين، ثم سمع بعد موته من عبد المجيد بن دليل. ودخل العراق، ورجع إلى المغرب، ثم قدم الإسكندرية وسكنها. ومات في ربيع الأوّل. روى عنه الزّكيّ المنذريّ.
4 (محمد بن أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد. القاضي، أبو)
الحسن، القرطبيّ، المالكيّ. نائب الحكم بقرطبة، وربّما استقلّ بالحكم بها. كان آخر أهل بيته جلالاً، وفضيلة. سمع من: جدّه أبي القاسم، وابن بشكوال. روى عنه ابن مسدي وقال: مات في رمضان. ولجدّه إجازة من ابن الطّلاّع.
4 (محمد بن محمد ابن أخت جميل، الأزجيّ، الزّاهد.)
رجلٌ صالحٌ، عابدٌ، منقبضٌ عن الناس، كبير القدر، قانعٌ باليسير، مسدّدٌ في أقواله وأفعاله. ولمّا استخلف الظّاهر بالله، فرّق أموالاً عظيمة على الفقراء، فقيل: إنّه نفّذ إليه خمسمائة دينار، فلم يقبلها، فقيل له: فرّقها على من تعرف، قال: لا أعرف أحداً. فاشتهر، وقصده النّاس للتبرّك والزّيارة. فكان يتكلّم بكلام حسن. ولم يتغيّر عليه شيء من حاله ولا لباسه. توفّي في الخامس والعشرين من ذي القعدة، وازدحم الخلق عليه، وبنوا على قبره مشهداً. وقد ناطح السّبعين.
4 (محمد بن المبارك بن أبي بكر بن منصور بن المستعمل.)
أبو بكر، الحريميّ.

(45/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 238
سمع: أبا الوقت، وأبا علي أحمد ابن الخزّاز، وأبا المعالي ابن اللّماس. وولد في سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة.) سمع منه: عمر ابن الحاجب، والرّفيع الهمذانيّ، وولداه: أحمد، ومحمد، وابن نقطة، وجماعة. ومات في ربيع الآخر، في أواخره.
4 (محمد بن أبي المعالي النّفيس بن محمد بن إسماعيل بن عطاء. أبو الفتح، البغداديّ،)
الصّوفيّ. شيخٌ صالحٌ من أهل رباط المأمونية، مليح الشّكل. ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وقيل: ولد سنة تسعٍ وثلاثين. ولبس الخرقة من الشيخ أبي الوقت وسمع منه الصحيح بقراءة ابن الأخضر. روى عنه: ابن الحاجب، وابن النّجّار، والسيف ابن المجد، وابن نقطة، والرفيع قاضي أبرقوه، وولداه. وتوفّي في رابع عشر ذي القعدة. أخبرني أحمد بن إسحاق القرافيّ، أخبرنا أبو الفتح محمد بن النّفيس، وعليّ بن يوسف الظّفريّ، ومحمد بن أحمد القطيعيّ ببغداد، ومحمد بن أبي القاسم حضوراً بأبرقوه في سنة سبع عشر وستمائة، قالوا: أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا الدّاووديّ، أخبرنا ابن حمّويه، أخبرنا الفربريّ، حدّثنا البخاريّ، حدّثنا معلّى بن أسد، حدّثنا وهيبٌ، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم احتجم وهو محرمٌ واحتجم وهو صائم رواه النّسائي عن

(45/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 239
محمد بن حاتم، عن حبّان بن موسى، عن ابن المبارك، عن معمر، عن أيّوب، فوقع لنا عالياً.
4 (محاسن بن عمر بن رضوان.)
أبو الوقت، الأزجيّ، الخزائنيّ غلام الخزانة. شيخً مسنٌّ، فقير. سمع من: أبي بكر ابن الزّاغونيّ، وأبي طالب بن خضير. قال ابن نقطة: سمعت منه، وسماعه صحيح. وقال ابن الحاجب: عرضت عليه قليلاً من الذّهب، فردّه، وامتنع مع حاجته. روى عنه: الشمس عبد الرحمن ابن الزّين، والكمال أحمد بن يوسف الفاضل، والتّقيّ ابن الواسطيّ، وبالإجازة الأبرقوهيّ، وفاطمة بن سليمان. وتوفّي في ربيع الأوّل.
4 (مسعود بن عبد الله بن سعد.)
) أبو يحيى، الطّبريّ، ثمّ البغداديّ، الخيّاط. ولد سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من عبد الملك بن عليّ الهمذانيّ. وحدّث.
4 (منصور بن عبد الرحمن بن أبي السّعادات.)
أبو محمد، ابن اللّبّان، البغداديّ.

