88

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف160.حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي في الضعفاء له 60 حديثا أُخر فيكون  كل الضعيف في كل المستدرك 160 حديثا من مجموع 8803=الباقي الصحيح =8743.فهذه قيمة رائعة لمستدرك الحاكم

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الأحد، 21 أغسطس 2022

مجلد33.و34.تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي.

 

33. : تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي.
تأليف: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون  

 الصفحة 322
(ويا رشيقاً أتتني .......... من سهم عينيه رشقه)

(لصارم الجفن منه .......... في مهجتي ألف مشقة)

(وخضره مثل معنى .......... بلا غني فيه دقه)
وله:
(كتبت والقلب بين الشوق والكمد .......... والعين مطروفة بالدمع والسهد)

(وفي الحشى نفحة الوجد محرقة .......... متى تجد نفحة من أرضكم تقد)

(يا رائداً وهو سار في الظلام سناً .......... وطالباً في الهجير الورد وهو صد)

(ها مهجتي فاقتبس من نارها ضرماً .......... ومقلتي فاغترف من مائها ورد)
)
(يا من هو الروح بل روحُ الحياة .......... ولا بقاء بعد فراق الروح للجسد)

(حاولت نقض عهود صنتها، ولكم .......... أردت في الحب سلواناً ولم أرد)

(واهاً لحاضرةٍ في القلب غائبةٍ .......... عن ناظري من هواها ما خلا جلدي)

(قوية البطش باللحظ الضعيف وبالخ .......... صر النحيف ولك مضعف جسدي)

(لا غرو إن سحرت قلبي بمقلتها .......... نفاثة بفنون السحر من العقد)

(نبا لطرف في كحل، بالعطف في ميل، .......... بالخد في خجل، بالقد في ميد)

(بالراح مرتشفاً، بالورد مقتطفاً، .......... بالغصن منعطفاً، بالثغر كالبرد)

(لا جلتُ يوماً ولا أبصرتُ من شغف .......... ضلالتي في الهوى إلا من الرشد)
وله:
(كالنجم حين هدا كالدهر حين عدا .......... نكالصبح حين بدا، كالعصب حين برا)

(في الحلم طود علا، في الحكم بحر نهى .......... في الجود غيث ندا، في البأس ليث شرا)
أنبأني ابن البزوري قال: العماد هو إمام البلغاء، وشمس الشعراء، وقطب رحا الفضلاء، أشرقت أشعة فضائله وأنارت، وأنجدت الركبان بأخباره وأغارت، في الفصاحة قس دهره، وفي البلاغة سحبان عصره، فاق الأنان طراً نظماً ونثراً. وفي رسائله المعاني الأبكار المخجلة الرياض عند إشراق النوار.

(42/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 323
ومن شعره:
(نقضي عمره في الهجر شوقاً إلى الموصل .......... وأبلاه من ذكر الأحبة ما يبلي)

(وكان خلي القلب من لوعة الهوى .......... فأصبح من برح الصبابة في شغل)

(وأطربه اللاحي بذكر حبيبه .......... فآلى عليه أن يزيد من العذل)

(وما كنتُ مفتون الفؤاد وإنما .......... عليّ فتون دس الذل)

(نحولي ممن شد عقد نطاقه .......... على ناحل واهٍ من الخصر منحل)
إذا رام للصد القيام أبت له روادفه إلا المقام على وصلي.
4 (محمد بن محمد بن هارون بن محمد بن كوكب.)
أبو عبد الله البغدادي المولد، الحلي المنشأ، المقرئ الماهر المعروف بابن الكال البزار. مقرئ جليل مشهور بصيرٌ بالقراءات، ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة، وقرأ القراءات على:) سبط الخياط، وأبي الكرم الشهرزوري، ودعوان بن علي، وأبي العلاء الهمذاني وسمع منهم ومن علي بن الصباغ. وقرأ بالموصل على: يحيى بن سعدون واقرأ بالحلة مدة، وحمل الناس عنه. قال أبو عبد الله الدبيثي: قرأتُ عليه بالروايات العشر، وسمعتُ منه وحدثنا بدكانه ابحللة المزيدية. وتوفي في حادي عشر شهر ذي الحجة بالحلة.

(42/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 324
قلت: وممن قرأ عليه الداعي الرشيدي، وهو آخر من روى عنه. قال ابن نقطة: وحدث عن محمد بن محمد بن عنقش الأنباري. وكان له بالحلة دكان يعمل فيه البزر.
4 (محمد بن أبي محمد بن أبي المعالي بن المقرون.)
أبو شجاع اللوزي، نسبة إلى محلة اللوزية بشرقي بغداد، المقرئ، الرجل الصالح. قرأ القرآن على: أبي محمد سبط الخياط، وأبي الكرم الشهرزوري بالروايات. ومسمع منهما، ومن: أبي الحسن بن عبد السلام، وابن الصباغ، وأبي الفتح عبد الله بن البيضاوي، وأبي الفضل الأرموي، وجماعة. وروى الكثير، وأقرأ الناس دهراً حتى لقن الآباء والأبناء والأحفاد. وكان أماراً بالمعروف، نهاءً عن المنكر كثير الخير. أقرأ كتاب الله نحواً من ستين سنة. وكان بصيراً بالقراءات، وكان يأكل من كسب يده، ولا يأخذ من أحد شيئاً. توفي في سابع عشر ربيع الآخر. قال أبو عبد الله النجار: لقن خلقاً لا يحصون، وحملت جنازته على الرؤوس، وما رأيت جمعاً أكثر من جمع جنازته. قال: وكان مستجاب الدعوة، وقوراً. وقال الدبيثي: قرأنا عليه القراءات، وسمعنا منه، ونعم الشيخ كان. ثم روى عنه حديثاً.

(42/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 325
وممن روى عنه: الضياء، وابن خليل، واليلداني، والنجيب عبد اللطيف، والزين بن عبد الدائم.) وبالإجازة: ابن أبي الخير، والفخر بن البخاري. ودفن بصفة بشر الحافي.
4 (محمد بن المبارك بن محمد بن ميمون.)
أبو غالب الأديب، الكاتب. سمع: أبا الفضل الأرموي، وابن ناصر، وأبا بكر بن الزاغوني. وسه شعر جيد. وكان مكثراً من أشعار العرب. ولابن البخاري منه إجازة. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (محمد بن أبي طاهر بن زقمير.)
أبو عبد الله الحربي، الآجري. سمع: عبد الله بن أحمد بن يوسف. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل. وتوفي في ذي القعدة.

(42/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 326
4 (محمد البخلي الزاهد.)
نزيل بعداد، كان كبير اقدر، صالحاً، منعزلاً عن الناس، يسكن الخراب، ولا يعلم من أين قوته إلى أن كبر وعجز. أدركه أجله وهو منقطع في مسجد مجاور بقبر معروف الكرخي. توفي إلى رحمة الله في المحرم، وجهزته أم الخليفة، وأخذت دراعته للبركة، وكان قد قارب الثمانين. قال ابن النجار: كان يتنقل في الأمكنة لئلا يعرف. وما كان يفهم بالعربي. وكان الخليفة الناصر يقصده زائراً فلا يكلمه. وما كان يعرفُ أحدٌ من أين يأكل. وكان كثير العبادة، شديد الرياضة، له كرامات ظاهرة، رحمه الله.
4 (المبارك بن حمزة بن علي.)
الفقيه أبو المظفر بن البزوري، البغدادي، سبط أبي المظفر بن الصباغ. كان إماماً مبرزاً، أعاد بالنظامية ببغداد.) وتفقه على: أبي المحاسن يوسف بن بندار. وتوفي في المحرم.
4 (المبارك بن المبارك بن الحسن بن الحسين بن سكينة.)

(42/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 327
أبو محمد البغدادي، الأنماطي، البيع. حدث من بيته جماعة. وسمع هو من: أبي القاسم بن السمرقندي. روى عنه: الدبيثي، وغيره. وتوفي رحمه الله في ربيع الأول، وله أربع وثمانون سنة.
4 (مسعود بن محمد بن الدلال.)
الهمذاني، شيخ القلندرية. ذكره شيخنا ابن البزوري في تاريخه، وقال: كان على قدم حسن، وكان كثيراً ما يقول: الماضي لا يذكر. فقيل إنه رؤي في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك قال: أوقفني بين يديه، وقال لي: يا مسعود الماضي لا يذكر، انطلقوا به إلى الجنة. توفي في شهر رمضان من سنة سبع.
4 (منصور بن الحسن بن منصور.)
الإمام أبو المكارم الزنجاني، الشافعي، نزيل بغداد، ومعيد النظامية، ومدرس المدرسة التقية. إمام مناظر، عارف بالمذهب، له حلقة بجامع القصر. توفي في رمضان.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن طاهر.)

(42/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 328
أبو زكريا البغدادي، الواعظ، المعروف بابن النجار. كان يتهم بالكذب. وله سماع من سبط الخياط، والأرموي. توفي في ذي الحجة عن خمس وسبعين سنة. قال الدبيثي: أنشدنا ابن النجار لبعضهم:
(عاشر من الناس من تبقى مودته .......... فأكثر الناس جمعٌ غير مؤتلف)
)
(منهم صديق بلا قاف، ومعرفةٌ .......... بغير فاء، وإخوانٌ بلا ألفِ)

4 (يوسف بن عبد الرحمن بن غصن.)
أبو الحجاج الثجيبي، وقيل اللخمي، الإشبيلي، المقرئ. أخذ القراءات عن: أبي الحسن شريح، وأبي العباس بن حرب، أبي العباس بن عيشون. وروى عن: أبي بكر بن العربي. وتصدر للإقراء بإشبيلية، وطال عمره، ورحل الناس إليه. وهو آخر أصحاب شريح الذين قرأوا عليه. توفي في سنة سبع هذه تقريباً قال الأبار. قلت: بل هو من آخرهم.
4 (الكنى)

4 (أبو منصور بن أبي بكر بن شجاع بن نقطة المزكلش.)
أخو الزاهد عبد الغني. بغدادي ظريف، ينشد في الأسواق ويمسخر

(42/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 329
ويلعب. وله يد في كان وكان. وكان يحسر الناس في رمضان. قيل له: أما تستحي، أخوك زاهد العراق، وأنت تزكلش في الأسواق فقال موالياً:
(قد خاب من شبه الجزعة إلى دره .......... وشابه قحبة إلى مستحسنه حره)

(أنا مغني وأخي زاهد إلى مره .......... بئرين في دار ذي حلوة وذي مرة)
وفيها ولد الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، وإبراهيم بن مسعود الحويري الحبشي، والشيخ محمد بن أحمد بن منظور المصري. والمحبي طاهر بن أبي الفضال الكحال، ومحمد بن ربيعة بن حاتم الحيلي المصري، والعماد إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب المنقذي، وفاطمة بنت الملك المحسن في شعبان.

(42/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 330
4 (وفيات سنة ثمان وتسعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)
)
4 (أحمد بن تزمش بن بكتمر.)
أبو القاسم البغدادي، الخياط. سمع: أبا بكر قاضي المرستان، وأبا القاسم الكروخي، وأبا الفضل الأرموي، وجماعة. وأقام بدمشق مدة، ثم عاد إلى بغداد، ثم رجع إلى دمشق وبها مات. كذا قال الدبيثي. وإنما مات في شوال بحلب، قاله الضياء. روى عنه: الدبيثي، وقال إنه ولد سنة ثمان وعشرين. وروى عنه: الضياء، وابن خليل، والقوصي وقال: لقبه: صائن الدين، والنجيب عبد اللطيف، وابن عبد الدائم. وبالإجازة: أحمد بن سلامة، وغيره. وقال ابن النجار: كان ظريفاً كيساً، يرجع إلى أدب وتمييز. وكان صاحباً لقاضي القضاة القاسم بن الشهرزوري، سمعنا منه.

(42/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 331
4 (أحمد بن داود بن يوسف.)
أبو جعفر الجذامي، الغرناطي، النحوي. ذكره الأبار فقال: كان نحوياً لغوياً. صنف شرحاً لمقامات الحريري، وشرحاً لأدب الكاتب لابن قتيبة. قال: وتوفي في حدود سنة ثمان.
4 (أحمد بن سلمة بن أحمد بن يوسف.)
أبو جعفر ابن الصيقل الأنصاري، اللورقي: روى عن: ابن الدباغ، وأبي بكر بن خبر، وجماعة. وكان معنياً بالحديث. روى عنه: أبو عيسى بن أبي السداد، وأبو عبد الله بن الصفار، وأبو الحسن ابن القطان. وتوفي في المحرم. ذكره الأبار.

(42/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 332
4 (أحمد بن علي بن الحكم.)
أبو جعفر بن الحصار القيسي، الغرناطي، العطار. قال الأبار: سمع صحيح البخاري ومسلم من شريح.) وسمع من: أبي جعفر بن الباذش، وأبي محمد بن عطية، والقاضي عياض، وأبي بكر بن نفيس، وجماعة. وأجاز له أبو القاسم بن بقي، وأبو عبد الله بن مكي، وجماعة. وكان من أهل القاسم بن بقي، وأبو عبد الله بن مكي، وجماعة. وكان من أهل الصلاح والعناية بالرواية، ثقة، صدوقاً، حدثنا عنه جماعة، وولي خطابة بلده. مولده سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. وتوفي فجأة في ربيع الأول.
4 (أحمد بن أبي علي بن أحمد بن محمد بن بكري.)
أبو العباس الحريمي. روى عن: أحمد بن علي بن الأشقر. وهو من بيت الرواية.

(42/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 333
مات في المحرم وهو:
4 (أحمد بن أبي المبارك بن أحمد بن بكري.)
أبو العباس الحريمي. سمع: أحمد بن الأشقر، وسعد الخير الأندلسي. سمع منه: أحمد بن سلمان السكر، وغيره. توفي في المحرم. ورخه ابن النجار.
4 (أحمد بن المؤمل بن الحسن.)
أبو محمد العدواني الشاعر. كان يمدح بالشعر. وسمع من: عبد الوهاب الأنماطي، وأبي محمد سبط الخياط. وحدث، ولم يكن مرضياً. ومن شعره:
(قد كان للناس أبوابٌ مفتحة .......... تغشى ويطلب منها الفضل والجودُ)
)
(فأصبحت كلها باباً وقد مُنعت .......... منه الحوائج فالمفتوح مسدود)

(42/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 334
4 (أحمد بن يوسف بن محمد بن خشيش.)
أبو العباس الأزجي، الدقاق. سمع من: أبي البركات يحيى بن عبد الرحمن الفارقي، وأبي القاسم بن السمرقندي.
4 (إبراهيم بن أحمد بن علي.)
أبو منصور الأسدي، العامري، البصري، القطان. توفي ببغداد وله ست وسبعون سنة. سمع بالبصرة من: أبي جعفر الغطريف بن عبد الله، وطلحة بن علي العامري. وحدَّث ببغداد. وكان له فهم ومعرفة ما. روى عنه: ابن النجار.
4 (إبراهيم بن عبد العزيز بن محمد بن علي بن أبي الفوارس.)

(42/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 335
نفيس الدين القرشي، الجزيري، نزيل الصعيد. توفي بالقلندون من الديار المصرية، وكان له ثروة بالجزيرة العمرية. وكان ديناً أميناً، فطلب منه صاحب الجزيرة شاه بن الأتابك أن يتولى نظر ديوانه فأبى، فقال: لا بد من ذلك. فباشر يوماً وامتنع. وكانت زوجته حاملاً بابنه أبي بكر جد صاحبنا المولى شمس الدين محمد بن إبراهيم بن أبي بكر، فحلف بالطلاق أنه لا يعلم أولاده الخط. فعاش له خمسة بنين فلم يعلمهم الخط لئلا يكونون دواوين. ثم سافر إلى مصر، وسكن بالقلندون، واقتنى الأبقار والأغنام. وكان له وكيل بالجزيرة، فبقي يبيع له ملكاً بعد ملك، وينفقه على أولاده. وكان وكيله نحاساً، فعلم أبا بكر المذكور صنعة النحاس. ثم سافر إلى عند والده، فأقام عنده سنة ورجع، فأوصى أبوه إليه. وخلف إبراهيم من الذهب اثني عشر ألف دينار، سوى المواشي والبضائع فلم يرجع أبو بكر إلى الميراث، وسافر بالذهب والداه الكبيران للتجارة، فغرقا في بحر اليمن. وله عصبة أولادٍ وذرية بالقلندون يُعرفون بأولاد النفيس. توفي في هذه السنة. أفادنا بذلك الشيخ شمس الدين المذكور.)
4 (أسعد بن أبي طاهر أحمد بن أبي غانم حامد بن أحمد بن محمود.)
أبو محمود الثقفي، الإصبهاني، الضرير، الفقيه. ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة.

(42/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 336
وسمع هو وأخوه زاهر مسند أبي يعلى من الحسين بن عبد الملك الخلال. وسمع من فاطمة الجوزدانية كتاب الفتن لنعيم بن حماد، ثلاث أجزاء من أوله. وسمع من: جعفر بن عبد الواحد الثقفي، وإسماعيل بن الإخشيد، ومحمد بن علي بن أبي ذر. وسمع حضوراً من: أبي طاهر الدشتج. روى عنه: يوسف بن خليل، والضياء محمد، وجماعة. وأجاز لابن أبي الخير، وابن البخاري. وتوفي في تاسع شوال. وكان فقيهاً معدلاً.
4 (أسعد بن المولى العميد أبي يعلى حمزة بن أسعد بن علي بن محمد.)
الصدر الرئيس، مؤيد الدين، أبو المعالي التميمي، الدمشقي، الكاتب الوزير، المؤرخ، ابن القلانسي. ولد سنة سبع عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبيه، ونصر الله بن محمد المصيصي. روى عنه: ابن خليل، والشهاب القوصي، وغيرهما. وتوفي في رابع عشر ربيع الأول.
4 (إسماعيل الملك المعز بن سيف الإسلام طغتكين بن أيوب بن شاذي بن مروان.)

(42/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 337
صاحب اليمن. كان قد ورد بغداد فأكرم مورده وتلقي بالإنعام. وكان منهمكاً في اللهو والشرب، قليل الخير. وكتب معه من جهة الخلافة منشور إلى أبيه بالرضا عنه. ولما توفي أبوه ولي بعده مملكة اليمن في سنة ثلاث وتسعن. ثم إنه ادعى أنه أموي ورام الخلافة وأظهر العصيان فوثب عليه أخوان من أمرائه فقتلاه، وولي اليمن أخ له صغير. وقيل إنه ادعى النبوة. وسام أخيه الذي تولى الملك الناصر أيوب ابن سيف الإسلام.) قال ابن واصل: خافت المعز مماليكه فتحزبوا عليه، وخرجوا عليه، وضربوا معه مصافاً، فكسروه وقتلوه، وداروا برأسه في اليمن، ونهبوا زبيد سبعة أيام، جعلوا لأخيه الناصر اسم السلطنة، و ترتب أتابكه سيف الدين سنقر مملوك أبيه. ثم خرجوا على سنقر وحاربوه، وانتصر عليهم، وقتل جماعة من الأكراد والأتراك، وحبس آخرين. وصفت له اليمن أربع سنين. ثم مات سنقر، فتزوج بأم الناصر الأمير غازي بن جبريل، وقام في الأتابكية. ثم سم الناصر فيما قيل. ثم قتل غازي وبقيت اليمن بلا سلطان مدة.

(42/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 338
4 (حرف الباء)

4 (بركات بن إبراهيم بن طاهر بن بركات بن إبراهيم بن علي.)
مسند الشام أبو طاهر الخشوعي الدمشقي، والرفاء، الأنماطي، الذهبي، لكونه يسكن بمحلة حجر الذهب. ولد في صفر سنة عشر وخمسمائة، وانفرد بالمسموعات الكثيرة من الأمين هبة الله بن الأكفاني، وغيره. وانفرد بالإجازة من مصنف المقامات أبي محمد الحريري، والمقرئ أبي القاسم عبد الرحمن بن الفحام، وأبي بكر محمد بن الوليد الطرطوشي. وأجاز له أيضاً: أبو علي الحداد، وأبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، وأبو علي محمد بن محمد بن المهدي، والحسن بن محمد الباقرحي، ومحمود بن الفضل الإصبهاني، وأبو صادق مرشد بن يحيى المديني، وأبو الحسن علي بن الحسين الموصلي الفراء، وأبو عبد الله محمد بن بركات السعيدي النحوي، وأبو الفتح سلطان بن إبراهيم المقدسي، وعلي بن إبراهيم بن صولة، وأبو الفضل جعفر بن إسماعيل بن خلف المقرئ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحطاب الرازي، وعلي بن المشرف الأنماطي، وعلي بن المؤمل الكاتب، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن حكم الباهلي.

(42/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 339
وقد انفرد أيضاً بالإجازة من بعضهم، وأجاز الحريري له في السنة اثنتي عشرة من البصرة. واستجاز له المصريين أبو طاهر السلفي. وقد سمع أيضاً من شيوخ دمشق: عبد الكريم بن حمزة، وطاهر بن سهل الإسفرائيني، و علي بن أحمد بن قبيس، وعلي بن أحمد بن قبيس الملاكي، وجمال الإسلام علي بن المسلم، وابن) طاوس، وغيرهم. وهو من بيت الحديث والرواية، اعتنى به والده. وما زال هو يسمع ويسمع، وحمل الناسُ عنه علماً جماً. روى عنه: أولاد إبراهيم، وعبد العزيز، وعبد الله، وستهم، وست العجم، والشيخ الموفق، وعبد القادر الرهاوي، والبهاء عبد الرحمن، وابن خليل، والضياء، واليلداني، وأحمد بن محمد بن رزمان الحنفي، وأحمد بن يوسف التلمساني، والزين أحمد بن عبد الملك، والزين أحمد بن عبد الدائم، والنجم أحمد بن راجح، وإسحاق بن سلطان التميمي، وأخوه عبد الرحمن، والشهاب القوصي، وحفيده بركات بن إبراهيم، والخطيب داود ابن عم الأباري، والفقيه سليمان بن عبد الكريم، والنظام عبد الله بن يحيى بن البانياسي، والتقي عبد الله بن إسماعيل المقدسي الحنبلي، وأخوه علي، وعبد الله بن الشيخ أبي عمر، وأبو سليمان عبد الرحمن بن الحافظ، وعبد الرحمن وعبد الله ابنا أحمد بن طعان، وعبد الرحمن بن الخضر بن عبدان، وعباس بن أبي طالب الحموي، وعبد السلام بن ممدود الشيباني، والعز عرفة الحنفي، وعلي بن أبي طالب القطان، وعلي بن المظفر النشبي، وعلي بن محاسن بن عوانة النميري، والخطيب عماد الدين عبد الكريم بن الحرستاني، وفرج الحبشي القرطبي، والنجيب فراس بن

(42/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 340
العسقلاني، ومحمد بن عمر الفخر المالكي، والأوحد محمد بن عبد الله القرشي الحنفي، والموفق محمد بن هارون الثلعبي، والشيخ الفقيه محمد اليونيني، ومكي بن عبد الرزاق المقدسي، ومظفر بن أبي بكر بن الشيرجي، والتاج مظفر بن عبد الكريم بن الحنبلي مدرس الحنبلية، وابن عمه يحيى بن الناصح عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم البابشرقي، والشرف الإربلي، ويوسف بن يعقوب الإربلي الذهبي، ويوسف بن مكتوم المقرئ الحبال، ويوسف بن عمر أخو خطيب بيت الأبار، وأيوب بن أبي بكر الحمامي، وعلي بن عبد الواحد الأنصاري البزاز، والمجد محمد بن إسماعيل بن عساكر، وعبد الوهاب بن محمد القنبيطي، والتقي إسماعيل ابن أبي اليسر، والكمال عبد العزيز بن عبد المنعم بن عبد. وبالإجازة: أحمد بن أبي الخير، وأحمد بن عبد السلام بن أبي عصرون، وأبو الغنائم المسلم بن علان، وجماعة آخرهم الفخر بن البخاري. روى عنه القوصي، وقال فيه: أكثر أهل الشام حديثاً وأعلاهم إسناداً، مع تواضع وافر، و دين) ظاهر، ومروة تدل على أصل طاهر. لازمته من حين مقدمي إلى الشام إلى حين موته. ثم سمى شيئاً كثيراً من الكتب قد سمعها منه. وقال الضياء: توفي في سابع أو ثامن صفر. وحضرته، ودفن بباب الفراديس، وانقطع به إسناد كثير. وقال ابن نقطة: حدث بأكثر سنن أبي داود، عن عبد الكريم بن حمزة، عن الخطيب، وسماعاته وإجازاته صحيحة رحمه الله. قلت: وبلغنا أنه لم تظهر له إجازة الحداد إلا بعد موته ولذا لم يروها. وقد قال الشهاب القوصي: وهو مخبط ضعيف. سمعت عليه جملة من

(42/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 341
تصانيف أبي نعيم الحداد، عنه. أفما أراد أحد يقول هذا إلى القوصي وحده وهلا ظهر من ذلك شيء. ثم ذكر أنه سمع منه الموطأ رواية ابن القاسم، وسنن أبي داود، والإكمال لابن ماكولا، ومغازي ابن عقبة، وكتاب فوائد تمام، وسراج الملوك اللطرطوشي، وكتاب الرهبان لتمام، والسنن للدارقطني، ومكارم الأخلاق للخرائطي، ومساوئ الأخلاق واعتلال القلوب له، والهواتف له والقناعة له والشكر له، والمقامات للحريري، والملحة له. والجامع للخطيب، والكفاية له، والبخلاء، واقتضاء العلم، وشرف أصحاب الحديث، والطفيليين، وجملة من تصانيف الخطيب، والكامل في الضعفاء، لابن عدي، وفضائل الصحابة لخيثمة، وسمى اثنتين وعشرين تصنيفاً لابن أبي الدنيا، سمعها منه. وقال المنذري: حدث هو وأبوه وجده، ولنا منه إجازة. وقال في نسبته: الخشوعي، الفرشي. قال: سئل أبوه إبراهيم عن النسبة بالخشوعي فقال: كان جدنا الأعلى يؤم بالناس، فتوفي في المحراب. قال المنذري: والفرشي نسبة إلى بيع الفرش. قلت: قد ضبطه بالقاف جماعة من المحدثين كالضياء، وابن خليل ورأيت جماعة تركوا هذه النسبة للخلف فيها.
4 (بشارة.)
الأمير حسام الدين، أمير بانياس.) توفي فيها.

(42/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 342
4 (بنفشا.)
فتاة المستضيء بالله. كانت أحب سراريه إليه. وقفت مدرسة بباب الأزج، وعمرت عدة مساجد. وكانت كثيرة الرغبة في أفعال البر. وهي التي أشارت على الخليفة بأن يجعل ابنه ولي عهده، أعني الناصر لدين الله. توفيت في تاسع عشر ربيع الأول.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن محمد بن جعفر بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز.)
الشريف الأفضل أبو محمد العباسي، المكي، ثم البغدادي، المحدث. أحد طلبة بغداد. كان عالي الهمة في تحصيل هذا الشأن، جيد الفهم، حسن المعرفة، ذكياً نبيلاً. ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وسمع من: أبيه قاضي القضاة أبي الحسن، وأبي الفتح بن شاتيل، والقزاز، وعبد المنعم بن الفراوي.

(42/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 343
ثم طلب بنفسه قبل التسعين فأكثر، وسمع بالجزيرة ودمشق وحدث بها. روى عنه: يوسف بن خليل، والشهاب القوصي. وتوفي في ذي الحجة بحماه راجعاً إلى بغداد، وله سبعٌ وعشرون سنة. ولقبه شرف الدين. رأيت ورقةً بخط الحافظ الضياء فيها الحط على جعفر هذا، وفيها أنه غل آخر أوانه، وأنه حك أسماً وأثبت مكانه ذاكر بن كامل. وقد ذكره ابن النجار ولم يتعرض للبينة، بل قال: كان عنده حفظ ومعرفة بالمتون والرجال، ويقرأ قراءة فصيحة، وينقل نقولا صحيحة. وكان خارق الذكاء، ظريفاً. إلى أن قال: إلا أنه كان ضجوراً، لعاباً، قليل الأمانة، مخالطاً لغير أبناء جنسه. استدعاه صاحب حماه ليقيم بها محدثاً، فمات بها رحمه الله.
4 (حرف الحاء)

4 (حاتم بن سنان بن بشر.)
)

(42/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 344
أبو الجود الحبلي من حبلة، أحد أعمال الرملة. النساخ المقرئ. حدث عن: أبي العباس أحمد بن معد الأقليشي، وغيره. وأم بمسجد عبد الله بمصر مدة. وبها مات. وعبد الله صاحب المسجد هو ابن عبد الملك بن مروان الأموي.
4 (حامد بن أبي الفرج محمد بن حاتم بن محمد بن أله.)
أبو بكر الإصبهاني، نزيل بغداد، أخو العماد الكاتب. ولد بإصبهان سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة. وسمع ببغداد من أبي زرعة المقدسي، وحدث. وقد و فد على السلطان صلاح الدين رسولاً من الديوان العزيز. وكان من أكابر الفضلاء وأعيان الرؤساء. وكان قدومه بغداد صحبة أخيه. ماذا قال ابن البزوري. وأنا أتعجب كيف لم يسمع معه من أصحاب الصريفيني. وقد وقف مكتباً للأيتام ببغداد. وتوفي في ذي الحجة.
4 (حبيب بن محمد بن حبيب.)
أبو الحسين الحميري، الإشبيلي، المقرئ. أخذ القراءات عن: جده لأمه أبي الحسن شريح بن محمد. وأقرأ الناس ببلده. قال الأبار: توفي سنة ثمان وتسعين، وكان فيه تعسُّر. قرأ عليه: ابن وثيق، وغيره.

(42/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 345
4 (الحسن بن أحمد بن الفرج بن راشد)
أبو محمد ابن القاضي أبي العباس المدني، ثم البغدادي، الدارقزي، الوراق. سمع من: القاضي أبي بكر. روى عنه: الدبيثي، وغيره. وولي أبوه قضاء دجيل. وسئل عن نسبة المدني فقال: نحن من أهل مدينة بناها السفاح وسماها المدينة.) وقد أجاز لابن أبي الخير. وتوفي في الثاني والعشرين من المحرم.
4 (الحسن بن عبد الباقي بن أبي القاسم.)
أبو علي الصقلي، المديني، المالكي، العطار المعروف قديماً بابن الباجي. محدث مجتهد، كثير العناية والتحصيل. كتب بخطه الكثير. وكان مولده في سنة أربعين وخمسمائة. وتفقه في صباه. وسمع: أبا طاهر السلفي، وأحمد بن المسلم اللخمي، وجماعة بالثغر، ومحمد بن علي الرحبي، وإسماعيل بن قاسم الزيات، ومنجب بن عبد الله المرشدي، وابن بري، وطائفة. وتوفي في هذا العام.
4 (الحسن بن أبي بكر عتيق بن الحسن.)
القاضي المرتضى، أبو علي القسطاني، المالكي، المعدل.

(42/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 346
من فضلاء مصر. حدث عن عبد الله بن رفاعة. توفي في جمادى الأولى عن إحدى وسبعين سنة.
4 (حماد بن هبة الله بن حماد بن الفضيل.)
المحدث أو الثناء الحراني، الحنبلي، التاجر، السفار. ولد في سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وسمع ببغداد من: أبي القاسم إسماعيل بن السمرقندي، وأبي بكر بن الزاغوني، وجماعة. وبهراة من: مسعود بن محمد بن غانم، وعبد السلام بن أحمد بكبرة. وبالثغر من السلفي فأكثر، وبمصر من ابن رفاعة. وحدث ببغداد، ومصر، وحران. وشرع في تاريخ لحران. وكتب بخطه الكثير. وتمم تاريخه حدث به. قاله الدبيثي. وله شعر جيد.

(42/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 347
روى عنه الشيخ الموفق، وفرقد بن عبد الله الكناني، وعبد القادر الرهاوي، والعلم السخاوي،) والضياء المقدسي، والنجيب عبد اللطيف، وابن عبد الدائم، وأحمد بن سلامة النجار. وقيل إن جمال الدين يحيى بن الصيرفي سمع منه. توفي في ذي الحجة بحران. وأجاز لابن أبي الخير، وجماعة.
4 (حرف الخاء)

4 (خديجة بنت الشيخ أبي منصور موهوب بن أحمد بن الجواليقي.)
عن: أبيها، وابن ناصر. وعنها: ابن النجار، وقال: كانت صادقة كثيرة العبادة. ماتت في شعبان.
4 (حرف الدال)

4 (داوود بن أحمد بن الحسين.)
أبو الفرج الحريمي، الدباس، المعروف بابن التش.

(42/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 348
ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبي غالب بن البنا، وأبي الفضل محمد بن المهتدي بالله. وأجاز له أبو عبد الله البارع، وأبو عامر محمد بن سعدون العبدري. قال الدبيثي: أجاز لي. وتوفي في رمضان. وحدث عنه ابن النجار.
4 (حرف السين)

4 (سعد بن طاهر بن سعد بن علي.)
الأمير الرئيس أبو الفضل المزدقاني. الدمشقي. ولد سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. وسمع من: جمال الإسلام علي بن المسلم. روى عنه: ابن خليل وغيره وأجاز لابن أبي الخير، وللحافظ زكي الدين عبد العظيم وقال: توفي رحمه الله في العشرين من شعبان.)
4 (سليمان بن أحمد بن عبد الرحيم.)
أبو داود البغدادي. عرف بابن العميد. قرأ القرآن على أبي الكرم الشهرزوري. وحدث عنه، وعن: أبي الوقت. وتوفي في صفر.

(42/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 349
4 (حرف الشين)

4 (شمائل بنت أبي منصور موهوب بن أحمد الجواليقي.)
روت عن: أبيها. روى عنها: الضياء.
4 (حرف الصاد)

4 (صفوان بن إدريس.)
أبو بحر التجيبي، المرسي، الكاتب البليغ. قال الأبار: أخذ عن أبي عبد الله بن حميد، وأبي العباس بن مضاء أخذ منه صحيح مسلم. وكان من جلة الأدباء البُلغاء ومَهَرة الكُتّاب والشّعراء. فصيحاً مدركاً، جليل القدر، وله رسائل بديعة. وكان من الفضل والدين بمكان. روى عنه: أبو الربيع بن سالم الكلاعي، وأبو عبد الله بن أبي البقاء. وتوفي في شوال، وله سبع وثلاثون سنة وأشهر فإنه ولد سنة ستين وخمسمائة.

(42/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 350
أورد ابن فرتون له هذه الأبيات:
(أحمى الهوى قلبه وأوقد .......... فهو على أني يموت أو قد)

(وقال عنه العذول وسال .......... قلده الله ما تقلد)

(وباللوى شادن عليه .......... جيدٌ غزال ووجهُ فرقد)

(علله ريقه بخمر .......... حتى انتشى طرفه فعربد)

(لا تعجبوا لانهزام صبري .......... صبري به فجيش الهوى مؤيد)

(أنا له كالذي تمنى .......... عبد نعم عبده وأزيد)
)
(إن بسملت عينه لقتلي .......... صلى فؤادي على محمد)

4 (حرف الضاد)

4 (ضرغام بن إبراهيم)
الدمياطي. سمع السلفي. سمع منه القوصي في هذه السنة بدمياط.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن أبي المجد بن غنائم.)
أبو محمد الحربي، العتابي، الإسكاف. حدث بمسند أحمد عن ابن الحصين بالموصل، وبها توفي.

(42/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 351
وحدث عن: أبي الحسن بن الفراء أيضاً. روى عنه: الدبيثي، ابن خليل، والضياء، وشيخ الشيوخ عبد العزيز الأنصاري، وابن عبد الدائم، والنجيب الحراني، وخلق من شيوخ الدمياطي. لأنه روى المسند ببغداد. توفي في ثاني عشر المحرم. وتوفي قبله بيوم ولده أحمد. واسم أبي المجد صاعد. وقد أجاز لسعد الدين الخضر بن حمويه، ولقطب الدين أحمد بن أبي عصرون، وللفخر علي، وغيرهم.
4 (عبد الله بن خلف بن رافع بن ريس.)
الحافظ أبو محمد بن بصيلة المسكي الأصل، والشارعي، القاهري. ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة وقرأ القرآن على الشيخ رسلان بن عبد الله بن شعبان. وسمع من: علي بن هبة الله الكاملي، ومحمد بن علي الرحبي، وعثمان بن فرج العبدري، وإسماعيل الزيات، وعبد الرحمن بن محمد السيبي، وابن بري، وخلق. وارتحل إلى الثغر فأكثر عن السلفي، وابن عوف، وبدر الخذاداذي، وأبي طالب بن المسلم. وكتب بخطه الكثير.

(42/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 352
قال المنذري: رأيته ولم يتفق لي السماع منه.) قال: وكان حافظاً، محصلاً، عالماً بالتواريخ والوفيات. وجمع مجاميع مفيدة، وشرع في تاريخ لمصر وعجز عن إكماله لضيق ذات يده. ومسكه قرية بقرب عسقلان. قال ابن الأنماطي: جمع تاريخاً لمصر أجاد فيه، وهو مسودة، وكان يحفظ.
4 (عبد الله بن طلحة بن أحمد بن عبد الرحمن بن عطية.)
أبو بكر المحاربي، الغرناطي. سمع: أباه، وابن عم أبيه عبد الحق بن غالب، وأبا السحن بن الباذش. وأخذ عن: عبد الله المقرئ، ومحمد بن أعين السعدي. وتفقه بالقاضيين أبي الحسن بن أضحى، وأبي محمد بن سماك. وسمع بقرطبة: أبا عبد الله بن الحاج، وأبا الحسن بن مغيث. وبالمرية: أبا القاسم بن ورد وأبا الحجاج القضاعي وسمع أيضاً من القاضي عياض وعبد الله بن سهل الضرير. وأجاز له أبو محمد بن عتاب، وغالب بن عطية، وأبو بحر الأسدي. ذكره الأبار فقال: وكان معدوداً في الفقهاء، صدراً في الشورى والفتيا. أخذ عنه: أبو العباس بن عميرة، وأبو القاسم الملاحي، وأبو الوليد إسماعيل بن يحيى الأزدي. وولد في سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وهو آخر من روى عن غالب، وابن عتاب. وتوفي غالب سنة ثمان عشرة وخمسمائة.
4 (عبد الله بن محمد بن عبد الله.)

(42/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 353
أبو الفضل العليمي، أخو المحدث عمر العليمي. روى عن: أخيه. وعن: نصر بن أحمد بن مقاتل. وتوفي في شعبان.
4 (عبد الله بن أبي الفضل نصر بن أحمد بن مزروع.)
أبو محمد بن الثلاجي، الحربي، التاجر. سمع: ابن لحصين، وأبا الحسين بن الفراء.) روى عنه: ابن خليل، والضياء، والنجيب عبد اللطيف، وجماعة. وبالإجازة: ابن أبي الخير، والفخر علي. توفي في الخامس والعشرين من صفر، وله سبع وثمانون سنة.
4 (عبد الحق بن محمد بن عبد الرحمن.)
أبو محمد القيسي، المرسي. سبط عبد الحق بن عطية. روى عن: أبي محمد عبد الله بن سهل الضرير، وأبي القاسم بن حبيش. قال الأبار: كان متفنناً في العلوم الشرعية والنظرية مع دقة الذهن، وجودة النظر، وقول الشعر. وتوفي في المحرم، وله تسع وخمسون سنة.
4 (عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن العمري.)

(42/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 354
القاضي أبو الحسن البغدادي، العدل. ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة. وسمع: أبا القاسم بن الحصين، وهبة الله بن الطبر، وأحمد بن علي المجلي، وقاضي المرستان، وجماعة. وأجاز له أبو عامر العبدري، وأبو عبد الله البارع. وولي قضاء الجانب الغربي، وهو منسوبٌ إلى محلة العمرية من الجانب الغربي. ثم عزل في أواخر أمره بالقاضي علي بن عبد الرشيد الهمذاني. ثم ناب له. روى عنه: ابن خليل، والضياء، والنجيب ابن الصيقل، وجماعة. وبالإجازة: القطب بن عصرون، وابن أبي الخير، والفخر علي، وآخرون. توفي في ثاني عشر رمضان. عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي. زين القضاة أبو بكر القرشي، الفقيه، الشافعي، الدمشقي، ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. وسمع من: جده القاضي أبي الفضل يحيى، وأبي الفتح نصر الله المصيصي، وأبي الدر ياقوت الرومي. وأجاز له: الفراوي، وعبد المنعم بن القشيري، وزاهر الشحامي، وهبة الله بن الطبر، وآخرون.)

(42/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 355
روى عنه: ابن خليل، والقوصي، الزين بن عبد الدائم، وجماعة. وبالإجازة: ابن أبي الخير، والمسلم بن علان. وكان إماماً فاضلاً فقيهاً رئيساً متعبداً. قال الضياء: توفي في ذي الحجة ونعم الشيخ كان. ودفن بمسجد القدم.
4 (عبد الرحيم بن أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن سهل.)
أبو الحسن الشعري، الجرجاني الأصل، النيسابوري. ثقة، صالح، خير، صحيح السماع، عالي الإسناد. وهو أخو زينب الشعرية. ولد سنة خمس عشرة، و يقال سنة ثمان عشرة وخمسمائة. وسمع الكثير بإفادة والده. فسمع صحيح مسلم من أبي عبد الله الفراوي، وكتاب السنن والآثار للبيهقي، من عبد الجبار الخواري، عن المصنف. قال ابن نقطة: وقال لي بدل التبريزي إنه سمع السنن الكبير من عبد الجبار بن عبد الوهاب الدهان، عن البيهقي، والموطأ من هبة الله السندي، وغريب الحديث للخطابي، من أبي عبد الله الفراوي، ومسند أبي يعلى من زاهر بن طاهر وشعب الإيمان للبيهقي، أكثره من الفراوي، وبعضه من زاهر، بسماعهما من البيهقي.

(42/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 356
قلت: وسمع أيضاً من إسماعيل بن أبي بكر القارئ، ووجيه الشحامي، وجماعة. وروى عنه بالإجازة أبو الحسن بن البخاري. وتوفي يوم الجمعة خامساً المحرم.
4 (عبد الرحيم بن عبد الواحد بن محمد بن المسلم بن هلال.)
الرئيس نجم الدين أبو البركات الأزدي الدمشقي، المعدل. روى عن: أبي القاسم الحسين بن البن الأسدي. روى عنه: ابن خليل، والقوصي. وأجاز لابن أبي الخير. وتوفي في ثالث شعبان.
4 (عبد الرزاق بن أبي شجاع محمد بن أبي محمد بن المقرون.)
البغدادي.) قرأ القرآن على أبيه. وسمع من: ابن البطي. ودخل الشام، ومصر. ومات في المحرم.
4 (عبد السلام بن أبي الخطاب أحمد بن محمد بن عمر.)
أبو علي الحربي المؤدب. ولد سنة خمس عشرة.

(42/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 357
وسمع من: أبي بكر الأنصاري، وأبي منصور القزاز، وعبد الواحد بن أحمد بن يوسف. روى عنه: ابن خليل، والدبيثي، والضياء، والنجيب عبد اللطيف، والتقي اليلداني، وآخرون. وبالإجازة: ابن أبي الخير، وابن البخاري. وتوفي في شوال. عبد الصمد بن ظاعن بن محمد بن محمود. القرشي الزبيري، من أولاد الشيوخ. روى عن: أبي الوقت، وأبي محمد بن المادح. توفي في المحرم.
4 (عبد العزيز بن أزهر بن عبد الوهاب بن أحمد بن حمزة.)
أبو محمد البغدادي السباك. ولد سنة ربع وعشرين. وسمع من: أبي بكر الأنصاري، وعبد الوهاب الأنماطي. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وقال: توفي في ربيع الأول. قال ابن النجار: سمعتُ منه، وكان شروطياً لا بأس به.
4 (عبد العزيز بن الحسن بن علي بن محمد بن علي.)
القاضي عز الدين ولد مجد الدين بن الزكي القرشي. روى عن: أسامة بن منقذ. روى عنه: القوصي، وقال: توفي في ذي القعدة وله ثلاث وثلاثون سنة.)

(42/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 358
4 (عبد الملك بن زيد بن ياسين بن زيد بن قائد بن جميل.)
الإمام، خطيب دمشق ضياء الدين التغلبي الأرقمي، الدولعي، الموصلي، الفقيه الشافعي. ولد سنة سبع وخمسمائة، وقدم دمشق في شبيبته فتفقه بها. وسمع من: أبي الفتح نصر الله المصيصي. وتفقه ببغداد وسمع بها جامع الترمذي من عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، وسنن النسائي من علي بن أحمد بن محمويه اليزدي. روى عنه: أبو الطاهر إسماعيل بن الأنماطي، وابن خليل، والشهاب القوصي، والتقي بن أبي اليسر، وطائفة سواهم. توفي في ثاني عشر ربيع الأول وله إحدى وتسعون سنة إلا أشهراً قليلة. وروى عنه بالإجازة: أبو الغنائم بن علان، وأبو العباس بن أبي الخير. وكان فقيهاً، مفتياً، عارفاً بالمذهب.

(42/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 359
ولي خطابه دمشق مدة طويلة، ودرس بالغزالية. وكان على طريقةٍ حميدة. والدولعية: من قرى الموصل، وقائد: بالقاف، التغلبي: بالثلاثة. وولي بعده الخطابة ابن أخيه جمال الدين محمد بن أبي الفضل بجاه فلك الدين أخي الملك العادل فبقي في الخطابة إلى أن مات سنة خمس وثلاثين وستمائة رحمه الله.
4 (عبد الواحد بن عبد الله بن حيدرة بن المحسن.)
أبو المحاسن السلمي، الدمشقي، الحنبلي. سبط أبي القاسم الحسين بن البن. ولد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. وسمع في كبره من جده. وكان عطاراً بدمشق. روى عنه: يوسف بن خليل، وغيره. وبالإجازة: ابن أبي الخير. وتوفي في ثامن شعر ربيع الآخر، رحمه الله تعالى.
4 (عبد الوهاب بن محمد.)
أبو محمد القيسي، الأندلسي، الأديب، خطيب مالقة.) ورع عالم، متقلل من الدنيا. وله النثر والنظم. توفي في شوال، وقد شاخ. ومن شعره:
(الموت حصاد بلا منجل .......... يسطو على القاطن والمنجلي)

(لا يقبل العذر على حالةٍ .......... ما كان من مشكلٍ أو من جلي)

(42/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 360
وله:
(بإحدى هذه الخيمات جارة .......... ترى قتلي وتعذيبي تجارة)

(وكم ناديتُ: يا سولي ارحمينا .......... فلسنا بالحديث ولا الحجارة)

4 (عفيفة بنت طارق بن سنان.)
أخت المحدث أحمد بن طارق الكركي. سمعت من: سعيد بن البنا، وأبي بكر بن الزاغوني، وجماعة. وحدثت. سمع منها: جعفر بن محمد العباسي ويوسف بن خليل. وتوفيت في المحرم ببغداد رحمها الله تعالى.
4 (علي بن عتيق بن عيسى بن أحمد)
أبو الحسن الأنصاري، الخزرجي، القرطبي. أحد القراء. أخذ القراءات عن: أبي القاسم بن الفرس، وأبي جعفر البطروجي، وأبي العباس ابن زرقون. وحدث عن: أبي محمد الرشاطي، وأبي عبد الله بن أبي إحدى عشرة، وأبي الحسن بن مغيث، وأبي القاسم بن بقي، وأبي بكر بن العربي، وجماعة. وحج، فسمع من أبي طاهر السلفي. ذكره الأبار فقال: شيوخه ينيفون على مائة وخمسين شيخاً. وكان بصيراً بالقراءات والحديث. يا شارك في عالم الطب ونظم الشعر. وصنف في الطب والأصول.

(42/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 361
سمع منه: أبو الحسن بن الفضل الحافظ المقدسي، وشيوخنا أبو عبد الله التجيبي، وأبو الربيع بن سالم، وأبو الحسن بن فيره. وتوفي وله خمسٌ وسبعون سنة.) وقال ابن الزبير: شارك في الكلام، والأصول، والطب. في خطه أوهام، وفيه غفلة مخلة. حدث عنه: أبو الحسن بن القطان، ويعيش بن القديم، وشيخنا أبو الحسن الغافقي لقيه بفاس، وكان آخر من حدث عنه.
4 (علي بن محمد بن غليس، بغين معجمة.)
أبو الحسن اليمني الزاهد، نزيل دمشق. كان عبداً صالحاً، قانتاً لله. جاور مدة بالكلاسة. قال شهاب الدين أبو شامة: له كرامات ظاهرة. حكى عنه شيخنا السخاوي أنه قال: كنت مسافراً مع قافلة، فإذا سبع اعترضنا، فتقدمت إليه وهو مقع على ذنبه، فقلت له كلاماً رأيته في النوم كأني أقوله لسبع، وهو: يا كلب أنت كلبُ الله، وأنا عبد الله، فاخضع واخنع لمن سكن له ما في السموات والأرض وهو السميع العليم. فقلت له هذا الكلام، ثم تقدمت فأدخلت يدي في فمه، وقلبت أسنانه، وشممت من فيه رائحة كريهة، وأدخلت يدي بين أفخاذه، فقلبت خصيته. وله من الكرامات غير ذلك. وكان يقول عن نفسه: ابن غليس ما يسوى فُلّيْس.

(42/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 362
وقال زكي الدين المنذري: توفي ليلة سابع عشر رمضان ودفن بباب الصغير بالقرب من أبي الدرداء. وكان الجمع موفراً ولم يبلغ ستين سنة. وقد سمع بالقدس من أبي محمد القاسم بن عساكر. وكان مشهوراً بالصلاح والخير.
4 (علي بن محمد بن علي بن يعيش.)
أبو الحسن سبط قاضي القضاة أبي الحسن علي بن محمد بن الدامغاني. شيخ متميز نبيل، عالي الإسناد. سمع من: هبة الله بن الحصين، وزاهر بن طاهر، وهبة الله بن الطبر، وغيرهم. وكان مولده في شعبان سنة تسع عشرة. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وابن خليل، والضياء، وابن عبد الدائم، وآخرون. وبالإجازة ابن أبي الخير، والفخر علي. وتوفي في صفر رحمه الله.
4 (علي بن يحيى بن صلايا.)
أبو الحسن العلوي، البغدادي.)

(42/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 363
من بيت مشهور. ولي نظر أعمال دُجيل. وتوفي في شعبان.
4 (عمر بن علي بن بقاء.)
أبو حفص ابن النموذج الحريمي، السقلاطوني. سمع من: ابن الحصين. وولد بعد سنة عشرة وخمسمائة روى عنه: الدبيثي، وابن خليل. وبالإجازة ابن أبي الخير. وتوفي ثاني عشر المحرم.
4 (حرف الفاء)

4 (فرحة بنت قراطاش بن طنطاش الظفري العوني.)
كان أبوها مولى عز الدين بن هبيرة الوزير. وكنيتها أم الحيا. روت عن: إسماعيل بن السمرقندي. روى عنه: ابن خليل، والضياء المقدسي، والنجيب الحراني. وبالإجازة: الفخر بن البخاري، وغيره. وتوفيت في ذي القعدة سنة تسع. قاله ابن النجار. وقال الدبيثي سنة ثمان، فيحرر.
4 (حرف اللام)

4 (لؤلؤ الحاجب العادلي.)

(42/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 364
من كبار الدولة. وله مواقف مشهورة بالسواحل. وكان مقدم الغزاة حين توجهوا إلى العدو الذين قصدوا الحجاز في البحر المالح بعدة مراكب وشوكة، فأحاطوا بهم، واستولوا عليهم بأسرهم. وكان غزوة عظيمة القدر، وقدموا بالأسرى إلى القاهرة، وكان يوماً مشهوداً. توفي لؤلؤ بالقاهرة في صفر. قال الموفق عبد اللطيف: كان شيخاً أرمنياً في الأصل، من أجناد القصر، وخدم مع صلاح الدين مقدماً للأصطول. وكان حيثما توجه فتح وانتصر وغنم. أدركته وقد ترك الخدمة. وكان) يتصدق كل يوم باثني عشر ألف رغيف مع قدور الطعام. وكان يضعف ذلك في رمضان، ويضع ثلاثة مراكب، كل مركب طوله عشرون ذراعاً مملوءة طعاماً، ويدخل الفقراء أفواجاً، وهو مشدود الوسط، قائم بنفسه، وبيده مغرفة، وفي الأخرى جرة سمن، وهو يصلح صفوف الفقراء، ويقرب إليهم الطعام، ويبدأ بالرجال، ثم النساء، ثم بالصبيان. ومع كثرتهم لا يزدحمون لعلمهم أن المعروف يعمهم. فإذا فرغوا بسط سماطاً للأغنياء يعجز الملوك عن مثله. ولما كان صالح الدين على حران توجه فرنج الكرك والشوبك لينبشوا الحجرة النبوية، وينقلوه إليهم، ويأخذوا من المسلمين جعلاً على زيارته، فقام صلاح الدين لذلك وقعد، ولم يمكنه أن يتزحزح من مكانه، فأرسل إلى سيف الدولة ابن منقذ نائبه بمصر أن جهز لؤلؤ الحاجب. فكلمه في ذلك فقال: حسبك، كم عددهم قال: ثلاثمائة وينف كلهم أبطال. فأخذ قيوداً بعددهم، وكان معهم طائفة من مرتدة العرب، ولم يبق بينهم وبين المدينة إلا مسافة يوم، فتداركهم وبذل الأموال، فمالت إليه العرب للذهب، واعتصم الفرنج بجبل عالٍ، فصعد إليهم بنفسه راجلاً في

(42/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 365
تسعة أنفس، فخارت قوى الملاعين بأمر الله تعالى، وقويت نفسه بالله، فسلموا أنفسهم، فصفدهم وقدم بهم القاهرة. وتولى قتلهم الفقهاء، والصالحون، والصوفية.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن خلف.)
أبو عبد الله الأنصاري، المالقي. قال الأبار: أخذ القراءات عن أبي الحسن شريح، وأبي العباس ابن حرب المسيلي، وسمع منهما. وتوفي في شوال بمالقة. وقد نيف على الثمانين.
4 (محمد بن الحسن بن إبراهيم.)
الأنصاري أبو عبد الله الغرناطي. ويعرف بابن بداوة. سمع: أبا بكر بن العرب، وإبراهيم بن منيه الغافقي، وغيرهما. وكان من أبرع الناس خطاً. أخذ عنه: أبو القاسم الملاحي، وغيره.) حدث في أوائل هذه السنة. ولم يؤرخ الأبار له وفاة.
4 (محمد بن عبد الله بن سليمان بن عثمان بن هاجر.)
أبو عبد الله الأنصاري، البلنسي، المقرئ. أخذ القراءات عن: أبي بكر بن نمارة بن محمد وحجمر فسمع من السلفي، وبمكة سمع الصحيح من علي بن عمار الأطرابلسي.

(42/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 366
أخذ عنه: أبو الحسن بن فيره، وأبو الربيع بن سالم، وأبو عبد الله بن أبي البقاء. قال الأبار: كان من أهل الصلاح والفضل والورع، محترفاً بالتجارة. توفي في المحرم.
4 (محمد بن عبد الرحمن.)
أبو عبد الله الزعيني السرقسطي المتكلم. ويلقب بالركن. كان رأساً في الأصول والكلام. يقرئ الإرشاد للجويني، وغيره بالأندلس. أخذ عنه أبو الحسن بن خروف، وأبو سليمان بن حوط الله. كان حياً في هذا العام.
4 (محمد بن العلامة أبي سعد عبد الكريم بن أحمد بن عبد الكريم بن أحمد بن طاهر.)
الوزان، التيمي، الصدر، الفقيه، العلامة، عماد الدين أبو عبد الله الشافعي الرازي، مصنف شرح الوجيز. توفي بالري في ربيع الآخر، ودفن في جوار يوسف بن الحسين الرازي.
4 (محمد بن علي بن الحسين بن محمد بن علي.)

(42/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 367
أبو الحسن بن قاضي العراق أبي القاسم بن نور الهدى أبي طالب الزينبي، الهامشي. سمع من: قاضي المرستان أبي بكر، وأبي بكر محمد بن القاسم الشهرزوري. روى عنه: أبو عبد الله بن النجار وقال: كان شيخاً صالحاً ساكناً خاشعاً صدوقاً. افتقر في آخر عمره فقراً مدقعاً، وكان صابراً راضياً. وكان خلياً من العلم. توفي في الخامس والعشرين من المحرم، وقد نيف على السبعين.
4 (محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي.)
قاضي قضاة الشام محيي الدين، أبو المعالي ابن قاضي القضاة زكي الدين أبي الحسن ابن) قاضي القضاة المنتجب، أبو المعالي ابن قاضي القضاة الزكي أبي الفضل القرشي، الدمشقي، الشافعي.

(42/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 368
ولد سنة خمسين وخمسمائة، وقرأ المذهب على جماعة. وسمع من: والده وعبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، وسعيد بن سهل الفكلي، الصائن هبة اله بن عساكر، وأبي المكارم عبد الواحد بن هلال وجماعة. وهو من بيت القضاء والحشمة والأصالة والعلم. روى عنه: الشهاب القوصي في معجمه، والمجد بن عساكر، وغيرهما. وبالإجازة أحمد بن أبي الخير. وعاش ثمانياً وأربعين سنة. وكان أديباً منشئاً، بليغاً، مُدْرّهاً، فصيحاً، مفوَّهاً. ذكره أبو شامة فقال: كان عالماً صارماً حسن الخط واللفظ. وشهد فتح بيت المقدس، فكان أول من خطب به بخطبة فائقة أنشأها. وكانت بيده أوقاف الجامع الأموي، وغيره. ثم عُزل عنها سنة موته، وتولاها شمس الدين ابن البيني ضماناً، فبقي إلى سنة أربع وستمائة، وعزل. وتولاها الرشيد ابن أخته ضماناً بزيادة ثلاثة آلاف دينار، ثم عُزل في أثناء السنة. وأبطل الضمان، وتولاها المعتمد والي دمشق. قال: وكان محيي الدين قد اضطرب في آخر عمره، وجرت له قضية مع الإسماعيلية بسبب قتل شخص منهم، ولذلك فتح له باباً سراً إلى الجامع من دارهم التي بباب البريد لأجل صلاة الجمعة. قال: وأثنى عليه الشيخ عماد الدين بن الحرستاني وعلى فصاحته وحفظه لما يلقيه من الدروس. قال: وتوفي وله ثمان وأربعون سنة. وكذا ابنه القاضي الطاهر.

(42/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 369
وكان ينهى عن الاشتغال بكتب المنطق والجدل، وقطع كتباً في ذلك في مجلسه. وكان قد تظاهر بترك النيابة في القضاء عن القاضي ابن أبي عصرون، فأرسل إليه السلطان صلاح الدين مجد الدين بن النحاس والد العماد عبد الله الراوي، وأمره أن يضرب على علامته في مجلسه حكمه، ففعل به ذلك، فلزم بيته حياءً، وطلب ابن أبي عصرون من ينوب عنه، فأشاروا عليه بالخطيب ضياء الدين الدولعي، فأرسل إليه خلعة النيابة مع البدر يونس الفارقي،) فرده وشتمه، فأسل إلى جمال الدين بن الحرستاني، فناب عنه. قلت: ثم بعد هذا توفي ابن أبي عصرون، وولي المجبي القضاء، وعظمت رتبته عند صلاح الدين، وسار إلى مصر رسولاً من الملك العادل إلى الملك العزيز يحثه على الجهاد، وعلى قصد الفرنج. وأول ما خطب بالقدس قرأ أول شيء الفاتحة، ثم قرأ فَقُطِعَ دَابِرُ القومِ الذينَ ظَلَمُوا الآية، ثم أول الأنعام، والكهف، وحمدلة النمل، وأول سبأ، وفاطر، ثم قال: الحمد لله مُعِزّ لإسلام بنصره، ومُذله الشرك بقهره، ومصرّف الأمور بأمره، ومُديم النعم بشكره، ومُستدرج الكفار بمكره، قدّر الأيام دولاً بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأفاد على عباده من ظلّه، وأظهر دينه على الدين كله، القاهر للمتقين بفضله، وأفاد على عباده من ظله، وأظهر دينه على الدين كله، القاهر فوق عباده فلا يُمانَع، والظاهر على خليفته فلا يُنازع، والأمر بما شاء فلا يُراجع، والحاكم بما يُريد فلا يُدافع. أحمده على إظفاره وإظهاره وإعزازه لأوليائه، ونصره لأنصاره، وتطهير بيته المقدس من أدناس الشرك وأوضاره، حمد من استشعر الحمد باطن سره وظاهر جهاره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأحد الصمد الذي لم يلد لم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. شهادة من طهر بالتوحيد قلبه، وأرضى به ربه. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله داحض الشرك وداحض

(42/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 370
الإفك، الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وعرج به إلى السموات العلى إلى سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، ما زاغ البصر وما طغى. ثم ترضى عن الصحابة، ثم ذكر الموعظة فأبلغ، مضمونها تعظيم بيت المقدس، وتعظيم الجهاد، والحث عليه، والدعاء لصلاح الدين. وكان له يومئذ ثلاث وثلاثون سنة، واسمه على تثمين قبة النسر بخط كوفي بفص أبيض، وهو ظاهرٌ في الجهة الشرقية، فيه أن ذلك فصص في مباشرته. توفي في سابع شعبان.
4 (محمد بن عمر بن عبد الله.)
أبو بكر الصائغي، المروزي، السنجي. قال أبو العلاء الفرض: هو شيخ صالح. سمع: يوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد، وأبا شجاع عمر البسطامي، وأبا الفتح محمد بن عبد) الرحمن الكشميهني، وعمر بن محمد السرخسي، توفي في المحرم.
4 (محمد بن محمود بن أحمد بن علي ابن الصابوني.)
الصوفي أبو عبد الله. ولد بمكة ونشأ ببغداد، وسمع الكثير من: سعيد بن أحمد بن البناء، وأبي الوقت، وجماعة. وبالثغر من السلفي. روى عنه: أبي يوسف بن خليل، وقال: مات بدمشق في شعبان سنة 598.

(42/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 371
4 (محمد بن أبي بكر بن محمد بن الحسن بن علي.)
أبو عبد الله الربعي الكركنتي، القيرواني، الفقيه، المالكي. توفي وله إحدى وتسعون سنة. وقد حدث عن: أبي الحجاج يوسف بن عبد العزيز الميورقي. توفي في سلخ ذي الحجة بالإسكندرية.
4 (مبادر ابن الأجل أحمد بن عبد الرحمن بن مبادر.)
الأزجي، الكاتب، الشافعي. تفقه وناظر وتكلم في مسائل الخلاف. وحدث عن ابن البطي، وغيره.
4 (محمود بن الحسين بن الحسن بن أحمد.)
أبو الثناء الساوي، الصوفي. لقبه: مخلص الدين وهو والد المسند يوسف الساوي. ولد سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وسمع في الكهولة من السلفي مع ولده.

(42/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 372
وحدث، وكان صالحاً خيراً. توفي بمصر.
4 (محمود بن سليمان بن سعيد.)
البغدادي، ويعرف بابن المحتسب. موصلي أديب، فاضل، شاعر، محسن بديع القول.) مدح صاحب الموصل، وقدم بغداد فسكنها، وولي نظر الأوقاف. وعاش ستاً وستين سنة. وتوفي في ثلاث شعبان بالموصل. ومن شعره:
(أهاب وصف الخمر في إهابها .......... يا حبذا اللؤلؤ من حبابها)

(حيى بها الساقي وقد أقعدهُ .......... سكرٌ فزيد الشكر إذ حبا بها)

(إعن بها يا أيها المغرى بها .......... وأسلف النضار في أعنابها)

(ثوى بها كل سرور عندنا .......... وإثمها أكبر من ثوابها)

4 (محمود بن عبد المنعم بن محمد بن أسد بن علي.)
أبو الهمام التميمي، الدمشقي. ولد سنة عشرة وخمسمائة. وسمع من جمال الإسلام أبي الحسن السلمي معجم ابن جميع. روى عنه: يوسف بن خليل، وإسحاق بن الخضر بن كامل السكري، والحافظ الضياء، والفقيه محمد اليونيني، وموسى بن راجح، وجماعة، والشهاب القوصي وقال: لقبه شرف الدولة. روى عنه إجازة: أحمد بن أبي الخير، وغيره.

(42/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 373
وتوفي في حادي عشر جمادى الأولى.
4 (محمود بن محمد بن قل هو الله خوان)
أبو القاسم الإصبهاني. توفي عن بضع وسبعين سنة.
4 (حرف النون)

4 (نصر الله بن سلامة بن سالم.)
أبو المعالي الهيتي، المقرئ. توفي بالموصل أو بهيت. روى عن: أبي الفتح الكروخي، وأبي الفضل الأرموي، وابن ناصر، وجماعة. روى عنه: الحافظ ضياء الدين، وابن خليل، واليلداني، وسماعهم منه بالموصل. ويعرف بابن حبن، بمهملة وموحدة بالفتح. وهو أخو منصور. وهو من هيت البلد الذي فوق) الأنبار على الفرات. وأما هيت التي من أعمال زرع فنسب إليها جماعة من الرواة. توفي في جمادى الأولى.

(42/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 374
4 (نصر بن محمد بن مقلد.)
الإمام أبو الفتح القضاعي، الشيزري، الفقيه الشافعي، الملقب بالمرتضى. من علماء الديار المصرية. تفقه على: أبي حامد محمد بن محمد البروي، وأبي سعد عبد الله بن أبي عصرون. وسمع بدمشق من الحافظ ابن عساكر. وسكان مصر ودرس بالقرافة. بمدرسة الشافعي. وحدث.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن الحسن بن أبي سعد الظفر بن الحسن بن المظفر.)
أبو القاسم الهمذاني الأصل، البغدادي، المراتبي، المعروف بالسبط، سبط ابن لال. ولد في حدود سنة عشر وخمسمائة. سمع من أبيه أبي علي، وأبي نصر أحمد بن عبد الله بن رضوان، وأبي العز أحمد بن كادش، وأبي القاسم بن الحصين، وأبي غالب بن البنا، وأبي

(42/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 375
بكر محمد بن الحسين المزرفي، وأبي الحسين بن الفراء، وأبي الحسن بن الفراء، وعلي بن عبد القاهر بن آسة الفرضي، وبعد الله بن محمد بن شاتيل، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وجماعة. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي وقال: كان صحيح السماع، فيه تسامح في الأمور الدينية، وأبو موسى بن عبد الغني، وابن خليل، والضياء، واليلداني، والنجيب، وابن عبد الدائم، وآخرون. وبالإجازة: ابن أبي الخير، والفخر بن البخاري. وتوفي في العشرين من المحرم. وقيل إنه ولد في رجب سنة ثلاثة عشرة. قال ابن نقطة: كان غير مرضي السيرة في دينه. وقال ابن النجار: كان فهماً، ذكياً، حفظة للشعر والنوادر، ظريفاً، برع في علم السكاكين، وعمل الشطرنج عاج وأبنوس، وزنة حبتين وأرزة كل مثل الخردل، وأشكاله مفسرة. ثم كبر) وعجز، وساءت أخلاقه، وصار وسخاً، وقذراً لا يتقي النجاسة. ولم يكن في دينه بذاك. وكان يسب أباه كيف أسمعه وكان مع فقره و عسارته لا يطلب شيئاً على الرواية.
4 (هبة الله، ويسمى أيضاً سيد الأهل، بن علي بن مسعود بن ثابت بن هاشم بن غالب.)
أمين الدين، أبو القاسم الأنصاري، الخزرجي، المنستيري الأصل.

(42/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 376
البوصيري، ثم المصري المولد والدار، الأديب، الكاتب. ولد سنة ست وخمسمائة، وعاش اثنتين وتسعين سنة. وكان مسند ديار مصر في وقته. سمع مع السلفي، وبقراءته من: أبي صادق المديني، وأبي عبد الله محمد بن بركات السعيدي، وأبي الحسن علي بن الحسين الفراء، وسلطان بن إبراهيم، والخفرة بنت مبشر بن فاتك، وغيرهم. وانفرد بالسماع منهم. وأجاز له أبو الحسن الفراء، وابن الخطاب الرازي وقد سمع منهما. وسمع من: أبي طاهر السلفي. وحدث بمصر والإسكندرية، ورحل إليه المحدثون، وقصد من البلاد. روى عنه: ابن المفضل المقدسي، وابن خليل. والضياء، وأبو الحسن السخاوي، الرشيد أبو الحسين العطار، والرضى عبد الرحمن بن محمد المقرئ، وأبو سلمان الحافظ، والشرف عبد الله بن أبي عمر، والزين أحمد بن عبد الملك، ومحمد بن البهاء، وخطيب مردا، وأحمد بن زين الدين، وأبو بكر بن مكرم، ومحمد بن عبد العزيز الإدريسي، وسليمان الأسعردي، وأبو عمر بن الحاجب، الملك المحسن أحمد بن صالح الدين، وإسماعيل بن عبد القوي بن عزون، وأبوه، وإسماعيل بن صارم، وعبد الله بن حلاق، وعبد الغني بن بنين، وخلق كثير. وأجاز لأحمد بن أبي الخير. وقد قرأت بخط أحمد بن الجوهري الحافظ أنه قرأ بخط حسن بن عبد الباقي الصقلي أنه سأل القاسم البوصيري الإجازة لجميع المسلمين ممن أدرك حياته فتلفظ بالإجازة. قتل: وتوفي في ثاني ليلة من صفر. وقال الضياء المقدسي: كان شيخنا البوصيري ثقيل السمع، فكنتُ إذا

(42/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 377
قرأت عليه أرفع صوتي، وكان يسمع بأذنه اليسرى أجود. وكان شرس الأخلاق. وشاهدته يوماً وشيخنا الحافظ عبد الغني يقرأ عليه من البخاري فجاء في الحديث: لا إله إلا الله) وحده لا شريك له له الملك وله الحمد... الحديث. فقال أبو القاسم: ليس فيه ويحيى ويميت. فعلم أنه يسمع ولله الحمد.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن عبد الرحمن بن عسى بن عبد الرحمن.)
أبو العباس القرطبي، المعروف بابن الحاج المجريطي. ذكره الأبار فقال: أخذ القراءات عن: أبيه، وعن: أبي زيد الخزرجي. وسمع من: أبي مروان بن مسرة، وأبي جعفر البطروجي، وأبي بكر ابن العرب. وأخذ العربية عن أبي بكر بن سمحون. وأجاز له الشيخ أبو عبد الله ابن معمر، وغيره. وولي قضاء جيان، ومرسية وغرناطة. ثم قدم بعد أبي الوليد بن رشد لقضاء قرطبة. وكان مودوداً في رجالها، وذوي النباهة مع الجزالة والعدالة والإيثار للحق والصدع به. أقرأ القرآن وأسمع الحديث. وروى عنه جماعة من شيوخنا. وتوفي في جمادى الآخرة. وكان مولده في سنة تسع عشرة وخمسمائة.

(42/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 378
وفيها ولد: البدر أحمد بن شيبان بن تغلب في آخر ربيع الآخر. وشمس الدين محمد بن داود بن إلياس التغلبي، وعماد الدين داود بن يحيى القرشي والد الفنجاري، والشهاب عبد الرحيم بن يوسف ابن خطيب المزة، في ذي القعدة، والشيخ عبد البصير بن علي المريوطي، والرشيد عمر بن إسماعيل الفارقي، وإلياس بن علوان الملقن.

(42/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 379
4 (وفيات سنة تسع تسعين وخمسمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد العزيز.)
) أبو العباس الحربي، الخردلي. حدث عن: عبد الله بن أحمد بن يوسف، وغيره. توفي في ذي الحجة.
4 (أحمد بن قاضي القضاة أبي طالب علي بن علي بن البخاري.)
أقضى القضاة أبو الفضل. ناب عن والده في القضاء بالحريم، وولي بعد ذلك قضاء العراق سنة أربع وتسعين، وعزل بعد سنة بأبي الفضائل القاسم بن يحيى الشهرزوري، توفي في ذي الحجة، ولا أعلم له رواية.
4 (أحمد بن علي بن هلال بن عبد الملك.)

(42/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 380
أبو الفتوح البغدادي، القارئ المعروف بالمعمم. روى بالإجازة عن: أبي العز بن كادش، وأبي القاسم بن الحُصين. سمع منه: أبو عبد الله الدبيثي، وغيره. وتوفي رحمه الله في صفر.
4 (أحمد بن يحيى بن أحمد بن عميرة.)
أبو العباس الضبي الأندلسي. أخذ عن: أبي عبد الله بن حميد. وحج فأخذ عن: أبي الطاهر بن عوف المالكي، وإسماعيل بن قاسم الزيات. ونسخ بخطه ما لا ينحصر. وحدث. وعاش بضعاً وأربعين سنة. سقط عليه حائط بمرسية فاستشهد في ربيع الآخر.
4 (أحمد بن يحيى بن إبراهيم بن سعود.)

(42/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 381
أبو العباس العبدري القرطبي. سمع من: أبي جعفر البطروجي، وأبي عبد الله بن أبي الخصال. وكان كاتباً، بليغاً، مفوهاً، ظريفاً، حلو النادرة، قوي العارضة، بارع الكتابة بمرة. له النظم والنثر. كتب لبعض ملوك الأندلس. قال الأبار: بلغني أن كتبه أبيعت بستة آلاف دينار. وتوفي بمراكش وورخه. قلت: لعله عاش ثمانين سنة.)
4 (أحمد بن يوسف بن الحسين.)
أبو العباس بن القرميسيني، البغدادي. ولد في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. وسمع: أبا الفضل الأرموي، وأبا الكرم الشهرزوري المقرئ، وجماعة. وأكثر التطواف في الأرض للتجارة حتى دخل الهند، والترك، واليمن، ورأى العجائب. وسمع بنيسابور من: هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيري. ومات بالموصل في جمادى الأولى. روى عنه: الدبيثي.
4 (أحمد بن أبي النجم بن نبهان بن محمد.)

(42/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 382
الشيخ المعمّر أبو سالم الأبهري، الزنجاني، القاضي. وهو أحمد بن سالم المذكور سنة. وما أحسبه بقي إلى هذا الوقت. أجاز له الشيخ أبو بكر أحمد بن محمد الزنجري شيخ السلفي في الأربعين البلدية في سنة إحدى وخمسمائة وهو آخر محمد روى عنه في الدنيا. حدث ببغداد، ومكة. قال الحافظ المنذري: حدثنا عنه. وتوفي في هذه السنة.
4 (إبراهيم بن محمد بن أحمد بن الصقال.)
الفقيه أبو إسحاق الطيبي، ثم البغدادي، الحنبلي، المعدل. ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة. وتفقه على: القاضي أبي يعلى الصغير محمد بن محمد، وأبي حكيم بن دينار النهرواني. وسمع من: أبي العباس بن الطلاية، وابن ناصر، وسعيد بن البنا، وجماعة. وكان ثقة ثبتاً صالحاً، إماماً في الفرائض والحساب. روى عنه: الدبيثي، والضياء محمد، وابن النجار، وغيرهم. وتوفي في أول ذي الحجة، وشيعه خلق، وحمل على الرؤوس رحمه الله.
4 (إسماعيل بن محمد بن حسان بن جواد بن علي بن خزرج.)

(42/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 383
القاضي الجليل، أبو الطاهر بن القاضي أبي عبد الله الأنصاري، الفقيه المصري، الشافعي.) رحل إلى بغداد وتفقه على الإمام أبي القاسم يحيى بن فضلان. وسمع الحديث. وحدث عن منوجهر شياً قليلاً. توفي بمصر في رمضان.
4 (إسماعيل بن محمد بن محمد بن يوسف.)
أبو الفتح المروزي، الفاشاني. سمع: أبا سعد بن السمعاني الحافظ. وببغداد: أبا الفتح بن عبد السلام. وحدث بمرو. وفاشان، بالفاء، من قرى بغداد. وأما باشان القرية التي من هراة فيقال لها فاشان أيضاً منها أبو عبيدة صاحب الغريبين، وغيره. وأما قاشان، بالقاف، فبلد مشهور بقرب قم. وأما قاسان، بالقاف وسين مهملة، فبلد كبير بما وراء النهر، وأهله يعقدون القاف فيقولون كاسان. وقاشان أيضاً بليدة بخُراسان، وناحية من أعمال إصبهان.
4 (إسماعيل بن مظفر بن علي بن محمد بن زيد بن ثابت.)

(42/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 384
أبو محمد الكرخي، الشروطي، المعروف بابن المنجم. ولد سنة اثنتين وثلاثين، وسمع: محمد بن محمد السلال، المبارك بن علي السمذي، والأرموي، وجماعة. وتوفي في ربيع الآخر. روى عنه: الدبيثي. وأجاز للفخر علي.
4 (حرف الباء)

4 (بركات بن أبي غالب بن نزال بن همام.)
) أبو محمد البغدادي، السقلاطوني. سمع: أبا الحسن بن الزاغوني، والقاضي أبا بكر، وإسماعيل ابن السمرقندي. ويسمى أيضاً بعبد الله. روى عنه: الدبيثي، وقال: توفي في ربيع الأول.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن إبراهيم بن منصور بن الحسين بن قحطبة.)
أبو علي الفرغاني الأصل، البغدادي، الصوفي، المعروف بابن الشنانة. ولد سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وسمع من: هبة الله بن الحصين، والحسن بن أحمد بن جكينا.

(42/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 385
شيخ صوفي ظريف، حسن المذاكرة. صحب الصوفية برباط الزوزني. قال الدبيثي: لا بأس به. توفي في ثامن عشر صفر. روى عنه: هو والضياء، وابن خليل، والنجيب عبد اللطيف، والتقي اليلداني، وآخر من روى عنه بالإجازة الفخر علي.
4 (الحسن بن علي بن الحسن.)
أبو محمد العبدي البصري، الأديب، المنشئ. قدم بغداد، وسمع من أبي ناصر، وعاد إلى بلده. وسمع من غير ابن ناصر.
4 (حرف الدال)

4 (داود بن يوسف بن إبراهيم.)
أبو السعادات الحربي، المؤدب. سمع: ابن الطلاية، وسعيد بن البنا. وحدث. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (حرف الزاي)

4 (زمرد خاتون.)
)

(42/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 386
التركية الجهة المعظمة، أم أمير المؤمنين الناصر لدين الله. عاشت في خلافة ابنها أربعاً وعشرين سنة. وحجت، ووقفت المدارس والربط والجوامع. ولها وقوفٌ كثيرة في القُرُبات. وقد أنفقت في حجتها نحواً من ثلاثمائة ألف دينار. وحزن عليها الخليفة ومشى أمام تابوتها، وحُمِلت إلى تُربة معروف الكرخي، وشيعها الأكابر. وكاد الوزير أن يهلك من المشي، وقعد يستريح مرّات، عُمِل عزاؤها شهراً وأنشدت المراثي. وأمر الخليفة بتفريق ما خلَفته من ذهب وجوهر وثياب. وتوفيت في ربيع الآخر. قال لنا ابن البزوري في تاريخه: عظم على الخليفة مصابها، وتجرع لفقدها مر الأحزان وأصابها. وتقدم إلى الوزير وأرباب الدولة، الكل والمدرسين بالحضور إلى باطن دار الخلافة للصلاة عليها، فلبسوا ثياب العزاء، ورفعت الغرز والطرحات والبسملة من بين يدي الأمراء. وخرج الوزير نصير الدين بن مهدي ماشياً من داره إلى دار الخلافة. وصلى عليها ولدها، ثم أم بالجماعة الوزير، وأنزلت في الشبارة، ونزل الناس في السفن قياماً، ولم يزل الوزير وأرباب المناصب يترددون إلى التربة شهراً كاملاً بثياب العزاء. ولا ضرب طبل، ولا شهر سيف، ولا نودي ببسم الله. قال: ودام لبس ثياب العزاء سنة كاملة. قتل: وهذا أمرٌ لم يُعمل مثله بأحدٍ بل ولا بخليفة.
4 (حرف الشين)
شعيب بن عامر.

(42/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 387
أبو محمد القيسي، الإشبيلي، المؤدب. أخذ القراءات عن جده لأمة شعيب بن عيسى الأشجعي. وأخذها جده عن خلف بن شعيب صاحب مكي. وكان جده من كبار الأئمة فأخذ عنه، طال عمره. أجاز لابن الطيلسان في ذي الحجة سنة بإشبيلية.
4 (شبث بن إبراهيم بن محمد.)
) الأديب أبو الحسن ضياء الدين المصري، القنوي. ولد بقنا، من عمل قوص سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. روى عنه الشهاب القوصي من شعره جملة وقال: هو إمام في العربية في عصره، وفريد دهره. ثم ورخ موته في العام.

(42/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 388
4 (حرف الطاء)

4 (طفيل بن محمد بن عبد الرحمن بن الطفيل.)
أبو نصر العبدي، الإشبيلي، المقرئ المعروف بابن عظيمة. أخذ القراءات عن أبيه أبي الحسن، وأبي الحسن شريح. وأدب بالقرآن. وكان مجوداً، ضابطاً، عارفاً. وطال عمره وأخذ عنه الآباء والأبناء. روى عنه: أبو علي الشلوبيني. وأجاز له ولابن الطيلسان في هذه السنة في رمضان. ولم يؤرخ الأبار له وفاة
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن الحسن بن زيد بن الحسن.)

(42/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 389
أبو محمد الكندي، أخو التاج الكندي. تاجر متميز سمح جواد. ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وسمع: ابن ناصر، وسعيد بن البنا، وعبد الملك بن علي الهمذاني. وأجاز له أبو القاسم هبة الله بن الطبر، وجماعة. وحدث بدمشق. روى عنه: الحافظ الضياء، وغيره. وتوفي بدمشق في ذي القعدة. وهو والد أمين الدّين أحمد الذي ورث تاج الدين وبقي إلى قريب الأربعين وستمائة. وأجاز للعماد بن البالسي.
4 (عبد الله بن دهبل بن علي بن منصور ابن كاره.)
أبو محمد الحريمي، الدقاق، وقيل: اسمه صالح. سمع: قاضي المرستان أبا بكر، وأبا غالب بن البنا، وأبا القاسم بن السمرقندي.) روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، والضياء، وابن عبد الدائم، والنجيب الصيقلي، وآخرون. وبالإجازة: ابن أبي الخير، والقطب ابن عصرون، الشيخ شمس الدين عبد الرحمن الحنبلي، وجماعة آخرهم موتاً مسند الدنيا الفخر علي. توفي في عاشر رمضان.

(42/389)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 390
4 (عبد الله بن أحمد بن محمد بن علي.)
الأستاذ أبو محمد ابن علوش الأندلسي، الإشبيلي نزيل مراكش. أخذ القراءات عن: أبي الحسن شريح. وسمع من: جده محمد بن علي، وأبي بكر بن العربي. وأدب ولد صاحب المغرب المنصور أبو يوسف يعقوب بن يوسف بمراكش. وكان محققاً مهيباً، مشدداً على التلميذ، مجوداً، عارفاً بالقراءات، مشاركاً في العربية. توفي بعد سنة تسع وتسعين. قاله الأبار.
4 (عبد الله بن محمد بن عيسى.)
أبو محمد التادلي، الفاسي، الحاكم. قال الأبار: روى عن: أبي بحر الأسدي، وأبي محمد بن عتاب. كتب إليه وولاه الخليفة أبو يعقوب قضاء مدينة فاس في سنة تسع وسبعين. ودخل أيضاً إلى الأندلس في المدة اللمتونية، وأدرك أبا بكر بن العربي. وسمع من القاضي عياض، وغيره ولم يحدث إلا عن ابن عتاب، وأبي بحر. وكان فقيهاً متففناً، جليل القدر، له رسائل وأشعار، مع شجاعة وصراحة. وكان أبوه أحد الفقهاء المشاورين بفاس. ثم قال: روى عنه: أبو عبد الله الحضرمي، وأبو محمد بن حوط الله وأبو الربيع ابن سالم.

(42/390)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 391
وقال لي أبو الربيع هو آخر من حدث عن المذكورين. كذا قال. وقد تقدم أن عبد الله بن طلحة بن أحمد آخر من حدث عنهما. قلت: بل هذا آخر من حدث عنهما. قال ابن فرتون، كما نقل الأبار عنه قال: توفي قرب الستمائة وقد اختل ذهنه من الكبر. قال الأبار: وقد حدث عن أبي بحر الأسدي شيخنا أبو بكر بن أبي جمرة، وتأخر عن الاثنين.) قلت: يعين حدث عنهما بالإجازة، وكثيراً ما يقول الأبار وغيره من المغاربة: حدث فلان، عن فلان، وإنما يكون ذلك بالإجازة، وفي هذا تدليس وتعمية للسماع من الإجازة. وحدث عن صاحب الترجمة أبو الحسن الشاري وقال: توفي بمكناسة مغرباً عن وطنه سنة سبع وتسعين. قلت: إنما ذكرته هنا على التقريب لقول ابن فرتون توفي قرب الستمائة.
4 (عبد الله بن محمد بن عبد القاهر بن عليان.)
أبو محمد الحربي. سمع: هبة الله بن الحُصين، وأبا الحسين بن الفراء، وأبا بكر الأنصاري، وأبا القاسم بن السمرقندي. وكان يسمى أيضاً بعبد الغني، ويكنى أيضاً بأبي الغنائم. قال الدبيثي: مرض وأصابه في آخر عمره نوع من السوداء، وجئناه لنسمع منه فأبى، وكان قد تغير.

(42/391)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 392
قلت: روى عنه ابن خليل، والنجيب عبد اللطيف، والحافظ الضياء. وأجاز لابن أبي الخير. وتوفي في ثاني عشر ربيع الأول.
4 (عبد الرحمن بن عبد الله بن موسى بن سليمان.)
أبو بكر بن برطلة الأزدي، المرس، سبط الحافظ أبي علي بن سكرة الصدفي. قرأ القراءات على أبي علي بن عريب، وسمع منه. ومن: أبي بكر بن أبي ليلى، وجماعة. وتفقه بأبي عبد الله بن عبد الرحيم، وبأبي محمد بن عاشر. وسمع من أبي الحسن ابن النعمة ببلنسية. وولي قضاء دانية مدة، وحُمدت سيرته. وولي خطابة مرسية دهراً. ذكره أبو عبد الله الأبار وقال: كان حافظاً للحديث، متقناً، ذا حظ من العربية، مدرساً للفقه. قال لي ابنه أو محمد إنه عرض المدونة على أبي عبد الله بن عبد الرحيم، وبعض الغنية. وعرض كتاب البرادغي، على ابن عاشر. وحدث.) توفي في ربيع الأول كهلاً أو في أول الشيخوخة. عبد الرحمن بن مكي بن حمزة بن موقى بن علي. أبو القاسم الأنصاري، السعدي، الإسكندراني، المالكي التاجر. ويعرف بابن علاس.

(42/392)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 393
ولد سنة خمس وخمسمائة. وسمع من: أبي عبد الله الرازي وله منه إجازة أيضاً. وهو آخر من حدث عنه. روى عنه: الحافظ علي بن المفضل، والزين محمد بن أحمد ابن النخوي، وأبو الفتح محمد بن الحسن بن إسماعيل اللخمي، ومنصور وأحمد ابنا عبد الله ابن النحاس، وجعفر بن تمام، وعبد الله وحسين ابنا أحمد بن حديد الكناني، الحسن بن عثمان المحتسب، وهبة الله بن زوين، والفقيه، وعثمان بن هبة بن عوف الزهري الإسكندرانيون، وخلق سواهم. وآخرهم موتاً عثمان، وبقي إلى سنة أربع وسبعين. قال الحافظ المنذري: لم يزل صحيح السمع والبصر والجسد إلى أن مات. وتصدق بألف دينار تخرج من ثلثه بعد موته. وتوفي في سلخ ربيع الآخر، رحمه الله. عبد الرحيم بن أبي البركات المبارك بن كرم بن غالب. أبو الفرج البندنيجي، ثم البغدادي، الخازن. سمع: أبا سعد أحمد بن محمد البغدادي، وأبا الفضل الأرموي، وابن الطلاية، وحدث. ومات في المحرم. عبد الرحيم بن عبد العزيز بن أبي البقاء هبة الله بن القاسم بن البندار.

(42/393)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 394
الحريمي. سمع من: أبي الوقت، وأبي جعفر محمد بن محمد الطائي. وحدَّث. عبد الوهاب بن يوسف بن عي. أبو محمد الدمشقي، الحنفي، بدر الدين. قرأ المذهب على الفقيه عالي بن إبراهيم الغزنوي. وسمع من: ابن صدقة الحراني.) ودرس بمدرسة السيوفيين بالقاهرة، وناب في القضاء، وأفتى. وله شعر وفضائل. توفي في صفر بالقاهرة.
4 (عبيد الله بن علي بن نصر بن حمرة.)
أبو بكر ابن المارستانية. قال ابن نقطة: حدثني علي بن أحمد أن ابن المارستانية استعار منه مغازي الواقدي فردها، وقد طبق عليها السماع على كل جزء ولم يسمعها. وكان شيخاً ابن الأخضر ينهى أن يسمع على أحد بنقله أو بخطه، أو بخط أبي بكر بن سوار.

(42/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 395
وسمعت نصر بن عبد الرزاق الجيلي يقول: اجتاز ابن المارستانية على باب مسجد عبد الحق بن يوسف ونحن نسمع. فملا رآه نهض إليه، وأخذ عكازه، وجعل يضربه ويقول: ويلك تستعير مني أجزاء ثم تردها، وقد سمعت عليها، تستغفلني أنت منى قرأتها علي وشتمه حتى قام رجل خلصه منه. وحدثني علي بن عبد العزيز ابن الأخضر: سمعتُ أبي يقول: قام أبو الحسين بن يوسف عندنا بجامع القصر فقال: اشهدوا علي أن ابن المارستانية كذاب. قلت: ابن المارستانية بغدادي طالب حديث. ذكره الدبيثي فقال: طلب الحديث، وجمع وادعى الحفظ والنقل عمن لم يدركه، فكذبه الناس. وانتسب إلى أبي بكر الصديق رض الله عنه دعوى منه. وكان أبواه يخدمان المارستان، وكان ذا جرأة وقحة، ويتعانى الفلسفة والطب. سمع من: شهدة، وطبقتها. وادعى أنه سمع من أبي الفضل الأرموي، وسود تاريخاً لبغداد. وتوفي في ذي الحجة بطريق تفليس، وكان ذاهباً إليها رسولاً من الخليفة. وكان يعرف الطب والنجوم.
4 (عبيد الله بن أبي المعمر بن المبارك.)
أبو الفرج البغدادي، الناسخ، الفقيه، الشافعي، المعروف بالمستملي. حدث عن: أبي الوقت السجزي.)

(42/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 396
4 (عثمان بن عيسى بن هيجون.)
أبو الفتح البليطي، الأديب، النحوي. له مجاميع في الأدب، وشعر. قد تصدر بالجامع العتيق بمصر وأفاد. وحدث عن: محمد بن أسعد بن الحكيم العراقي. وقد أقام عثمان البلطي بدمشق مدة يتردد إلى الزبداني للتعليم، فلما فتحت مصر انتقل إليها، ورتب له صالح الدين جامكية على جامع مصر. وكان ضخماً هائلاً، أحمر اللون، يتطيلس من غير تحنيك، ويلبس الثياب الكثيرة في الحر، ويختفي في بيته في الشتاء، حتى كان يقال له: أنتَ في الشتاء من حشرات الأرض. وكان إذا دخل الحمام دخل بالمزدوجة على رأسه، وأتى الحوض، وكشف رأسه بيده، وأقلب الماء بيده الأخرى. ثم يبادر، ويغطي رأسه إلى أن يملأ الطاسة، ثم يكشفه ويصب ويُغطيه. يفعل ذلك مراراً. ويقول: أخاف الهواء. وكان متمكناً من فنون العربية يخلط المذهبين في النحو، ويحُسن القيام بأصولهما وفروعهما. وكان خليعاً ما جناً. مدمن الخمر، منهمكاً في اللذات. وله في القاضي الفاضل:
(لله عبدٌ رحيمٌ .......... يُدعى بعبد الرحيم)

(42/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 397
(على صِراطٍ سَويّ .......... من الهدى مستقيمِ)
وقال العماد الكاتب: أنشدني البلطيّ لنفسه:
(حكّمته ظالماً في مُهجتي فسَطا .......... وكان ذلك جَهْلاً شُتُه بخَطا)

(هلا تجنّبتُه والظلم شِيمته .......... ولا أُسام به خَسْفاً ولا شَطَطا)

(ومن أضلُّ هدىً ممّن رأى لَهَباً .......... فخاض فيه وألقى نفسه وسَطا)
وله:
(دعوه على ضَعفي يجوز ويشتطّ .......... نفما في الهوى قبضٌ لديَّ ولا بَسْطُ)

(ولا تعتِبوه فالعِتاب يَزيده .......... مَلاكاً وأنّى لي اصطبارٌ إذا يَسطو)

(فما الوعْظ فيه والعِتاب بنافع .......... نوإن يَشرِطِ الإنسان لا ينفع الشَّرْطُ)

(تنازعَتِ الآرامُ والدّرُّ والمها .......... لها شَبَهاً والبدر والغُصْن والسَّقْطُ)
)
(فللريم منه اللحظ واللون والطلي .......... وللدر منه اللفظ والثغر والخط)

(وللغصن منه اقدر والبدر وجهه .......... وعينُ المها عينٌ بها أبدأ يسطو)

(وللسقط منهُ ردفهُ فإذا مشى .......... بدا خلفهُ كالموج يعلُو وينحط)
وله القصيدة التي يحسنُ في قوافيها الرفعُ والنصبُ الجرّ. وله موشح في القاضي الفاضل، له كتابان في العروض، وله العظات الموقظات، وله كتاب

(42/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 398
أخبار المتنبي، وكتاب في أخبار الأجواد، وكتاب التصحيف والتحريف، وغير ذلك. والله يسامحه. وعاش خمساً وأربعين سنة. وبلط بلد. ويقال بليطي، وبلطي. أخذ النحو عن: ملك النحاة أبي نزار، وسعيد بن الدهان. وبقي في بيته ثلاثة أياماً ميتاً لا يُدرى به.
4 (علي بن أحمد بن سعيد.)
الكوفي المالكي. دخل الأندلس أو وُلد بها. وسمع منه: ابن بشكوال، ومحمد بن سعيد بن زرقون. وقد الثغر فسمع من السلفي. وبدمشق من أبي القاسم بن عساكر. وبمكة، وبغداد. وحدث وخرج الفوائد. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (علي بن إبراهيم بن نجا بن غنائم.)

(42/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 399
زين الدين أبو الحسن الأنصاري الدمشق، الحنبلي، الواعظ المعروف بابن نجية، نزيل مصر بالشارع. ولد بدمشق سنة ثمان وخمسمائة. وسمع من: علي بن أحمد بن قبيس الملاكي. وسمع ببغداد من: سعد الخير بن محمد الأندلسي، وصاهره على ابنته فاطمة. وسمع أيضاً من: عبد الصبور بن عبد السلام الهروي، سمع منه جامع الترمذي.) وسمع من: أبي الفرج عبد الخالق اليوسفي في سنة أربعين وخمسمائة. وحدث ببغداد، ودمشق ومصر والإسكندرية. وكتب عنه أبو طاهر السلفي مع تقدمه وجلالته شياً حكاه في معجم شيوخ بغداد. ووعظ بجامع القرافة مدة طويلة. وكان صدراً محتشماً، نبيلاً، ذا جاه ورئاسة، ودنيا واسعة، وتقدم عند الدولة. وهو سبط الشيخ أبي الفرج عبد الواحد بن محمد الشيرازي، الحنبلي. وقد سار في الرسلية من جهة السلطان نور الدين إلى الديوان العزيز في سنة أربع وستين وخمسمائة. روى عنه: ابن خليل، والحافظ الضياء، ومحمد بن البهاء.

(42/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 400
وعبد الرحمن، وأبو سليمان ابن الحافظ عبد الغني، وأبوه، والزكي عبد العظيم بن بنين، وجماعة. روى عنه بالإجازة: أحمد بن أبي الخير. قال الغمام أبو شامة: كان كبير القدر، معظماً عند صلاح الدين، وهو الذي نم على الفقيه عمارة اليمني وأصحابه بما كانوا عزموا عليه من قلب الدولة، فشنقهم صلاح الدين. وكان صالح الدين يكاتبه ويحضره مجلسه. وكذلك ولده الملك العزيز من بعده. وكان واعظاً مفسراً. سكن مصر. وكان له جاهٌ عظيم، وحُرمة زائدة. وكان يجري بينه وبين الشهاب الطوسي عجائب لأنه كان حنبلياً، وكان الشهاب أشعرياً، وكلاهما واعظ. جلس ابن نجية يوماً في جامع القرافة، فوقع عليه وعلى جماعة سقف، فعلم الطوسي فضلاً ذكر فيه: فخر عليهم السقف من فوقهم. وجاء يوماً كلبٌ يشق الصفوف في مجلس ابن نجية، فقال هذا: من هناك. وأشار إلى جهة الطوسي. قال أبو المظفر بن الجوزي: واقتنى ابن نجية أموالاً عظيمة، وتنعم تنعماً زائداً، بحيث أنه كان في داره عشرون جارية للفراش تساوي كل واحدة ألف دينار وأكثر. وكان يعمل له من الأطعمة ما لا يعمل للملوك. وأعطاه الخلفاء والملوك أموالاً عظيمة، ومع هذا مات فقيراً. كفنه بعض أصحابه. قال المنذري: مات في سابع رمضان.)

(42/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 401
4 (علي بن الحسن بن إسماعيل بن الحسن.)
أبو الحسن العبدي، البصري، ابن المعلمة. ولد بالبصرة سنة أربع وعشرين وخمسمائة. وسمع من: جابر بن محمد الأنصاري، وطلحة بن علي المالكي، وإبراهيم بن عطية الشافعي. وببغداد من: ابن ناصر، وأبي بكر بن الزاغوني، وأبي الكرم الشهرزوري، وجماعة. وقرأ الأدب بالبصرة على جماعة. واشتغل وحدث وصنف وقال الشعر والترسل. وثقه الدبيثي وروى عنه، وأثنى عليه، قال: لقيته بواسط. وتوفي في شعبان.
4 (علي بن حمزة بن علي بن طلحة بن علي.)

(42/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 402
الشيخ الأجل أبو صالح ابن الأجل الصالح أبي الفتوح، الرازي الأصل، البغدادي، الكاتب، نزيل مصر. من بيت سؤدد وتقدم. ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحُصين. وولي حجابة الباب النوبي. وحدث ببغداد، والشام، ومصر. وكان أنيق الكتابة. سمع منه: أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، ومات قبله بدهر. وحدث عنه: ابن خليل، والضياء، وخطيب مردا، وجماعة. وتوفي في غرة شعبان. ولي أبوه وكالة المسترشد بالله.
4 (علي بن خلف بن معزوز بن علي.)
الإمام أبو الحسن الكوفي، المحمودي، التلمساني، المالكي. نزيل منية بني خصيب. فقيه عارف بالمذهب، خبير بالأصول والنظر، ذو زهد وورع. وكان يحضر عن صاحب المغرب، وله منه جانب، فآخر الآخرة وفارقه، وقدم

(42/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 403
مصر، واشتغل بالثغر على أبي طالب ابن نبت معافى. وحج ودخل بغداد فسمع من: يحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النفور، وأبي علي الرحبي، ومحمد بن محمد بن السكن، وأبي المكارم المبارك بن محمد البادرائي، وطائفة.) وكتب الكثير، وحصل الأصول. قال المنذري: توفي في الرابع والعشرين من رجب. وحدث عنه جماعة من شيوخنا ورفقائنا. ودرس بمنية بني خصيب واشغل. وبنو محمود من كومية قبيلة من البربر. روى عنه: عبد الجليل الطحاوي، والشهاب القوصي وقال: هو مدرس النجمية اللمطية بمنية بني خصيب. كان شيخاً إماماً، كثير العبادة، رحل إلى العراق في طلب الحديث، وأفتى ودرس. سمعتُ منه ياقوتة أبي عمرو الزاهد، وعدة أجزاء. أنشدني أحمد بن إسحاق القرافي: أنشدنا عبد الجليل بن محمد الطحاوي، المالكي سنة خمس وثلاثين وستمائة: أنشدنا أبو الحسن علي بن خلف، عن عبد الله بن محمد الأشيري، عن ابن مفوز لنفسه:
(تروي الأحاديث عن كل مسامحةً .......... وإنما لمعانيها مُعانيها)

4 (علي بن الإمام المدرس أبي البركات هبة الله بن عبد المحسن.)
الأنصاري، أبو الحسن المصري، المالكي. ولي التدريس بعد والده بمدرسة المالكية المجاورة للجامع العتيق بمصر.

(42/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 404
وحدث عن: عبد الغني بن أبي الطيب بشيء يسير.
4 (عيسى بن حماد بن عبد الرحمن بن عمرو.)
أبو موسى القيسي، الصقلي الأصل، الدمشق. ولد سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وقدم الشام وله ثلاثون سنة. حدث عن: أبي العشائر محمد بن خليل بن فارس القيسي. وأجاز لأحمد بن أبي الخير. وحدث عنه: الشهاب القوصي، وغيره. توفي في ربيع الأول بدمشق عن بضع وثمانين سنة.
4 (حرف الغين)

4 (غياث الدين.)
السلطان أبو الفتح محمد بن سالم بن الحسين بن الحسن الغوري صاحب غزنة. أخو السلطان) شهاب الدين. أنبأني ابن البزوري أنه كان ملكاً عادلاً، وللمال باذلاً، محسن إلى رعيته، رؤوف بهم في حكمه وسياسته. كان نور الأيام به بواسم، وكلها بوجوده أعياد ومواسم، قرب العلماء، وأحب الفضلاء، وبنى المساجد والربط

(42/404)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 405
والمدارس، وجدد من مواطن العبادات ما كان دارساً، وأدر الصدقات، وبنى في الطرق الخانات. وكان بالجود والسخاء موصوفاً. قلت: امتدت أيامه، وأسن ومرض بالنقرس مدة. ذكر العدل شمس الدين الجزري في تاريخه أنه توفي في السابع والعشرين من جمادى الأولى، ودفن بتربة له إلى جانب جامع هراة. قال ابن الأثير: وكان عادلاً سخياً، قرب العلماء وبنى المدارس والمساجد وكان مظفراً في روبه لم ينسكر له عسكر. وكان ذا دهاء ومكر وكرم. أسقط المكوس ولم يتعرض لمال أحد. وكان من مات بلا وارث تصدق بما خلفه. وكان فيه فضل وأدب. وقد نسخ عدة مصاحف، لم يبدُ منه تعصبٌ لمذهب، وكان يقول: التعصب قبيح. وأما أخوه شهاب الدّين فإنه قُتل غيلة. ثم إنّ خوارزم شاه محمد بن تكش قصد عزنة في سنة خمس وستمائة، وظفر بالملك غياث الدين محمود ولد غياث الدين محمد بن سام وقتله بعد أن آمنه، وترك بغزنة جلال الدين بن خوارزم شاه. ولما توفي غياث الدين محمد كان الأمير تاج الدين ألدز أحد موالي الملوك الغورية قد استولى على باميان وبلخ، فسار إلى غياث الدين ابن غياث الدين ليكون في نصره، فحضر وأحضر العلماء وفيهم رسول الخليفة مجد الدين يحيى بن الربيع مدرس النظامية، وكان قد نفذ رسولاً إلى شهاب الدين الغوري، فتقل شهاب الدين وابن الربيع بغزنة فالتمس تاج الدين ألدز

(42/405)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 406
أن ينتقل إلى دار المملكة، وأن يخاطب بالمُلك، فركب هو والأمراء في خدمة غياث الدين محمود، وعليه ثياب الحزن على شهاب الدين، فتغيرت نية جماعة الدولة لأنهم كانوا يطيعونه، أعني ألدز، بناءً على أنه يحصل الملك لغياث الدين، فلما رأى انحرافهم فرق فيهم الأموال ورضوا، وأذن لجماعة من الأمراء وأولاد الملوك أن يكونوا في خدمة غياث الدين، فلما استقروا عنده بعث إليه خلعة، وطلب منه ألدز أن يُسلطنه وأن يعتقه من الرق، لأنه كان لعمه الشهيد شهاب الدين، وأن يزوج ولده بابنه ألدز. فلم يجبه غياث الدين محمود.) واتفق أن جماعة من الغورية أغاروا على أعمال كرمان، وهي إقطاع قديم لألدز، فجهز ألدز صهره وراءهم فظفر بهم وقتلهم. ثم إن ألدز فرق الأموال، وأجرى رسوم مولاه شهاب الدين، واستقام أمره. وجرت لهم أمورٌ طويلة حكاها شمس الدين بن الجزري في أوائل تاريخه وأن ألدز ملك مدينة لها ور وعدة مدائن، وأنه التقى هو وشمس الدين ألدزمش مملوك قطب الدين أيبك فتى شهاب الدين الغوري فأسر تاج الدين ألدز في المصاف فقُتل. وكان محمود السيرة في رعيته.

(42/406)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 407
4 (حرف الفاء)

4 (فلك الدين.)
الأمير الملقب بالمبارز سليمان بن.... وهو أخو السلطان الملك العادل لأمه. دفن بداره بدمشق الفلكية التي وقفها مدرسة بناحية باب الفراديس. ورخه أبو شامة.
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن يحيى بن عبد الله بن القاسم.)
قاضي القضاة ضياء الدين، أبو الفضائل بن الشهرزوري، الشافعي، ابن أخي قاضي الشام كمال الدين محمد. ولد سنة أربع وثلاثين وخمسمائة. تفقه ببغداد بالنظامية مدة، ثم عاد إلى الموصل. وقدم الشام وولي قضاء القُضاة بعد عمه. ثم استقال منه لما عرف أن غرض السلطان صلاح الدين أن يولي الإمام أبا سعد ابن عصرون، فأقاله ورتبه للترسل إلى الديوان العزيز. وقدم بغداد رسولاً عن الملك الأفضل. فلما تملك العادل دمشق أخرجه منها، فسار إلى بغداد، فأكرم مورده وخلع عليه، وولاه الخليفة قضاء القضاة والمدارس والأوقاف، والحُكم في المذاهب الأربعة.

(42/407)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 408
وحصلت له منزلة عظيمة إلى الغاية عند الناصر لدين الله. ولم يزل على ذلك إلى أن سأل الإعفاء والإذن له في التوجه إلى بلده، وخاف العواقب، وسار إلى حماه، فولي قضاءها، وعيب) عليه هذه الهمة الناقصة. وكان سمحاً، جواداً، له شعر جيد، فمنه:
(فارقتكم ووصلت مصر فلم يقم .......... أنسُ اللقاء بوحشة التوديع)

(وسررتُ عند قدومها لولا الذي .......... لكم من الأشواق بين ضلوعي)
وله:
(في كل يوم ترى للبين آثارُ .......... وما له في التآم الشمل إيثار)

(يسطو علنيا بتفريق فواعجباً .......... هل كان للبين فيما بيننا ثارُ)

(يهزني أبد من بعد بعدهم .......... إلى لقائهم وجدٌ وتذكارُ)

(ما ضرهم في الهوى لو واصلوا دنفاً .......... وما عليهم من الأوزار لو زاروا)

(يا نازلين حمى قلبي وإن بعدوا .......... ومنصفين وإن صدوا وإن جاروا)

(نما في فؤادي سواكم فاعطفوا وصلوا .......... وما لكم فيه إلا حبكم جارُ)
قد سمع من أبي طاهر السلفي وحدث عنه. وبحماه تُوفي في رجب، وله خمسٌ وستون سنة، في نصف الشهر.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن سعيد.)
الأديب مؤيد الدين التكريتي، أبو البركات، الشاعر.

(42/408)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 409
قال الدبيثي: أنشدوني له:
(ومن مبلغٌ عني الوجيه رسالةً .......... وإن كان لا تُجدي إليه الرسائلُ)

(تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل .......... وذلك لما أعوزتك المآكل)

(وما اخترت رأي الشافعي تديناً .......... ولكنما تهوى الذي هو حاصلُ)

(وعما قليل أنت لا شك صائرٌ .......... إلى مالكٍ فأفطن لما أنت قائلُ)

4 (محمد بن أحمد بن إبراهيم.)
أبو عبد الله القرشي، الهاشمي، الزاهد، الأندلسي، نزيل بيت المقدس. كان إماماً كبيراً عارفاً، قانتاً، مخبتاً، من أهل الجزيرة الخضراء. ذكره ابن خلكان فقال: له كرامات ظاهرة، ورأيتُ أهل مصر يحكون عنه أشياء خارقة.) قال: ولقيت جماعة ممن صحبه ولك منهم قد نمى عليه من بركته. وكان من الطراز الأول.

(42/409)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 410
صحب بالمغرب أعلام الزهد، وسافر من مصر لزيارة بيت المقدس فأقام به إلى أن توفي. وقال المنذري: في سادس ذي الحجة، وتوفي الشيخ الإمام قدوة العارفين أبو عبد الله محمد بن أحمد الهاشمي، الزاهد ببيت المقدس، هو ابن خمس وخمسين سنة. صحب بالمغرب جماعة من أعلام الزهاد، وقدم مصر، ونفع الله به جماعة كثيرة ممن صحبه، أو شاهده، أو أحبه، وقبره ظاهر يُقصد للزيارة والتبرك به. سمعتُ قطعة من منثور فوائده من الصحافة.
4 (محمد بن أحمد بن عبد الملك بن وليد بن أبي جمرة.)
مولى بني أمية الإمام أبو بكر بن أبي جمرة المرسي. سمع الكثير من والده وعرض عليه المدونة، ومن: أبي بكر بن أسود، وناوله تفسيره. ومن: أبي محمد بن أبي جعفر. وأجاز له أبو الوليد بن رشد الفقيه، وأبو بحر بن العاص الأسدي، وأبو الحسن شريح، وجماعة كثيرة. ذكره أبو عبد الله فقال: عني بالرأي حفظه، وولي خطة الشورى وهو ابن نيف عشرين سنة، وقدم للفتيا مع شيوخه في سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.

(42/410)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 411
قلت: أفتى ستين سنة. قال: وتقلد قضاء مرُسية، وشاطبة، وغير ذلك دفعات، وكان بصيراً بمذهب مالك، عاكفاً على تدريسه، فصيحاً، حسن البيان، عدلاً في أحكامه، جزلاً في رأيه، عريقاً في النباهة والوجاهة. وله كتاب نتائج الأفكار ومناهج النظار في معاني الآثار ألفه بعد الثمانين وخمسمائة عندما أوقع السلطان بأهل الرأي، وأمر بإحراق المدونة وغيرها من كتب الرأي. وله كتاب إقليد التقليد المؤدي إلى النظر السديد. قرأ عليه أبو محمد بن حوط الله الموطأ، عن أبيه سماعاً، عن جده قراءة، وعن أبي الوليد ابن الباجي إجازة. وتكلم فيه بعض الناس بكلام لا يقدح فيه. وقد روى عنه أبو عمر بن عات، وأبو علي بن زلال، وجماعة كثيرة.) وكتب إلي وإلى أبي بالإجازة مرتين إحداهما في سنة سبع وتسعين، وأنا ابن عامين وشهور. وهو أعلى شيوخي إسناداً. وتوفي بمرسية مصروفاً عن القضاة في آخر المحرم سنة تسع. وولد في ربيع الآخر سنة ثمان عشرة وخمسمائة. قال: وهو آخر من روى عن أبي بحر، وغيره. قلت: قال ابن فرتون: قال أبو الربيع بن سالم في الأربعين له: أبو بكر ظهر منه في باب الرواية اضطرابٌ طرق الفتنة إليه، وأطلق الألسنة عليه، والله أعلم بما لديه. ولأبيه إجازة من أبي عمرو الداني، وهو فله إجازة من أبيه. وسمع من أبيه التيسير، سمعه منه ابن جُوبر السبتي.

(42/411)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 412
4 (محمد بن الحسين بن أبي الفتح طاهر بن مكي.)
أبو بكر النهرواني، الأزجي، الحذاء، النعال. روى عن: أبي عبد الله السلال، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي، وابن ناصر، وجماعة. روى عنه: النجيب عبد اللطيف. وأجاز للفخر علي. وتوفي في صفر.
4 (محمد بن خلف بن مروان بن مرزوق بن أبي الأحوص.)
أبو عبد الله الزناتي، البلنسي، المقرئ المعروف بابن نسع. أخذ القراءات عن أبي الحسن بن هذيل، ولزمه مدة، وسمع منه. ومن: ابن النعمة، وابن سعادة. قال الأبار: كان مقرئاً خيراً، زاهداً، سمع من طارق بن يعيش السيرة لابن إسحاق، وكثيراً ما كان يسمع منه لعلوه، وكان كذلك كتاب الاستشفاء حتى كاد يحفظهما. حدثني بذلك أبي عبد الله بن أبي بكر، وسمع منه: هو، وأبو الحسن بن خيرة، وأبو الربيع بن سالم، وأبو بكر بن محرز، وأبو محمد بن مطروح، وجماعة. ولد سنة تسع وخمسمائة، وتوفي في ثاني عشر شعبان وله تسعون سنة، وكانت جنازته مشهودة.)

(42/412)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 413
4 (محمد بن عبد الكريم.)
أبو عبد الله الفندلاوي، الفاسي، المعروف بابن الكتاني. كان رأساً في علم الأصول والكلام. تخرج به طائفة. وله أرجوزة في أصول الفقه. روى عنه: أبو محمد الفاسي، وأبو الحسن الشاري. ورخه الأبار.
4 (محمد بن عبد الكريم.)
مؤيد الدين أبو الفضل الحارثي، الدمشق، المهندس. كان ذكياً أستاذاً في تجارة الدق. ثم برع في علم إقليدس: وكان يعمل أيضاً في نقش الرخام وضرب الخيط. ثم ترك الصنعة وأقبل على الاشتغال، وبرع في الطب والرياضي. وهو الذي صنع الساعات على باب الجامع. وقد سمع من السلفي بالإسكندرية، وصار طيباً بالمارستان. وصنف كتباً مليحة منها اختصار الأغاني وهي بخطه في مشهد عروة. وكتاب الحروب والسياسة وكتاب الأدوية المفردة، ومقالة في رؤية الهلال.

(42/413)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 414
4 (محمد بن عثمان.)
أبو عبد الله العكبري، الظفري، الواعظ. سمع من: شهدة وعبد الحق، والطبقة. وجمع لنفسه معجماً. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (محمد بن غنيمة بن علي.)
أبو عبد الله الحريمي، القزاز، المعروف بابن القاق. وهو فلقبهُ: عصفور. شيخ معمر قارب المائة. وسمع في شبيبة من أبي الحسين محمد بن أبي يعلى الفراء. روى عنه: الدبيثي. وبالإجازة: ابن أبي الخير. توفي في رابع شعبان. وروى عنه ابن النجار، ووصفه بالصلاح.)
4 (محمد بن محمود.)
العلامة وحيد الدين المروروذي، الشافعي، المدرس.

(42/414)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 415
كان من كبار الشافعية، وهو الذي رغب السلطان غياث الدين محمد بن سام الغوري، حتى انتقل من مذهب أبي حنيفة إلى مذهب الشافعي. توفي في رجب.
4 (محمد بن هبة الله بن مكي.)
العلامة تاج الدين أبو عبد الله الحموي، ثم المصري. الفقيه الشافعي. سمع: أبا طاهر السلفي، وعبد الله بن بري. واعتنى المذهب، ومهر فيه. وحصل كتباً كثيرة. وولي خطابة جامع القاهرة، والتدريس بالناصرية المجاورة للجامع العتيق بمصر. توفي في سادس عشر جُمادى الآخرة. وولده بحماه في سنة ست وأربعين.

(42/415)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 416
4 (محمد بن يوسف بن علي.)
أبو الفضل شهاب الدين الغزنوي، الفقيه الحنفي، المقرئ، نزيل القاهرة. ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. وسمع ببغداد من: أبي بكر محمد بن عبد الباقي، وأبي منصور بن خيرون، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي، وأبي الفتح الكروخي، وجماعة. وقرأ القراءات على أبي محمد سبط الخياط. وحدث ببغداد وحلب والقاهرة، وأقرأ الناس. قرأ عليه أبو الحسن الشخاوي، وأبو عمرو بن الحاجب، وغيرهما. وحدث عنه: يوسف بن خليل، والضياء المقدسي، والكمال علي بن شجاع الضرير، والرشيد العطار، والمعين أحمد بن زين الدين الدمشقي، وآخرون، وبالإجازة أحمد بن سلامة.

(42/416)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 417
توفي بالقاهرة في نصف ربيع الأول. ودرس المذهب المسجد المعروف به بالقاهرة مذهب أبي حنيفة.
4 (المبارك بن المبارك بن هبة الله.)
) أبو طاهر بن المعطوش الحريمي، العطار، أخو أبي القاسم المبارك الذي تقدمت وفاته من سنين. ولد في رجب سنة سبع وخمسمائة. وسمع من: أبي علي محمد بن محمد بن المهدي، وأبي الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي بالله، وهو آخر أصحابهما، وهبة الله بن الحُصين، وأحمد بن ملوك، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري، وغيرهم. قال الدبيثي: وكان يقظاً فطناً، صحيح السماع. قلت: سمع سنة أربع عشرة وخمسمائة. وحدث عنه: الدبيثي، وابن خليل وأبو موسى بن الحافظ، واليلداني، وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف، وابن النجار، وطائفة. وبالإجازة: ابن أبي الخير، والفخر علي. وقد سمع المسند كله من ابن الحُصين، وحدث به. قال ابن نقطة: كان سماعه صحيحاً. قال: وتوفي في عاشر جُمادى الأولى.

(42/417)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 418
4 (محمود بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد.)
أبو الفضائل الإصبهاني، العبدكوي، القاضي الحنفي. ولد سنة عشرين وخمسمائة. وسمع من: الحافظ أبي القاسم التيمي، وزاهر الشحامي، وغيرهما. وسمع حضوراً من فاطمة الجوزدانية. روى عنه: يوسف بن خليل، والضياء بن عبد الواحد، وجماعة. وبالإجازة: ابن أبي الخير، والفخر علي. وتوفي في رجب.
4 (محمود بن أبي غلاب محمد بن محمد بن محمد بن السكن.)
الحاجب أبو المكارم بن المعوج. روى عن: ابن ناصر، وغيره.) روى عنه: ابن النجار، وأرخه.
4 (مسعود بن شجاع بن محمد.)
الإمام برهان الدين أبو الموفق القرشي الأموي، والدمشقي، الحنفي. مدرس النورية بدمشق، والخاتونية أيضاً. إمامٌ خبير بالمذهب. ودرس وأفتى وأشغل، وكان ذا أخلاق شريفة، وشمائل لطيفة. ولد بدمشق، وارتحل إلى ما وراء النهر، فتفقه على شيوخ بخارى وسمع بها من الإمام ظهير الدين الحسن بن علي المرغيناني، وجماعة.

(42/418)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 419
ولي قضاء العسكر لنور الدين، وحصل له جاه وافر ودنياً واسعة. وكان لا يغسل له فرجية، بل إذا اندعكت وهبها، ولبس أخرى جديدة. وطال عمره، فإنه ولد في جمادى الآخرة سنة عشر وخمسمائة. وتوفي في سادس عشر جمادى الآخرة أيضاً. روى عنه: الشهاب القوصي في معجمه، وابن خليل. ولابن أبي الخير منه إجازة.
4 (مسعود بن عبد الله بن عبد الكريم بن غيث.)
أبو الفتوح البغدادي، الدقاق. ولد سنة أربع عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبي السعود أحمد بن المجلي، وأبي الحسن علي بن الزاغوني، وأبي غالب أحمد بن محمد بن قريش، وهبة الله بن الطبر، وجماعة. روى عنه: الدبيثي، والضياء، وابن عبد الدائم، والنجيب الحراني. وأجاز للزكي عبد العظيم وقال: توفي في ثالث جمادى الأولى. وأجاز لابن أبي الخير، وللقطب بن عصرون، ولسعد الدين بن حمويه.
4 (المظفر بن أبي القاسم المسلم بن علي بن قيبا.)
أبو عبد الله الحريمي. سمع: ابن الطلاية، وأحمد بن الأشقر، وأبا الفضل الأرموي، والمبارك بن أحمد الكندي. روى عنه: الحافظ الضياء، والنجيب عبد اللطيف.)

(42/419)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 420
وبالإجازة: أبو الحسن بن البخاري. وتوفي في ربيع الأول عن ثمان وثمانين سنة.
4 (حرف النون)
النفيس بن هبة الله بن وهبان بن رومي. أبو جعفر السلمي، الحديثي، وابن البزوري. سمع: أبا عبد الله بن السلال، وأبا الفضل الأرموي. وهو من الحديثة، قلعة حصينة على الفرات. روى عنه: ابن خليل، والضياء، والنجيب. وبالإجازة: شمس الدين بن أبي عمر، والفخر. توفي ثالث عشر صفر.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن أبي المعالي معد بن عبد الكريم.)
الفقيه أبو القاسم بن البوري، القرشي، الدمياطي، الشافعي. رحل إلى بغداد، تفقه على الإمام أبي طالب بن الخل. وبدمشق على أبي سعد بن أبي عصرون. ودرس بالإسكندرية بمدرسة السلفي مدة حتى نسبت المدرسة إليه. وبورة بلد صغير بقرب دمياط، وإليها ينسب السمك البوري. وبورة أيضاً بقرب عكبرا، النسبة إليها بوراني.

(42/420)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 421
4 (حرف الياء)

4 (يازكوج.)
الأمير سيف الدين الأسدي، من قدماء الأمراء. توفي بالقاهرة. ورخه أبو شامة. وقال الموفق عبد اللطيف: له قصة عجيبة، وهي أنه كان به حمى ربع أقامت به سبع سنين، فلما حضر حرب السابح وقع بين أرجل الخيل وضرب بالدبابيس حتى اثخن، فأقلعت الحمى) عنه. قلت: حرب السابح وقعة بين الملك الأفضل وعمه الملك العادل بديار مصر.
4 (يوسف بن هبة الله بن محمود بن الطفيل.)
أبو يعقوب الدمشقي، الصالح الصوفي، نزيل القاهرة ووالد عبد الرحيم. رحل إلى بغداد، وسمع: أبا الفضل الأرموي، وابن ناصر، وهبة الله بن أبي الحسين الحاسب، وأبا الفتح الكروخي، وأحمد بن الطلاية، وأحمد بن طاهر الميهني، وطائفة. وسمع بدمشق قبل ذلك من: أبي الفتح نصر الله المصيصي، وعلي بن أحمد بن مقاتل، وعبد الواحد بن هلال، وجماعة. وسمع بالإسكندرية من: السلفي، وغيره.

(42/421)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 422
وسمع ولده. وكان له عناية بسماع الحديث. روى عنه: الحافظون عبد الغني، وابن المفضل، الضياء محمد، وابن خليل، وجماعة كثيرة. قال الشيخ الموفق: كنا نسمع عليه قبل سفرنا إلى بغداد. أخبرنا عبد الحافظ بنا بلس، أنا أبو محمد عبد الله بن أحمد سنة ست عشرة وستمائة، أنا أبو يعقوب يوسف بن الطفيل ح وأنبأني أحمد بن سلامة، عن ابن الطفيل، أنا أبو الفضل محمد بن عمر الأرموي، أنا أبو نصر الزينبي، أنا أبو بكر محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن أبي داود، ثنا أحمد بن المقدام، ثنا خالد بن الحارث، ثنا سعيد، عن قتادة، عن زرارة بن أبي أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أحبّ لقاء الله أحب الله لقاءه الحديث. توفي في ثامن جمادى الآخرة.

(42/422)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 423
4 (لكنى)

4 (أبو بكر بن خلف.)
الأنصاري، القطبي، القاضي أبو يحيى. سمع من: أبي إسحاق بن قرقول، وغيره. قال الأبار: كان فقيهاً إماماً، تام النظر، عني بالحديث، والعلل، والرجال، ولم يُعن بالرواية. سمع منه: أبو الحسن بن القطان.) واتصل بصاحب مراكش وحصل أموالاً، وولي قضاء مدينة فاس. توفي في شوال. وفيها ولد شمس الدين عبد الواسع بن عبد الكافي الأبهري، الشافعي، ومحي الدين عبد العزيز بن الحسين الخليلي، وعز الدين بردويل بن إسماعيل بن بردويل، وإبراهيم بن عثمان بن يحيى اللمتوني، والحسن بن محمد بن إسماعيل القبلوي. وعيسى بن سالم بن نجدة الكركي، وشمس الدين محمد بن عبد الله بن النن البغدادي. والبرهان الدرجي، والشيخ شهاب الدين أبو شامة، والفخر عمر بن يحيى الكرجي، والكمال الفريرة، والمجد عبد الله بن محمود بن بلدجي شيخ الحنفية، وشرف الدين إسماعيل بن أبي سعد ابن التبتي.

(42/423)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 424
4 (وفيات سنة ستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن إبراهيم بن يحيى.)
أبو سعد الدرزيجاني، المؤدب بالبصرة. أخذ القراءات عن أصحاب أبي العز القانسي. وسمع ببغداد من هبة الله الحاسب، ابن ناصر. وحدث بواسط، ودرزيجان من قرى بغداد. روى عنه: الدبيثي.
4 (أحمد بن الشيخ أبي عبد الله الحسين بن أحمد.)
أبو بكر القنائي، ثم البغدادي.) سمعه أبوه من: ابن ناصر، وأبي بكر بن الزاغوني. توفي في حدود هذه السنة. ودير قنا من نواحي النهروان.

(42/424)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 425
4 (أحمد بن خلف بن قيس بن تميم.)
أبو العباس القيسي، الشاغوري، الطرسوسي، وينعت بالمخلص. حدث عن: نصر بن أحمد بن مقاتل. سمع منه: القفصي، والعماد بن عساكر وقال: توفي في ثامن عشر شوال. ومولده بعد العشرين وخمسمائة.
4 (أحمد بن علي بن أبي تمام أحمد بن علي ابن المهتدي بالله.)
خطيب جامع المنصور وجامع القصر. توفي في رمضان.
4 (أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن حراز.)
أبو القاسم الكرخي، المرئ، الخياط. ولد سنة أربع وعشرين وخمسمائة. وسمع من أبيه من أبي بكر الأنصاري وأبي منصور عبد الرحمن القزاز وأبي الفتح الكروخي وجماعة. روى عنه: أبي الدبيثي، وابن النجار، والنجيب عبد اللطيف، وجماعة. وتوفي رحمه الله في ذي القعدة.
4 (أحمد بن محمد بن مخلوف.)
أبو العباس الكعكي، الفقيه الإسكندراني، المالكي، المدرس.

(42/425)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 426
توفي رحمه الله في المحرم. أحمد بن محمود. أبو العباس الصوفي، التبريزي. صحب الشيخ أبا القاسم عبد الرحيم بن أبي سعد النيسابوري ببغداد واختص به. وكان فيه سكون وخير.) قال الدبيثي: حضر مع الصوفية في رجب، فأنشد القوال:
(وحق ليلا الوصال .......... أواخرها والأول)

(لئن عاد شملي بكم .......... حلا العيش لي واتصل)
فتواجد الشيخ وتحرك إلى أن سقط، فوجدوه ميتاً، رحمه الله تعالى.
4 (إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم.)
أبو محمد الشيرازي، ثم البغدادي، الصوفي. أخو الحافظ يوسف. شيخ صالح من صوفية رباط الأرجواني. سمع: أبا بكر الأنصاري، وأبا القاسم بن السمرقندي، ويحيى بن الطراح.

(42/426)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 427
روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، وابن خليل، والضياء، وغيرهم. وأجاز للفخر علي، وغيره. وتوفي في رمضان.
4 (إسماعيل بن أبي تراب علي بن علي.)
أبو عبد الله بن وكاس البغدادي، الحنبلي، القطان. سمع: أبا غالب بن البنا، ويحيى بن عبد الرحمن الفارقي، ومحمد بن أحمد الديباجي الواعظ. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، والضياء، والنجيب، وآخرون. وبالإجازة: الشيخ شمس الدين، والفخر علي، آخرون. وتوفي في شوال.
4 (أسعد بن أبي الفضائل محمود بن خلف بن أحمد.)
العلامة منتجب الدين أبو الفتوح، وأبو الفتح العجلي، الإصبهاني، الفقيه الشافعي، الواعظ.

(42/427)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 428
ولد بإصبهان في أحد الربيعين سنة خمس عشرة وخمسمائة. وسمع من: فاطمة الجوزدانية، وأبي القاسم إسماعيل بن محمد الحافظ، وغانم بن أحمد الجلودي، وأبي المطهر القاسم بن الفضل الصيدلاني. وببغداد من: ابن البطي. وأجاز له إسماعيل بن الفضل السراج، وغيره.) وبرع في مذهب الشافعي، وصنف التصانيف. روى عنه: أبو نزار ربيعة اليمنى، وابن خليل، والضياء محمود، وآخرون. وأجاز لابن أبي الخير، والفخر علي. قال الدبيثي: كان زاهداً له معروف تامة بالمذهب. وكان ينسخ ويأكل من كسب يده، وعليه المعتمد في الفتوى بإصبهان. وقال القاضي شمس الدين بن خلكان: هو أحد الفقهاء الأعيان، له كتاب في شرح المشكلات الوجيز والوسط للغزالي. وله كتاب تتمة التتمة. وتوفي في بإصبهان في الثاني والعشرين من صفر. وقرأت بخط الضياء قال: شيخنا هذا كان إماماً مصنفاً، أملى ووعظ، ثم ترك الوعظ. وجمع كتاباً سماه آفات الوعاظ. سمعتُ منه المعجم الصغير للطبراني.

(42/428)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 429
4 (أشرف بن هاشم بن أبي منصور.)
أبو علي الهاشمي، البغدادي، المعروف بالفأفاء. سمع: أبا بكر محمد بن الحسين المزرفي، ويحيى بن البنا. وكان يرجع إلى صالح ودين. روى عنه: الدبيثي، وغيره. وروى عنه الضياء، وابن خليل فقالا: ابن أبي هاشم. وجاء عنه أنه قال: اسمي عبيد الله، ولقبي أشرف. وله إجازة من هبة الله بن الحصين. توفي في المحرم. ولابن النجار منه إجازة.
4 (أكمل بن علي بن عبد الرحيم بن محمد بن علي بن أبي موسى.)
الشريف أبو محمد الهاشمي، الخطيب. توفي في شوال وله أربع وثمانون سنة.
4 (حرف الباء)

4 (بركة بن نزار بن عبد الواحد بن أبي سعد.)
أبو الخير البغدادي، الستري، النساج، المعروف بابن الجمال.) سمع: هبة الله بن الطبر. روى عنه: الدبيثي، الضياء، والنجيب الحراني، وغيرهم.

(42/429)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 430
وأجاز للفخر علي. وتوفي في ذي القعدة. وهو أخو عبد الواحد بن نزار الآتي في طبقة ابن اللتي.
4 (بزغش.)
التاجر، عتيق أحمد بن شافع الكفرطابي. حدث عن: أبي الوقت السجزي. روى عنه: ابن خليل، والشهاب القوصي، وجماعة. توفي بدمشق في صفر.
4 (بقاء بن عمر بن عبد الباقي بن حند.)
أبو المعمر الأزجي، الدقاق. شيخ مسند مسن. روى عنه: هبة الله بن الحصين، وأبي غالب بن البنا، وهبة الله بن الطبر الحريري، وغيرهم. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، والضياء، واليلداني، وجماعة. وبالإجازة: القطب أحمد بن عصرون، وابن أبي الخير، والخضر بن عبد الله بن حمويه، والفخر علي.

(42/430)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 431
ويسمى أيضاً المبارك. وتوفي في ربيع الآخر.
4 (حرف الجيم)

4 (جابر بن محمد بن يونس بن خلف.)
أبو الفرج بن اللحية الحموي، ثم الدمشقي، الشافعي، التاجر. سمع: نصر الله بن محمد المصيصي، وهبة الله بن طاوس. روى عنه: ابن خليل، والقوصي، وفرج الحبشي، وتقي الدين بن أبي اليسر، وآخرون. وأجاز لابن أبي الخير.) وتوفي في تاسع صفر بدمشق. جبريل بن جميل بن محبوب بن إبراهيم. الفقيه أبو الأمانة القيسي اللواتي، المصري، الحنفي. سمع من: عثمان بن فرج العبدري، وعلي بن هبة الله الكاملي، وخلق بمصر، وأبي طاهر السلفي، وطائفة بالثغر.

(42/431)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 432
وسمع الكثير. وتوفي بطريق مكة رحمه الله تعالى.
4 (جَهير بن أبي نصر عبد الله بن الحسين بن جَهير.)
الرئيسي أبو القاسم. من بيت حشمة وتقدًّم ببغداد. وحدّث عن: سعبد بن البنّا، وأبي الوقت.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن الحافظ أبي القاسم عليّ بن الحسن بن هبة الله.)
أبو الفتح الدمشقيّ ابن عساكر. سمع: عليّ بن أحمد بن مقاتل، وحمزة بن الحُبُوبيّ، وجماعة. توفي كهلاً في ذي الحجة. روى عنه: شمس الدين بن خليل.
4 (الحسن بن أبي المحاسن محمد بن المحسّن.)
أبو سعد القُشيري، النيسابوري. شيخ صالح. قال المنذري: سمع صحيح مسلم من أبي محمد إسماعيل بن عبد الرحمن القاري، وحدّث به. وتوفي في هذه السنة. قلت: وإسماعيل سمع الصحيح من أبي الحسين الفارسيّ.

(42/432)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 433
4 (الحسين بن عثمان بن علي.)
أبو عبد الله الحربي، القطّان.) عُرف بابن الكوفي. توفي في ربيع الآخر عن ستٍّ وثمانين سنة. حدّث عن: عبد الله بن أحمد بن يوسف. وعنه: الدبيثي، وابن خليل، والضياء، وجماعة. وأجاز لابن أبي الخير، وللفخر عليّ.
4 (حَمْد بن مَيْسرة بن حَمْد بن موسى بن غنائم.)
أبو الثناء الشامي، ثم المصري، الخلاّل، الكامخي، الحنبلي. الرجل الصالح. حدّث عن: الشيخ عثمان بن مرزوق الفقيه، وعيسى بن الشيخ عبد القادر الجيلبيّ، وجماعة. وكان يُسمع في الشيخوخة. وأمّ بالمسجد المشهور به مدّةً. روى عنه: الفقيه مكيّ بن عمر، والحافظ عبد العظيم. وقد روى أبو عبد الله النّجّار في تاريخه، عن رجلٍ، عنه في ترجمة عيسى بن عبد القادر. وقال عبد العظيم: كان بمسجده كَوْمٌ من نَوى للتّسبيح. وتوفي في ثاني عشر ربيع الأول. وقد عَلَتْ سِنّه.
4 (حمزة بن عبد الوهّاب بن يحيى.)
أبو طاهر الكِنديّ الدمشقيّ.

(42/433)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 434
توفي في ذي الحجة عن ست وسبعين سنة. سمع: نصر بن أحمد بن مقاتل، وحمزة بن أسد التميمي، وغيرهما. روى عنه: ابن خليل، والشهاب القوصي وقال: لقبه رشيد الدين.
4 (حرف الراء)

4 (رحمة بنت الشيخ محمود بن نصر بن الشعار.)
أخت المحدث أبي إسحاق إبراهيم. كنيتها أم أيمن. وهي زوجة الصالح عمر بن يوسف المقرئ. وقد روت عن: أبي الفتح بن البطي. وماتت في شوال.)
4 (رضوان بن سيدهم بن مناد.)
أبو الفتح الكتامي، الفقيه المالكي، الأصولي. سمع بمصر من: عثمان بن فرج العبدري، وجماعة. وأجاز له من المغرب الحافظان أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن حبيش، وأبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي. وهو والد المقرئ عبد المنعم الشارعي. توفي في سابع عشر ربيع الآخر.
4 (حرف السين)

4 (سليمان بن قليج أرسلان.)

(42/434)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 435
السلطان ركن الدين ملك الروم. قال المنذري: توفي في هذه السنة. قلت: قد ذكر والده في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وكان أخوه غياث الدين براً بأبيه. تملك قونية بعد أبيه، وقوي على أخيه الملك قطب الدين ملكشاه، ثم قوي أيضاً على غيره، فتغلب على غياث الدين كيخسرو السلطان ركن الدين هذا، وأخذ منه قونية، فهرب كيخسرو إلى الشام، واستغاث بصاحب حلب الملك الظاهر غازي. فلما مات ركن الدين في هذا العام وتملك بعده ولده قلج أرسلان رجع غياث الدين، وتملك قونية والبلاد كلها، وهابته الملوك. ولما توفي تملك بعده ابنه السلطان عز الدين كيكاوس بن كيخسرو، وامتدت أيامه إلى أن مات، وتسلطن بعده أخوه عز الدين كيقباذ. قال ابن واصل: توفي السلطان ركن الدين سليمان بن قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن قتلمش بن بيغو أرسلان بن سلجوق في سادس ذي القعدة. قال: وكان موته بالقولنج في سبعة أيام. وكان قبل مرضه بخمسة أيام قد حاصر أخاه بأنقرة، حتى نزل إليه بالأمان، فغدر به، وقبض عليه، فلم يمهل. وملك بعده ابنه قلج أرسلان، فلم يتم أمره.
4 (حرف الشين)

4 (شجاع بن معالي بن محمد.)
)

(42/435)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 436
أبو القاسم البغدادي، الغراد، البوراني، القصباني، المعروف بابن شدقيني. ولد سنة ست عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي الحسين بن الفراء، وأبي بكر الأنصاري. روى عنه: الدبيثي، ويوسف بن خليل فسماه قيساً، والضياء المقدسي، فسماه فرجاً. وإنما هو معروف بكنيته. توفي في ربيع الآخر.
4 (شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرو.)
أبو الغنائم ابن المحدث أبي منصور الحافظ أبي شجاع الديلمي. من ولد فيروز الديلمي الصحابي. همذاني، مسند، جليل، ولد سنة ثمان عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وأبي جعفر محمد بن أبي علي الحافظ، وزاهر بن طاهر الشحامي. سمع منه مسند أبي يعلى. وقد سمع ببغداد من القاضي أبي الفضل الأرموي، وجماعة. روى عنه الحافظ الضياء. وأجاز للفخر علي. وتوفي رحمه الله في تاسع عشر جمادى الآخرة.

(42/436)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 437
4 (حرف الطاء)

4 (الطيب بن إسماعيل بن علي بن خليفة.)
أبو حامد البغدادي، الحربي، القصير. ولد سنة أربع وعشرين، وسمع: أبا بكر قاضي المرستان، وعبد الله وعبد الواحد ابنا أحمد بن يوسف. وأصم في آخر عمره، فكان يروي من لفظه. روى عنه: الدبيثي، والضياء. وأجاز للفخر علي. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (حرف العين)
)
4 (عبد الله بن عمر بن أحمد بن منصور بن الإمام محمد بن القاسم بن حبيب.)
العلامة أبو سعد ابن الصفار النيسابوري، ولد الإمام أبي جعفر. ولد سنة ثمان وخمسمائة، وسع من: جده لأمه الأستاذ أبي نصر بن القشيري وهو آخر من حدث عنه.

(42/437)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 438
وسمع من: الفراوي، وزاهر الشحامي، وعبد الغافر بن إسماعيل الفارسي، وعبد الجبار بن محمد الخواري، وغيرهم. قرأت بخط الحافظ ابن نقطة قال: أبو سعد ابن الصفار سمع الكثير وكان إماماً ثقة صالحاً مجمعاً على دينه وأمانته. حدث بصحيح مسلم عن الفراوي، وبالسنن والآثار للبيهقي، بسماعه من الخواري، وبالسنن لأبي داود، سمعه من عبد الغافر بن إسماعيل، بسماعه من نصر بن علي الحاكمي. توفي في سابع شعبان. وقال المنذري: توفي في سابع عشر رمضان. قلت: روى عنه: بدل بن أبي المعمر التبريزي، وإسماعيل بن ظفر النابلسي، ونجم الكبراء أبو الجناب أحمد بن عمر الخبوقي، وأبو رشيد الغزالي، وابنه أبو بكر القاسم بن عبد الله، وجماعة. وبالإجازة الشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وفخر الدين علي ابن البخاري. وأنبأني أبو العلاء الفرضي قال: مجد الدين أبو سعد الصفار، كان إماماً عالماً بالأصول، فقيهاً، ثقة، من بيت العلم والرواية. سمع: أباه، وعمته عائشة، وجده لأمه أبا نصر عبد الرحيم، وجدته در دانة بنت إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، والفراوي، وزاهراً، وأبا المعالي الفارسي، وهبة الله السيدي، وسهل بن إبراهيم المسجدي، وجماعة.

(42/438)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 439
ومن سماع أبي سعد سنن الدراقطني، سمعه بفويتٍ على أبي القاسم بن محمد الأبيوردي، أنا أبو منصور النوقاني، عنه. وسمع السنن الكبير للبيهقي من زاهر. وقد روى الفخر علي عنه هذين الكتابين بالإجازة.
4 (عبد الله بن أبي منصور محمد بن علي بن زبرج.)
) أبو المعالي ابن العتابي، الفقيه الشافعي. كان يحج كل عام عن الخليفة المستضيء. وأخطأ من سمع منه عن قاضي المرستان، فإنه قال: هذا السماع لأخي، وأنا ولدت بعد تاريخ هذا السماع بثلاث سنين. توفي في جمادى الآخرة. وقال ابن النجار: لم تكن سيرته مرضية. ثم روى عنه من أمالي الجوهري.
4 (عبد الله بن مسلم بن ثابت بن زيد بن القاسم.)
أبو حامد بن النخاس، البغدادي، الوكيل، ويُعرف بابن جوالق. ولد سنة سبع وعشرين وخمسمائة، وأسمعه أبوه الفقيه أبو عبد الله من القاضي الأنصاري، وأبي القاسم بن السمرقندي، وأبي منصور القزاز، وأبي البركات الأنماطي، وجماعة.

(42/439)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 440
وحدث بالكثير. روى عنه: الدبيثي وقال: سمعتُ منه سنة ست وسبعين وخمسمائة، وابن خليل، والضياء، و اليلداني، وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف. وأجاز لابن أبي الخير، وشمس الدين بن أبي عمر، والفخر علي، والكمال عبد الرحيم ابن عبد الملك. وكان يروي تاريخ الخطيب، سوى جزأين منه، عن القزاز. توفي في العشرين من رمضان. وأبوه مسلم مخفف، والنخاس بمعجمة.
4 (عبد الله بن أبي محمد بن يعلى.)
أبو الرضا المصري، الشافعي، المقرئ. أم بمسجد الشجاعة بمصر مدة طويلة.. وسمع من: عبد الله بن رفاعة، وعلي بن نصر الأرتاحي، ومحمد بن إبراهيم الكيزاني. قال المنذري: توف في منتصف ربيع الأول. وحدثنا عنه غير واحد.
4 (عبد الباقي بن عبد الجبار بن عبد الباقي.)
أبو أحمد الهروي، الصوفي، الحرضي. والحرض الأشنان. كان صاحباً لأبي الوقت السجزي وخدمه في السفر إلى بغداد، وحدث عنه.) وعن: أبي الخير الباغبان، ومسعود الثقفي. وسكن بغداد.

(42/440)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 441
روى عنه: الضياء، والنجيب عبد اللطيف، وإسحاق بن محمود بن بلكويه البروجردي، وغيرهم. وتوفي في الثالث والعشرين من ذي القعدة. وأجاز للفخر علي.
4 (عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الرحمن.)
أبو القاسم القرشي، المصري، المؤدب، الفقيه الشافعي. سمع من: عشير بن علي، وأبي الفضل الغزنوي، وطائفة. وانقطع إلى الحافظ عبد الغني فأكثر عنه ومعه، وكتب الكثير، وحصل كتباً كثيرة من الحديث والفقه. وعاجلته المنية في هذه السنة. وكان يؤدب الصبيان ويؤم بمسجد المنارة.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن مرشد بن علي بن منقذ.)
الأمير الكبير شمس الدولة أبو الحارس ابن الأمير نجم الدولة الكناني الشيزري. ولد بشيزر سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة. وسمع بالثغر من أبي طاهر السلفي. وهو الذي وجهه صلاح الدين في الرسلية إلى صاحب المغرب. وكان أديباً، عالماً، نبيلاً، شاعراً، محسناً، مترسلاً، من بيت الشجاعة والإمرة.

(42/441)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 442
4 (عبد الرحمن بن أبي بكر محمد بن علي بن زيد بن اللتي.)
مر، الرقيقي. حدث عن: أبي الوقت، وغيره. وتوفي في أواخر العام.
4 (عبد الرزاق بن عبد السميع بن محمد بن شجاع.)
الشريف أبو الكرم الهاشمي، البغدادي.) عاش ثلاثاً وثمانين سنة. وسمع هبة الله بن أحمد الحريري، وقاضي المرستان. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار. توفي في ربيع الآخر.
4 (عبد السلام بن إبراهيم بن محمد.)
الأندلسي، ثم البغدادي الحربي، المعروف بابن الأرمني. روى عن: عبد الله بن أحمد بن يوسف. وأجاز للزكي عبد العظيم.
4 (عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر.)

(42/442)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 443
الحافظ الكبير، تقي الدين أبو محمد المقدسي الجماعيلي، ثم الدمشقي، الصالحي، الحنبلي. ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وهو والشيخ الموفق في عام، وهما أبناء خالةٍ. ولدا بجماعيل. سمع بدمشق: أبا المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبا المعالي بن صابر، وسلمان بن علي الرحبي. وببغداد: أبا الفتح بن البطي، والشيخ عبد القادر، وأبا زرعة المقدسي، وهبة الله بن هلال الدقاق، وأحمد بن المقرب، وأبا بكر بن النفور، والمبارك بن المبارك السمسار، وأحمد بن عبد الغني الباجسرائي، ومعمر بن الفاخر، ويحيى بن ثابت، والمبارك بن خضر، ويحيى بن علي الخيمي، والمبارك بن محمد الباذرائي، وأبا محمد بن الخشاب، وطبقتهم. وبالموصل: أبا الفضل عبد الله بن أحمد الخطيب، وبهمذان عبد الرزاق بن إسماعيل القومساني، ونسيبه المطهر بن عبد الكريم، وإسماعيل بن محمد بن إسماعيل القومساني، وجماعة.

(42/443)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 444
وبإصبهان: الحافظ أبا موسى المديني، وأبا سعد محمد بن عبد الواحد الصائغ، وأبا رشيد إسماعيل بن غانم البيع، وأبا الفتح بن أحمد الخرقي، وأحمد بن منصور الترك، وأبا رشيد حبيب بن إبراهيم، وأبا غالب محمد بن محمد بن ناصر، وسفيان وعلياً ابني أبي الفضل بن أبي طاهر الخرقي، وبنيمان بن أبي الفوارس السباك، ومعاوية بن علي الصوفي، وحمزة بن أبي الفتح الطبري، وغيرهم.) وبالإسكندرية: أبا طاهر السلفي فأكثر، وأبا محمد عبد الله العثماني وعبد الرحمن بن خلف الله المقرئ، وجماعة. وبمصر: محمد بن علي الرحبي، وعلي بن هبة الله الكاملي، وعبد الله بن بري النحوي، وجماعة. وحدث بإصبهان، وبغداد، ودمشق ومصر، ودمياط، والإسكندرية. وكتب ما لا يوصف، وصنف التصانيف المفيدة، ولم يزل يسمع ويسمع ويكتب ويجمع إلى أن توفاه الله تعالى إلى رحمته. روى عنه: الشيخ الموفق، والحافظ عبد القادر الرهاوي، وولداه أبو الفتح محمد وأبو موسى عبد الله، والحافظ الضياء، والحافظ ابن خليل، والفقيه اليونيني، وسليمان الأسعردي، الزين بن عبد الدائم، وعثمان بن مكي الشارعي الواعظ، وأحمد بن حامد بن أحمد بن حمد الأرتاحي المقرئ، وإسماعيل بن عبد القوي بن عزون، وأبو عيسى عبد الله بن علاق، وسعد الدين محمد بن مهلهل الجيني، وبقي هذا إلى ربيع الأول سنة أربع وسبعين. وبالإجازة: أحمد بن أبي الخير وغيره. قال أبو عبد الله بن النجار: حدث الكثير، وصنف في الحديث تصانيف حسنة. وكان غزير الحفظ، من أهل الإتقان والتجويد، قيماً بجميع فنون الحديث عارفاً بقوانينه، وأصوله، وعلله، وصحيحه، وسقيمه، وناسخه، ومنسوخه، وغريبه، ومشكله، وفقهه، ومعانيه، وضبط أسماء رواته. وكان

(42/444)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 445
كثير العبادة، ورعاً، متمسكاً بالسنة على قانون السلف. ولم يزل بدمشق يعين بعد رجوعه من إصبهان يحدث وينتفع به الناس، وإلى أن تكلم في الصفات والقرآن بشيء أنكره عليه أهل التأويل من الفقهاء، وشنعوا عليه، وعقد له مجلسٌ بدار السلطان، حضره الفقهاء والقضاة، فأصر على قوله، وأباحوا إراقة دمه فشفع له جماعة إلى السلطان من الأمراء الأكراد، وتوسطوا في القضية على أن يخرج من دمشق، فأخرج إلى مصر، وأقام بها خاملاً إلى حين وفاته. أخبرنا يعيش بن ملك الحنبلي، أنا عبد الغني. قلت: فذكر حديثاً. قرأتُ بخط العلامة شيخ إصبهان أبي موسى المديني: يقول أبو موسى عفا الله عنه: قل من قدم علينا من الأصحاب يفهم هذا الشأن كفهم الشيخ الإمام ضياء الدين أبي محمد عبد الغني بن) عبد الواحد المقدسي، زاده الله تعالى توفيقاً. وقد وفق لتبيين هذه الغلطات على أن في الكتب المصنفة في معرفة الصحابة غير هذا من الخطأ، ولا تنفك الكتب المجموعة في ذلك من ذلك، وما ذكره كما ذكره. إلى أن قال: ولو كان الدراقطني وأمثاله في الأحياء لصوبوا فعله، وقل من يفهم في زماننا لما فهمه. كتبه أبو موسى. قلت: هذا كتبه على ظهر كتاب تبيين الإصابة لأوهام حصلت في معرفة الصحابة الذي جمعه الحافظ أبو نعيم. وهو مجلد صغير أبان فيه عن حفظ باهر، ومعرفة تامة. وقال الضياء: ثم سافر الحافظ إلى إصبهان. وكان خرج وليس معه إلا قليلُ فلوس، فسهل الله له من حمله وأنفق عليه، حتى دخل إصبهان، وأقام بها مدة، وحصل بها الكتب الجيدة. وكان ليس بالأبيض الأمهق، بل يميل إلى السمرة، حسن الثغر، كث اللحية، واسع الجبين، عظيم الخلق، تام القامة، كأن النور يخرج من وجهه. وكان قد ضعف بصره من كثرة البكاء والنسخ والمطالعة.

(42/445)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 446
4 (ذكر تصانيفه رحمه الله)
كتاب المصباح في الأحاديث الصحاح في ثمانية وأربعين جزءاً، يشتمل على أحاديث الصحيحين، كتاب نهاية المراد في السنن نحو مائتي جزء، ولم يبيضه، كتاب اليواقيت مجلد، كتاب تحفة الطالبين في الجهاد والمجاهدين مجلد، كتاب الروضة أربعة أجزاء، كتاب فضائل خير البرية أربعة أجزاء، كتاب الذكر جزءان، كتاب الإسراء جزءان، كتاب التهجد جزءان، كتاب الفرج جزءان، كتاب رحلات الأحياء إلى الأموات جزءان، كتاب الصفات جزءان، كتاب محنة أحمد ثلاثة أجزاء، كتاب ذم الرياء جزء ذم الغيبة جزء، الترغيب في الدعاء جزء، الأمر بالمعروف جزء، كتاب فضائل مكة أربعة أجزاء، فضائل الحج جزء، فضائل رجب جزء، وفاة النبي صلى الله عليه وسلم جزء، كتبا الحكايات سبعة أجزاء، كتاب غنية الحفاظ في مشكل الألفاظ في مجلدتين، ذكر القبور جزء، مناقب عمر بن عبد العزيز جزء، أجزاء في الأحاديث والحكايات أكثر من مائة جزء، وهذه كلها بأسانيده. ومن الكتب بلا إسناد الأحكام في ستة أجزاء، العمدة في الأحكام جزءان، كتاب دُرر الأثر تسعة أجزاء، كتاب السيرة النبوية جزء كبير، النصيحة في الأدعية الصحيحة جزء، الاعتقاد) جزء، تبيين أوهام أبي نعيم الحافظ في الصحابة جزء كبير، كتاب الكمال في معرفة الرجال عدة مجلدات، وفيه إسناد. قال: وكان لا يكاد أحدٌ يسأله عن حديث إلا ذكره له وبينه. ولا يسأل عن رجل، إلا قال: هو فلان بن فلان، وبين نسبه. قال: وأنا أقول: وكان الحافظ عبد الغني المقدسي أمير المؤمنين في

(42/446)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 447
الحديث. سمعته يقول: كنت عند الحافظ أبي موسى فنازعني رجل في حديث فقال: هو في البخاري. وقلت: ليس هو فيه. قال: فكتب الحديث في رقعة، ورفعها إلى الحافظ أبي موسى يسأله عن، فناولني الحافظ الرقعة وقال: ما تقول هل هذا الحديث في البخاري أم لا فقلت: لا. قال: فخجل الرجل. وسمعت أبا الطاهر إسماعيل بن ظفر يقول: جاء رجل إلى الحافظ، يعني عبد الغني، فقال: رجل حلف بالطلاق أنك تحفظ مائة ألف حديث. فقال: لو قال أكثر لصدق. شاهدت الحافظ غير مرة بجامع دمشق يسأله بعض الحاضرين وهو على المنبر: اقرأ لنا أحاديث من غير الجزء. فيقرأ الأحاديث بأسانيدها عن ظهر قلبه. وقيل إنه سئل: لم لا تقرأ من غير كتاب يعني دائماً، قال: إني أخاف العُجب. وسمعت الإمام أبا العباس أحمد بن محمد بن الحافظ قال: سمعت علي بن قفارس الزجاج العلثي الصالح قال: لما جاء الحافظ من بلاد العجم قلت: يا حافظ ما حفظت بعد مائة ألف حديث فقال: بلى أوما هذا معناه. سمعتُ أبا محمد عبد العزيز بن عبد الملك الشيباني يقول: سمعتُ التاج الكندي يقول: لم يكن بعد الدارقطني مثل الحافظ عبد الغني، يعني المقدسي. وقال الفقيه أبو الثناء محمود بن همام الأنصاري: سمعت التاج الكندي يقول: لم ير الحافظ عبد الغني مثل نفسه. وقال أبو نزار ربيعة بن الحسن: قد رأيت أبا موسى المديني، وهذا الحافظ عبد الغني أحفظ منه.

(42/447)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 448
قال الضياء: وكل من رأينا من المحدثين ممن رأى الحافظ عبد الغني وجرى ذكر حفظه ومذاكراته قال: ما رأينا مثله، أو ما يشبه هذا. ثم ذكر الضياء فصلاً في حرصه على الحديث وطلبه وتحريضه للطلبة، وقال: حرضني على) السفر إلى مصر، وسافر معنا ولده أبو سليمان وله نحو عشر سنين. وسير قبلنا ولديه محمداً وعبد الله إلى إصبهان. ثم سفر إسماعيل بن ظفر، وزوده وأعطاه ما احتاج إليه، فسافر إلى بغداد، وإصبهان، وخراسان. وقل ذلك حرض أبا الحجاج يوسف بن خليل على السفر. وكان يقرأ الحديث يوم الجمعة بعد الصلاة بجامع دمشق وليلة الخميس بالجامع أيضاً. ويجتمع خلق. وكان يقرأ ويبكي، ويُبكي الناسُ بكاء كثيراً وكان بعد القراءة يدعو دعاءً كثيراً. وسمعتُ شيخنا أبا الحسن علي بن إبراهيم بن نجا الواعظ بالقرافة يقول على المنبر: قد جاء الإمام الحافظ وهو يريد أن يقرأ الحديث، فأشتهي أن تحضروا مجلسه ثلاث مرّات، وبعدها أنتم تعرفونه، ويحصل لكم الرغبة. فجلس أول يوم، وكنتُ حاضراً بجامع القرافة، فقرأ أحاديث بأسانيدها حفظاً، وقرأ جزءاً، ففرح الناس بمجلسه فرحاً كثيراً. ثم سمعت ابن نجا شيخنا يقول: قد حصل الذي كنتُ أريده في أول مجلس. قال: وكان يجلس بمصر في غير موضع يقرأ الحديث. وكان رحمه الله لا يكاد يضيع شيئاً من زمانه بلا فائدة. فإنه كان يصلي الفجر، ويلقن القرآن، وربما لقن الحديث. فقد حفظنا منه أحاديث جمة تلقيناً. ثم يقوم فيتوضأ، ويصلي ثلاثمائة ركعة بالفاتحة والمعوذتين إلى قبل وقت الظهر، ثم ينام نومه، ثم يصلي الظهر، ويشتغل إما بالتسميع أو النسخ إلى المغرب، فإن كان صائماً أفطر، وإن كان مفطراً صلى من المغرب إلى

(42/448)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 449
العشاء الآخرة، فإذا صلى العشاء نام إلى نصف الليل أو بعده. ثم قام فتوضأ وصلى لحظة، ثم توضأ، ثم صلى كذلك، ثم توضأ وصلى إلى قرب الفجر، وربما توضأ في الليل سبع مرات أو أكثر. فقيل له في ذلك فقال: ما تطيب لي الصلاة إلا ما دامت أعضائي رطبة. ثم ينام نومة يسيرة إلى الفجر. وهذا دأبه. وكان لا يكاد يصلي فريضتين بوضوء واحد. سألت خالي الإمام موفق الدين عن الحافظ فقال وكتب بخطه: كان رفيقي في الصبى وفي طلب العلم، وما كنا نستبق إلى خير غلا سبقني إليه إلا القليل. وكمل الله فضيلته بابتلائه بأذى أهل البدعة، وعداوتهم له، وقيامهم عليه. ورزق العلم وتحصيل الكتب الكثيرة، إلا إنه لم يعمر حتى يبتغ غرضه في روايتها ونشرها. قال الضياء: وكان يستعمل السواك كثيراً، حتى كأنه أسنانه البرد. سمعتُ محمود بن سلامة الحراني التاجر غير مرة يقول: كان الحافظ عبد الغني نازلاً عندي) بإصبهان، وما كان ينام من الليل إلا قليلاً، بل يُصلي ويقرأ ويبكي، حتى ربما منعنا النوم إلى السحر. أو ما هذا معناه. وكان الحافظ لا يرى منكراً إلى غيره بيده أو بلسانه. وكان لا تأخذه في الله لومة لائم. رأيته مرة يريق خمراً، فجبذ صاحبه السيف، فلم يخف، وأخذه من يده. وكان قوياً في بدنه. وكثيراً ما كان بدمشق ينكر ويكسر الطنابير والشبابات. قال لنا خالي الموفق: كان لا يصبر عن إنكاره المنكر إذا رآه. سمعت فضائل بن محمد بن علي بن سرور المقدسي قال: سمعتهم يتحدثون بمصر أن الحافظ كان قد دخل على الملك العادل، فلما رآه قام له فلما كان اليوم الثاني إذا الأمراء قد جاءوا إلى الحافظ إلى مصر، مثل سركس، وأزكش، فقالوا: آمنا بكرامتك يا حافظ. وذكروا أن العادل قال: ما خفتُ من أحدٍ ما خفتُ من هذا الرجل.

(42/449)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 450
فقلنا: أيها الملك، هذا رجل فقيه، أيش خفت منه قال: لما دخل ما خيل إلي إلا أنه سبع يريد أن يأكلني. فقلنا: هذه كرامة للحافظ. قال الضياء: شاهدتُ بخط الحافظ قال: والملك العادل اجتمعت به، ما رأيت منه إلا الجميل، فأقبل علي وأكرمني، وقام لي والتزمني، ودعوتُ له. ثم قلت: عندنا قُصُور فهو الذي يوجب التقصير. فقال: ما عندك لا تقصير ولا قُصُور. وذكر أمر السنة فقال: ما عندك شيء تعابُ به في أمور الدين ولا الدنيا، ولا بُد للناس من حاسدين. وبلغني عنه بعد ذلك أنه ذكر عنده العلماء فقال: ما رأيتُ بالشام ولا مصر مثل فلان، ودخل علي فخيل إلي أنه أسد قد دخل علي، وهذا ببركة دعائكم ودعاء الأصحاب. قال الضياء: وكان المبتدعة قد وغروا صدر العادل على الحافظ، وتكلموا فيه عنده. وكان بعضهم يقول إنه ربما قتله إذا دخل عليه. فسمعتُ بعضهم أن بعض المبتدعة أرسل إلى العادل يبذل في قتل الحافظ خمسة آلاف دينار. وسمعتُ الشيخ أبا بكر بن أحمد الطحان قال: لكن في دولة الأفضل علي جعلوا الملاهي عند درج جيرون، فجاء الحافظ فكسر شيئاً كثيراً منها. ثم جاء فصعد على المنبر يقرأ الحديث، فجاء إليه رسول القاضي يطلبه حتى يناظره في الدف والشبابة فقال الحافظ: ذاك عندي حرام.) وقال: لا أمشي إليه، وإن كان له حاجة فيجيء هو. ثم تكلم على المنبر، فعاد الرسول فقال: لا بد من مجيئك قد بطلت هذه الأشياء على السلطان. فقال الحافظ: ضرب الله رقبته ورقبة السلطان. فمضى الرسول، وخفنا من فتنة، فما جاء أحدٌ بعد ذلك.