(45/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 240
روى عن أبي طالب ن خضير. ومات في رمضان.
4 (الموفق النّصرانيّ الطّبيب، يعقوب بن سقلاب القدسيّ.)
أقام بالقدس مدّةً، ولازم بها راهباً، فيلسوفاً، بارعاً في الهيئة والنّجوم. واشتغل على أبي منصور النّصرانيّ الطّبيب. وكان الملعون عاقلاً، رزيناً، ساكناً، متقناً للّسان الرّوميّ، خبيراً بنقله إلى العربيّ، وكان من أعلم أهل زمانه بكتب جالينوس حتّى لعلّه يكاد يستحضرها كلّها. قرأ عليه الموفّق بن أبي أصيبعة، وغيره. وكان ماهراً بالعلاج. وكان الملك المعظّم يشكر طبّه، ويصفه، فأصاب الحكيم يعقوب نقرسٌ، فكان يحمل في محفّةٍ مع الملك المعظّم إذا سافر وقال له: يا حكيم ما لك لا تداوي مرضك فقال: يا مولانا الخشب إذا سوّس ما يبقى في إصلاحه حيلة. مات في ربيع الآخر.
4 (حرف النون)

4 (نصر ابن الأديب أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير.)
أبو الفتح القيسرانيّ. توفّي بحلب في عشر التّسعين. وله شعر لا بأس به.
4 (نعمة بن عبد العزيز بن هبة الله.)
أبو الفضل، العسقلانيّ، العدل، التّاجر. سمع بدمشق من أبي القاسم بن عساكر. وحدّث بمصر، وبغداد. وتوفّي في المحرّم، وله بضع وثمانون سنةً. روى عنه: الرشيد العطّار، والزّكيّ المنذريّ.)

(45/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 241
4 (حرف الواو)

4 (وجه السبع، الأمير مظفّر الدّين سنقر، صاحب بلاد خوزستان.)
كان أحد الشّجعان المذكورين. حجّ بالناس سنة اثنتين وستمائة. ففارق الرّكب، وقفز إلى صاحب الشام الملك العادل لمنافرةٍ جرت بينه وبين الخادم الّذي على سبيل الوزير ناصر بن مهديّ، وكان بينه وبين الوزير وحشةٌ أيضاً، فخاف منه، فالتقاه العادل، وأكرمه، وأقام عنده ستّ سنين. وكان من كبار الدّولة، فلمّا عزل الوزير، سار إلى العراق، وبقي إلى هذه السنة.
4 (حرف الهاء)

4 (هندولة بن خليفة. أبو القاسم، الزّنجانيّ، الصّوفيّ.)
شيخ صالح، نزيل دمشق. وحدّث عن: أبي الفتح بن شاتيل، ويحيى الثّقفيّ.
4 (حرف الياء)
يحيى بن المظفّر بن الحسن. أبو زكريا، البغداديّ، الحنفيّ. روى عن: أبي المظفّر بن التّريكيّ، وأبي المعاليّ ابن اللّحّاس. وكان مفتياً، مدرّساً، مناظراً. وقد صنّف في المذهب. سمع الناسخ والمنسوخ لهبة الدّين المفسّر، من التّريكيّ، وسلامة بن الصّدر معاً، عن رزق الله، عنه. وتوفّي في ثالث عشر ذي الحجّة.

(45/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 242
قال ابن الحاجب: كان يرمى بالاعتزال.
4 (يوسف بن عمر بن أبي بكر بن سبيع.)
أبو بكر، الباقلاّنيّ، الشّروطيّ. سمع من: عبد الحقّ اليوسفيّ، وشهدة. وكان فرضيّاً. توفّي في رجب.
4 (يوسف بن معزوز.)
إمام النّحو، أبو الحجّاج، القيسيّ، المرسي. وصنّف كتاب شرح الإيضاح للفارسيّ. وله ردٌّ على الزّمخشريّ في مفصّله.) أخذ عن أبي إسحاق بن ملكون، والسّهيليّ. وتخرّج به أئمّةٌ. مات في حدود هذه السنة.
4 (وفيها ولد)
العلاّمة تقيّ الدّين محمد بن عليّ ابن دقيق العيد. والعفيف عبد السلام بن محمد بن مزروع. والشرف عيسى بن أبي محمد المغاريّ. ورشيد بن كامل الرّقّيّ. والنّجم أحمد بن محمد بن حسن بن صصرى.

(45/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 243
وفاطمة بنت إبراهيم بن جوهر البعلبكّية، في رجب. والشرف عبد المنعم بن عبد اللّطيف ابن زين الأمناء. وقاضي حلب شمس الدّين محمد بن محمد بن بهرام الدّمشقيّ. والزّين محمد بن عبد الغنيّ بن عبد الكافي ابن الحرستانيّ الذّهبيّ، في رجب. والزّكيّ عبد المحسن بن زين الكنانيّ، يروي عن جعفر. وسيف الدّين بلاشو بن عيسى بن بلاشو. والشيخ عمر بن أبي القاسم السّلاويّ. والشرف شيرزاد بن ممدود بن شيرزاد. والغرس محمود بن عبد المنعم الحرّانيّ. والعزّ عبد العزيز بن محمد بن عبد الحقّ العدل، في شعبان. والمحبّ صدقة بن عليّ بن هلالة، بإشبيلية. ومحيي الدّين يحيى بن عليّ بن أبي طالب الموسويّ. والملك الظّاهر شاذي ابن الناصر داود. والأمين عبد الله بن إسماعيل الحلبيّ المسلمانيّ الكاتب، أسلم وله ثلاثون سنة، وطال عمره.