(42/450)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 451
سمعت محمود بن سلامة الحراني بإصبهان قال: كان الحافظ بإصبهان فيصطف الناس في السوق ينظرون إليه. ولو أقام بإصبهان مدةً وأراد أن يملكها لملكها. يعني من حُبهم له ورغبتهم فيه. قال الضياء: ولما وصل إلى مصر أخيراً كنا بها، فكان إذا خرج يوم الجمعة إلى الجامع لا نقدر نمشي معه من كثرة الخلق، يتبركون به، ويجتمعون حوله. وكان سخياً، جواداً، لا يدخر ديناراً و لا درهماً. ومهما حصل له أخرجه. ولقد سمعتُ عنه أنه كان يخرج في بعض الليالي بقفاف الدقيق إلى بيوت المحتاجين، فإذا فتحوا له ترك ما معه ومضى لئلا يُعرف. وكان يفتح له بشيء من الثياب والبرد، فيعطيه للناس، وربما كان عليه ثوب مرقع. قال لي خالي الموفق: كان جواداً، يؤثر بما تصل يده إليه سراً وعلانية. وقال عبد الجليل الجيلاني: كنتُ في مسجد الوزير، فبقيت ثلاثة أيام ما لنا شيء، فلما كان العصر يوم الجمعة سلمت على الحافظ، ومشيت معه إلى خارج باب الجامع فناولني نفقةً، فإذا هي نحو خمسين درهماً. وسمعت بدر بن محمد الجزري قال: ما رأيت أحداً أكرم من الحافظ عبد الغني، قد أوفى عني غير مرة. سمعت سليمان بن إبراهيم الأسعردي يقول: بعث الملك الأفضلي إلى الحافظ بن فقهة وقمح كثير. ففرقه كله، ولم يترك شيئاً. سمعت أحمد بن عبد الله العراقي: حدثني منصور قال: شاهدتُ الحافظ في الغلاء بمصر، وهو ثلاث ليالٍ يؤثر بعشائه ويطوي. سمعتُ الفقيه مقصد بن لعي بن عبد الواحد المصري قال: سمعت أن الحافظ كان زمان الغلاء يؤثر بعشائه. يعني غلاء مصر. قال الضياء: وقد فتح له بمصر أشياء كثيرة من الذهب وغير ذلك، فما كان يترك شيئاً.)

(42/451)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 452
سمعت الرضى عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار: سمعتُ الحافظ يقول: سألت الله أن يرزقني مثل حال الإمام أحمد، فقد رزقني صلاته. قال: ثم أبتلي بعد ذلك وأوذي. سمعت الإمام أبا محمد عبد الله بن أبي الحسن الجبائي يقول: كان أبو نعيم قد أخذ على الحافظ ابن مندة أشياء في معرفة الصحابة، فكان الحفاظ أبو موسى يشتهي أن يأخر على أبي نعيم في كتابه، فما كان يجسر. فلما جاء الحافظ عبد الغني أشار إليه بذلك، فأخذ على أبي نعيم في كتابه معرفة الصحابة نحواً من مائتين وتسعين موضعاً. فلما سمع بذلك الصدر عبد اللطيف بن الخجندي طلب الحافظ عبد الغني، وأراد هلاكه، فاختفى الحافظ. وسمعت محمد بن سلامة الحراني قال: ما أخرجنا الحافظ من إصبهان إلا في إزار. وذلك أن بيت الخجندي أشاعرة يتعصبون لأبي نعيم، وكانوا رؤساء إصبهان. سمعت الحافظ يقول: كنا بالموصل نسمع الجرح والتعديل للعقيلي، فأخذني أهل الموصل وحبسوني، وأرادوا قتلي من أجل ذكر أبي حنيفة فيه. قال: فجاءني رجل طويل معه سيف، فقلت: لعله يقتلني وأستريح. قال: فلم يصنع شياً. ثم أطلقت. وكان يسمع هو ابن البرني، فأخذ ابن البرني الكراس التي فيها ذكر أبي حنيفة، ففتشوا الكتاب، فلم يجدوا شيئاً، فهذا كان سبب خلاصه.

(42/452)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 453
قلت: سمعت عبد الحميد بن خولان: سمعتُ الضياء يقول: كان الحافظ يقرأ الحديث بدمشق، ويجتمع الخلق عليه، فحُسد، وشرعوا يعملون لهم وقتاً في الجامع، ويقرأ عليهم الحديث، ويجمعون الناس، فهذا ينام، وهذا قلبه غير حاضر، فلم يشف قلوبهم، فشرعوا في مكيدةٍ، فأمروا الناصح بن الحنبلي بأن يعظ بعد الجمعة تحت النسر، وقت جلوس الحافظ، فأخر الحافظ ميعاده إلى العصر. فلما كان في بعض الأيام، والناصح قد فرغ، وقد ذكر الإمام، فدسوا إليه رجلاً ناقص العقل من بيت ابن عساكر، فقال للناصح: ما معناه أنك تقول الكذب على المنبر فضرب الرجل وهرب، وخبئ في الكلاسة، ومشوا إلى الوالي، وقالوا له: هؤلاء الحنابلة ما قصدهم إلى الفتنة. وهم واعتقادهم. ثم جمعوا كبراءهم، ومضوا إلى القلعة، وقالوا للوالي: نشتهي أن تحضر الحافظ.) وسمع مشايخنا، فانحدروا إلى المدينة، خالي الموفق، وأخي الشمس البخاري، والفقهاء، وقالوا: نحن نناظرهم. وقالوا للحافظ: اقعد أنت لا تجيء، فإنك حاد، ونحن نكفيك. فاتفق أنهم أرسلوا إلى الحافظ فأخذوه، ولم يعلم أصحابنا، فناظروه وكان أجهلهم يغري به، فاحتد. وكانوا قد كبتوا شيئاً من اعتقادهم، وكتبوا خطوطهم فيه، وقالوا له: اكتب خطك. فلم يفعل. فقالوا للوالي: قد اتفق الفقهاء كلهم، وهذا يخالفهم. واستأذنوه في ربع منبره. فأرسلوا الأسرى، فرفعوا ما في جامع دمشق من منبر وخزانة وقالوا: نريد أن لا نجعل في الجامع إلا صلاة الشافعية. وكسروا منبر الحافظ، ومنعوه من الجلوس، ومنعوا أصحابنا من الصلاة في مكانهم، ففاتهم الظهر. ثم إن الناصح جمع البنوية وغيرهم، وقالوا: إن لم يخلونا نصلي صلينا بغير اختيارهم. فبلغ ذلك القاضي، وهو كان صاحب الفتنة، فأذن لهم، وخاف أن يصلوا بغير إذنه.

(42/453)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 454
وكان الحنفية حموا مقصوراتهم بجماعة من الجند. ثم إن الحافظ ضاق صدره، ومضى إلى بعلبك، فأقام بها مدة، وتوجه إلى مصر، فبقي بنابلس مدة يقرأ الحديث وكنت أنا في ذلك الوقت بمصر فجاء شاب من دمشق بفتاوي إلى الملك عثمان العزيز، ومعه كتب أن الحنابلة فجاء شاب من دمشق بفتاوي إلى الملك عثمان العزيز، ومعه كتب أن الحنابلة يقولون كذا وكذا. وكان بنواحي الإسكندرية، فقال: إذا رجعنا من بلادنا من يقول بهذه المقالة. فاتفق أنه لم يرجع، وشب به فرسه. وأقاموا ولده موضعه. ثم أرسلوا إلى الأفضل، كان بصرخد، فجاء وأخذ مصر. ثم انحرف إلى دمشق فاتفق أنه لقي الحافظ في الطريق، ففرح به وأكرمه. ونفذ يوصي به بمصر، فلما وصل الحافظ إلى مصر تلقي بالبشر والإكرام، وأقام بها يسمع الحديث بمواضع ويجلس. وقد كان بمصر كثيرٌ من المخالفين، لكن كانت رائحة السلطان تمنعهم. ثم إن الأفضل حاصر دمشق، ورد عنها بعد أن أشرف على أخذها، ورجع إلى مصر، فجاء العادل خلفه فأخذ مصر. وبقي بمصر. وأكثر المخالفون على الحافظ، حتى استدعي، ولم يحصل لهم بحمد الله ما أرادوا. وأكرمه العادل، وسافر إلى دمشق. وبقي الحافظ بمصر، وهم لا يتركون الكلام فيه، فلما أكثروا عزم الكامل على إخراجه من مصر.) ثم إن الحافظ اعتقل في دار سبع ليالٍ فسمعت التقي أحمد بن العز محمد بن عبد الغني: حدثني الشجاع بن أبي زكري الأمير قال: قال: لي الكامل: ههنا رجل فقيه قالوا إنه كافر. قلت: لا أعرفه. قال: بلى، هو محدث. فقلت: لعله الحافظ عبد الغني قال: نعم هو هو. فقلت: أيها الملك، العلماء أحدهم يطلب الآخرة، والآخر يطلب الدنيا. وأنت ههنا باب الدنيا، فهذا ا لرجل جاء إليك، أو أرسل إليك رقعة قال: لا. قلت: والله هؤلاء

(42/454)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 455
يحسدونه. فهل في هذه البلاد أرفع منك قال: لا. فقلت: هذا الرجل أرفع العلماء. فقال: جزاك الله خيرا كما عرفتني هذا. وقال أبو المظفر بن الجوزي في تاريخه: اجتمع قاضي دمشق محيي الدين والخطيب ضياء الدين جماعة، وصعدوا إلى متولي القلعة أن عبد الغني قد أضل الناس ويقول بالتشبيه، فعقدوا له مجلساً وأحضروه، فناظرهم، وأخذوا عليه مواضع، منها قوله: لا أنزهه تنزيهاً ينفي حقيقة النزول ومنها: كان الله ولا مكان، وليس هو اليوم على ما كان. ومنها مسألة الحرف والصوت. فقالوا: إن لم يكن على ما كان، فقد أثبت له المكان. وإذا لم تنزه تنزيهاً ينفي عنه حقيقة النزول فقد أجزت عليه حقيقة الانتقال. وأما الحرف والصوت فإنه لم يصح عن إمامك فيه شيء وإنما المنقول عنه أنه كلام الله لا غير. وارتفعت الأصوات، فقال له صارم الدين بزغش والي القلعة: كل هؤلاء على ضلالة، وأنت على الحق قال: نعم. فأمر الأسارى، فنزلوا فكسروا منبره، ومنعوا الحنابلة من الصلاة، ففاتتهم صلاة الظهر. وقال أبو المظفر في مكان آخر: اجتمع الشافعية، والحنفية، والمالكية. بالملك المعظم بدار العدل، وكان يجلس بها هو والصارم بزغش، فكان ما اشتهر من أمر عبد الغني الحافظ، وإصراره على ما ظهر من اعتقاده، و إجماع الفقهاء على الفتيا بتكفيره، وأنه مبتدع لا يجوز أن يترك بين المسلمين، فسأل أن يُمهل ثلاثة أيام لينفصل عن البلد، فأجيب. قلت: قوله وإجماع الفقهاء على الفتيا بتكفيره كلام ناقص، وهو كذب صريح، وإنما أفتى بذلك بعض الشافعية الذين تعصبوا عليه، وأما الشيخ

(42/455)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 456
الموفق وأبو اليمن الكندي شيخا الحنفية والحنابلة فكانا معه. ولكن نعوذ بالله من الظلم والجهل. قال أبو المظفر: وسافر عبد الغني إلى مصر، فنزل عند الحطانين، وصار يقرأ الحديث، فأفتى) فقهاء مصر بإباحة دمه، فكتبوا إلى ابن شكر الوزير يقولون: قد أفسد عقائد الناس، ويذكر التجسيم على رؤوس الأشهاد. فكتب إلى والي مصر بنفيه، فمات قبل وصول الكتاب رحمه الله تعالى بمسجد المصنع. قال: وكان يصلي كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة ورد الإمام أحمد. وكان يقوم الليل عامة دهره، ويحمل ما أمكنه إلى بيوت الأرامل واليتامى سراً. وكان أوحد زمانه في علم الحديث. وقال الضياء: سمعت بعض أصحابنا يقول: إن الحافظ أمر أن يكتب اعتقاده، فكتب: أقول كذا لقول الله تعالى كذا، وأقول كذا لقول النبي صلى الله عليه وسلم كذا. حتى فرغ من المسائل التي يخالفونه فيها، فلما وقف عليها الملك الكامل قال: أيش أقول في هذا يقول الله وقول رسول الله فخلى عنه. فصل قال: وسمعت أبا موسى بن عبد الغني قال: كنت مع والدي بمصر وهو يذكر فضائل سفيان الثوري. فقلت في نفس: إنّ والدي مثله. قال: فالتفت إلي وقال: أين نحن من أولئك. سمعتُ الزاهد إبراهيم بن محمود البعلبكي يقول: كنتُ يوماً عند الشيخ العماد، وقد جاء تجارٌ، فحدثوه أنهم رأوا، أو قال يُرى، النور على قبر الحافظ عبد الغني كل ليلة، أو كل جمعة. شك إبراهيم.

(42/456)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 457
سمعت الإمام أبا العباس أحمد بن محمد بن عبد الغني قال: رأيتُ البارحة الكمال عبد الرحيم، يعني أخي، وعليه ثوب أبيض. فقلت: أين أنت قال: في جنة عدن. فقلت: أيما أفضل الحافظ عبد الغني، أو الشيخ أبو عمر قال: ما أدري، وأما الحافظ فكل ليلة جمعة يُنصب له كرسي تحت العرش، ويقرأ عليه الحديث، ويُنثر عليه الدر، وهذا نصيبي منه. وكان من كُمه شيء، وقد أمسك بيده على رأس الكم. وسمعتُ عبد الله بن الحسن بن محمد الكردي. بحّران قال: رأيت الحافظ في المنام، فقلتُ له: يا سيدي، أليس قد مت فقال: إن الله أبقى علي وردي من الصلاة. أو نحو هذا. وسمعتُ القاضي أبا حفص عمر بن علي الهكاري بنابلس يقول: رأيتُ الحافظ عبد الغني في النوم كأنه قد جاء إلى بيت المقدس، فقلت: جئت غير راكب فقال: أنا حملني النبي صلى الله) عليه وسلم. سمعت الحافظ أبا موسى قال: حدثني رجل من أصحابنا قال: رأيت الحافظ في النوم، وكان يمشي مستعجلاً، فقلت: إلى أين قال: أزور النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: وأين هو قال في المسجد الأقصى. فإذا النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أصحابه. فلما رأى الحافظ قام صلى الله عليه وسلم له وأجلسه إلى جانبه. قال: فبقي الحافظ يشكو إليه ما لقي، ويبكي ويقول: يا رسول الله صلى الله عليه وسلّم كُذَّبتُ في الحديث الفلاني، والحديث الفلاني، و رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: صدقت يا عبد الغني، صدقتَ يا عبد الغني. سمعتُ أبا موسى قال: مرض والدي مرضاً شديداً منعه من الكلام والقيام ستة عشر يوماً. وكنتُ كثيراً ما أسأله: ما تشتهي فيقول: أشتهي الجنة، أشتهي رحمه الله. ولا يزيد على ذلك.

(42/457)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 458
فلما كان يوم الاثنين جئتُ إليه، وكان عادتي أبعث كل يوم من يأتي بماء من الحمام بكرة يغسل به أطرافه. فلما جئنا بالماء مد يده، فعرفت أنه يريد الوضوء، فوضأته وقت صلاحة الصبح، فلما توضأ قال: يا عبد الله قُم فصل بنا وخفف. فقمت وصليت بالجماعة، وصلى معنا جالساً، فلما انصرف الناس، جئتُ وقد استقبل القبلة فقال: اقرأ عند رأسي يس. فقرأتها، فجعل يدعو وأنا أؤمن. فقلت له: ههنا دواء قد علمناه، تشربه قال: يا بني، ما بقي إلا الموت. فقلت: ما تشتهي شياً قال أشتهي النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى. فقلت: ما أنت عني راضٍ قال: بلى والله، أنا راضٍ عنك وعن إخوتك، وقد أجزتُ لك ولإخوتك، ولابن أخيك إبراهيم. فقلت: ما توصي بشيء. قال: ما لي على أحد شيء، ولا لأحد علي شيء. قلت: توصيني بوصية. قال: يا بني أوصيك بتقوى الله، والمحافظة على طاعته. فجاء جماعة يعودونه، فسلموا، فرد عليهم، وجعلوا يتحدثون ففتح عينيه وقال: ما هذا الحديث اذكروا الله، قولوا لا إله إلا الله. فقالوا، ثم قاموا، وجعل هو يذكر الله ويحرك سفتيه، ويشير بعينيه. فدخل درع النابلسي فسلم عليه وقال: ما تعرفني قال: بلى. فقمتُ لأناوله كتاباً من جانب المسجد، فرجعت وقد خرجت روحه. وذلك يوم الاثنين الثالث) والعشرين من ربيع الأول. وبقي ليلة الثلاثاء في المسجد، واجتمع الخلق الغد، خلق كثير من الأئمة والأمراء، وما لا يحصيهم إلا الله. ودفناه بالقرافة مقابل قبر أبي عمرو بن مرزوق، في مكان ذكر لي خادمه عبد المنعم أنه كان يزور ذلك المكان، ويبكي فيه إلى أن يبل الحصى، ويقول: قلبي يرتاحُ إلى هذا المكان. فرحمه الله ورضى عنه.

(42/458)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 459
قال الضياء: وتزوج ببنت خاله رابعة بنت أحمد بن محمد بن قدامة، فولدت له محمد، وعبد الرحمن، وفاطمة، وعاشوا حتى كبروا. وتسرى بجارية في مصر، فلم توافقه، ثم بأخرى، فولدت له بنتين ماتتا ولم تكبرا. سمعت عبد الحميد بن خولان أن الضياء أخبرهن قال: لما دخلنا إصبهان كنا سبعة، أحدنا الإمام أحمد بن محمد بن الحافظ، وكان طفلاً، فسمعنا على المشايخ. وكان شيخنا مؤيد الدين ابن الإخوة عند جملة حسنة من المسموعات، فسمعنا عليه قطعة، وكان يتشدّد علينا. ثم إنه توفي، فضاق صدري لموته كثيراً، لأنه كانت عنده مسموعات عند غيره. وأكثر ما ضاق صدري لأجل ثلاث كتب: مسند العدني، ومعجم ابن المقرئ، ومعجم أبو يعلى. وكنت قد سمعت عليه في السفرة الأولى مسند العدني ولكن لأجل رفقتي، فرأيت في النوم كأن الحافظ عبد الغني رحمه الله قد أمسك رجلاً، وهو يقول لي: أم هذا، أم هذا. والرجل الذي أشار إليه هو ابن عائشة بنت عمر. فلما استيقظت قلتُ في نفسي: ما قال هذا إلا لأجل شيء. فوقع في قلبي أنه يريد الحديث، فمضيت إلى دار بني معمر وفتشت الكتب، فوجدتُ مسند العدني سماع عائشة مثل ابن الإخوة، فلما سمعناه عليها قال لي بعض الحاضرين: إن لها سماعاً بمُعجّم ابن المقرئ. قلت: أين هو قال: عند فلان الخباز. فأخذناه وسمعناه منها. و بعد أيام ناولني بعض الإخوان معجم أبو يعلى سماعها فسمعناه. أنشدنا ابن خولان: أنشدنا أبو عبد الله الحافظ سنة ست وعشرين وستمائة: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن سعد بن عبد الله لنفسه يرثي الحافظ:
(هذا الذي كنتُ يوم البين أحتسب .......... فليقض دمعُك عني بعض ما يجبُ)

(لم يبق في الأسى والسقم جارحة .......... نفسٌ تذوبُ وقلبٌ بعد ذا يجبُ)

(تا الله لا رُمتُ صبراً عنهمُ أبداً .......... وفي الحياة فما لي دونهم أربُ)
)

(42/459)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 460
(لا تعجبن لوفاتي بعدهم أسفاً .......... وإنما في حياتي بعدهم عجبُ)

(سقياً ورعياً لأيام لنا سفلت .......... والشملُ مجتمعٌ والأنس منتسبٌ)

(والعيشُ غضِّ وعين الدَّهر راقدةٌ .......... والبينُ رثِّ وأثواب الهوى قُشُبُ)

(والدارُ ما نزحت والورقُ ما صدحت .......... وحبذا بكم الأجراع والكتُبُ)

(إن تُمس دارُهُم عني مُباعدةً .......... فإن مسكنهم في القلب مقترب)

(يا سائرين إلى مصر سألتكم .......... رفقاً عليّ فإنّ الأمرَ مُكتسبُ)

(قولوا لساكنها: حييتَ من سكن .......... يا مُنية النفسِ ما ذا الصدُّ والغضبُ)

(بالشام قومٌ وفي بغداد قد أسفوا .......... لا البُعدُ أخلقَ بلواهُم ولا الحقبُ)
منها:
(لولاك ماد عمود الدين وانهدمت .......... قواعدُ الحق واغتال الهدى عطبُ)

(فاليوم بعدك جمرُ الغني مضطرمُ .......... بادي الشرار ورُكن الراشد مضطربُ)

(فليبكينك رسول الله ما هتفت .......... ورقُ الحمام وتبكي العجم والعربُ)

(لم يفترق بكم حالٌ فموتكما .......... نفي الشهر واليوم هذا الفخرُ والحسبُ)

(أحييت سنته من بعدما دفنت .......... وشدتها وقد انهدت لها رتبُ)

(يا شامتين وفينا ما يسؤهُم .......... مستبشرين وهذا الدهرُ محتسبُ)

(ليس الفناء بمقصورٍ على سبب .......... ولا البقاءُ بممدودٍ له سببُ)
من لم يعظه بياضُ الشعر أيقظهُ سوادُ عيش فلا لهو ولا طربُ
(الصبرُ أهونُ ما تُمطى غواربه .......... والأجرُ أعذبُ ما يُجنى وتحبلبُ)

(إن تحسبوه كريه الطعم أيسره .......... سمٌ مذافٌ ففي أعقابه الضربُ)

(ما مات من كان عزّ الدين يعقبه .......... وإنما الميت منكم من له عقبُ)

(ولا تقوض بيتُ كان يعهدهُ .......... مثل العماد منكم من له عقبُ)

(على العُلى بجمال الدين بعدكما .......... يُحيي العلوم بحيي الدين والقربُ)

(مثل الدراري والسواري وانتهكوا .......... حمى الخطوب وأبكار العُلا خطبوا)

(شم العرانين يلحٌ لو سألتهم .......... بذلك النفوس لما هابوا بأن يهبوا)

(بيضٌ مفارقهم سودٌ عواتقهم .......... يمسي مسابقهم من حظه التعب)
)

(42/460)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 461
(نورٌ إذا سألوا، نارٌ إذا حملوا، .......... سحبٌ إذا نزلوا، أسدٌ إذا ركبوا)

(هذا الفخارٌ، فإن تجزع فلا جزعٌ .......... على المحب، وإن تصبر فلا عجبُ)

(الموقدون، ونارُ الخير خامدةٌ .......... والمُقدمون، ونارُ الحرب تلتهبُ)
كملت.
4 (عبد القادر بن خلف بن أبي البركات يحيى بن فضلان.)
أبو بكر البغدادي، الأزجي، المشاهر، المؤدب. سمع من: أبيه، وابن ناصر، وأبي بكر بن الزاغوني، وأبي الفتح الكروخي، وأبي الوقت السجزي. روى عنه: الدبيثي، والضياء، وآخرون. وأجاز للفخر علي. توفي في ذي الحجة.
4 (عبد الملك بن عثمان بن عبد الله بن سعد.)
أبو محمد المقدسي. قتل بقرية الهامة في شوال. وهو والد الزين أحمد، والجمال عبد الله.
4 (عبد الملك بن مظفر بن عبد الله.)
أبو غالب الحربي، شيخ صالح. سمع: أحمد بن أبي غالب الزاهد، وسعيد بن البنا، وجماعة. روى عنه: الحافظ الضياء، والشرف عبد الله بن أبي عمر، وابن عمه المجد عيسى، وغيرهم.

(42/461)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 462
وأجاز للفخر علي، والكمال عبد الرحيم بن عبد الملك. وتوفي في شوال.
4 (عبد الملك بن مواهب بن مسلم بن الربيع.)
أبو محمد، وأبو القاسم السلمي، البغدادي، النصري، الوراق، الشيخ الصالح الذي كان يذكر أنه رأى الخضر. روى عن: القاضي أبي بكر الأنصاري.) قال الدبيثي: كان صالحاً، حسن الطريقة. توفي في تاسع ربيع الآخر. روى عنه: هو، وابن خليل، والنجيب بن الصيقل. وقرأت بخط شيخنا ابن الظاهري قال: كان صالحاً مستجاب الدعوة، يأكل من كسب يده، وكان يزعم أنه يرى الخضر عليه السّلام. قلت: أجاز للفخر علي، ولجماعة رحمه الله.
4 (عبد الملك بن أبي القاسم عبد الله بن الحسين.)
أبو علي المؤذن، الدارقزي، المعروف بابن القشوري. ذكر أنه سمع من: أبي القاسم بن الحصين، وقاضي المرستان. وحدث عن: أبي غالب محمد بن محمد بن أسد العكبري، شيخ روى عن أبي الفتح بن عمران. روى عنه: الدبيثي وقال: توفي في صفر، وابن النجار وقال: صدوق.

(42/462)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 463
4 (عبد المنعم بن الفقيه أبي نصر هبة الكريم بن خلف بن المبارك بن البطر.)
أبو الفضل البغدادي، البيع، المعروف بابن الحنبلي. حدث عن: أبي الفضل الأرموي. وكان أبوه يروي عن قرابته أبي الخطاب نصر بن البطر. توفي في ذي القعدة.
4 (عبد المنعم بن يحيى بن أحمد بن عبيد الله.)
الأزجي، البيع. حدث عن: ابن ناصر، وأبي الوقت. ومات أيضاً في ذي القعدة رحمه الله تعالى.
4 (عبد الواحد بن سعد بن يحيى.)
أبو الفتح البغدادي، الصفار. من أهل نهر القلايين. سمع: أبا بكر الأنصاري، وهبة الله بن الطبر، وإسماعيل بن السمرقندي، وعبد الجبار بن أحمد بن توبة الأسدي، وعبد الرحمن بن محمد القزاز، وجماعة. وكان شيخاً صالحاً. عاش اثنتين وثمانين سنة.)

(42/463)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 464
ومات في رابع المحرم. ذكره الحافظ زكي الدين وقال: لنا منه إجازة.
4 (عتيق بن علي سعيد بن عبد الملك بن رزين.)
أبو بكر العبدري، الطرطوشي، القاضي المعروف بابن العقار. ذكره ابن الأبار وقال: أصله من طرطوشة، ونشأ بميورقة، واستوطن بلنسية. وقرأ على: أبي الحسين بن هذيل، وابن النعمة، وأبي بكر بن نمارة. وسمع منهم، ومن غيرهم. وأجاز له أبو طاهر السلفي، وجماعة. وقعد للتعليم بالقرآن، وكان من أهل التجويد والتحقيق والتقدم في الإقراء، مع الفقه والبصر بالشروط. ولي قضاء بنسية وخطابتها وقتاً. وكانت في أحكامه شدّة، وفي أخلاقه حدة. أخذ الناس عنه القراءات والحديث. ولد سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. وتوفي في ذي الحجة.
4 (العراقي بن محمد بن العراقي.)

(42/464)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 465
العلامة ركن الدين، أبو الفضل القزويني، الطاووسي، صاحب الطريقة. كان إمام كبيراً، مناظراً، محجاجاً، فيماً بعلم الخلاف، مفحماً للخصوم. أخذ ذلك عن الشيخ رضي الدين النيسابوري الحنفي صاحب الطريقة، فبرع في الفن، وصنف ثلاث تعاليق. وازدحم عليه الطلبة بهمذان، ورحلوا إليه من النواحي. واشتهر اسمه. ومن أصحابه نجم الدين أحمد بن محمد بن خلف المقدسي، اشتغل عليه حتى صار معيده. توفي ركن الدين في رابع عشر جمادى الآخرة بهمذان.
4 (عزيزة بنت علي بن أبي محمد يحيى بن علي بن الطراح المدير.)
أخت ست الكتبة. حدثت عن: جدها. روى عنها: الحافظ الضياء، والنجيب الحراني، وغيرهما.)

(42/465)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 466
وأجازت للفخر علي، وللشيخ شمس الدين، ولإسماعيل العسقلاني. وماتت في نصف شعبان.
4 (علي بن الأجل أبي طاهر أحمد بن الحسين بن عبد الله بن أيوب.)
أبو الحسن الكرخي، الكاتب. ولد سنة ثلاث وعشرين، وسمع: أبا بكر الأنصاري، وأبا منصور ابن زريق القزاز. روى عنه: الدبيثي، والضياء، والنجيب عبد الطيف. وتوفي في سلخ ربيع الأول.
4 (عمر بن إبراهيم بن الحسن بن طاهر.)
أبو حفص بن الحصني، الحموي، ثم الدمشقي. سمع من: علي بن الحسين بن اشليها، ونصر الله بن محمد المصيصي، وأبي يعلى حمزة بن الحبوبي. روى عنه: ابن خليل، الضياء، والشهاب القوصي. وأجاز لأحمد بن أبي الخير.
4 (عمر بن علي بن محمد.)
أبو حفص الحربي، الإسكاف. سمع: عبد الله بن أحمد بن يوسف. روى عنه: يوسف بن خليل.

(42/466)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 467
وأجاز لابن أبي الخير.
4 (عمر بن علي بن المظفر.)
أبو حفص الأشتري، الصوفي، نفيس الدين، الخادم بخانقاه سعيد السعداء بالقاهرة. سمع: سعيد بن سهل الفكلي، وأبا طاهر السلفي. وحدث. توفي في ربيع الأول.
4 (عمر بن محمد بن الحسن بن عبد الله.)
الأزجي، القطان، المعروف بحُريرة. شيخ مسند مشهور. حدث عن: أبي القاسم بن الحُصين، وأبي غالب محمد بن الحسن الماوردي، وأبي بكر) الأنصاري. روى عنه: الدبيثي، والضياء، والنجيب عبد اللطيف. وأجاز لابن أبي الخير، وللفخر بن البخاري. وتوفي في السابع والعشرين من جمادى الآخرة.
4 (عمر بن الإمام أبي المحاسن يوسف بن عبد الله بن بندار.)
الفقيه أبو حفص الدمشقي. تفقه على والده ببغداد.

(42/467)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 468
وسمع من: أبي الوقت، وأبي زرعة المقدسي. وقدم مصر وحدث بها وناظر. وهو أخو قاضي القاهرة زين الدين علي. توفي في ثامن عشر صفر.
4 (عيسى بن محمد بن عيسى بن عقاب.)
أبو الأصبغ الغافقي، القرطبي، المقرئ. أخذ القراءات عن: أبيه، أبي القاسم بن رضا، وغيرهما. وسمع من: أبي الوليد بن الدباغ، وجماعة. وحدث وأقرا القرآن. وتوفي في المحرم عن أربع وسبعين سنة رحمه الله.
4 (حرف الغين)

4 (غالب بن عبد الرحمن بن محمد بن خلف.)
أبو بكر الشراط، الأنصاري، الأندلسي، المقرئ. أخذ القراءات عن: أبيه. وعن: أبي بكر بن خير. وسمع الكثير من ابن بشكوال. وسمع من: أبي العباس بن مضاء، وأبي الحسن عبد الرحمن بن بقي، وجماعة. قال الأبار: أقرأ، ودرس، وحدث، وعلم العربية. وكان من أهل العلم والعمل، محبباً إلى الخاصة والعامة، بصيراً بالقراءات، والعربية، واللغة.) توفي في ربيع الآخر كهلاً.

(42/468)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 469
4 (حرف الفاء)

4 (فتح بن محمد بن فتح.)
أبو نصر بن الفصال القرطبي. أحد من أكثر عن: أبي القاسم بن بشكوال، وأبي بكر بن خير.
4 (فاطمة بنت أبي الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري البلنسي.)
أخت عبد الكريم. ولدت بإصبهان في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. وسمعتُ حضوراً، ولها سنتان وشيءٌ، من فاطمة بنت عبد الله الجُوزادنية. وقدم بها أبوها بغداد في سنة خمس وعشرين فسمّعها حضوراً من: أبي القاسم بن الحُصين، وزاهر بن طاهر، وأحمد بن الحسين بن البنا، وأسمعها من: نفسه، ومن: هبة الله بن أحمد بن الطبر، ويحيى بن حبيش الفارقي، ويحيى بن البنا، وأبي المكارم أحمد بن عبد الباقي، وأبي منصور بن زريق القزاز، وإسماعيل بن السمرقندي، والقاضي أبي بكر محمد بن القاسم الشهرزوري، وطائفة كبيرة. وأجاز لها خلق. وحدثت بدمشق، والقاهرة. تزوج بها ابن نجا الواعظ، وأقدمها معه إلى دمشق، ثم سكن بها بمصر، فأكثر عنها المصريون وعني بها والدها أتم عناية. روى عنه: أبو موسى بن الحافظ عبد الغني، والمحدث عبد الرحمن بن

(42/469)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 470
مقرب التجيبي، والفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن الوزان، وأبو عبد الله محمد ابن المقرئ الشاطبي، والضياء، وخطيب مردا، وعبد الله بن علاق، وخلق كثير. وبالإجازة: أحمد بن أبي الخير، والحافظ زكي الدين عبد العظيم وقال: توفيت في ثامن ربيع الأول.
4 (فضل الله بن الحافظ أبي سعيد محمد بن أحمد.)
الإمام أبو المكارم النوقاني، والفقيه، الشافعي. ونوقان هي مدينة طوس.) مولده في سنة أربع عشرة وخمسمائة. وبادر أبوه فأخذ له الإجازة من محيي السنة أبي محمد البغوي. وسمع من عبد الجبار بن محمد الحواري أربعين البيهقي الصغرى. وسمع من أبيه مسند الشافعي. وكان بارعاً في مذهبه. تفقه مدة بمحمد بن يحيى. وكان مفتياً، مهيباً، مدرساً. سمع منه: أبو رشيد الغزال، وغيره. وأجاز للشيخ شمي الدين بن أبي عمر، وللفخر علي بن البخاري. مرض بنيسابور، فحمل إلى نوقان فمات بها في سنة ستمائة. ورخه أبو العلاء الفرضي. وقيل: ولد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، فنحنُ نروي تصانيف مُحيي السنة شرح السنة، ومعالم التنزيل، والمصابيح، والتهذيب،

(42/470)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 471
والأربعين حديثاً بالإجازة العالمية، من ابن أبي عمر، والفخر علي، بإجازتهما منه، بإجازته من المؤلف.
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن الحافظ الكبير أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين.)
الحافظ، المفيد، المسند، الورع، بهاء الدين أبو محمد الدمشقي، المعروف بابن عساكر. مولده في نصف جمادى الأولى سنة سبعٍ وعشرين وخمسمائة. وسمع: أباه، وعمه الصائن هبة الله، وجدّ أبويه القاضي أبا المفضل يحيى بن علي القرشي، وابنه القاضي أبا المعالي محمد بن يحيى، وجمال الإسلام أبا الحسن علي بن المسلم، وأبا طالب علي بن عبد الرحمن الصوري، ويحيى بن بطريق الطرسوسي، وأحمد بن محمد الهاشمي الذي روى عن السميساطي، وأبا الفتح نصر الله بن محمد المصيصي، وهبة الله بن طاوس،

(42/471)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 472
وأبا الدر ياقوت بن عبد الله الرومي، والخضر بن الحسين بن عبدان، وعبد الرحمن بن عبد الله بن أبي الحديد، ونصر بن أحمد بن مقاتل، وأبا القاسم بن البن، وأبا الحسن المرادي، وأبا سعد بن السمعاني، وخلقاً كثيراً. وأجاز له عامة مشايخ خُراسان الذي لقبهم أبوه في سنة ثلاثين. منهم: أبو عبد الله الفراوي، وزاهر الشحامي، والحسين بن عبد الملك الخلال، وهبة الله السيدي.) وأجاز له القاضي أبو بكر الأنصاري، وجماعة من بغداد. وكان إماماً، محدثاً، ثقة، حسن المعرفة، كريم النفس، مكرماً للغرباء، ذا أنسة بما يُقرأ عليه، وخطه وحش، لكنه كتب الكثير، وصنف، وخرج، وعُني بالكتابة والمطالعة، فبالغ إلى الغاية. وكان ظريفاً، كثير المزاح. قال العزّ النسابة: كان أحب ما إليه المزاح. وقال ابن نقطة: هو ثقة إلا أن خطه لا يشبه خط أهل الضبط. وقال عبد الرحمن بن المقرب الإسكندري: حدثني المحدث ندى الحنفي قال: قرأتُ على أبي محمد بن عساكر، ثنا ابن لهيعة فقال: اللُهيعة بالضم فراجعته فلم يرجع. وقال الحافظ عبد العظيم: قلت للحافظ أبي الحسن المقدسي: أقول ثنا القاسم بن علي الحافظ بالكسر نسبةً إلى والده فقال: بالضم، فإني اجتمعت به بالمدينة فأملى علي أحاديث من حفظه، ثم سير إلي الأصول فقابلتها فوجدتهما كما أملاها. وفي بعض هذا يطلق عليه الحفظ.

(42/472)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 473
قلت: وليس هذا هو الحفظ العرفي. وقد صنف كتاب المستقصي في فضل المسجد الأقصى، وكتاب الجهاد. وأملى مجالس. وكان يتعصب لمذهب الأشعري، ويبالغ من غير أن يحققه. وقد ولي مشيخة دار الحديث النورية بعد والده إلى أن مات. ولم يتناول من معلومه شيئاً. بل جعله مرصداً لمن يرد عليه من الطلبة. وقيل إنه لم يشرب من مائها، ولا توضأ منه. وقد سمع منه خلق. وحدث بمصر، والشام. روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأبو جعفر القرطبي، وأبو الحسن بن المفضل، وأبو محمد عبد القادر الرهاوي، ويوسف بن خليل، والتقي اليلداني، والكمال محمد بن القاضي صدر الدين عبد الملك بن درباس، والمفتي عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام والتاج عبد الوهاب ابن زين الأمناء وعبد الغني بن بنين القباني والخطيب عماد الدين عبد الكريم بن الحرستاني، والمحدث زين الدين خالد، والنجيب فراس العسقلاني، والمجد محمد بن إسماعيل بن عساكر، والتقي إسماعيل بن أبي اليسر، والكمال عبد العزيز بن عبد، وأبو بكر محمد بن علي النشبي. وأجاز لابن أبي الخير الحداد، ولأبي الغنائم المسلم بن علان. وتوفي في تاسع صفر.)
4 (حرف الكاف)
كامل بن عبد الجليل بن أبي تمام. الرئيس الشريف أبو الفضائل الهاشمي، البغدادي، الحريمي، المعروف بابن الشنكاتي.

(42/473)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 474
سمع: أبا منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز. روى عنه: الدبيثي، والنجيب عبد اللطيف. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (حرف اللام)

4 (الليث بن علي بن محمد.)
أبو الفتح بن البوراني، البغدادي. شيخ معمر، ولد بعد الخمسمائة بيسير، ولو سمع على مقتضى سنة لسمع من أبي القاسم بن بيان، وطبقته. ولكنه سمع في كبره من: القاضي أبي بكر. ومن: محمد بن محمد بن أسد. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وغيره. وروى عنه بالإجازة أبو الحسن البخاري. وتوفي في ثاني ربيع الأول.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور.)
الجمال أبو بكر المقدسي، وهو مشهور بكنيته. قال الضياء: وُلد سنة ثلاث وستين، وتوفي بنابلس لأنه مضى ليزور القدس بعد حجته. وكان فقيهاً زاهداً، ورعاً، كثير الخوف من الله تعالى. كان يعرف بالزاهد.

(42/474)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 475
رحل مع أخيه البهاء عبد الرحمن إلى بغداد، وسمع الكثير بها وبدمشق. وكان يتنضف ويبالغ في الوضوء. ثم رجع وتزوج. ثم سافر إلى بغداد، وأقام بها مدة وحصل فنوناً وعاد. وكان يؤم بمسجد دار البطيخ بدمشق. وتزوج بمريم بنت خلف بن راجح، فولدت له أحمد، وعبد الرحمن، وصفية. أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار بقراءتي، أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم) بحران سنة أربع وثمانين، أنا ابن شاتيل، وأنبا ابن بيان، فذكر حديثين.
4 (محمد بن الحسين بن علي بن الهادي بن القاسم بن ناصر الحق.)
الشريف النقيب نقيب السادة بمصر أبو الفضل المعروف بأبي الدلالات. العلوي، الحسيني، الطبري. توفي في جمادى الأولى. وحدث عن الوزير أبي المظفر الفلكي.
4 (محمد بن صافي بن عبد الله.)
أبو المعالي البغدادي، النقاش. ولد سنة ثمان عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبي بكر المزرفي، ويحيى بن الحسن بن البنا، وأبي البركات يحيى بن عبد الرحمن الفارقي، وأبي القاسم بن السمرقندي.

(42/475)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 476
وأجاز للشيخ شمس الدين، وللشيخ الفخر المقدسيين. وتوفي في ربيع الآخر وله اثنتان وثمانون سنة.
4 (محمد بن الإمام موفق الدين أبي محمد بن قدامة.)
أبو الفضل. ولد في ربيع الآخر سنة ثلاث وسبعين. وتوفي في جمادى الأولى، وقد استكمل ستاً وعشرين سنة. قال الضياء: مات بهمذان. وكان شاباً ظريفاً، فقيهاً، تفقه على والده، وسافر إلى بغداد، واشتغل بالخلاف على الفخر إسماعيل غلام ابن المنى وسمع الحديث.
4 (محمد بن الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي.)
أبو الفضل. سمع من: والده، وسعيد بن النباء، وأبي الوقت. وحدث. وتوفي في ذي القعدة. وروى عنه: أبو عبد الله بن النجار وقال: كان من ذوي الثروة، وكان طحاناً، فكثرت أمواله) وتنعم فقابل النعمة بالكفر، حتى سمعت من جماعة أنه كان يأخذ الذهب ويرمي به نحو السماء ويقول: كم تعطيني ذهباً وقد شبعت. ثم ما زال في انحطاط حتى افتقر، ولبس بالفقيري، ولزم رباطهم. ثم سافر إلى دمشق ليطلب شيئاً، ثم عاد إلى بغداد. ولم تكن طريقته

(42/476)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 477
مرضية، وكان خالياً من العلم. عاش ثمانياً وخمسين سنة.
4 (محمد بن عبد الملك بن محمد.)
أبو عبد الله الأزدي، العتكي، من أهل الجزيرة الخضراء. عمر وعاش ستاً وثمانين سنة. وسمع من: أبي العباس بن زرقون فقط. وولي قضاء بلده. حدث عنه: أبو محمد بن حوط الله، وأبو عبد الله بن هشام.
4 (محمد بن علي بن محمد بن الخازن.)
أبو المعالي البزاز، المعروف بابن قشيلة، بقافٍ مضمومة، و شين معجمة. سمع: أبا بكر محمد بن عبد الباقي القاضي، وأبا الوقت. وإنما ظهر سماعُه بعد موته. توفي في ربيع الآخر.
4 (محمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي.)

(42/477)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 478
القاضي أبو البركات الأنصاري، الموصلي، الشافعي. ولد سنة ثلاثين وخمسمائة بالموصل. وسمع من: القاضي أبي بكر محمد بن القاسم الشهرزوري. وببغداد من: ابن ناصر، والنقيب أحمد بن علي العلوي، وأبي الوقت. وذكر وفاة أبي البركات هذا الحافظ عبد العظيم فقال: توفي في ثاني ربيع الأول بأسيوط، ودفن عند مصلى العيد، وقد ولي القضاء بها زيادة على عشرين سنة. قال: وذكر أنه تولى الحكم بحماه ثمان سنين في زمان نور الدين، وجمع كتاباً سماه عيون) الأخبار وغرر الحكايات والأشعار. وجمع أربعين حديثاً عن أربعين شيخاً في أربعين مدينة. وجمع معجم النساء. وذكر في هذه الكتب أنه سمع بالموصل من الشهرزوري، ويحيى بن سعدون، وببغداد من ابن ناصر، وبالبصرة من فلان وبهمذان من أبي العلاء، وبحلب من ابن عصرون، وبدمشق من ابن عساكر، وبمصر من أبي الفتح المحمودي، وبأسيوط، ودمياط، وقوص، وأسوان، ومدناً كثيرة. سمع منه: خطيب أسيوط أبو الرضا محمد بن سليمان، والحسن بن عبد الباقي الصقلي. ونبا عنه أبو الحسن بن أبي الجود الفتحي. ووقع في كتابة عيون الأخبار مواضع وهمها ظاهراً جداً.
4 (محمد بن أبي نصر محمد بن ياسين بن عبد الملك.)

(42/478)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 479
أبو البركات التاجر البغدادي. ولد سنة أربع وثلاثين، وعرض القرآن على أبي الحسن علي بن أحمد اليزدي. وسمع: أبا الفضل الأرموي، وجماعة. وحدث عنه: ابن الدبيثي.
4 (محمد بن المهنا بن محمد.)
الأديب أبو عبد الله البناني، والبغدادي، الشاعر المشهور. ولد في محرم سنة تسع وخمسمائة، ومدح الخلفاء والوزراء، وطال عمره. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي في تاريخه من شعره وقال: توفي في رابع شوال. وروى عنه أيضاً ابن النجار. تزوج بتسعين امرأة.

(42/479)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 480
4 (محمد بن يحيى بن صباح.)
أخو أبي صادق الحسن القرشي، المخزومي. سمع: عبد الله بن رفاعة. وحدث عنه بدمشق، وبها توفي وله اثنتان أو ثلاث وخمسون سنة. توفي في شوال.
4 (محمد بن يحيى بن محمد بن متوكل.)
أبو بكر ابن الحذاء التميمي، الإشبيلي، الشاهد.) قال الأبار: روى فيما أحسب عن أبي محمد بن عتاب. أخذ عنه: أبو علي الشلوبين. وتوفي سنة ستمائة أو إحدى وستمائة عن نيفٍ وتسعين سنة.
4 (محمد بن يحيى بن محمد.)
أبو بكر الجذامي، النيار، الإشبيلي، الشاهد. سمع من: شريح بن محمد صحح البخاري، ومن: أبي بكر بن طاهر الموطأ. وحدث. توفي فيها تقريباً.
4 (محمد بن يوسف بن مفرج بن سعادة.)
أبو بكر وأبو عبد الله الإشبيلي، المقرئ، نزيل تلمسان. قال الأبار: أخذ القراءات عن: أبي الحسن شريح بن محمد، وأبي العباس بن حرب.

(42/480)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 481
وسمع منهما، ومن: والقاضي أبو بكر بن العربي، و أبي بكر بن مدير. ولم يسمع من شريح إلا الموطأ وصحيح البخاري. وكان مقرئاً فاضلاً، ومحدثاً ضابطاً. أخذ الناسُ عنه، وعمر وأسن. وحكى أبو العباس بن المزين أنه لقبه بتلمسان، وأنه أجاز له في ربيع الآخر سنة ستمائة. وفيها توفي رحمه الله.
4 (محمد بن يوسف بن أبي بكر.)
الشيح ضياء الدين أبو بكر الآملي، الطبري، المقرئ، الفقيه، إمام السلطان صلاح الدين. سمع بإصبهان من: مسعود الثقفي، وأبي الخير الباغبان. وبهمذان من: الحافظ أبي العلاء العطار. وبشيراز من: عبد العزيز بن محمد الأدمي، وغيرهم. وحدث بمصر، ودمشق، والمدينة. روى عنه: علاء الدين علي بن محمد بن سعيد بن القلانسي، وتقي الدين اليلداني، وشمس الدين ابن خليل، وشهاب الدين القوصي، وجماعة. وأجاز لأحمد بن أبي الخير، وأبي الغنائم بن علان. وتوفي في العشرين من ربيع الآخر.) وكان قد اعتنى بكتب القراءات نسخاً وسماعاً. ويعرف بخواجاً إماماً رحمه الله تعالى.
4 (المبارك بن إبراهيم بن مختار بن تغلب.)

(42/481)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 482
الشيخ الصالح أبو محمد الأزجي، الطحان المعروف بابن السيبي. سمع: أبا القاسم بن الحُصين، وأبا البركات بن حبيش الفارقي. وتغلب: بغين معجمة. روى عنه: ابن خليل، والدبيثي، والضياء محمد، والتقي اليلداني، وابن عبد الدائم، وعبد اللطيف الحراني، وآخرون. وكان خيراً حافظاً للقرآن. توفي في شوال وله ثلاثٌ وثمانون سنة. وابنه عبيد الله يروي عن ابن البطي.
4 (المبارك بن طاهر بن المبارك.)
أبو المظفر الخزاعي، البغدادي، الصوفي. شيخ صالح عارف. نزل إربل وحدث بها، وبالموصل عن: توشتكين الرضواني، وابن ناصر. وتوفي في جمادى الآخرة. سمع منه: المطهر بن سديد. وأقام بإربل دهراً.
4 (مريم بنت أبي الفائز مظفر بن داود الأزجي.)
سمعت أبا الفضل محمد بن عمر الأرموي. وتوفيت في ربيع الأول.

(42/482)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 483
يقال لأبيها البازبازي، بزايين بينهما ياء آخر الحروف.
4 (حرف النون)

4 (نصر بن علي بن منصور.)
أبو الفتح الحلي، النحوي، المعروف بابن الخازن، تلميذ أبي محمد الحسن بن علي بن عبيدة في العربية. وقد سمع من ابن كليب، وطبقته.) وكان أديباً فاضلاً، كثير الكتب. توفي بالحلة المزيدية، ودفن بكربلاء بالمشهد في جمادى الأولى.
4 (نصر بن عبد الله بن الحسين بن جهير.)
الرئيس الأجل أبو الفرج. ولي الوزارة من بيته غير واحد، وحدث عن: سعيد بن البنا، ومحمد بن عبيد الله الرطبي.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن أبي المعمر الحسين بن الحسن بن علي بن البل.)
أبو المعالي بن أبي الأسود البغدادي، البيع. شيخ صالح معمر من أبناء التسعين.

(42/483)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 484
روى عنه: أبي بكر الأنصاري، وأبي الفتح عبد الله بن البيضاوي، وجماعة. وعنه: الدبيثي، وابن خليل، والضياء، والنجيب عبد اللطيف. وأجاز لابن أبي الخير. وتوفي في رجب.
4 (هبة الله بن يحيى بن علي بن أبي المكارم حيدرة.)
القاضي الأجل، صنيعة الملك أبو محمد القيسراني الأصل، المصري، المعدل ويعرف بابن ميسر. ولد سنة سبع وعشرين وخمسمائة، وروى السيرة عن عبد الله بن رفاعة السعدي. وروى عن: أبي العباس بن الحطيئة. وروى عنه: أبو الحسن السخاوي، والضياء محمد، وخطيب مردا، وجماعة. ذكر الحافظ المنذري وفاته في سابع عشر ذي الحجة وأثنى عليه فقال: كان عالي الهمة، نزعاً، صالحاً، كثير البر والمعروف. وجده علي هو الذي قدم مصر من قيسارية. وعرف بابن ميسر لأن قاضي القضاة ابن ميسر ربى والده أبا الحسين للمصاهرة التي بينهما.
4 (هذيل بن محمد بن هذيل.)
الأنصاري، أبو المجد الإشبيلي.)

(42/484)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 485
أخذ القراءات عن أبي الأصبغ السماني، ومحمد بن محمد بن معاذ، وجماعة. وتصدر للإقراء ولتعليم العربية. أخذ عنه ابن الطيلسان. وكان حياً في هذه السنة.
4 (حرف الواو)

4 (واثق بن المبارك بن أحمد.)
أبو منصور بن قيداس الحريمي. سمع من أحمد بن علي بن الأشقر. وحدث. ومات في شوال. لا حق بن أبي الفضل بن علي. الشيخ أبو طاهر الحريمي، الخباز، الصوفي برباط الخليفة، المعروف بابن قندرة. روى المسند كله عن ابن الحُصين. وكان صحيح السماع، مسناً، معمراً. ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وعنه: الدبيثي، وابن خليل، والضياء واليلداني، وجماعة. وأجاز لأحمد بن أبي الخير، والفخر علي. توفي ثامن المحرم.

(42/485)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 486
4 (حرف الياء)
يحيى بن سعيد بن مسعود. أبو زكريا الأندلسي، المقرئ، النحوي، نزيل تلمسان، ويعرف بالقلني. وقلنة من بلاد الثغر الشرقي من الأندلس. قال الأبار: كان مقرئاً، نحوياً، لغوياً، حافظاً، شاعراً. تصدر للإقراء، وله شعر كثير معظمه في الزهد والوعظ. روى عنه: التجيبي، وأبو العباس ابن المزين قال: أجاز لي في جمادى الأولى عام ستمائة. قلت: ولم يؤرخ الأبار له وفاة.)
4 (يحيى بن الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي.)
أبو زكريا أصغر الإخوة. ولد سنة خمسين. وحدث عن ابن البطي. وتوفي ببغداد كهلاً.
4 (يحيى بن محمد بن علي بن طوق.)
أبو الفتح الموصلي، ثم البغدادي، الملقب بالسديد. حدث عن: أبي الوقت. وتوفي في رمضان.

(42/486)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 487
4 (يحيى بن محمد بن علي.)
أبو الحسين ابن الصائغ الأنصاري، السبتي، المغربي. قال الأبار: سمع من أبي مروان بن قزمان، وأخذ عنه كتاب التقصي لابن عبد البر. وسمع من: أبي عبد الله بن زرقون، وأبي القاسم بن بشكوال، وجماعة. وكان نسيج وحده في الورع، والزهد، والنسك، والتقلل من الدنيا، والإيثار. وله أخبار بديعة في ذلك. روى عنه: التجيبي وهو أكبر منه، وأبو عبد الله بن هشام، وأبو الحسن الشاري. وأثنى عليه أبو الحسن وقال: لم أر أزهد منه. وتوفي بسبتة في رمضان.
4 (يعيش بن نجم بن عبد الله.)
أبو البقاء البغدادي، المأموني، الفرضي، الحاسب، الواعظ، الوكيل. عاش إحدى وسبعين سنة. وسمع: سعيد بن البنا، وعبد الله بن أحمد بن يوسف. ويقال إنه سمع من قاضي المرستان. وكان عارفاً بالفرائض وعقد الوثائق. مات في شوال.
4 (يوسف بن سعيد بن مسافر بن جميل.)
)

(42/487)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 488
الأزجي، المقرئ، البنا، القطان، أبو محمد. ولد سنة ست وأربعين، وسمع الكثير من: أبي الفتح بن البطي، والناس بعده. وتوفي في سلخ ذي الحجة. قال الدبيثي: وكان فيه تخليط سامحه الله. وكتب الكثير إلى أن مات.
4 (الكنى)

4 (أبو القاسم بن شدقيني.)
تقدم في الشين، والأصح أن اسمه كنيته. وفيها ولد: الشيخ شمس الدين أحمد بن عبد الله بن الزبير الخابوري خطيب حلب، وشيخ الطب عز الدين إبراهيم بن محمد السويدي في ذي العقدة، والمحدث مكين الدين أبو الحسن بن عبد العظيم الحُصين، والعلامة البرهان النسفي محمد بن محمد الحنفي صاحب الجست.

(42/488)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 489
1 (ومن المتوفين تقريباً وتخميناً)

4 (حرف الألف)

4 (إبراهيم بن علي بن أحمد بن محمد بن حمك.)
المغيثي، النيسابوري، القاضي المعمر، أبو الفضل، قاضي القضاة. مولده في ذي الحجة سنة ثمان وخمسمائة. قرأته بخطه. وسمع منه العلامة جمال الدين محمود بن الحصري موطأ أبي مصعب، بروايته عن هبة الله السيدي سماعاً. وأجاز للفخر ابن البخاري مروياته. وسماع الحُصري منه في رجب سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
4 (أحمد بن عبد السلام.)
أبو العباس الكورائي، ويقال فيه الجراوي. وهو بذلك أشهر. الشاعر البربري. وكورايا قبيلةٌ من البربر منازلهم بقرب فاس. كان آية زمانه في النظم وحفظ الأشعار القديمة والحديثة.

(42/489)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 490
جالس عبد المؤمن وأولاده من بعده، وطالت أيامه وجمع حماسة كبيرةً مشهورةً بالمشرق والمغرب، أحسن فيها الترتيب. وكان ظريفاً صاب نوادر. ومن شعره في المنصور أبي يعقوب صاحب المغرب:
(إن الإمام هو الطيبُ وقد شفى .......... علل البرية ظاهراً ودخيلاً)

(حمل البسيط وهي تحمل شخصهُ .......... كالروح يوجد حاملاً محمولا)
وله:
(مشى اللوم في الدنيا طريداً مشرداً .......... يجوبُ بلاد الله شرقاً ومغرباً)

(فلما أتى فاساً تلقاه أهلها .......... وقالوا له: أهلاً وسهلاً ومرحباً.)
وله مدائح في السلطان عبد المؤمن وبنيه. توفي سنة بضع وتسعين وخمسمائة وقد جاوز الثمانين. قال تاج الدين بن حمويه: أدركته فرأيت شيخاً حسناً، وقد زاد على العمرين، وخضرم حيث) أدرك العصرين، وحلب من الدهر الشطرين، ومدح الكبار، و حصل أموالاً.

(42/490)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 491
وقيل إن يوسف بن عبد المؤمن سأل: من بالباب فقالوا: أحمد الكوراثي وسعيد الغماري. فقال: من عجائب الدنيا، شاعر من كورايا، وحكيم من غمارة. فبلغ ذلك أحمد فقال: وضرب لنا مثلاً ونسي خلقهُ، أعجب منهما خليفة من كومية. فقال الخليفة يوسف لما بلغه ذلك: أعاقبه بالحلم والعفو عنه، ففيه تكذيبه. وللكورائي في عبد المؤمن:
(أبر على الملوك فما يُبارى .......... همامٌ قد أعاد الحرب دارا)

(له الأقدار أنصارٌ، فمهما .......... أراد الغزو يبتدرٌ ابتدارا)

(يقدم للعقاب مقدمات .......... من الإنذار تمنع الاعتذارا)
ومضى في القصيدة. ومن أخرى في يوسف بن عبد المؤمن له:
(من قيس عيلان الذين سيوفهم .......... أبداً تصولُ ظباؤها وتصونُ)

(وغيوثُ حرب والنوال سحائب .......... وليوث حربٍ والكفاح عرينُ)

(ضمنت لهم أسيافهم ورماحهم .......... أن يكثر المضروب والطعون)

(قد أصحروا للنازلات فما لهم .......... إلا ظهور السابقات حُصونُ)

(ملكٌ إذا اضطرب الزمانُ مخافة .......... لم يُغنهِ التسكين والتأمينُ)

(أشفى على الدنيا فعف، وغيره .......... بدلالها وجمالها مفتون)

(عذراً أبا يعقوب إن علاكم .......... قد أفنت المدحات وهي فنون)
وله يصف الموحدين:
(وسادة كأسود الغاب فتكهم .......... قصدٌ إذا اغتال في الهيجاء مُغتالُ)

(تشوقهم للطّعان الخيلُ إن صهلت .......... كما يشوقُ العميد الصب أطلالُ)

(42/491)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 492
(إن سابقوا سبقوا، أو حاربوا غلبوا، .......... أو يمموا وصلوا، أو أملوا نالوا)

(جادوا، وصالوا، وضاؤوا، واحتبوا، فهم .......... مزنٌ وأسدٌ، وأقمارٌ، وأجبالُ)
قال تاج الدين: توفي في أواخر أيام السيد يعقوب عن حالةٍ مرضيه، وإنابةٍ وزهادة، وإقبال على العبادة. وتناهى به العمر إلى غاية الهرم، وهو على جودة الذهن، وحسن الشيم.) قلت: وقيل إنه توفي سنة تسع وستمائة بإشبيلية. وسأعيده هناك مختصراً.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن علي بن إبراهيم.)
وأبو محمد الجويني الناسخ. كان بديع الوراقة، كتب بخطه ما لا يوصف حتى أن من جملة ما كتب مائتين وستة وثلاثين ختمة، منها ربعات. وأقام بحلب مدة، ثم سكن مصر وبها مات وبعد التسعين.

(42/492)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 493
وكان فيه تشيع. وصنف كتاب حيل الملوك، وكتاب مدائح الملك الناصر صالح الدين بن أيوب، وكتاباً في مدائح أهل البيت عليهم السام.
4 (حرف الميم)

4 (محمود بن علي بن الحسن.)
الشيخ سديد الدين أبو الثناء الرازي، المتكلم، المعروف بالحمصي، شيخ شيعي، فاضل، بارع في الأصولين والنظر. له عدة مصنافات عمر نحواً من مائة سنة. وقرأ عليه الفخر بن الخطيب. وورد العراق في هذه الحدود. وأخذوا عنه. وتعصب له ورام بن أبي فراس، وحصل له ألف دينار، ودخل الحلة، وقرر لهم نفي المعدوم. وأملى التعليق العراقي. وله تعليق أهل الري. وله كتاب المنقذ من التقليد، وكتاب المصادر في أصوله الفقه، وكتاب التحسين والتقبيح وغير ذلك. وكان في ابتدائه يبيع الحمص المسلوق بالري، ثم اشتغل على كبر ونبل، وصار آية في علم الكلام والمنطق. وكان درسه يبلغ ألف سطر، وما يتروى ولا يستريح، كأنما يقرأ من

(42/493)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 494
كتاب. وكان بصيراً باللغة العربية، والشعر، والأخبار، وأيام الناس. وكان صاحب صلاةٍ وتعبد وبكاء وخشية. ذكره يحيى بن أبي طيء في تاريخه. وبالغ في وصفه، فالله أعلم.
4 (حرف الهاء)
)
4 (هبة الله بن زين بن حسن بن إفرائيم بن يعقوب بن جميع.)
الإسرائيلي اليهودي، لا رحم الله فيه مغرز إبرة. وهو الموفق، شمس الرئاسة، أبو العشائر المصري. قرأ الطب وبرع فيه، وصار فاضل الديار المصرية فيه. وخدم السلطان صالح الدين، وحظي عنده. وكان له حلقة اشتغال وتلامذة. أحكم الطب على الموفق عدنان بن العين زربي، ولازمه مدة، ونظر في العربية واللغة. وقد رثاه بعض تلامذته بقصيدة مونقة. وله كتاب الإرشاد في الطب، وكتاب تنقيح القانون، ورسالة في طبع الإسكندرية، ومقالة في الليمون، ومقالة في الرواند، ومقالة في علاج القولنج، ومقالة في الحدبة، وغير ذلك. لم تؤرخ وفاته.
4 (حرف الياء)
يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن مخلد.

(42/494)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والأربعون الصفحة 495
أبو الوليد البقوي القرطبي، الفقيه. والد القاضي أبي القاسم بن بقي. روى عن: جده أبي القاسم أحمد، وشريح، وأبي بكر بن العربي، وأبي القاسم بن رضا. أخذ عنه: ابنه، وأبو سليمان بن حوط الله، وأبو يزيد الفازازي. ولي قضاء بعض النواحي. توفي سنة نيفٍ وثمانين وخمسمائة. يوسف بن سليمان بن يوسف بن عبد الرحمن بن حمزة. المقرئ أبو الحجاج البلنسي. أخذ القراءات في ختمة جمعاً عن أبي عبد الله بن غلام الفرس، وأخذها عن أبي الإصبغ بن فتوح الهاشمي، وكان ثقة خيراً. صحبه أبو الحسن بن خيرة مدة. قال الأبار: مات قبل الستمائة.)

(42/495)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 5
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الحادية والستون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى وستمائة)

4 (عزل ولي العهد:)
فيها عزل الناصر لدين الله ولده أبا نصر محمداً عن ولاية العهد، بعد أن خطب له بولاية العهد سبع عشرة سنة، ومال إلى ولده علي ورشحه للخلافة، فاخترم في إبان شبابه، فاضطر الناصر إلى إعادة عدة الدين أبي نصر وهو الخليفة الظاهر.
4 (الحريق بدار الخلافة:)
قال أبو شامة: وفيها وقع حريق عظيم بدار الخلافة لم ير مثله، واحترقت جميع خزانة السلاح والأمتعة وقدور النفط. ثم قال: وقيمة ما ذهب ثلاثة آلاف دينار وسبعمائة ألف دينار.
4 (دفاع المنصور عن حماه:)
قال: وفيها أخذت الفرنج النساء من على العاصي بظاهر حماه،

(43/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 6
فخرج الملك المنصور إليهم، وثبت وأبلى بلاء حسناً، وكسر عسكره وثبت هو، ولولا وقوفه لراحت حماه.
4 (مهادنة العادل للفرنج:)
وفيها كانت جموع الفرنج نازلين بمرج عكا، والملك العادل بجيوشه نازل في قبالتهم مرابطهم، والرسل تتردد في معنى الصلح، ثم آخر الأمر تقررت الهدنة مدة بأن تكون يافا لهم ومغل الرملة ولد، ثم ترحل العادل إلى مصر، وتفرقت العساكر إلى أوطانهم.
4 (غارة الفرنج على حمص:)
وفيها أغارت الفرنج على حمص، وقتلوا وبدعوا، وردوا غانمين.
4 (محاصرة حماه:)
وفيها بعث صاحب حماه عسكراً فحاصروا المرقب وكادوا يفتحونه، لولا قتل أميرهم مبارز الدين أقجا، جاءه سهم فقتله.

(43/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 7
4 (منازلة العادل طرابلس:)
ثم في أواخر العام أغارت فرنج طرابلس على جبلة واللاذقية، وكان عليها عسكر الحلبيين،) فهزمتهم الفرنج، وقتل من المسلمين خلق، وحصل الوهن في الإسلام، وطمعت الملاعين في البلاد، فأهم العادل أمرهم، ثم خرج من مصر في سنة ثلاث وستمائة، وأسرع حتى نازل عكا، فصالحه أهلها على إطلاق جميع ما في أيديهم من أسرى المسلمين، فقبل الأسرى وترحل عنهم، ثم قدم دمشق وتهيأ للغزاة، وعلم أن الفرنج عدو ملعون، وسار حتى نزل على بحيرة قدس، واستدعى العساكر والملوك فأقبلوا إليه، وأشاع قصد طرابلس، ثم سار فنازل حصن الأكراد، وافتتح منه برجاً، وأسر منه خمسمائة، ثم توجه إلى قلعة قريبة من طرابلس وحاصرها فافتتحها، ثم سار إلى مدينة طرابلس فنازلها، ونصب عليها المجانيق، وقطع جميع أشجارها، وخرب أعمالها، وقطعوا عنها العين، وبقي أياماً إلى أن أيس من جنده فشلاً ومللاً، فعاد إلى حمص، فبعث إليه صاحب طرابلس يخضع له، وبعث له هدايا وثلاثمائة أسير، والتمس الصلح فصالحه، وذلت له الفرنج ولله الحمد.
4 (الحج من الشام:)
وفيها حج من الشام صارم الدين بزغش العادلي، وزين الدين قراجا صاحب صرخد.

(43/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 8
4 (تغلب الفرنج على القسطنطينية:)
وقال العز النسابة: فيها تغلبت الفرنج على القسطنطينية وأخرجوا الروم منها بعد حصر وقتل، وحازوا مملكتها وانتهبوا ذخائرها، ووصل ما نهب منها إلى الشام وإلى مصر.
4 (مولود برأسين وأربعة أرجل:)
وقال محمد بن محمد القادسي في تاريخه: إن امرأة بقطفتا ولدت ولداً برأسين وأربعة أرجل ويدين، فتوفي، وطيف به.
4 (هزيمة الكرج أمام صاحب خلاط:)
وفيها كان خروج الكرج على بلاد أذربيجان فعاثوا وقتلوا وسبوا، واشتد البلاء، وصلوا إلى أعمال خلاط، فجمع صاحب خلاط عسكره، ونجده عسكر أرزن الروم، فالتقوا الكرج، فنصرهم الله على الكرج لعنهم الله وقتل في المصاف مقدم الكرج، وغنم المسلمون وقتلوا مقتلة كبيرة.

(43/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 9
4 (سنة اثنتين وستمائة:)

4 (وزارة نصير الدين العلوي:)
) فيها استوزر الخليفة الوزير نصير الدين ناصر بن مهدي العلوي الحسني، وخلع عليه خلعة الوزارة، فركب وبين يديه دواة عليها ألف مثقال، ووراءه المهد الأصفر وألوية الحمد والكوسات، والعهد منشور قدامه، والأمراء بين يديه مشاة.
4 (هرب الوزير ابن حديدة:)
وفيها هرب الوزير أبو جعفر محمد بن حديدة الأنصاري المعزول من دار الوزير نصير الدين بن مهدي، وكان محبوساً عنده ليعذبه ويصادره، فحلق لحيته ورأسه وهرب، فلم يظهر خبره إلا من مراغة بعد مدة، وعاد إلى بغداد.
4 (غارة الأرمن على حلب:)
وفيها أغار ابن لاون الأرمني على حلب، واستباح نواحي حارم، فبعث الملك الظاهر غازي إليه جيشاً، عليهم ميمون الكردي، فتهاون، فكبسهم ابن لاون، وقتل جماعة من العسكر، وثبت أيبك فطيس، وبلغ الخبر الملك الظاهر فخرج وقصد حارم، فهرب ابن لاون إلى بلاده.

(43/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 10
4 (منازلة دنيسر:)
وفيها توجه ناصر الدين الأرتقي صاحب ماردين إلى خلاط بمكاتبة أهلها، فجاء الملك الأشرف موسى فنازل دنيسر، فرجع ناصر الدين إلى ماردين بعد أن خسر مائة ألف دينار، ولم ينل شيئاً.
4 (تسليم ترمذ للخطا:)
وفيها سلم خوارزم شاه محمد إلى الخطا ترمذ، فتألم الناس من ذلك، ثم بان أنه إنما فعل ذلك مكيدة ليتمكن بذلك من ملك خراسان، لأنه لما ملك خراسان قصد بلاد الخطا وأخذها واستباحها وبدع.
4 (حرب الكرج وعسكر خلاط:)
وفيها قصدت الكرج أعمال خلاط فقتلوا وأسروا وبدعوا، فلم يخرج إليهم عسكر خلاط، لأن صاحبها صبي، فلما اشتد البلاء على المسلمين تناخوا، وحرضوا بعضهم بعضاً، وتجمعت العساكر والمطوعة، وعملوا مصافاً مع الكرج، وأمسكوا على الكرج مضيق الوادي، فقتلوا فيهم قتلاً ذريعاً، وبعد ذلك تزوج صاحب أذربيجان أبو بكر ابن البهلوان بابنة ملك الكرج، لأن الكرج تابعت الغارات على بلاده، فهادنهم.)

(43/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 11
4 (خروف بوجه آدمي:)
وفيها حمل إلى إربل خروف وجهه وجه آدمي، وتعجب الناس منه.
4 (حصار مراغة:)
وفيها اتفق علاء الدين صاحب مراغة ومظفر الدين صاحب إربل على قصد أذربيجان وأخذها، لاشتغال ابن البهلوان بالخمور، وإهماله أمر المملكة، فسارا نحو تبريز، وطلب صاحبها النجدة من مملوك أبيه أيدغمش صاحب الري وأصبهان، وكان حينئذ ببلاد الإسماعيلية، فنجده، ثم أرسل إلى احب إربل يقول: إنا كنا نسمع عنك أنك تحب الخير والعلم، وكنا نعتقد فيك، والآن قد ظهر لنا ضد ذلك لقصدك قتال المسلمين، أما لك عقل تجيء إلينا وأنت صاحب قرية، ونحن لنا من باب خراسان إلى خلاط وإربل، ثم قدر أنك هزمت هذا السلطان، أما تعلم أن له مماليك أنا أحدهم فلما سمع مظفر الدين ذلك عاد خائفاً. ثم قصد أيدغمش وابن البهلوان مراغة وحاصروها، فصالحهم صاحبها على تسليم بعض حصونه، وداهن.
4 (محاصرة أيدغمش للإسماعيلية:)
وفيها سار الملك أيدغمش إلى بلاد الإسماعيلية المجاورة لقزوين، فقتل وأسر ونهب، وحاصرهم فافتتح خمس قلاع، وصمم على حصار الألموت واستئصال شأفتهم.

(43/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 12
4 (مواقعة الخوارزمية:)
وفيها واقع أيدغمش طائفة من الخوارزمية نحو عشرة آلاف، فكسرهم، وكانوا قد عاثوا وأفسدوا وقتلوا.
4 (غارات ابن ليون على حلب:)
وفيها توالت الغارات من الكلب ابن ليون الأرمني صاحب سيس على أعمال حلب، فسبى ونهب وحرق، فجهز صاحب حلب عسكراً لحربهم، فاقتتلوا وكان الظفر للأرمن لعنهم الله.

(43/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 13
4 (سنة ثلاث وستمائة:)

4 (أمير الركب العراقي في الشام:)
فيها فارق أمير الركب العراقي الركب وقصد الشام، وهو الأمير وجه السبع، فقصده الأعيان والحجاج وبكوا وسألوه، فقال: أمير المؤمنين محسن إلي، وما أشكو إلا الوزير ابن مهدي،) فإنه يقصدني لقربي من الخليفة، وما عن الروح عوض. وقدم الشام، فأكرمه العادل وبنوه.
4 (ولاية القضاء ببغداد:)
وفيها ولي قضاء القضاة ببغداد عماد الدين أبو القاسم عبد الله بن الحسين ابن الدامغاني.
4 (القبض على الركن عبد السلام:)
وفيها قبض الخليفة على الركن عبد السلام بن عبد الوهاب ابن الشيخ عبد القادر فاستأصله، وكان قد بلغه فسقه وفجوره.
4 (حج ابن مازة:)
وفيها قدم بغداد حاجاً العلامة برهان الدين محمد بن عمر بن مازة الملقب صدر جهان، وتلقاه الأعيان، وحملت إليه الإقامات، وكان معه

(43/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 14
ثلاثمائة فقيه، وكان زعيم بخارى يؤدي الخراج إلى الخطا، وينوب عنهم بالبلد، ويظلم ويعسف، حتى لقبوه صدر جهنم.
4 (منازلة الفرنج حمص:)
وفيها نزلت الفرنج على حمص، فسار من حلب المبارز يوسف نجدة، ووقع مصاف أسر فيه الصمصام ابن العلائي، وخادم صاحب حمص.
4 (الفتن بخراسان:)
وفيها كانت بخراسان فتن وحروب، قوي فيها خوارزم شاه واتسع ملكه، وافتتح بلخ وغير مدينة من ممالك خراسان.
4 (الحرب بين خوارزم شاه وسونج:)
وفيها التقى خوارزم شاه وسونج بالقرب من الطالقان، فلما تصاف الجيشان حمل الملك سونج وهو وحده بين الصفين، وساق إلى القلب، ثم ترجل، ورمى عنه سلاحه، وقبل الأرض، وقال: العفو. فظن خوارزم شاه أنه سكران، فلما علم صحوه سبه وذمه وقال: من يثق إلى مثل هذا. وكان نائباً لغياث الدين الغوري على الطالقان، فاستولى خوارزم شاه عليها، وقرر بها نوابه.

(43/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 15
4 (سنة أربع وستمائة:)

4 (ملك ابن البهلوان مدينة مراغة:)
فيها ملك السلطان نصرة الدين أبو بكر ابن البهلوان مدينة مراغة، وذلك أن صاحبها علاء الدين ابن قراسنقر مات وخلف ابناً طفلاً فملكوه، ثم مات.)
4 (حرب خوارزم شاه والخطا:)
وفيها عبر خوارزم شاه إلى بلاد الخطا بجميع جيوشه وجيش بخارى وسمرقند، وحشد أهل الخطا فجرى بينهم وقعات ودام القتال. قال ابن الأثير: في سنة أربع عبر علاء الدين محمد ابن خوارزم شاه قلت: ولقبه خوارزم شاه إلى ما وراء النهر لقتال الخطا، وكانوا قد طالت أيامهم ببلاد تركستان وما وراء النهر وثقلت وطأتهم على أهلها، ولهم في كل بلد ناب، وهم يسكنون الخركاوات على عادتهم، وكان مقامهم بنواحي كاشغر وأوزكندا وبلاساغون. وكان سلطان سمرقند وبخارى مقهوراً معهم، فكاتب علاء الدين وطلب منه النجدة على أن يحمل إليه ما يحمله إلى الخطا ويريح الإسلام منهم.

(43/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 16
قلت: ثم اشتد القتال في بعض الأيام بين المسلمين والخطا، فانهزم المسلمون هزيمة شنيعة وأسر خلق، منهم السلطان خوارزم شاه وأمير من أمرائه الكبار أسرهما رجل واحد ووصل المنكسرون إلى خوارزم، وتخبطت الأمور. وأما خوارزم شاه فأظهر أنه غلام لذلك الأمير، وجعل يخدمه ويخلعه خفه، فقام الذي أسرهما وعظم الأمير وقال: لولا أن القوم عرفوا بك عندي لأطلقتك، ثم تركه أياماً، فقال الأمير: إني أخاف أن يظن أهلي أني قتلت فيقتسمون مالي، فأهلك، وأحب أن تقرر علي شيئاً من المال حتى أحمله إليك، وقال: أريد رجلاً عاقلاً يذهب بكتابي إليهم. فقال: إن أصحابنا لا يعرفون أهلك. قال: فهذا غلامي أثق به، فهو يمضي إن أذنت. فأذن له الخطائي فسيره، وبعث معه الخطائي من يخفره إلى قريب خوارزم، فخفروه، ووصل السلطان خوارزم شاه بهذه الحيلة سالماً، وفرح به الناس وزينت البلاد. وأما ذاك الأمير، وهو ابن شهاب الدين مسعود، فقال له الذي استأسره: إن خوارزم شاه قد عدم. فقال له: أما تعرفه قال: لا. قال: هو أسيرك الذي كان عندك. فقال: لم لا عرفتني حتى كنت خدمته وسرت بين يديه إلى مملكته. قال: خفتكم عليه. فقال الخطائي: فسر بنا إليه. فسارا إليه. ثم أتته الأخبار بما فعله أخوه علي شاه وكزلك خان، فسار ثم تبعه جيشه. وكان قبل غزوه الخطا قد أمر أخاه على طبرستان وجرجان، وأمر كزكان على نيسابور وهو نسيبه، وولى جلدك مدينة الجام، وولى أمين الدين مدينة زوزن وأمين الدين كان من أكبر أمرائه، وكان) حمالاً قبل ذلك، وهو الذي ملك كرمان، وقتل حسين بن جرميك وصالحه غياث الدين الغوري وخضع له، وأمر على مرو وسرخس نواباً، ثم جمع عساكره وعبر جيحون، واجتمع بسلطان سمرقند، وجرى حرب الخطا الذي ذكرناه.

(43/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 17
فأما ابن جرميك نائب هراة فإنه رأى صنيع عسكر السلطان خوارزم شاه بالرعية من النهب والفتك، فأمسك منهم جماعة، وبعث إلى السلطان يعرفه ما صنعوا، فغضب وأمره بإرسال الجند لحاجته إليهم في قتال الخطا، وقال: إني قد أمرت عز الدين جلدك صاحب الجام أن يكون عندك لما أعلمه من عقله وتدبيره وكتب إلى جلدك يأمره بالمسير إلى هراة، ويقبض على ابن جرميك. فسار في ألفي فارس وقد كان أبوه طغرل متولي هراة في دولة سنجر، فجلدك إليها بالأشواق ويؤثرها على جميع خراسان. فلما خرج لتلقيه نزلا واعتنقا، ثم أحاط أصحابه بابن جرميك فهرب غلمانه إلى البلد، فأمر الوزير بغلق هراة واستعد للحصار، فنازل جلدك هراة، وأرسل إلى الوزير يتهدده بأنه إن لم يسلم البلد قتل مخدومه ابن جرميك، فنادى الوزير بشعار السلطان غياث الدين محمود الغوري، فقدموا ابن جرميك إلى السور فحدث الوزير في التسليم فلم يقبل، فذبحوه ثم أمر خوارزم شاه في كتبه إلى أمين الدين صاحب زورن، وإلى كزلك خان متولي نيسابور بالمسير لحصار هراة، فسارا ونازلاها في عشرة آلاف، واشتد القتال، وقد كان ابن جرميك قد حصنها، وعمل لها أربعة أسوار، وحفر خندقها وملأها بالميرة، وأشاع أني قد بقيت أخاف على هراة شيئاً، وهو أن تسكر المياه التي لها، ثم ترسل عليها دفعة واحدة فينهدم سورها. فلما بلغ أولئك قوله فعلوا ذلك، فأحاطت المياه بها ولم تصل إلى السور لارتفاع المدينة، بل ارتفع الماء في الخندق، وكثر الوحل بظاهر البلد، فتأخر لذلك العسكر عنها، وهذا كان قصد ابن جرميك، فأقاموا أياماً حتى نشف الماء. ولما أسر خوارزم شاه كما قدمنا سار كزلك خان مسرعاً إلى نيسابور، وحصنها، وعزم على السلطنة. وكذلك هم بالسلطنة علي شاه ودعا إلى نفسه، واختبطت خراسان. فلما خلص خوارزم شاه وجاء هرب كزلك خان بأمواله نحو العراق، وهرب علي شاه ملتجئاً إلى غياث الدين الغوري، فتلقاه وأكرمه.

(43/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 18
وأما خوارزم شاه فإنه استعمل على نيسابور نائباً، وجاء فتمم حصار هراة، ولم ينل منها غرضاً بحسن تدبير وزيرها. فأرسل إليه خوارزم شاه يقول: إنك وعدت عسكري أنك تسلم) إلي البلد إذا حضرت. فقال: لا أفعل، أنتم غدارون لا تبقون على أحد، والبلد للسلطان غياث الدين. فاتفق جماعة من أهل هراة، وقالوا: أهلك الناس من الجوع، وتعطلت المعائش، وهذه ستة أشهر. فأرسل الوزير من يمسكهم، فثارت فتنة في البلد وعظمت، فتداركها الوزير بنفسه، وكتب إلى خوارزم شاه. فزحف على البلد وهم مختبطون فملكها، ولم يبق على الوزير وقتله، وذلك في سنة خمس. ثم سلم البلد إلى خاله أمير ملك، فرم شعثه. ثم أمر خاله أن يسير إلى السلطان غياث الدين محمود بن غياث الدين، فيقبض عليه وعلى علي شاه، فسار لحربهما، فأرسل غياث الدين يبذل له الطاعة، فأعطاه الأمان، فنزل غياث الدين من فيروزكوه، فقبض عليه وعلى علي شاه. ثم جاء الأمر من خوارزم شاه بقتلهما في وقت واحد من سنة خمس الآتية.
4 (تملك ابن العادل خلاط:)
وفيها تملك الأوحد أيوب ابن العادل مدينة خلاط بعد حرب جرت بينه وبين بلبان صاحبها. وقتل بعد ذلك بلبان على يد ابن صاحب الروم مغيث الدين طغرل شاه، وساق القصة ابن الأثير في تاريخه وابن واصل وغيرهما. وخلاط مملكة عظيمة وهي قصبة أرمينية، وبلادها متسعة حتى قيل: إنها في وقت كانت تقارب الديار المصرية، وهذا مبالغة، وكانت لشاه

(43/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 19
أرمن بن سكمان، ثم لمملوكه بكتمر، فقتل بكتمر سنة تسع وثمانين وخمسمائة، فملكها ولده. ثم غلب عليها بلبان مملوك شاه أرمن. وكان الملك الأوحد قد ملكه أبوه ميافارقين وأعمالها بعد موت السلطان صلاح الدين، فافتتح مدينة موش وغيرها، وطمع في مملكة خلاط وقصدها، فالتقاه بلبان فكسره، فرد إلى ميافارقين، فحشد وجمع، وأنجده أبوه بجيش فالتقى هو وبلبان، فانهزم بلبان وتحصن بالبلد، واستنجد بطغرل شاه السلجوقي صاحب أرزن الروم، فجاء وهزم عنه الأوحد، ثم سار السلجوقي وبلبان فحاصرا حصن موش، فغدر السلجوقي ببلبان وقتله، وساق إلى خلاط ليملكها فمنعه أهلها، فساق إلى منازكرد فمنعه أهلها، فرد إلى بلاده، واستدعى أهل خلاط الأوحد فملكوه، وملك أكثر أرمينية. فهاجت عليه الكرج وتابعوا الغارات على البلاد، واعتزل جماعة من أمراء خلاط وعصوا بقلعة، فسار لنجدته الأشرف موسى في جيوشه، وتسلموا القلعة بالأمان. ثم سار الأوحد ليقرر قواعد ملازكرد، فوثب أهل خلاط وعصوا، فكر الأوحد وحاصرهم، ودخل وبذل السيف فقتل خلقاً، وأسر الأعيان. وكان شهماً سفاكاً للدماء،) فتوطدت له الممالك.
4 (محاصرة الفرنج حمص:)
وفيها اتفق الفرنج من طرابلس وحصن الأكراد على الإغارة بأعمال حمص، ثم حاصروها، فعجز صاحبها أسد الدين عنهم، ونجده الظاهر صاحب حلب بعسكر قاوموا الفرنج. ثم إن السلطان سيف الدين سار من

(43/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 20
مصر بالجيوش وقصد عكا، فصالحه صاحبها، ثم سار فنزل على بحيرة حمص، فأغار على بلاد طرابلس، وأخذ حصناً صغيراً من أعمالها. وقد مر ذلك استطراداً في سنة إحدى وستمائة.

(43/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 21
4 (سنة خمس وستمائة:)

4 (رسلية السهروردي:)
فيها قدم الشام شهاب الدين السهروردي في الرسلية، ورجع ومعه شمس الدين ألدكز بالتقادم والتحف، فأعرض عن السهروردي، ونقموا عليه حيث مد يده إلى الأموال بالشام وقبل العطايا، وحضر دعوات الأمراء، فأخذت منه الربط ومنع من الوعظ، فقال: ما قبلتها إلا لأفرقها في فقراء بغداد، وشرع يفرق ذلك.
4 (زلزلة نيسابور:)
قال أبو شامة: وفيها زلزلت نيسابور زلزلة عظيمة دامت عشرة أيام، فمات تحت الردم خلق عظيم.
4 (منازلة الكرج مدينة أرجيش:)
وفيها نازلت الكرج مدينة أرجيش فافتتحوها بالسيف ثم أحرقوها، وأصبحت خاوية على عروشها، ولم يبق بها أحد، ولم يروع الكرج أحد، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وعجز عنهم الملك الأوحد ابن العادل وهي له.

(43/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 22
4 (غارة كيخسرو على بلاد سيس:)
وفيها خرج كيخسرو صاحب الروم وقصد بلاد سيس، وافتتح حصناً بالأمان، ونجده عسكر حلب، وأغار وسبى وغنم.
4 (فتح هراة:)
وفيها افتتح خوارزم شاه مدينة هراة مرة ثانية.)

(43/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 23
4 (سنة ست وستمائة:)

4 (منازلة الكرج مدينة خلاط:)
فيها نزلت الكرج على خلاط فضايقوها وكادوا يأخذونها، وكان بها الأوحد ابن الملك العادل، فقال لملك الكرج إيواني منجمة: ما تبيت الليلة إلا في قلعة خلاط. فاتفق أنه شرب وسكر، وركب في جيوشه وقصد باب البلد، فخرج إليه المسلمون، ووقع القتال، فعثر به فرسه فوقع، فتكاثر عليه المسلمون، وقتل حوله جماعة من خواصه، وأسر، فما بات إلا بالقلعة، وهرب جيشه. وقيل: جرى ذلك في سنة سبع.
4 (حصار سنجار:)
وفيها نزل السلطان الملك العادل على سنجار بجيوش عظيمة، وضربها بالمجانيق أشهراً، وكاد أن يفتحها، فأرسل الملك الظاهر من حلب أخاه المؤيد مسعوداً إلى العادل يشفع في أهل سنجار وصاحبها قطب الدين محمد بن زنكي بن مودود، فلم يشفعه. ومات المؤيد في السفر برأس عين، وكرهت المشارقة مجاورة الملك العادل، فاتفقوا عليه مع صاحب إربل وتشفعوا إليه، فرحل بعد أن أخذ نصيبين والخابور ونزل حران، وكانت هذه من سيئات العادل، يدع جهاد الفرنج ويقاتل المسلمين، فإنا لله.

(43/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 24
4 (رواية ابن الأثير عن الحرب بين خوارزم شاه والخطا:)
وقال ابن الأثير في الكامل: لما استقر أمر خراسان لخوارزم شاه محمد بن تكش عبر جيحون في هذه السنة في جحفل عظيم، فجمع الخطا جموعهم، والمقدم عليهم طاينكو، وكان شيخاً مسناً لقي الحروب، وكان مؤيداً فيها مدبراً، فكانت وقعة لم يشهد مثلها، انكسر فيها الخطا وقتل خلق كثير، وأسر طاينكو فجيء به إلى خوارزم شاه، فأجلسه معه على السرير واحترمه، ثم سيره إلى خوارزم، وافتح خوارزم شاه بلاد ما وراء النهر قهراً وصلحاً حتى بلغ أوزكند، وجعل نائبه عليها، ورجع إلى خوارزم وفي خدمته ملك سمرقند، وكان من أحسن الناس صورة، فزوجه خوارزم شاه بابنته، ورده ورد معه شحنة يكون بسمرقند على قاعدة ملك الخطا مع صاحب سمرقند. فتعب صاحب سمرقند بالخوارزمية، وندم لما رأى من سوء سيرتهم وقبح معاملتهم الناس، وأرسل إلى ملك الخطا يدعوه إلى سمرقند ليسلمها إليه، ويعود إلى طاعته. ثم أمر بقتل كل من عنده من الخوارزميين ووسط جماعة من أعيانهم، وعلقهم في) الأسواق، ومضى إلى القلعة ليقتل زوجته بنت خوارزم شاه، فأغلقت الأبواب، ومنعت عن نفسها هي وجواريها، وبعثت تقول له: أنا امرأة، وقتل مثلي قبيح، فاتق اله في. فتركها وضيق عليها. وجاء الخبر إلى السلطان والدها، فغضب وقامت قيامته، وأمر بقتل كل من بخوارزم من الغرباء، فمنعته أمه وخوفته، فاقتصر على قتل كل سمرقندي بها، فنهته أيضاً فانتهى. وأمر جيشه بالتجهز إلى ما وراء النهر، فسار وسار في ساقتهم، ونازل سمرقند، وأرسل إلى صاحبها يقول له: قد

(43/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 25
فعلت ما لم يفعله مسلم ولا كافر ولا عاقل، وقد عفا الله عما سلف، فاخرج عن البلاد إلى حيث شئت. فامتنع، فزحف عليه، ونصب السلالم على السور، وأخذ سمرقند، ووقع القتل والنهب ثلاثة أيام، فيقال: إنهم قتلوا بها مائتي ألف، وسلم درب الغرباء والتجار بحماية. ثم زحفوا على القلعة، فأخذت، وأسر الملك، فلما أحضر قبل الأرض وطلب العفو، فقتله صبراً، واستعمل نواباً على سمرقند. وأما الخطا فلما ذهبوا مهزومين اجتمعوا عند ملكهم ولم يكن شهد الوقعة. وكان طائفة من التتار قد خرجوا من بلادهم أطراف الصين قديماً فنزلوا وراء بلاد تركستان، فكان بينهم وبين الخطا حروب في هذا القرب، فلما سمعوا أن خوارزم شاه كسر الخطا قصدوهم مع مقدمهم كشلوخان، فلما رأى ذلك ملك الخطا كتب إلى خوارزم شاه: أما ما كان منك من أخذ بلادنا وقتل رجالنا فمعفو عنه، فقد أتانا من هذا العدو ما لا قبل لنا به، فإن انتصروا علينا وأخذوا فلا دافع لهم عنك، والمصلحة أن تسير إلينا في عساكرك، وتنجدنا على حربهم. فكاتب خوارزم شاه مقدم التتار كشلوخان: إنني معك على قتال الخطا. وكاتب ملك الخطا: إني قادم لنصرتكم. وسار في جيوشه إلى نزل بقرب مكان المصاف، فلم يخالطهم، بل أوهم كلاً من الطائفتين أنه معهم، وأنه كمين لهم، فالتقوا فانهزم الخطا أقبح هزيمة، فمال حينئذ خوارزم شاه مع التتار عليهم قتلاً وأسراً، فلم يفلت منهم إلا القليل مع ملكهم لجأوا إلى جبال منيعة وتحصنوا بها، وانضم إلى خوارزم شاه منهم طائفة كبيرة، وصاروا في جيشه. فأرسل يمن على كشلوخان، فاعترف له وأرسل إليه بأن يتقاسما مملكة الخطا كما اتفقا على إبادتهم، فقال خوارزم شاه: ليس لك عندي إلا السيف، فإن قنعت بالمسالمة وإلا سرت إليك. ثم سار حتى قاربه، ثم تبين له أنه لا طاقة له بالتتر، فأخذ يراوغهم ويبيتهم ويتخطفهم، فأرسل إليه كشلوخان: ليس هذا فعل الملوك، هذا فعل اللصوص،

(43/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 26
فإن كنت سلطاناً فاعمل مصافاً. فجعل) يغالطه ولا يجيبه، لكنه أمر أهل فرغانة والشاش واسبيجاب وكاسان وتلك البلاد النزهة العامرة بالجلاء والجفل إلى سمرقند وغيرها، ثم خربها جميعها خوفاً من التتار أن يملوكها. ثم اتفق خروج جنكزخان والتتار الذين أخربوا خراسان على كشلوخان، فاشتغل بحربهم مدة عن السلطان خوارزم شاه فرجع إلى بلاد خراسان. قلت: وكان هذا الوقت أول ظهور الطاغية جنكزخان، وأول خروجه من أراضيهم إلى نواحي الترك وفرغانة. وأراضيهم براري من بلاد الصين. قال الموفق عبد اللطيف بن يوسف في خبر التتار: هو حديث يأكل الأحاديث، وخبر يطوي الأخبار، وتاريخ ينسي التواريخ، ونازلة تصغر كل نازلة، وفادحة تطبق الأرض وتملؤها ما بين الطول والعرض. وهذه الأمة لغتهم مشوبة بلغة الهند لأنهم في جوارهم، وبينهم وبين تنكت أربعة أشهر. وهم بالنسبة إلى الترك عراض الوجوه، واسعو الصدور، خفاف الأعجاز، صغار الأطراف، سمر الألوان، سريعو الحركة في الجسم والرأي، تصل إليهم أخبار الأمم، ولا تصل أخبارهم إلى الأمم، وقلما يقدر جاسوس أن يتمكن منهم لأن الغريب لا يتشبه بهم، وإذا أرادوا جهة كتموا أمرهم ونهضوا دفعة واحدة، فلا يعلم بهم أهل بلد حتى يدخلوه، ولا عسكر حتى يخالطوه، فلهذا تفسد على الناس وجوه الحيل، وتضيق طرق الهرب، ويسبقون التأهب والاستعداد. ونساؤهم يقاتلن كرجالهم، وربما كان للمرأة رضيع فتعلقه في عنقها وترمي بالقوس. يرد على البلد منهم أولاً نفر يسير حتى يطمع فيهم أهله، فينتشرون وراءهم حتى يبعدوا وذاك النفر منهزمون بين أيديهم، ثم ينهالون عليهم كقطع الليل فيعجلونهم عن المدينة فيجعلونهم كالحصد، ويدخلون المدينة فيقتلون النساء والصبيان بغير استثناء. وأما الرجال فربما أبقوا منهم من كان ذا صنعة أو قوة في الخدمة.

(43/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 27
قال: والغالب على سلاحهم النشاب وكلهم يصنعه، ونصولهم قروب وحديد وعظام. ويطعنون بالسيوف أكثر مما يضربون بها. ولهم جواشن من جلود وخفاف واقية. وخيلهم تأكل الكلأ رطباً ويابساً، وما وجدت من ورق وخشب، وإذا نزلوا عنها أطلقوها. وسروجهم صغار خفاف ليس لها قيمة. وأكلهم لحم أي حيوان وجد وتمسه النار تحلة القسم. وليس في قتلهم استثناء ولا إبقاء. وكأن قصدهم إفناء النوع، وفعلوا ذلك بجميع خراسان، ولم يسلم منهم إلا إصبهان وغزنة.) قال: ويظهر من حالهم أنهم لا يقصدون الملك والمال بل إبادة العالم ليرجع يباباً. وقال غيره: هذه القبيلة الخبيثة تعرف بالتمرجي سكان البراري قاطع الصين، ومشتاهم بموضع يعرف بأرغون. وهم طائفة مشهورة بالشر والغدر. وسبب ظهورهم أن إقليم الصين متسع مسيرة دورة ستة أشهر، ويقال: إنه يحويه صور واحد لا ينقطع إلا عند الجبال والأنهار. قلت: وهذا بعيد وهو ممكن. والصين ست ممالك، ولهم ملك حاكم على الممالك الستة، وهو قانهم الأكبر المقيم بطمخاخ، وهو كالخليفة للمسلمين. وكان سلطان أحد الممالك الستة وهو دوس خان قد تزوج بعمة جنكزخان، فحضر زائراً لعمته وقد مات زوجها. وكان قد حضر مع جنكزخان كشلوخان، فأعلمتهما أن الملك لم يخلف ولداً، وأشارت على ابن أخيها أم أن يقوم مقامه، فقام وانضم إليه خلق من المغول. ثم سير التقادم إلى الخان الكبير، فاستشاط

(43/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 28
غضباً، وأمر يقطع أذناب الخيل التي أهديت وطردها، وقتل الرسل، لكون التتار لم يتقدم لهم سابقة بتملك، إنما هم بادية الصين. فلما سمع جنكزخان وصاحبه كشلوخان تحالفا على التعاضد، وأظهرا الخلاف للخان، وأتتهما أمم كثيرة من التتار. وعلم الخان قوتهم وشرهم، فأرسل يؤآنسهم، ويظهر مع ذلك أنه ينذرهم ويهددهم، فلم يغن ذلك شيئاً، ثم قصدهم وقصدوه، فوقع بينهم ملحمة عظيمة، فكسروا الخان الأعظم أقبح كسرة، ونجا بنفسه، وملك جنكزخان بلاده واستفحل شره. فراسله الخان بالمسالمة، ورضي بما بقي في يده من الممالك، فسالموه. واستمر الملك بين جنكزخان وكشلوخان على المشاركة. ثم سارا إلى بلاد ساقون من نواحي الصين فملكاها. فمات كشلوخان، فقام مقامه ولده، فاستضعفه جنكزخان ووقعت الوحشة، فطلب ابن كشلوخان قبالق والمالق، فصالحه ملكها ممدود خان بن أرسلان وملك كاشغر من الترك، وقوي، وبعد صيته، فجرد لحربه جنكزخان ولده دوشي خان في عشرين ألفاً، فحاربه وظفر به دوشي خان. واستقل جنكزخان، ودانت له التتار وانقادت له، ووضع لهم قواعد يرجعون إليها، فالتزموا بها وأوجبوها على نفوسهم، بحيث إنه من خالف شيئاً منها فقد ضل ووجب قتله. واعتقدوا فيه وتألهوه، وبالغوا في طاعته والتزام ياسته. ثم وقع مصاف في بلاد الترك بين دوشي خان والسلطان خوارزم شاه محمد، فانهزم دوشي خان بعد أن أنكى في جيش محمد. وعاد محمد إلى بلاد سمرقند وهو في هم وفكر لما رأى من صبر التتار وقتالهم وكثرتهم. وستأتي) أخبارهم فيما بعد عند ظهورهم على خوارزم شاه، وأخذهم ممالكه سنة سبع عشرة.

(43/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 29
4 (سنة سبع وستمائة:)

4 (عصيان سنجر الناصري والقبض عليه:)
فيها عصى قطب الدين سنجر الناصري بتستر بعد موت طاشتكين أمير الحاج وهو حموه، فأرسل إليه الخليفة الناصر عز الدين نجاح الشرابي، والوزير مؤيد الدين القمي نائب الوزارة، فلما قربوا من ششتر هرب سنجر بأمواله وأهله إلى صاحب شيراز أتابك موسى، فحلف له أن لا يسلمه، ثم غدر به وأسره وأخذ أمواله وفسق بنسائه، ثم بعثه مقيداً، فأدخل بغداد على بغل.
4 (الإجازة للناصر لدين الله:)
وفيها أظهر الناصر لدين الله الإجازة التي أخذت له من الشيوخ، وخرج عنهم جزءاً أو خرج له، وهو المسمى بروح العارفين، وأجازه للأكابر، فكتب: أجزنا لهم ما سألوا على شرط الإجازة الصحيحة، وكتب العبد الفقير إلى الله أبو العباس أحمد أمير المؤمنين. وسلمت إجازة الشافعية إلى الإمام ضياء الدين عبد الوهاب بن سكينة المتوفى في هذه السنة، وإجازة الحنفية إلى ضياء الدين أحمد بن مسعود التركستاني، وإجازة الحنبلية إلى عماد الدين نصر عبد الرزاق الجيلي، وإجازة المالكية إلى تقي الدين علي بن جابر المغربي التاجر.

(43/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 30
4 (مجلس ابن الجوزي بدمشق:)
وفيها، قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: خرجت من دمشق بنية الغزاة إلى نابلس، وكان الملك المعظم بها، فجلست بجامع دمشق في ربيع الأول، فكان الناس من مشهد زين العابدين إلى باب الناطفيين، وكان القيام في الصحن أكثر، وحزروا بثلاثين ألفاً، وكان يوماً لم ير بدمشق ولا بغيرها مثله. وكان قد اجتمع عندي شعور كثيرة من التائبين، وكنت وقفت على حكاية أبي قدامة الشامي مع تلك المرأة التي قطعت شعرها وقالت: اجعله قيداً لفرسك في سبيل الله، فعملت من التي اجتمعت عندي شكلاً لخيل المجاهدين وكرفسارات، فأمرت بإحضارها على الأعناق، فكانت ثلاث مائة شكال، فلما رآها الناس ضجوا ضجة عظيمة وقطعوا مثلها، وقامت القيامة، وكان المعتمد والي دمشق حاضراً، وقام فجمع الأعيان. فلما نزلت من المنبر قام يطرق لي، ومشى بين يدي إلى باب الناطفين، فتقدم إلى فرسي فأمسك بركابي، وخرجنا من باب الفرج إلى المصلى، وجميع من كان بالجامع بين يدي، وسرنا إلى) الكسوة ومعنا خلق مثل التراب، فكان من قرية زملكا فقط نحو ثلاث مائة رجل بالعدد والسلاح، ومن غيرها خلق خرجوا احتساباً. وجئنا إلى عقبة فيق والوقت مخوف من الفرنج، فأتينا نابلس، وخرج المعظم فالتقانا وفرح بنا، وجلست بجامع نابلس، وأحضرت الشعور، فأخذها المعظم، وجعلها على وجهه وبكى، ولم أكن اجتمعت به قبل ذلك اليوم، فخدمنا وخرجنا نحو بلاد الفرنج، فأخربنا وهدمنا وأسرنا جماعة، وقتلنا جماعة، وعدنا سالمين مع المعظم إلى الطور، فشرع المعظم في عمارة حصن عليه، وبناه إلى آخر سنة ثمان فتكامل سوره، وبنى فيه مدة بعد ذلك، ولا نحصي ما غرم عليه.

(43/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 31
4 (حج ابن جندر:)
وحج بالناس سيف الدين علي بن سليمان بن جندر من أمراء حلب.
4 (تحالف الملوك على العادل:)
وفيها اتفقت الملوك على الملك العادل، منهم: سلطان الروم، وصاحب الموصل، وصاحب إربل، وصاحب حلب، وصاحب الجزيرة اتفقوا على مشاققة العادل، وأن تكون الخطبة بالسلطنة لصاحب الروم خسرو شاه بن قليج أرسلان، فأرسلوا إلى الكرج بالخروج إلى جهة خلاط، وخرج كل منهم بعساكره إلى طرف بلاده ليجتمع بصاحبه على قصد العادل، وكان هو بحران وعنده صهره صاحب آمد، فنزل الكرج على خلاط مع مقدمهم إيواني، وصاحبها يومئذ الأوحد ابن الملك العادل كما تقدم، وأنه أسر فأكرمه الأوحد، وطالع بذلك والده فطار فرحاً، وعلم بذلك الملوك المذكورون فتفرقت آراؤهم وصالحوا العادل، واشترى إيواني نفسه بثمانين ألف دينار، وبألفي أسير من المسلمين، وبتسليم إحدى وعشرين قلعة متاخمة لأعمال خلاط كان قد تغلب عليها، وبتزويج بنته لأخي الأوحد، وأن يكون الكرج معه أبداً سلماً، فاستأذن الأوحد والده في ذلك، فأمضاه، وأطلقه وعاد إلى ملكه، وحمل بعض ما ذكرنا، وسومح بالباقي، فلما صارت خلاط للملك الأشرف تزوج بابنة إيواني.
4 (موت صاحب الموصل:)
وفيها كان إملاك نور الدين أرسلان شاه صاحب الموصل على ابنة

(43/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 32
العادل بقلعة دمشق على صداق ثلاثين ألف دينار، وكان العقد مع وكيله، ثم ظهر أنه قد مات بالموصل من أيام وقام) ولده عز الدين.
4 (ظهور عملة لبني السلار:)
وفيها ظهرت عملة بني السلار الستة عشر ألف دينار على ابن الدخينة بعد طول مكثه في الحبس، وموت زوجته تحت الضرب وعصره مرات عصر بناته وابنه، وما قروا بشيء. وكان أكثر الذهب مدفوناً تحته بسجن القلعة، وانكشف أمرها بأيسر حال من جهة منصور ابن السلار، فإنه بحث عنها بسبب انه حبس عليها، وجمع من المبلغ عشرة آلاف دينار ومائتين، ثم مات ابن الدخينة في الحبس، وصلب ميتاً بقيسارية الفرش.
4 (الشروع في بناء معالم بدمشق:)
وفيها شرع في بناء المصلى بظاهر دمشق، وعملت أبواب الجامع من جهة باب البريد، وبني شاذروان الفوارة، وعمل بها المسجد، ورتب له إمام.

(43/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 33
4 (غارة القبرصي إلى ساحل دمياط:)
وفيها توجه البال القبرصي لعنه الله في مراكب من عكا، توجه إلى ساحل دمياط وأرسى غربيها، وطلع وسار في البر بجيوشه فكبس قرية نورة وسبى أهلها، ورد إلى مراكبه.
4 (نقصان دجلة:)
وفيها نقصت دجلة نقصاً مفرطاً، حتى خاض الناس دجلة فوق بغداد، وهذا أمر لم يعهد مثله، قال ابن الأثير.

(43/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 34
4 (سنة ثمان وستمائة:)

4 (التخييم على الطور:)
استهلت والملك العادل مخيم على الطور، وابنه المعظم مباشر للعمارة.
4 (إنكسار الفرنج عند طليطلة:)
وجاء الخبر من جهة طرابلس بأن الأخبار تتابعت إليها في البحر أن ابن عبد المؤمن كسر الفرنج بأرض طليطلة كسرة عظيمة أباد فيها خلقاً منهم، ونازل طليطلة.
4 (الزلزلة بمصر والأردن:)
قال أبو شامة: وفيها كانت زلزلة عظيمة هدمت أماكن بمصر والقاهرة وأبرجة ودواراً بالكرك والشوبك، وهلك جماعة.)
4 (تحول باطنية حصن الألموت إلى الإسلام:)
قال: وفيها قدم رسول من جلال الدين حسن صاحب الألموت يخبر بأنهم قد تبرؤوا من الباطنية، وبنوا المساجد والجوامع، وصاموا رمضان، فسر الخليفة بذلك.

(43/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 35
4 (الأمر بقراءة مسند الإمام أحمد:)
وفيها أمر الخليفة بأن يقرأ مسند الإمام أحمد بمشهد موسى بن جعفر بحضرة صفي الدين محمد بن سعد الموسوي بالإجازة له من الناصر لدين الله.
4 (نهب الركب العراقي:)
وفيها نهب الركب العراقي، وكان أميرهم علاء الدين محمد بن ياقوت. وحج من الشام الصمصام إسماعيل النجمي بالناس، وفيهم ربيعة خاتون أخت العادل، فوثبت الإسماعيلية بمنى على ابن عم قتادة أمير مكة، وكان يشبه قتادة، فظنوه إياه فقتلوه عند الجمرة، وثار عبيد مكة وأوباشها، وصعدوا على جبل منى، وكبروا، ورموا الناس بالمقاليع والنشاب، ونهبوا الناس، وذلك يوم العيد وثانيه، وقتلوا جماعة، فقال ابن أبي فراس لابن ياقوت: ارحل بنا، فلما حصلت الأثقال على الجمال حمل قتادة وعبيده فأخذوا الركب، وقال قتادة: ما كان المقصود إلا أنا، والله لا أبقيت من حج العراق أحداً. وهرب ابن ياقوت إلى ركب الشاميين، واستجار بربيعة خاتون، ومعه أم جلال الدين صاحب الألموت، فأرسلت ربيعة إلى قتادة رسالة مع ابن السلار تقول له: ما ذنب الناس، قد قتلت القاتل، وجعلت ذلك سبباً إلى نهب المسلمين، واستحللت دماءهم في الشهر الحرام والحرم، وقد عرفت من نحن، والله لئن لم تنته لأفعلن وأصنعن. فجاء إليه ابن السلار وخوفه وقال: ارجع عن هذا وإلا قصدك الخليفة من العراق ونحن من الشام. فكف وطلب مائة ألف دينار، فجمع ثلاثون ألفاً من العراقيين، وبقي الناس حول مخيم ربيعة بين قتيل وجريح، وجائع ومنهوب، وقال قتادة: ما فعل هذا إلا الخليفة، ولئن عاد أحد حج من بغداد لأقتلن الجميع.

(43/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 36
ويقال: أنه أخذ من النهب ما قيمته ألفا ألف دينار، وأذن للناس في دخول مكة، فدخل الأصحاء، فطافوا أي طواف، ورحلوا إلى المدينة، ودخلوا بغداد على غاية من الفقر والهوان، ولم ينتطح فيها عنزان.
4 (قدوم أيدغمش إلى بغداد:)
) وفيها قدم أيدغمش صاحب همذان وإصبهان والري إلى بغداد هارباً من منكلي، وكان قد تمكن من البلاد، وبعد صيته، وكثرت جيوشه، وحاصر أبا بكر بن البهلوان، فخرج عليه منكلي وهو من المماليك، ونازعه الأمر فكثر جموعه. وكان يوم قدوم أيدغمش إلى بغداد يوماً مشهوداً في الإحتفال، وأقام ببغداد سنتين.

(43/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 37
4 (سنة تسع وستمائة:)

4 (نكبة سامة الجبلي:)
قال أبو شامة: فيها نكبة سامة الجبلي صاحب دار سامة التي صيرت مدرسة الباذرائية. وكان من الأمراء الكبار، وهو الذي قيل عنه: إنه سلم بيروت إلى الفرنج. وقال أبو المظفر سبط الجوزي: اجتمع الملك العادل وأولاده بدمياط وكان سامة بالقاهرة قد استوحش منهم، واتهموه بمكاتبة الظاهر صاحب حلب، وحكى لي المعظم: أنه وجد له كتباً وأجوبة إليه، فخرج سامة من القاهرة كأنه يتصيد، ثم ساق إلى الشام بمماليكه، وطلب قلاعه وهما: كوكب وعجلون، فأرسل والي بلبيس بطاقة إلى العادل، فقال العادل: من ساق خلفه فله أمواله وقلاعه. فركب المعظم وأنا معه، فقال لي: أناِأريد أن أسوق فسق أنت مع قماشي، وساق في ثمانية إلى غزة في ثلاثة أيام، فسبق سامة. وأما سامة فانقطع عنه مماليكه ومن كان معه، وبقي وحده وبه نقرس، فوصل الداروم، فرآه بعض الصيادين فعرفه، فقال له: انزل. قال: هذه ألف دينار وأوصلني إلى الشام، فأخذها الصياد، وجاء رفاقه فعرفوه أيضاً، فأخذوه على طريق الخليل ليحملوه إلى عجلون، فدخلوا به. قال: وأنزل في صهيون، وبعث إليه المعظم بثياب ولاطفه وقال: أنت شيخ كبير وبك نقرس،

(43/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 38
وما يصلح لك قلعة، فسلم إلى عجلون وكوكب، وأنا أحلف لك على مالك وملكك، وتعيش بيننا مثل الوالد. فامتنع وشتم المعظم، فيئس منه وحبسه بالكرك، واستولى على قلاعه وأمواله، فكان قيمة ما أخذ له ألف دينار، وخربت قلعة كوكب إلى الأرض عجزاً عن حفظها.
4 (اصطلاح الظاهر والعادل:)
وفيها في المحرم اصطلح الملك الظاهر مع عمه العادل، وتزوج بابنته، وكان العقد بدمشق بوكيلين على خمسين ألف دينار، وهي ضيفة خاتون شقيقة الملك الكامل، ونثر النثار على الشهود والقراء، وبعثت إلى حلب في الحال. وكان جهازها على ثلاثمائة جمل، وخمسين بغلاً،) ومعها مائتا جارية. فلما أدخلت على الظاهر مشى لها خطوات، وقدم لها خمس عقود جوهر، قيمتها ثلاثمائة ألف وخمسون ألف درهم، وأشياء نفيسة. وكان عرساً مشهوداً.
4 (الخلع لصاحب مكة:)
وفيها بعث الخليفة مع الركب لقتادة صاحب مكة خلعاً ومالاً حتى لا يؤذي الركب.
4 (إستيلاء صاحب عكا على أنطاكية:)
وفيها استولى ألبان صاحب عكا على أنطاكية، وشن الغارات على التركمان، وشردهم، فاجتمعوا له وأخذوه عليه المضايق، وحصل في واد

(43/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 39
فقتلوه، وقتلوا جميع رجاله، قال أبو شامة. وهو الذي كان قد هجم على فوة ونورة وقتل وسبى.
4 (عزل الوزير ابن شكر:)
وفيها عزل العادل وزيره صفي الدين بن شكر، وصادره ونفاه إلى الشرق.
4 (وقعة العقاب بالأندلس:)
وفيها كانت الوقعة المشهورة بوقعة العقاب بالأندلس بين محمد بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن الملقب بالناصر، وبين الفرنج، ونصر الله الإسلام، واستشهد بها خلق كثير.

(43/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 40
4 (سنة عشر وستمائة:)

4 (عمارة الأحمدية باليمن:)
قال ابن الأثير في كامله: فيها عمرت مدينة على الساحل باليمن، وسميت الأحمدية، وأخربت مرباط وظفار خربهما صاحبهما محمود بن محمد الحميري صاحب حضرموت. وكان مبدأ ملكه في سنة ست مائة، ومن شأنه أنه كان له مركب يكريه للتجار، ثم توصل إلى أن وزر لصاحب مرباط. وكان ذا كرم وشجاعة. ثم ملك مرباط بعد موت صاحبها، فأحبه أهلها لحسن سيرته. وبنى هذه المدينة وعندها عين عذبة كبيرة، ثم حصنها وحفر خندقها، وكان يحب المديح.
4 (وصول الفيل إلى دمشق:)
قال أبو شامة: وفيها وصل الفيل إلى دمشق ليحمل هدية إلى صاحب الكرج.
4 (ولادة العزيز:)
وفيها ولد الملك العزيز محمد بن الظاهر صاحب حلب.)

(43/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 41
4 (رد الظافر من الحج:)
وفيها قدم الملك الظافر خضر ابن السلطان صلاح الدين من حلب ليحج، ورحل بالركب من بصرى، فسلكوا طريق تيماء، فدخلوا المدينة وأحرم بالحج، فلما وصل إلى بدر رد من الطريق. قال أبو المظفر السبط: كان يعقوب ابن الخياط معه، فلما وصل إلى بدر وجد عسكر الكامل ابن عمه قد سبقه خوفاً على اليمن، فقالوا له: ترجع. فقال: قد بقي بيني وبين مكة مسافة يسيرة، والله ما قصدي اليمن، فقيدوني واحتاطوا بي حتى أحتج وأرجع فلم يلتفتوا إليه وردوه، قال يعقوب: ورجعت معه ولم أحج. قال أبو شامة: وحكى لي والدي، وكان قد حج معهم، قال: شق على الناس ما جرى عليه، وأراد كثير منهم أن يقاتلوا الذين صدوه عن الحج، فنهاهم وفعل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين صد عن البيت، فقصر عن شعره، وذبح ما تيسر، ولبس ثيابه، ورجع وعيون الناس باكية، ولهم ضجيج لأجله.
4 (خندق حلب:)
وفيها حفر خندق حلب، فظهر قطع ذهب وفضة، فكان الذهب نحو عشرة أرطال صوري، بضعة وستين رطلاً، وكان على هيئة اللبن.

(43/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 42
4 (خلاص خوارزم شاه من أسر التتار:)
قال أبو شامة: فيها ورد الخبر بخلاص خوارزم شاه من أسر التتار وعوده إلى ملكه، وذلك أنه كان منازلاً لطوائف من التتار بعساكره، فخطر له أن يكشف أمورهم بنفسه، فسار ودخل عسكرهم في زي التتر هو وثلاثة، فأنكروهم وقبضوا عليهم، وضربوا اثنين فماتا تحت الضرب، ولم يقرا ورسموا على خوارزم شاه ورفيقه، فهربا في الليل.
4 (مقتل أيدغمش:)
وفي المحرم قتل أيدغمش صاحب همذان والري. وكان قد قدم في سنة ثمان فأنعموا عليه، وأعطاه الخليفة الكوسات، وجهزه من بغداد إلى همذان، فبينه التركمان وقتلوه، وحملوا رأسه إلى منكلي، فعظم قتله على الخليفة. وتمكن منكلي من الممالك، واستفحل أمره.
4 (ولادة العزيز:)
) وفي ذي الحجة ولد الملك العزيز بحلب من ضيفة بنت العادل، قال ابن واصل: فزينت حلب، فصاغ له عشرة مهود من الذهب والفضة، ونسج للطفل ثلاث فرجيات من اللؤلؤ والياقوت، ودرعان، وخوذتان، وبركسطوان من اللؤلؤ، وغير ذلك، وثلاثة سروج مجوهرة، وثلاثة سيوف غلفها بالذهب والياقوت، ورماح إستها جوهر منظوم، وفرحوا به فرحاً زائداً.

(43/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 43
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الحادية والستون: وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى وستمائة)

4 (حرف الألف:)

4 (أحمد بن سالم بن أبي عبد الله، أبو العباس المقدسي المرداوي الزاهد. سمع من: أبي طاهر)
السلفي، وعبد الله بن بري. سئل الشيخ الموفق عنه، فقال: كان ذا دين وورع وزهادة، وكان محبباً إلى الناس، كريم النفس، كثير الضيافة. وقال الضياء: كان ثقة، ديناً، خيراً، جواداً، كثير الخير والصلاة، وكان يحفظ كثيراً من الأحاديث والفقه، وكان كثير النفع، قليل الشر لا يكاد أحد يصحبه إلا وينتفع به. توفي في المحرم، وقبره بزرع يتبرك به، وعندهم من أخذته حمى، فأخذ من ترابه وعلقه عليه، عوفي بإذن الله. وكان من العاملين لله عز وجل. وهو والد شيخنا محمد، وشيخنا. قلت: روى عنه الضياء، ووصفه غير واحد بالزهد والعبادة والمكاشفة. وعمل له الضياء ترجمة طويلة.

(43/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 44
4 (أحمد بن سليمان بن أحمد بن سلمان بن أبي شريك.)
المحدث المفيد، أبو العباس الحربي المقرئ الملقب بالسكر. ولد سنة أربعين أو قبيلها. وقرأ القراءآت على أبي الفضل أحمد بن محمد بن شنيف، ويعقوب بن يوسف الحربي، وبواسط على أبي الفتح نصر الله ابن الكيال، وابن الباقلاني. وسمع من سعيد بن أحمد ابن البناء وهو أكبر شيخ له، ومن: أبي الفتح بن البطي، وظافر بن معاوية الحربي، وأصحاب ابن بيان، وأبي طالب بن يوسف فأكثر. وكان عالي الهمة، حريصاً على السماع والكتابة رحل إلى الشام وسمع بدمشق، والقدس،) وبمكة. قال أبو عبد الله الدبيثي: كان مفيداً لأصحاب الحديث، خرج مشيخة لأهل الحربية. وكان ثقة تلاءً للقرآن، ربما قرأ الختمة في ركعة أو ركعتين. سمعنا منه وسمع منا. وسألت يوسف بن يعقوب الحربي عن سبب تلقيبه بالسكر، قال: كان صغيراً فأحبه أبوه، وكان إذا أقبل عليه وهو بين جماعة أخذه، وضمه إليه وقبله، فكان يلام في إفراط حبه له فيقول: هو أحلى في قلبي من السكر، ويكرر ذكر السكر، فلقب بالسكر.

(43/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 45
وقال المنذري: أقرأ، وحدث بالشام وبغداد. وكان مفيداً لأصحاب الحديث. توفي في عاشر صفر. قلت: روى عنه: الدبيثي، والضياء، وابن خليل، وجماعة.
4 (أحمد بن عبد الرحمن بن علي بن نفاذة.)
الأديب البارع، بدر الدين السلمي الدمشقي. شاعر محسن، روى عنه الشهاب القوصي قصائد، وقال: توفي في المحرم، وكان رئيساً، بارع الأدب، عاش ستين سنة. قلت: له ديوان موجود.
4 (أحمد ابن خطيب الموصل، أبي الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي ثم الموصلي،)
أبو طاهر. ولد بالموصل سنة سبع عشرة وخمسمائة. وسمع من: جده أبي نصر الطوسي، وأبي البركات محمد بن محمد بن خميس، وببغداد من عبد الخالق بن أحمد اليوسفي، وغيره.

(43/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 46
وولي خطابة الموصل زماناً هو وأبوه وجده، وحدثوا، وحدث أيضاً أخوه عبد المحسن، وعماه عبد الرحمن، وعبد الوهاب. وقد قدم الشام، وولي خطابة حمص مديدة، ورجع. روى عنه: يوسف بن خليل، والتقي اليلداني، وجماعة. وكان ينشئ الخطب، وله شعر جيد وفضائل، وأجاز لابن أبي الخير وغيره. وتوفي سنة اثنتين، وقيل: سنة إحدى وستمائة في جمادى الآخرة.
4 (أحمد بن عتيق بن الحسن بن زياد بن جرج:)
أبو جعفر البلنسي الذهبي، ويكنى أيضاً: أبا العباس. قال الأبار: أخذ القراءآت عن أبي عبد الله بن حميد، والعربية والآداب عن أبي محمد عبدون، وسمع من أبي الحسن بن النعمة، وغيره. ومهر في علم النظر، وكان أحد الأذكياء له غوص على الدقائق. صنف كتاب الإعلام بفوائد مسلم وكتاب حسن العبارة في فضل الخلافة والإمارة وله فتاو بديعة. واتصل بالسلطان،) وأقرأ الناس العربية. وتوفي في شوال وله سبع وأربعون سنة. قلت: وكان من علماء الطب، ومات بتلمسان. وذكره تاج الدين بن حمويه، فقال: أبو جعفر أحمد بن القاسم بن محمد بن سعيد كذا سماه فقيه متقن. كان مقدماً على فقهاء الحضرة لأنهم في تلك البلاد يميزون فقهاء الجند، فهم رؤساء ونقباء يراجعونهم في

(43/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 47
مصالحهم، وإليهم القسمة والتفرقة عليهم فيما يصل إليهم من وظائفهم، ولكل قوم منهم موضع مقرر للجلوس بدار السلطان، ولأكثرهم أرزاق مقررة على بيت المال إذ لا مدارس هناك ولا أوقاف إلا أوقاف المساجد. وكان هذا الفقيه حسن السيرة مع أصحابه، مشتغلاً بمنافعهم، كثير المعارف، حسن الأخلاق، جالسته كثيراً. وله مشاركة في بعض الرياضي، ويقرئ الطب والحساب.
4 (أحمد بن علي بن محمد بن حيان:)
أبو العباس الأسدي، الكوفي. سمع: أبا البركات عمر بن إبراهيم العلوي، وأبا الحسن محمد بن غبرة. روى عنه الدبيثي، وغيره. وتوفي في رمضان.
4 (أحمد بن علي بن ثابت البغدادي:)
الأزجي، الكاتب، أبو عبد الله الدنباني. حدث عن أبي الفضل الأرموي. ومات في شوال.

(43/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 48
4 (إبراهيم بن سلامة بن نصر المقدسي:)
سمع أبا المعالي بن صابر. روى عنه: الحافظ الضياء، وقال: تزوج على زوجته، فسحر واختل عقله، وبقي يريد يلقي نفسه في المصانع، وكان أهله لا يكادون يغفلون عنه، ثم غفلوا عنه فقتل نفسه. قاتل الله من آذاه. رئيت له منامات حسنة.
4 (أسعد بن أحمد بن محمد:)
الفقيه أبو البركات البلدي، الحنبلي، ثم الشافعي. تفقه على أبي يعلى محمد بن محمد بن الفراء، ثم تفقه على أبي المحاسن يوسف بن بندار الشافعي. وسمع من أبي الوقت. وسمع بدمشق من ابن عساكر. وتعانى الكتابة والتصرف، وكان أديباً بليغاً شاعراً، متديناً.
4 (أنجب بن أحمد بن مكارم الأزجي:)
المعروف بابن الدجاجي، وبابن سروان. حدث عن محمد بن أحمد بن صرما. وتوفي في جمادى الأولى. روى عنه: ابن النجار.)
4 (إلياس بن جامع بن علي.)

(43/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 49
أبو الفضل الإربلي، الشاهد، المحدث. ولد سنة إحدى وخمسين، وارتحل إلى بغداد سنة اثنتين وسبعين، وأقام بالنظامية وتفقه. وسمع من: شهدة، وعيسى الدوشابي، وعبد الحق بن يوسف، والأسعد بن يلدرك، وأبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل، وخلق كثير. وكان وافر الهمة، كثير الكتابة، بارعاً في معرفة الشروط، ثقة صدوقاً، له تخاريج مفيدة. وروى الكثير بإربل، وبها توفي في ربيع الآخر وله خمسون سنة.
4 (حرف الباء:)

4 (بقاء بن أبي شاكر بن بقاء.)
أبو محمد الحريمي، ويعرف بابن العليق بكسر لامه. سمع: ابن البطي، وجماعة.

(43/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 50
قال ابن نقطة: دجال زور ألف طبقة على عبد الوهاب الأنماطي وابن خيرون، وكشط أسماء، وألحق اسمه. وكان يظهر الزهد، فدخلت عليه وأنا صبي مع أصحاب أبي، فأخرج مشطاً وقال: هذا مشط فاطمة عليها السلام وهذه محبرة أحمد بن حنبل. ولم يزل على كذبه حتى أراح الله منه في آخر السنة بطريق مكة. وقال ابن النجار: كان سيء الحال في صباه، تزهد وصحب الفقراء وانقطع، ونفق سوقه، وزار الكبار، وأقبلت عليه الدنيا، وبنى رباطاً، وكثر أتباعه. وقع بإجازات فيها قاضي المارستان وطبقته، فكشط فيها وأثبت في الكشط اسمه، ورماها في زيت فاختفى الكشط، وبعث بها إلى ابن الجوزي وعبد الرزاق، فنقلاها له ولم يفهما، ثم أخفى أصل ذلك، وأظهر النقل فسمع بها الطلبة اعتماداً عليهما. وقد ألحق اسمه في أكثر من ألف جزء. بيعت كتبه فاشتريتها كلها، فلقد رأيت من تزويره ما لم يبلغه كذاب، فلا تحل الرواية عنه. ثم طول ابن النجار ترجمته وهتكه. مات في عشر السبعين. وذكر أنه كان يظهر الصوم للأتراك، ويمد لهم كسراً وطعاماً خشناً، فإذا خرجوا أغلق الباب، وأكل الطيبات.
4 (بوزبا الأمير أبو سعيد التقوي:)
مملوك تقي الدين عمر صاحب حماة. كان من جملة العسكر الذين دخلوا المغرب، وخدموا مع السلطان ابن عبد المؤمن. جاء الخبر في هذا العام بأنه مات غريقاً.

(43/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 51
4 (حرف الثاء:)
)
4 (ثابت بن أحمد، أبو البركات الحربي:)
المعروف بابن القاضي. سمع أبا القاسم ابن السمرقندي، وغيره. قال ابن الدبيثي: تركه الناس لتزويره السماعات، ولم أسمع منه شيئا، وتوفي في ربيع الأول.
4 (حرف الحاء:)

4 (الحسن بن الحسن بن علي:)
الفقيه الأجل مجد الدين أبو المجد الأنصاري، الدمشقي، الشافعي النحاس، المنسوب إليه حمام النحاس بطريق الصالحية. سمع: أبا المظفر الفلكي، وأبا طاهر السلفي، وابن عساكر. وتفقه على أبي سعد بن أبي عصرون. روى عنه: الشهاب القوصي، وغيره. وتوفي في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة. وهو والد العماد عبد الله الأصم.

(43/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 52
4 (الحسن بن بن عبدوس:)
الأديب أبو علي الواسطي الشاعر، نزيل بغداد. نحوي فاضل، لغوي، له شعر جيد، مدح الكبار. وتوفي في صفر.
4 (حرف الخاء:)

4 (الخضر بن عبد الجبار بن جمعة بن عمر:)
أبو القاسم التميمي الدمشقي. سمع: أبا العشائر محمد بن خليل. أخذ عنه: ابن الأنماطي، والتاج محمد بن أبي جعفر، وابن نسيم، وجماعة جزء ابن أبي ثابت. وكان يلقب بالمهذب.

(43/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 53
توفي في جمادى الآخرة وله ست وستون سنة.
4 (حرف الذال:)

4 (ذاكر الله بن إبراهيم بن محمد:)
أبو الفرج الحربي، القارئ، المذكر، المعروف بابن البرني. سمع: أبا الحسين محمد بن أبي يعلى الفراء، وعبد الرحمن بن علي بن الأشقر. روى عنه: الدبيثي، والضياء، وابن خليل. وأجاز لأحمد بن أبي الخير، وغيره. وهو أخو المظفر ابن البرني. توفي في ثامن عشر صفر.
4 (حرف الراء:)
)
4 (رضوان بن محمد بن محفوظ بن الحسن ابن الرئيس القاسم:)
ابن الفضل الثقفي الإصبهاني، أبو شجاع. ولد سنة ست وعشرين وخمسمائة.

(43/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 54
وسمع: زاهر الشحامي، وابن أبي ذر الصالحاني. روى عنه: الضياء، وابن خليل، وغيرهما. وأجاز لابن أبي الخير، ولابن أبي عمر، وللفخر علي، ولعمر بن أبي عصرون، وعدة. قرأت وفاته بخط شيخنا ابن الظاهري: سنة إحدى وستمائة.
4 (حرف الضاد:)

4 (ضياء بن صالح بن كامل بن أبي غالب:)
أبو المظفر البغدادي، الخفاف، ابن أخي المفيد المبارك بن كامل. أجاز له: أبو محمد سبط الخياط، وأبو منصور بن خيرون، وجماعة. وسكن دمشق، وقد ورد بغداد تاجراً سنة سبع وتسعين، وحدث ورجع، وبدمشق توفي.
4 (حرف العين)

4 (عائشة، وتدعى: فرحة، بنت أبي طاهر عبد الجبار بن هبة الله ابن البندار.)
من بيت حديث ورواية. روت عن أحمد بن علي ابن الأشقر. وهي زوجة محمد بن مشق المحدث.
4 (عبد الله بن أحمد بن محمد بن سالم.)
أبو محمد البلنسي، المؤدب، الزاهد. قرأ القراءآت وأدب بالقرآن، وسمع من أبي الحسن ابن النعمة.

(43/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 55
وتوفي يوم الفطر، وشيعة الخلق.
4 (عبد الله بن عبد الرحمن بن أبو بن علي.)
أبو محمد الحربي، البقلي، الفلاح البستنبان وهو الناطور. شيخ مسند معمر. تفرد بالسماع من أبي العز بن كادش، وسمع من أبي القاسم بن الحصين. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، والضياء، والنجيب عبد اللطيف، وآخرون. وبالإجازة: ابن أٌ بي الخير، والفخر ابن البخاري. وتوفي في ربيع الأول عن سبع وثمانين سنة.
4 (عبد الرحمن بن محمد بن عمرو بن أحمد بن حجاج:)
أبو الحكم اللخمي الإشبيلي، الخطيب. قال الأبار: روى عن جده أبي الحكم عمرو، وأبي مروان الباجي، وأبي الحسن شريح بن محمد. وخطب بإشبيلية مدة، ثم استعفي وانقبض عن) الناس. وله حظ من النظم.

(43/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 56
أخذ عنه: أبو القاسم الملاحي، وأبو الحسن بن خيرة، وأبو القاسم بن الطيلسان. وتوفي في صفر وله تسع وسبعون. قرأ عليه القراءآت: أبو إسحاق بن وثيق، عن جده، عن شريح.
4 (عبد الرحمن بن أبي حامد علي بن عبد الرحمن بن أبي حامد علي.)
أبو القاسم الحربي، البيع، المعروف بابن عصية. سمع: قاضي المارستان، وأبا منصور القزاز، ويحيى بن الطراح، وأبا منصور بن خيرون، وعبد الله بن أحمد بن يوسف، وأحمد بن محمد الزوزني، وعبد الوهاب الأنماطي، وطائفة. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، والنجيب عبد اللطيف، وجماعة. وأجاز لابن أبي الخير، وللفخر علي، وللشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وللكمال عبد الرحيم. وتوفي في سادس عشر جمادى الأولى عن بضع وسبعين سنة. وأولاده: أبو حامد، وأبو جعفر، وأبو نصر قد سمعوا..
4 (عبد الرحيم بن محمد بن محمد بن محمد بن حمويه:)

(43/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 57
أبو إسماعيل الأصبهاني نزيل همذان. ولد سنة أربع عشرة وخمسمائة. روى المعجم الكبير حضوراً عن أبي نهشل عبد الصمد العنبري، عن ابن ريذة. روى عنه: الحافظ الضياء، وقال فيه: الرجل الصالح، نزيل همذان. تفرد بعدة شيوخ. وتوفي في ذي القعدة. قلت: وأجاز للشيخ شمس الدين، والفخر علي، والكمال عبد الرحيم، وأحمد بن شيبان. وأضر في آخر عمره، وأصم، فصعب الأخذ عنه.
4 (عبد العزيز بن وهب بن سلمان بن أحمد بن الزنف:)
أخو محمد بن الفقيه الإمام أبي القاسم الدمشقي. سمعه أبوه من علي بن عساكر المقدسي الخشاب، وغيره. وهو أخو أحمد ومحمد. روى عنه: أبن خليل، وغيره. وتوفي في ذي القعدة.
4 (عبد اللطيف ابن القاضي أبي الحسين هبة الله بن محمد بن محمد بن أبي الحديد:)
الفقيه أبو محمد المدائني الشافعي، الأديب، المتكلم. كان أبوه قاضي المدائن وخطيبها. توفي في ربيع الأول. وهو أخو محمد.)

(43/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 58
4 (عبد المنعم بن علي بن نصر بن الصيقل:)
أبو محمد الحراني الفقيه، الواعظ. تفقه ببغداد على أبي الفتح نصر ابن المني. وسمع من: ابن شاتيل، وجماعة. وحدث، ووعظ. وهو والد النجيب عبد اللطيف. توفي في ربيع الأول. روى عنه ابن النجار، وقال: كان ثقة متحرياً، نزهاً، متواضعاً، لطيف الطبع.

(43/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 59
4 (عبد الواحد بن معالي بن غنيمة بن منينا:)
أبو أحمد البقال. بغدادي، قليل الروية. روى عن أبي البدر الكرخي مشيخته.
4 (عبد الوهاب بن هبة الله بن محمود بن ليث:)
مهذب الدين أبو محمد الكفرطابي، الجلالي. نسبة إلى الصاحب جلال الدين. ولد سنة ثلاث أو أربع أو خمس وعشرين وخمسمائة. وأجاز له: أبو العز بن كادش، وأبو القاسم بن الحصين، وأبو غالب بن البناء، وآخرون. وروى بدمشق عنهم. سمع منه: الشهاب القوصي وذكر انه بزاز، وتوفي في المحرم. وروى عنه أيضاً: التقي اليلداني. وأجاز للشيخ شمس الدين بن أبي عمر، وللفخر علي.
4 (عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبيد الله:)

(43/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 60
أبو مروان ابن الصيقل الأنصاري، القرطبي. قال الأبار: أخذ القراءآت عن أبي القاسم بن رضا، ومحمد بن علي الأزدي الأفطس، وسمع الحديث من عن أبي محمد عتاب. وصحب أبا مروان ابن مسرة وأكثر عنه. وعلم بالقرآن، فرأس في ذلك. وطال عمره فقرأ عليه الأجداد والأباء والأبناء. وكان من أهل الزهد والتواضع والصلاح. ذكره ابن الطيلسان، وقال: توفي وقد راهق المائة سنة إحدى وستمائة. في سماعه من ابن عتاب عندي نظر، وإذا صح، فهو آخر من حدث عنه. قاله الأبار.
4 (عسكر بن حمائل بن جهيم:)
أبو الجيوش الخولاني، الداراني. حدث عن أبي القاسم ابن عساكر. سمع منه: العماد علي بن القاسم بن عساكر، وغيره في هذه السنة.
4 (علي بن محمد بن فرحون القيسي، القرطبي:)
قال الأبار: حج وسمع من السلفي وغيره. ونزل مدينة فاس، وكان زاهداً صالحاً فاضلاً، علم) بالفرائض والحساب، ثم حج وجاور إلى أن مات.
4 (علي بن محمد بن خيار:)
أبو الحسن البلنسي الأصل، الفاسي، الفقيه.

(43/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 61
تفقه على أبي عبد الله بن الرمامة، ولازمه مدة، وسمع: أبا الحسن بن حنين، وأبا القاسم بن بشكوال. وكان فقيهاً مشاوراً، تاركاً للتقليد، مائلاً إلى الاجتهاد. عاش نيفاً وستين سنة. حدث في هذا العام.
4 (علي بن الحسن بن عنتر:)
الأديب أبو الحسن النحوي، اللغوي، الشاعر المعروف بشميم الحلي. قدم بغداد، وتأدب بها على أبي محمد بن الخشاب، وغيره. وحفظ كثيراً من أشعار العرب، وأحكم اللغة والعربية، وقال الشعر الجيد إلا أن حمقه أخره. وجمع من شعره كتاباً سماه الحماسة. وقد ورد الشام، ومدح جماعة من أمرائها، وأقام بالموصل. وقيل: إنه قرأ على ملك النحاة أبي نزار.

(43/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 62
قرأت بخط محمد بن عبد الجليل الموقاني: قال بعض العلماء: وردت إلى آمد سنة أربع وتسعين فرأيت أهلها مطبقين على وصف هذا الشيخ، فقصدته إلى مسجد الخضر، ودخلت عليه، فوجدت شيخاً كبيراً قضيف الجسم في حجرة من المسجد، وبين يديه جمدان مملوء كتباً من تصانيفه، فسلمت عليه وجلست، فقال: من أين أنت قلت: من بغداد. فهش بي، وأقبل يسألني عنها، وأخبره، ثم قلت: إنما جئت لأقتبس من علومك شيئاً. فقال: وأي علم تحب قلت: الأدب. قال: إن تصانيفي في الأدب كثيرة وذاك أن الأوائل جمعوا أقوال غيرهم وبوبوها، وأنا فكل ما عندي من نتائج أفكاري، فإنني قد عملت كتاب الحماسة، وأبو تمام جمع أشعار العرب في حماسته، وأنا فعلمت حماسة من أشعاري. ثم سب أبا تمام، وقال: الناس مجمعين على استحسان كتاب أبي نواس في وصف الخمر، فعملت كتاب الخمريات من شعري، لو عاش أبو نواس، لاستحيى أن يذكر شعره، ورأيتهم مجمعين على خطب ابن نباتة، فصنفت خطباً ليس للناس اليوم اشتغال إلا بها. وجعل يزري على المتقدمين، ويصف نفسه ويجهل الأوائل، ويقول: ذاك الكلب. قلت: فأنشدني شيئاً. فأنشدني من الخمريات له،) فاستحسنت ذلك، فغضب وقال: ويلك ما عندك غير الاستحسان فقلت: فما أصنع يا مولانا قال: تصنع هكذا. ثم قام يرقص

(43/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 63
ويصفق إلى أن تعب. ثم جلس وهو يقول: ما أصنع ببهائم لا يفرقون بين الدر والبعر فاعتذرت إليه، وأنشدني شيئاً آخر. وسألته عن أبي العلاء المعري، فنهرني، وقال: ويلك كم تسيء الأدب بين يدي، ومن ذلك الكلب الأعمى حتى يذكر في مجلسي قلت: فما أراك ترضى عن أحد. قال: كيف أرضى عنهم وليس لهم ما يرضيني قلت: فما فيهم من له ما يرضيك قال: لا أعلم إلا أن يكون المتنبي في مديحه خاصة، وابن نباتة في خطبه، وابن الحريري في مقاماته. قلت: عجب إذ لم تصنف مقامات تدحض مقاماته قال: يا بني، اعلم أن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، عملت مقامات مرتين فلم ترضني، فغسلتها، وما أعلم أن الله خلقني إلا لأظهر فضل ابن الحريري. ثم شطح في الكلام وقال: ليس في الوجود إلا خالقان: واحد في السماء، وواحد في الأرض فالذي في السماء هو الله تعالى، والذي في الأرض أنا. ثم التفت علي وقال: هذا لا يحتمله العامة لكونهم لا يفهمونه، أنا لا أقدر على خلق شيء إلا خلق الكلام. فقلت: يا مولانا أنا محدث، وإن لم يكن في المحدث جراءة مات بغيظه، وأحب أن أسألك عن شيء. فتبسم وقال: ما أراك تسأل إلا عن معضلة، هات. قلت: لم سميت بشميم فشتمني وضحك، وقال: اعلم أنني بقيت مدة لا آكل إلا الطين، قصداً لتنشيق الرطوبة وحدة الحفظ، فكنت أبقى مدة لا أتغوط ثم يجيء كالبندقة من الطين، فكنت آخذه وأقول لمن أنبسط إليه: شمه فإنه لا رائحة له، فلقبت بذلك، أرضيت يا ابن الفاعلة توفي شميم بالموصل في ربيع الآخر عن سن عالية.

(43/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 64
قال ابن النجار: كان أدبياً مبرزاً في علم اللغة والنحو، وله مصنفات وأنشاد وخطب ومقامات، ونثر ونظم كثير، لكنه كان أحمق، قليل الدين، رقيعاً، يستهزىء بالناس، لا يعتقد أن في الدنيا مثله، ولا كان ولا يكون أبداً. إلى أن قال: وأدركه الأجل بالموصل عن تسعين سنة أو ما قاربها. ويحكى عنه فساد عقيدة سمعت أبا القاسم ابن العديم يحكي عن محمد بن يوسف الحنفي قال: كان الشميم يبقى أياماً لا يأكل إلا التراب، فكان رجيعه يابساً ليس بمنتن، فيجعله في جيبه، فمن دخل إليه يشمه إياه ويقول: قد تجوهرت.) ومن نظم شميم:
(كنت حراً فمذ تملكت رقي .......... باصطناع المعروف أصبحت عبدا)

(أشهدت أنعم علي لك الأع .......... ضاء مني فما أحاول جحدا)

(وجدير بأن يحقق ظن ال .......... جود فيه من للنوال تصدى)
ومن تواليفه: متنزه القلوب في التصاحيف، شرح المقامات، الحماسة، الخطب، انس الجليس في التجنيس، أنواع الرقاع في الأسجاع، المرازي في التعازي، الأماني في التهاني، معاياة العقل في معاناة النقل، المهتصر في شرح المختصر، كتاب اللزوم مجلدان، مناقب الحكم في مثالب الأمم مجلدان. ثم سمى عدة تصانيف له، ثم قال: مات في ربيع الأول سنة إحدى وستمائة.

(43/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 65
وذكره ابن المستوفي في تاريخه ورماه بالحمق الزائد، وأنه كان إذا انشد بيتاً من نظمه، سجد. وكان يسخر بالعلماء، ويستهزئ بمعجزات الأنبياء ولا يعظم الشرع، ولا يصلي، عارض القرآن المجيد فكان إذا أورده تعوذ ومسح وجهه ثم قرأ. وقال: سألني النصارى كتمان قراءتي كيلا أفسد عليهم دينهم. ثم أورد ابن المستوفي ألفاظاً، من شعره أشياء فيها الجيد والغث، وطول.
4 (علي بن الخضر بن حسن:)
أبو الحسين ابن المجر الدمشقي. سمع من السلفي وحدث كتب عنه: القفصي، وغيره. وقال الضياء: توفي في ذي القعدة.
4 (علي بن عقيل بن علي بن وهبة بن الحسن بن علي:)
الفقيه أبو الحسن بن الحبوبي الثعلبي، الدمشقي، الساجي، المعدل. ولد سنة سبع وثلاثين وخمسمائة. وحدث عن: أبي المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبي المظفر الفلكي، وأبي المعالي محمد بن الموازيني. روى عنه: الشهاب القوصي، وقال: كان كثير الفضل، ظريف الشكل،

(43/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 66
درس بالأمينية، وأم بمشهد علي. لقبه: ضياء الدين. وروى عنه: ابن خليل، وأجاز لابن أبي الخير. توفي في رجب.
4 (علي بن علي بن الحسن بن رزبهان بن باكير:)
) أبو المظفر الفارسي، ثم البغدادي، المراتبي، الوزير. سمع: أبا قاسم إسماعيل ابن السمرقندي. روى عنه: الدبيثي، والضياء، وغيرها. وكان رئيساً جليلاً كاتباً ذا رأي. ولي الوزارة سنة خمسين وخمس مائة للسلطان سليمان شاه بن محمد شاه بن محمد السلجوقي إذ غلب على بغداد. توفي في ذي الحجة وله ست وثمانون سنة. وكان صبوراً عاقلاً، شيعياً، افتقر في الأخر واحتاج.
4 (علي بن المبارك بن أحمد:)
أبو الحسن البغدادي، المقرئ، المعروف بابن المؤذن. حدث عن قاضي المارستان، وأبي سعد البغدادي. روى عنه: الدبيثي، وقال: ولد سنة ست عشرة وخمسمائة. وتوفي في ربيع الأول. وأجاز لابن البخاري.
4 (عمران بن منصور بن عمران:)

(43/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 67
أبو نعيم الواسطي ابن الباقلاني. أخو مقرئ العراق عبد الله. شيخ مسند له إجازة من أبي القاسم ابن الحصين، وأبي غالب ابن البناء. وسمع بواسط من: أبي الكرم نصر الله بن محمد ابن الجلخت، وأبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب، وسعد بن عبد الكريم الغندجاني، وأبي عبد الله محمد بن علي الجلابي. روى عنه أبو عبد الله الدبيثي، وقال: توفي بواسط. أجاز للشيخ شمس الدين عبد الرحمن، والفخر علي.
4 (عمر بن أحمد بن عمر بن سالم ابن الدردانة:)
بغدادي صالح، عابد، مقرئ، من أهل الحربية. روى عن أبي الفتح ابن البطي، وغيره. روى عنه: الحافظ الضياء، وغيره. وأجاز لشمس الدين عبد الرحمن، وللفخر علي، وإسماعيل العسقلاني. وتوفي في رمضان. قال الضياء: لم أر ببغداد أحسن صلاة منه.
4 (حرف الفاء:)

4 (فرحة بنت عبد الجبار بن هبة الله ابن البندار:)
أم الحياء. هي عائشة مرت.

(43/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 68
4 (حرف الكاف:)

4 (كرجي الأمير علم الدين الأسدي:)
ورخه أبو شامة.)
4 (حرف الميم:)

4 (محمد بن أبي المظفر أحمد بن يحيى بن عبد الباقي بن شقران:)
أبو تمام القرشي، الزهري، البغدادي، البزاز. سمع من والده، ومن أبي الوقت وهو من بيت الحديث والرواية.
4 (محمد بن أحمد بن عبد الرحمن:)
أبو القاسم التجيبي، المرسي. سمع من: أبيه، وأبي عبد الله بن سعادة، وأبي بكر بن أبي ليلى، وجماعة. ولازم القاضي أبا الوليد بن رشد. ولي قضاء دانية. وتوفي كهلاً. وكان أديباً شاعراً.
4 (محمد بن علي بن مروان:)
القاضي أبو عبد الله الهمداني، الوهراني. ولي قضاء تلمسان، ثم ولي قضاء الجماعة بمراكش بعد أبي جعفر بن مضاء، ثم عزل، ثم أعيد بعد عزل أبي القاسم بن بقي.

(43/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 69
وكان محمود السيرة، شديد الهيبة، سريع الفصل، موصوفاً بالعدل، ذا تؤدة وسؤدد. ذكره أبو عبد الله الأبار، فقال: توفي سنة إحدى وست مائة، وصلى عليه الإمام الناصر ابن المنصور
4 (محمد بن أبي الفخر حامد بن عبد المنعم بن أبي القاسم)
أبو الماجد المضري، الإصبهاني. ولد سنة عشرين. وسمع حضوراً من فاطمة الجوزدانية، وحدث عنها ببغداد. روى عنه: الحافظ الضياء. وسمع منه: عمر بن علي القرشي. ومات قبله ببضع وعشرين سنة. توفي بإصبهان في رجب. وروى عنه: عمر بن شعرانة.
4 (محمد بن الحسين بن أبي الرضا بن الخصيب بن زيد:)
أبو المفضل القرشي، الدمشقي، الشافعي. ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة. وسمع من: جمال الإسلام أبي الحسن بن المسلم، وأبي طالب علي بن أبي عقيل الصوري، وأبي الفتح نصر الله المصيصي.

(43/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 70
روى عنه: إبراهيم بن إسماعيل المقدسي، وعبد الملك بن عبد الكافي الربعي، وعبد الواحد بن أبي بكر الحموي الواعظ، ويوسف بن خليل، وإسماعيل القوصي، ومحمد بن حسان الخطيب، ومحمد بن المسلم بن أبي الخوف الحارثي، وآخرون. وأجاز لأحمد بن سلامة، والفخر علي، والكمال عبد الرحيم، وغيرهم. وتوفي في ثالث المحرم. وكان يقال له: سبط زيد المحتسب. قال يوسف بن خليل: كان ضعيفاً. ثم ذكر وفاته وشيوخه. وقال غيره: كان ثقة عالماً.)
4 (محمد بن حمد بن حامد بن مفرج بن غياث:)
الشيخ الصالح أبو عبد الله ابن الأجل الصالح أبي الثناء الأنصاري، الأرتاحي، ثم المصري الأدمي، الحنبلي. قال الحافظ عبد العظيم: كان ذكر ما يدل على أن مولده سنة سبع وخمس مائة تخميناً. سمع من أبي الحسن علي بن نصر الأرتاحي بمصر، والمبارك بن علي الطباخ بمكة. وأجاز له أبو الحسن علي بن الحسين الفراء في سنة ثمان عشرة وخمسمائة، فحدث بها مدة طويلة. وكتب عنه

(43/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 71
جماعة من الحفاظ. وهو أول شيخ سمعت منه الحديث بإعادة والدي وأجاز لي في سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وهو من بيت القرآن والحديث والصلاح. توفي في العشرين من شعبان. قلت: روى عنه: الحافظ عبد الغني، والحافظ بن المفضل، والحافظ الضياء، والرشيد العطار، وابن خليل، ونسيبه لاحق بن عبد المنعم بن قاسم بن أحمد بن حمد الأرتاحي، وعلي بن عبد الرزاق بن القطان، وسبطه أحمد بن حامد بن أحمد الأرتاحي، وأبو حامد محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين عبد الملك بن درباس، وأبو بكر بن علي بن مكارم، وأبو الحسن علي بن شجاع العباسي، والنظام عثمان بن عبد الرحمن بن رشيق الربعي، والمعين أحمد بن زين الدين، والخطيب عبد الهادي بن عبد الكريم القيسي، وأبو الفضل محمد الفضل محمد بن مهلهل الجيتي، وخلق سواهم. وأجاز لابن أبي الخير. قال الضياء محمد: كان شيخنا هذا ثقة ديناً ثبتاً، حسن السيرة، ولم يوجد له فيما نعلم شيء عال سوى إجازة الفراء. وقد كنا نسمع عليه بعض الأوقات بالليل، ولا يكاد يمل من التسميع رحمه الله.
4 (محمد بن سعد الله بن نصر ابن الدجاجي:)
أبو نصر الواعظ.

(43/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 72
ولد سنة أربع وعشرون وخمسمائة. وسمعه أبوه من قاضي المارستان، وأبي منصور القزاز، وأبي جعفر محمد بن علي بن السمناني، وجماعة. روى الكثير ببغداد، والموصل، وواسط، وكتب، وطلب بنفسه بعد الخمسين. قال الدبيثي: سمعنا منه ونعم الشيخ كان. وتوفي في ربيع الأول.) قلت: روى عنه: هو، والشيخ الضياء، والنجيب عبد اللطيف. وأجاز للفخر علي. وأبوه من الشيوخ.
4 (محمد ابن نقيب النقباء طلحة بن علي بن محمد:)
الشريف أبو المظفر العباسي، الزينبي. صدر رئيس ناب في النقابة بعد أخيه أبي الحسن علي، ثم صار حاجباً بالديوان.

(43/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 73
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي عصرون:)
القاضي محيي الدين ابن القاضي العلامة شرف الدين أبي سعد التميمي، الشافعي، قاضي دمشق وابن قاضيها. توفي في هذا العام. قاله أبو شامة ولم يترجمه. وهو ولد محيي الدين عمر الذي أجاز لنا.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن إقبال المريني، المغربي:)
أبو عبد الله المقرئ. نزيل قوص، وبها توفي. قال الشهاب القوصي: قرأت عليه القرآن، وقد سمعت عليه التيسير وبلغ مائة سنة أو جاوزها. وهو تلميذ أبي عمرو الخضر بن عبد الرحمن القيسي، وكان القيسي قد روى عن أبي داود، وأبي علي الغساني.
4 (محمد بن المؤيد بن علي بن إسماعيل بن أبي طالب:)
الشيخ المقرئ الصالح، أٌ بو عبد الله الهمذاني، المقرئ، الوبري الفراء، نزيل القاهرة. قرأ القراءآت على الحافظ أبي العلاء الهمذاني، ومن عبد العزيز بن محمد بن منصور الأدمي بشيراز. قال الحافظ عبد العظيم: كتب عنه جماعة من شيوخنا ورفقائنا، وحدثت عنه. وتوفي في عاشر رجب.

(43/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 74
قلت: روى عنه: ابنه الحافظ أبو محمد إسحاق والد شيخنا أبي المعالي الأبرقوهي، فأخبرنا أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد، أخبرنا والدي سنة اثنتين وعشرين وستمائة، أخبرنا أبي الإمام أبو عبد الله بالقاهرة، أخبرنا أبو المبارك عبد العزيز بن محمد، حدثنا محمد بن الحسن بإصبهان، حدثنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم حدثنا أحمد بن سليمان، حدثنا علي بن حرب، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن محمد بن جبير، عن أبيه جبير بن مطعم، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب الطور. وأخبرنا به عالياً عبد المؤمن الحافظ، أخبرنا يوسف بن عبد المعطي، أخبرنا أحمد بن محمد) الحافظ، أخبرنا نصر بن أحمد، أخبرنا عمر بن أحمد، أخبرنا محمد بن يحيى الطائي، حدثنا علي بن حرب... فذكره. متفق عليه.
4 (محمد، أبو محمد بن أبي الفتح يوسف بن المسند:)
أبي الحسن محمد بن أحمد بن صرما الأزجي. سمع من: جده أبي الفضل الأرموني، وابن ناصر. والأصح أن اسمه كنيته. وهو أخو أحمد وابن عم عمر بن أبي السعادات. روى عنه: الحافظ الضياء، فسماه: محمداً، وكناه: أبا عبد الله.

(43/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 75
وأجاز للشيخ شمس الدين ابن أبي عمر، وللكمال عبد الرحيم، وللفخر علي، وغيرهم. وعاش سبعين سنة. توفي في رجب.
4 (المبارك بن أبي الأزهر بن أبي القاسم:)
أبو بكر البغدادي، الدارقزي، المقرئ، المعروف بابن شعلة. عبد صالح تقي، إمام مسجد ابن سمعون مدة. وحدث عن: أبي البركات المبارك بن كامل بن حبيش، وأبي بكر ابن الأشقر. وتوفي في ربيع الأول.
4 (مختار بن أبي محمد بن مختار:)
الصاحب أبو محمد ابن قاضي داراً. وزر للملك الكامل بديار مصر، فلما قدم والده السلطان الملك العادل مصر كان الوزير ابن شكر يقصد ابن قاضي داراً، ويريد نكبته، وألب عليه العادل، وطلبه فأمره الكامل بالنزوح خفية، فنزح بوليده فخر الدين وشهاب الدين، فورد على صاحب حلب، فبالغ في إكرامه، ثم ورد عليه أمر من الكامل يستدعيه، فخرج من حلب ونزل بعين المباركة ليسافر، فلم يشعر أصحابه إلا بخمسين فارساً قد أحاطوا بمضربه في الليل فأنبهوه، فخرج إليهم، فنزل إليه ثلاثة منهم فذبحوه، وقالوا لأولاده وغلمانه: احفظوا أموالكم فما كان لنا غرض سواه. واتصل الخبر بالملك الظاهر، فركب، وشاهده قتيلاً، فاستعظم ولم يقف لقتله على خبر رحمه الله.

(43/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 76
4 (المفضل بن عقيل بن حيدرة بن علي:)
أبو منصور البجلي، الدمشقي، المعروف بابن النفيس الرميلي. ولد سنة عشرين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان، والحافظ أبي القاسم ابن عساكر. روى عنه: الشهاب القوصي، وجماعة من طلبة الدمشقيين. وأجاز لابن أبي الخير، والفخر علي، والحافظ عبد العظيم، وجماعة. وتوفي في المحرم.)
4 (حرف النون:)

4 (نصر الله بن يوسف بن مكي بن علي:)
الفقيه الإمام أبو الفتح ابن الفقيه الجليل أبي الحجاج الحارثي، الدمشقي، الشافعي، المعدل، ويعرف بابن الإمام. تفقه على والده، وعلى أبي البركات الخضر بن شبل بن عبد. وسمع من: أبي الفتح نصر الله المصيصي، وهبة الله بن طاووس. ورحل، فسمع ببغداد من أبي الوقت عبد الأول وغيره. وأجاز له: أبو عبد الله الفراوي، وزاهر بن طاهر الشحامي، وغيرهما. وكان يدعى: نصراً أيضاً. روى عنه: يوسف بن خليل، والزين خالد، والتقي اليلداني، وآخرون.

(43/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 77
وأجاز للحافظ عبد العظيم، ولأبي العباس بن أبي الخير. وتوفي في منتصف جمادى الآخرة بدمشق.
4 (نصر بن أبي نصر محمد بن المؤيد بن طاهر أبي الفتح:)
الرئيس الأجل، أبو الفتوح الغزنوي، الواعظ. قدم بغداد رسولاً من صاحب غزنة أبي المظفر محمد، فحدث عن جده المؤيد. مات بالري في صفر وله ثلاث وستون سنة.
4 (حرف الياء:)

4 (ياقوت، أبو الدر الحمامي عتيق أبي العز بن بكروس:)
شيخ بغدادي. سمع من: يحيى بن علي الطراح، وأبي الحسن محمد بن صرما. وحدث روى عنه: أبو عبد الله محمد بن سعيد الدبيثي في تاريخه، وقال: توفي في جمادى الأولى. وابن النجار.
4 (يوسف بن أبي الغنائم أحمد بن الحسين:)
أبو محمد الحريمي، الدباس، المعروف بابن المتش. ولد سنة سبع عشرة وخمسمائة. وسمع من: أبي غالب ابن البناء، ومن أحمد ابن الأشقر. وأجاز له:

(43/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 78
ابن الحصين، وأبو عامر العبدري الحافظ، والحسين بن محمد بن خسرو البلخي. روى عنه: الدبيثي، والضياء المقدسي. وأجاز للفخر علي. وهو أخو داود. توفي في رابع شوال. والمتش: بفتح ثم ضم التاء وتثقيل المعجمة. قيده ابن نقطة.
4 (يوسف بن المبارك بن كامل بن أبي غالب:)
) أبو الفتوح بن أبي بكر البغدادي، الخفاف. سمع بإفادة والده المحدث أبي بكر من: قاضي المارستان، وأبي منصور بن زريق القزاز، وأبي القاسم ابن السمرقندي، وأبي منصور بن خيرون، ويحيى بن الطراح، وجماعة. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، والضياء، والنجيب عبد اللطيف، وأخوه عبد العزيز، والتقي اليلداني، والمحب ابن النجار، وآخرون. وبالإجازة: الزكي عبد العظيم، وابن أبي الخير، والفخر علي، والكمال عبد الرحيم، والشيخ شمس الدين عبد الرحمن. وكان أمياً لا يكتب. توفي في الخامس والعشرين من ربيع الأول. قال ابن النجار: صالح حافظ لكتاب الله، وكان أمياً لا يحسن الكتابة

(43/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 79
ولا يعرف شيئاً من العلم، وكان عسراً في الرواية، سيئ الخلق، متبرماً بأصحاب الحديث كنا نلقى منه شدة حتى نسمع منه، وكان فقيراً مدقعاً يأخذ على الرواية. وكان من فقهاء النظامية، أسمعه أبوه الكثير وتفرد. أظنه ولد سنة سبع وعشرين وخمسمائة فانه سمع في سنة ثلاث وثلاثين. وكان له أخ اسمه كاسمه مات قبل سنة خمس وعشرين وخمسمائة.
4 (يوسف بن محمد البغدادي، الخيمي، الظفري:)
حدث عن: يحيى ابن الطراح.
4 (الكنى:)

4 (أبو محمد العدل:)
المعروف بعدل الزبداني. سمعناه من حفيده.
4 (وفيها ولد:)
النجم ابن المجاور. والمجاور عبد الله الجزائري، المحدث. وجمال الدين محمد بن أحمد الشريشي. والركن أحمد بن عبد المنعم الطاووسي. والنجيب يحيى بن أحمد الحلي ابن العود شيخ الرافضة. والرضي محمد بن علي الشاطبي، اللغوي. وناصر الدين علي بن قرمين. والسراج أبو بكر بن احمد بن إسماعيل بن فارس التميمي. والعدل عماد الدين حسين بن همام بن البياع المصري.