(45/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 244
4 (وفيات سنة ست وعشرين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن حسّان بن حسّان. أبو القاسم، الكلبيّ، الإشبيليّ.)
) سمع من أبي بكر ابن الجدّ فأكثر، ومن أبي محمد بن بونه. وكان رئيساً، محتشماً، جواداً، أديباً، أخبارياً. قال الأبّار: سمعت منه، وتوفّي في ثالث عشر جمادى الأولى، وله أحد وستّون عاماً.
4 (أحمد بن الحسين بن محمد بن جميل.)
أبو العبّاس، البندنيجيّ، الحفّار. روى عن: أبي الحسين عبد الحقّ. ومات في ربيع الأوّل.
4 (أحمد بن زكرياء بن مسعود.)
أبو جعفر، الأنصاريّ، الأندلسيّ، القبذاقيّ، المقريء.

(45/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 245
أخذ القراءآت عن الحسن بن عبد الله السّعديّ، ومن أبي بكر بن أبي حمزة. أخذ عنه ابن مسدي، ورماه بالاختلاق، وقال: اجتمع طلبةٌ، فوضعوا لفظةً، وسمّوا بها كتاباً، وسألوه عنه، فقال: أدريه وأرويه. وكان يسقط من الأسانيد رجالاً ليوهم العلوّ. عاش بضعاً وستّين سنة.
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعريّ. أبو جعفر، القرطبيّ.)
روى عن: أبيه أبي الحسين، وأبي بكر ابن الجدّ، وابن بشكوال، وجماعة. وولي خطابة قرطبة مدّة. مات في وسط العام. روى عنه ابن أخيه أبو الحسين محمد بن الأشعريّ. وهم بيت علمٍ ورواية.
4 (أحمد بن نجم ابن شرف الإسلام عبد الوهّاب ابن الحنبليّ.)
بهاد الدّين، أبو العبّاس، أخو النّاصح.

(45/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 246
ولد سنة تسعٍ وأربعين. وسمع من القاضي كمال الدّين أبي الفضل الشّهرزوريّ. وحدّث. وسمع من أبي الفوارس الحيص بيص شعراً. ومات في ذي القعدة. وسمع من سلمان الرّحبيّ أيضاً. روى عنه: الضّياء، والشّهاب القوصيّ.)
4 (إسماعيل بن سيف الدّولة المبارك بن كامل بن مقلّد بن عليّ ابن منقذ، الأمير جمال الدّين.)
أبو الطّاهر، الكنانيّ، المصريّ المولد. سمع السّلفيّ ووالده. وولي نيابة حرّان، وبها توفّي في رمضان. وله شعر، وفضائل. روى عنه الشهاب القوصيّ، والزّكي المنذريّ.
4 (أقسيس، يأتي في حرف الياء.)

4 (أمة الله بنت أحمد بن عبد الله بن عليّ ابن الآبنوسيّ.)
شرف النساء، البغدادية. كانت آخر من روى عن أبيها أبي الحسن، وسمعت منه في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وحضرت عليه في سنة أربعين. وتفرّدت بالرابع من المخلّصيات، وبجزء منتقى من السادس من المخلّصيات، وبالتّاسع من المحامليات، وبالمجلّد الأوّل وهو خمس الكامل لابن عديّ، ولها فيه فوت، بروايته عن إسماعيل بن مسعدة الإسماعيليّ.

(45/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 247
قال ابن الحاجب: هي من بيت فقه، وزهدٍ، كثيرة العبادة، لا يكاد لسانها يفتر من ذكر الله. قلت: روى عنها ابن الحاجب، والسيف ابن المجد، والدّبيثيّ، وآخرون. وسمعنا بإجازتها على فاطمة بنت سليمان.
4 (إلياس بن محمد بن عليّ. أبو البركات، الأنصاريّ.)
أحد عدول دمشق. كان مطبوعاً، صاحب نوادر. قال: قرأ القرآءات السبع على يحيى بن سعدون القرطبيّ. كتب عنه ابن الحاجب وقال: توفّي في رجب. وكان يشهد تحت السّاعات.
4 (حرف الجيم)

4 (جبريل بن زطينا. الكاتب البغداديّ.)
كان نصرانياً، فأسلم، وحسن إسلامه، وتزهّد. وله كلامٌ في الحقيقة ساق منه ابن النّجّار، وكان يتولّى كتابة ديوان المجلس. مات في شعبان، وله خمسٌ وسبعون سنة. روى عنه من شعره أبو طالب عليّ بن أنجب، وغيره.)

(45/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 248
4 (حرف الحاء)

4 (الحسين بن أبي الغنائم هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن محمد بن الحسن بن أحمد بن)
الحسين بن صصرى. القاضي، شمس الدّين، أبو القاسم، ابن الشيخ الرئيس، التّغلبيّ، البلديّ الأصل، الدّمشقيّ، أخو الحافظ أبي المواهب. ولد قبل الأربعين وخمسمائة. وسمع: جدّه، وأباه، وجدّه لأمّه أبا المكارم عبد الواحد بن هلال، وعبدان بن زرّين، وأبا القاسم ابن البنّ، ونصر بن أحمد بن مقاتل، وأبا طالب عليّ بن حيدرة، وأبا يعلى حمزة ابن الحبوبيّ، وأبا يعلى حمزة بن كروّس، وعليّ بن أحمد الحرستانيّ، وعبد الرحمن بن أبي الحسن الدّارانيّ، وسعيد بن سهل الفلكيّ، والصّائن هبة الله بن عساكر، وحسّان بن تميم، وعبد الرحمن ابن أبي العجائز، وعليّ بن عساكر المقدسيّ لا البطائحيّ ولا الحافظ الدّمشقيّ، والقاضي الزكيّ عليّ بن محمد بن يحيى القرشيّ، وأبا النّجيب السّهرورديّ، وجمال الأئمّة عليّ بن الحسن الماسح، وعليّ بن أحمد بن مقاتل أخا نصر، وإبراهيم بن موهوب ابن المقصّص، وأبا يعلى حمزة بن

(45/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 249
أسد، والخضر بن شبل الحارثيّ، والمبارك بن عليّ بن عبد الباقي، واسعد بن حسين الشّهرستانيّ، والخضر بن عليّ السّمسار، وعبد الواحد بن إبراهيم بن قزّة، وإبراهيم بن الحسن الحصنيّ، وعليّ بن مهدي الهلاليّ، ووهب بن الزّنف الفقيه، وهؤلاء الثلاثون ذكرهم الحافظ أبو القاسم في تاريخ دمشق. وروى عنهم كلّهم سوى أبيه، والخضر. وقد سمع من خلق سواهم، وسمع بحلب من أبي طالب عبد الرحمن ابن العجمي، ويحيى بن إبراهيم السّلماسيّ. وبمكّة من محمد بن عبيد الله الخطيب الإصبهانيّ حدّثه عن أبي مطيع. وروى بالإجازة عن طائفةٍ تفرّد بالرواية عنهم، كما تفرّد بكثيرٍ ممّن سمع منهم. أجاز له: عليّ بن عبد السّيد ابن الصّبّاغ، ومحمد ابن السّلاّل، وأبو محمد سبط الخيّاط، وأحمد بن عبد الله ابن الآبنوسيّ، والخصيب بن المؤمّل، وإبراهيم بن محمد بن نبهان الغنويّ، ومحمد بن طراد الزّينبيّ، وعبد الخالق بن أحمد اليوسفيّ، ومحمد بن عمر الأرموي، وأبو الفتح نصر الله بن محمد المصّيصيّ الفقيه، ومسعود بن الحسن الثقفيّ، وغيرهم. وخرّج له البزاليّ مشيخةً في سبعة عشر جزءاً بالسّماع والإجازة. وروى عنه: هو، والضّياء، والقوصيّ، والمنذريّ، والشرف النابلسيّ، والجمال ابن الصّابونيّ،) والزّين خالد، وحفيده إسماعيل بن إسحاق بن صصرى، وسعد الخير النابلسيّ، وأخوه نصر، والشمس محمد ابن الكمال، وأبو بكر بن طرخان، وإبراهيم بن اللّمتونيّ، والشرف أحمد بن أحمد الفرضيّ، والكمال محمد بن أحمد ابن النّجّار، والجمال أحمد بن أبي محمد المغاريّ، والشمس محمد بن شمّام الذّهبيّ، والتّقيّ إبراهيم ابن الواسطيّ، وأخوه الشمس محمد، والعزّ إسماعيل ابن فرّاء، والشهاب الأبرقوهيّ، والشمس محمد بن حازم، ونصر الله بن عيّاش، والتّقيّ أحمد بن مؤمن، وعبد الحميد بن خولان، وخلقٌ آخرهم أبو جعفر ابن الموازينيّ. وكان عدلاً، جليلاً، فاضلاً، صحيح الرواية. قرأ شيئاً من الفقه على أبي سعد بن أبي عصرون. ورحل مع أخيه. ثمّ إنّه ردّ من حلب لأجل قلب والده. وكان خلياً من المعرفة بالحديث.

(45/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 250
قال الزّكيّ البرزاليّ: هو مسند الشام في زمانه. وقال: كان يسأل من غير حاجة. وقال أبو الفتح ابن الحاجب: ربّما كان يأخذ من آحاد الأغنياء الشيء على التّسميع. وقال محمد بن الحسن بن سلاّم: كان في شحٌّ بالتّسميع إلاّ بعرضٍ من الدّنيا. وهو من بيت حديث، وأمانة، وصيانة. وكان أخوه من علماء الحديث. وقرأت عليه علوم الحديث للحاكم في ميعادين. وكان متموّلاً له مال وأملاك، رزيء في ماله مرّات. وقال ابن الحاجب: كان صاحب أصولٍ، ليّن الجانب، بهيّاً، سهل الانقياد، مواظباً على أوقات الصلاة، متجنّباً لمخالطة النّاس. وهو ربعيٌّ: من ربيعة الفرس. توفّي في ثالث وعشرين المحرّم، وصلّى عليه الخطيب الدّولعيّ بالجامع، والقاضي شمس الدّين الخويّي بظاهر البلد، وتاج الدّين ابن أبي جعفر بمقبرته بقاسيون.
4 (حرف السين)

4 (سليمان بن الحسين بن سليمان.)
أبو الربيع، الكتبيّ، المليجيّ، الإسكندرانيّ. ولد سنة تسعٍ وأربعين. وحدّث عن السّلفيّ.
4 (حرف الشين)

4 (شرف النّساء، اسمها أمة الله.)