(43/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 80
وزينب ابنة العلم أحمد بن كامل. وخطيب جامع جراح شمس الدين محمد بن صالح الهسكوري. والشرف محمد بن أحمد بن عبد السخي العمري. وعلاء الدين علي بن عبد الرحيم بن شيت القرشي. وأبو الحسين يحيى بن عبد العظيم الجزار الشاعر. والمحدث) مكين الدين أبو الحسن الحصني.

(43/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 81
4 (وفيات سنة اثنتين وستمائة:)

4 (حرف الألف:)

4 (أحمد بن أحمد بن أبي الفتح محمد بن محمد بن هبة الله:)
أبو المعالي الشهراباني، ثم البغدادي، المعدل. حدث عن أبي الوقت. وتوفي في صفر.
4 (أحمد بن عبد الملك بن محمد بن يوسف:)
أبو العباس الحريمي، المقرئ، المعروف بابن باتانة. قرأ القراءآت على والده، وعلى أبي الفتح عبد الوهاب بن محمد الخفاف. وسمع من يونس مغيث، وأبي بكر بن العربي، وابن مسرة، وسمع الموطأ من: أبي البركات يحيى بن عبد الرحمن الفارقي، وأبي بكر الأنصاري. وكان صالحاً فاضلاً. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وغيره.

(43/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 82
ولم يظهر سماعه من القاضي أبي بكر إلا بعد موته بليلة. قال ابن النجار: قرأ بالروايات على أبي الكرم ابن الشهرزوري، وسعد الله ابن الدجاجي، وكان صالحاً، حسن المعرفة بالقراءآت، مجوداً، صدوقاً، متديناً. أضر ولزم بيته. وكان دائماً يقول: أحق أنني سمعت مجلدةً من طبقات ابن سعد على القاضي أبي بكر، فظفر بذلك ابن الأنماطي قبل موته، فذهب إليه بالمجلد، فلقيه قد مات. توفي في سادس جمادى الآخرة.
4 (أحمد بن علي بن أبي القاسم ابن شعلة:)
أبو العباس الصوفي، الحربي. سمع: أبا الحسين محمد بن محمد ابن الفراء، وعبد الله بن أحمد بن يوسف. روى عنه: الضياء محمد، والنجيب عبد اللطيف، وجماعة. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (إبراهيم بن علي:)
أبو إسحاق الأنصاري، البغدادي، الزاهد، المعروف بالمراوحي. سمع من: أبي الفتح بن شاتيل، وجماعة. وحدث بكتاب القوت عن محمد بن يحيى البرداني. وصحب المشايخ والأولياء، وأقام برباط بهروز. قال ابن النجار: كتبت عنه، وكان صالحاً عابداً متهجداً، مشتغلاً بالله،

(43/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 83
دائم الذكر، صابراً على الفقر، حلو الإيراد كنت أجد راحة عند كلامه ورؤيته. عاش إحدى وستين سنة رحمه الله)
4 (حرف الباء:)

4 (بهاء الدين سام بن محمد بن مسعود الملك صاحب باميان:)
سقت أخباره في ترجمة خاله شهاب الدين الغوري في هذه السنة فاكشفها.
4 (حرف التاء:)

4 (التقي الأعمى الدمشقي، الشافعي، الفقيه، مدرس الأمينية:)
كان فقيهاً، عارفاً بالمذهب، مفتياً، نبيلاً. ذكره الإمام أبو شامة، فقال: وفي ذي القعدة وجد التقي الأعمى، واسمه: عيسى بن يوسف بن أحمد الغرافي العراقي، مشنوقاً بالمئذنة الغربية. وكان مفتياً مدرساً بالأمينية. ابتلي بأخذ ماله، واتهم به شخصاً يقرأ عليه ويقوده، فحط عليه الناس، فشنق نفسه. ودرس بعده الجمال المصري وكيل بيت المال.
4 (تمام بن الحسين بن غالب الخطيب:)
أبو كامل القيسي، المالقي، خطيب مالقة، المعروف بابن الحداد. روى عن: أبيه، وأبي عبد الله بن معمر، وابن النعمة، وجماعة.

(43/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 84
قال ابن الزبير: أخذ عنه الناس كثيراً، وكان أحسن الناس قراءة، وأطيبهم نغمة. مولده عام تسعة وخمسمائة في ربيع الأول بجيان. قال: ولم يتخلف عن جنازته إلا النادر، وآخر من روى عنه: أبو عمر بن حوط الله. قال الأبار: أنشأ فصولاً مستحسنة في الخطب، سمع منه: أبو محمد وأبو سليمان ابنا حوط الله، وأبو جعفر ابن الدلال، وجماعة. وتوفي في ربيع الأول وله ثلاث وتسعون سنة. وأجاز لأبن مسدي وحضر عنده.
4 (حرف الجيم:)

4 (جامع بن باقي بن عبد الله بن علي:)
أبو محمد التميمي، الأندلسي، الفقيه، قاضي إخميم، مجد الدين. ولد بالجزيرة الخضراء من الأندلس، ورحل، فسمع من السلفي بالإسكندرية، ومن: أبي المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبي القاسم الحافظ، وداود بن محمد الخالدي بدمشق. روى عنه: ابن خليل، والشهاب القوصي، وغيرهما. وتوفي بدمشق في سابع عشر ذي القعدة.)
4 (جعفر بن محمد بن أبي العز:)

(43/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 85
أبو عبد الله البغدادي المتكلم، قطاع الآجر، ويعرف بالمستعمل. توفي ببغداد في ربيع الآخر، ودفن في داره. وكان عارفاً بالكلام والهندسة، مطلعاً على مذاهب الناس. عاش نيفاً وسبعين سنة.
4 (حرف الحاء:)

4 (الحسن بن علي بن خلف:)
أبو علي الأموي، نزيل إشبيلية، المعروف بالخطيب. أخذ القراءآت ببلده عن: أبي القاسم بن رضا، ومحمد بن جعفر بن صاف، وعبد الرحيم الحجازي. وسمع من: أبي بكر بن عبد العزيز. وأخذ النحو عن أبي بكر بن مسعود وابن أبي الخصال. وأجاز له أبو الوليد بن رشد مروياته. وكان مائلاً إلى الأدب، وصحب أبا حفص بن عمر. وله من الكتب: كتاب روضة الأزهار، وكتاب اللؤلؤ المنظوم في معرفة الأوقات والنجوم، وكتاب تهافت الشعراء. وتوفي بإشبيلية وله ثمان وثمانون سنة. قاله الأبار.

(43/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 86
4 (الحسين بن علي بن الحسين بن قنان:)
أبو عبد الله الأنباري، ثم البغدادي، المعروف بابن الربي. حدث عن: أبي الفضل الأرموي، وسعيد ابن البناء. روى عنه: ابن خليل، والضياء، وجماعة. وهو أخو الحسن. حدث هو، وأخوه، وأبوهما، وعمتهما تمام. وتوفي في رمضان. وأجاز للشيخ شمس الدين، وللفخر علي، وللكمال عبد الرحيم.
4 (حمزة بن علي بن حمزة بن فارس بن محمد:)
أبو يعلى ابن القبيطي، الحراني الأصل، البغدادي، المقرئ. من كبار القراء، قرأ القراءآت على أبي محمد سبط الخياط، وأبي الكرم الشهرزوري. وسمع منهما، ومن أبي: الحسن محمد ابن أحمد بن توبة، وأحمد بن عبد الله ابن الأبنوسي، وأبي عبد الله السلال، وأبي إسحاق

(43/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 87
إبراهيم بن نبهان الغنوي، وأبي الفضل الأرموي، وأبي غالب محمد بن علي بن الداية، وسعد الخير. وأقرأ القراءآت وحدث. قال الدبيثي: وكان ثقة صدوقاً، حسن الخلق. قلت: روى عنه: هو، وابن خليل، والضياء، والنجيب عبد اللطيف، والتقي اليلداني، وآخرون.) وأجاز للشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وللحافظ المنذري، وللفخر علي، وللكمال عبد الرحيم. ولد سنة أربع وعشرين وخمسمائة في رمضان. وتوفي في ثامن عشر ذي الحجة. وقال أبو شامة: كان عفيفاً، زاهداً، ثقة، قرأ على سبط الخياط بالروايات. وقال ابن الظاهري: ثقة حجة، من أئمة القراء المجودين.
4 (حرف الخاء:)

4 (خلف بن أحمد بن حمد:)

(43/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 88
أبو المفاخر الإصبهاني، الفراء، الشافعي، الفقيه، المفتي، الإمام، ضياء الدين. ولد سنة ثمان عشرة وخمسمائة. وسمع: إسماعيل ابن الإخشيذ، ومحمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني، وغيرهما. روى عنه: الضياء، وابن خليل. وأجاز لابن أبي الخير، وشمس الدين عبد الرحمن، والفخر علي، وأحمد بن شيبان، وغيرهم. وتوفي في شعبان.
4 (حرف السين:)

4 (سليمان بن أحمد بن حامد بن أحمد بن محمود الفقيه المفتي:)
أبو غانم الثقفي، الإصبهاني. يروي عن أصحاب سعيد العيار. روى عنه: الضياء، وابن خليل. وأجاز لابن أبي الخير، وغيره.
4 (حرف الشين:)

4 (شاكر بن فضائل بن قليب البغدادي:)
سمع سعيد ابن البناء. روى عنه: الضياء، وابن خليل، وأجاز لابن أبي الخير، وغيره.
4 (شهاب الدين السلطان أبو المظفر محمد بن سام الغوري صاحب غزنة:)
قتلته الباطنية لعنهم الله في شعبان.

(43/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 89
وهو أخو السلطان غياث الدين أبو الفتح محمد، المذكور سنة تسع وتسعين، وقد امتدت أيامهما وافتتحا بلاداً كثيرة، وشهدا حروباً عديدة. قال أبو الحسن ابن الأثير في تاريخه: قتل السلطان شهاب الدين الغوري صاحب غزنة والهند وبعد خراسان بمخيمه بعد عوده من لهاور، وذلك أن نفراً من الكفار الكوكرية لزموا عسكره عازمين على اغتياله لما فعل بهم من القتل والسبي، فلما كانت هذه الليلة، تفرق عنه أصحابه، وكان معه من الأموال ما لا يحصى، فإنه كان عازماً على قصد الخطا والاستكثار من العساكر، وتفريق المال فيهم، وكان على نية جيدة من قتال الكفار، فكان ليلتئذ وحده في) خركاه، فثار أولئك النفر، فقتلوا بعض الحرس، فصاح المقتول، فثار إليه الحرس من مواقفهم من حول السرادق لينظروا ما الأمر، وأخلوا مراكزهم، فاغتنم الكوكرية الفرصة، وهجموا على السلطان، فضربوه بالسكاكين وخرجوا، فدخل عليه أصحابه فوجدوه على مصلاه قتيلاً وهو ساجد، وأخذ أولئك فقتلوا، وحفظ الوزير والأمراء الخزائن، وصيروا السلطان في محفة، وحفوها بالجسم والصناجق يوهمون أنه حي. وكانت الخزانة على ألفين ومائتي جمل، وساروا إلى أن وصلوا إلى كرمان، وكاد يتخطفهم أهل تلك النواحي، فخرج إليهم الأمير تاج الدين ألدز، فجاء ونزل وقبل الأرض، وكشف المحفة، فلما رأى السلطان ميتاً، شق ثيابه وبكى، وبكى الأمراء وكان يوماً مشهوداً. وكان ألدز من أكبر مماليكه وأجلهم، فلما قتل شهاب الدين، طمع أن يملك غزنة، وحمل السلطان إلى غزنة، فدفن في التربة التي أنشأها. وكان ملكاً شجاعاً غازياً، عادلاً، حسن السيرة، يحكم بما يوجبه الشرع، ينصف الضعيف والمظلوم، وكان يحضر عنده العلماء وقد جاء أن الفخر الرازي صاحب التصانيف وعظ عنده مرة، فقال في كلامه: يا سلطان

(43/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 90
العالم، لا سلطانك يبقى، ولا تلبيس الرازي يبقى وأن مردنا إلى الله، فانتخب السلطان بالبكاء. استوفى ابن الأثير ترجمته وهذه نخبتها، وقال: كان شافعياً كأخيه، وقيل: كان حنيفاً. ولما ملك أخوه غياث الدين باميان، أقطعها ابن عمه شمس الدين محمد بن مسعود، وزوجه بأخته، فولدت منه ولداً اسمه: بهاء الدين سام. فلما توفي شمس الدين وولي باميان بعده ابنه عباس، أخذ غياث الدين منه الملك، وأعطاه لابن أخته بهاء الدين. وعظم شأنه، وعلا محله، وأحبه أمراء الغورية. فلما قتل الآن خاله، سار إليه بعض الأمراء فعرفه، فكتب إلى الأمراء: إنني واصل. وكتب إلى علاء الدين محمد بن علي ملك الغورية يستدعيه إليه، وإلى غياث الدين محمود ابن السلطان غياث الدين خاله، وإلى حسين بن جرميك والي هراة، يأمرهما بإقامة الخطبة له. وأقام أهل غزنة ينتظرونه، ومالت الأتراك الخاصكية إلى غياث الدين ابن أستاذهم، فلما سار من باميان ومعه ولداه: علاء الدين محمد، وجلال الدين، وجد صداعاً فنزل، فقوي به الصداع وعظم، فأيقن بالموت، فأحضر ولديه، وعهد إلى علاء الدين، وأمرهما بقصد غزنة، وضبط الملك الرفق بالرعية، وبذل الأموال. ثم مات، فصار ولداه إلى غزنة، فنزلا دار الملك، وتسلطن علاء الدين، وأنفق الأموال فلم يطعه) ألدز، بالقلعة، وحصر علاء الدين، ثم نزل بالأمان وحلف له ألدز، ورد إلى باميان في أسوأ حال، فإن الأتراك نهبوه.

(43/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 91
4 (حرف الصاد:)

4 (صالح بن محمد بن علي بن بارس:)
أبو جعفر الأزجي. شيخ معمر من أبناء التسعين. سمع سنة إحدى وعشرين وخمسمائة من أبي الفضل عبد الملك بن علي بن يوسف: روى عنه: الدبيثي، والضياء محمد، وغيرهما. وتوفي في شوال.
4 (حرف الضاد:)

4 (ضياء بن أبي القاسم أحمد بن الحسن:)
أبو علي ابن الخريف البغدادي، السقلاطوني، النجار. ولد بمحلة النصرية، وكان جاراً لأبي بكر قاضي المارستان، فأكثر عنه. وسمع أيضاً من: القاضي أبي الحسين محمد بن محمد ابن الفراء، وأبي القاسم ابن السمرقندي. وكان أمياً لا يكتب.

(43/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 92
روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، والضياء، وابن خليل، وابن عبد الدائم، والنجيب والعز ابنا الصيقل الحراني. ولد سنة ست عشرة، أو سبع عشرة. وتوفي في نصف شوال. وأجاز للفخر علي وجماعة.
4 (حرف الطاء:)

4 (طاشتكين، الأمير الكبير مجير الدين أبو سعيد المستنجدي:)
سمع من: أبي الفتح ابن البطي، وعلي بن عساكر البطائحي. وكان أحد مماليك المستنجد بالله يوسف، ثم صار من بعده لولده المستضيء بأمر الله الحسن. وولي إمرة ركب العراق سنين عديدة، وولي إمرة الحلة المزيدية مدة، ثم ولي تستر وخوزستان. وكان سمحاً كريماً، حسن السيرة، وافر الحشمة، شجاعاً، حليماً، قليل الكلام إلى الغاية تمضي عليه الأيام لا يتكلم إلا نادراً. توفي بتستر في جمادى الآخرة عن نيف وثمانين سنة. وكان شيعياً جاهلاً.

(43/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 93
4 (حرف العين:)
)
4 (عبد الله بن علي بن أبي السعادات المبارك بن الحسين بن نغوبا:)
أبو بكر الواسطي العدل. ولد سنة ثلاث وعشرين. وسمع من: جده المبارك، وأبي الكرم نصر الله ابن الجلخت، وأبي عبد الله الجلابي، وأبي الحسن بن عبد السلام الكاتب بواسط. ومن عبد الباقي بن أحمد النرسي ببغداد. وهو من بيت الحديث. ونغويا: اسم قرية لجدهم لقب بها. توفي بواسط في صفر. سمع منه: أبو عبد الله الدبيثي.
4 (عبد الله ابن الحفيد أبي بكر محمد بن أبي مروان عبد الملك بن زهر:)
أبو محمد الإيادي، الأندلسي، الإشبيلي، الطبيب. معرق في الطب كان آباؤه شيوخ الطب بإشبيلية. وكان شاباً، جميل الصورة، مفرط الذكاء، خبيراً فاضلاً.

(43/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 94
أخذ الطب عن أبيه. وكان رئيساً محتشماً عاش خمساً وعشرين سنة، وخلف ولدين: عبد الملك، وأبا العلاء محمداً.
4 (عبد الباقي بن عثمان بن محمد بن جعفر بن يوسف بن صالح:)
عز الدين، أبو العز الهمذاني، الصوفي. ولد سنة تسع عشرة وخمسمائة. وسمع من: زاهر الشحامي، ومحمد بن حامد ابن الجراح، وأبي المناقب محمد بن حمزة العلوي، وأبي جعفر محمد بن أبي علي الحافظ. وحدث ببغداد وهمذان سمع منه: مسعود بن سرفشاه الطوسي، وعبيد الله بن محمد القومساني، والقاضي نجم الدين أحمد بن راجح، والحافظ الضياء وأخوه الكمال عبد الرحيم، والجمال أبو موسى ابن الحافظ، والشرف عبد الله بن أبي عمر، سمعوا منه بهمذان. وكان عالماً صالحاً، سمع تفسير أبي بكر النقاش من أبي جعفر الهمذاني في سنة ثلاثين وخمسمائة، قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن الحسن بن بهارة سنة ثمان وستين وأربعمائة، أخبرنا القاضي محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي، عنه. وسمع صحيح البخاري من أبي جعفر الهمذاني، بسماعه من أبي الخير محمد بن أبي عمران الصفار بسنده. أجاز للشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وللشيخ الفخر، ولفاطمة بنت عساكر، ولمن أدرك حياته. عبد الرحمن ابن الإمام أبي علي يحيى بن الربيع:

(43/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 95
الفقيه أبو القاسم الواسطي. توفي في حياة والده. وكان قد تفقه على والده، وعلى أبي القاسم) يحيى بن فضلان، وسمع من: منوجهر بن تركانشاه، وجماعة. وحدث بخراسان لما قدمها رسولاً، وناظر، ودرس، وأفتى، وعاش اثنتين وأربعين. توفي في رمضان. عبد السلام بن المبارك بن أحمد: أبو الكرم بن صبوخا الظفري. توفي في رجب، وله اثنتان وثمانون سنة. سمع: الحسين بن إبراهيم الدينوري، وعبد الأول السجزي، وسعد الخير. روى عنه: ابن النجار، وأثنى عليه كثيراً.
4 (عبد القوي بن عبد الخالق بن وحشي:)
أبو محمد الكناني، الحنفي، المصري، المسكي، صائن الدين. سمع: عبد الله بن برئ، وعشير بن علي، ومحمد بن عبد الرحمن

(43/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 96
المسعودي، وطائفة كبيرة، وارتحل، فسمع بدمشق من: أبي سعد بن أبي عصرون، وجماعة، وببغداد من: ابن بوش وطبقته، ودخل ما وراء النهر وأقام هنالك وصار له صورة. وتوفي في هذه السنة.
4 (عبد الكريم بن أبي الحسن بن ياسين القيسراني.)
ثم المصري، المقرئ. قرأ القراءآت على: أبي الجيوش عساكر، وسمع بدمشق من: أبي الفضل منصور الطبري. سمع منه: أبو عبد الله بن يوسف المصري، وغيره. وكان من أهل الصلاح والخير.
4 (عبد الملك بن أبي أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي بن عبيد الله البغدادي ابن سكينة.)
توفي في حياة والده بصعيد مصر في هذه السنة، وقيل: توفي سنة ثلاث وتسعين. قاله الحافظ المنذري. سمع من: شهدة، وتجني. وحدث بالحرمين.
4 (عبيد الله بن محمد بن أبي نصر:)
أبو زرعة اللفتواني الإصبهاني. سمع: محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني حضوراً، والحسين بن عبد الملك الخلال، وهذه الطبقة. واعتنى به أبوه، وسمعه الكثير.

(43/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 97
ولا أعلم متى توفي، إلا أنه أجاز في هذه السنة للبرهان ابن الدرجي، وأجاز للفخر علي، وللشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وللكمال عبد الرحيم، ولأحمد بن شيبان، ولجماعة. وروى عنه: ابن خليل، والضياء، وسمع أيضاً من: زاهر بن طاهر. واسم جده: شجاع بن) أحمد بن إبراهيم.
4 (عبيد الله بن أبي الحسن بن أبي الوفاء:)
أبو بكر الأزجي الدباس، المعروف بابن الغرير. سمع: أبا الفضل الأرموي، وأبا الفتح الكروخي. وسمع منه جماعة.
4 (عثمان بن عيسى بن درباس:)
القاضي، المحدث، العلامة، ضياء الدين أبو عمر الهدباني،

(43/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 98
الماراني، ثم المصري، الفقيه، الشافعي، أخو قاضي القضاة صدر الدين عبد الملك. تفقه في صباه بإربل على أبي العباس الخضر بن عقيل. ثم تفقه بدمشق على القاضي أبي سعد بن أبي عصرون، وأحكم المذهب وأصوله، وشرح المهذب شرحاً شافياً لم يسبق إلى مثله في عشرين مجلداً، وبقي عليه من الشهادات إلى آخره. وشرح اللمع لأبي إسحاق في مجلدين، وكان من أعلم الشافعية في زمانه. وقد ناب عن أخيه في القضاء، وسمع من: أبي الجيوش عساكر بن علي. قال الحافظ المنذري: توفي في ثاني عشر ذي القعدة، وزاد أنه تفقه أيضاً على أبي البركات الخضر بن شبل الحارثي.
4 (عرفة بن علي بن الحسن بن حمدويه:)
أبو المكارم ابن بصلا اللبني.

(43/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 99
شيخ صالح، مشتغل بنفسه، عاش سبعاً وسبعين سنة، وتفقه بالنظامية. وصحب أبا النجيب السهروردي، وسمع من: أبي الفضل الأرموي، وعبد الصبور الهروي. وحدث. وعرف باللبني، لأنه أقام سنين يتغذى باللبن، ولا يأكل خبزاً. وهذه عادة لا عبادة. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وغيره.
4 (علي بن علي بن سعادة بن الجنيس:)
الفقيه أبو الحسن الفارقي، الشافعي. تفقه بتوريز، وسمع بها من محمد بن أسعد العطاري. وقدم بغداد فسمع من أبي زرعة المقدسي، وصحب أبا النجيب عبد القاهر، وعلق الخلاف عن الإمام أبي المحاسن بن بندار. وأعاد بالنظامية، وناب في تدريسها، وناب في القضاء. وولي تدريس مدرسة أم الناصر لدين) الله. ومات يوم عرفة. من كبار الشافعية.

(43/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 100
4 (علي بن محمد بن جمال الإسلام أبي الحسن علي بن المسلم بن محمد:)
الفقيه شرف الدين أبو الحسن السلمي، الدمشقي، الشافعي، المعروف جده: بابن بنت الشهرزوري. ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة. وتفقه، وسمع من: أبي العشائر محمد بن خليل، وأبي يعلى حمزة بن الحبوبي، وأبي الحسين القاسم ابن البن، وخاليه: الصائن هبة الله، والحافظ أبي القاسم، وجماعة. وحج. ودخل بغداد، فسمع من شهدة، وجماعة. وقرأ على الكمال عبد الرحمن بن محمد الأنباري بعض تصانيفه. وحدث ببغداد، ومصر. وكانت له اليد الطولى في الخلاف والبحث. وكان فصيحاً، حسن العبارة. درس بالأمينية. وحدث عنه: يوسف بن خليل، والضياء محمد، والشهاب القوصي. وقال القوصي: أخبرنا مفتي الشام شرف الدين بقراءتي عليه بمدرسته الأمينية، قال: وتوفي بحمص غريباً. وقال أبو شامة: كان قد سكن حمص منذ أخرج من دمشق، وكان

(43/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 101
مدرس الأمينية والزاوية المقابلة لباب البرادة، وكان عالماً بالمذهب والخلاف، ماهراً. قلت: توفي في تاسع جمادى الآخرة.
4 (عمر بن إبراهيم بن عثمان:)
أبو حفص التركستاني الأصل، الواسطي، الصوفي، الواعظ. سمع بواسط من: عبد الرحمن بن الحسين الدجاجي، ومحمد بن علي الكتاني. وببغداد من: شهدة، وجماعة. وسافر الكثير. وحدث. وتوفي بشيراز.
4 (عمر بن ابي بكر بن عبد الله بن سعد:)
أبو عبد الله المقدسي. قال الضياء: ولد بعد الثلاثين وخمسمائة، وحدثنا عن أبي الحسين عبد الحق بن يوسف. وتوفي في ربيع الآخر بقاسيون. وقال الشيخ الموفق: كان فيه حمية وأنفة، وكان حسن الصلاة، حاضر القلب فيها. قلت: وهو والد الشاب الإمام سيف الدين عبد الله المتوفى بحران في سنة ست وثمانين وخمسمائة.)
4 (حرف الفاء:)

4 (فارس بانويه بنت محمد بن محمد أبي القاسم بن إبرويه الإصبهانية، الصالحانية:)

(43/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 102
سمعت من: فاطمة الجوزدانية، وسعيد بن أبي الرجاء. وحدثت بإصبهان. وتوفيت في رابع ربيع الآخر. قاله الحافظ المنذري.
4 (حرف اللام:)

4 (لبابة بنت المبارك بن هبة الله بن بكري الحريمي:)
توفيت في ذي الحجة عن أربع وسبعين سنة، وحدثت عن جدها لأمها أبي البقاء هبة الله بن القاسم البندار، وهو شيخ مسن يروي عن طراد النقيب وغيره، وتوفي سنة بضع وأربعين وخمسمائة.
4 (حرف الميم:)

4 (محمد بن ظافر بن القاسم بن منصور:)
أبو البركات ابن الأديب أبي المنصور الجذامي، الإسكندراني، الخياط. الرجل الصالح المختص بصحبة الزاهد أبي الحسن ابن بنت أبي سعد، فإنه خدمه أربعين سنة، وكان الشيخ يحبه ويحترمه. وكان أبو البركات ذا سمت وورع يتحرى في خياطته، ويغسل الأعيان بمصر. وأبوه: ظافر الحداد، شاعر مشهور.
4 (محمد بن أبي خالد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن)
عبد الله بن عيسى بن محمد إبراهيم بن محمد بن أبي زمنين:

(43/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 103
واسم أبي زمنين: عدنان بن بشير بن كثير. القاضي أبو بكر المري، الأندلسي الإلبيري، ثم الغرناطي. قال الأبار: كذا نسبه أبو القاسم الملاحي، وقال: إنه وقفه على نسبه هذا، فأقر به. سمع: أبا مروان بن قزمان، وأبا الحسن الزهري، وأبا القاسم بن بشكوال، وجماعة. وكتب إليه أبو الحسن بن هذيل، وأبو طاهر السلفي، وطائفة. وولي قضاء غرناطة ثم مالقة. قال: وكان فقيهاً محدثاً، حسن الخط والضبط. حدث عنه: أبو سليمان بن حوط الله، وأبو محمد ابن القرطبي، وأبو الربيع بن سالم، وأبو جعفر الدلال. وتوفي بغرناطة معزولاً عن القضاء في شهر ربيع الأول، وله ثنتان وسبعون سنة. روى عنه: ابن مسدي، وقال: هو أول من أحضرت بين يديه وسمعت عليه، حدثنا بإشارة) جدي، فكان يأخذ مجلداً ثم يضعه في حجري، ويقول لي: حدث بهذا عني. وكان أحد حفاظ الحديث، وقد سمع من الحسن بن علي بن سهل الخشني، وخلق. فالخشني لم أر له ترجمة، سمع من ابن سكرة.
4 (محمد بن القاضي المعمر أبي الفتح محمد بن أحمد بن بختيار:)

(43/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 104
أبو حامد المندائي، الفقيه، المفتي. ولد سنة سبع وخمسين. وقدم بغداد فتفقه بها. وسمع من: أبي الفتح بن شاتيل، وطبقته. وقرأ المقامات على منوجهر بن تركانشاه. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وقال: توفي في ثامن عشر شوال، وصلى عليه أبوه.
4 (مسعود الأمير سعد الدين صاحب صفد ابن الحاجب مبارك:)
توفي بصفد في شوال. وله بدمشق دار صارت للأمير جمال الدين موسى بن يغمور، وهي التي بقرب حمام جاروخ بدمشق، وهي اليوم.
4 (وتوفي قبله في رمضان: أخوه ممدود بدر الدين:)
شحنة دمشق، الذي صارت داره للأجل نجم الدين ابن الجوهري بحارة البلاطة. وكانا أميرين كبيرين لهما مواقف مشهورة مع السلطان صلاح الدين. وهما ابنا الست عذراء صاحبة المدرسة العذراوية، ووالدة الأمير فروخشاه ابن الأمير شاهنشاه بن أيوب بن شاذي.

(43/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 105
4 (حرف الياء:)

4 (يحيى بن محمد بن خلف:)
أبو زكريا الهوزني، الإشبيلي. أخذ عنه: أبي الحكم بن حجاج، وأبي الأصبغ السماتي، وجماعة. وتصدر للإقراء ببلده وبسبتة. قال الأبار: كان من أهل الضبط والتجويد، شهير الذكر، وله أرجوزة في غريب القرآن. وقد أضر بأخرة. أخذ عنه جماعة، منهم أبو عبد الله بن هشام. وتوفي في رمضان.
4 (وفيها ولد:)
مجد الدين محمد ابن الظهير الإربلي. والعماد الأشتر أحمد بن المؤيد. والنجيب محمد بن أحمد بن محمد بن المؤيد الهمذاني. والعماد محمد بن عمر بن هلال الأزدي. والمؤمل بن محمد ابن النابلسي. والزين محمد بن الحسن بن سالم الحمصي. والجمال أبو محمد بن عبد الوهاب النخائلي. والعز عبد الرحمن ابن العز محمد بن عبد الغني. وتقي الدين إبراهيم ابن الواسطي.) والتاج أحمد بن محمد بن محمد بن المعتزل. ومحمد بن إبراهيم بن ترجم في ربيع الأول.

(43/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 106
والمحدث شرف الدين أحمد بن محمد بن عبد الله الموصلي ثم الدمشقي في ربيع الأول. والضياء أحمد ابن الشيخ محمد بن عمر بن يوسف القرطبي، سمع من زاهر بن رستم. وأبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي الفتح الحراني الضرير، سمع ابن روزبة. والجمال محمد بن عبد الكريم بن درادة. والكمال يحيى بن خلف المقاماني بمصر، سمع مكرماً.

(43/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 107
4 (وفيات سنة ثلاث وستمائة:)

4 (حرف الألف:)

4 (أحمد بن عبد الغني بن أحمد بن عبد الرحمن بن خلف بن المسلم:)
الفقيه، الأديب، نفيس الدين أبو العباس اللخمي، المالكي، المعروف بالقطرسي. تفقه على الإمام ظافر بن الحسين الأزدي. واشتغل بالأصولين والمنطق، وقرأ الأدب على البارع موفق الدين يوسف ابن الخلال كاتب الديوان العاضدي، وصحبه مدة، وصحب غيره. وسمع من سعيد المأموني. وتصدر للإقراء والإفادة. وله ديوان شعر. تقلب في الخدم الديوانية، ومدح ملوكاً ووزراء.

(43/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 108
قال المنذري: توفي في الرابع والعشرين من ربيع الأول، وأنشدنا عنه جماعة من أصحابه. قلت: وروى عنه الشهاب القوصي في معجمه.
4 (أحمد بن أبي المعمر يحيى بن أحمد بن عبيد الله بن هبة الله:)

(43/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 109
أبو المعالي البغدادي، الخازن. سمع الكثير من: نصر بن نصر العكبري، وابن الزاغوني، وأبي جعفر أحمد بن محمد العباسي، ومحمد بن عبيد الله الرطبي، وأقرانهم، ومن بعدهم، وكتب الكثير، فمما كتب: الصحيحان، و مسند أحمد، و طبقات ابن سعد، وكتاب الأغاني. وهو من بيت العدالة والرواية، وهو ابن عم الوزير عبيد الله بن يونس. قال ابن النجار: كتبت عنه، وكان صدوقاً حسن الطريقة، عفيفاً، ديناً، متودداً. وقال الدبيثي: كان ثقة سمعنا منه الكثير. وتوفي في شعبان. وروى عنه: هو، والنجيب عبد اللطيف. وأجاز للفخر علي، وأحمد بن شيبان، وجماعة.
4 (إسماعيل بن علي بن مواهب:)
أبو محمد الحظيري، الدجيلي. قرأ العربية على ابن الخشاب، واللغة على ابي محمد بن الجواليقي. وبرع وتقدم، وأنشأ الخطب، وكتاب تحرير الجواب. وكان زاهداً ورعاً، نزل) الموصل. توفي في صفر.
4 (آمنة بنت أبي القاسم بن أبي منصور ابن السدنك:)

(43/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 110
سمعت قاضي المارستان أبا بكر. وهي أخت المبارك. توفيت في شعبان.
4 (إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم:)
أبو إسحاق اللخمي، القرطبي، المعروف بالمعاجري المقرئ. أخذ القراءآت عن سعد بن خلف، وولي الخطابة. وكان مقرئاً مجوداً، ذا سمت ووقار. قال ابن الطيلسان: صحبته زماناً.
4 (إسماعيل بن المبارك بن محمد بن مكارم بن سكينة:)
أبو الفرج الأنماطي، البغدادي. سمع من: أبيه، وأبي الفتح ابن البطي، وجماعة. وحدث. توفي بإربل.
4 (إقبال، جمال الدولة خادم السلطان صلاح الدين الذي وقف داريه الإقباليتين: التي للحنيفية)
والتي للشافعية بدمشق.

(43/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 111
توفي ببيت المقدس.
4 (حرف الجيم:)

4 (جعفر بن المظفر بن أبي سعد:)
أبو القاسم الشعيري، البوراني. سمع: أحمد ابن الأشقر، وسعد الخير، وأبا الوقت. وتوفي في ذي الحجة. روى عنه: ابن النجار.
4 (حرف الحاء:)

4 (حسن بن أحمد بن مفرج:)
أبو علي البكري، الأندلسي، الإشبيلي، المعروف بالزرقالة. سمع من: يوسف بن لبيب، وولي الأحكام بأشبونة. وكان أديباً طبيباً، موفقاً في العلاج، بارعاً في الطب، فاق أهل عصره في تمييز النبات. وله حظ صالح من قرض الشعر. وعاش بضعاً وثمانين سنة. توفي في ذي القعدة.

(43/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 112
4 (الحسن بن علي بن نصر بن عقيل:)
أبو علي العبدي، العراقي، همام الدين. من شيوخ الرافضة. ولد بالحلة سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. وكان خبيراً بالأصول، كثير المحفوظ، شاعراً محسناً كبيراً. مدح المستنجد، والمستضيء، والناصر، ومدح صاحب الموصل وصاحب حلب. وأرسل إلى السلطان صلاح) الدين بقصيدة، فنفذ إليه مائة دينار. قدم حلب واشتغل عليه يحيى بن أبي طيء، وعظمه في تاريخه. ومن شعره:
(ولم أر كالدنيا مقيل مهجر .......... حبيب إليه ظلها وهو زائل)

(وما الناس إلا كامل الحظ ناقص .......... وآخر منهم ناقص الحظ كامل)

(وإني لمنش من حياء وعفة .......... وإن لم يكن عندي من المال طائل)
توفي بدمشق.
4 (الحسن بن يوسف بن حسن:)
أبو علي ابن المحولي.

(43/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 113
(سنة خمس وستمائة)

([حرف الألف])
223 - أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي هارون. أبو القاسم التميمي، الإشبيلي. أخذ القراءآت عن: أبي الحكم بن حجاج، وأبي إسحاق بن طلحة، وعبيد الله ابن اللحياني، وأبي الحكم بن بطال. وسمع من أبي الحسن الزهري، والزاهد أبي عبد الله ابن المجاهد. وأجاز له أبو الحسن شريح. وتصدر للإقراء، وأخذ الناس عنه. قال الأبار: وكان ورعا زاهدا، أجاز في ربيع الأول سنة خمس لبعض أصحابنا. 224 - إبراهيم بن أحمد الكردي. المعروف بالجناح. من أمراء دمشق.

(43/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 114
([حرف الراء])
121 - رجاء بن محمد بن هبة الله الفقيه المفتي. أبو العلا الإصبهاني. روى عن: غانم بن خالد، وغيره. روى عنه: يوسف بن خليل. وقال الحافظ الضياء: توفي في شعبان بإصبهان.
([حرف السين])
122 - سعد بن عبد الله بن سعد بن هبة الله بن مفلح. أبو محمد المقدسي، المؤذن. سمع: أبا المعالي بن صابر. روى عنه: الشيخ الضياء، والفخر علي، والشيخ شمس الدين. توفي في أول ذي القعدة كهلا. 123 - سعيد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطاف بن أحمد بن حبشي بن إبراهيم. أبو القاسم الهمداني الموصلي الأصل، البغدادي، المؤدب.

(43/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 115
كان يؤدب بقراح أبي الشحم. سمع من: أبيه، وأبي بكر قاضي المارستان، وأبي القاسم ابن السمرقندي، وأبي الحسن بن عبد السلام الكاتب، وأجاز له هبة الله بن الحصين. كتب عنه: أبو المحاسن عمر بن علي في أيام شهدة. وروى عنه: الدبيثي، وابن خليل، والضياء، والنجيب عبد اللطيف، والتقي اليلداني، وآخرون. وأجاز لابن أبي الخير، وللشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وللكمال عبد الرحيم، وللفخر علي. وتوفي في ثاني ربيع الآخر، وله نيف وثمانون سنة. 124 - سعيد بن أبي سعد بن عبد العزيز العراقي الجامدي بالجيم القيلوبي. وقيلوية من قرى نهر الملك. سمع: أبا الفتح الكروخي، وابن ناصر. وحدث.

(43/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 116
([حرف الصاد])
125 - صالح بن علي بن نفيس بن أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن الأخضر الأنباري. أبو طالب العدل. ولد بالحلة سنة نيف وثلاثين، وتوفي بالموصل. وسمع بالأنبار من: عم أبيه أبي نصر يحيى بن علي. وحدث ببغداد ؛ روى عنه: الدبيثي. 126 - صفية بنت عبد الكريم ابن شيخ الشيوخ أبي البركات إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري، ثم البغدادي، أم محمد. أجاز لها: أبو عبد الله الفراوي، وعلي بن طراد الزينبي، وجماعة. وحدثت. وتوفيت في ليلة السابع والعشرين من رمضان عن بضع وثمانين سنة.
([حرف الظاء])
127 - ظفر بن عباد بن محمد بن أبي الرجاء الأميني. أبو الحسنات الإصبهاني. سمع منه: الحافظ الضياء، وقال: توفي في ربيع الأول.

(43/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 117
([حرف العين])
128 - عبد الله بن صافي بن عبد الله. أبو القاسم البغدادي، الخازني. ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة. ذكر أنه قرأ القرآن على أبي بكر المزرفي. وسمع من: علي بن أحمد بن الموحد، والحسين بن علي سبط الخياط. وكان أبوه مولى رجل اسمه: حسين الخازن. وتوفي في جمادى الأولى. روى عنه: الدبيثي، والضياء محمد. وأجاز للشيخ شمس الدين ابن أبي عمر، والفخر علي، والكمال عبد الرحيم. وتوفي في جمادى الأولى، وهو آخر من حدث عن ابن الموحد. 129 - عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الله. أبو منصور ابن النعماني، النيلي، الكاتب، المعروف بالقاضي شريح.

(43/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 118
ولي قضاء النيل مدة. وكان مترسلا، بليغا، فصيحا، مفوها، كريما، جوادا، كامل الرياسة يصلح للوزارة. وقد كتب الإنشاء للأمير طاشتكين مدة فقصده الوزير ابن مهدي فحبسه حتى مات. وله ' رسائل ' مدونة في مجلدين. توفي في ربيع الأول، ودفن بداره ببغداد. 130 - عبد الرحمن بن أبي الخير سلامة بن يوسف بن علي بن عبد الدائم. القاضي أبو القاسم القضاعي، البلوي، الإسكندراني، المالكي. ولد سنة عشرين وخمسمائة. وتفقه على الإمام أبي طالب صالح ابن بنت معافى. وحدث عن: أبي عبيد نعمة الله بن زياد، والحسين بن علي التيبغاني. وولي قضاء الثغر مدة، وولي التدريس بالقاهرة بالفاضلية، وانتفع به جماعة. وكان شفوقا على الطلبة، ساعيا في مصالحهم، وافر المروءة، جم الإيثار. توفي في ثاني صفر. روى عنه جماعة. 131 - عبد الرحمن بن صدقة الواسطي، الطحان. حدث عن: ابن ناصر. 132 - عبد الرحمن بن علي بن هبة الله.

(43/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 119
نجيب الدين الأنصاري، المصري، أبو القاسم. قاريء مصحف الذهب، ووالد قاريء المصحف أبي علي الحسن. سمع من: علي بن نصر الأرتاحي، وغيره. مات في رجب. 133 - عبد الرحمن بن محمد بن أبي القاسم. أبو القاسم ابن العجمي، الأزجي، القطان، المعروف بابن الكافوري. سمع من: أبي البدر الكرخي، وابن ناصر. روى عنه: الضياء محمد، وغيره، وأجاز للشيخ شمس الدين، وللفخر علي. وتوفي في جمادى الأولى. 134 - عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر ابن أبي صالح. الإمام أبو بكر الجيلي، ثم البغدادي، الحنبلي، المحدث، الحافظ، الثقة، الزاهد.

(43/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 120
ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. وسمع الكثير بإفادة أبيه ثم بنفسه. وعني بالطلب والأجزاء والسماعات. وسمع من: محمد بن أحمد بن صرما، وأبي الفضل الأرموي، وابن ناصر، وسعيد ابن البناء، وأحمد بن طاهر الميهني، وابن الزاغوني، وأبي الوقت، وأبي الكرم الشهرزوري، وطبقتهم. ويقال له: الحلبي، نسبة إلى الحلبة محلة بشرقي بغداد. قال الحافظ محمد بن عبد الواحد: لم أر ببغداد في تيقظه وتحريه مثله. وقال أبو شامة في ' تاريخه ': كان زاهدا عابدا، ثقة، مقتنعا باليسير. قلت: روى عنه الدبيثي، وابن النجار، والضياء، والنجيب عبد اللطيف، والتقي اليلداني، وطائفة. وأجاز للشيخ شمس الدين عبد الرحمن، والكمال عبد الرحيم، وأحمد بن شيبان، وخديجة بنت الشهاب بن راجح، وإسماعيل العسقلاني، والفخر علي: المقادسة. ومات في سادس شوال. قال ابن النجار: كتب لنفسه كثيرا وللناس، وكان خطه رديئا. قال: وكان حافظا متقنا، ثقة صدوقا، حسن المعرفة، فقيها ورعا، كثير العبادة، منقطعا في منزله لا يخرج إلا إلى الجمعة، محبا للرواية، مكرما للطلبة، سخيا بالفائدة، ذا مروءة مع قلة ذات يده، صابرا على فقره على منهاج السلف. كان يوم جنازته يوما مشهودا، وحمل على الرؤوس. 135 - عبد المنعم بن عمر بن حسان الغساني، الجلياني.

(43/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 121
أبو الفضل. ذكره الأبار، فقال: حج وطوف بلاد المشرق، وكان حكيما بليغا، له النظم والنثر، وترسل مليح. بلغني أنه توفي سنة ثلاث وستمائة أو نحوهما. وروى عنه: القوصي في ' معجمه '، وقال: مات بدمشق في ذي الحجة سنة ثلاث. مدح السلطان صلاح الدين، وكان غزير الفضل كحالا. وجليانة: من بلاد الأندلس من عمل غرناطة. روى عنه ابن النجار من شعره، وقال: مات في ذي القعدة سنة اثنتين وستمائة. قال: وله رياضات، ومعرفة بعلوم الباطن، وكلام على الطريقة. قلت: نفسه في نظمه نفس اتحادي. وقال العماد فيه: حكيم الزمان، أبو الفضل، صاحب البديع البعيد، والتوشيح، والتوسيع، والترصيع، والتصريع. وهو مقيم بدمشق، وله في صلاح الدين شعر:
(يعاين وهو مغمض ألمعي .......... ويسبق وهو متكيء الجوادا)

(توقد من جوانبه ذكاء .......... كأن لكل جارحة فؤادا)
عاش اثنتين وسبعين سنة. 136 - عبد الواحد بن أبي طاهر محمد بن عبد الواحد. أبو السعود الداريجي، البغدادي، الأزجي، القطيعي، المعروف بابن الطراح.

(43/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 122
ولد سنة عشرين وخمسمائة. وسمع من: أبي البركات يحيى بن عبد الرحمن الفارقي، وأبي بكر القاضي، وعبد الملك بن علي بن يوسف، وغيرهم وكان صحيح السماع، خيرا. روى عنه: الدبيثي، والضياء. وأجاز للفخر علي. وتوفي في خامس ذي الحجة بقرية من قرى طريق خراسان، ودفن هناك. 137 - عبد الوهاب بن محمد بن عبد الغني. أبو جعفر، الطبري الأصل، البغدادي، المقريء، الضرير. سمع من: عبد اللطيف بن أحمد الإصبهاني، وهبة الله بن أحمد الشبلي. وحدث. 138 - عتيق بن أبي الفضل. أبو بكر البندنيجي، ثم الأزجي. سمع من: الشيخ عبد القادر، وكان يعرف بمعتوق. مات في شعبان. 139 - عتيق بن يحيى بن محمد بن سبيع.

(43/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 123
الإمام القدوة أبو بكر المذحجي، الأندلسي. أخذ عن: أبي إسحاق قرقول، وصالح بن عبد الملك الأوسي. وولي خطابة غرناطة، وكان كبير الشأن. مات في شوال عن سبعين سنة. 140 - علي بن عمر بن فارس. أبو الفرج الباجسرائي، الحداد، الفقيه. تفقه على أبي حكيم إبراهيم النهرواني، وأحكم الفرائض والحساب، وخدم في الدواوين. وباجسرا: قرية كبيرة على يوم من بغداد. 141 - علي بن فاضل بن سعد الله بن صمدون. المحدث، أبو الحسن الصوري، ثم المصري، المقريء، النحوي.

(43/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 124
قرأ القراءآت على أبي القاسم أحمد بن جعفر الغافقي، وسمع من: الإمام أبي طاهر بن سلفة فأكثر، ومن العثماني. وبمصر من: الشريف أبي الفتوح ناصر بن الحسن، والزاهد علي ابن بنت أبي سعد، وخلق كثير. قال الحافظ عبد العظيم: كتب الكثير لنفسه وللناس، وكان فاضلا له معرفة حسنة، تخرج به جماعة من أصحاب السلفي. وتصدر بالجامع العتيق بمصر، وحدث. روى عنه: هو، وغير واحد من المصريين. وأمه: تقية الأرمنازية الشاعرة. أخبرنا إسحاق الوزيري، أخبرنا الحافظ عبد العظيم، أخبرنا علي بن فاضل، فذكر حديثا. توفي في منتصف صفر. 142 - علي بن محمد بن علي بن أحمد ابن الخراز. أبو الحسن الحريمي. سمع: أحمد ابن الطلاية، وسعيد ابن البناء. وحدث. وتوفي في ذي القعدة بطريق الحجاز. 143 - علي بن يحيى بن عبد الكريم.

(43/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 125
الفقيه أبو الحسن البندنيجي، الشافعي. تفقه ببغداد. وسمع من: أبي الوقت، وغيره. 144 - عمر بن عبد الله بن عمر. أبو حفص السلمي، الأغماتي، المغربي، القاضي. أجاز له في صغره: جده لأمه عبد الله بن علي اللخمي سبط الحافظ أبي عمر ابن عبد البر. وروى عن أبي مروان بن مسرة. قال الأبار: وأخذ عن أبي بكر بن طاهر الخدب ' كتاب ' سيبويه تفهما، وغلب عليه الأدب وفنونه، مع جودة الخط، ونزاهة الأدوات. وولي قضاء تلمسان، ثم ولي قضاء فاس، وولي أيضا قضاء إشبيلية، ونال دنيا عريضة. وكان خطيبا مفوها. روى عنه: أبو الربيع بن سالم، وغيره. وتوفي في ربيع الأول، وقد جاوز السبعين.
([حرف الميم])
145 - محمد بن أحمد بن نصر بن أبي الفتح الحسين بن محمد بن خالويه الصيدلاني. أبو جعفر الإصبهاني، سبط حسين بن منده. ولد ليلة عيد الأضحى سنة تسع وخمسمائة. وحضر أبا علي الحداد، وأبا منصور محمود بن إسماعيل الصيرفي، وأبا الخير عبد الكريم بن علي فورجه، وحمزة بن العباس العلوي، وأبا الوفاء عبد الجبار بن الفضل الأموي الراوي عن أبي القاسم عبد الرحمن بن

(43/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 126
أبي بكر الذكواني، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وأبا عدنان محمد بن أحمد بن أبي نزار، وجماعة. وسمع جميع ' المعجم الكبير ' للطبراني، من فاطمة الجوزدانية في سنة عشرين وخمسمائة. وهو آخر من روى بالحضور عمن ذكرنا. روى عنه: أبو موسى ابن الحافظ، ومحمد بن عمر العثماني، ومحمد بن أحمد الزنجاني، وبدل التبريزي، والحافظ الضياء، والحافظ ابن خليل، والحسن بن يونس سبط داود بن معمر، وعبد الله بن عبد الأعلى القطان، وعبد الله بن يوسف ابن اللمط، وإسماعيل بن ظفر، وأبو الخطاب عمر بن دحية، وآخرون. وبالإجازة: أحمد بن أبي الخير، والشيخ شمس الدين، والشيخ الفخر، والكمال عبد الرحيم، وأحمد بن شيبان، وإسماعيل العسقلاني، والبرهان إبراهيم ابن الدرجي، وغيرهم. وكان يعرف بسلفة. قرأت بخط الضياء: أنه توفي في سلخ رجب. وقد سمع منه الضياء شيئا كثيرا. 146 - محمد بن أحمد بن هبة الله بن تغلب. أبو عبد الله الفزريني، المقريء، النحوي، الضرير، المعروف بالبهجة.

(43/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 127
ولد سنة ثلاثين. وقرأ العربية على ابن الخشاب، وغيره. وسمع من أبي الكرم الشهرزوري، ومحمد بن عبيد الله الرطبي، وابن ناصر، وقرأ بعض القراءآت على أبي الكرم. وكان عارفا بالنحو، بصيرا به، ثقة، خيرا. وهو من قرية فزرينا، ويقال له: الفزراني. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وقال: توفي في صفر والضياء المقدسي. وأجاز للشيخ شمس الدين، وللكمال عبد الرحيم، وللفخر ابن البخاري. 147 - محمد بن إسماعيل بن عبد المنعم بن معالي بن هبة الله بن الحسن بن علي. أبو عبد الله بن الحبوبي، الثعلبي الدمشقي، الشافعي. من بيت الحديث والعدالة. روى عن: نسيبة أبي يعلى حمزة ابن الحبوبي. روى عنه: يوسف بن خليل، والشهاب القوصي. وتوفي في حادي عشر ربيع الأول. ولقبه: زين الدين. أجاز للفخر علي. 148 - محمد بن الحسن بن إبراهيم بن الحسن بن بداوة. أبو عبد الله المرسي، الأنصاري، الغرناطي، الطبيب. شيخ مسند معمر. سمع عام أربعين من أبي بكر ابن العربي ' مسلسلاته '. أدركه أبو بكر بن مسدي وسمع منه في هذه السنة بقراءة عمه، وله نيف وثمانون سنة، وخرج عنه في ' معجمه ' أحاديث.

(43/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 128
149 - محمد بن أبي المفاخر سعيد بن الحسين. أبو عبد الله الهاشمي، العباسي، المأموني، الشريف، الصوفي، الواعظ. سكن مع أبيه القاهرة. وقد سمع ببغداد من أبي الوقت، وبالإسكندرية من السلفي. روى عنه: الحافظ عبد العظيم، وقال: سألته عن مولده، فقال: سنة ست وأربعين وخمسمائة. قال: وكان حافظا للقرآن، حسن الصوت جدا، أم بالأمير جمال الدين فرج مدة وهو متولي الإسكندرية، وجاء معه إلى مصر، وأم بالملك العزيز بمصر إلى أن مات. وانقطع بالخانقاه، ووعظ بالثغر والقاهرة. وصنف كتابا في رؤوس الآي والمتشابه. وابنه أبو بكر، حدثنا عن السلفي. قلت: ابنه أبو بكر محمد، حدثنا عنه ابنه محمد الجنائزي، والأبرقوهي. وتوفي هذا في ثالث رجب. 150 - محمد بن طاهر بن محمد. أبو بكر القيسي، الإشبيلي. روى عن: جده محمد بن أحمد بن طاهر، وأبي الأصبغ السماتي الطحان، وابن بشكوال. وأخذ القراءآت عن السماتي. وكان ورعا صالحا صدوقا.

(43/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 129
151 - محمد بن علوان بن هبة الله. أبو عبد الله الحوطي التكريتي، الصوفي. قدم بغداد، وسمع من: أبي الوقت، وأبي جعفر العباسي وهبة الله الشبلي. ثم جاور وأم بمقام إبراهيم. سمع منه: محمد بن إسماعيل بن أبي الصيف اليمني، وغيره. وتوفي بمكة في شعبان. 152 - محمد بن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الكريم. أبو عبد الله التميمي، الفاسي. سمع من: أبي الحسين بن حنين. وحج، فسمع من السلفي وجماعة. قال الأبار: له أوهام، ولم يكن بالضابط، قفل إلى فاس، وحدث بها. 153 - محمد بن كامل بن أحمد بن أسد. أبو المحاسن التنوخي، المعري، ثم الدمشقي، العدل. ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة. وسمع من: طاهر بن سهل الإسفراييني في سنة إحدى وثلاثين.

(43/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 130
روى عنه: ابن خليل، والضياء، والفخر علي ؛ وهو أقدم شيخ للفخر وفاة، مات في ربيع الأول. وقد أجاز للشيخ شمس الدين، وللكمال عبد الرحيم. سمع منه الفخر علي سادس ' الحنائيات ' في الخامسة. 154 - محمد بن المأمون بن الرشيد بن محمد بن هبة الله. أبو عبد الله المطوعي، اللهاوري، الهندي. سمع بنيسابور، وهراة، وبغداد، والإسكندرية، وحدث عن: أبي طاهر السلفي، وغيره، وسكن بأذربيجان، ووعظ هناك، فقصده الملاحدة لعنهم الله فقتلوه. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي. 155 - محمد بن معمر بن الفاخر. هو مخلص الدين أبو عبد الله بن الحافظ أبي أحمد معمر ابن الشيخ

(43/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 131
أبي القاسم عبد الواحد بن رجاء القرشي، العبشمي، الإصبهاني، الشافعي. ولد في جمادى الآخرة سنة عشرين وخمسمائة. وسمع حضورا من: فاطمة الجوزدانية، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وإسماعيل ابن الإخشيد، وسمع من: محمد بن علي بن أبي ذر، وسعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن، والحسين بن عبد الملك الخلال، وأبي نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبي القاسم عبد الله بن محمد الخطيبي، وزاهر الشحامي، وغانم بن أحمد الجلودي، ومحمد بن أبي نصر اللفتواني، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي، وأخته فاطمة. وعنده من ' معجم ' الطبراني من أوله إلى وسط ترجمة عمران بن حصين. وقدم بغداد مرارا، وأملى بها. وكان محدثا مفيدا، فاضلا، فقيها، عالما، كثير الفضائل، محتشما نبيلا. قال ابن النجار: كان حسن المعرفة بمذهب الشافعي، له معرفة بالحديث، ويد باسطة في الأدب، وتفنن في كل علم، يكتب خطا حسنا. وكان من ظراف الناس ومحاسنهم، ثقة، متدينا، له مكانة رفيعة عند الملوك. حدثني عنه أخوه داود. وقد سمع بالكوفة من أبي البركات عمر بن إبراهيم الزيدي، وببغداد من سعد الخير، وجماعة. روى عنه: أبو موسى عبد الله بن الحافظ، وابن خليل، والضياء، وعبد الرحمن بن عمر الواعظ، وبالإجازة: الشيخ شمس الدين، وأحمد بن شيبان، والفخر علي، والرهان ابن الدرجي، وغيرهم. وكان يمتنع من إجازة المناكير والموضوعات. وخرج إلى شيراز، فتوفي بها في ربيع الأول، وقال ابن النجار: مات في عاشر ربيع الآخر.

(43/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 132
156 - محمد بن المؤيد بن أحمد بن محمد بن حواري. مهذب الدين التنوخي، المعري، الشاعر. روى عن جده أبي اليقظان أحمد، عن أبي العلاء شعرا. روى عنه: القوصي، وقال: توفي بالمعرة سنة ثلاث. قلت: وروى عنه الأديب عبد السلام بن ياقوت الزراد، وتقي الدين إسماعيل بن أبي اليسر، والجمال يوسف بن يعقوب الذهبي، وغيرهم. 157 - محمد بن يوسف بن أبي زيد. أبو عبد الله البلنسي، المعروف بابن عياد. سمع من: أبيه أبي عمر بن عياد، وأبي الحسن بن هذيل، وأبي بكر بن نمارة، وأبي عبد الله بن سعادة، وجماعة. وكان من أهل العناية بالرواية والتقييد والحفظ والمشاركة في العربية. 158 - محمود بن سالم بن مهدي الخير. والد الشيخ إبراهيم ابن الخير. شيخ بغدادي، مقريء، ضرير، صالح. سمع من: أبي الوقت، وابن ناصر. أخذ عنه آحاد الطلبة. وتوفي في صفر. والخير: لقب له. 159 - مريم الرومية. مولاة الشيخ عبد القادر الجيلي، وأم أولاد له. سمعت من أبي منصور القزاز، لكن لم ترو.

(43/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 133
ماتت في ربيع الأول، ونيفت على التسعين. 160 - مكي بن ريان بن شبة بن صالح.

(43/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 134
أبو الحرم الماكسيني المولد، الموصلي، الضرير، المقريء، النحوي. أضر وهو ابن ثمان سنين. ورحل إلى بغداد، فأخذ العربية عن: أبي محمد ابن الخشاب، وأبي الحسن علي ابن العصار، والكمال عبد الرحمن الأنباري. وأخذ بالموصل أيضا عن يحيى بن سعدون القرطبي الكثير من القراءآت واللغات. وبرع في القراءآت وجودها، وأقرأ الناس دهرا، وتخرج به أهل الموصل. وقدم حلب، فحمل عنه أهلها الكثير، وقدم دمشق، فحدث بها عن أبي الفضل خطيب الموصل، وسعيد ابن الدهان. وقرأ عليه علم الدين السخاوي كتاب ' أسرار العربية ' لشيخه الكمال الأنباري. وعمي من الجدري، وكان يتعصب لأبي العلاء المعري، لما بينهما من الأدب والعمى بالجدري. قال ابن الأثير: كان عارفا بالنحو، واللغة، والقراءآت، لم يكن في

(43/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 135
زمانه مثله، ويعرف الفقه والحساب معرفة حسنة. وكان من خيار عباد الله وصالحيهم رحمه الله. قلت: ولقبه صائن الدين. روى عنه: الشهاب القوصي، والضياء المقدسي، وابن أخته الفخر علي، وجماعة. وتوفي في سادس شوال بالموصل، وقد قارب السبعين. 161 - ملد بن المبارك بن الحسين.

(43/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 136
أبو المكارم الهاشمي، البغدادي، المعروف بابن النشال. سمع: أبا منصور بن خيرون. روى عنه: الدبيثي، والضياء. وتوفي في ربيع الأول، وقد قارب الثمانين.
([حرف النون])
162 - نصر الله ابن جمال الأئمة أبي القاسم علي بن الحسن بن الحسن الفقيه. أبو الفتح ابن الماسح الكلابي، الدمشقي، الفقيه، الشافعي. من بيت العلم والعدالة. سمع: أباه، وحمزة بن فارس. وكان الاعتماد على جده أبي الفضائل في المساحة والحساب في زمانه. توفي أبو الفتح في ذي الحجة بدمشق. روى عنه: ابن خليل.
([حرف الهاء])
163 - هبة الله بن يحيى بن علي. أبو القاسم التميمي العدل، الشافعي، المصري، المنعوت بالمفضل. سمع بمكة من: أبي الفتح الكروخي. وحدث بمصر. وكان رئيسا متميزا. روى عنه: الحافظ عبد العظيم، وقال: توفي في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة.

(43/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 137
(وفيها ولد)
نجم الدين أبو عبد الله بن حمدان الحنبلي. والتاج عبد الخالق بن عبد السلام البعلبكي. والقطب عبد المنعم بن يحيى الزهري، خطيب القدس. والشرف يوسف بن الحسن النابلسي المحدث. وقاضي القضاة تقي الدين محمد بن الحسين بن رزين. وقاضي القضاة شمس الدين محمد ابن العماد الحنبلي. وعبد الله ابن الناصح ابن الحنبلي. والمعين إبراهيم بن عمر القرشي المحدث. وأبو الفضل محمد بن محمد ابن الدباب، الواعظ ببغداد. والمحيي عبد الرحيم ابن الدميري. والشيخ شمس الدين محمد ابن العماد إبراهيم. وتقي الدين عباس ابن الملك العادل، وأخته الخاتون مؤنسة. ونجم الدين محمد بن إسرائيل الشاعر. والشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي ابن الواسطي في قول. والكمال عبد القادر بن عبد العزيز بن صالح الحجري، سمع ابن عماد. وأبو القاسم بن أحمد بن إبراهيم الحمصي، سمع ابن الحرستاني.

(43/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 138
4 (وفيات سنة أربع وستمائة:)

4 (حرف الألف:)

4 (أحمد بن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن، أبو عبد الله الهمذاني، العطار:)
ولد سنة ثلاث وثلاثين تقريباً. وسمع: أبا بكر هبة الله ابن أخت الطويل، ونصر ابن البرمكي. ورحل به أبوه إلى إصبهان، فسمع من: غانم بن أحمد الجلودي، وعتيق الرويدشتي، وفاطمة بنت محمد البغدادي، وطبقتهم. وسمع ببغداد من: أبي الفضل الأرموي، وابن ناصر، وجماعة. وكان حسن السمت، فقيهاً، فاضلاً، أديباً. توفي بهمذان في صفر. حدث بمكة، فروى عنه: أبو الحسن بن المفضل المقدسي، وأجاز للفخر علي، وغيره، وروى عنه أيضاً: أبو الحجاج بن خليل. وعاش سبعين سنة وزيادة.
4 (أحمد بن سليم بن فارس:)

(43/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 139
أبو العباس الحربي، الكاتب. سمع: عبد الله بن أحمد بن يوسف. وعاش ثمانين سنة. سمع منه جماعة. وأجاز للفخر علي، وللكمال عبد الرحيم، وخديجة بنت راجح.
4 (أحمد بن علي بن هبة الله البغدادي:)
سمع: ابن البطي. ومات في المحرم.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن قدام:)
أبو العبا الرعيني، الإشبيلي. أخذ القراءآت ببلاده عن أبي الحسن شريح بن محمد، وسمع: منه، ومن أبي بكر ابن العربي، وصحبه إلى مراكش وشهد موته بفاس، وأخذ أيضاً عن: أبي) عمر بن صالح، وعلي بن مسلم، وأبي الحكم بن بطال.

(43/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 140
قال الأبار: كان مقرئاً، زاهداً، أديباً، يحفظ ديوان سقط الزند للمعري. وأخذ الناس عنه كثيراً، وانفرد بالأخذ عن شريح، وتوفي بين العيدين، وكان مولده في سنة ست عشرة وخمسمائة. قلت: قرأ عليه بالروايات: أبو الحكم بن حجاج، وأبو زكريا بن أبي الغصن شيخ ابن الزبير، وأبو الخطاب بن خليل الأندلسيون، وأبو إسحاق بن وثيق صاحب التجويد.
4 (أفضل بن المظفر بن علي ابن المكشوط الهاشمي:)
أبو الحسن. سمع: محمد بن عبد العزيز بن أبي حامد ابن البيع. وتوفي في شعبان.
4 (أميري بن ناصر:)
أبو الحسن العلوي، الفارسي، الصوفي، الزاهد. حدث بدمشق عن السلفي.
4 (حرف الجيم:)

4 (جوهرة بنت هبة الله بن الحسين بن علي ابن الدوامي:)
زوجة الشيخ أبي النجيب السهروردي.

(43/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 141
روت عنه: أبي الوقت السجزي. وتوفيت في شعبان.
4 (حرف الحاء:)

4 (الحسن ين محمود:)
أبو محمد ابن الحكاك الموصلي. شاعر محسن. ورد الشام، ومدح صلاد الدين وولده الملك الظاهر، وأقام بسنجار، وبها توفي. فمن شعره في الكلب:
(أوصيك يا ابني بحامي الشاء والإبل .......... وجالب الضيف من سهل ومن جبل)

(يبشر الضيف قبلي ثم يسبقه .......... نحوي فيرقص لي من شدة الجذل)

4 (الحسن بن يحيى بن عمارة:)
أبو محمد البغدادي الكاتب. سمع: أبا زرعة المقدسي، والوزير ابن هبيرة. وله شهر حسن وترسل.

(43/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 142
توفي في ربيع الآخر.
4 (الحسن بن أبي طالب نصر بن علي ابن الناقد:)
الحاجب شرف الدين. ولي نظر المخزن ببغداد، فطغى، وتجبر وفسق، وبنى داراً عظيمة، ومد عينه إلى أولاد الناس، فاستأصله الخليفة، وخرب داره وحبسه، فأخرج ميتاً.) وقد سبه ابن النجار، وبالغ في مقته.
4 (حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة:)
أبو علي، وأبو عبد الله الواسطي الأصل، البغدادي، الرصافي، النساج، المكبر. راوي المسند عن أبي القاسم ابن الحصين، وسمع شيئاً يسيراً من: أبي القاسم ابن السمرقندي، وأحمد بن منصور بن المؤمل.

(43/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 143
وحدث ببغداد، والموصل، ودمشق. وكان يكبر بجامع المهدي، وينادي على الملاك. عاش تسعين سنة أو نحوها. قال ابن الحاجب: حدثنا ابن نقطة، حدثنا أبو الطاهر ابن الأنماطي بدمشق، قال: حدثني حنبل بن عبد الله، قال: لما ولدت، مضى أبي إلى الشيخ عبد القادر الجيلي، وقال له: قد ولد لي ولد فما أسميه قال: سمه حنبل، وإذا كبر سمعه مسند أحمد بن حنبل. قال: فسماني كما أمره، فلما كبرت سمعني المسند، وكان هذا من بركة مشورة الشيخ. قال الدبيثي: حنبل، أبو عبد الله، كان دلالاً في بيع الأملاك. سئل عن مولده، فذكر ما يدل على أنه في سنة عشر أو إحدى عشرة وخمسمائة. قال: وتوفي بعد عوده من الشام في ليلة الجمعة رابع محرم سنة أربع. قال ابن الأنماطي: أسمعه أبوه المسند بقراءة ابن الخشاب في شهري رجب وشعبان سنة ثلاث وعشرين، وسمعت منه جميع المسند ببغداد، أكثره بقراءتي عليه في نيف وعشرين مجلساً، ولما فرغت من سماعه، أخذت أرغبه في السفر إلى الشام فقلت: يحصل لك من الدنيا طرف صالح، وتقبل عليك وجوه الناس ورؤساؤهم. فقال: دعني، فوالله ما أسفر لأجاهم، ولا لم يحصل منهم، وإنما أسافر خدمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أروي أحاديثه في بلد لا تروى فيه. ولما علم الله منه هذه النية الصالحة أقبل بوجوه الناس إليه وحرك الهمم للسماع عليه، فاجتمع إليه جماعة لا نعلمها اجتمعت في مجلس سماع قبل هذا بدمشق، بل لم يجتمع مثلها قط لأحد ممن روى السند. قلت: سمع من حنبل خلق كثير منهم: الضياء، والدبيثي، وابن النجار، وابن خليل، والملك المحسن وهو الذي أحضره وأمره وأعطاه، والتقي أحمد ابن العز، والفقيه اليونيني، وابو الطاهر ابن الأنماطي، والتاج

(43/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 144
ابن أبي جعفر، ومحمد بن عبد العزيز بن خلدون، والزين محمد) بن عمر الأنصاري الفاسي الأديب المعروف بابن الزقزوق، والموفق محمد بن عمر خطيب بيت الأبار، والصدر البكري، وأخوه الشرف محمد، ومحمد بن نصر الله بن أبي سراقة الهمداني، وأحمد بن جميل المطعم، وأحمد بن عبد الله بن موسى النابلسي، وخطيب مردا، وأحمد بن كتائب البانياسي، ولإسماعيل بن أبي اليسر، والمسلم بن علان، وشمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، وأحمد بن شيبان، والفخر علي، وغازي الحلاوي. قال الإمام أبو شامة: وكان حنبل فقيراً جداً، وروى المسند بإربل، والموصل، ودمشق. وكان كثير الأمراض بالتخم، كان الملك المعظم يطعمه تلك الألوان، وهو يسرف فيها. وقال ابن الأنماطي: كان أبوه عبد الله قد وقف نفسه على السعي في مصالح المسلمين، والمشي في قضاء حوائجهم. وكان أكبر همه تجهيز من يموت على الطرق.
4 (حرف الدال:)

4 (داود ابن الخليفة العاضد العبيدي:)
أبو سليمان. توفي بقصر الإمارة بالقاهرة في ذي القعدة، ولم يعقب.

(43/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 145
4 (درة بنت عثمان بن منصور الحلاوي، البغدادي:)
أم عثمان. سمعت من: هبة الله بن الطبر الحريري. روى عنها: الضياء، وابنة خليل، والنجيب عبد اللطيف، وآخرون. وتوفيت في شوال. ويعرف أبوها بابن قيامة.
4 (حرف السين:)

4 (سالم بن منصور بن عبد الحميد:)
أبو الغنائم العرباني، المقرئ. تفقه بمدينة الرحبة على أبي عبد الله ابن المتقنة. وسمع ببغداد من: ابن البطي، وأبي زرعة. وكان ديناً خيراً. مات ببغداد في جمادى الآخرة. وعربان: من قرى الخابور.
4 (ست الكتبة نعمة بنت علي بن يحيى ابن الطراح المدير.

(43/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 146
قدمت دمشق وسكنتها، وحدثت)
أيضاً بالحجاز، روت الكثير عن جدها يحيى، وعن أبي شجاع عمر بن محمد البسطامي. روى عنها: الضياء، وابن خليل، والتقي اليلداني، والزكي عبد العظيم، وجماعة آخرهم شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، ثم فخر الدين علي ابن البخاري. وأجاز لها الفراوي، ومحمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني، والحسين بن عبد الملك الخلال،) وسمعت من جدها جملة من تصانيف الخطيب، بإجازته منه. قال الشهاب القوصي: شاهدت من ذلك في ثبتها كتاب الجهر بالبسملة، كتاب الجامع، مسالة الاحتجاج بالشافعي، كتاب السابق واللاحق، كتاب الكفاية، كتاب البخلاء، كتاب القنوت، كتاب صوم يوم الشك. قال: ومولدها في سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة. وقال الحافظ عبد العظيم: ولدت سنة ثمان عشرة. وقال شيخنا ابن الظاهري: ولدت في ذي الحجة سنة أربع وعشرين، وكنيتها أم عبد الغني. وتوفيت في الثامن والعشرين من ربيع الأول.
4 (سنجر شاه بن غازي بن مودود:)

(43/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 147
السلطان عز الدين الأتابكي، صاحب جزيرة ابن عمر. توفي في هذا العام، في قول.
4 (حرف الصاد:)

4 (أخت داود الوكيل، وأخت حفصة. سمعت من: أبي الفضل الأرموي. روى عنها: الضياء،)
والبغاددة. توفيت في شوال.
4 (حرف الطاء:)

4 (طاهر بن أحمد بن أبي بكر:)
أبو بكر الأزجي البقال. سمع: الزاغوني، وابن ناصر.
4 (حرف العين:)

4 (عبد الله بن أحمد بن عمر بن سالم بن باقا:)
أبو محمد السيبي الأصل، البغدادي، العدل، التاجر، المعروف بابن الدويك، وهو أخو عبد العزيز.

(43/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 148
سمع: أبا الفتح ابن البطي، وأبا زرعة المقدسي. قال الدبيثي: ما أعلمه حدث.
4 (عبد الله بن عيسى بن عبد الله:)
أبو محمد الأنصاري، القرطبي المكتب الزاهد. أخذ القراءآت عن عبد الرحيم بن قاسم المحاربي. وجلس للتعليم. وكان يتقوت من كراء ربع له. قال الأبار: كان منقطع القرين في الزهد والورع.
4 (عبد الله البقابوسي وبقابوس من قرى نهر الملك. كان مقرئاً مجوداً، ضريراً، يؤم)
بمسجد. قرأ القرآن على أبي الكرم الشهرزوري، وعلي بن غنيمة، وسمع من: عبد الخالق) اليوسفي، وأبي بكر ابن الزاغوني، وسعيد ابن البناء.

(43/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 149
روى عنه: الدبيثي، والضياء. وتوفي في ربيع الأول.
4 (عبد الحق بن محمد بن عبد الحق بن أحمد المقرئ:)
أبو محمد الخزرجي، القرطبي. أخذ القراءآت عن ابن عم أبيه أبي زيد عبد الرحمن بن علي الخزرجي، المقرئ، وعبد الرحيم بن قاسم. وأخذ قراءة نافع عن أحمد بن صالح الضرير. وسمع من: أبيه أبي عبد الله، وأبي مروان بن مسرة فأكثر، وأخذ العربية عن أبي القاسم بن سمجون. وتصدر بقرطبة للإقراء والتحديث. وعمر وأسن. وكان عارفاً بالقراءآت، ضابطاً لها. حدث عنه جماعة. وتوفي في شعبان، وولد في حدود الخمس وعشرين وخمسمائة، وكان شيخه أبو زيد حياً في حدود الأربعين. قلت: سمع منه أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي أكثر الموطأ سنة ستمائة بروايته عن أبيه.
4 (عبد الرحمن بن عيسى بن علي بن الحسين الحنبلي:)

(43/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 150
أبو الفرج ابن البزوري، البغدادي، الواعظ. صحب ابن الجوزي، وأخذ عنه الوعظ، وتكلم على المنبر بكلامه، ثم هجره وفارقه. وحدث عن: أبي الوقت، وهبة الله الشبلي، وجماعة. روى عنه: الحافظ الضياء، وغيره. وتوفي في شعبان.
4 (عبد الرحمن بن المبارك بن عليج ابن نعيجة:)
أبو محمد. سمع: أبا بكر الأنصاري. روى عنه: الضياء، وبالإجازة: الفخر علي. وتوفي في رجب وقد شاخ. عبد الرحيم بن إبراهيم بن يحيى: أبو محمد ابن الدرجي، القرشي، الدمشقي، الحنفي. إمام محراب الحنفية بجامع دمشق وابن إمامه. مات في صفر.

(43/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 151
لقبه: العفيف.
4 (عبد الرحيم بن عيسى بن يوسف:)
أبو القاسم ابن الملجوم الأزدي، الزهراني، الفاسي. من بيت مشهور بالمغرب. سمع: أباه، وعمه أبا القاسم ابن الملجوم، وأبا الحكم بن حجاج، وأبا بكر بن زيدان القرطبي، وعباد بن) سرحان قرأ عليه تصنيفه في الفرائض، وسمع عليه رسالة العلم والدينار لابن ماكولا. قال الأبار: ولقي ببلده أيضاً أبا مروان بن مسرة، وأبا الفضل بن عياض، وجماعة، وناظر على أبي بكر بن طاهر الخدب في نحو ثلث كتاب سيبويه. وأخذ عن أبي القاسم بن بشكوال، والسهيلي، وطائفة، واعتنى بهذا الشأن. وكتب إليه أبو محمد اللخمي سبط أبي عمر بن عبد البر. قال: وكان بصيراً بالحديث، رفيع القدر، عنده من الدواوين والدفاتر شيء كثير. وأخذ عنه الناس، واستجازوه من أقاصي البلاد تنافساً في علو روايته، وكان أهلاً لذلك. توفي سنة أربع وله ثمانون سنة. وقيل: توفي سنة ثلاث وستمائة.
4 (عبد المجيب بن أبي القاسم عبد الله بن زهير بن زهير:)
أبو محمد البغدادي. شيخ صالح، حافظ للقرآن قيل: إنه يتلو كل يوم ختمة. قدم على

(43/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 152
الملك العادل رسولاً من الديوان العزيز، وزار البيت المقدس في سنة ستمائة. سمع بإفادة عمه الشيخ عبد المغيث من: عبد الله بن احمد بن يوسف، وعلي بن هبة الله بن عبد السلام، وعبد الصبور الهروي، وابن الطلاية. وولد في سنة سبع وعشرين وخمسمائة. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، والضياء، والزكي المنذري، والنجيب الحراني، والفخر علي. وحدث بمصر، والشام. وتوفي بحماة في سلخ المحرم.
4 (عبد المحسن بن إسماعيل:)
الوزير الصدر شرف الدين ابن المحلي الفلكي. روى عنه القوصي سعراً، وقال: ناب بدمشق عن الصاحب صفي الدين، ثم وزر بخلاط وأعمالها للملك الأوحد، إلى أن قتله مملوكه ليلة عيد الفطر سنة أربع بخلاط، وحمل إلى دمشق، فدفن بالجبل، وصلب غلامه.
4 (عبد الواحد بن عبد السلام بن سلطان:)
أبو الفضل الأزجي، البيع، المعدل، المقرئ، الأستاذ.

(43/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 153
قرأ بالروايات على أبي محمد سبط الخياط، وأبي الكرم الشهرزوري، وسمع منهما، ومن محمد بن أبي حامد البيع، وأبي الفضل الأرموي، وابن ناصر. وأقرأ القراءآت، وحدث. وكان ديناً صالحاً، عالي الإسناد في القراءآت مشهوراً قرأ عليه بالمبهج مجد الدين ابن تيمية، وغيره.) وروى عنه: الدبيثي، وابن خليل، والضياء، والنجيب عبد اللطيف، وآخرون. وتوفي في ربيع الأول. قال ابن النجار: قرأ عليه الناس القراءآت فأكثروا، وكان صدوقاً نزهاً عفيفاً.
4 (عفيفة بنت المبارك بن محمد بن مشق البغدادي:)
أخت المحدث أبي بكر محمد. روت عن أبي الفتح ابن البطي. وتوفيت في جمادى الأولى.
4 (علي بن إسماعيل بن علي:)
أبو الحسن، الطوسي الأصل، الإسكندراني، النحوي، المعروف بابن السيوري. شاعر محسن، عاش بضعاً وثمانين سنة. قال زكي الدين: توفي في رجب، أنشدنا عنه شيخنا ابن المفضل.
4 (علي بن سعيد بن حمامة:)

(43/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 154
أبو الحسن، الشاعر المشهور. صنف كتاباً في العروض، وكتاباً سماه نفائس الأعلاق. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (علي بن علي بن بركة:)
أبو الحسن البغدادي، الكرخي. حدث من طريق أبي البدر الكرخي، وأحمد ابن الأشقر. وكان ضعيفاً.
4 (علي بن محمد رستم الخراساني:)

(43/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 155
بهاء الدين أبو الحسن ابن الساعاتي الشاعر، صاحب الديوان المشهور. شاعر محسن، فائق النظم، لطيف المعاني. ولد بدمشق في حدود سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. وكان أبوه يعمل الساعات بدمشق، فبرع هو في الشعر، ومدح الملوك، وتعانى الجندية، وسكن مصر. وروى عنه من شعره جماعة منهم: الشهاب القوصي، وغيره. وهو أخو الطيب العلامة فخر الدين رضوان. وله ديوان منتخب، و ديوان كبير في مجلدتين. توفي في رمضان. ذكره المنذري وابن خلكان. ومن شعره:
(الطل في سلك الغصون كلؤلؤ .......... رطب يصافحه النسيم فيسقط)

(والطير يقرأ والغدير صحيفة .......... والريح تكتب والغمام ينقط)
وقد خدم أخوه فخر الدين ابن الساعاتي الملك المعظم بالطب، وترقى إلى أن توزر له، وكان ينادمه، ويلعب بالعود.

(43/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 156
4 (علي بن محمد بن علي الجرجاني:)
) ثم البغدادي، التاجر. حدث بدمشق عن أبي الفتح ابن البطي. وكان كثير الأسفار للتجارة دخل الصين وغيرها. وتوفي في رجب.
4 (علي بن أبي القاسم نصر بن منصور:)
أبو الحسن الحراني، ثم البغدادي بن العطار التاجر. حدث بمصر عن: نصر بن نصر العكبري، وابن ناصر. روى عنه: الحافظ المنذري. وهو من بيت حسمة وتقدم. توفي في محرم.
4 (علي بن أبي نصر ابن الحبيق الحربي:)
روى عن: أبي الطلاية. ومات في شوال.
4 (عمر بن عثمان بن عمر الحلاج البغدادي:)

(43/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 157
روى عن: أبي الوقت.
4 (حرف القاف:)

4 (قراجا الصلاحي:)
الأمير زين الدين. من أعيان الدولة. ورخ وفاته القاضي ابن واصل.
4 (حرف الميم:)

4 (محمد بن أحمد بن سعد بن مفرج:)
أبو عبد الله الهمذاني، الأندلسي. من أهل الجزيرة الخضراء. كان بصيراً بالفرائض والحساب. روى عن أبي نصر فتح بن محمد الجذامي، المقرئ. ومات في رمضان. سمع التجريد لابن الفحام من أبي نصر: حدثنا مؤلفه.
4 (محمد بن لإبراهيم:)
القاضي أبو عبد الله، قاضي بجاية. إمام بارع في المذهبين: مالك والشافعي، قيم بمعرفة الأصول والكلام والفلسفة. وقد أهانه أبو يوسف صاحب المغرب للفلسفة.

(43/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 158
قيل له مرة: كنت تحب العزلة فلم دخلت في القضاء فقال: القضاء لا يرد.
4 (محمد بن الحسن بن علي بن صالح:)
أبو الحسين الهمذاني، الأندلسي، المالقي. توفي بالإسكندرية. سمع: الحافظ أبا القاسم بن بشكوال، وأبا زيد السهيلي. روى عنه: الحافظ عبد العظيم.)
4 (محمد بن طغان بن بدر الفقيه:)
أبو عبد الله المصري، الشافعي. سمع: أبا الفتوح الخطيب الزيدي، وغيره. وتوفي في المحرم.
4 (محمد بن أبي عبد الله بن عبد الرحمن التونسي:)
حدث بالمنية عن السلفي. روى عنه: الشهاب القوصي، وورخ وفاته.
4 (محمد بن علي بن يوسف:)

(43/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 159
نظام الدين الخروف القيسي، القرطبي، الشاعر. مات متردياً في جب بحلب. له رسالة كتب بها إلى قاضي حلب بهاء الدين بن شداد يطلب منه فروة:
(بهاء الدين والدنيا .......... ونور المجد والحسب)

(طلبت مخافة الأنوا .......... ء من نعماك جلد أبي)

(وفضلك عالم أني .......... خروف بارع الأدب)

(حلبت الدهر أشطره .......... وفي حلب صفا حلبي)

4 (محمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن زكريا:)

(43/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 160
أبو بكر بن حسنون الكتامي، الأندلسي، خطيب بياسة. شيخ معمر مسن. قال الأبار: أخذ القراءآت عن أبيه، وشريح بن محمد، وعبد الله بن خلف، وسمع منهم، ومن: القاضي أبي بكر ابن العربي، وأبي القاسم ابن ورد، وجماعة. وولي قضاء بلده، وتصدر للإقراء والتحديث، وأخذ عنه الناس، وكان مقرئاً جليلاً، ماهراً مجوداً، عالي الرواية، عمر وضعف، وتوفي في رمضان وقد بلغ التسعين. وقيل: إنه ولد سنة أربع وعشرين، فالله أعلم. قلت: قرأ عليه بالسبع إسماعيل بن يحيى العطار شيخ ابن الزبير، وكان شيخه ابن خلف القيسي قد قرأ بالروايات على أبي القاسم ابن الفحام الصقلي، وله إجازة من أبي الحسن ابن الحسن ابن الدوش وابن البياز. وأما شيخه شريح فمسند الأندلس. وقد ذكره ابن مسدي في معجمه وعظمه، وروى عنه بالإجازة، وغلط بأن قال: توفي سنة ثمان وستمائة وأنه قارب المائة. سماعه في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة من شريح، ومن ابن العربي.
4 (محمد ابن الحافظ أبي بكر محمد بن أحمد بن مرزوق الباقداري:)
)

(43/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 161
الخياط، أخو عجيبة. سمع: أبا الفتح ابن البطي، وأبا زرعة، وخلقاً كثيراً. وبلغت أثبات مسموعاته أربعةً وعشرين جزءاً. ثم مات أبوه وهو صبي، فاشتغل بالمعيشة. وتوفي في الكهولة ولم يحتج إلى مسموعاته. قال ابن النجار: ومن العجب أنه لم يرو شيئاً البتة.
4 (محمد بن النفيس بن مسعود:)
الفقيه أبو سعد الحنبلي، البغدادي، المعروف بابن صعوة. تفقه على أبي الفتح ابن المني، وتكلم في مسائل الخلاف، وسمع أبا علي الرحبي، وأبا محمد ابن الخشاب. وتوفي في شوال. له شعر مليح.

(43/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 162
4 (المبارك بن المبارك بن أبي بكر:)
أبو منصور ابن الدلال الحريمي، المستعمل. روى عن: أبي الوقت. ومات في جمادى الأولى.
4 (محبوبة بنت المبارك بن محمد بن سكينة:)
روت عن: ابن البطي.
4 (محمود ابن شيخ الشيوخ صدر الدين محمد ابن شيخ الشيوخ عمر بن علي بن محمد بن)
حمويه: الجويني الأصل، الدمشقي. سمع يحيى الثقفي، ومات شاباً.
4 (محمود بن هبة الله:)
أبو الثناء الحلي، ثم البغدادي. قرأ القرآن على أبي الحسن البطائحي، والنحو على أبي محمد ابن الخشاب. وسمع من أبي الوقت.

(43/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 163
قال الدبيثي: كان بزازاً فيه تشدق وكثرة كلام، سكن دمشق وبها مات. قلت: لقبه فخر الدين. روى عنه الدبيثي، والضياء، وعبد العظيم، والقوصي، وابن خليل، وجماعة. ومات في ربيع الأول عن بضع وستين سنة.
4 (مصعب بن محمد بن مسعود بن عبد الله بن مسعود:)
أبو ذر الخشني الجياني، ويعرف أيضاً بابن أبي ركب جمع ركبة النحوي، اللغوي. أخذ النحو واللغة عن أبي الحسن بن حنين، وأبي عبد الله النميري، وجماعة. وأخازه أبو طاهر السلفي، وغيره. وكان إماماً مبرزاً في العربية وضروبها، أقرأها عامة حياته، ورحل الناس إليه فيها. ولها) مصنف في شرح غريب السيرة لابن إسحاق، ومصنف في شرح سيبويه، وشرح الإيضاح، وشرح الجمل، وله شروح وتعاليق وشعر وسط. وكان رئيساً وقوراً مهيباً، مليح الصورة، على مجلسه جلالة وكان الوزراء فمن دونهم يمشون إلى مجلسه، وإذا ركب يركبون في خدمته. وكان يشغل النهار كله وبعض الليل. قال الأبار: أخذ عنه جلة من شيوخنا، وكان أبو محمد القرطبي ينكر

(43/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 164
سماعه من النميري. وولي خطابة إشبيلية مدة، ثم ولي قضاء جيان، ثم سكن مدينة فاس، وعلم العربية، وحدث بها، وبعد صيته. وكان وقور المجلس حسن السمت والهدي، قد منع تلاميذه من التبسط في السؤآلات، وقصرهم على ما يلقي إليهم. توفي بفاس في شوال، وله سبعون سنة. وقال غيره: عزل عن قضاء جيان وأهين، ونسبوه إلى أنه ارتشى، وأنه ارتكب من التيه والكبر ما لا يليق، وذهب إلى فاس. ومن شعره:
(أنكر صحبي أن رأوا طرفه .......... ذا حمرة يشقى بها المغرم)

(لا تنكروا المحمر من طرفه .......... فالسيف لا ينكر فيه الدم)
وقد مر أبوه في سنة أربع وأربعين.
4 (موسى بن الحسين بن موسى بن عمران القيسي:)
أبو عمران الميرتلي، الزاهد نزيل إشبيلية. صحب أبا عبد الله ابن الزاهد، واختص به ولازمه. قال الأبار: كان منقطع القرين في الزهد والعبادة والورع والعزلة، مشاراً إليه بإجابة الدعوة، لا يعدل به أحد، وله في ذلك آثار معروفة، مع الحظ الوافر من الأدب والتقدم في قرض الشعر، وذلك في الزهد والتخويف وقد دون. وكان ملازماً لمسجده بإشبيلية يقرئ ويعلم، ولم يتزوج قط. حدثنا عنه: أبو سليمان بن حوط الله، وبسام بن أحمد، وأبو زيد عبد الرحمن بن محمد، ومن شعره:
(عجباً لنا نبغي الغنى والفقر في .......... نيل الغنى لو صحت الألباب)

(43/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 165
(فيما يبلغنا المحل كفاية .......... والفضل فيه مؤونة وحساب)
توفي إلى رضوان الله في أول جمادى الأولى، وله اثنتان وثمانون سنة.
4 (موسى بن يوسف بن موسى بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الله بن المغيرة بن شرحبيل:)
) المعروف بمزدي وبمسدي بم مغيرة بن حسن بن زيد بن يزيد بن حاتم بن روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة. الشيخ المعمر، الزاهد، أبو محمد بن مسدي الأزدي، المهلبي، ويعرف أيضاً بابن البائس. وإنما لقب شرحبيل المذكور بمسدي، لأن أباه تصاهر إلى بني مسدي، فلقب هنا بهم. قال الحافظ ابن مسدي في معجمه: تفقه جدي موسى بأبيه القاضي أبي عمر تلميذ أبي علي الغساني، وكتب بخطه كثيراً. وأخذ القراءآت عن أبي عبد الله ابن غلام الفرس. وصحب أبا العباس ابن العريف بالمرية، وكان الأمير محمد بن سعد قد أخذ أمواله فنزل بسطة مدة، ثم تحول إلى غرناطة، فنزل الجندية وتعبد، ولد في رأس سنة خمسمائة، وعاش مائة ونيفاً. وكان يمتنع من التحديث جمع عليه بالروايات رجل، فلما فهم أنه يريد منه الإجازة أبى عليه من إكمال الختمة. وكان جدي يؤآنسني، ومات ببسطة في شوال سنة اثنتين وستمائة كذا قال ابن مسدي في كتاب لباس الخرقة وأما في معجمه فقال: مات في رمضان سنة أربع وستمائة ببسطة. نقلتهما من خطه، فأخطأ في أحدهما.

(43/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 166
4 (حرف النون:)

4 (ندى بن عبد الغني بن علي:)
رضي الدين أبو الجود الأنصاري، المصري، الحنفي، الفقيه، المحدث، مدرس مدرسة السيوفييين. سمع الكثير من: السلفي، وبدر الخداداذي، ومحمد بن علي الرحبي، وعلي بن هبة الله الكاملي، وعثمان بن فرج، وإسماعيل بن قاسم الزيات، وابن بري، وخلق كثير. وعني بالحديث وجمعه. وحدث روى عنه... مات في شعبان.
4 (نعمة بنت الطراح:)
هي ست الكتبة، مر ذكرها.
4 (حرف الواو:)

4 (وثاب بن قصة:)
أبو محمد المصري، الشافعي، الزاهد.
4 (حرف الياء:)

4 (يحيى بن الحسن:)
)

(43/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 167
أبو علي ابن الشاطر الأنباري. ولي قضاء الأنبار، وحدث عن مسعود ابن النادر.
4 (يوسف بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن غالب:)
أبو الحجاج البلوي المالقي، الأندلسي، المعروف بابن الشيخ. أخذ القراءآت عن أبي عبد الله ابن الفخار، وسمع منه، ومن: أبي القاسم السهيلي، وأبي إسحاق بن قرقول. وحج سنة ستين وخمسمائة. فسمع ببجاية من الحافظ عبد الحق أحكامه، وسمع بالثغر من أبي طاهر السلفي، وأبي محمد العثماني، وسمع بمكة من أبي الحسن بن مؤمن. قال الأبار: أخذ عنه: أبو سليمان بن حوط الله، وأبو الربيع بن سالم، وأبو الحسن بن قطرال، وغيرهم. وكان منقطع القرين في الزهد والعبادة، مجتهداً في العمل، يشار إليه بإجابة الدعوة. ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وتوفي في رمضان. وكانت له جنازة مشهودة. وقال المنذري: توفي بمالقة، وكان أحد الزهاد المشهورين، كثير الغزو، خطب ببلده. وقال فيه ابن مسدي: أحد الأبدال والعلماء العمال وممن تعرفت إجابة

(43/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 168
دعوته. تأدب بابن الفخار، وتلا عليه بالسبع، وسمع من القاسم بن دحمان. رأيته، وأطعمني تيناً ولوزاً، أنبأني من شعره:
(عليك من أمر الدين ما كان واضحاً .......... ودع مشكلات الأمر عنك بمعزل)

(وأهل التقى والدين كن تابعاً لهم .......... فإن رحلوا فارحل وإن نزلوا انزل)

(وحافظ على الأمر القديم ووله .......... عليك وعنك المحدث البدع فاعزل)

4 (وفيها ولد:)
قاضي حماة جمال الدين محمد بن سالم بن واصل. والمحدث جمال الدين محمد بن علي ابن الصابوني. ومجد الدين أحمد بن عبد الله ابن الحلوانية. والبهاء محمد بن محمد بن خلكان. والعماد إسماعيل بن إسماعيل بن جوسلين. وإبراهيم بن حمد بن كامل المقدسي. والشمس عبد الله ابن الأوحد محمد بن عبد الله الزبيري. والفخر عبد العزيز بن عبد الرحمن ابن السكري المصري. والشرف نصر الله بن حواري الحنفي. والنجم إسماعيل بن إسحاق بن أبي القاسم بن صصري. والزين إبراهيم ابن السديد أحمد الحنفي. وصفي الدين مصطفى بن عيسى الدلاصي. والمحدث يحيى بن عبد الرحيم بن مسلمة. ومحمد بن علي بن أبي بكر الواسطي الصالحي المقرئ. والظهير إسحاق بن قريش المخزومي راوي الترمذي.)

(43/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 169
4 (وفيات سنة خمس وستمائة:)

4 (حرف الألف:)

4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي هارون:)
أبو القاسم التميمي، الإشبيلي. أخذ القراءآت عن: أبي الحكم حجاج، وأبي إسحاق بن طلحة، وعبيد الله ابن اللحياني، وأبي الحكم بن بطال. وسمع من أبي الحسن الزهري، والزاهد أبي عبد الله ابن المجاهد. وأجاز له أبو الحسن شريح. وتصدر للإقراء، وأخذ الناس عنه. قال الأبار: وكان ورعاً زاهداً، أجاز في ربيع الأول سنة خمس لبعض أصحابنا.
4 (إبراهيم بن أحمد الكردي:)
المعروف بالجناح. من أمراء دمشق.

(43/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 170
4 (إبراهيم بن هبة الله بن محمد:)
أبو إسحاق الأزجي، المعروف بابن البتيت المعدل. حدث بمصر عن أبي الفضل الأرموي، وابن ناصر، وجماعة. وكان من الكبار التجار. سكن مصر. وولد سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. روى عنه: ابن الخليل، والزكي المنذري، والضياء المقدسي، وآخرون. وتوفي في رمضان.
4 (حرف الباء:)

4 (بركة بن علي بن الحسين بن بركة:)
أبو محمد ابن السابح بموحدة الوكيل. مات في ربيع الأول. وله مصنف في الشروط والإسجالات.
4 (حرف الثاء:)

4 (ثناء بن أحمد بن محمد بن علي:)

(43/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 171
أبو حامد ابن القرطبان الآجري، الملاء الجمعي، الحربي. سمع عبد الرحمن بن علي ابن الأشقر. روى عنه الضياء، وابن خليل. وأجاز لابن أبي الخير. وتوفي في شعبان.
4 (حرف الحاء:)

4 (الحسن بن إسماعيل:)
) أبو علي ابن الكببي الإسكندراني سمع بدمشق من أبي القاسم الحافظ. وله مصنف في الرقائق في عدة مجلدات. توفي في ثامن رمضان.
4 (الحسن، الملك الأمجد ابن العادل أبي بكر محمد بن أيوب:)
شقيق الملك المعظم.
4 (الحسين بن أحمد بن الحسين بن أيوب:)
أبو عبد الله البغدادي، الكرخي، الكاتب. ولد سنة عشرين وخمسمائة. وسمع: أبا بكر الأنصاري، وأبا منصور بن زريق القزاز. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، والضياء، والنجيب عبد اللطيف،

(43/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 172
وآخرون. وأجاز للشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وللفخر علي، وللكمال عبد الرحيم. توفي في ذي القعدة.
4 (الحسين بن أبي نصر بن حسن بن هبة الله بن أبي حنيفة:)
أبو عبد الله الحريمي، المقرئ، الضرير، المعروف بابن القارص. قال الدبيثي: بلغني أنه كان يقول: إني من ولد الإمام أبي حنيفة. وهو آخر من روى عن ابن الحصين شيئاً من المسند. وسمع أيضاً من أبي منصور القزاز، وأبي علي الخزار، وأضر بأخرة. قلت: روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، والضياء، وأجاز للفخر علي، وغيره. وتوفي في التاسع والعشرين من شعبان، وولد سنة خمس عشرة.
4 (حرف الخاء:)

4 (الخضر بن محمد بن علي:)
أبو العباس النيسابوري، ثم الجزري، المعبر. توفي ببغداد عن ثمانين سنة. وقد سمع من علي بن عساكر البطائحي.

(43/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 173
4 (حرف الزاي:)

4 (زكي بن منصور البغدادي، الغزال. حدث عن ابن ناصر.)

4 (حرف السين:)

4 (سعيد بن حسين العنسي:)
من ولد عمار بن ياسر، وهو من أعيان أهل غرناطة. روى عنه: أبي جعفر ابن الباذش، وداود بن يزيد السعدي، واستوطن إفريقيا، وولي أعمال إفريقيا. وعمه أبو مروان عبد الملك) بن سعيد بن خلف هو الذي بنى بيتهم آخراً على نباهة أولاً. وكان سعيد أحد العلماء الصلحاء مع الشجاعة والسؤدد.

(43/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 174
توفي بتونس رحمه الله، وولد بقلعة بني سعيد سنة سبع وعشرين وخمسمائة. قاله الأبار.
4 (سنجر شاه بن غازي بن مودود بن زنكي بن آقسنفر:)
صاحب الجزيرة العمرية. قتله ابنه غازي، وتملك الجزيرة، وحلفوا له، فبقي في السلطنة يوماً ثم وثب عليه خواص أبيه وقيدوه، وأقاموا أخاه الملك المعظم محمداً، ثم قتلوا غازياً. قال أبو شامة. وطالت أيام المعظم. وقال ابن الأثير: كان سنجر شاه سيئ السيرة مع الرعية والجند والحريم والأولاد، وبلغ من قبح فعله مع أولاده أنه سجنهم بقلعة، فهرب غازي ولده إلى الموصل، فأكرمه صاحبها، وقال: اكفنا سر أبيك ولا تجعل كونك عندنا ذريعة إلى فتنة، فرد غازي متنكراً، وتسلق إلى دار أبيه، واختفى عند بعض السراري، وعلم به كثير من أهل الدار، فسترن عليه بغضاً لأبيه، ثم إن سنجر شاه شرب بظاهر البلد وغنوا له، وعاد آخر النهار إلى البلد، وبات عند بعض حظاياه، فدخل الخلاء، فوثب عليه ابنه، فضربه بسكين أربع عشرة ضربة ثم ذبحه، فلو فتح الباب، وطلب الجند وحلفهم، لملك البلد، لكنه أمن واطمأن. وبلغ الخبر في السر أستاذ الدار، فطلب الكبار، واستحلفهم لمحمود بن سنجر شاه، وأحضره من قلعة فرح، ثم دخلوا الدار على غازي، فمانع عن نفسه فقتل، وألقي على باب الدار، فأكلت منه الكلاب. وتملك معز الدين محمود، وأخذ كثيراً من جواري أبيه، فغرقهن في دجلة. ثم أخذ ابن الأثير يعدد مخازي سنجر شاه، وقلة دينه، ثم قتل ولده محمود أخاه مودوداً.

(43/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 175
حرف العين

4 (عبد الله بن أبي الحسن بن أبي الفرج:)
الإمام أبو محمد الجبائي، الطرابلسي، الشامي. من قرية الجبة منة عمل طرابلس بجبل لبنان. قال: كنا نصارى، فمات أبي ونحن صغار، فقدر الله أن وقعت حروب، فخرجنا من القرية وكان فيها جماعة مسلمون يقرؤون القرآن، فأبكي إذا سمعتهم، قال: فأسلمت، وعمري إحدى عشرة سنة، ثم رحلت إلى بغداد في سنة أربعين. قال ابن النجار: قدم بغداد وصحب الشيخ عبد القادر، وتفقه على مذهب أحمد، وسمع من أبي الفضل الأرموي، وأحمد ابن الطلاية، وابن

(43/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 176
ناصر، وجماعة، وكتب وحصل، ورحل إلى) إصبهان، فسمع من مسعود الثقفي، والحسن بن العباس الرستمي، وأبي الخير الباغبان، وخلق كثير، وحصل الأصول. وعاد إلى بغداد، فحدث بها، ثم رد وسكن إصبهان. وكان صالحاً عابداً، حصل له قبول بإصبهان، وأقام بخانقاه ابن أبي الهيجاء. وقال غيره: ولد سنة عشرين وخمسمائة تقريباً، وتوفي في جمادى الآخرة. روى عنه: الشيخ الموفق، والضياء، وابن خليل، وأبو الحسن ابن القطيعي، وآخرون: وأجاز للشيخ، وللفخر علي، ولجماعة.
4 (عبد الرحمن بن يحيى بن مقبل بن أحمد ابن الصدر:)
أبو محمد الحريمي. روى عنه: أبي الوقت. ومات في ذي القعدة.
4 (عبد الرحمن بن يوسف بن محمد بن يوسف بن عيسى:)
أبو القاسم ابن الملجوم الأزدري، الزهراني، الفاسي، ويعرف أيضاً بابن رقية. روى عن: محمد بن فتح، وأبي مروان بن مسرة. وكان عارفاً بالتاريخ، والشعر، والنسب، له كتب عظيمة يقال: بيعت بأربعة آلاف دينار. مات في صفر عن ثمانين سنة.

(43/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 177
أجاز له عم أبيه عيسى.
4 (عبد السلام بن إسماعيل بن عبد الرحمن:)
ابن اللمغاني، القاضي الحنفي. تفقه ببغداد على أبيه وعنه. وسمع من أبي عبد الله الحسين المقدسي. وناب في الفضاء. وتوفي في رجب عن خمس وثمانين سنة. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار.
4 (عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن سعدون الأزدي:)
البلنسي، الطبيب سمع من أبي الحسن بن هذيل، وغيره. وتوفي في رمضان. وكان من كبار الأطباء بالأندلس.
4 (عبد العزيز ابن قاضي القضاة أبي الفضائل هبة الله بن عبد الله الأوسي:)
المصري، الشافعي، الناسخ، المعروف بابن الأزرق. سمع من أبي العباس ابن الحطيئة وصحبه، وكتب مثل خطه سواء حتى لا يفرق بين الخطين إلا التاريخ.

(43/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 178
توفي في شعبان.
4 (عبد اللطيف بن نصر الله بن علي بن منصور:)
القاضي أبو المحاسن الواسطي، الحنفي، المعروف بابن الكيال. ولد سنة أربعين وخمسمائة.) وتفقه على والده، ودرس بعده. وولي قضاء واسط كأبيه. توفي في شعبان.
4 (عبد المحسن بن إسماعيل بن محمود:)
الوزير شرف الدين الحلي. وزر بخلاط لصاحبها الملك الأوحد ابن العادل. وقد ناب في ديوان دمشق عن الوزير صفي الدين بن شكر، وخدم فلك الدين أخا الملك العادل لأمه فقيل له: الفلكي. ذبحه غلام له بخلاط فنقل إلى دمشق، ودفن بها.
4 (عبد المعز بن عبد الله بن عبد المعز بن عبد الواسع بن عبد الهادي:)
ابن شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله الأنصاري الهروي، أبو القاسم. سمع من عبد الملك الكروخي، وغيره. وقد حدث ببغداد.

(43/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 179
وتوفي في صفر.
4 (عبد الملك بن عيسى بن درباس بن فير بن جهم بن عبدوس:)
قاضي القضاة بالديار المصرية، صدر الدين، أبو القاسم الماراني الفقيه الشافعي. ولد بنواحي الموصل في حدود سنة ست عشرة وخمسمائة. وبنو ماران نازلون بالمروج تحت الموصل. تفقه بحلب على الإمام أبي الحسن علي بن سليمان المرادي، وسمع منه، وبدمشق من أبي القاسم ابن البن، والحافظ أبي القاسم. وقدم مصر في سنة بضع وستين فسمع بها من الزاهد علي بن إبراهيم ابن بنت أبي سعد. وخرج له الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل أربعين حديثاً. روى عنه الحافظ زكي الدين، وقال: كان مشهوراً بالصلاح، والغزو، وطلب العلم، يتبرك لآثاره للمرضى. توفي في خامس رجب. قلت: كان من خيار علماء زمانه، وفي أقاربه جماعة رووا الحديث. والحافظ زكي الدين المنذري هو أجل من روى عنه العلم، ولم يلحقه الحافظ زكي الدين البرزالي.

(43/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 180
4 (عبد المولى بن أبي تمام بن أبي منصور:)
أبو الفضل الهاشمي، المعروف بابن باد، أخو عمر بن طبرزد لأمه من الرضاعة. سمع: أبا القاسم ابن السمرقندي، والمبارك بن كامل. توفي في ذي الحجة عن تسعين سنة. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، والنجيب عبد اللطيف، وغيرهما. وأضر بأخرة.
4 (عبد الواحد بن أبي المطهر القاسم بن الفضل:)
أبو القاسم الصيدلاني، الإصبهاني. شيخ مسند معمر، مشهور ببلده. سمع حضوراً من عبد) الواحد بن محمد الدشتج صاحب الحافظ أبي نعيم. وسمع من: جعفر بن عبد الواحد الثقفي، وفاطمة الجوزدانية، وابن أبي ذر الإخشيذ. روى عنه: ابن خليل، والضياء، وجماعة. وأجاز لابن أبي الخير، وللشيخ شمس الدين، وللكمال عبد الرحيم، ولأحمد بن شيبان، وللفخر علي، وغيرهم. توفي بإصبهان في جمادى الأولى. وكان مولده في ذي الحجة سنة أربع عشرة وخمسمائة، عاش إحدى وتسعين سنة.

(43/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 181
4 (عبد الوهاب بن أبي القاسم علي بن أحمد ابن الإخوة:)
البغدادي، وكيل القضاة. سمع من عبد الخالق اليوسفي، وغيره. ويسمى أبوه أيضاً بعبد الرحمن.
4 (عثمان بن عمر، أبو عمرو الهمذاني:)
شيخ الصوفية برباط الشونيزي. توفي في ربيع الأول ببغداد.
4 (عقيل ابن النقيب أبي الحسين محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن العباس بن أبي الجن:)
أبو البركات العلوي، الحسيني، الدمشقي. ولد سنة عشرين وخمسمائة. وحدث عن أبي الدر ياقوت الرومي. روى عنه: ابن خليل، وغيره. وأجاز لابن أبي الخير، وللشيخ شمس الدين عبد الرحمن.
4 (علي بن الحسن بن إسماعيل بن عطاء:)
الفقيه، أبو الحسن البغدادي. روى عن: أبي الوقت.

(43/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 182
وتوفي في المحرم.
4 (علي بن زشيد. أبو الحسن الحربوي العدل. روى عن: نصر العكبري، وأبي الوقت.)
وولي وكالة الديوان، وكان حميد السيرة. توفي في شوال.
4 (علي بن القاسم بن يونش:)
أبو الحسن بن الزقاق الإشبيلي، النحوي. ذكره القفطي في تاريخه، فقال: قرأ القرآن على أبيه، ونزل الجزيرة، وخطب برأس العين مدة، وسكن دمشق هو وأخوه، ثم سكن حلب وتصدر بها للإقراء، ودخل له رزق، واشترى له داراً، وجاءته الأولاد. وكان عسر الخلق، كثير الدعوى، شحيحاً بعيداً من الخير، يخطئ فيما يعانيه، ولا

(43/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 183
يرجع إذا رد عليه. صنف شرحاً للجمل في أربع مجلدات، وألف مفردات القراءآت. وكان أبوه من كبار القراء، وكان جده يونش عبداً رومياً. قرأ القاسم بن يونش على شريح) وصحبه، وكان فقيراً مدقعاً، ولقب بالزقاق لعظم بطنه. توفي علي في حدود السنة بطريق الحج رحمه الله.
4 (علي بن محمد بن علي بن جميل:)
أبو الحسن المعافري، المالقي، خطيب القدس. سمع كتاب الأحكام من مصنفه عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي، الخطيب، وسمع بمالقة من أبي القاسم عبد الرحمن السهيلي، وبمصر من أبي الفتح محمود بن أحمد ابن الصابوني، وبدمشق من يحيى الثقفي، وعبد الرحمن ابن الخرقي. وتخرج في الحديث بالقاسم ابن عساكر. ونسخ الكثير. وولي خطابة القدس زماناً، وحصلت له دنيا متسعة، وكان محمود الطريقة، متواضعاً. روى عنه: الزكي عبد العظيم، والشاب القوصي. قال القوصي: الخطيب زين الدين نال عند الملك الناصر الحرمة الوافرة، وخصه عقيب الفتح بخطابة الأقصى، وروى عنه الأمير شرف الدين عيسى ابن أبي القاسم الهكاري. وقال عبد العظيم: توفي سنة خمس. ولم يعين الشهر.

(43/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 184
4 (علي بن محمود بن عبد الله ابن الظفري، القطان:)
أبو الحسن. روى عن عمر بن ظفر المغازلي.
4 (عمر ابن القدورة الشيخ حياة بن قيس الحراني:)
توفي بحران في صفر.
4 (عيسى بن المعلى الرافقي، النحوي، اللغوي:)
حجة الدين. له مقدمة في النحو سماها المعونة ثم شرحها، وصنف كتباً في اللغة، وكان يقدم حلب ويمدح أكابرها، ففي ديوانه مدح صفي الدين طارق بن أبي غانم، ومدح جماعة من أمراء نور الدين، وتوفي في ربيع الآخر سنة خمس. قاله القفطي.
4 (حرف الغين:)

4 (غياث بن فارس بن مكي.

(43/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 185
أبو الجود اللخمي، المصري، المقرئ، الأستاذ، النحوي،)
العروضي، الضرير. شيخ الديار المصرية. ولد ثماني عشرة وخمسمائة. وتصدر للإقراء مدة طويلة قرأ القراءآت على الشريف أبي الفتوح الخطيب، وسمع منه، ومن عبد الله بن رفاعة، ومن المهذب علي بن عبد الرحيم ابن العصار الأديب. قرأ عليه القراءآت: أبو الحسن السخاوي، وأبو عمرو ابن الحاجب، والمنتجب الهمذاني، وعبد) الظاهر بن نشوان، والعلم أبو محمد القاسم بن أحمد اللورقي الأندلسي، والكمال علي بن شجاع الضرير، والفقيه زيادة بن عمران، وعبد القوي بن عزون، وعبد القوي بن عبد الله ابن المغربل، والتقي عبد الرحمن بن مرهف الناشري. وتوفي قبل الكمال الضرير بأيام. وكان ماهراً بالقراءآت، إماماً فيها. وبقي من أصحاب أبي الجود ممن قرأ عليه القراءآت إلى سنة إحدى وسبعين: أبو الفتح عبد الهادي بن عبد الكريم القيسي خطيب جامع المقياس. وآخر من مات ممن قرأ عليه القراءآت السبعة: أبو الطاهر إسماعيل المليجي، وبقي إلى سنة ثمانين وستمائة. وروى عنه الحديث: شهاب الدين القوصي، وزكي الدين المنذري، وضياء الدين المقدسي، وشمس الدين الأدمي، وكمال الدين محمد ابن قاضي القضاة ابن درباس، وآخرون. قال المنذري: أقرأ الناس دهراً، ورحل إليه، وأكثر المتصدرين

(43/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 186
للإقراء بمصر أصحابه وأصحاب أصحابه. سمعت منه، وقرأت القراءآت في حياته على أصحابه، ولم يتيسر لي القراءة عليه. وكان ديناً فاضلاً، بارعاً في الأدب، حسن الأداء، لفاظاً، كثير المروءة، متواضعاً، لا تطلب منه أن يقصد أحداً في حاجة إلا يجيب، وربما اعتذر إليه المشفوع إليه ولم يجبه، فيطلب منه العود إليه، فيعود إليه. تصدر بالجامع العتيق بمصر، وبمسجد الأمير موسك بالقاهرة، وبالمدرسة الفاضلية، وتوفي في تاسع رمضان.
4 (حرف الفاء:)

4 (فاطمة بنت محمد بن أحمد القنائي:)
ست النساء. روت بالإجازة من قاضي المارستان وجماعة. سمع منها: أبو الحسن ابن القطيعي.
4 (فاطمة بنت أبي الفائز عبد الله بن أحمد ابن الطوير:)
أم البهتء البغدادية، البزاز أبوها. سمعها أخوها لأمها العلامة أبو الفرج ابن الجوزي من: أبي منصور بن خيرون، وابي سعد أحمد بن محمد الزوزني. روى عنها: ابن خليل، والضياء، والنجيب عبد اللطيف. وتوفيت في حادي عشر ربيع الأول. وأجازت للشيخ الفخر، وللكمال عبد الرحيم، ولابن شيبان، وغيرهم.

(43/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 187
4 (الفصيح الواعظ:)
) كان مليح الوعظ، توفي بدمشق.
4 (حرف الميم:)

4 (محمد بن أحمد بن بختيار بن علي بن محمد:)
القاضي أبو الفتح ابن القاضي أبي العباس المندائي، الواسطي، الشافعي، مسند العراق. ولد بواسط سنة سبع عشرة وخمسمائة. وسمع ببغداد في صغره بحرص والده من: أبي عبد الله البارع، وأبي القاسم ابن الحصين، وأبي عامر العبدري، ومكي بن أبي طالب البروجردي، وهبة الله ابن الطبر، وعبيد الله بن محمد البيهقي، وأحمد بن علي المجلي، زريق القزاز، وأبي منصور بن خيرون، وطائفة.

(43/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 188
وولي أبوه قضاء الكوفة قبيل ذلك فسمعه بها من عمر بن إبراهيم العلوي. وسمع بواسط من أبي الكرم نصر الله بن محمد ابن الجلخت، والقاضي محمد بن علي الجلابي، والمبارك بن الحسين ابن نغوبا، وجماعة. وقرأ بها القراءآت على أحمد بن عبيد الله الآمدي، وأبي يعلى محمد بن سعد بن تركان. وتفقه ببغداد على أبي منصور سعيد ابن الرزاز. وتأدب عند أبي منصور ابن الجواليقي. وكان كبير القدر، عالي الإسناد، رحلة البلاد. روى عنه: أبو الطاهر إسماعيل ابن الأنماطي، وأبو بكر محمد ابن نقطة، وفتوح بن نوح الخوتي، والزين بن عبد الدائم، وأبو عبيد الله الدبيثي، وابن النجار، وجماعة كثيرة. وأجاز لابن أبي الخير، وللشيخ شمس الدين عبد الرحمن، والمال عبد الرحيم، وإسماعيل العسقلاني، والفخر علي. قال الدبيثي: كان حسن المعرفة، جيد الأصول، صحيح النقل، متيقظاً، حدث بالكثير، وصار اسند أهل زمانه، وقصد من الآفاق، وحدث ببغداد غبر مرة، ونعم الشيخ كان عقلاً وخلقاً ومودة. وقال الحافظ عبد العظيم: كان بقية السلف، وشيخ القضاة والشهود، وآخر من حدث بمسند أحمد كاملاً. وكان يعرف ما يقرأ عليه. وتوفي في ثامن شعبان، ودفن بداره، وختمت عنده عدة ختم. وسئل عن معنى الماندائي، فقال: كان أجدادي قوماً من العجم تأخر إسلامهم، فسموا بذلك،) والماندائي: الباقي، بالفارسية. أنبأني الإمام أبو الفرج بن أبي عمر، عن أبي الفتح المندائي، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الدباس لنفسه:

(43/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 189
(فؤاد ما يقر له قرار .......... لنيران الغرام به استعار)

(وعين ما يجف لها غروب .......... كأن شؤونها سحب غزار)

(وجسم شفه برحاء شوق .......... له في كل عضو منه نار)

(سمات الحب لائحة عليه .......... فليس لما به منها استتار)

4 (محمد بن بقاء بن الحسن البرسفي:)
المقرئ، الضرير. ولد ببرسف في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. سمع على: ابن الصباغ، وابن ناصر. توفي في جمادى الأولى.

(43/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 190
4 (محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن سليمان:)
أبو عبد الله الزهري، البلنسي. ويعرف في الأندلس بابن القح، واشتهر بالنسبة إلى ابن محرز. سمع من صهره أبي الحسن بن هذيل فأكثر، ومن أبي الحسن ابن النعمة، وأبي عبد الله بن سعادة. وجماعة. قال الأبار: كان له حظ من الفقه والقراءآت. أخذ عنه ابنه أبو بكر محمد، وأبو عبد الله بن أبي البقاء، ورأيته وأنا صغير. ولد في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (محمد بن جابر بن يحيى بن محمد:)
أبو الحسن ابن الرمالية الثعلبي، الغرناطي. سمع: أبا جعفر ابن الباذش، وعبد الحق بن عطية، وأبا بكر ابن العربي، والقاضي أبا الفضل بن عياض، وأبا الحسن شريح بن محمد، وأخذ عنه القراءآت. وتفقه، وسمع المدونة على أبي الوليد بن خيرة، وأبي عبد الله ابن أبي الخصال. وكان من أهل الوجاهة والفضل والمعرفة، أخذ عنه غير واحد. قاله الأبار، وقال: حدث في سنة خمس وستمائة.
4 (محمد ابن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني، العطار:)
سمع: أباه، وأبا الوقت، وأبا الخير الباغبان. وكان من الصلحاء.

(43/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 191
توفي في المحرم بهمذان.
4 (محمد بن عبد العزيز بن الحسين:)
) القاضي أبو عبد الله ابن القاضي الجليس أبي المعالي ابن الجباب التميمي، المالكي، المصري. ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. وقرأ بروايات على الشريف أبي الفتوح الخطيب. وتأدب على عبد الله بن بري، ومحمد بن حمزة العرقي. وسمع من أبي طاهر السلفي، وغيره. وولي ولايات رفيعة. وهو والد فخر القضاة أحمد بن محمد ابن الجباب. توفي مجاوراً بمكة في سلخ المحترم.
4 (محمد بن عياش بن محمد بن الطفيل:)
أبو الحسن ابن عظيمة العبدري الإشبيلي. روى عن: أبي عمرو والده، وأبي بكر بن خير، وأبي عبد الله ابن المجاهد، وأبي الأصبغ ابن السماتي، وأبي عبد الله بن زرقون، وجماعة. قال الأبار: وكان مقرئاً ماهراً مجوداً، أخذ عنه أبو محمد الحرار، وغيره. وأجاز في سنة خمس.

(43/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 192
4 (محمد بن أبي الغنائم محمد بن احمد ابن اليعسوب:)
أبو طالب الحريمي. حدث عن: أبي الوقت. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (محمد بن محمود:)
القاضي أبو عبد الله الخويي، الفقيه الشافعي، قاضي البصرة. روى عن ابن البطي، وتفقه بالنظامية على أبي المحاسن يوسف الدمشقي.
4 (محمد بن المبارك بن محمد بن محمد بن الحسين:)
المحدث المفيد، أبو بكر ابن مشق البغدادي، البيع. ولد سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. وسمعه أبوه من طائفة، وسمع هو وعني بالرواية أتم عناية، وجمع معجماً، وبلغت أثبات مسموعاته ست مجلدات.

(43/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 193
سمع: أبا بكر أحمد ابن الأشقر، وأبا الفضل الأرموي، وأبا السعادات هبة الله ابن الشجري، والمبارك بن أحمد بن بركة، وسعد الخير الأندلسي، وسعيد ابن البناء. قال أبو عبد الله الدبيثي: لم يرو إلا اليسير، واختلط قبل موته بنحو ثلاث سنين، حتى كان لا يأتي بشيء على وجه الصحة، فتركه الناس. قلت: روى عنه: النجيب عبد اللطيف، والحافظ الضياء، وابن النجار. وأجاز للشيخ شمس الدين، ولإسماعيل العسقلاني، وللفخر علي، وغيرهم.) وتوفي في حادي عشر شعبان. وكان كيساً، متودداً، جميل الطريقة، صدوقاً.
4 (محمد، الملك الأشرف عز الدين ولد السلطان الملك الناصر:)
صلاح الدين يوسف بن أيوب. توفي بحلب.
4 (محفوظ بن أحمد بن أبي الفرج:)
أبو غالب الثقفي الإصبهاني، سبط الحافظ إسماعيل بن محمد التميمي. سمع من جده، ومن: زاهر الشحامي، وسعيد بن أبي الرجاء. روى عنه: الضياء، وابن خليل. وأجاز لابن أبي الخير، والفخر علي، وغيرهما. توفي في رمضان.
4 (محمود بن محمد بن سام:)

(43/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 194
السلطان غياث الدين ابن السلطان الكبير غياث الدين الغوري. آخر ملوك الغورية. قال ابن الأثير: ولقد كانت دولتهم من أحسن الدول سيرة وأعدلها وأكثرها جهاداً. قال: وكان محمود عادلاً حليماً كريماً. قلت: سار إليه أمير ملك، خال خوارزم شاه، فحاصره، ونزل إليه بالأمان، فغدر به وقتله وقتل معه علي شاه، كما هو في الحوادث.
4 (مصدق بن شبيب بن الحسين:)
أبو الخير الصلحي النحوي، صاحب الشيخ صدقة بن وزير. والصلح: من أعمال واسط. قرأ القرآن على صدقة. وقدم بغداد فقرأ العربية على أبي محمد ابن الخشاب، وأبي البركات الأنباري، وأبي الحسن ابن العصار. وسمع من أبي الفتح ابن البطي، وجماعة. وبرع في العربية، وصار مشاراً إليه مع ما فيه من الصلاح والخير والعبادة. أقرأ الناس زماناً. وكان عالماً أيضاً بالفرائض واللغة. قال أبو عبد الله الدبيثي: قرأت عليه زماناً وعاش سبعين سنة، وتوفي في ربيع الأول ببغداد رحمه الله.

(43/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 195
4 (حرف الهاء:)

4 (هبة الله بن يوسف بن خمرتاش:)
أبو الفتوح المختاري، الكاتب. سمع من: عبد الملك بن علي الهمذاني. وله شعر وسط. مات في جمادى الآخرة.)
4 (حرف الواو:)

4 (وائلة بن الأسقع:)
أبو هريرة الهمذاني، ثم الكرجي، المؤذن، الصالح. سمع: هبة الله بن الفرج ابن أخت الطويل، ونصر بن المظفر، وابن ناصر، وجماعة. وصحب الحافظ أبا العلاء العطار، وحدث ببغداد قبل الثمانين، وأجاز لابن البخاري، وغيره. مات في شوال بالكرج.
4 (حرف الياء:)

4 (يوسف بن علي بن يوسف بن خلف:)
أبو الحجاج القرطبي، يعرف بالجميمي. مكثر عن أبي القاسم ابن بشكوال. وتجول ببلاد الأندلس، واخذ عن

(43/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 196
أبي عبد الله بن سعادة، وأبي زيد السهيلي، وجماعة. واخذ القراءآت عن أبي علي بن عريب. قال الأبار: توفي في رمضان. وكان من أهل العناية بالرواية.
4 (وفيها ولد:)
برهان الدين محمود بن عبد الله المراغي الشافعي بالمراغة. والعماد محمد بن عباس الدنيسري الطبيب. والجمال أحمد بن محمد بن أبي سعد الواسطي خطيب كفرسوسة. والصفي إسحاق بن إبراهيم الشقراوي. والنجم أبو تغلب بن احمد الفاروثي. والمسند ناصر الدين عمر ابن القواس. والضياء محمد بن أبي بكر الجعفري الأسود. والشرف محمد بن عثمان بن مكي الشارعي. والمعين عثمان بن سعد بن تولوى القرشي، ولد بتنيس. والنجيب أحمد بن محمد بن عبد السلام السفاقسي. والحافظ سيف الدين أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد. والشرف حسن بن عبد الله بن عبد الغني. والضياء علي بن محمد ابن البالسي المحدث.

(43/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 197
4 (وفيات سنة ست وستمائة:)

4 (حرف الألف:)

4 (أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الملك بن شراحيل:)
أبو جعفر الهمذاني، الغرناطي. صدر رئيس أصيل، روى عن: أبيه، وخاله أبي الحسن ابن الضحاك. وأجاز له: أبو الحسن شريح، وأبو بكر ابن العربي، وجماعة. وحج، فسمع بالإسكندرية من أبي عبد الله ابن الحضرمي. وطال عمره وهو آخر من روى عن ابن أبي) الخصال بالإجازة. وتوفي في ذي الحجة وله أربع وثمانون سنة. روى عنه أبو بكر بن مسدي الحافظ من الموطأ، وسماعه منه في سنة خمس وستمائة بغرناطة، قال: أخبرنا عمرو بن محمد بن محمد بن بدر الهمذاني في سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، أخبرنا محمد بن الفرج الطلاعي. وقد ذكره ابن الأبار، وذكر شيخه عمراً هذا، فقال: سمع الموطأ من ابن الطلاع.

(43/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 198
4 (أحمد بن محمد بن أبي نصر:)
أبو سعيد الإصبهاني، الأرجاني، الضرير. سمع من: فاطمة الجوزدانية. وأرجان: مخففة على الأصح. قاله المنذري. توفي في صفر أو في ربيع الأول. روى عنه ابن نقطة، وقال: سمع المعجم الصغير كله من فاطمة.
4 (أحمد بن أبي الفتح الأبيوردي، المواقيتي، المؤذن:)
سمع من: أبي المظفر الفلكي بدمشق. أخذ عنه: العماد علي بن عساكر، وعلي بن عمر الصقلي، وغيرهما.
4 (إدريس بن محمد بن أبي القاسم:)
أبو القاسم العطار، الإصبهاني، المعمر، المعروف بآل والويه العطار. سمع من: محمد بن علي بن أبي ذر. روى عنه: الضياء المقدسي، وابن نقطة.

(43/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 199
قال الضياء: سمعت منه في السفرتين. وأجاز لأحمد بن سلامة الحداد، والشيخ شمس الدين، والكمال عبد الرحيم، والفخر علي. وتوفي في سادس شعبان، ويقال: إنه جاوز المائة. روى عنه لنا بالإجازة العامة: الركن أحمد الطاووسي.
4 (أرتق بن جلدك المقتفوي:)
شحنة بغداد. تزهد وتفقر، وسمى نفسه محمداً، وتكلم في الحقيقة بجامع المنصور، وفي الأصول بجهل، فمنع من ذلك، ثم قام معه جماعة. روى عن: أبي بكر ابن الزاغوني. روى عنه: أبو الحسن ابن القطيعي، وقال عنه: كان يعتقد أن عذاب النار ينقطع ولا يبقى فيها أحد. توفي في أيام التشويق عن بضع وثمانين سنة الله تعالى، أكثر.
4 (أرمانوس، مولى محمد بن علي الزينبي:)
سمع: هبة الله الشبلي، وأبا الفتح ابن البطي. ومات في جمادى الآخرة. روى عنه ابن النجار،) وقال: كان صالحاً حسن الأخلاق.
4 (أسامة بن سليمان بن محمد بن غالب:)
أبو بكر الداني، المقرئ. أخذ القراءآت عن أبي عبد الله محمد بن الحسن ابن غلام الفرس،

(43/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 200
وسمع منه التيسير وأجاز له، وسمع من: أبي الوليد ابن الدباغ، وأبي الحسن ابن عز الناس. قال الأبار: وكان بصيراً بعقد الشروط، منقطع القين في الصلاح والورع، نهاية في العدالة، وكانت له مشاركة في الفقه. حدث، وأخذ الناس عنه. ولد سنة ثلاثين وخمسمائة، وتوفي في رابع عشر جمادى الآخرة. روى عنه أبو محمد عبد الله بن أحمد الداني.
4 (أسعد بن المنجى بن بركات بن المؤمل:)
القاضي أبو المعالي وجبه الدين ابن أبي المنجى، المعري الأصل، الدمشقي، الفقيه الحنبلي. ولد سنة تسع عشرة وخمسمائة. ارتحل إلى بغداد وتفقه بها، وبرع في المذهب، وسمع أنوشتكين الرضواني، والقاضي أبا الفضل الأرموي، وأبا جعفر العباسي. وسمع بدمشق من نصر بن أحمد بن مقاتل، وغيره. وولي قضاء حران في أواخر دولة نور الدين، وأخذ الفقه عن شيخ عبد القادر الجيلي، وأحمد الحربي. وتفقه أيضاً بدمشق على شرف الإسلام عبد الوهاب ابن الشيخ أبي الفرج الحنبلي، وهو آخر أصحابه. أخذ عنه الشيخ الموفق. وروى عنه: ابن خليل، والضياء، والشيخ

(43/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 201
شمس الدين، والفخر علي، والحافظ عبد العظيم، والشهاب القوصي، وآخرون. ومن أجله بنى الشيخ مسمار المدرسة ووقفها عليهم. وله شعر حسن. صنف كتاب النهاية في شرح الهداية في بضعة عشر مجلداً. وصنف كتاب الخلاصة، وغير ذلك. وفي ذريته علماء وأكابر. مات في جمادى الآخرة.
4 (أسعد بن المهذب بن زكريا بن مماتي:)

(43/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 202
القاضي الرئيس أبو المكرم المصري، الكاتب، الشاعر، صاحب الديوان الشعر، فمنه:
(تعاتبني وتنهى عن أمور .......... سبيل الناس أن ينهوك عنها)

(أتقدر أن تكون كمثل عيني .......... وحقك ما علي أضر منها)
توفي بحلب وقد هرب إليها خانقاً من الوزير ابن شكر في سلخ جمادى الآخرة وله اثنتان) وستون سنة. وقد سمع من: أبي طاهر السلفي، وغيره. وله مجاميع مفيدة، ونظم سيرة صلاح الدين، ونظم كتاب كليلة ودمنة. وقد أسلم، وكان نصرانياً، في أول الدولة الصلاحية، وولي ديوان الجيش، وغير ذلك. ومرض، فطلب من جويرية له توتية أن تصلح له شيئاً يوافق، فعدد لها أنواع المرورات، فضجرت وقالت: لا يقدر أحد على مرضاتك. وذكر أنه اختصر اللمع في النحو لابن جني في ورقة واحدة مجدولة.
4 (إسماعيل بن علي بن حمك:)
أبو الفضل المغيثي الحمكي، الخراساني. سمع: محمد بن إسماعيل الفارسي، ووجيهاً الشحامي.
4 (إسماعيل بن عمر بن نعمة بن شبيب:)

(43/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 203
الأديب أبو الطاهر الرؤبي، الحنبلي، المصري، العطار. له شعر وتصانيف وأدب. توفي في المحرم كهلاً.
4 (حرف الحاء:)

4 (الحسن بن محمد بن الحسن بن علي:)
القاضي أبو علي الأموي، المصري، الشافعي، العدل، الوراق، المعروف بابن مروان يعني مروان بن الحكم. سمع من عبد الله بن رفاعة في سنة خمسين وخمسمائة. ومولده في سنة تسع عشرة وخمسمائة. حدث عنه الزكي عبد العظيم وغيره. وكان بارعاً في الشروط، صنف فيها كتابين مشهورين. وتوفي في رجب.
4 (الحسن بن المبارك بن أبي سعد ابن البواب.)
أبو علي الحريمي.

(43/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 204
حدث عن: أبي الوقت، وسعيد ابن البناء. وتوفي في المحرم.
4 (حرف الراء:)

4 (رشيد:)
مولى الأمير صندل المقتفوي. روى عن: ابن البطي.
4 (حرف العين:)

4 (عبد الله بن يحيى بن علي بن أحمد ابن الخراز الحريمي:)
) توفي بساوة. سمع: أحمد بن علي ابن الأشقر، وسعد الخير، وعم أبيه أبا علي أحمد بن أحمد.
4 (عبد الله بن عبد الله الشنتريني الزاهد:)
قال الأبار: صحب أبا عبد الله ابن المجاهد الزاهد دهراً وسلك طريقته، وكان فقيهاً مفتياً عابداً، وكان يبيع الزيت. بقي إلى سنة ست.

(43/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 205
4 (عبد الرحيم بن عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر الجيلي، أبو القاسم:)
توفي ببغداد في ربيع الأول. وقد سمع من: أبي الفتح ابن البطي، وغيره.
4 (عبد السلام بن محمد بن بكروس:)
أبو الفتح القياري الحمامي. شيخ بغدادي مسند. سمع من: إسماعيل ابن السمرقندي، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي، وأبي الفتح الكروخي. روى عنه: الدبيثي، والضياء، وغيرهما. وأجاز للفخر ابن البخاري، وغيره. توفي في ذي القعدة. عبد العزيز بن الخطير بن مماتي: ويعرف بالقاضي الأسعد: شاعر جيد النظم، روى عنه الشهاب القوصي، وقال: توفي بحلب سنة ست. وقد قدمناه بلقبه.
4 (عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة المقدسي:)

(43/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 206
ولد في حدود الأربعين وخمسمائة. وحدث بالإجازة عن ابن البطي. وسمع من جماعة. وهو والد العماد عبد الحميد، وغيره. روى عنه: الضياء. ومات بالجبل.
4 (عثمان بن يوسف بن مقدام المقدسي، المقرئ:)
شيخ صالح عابد، ابن عمه الحافظ الضياء. يروي عن ابن صابر. روى عنه: الضياء، وغيره. توفي في شهر ربيع الأول قبل عبد الهادي بشهر.
4 (عفيفة بنت أبي بكر أحمد بن عبد الله بن محمد:)
أم هانئ الفارقانية، الإصبهانية. شيخة معمرة مشهورة، ولدت سنة عشر وخمسمائة. وسمعت من صاحب أبي نعيم الحافظ عبد الواحد الدشتج، وهي آخر من حدث في الدنيا عنه بالسماع. وتروي عن: أبي علي الحداد، وأبي سعد بن الطيوري، وأبي الغنائم ابن المهتدي بالله، وأبي علي ابن المهدي، وأبي طالب ابن يوسف البغدادي، وأبي الحسن بن مرزوق الزعفراني، بالإجازة. وسمعت أيضاً من حمزة بن العباس العلوي، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وفاطمة) الجوزدانية. روى عنها: أبو موسى عبد الله بن عبد الغني، والضياء محمد، والرفيع

(43/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 207
إسحاق والد الأبرقوهي، وجماعة. وأجازت لأحمد بن أبي الخير، وللفخر علي، وللبرهان إبراهيم ابن الدرجي، وللشيخ شمس الدين، وللكمال عبد الرحيم، ولخديجة بنت الشهاب بن راجح، ولأحمد بن شيبان. وسمعت من فاطمة المعجم الكبير كله، والمعجم الصغير للطبراني، ولفتن لنعيم بن حماد. قال ابن نقطة: سمعنا منها المعجم الكبير والفتن لنعيم، وغير ذلك. توفيت في ربيع الآخر، قاله الضياء، وقال: مولدها في ذي الحجة سنة عشر. نقلت إجازة البغاددة لها من خط شيخنا المزي.
4 (علي بن المبارك:)
ابن أخي الحريص البغدادي، الخباز. روى عن: سعيد ابن البناء. توفي فيها ظناً.
4 (عمر بن محمد بن عبد العزيز الرحمن بن بيبش:)
أبو حفص البكري، الداني، المعروف بابن أبي رطلة. سمع بدانية من أبي الحسن ابن عز الناس، وأبي بكر بن جماعة. وأخذ القراءآت عن أبي عبد الله بن حميد. ورحل إلى مالقة، فأخذ القراءآت عن القاسم بن دحمان، أبي العباس البلنسي. وسمع منهم، ومن: السهيلي، وأبي الحسن ابن جامع. وأجاز له أبو عبد الله بن سعادة، وجماعة.

(43/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 208
وأقرأ وحدث، وكان مضعفاً إلا أنه كان صدوقاً فيما رواه. وتوفي في شوال. قال ذلك الأبار.
4 (حرف الفاء:)

4 (فارس بن أبي البركات:)
أبو المظفر الحربي، المشاهر. روى عن: ابن الطلاية، وغيره. روى عنه: عيسى ابن الموفق، وأبو موسى ابن الحافظ وأخوه أبو سليمان، وعبد الله بن أبي عمر الخطيب، والضياء محمد. توفي في رجب. أخبرتني عائشة بنت عيسى، أخبرنا أبي من لفظه سنة أربع عشرة وستمائة حضوراً، أحضرنا فارس بن أبي البركات، وعبد الملك بن مظفر، ومظفر بن جحشويه، وأحمد بن محمد بن حازم، وعلي بن أبي نصر بالحربية، قالوا: أخبرنا أحمد بن أبي غالب، أخبرنا عبد العزيز بن علي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا أبو شهاب، عن يونس بن) عبيد، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أشار المسلم إلى أخيه بحديدة لعنته الملائكة وإن كان أخاه لأبيه وأمه. فكان سيرين يكره أن يناول الرجل إبرة. وأخبرنيه أحمد بن إسحاق، أخبرنا المبارك بن أبي الجود، أخبرنا أحمد بن أبي غالب، فذكره.

(43/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 209
4 (فتح بن محمد بن علي:)
الفقيه أبو المنصور الدمياطي، الشافعي، نجيب الدين. والد الزين الكاتب المشهور. عمر دهراً. وسمع من: أبي طاهر السلفي، وأبي الطاهر بن عوف، وجماعة. وحدث، وله شعر حسن، وتصانيف حسنة في فنون. توفي في مستهل المحرم.
4 (حرف الميم:)

4 (محمد بن أحمد بن عبد الملك بن عبد العزيز:)
أبو عبد الله اللخمي، الباجي، ثم الإشبيلي. روى عن: أبيه، وأبي عبد الله ابن المجاهد، وابن الجد وبه تفقه. ولي قضاء إشبيلية. وتوفي في شوال.
4 (محمد بن أعز بن عمر بن محمد:)
أبو عبد الله التيمي، البكري، السهروردي، ثم البغدادي. ولد سنة سبع وعشرين وخمسمائة. وسمع من: إسماعيل ابن السمرقندي، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي، وغيرهما. وسمع من جده عمر بن محمد بن عبد الله بن سعد السهروردي الصوفي عم أبي النجيب، حدثه عن عاصم بن الحسن، وغيره. ومات سنة اثنتين وثلاثين، وهو ممن كتب عنه السلفي.

(43/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 210
روى عن محمد هذا: أبو عبد الله الدبيثي، والنجيب عبد اللطيف. وتوفي في شوال. ومات أبوه وكان يروي عن ابن نبهان سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
4 (محمد بن سعيد بن محمد:)
أبو عبد الله المرادي، المرسي، المقرئ. أخذ القراءآت عن أبي الحسن بن هذيل، وأبي علي بن عريب. وسمع منهما، ومن: أبي عبد الله بن سعادة، وأبي محمد بن عاشر، وجماعة. وكان خيراً فاضلاً، أقرأ القراءآت، وروى الحديث، وحمل الناس عنه الكثير. وممن قرأ عليه القراءآت علم الدين القاسم بن أحمد اللورقي نزيل دمشق. وقال الأبار: ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وتوفي بمرسية إلى رحمة الله ليلة الجمعة) الحادي والعشرين من رمضان سنة ست.
4 (محمد بن عبد الله بن أبي يحيى بن مطروح:)
أبو عبد الله التجيبي، السرقسطي. سمع من: أبي الحسن ابن النعمة. قال الأبار: كان إخبارياً حلو النادرة والفكاهة، جمع شعر أبي بكر يحيى بن محمد ابن الجزار السرقسطي. روى عنه: ابنه عبد الله، وأبو عبد الله ابن أبي البقاء.

(43/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 211
محمد بن عبد الله بن الحسين: أبو عبد الله البروجردي. سمع بإصبهان من أحمد بن عبد الله بن مرزوق. وقدم بغداد فتفقه بها للشافعي، وسمع من: أبي عبد الله ابن السلال، وعبد الصبور الهروي. وتوفي ببروجرد في العشرين من ربيع الأول.
4 (محمد بن علي بن يحيى بن علي ابن الطراح:)
أبو جعفر البغدادي، المدير. من أولاد المحدثين. وكان شروطياً مديراً على أبواب الحكام. سمع من: أبي الفضل الأرموي، وأبي عبد الله الرطبي، وأبي الوقت قال ابن النجار: كتبت عنه ولا بأس به، توفي في سادس رمضان.
4 (محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي:)

(43/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 212
العلامة فخر الدين، أبو عبد الله القرشي، البكري، التيمي، الطبرستاني الأصل، الرازي، ابن خطيب الري، الشافعي، المفسر، المتكلم، صاحب التصانيف.

(43/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 213
ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة. اشتغل على والده الإمام ضياء الدين عمر، وكان من تلامذة محيي السنة أبي محمد البغوي. قال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة في تاريخه: انتشرت في الآفاق مصنفات فخر الدين وتلامذته. وكان إذا ركب، مشى حوله نحو ثلاثمائة تلميذ فقهاء، وغيرهم، وكان خوارزم شاه يأتي إليه، وكان شديد الحرص جداً في العلوم الشرعية والحكمية، حاد الذهن، كثير البراعة، قوي النظر في صناعة الطب، عارفاً بالأدب، له شعر بالفارسي والعربي، وكان عبل البدن، ربع القامة، كبير اللحية، في صوته فخامة. كانوا يقصدونه من البلاد على اختلاف مطالبهم في العلوم وتفننهم، فكان كل منهم يجد عنده النهاية القصوى فيما يرومه منه. قرأ الحكمة على المجد الجيلي بمراغة، وكان المجد من كبار الفضلاء وله تصانيف.) قلت: يعني بالحكمة: الفلسفة. قال القاضي شمس الدين ابن خلكان فيه: فريد عصره ونسيج وحده. وشهرته تغني عن استقصاء فضائله، ولقبه فخر الدين. وتصانيفه في علم الكلام والمعقولات سائرة في الآفاق، وله تفسير كبير لم يتممه. ومن تصانيفه في علم الكلام: المطالب العالية، وكتاب نهاية العقول، وكتاب الأربعين، وكتاب المحصل، وكتاب البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان، وكتاب المباحث العمادية في المطالب المعادية، وكتاب المحصول في أصول الفقه، وكتاب عيون المسائل، وكتاب تأسيس التقديس في تأويل الصفات، وكتاب إرشاد

(43/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 214
النظار إلى لطائف الأسرار، وكتاب أجوبة المسائل البخارية، وكتاب تحصيل الحق، وكتاب الزبدة، وكتاب المعالم في أصول الدين، وكتاب الملخص في الفلسفة، وكتاب شرح الإشارات، وكتاب عيون الحكمة، وكتاب السر المكتوم في مخاطبة النجوم، وشرح أسماء الله الحسنى. ويقال: إنه شرح المفضل للزمخشري، وشرح المجيز للغزالي، وشرح سقط الزند لأبي العلاء. وله مختصر في الإعجاز ومؤخذات جيدة على النجاة، وله طريقة في الخلاف. وصنف في الطب شرح الكليات للقانون وصنف في علم الفراسة. وله مصنف في مناقب الشافعي. وكل تصانيفه ممتعة، ورزق فيها سعادة عظيمة، وانتشرت في الآفاق، وأقبل الناس على الاشتغال فيها، ورفضوا كتب المتقدمين. وله في الوعظ باللسانين مرتبة عالية، وكان يلحقه الوجد حال وعظه، ويحضر مجلسه أرباب المقلات والمذاهب ويسألونه. ورجع بسببه خلق كثير من الكرامية وغيرهم إلى مذهب أهل السنة، وكان يلقب بهراة: شيخ الإسلام. اشتغل على والده إلى أن مات، ثم قصد الكمال السمناني، واشتغل عليه مدة، ثم عاد إلى الري، واشتغل على المجد الجيلي صاحب محمد بن يحيى الفقيه النيسابوري، وتوجه معه إلى لما طلب إليها. ويقال: إنه كان يحفظ كتاب الشامل في علم الكلام إمام الحرمين، ثم قصد خوارزم وقد تمهر في العلوم، فجرى بينه وبين أهلها كلام فيما يرجع إلى المذهب والعقيدة، فأخرج من البلد، فقصد ما وراء النهر، فجرى له أيضاً ما جرى بخوارزم، فعاد إلى الري، وكان بها طبيب) حاذق، له ثروة ونعمة،

(43/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 215
وله بنتان، ولفخر الدين ابنان، فمرض الطبيب، فزوج بنتيه بابني الفخر، ومات الطبيب فاستولى الفخر على جميع أمواله، ومن ثم كانت له النعمة. ولما وصل إلى السلطان شهاب الدين الغوري، بالغ في إكرامه والإنعام عليه، وحصلت له منه أموال عظيمة، وعاد إلى خراسان واتصل خوارزم شاه محمد بن تكش، وحظي عنده، ونال أسمى المراتب. وهو أول من اخترع هذا الترتيب في كتبه، وأتى فيها بما لم يسبق إليه. وكان يكثر البكاء حال الوعظ. وكان لما أثرى، لازم الأسفار والتجارة، وعامل شهاب الدين الغوري في جملة من المال، ومضى إليه لاستيفاء حقه، فبالغ في إكرامه، ونال منه مالاً طائلاً. إلى أن قال ابن خلكان: ومناقبه أكثر من أن تعد وفضائله لا تحصى ولا تحد. واشتغل بعلوم الأصول على والده، وأبوه اشتغل على أبي القاسم الأنصاري صاحب إمام الحرمين، واسمه سليمان ابن ناصر. وقال أبو المظفر سبط ابن الجوزي، وأبو شامة: اعتنى الفخر الرازي بكتب ابن سيناء وشرحها. وكان يعظ وينال من الكرامية، وينالون منه سباً وتكفيراً. منها: أنه قال: قال محمد التازي وقال محمد الرازي، يعني من النبي صلى الله عليه وسلم ونفسه، والتازي: هو العربي.

(43/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 216
ومنها أنه كان يقرر مسائل الخصوم وشبههم بأتم عبارة، فإذا جاء بالأجوبة، قنع بالإشارة. ولعله قصد الإيجار، ولكن أين الحقيقة من المجاز. وقد خالف الفلاسفة الذين أخذ عنهم هذا الفن فقال في كتاب المعالم: أطبقت الفلاسفة على أن النفس جوهر وليست بجسم، قال: وهذا عندي باطل لأن الجوهر يمتنع أن يكون له قرب أو بعد من الأجسام. قال الإمام أبو شامة: وقد رأيت جماعة من أصحابه قدموا علينا دمشق، وكلهم كان يعظمه تعظيماً كبيراً، ولا ينبغي أن يسمع فيمن ثبتت فضيلته كلام يستبشع، لعله من صاحب غرض من حسد، أو مخالفة في مذهب أو عقيدة. قال: وبلغني أنه خلف من الذهب ثمانين ألف دينار سوى الدواب والعقار، وغير ذلك. وخلف ولدين كان الأكبر منهما قد تجند في حياة أبيه، وخدم السلطان خوارزم شاه. قلت: ومن تلامذته مصنف الحاصل تاج الدين محمد بن الحسين الأرموي، وقد توفي قبل) وقعة بغداد، وشمس الدين عبد الحميد بن عيسى الخسروشاهي، والقاضي شمس الدين الخوتي، ومحيي الدين قاضي مرند. وتفسيره الكبير في اثنتي عشرة مجلدة كبار سماه فتوح الغيب أو مفاتيح الغيب. وفسر الفاتحة في مجلد مستقل. وشرح نصف الوجيز

(43/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 217
للغزالي. وله كتاب المطالب العالية في ثلاث مجلدات، ولم يتمه، وهو من آخر تصانيفه، وله كتاب عيون الحكمة فلسفة، وكتاب في الرمل، وكتاب في الهندسة، وكتاب الاختبارات السماوية تنجيم، وكتاب الملل والنحل، وكتاب في النبض، وكتاب الطب الكبير، وكتاب التشريح لم يتمه، ومصنفات كثيرة ذكرها الموفق ابن أبي أصيبعة، وقال: كان خطيب الري، وكان أكثر مقامه بها، وتوجه إلى خوارزم ومرض بها، وامتد مرضه أشهراً، ومات بهراة بدار السلطنة. وكان علاء الملك العلوي وزير خوارزم شاه قد تزوج بابنته. وكان لفخر الدين أموال عظيمة ومماليك ترك وحشم وتجمل زائد، وعلى مجلسه هيبة شديدة. ومن شعره:
(نهاية إقدام العقول عقال .......... وأكثر سعي العالمين ضلال)

(وأرواحنا في وحشة من جسومنا .......... وحاصل دنيانا أذى ووبال)

(ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا .......... سرى ان جمعنا فيه قيل وقالوا)

(وكم قد راينا من رجال ودولة .......... فبادوا جميعاً مسرعين وزالوا)

(وكم من جبال قد علت شرفاتها .......... رجال فزالوا والجبال جبال)
حكى الأديب شرف الدين محمد بن عنين أنه حضر درس فخر الدين في مدرسته بخوارزم، ودرسه حافل بالأفاضل، واليوم شات، وقد وقع ثلج كثير، وبرد خوارزم شديد، فسقطت بالقرب منه حمامة، وقد طردها بعض الجوارح، فلما وقعت، رجع عنها الجارح، وخاف، فلم تقدر الحمامة على الطيران من الخوف ومن البرد، فلما قام فخر الدين من الدرس، وقف عليها ورق لها وأخذها. فقلت في الحال:

(43/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 218
(يا ابن الكرام المطعمين إذا شتوا .......... في كل مسغبة وثلج خاشف)

(العاصمين إذا النفوس تطايرت .......... بين الصوارم والوشيح الراعف)

(من نبأ الورقاء أن محلكم .......... حرم وأنك ملجأ للخائف)
)
(وفدت عليك وقد تدانى حتفها .......... فحبوتها ببقائها المستأنف)

(ولو أنها تحبى بمال لانثنت .......... من راحتيك بنائل متضاعف)

(جاءت سليمان الزمان بشكوها .......... والموت يلمع من جناحي خاطف)

(قرم لواة القوت حتى ظله .......... بإزائه يجري بقلب واجف)
وله فيه:
(ماتت به بدع تمادى عمرها .......... دهراً وكاد ظلامها لا ينجلي)

(فعلا به الإسلام أرفع هضبة .......... ورسا سواه في الحضيض الأسفل)

(غلط امرؤ بأبي علي قاسه .......... هيهات قصر عن هداه أبو علي)

(لو أن رسطاليس يسمع لفظة .......... من لفظه لعرته هزة أفكل)

(ولحار بطليموس له لاقاه من .......... برهانه في كل شكل مشكل)

(ولو أنهم جمعوا لديه تيقنوا .......... أن الفضيلة لم تكن للأول)
ومن كلام فخر الدين قال: رأيت الأصلح والأصوب طريقة القرآن، وهو ترك الرب، ثم ترك التعمق، ثم المبالغة في التعظيم من غير خوض في التفاصيل، فأقرا في التنزيه قوله: والله الغني وأنتم الفقراء، وقوله: ليس كمثله شيء، و قل هو الله أحد، وأقرأ في الإثبات: الرحمن على العرش

(43/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 219
استوى، و يخافون ربهم من فوقهم، و إليه يصعد الكلم الطيب، وأقرا في أن الكل من الله قوله: قل كل من عند الله، وفي تنزيهه عن ما لا ينبغي: ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وعلى هذا القانون فقس. وأقول من صميم القلب من داخل الروح: إني مقر بأن كل ما هو الأكمل الأفضل الأعظم الأجل، فهو لك، وكل ما فيه عيب ونقص، فأنت منزه عنه. وأقول: إن عقلي وفهمي قاصر عن الوصول إلى كنه صفة ذرة من مخلوقاتك. قال الإمام أبو الفخر الرازي وعظ مرة عند السلطان شهاب الدين فقال: يا سمع الفخر الرازي يقول: ليتني لم أشتغل بالكلام، وبكى. وقيل: إن الفخر الرازي وعظ مرة عند السلطان شهاب الدين فقال: يا سلطان العالم لا سلطانك يبقى، ولا تلبيس الرازي يبقى وأن مردنا إلى الله فأبكى السلطان.) وقد ذكرنا في سنة خمس وتسعين الفتنة التي جرت له مع مجد الدين عبد المجيد ابن القدوة بهراة. من كلام فخر الدين: إن كنت ترحم فقيراً، فأنا ذاك، وإن كنت ترى معيوباً، فأنا ذاك المعيوب، وإن كنت تخلص غريقاً، فأنا الغريق في بحر الذنوب. وإن كنت أنت أنت، فأنا أنا ليس غير النقص والحرمان والذل والهوان.

(43/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 220
4 (وصيته:)
أوصى بهذه الوصية لما احتضر لتلميذه إبراهيم بن أبي بكر الإصباهاني: يقول العبد الراجي رحمة الله ربه، الواثق بكرم مولاه، محمد بن عمر بن الحسين الرازي، وهو أول عهده بالآخرة، وآخر عهده بالدنيا، وهو الوقت الذي يلين فيه كل قاس، ويتوجه إلى مولاه كل آبق: أحمد الله تعالى بالمحامد التي ذكرها أعظم ملائكته في أشرف أوقات معارجهم، ونطق بها أعظم أنبيائه في أكمل أوقات شهاداتهم، وأحمده بالمحامد التي يستحقها، عرفتها أو لم أعرفها لأنه لا مناسبة للتراب مع رب الأرباب. وصلاته على الملائكة المقربين، والأنبياء والمرسلين، وجميع عباد الله الصالحين. ثم اعلموا إخواني في الدين واخلائي في طلب اليقين، أن الناس يقولون: إن الإنسان إذا مات انقطع عمله، وتعلقه عن الخلق، وهذا مخصص من وجهين: الأول: أنه بقى منه عمل صالح صار ذلك سبباً للدعاء، والدعاء له عند الله أثر، الثاني: ما يتعلق بالأولاد، وأداء الجنايات. أما الأول: فاعلموا أنني كنت رجلاً محباً للعلم، فكنت أكتب في كل شيء شيئاً لأقف على كميته وكيفيته، سواء كان حقاً أو باطلاً،

(43/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 221
إلا أن الذي نظرته في الكتب المعتبرة أن العالم المخصوص تحت تدبير مدبر منزه عن مماثلة المتحيزات، موصوف بكمال القدرة والعلم والرحمة. ولقد اختبرت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن لأنه يسعى في تسليم العظمة والجلالة لله، ويمنع عن التعمق في إيراد المعارضات والمناقضات، وما ذاك إلا للعلم بأن العقول البشرية تتلاشى في تلك المضايق العميقة، والناهج الخفية، فلهذا أقول: كل ما ثبت بالدلائل الظاهرة، من وجوب وجوده، ووحدته، وبراءته عن الشركاء في القدم، والأزلية، والتدبير، والفعالية، فذلك هو الذي أقول به، وألقى الله به. وأما ما انتهى الأمر فيه إلى الدقة والغموض، وكل ما ورد في القرآن) والصحاح، المتعين للمعنى الواحد، فهو كما هو، والذي لم يكن كذلك أقول: يا إله العالمين، إني أرى الخلق مطبقين على أنك أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين، فلك ما مد به قلمي، أو خطر ببالي فأستشهد وأقول: إن علمت مني أني أردت به تحقيق باطل، أو إبطال حق، فافعل بي ما أنا أهله، وإن علمت مني أني ما سعيت إلا في تقرير اعتقدت أنه الحق، وتصورت أنه الصدق، فلتكن رحمتك مع قصدي لا مع حاصلي، فذاك جهد المقل، وأنت أكرم من أن تضايق الضعيف الواقع في زلة، فأغثني، وارحمني، واستر زلتي، وامح حوبتي، يا من لا يزيد ملكه عرفان العارفين، ولا ينقص ملكه بخطأ المجرمين.

(43/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 222
وأقول: ديني متابعة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وكتابي القرآن العظيم وتعويلي في طلب الدين عليهما، اللهم يا سامع الأصوات، ويا مجيب الدعوات، ويا مقيل العثرات، أنا كنت حسن الظن بك، عظيمالرجاء في رحمتك، وأنت قلت: أنا عند ظن عبدي بي، وأنت قلت: أمن يجيب المضطر إذا دعاه، فهب أني ما جئت بشيء، فأنت الغني الكريم، وأنا المحتاج اللئيم، فلا تخيب رجائي، ولا ترد دعائي، واجعلني آمناً من عذابك قبل الموت، وبعد الموت، وعند الموت، وسهل علي سكرات الموت فإنك أرحم الراحمين. وأما الكتب التي صنفتها، واستكثرت فيها من إيراد السؤآلات، فليذكرني من نظر فيها بصالح دعائه، على سبيل التفضل والإنعام، وإلا فليحذف القول السيئ فإني ما أردت إلا تكثير البحث، وشحذ الخاطر، والاعتماد في الكل على الله. الثاني وهو إصلاح أمر الأطفال، والاعتماد فيه على الله. ثم إنه سرد وصيته في ذلك، إلى أن قال: وأمرت تلامذتي، ومن لي عليه حق إذا أنا مت، يبالغون في إخفاء موتي، ويدفنوني على شرط الشرع، فإذا دفنوني قرأوا علي ما قدروا عليه من القرآن، ثم يقولون: يا كريم، جاءك الفقير المحتاج، فأحسن إليه. سمعت وصيته كلها من الكمال عمر بن إلياس بن يونس المراغي، أخبرنا التقي يوسف بن أبي بكر النسائي بمصر، أخبرنا الكمال محمود بن عمر الرازي، قال: سمعت الإمام فخر الدين يوصي تلميذه إبراهيم بن أبي بكر، فذكرها.

(43/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 223
قلت: توفي يوم عيد الفطر بهراة.

(43/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 224
4 (محمد بن قسوم بن عبد الله بن قسوم:)
) أبو عبد الله الفهمي، الإشبيلي، الزاهد. قال الأبار: صحب أبا عبد الله ابن المجاهد واختص به، وكان مؤذن مسجده، وخلفه بعد وفاته، وسمع منه الموطأ وحدث به عنه، و بمسند أبي بكر بن أبي شيبة، و رسالة ابن أبي زيد. وكان فقيهاً ورعاً منقبضاً عن الناس، نحوياً ماهراً. حدث عنه عبد الله بن محمد الطلبي. وتوفي في ربيع الآخر وله خمس وثمانون سنة. وحدث عنه أيضاً صاحبنا أبو بكر ابن سيد الناس.
4 (محمد بن وهب بن سلمان بن أحمد ابن الزنف:)
أبو المعالي ابن الفقيه أبي القاسم السلمي، الدمشقي. ولد سنة ثلاث وثلاثين. وسمع من: الفقيه نصر الله بن محمد المصيصي، وأبي الدر ياقوت الرومي، وابن البن الأسدي. وحدث بدمشق وبغداد لما حج منها، وأجاز له أبو الأسعد هبة الرحمن ابن القشيري.