4 (حرف العين)
)
4 (عائشة بنت عرفة بن علي ابن البقليّ البغداديّ. أمة الجبّار.)
تروي عن أبيها.

(45/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 251
ماتت في المحرّم.
4 (عباس بن بهرام بن محمد بن بختيار.)
أبو الفضل، ابن السّلار، الأتابكيّ. حدّث هو، وأبوه، وأخوه. وأصلهم من حمص. سمع الحافظ عليّ بن عساكر، وغيره. روى عنه الجمال ابن الصّابونيّ، وغيره. وتوفّي في ذي الحجّة.
4 (عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن مسلمة. أبو جعفر،)
القرطبيّ. سمع من أبيه، ومن أبن بشكوال. وأخذ القرآءات عن أبي الأصبغ عبد العزيز ابن الطّحّان. وولي خطابة قرطبة، وتمنّع من القضاء، واعتذر، وتغيّب أياماً فلم يقبل منه، فتولّى أشهراً مكرهاً. وتوفّي في رمضان، وقد جاوز السّبعين. قاله الأبّار.
4 (عبد الله بن عبد الوهّاب ابن الإمام صدر الإسلام أبي الطّاهر ابن عوف الزّهريّ.)
الإسكندرانيّ، عماد الدّين، أبو البركات، المالكيّ. سمع من جدّه، ودرّس، وأفتى. وكان مولده في سنة خمسٍ وستّين وخمسمائة. وتوفّي في ثامن عشر رجب.
4 (عبد الرحمن بن عليّ بن أحمد بن عليّ. الفقيه، أبو محمد،

(45/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 252
البغداديّ، الحنبليّ، الواعظ،)
المعروف بابن التانرايا. تفقّه على أبي الفتح بن المنذي. وسمع من: عبد الحقّ اليوسفيّ، وغيره. وناب في القضاء عن أبي صالح الجيليّ. وولي مشيخة رباط الزّوزنيّ.) وكتب عنه ابن النّجّار، وغيره. مات فجاءةً في جمادى الآخرة.

(45/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 253
4 (عبد الرحمن بن أبي السعادات الحسن بن عليّ بن بصلا.)
أبو الفرج، البندنيجيّ، الصّوفيّ. شيخٌ صالحٌ، سديد السّيرة. وولد سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة بالبندنيجين. وقدم بغداد فسمع من يحيى بن ثابت، وأحمد بن المقرّب. ومات في رابع عشر ذي الحجّة. روى عنه مجد الدّين ابن العديم، لقيه بحلب.
4 (عبد الصّمد بن أحمد بن محفوظ بن زقير.)
أبو محمد، البزّاز. شيخٌ بغداديٌّ. روى عنه فوارس ابن الشباكية. وتوفّي في ذي الحجّة.
4 (عبد الكريم بن عبد الرحمن بن سعد الله بن عبد الله بن أبي القاسم. أبو محمد، الأنصاريّ،)
الدّمشقيّ. والد الفقيه سليمان، وجدّ شيختنا فاطمة بنت سليمان. سمع: أبا القاسم بن عساكر، وأبا طاهر الخشوعيّ. وسمع من جماعة من الشّعراء.

(45/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 254
ودخل الدّيار المصرية، وله شعرٌ وفضيلة. كتب عنه: ابنه، والسّراج بن شحانة، والنّجيب ابن الشّقيشقة. توفّي في ثامن وعشرين رجب بدمشق.
4 (عبد المحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن عليّ الخزرجيّ.)
المصريّ الشافعيّ، الرجل الصالح. ولد سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع بالثّغر من السّلفيّ، وبدرٍ الخداداذيّ. وبمصر من: عليّ بن هبة الله الكامليّ، وإسماعيل) بن قاسم الزّيات، وأبي المفاخر المأمونيّ، وجماعة. قال الزّكيّ المنذريّ وروى عنه: كان كثير الصلاة والصوم، مقبلاً على العلم مع رقّة حاله. توفّي فجاءةً في ثاني عشر شوّال رحمه الله.
4 (عبد المولى بن عبد الوهّاب بن يوسف. أبو محمد، القطيعيّ.)
سمع: أبا الفتح بن البطّي، وأبا المكارم البادرائيّ. ومات في ربيع الأول.
4 (عبد الوهّاب بن عتيق بن هبة الله بن ميمون بن عتيق بن وردان. الحافظ، المحدّث المفيد،)
والمقرئ المجيد، أبو الميمون، العامريّ، المصريّ، المالكيّ. قرأ القراءآت على جماعةٍ كثيرة. وسمع من: العلاّمة عبد الله بن برّي، وعبد الرحمن بن محمد السّبييّ، وقاسم بن إبراهيم المقدسيّ، ومنجب بن عبد الله المرشديّ والبوصيريّ، والأرتاحيّ، وطبقتهم ومن بعدهم فأكثر.

(45/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 255
وكتب الكثير، واستنسخ، وأقرأ القراءآت. وحدّث، وأفاد. وولد في سنة أربعٍ وخمسين وخمسمائة. روى عنه الحفاظ المنذريّ وقال: كان كثير الإفادة جدّاً. وأنفق في التّحصيل جملةً. وكان بيته غالباً مجمع أصحاب الحديث رحمه الله. توفّي تاسع عشر جمادى الآخرة. قال ابن مسدي: ربّما غلط وأوهم، ولهذا لم يتعرّض لتجريحٍ. وقد كتب عمّن أقبل وأدبر حتّى كتب عن الشّبّان. لم أكثر عنه.
4 (عليّ بن بكمش، فخر الدّين.)
أبو الحسن، التّركيّ، البغداديّ، النّحويّ. ولد سنة ثلاثٍ وستّين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح بن شاتيل، وجماعة. وحدّث. وتوفّي بدمشق في شعبان. وكان من تلامذة التّاج الكنديّ.

(45/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 256
4 (عليّ بن حمّاد. الحاجب، الأمير، حسام الدّين، متولّي خلاط نيابةً للأشرف.)
كان بطلاً، شجاعاً، خيّراً، سائساً. قال ابن الأثير: أرسل الأشرف مملوكه عزّ الدّين أيبك إلى خلاط وأمره بالقبض على الحاجب) عليّ، ولم نعلم سبباً يوجب القبض عليه، لأنّه كان مستقيماً عليه ناصحاً له، حسن السيرة. لقد وقف هذه المدّة الطويلة في وجه جلال الدّين خوارزم شاه، وحفظ خلاط حفظاً يعجز عنه غيره. وكان كثير الخير لا يمكّن أحداً من ظلم، وعمل كثيراً من أعمال البرّ: من الخانات، والمساجد، وبنى بخلاط جامعاً، وبيمارستاناً. قبض عليه أيبك، ثمّ قتله غيلةً، فلم يمهل الله أيبك، ونازله خوارزم شاه وأخذ خلاط، وأسر أيبك وغيره من الأمراء. فلمّا اتّفق هو والأشرف أطلق الجميع، وقيل: بل قتل أيبك.
4 (عليّ بن ثابت بن طاهر البغداديّ. أبو الحسن، النعّال.)
سمع العزّلة للآجريّ من المبارك بن محمد البادرائيّ. وكان صالحاً، حافظاً للقرآن. مات في جمادى الأولى.
4 (عليّ بن صالح. أبو الحسن، المصريّ، المقرئ.)

(45/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 257
صاحب أبي القاسم الشاطبيّ. كان من قرية بمصر اسمها قلين. ورّخه أبو شامة.
4 (عليّ بن محمد بن أبي العافية.)
أبو الحسن، اللّخميّ، المرسيّ، القسطليّ. سمع من: أبي عبد الله بن سعادة، وأبي عبد الله بن عبد الرحيم، وصهره أبي القاسم عبد الرحمن بن حبيش. قال ابن مسدي: رأس بلده ورئيسها، ونفسها ونفيسها، قدّمته الأيام فقام بعينها، واستخرج الله بن مكنون خبئها. وكان عدلاً في أحكامه، عدلاً لأيامه، سديد القولة، شديد الصّولة قتل صبراً. قال الأبّار: ولي قضاء مرسية، وبلنسية، وشاطبة. وكان جزلاً مهيباً، وكان بالرؤساء أشبه منه بالقضاة والفقهاء، وأضرّ بأخرةٍ. وعلى ذلك فكان يتولّى الأعمال، يتعسّف الطّرق، وأثار فتنةً جرّت هلاكه، فقتل بمرسية في جمادى الأولى عن اثنتين وسبعين سنة.
4 (عليّ بن محمد بن عبد الرحمن.)
القاضي، الأكمل، أبو المناقب، الأنصاريّ، الكاتب. من كبار الكتّاب بالدّيار المصرية. روى عن الخشوعيّ، وغيره.) وتوفّي في شعبان عن نحو ثمانين سنة.

(45/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 258
4 (عليّ بن مظفّر بن عليّ بن نعيم. أبو الحسين، ابن الحبير، البغداديّ، التاجر، الرجل)
الصالح. ولد سنة ستّ وأربعين. وحدّث عن أبي الفتح بن البطّي. ولي نظر الحرم الشريف. وتوفّي بمكّة في صفر.
4 (عليّ بن أبي بكر بن محمد.)
أبو الحسن، التّجيبيّ، الشّاطبيّ، المقرئ. اشتغل بالقراءآت والعربية بالمغرب. وصحب بمصر أبا القاسم بن فيرّة الشّاطبيّ. وتوفّي بدمشق في رمضان. ذكره أبو شامة وقال: كان كثير التّغفّل. قلت: هو جدّ شيخنا عليّ بن يحيى، وشيخ الإمام أبي عبد الله الفاسي في سماع الرائية. وقد قرأ بالسبع على الشّاطبيّ. وكان يدري القراءآت والعربية. أثنى عليه الكنديّ، والمشايخ الكبار بدمشق، وكتبوا بكمال أهليته في محضر. وكان شيخ حلّة ابن طاووس. سمع منه ولده يحيى التّيسير في سنة ثمان عشرة وستمائة.