(43/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 225
روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وابن خليل، والضياء، وابن أخيه الفخر علي، والزكي عبد العظيم، والشهاب القوصي، وآخرون. لقبه تاج الدين. توفي في العشرين من شعبان.
4 (المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني:)

(43/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 226
العلامة مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير الجزري، ثم الموصلي، الكاتب البليغ. مصنف جامع الأصول، ومصنف غريب الحديث، وغير ذلك. ولد بجزيرة ابن عمر في سنة أربع وأربعين وخمسمائة في أحد الربيعين، وبها نشأ، وانتقل إلى الموصل فسمع بها من يحيى بن سعدون القرطبي وخطيب الموصل، واتصل بخدمة الأمير الكبير مجاهد الدين قايماز الخادم إلى أن أهلك، فاتصل بخدمة صاحب الموصل عز الدين مسعود، وولي ديوان الإنشاء، وتوفرت حرمته. وكان بارعاً في الترسل له فيه مصنف. وعرض له مرض مزمن أبطل يديه ورجليه، وعجز عن الكتابة، وأقام بداره. وأنشأ رباطاً بقرية من قرى الموصل، ووقف أملاكه عليه. وله شعر يسير. توفي في آخر يوم من السنة ودفن برباطه. ذكره أبو شامة في تاريخه، فقال: قرأ الحديث والأدب والعلم. وكان رئيساً مشاوراً، صنف جامع الأصول و النهاية في الغريب، وصنف شرح مسند الشافعي. وكان به نقرس، فكان يحمل في محفة. قرأ النحو على أبي محمد سعيد ابن الدهان، وأبي الحرم مكي الضرير. وسمع من: ابن سعدون، والطوسي. وسمع ببغداد لما حج من ابن كليب، وحدث وانتفع به) الناس. وكان ورعاً عاقلاً بهياً، ذا بر وإحسان. وأخواه:

(43/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 227
ضياء الدين مصنف المثل السائر، والآخر عز الدين علي صاحب التاريخ. وقال ابن خلكان: له كتاب الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف تفسيري الثعلبي والزمخشري، وله كتاب المصطفى المختار في الأدعية والأذكار، وكتاب لطيف في صنعة الكتابة، وكتاب البديع في شرح الفصول في النحو لابن الدهان، وله ديوان رسائل رحمه الله. قلت: روى عنه ولده، والشهاب القوصي، وغير واحد. وعاش ثلاثاً وستين سنة، سن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسن خير هذه الأمة بعد نبيها بشهادة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لهما وهما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. آخر من روى عنه بالإجازة فخر الدين ابن البخاري. قال ابن الشعار: كان كاتب الإنشاء لدولة صاحب الموصل نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود. وكان حاسباً كاتباً ذكياً. إلى أن قال: ومن

(43/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 228
تصانيفه كتاب الفروق في الأبنية، وكتاب الأذواء والذوات، وكتاب الأدعية و المختار في مناقب الأخيار و شرح غريب الطوال. وكان من أشد الناس بخلاً.
4 (محمود بن أحمد بن عبد الرحمن:)
أبو عبد الله المصري، الثقفي، الإصبهاني. إمام جامع إصبهان. ولد سنة سبع عشرة وخمسمائة. وسمع من: محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني، والحسين بن عبد الملك الخلال، وزاهر، وسعيد بن أبي الرجاء الصيرفي. روى عنه: ابن خليل، والضياء، وابن نقطة، وجماعة. وأجاز للشيخ شمس الدين، وللفخر علي، وللكمال عبد الرحيم، ولابن شيبان، وغيرهم. وتوفي في جمادى الآخرة. قال ابن نقطة: كان صحيح السماع، ثقيل السمع.

(43/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 229
4 (محمود ابن المحتسب عبد الباقي بن أحمد بن إبراهيم ابن النرسي:)
أبو علي البغدادي، الأزجي. ولد سنة ثلاث وثلاثين. وسمع من: أبيه أبي البركات. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وقال: توفي في جمادى الأولى، والضياء المقدسي.
4 (محمود بن علي بن شعيب:)
أبو الشكر البغدادي ابن الدهان، أخو محمد الفرضي. سمع: ابن ناصر، والمبارك بن أحمد) الكندي. وعنه: الدبيثي، وغيره. توفي في ذي الحجة. وروى عنه ابن النجار وقال: كان يكتب الحمير ويزوقها.
4 (محمود بن عبيد الله بن صاعد:)
العلامة أبو المحامد الحارثي، المروزي، الفقيه الحنفي. من كبار الحنفية وأئمتهم.

(43/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 230
ولد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: نصر بن سيار، وأبي سعد ابن السمعاني، ومسعود بن محمد المسعودي. ويقال له الطايكاني، نسبة إلى طايكان، ويقال طايقان، بليدة بنواحي بلخ. حج، وحدث بمكة، والمدينة، وبغداد. وكان ذا جاه وحشمة. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وابن النجار. توفي بمرو في تاسع عشر ربيع الأول.
4 (مسعود بن محمود بن مسعود بن حسان:)
أبو سعيد المنيعي، النيسابوري. سمع: أبا الفتح محمد بن عبد الرحمن الكشميهني، وعمر بن أحمد الصفار الفقيه. وكان شيخاً معمراً فإنه ولد سنة أربع عشرة وخمسمائة، وتوفي في رمضان بنيسابور.
4 (مسعود، الملك المؤيد ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب:)
كان أخوه السلطان الملك الظاهر قد بعثه من حلب إلى الملك العادل،

(43/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 231
وهو يحاصر سنجار، يشفع إليه في أهل سنجار وصاحبها يومئذ قطب الدين محمد بن زنكي بن مودود بن زنكي فلم يشفعه، ومات المؤيد برأس عين في نصف شعبان وذلك أنه نام في بيت مع ثلاثة أنفس، وفيه منقل نار، ولا منفذ في البيت، فانعكس البخار، فأخذ على أنفاسهم وهم نيام، فماتوا جميعاً. قاله أبو شامة. وقال ابن واصل: دخل بيتاً مجصصاً، وكان يوماً شديد البرد، فأشعل له نار وسددوا الطاقات، فاختنق المؤيد وجماعة، وسلم اثنان وجد فيهما حياة ضعيفة. وتحدث الناس بأنه سقي سماً، وحمل في تابوت إلى حلب، وحزن عليه أخوه، وغلقت حلب سبعة أيام.
4 (معتوق بن منيع الخطيب:)
أبو المواهب الأديب، خطيب قيلويه. قرأ الآداب على أبي محمد ابن الخشاب، والكمال الأنباري. وله شعر وخطب. توفي في شعبان بقريته، وحمل إلى بغداد.
4 (المؤيد بن عبد الله بن عبد الرزاق بن أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن:)
) أبو عبد الله القشيري، النيسابوري.

(43/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 232
حدث عن: عبد الجبار بن محمد الخواري، ووجيه الشحامي، وعبد الله بن الفراوي، وغيرهم. قال المنذري: توفي في سابع عشر رمضان ظناً. قلت: ولد في حدود الثلاثين وخمسمائة. روى عنه: أبو رشيد الغزال، وغيره.
4 (المؤيد بن عبد الرحيم بن أحمد بن محمد ابن الإخوة:)
أبو مسلم البغدادي، ثم الإصبهاني، المعدل. واسمه الأصلي: هشام. ولد سنة سبع وعشرين وخمسمائة. وعني به أبوه المحدث أبو الفضل، وسمعه حضوراً من: محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني، وزاهر بن طاهر، وسعيد بن أبي الرجاء، والحسين بن عبد الملك الخلال، ومحمد بن إبراهيم بن سعدويه، وغانم بن خالد، وخلق، وسمع من بعضهم. وسمع بهمذان من: أبي بكر هبة الله بن الفرج، ونصر بن المظفر البرنكي. وببغداد من: أبي الفضل الأرموي، وأبي القاسم الحاسب، وهذه الطبقة.

(43/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 233
ومن مسموعاته: مسند الروياني، و مسند أبي يعلى، و مسند العدني سمعه من سعيد الصيرفي. وكان صحيح السماع ثقة. حدث ببغداد، وإصبهان. روى عنه ابن نقطة، وابن خليل، والضياء، والتقي أحمد بن العز، وجماعة. وروى عنه بالإجازة الشيخ شمس الدين عبد الرحمن، والبرهان ابن الدرجي، والفخر علي، والكمال عبد الرحيم، وآخرون. عاش ثلاثاً وسبعين سنة، وتوفي في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة.
4 (حرف الياء:)

4 (يحيى بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن مرزوق:)
المقرئ أبو زكريا الجذامي، الإشبيلي، المعروف بابن مورين. أخذ القراءآت عن أبي الحسن شريح، وأبي العباس بن عيشون، وشعيب بن عيسى، وأبي العباس بن حرب، وجماعة. وأخذ العربية عن أبي الحسن بن مسلم. وتصدر ببلده للإقراء، وتفرد عن أقرانه. ذكره الأبار، فقال: كان متقناً مجوداً، أسره العدو، وله في تخليصه قصة غريبة.

(43/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 234
أخذ عنه أبو العباس ابن النباتي، وأبو بكر ابن سيد الناس. وعمر وأسن ومتع بحواسه، وجاز التسعين. مولده سنة خمس عشرة وخمسمائة، وتوفي في ذي القعدة سنة ست.
4 (يحيى بن الحسين بن أحمد:)
أبو زكريا الأواني، الضرير، المقرئ، المعروف بابن حميلة. ولد في حدود سنة خمس عشرة) وخمسمائة أو قبلها. وقرأ القرآن بالروايات الكثيرة على أبي الكرم الشهرزوري، ودعوان بن علي، وجماعة. وقرأ بواسط على محفوظ بن عبد الباقي، وكان يقول: إنه قرأ على أبي محمد سبط الخياط. وسمع بواسط من القاضي أبي عبد الله الجلابي. وسمع ببغداد من أبي الفضل الأرموي، وجماعة. وسماعه في واسط سنة إحدى وأربعين. ذكره ابن نقطة، فقال: سمع من الأرموي، وابن الداية، وأبا محمد

(43/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 235
عبد الله ابن بنت الشيخ، وهو مكثر السماع. ثم قال: وقرأ القرآن على عمر بن ظفر، ودعوان، والشهرزوري، وعلي ابن محمويه الأزدي، وهبة الله بن وفاء ابن النيار الواسطي، وأبي العلاء الهمذاني. وكان قد قرأ على شيخه أبي محمد عبد الله بن علي عدة ختمات بكتب كثيرة كتبها له في جزء فسقط منه، وكان قد أراه لجماعة منهم: شيخه أبو الكرم، وعمه المغازلي، فكتبا له بما رأياه. قال الدبيثي: كان فيه تساهل في الإقراء والرواية. قلت: روى عنه: اليلداني، والدبيثي، والضياء، وابن خليل، والنجيب بن الصقيل، ومحمد بن أبي الدينة، وعبد الرحمن بن عمر بن اللمش شيخا الفرضي. قال الدبيثي: وجد في مسجد ميتاً في الثالث والعشرين من صفر. قلت: وأجاز للشيخ شمس الدين، وللفخر علي، ولجماعة.
4 (يحيى بن الربيع بن سليمان بن حراز:)

(43/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 236
العلامة مجد الدين العمري، الواسطي، الشافعي، أبو علي ابن الفقيه أبي الفضل. ولد بواسط سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. وقرأ القرآن على جده، وأبي يعلى محمد بن سعد بن تركان بالقراءآت. وعلق الخلاف عن القاضي أبي يعلى بن أبي خازم ابن الفراء بواسط لما ولي قضاءها، ثم قدم أبو علي بغداد وتفقه بالنظامية على مدرسها الإمام أبي النجيب السهروردي، وتفقه أولاً على والده، وعلى أبي جعفر هبة الله ابن البوقي. ثم رحل إلى نيسابور، فتفقه على الإمام محمد بن يحيى صاحب الغزالي، وبقي عنده سنتين ونصفاً. وسمع الكثير بواسط من أبي الكرم نصر الله بن مخلد ابن الجلخت، وأبي عبد الله محمد بن علي الجلابي، وأحمد بن عبيد الله الآمدي. وببغداد من عبد الخالق اليوسفي، وابن ناصر، وأبي الوقت. وبنيسابور من شيخه محمد، ومن عبد الله بن الفراوي، وعبد الخالق بن زاهر. وروى الكثير ببغداد، وبهراة، وغزنة لما مضى إليها رسولاً من الديوان العزيز في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة فلما عاد ولي تدريس النظامية، ورزق الجاه والحشمة. قال الدبيثي: كان) ثقة، صحيح السماع، عالماً بمذهب الشافعي،

(43/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 237
وبالخلاف، والحديث، والتفسير، كثير الفنون. قرأ بالعشرة على ابن تركان، وكان أبوه من الصالحين. ويقال: إنهم من ولد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقال أبو شامة: كان مجد الدين عالماً، عارفاً بالتفسير والمذهب والأصولين والخلاف، ديناً صدوقاً. وقال الموفق عبد اللطيف: كان معيد ابن فضلان، وكان أبرع من ابن فضلان، وأقوم بالمذهب، وعلم القرآن، وكان بينهما صحبة جميلة دائمة لم أر مثلها بين اثنين قط فكنا نسمع الدرس من الشيخ، فلا نفهمه لكثرة فراقعه، ثم نقوم إلى ابن الربيع، فكما نسمعه منه نفهمه. وكانت الفتيا تأتي الشيخ، فلا يضع خطه حتى يشاور ابن الربيع. ثم إن ابن الربيع أخذ في تدريس النظامية، وسير في رسالة إلى خراسان، فمات في الطريق. قلت: روى عنه الدبيثي، والضياء، وابن الخليل، وآخرون. وله إجازة من زاهر الشحامي. وتوفي أواخر ذي القعدة. وأجاز للشيخ شمس الدين عبد الرحمن، والفخر علي.
4 (يحيى بن أبي بكر المبارك بن محمد بن يحيى:)
أبو زكريا ابن الزبيدي، المؤدب. أخو الحسن والحسين اللذين رويا الصحيح. ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وسمع من: عبد الوهاب الأنماطي، وعبد الملك بن أبي القاسم الكروخي.

(43/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 238
روى عنه: الدبيثي، والضياء، وابن خليل، وجماعة. توفي في صفر.
4 (يحيى بن محاسن بن يحيى بن رفاعة:)
أبو زكريا الطائي، المعروف بابن زنفل الحنفي، الفقيه. روى عن: أبي الفتح عبد الله ابن البيضاوي، وأبي الحسن بن صرما، وعبد الوهاب الأنماطي، ورستم بن سرهنك. ولد سنة أربع وعشرين وخمسمائة، وتوفي في ثالث عشر رمضان. روى عنه: الدبيثي، والضياء.
4 (يوسف بن إبراهيم بن وهبون:)
أبو الحجاج الكلاعي، الإشبيلي. من عدول بلده، وكان مقدماً في علم الشروط. سمع جزءاً من القاضي أبي بكر ابن العربي. وعاش خمساً وتسعين سنة.
4 (يوسف ابن الفقيه إسماعيل بن عبد الرحمن:)

(43/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 239
أبو يعقوب اللمغاني الحنفي. شيخ بغدادي فقيه، وقد ذكر أخوه عبد السلام. تفقه على أبيه وعميه محمد، ونصر الله. وسمع من الحسين بن الحسن المقدسي. ومات في جمادى الأولى.
4 (يوسف بن يعقوب بن يوسف بن عمر بن الحسين:)
) أبو يعقوب الحربي. من بيت علم ورواية وقرآن. حدث عن: أبي محمد ابن المادح، وهبة الله الشبلي. وكان ذا صلاح وديانة. توفي في شوال.
4 (وفيها ولد:)
الشمس محمد بن هاشم العباسي. والش. وله إجازة من زاهر الشحامي. وتوفي أواخر ذي القعدة. وأجاز للشيخ شمس الدين عبد الرحمن، والفخر علي.
4 (يحيى بن أبي بكر المبارك بن محمد بن يحيى:)
أبو زكريا ابن الزبيدي، المؤدب. أخو الحسن والحسين اللذين رويا الصحيح. ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وسمع من: عبد الوهاب الأنماطي، وعبد الملك بن أبي القاسم الكروخي. روى عنه: الدبيثي، والضياء، وابن خليل، وجماعة. توفي في صفر.
4 (يحيى بن محاسن بن يحيى بن رفاعة:)
أبو زكريا الطائي، المعروف بابن زنفل الحنفي، الفقيه. روى عن: أبي الفتح عبد الله ابن البيضاوي، وأبي الحسن بن صرما، وعبد الوهاب الأنماطي، ورستم بن سرهنك. ولد سنة أربع وعشرين وخمسمائة، وتوفي في ثالث عشر رمضان. روى عنه: الدبيثي، والضياء.
4 (يوسف بن إبراهيم بن وهبون:)
أبو الحجاج الكلاعي، الإشبيلي. من عدول بلده، وكان مقدماً في علم الشروط. سمع جزءاً من القاضي أبي بكر ابن العربي. وعاش خمساً وتسعين سنة. مس عبد الرحمن ابن الزين. والرشيد محمد بن أبي بكر العامري. والجمال عمر بن إبراهيم العقيمي. والعماد محمد ابن القاضي شمس الدين محمد ابن الشيرازي. والشمس مظفر بن عبد الصمد ابن الصائغ. والبدر أبو بكر بن نصر الله بن رسلان البعلبكي.

(43/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 240
وفخر الدولة إبراهيم بن فراس بن علي العسقلاني. وناصر الدين شاهنشاه بن عبد الرزاق العامري الذهبي. وصفية بنت تاج الأمناء أحمد بن عساكر. والعماد يحيى بن تمام الحميري: الدمشقيون. والتاج محمد بن عبد المنعم بن حواري الصرخدي، الشاعر. والجمال يوسف بن جامع القفصي الضرير الحنبلي المقرئ، شيخ بغداد. وأبو القاسم بن عبد الغني بن فخر الدين بن تيمية الحراني. والنحوي أبو عبد الله محمد بن عبد الله التلمساني، عرف بحافي رأسه. والمحب علي بن أبي الفتح السنجاري بسنجار. وأبو المظفر يوسف ابن الفخر الفارسي ثم المصري. ومحيي الدين) عمر بن موسى قاضي غزة. والفخر إسماعيل بن إبراهيم بن قريش الفرضي، في ذي القعدة بمصر.

(43/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 241
4 (وفيات سنة سبع وستمائة:)

4 (حرف الألف:)

4 (أرسلان شاه ابن السلطان عز الدين مسعود بن مودود ابن أتابك زنكي بن أقسنفر:)
السلطان الملك العادل نور الدين أبو الحارث، صاحب الموصل وابن صاحبها. تملك الموصل ثمان عشرة سنة، وولي الموصل بعده ابنه السلطان عز الدين مسعود. قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: كان ملكاً جباراً سافكاً للدماء بخيلاً.

(43/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 242
وقال ابن خلكان: كان ملكاً شهماً، عارفاً بالأمور، وانتقل إلى مذهب الشافعي، ولم يكن في بيته شافعي سواه. وبنى المدرسة المعروفة به بالموصل للشافعية قل أن توجد مدرسة في حسنها. توفي في التاسع والعشرين من رجب. قال أبو شامة: وفيها كان إملاك صاحب الموصل نور الدين أرسلان شاه على ابنة السلطان الملك العادل بقلعة دمشق على صداق ثلاثين ألف دينار، وكان العقد مع وكيله، ثم انكشف الأمر أنه قد مات من أيام بالموصل. وقال ابن الأثير: كان مرضه قد طال، ومزاجه قد فسد، وكان مدة ملكه سبع عشرة سنة وأحد عشر شهراً. وكان شهماً شجاعاً ذا سياسة للرعايا، شديداً على أصحابه، فكانوا يخافونه خوفاً شديداً، وكانت له همة عالية، أعاد ناموس البيت الأتابكي وحرمته. سمعت من أخي أبي السعادات، وكان من أكثر الناس اختصاصاً به، يقول: ما قلت له يوماً في فعل خير فامتنع منه بل بادر إليه. وقال عز الدين ابن الأثير: وكان سريع الحركة في طلب الملك، إلا أنه لم يكن له صبر، فلهذا لم يتسع ملكه، ولما احتضر أمر أن يرتب في الملك ولده الملك القاهر مسعود، وأعطى ولده عماد الدين زنكي قلعتين، وجعل تدبير مملكتهما إلى فتاه بدر الدين لؤلؤ.
4 (أسعد بن سعيد بن محمود بن محمد بن روح:)

(43/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 243
أبو الفخر بن أبي الفتوح الإصبهاني التاجر. مسند إصبهان، ويعرف بابن روح، وهو جد جده. مولده سنة سبع عشرة وخمسمائة. سمع من فاطمة الجوزدانية المعجم الكبير بفوت من أثناء) ترجمة عمران بن حصين، وجميع المعجم الصغير، وهو آخر من حدث عنها، وسمع أيضاً من سعيد بن أبي الرجاء، وزاهر بن طاهر. قرأت بخط ابن نقطة، قال: أبو الفخر أسعد بن سعيد بن محمود بن محمد بن أحمد بن جعفر بن روح بن الفرج الإصبهاني التاجر. أخرج إلينا مولده وهو في ثاني ذي الحجة من سنة عشرة وخمسمائة. وكان شيخاً صالحاً، صحيح السماع. قلت: روى عنه: ابن نقطة، والضياء، والتقي ابن العز، والجمال أحمد بن عمر بن أبي بكر. وأجاز لإبراهيم بن إسماعيل الدرجي، وشمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، والفخر علي، والكمال عبد الرحيم، وأحمد بن شيبان، والشمس عبد الرحمن ابن الزين، والتقي إبراهيم ابن الواسطي. وتوفي في رابع ذي الحجة بإصبهان. وكان ابن الواسطي آخر من روى حديث الطبراني بالإجازة العالية فيما علمت.
4 (إسماعيل بن حمزة بن المبارك:)

(43/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 244
أبو البركات ابن الطبال الأزجي. سمع في الكهولة، وسمع ابنه وحدث عن أبي حكيم النهرواني، وابن البطي. وجاوز الثمانين. وقد سمع ابنه أحمد من ابن شاتيل.
4 (إسماعيل بن محمد بن محمد بن الحسن:)
أبو النجح الحنفي، البزاز. روى عن: أبي الفضل الأرموي، وعبد الصبور الهروي. ومات في شعبان ببغداد. أجاز لفاطمة بنت عساكر.
4 (أفضل بن أبي الحسن بن محفوظ:)
أبو محمد الحربي، الحفار. يروي عن ابن الطلاية.
4 (الملك الأوحد أيوب ابن العادل:)

(43/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 245
صاحب خلاط وميافارقين. ذكر ابن واصل وفاته في سنة سبع هذه، وقد ذكرته في سنة تسع، فيحرر أمره.
4 (حرف التاء:)
تقية بنت أبي سعيد محمد بن آموسنان: أم ليلى، أخت جعفر. توفيت في رجب بإصبهان، وكانت مسنة عالية الرواية. حدثت عن: أبي عبد الله الخلال، وغانم بن خالد. روى عنها: الضياء المقدسي، وابن نقطة. وأجازت للشيخ) شمس الدين، وللفخر علي. توفيت في رجب.
4 (حرف الجيم:)

4 (جعفر بن أبي سعيد محمد بن أبي محمد:)
المعروف جده بآموسان، أبو محمد الإصبهاني الواعظ. ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: غانم بن خالد، وفاطمة بنت محمد البغدادي، وإسماعيل الحمامي، وجماعة. وسمع ببغداد، من ابن البطي. ثم حج سنة ست وستمائة. وحدث ببغداد، وأملى بالمدينة.

(43/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 246
روى عنه: الدبيثي، والزكي عبد العظيم، الضياء محمد. وأجاز لابن أبي الخير، وللبرهان الدرجي، وللكمال عبد الرحيم، وللفخر. قال الدبيثي: كان صحيح السماع، مشهوراً بالثقة، له معرفة بالوعظ. حجة ورد، فأدركه أجله بالمدينة النبوية في خامس المحرم. وقد استملى عليه زكي الدين مجلساً. وقال ابن النجار: لقيته بمكة، فانتخبت من أصوله جزءاً قرأته عليه، وسمع ببغداد من أبي المظفر هبة الله ابن الشبلي. وكانت له معرفة بالحديث، وفيه دين وصدق، وتلطف كلام. كتب الكثير، وحصل الأًصول، وهو معروف بآموسان.
4 (جمعة بنت أبي سعد رجاء بن أبي نصر بن سليم:)
أم الفخر. تروي عن زاهر الشحامي فوائد الحاج. توفيت بإصبهان في جمادى الأولى. روى عنها الضياء محمد. وأجازت للشيخ شمس الدين، وللفخر علي. وتوفيت في ربيع الآخر.
4 (حرف الحاء:)

4 (الحسين ابن الوزير أبي القاسم علي بن صدقة:)

(43/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 247
أبو طاهر البغدادي. شيخ مسن قديم المولد، عاش ثمانياً وثمانين سنة. وحدث عن: الوزير أبي المظفر بن هبيرة، وعمر بن ظفر المغازلي. وتوفي في ربيع الأول.
4 (الحسين بن أبي بكر بن الحسين الحريمي، الخباز:)
شيخ معمر، يروي عن أبي علي الرحبي. توفي في رجب.
4 (حيان بن عبد الله بن محمد بن هشام بن حيان:)
أبو البقاء الأنصاري، الأوسي، الأندلسي، البلنسي. أخذ القراءآت عن أبي الحسن ابن النعمة. وسمع بسبتة من نجبة بن يحيى، وأبي محمد بن عبيد الله. وتأدب بأبي الحسن بن) سعد الخير. قال الأبار: كان نحوياً، لغوياً، أديباً، شاعراً، حسن الخط. وقد أقرأ الناس وقتاً، وسمعت مذاكرته. وتوفي سنة سبع.
4 (حرف الخاء:)

4 (خالد بن علي ابن الوقاياتي القصار:)

(43/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 248
أبو محمد الأزجي. روى عن: أبي بكر ابن الزاغوني.
4 (خلف بن علي الغراد الظفري:)
أبو محمد ابن الأمين. روى عن: عمر بن ظفر المغازلي، والمبارك بن كامل الخفاف. وتوفي في ذي الحجة.
4 (حرف الدال:)

4 (درة بنت صالح بن كامل بن أبي غالب الخفاف:)
أجاز لها الأموري.
4 (حرف الزاي:)

4 (زاهر بن أبي طاهر أحمد بن أبي غانم حامد حامد بن أحمد بن محمود:)
أبو المجد الثقفي، الإصبهاني. ولد في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين، واستجاز له أبوه من جماعة في هذه السنة، وسمعه حضوراً من جعفر بن عبد الواحد الثقفي.

(43/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 249
وسمع من: محمد بن علي بن أبي ذر، وسعيد بن أبي الرجاء، وزاهر بن طاهر، والحسين بن عبد الملك، وقوام السنة إسماعيل بن محمد الحافظ. وحدث بالكثير. وسمع مسند أبي الروياني من الحسين بن عبد الملك الخلال. روى عنه: ابن نقطة، والضياء، وابن خليل، والتقي ابن العز، وأحمد بن عمر بن أبي بكر، وطائفة سواهم. ذكره ابن نقطة فقال: كان شيخاً صالحاً أضر على كبر، وكان صبوراً للطلبة، مكرماً لهم. قلت: وأجاز للشيخ شمس الدين، وللكمال عبد الرحيم، ولابن شيبان، وللفخر علي، وللبرهان ابن الدرجي، وللتقي ابن الواسطي، وغيرهم. وتوفي في الثاني والعشرين من ذي القعدة. له إجازة من المعمرة فاطمة الجوزدانية.)
4 (زهير بن إبراهيم:)
أبو الأزهر الحمامي، الحربي. روى عن: ابن الطلاية، وسعيد ابن البناء. وتوفي في ذي الحجة.

(43/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 250
4 (حرف السين:)

4 (سكينة بنت محمد بن أبي بكر المقدسية:)
أم عبد العزيز. روت بالإجازة عن: ابن البطي، وأحمد بن المقرب. وكان مولدها في حدود سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وتوفيت في ربيع الأول. وكانت امرأة خيرة روى عنها الحافظ الضياء.
4 (سليمان بن أحمد بن محمد:)
أبو القاسم ابن الطيلسان الأنصاري، القرطبي. روى عن: أبي خالد المرواني، وأبي القاسم الشراط. روى عنه: ابن أخيه القاسم بن محمد الحافظ. وذكره الأبار، فقال: كان حافظاً للحديث وللأدب، صواماً قواماً كثير التلاوة جداً. وتوفي في تاسع وعشرين رمضان عن أربع وستين سنة.
4 (حرف العين:)

4 (عائشة بنت الحافظ معمر بن الفاخر:)

(43/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 251
أم حبيبة الأصبهانية. سمعت حضوراً من فاطمة الجوزدانية، وسماعاً من زاهر بن طاهر، وسعيد ابن أبي الرجاء. روى عنها: ابن نقطة، والضياء. قال ابن نقطة: سمعنا منها مسند أبي يعلى بسماعها من سعيد الصيرفي. وكان سماعها صحيحاً بإفادة أبيها. قلت: وأجازت للشيخ شمس الدين عبد الرحمن، ولابن شيبان وللكمال عبد الرحيم، وللفخر علي. وتوفيت في ربيع الآخر.
4 (عبد الجليل بن عبد الكريم بن عثمان:)
بهاء الدين الموقاني. قال ابنه محمد: توفي بالقدس في جمادى الآخرة. وروى عن أبي طاهر السلفي، والحافظ ابن عساكر، وعاش ستاً وستين سنة.
4 (عبد الرحمن بن هبة الله بن عبد الملك ابن غريب الخال:)
أبو القاسم الحريمي. روى عن إسماعيل بن السمرقندي، واستبعدوا سماعه منه، وقال) بعضهم: إن الذي سمع إنما أخوه عبيد الله. وجدهم غريب: هو خال المقتدر.
4 (عبد الرحمن بن هبة الله بن أبي نصر الحربي، المقرئ:)

(43/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 252
الضرير، المعروف بابن دقيقة. ولد سنة سبع وعشرين وخمسمائة. وسمع من: عبد الله بن أحمد بن يوسف، وأبي البدر الكرخي. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي. وتوفي في ذي الحجة. وقال ابن نقطة: سمعت منه كتاب المغازي لابن إسحاق.
4 (عبد الوهاب ابن الأمين أبي منصور علي بن علي بن عبيد الله:)
الإمام المحدث العالم، مسند العراق وشيخها ضياء الدين، أبو أحمد البغدادي، الصوفي، الشافعي، الأمين، المعروف بابن سكينة. وسكينة: هي جدته أم أبيه.

(43/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 253
ولد في شعبان سنة تسع عشرة وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبيه، وأبي القاسم بن الحصين، وأبي غالب محمد بن الحسن الماوردي، وزاهر بن طاهر الشحامي، والقاضي أبي بكر الأنصاري، والزاهد محمد بن حمويه الجويني بإفادة ابن ناصر. ثم لازم أبا سعد ابن السمعاني لما قدم وسمع معه الكثير من أبي منصور بن زريق القزاز، وأبي القاسم ابن السمرقندي، وابن توبة، وجده لأمه الشيخ أبي البركات إسماعيل بن أحمد، وهذه الطبقة. وقرأ القراءآت على أبي محمد سبط الخياط، والحافظ أبي العلاء الهمذاني، وأبي الحسن علي بن أحمد بن محمويه. وقرأ مذهب الشافعي والخلاف على أبي منصور سعيد ابن الرزاز، وغيره. وقرأ العربية على أبي محمد ابن الخشاب، ولبس خرقة التصوف من جده أبي البركات وصحبه. وأخذ معرفة الحديث عن ابن ناصر، ولزمه، وقرأ عليه الكثير، وحفظ عنه الكثير من النكت والفوائد الغريبة، والمعاني الدقيقة. وطال عمره، ورحل إليه. قال الحافظ ابن النجار: ابن سكينة شيخ العراق في الحديث والزهد وحسن السمت وموافقة السنة والسلف، عمر حتى حدث بجميع مروياته. وقصده الطلاب من البلاد. وكانت أوقاته محفوظة، فلا تمضي له ساعة إلا في تلاوة أو ذكر أو، تهجد أو تسميع. وكان إذا قرئ عليه الحديث منع أن يقام له أو لغيره. وكان كثير الحج والمجاورة والطهارة، لا يخرج من بيته إلا لحضور جمعة أو عيد أو جنازة. ولا يحضر دور أبناء الدنيا ولا الرؤساء في هناء ولا في عزاء. وكان يديم الصيام غالباً على كبر سنه، ويستعمل السنة في مدخله ومخرجه) وملبسه وأموره، ويحب الصالحين، ويعظم العلماء، ويتواضع لجميع الناس. وكان دائماً يقول: أسأل الله أن

(43/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 254
يميتنا مسلمين. وكان ظاهر الخشوع، غزير الدمعة، وكان يعتذر من البكاء، ويقول: قد كبرت سني، ورق عظمي، فلا املك عبرتي، يقول ذلك خوفاً من الرياء. وكان الله قد ألبسه رداءً جميلاً من البهاء، وحسن الخلقة، وقبول الصورة ونور الطاعة وجلالة العبادة. وكانت له في القلوب منزلة عظيمة يحبه كل أحد، وإذا رآه ينتفع برؤيته قبل كلامه، فإذا تكلم، كان البهاء والنور على ألفاظه، ولا يشبع من مجالسته. ولقد طفت شرقاً وغرباً، ورأيت الأئمة والزهاد، فما رأيت أكمل منه، ولا أكثر عبادة، ولا أحسن سمتاً صحبته قريباً من عشرين سنة ليلاً ونهاراً، وتأدبت به وخدمته، وقرأت عليه القرآن بجميع رواياته، وسمعت منه أكثر مروياته. وكان ثقة حجة نبيلاً، علماً من أعلام الدين. سمع منه الحفاظ: علي بن أحمد الزيدي، والقاضي عمر بن علي، وأبو بكر الحازمي، وخلق، وروى عنه وهو حي. وسمعت أبا محمد ابن الخضر غير مرة يقول: لم يبق ممن طلب الحديث وعني به غير عبد الوهاب بن سكينة. وسمعته يقول: كان شيخنا ابن ناصر يجلس في داره على سرير لطيف، فكل من حضر عنده يجلس تحت سريره كابن شافع والباقداري وأمثالهم، وما رأيته أجلس معه أحداً على سريره إلا ابن سكينة. قال ابن النجار: وأنبأنا القاضي يحيى بن القاسم مدرس النظامية في ذكر مشايخه: أبو أحمد ابن سكينة كان عالماً عاملاً، دائم التكرار لكتاب التنبيه في الفقه، كثير الاشتغال بالمهذب و الوسيط في الفقه، لا يضيع شيئاً من وقته. وكنا إذا دخلنا عليه يقول: لا تزيدوا على سلام عليكم مسألة، لكثرة حرصه على المباحثة وتقرير الأحكام.

(43/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 255
وقال الدبيثي: سمع بنفسه، وحصل المسموعات، وسمع أباه، وخلقاً كثيراً، سمى منهم: أبا البركات عمر بن إبراهيم العلوي، وأبا شجاع البسطامي. وحدث بمصر، والحجاز. وكان ثقة فهماً، صحيح الأصول، ذا سكينة ووقار. قلت: روى عنه: الشيخ الموفق، وأبو موسى ابن الحافظ عبد الغني، وأبو عمر ابن الصلاح، وابن خليل، والضياء، وابن النجار، والدبيثي، ومحمد بن عبد الله بن غنيمة الإسكاف، ومحمد بن عسكر الطبيب، والعماد محمد ابن شهاب الدين السهروردي، واحمد) بن هبة الله الساوجي البغدادي، وأحمد بن يحيى النجار، وبكر بن محمد القزويني، والحسن بن عبد الرحمن بن عمر الباذرائي، وسعد الله بن عبد الرحمن الطحان، وعامر بن مكي الضرير، وأبو الفتح عبد الله بن علي بن أبي الديني وأخوه عبد الرحمن، وعبد الله بن مقبل، والموفق عبد الغافر بن محمد القاشاني، وعبد الغني بن مكي المعدل، وعبد اللطيف بن سالم البعقوني، وعثمان بن أبي بكر الغراد المقرئ، وعمر بن عبد العزيز بن دلف، ومكي بن عثمان ابن الهبري، ونوح بن علي الدوري، ويونس بن جعفر الأزجي، والنجيب عبد اللطيف الحراني، وابن عبد الدائم المقدسي، وعامتهم شيوخ شيخنا الدمياطي. وروى عنه بالإجازة: الفخر علي ابن البخاري، وأحمد بن شيبان، وجماعة آخرهم موتاً المسند المعمر كمال الدين عبد الرحمن بن عبد اللطيف ابن الرقام شيخ المستنصرية، عاش بعده تسعين سنة. ورد ابن سكينة دمشق رسولاً وحدث بها في سنة خمس وثمانين وخمسمائة، فسمع منه التاج القرطبي وطبقته.

(43/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 256
قال الإمام أبو شامة: وفيها توفي ضياء الدين عبد الوهاب بن سكينة، وحضره أرباب الدولة، وكان يوماً مشهوداً. ثم قال: وكان من الأبدال. قال ابن النجار وغيره: توفي في تاسع عشر ربيع الآخر، وكان يوماً مشهوداً.
4 (علي بن أحمد بن سعيد:)
الإمام أبو الحسن ابن الدباس الواسطي، المقرئ، المعدل. قرا بواسط القراءآت الكثيرة على عبد الرحمن بن الحسين الدجاجي، وعلى المبارك بن أحمد بن زريق. وارتحل إلى همذان فقرأ القراءآت على الحافظ أبي العلاء العطار. وارتحل إلى الموصل، فقرأ على يحيى بن سعدون القرطبي. ثم ذكر أنه قرا على أبي الكرم الشهرزوري فأنكروا عليه. وقد أقرأ بجامع واسط صدراً به مع أبي بكر ابن الباقلاني، ثم استوطن بغداد، وأقرأ بها، وحدث عن أبي طالب ابن الكتاني بما لم نعرفه من روايته. قاله الدبيثي. قال: فسمع منه عبد العزيز بن هلالة ذلك، فلما تبين له ضرب على السماع منه. قال: وقال لي عبد العزيز بن عبد الملك الشيباني الدمشقي: وقفت

(43/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 257
على رقعة فيها خط مزور على خط أبي الكرم الشهرزوري بقراءة ابن الدباس عليه. وقد حدث عن علي بن نغويا، ومحمد بن محمد بن) أبي زنبقة، وأنشدنا أبياتاً. قلت: آخر من روى عنه بالإجازة الكمال الفويره شيخ المستنصرية. وقال ابن النجار: ذكر أنه قرا على أبي الكرم، وأبي الحسن بن محمويه، وعبد الوهاب الصابوني الخفاف، ويوسف بن المبارك. وقدم بغداد عند علو سنه، ورتب لإقراء الناس، فأكثروا عنه. وكان عالماً بالقراءآت وعللها، قيماً بحفظ أسانيدها وطرقها، وله معرفة جيدة بالنحو. وكان متواضعاً حسن الأخلاق، كتبت عنه. وذكر لي محمد بن سعيد الحافظ: أن أبا الحسن ابن الدباس حدث بكتاب الحجة لأبي علي الفارسي، سماعاً عن أبي طالب قط، ولا ذكر لنا أحد أنه رآه عنده، ولم يصح أنه قرأ على ابن الشهرزوري. قال ابن النجار: سألت ابن الدباس عن مولده، فقال: في سنة سبع وعشرين وخمسمائة، دخلت بغداد سنة تسع وأربعين. وتوفي في السابع والعشرين من رجب.

(43/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 258
4 (علي بن أبي الأزهر البغدادي المعروف بابن البتتي بضم الباء الموحدة:)
مقرئ فصيح، سريع القراءة إلى الغاية لا يكاد يجاري. قال ابن الدبيثي: قرأ هذا على شيخنا أبي شجاع ابن المقرون في يوم واحد من طلوع الشمس إلى غروبها ثلاث ختم، وقرأ في الرابعة إلى سورة الطور بمشهد من جماعة من القراء وغيرهم، ولم يخف شيئاً من قراءته، وذلك في رجب سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وما سمعنا أن أحداً قبله بلغ هذه الغاية. توفي في ثامن رمضان. وقال ابن النجار: أبو الحسن علي بن عبد الله بن علي بن إبراهيم بن يحيى بن طاهر بن يوسف بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان القصار ابن

(43/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 259
البتتي، أحد القراء المجودين. سألته عن مولده، فقال: ولدت سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. وأجاز لي. وسمع الحلية من يحيى بن عبد الباقي الغزال. وذكر لي أنه قرأ في يوم ثلاث ختمات والرابعة إلى الطور، إلى آخرها، بمجمع كبير من القراء، وأخذ خطوطهم بذلك، وأنه لم يخل بالتشديدات والمدات وإفهام التلاوة على أبي شجاع ابن المقرون. وذكر أنه ختم في شهر رمضان اثنتين وستين ختمة. إلى أن قال: وكان حسن الأخلاق، متودداً، محباً لأهل العلم، متشيعاً غالياً في التشيع.)
4 (عمر بن محمد بن معمر بن أحمد بن يحيى بن حسان:)
المسند الكبير، رحلة الآفاق، أبو حفص بن أبي بكر البغدادي، الدارقزي، المؤدب، المعروف بابن طبرزد. والطبرزد: هو السكر. ولد في ذي الحجة سنة ست عشرة وخمسمائة.

(43/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 260
وسمع الكثير بإفادة أخيه المحدث أبي البقاء محمد، ثم بنفسه. وحصل الأصول، وحفظها إلى وقت الحاجة إليه، وكان أكثرها بخط أخيه. سمع من: أبي القاسم بن الحصين، وأبي غالب ابن البناء، وأبي القاسم هبة الله الشروطي، وأبي الحسن علي ابن الزاغوني، وأبي المواهب أحمد بن ملوك، وهبة الله ابن الطبر الحريري، وأبي بكر الأنصاري، وأبي منصور القزاز، وأبي منصور ابن خيرون، وعبد الخالق بن عبد الصمد بن البدن، ومحمد وعمر ابني أحمد بن دحروج، وأبي البدر إبراهيم بن أحمد الكرخي، وأبي الفتح مفلح الدومي، والوزير علي بن طراد، وأبي الفتح الكروخي، وأبي سعد أحمد بن محمد الزوزني، وغيرهم. روى عنه خلق لا يمكن حصرهم، منهم: ابن النجار، والضياء، والزكي المنذري، والصدر البكري، وأخوه الشرف محمد، والكمال عمر بن أبي جرادة، وأخوه محمد، ومحمد بن الحسن ابن الحافظ ابن عساكر، والجمال محمد بن محمد بن عمرون النحوي، والشهاب القوصي وأخوه عمر، والمجد محمد بن إسماعيل ابن عساكر، والجمال عبد الرحمن بن سلمان البغدادي الحنبلي، والموفق محمد بن عمر خطيب بيت الأبار، وأحمد بن هبة الله الكهفي، والتقي إسماعيل ابن أبي اليسر، والقطب أحمد بن عبد السلام بن أبي عصرون، والفقيه أبو العباس أحمد بن نعمة بن أحمد المقدسي، والشمس إسحاق بن محمود ابن بلكويه الكاتب نزيل مصر، والمؤيد أسعد بن المظفر ابن القلانسي، والبهاء حسن بن سالم بن صصرى التغلبي، وأبو الفرج طاهر بن محمد الكحال، والجمال يحيى ابن الصيرفي، والشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر، وأبو الغنائم المسلم بن علان، والكمال عبد الرحيم بن عبد الملك، وأحمد بن شيبان، وغازي الحلاوي،

(43/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 261
وخديجة بنت ابن راجح، وصفية بنت مسعود بن شكر، وشامية بنت الصدر البكري، وزينت بنت مكي، وفاطمة بنت الملك المحسن، وفاطمة بنت العماد علي بن عساكر، وعبد الرحيم بن يوسف ابن خطيب المزة، والفخر علي بن أحمد ابن البخاري وهو آخر من سمع منه. وآخر من روى عنه) بالإجازة: الكمال عبد الرحمن المكبر شيخ المستنصرية. وقال ابن نقطة: سمع سنن أبي داود من أبي البدر الكرخي بعضها، وبعضها من مفلح الدومي بروايتهما، كما بين، عن أبي بكر الخطيب. وسمع كتاب الترمذي من أبي الفتح الكروخي. قال: هو مكثر صحيح السماع، ثقة في الحديث، توفي في تاسع رجب، ودفن بباب حرب. وقرأت بخط عمر ابن الحاجب، قال: ورد يعني ابن طبرزد دمشق وحدث بها وازدحمت عليه الطلبة. تفرد بعدة مشايخ وأجزاء وكتب. وكان مسند أهل زمانه. وقال لي ابن الدبيثي: كان سماعه صحيحاً على تخليط فيه. سافر إلى الشام، وحدث في طريقه بإربل والموصل، وحران، وحلب، ودمشق، وغيرها من القرى، وعاد إلى بغداد قبل وفاته وحدث بها. وجمعت له مشيخة عن ثلاثة وثمانين شيخاً، وحدث بها مراراً، وأملي علينا مجالس بجامع المنصور، وعاش تسعين سنة وسبعة أشهر. قلت: يشير ابن الدبيثي إلى أن أبا البقاء أخاه كان ضعيفاً وأكثر سماعه، فبقراءة أخيه أبي البقاء، فالله أعلم. وقال الإمام أبو شامة: وفيها توفي ابن طبرزد. وكان خليعاً ماجناً. سافر بعد حنبل إلى الشام، وحصل له مال بسبب الحديث، وعاد حنبل إلى

(43/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 262
بغداد، فأقام يعمل تجارة بما حصل له. قال: فسلك ابن طبرزد طريق حنبل في استعمال كاغد وعتابي، فمرض مدة ومات، ورجع ما حصل له إلى بيت المال كحنبل. سمعت شيخنا أبا العباس ابن الظاهري الحافظ يقول: كان ابن طبرزد يخل بالصلوات. قلت: ورأيت بخط ابن طبرزد كتاب طبقات الحنابلة لأبي الحسين ابن الفراء. وهو آخر من روى عن ابن الحصين، وجماعة. وقال المنذري: حدث ابن طبرزد هو وأخوه معاً في سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.

(43/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 263
4 (عيسى بن عبد العزيز بن يللبخت بن عيسى:)
العلامة أبو موسى الجزولي، اليزدكنتي البربري، المراكشي، المغربي، النحوي. حج ولزم العلامة أبا محمد عبد الله بن بري بمصر فأخذ عنه العربية واللغة. وسمع من أبي محمد بن عبيد الله صحيح البخاري. وصدر من رحلته فتصدر للإفادة بالمرية وبالجزائر عمل) ببجاية دهراً. وأخذ العربية عنه جماعة. وكان إماماً لا يشق غباره في العربية ولا يجارى، مع جودة التفهيم وحسن العبارة، وإليه انتهت الرياسة في علم النحو ولقد أتى في مقدمته بالعجائب التي لا يسبق إليها، فكلها حدود وإشارات، ولقد يكون الشخص

(43/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 264
يعرف المسألة من النحو معرفة جيدة، فإذا قرأها من الجزولية دار رأسه واشتغل فكره، واسم هذه المقدمة القانون اعتنى بها جماعة من أذكياء النحاة وشرحوها. قال القاضي شمس الدين ابن خلكان: بلغني أنه كان إذا سئل عن هذه المقدمة: أمن تصنيفك هي قال: لا. وكان رجلاً ورعاً، فيقال: إنها نتائج بحوثه على ابن بري كان يعلقها. ثم رجع إلى المغرب، واشتغل مدة بمدينة بجاية، ورأيت جماعة من أصحابه. وتوفي سنة عشر بمراكش. وقال أبو عبد الله الأبار: له مجموع في العربية على الجمل كثير الفائدة، متداول يسمى بالقانون، وقد نسب إلى غيره، أخذ عنه جلة. وتوفي بآزمور من ناحية مراكش سنة سبع وستمائة، قاله أبو عبد الله ابن الضرير. قال الأبار: وقال غيره: سنة ست. وولي خطابة مراكش، وكان إماماً في القراءآت أيضاً. ويللبخت جده رجل بربري، وهو ابن عيسى ابن يوماريلي. وجزولة: بطن من البربر، وجيمها ممزوجة بالكاف. وقرأت بخط محمد بن عبد الجليل الموقاني: إنه أعني الجزولي قرأ أصول الدين، وأنه قاسى بمدة مقامه بمصر كثيراً من الفقر ولم يدخل مدرسة، وكان يخرج إلى الضياع يؤم بقوم، فيحصل ما ينفعه على غاية الضيق. ورجع إلى المغرب فقيراً مدقعاً، فلما وصل إلى المرية أو نحوها رهن كتاب ابن السراج الذي قرأه على ابن بري وعليه خطه، فأنهى المرتهن أمره إلى الشيخ أبي العباس المريي، أحد الزهاد بالمغرب وكان يصاحب بني عبد المؤمن، فأنهى العباس المريي، أحد الزهاد بالمغرب وكان يصاحب بني عبد المؤمن، فأنهى أبو العباس ذلك إلى السلطان، فأمر بإحضاره، وقدمه وأحسن إليه، وجعله أحد من يحضر مجلسه. وصنف كتاباً في شرح أصول ابن السراج،

(43/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 265
والمقدمة المشهورة، وقصد بها التحشية على الجمل. قلت: وممن أخذ عنه أبو علي الشلوبيني، وزين الدين يحيى بن معطي. وقال القفطي: قرأ مذهب مالك وأصوله على ظافر المالكي بمصر، وبلغني: أنه كان يتورع عن نسبة المقدمة إليه لكونها نتائج بحوثه وبحوث رفقائه على عبد الله بن بري. قال: وأخبرني) صديقنا النحوي اللورقي يعني علم الدين أنه اجتاز بالجزولي، قال: فأتيته فخرج إلي في هيئة متأله، فسألته عن مسألة في التعجب من مقدمته وذلك في سنة إحدى وستمائة. قال القفطي: وقد شرح العلم هذا مقدمته وأجاد، وشرحها أبو علي الشلوبيني ولم يطل، وشرحها شاب من أهل جيان، ومتصدر بحلب، وأحسن في الإيجاز. قلت: يعني به الشيخ جمال الدين بن مالك.
4 (حرف القاف:)

4 (قثم بن طلحة بن علي بن أبي الغنائم:)
الشريف نقيب النقباء أبو القاسم ابن النقيب أبي أحمد الهاشمي، العباسي، الزينبي. كان صدراً معظماً، عالماً بالنسب والتواريخ. سمع من: أبي الفتح ابن البطي، وأحمد بن المقرب.

(43/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 266
وتوفي في سادس رجب ببغداد، وله سبع وخمسون.
4 (حرف الميم:)

4 (محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر:)
الإمام القدوة الزاهد، أبو عمر المقدسي، الجماعيلي رحمة الله عليه. قال ابن أخته الحافظ ضياء الدين: مولده في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة بجماعيل، شاهدته بخط والده. سمع الكثير بدمشق من: والده، ومن أبي المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبي تميم سليمان بن علي الرحبي، وأبي الفهم عبد الرحمن ابن أبي العجائز الأزدي، وأبي نصر عبد الرحيم بن

(43/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 267
عبد الخالق اليوسفي، وخلق يطول ذكرهم. وبمصر من: عبد الله بن بري النخوي، وإسماعيل بن قاسم الزيات، وغيرهما. قلت: روى عنه: أخوه الشيخ الموفق، وولداه الشرف عبد الله، والشمس عبد الرحمن، والضياء محمد، والزكي عبد العظيم، والشمس ابن خليل، والشهاب القوصي، والزين ابن عبد الدائم، والفخر علي. وآخرون. قال الضياء: باب في اجتهاده. كان لا يكاد يسمع دعاء إلا حفظه ودعا به، ولا يسمع ذكر صلاة إلا صلاها، ولا يسمع حديثاً إلا عمل به. وكان يصلي بالناس في نصف شعبان مائة ركعة وهو شيخ كبير، وكان أنشط الجماعة، وكان لا يترك قيام الليل من وقت شبوبيته سافرت معه إلى الغزاة فأراد بعضنا يسهر، ويحرسنا، فقال له الشيخ أبو عمر: نم. وقام هو) يصلي. وكذا حدثني عنه أحمد بن يونس المقدسي أنه قام في سفر يصلي ويحرسهم. وسمعت آسية بنت محمد، وهي التي كانت تلازمه في مرضه، تقول: إنه قلل الأكل قبل موته في مرضه حتى عاد كالعود. وقالت: مات وهو عاقد على أصابعه، يعني يسبح، وسمعتها تحدث عن زوجته أم عبد الرحمن، قالت: كان يقوم بالليل فإذا جاءه النوم عنده قضيب يضرب به رجله، فيذهب عنه النوم، وكان كثير الصيام سفراً وحضراً. وحدثني ولده عبد الله: أنه في آخر عمره سرد الصوم، فلامه أهله، فقال: إنما أصوم أغتنم أيامي، لأني إن ضعفت، عجزت عن الصوم، وإن مت، انقطع عملي. وكان لا يكاد يسمع بجنازة إلا حضرها قريبة أو بعيدة، ولا مريضاً إلا عاده، لا يكاد يسمع بجهاد إلا خرج فيه. وكان يقرأ في كل ليلة سبعاً من القرآن مرتلاً في الصلاة، ويقرأ في النهار سبعا بين الظهر والعصر، وإذا صلى الفجر وفرغ من الدعاء والتسبيح قرا آيات الحرس وياسين والواقعة وتبارك، وكان قد كتب في ذلك كراسة وهي معلقة في المحراب، ربما قرأ فيها خوفاً من النعاس، ثم يقرئ ويلقن إلى ارتفاع النهار، ثم يصلي الضحى صلاة طويلة.

(43/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 268
وسمعت ولده أبا محمد عبد الله يقول: كان يسجد سجدتين طويلتين: إحداهما في الليل والأخرى في النهار يطيل فيهما السجود، ويصلى بعد أذان الظهر قبل سنتها في كل يوم ركعتين يقرأ في الأولى أول المؤمنين، وفي الثانية آخر الفرقان من عقيب سجدته، وكان يصلي بين المغرب والعشاء أربع ركعات يقرأ فيهن السجدة وياسين وتبارك والدخان، ويصلي كل ليلة جمعة بين العشاءين صلاة التسبيح ويطيلها، ويصلي يوم الجمعة ركعتين بمائة قل هو الله أحد. وحكى ولده عن أهله: أنه كان يصلي في كل يوم وليلة اثنتين وسبعين ركعة نافلة. ثم أورد عنه أوراد كثيرة من الأذكار. قال الضياء: وكان يزور المقابر كل جمعة بعد العصر، ولا يكاد يأتي إلا ومعه شيء من الشيح في مئزره أو شيء من نبات الأرض، وكان يقرا كل ليلة بعد عشاء الآخرة آيات الحرس لا يكاد يتركها. وسمعت انه كان إذا دخل منزله قرأ آية الكرسي وعوذ بكلمات، وأشار بيده إلى ما حوله من الدور والجبل يحوطها بذلك، ولا ينام إلا على وضوء، وإن أحدث توضأ، وإذا أوى إلى فراشه قرا الحمد و آية الكرسي و الواقعة و تبارك و قل) يا أيها الكافرون، وربما قرأ ياسين، ويسبح ثلاثاً وثلاثين ويحمد ثلاثاً وثلاثين، ويكبر أربعاً وثلاثين، ويقول: اللهم أسلمت نفسي إليك... الحديث، وغير ذلك، وكان يقول بين سنة الفجر والفرض أربعين مرة: يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت. وسمعت آسية بنت محمد ابنة بنته تقول: كان سيدي لا يترك الغسل يوم الجمعة ولا يكاد يومئذ يخرج إلا ومعه شيء يتصدق به رحمه الله تعالى. سمعت خالي الإمام موفق الدين يقول: لما قدمنا من أرض بيت

(43/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 269
المقدس كنا نتردد مع أخي نسمع درس القاضي ابن عصرون في الخلاف ثم إننا انقطعنا، فلقي القاضي لأخي يوماً، فقال: لم انقطعت عن الاشتغال فقال له أخي: قالوا: إنك أشعري. فقال: ما أنا أشعري، ولكن لو اشتغلت علي سنة ما كان أحد يكون مثلك، أو قال: كنت تصير إماماً. قال الضياء: وكان رحمه الله يحفظ الخرقي ويكتبه من حفظه. وكان قد جمع الله له معرفة الفقه والفرائض والنحو، مع الزهد والعمل وقضاء حوائج الناس. وكان يحمل هم الأهل والأصحاب، ومن سافر منهم يتفقد أهاليهم، ويدعو للمسافرين، ويقوم بمصالح الناس، وكان الناس يأتون إليه في الخصومات والقضايا، فيصلح بينهم، ويتفقد الأشياء النافعة كالنهر والمصانع والسقاية، وكانت له هيبة في القلوب. وسألت عنه الإمام موفق الدين، فقال فيه: أخي وشيخنا ربانا وعلمنا وحرص علينا، وكان للجماعة كوالدهم يحرص عليهم، ويقوم بمصالحهم، ومن غاب عن أهله قام هو بهم، وهو الذي هاجر بنا، وهو الذي سفرنا إلى بغداد، وهو الذي كان يقوم في بناء الدير، وحين رجعنا من بغداد، زوجنا، وبنى لنا دورنا الخارجة عن الدير. وكان مسارعاً إلى الخروج في الغزوات قل ما يتخلف عن غزاة. سمعت ولده أبا محمد عبد الله يقول: إن الشيخ جاءته امرأة، فشكت إليه أن أخاها حبس، وأوذي، فسقط مغشياً عليه. ولما جرى للحافظ عبد الغني مع أهل البدع وفعلوا ما فعلوا، جاءه الخبر، فخر مغشياً عليه، فلم يفق إلا بعد ساعة، وذلك لرقة قلبه وشدة اهتمامه بالدين وأهله. وسمعت ولده يقول: إنه كان يؤثر بما عنده لأقاربه وغيرهم، وكان كثيراً ما يتصدق ببعض ثيابه، ويبقى معوزاً ويكون من وقته بلا سراويل. وكانت عمامته قطعة بطانة، فإذا احتاج) أحد إلى خرقة أو مات صغير قطع منها له، ويلبس الخشن، وينام على الحصير، وربما تصدق بالشيء وأهله محتاجون إليه أكثر ممن أخذه.

(43/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 270
قال الضياء: وكان ثوبه إلى نصف ساقه وكمه إلى رسغه. سمعت والدتي تقول: مكثنا زماناُ لا يأكل أهل الدير إلا من بيت أخي تطبخ عمتك ويأكل الرجال جميعاً والنساء جميعاً. قال: وكان إذا جاء شيء إلى بيته، فرقوه على الخاص والعام. وسمعت محمود بن همام الفقيه يقول: سمعت أبا عمر يقول: الناس يقولون: لا علم إلا ما دخل مع صاحبه الحمام. وأنا أقول: لا علم إلا ما دخل مع صاحبه القبر. ومن كلامه: إذا لم تتصدقوا لم يتصدق أحد عنكم، والسائل إن لم تعطوه أنتم أعطاه غيركم. وكان يحب اللبن إذا صفي بخرقة، فعمل له مرة فلم يأكله، فقالوا له في ذلك، فقال: لحبي إياه تركته. ولم يذقه بعد ذلك. سمعت أبا العباس أحمد بن يونس بن حسن، قال: كنا نزولاً على بيت المقدس مع الشيخ أبي عمر وقت حصار المسلمين لها مع صلاح الدين، وكان لنا خيمة، وكان الشيخ أبو عمر قد مضى إلى موضع، وجعل يصلي فيها في يوم حار. فجاء الملك العادل فنزل في خيمتنا، وسأل عن الشيخ، فمضينا إلى الشيخ وعرفناه، فقال: أيش اعمل به ولم يجيء إليه فمضى إليه عمر بن أبي بكر وألح عليه، فما جاء، وأطال العادل القعود، قال: فرجعت إلى الشيخ، فقال: أنزل له شيئاً، قال: فوضعت له ولأصحابه أقراصاً كانت معنا فأكلوا وقعدوا زماناً ولم يترك الشيخ صلاته، ولا جاء. سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن الأزهر يقول: ما رأيت أحداً قط ليس عنده يكلف غير الشيخ أبي عمر. سمعت شيخنا أبا إسحاق إبراهيم بن عبد الواحد، قال: سمعت أخي الحافظ يقول: نحن إذا جاء إنسان اشتغلنا به عن عملنا، وأما خالي أبو عمر فيه للدنيا وللآخرة يخالط الناس وهو في أوراده لا يخليها. سمعت أبا أحمد عبد الهادي بن يوسف يقول: كان الشيخ أبو عمر يقرأ بعض الليالي فربما غشي على بعض الناس من قراءته.

(43/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 271
وأما خطبه، فكان إذا خطب ترق القلوب، ويبكي بعض الناس بكاءً كثيراً، وكان ربما أنشأ) الخطبة وخطب بها. وكان يسمعنا ويقرا لنا قراءة سريعة من غير لحن. ولا يكاد أحد يقدم من رحلة إلا قرا عليه شيئاً من مسموعاته. وكتب الكثير بخطه المليح من المصاحف والكتب مثل الحلية لأبي نعيم، و الإبانة لابن بطة، و تفسير البغوي، و المغني لأخيه. وسمعته يقول: ربما كتبت في اليوم كراسين بالقطع الكبير. وكان يكتب لأهله المصاحف وللناس الخرقي بغير أجر. وقد سمعت أن الناس كانوا يأتون إليه يقولون: اكتب لنا إلى فلان الأمير. فيقول: لا أعرفه. فيقال: إنما نريد بركة رقعتك. فيكتب لهم فتقبل رقعته. وكان يكتب كثيراً إلى لمعتمد الوالي وإلى غيره، فقال له المعتمد: إنك تكتب إلينا في قوم لا نريد أن نقبل فيهم شفاعة، ونشتهي أن لا نرد رقعتك. فقال: أما أنا، فقد قضيت حاجتي، إني قضيت حاجة من قصدني، وأنتم إن أردتم أن تقبلوا رقعتي وإلا فلا، فقال له: لا نردها، أو كما قال. وكان الناس قد احتاجوا إلى المطر، فطلع إلى مغارة الدم ومعه جماعة من محارمه النساء، فصلى بهن، ودعا في المطر حينئذ، وجرت الأدوية شيئاً لم نره من مدة. وسمعت أبا عبد الله بن راجح يقول: كان لنور الدين أخ استعان بالفرنج على أخيه، ونور الدين مريض، فجاء الفرنج، فخرجنا مع الشيخ أبي عمر إلى مغارة الدم وقرأنا عشرة آلاف مرة قل هو الله أحد و إنا أنزلناه في ليلة القدر ودعونا، فجاء مطر عظيم على الفرنج أشغلهم بنفوسهم وردوا.

(43/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 272
سمعت عبد الله بن أبي عمر، حدثني ابن الصوري، صديق والدي، قال: جئنا يوماً إلى والدك ونحن جياع وكنا ثلاثة، فاخرج لنا سكرجة فيها لبن، وسكرجة فيها عسل وكسيرات، فأكلنا وشبعنا، فنظرت غليه كأنه لم ينقص. قلت لخالي أبي عمر: أشتهي أن تهبني جزءاً يخطك من الأجزاء التي سمعناها على أبي الفرج الثقفي، فأرسل الأجزاء إلي، وقال لي: خذ لك منها جزءاً، واترك الباقي عندك، فأخذت جزءاً ورددتها، فبعد موته سألت عنها فما وجدت بقي منها إلا جزء أو جزءآن، فندمت إذ لم أسمع منه. سمعت الإمام محمد بن عمر بن أبي بكر يقول: دعاني الشيخ أبو عمر ليلة، وكنت أخاف من ضرر الأكل، فابتدأني وقال: إذا قرأ الإنسان قبل الأكل شهد الله أنه لا إله إلا هو و) لإيلاف قريش ثم أكل فإنه لا يضره. وسمعت الإمام أبا بكر بن أحمد بن عمر البغدادي، قال: جاء الشيخ أبو عمر فقال: تمضي معي إلى كفربطنا، وكنت مشتغلاً بقراءة القرآن فقلت في نفسي: أمشي معه، فأشتغل عن القراءة بالحديث في الطريق. فلما خرجنا من البلد، قال: تعال أنا وأنت نقرا حتى لا نشغلك عن القراءة. سمعت الإمام أبا بكر عبد الله بن الحسن بن الحسن ابن النحاس يقول: كان والدي يحب الشيخ أبا عمر، فقال لي يوم جمعة: أنا أصلي الجمعة خلف الشيخ، ومذهبي أن بسم الله الرحمن الرحيم من الفاتحة، ومذهبه أنها ليست من الفاتحة، وأخاف أن يكون في صلاتي نقص، فقلت له: اليوم قد ضاق الوقت، قال: فبعد هذا مضينا إلى المسجد فوجدناه، فسلم على والدي وعانقه ثم قال: يا أخي صل وأنت طيب القلب فإنني ما تركت بسم الله

(43/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 273
الرحمن الرحيم في فريضة ولا نافلة مذ أممت بالناس. فالتفت إلي والدي وقال: احفظ. سمعت أبا غالب مظفر بن أسعد ابن القلانسي، قال: كان والدي يرسل إلى الشيخ أبي عمر شيئاً كل سنة، فأرسل إليه مرة دينارين فردهما، قال: فضاق صدري، ثم فكرت، فوجدتها من جهة غير طيبة، قال: فبعث إليه غيرهما من جهة غير طيبة، فقبلهما أو كما قال. حدثني أبو محمد عبد الله بن أبي عمر، قال: حكت زوجته يعني أم عبد الرحمن آمنة بنت أبي موسى أنها لم تحمل بولد قط إلا علمت من كلامه وحاله ما حملها من ذكر أو أنثى فمرة أتاه رجل بغنيمة هدية، فقال: هذه نتركها حتى تلدي ونشتري أخرى ونذبحها عقيقة. قالت: ويجيء لنا ابن فضحك، فولد له بعد أيام ابنه سليمان. وفي مرة أخرى حملت، فقال: كان اسم أبي أحمد ففي هذه النوبة أسمي ابنه أحمد، فولدت له ابنه أحمد. ومرة أخرى حملت ورآها وهي تخاصم بنتها، فقال: هذا حالك وهي واحدة، فكيف إذا صارت اثنتين فولدت بنتاً. وأمثال ذلك. وسمعت أحمد بن عبد الملك بن عثمان، قال: جاء أبو رضوان وآخر إلى الشيخ أبي عمر، فقالا له: إن قراجاً قد اخذ فلاناً وحبسه، فادع عليه، فباتا عند الشيخ، فلما كان الغد، قال: قضيت حاجتكم، فلما كان بعد ساعة إذا جنازة قراجا عابرة. سمعت أبا محمد عبد الرزاق بن هبة الله بن كتائب، قال: سمعت رجلاً صالحاً يقول: أقام) الشيخ أبو عمر قطباً ست سنين. ثم ذكر الضياء حكايتين في أن عمر صار القطب في أواخر عمره، وقال: سمعت أبا بكر بن أحمد بن عمر المقرئ يقول: إنه رأى رجلاً من اليمن بمكة، فذكر انهم يستسقون بالشيخ أبي عمر وانه من السبعة، أو كما قال. سمعت الزاهد أحمد بن سلامة النجار، حدثنا الفقيه عبد الرزاق ابن أبي

(43/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 274
الفهم: أن رجلاً مغربياً جاء إلى دمشق، فسأل عن جبل قاسيون، فدل عليه، فجاء إلى الشيخ أبي عمر، فقال: ما قدمت من الغرب إلا لزيارتك وأنا عائد إلى الغرب، فقيل له: أيش السبب فامتنع فألحوا عليه، فقال: كان لي شيخ بالمغرب لا يخرج إلا لصلاة ثم يعود إلى البيت، فسألت عنه بعض الليالي فقيل: ليس هو هنا، فلما أصبحت، قلت: أين كنت البارحة، قال: إن الشيخ محمداً بجبل قاسيون أعطي القطابة، فمشينا إلى تهنئته البارحة. أو ما هذا معناه. ثم ذكر الضياء حكايتين أيضاً في أنه قطب، ثم قال: فحكيت لأبي محمد عبد الله بن أبي عمر شيئاً من هذا، فقال: جاء إلى والدي جماعة من المشايخ فاستأذنوا عليه، وسلموا عليه، ثم خرجوا، ثم جماعة آخرون، ووصف كثرة من جاء غليه في ذلك اليوم، فقلت له تعرفهم فقال: لا، وأنا أتفكر إلى اليوم في كثرتهم يعني فكأنه أشار إلى انه قطب ذلك الوقت. كان أبو عمر رحمه الله لا يكاد يسمع بشيء لا يجوز قد عمل إلا اجتهد في تغييره، وإن كان بعض الملوك قد فعله، كتب إليه حتى سمعنا عن بعض ملوك الشام قال: هذا الشيخ شريكي في ملكي. أو كما قال. وكان له هيبة عظيمة حتى إن كان أحدنا ليشتهي أن يسأله عن شيء فما يجسر أن يسأله، وإذا دخل المسجد، سكتوا وخفضوا أصواتهم، وإذا عبر في طريق والصبيان يلعبون هربوا، وإذا أمر بشيء لا يجسر أحد أن يخالفه. وسمعت خالي موفق الدين بعد موته يقول: كان أخي يكفينا أشياء كثيرة ما نقوى لما يفعل. وكان الله قد وضع للشيخ المحبة في قلوب الخلق. وكان ليس بالطويل ولا القصير، أزرق العينين وليس بالكثير، يميل إلى الشقرة، عالي الجبهة، حسن الثغر، صبيح الوجه، كث اللحية، نحيف الجسم. أول زوجاته: عمتي فاطمة، وكانت أسن منه كبرت وأقعدت وماتت قبله بأعوام، وولدت له:

(43/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 275
عمر، وخديجة، وأولاداً غيرهم ماتوا صغاراً. وتزوج عليها طاووس، امرأة من بيت المقدس، وولدت ابنتين، فماتت هي وبناتها في حياته. ثم تزوج آمنة بنت أبي موسى فولدت له جماعة كبر) منهم: أحمد، وعبد الرحمن، وعائشة، وحبيبة، وخديجة الصغرى. ومن شعره:
(ألم يك منهاة عن الزهو أنني .......... بدا لي شيب الرأس والضعف والألم)

(ألم بي الخطب الذي لو بكيته .......... حياتي حتى ينفد الدمع لم ألم)
ولد مرثية في ابنه عمر. وله هذه الأرجوزة، وهي طويلة فمنها:
(إني أقول فاسمعوا بياني .......... يا معشر الأصحاب والإخوان)

(أوصيكم بالعدل والإحسان .......... والبر والتقوى مع الإيمان)

(فاستمسكوا بطاعة الرحمن .......... واجتنبوا الرجس من الأوثان)
سمعت آسية بنت محمد بن خلف تقول: لما كان اليوم الذي توفي فيه سيدي وصانا فيه، واستقبل القبلة وقال: اقرؤوا ياسين، وكان يقول: إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون اللهم ثبتكم على الكتاب والسنة. وسمعت أهلنا يقولون: إن الماء الذي كان يخرج من تغسيله من السدر وغيره نشفه الناس في خرقهم ومقانعهم. وسمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن الأزهر غير مرة يقول: حزرت من حضر جنازة الشيخ أبي عمر عشرين ألفاً.

(43/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 276
وسمعت محمد بن طرخان بن أبي الحسن الدمشقي ومسعود بن أبي بكر المقدسي، أن عبد الولي بن محمد حدثهم: أنه كان يقرأ عند قبر الشيخ أبي عمر سورة البقرة، وكان وحده، فبلغ إلى بقرة لا فارض ولا بكر قال: فقلت: لا ذلول يعني غلط، قال: فرد علي الشيخ أبو عمر من القبر، قال: فخفت وفزعت وارتعدت وقمت. وهذا لفظ حكاية محمد بن طرخان عن ولده عبد الولي. قال والده: وبقي بعد ذلك أياماً ثم مات. وهذه الحكاية مشتهرة. سمعت علي بن ملاعب العراقي المؤدب، قال: قرأت سورة الكهف عند قبر الشيخ أبي عمر، فسمعته من القبر يقول: لا إله إلا الله. ثم ذكر الشيخ الضياء باباً في زيارة قبره، فذكر في ذلك ثلاثة منامات، ثم ذكر منامات رئيت له بعد موته، ثم ذكر قصيدة ابن سعد يرثيه بها وهي أربعة وثلاثون بيتاً، ثم أخرى له اثنا عشر بيتاً، ثم قصيدة لأبي الفضل أحمد بن أسعد بن أحمد المزدقاني ستة وثلاثون بيتاً. وقال: توفي عشية الاثنين من الثامن والعشرين من ربيع الأول. وقال أبو المظفر الواعظ: حدثني الزاهد أبو عمر، قال: هاجرنا من بلادنا، ونزلنا بمسجد) أبي صالح بظاهر باب شرقي، فأقمنا به مدة ثم انتقلنا إلى الجبل، فقال الناس: الصالحية الصالحية ينسبونا إلى مسجد أبي صالح لا أننا صالحون، ولم يكن بالجبل عمارة إلا دير الحوراني وأماكن يسيرة. وقال أبو المظفر: كان معتدل القامة، حسن الوجه، عليه أنوار العبادة، لا يزال متبسماً، نحيل الجسم من كثرة الصلاة والصيام. صليت

(43/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 277
الجمعة في سنة ست والشيخ عبد الله اليونيني إلى جانبي، فلما كان في آخر الخطبة والشيخ أبو عمر يخطب نهض الشيخ عبد الله مسرعاً وصعد إلى مغارة توبة، وكان نازلاً بها، فظننت أنه احتاج إلى وضوء أو آلمه شيء، فصليت وطلعت وراءه وقلت له: خير ما الذي أصابك فقال: هذا أبو عمر ما تحل خلفه صلاة يقول على المنبر الملك العادل وهو ظالم فما يصدق. قلت: إذا كانت الصلاة خلفه لا تصح فخلف من تصح فبينا نحن في الحديث إذ دخل الشيخ وسلم وحل مئزره وفيه رغيف وخيارتان، فكسر الجميع، وقال: بسم الله الصلاة، ثم قال ابتداءً: قد روي في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولدت في زمن الملك العادل كسرى. فنظر إلي الشيخ عبد الله وتبسم وأكل وقام الشيخ أبو عمر فنزل، فقال لي الشيخ عبد الله: ما ذا إلا رجل صالح. قال أبو المظفر: وأصابني قولنج فدخل علي أبو عمر وبيده خروب مدقوق فقال: استف هذا، وعندي جماعة، فقالوا: هذا يزيد القولنج ويضره، فما التفت إلى قولهم، وأكلته، فبرأت في الحال. وقلت له يوماً وما كان يرد أحداً في شفاعة وقد كتب رقعة إلى الملك المعظم: كيف تكتب هذا والملك المعظم على الحقيقة هو الله فتبسم ورمى إلي الورقة، وقال: تأملها، وإذا قد كتب المعظم وكسر الظاء، فعجبت من ورعه. قلت: وفي هذا ومثله إنما يلحظ العلمية لا الصفة مثل: علي،

(43/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 278
ورافع، والحكم، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص في التسمية لما قل استعماله في العلمية إذا لمح فيه النعت مثل: برة، أما إذا شاع استعماله وغلب، فلا يسبق إلى الذهن إلا العلمية. وقال الإمام أبو شامة: أول ما زرت قبره يعني أبا عمر وجدت بتوفيق الله رقة عظيمة وبكاء، وكان معي رفيق فوجد مثل ذلك. قال: وأخبرني بعض الثقات: أنه رأى الإمام الشافعي في المنام فسأله: إلى أين تمضي قال: أزور أحمد بن حنبل، قال: فاتبعته أنظر ما) يصنع، فدخل داراً فسألت: لمن هي فقيل: للشيخ أبي عمر رحمه الله. قلت: وله آثار حميدة، منها مدرسته بالجبل وهي وقف على القرآن والفقه، وقد حفظ فيها القرآن أمم لا يحصيهم إلا الله. ومن أولاده: الخطيب الإمام شوف الدين عبد الله خطب بالجامع المظفري مدة طويلة، وهو والد الإمامين: العلامة الزاهد العابد العز إبراهيم بن عبد الله، وفي أولاده علماء وصلحاء، وقاضي القضاة شرف الدين حسن بن عبد الله. ومن أحفاده: الجمال أبو حمزة بن عمر ابن الشيخ أبي عمر وهو جد شيخنا شيخ الجبل، وقاضي القضاة ومسند الشام تقي الدين سليمان بن حمزة. وآخر من مات من أولاد الشيخ رحمه الله ولده الإمام العلامة شيخ الإسلام شمس الدين أبو الفرج رضي الله عنهم أجمعين وأثابهم الجنة.
4 (محمد بن عبد الله بن سليمان بن حوط الله:)
أبو القاسم الأنصاري. سمع أباه ومات شاباً.

(43/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 279
4 (محمد بن هبة الله بن كامل:)
أبو الفرج البغدادي الوكيل عند القضاة. وكان ماهراً في الحكومات، له القبول والشهرة. ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. وأجاز له أبو القاسم بن الحصين. وسمع من: أبيه، وأبي غالب أحمد بن البناء، وأبي القاسم هبة الله بن عبد الله الشروطي، وأبي منصور بن خيرون، وبدر بن عبد الله الشيحي. وعمر، وروى الكثير روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، والضياء الحنبلي، والتقي اليلداني، والعز عبد العزيز ابن الصقيل، وآخرون. وأجاز للفخر علي، ولأحمد بن شيبان، وللكمال عبد الرحمن المكبر. وتوفي في خامس رجب.
4 (محمد بن هبة الله بن حسين:)
أبو منصور التميمي الكوفي. سمع: أبا الحسن بن غبرة، وأحمد بن ناقة. ومات في خامس صفر.
4 (المبارك بن أنوشتكين:)

(43/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 280
أبو القاسم النجمي البغدادي العدل. سمع: أبا المظفر محمد ابن التريكي، وأبا محمد ابن المادح. وأخذ العربية عن أبي محمد) ابن الخشاب، وأبي الحسن ابن العصار. وكان أديباً فاضلاً حسن الطريقة. توفي في صفر.
4 (المبارك بن صدقة بن حسين.)
أبو بكر ابن الباخرزي، المقرئ، البغدادي. قرأ القراءات على أبي المعالي ابن السمين. وسمع من أبي الفضل الأرموي، وأبي الفتح الكروخي. روى عنه: الدبيثي، والضياء، وغيرهما. وباخرز: اسم لناحية من أعمال نيسابور. توفي في جمادى الآخرة. كان حيسوباً.

(43/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 281
4 (محمود بن محمد بن الحسن بن عبد الباقي:)
أبو الفضل البغدادي الكواز. شيخ صالح. روى عن ابن ناصر، وغيره. روى عنه بعضهم، قال: حدثنا علي بن هبة الله بن زهمويه الأزجي، أخبرنا أبو نصر الزينبي، فذكر حديثاً. توفي في ربيع الأول.
4 (المسلم بن حماد بن محفوظ بن ميسرة الأمين المرتضى:)
عفيف الدين أبو الغنائم الأزدي، الدمشقي. أحد العدول المعتبرين. سمع من الوزير الفلكي، والحافظ ابن عساكر فأكثر. وحدث ب صحيح البخاري. روى عنه: الشاب القوصي، والزكي البرزالي. توفي في ربيع الآخر عن أربع وسبعين سنة. وهو جد المحدث مجد الدين ابن الحلوانية.
4 (المطهر بن أبي بكر بن الحسن:)
أبو روح البيهقي، الصوفي، نزيل القاهرة. وكان صالحاً متواضعاً، إمام مسجد. توفي بطريق مكة راجعاً. سمع: أبا الأسعد هبة الرحمن ابن القشيري، وأبا بكر محمد بن علي

(43/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 282
الطوسي، وأبا طاهر السلفي. وولد سنة خمس وثلاثين وخمسمائة. روى عنه: الزكي المنذري، والكمال علي بن شجاع الضرير، وجماعة. توفي في صفر. وأجاز لابن مسدي.
4 (المظفر بن أبي محمد بن شاشير:)
أبو منصور الواعظ. كان يعظ في الأعزية، وفي ترب الرصافة من بغداد. وحدث عن أبي الوقت السجزي. وكان ظريفاً مطبوعاً ماجناً قام إليه رجل فقال: أنا مريض جائع، فقال: نيك وقد تعافيت. ومر يوماً على لحام وعنده لحم هزيل وهو ينادي: يا من حلفت لا يغبن، فقال: حتى تخنثه. وقال: خرجت إلى بعقوبا فتكلمت في جامعها، فقال واحد: عندي نصفيه) للشيخ، وقال آخر: عندي نصفية، إلى أن عدوا خمسين نصفية، فقلت في نفسي: استغنيت فلما أصبحنا إذا في زاوية المسجد كارة شعير، فقال لي واحد: النصفية كيل شعير. وجلست يوماً بباجسرى فجمعوا شيئاً ما علمت ما هو، فأصبحنا وإذا في جانب المسجد صوف وقرون جاموس، فقام واحد ينادي: من يشتري صوف الشيخ وقرونه فقلت: ردوا صوفكم وقرونكم لا حاجة لي فيه.

(43/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 283
توفي ببغداد في رجب عن نيف وثمانين سنة.
4 (مظفر بن إبراهيم بن محمد:)
أبو منصور ابن البرني، الحربي، القارئ. حدث عن: جده لأمه عبد الرحمن بن علي بن الأشقر، وأبي الحسين محمد بن محمد ابن الفراء، وكان سماعه صحيحاً. وذكر أنه سمع من القاضي أبي بكر. روى عنه: الدبيثي، والضياء المقدسي، وابن خليل، وآخرون. وهو آخر من حدث عن ابن الفراء. وأجاز للشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وللفخر علي. وتوفي في الحادي والعشرين من شوال. وكان مولده في سنة خمس عشرة وخمسمائة. وهو والد إبراهيم. وقد مر أخوه ذاكر الله في سنة إحدى وستمائة. أسن هذا.
4 (معالي بن أبي بكر بن صالح:)
أبو الخير الأزجي، الدقاق.

(43/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 284
سمع سعيد ابن البناء. وتوفي في ربيع الأول.
4 (حرف النون:)

4 (نصر الله بن أبي نوح الحسن بن عبد الله:)
أبو الفتح المصري. شيخ فاضل، سمع من أبي طاهر السلفي، وحدث عنه في هذه السنة بدمشق بالصالحية. روى عنه: الشيخ شمس الدين، والفخر علي، وغيرهما.
4 (حرف الهاء:)

4 (هبة الله بن سلامة بن المسلم:)
القاضي أبو الفضائل أمين الدولة اللخمي، المصري، الشافعي، والد بهاء الدين علي ابن بنت الجميزي. توفي في شوال بمصر. وقد سمع مع ابنه من: شهدة، والسلفي، وجماعة.
4 (حرف الياء:)
يحيى بن المظفر بن علي بن نعيم:) أبو زكريا البدري. من محلة البدرية ببغداد.

(43/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 285
سمع: ابن ناصر، وأبا الوقت. ومات في ذي الحجة.
4 (يحيى بن أبي الفتح بن عمر ابن الطباخ:)
أبو زكريا الضرير، الفقيه. توفي بحران. وقد تفقه ببغداد. وسمع من أبي محمد ابن الخشاب، وشهدة، وأبي الحسين عبد الحق. وقرأ بواسط القراءآت، وسمع من أبي طالب الكتاني. وحدث.
4 (يلدق، مخلص الدين المعظمي الأمير:)
توفي بدمشق.
4 (وفيها ولد من الكبار:)
الشمس محمد ابن الكمال، في ذي الحجة.

(43/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 286
والسيف عبد الرحمن بن محفوظ الرسعني. والشمس محمد بن يحيى بن علي بن عون الدين ابن هبيرة. والوجيه منصور بن سليم ابن العمادية الإسكندري. والنفيس هبة الله بن محمد بن جرير الزبداني. والمعين علي بن أبي العباس، نائب الحكم بالإسكندرية. وناصر الدين محمد بن عرب شاه المحدث. ومهلهل الشقراوي، شيخ روى عن الموفق. والسيف أبو بكر بردويل بن إسماعيل بن بردويل الفراء بدمشق

(43/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 287
4 (وفيات سنة ثمان وستمائة)

4 (حرف الألف:)

4 (أحمد بن الحسن بن أبي البقاء بن الحسن:)
أبو العباس العاقولي، البغدادي، المقرئ. ولد يوم عاشوراء سنة ست وعشرين وخمسمائة. وقرأ القراءآت على أبي الكرم الشهرزوري، وغيره. وسمع بإفادة أخيه من: أبي منصور القزاز، وأبي منصور بن خيرون، وأبي الحسن بن عبد السلام، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي. وروى الكثير، وأقرأ الناس، وعجز قبل موته، وانقطع. وكان صدوقاً، قانعاً، متعففاً، حسن الأخلاق، طيب الصوت بالقرآن. روى عنه: الدبيثي، والضياء، وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف، وجماعة. وتوفي يوم التروية.

(43/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 288
وآخر من روى عنه بالإجازة الكمال عبد الرحمن المكبر.) قال ابن نقطة: يلقب بالبطي بتخفيف الطاء صحيح القراءآت والسماع.
4 (أحمد بن عبد السخي، العمري، الواسطي:)
سمع أبا الفتح بن شاتيل، وقدم دمشق، وحدث بها في سنة ثمان هذه. سمع منه النجيب الصفار.
4 (أحمد بن عبد الودود بن عبد الرحمن بن علي:)
أبو القاسم بن سمجون الهلالي، الأندلسي، المنكبي، القاضي. سمع أباه، وأبا بكر ابن الخلوف. وأجاز له أبو بكر ابن العربي وغيره. وخطب بجامع قرطبة. قال الأبار: وكان فقيهاً ديناً، ناظماً ناثراً، بارع الخط، واسع الحظ من العلم. حدث عنه جماعة، وفاتني السماع منه. وتوفي فجاءة بغرناطة في ربيع الآخر، وله ثمانون سنة. قال ابن مسدي: كان أحد أعيان الأندلس علماً وحسباً، وعين المتميزين فضلاً وأدباً، فاق الأقران نظماً ونثراً، وطار خبراً وخبراً، وكانت الرحلة إليه. وهو آخر من روى بالسماع عن يحيى بن الخلوف المقرئ. سمعت منه بعض صحيح مسلم، ومات ببلدته المنكب في رابع جمادى الآخرة سنة سبع.

(43/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 289
كذا أرخه الحافظ ابن مسدي، ثم قال: أخبرنا أحمد، قال: أخبرنا يحيى سنة إحدى وأربعين، أخبرنا الطبري بمكة، أخبرنا عبد الغافر الفارسي، من مسلم.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله:)
أبو بكر الفارفاني، الأصبهاني، الأعرج، ابن أخي عفيفة. روى عن إسماعيل الحمامي. وعاش نيفاً وستين سنة. سمع منه الضياء المقدسي. وقال: لم يكن مرضياً. توفي في رمضان.
4 (إبراهيم بن محمد بن فارس بن شاكلة:)
أبو إسحاق السلمي، الذكواني، الصعيدي، الأسود. سكن مراكش، ودخل الأندلس، وكان شاعراً محسناً ذكياً. أقرأ المقامات تفهماً.

(43/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 290
توفي في هذه السنة أو سنة تسع.
4 (أسياه مير بن محمد بن نعمان:)
أبو عبد الله الجيلي، الحنبلي. تفقه على الشيخ عبد القادر. وحدث عن أبي محمد ابن المادح، وغيره.)
4 (حرف الباء:)

4 (برغش، الأمير صارم الدين العادلي:)
توفي بدمشق، وله تربة غربي جامع الجبل.
4 (حرف الجيم:)

4 (جهاركس، الأمير الكبير فخر الدين الصلاحي:)

(43/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 291
أعطاه العادل بانياس، وتبنين، والشقيف فأقام بها مدة، وتوفي في رجب، ودفن بتربته بسفح قاسيون، وأقر العادل ولده على ما كان لأبيه، ثم لم تطل حياته بعد أبيه. وله بالقاهرة قيسارية مشهورة كبرى. وكان أكبر من بقي من أمراء صلاح الدين وابنه الملك العزيز. وقيل: مات في سنة سبع.
4 (حرف الحاء:)

4 (الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن حمدون:)
أبو سعد البغدادي، الكاتب، المنشئ. ولد سنة سبع وأربعين وخمسمائة. وسمع الكثير من والده أبي المعالي بن حمدون، وأبي جعفر أحمد بن محمد العباسي، وابن البطي، وجماعة. وكتب بخطه الكثير، وجمع فوائد. وبيته مشهور بالكتابة والرياسة ببغداد، وهو ابن مصنف التذكرة.

(43/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 292
وجده أبو سعد هو أحد الكتاب النبلاء له تصنيف في معرفة الأعمال والتصرف. وكان تاج الدين أبو سعد فاضلاً بارعاً، مغرىً بجمع الكتب، ولي المارستان العضدي، وتأدب على ابن العصار.
4 (الحسن ابن العلامة أبي محمد عبد السلام بن عتيق السفاقسي:)
الفقيه، أبو علي. روى عن: أبي محمد العثماني. وتوفي في ربيع الأول.
4 (حرف الخاء:)

4 (خسروشاه بن قليج:)
صاحب الروم. فيها توفي قاله أبو شامة.
4 (الخضر بن علي بن محمد الإربلي:)
المجاور بمكة. روى عن: نصر بن نصر العكبري.

(43/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 293
4 (الخضر بن كامل بم سالم بن سبيع:)
) أبو العباس الدمشقي، السروجي، الخاتوني، الدلال، المعبر. ولد في رمضان سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة. وسمع من: الفقيه نصر الله المصيصي، وأبي الدر ياقوت الرومي، وقدم بغداد مع أبيه، فسمع من الحسين بن علي سبط الخياط. وطال عمره، روى الكثير روى عنه: ابن خليل، والضياء، والزكي البرزالي، والزكي المنذري، والشهاب القوصي، والتقي اليلداني، والفخر علي، وآخرون. وتوفي في الثاني والعشرين من شوال.
4 (حرف الراء:)

4 (رضوان بن رفاعة بن غارات المصري الشارعي:)
المقرئ، الشافعي. سمع: محمد بن رسلان، ومحمد بن أحمد ابن البناء. وكان مشهوراً بالورع والصلاح. توفي في صفر.

(43/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 294
وكان يؤم بمسجد سعد الدولة بقلعة الجبل.
4 (حرف الشين:)

4 (شكر بن صبرة بن سلامة بن حامد:)
أبو الثناء السلمي، العوفي، الإسكندراني، المقرئ. قرأ. القراءآت على اليسع بن حزم الغافقي، وسمع من السلفي، وجماعة. وأقرأ الناس مدة وكان بارعاً في القراءآت، مجوداً، عارفاً بالأنساب، قديم المولد. توفي بالإسكندرية في سادس ربيع الأول.
4 (حرف الصاد.)

4 (صدقة بن علي بن صدقة:)
أبو محمد الأزجي، الكيال. سمع من: أبي الوقت، وأبي جعفر أحمد بن محمد العباسي، وغيرهما. توفي في ذي الحجة.

(43/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 295
4 (حرف العين:)

4 (عبد الجليل بن موسى بن عبد الجليل القصري:)
الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو محمد الأنصاري، الأوسي، الأندلسي، القرطبي. وشهر بالقصري لنزوله قصر عبد الكريم، وهو قصر كتامة. حمل الموطأ عن أبي الحسن بن حنين الكناني محدث فاس. وصحب الشيخ أبا الحسن بن غالب الزاهد بالقصر ولازمه.) وكان رأساً في العلم والعمل، منقطع القرين، فارغاً عن الدنيا. صنف التفسير وشرح الأسماء الحسنى. وله كتاب شعب الإيمان وكلامه في العرفان بديع مقيد بظواهر الأثر. ذكره ابن الزبير، فبالغ في وصفه، وقال: كلامه في طريقة التصرف، سهل محرر، مضبوط بظاهر الكتاب والسنة. وله مشاركة في علوم شتى، وتصرف في العربية. ختم به بالمغرب التصرف على الطريقة الواضحة، ورزق من علي الصيت والذكر الجميل ما لم يرزق كبير أحد من الناس. مات بسبتة في سنة ثمان وستمائة. حدث عنه: أبو عبد الله الأزدري، وأبو الحسن الغافقي، وغيرهما.

(43/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 296
4 (عبد الرحمن بن عبد الله:)
أبو القاسم الرومي، عتيق أحمد بن عمر بن باقا. قرأ القرآن على أبي الكرم الشهرزوري. وسمع من: أبي الوقت السجزي، واحمد بن المقرب، وأبي طاهر السلفي، وجماعة. وحدث يمصر والثغر. وكان شيخاً صالحاً حدث بصحيح البخاري قبل موته روى عنه الصحيح الحافظ زكي الدين المنذري. وروى عنه: جعفر بن علي القمودي الإسكندراني، والحسن بن موسى بن فياض المالكي، وسيف بن سند الضرير،، وجماعة من شيوخ شيخنا الدمياطي. وكان تاجراً سفاراً، حكى ابن مسدي عن الأسعد بن مقرب، قال: خرجت في جماعة نتفرج، فرأينا قافلة، فنظرت إلى شيخ حسن الشيبة والبزة، فقلت: ما أحسن هذا الشيخ لو كان عنده سماع، فقال: وما يدريك إذ يكون عنده، فقال ابن مقرب له: ممن قال: من أبي الوقت، ومعي بعض ذلك. فتركت الفرجة، ورجعت في خدمته إلى البلد يعني الإسكندرية. وتوفي في الحادي والعشرين من ذي القعدة.
4 (عبد الرشيد بن محمد بن علي:)
أبو محمد الميبذي. محدث سمع الكثير بإصبهان، وصحب أبا موسى المديني، وأكثر عنه.

(43/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 297
وقدم بغداد، فسمع من ابن بوش، وابن كليب وطائفة، وحدث عن أبي العباس الترك. وميبذ: بليدة قريبة من يزد بنواحي إصبهان.
4 (عبد السلام بن شعيب بن طاهر:)
أبو القاسم الهمذاني، الوطيسي. من بقايا الشيوخ بهمذان. سمع من: أبي بكر هبة الله بن) الفرج ابن أخت الطويل، ونصر بن المظفر، وشهردار بن شيرويه، وجماعة، ورحل إلى إصبهان، وسمع بها، وحدث. والوطيس: التنور. أجاز للفخر علي، وغيره. وتوفي في أواخر شعبان.
4 (عبد الصمد بن أبي الفتح سلطان بن أحمد بن الفرج الجذامي الصويتي، النحوي،)
الطبيب: معتمد الدين أبو محمد بن قراقيش. ولد سنة أربعين وخمسمائة. وقرأ القرآن على الشريف الخطيب أبي الفتوح، وقرأ العربية على سناء

(43/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 298
الملك أسعد بن علي الحسيني، الجواني. وكان إماماً بارعاً في العربية والطب، وكان أعيان الأطباء.
4 (عبد المؤمن بن محمد بن أبي منصور المبارك بن محمد، القاضي أبو الفضل المدائني،)
قاضي المدائن: ولي القضاء بعد أخيه عبد الحميد، وكان أبوهما قاضي المدائن أيضاً. مات في المحرم.
4 (عبد الواحد بن عبد الوهاب بن علي بن علي ابن سكينة:)
ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. وسمع من ابن البطي، وأبي زرعة، وجماعة. وسافر الكثير، ودخل إلى مصر، والشام، وتوفي بجزيرة قيس. قال أبو شامة: هو معين الدين ابن سكينة. سافر إلى الشام في أيام الملك الأفضل، فبسط لسانه في الدولة العباسية، فأرسلوا إليه من يقتله، فوثب عليه من يقتله غير مرة بدمشق ويسلم. ثم كتب إلى الخليفة كتاباً فيه التنصيل مما رمي به، ويسأل العفو، فعفي عنه. ثم قدم بغداد، فولوه مشيخة الشيوخ، ثم بعثه الخليفة رسولاً إلى جزيرة قيس في جماعة صوفية، فغرقوا في البحر في شعبان.

(43/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 299
4 (عبيد الله بن خطنطاش التركي:)
أبو محمد. منشيوخ الصعيد. شيخ صالح مشهور، انتفع به جماعة وصحبوه. وتوفي بإخميم، وتوفي في آخر جمادى الآخرة. حكى عنه من كلامه الحافظ عبد العظيم.
4 (عقيل بن عطية:)
أبو طالب وأبو المجد القضاعي، الأندلسي، الطرطوشي، ثم المراكشي. روى عن: أبي القاسم بن بشكوال، وأبي القاسم بن حبيش، وأبي نصر فتح بن محمد، وجماعة. وولي قضاء غرناطة. وقد ذكره الأبار، فقال: كان مقدماً في صناعة الحديث، وله رد على أبي) عمر بن عبد البر في بعض تواليفه، وتنبيه على غلطاته.

(43/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 300
سمع منه أبو جعفر ابن الدلال، وأبو الحسن بن منخل الشاطبي. وولي بأخرة قضاء سجلماسة، وتوقي بها في صفر وقد قارب الستين.
4 (علي بن أحمد بن عمر بن حسين:)
أبو القاسم ابن القطيعي، الصفار، أخو المحدث أبي الحسن. سمع من: أبي بكر ابن الزاغوني، وأبي الوقت، وجماعة. وحدث. وهو منسوب إلى قطيعة العجم بباب الأزج، وكان أبوه من كبار الحنابلة.
4 (علي بن عبد الرزاق بن علي بن محمد بن علي:)
أبو الحسن بن الجوزي، الدهان. سمعه عمه الإمام أبو الفرج من أبي الفضل الأرموي، وعمر بن عبد الله الحربي. روى عنه: ابن الدبيثي، وابن النجار وقال: كان ساكناً مهيباً، يزوق الدور.
4 (علي بن محمد بن أبي قوة:)

(43/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 301
أبو الحسن الأزدي، الداني. أخذ القراءآت عن أبيه، وأبي القاسم بن حبيش، وأبي الحسن بن كوثر. وكان مقرئاً حاذقاً، أديباً شاعراً. كتب عنه أبو القاسم كثيراً من نظمه. قاله الأبار.
4 (علي بن منصور بن المظفر:)
أبو الحسن الأزجي، الجوهري، المعروف بابن الزاهدة. حدث عن: أبي الوقت السجزي، وغيره. توفي في ذي الحجة.

(43/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 302
4 (علي بن يوسف بن أحمد:)
القاضي أبو الفضائل الآمدي، ثم الواسطي. توفي كهلاً في ربيع الأول. وكان مجموع الفضائل، ولي قضاء واسط.

(43/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 303
4 (عمر بن محمد بن علي بن أبي نصر:)
الأديب البارع، أبو حفص الإصبهاني، ثم الموصلي، عرف بابن الشحنة، الشاعر. تلا بالسبع على يحيى بن سعدون، وأخذ الأدب عن علي بن العصار، اللغوي. وكان سليط اللسان، كثير الهجاء للرؤساء، معاقراً للكأس. قصد السلطان صلاح الدين بالشام ومدحه. سجنه صاحب الموصل نور الدين أرسلان شاه بن مسعود، فسجنه حتى مات في شوال.)
4 (عمر بن مسعود بن أبي العز:)
أبو القاسم البغدادي، الزاهد، العابد، ويعرف بالشيخ عمر البزاز.

(43/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 304
صحب الشيخ عبد القادر، وسمع من: أبي الفضل الأرموي، وابن ناصر، وأبي الوقت. وحدث. وكان من بقايا المشايخ الكبار ببغداد. قال الحافظ عبد العظيم: توفي في رابع عشر رمضان. قال: وكان يؤثر الفقراء، وبنى لنفسه رباطاً. وله قبول عند الناس يغشى ويزار، موصوف بالزهد والعبادة، وحسن الطريقة رحمه الله. ولد في حدود سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. قلت: روى عنه أبو عبد الله الدبيثي.
4 (حرف الغين:)

4 (غالب بن عبد الخالق بن أسد بن ثابت:)
الشيخ أبو الحسين ابن المحدث الفقيه أبي محمد الطرابلسي الأصل، الدمشقي، الحنفي، البزاز. سمع من: الوزير أبي المظفر سعيد بن سهل الفلكي، ووالده، وأبي يعلى ابن الحبوبي، وجماعة. روى عنه: ابن خليل، والضياء، والزكي عبد العظيم، والشهاب القوصي، والفخر علي، وآخرون. وفقد بداريا في هذه السنة. قال القوصي: قتل الشهاب غالب الحنفي بداريا على يد أقوام كان له عليهم ديون، فاغتالوه، وأخذوا الوثائق.

(43/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 305
وقيل: قتله بأرض ماردين ولده الشرف إبراهيم، قتلته المكارية، وكان معه تجارة. وكان شهاب الدين من كبار أهل مذهبه، وولد سنة تسع وأربعين.
4 (حرف الميم:)

4 (محمد بن أيوب بن محمد بن وهب بن محمد بن وهب بن نوح:)
الإمام العلامة أبو عبد الله ابن الشيخ الجليل أبي محمد بن أبي عبد الله الغافقي، الأندلسي، البلنسي. سرقسطي تأصل، ولد ببلنسية في ثلاثين وخمسمائة. أخذ القراءآت عن أبي الحسن بن هذيل، وسمع منه، ومن أبي الحسن علي بن النعمة، وأبي عبد الله بن سعادة، ومحمد بن عبد الرحيم ابن الفرس، ووالده أبي محمد. ذكره الأبار، فقال: تفقه بأبي بكر يحيى بن عقال، واستظهر عليه المدونة. وأخذ النحو عن شيخه ابن النعمة. وأجاز له أبو مروان ابن قزمان، وأبو طاهر السلفي، وجماعة. وكان الدراية أغلب عليه من الرواية مع وفور) حظه منها وميله فيها إلى الأعلام المشاهير دون اعتبار العلو. ولي خطة الشورى في حياة شيوخه، وزاحم الكبار بالحفظ والتحصيل في صغره. قال: ولم يكن في وقته بشرق الأندلس له نظير تفنناً واستبحاراً، وكان من الراسخين

(43/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 306
في العلم وصدراً في المشاورين، بارعاً في علم اللسان والفقه والفتيا والقراءآت. وأما عقد الشروط، فإليه انتهت الرياسة فيه، وبه اقتدى من بعده. ولو عني بالتأليف، لأربى على من سلف. وكان كريم الخلق، عظيم القدر، سمحاً جواداً. خطب بجامع بلنسية، وامتحن بالولاة والقضاة، وكانوا يستعينون عليه، ويجدون السبيل إليه بفضل دعابة كانت فيه مع غلبة السلامة عليه في إعلانه وإسراره وكثرة التلاوة. أقرأ القرآن، وأسمع الحديث، ودرس الفقه، وعلم العربية، ورحل الناس إليه، وسمع منه جلة، وطال عمره حتى أخذ عنه الآباء والأبناء. وتلوت عليه بالسبع، وهو أغزر من لقيت علماً، وأبعدهم صيتاً. توفي في سادس شوال، ورثي بمراث كثيرة. قلت: وقد أطنب الأبار في وصفه بأضعاف ما هنا. وممن قرأ عليه القراءآت علم الدين القاسم شيخ شيوخنا، وأبو جعفر أحمد بن علي ابن الفحام المالقي.
4 (محمد بن عبد الله بن طاهر:)
القاضي أبو عبد الله الفاسي. أخذ عن أبي إسحاق بن قرقول، وغيره. وكان محدثاً حافظاً إماماً، ولي قضاء مراكش. وكان موته بإشبيلية أرخه الأبار.
4 (محمد بن عثمان بن سعيد:)
أبو عبد الله الفاسي، الفقيه المعروف بابن تقميش. حمل مختصر الأحكام لعبد الحق عن المصنف، وحدث به. وكان مفتياً، إماماً، أصولياً.

(43/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 307
4 (محمد بن عثمان بن محمد بن يحيى بن مسلم:)
أبو عبد الله ابن الزبيدي، الصوفي، البغدادي. ابن عم سراج الدين الحسين. توفي في شعبان بجزيرة كيش، وهي جزيرة قيس. وكان يروي عن أبي الفتح ابن البطي، وشهدة. وصحب الصوفية.
4 (محمد بن علي بن نصر الكرماني:)
ولد سنة ثلاث وعشرين. وروى حضوراً عن: الحسين بن عبد الملك الخلال، وجعفر بن محمد بن روح. روى عنه: الضياء، وغيره، وبالإجازة الشيخ شمس الدين. توفي بإصبهان.)
4 (محمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسنون:)
المعمر، المقرئ أبو بكر البياسي. شيخ القراء ببياسة، وقاضيها، وخطيبها، ومفتيها، وأديبها. عمر حتى ألحق الأحفاد بالأجداد، وسوى بين الأوائل والأواخر مع الثقة والعلم. أخذ عن أبيه القراءآت. وسمع من القاضي شريح، وتلا عليه بالسبع وأجازه. وسمع من: الحافظ أبي بكر ابن العجوز، ومن أبي القاسم أحمد بن محمد بن ورد، ويوسف بن أبي عبد الملك الساحلي وتفرد عنه، ومن يوسف بن بحر القضاعي. وأجاز له يحيى بن خلف القيسي، وجماعة.

(43/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 308
ترجمه ابن مسدي، وقال: كتب إلي من بياسة في سنة خمس وستمائة. أكثر الناس عنه ورحلوا إليه. توفي سنة ثمان وستمائة. أنبأنا، قال: أخبرنا شريح سنة أربع وثلاثين، فذكر حديثاً من البخاري. وأنبأنا، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر ابن العربي سنة، أخبرنا ابن الطيوري، من الترمذي. قلت: مر سنة أربع كما أرخه الأبار.
4 (محمد بن عيسى بن أحمد بن علي:)
أبو عيسى القرشي، العبدري، المرذي، البنجديهي. حدث ببغداد عن جده أحمد بن علي، وإسماعيل بن محمد الفاشاني. وحدث بالحرمين، وأخذ عنه الزكي عبد العظيم. وتوفي شهيداً في رمضان عن إحدى وأربعين سنة.
4 (محمد بن محمد ابن الناعم:)
كمال الدين، أبو جعفر البغدادي. أحد حجاب الخلافة. روى عن أبي محمد ابن المادح. ضرب في ذي الحجة حتى مات تحت الضرب، ورمي في دجلة. وكان ظالماً، ولي ولاية، وعسف وصادر جماعة، وقتلهم تحت الضرب، فعاقبه الله، وظهرت له أموال عظيمة.

(43/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 309
4 (محمد بن أبي تمام محمد بن علي بن المبارك:)
الشريف أبو الرضا الهاشمي، الحريمي، المعروف بابن لزوا وهو لقب حده علي. وهو من ذرية المأمون. سمع من: أبي القاسم إسماعيل ابن السمرقندي، ومن أبي الوقت. وكان يمكنه السماع من ابن الحصين فإنه ولد سنة تسع عشرة وخمسمائة. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وغيره، وابن النجار، وقال: مات في شعبان.
4 (محمد بن يوسف بن محمد:)
) أبو عبد الله النيسابوري، ثم البغدادي، الكاتب، المعروف بابن المنتجب. قرأ الأدب على الحسن بن علي بن عبيدة الكرخي. وكان أبوه صوفياً فقيه مكتب، فنشأ له سعد الدين أبو عبد الله هذا، وبرع في الخط حتى كان جماعة من الفضلاء يفضلون خطه في النسخ على ابن البواب. قال ابن النجار: كان أديباً فاضلاً، له معرفة بالنحو، وكان ضنيناً بخطه جداً، وكتب الخط المنسوب، وكتب الناس عليه. وتوفي في ذي الحجة شاباً.

(43/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 310
4 (محمد بن يونس بن محمد بن منعة بن مالك:)
العلامة عماد الدين أبو حامد بن يونس الإربلي الأصل، الموصلي، الفقيه، الشافعي. ولد سنة خمس وثلاثين وخمسمائة. وتفقه بالموصل على والده، ثم سار إلى بغداد، وتفقه بها بالنظامية على السديد محمد السلماسي، وأبي المحاسن يوسف بن بندار الدمشقي، وسمع الحديث من أبي حامد محمد بن أبي الربيع الغرناطي، وعبد الرحمن بن محمد الكشميهني. وعاد إلى الموصل، ودرس بها في عدة مدارس، وعلا صيته، وشاع ذكره، وقصده الفقهاء من البلاد، وتخرج به خلق. قال القاضي شمس الدين ابن خلكان: كان إمام وقته في المذهب والأصول والخلاف، وكان له صيت عظيم في زمانه، صنف المحيط وجمع فيه بين المهذب و الوسيط، وشرح الوجيز، وصنف جدلاً، وعقيدة،

(43/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 311
وغير ذلك وتوجه رسولاً إلى الخليفة غير مرة، وولي قضاء الموصل خمسة أشهر ثم عزل، وذلك في صفر سنة ثلاث وتسعين. فولي بعده ضياء الدين القاسم بن يحيى الشهرزوري. وكان شديد الورع والتقشف، فيه وسوسة لا يمس القلم للكتابة إلا ويغسل يده. وكان لطيف الخلوة، دمث الأخلاق، كثير المباطنة لنور الدين صاحب الموصل يرجع إليه، ويشاوره، فلم يزل معه حتى نقله من مذهب أبي حنيفة إلى مذهب الشافعي، فلما توفي توجه الشيخ عماد الدين، وذلك في سنة سبع الماضية، إلى بغداد وأخذ السلطنة للملك القاهر مسعود ابن نور الدين، وأتى بالتقليد والخلعة. قال: وكان مكمل الأدوات، غير أنه لم يرزق سعادة في تصانيفه، فإنها ليست على قدر فضائله. توفي في سلخ جمادى الآخرة بالموصل. وقال المظفر الدين صاحب إربل: رأيته في النوم، فقلت له: ما مت قال: بلى ولكني محترم. وحفيده مصنف التعجيز هو تاج الدين عبد الرحيم بن محمد، يأتي سنة سبعين.)
4 (مسعود بن بركة بن إسماعيل:)
أبو الفتح البغدادي، الحلاوي، البيع، المعروف بابن الجرذ. ولد سنة ست وعشرين وخمسمائة. وسمع من: قاضي المارستان أبي بكر، وغيره.

(43/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 312
روى عنه: الدبيثي، وغير واحد، وابن النجار، وقال: كان إنساناً صالحاً، حسن الأخلاق. توفي في رمضان.
4 (منصور بن أبي المعالي عبد المنعم بن أبي البركات عبد الله ابن فقيه الحرم أبي عبد)
الله محمد بن الفضل: المسند الأصيل أبو الفتح، وأبو القاسم الفراوي، الصاعدي، النيسابوري، المعدل. ولد في رمضان سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. سمع من: جد أبيه، وجده، وأبيه، ومن: عبد الجبار بن محمد الخواري، ومحمد بن إسماعيل الفارسي، ووجيه بن طاهر الشحامي، وغيرهم. وكان مكثراً عن جد أبيه. قال ابن نقطة: كان مكثراً، صدوقاً. سمعت منه صحيح البخاري، بسماعه من وجيه الشحامي، وأبي الفتوح عبد الوهاب بن شاه، عن الحفصي، ومن أبي المعالي الفارسي، عن العيار. وسمعت منه صحيح مسلم، وكان يقول لنا: سمعته مراراً، وكان لنا عدة نسخ نهبت في وقعة الغز. ورأيت سماعه بالمجلد الأول والثاني والثالث من صحيح مسلم في سنة ثمان وعشرين، وهو ابن أربع سنين وخمسة أشهر نقل السماع على المجلدات الثلاث أحمد بن محمد بن خولة الغرناطي وقال: ولعل المجلد

(43/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 313
الرابع أيضاً مسموع له، ولم أقف عليه، لأنه ضاع. وخبر الأصل بمجلد غيره. قال ابن نقطة: ورأيت بخط المطهر بن سديد الخوارزمي، وكان طالباً ثقة، يقول: منصور بن عبد المنعم سمع صحيح مسلم من جده أبي عبد الله الفراوي. وحدثني رفيقنا أبو محمد ابن هلالة لما رجع من خراسان، قال: كان شيخنا منصور يروي غريب الحديث عن جده بفوات، فقرأناه عليه، فلما دخلت إلى سمرقند أو قال بخارى وجدت بعض نسخة عند فقيه بغريب الخطابي وفيها القدر الذي يفوت منصور، وفيه سماعه بغير تلك القراءة وغير التاريخ، فكمل له سماع جميعه، وهذا مما يدل على صدقه وأنه كان يسمع الشيء من جده غير مرة. وسمع جميع تفسير الثعلبي من عباسة العصاري. وقال لي ابن هلالة: رأيت أصل البيهقي بالسنن الكبير وقد ذهبت منه أجزاء متفرقة، فجميع ما وجد من) الأصل كان فيه سماع منصور ابن الفراوي من أبي المعالي الفارسي، فقرأت عليه جميع الكتاب بسماعه الموجود والباقي إجازة إن لم يكن سماعاً. ومولده في رمضان سنة ثلاث وعشرين. قلت: قدم بغداد حاجاً مع أبيه فحدث بها وروى عنه: ابن نقطة، والحافظ أبو عبد الله البرزالي، والإمام أبو عمرو ابن الصلاح، وأبو عبد الله المرسي، وأبو محمد عبد العزيز بن هلالة، وأبو إسحاق إبراهيم بن مضر الواسطي، وآخرون. وأجاز لأبي الغنائم بن علان، وللفخر علي، وللزكي عبد العظيم، وللجمال يحيى ابن الصيرفي، وآخرين سواهم. وتوفي في ليلة ثامن شعبان. وقرأت بخط الضياء رحمه الله قال: ليلة دخلت إلى نيسابور توفي منصور الفراوي.

(43/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 314
4 (حرف الهاء:)

4 (هارون بن الحسين بن كرج بن هارون:)
الأمير أبو الرأي. قال المنذري: كان يسمى شيخ الجماعة لما عنده من العقل والحزم. وله شعر يسير. وسمع من: المبارك بن طاهر الخزاعي، ونصر الله بن سلامة الهيتي، وغيرهما.
4 (هبة الله بن جعفر ابن سناء الملك أبي عبد الله محمد بن هبة الله:)
القاضي السعيد سناء الملك، أبو القاسم المصري، الأديب، الشاعر المشهور. قرأ القرآن على الشريف أبي الفتوح الخطيب. وقرأ النحو على العلامة ابن بري. وسمع بالإسكندرية من أبي طاهر بن سلفة. وله مصنفات مشهورة في الأدب و ديوان مشهور. وشعره في الذروة العليا. كتب في ديوان الإنشاء مدة.

(43/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 315
قال الشهاب القوصي وهو ممن روى عنه: كان مبتكراً للمعاني بثاقب فكره، آخذ لمجامع القلوب بحلاوة شعره. وذكره ابن خلكان، فقال: هبة الله ابن القاضي الرشيد أبي الفضل جعفر ابن المعتمد سناء الملك محمد بن هبة الله بن محمد السعدي. كان أحد الرؤساء النبلاء، وكان كثير التخصص والتنعم، وافر السعادة، محظوظاً من الدنيا، له رسائل دائرة بينه وبين القاضي الفاضل، وهو القائل في الفاضل:
(ولو أبصر النظام جوهر ثغرها .......... لما شك فيه أنه الجوهر الفرد)

(ومن قال إن الخيرزانة قدها .......... فقولوا له: إياك أن يسمع القد)
) وله:
(يا عاطل الجيد إلا من محاسنه .......... عطلت فيك الحشا إلا من الحزن)

(في سلك جفني در الدمع منتظم .......... فهل لجيدك في عقد بلا ثمن)

(لا تخش مني فإني كالنسيم ضنى .......... وما النسيم بمخشي على الغصن)
وله:
(ولم يودعوه السجن إلا مخافة .......... من العين أن تسطو على ذلك الحسن)

(وقالوا كم شاركت في الحسن يوسفاً .......... فشاركه أيضاً في الدخول إلى السجن)
وله:
(وملية بالحسن يسخر وجهها .......... بالبدر يهزأ ريقها بالقرقف)

(43/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 316
(لا أرتضي بالشمس تشبيهاً بها .......... والبدر بل لا أكتفي بالمكتفي)

(تتلو ملاحتها محاسن وجهها .......... فتريك معجز آية في الزخرف)

(فبحسن عطفك يا مليحة أحسني .......... وبعطف حسنك يا نحيلة فاعطفي)
وتقول: من هذا وقد سفكت دمي ظلماً وتسأل عن فؤادي وهي في:
(لا شيء أحسن من تلهب خدها .......... بالماء إلا حسنها وتعففي)

(ماذا لقيت من الصدود لأنني .......... ألقى خشونته بقلب مترف)

(والقلب يخلف أن سيسلو ثم لا .......... يسلو ويحلف أنه لم يحلف)
ووصف نقص النيل، فقال: وأمر ما أمر الماء، فإنه نضبت مشارعه، وتقطعت أصابعه، وتيمم العود لصلاة الاستسقاء، وهم المقياس من الضعف بالاستلقاء. توفي في أوائل رمضان: قال الحافظ عبد العظيم، سمعت شيئاً من شعره من أصحابه. وكان مولده سنة خمس وأربعين وخمسمائة.
4 (حرف الياء:)

4 (يحيى بن عبد الرحمن بن عبد المنعم:)

(43/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 317
أبو زكريا الصقلي الأصل، الفاسي، الدمشقي، الشافعي، القيسي، المعروف بالإصبهاني، لدخوله إصبهان. ولد بدمشق. ودخل إصبهان فبقي بها خمس سنين، فقرأ الخلافيات والنظر، وغير ذلك. وسمع أبا بكر بن ماشاذة، وأبا رشيد بن خالد البيع، وعبد الله بن عمر) بن عبد الله العدل. وسمع بالثغر من أبي طاهر السلفي. وأخذ ببجاية عن الحافظ عبد الحق الإشبيلي، وتجول في بلاد الأندلس، واستوطن غرناطة. قال الأبار: كان فقيهاً شافعياً، عارفاً بالأًول والتصوف، زاهداً ورعاً، كثير الصدقة، واعظاً مذكراً. أسمع الحديث، ولم يكن بالضابط. وله كتاب الروضة الأنيقة من تأليفه. حدث عنه أبو جعفر بن عميرة الضبي، وأبو محمد، وأبو سليمان ابنا حوط الله، وأبو القاسم الملاحي، وأبو الربيع بن سالم، وغيرهم. وسمع منه أبو جعفر ابن الدلال كتاب معالم السنن للخطابي، قرأه جميعه عليه. وقال ابن مسدي: قحطنا بغرناطة، فنزل أميرها إلى شيخنا أبي زكريا فقال: تذكر الناس، فلعل الله أن يفرج عن المسلمين، فوعظ، فورد عليه وارد سقط، وحمل، فمات بعد ساعة، فلما كفن، وأدخل حفرته، انفتحت أبواب السماء، وسالت الأودية أياماً. توفي في سادس شوال، يوم وفاة ابن نوح الغافقي، وله ستون سنة. وروى عنه أبو بكر ابن مسدي، فقال: أخبرنا الإمام مجد الدين أبو زكريا القيسي الواعظ، نزيل غرناطة سنة خمس وستمائة، أنبأنا أبو رشيد عبد الله بن عمر، أخبرنا القاسم بن الفضل الثقفي. فذكر حديثاً. وقال في معجمه: أخبرنا أبو زكريا، أخبرنا مسعود الثقفي سنة ستين

(43/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 318
بإصبهان، فذكر من جزء لوين. وقال في وصفه: شيخ محمود النقيبة مبارك الشيبة، آثاره مشكورة، وكراماته مسطورة. دخل إصبهان قبل الستين وخمسمائة، وسمع من مسعود، ومن فورجة، وإسماعيل بن غانم البيع، وعدة. وسمع سنة اثنتين وسبعين من السلفي. ثم غرب فسمع من عبد الحق ببجاية. ثم دخل الأندلس فأكثروا عنه على رأس الثمانين. قال لنا: جلت عشرين سنة دخلت إصبهان، وأذربيجان، والروم، والإسكندرية، وبجاية، وفاس، وشرق الأندلس، سنتان بدمشق، وقررت بأصيهان. ولما نزل بغرناطة ترك الوعظ ولزم بيته. وله تعليقة في الخلاف بين الشافعي وأبي حنيفة، غير أن أهل الأندلس أنكروا عليه روايته عن مسعود الثقفي، قالوا: هذا يروي عن الخطيب. واستبعدوا هذا، فلم يسمعوا منه شيئاً عن مسعود. وكان أبو الربيع بن سالم قد كتب إلى أبي الحسن بن المفضل قبل الستمائة أن يأخذ له إجازة من يروي عن الخطيب، فأجابه: ليس ببلادنا من يروي ذلك، وفي هذا القول من أبي الحسن ما فيه.) قلت: الظاهر أنه عنى بقوله بلادنا الثغر ومصر، وإلا فكان في الشام، والعراق ذلك موجوداً، وأحسب أن ابن المقدسي لم يفطن إلى ذا، فإنه ما رحل، ولا أرى الطلبة، أو كان ذلك وقد فتر عن الطلب، واشتغل بالفروع. ثم قال ابن مسدي: فلما وصل كتابه إلى ابن سالم، أطبق على مسعود الثقفي، وأنكر ان تكون له إجازة الخطيب. فأخرجت له خط الكندي، بسماعه من القزاز، عن الخطيب، فقال: هذا أوهى من الأول، كيف يكتب أبو الحسن بانقراض هذا الإسناد، ونقبل ما يأتي بعد الستمائة قلت: ابن سالم حافظ، وقد خفي عنه هذا، واعتمد بظاهر ما عندهم من النزول، بل كان بعد الستمائة وجد ما هو أعلى من روايات الخطيب كان بأصبهان من يروي عن رجل عن الحافظ أبي نعيم الذي هو هو من شيوخ الخطيب، وكان بالعراق من يروي عن رجل، عن ابن غيلان، وبخراسان من يروي عن رجل، عن عبد الغافر.

(43/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 319
قال ابن مسدي: كنت كثير التولج على شيخنا أبي زكريا لجواره، فقال: يا بني، عندي جزء يسمى عروس الأجزاء سمعته بإصبهان، فقرأه علي، وقال لي: أنت تكون لك رحلة وجولان. فهذا من كراماته.
4 (يونس بن يحيى بن أبي البركات بن أحمد:)
أبو الحسن، وأبو محمد الهاشمي، الأزجي، القصار، المجاور بمكة. ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفضل الأرموي، وابن ناصر، وابن الطلاية، وأبي الكرم الشهرزوري، وأبي الوقت، وسعيد بن البناء، وجماعة كثيرة. وسافر إلى الشام، ومصر، وجاور مدة. وحدث بأماكن روى عنه: ابن خليل، والزكي البرزالي، والزكي المنذري، والضياء المقدسي، ويعقوب بن أبي بكر الطبري، والتاج علي ابن القسطلاني. وروى صحيح البخاري بمكة وتوفي بها في صفر وقيل: في شعبان وروى ابن مسدي: في ثامن صفر. وقال: كان ذا عناية بالرواية.
4 (وفيها ولد هؤلاء:)
القاضي شمس الدين ابن خلكان. والنجم عبد المنعم ابن النجيب عبد اللطيف ابن الصيقل.

(43/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 320
والشرف عبد الله ابن شيخ الشيوخ تاج الدين ابن حمويه. والعماد أحمد ابن الشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد. والكاتب نجم الدين محمد بن عثمان ابن السابق. والشرف محمد بن) عبد الحكم بن حسن بن عقيل بن شريف بن رفاعة. والبرهان إبراهيم بن محمد ابن النشو. والنجم نعمة بن محمد بن نعمة المقدسي. والبدر مروان بن عبد الله بن فيرو الفارقي، بها.

(43/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 321
4 (وفيات سنة تسع وستمائة:)

4 (حرف الألف:)

4 (أحمد بن سلطان بن أحمد الظفري:)
من محلة الظفرية. سمع ابن البطي، وعبد الواحد بن الحسين البارزي. وحدث. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (أحمد بن عبد السلام الجراوي، الشاعر:)
نزيل مراكش. شاعر محسن له ديوان، وله حماسة أجاد فيها. روى عنه: سهل بن مالك، ومحمد بن عبد الجبار. وتوفي بإشبيلية عن سن عالية. وقيل: توفي قبل الستمائة كما مر.
4 (أحمد بن علي بن يحيى بن عون الله:)
أبو جعفر الأنصاري، الأندلسي الداني، المعروف بالحصار، نزيل بلنسية.

(43/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 322
قرأ القرآن على أبي إسحاق إبراهيم بن حسين بن محارب صاحب أبي عبد الله محمد ابن غلام الفرس. وقرأ القراءآت ببلنسية على أبي الحسن ابن هذيل، وسمع منه، ومن أبي الحسن ابن النعمة، وأبي عبد الله محمد بن يوسف بن سعادة. وأجاز له أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم الغرناطي، والحافظ عبد الحق الإشبيلي. وتصدر للإقراء، ورأس في ذلك أهل عصره. قال الأبار: كانت الرحلة إليه في وقته، ولم يكن أحد يدانيه في الضبط والتجويد والإتقان، وتصدر في حياة شيوخه أخذ عنه الآباء والأبناء، واضطرب بأخرة في روايته فأسند عن جماعة أدركهم، وكان بعض شيوخنا ينكر عليه ذلك مع صحة روايته عن عن المذكورين قبل وإكثاره عنهم، حتى لقد انفرد بقراءة تأليف أبي الحسن ابن النعمة في التفسير المترجم ب ري الظمآن. قلت: فعلى هذا تكون روايته للقراءآت عن أبي عبد الله ابن غلام الفرس مزلزلة، ولهذا لم يذكرها الأبار. ثم قال: أخذ عنه والدي القراءآت، وأخذتها عنه بعد ذلك بمدة، وسمعت منه جملة. وتوفي في ثالث صفر قبل الكائنة العظمى على المسلمين بوقعة العقاب من ناحية جيان بأيام، وقد قارب الثمانين. قلت: قرأت للسبعة على شيخنا برهان الدين الإسكندراني، عن قراءته على علم الدين القاسم) بن أحمد الأندلسي، وقال له: قرأت القراءآت وقرأت التيسير على جماعة منهم: أبو جعفر أحمد بن علي ويعرف بالحصار، وكتب له الحصار بخط يده أنه رواه، يعني التيسير عن أبي عبد الله محمد بن الحسن ابن غلام الفرس، وقال الحصار: لم ألق مثله في الإقراء، ومنه أخذت التجويد، وقرأ على أبي داود، وابن الدش، ثم قال: وقرأ

(43/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 323
الحصار أيضاً به على ابن هذيل. وممن قرا على الحصار أبو بكر محمد بن محمد بن مشليون، وأبو جعفر أحمد بن علي بن الفحام المالقي، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جوبر البلنسي. قال ابن شليون: كان ينسخ التيسير في السبوع ويبيعه ويقتات بذلك فيرغب الطلبة في كتابته لإتقانه رحمه الله
4 (أحمد بن مبشر بن زيد:)
أبو العباس الواسطي، المقرئ. ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة. وسمع بواسط من أبي الفرج ابن السوادي، وعلي بن المبارك. وسمع ببغداد من أبي الوقت، وأبي جعفر العباسي، وأحمد بن قفرجل، وجماعة. وبالكوفة من أبي الحسن بن غبرة. وبالبصرة من إبراهيم بن عطية المقرئ. وكان صاحباً لصدقة بن الحسين، ومعه قدم إلى بغداد. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (أحمد بن هارون بن أحمد بن جعفر بن عات:)
أبو عمر النفزي الشاطبي.

(43/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 324
ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وكان من بقايا الحفاظ. ذكره الأبار، فقال: سمع أباه العلامة أبا محمد، وأبا الحسن بن هذيل، وعليم بن عبد العزيز الحافظ. وحج، فسمع من أبي طاهر السلفي، وإسماعيل بن عوف. وزاد المنذري أنه سمع أبا عبد الله محمد بن يوسف بن سعادة، والحافظ عاشر بن محمد، ومخلوف بن علي بن جارة، وجماعة. وكان مشهوراً بكثرة الحفظ، وكان شيخنا أبو الحسن بن المفضل يذكره بكثرة الحفظ، والميل إلى تحصيل المعارف. قال الأبار: وكان أحد الحفاظ يسرد المتون ويحفظ الأسانيد عن ظهر قلب لا يخل منها بشيء، موصوفاً بالدراية والرواية، غالباً عليه الورع والزهد على منهاج السلف، يأكل الجشب ويلبس الخشن، وربما أذن في المساجد. وله تواليف دالة على سعة حفظه، مع حظ من النظم والنثر. حدثونا عنه وأجاز لي. توجه غازياً فشهد وقعة العقاب التي أفضت إلى) خراب الأندلس بالدائرة على المسلمين فيها، فعدم في صفر.
4 (إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن هراوة:)

(43/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 325
الفقيه، المحدث، أبو إسحاق القفصي، الشافعي، نزيل دمشق. سمع ببغداد من عبد المنعم بن كليب، وبمصر من عبد الله بن أبي محمد يعلى، وبدمشق من القاسم بن عساكر، وعمر بن طبرزد، والكندي، وجماعة. وكتب وحصل، وعني بهذا الشأن. وتوفي في ربيع الأول. قال المنذري: قفصة بفتح الصاد: مدينة بقرب القيروان.
4 (إبراهيم بن أبي نزار المبارك بن عبد الله:)
أبو إسحاق البغدادي الصوفي، البزاز. حدث عن: نصر بن نصر العكبري، وأبي الوقت. توفي في ذي الحجة.
4 (إسحاق بن إبراهيم بن يغمور:)
أبو إبراهيم الجابري، الأندلسي، نزيل مدينة فاس. سمع بسبتة من: أبي محمد بن عبيد الله الحجري. وتفقه بمرسية عند أبي عبد الله بن عبد الرحيم. وولي قضاء فاس وسبتة. وكان بصيراً بمذهب مالك. قيل: إنه كان يستظهر المدونة. ثم ولي قضاء بلنسية في سن ست وستمائة. وعدم في كائنة العقاب في صفر.

(43/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 326
4 (أفضل بن أحمد بن مسعود بن عبد الواحد الهاشمي:)
الشريف أبو محمد، أخو أكمل. من أولاد الشيوخ والسيادة ببغداد. روى عن: أبي الوقت، وغيره. وتوفي في المحرم.
4 (أفضل بن أبي بكر محمد بن علي بن عبد العزيز:)
أبو محمد الدار قزي السمذي، ابن أخت عمر بن طبرزد. ولد سنة أربعين وخمسمائة. وسمع من: أحمد ابن الطلاية، وأحمد بن أحمد ابن الخراز.
4 (أيوب بن عبد الله بن أحمد:)
أبو الصبر الفهري، السبتي. سمع أبا: محمد بن عبيد الله، وأبا القاسم بن حبيش. ودخل الأندلس فسمع أبا القاسم بن بشكوال، وأبا القاسم السهيلي. وحج وسمع بمكة من علي بن عمار، وعمر الميانشي، وبمصر من عبد الله بن بري، وغيرهم، واستوسع في الرواية. قال الأبار: كان صوفياً معروفاً بالزهد، أخذ عنه أبو محمد، وأبو سليمان ابنا حوط الله،) وأبو الحسن ابن القطان. واستشهد في وقعة العقاب.

(43/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 327
4 (أيوب، الملك الأوحد نجم الدين أيوب ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن)
أيوب بن شادي، صاحب خلاط. ملك خلاط نحواً من خمس سنين، وسفك دماء الأمراء بخلاط، وظلم وعسف، فابتلي بأمراض مزمنة حتى تمنى الموت، وتملك بعده أخوه السلطان الملك الأشرف موسى، فأحسن إلى أهل خلاط فأحبوه. توفي في ربيع الأول.
4 (حرف الجيم:)

4 (الجلخ بن عيسى بن محمد:)
أبو بكر. يأتي بكنيته.
4 (حرف الراء:)

4 (ربيعة بن الحسن بن علي بن عبد الله بن يحيى:)

(43/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 328
أبو نزار الحضرمي، اليمني، الصنعاني، الذماري، الشافعي، المحدث. ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة، فتفقه بظفار على الفقيه محمد بن عبد الله بن حماد، وغيره. وركب في البحر دخل كيش، والبصرة، وبغداد، وهمذان، وإصبهان، فأقام بإصبهان مدة طويلة، وتفقه على الإمام أبي السعادات الشافعي، وسمع أبا المطهر القاسم بن الفضل الصيدلاني، وأبا الفضائل محمد بن سهل المقرئ، ورجاء بن حامد المعداني، وعبد الله بن علي الطامذي، وإسماعيل بن شهريار صاحب رزق الله التميمي، وعبد الجبار بن محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني، وهبة الله بن محمد بن حنه، ومعمر بن الفاخر، وأبا مسعود عبد الرحيم ابن أبي الوفاء، وأبا موسى المديني، ومحمد بن أبي نصر القاساني، ومحمد بن عبد الواحد الصائغ. وأتى بغداد، فلقي بها الإمام أبا محمد ابن الخشاب وطبقته، وحج، فسمع من المبارك بن علي الطباخ، وقدم مصر سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وسمع بها من جماعة. وسمع من السلفي، وغيره. وحدث بدمشق، ومصر. روى عنه الزكيان: البرزالي، والمنذري، والضياء، وابن خليل، والتقي اليلداني، والشهاب القوصي، ومحمد بن علي ابن النشبي، وأهل مصر فإنه سكنها بأخرة.) قال المنذري: كتبت عنه قطعة صالحة، وكانت أصوله أكثرها باليمن، وهو أحد من لقيته ممن يفهم هذا الشأن، وكان عارفاً باللغة معرفة حسنة، كثير التلاوة للقرآن، كثير التعبد والانفراد. وقرأت بخط عمر ابن الحاجب: كان إماماً عالماً حافظاً، ثقة، أديباً

(43/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 329
شاعراً، حسن الخط، ذا دين وورع. وولد بحضرموت بشبام، من قرى حضرموت. وقال القوصي: أنشدنا أبو نزار لنفسه:
(ببيت لهيا بساتين مزخرفة .......... كأنها سرقت من دار رضوان)

(أجرت جداوله ذوب اللجين على .......... حصى من الدر مخلوط بعقيان)

(والطير تهتف في الأغصان صادحة .......... كضاربات مزامير وعيدان)

(وبعد هذا لسان الحال قائلة: .......... ما أطيب العيش في أمن وإيمان)
توفي في ثاني عشر جمادى الآخرة. وقد أجاز لأحمد بن أبي الخير، وللفخر علي.
4 (حرف الزاي:)

4 (زاهر بن رستم بن أبي الرجاء:)
أبو شجاع الأصبهاني الأصل، البغدادي، الفقيه الشافعي، المقرئ، الرجل الصالح. قرا القراءآت على أبي محمد عبد الله سبط الخياط، وعلى أبي الكرم الشهرزوري. وسمع منهما، ومن: أبي الفتح الكروخي، وأبي الفضل

(43/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 330
الأرموي، وأبي غالب محمد بن علي ابن الداية، وغيرهم. وتفقه، وصحب الصوفية والصلحاء وجاور، وأم بمقام إبراهيم مدة، ثم عجز وانقطع. وحدث بمكة، وبغداد، وواسط. قال ابن نقطة: كان ثقة صحيح الأخذ للقراءآت والحديث. قلت: روى عنه: ابن خليل، والدبيثي، والبرزالي، والضياء محمد، والنجيب عبد اللطيف، وآخرون. قال الزكي عبد العظيم: لم يتفق لي السماع منه، وأجاز لنا. وتوفي في ذي القعدة.
4 (زنكي بن أبي الوفاء واثق بن أبي القاسم:)
أبو القاسم البيهقي، نزيل مرو. شيخ صالح كان يخيط، ويأكل من كسب يده على كبر السن، ويؤذن. توفي في شوال بمرو. ويسمى أيضاً محموداً. سمع: محمد بن إسماعيل اليعقوبي، وعبد السيد بن أبي بكر البناء الطاقي، والقاسم بن عمر الفصاد حدثاه عن العميري، وأبا) العباس عبد المعز بن بشر المزني، ونصر بن سيار الكناني حدثاه عن نجيب الواسطي، وأبا الوقت السجزي، وغيرهم. روى عنه: الزكي البرزالي، والضياء المقدسي. وأجاز للفخر علي، ولجماعة.
4 (زهير ابن الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمود:)

(43/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 331
أبو سعد الطائي، البوشنجي. ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة ببوشنج. سمع من الزاهد يوسف بن أيوب الهمذاني. وحدث بهراة وروى عنه الحافظ الزكي البرزالي، وغيره. وأجاز للفخر علي. وتوفي في ربيع الأول.
4 (حرف السين:)

4 (سليمان بن سلطان بن خليفة:)
أبو الربيع المنذري، المصري، الشافعي، البناء. سمع من أبي طاهر السلفي، وإسماعيل بن قاسم الزيات. وأم الناس بمصر بالمسجد المعروف به. روى عنه الزكي المنذري. وتوفي في ذي القعدة.
4 (حرف العين:)

4 (عاتكة بنت الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد الحنبلي، الهمذاني،)
العطار:

(43/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 332
سمعت من: أبي بكر هبة الله بن الفرج ابن أخت الطويل، ونصر بن المظفر البرمكي، وأبي حفص عمر بن أحمد الصفار، وأبي الوقت. وروت الكثير بهمذان، وبغداد، وقدمت على ولدها القاضي علي بن عبد الرشيد قاضي الجانب الغربي ببغداد. وكان سماعها صحيحاً، وهو شيخة صالحة. روى عنها: أبو عبد الله الدبيثي. وأجازت للشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وللكمال عبد الرحيم، ولأحمد بن شيبان، وللفخر علي. وتوفيت فجاءةً ببغداد في رجب ساجدة.
4 (عائشة بنت أبي الفتح أحمد بن أبي غالب محمد بن محمد بن محمد بن السكن:)
حدثت عن: سعيد ابن البناء. وتوفيت في ربيع الأول ببغداد. وعنها: ابن النجار.
4 (عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر ابن الطوسي، ثم الموصلي:)
ولد سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة. وهو من بيت العلم والرواية. قال المنذري: توفي في) هذه السنة، ولنا منه إجازة.

(43/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 333
4 (عبد الله بن هبة الله بن أبي القاسم:)
أبو محمد ابن الحلي، الدلال، البزاز. حدث عن: أبي محمد سبط الخياط، وأحمد بن الأشقر، وأبي الفضل الأرموي. وقيل: بل الذي سمع من هؤلاء أخ له مات شاباً واسمه باسمه.
4 (عبد الرحمن بن أحمد بن مواهب بن الحسن:)
أبو محمد البغدادي، ابن غلام العلبي: سمع: أباه، وأبا الوقت، وجماعة. ومات في ذي القعدة.
4 (عبد الرحمن بن شجاع بن الحسن بن الفضل:)
الفقيه أبو الفرج البغدادي، الحنفي. ولد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. وتفقه على والده. وسمع من ابن ناصر، وأحمد بن ناقة. وكان إماماً فقيهاً مفتياً مدرساً درس بمشهد أبي حنيفة رحمه الله نيابة عن المدرس. وكان أبوه من كبار الحنفية.

(43/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 334
توفي هو في شعبان. عبد الرحمن بن أبي الفضائل عبد الوهاب بن أبي زيد صالح بن محمد: الفقيه، أبو الفضل ابن المعزم الهمذاني. ولد سنة ست وعشرين وخمسمائة بهمذان. وسمع: من أبيه، ومن أبي جعفر محمد بن أبي علي الحافظ، ونصر بن المظفر البرمكي، وأبي صابر عبد الصبوربن عبد السلام. وقيل: إنه أخر من حدث بهمذان بجامع الترمذي عن عبد الصبور، وهو آخر من حدث عن أبي جعفر الحافظ، وأبي منصور عبد الكريم بن محمد الخباز. وكان جده أبو زيد إمام جامع همذان قد سمع من أبي إسحاق الشيرازي. وقال الضياء المقدسي: هو أيضاً آخر من روى عن أبي الحسن العجلي، وكان إمام جامع همذان. روى عنه: ابن نقطة، والرفيع إسحاق بن محمد الهمذاني، والشرف المرسي، والصدر البكري، وغيرهم. وأجاز للفخر علي. قال ابن نقطة: سمع صحيح البخاري من أبي جعفر محمد بن أبي علي، وكان سماعه صحيحاً. وقال لي إسحاق بن محمد بن المؤيد: إنه قرأ عليه كتاب المتحابين في الله لأبي بن لال، بسماعه من البديع أحمد بن

(43/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 335
سعد العجلي أخبرنا علي بن عبد الحميد البجلي، عنه، وأنه سمع كتاب مكارم الأخلاق لابن لال أيضاً، من هبة الله ابن أخت الطويل أخبرنا البجلي، عن ابن لال. قال الحافظ عبد العظيم: توفي في ثامن عشر ربيع الآخر.)
4 (عبد الرحمن بن أبي الفوارس بن أحمد بن شيران:)
أبو الفتوح البغدادي، السمسار. سمع من: أبي غالب ابن الداية، وأبي الفضل الأرموي، وابن ناصر وحدث وكان شيخاً صالحاً. توفي في رجب.
4 (عبد الرشيد بن محمد بن علي:)
أبو بكر الميبذي. وميبذ: بليدة عنه يزد. سمع أبا العباس الترك وطبقته. وقرأ الكثير، وحصل الأصول. لقيته ببغداد. ولد سنة، ومات في صفر بيزد.
4 (عبد الصمد بن يوسف:)

(43/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 336
أخو الموفق عبد اللطيف بن يوسف البغدادي. أظنه روى عن أبي الوقت، وغيره. وتوفي في جمادى الآخرة.
4 (عبد الملك بن أبي علي المبارك بن عبد الملك بن الحسن:)
القاضي أبو منصور الحريمي، العدل، المعروف والده بابن القاضي. ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. وسمع من: أبي منصور عبد الرحمن بن محمد الشيباني، وأبي البدر إبراهيم بن محمد الكرخي، وأبي الفتح الكروخي، وابن الطلاية، وجماعة. وتوفي في العشرين من ذي الحجة. قال ابن النجار: كتبت عنه وكان صدوقاً.
4 (عبدان الفلكي:)
الأجل عز الدين، صاحب الدار والحمام تجاه دار الحديث النورية بدمشق. ورخ موته أبو شامة.
4 (علي بن أحمد بن علي ابن الصياد الواسطي:)

(43/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 337
أبو السعادات ابن أبي الكرم المقرئ، الضرير. تفقه بالنظامية. وسمع من أبي الوقت، وجماعة. وتوفي في جمادى الآخرة. وولي خطابة قرية الأرحاء، وهي قريبة من واسط.
4 (علي بن أحمد بن أبي نصر.)
أبو الهيجاء العباسي الشريف. حدث بصحيح البخاري عن أبي الوقت وكان يلعب بالحمام، وادعى سماع أشياء، وخلط
4 (علي بن أحمد بن يوسف بن مروان بن عمر:)
أبو الحسن الأندلسي. من أهل مدينة وادي آشن. روى عن: إبراهيم بن عبد الرحمن القيسي،) وعبد المنعم بن الفرس. قال الأبار: وكان صاحب فنون وتصانيف، منها: كتاب الوسيلة في الأسماء الحسنى، وكتاب الترصيع في تأصيل مسائل التفريع، وكتاب اقتباس السراج في شرح مسلم، وكتاب نهج المسالك في شرح موطأ مالك في عشر مجلدات. سمع منه شيخنا أبو جعفر ابن الدلال، وغيره. وتوفي وله ستون سنة.

(43/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 338
4 (علي بن أحمد بن أبي قوة:)
الأزدي، الداني، الشاعر. أخذ القراءآت عن أبيه، وابن كوثر، وأبي القاسم بن حبيش. أخذ عنه أبو القاسم الملاحي.
4 (علي بن الحسين بن علي بن نصر ابن البل:)
أبو الحسن الدوري، المجلد. ولد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: أحمد ابن الطلاية، وابن ناصر، وأبي الوقت، وجماعة. روى عنه: الدبيثي، وقال: مات في جمادى الأولى.
4 (علي بن حمزة بن علي ابن البزوري، الكرخي:)
روى حضوراً عن سعيد ابن البناء. ومات في ذي القعدة.
4 (علي بن أبي الكرم بن علي:)
أبو السعادات الأرحائي، الواسطي. والأرحاء: من قرى واسط.

(43/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 339
سمع صحيح البخاري من أبي الوقت. قال ابن نقطة: كتبت عنه بواسط، مات في جمادى الآخرة.
4 (علي بن محمد بن علي بن محمد:)
أبو الحسن ابن خروف. من كبار النحاة بالأندلس. حضر من إشبيلية. أخذ القراءآت عن أبي محمد ابن الزقاق، وأبي بكر بن صاف. وسمع من أبي عبد الله بن مجاهد، وأبي بكر بن خير، وجماعة. وأخذ العربية عن أبي إسحاق بن ملكون، وابن طاهر الخدب. وكان إماماً في العربية، مدققاً، محققاً، ماهراً، مشاركاً في علم الكلام والأصول، صنف شرحاً لكتاب سيبويه جليل الفائدة، وصنف شرحاً

(43/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 340
لجمل الزجاج، وكتاباً في الفرائض. وله كتاب الرد في العربية على أبي زيد السهيلي، وعلى جماعة. قال الأبار: وله كتاب في الرد على أبي المعالي الجويني، ولم يصب في رده، وكانت العربية بضاعته وصناعته. أقرأ النحو بعدة بلاد، ثم اختل عقله، وتوفي بعد مدة.)
4 (علي بن محمد ابن الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة:)
سمع من ابن البطي. وكان يتردد إلى الشام، وقدم آمد فأدركه أجله بها في جمادى الأولى.
4 (علي بن أبي الفرج المبارك بن صافي:)
أبو الحسن البغدادي، الصوفي. شيخ صالح. ولد سنة خمس وثلاثين. وسمع من: جده صافي بن عبد الله، ومن أبي الوقت، وأبي المظفر الشبلي. وصحب شيخ الشيوخ إسماعيل بن أبي سعد. وكان جده مولى القاضي أبي جعفر ابن الخرقي، فأعتقه وزوجه ابنته. توفي في رمضان.
4 (علي بن منصور بن الحسن بن القاسم بن الفضل الثقفي، الإصبهاني:)
إمام فاضل فقيه، من بيت الحديث والحشمة.

(43/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 341
ذكر أنه ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة. والعجب أنه لم يسمع من جعفر بن عبد الواحد الثقفي، وفاطمة الجوزدانية وطبقتهما. وسمع من زاهر الشحامي، وغيره. ولقبه: كمال الدين. روى عنه: أبو إسحاق الصريفيني، وغيره. وأجاز للشيخ شمس الدين ابن أبي عمر، وللفخر علي، وللكمال عبد الرحيم، ولأحمد بن شيبان، وغيرهم. ورخ الضياء وفاته في هذه السنة. ووجدت بخط الحافظ. أنه توفي سنة ست وستمائة، فالله أعلم.
4 (علي بن عبد الله بن فرج الغساني:)
المعروف بالزيتوني، الغرناطي. لازم أبا عبد الله بن عروس، وبرع في القراءآت والنحو. عظمه ابن الزبير، وقال: عرض الموطأ و كتاب سيبويه، وأكثر صحيح البخاري. قعد للإقراء وعقد الوثائق. روى عنه: أبو علي بن سمعان. توفي سنة تسع.
4 (حرف الفاء:)

4 (الفضل بن عمر بن منصور:)

(43/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 342
أبو منصور الأزجي، الكاتب، المعروف بابن الرائض المقرئ. قرأ القراءآت العشر على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي. وسمع من خديجة بنت النهرواني، وغيرها. وحدث، وكتب الخط المنسوب على طريقة ابن البواب في غاية الحسن. وتوفي في جمادى الآخرة، وله سبع وخمسون سنة.
4 (حرف القاف:)
)
4 (قايماز، عتيق شهردار:)
ابن الحافظ شيرويه الهمذاني. روى عن: أبي الخير محمد بن أحمد الباغبان. روى عنه: الشيخ الضياء، وغيره. توفي في جمادى الآخرة بهمذان.
4 (حرف الميم:)

4 (محمد بن أحمد بن خلف بن عياش:)
أبو عبد الله الأنصاري، الخزرجي، القرطبي، المعروف بالشنتيالي. سمع الكثير من أبي القاسم بن بشكوال، وناوله كتب خزانته وأخذ القراءات والنحو عن صهرة أبي القاسم بن غالب، وسمع من السهيلي، وأبي بكر ابن خير، وجماعة. قال الأبار: كان عالماً عاملاً، صالحاً، متواضعاً، عارفاً بالقراءاّت، مجوداً متقناً له بصر بالحديث والفقه، ومشاركة في الفرائض. أقرأ وأسمع

(43/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 343
دهراً وأخذ عنه أبو القاسم ابن الطيلسان، وابنه أبنه أبو بكر عياش. وتوفي في شعبان في عشر الثمانين.
4 (محمد بن إبراهيم.)
أبو عبد الله الحضرمي، القرطبي، الفقيه، قاضي اليسانة وخطيبها. له مؤلف في رجال الموطأ. وروى عن ابن بشكوال. واستشهد يوم العقاب.
4 (محمد بن إسماعيل بن علي.)
الفقيه أبو عبد الله اليمني، الشافعي، المعروف بابن أبي الصيف. كان عارفاً بالمذهب. حصل كثيراً من الكتب، وسمع بمكة من أبي نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق اليوسفي، وعلي بن عمار الطرابلسي، والحسن بن علي البطليوسي، والمبارك ابن الطباخ، وعبد المنعم بن عبد الله الفراوي، وطبقتهم.

(43/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 344
وجمع أربعين حديثاً عن أربعين شيخاً، من أربعين مدينة، سمع من الكل بمكة. وكان على طريقة حسنة، وسيرة جميلة، وخير. توفي بمكة في ذي الحجة. والصيف: بصاد مهملة.
4 (محمد بن حسن بن محمد بن يوسف بن خلف:)
أبو عبد الله ابن الحاج الأنصاري، المالقي، ويعرف أيضاً بابن صاحب الصلاة. سمع: أبا عبد الله ابن الفخار، وعبد الحق بن بونه، وجماعة. وحج فلقي في طريقه الحافظ أبا محمد عبد الحق بن عبد الرحمن ببجاية فسمع منه، وبالإسكندرية من أبي عبد الله محمد بن) عبد الرحمن الحضرمي، وبمكة من أبي حفص الميانشي. وقفل إلى بلده مالقة، وحدث. أخذ عنه: ابن حوط الله، وأبو القاسم الملاحي، وغيرهما. استشهد بوقعة العقاب في صفر.
4 (محمد بن الحسين بن عبد الله بن عمر بن هارون:)
أبو عبد الله الشوني. وشون: من عمل إشبيلية. سمع: أبا الحسن بن هذيل، وأبا الحسن إبن النعمة، وأبا بكر بن نمارة. وكان مشاركاً في الفقه وولي الأحكام ببلنسية، وكتب بخطه الكثير من العلوم. قال الأبار: وناولني رسالة ابن أبي زيد، و التيسير لأبي عمرو. ولم يكن له بصر بالحديث. وتوفي في ذي القعدة.

(43/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 345
4 (محمد بن سعد بن محمد:)
أبو الفتح الديباجي، المروزي. شيخ العربية بمرو، ومصنف كتاب المحصل في شرح المفضل للزمخشري. سمع من: أبي سعد ابن السمعاني. وحدث، وأقرأ النحو دهراً. وحج. وعاش اثنتين وتسعين سنة. وهو مشهور في تلك الديار، ومن أعيان النحاة. توفي بمرو في ثامن عشر صفر.
4 (محمد بن علي بن محمد بن الحسن:)
أبو العلاء ابن الراس اليمني، ثم البغدادي، الصوفي. سمع من: أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن الفارسي، وأبي المظفر هبة الله ابن الشبلي، وأبي الوقت السجزي، وجماعة. وعاش نيفاً وثمانين سنة. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وغيره. وتوفي في ذي القعدة. ولد لأبيه باليمن وهو في التجارة، وسمع بمكة من ابن الكروخي.
4 (محمد بن علي بن حمزة بن فارس بن محمد بن عبيد:)

(43/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 346
أبو الفرج الحراني، البغدادي، ابن القبيطي، أخو حمزة. ولد في صفر سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. وسمع من: أبي عبد الله الحسين، وأبي محمد عبد الله سبطي أبي منصور الخياط وأبي عبد الله ابن السلال، وأبي القاسم علي ابن الصباغ، وأبي منصور بن خيرون، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي ثم الإصبهاني، وأحمد بن الأشقر، وطبقتهم. وثقه أبو عبد الله الدبيثي، وروى عنه هو، والضياء، والجمال يحيى ابن الصيرفي، والمحب ابن النجار، وآخرون. وتوفي في الثامن والعشرين من جمادى الأولى. وأجاز للفخر علي، ولجماعة. وقد روى الحديث من بيته جماعة منهم: بنوه: عبد اللطيف، وعبد العزيز، ونصر.) وكان متيقظاً، حسن الأخلاق، صبوراً للطلبة، جميل الأمر. سمع منه الجمال ابن الصيرفي كتاب معرفة الصحابة لأبي عبد الله بن مندة، بسماعه من أبي سعد أحمد بن محمد ابن البغدادي، عن أصحاب المؤلف لأنه سمعه ملفقاً على اثنتين أو ثلاثة أنفس.
4 (محمد بن أبي بكر محمد بن علي بن عبد العزيز:)

(43/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 347
أبو عبد الله ابن السمذي، البغدادي، الدارقزي، ابن أخت عمر بن طبرزد وزوج ابنته. سمع بإفادته من أحمد ابن الطلاية، وأحمد بن أحمد ابن الخراز. وحدث. وكان مولده في سنة أربعين، وتوفي في المحرم. وكانت طريقته غير مرضية قاله ابن النجار ولم يسمع منه شيئاً.
4 (محمد بن محمد بن أبي الفضل:)
أبو عبد الله الخوارزمي. ولد سنة أربع وعشرين وخمسمائة. وسمع بإصبهان من زاهر الشحامي. روى عنه الضياء، وغيره. وبالإجازة الشيخ شمس الدين عبد الرحمن و... ومات في سلخ ذي الحجة.
4 (محمد بن محمد بن عبد الكريم:)
أبو عبد الله ابن الأكاف الموصلي. سمع من خطيب الموصل عبد الله ابن الطوسي. وقدم دمشق، فسمع بها. وسمع ببغداد من نصر الله القزاز، وجماعة. وعني بالجمع والكتابة. وحدث ببلده، وأقام مجاوراً بجامع الموصل العتيق مقبلاً على العبادة والخير رحمه الله.

(43/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 348
4 (محمد بن مسعود بن حسن النيسابوري:)
قال الحافظ الضياء: توفي بنيسابور في ذي الحجة، ومولده سنة عشر وخمسمائة. قلت: أجاز للفخر. وذكره المنذري في سنة عشر، ووصفه بالزهد، وقال: يعرف بالكوف.
4 (محمد بن محمد بن أبي الفضل:)
أبو عبد الله الخوارزمي، ثم الإصفهاني. من شيوخ الحافظ الضياء، قال: توفي في آخر سنة تسع، وولد سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
4 (المبارك بن سعد الله بن المبارك بن بركة:)
أبو الرضا الواسطي الأصل، البغدادي، الظفري، الطحان. سمع من: ابن ناصر، وعبد الملك) بن علي الهمذاني. توفي في رمضان. وقيل: توفي سنة عشر. روى عنه: الدبيثي.
4 (محمود بن عثمان بن مكارم النعال:)
الرجل الصالح. توفي ببغداد في صفر برباطه.

(43/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 349
وكان شيخاً صالحاً زاهداً، أماراً بالمعروف، نهاءً عن المنكر. روى عن: أبي الفتح ابن البطي، وغيره. قال أبو شامة في تاريخه: انتفع به خلق كثير ببغداد. قال: وكان شيخاً عابداً، مهيباً لطيفاً باسماً، يصوم الدهر ويختم القرآن كل يوم وليلة. وكان لا يتقوت إلا من غزل عمته. بنى رباطاً بباب الأزج يأوي إليه طلبة العلم من المقادسة وغيرهم. وله رياضات ومجاهدات قد ساح في بلاد الشام. وكان مولده في سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة. روى عنه: الضياء محمد، وغيره. وروى عنه ابن النجار، وقال: كان صالحاً زاهداً عابداً، ورعاً، ناهياً عن المنكر، كثير الخير.
4 (محمود بن مسعود البغدادي:)
المكبر بجامع القصر.

(43/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 350
روى عنه: أبي الفتح ابن البطي، وأبي المعالي الباجسرائي. وتوفي في شوال. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار.
4 (مرتفع بن جبريل بن قراتكين بن عبد الله بن شجاع:)
أبو العوالي الكناني، المصري، الشافعي، المقرئ. قرأ القراءآت على أبي الجيوش عساكر بن علي، وأبي الفوارس فارس ابن تركي، وأبي الجود غياث اللخمي. وسمع من أبي طاهر السلفي. وحدث، وأقرأ، وانتفع به خلق. وكان إماماً فاضلاً صالحاً. توفي بالقاهرة في ثاني شعبان، وله ثلاث وستون سنة.
4 (حرف النون:)

4 (نصر الله بن أبي بكر بن باباه الأسعردي الشاعر:)
المعروف بمادح الرحمن، نزيل دمشق. يقال: إنه لم يمدح أحداً من المخلوقين، بل قصر شعره على ذكره الله والثناء عليه. روى عنه الشهاب القوصي وغيره من شعره. وتوفي في جمادى الأولى، ودفن بمقبرة باب الفراديس.
4 (نصر ابن الرئيس أبي بكر منصور ابن الأجل أبي القاسم نصر بن منصور بن الحسين)
ابن العطار:)

(43/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 351
أبو القاسم، الحراني الأصل، البغدادي. ولد سنة خمس وخمسين. وسمع من أبي الفتح ابن البطي، وأبي زرعة، وجماعة. ودخل دمشق، ومصر. وقيل: إنه لم يحدث بشيء. وكان أبوه ظهير الدين من كبار الرؤساء، وقد ذكرناه.
4 (حرف الياء:)

4 (يحيى بن سالم بن مفلح:)
أبو زكريا البغدادي. حدث بالموصل عن أبي الوقت السجزي. وتوفي في رمضان بالموصل.
4 (يحيى بن محمد بن عبد الله بن غنيمة:)
الإمام أبو زكريا ابن حواوا الخياط، المقرئ. قرأ بالروايات الكثيرة على أصحاب البارع والمزرقي، وبالغ في ذلك حتى صار من أكمل قراء زمانه. ونظر في العربية. وتفقه لأحمد. وسمع الكثير من ابن شاتيل، ونصر الله القزاز. ختم عليه خلق. وكان صالحاً، حسن الطريقة. وثقه ابن النجار وروى عنه، وقال: مات في شعبان سنة تسع فجاءة.
4 (الكنى:)

4 (أبو بكر بن عيسى بن محمد بن خلف الحربي:)

(43/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 352
المعروف بالجلخ. سمع من هبة الله بن أحمد الشبلي. وحدث. توفي في رمضان. روى عنه ابن النجار ووصفه بالصلاح.
4 (أبو منصور ابن الصوفي:)
الكلابي، الدمشقي. لم أظفر باسمه. قال المنذري: توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة. حدث بداريا عن الحافظ أبي طاهر السلفي. توفي بدمشق، ودفن بمقابر باب الصغير.
4 (وفيها ولد:)
أبو بكر محمد ابن الحافظ إسماعيل ابن الأنماطي. والكمال أحمد بن محمد ابن النصيبي الحلبي. والصدر إبراهيم بن أحمد بن عقبة البصروي. والشرف مظفر بن محمد بن قصيبات التاجر بدمشق. والشرف يحيى بن أحمد ابن الصواف الإسكندراني. والمحيي يوسف بن حسن ابن القابسي الإسكندراني. والنجم عبد اللطيف بن نصر بن سعيد الشيخي، الذي روى عن ابن روزبة.

(43/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 353
والفخر يوسف بن كرم البغدادي الصائغ، يروي عن الفتح بن عبد السلام. والكمال علي بن عبد الله بن إبراهيم المتيجي، بالإسكندرية. وعماد الدين داود بن محمد بن أبي القاسم،) بالقدس في رجب. والزكي إبراهيم بن عبد الرحمن ابن المعري، ببعلبك. وعبد الرحيم بن عبد المنعم ابن الدميري، بمصر تقريباً. والمحدث أبو صالح عبيد الله بن عمر ابن العجمي بحلب. ومحمد بن عبد الصمد بن محمد ابن العجمي، سمعا الافتخار. وتاج الدين أحمد بن عبد الكريم ابن الأغلاقي.

(43/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 354
4 (وفيات سنة عشر وستمائة:)

4 (حرف الألف:)

4 (أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله:)
تاج الأمناء، أبو الفضل الدمشقي، المعدل. ابن أخي الحافظ أبي القاسم ابن عساكر، وأحد الإخوة وأكبرهم، ووالد العز النسابة. ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وسمع من: نصر بن أحمد بن مقاتل، وأبي العشائر محمد بن خليل القيسي، وأبي المظفر سعيد الفلكي، وعميه: الصائن هبة الله، والثقة علي، وأبي المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبي القاسم ابن البن، وجماعة كبيرة. وسمع بمكة من أحمد بن المقرب، والشيخ أبي النجيب عبد القاهر السهروردي. وخرج لنفسه مشيخة، وتكلم على أحاديثها ومواليدها، وكتب وجمع، وكان فصيحاً، صحيح النقل، محترماً جليلاً، خدم في مناصب كبار.

(43/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 355
روى عنه: ابنه عز الدين محمد، وابن خليل، والضياء محمد، والشهاب القوصي، وأبو الغنائم المسلم بن علان، ومحمد بن علي ابن النشبي، وغيرهم. توفي في ثاني رجب، ودفن بتربتهم عند مسجد القدم.
4 (أحمد بن محمد بن إبراهيم بن يحيى:)
أبو جعفر الحميري، الكتامي، القرطبي، المعمر، خطيب قرطبة. سمع: أبا عبد الله بن مكي، وأبا مروان بن مسرة، وأبا عبد الله بن نجاح الذهبي، وأخذ القراءآت عن أبي بكر عياش بن فرج، وعبد الرحيم الحجازي. وأخذ النحو واللغة عن أبي بكر بن سمجون، وأبي الحجاج المرادي، وأجاز له الإمام أبو عبد الله المازري وتفرد بالرواية عنه. وتصدر للإقراء بجامع قرطبة دهراً، ودرس علوم اللسان. قال الأبار: وكان حافظاً لها بصيراً بها. طال عمره، وأخذ الناس عنه وتوفي في صفر وقد جاوز الثمانين.) وقال المنذري: إنه يعرف بابن الوزغي، وأنه روى عن أبي الحسن يونس محمد بن مغيث، وشريح بن محمد الرعيني، وأبي عبد الله جعفر بن محمد بن مكي بن أبي طالب القيسي يعني بالإجازة. وذكره ابن مسدي في مشيخته بالإجازة، وقال: تفرد بالسنن والإسناد وكل فضيلة تستفاد، وتصرف من المعارف في فنون مع براعة في المنثور

(43/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 356
والموزون. وكان في القراءة والآداب إماماً غير منازع في هذا الباب مع سمو قدر ونزاهة ذكر. ويعرف بالوزغي بسكون الزاي وقيل: وزغة من قرى قرطبة. سمع من: جعفر بن محمد بن مكي، وعبد العزيز بن خلف بن مدير، وعبد الرحيم بن قاسم، وعياش بن فرج، ويوسف بن إسماعيل، ومحمد بن يوسف التميمي. وهو آخر من روى في الدنيا عنهم بالسماع. ولم يزل مقرئاً للقراءآت وتواليفها، ملقياً للآداب وتصاريفها إلى أن قال: كتب إلينا أبو جعفر بن يحيى من قرطبة، اخبرنا عبد العزيز بن خلف، أخبرنا محمد بن سعدون القروي، أخبرنا علي بن منير الخلال فذكر حديثاً. وأنبأنا، قال: أخبرنا جعفر بن محمد، أخبرنا عبد الملك بن سراج فذكر حديثاً. قيل مولده قبل العشرين وخمسمائة بيسير.
4 (أحمد بن محمد بن عمر:)

(43/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 357
أبو بكر الأزجي، المؤدب، المفيد، موفق الدين. سمع من: ذاكر بن كامل، وعبد الخالق ابن الصابوني، ويحيى بن بوش، وابن كليب، وطبقتهم. وقدم دمشق فقيراً واجتمع بالملك الظاهر بحلب، وقال: قد بعث لك الخليفة معي إجازة، وكذب، فخلع عليه وأعطاه خمسين ديناراً، ودار على ملوك البلاد وحصل منهم ثلاث مائة دينار. قال شمس الدين أبو المظفر الواعظ: اجتمعت به وقلت له: فعلت ما فعلت، فلا تقرب بغداد، فقال: أتتك بحائن رجلاه فقلت: ما أخوفني أن يصح المثل فيك. فكان كما قلت قدم بغداد فلما أمسى دق عليه الباب، فخرج فسحبه رجل، وضربه بسكين قتله، ثم صاح على أخته: اخرجي خذي أخاك وما معه، فخرجت فإذا هو مقتول، فأخذت المال الذي معه ودفنته. قلت: روى عنه القاضي شمس الدين أبو نصر ابن الشيرازي في مشيخته. وقتل في سادس عشر ربيع الآخر.
4 (أحمد بن مسعود بن علي:)

(43/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 358
أبو الفضل التركستاني، الفقيه الحنفي. قدم بغداد وتفقه، وبرع في المناظرة، وانتهت إليه) الرياسة في المذهب. ودرس بمشهد أبي حنيفة. وحدث بالإجازة عن الإمام الناصر لدين الله، وليس ذلك من العلو في شيء فإن في زماننا لو روى شخص عن الناصر بالإجازة لما عد ذلك في العوالي، فكيف الرواية عنه من أكثر من مائة سنة وفي حياته وإنما ذلك من الكبر والتعاظم بلا مستند. وقد صدر أبو الفضل رسولاً إلى النواحي. وتوفي في ربيع الآخر.
4 (إبراهيم بن سنقر البزاز:)
بغدادي حدث عن عبد الملك بن علي الهمذاني. توفي في حدود هذه السنة.
4 (إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز:)
أبو إسحاق الحضرمي، الإشبيلي، ويعرف بابن حصني. حج وسمع من: أبي طاهر السلفي، وابن عوف المالكي. قال الأبار: وكان مجتهداً في العبادة، منقطع القرين في الخير. توفي في جمادى الأولى.

(43/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 359
4 (إبراهيم بن نصر بن عسكر:)
القاضي ظهير الدين، قاضي السلامية. تفقه للشافعي على الإمام أبي عبد الله الحسين بن نصر بن خميس، وسمع منه. وارتحل إلى بغداد، وسمع بها، وتأدب على أبي البركات الأنباري. وولي قضاء السلامة، وهي من كبار قرى الموصل. وله شعر جيد. توفي في ربيع الآخر.
4 (إسماعيل بن عبد الجبار بن يوسف بن عبد الجبار بن شبل:)
القاضي أبو الطاهر بن القاضي الأكرم أبي الحجاج الجذامي، الصويتي، المقدسي الأصل، المصري، علم الدين. ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة. وقرأ الأدب على العلامة ابن بري وصحبه مدة. وصحب شيخ الديوان يومئذ السديد أبا القاسم كاتب ناصر الدولة، وانتفع بصحبته. وسمع بالإسكندرية من السلفي. وولي ديوان الجيش للسلطان صلاح الدين ثم للملك العزيز ابنه وللأفضل. ثم ولي للملك العادل إلى أن صرف منه.

(43/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 360
وكان شاعراً مترسلاً. ومن الاتفاقات الغريبة: أن العلم هذا ووالده عاشا عمراً واحداً: إحدى وستين سنة، وماتا في ذي القعدة، وولي كل واحد منهما ديوان الجيوش عشرين سنة. وكان أبوه من كبار الكتاب المصريين. وولد جده أبو الحجاج بالقدس، وقدم مصر وهو شاب، فاشتغل بالفقه، وولي القضاء بالغربية، وكان فقيهاً صالحاً خيراً.) وللعلم ولدان فاضلان وهما: محمد ويوسف، رويا الحديث وسيأتيان إن شاء الله.
4 (إسماعيل بن علي بن الحسين:)
فخر الدين الأزجي، الرفاء، المأموني، الحنبلي، الفقير، المتكلم، المعروف بغلام ابن المني. ولد في صفر سنة تسع وأربعين وخمسمائة. وتفقه على شيخه الإمام أبي الفتح نصر ابن المني، وسمع منه، ومن شهدة الكاتبة، ولاحق بن كاره. ودرس بعد شيخه في مسجده بالمأمونية. وكانت له حلقة بجامع القصر

(43/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 361
للمناظرة، وكان بارعاً في الفقه، والجدل، ومسائل الخلاف، فصيحاً، مناظراً. صنف تعليقة في الخلاف، وكان يقرئ العلوم في منزله. ورتب ناظراً في ديوان المطبق، فذمت سيرته، فحبس وعزل، وبقي خاملاً متحسراً على الرياسة إلى أن توالت أمراض فهلك، ولم يكن في دينه بذاك قاله ابن النجار. وقال: ذكر لي ولداه: أنه قرا الفلسفة على ابن مرقش النصراني. قال: وسمعت من أثق به: أنه صنف كتاباً سماه نواميس الأنبياء يذكر فيه أنهم كانوا حكماء كهرمس وأرسطاطاليس، فسألت بعض تلامذته عن ذلك فسكت، وقال: كان متسمحاً في دينه، متلاعباً به. قال ابن النجار: وكان دائماً يقع في الحديث وأهله ويقول: هم جهال لا يعرفون العلوم العقلية. ولم أكلمه قط. قال أبو المظفر ابن الجوزي: صنف له طريقة وجدلاً، وكان فصيحاً له عبارة، وصوت رفيع. ولاه الخليفة ضياع الخاص، فظلم الرعية، وجمع الأموال، فعزل وأقام في بيته خاملاً فقيراً يعيش من صدقات الناس إلى أن مات في ربيع الأول. وولده الشمس محمد قدم الشام بعد سنة عشرين وتعانى الوعظ، وكان فاسقاً مجاهراً، خبيث اللسان، ومعه جماعة مردان من أبناء الناس يزعم أنهم مماليكه، وبدت منه هنات قبيحة. وكان يضرب الزغل، وهجا قاضي دمشق ابن الخوتي، ومحتسبها الصدر البكري، والناصح ابن الحنبلي، وكان يؤذي الناس ويفتري. ثم عاد إلى بغداد فقطع الخليفة لسانه وطوف به، فتكلم وهذى وعاد إلى السعاية بالناس، فنفي إلى واسط، وألقي في مطمورة حتى مات.

(43/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 362
وقال الحافظ الضياء إسماعيل أبو محمد الفقيه صاحب ابن المني: كان يضرب به المثل) في المناظرة، وتوفي في ربيع الآخر. سمعت عليه من شعره حسب. وقد سمع من شهدة. قلت: توفي في ثامن ربيع الآخر، وأخذ عنه أئمة منهم: العلامة مجد الدين ابن تيمية.
4 (أيدغمش، السلطان صاحب همذان وإصبهان والري:)
كان قد تمكن وعظم أمره، وبعد صيته، وكثر جيشه إلى أن حصر ابن أستاذه أبا بكر ابن البهلوان صاحب أذربيجان، فلما كان في سنة ثمان وستمائة خرج عليه منكلي ونازعه في البلاد، وأطاعته المماليك البهلوانية. فهرب أيدغمش إلى بغداد، فأنعم عليه الخليفة وأعطاه الكوسات، وسيره على سلطنة همذان في سنة تسع، وقتل في سنة عشر. لقبه: شمس الدين.
4 (حرف التاء:)

4 (تاج العلى، الشريف النسابة الحسني، الرملي، الرافضي، الذي كان بآمد:)
توفي بحلب.

(43/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 363
وكان قد اجتمع هو وأبو الخطاب ابن دحية، فقال له: إن دحية لم يعقب، فتكلم فيه ابن دحية ورماه بالكذب، وهو كذلك. واسم تاج العلى: الأشرف بن الأعز بن هاشم العلوي الحسني. ذكره يحيى بن أبي طيء في تاريخه، فقال: هو شيخنا العلامة الحافظ النسابة الواعظ الشاعر. قدم علينا وصحبته وقرأت عليه نهج البلاغة وكثيراً من شعره، وأخبرني أنه ولد بالرملة في غرة المحرم سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، وعاشة مائة وثمانياً وعشرين سنة، قال لي: واستهلت علي سنة إحدى وعشرين وخمسمائة بعسقلان، وفيها اجتمعت بالقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الصوري الكناني، وسمعت عليه مجمل اللغة وعمره يومئذ خمس وتسعون سنة، قال: قدم علينا مدينة صور أبو الفتح سليم الرازي سنة أربعين وأربعمائة، ونزل عندنا، وسمعت عليه جميع المجمل بقراءته على مصنفه. قال: واستهل علي هلال المحرم سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة بالإسكندرية، ولقي ابن الفحام، وقرأ عليه بالسبع بكتابه الذي صنفه. قال: وكنت هذه السنة بالبصرة، وسمعت من لفظ ابن الحريري خطبة المقامات التي صنفها. ثم ذكر أنه دخل المغرب، وأنه سمع سنة سبع وأربعين من الكروخي كتاب الترمذي، ودخل دمشق، والجزيرة، واستقر بحلب في سنة ست وستمائة بعد أن أخذه ابن شيخ السلامية وزير صاحب

(43/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 364
آمد، وبنى في وجهه حائطاً، ثم خلص بشفاعة الظاهر صاحب حلب، لأنه هجا ابن شيخ السلامية، وأقام بحلب، وجعل له صاحبها كل يوم ديناراً صورياً، وفي الشهر عشرة مكاكي) حنطة ولحم. وأخبرني أنه صنف كتاب نكت الأنباء في مجلدين، وكتاب جنة الناظر وجنة المناظر خمس مجلدات في تفسير مائة آية ومائة حديث، وكتاباً في تحقيق غيبة المنتظر وما جاء فيها عن النبي عليه السلام وعن الأئمة، ووجوب الإيمان بها، و شرح القصيدة البائية للسيد الحميري، وغير ذلك. فسألته أن يأذن لي في نسخ هذه الكتب وقراءتها، فاعتذر بالتقية، وأنه مسترزق من طائفة النصب. قال: وكان هذا الأشرف من نوادر الدهر علماً وحفظاً وأدباً وظرفاً ونادرة وكرماً، كان يعطي ويهب ويخلع، قدح عينيه ثلاث مرات. وحكى لي: أنه لا يطيق ترك النكاح، ورزق بنتاً في سنة تسع قبل موته بسنة، ولم يفقد شيئاً من أعضائه، لكن قل بصره، وأنشدني لنفسه كثيراً. مات بحلب في تاسع وعشرين صفر. وقد كانت العامة تطعن عليه عند السلطان، ولا يزداد فيه إلا رغبة، فلما مات قال: هاتوا مثله، ولا تجدونه أبداً. قلت: ما كان هذا إلا وقحاً جريئاً على الكذب انظر كيف ادعى هذا السن، وكيف كذب في لقاء ابن الفحام، والحريري.
4 (حرف الحاء:)

4 (حسام الدمنهوري:)
أبو المهند. سمع من: أبي طاهر السلفي. وتوفي في رابع ذي القعدة.

(43/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 365
4 (الحسين بن سعيد بن الحسين بن شنيف بن محمد:)
أبو عبد الله الدارقزي، الأمين. ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وهبة الله بن أحمد ابن الطبر، وقاضي المارستان، وعبد الملك، وعلي ابني عبد الواحد بن زريق القزاز، وإسماعيل ابن السمرقندي، وجماعة. وكان أمين القضاة بمحلته وما يليها هو، وأبوه، وكان أبوه حنبلياً صالحاً. قال الدبيثي: كان ثقة من بيت حديث. ثم قال: قرأت عليه ونعم الشيخ كان أخبركم ابن الطبر فذكر حديثاً. توفي في ثالث عشر المحرم. قلت: وروى عنه: الضياء محمد، والنجيب عبد اللطيف، وخطيب دار القز أشرف بن محمد الهاشمي المعروف بابن قارون، وجماعة. وأجاز للفخر علي، ولجماعة آخرهم موتاً الكمال عبد الرحمن المكبر.) وشنيف: هو ابن محمد بن عبد الواحد بن عبد الله بن علي بن فصيح بن عون بن سليمان بن أسوار بن بحتر بن الديلم بن عتيد بن جونة بن طفخة بن ربيعة ثم ساق نسبه إلى خصفة بن قيس بن عيلان.
4 (الحسين بن عبد العزيز بن الحسين:)

(43/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 366
أبو عبد الله الكوفي، ثم الواسطي، المعروف بابن الوكيل البزاز. سمع: أبا الكرم نصر الله بن مخلد ابن الجلخت، وسعد بن عبد الكريم الغندجاني، وأحمد بن بختيار المندائي. وقد بغداد وسكنها. روى عنه: ابن النجار، وأبو عبد الله الدبيثي، وقال: كان أبوه من وكلا الحكام. ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة، وتوفي في جمادى الأولى. قلت: لم أر للرحالة عنه رواية.
4 (حرف الزاي:)

4 (زينب بنت الفقيه إبراهيم بن محمد بن أحمد بن إسماعيل:)
الحاجة أم الفضل القيسية، زوجة الخطيب أبي القاسم عبد الملك الدولعي خطيب دمشق. سمعت من: نصر الله المصيصي. وأجاز لها الفراوي، وزاهر الشحامي، وعبد المنعم ابن القشيري، والقاضي أبو بكر الأنصاري، وهبة الله بن الطبر، وآخرون. وكان أبوها جندياً، ثم تفقه وقرأ القرآن. روى عنها: الضياء، والتقي اليلداني، والشهاب القوصي، والفخر علي، وأبو الفتح يوسف بن يعقوب ابن المجاور، وجماعة. وكان مولدها بعد العشرين وخمسمائة. وتوفيت في الحادي والعشرين من ربيع الأول.

(43/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 367
4 (حرف السين:)

4 (ست الكتبة بنت أبي البقاء يحيى بن علي بن الحسن، أم عبد الرحمن:)
أخت أبي الحسن محمد بن يحيى الهمذاني، ثم البغدادي. شيخة معمرة سمعت في سنة خمس وعشرين وخمسمائة شيئاً نازلاً من ثابت بن المبارك الكيلي، أخبرنا مالك البانياسي. روى عنها: الدبيثي، وغيره. وتوفيت في جمادى الآخرة. وروى عنها القوصي في معجمه إجازة، قالت: أخبرنا ابن الحصين فذكر حديثاً وليس القوصي بمعتمد، فما علمت أحداً من أصحاب ابن الحصين عاش إلى هذا العام، والله أعلم
4 (سعيد بن علي بن أحمد بن الحسين:)
الوزير معز الدين أبو المعالي الأنصاري، البغدادي، المعروف بابن حديدة.

(43/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 368
ولد سنة ست) وثلاثين وخمسمائة تقريباً. وحدث عن أبي الخير أحمد بن إسماعيل القزويني. وأصله من كرخ سامراء، وسكن بغداد من صباه. وكان ذا مال وجاه وحشمة. استوزره الإمام الناصر لدين الله في سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وكان أبو الفرج ابن الجوزي يجلس للوعظ في داره، فلما ولي ابن مهدي الوزارة، وعزل ابن حديدة بعد أشهر من وزارته قبض عليه ابن مهدي وحبسه، وعزم على تعذيبه، فبذل للمترسمين مالاً، وحلق رأسه ولحيته وخرج في زي النسا، فسافر إلى مراغة، فبقي بها إلى أن عزل ابن مهدي، فعاد إلى بغداد. وكان سمحاً جواداً، متواضعاً، لازماً لبيته إلى أن مات في سادس جمادى الأولى. وأثنى عليه ابن النجار، وقال: كان جليلاً وقوراً، حسن السيرة، مشكوراً على الألسن. وكان مقرباً للعلماء والصلحاء، كثير البر. دخلت عليه، وسمعت منه، إلا أنه كان خالياً من العلم ضعيف الكتابة، وكان يتشيع.

(43/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 369
4 (حرف الشين:)

4 (شجاع بن سالم بن علي بن سلامة ابن البيطار الحريمي:)
ويعرف بابن خضير، الشيخ الصالح أبو الفضل. سمع حضورا من أحمد بن علي ابن الأشقر، وسمع من: أحمد ابن الطلاية الزاهد، وأبي الفضل الأرموي، وأبي الوقت، وجماعة. وهو أخو ظفر، وياسمين. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وغيره. وتوفي في شعبان. أجاز للفخر علي ابن البخاري، ولأحمد بن شيبان.
4 (حرف الصاد:)

4 (صالح بن أحمد بن طاهر:)
أبو البقاء السجستاني، نزيل حران. سمع من: أبي طاهر السلفي، وأبي المعالي منجب المرشدي. وحدث بالرها، وهو والد أحمد الذي روى عنه محمد بن يوسف الإربلي، وغيره.
4 (حرف الطاء:)

4 (طاووس بن أحمد بن الحسين:)

(43/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 370
أبو الحسن البغدادي الأزجي الصوفي الدقاق. ولد سنة تسع وثلاثين. سمع من: أبي المعمر عبد الله ابن الهاطر المعروف بخزيفة، والمبارك بن خضير. وكان اسمه أيضاً: عبد المحسن. مات في غرة جمادى الأولى. كنيته قيدها ابن نقطة.)
4 (حرف الظاء:)

4 (ظافر بن قاسم بن ملاعب الحربي:)
سمع: هبة الله بن أحمد الشبلي. روى عنه: ابن الدبيثي، وغيره. وتوفي في ذي الحجة.
4 (حرف العين:)

4 (عبد الله بن رافع بن مرتفع:)
الفقيه أبو محمد. ولد سنة خمسين وخمسمائة. وسمع: من السلفي. روى عنه: القوصي، وقال: مات بغزة في السنة.

(43/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 371
4 (عبد الله بن المبارك بن أحمد بن الحسين ابن سكينة:)
الصالح أبو محمد البغدادي. سمع من: أبي محمد سبط الخياط، وعبد الخالق بن أحمد اليوسفي، وابن ناصر. وسمع بهمذان من نصر بن المظفر البرمكي، وأجاز له يحيى بن الحسن ابن البناء. روى عنه: الدبيثي، والضياء، والنجيب الحراني. وتوفي في شعبان عن نيف وثمانين سنة. وكان أبوه إمام المسترشد بالله، فقتل معه لما قتلته الملاحدة بمراغة في سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وسكينة: مثقل.
4 (عبد الجليل بن أبي غالب بن أبي المعالي بن محمد بن الحسين بن مندويه:)
أبو مسعود الإصبهاني، السريجاني، المقرئ، الصوفي، نزيل دمشق. ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. وسمع وهو كبير من نصر بن المظفر البرمكي، وأبي الوقت السجزي.

(43/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 372
روى عنه: الزكي البرزالي، والزكي المنذري، وابن خليل، والضياء، واليلداني، والشهاب القوصي، وأبو الغنائم بن علان، والفخر علي، والمحيي عمر بن محمد بن أبي عصرون، وأبو بكر بن عمر بم يونس المزي، وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن صصرى، وآخرون. وآخر من روى عنه بالإجازة شيخنا عمر ابن القواس. قال ابن نقطة: كان ثقة صالحاً صحيح السماع، سمعت منه في الرحلة الأولى. وتوفي يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى. وذكره القوصي في معجمه، فقال: هو الإمام شيخ القراء، بقية السلف. قلت: وحدثه بصحيح البخاري غير مرة. وقيد بعضهم السريجاني بضم السين وكسر الراء ونون ساكنة ثم جيم.
4 (عبد الخالق بن أبي طاهر يحيى بن مقبل بن أحمد بن بركة بن الصدر الحريمي:)
) أبو الفضل ويعرف أيضاً بابن الأبيض. من بيت الرواية حدث عن أبي الفتح ابن البطي، وغيره. وتوفي في المحرم كهلاً.
4 (عبد الرحمن بن طاهر بن محمد بن طاهر الشيباني، البغدادي:)
أبو طاهر. توفي في جمادى الآخرة، وله تسعون سنة.

(43/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 373
روى عن: سعد الخير بن محمد.
4 (عبد الرحيم بن أبي النجم المبارك بن الحسن بن طراد:)
أبو الفضل الأزجي، القطيعي، المعروف بابن القابلة. سمع من: علي بن عبد السيد ابن الصباغ، والأثير أبي المعالي الفضل بن سهل، وابن ناصر. وحدث. وله إجازة من قاضي المارستان بمسموعه خاصة. روى عنه الدبيثي، وقال: توفي في رمضان.
4 (عبد الرشيد بن محمد بن محمد بن أحمد:)
أبو جعفر الطرقي الإصبهاني. توفي بإصبهان في صفر قاله الضياء وروى عنه. وله إجازة من زاهر الشحامي.
4 (عبد السلام بن أحمد بن أبي نصر بن الأسود.)
أبو الفضل الحريمي. سمع من: أبي العباس أحمد بن الطلاية.
4 (عبد الكريم بن حسن بن جعفر بن خليفة:)

(43/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 374
العلامة اللغوي، صفي الدين أبو طالب البعلبكي. من كبار الأدباء. عاش خمساً وستين سنة. سود شرحاً للمقامات. وله جزء سؤالات وقعت في السيرة، سأل عنها الحافظ عبد الغنى. قال الشيخ الفقيه: كان مليئاً بعلم اللغة، ثقة. وقال شرف الدين شيخ الشيوخ بحماة: شرحه للمقامات في غاية الجودة. وكتب بخطه سبعمائة مجلدة. مات في أواخر السنة.
4 (عبد اللطيف ابن الإمام أبي النجيب عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عمويه.)
أبو محمد السهروردي، الفقيه الشافعي. ولد سنة أربع وثلاثين. وتفقه على أبيه، وغيره، ولقي بخراسان جماعة من العلماء، وسمع من

(43/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 375
أبي الفضل الأرموي، وعلي ابن الصباغ، وعبد الملك بن علي الهمذاني، وأبي الوقت وغالب سماعه بالحضور. قدم على الملك الناصر صلاح الدين، فولاه قضاء كل بلد افتتحه من السواحل وغيرها. ثم عاد إلى إربل، وسكنها إلى حين وفاته. وله إجازة من قاضي المارستان. وكان كثير الأسفار. وقيل: إنه حدث عن قاضي المارستان بالسماع، فتكلم فيه لذلك. روى عنه: ابن خليل، والضياء. وتوفي في جمادى) الأولى.

(43/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 376
4 (عثمان بن إبراهيم بن فارس بن مقلد.)
أبو عمرو السيبي، ثم البغدادي، الأزجي، الخباز، نزيل الموصل. سمع من: أحمد ابن الأشقر، وأبي محمد عبد الله سبط الخياط، وأبي الفضل الأرموي، وجماعة. وهو أخو إسماعيل. توفي حادي عشر جمادى الأولى بالموصل.
4 (علي بن أحمد بن هلال.)
أبو الحسن الحربي، المستعمل، المعروف بابن العريبي.

(43/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 377
روى: عن المبارك بن أحمد الكندي، وأحمد ابن الطلاية، وسعيد ابن البناء. روى عنه: الدبيثي، وغيره، وابن النجار. وكان شيخاً حسناً كثير التلاوة، وله ثروة. توفي في الثالث والعشرين من رجب.
4 (علي بن أحمد بن علي بن عبد المنعم.)
مهذب الدين أبو الحسن البغدادي، المعروف بابن هبل الطبيب، ويعرف أيضاً بالخلاطي. ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة ببغداد. ولو سمع الحديث في صغره، لكان أسند أهل زمانه، وإنما سمع من أبي القاسم إسماعيل ابن السمرقندي. وقرأ الأدب، والطب، وبرع في الطب وصنف فيه كتاباً حافلاً، وكان من أذكياء العالم، وأضر بأخرة.

(43/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 378
روى عنه: الزكي البرزالي، وابن خليل، والنجيب عبد اللطيف، وجماعة. وأجاز للفخر علي بن البخاري. وقال أحمد بن أبي أصيبعة في تاريخه: كان أوحد وقته، وعلامة زمانه في صناعة الطب، وفي العلوم الحكمية، متميزاً في صناعة الأدب، وله شعر حسن، وألفاظه بليغة. وكان متقناً لحفظ القرآن. وأقام مدة بخلاط عند صاحبها شاه أرمن، وحصل له من جهته مال عظيم. قال: وحدثني عفيف الدين بن عدلان النحوي أن مهذب الدين قبل رحيله من خلاط، بعث ماله من المال العين إلى الموصل إلى مجاهد الدين قايماز الزيني وديعة عنده، وكان ذلك نحو مائة وثلاثين ألف دينار. ثم أقام ابن هبل بماردين عند بدر الدين لؤلؤ والنظام إلى أن قتلهما صاحب ماردين ناصر الدين ابن أرتق، وكان بدر الدين لؤلؤ مزوجاً بأم ناصر الدين. قال: وعمي مهذب الدين بماء نزل في عينيه عن ضربة، وكان عمره إذ ذاك خمساً وسبعين سنة. ثم توجه إلى الموصل، وحصلت له زمانة، فلزم منزله بسكة أبي نجيح، وكان يجلس على سرير، ويقصده طلبة الطب. حدثنا الحكيم أبو العز يوسف ابن أبي محمد بن مكي ابن) السنجاري الدمشقي، حدثنا أبو الحسن ابن هبل، أخبرنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي، أخبرنا عبد العزيز الكناني فذكر حديثاً. قال: وكان ابن هبل في أول أمره قد اجتمع بأبي محمد ابن الخشاب، وقرأ عليه شيئاً من النحو، وتردد إلى النظامية، وتفقه، ثم اشتهر بعد ذلك بالطب، وفاق أكثر أهل زمانه. ثم ذكر أبياتاً من شعره وقطعاً، منها:

(43/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 379
(لقد سبتني غداة الخيف غانية .......... قد حازت الحسن في دل لها وصبا)

(قامت تميس كخطوط البان غازلة .......... مع الأصائل ريحي شمأل وصبا)

(يكاد من دقة خصر تدل به .......... يشكو إلى ردفها من ثقله وصبا)

(لو لم يكن أقحوان الثغر مبسمها .......... ما هام قلبي بحبيها هوى وصبا)
وله كتاب المختار في الطب وهو كتاب جليل يشتمل على علم وعمل، وكتاب الطب الجمالي صنفه لجمال الدين محمد الوزير الملقب بالجواد. وخلف من الأولاد شمس الدين أحمد بن علي، وكان من فضلاء الأطباء. ولد سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، توفي في خدمة الملك الغالب صاحب الروم كيكاوس بن كيخسرو، وخلف ولدين فاضلين بالموصل. وتوفي مهذب الدين بالموصل في ثالث عشر المحرم، ودفن بمقبرة المعافى بن عمران. انتهى قول ابن أبي أصيبعة.
4 (علي بن موسى بن شلوط:)

(43/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 380
أبو الحسن البلنسي. حج وسمع بمكة من علي بن حميد بن عمار الطرابلسي. واستوطن تلمسان، واحترف بالطب. قال الأبار: قرأت عليه بعض صحيح البخاري، وتوفي نحو سنة عشر.
4 (علي بن محمد بن خروف:)
نحوي المغرب. توفي في هذا العام في قول، وقد مر في سنة تسع.
4 (عمر بن أحمد بن محمد بن عمر:)
أبو البركات العلوي، الحسيني، الزيدي النسب. ولد سنة ثلاث وأربعين. وسمع بإفادة أخيه الزاهد المحدث علي بن أحمد من: أبي بكر ابن الزاغوني، وأحمد بن هبة الله ابن الواثق، وأبي أحمد ابن المادح، وجماعة. وتوفي فجأة في العشرين من جمادى الأولى.)
4 (عمر بن محمد بن هارون:)
أبو حفص الواسطي، المقرئ. قرأ القرآن بواسط على جماعة، ولقن القرآن.

(43/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 381
وكان خيراً صالحاً، حدث عن أبي الوقت وتوفي في رمضان.
4 (عيسى الجزولي النحوي:)
ذكر هنا وفاته ابن خلكان، وقد مر في سنة سبع.
4 (عين الشمس بنت أحمد بن أبي الفرج:)
أم النور الثقفية، الإصبهانية. سمعت حضوراً في سنة أربع وعشرين وخمسمائة من إسماعيل ابن الإخشيذ السراج، وسمعت من محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني، وهي آخر من حدث عنهما. روى عنها الضياء محمد، والتقي ابن العز، والزكي البرزالي، وعامة الرحالة. وبالإجازة: الفخر علي، والشيخ شمس الدين عبد الرحمن، والبرهان إبراهيم ابن الدرجي، وشمس الدين عبد الواسع الأبهري، وآخرون. وكانت شيخة صالحة عفيفة، من بيت رواية وحديث. توفيت في نصف ربيع الآخر.
4 (حرف اللام:)

4 (لب بن الحسن بن أحمد:)
أبو عيسى التجيبي، البلنسي، المقرئ.

(43/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 382
أخذ القراءآت عن أبي بكر بن نمارة، وأبي الحسن بن النعمة، وأخذ قراءة نافع عن أبي الحسن بن هذيل. وعلم بالقرآن. وكان صالحاً عابداً، يشار إليه بإجابة الدعوة. أخذ عنه: أبو بكر بن محرز، وأبو محمد بن مطروح، وأبو القاسم ابن الولي. وتوفي بدانية. قاله الأبار.
4 (حرف الميم:)

4 (محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان:)
الفقيه أبو عبد الله بهاء الدين الإربلي، الشافعي. ولد في حدود سنة سبع وخمسين. وتفقه بالموصل، وسمع بها من يحيى الثقفي ودخل بغداد وتفقه بها على ابن فضلان وسمع بها من يحيى بن بوش، وابن كليب، وطائفة. وحدث بإربل، ودرس بها أيضاً بالمدرسة المظفرية. وهو أخو ركن الدين الحسين، ونجم الدين عمر، ووالد قاضي الشام أحمد.
4 (محمد بن سعيد بن الندي:)
)

(43/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 383
أبو بكر الموصلي، الجزري، الفقيه. دخل جزيرة ابن عمر، ودرس بها، ووزر لصاحبها محمود بن سنجرشاه ثم سافر إلى إربل واتصل بصاحبها، ثم عاد إلى الجزيرة، ولازم بيته إلى أن مات. وهو والد المحيي الجزري، وأخيه العماد.
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن مفرج:)
أبو عبد الله بن غطوس الأنصاري، الأندلسي، البلنسي، الناسخ. قال الأبار: انفرد في وقته بالبراعة في كتابة المصاحف ونقطها، فيقال: إنه كتب ألف مصحف، ولم يزل الملوك والكبار يتنافسون فيها إلى اليوم. وكان قد آلى على نفسه أن لا يكتب حرفاً من غير القرآن، وخلف أباه وأخاه في هذه الصناعة، مع الخير والصلاح والانقطاع. توفي حول سنة عشر، وكان يغلب عليه الغفلة.
4 (محمد بن عبد الملك بن أبي نصر:)
أبو بكر الأندلسي، نزيل المرية. أخذ عن أبي القاسم بن بشكوال، وأبي القاسم بن حبيش، وجماعة. وأجاز له أبو الحسن بن هذيل. وولي قضاء المرية وخطابتها. وكان عارفاً بالفقه، والقراءآت، والحديث أقرأ وحدث.

(43/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 384
وتوفي معزولاً عن القضاء سنة عشر هذه أو بعيدها.
4 (محمد بن عبد الملك بن يوسف بن قرين:)
أبو عبد الله البلنسي، اللري. من أهل لرية، ولي الأحكام بها. وسمع من أبي الحسن بن هذيل، وابن النعمة، وأجاز له السلفي. وحدث.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن سليمان:)
الحافظ أبو عبد الله التجيبي، المرسي، نزيل تلمسان. أخذ القراءآت عن نسيبه أبي أحمد بن معط، وأبي الحجاج الثغري، وأبي عبد الله ابن الفرس، وسمع منهم، ومن أبي محمد بن عبيد الله. وحج وطول الغيبة، وكتب عن نحو مائة وثلاثين شيخاً منهم السلفي، وأكثر عنه، وقال: دعا بطول العمر، وقال لي: تكون محدث المغرب إن شاء الله. وسمع بمكة من علي بن حميد الطرابلسي، وسمع ببجاية من عبد الحق الإشبيلي. وحدث بسبتة في سنة أربع وسبعين في حياة شيوخه. ثم سكن تلمسان، وحدث، وجمع، ورحل إليه الناس، وأكثروا عنه. قال الأبار: وكان عدلاً خيراً، حافظاً للحديث ضابطاً، وغيره أضبط منه. روى عنه أكابر أصحابنا وبعض شيوخنا لعلوه وعدالته، وأجاز لي.

(43/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 385
ومعجم شيوخه في مجلد كبير. وألف) أربعين حديثاً في المواعظ، و أربعين حديثاً في الفقر وفضله، و أربعين في الحب في الله تعالى، و أربعين في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وتصانيف أخر. في حدود الأربعين وخمس مائة، وتوفي في جمادى الأولى.
4 (محمد بن فارس بن حمزة المغربي الأصل، المحلي:)
الشاعر أبو عبد الله. له شعر جيد. ولقبه رضي الدين. وخدم الدواوين. روى عنه قصائد من شعره الشهاب القوصي.
4 (محمد بن محمد بن سليمان بن عبد العزيز:)
أبو عبد الله الأنصاري، الأندلسي، البلنسي، النحوي، المعروف بابن أبي البقاء وهو خاله. سمع من: أبي العطاء بن نذير، وأبي بكر بن أبي جمرة، وجماعة من شيوخ الأبار كابن نوح الغافقي، وغيره، وأجاز له أبو محمد ابن الفرس، وأبو ذر الخشني النحوي.

(43/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 386
قال الأبار: وروى بالإجازة العامة عن أبي مروان بن قزمان، وأبي طاهر السلفي لإجازته لأهل الأندلس. وكان شديد العناية بالسماع والرواية مع الحظ الوافر من المعرفة، وكان يتحقق بعلم العربية، عاكفاً على إقرائها، مليح الخط. سمعت منه، وأجاز لي. وكان شاعراً مجوداً. توفي في ربيع الأول كهلاً.
4 (محمد بن مكي بن أبي الرجاء:)
أبو عبد الله الإصبهاني، الحنبلي، الحافظ. أحد من عني بهذا الشأن وطلبه، وأكثر منه. سمع: مسعود بن الحسن الثقفي، وأبا الخير الباغبان، وأبا عبد الله الرستمي، ومحمود بن عبد الكريم فورجة، وطبقتهم. روى عنه: الزكي البرزالي، والضياء المقدسي، وجماعة من الرحالين. وأجاز للفخر علي، وللكمال عبد الرحيم، ولأحمد بن شيبان، وللبرهان إبراهيم ابن الدرجي، وغيرهم. وتوفي في المحرم.
4 (محمد بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي:)

(43/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 387
السلطان الملك الناصر أبو عبد الله القيسي، المغربي، الملقب بأمير المؤمنين. وأمه أمة رومية اسمها زهر. بويع بعهد أبيه إليه عند وفاته، وكان قد جعله ولي عهده، وله عشر سنين في سنة ست) وثمانين، وبويع بالأمر في صفر سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وكان أبيض أشقر أشهل، أسيل الخدين، حسن القامة، كثير الإطراق، طويل الصمت، بعيد الغور، بلسانه لثغة. وكان شجاعاً، حليماً، فيه بخل بالمال، وعفة عن الدماء، وقلة خوض فيما لا يعنيه. وله من الأولاد: يوسف ولي عهده، ويحيى وتوفي في حياته، وإسحاق. استوزر أبا زيد عبد الرحمن بن يوجان وزير أبيه، ثم عزله واستوزر أخاه إبراهيم ابن السلطان يعقوب، وهو أولى بالملك منه. قال عبد الواحد بن علي المراكشي: وكان إبراهيم لي محباً، وصل إلي منه أموال وخلع جمة أيام نيابته على إشبيلية، ولي فيه هذه:
(لكم على هذا الورى التقديم .......... وعليهم التفويض والتسليم)

(الله أعلاكم وأعلى أمره .......... بكم وأنف الحاسدين رغيم)

(أحييتم المنصور فهو كأنه .......... لم تفتقده معالم ورسوم)

(ومنابر ومحارب ومحابر .......... وحمى يحاط وأرمل ويتيم)
وبلغني موت إبراهيم في سنة سبع عشرة وستمائة. قال: وكان لأبي عبد الله من كتاب الإنشاء: أبو عبد الله محمد بن

(43/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 388
عبد الرحمن بن عياش، وأبو الحسن علي بن عياش بن عبد الملك بن عياش، وأبو عبد الله بن يخلفتن الفازازي. وولي له القضاء: أبو القاسم أحمد بن بقي، ثم عزله بأبي عبد الله بن مروان، ثم ولي القضاء محمد بن عبد الله بن طاهر الواعظ الصوفي، الأصولي الذي يذكر أنه علوي، وكان قد اتصل بوالده فحظي عنده، وسمعته مرة يقول: جملة ما وصل إلي من أمير المؤمنين المنصور أبي يوسف تسعة عشر ألف دينار سوى الخلع والمراكب والإقطاع، ومات على القضاء سنة ثمان وستمائة. ثم ولي بعده القضاء أبو عمران موسى بن عيسى بن عمران الذي كان أبوه قاضياً لأبي يعقوب موسى بن عبد المؤمن. وكان الذي قام ببيعة محمد أبو زيد عبد الرحمن بن عمر بن عبد المؤمن الوزير، وعبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص عمر. ثم اخذ أولاً في تجهيز الجيوش إلى إفريقية لأن يحيى بن إسحاق بن غانية كان قد استولى على أكثر بلادها، واستعمل عليهم أبا الحسن علي بن عمر بن عبد) المؤمن، فسار فالتقى هو وابن غانية بين بجابة وقسنطينة، فانهزم الموحدون، ورجع علي في حالة سيئة، فانتدب أبو عبد الله للحرب الوزير أبا زيد المذكور، فسار حتى بلغ قسنطينة، ثم استعمله على إفريقية، ولما بلغه أن ابن غانية استولى على مدينة فاس، تجهز في جيوشه، وسار إلى فاس، وأراد أن يبعث مراكب إلى ميورقة يستأصل شافة بني غانية، واستعمل على الأسطول عمه أبا العلاء إدريس بن يوسف، وأبا سعيد عثمان بن أبي حفص، فسارا، وافتتحاها عنوة، وقتلا أميرها عبد الله بن إسحاق بن غانية قتله المقدم عمر الكردي. قيل: إنه لما نازلوه خرج على باب ميورقة وهو سكران فقتل، وذلك في سنة تسع وتسعين وانتهبوا أمواله، وسبوا حريمه، وقدموا بهم مراكش.

(43/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 389
قال: وقد كان قبل هذا أقام بالسوس رجل من جزولة اسمه يحيى بن عبد الرحمن ابن الجزارة، فاجتمع عليه خلائق، فسارت إليه عساكر الموحدين فهزمهم غير مرة، ثم إنه قتل بعد أن كاد أن يملك ويظهر وكان يلقب بأبي قصبة. وفي سنة إحدى وستمائة قصد السلطان أبو عبد الله بلاد إفريقية، وقد كان ابن غانية استولى عليها خلا بجابة وقسنطينة، فأقام أبو عبد الله على المهدية أربعة أشهر يحاصرها وبها ابن عم ابن غانية، فلما طال عليه الحصار سلم البلد، وفر إلى ابن عمه ثم رأى الرجوع إلى الموحدين، فتلقوه أحسن ملتقى، وقدموا له تحفاً سنية، ثم سار إليهم سير أخو ابن غانية فأكرموه أيضاً. قال: وبلغني أن جملة ما أنفقه أبو عبد الله في هذه السفرة مائة وعشرون حمل ذهب. ورجع إلى مراكش في سنة أربع وستمائة، وبقي بها إلى سنة سبع، ففرغ ما بينه وبين الإذفنش ملك الفرنجة من المهادنة، فسار وعبر إلى إشبيلية، ثم تحرك في أول سنة ثمان وقصد بلاد الروم لعنهم الله فنزل على قلعة لهم، ففتحها بعد حصار طويل ورجع، فدخل الإذفنش إلى قاصية الروم يستنفر الفرنج حتى اجتمعت له جموع عظيمة من الأندلس ومن الشام حتى بلغ نفيره إلى القسنطينة، وجاء معه البرشنوني صاحب بلاد أرغن، فبلغ أمير المؤمنين محمد، فاستنفر الناس في أول سنة تسع، فالتقوا بموضع يعرف بالعقاب، فحمل الإذفنش على المسلمين وهم على غير أهبة. فانهزموا وقتل من الموحدين خلق كثير. وأكبر أسباب الهزيمة اختلاف نيات الموحدين وغضبهم على تأخير أعطياتهم فبلغني عن جماعة منهم أنهم لم يسلوا سيفاً،) ولا شرعوا رمحاً، بل انهزموا، وثبت أبو عبد الله ثباتاً كلياً، ولولا ثباته، لاستؤصلت تلك الجموع قتلاً وأسراً، وذلك في صفر. ورجع الملاعين بغنائم عظيمة، وافتتحوا في طريقهم بياسة عنوةً، فقتلوا وسبوا، فكانت هذه أشد على المسلمين من الهزيمة. ونقل أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الجزري في تاريخه: أن الناصر أبا عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف القيسي الكومي صاحب المغرب توفي

(43/389)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 390
في هذه السنة، سنة عشر. قال: والمغاربة يقولون: إنه كان قد أوصى عبيده وحرسه أن من ظهر لكم بالليل، فهو مباح للدم، ثم نه أراد أن يختبر قدر أمره لهم، فسكر، وجعل يمشي في بستانه، فلما رأوه، جعلوه غرضاً لرماحهم، فجعل يقول: أنا الخليفة أنا الخليفة فلم يمكنهم استدراك الفائت وتلف. وقام بالأمر بعده ابنه المستنصر بالله أبو يعقوب يوسف، ولم يكن في بني عبد المؤمن أحسن من يوسف ولا أفصح، إلا أنه كان مشغوفاً بالراحة، وضعفت دولتهم في أيامه. وأما عبد الواحد بن علي المراكشي، فإنه يقول في كتابه المعجب: إن أبا عبد الله مرض بالسكتة في أول شعبان، ومات في خامسه. وهذا هو الصحيح، لأنه أدرك موته، وكان شاهداً.
4 (محمود بن أيدكين الشرفي البواب البغدادي:)
سمع من: علي بن عبد العزيز ابن السماك، وابن ناصر، وصدقة بن المحلبان، وجماعة. وتوفي في شوال عن بضع وثمانين سنة. ونسبته إلى شرف الدين نوشروان بن خالد الوزير. وفي الرواة: الشرفي، نسبة إلى شرف الدين علي بن طراد الوزير، والشرفي، نسبة إلى الشرف، موضع. روى عنه: الدبيثي، والنجيب عبد اللطيف.
4 (المسلم بن سعيد بن المسلم ابن العطار، أبو محمد الحراني، ثم البغدادي، التاجر:)
ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة.

(43/390)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 391
وسمع من: أبي محمد سبط الخياط. روى عنه: الدبيثي، وغيره. وتوفي في خامس ذي القعدة.
4 (ميمون القصري:)
الأمير الكبير فارس الدين الصلاحي. قال ابن واصل: هو آخر من بقي من الأمراء الصلاحية. توفي بحلب. وعتق في الليلة التي مات فيها مائة مملوك وزوجهم. وخلف أموالاً كثيرة. توفي في رمضان.)
4 (حرف النون:)

4 (ناصر بن عبد السيد بن علي:)

(43/391)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 392
أبو الفتح الخوارزمي، الحنفي، المطرزي، النحوي الأديب. ولد بخوارزم سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. وكان من رؤوس المعتزلة، وله معرفة تامة بالعربية، واللغة، والشعر. له تصانيف في الأدب، وشعر كثير. وكان حنفي المذهب. توفي في الحادي والعشرين من جمادى الأولى بخوارزم. وكان أبوه أبو المكارم من كبار الفضلاء. ولناصر كتاب شرح المقامات، وكتاب المغرب تكلم فيه على الألفاظ التي يستعملها الفقهاء من الغريب، فهو للحنفية ككتاب الأزهري للشافعية. وله الإقناع في اللغة، مختصر إصلاح المنطق، و مقدمة لطيفة في النحو مشهورة. ذكر ذلك ابن خلكان، وأنه قدم بغداد حاجاً سنة إحدى وستمائة، وأخذ عنه بها بعض الفضلاء. وكان يقال: هو خليفة الزمخشري فإنه ولد في العام الذي مات فيه الزمخشري. ولما مات المطرزي رثوه بأكثر من ثلاثمائة قصيدة بالعربي وبالعجمي. والمطرزي: نسبة إلى تطريز الثياب. كذا قيل: إن هذا مؤلف المقدمة المطرزية وليس بصحيح بل مؤلفها دمشقي قديم، وهو أبو عبد الله محمد بن علي السلمي المطرز المتوفى سنة ست وخمسين وأربعمائة، فلعل هذا الخوارزمي له مقدمة أخرى نعم له، وتسمى المصباح شهيرة ينتفع بها.=34=

34. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي.
تأليف: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 393
4 (حرف الهاء:)


4 (هبة الله ابن الإمام الفقيه إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن محفوظ بن منصور بن معاذ:)
أبو القاسم السلمي، الآمدي، ثم البغدادي، المعروف بابن الفراء. سمع من: هبة الله بن هلال الدقاق، وابن البطي، وجماعة. وحدث. وأبوه ممن رحل إلى محمد بن يحيى وتفقه عليه بنيسابور. توفي هبة الله في ذي القعدة.
4 (هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب:)
أبو منصور الحلي، الأديب النحوي. قرأ الأدب على أبي محمد ابن الخشاب، وأبي الحسن علي ابن العصار. وأقرا بالحلة، وانتفع به الناس. وتوفي في حدود هذه السنة.
4 (هلال بن محفوظ بن هلال الرسعني، الفقيه:)
) تفقه ببغداد، وسمع من شهدة الكاتبة. وحدث براس العين.

(43/393)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 394
4 (حرف الواو:)

4 (واجب بن محمد بن عمر بن محمد بن واجب:)
أبو محمد القيسي، البلنسي. سمع: أبا الحسن بن هذيل، وأبا الحسن بن النعمة. وولي القضاء بأماكن. روى عنه: أبو عبد الله الأبار، وغيره.
4 (حرف الياء:)

4 (يحيى بن أبي محمد بن علي بن المعمر:)
أبو زكريا القطيعي، الأزجي، المعروف بابن جرادة. روى عن: أبي الوقت. روى عنه: الدبيثي. توفي في شعبان.
4 (الكنى:)

4 (أبو نصر بن عبد السلام بن أحمد بن الأسود الحريمي:)
حدث عن الزاهد أحمد ابن الطلاية. وتوفي في ربيع الآخر.

(43/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 395
4 (وفيها ولد:)
العز إسماعيل بن عبد الرحمن ابن الفراء. والزين أبو بكر بن محمد بن طرخان. والنجم محمد بن محمد السبتي نزيل دمشق. والنور محمود بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عصرون. والكمال أحمد بن يوسف بن شاذي الفاضلي. والكمال علي بن محمد ابن الأعمى صاحب المقامة. والتاج محمد بن عبد السلام بن أبي عصرون. والتقي علي بن عبد العزيز الإربلي المقرئ نزيل بغداد. والظهير محمد بن عمر بن محمد البخاري الحنفي مدرس الشبلية. وجبريل بن أبي الحسن العسقلاني. والنجم أحمد بن عبد العزيز بن أحمد باقة. وأبو العز مظفر ابن المحدث علي ابن النشبي. وعبد المحسن بن هبة الله ابن الفوي الأديب. وأسد الدين إبراهيم بن الليث الأغري. والتاج أحمد ابن الأغلاقي، أو في التي قبلها. وكافور الصواف عتيق ابن الفوي. والعماد حسين بن علي بن القاسم ابن عساكر. والشرف محمد بن أحمد بن إبراهيم ابن المجير الكتبي المحدث. والتاج يحيى بن محمد بن أحمد ابن الحبوبي محتسب دمشق. والعماد أحمد بن منعة الصالحي. والعفيف سليمان بن علي التلمساني، الشاعر.

(43/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 396
4 (ذكر من توفي بعد الستمائة تقريباً وإلى سنة عشر:)
)
4 (حرف الميم:)

4 (موسى بن ميمون:)
أبو عمران اليهودي، القرطبي. رئيس اليهود وعالمهم وحبرهم بالديار المصرية. قال الموفق ابن أبي أصيبعة: هو أوحد زمانه في صناعة الطب، متفنن في العلوم، وله معرفة جيدة بالفلسفة. طب السلطان صلاح الدين ثم ولده الأفضل علياً. وقيل إنه أسلم بالمغرب، وحفظ القرآن، فلما أن قدم مصر ارتد. وقد مدحه القاضي السعيد ابن سناء الملك بأبيات. وله تصانيف في الطب، وكتاب كبير في دين اليهود لعنهم الله. وهو والد إبراهيم الطبيب أحد أطباء الكامل. ومات إبراهيم بعد سنة ثلاثين وستمائة.
4 (حرف العين:)

4 (عبد المنعم بن عمر، أبو الفضل الغساني، الأندلسي، الجلياني، الطبيب، المعروف بحكيم)
الزمان.

(43/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 397
كان علامة في الطب والكحل. قدم إلى دمشق وسكنها، وعمر دهراً. وكان يجيد الشعر. وكانت له دكان في اللبادين للطب. وصنف كتباً كثيرة. وكان السلطان صلاح الدين يرى له ويحترمه، وله هو في صلاح الدين مدائح. وكان يتعانى الكيمياء. وهو والد عبد المؤمن كحال الملك الأشرف ابن العادل المتوفى بالرها قبل الثلاثين وستمائة.
4 (حرف السين:)

4 (سليمان بن عبد الله بن عبد المؤمن بن علي:)
أبو الربيع القيسي، متولي سجلماسة وأعمالها لابن عمه السلطان يعقوب بن يوسف. قال تاج الدين شيخ الشيوخ: اجتمعت به حين قدم لمتابعة محمد بن يعقوب وزرته، فرأيت شيخاً بهي المنظر، حسن المخبر، فصيح العبارة باللغتين. بلغني أنه كان يملي على كاتبه الرسائل الصنيعة بغير توقف، ويخترع بلا تكلف، وكذلك في اللغة البربرية، وقع إلى عامل له قد تظلموا منه: قد كثرت فيك الأقوال، وإغضائي عنك رجاء أن تتيقظ، فتنصلح الحال، وفي مبادرتي إلى ظهور الإنكار عليك نسبة إلى سوء الاختبار، وعدم الاختيار، فاحذر فإنك على شفا جرف هار. وله شعر يروق، فله في ابن عمه:
(هبت بنصركم الرياح الأربع .......... وخرت بسعدكم النجوم الطلع)
)
(وأمدك الرحمن بالفتح الذي .......... ملأ البسيطة نوره المتشعشع)

(لم لا وأنت بذلت في مرضاته .......... نفساً تفديها الخلائق أجمع)

(43/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 398
(وجريت في نصر الإله مصمماً .......... بعزيمة كالسيف بل هي أقطع)

(لله جيشك والصوارم تنتضى .......... والخيل تجري والأسنة تلمع)

(من كل من تقوى الإله سلاحه .......... ما إن له غير التوكل مفزع)

(لا يسلمون إلى النوازل جارهم .......... يوماً إذا أضحى الجوار يضيع)

(أين المفر ولا مفر لهارب .......... والأرض تنشر في يديك وتجمع)
وهي طويلة.
4 (حرف العين:)

4 (عبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص عمر بن يحيى الهنتاتي:)
الأمير، زعيم هنتاتة وسيدها، ولد صاحب ابن تومرت. كان أبوه أحد الرجال العشرة الخواص الذين لزموا صحبة ابن تومرت وتقدموا في أيامه. وكان عبد الواحد أكبر أشياخ الموحدين، وأميرهم رتبة وفضلاً ودراية، وأطوعهم في قومه. وكان له حذق في السياسة وتدبير الحروب والشجاعة مشهورة عنه، وكان مدبر الملك فقام ببيعة الأمير محمد بن يعقوب وبذل الأموال. وفي أولاده نجباء وأمراء تملكوا إفريقية وغيرها.
4 (الكنى:)

4 (أبو العباس السبتي الزاهد:)
شيخ المغرب في عصره: أحمد بن جعفر الخزرجي، صاحب الأحوال والمقامات والكرامات. قال تاج الدين ابن حمويه: أدركته بمراكش في سنة أربع وتسعين وقد ناهز الثمانين. وهو شيخ نوراني، بهي المنظر، عظيم المخبر، سليم الحواس، ذكي الفطرة، كامل الأخلاق الحسنة، دائم البشر، مسلوب

(43/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 399
الغضب، عديم الحسد، لا يطلب الدنيا، ولا يلتفت إلى أهلها، وإذا جاءه المال، فرقه في الحال. ورأيت الناس على قدر ميزتهم يختلفون فيه، فمن قائل: ساحر وكاهن، ومن قائل: زنديق وممخرق، ومن قائل: مجذوب يتكلم على الخواطر، ويتصرف في البواطن والظواهر. فتوقفت عن الدخول إليه سنة، ثم ألح علي صديق فمضيت إليه، فإذا به في دار قوراء بهية ذات مجالس وأروقة ومفارش، وفي وسط الدار ماء جار وأشجار كأنها من دور) الملوك، وحوله فقهاء وصلحاء وبعض متميزي البلد، فسلمنا وجلسنا، فكان يفسر في آيات في البر والصدقة، ورأيت على عينيه خرقة زرقاء فحسبت أنها لرمد وإذا هي عادة له. فلما فرغ، عاد لمحادثتي، وسأل عن اسمي وبلدي، وفاوضته في مسائل في التصوف، فكان يأتي بالأجوبة الغريبة السديدة، والكلام المنقح، ثم شرع في الحديث معي على ما جرت به العادة مع القادم ثم لازمت زيارته وزارني، وخرجت معه إلى البساتين والضواحي، وكان يحب الخضرة، والمياه الجارية، وبلغني أنه كان يلازم العزلة والخلوة، ثم خالط الناس. وكانت مجالسه مجالس وعظ وتذكير وأدعية، ومعظم كلامه في الحث على الصدقة وفعل الخير وذم الشح. وأما الذي صح عنه من الكرامات، وصحة الفراسات، والدعوات المستجابات، فمشهور متداول مستفيض، إلا أنهم يرجمون الظنون في أسباب ذلك الحصول وطريقته في الوصول، وكان لصاحبي الجمال محمد القسطلاني أخ قد سافر بتجارة إلى غانة، وهي قاعدة مملكة السودان، فبعث إليه بضاعة فخرج الحرامية، فأخذوا تلك القافلة فرد التجار إلى سجلماسة، وخرج الوالي، فأمسك بعض الحرامية، وبعض الأموال، فدخل محمد معي إلى الشيخ فحكى له ما جرى، فقال: كم تسوى بضاعتك قال: ستمائة دينار. فتبسم، وقال: لعل رأس مالها عليك العشر أو أقل، فكأنكم طعمتم في اقتناص أموال الحضر، فصادها البربر من المدر، فقلت أنا: يا سيدي فهل يرجى لما ذهب عود قال: إن تصدق بستمائة درهم، أخلف الله عليه ذلك. فأخرج دراهم، فوضعها بين يديه فعدت، فكانت مائة وثمانية دراهم. فلما

(43/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 400
كان بعد شهر، دخل إلي محمد القسطلاني ومعه كتب وردت من أصحابه يذكرون أن الوالي أحضر ما استرد، فقال للتجار: ليأخذ كل من تحقق له عين ماله، وحضر القاضي والعدول، وشهد التجار بعضهم لبعض، فظهرت صرة فيها تبر من عين ماله، مكتوب عليها اسم أخيه، وأخرج لي الصرة من كمه، وقال: يا ما أعجب شأن هذا الرجل يعني السبتي أتذكر قوله، وحديث العشر والصدقة، هذا التبر وزنه مائة وعشرة مثاقيل فمضينا إلى زيارته، وقبل محمد يده وحكى ما جرى، فلم يكترث بما جرى. قلت: ثم حكى له ثلاث كرامات أخر، وقال: خرجت من البلاد بعد الستمائة، وتركته حياً يرزق. وكان يقول إذا جرى ذكر الدولة: إن دولة هؤلاء تختل بعد وفاتي وتضمحل يعني) بني عبد المؤمن فظهر ذلك بعد وفاته، واختلفوا، واقتتلوا، وفسد أمرهم.
4 (حرف الألف:)

4 (إبراهيم بن يعقوب أبو إسحاق الكانمي الأسود، النحوي، الشاعر:)
وكانم: بليدة بنواحي غانة إقليم السودان. قال تاج الدين ابن حمويه: رأيته وقد قدم إلى مراكش في أيام السيد يعقوب بن يوسف، ومدح كبراء الدولة، واختلط بسادتهم. وكانت العجمة في لسانه، غير أنه بارع النظم. وقد ترددوا إلي كثيراً وذاكرني. وله في إبراهيم بن يعقوب بن يوسف:
(ما بعد باب أبي إسحاق منزلة .......... يسمو إليها فتى مثلي ولا شرف)

(أبعد ما بركت عيسى بساحته .......... وصرت من بحره اللجي أغترف)

(هموا بصرفي وقد أصبحت معرفة .......... فكيف ذلك واسمي ليس ينصرف)

(43/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 401
وأنشدني ابن خميس له:
(وقائل لم لا تهجو فقلت له .......... لأنني لا أرى من خاف من هاجي)

(فليس ذم كرام الناس من شيمي .......... وليس ذم لئام الناس منهاجي)
وله في بعض الأمراء:
(أزال حجابه عني وعيني .......... تراه من المهابة في حجاب)

(وقربني تفضله ولكن .......... بعدت مهابة عند اقترابي)
وكان يحفظ الجمل في النحو، وكثيراً من أشعار العرب. وذكر لي أنه اشتغل في بلد غانة، وتخرج بها مع أنها بلد كفر وجهل. قلت: وهي أكثر من سهر عن سجلماسة في جهة الجنوب وبينهما مفاوز، وما عرفت شاعراً من أرضه سواه.
4 (حرف الميم:)

4 (محمد ابن الحافظ أبي سعد السمعاني:)
أخو أبي المظفر عبد الرحيم. سيأتي في آخر ترجمة أخيه.
4 (حرف الياء:)

4 (يحيى بن عقيل بن شريف بن رفاعة بن غدير:)
) أبو الحسن السعدي، المصري. سمع من جده لأمه عبد الله بن رفاعة الفرضي. وكان خيراً صالحاً، كثير الحج والمجاورة. حدث بدمشق وبالمدينة. روى عنه: بدل التبريزي، والتاج محمد بن أبي جعفر، وأبو القاسم بن صصرى، والحافظ عبد العظيم.

(43/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 402
توفي مجاوراً بالمدينة بعد سنة سبع وستمائة.
4 (حرف الميم:)

4 (محمد بن أبي غالب:)
أبو عبد الله ابن النزال. سمع من: أبي بكر قاضي المارستان. روى عنه: عبد الصمد بن أبي الجيش.
4 (محمد ابن المعز:)
أبو عبد الله الميورقي. أخذ القراءآت عن علي بن سعيد، وخلف بن عبد الله. وأجاز له ابن هذيل. وولي قضاء بلده. توفي بعد سنة سبع وستمائة وقد قارب المائة. لا أعرف شيخيه، وإن عنى الأبار بعلي بن سعيد أبا الحسن الميورقي صاحب ابن حزم، فذاك كان ببغداد سنة نيف وتسعين وأربعمائة.
4 (محمد بن أحمد بن يربوع الجياني:)
أخذ عن: السهيلي، وابن الفخار، وطائفة. وكان مقرئاً، نحوياً، مؤدباً. توفي في حدود سنة عشر.

(43/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 403
4 (محمد بن أحمد بن مرزوق اليعمري، السبتي، المحدث:)
أبو عبد الله. رحل إلى المشرق، وأكثر عن البوصيري، والقاسم بن عساكر، وطبقتهما. بقي إلى سنة ثمان وستمائة.
4 (حرف العين:)

4 (عبد الرحمن بن داود الواعظ:)
زكي الدين المصري، الزرزاري، ويلقب بالزرزور. دخل الأندلس ووعظ بها، وحدث في سنة ثمان وستمائة. قال الأبار: ادعى الرواية عن أبي الوقت والسلفي وجماعة لم يلقهم. قليل الحياء أفاك مفتر.

(43/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 404
4 (علي بن محمد بن يحيى بن أبي العافية:)
) أبو الحسن الأنصاري، السرقسطي، الدورقي. ودورقة من عمل سرقسطة.

(43/404)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 405
روى عن: أبي القاسم بن حبيش، والسهيلي. روى عنه: ابن أخته أبو عبد الله بن حازم. وصنف كتاباً جمع فيه بين صحيح مسلم و سنن أبي داود.
4 (حرف الياء:)

4 (يوسف بن سوار بن عبيد:)
الشيخ شرف الدين، أبو العز البلوي، المصري. روى عن: يوسف بن آدم بن محمد، وأحمد بن أبي الوفاء الصائغ، وأبي حامد محمد بن عبد الرحيم بن سليمان الغرناطي، وأبي المعالي مسعود بن محمد النيسابوري، وطائفة. حدث بدنيسر في سنة أربع وستمائة سمع منه: ولده أبو النضر إبراهيم، والمحدث عمر ابن اللمش، وجماعة. وأجاز لعبد الرحمن ابن اللمش. ترجمه الفرضي. وهو مستفاد مع صاحبنا يوسف بن سوار البدوي المصري الحنبلي. سمع من الفخر علي، وجماعة.
4 (حرف الميم:)

4 (مسعود بن إسماعيل بن إبراهيم الجنداني، القاضي:)
من رواة المعجم الصغير عن فاطمة الجوزدانية، سمعه منها كذا وجدت تحت اسمه في الإجازات. أجاز للشيخ شمس الدين عبد الرحمن ابن أبي عمر، ولابن البخاري، ولفاطمة بنت عساكر. وتاريخ الإجازة في سنة إحدى وستمائة. وقرأت بخط الحافظ ضياء الدين أنه سمع من هذا وكناه أبا الفتح الإصبهاني، وقال: مولده سنة ست عشرة وخمسمائة في المحرم.

(43/405)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 406
4 (محمد بن أبي عاصم أحمد بن أبي ثابت الحسين بن هبة الله بن زينة الإصبهاني: أبو بكر)
من رؤساء إصبهان. ولد سنة ست وعشرين وخمسمائة. وسمع من ابن أبي ذر الصالحاني حضوراً كتاب التوبة والمتابة لابن أبي عاصم أخبرنا عبد الرحيم، أخبرنا القباب عنه، وكتاب السبق والرمي لأبي الشيخ برواية ابن عبد الرحيم عنه، وسمع من زاهر الشحامي، والحسين بن عبد الملك الخلال. أجاز للشيخ شمس الدين ابن أبي عمر، وفاطمة بنت عساكر، وجماعة في سنة إحدى وستمائة) وأجاز لأحمد بن شيبان، وإسماعيل العسقلاني، وابن النجار.
4 (حرف الألف:)

4 (إبراهيم بن خلف بن منصور:)
الشيخ أبو إسحاق الغساني، الدمشقي، السنهوري. وسنهور: من بلاد مصر. يروي عن: عبد المنعم الفراوي، والخشوعي، والقاسم، وأبي احمد ابن سكينة، والمؤيد الطوسي، وعدة. ويلقب بالناسك. روى عنه: أبو جعفر النباتي، والخرفي، وغيرهما. وسافر إلى الأندلس، وقدم إشبيلية سنة ثلاث وستمائة.

(43/406)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثالث والأربعون الصفحة 407
قال ابن العديم: كان حزمياً، ناظر ابن دحية مرة، فشكاه إلى الكامل، فضرب، وعزر على جمل ونفي. وقد أسر في البحر، فبقي في الأسر مدة، ثم إنه عاد إلى دمشق سنة تسع وستمائة. قال قطب الدين الحلبي: قال العماد علي بن القاسم بن علي ابن عساكر: كان يشتغل في كل علم، والغالب عليه فساد الذهن، لم ينجح طلبه، وكان متسمحاً فيما ينقله ويرويه. وقيل: كان الحامل له على الأسفار يطلب حشيشة الكيمياء. وقال أبو الحسن العطار: قدم علينا ثم أسر، قال: يظهر في حديثه عن نفسه تجازف وكذب. سنهور: من عمل المحلة.

(43/407)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 5
5 (بسم الله الرحمن الرحيم)

5 (الطبقة الثانية والستون حوادث)

1 (الأحداث من سنة إلى)

4 (سنة إحدى عشرة وستمائة)

4 (ملك خوارزم شاه كرمان ومُكران والسند)
قال ابن الأثير: فيها وصل الخبرُ أن السلطان خُوارزم شاه ملك كرمان ومُكران والسند، وسبب ذلك أن من جملة أمرائه تاج الدين أبو بكر، الذي أسلفنا أنه كان جمالاً، ثم سعد بأن صار سيروان السلطان، فرأى منه جلداً وأمانة، فقدمه، فقال له: ولني مدينة زوزن. فولاه، فوجده ذا رأي وحزم وشجاعة، فلما ولاه سير إليه يقول: إن بلاد مُكران مُجاورة لبلدي، فلو أضفت إلي عسكراً لأخذتها، فنفذ إليه جيشاً فسار به إليها، وصاحبُها حرب بن محمد بن أبي الفضل، من أولاد الملوك، فقاتله فلم يقو به، وأخذ أبو بكر بلاده سريعاً، وسار منها إلى نواحي مُكران، فملكها جميعها إلى السند، وسار منها إلى هرمز، وهي مدينة على ساحل بحر مكران، فأطاعه صاحبها مُليك، وخطب بها لخوارزم شاه، وحمل إليه أموالاً، وخطب لخُوارزم شاه بهلوات. وكان خُوارزم يُصيف بأرض سمرقند لأجل التتار، وكان سريع السير، إذا قصد جهة يسبق خبرُه إليها.

(44/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 6
4 (قصد الفرنج بلاد الإسماعيلية.)
وفيها قصدت الفرنج بلاد الإسماعيلية، ونزلوا على حصن الخوابي، وجدوا في الحصار، وكانوا حنقين على الإسماعيلية بسبب قتلهم ابن البرنس صاحب أنطاكية، شاب ابن ثمان عشرة سنة، وثبوا عليه عام أول، فخرج الملكُ الظاهر بعسكره ليكشف عنهم، فترحلت الفرنج عن الحصن.
4 (تبليط جامع دمشق)
وفيها شرع في تبليط جامع دمشق، فابتدئ بمكان السبع الكبير، وكانت أرضه قد تكسر رخامها وتحفرت.
4 (تدريس النورية)
وفيها ولي تدريس النورية جمال الدين محمود الحصيري.
4 (وفاة صاحب اليمن.)
) وفيها توفي صاحبُ اليمن ابن سيف الإسلام، واستولى على اليمن شاهنشاه ابن تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، فتزوج بأم المتوفى، ثم نفذ الملكُ الكامل صاحبُ مصر ولدهُ الملك المسعود أقسيس إلى اليمن فتملكها، وكان شجاعاً فاتكاً جباراً ظالماً، قيل: إنه قتل باليمن ثمان مائة نفس، منها أكابر. أخذ المعظم قلعة صرخد وفيها أخذ الملك المعظم من ابن قراجا قلعة صرخد، وعوضهُ عنها مالاً

(44/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 7
وإقطاعاً، ثم أعطاها لمملوكه عز الدين أيبك المعظمي، فبقيت في يده إلى أن أخرجه عنها الملك الصالح أيوب.
4 (حج الملك المعظم)
وفيها حج الملك المعظم، فسار من الكرك على الهجن، ومعه عز الدين أبيك صاحب صرخد، وعمادُ الدين بن موسك، والظهير بن سنقر الحلبي، وجدد البرك والمصانع، وأحسن إلى الناس، وتلقاهُ سالم صاحبُ المدينة،

(44/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 8
وقدم له خيلاً، وكانت وقفة الجمعة، وقدم معه الشام صاحبُ المدينة.
4 (سنة اثنتي عشرة وستمائة)

4 (بناء المدرسة العادلية)
فيها شرعوا في بناء المدرسة العادلية.
4 (غارة الفرنج على بلاد الإسماعيلية)
وفيها أغار الفرنج على بلاد الإسماعيلية، وأخذوا ثلاثمائة نفس.
4 (غارة الكرج على أذربيجان)
وفيها أغارت الكرج على أذربيجان، فحازوا ذخائرها، وما يزيد على مائة ألف أسير. قال أبو شامة.
4 (استيلاء الملك المسعود على اليمن)
وفيها استولى الملكُ المسعود ابن الكامل على اليمن بلا حرب، وانضم ابن عمه سليمان شاه بعائلته إلى قلعة تعز، فحاصرهُ وأخذهُ، وبعث به إلى مصر، هو وزوجته بنت سيف الإسلام.

(44/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 9
4 (حصار المدينة)
وفي صفر نزل قتادة على المدينة وحاصرها، لغيبة سالم أميرها، وقطع كثيراً من نخيلها، وقتل) جماعة، ثم رحل عنها خائباً.
4 (ملك خوارزم شاه غزنة)
وفيها ملك خوارزم شاه بلد غزنة وأعمالها، عمل على صاحبها تاج الدين ألدز نائبه قتلغ تكين، وكاتب خُوارزم شاه، وكان ألدز في الصيد، فجاء خوارزم شاه فهجمها، فلما بلغ ألدز الخبر هرب على وجهه إلى لهاوور وجلس خُوارزم شاه على تخت الملك بها، ثم قال لتقلغ تكين: كيف كان حالك مع ألدز قال: كلانا مماليك السلطان شهاب الدين، ولم يكن ألدز يقيم بغزنة ألا في الصيف، وأنا الحاكم بها. فقال: إذا كنت لا ترعى لرفيقك مع ذلك، فيكف يكون حالي معك فقبض عليه، وصادره حتى استصفاه، ثم قتله، وترك ولدهُ جلال الدين خوارزم شاه بغزنة. قال ابن الأثير: وقيل إنه ذلك كان في سنة ثلاث عشرة. وأما ألدز فإنه افتتح لهاوور فلم يقنع بها، وسار ليفتح دهلة، فالتقى هو وصاحبها شمس الدين الترمش، مملوك أبيك مملوك شهاب الدين، فانكسر ألدز وقتل. وكان ألدز موصوفاً بالعدل والمروءة والإحسان إلى التجار.
4 (ولاية القضاء بدمشق)
وفيها عزل زكي الدين الطاهر ابن محيي الدين عن قضاء دمشق، وولي

(44/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 10
جمال الدين أبو القاسم عبد الصمد ابن الحرستاني، فقضى بالحق، وحكم بالعدل
4 (إبطال ضمان الخمر)
وفيها بطل العادلُ ضمان الخمر القيان، فلم يكرر ذلك إلى بعد موته.
4 (السهروردي رسولاً)
وفيها وصل السهروردي رسولاً من الخلافة إلى العادل، ونزل بجوسق العادل.
4 (قتال قتادة)
وفيها سار من دمشق سالم أمير المدينة بمن استخدمه من التركمان والرجال، ليقاتل قتادة صاحب مكة، فمات في الطريق، وقام ابن أخيه جماز بعده، فمضى بأولئك وقصد قتادة، فانهزم إلى الينبع، فتبعوه وحصروه بقلعتها، وحصل لحيمد بن راجب من الغنيمة مائة فرس، وحميد من عرب طي، وعاد الذي استخدموا صحبة الناهض بن الجرخي خادم المعتمد، ومعهم كثير مما غنموه من عسكر قتادة، ومن وقعة وادي الصفراء، من نساء وصبيان سبوهم، وظهر فيهم) أشرف علويون، فتسلمهم أشرافُ دمشق ليواسوهم من الوقف.
4 (كسر الفرج)
وفيها كسر كيكاوس صاحب الروم الفرنج الذين ملكوا أنطاكية، وأخذها منهم.

(44/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 11
4 (أخذ عزنة)
وفيها أخذ خوارزم شاه غزنة بغير قتال.
4 (أخذ أنطاكية.)
وأخذ ابن لاون أنطاكية من الفرنج، ثم عاد أخذها صاحبُ طرابلس من ابن لاون.
4 (حركة التتار)
ويقال: فيها كانت حركة التتار إلى قصد بلاد الترك انهزام منكلي. وفيها انهزم منكلي الذي غلب على همذان وأصبهان والري فقتل، واستقرت القواعد، على أن بلاده للخليفة، وبعضها لجلال الدين الصباحي ملك الإسماعيلية وصاحب الألموت وقلاعها، بعضها لأزبك بن البهلوان. ولكن كان الخليفة في شغل شاغل، وحُزن عظيم بموت ابنه علي عن المسرة بهلاك منكلي.

(44/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 12
4 (سنة ثلاث عشرة وستمائة.)

4 (ترميم قبة النسر)
قال أبو شامة: فيها أحضرت الأوتار الخشب لأجل نسر قبة الجامع، وعدتها أربعة، كل واحد منها اثنان وثلاثون ذراعاً بالنجار، قطعت من الغوطة، وكان الدخول بها من باب الفرج إلى المدرسة العادلية إلى باب الناطفانتيين، وأقيم لها هناك الصواري، ورفعت لأجل القرنة، ثم مددت.
4 (ترميم خندق باب السر)
وفيها شرع في تحرير خندق باب السر، وهو الباب المقابل لدار الطعم العتيقة المجاورة لنهر باناس، وكان المعظم ومماليكه والجُند ينقلون التراب بالقفاف على قرابيس سروجهم، وكان عمله كل يوم على طائفة من أهل البلد، وعمل فيها الفقهاء والصوفية.
4 (الفتنة بين أهل الشاغور والعقيدة)
) قال: وفيها كانت الحادثة بين أهل الشاغور العقيبة وحملهم السلاح، وقتالهم بالرحبة والصيارف، وركوب العسكر ملبساً للفصل بين الفريقين، وحضر

(44/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 13
المعظم بنفسه لإطفاء الفتنة، فقبض على جماعة من كبار الحارات، منهم رئيس الشاغور، وحبسهم. مسير المعظم إلى الأشراف وفيها سار المعظم على الهجنُ إلى أخيه الملك الأشرف، واجتمع به بظاهر حران، ففاوضه في أمر حلب عندما بلغه موت صاحبها الملك الظاهر، وكان قد سبق من الأشراف الاتفاق مع القائم بأمرها، فرجع المعظم بعد سنة عشر يوماً، ولم يظهر إلا أنه كان يتصيد.
4 (بناء المصلى بظاهر دمشق)
وفيها فرغ من بناء المصلى بظاهر دمشق، ورتب له خطيبٌ، وهو الشيخ صدر الدين، مُعيد الفلكية، ثم ولي بعده بهاء الدين بن أبي اليسر، ثم بنو حسان. قلت: وهم إلى الآن.
4 (وعظ سبط ابن الجوزي بخلاط)
قال سبط الجوزي: وفيها ذهبُ إلى خلاط ووعظتُ بها، وحضر الملك الأشرف. رسلية ابن أبي عصرون. وفيها ذهب شهابُ الدين عبد السلام بن أبي عصرون، رسولاً من الملك العزيز محمد ابن الظاهر صاحب حلب، يسأل تقليداً من الديوان بحلب.

(44/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 14
4 (وعظ سبط ابن الجوزي)
وفيها وعظ ابن الجوزي بحران، حضره الأشرف، وفخر الدين ابن تيمية، وكان يوماَ مشهوداً.
4 (وقوع البرد بالبصرة)
قال ابن الأثير: فيها وقع بالبصرة برد قيل: إن أصغره كان مثل النارنجة الكبيرة. قال: قيل في أكبره ما يستحي الإنسان أن يذكره. قلت: ارض العراق قد وقع فيها هذا البرد الكبار غيرة مرة.

(44/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 15
4 (سنة أربع عشرة وستمائة.)

4 (زيادة دجلة)
وفيها كان الغرق ببغداد يزيادة دجلة، وركب الخليفة شبارة، وخاطب الناس، وجعل يتأوه لهم) ويقول: لو كان هذا يرد عنكم بمال أو حرب، دفعتهُ عنكم. قال أبو شامة وقد نقله من كلام أبي المظفر سبط الجوزي، إن شاء الله: فانهدمت بغداد بأسرها، والمحال، ووصل الماء إلى رأس السور، ولم يبق له أن يطفح على السور إلى مقدار إصبعين، وأيقن الناسُ بالهلاك، ودام ثماني أيام، ثم نقص الماء، وبقيت بغداد من الجانبين تلولاً لا أثر لها. قلت: هذا من خسف أبي المظفر، فهو مجازفٌ
4 (قدوم خوارزم شاه إلى بغداد)
قال أبو المظفر: وفيها قدم خوارزم شاه محمد بن تكش في أربعمائة ألف، وقيل: في ستمائة ألف، فوصل همذان قاصداً بغداد، فاستعد الخليفة، وفرق الأموال والعدد، وراسله مع الشيخ شهاب الدين السهروردي، فأهانه ولم يحتفل به، واستدعاه، وأوقفه إلى جانب الخيمة، ولم يجلسه، قال: فحكى شهابُ الدين، قال: استدعاني إلى خيمة عظيمة لها دهليز لم أر مثله في الدنيا، وهو من أطلس، والأطنابُ حرير، وفي الدهليز ملوك العجم على طباقتهم، كصاحب إصبهان.

(44/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 16
وصاحب همذان، والري، قال: ثم دخلنا إلى خيمة أخرى وفي دهليزها ملوك ما وراء النهر، ثم دخلنا عليه وهو شاب، له شعرات، قاعد على تخت ساذج، وعليه قباء بخاري يساوي خمسة دراهم، وعلى رأسه قطعة جلد تساوي درهماً، فسلمت عليه فلم يرد، ولا أمرني بالجلوس، فشرعتُ فخطبتُ خطبة بليغة، ذكرتُ فيها فضل بني العباس، ووصفت الخليفة بالزهد والورع والتقي والدين، والترجمان يعيد عليه قولي، فلما فرغت قال للترجمان: قل له هذا الذي تصفه ما هو في بغداد، بل أنا أجيء وأقيم خليفة يكون بهذه الصفة، ثم ردنا بغير جواب، ونزل عليهم بهمذان الثلج، فهلكت خيلهم، وركب الملك خوارزم شاه يوماً فعثر به فرسه، فتطير، ووقع الفساد في عساكره، وقلت الميرة، وكان معه سبعون ألفاً من الخطا، فرده الله تعالى عن بغداد. وقال أبو شامة: ذكر محمد بن محمد النسوي في كتابه الذي ذكر فيه وقائع التتار مع علاء الدين محمد، ومع ولده جلال الدين، قال: حكى لي القاضي مجير الذين عمر بن سعد الخوارزمي، أنه أرسل إلى بغداد مراراً، آخرها مطالبة الديوان بما كان لبني سلجوق من الحكم والملك ببغداد، فأبوا ذلك، وأصحب المذكور في عوده شهاب الدين السهروردي رسولاً مدافعاً.) قال: وكان عند السلطان من حسن الاعتقاد برفيع منزلته ما أوجب تخصيصه بمزيد الإكرام والاحترام تمييزاً له عن سائر الرسل الواردة عليه في الديوان، فوقف قائماً في صحن الدار، فلما استقر المجلس بالشيخ، قال: إن من سنة الداعي للدولة القاهرة أن يقدم على أداء رسالته حديثاً. فأذن له السلطانُ، وجلس على ركبتيه تأدباً عند سماع الحديث، فذكر الشيخ حديثاً معناه التحذير من أذية آل العباس. فقال السلطان: ما آذيتُ أحداً من آل العباس ولا قصدتهم بسوء وقد بلغني أن في مجلس أمير المؤمنين خلقاً منهم يتناسلون بها، فلو أعاد الشيخُ هذا الحديث على مسامع أمير المؤمنين كان أولى وأنفع. فعاد الشيخُ والوحشة قائمة، ثم عزم على قصد بغداد، وقسم نواحيها إقطاعاً

(44/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 17
وعملاً، وسار إلى أن علا عقبة أسد آباد، فنزلت عليه ثلوج غطت الخراكي والخيام، وبقي ثلاثة أيام، فعظم إذ ذاك البلاء، وشمل الهلاك خلقاً من الرجال، ولم ينج شيء من الجمال، وتلفت أيدي رجال وأرجل آخرين، فرجع السلطان عن وجهه ذلك على خيبة مما هم به.
4 (وصول الفرنج إلى عين جالوت)
وفيها تجمع الفرنج وأقبلوا من البحر بفارسهم وراجلهم لأجل قصد بيت المقدس، وتتابعت الأمداد من رومية الكبرى، التي هي دار الطاغية الأعظم المعروف بالبابا، لعنه الله، وتجمعوا كلهم بعكا، عازمين على استيفاء الثأر مما تم عليهم في الدولة الصلاحية، فجفل الملك العادل لما خرجوا عليه، ووصلوا إلى عين جالوت، وكان على بيسان فأحرقها، وتقدم إلى جهة عجلون، ووصل الفوار، فقطع الفرنج خلفه الأردن، وأوقعوا باليزك، وعادوا على البلاد، وجاء الأمر إلى المعتمد والي دمشق بالاهتمام والاستعداد واستخدام الرجال، وتدريب دروب قصر حجاج، والشاغور، وطرق البساتين، وتغريق أراضي داريا، واختبط البلد، وأرسل العادل إلى ملوك البلاد يستحث العساكر، ونزل مرج الصفر، وضج الناس بالدعاء، ثم رجع الفرنج نحو عكا بما حازوه من النهب والأسارى، فوصل الملك المجاهد صاحب حمص، ففرح به الناس. قال أبو المظفر ابن الجوزي: فيها انفسخت الهدنة بين المسلمين والفرنج، وجاء العادل من مصر بالعساكر، فنزل بيسان، والمعظم عنده في عسكر الشام، فخرج الفرنج من عكا، عليهم ملك الهنكر، فنزلوا عين جالوت في خمسة عشر ألفاً، وكان شجاعاً، خرج معه جميع ملوك الساحل، فقصد العادل، فتأخر العادل وتقهقر، فقال له المُعظم: إلى أين فشتمه بالعجمية، وقال:) بمن أقاتل أقطعت الشام مماليكك وترك أولاد الناس. وساق فعبر الشريعة.

(44/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 18
وجاء الهنكر إلى بيسان، وبها الأسواق والغلال والمواشي وشيء كثيرٌ، فأخذت الفرنج الجميع، ورحلوا منها بعد ثلاثة أيام إلى قصير الغور، ووصل أوائلهم إلى خربة اللصوص والجولان، وأقاموا يقتلون ويسبون، ثم عادوا إلى الغور، ونزلوا تحت الطور، فأقاموا أياماً يقاتلون من فيه ويحاصرونهم، وكان معهم سلم عظيم، فزحفوا ونصبوه، فأحرقه المسلمون بالنفط، وقتل تحته جماعة من أعيان الفرنج، منهم بعض الملوك. واستشهد يومئذ الأمير بدر الدين محمد بن أبي القاسم، وسيف الدين ابن المرزبان، وكان في الطور أبطال المسلمين، فاتفقوا على أنهم يقاتلوا قتال الموت، ثم رحل الفرنج عنهم إلى عكا، وجاء المعظم فأطلق لأهل الطور الأموال، وخلع عليهم. ثم اتفق العادل وابنه المعظم على خراب الطور كما يأتي. وأما ابن أخت الهنكر فقصد جبل صيدا في خمسمائةٍ من الفرنج إلى جزين، فأخلاها أهلها، فنزلها الفرنج ليستريحوا، فتحدرت عليهم الرجال من الجبل، فأخذوا خيولهم وقتلوا عامتهم، وأسر مقدمهم ابن أخت الهنكر. وقيل: إنه لم يسلم من الفرج إلى ثلاثة أنفس. قلت: وكثرت جيوش الفرنج بالساحل، وغنموا ما لا يوصف، ثم قصدوا مصر لخلوها من الجيش، وكان عساكر الإسلام مفرقة، ففرقة كانت بالطور محصورين، وفرقة ذهبت مع المعظم يزكاً على القدس عسكروا بنابلس، وفرقة مع السلطان في وجه العدو عن دمشق، وأشرف المسلمون على خطة صعبة، وكان الملك العادل مع جبنٍ فيه، حازماً سائساً، خاف أن يلتقي العدو وهو في قل من الناس أن ينكسر ولا تقوم للإسلام بعده قائمة، فاندفع بني أيديهم قليلاً قليلاً حتى كفى الله شرهم.

(44/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 19
4 (سنة خمس عشرة وستمائة.)

4 (نزول الفرنج على دمياط.)
في ربيع الأول نزلت الفرنج على دمياط، فبعث الملك العادل العساكر التي عنده بمرج الصفر إلى ابنه الملك الكامل، وطلب ابنه المعظم وقال له: قد بنيت هذا الطور وهو يكون سبب خراب الشام، وأرى المصلحة أن تخربه ليتوفر من فيه على حفظ دمياط. فتوقف المُعظم، ثم أرضاهٌ بمالٍ ووعدةٌ ببلاد، فأجاب وأخلاه خربه، وكان قد غرم على بنائه أموالاً لا تحصى.) قال ابن واصل: لما طالت إقامة جيوش الفرنج بمرج عكا، أشار عقلاؤهم بقصد الديار المصرية وقالوا: صلاح الدين إنما استولى على البلاد بتملكه مصر. فصمموا، وركبوا البحر إلى دمياط، فنزلوا على بر جيزتها، وزحفوا على برج السلسلة، وكان مشحوناً بالرجال، وكان الكامل قد أقبل ونزل ببر دمياط، ودام الحصار والنزال أربعة أشهر، وجاءت الكامل النجداتُ من الشام، ومات الملك العادل في وسط الشدة، واستراح. وفي ربيع الآخر كسر الملك الأشرف ابن العادل ملك الروم كيكاوس. ثم جمع الأشرف عساكره وعسكر حلب، ودخل بلد الفرنج ليشغلهم بأنفسهم عن قصد دمياط، فنزل على صافيتا وحصن الأكراد، فخرج ملك الروم ووصل إلى رعبان يريد أن يملك حلب، فنزل إليه الملك الأفضل من سميساط، فأخذا رعبان وتل باشر، فرد الملكُ الأشرفُ إلى حلب، ونزل على الباب وبراعة، وقدم بين يديه العرب. وقدم الروم يعلمون مصافاً مع العرب فكسرهم العرب، وبعث الأشرف نجدة من عسكره إلى دمياط

(44/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 20
وفي جمادى الأول أخذت الفرنج من دمياط برج السلسلة، فبعث الكامل يستصرخ بأبيه، فدق أبوه لما بلغه الخبر بيده، ومرض مرضة الموت. قال أبو شامة: وضرب شيخنا علم الدين السخاوي بيد على يد، ورأيته يعظم أمر البرج، وقال: هو قفل الديار المصرية. وقد رأيته وهو برج عالٍ في وسط النيل، ودمياط بحذائه من شرقيه، الجيزة بحذائه على حافة النيل من غربيه، وفي ناحييته سلسلتان، تمتد إحداهما على النيل إلى دمياط، والأخرى على النيل إلى الجيزة، تمنعان عُبور المراكب من البحر المالح.
4 (نصرة المعظم على الفرنج)
وفي جمادى الآخرة التقي المعظم والفرنج على القيمون، فنصره الله وقتل منهم خلقاً، وأسر مائة فارس.
4 (رسلية خوارزم شاه)
قال: وفيها وصل رسول خوارزم شاه علاء الدين محمد بن تكش إلى العادل، فبعث في جوابه الخطيب جمال الدين محمد الدولعي، والنجم خليل قاضي العسكر، فوصلا إلى همذان، فوجدا خُوارزم شاه قد اندفع من بين يدي

(44/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 21
الخطا والتتار، وقد خامر عليه عسكره، فسار إلى بخارى، فاجتمع المذكوران بولده جلال الدين، فأخبرهما بوفاة العادل الذي أرسلهما وكان الخطيب قد) استناب ابنه يونس ولم يكن له أهلية، فولي، الموفق عمر بن يوسف خطيب بيت الأبار إلى أن يقدم الدولعي.
4 (ضمان الخمر بدمشق)
وفي رجب أدار الملك المعظم المكوس والخمور وما كان أبوه أبطلة، فقيل: إنه ضمن الخمر بدمشق والخنا بثلاثمائة ألف درهم. قال أبو المظفر: فقلت له: قد خلفت سيف الدين غازي ابن أخي نور الدين، فإنه كذا فعل لما مات نور الدين. فاعتذر بقلة المال ودفع الفرنج، ثم سار إلى بانياس، وراسل الصارم متولي تبنين، بأن يسلم الحصون، فأجابه، وخرب بانياس وتبنين، وقد كانت قفلاً للبلاد وملجأ للعباد، وأعطى جميع التي كانت لسركس لأخيه العزيز عثمان، وزوجه بابنه سركس، وأظهر أنه ما خرب هذا إلا خوفاً من استيلاء الفرنج.
4 (تغلب الكامل على الفرنج بدمياط)
وبعث الكامل إليه يستنجد به، وعدى الفرنج دمياط، فأخلى لهم العساكر الخيام فطمعوا، ثم عاد عليهم الكامل فطحنهم وقتل خلقاً، فعادوا إلى دمياط.
4 (وفاة كيكاوس)
وفيها توفي صاحب الروم كيكاوس، وكان ظالماً، فاتكاً، جباراً فاسقاً.

(44/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 22
4 (وفاة الملك القاهر)
وفيها توفي الملك القاهر عز الدين مسعود بن رسلان بن مسعود بن مودود بن زنكي بن أقسنقر صاحب الموصل، مسموماً فيما قيل، وترك ابنه محموداً وهو صغير، فأخرج الأمير بدرُ الدين لؤلؤ أخا القاهر زنكياً من الموصل، ثم استولى عليها، وتسمى بالملك الرحيم. وقيل: إنه أدخل محموداً حماماً حامياً حتى اشتد كربه، فاستغث: اسقوني ماء، ثم اقتلوني، فسقوه، ثم خنق.
4 (خوارزم شاه ورُسل جنكيز خان)
وفيها عاد السلطان خوارزم شاه محمد إلى نيسابور، وأقام بها مدة وقد بلغه أن التتار خذلهم الله تعالى قاصدون مملكة ما وراء النهر، وجاءه من جنكس خان رسلٌ وهو محمود الخوارزمي، وخواجا علي البخاري، ومعهم من طرف هدايا الترك من المسك وغيره، والرسالة تشتمل على التهنئة بسلامة خوارزم شاه، ويطلب منه المسالمة والهدنة، وقال: إن) الخان الأعظم يسلم عليك ويقول: ليس يخفى علي عظم شأنك، وما بلغت من سُلطانك، ونفوذ حكمك على الأقاليم، وأرى مسالمتك من جملة الواجبات، وأنت عندي مثل أعز أولادي، وغير خاف عنك أنني ملكت الصين، أنت أخبرُ الناس ببلادي، وإنها مثارات العساكر والخيول، ومعادن الذهب والفضة، وفيها كفاية عن طلب غيرها، فإن رأيت أن نعقد بيننا المودة، وتأمر التجار بالسفر لتعم المصلحتين فعلت. فأحضر السلطان خُوارزم شاه محموداً الخوارزمي وقال: أنت منا وإلينا، ولا بد لك من مولاة فينا. ووعده بالإحسان، إن صدقهُ، وأعطاه معضدة مجوهرة نفيسة، وشرط عليه أن يكون عيناً له على جنكز خان، فأجابه، ثم قال له: اصدقني

(44/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 23
أجنكز خان ملك طمغاج الصين قال: نعم. فقال: ما ترى في المصلحة قال الاتفاق. فأجاب إلى ملتمس جنكز خان. قال فسر جنكز خان بذلك، واستمر الحال على المهادنة إلى أن وصل من بلاده تجارٌ، وكان خال السلطان خوارزم شاه ينوب على بلاد ما وراء النهر، ومعه عشرون ألف فارس، فشرهت نفسه إلى أموال التجار وكاتب السلطان يقول: إن هؤلاء القوم قد جاؤوا بزي التجار، وما قصدهم إلا إفساد الحال وأن يجسوا البلاد، فإن أذنت لي فيهم. فأذن له بالاحتياط عليه. وقبض عليهم، واصطفى أموالهم. فوردت رسل جنكز خان إلى خوارزم شاه تقول: إنك أعطيت أمانك للتجار، فغدرت، والغدر قبيحٌ، وهو من سلطان الإسلام أقبحٌ، فإن زعمت أن الذي فعلهُ خالط بغير أمرك، فسلمه إلينا، وإلا فسوف تشاهد مني ما تعرفني به. فحصل عند خوارزم شاه من الرعب ما خامر عقلهُ، فتجلد، وأمر بقتل الرسل، فقتلوا، فيا لها حركة لما هدرت من دماء الإسلام، أجرت بكل نقطة سيلاً من الدم، ثم إنه اعتمد، من التدبير الرديء لما بلغه سير جنكز خان إليه أنه أمر بعمل سور سمرقند، ثم شحنها بالرجال، فلم تغن شيئاً، وولت سعادته، وقضي الأمر. وقال المؤيد عماد الدين في تاريخه: قال النسوي كاتبُ الإنشاء الذي لخوارزم شاه: مملكة الصين دورها ستة أشهر، وهي سنة أجزاء، كل جزء عليه ملك، ويحكم على الكل الخان الأكبر يقال له الطرخان، وهذا كان معاصر خوارزم شاه محمد، وقد ورث الملك كابراً عن كابر، بل كافراً عن كافر. وإقامته بطوغاج في وسط الصين. وكان دوشي خان أحد الستة متزوجاً بعمة جنكز خان الذي فعل الأفاعيل وأباد الأمم. وجنكز خان من أمراء بادية الصين، وهم أهل شر وعتو، فمات دوشي المذكور، فعمدت زوجته إلى ابن أخيها جنكز خان وقد) جاءها زائراً فملكته، وكان الملكان اللذان هما مجاوران لهم هما: كشلي خان، وفلان خان، فرضياً بجنكز خان، وعاضداه، فلما أنهي الأمر إلى القان ألطور أنكر

(44/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 24
ولم يرض، واستحقر جنكز خان، فغضب له المذكوران وخرجا معه وعملوا المصاف، فانهزم ألطور خان وذل، ثم طلب الصلح، فصالحوه، وقووا واتفقوا، فمات أحدهما، ثم مات كشلوخان، وتملك ولده، فطمع جنكز خان في الوالد، وتمكن وكثر جنده وهم المغل، وحارب الولد، وهزمه واستولى على بلاده، ثم نفذ رسولاً إلى خُوارزم شاه كما ذكرنا.

(44/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 25
4 (سنة ست عشرة وستمائة.)

4 (موت خوارزم شاه)
فيها وصل الخبر بانجفال السلطان خوارزم شاه عن جيحون، فاضطربت مدينة خوارزم، وقلقت خاتون والدة السلطان، وأمرت بقتل من كان معتقلاً بخوارزم من الملوك، وكان بها نحو عشرين ملكاً، وخرجت من خوارزم ومعها خزائن السلطان وحرمه، وساقت إلى قلعة إيلال بمازندران، ثم أسرت. وأما السلطان فإنه لم يزل منهزماً إلى أن قدم نيسابور، ولم يقم بها إلا ساعة واحدة رعباً من التتار، ثم ساق إلى أن وصل إلى مرج همذان ومعه بقايا عسكره نحو عشرين ألفاً، ولم يشعر إلا وقد أحدق به العدو، فقاتلهم بنفسه، وشمل القتل كل من كان في صحبته، ولجأ في نفر يسير إلى الجبل، ثم منها إلى الاستدار وهي أمنع ناحية في مازندران، ثم سار إلى حافة البحر، وأقام بقرية ينور المسجد ويصلي فيه إماماً بجماعة، ويقرأ القرآن، ويبكي، فلم يلبث حتى كبسه التتار، فهرب، وركب في مركب، فوقع فيه النشاب، وخاض خلفه طائفة، فصدهم عمق الماء عن لحوقه، فبقي في لجةٍ ولحقته علة ذات الجنب، فقال: سبحان الله مالك الملوك لم يبق لنا من مملكتنا مع سعتها قدر ذراعين ندفن فيها، فاعتبروا يا أولي الأبصار. فلما وصل إلى الجزيرة التي هناك، أقام بها طريداً وحيداً، والمرض يزداد به، ثم مات وكفن في شاش فراش كان معه، في سنة سبع عشرة.
4 (تخريب أسوار القدس)
وفي أول السنة أخرب المعظم أسوار القدس خوفاً من استيلاء الفرنج عليه، وقد كان يومئذ على أتم العمارة وأحسن الأحوال وكثرة السكان.

(44/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 26
وقال أبو المظفر: كان المعظم قد توجه إلى أخيه الكامل إلى دمياط والكشف عنها، وبغله أن) طائفة من الفرنج على عزم القدس، فاتفق هو والأمراء على تخريبه، وقالوا: قد خلا الشام من العساكر، فلو أخذته الفرنج حكموا على الشام. وكان بالقدس أخوه الملك العزيز وعز الدين أيبك أستاذ دار، فكتب المعظم إليهما يأمرهما بخرابه، فتوقفا. وقال: نحن نحفظه، فأتاهما أمر مؤكد بخرابه، فشرعوا في الخراب في أول المحرم، ووقع في البلد ضجة، وخرج الرجال والنساء إلى الصخرة، فقطعوا شهورهم، ومزقوا ثيابهم، وخرجوا هاربين، وتركوا أققالهم، وما شكوا أن الفرنج تصبحهم، وامتلأت بهم الطرقات، فبعضهم قصد مصر، وبعضهم إلى الكرك، وبعضهم إلى دمشق، وهلكت البنات من الحفاء، ومات خلقٌ من الجوع والعطش، ونهب ما في البلد، وبيع الشيء بعشر ثمنه، حتى أبيع قنطار الزيت بعشرة دراهم، ورطل النحاس بنصف درهم، وعلى هذا النمط، وذم الشعراء المعظم، وقالوا:
(في رجب حلل المحرم .......... وخرب القدس في المحرم)
وقال مجد الدين محمد بن عبد الله قاضي الطور:
(مررتُ على القدس الشريف مسلماً .......... على ما تبقى من ربوع كانجم)

(ففاضت دموعُ العين مني صبابةً .......... على ما مضى في عصرنا المتقدم)

(وقد رام علجٌ أن يعفي رسومه .......... وشمر عن كفي لئيم مذمم)

(فقلت له: شلت يمينك خلها .......... لمعتبرٍ أو سائل أو مُسلم)

(فلو كان يُفدى بالنوس فديتهُ .......... وهذا صحيح الظن في كلّ مسلم)

(44/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 27
4 (استيلاء الفرنج على دمياط)
قال ابن الأثير: لما ملكت الفرنج بُرج السلسلة قطعوا السلاسل لتدخل مراكبهم في النيل ويتحكموا في البر، فنصب الملكُ الكامل عوض السلاسل جسراً عظيماً، فقاتلوا عليه قتالاً شديداً حتى قطعوه، فأخذ الكامل عدة مراكب كبار، وملأها حجارة وغرقها في النيل، فمنعت المراكب من سلوك النيل. فقصدت الفرنج خليجاً يُعرف بالأزرَق، كان النيل يجري قديماً عليه، فحفروه وعَمّقوه، وأجروا الماء فيه، وأصعدوا مراكبهم فيه إلى بؤرة، فلما صاروا في بورة حاذوا الملك الكامل وقاتلوه في الماء، وزحفوا إليه غير مرة. وأما دمياط فلم يتغير عليها شيء، لأن الميرة متصلة بهم، والنيلُ يَحجز بينهم، وأبوابُها مُفتحنة، فاتفقَ موتُ الملك العادل، فضَعُفَت النُّفوس.) وكان عماد الدّين أحمد بن المشطوب أكبر أمير بمصر، والأمراء ينقادون له، فاتفقَ مع جماعةٍ، وأرادوا خَلع الكامل وتمليك أخيه الفائز، فبلغ الخبرُ الكامل، ففارق المنزلة ليلاً، وسار إلى قرية أشمون، فأصبح العسكر وقد فقدوا سُلطانهم، فلم يقف الأخ على أخيه، وتركوا خيامهم، وعبرت الفرنج النيل إلى برِّ دمياط آمنين في ذي القعدة، وحازوا المُعسكر بما فيه، وكان شيئاً عظيماً، فَمَلكهُ الفرنجُ بلا تعبٍ. ثم لَطَفَ الله ووصل المُعظِّم بعد هذا بيومين، والنّاس في أمرٍ مريج، فقوى قلبَ أخيه وثبتهُ، وأخرجوا ابن المشطوب إلى الشام. وأمّا العُربان فتجمعت وعاثت، فكانوا أشد على المُسلمين من الفرنج. قال: وأحاط الفرنج بدمياط وقاتلوها براً وبحراً، وعملوا عليهم خندقاً

(44/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 28
يمنعهم، وهذه عادتهم، وأداموا القتال، واشتد الأمرُ على أهلها، وتعذرت عليهم الأقوات وغيرها، وسئموا القتال، لأنَّ الفرنج كانوا يتناوبون القتال عليهم لكثرتهم، ولم يكن بدمياط من الكثرة ما يجعلون القتال عليهم بالنوبة، ومع هذا فصبروا صبراً لم يسمع بمثله، وكثر القتل فيهم والجراح والموتُ، ودام الحصار عليهم إلى السابع والعشرين من شعبان من سنة ست عشرة، فعجز من بقي بها عن الحفظ لقتلهم، وتعذر القُوت عليهم، فسَلَّموا بالأمان، وأقامَ طائفة عَجزوا عن الحركة. وبَثَّت الفرنج سراياهم ينهبون ويقتلون، وشرعوا في تحصين دمياط وبالغوا في ذلك، وبقي الكامل في أطراف بلاده يحميها. وتسامعَ الفرنجُ بفتح دمياط، فأقبلوا إليها من كل فجِّ عميق، وأضحت دارَ هجرتهم، وخافَ الناس كافةً من الفرنج. وأشرف الإسلام على خطَة خسف، أقبل التتار من المشرق، وأقبل الفرنج من المغرب، وأراد أهل مصر الجلاء عنها فمنعهم الكامل، وتابع كتبه على أخويه المعظم والأشرف يحثهما على الحضور، وكان الأشرف مشغولاً بما دهمهُ من اختلاف الكلمة عليه ببلاده عند موت القاهر صاحب الموصل. وبقي الكاملُ مدة طويلة مرابطاً في مقابلة الفرنج إلى سنة ثمان عشرة، فنجده الأشرف. وكان الفرنج قد ساروا من دمياط وقصدوا الكامل، ونزلوا مقابله وبينهما بحر أشمون، وهو خليج من النيل، وبقوا يرمون بالمنجنيق والجَرْخ إلى عسكر المسلمين، وقد تَيَقّنوا هُم وكلُّ النَّاس أنهم يملكون الدّيار المصرية. وأمّا الكامل فتلقى الأشرف وسُرَّ بقدومه، وسار المُعَظَّم فقصدَ دمياط، واتفق الأشرفُ والكاملُ) على قتال الفرنج، وتقربوا، وتقدمت شواني المسلمين، فقابلت شواني الفرنج، وأخذوا للفرنج ثلاث قطعٍ بما فيها، فقويت النّفوس،

(44/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 29
وترددت الرسل في الصلح، وبذل المسلمون لهم تسليم بيت المقدس، وعَسقلان، وطبريّة، وصَيدا، وجَبَلَة، واللاذقية، وجميع ما فتحهُ صلاح الدين رحمه الله سوى الكرك، فلم يرضوا، وطلبوا ثلاثمائة ألف دينار عوضاً عن تخريب بيت المقدس ليعمروه بها، فلم يتم أمر، وقالوا: لا بد من الكرك. فاضطر المسلمون إلى قتالهم، وكان الفرنج لاقتدارهم في نفوسهم لم يستصحبوا معهم ما يقوتهم عدة أيام، ظناً منهم أنّ العساكر الإسلامية لا تقوم لهم، وأنَّ القرى تبقى بأيديهم وتكفيهم. فعبر طائفةٌ من المسلمين إلى الأرض التي عليها الفرنج ففجّروا النيل، فركب أكثر تلك الأرض، ولم يبقَ للفرنج جهةٌ يسلكونها غير جهةٍ واحدة ضيقة، فنصب الكامل الجسور على النيل، وعبرت العساكر، فملكوا قفبلرلا الطريق التي يسلكها الفرنج إلى دمياط، ولم يبق لهم خلاص، ووصل إليهم مركب كبير وحوله عدّة حراقات، فوقع عليها شواني المسلمين، وظفرَ المسلمون بذلك كلِّه، فسُقِط في أيدي الفرنج، وأحاطت بهم عساكر المسلمين، واشتد عليهم الأمر، فأحرقوا خيامهم ومجانيقهم وأثقالهم، وأرادوا الزحف إلى المسلمين فعجزوا وأذلوا فراسلوا الكامل يطلبون الأمان ليسلموا دمياط بلا عوض، فبينما المراسلات مترددة، إذ أقبلَ جمعٌ كبير لهم رهجٌ شديدٌ وجلبة عظيمةٌ من جهة دمياط، فظنه المسلمون نجدة للفرنج، فإذا به الملك المُعظم، فخُذل الفرنج، لعنهم الله، وسَلَّموا دمياط، واستقرّت القاعدة في سابع رجب سنة ثمان عشرة، وتسلمها المسلمون بعد يومين، وكان يوماً مشهوداً فدخلها العسكر، فرأوها حصينة قد بالغ الفرنج في تحصينها بحيثُ بقيت لا تُرام، فللّه الحمد على ما أنعمَ به. وهذا كله ساقه ابن الأثير رحمه الله متتابعاً في سنة أربع عشرة. وقال غيره وهو سعد الدين مسعود بن حمويه فيما أنبأنا: لمّا تقرر الصلح جلس السلطان في خيمته، وحضر عنده الملوك، فكان على يمين السلطان

(44/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 30
صاحبُ الملك حمص المُجاهد، ودونه الملك الأشرف شاه أرمن، ودونه الملك المعظم عيسى، ودونه صلى الله عليه وسلم صاحب حماة، ودونه الحافظ صاحب جعبر، ومُقدم نجدة حلب، ومُقدم نجدة الموصل، ومُقدم نجدة ماردين، ومقدّم نجدة إربل، ومقدم نجدة ميافارقين، وكان على يساره نائب الباب، وصاحب عكا، وصاحب قبرص، وصاحب طرابلس، وصاحب صيدا، وعشرون من الكنود لهم قلاع في المغرب، ومقدم الداوية، ومُقدم الإسبتار. وكان يوماً مشهوداً. فرسم السلطان بمبايعتهم) وكان يحمل إليهم في كل يوم خمسين ألف رغيف، ومائتي إردب شعير، وكانوا يبيعون عددهم بالخبز ممّا نالهم من الجُوع. فلمّا سَلَّموا دمياط أطلق السلطانُ رهائنهم، وبقي صاحبُ عكار حتى يطلقوا رهائن السلطان فأبطأوا، فركب السلطان ومعه صاحب عكا وكان خلقة هائلة فأخرج السلطان من صدر قبائه صليب التابوت، الذي كان صلاح الدين أخذه من خزائن خلفاء مصر فلما رآه صاحب عكا رمى بنفسه إلى الأرض، وشكر السلطان، وقال: هذا عندنا أعظم من دمياط. وقال له السلطان: خذ هذا تذكاراً من عندي، واركب في مركب، ورُح نفذ رهائننا، فلم يفعل، وبعث الصّليب مع قسيس. وحكى بعضهم قال: وفي شعبان أخذت الفرنج دمياط، وكان المُعَظم قد جهّز إليها ناهض الدين ابن الجرخي في خمسمائة راجل، فهجموا على الخندق، فقُتل الناهضُ ومن كان معه، وضعف أهل دمياط المساكين، ووقع فيهم الوباء والغلاء، وعجز الملكُ الكامل عن نُصرتهم، فسلّموها بالأمان، وفتحوا للفرنجُ، فغدروا، لعنهم الله، وقتلوا وأسروا، وجعلوا الجامعَ كنيسةً، وبعثوا بالمصاحف ورؤوس القتلى إلى الجزائر. وكان بدمياط الشّيخ أبو الحسن بن قُفل الزاهد صاحب زاوية، فما تعرضوا له.

(44/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 31
قال أبو شامة: أنا رأيته بدمياط سنة ثمانٍ وعشرين. وبلغَ الكاملَ والمُعَظم فبكيا بكاءً شديداً، وقال الكامل للمُعظم: ما في مقامك فائدة، فانزل إلى الشّام وشوش خواطر الفرنج، واجمع العساكر من الشرق. قال ابن واصل في أخذ دمياط: وحين جرى هذا الأمرى الفظيع، ابتنى الملك الكامل مدينة، وسماها المنصورة عند مفرق البحرين الآخذ أحدهما إلى دمياط، والآخر إلى أشمون، ومصبهُ في بحيرة تِنّيس، ثمّ نزلها بجيشه، وبنى عليها سوراً. وذكر ابن واصل: أنّ تملّك الفرنج دمياط كان في عاشر رمضان. قال أبو المظفر: فكتب إلي المعظم وأنا بدمشق بتحريض الناس على الجهاد ويقول: إني كشفتُ ضياع الشام فوجدتها ألفي قرية، منها ألف وستمائة قرية أملاك لأهلها، وأربعمائة سلطانية، وكم مقدار ما يقيم هذه الأربعمائة من العساكر فأريد أن تُخرج الدماشقة ليذبوا عن أملاكهم. فقرأتُ عليهم كتابةُ في المِيعاد، فتقاعدوا، فكان تقاعدهم سبباً لأخذ الخمس والثمن من أموالهم. وكتب إلي: إذا لم يخرجوا فسر أنت إلي. فخرجتُ إلى الساحل، وقد نزل على قيسارية، فأقمنا) حتى افتتحها عنوة، ثم نزل على حصن البقر فافتتحه وهدمه، وقدم دمشق.

(44/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 32
4 (لباس قاضي القضاة)
وفيها ألبس الملك المعظم قاضي القضاة زكي الدين الطاهرت، والقباء والكلوتة بمجلس الحكم بداره. قال أبو المظفر: كان في قلب المُعظم منه حزازات، كان يمنعه من إظهارها حياؤه من أبيه، وكان يشكو إلي مراراً. ومرضت ستُّ الشام عمه المُعَظَّم، وكانت أوصت بدارها مدرسةً، فأحضرت القاضي المذكور والشهود، وأوصت إلى القاضي، وبلغَ ذلك المعظم فعزَّ عليه، وقال: يحضر إلى دار عمتي بغير إذني ويسمع كلامها. ثم اتفق أنّ القاضي أحضر جابي العزيزية وطلب منه حساباً، فأغلظ له، فأمر بضربه، فضُرب بين يديه كما تفعل الوُلاة. فوجد المُعظم سبيلاً إلى إظهار ما في نفسه، وكان الجمال المصري وكيل بيت المال عدواً للقاضي، فجاء فجلس عند القاضي والشهود حاضرون، فبعث المعظم بقجةً فيها قباء وكلوته، وأمر أن يحكم بهما بينَ الناس، فقام من خوفه فلبسهما، وحكم بين اثنين. قال أبو شامة: جابي المدرسة هو السديد سالم بن عبد الرزاق خطيب عقربا، وجاء الذي ألبسه الخلعة إلى عند شيخنا السخاوي، فتأوه الشيخ وضرب بيده على الأخرى، فكان مما حكى أن أقول له: السلطان يسلّم عليك ويقول لك: الخليفة سلام الله عليه إذا أراد أن يُشرف أحداُ خلعَ عليه من ملابسه، ونحن نسلك طريقه. وفتحتُ البقجة، فلمّا رآها وجم، فأمرته بترك التوقف، فمد يدهُ ووضع القباء على كتفيه، ووضع عمامته وحط الكلوتة على رأسه، ثم قام ودخل بيته.

(44/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 33
قال أبو شامة: ومن لطف الله به أن كان المجلس في داره، ثم لزم بيته، ولم تطُل حياته بعدها، ومات في صفر سنة سبع عشرة، رمى قطعاً من كبده، وتأسف الناس لما جرى عليه، وكان يحبّ أهل الخير، ويزور الصّالحين. وبقي نوابهُ يحكمون بني الناس: ابن الشيرازي، وابن سني الدولة، وشرف الدّين ابن الموصلي الحنفي، كان يحكم بالطرخانية بجيرون، ثم بعد مدّة أضيف إليهم الجمال المصري. وقال أبو المظفر: كانت واقعة قبيحة، ولقد قلتُ له يوماً: ما فعلتَ هذا إلا بصاحب الشرع ولقد وجب عليك دية القاضي، فقال: هو أحوجني إلى هذا، ولقد ندمتُ. واتفق أنّ المُعظم بعثَ إلى الشرف بن عُنين حين تزهد خمراً ونرداً، وقال: سبح بهذا فكتب إليه:)
(يا أيها الملكُ المُعظمُ، سُنّةً .......... أحدثتها تبقى على الآباد)

(تجري المُلوكُ على طريقك بعدها .......... خَلع القُضاة وتُحفةُ الزهاد.)

(44/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 34
4 (سنة سبع عشرة وستمائة)

4 (كسرة بدر الدين لؤلؤ)
فيها قصد مظفر الدين صاحب إربل الموصل، فخرج إليه بدر الدين لؤلؤ، فكسره مظفر الدين، وأفلت لؤلؤ وحده، ونازل مظفرُ الدين الموصل، فجاء الملك الأشرفُ من حران نجدةً للؤلؤ، ثم وقع الصلح.
4 (فتنة ابن المشطوب)
وفيها كانت فتنة ابن المشطوب، لما كان المعظم بديار مصر عام أول، بلغه أن الملك الفائز أخاه قد اتفق مع الأمير عماد الدين ابن المشطوب أحد الأمراء الكبار على أخيه الكامل، وقد استحلف للفائز العساكر. فعرف الكاملُ فرحل إلى أشموم، وهم بالتوجه إلى اليمن، وبئس من البلاد، فقال له المُعظم: لا بأس عليك، وركب وجاء إلى خيمة ابن المشطوب، فخرج إلى خدمته بغير خف، وركب معه، فسير معه، فأبعد به، وقال: أخي الأشرف قد طلبك فسر إليه مسرعاً. فقال: ما معي غلماني ولا قماشي، فوكل به جماعة، وقال: هؤلاء في خدمتك. وأعطاه نفقة خمسمائة دينار، وقال: كل شيء تريد يلحقك في الحال. فسار، وجهز المعظم جميع أحواله خلفه، ثم رجع إلى مخيمه، فجاء الكامل إليه وقبل الأرض بين يديه. وأما الفائز فخاف خوفاً عظيماً، واجتاز ابن المشطوب على دمشق وحماة، وعدى الفرات إلى الأشرف فتلقاه وأكرمه، فصار يركب بالشبابة، ويعمل له موكباً

(44/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 35
كالأشرف، فأعطاه أرجيش، فتجبر، وخامر على الأشرف، وطلع إلى ماردين، ثم قصد سنجار في هذه السنة، وساعدهُ صاحبُ ماردين، فسار لحربه الملكُ الأشرف، فدخل ابن المشطوب إلى تلعفر، فأنزله بدرُ الدين لؤلؤ صاحبُ الموصل بالأمان، وحملهُ معه إلى الموصل، ثم قيدة وبعث به إلى الأشرف، فألقاه في الجُبِّ، فمات بالقملِ والجوع. وكان عماد الدين ابن نور الدين صاحب قرقيسيا مع الأشرف، فكاتب ابن المشطوب، فعلم الأشرفُ فحبسه وبعث به مع العلم قيصر المعروف بتعاسيف إلى قرقيسيا وعانة، فعلقه تحت القلعتين وعذبه، وتسلم تعاسيفُ جميع بلاده، وأراد الأشرف أن يرميه في الجب، فشفع فيه) الملك المُعظم، فأطلقه، فسار إلى دمشق فأحسن إليه المعظم، واشترى بُستان ابن حيوس بنواحي العُقيبة، وبنى فيه قبة، وأقام به إلى أن مات، ودُفن بالقُبة، وهي على الطريق في آخر عمارة العُقيبة من شماليها بغربٍ.
4 (زواج عدة أمراء)
وفيها تزوج الأخوان المنصور إبراهيم، والمسعود أحمد، ابنا أسد الدّين، بابنتي الملك العادل، أختي الصالح إسماعيل لأبويه، وتزوج أخوهُما يعقوب بابنة المُعظم، وتزوج عُمر ابن المُعظم بابنة أسد الدِّين، ومهر كل منهن ثلاثون ألف دينار.
4 (تدريس ابن الشيرازي)
ودرس بالعزيزية القاضي ابن الشيرازي.

(44/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 36
4 (عزاء ابن حمويه)
وفيها عمل عزاء شيخ الشيوخ ابن حمويه بجامع دمشق، فتكلم واعظ وأنشد أبيات ابن سينا:
4 (هبطت إليك من المحل الأرفع)
فأنكر القاضي الجمال المصري وقال: هذه الأبيات قول زنديق، وأمره بالنزول فتعصب له جماعة فتمم ونزل، وسكن المُعتمد العصبية بعد أن جذبت سكاكين.
4 (عزل ابن الشيرازي)
ثم عزل ابن الشيرازي من العزيزية بالآمدي.
4 (موت صاحب سنجار)
وفيها قتل صاحب سنجار أخاه، فسار الملك الأشرف إليها فأخذها، وعوض صاحبها الرقة، فنزل من سنجار بأهله، وهو آخر ملوك البيت الأتابكي، ومدة ملكهم أربعٌ وتسعون سنة، ومات بعد أن تسلم الرقة بقليلٍ، وانقصف شبابهُ ولم يُمتع بعد قتل أخيه.
4 (وقعة البُرُلس)
وفي رجب كانت وقعة البرلس، وكانت وقعة هائلة بين الفرنج والكامل، قتل الكامل منهم عشرة آلاف، وأخذ غنائمهم وخيلهم، وانهزموا إلى دمياط.

(44/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 37
4 (ولاية دمشق)
وفيها عزل المعتمد عن ولاية دمشق، وولي الغرس خليل.)
4 (حج المعتمد)
وحج فهيا المعتمد بالركب.
4 (مقتل آقباش الناصري)
وحج بركب بغداد أقباش الناصري، فقُتل بمكة، وعاد ركبُ العراق مع الشاميين، وكان مع آقباش تقليدٌ بإمرة مكة لحسن بن قتادة بن إدريس، لأن أباه مات في وسط العام، فجاءهُ بعرفات راجحٌ أخو حسن وقال: أنا أكبر ولد قتادة فولني، وظن حسنٌ أن آقباش قد ولى راجحاً، فغلق مكة، ثم نزل آقباش بشبيكة، وركب ليسكن الفتنة ويصلح بين الأخوين، فبرز عبيدُ حسن يقاتلونه، فقال: ما قصدي القتال. فلم يلتفتوا إليه، وثاروا به، فانهزم أصحابه وبقي وحده، فجاء عبدٌ فَعرقَبَ فرسهُ، فوقع، فقتلوه، وحملوا رأسه على رُمحَ فنصب بالمسعى. وأرادوا نهب العراقيين، فقام المُعتمد في الأمر، وخوف الحسن من الكامل والمُعظم. وكان آقباش قد اشتراه الناصر لدين الله وهو أمرد بخمسة آلاف دينار، ولم يكن بالعراق أحسنُ منه صورةً، وكان عاقلاً متواضعاً، وحزن عليه الخليفة.
4 (خروجُ التتار)
قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: كان أول ظهورهم بما وراء النهر سنة خمس عشرة، فأخذوا بُخارى وسمرقند وقتلوا أهلها، وحاصروا خوارزم شاه، ثم

(44/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 38
بعد ذلك عبروا النهر، فوجدوا الخطا قد كسروا خوارزم شاه، فانضم إليهم الخطا وصاروا تبعاً لهم. وكان خوارزم شاه قد أباد المُلوك من مدن خُراسان، فلم يجد التتار أحداً في وجههم، فطووا البلاد قتلاً وسبياً، وساقوا إلى أن وصلوا إلى همذان وقزوين في هذه السنة، وتوجهوا إلى أذربيجان. وقال بن الأثير في كامله: لقد بقيتُ مدة معرضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها، كارهاً لذكرها، أقدمُ رجلاً وأوخر أخرى، فمن الذي سهل عليه أن يكتب نعي الإسلام، فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مُتُ قبل حدوثها. ثم حثني جماعةٌ على تسطيرها، فنقول: هذا الفصل يتضمن ذكر الحادثة العظمى والمصيبة الكبرى التي عقمت الدهور عن مثلها، عمت الخلائق، وخصت المُسلمين، فلو قال قائل: إنَّ العالم منذ خلقهُ الله إلى الآن لم يبتلوا بمثلها، لكان صادقاً، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها. ومن أعظم ما يذكرون فعل بختُ نصر ببني إسرائيل بالبيت المُقدس، وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعين وما بنو إسرائيل بالنسبة) إلى ما قتلوا فهذه الحادثة التي استطار شررها وعم ضررها، وسارت في البلاد كالسحاب استدبرته الريحُ، فإن قوماً خرجوا من أطراف الصين فقصدوا بلاد تُركستان، مثل كاشغر، وبلاشغون، ثم منها إلى بخارى، وسمرقند فيملكونها، ويفعلون بأهلها ما نذكره، ثم تعبُرُ طائفةٌ منهم إلى خُرسان فيفرغون منها مكلاً وتخريباً وقتلاً وإبادة إلى الري وهمذان إلى حد العراق، ثم يقصدون أذربيجان ونواحيها ويخربونها ويستبيحونها في أقل من سنة، أمر لم يسمع بمثله. ثم ساروا من أذربيجان إلى دربند شروان فملكوا مدنهُ، ولم يسلم غير القلعة التي فيها ملكهم، وعبروا من عندها إلى بلد اللان واللكز فقتلوا وأسروا،

(44/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 39
ثم قصدوا بلاد قفجاق، وهم من أكثر الترك عدداً، فقتلوا من وقفن وهرب الباقون إلى الشعراء والغياض ورؤوس الجبال، وفارقوا بلادهم، واستولى التتر عليها. ومضى طائفة أخرى غير هؤلاء إلى غزنة وأعمالها، وسجستان وكرمان، ففعلوا مثل هؤلاء بل أشد، هذا ما لم يطرق الأسماع مثله، فإن الإسكندر الذي ملك الدنيا لم يملكها في هذه السرعة، وإنما ملكها في نحو عشر سنين، ولم يقتل أحداً، إنما رضي بالطاعة. وهؤلاء قد ملكوا أكثر المعمور من الأرض وأحسنه وأعمرهُ في نحو سنة، ولم يبقَ أحدٌ في البلاد التي لم يطرقوها إلا وهو خائفٌ يترقب وصولهم إليه. ثم إنهم لم يحتاجوا إلى ميرة، ومددهم يأتيهم، فإنهم معه الأغنام والبقرُ والخيل ويأكلون لحومها لا غير. وأما خيلهم فإنهم تحفر الأرض بحوافرها، وتأكل عُروق النبات، ولا تعرف الشعير. وأما ديانتهم فإنهم يسجدون للشمس عند طلوعها ولا يحرمون شيئاً، ويأكلون جميع الدواب وبني آدم. ولا يعرفون نكاحاً، بل المرأة يأتيها غيرُ واحد، فإذا جاء الولدُ لا يعرف أبوه. وتهياً لهم أخذ الممالك، لأن خُوارزم شاه محمداً كان استولى على البلاد، وقهر ملوكها وقتلهم، فلما انهزم من التتار لم يبق في البلاد من يمنعهم ولا من يحميها، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً. وهم نوع من التُرك، مساكنهم جبال طمغاج، بينها وبين بلاد الشرق أكثر من ستة أشهر، وكان ملكهم جنكزخان قد فارق بلاده، وسار إلى نواحي تُركستان، وسير معه جماعة من الأتراك التجار، ومعهم شيء كثير من النقرة والقندز وغير ذلك، إلى بلاد ما وراء النهر ليشتروا له ثياباً وكسوةً، فوصلوا إلى مدينة من بلاد الترك تسمى أوترار، وهي آخر ولاية خُوارزم شاه،) وله بها نائبٌ. فلما ورد عليه

(44/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 40
هذه الطائفة، أرسل عرف السلطان، فبعث يأمره بقتلهم وأخذ ما معهم، وكان شيئاً كثيراً. وكان بعد مملكته مملكة الخطا، وقد سد الطرق من بلاد تُركستان وما بعدها من البلاد، لأن طائفةً من التتار أيضاً كانوا قد خرجوا من قديم الزمان والبلاد للخطا. فلما ملك خُوارزم شاه، وكسر الخطا، واستولى على بلادهم، استولى هؤلاء التتار على تُركستان، وصاروا يحاربون نواب خُوارزم شاه، فلذلك منع الميرة عنهم من الكسوة وغيرها. وقيل غير ذلك. فلما قتل أولئك التجار، بعث جواسيس يكشفون له جيش جنكزخان، فمضوا وسلكوا المفاوز والجبال، وعادوا بعد مدة، وأخبروا بأنهم يفوقون الإحصاء، وأنهم من أصبر خلق الله على القتال، لا يعرفون هزيمة، ويعملون سلاحهم بأيديهم، فندم خوارزم شاه على قتل تجارهم، وحصل عنده فكر زائدٌ، فأحضر الفقيه شهاب الدين الخيوقي فاستشاره، فقال: اجمع عساكرك ويكون النفير عاماً، فإنه يجب على الإسلام ذلك، ثم تسير بالجيوش إلى جانب سيحون، وهو نهر كبير يفصل بين الترك وبلاد ما وراء النهر، فتكون هناك، فإذا وصل إليه العدو وقد سار مسافة بعيدة، لقيناه، ونحن مستريحون، وهم في غاية التعب. فجمع الأمراء واستشارهم، فلم يوافقوه على هذا، بل قالوا: الرأي أن نتركهم يعبرون سيحون إلينا، ويسلكون هذه الجبال والوعر، فإنهم جاهلون بطُرقٌ ها، ونحن عارفون بها، فنقوى حينئذٍ عليهم ويهلكون. فبينما هم كذلك إذ قدم رسول جنكزخان يتهدّد خُوارزم شاه ويقول: تقتلون تُجاري وتأخذون أموالهم، استعدوا للحرب، فها أنا واصلٌ إليكم بجمع لا قبل لكم به. وكان قد سار وملك كاشغر وبلا ساغون وأزال عنها التتار الأولين، فلم يظهر لهم أثر، ولا بقي لهم خبر، بل أبادهم، فقتل خُوارزم شاه الرسول، وأما أصحابه فحلق لحاهم، وردهم إلى جنكزخان يقولون له: إنه سائر إليك. وبادر

(44/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 41
خُوارزم شاه ليسبقَ خبرهٌ ويكبس التتار، فقطع مسيرة أربعة أشهر، فوصل إلى بيوت التتار، فما وجد فيها إلى الحريم فاستباحها، وكان التتار قد ساروا إلى محاربة ملك من ملوك التُرك يقال له كشلوخان فهزموه، وغنموا أمواله، وعادوا فجاءهم الصريخ بما جرى، فجدوا في السير فأدركوا خوارزم شاه، وعملوا معه مصافاً لم يسمع بمثله، واقتتلوا أشد قتال، وبقوا في الحرب ثلاثة أيام ولياليها، وقتل من الطائفتين خلق لا يحصون، وثبت المسلمون وأبلوا بلاء حسناً، وعلموا أنهم إن انهزموا لم يبقَ للمسلمين باقية، وأنه يؤخذون لبُعدهم عن) الديار. وأما الكفار التتار فصبروا لاستنقاذ أموالهم وحريمهم، واشتد بهم الأمر حتى كان أحدهم ينزل عن فرسه وقرنه راجل، فيقتتلان بالسكاكين. وجرى الدم حتى زلقت الخيل فيه من كثرته، واستفرغ الفريقان وسعهم في الصبر. وهذا القتال كله مع ابن جنكزخان، فإن أباه لم يحضر الوقعة، ولم يشعر بها، وقتل من المسلمين عشرون ألفاً، ومن الكفار ما لا يُحصى. فلما كانت الليلة الرابعة نزل بعضهم مقابل بعضهم، فلما كان الليل أوقد التتار نيرانهُم، وتركوها بحالها وساروا، وكذلك فعل المسلمون أيضاً، كل منهم قد سئم القتال. ورجع المسلمون إلى بخارى، فاستعدوا للحصار لعلم خُوارزم شاه بعجزه، لأن طائفة من التتار لم يقدر أن يظفر بهم، فكيف إذا جاءوا بأجمعهم مع ملكهم جنكزخان فأمر أهل بخارى وسمرقند يستعدون للحاصر، وجعل ببخارى عشرين ألف فارس، وفي سمر قند خمسين ألف فارس، وقال: احفظوا البلاد حتى أعود إلى خُوارزم وأجمع العساكر وأعود. ثم عبر النهر ونزل على بلخ، فعسكر هناك. وأما التتار فإنهم أقبلوا، فنازلوا بخارى وحاصروها ثلاثة أيام وزحفوا، فقرب من بها من العساكر، وطلبوا خُراسان في الليل، فأصبح البلدُ خالياً من العسكر،

(44/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 42
فأخرجوا القاضي بدر الدين ابن قاضي خان ليطلب لهم الأمان، فأعطوهم الأمان، واعتصم طائفة من العسكر بالقلعة، ففتحت أبواب بُخارى للتتار في رابع ذي الحجّة سنة ست عشرة، فدخلت التتار ولم يتعرضوا إلى أحد، بل طلبوا الحواصل السلطانية، وطلبوا منهم المساعدة على قتال من بالقلعة، وأظهروا العدل. ودخل جنكزخان، لعنه الله، وأحاط بالقلعة، ونادى في البلد أن لا يتخلف أحدٌ، من تخلف قتل، فحضروا كلهم لطم الخندق، وطموه بالتراب والأخشاب، حتى إن التتار كانوا يأخذون المنابر وربعات الكتاب العزيز فيلقونها في الخندق، فإن لله، وإنا إليه راجعون. ثم زحفوا على القلعة وبها أربعمائة فارس، فمنعوها اثني عشر يوماً، فوصلت النقوب إلى سورها. واشتد القتال، فغضب جنكز خان ورد أصحابهُ ذلك اليوم، وباكرهم من الغد، وجدوا في القتال، فدخلوا القلعة، وصدقهم أهلها حتى قتلوا عن آخرهم. ثم أمر جنكزخان أن يُكتب له رؤوس البلد، ففعلوا، ثم أحضرهم فقال: أريد منكم النقرة التي باعكم خُوارزم شاه فإنها لي. فأحضر كل من عند شيء منها، ثم أمرهم بالخروج من البلد، فخرجوا مجردين، فأمر التتار أن ينهبوا البلد، فنهبوه، وقتلوا من وجدوا به، وأمر التتار أن يقتسموا المُسلمين، فتمزقوا كل مُمُزق، وأصبحت) بخارى خاوية على عروشها، وسبوا النساء. ومن الناس من قاتل حتى قُتل، وكذا فعل الإمام ركن الدين إمام زادة، والقاضي صدر الدين وأولادهم. ثم ألقت التتار النار في البلد والمدارس والمساجد. وعذبوا الرؤساء في طلب المال. ثم رحلوا نحو سمرقند وقد تحققوا عجز خُوارزم شاه عنهم واستصحبوا أسارى بُخارى معهم مشاةً في أقبح حالٍ، ومن عجز قتلوهُ، فأحاطوا أيضاً بسمرقند، وبها خمسون ألف مقاتل، فخرج إليهم الشجعان من الرّجالة وغيرهم، فانهزموا لهم وأطمعوهم، ولم يخرج من الخمسين ألف أحدٌ لما قد وقر في قلوبهم من الرعب، وكان التتار قد أكمنوا لهم، فلما جازت الرجالُ ذلك الكمين، خرجوا عليهم وحالوا بينهم وبين البلد، فلم يسلم منهم أحدٌ.

(44/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 43
قال: وكانوا على ما قيل سبعين ألفاً رحمهم الله، فضعفت نفوسُ الجُند والعامة، وأيقنوا بالهلاك، وطلب الجند الأمان، فأجابوهم، وفتحوا البلد، وخرجوا إلى التتار بأهاليهم وأموالهم، فقال لهم التتار: ادفعوا إلينا سلاحكم وخيلكم وأموالكم، ونحن نسيركم إلى مأمنكم. ففعلوا ذلك، فلما كان رابع يوم نادوا في العوام: ليخرجوا كلهم، ومن تأخر قتل، فخرج الجميعُ، ففعلوا بهم كما فعلوا بأهل بُخارى، نهبوا وسبوا وأحرقوا الجامع، وذلك في المُحرم من هذه السنة. ثم سير جنكزخان عشرين ألف فارس خلف خُوارزم شاه، فأتوا جيحون، فعملوا من الخشب مثل الأحواض، وألبسوها جلود البقر لئلا يدخلها الماءُ، ووضعوا فيها سلاحهم وأمتعتهم، وألقوا الخيل في الماء، وأمسكوا بأذنابها، وتلك الحياض مشدودة إليهم، فكان الفرسُ يجذب الرجل، والرجل يجذب الحوض، فعبروا كلهم، فلم يشعر خُوارزم شاه إلا وقد خالطوه. واختلفت الخطا عليه، كما ذكرنا، وانهزم، وساقوا وراءه إلى أن ركب البحر إلى قلعة له فأيسوا منه، وقصدوا الري وبلاد مازندران فملكوها في أسرع وقت، وصادفوا في الطريق والدة خُوارزم شاه ونساءهٌ وخزائنه، وكان قصدها إصبهان، فأخذوها وسيروها برمتها إلى جنكز خان وهو بسمر قند. ثم دخلوا الري وقتلوا وسبوا، ووصلوا إلى زنجان فبدعوا، ثم عطفوا إلى قزوين فحاصروها وأخذوها بالسيف،

(44/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 44
وقتل من الفريقين ما لا يحصى، قيل: بلغوا أربعين ألفاً. ثم ساروا إلى أذربيجان فاستباحوها. ثم نازلوا تبريز وبها ابن البهلوان، فصالحهم على مالٍ وتحفٍ، فساروا عنه ليشتوا على ساحل البحر، لأنه قليل البرد وبه المرعى، فوصلوا إلى) مُوقان، وتطرقوا إلى بلاد الكُرج، فبرز لهم من الكرج عشرةٌ آلاف مقاتل، فحاربوهم ثم انهزموا، فتبعهم التتار إلى قرب تفليس وذلك في ذي القعدة من سنة سبع عشرة. ثم ساروا إلى مراغة، وكان لامرأة، فحاصروها، ثم ملكوها بالسيف، وقتلوا ما لا يحصى، واختفى خلق، فكان التتار يأخذون الأسرى ويقولون: نادوا في الدروب: إن التتار قد رحلوا. فإذا نادى أولئك خرج من اختفى فيقتلونه حتى قيل إن رجلاً من التتار دخل درباً فيه ما يزيد على مائة رجل، فما زال يقتل واحداً واحداً حتى أفناهم، ولا يمد أحد منهم يدهُ إليه بسوء، نعوذ بالله من الخذلان. ثم رحلوا إلى نحو إربل فاجتمع بعض عسكر العراق وعسكر الموصل مع مظفر الدين، فلما سمعوا باجتماع العساكر تقهقروا ظناً منهم أن العسكر يتبعهم، فلما لم يروا أحداً تبعهم أقاموا. وأقام العسكر عليه السّلام عند دقوقاً، ثم عادوا إلى بلادهم إلى همذان وغيرها، وجعلوا لهم بها شحنة، وأرسلوا إليه يأمرونه ليطلب لهم من أهلها أموالاً وقماشاً، ولم يكن خلوا لهم شيئاً، فاجتمع العامة عند الرئيس بهمذان، ومعهم رجل فقيه قد قام في اجتماع الكلمة على الكفار، فقال لهم الرئيس العلوي: كيف الحيلة ونحن نعجز عنهم فما لنا إلا مصانعتهم بالأموال. فقالوا له: أنت أشد علينا من الكفار، وأغلظوا له، فقال: أنا واحدٌ منكم فاصنعوا ما شئتم، فوثبوا على الشحنة فقتلوه، وتحصنوا، فتقدم التتار وحاصروهم، فخرج لحربهم العامة والرئيس والفقيه في أوائلهم، فقتلوا من التتار خلقاً، وجُرح الفقيهُ عدة جراحاتٍ، وافترقوا، ثم خرجوا من الغد، فاقتتلوا من التتار خلقاً، وجُرح الفقيه عدة جراحاتٍ، وافترقوا، ثم خرجوا من الغد، فاقتتلوا أشد قتال، وقُتل من التتر أكثر من اليوم الأول. وأرادوا الخروج في اليوم الثالث فعجز الفقيه عن الركوب من الجراحات، وطلب الناسُ الرئيس، فإذا به قد هرب في سرب صنعه إلى ظاهر البلد هو وأهله إلى قلعة هناك، فتحصن بها. وبقي الناس حيارى، إلا أنهم اجتمعت كلمتهم على الجهاد إلى أن يموتوا. وكان التتار قد عزموا على الرحيل لكثرة من قتل منهم، فلما لم يروا أحداً خرج لقتالهم طمعوا، واستدلوا على ضعفهم، فقصدوهم وقاتلوهم وذلك في رجب في سنة ثمان عشرة وستمائة. ودخلوا البلد بالسيف، وقاتلهم الناس في الدروب، وبطل السلاح للزحمة، واقتتلوا بالسكاكين، فقتل ما لا يحصى. ثم ألقي في همذان النار فأحرقوها، ورحلوا إلى تبريز وقد فارقها صاحبها أوزبك بن البهلوان، وكان لا يزل منهمكاً على الخمور، يبقى الشهر) والشهرين لا يظهر، وإذا سمع هيعة طار، وله جميع

(44/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 45
بلاد أذربيجان وأران، ثم قصد نقجوان، وسير نساءه وأهله إلى خوي، فقام بأمر تبريز شمس الدين الطغرائي، وجمع كلمة أهلها، وحصن البلد، فلما سمع التتار بقوتهم أرسلوا يطلبون منهم مالاً وثياباً، فسيروا لهم ذلك. ثم رحلوا إلى بيلقان فحصروها، فطلب أهلها رسولاً يقررون معه الصلح، فأرسل إليهم مقدماً كبيراً فقتلوه، فزحفت التتارُ على البلد وافتتحوه عنوة في رمضان في سنة ثمان عشرة، ولم يبقوا على صغير ولا كبير، وكانوا يفجرون بالمرأة، ثم يقتلونها. ثم ساروا إلى كنجة وهي أم بلاد أران، فعلموا كثرة أهلها وشجاعتهم، فلم يقدموا عليها وطلبوا منها حملاً، فأعطوا ما طلبوا. وساروا عنهم إلى الكرج، والكرج قد استعدوا لهم، فالتقوا، فانهزم الكرج وأخذهم السيف، فلم يُفلت منهم إلى الشريد، فقتل منهم نحو ثلاثين ألفاً، وعاث التتار في بلاد الكرج وأفسدوا. ثم قصد دربند شروان، فحاصروا مدينة شماخي ثم افتتحوها عنوة. ثم أرادوا عبور الدربند فلم يقدروا على ذلك، فأرسلوا رسولاً إلى شروان شاه، يقولون: أرسل إلينا رسولاً. فأرسل عشرة من كبار أصحابه، فأخذوا أحدهم، فقتلوه، ثم قالوا للباقين: إن أنتم عرفتمونا طريقاً نعبر فيه فلكم الأمان وإلا قتلناكم. فقالوا: إن هذا الدربند ليس فيه طريق البتة، ولكن فيه موضع هو من أسهل ما فيه من الطرق. فساروا معهم في تلك البلاد إلى ذلك الطريق فعبروا فيه. فلما عبروا دربند شروان ساروا في تلك الأراضي وفيها أمم كثيرة منهم اللان واللكز وطوائف من الترك، فنهبوا وقتلوا كثيراً من اللكز وهم كفار ومسلمون. ثم وصلوا إلى اللان وهم أمم كثيرةٌ، فجمعوا جمعاً من القفجاق فقاتلوهم فلم يظفروا بهم. فأرسلت التتارُ إلى القفجاق يقولون: نحنُ وأنتم جنسٌ واحد، وهؤلاء اللان ليسوا منكم حتى تنصروهم، ولا دينهم مثل دينكم، ونحن نعاهدكم أننا لا نعرض إليكم، ونحمل إليكم الأموال والمتاع ما شئتم. فوافقوهم على ذلك، وانعزلوا عن اللان، فأوقع التتار باللان وقتلوا منهم خلقاً،

(44/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 46
وسبوا، وساروا بعد ذلك إلى القفجاق وهم آمنون متفرقون فبيتوهم وأوقعوا بهم، كعادتهم ومكرهم، لعنهم الله، ففر من سلم واعتصم بالغياض، وبعضهم التحق ببلاد الروس. وأقام هؤلاء التتار في بلاد القفجاق، وهي كثيرة المرعى في الشتاء، ووصلوا إلى مدينة سوادق وهي مدينة القفجاق وهي على بحر خزرية، وإليها تصل التجار والمراكب يشترون الرقيق) والبرطاسي وغير ذلك. وبحر خزرية هذا متصل بخليج قسطنطينية. ولما وصلت هذه الطائفة من التتار إلى سوداق ملكوها، وتفرق أهلها، فبعضهم هرب إلى الجبال، وبعضهم ركب البحر، ثم أقام التتار ببلاد القفجاق إلى سنة عشرين وستمائة. وأما الطاغية جنكزخان فإنه بعدما سير هذه الطائفة المذكورة، فهزمت خوارزم شاه قسم أصحابه عدة أقسام، فسير كل قسم إلى ناحية، فسير طائفة إلى ترمذ، وطائفة إلى كلاثة وهي حصينة على جانب جيحون. وسارت كل طائفة إلى الجهة التي أمرت بقصدها واستولت عليها قتلاً وسبياً وتخريباً، فلما فرغوا من ذلك عادوا إلى الملك جنكزخان وهو بسمرقند، فجهز جيشاً عظيماً مع أحد أولاده لحرب جلال الدين ابن علاء الدين خُوارزم شاه، وسير جيشاً آخر فعبروا جيحون. آخر كلام عز الدين ابن الأثير رحمه الله. قلت: ونازلت التتارُ خُوارزم، فحاصروها ثلاثة أشهر، واستولوا عليها في صفر سنة ثماني عشرة، ونزل عليها أوكتاي الذي ولي الأمر بعد أبيه جنكزخان، ومعه باجي ملك في جيش عرمرم مائة ألف أو يزيدون. ولما لم يجدوا بها حجارة

(44/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 47
عمدوا إلى أصول التوت فقطعوها ودوروها، ورموا بها بدلاً عن حجارة المنجنيق، وحرص أوكتاي كل الحرص أن يتسلمها بالأمان ولا يؤذي فيها، فأجابه الأكابر، غير أن السفهة غلبوهم على رأيهم بإغرائهم، وجرى عليها حربٌ لم يُسمع بمثله، بحيث إنه كانت تؤخذ المحلة منها فيقاتل أهلها، ثم ينضمون إلى المحلة التي تليها فيقاتلون، إلى أن أخذت محلةٌ بعد محلة، حتى لم يبق معهم إلا ثلاث محال، فتزاحم بها الخلائق، فطلبوا الأمان حينئذ، فلم يؤمنوا وقتلوهم صبراً. هذا معنى ما ذكره أبو سعد شهاب الدين النسوي. قلت: ومما أخذت التتار: نيسابور، ومرو، وهراة، وبلخ، وترمذ، وسرخس، وطوس، وخوارزم، وسائر مدن خُراسان. وذهب تحت السيف أمم لا يحصيها إلا الله تعالى. وقال الموفق عبد اللطيف: انشعب من التتار فرقتان كما ينشعب من جهنم لسانان: فرقة قصدت أذربيجان وأران ثم بلاد الكرج، وفرقة أتت على همذان وإصبهان، وخالطت حُلوان تقصد بغداد. أما الأولى فأفسدت البلاد التي مرت عليها، فلما وصلوا إلى بلاد الخزر جمع الكرج جموعهم) ولقوهم، فانهزموا يعني الكرج وقتل من صميمهم ثمانية آلاف، ومن الأتباع والفلاحين عددٌ كثير، وتقنطر ملكُ الكرج فتداركه الأمراء فاستنقذوه من أنيابهم العُضل، واعتصم ببعض القلاع، والتتر يموجون في البلاد بالإفساد، ويعضون على من سلم الأنامل من الغيظ، انفرد منهم فارس، فقال ملك الخزر: أما عندنا من يخرج إليه فانتخى بطل من الكرج وخرج إليه، فما عتم أن قتله التتري واقتاد فرسهٌ ورجع رويداً، وأخذ يفسر الفرس ليعلم سنة، فعجب ملك الخزر وقال: انظروا كأنه قد وزن فيه الثمن. ثم حشد الكرج نوبة أخرى، واستنجدوا بعسكر أرزن الروم، وقال الناس: إنهم لا يرجعون. فلما اشتدت شوكة الكرج رجع التتر بغير أمر معروف، ولا سبب مخوفٍ، بل لسعادة لحقت، وأيام بقيت، وكان هذه سنة ثمان عشرة، وأنا بأرزن. ورجع التتر إلى شروان فأخذوها بالسيف وقتلوا أهلها، وتجاوزوا الدربند

(44/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 48
قسراً بالسيف، وعبروا إلى أمم القفجق واللان فغسلوهم بالسيف. ثم مات ملكُ الخزر وكان شاباً، وتولت أختُه، وسيرت إلى الملك المُغيث صاحب أرزن تخطب أحد ولديه، الصغير، وهو ابن بنت بكتمر صاحب خلاط، وهو مليح عمره سبع عشرة سنة فزوجها به، وشاع الخبرُ أنه تنصر. وخرج في هذه السنة من رقيق الترك ما لم تجر به العادة، حتى فاضوا على البلاد، وكلهم وصلوا من ناحية تفليس، وهم من فضلات سيوف التتر، وكل واحد يحيك هول ما عاين، حكت جارية منهم قال: عوت كلاب بلادنا عوياً شديداً وقامت على أذنابها، وأهلها يضربونها فلا ترتد، فبعد ثلاث ساعات أو أربع فاض الجبل بعساكر التتر، فابتدؤا بالكلاب ثم بالناس. وأرض القفجاق واسعة، معتدلة الهواء، عذبة المياه، تتفجر ينابيعها، وتتخرق عيونها، وهي أرض حرة طيبة التربة، وغنمهم كثيرةٌ النتاج، تلدُ النعجة الأربعة في البطن والخمسة، وقلما تلد واحداً، وغنمهم عالي الهضبة، يكاد الكبش يركب. وأما الفرقة التي قصدت بغداد، فردهم الله بقوة العقل وحسن التدبير، أما أولاً، فإن صاحب إربل شحن الدربندات بالأكراد، وإليهم ينتهي العلم باللصوصية، فسلطهم عليه يسرقونهم ويقتلونهم صبراً في نومهم، فيصبحون وقد نكبوا نكبات في جهات لا يدرون من أين ولا كيف. ثم إن الخليفة جمع الجموع وعسكر العساكر وحشر، فنادى، وأقبلت إليه البُعوث من كل حدبٍ) ينسلون، فلما سمعوا بوصول رسول التتر تقدموا إلى صاحب إربل بأن يحتفل ويظهر جميع عسكره، ويدخل بينهم من العوام والفلاحين من يشتبه بهم. فلما وصل الرسول إربل تلقاه عساكر قطعت قلبه،

(44/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 49
وصاروا يتكررون عليه، كلما مر بقوم سبقوه وعادوا وقفوا بين يديه، فلما دخل في ولاية دقوقا عبيء له من العساكر أضعاف ذلك وصاحبها من مماليك الخليفة، فأمر أن تضرب خيم عظيمة، وبسط بين يديها بسطاً قدر نصف فرسخ، ونُصبت سدة عالية فوق تخت يُصعد إليه بدرج، وأظهر زينة عظيمة، ووقف عشرون ألفاً بسيوف مجردة. فلما وصل الرسول يشق تلك العساكر أتى حد البسط، فأمر أن يترجل فتمنع من ذلك، فهموا به، فلما وصل إلى بين يدي التخت، أمر بالسجود كرهاً والصيحات تأخذهُ، وروعات السيوف تذهله. ثم أخرج إلى بغداد فلقيه عساكر بغداد، صغرت في عينه ما رأى، لم يتركوا ببغداد فرساً ولا جملاً ولا حماراً حتى أركبوه رجلاً ومعه شيء من السلاح، وأكثرهم بالأعلام والبرك واسطوانات، وخلق يلعبون بالنفظ ويرمون بالنبدق الزجاج فيه النفط، فامتلأت البرية بالنيران. فلما وصل إلى بغداد خرج إليه صميم العسكر بأصناف العدد الفاخرة المُسجفة بالأطلس المكلل بالجواهر على الخيل المسومة. فلما وصل إلى باب النوبي إلى الصخرة التي يقبلها الملوك قيل لهم: مرتبتكم دون ذلك، فأمر أن يقبل أسفل منها، ثم حمل إلى دار، ثم أخرجوا بالليل خفية على طريق غير مسلوكة، وردوا إلى إربل، وقيل للرسول: إنما هربناك في الخفية خوفاً عليك من العامة، ففصل وقد امتلأ قلبه رعباً ودماغه خبلاً، وأبث قومه ما أثبته عيانه، فعلموا أنهم لا قبل لهم ببغداد، فرجعوا جائبين. وأما أهل إصبهان ففتحوا أبواب المدينة، وقالوا لهم: ادخلوا، فدخل منهم قوم، فما شربوا أنفاسهم حتى أهريقت دماؤهم، فكروا راجعين. وكذلك فعل أهل رستاقاتهم. قال: وسئل الملك الأشرف عنهم، فقال: ما أقول في قوم لم يؤخذ منهم أسير قط، لكن يقاتل إلى أن يقتل أو يخلص. ولما وصلت إلى أرزن الروم وجدتُ هذه الكلمة قد سيرها ملك الكرج فيما وصف من حروبهم، وأما قتلاهم

(44/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 50
فلا ينتهي العاد إلى حد إلا والحال توجب أضعافه، ولا يقال: كم قتل من بلد كذا وإنما يقال: كم بقي واجتمعت بتاجر سروج كان يترجم لهم، قال: اجتمع التجار في جميع البلاد إلى نيسابور يتحصنون بها، فنزل عليها التتر فأخذوها في أربعة وعشرين يوماً، وأتوا على أهلها بالقتل،) وعليها بالإحراق والخراب حتى غادروها كأن لم تغن بالأمس. وهربت منهم مرات وأقع في الأسر. ثم هرب في المرة الأخيرة وتعلق بجبل، فلما رحلوا طالبين هراة، قال: نزلنا وكنا سبعة، فأحصينا القتلى خمسمائة ألف وخمسين ألفاً، ووجدنا الأموال مُلقاة، وجزنا ببلاد الملاحدة وهي على عمارتها لم يتشعث منها شيء. وحكى لنا تاجر آخر واسطي قال: إنه اختفى بجبل وخرج بعد أيام، فرأى الأرض مسطوحة بالتقلى والأموال والمواشي، وكنتُ أنا وعشرة سلمنا، ولو كانت معنا عقولنا لأخذنا من الأموال ما يفوت الآمال، وإنما أخذنا حمل دقيق على جمل. قال الموفق: ومما أهلكوه بلاد فرغانة وهي سبع ممالك، مسيرة أربعة أشهر، وكل من هرب منهم تحيلوا في قتله بكل ممكن، وإذا اجتمعوا في مجالس أنسهم ونزهة قلوبهم أحضروا قوماً من الأسارى، وأخذوا يمثلون بواحدٍ، واحدٍ، بأن يقطعوا منه عضواً بعد عضو، وكلما اضطرب وصاح تضاحكوا وأعجبوا، وربما حطوا السيف في جوفه أو ليته قليلاً، ومتى التمس الشخص رحمتهم ازدادوا قساوة. وإذا وقع لهم نساءً فائقات في الحسن تمتعوا بهن أياماً ثم قتلوهن. وحكت لي امرأة بحلب أنهم ذبحوا ولدها وشربوا الدم، ثم نام الذابحُ فقامت فذبحته، وهربت هي وزوجها. وقد كان السلطان خوارزم شاه محمد بن تكش سارقاً هجاماً، وكان عسكره أوشاباً، ليس لهم ديوان ولا إقطاع، وأكثرهم أتراك كفار أو مسلمون جُهال، لا

(44/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 51
يعرف تعبئة العسكر في المصاف، ولم يتعود أصحابهُ إلا المهاجمة، وليس لهم زرد ولا دروع، وقتالهم بالنشاب. وكان يقتل بعض القبيلة، ويستخدم باقيها، وفي قلوبهم الضغائن. ولم يكن في شيءٌ من المداراة لا لأصحابه ولا لأعدائه، خرج عليهم هؤلاء التتار وهم بنو أب، بكلمة واحدة، وقلب واحدٍ، ورئيس واحد مطاع، فلم يمكن أن يقف مثل خُوارزم شاه بين أيديهم، وورد إلى البلاد منهم ما لم يعهد، والبلاد خالية عن ملكٍ، فلم يبق عند أحد منهم دفاع، وصاروا كالغنم لا تدفع عنها ذابحاً. فلما وصل التتر إلى إصبهان لم يرتع أهلها لأنهم معودون بحمل السلاح، فلم يكن عندهم أحقر من هذا العدو. إلى أن قال: والله سُبحانه يحب العدل والعمارة ويأمر بهما، وهؤلاء الملاعين يبغضونهما، إذ لا دين لهم ولا عقل، وكل حيوان رديء الخلق ففيه خلق آخر حميد كالكلب والخنزير والذئب والنمر، وهؤلاء فقد جمعوا من كل حيوان رديء خُلقه، فاجتمعت) فيهم الرداءات محضة. قال ابن واصل: بعث جنكزخان جيشاً فعبروا جيحون، وتسلموا بلخ بالأمان، وقرروا بها شحنة ولم ينهبوها، ثم قصدوا قلعة الطالقان وهي لا ترام حصانة وارتفاعاً، وبها الشجعان فحصروها ستة أشهر وعجزوا عنها، فسار إليها جنكزخان بنفسه، وحصرها ومعه خلائق من المسلمين أسرى، فنازلها أربعة أشهر وقتل عليها خلائق، ثم أمر فجمع له من الأخشاب ما أمكن، وصاروا يعلمون صفاً من خشب وصفاً من تُراب، وما زالوا حتى صار تلاً يوازي القلعة، وصعدت الرجال فيه، ونصبوا عليه المجانيق فرمت إلى وسط القلعة، فخرج من بها على حمية وحملوا على التتر، فنجت الخيالة وسلكوا الجبال، وقتلت الرجالة، واستباحت التتر القلعة. ثم جهز جنكزخان الجيش إلى مرو وبها من المقاتلة نحو مائتي ألف من جند وعرب وتجار، فعسكروا بظاهرها عازمين على لقاء العدو، فالتقوا واقتتلوا قتالاً شديداً، ثم انهزم المسلمون وقتل أكثرهم. ثم نازلت التتر مرو وجدوا في

(44/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 52
حصارها أربعة أيام فتسلموها بالأمان، وخرج إليهم أميرها، فخلع عليه ابنُ جنكزخان ووعده بولاية مرو، وقال: أريد أن تعرض علي أصحابك لننظر من يصلح لخدمتنا حتى نعطيه إقطاعاً. فلما حضروا قبض عليهم، وأمرهم أن يكتبوا له تجار البلد وأعيانه في جريدة وأرباب الصنائع في جريدة، ففعلوا. ثم ضربت أعناق الجند والأمير، ثم صادر الأعيان وعذبهم حتى استصفاهم، وقسم نساء مرو وذراريها وأسراها، ثم أمر بإحراق البلد فأحرق ثلاثة أيام، ثم أمر بقتل العامة كافة، فأحصيت القتلى بها فكانوا سبعمائة ألف. ثم ساروا إلى نيسابور فحصروها خمسة أيام، وبها عسكر عجزوا عن التتر، فأخذ البلد ثم أخرجوا الناس فقتلوهم، وسبوا الحريم، وعاقبوا ذوي المال. وسارت فرقة إلى طوس فبدعوا بها. ثم ساروا إلى هراة فحصروها عشرة أيام وأخذوها بالأمان، ثم قتلوا بعض أهلها، وجعلوا بها شحنة. ثم ساروا إلى غزنة فالتقاهم السلطان جلال الدين فكسرهم، فوثب أهل هراة وقتلوا الشحنة، فلما رجع المنهزمون قتلوا عامة أهل هراة، وسبوا الذرية وأحرقوا البلد. ورجعوا إلى جنكزخان وهو بالطالقان يبث جيوشه، وكان قد نفذ جيشاً عظيماً لحصار خوارزم، فنازلوها خمسة أشهر، وبها عسكر وشجعان، فقتل خلائق من الفريقين، ثم أخذت عنوة، وقتل أهلها، ثم سلطوا عليها) نهر جيحون فغرقت وتهدمت.