(45/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 259
قال البرزاليّ: رأيت محضراً كبت للشيخ جمال الدّين فيه خطّ جماعة، فكتب له الكنديّ: هو حافظٌ، أديبٌ فاضلٌ، قاريء متقنٌ مجوّد، يضرب في هذين الفنّين بسهمٍ وافٍ، وحظٍّ وافر.
4 (حرف الفاء)

4 (فاضل بن نجا بن منصور. أبو المجد، المخيليّ.)
ومخيل: بقرب برقة. روى عن السّلفيّ. ومات بالإسكندرية يوم عرفة.
4 (فرحة بنت سلطان بن مسلم. أم يونس، الحربيّة.)
روت عن: عبد الرحمن بن زيد الورّاق. وماتت في رمضان.) روى عنها: ابن النّجّار.
4 (الفضل بن عقيل بن عثمان بن عبد القاهر بن الربيع.)
الشريف، بهاء الدّين، أبو المحاسن، الهاشميّ، العبّاسيّ، الدّمشقيّ، الشّروطيّ، الفرضيّ، المعدّل. ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وسمع من: حسّان بن تميم الزّيّات، وأبي القاسم بن عساكر. وكان بصيراً بكتابة السّجلاّت، مليح الخطّ، كثير المحفوظ، حلو الكلام. تفقّه على أبي الحسن عليّ ابن الماسح، وأبي سعد بن أبي عصرون. وكتب الكثير في الشّروط. وسمع منه جماعة.

(45/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 260
أخبرنا محمد بن هاشم العبّاسيّ، أخبرنا جدّي لأمّي أبو المحاسن الفضل ابن عقيل، أخبرنا حسّان بن تميم، وأخبرنا نصر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا سليم ابن أيوب الفقيه، أخبرنا أحمد بن محمد بن القاسم، أخبرنا أبو علي الصّفّار، حدّثنا أحمد بن منصور، حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزّهري، أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن حارثة بن النّعمان قال: مررت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه جبريل جالسٌ بالمقاعد، فسلّمت عليه، واجتزت، فلمّا رجعت، وانصرف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لي: هل رأيت الّذي كان معي قلت: نعم. قال: فإنّه جبريل، وقد ردّ عليك السّلام. توفّي البهاء في سادس ذي القعدة.
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن القاسم بن عمر بن منصور.)
العلاّمة، أبو محمد، الواسطيّ. قرأ القراءآت على أبي بكر ابن الباقلاّنيّ. وسمع الكثير من كتب اللّغة، وبرع في علم اللّسان، وألّف كتباً مفيدةً في ذلك. وسكن حلب زماناً إلى أن توفّي في ربيع الأول سنة ستّ. ذكره الموقانيّ في تعاليقه.

(45/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 261
4 (حرف اللام)
)
4 (لبابة بنت أحمد بن صالح بن شافع. أم الفضل، البغدادية.)
من أولاد الشيوخ. روت عن المبارك بن المبارك بن الحكم. وماتت في ربيع الآخر.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن صلتان. أبو عبد الله، الأنصاريّ، الجيّانيّ، البلنسيّ، المقرئ.)
سمع من ابن بشكوال. وقرأ بالسبع على ابن حميد بمرسية. وأخذ عنه ابن مسدي في سنة خمس وعشرين، ولم يذكر وفاته. ولد سنة.
4 (محمد بن إبراهيم بن معالي. أبو عبد الله، البغدادي، القزّاز، المعروف بابن المغازليّ.)
سمع من: ابن البطّي. روى لنا عنه: الأبرقوهيّ جزء البانياسيّ. وروى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار. وكان شيخاً صالحاً. توفّي في منصف المحرّم.

(45/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 262
4 (محمد بن إسماعيل بن أبي البقاء بن عبد القويّ بن عمّار.)
عزّ القضاة، أبو البركات، القرشيّ، المصريّ، المعروف بابن الجميل. سمع من عبد الله بن محمد ابن المجلّي، وغيره. ونسخ كثيراً. وتوفّي في المحرّم.
4 (محمد بن الحسين بن موفّق. أبو عبد الله، الأندلسيّ.)
ولي خطابة جزيرة ميورقة مديدةً. وروى الحديث. قال الأبّار: وكان فقيهاً مشارواً، ويعرف العربية. وله كتاب في القراءآت سمّاه الميسّر. وتوفّي في شعبان قبل الكائنة العظمى من قبل الروم على ميورقة بنحوٍ من ستّة أشهر.
4 (محمد بن عبد الله بن عليّ بن زهرة بن عليّ.)
أبو حامد، العلويّ، الحسيني، الإسحاقيّ، الحلبيّ، الشّيعيّ. روى عن: عمّه أبي المكارم حمزة بن عليّ، وعنه مجد الدّين العديميّ وقال: مات في جمادى الأولى وله ستّون سنة.) وكان فقيهاً يعدّ من علمائهم.
4 (محمد بن محمد بن أبي حرب بن عبد الصّمد.)
أبو الحسن، ابن النّرسيّ، البغداديّ، الكاتب، الشّاعر. ولد سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة.

(45/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 263
وسمع: من أبي محمد ابن المادح، وأبي المظفّر هبة الله ابن الشّبليّ، وابن البطّي، وأحمد بن المقرّب، وغيرهم. وله ديوان شعر. وكان من ظرفاء بغداد. وله النظم والنّثر والنّوادر السائرة. ثمّ شاخ وأقعده الزمان، ومسّه الفقر، وكسد سوقه. روى عنه: الدّبيثيّ، والسيف ابن المجد، وابن الحاجب، والجمال يحيى ابن الصّيرفيّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، وآخرون. وسمعنا بإجازته على شرف الدّين اليونينيّ، وفاطمة بنت سليمان. ومن جملة ما عنده: الثاني من مسند ابن مسعود لابن صاعد، سمعه من ابن المادح، والأوّل من حديث ابن زنبور عن التّمّار، ومسند حميد عن أنس لأبي بكر الشافعيّ سمعه من ابن البطّي، وجزء البانياسيّ سمعه من ابن البطّي وسمع منه كتاب الاستيعاب لابن عبد البرّ بفوتٍ وأشياء. أنشدنا أبو الحسين اليونينيّ عن محمد بن محمد بن أبي حرب، لنفسه:
(إن كان ميثاق عهدي بالصريم وهى .......... وحال من دونه يا ميّ أعذار)

(فهل حداة مطاياهم تخبّرني .......... أأنجدوا أم ترى من بعدنا غاروا)

(واحرّ قلباه منّي يوم بينهم .......... إذا خلت من أنسها الدّار)

(فلا تثنّى قضيب البان بعدهم .......... ولا تمتّع من قرب الحمى جار)

(ولا صبا قلب ذي وجدٍ بغنية .......... ولا تحرّك في المزموم أوتار)

(حتّى أبثّهم الشّكوى وتكنفنا .......... دارٌ بنجدٍ وعذّالٌ وسمّار)
وتوفّي في تاسع عشر جمادى الآخرة. قال ابن النّجّار: كان ناظراً على عقار الخليفة مدّة، ثمّ عزل واعتقل مدّةً، ثمّ خدم في قلعة تكريت، ثمّ حبس مدّةً طويلةً ولم يستخدم بعدها لسوء عشيرته وظلمه وتعدّيه، وخبث طويّته. وكان يطلب من الناس، ويأخذ الصّدقة.)

(45/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 264
4 (محمد بن أبي المعالي بن أبي الكرم.)
أبو عبد الله، ابن البوريّ. شيخٌ بغداديّ. حدّث عن عبد الحقّ اليوسفي. ومات في شوّال. روى عنه ابن النّجّار بالإجازة.
4 (محمد بن أبي نصر بن جيلشير.)
أبو عبد الله، الهمذانيّ، المقرئ. من كبار القرّاء وحذّاقهم. أقرأ، وحدّث عن أبي الفتح بن شاتيل. ومات في ذي القعدة.
4 (مسعود بن أحمد بن مسعود بن الحسين.)
أبو المظفر، البغداديّ، ابن الحلّيّ. يروي عن ظاعن الزّبيري. توفّي في جمادى الآخرة. أجاز لفاطمة بنت سليمان. مسعود بن أبي بكر بن شكر بن علاّن المقدسيّ، الصّالحيّ. حدّث عن يحيى الثقفيّ. وتوفّي في ربيع الآخر.

(45/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 265
روى عنه الشمس ابن الكمال.
4 (المهذّب بن عليّ بن أبي نصر هبة الله بن عبد الله. الشيخ الصالح، أبو نصر، الأزجيّ،)
الخيّاط، المقرئ، المعروف بابن قنيدة. سمع: أبا الوقت، وابن البطّي، وأبا زرعة، وابن هبيرة الوزير. روى عنه: الدّبيثيّ، والسّيف، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين. وآخر من روى عنه العماد إسماعيل ابن الطّبّال شيخ المستنصرية. وقرأت بخطّ ابن نقطة: أن ابن قنيدة سمع صحيح البخاريّ، ومسند الدّارميّ، ومنتخب عبد بن حميد، ومسند الشافعيّ. وكان سماعه صحيحاً. وتوفّي في الثالث والعشرين من شوّال، وقد جاوز الثمانين.
4 (موسى ابن الفقيه عليّ بن فيّاض بن عليّ.)
) الإمام أبو عمران، الأزديّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ. درّس، وأفتى. وحدّث عن السّلفيّ. وكان أبوه من أصحاب أبي بكر الطّرطوشيّ. توفّي في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة.

(45/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخامس والأربعون الصفحة 266
حرف الياء

4 (ياقوت بن عبد الله، شهاب الدّين، الرّوميّ. الحمويّ، البغداديّ.)
ابتاعه وهو صغير عسكرٌ الحمويّ التّاجر ببغداد، وعلّمه الخطّ. فلما كبر قرأ النّحو واللّغة، وشغّله مولاه بالأسفار في التّجارة، ثمّ جرت بينه وبين مولاه أمور أوجبت عتقه، وإبعاده عنه. فاشتغل بالنّسخ بالأجرة، فحصل له اطّلاعٌ ومعرفة. وكان من الأذكياء. ثمّ أعطاه مولاه بضاعةً فسافر له إلى كيش. ثمّ مات مولاه، وحصل شيئاً كان يسافر به. وكان منحرفاً فإنّه طالع كتب الخوارج، فوقر في ذهنه شيء. ودخل دمشق سنة ثلاث ع