(44/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 53
4 (سنة ثمان عشرة وستمائة)

4 (الحرب بين جلال الدين وجنكزخان)
فيها التقى السلطان جلال الدين ابن خوارزم شاه هو وتولي خان مقدم التتار، فكسرهم جلال الدين وركب أكتافهم قتلاً بالسيف، وقتل مقدمهم تولي خان بن جنكزخان، وأسر خلقاً من التتار. فلما وصل الخبرُ إلى جنكزخان قامت قيامته ولم يقر له قرار دون أن جمع التتار، وسار يجد السير إلى حافة السند. وكان جلال الدين قد انثنى عنه أخوه وجماعة من العسكر فضاق عليه الوقت في استرجاعهم لقرب التتار منه، فركب في شوال سنة ثمان عشرة فالتقى الجمعان، وثبت السلطان جلال الدين في شرذمة، ثم حمل بنفسه على قلب جنكزخان فمزقه، وولى جنكزخان منهزماً وكادت الدائرة تدور عليه لولا أنه أفرد كميناً قبل المصاف نحو عشرة آلاف، فخرجوا على ميمنة السلطان وعليها أمين ملك، فانكسرت وأسر ابن جلال الدين، فتبدد نظامهُ، وتقهقر إلى حافة السند، فرأى والدته ونساءه يصحن: بالله اقتلنا وخلصنا من الأسر. فأمر بهنّ فغرقن. وهذه من عجائب المصائب، نسأل الله حسن العواقب. فلما سدت دونه المهارب وأحاطت به النوائب، فالسيوف وراءه، والبحر أمامه، فرفس فرسه في الماء على أنه يموت غريقاً فعبر به فرسه ذلك النهر العظيم لُطفاً من الله به، وتخلص إلى تلك الجهة زهاء أربعة آلاف رجل من أصحابه حُفاة عراة. ثم وصل إليه مركبُ من بعض الجهات وفيه مأكول وملبوس، فوقع ذلك منه بموقع. فلما علم صاحب الجودي أن جلال الدين وصل إلى بلاده طلبهُ بالفارس والراجل، فبلغ ذلك جلال الدين، فعظُم عليه، لأن معه أصحابه مجرحين وضعفاء، فانجفل من مكانه، وأمر من معه من أصحابه أن كل جريح يقدر على الحركة فليصحبه، وإلا فليحز رأسه. وسار عازم على أن يقطع نهر

(44/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 54
السند ويختفي بمن معه في بعض الجبال والأجام، ويعيشوا من الغارات. واعتقد الهنود أنه وقومه من التتار، فتأخر جلال الدين بمن معه من الجبل، وتقدم ملك الهند بجمعه، فلما رأى جلال الدين حمل عليه ملك الهند بجيشه، وثبت له جلال الدين إلى أن قاربه، فاستوفى عليه بسهم في فؤاده فسقط قتيلاً وانهزم جيشه وحاز جلال الدين الغنائم والأموال فعاش بذلك.) ثم رحل إلى سجستان، وأخذ ما له بها من الأحوال، وأنفق فيمن معه، وتماثل أمره. وقال القاضي ابن واصل: كان جلال الدين بغزنة في ستين ألفاً، فقصده عسكره جنكزخان في اثني عشر ألفاً فكسرهم. فسير جنكزخان مع ابنه عسكراً، فوصل إلى كابل، فالتقى الجمعان فاقتتلوا قتالاً عظيماً فانهزمت التتار، وقتل خلق وأخذت أموالهم، ثم جرت فتنة لما يريده الله، وهو أن الأمير سيف الدين بغراق التركي كان شجاعاً مقداماً، وقع بينه وبين قرابة للسلطان أمر فتنة لأجل الغنيمة، فاقتتلوا فقتل أخو بغراق، فغضب، وقال: أنا أهزم الكفار ويُقتل أخي على السحت. وفارق العسكر وقصد الهند فتبعه شطر الجيش فلاطفه السلطان جلال الدين، وسار بنفسه إليه، وذكر الجهاد وخوفهُ من الله، وبكى بين يديه فلم يرجع، وسار مغاضباً فوصل الخبر بوصول جنكزخان في جموعه، فتخيّر السطان وسار فوصل إلى ماء السند، وهو نهر كبير، فلم يجد من السفن ما يعبر فيه. وتبعه جنكزخان وألح في طلبه، فالتقى الجمعان واشتد الحربُ حتى قيل: إن ما مضى من الحروب كان لعباً بالنسبة إليه، ودام القتال ثلاثة أيام، وقتل خلقٌ من الفريقين وفي التتار أكثر، فتحيز التتر ونزلوا. وضعف المسلمون، وجاءتهم سفن فعبروا فيها، وما علموا بما أصاب التتار من القتل والجراح، ولو عرفوا لكدوا عليهم،

(44/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 55
فنازلت التتر غزنة وملكوها لوقتها، فقتلوا وسبوا، ولم يبقوا على أحد، ثم أحرقوها.
4 (زواج صاحب ماردين من بنت المعظم)
وقال أبو شامة: فيها توجه الملك المُعظم إلى أخيه الملك الأشرف، فاجتمع به بحران. ثم دعاه صاحب ماردين، فبالغ في الخدمة، وقدم له تحفاً وزوج المعظم بنته الواحدة بناصر الدين صاحب ماردين.
4 (اقتراب التتر من بغداد)
وفيها جاءت الأخبار بان التتر قاربوا بغداد، فانزعج الخليفة، وأمر الناس بالقنوت، واستخدام، وأنفق وحصن البلد.
4 (استرداد دمياط من الفرنج)
وفي جمادى الآخرة استرد المصريون دمياط من الفرنج. ورجع المعظم من حران، وحضر معه الملك الأشرف بجيشه. قال أبو المظفر: فاجتمعتُ به وحرضت على نصرة الإسلام وقلت: المسلمون في ضائقة وإذا أخذ الفرنج الديار المصرية ملكوا إلى حضرموت، وعفوا آثار) الحرمين وأنت تلعب اجتمعت به بسلمية، فقال: ارموا الخيام. فسبقته إلى حمص وبشرت المعظم، وأصبحت أطلابُ الأشرف مارة على حمص، وجاء طلب الأشرف، والله ما رأيت أجمل منه ولا أحسن رجالاً وعدة، فاتفقا على أن يدخلا في السحر إلى طرابلس يشوشون على الفرنج. فأنطق الله الأشرف فقال: يا خوند عوض ما ندخل الساحل وتضعفُ خيلنا ويضيع الوقت ما نروح إلى دمياط ونستريح. فقال المعظم: قولُ

(44/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 56
رماة البندق؟ قال نعم. فقبل المعظم قدمه. ونال الأشرف، فخرج المعظم يصيح: الرحيل إلى دمياط، وساق إلى دمشق، وتبعه العساكر، انتبه الأشرف فدخل الحمام، فلم ير حول مخيمه أحداً، فأخبروه فسكت، ثم سار فنزل القصير، فأقام أياماً ثم عرض العساكر هو وأخوهُ، وجلسا في الطيارة، والناس يدعون لهما بالنصر. وأما فرنج دمياط فإنهم خرجوا بالفارس والراجل، وكان البحر زائداً جداً، فجاءوا إلى ترعة فأرسوا عليها، وفتح المسلمون عليهم الترع من كل مكان، وأحدقت بهم عساكر الكامل، فلم يبق لهم وصول إلى دمياط، وجاء أصطول المُسلمين فأخذوا مراكبهم، ومنعوا عنهم الميرة من دمياط، وكانوا خلقاً عظيماً، وانقطعت أخبارهم عن دمياط، وكان فيها مائة كند، وثمانمائة من الخيالة، صاحب عكا، ومن الرجالة ما لا يحصى. فلما عاينوا الهلاك أرسلوا إلى الكامل يطلبون الصلح ويسلمون إليه دمياط، فأجابهم، ولو طول روحه يومين لأخذ برقابهم. فبعث إليهم ولده نجم الدين أيوب وابن أخيه شمس الملوك، وجاءت ملوكهم إلى الكامل فتلقاهم وأنعم عليهم، فوصل إليه المعظم والأشرف بالجيوش في تلك الحال في رجب، فعمل الكامل سماطاً عظيماً، وأحضر ملوك الفرنج، ووقف في خدمته الأخوان والأمراء، وكان يوماً مشهوداً. وقام راجح الحلي الشاعرُ فأنشد قطعةً مليحة منها:
(ونادى لسانُ الكونِ في الأرض رافعاً .......... عقيرتهُ في الخافقين ومُنشداً)

(أعباد عيسى، إن عيسى وحزبه .......... وموسى جميعاً ينصران محمداً)
وأشار إلى الأخوة الثلاثة.

(44/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 57
ثم سار الفرنج في البر والبحر إلى عكا، ورجعت العساكر.
4 (مصفاة الأشرف والكامل)
وأقام الأشرفُ بمصر وصافى أخاه بعدما كان في النفس ما فيها، واتفقا على المعظم.)
4 (ولاية العهد للخليفة)
وفيها كتب الخليفة إلى الآفاق بإعادة أبي نصر محمد إلى ولاية العهد.
4 (قضاء دمشق)
وفيها ولي قضاء دمشق جمال الدين المصري.
4 (بناء سور دمشق)
وعين لبناء سور دمشق مائتا ألف دينار، وقد ذرع فجاء دوره ستة آلاف ذراع
4 (طمع الفرنج بمصر)
قال المؤيد: طمعت الفرنج بأخذ الديار المصرية، وبذل لهم الكامل بيت المقدس، وعسقلان، وطبرية، وجبلة، وأماكن، فأبوا، ثم جاءته أمداد الشام والجزيرة، ونزل النصر.

(44/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 58
4 (سنة تسع عشرة وستمائة.)

4 (الجراد بالشام)
قال أبو شامة: فيها ظهر بالشام جراد عظيم أكل الزرع والشجر. فأظهر الملك المعظم أن ببلاد العجم طيراً يقال له السمرمر يأكل الجراد، فأرسل الصدر البكري المُحتسب، ورتب معه صوفية، وقال: تمضي إلى العجم فهناك عين يجتمع عليها السمرمر، فنأخذ من مائها في قوارير، وتعلقها على رؤوس الرماح، فإذا رآها السمرمر تبعك. وكان من مقصوده إلا أن بعثه إلى السلطان جلال الدين ابن علاء الدين ليتفق معه، وذلك لما بلغه اتفاق أخويه بمصر عليه. فسار البكري واجتمع بجلال الدين، وقرر معه الأمور بأذربيجان، وجعله سنداً له. فلما عاد ولاه مشيخة الشيوخ مع حسبة دمشق.
4 (كثرة الحجيج)
وفيها حج خلق كثير لكونها وقفة الجمعة، وازدحم الناس بمكة حتى مات جماعة، قال ابن بنت الجوزي: وحج من اليمن صاحب الملك المسعود ابن الكامل في عسكر عظيم، ومنع علم الناصر لدين الله أن يصعد الجبل، وأصعد علم أبيه، ولبس السلاح وقال لجنده: إن أصعدوا علم الخليفة فأسروه، وانهبوا البغاددة. ويقال: إنه أذن في العلم في آخر شيء، وبدا منه جبروتٌ عظيم. حكى لي شيخنا جمال الحصيري، قال: رأيته وقد صعد على قُبة

(44/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 59
زمزم وهو يرمي حمام مكة) بالبندق، ورأيتُ غلمانه يضربون الناس بالسيوف في أرجلهم في المسعى ويقولون: اسعوا قليلاً قليلاً، فإن السلطان نائم سكران في دار السلطنة التي في المسعى، والدم يجري على ساقات الناس قال أبو شامة: استولى المسعود على مكة وبنى القبة على مقام إبراهيم، وكثر الجلب إلى مكة في أيامه، ولعظم هيبته قلت الأشرار، وأمنت الطرق.
4 (نقل تابوت العادل)
قال: وفيها نقل تابوت العادل إلى تربته، فأحضر إلى حصن الجامع وصلى عليه الخطيب الدولعي، وألقى الدرس بمدرسته القاضي جمال الدين المصري، وحضر السلطان الملك المعظم، وبحث، وجلس المدرس عن يسار السلطان، وعن يمينه شيخ الحنفية جمال الدين الحصيري، ويليه فخر الدين ابن عساكر شيخ الشافعية، ثم القاضي شمس الدين ابن الشيرازي، ثم محيي الدين ابن الزكي، وتحت المدرس السيف الآمدي، ثم القاضي شمس الدين ابن سني الدولة، ثم نجم الدين خليل قاضي العسكر. ودارت حلقة صغيرة، والخلق ملء الإيوان، وكان قبالة المعظم في الحلقة شيخنا تقي الدين ابن الصلاح.
4 (ملك صاحب الموصل قلعة شوش)
وفيها ملك بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل قلعة شوش على مرحلتين من الموصل، وكان صاحبها عماد الدين زنكي قد سار إلى أزبك بن البلهوان سلطان أذربيجان، وخدم معه، وأقطعه خبزاً، وأقام عنده.

(44/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 60
4 (استيلاء التتار على القفجاق)
وفيها استولت التتار على بلاد القفجاق.
4 (خروج غياث الدين لتقال جلال الدين.)
وفيها، أو في حدودها، بلغ جلال الدين ابن خوارزم شاه أن شمس الدين أيتمش قاصده في ثلاثين ألف فارس ومائة ألف راجل، فتجلد جلال الدين على ملتقاه، وسار، وقدم قدامه جهان بهلوان أزبك، فخالفه يزك أيتمش فهجم على جماعة منهم، وحضر إلى جلال الدين من أعلمه، ثم وصل بعد ذلك رسول أتيمش يطلب الصلح ويقول: ليس يخفى عليك ما وراءنا من عدو الدين وأنت سلطان المُسلمين وابن سلطانهم، وإن رأيت أن أزوجك ابنتي. فمال السلطان جلال) الدين إلى ذلك ولم يضر من ذلك حاله. ثم جاءته الأخبار أن أيتمش وقباجة وسائر ملوك الهند قد اتفقوا على جلال الدين، وأن يمسكوا عليه حافة البحر، فعظم ذلك عليه، واستتاب جهان على ما ملكه من الهند، وسار إلى العراق وقاسى الشدائد والمشاق في تلك البراري التي بين الهند وكرمان، فوصل في أربعة آلاف منهم من هو راكب البقر والحمير وذلك في سنة إحدى وعشرين وستمائة. ثم قدم شيراز فأتاه الأتابك علاء الدولة مذعناً بالطاعة، لأنه كان قد استوحش من أخيه غياث الدين، فرغب جلال الدين فيه، وخطب بنته، فزوجه بها، واستظهر جلال الدين بمصاهرته. ثم رحل إلى إصبهان ففرحوا بقدومه واخرجوا له الخيل والسلاح، فلما بلغ غياث الدين توسطه في البلاد وركب إليه في ثلاثين ألف فارس، فرجع جلال الدين عند ذلك أيساً مما كان يؤمله، وسير إلى غياث الدين رسولاً يقول: حتى ضاقت علي الأرض بما رحبت، قصدتك لأستريح عندك أياماً، وحيث علمت أن ما عندك للضيف غير

(44/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 61
السيف رجعت، فلما بلغت غياث الدين الرسالة، عاد عما كان عزم عليه من قتال أخيه جلال الدين، وتفرقت عساكره. وكان جلال الدين قد سير مع رسوله عدة خواتيم يوصلها إلى جماعة الأمراء، منهم من تناول الخاتم وسكت وأجاب إلى القدوم عليه، ومنهم من سارع بالخاتم إلى غياث الدين فغضب وقبض على الرسول، فركب جلال الدين ثلاثة آلاف، وأسرع حتى أناخ بغياث الدين وهو على غير أهبة للمصاف، فركب فرس النوبة وهرب. ودخل جلال الدين خيمة غياث الدين وبها والدة غياث الدين، فزاد في احترامها، وأنكر هروبه وقال: ما بقي من بني أبي سواه. فسيرت والدته خلفهُ، فعاد إليه فأكرمه. وحضر إلى باب جلال الدين من كان بخرسان والعراق ومازندران من المتغلبين على البلاد، ففرق العمال على البلاد، وسار نحو خوزستان، وسير رسولاً إلى بغداد، فأكرموه وفرحوا بسلامة جلال الدين في مثل هذا الوقت الصعب.

(44/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 62
4 (سنة عشرين وستمائة)
عودى الأشرف من مصر قال أبو شامة: فيها عاد الملك الأشرف من مصر فالتقاه المعظم وعرض عليه النزول بالقلعة، فامتنع ونزل بجوسق والده العادل، وبدت الوحشة بين الإخوة الثلاثة، وأصبح الأشرف رحل) من السحر، ونزل على ضمير، ثم سار إلى حران، وكان قد استناب أخاه شهاب الدين غازي ميافارقين على خلاط، وجعله ولي عهده ومكنه من بلاده، فسولت له نفسه العصيان، وحسّن له ذلك الملك المعظم، وكاتبه، وأعانه. وكذا كاتبه صاحب إربل وقالوا: نحن وراءك. فأرسل الأشرف إلى غازي يطلبه فامتنع، فأرسل إليه: يا أخي لا تفعل، وأنت ولي عهدي والبلاد بحكمك. فأظهر العصيان، فجمع الأشرف عساكره وعسكر حلب، وقصد خلاط.
4 (الوقعة بين التتار والقفجاق والروس.)
وقال ابن الأثير: فهيا كانت الوقعة بين التتار الذين جازوا دربند، وبين القفجاق والروس، وصبر الفريقان أياماً، ثم انهزم القفجاق والروس، ولم يسلم منهم إلا اليسير. والحمد لله.

(44/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 63
5 (الطبقة الثانية والستون وفيات)

4 (وفيات سنة إحدى عشرة وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن عبيد الله بن ودعة.)
أبو العباس، أبو علي البغدادي، النصري، الخباز، المعروف بابن دادا. سمع: أحمد بن منصور المؤمل الغزال، والمبارك بن كامل بن جبيش. وكان يذكر أنه سمع من قاضي المارستان، وأنه ولد قبل العشرين وخمسمائة. روى عنه الدبيثي، وابن النجار.
4 (أحمد ابن القاضي أبي يعلى محمد ابن القاضي أبي خازم محمد بن

(44/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 64
القاضي الكبير أبي يعلى)
محمد بن الحسين بن الفراء. أبو العباس الحنبلي، البغدادي، المعدل. ولد بواسط بعد الأربعين إذ أبوه قاضيها. وسمع من: سعيد ابن البناء، وأبي بكر ابن الزاغوني، وأبي الوقت، وغيرهم. وهو من بيت القضاء والعلم والحديث. كتب بخطه كثيراً لنفسه وللناس. وتوفي في الثاني والعشرين من شعبان. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وابن النجار، والطلبة. وأجاز لابن مسدي، وجماعة.)
4 (أحمد بن محمد بن إبراهيم.)
أبو جعفر الخشني، القرطبي، المعروف بالآجري. وأجر حصن بالأندلس بقرب قرطبة. أخذ القراءات عن أبي خالد المرواني. وحج فسمع من أبي الطاهر إسماعيل بن عوف، وأبي عبد الله الحضرمي. وأقرأ، وحدَّث.

(44/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 65
4 (أحمد بن محمد بن حسن بن عبد الملك.)
أبو جعفر الفهري، المرسي، القرطاجني. أخذ قراءتي نافع وابن كثير عن أبي الحسن بن هذيل. وأقرأ القراءات. وتوفي في ربيع الأول.
4 (أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي المطرف بن سعيد بن جرج.)
أبو القاسم القرطبي. سمع مصنف النسائي على أبي جعفر البطروجي. وسمع صحيح مسلم من أبي إسحاق بن ثبات. حدث عنه ابن الطيلسان، وقال: توفي في رجب وله تسعون سنة وأشهر. قلتُ: هذا من كبار الرواة بقرطبة. أجاز لابن مسدي.
4 (أحمد بن هبة الله بن العلاء.)
أبو العباس المخزومي، البغدادي، ابن الزاهد أبي المعالي.

(44/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 66
أديبُ بارعٌ، وشاعر محسن تأدب على ابن الخشاب. وسمع من عبد الوهاب الأنماطي، وجماعة. روى عنه: العماد الكاتب من شعره، وابن الدبيثي، وابن النجار. نيف على الثمانين، وتوفي في رجب.
4 (إبراهيم ابن الفقيه علي بن أبي بكر محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس.)
الفقيه أبو محمد الحنبلي، المعدل. تفقه على أبيه وعمه أبي العباس أحمد، وسمع منهما، ومن أبي الفتح ابن البطي. وحدث. وتوفي في عشر الستين.) وقد درس، وأفتى، وناظر، وكتب الكثير، وعني بالحديث أتم عناية ثم إنه انخلع من ذلك، وصار صاحب خبر بباب النوبي، ولبس الثوب المزند، وتقلد السيف، وظلم وفتك، وكان آخر أمره أن ضرب حتى مات، ورمي في دجلة.

(44/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 67
4 (إبراهيم بن يوسف بن محمد بن دهاق.)
أبو إسحاق الأوسي المالقي، المعروف بابن المرأة. روى الموطأ عن أبي الحسن بن حنين، وعلي بن إسماعيل بن حرزهم. قال الأبار: وكان فقيهاً، حافظاً للرأي، أديباً، غلب عليه علم الكلام فرأس فيه. وشرح كتاب الإرشاد لأبي المعالي الجويني، وصنف كتاباً في الإجماع. وكانت العامة حزبهُ. وأقرأ علم الكلام بمرسية.
4 (حرف الباء)

4 (بدر بن جعفر بن عثمان.)
أبو النجم النميري، الواسطي، الضرير، الشاعر. كان من كبار الشعراء بالعراق. توفي في رمضان عن أربع وسبعين سنة.

(44/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 68
4 (حرف التاء)

4 (تاج النساء، أخت زاهر بن رستم الإصبهاني:)
سكنت مكة، وكانت مقدمة الصوفيات. وعاشت بضعاً وتسعين سنة. وروت بالإجازة عن أبي المنصور عبد الرحمن بن زريق القزاز، وأبي الحسن بن عبد السلام. روى عنها ابن خليل. وتوفيت بمكة.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسين بن محمد بن أحمد بن عبيد الله بن الحسين.)
أبو الفضل الآمدي، ثم الواسطي، العدل. سمع من جده أبي محمد أحمد بن عبيد الله. وحدث ببغداد والموصل.)
4 (حمزة بن إبراهيم بن عبد الله.)
أبو يعلى الدمشق، الجوهري، الخياط بالمزة، الزاهد. تحدث عن: أبي يعلى حمزة بن كروس، وأبي القاسم بن عساكر، وعبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني. روى عنه: الضياء المقدسي. وتوفي في ربيع الأول.
4 (حرف الدال)

4 (دلدرم، الأمير الكبير بدر الدين الياروقي.)

(44/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 69
صاحب تل باشر. ورخه أبو شامة. وعمل عزاءه بحلب. وكان مقدم الجيوش الحلبية مدة.
4 (حرف الزاي)

4 (زيد بن ثابت بن مقلد بن هداب)
أبو عبد الله البغدادي، الوراق. سمع من: المبارك بن كامل بن حبيش، وعلي بن المبارك الجصاص. وتوفي في شعبان.
4 (حرف السين)

4 (سالم بن أحمد بن سالم بن أبي الصقر.)
أبو المرجى البغدادي، النحوي، العروضي. أخذ الأدب عن جماعةٍ، ومدح بالشعر غير واحدٍ. وتوفي في ذي القعدة.
4 (سعد الله بن محمد بن سعد الله بن عبد الباقي بن مجالد.)
أبو محمد البجلي، الكوفي.

(44/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 70
سمع من عمه يحيى بن سعد الله الكوفي. وحدث من بيته جماعة.
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن سعيد بن إسماعيل بن الحسين.)
) أبو التقى الفهري، القرشي، العياضي، المصري، المعروف بابن قادوس. ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. وأجاز له عبد الله بن رفاعة، وجماعةٌ. وولي الخطابة بالجامع الذي بسفح المقطم مدة. وتوفي في رمضان. روى عنه: الزكي المنذري.
4 (صلف بنت أبي البركات بن أبي حرب الواسطي.)
أم الخير الواعظة. صحبت الشيخ أبا النجيب السهروردي، وسمعت معه من أبي الوقت. وحدثت.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن إبراهيم بن الحسن بن منتال.)
أبو محمد الأندلسي، المربيطري، الوراق.

(44/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 71
سمع من أبي العطاء بن نذير، وجماعة. وحج، فسمع ببجاية من أبي محمد عبد الحق الإشبيلي، وبالإسكندرية من أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي. قال الأبار: وكتب علماً كثيراً بخطه على رداءته. وكان يتجر في الكتب. ولد قبل الخمسين وخمسمائة، وتوفي في ذي القعدة، وأجاز لي.
4 (عبد الله بن الحسن بن أحمد بن يحيى.)
أبو بكر ابن القرطبي، الأنصاري، الأندلس، المالقي. سمع: أباه أبا علي، وأبا بكر بن الجد، وأبا عبد الله بن زرقون، وأبا القاسم بن حبيش، وخلقاً نحوهم. وأجاز له أبو مروان بن قزمان، وابن هذيل، وجماعة. وعني بالحديث، وروى العالي والنازل. قال الأبار: وكان من أهل المعرفة التامة بصناعة الحديث والبصر بها والإتقان والحفظ لأسماء الرجال، والتقدم في ذلك، مع المعرفة بالقراءات، والمشاركة في العربية، وقد نوظر عليه في كتاب سيبويه. ورث براعة الحديث عن أبيه، ولم يكن أحدٌ يدانيه في الحفظ والجرح والتعديل) إلا أفراد من عصره. قال أبو محمد ابن حوط الله: المحدثون بالأندلس ثلاثة: أبو محمد ابن القرطبي،

(44/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 72
وأبو الربيع بن سالم، وسكت عن الثالث. فيرونه عني نفسه. قلت: ولم يكن أبو القاسم الملاحي بدونهم. وكان ابن القرطبي كريم الخلال، محبباً إلى الناس، معظماً في نفوس الخاصة والعامة. أخذ الناسُ عنه وانتفعوا به، وفاتني أن ألقاه. توفي بمالقة في ربيع الآخر. وولد سنة ست أو ثمان وخمسين وخمسمائة، رحمه الله. قلت: وقد اختص بأبي القاسم السهيلي ولازمه، وولي خطابة مالقة.
4 (عبد الله بن المبارك بن عبيد الله بن الحسن.)
أبو القاسم الصوفي، البغدادي، البزاز. سمع من: نصر بن نصر العكبري، وأبي الوقت السجزي، وغيرهما. وحدث. وتوفي في ثالث شعبان.
4 (عبد السلام ابن الفقيه عبد الوهاب ابن الشيخ عبد القادر الجيلي.)
ركن الدين، أبو منصور الذي أحرقت كتبهُ وتكلموا فيه.

(44/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 73
وكان صديقاً لعلي ابن جمال الدين ابن الجوزي، والجامع بينهما قلة الدين. قال شمس الدين أبو المظفر الواعظ: قال لي خالي أبو القاسم علي يوماً بعد موت جدي بيسير: لي صديقٌ يشتهي أن براك، ولم يعرفني من هو، فمشيت معه، فأدخلني داراً فشممتُ رائحة الخمر، وإذا الركن بعد السلام وعنده مردان، وهو في حالة قبيحة، فلم أقعد، وخرجتُ، فصاح خالي والركن، فلم ألتفت، فتبعني خالي وقال: خجلتني من الرجل فقلت: لا جزاك الله خيراً وأغلظتُ له. ولد الركن في سنة ثمانٍ وأربعين. وسمع من جده، وابن البطي، وجماعة. وقرأ بنفسه، وكتب. وأنكر عليه نظرهُ في علم النجوم. ثم درس بمدرسة جده وغيرها. وولي عدة ولايات. وتوفي في ثالث رجب. قال ابن النجار: ظهر عليه أشياء بخطه من العزائم وتبخير الكواكب ومخاطبتها بالإلهية، وأنها المدبرة للخلق، فأحضر وأوقف على ذلك، فأقر أنه كتبهُ مُعجباً لا معتقداً، فأحرق ذلك مع كتبٍ بخطه في الفلسفة، وكان يوماً مشهوداً وذلك في سنة ثمان وثمانين. وسلم ما كان بيده في) المدرستين إلى ابن الجوزي. ثم بعد مدة أعيدتا إليه. ثم بعد الستمائة رتب عميداً ببغداد مستوفياً للمكس وللضرائب، ومُكنت يده، وشرع في الظلم والعسف. ثم بعد مدة حبس وغرم وخمل. سمع من أحمد بن المقرب، ومن جده. ولم يحدث بشيء. وكان لطيف الأخلاق، ظريفاً، إلا أنه فاسد العقيدة. عاش ثلاثاً وستين سنة.

(44/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 74
4 (عبد العزيز بن أبي نصر محمود بن المبارك بن محمود)
الحافظ أبو محمد ابن الأخضر الجنابذي الأصل، البغدادي، التاجر، البزاز. ولد سنة أربع وعشرين وخمسمائة. وسمع سنة ثلاثين وخمسمائة وبعدها وهلم جرا. وكتب الكثير، وعني بالفن أتم عناية. سمع من: أبي بكر قاضي المراستان، وأبي القاسم ابن السمرقندي، ويحيى ابن الطراح، عبد الله الأنماطي، وعبد الجبار بن توبة، وأبي منصور بن خيرون، وأبي الحسن بن عبد السلام وأبي سعد البغدادي، وأبي الفضل الأرموي، وابن ناصر، وخلق كثير. وحصل الأصول، وغالى في أثمانها. وحدث نحواً من ستين سنة، وصنف تصانيف مفيدة. وكان حافظ العراق في زمانه، وكانت له حلقة بجامع القصر للحديث. وتخاريجه تدل على حفظه وتبحره. وكان ثقة، صالحاً، ديناً، عفيفاً.

(44/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 75
وكان والده قد سمع من إسماعيل بن ملة، وحج سنة خمس وثلاثين وخمسمائة وله أربعون سنة، فلم يرجع وعدم. قال الدبيثي: لم أر في شيوخنا أوفر شيوخاً منه، محمد ولا غزر سماعاً وحدث بجامع القصر سنين كثيرة. وقال ابن نقطة: كان ثبتاً، ثقة، مأموناً، كثير السماع، واسع الرواية، صحيح الأصول، منه تعلمنا واستفدنا، وما رأينا مثله. قلتُ: روى عنه الحفاظ: ابن نقطة، والدبيثي، وابن النجار، والضياء، والبرزالي، وابن خليل، والزين خالد بن محمد بن بيتمان الهمذاني، ومحمد بن نصر بن عبد الرزاق الجيلي، وعلي بن ميران سبط العاقولي، والعفيف علي بن عدلان الموصلي النحوي، وعلي بن محمد بن زريق، وأحمد بن الحسين الداري، الخليلي، ومحمد بن سعيد بن النشف الواسطي، والجمال يحيى ابن) الصيرفي، والنجيب عبد اللطيف وأخوه العز عبد العزيز، والنجيب مقداد بن أبي القاسم القيسي، والعلم أبو محمد القاسم بن أحمد الأندلسي، وإسرائيل بن أحمد القرشي، وابنه علي بن الأخضر، وخلق سواهم. وتوفي في سادس شوال. قال ابن النجار: سمعه أبوه من جماعة، وأول طلبه من الأرموي وابن ناصر، وما زال يسمع حتى قرأ على شيوخنا. كتب كثيراً لنفسه، وتوريقاً للناس في شبابه. قرأت عليه كثيراً في حلقته وفي حانوته للبز بخان الخليفة. وكان ثقة، حُجة، نبيلاً. ما رأيتُ في شيوخنا مثلهُ في كثرة مسموعاته، وحسن أصوله، وحفظه، إتقانه. وكان أميناً، ثخين الستر، متديناً، ظريفاً.

(44/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 76
قلت: وأجاز للكمال عبد الرحمن المكبر.
4 (عبد الكريم بن أحمد بن محمد)
الإمام أبو الفضل القرشي، البوازيجي الضرير، المقرئ، نزيل الموصل. قرأ بها القراءات على يحيى بن سعدون. وتفقه على يونس بن منعة الإربلي، وسمع المقامات من أبي سعد محمد بن علي الحلي صاحب الحرير. وسمع من تاج الإسلام ابن خميس. قرأ عليه بالروايات تقي الدين أحمد بن نوفل النصيبي. وروى عنه ولده عز الدين محمد بن عبد الكريم ويعرف بابن حزمية. مات في هذا العام بالموصل. أرخه الفرضي.
4 (عبد اللطيف بن محمد بن ثابت.)
الخطيب أبو القاسم الخوارزمي، ثم الإصبهاني. ولد في سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وسمع حضوراً من زاهر الشحامي. وسمع من فاطمة بنت البغدادي. روى عنه: الضياء، وابن خليل، وجماعة، والزكي البرزالي. وأجاز للشيخ الفجر، وللشيخ شمس الدين عبد الرحمن، والشمس عبد الرحمن ابن الزين، وجماعة.

(44/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 77
ورخه الضياء.
4 (علي بن عبد الله بن أبي البركات فضل الله بن محمد بن محمد بن مخلد.)
القاضي الأجل، أبو المكارم الأزدي، المخلدي، الواسطي، المعدل، المعروف بابن الجلخت.) ولد سنة ثلاثين وخمسمائة. وسمع بواسط من: عم أبيه أبي الكرم نصر الله بن محمد بن محمد، وأبي عبد الله محمد بن علي الجلابي. وحدث ببغداد، وواسط. وكان من بقايا الرواة المسندين. وولي نيابة الحكم بواسط. وسمع منه: يوسف بن محمد بن بختيار، ومحمد بن أحمد الزهري، وأبو عبد الله الدبيثي، وجماعة. توفي في ثاني شوال، وقد نيف على الثمانين.
4 (علي بن علي بن أبي السعادات المبارك بن الحسين بن نغوبا.)
أبو المظفر الواسطي العدل. ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: جده أبي السعادات، وعلي ابن البسري، ومن أبي الكرم نصر الله ابن الجلخت، وأبي عبد الله الجلابي.

(44/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 78
وكان شيخاً جليلاً مسنداً. سمع أيضاً ببغداد من: أبي الفضل بالأرموي، وابن ناصر، وأنوشتكين الرضواني، وعبد الباقي بن أحمد النرسي. وهو أخو أبي بكر عبد الله، وأبي المعالي عبيد الله. سمع منه: أحمد بن طارق، وجعفر بن محمد العباسي، وتميم البندنيجي، وأبو عبد الله الدبيثي، وجماعة. وتوفي بمارستان واسط في سادس عشر رمضان.
4 (علي بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن موسى.)
الفقيه أبو الحسن الخزرجي، الإشبيلي، ثم الفاسي المعروف بالحصار. أخذ عن: أبي القاسم بن حبيش، وأبي عبد الله محمد بن حميد. وكان إماماً فاضلاً، كثير التصانيف، بارعاً في أصول الفقه. حج، وجاور، وصنف في أصول الفقه كتاباً في الناسخ والمنسوخ، وكتاب البيان في تنقيح البرهان. وله أرجوزةٌ في أصول الدين شرحها في أربع مجلدات. وله شعر حسن.) روى عنه زكي الدين المنذري، وقال: توفي بالمدينة النبوية في شعبان. وأجاز لابن مسدي، وقال: وقفت له على كتاب سماه: تقريب المدارك في رفع الموقوف ووصل المقطوع من حديث مالك، اختصر فيه بعض معاني كتاب التمهيد لابن عبد البر. علي بن محمد بن أبي تمام.

(44/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 79
أبو الحسن القرطبي الطائي. قرأ علي أبيه الموطأ بروايته عن أبي عبد الله ابن الطلاع، وأبي الوليد بن رشد. وأخذ القراءات والعربية عن أبي محمد بن دحمان. وكان إماماً فاضلاً ورعاً. توفي في ذي القعدة.
4 (علي بن محمود بن الحسن بن هبة الله ابن النجار.)
أبو الحسن أخو الحافظ محب الدين محمد ابن النجار البغدادي. قتل في ليلة خامس عشر رمضان عن سبع وأربعين سنة، وكان قد سمع من ابن الجوزي، وجماعة، وولي النظر على الأيتام. وكان بارعاً في الحساب والفرائض.
4 (علي بن المفضل بن علي بن أبي الغيث مفرج بن حاتم بن الحسن بن جعفر.)
العلامة الحافظ شرف الدين أبو الحسن ابن القاضي الأنجب أبي المكارم

(44/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 80
اللخمي، المقدسي الأصل، الإسكندراني الفقيه المالكي، القاضي. ولد في ذي القعدة سنة أربع وأربعين وخمسمائة. وتفقه بالثغر على: الإمام أبي طالب صالح بن إسماعيل ابن بنت مُعافى، والإمام أبي الطاهر بن عوف، وأبي محمد عبد السلام بن عتيق السفاقسي، وأبي طالب أحمد بن المسلم اللخمي التنوخي. وسمع منهم، ومن السلفي فأكثر عنه وانقطع إليه وتخرج به، ومن أبي عبيد نعمة الله بن زيادة الله الغفاري، وهو من قدماء شيوخه، حدثه عن عيسى بن أبي ذر الهروي. وسمع أيضاً من: أبي الضياء بدر الخُداداذي، وسالم بن إبراهيم الأموي، ومحمد بن علي بن خلف، وعبد الرحمن بن خلف الله المقرئ، وطائفة. وقدم مصر سنة أربع وسبعين فشهد بها عند قاضي القضاة أبي القاسم بعد الملك بن درباس.) وسمع من: العلامة عبد الله بن بري، وعلي بن هبة الله بن عبد الصمد الكاملي، وهبة الله ابن الطوير، ومحمد بن علي الرحبي، وطائفة. وقدم مصر سنة أربع وسبعين فشهد بها عند قاضي القضاة أبي القاسم عبد الملك بن درباس. وسمع من: العلامة عبد الله بن بري، وعلي بن هبة الله بن عبد الصمد الكاملي، وهبة الله ابن الطوير، ومحمد بن علي الرحبي، وطائفة. وجاور بمكة، وسمع بالحجاز من: أحمد ابن الحافظ أبي العلاء العطار، وأبي سعد عبد الواحد بن علي الجويني، وجماعة. وحدث بالحرمين، ومصر، والثغر. وناب في القضاء بالإسكندرية مدةً، ودرس بالمدرسة المعروفة به، ودرس بالقاهرة بالمدرسة الصاحبية إلى حين وفاته. وكان إماماً بارعاً في المذهب، مفتياً، محدثاً حافظاً، له تصانيف مفيدة في الحديث، وغيره. وكان ورعاً خيراً، حسن الأخلاق، كثير الإغضاء متفنناً في العلم، كبير القدر، عديم النظير. روى عنه: الزكي البرزالي، والزكي المنذري، والرشيد العطار، والعلم عبد الحق بن مكي ابن الرصاص، والشرف عبد الملك بن نصر الفهري الفوي اللغوي، والمجد علي بن وهب ابن دقيق العيد المالكي، وإسحاق بن ملكويه

(44/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 81
الصوفي، ومحتسب الإسكندرية الحسن بن عثمان القابسي، والجمال محمد بن سليمان الهواري التونسي، ومحمد بن مرتضى بن أبي الجود، والشهاب إسماعيل القوصي، والشرف عمر بن عبد الله السبكي ومحمد بن عبد الخالق بن طرخان والنجيب أحمد بن محمد بن الحسن السفاقسي، والمحيي عبد الرحيم بن عبد المنعم ابن الدميري، وخلقٌ سواهم. قال الحافظ المنذري: وكان رحمه الله جامعاً لفنون من العلم حتى قال بعض الفضلاء لما مر به محمولاً على السرير ليدفن: رحمك الله يا أبا الحسن، فقد كنت أسقطت عن الناس فروضاً. قال: وتوفي في مستهل شعبان بالقاهرة، ودفن من يومه بسفح المقطم. وله رحمه الله مقاطيع مليحة منها:
(ولمياء تحيي من تحيي بريقه .......... كأن مزاج الراح بالمسك من فيها)

(وما ذقتُ فاها غير أني رويتهُ .......... عن الثقة المسواك وهو موافيها)
) وله:
(أيا نفس بالمأثور عن خير مرسلٍ .......... وأصحابه والتابعين تمسكي)

(عساك إذا بالغت في نشر دينه .......... بما طاب من نشر له أن تمسكي)

(وخافي غداً يوم السحاب جهنماً .......... إذا لفحت نيرانُها أن تمسكي)
قلتُ: ليت نفسهُ قبلت منه، وتمسكت بإمرار الصفات من غير تأويل
4 (علي بن أبي بكر الهروي، الزاهد السائح.)

(44/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 82
تقي الدين الذي طوف الأقاليم. وكان يكتب على الحيطان، فقل ما تجد موضعاً مشهوراً في بلد إلا وعليه خطه. ولد بالموصل، واستوطن في آخر عمره حلب، وله بها رباط. وله تواليف حسنة. وكان يعرف سحر السيمياء، وبه تقدم عند الظاهر صاحب حلب، وبنى له مدرسة بظاهر حلب، فدرس بها. وصنف خطباً، ودفن في قبة المدرسة في رمضان. قال فيه القاضي ابن خلكان: كاد يطبق الأرض بالدوران، ولم يترك براً ولا بحراً ولا سهلاً، ولا جبلاً مما يمكن رؤيته إلا رآه وكتب خطه في حائط ذلك الموضع، وبه ضرب المثل ابن شمس الخلافة فقال في رجل يستجدي بالأوراق:
(أوراقُ كديته في بيتِ كل فتى .......... على اتفاق معانٍ واختلاف روي)

(قد طبق الأرض من سهل إلى جبل .......... كأنه خط ذاك السائح الهروي.)
قال جمال الدين ابن واصل: كان عارفاً بأنواع الحيل والشعبذة، صنف خطباً وقدمها للناصر لدين الله، فوقع له بالحسبة في سائر البلاد، وإحياء ما شاء من الموات والخطابة بحلب. وكان هذا التوقيع بيده له به شرف، ولم يباشر شيئا من ذلك. قلتُ: سمع من عبد المنعم الفراوي تلك الأربعين السباعية.

(44/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 83
روى عنه الصدر البكري، وغيره. ورأيت له كتاب المزارات والمشاهد التي عاينها في الدنيا فرأيته حاطب ليلٍ وعنده عامية، لكنه دور الدينا، ودخل إلى جزائر الفرنج، ورأى العجائب.
4 (عمر بن يوسف بن محمد بن نيروز.)
أبو حفص البغدادي المقرئ. ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.) وقرأ القراءات على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي، وغيره. وسمع من أبي الفتح ابن البطي، ويحيى بن ثابت، وجماعة. ويُعرف بصاحب ابن الشعار. روى عنه الدبيثي، وقال: كان خيراً ثقةً، توفي في تاسع جُمادى الأولى. وكان ختن شيخنا محمود بن نصر الشعار.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن الحسن.)

(44/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 84
أبو عبد الله الدوري. قرأ القراءات الكثيرة على بدل بن أبي طاهر الجيلي، ويعقوب بن يوسف الحربي ونصر الله بن علي ابن الكيال. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (محمد بن خلف بن إبراهيم بن أيوب بن إبراهيم بن عبادة بن بالغ.)
أبو بكر وأبو عبد الله القرشي، الهاشمي، الأندلسي. من أهل بسطة، وخطيبها. روى عن: أبي عبد الله ابن الفرس، وإبراهيم بن منبه، وعبد الرحمن بن القصير، وعلي بن عبد العزيز بن مسعود. وولي قضاء بسطة فحمدت سيرته. وأقرأ القرآن، وحدث. وكان ورعاً متقناً. روى عنه: أبو القاسم الملاحي، وغيره. وعاش ستاً وثمانين سنة.
4 (محمد بن داود بن عثمان الدربندي، الصوفي، الصالح.)
سمع: أبا طاهر السلفي. حدث بدمشق، وبالخليل، وأقام به يخدم بمعلوم له، وبه توفي في ربيع الأول. روى عنه الزكيان: البرزالي والمنذري، وابن خليل، والشهاب القوصي، وقال: ولد بدربند سنة ثلاثين خمسمائة، ولقيته بالخليل سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
4 (محمد بن العباس بن يحيى بن أبي تمام محمد ابن نور الهدي الحُسين بن محمد.)
)

(44/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 85
الشريف الزاهد، أبو تمام الزينبي، الهاشمي، البغدادي. ولد سنة ثلاث وثلاثين. وسمع من أبي المعالي اللّحاس، ولم يسمع في صغره. وكان زاهداً عابداً، كبير الشأن، كثير المجاهدة، انقطع إلى العبادة في مسجد جده نور الهدى. روى عنه: الدبيثي.
4 (محمد بن عبد الغني بن إبراهيم.)
القاضي أبو عبد الله ابن المنجم الربعي، الشافعي، الصواف، المصري. سمع: أبا طاهر السلفي، وأبا عبد الله محمد بن إبراهيم بن ثابت ابن الكيزاني. روى عنه: الحافظ عبد العظيم المنذري، وغيره. وتوفي في عاشر رمضان.
4 (محمد بن علي.)
أبو العشائر ابن التلولي اللبان، الحنبلي. قرأ القراءات والفقه. وسمع من ابن البطي، وجماعة. روى عنه ابن النجار. ومات في السجن بواسط في شوال.
4 (محمد بن علي بن نصر ابن البل.)

(44/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 86
أبو المظفر الدوري، الواعظ ابن الحنبلي. ولد سنة سبع عشرة خمسمائة. وكان يمكنه السماع من هبة الله بن الحُصين. ولكنه إنما قدم بغداد شاباً فسمع من أحمد ابن الطلاية، وابن ناصر، والوزير أبي نصر المظفر بن عبد الله بن جهير، وجماعة. وكان يتكلم في الوعظ. شاخ وعجز عن الحركة. وكان شيخاً صالحاً متُعبداً. روى عنه الدبيثي وقال: توفي في شعبان. وقال أبو شامة: كان ابن البل يضاهي أبا الفرج ابن الجوزي حتى قيل له: إيما أعلم أنت أم أبو) الفرج فقال: ما أرضاه يقرأ علي الفاتحة فبلغ ذلك ابن الجوزي، فقال: ما أقرأ عليه الفاتحة بل اقرأ عليه: قل هو الله أحد. وكان يتعصب له حاكة قطفتا، ويحضره خلق كثير، إلى أن جرت لولده خصومة مع بعض غلمان الجهة أم الخليفة، فاستطال عليه، وأعانه والده فمنع من الوعظ وإلى أن مات. وأنشد عنه ابن النجار لنفسه:

(44/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 87
(يتوب على يدي قوم عصاةٌ .......... أخافتهم من الباري ذنوبُ)

(وقلبي مُظلمٌ من طول ما قد .......... جنى فأنا على يد من أتوبُ)

(كأني شمعةٌ ما بين قوم .......... تضيء لهم ويحرقها اللهيب)
وهو والد عائشة بنت محمد ابن البل.
4 (محمد بن عبد الجبار.)
أبو عبد الله القيسي، الداني، نزيل بلنسية. أخذ القراءات عن أبي جعفر بن طارق. وسمع كثيراً من ابن النعمة. وكان مجوداً محققاً ورعاً. مات في رمضان.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن معالي القزويني الواريني.)
ووارين قبيلة بقزوين. أجاز له محمد الفراوي. وسمع سنن ابن ماجة من ملكداد العمركي، بسماعه من البغوي. مات بقزوين في ذي الحجة.

(44/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 88
4 (محمد بن عيسى بن بكرة الجصاص.)
أبو الفتح. بغدادي، طالبُ حديث. سمع من: يحيى بن ثابت، وأبي علي أحمد بن محمد الرحبي، وأبي محمد ابن الخشاب، وطائفة. وحدث بالموصل، وإربل، والجزيرة. وتوفي برأس عين، أو بغيرها، في جمادى الأولى.) قال ابن النجار: كان صدوقاً، متعففاً، ديناً.
4 (محمد بن محمد بن سرايا بن علي.)
أبو عبد الله الموصلي، البلدي، العدل، الكاتب. ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وسمع من: أبي الوقت السجزي، وأبي زرعة بن طاهر. وحدث بالموصل.

(44/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 89
وتوفي في جمادى الأولى. روى عنه البرزالي، والضياء محمد. واليلداني، والقوصي وقال: باشر الديوان بالموصل، وكان أحد الفضلاء المذكورين بالبيان، ثم لازم بيتهُ، سمعتُ منه بدمشق مسند عبد بن حميد.
4 (محمد بن أبي حامد محمد ابن الحافظ أبي مسعود عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد.)
أبو بكر الإصبهاني، الجوباري، المعروف بابن كوتاه. سمع من: جده، ومن أبي عبد الله الرستمي، ومسعود الثقفي، وقبلهم من إسماعيل بن علي الحمامي. روى عنه الحافظ عبد العظيم، لقيه بمكة، وقال: سألته عن مولده فقال سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وتوفي في العشر الوسط من رمضان بنواحي إصبهان. قلتُ: وروى عنه الدبيثي، والبرزالي، والضياء. وأجاز لجماعة من شيوخي. وجوبار: محلة.
4 (محمد بن محمد.)

(44/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 90
القاضي أبو عبد الله المخزومي، المصري، المعروف بالعاقد. قال الحافظ عبد العظيم: توفي في عاشر رمضان، وله خمسٌ وثمانون سنة. حدث بكتاب العنوان في القراءات. ورأيته ولم يتفق لي السماع منه.
4 (محمد بن معالي بن غنيمة.)
أبو بكر البغدادي المأموني، المقرئ، الفقيه، المعروف بابن الحلاوي، الحنبلي. من كبار أصحاب أبي الفتح ابن المني. وكان إماماً، مفتياً، متعبداً، ورعاً، صالحاً، خيراً، عارفاً بالمذهب.) ولد بعد الثلاثين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح الكروخي، وابن ناصر، وأبي القاسم ابن البناء، وأبي بكر ابن الزاغوني. وحدث، وأقرأ، وأم بمسجد المأمونية. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وابن النجار، والضياء، وغيرهم. وتوفي في الثامن والعشرين من رمضان. وعليه تفقه مجد الدين ابن تيمية. وأجاز للفخر ابن البخاري، وللشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وللكمال عبد الرحيم بن عبد الملك، وأبي الفرج عبد الرحمن المكبر، وأبي محمد بن اللمش بماردين. وعاش ثمانين سنة، رحمه الله.

(44/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 91
4 (محمد بن أبي القاسم بن أبي شجاع.)
الفقيه أبو المظفر الراشدي، الهمذاني، الحنفي، الأصولي. صدر محتشم واصلٌ عند صاحب بلده. ولي القضاء وغير القضاء وترقت به الأحوال إلى أن حسد وعمل عليه وجرت له أمور، فهرب وأخذ في هذه السنة وقتل. وكان أبوه متكلماً فيلسوفاً له تصانيف في علم الأوائل.
4 (مزيد بن علي بن مزيد.)
الأديب أبو علي النعماني. شاعر محسن، قديم شاخ وأسن، وسمعوا منه شيءً من نظمه. وعاش تسعين سنة. وكان ببغداد.
4 (المظفر بن عبيد الله ابن الوزير أبي الفرج محمد بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء.)
أبو محمد. من بيت وزارة وحشمةٍ. سمع من أبي الحسين عبد الحق.
4 (منصور بن علي.)
أبو علي الجيزي، الصوفي، الوراق، المعروف بابن الصيرفي.

(44/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 92
حدث عن: السلفي، وغيره. روى عنه: الحافظ عبد العظيم، وغيره.)
4 (مؤيد الملك وزير السلطان شهاب الدين الغوري.)
ثم وزير تاج الدين ألدز. كان صدراً مُعظماً، حسن السيرة، مُحسناً إلى العلماء. كرهه بعض خواص الملك ألدز فقتلوه في هذه السنة.
4 (حرف النون)

4 (نفيس بن هلال بن بدر البغدادي الصوفي.)
صحب الكبار، وحج مرات. وكان شيخ رباط شهدة الكاتبة والناظر في أمره. توفي في رجب.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن الحسن بن محمد بن محمد بن أبي زنبقة.)
أبو الغنائم الواسطي. سمع من أبي طالب الكتاني. وسمع ببغداد ودمشق، وحدث. ومات في ذي القعدة.
4 (يحيى ابن الصاحب صفي الدين عبد الله بن علي بن الحُسين بن شكر الشيبي.)
علم الدين.

(44/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 93
توفي كهلاً في ذي القعدة. يوسف بن القاسم بن مفرج التكريتي. حدث بتكريت عن أبي زرعة المقدسي. وتوفي في رجب. وفيها ولد فخر الدين عبد الرحمن بن يوسف البعلبكي الحنبلي. والجمال محمد بن سليمان ابن النقيب المقدسي، الحنفي، المفسر. والمكين الأسمر عبد الله بن منصور الإسكندري المقرئ. وقاضي حلب الكمال أحمد بن عبد الله بن الأستاذ. والهباء عبدُ الولي بن أبي محمد بن خولان البعلبكي. والعز عمر بن أحمد بن عمر الشروطي.) وجعفر بن محمد الحسني الإدريسي، شيخنا. وأبو الفهم بن أحمد السلمي، شيخنا. والجمال أحمد بن أبي محمد الصالحي، العطار. والمؤيد أحمد ابن المجد محمد بن إسماعيل بن عساكر. وأبو الفرج نصر الله بن أبي القاسم، أخو سعد الخير الشاهد. وأبو عبد الله محمد بن عمر بن المريخ النجار البغدادي.

(44/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 94
4 (وفيات سنة اثنتي عشرة وستمائة.)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب بن أحمد بن حمزة بن ساكن.)
أبو محمد البغدادي، الصوفي، السباك. من صوفية رباط المأمونية. سمعه أبوه من: عبد الوهاب الأنماطي الحافظ، وأحمد بن محمد المذاري، وأحمد بن قفرجل. وأجاز له قاضي المارستان، وأبو منصور القزاز. قال الدبيثي: وكان عسراً في الرواية لقلة معرفته، قال لي: وُلدتُ في المحرم سنة إحدى وثلاثين. قال: وبات معافى. فأصبح ميتاً في ثامن شوال. قلتُ: روى عنه الدبيثي، والزكي البرزالي، والضياء. ومات أخوه عبد العزيز في سنة ثمان وتسعين، سمع من قاضي المارستان. ومات أبوهما في سنة أربع وستين وخمسمائة، وهو أبو جعفر، يروي عن ابن الحصين وطبقته، ثقةٌ مفيدٌ صحب عبد الوهاب الأنماطي.
4 (أحمد بن عمر بن حامية البغدادي النساج.)
ولد سنة إحدى وثلاثين.

(44/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 95
وسمع بالإسكندرية من السلفي. وروى بالإجازة عن خاله عبد الله بن عبد الصمد السلمي العطار. وتوفي في رجب بالقاهرة.
4 (أحمد بن محمد بن سعيد.)
) أبو عبد الله البروجردي، الفقيه الشافعي. تفقه بالنظامية ببغداد. وسمع، على ما ذكر، من: أبي منصور بن خيرون، وابن الطلاية، وابن ناصر. وحدث ببروجرد، وبها مات في ربيع الآخر.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن خطاب.)
أبو بكر البغدادي، الخازن بالبيمارستان، العضدي. حدث عن أبي الوقت وتوفي في ثامن عشر رمضان.
4 (أحمد ابن الإمام أبي الحسن محمد بن أبي البركات أحمد بن علي بن عبد الله.)
أبو القاسم ابن الأبرادي التاجر. ولد سنة سبع وثلاثين.

(44/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 96
وسمع من: أبي الوقت، وهبة الله ابن الشبلي. وتوفي بدمشق في المحرم. روى عنه: ابن النجار، وقال: كان شيخاً متيقظاً، وابن نقطة. وأبوه من تلامذة ابن عقيل، مات سنة أربع وخمسين.
4 (أحمد بن مكي.)
القاضي جمال الدين أبو المجد الإسكندراني، المعدل، الفقيه المالكي. كان فقيهاً عالماً، وقوراً، نزهاً عارفاً بالكالم والمناظرة، وولي ديوان الصعيد مدة. وله سماعٌ من السلفي. قال الزكي المنذري: اجتمعتُ به مرات وما علمته حدث. وتوفي بالقاهرة في سابع عشر رجب.
4 (أحمد بن يحيى بن بركة بن محفوظ.)
أبو العباس ابن الدبيقي، البغدادي، البزاز، الصوفي. ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. وسمع من: القاضي أبي بكر الأنصاري، وأبي منصور الشيباني، والحافظ عبد الوهاب) الأنماطي، وأبي الفتح الكروخي، وأحمد بن علي ابن الأشقر، وجماعة. قال الدبيثي: وأفسد أكثر سماعاته بإدخاله فيها ما لم يسمعه، ألحق اسمه في مواضع.

(44/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 97
وقال المنذري كان له سماعٌ كثير صحيح بخط الحُفّاظ، ثم أظهر أشياء غير مَرْضية، واشتهر ذلك عنه. قال ابن النجار: أثبتَ لنفسه شيوخاً مجاهيل، وركَّب أسانيد باطلة مختلطة بجَهلٍ، ورُوجع في ذلك، فأصرّ إلى آخر عُمُره وافتُضح. قال ابن نُقطة: الدَّبيقية من قرى نهر عيسى. سمع من عبد الوهاب الأنماطي جميع الجَعْديات، وسمع من القاضي أبي بكر كتاب الآباء عن الأبناء للخطيب. قال: وكان كذّاباً ألحق اسمه في أجزاء من سُنن سعيد بن منصور وكَشَطَ اسم غيره، وكان مُكثراً لو اقتصر على ما سمع، وسمع أيضاً من القاضي أبي بكر رفْع اليدين للبُخاري، وجزءاً من حديث الكَتّاني، و وفاة الصدّيق، هذا ما وُجد له عنه. وسمع من القزّاز مشيخته، وكتاب الخائفين. وسمع من سعْد الخَيْر كتاب دلائل النُبوّة لأبي نعيم، بسماعه من أبي سعد المُطرِّز، عنه. وسمع من هبة الله ابن الشَّجَري بعض مغازي الأموي. قلت: وكان عامل رباط الزَّوْزَني. روى عنه: الضياء المقدسي، والزكي البِرزالي، والجمال يحيى ابن الصيرفي، وابن خليل، وجماعةٌ. وروى عنه بالإجازة جماعةٌ منهم: الكمال عبد الرحمن الفُوَيْرِه. وتوفي في عاشر ربيع الآخر.

(44/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 98
4 (إبراهيم بن عمر بن سَماقا.)
القاضي أبو أسعد الأسعَردي، الفقيه الشافعي، سديد الدين. سمع ببغداد من: أبي زُرعة المقدسي، وأبي بكر الحازمي. وحدّث بمصر، والإسكندرية، وولي قضاء دمياط وقضاء بِلْبِيس. وكان صالحاً، ورعاً ديّناً، عالماً. سمع منه أبو الطاهر الأنماطي مسنَد الشافعي، وحدّث به أبو الطاهر عنه. وروى عنه أيضاً الشهاب القوصي، وقال: كان ورعاً، تقياً، عابداً. قال المنذري: توفي في شوال.)
4 (إبراهيم بن هبة الله بن إسماعيل بن نَبْهان بن محمد.)
أبو إسحاق الحَمَوي الفقيه. روى عن السِّلفي. وتوفي في تاسع عشر محرم، وولد سنة خمس وأربعين. قال الضياء.
4 (إبراهيم بن يوسف بن محمد ابن البوني.)

(44/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 99
المّعافري، الإمام أبو الفرَج المقرئ. إمام الحنفية بجامع دمشق. قال أبو شامة، هو أحد مشايخ القرّاء المعتَبرين، وكان يُقرئ في مكان حلقة ابن طاووس شمالي حلقة جمال الإسلام أبي الحسن ابن الشَّهْرَزوري، وكان فاضلاً خيّراً متواضعاً. لقبه وجيه الدين. قلت: سمع أبا القاسم بن عساكر، وجماعة بعده. سمع منه: العماد علي بن القاسم ابن عساكر، والشهاب القوصي. توفي في الثاني والعشرين من شوال.
4 (إبراهيم بن أبي الحسن.)
الشريف مجد الدولة أبو إسحاق الحسيني، الدمشقي. توفي فيها. قاله أبو شامة.
4 (حرف الحاء)

4 (حامد بن أحمد بن حَمْد بن حامد بن مُفَرّج.)
أبو الثناء الأنصاري، الأرْتاحي، ثم المصري، المقرئ. قرأ القراءات على أبي الجود، وقرأ على الشريف أبي الفتوح الخطيب، ولم يُكمِّل عليه. وسمع من محمد بن عبد الله بن حسين البَرْمكي بمصر، ومن المبارك بن علي الطبّاخ بمكة. وتصدّر للإقراء بمصر، وحدّث، وأفاد. قال الحافظ عبد العظيم قرأت عليه للسبعة، وسمعت منه. ووُلد سنة

(44/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 100
ثلاث وثلاثين وخمسمائة، وكان يسمع معنا على عمه. وهو من بيت صلاحٍ ورواية. توفي في الخامس والعشرين من صفر.)
4 (حامد بن أبي القاسم بن رُوزبة.)
أبو القاسم الأهوازي، الحنفي. سمع أبا طاهر السِّلفي. وسمع بدمشق من إسماعيل الجَنْزَوي، وجماعةٍ، وبمصر، وعدن. وكتب بخطه الكثير. روى عنه الزكي المنذري وأثنى عليه. توفي في رمضان.
4 (الحرة بنت يلك التركي.)
حدّثت عن أبي الوقت السِّجْزي.
4 (الحسن بن عبد الوهاب ابن صَدْر الإسلام أبي الطاهر إسماعيل بن مكي بن عوف.)
القاضي، أبو علي، نجيب القُرشي، الزُّهري، الإسكندراني، المالكي، العَدْل. وُلد سنة ثلاث وخمسين. وسمع من جده، ومن السلفي. وكان من أعيان أهل بلده: رياسةً وعقلاً ورأياً. روى عنه الزكي المنذري، وقال: توفي في سَلْخ شوال.
4 (حفصة بنت أحمد بن محمد بن مُلاعب.)

(44/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 101
أم الحياء. أخت داود الوكيل. روت عن: أبي الفضل الأُرْموي. روى عنها: الدبيثي، وجماعة. وتوفيت في المحرم.
4 (حمامة بن عبد الرحمن.)
الفقيه أبو الهدى الغماري، المالكي. توفي بدمشق كهلاً في شعبان. وكان ممن لزم أبا الحسن بن المُفضَّل وتفقّه عليه، وسمع الكثير.
4 (حرف السين)

4 (سالم، صاحب المدينة العَلَوي.)
) الحسيني. قدم الشام في صُحبة الملك المعظَّم. ثم سار في شعبان من السنة بمن استخدمه من التُّركمان والرجّالة ليقاتل قَتادة صاحب مكة. فمات سالم في الطريق، وقام بعده ابن أخيه جمّاز، فمضى بذلك الجَمْع وقصد قَتادة، فجمع قتادة، وكان الملتقى بوادي الصفراء فكُسر قتادة، وانهزم إلى يَنبُع، فتبعوه وحصروه بقلعتها.
4 (سعيد بن أبي الفتوح المبارك بن بركة بن علي.)
أبو القاسم البغدادي، اللبّان، المعروف بابن كَمُّونة النَّخاس.

(44/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 102
ولد في سنة إحدى وثلاثين. وسمع من: أبيه، وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خَيرون، وأبي البركات إسماعيل بن أبي سعْد، وأبي سَعد أحمد بن محمد البغدادي، وابن الطلاّية، وجماعةٍ. والنخّاس: بخاء معجمة. روى عنه: الدبيثي، والزكي البِرزالي، وجماعةٌ. وتوفي في صفر. وآخر من سمع منه علي بن أنجب الحافظ.
4 (سليمان بن عبد الله بن يوسف.)
أبو الربيع الهوّاري، الجَلَولي، الضرير، المقرئ الصالح. كان عارفاً بالقراءات، والنحو، والتفسير. وسمع من العلاّمة عبد الله بن برّي. وأقرأ، وأمَّ بالمدرسة الصاحبية مدة. وكان ديّناً، عفيفاً، قانعاً، مؤثِراً. توفي في سابع عشر شعبان.
4 (سليمان بن محمد بن علي بن أبي سعد.)
الفقيه أبو الفضل المَوْصلي، ثم البغدادي، الصوفي، ويُعرف بابن اللبّاد.

(44/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 103
سمع بإفادة أخيه والد الموفّق عبد اللطيف بن يوسف من جماعة. وولد في صفر سنة ثمانٍ وعشرين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم إسماعيل ابن السمرقندي، ويحيى بن الطرّاح، وأبي منصور بن خَيْرون،) وأبي الحسن بن عبد السلام، والحسين بن علي سِبط الخيّاط، وأبي البدر إبراهيم الكَرْخي، وأبي بكر محمد بن جعفر بن مِهران الإصبهاني، وأبي المعالي عبد الخالق بن البَدِن، وطائفةٍ. وصحب أبا النحيب السُّهْرَوَري، وتفقّه عليه. وكان صحيح السماع، عالي الإسناد، سهل القِياد. حدّث بالكثير، وطال عمره، وتفرّد. وكان صدوقاً ديّناً. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، وابن خليل، والضياء، والنجيب الحَرّاني، وطائفةٌ. وروى عنه بالإجازة ابن البُخاري، وسيّدة بنت ابن دِرباس. وآخر من روى عنه بالإجازة عبد الرحمن المُكبِّر ببغداد. توفي في الثالث والعشرين من ربيع الأول.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن سليمان بن عمر بن حَوْط الله.)
أبو محمد الأنصاري، الحارثي، الأندلسي، الأُنْدي، الحافظ. ولد بأُندة سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة.

(44/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 104
وقرأ القراءات على والده. وقدم بَلَنسية فسمع النصف الأول من إيجاز البيان للداني في قراءة وَرش من أبي الحسن بن هُذيل، لم يسمع منه غير ذلك ولا أجاز له. ورحل إلى مُرسية فسمع من أبي القاسم عبد الرحمن بن حُبيش، وأبي عبد الله بن حَميد، وأخذ عنهما القراءات. وناظر في العربية على ابن حَميد، وقيّد عنه اللغة. وسمع بمالقة من أبي القاسم عبد الرحمن السُّهيلي. وبغَرناطة من أبي محمد عبد المنعم بن الفَرَس، وأبي بكر بن أبي زَمَنين. وبإشبيلية من أبي بكر محمد بن عبد الله بن الجدّ، وأبي عبد الله بن زَرقون. وبقرطبة من أبي القاسم بن بَشكُوال، وجماعة. وبسبْتة من أبي محمد بن عبيد الله. وبمرّاكش من أبي العباس أحمد بن مَضَاء. وأجاز له خلق، منهم: أبو الطاهر إسماعيل بن عَوْف من الإسكندرية، وأبو طاهر الخُشوعي من دمشق. قال الأبّار: واعتنى بالطَّلب من صغره إلى كِبره، وروى العالي والنازل. وكان إماماً في هذا الشأن، بصيراً به، معروفاً بالإتقان، حافظاً لأسماء الرجال. ألّف كتاباً في تسمية شيوخ البخاري، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، والترمذي، نزع فيه منْزع أبي نصر الكلاباذي لكنْ لم) يُكمله. وكان كثير الأسفار فتفرّقت أصوله. ولو قعد للتصنيف لعظُم الانتفاع به. ولم يكن في زمانه أكثر سماعاً منه ومن أخيه أبي سليمان، وكان له على أخيه الشُّفوف الواضح في علم العربية، والتفنّن في غير ذلك، والتميُّز بإنشاء الخُطُب، وتحبير الرسائل، والمشاركة في قرض الشعر. أقرأ بقرطبة القرآن والنحو، واستأدبه المنصور صاحب المغرب لبنيه فأقرأهم بمرّاكش، وحظي لديه، ونال من جهتهم وَجاهة متّصلة ودُنيا عريضة، وتصرّف في الخطط النبيهة. وولي قضاء إشبيلية وقرطبة ومُرسية. وكان حميد السيرة، محبّباً إلى الناس، جَزْلاً، صَليباً في الحق مَهيباً، على حِدّةٍ فيه، ربما أوقعته فيما يكره. وكان عالماً مقدَّماً، خطيباً مُفوَّهاً، أخذ عنه الناس. وتوفي

(44/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 105
بغَرناطة وهو يقصد مُرسية والياً قضاءها ثانياً في ثاني ربيع الأول، رحمه الله.
4 (عبد الله بن عثمان بن محمد بن حسن.)
أبو بكر ابن قُديرة، البغدادي الدقاق، ويعرف أيضاً بسِبط ابن هدية. ولد سنة تسعٍ وعشرين وخمسمائة. وسمع من: أبي البدّر إبراهيم الكرخي، وأحمد بن علي ابن الأشقر، وسعد الخير الأندلسي، والمبارك بن أحمد الكِندي، وجماعةٍ. وهو أخو يوسف. روى عنه: الدبيثي، والضياء محمد، وجماعةٌ. وتوفي في شعبان.
4 (عبد الله بن أبي بكر بن أحمد بن طُلَيب.)
أبو علي الحَرْبي المعروف بالسِّندان. سمع عبد الله بن أحمد بن يوسف، وهو آخر من حدّث عنه بالعراق. روى عنه: الدبيثي، يوسف بن خليل، وأبو الفتح محمد بن عبد الغني وأخوه موسى، وإسماعيل بن ظَفَر، والضياء محمد، وآخرون. توفي في ثالث عشر ذي الحجة.
4 (عبد الرحمن بن سعد الله بن إبراهيم.)

(44/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 106
أبو علي الأزجي، القطيعي، البيّع، ويعرف بابن دَبّوس. ولد سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة.) وسمع من: ابن ناصر، وأبي الوقت. روى عنه: الدبيثي، والزكي البِرزالي. وتوفي في رجب.
4 (عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد.)
الفقيه كمال الدين المقدسي، الحنبلي. أخو الحافظ الضياء. ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. ورحل إلى بغداد قبل أخيه، فسمع من ابن كُليب، وابن الجَوزي، وسمع بدمشق من يحيى الثقفي، وجماعةٍ. سمع منه أخوه جزء ابن عَرفة، وقال: مرض خمس ليالٍ، وصلى العصر، وتوفي في يوم الجُمُعة ثاني عشر رجب. قال أخوه الضياء: كان مرضه يشبه الطاعون. اشتغل مدة ببغداد على الفخر إسماعيل، ثم سافر إلى همذان واشتغل بالخلاف على الطاووسي، وسافر إلى إصبهان وسمع بها، وكان إماماً ورعاً، ذا مروءة، محبوباً إلى الناس، أقام مدة يُلقّن القرآن، ويُلقي الدرس من الكافي. قال: وكان جواداً شجاعاً قوياً، لا تأخذه في الله لومة لائم، لا يكاد يترك قيام الليل. قلت: وأمّ أولاده هي فاطمة بنت الحافظ عبد الغني. وهو والد الأخوين: شمس الدين محمد، وكمال الدين أحمد ابنَي الكمال.
4 (عبد السلام ابن الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن سعيد.)

(44/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 107
أبو محمد القرشي، الهاشمي. إمام مسجد الزُّبير بن العوّام رضي الله عنه بمصر. سمع بدمشق من الحافظ أبي القاسم الدمشقي، وحدّث. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (عبد العزيز بن معالي بن غَنيمة بن الحسن.)
أبو محمد البغدادي، الإُشناني، المعروف بابن مَنِينا. ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة.) وسمع من: القاضي أبي بكر الأنصاري، وعبد الوهّاب الأنماطي، وأبي البدر الكرخي، وأبي محمد سِبط الخيّاط، وجماعة. وهو آخر من حدّث بالعراق عن القاضي أبي بكر. قال الدبيثي: كان خيّراً، صحيح السماع. قلت: روى عنه هو، والضياء، والزكي البِرزالي، وابن النجار، والجمال يحيى بن الصيرفي، وأبو عبد الله بن البنّ الفقيه، وآخرون. وآخر من روى عنه بالإجازة: الكمال عبد الرحمن الفُويره. وتوفي في الثامن والعشرين من ذي الحجة.
4 (عبد القادر بن عبد الله.)

(44/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 108
الحافظ الكبير أبو محمد الرّهاوي، الحنبلي. ولد بالرُّها في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وخمسمائة، ونشأ بالمَوصل. كان مملوكاً لبعض المَواصلة فأعتقه، فطلب العِلم وهو ابن نيّف وعشرين سنة. ورحل إلى البلاد النائية، ولقي الكبار، وعُني بالحديث أتمّ عناية فسمع بإصبهان من: مسعود بن الحسن الثقفي، والحسن بن العباس الرُّستُمي، وأبي المُطهَّر القاسم بن الفضل الصيدلاني، وأبي جعفر محمد بن الحسن الصيدلاني، ورجاء بن حامد المَعْداني، ومحمود بن عبد الكريم فُورجة، وإسماعيل بن شَهريار، ومعمَر بن الفاخر، وعبد الرحيم بن أبي الوفاء، وعلي بن عبد الصمد بن مَرْدويه، والحافظ أبي موسى المَديني، وطائفة. وبهمذان من: الحافظ أبي العلاء العطّار، وأبي زُرعة المقدسي، وأبي الفضل محمد بن بُنَيمان، وجماعة. وبهَراة من: عبد الجليل بن أبي سعْد آخر أصحاب بِيْبى الهَرْثمية، ونصر بن سيّار بن صاعد، وأبي الفتح محمد بن عُمر الحازمي. وبمَرو من: أبي الفتح مسعود بن محمد المَرْوَزي، وغيره. ولم يُكثر المُقام بها. وبنيسابور من: أبي بكر محمد بن علي بن محمد الطوسي، وغيره.

(44/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 109
وبسِجِسْتان من أبي عروبة عبد الهادي بن محمد عبد الله الزاهد. وببغداد من: أبي علي أحمد بن محمد الرحبي، وأبي محمد ابن الخشاب، وشُهْدة، وهذه الطبقة. وبواسطة من: هبة الله بن مخلَد الأزدي، وأبي طالب ابن الكتّاني.) وبالموصل من: خطيبها، ويحيى بن سعدون. وبدمشق من: الحافظ أبي القاسم ابن عساكر، ومحمد بن بركة الصِّلحي، وأبي المعالي بن صابر، وجماعة. وبمصر من: محمد بن علي الرحبي، وعبد الله بن بري، وجماعة. وبالإسكندرية من السّلفي فأكثر عنه، ومن: عبد الرحمن بن خلف الله المقرئ، وعبد الواحد بن عسكر، وأبي محمد العثماني، وأخيه أبي الطاهر إسماعيل. وحدّث بالإسكندرية في حياة السلفي، وحدّث بالموصل مدّة. ووُلي مشيخة دار الحديث المُظفرية بالموصل، ثم سكن حرّان. وجمع وصنّف، وعمل الأربعين المتباينة الإسناد والبلدان وهذا شيء لم يسبقه إليه أحد ولا يرجوه بعده أحد، وهو كتاب كبير في مجلد ضخم من نظر فيه عَلِمَ سَعَة الرّجل في الحديث وحِفظة، لكنّه تكرّر عليه ذكر أبي إسحاق السبيعي وذِكر سعيد بن محمد البحيري، نبّه على ذلك شيخنا المِزي. قال ابن نُقطة: كان عالماً، صالحاً، مأموناً، ثقة، إلا أنه كان عسِراً في الحديث لا يُكثر عنه إلا من أقام عنده. وقال ابن خليل: كان حافظاً ثَبْتاً، كثير السماع، كثير التصنيف، مُتقِناً، خُتم به علم الحديث.

(44/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 110
وقال الزكي المنذري: كان حافظاً، ثقة، راغباً في الانفراد عن أرباب الدنيا. وقال أبو شامة: كان صالحاً، مَهيباً، زاهداً ناسكاً، خَشن العيش، ورعاً. قلت: روى عنه ابن نُقطة، والزكي البِرزالي، والضياء، وابن خليل، والصريفيني، وابن ظفر، والشهاب القوصي، وعبد الرحمن بن سالم الأنباري، والزين ابن عبد الدائم، والجمال يحيى ابن الصيرفي، وعامر القلعي، والعزّ عبد العزيز ابن الصيقَل، ونجم الدين أحمد بن حَمدان الفقيه، وآخرون. وسمع منه الحافظ عبد الغني، والشيخ الموفَّق. وآخر من حدّث عنه بالإجازة والسماع: ابن حَمدان. أخبرنا يحيى بن أبي منصور إجازة، أخبرنا عبد القادر الحافظ سنة تسع وستمائة، أخبرنا مسعود الثقفي، أخبرنا إبراهيم الطيّان، أخبرنا إبراهيم التاجر، حدثنا المَحاملي، حدثنا خلاّد بن) أسلم، أخبرنا النضْر، حدثنا هشام، عن حَفْصة، قالت: قال لي أبو العالية: قرأت القرآن على عمر رضي الله عنه ثلاث مرارٍ. توفي الرُّهاوي في ثاني جمادى الأولى.
4 (عبد الكريم بن عطايا بن عبد الكريم بن علي.)

(44/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 111
أبو الفضل القُرشي، الزُّهري، الإسكندري، نزيل القَرافة الكُبرى. سمع من أبي العبّاس أحمد بن الحُطيئة. وكان عارفاً بالعربية، واللغة، والشعر. صنّف كتاباً في شرح أبيات الجمل، وصنّف كتاباً في زيارة قبور الصالحين بمصر. وسمع منه غير واحدٍ. وتوفي في رمضان.
4 (عبد المجيد بن الحسن بن الحسين بن العلاء.)
أبو الفضل النُّهاوَندي، ثم البغدادي. ولد سنة إحدى وثلاثين. وسمع من: أبي البدر الكرخي، وعلي بن عبد السيد ابن الصبّاغ، وأبي غالب ابن الداية. روى عنه الزكي البِرزالي. وتوفي في رمضان أيضاً.
4 (عبد الملك بن أبي محمد بن أبي الغنائم البَرَداني.)
ثم البغدادي. سمع من أبي الفتح ابن البطي. وحدّث. ومات في شوال وقد جاوز السبعين. روى عنه ابن النجّار.

(44/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 112
4 (عبد المنعم بن أبي نصر محمد بن الحسين بن سُليمان.)
الفقيه، أبو محمد الباجِسْرائي، الحنبلي، المعدَّل. ولد في حدود الخمسين.) وتفقّه على أبي الفتح نصر ابن المَنّي. وسمع من شُهدة وغيرها. ودرّس في مسجد شيخه بعد وفاته. وكان من كبار الحنابلة. وبين باجسرا وبغداد عشرة فراسخ. توفي في سابع عشر جمادى الأولى. روى عنه الدبيثي.
4 (عبد الوهّاب بن بُزغُش.)
أبو الفتح البغدادي، العِيَبي، المعروف بقُطينة المقرئ.

(44/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 113
قرأ بالروايات على: أبي الحسن علي بن عساكر، وأبي الفتح عبد الوهّاب بن محمد المالكي، وأبي الفضل أحمد بن محمد بن شُنيف، وإسماعيل بن علي الغسّاني الدمشقي. وسمع من: أبي الوقت السجزي، وابن البطّي، وأبي زُرعة، وجماعةٍ. وأقرأ القراءات، وكان أحد الموصوفين بالتجويد والمعرفة والإتقان. روى عنه الدبيثي وأثنى عليه، وقال: هو خَتَنُ أبي الفَرَج ابن الجوزي. توفي في خامس ذي القعدة.
4 (عبيد الله بن أحمد بن أبي القاسم هبة الله بن عبد القادر بن الحسين.)
الشريف الخطيب، أبو الفضل الهاشمي، المَنصوري، البغدادي، المعدَّل. سمع من: أبي منصور موهوب بن أحمد ابن الجَواليقي، وأحمد ابن الطلاّية، ومحمد بن أحمد الطَّرائفي، وإسماعيل بن أبي سعْد، وابن ناصر، وجماعة. خطب بجامع القصْر مدة إلى أن عجز. وهو آخر من حدّث ببغداد عن ابن الجواليقي. روى عنه: الدبيثي، والزكي البِرزالي، والضياء المقدسي، والمقداد القيسي، وآخرون. توفي في سابع عشر رجب.

(44/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 114
4 (عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن عبد الرحمن.)
أبو الحسين المَذحِجِي، الأندلسي. من أهل باغة. نزل قرطبة، وأخذ عن أبيه القراءات والأدب والطب. وأخذ أيضاً عن عيّاش بن فَرَج، وأبي عبد الله بن صاف، وجماعة. وسمع الموطأ من مغيث بن يونس، ومن محمد بن) أحمد بن هِلال صاحب ابن الطلاّع. وأخذ الطبّ عن أبي مروان عبد الملك البَلَنسي، وأبي نصر فتح بن محمد. وعُني بلقاء الشيوخ المقرئين والمحدّثين والأطباء. قال الأبّار: كان ناظماً ناثراً، ماهراً في الطب وعليه عَوَّل وكان أبوه وأجداده أطباء. توفي في ربيع الآخر وله أربعٌ وثمانون سنة.
4 (عتيق بن علي بن خَلَف بن أحمد.)
أبو بكر القُرشي، الأموي، المَرواني، الأندلسي، المُربَيطري، المعروف بابن قَنَترال، نزيل مالقة. أخذ القراءات والعربية عن أبي الحسن ابن النِّعمة، وسمع منه ومن أبي عبد الله بن سعادة. وسمع بمُرسية من أبي القاسم بن حُبيش. وبإشبيلية من أبي عبد الله بن زَرقون، وأبي بكر بن الجدّ. وأخذ بمالقة القراءات عن أبي محمد بن دحمان. وحج سنة اثنتين وستين، فسمع بمكة من علي بن عبد الله المِكناسي.

(44/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 115
وبالإسكندرية من أبي طاهر السلفي. ثم قَفَل وتصدّر للإقراء والإسماع بمالَقة، وحدّث ببلَنسية. قال الأبّار: وكان مقرئاً، صالحاً، ورِعاً، حدّث عنه: أبو سليمان بن حَوط الله، وأبو عبد الله بن أبي البقاء، وأبو القاسم ابن الطَّيلسان، ووالدي عبد الله بن أبي بكر، وجماعة. وتوفي في رجب وله بضعٌ وثمانون سنة.
4 (علي بن أحمد بن علي.)
أبو الحسن ابن بَطوشا الأزجي. حدّث عن ابن ناصر. وعاش ثمانين سنة.
4 (علي الملك المعظَّم أبو الحسن.)
ولي العهد، ابن الإمام الناصر لدين الله أبي العباس أحمد ابن المستضيء بأمر الله الحسن.

(44/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 116
كان أبوه يحبه، حتى إنه خلع أخاه أبا نصر محمداّ، وجعل هذا ولي العهد، وكان شاباً فلم يُمتَّع، ومات في ذي القعدة. ومن غريب الاتفاق ما ذكر أبو المظفر ابن الجَوزي، قال: دخل يوم الجمعة رأس منكلي مملوك السلطان أُربك الذي كان قد عصى على أستاذه وعلى الخليفة وقطع الطريق وقتل ونهب، ثم جُهّزت إليه العساكر فظفروا به بقُرب همذان، فانكسر وقُتلت أصحابه، ونُهبت أثقاله) وهرب ليلاً، ثم قُتل وحُمل رأسه إلى أُزبك، فبعث به إلى الخليفة، فأدخل بغداد، وزُيّنت بغداد، فلما مرّوا به على باب درب حَبيب، وافق تلك الساعة وفاة علي هذا، فوقع الصراخ والنُّواح، وانقلب الفرح مأتماً، وأمر الخليفة بالنِّياحة عليه في نواحي بغداد، وفرشوا البواري والرماد، ولطم النسوان، غُلّقت الأسواق والحمّامات. وخلّف ولدين صغيرين: الحسين ويحيى. قلت: وجَزِع الناصر لموته وسمع الناس بكاءه وصراخه عليه، وعُمل له مأتم ببغداد لم يُسمع بمثله من الأعمار، وأقامت له الملوك الأعزية في بلدانهم، ورثَتْه الشعراء.
4 (علي بن حُميد.)

(44/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 117
الزاهد العارف القُدوة الكبير، أبو الحسن ابن الصبّاغ. توفي بقَنا من صعيد مصر، ودُفن برباطه. وكان قد لقي المشايخ والصلحاء، انتفع به خلق، وظهرت بركاته على الذي صحبوه، وهدى الله به خلقاً كثيراً. وكان حسن التربية للمُريدين، ويتفقّد مصالحهم الدينية، وله أحوالٌ ومقامات. توفي في النصف من شعبان. قال الحافظ عبد العظيم: اجتمعت به بِقَنا سنة ست وستمائة.
4 (علي بن فضائل بن علي التكريتي.)
ثم البغدادي، الأزَجي الملاّح. حدّث عن محمد بن أبي حامد عبد العزيز بن علي البيِّع. وتوفي في ربيع الأول.

(44/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 118
4 (علي بن مكّي بن الحسن.)
القاضي الأشرف أبو الحسن الإسكندراني. عَدْلٌ صالح، ديّن، خيّر. سمع من السلفي. وتوفي في ذي القعدة.
4 (عمر بن الحسين بن يحيى.)
أبو حفص البغدادي، الحريمي، القزّاز، الكبّاب، المعروف بابن المُعوَّج. شيخٌ مسندٌ، سمع من: أبي منصور عبد الرحمن القزّاز، وأبي البدر إبراهيم الكَرخي، وأحمد بن علي ابن الأشقر، وجماعة.) وكان فقيراً قانعاً يطلب. روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، والضياء، وآخرون. وتوفي في سابع ذي الحجة.
4 (حرف الفاء)

4 (فِتيان بن أحمد بن محمد بن فضائل.)
أبو المكارم ابن سَمْنيّة. ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة. وحدّث عن أبي عبد الله الحسين بن محمد بن خميس المَوصلي. وتوفي في ربيع الآخر. روى عنه: الضياء المقدسي، والتقي اليَلْداني، وغيرهما. وأجاز للزكي المنذري.

(44/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 119
وسَمْنيّة مستفاد مع سَمينة.
4 (حرف الكاف)

4 (كفاية بنت أبي الفتوح بن أبي البركات ابن الحُصْري.)
زوجة الحافظ عمر بن علي القُرشي. سمعت من أبي الفتح محمد بن الحسن ابن الخطيب الأنباري، وأبي الفتح ابن البطّي. وتوفيت في شّوال.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم.)
أبو عبد الله المَهْري، البِجائي، المغربي. رحل ولقي جماعةً، وسمع بمصر وولي قضاء بِجاية. ودخل الأندلس، وولي قضاء مُرسية، وناب في قضاء مرّاكش. قال الأبّار: كان عَلَم وقته عِلماً وكمالاً وتفنّناً، يتحقّق بعلم الكلام وأصول الفقه، حتى أنه شُهر بالأصولي. اعتنى بإصلاح المستصفى للغزالي. وامتُحن بقرطبة سنة ثلاث وتسعين هو وأبو الوليد ابن رُشد محنتهما المشهورة من أجل نظرهما في علم الأوائل، فتحدّث الناس بصَبره في ذلك المقام وبجَلَده وثُبوت جأشه. وكُفّ بصره بأخَرَةٍ. أخذ عنه أبو محمد ابن حَوْط الله، وغيره.) وتوفي في أحد العيدين.

(44/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 120
قلت: لم يُذكر له سماعٌ من أحد ولا متى وُلد.
4 (محمد بن الحسن بن عيسى.)
الأجلّ، أبو عبد الله اللُّرستاني، الصوفي، تقي الدين. سمع بدمشق من: أبي القاسم علي بن الحسن الكِلابي الماسح، والخَضِر ابن عبدٍ الحارثي، والوزير أبي المظفّر الفلكي. وبالإسكندرية من السلفي. وكان شيخاً معمَّراً، ولد قبل العشرين وخمسمائة بسنة أو نحوها. قال المنذري: سمع من كِبر سنه على بعض شيوخنا. وكان شيخاً صالحاً على سَمْت أهل الخير. سافر مع شمس الدولة تورانشاه بن أيوب إلى اليمن، وحصلت له دُنيا متّسعة، وحصّل أملاكاً. وكان أكثر مقامه بخانقاه الصوفية. ولُرستان عمل بين إصبهان وخوزستان. قلت: روى عنه المنذري، وإسحاق بن محمود بن بلكوَيه الصوفي، والكمال علي بن شُجاع الضرير، وعبد الهادي بن عبد الكريم القيسي الخطيب، وجماعة. وتوفي في الثاني والعشرين من المحرم، وله نيّف وتسعون سنة.
4 (محمد بن عبد الله بن علي بن أحمد بن الفرَج.)
أبو نصر البغدادي، الدبّاس، المعروف بابن أخي نصر العُكبري. ولد سنة خمسين. وسمع من: أبي الفتح ابن البطي، وابن المُقرَّب، وجماعة. وتوفي في نصف ربيع الأول.
4 (محمد بن أبي المعالي عبد الله بن موهوب بن جامع بن عَبدون.)

(44/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 121
نور الدين، أبو عبد الله ابن البنّاء، البغدادي، الصوفي. صحِب أبا النجيب السُّهرَوَرْدي وسافر معه، وأخذ عنه التصوّف. وسمع من: ابن ناصر، وأبي بكر ابن الزاغوني، وأبي الكرم الشَّهررزوري، ونصر بن نصر العُكبري، وأبي الفتوح محمد بن محمد الطائي، وجماعة. وحدّث بمكة، ومصر، وبغداد، ودمشق. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وابن خليل، والضياء، والشهاب القوصي، وإسحاق بن بلكوَيْه) الصوفي، والجمال يحيى ابن الصيْرفي، ويحيى بن شُجاع بن ضِرغام القُرشي المصري، والقُطْب عبد المنعم بن يحيى الزهري، وأبو الفرَج عبد الرحمن بن أبي عُمر، وأبو الحسن علي ابن البُخاري، وآخرون. وأجاز لجماعة آخرهم موتاً شيخنا أبو حفص ابن القوّاس. قال الدبيثي: شيخ حسن كيِّسٌ، صحب الصوفية، وتأدّب بهم. وسمع بإفادة أبيه وبنفسه كثيراً وقال لي: وُلدت سنة ست وثلاثين وخمسمائة. وجاور بمكة زماناً، ثمن توجه إلى مصر، ثم إلى دمشق فأقام بها. قلت: كان مقيماً بالسُّمَيْساطية إلى أن توفي في منتصف ذي القعدة. وقد كتب بخطه عدة أجزاء من مسموعاته. وقال ابن النجار: كان من أعيان الصوفية وأحسنهم شَيبة وشَكلاً، صحبته من مكة إلى المدينة، وكنت أجتمع به كثيراً بجامع دمشق. وكان من أظرف المشايخ، وأحسنهم خُلقاً وألطفهم لا يَمَلُّ جليسه منه. وكان لمحبته للرواية ربما حدّث من فروع، وكنت أنهاه فلا ينتهي.

(44/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 122
وروى عنه ابن مُسدي بالإجازة، قال: أخبرنا أبو الفتح الكروخي ببغداد، فذكر حديثاً من الجامع.
4 (محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهّاب بن هبة الله السيبي.)
البغدادي، أبو عبد الله. سمع: أبا الوقت السِّجزي، وأبا المظفَّر ابن التُّريكي. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، وقال: مات في شوال.
4 (محمد بن علي.)
محيي الدين، أبو عبد الله الشقّاني، الرومي. قدم مصر، وسمع من العلاّمة عبد الله بن بَرّي، وعَشير بن علي، وجماعةٍ. وكان إماماً فاضلاً، وَلي قضاء المَوصل، ثم ولي قضاء مدينة أقصرا من الروم، وتوفي بسيواس. وشقّان بالفتح، وقيل: بالكسر قيل: أن بتلك الناحية جبلين في كل واحدٍ منهما شقّ يخرج منه الماء، فقيل لهما: شِقّان. توفي في ربيع الأول.
4 (محمد بن علي بن المبارك بن محمد.)
)

(44/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 123
كمال الدين أبو الفتوح التاجر المعروف بابن الجَلاجُلي. شيخٌ بغداديٌّ متميزٌ صاحب مالٍ. ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وسمع من: هبة الله بن أبي شَريك الحاسب، والمبارك بن علي الوكيل الشُّرُوطي، وأبي الفتح ابن البطّي، وجماعة. وقرأ ببعض القراءات على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي. وقرأ القرآن على أبي السعادات الوكيل المذكور، عن قراءته على أبي البركات محمد بن عبد الله الوكيل صاحب أبي العلاء الواسطي. وسمع بالإسكندرية من السلفي. وحدّث في أسفاره، وطاف ما بين العراق والشام، إلى اليمن، ومصر، وخُراسان، وما وراء النهر، والهند. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، والزكي المنذري، والشهاب القوصي، والفخر عليٌّ، والشيخ شمس الدين، والتقي إبراهيم ابن الواسطي، والشمس عبد الرحمن ابن الزين، ومحمد بن مؤمن، وطائفة سواهم. وآخر من حدّث عنه بالإجازة عمر ابن القوّاس. قال ابن النجار: صَحِبته في السفر، وسمعتُ منه ببلاد. وكان تاجراً مُحتشِماً، صدوقاً، مليح المُجاورة، كيّساً، حُفَظَةً للحكايات والأشعار، ظريفاً. توفي ببيت المقدس في رابع عشر رمضان.
4 (محمد بن محمد بن عبد الجليل بن محمد.)
أبو بكر بن أبي حامد، ابن المُحدّث أبي مسعود كُوتاه الإصبهاني. سمع من: جدّه، وإسماعيل الحمّامي المعمَّر، وأبي الوقت. وكان فاضلاً، له معرفة. أثنى عليه ابن النجار، وحدّث عنه، وقال: كان يعِظُ في رَساتيق إصبهان. توفي في عاشر رمضان.

(44/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 124
4 (محمد بن أبي جعفر محمد بن عدنان بن عبد الله بن عمر.)
الشريف النقيب أبو الحسين العلَوي، الحسيني، الكوفي، المعروف بابن المختار، وهو لقب عمر جدّهم. ولد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. وتولى نقابة العَلَويين ببغداد. وسمع من أبي محمد ابن الخشّاب، وحدّث.) وتوفي في ربيع الأول. روى عنه الدبيثي.
4 (محمد بن محمد بن أبي القاسم الإصبهاني.)
المِلَنْجيُّ، القطّان، المؤدِّب. ولد سنة أربعين ظنّاً. وسمع من: أبي القاسم إسماعيل الحمّامي، ومحمد بن أبي نصر بن هاجر. وحدّث ببغداد، ومكة. روى عنه: الحافظ علي بن المفضَّل ومات قبله، والحافظ الضياء، وابن خليل. وأجاز للفخر عليّ، وغيره. وكان محدِّثاً مُكثراً، حافظاً مُكرِماً متودداً للطلبة، ذا مروءةٍ سهلاً في إعادة أُصوله، محبّاً للرواية، واسع الصدر. توفي في جمادى الأولى.

(44/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 125
ومِلَنجة: من محالّ إصبهان أو من قراها، بكسر الميم وبالنون.
4 (محمد بن منصور بن عبد الواحد بن إلياس.)
أبو المحاسن التميمي، البالِسي، ثم البغدادي. حدّث عن نصر بن نصر العُكبري، وغيره. ومات في رجب. روى عنه ابن النجّار.
4 (المبارك بن المبارك بن أبي الأزهر سعيد ابن الدهّان.)
أبو بكر بن أبي طالب، الواسطي، النحْوي، الأديب، الضرير، وجيه الدين. ولد بواسط سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.

(44/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 126
وقرأ القرآن على الشيوخ، واشتغلَ. وسمع بواسط من نصر بن محمد الأديب، والعلاء بن علي السوادي. وسمع ببغداد من أبي زُرعة، وغيره. ولزِم الكمال عبد الرحمن الأنباري مدة، وبَرَع في النحو، وصنّف فيه، وأقرأه. وتخرّج به جماعةٌ ببغداد.) وله:
(زارني والليل داجٍ بسَحَرْ .......... وبلُطْف اللفظ للقلب سَحَرْ)

(رام يستخفي من الواشي به .......... فأتى ليلاً، وهل يَخفى القمرْ)

(جسمه ماءٌ ولكنْ قلبه .......... عند شكوايَ إليه مِن حَجَرْ)
وقد ترجمه ابن النجار فأطنب ووصفه وبالغ، وذكر أنه اشتغل عليه وانتفع به، وأنه كان يُكرّر على درسِ كل يوم فيحفظه. وقرأ النحو أيضاً على أبي محمد ابن الخشّاب. ودرّس النحو بالنظامية، وتفقّه على مذهب أبي حنيفة، وكان حنبلياً، وقيل: انتقل إلى مذهب الشافعي. وفيه تقول المؤيَّد أبو البركات ابن التكريتي الشاعر:
(ومَن مُبلغٌ عني الوجيه رسالةً .......... وإنْ كان لا تُجدي لديه الرسائلُ)

(تمذْهبتَ للنعمان بعد ابن حنبلٍ .......... وذلك لما أعوزَتْكَ المآكلُ)

(وما اخترت رأي الشافعي ديانةً .......... ولكنَّما تهوى الذي هو حاصلُ)

(وعمّنا قليل أنت لا شكّ صائرٌ .......... إلى مالكٍ فافطن لما أنا قائل)
قال الدبيثي: تخرَّج بالوجيه جماعة في النحو. وكان يقول العشر. وكان

(44/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 127
هُذَرة، كتبتُ عنه أناشيد. وتوفي في السادس والعشرين من شعبان. قلت: وروى عنه الزكي البِرزالي، وغيره. وأجاز لأحمد بن أبي الخَيْر.
4 (محمود بن الحسن بن نَبْهان بن الحسن بن سَنَد.)
الأمير نجم الدين الحِلّيُّ. شاعرٌ محسِنٌ مُجيدٌ، رئيسٌ نبيلٌ، مدح الملك العادل. روى عنه من شعره الشهاب القوصي، وغيره. وهو والد علي المنجّم الذي سمع من ابن طَبَرْزَد. ولد بالحِلّة السيفية سنة ست عشرة وخمسمائة، وعُمِّر دهراً طويلاً. توفي في رجب.
4 (مريم بنت أبي بكر بن عبد الله بن سَعد المقدسي.)
أم عيسى، امرأة الشيخ موفق الدين ابن قُدامة.) كانت خيّرة صالحةً. روت بالإجازة عن يحيى بن ثابت، وغيره. روى عنها: الضياء، والشيخ شمس الدين عبد الرحمن. وتوفيت في جمادى الأولى.
4 (مَزْيد بن علي بن مَزْيد.)
أبو علي الطائي الشاعر المعروف بابن الخَشْكَري.

(44/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 128
قدِم بغداد، ومدح الناصر لدين الله والكبار. وكان نُصَيرياً سافر إلى سِنان وصحبه، وانحلّ من الدين، وكان داعيةً. وعُمِّر دهراً. ومات في رمضان.
4 (مظفّر بن عبد الله بن علي بن الحسين.)
الإمام الفقيه تقي الدين المِصري، الشافعي، المعروف بالمُقترَح. ولد في حدود الستين وخمسمائة. وتفقّه، وبرع في أصول الدين والخلاف والفقه، وصنَّف التصانيف، وتخرّج به جماعةٌ كثيرةٌ. قال الحافظ عبد العظيم: سمع بالإسكندرية من أبي الطاهر بن عوف الفقيه. وسمعت منه وحدّث بمكة ومِصر. وكان كثير الإفادة مُنتصباً لمن يقرأ عليه، كثير التواضُع، حسن الأخلاق، جميل العِشرة، ديّناً متورّعاً. ولي التدريس بالمدرسة المعروفة بالسلفي بالإسكندرية مدة، وتوجّه إلى مكة فأُشَيْعَت وفاته وأُخذت المدرسة فعاد ولمن يتّفق عوده إليها، فأقام بجامع مصر يُقرئ، واجتمع عليه جماعةٌ كثيرةٌ، ودرَس بمدرسة الشريف ابن ثَعْلب، وتوفي في شعبان.
4 (منصور بن أحمد بن أبي العزّ بن سعْد.)
أبو بكر المكي الحُميلي، الضرير، المقرئ، نزيل بغداد.

(44/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 129
قرأ القرآن على دَعوان بن علي الجُبّائي، وعلى أحمد بن عمر بن لَبيدة. وسمع من: دَعوان، وعلي بن عبد العزيز ابن السمّاك. والحُميلي: نسبة إلى قرية من أعمال نهر الملك. توفي في رجب. كتب عنه ابن نُقطة، والطلبة.
4 (مودود بن فُلان الشاغوري الفقيه.)
) كمال الدين الشافعي. قال الإمام أبو شامة: كان فقيهاً زاهداً، خيّراً، يُقرئ الفقه قُبالة مقصورة الخطابة بجامع دمشق، ويشرح التنبيه. توفي في السنة.
4 (موسى بن سعيد بن هبة الله.)
الشريف أبو القاسم بن أبي الفتْح الهاشمي، البغدادي، ابن الصيقَل. ولد سنة سبع وعشرين وخمسمائة. سمع من: أبي القاسم إسماعيل ابن السمرقندي، ومحمد بن أحمد الطرائغي، وأبي الفضل الأُرْمَوي، ومحمد بن منصور القصْري. روى عنه: الدبيثي، الزكي البِرزالي، والمقداد القيسي، وطائفةٌ من أهل بغداد.

(44/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 130
وكان صَدراً مُحتشماً، ولي حِجابة باب النوبي مدة. وكان عالي الإسناد. ولي نقابة العباسيين بالكوفة أيضاً. وتوفي في سادس عشر جمادى الأولى.
4 (حرف النون)

4 (ناز خاتون بنت أحمد بن أبي غالب محمد بن محمد ابن السَّكَن.)
أم مُظفَّر البغدادية. سمعت من: جدّها، ومن سعيد ابن البنّاء، وعبد الباقي ابن النَّرسي المُحتسِب. وحدّثت روى عنها الدبيثي، وغيره. وتوفيت في جمادى الآخرة.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن داود.)
أبو زكريا التادَلي الفقيه، نزيل فاس. سمع من: أبي عبد الله ابن الرَّمّامة، وأبي الحسن بن حُنين. قال الأبّار: تفقه على مشيختنا، وكان له حظُّ من الفقه والأصول والعربية، ولَسَنٌ وبَلاغَةٌ. ولي قضاء جزيرة شُقر مدة طويلة. سمعت منه كتاب الشهاب للقُضاعي، بسماعه من ابن حُنين، عن العَبْسي، عن مؤلِّفه. وتوفي ببَلَنسية.)
4 (يحيى بن ياقوت.)

(44/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 131
أبو الفَرج البغدادي، الفرّاش. مملوك العَتَبة الشريفة. سمع من: أبي القاسم إسماعيل ابن السمرقندي، وعبد الجبار بن أحمد بن تَوْبة، ويحيى ابن الطَّرَّاح، وعلي بن عبد السلام الكاتب، وعمر بن ظَفَر المَغازِليّ. وحدّث ببغداد، وبمكة وجاور بها ورُتِّب شيخاً بالحرم ومِعماراً. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل، وأحمد بن مودود المَدَني نزيل القاهرة، وعلي بن محمد بن علي المكّي، ويحيى بن محمد بن أبي الفتح سِبط الواعظ: شيوخ الدِّمياطي، وآخرون. وعاد إلى بغداد وبها مات في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة.
4 (يوسف بن عُثمان بن محمد بن حسن البغدادي.)
أبو محمد الدقّاق، المعروف بابن قُدَيرة. سمع: سعيد بن أحمد ابن البنّاء، وأبا الوقت. وعنه: البِرزالي، والدبيثي.
4 (يوسف بن أبي حامد محمد ابن القاضي أبي الفضل محمد بن عمر بن يوسف.)
أبو إسحاق الأُرْمَوي، ثم البغدادي، الأقفالي، الإبَري. ولد سنة ستٍّ وعشرين وخمسمائة. وسمع من: جده، وأبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام، وأبي عمر صافي الساويّ.

(44/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 132
وكان صحيح السماع. روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، والضياء، والنجيب عبد اللطيف، وجماعةٌ. وتوفي في التاسع والعشرين من ربيع الآخر.
4 (وفيها ولد)
جمال الدين عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي خطيب دمشق. والمحدّث علي بن بَلَبان. والعفيف عبد الرحيم بن محمد ابن الزَّجّاج. والعماد محمد بن عبد الرحمن بن سُلطان الحنفي.) والزين أحمد بن عبد الباري الإسكندري. وإبراهيم ابن الناصح محمد بن إبراهيم بن سَعد. والصفيّ محمد بن مظفّر الزَّرْزائي. والنجم يحيى بن علي الشاطبي، ولد بدمشق. والشجاع نقيب عسكر دمشق، وعاش مائة إلا سنة. والفخْر عبد القاهر ابن السيف عبد الغني ابن تيمية خطيب حرّان. وعلي بن محمود ابن قاضي باعشيقا، بها، من المَوْصل. والموفق محمد بن عبد المنعم بن جماعة الحَمَوي، سمع ابن باقا. وعبد الله بن علي بن محمود بن عمر بن زُقيقة، بحاني. والشيخ أبو بكر بن مسعود المقدسي الرُّويس الشاعر. وقاضي تدمر زين الدين محمد بن الحسن بن علي بن إسماعيل الغسّاني.

(44/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 133
4 (وفيات سنة ثلاث عشرة وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عُبيد الله بن محمد بن قُدامة بن مِقدام.)
الفقيه شرف الدين، أبو الحسن. ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وسمع من: يحيى الثقفي، والخَضِر بن طاوس، وابن صَدَقة الحرّاني، وإسماعيل الجَنْزوري، وجماعة. وببغداد عبد المنعم بن كُليب، وجماعةٍ. روى عنه الحافظ الضياء وعمل له ترجمة طويلة، فقال فيه: إمامٌ فاضلٌ، ثقةٌ، ديّنٌ، عاقلٌ، جمع الله له بين الخُلْق والخُلُق، والدين والأمانة، وقضاء حوائج الإخوان، والكرَم والتعطُّف على المرضى والتطلُّع إلى حوائجهم، كفى الجماعة في أشغال كثيرة بعد سفر أخي إلى حِمص. أخبرنا الإمام أحمد ابن خالي عُبيد الله ببغداد، أخبرنا ابن كُليب فذكر من جزء ابن عَرَفة ثم قال: بلغني عن أهل بيته أنهم قالوا: ما ترك قطُّ قيام الليل، وكان يقول الحقَّ، لا يخاف من أحدٍ، ولا يُحابي أحداً. سمعت أبا العباس أحمد بن محمد بن خَلَف بن راجح بعد موت أحمد بأيام، رأيته في النوم فقلت) له: ما لقيتَ من ربّك فقال: كلَّ خير. فقلت له: زِدني. قال: ما أظنّ أحداً رُفع فوق منزلتي.

(44/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 134
سمعت أحمد بن محمد بن أحمد بن إسماعيل يقول: رأيت الشرف أحمد في النوم بعد موته بأيام فقلت: كيف أنت أظنّه قال: بخير. قلت: فما متُّ ودفنّاك قال: أفما يُحيي الله الموتى فقلت: بلى. ثم ذكر له مناماتٍ أُخَر من هذا النوع. وقال: أنشدنا شيخنا موفَّق الدين لنفسه:
(مات المُحِبُّ ومات العِزُّ والشرف .......... أئمَّةٌ سادةٌ منهمُ خَلَفُ)

(كانوا أئمة عِلْمٍ يُستَضاء بهم .......... لَهْفي على فقدهم لو يَنفع اللَّهْفُ)

(ما ودّعوني غداة البَيْن إذ رَحَلوا .......... بل أودعوا قلبي للأحزان وانصرفوا)

(شيَّعتهم ودُموعُ العين واكِفَةٌ .......... لِبَيْنهم وفؤادي حَشْوه أسَفُ)

(أُكفكف الدمع من عيني فيغلبني .......... وأحْصُرُ الصَّبر في قلبي فلا يقف)

(وقلت: رُدّوا سلامي أوقِفوا نَفَساً .......... رِفقاً بقلبي فما ردّوا ولا وَقَفوا)

(ولم يَعُوجوا على صبٍّ بهم دَنِفٌ .......... يخشى عليه لِما قد مسّه التلَف)

(أحباب قلبي ما هذا بعادتكم .......... ما كنتُ أعهد هذا منك يا شَرَف)

(بل كُنت تُعظِم تبجيلي ومنزلتي .......... وكُنتُ تُكرِمُني فوق الذي أصِفُ)

(وكنت عوناً لنا في كُلِّ نازلةٍ .......... تَظَلّ أحشاؤنا من همِّها تجف)

(وكنتَ ترعى حقوق الناس كلِّهم .......... من كنت تَعرفُ أو مَن لست تَعترفُ)

(وكان جودُك مَبْذولاً لِطالبه .......... جُنْحَ الليالي إذا ما أظلم السّدَفُ)

(وللغريب الذي قد مسَّه سَغَبٌ .......... وللمريض الذي أشفى به الدَّنْفُ)

(وكنتَ عَوناً لمسكينٍ وأرملةٍ .......... وطالبٍ حاجةً قد جاء يَلتهف)
وقال الصلاح موسى بن محمد بن خَلَف:
(عَزّ العزاءُ وبانَ الصبرُ والجَلَد .......... لما نَأتْ دارُ تَهوى وقد بَعُدوا)

(44/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 135
(والعين والله هذا وقْتُ عَبْرَتها .......... فإن أحبابها كانوا وقد فُقدوا)

(ساروا وما ودّعوني يَومَ بينهم .......... يا ليتهم لِغَرامي بعدهم شهدوا)

(أبكيهم بدّموعٍ قد بَخِلتُ بها .......... على سِواهم فقد أودى بي الكَمَدُ)
ومنها:)
(وأنت يا شرفٌ للدين ليس لنا .......... من بعدك اليوم لا جَمعٌ ولا عَدَدُ)

(قد كُنتَ واسطة العِقد الذي انتُظمت .......... به المعالي إن حلّوا وإن عَقَدوا)

(وكنتَ ذا خشيةٍ لله متَّقياً .......... تقوم بالليل والنُّوّام قد رَقَدوا)
وفي أبيات أُخر. وخلّف من الولد: شرف الدين أحمد، وأبا عبد الله محمداً.
4 (أحمد بن عُبيد الله بن محمد بن عُبيد الله.)
الفقيه الإمام أبو بكر الّلنْجاني، مفتي إصبهان، ويُعرف بالأفضل. قال الضياء: كان من العُلماء الأخيار. قلت: روى عن أحمد بن ظَفَر الثقفي. وسماعاته في حدود الخمسين وخمسمائة. روى عنه: الضياء، والزكي البِرزالي. قرأتُ وفاته بخطّ الضياء في رمضان.
4 (أحمد بن علي بن أبي زُنْبُور.)
الإمام الأديب أبو الرضا النِّيلي، واللُّغويُّ، المقرئ، الشاعر. قرأ علي يحيى بن سَعدون القُرطبي. وتأدّب على سعيد ابن الدّهّان. وقد امتدح السلطان صلاح الدين بحلب بأُرجوزة طويلة، فَوَصَله عليها بخمسمائة دينار. وكان من غُلاة الرافضة. عُمِّر دهراً، ومات بالمَوْت بالموصل في العام.

(44/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 136
4 (أحمد ابن الحافظ عليّ بن المفضَّل بن عليّ.)
الفقيه الصالح أبو الحسين المقدسي، ثم الإسكندراني، المالكي، العَدْل. وُلد سنة ثمانٍ وسبعين وخمسمائة. وسمع، وتفقه، ونشأ على غايةٍ من الدين والوَرَع. ودرّس بالصاحبية بالقاهرة بعد والده. قال الزكي المّنذري: أخبرنا، قال: عبد المنعم بن يحيى بن الخلّوف إجازة. وتوفي في صفر.
4 (أحمد بن علي بن أبي القاسم المبارك بن علي بن أبي الجود.)
العتّابي، الكاغَدي، أبو العباس. سمع من: أحمد بن الطلاّيه، وأبي الوقت.) وحدّث. كان من محلّة العتّابيين بأعلى غَرْبيّ بغداد، وكان ابن الطلاّية خال أبيه. وهو أخو المبارك شيخ الأبَرْقوهي. روى عن أحمد: أبو عبد الله ابن الدبيثي، وغيره. وتوفي في ثالث ربيع الآخر.
4 (أحمد بن علي بن مسعود بن عبد الله بن الحسن بن عطّاف.)
الأجلّ، أبو عبد الله الدارقَزّي، المقرئ، الورّاق، المعروف بابن السقّاء.

(44/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 137
ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة. قرأ القرآن على أبي الفضل أحمد بن محمد بن شُنَيف، وغيره. والنحو على أبي محمد ابن الخشّاب، والحسن بن عبيدة، وغيرهما. وسمع من: أبي الوقت، وسعيد ابن البنّاء، وجماعة. ويُقال له: الخطّابي: لأنه سكن قرية تُعرف بالخطّابية، ولم يزل خطيباً بها. روى عنه الدبيثي، وقال: توفي في رجب.
4 (أحمد بن عمر بن أحمد القُطْرُبُلِّي.)
ثم الحرْبي، المقرئ، المعروف بالخاخيّ بخاءين معجمتين أبو العباس. سمع من: الزاهد أحمد ابن الطلاّية، وغيره. وتوفي في جمادى الآخرة. روى عنه الدبيثي، ووصفه بالصلاح والخير. أحمد بن عمر بن إبراهيم ابن الدَّردانة. أبو بكر الحرْبي. سمع من: ابن كُليب، وابن الجَوزي، وطبقتهما فأكثر. وحدّث بيسير. توفي وقد جاوز أربعين سنة في ذي القعدة، رحمه الله.
4 (إسحاق ابن قاضي القضاة صدْر الدين عبد الملك بن عيسى بن دِرْباس.)

(44/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 138
فخر الدين، أبو طاهر الماراني، الشافعي. ولد سنة تسع وستين وخمسمائة.) وتفقه، وسمع الحديث، وناب في القضاء عن والده مدةً، ودرّس بالناصرية بمصر ثم بالسيفية بالقاهرة. وتوفي ليلة السابع والعشرين من رمضان.
4 (أسعد ابن الفقيه محمد بن علي ابن الوزير أبي نصر أحمد بن الوزير نظام المُلك الحسن بن)
علي. الطوسي الأصل، البغدادي. ولد بُعيد الأربعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الوقت. وحدّث. وفد درّس أبوه بالنظامية، وتوفي شاباً. وكان هذا خُلْواً من فضيلة. توفي في رجب.
4 (أسعد بن هبة الله بن وَهبان الحديثي، ثم البغدادي، البُزُوري.)
روى عن: أبي الوقت. وعنه: الدبيثي. وتوفي في رمضان.
4 (إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد.)

(44/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 139
نبيه الدين، أبو الطاهر الأنصاري، المصري، الكاتب. سمع من: الشريف أبي الفُتوح الخطيب، وعُمارة اليمني الشاعر. وسمع بالإسكندرية من السلفي، وجماعةٍ. وولي استيفاء ديوان الأوقاف مدّةً. وولد سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. وكتب بخطّه الكثير، وكان مليح الكتابة. وعلّق عن السلفي فوائد جمّة وسؤالات. روى عنه: الحافظ عبد العظيم. وتوفي في ليلة العشرين من شعبان.
4 (إسماعيل بن عُمر بن أبي بكر الفقيه محِبّ الدين المقدسي.)
) الحنبلي، المذكور في قصيدة الشيخ الموفَّق المذكورة من قريب. سمع بمصر من: أبي القاسم البُوصيري، والحافظ عبد الغني. وبدمشق من جماعة. روى عنه: الضياء المقدسي. وتوفي في شوّال.
4 (حرف التاء)

4 (تاج النساء بنت فضائل بن علي التكريتي.)
تروي عن الشيخ الزاهد عبد القادر الرزاق الجيلي. روى عنها ابنُها قاضي القضاة أبو صالح نصر بن عبد الجيلي. وسمعت أيضاً من ابن البطي.

(44/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 140
وتوفيت في رجب.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن أحمد بن جعفر.)
أبو الفضل اللخْمي، الإسكندراني، النحوي، الشاعر، المعروف بالورّاق. شاعرٌ محسن، كتب عنه الزكي المنذري.
4 (جعفر بن جعفر بن نبهان.)
وجيه الدين أبو الفضل الحمّوي، الفقيه، الأديب. كتب عنه الزكي المنذري. وتوفي بمصر بمسجده في ذي القعدة.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسين بن يوسف بن أحمد بن يوسف بن فتوح.)
أبو علي الأنصاري، الأندلسي، البَلَنسي، الضرير، المقرئ، المعروف بابن زُلاَّل. قرأ القراءات على أبي الحسن بن هُذيل، وسمه منه، ومن: الخطيب أبي

(44/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 141
الحسن علي ابن النعمة، وأبي عبد الله بن سَعادة، وعبد الرحمن بن حُبيش، وأبي عبد الله بن حَميد. وقرأ القراءات أيضاً على طارق بن موسى. وأجاز له أبو طاهر السلفي، وجماعة. وتصدّر للإقراء ببلده، وأخذ عنه الناس، وكان حسَنَ الإلقاء والأداء، مجوِّداً، مُحققِّاً، مشارِكاً في) فنون، آية من آيات الله في الفِطنة والحَدْس على عمى بَصره، قال الأبّار فيه ذلك، وقال: سمعتُ منه جملةً. وانتقل بأخرةٍ إلى مُرسية، وأقرأ بها إلى أن توفي في الثاني والعشرين من المحرم، وولد سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة.
4 (حرف الزاي)

4 (زَيد بن الحسَن بن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن سعيد بن عصمة بن حِمْيَر.)

(44/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 142
العلاّمة تاج الدين، أبو اليُمن الكِندي، البغدادي، المقرئ، النحوي، اللغوي. ولد في شعبان سنة عشرين وخمسمائة. وحَفِظ القرآن وهو ابن سبع سنين، وكمّل القراءات العشر وله عشر سنين. وكان أعلى أهل الأرض إسناداً في القراءات فإني لا أعلم أحداً من الأُمة عاش بعدما قرأ القراءات ثلاثاً وثمانين سنة غيره. هذا مع أنه قرأ على أسْند شيوخ العصر بالعراق، ولم يبقَ أحد ممن قرأ عليه بقائه ولا قريباً منه، بل آخر مَن قرأ عليه الكمال ابن فارس وعاش بعده نيّفاً وستين سنة. ثم إنه سمع الحديث على الكبار، وبقي مُسند الزمان في القراءات والحديث. قرأ القراءات المشهورة والغريبة فأكثر على شيخه ومعلِّمه وأُستاذه الإمام أبي محمد سِبط أبي منصور الخياط، وأفاده، وحَرَص عليه في الصغر، وأسمعه الحديث، وأرسله إلى الشيوخ الكبار فقرأ بالكفاية في القراءات الست على الإمام المُعمَّر أبي القاسم هبة الله بن أحمد ابن الطَّبَر الحريري. وقرأ بالموضح في القراءات العشر على مؤلّفه أبي منصور محمد بن عبد الملك بن خَيرون. وقرأ للسبعة على أبي بكر محمد بن إبراهيم خطيب المُحوَّل، وعلى أبي الفضْل محمد ابن المهتدي بالله. ثم سمع الحديث من: القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي، وأبي القاسم هبة الله ابن الطبر، وأبي منصور القزّاز، ومحمد بن أحمد بن تَوْبة وأخيه عبد الجبّار، وأبي القاسم ابن السمرقندي، وأبي الفتْح ابن البيضاوي، وطلحة بن عبد السلام الرُّمّاني، ويحيى بن علي ابن الطَّرّاح، وأبي الحسن بن عبد السلام، وأبي

(44/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 143
القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف، والحسين بن علي سِبط الخيّاط، والمبارك بن نَغُوبا، وعلي بن عبد السيد ابن الصبّاغ، وعبد الملك بن أبي القاسم الكَرُوخي، وسعد الخير الأنصاري، وطائفة سواهم. وله مشيخة في أربعة أجزاء خرّجها أبو القاسم علي ين القاسم ابن عساكر.) وقرأ النحْو على: أبي السعادات هبة الله ابن الشَّجريّ، وأبي محمد ابن الخشّاب، وشيخه أبي محمد سِبط الخياط. وأخذ اللُّغات عن أبي منصور موهوب ابن الجواليقي. وقدم دمشق في شبيبته، وسمع بها من أبي الحسين عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي الحديد، وتفرَّد بالرواية عنه، وعن أكثر شيوخه. ثم قدم الشام ومصْر، وسكن دمشق ونال الحِشمة الوافرة والتقدم، وازدحم عليه الطلبة. وكان حنبلي المذهب فانتقل حنفيّاً لأجل الدنيا، وتقدّم في مذهب أبي حنيفة. وأفتى، ودرّس، وصنّف، وأقرأ القراءات، والنحو، واللغة، والشعر. وكان صحيح السماع، ثقةً في النقْل، ظريفاً، حسن العِشرة، طيِّب المزاج، مليح النَّظم. قرأ عليه القراءات علَم الدين السَّخاوي ولم يُسندها عنه، وعَلَم الدين القاسم بن أحمد الأندلسي، وكمال الدين إسحاق بن فارس، وجماعةٌ. وحدث عنه: الحافظ عبد الغني، والشيخ المُوفق، والحافظ عبد القادر، وابن نُقطة، وابن النجار، وأبو الطاهر ابن الأنماطي، والبِرزالي، والضياء، والزكي عبد العظيم، والزين خالد، والتقيّ بن أبي اليُسر، والجمال ابن الصيرفي، وأحمد بن سلامة الحداد، والقاضي أبو الفَرَج عبد الرحمن بن أبي عمر، والقاضي

(44/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 144
أبو عبد الله محمد ابن العماد إبراهيم، وأبو الغنائم المُسلَّم بن علاّن، والمؤمَّل بن محمد البالِسي، وأبو القاسم عُمر بن أحمد ابن العديم، وأبو حفص عمر بن محمد بن أبي عَصْرون، وأبو الحسن علي بن أحمد ابن البخاري، وأبو عبد الله محمد ابن الكمال، ومحمد بن مؤمن، ويوسف ابن المُجاور، وست العرب بنت يحيى الكِندي، وإسماعيل ابن العفيف أحمد بن إبراهيم بن يعيش المالكي، ومحمد بن عبد المنعم ابن القوّاس. وآخر من روى عنه بالإجازة أبو حفص ابن القوّاس، ثم أبو حفص عمر بن إبراهيم العقيمي الأديب وتوفي هذا في شوال سنة تسع وتسعين وستمائة. قال ابن النجار: أسلمه أبوه في صغره إلى سِبط الخياط، فلقّنه القرآن وجوّد عليه، ثم حفّظه القرآن وله عشر سنين. إلى أن قال: تفرّد بأكثر مَرْويّاته. سافر عن بغداد سنة ثلاث وأربعين، ودخل همذان فأقام بها سنين يتفقّه على مذهب أبي حنيفة على سعْد الرازي بمدرسة السلطان طغرل. ثم إن أباه حج سنة أربع وأربعين فمات في الطريق، فعاد أبو اليُمن إلى بغداد، ثم توجّه) إلى الشام، واستوزره فرّوخ شاه، ثم بعده اتصل بناحية تقي الدين عمر صاحب حماة، واختصّ به وكثُرت أمواله. وكان المعظَّم يقرأ عليه الأدب، ويقصده في منزله، ويعظّمه. قرأت عليه كثيراً، وكان يصلني بالنفقة. ما رأيت شيخاً أكمل منه فضلاً ولا أتم منه عقلاً ونُبلاً وثقة وصِدقاً وتحقيقاً ورزانة، مع دماثة أخلاقه. وكان مَهيباً، وقوراً، أشبه بالوزراء من العلماء بجلالته وعلوّ منزلته. وكان أعلم أهل زمانه بالنحو أظنّه يحفظ كتاب سيبوَيْه. ما دخلت عليه قط إلا وهو في يده يطالعه، وفي مجلدٍ واحدٍ رفيع، فكان يقرأها بلا كُلفة وقد بلغ التسعين. وكان قد مُتّع بسمعه وبصره وقوته. وكان مليح الصورة، ظريفاً، إذا تكلم ازداد حلاوة، وله النظم والنثر والبلاغة الكاملة. إلى أن قال: حضرت الصلاة عليه. وقال أبو شامة: ورد الكِندي ديار مصر، يعني في سنة بضعٍ وستين

(44/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 145
وخمسمائة، قال: وكان أوحد الدهر، فريد العصر، فاشتمل عليه عز الدين فرُّوخ شاه بن شاهنشاه بن أيّوب، ثم ابنه الأمجد صاحب بَعلبكّ، ثم تردّد إليه بدمشق الملك الأفضل علي ابن صلاح الدين، وأخوه الملك المحسن، وابن عمه الملك المعظَّم عيسى ابن العادل. وقال ضياء الدين بن أبي الحجّاج الكاتب عنه: كنتُ في مجلس القاضي الفاضل، فدخل فرُّوخ شاه، فجرى ذكر شرح بيت من ديوان المتنبي فذكرت شيئاً فأعجبه، فسأل القاضي عني، فقال: هذا العلاّمة تاج الدين الكندي، فنهض فرُّوخ شاه، وأخذ بيدي، وأخرجني معه إلى منزله، ودام اتصالي به. قال: وكان الملك المعظَّم يقرأ عليه دائماً قرأ عليه كتاب سيبويه نصّاً وشَرحاً، وكتاب الحماسة، وكتاب الإيضاح وشيئاً كثيراً، وكان يأتي من القلعة ماشياً إلى دار تاج الدين بدرب العَجَم والمجلَّد تحت إبطه. وحكى ابن خَلِّكان أن الكِندي قال: كنت قاعداً على باب أبي محمد ابن الخشّاب النحوي وقد خرج من عنده أبو القاسم الزَّمخشري وهو يمشي في جاون خشب لأن إحدى رجليه كانت سقطت من الثلج. ومن شعر الكِندي:
(دعِ المنجّم يكبو في ضَلالته .......... إن ادعى عِلم ما يجري بن الفَلَكُ)

(تفرّد الله بالعِلم القديم فلا ال .......... إنسان يشركه فيه ولا الملَكُ)

(أعدّ للرزق من إشراكه شركاً .......... وبئستِ العُدّتان: الشِّرك والشَّرْكُ)
وله:)
(أرى المرءَ يهوى أن تَطول حياته .......... وفي طولها إرهاقُ ذُلٍّ وإزهاقُ)

(تمنّيت في عصر الشبيبة أنني .......... أُعمَّر والأعمار لا شكّ أرزاقُ)

(فلما أتى ما قد تمنَّيت ساءني .......... من العُمْر ما قد كنتُ أهوى وأشتاق)

(يُخيِّل لي فِكري إذا كنتُ خالياً .......... رُكوبي على الأعناق والسير إعناق)

(44/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 146
(ويُذكِرني مَرّ النسيم ورَوْحه .......... حفائرَ يعلوها من الترب أطباق)

(وها أنا في إحدى وتسعين حجةً .......... لها فيَّ إرعادٌ مَخوفٌ وإبراقُ)

(يقولون: تِرياقٌ لمثلك نافعٌ .......... وما ليَ إلا رحمةَ الله تِرياق)
وله:
(لبست من الأعمار تسعين حجةً .......... وعندي رجاءٌ بالزيادة مولَعُ)

(وقد أقبلت إحدى وتسعون بعدها .......... ونفسي إلى خمسٍ وستّ تطلّع)

(ولا غَرْو أن آتي هُنيدة سالماً .......... فقد يُدرك الإنسان ما يتوقّع)

(وقد كان في عصري رجالٌ عرفتهم .......... حُبُوها وبالآمال فيها تمتّعوا)

(وما عاف قبلي عاقلٌ طول عُمره .......... ولا لامه مَنْ فيه للعَقْل مَوْضعُ)
وقال الحافظ ابن نُقطة: كان الكِندي مُكرِماً للغرباء، حسن الأخلاق، فيه مزاح، وكان من أبناء الدنيا المشتغلين بها وبإيثار مُجالسة أهلها. وكان ثقة في الحديث والقراءات، وصحيح السماع، سامحه الله. وقال الإمام موفق الدين: كان الكِندي إماماً في القراءة والعربية، انتهى إليه عُلُوّ الإسناد في الحديث. وانتقل إلى مذهب أبي حنيفة من أجل الدنيا إلا أنه كان على السُّنّة، وصّى إليّ بالصلاة عليه والوقوف على دفنه، ففعلت ذلك. وللسخاوي فيه:
(لم يكن في عصر عمرٍ ومثلُه .......... وكذا الكِندي في آخر عصْرِ)

(فهما زيدٌ وعمرو إنما .......... بُني النحو على زَيْدٍ وعَمرِو)
ولأبي شجاع ابن الدهّان الفرضيّ فيه:
(يا زيد زادك ربي مِنْ مواهبه .......... نُعمى يُقصِّر عن إدراكها الأملُ)

(لا بدّل الله حالاً قد حَباك بها .......... ما دار بين النُّحاة الحال والبَدَلُ)
)
(النحْو أنت أحقُّ العالمين به .......... أليس باسمك فيه يُضرَب المثلُ)

(44/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 147
وقال جمال الدين القِفطي: أبو اليُمن الكِندي أخر ما كان ببغداد سنة ثلاثٍ وستين وخمسمائة، واستوطن حلب مدّة، وصحب بها الأمير بدر الدين حسَن ابن الداية النوري واليها. وكان يبتاع الخَليع من الملبوس ويتَّجر به إلى بَلَد الروم. ثم نزل دمشق، وصحِب عز الدين فرُّوخ شاه، واختصّ به، وسافر معه إلى مصر، واقتنى من كُتُب خزائنها عندما أُبيعت. ثم استوطن دمشق وقصده الناسُ. وكان ليِّناً في الرواية معجَباً بنفسه فيما يذكره ويرويه، وإذا نوظر جَبّة بالقَبيح، ولم يكن موفّق القلم، رأيت له أشياء باردة. قال: واشتهر عنه أنه لم يكن صحيح العقيدة. قلت: قوله لم يكن صحيح العقيدة، فيه نظر إلا أن يكون أنه على عقيدة الحنابلة، فالله أعلم. وقال الموفق عبد اللطيف: اجتمعتُ بالكِندي النحوي، وجري بيننا مباحثات. وكان شيخاً بهيّاً، ذكياً، مُثرياً، له جانب من السلطان، لكنه كان معجباً بنفسه، مؤذياً لجليسه. قلت: لأنه آذاه ولقّبه بالمطحن. قال: وجرت بيننا مباحثات فأظهرني الله عليه في مسائل كثيرة، ثم إني أهملت جانبه وقال أبو الطاهر الأنماطي: توفي الكِندي في خامس ساعة من يوم الاثنين سادس شوال، وصلى عليه بجامع دمشق صلاة العصر القاضي ابن الحَرَستاني، وبظاهر باب الفراديس الحُصْري الحنفيّ، وبالجبل الشيخ الموفَّق، ودُفن بتُربة له، وعُقد العزاء له تحت النَّسر يومين، وانقطع بموته إسناد عظيم وكُتُب كثيرة.

(44/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 148
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن حمزة بن أحمد بن الحسن.)
أبو الغنائم النِّيلي، الكاتب. ولد بالنيل من العراق سنة ثماني عشرة وخمسمائة. وسمع بحكم الاتفاق من: هبة الله بن أحمد الشبلي، ومحمد بن عبد الله بن الحَرَّاني. وله شعرٌ كثيرٌ مدح الأمراء والولاة، ودخل الروم والشام. روى عنه: الدبيثي، وغيره. وأنشد الدبيثي من شِعره:
(يا شائم البرق من شَرقي كاظِمةٍ .......... يبدو مِراراً وتُخفيه الدياجيرُ)
)
(سلَّم على الدوحة الغنّاء مِنْ سَلَمٍ .......... وعَفِّر الخدّ إن لاح اليعافيرُ)

(واستخبر الخُؤذُر الساجي اللحاظ أخا ال .......... تغذير هل عاقه عنّا معاذير)
توفي ببغداد في رمضان.
4 (حرف الشين)

4 (شجاع بن مفرّج بن قُصّة.)
أبو محمد المقدسي، الجَبَلي، من أهل جبل قاسيون.

(44/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 149
سمع من: أبي المعالي بن صابر، وغيره. روى عنه: الحافظ الضياء، والفخر علي، والشيخ شمس الدين عبد الرحمن. وتوفي في شوال بقاسيون.
4 (شاكر بن أبي بكر أحمد بن محمد الحريمي الخياط.)
ابن صُدَيقات. حدّث عن أبي علي أحمد بن أحمد الخرّاز. وتوفي في رمضان.
4 (حرف الصاد)

4 (صدقة بن علي بن مسعود.)
أبو المواهب ابن الأوسي الضرير، المقرئ ببغداد. سمع من ابن البطي. وذّكَرَ أنه سمع من أحمد بن الطلاّية، وأنه قرأ القرآن على أبي الحسن علي بن أحمد اليَزدِي. مات في آخر المحرّم. روى عنه ابن النجّار.
4 (صدقة بن المبارك بن سعيد بن ثابت.)
أبو الفضل الهُمامي، التاجر، العَدْل.

(44/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 150
حدّث عن يحيى بن ثابت، وغيره. وتوفي في المحرم.
4 (حرف الضاد)
)
4 (ضوء الصباح بنت المحدِّث أبي بكر المبارك بن كامل الخفّاف.)
واسمها: لامعة، وقيل: نور العين. ولدت سنة ثلاث وثلاثين. وسمّعها أبوها من: عمر بن حَمد البندنيجي، وأبي سَعْد أحمد بن محمد البغدادي، وأبي غالب محمد بن الداية، والأُرْموي، وجماعة. روى عنها: الدبيثي، وابن خليل، وغيرهما. وتوفيت في ذي الحجة. وعُمر بن حَمْد، هذا، روى عن أبي القاسم بن البُسْري.
4 (حرف الظاء)

4 (ظاعن بن محمد بن حسن.)
عفيف الدين، أبو الحسن، أبو الرحّال. روى عن السلفي. روى عنه القوصي، لقبه بمِنى، وقال: توفي بمصر عن ثلاث وستين سنة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن جعفر بن هبة الله بن محمد بن عبد الله.)
الشريف أبو طاهر العَلَوي، الحسيني، الكوفي.

(44/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 151
سمع أحمد بن يحيى بن ناقة، ويحيى بن ثابت. وحدّث روى عنه الزكي المنذري. وتوفي بالقاهرة في رمضان. وكان كثير الأسفار والتطواف. له شعر، وخالط رؤساء مصر، ومدح جماعة، ونال دُنيا، وعاش ثمانين سنة.
4 (عبد الله بن الحسين بن صَدَقة.)
أبو القاسم البغدادي، الوزّان، المعروف بعَسامة. حدّث عن ابن ناصر. وتوفي في شعبان.)
4 (عبد الله بن عمرو بن محمد بن يوسف.)
أبو محمد، الخَزْرَجي، القرطبي، ثم التِّلِمْساني. قال الأبّار: سمع من أبي عبد الله بن خليل القيسي، وأبي محمد بن وهْب القُضاعي، بسَبْتة، وأخذ عنه القراءات، والعربية. وكان أديباً بليغاً، كاتباً. توفي في رمضان.
4 (عبد الله بن محمد بن علي بن إبراهيم بن مَحفوظ.)
أبو بكر السُّلمي، الآمدي، ثم البغدادي، المعروف بابن الفرّاء. سمع من عمه إبراهيم، من: أبي الوقت، وأبي بكر بن الزاغواني، ومحمد بن عُبيد الله الرُّطَبي، وأبي جعفر العبّاسي.

(44/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 152
وتوفي في شوّال. روى عنه: الدبيثي، والزكي البِرزالي، وابن النجار. ورِث ثلاثين ألف دينار فنذرها، وارتكب محظورات حتى انكشف حاله وسأل، ثم انقطع مع الفُقراء بالجامع، وحسُنت طريقته. قاله ابن النجار.
4 (عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مُجَلَّي بن الحسين بن علي بن الحارث.)
القاضي ثقة المُلك، أبو محمد ابن القاضي أبي الحسن، الرَّملي الأصل، المصري، الشافعي، الخطيب، الحاكم بمصر. سمع من: عبد الله بن رِفاعة، والشريف ناصر بن الخطيب. وناب في القضاء عن صدر الدين عبد الملك بن دِرباس بمصر، وناب أيضاً عن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد العلي. وولي خطابة الجِيزة. قال الزكي المنذري: سمعتُ منه، وسمع منه جماعة من شيوخنا ورفقائنا، وأخبرني أن مولده سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وكان جدّهم أبو المعالي المُجَلّي عاقد الأنكحة بالرَّملة. قلت: وروى عنه أيضاً: الزكي البِرزالي، والزكي عبد العظيم، ومحمد بن عبد المنعم الخِيمي الشاعر، والشرف عمر بن صالح السُّبْكي الحاكم، والشرف عبد الرحمن بن المظفَّر بن عبد الله المعروف والده بالمُقترَح، وآخرون. وتوفي في ثامن عشر ذي الحجة، بمصر.)
4 (عبد الحَكَم بن إبراهيم بن منصور بن المُسَلَّم.)

(44/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 153
الفقيه الخطيب أبو محمد ابن الإمام أبي إسحاق، المعروف والدي بالعراقي. اشتغل على والده بمصر، وقرأ الأدب، وقال الشعر الجيد، وأنشأ الخُطب الكثيرة الحسنة، وناب عن والده في الخطابة والإمامة بجامع مصر، واستقلّ بعده به. روى عنه من نظمه الحافظ عبد العظيم، وقال: توفي في شعبان، وله خمسون سنة.
4 (عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن عبد الرحمن.)
أبو محمد، الزُّهري الإشبيلي، مسند الأندلس في زمانه. سمع من أبيه القاضي أبي الحسن. وسمع صحيح البخاري، في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة من أبي الحسن شُريح بن محمد. وطال عمره حتى انفرد بالسماع في الدنيا عن شُريح. قال الأبّار: كثيراً ما كان شيخنا أبو الخطّاب بن واجب يحرّضني على الرحلة إلى لقائه، فلم يُقدَّر ذلك، سمع منه جماعة من أصحابنا، وتنافسوا في الأخْذ عنه، وتوفي في آخر سنة ثلاث عشرة. قال ابن مُسْدي: سمع بإفادة أبيه، ومولده قبل الثلاثين وخمسمائة، وأجاز لي غير مرة، وتوفي سنة خمس عشرة، كذا قال ابن مُسْدي. وأما شُريح، فروى البخاري عن أبيه، وابن منظور، بسماعهما من أبي ذرّ.
4 (عبد السلام بن عبد الناصر بن عبد المحسن.)

(44/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 154
أبو محمد التِّنِّيسي السعدي، المقرئ، المعروف بابن عُديسة، نزيل دمياط. قال المنذري: قرأ القرآن بالقراءات على الشريف أبي الفتوح ناصر بن الحسن الخطيب بمصر. وأقرأ بدمياط مدة، قرأ عليه غير واحد من الفُضلاء، توفي في هذه السنة.
4 (عبد المجيد ابن الفقيه عبد الدائم بن عمر بن حُسين.)
الشيخ الزاهد، أبو الفضل الكِنَاني، العَسْقلاني. ولد بعَسْقلان سنة سبع وأربعين وخمسمائة في صفر. وجاور بمكة أكثر زمانه، وحجّ خمسين حَجة، ثم قدم مصر، وبها توفي في شعبان. روى عن عمر الميانشي، وعنه الحافظ عبد العظيم.
4 (عبد المُحسن بن أبي القاسم بن عبد المنعم بت إبراهيم بن يحيى.)
) رشيد الدين، أبو محمد ابن النقّار، المِصري، الصوفي. وُلد سنة بضعٍ وأربعين. وسمع من أبي طاهر السلفي. روى عنه الزكي عبد العظيم، وقال: كان شيخاً حسناً، مشهوراً بالتصوُّف، صحب جماعةً من الصالحين، وهو أخو عبد العزيز. توفي في سَلْخ رجب.

(44/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 155
4 (عبد الواحد بن إسماعيل بن ظافر.)
الإمام صائن الدين، أبو محمد الدمياطي الشافعي، المتكلم. نزل دمشق، ودرّس بها، بالأمينية، وأعاد، وأفاد. سمع من: السلفي، وأحمد ومحمد ابني عبد الرحمن الحَضْرَمي، وعبد الله بن برّي النحوي. ورحل إلى إصبهان وسمع من أحمد بن أبي منصور التُّرك، وغيره. روى عنه: الضياء، والزكي البِرزالي، والزكي المنذري، والشهاب القوصي، وجماعةٌ، وآخرهم الفخر علي المقدسي. وتوفي في السابع والعشرين من ربيع الأول بدمشق. وذكر أن مولده ظنّاً في سنة ست وخمسين وخمسمائة.
4 (عبد الوهّاب بن عبد الله بن علي.)
الوزير جمال الدين أبو محمد ابن الصاحب الوزير صفي الدين ابن شُكر. سمع من: حنبل، وابن طَبَرْزَد، وجماعة. ووَزَرَ للملك المعظَّم عيسى، كان كثير الصدقات. توفي في ربيع الآخر شابّاً.
4 (علي بن ظافر بن حسين.)

(44/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 156
الفقيه جمال الدين، أبو الحسن الأزدي، المصري، المالكي، ابن العلاّمة أبي منصور. ولد سنة سبعٍ وستين. وتفقه على والده، وقرأ عليه الأصول، وقرأ الأدب، وبَرَع مع هذه الفضائل في معرفة التاريخ، وأخبار الملوك، وحفِظ من ذلك جملة وافرةً. ودرّس بمدرسة المالكية بمصر بعد أبيه، وترسّل إلى الديوان العزيز، وولي وزارة المَلِك الأشرف، ثم انفصل عنه، وقدم مصر، وولي وكالة) السلطنة مُدّةً. قال الزكي المنذري: كان متوقّد الخاطر، طَلْق العبادة. وكان مع تعلّقه بالدنيا له ميلٌ كثيرٌ إلى أهل الآخرة، محبّاً لأهل الدين والصَّلاح، وله مصنّفات حسنة منها كتاب الدول المُنقَطِعة، وهو كتاب مفيد في بابه جداً، ومنها كتاب بدائع البدائه، وأقبل في آخر عمره على السنة النبوية، ومطالعتها، وإدمان

(44/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 157
النظر فيها. وحدّث بشيء من شعره. سمعتُ منه. قلت: وأخذ عنه من شعره الشهاب القوصي، وغيره. عاش ثمانياً وأربعين سنة. ومن تواليفه كتاب أخبار الشجعان، وكتاب أخبار الملوك السلجوقية وكتاب أساس السياسة رحمه الله.
4 (عُمر بن أحمد بن مِهران.)
العلاّمة أبو حفص، الضرير، النحوي، العراقي، السَّوادي. ويقال له أيضاً: العَسْفَني نسبة إلى عين سفنة، قرية بنواحي المَوْصل. نشأ بالمَوْصل، وحفظ بها القرآن، وتأدّب على مكي بن ريّان، وصار أنحى أهل عصره، وأتقن العَروض والشعر واللغة، وتصدّر للإفادة بعد شيخه، وتخرّج به أئمة. وكان مُفرِط الذكاء، وكان يدرّس مذهب الشافعي. توفي يوم عيد الفِطر من السَّنة.
4 (عمر بن أبي المجد محمد بن عُمر البغدادي.)
أبو حفص ابن المُزارع. روى عن أبي الفَتْح ابن البطّي. ومات في رجب.
4 (عيسى بن يوسف بن إسماعيل بن إبراهيم.)

(44/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 158
الشيخ المقرئ، الزاهد، أبو موسى وأبو الفضل المقدسي، ثم البِلْبِيسي. صحب جماعة من الصالحين منهم الشيخ ربيع. وقرأ القراءات على الإمام أبي القاسم بن فِيرُّه الشاطبي. قرأ عليه الإمام أبو عبد الله الفاسي، نزيل حلب ومقرئها. سكن مصر مدة، وأقرأ بها، ثم سافر إلى الإسكندرية فتوفي بها في شعبان.) وروى عنه الزكي عبد العظيم، وهو من شيوخه.
4 (حرف الغين)

4 (غازي بن يوسُف بن أيوب بن شاذي ابن الأمير يعقوب.)
السلطان الملك الظاهر غيّاث الدين أبو منصور ابن السلطان صلاح الدين، التكريتي، ثم المصري، صاحب حلب. ولد بمصر في رمضان سنة ثمان وخمسمائة. وسمع بالإسكندرية من الفقيه أبي الطاهر بن عَوْف. وبمصر من عبد الله بن برّي النحوي. وبدمشق من الفضل بن الحسين البانياسي. وحدّث بحلب. وولي سلطنتها ثلاثين سنة. قال الموفق عبد اللطيف: كان جميل الصورة، رائع الملاحة، موصوفاً بالجَمال في صِغره وفي كِبَره، وكان له غَورٌ ودهاءٌ ومكرٌ وأعظم دليل على دهائه مقاومته لعمّه الملك العادل، وكان لا يُخْليه يوماً من خوفٍ، وشغْل قلبٍ. وكان

(44/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 159
يصادق ملوك الأطراف ويباطنهم ويلاطفهم، ويوهمهم أنه لولا هو لقد كان العادل يَقصدهم، ويُوهِم عمّه أنه لولا هو لم يُطعه أحدٌ من الملوك ولكاشفوه بالشِّقاق، فكان بهذا التدبير يستولي على الجهتين، ويستعبد الفريقين، ويشغل بعضهم ببعض. وكان كريماً مِعطاءً، يَغْمر الملوك بالتُّحف، والرسل بالنُّحْل، والشعراء والقُصّاد بالصلات. وتزوّج بابنة العادل وماتت معه، ثم تزوّج بأختها، فكان له عَرسٌ مشهودٌ، وجاءت منه بالملك العزيز في أول سنة عشرٍ، وأظهر السرور بولادته، وبقيت حلب مُزيَّنة شهرين، والناس في أكلٍ وشُربٍ، ولم يُبق صِنفاً من أصناف الناس إلا أفاض عليهم النعم، ووصلهم بالإحسان، وسيَّر إلى المدارس والخوانك الغَنَم والذهب، وأمرهم أن يعملوا الولائم، ثم فعل ذلك مع الأجناد والغِلمان والخدم، وعمل للنساء دعوةً مشهودةً أُغلقت لها المدينة. وأما داره بالقلعة فزيّنها بالجواهر وأواني الذهب الكثيرة، وكان حين أمر بحفر الخراب حول القلعة وجد عشرين لَبِنة ذهب فيها قنطار بالحلبي، فعمِل منها أربعين قَشْوةً بحُقاقِها، وخَتَن ولده الأكبر أحمد، وختنَ معه جماعة من أولاد المدينة، وقُدِّم له تقادم جليلة فلم يقبل منها شيئاً رِفقاً بهم، لكن قبِل قطعة سمندل طول ذراعين في ذراع، فغمّسوها في الزيت وأوقدوها حتى نفذ الزيت، وهي ترجع بيضاء فالتهوا بها عن جميع ما حضر.) وكان عنده من أولاد أبيه وأولاد أولادهم مائة وخمسة وعشرون نفْساً، وزوّج الذكور منهم بالإناث، وعقد في يومٍ واحدٍ خمسة وعشرين عَقداً بينهم، ثم صار كل ليلة يعمل عُرساً ويحتفل له، وبقي على ذلك مدة رجب وشعبان ورمضان. وكان بينه وبين سُلطان الروم عز الدين كيكاوس بن كَيْخُسرو صداقةً مؤكّدة ومراسلات، ومرض نيّفاً وعشرين يوماً، وأوصى أن يكون الخادم طغريل دِزْدار القلعة، وأن يكون شمس الدين ابن أبي يًعلى الموصلي وزيراً كما كان، ولا يخرج أحد عن أمره، وسيف الدين ابن جَنْدر أتابَك الجيش. وكان القاضي

(44/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 160
بهاء الدين ابن شدّاد مسافراً إلى العادل بمصر، فقدِم بعد ثلاثٍ، فحلّ جميع ذلك بالتدريج والخِفْية، وأعانه مرض الوزير، فلما عُوفيَ وجد الأمور مختلفة، فسافر إلى الروم ثم انتكس ومرض، ومات في السنة. وأما ابن جَنْدَر فنزل عن الأتابكية، وجعلوها للملك المنصور يعني الذي كان تسلطن بمصر بعد والده العزيز. قال: فبقي أياماً وعزلوه، ثم ولّوه، ثم عزلوه غير مرة. وتلاعبت بهم الآراء، وكان قصدهم أن يكون الطّواشي شهاب الدين طغريل هو الأتابك، فسعوا إلى أن تم ذلك، ثم اتفقوا أن يحكم عليهم خادم، فاختلفت نيّاتهم. ورأوا أن يملّكوا الملك الأفضل علي ابن صلاح الدين، وعزم الأمراء على التوثّب بحلب، ثم قوي أمر طُغريل وثبت، وقد همّوا بقتله مرّات ووقاه الله، ولو ساق الأفضل لمَلَكَ حلب ولما اختلف عليه اثنان لكنه كاتَبَ عز الدين صاحب الروم وحسّن له أن يقصد حلب، فحشد وقصدها، ونازل تلّ باشِر، فأخذها، وأخذ عَيْن تاب، ورَعْبان، ومنبج، وكاتبه أكثر رؤساء حلب والأمراء. فلما رأى طُغريل والخواصّ ذلك، طلبوا الملك الأشرف، فجاء ونزل بظاهر حلب، مع شدة خوف. وجاءت طائفة من العرب ومعهم عسْكر يتولعون بعسكر الروم، فسيَّر إليهم عز الدين كبراء دولته، فساقوا بجَهْل، وأمعنوا إلى بُراعة في تلك البرِّيّة، فخارت قواهم وذبلت خيلهم، واختطفتهم العرب سبايا كما تُؤخذ النساء، فخار قلب عز الدين، ورجع إلى تل باشِر، ثم إلى بلاده، ولحِقه غَبَنٌ وأسفٌ حتى مرض ومات. وأما الملك الأشرف فإنه تمكّن من أموال حلب ورجالها وقَوِي بذلك على المَوْصل وسِنجار، وعظُم عند ملوك الشرق. قلت: قد ذكرت في الحوادث أن الظاهر قدم دمشق وحاصرها غير مرة مع أخيه الأفضل،) وحاصر مَنْبج وأخذها، وكذلك قلعة نُعْم، ثم حاصر حماة، وغير ذلك.

(44/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 161
وكان ذا شجاعة وإقدام. وكان سفّاكاً للدماء في أوائل أمره، ثم قصر عن ذلك وأحسن إلى الرعية. وكان ذكياً فطِناً، حسَن النادرة قال له الحِلِّيّ الشاعر مرة في المنادمة وهو يعبث به ورادٌّ عليه، فقال: انظم يتهدّده بالهَجْو، فقال السلطان: انثُر وأشار إلى السيف. وقال أبو المظفّر سِبط ابن الجوزي: كان الظاهر مَهيباً، له سياسة وفِطنة، ودولته معمورة بالعُلماء والفُضلاء، مزيّنة بالملوك والأمراء. وكان مُحسناً إلى الرعية وإلى الوافدين عليه، حضر معظم غزوات أبيه، وانضمّ إليه إخوته وأقاربه، وكان يزور الصالحين ويفتقدهم. وكان يتوقّد ذكاء وفطنة. توفي في العشرين من جمادى الآخرة بعلة الذّرب، وقام بأمر ابنه طُغريل أتابك العسكر أحسن قيام. وقال أبو شامة: أوصى في مرضه بالسلطنة لابنه محمد لأنه كان من بنت عمّه الملك العادل، وطلب بذلك استمرار الأمر له لأجل جده وأخواله، وجعل الأمر من بعده لولده الأكبر أحمد، ثم من بعده الملك المنصور محمد ابن الملك العزيز عثمان، أخيه، وفوّض القلعة إلى طُغريل خادم روميٍّ أبيض، وكان مشتهراً بالزهد، فصار له عنده مكانة. وعاش الظاهر خمساً وأربعين سنة، ونُقل فدفن بمدرسته التي أنشأها بحلب. قال ابن واصل: لما اشتدّ به المرض، قيل: إنه كان يفيق ويتشَّهد ويقول: ما أغنى عنّي مالِيَه، هلك عني سُلطانِيَه اللهم بك أستجير، وبرحمتك أثق. ولما مات كُتم خبره حتى دُفن بالقلعة، وسكن الناس. ثم أخرج الأتابك طُغريل ولديه من باب القلعة وعليهما السواد، فلما رآهما الأمراء وقعوا عن خيولهم وكشفوا رؤوسهم، وقُطعت الشعور، وضجّوا ضجة واحدة، وفعل

(44/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 162
ذلك مماليكه، وكان منظراً فظيعاً. ثم ركب الأخوان الملك العزيز والملك الصالح بأُبّهة المُلْك، وحمل الأمير ابن جَنْدر بين أيديهما الغاشية، وأقبل المراء وأولاد الملوك يقبّلون أيديهما، ثم ردا إلى القلعة، وكثر النوح والبكاء.
4 (غَلْبون بن محمد بن عبد العزيز بن فَتْحون بن غَلْبون.)
أبو محمد الأنصاري، المُرسي. سمع من: أبي الحسن بن هُذيل، وأبي علي بن عَريب، وأخذ عنهما القراءات. سمع أيضاً من: أبي عبد الله بن سَعادة، وأبي محمد بن عاشر، وجماعة.) وتصدّر للإقراء، وشُهر بذلك، وأخذ عنه الناس. وشارك في العربية والآداب. وكان من أهل الفضل والجلالة والإتقان، حمل عنه جماعةٌ. ولد سنة ست وأربعين وخمسمائة. وتوفي في رابع عشر ربيع الآخر. قال الأبّار: أجاز لنا ما رواه.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت الإمام أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد بن غالب القُرطبي، الشرّاط.)
أم الفتح. قال الأبّار: ختمتْ على أبيها قراءة نافع، وحفظت عليه الشهاب للقُضاعي، و التنبيه لمكي، و مختصر الطليطلي، وقابلت معه صحيح مسلم، و السيرة لابن إسحاق، و الكامل للمُبرِّد، و النوادر لأبي الزاهد، وأبي عبد الله بن المفضَّل الضرير. سمع منها ابنها الإمام أبو القاسم بن الطيلسان، وقرأ عليها لِوَرْش.

(44/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 163
4 (فضل الله بن أبي الرشيد بن أحمد.)
جمال الإسلام أبو نَجيح الجوزداني، الإصبهاني. ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. وسمع حُضوراً في سنة اثنتين وثلاثين من الحافظ إسماعيل بن محمد الطَّلْحي. روى عنه: الضياء، وبالإجازة: الفخر علي، وأحمد بن شيبان، وجماعة. ومات بشيراز.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن علي بن خالد.)
الفقيه أبو عبد الله البخاري، الأوشي، الحَنَفي. سمع من أبي حفص عمر بن محمد الزَّرَنْجَري الفقيه وحدّث ببغداد عنه. وكان من كبار حنفية بُخارى. وأُوْش، بُلَيدة من أعمال فَرْعانة. وزَرَنْجَرى: من قرى بخارى. توفي هذا في أوائل صفر.)
4 (محمد بن أبي جعفر أحمد بن محمد بن أحمد بن فُطَيس.)
الطبيب، الأديب، اللغوي، أبو عبد الله الغافقي، الألبيري، ثم الغَرناطي، المعمَّر.

(44/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 164
ذكره ابن مُسدي في معجمه وقال: جدّه الأعلى كان شيخ المالكية. وألبيرة كانت مدينة عظيمة، غَرناطة من قُراها، فصارت غَرناطة هي أم الناحية. قال: كان شيخنا هذا رأساً في علم الطب، وكانت عنده رواية عالية. سمع من أحمد بن علي بن زَرقون الباجي المُرسي المقرئ، وهو آخر من روى عنه، ومن أبي بكر بن العربي، والقاضي عِياض، وهو آخر من روى عنه بالسماع، ومن جماعة، لكنه كان بخيلاً بالسماع. وأخذ القراءات عن أبي عبد الله بن أيمن السعدي. مولده على رأس العشر وخمسمائة، وعاش مائة وثلاث سنين ممتَّعاً بحواسّه، مسموع القول إلى حين وفاته. عَرضْت عليه كثيراً من محفوظاتي.
4 (محمد بن أبي حامد بن عيسى الحريمي، الرُّصافي، المقرئ.)
المعروف بابن الفقيه. روى عن: أبي الفتح بن البطي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة.
4 (محمد بن إبراهيم بن أبي الفضل.)
الإمام معين الدين، أبو حامد السهلي، الجاجَرْمي، الشافعي. كان إماماً مُفتياً، مصنِّفاً مشهوراً صنّف في الفقه كتاب الكِفاية، وكتاب إيضاح الوَجيز. وله طريقة في الخِلاف والقواعد مشهورة به.

(44/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 165
وجاجَرْم بَلْدة بين نيسابور وجُرجان. سكن هذا نيسابور ودرّس بها، وتوفي في حادي عشر رجب، وتوفي في الكهولة. وقد حدّث عن عبد المنعم بن عبد الله الفُرَاوي. روى عنه: الزكي البِرزالي، وغيره.
4 (محمد بن الحسن بن محمد بن عُبيد الله.)
القاضي الأسعد، أبو عبد الله القاضي رضي الدولة العامري، المقدسي، ثم المصري، المالكي، المعدَّل، المعروف بابن القطّان.) سمع من: عبد الله بن رفاعة، والشريف ناصر بن الحسن الخطيب، وأحمد بن الحُطيئة، وأبي طاهر السلفي، وأبي القاسم ابن عساكر الحافظ. وولي الأوقاف بمصر. روى عنه: الزكي المنذري، وغيره. وتوفي في سادس شعبان عن سبع وسبعين سنة.
4 (محمد ابن الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور.)

(44/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 166
الحافظ المفيد، عز الدين أبو الفتح المقدسي، الجمّاعيلي، ثم الدمشقي. ولد بدير المقادسة في سنة ست وستين وخمسمائة، في أحد الربيعين. وارتحل إلى بغداد وله أربع عشرة سنة، فسمع بها من: أبي الفتح بن شاتيل، وأبي السعادات القزّاز، ويوسف العاقولي، وطبقتهم. وتفقه على أبي الفتح بن المَنّي. وسمع بدمشق من: أبي المعالي بن صابر، ومحمد بن حمزة القُرشي، والخَضِر بن طاووس، والفضل بن الحُسين البانياسي، وجماعة. وأوّل شيخ سمع منه أبو الفَهْم عبد الرحمن بن أبي العجائز الأزدي. قال ابن النجار: سمعنا معه وبقراءته كثيراً، وكتب بخطه كثيراً، وحصّل كثيراً من الأصول، واستنسخ كثيراً من الكُتب، وكان في رحلتي الأولي يُعِيرُني الأصول ويفيدني عن الشيوخ، ويتفضّل إذا زُرته. وكان من أئمة المسلمين، حافظاً للحديث مَتْناً وإسناداً، عارفاً بمعانيه وغريبه، مُتقناً لأسامي المحدِّثين وتراجمهم، مع ثقة وعدالة وأمانة وديانة وتودّد وكَيْس ومروءة ظاهرة، مساعدة للغُرباء. وذكره الحافظ الضياء، فقال: كان رحمه الله حافظاً فقيهاً ذا فنون، وكان أحسن الناس قراءة وأسرعها، وكان غزير الدمعة عند القراءة، وكان مُتقِناً ثقة سَمْحاً جواداً. قلت: وارتحل إلى إصبهان ومعه أخوه أبو موسى، فسمعا الكثير من أصحاب أبي علي الحداد، ومن بعده سَمعا من: أبي الفضل عبد الرحيم بن محمد الكاغدي، ومسعود بن أبي منصور الخياط، وأبي المكارم أحمد بن محمد اللّبّان، ومحمد بن أبي زيد الكرّاني، وأبي جعفر الصيدلاني، وجماعةٍ.

(44/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 167
قال الضياء: وسافر العز إلى بغداد مع عمّه الإمام عماد الدين إبراهيم، وأقام ببغداد عشر) سنين، واشتغل بالفقه والنحْو والخِلاف، ورجع وكان يتكلم في مسائل الخِلاف كلاماً حسناً. ثم سافر بعد مدة إلى إصبهان في طلب الحديث، ولقوا شدة من الغَلاء والجوع. ثم رجع إلى بغداد وأقام بها يقرأ شيئاً من الفقه واللغة على الشيخ أبي البقاء. ثم عاد إلى دمشق، وكان يقرأ الحديث للناس كل ليلة جمعة في مسجد دار البِطِّيخ بدمشق يعني مسجد السلاّليّين، وانتفع الناس بمُجالسته. ثم أنه انتقل إلى الجامع، إلى موضع والده فكان يقرأ يوم الجُمُعة بعد الصلاة في حلقتنا وسبب حصول ذلك أنه لنا جاء حنبل من بغداد، أراد الملك المُعظَّم سمع المُسند عليه، فقرأ له بعض المحدّثين، وكان المُسنَد يُقرأ عندنا وفي المدينة، وكان العز رحمه الله يقرأ ويحضر عندنا جماعة من أهل المدينة، منهم العَلَم الرقّي إمام الملك، فمضى إليه، وقال: إن كنتَ تريد قراءة مَليحة عاجِلة فما يقرأ أحد مثل هذا الذي في الجَبَل. فقال: تجيء به. فجاء الإمام إلى العِزّ، فقال له: ما لي في هذا رغبة وأنا رجل خامل الذكر، وما بيني وبين أحد عداوة وأخاف من المخالفين. فقال: هذا لا نخاف منه، ما يحضر إلا الملك والشيخ وأنت وأنا. فاستشار المشايخ، فقال هل شيخنا موفّق الدين: إن كنت تمضي لله فامضِ، وإن كنت تمضي لطمع الدنيا فلا تفعل. فاستخار الله ومضى. فلما سمع المَلِك قراءته أعجبته كثيراً، وخلع عليه، وأحبّه، وسأله عن أشياء من الحديث، فأجابه، ورأى منه ما لم يرَ من غيره. وكان بعد ذلك مهما طلب منه لا يكاد يردّه، فطلب منه الجلوس مكان أبيه، فأذِن له، وطلب منه مكاناً في القُدس لأصحابنا يصلّون فيه فأعطاه مهد عيسى. وكنا نسمع المُسند، فقال بعض الحضور من المدينة: ما رأيت مثل هذه القراءة، مثل الماء، أو قال: مثل السيف. ولما أراد الملك المُحسن سماع تاريخ بغداد من الكِندي، قال: إن كان العِزّ ابن الحافظ يقرأه فنَعَم، فقرأه عليه.

(44/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 168
وكان له هِمة عظيمة لما جاء حنبل أراد أهل المدينة أن يمنعوه من الصعود إلينا، فما زال بهمّته حتى سهّل الله قراءة المسند في الجبل. وكان يُسارع إلى الخيرات وإلى مصالح الجماعة. لما عزمت على التزويج قام في ذلك، وحصّل لي ما تزوّجت به، وما أحوجني إلى تكلف شيء. وكان بيته لا يكاد يخلو من الضيوف، سمعته يقول، أو سمعت من يحدّث عنه، قال: كنا ببغداد، فقلّ ما بأيدينا، فجاء إلى عندنا إنسان فقال لي: لو مضيتم إلى بعض القرايا حصّلنا لكم شيئاً.) قال: فمضينا معه، فاتفق أنا عبرنا على الشيخ حسن الفارسي رحمة الله عليه فابتدأنا وقال: متى جرت عادة المقادسة أن يخرجوا إلى الكدّية قال: فرجعنا ولم نمضِ. سمعتُ إبراهيم بن أبي بكر بن باخل المُؤذّن، وكان من أهل الخير والصلاح يقول: بعد موت العز بثلاثة أيام، توضّأت بالليل، وخرجت فرأيت على الموضع الذي فيه قبر العز عمود نور من السماء إلى الأرض أخضر مثل السلق. وسمعت الفقيه إسحاق بن خَضِر بن كامل يقول: رأيت العز في النوم، فقلت له: بالله عليك ماذا لقيت من ربك فقال: كل خير جميل. وسمعتُ أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد يقول: كنا نقرأ عند العز ليلة توفي، فرأيت نوراً على بطنه مثل السِّراج، فكنت أقول: ترى يراه أحد غيري أم لا. سألت أم أحمد آمنة بنت الشيخ أبي عُمر، وهي ما علمتُ من أصلح أهل زمانها، فقالت: رأيت يوم موت العز على الدنيا كلها، على الأرض، وعلى الناس خُضرة ما شبهته إلا بالشمس إذا خرجت من طاقة زجاج خضراء، حتى كنت أقول: أيش هذا ما لبصري وأمسح عينيّ، وما دريت هذا حتى جاءت أم داود، فقالت: قد رأيت الخُضرة على الجنازة. سمعت مسعود بن أبي بكر بن شُكر المقدسي، قال: رأيت العز ابن الحافظ

(44/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 169
بعد موته في النوم، وكأن وجهه البدر، وما رأيت في الدنيا أحداً على صورته، وله شَعر بائن من تحت عمامته، لم أر شَعراً مثل سواده، فقلت له: يا عز الدين، كيف أنت فقال: أنا وأنت من أهل الجنة. ثم انتبهت. سمعت الإمام أبا العباس أحمد بن محمد بن خَلَف يقول: رأيت العز في النوم فقال: جاء إليّ النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى لي كل حاجة. سمعت الشيخ الإسلام موفق الدين يحدّث عن ابنته صفية زوجة العز أنها رأته بعد موته قد جاء إليهم بقطف من عِنَب أبيض لم نر أحسن منه قطّ، وقال: هذا من الجنة. سمعتُ إسماعيل بن محمد الإصبهاني يقول: رأيت العز في النوم وعليه ثياب بيض وهو حيٌّ، وهو يقول: ما متُّ قد بقي من عُمري وسألني عن نفسه هذا، فقلت: إن شاء الله يكون شهيداً. فإنه مات بالبَطن. سمعت الفقيه بَدْران بن شِبل بن طَرخان، قال: رأيت كأننا جماعة، والعز أرفع منا فقلت له: بم) ارتفعت قال: بهذا وأومأ بجزء حديث في يده. قلت: وذكر له الضياء منامات أُخر مليحة. وقد رثاه الشيخ الموفّق، وغيره. وحدّث عنه: الضياء، والشهاب القوصي، وشمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، والفخر علي، وجماعة. أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أنبأنا محمد بن عبد الغني الحافظ، أخبرنا ابن صابر، أخبرنا علي بن إبراهيم النسيب، أخبرنا سُليم بن أيوب، حدثنا أبو أحمد الفَرَضي، حدثنا الصُّوليّ، حدّثنا الغَلاّبي، عن عُبيد الله بن عائشة، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عامل له: اتقِ الله، فإنّ التقوى هي التي لا يُقبل غيرها، ولا يُرحَم إلا أهلها، ولا يُثاب إلا عليها فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل. وقال لنا رشيد بن كامل: أخبرنا أبو العرب القُوصي، أخبرنا العز ابن الحافظ بجامع خَيْبر سنة عشر وستمائة. فذكر حديثاً. توفي العز في تاسع عشر شوّال، وشيّعه الخَلْق.

(44/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 170
4 (محمد بن علي بن أحمد بن الناقد.)
أبو السعادات. شيخٌ تاجرٌ بغدادي جليل. سمع من: أبي الوقت، وابن البطّي، وسافر في التجارة كثيراً إلى النواحي البعيدة، وتولّى خِدَماً. وتوفي في جمادى الأولى، ولم يحدّث، وكان عَسِراً مُمْتنِعاً.
4 (محمد بن عمر المصري.)
الكاتب المجوِّد، المنعوت بالجمال. كان بارع الخط، حسن التوقيف، انتفع به جماعة كثيرة. وله شعر. توفي في ذي القعدة.
4 (محمد بن محمد بن محمود بن الفضل.)
أبو شجاع الحداد، الإصبهاني. وُلد سنة ثلاثٍ وأربعين. وتوفي في ذي الحجة.

(44/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 171
وهو من شيوخ الحافظ الضياء. وأجاز للفَخْر.)
4 (محمد بن وهْب بن لُبّ بن عبد الملك.)
أو عبد الله بن أحمد بن محمد بن وَهْب. أبو عبد الله القُرشي، الفِهْري، الشَّنْتَمري الأصل، البّلَنْسي، الخطيب. سمع من: والده، وأبي الحسن بن هُذيل، وأبي القاسم بن حُبيش الحافظ، وأبي عبد الله بن حَميد، وجماعة. وحدّث. قال الأبّار: أخذتُ عنه جُملة من أول المُلَخَّص. وتوفي في شوال. وولد بعد سنة خمسين بقليل. وتوفي أبوه سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
4 (محمد بن يحيى بن هبة الله بن فَضْل الله بن محمد بن محمد.)
أبو نصر ابن القاضي أبي الحسن ابن النخّاس، الواسطي، المُعدَّل. وُلد سنة أربع وثلاثين. وسمع بواسط من جده هبة الله بن يحيى ابن البوقي. وبالبصرة من إمام جامعها إبراهيم بن عطيّة، وعلي بن عبد الله الواعظ. وحدّث بواسط. والنخّاس: بخاء معجمة.
4 (المبارك بن يحيى بن البيطار.)

(44/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 172
أبو جعفر الدبّاس. سمع من ابن ناصر وحدّث. روى عنه: الدبيثي، وغيره.
4 (مرهف بن أسامة بن مُرشِد بن علي بن مُقلّد بن نصر بن مُنقِذ.)
الأمير العالم مُقدَّم الأمراء، جمال الرؤساء، عَضُد الدولة أبو الفوارس ابن الأمير الكبير الأديب، مؤيّد الدولة أبي المظفّر، الكِناني، الكَلْبي، الشَّيْزَرِي، أحد المراء المصريين. ولد بشَيْزَر في سنة عشرين وخمسمائة. وسمع من أبيه.) روى عنه: الزكي المنذري، والشهاب القُوصي. وكان مُسِناً، معمَّراً، شاعراً كوالده. وقد جمع من الكتب شيئاً كثيراً. وكان مليحَ المحاضرة. توفي في ثاني صفر.
4 (مسعود بن أبي الفضل بن أبي الحسن بن كامل.)

(44/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 173
الأديب أبو الفتح الحلبي، الشاعر المشهور بالنقّاش. مات بحلب عن أربعٍ وسبعين سنة، في شهر شوال. من فحول الشعراء، سائر القول، مختصّ بالظاهر غازي، وهو القائل:
(ما لي سوى حُبِّكم مذهبُ .......... ولا إلى غيركُمُ مَذْهَبُ)

(تذكّرتُمُ شملي فيل هَلْ تُرى .......... يجمعني يوماً بكم مَذْهَبُ)

(وساحَ دمعي في هواكمْ دماً .......... وصِرتُ فيكم مثلاً يُضرَبُ)

(44/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 174
4 (معن، الأمير ناصر الدين.)
أبو الجود ابن الملك العادل طيّ ابن الوزير أمير الجيوش مُجير السَّعدي، المصري. سمع من: السلفي، وأبي الحسن علي بن إبراهيم بن المُسلَّم المعروف بابن بنت أبي سعْد. وحدّث. توفي في صفر أيضاً.
4 (مكي بن عثمان بن إسماعيل.)
أبو الحرَم ابن الإمام أبي عمرو السعدي، المصري، الشارعي. ولد سنة ستٍّ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: الشريف أبي الفتوح الخطيب، وعبد المنعم بن موهوب الواعظ، وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم ابن الكِيزاني، وفارس الدَّمِيري، وعبد الله بن محمد بن فَتْحون الأندلسي بمصر، وأبي الطاهر السلفي بالثَّغْر. والمبارك بن علي ابن الطبّاخ بمكة. وحدّث بدمشق ومصر روى عنه: الزكي المنذري، وقبِله الزكي البِرزالي، وغير واحد. وفي ذُرّيته فُضلاء ورُواة.

(44/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 175
وتوفي في صَفَر أيضاً.
4 (حرف النون)
)
4 (نجيب بن بشارة بن مُحْرِز بن رحمة.)
أبو محمد السَّعدي، الفاضلي، المصري، الشافعي، المقرئ. علَّم ولد القاضي الفاضل، ثم علّم ولد الصاحب ابن شُكر. وكان شيخاً حسناً. سمع كتاب العُنوان من الشريف أبي الفتوح الخطيب. روى عنه: الزكي المنذري، وابنه إبراهيم بن نجيب، وجماعة. وتوفي في مُستهلّ جمادى الأولى.
4 (النفيس بن محبوب بن الحسن بن أحمد بن محبوب.)
القزّاز. سمع من جده صاحب طِراد. وعنه: الدبيثي، وغيره. ومات في رمضان، وقد شاخ.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن علي بن هبة الله بن أحمد بن رَزين.)
أبو الفَتْح، البغدادي. سمع من: أبي الوقْت السِّجْري، وابن البطّي. ولم يروِ. وتقلَّب في خِدمة الديوان، وولي أستاذ داريّة الخِلافة. ومات في جمادى الآخرة.

(44/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 176
4 (هبة الله بن أبي المعالي محمد بن محمد بن أبي الحَديد.)
القاضي أبو الحسين، الفقيه الشافعي، قاضي المدائن وخطيبها. ذكر أنه سمع من أبي الوقْت. وكان يمكنه السماع من قاضي المَرستان، وطبقته. وحدّث بأناشيد. توفي في رمضان.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن سالم بن مُفرِّج بن حَصينة.)
) القاضي رضيّ الدين السُّلمي، المصري، الشاعر الأديب، من أعيان الشعراء في الدولة الصَّلاحية. توفي وله إحدى وسبعون سنة. روى عنه من شِعره: الزكي المنذري، والشهاب القوصي. توفي في الحادي والعشرين من شعبان.
4 (يحيى ابن الشريف النقيب أبي طالب محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن أبي)
زيد. السيّد النقيب أبو جعفر العَلَوي، الحسَني، البَصري، الشاعر. سمع من أبيه، وحدّث. وعاش بضعاً وستين سنة.

(44/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 177
وكان ذا معرفة بالنسب، والأدب، وأيام العرب. وله شعر رائق. توفي في رمضان. روى شِعراً.
4 (يحيى بن موسى بن عوض العَلياني.)
المصري، الخبّاز. أديبٌ مشهور، جيّد الشعر. توفي في شوّال. ذكره الحافظ عبد العظيم، وقال: حضر معنا عند بعض شيوخنا.
4 (يوسف بن المبارك بن أبي السعادات المبارك بن عُبيد الله.)
أبو البركات الأزجي، البيِّع المُحتَسِب. ولد سنة خمسين وخمسمائة. وسمع من: أبي محمد ابن المادح، وأبي المعالي ابن اللحّاس، وابن البطّي، وحدّث. ومات في ربيع الآخر.
4 (الكنى)

4 (أبو شاكر.)
) هو الحكيم الموفق المصري، الطبيب ابن الطبيب أبي سليمان داود بن أبي المُنى.

(44/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 178
كان نصرانياً، بارعاً في الطب والعلاج، متميِّزاً، مكيناً في الدولة. قرأ على أخيه المهذَّب أبي سعيد طبيب العادل والمعظَّم. ومَهَر في الصناعة، وخدم الملك الكامل، ونال من جهته دُنيا واسعة، وإكراماً زائداً. وله أخوان آخران طبيبان.
4 (وفيها ولد)
الجمال محمد بن عمر الدِّيْنوري، خطيب كفربَطنا. والزاهد عبد الدائم بن أحمد بن عبد الدائم. والعماد محمد بن أحمد بن الفخر ابن الشَّيرجي. وقاضي الإسكندرية أبو محمد عبد الله بن علي الأبياري. وإسماعيل بن عبد المنعم ابن الخِيَمي، خطيب القَرافة. والمحيي يحيى بن أحمد بن محمد بن تَميم. والشهاب أحمد بن محمد بن عيسى ابن الخَرَزي. وشيوخنا الستة: الحافظ عبد المؤمن الدمياطي، في آخرها. والشرف عمر بن خواجا إمام. والزاهد علي بن محمد بن علي الملقّن. والبهاء علي بن عيسى ابن القيّم الكاتب. والضياء عيسى بن يحيى السبتي، المحدِّث. والقمر محمد بن بلغزا بَعْلبكّي. ومجد الدين إسماعيل بن كُسيرات، بالمَوْصل. وشمس الدين محمد بن مظفّر بن سعيد المصري. والنجم أحمد ابن شهاب الدين القوصي بمُنْيَة ابن ولد.

(44/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 179
4 (وفيات سنة أربع عشرة وستّمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن صدقة بن علي بن كليزا.)
) أبو بكر الواسطي، المقرئ، الغَرَّافي، الخيّاط. ولد قبل الثلاثين وخمسمائة. وسمع من أبي عبد الله محمد بن علي الجلاّني قِطعةً من مسند أحمد بن سِنان القطّان، وحدّث بها ببغداد. روى عنه: الدبيثي، والزكي البِرزالي، وغيرهما. وتوفي في صفر.
4 (أحمد بن أبي الفضائل عبد المُنعم بن أبي البركات محمد بن طاهر بن سعيد ابن الشيخ أبي)
سعيد فضل الله بن سعيد بن أبي الخَيْر. المِيْهَني الأصل، البغدادي، أبو الفضل. سمع من: أبيه، وأبي علي أحمد بن محمد الرَّحبي، وشُهدة الكاتبة.

(44/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 180
وولي خدمة الصوفية برباط الخليفة. وهو من بيت كبير في التصوّف، والرواية، والخير. توفي في رجب. قال ابن النجّار: وكتبتُ عنه على كِبرٍ وحُمق فيه، وسوء عقيدة.
4 (أحمد بن محمد بن عُمر بن محمد بن واجب بن عمر بن واجب.)
الإمام أبو الخطّاب بن واجب، القيسي، الأندلسي، البَلَنسي. ولد سنة سَبْع وثلاثين وخمسمائة. وسمع من جده أبي حفص، وأكثر عن: ابن هُذيل، وأبي الحسن علي بن النعمة، وأبي عبد الله بن سَعادة، وأبي عبد الله بن عبد الرحيم بن الفَرَس، وأبي بكر عبد الرحمن بن أحمد بن أبي ليلى. وسمع بأشبونة من أبي مروان عبد الرحمن بن قَزْمان، وبقُرطبة من أبي القاسم بن بُشُكوال، وبإشبيلية من أبي الحسن علي بن أحمد الزُّهري، وإبراهيم بن خَلَف بن فَرْقَد، ومحمد بن مُحرِز الأديب، وأكثَرَ عن أبي محمد بن خَيْر. وأخذ عن أبي عبد الله بن زَرْقون كتاب التقصّي لابن عبد البَرّ. وأعلى شيوخه ابن قزمان، فإنه من أصحاب أبي علي الغسّاني، ومحمد ابن الطّلاّع. وقد أجاز لأبي الخطّاب: القاضي أبو بكر محمد ابن العربي، وأبو الوليد يوسف ابن الدبّاغ، وجماعة، والسلفي.)

(44/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 181
قرأت في فهرسته وخطّه عليه: قرأت التفسير، وتلوت بما فيه سوى الإدغام الكبير لأبي عَمرو، على ابن هُذيل، وقرأت عليه إيجاز البيان، و التخليص، و المحتوى، وسمّى عدّة كُتب في القراءات للداني، قال: وسمعت عليه كتاب جامع البيان وكتاب الطبقات وغير ذلك، وكان يمتنع من الإقراء بالإدغام الكبير وقت تلاوتي عليه. قال الأبّار: هو حامل راية الرواية بشرق الأندلس. حصّل علم العربية على ابن النعمة. ثم قال: وكان متقناً، ضابطاً، متقللاً من الدنيا، عالي الإسناد، ورعاً، قانتاً تعلوه الخشية للمواعظ، مع عناية كاملة بصناعة الحديث، وتبصُّرٍ به، وذِكرٍ لرجاله، ومحافظةٍ على نشرِهِ، وكانت الرحلة إليه. ولي القضاء ببَلَنسية، وشاطبة غير مرة. وجمع من كتب الحديث والأجزاء شيئاً كثيراً. ورُزقت منه قبولاً، وبه اختصاصاً، فمعظم روايتي عنه قديماً، وتوفي بمرّاكش في رحلته إليها لاستدرار جارٍ له من بيت المال انقطع، فتوفي في سادس رجب، رحمه الله. قلت: أكثر عنه ابن مشليون، وابن جوبر، وابن عُميرة المخزومي، وابن مُسْدي الحافظ، وغيرهم.
4 (إبراهيم بن دُلف بن أبي العز البغدادي البوّاب.)

(44/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 182
روى عن: أبي الفتح بن البطّي، وغيره. ومات في صَفَر.
4 (إبراهيم ابن الشيخ البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي، الحنبلي.)
الفقيه، أبو إسحاق. ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وحصّل طَرَفاً صالحاً من الفقه والفرائض والنحو. وقال الشعر. وتزوّج، وولد له. وتوفي بحمص عن ثلاث وعشرين سنة، وفُجع به أبوه. وهو ابن أخت الحافظ الضياء.
4 (إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سُرور.)
الشيخ العِماد المقدسي، الحنبلي، الزاهد، القدوة، أبو إسحاق رضي الله عنه أخو الحافظ عبد الغني. ولد بجمّاعيل في سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، فهو أصغر من الحافظ بسنتين.) وهاجر إلى دمشق في سنة إحدى وخمسين، والبلاد حينئذٍ للفرنج لعنهم الله فيمن هاجر من المقادسة.

(44/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 183
وسمع من: أبي المكارم عبد الواحد بن هِلال، وأبي تميم سَلمان بن علي الرحبي، وأبي نصر عبد الرحيم بن يوسف البغدادي، وأبي المعالي بن صابر، وجماعةٍ، وببغداد: صالح بن المبارك بن الرِّخْلة، وأبي محمد ابن الخشّاب النحوي، وعبد الله بن عبد الصمد السُّلمي، وشُهدة الكاتبة، وأبي الحسين عبد الحق اليوسفي، وجماعةٍ. وبالمَوْصل من أبي الفضل عبد الله بن أحمد الخطيب. روى عنه: الضياء المقدسي، وابن خليل، والبِرزالي، والقوصي، والزكي المنذري، وابن عبد الدائم، والشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وابنه الشيخ شمس الدين محمد، والفخر ابن البخاري، والشمس ابن الكَمال، والتاج عبد الوهّاب ابن زين الأُمناء، وآخرون. قال الضياء: كان ليس بالآدم كثيراً، ولا بالطويل، ولا بالقصير، واسع الجَبهة، مفروق الحاجبين، أشْهل العينين، فيهما اتّساع، قائم الأنف، يجزّ شَعره من عند أذنيه، وكان في بصره ضَعف. سافر إلى بغداد مرّتين: الأولى في سنة سبعٍ وستين صُحبة الموفق، بعد أنْ حَفِظ القرآن، وغيره، وقيل: إنه حفظ الغريب للعُزيري، وحفظ الخِرقي، وألقى الدروس من تفسير القرآن، ومن الهداية. واشتغل بالخِلاف على ناصح الإسلام ابن المنّي، وقد شاهدتُهُ يُناظر غير مرّة. وسافر سنة إحدى وثمانين في صُحبة ابن أخيه العز ابن الحافظ. وكان عالماً بالقراءات، والنحو، والفرائض. وقرأ القراءات على أبي الحسن علي بن عساكر البَطائحي، وأقرأ بها. وصنّف الفروق في المسائل الفقهية، وصنّف كتاباً في الأحكام لم يتمّه.

(44/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 184
وكان من كثرة اشتغاله لا يتفرّغ للتصنيف، وكان لا يكاد يفتر من الإشغال إما بإقراء القرآن، أو الأحاديث، أو بإقراء الفقه، والفرائض. وأقام بحرّان مدة، فانتفعوا به. وكان يشغل بالجبل إذا كان الإمام موفق الدين في المدينة، فإذا صعِد الموفق نزل هو، فأشغل في المدينة. وسمعت الموفق يقول: ما نقدر نعمل مثل العماد. كان يتألف الناس ويُقرّبهم، حتى أنه ربما كرّر على إنسان كلمات يسيرة من سَحَرٍ إلى الفجر. قال الضياء: وكان يكون في جامع دمشق من الفجْر إلى العِشاء لا يخرج إلا لِما لا بُدّ له منه، يقرئ الناس القرآن، والعِلم، فإذا لم يتفق له من يشتغل عليه، اشتغل بالصلاة.) فسألت موفق الدين عنه، فقال: كان من خيار أصحابنا، وأعظمهم نفعاً، وأشدّهم وَرَعاً، وأكثرهم صَبراً على تعليم القرآن، والفقه. وكان داعيةً إلى السنّة وتعلُّم العلم والدين. وأقام بدمشق مدة يعلّم الفقراء ويطعمهم، ويبذل لهم نفسه، ويتواضع لهم. وكان من أكثر الناس تواضعاً واحتقاراً بنفسه، وخوفاً من الله، وما أعلم أنني رأيت أشدّ خوفاً منه. وكان كثير الدُّعاء والسؤال لله، وكان يطيل الرُّكوع والسجود بقصد أن يقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يقبل من أحد يعذله في ذلك. ونُقلت له كرامات كثيرة. هذا كتبه بخطّه موفق الدين. قال الضياء: ولم أر أحداً أحسن صلاةً منه، ولا أتمّ منها بخشوع وخُضوع، وحُسن قيام وقعودٍ قيل: إنه كان يُسبّح في ركوعه وسجوده عَشَراً، يتأنى في ذلك، وربما كان بعضهم يقول: النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالتخفيف، وقال: أفتّان أنت يا مُعاذ فلا يَرجع، ويستدلّ عليهم بأحاديث منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكون في الركعة الأولى حتى يمضي أحدنا إلى البقيع ويقضي حاجته ويأتي، والنبي صلى الله عليه وسلم لم

(44/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 185
يركع. وربما روى أن أنساً قال: لم أرَ أحداً أشبه صلاةً برسول الله من هذا الفتى، يعني: عمر بن عبد العزيز. قال: فحزرنا في سجوده عشر تسبيحات. وروى ثابت أن أنساً قال: ألا أصلي بكم صلاة رسول الله قال ثابت، وكان يصنع شيئاً لا أراكم تصنعونه، كان إذا رفع رأسه من الركوع، انتصب قائماً حتى يقول القائل: قد نسي. وأما صلاته، فكان يقضي صلوات، فربّما في اليوم والليلة صلوات أيام عديدة. وسمعت الإمام عبد المحسن بن عبد الكريم المصري يقول: سمعت الشيخ العماد يقول: فاتتني صلاة العصْر قبل أن أبلغ وقد أعدتها مائة مرة، وأنا أريد أن أعيدها أيضاً. وأما صيامه فكان يصوم يوماً ويفطر يوماً. وكان كثير الدعاء بالليل والنهار، إذا دعا كان القلب يشهد بإجابة دعائه من كثرة ابتهاله وإخلاصه، وقد رُوي أن الله يحب المُلحّين في الدعاء. وكان بين الصلاتين يوم الأربعاء يمضي إلى مقابر الشهداء بباب الصغير، فيدعو ويجتهد له وللمسلمين إلى قرب العصر، لا يكاد يفوته ذلك لما رُوي عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا في بعض الأيام، فلما كان يوم الأربعاء بين الظُّهر والعصر استُجيب له، قال جابر: فما أصابني أمر غائظ، فتوخّيت ذلك الوقت، فدعوت إلا رجوت الإجابة.

(44/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 186
قال: وكان يُفتح عليه من الأدعية شيء ما سمعته من غيره) قطّ، وجرى بيننا ذِكر إجابة الدعاء، فقال: ما رأيت مثل هذا الدعاء، أو قال: أسرع إجابة: يا الله يا الله أنت الله، بلى، والله أنت، لا إله إلا أنت، الله الله الله الله إنه لا إله إلا الله. ومن دعائه المشهور: اللهمّ اغفر لأقسانا قلباً، وأكبرنا ذنباً، وأثقلنا ظهراً، وأعظمنا جُرماً، وأقلّنا حياء منك، ووفاءً بعهدك، وأكثرنا تخليطاً وتفريطاً، وتقصيراً، وتعثيراً، وتسويفاً، وطول أمل مع قُرب أجل، وسوء عمل. وكان يدعو: يا دليل الحيارى دلّنا على طريق الصادقين، واجعلنا من عبادك الصالحين، واجذبنا إليك جَذبة حتى نموت عليها، وأصلح ما بيننا وبينك، ولا تمقُتنا، وإن كنت مَقَتَّنا، فاغفر لنا، ولا تُسقِطنا من عينك، يا كريم. ومن ورعه، كان إذا أفتى في مسألة يحترز فيها احترازاً كثيراً. وسمعت عن بعض الشافعية أنه كان يتعجّب من فتاويه ومن كثرة احترازه فيها. وكان إذا أخذ من لحيته شَعرةً، أو برى قلماً، احتفظ بذلك، ولا يدعه في المسجد ويُخرجه. سمعت أبا محمد بن عبد الرزّاق بن هبة الله قال: سمعت الشيخ عبد الله البطائحي يقول: أشكلت عليّ مسألة في الوَرَع، فما وجدت من أفتاني فيها إلا العِماد. وقيل: إنه كان إذا دخل الخَلاء فنسي أن يُسمّي، خرج فسمى ثم دخل. وأما زهده، فما أعلم أنه قطّ أدخل نفسه في شيء من أمر الدنيا، ولا تعرّض لها، ولا نافس فيها. وقد كان يُفتح لأصحابنا بعض الأوقات بشيء فما أعلم أنه حضر يوماً قطّ عندهم في شيء من ذلك، وما علمت أنه دخل إلى عند سلطان ولا والٍ، ولا تعرّف بأحدٍ منهم، ولا كانت له رغبة في ذلك. وكان قويّاً في أمر الله، ضعيفاً في بَدَنه، لا تأخذه في الله لومة لائم. وسمعته يقول لرجل: كيف ولدك قال: يُقبِّل يدك. فقال: لا تكذب وكان كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لا يرى أحداً يسيء صلاته إلا قال له وعلّمه. وبلغني أنه خرج مرّة إلى فُسّاق، فكسر ما معهم، فضربوه، ونالوا منه، حتى غُشي عليه، فأراد الوالي ضربهم، فقال: إن تابوا ولزِموا الصلاة فلا تؤذهم، وهم في حِلٍّ. فتابوا، ورجعوا عما كانوا عليه.

(44/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 187
سمعتُ شيخنا موفّق الدين قال: من عُمري أعرفه يعني العماد وكان بيتنا قريباً من بيتهم يعني في أرض القدس ولما جئنا إلى هنا فما افترقنا إلا أن يسافر، ما عرفت أنه عصى) الله معصية. سمعت والدي يقول: أنا أعرف العماد من صِغره، وما أعرف له صَبوةً ولا جهلة. وذكر شيخُنا أو محمد عبد الرحمن بن عيسى البُزُورِيّ الواعظ شيخنا عماد الدين في طبقات أصحاب ابن المّنِّي، فقال: فَقهَ، وبَرَع، وكَملَ، وجمعَ بين العلم والعمل، أحد الورِعين، الزُّهّاد، وصاحب ليلٍ واجتهادٍ، متواضعٌ، صَلِفٌ، ظريفٌ. قرأ القرآن بالقراءات، وله المعرفة الحسنة بالحديث، مع كثرة السماع، واليد الباسطة في الفرائض، والنحو، إلى غير ذلك من الفضائل، له الخطّ المليح المشرق بنور التقوى.
(وليس لله بمستَنكَرٍ .......... أن يَجمعَ العالم في واحدِ)
هذا مع طيب الأخلاق، وحُسن العِشرة، فما ذاق فم المودّة أعذب من أخلاقه، فسبحان من صبَّرني على فِراقه. سمعتُ الإمام أبا إبراهيم محاسن بن عبد الملك التنوخي يقول: كان الشيخ العماد جوهرة العَصر. قال الضياء: أعرف وأنا صغيرٌ أن جميع مَنْ كان في الجبل يتعلّم القرآن كان يقرأ عليه، وختّم جماعة من أصحابنا، وكان له صبر عظيم على من يقرأ عليه. سمعت بعضهم يقول: إن مَنْ قرأ على الشيخ العِماد لا ينسى الختمة أبداً. وكان يتألّف الناس، ويلطُف بالغُرباء والمساكين، حتى صار من تلاميذه جماعةٌ من الأكراد والعرب والعجَم، وكان يتفقّدهم ويطعمهم ما أمكنه. ولقد صحبه جماعةٌ من أنواع المذاهب، فرجعوا عن مذاهبهم لما شاهدوا منه. وكان سخيّاً جواداً،

(44/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 188
بيته مأوى الناس، وكان يتصرّف كل ليلة إلى بيته من الفقراء جماعة كبيرة. وكان يتفقّد الناس ويسأل عن أحوالهم كثيراً، ويلقاهم بالبِشر الدائم. وكان من إكرامه لأصحابه يظنّ كل أحدٍ أن ما عنده مثله، من كثرة ما يُكرمه، ويأخذ بقلبه. وكان يبعث بالنفقة سرّاً إلى الناس، فعل ذلك كثيراً. سمعت أبا محمد عبد الله بن حسن بن محمد الهكّاري المقرئ بحرّان يقول: رأيت في النوم قائلاً يقول لي: العماد يعني إبراهيم بن عبد الواحد من الأبدال. فرأيته خمس ليالٍ كذلك. قال الضياء: وقد سمعتُ خلقاً من الناس يمدحونه بالصلاح، والزُّهد، والوَرَع، ولا يشّكون أنه من أولياء الله وخاصّته، ومن الداعين إلى محبته وطاعته.) سمعت الزاهد أحمد بن سلامة بن أحمد بن سَلمان الحرّاني، حدّثني الشيخ خليفة بن شُقير الحرّاني وكان من أعبد أهل زمانه كان يصلّي من بُكرة إلى العصر، وكان يقوم طول الليل قال: مضيت مرة إلى زيارة القُدس على رِجليَّ، فوصلت وأنا جائع، فنمت، فإذا رجل يوقظني، فإذا رجل ومعه طبيخ، فقال: اقعد كلْ فقلت: كيف آكل، وأنا لا أعلم من أين هو فقال: هو حلال، وما عملته إلا لأجلك. فأكلتُ، ثم جاءني مرة ثانية فقال: جاءني أربعة رجال فقالوا: جزاك الله خيراً، حيث أوصلت المعروف إلى أهله، أو ما هذا معناه. فقلت: ومن أنتم قالوا: نحن أقطاب الأرض، فقلت: فمن سيّدكم قالوا: الشيخ العماد المقدسي. حدّثني أبو الربيع سليمان بن إبراهيم بن رَحمة، قال: كنت عمد الشيخ العماد في المسجد، فكان يوم يُفتح لي بشيء لا يطعمني شيئاً، ويوم لا يُفتح لي بشيء، يرسل إليّ بشيء. وقال: جرى لي هذا كثيراً. وسمعت أبا موسى عبد الله ابن الحافظ عبد الغني، قال: حدّثني مكي الشاغوري المؤذِّن، قال: كنتُ يوماً أمشي خلف العِماد في سوق الكبير، فإذا

(44/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 189
صوت طُنبور، فلما وصلنا إلى عند صاحبه، قال الشيخ: ولا قوة إلا بالله، ونفض كُمّه، فرأيت صاحب الطنبور قد وقع وانكسر الطنبور، فقيل لصاحبه: أيش جرى عليك فقال: ما أدري. سمعتُ عباس بن عبد الدائم الكَتّاني يقول: كنتُ يوماً مع العماد في مقابر الشهداء، فرجعنا وأنا خلفه، فقلت في نفسي: اللهمّ إني أحبه فيكَ، فاجعلني رفيقه في الجنّة. قال: فالتفتَ إليّ وقال: إذا لم تكن المحبة لله فما تنفع شيئاً، أو كما قال. توفي العماد رحمة الله عليه عشاء الآخرة ليلة الخميس السادس عشر من ذي القعدة، وكان صلّى تلك الليلة المغرب بالجامع، ثمّ مضى إلى البيت، وكان صائماً، فأفطر على شيء يسير. ولما أُخرجت جنازته اجتمع خلقٌ، فما رأيت الجامع إلا كأنه يوم الجمعة من كثرة الخَلْق، وصلى عليه شيخنا موفق الدين. وكان المُعتمِد يطرد الناس عنه، وإلا كانوا من كَثرة مَن يتبرّك به يخرقون الكَفَن، وازدحموا حتى كاد بعض الناس أن يهلك، وخرج إلى الجبل خلقٌ كثيرٌ، وما رأيت جنازة قطّ أكثر خلقاً منها، خرج القُضاة والعُدول، ومن لا نعرفهم. وحُكي عنه أنه لما جاءه الموت جعل يقول: يا حيّ يا قيّوم لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث فأغِثني، واستقبل القبلة، وتشهّد، ومات.) قال: وتزوّج أربع نِسوة، واحدة بعد واحدة، منهنّ خديجة بنت الشيخ أبي عمر، وآخرهن عزيّة بنت عبد الباقي بن علي الدمشقي، فولدت له القاضي شمس الدين محمداً قاضي مصر، والعماد أحمد ابن العماد. وسمعتُ التقيّ أحمد بن محمد بن عبد الغني، قال: رأيت الشيخ العماد في النوم على حصان، فقلت له: يا سيّدي، إلى أين قال: أزور الجبّار. وسمعته يقول: سمعت الحسن بن جعفر الإصبهاني يقول: رأيت العماد في النوم، فقلت: ما فعل الله بك فقال: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المُكرَمين.

(44/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 190
وسمعت الإمام الواعظ أبا المظفَّر يوسف سِبط الجوزي يقول: لما كانت الليلة التي دُفن فيها العماد، رأيته في مكان متّسع، وهو يرقى في دَرَج عرفات، فقلت: كيف بتّ فإني بتّ أحمل همّك، فأنشدني:
(رأيت إلهي حين أُنزلْتُ حُفرتي .......... وفارَقْتُ أصحابي وأهلي وجِيرتي)

(فقال: جُزيتَ الخيرَ عنّي فإنني .......... رضيت، فها عَفوي لديك ورحمتي)

(رأيت زماناً تأمَلُ الفوز والرِّضا .......... فوُقِّيت نيراني ولُقِّيت جَنّتي)
قال الضياء: وسمعتُ الإمام أبا محمد عُبيد بن هارون السوادي، صاحب الشيخ العماد وخادمه يقول: رأيت الشيخ في النوم وهو ينشد هذه الأبيات. وأنشدنيها. وسمعت الإمام أبا محمد عثمان بن حامد بن حسن المقدسي يقول: رأيت الحقّ عزّ وجلّ في النوم والشيخ العماد عن يمينه، ووجهه مثل البدْر، وعليه لباسٌ ما رأيتُ مثله. أو ما هذا معناه. وقال أبو شامة: شاهدتُ الشيخ العماد مُصلّياً في حلقة الحنابلة مراراً، وكان مُطيلاً لأركان الصلاة، قياماً، وركوعاً، وسجوداً، وكان يصلي إلى خزانتين مجتمعتين موضع المحراب، وجُدّد المحراب سنة سبع عشرة وستمائة. قلت: ثم جُدّد هذا المحراب في سنة ستّ وستين. وقال أبو المظفر في مرآته: كان الشيخ العماد يحضر مجلسي دائماً ويقول: صلاح الدين يوسف فتح الساحل، واظهر الإسلام، وأنت يوسف أحييت السُّنّة بالشام.

(44/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 191
قال أبو شامة: يشير إلى أنه كان يورد كثيراً من كلام جدّه أبي الفرَج، ومن خُطبه ما يتضمّن إمراراً آيات الصفات، وما صحّ في الأحاديث على ما ورد من غير ميلٍ إلى تأويل ولا تشبيه) ولا تعطيل، ومشايخ الحنابلة العلماء هذا مختارهم، وهو جيّد. قلت: وقال الزكي المنذري: إنه توفي ليلة السابع عشر من ذي القعدة فُجاءةً. ثم وجدت في وفيات الضياء بخطّه أنه توفّي ليلة السابع عشر، وبخطّه في ترجمة العماد أنه توفي في السادس عشر، والله أعلم.
4 (أسعد بن محمد بن أبي الحارث أعزّ بن عمر بن محمد.)
أبو الحسن البَكري، التَّيْمي، السُّهرَوَرْديّ، الصوفي. حدث عن أبي الوقت. ومولده سنة سبع وأربعين وخمسمائة. وتوفي في الثاني والعشرين من رجب.
4 (إسماعيل بن إبراهيم بن فارس بن مُقلَّد.)

(44/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 192
أبو محمد السَّيبي، البغدادي، الخبّاز، نزيل دُنَيْسَر. شيخٌ مسنِد، سمع من: أحمد بن علي الأشقر، وعبد الله بن علي سِبط الخيّاط، وسعد الخير بن محمد الأنصاري، وأبي الفضل الأرمَوي، وغيرهم. وسمع منه جماعة بدُنيسر روى عنه: محمد بن خالد بن عمّار، وعبد الرحمن بن عُمر اللمش القاضي، وغيرهما. وأجاز للزكي المنذري، وقال: توفي في سادس شوّال بدُنَيْسر، وقد بلغ الثمانين أو جازها. وكان حافظاً للقرآن، كثير التلاوة، كثير الصلاة والصيام، رحمه الله. أخبرنا أحمد بن إسحاق بمصر، أخبرنا محمد بن خالد بنَصيبين، سنة عشرين وستمائة، أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الخبّاز، أخبرنا أحمد بن عليّ الدلاّل، حدّثنا محمد بن عليّ العبّاسي، حدّثنا علي بن عمر السكريّ، حدّثنا الحسن بن الطيّب البَلخي، حدّثنا قُتيبة، حدّثنا بكر، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، عن عبد الله بن مالك بن بُحينة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فرّج يَدَيه حتى يبدو بَياض إبطيه. خ ن، كلاهما عن قتيبة.
4 (إسماعيل بن أبي البركات سعد الله بن محمد بن علي بن حَمدي.)
أبو محمد البغدادي، البزّاز، الخِرَقيُّ.

(44/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 193
سمع من: أبيه، وأبي الفضل الأرمويَّ، وأبي الفتح الكروخيّ، والفضل بن سهل الإسفرايينيّ،) وابن ناصر، وجماعة. وروى الكثير، وأضر بأخرةٍ. روى عنه: الدُّبيثيُّ المؤرّخ، والزّكيُّ البرزاليُّ، والضياء المقدسي، وجماعةٌ. وآخر من روى عنه بالإجازة الكمال الفويره ببغداد. وعاش أربعاً وثمانين سنة. وهو من بيت عدالة ورواية. وتوفّي في جمادى الآخرة، في الرابع والعشرين منه. وأبوه كان زاهداً، عابداً، صوَّاماً، حدَّث عن النِّعالي، وابن البِطر، مات سنة سبعٍ وخمسين.
4 (أميري بن بختيار.)
الفقيه الزّاهد، أبو محمد الأشنهي، الشافعي، قطب الدّين، نزيل إربل. إمام زاهدٌ، ورعٌ، عالمٌ، عاملٌ. توفي في جمادى الآخرة، وله سبعون إلا سنة. حدَّث عن عبد الله بن أحمد بن محمد الموصلي. وأشنه: قرية بأذربيجان إن شاء الله مضمومة الهمزة والنون.

(44/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 194
4 (حرف الباء)

4 (بهرام بن محمود بن بختيار.)
السّلار، أبو محمد الأتابكي، عماد الدّين. شيخٌ، جليلٌ، دمشقيٌّ، معمَّر. ولد سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة. وكان يمكنه السَّماع من جمال الإسلام السُّلمي، وطبقته، وإنما سمع من أبي المظفّر سعيد الفلكيّ، وعلي بن أحمد الحرستانيّ. روى عنه: الزّكيّ البرزاليُّ، والشِّهاب القوصيُّ، وجماعة.

(44/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 195
4 (حرف التاء)

4 (ترك بن محمد بن بركة بن عمر.)
أبو بكر الحريميُّ، العطَّار، المعروف والده بسوادا الحلاج.) شيخٌ مسندٌ. ولد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: مفلح بن أحمد الدُّومي، وأبي البدر الكرخي، وأحمد بن الأشقر، وأحمد بن الطَّلاّية، وجماعةٍ. روى عنه: الدُّبيثي، والضياء، والنجيب الحرّاني، وآخرون. وأجاز للفخر علي، وجماعة. ومات في عاشر ربيع الأول. قال ابن النجار: طلب بنفسه، وكتب، وكان متيقظاً، حافظاً لأسماء شيوخه، متودِّداً، صدوقاً، حفظة للأخبار.
4 (حرف الدال)

4 (دهن اللوز.)
العالمة، شيخة العلماء بدمشق. وكانت لها حظوة. وهي جدة زين الدين قاضي حلب الآن.
4 (حرف الذال)

4 (ذيال بن أبي المعالي بن راشد بن نبهان بن مرجَّى.)

(44/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 196
أبو عبد الملك العراقي، الزاهد، العارف. أفرد الحافظ جزءاً في كراماته، فقال: سكن بيت المقدس مدّة. قال: وقيل: إنه بلغ مائة وعشرين سنة، ولم نسمع في زماننا من سلك طريقته سوى ولده الإمام عبد الملك، كان يتقوّت من لقاط الزَّرع، ولا يأكل لأحد شيئاً إلاّ لآحاد الناس، وانتفع به الخلق، وعلّمهم القرآن، والفقه، وأمر الناس بالصلاة، وصار علماً في تلك الناحية. اجتهدت على السَّفر إلى زيارته فلم يُقدَّر. وسمعت الحافظ أبا إسحاق الصَّريفيني يذكره ويفخِّم أمره، ويذكره كثيراً، وقال: دخلت إلى بيته فلم أر فيه غير دلو وحبل ومنجل ومقدحة، وليس للبيت باب سوى حزمة حطب، وقال: قال لي أهل القرية التي هو فيها: لا يأخذ من عندنا ناراً، ولا يملأ بحبلنا، ولا دلونا، ولا يأكل لنا شيئاً، وما رأينا مثله.) وكان شيخنا العماد يطنب في مدحه، ومدح زيارته، وفي خبزه، حتى لقد حدثني الحافظ الصَّريفيني، قال: قال الشيخ العماد: المشي إلى زيارة الشيخ ذيال أفضل من زيارة بيت المقدس. فلما لقيت الشيخ العماد حكيت له ذلك، فقال: قد قلته، وما أدري يصح أم لا وإنما قلت ذلك لأن زيارة الإخوان تجوز شدّ الرِّحال إليهم أينما كانوا، وشدّ الرحال لا تجوز إلا إلى ثلاثة مساجد، فكانت زيارة الإخوان أبلغ من زيارة المساجد، أو ما هذا معناه. وسمعت مسعود بن أبي بكر بن شكر يقول: أتيت الشيخ العماد بلقمة من خبز الشيخ ذيال، ففرح بها، فأتاه رجل فقال: يا سيدي ولدي مريض، فأشتهي أن تدعو له، فأعطاه من تلك اللقمة قليلاً، وقال: خذ هذه، فاجعلها في ماء، واسقه إياها. قال: فلقيت الرجل بعد ذلك، فقال: عوفي بإذن الله. وسمعت أن الشيخ العماد كان يخبئ خبزه للمرض، وقال: ما هو إلا مجرَّب، وكان مخلوطاً: القمح والشعير والعدس.

(44/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 197
سمعت مكارم بن حسن الباجباري فقال: أنا صحبت الشيخ ذيال، وقرأت عليه، وما رأيت مثله. وسمعت القاضي الإمام أبا حفص عمر بن علي الهكاري يصف الشيخ ذيال بمعرفة العلم، والنحو، واللغة. سمعت الشيخ قصة بن علي المقدسي قال: قال لي الشيخ ذيال يوماً: خرجت البارحة والجبال تسبِّح. ومرض مرة، فخفنا عليه، فقال: في مرضتي هذه ما يصيبني شيء. قال: فعوفي من تلك المرضة. ولما جاء الفرنج وهرب الناس، قال لنا الشيخ ذيال: لا تبرحوا، فما يصلوا إلى هنا، فقعدنا وسلمنا. توفي في يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من ذي القعدة، بدير أبي القرطام، قريباً من البيرة التي بقرب القدس، وقبره يزار، رضي الله عنه.
4 (حرف الراء)

4 (رزق الله بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن حمزة.)
الفقيه أبو البركات النعماني، الإصبهاني. سمع الحسن بن العباس الرُّستمي. روى عنه البرزالي في معجمه، وغيره.) وعاش بضعاً وسبعين سنة.
4 (حرف السين)

4 (سعد بن جعفر بن سلام بالتخفيف.)
أبو الخير السَّيِّديُّ، البغدادي، الصُّوفي. شيخٌ صالحٌ. سمع من: ابن البطِّي، ومعمر بن الفاخر، ويحيى بن ثابت، وحدَّث.

(44/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 198
وتوفي في ثاني جمادى الآخرة.
4 (سعيد بن هبة الله بن علي بن نصر بن عبد الواحد.)
أبو البركات ابن الصَّباغ، البغدادي، الشافعي، الفقيه. ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. وتفقه بالنظامية على الإمام أبي المحاسن يوسف بن بندار، وسمع من عثمان بن أبي نصر المؤدب.
4 (سليمان بن بنين بن خلف.)
أبو عبد الغني المصري، الدَّقيقي، النحوي، الأديب. سمع من: إسماعيل الزَّيات، وعبد الله بن برَّي، وشير بن علي، وخلق من طبقتهم. ولزم ابن برِّي مدة في النحو. وصنّف في النحو، والعروض، والرَّقائق، وغير ذلك. روى عنه: الزَّكي عبد العظيم. ومات في سابع عشر رمضان.
4 (حرف العين)

4 (عائشة بنت إسماعيل بن محمد بن يحيى بن المسلَّم الزَّبيدي.)
روت عن: أحمد بن المقرَّب، وأحمد ويحيى ابني موهوب بن السَّدنك.

(44/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 199
وهي من بيت مشهور ببغداد. وسيأتي ذكر أخيها عبد الرحيم.
4 (عبد الله بن أبي جعفر أحمد بن محمد بن سليمان ابن الطيلسان.)
أبو محمد الأوسي، الأنصاري، الأندلسي. عم الحافظ أبي القاسم. أخذ القراءات عن أبيه، وجماعة.)
4 (عبد الله بن عبد الجبار بن عبد الله.)
أبو محمد الأموي، العثماني، الشاطبي الأصل، الإسكندراني، التاجر، البزاز، الكارمي. مكثر عن السِّلفي، وسمع من بدر الخُداداذي، وبمصر من: محمد بن علي الرحبي، ومنجب بن عبد الله المرشدي. وكان له أنس بالحديث كان الحافظ علي بن المفضل يثني عليه ويعظمه. وحدَّث بمصر، وقوص، واليمن. وأدركه أجله بمكة في السابع والعشرين من ذي الحجة، وله سبعون سنة. روى عنه: الضياء، وابن خليل، والزكي البرزالي، والزكي المنذري، والشرف عبد الله بن أبي عمر، ومحمد بن عبد الخالق بن طرخان الأموي، وجماعة.
4 (عبد الله بن عبد الرحمن.)
أبو محمد القرطبي.

(44/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 200
روى عن: أبي مروان بن مسرة، وأبي بكر بن سمجون، وابن بشكوال. مات في شعبان.
4 (عبد الجبار بن عبد المعزّ بن عبد الجبار.)
أبو الفتوح المسمعي، الهروي، ثم البخاري. ولد بهراة سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: علي بن حمزة العلوي، وأبي الوقت السجزي، وعبد الجليل بن أبي سعد. وحدث بمرو، ونيسابور، وبغداد. روى عنه: الدُّبيثي. وتوفي راجعاً من الحج، بوادي العروس من الدرب العراقي، في خامس المحرم. وروى عنه أيضاً ابن النجار.
4 (عبد الخالق بن صالح بن علي بن ريدان بن أحمد.)
الشيخ الإمام أبو محمد بن أبي التقى، القرشي، الأموي، المسكي الأصل، المصري، الشافعي، النحوي، اللغوي. سمع من: علي بن نصر الأرتاحي، وأبي طاهر السلفي، وأبي الضياء بدر الخادم، ومحمد بن) علي الرحبي، وخلق من المصريين بقراءته، وقراءة غيره. ولزم ابن برِّي مدّة، وبرع في اللغة، وكتب الكثير بخطه. وكان مفيد القاهرة.

(44/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 201
وهو من مسكة: قرية بقرب عسقلان. روى عنه: الزكي المنذري، والزكي البرزالي، وغيرهما. وتوفي في سادس شوال. وريدان قيّده ابن نقطة، وأخذ عنه، ووثَّقه.
4 (عبد الرحمن بن عبد الله ابن الشيخ عبد القادر الجيلي.)
أبو محمد. ولد سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة. وحدَّث عن: نصر بن نصر العكبري، وسعيد ابن البناء. ولم يكن له إقبال على الحديث ولا على أهله. مات في المحرم.
4 (عبد الرحمن بن عبد الجبار ابن الشيخ عبد الخالق بن أبي القاسم زاهر بن طاهر الشَّحَّامي.)
أبو الخير. سمع بنيسابور من: عبد الله ابن الفراوي، وعمر بن أحمد الصّفّار، وجده، وهبة الرحمن القشيري. وحدَّث بنيسابور، وبغداد. وهو من بيت العدالة والرواية. حج ورجع فأدركه أجله ببغداد في صفر عن بضعٍ وسبعين سنة.

(44/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 202
روى عنه: الدُّبيثي، والضياء، وابن النجار، وغيرهم. وثَّقة ابن نقطة.
4 (عبد الرحمن بن عبد الغني بن محمد بن سعد.)
أبو القاسم ابن الغسَّال، البغدادي، الحنبلي. ولد سنة أربعين. وسمع من: أبي الفضل الأرموي، وأبي الوقت، وابن ناصر، وسعيد ابن البناء، وجماعة سواهم.) وعنه: الدُّبيثي، وغيره. توفي في شعبان. وسماعه من الأرموي حضور.

(44/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 203
ولأبيه سماع من أبي طالب بن يوسف. ولجدّه محمد سماع من أبي نصر الزَّينبي وطبقته، وكان من القرّاء، ومات سنة تسعٍ وخمسمائة.
4 (عبد السلام بن عثمان بن أبي نصر بن الأسود.)
أبو الفضل الحربي، الحريمي. شيخ معمَّر نزل الموصل، وكان يمكنه السَّماع من طبقة أبي القاسم بن الحصين. وقد سمع اتفاقاً من أحمد بن الطَّلاية. وولد في حدود سنة خمس عشر وخمسمائة، وكاد أن يكمل المائة. روى عنه: الدُّبيثي، والزَّكي البرزالي، وجماعة. وآخر من روى عنه بالإجازة الكمال الفويره. توفي في ربيع الأول بالموصل. وروى عنه ابن النجار، وقال: كان شيخاً صالحاً.
4 (عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل بن علي بن عبد الواحد.)

(44/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 204
قاضي القضاة أبو القاسم جمال الدين ابن الحرستاني، الأنصاري، الخزرجي، العبادي، السعدي، الدمشقي، الفقيه الشافعي. ولد سنة عشرين وخمسمائة في أحد الربيعين. وسمع من: عبد الكريم بن حمزة، وطاهر بن سهل بن بشر الإسفراييني، وجمال الإسلام أبي الحسن علي بن المسلم، وعلي بن أحمد بن منصور بن قبيس، ونصر الله المصِّيصي الفقيه، وهبة الله بن أحمد بن طاوس، ومعالي بن هبة الله ابن الحبوبي، وأبي القاسم الحسين بن البن، وأبي الحسن علي بن سليمان المرادي، وجماعة. وتفرد بالرواية عن أكثر شيوخه، وحدَّث بالإجازة عن أبي عبد الله الفراوي، وهبة الله السَّيِّدي، وزاهر الشَّحامي، وعبد المنعم ابن القشيري، وإسماعيل القارئ، وغيرهم، استجارهم له الحافظ أبو القاسم.) وحدَّث بصحيح مسلم، وبدلائل النبوة للبيهقي، وبأشياء كثيرة من الكتب والأجزاء. وأول سماعه في سنة خمس وعشرين. وتفقه في شبيبته، وبرع في المذهب، ودرَّس، وأفتى، وطال عمره، وتفرَّد عن أقرانه.

(44/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 205
سمع منه أبو المواهب بن صصرى، والقدماء، وروى عنه: البرزالي، وابن النجار، والضياء، وابن خليل، والقوصي، والزكي عبد العظيم، وابن عبد الدائم، والصاحب أبو القاسم ابن العديم، والشرف عبد الواحد بن أبي بكر الحموي، وأخوه أحمد، والنجم إبراهيم بن محاسن التنوخي، والنجيب نصر الله الشيباني، ونصر بن تروس، والجمال عبد الرحمن بن سالم الأنباري، والزين خالد، وأبو غالب مظفر بن عمر الجزري، والزين علي بن أحمد القرطبي، وأبو الغنائم بن علاّن، وأبو حامد محمد ابن الصَّابوني، وأبو بكر محمد بن الأنماطي، وأبوه، ويوسف بن تمام السُّلمي، ومحمد بن عبد المنعم ابن القواس، وأخوه شيخنا عمر، ومحمد بن أبي بكر العامري، ونسيبه أحمد عبد القادر العامري، وأبو بكر بن محمد بن طرخان، والقاضيان: شمس الدين بن أبي عمر وشمس الدين ابن العماد، والفخر علي ابن البخاري، والبرهان إبراهيم ابن الدَّرجي، وعبد الرحمن بن أحمد الفاقوسي، والشمس عبد الرحمن ابن الزين، والشمس محمد ابن الكمال، وأبو بكر بن عمر بن يونس المزّي، وتقي الدين إبراهيم ابن الواسطي، وخلقٌ سواهم. وروى عنه من القدماء الحافظان: عبد الغني، وعبد القادر الرُّهاوي. وروى عنه بالإجازة شيخنا العماد عبد الحافظ، وعائشة بنت المجد، وجماعة. وكان إماماً فقيهاً، عارفاً بالمذهب، ورعاً، صالحاً، محمود الأحكام، حسن السيرة، كبير القدر. رحل إلى حلب وتفقّه بها على المحدِّث الفقيه أبي الحسن المرادي. وولي القضاء بدمشق نيابة عن أبي سعد بن أبي عصرون، ثم ولي قضاء الشام في آخر عمره في سنة اثنتي عشرة. قال ابن نقطة: هو أسند شيخ لقينا من أهل دمشق، حسن الإنصات، صحيح السماع.

(44/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 206
وقال أبو شامة: دخل أبوه من حرستا فنزل بباب توما، وأمَّ بمسجد الزَّيني، ثم أمَّ فيه جمال الدين ابنه، ثم سكن جمال الدين بداره بالحويرة، وكان يلازم الجماعة بمقصورة الخضر، ويحدِّث هناك، ويجتمع خلق، مع حسن سمته وسكونه وهيبته. حدَّثني الفقيه عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام أنه لم ير أفقه منه، وعليه كان ابتداء اشتغاله، ثم صحب فخر الدين ابن) عساكر، فسألته عنهما، فرجح ابن الحرستاني وقال: إنه كان يحفظ كتاب الوسيط للغزالي. قال أبو شامة: لما ولي القضاء محيي الدين ابن الزَّكي لم ينب عنه، وبقي إلى أن ولاّه الملك العادل القضاء، وعزل قاضي القضاة زكي الدين الطّاهر، وأخذ منه مدرستيه: العزيزية، والتَّقوية. فأعطى العزيزية مع القضاء لابن الحرستاني، واعتنى به العادل وأقبل عليه، وأعطى التقوية لفخر الدين ابن عساكر. وكان جمال الدين يجلس للحكم بالمجاهدية، وناب عنه ولده عماد الدين، ثم شمس الدين أبو نصر ابن الشيرازي، وشمس الدين ابن سني الدّولة. وبقي في القضاء سنتين وسبعة أشهر، وتوفي، فكانت له جنازة عظيمة، على أنه امتنع من الولاية لما طلب إليها حتى ألحوا عليه فيها. وكان صارماً، عادلاً، على طريقة السَّلف في لباسه وعفَّته ولقد بلغني يقول أبو شامة أن ابن الحرستاني ثبت عنده حق لامرأة على بيت المال، فأحضر وكيل بيت المال الجمال المصري، فأمره أن يسلم إليها ما ثبت لها، وكان بستاناً، فاعتذر بالمساء، وقال: في غد أسلمه إليها. فقال: ربما أموت أنا الليلة ويتعوق حقها، فما برح حتى تسلمت حقها، وكتب لها محضراً بذلك وحكم به. وقال أبو المظفَّر سبط ابن الجوزي: كان زاهداً، عفيفاً، عابداً، ورعاً،

(44/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 207
نزهاً، لا تأخذه في الله لومة لائم. اتفق أهل دمشق على أنه ما فاتته صلاة بجامع دمشق في جماعة إلا إذا كان مريضاً. ثم ذكر حكايات من مناقبه، وقال: حكى لي ولده، قال: كان أحد بني قوام يتجر للمعظَّم عيسى في السكر وغيره، فمات، فوضع ديوان المعظم يدهم على التركة، وبعث المعظم إلى أبي يقول: هذا كان تاجراً لي، والتركة لي، وأريد تسليمها، فأبى عليه إلا بثبوت شرعي أو يحلف، فقال المعظم: والله ما أحقق ما لي عنده، ولم يثبت شيئاً. قال أبو المظفر: وحكى لي جماعة أن الملك العادل كتب إليه يوصيه في حكومة، فأحضر الخصم وفي يده الكتاب لم يفتحه وظهر الخصم على حامل الكتاب إلى القاضي، فقضى عليه، ثم قرأ الكتاب، ورمى به إليه، وقال: كتاب الله قد حكم على هذا الكتاب. فبلغ العادل قوله فقال: صدق كتاب الله أولى من كتابي. وكان يقول للعادل: أنا ما أحكم إلا بالشرع وإلاّ فما سألتك القضاء، فإن شئت، وإلا فأبصر غيري. وحكى لي الشمس بن خلدون قال: أحضر القاضي) عماد الدين بين يدي أبيه صحن حلوى وقال: كل فاستراب، وقال: من أين هذا تريد أن تدخلني النار ولم يذقه. قال أبو شامة: هو الذي ألح على أبيه حتى تولى القضاء. وحدّثني عماد الدين قال: جاء إليه شرف الدين ابن عُنين، فقال: السلطان يسلّم عليك ويوصي بفلان فإن له محاكمة، فغضب، وقال: الشرع ما يكون فيه وصية، لا فرق بين السلطان وغيره في الحق. وقال المنذري: سمعت منه. وكان مهيباً، حسن السمت، مجلسه مجلس وقار وسكينة، يبالغ في الإنصات إلى من يقرأ عليه. توفي في رابع ذي الحجة، وهو في خمس وتسعين سنة.

(44/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 208
4 (عبد العزيز بن مكي بن أبي العرب بن حسن بن عمار.)
أبو محمد الأنصاري، الطرابلسي، المغربي، التاجر. سافر الكثير شرقاً وغرباً، وسكن بغداد، وسمع من دلف بن كرم وحدَّث. وكان ذا مالٍ، وبرّ، ومعروف، وديانة. توفي في ذي القعدة.
4 (عبد اللطيف بن أحمد بن عبد الله بن القاسم ابن الشهرزوري.)
القاضي أبو الحسين، الموصلي، الشافعي. عاش اثنتين وسبعين سنة. وتفقه على عمه أبي الرِّضا سعيد بن عبد الله، وأبي الفتح عبد الرحمن بن خداش. وسمع من: أبيه، ومن محمد بن أسعد العطّاري، وجماعة وحدَّث. وولي قضاء الموصل مرات. وتوفي في ثاني جمادى الأولى. وهو من بيت القضاء والفضيلة.
4 (علي بن عبد الله بن علي.)
أبو الحسن ابن البنَّاء الشَّاطبي، الفقيه. روى عن: أبي عبد الله بن سعادة، وأبي عبد الله بن عبد الرحيم. واختص بأبي بكر بن أبي حمزة.

(44/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 209
وكان فقيهاً، مشاوراً، ذا ثروة، وفضائل، وتصانيف. قاله الأبار.)
4 (علي بن محمد بن سعيد.)
أبو الحسن ابن الفحام الأنصاري، الأندلسي. أخذ القراءات عن أبي بكر بن سمجون، وأبي القاسم بن غالب وسمع من ابن بشكوال. قال الأبّار: كان ناسكاً، عابداً، يعيش من الخياطة، رحمه الله.
4 (علي بن أبي نصر بن أحمد بن ضمة.)
أبو الحسن الواسطي. حدَّث عن المبارك بن الحسين بن نغوبا. ومات في ذي القعدة، بواسط.
4 (علي بن محمد بن علي بن أبي سعد.)
أبو الحسن الموصلي، أخو سليمان الموصلي. سمعا بإفادة أخيهما: يوسف من عبد الوهاب الأنماطي، وإسماعيل بن أبي

(44/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 210
سعد الصوفي، والحسين بن علي سبط الخياط، وأبي البدر الكرخي، وأبي منصور بن خيرون، وأبي الحسن بن عبد السلام، ومحمد ابن السَّلال، وجماعة. وروى الكثير، سمع منه أبو عبد الله الدُّبيثي وقال: كان صحيح السَّماع. توفي في سادس عشر جمادى الآخرة.
4 (علي بن المبارك بن علي بن بشير الشيباني، البغدادي، المطرز، المقرئ، المأموني.)
أبو الحسن. ولد سنة ست وخمسين. وسمع من: أبي المعالي ابن البقلي، وذاكر بن كامل، وجماعة وحدَّث. وكتب الكثير بخطه. وكان كثير التلاوة.
4 (علي بن أبي بكر بن أبي السعادات بن مواهب الحمامي.)
عُرف بابن الهُنيد. ولد سنة ثمان وثلاثين. وحدَّث عن عبد الملك بن علي الهمذاني.
4 (حرف الفاء)
)
4 (فاطمة بنت أبي المعالي مبارك بن محمد بن أبي منصور أحمد بن محمد بن عبد السلام بن)
قيداس.

(44/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 211
أم عبد الرحمن البغدادية الحريمية. ولدت سنة إحدى أو اثنتين وعشرين وخمسمائة. وروت عن أحمد بن علي بن الأشقر. وروى عنها الدُّبيثي وقال: توفيت في شعبان، وكانت شيخة صالحة، ثقل سمعها.
4 (فاطمة بنت يونس بن أحمد.)
ست النِّعم، أخت الوزير عبيد الله. أجاز لها أبو الوقت. كتب عنها القطيعي.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن سعادة.)
أبو عبد الله الشَّاطبي المقرئ. أخذ القراءة عن: أبي الحسن بن هذيل، وأبي بكر بن نمارة، وجماعة. وسمع من: أبي عبد الله بن سعادة، وأبي محمد بن عاشر. وأخذ العربية عن أبي الحسن بن النعمة، وأبي عبد الله بن حميد، وجماعة. قال الأبّار: وكان مقرئاً متصدّراً، نحوياً، لغوياً، محقّقاً، لقيته وقد زار أبي. وسمعت منه مسألة في الجمل. وأجاز لي بعد سماعي من عمه أبي عبد الله بن سعادة المعمَّر. وقد أخذ عنه جماعة.
4 (محمد بن أحمد بن جبير بن محمد بن جبير.)

(44/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 212
الإمام أبو الحسين ابن الأجل أبي جعفر الكناني، البلنسي، نزيل شاطبة. إمام صالح، جليل، كاتب، أديب، بليغ. ولد سنة أربعين وخمسمائة في عاشر ربيع الأول ببلنسية. وسمع من: أبيه، وأبي عبد الله الأصيلي، وأبي الحسن علي بن أبي العيش المقرئ، وأخذ عنه القراءات. وحدَّث بالإجازة عن الحافظ أبي الوليد ابن الدَّباغ، ومحمد بن عبد الله التَّميمي السبتي. ونزل) غرناطة مدة، وسافر إلى الإسكندرية، والقدس، والحج. قال الأبّار: عني بالآداب، فبلغ فيها الغاية، وتقدم في صناعة النظم والنثر، ونال بذلك دنيا عريضة وتقدم. ثم رفض ذلك، وزهد وصحب أبا جعفر بن حسان، وحج، وسمع من عمر الميَّانشي، وعبد الوهاب بن سكينة الصوفي. ودخل دمشق، فسمع من الخشوعي، وطائفة. ورجع فحدَّث بالأندلس، وكتب عنه شعره ودوِّن، وأخذ عنه جماعة. ثم رجع ثانية إلى المشرق، وعاد إلى المغرب، ثم رحل ثالثة إلى المشرق، وحدَّث هناك، ودفن بالإسكندرية وبها مات في السابع والعشرين من شعبان. روى عنه: الزكي المنذري، والكمال ابن شجاع الضرير، وعبد الرحيم بن

(44/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 213
يوسف بن المخيلي، أبو الطاهر إسماعيل بن هبة الله المليجي، وآخرون. قال شيخنا الدمياطي: أنشدني أسد بن أبي الطاهر بدمشق، أنشدنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير بدمياط:
(نفذ القضاء بأخذ كلِّ مرهق .......... مُتفلسف في دينه متزندق)

(بالمنطق اشتغلوا فقيل حقيقة .......... إن البلاء موكَّل بالمنطق)
توفي بالثغر، ودفن بكوم عمرو بن العاص.
4 (محمد ابن الإمام العلامة أبي الخير أحمد بن إسماعيل القزويني الواعظ.)
أبو بكر الفقيه. ولد سنة أربع وخمسين. وقدم بغداد مع أبيه، وسمع بها من شهدة، وأبي الأزهر محمد بن محمد الواسطي. وتفقّه على والده. وتكلم في المسائل والوعظ، وحدث. وتوفي في عاشر ربيع الآخر بقيصرية من الروم.

(44/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 214
روى عنه القوصي. وهو أخو أبي المناقب محمد.
4 (محمد ابن الزاهد أبي عبد الرحمن أحمد بن أبي سعد بن حمُّويه الجويني.)
أبو سعد الصوفي، الشافعي.) ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وسمع من السلفي، وغيره. وأجاز له ابن البطّي، وجماعة. وسكن القاهرة بخانقاه سعيد السعداء. وكان على سداد وأمر جميل، وخير. روى عنه: الزكي المنذري، وغيره. وتوفي في ربيع الآخر.
4 (محمد بن أحمد بن عبد العزيز.)
الإمام أبو عبد الله المعروف بابن الفتوت، بفاء ثم مثناتين.

(44/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 215
شيخ القرّاء بمدينة فاس، كانت الرحلة إليه لسنِّه، وإسناده، وعدالته. تلا بالسَّبع على محمد بن محمد بن معاذ الفلنقي، والقاسم بن الزّقّاق، وجماعة. وسمع من: أبي الحسن بن حنين، وابن الرَّمامة. روى عنه بالإجازة ابن مسدي، قال: توفي سنة أربع عشرة وستمائة.
4 (محمد بن أحمد بن علي.)
أبو سعيد السراجي، النيسابوري، الصوفي. من صوفية السميساطية. حدَّث عن: الحافظين السِّلفي، وابن عساكر. وتوفي في ذي القعدة.
4 (محمد بن أحمد بن يوسف.)
أبو عبد الله الأنصاري، الغرناطي، المعروف بابن صاحب الأحكام. قال الأبار: ولد سنة ثمان وعشرين. وروى عن أبي الحسن شريح وأبي الحكم بن غشليان، وأبي القاسم بن رضا. يعني: بالإجازة لا السماع. قلت: أجاز للشيخ أبي حيان النحوي، وأبي جعفر أحمد بن يوسف الطِّنجالي، وسمع منه ابن مسدي وقال: هو أحد المشايخ الأعلام ببلاده، قرأ القرآن على عبد الله بن خلف، وابن بقي القيسي. وسمع من جماعة، وتفرَّد بالرواية عن ابن غشليان، وأجاز له أبو بكر بن العربي. سمعت منه أجزاء،

(44/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 216
وفوائد. أخذ علم الوثائق عن خاله محمد بن يحيى البكري، أخبرنا سماعاً بغرناطة سنة إحدى عشرة: أخبرنا عبد الله بن خلف، أخبرنا أبو بكر بن عبد الجليل الغسّاني) بالقيروان، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن خلف القابسي، أخبرنا عبد الله بن أبي هاشم التُّجيبي، أخبرنا عيسى بن مسكين، وغيره، قالا: حدثنا سُحنون، حدثنا ابن القاسم بحديث ذكره ابن مسدي في معجمه. وما أحسب الغساني لقي القابسي، لعل سقط بينهما رجل، لكن قال ابن مسدي: هذا أعلى ما كان من الأسانيد إلى القابسي. ثم قال: وأخبرنا محمد بن أحمد سماعاً، أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن غشليان كتاباً، قال: كتب إليَّ القاضي الخِلعي، وحدثني عنه ابن سكَّرة، فذكر حديثاً. توفي فُجاءة في رجب، قاله الأبار.
4 (محمد بن صالح بن سلطان.)
أبو البدر الموصلي، الحنفي. حدث عن أبي طاهر السلفي.
4 (محمد بن طالب بن أبي الرجاء بن شهريار.)
أبو الغنائم الإصبهاني. توفي عن ثلاث وثمانين سنة.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي.)

(44/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 217
أبو عبد الله ابن الحلواني، البغدادي. سمعه أبوه من أبي المعالي أحمد بن علي بن السمين، وغيره.
4 (محمد بن عبد العزيز بن سعادة.)
الشيخ المعمَّر، مسند الأندلس، أبو عبد الله الشاطبي المقرئ. أخذ القراءات عن أبي الحسن بن هذيل، وأبي بكر بن نمارة، وبعض القراءات عن أبي عبد الله محمد بن الحسن بن سعيد الداني، أخذ عنه قراءة نافع. وأخذ القراءات ببلنسية عن أبي بكر محمد بن أحمد بن عمران. وسمع من: أبي الحسن بن النِّعمة، وأبي عبد الله محمد بن يوسف بن سعادة وأبي محمد بن عاشر. قال الأبّار تصدّر للإقراء ببلده. وكان من أهل الصلاح، والمعرفة بالقراءات والإتقان لها، وطال عمره، وأخذ الناس عنه. وقدِم بَلَنسية سنة عشر، فأخذت عنه، وسمعتُ منه. وكان شيخنا) أبو الخطاب بن واجب يثني عليه، ويوثّقه. وتوفي بشاطبة في تاسع شوّال سنة أربع عشرة عن سنّ عالية أربت على المائة يسيراً. وهو ممتَّع بجوارحه كلها. مولده سنة أربع عشرة وخمسمائة، وقيل سنة ست عشرة.
4 (محمد بن عبد النور بن أحمد.)
أبو بكر الشيباني، الإشبيلي. سمع: أبا بكر بن صاف، وأبا الحسن نَجَبة، وأبا عبد الله بن زَرقون، وجماعة.

(44/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 218
وكان معتنياً بالرواية، كثير السماع، صالحاً، متواضعاً، زاهداً. حدث عنه جماعة. واستشهد في وقعة قصر أبي دانس بغرب الأندلس، في أوائل السنة، رحمه الله.
4 (محمد ابن القاضي محمد بن أيوب بن محمد بن نوح الغافقي.)
أبو القاسم. سمع: أباه، وأبا القاسم بن حبيش. وأجاز له أبو مروان بن قزمان. قال الأبار: وكان فقيهاً، ماهراً بالشروط، شاعراً، ولي قضاء المرّية، ثم قضاء بلنسية فلم تحمد سيرته، فعزل، ومات بمراكش في جمادى الأولى، عن نحو ستين سنة.
4 (محمد ابن الإمام الكبير أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن هُذيل.)
أبو عامر، البلنسي، المقرئ. أخذ القراءات عن والده، وسمع منه كثيراً، طارق بن يعيش، وأبي عبد الله بن سعادة. وأجاز له أبو طاهر السِّلفي. قال الأبار: وكان من أهل الصلاح، والورع، شديد الانقباض عن الناس، مقتصراً على باديته، معروفاً بالعبادة، والزهد. وروى اليسير. لقيته وهبت أن أستجيزه لما كنت أعرف من نفوره، وعسر انقياده، واستجازه لي أبي. ولم يكن له علم بالحديث. توفي في ذي القعدة، وقد نيّف على السبعين، وازدحمت العامة على نعشه. وشهده السلطان.

(44/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 219
4 (محمد بن محمد بن عيشون بن عمر بن صباح.)
أبو عمرو اللخمي، الأندلسي، البكي. وبكة: من عمل مرسية.) قال الأبار: سمع أبا العباس بن إدريس، وأبا عبد الله بن سعادة، وأبا عبد الله بن عبد الرحيم. وأجاز له أبو الحسن بن هذيل، وجماعة. وكان يعقد الشروط. وله تقييد مفيد في الوفيات اعتمدت عليه، وحدثني به عنه ابنه عيشون. وتوفي في ذي القعدة، عن ست وسبعين سنة. قلت: روى عنه ابن مسدي.
4 (محمد بن محمد بن يبقى بن جبلة.)
أبو بكر الأنصاري، الخزرجي، الأوريولي. حج، وسمع من السلفي. وسكن مصر. وأجاز في هذا العام.
4 (محمد بن مظفر بن شجاع.)
أبو عبد الله ابن البواب. حدث عن: أبي الوقت السِّجري، وغيره. ومات في ربيع الآخر.

(44/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 220
4 (محمد بن يوسف بن أحمد بن معن.)
أبو بكر الأزدي، الشريشي. روى عن أبيه. وحج فسمع: من السِّلفي، وأبي محمد العثماني، وجماعة. وكان عدلاً، شروطياً. ولي القضاء ببعض الأعمال. وحدث. وتوفي في ذي القعدة، ومات في عشر السبعين.
4 (محمد بن أبي القاسم بن محمد.)
الأمير بدر الدين الهكاري. أحد فرسان المسلمين، له المواقف المشهودة في قتال الفرنج. وكان من أكابر أمراء المعظَّم، يستشيره ويثق به لصلاحه. وكان سمحاً، لطيفاً، ورعاً، خيراً، باراً بأهله وبالفقراء. بنى بالقدس مدرسة للشافعية. وكان يتمنى الشهادة ويقول: ما أحسن وقع سيوف الكفار على وجهي وأنفي، فمنَّ الله عليه بالشهادة على الطُّور، وكان بها لما حاصرها العدو. واستشهد يومئذ سيف الدين ابن المرزبان. وحمل الأمير بدر الدين إلى القدس، فدفن بتربته.)
4 (المبارك بن أحمد بن هبة الله.)
الشريف أبو المظفر الهاشمي، المعروف بابن المكشوط. ولد سنة أربعين وخمسمائة. وقرأ القراءات على أبي بكر محمد بن خالد الرزاز الضرير، صاحب أبي عبد الله البارع.

(44/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 221
وسمع من عنبر مولى القاضي أبي محمد العلوي. وذكر أنه سمع من أبي الوقت. وولي الخطابة بجامع المنصور مدة، وبغيره من الجوامع. قال الدُّبيثي: أخبرنا ابن المكشوط، أخبرنا عنبر، أخبرنا يحيى ابن البناء، فذكر حديثاً. مات في خامس شوال.
4 (محمود، شجاع الدين الدمشقي.)
الدِّماغ. من رؤساء البلد. كان ذا ثروة عظيمة. وداره بجنب المدرسة العمادية، جعلتها زوجته عائشة مدرسةً للشافعية والحنفية. توفي في ذي القعدة.
4 (معروف بن مسعود بن علي بن بركة.)
أبو محفوظ البغدادي، المقرئ. سمع من أبي الفتح بن البطي، وحدث. وذكر أنه سمع أبا الوقت. توفي في ربيع الأول.
4 (مكي بن أبي محمد بن محمد بن أبيه الدمشقي.)

(44/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 222
عرف بابن الدجاجية. فقيه، فاضل، قادر على النظم. قرأت بخط الضياء وفاته في ذي الحجة، وأنه نظم كتاب المهذب في المذهب قصيدة على روي الراء، سماها البديعة في أحكام الشريعة. قلت: روى عنه من شعره الشهاب القوصي، وقال: هو الإمام حفظ الدين أبو الحرم الصالحي، مدح الملك العادل، والصاحب ابن شكر، إلا أنه قال: توفي كهلاً في آخر سنة خمس عشرة. ولم يذكره المنذري في الوفيات.)
4 (حرف الهاء)

4 (هاني بن الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن بن قاسم.)
أبو يحيى اللخمي، الأندلسي، الغرناطي. روى عن: أبيه، وعمه أبي الحسن محمد. قال الأبار: كان حافظاً للغة، ذاكراً للخلاف، مشاركاً في علم الأصول. ولي قضاء شلب، وبها توفي. قال: وفيها كانت وقعة القصر.
4 (هبة الله بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب.)

(44/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 223
أبو الغنائم السلمي الدمشقي الكهفي. كان مقيماً بالكهف الذي بسفح قاسيون. حدث عن أبي المغارم عبد الواحد بن هلال. روى عنه الضياء، وشمس الدين بن أبي عمر، والفخر علي، والشمس محمد ابن الكمال، وجماعة. ومنهم من سمّاه: أبا محمد غنائم بن أحمد. توفي في سادس جمادى الأولى بالكهف، وله نيف وستون سنة.
4 (حرف الياء)

4 (ياقوت الخليفي الناصري.)
الأمير أبو الحسن. ولي إمرة الحاج، وولي تستر، وخوزستان، وبها توفي في جمادى الأولى.
4 (يحيى بن إبراهيم بن أبي تراب محمد.)
الفقيه أبو تراب الكرخي، اللوزي، الشافعي. ولد سنة ست وعشرين وخمسمائة. وتفقّه على الإمام أبي الحسن محمد ابن الخلّ، وسمع منه، ومن: أبي الفضل الأرموي، وأبي الفتح الكروخي، وأبي الفرح عبد الخالق اليوسفي، وأبي الوقت، وجماعة. وحدث بدمشق، وبغداد.)

(44/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 224
وهو منسوب إلى محلة اللوزية. وأقام بدمشق مدة. روى عنه: الدبيثي، وابن خليل. وقال الشهاب القوصي: يحيى بن إبراهيم المفتي، قوام الدين، معيد العماد الكاتب. أخبرنا بالمجاهدية سنة ست وتسعين، أخبرنا ابن الزاغوني، فذكر حديثاً. وقال ابن نقطة: دخلت عليه سنة سبع وستمائة، فرأيته مختلاً، ذكر لي أن الملائكة تنزل عليه من كنيسة داره بالثياب الخضر في هذيان طويل. ثم قُرئ عليه بعد ذلك كتاب الترمذي. قال: فحدثني بعض أصحابنا: أنه كان إذا طال عليه المجلس شتمهم بفحش، ودور على شيء ليضربهم به. وحدثني عبد العزيز بن هلالة قال: دخلت على أبي تراب يوماً، فقال لي: من أين أنت فقلت: من المغرب، فبكى، وقال: لا رضي الله عن صلاح الدين، ذاك فساد الدين، أخرج الخلفاء من مصر وجعل يسبه، فقمت، وخرجت. قال ابن نقطة: سمع الجامع لأبي عيسى من الكروخي، ومات في ثالث عشر شعبان. وقد حدث قديماً بدمشق بمسند الدرامي.
4 (يحيى بن إبراهيم بن أحمد.)
أبو زكريا البغدادي، البزاز. عُرف بابن حسان. حدث عن أبي الفتح بن البطي. وتوفي في شوال.
4 (يحيى بن أحمد بن مسعود.)

(44/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 225
أبو بكر الأنصاري، القرطبي. أخذ القراءات عن أبي القاسم بن غالب وسمع منه، ومن: أبي القاسم خلف بن بشكوال، وأبي محمد بن مغيث. وحج، فسمع بمكة من علي بن عبد الله بن حمود المكناسي. وولي خطة الشورى بقرطبة. وكان حسن الصوت، يستدعيه الأمير لصلاة التراويح.
4 (يحيى بن عبد الملك ابن العلامة إليكا أبي الحسن علي بن محمد الهراسي.)
الطبري الأصل، البغدادي، أبو الفتوح الشافعي.) ولد بعد الأربعين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وأبي الوقت. وحدث ببغداد، ودمشق، روى عنه: الدبيثي، والشهاب القوصي، والزكي المنذري، وجماعة. قال القوصي: هو الرئيس بدر الدين، حدثنا بدمشق سنة اثنتين وستمائة، وتولى ديوان الأوقاف مدة طويلة بدمشق. وكان ناهضاً، أميناً، وله شعر مليح. قلت: توفي في ذي القعدة.
4 (يوسف بن عبد الصمد بن يوسف بن علي.)
الفقيه أبو الحجاج الفاسي الأصولي، المعروف بابن نمر. قال الأبار: حدث عن عثمان بن عبد الله السلالقي الفاسي، ومحمد بن عبد الكريم الفندلاوي. وأخذ عن أبي العباس بن مضاء.

(44/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 226
قال الأباروكان إماماً في علم الكلام، والأصول، متحققاً به، متقدماً في الحفظ، والذكاء، مع المشاركة في فنون أُخر. دخل إشبيلية، وأقرأ بها، ونوظر عليه، وعاد إلى بلده. وتوفي في شهر رجب، وقد قارب الستين.
4 (يوسف بن أبي الحسن بن ياسين.)
الشيخ أبو الحجاج ابن زين الدار، الصوفي، الزاهد. من شيوخ المصريين، مشهور بالصَّلاح، والعزلة، والخير. سمع من أبي طاهر السلفي. وتوفي في ربيع الآخر. روى عنه: الزكي عبد العظيم.
4 (يوسف ابن الشيخ الزاهد الكبير أبي الحسن المقدسي.)
الإمام الصالح، أبو الحجاج. روى عن أبي المعالي بن صابر. روى عنه: الضياء، وابن أخيه الفخر، وابن أخيه الشمس ابن الكمال، ومحمد بن مؤمن، وغيرهم.) وكان صالحاً، خيِّراً، زاهداً، فقيهاً. توفي يوم الجمعة سابع عشر ذي القعدة بدمشق، ودفن من الغد بباب الصغير، وشيَّعه خلق كثير، مع كونه يوماً مطيراً. واستكمل ثلاثاً وثمانين سنة، رحمه الله.
4 (وفيها ولد)
الشيخ عز الدين أحمد بن إبراهيم الفاروثي. والصاحب مجد الدين عبد الرحمن بن العديم.

(44/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 227
ومحيي الدين يحيى بن علي ابن القلانسي. وقطب الدين محمد بن أحمد ابن القسطلاني. والشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن عبد العزيز اللوزي. والخطيب محيي الدين محمد ابن عماد الدين ابن الحرستاني. والشرف أبو العباس أحمد بن أحمد بن عبيد الله المقدسي الفرضي. ومحيي الدين محمد بن يعقوب ابن النخاس. وأمين الدين عبد الصمد بن عبد الوهاب ابن عساكر. وابن عمه الشرف أحمد بن هبة الله بن أحمد. وتاج الدين إسماعيل بن إبراهيم بن قريش المخزومي. وضياء الدين عبد الرحمن بن عبد الوهاب، خطيب بعلبك. ومحيي الدين محمد ابن الكمال الضرير العباسي. ونجم الدين علي بن علي بن اسمنديار الواعظ. وأبو الغنائم بن محاسن الكفرابي. والزين محمد بن الحسين الفوّي، راوي الخِلعيات. والسيف داود بن مسعود ابن القيني. ومجد الدين عبد الرحمن بن العديم، في جمادى الأولى. وأحمد بن يوسف بن مكتوم، في شوال.

(44/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 228
4 (وفيات سنة خمس عشرة وستمائة)

4 (حرف الألف)
)
4 (أحمد بن أحمد بن أبي السعادات أحمد بن كرم بن غالب.)
الحافظ أبو العباس البندنيجي، ثم البغدادي الأزجي. العدل. ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وقرأ القرآن على أبي حكيم النهرواني تلقيناً. وقرأ القراءات على أبي الحسن علي بن عساكر، وغيره. وسمع من: أبي بكر ابن الزاغوني، وأبي الوقت السجزي، وأبي محمد ابن المادح، وأبي المظفر هبة الله ابن الشبلي، وابن البطي، والشيخ عبد القادر، وخلق كثير بعدهم. وحصل الأصول، وكتب الكثير، وعني بالرواية أتم عناية، وبالغ في الطلب، وحصل الأصول، وعني بالفهم، وضبط الأسماء، وتحقيق الألفاظ، والمختلف والمؤتلف، وحصل طرفاً من العربية. وكانت قراءته صحيحة، فصيحة، منقحة، بنغمة مطربة، وأداء عذب. وجد خطه على سجل باطل، فطولب بأصله، فذكر أن قاضي القضاة

(44/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 229
محمد بن جعفر العباسي قال له: أنا شاهدت الأصل، فاكتبه، فركن إلى قوله. فأحضر إلى دار الخلافة، ورفع طيلسانة، وكشف رأسه، وأركب جملاً، وطيف به وبشاهدين آخرين، وصفعوا، ونودي عليهم: هذا جزاء من يشهد بالزور، وحبسوا مدة، وذلك في سنة ثمان وثمانين. ولم يزل أحمد البندنيجي خاملاً إلى أن ظهرت الإجازة للخليفة الناصر. وكان أخوه تميم قد تولى أخذها، فذكر حاله للناصر، وأنه لم يشهد بزور محض، بل ركن إلى قول القاضي، وأن أستاذ الدار ابن يونس، كان له غرض في تعزيزه. فأمر الخليفة الناصر فأعيد إلى العدالة، فشهد سنة سبع وستمائة عند قاضي القضاة أبي القاسم عبد الله ابن الدامغاني، فقبله من غير تزكية. حكى ابن النجار هذا، وقال: قرأت عليه كثيراً: وكنت أراه كثير التحري، لا يتسامح في حرف، ومع هذا أصوله كانت مظلمة، وكذلك خطه وطباقه. وكان ساقط المروءة، دنيء النفس، وسخ الهيئة، تدل أحواله على تهاونه بالأمور الدينية، وتحكى عنه أشياء قبيحة. وسألت شيخنا ابن الأخضر عنه وعن أخيه تميم، فضعفهما، وصرح بكذبهما. روى عنه: الدبيثي، والزكي البرزالي، والتقي اليلداني، والمحب ابن النجار، وجماعة. وفيه ضعف. وهو أخو تميم المذكور.) توفي في رابع عشر رمضان، ببغداد.
4 (أحمد بن أبي المعالي أسعد بن أحمد بن عبد الرزاق.)
أبو الفضل المزدقاني الأصل، الدمشقي، الأصم، صفي الدين ابن كريم الملك.

(44/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 230
ولد سنة سبع وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: الصائن هبة الله، وأخيه أبي القاسم الحافظ. روى عنه: الشهاب القوصي، وغيره. وتوفي ببعلبك في المحرم. وجده أحمد هو القادم من مزدقان.
4 (أحمد بن دفتر خوان.)
الأجل الرئيس، منتجب الدين، الكاتب. كان بدمشق، وكان يقرأ الكتب على السلطان. وهو واسطة خير. قرأ العربية على الكندي وسمع من البهاء ابن عساكر، وغيره.

(44/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 231
وله شعر قليل. توفي في جمادى الآخرة. روى عنه القوصي من نظمه، وسماه: أحمد بن عبد الكريم بن أبي القاسم بن دفترخان.
4 (أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن عبد الرزاق السلمي، البغدادي، العطار، الصيدلاني.)

(44/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 232
شمس الدين أبو القاسم، نزيل دمشق. ولد سنة ست وأربعين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وأبي الوقت، وابن البطي. وحدث غير مرة بالبخاري، وحدث بالدرامي، وعبد بن حميد. وكان يذكر أنه من ولد أبي عبد الرحمن السلمي. روى عنه: أبو بكر بن نقطة وقال: شيخ صالح، ثقة، صدوق والضياء المقدسي، والشهاب القوصي، والزكي المنذري، والزين خالد، وأبو بكر محمد بن علي النشبي، والرشيد محمد بن أبي بكر العامري، وأبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن وهبة الله ابن الشيرازي، والمحيي عمر بن أبي عصرون، والجمال محمد بن علي ابن الصابوني، وأبو بكر بن عمر بن) يونس المزي، والفخر علي ابن البخاري، والشمس محمد ابن الكمال، والتقي لإبراهيم ابن الواسطي، والعلاء علي بن أبي بكر بن صصرى، وطائفة سواهم. وظهر لشيخنا العز أحمد ابن العماد بعض الدرامي سمعه منه حضوراً، وإنما رأيناه بعد موته. وروى عنه بالإجازة عمر ابن القواس. قال ابن النجار: كان له دكان بظاهر باب الفراديس للعطر. وكان صدوقاً، متديناً، مرضي الطريقة. توفي في سابع عشر شعبان، ودفن بسفح قاسيون.
4 (أحمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أحمد بن كردي.)
القاضي الأجل أبو البقاء البغدادي.

(44/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 233
روى عن: أبي الفتح بن البطي. ومات في ذي القعدة.
4 (أحمد بن محمد اللخمي الزاهد.)
المعروف بالرأس. كان بظاهر الإسكندرية على شاطئ البحر، في الموضع المعروف بالرأس، ولهذا قيل له: الشيخ أحمد الرأس. صالح، زاهد، مشهور بالصلاح، وله القبول التام. انتفع به جماعة. توفي في خامس ربيع الأول، رحمه الله تعالى.
4 (أحمد بن يوسف بن عبد الله بن سعيد بن أبي زيد.)
الإمام أبو جعفر بن عياد البلنسي، المقرئ. أخذ القراءات عن أبي بكر بن نمارة. وسمع من والده، ومن أبي الحسن بن هذيل. وأجاز له أبو حفص بن واجب، وجماعة. قال الأبار: كان صالحاً، عارفاً بالرواة، صدوقاً. توفي في شوال، وله سبعون سنة.
4 (إبراهيم بن عبد الله ابن القاضي أبي العباس أحمد بن سلامة بن عبيد الله بن مخلد.)

(44/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 234
القاضي الأجل، شرف القضاة، أبو المظفر الكرخي الأصل كرخ جدّان لا كرخ بغداد الشافعي المحتسب، المعروف بابن الرُّطبي.) ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وتفقَّه على أبي طالب المبارك بن المبارك الكرخي، وسمع من أبي الحسين عبد الحق، وجماعة. وهو من بيت العلم والرواية. ولي القضاء بباب الأزج. وولي حسبة الجانبين. ومات في رمضان. ولم يحدث.
4 (لإبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن همام.)
أبو إسحاق الأندلسي، الإشبيلي. رحل، وسمع ببغداد من عبد الله بن أبي المجد الحربي، وبواسط من أبي الفتح ابن المندائي، وبإصبهان من أبي جعفر الصيدلاني، وبنيسابور من: أبي سعد الصَّفار، ومنصور الفراوي، والمؤيد الطوسي، وجماعة. وسكن هراة مدة. وحدث ببغداد. وعدم بين تكريت والموصل رحمه الله في ربيع الآخر. وكان من أهل الدين، والصلاح، والسنة على مذهب ابن حزم. وله صبر على الفاقة، وتعفف زائد، إلا أنه كان سيئ الأخلاق، سريع النفرة، كثير القطوب، لا يسامح في هفوة، ولا يقبل معذرة، نسأل الله السلامة وكان قد استولى على أكثر أصول أبي روح، وغيره بهراة، فمن الذي يجسر أن يسأله جزءاً منها وقيل: إنه لما فارق هراة في هذه السنة، دفن تلك الأجزاء لئلا ينتفع بها أحد بعده، فما نفعه الله بها.

(44/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 235
4 (أرسلان شاه، الملك نور الدين ابن السلطان الملك القاهر عز الدين مسعود بن أرسلان بن)
مسعود بن مودود ابن الأتابك زنكي بن آقسنقر. قال الحافظ عبد العظيم: ولي الموصل بعهد من أبيه، وقد قارب إذ ذاك عشر سنين. وكان قد سمي عليّاً في حياة جده، فلما توفي جده سمي أرسلان شاه. قلت: ولم تطل أيامه، بل بقي بعض سنة. توفي أبوه في ربيع الآخر من السنة، وتوفي هو في هذه السنة.
4 (إسماعيل بن المظفر بن هبة الله.)
) أبو محمد ابن الأقفاصي، الدَّبَّاس. ولد سنة إحدى وأربعين. وسمع من: أبي الفضل محمد بن ناصر، وأبي الفضل الأرموي. روى عنه: الزكي البرزالي، والدُبيثي. وتوفي في ثامن رجب.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن محمد بن عبد الخالق بن عبد السلام.)

(44/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 236
موفق الدين أبو الفضل المصري، المقرئ، النحوي. قرأ القراءات على أبي الجود، وتصدَّر بالجامع العتيق بمصر مدة طويلة. قال المنذري: اجتمعت معه مرات، وانتفع به جماعة كبيرة، وكان من أعيان القُرّاء، مقصوداً للأخذ عنه لفضله، ودينه وأدبه. توفي في ثاني عشر صفر.
4 (حرف الحاء)

4 (حمزة بن علي بن عثمان بن يوسف بن إبراهيم.)
القاضي الأجل الأشرف أبو القاسم بن أبي الحسن القرشي، المخزومي، المصري، الشافعي، الكاتب. رحل، وسمع من: السِّلفي، وأبي محمد العثماني، وأبي الطاهر بن عوف، ويحيى ابن الرازي، صاحب السداسيات. وسمع بمصر من: محمد بن علي الرحبي، وعبد الله بن بري، وعلي بن هبة الله الكاملي، وجماعة كبيرة. وسمع بدمشق، وحدث بها، وبمصر، وبغداد. وحصل الأصول، وكتب الكثير، وأكثر عن السلفي. وكان له أنس جيد بالحديث. وله شعر حسن. ولي الأوقاف بالديار المصرية. وولد في سنة سبع وأربعين وخمسمائة. وحدث من بيته جماعة، وسيأتي ذكر أخيه المكرم عبد الرحمن، وذكر ابن أخيه. روى عنه: الزكي المنذري، والزكي البرزالي، وجماعة. توفي في آخر يوم من السنة.

(44/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 237
وآخر من روى عنه: الأخوان عيسى وعبد الله ابنا القاهري، والحارث بن مسكين المصري.)
4 (حرف الدال)

4 (داود بن أحمد بن يحيى.)

(44/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 238
أبو سليمان العبادي، الداودي، الضرير، المقرئ، الفقيه على مذهب داود. أخذ ذلك من كتب الظاهرية. وقرأ القراءات على أبي الحسن علي بن عساكر، وغيره. وروى أناشيد. وتوفي في المحرم أو صفر، على قولين، ببغداد.
4 (حرف الراء)

4 (الركن العميدي.)
محمد.

(44/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 239
4 (حرف الزاي)

4 (زينب أم المؤيد.)
المدعوة بحرة ناز، ابنة الشيخ أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن سهل بن أحمد بن سهل بن أحمد بن عبدوس الجرجاني الأصل، النيسابوري، الشعري، الصوفي. ولدت في سنة أربع وعشرين وخمسمائة. وسمعت من: إسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر القارئ، وعبد المنعم ابن القشيري، وزاهر ووجيه ابني طاهر الشَّحامي، وأبي الفتوح عبد الوهاب بن شاه، وأبي المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي، وفاطمة بنت علي بن زعبل، وفاطمة بنت خلف الشحامي، وعبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري، وأبي البركات عبد الله بن محمد الفراوي، وأبي المحاسن عبد الرزاق بن محمد الطبسي، وجماعة. وأجاز لها: أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي الحافظ، وأبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري النحوي، وجماعة. وسمعت صحيح البخاري من وجيه وعبد الوهاب بن شاه، عن الحفصي، ومن أبي المعالي الفارسي، عن العيار. وحدثت أكثر من ستين سنة روى عنها: عبد العزيز بن هلالة، وابن نقطة، والبرزالي، والضياء، وابن الصلاح، والشرف المرسي، والصريفيني، والصدر

(44/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 240
البكري، ومحمد بن سعد) الهاشمي، والمحب ابن النجار، وجماعة كثيرة. وسمعت بإجازتها على التاج بن عصرون، والشرف ابن عساكر، وزينب الكندية. وكانت شيخة صالحة، عالية الإسناد معمرة، مشهورة، انقطع بموتها إسناد عال. قرأت بخط الحافظ الضياء: أنها توفيت في جمادى الآخرة بنيسابور. وقد تقدم أخوها عبد الرحيم.
4 (حرف السين)

4 (سليمان ابن الشيخ أبي المجد الفضل بن الحسين بن إبراهيم البانياسي.)
الرئيس، أبو المحاسن الحميري، الدمشقي، المعدل. حدث عن: أبيه، وأبي القاسم الحافظ. روى عنه: الزكي البرزالي، والشهاب القوصي، وقال: لقبه شهاب الدين. ولد سنة خمسين. وتوفي في مستهل جمادى الأولى.
4 (حرف العين)

4 (عائشة بنت صالح بن كامل الخفاف.)
استجاز لها عمها من أحمد بن عبد الله ابن الأبنوسي، وأبي الفضل الأرموي. وحدَّثت.

(44/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 241
وماتت في شوال.
4 (العباس بن محمد بن حسن.)
أبو الفضل الهاشمي البغدادي الزاهد الصالح. كان عنده في رباطه جماعة منقطعون صلحاء. حدث عن أبي الفتح بن البطي. وكان على طريقة حسنة. توفي في شعبان.
4 (عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن شبيب.)
أبو حصين المقدسي، المؤذن بالجبل. روى عن: أبي نصر عبد الرحيم بن يوسف. روى عنه: الضياء المقدسي، وغيره. وتوفي في شعبان.
4 (عبد الله بن أبي المظفر الحسين بن أحمد بن علي بن محمد بن علي.)
) قاضي القضاة أبو القاسم ابن الدامغاني، الشافعي، البغدادي.

(44/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 242
ولد في رجب سنة أربع وستين وخمسمائة. وسمع من: عمه قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد، ومن تجني الوهبانية: وحدث. قال الدُّبيثي: كان عالماً بالحكم، والفرائض، والأدب، عفيفاً، حسن الطريقة. ولي قضاء القضاة شرقاً وغرباً في رمضان سنة ثلاث وستمائة، وبقي كذلك إلى سنة إحدى عشرة، ثم عزل. وصفه الزكي المنذري: بأنه شافعي. وقال أبو شامة فيه: الحنفي. توفي في التاسع والعشرين من ذي القعدة. ولقبه: عماد الدين.
4 (عبد الله ابن زين القضاة أبي بكر عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى بن علي بن عبد)
العزيز. القاضي شرف الدين أبو طالب القرشي، الدمشقي، الشافعي. ناب في القضاء عن ابن عمهم القاضي محيي الدين، وعن ابنه زكي الدين الطاهر. ودرس بالرواحية، فكان أول من درس بها، ودرس بالشامية البرانية. قال أبو المظفر سبط الجوزي: كان فقيهاً، نزهاً، لطيفاً، عفيفاً. قال الشهاب القوصي: أخبرنا، قال: أخبرنا ابن مهدي الهلالي، فذكر

(44/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 243
حديثاً. قال القوصي: كان ممن زاده الله بسطة في العلم والجسم. قلت: وهو أخو ظهير الدين أبي المكارم عبد الواحد. وقال الضياء: دفن بمقبرتهم بمسجد القدم، وكان الجمع متوفراً، وكثر بكاء الناس عليه. توفي في ثالث شعبان.
4 (عبد الله بن محاسن بن أبي بكر بن سلمان بن أبي شريك.)
أبو بكر الحريمي. سمع من: أحمد بن الطلاية الزاهد، وسعيد ابن البناء. وكان يعرف بابن الباشق، وهو ابن عم أحمد بن سلمان السكر. روى عنه: الضياء، والدبيثي، وجماعة. وتوفي في رمضان.)
4 (عبد الحق بن أبي شجاع محمد بن أبي محمد بن أبي المعالي.)
أبو محمد ابن المقرون، البغدادي، المقرئ، الملقن، الصالح، الخياط.

(44/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 244
قرأ على والده، وقد ولد سنة خمسين. وسمع من ابن المادح حضوراً، وحُضوراً، ومن: هبة الله بن أحمد ابن الشبلي، وابن البطّي، وجماعة. وحدّث ببغداد، ودمشق. وقد مرّ أخوه عبد الرزاق.
4 (عبد الخالق بن الحسن بن هيّاج.)
أبو محمد الدمشقي. حدّث عن أبي طاهر السِّلفي. توفي في ذي القَعدة.
4 (عبد الخالق بن صَدقة بن مؤنس.)
الإسكندري. إمام مسجد فُلوس بميدان الحَصا. كان مقرئاً مجيداً. حدّث عن السِّلفي. روى عنه: الزكي البِرزالي، والشهاب القوصي، وغيرهما. ومات في خامس وعشرين جُمادى الآخرة، رحمه الله.
4 (عبد الخالق بن أبي هشام.)
الشيخ الصالح القُرشيَ، البزّاز، الدمشقي. قال الضياء: توفي في بكرة الأربعاء الخامس والعشرين من ذي القعدة. قال: وكان قد سمع الحديث، وورَّق كثيراً، وما أظنه حدَّث بشيء.
4 (عبد الرحمن بن سعد الله بن المبارك بن بركة.)

(44/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 245
أبو الفضل الواسطي، ثم البغدادي، الطحان، الدَّقاق. ولد سنة خمس وثلاثين.) وسمع من: ابن ناصر، وعبد الملك بن علي الهمذاني. وأجاز له أبو القاسم إسماعيل ابن السَّمرقندي، وجماعة. روى عنه: الدُّبيثي، والزكي البرزالي، وغيرهما. ومات في ثالث ربيع الأول.
4 (عبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر بن علي بن عبد الدائم.)
أبو محمد ابن الغزالي، البغدادي، الواعظ. ولد سنة أربع وأربعين. وسمع من: ابن ناصر، وسعيد ابن البناء، وابن الزَّاغوني، ونصر بن نصر العكبري، ومحمد بن عبيد الله الرُّطبي، وابن المادح، وأبي الوقت، وطائفة كبيرة. وطلب بنفسه مدةً، وقرأ، ونسخ، ووعظ. وأكثر سماعاته بخطِّه. روى عنه: الدُّبيثي، والزكي البرزالي، والضياء، وآخرون. وأجاز لجماعة تأخروا. توفي ليلة نصف شعبان. ويُلقب بالموش.
4 (عبد الرحمن بن أبي الحرم مكي بن عثمان بن إسماعيل.)

(44/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 246
الفقيه موفق الدين، أبو القاسم السعدي، المصري، الشارعي، الشافعي. تفقّه على الفقيه أبي عمرو عثمان بن درباس. وسمع من: إسماعيل بن ياسين، والقاسم بن إبراهيم المقدسي، والأرتاحي، وطبقتهم. وأقبل على الوعظ، والتفسير. وله شعر، ومجاميع. وتوفي شاباً قبل أن يتكهل، في رجب.
4 (عبد الرحمن بن أبي سعد بن أحمد.)
أبو محمد الحربي، ابن تُميرة. حدَّث عن: أحمد بن الطَّلاية، وغيره. روى عنه: الدُّبيثي. وكان ضريراً. ويعرف جده بابن السَّوادية. وآخر من روى عنه بالإجازة الكمال عبد الرحمن المكبِّر شيخ المستنصرية.) توفي في تاسع ربيع الآخر.
4 (عبد الرحيم بن أبي الفوارس بن إبراهيم القيسي، الدمشقي.)
ابن أخت بركات الخُشُوعي. سمع بدمشق من ابن عساكر، وبالثغر من السِّلفي. وتوفي في صفر.
4 (عبد القوي بن أبي الحسن بن ياسين.)
أبو محمد القيسراني الأصل، المصري، الكتبي. ولد سنة إحدى وخمسين.

(44/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 247
وسمع من: علي بن هبة الله الكاملي، ومحمد بن علي الرَّحبي، وإسماعيل الزيات، وابن بري، وخلق من طبقتهم، وبعدهم. وكتب الكثير، وعُني بالسماع، وحدَّث. وكان يفهم، ويذاكر، جمع كتاباً في أخبار ذي النون ولم يتمه. وكان يتأسف على انشغاله بالكسب عن الحديث. توفي في صفر.
4 (عبد الكافي بن بدر بن حسان.)
أبو محمد الأنصاري، المصري. سمع: البوصيري، والأرتاحي، وجماعة. وكان صالحاً، عابداً. كتب عنه المنذري، وغيره، وقال: توفي في رمضان، وهو من أبناء الستين.
4 (عبد الكريم بن إبراهيم.)
أبو البركات الحريمي، الدَّباس. روى عن: أحمد وعمر ابني بنيمان، ودهبل ولاحق ابني كاره. توفي في جمادى الآخرة.
4 (عبد اللطيف بن أحمد بن محمد بن هبة الله.)

(44/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 248
أبو محمد الهاشمي، النرسي، البغدادي، الصوفي. دخل الأندلس، قال الأبار: زعم أنه يروي عن أبي الوقت، وأبي الفرج ابن الجوزي. وله) تصنيف في التصوف، حدَّث به. ذكره محمد بن سعيد الطراز، وضعّفه. وقال فيه أبو القاسم بن فرقد: عبد اللطيف الهاشمي النرسي، سمع صحيح البخاري على أبي الوقت، وله تواليف في التصوف. وقرأت عليه عوالي النقيب يعني طراد بن محمد بإشبيلية عام خمس عشرة. قلت: وسمع منه الحافظ أبو بكر بن مسدي، وقال: مات سنة ثلاث وعشرين وستمائة.
4 (عبد اللطيف بن يحيى بن علي بن خطاب.)
أبو منصور الدِّينوري ثم البغدادي، ابن الخيمي. سمع من: أبيه، وعمه أبي شجاع محمد، وأبي الوقت السِّجزي، وأبي الفتح بن البطي، وجماعة. وحدَّث. وتوفي في شوال.
4 (عبد الواحد بن محمود.)
أبو الفتح بن صعترة، البغدادي، البيِّع. ولد سنة ثلاثين. وسمع من: ابن البطي، وأبي زرعة. وحدَّث.

(44/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 249
ومات في ذي الحجة.
4 (عبد الوهاب بن مظفر بن أحمد.)
أبو الغنائم البغدادي. حدَّث عن أبي المظفر هبة الله بن عبد الله بن أحمد ابن السمرقندي. وكان يتقلَّب في الخدم الدّيوانية. وعاش بضعاً وثمانين سنة. ومات في ربيع الأول.
4 (عبد الوهاب بن المُنجَّى بن بركات بن المؤمَّل.)
أبو محمد التنوخي، المعري، ثم الدمشقي، أخو القاضي أبي المعالي أسعد. روى عن نصر بن أحمد بن مقاتل. روى عنه الفخر علي، وغيره، وبالإجازة عمر ابن القوَّاس. وتوفي في رابع عشر جمادى الأولى. ولم يعقب.)
4 (عبد الوهاب بن أبي الفهم بن أبي القاسم السُّلمي، الكفرطابي، ثم الدمشقي، العطار.)

(44/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 250
أبو محمد، ويعرف بابن ملوك. حدَّث عن أبي القاسم ابن عساكر. وولد سنة خمسين وخمسمائة. وذكر أنه رحل، وسمع من السلفي. مات في شعبان.
4 (عبيد الله بن المبارك بن الحسن بن طراد الأزجي.)
ابن القابلة. حدَّث عن يحيى بن ثابت، وغيره.
4 (علي بن إسماعيل بن الطُّوير.)
أبو الحسن المصري الكاتب. خدم طيّ بن شاور الأمير. وكتب الإنشاء لبهاء الدين قراقوش. وعمِّر مائة سنة. وله شِعر، ومعرفة بالتواريخ، والآداب. مات في صفر.
4 (علي بن روح بن أحمد بن حسن.)
القاضي أبو الحسن النَّهرواني، الفقيه الشافعي، المعروف بابن الغُبيري.

(44/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 251
ولد سنة بضع وثلاثين. وتفقّه على الإمام أبي النَّحيب السهروردي. وقرأ العربية على أبي الحسن علي ابن العصار. وسمع من: أبي النحيب، وخديجة بنت النَّهرواني. وكان فاضلاً، ديّناً، قوي العربية، ثقة. روى عنه الدُّبيثي وقال: مات في رمضان.
4 (علي بن عبد الله بن علي بن مفرج.)
أبو الحسن القرشي الأموي، النابلسي، ثم المصري، المالكي، العطَّار، المعروف بابن النَّطاع. ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرحمن بن الحسين بن الجباب، وأحمد بن عبد الله بن الحطيئة، وأبي بكر) محمد بن عبد الملك النحوي، وأبي الوليد محمد بن عبد الله بن خيرة، وعبد المنعم بن موهوب الواعظ، وغيرهم. وهو والد الحافظ رشيد الدين. روى عنه: ابنه، والزكي المنذري، وجماعة. قال المنذري: توفي في الثاني والعشرين من شوال. وكان شيخاً صالحاً، متحرياً، متيقظاً، حسن الأداء، يمسك أصله مع كبر سنه بيده، وينظر فيه مع

(44/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 252
القارئ عليه. وكان مواظباً على الجماعات، كثير التسبيح، طارحاً للتّكلّف، مقبلاً على ما يعنيه. رحمه الله.
4 (علي بن عبد الله الوهراني.)
أبو بكر النحوي. يأتي بكنيته.
4 (علي بن عبد الكريم بن الحسن بن حفّاظ.)
نور الدولة أبو الحسن العامري، الدمشقي، البيِّع، المعروف بابن الكويس. سمع من: أبي طاهر إبراهيم بن الحسن الحصني، وأبي القاسم ابن عساكر. وحدَّث. ومات في ذي القعدة. روى عنه: القوصي، ومحمد بن محمد بن مناقب العلوي المنقذي.
4 (علي بن نصر بن هارون.)
أبو الحسن الحلي، المقرئ، النحوي. قرأ الأدب على: أبي محمد ابن الخشَّاب، والكمال عبد الرحمن الأنباري، وعلي ابن العصّار. وسمع من: أبي المظفر محمد بن أحمد ابن التريكي، ومحمود فورجة، وابن البطِّي. ووعظ. وولد في حدود سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.

(44/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 253
روى عنه: الدُّبيثي. ومات في حادي عشر شوال.
4 (علي بن المبارك بن عبد الواحد الأزجي الصَّائغ.)
روى عن: سعيد ابن البنَّاء.) روى عنه الدُّبيثي، وقال: هو من بيت رئاسة. توفي في ذي الحجة.
4 (عمر بن عبد العزيز بن حسن بن علي بن محمد بن يحيى بن علي القرشي الفقيه.)
أبو الخطاب، الدمشقي، الشافعي. ولي قضاء حمص مدةً، ثم استعفى، وردَّ إلى دمشق، ودرس بالمدرسة التي على الميدان، وتعرف. ومات قبل الكهولة. وقد سمع من الخشوعي، وجماعة. وهو والد المعين المحدث. توفي في ثامن عشر جمادى الآخرة.
4 (عمر بن أبي العز بن عمر.)
أبو حفص الحربي، المعروف بابن البحري. حدَّث عن: أبي الوقت، وابن البطي.

(44/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 254
ومات في ذي القعدة.
4 (عمر بن أبي القاسم بن بندار.)
أبو حفص التبريزي الكاتب. سمع من: محمد بن أسعد العطاري. وتصوف، وأكثر الأسفار، وحدَّث. ومات ببغداد.
4 (عيسى ابن العلامة موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، الحنبلي،)
الصالحي. مجد الدين أبو المجد، والد الحافظ سيف الدين أحمد. ولد سنة ثمانٍ وسبعين وخمسمائة، في أولها. وسمع من يحيى الثقفي وغيره، وبمصر من إسماعيل بن ياسين، والبوصيري، وببغداد من ابن الجوزي، وابن المعطوش، وجماعة من أصحاب ابن الحصين. قال الضياء: وكان فقيهاً، إماماً، خطيباً، عفيفاً، متورعاً، محبوباً إلى الناس، ذا بشاشة، وحسن خلق. وكان مليح الكتابة. خطب مدة بالجامع المظفري، وسعى في مصالحه. وكان لا يتناول من وقفه إلا شيئاً يسيراً. سمعته يقول: إذا مضيت في حاجة من أمر الجامع ربما اشتريت لي شيئاً آكل، حسب.) قلت: روى عنه والده، والحافظ الضياء، والشمس محمد ابن الكمال. وآخر من روى عنه بنته عائشة، شيختنا. وتوفي في خامس جمادى الآخرة.
4 (حرف الغين)

4 (غُبيس بن مقبل بن غُبيس بغين معجمة.)

(44/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 255
أبو الفضل البغدادي، الضرير، المقرئ. سمع من شهدة، وأبي الحسن البطائحي، وقرأ عليه القرآن، وامتنع من الرواية. ومات في ذي الحجة.
4 (حرف الفاء)

4 (فتيان بن علي بن فتيان.)
الأديب الكبير، شهاب الدين الشاغوري، الدمشقي، الشاعر المشهور. حدَّث عن أبي القاسم ابن عساكر. روى عنه: الشهاب القوصي، والتقي اليلداني، وغيرهما. وروى لنا عنه عمر بن عبد المنعم القواس بالإجازة منه. وكان حنفياً، أدَّب بعض أولاد الملوك. وله ديوان شِعر، فمنه:
(أنا بالغزلان وبالغزل .......... عن عدل العاذل في شُغُلِ)

(ما تفعل بيض الهند بنا .......... ما تفعله سود المُقلِ)

(بأبي، وسنان كحيل الطر .......... ف أغن، غني عن كحلِ)

(يمشي فيكاد يقدُّ الخص .......... ر لدقته ثقل الكفلِ)

(يا جائر حين عليَّ ولي .......... هلا أصبحت عليَّ ولي)

(44/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 256
وله هذه القصيدة الطنّانة:
(في عنفوان الصِّبا ما كنت بالغزل .......... فكيف أصبو وسنِّي سنُّ مكتهلِ)

(كأنني بمشيبي وهو مُشتعل .......... بياضه في سواد الفاحم الزَّجلِ)

(من يهو يهو إلى قعر الهوان عمىً .......... شتَّان بين شجٍ عانٍ وبين خلي)

(مخير ما نلت من دنياك مقتبساً .......... علم ولكن إذا ما زين بالعمل)
)
(واهاً لمستيقظٍ من نوم غفلته .......... لفهم آداب أهل الأعصر الأول)

(قالوا امتدح عظماء الناس قلت لهم .......... خوف الزنابير يثنيني عن العسلِ)
إلى أن قال:
(يا رُبّ بيضٍ سللن من حدقٍ .......... سودٍ ومشي كأعطاف القنا الذُّبلِ)

(هيف الخصور نقيات الثغور أثي .......... ثات الشُّعور هجرن الكحل للكحلِ)

(مثل الشموس انجلى عنها الغمام إذا .......... غازلتنا من وراء السُّجف والكللِ)
ومنها:
(وما تركت مقال الشعر عن خور .......... ولا انتجاع كرام الناس من كسلِ)

(لكن أروني كريماً في الزمان وما .......... شئتم من المدح فاستلموه من قبلي)

(لا تأسفنَّ على ما لم تنله من ال .......... دنيا فليس ينال الرِّزق بالحيلِ)
وهي نيّف وتسعون بيتاً، وقد مدح ملوكاً، وأكابر. توفي في المحرم بالشاغور.
4 (حرف الكاف)

4 (كيكاوس بن كيخسرو بن قلج رسلان.)

(44/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 257
السلطان الملك الغالب عز الدين صاحب الروم: قونية، وملطية، وأقصرا، وأخو السلطان علاء الدين كيقباذ. قال أبو المظفر ابن الجوزي: كان جباراً، ظالماً، سفاكاً للدماء. وكان لما عاد إلى بلده من كسرة الملك الأشرف له بحلب، عند مجيئه ليأخذ حلب إذ مات سلطانها الملك الظاهر، اتهم جماعةً من أمراء دولته أنهم قصَّروا في القتال، وكذا كان، فسلق بعضهم في القدور، وجعل آخرين في بيت وأحرقهم. فأخذه الله بغتةً، فمات فُجاءة وهو سكران. وقيل: بل ابتلي في بدنه فتقطَّع. وكان أخوه كيقباذ محبوساً، وقد همّ بقتله، فبادروا وأخرجوه وسلطنوه. وكان موته في شوال. وقيل: هو الذي أطمع الفرنج في دمياط. قال ابن واصل: قصد كيكاوس حلب، وقالوا له: المصلحة أنك تستعين في أخذها بالملك الأفضل ابن السلطان صلاح الدين، صاحب سمسياط، فإنه في طاعتك، ويخطب لك، والناس) تميل إليه. فاستدعاه من سميساط، فقدم عليه، فبالغ في إكرامه، وتقرر بينهما: أن ما يفتحانه من حلب ومن أعمالها يكون للأفضب، وتكون السِّكة فيه والخطبة لكيكاوس، ثم يقصدون بلاد حرّان والرُّها، وغيرها، ويكون ذلك لكيكاوس، وتحالفا على ذلك. وسارا فملكا قلعة رعبان، وسلَّمها للأفضل، ومال الناس حينئذ إلى كيكاوس لميله إلى الأفضل، ثم سارا

(44/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 258
إلى تل باشر وبها ابن دلدرم، فنازلوه إلى أن أخذوها، ولم يسّمها كيكتوس للأفضل، فنفر منه، وخاف أن يعامله كذلك في حلب، ونفر أيضاً منه أهل الناحية. واستصرخ الأتابك طُغريل بالأشرف، فنجد الحلبيين، ومعه عرب طي. وكاتب كيكاوس أمراء حلب واستمالهم. فعسكر الأشرف بظاهر حلب، وخرج إلى خدمته الأمراء، فخلع عليهم. وقدم عليه أمير العرب مانع في جمعٍ كبير. ثم سار كيكاوس فأخذ منبج صلحاً، ثم وقعت العرب على مقدمة كيكاوس فكسرتهم، واستبيحت أموال الروميّين، وقتل منهم جماعة، وأسر طائفة. فلما سمع بذلك كيكاوس طار عقله وانهزم، وتبعه الأشرف يتخطف أطراف عسكره، ثم أحاط بتلِّ باشر وأخذها من نواب كيكاوس وأطلقهم، ثم أخذ رعبان أيضاً، وردَّ الجميع إلى ابن أخيه الملك العزيز الصّبي. وكان هلاك كيكاوس بالخوانيق بعد هزيمته بقليل.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن إبراهيم الخطيب.)
أبو عبد الله الغساني الحموي، ويعرف بابن جاموس، الشافعي. تفقّه بحماه. وحدَّث بالبيت المقدس بالمقامات عن أبي بكر بن النَّقور، عن الحريري. وولي خطابة الجامع العتيق بمصر، والتدريس بمشهد مدة. وكان من أكابر الشافعية. لقبه: شهاب الدين.

(44/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 259
وتوفي في العشر الأوسط من ربيع الأول، وقد شاخ.
4 (محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز.)
العلامة أبو جعفر الرازي، الحنفي. شيخ الحنفية ومدرسهم بالموصل. مات بالموصل. وكان من كبار الأئمة، صاحب فنون. وله مصنَّف في المذهب.) توفي في رجب.
4 (محمد بن إسماعيل بن حمدان.)
أبو بكر الحيراني، نزيل بلد الجزيرة.

(44/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 260
كان فقيهاً شافعياً، أديباً، شاعراً، امتدح السلطان الملك الناصر صلاح الدين، وهو على الموصل، فأجازه بثلاثمائة دينار، وفرس، وخلعة. وولي قضاء القدس، ثم عاد إلى الجزيرة وصار محتسبها.
4 (محمد بن إلياس بن عبد الرحمن ابن الشيرجي.)
أبو بكر الأنصاري، الدمشقي، المعدَّل. حدَّث بالإجازة عن السلفي.
4 (محمد بن أيوب.)
أبو بكر، الملك العادل. إنما بُعرف بكنيته فأخرته.
4 (محمد بن الحسين بن أحمد بن علي بن محمد ابن الدَّامغاني.)
أبو عبد الله. ناب في القضاء عن أخيه قاضي القضاة أبي القاسم عبد الله. ومات في شعبان قبل أخيه بثلاثة أشهر، ببغداد.
4 (محمد بن علوان بن مهاجر بن علي بن مهاجر.)
الإمام شرف الدين أبو المظفر الموصلي، الشافعي. ولد في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.

(44/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 261
وتفقّه ببغداد بالنظامية على العلامة أبي المحاسن يوسف بن بندار. وسمع الحديث من جماعة منهم: الحسين بن المؤمل، ومحمد بن علي بن ياسر الجياني، وتفقّه بالموصل على الفقيه أبي البركات عبد الله بن الخضر ابن الشيرجي حتى برع. ودرَّس بالمدرسة التي أنشأها أبوه علوان. ودرَّس بمدارس أُخر. وله تعليقة في الفقه. وحدَّث عن الحسين بن محمد بن سليم الموصلي. ومات بالموصل، في ثالث المحرم. وهو من بيت حشمة، وثروة.) روى عنه: الزكي البرزالي، والتقي اليلداني، وبالإجازة الشهاب القوصي.
4 (محمد بن علي بن محمد بن عبد الملك.)
أبو بكر اللخمي، الإشبيلي، المعروف بابن المرخي. أخذ عن أبيه أبي الحكم، وغيره. قال الأبار: كان كاتباً، أديباً، بليغاً، حافظاً، ناظماً، ناثراً. وله كتاب في الخيل، وكتاب حلية الأديب في اختصار المصنف الغريب. وكان أبوه وجده من الكتاب.

(44/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 262
4 (محمد بن محمد بن محمد بن عمروك.)
الشريف الصالح فخر الدين أبو الفتوح القرشي، التيمي، البكري، النيسابوري، الصوفي. ولد في أول سنة ثمان عشرة وخمسمائة، بنيسابور. ولو سمع على مقدار عمره لكان مسند عصره، ولكنه سمع في كبره من أبي الأسعد هبة الرحمن القشيري. وسمع ببغداد من الحسين بن نصر بن خميس، وبالإسكندرية مع ابنه محمد من السلفي. ولقي جماعة من الصوفية. وحدَّث بمكة، ومصر، والشام، وبغداد، وجاور مدة. وتوفي هو ورفيقه أبو عبد الله محمد بن عبد الغفار الهمذاني الصوفي المعروف بالمكبس، وقد سمع معه من السلفي، وولد بهمذان سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. روى عن أبي الفتوح: أبو الحجاج يوسف بن خليل، وأبو عبد الله البرزالي، وأبو محمد المنذري، وحفيده الصدر أبو علي، والبرهان إبراهيم ابن الدَّرجي، والشيخ شمس الدين عبد الرحمن، والفخر علي، والشهاب القوصي، والشمس ابن الكمال، وآخرون.

(44/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 263
توفي في حادي عشر جمادى الآخرة. وله ثمان وتسعون سنة.
4 (محمد بن محمد بن محمد.)
وقيل: سمه أحمد، أبو حامد، الفقيه السمرقندي، الحنفي. العلامة ركن الدين العميدي، صاحب الجُست والطريقة. كان بارعاً في الجُست والخلاف. اشتغل على الرضي النيسابوري، وكان أحد الأربعة الذين برزوا على الرضي: هو، والركن) الطاووسي، والركن زادا، وآخر لقبه: الركن. وصنف العميدي طريقته المشهورة، وصنَّف الإرشاد واعتنى بشرحه جماعة منهم: قاضي دمشق شمس الدين أحمد الخوبي، وأوحد الدين الدوني، قاضي منبج، ونجم الدين ابن المرندي، وبدر الدين المراغي الطويل. وصنَّف العميدي أشياء أخر.

(44/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 264
واشتغل عليه خلق منهم: نظام الدين أحمد ابن العلامة جمال الدين محمود الحصيري. وكان كثير التواضع، طيِّب المعاشرة، حسن الأخلاق. توفي في جمادى الآخرة، ببخارى. وليس علمه مما يرشد إلى الله والدار الآخرة، ولا هو من عدّة القبر، فالله المستعان
4 (محمد بن أبي جعفر محمد بن عبد الواحد بن محمد بن علي ابن الصباغ.)
أبو غالب البغدادي، المعدَّل. ولد في حدود الأربعين وخمسمائة. وسمع من: القاضي أبي الفضل الأرموي، وابن الزَّاغوني، وأبي الوقت. وهو من بيت القضاء والرواية، حدَّث من بيته جماعة. وروى عنه: الدُّبيثي. ومات في شعبان. وقد اغترَّ بقول قاضي العراق محمد بن جعفر العباسي، ووضع خطَّه في كتاب مزور، كتب عليه عورض بأصله، ولم يكن له أصل، وكتب قبله أحمد بن أحمد البندنيجي المحدِّث فاطمأن إليه، فلما ظهر الحال عزل القاضي، وشهِّر هذان ببغداد على جملين. نسأل الله العافية
4 (محمد بن نزار البغدادي القصري.)

(44/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 265
أبو بكر المعروف بابن أبي البير. قرأ القرآن على سعد الله بن نصر ابن الدَّجاني. وسمع من أحمد بن المقرَّب. وحدَّث روى عنه ابن النجار.
4 (مسعود، السلطان الملك القاهر، عز الدين.)
) أبو الفتح بن أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن زكي، صاحب الموصل. ولد سنة تسعين وخمسمائة. وولي السلطنة بعد أبيه سنة سبع وستمائة. قال الحافظ عبد العظيم: كان موصوفاً بالحلم، والكرم والعدل، وأوصى بالملك إلى ولده نور الدين أرسلان شاه. وقيل: إنه مات في ربيع الآخر مسموماً. وعاش خمساً وعشرين سنة. قال أبو شامة: بلغني أن لؤلؤاً يعني بدر الدين صاحب الموصل سقى القاهر، قال: ثم أدخل ابنه محموداً يعني أرسلان شاه بعد ذلك حمّاماً، وأغلقه عليه، فتلف. وكان من الملاح.

(44/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 266
وقال ابن الأثير: كانت ولاية القاهر سبع سنين وتسعة أشهر. وكان سبب موته أنه أخذته حُمّى، ثم فارقته الغد، وبقي يومين موعوكاً، ثم عاودته الحمى مع قيء كثير، وكرب شديد، وقلق متتابع. ثم برد بدنه وعرق، وبقي كذلك إلى وسط الليل، ثم توفي. وكان حليماً، كريماً، قليل الطمع، كافاً عن الأذى، مقبلاً على لذاته. وكان محبوباً إلى رعيته، فأصيبوا بموته، وعظم عليهم فقده. أوصى بالملك إلى ولده نور الدين أرسلان شاه، وله عشر سنين، والمدبر لدولته بدر الدين لؤلؤ، فضبط المملكة له مع صغر السلطان، وكثرة الطامعين فإنه كان في البلد أعمام أبيه. ولكنه كان لا يزال مريضاً بعدة أمراض بعد قليل من السنة. فرتب بدر الدين لؤلؤ أخاه ناصر الدين، صبي له ثلاث سنين، صورة.
4 (مسعود الحبشي الفرّاش.)
مولى المستنجد بالله يوسف ابن المقتفي. سمع من: أبي المعالي الباجسرائي، وأبي الخير عبد الرحيم بن موسى الإصبهاني. وحدَّث. ومات في ربيع الأول.
4 (مظفر بن أبي محمد بن أبي البركات بن غيلان.)
أبو الفتح الأزجي، الطَّحان. سمع من: أبي الفضل الأرموي.) وحدَّث روى عنه: البرزالي، والدُّبيثي. ومات في شعبان، وقد قارب الثمانين.

(44/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 267
قال ابن النجار: سمع الكثير، وكان لا بأس به.
4 (حرف النون)

4 (نجاح الشرابي.)
الأمير نجم الدولة، مولى الناصر لدين الله. كان كبير القدر معظَّماً، ملازماً لأمير المؤمنين الناصر، لا يكاد يغيب عنه، ويعتمد عليه، وهو الكل. وكان ديّناً، سمحاً، جواداً، عاقلاً، رئيساً، يحب المساكين ويؤثرهم، ويأخذ للضعيف من القوي. وكان يسمى سلمان دار الخلافة. وكان أسمر اللون. وقال المنذري: هو أبو اليُمن، ولقبه: العز. توفي في رابع رمضان. وقال غيره: حزن عليه الخليفة حزناً عظيماً، وتصدَّق عنه من ماله بعشرة آلاف دينار. وكانت له جنازة مشهودة، كان بين يديها ألف شاة، ومائة بقرة، ومائة حمل خبز، ومائة قوصرة تمر، وعشرون حمل ماء ورد. ومماليكه يضجون بالبكاء. صلى عليه الخليفة تحت التاج.
4 (نجم بن أبي الليث أرسلان بن علي بن غُرلو التركي الأصل الحنفي.)
نجم الدين الواعظ، المعروف بابن الفصيح. سمع من السلفي. وحدث.

(44/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 268
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن عبد الله.)
أبو الفوارس الواسطي، عرف بابن شباب. حدَّث بواسط عن: أبي المحاسن عبد الرزاق بن إسماعيل القومساني، وابن عمه المطهر بن عبد الكريم. وتوفي في رجب، بباكسايا.
4 (حرف الياء)
)
4 (يوسف بن مسعود بن بركة.)
أبو المحاسن الشيباني الشاعر الشيعي، والد الشهاب التلعفري الشاعر. ولد سنة ستين وخمسمائة. وله مدائح في أهل البيت، ومن شعره:
(من مجيري من ظبيةٍ ذات دلٍّ .......... تتثنى غُصناً وترنو غزالا)

(ذات شكلٍ لو كوِّن الحسن ثوباً .......... وارتدته لما استزادت كمالا)

4 (الكنى)

4 (أبو بكر السلطان الملك العادل.)

(44/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 269
سيف الدنيا والدين، ابن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي بن يعقوب بن مروان الدويني، ثم التكريتي، ثم الدمشقي. ولد ببعلبك في سنة أربع وثلاثين، إذ أبوه نائب عليها للأتابك زنكي والد نور الدين محمود. وهو أصغر من أخيه السلطان صلاح الدين بسنتين. وقيل: مولده سنة ثمان وثلاثين. وقيل: ولد في أول سنة أربعين. قال أبو شامة: توفي الملك العادل، سيف الدين أبو بكر محمد بن أيوب، وهو بكنيته أشهر، ومولده ببعلبك، وعاش ستاً وسبعين سنة. ونشأ في خدمة نور الدين مع أبيه، وإخوته. وحضر مع أخيه صلاح الدين فتوحاته. وقام أحسن قيام في الهدنة مع الإنكلتير ملك الفرنج بعد أخذهم عكا. وكان صلاح الدين يعول عليه كثيراً، واستنابه بمصر مدة، ثم أعطاه حلب، ثن أخذها منه لولده الظاهر، وأعطاه الكرك عوضها، ثم حران. وقال غيره: كان أقعد الملوك بالملك، وملك من بلاد الكرج إلى قريب همذان، والشام، والجزيرة، ومصر، والحجاز، واليمن، إلى حضرموت. وقد أبطل كثيراً من الظلم والمكوس. وقال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: امتدَّ ملكه من الكرج إلى همذان،

(44/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 270
والجزيرة، والشام ومصر، واليمن. وكان خليقاً بالملك، حسن التدبير، حليماً، صَفوحاً، عفيفاً ديّناً، متصدقاً، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر طهَّر جميع ولايته من الخمور، والخواطئ، والمُكوس، والمظالم. كذا قال أبو المظفّر والعهدة في هذه المجازفة عليه. قال وكان الحاصل من جهة ذلك بدمشق خصوصاً مائة ألف دينار، فأبطل الجميع لله، وأعانه) على ذلك واليه المعتمِد. وفعل في غلاء مصر عُقيب موت العزيز ما لم يفعله غيره. كان يخرج بالليل ومعه الأموال فيفرّقها، ولولاه لمات الناس كلهم. وكفّى في تلك السنة ثلاثمائة ألف نفس من الغرباء. قلت: هذا خسف من لا يتّقي الله فيما يقوله. قال ابن خلِّكان: ولما ملك صلاح الدين حلب في صفر سنة تسع وسبعين، أعطاها للعادل، فانتقل إليها في رمضان، ثم نزل عنها في سنة اثنتين وثمانين للملك الظاهر، فأعطاها صلاح الدين الكرك. وقضاياه مشهورة مع الأفضل والعزيز. وآخر الأمر استقل بمملكة الديار المصرية. ودخل القاهرة في ربيع الآخر سنة ست وتسعين، وملك معها البلاد الشامية والشرقية، وصفت له الدنيا. ثم ملك اليمن سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسير إليها ولد ولده الملك المسعود صلاح الدين يوسف المنعوت بأقسيس ابن الكامل. وكان ولده نجم الدين الملك الأوحد ينوب عنه بميّافارقين، فاستولى على خلاط، وبلاد أرمينية في سنة أربع وستمائة. ولما تمهدت له البلاد، قسمها بين أولاده: الكامل، والمعظَّم، والأشرف. وكان عظم ملكه، وجميل سيرته، وحسن عقيدته، ووفور دينه، وحزمه، وميله إلى العلماء مشهوراً حتى صنف له فخر الدين الرازي كتاب تأسيس التقديس وسيره إليه من خراسان. ولما قسم الممالك بين أولاده كان يتردد بينهم، وينتقل من مملكة إلى أخرى، وكان في الغالب يصيف بالشام، ويشتي بالديار المصرية.

(44/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 271
قال: وحاصل الأمر أنه تمتع من الدنيا، ونال منها ما لم ينله غيره. قال: وولد بدمشق في المحرم سنة أربعين، وقيل: سنة ثمان وثلاثين. قلت: ولما افتتح ولده إقليم أرمينية فرح العادل فرحاً عظيماً، وسير أستاذ داره ألدكز، وقاضي العسكر نجم الدين خليل إلى الخليفة يطلب التقليد بمصر والشام وخلاط وبلاد الجزيرة، فأكرما، وأرسل إليه الشيخ شهاب الدين السهروردي بالتشريف، ومرّ بحلب ووعظ بها، واحترمه الظاهر، وبعث معه بهاء الدين ابن شداد بثلاثة آلاف دينار ينثرها إذا لبس العادل الخلعة. وتلقاه العادل إلى القصر، وكان يوماً مشهوداً ثم من الغد أفيضت عليه الجلع وهي: جبة سوداء بطراز ذهب، وعمامة سوداء بطراز ذهب، وطوق ذهب فيه جوهر. وقلِّد بسيف محلى جميع قرابه بذهب، وحصان أشهب بمركب ذهب، وعلم أسود مكتوب فيه بالبياض ألقاب الناصر لدين الله.) ثم خلع السهروردي على المعظم والأشرف، لكل واحد عمامة سوداء، وثوب أسود واسع الكم. وخلع على الصاحب ابن شكر كذلك، ونثر الذهب من رسل صاحب حلب وحماة وحمص، وغيرهم. وركب الأربعة بالخلع، ثم عادوا إلى القلعة. وقرأ ابن شكر التقليد على كرسي وخوطب العادل فيه بشاه أرمن ملك الملوك خليل أمير المؤمنين. ثم توجه السهروردي إلى مصر، وخلع على الكامل. وفيها أمر السلطان بعمارة قلعة دمشق، وألزم كل واحد من ملوك أهل بيته بعمارة برج. أعني في سنة أربع وستمائة. وقال الموفق عبد اللطيف في سيرة العادل: كان أصغر الإخوة، وأطولهم عمراً، وأعمقهم فكراً، وأنظرهم في العواقب، وأشدهم إمساكاً، وأحبهم للدرهم. وكان فيه حلم، وأناة، وصبر على الشدائد، وكان سعيد الجد، عالي الكعب، مظفراً بالأعداء من قبل السماء.

(44/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 272
وكان أكولاً نهماً، يحب الطعام واختلاف ألوانه. وكان أكثر أكله في الليل، كالخيل، وله عندما ينام آخر الأكل رضيع، ويأكل رِطلاً بالدمشقي خبيص السكر يجعل هذا كالجواشن. وكان كثير الصلاة، ويصوم الخميس، وله صدقات في كثير من الأوقات وخاصة عندما تنزل به الآفات. وكان كريماً على الطعام يحب من يؤاكله. وكان قليل الأمراض، قال لي طبيبه بمصر: إني آكل خبز هذا السلطان سنين كثيرة، ولم يحتج إليَّ سوى يوم واحد: أحضر إليه من البطيخ أربعون حملاً، فكسر الجميع بيده، وبالغ في الأكل منه، ومن الفواكه والأطعمة، فعرض له تخمة، فأصبح، فأشرت عليه بشرب الماء الحار، وأن يركب طويلاً، ففعل، وآخر النهار تعشَّى، وعاد إلى صحته. وكان نكّاحاً، يكثر من اقتناء السَّراري. وكان غيوراً لا يدخل داره خصي إلا دون البلوغ. وكان يحب أن يطبخ لنفسه، مع أن في كل دار من دور حظاياه مطبخ دائر. وكان عفيف الفرج لا يعرف له نظر إلى غير حلائله. نجب له أولاد من الذكور والإناث سلطن الذكور وزوج البنات بملوك الأطراف. آخر ما جرى من ذلك بعد وفاته: أن ملك الروم كيقباذ خطب إلى الملك الكامل أخته، واحتفل احتفالاً شديداً، واجتمع في العرس ملوك وملكات. وكان العادل قد أوقع الله بغضته في قلوب رعاياه، والمخامرة عليه في قلوب جنده، وعملوا في) قتله أصنافاً من الحيل الدقيقة مرات كثيرة. وعندما يقال: إن الحيلة قد تمت، تنفسخ، وتنكشف، وتحسم موادها. ولولا أولاده يتولون بلاده لما ثبت ملكه بخلاف أخيه صلاح الدين فإنه إنما حفظ ملكه بالمحبة له، وحسن الطاعة، ولم يكن رحمه الله بالمنزلة المكروهة وإنما كان الناس قد ألفوا دولة صلاح الدين وأولاده. فتغيرت عليهم العادة دفعة واحدة، ثم إن وزيره ابن شكر بالغ في الظلم وتفنن. ومن نياته الجميلة أنه كان يعرف حق الصحبة، ولا يتغير على أصحابه، ولا

(44/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 273
يضجر منهم، وهم عنده في حظوة. وكان يواظب على خدمة أخيه صلاح الدين يكون أول داخل وآخر خارج وبهذا جلبة، فكان يشاوره في أمور الدولة لما جرب من نفوذ رأيه. ولما تسلطن الأفضل بدمشق، والعزيز بمصر، قصد العزيز دمشق، وذاق جنده عليها شدائد، فرحل عنها، ثم حاصرها نوبة ثانية ومعه عمه العادل فأخذها، وعوض الأفضل بصرخد، ولم يزل العادل يفتل في الذروة والسنام، حتى أقطعه العزيز دمشق وهي السبب في أن تملَّك البلاد كلها. وأعطى ابن أبي الحجاج يعني كاتب الجيش لما جاءه بمنشورها ألف دينار. ثم أخذ يدقق الحيلة حتى يستبينه العزيز على مصر، ويقيم هو بدمشق يتمتع في بساتينها، بعض أصحابه فرمى قلنسوته بين يديه، وقال: ألم يكفك أنك أعطيته دمشق، حتى تعطيه مصر فنهض العزيز لوقته على غرّة ولحق بمصر. ثم شغب الجند، وجرت أمور إلى أن اجتمع الأفضل والعادل، وقصدا مصر، وخامر جميع الأجناد على الملك العزيز، وصاروا إلى الأفضل والعادل، حتى خلت مصر والقاهرة منهم، وتهدمت دولة العزيز، ثم أصبحت، وقد عادت أحسن مما كانت، وصار معه كل من كان عليه، ورجع الملك العادل في خدمته، وردَّ الأفضل إلى الشام. ثم إن العادل توجه إلى الشام، وحشد وعبر الفرات، ونازل قلعة ماردين يحاصرها، وبذل الأموال، وأخذ الربض. ثم إن الملك الأفضل وجد فرصة ونزل هو وأخوه الملك الظاهر صاحب حلب، على دمشق يوم الثلاثاء فأصبح الملك العادل خارجاً من أبواب دمشق، فانقطعت قلوبهم، وتعجبوا متى وصل وكان لما سمع بنزولهم، استناب ابنه الكامل، وسار على النجائب في البرية فلحق دمشق قبل نزولهم بليلة، ومع هذا فضايقوه. وكان أكثر أهل المدينة معهم عليه إلى أن اختلف الإخوان أيهما يملكها وتنافسا فتقاعسا. ورحل الملك الظاهر فضعف الأفضل،) ورحل. وبلغت نفقة العادل عليها وعلى ماردين ألف ألف دينار. وسعد العادل بأولاده: فمن ذلك أمر خلاط فإن ملكها شاه أرمن ملك مملوكه بكتمر، ومات بعد صلاح الدين بنحو شهرين قتله الملاحدة. وملك بعده هزار ديناري مملوكه وبقي قليلاً، ومات. وتملك بعده ولد بكتمر، وكان

(44/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 274
جميل الصورة، حديث السنّ، فاجتمع إليه الأرذال والمفسدون، وحسّنوا له طرقهم فغار الأخيار، وملَّكوا عليهم بلبان مملوك شاه أرمن، وقتل ولد بكتمر أو حبسه. وكانت أخته بنت بكتمر مزوجة بالملك المغيث طغريل بن قلج أرسلان صاحب أرزن الروم، وبين بلبان والمغيث معاقدة ومعاضدة، ولابن بكتمر جماعة يهوونه، فكاتبوا الملك الأوحد ابن العادل صاحب ميافارقين، فقصد خلاط، فسار المغيث لينصر بلبان، فانكف الأوحد، وطمع المغيث في خلاط، فاغتال بلبان، قتله ابن حق باز. وتسلم المغيث خلاط، فحصل لأهلها غبن إذ غدر بملكهم فمنعوه. ثم إنه قبض يده عن الإحسان المنسي الضغائن، وقال له بعض الأمراء: ابذل قد ألف دينار، وأنا الضَّامن بحصول البلد. قال: أخاف أن لا يحصل ويضيع مالي. فعلموا أنه صغير الهمة فتفرقوا عنه، وكاتبوا الواحد فجاء وملكها، ثم اختلفوا عليه ونكثوا، فبذل فيهم السيف، وانهزم طائفة. قال الموفق: فقال لي بعض خواصه: إنه قتل في مدة يسيرة ثمانية عشر ألف نفس من الخواص. وكان يقتلهم ليلاً بين يديه، ويلقون في الأبار. وما لبث إلا قليلاً واختل عقله ومات، وتوهم أبوه أنه جن، فسيَّر إليه ابن زيد المعزِّم وصدقة الطبيب من دمشق. وتملَّك خلاط بعده أخوه الأشرف. ومات الظاهر قبله بسنتين، فلم يتهنَّ بالملك بعده. وكان كل واحد منهما ينتظر موت الآخر، فلم يصف له العيش لأمراض لزمته بعد طول الصحة، والخوف من الفرنج بعد طول الأمن. وخرجوا إلى عكا وتجمعوا على الغور، فنزل العادل قبالتهم على بيسان، وخفي عليه أن ينزل على غقبة فيق، وكانوا قد هدموا قلعة كوكب وكانت ظهرهم. ولم يقبل من الجواسيس ما أخبروه بما عزم عليه الفرنج من الغارة، فاغترّ بما عودته المقادير من طول السلامة، فغشيت الفرنج عسكره على غرة. وكان قد أوى إليهم خلقٌ من أهل البلاد يعتصمون به. فركب مُجدّاً ورماح الفرنج في أثره حتى وصل دمشق إلى شفا، وهمَّ بدخولها، فمنعه المعتمد وشجَّعه وقال: المصلحة أن تقيم بظاهر دمشق. وأما الفرنج فاعتقدوا أن هزيمته مكيدة، فرجعوا من قريب دمشق بعدما عاثوا في البلاد قتلاً وأسراً، وعادوا إلى بلادهم) وقصدوا دمياط في البحر فنازلوها.

(44/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 275
وكان قد عرض له قبل ذلك ضعفٌ، ورعشة، وصار يعتريه ورم الأنثيين، فلما هزته الخيل على خلاف العادة، ودخله الرعب، ولم يبق إلا مدة يسيرة، ومات بظاهر دمشق. وكان مع حرصه يهين المال عند الشدائد غاية الإهانة، ويبذله. وشرع في بناء قلعة دمشق، فقسم أبرجتها على أمرائه وأولاده، وكان الحفارون يحفرون الخندق، ويقطعون الحجارة، فخرج من تحته خرزة بئر فيها مائة معين. ومن نوادره: أن عنتر العاقد بلغه أن شاهداً شهد على القاضي زكي الدين الطاهر بقضية مزوّرة فتكلم عنتر في الشاهد وجرحه، فبلغ العادل. فقال: من عادة عنتر الجرح. وتوضأ مرة، فقال: اللهم حاسبني حساباً يسيراً. فقال رجل ماجن له: يا مولانا إن الله قد يسَّر حسابك. قال: ويلك وكيف ذلك قال: إذا حاسبك فقل له: المال كله في قلعة جعبر لم أفرط منه في قليل ولا كثير وقد كانت خزانته بالكرك ثم نقلها إلى قلعة جعبر وبها ولده الملك الحافظ، فسول له بعض أصحابه الطمع فيها، فأتاها الملك العادل ونقلها إلى قلعة دمشق، فحصلت في قبضة المعظَّم فلم ينازعه فيها إخوته. وقيل: إن المعظَّم هو الذي سول لأخيه الحافظ الطمع والعصيان، ففعل، ولم يفطن بأنها مكيدة لترجع الأموال إليه. ثم إنه أخرج سراري أبيه من دمشق واستصفى أموالهم وحليهم، وشرع يضع على أملاك دمشق القطائع والخراجات الثقيلة والخمس على البساتين، والثمن على المزروعات. قرأت بخط الكندي في تذكرته حدثنا شرف الدين ابن فضل الله سنة اثنتي عشرة بدمشق، حدّثنا والدي أن القاضي بهاء الدين إبراهيم بن أبي اليُسر، حدَّثه، قال: بعثني الملك العادل رسولاً إلى علاء الدين سلطان الروم، فبالغ في إكرامي، فجرى ذكر الكيمياء، فأنكرتها، فقال: ما أحدثك إلا ما تمَّ لي وقفلي رجل مغربي، فسلم علي، وكلَّمني في هذا، فأخذته، وطلب مني أصنافاً عيَّنها، فشرع يعمل لي ذهباً كثيراً حتى أذهلني. ثم بعد مدة طلب مني إذناً في

(44/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 276
السفر، فأبيت، فألح حتى غضبت، وكدت أقتله، وهددته، وجذبت السيف، فقال: ولا بدَّ، ثم صفق بيديه وطار، وخرج من هذا الشباك. فهذا رجل صحّ معه الكيمياء والسيمياء. قلت: وقد سمع من أبي الطاهر السلفي، وغيره.) وحدَّث روى عنه: ابنه الملك الصالح إسماعيل، والشهاب القوصي، وأبو بكر ابن النُّشبي. وكان له سبعة عشر ولداً، وهم: شمس الدين ممدود والد الملك الجواد، والملك الكامل محمد، والملك المعظم عيسى، والملك الأشرف موسى، والملك الأوحد أيوب، والملك الفائز إبراهيم، والملك شهاب الدين غازي، والملك العزيز عثمان، والملك الأمجد حسن، والملك الحافظ رسلان، والملك الصالح إسماعيل، والملك المغيث عمر، والملك القاهر إسحاق، ومجير الدين يعقوب، وتقي الدين عباس، وقطب الدين أحمد، وخليل. وكان له عدة بنات. فمات في أيامه: شمس الدين ممدود، ويقال: مودود، والمغيث عمر، وخلف ولداً لقب باسم أبيه، وهو المغيث محمود بن عمر، وكان من أحسن أهل زمانه رباه عمه المعظم، ومات سنة ثلاثين وستمائة. ومات منهم في حياته: الملك الأمجد، ودفن بالقدس، ثم نقل فدفن جوار الشهداء بمؤتة من عمل الكرك. وآخر أولاده وفاة عباس، وهو أصغر الأولاد، بقي إلى سنة تسع وستين وستمائة، وكان مولده في سنة ثلاث وستمائة، وقد روى الحديث. وكان العادل من أفراد العالم. وتوفي في سابع جمادى الآخرة بعالقين: منزلة بقرب دمشق. فكتبوا إلى الملك المعظم ابنه، وكان بنابلس، فساق في ليلة، وأتى فصبَّره وصيَّره في محفة، وجعل عنده خادماً يروح عليه، ودخلوا به قلعة دمشق، والدولة يأتون إلى المحفة، وسُجفها مرفوعة، يعني أنه مريض، فيقبلون الأرض. فلما صار بالقلعة أظهروا موته، ودُفن بالقلعة، ثم نُقل إلى تربته ومدرسته في سنة تسع عشرة، رحمه الله.

(44/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 277
قال أبو المظفر ابن الجوزي: دخلوا به القلعة ولم يجدوا له كفناً في تلك الحال، فأخذوا عمامة وزيره النجيب بن فارس، فكفنوه بها، وأخرجوا قطناً من مخدة، ولم يقدروا على فأس، فسرق كريم الدين فأساً من الخندق، فحفروا له في القلعة سراً، وصلى عليه ابن فارس. قال: وكنت قاعداً بجنب المعظم وهو واجم، ولم أعلم بحاله. فلما دُفن أبوه قام قائماً وشقَّ ثيابه، ولطم على وجهه، وعمل العزاء. ولما دخل رجب ردَّ المعظم المكوس والخمور وما كان أبطله أبوه، فقلت له: قد خلفت سيف الدين غازياً ابن أخي نور الدين فإنه كذا فعل لما مات نور الدين، فاعتذر بقلة المال وبالفرنج. ثم سار إلى بانياس، وراسل الصارم وهو بتبنين أن يسلم) الحصون، فأجابه، وخرَّب بانياس وتبنين وكان قُفلاً للبلاد، وأعطى جميع البلاد التي كانت لسركس لأخيه الملك العزيز عثمان، وزوجه بابنة سركس.
4 (أبو بكر الوهراني، وهو علي بن عبد الله بن المبارك الوهراني.)
المفسر، خطيب داريا. إمام فاضل، صنَّف تفسيراً، وشرح أبيات الجمل. وله شعر جيد. مات في نصف ذي القعدة. وقد مرّ الوهراني الكبير.
4 (وفيها ولد)
الكمال عبد الله بن محمد بن قوام الرصافي. والأمين أحمد بن عبد الله ابن الأشتري. وأبو جعفر محمد بن علي ابن الموازيني، بخلف فيه، فقيل: ولد سنة أربع عشرة. والتقي أحمد بن أبي الطاهر الحميري.

(44/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 278
والقطب علي ابن القاضي القضاة زكي الدين الطاهر بن محمد بن علي. والعماد محمد بن عثمان بن سلامة البزاز. والقاضي نجم الدين أبو بكر بن أحمد بن يحيى بن سني الدولة. والشيخ محمد بن جوهر التلعفري، المقرئ. والزاهد عمر بن نصير القوصي. والشهاب أحمد بن إسحاق الأبرقوهي. والمحب أحمد بن عبد الله الطبري. والشهاب محمد بن عبد الخالق بن مزهر المقرئ. والشيخ إبراهيم ابن العارف عبد الله الأرموي. والعز عبد الله بن أبي الزهر الصرفندي. وأحمد ابن السيف سليمان بن أحمد الحراني الحنبلي.

(44/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 279
4 (وفيات سنة ست عشرة وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن أبي يعلى حمزة بن علي بن هبة الله ابن الحبوبي.)
) أبو العباس الثعلبي الدمشقي. حدَّث عن أبيه. روى عنه الزكيان: البرزالي والمنذري، والشهاب القوصي، وقال: لقبه شمس الدين، والحافظ الضياء، والحافظ ابن الخليل، وابن البخاري، وآخرون. وتوفي في غرة شوال.
4 (أحمد بن سليمان بن أبي بكر بن سلامة.)
أبو العباس ابن الأصفر، الحريمي، المستعمل. ولد يوم عاشوراء سنة خمس وثلاثين. وسمع من: أحمد بن علي ابن الأشقر، وأحمد بن الطلاية، وسعيد البناء. وحدَّث ببغداد، والموصل روى عنه: الدُّبيثي، والزكي البرزالي، والضياء، وآخرون. وكان يعمل في العتابي.

(44/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 280
توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة.
4 (أحمد بن عمر بن أحمد بن عبد الرحمن.)
أبو القاسم الخزرجي، القرطبي، التاجر. كان عالي الإسناد، يعالج التجارة. وقد أخذ عن: أبي عبد الله الحمزي، والزاهد أبي العباس ابن العريف، والخطيب أبي محمد النفري. وأجاز له القاضي أبو بكر ابن العربي، وجماعة. واحتاج الناس إليه لعلو سنده. وتوفي في جمادى الأولى وله خمس وثمانون سنة. قاله الأبار. وقال ابن مسدي: كتب إلينا أحمد بن عمر الخزرجي، عن أبي الحسن بن موهب الجذامي، وهو آخر من روى على وجه الأرض عن ابن موهب. ثم قال ابن مسدي: كان شيخنا عنده آداب حسنة، وروايات مستحسنة. من ذوي الثروة واليسار. وقرأ القرآن على ابن رضى بقرطبة. وأجاز له أربعون رجلاً تفرَّد بأكثرهم.

(44/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 281
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن خلف بن اليسر.)
) الإمام أبو جعفر القشيري، الغرناطي، المقرئ، الزاهد، العابد. أخذ القراءات عن أبيه أبي عبد الله وأكثر عنه. ووالده من أصحاب أبي الوليد بن نقوة، وأبي الحسن بن ثابت، وأبي عبد الله النوالشي. قال ابن مسدي: قرأت على أبي جعفر لورش وقالون تجويداً غير مرة، وسمعت منه صدور كتب. مات في عشر السبعين، وازدحموا على نعشه، وتأسفوا عليه.
4 (أحمد بن محمد بن سيدهم بن هبة الله بن سرايا.)
أبو الفضل الأنصاري، الدمشقي، الوكيل الجابي، المعروف بابن الهراس. ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. وسمعه أبوه الإمام أبي الفتح نصر الله المصيصي وقد تقدم ذكر أبيه وسمع أيضاً من نصر بن مقاتل السوسي، وغيره. روى عنه: الضياء، والزكي المنذري، والتقي اليلداني، والفخر علي، وشمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، وآخرون. وأجاز لأبي حفص ابن القواس.

(44/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 282
وكان من بقايا الشيوخ المسندين. توفي في ثالث عشر شعبان.
4 (أحمد بن محمود بن أحمد بن عبد الله.)
القاضي الأجل أبو العباس الواسطي، ثم البغدادي، الشافعي. ولد سنة تسع وخمسين. وتفقه على عمه أبي علي الحسن، وأبي القاسم يحيى بن فضلان. وسمع من: هبة الله بن يحيى ابن البوقي، وجماعة. وببغداد من: وفاء بن البهي، وابن شاتيل. وولي القضاء بالجانب الغربي. قال ابن النجار: ما رأيت أجمل طريقة منه مع ديانة تامة، وزهد. وكان من ألطف الناس خلقاً، ثقة، نبيلاً، حافظاً للمذهب. قرأ بالروايات على ابن الباقلاني، وعلي بن عباس الخطيب. وتفقّه، وقرأ الأصول. كتبت عنه وكان يقرأ سريعاً صحيحاً. ومات في ربيع الآخر.)
4 (أحمد بن أبي بكر.)
أبو العباس التُّجيبي، المصري، الزاهد، الحرار نسبة إلى عمل الحرير. حكى عنه الزكي المنذري، وقال: كان أحد الصالحين المذكورين، والعباد المشهورين، انتفع بصحبته جماعة. وتوفي في منتصف جمادى الآخرة.

(44/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 283
4 (إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن أغلب الخولاني، الأديب الأندلسي.)
المعروف بالزوالي. سمع من أبي مروان بن قذمان الكثير، ومن أبي إسحاق بن قرة وسمع من أبي عبد الله بن عبد الرزاق كتاب الكامل لابن عدي. ذكره الأبار، فقال: عني بالآداب، وشهر بها، وتجول كثيراً، وقال الشعر، وهو من أهل أشطبة عمل قرطبة. وتوفي بمراكش في آخر سنة ست عشرة. وله ست وسبعون سنة. وروى أيضاً عن: أبي الحسن بن هذيل، وابن النعمة.
4 (إبراهيم بن محمد بن خلف بن سوار.)
أبو إسحاق العباسي، السلمي، الأندلسي. من أهل حصن بلفيق. يعرف بابن الحاج. أخذ القراءات عن أبي محمد البسطي، وأبي القاسم بن البراق. وروى الحديث عن: أبي الحسن بن كوثر، وابن عروس، وعبد المنعم الخزرجي، وجماعة. قال الأبار: وكان عالماً مشاركاً سُنّياً، غلب عليه التصوف، وكثر من أهل التصوف الازدحام عليه، فغرَّبه السلطان عن وطنه. وتوفي بمراكش في جمادى الأولى. وكانت جنازته مشهودة. وعاش ثلاثاً وستين سنة.

(44/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 284
4 (إسحاق بن هبة الله بن صديق.)
القاضي أبو البشائر، قاضي خلاط. فقيه شافعي، أصولي، شاعر، أديب، واعظ، له مصنف في علم الكلام.
4 (حرف الباء)

4 (بارسطغان بن محمود بن أبي الفتوح.)
الفقيه أبو طالب، الحميري، الغزي، الشافعي.) سمع بالإسكندرية من أبي الطاهر بن عوف. وبدمشق من أحمد بن حمزة ابن الموازيني. وولي قضاء غزة. روى عنه: الزكي المنذري، وغيره. ومات بإربل في ربيع الأول.

(44/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 285
4 (بزغش الرومي.)
أبو منصور، عتيق أبي جعفر أحمد بن محمد بن حمدي البغدادي. سمع من: أحمد بن الطلاية، وأبي الفضل الأرموي، والفضل بن سهل الإسفراييني، وأبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام. روى عنه: ابن خليل، والدُّبيثي، والضياء. وتوفي في صفر. قال ابن النجار: كان صالحاً، صحيح السماع لكنه خرف وتغير في آخر عمره.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن عقيل بن أبي المعالي شريف بن رفاعة بن غدير.)
أبو علي السعدي، المصري، الشافعي. شيخ صالح، منقطع بمعبد ذي النون لخدمته. وأمَّ بالناس بالمسجد الذي بالحجارين بمصر مدة. ولد سنة أربع وثلاثين. وسمع جده لأمه عبد الله بن رفاعة. روى عنه: الزكي المنذري، وأبو بكر بن نقطة، وحفيده محمد بن عبد الحكم، وآخرون.

(44/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 286
وتوفي في التاسع والعشرين من رمضان.
4 (الحسن بن هبة الله بن الحسن بن علي بن الحسن.)
الرئيس أبو علي ابن الدوامي، البغدادي. سمع حضوراً من أبي الفضل الأرموي. وأجاز له: أبو محمد سبط الخياط، وأبو سعد أحمد بن محمد البغدادي، وجماعة. وولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. وكان صاحب الحجاب ببغداد، ووكيل أمير المؤمنين.) والدَّوامي: نسبة إلى خدمة الدَّوامية سرية القائم بأمر الله. توفي في رجب.
4 (حمزة بن السيد بن أبي الفوارس بن أبي أحمد.)
أبو يعلى الأنصاري، الدمشقي، الصَّفار، الفقيه المعروف بابن أبي لقمة، أخو أبي المحاسن محمد. حدَّث عن أبي القاسم الخفير بن عبدان الأزدي. روى عنه: الزكي البرزالي، والفقيه سليمان بن عبد الكريم، ومحمد بن عبد المنعم ابن القواس، وشيخنا أخوه عمر.

(44/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 287
وتوفي في ثامن عشر رمضان. وهو أصغر من أخيه، وأقل سماعاً منه.
4 (حرف الخاء)

4 (الخضر بن الحسين بن الخضر بن عبدان الأزدي.)
أبو القاسم الدمشقي. توفي في ثالث عشر شعبان. وهو العدل شمس الدين، من بيت الرواية والعدالة. روى عن أحمد ابن الموازيني، وغيره. ومات في أول الكهولة. روى عنه الشهاب القوصي، وورَّخه الضياء.
4 (حرف الدال)

4 (داود بن أحمد بن محمد بن منصور بن ثابت بن ملاعب.)
ربيب الدين أبو البركات البغدادي، الأزجي، الوكيل عند القضاة. ولد في أول سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفضل الأرموي، وابن ناصر، ومحمد ابن الزاغوني، ونصر بن نصر العكبري، وأبي الكرم الشهرزوري، وأبي الوقت السِّجزي، وأحمد بن بختيار المندائي.

(44/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 288
وحدَّث ببغداد، ودمشق، وروى الكثير. روى عنه: الشيخ الموفق، والضياء، وابن خليل، والزَّكيان: البرزالي والمنذري، والسيف أحمد) ابن المجد، وإبراهيم بن حمد، وأبو بكر ابن الأنماطي، والفخر علي، والشمس محمد ابن الكمال، والشمس ابن الزين، والتقي ابن الواسطي، وخلق سواهم. وأجاز لعمر ابن القوّاس، وللعماد عبد الحافظ. وكان صحيح السماع، بعض سماعاته في الخامسة. وتوفي في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة، يوم السبت، ودُفن من الغد بقاسيون. قال ابن النجّار: كان أبو متولّي كتابةً من قِبل الديوان، فأسمعه، واعتنى به، وحصّل له الأجزاء. وكان حسناً، متيقّظاً، صحيح السماع، متودّداً، له مروءة، ونفس حَسَنة. يحدّث من أصوله. روى عنه شيخنا أبو محمد بن قُدامة في معجمه.
4 (داود بن علي بن عُمر.)
أبو القاسم الحريمي. عُرف بابن صَعوة، القزّاز. حدّث عن أبي علي أحمد ابن الرحَبيّ. وتوفي في رجب.
4 (داود بن علي بن محمد بن عبد الله.)

(44/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 289
ابن رئيس الرؤساء، أبو أحمد الحَمَاميّ بالتخفيف البغدادي. سمع من شهدة، والطبقة، فأكثر. قال ابن نقطة: سماعه صحيح. مات في شعبان.
4 (داود بن يونس بن الحسين.)
الأجل أبو الفتح الأنصاري البغدادي، الكاتب في الديوان. ولد سنة إحدى وثلاثين. وسمع من: المبارك بن أحمد الأنصاري، ومسعود بن عبد الواحد بن الحصين، وأحمد بن عبد الله بن مرزوق الإصبهاني. روى عنه: الدُّبيثي وقال: توفي في تاسع عشر ربيع الآخر وابن النجار، وأثنى عليه.
4 (حرف الراء)

4 (ريحان بن تيكان بن موسك بن علي.)
) الشيخ الصالح المعمر، أبو الخير الكردي، البغدادي، الحربي، المقرئ الضرير.

(44/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 290
ولد قبل العشرين وخمسمائة، وكان يمكنه السماع من هبة الله ابن الحصين، وإنما سمع في كبره من أحمد بن الطلاية، والمبارك بن أحمد الكندي، وسعيد ابن البناء، وأبي الوقت. وقرأ القرآن على أبي حفص عمر بن عبد الله الحربي بالروايات. وإنما أضرَّ في آخر عمره. روى عنه: الدُّبيثي، والضياء، والزكي البرزالي، وجماعة. وأجاز للكمال عبد الرحمن المكبر. ومات في صفر.
4 (حرف السين)

4 (السامري، الفقيه الحنبلي.)
له تصانيف في المذهب. وهو محمد بن عبد الله. يأتي.
4 (ست الشام خاتون.)
أخت السلطان الملك العادل. واقفة المدرستين فدفنت بالبرانية. كانت سيدة الملكات في عصرها. كثيرة البر والصدقات. كان يعمل في دارها في السنة بمبلغ عظيم أشربة، وسفوفات، وعقاقير، وتفرقه على الناس.

(44/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 291
وكان بابها ملجأ كل قاصدٍ في حاجة إلى الدولة. ووقفت على المدرستين أوقافاً كثيرة عامرة، أثابها الله. ولها من المحارم عدة ملوك. وهي شقيقة المعظم تورانشاه. وسائر ملوك بني أيوب إما إخوتها، أو بنو إخوتها، وأولادهم. وتوفيت في سادس عشر ذي القعدة.
4 (ست العباد بنت أبي الحسن بن سلامة بن سالم.)
أم عبد الحكم المصرية، وزوجة الحسن بن عقيل بن شريف بن رفاعة. ظهر لها سماع في بعض الخِلعيات من ابن رفاعة. روى عنها: الزكي المنذري، والفخر ابن البخاري. حدَّثت في هذه السنة ولا أدري متى ماتت.) قال ابن نقطة: إلا أن عبد العظيم يتكلم في سماعها، ويقول: هو بخط رجل غير موثوق به. وقال الحافظ عبد العظيم في معجمه: لم تسكن نفسي إلى نقل سماعها. وقال ابن مسدي في معجمه: سماعها بخط النسابة أبي علي الجواني، المؤدب. سمعت من ثابت بن منصور الكيلي في سنة، وعمرت. روى عنها ابن النجار، وقال: توفيت في جمادى الآخرة.
4 (سعيد بن حسن بن علي.)
أبو منصور الكرخي، الطحان، المعروف بابن البزوري.

(44/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 292
حدَّث عن المبارك بن أحمد الكندي، وسعيد ابن البناء. ومات في شوال.
4 (سعيد بن محمد ابن العلامة أبي منصور سعيد بن محمد بن عمر.)
العدل ابن الرَّزاز، البغدادي. ولد سنة ثلاث وأربعين. وسمع البخاري من أبي الوقت ورواه. وسمع من نصر بن نصر العكبري. وحضر أبا الفضل الأرموي. روى عنه: الدُّبيثي، والزكي البرزالي. والمقداد بن أبي القاسم القيسي، وجماعة. أخبرنا أبي، أخبرنا المقداد، أخبرنا سعيد بن محمد، أخبرنا أبو الوقت، فذكر حديثاً. توفي في ثاني المحرم، فُجاءة.
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن أبي الحرم مكي بن عثمان بن إسماعيل.)
أبو التُّقى الشاَّرعي. سمع من: أبي طاهر السلفي، وغيره.

(44/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 293
روى عنه الزكي المنذري وقال: ولد سنة إحدى وستين وخمسمائة، ومات بثغر دمياط والعدو خذله الله يحاصرهم.
4 (صدقة بن جروان بن علي بن منصور.)
ابن الببغ، البواب.) حدَّث عن أبي الوقت. وقرأ القرآن على حمّاد بن سعيد المنوني. ومنونيا: قرية بالسواد. والببغ: قيّده ابن نقطة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن الحسين بن أبي البقاء عبد الله بن الحسين.)

(44/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 294
الإمام العلامة محب الدين أبو البقاء العكبري الأصل، البغدادي، الأزجي، الضرير، النحوي، الحنبلي، الفرضي، صاحب التصانيف. ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. وقرأ القراءات على أبي الحسن علي بن عساكر. وقرأ النحو على أبي محمد ابن الخشاب، وأبي البركات بن نجاح. وتفقّه على القاضي أبي يعلى الصغير محمد بن أبي خازم بن أبي يعلى، وأبي حكيم إبراهيم بن دينار النهرواني. وبرع في الفقه والأصول. وحاز قصب السبق في العربية. وسمع من: أبي الفتح البطي، وأبي زرعة المقدسي، وأبي بكر بن النقور، وغيرهم. ورحلت إليه الطلبة من النواحي، وأقرأ الناس المذهب، والفرائض، والنحو، واللغة. قال ابن النجار: قرأت عليه كثيراً من مصنفاته، وصحبته مدة طويلة. وكان ثقة، حسن الأخلاق، متواضعاً. ذكر لي أنه أضرّ في صباه بالجدري. ذكر تصانيفه: صنَّف تفسير القرآن وكتاب إعراب القرآن، وكتاب إعراب الشواذ، وكتاب متشابه القرآن، وكتاب عدد الآي، وجزءاً في إعراب الحديث. وصنّف تعليقاً في الخلاف، وصنّف شرح الهداية لأبي الخطاب، وكتاب المرام في المذهب، وثلاثة مصنفات في الفرائض، وكتاب شرح الفصيح، وكتاب شرح الحماسة، وكتاب شرح المقامات، وكتاب شرح

(44/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 295
خطب ابن نباتة. ثم ذكر ابن النجار تصانيف كثيرة، تركتها اختصاراً. روى عنه: الدُّبيثي، وابن النجار، والضياء المقدسي، والجمال ابن الصيرفي، وآخرون. وكان إذا أراد أن يُصنف كتاباً، أحضرت له عدة مصنفات في ذلك الفن، وقرئت عليه، فإذا) حصله في خاطره أملاه فكان بعض الفضلاء يقول: أبو البقاء تلميذ تلامذته، يعني، هو تبع لهم فيما يلقونه عليه. ومن شعره في الوزير ناصر بن مهدي العلوي:
(بكَ أضحى جيد الزمان محلى .......... بعد أن كان من حُلاه مخلى)

(لا يجاريك في تجاريك خلق .......... أنت أغلى قدراً وأعلى محلاً)

(دمت تحيي ما قد أميت من الفض .......... ل وتنفي فقراً وتطرد محلا)
توفي أبو البقاء في ثامن ربيع الآخر. وقرأت بخط السيف ابن المجد: سمعت المراتبي يقول: سمعت الشيخ أبا البقاء النحوي يقول: جاء إليَّ جماعة من الشافعية فقالوا: انتقل إلى مذهبنا ونعطيك تدريس النحو واللغة بالنظامية، فأقسمت وقلت: لو أقمتموني وصببتم علي الذهب حتى أتوارى به ما رجعت عن مذهبي.
4 (عبد الله بن علي بن أبي بكر بن عبد الجليل.)
الإمام أبو بكر الفرغاني الخطيب. ولد سنة إحدى وخمسين. سمع من: محمود ابن قاضي سمرقند، وأحمد بن محمود الصابوني، وعبد

(44/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 296
الرحمن بن محمد المروزي، والفضل بن علي بن غالب، وجماعة. وخرج أربعين حديثاً، وحدَّث بفرغانة، وبغداد. وكان فاضلاً أديباً. روى عنه الدُّبيثي، وقال: بلغنا أنه قتله الكفار التتار لما دخلوا سمرقند في ذي الحجة.
4 (عبد الله ابن القاضي الحافظ أبي المحاسن عمر بن علي.)
القرشي، الشيخ الصالح أبو بكر الدمشقي الأصل، البغدادي. ولد سنة ثمان وخمسين. وسمع بإفادة أبيه كثيراً من أبي الفتح البطي، ويحيى بن ثابت، وهذه الطبقة، وسمع عنه جماعة. وتوفي ببعقوبا في رمضان.
4 (عبد الله بن نجم بن شاش بن نزار بن عشائر بن عبد الله بن محمد بن شاس.)

(44/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 297
العلامة أبو محمد الجذامي، السعدي، المصري، الفقيه المالكي، جلال الدين ابن شاش.) تفقّه على الإمام يعقوب بن يوسف المالكي، وغيره. وسمع من عبد الله بن بري النحوي، وغيره. ودرَّس بمدرسة المالكية التي بمصر مدة. وصنَّف كتاب الجواهر الثمينة في المذهب وضعه على ترتيب كتاب الوجيز للغزالي، أحسن فيه ما شاء، وانتشر هذا الكتاب انتشاراً كبيراً، وانتفع به الفضلاء. وأقبل على النظر في السنة النبوية والاشتغال بها. وكان على غاية من الورع والتحرّي، رضي الله عنه. وبعد عوده من الحج امتنع من الفتوى إلى حين وفاته. وكان من بيت إمرة وتقدُّم. روى عنه الحافظ عبد العظيم ووصفه بهذا وأكثر، وقال: توفي في جمادى الآخرة، أو في رجب، غازياً بثغر دمياط، وله عدة أصحاب.
4 (عبد الله بن أبي القاسم بن أبي بكر بن حسين.)
أبو بكر الحريمي، النَّجاد، المعروف بابن زعرورة. حدَّث عن: أبي الوقت، وهبة الله ابن الشبلي، وغيرهما. ومات في جمادى الأولى.
4 (عبد الرحمن بن إسماعيل بن محمد بن علي بن عبد العزيز ابن السِّمِّذي.)
أبو محمد الحريمي الناسخ. سمع من: أبي المعالي ابن اللَّحاس، وأبي علي ابن الرَّحبي. وحدث.

(44/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 298
ومات في جمادى الأولى. 375 - عبد الرحمن بن القاسم. القاضي الفقيه الصالح أبو القاسم الجزولي، المالكي، النويري، قاضي البهنسا. استشهد بظاهر دمياط في ذي العقدة. وكان موصوفا بالصلاح والخير، مكرما للفقراء بالمرة. 376 - عبد الرحمن بن محمد بن إسماعيل بن خالد. الإمام أبو القاسم، ضياء الدين، القرشي، الشافعي المصري، ابن الوراق. تفقه على الشهاب محمد بن محمود الطوسي، ولزمه مدة، وصار معيده بمدرسة منازل العز. وقرأ الأصول على الإمام ظاهر بن الحسين المالكي. وسمع من: أبي البقاء عمر بن محمد المقدسي، وعبد الله بن بري. وولي القضاء بجيزة مصر، ودرس بالناصرية المجاورة للجامع العتيق. قال المنذري: سمعت منه، وتفقهت عليه مدة. وولد سنة ست وأربعين. وكان عالما صالحا، حسن الأخلاق، تاركا لما لا يعنيه. وكتب الكثير بخطه ؛ قيل: كتب أربعمائة مجلد. وصحب الزاهد أبا الحسن علي بن إبراهيم الأنصاري ابن بنت أبي سعد. وحكى عنه حكايات. وتوفي في سابع عشر جمادى الآخرة.

(44/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 299
377 - عبد الرحمن بن محمد بن علي بن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن يعيش. الأجل أبو الفرج الأنباري الأصل، البغدادي الكاتب، سبط قاضي القضاة أبي الحسن علي بن محمد ابن الدامغاني. ولد سنة ست وعشرين وخمسائة. سمع من: الحافظ عبد الوهاب الأنماطي، وأبي المظفر محمد بن التريكي، وغيرهما. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، والزكي البرزالي، وغيرهما. وعاش تسعين سنة، ومات في شعبان. قال ابن النجار: كان شيخا جليلا، حسن الأخلاق، جميل السيرة، أمينا. 378 - عبد الرحمن بن هبة الله بن أبي الفرج البغدادي. الخباز. روى عن: أبي جعفر أحمد بن محمد العباسي. ومات في شوال. 379 - عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم بن حسين. المحدث الخطيب تقي الدين أبو الوحش المقدسي الشافعي، إمام جامع المزة. لزم الحافظ أبا القاسم مدة، وأكثر عنه. وسمع من: إبراهيم بن الحسن الحصني، وابن صابر، وجماعة. ونسخ بخطه.

(44/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 300
روى عنه: الشهاب القوصي، وغيره. وروى لنا عنه بالإجازة شيخنا عمر ابن القوَّاس. وقرأت وفاته بخط الضياء: في رابع رجب.
4 (عبد الرحيم بن المفرج بن علي بن المفرج ابن مسلمة.)
أبو محمد القرشي، الأموي، الدمشقي. توفي بحران، ونقل بعد دفنه إلى دمشق. وكان مولده في سنة ستة وأربعين. سمع من: أبي الندى حسان الزيات. وحدَّث، وأجاز. روى عنه: ابن خليل، والعزّ عبد العزيز بن عثمان الإربلِّي.)
4 (عبد العزيز بن أحمد بن مسعود بن سعد بن علي ابن الناقد.)
أبو محمد. الشيخ الصالح المقرئ، ويعرف بابن الجصَّاص. ولد سنة ثلاثين وخمسمائة. وقرأ بالروايات الكثيرة على أبي الكرم الشَّهرزوري، وعمر بن عبد الله الحربي. سمع من: أبيه، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي، وأبي الفضل الأرموي، والمبارك بن أحمد الأنصاري، وابن ناصر، وأبي الوقت، وجماعة. وأقرأ، وحدث. ويقال: إنه آخر من تلا بكتاب المصباح على أبي الكرم، المُصنِّف.

(44/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 301
وكان ثقةً صالحاً، عالي الإسناد في الكتاب والسنة. روى عنه: الدُّبيثي، وابن النجار، والضياء، والنجيب عبد اللطيف، والشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، وجماعة. توفي في ثاني شوال. وقرأ عليه عبد الصمد بالسبع وهو آخر من قرأ عليه.
4 (عبد الكريم بن أبي بكر عتيق بن عبد الملك بن عبد الغفار.)
الإمام أبو محمد الرَّبعي، والإسكندراني، المالكي، شيخ الإقراء بالإسكندرية. ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وانقطع إلى السِّلفي، وأكثر عنه وكان من أجلاء أصحابه. وسمع من: أبي محمد العثماني، وابن عوف، وبدر الخُداداذي، وجماعة. قال الزكي عبد العظيم: لقيته، وسمعت منه. وتصدَّر بجامع الإسكندرية مدة للإقراء، ونجب عليه جماعة. وكان ماهراً في القراءات. قلت: لم يذكر على من قرأ. وتوفي في شوال.
4 (عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب بن الحسين.)
العلامة المفتي افتخار الدين أبو هاشم القرشي، الهاشمي، العباسي، البلخي، ثم الحلبي، الحنفي.)

(44/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 302
تفقّه بما وراء النهر. وسمع بسمرقند، وبلخ، وتلك الديار في سنة نيِّفٍ وأربعين وخمسمائة، وبعدها سمع من القاضي عمر بن علي المحمودي، وأبي الفتح عبد الرشيد بن النعمان الولوالجي، والأديب أبي حفص عمر بن علي الكرابيسي، وأبي علي الحسن بن بشر البلخي النَّقّاش، والإمام أبي شجاع عمر بن محمد البسطامي، وجماعة. ودرَّس، وأفتى، وناظر، وصنَّف وكان مدرس المدرسة الحلاوية. وله شرح الجامع الكبير في المذهب. وتخرَّج به جماعة من فضلاء الحنفية بحلب. وكان شريفاً، رئيساً، عاقلاً، ورعاً، ديِّناً، صحيح السماع، عالي الإسناد. روى عنه خلق كثير منهم: الزاهد تقي الدين أحمد بن عبد الواحد الحوراني، والضياء المقدسي، والزكي البرزالي، والعماد أبو نصر أحمد بن يوسف الحسني الحنفي، والمؤيد إبراهيم بن يوسف القفطي، وأبو المكارم إسحاق بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن العجمي، وأخوه المحيي محمد، وابن عمِّه القطب محمد بن عبد الصمد، والصاحب أبو القاسم عمر ابن العديم، وخطلخ مولى عبد الرحيم ابن العجمي، والعون أبو المظفر سليمان ابن العجمي، والمحدِّث أبو صالح عبيد الله بن عمر ابن العجمي، ونسيبه الزين عبد الملك بن عبد الله بن عبد الرحمن، وعلي بن فياض، وأبو نصر محمد بن الحس ابن العجمي، والمفتي أبو طالب عبد الرحمن بن عبد الرحيم ابن العجمي، والشريف عبد الرحمن بن الحسن بن زهرة الحُسيني، والمحتسب عبد الكريم بن عثمان ابن العجمي، وقاضي عزاز عبد الرحمن بن عثمان بن حبيب، والكمال أحمد بن محمد ابن النَّصيبي، وعبد الله بن محمد بن الأوحد الزبيري. قرأت بخط الضياء، قال: شيخنا أبو هاشم عبد المطلب الهاشمي العباسي، نزيل حلب. توفي بحلب في جمادى الآخرة وله ثمانون سنة. قلت: ولم يذكره المنذري في الوفيات.

(44/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 303
4 (عتيق بن أحمد بن عبد الباقي.)
الزاهد الصالح، أبو بكر الأندلسي اللورقي، نزيل دمشق. شيخ معمر، يقال: إنه عاش مائة سنة. صحب الزّهّاد، وتأدب بآدابهم، وانتفع به جماعة صحبوه. وقبره بمقابر الصوفية على الطريق، وهو حجر نحت عليه تاريخ وفاته.) ذكر وفاته المنذري.
4 (عثمان بن مظفر بن محمد.)
أبو عمرو البغدادي، من شارع دار الرَّقيق. شيخ معمَّر. روى عن أبي الفتح بن البطي.
4 (عثمان بن مقبل بن قاسم.)
الفقيه أبو عمرو الياسري الواعظ، من فضلاء الحنابلة. سمع من: أبي محمد ابن الخشاب، وشهدة. وتوفي في ذي الحجة.
4 (علي بن أحمد بن أبي العزّ.)

(44/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 304
أبو الحسن ابن الشباك بضم المعجمة صوفي، تاجر ببغداد. سمع: أبا الحسين عبد الحق، وتجنِّي الوهبانية. وحدَّث. ورّخه ابن نقطة في رجب. مستفاد مع السباك.
4 (علي بن أحمد بن علي بن عيسى.)
أبو الحسن الغافقي، القرطبي، الشقوري. سمع من أبيه، وأخذ عنه القراءات، ومن ابن عمه أبي الحسن محمد بن عبد العزيز. وأجاز له وهو ابن ثلاث سنين، في سنة تسع وثلاثين. أبو بكر بن العربي، والقاضي عياض، وأبو محمد عطية وجماعة. وتفرَّد في عصره بالمغرب، ورحل الناس إليه لعلو سنده. قال الأبار: وكان ثقة صالحاً. كفَّ بأخرة. وتوفي في صفر.

(44/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 305
لقي أبو حيان النحوي من يحمل عن الشقوري بالإجازة. وأجاز الشقوري لابن مسدي وقال: هو نزيل قرطبة، حسيب البيت أصيله، نسيب الذكر جميله. حدَّث من بيته جماعة. تأدب بشقورة على أبي مروان عبد الملك بن أبي يداس. وقرأ عليه القرآن، وسمع من أبيه، ومحمد بن أحمد التُّجيبي المقرئ، وتفرَّد عنهم. وأجاز له أيضاً أبو بكر) عبد العزيز بن مدير، وعبد الحق بن عطية صاحب التفسير. روى الكثير عن مجيزيه. عزمت على الرحلة إليه، فبلغني موته، فعدلت إلى إشبيلية. ومات بموته بالأندلس إسناد كثير.
4 (علي بن إسماعيل بن علي بن عطية.)
الإمام أبو الحسن الصهناجي، التلكاتي، الأبياري، المالكي، نزيل الإسكندرية. مولده بأبيار سنة سبعٍ وخمسين ظناً. وتفقّه بالإسكندرية على الفقيه أبي الطاهر بن عوف، وعلى أبي طالب أحمد بن المسلم اللخمي، وأبي عبد الله محمد بن محمد الكركنثي. وحدَّث عن ابن عوف. ودرَّس بمدرسة الزكي التاجر. وصنَّف في المذهب. وكان من أعيان المالكية.

(44/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 306
توفي في سادس رمضان، بالإسكندرية.
4 (علي بن خليفة بن يونس بن أبي القاسم.)
العلامة رشيد الدين الأنصاري، الخزرجي، ابن أبي أصيبعة، الطيب. توفي شاباً عن سبع وثلاثين سنة. نشأ بالقاهرة، واشتغل بها، وبرع في الطب، وغير ذلك من علوم الحكمة. وكان رأساً في الموسيقى، ولعب العود. وكان طيب الصوت. وأخذ الأدب عن التاج الكندي، وغيره. وقد اشتغلوا عليه في الطب، وله خمس وعشرون سنة. وحظي عند أولاد الملك العادل. فأدركه الأجل في شعبان من السنة. وقد طوّل الموفق ابن أخيه ترجمته، وبالغ في وصفه.
4 (علي بن شكر بن أحمد شكر.)
القاضي العالم جمال الدين أبو الحسن ابن القاضي أبي السعادات، المصري، الفقيه الشافعي. سمع من: أبي عبد الله الأرتاحي، والحافظ عبد الغني، وجماعة. ورحل إلى الشام، والعراق، وحدَّث. وجمع في السنة، والصفات، وفي الرَّقائق. وتوفي في رجب.)
4 (علي بن علوش.)

(44/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 307
الفقيه برهان الدين المغربي. مدرس المالكية وعالمهم بدمشق. روى شيئاً من طريق المغاربة. وكان عالماً بالأصول، والفروع، والعربية. قيَّد الضياء وفاته في ثالث شعبان، ودفن بسفح قاسيون، رحمه الله تعالى. روى عنه: الشهاب القوصي، وغيره.
4 (علي ابن المحدِّث بهاء الدين القاسم ابن الحافظ الكبير أبي القاسم بن عساكر الدِّمشقي.)
المحدِّث الحافظ عماد الدين أبو القاسم الشافعي. ولد في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين. وسمع من: أبيه، وعبد الرحمن بن علي ابن الخرقي، وإسماعيل الجنزوري، والخشوعي، والأثير أبي الطاهر محمد بن محمد بن بنان الكاتب، قدم عليهم، طائفة كبيرة. وبمكة من أبي المعالي محمد ابن الزَّنف، وبحلب، والجزيرة، وخراسان. رحل إلى المؤيد الطُّوسي، وأبي روح، وأكثر عن هؤلاء، وعني بالحديث أتمّ عناية. وكان ذكياً، فاضلاً، حافظاً، نبيلاً، مجتهداً في الطلب. أدركه أجله ببغداد بعد عوده من خراسان من أثر جراحات به من الحرامية في ثالث جمادى الأولى. وهو آخر من رحل إلى خراسان من المحدِّثين.

(44/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 308
وقد خرَّج للكندي، ولابن الحرستاني، وجماعة. وخرَّج لنفسه أربعين حديثاً، وحدَّث بها سنة ستمائة. وسمع منه جماعة من شيوخه كالأخوين: تاج الأمناء أحمد وفخر الدين أبي منصور الشافعي، وحمزة بن أبي لقمة. قرأت بخط عمر ابن الحاجب، قال: سألت العزّ بن عساكر عنه، فقال: كان يتشيَّع، وكنت أنقم عليه ذلك، ولا جرم أنه قصف وهو ابن عمَّة النّسَّابة، وجد شيخنا البهاء قاسم بن عساكر لأمِّه. وللنسّابة فيه مرثية حسنة منها:
(صاحبي هذه ديار سعاد .......... فترفَّق ومُنَّ بالإسعاد)

(عج عليها نقضي لبانات قلب .......... مستهام أصماه حبُّ سعاد)
(سقط: قلت: عاش خمسا وثلاثين سنة.))

(44/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 309
4 (علي بن مسعود بن هياب الواسطي المقرئ الجماجمي.)
كان يعمل الجماجم. قال ابن نقطة: قرأ على جماعة. قرأت عليه. وكان متساهلاً في الأخذ سامحه الله جداً. مات بواسط في سادس جمادى الأولى.
4 (علي بن هشام بن عمر بن حجاج.)
أبو الحسن الأندلسي، الشريشي، المقرئ. حجَّ، وسمع من أبي طاهر السلفي، وشهد جنازته. وسمع أيضاً من الفقيه أبي الطاهر بن عوف، وغير واحد.

(44/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 310
وقرأ القراءات على أبي عبد الله محمد بن محمد الكركنتي. وعاد إلى الأندلس، وولي خطابة بلده. أخذ عنه جماعة. وتوفي في ربيع الآخر.
4 (عمر بن عبد المجيد بن علي.)
أبو حفص وأبو علي، الأزدي، الأندلسي، الرندي، نزيل مالقة. كان من كبار تلامذة السُّهيلي. قال الأبار: سمع أبا القاسم السُّهيلي وعليه عوَّل في القراءات والعربية، ولازمه طويلاً، وأبا إسحاق بن قرقول، وأبا محمد بن دحمان، وأبا عبد الله بن الفخار، وأبا القاسم بن بشكوال، وأبا الحسن الشقوري، وطائفة. وأجاز له أبو مروان بن قزمان، وغيره. ومن الشام أبو طاهر الخُشوعي، وجماعة. قال: وكان عالماً بالقراءات، متقدماً في صناعة العربية. أقرأ القرآن، والنحو، والآداب دهراً بسبتة. فلما توفي السُّهيلي دعاه أهل مالقة للإقراء بها والتدريس مكانه، فأجابهم إلى ذلك، ولم يفارقها إلى حين موته. وكان له اعتناء

(44/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 311
بالحديث وروايته مع الدين والصلاح. وألف كتاباً حسناً على الجمّل للزجاجي. توفي في ربيع الآخر. وكان مولده في سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة أو نحوها.
4 (عمر بن محمد بن أحمد بن الحسن بن جابر.)
) الشيخ الصالح أبو نصر بن أبي بكر، البغدادي، الصوفي، المقرئ، المعروف بابن السَّديد. ولد سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة. وسمع من: أبي الوقت، وأبي محمد ابن المادح، وابن البطِّي، وأبي زرعة، وجماعة. وصحب الشيخ أبا النجيب السهروردي. وقدم دمشق. وزار القدس. روى عنه ابن الدُّبيثي، وقال فيه: الّينوري الأصل. كان حسن الأخلاق، حافظاً لكتاب الله. سمع بإفادة أبيه. توفي في تاسع عشر صفر.
4 (حرف الغين)

4 (غالب بن حمزة بن أبي القاسم الحسين بن الحسن بن البن.)
أبو غالب الأسدي الدمشقي. ولد سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. وسمع من جده. روى عنه: الضياء المقدسي، والشمس ابن خليل.

(44/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 312
توفي في ذي القعدة.
4 (حرف الكاف)

4 (كيكاوس، السلطان الملك الغالب، عز الدين صاحب الروم وابن صاحبها كيخسرو بن قلج)
أرسلان السلجوقي. صاحب قونية، وأقصراً، وملطية. وكان قد عظم شأنه، ودخل في طاعته صاحب إربل، وناصر الدين صاحب آمد. وعلق به السِّل، ومات. فتولَّى بعده كيقباذ وكان في حبس أخيه. ولم يخلف كيكاوس ولداً يصلح للملك. فتملّك كيقباذ.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد علي.)
أبو شجاع العنبري، الواسطي، الشاعر الأديب، المعروف بابن دوَّاس القنا.

(44/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 313
ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وقرأ الأدب على الكمال أبي البركات الأنباري، وأبي الحسن علي ابن العصّار. وانقطع إلى الشيخ مصدَّق بن شبيب. وبرع في العربية.) وحدَّث بواسط. وله شعر حسن. توفي في سلخ شعبان.

(44/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 314
4 (محمد بن أحمد بن محمد بن محفوظ بن صصرى.)
أبو عبد الله التغلبي، الدمشقي. روى عن: عبد الرزاق النجار، وغيره. قال الضياء: سمعنا منه. ومات في رابع عشر رجب، ودفن بجبل قاسيون.
4 (محمد بن أحمد بن محمد بن غالب.)
أبو عبد الله ابن الشَّراط، الأنصاري، القرطبي. أخذ القراءات عن عمه عبد الرحمن بن معتمد وسمع منه، ومن أبي ذر الخشني. وتصدَّر للإقراء بجامع قرطبة، ولتعليم النحو، ولإسماع الحديث. قال الأبار: كان مقرئاً، محققاً، ضابطاً، ورعاً، زاهداً. أخذ عنه جماعة منهم: أبو القاسم ابن الطَّيلسان. ومات في المحرَّم.
4 (محمد بن أحمد بن عبيد الله.)
أبو الوليد بن قبوج، النفري الشاطبي.

(44/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 315
قال الأبار: أخذ القراءات عن أبي الحسن بن هذيل، وسمع منه التيسير. وتفقّه بأبي محمد بن عاشر، وهارون بن عات. وكان فقيهاً، ثقة، حافظاً للمسائل، مدرِّساً لها. روى عنه ابنه عبيد الله، وغيره. وكان حيّاً في هذا العام وتوفي بعده.
4 (محمد بن إسماعيل بن إبراهيم.)
أبو عبد الله الشيبي، الشافعي، الواعظ بميّافارقين. ولد بمصر سنة تسع وأربعين. يقال: إنه سمع من الحافظ أبي العلاء الهمذاني، ومن السلفي. وحدَّث بميّافارقين. وتوفي في رجب.
4 (محمد بن إسماعيل بن أحمد.)
) القاضي أبو عبد الله المصري، الكاتب، عرف بابن أبي صادق. توفي بالعسكر بظاهر دمياط. وقد ولي ديوان قوص. وسمع من السلفي، وغيره. وتوفي في ذي الحجة.
4 (محمد، قطب الدين، صاحب سنجار.)
الملك المنصور ابن الملك عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي.

(44/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 316
كان حسن السيرة، فيه عدل وإنصاف. نازله الملك العادل وحاصره، ثم رحل عن سنجار بشفاعة الخليفة. وخلف عدة أولاد، وملك بعده ولده عماد الدين شاهنشاه أشهراً، ومات أيضاً. توفي قطب الدين في ثامن صفر. قال ابن الأثير: ملك بعده عماد الدين فقتله أخوه عمر، وملك بعده مديدة، ثم سلم سنجار إلى الملك الأشرف موسى، فعوَّضه عنها الرَّقة، فلم يمتَّع ومات بعد قليل.
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن جرير بن علي بن جرير.)
أبو عبد الله القرشي، الأموي، الكوفي، ثم البغدادي. ولد سنة ست وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وابن البطي، ويحيى بن ثابت، وجماعة. وكان أبوه من المحدثين والنُّساخ المذكورين. توفي محمد في جمادى الآخرة. وكان يؤدب الصبيان. ولم يكن ثقة، زوَّر عدَّة طباق.
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن إدريس.)
أبو عبد الله بن سنينة، السامري.

(44/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 317
تفقّه زماناً على أبي حكيم النَّهرواني. وسمع من ابن البطِّي. وولي قضاء سامراء سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وبقي قاضياً سبع عشرة سنة. وكان فقيهاً بارعاً، مصنِّفاً. لم يروِ شيئاً.) ومات في رجب، وله إحدى وثمانون سنة.
4 (محمد بن عبد المحسن بن محمد بن منصور بن خلف.)
القاضي، الفقيه أبو عبد الله الأنصاري، الأوسي، الكفرطابي الأصل، الدمشقي المولِد، الشافعي، المعروف بابن الرَّفاء. وهو والد شيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز. ولي القضاء، والأوقاف بحماة. وله شِعر حسن.

(44/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 318
توفي في رمضان، ببارين: قلعة من أعمال حماه، كان قد وَلِي قضاءها. وعاش خمسين سنة. روى عنه ولَدُه.
4 (محمد بن علي بن خُطْلُخ.)
أبو عبد الله البغدادي، الخيّاط. سمع من عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الباقي الزُّهري في سنة ستّين وخمسمائة. روى عنه ابن النجّار. توفي في أواخر السنة.

(44/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 319
4 (محمد بن عمر بن أبي بكر بن عبد الله بن سَعد.)
الفقيه نجم الدين أبو عبد الله، المعروف بالقاضي، المقدسي ثم الدمشقي. أقام ببغداد مدة يشتغل، ويسمع، وكتب الكثير. وسمع من: محمد بن يحيى البراداني، وأبي الفتح محمد بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وطبقتهم. ورحل إلى إصبهان وكتب عن أصحاب الحداد. وسمع بالموصل، وإربل، وواسط. وولي مشيخة دار الحديث المطلَّة على الشط بالموصل. وقدم مصر، وحدَّث بها. ثم سكن سروج، وبها توفي رحمه الله في جمادى الأولى، وهو كهل. أخذ عنه الضياء، وقال: ولد سنة ست وستين. وكان فقيهاً، حافظاً، واعظاً، حصَّل من السَّماع والكتب شيئاً كثيراً. ورافق العزّ ابن الحافظ. وسمع أكثر من العز. وجاءته الأولاد بسروج.
4 (محمد بن محمد بن أسعد بن علي.)
الشريف النقيب عزّ الدين أبو عبد الله، ابن النقيب الأجل أبي علي، العلوي، الحسني، العبيدلي، الجواني، المصري.) نقيب الشراف بمصر بعد أبيه، وكان رئيساً فاضلاً.

(44/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 320
توفي في المحرم.
4 (محمد بن محمد بن محمد بن علي.)
أبو نصر بن واقا البغدادي، سبط أبي منصور ابن الجواليقي. حدَّث عن: ابن البطي، وأبي المناقب حيدرة بن عمر العلوي. روى عنه ابن النجار، وأثنى عليه. ومات في سلخ شوال.
4 (محمد بن محمد بن أحمد الهمام الحربوي، الشاعر.)
مرتِّب المدرسة النظامية. قال ابن النجار: أنشدني لنفسه في غلام مُثاقف:
(قد سلَّ سيف الثِّقاف منتضياً .......... من بعده مرهفاً من النَّظر)

(مثاقف من سيوف مقلته .......... قد أصبحت مهجتي على خطر)

(ما همَّ في شدِّ عقد مئزره .......... إلا وقد حلَّ عقد مصطبري)

(كأنما ترسه لمبصره .......... في وجهه غيمة على قمر)

4 (محمد ابن الفقيه محمود بن أبي عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد)
المروزي، الكشميهني. ثم البغدادي الفقيه.

(44/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 321
وِلد بهَمَذان سنة ثلاث وستين. وسمع من غير واحد. وتفقه على مذهب الشافعي، وبرع في المذهب. وتكلم في مسائل الخلاف، واشتغل بالعربية. وهو من بيت العلم والرواية، وكان جده أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن شيخ مرو في عصره، ومقدَّم الصوفية. كنيته أبو سعيد. توفي في الثالث والعشرين من شعبان ببغداد. محمد بن منصور بن جميل.)

(44/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 322
أبو عبد الله البغدادي، الهِيتيّ، الكاتب. تقدّم في النحو، واللغة، والحساب، والشعر. وسمِع من ابن كُليب. وله شعر جزل، مدح الخليفة الناصر. وولي صدرية المخزن. مات كهلاً في شعبان، قاله ابن النجّار.
4 (محمد بن هبة الله بن جرير.)
القاضي مهذّب الدين الحارثي، قاضي الزبداني. روى عنه القوصي من شعره، وقال: كان أكرم أهل زامنه. توفي في ذي الحجة بالزبداني.
4 (المُبارز بن خُطلُخ الحلبي.)
من كبراء الأمراء العزيزية في دولة الملك العزيز صاحب مصر. ثم قدِم الشام، فأقام بها مدة، ثم عاد إلى ديار مصر في النجدة عند نزول الفَرَنج على دمياط. توفي في ذي الحجة.

(44/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 323
4 (مسعود بن محمود البغدادي ابن البيطار.)
أبو الفتح. روى عن ابن البطّي. روى عنه: الدُّبيثي، وابن النجار.
4 (معتوق بن أبي الفضل محمد البغدادي، الغزّال.)
روى أيضاً عن ابن البطّي.
4 (معتوق بن أبي البقاء بن علي الواسطي.)
ثم البغدادي الصوفي. ولد يعد الثلاثين وخمسمائة. وسمع من: هبة الله ابن الشِّبلي، وابن البطّي. ومات في صفر.
4 (منصور بن ظافر بن موسى بن علي.)
) أبو علي القُرَشي الأسدي، الزبيري، والإسكندري، المعروف بالطراز. سمع من: السِّلفي، وعبد الواحد بن عسكر، وأبي طالب أحمد بن المسلم اللخمي. وبمصر علي بن هبة الله الكاملي، وجماعة. روى عنه الزكي المنذري، وقال: توفي في جمادى الأولى، وله ثلاث وستون سنة.

(44/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 324
4 (ملكة خاتون بنت السلطان الملك العادل.)
والدة صاحب حَماة الملك المظفر. توفيت، فحزن عليها زوجها الملك المنصور حزناً زائداً، ولبس الحداد. قال ابن واصل: صليت عليها، ولي اثنتا عشرة سنة. وعمل السلطان الملك المنصور عزاءها بالتقوية ظاهر حَماة. فرأيته وهو كئيب حزين عليه الحداد: ثوب أزرق، وعمامة زرقاء. فتكلمت الوعّاظ، وعُملت فيها المراثي.
4 (حرف النون)

4 (النفيس بن أبي الكرم بن علي بن أبي سعد البغدادي، السراج.)
حدث عن أبي الفتح بن البطيّ.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن الحسن بن علي بن شيرزاد.)
أبو الشرف الكاواني، كاتب الإنشاء للسلطان طُغربل بن رسلان السلجوقي سلطان عراق العجم وأذربيجان. كان بارعاً في الكتابة والإنشاء، والنظم، والنثر، وهو مشهور بتلك الديار. وله ديوان شعر، ومن شعره:
(قل للعُذَيْب إذا رأيت الضالا .......... يهتزّ من مرّ النسيم شِمالاً)

(رواك من ماء الغَمام سُلافةً .......... وسقاك نَوء المرزمَين سِجالا)

(44/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 325
4 (يحيى ابن النحوي الكبير سعيد بن المبارك ابن الدهان.)
أبو زكريا الموصِلي، النحوي. له شعر حسن. وكان شيخ رباطٍ بالموصل. توفي في ربيع الآخر.)
4 (يحيى بن القاسم بن غنائم البغدادي البزّاز.)
روى عن أبي محمد ابن المادح. ومات في ربيع الآخر.
4 (يحيى بن القاسم بن مُفرِّج بن دِرع خضر.)
الفقيه أبو زكريا تاج الدين الثعلبي، التكريتي، الشافعي. ولد بتكريت سنة إحدى وثلاثين. وتفقه على أبيه، وببغداد على الشيخ أبي النجيب، وأبي المحاسن بن بُندار.

(44/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 326
وقرأ العربية على أبي محمد ابن الخشّاب. وصار من بحور العلم، مع الصلاح والمراقبة، والانقطاع. وسمع من: أبيه، ومن أبي الفتح بن البطي، وأبي النجيب السهروردي، وسلامة بن الصدر. وولي القضاء بتكريت، ثم ولي التدريس بالنظامية ببغداد. وكان من كبار الشافعية.

(44/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 327
وقرأ بالموصل القرآن على ابن سعدون القرطبي.
4 (يحيى بن أبي بكر عبد الله بن أعز بن عمر.)
أبو زكريا السهروردي. سمّعه أبوه من أبي الوقت. وحدث. وتوفي في جمادى الأولى.
4 (يحيى بن منصور بن الجرّاح.)
الرئيس تاج الدين أبو الحُسين الكاتب. خدم مدة طويلة في ديوان الإنشاء بمصر. وكتب الخط الفائق، وقال الشعر الرائق. وسمع من السِّلفي وحدّث. ومن شعره:
(أمُدُّ كفي إلى البيضاء أقلعها .......... من لحيتي فتُفدِّيها بسوداء)

(هذي يدي وهي مني لا تُطاوعني .......... على مُرادي فما ظني بأعدائي)
توفي في خامس شعبان، وله خمس وسبعون سنة، مات على حصار دِمياط.)
4 (الكنى)

4 (أم العز بنت محمد بن علي أبي غالب العبدري الداني.)

(44/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 328
قرأت صحيح البخاري علي أبيها مرتين، وروت عنه، وعن أبي الطيب بن بِرِنجال، وعن زوجها أبي الحسن بن الزبير. وكانت تحسن القراءات السبع، قاله الأبّار.
4 (وفيها ولد)
الملك الحافظ محمد بن شاهنشاه بن بَهرام شاه. العماد عبد الله ابن الصائن محمد بن الحسن الزرزاي، الشافعي. والعماد يونس بن علي بن فرسق. والكمال أبو غالب هبة الله بن علي السامري، ويروي عن محاسن الخزائني. والسيف علي ابن الرضي الحنبلي. والعفيف التلمساني الشاعر سُليمان بن علي. والشرف عبد الكريم بن محمد بن المغيزل الحموي. وعلي بن محمد بن علي المرّاكشي. وغازي بن أيوب المشطوبي. والبهاء سليمان بن عبد الله البَهراني. والعماد إسماعيل بن إبراهيم بن سلطان، فقيه بيت نائل، الرجل الصالح. والحكيم يوسف بن كوركيك. والبدر عبد الله بن أحمد بن الفخر ابن الشيزجي. والشيخ محمد بن أبي بكر بن الطبل المقبري، وقيل: سنة إحدى عشرة.

(44/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 329
4 (وفيات سنة سبع عشرة وستمائة.)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن عبد الله بن علوان بن عبد الله بن علوان بن رافع.)
أبو العباس ابن الأستاذ، الأسدي الحلبي. توفي بحلب. ومولده في حدود سنة أربعين خمسمائة.)
4 (أحمد بن محمود بن مواهب بن عبيد الله.)
أبو العباس الوزّان. توفي في جمادى الآخرة.
4 (إبراهيم بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي القيسي.)
وزر لأخيه السلطان أبي عبد الله محمد. قال عبد الواحد بن علي في تاريخه: هو كان أخلق بالمُلك من أبي عبد الله. وكان لي محباً، وصل إليّ منه أموال وخلع جمة أيام ولايته. على إمرة إشبيلية. ولي فيه قصائد منها:
(لكم على هذا الورى التقديم .......... وعليهمُ التفويض والتسليم)

(الله أعلاكم وأعلى أمره .......... بكمُ وأنفُ الحاسدين رغيم)

(أحييتم المنصور فهو كأنه .......... لم تفتقده معالمٌ ورسوم)

(ومنابر ومحارِبٌ .......... وحِمىً يُحاط وأرمل ويتيم)

(44/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 330
وآخر ما فارقته، وهو متولي إشبيلية في سنة ثلاث عشرة ستمائة، وبلغني موته سنة سبع عشرة. قال: ولم أر في العلماء بالحديث أنقل منه للأثر. كان يذهب مذهب أبيه في الظاهرية.
4 (إبراهيم، الملك الفائز.)
أبو إسحاق، ابن السلطان الملك العادل أبي بكر بن أيوب. أقام بالديار المصرية مدة، وبعثه الملك الكامل أخوه إلى الشرق يستنجد بأخيه الملك الأشرف، فأدركه أجله بسِنجار. فيقال: إنه سُمَّ، ودُفن بمدرسة والدة قطب الدين صاحب سنجار، ثم أخرجه منها إلى ظاهر البلد بعد ذلك بدر الدين لؤلؤ صاحب المَوصل.
4 (إسماعيل بن عثمان بن إسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر.)
أبو النجيب القارئ النيسابوري. روى عن: وجيه الشحّامي، وأبي تمام ابن المؤيد بالله الهاشمي، وأبي الأسعد القُشيري. روى عنه: الزكي البِرزالي، والضياء المقدسي، وجماعةٌ. وأجاز للشرف ابن عساكر، والتاج بن عَصْرون، وزينب بنت كِندي، وجماعة. عُدم في آخرها، أو في أول سنة ثمان عشر في الكائنة العظمى على أهل خراسان من التتار. وكان مولده في جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وخمسمائة.)

(44/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 331
4 (أقباش الخليفتي الناصري.)
حج بالركب العراقي ومعه تقليد لحسن بن قَتادة بعد موت أبيه، فجاءه راجح أخو حسن، وقال: أنا أكبر ولد قَتادة فولّني، فلم يجبه، وظنّ حسن أن أقباش قد ولى راجحاً، فأغلق أبواب مكة، ونزل أقباش على باب شبيكة، ثم ركب ليسكّن الفتنة، فخرج عَبيد حسن يقاتلونه، فقال: ما قصدي القتال، فلم يلتفتوا وحملوا عليه، فانهزم أصحابه، وبقي هو وحده، فجاءه عبدٌ فعرقب فرسه، فوقع، فقتلوه، وحملوه إلى حسن، فنصب رأسه على رمح بالمسعى. وأراد حسن نهب العراقيين، فقام في الأمر الأمير المعتمِد أمير الشاميين، وخوّفه من الكامل والمعظّم. وكان أقباش قد اشتراه الخليفة وهو أمرد بخمسة آلاف دينار، ولم يكن بالعراق أحسن منه. وكان ذا منزلة عالية من الناصر لدين الله، فحزن عليه حُزناً عظيماً. وكان عاقلاً. متواضعاً. ولم يخرج الموكب لتلقّي الركب حزناً عليه، وأدخل الكوس والعلَم في الليل.
4 (أكمل بن أحمد بن مسعود بن عبد الواحد بن مصر.)
الشريف أبو أحمد الهاشمي البغدادي. حدث عن: أبي الوقت، وغيره. ومات في شعبان. روى عنه: الدُّبيثي.
4 (أنجب بن أبي منصور البغدادي اللبّان.)

(44/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 332
أبو عبد الله سمع من عبد الحق اليوسفي. روى عنه ابن النجار في تاريخه، ووصفه بالصلاح، وأنه توفي سنة.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن أبي المكارم)
القاضي موفّق الدين ابن الديباجي، المصري، الكاتب بديوان الإنشاء الكاملي. توجّه رسولاً، وعاد فأدركه أجله بدمشق في رجب. وله شعر حسن.
4 (الحسن بن علي بن محفوظ بن صَصْرى.)
أبو محمد التغلبي، الدمشقي، جد شيخنا النجم أحمد بن محمد.) سمع من: أبي القاسم الحافظ، وغيره. وحدث. وتوفي في منتصف المحرّم، ودُفن بسفح قاسيون.
4 (الحسن بن علي بن حمزة بن صالح السلمي الدمشقي.)
حدث عن: علي بن أحمد الحرستاني، وعلي بن مهدي الهلالي. وُلد سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة. ومات بالعُقيبة في شعبان. روى عنه: الزكي البِرزالي، وغيره.

(44/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 333
4 (الحسن ابن الإمام المفتي أبي نصر محمد بن علي ابن الوزير أحمد ابن الوزير الكبير نظام)
المُلك أبي علي. الطوسي الأصل، البغدادي، وأبو علي. ولد تقريباً سنة اثنتين وأربعين خمسمائة. وتفقه على والده. وسمع من: أبي الوقت، وأبي جعفر العباسي. وولي نظر مدرستهم النظامية. ومات في ذي القعدة.
4 (الحسن بن مظفّر بن علي بن مطر الأنصاري.)
أبو علي الموصلي. حدّث في هذه السنة بدمشق عن: خديجة بنت النهرواني، وشُهدة. ولد سنة تسع وثلاثين خمسمائة. روى عنه: ابن الحاجب، والزكي البِرزالي، وأبو بكر ابن الأنماطي.
4 (الحسين بن عبد الله بن محمد.)
أبو علي ابن المالقي، النصاري الفقيه، قاضي قرطبة. سمع: أبا محمد بن عبيد الله الحَجْري، وأبا عبد الله ابن الفخّار. وأخذ العربية عن الأستاذ أبي عبد الله ابن الدرّاج. وأجاز له أبو بكر بن الجدّ. وحدث عنه: ابن الطيلسان، وغيره. ونزل مرّاكش. وتوفي كهلاً.)
4 (الحسين بن أبي بكر أحمد بن الحسين.)

(44/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 334
أبو عبد الله البغدادي، الغزّال، ويعرف بابن الخياري. سَمع من: سعيد ابن البنّاء، وأبي الوقت، وعمر الحربي. وحدث. ومات في ثامن رمضان. روى عنه: البِرزالي، وجماعة.
4 (حرف السين)

4 (سعيد بن أحمد بن علي، أبو منصور البصري المالكي.)
الشيخ الصالح المعروف بابن محاوش.

(44/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 335
حدث ب سنن أبي داود عن الشريف أبي طالب محمد بن محمد العلوي، من غير أصل. وحدث عن: طلحة بن علي المالكي، وعلي بن عبد الملك الواعظ، وإبراهيم بن عطية الإمام. وكان مولده في سنة ثلاث وثلاثين خمسمائة. ومات بالبصرة في شعبان، أو رمضان. وذكره ابن نُقطة فقال: سعيد بن علي بن أحمد هكذا. سَمع مع أخيه لأمه علي ابن المعلمة، وسمع المقامات من ابن الحريري، عن أبيه. ومات في أوائل رمضان.
4 (سعيد بن طاهر بن علي المؤيّد بن رضوان.)
الفقيه أبو الشكر البلخي ثم الواسطي، نزيل بغداد. وُلد سنة خمس وثلاثين بواسط. وصَحِب صدقة بن وزير الواعظ، وقدم بغداد معه. وتفقه على مذهب الشافعي. وسَمع من: أحمد بن المبارك بن قَفَرجل، وأبي الحسن بن غَبرة، وابن البطّي. ومات في جمادى الأولى.

(44/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 336
4 (حرف الصاد)
صدقة بن مكارم بن شجاع الرَّقّي. حدث عن الحسن بن جعفر المتوكلي. ومات في صفر.)
4 (حرف الطاء)

4 (الطاهر، زكي الدين أبو العباس، قاضي القضاة ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي المعالي)
محمد ابن قاضي القضاة زكي الدين أبي الحسن علي ابن قاضي القضاة المنتجب أبي المعالي محمد بن يحيى القرشي، الدمشقي، الشافعي. ولي القضاء مرتين قبل ابن الحرستاني، وبعده. وكان مُعرّقاً في القضاء، رئيساً، نبيلاً، محتشماً، عالماً، ماضي الأحكام. ألبسه في العام الماضي الملك المعظّم القباء والكلوته بمجلس حكمه بداره. قال أبو المظفر ابن الجوزي: كان في قلبه منه حزازات يمنعه من إظهارها حياؤه من والده الملك العادل، شكى إليّ منه مراراً. ومرضت ست الشام عمة المعظّم فأوصت بدارها مدرسة، فأحضرت القاضي زكي الدين الطاهر، والشهود، وأوصت إلى القاضي. وبلغ ذلك المعظّم فعز عليه، وقال: يحضر إلى دار عمتي بغير إذني، ويسمع كلامها. واتفق أن القاضي زكي الدين

(44/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 337
أحضر جابي العزيزية، وطلب الحساب فأغلظ له في الخطاب، فأمر بضربه بين يديه كما يفعل الولاة. فوجد المعظّم سبيلاً إلى إظهار ما في نفسه. وكان الجمال المصري وكيل بيت المال عدواً للقاضي، فجاء فجلس عند القاضي والشهود حاضرون فبعث المعظّم بُقجة فيها قباء وكَلوته، وأمره أن يحكم بين الناس وهما عليه، فقام ولبسها، وحكم بين اثنين. قال أبو شامة: والجابي المذكور هو السديد سالم بن عبد الرزاق، خطيب عَقربا، وجاء الذي لبّسه الخِلعة إلى عند شيخنا الخَاوي، فحدثه، فتأوّه شيخنا فضرب بيده على الأخرى. فكان مما حكى، قال: أمرني السلطان أن أقول له: السلطان يسلّم عليك، ويقول لك: إن الخليفة سلام لله عليه، إذا أراد أن يُشرّف أحداً خلع عليه من ملابسه، ونحن نسلك طريقه، وقد أرسل إليك من ملابسه، وأمر أن تحكم بها. وفتحتُ البقجة، فلما نظر إليها وَجَم، فأمرته التوقف فمد يده، ووضع القباء على كتفيه، ووضع عمامته وحطّ الكَلوتَه على رأسه، ثم قام، ودخل بيته. قال أبو شامة: ومن لُطف الله به أن كان مجلس الحكم في داره، ثم لزم بيته، ولم تطُل حياته بعدها، ومات في صفر. رمى قطعاً من كبده، وتأسف الناس لما جرى عليه. وكان يحب أهل الخير، ويزور الصالحين. وبقي نوّابه يحكمون بين الناس بالجامع: القاضي شمس الدين أبو نصر ابن الشيرازي، والقاضي شمس الدين ابن سنيّ الدولة وكان ابن سَنيّ الدولة يجلس) للحكم بشبّاك الكلاّسة، والنائب الثالث شرف الدين ابن الموصلي الحنفي وكان يحكم بالطرخانية بجَيرون، ثم بعد مدة أضيف إليهم الجمال المصري. قال أبو المظفر ابن الجوزي وكانت واقعة قبيحة، ولقد قلت له يوماً: ما فعلت إلا بصاحب الشرع ولقد وجب عليك دية القاضي. فقال: هو أحوجني

(44/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 338
إلى هذا، ولقد ندمت. واتفق أن المعظّم بعث إلى الشرف بن عُنين، حين تزهّد خمراً ونرداً، وقال: سبِّح بهذا، فكتب إليه:
(يا أيها الملك المعظَّم سنَّةً .......... أحدثتها تبقى على الآباد)

(تجري الملوك على طريقك بعدها .......... خلع القضاة وتحفة الزهّاد)
توفي في الثالث والعشرين من صفر، ودُفن بتربتهم بسفح قاسيون.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن مسعود بن مطر الهاشمي.)
هو: الأكمل.
4 (عبد الله بن عثمان بن جعفر بن محمد اليونيني الزاهد.)
أسد الشام، رحمة الله عليه. كان شيخاً طُوالاً مَهيباً، حاد الحال، كأنه نار، كان يقوم نصف الليل إلى الفقراء، فمن رآه نائماً ضربه، وكان له عصاة اسمها العافية. حكى الشيخ عبد الله بن شُكر اليونيني قال: كان الشيخ رحمة الله في شبوبيته قد انقطع في الجبل وكانت أخته تأتيه كل يوم بقّرص وبيضتين، فأتته بذلك مرة وإذا بفقير قد خرج من عنده ومعه قرص وبيضتان، قالت له: من أين لك هذا قال: من ذاك القاعد، له شهر كل يوم يعطيني قرصاً وبيضتين. فأتته وسألته، فنهرها، وزعق فيها.

(44/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 339
قلت: وكان أمّاراً بالمعروف نهّاء عن المنكر، شُجاعاً، صاحب سلاح ظاهر وباطن، مقبلاً على شأنه، مجدّاً لا يفتر، حاضر القلب، دائم الذكر، لا تأخذه في الله لومة لائم. وكان من حين اشتد يخرج وينطرح في شعراء يونين، فإذا رآه السفّارة حملوه إلى أمه وكانت امرأة صالحة. فلما انتشى كان يتعبّد بجبل لبنان. وكان كثير الغزو أيام السلطان صلاح الدين. وقد جمع مناقبه خطيب زَمْلَكا أبو محمد عبد الله ابن العز عمر المقدسي، فقال: حدثني الشيخ إسرائيل، عن الشيخ علي القصّار، قال: كنت إذا رأيت الشيخ عبد الله أهابه، كأنه أسد، فإذا) دنوت منه وددت أني أشق قلبي وأجعله فيه. قال ابن العز: وحدثني الزاهد خليل بن عبد الغني بن مقلَّد، قال: كنت بحلقة الحنابلة إلى جانب الشيخ عبد الله، فقام ومعه خادمه توبة إلى الكلاّسة، ليتوضأ، وإذا برجل متختّلٍ يفرّق ذباً، فلما وصل إليّ أعطاني خمسة دنانير، وقال: أين سيدي الشيخ قلت: يتوضأ. فجعل تحت سجّادته ذهباً، وقال: إذا جاء قل له: مملوكك أبو بكر التكريتي يُسلّم عليك، ويشتهي تدعو له. فجاء الشيخ وأنا ألعب بالذهب في عُبّي، ثم ذكرت له قول الرجل، فقال توبة: من ذا يا سيدي قال: صاحب دمشق وإذا به قد رجع، ووقف قدّام الشيخ، والشيخ يُصلي، فلما سلم أخذ السواك ودفع به الذهب، وقال: يا أبا بكر، كيف أدعو لك والخمور دائرة في دمشق وتغزل امرأة وقِيّة تبيعها فيؤخذ منها قرطيس فلما راح أبطل ذلك، وكان الملك العادل. قال ابن المعز: وأخبرني المعمَّر محمد بن أبي الفضل، قال: كنت عند الشيخ وقد جاء إليه المعظَّم، فلما جلس عنده، قال: يا سيدي ادعُ لي. قال يا عيسى لا تكن نحس مثل أبيك. فقال: يا سيّدي وأبي كان نحس. قال: نعم

(44/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 340
أظهر الزغل، وأفسد على الناس المعاملة، وما كان محتاج. قال: فلما كان الغد أخذ الملك المعظم ثلاثة آلاف دينار، وطلع إلى عند الشيخ بها، وقال: هذه تشتري بها ضيعة للزاوية. فنظر أليه، وقال: قم يا ممتحن يا مبتَدع، لا أدعو الله تنشق وتبتلعك، ما قعدنا على السجاجيد حتى أغنانا تحتي ساقية ذهب وساقية فضة أو كما قال. وأخبرني إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي طالب النجّار، قال: أنكر الشيخ عبد الله صاحب بعلبك، وكان يسميه مجيد، فأرسل إليه الأمجد يقول: إن كانت بعلبك لم فأشتهي أن تُطلقها لي، فلم يبلّغه رسول الأمجد ذلك. قال: وأخبرني الإمام أبو الحسن الموصلي، قال: حضرت مجلس الشيخ الفقيه ببعلبكّ، وهو على المنبر، فسألوه أن يحكي شيئاً من كرامات الشيخ عبد الله، فقال بصوت جهير: كان الشيخ عبد الله عظيم، كنت عنده وقد ظهر من ناحية الجبل سحابة سوداء مظلمة، ظاهر منها العذاب، فلما قرُبت قام الشيخ وقال: إلى بلدي ارجعي، فرجعت السحابة. ولو لم أسمع هذه الحكاية من الفقيه ما صدّقت. حدثني الشيخ إسرائيل، أن الشيخ محمداً السكاكيني حدثه، وكان لا يكاد يفارق الشيخ، قال: دعاني وألحّ عليّ فأتيته، وخرجت في الليل من السور من عند عمود الراهب، وجئت إلى) الزاوية، فإذا الشيخ وهو يقول: يا مولاي، ترسل إلي الناس في حوائجهم من هو أنا اقضِها أنت لهم يا مولاي، إبراهيم النصراني من جبة بشرّي يا مولاي، ودعا له، فبهتّ لذلك، ونمت ثم قمت إلى الفجر، وبقيت يومئذ عنده. فلما كان الليل وأنا خارج الزاوية، إذا بشخص

(44/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 341
فقلت: أيش تعمل هنا وإذا به إبراهيم النصراني، قلت: أيش جابك قال: أين الشيخ قلت: يكون في المغارة. قال: رأيت البارحة رسول الله صلى الله عليه وسلّم في النوم، وهو يقول: تروح إلى الشيخ عبد الله، وتسلّم على يده فقد ينتفع فيك. فأتينا الشيخ، وإذا به في المغارة، فقصّ على الشيخ الرؤيا فترغرغت عينا الشيخ بالدموع، وقال: سماني رسول الله صلى الله عليه وسلّم شويخ. فأسلم إبراهيم، وجاء منه رجلاً صالحاً. وأخبرني العماد أحمد بن محمد بن سعْد، قال: طلعنا جماعة إلى زيارة الشيخ الفقيه محمد، فقلت: يا سيّدي، حدثنا عن منام الشيخ عبد الله الثقة، فقال: أخبرني الشيخ عبد الله الثقة، قال: كنت قد رأيت من ثلاث عشرة سنة كأني في مكان واسع مضيء، وفيه جماعة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فجئت إليه، وقلت: يا رسول الله خذ عليّ العهد، ومددت يدي إليه، فقال: بعد الشيخ عبد الله أعدتها عليه ثلاثاً ى وهو يقول: بعد الشيخ عبد الله. فلما كان البارحة جاء إليّ شخص، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم في النوم، وهو يقول لي: قل لعبد الله الثقة يخرج من المدينة وإلا يُمسَك. قلت: يا رسول الله، ما يُصدّقني قال: قل له بعلامة ما رآني وقال لي: خذ عليّ العهد، فقلت له: بعد الشيخ عبد الله. قال: ولو لم يرَ هذا المنام، ما أعلمت بمنامي أحداً. قال: فقلت: ما بعد هذا شيء، أخرج، قال: فمُسك بعد أيام. أو ما هذا معناه. أخبرني الشيخ إسرائيل، حدثني عبد الصمد. قال: والذي لا إله إلا هو مذ خدمت الشيخ عبد الله ما رأيته استند على شيء، ولا سعل، ولا تنحنح، ولا بصق. وقال الشيخ الفقيه: حضرت الشيخ عبد الله مرتين، وسأله ابن خاله حُميد بن بَرق، فقال: زوجتي حامل، إن جاءت بولد ما أسميه قال: سمِّ

(44/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 342
الواحد: سليمان والآخر: داود، فولدت اثنين توأماً. وقال له ابنه محمد: امرأتي حامل إن جاءت بولد ما أسمّيه قال: سمِّ الأول: عبد الله، والثاني: عبد الرحمن. وعن سعيد المارديني، قال: جاء رجالٌ من بعلبكّ إلى الشيخ، فقالوا: جاءت الفرنج، قال: فمسك) لحيته وقال: هذا الشيخ النحس ما قعوده ها هنا فردت الفرنج. وقال أبو المظفر سِبط ابن الجوزي في ترجمة الشيخ عبد الله اليونيني: كان صاحب رياضات ومُجاهدات وكرامات وإشارات. لم يقم لأحدٍ تعظيماً لله وكان يقول: لا ينبغي القيام لغير الله. صحِبتُه مدة، وكان لا يدّخر شيئاً، ولا يمسّ ديناراً ولا دِرهماً، وما لبس طول عمره سوى الثوب الخام، وقَلَنْسُوة من جِلد ماعز تساوي نصف درهم، وفي الشتاء يبعث له بعض أصحابه فروة، فيلبسها، ثم يؤثر بها في البرد. قال لي يوماً ببعلبكّ: يا سيد أنا أبقى أياماً في هذه الزاوية ما آكل شيء. فقلت: أنت صاحب القبول كيف تجوع قال: لأنّ أهل بعلبكّ يتّكل بعضهم على بعض، فأجوع أنا. فحدّثني خادمه عبد الصمد قال: كان يأخذ ورق اللوز يفركه ويستفّه. وكان الأمجد يزوره، فكان الشيخ يهينه ويقول: يا مُجَيد أنت تظلم وتفعل، وهو يعتذر إليه. وأظهر العادل قراطيس سوداً، فقال الشيخ: يا مسلمون انظروا إلى هذا الفاعل الصّانع يفسد على الناس معاملاتهم. فبلغ العادل ذلك، فأبطلها.

(44/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 343
سافرتُ إلى العراق سنة أربع وحججت، فصعدت على عرفات، وإذا بالشيخ عبد الله قاعدٌ مستقبل القبلة، فسلّمت عليه، فرحّب بي وسألني عن طريقي، وقعدت عنده إلى الغياب، ثم قلت: ما نقوم نمضي إلى المزدلفة فقال: اسبقني فلي رفاق. فأتيت مزدلفة ومِنى، فدخلت مسجد الخِيف فإذا بالشيخ توبة، فسلّم عليّ، فقلت: أين نزل الشيخ قال: أيّما شيخ قلت: عبد الله اليونيني. قال: خلّفته ببعلبكّ. فقطبتُ وقلت مبارك. ففهم وقبض على يدي وبكى، وقال: بالله حدثني، أيش معنى هذا قلت: رأيته البارحة على عرفات. ثم رجعت إلى بغداد ورجع توبة إلى دمشق، وحدّث الشيخ عبد الله، ثم حدّثني الشيخ توبة قال: قال لي ما هو صحيح منك، فلان فتى، والفتى لا يكون غمّازاً. فلما عدت إلى الشام عتَبَني الشيخ. وحدثني الجمال بن يعقوب قاضي كرْك البِقاع، قال: كنت عند الجسر الأبيض وإذا بالشيخ عبد الله قد جاء ونزل إلى ثورا، وإذا بنصراني عابر، ومعه بغل عليه حِمل خَمْر فعثر البغل ووقع، فصعد الشيخ وقال: يا فقيه، تعال. فعاونته حتى حمّلناه، فقلت في نفسي: أيش هذا الفعل ثم مشيت خلف البغل إلى العُقيبة فجاء إلى دّكان الخمّار، فحلّ الظرف وقلَبَه، وإذا به خَلّ، فقال له الخمّار. ويحك هذا خلّ، فبكى، وقال: والله ما كان إلا خمراً من ساعة، وإنما أنا أعرف العلة،) ثم ربط البغل في الخان، وردّ إلى الجبل، وكان الشيخ قد صلى الظُّهر عند الجسر في مسجدٍ، قال: فدخل عليه النصراني، وأسلم، وصار فقيراً.

(44/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 344
قال أبو المظفّر: وكان الشيخ شجاعاً ما يبالي بالرجال قلّوا أو كثروا، وكان قوسه ثمانين رطلاً، وما فاتته غزاة في الشام قط، وكان يتمنى الشهادة ويُلقي نفسه في المهالك. حدّثني خادمه عبد الصمد قال: لما دخل العادل إلى بلاد الفرنج إلى صافيتا قال لي الشيخ ببعلبك: انزل إلى عبد الله الثقة، فاطلب لي بغلته. قال: فأتيته بها، فركبها، وخرجت معه فبِتنا في يونين، وقمنا نصف الليل، فجئنا المُحدثَة الفجَر، فقلت له: لا تتكلم فهذا مكمن الفرنج. فرفع صوته وقال: الله أكبر، فجاوبته الجبال، فيَبستُ من الفَزَع، ونزل فصلى الفجر، وركب، فطلعت الشمس، وإذا قد لاح من ناحية حِصن الأكراد طلب أبيض، فظنّهم الاستبار، فقال: الله أكبر، ما أبركك من يوم، اليوم أمضي إلى صاحبي. وساق إليهم وشهر سيفه، فقلت في نفسي: شيخ وتحته بغلة وبيده سيف يسوق إلى طلب فرنج. فلما كان بعد لحظة وقربوا، إذا هم بمائة حمير وحش، فجئنا إلى حِمص، فجاء الملك المجاهد أسد الدين، وقدّم له حصاناً، فركبه، ودخل معهم، وفعل عجائب. وكان الشيخ عبد الله يقول للفقيه محمد: فيّ وفيك نزلت: إن كثيراً من الأخبار والرُّهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل. وقال ابن العديم في تاريخ حلب: أخبرني الفقيه اليونيني أن الشيخ

(44/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 345
عبد الله كان يصلي بعد العشاء الآخرة وِرداً إلى قريب ثلث الليل، فكان ليلة يعاتب ربه عزّ وجلّ ويقول: يا رب الناس ما يأتوني إلا لأجلك، وأنا قد سألتك في المرأة الفلانية والرجل الفلاني أن تقضي حاجته، وما قضيتَها، فهكذا يكون وكان يتمثّل بهذه الأبيات كثيراً ويبكي:
(شفيعي إليكم طول شوقي إليكم .......... وكل كريمٍ للشفيع قُبول)

(وعُذري إليكم أنني في هواكم .......... أسيرٌ ومأسور الغرام ذليل)

(فإن تقبلوا عُذري فأهلاً ومرحباً .......... وإن لم تُجيبوا فالمُحبُّ حمول)

(سأصبر لا عنكم ولكن عليكم .......... عسى لي إلى ذاك الجَنابِ وصول)
قال الصاحب أبو القاسم: وقد صحِبته ووهب لي قميصاً له أزرق، وقال لي يوماً ببيت المقدس: يا أبا القاسم، اعشق تفلح فاستحييت، وذلك في سنة ثلاث وستمائة، ثم بعده مدة سارّني بجامع دمشق، وقال: عشقت بعد فقلت: لا. قال: شُهْ عليك. واتفق أني تزوجت بعد ذاك بسنة، ومِلْتُ) إلى الزوجة ميلاً عظيماً، فما كنت أصبر عنها. قال ابن العزّ عمر: قرأت في تاريخ ابن العديم، بغير العديم، بغير خطه، قال سيدنا العلاّمة أبو عبد الله محمد بن أبي الحسين اليونيني: كنت عند الشيخ يوماً فجاءه رجلان من العرب، فقالا: نطلع إليك قال: لا، فذهب أحدهما وجلس الآخر، فقال الشيخ: فأما الزَّبَد فيذهب جُفاءً، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ثم قال له: اطلع. وطلع، فأقام عندنا أياماً، فقال له الشيخ: تحبّ أن أريك قبرك قال: نعم، فأتى به المقبرة، فقال: هذا قبرك. فأقام بعد ذلك اثني عشر يوماً أو أربعة عشر يوماً، ثم مات، فدُفن في ذلك المكان. وكان له زوجة ولها بنت، فطلبتُ أن يزوّجني بها، فتوقفت أمها، وقالت: هذا فقير ما له شيء. فقال: والله إني أرى داراً قد بُنيت له وفيها ماءٌ جارٍ وابنتك عنده في الإيوان، وله

(44/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 346
كفاية على الدوام، فقالت: ترى هذا قال لها: نعم. فزوّجَتنيها، ورأت ذلك، وأقامت معي سنين، وذلك سنة محاصرة الملك العادل سِنجار. وكانت امرأة بعد موتها تطلب زواجي، وتشفّعت بزوجة الشيخ، فلما أكثرت عليّ، شكوتها إلى الشيخ، قال: طوّل روحك يومين، ثلاثة ما تعود تراها. قال: فقدِم ابن عمّها من مصر أميرٌ كبيرٌ بعد أيام، فتزوج بها، وما عدت رأيتها. وكراماته في هذا كثير. كتب الفقيه تحت هذا الكلام: صحيح ذلك، كتبه محمد بن أبي الحسين اليونيني. وقال أبو القاسم ابن العديم: توفي في عشْر ذي الحجة، وهو صائم، وقد جاوز الثمانين. فقال لي الفقيه محمد: كنت عند الشيخ، فالتفت إلى داود المؤذّن، فقال: وصيّتك بي غداً، فظنّ المؤذّن أنه يريد يوم القيامة. وكان ذلك يوم الجمعة، وهو صائم، فلما جاء وقت الإفطار قال لجاريته: يا درّاج أجد عطشاً، فسِقته لينوفر، فبات تلك الليلة، وأصبح وجلس على حجَر موضِع قبر مستقبل القِبلة، فمات وهو جالس، ولم يُعلم بموته، حتى حرّكوه، فوجدوه ميتاً، فجاء ذلك المؤذّن وغسّله، رحمه الله. قلت: وله أصحاب كبار منهم: ولده محمد، والشيخ الفقيه، والشيخ عبد الله بن عبد العزيز، والشيخ عيسى بن أحمد، والشيخ توبة، ومحمد بن سيف وأقدمهم الشيخ عبد الخالق اليونيني، توفي بيونين في هذه السنة أيضاً وكان صالحاً زاهداً، كبير القدر، صاحب كرامات، وهو عم الشيخ عيسى اليونيني.)

(44/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 347
4 (عبد الرحمن بن أحمد بن هديّة.)
أبو عمر البغدادي، الوراق، الدارقَزّي. آخر من حدّث عن الحافظ عبد الوهاب الأنماطي، سمع منه في سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. روى عنه: الدُّبيثي، والزكي البِرزالي، والضياء، وجماعة. وكان شيخاً صالحاً. توفي في السادس والعشرين من ربيع الأول، وقد جاوز التسعين.
4 (عبد الرحيم ابن الحافظ أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور بن محمد بن عبد)
الجبار. الإمام فخر الدين أبو المظفّر ابن السمعاني، المروزي، الشافعي.

(44/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 348
ولد في ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وخمسمائة. واعتنى به أبوه أتمّ عناية، ورحل به وسمّعه الكثير، وأدرك الإسناد العالي، ووقع له عالياً من الكتب: صحيح البخاري، وسنُن أبي داود، و جامع الترمذي، و سُنن النسائي، و مسند أبي عَوانة، و تاريخ يعقوب الفسَوي. وسمع الكتب الكبار مثل الحِلية لأبي نُعيم، و مسند الهيثم بن كُليب، وأشياء كثيرة. فسمع من أبي تمّام أحمد بن محمد ابن المختار العباسي التاجر، حدثه عن أبي جعفر ابن الموفق الهَرَوي، ووجيه الشحّامي، وأبي الفتوح عبد الله بن علي الخَركُوشي، والحسين بن علي الشحّامي، والجُنيد بن محمد القايني، وأبي الوقت عبد الأول السِّجزي، وأبي الأسعد هبة الرحمن القُشيري، وأبي الخير جامع السقاء الصوفي، ومحمد بن إسماعيل بن أبي صالح المؤذّن، ومحمد بن منصور الحَرضي، وأبي طاهر محمد بن محمد السِّنجي الحافظ، وأبي الفتح محمد بن عبد الرحمن الكُشمِهَني آخر من روى البخاري عن ابن أبي عمران، وأبي طالب محمد بن عبد الرحمن بن محمد الكَنْجَروذي، ومحمد بن الحسن بن تميم الطائي، ومحمد بن إسماعيل الخُراجي المَروزي سمع البخاري من ابن أبي عِمران، وأبي الفتح محمد بن عبد الله بن أبي سعد الشيرازي الهَروي يروي عن بينى الهَرْثمية، وأبي سعد محمد بن إسماعيل الشاماتي، ومحمد بن عبد الواحد المَغازلي الإصبهاني، ومحمد بن المفضّل بن سيّار الدهّان، ومحمد بن جامع خيّاط الصوف، وأبي عبد الرحمن أحمد بن الحسن الكاتب، وأبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن العَصائدي، والحسن بن محمد السَّنجَبَسي وسعيد بن علي الشجاعي،) وعبد الله بن محمد ابن الفراوي، وعبد الملك بن عبد الواحد ابن القُشيري، وعبد

(44/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 349
السلام بن أحمد الهَرَوي بكَبْرة، وأبي منصور عبد الخالق بن زاهر الشحّامي، وأبي عَروبة عبد الهادي بن عبد الخلاّق الهَرَوي، وعمر بن أحمد الصَّفار، وعثمان بن علي البيكَندي، وخلقٍ كثير لقيهم بمرو، ونيسابور، وهَراة، وبخارى، وسمرقند، ونواحي خُراسان. وخرّج له أبوه معجماً في ثمانية عشر جزءاً. وحجّ سنة ستّ وسبعين وخمسمائة. وحدّث ببغداد، وعاد إلى مرْو، وروى الكثير، ورحل الناس إليه. وسمِع منه الحافظ أبو بكر محمد بن موسى الحازمي، ومات قبله بدهرٍ. وحدث عنه: الأئمة أبو عمرو ابن الصَّلاح، والضياء أبو عبد الله، والزكي البِرزالي، والمحب ابن النجّار، والمحب عبد العزيز بن هِلالة، والشرف المُرسي، وأحمد بن عبد المحسن الغَرافي، وطائفةٌ سواهم. وسمعنا بإجازته من الشرف ابن عساكر، والتاج بن عَصرون. وآخر من روى عنه بالإجازة زينب بنت عمر البعلبكية. وكان فقيهاً، مُفتياً، عارفاً بالمذهب، وله أنس بالحديث خرّج لنفسه أربعين حديثاً، سمعناها. قال أبو عمرو ابن الصلاح: قرأت عليه في أربعين أبي البركات الفَراوي حديثاً ادّعى فيه كأنه سمعه هو أو شيخه من البخاري، فقال الشيخ أبو المظفّر: ليس لك بعالٍ ولكنه للبخاري نازل. قلت: أعجبني هذا القول من أب المظفّر. وانقطع بموته شيءٌ كثير من المَرويات. وعُدم في دخول التتار مَرْو في آخر هذه السنة، أو في أوائل السنة الآتية. وكان أخوه الصدر الرئيس أبو زيد محمد قد اختصّ بخدمة السلطان محمد بن تكش الخُوارزمي، وتقدّم عنده، ونفّذه رسولاً غير مرة إلى بغداد، فوعظ بها، وحدّث سنة إحدى وستمائة عن أبي الفتح محمد بن عبد الرحمن الحَمْدوبي حضوراً، وعن مسعود بن محمد المَرْوَزي.

(44/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 350
روى عنه الحافظ الضياء. قرأت في تاريخ ابن النجّار: أن أبا المظفر توفي بمرو ما بين سنة أربع عشرة أو ست عشرة وستمائة.) قال ابن النجار: سماعاته بخطوط المعروفين صحيحة، فأما ما كان بخطّه فلا يُعتمد عليه كان يلحق اسمه في الطباق.
4 (عبد السلام بن الحسن بن عبد السلام بن أحمد.)
القاضي المرتضى، أبو محمد الفِهري، القَيسراني، ثم المِصري الكاتب، المعروف بابن الطُّوير. سمع من السلفي في كبره. وخدم في دولة بني عُبيد المِصريين، ثم خدم في الدواوين في الدولة الصلاحية. وشهد ستين سنة. وجده من أهل العدالة والحديث والتقدم كتب عنه الحافظ السلفي. وأما أخوه هبة الله بن الحسن، فيروي عن أبي الحسن ابن الفرّاء، روى عنه الحافظ ابن المفضَّل، وغيره. وهذا فله شعر، وكتابة حسنة.

(44/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 351
روى عنه: الزكي المنذري، وغيره. توفي عن اثنتين وتسعين سنة وسبعة وعشرين يوماً، عن ذهن حاضر وكتابة جيّدة، وهو القائل:
(بالله ربي ثقتي .......... دخلت عَشر المائة)

(تِسعون عاماً كمَلَت .......... في النصف من ذي الحجة)

(ممتعاً بناظري .......... ومسمعي وقوتي)

(وإنني أطمع أن .......... تغفِر لي خطيئتي)

4 (عبد العزيز ابن الأمير القائد أبي علي الحسين بن عبد العزيز بن هِلالة اللخمي الأندلسي.)
الصالح الحافظ، أبو محمد محب الدين. ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة تقريباً. ورحل، فسمع بمكة من زاهر بن رستم، وببغداد من: أبي أحمد عبد الوهاب بن سُكينة، وعمر بن طَبرْزَد، والحسين بن أبي نصر بن أبي حنيفة، وطائفة، وبواسط من أبي الفتح ابن المَندائي. وبإصبهان من أسعد بن سعيد، وعين الشمس، وجماعة. وبخُراسان من المؤيد الطوسي، وأبي رَوْح، وزينب، وأصحاب الفُراوي، وهذه الطبقة. وخطّه مليح مغربي في غاية الدقة.)

(44/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 352
وحدث. وكان كثير الأسفار، ديّناً، متصوناً، كبير القدر. قال الحافظ الضياء: توفي رفيقنا وصديقنا أبو محمد بن هِلالة بالبصرة في عاشر رمضان، وما رأينا من أهل المغرب مثله. ودُفن بجنب قبر سهل بن عبد الله التُّستَري. وقال ابن نُقطة: كان ثقة، فاضلاً، صاحب حديث وسُنّة، كريم الأخلاق. وقال مفضَّل القُرشي: كان كثير المروءة، غزير الإنسانية. وقال عمر ابن الحاجب: رأيته ولم أسمع منه، وهو من طَبيرة: بُلَيدة بالأندلس، من كبار أهلها، رأيته ولم أسمع منه. قال: وكان كيّس الأخلاق، محبوب الصورة، ليِّن الكلام، كريم النفس، حلو الشمائل، مُحسناً إلى أهل العلم بماله وجاهه. قيل: إنه أوصى بكتبه للشرف المرُسي. وممن روى عنه الكمال ابن العديم. قلت: آخر من روى عنه السيف عبد الرحمن بن محفوظ الرَّسعَني المُعدّل.
4 (عبد العظيم بن أبي البركات عبد اللطيف بن أبي نصر بن محمد بن سهل.)
أبو المكارم الإصبهاني، المِلنجيّ، الشَّرابي، القزّاز، نزيل بغداد. وُلد بمحلة مِلَنجة من إصبهان سنة خمسين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وأبي مسعود عبد الجليل كُوتاه، وأبي الخير محمد بن أحمد الباغبان، ومسعود الثقفي، والرُّستُمي، وشاكر الأسواري، ومحمد بن محمود الفارفاني، وجماعة.

(44/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 353
وحدث بإصبهان، وبغداد. وسماعه من كُوتاه حُضور. وقد كتبت في إجازة أنه من عشيرة سلمان الفارسي. روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، والزكي البِرزالي، وجماعة. وآخر من روى عنه بالإجازة زينب بنت كِندي. ومات في السابع والعشرين من ذي الحجة ببغداد. أخبرتنا زينب الكِندية، أنبأنا عبد العظيم بن عبد اللطيف، أن ضوء النساء بنت عبد الرزاق بن محمد بن سَهل الشَّرابي، أخبرته، قالت: أخبرنا أبي، أخبرنا محمد بن عبد الله الهَرَوي، أخبرنا) ثابت بن محمد السعدي، أخبرنا أبي، حدثنا محمد بن إسحاق القُرشي، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، عن مُغيرة، عن عاصم بن أبي النجود، قال: قالت أم سلمة: نِعم اليوم يوم ينزل فيه ربّ العِزّة إلى سماء الدنيا يوم عرفة. فيه انقطاع.
4 (عيد الكبير بن محمد بن عيسى بن محمد بن تقي.)
أبو محمد، الغافقي المُرسي، نزيل إشبيلية. روى عن: أبيه، وأبي عبد الله بن سَعادة، وأبي عبد الله بن عبد الرحيم، وجماعة. وأجاز له أبو الحسن بن هُذيل، وغيره. قال الأبّار: كان فقيهاً حافظاً، حسن الهَدْي والسَّمت، مشاركاً في

(44/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 354
الحديث، بصيراً بالشروط، متقدماً في الفُتيا. وله مختصر في الحديث، وصنّف تفسيراً نحا فيه الجمع بين تفسير ابن عطيّة وتفسير الزَّمخشري. وولي القضاء برُندة، وناب في الحكم عن القاضي أبي الوليد بن رُشد بقرطبة. وحدّث وأخذ الناس عنه. وتوفي في صفر، ومولده في سنة ست وثلاثين وخمسمائة.
4 (عبد اللطيف ابن قاضي القضاة أبي طالب علي بن علي بن هبة الله ابن البخاري.)
القاضي أبو الفتوح البغدادي. ولي القضاء بالجانب الشرقي جميعه. وولي نظر المخزن المعمور. وهو من بيت القضاء والحِشمة. توفي في ربيع الآخر.
4 (عبد المجيد بن محمد بن محمد بن الحسن بن علي.)
أبو المفضَّل الربعي، الكِركَنتي الأصل، الإسكندراني، المالكي العدْل. قال: إنه دخل هَمَذان مع أبيه: وسمع بها من الحافظ أبي العلاء العطّار. وقد سمع من أبي محمد العثماني. وتفرّد بالإجازة من القاضي أبي المظفر محمد بن علي بن الحسين الشيباني الطبري، وحدث بها.

(44/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 355
وتوفي في رابع عشر ذي الحجة.
4 (عبد الوهاب بن عبد الله بن هبة الله بن عبد الله بن حسن.)
أبو الحسن الأزجي، القصّار، الصوفي.) سمه من: أبي محمد ابن المادح، وأبي المعالي عُمر بن علي الصيرفي. وتوفي في رمضان. روى عنه: البِرزالي، والدُّبيثي، وغيرهما.
4 (علي بن محمد بن يوسف.)
أبو الحسن الفهمي، اليابُري الضرير. نشأ بقرطبة، وأخذ القراءات سنة ثمان وستين بغَرناطة عن عبد المنعم بن الخلوف. وأخذ القراءات بإشبيلية عن أبي بكر بن خَير، ونجَبة بن يحيى وسمع منهم ومن أبي العباس بن مضاء، فأكثر عنه. وله إجازة من السِّلفي، وجماعة. قال الأبّار: وكان محقّقاً للقراءات، ذكياً. أدّب ولد السلطان بمرّاكش، ونال دُنيا عريضة. وحدّث. وتوفي سنة عشرة أو ثمان عشرة.

(44/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 356
4 (علي بن محمد شاه.)
الأمير الكبير بهاء الدين، صاحب كِرمان. توفي بدمشق في ذي الحجة، ودفن بمقبرة باب الصغير. وعلى قبره أبيات شعره.
4 (علي بن أبي المجد المبارك بن أحمد بن محمد ابن الظاهري.)
الحَريمي، أبو الحسن. سمع من: أبي المعالي محمد ابن اللحّاس، وأبي الفتح ابن البطي، وجماعة. يقال: إنه من ولد الأمير طاهر بن الحسين الخُزاعي. توفي في ربيع الآخر.
4 (علي بن مسعود بن هيّاب.)
أبو الحسن الواسطي، المقريء، الجَماجمي. كان يَعمل الجَماجم. قرأ القراءات على هبة الله بن قسّام الواسطي، وجماعة. وأقرأ وكان يحفظ المشهور والشواذ.

(44/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 357
وتوفي في جمادى الأولى بواسط. قال ابن نُقطة: قرأت عليه، وكان متساهلاً في الأخذ جداً.
4 (علي بن مسعود بن أحمد ابن المقرئ.)
) الحاجب الجليل أبو القاسم البغدادي. سمع من عبد الملك بن إلكيا الهرّاسي. وحدّث. ومات في جمادى الآخرة.
4 (علي بن أبي بكر بن علي بن سُرور.)
الإمام الفقيه مجد الدين أبو الحسن المقدسي، الجمّاعيلي، الحنبلي. سمع من ابن كُليب. ورحل إلى إصبهان، فسمع من جماعة. روى عنه الضياء المقدسي وقال: كان إماماً، ديّناً، فقيهاً، حصّل الفقه والحديث. وكان كثير الاجتهاد في نفع الناس من الإقراء والإشغال بالفقه والحديث. وتوفي في ثامن عشر رجب.
4 (عمر بن الحسن بن المبارك.)
أبو القاسم ابن البوّاب، أمين القضاة بالحريم وما يليه. سمع من: أبي علي أحمد ابن الرحَبي، ودَهْبل بن كاره، وجماعة. وحدث.
4 (حرف الفاء)

4 (فاطمة بنت الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني.)

(44/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 358
العطّار. سمعَت من نصر بن المظفر البرمكي، ومن أبيها. روى عنها الضياء المقدسي، وغيره. وأجازت لشيوخنا. وتوفيت في الخامس والعشرين من ذي الحجة بهمذان.
4 (فَريدون بن كَشْوارة، الأجلّ الأمير، الدوني.)
توفي بمصر. وحدث عن أبي طاهر السلفي. ومات في ربيع الآخر.
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن الحسين بن أحمد.)
) أبو الفضل الخوارزمي النحوي. من كبار أئمة العربية، صنّف شرحاً للمفضَّل في نحو ثلاث مجلدات، وغير ذلك.

(44/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 359
قتلته التتار بخُوارزم فيمن قتلوا في ثاني عشر ربيع الأول شهيداً، رحمه الله.
4 (قَتادة، صاحب مكة، الشريف أبو عزيز ابن الأمير الشريف أبي مالك إدريس بن مُطاعن)
بن عبد الكريم بن عيسى بن حُسين بن سُليمان بن علي بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. الهاشمي العلوي الحسَني. يقال: إنه بلغ التسعين سنة، وُلد بوداي ينبُع، وبه نشأ. وولي إمرة مكة مدة. قال الحافظ عبد العظيم: رأيته يطوف، ويدعو بتضرُّع وخُشوع كثير.

(44/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 360
وكان مَهيباً، قوي النفس، مِقداماً، فاضلاَ، وله شعر. وقدم مصر غير مرة. أملى علي نسبه أخوه الشريف عيسى فذكر ما تقدّم. وقال أبو شامة: كان قتادة شيخاً مهيباً، طُوالاً، وما كان يلتفت إلى أحدٍ لا خليفة ولا غيره. وكان تُحمل إليه من بغداد الخلع والذهب. وكان يقول: أنا أحقّ بالخلافة من الناصر لدين الله. وكان في زمانه يؤذن بالحرم ب حي على خير العمل على مذهب الزيدية وقد كتب إليه الخليفة قول: أنت ابن العم والصاحب، وقد بلغني شهامتك وحفظك للحجيج، وعدلك، وشرف نفسك، ونزاهتك، وأنا أحب أن أراك وأحسن إليك. فكتب إلى الناصر لدين الله:
(ولي كف ضِرغام أدُلّ ببطشها .......... وأشري بها بين الورى وأبيع)

(وكل ملوك الأرض تلثم ظهرها .......... وفي بطنها للمجدبين ربيع)

(أأجعلها تحت الرحى ثم أبتغي .......... خلاصاً لها إني إذاً لرقيع)

(وما أنا إلا المسك في كل بُقعةٍ .......... يَضوع وأما عندكم فيَضيع)
توفي بمكة في جمادى الأولى. وقال المنذري: توفي في أواخر جمادى الآخرة. وقال ابن واصل: وثب ابنه حسن بن قتادة على عمه فقتله، فتألم قتادة، وغضب على ابنه وتهدّده. فدخل حسن مكة وقصد دار أبيه فدخل، فلما رآه أبوه وهو شيخ كبير متمرّض شتمه وتهدّده، فوثب على أبيه فخنقه لوقته، ثم خرج وقال: قد اشتد مرض أبي، وقد أمركم أن) تحلفوا لي فحلفوا له وتأمر. ثم طلب

(44/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 361
أخاه من قلعة ينبع، فلما حضر قتله أيضاً، فلم يمهله الله. وكان ظالماً، جباراً، عسّافاً.
4 (قيصر بن مظفّر بن يلدرك.)
أبو محمد البغدادي. أديب فاضل، أخباري، مليح الخطّ. صحِب أبا الفوارس سعد بن محمد حَيص بَيص، وانقطع إليه، وسمع منه الكثير. توفي في جمادى الأولى، وله ثمان وثمانون سنة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن سليمان.)
أبو عبد الله الزُّهري، الأندلسي، الإشبيلي. رحل، وحج، وسمع ببغداد من ابن كُليب، وذاكر بن كامل، ويحيى بن بَوش، وعبد الخالق ابن الصابوني، وطبقتهم. ورحل إلى إصبهان، فكتب بها عن أصحاب أبي علي الحدّاد. ثم سافر إلى الكَرج واستوطنها، وحدّث بها وبإربل. وكان عارفاً بالأدب، فاضلاً، نحْوياً. صنّف شرحاً لكتاب الإيضاح. وله شعر حسن.

(44/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 362
قال الزكي المُنذري: توفي ببُروجِرْد شهيداً بيد التتار، في رجب.
4 (محمد بن أحمد بن حسان القصّار.)
سمع من: مسعود بن عبد الواحد بن الحُصين، والمبارك بن المبارك بن نصر السرّاج. روى عنه ابن النجار. وكان صالحاً.
4 (محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز.)
أبو جعفر الرازي، الفقيه العلاّمة الحنَفي، نزيل المَوصل. درّس، وأفتى، وتفنّن في العلوم، وله شعر جيد، وصنّف في المذهب. وكان كبير القدر. توفي في رجب.
4 (محمد بن إسماعيل بن علي بن حمزة الموسوي.)
الشريف أبو بكر الهَرَوي. سمع من: جده علي، وغيره.) ووُلد ثمانٍ وعشرين.

(44/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 363
روى عنه: الضياء، وغيره. وكان حيّاً في هذه السنة. وأخبرنا ابن عساكر، أخبرنا محمد بن إسماعيل إجازة، أخبرنا جدي، فذكر حديثاً.
4 (محمد بن تِكش بن إيل أرسلان بن آتْسِز بن محمد بن نوشتِكين.)
السلطان علاء الدين خُوارزم شاه. قد ذكرنا قطعة من أخباره في الحوادث. أباد ملوك العالم، ودانت له الممالك واستولى على الأقاليم. قال ابن واصل: نسب علاء الدين ينتهي إلى إيلتِكين أحد مماليك السلطان ألب أرسلان بن جغر بيك السلجوقي. قال الإمام عزّ الدين ابن الأثير: كان صَبوراً على التعب وإدمان السَّيْر، غير مُتَنَعِّم ولا مُقبل على اللذات إنما نَهْمته في المُلك وتدبيره، وحِفظه، وحفظ رعيته.

(44/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 364
قال: وكان فاضلاً، عالماً بالفقه والأصول، وغيرهما. وكان مكرِماً للعلماء محباً لهم، محسناً إليهم، يحب مناظرتهم بين يديه. ويُعظّم أهل الدين وبترّك بهم. فحكى لي بعض خدم حُجرة النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد من خُراسان، قال: وصلت إلى خُوارزم ودخلتُ الحمّام، ثم قصدت باب السلطان، فلما أُدخلتُ عليه أجلسَني بعد أن قام لي، ومشى واعتنقني، قال لي: أنت تخدم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم قلت: نعم. فأخذ بيدي وأمرّها على وجهه، وسألني عن حالنا وعيشنا، وصفة المدينة ومقدارها، وأطال الحديث معي، فلما عزمت، قال: لولا أننا على عزم السفر الساعة لما ودّعتك، وإنا نريد أن نعبر جَيحون إلى الخَطا، وهذا طريق مبارك حيث رأينا من يخدم الحُجرة الشريفة، ثم ودّعني وأرسل إليّ جملة من النفقة. وقال أبو المظفر ابن الجوزي: إنه توفي سنة خمس عشرة، فغلط، وقال: كان قد أفنى ملوك خُراسان، وما وراء النهر، وقتل صاحب سمرقند، وأخلى البلاد، من الملوك واستقلّ بها، فكان ذلك سبباً لهلاكه. ولما نزل همذان، كاتب الوزير مؤيد الدين محمد ابن القًمّي نائب الوزارة الإمامية عن الخليفة عساكر خُوارزم شاه، ووعدهم بالبلاد، فاتفقوا مه الخطا على قتله، وبعث القُمّي إليهم بالأموال والخيول سراً، فكان ذلك سبباً لوهنه وعلم بذلك، فسار من همذان إلى) خُراسان ونزل مَرْو، فصادف في طريقه الخيول والهدايا والكتب إلى الخَطا، وكان معه منهم سبعون ألفاً، فلم يمكنه الرجوع لفساد عسكره. وكان خاله من أمراء الخَطا، وقد حلّفوه أن لا يُطلع خُوارزم شاه على ما دبروا عليه، فجاء إليه في الليل، وكتب في يده صور الحال، ووقف بإزائه، فنظر إلى السطور وفهمها، وهو يقول: خذ لنفسك، فالساعة تُقتل، فقام وخرج من تحت ذيل الخيمة ومعه ولداه جلال الدين والآخر، فركب، وسار بهما، ثم دخل الخَطا والعساكر إلى خيمته، فلم يجدوه، فنهبوا الخزائن واليخول، فيقال: إنه كان في خزائنه عشرة آلاف ألف دينار وألف حِمل قماش أطلس وغيره. وكانت خيله عشرين ألف فرس وبغل، وله عشرة آلاف مملوك. فهرب وركب في مركب

(44/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 365
صغير إلى جزيرة فيها قلعة ليتحصّن بها، فأدركه الأجل، فدُفن على ساحل البحر، وهرب ولداه، وتفرقت الممالك بعده، وأخذت التتار البلاد. قلت: وكانت سلطنة علاء الدين محمد بن تِكش في سنة ست وتسعين وخمسمائة عند موت والده السلطان علاء الدين تِكش. قال الموفق عبد اللطيف: كان تِكش أعور قميئاً كثير اللعب بالملاهي، استُدعي من الديوان العزيز لدفع أذى طُغريل السلجوقي صاحب همذان، فقتل طُغريل وسيّر برأسه، وتقدّم بطلب حقوق السلطنة، فتحركت أمة الخَطا إلى بلاده، أو حُرّكت، فألجأته الضرورة أن يرجع يعني إلى خُوارزم. وتولى بعده الأمر ولداه، فكان ابنه محمدٌ شجاعاً، شهماً، مِغواراً، مقداماً، سعد الوجهة، عزّاء، لا ينشف له لبد، ويقطع المسافات الشاسعة في زمان لا يتوهم العدو أنه يقطعها في أضعافه. وكان هجّاماً، فاتِكاً، غدّاراً، فأول ما فتك بأخيه، فأُحضر رأسه إليه وهو على الطعام، فلم يكترث. وكان قليل النوم، كثير اليقظة، طويل النصب، قصير الراحة. يخدم في الغارات أصحابه، ويهجعون وهو يحرسهم. وثيابه وعدة فرسه لا تبلغ ديناراً. لذّته في نَصَبه، وراحته في تعبه، كثير الغنائم والأنفال، سريع التفريق لها والإنفاق. وكان له معرفة ومشاركة للعلماء، وصحب الفخر الرازي قبل المُلك، فلما تملّك رعى له ذلك، فوسّع عليه الدنيا وبسط يده. لكن هذا المَلك أفسد رأيه العُجْب، والتيه، والثقة بالسلامة، وأوجب له ذلك أن يستبدّ برأيه، ويُنكّب عن ذكر العواقب جانباً، واستهان بالأعداء، ونسي عواقب الزمان فمن عُجبه كان يقول: محمد ينصر دين محمد ثم قطع خُطبة بني العباس من مملكته، وترك غزو الكفار،) وأخذ يتصدّى لعداوة قِبلة الإسلام وقلْب الشريعة بغداد، وعزم على قصد تفليس ليجعلها سرير مُلكه، ويحكم منها على بلاد الروم والأرمن والقفجق، وسائر بلاد العرب والعجم فأفسد الأمور

(44/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 366
بإساءة التدبير، وقتل نفسه بشدة حرصه وحركته قبل وقته، وأراد أن يتشبه بالإسكندر، وأين الأعمى من المبصر وأين الوليّ من رجل تركي فإن الإسكندر مع فضله وعدله ولإظهاره كلمة التوحيد كان في صُحبته ثلاثمائة حكيم، يسمع منهم ويطيع، وكان معلمه أرسطوطاليس نائبه على بلاده، ولا يحل ولا يعقد إلا بمشورته ومراسلته في استخراج رأيه. كذا قال الموفق، وأخطأ في هذا كغيره، فليس إسكندر صاحب أرسطوطاليس هو الذي قص الله سبحانه قصته في القرآن، فالذي في القرآن رجل مؤمن، وأما الآخر فمشرك يعبد الوثن واسمه إسكندر بن فلبّس المقدونيّ، على دين الحكماء لا رعاهم الله ولم يملك الدنيا ولا طافها بل هو من جملة ملوك اليونان. قم قال الموفق: وقد عُلم بالتجربة والقياس أن كل ملِك لا يكون قصده إقامة وبسط العدل والعمارة فهو وشيك الزوال فأول ما صنع هذا أنه ظاهر أمة الخَطا، فنازلهم بأمة التتر حتى استأصلهم، ولم يُبق منهم إلا من دخل تحت طاعته، وصار من عسكره. واستخدم سبعة أمراء من أخواله وجعلهم من قلب عسكره وخواصه. ثم انتقل إلى أمه التتر فمحقهم بالسيف ولم منهم إلا مستسلم في زمرته. وكانت بلاد ما وراء النهر في طاعة الخَطا، وملوك بُخارى وسمرقند وغيرهما يؤدون الإتاوة إلى الخَطا، والخَطا يبسطون فيهم العدل. وكانت هذه الأمم سداً بين تُرك الصين وبيننا، ففتح هذا الملك بقلة معرفته هذا السد الوثيق. ثم أفسد تلك الممالك والأمصار، وأتى على إخراب البلاد وإفساد القلوب، وإبداعها أصناف الإحَنِ والعداوات، وظن أنه لم يُبق فيهم مَن يقاومه، فانتقل إلى خُراسان وسِجِتان وكِرمان ثم العراق وأذربيجان، وطمع في الشام ومصر، وحدّثته نفسه بجميع أقطار الأرض. وكان ذلك سهلاً عليه قد يسّره الله له لو ساعده التوفيق بحُسن التدبير وأصالة الرأي والرفق وعدم العَسف. وكان يستحضر التجّار ويكشف منهم أخبار الممالك النائية. وفي بعض الليالي قال لي ابن يَعلى وزير الملك الظاهر غازي: إن السلطان الليلة مهموم لِما اتصل به من أخبار خُوارزم شاه وطمعه في الشام.

(44/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 367
فقلت له: هذا سعادة للسلطان ولك ولي. قال: وكيف قلت: هذا مَلكٌ واسع الدائرة لا يقدر أن يقيم بالشام، وغرضه القهر والاستيلاء،) وسلطاننا فيه ملق وحُسن تودد ومداراة، فإذا قرب لاطفه وأتحفه، فإذا استولى على ممالك الشام لم يجد من يستنيبه عليه سواه. قال: وكيف عرفت هذا قلت: من التجار. فلما أصبح قص عليه ما جرى فسُرّي عنه، وأمر أن يُحقق ذلك، فاستدعى بتاجر خبير بغدادي، وحادثة، فزعم أنه حاضره وبايعه، وذكر من أحواله أنه يبقى أربعة أيام أو نحوها على ظهر فرسه ولا ينزل، وإنما ينتقل من فرس إلى فرس، ويتضمّر، ويطوي البلاد. وأنه ربما أتى البلد الذي يقصده في نفرٍ يسير فيهجمه ثم يُصبّحه من عسكره عشرة آلاف ويمسيه عشرون ألفاً، وفي كثير من الأوقات يأتي المدد، وقد قضى الحاجة بنفسه. وفي كثير من الأوقات يبعث البعوث ويأتي أخيراً وقد قُضيت الحاجة أولاً. وربما هجم البلد في نفر دون المائة فيقضي حاجته. وربما قتل ملك ذلك البلد أو أسره ثم تتدفق جموعه. وقال: إن سرجه ولجامه لا تبلغ قيمتها دانقاً، ولا تبلغ قيمة ثيابه دانقين. وحكى أنه في بعض غاراته نزل بأصحابه آخر الليل وكانوا نحو سبعين فارساً، فأمرهم بالهجعة، وأخذ خيلهم يسيّرها بعدما استقى من بئر وسقى الجميع، فلما علم أنهم قد أخذوا من النوم بنصيب أيقظ بعضهم وأمرهم بالحراسة، ثم هجع يسيراً ونهض كالعفاريت وهجموا على المدينة، وقتل ملكها. وسألني الوزير عنه مرة أخرى، فقلت: لا يمكنه أن يدخل الشام لأنه إن أتى بجمْع قليل لم ينل غرضاً مع شجاعة أهل الشام والفلاحون يكفونه، وإن أتى بجمْع كثير لم تحمله الشام لأن خيلهم تأكل الحشيش، ولا حشيش بالشام، وأما الشعير ففي كل مدينة كفاية دوابّها. ثم أخذتُ أحسب معه ما في حلب من الدوابّ فبلغتْ مع التكثير خمسين ألفاً، فإذا ورد سبعمائة ألف فرس، أخذوا عليق شهر في يوم أو يومين، ثم إنهم ليس لهم صناعة في الحرب سوى المهاجمة. وأخْذهم البلاد إنما هو بالرعب والهيبة لا بالعدل والمحبة، وهذه الحال لا تنفع مع شجاعة أهل الشام. وعُقيب موت الملك الظاهر غازي، وصل رسوله إلى حلب، فاحتفل

(44/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 368
الناس، وخرجت الدولة للقائه، وإذا به رجل صوفي، وخلفه صوفي قد رفع عُكّازاً على رأسه، ومعه اثنان من عسكره، ورسول صاحب إربل، فصعِد القلعة، وقال بحضرة المراء: سُلطان السلاطين يسلم عليكم، ويعتب إذ لم تهنئوه بفتح العراق وأذربيجان، وإن عدد عسكره قد بلغ سبعمائة ألف فأحسنوا المعذرة بأن قالوا: نحن في حزن بموت ملكنا وضعف في نفوسنا وإذا بسطنا فنحن عبيده.) وكان كلامه وشكله بقلة عقل مرسله. ثم توجه إلى الملك العادل بدمشق، فقال: سلطان سلاطين يسلم عليك، وقال: تصل الخدمة، فقد ارتضيناك أن تكون مقدَّم الركاب. فقال: السمع والطاعة ولكن لنا شيخ هو كبيرنا نشاوره، فإذا أمر حضرنا، قال: ومن هو قال: أمير المؤمنين. فانصرف، والناس يهزؤون منه. قال: وسمعنا أنه جعل عز الدين كِيكاوس صاحب الروم أمير علَم له، والخليفة خطيباً، وكل ملك جعل له خدمة وأما الملوك الدين كانوا بحضرته، فكان يذلّهم ويهينهم أصنافاً من الإهانات فكان إذا ضُرب له النوبة يجعل طبول الذهب في أعناق الملوك وهم قيام يضربون، وهذا يدلّ على اغتراره بدنياه وقلة ثقته بالله تعالى. ثم إنه وصل همذان، وإصبهان، وبثّ عساكره إلى حُلوان وتُخوم إربل، وواصلَه مظفّر الدين بالمؤن والأزواد، خافه أهل بغداد فجمعوا وحشدوا واستعدوا للحصار واللقاء جميعاً، ثم إن الله أجراهم على جميل عادته في أن يدافع عنهم وذلك أنه اختلت عليه بلاد ما وراء النهر، فرجع على عقبيه، وقهقر، لا يدري ما خلفه مما بين يديه. وأيضاً فإنه لما وصل حُلوان نزل عليهم ثلج ونوء عظيم. فقال بعض خواصه: هذا من كرامات بيت النبوّة. ولما أباد أمتي الخَطا والتتر وهم أصحاب الجَند وتُركستان وتنْكُت ظهرت أمم أخر يسمون التتر أيضاً، وهو صنفان: صنف يسكنون طَمْغاج وما يليها، ويسمّون الإيوانية، وصنف يسكنون مما يلي الهند وصين الصين بجبلٍ يُسمّى سَنك سُلاخ وفيه حرق إلى الهند، ومنه دخل السلطان محمد هذا إلى الهند، فجاءهم

(44/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 369
من حيث لا يحتسبون، فوقع بين طائفتي التتر، فانهزمت الإيوانية من الطَمْغاجية إلى أن خالطوا أطراف بُخارى وسمرقند، واتصل بهم: أن السلطان محمداً بنواحي بغداد، وأن المسافة بعيدة، فطمعوا في البلاد بخلوّها عنه، فأتاه الخبر وهو بهمذان، فارتد على عقبيه حتى قدم بُخارى، فجمع وحشد وعزم على لقائهم، وستّر ولده جلال الدين بخمسة عشر ألفاً وجعلهم كميناً، فنمّ الخبر إلى الطمغاجية، وملّكهم هو جنكرخان فوقعوا على الكمين فطحنوه. وهرب جلال الدين بعد جهد جهيد حتى اتصل بأبيه، فأجمع رأيه على أن يضرب معهم مصافّاً فثبتوا عند اللقاء أول يوم، فعجب من ذلك السلطان محمد إذ لم تجر له عادة أن يثبت بين يديه عدو، فلما ثبتوا اليوم الثاني والثالث ضعُفت منّته ومُنّة أصحابه،) وتغيّرت نياتهم، واستشعروا الخوف والخور، ثم وصلت الجواسيس تخبره بأن العدو على نصف عسكره في العدد، فخيّل إليه تعس الجد أن في أصحابه مُخامرين، فقبض على كُبرائهم، فازدادت النيات فساداً، وتوهّم أن عسكره قد صفا، فضرب معهم مصافّاً آخر فتطحطح ووصل بُخارى منهزماً، ونادى إلى الناس: استعدوا للحصار ثلاث سنين. فتخلوا عنه، فرأى من الرأي أن يرجع إلى نيسابور ويجمع بها الجيوش، ولم يظن أن الطمغاجية يتعدون جَيحزن. فأخذوا بخارى في ثمانية أيام وأبادوا أهلها، ثم هجموا خراسان. فأشار عليه وزيره عماد المُلك أن يلحق بهمذان، وضمن له أن يجمع له من العساكر والأموال مقدار حاجته، فما وصل الري إلا وطلائعهم على رأسه، فانهزم إلى قلعة بَرَجين وقد نَصَب، فأقام بها يومين، وإذا بهم عليه، فسحّب نفسه إلى دّرْبند قارون موضع في تُخوم بارس ومعه ثلاثمائة فارس عُراة، ليس فيهم رمق، فلما مضّهم الجوع استطعموا من أكرادٍ هناك، فلم يحتفلوا بهم، فقالوا: السلطان معنا، فقالوا: ما نعرف السلطان. فلما ألحفوا في المسألة أعطوهم شاتين وقصعتي لبن، فتوزعوها. ثم رجع إلى نهاوند، ومر على أطراف البلاد إلى همذان ثم إلى مازنْدران

(44/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 370
وقعقعة رماحهم وسيوفهم قد ملأت مسامعه مناظره، فنزل ببحيرة هناك بموضع يعرف بآوكرم، فمرض بالإسهال الذريع، وطلب دواء فأعوزه الخبز، ومات هناك. وذُكر أمه حُمل في البحر إلى دهِستان. وذكر آخرون: أنه لما صار في السفينة لم يزل يضرب رأسه بجدرانها إلى أن مات. وأما ابنه جلال الدين فتقاذفت به البلاد فرمته بالهند، ثم ألقته الهند إلى كرمان، كما يأتي في ترجمته، إن شاء الله. وقال شمس الدين الجَزَري أبقاه الله في تاريخه: كان لخُوارزم شاه علاء الدين تُضرب النوبة في أوقات الصلوات الخمس كعادة الملوك السلجوقية، فلما قصد العرق في سنة أربع عشر وستمائة تركها تُضرب لأولاده جلال الدين وغيره، وجعل لنفسه نوبة ذي القرنين كانت تُضرب وقت المطلع والمغيب، فعملها سبعة وعشرين دبدبة من الذهب، ورصّعها بالجواهر. ونصّ يوم اختير لضربها على سبعة وعشرين ملكاً من أكابر الملوك وأولاد السلاطين، وقصد التجبّر والعظمة. ثم قصد العراق في أربعمائة ألف فوصل إلى همذان. وقيل: كان معه ستمائة جتْر، تحت كل جِتر ألف فارس. كان قد أباد الملوك واستحوذ على) الأقاليم. ثم قال: هذا ما نقله ابن الأثير وغيره. قال شمس الدين: وحكى لي تقي الدين أبو بكر بن علي بن كمجون الجَزَري السفّار، سنة نيّف وسبعين، قال: حدثني ابن عمي شمس الدين محمد

(44/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 371
التاجر وكان صاحب الجزيرة يبعث معه إذا سافر إلى العجم هدايا إلى السلطان خُوارزم شاه، فكانوا يحترمون ما يبعث به لكونه من بقايا بني أتابك زنكي قال: فكنت في جيش الملك خوارزم شاه ومعه يومئذ مقدار ستمائة ألف راكب ومعهم أتباع تُقاربهم، وتلك البراري تموج بهم كالبحر، فبينما هو في بعض الليالي في المختم، وإذا بصوت ينادي: يا كفرة اقتلوا الَجَرة فتُتبُع ذلك الصوت فلم يُر أحدٌ إلا طيور طائرة، فلما كان ثاني ليلة سُمع ذلك الصوت بعينه ورأى الطيور، فلما كانت الليلة الثالثة سُمع ذلك الصوت بعينه، فما سكت إلا وقد دخل إليه خاله، فحذّره من الفتك به كما ذكرنا. قال: وحكى لي الصالح غرس الذين أبو بكر الإربِلي، قال: كان ابن خالتي من حُجّاب مظفّر صاحب إربل، فحدثني، قال: أرسلني مظفر الدين إلى خوارزم شاه رسولاً فأكرمني، وأجلسوني فوق رسول الخليفة، وفوق الملوك الذين هم في خدمته، فكان عدّة من التقينا من عسكره، وممن هو داخل غي طاعته ثلاثمائة ألف وخمسين ألفاً، وكنا كلما جئنا إلى مكانٍ يقولون: هذا رسول الفقير مظفّر الدين. فسألت بعض الوزراء: كم تكون عدة جيش السلطان قال: المدوّنة ثلاثون توماناً، التومان: عشرة آلاف. قلت: وكانت دولته إحدى وعشرين سنة. ثم رأيت سيرته وسيرة ولده لشهاب الدين محمد بن أحمد بن علي النسَوي في مُجلد، فذكر فيه سعة ممالكه وقهره البلاد والعباد، واستيلائه على خراسان، وخوارزم، وأطراف العراق، ومازَندان، وكِرمان، ومُكران، وكيش، وسِجِستان، والغور، وغزْنة، وباميان، وما وراء النهر والخَطا، وما يقارب أربعمائة مدينة. وذكر من عظمة أمة تركان الخَطائية، أموراً لم يُسمع بمثلها، من عظمتها ونفوذ أمرها، وقتلها النفوس، وجبروتها. وأن جنكزخان أسرها ورأت الذل والهوان والجوع.

(44/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 372
قال النسوي: ولما رحل من حافة جَيحون إلى نيسابور والناس يتسللون لم يقم بها ألا ساعة رعباً تمكن من صدره، وذعراً داخل صميم قلبه، فحكى لي الأمير تاج الدين عمر البِسطامي قال: وصل السلطان بسطام، فاستحضرني وأحضر عشرة صناديق، وقال: هذه كلها جوهر، وفي) هذين الصندوقين جوهر يساوي خراج الدنيا بأسرها، فأمرني بحملها إلى قلعة أردهن، ففعلتُ، وأخذت خط نتوليها بوصولها مختومة. فحاصر التتار القلعة إلى أن صالحهم نتوليها على تسليم الصناديق إليهم بختومها، فحملت إلى جنكزخان. ووصل السلطان إلى أعمال همذان في عشرين ألفاً، فلم ترعه إلا صيحة العدو، فقاتلهم بنفسه، وشمل القتل جل أصحابه، ونجا هو في نفرٍ يسير إلى مازندران ثم إلى حافة البحر، فأقام بقرية هناك يحضر المسجد، ويصلي مع إمام القرية، ويبكي، وينذر النذور إنْ سلِم، إلى أن كبسه التتار بها، فبادر إلى مرْكب، فوقعت فيه سهامهم، وخاض خلفه ناس فغرقوا. وحدثني غير واحدٍ ممن كانوا مع السلطان في المركب، قالوا: كنا نسوق الركب، وبالسلطان من علة ذات الجَنْب ما آيسه من الحياة، وهو يُظهر الاكتئاب ضَجَراً، ويقول: لم يبق لنا من ملكنا قدر ذراعين، تُحفر، فنُقبر، فما الدنيا لساكنها بدار. فلما وصل إلى الجزيرة سُر بذلك، وأقام بها فريداً طريداً والمرض يزداد. وكان في أهل مازِندران ناس يقرّبون إليه بالمأكول والمشروب وما يشتهيه، فقال في بعض الأيام: أشتهي أن يكون عندي فرس ترعى حول خيمتي. فلما سمع الملك حسن أهدى له فرساً. ومن قبل كان اختيار الدين أمير آخِر السلطان مقدَّماً على ثلاثين ألف فارس قول: لو شئت لجعلتُ أصحابي ستين ألفاً من غير كُلفة، وذلك أنني أستدعي من كل جُشار للسلطان في البلاد جوباناً فينيفون على ثلاثين ألفاً. فتأمل يا هذا بُعد ما بين الحالتين

(44/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 373
ومَن حمل إليه في تلك الأيلم شيئاً من المأكول وغيره، كتب له توقيعاً بمنصب جليل، وربما كان الرجل يتولى كتابة توقيع نفسه لعدم موقّع، فأمضاها بعد ولده جلال الدين. ثم حلّ بن الحِمام، انقضت الأيام، فغسّله شمس الدين محمود الجاويش، مقرّب الدين الفرّاش، وما كان عنده كفن، ودُفن بالجزيرة.
(أذلّ الملوك وصاد القُروم .......... وصيّر كل عزيزٍ ذليلا)

(وحفّ الملوك به خاضعين .......... وزُفّوا إليه رعيلاً رعيلا)

(فلما تمكن من أمره .......... وصارت له الأرض إلا قليلا)

(وأوهمه العز أن الزمان .......... إذا رامه ارتدّ عنه كَليلا)

(أتته المنية مُغَتاظة .......... وسلّت عليه حُساماً صقيلا)
)
(كذلك يُفعل بالشامٍ تين .......... ويُفنيهم الدهر جيلاً فجيلا)

4 (محمد بن ثَروان بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الباقي.)
الزاهد، القدوة، أبو عبد الله القُضاعي، القيسي، التدمري. شيخ تدمر. توفي في رمضان من السنة، وله ثلاث وستون سنة. وقد صحِب والده الشيخ الكبير ثَروان، صاحب الشيخ أبي البيان القُرَشي الدمشقي، رحمهم الله. نقلته من تعاليق علَم الدين البِرزالي.
4 (محمد بن الحسن بن علي.)
أبو الحسن المجار البغدادي الضرير، المقرئ. قرأ بالروايات الكثيرة على أبي الحسن بن المُرحّب البَطائِحي وسمع منه ومن شُهدة. وأقرأ، وحدّث. وعاش سبعين سنة، ومات في جمادى الأولى.
4 (محمد بن رَيحان بن عبد الله.)

(44/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 374
مولى ثقة الدولة أبي الحسن زوج شُهدة الكاتبة، الشيخ أبو علي. سمع من: شُهده، يحيى بن ثابت، والمبارك بن المبارك السمّار. روى عنه: الدبيثي، وغيره. ومات في شعبان أو في صفر، وهو أصح.
4 (محمد بن عبد الله بن أحمد.)
أبو بكر ابن العربي، الإشبيلي، من أقارب القاضي أبي بكر بن العربي. قرأ لنافع على قاسم بن محمد الزقاق صاحب شُريح. وحج، فسمع من السلفي، وغيره. ثم رحل بعد نيّف وعشرين سنة إلى الشام والعراق، وأخذ عم عبد الوهاب بن سُكينة وطبقته. ورجع فأخذوا عنه بقرطبة وإشبيلية. ثم سافر سنة اثنتي عشرة، وتصوّف، وتعبّد، وتوفي بالإسكندرية.
4 (محمد بن عبد السيد بن علي.)
أبو نصر ابن الزيتوني، البغدادي.) عُني بطلب الحديث على كبر السنّ وسمع من: ابن شاتيل، والقزّاز، وعلي ابن الطرّاح، وابن بَوش. وأكثر على ابن الجوزي.

(44/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 375
ونسخ الكتب الكبار كالمسند، و تاريخ الخطيب، و الطبقات لابن سعد، والتفاسير. وقرأ الكثير. وكان صدوقاً، صالحاً متودّداً، ذا مروءة. ولد سنة بضع وثلاثين، ومات في سادس وعشرين في ربيع الآخر. روى عنه: ابن النجّار، وغيره.
4 (محمد بن عبد الكريم بن محمد بن منصور.)
الفقيه أبو زيد ابن الحافظ العلامة أبي سعد، السمعاني، المَرْوزي. روى عن: أبي الفتح محمد بن عبد الرحمن الحَمدويي، وجماعة سمع منهم قبل الستين وخمسمائة. وسمع من أبيه. وقدِم بغداد رسولاً ووعظ بها، وروى أحاديث في مجلس وعظه من حفظه. وكان مولده في سنة أربع وخمسين وانقطع خبره من هذا الوقت. أخبرنا ابن عساكر، أخبرنا أبو زيد إجازة فذكر حديثاً.
4 (محمد بن عثمان بن يوسف أبو عبد الله الأنصاري الخزرجي.)

(44/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 376
الشافعي. سمع بمصر من: علي بن هبة الله الكاملي، والتاج المسعودي، وأبي المفاخر سعيد المأموني، وبدمشق من محمد بن أبي الصقر. وحدث. ومات في شوال بالقاهرة.
4 (محمد بن عثمان بن حسن.)
أبو بكر السلماسي، ثم البغدادي. البزاز. ولد سنة تسع وأربعين. وسمع حضوراً من أبي الوقت.) وحدث. ومات في ربيع الآخر.
4 (محمد بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه بن محمد.)
شيخ الشيوخ، صدر الدين أبو الحسن ابن شيخ الشيوخ عماد الدين أبي الفتح، الجويني، البحير آباذي، الصوفي.

(44/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 377
ولد بجُوين، وتفقه على أبي طالب محمود بن علي بن أبي طالب الإصبهاني، صاحب التعليقة المشهورة. وقدم الشام مع والده، وتفقه بدمشق على القطب مسعود بن محمد النيسابوري حتى برع في المذهب. وسمع من: أبيه، ويحيى الثقفي. وولي المناصب الكبار، وتخرج به جماعة. ودرّس وأفتى. وزوّجه القطب النيسابوري ابنته، فأولدها الإخوة الأربعة المراء الصدور: عماد الدين عمر، وفخر الدين يوسف، وكمال الدين أحمد، ومعين الدين حسن. ثم إنه عظُم في الدولة الكاملية، وارتفع قدره. وولي تدريس الشافعي، ومشهد الحسين، وغير ذلك. وسيّره الكامل رسولاً إلى الخليفة يستنجد به على الفرنج في نوبة دمياط، فمرض بالموصل، ومات بعلة الذرب في جمادى الآخرة، أو في جمادى الأولى. قال المنذري: سمعت منه، وخرّجت له عن المجيزين له كأبي علي الحسن بن أحد الموسياباذي، ونصر بن نصر العُكبَري، وأبي الوقت الشِّجزي، وجماعة ممن رحل إلى الغزالي وتفقه عنده وصحبه. وكانت داره مجمع الفضلاء. وكان جد أبيه علم الزهاد، وشيخ العارفين بحُوَين، له أحوال ومقامات. قلت: وكان صدر الدين حسن السمت، كثير الصمت، كبير القدر، غزير الفضل، صاحب أوراد، وورع، وحلم، وأناة.
4 (محمد السلطان الملك المنصور ابن السلطان الملك المظفّر تقي الدين عمر ابن الأمير نور)
الدولة شاهنشاه.

(44/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 378
ابن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان، صاحب حَماه وابن صاحبها. سمع بالإسكندرية من الإمام أبي الطاهر بن عوف الزُّهري.) وجمع تاريخاً على السنين في عدة مجلدات، فيه فوائد. قال أبو شامة: كان شجاعاً، محباً للعلماء يقربهم ويعطيهم. قلت: وروى أيضاً عن أسامة بن منقِذ روى عنه القُوصي في معجمه وقال: قرأت عليه قطعة من كتابه مضمار الحقائق في سر الخلائق وهو كبير نفيس يدل على فضله، لم يُسبق إلى مثله. قلت: وتوفي والده المظفر في سنة سبع وثمانين كما تقدم، وتوفي جده في وقعة الفرنج شهيداً على باب دمشق سنة ثلاث وأربعين شاباً، رحمه الله، وخلّف ولدين: أحدهما: تقي الدين عمر، والآخر: فرّوخ شاه نائب دمشق. وكانت دولة الملك المنصور مدة ثلاثين سنة. وقد ذكرنا من أخباره في الحوادث، وأنه كسؤر الفرنج مرتين. وكان مزوّجاً بملكة ابنة السلطان الملك العادل، وهي أم أولاده، وماتت قبله، فتأسف عليها بحيث أنه لبس الحداد واعتم بعمامة زرقاء قال ذلك ابن واصل في تاريخه، وقال: ورد عليه السيف الآمدي، فبالغ في إكرامه، واشتغل عليه. قال: وصنّف كتاب طبقات الشعراء وكتاب مضمار الحقائق وهو نحوٌ

(44/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 379
من عشرين مجلدة. وقد جمع في خزانته من الكتب ما لا مزيد عليه. وكان في خدمته ما يناهز مائتي معمّم من الفقهاء والأدباء والنحاة والمشتغلين بالعلوم الحكمية والمنجمين والكتّاب. وكان كثير المطالعة والبحث. بنى سور القلعة والمدينة بالحجر، وكانت القلعة قد بناها أبوه باللبن. وكان موكبه جليلاً تُجذب بين يديه السيوف الكثيرة، حتى كان موكبه يضاهي موكب عمه الملك العادل والملك الظاهر، وجُمعت أشعراه في ديوان. قلت: شعره جيد أورد منه ابن واصل قصائد مليحة. وتملك حَماة بعده ولده الملك الناصر قِلج رسلان، فأخذ منه السلطان الملك الكامل حَماة، وأعطاها لأخيه الملك المظفر ابن المنصور، وحبس الناصر بالجب بمصر، فمات على أسوأ حال. توفي المنصور في ذي القعدة.
4 (محمد بن الفضل بن بُختيار.)
)

(44/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 380
أبو عبد الله اليعقوبي الواعظ، المعروف بالحجة. توفي بدَقوقا في جمادى الأولى. سمع من: أبي الفتح بن شاتيل، وغيره. وذكر أنه سمع من أبي الوقت. وصنّف غريب الحديث. وولي خطابة بَعْقوبا. قال ابن النجار: سكن دّقوقا ووعظ بها، وروى بها عن أبي القوت، وعن جماعة مجاهيل، وظهر كذبه وتخليطه.
4 (محمد بن أبي الفتوح محمد بن أبي سعد محمد بن محمد بن عمروك.)

(44/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 381
نجم الدين أبو عبد الله، والد صدر الدين، البكري، النيسابوري، الصوفي، الشافعي. ولد سنة خمسين وخمسمائة. وسمع من أبي طاهر السلفي، وبدمشق من: أبي البركات الخَضِر بن عبد، وأبي القاسم بن عساكر. وحدث. وكان مولده بحلب، وتوفي بدمشق. حدث عنه: الشهاب القوصي، وغيره. وتوفي في ثامن عشر شوال.
4 (محمد بن محمد بن يَبقى.)
أبو بكر الأنصاري، الخزرجي، المُرسي. العدل، المعروف بابن جَبلة. سمع من السلفي، وبمكة من علي بن عمار. وسكن القاهرة، وأم بمسجد حارة الديلم مدة. روى عنه الزكي المنذري، وقال: توفي في العشرين من ذي القعدة.
4 (محمد بن المسلَّم بن مكي بن خلف.)
أبو الفضل بن علاّن، القيسي، الدمشقي، العدل. أخو أسعد ومكي، ووالد شمس الدين أبي الغنائم المسلَّم. سمع من الحافظ ابن عساكر. وحدث روى عنه ابنه نُسخة أبي مُسهِر.) وتوفي في سادس رجب.

(44/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 382
4 (محمد بن أبي طاهر المؤمَّل بن نصر بن المؤمّل.)
أبو بكر البعقوبي. ولد سنة أربعين وخمسمائة ببعقوبا. ودخل بغداد مراراً وسمع بها من: أبي الوقت السنجزي، وغيره. وحدث. ويقال هل: القِباني: نسبة إلى قرية قِباب بقرب بَعقوبا. توفي في جمادى الأولى. روى عنه: ابن النجار، وغيره.
4 (محمد بن ناصر بن أبي القاسم سلمان بن ناصر.)
أبو المعالي الأنصاري، النبيسابوري. سمع من: عبد الوهاب بن الحسن الكِرماني، وغيره. روى عنه: البِرزالي، والضياء. وسمعنا من الشرف ابن عساكر بإجازته منه. انقطع خبره في هذه السنة، وكان شيخاً معمَّراً من أبناء التسعين.
4 (محمود بن محمد بن قُرا رسلان بن أرتق.)
السلطان الملك الصالح ناصر الدين صاحب آمِد.

(44/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 383
قال الإمام أبو شامة: كان شُجاعاً، عاقلاً، سخياً، جواداً، محباً للعلماء. قام بعده ولده الملك المسعود وكان بخيلاً، فاسقاً وهو الذي أخذ منه الملك الكامل آمد، وحبسه بمصر، ثم أطقله، فمضى إلى التتار ومعه أمواله، فأُخذت منه. وقيل: توفي الصالح في العام الآتي.
4 (محمود بن واثق بن الحسين بن علي ابن السمّاك.)
الحريمي، العطار. حدث عن: أبي الوقت، وجماعة. ومات في جمادى الأولى. روى عنه: ابن الدبيثي، وابن النجار.)
4 (الموفق بن عبد الرشيد بن المظفر.)
أبو الفضل العبدوسي، النيسابوري، العطار. شيخ ثقة، سمع من أبي البركات عبد الله ابن الفُراوي. روى عنه الضياء المقدسي، وغيره. وأجاز للشرف ابن عساكر، والتاج بن عصرون، وزينب بنت كندي. وانقطع خبره في هذا العام.
4 (المؤيد بن عمر بن عبد الله.)
النيسابوري، السكري. سمع من: ابن عبد الخالق بن زاهر، وغيره. روى عنه: الزكي البِرزالي. وحدثنا عنه بالإجازة الشرف ابن عساكر، وغيره. وانقطع خبره أيضاً.
4 (المؤيد بن محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أبي صالح.)

(44/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 384
رضيّ الدين أبو الحسن الطوسي، ثم النيسابوري المقرئ، مسند خراسان في زمانه. ولد سنة أربع وعشرين وخمسمائة. وسمع صحيح مسلم في سنة ثلاثين من أبي عبد الله الفُراوي، و صحيح البخاري، من وجيه الشحّامي، وأبي المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي، وعبد الوهاب بن شاه، و الموطأ من هبد الله بن سهل السيدي، سوى الفوت العتيق، و تفسير الثعلبي من عبّاسة العصّاري، وأكثر الوسيط للواحدي في التفسير من عبد الجبار بن محمد الخُواري، و الغاية في القراءات لابن مهران من زاهر بن طاهر الشحّامي، و الأربعين للحسن بن سفيان من فاطمة بنت زَعبَل وتفرّد بالرواية عنها وعن هبة الله والفُراوي، وغيرهم. وطال عمره، ورحل الناس إليه من الأقطار، وكان ثقة، مقرئاً، جليلاً. روى عنه خلق كثير منهم: العلاّمة جمال الدين محمود الحصيري شيخ الحنفية، والإمام تقي الدين عثمان ابن الصلاح شيخ الشافعية، والقاضي شمس الدين أحمد بن الخليل الخُويي، وابن نُقطة، والبِرزالي، وابن النجار، والضياء، والمُرسي، والصريفيني، والكمال بن طلحة، والبَكري، والمجد محمد بن محمد الإسفرائيني، وأبو الحسن علي بن يوسف الصوري، والمجد) محمد بن سعد الهاشمي، ومحمد بن عمر بن الخوش الأسعردي، وإسحاق بن عبد المحسن الحنبلي، وشمس الدين زكي بن حسن البَيلقاني، ومفضَّل بن علي القرشي، والقاسم بن أبي بكر الإربلي، وغيرهم. وبالإجازة خلق منهم: شمس الدين

(44/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 385
عبد الواسع الأبهري، وتاج الدين محمد بن أبي عَصرون، وشرف الدين أحمد بن عساكر، وزينب البعلبكية. وأجاز له القاضي أبو بكر الأنصاري، وأبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزّاز، وجماعة. وتوفي ليلة الجمعة العشرين من شوّال، وأراحه الله من التتار خذلهم الله فإنهم بعد شهر أو أكثر أخذوا البلاد واستباحوها. حرب النون
4 (ناصر بن مهدي بن حمزة.)
الوزير نصير الدين، أبو الحسن المازَندراني. قدم بغداد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وقلّد وزارة أمير المؤمنين سنة اثنتين وستمائة. ثم قُبض عليه سنة أبع. ونشأ بالري. ومات في ثامن جُمادى الأولى.

(44/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 386
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن أبي العلاء وجيه بن هبة الله بن المبارك.)
ابن السقطي، أبو البركات. ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة. وسمع من: أبيه، وأبي الفتح ابن البطي وغيرهما. وسكن أوَانا وبها مات في هذا العام. روى عنه: الدبيثي.
4 (هبة الله بن أبي فراس أحمد بن بركات.)
ابن الزجّاج، السلمي، الحَرَاني، ثم البغدادي المدّب، أبو القاسم. روى عن: أبي بكر بن النقّور، وغيره. ولم يكن جدهم زجّاجاً، بل قيل: إنه كان يزجّ نفسه في الحرب، فلُقّب بذلك.)

(44/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 387
4 (حرف الياء)

4 (يونس بن أبي بكر بن كرم الحافظ.)
أبو محمد البغدادي. ويُعرف بالمفيد. سمع من: ابن طَبرزَد، وابن سُكينة، فمن بعدهما. وله إجازة من أبي الحُسين بن يوسف. وكان ثقة مُكثراً. مات كهلاً في ذي الحجة.
4 (وفيها ولد)
الشيخ نجم الدين أحمد بن محسّن بن مكي. والكمال محمد بن أحمد ابن النجّار، وكيل بيت المال. وشمس الدين محمد بن سلمان ابن بنت غانم الموقّع. والبهاء أيوب بن أبي بكر ابن النحّاس، مدرس القَليجية. والعماد أحمد بن محمد بن سعد. والضياء دانيال بن منكلي الكركي. والشمس خضر بن أبي الحسين بن عبدان الأزْدي. والعماد محمد بن علي بن أحمد بن القسطة. والتاج كِندي بن عمر بن كِندي. والشيخ يونس بن أحمد المؤذن بجامع دمشق. وعمر بن أبي الفتح الصحراوي، نزيل مصر. وعلي بن أحمد بن عبد الدائم. وإدريس بن محمد بن عبد العزيز الإدريسي.

(44/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 388
وسعد الخير بن أبي القاسم النابلسي السروطي. ونصر الله بن محمد بن عيّاش السكاكيني. وشيخنا حسن بن عبد الكريم، سِبط زيادة المقرئ، وعاش خمساً وتسعين سنة. والتقي أحمد بن مؤمن.

(44/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 389
4 (وفيات سنة ثمان عشرة وستمائة)
)
4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن صدقة بن نصر بن زُهير بن المقلَّد.)
توفي فُجاءة في ربيع الآخر وله تسع وسبعون سنة. سمع من: أبي جعفر أحمد بن محمد العباسي، ومسعود بن الحُصين. روى عنه الدبيثي، وقال: مات في نصف ربيع الآخر.
4 (أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد بن محمد ابن سيد الناس.)
أبو العباس اليَعمري الإشبيلي. أصله من أبّدة: عمل جيّان وما والاها، دار اليَعمريين. وهو سِبط أبي الحسين بن سليمان اللخمي روى عنه وعن أبي بكر بن خير، وأبي بكر بن الجد، وجماعة. قال الأبّار: كان معتنياً بالحديث، عارفاً بالقراءات. أدّب بعض بني الأمراء.

(44/389)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 390
روى عنه صاحبنا ابنه أبو بكر محمد بن أحمد. وتوفي في جمادى الأولى، وله سبع وخمسون سنة. قلت: أبو بكر هذا جد الحافظ فتح الدين، مفيد الديار المصرية.
4 (لأحمد بن علي بن الحسين.)
أبو الفتح الغَزنوي الأصل، البغدادي، الواعظ. ولد سمة إحدى وثلاثين وخمسمائة. وسمّعه أبوه من: أبي السحن محمد بن أحمد بن صِرما، وأبي الفضل الأرموي، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي الإصبهاني، وأبي إسحاق إبراهيم بن نبهان الغَنَوي، وأبي الفتح الكَرُوخي، وجماعة. وكان صحيح السَّماع، عالي الإسناد، لكنه ضعيف. قال الدبيثي: لنا بلغ أوان الرواية، واحتيج إليه لم يقم بالواجب، ولا أحب ذلك لميله إلى غيره وشَنْئه له، ولم يكن محمود الطريقة، وسمعنا منه على ما فيه.

(44/390)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 391
قلت: وروى عنه ليث ابن الحافظ ابن نُقطة، وابن النجّار، وقال: كان فاسد العقيدة، يعظ وينال من الصحابة. شاخ، وافتقر، وهجرة الناس. وكان ضَجوراً، عَسِراً، مبغضاً لأهل الحديث. انفرد برواية جامع الترمذي، وب معرفة الصحابة. كان يأخذ أجرأ أجراً على التسميع، وسماعه صحيح.) قلت: لم يُنتفَع بعلوّ سنده، وانطوى ذِكره. وقد روى عنه جامع الترمذي الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، ومحمد بن مسعود العجمي المَوصلي، وكان أبوه من أعيان الحنفية ورؤوسهم. وفي أثبات ابن خروف المَوصلي: قرأ جامع الترمذي على ابن مسعود المذكور، سنة إحدى وسبعين وستمائة. قال ابن نُقطة: سمع من ابن صِرما، والأرموي، وأبي سعد البغدادي. وسمع كتاب معرفة الصحابة، لابن مَندة، وكتاب الإيمان لرُستة. وما رُوي من تفسير وكيع من أبي سعْد البغدادي، وكتاب الأبواب لابن زياد النيسابوري من ابن صِرما. وهو مشهور بين العوامّ برذائل ونقائص من شُرب النبيذ والرفض وغير ذلك، سُئل وأنا أسمع عمن يقول بخلق القرآن، فقال: كافر، وعمن يسبّ الصحابة، فقال: كافر، وهمن يستحلّ شُرب الخمر، فقال: كافر. فقيل: إنهم يعنونك بذلك. فقال: كذبوا، أنا بريء من ذلك. وكتب خطّه بالبراءة. وقد سمعت عليه لأجل ابني أكثر ما عنده. وكان فيه كَرَم مع فقره. قلت: لم ينفرد الغَزْنوي بعلو الجامع فقد عاش بعده ابن البنّاء، سنوات. وسمع منه أبو زكريا يحيى ابن الصيرفي، أجزاء من تفسير وكيع. توفي في رمضان.

(44/391)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 392
4 (أحمد بن علي بن النفيس بن بورنداز.)
المحدَّث العالِم أبو نصر. سمعه أبوه من عبد الحق اليوسفي ثم طلب بنفسه، فسمع من ابن كليب، ومن ذاكر بن كامل، وطبقتهما. وتفقه على مذهب أحمد، ثم رحل إلى إصبهان فسمع من مسعود الجمّال، وخليل الرازني، واللبّان، والطائفة. ورحل إلى نيسابور بعد الستمائة فأكثر بها، وسكن بَلَخ، وتحوّل شافعياً، وأمّ بمسجد راعوم، وصار خازن الكتب به. وخرّج هناك، وأملى مجالس. وكان صدوقاً، حسن الطريقة. ترجمه ابن النجّار، وقال: عُدم في أخذ التتار البلاد سنة ثمان عشرة.
4 (أحمد بن عمر بن محمد الزاهد القدوة الشيخ نجم الدين الكُبرى.)
أبو الجنّاب الخِيوقي الصوفي، شيخ خُوارزم.)

(44/392)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 393
سمعت أبا العلاء الفَرَضي يقول: إنما هو نجم الكبراء، ثم خُفّف وغُيّر. وقيل: نجم الدين الكبرى. وهو من خِيوق، ويقال: خِوَق: وهي من قرى خُوارزم. قال عمر ابن الحاجب: طاف البلاد، وسمع بها الحديث، واستوطن خُوارزم، وصار شيخ تلك الناحية، وكان صاحب حديث وسُنة، وملجأ للغُرباء، عظيم الجاه لا يخاف في الله لومة لائم. سمع بالإسكندرية من أبي طاهر السلفي، وبهمذان من الحافظ أبي العلاء. ومحمد بن بُنَيمان، وبنيسابور من أبي المعالي الفُراوي. روى عنه: عبد العزيز بن هِلالة، وشَمْخ خطيب داريّاً، وناصر بن منصور العُرضي، وسيف الدين الباخَرزي تلميذه، وآخرون. وقال ابن نُقطة: هو شافعي المذهب، إمام في السُّنّة. وأثنى عليه. وقال ابن هِلالة: جلستُ عنده في الخلوة مراراً، فوجدت من بركته شيئاً عظيماً، وشاهدت في خلوتي عنده أموراً عجيبة. وسمعت من يخاطبني بأشياء حسنة. وقال آخر: كان النجم الكُبرى فقيهاً، شافعياً، زاهداً، عارفاً، فسّر القرآن العظيم في اثني عشرة مجلّدة. ودخل الشام ونزل بخانكاه القصر بحلب. قلت: وكان شيخنا عماد الدين الحزّامي يُعظّمه، ولكن في الآخر أراني له كلاماً فيه شيءٌ من لوازم الاتحاد وهو إن شاء الله سالم من ذلك، فإنه محدّث معروف بالسنة والتعبّد، كبير الشأن. ومن مناقبه أنه استشهد في سبيل الله، وذلك أن التتار لما نزلت على خُوارزم في ربيع الأول من السنة، خرج فيمن خرج ومعه جماعة من مُريديه، فقاتلوا على باب خُوارزم حتى قتلوا مُقبلين غير مدبرين.

(44/393)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 394
ولقد اجتمع به الفخر الرازي صاحب التصانيف، وفقيه آخر، وقد تناظرا في معرفة الله، وتوحيده، فأطالا الجدال، فسألا الشيخ نجم الدين عن علم المعرفة، فقال: واردات ترد على النفوس تعجز النفوس عن ردّها. فسأله فخر الدين: كيف الوصول إلى إدراك ذلك قال: تترك ما أنت فيه من الرئاسة والحظوظ. أو كما قال هل، فقال: هذا ما أقدر عليه. وانصرف عنه. وأما رفيقه فإنه تزهّد، وتجرّد، وصحِب الشيخ ففُتح عليه. وهذه حكاية حكاها لنا الشيخ أبو الحسين اليونيني، ولا أحفظها جيداً. وممن أخذ عنه: أحمد بن علي النَّفري، وعبد العزيز بن هِلالة.) أخبرنا أبو عاصم نافع الهندي سنة أربع وتسعين، أخبرنا سعيد بن المطهَّر وستمائة، أخبرنا أبو العلاء الحافظ، بقراءتي. ح وأنبأنا أحمد بن سلامة، وغيره، عالياً عن ابن كُليب. قالا: أخبرنا علي بن أحمد، أخبرنا محمد بن محمد، أخبرنا الصفّار، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا سلم بن سالم، عن نوح بن أبي مريم، عن ثابت، عن انس، قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن هذه الآية للذين أحسنوا الحُسنى وزيادة. قال: للذين أحسنوا العمل في الدنيا، الحسنى: وهي الجنة. والزيادة: النظر إلى وجه الله الكريم. هذا حدث منكر انفرد به سَلم بن سالم البلخي وهو ضعيف باتفاق عن نوح الجامع شيخ مرو، وليس بثقة، بل تركوه، وقد روى له الترمذي في جامعه. والله أعلم.

(44/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 395
4 (أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن الحسين.)
أبو جعفر السُّلمي الغَرناطي، القَصري، المعروف بابن خولة. ولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة بغَرناطة. ورحل، وسمع بالعراق، وفارس، وكِرمان. ودخل الهند، وبُخارى، وسكن هَراة غلة أن دخلتها التتار بالسيف، فاستُشهد. وكان شاعراً امتدح ملوكاً، ونال دنيا، وحسُنت حاله. وسمع الكثير، ورافق الحُفّاظ.
4 (أحمد بن محمد بن أحمد بن الخضر بن الحسين بن سُمير.)
أبو نصر التَّنوخي، الحمَوي، الشافعي، قطب الدين. سمع ببغداد من شُهدة، وجماعة. وحدّث بدمشق.

(44/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 396
ومات في منتصف شوّال بدمشق.
4 (أحمد بن مسعود بن شدّاد الموصلي، المقرئ، الصفّار.)
ولد سنة خمسٍ وأربعين بالموصل. وسكن حلب، وبها مات. سمع من: أبي جعفر أحمد بن أحمد ابن القاصّ البغدادي المقرئ تلميذ ابن بدران الحُلواني.
4 (إبراهيم بن حُميد.)
) أبو إسحاق التَّفليسي، التاجر، الصوفي. روى عن السلفي، وعنه الزكي عبد العظيم، قال: مات في ذي القعدة، وأثنى عليه.
4 (إبراهيم بن علي بن محمد السُّلمي، والمغربي، الحكيم.)
المعروف بالقطب المِصري. قدم خراسان وتعلّم بها على الفخر الرازي، وصار من كبار تلامذته. وصنّف كُتباً كثيرة في الطب والفلسفة، وشرح الكُلّيات بكمالها من كتاب القانون. وقُتل فيمن قُتل بنيسابور.

(44/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 397
أخذ عنه شمس الدين قاضي الشام شمس الدين الخوتي، والعلاّمة شمس الدين الشامي.
4 (الأنجب بن أبي العزّ.)
أبو شجاع الدلاّل. شيخ بغدادي، سمع الكثير من أبي الوقت. روى عنه الدُّبيثي، وقال: مات في صفر. روى جزء أبي الجَهم. وروى عنه ابن النجّار.
4 (حرف الباء)
بهية بنت الفقيه طَرخان بن أبي الحسن علي بن عبد الله السُّلمي، الدمشقي، الصالحي. أم عبد الرحمن. امرأة صالحة، عابدة، لها أوراد وتهجّد. روت بالإجازة عن سعد الخير الأنصاري. وتوفيت في صفر.
4 (حرف التاء)

4 (تمّام بن أبي تغلِب.)
الشيخ الزاهد الصالح، تلميذ الشيخ أحمد ابن الرفاعي. توفي ببغداد في شعبان. قاله ابن النجّار.

(44/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 398
4 (حرف الحاء)
)
4 (الحسن بن علي بن الحسين بن قَنان.)
أبو محمد الأنباري، ثم البغدادي، المخلَّصي. سمع من: أبي الفضل الأرموي. وحدث. والمخلَّصي: هو النُّقلي. روى عنه: الزكي البِرزالي، والدبيثي. وهو أخو الحسين الذي مرّ. توفي في الثامن والعشرين من ذي الحجة. ويُعرف بابن الرُّبّي. ذكره ابن نُقطة، فقال: حدّث بشيء كثير عن الأرْموي، وسماعه صحيح. وأبوه سمع من ابن الحُصين، وزاهر الشحّامي.
4 (حسن، الرئيس المُطاع، جلال الدين، حفيد الحسن بن الصبّاح.)

(44/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 399
صاحب الألَموت، وملك الإسماعيلية. مات في هذا العام. وكان قد أظهر شعائر الإسلام من الأذان والصلاة. وولي بعده المر ولده الكبر علاء الدين محمد بن حسن، فامتدت أيامه إلى أن حاصرهم هولاكو.
4 (الحسين بن عبد الوهاب بن حسن بن بركات.)
القاضي السديد، أبو علي المُهَلبي، الَهْنسي، الشافعي. درّس بجامع السرّاجين بالقاهرة، وناب في القضاء عن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد العلي مدة، ثم ترك ذلك. وكان عفيفاً، نزهاً، صالحاً، وقوراً، عابداً، كبير القدر. مات في شعبان بالقاهرة.
4 (حمود بن وشواش البوسي، الزاهد.)
سمع: أحمد بن المسلَّم اللخمي. روى عنه: الزكي المُنذري.) توفي يف جمادى الآخرة، وقد ناهز الثمانين. وكان شيخاً، صالحاً زاهداً.
4 (حرف الخاء)

4 (خديجة بنت القاضي الأنجب أبي المكارك المفضَّل بن علي المقدسي.)
أخت الحافظ أبي الحسن.

(44/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 400
ولدت بالإسكندرية سنة خمسين. وأجاز لها السلفي سنة خمسين. وكانت زاهدة، عابدة، قانتة، كثيرة البِر. أخرجت جميع ما بيدها في المعروف. روى عنها الزكي المنذري. وماتت في ربيع الآخر.
4 (حرف الدال)

4 (داود شاه بن بُندار بن إبراهيم.)
الإمام معين الدين، أبو الخير، الجيلي، الشافعي، الفقيه. قدم بغداد في صباه، وتفقه بالنظامية على أبي المحاسن يوسف بن بُندار الدمشقي، وأعاد بها مدةً طويلة، ودرّس، وأفتى. وحدّث عن: أبي الوقت السِّجزي، وغيره. روى عنه: الدبيثي، وغيره. ومات في رجب، وقد نيّف على الثمانين.
4 (حرف الزاي)

4 (زُبيدة بنت عبد الرزاق بن محمد بن أبي نصر الطَّبَسي.)
شيخة معمَّرة.

(44/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 401
سمعها أبوها من: عبد المنعم ابن القُشيري، وغيره. قال: ابن نُقطة: سمع منها الرحالة بَطبَس. وبثيت إلى سنة ثماني عشرة وستمائة، وانقطع عنا خبرها.
4 (حرف السين)
)
4 (سلمان بن رجب بن مهاجر الراذاني، المقرئ، الضرير.)
تفقه بالنظامية وسمع من شُهدة الكاتبة. وحدّث. ومات في ربيع الأول.
4 (سليمان بن الحكم بن محمد.)
أبو الربيع الغافقي، القرطبي. روى عن: أبي عبد الله بن حفص، وأبي القاسم الشرّاط، وأبي جعفر بن يحيى. قال الأبّار: كان ثقة، ديّناً، شاعراً. له أرجوزة في الفقه على مذهب مالك يتتبع فيها كتاب الخصال الصغير للعَبدي. وكان شُروطياً. توفي في ربيع الآخر. وقد قارب الستين.
4 (حرف الشين)

4 (شُعيب بن الحسن بن عبد الباقي.)

(44/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 402
أبو يحيى السَّقلاطوني الحَربي. سمع من: جده لأمه عمر بن عبد الله الحربي، وعلي بن محمد بن أبي عمر، جميع أمالي طِراد. وحدث. توفي في ربيع الآخر.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن محمد.)
العلاّمة أبو محمد ابن الكمّاد الإشبيلي. سمع أبا محمد بن حوط الله. وبرع في علم الكلام، وشارك في العلوم، وصنّف التصانيف. عاش نيّفاً وأربعين سنة.
4 (عبد الباقي بن عبد الواسع بن عبد الباقي بن عامر.)
شيخ الدين أبو المجد الأزْدي، الهرَوي. سمع منه: الزكي البِرزالي، والضياء، المقدسي. وأجاز لشيخنا التاج بن عَصرون، والشرف ابن) عساكر. وكان من صوفية هَراة. ولد سنة ثمانٍ وأربعين. وعُدم في دخول التتار هَراة، في ربيع الأول.
4 (عبد الخالق بن عبد الرحمن بن محمد ابن الصيّاد.)
أبو عبد الرحمن الحَربي.

(44/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 403
وُلد سنة سبع وعشرين وخمسمائة وأدرك قاضي المرستان، ولم يسمع منه. سمع من: أحمد ابن الطَّلاية، وسعيد ابن البنّاء، وعمر بن عبد الله شيوخ الحربية. روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، وجماعة. وتوفي في السابع والعشرين من رمضان. وكان شيخاً صالحاً، معمَّراً.
4 (عبد الرحمن بن عبد السلام.)
أبو القاسم الغسّاني الأندلسي الغَزْناطي النحوي. قال البّار: سمع أبا سليمان السعدي، وأبا عبد الله بن عُروس. وذكر بعض أصحابنا أنه سمع من أبي عبد الله النميري في صغره. وتصدّر ببلده للإقراء وتعليم العربية. وولي الخطابة. وحدث، وطال عمره. توفي في ربيع الأول. قلت: روى عنه أبو بكر بن مسدي، فقال: أخبرنا سنة خمس عشرة وستمائة بغرناطة، عن أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن النميري سماعاً سنة تسع وثلاثين وخمسمائة فذكر عبد الله حديثاً نازلاً عن أبي بكر بن العربي. قال ابن مَسدي: تلا بالسبع على أبي عبد الله عُروس. قرأت عليه السبع بغَرناطة. ثم قال: وتوفي في الثالث والعشرين من شعبان سنة تسع عشرة.
4 (عبد الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الرحمن بن غلاّب.)
القاضي المعمَّر، وجيه الدين البَلَوي الإسكندراني. مولده في رمضان سنة خمس عشرة وخمسمائة. وكان يمكنه السماع من أبي عبد الله الرازي صاحب السُّداسيّات فلم يسمع منه، بل ولا من السِّلفي في الكهولة إنما سمع من هاشم بن عبد الله بن عبد الله التونسي وحدث عنه.)

(44/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 404
قال المنذري: ناب في القضاء بالإسكندرية في أيام المصريين، وفي الدولة الناصرية. وعُمِّر حتى جاوز المائة، ممتَّعاً بحواسّه، وقوّته. حاضر الذهن، يركب الخيل. ولنا منه إجازة. مات في رابع شوّال.
4 (عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر.)
المفتي صلاح الدين أبو القاسم الكُردي، الشهرزوري، الشافعي. والد الشيخ تقي الدين ابن الصلاح. وُلد قبل الأربعين وخمسمائة. وتفقه على القاضي شرف الدين أبي سعد بن أبي عَصرون، وغيره. ودرّس، وأفاد، وسكن حلب بأخَرَةٍ، ودرّس بالمدرسة الأسدية. وتوفي بحلب في ذي القعدة.
4 (عبد الرحمن بن معالي بن أبي نصر ابن العُلّيق.)
المعروف بابن الحمر، البغدادي. حدث عن يحيى بن ثابت. ومات في ربيع الأول.
4 (عبد الرحمن بن وسف بن عبد الرحمن البغدادي الظفري.)
حدث عن يحيى بن ثابت أيضاً.

(44/404)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 405
ومات في شعبان.
4 (عبد الرحيم بن أبي جعفر النفيس بن هبة الله بن وَهبان.)
الفقيه المحدِّث المفيد أبو نصر السُّلمي، الحديثي المولد، البغدادي. سمع: أبا الفتح بن شاتيل، وأبا السعادات القزّاز، وفارس بن أبي القاسم الحفار، ومن بعدهم. ورحل، فسمع بواسط من أبي الفتح المندائي، وبأربل من عمر بن طَبَرزد، وبنيسابور من المؤيَّد بن محمد، وبهَراة من رَوْح عبد المُعزّ، وبإصبهان من أصحاب أبي عبد الله الخلاّل، وبدمشق من الكندي، وبمصر، والإسكندرية. قال الحافظ عبد العظيم: سمعت منه من شعره. قال: وكان حادّ الخاطر، جيد القريحة، فقيهاً، أديباً شاعراً. وهو منسوب إلى حديثة النورة بقرب هِيت وهي جزيرة في وسط الفرات، وهي غير حديثة المَوصِل.) وقال ابن النجّار: كان حافظاً، ثقة، متقناً، ظريفاً، كيِّساً، متواضعاً، له النظْم والنثْر. اصطحبنا مدة وأفادني الكثير. وسكن خُوارزم إلى أن استولى عليها التتار وأحرقوها، وعُدم خبره. وقد كتبت عنه بمرو. ووُلد سنة سبعين وخمسمائة.

(44/405)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 406
4 (عبد الصمد بن عبد الرحمن بن أبي رجاء.)
أبو محمد البَلَوي. فيها، وسيأتي تسع عشرة.
4 (عبد العزيز بن عبد الملك بن تميم الشيباني، الدمشقي، المحدِّث.)
الرحال.

(44/406)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 407
أسرَتْه التتار سنة ثمان عشرة.
4 (عبد الغني بن قاسم بن عبد الرزاق.)
أبو القاسم المقدسي الأصل، المصري، الحنبلي، الفقيه. سمع من: البوصيري، والأرْتاحي، وجماعةٍ. ولنقطع إلى الحافظ عبد الغني ولازمه وأكثر عنه. وكان صالحاً، خيّراً، قانعاً باليسير، فقيراً، متجمّلاً. وقد حدّث. ومات في صفر.
4 (عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن أبي علي.)
أبو علي الإصبهاني، ثم البغدادي، الحاجب، المعروف والده بالسيدي ولأنه خدم الأمير السيد أبا الحسن العلَوي. وُلد سنة ست وأربعين وخمسمائة. وسمع الكثير بأبيه وبنفسه من: أبي الفتح بن البطي، وأبي زُرعة، وأبي القاسم هبد الله الدقّاق، وأحمد بن المقرَّب، وأبي حَنيفة محمد بن عُبيد الله الخطيبي الإصبهاني، وجماعةٍ. وعُني بالسماع، وكانت له أصولٌ جيّدة. روى عنه: الدبيثي، والضياء المقدسي، وابنه أبو جعفر محمد، وآخرون. وتوفي في رمضان.
4 (عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل بن أحمد بن أسعد بن صاعد.)
)

(44/407)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 408
الشيخ المعمَّر، حافظ الدين أبو رَوْح الساعدي، البزّاز، الهَرَوي، الصوفي، مسند العصر بخُراسان. ولد في ذي العَقْدة سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة بهَراة. وقدِم عليهم في ذي القَعْدة سنة سبع وعشرين أبو القاسم زاهر الشحّامي، فاعتنى به جدّه لأمه الشيخ أبو نصر عبيد الله بن أبي عاصم الصوفي، وأسمعه منه جُملة صالحة، وسمع من جده هذا عن محمد بن أبي مسعود الفارسي. ومن: الزاهد يوسف بن أيوب الهمذاني، ومحمد بن إسماعيل بن الفُضيل الفُضيلي، وأبي القاسم تميم بن أبي سعيد الجُرجاني، وأبي الفتح محمد بن علي المُضَري، وعبد الرشيد بن أبي يَعلى ابن الشيخ أبي عمر عبد الواحد المليحي، وأبي علي خَلَف بن محمد بن أبي الحسن البوشَنْجي المحتسب، وأبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن الحُسين بن حمزة العلوي، وطائفة سواهم. وقد حضر وهو له ثلاث سنين على أبي الفتح محمد بن إسماعيل الفامي، وسمع صحيح البخاري من خَلَف بن عطاء الماوَردي، بسماعه من أبي عمر عبد الواحد المليحي، وسمع جامع الترمذي من جماعة. قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: وسمع مسنَد أبي يعلى من تميم بن أبي سعيد الجُرجاني. قال لي أبو زكريا يحيى بن علي المالقيّ: كان لأبي رَوْح فوت فيه حتى قدم علينا أبو جعفر بن خَولة العَرناطي من الهند إلى هَراة، فأخرج إلينا المجلّدة التي فيها سماعة، فتم له الكتاب. قلت: ابن خولة هو المذكور في هذه السنة.

(44/408)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 409
قال: ويروي كتاب التقاسيم والأنواع لأبي حاتم بن حِبّان. قال: ونقلت من خطّه: مولدي في ثامن ذي القعدة سنة إحدى وعشرين. قلت: وكان أحد الصوفية بخانكاه شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري، وعُمِّر ستاً وتسعين سنة. وصارت الرحلة إليه من الأقطار. وحدّث عنه جماعة في حياته بالبلاد النائية روى عنه: العماد علي بن القاسم بن عساكر، والزكي البِرزالي، والضياء المقدسي، والمحب ابن النجار، والشرف المرسي، والصدر البَكري، والمحب اللبلي، والزاهد نجم الدين عبد الله بن محمد الرازي الصوفي، وعبد الحق بن أبي منصور المَنْبحي، وإبراهيم بن محمد بن الأزهر الصريفيني، ومسعود بن عبد الله التَّكروري،) ومشهور بن منصور النيْربي. وروى عنه بالإجازة: الشمس عبد الواسع الأبهري، والنور محمود بن عبد الرحمن بن أبي عَصرون وابن عمهم التاج محمد بن عبد السلام الشافعي، والشرف أحمد بن هبة الله ابن تاج الأمناء، وزينب الكِندية، ومحمد بن هاشم العباسي، وآخرون. وقرأت بخط الضياء: أنه قتلته الترك في ربيع الأول سنة ثمان عشرة بِهَراة.
4 (عبد الملك بن أبي الفتْح عبد الله بن محاسن.)
أبو شجاع الدارَقَزّي، الدلاّل، المعروف بابن البلاّع. سمع من: المبارك بن علي السَّمذي، وأحمد بن علي ابن الأشقر، والمبارك بن أحمد بن بركة، وهبة الله بن أحمد الشِّبْلي.

(44/409)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 410
وكان من قدماء الرواة ببغداد روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، وجماعة. وتوفي في سابع شعبان. وروى عنه ابن النجار، وقال: لا بأس به.
4 (عبد الواحد ابن زين القضاة أب بكر عبد الرحمن بن سُلطان بن يحيى بن علي.)
القاضي الرئيس ظهير الدين أبو المكارم القُرشي، الدمشقي، الشافعي. سمع من: عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، وعلي بن أحمد الحَرَستاني، وأبي القاسم ابن عساكر. روى عنه: الضياء المقدسي، والزكي البِرزالي، والشهاب القُوصي. مولده سنة خمسين وخمسمائة. ومات في مستهل ربيع الأول.
4 (عبد الواحد بن علي بن عبد الواحد بن محمد بن علي ابن الصَّبّاغ.)
العدل أبو القاسم ابن العدل الكبير أبي الحسن ابن العدل أبي المظفر، أبو القاسم البغدادي، الكَرْخي. ولد سنة إحدى وأربعين. وسمع حضوراً من سعيد بن أحمد ابن البنّاء، وسمع من ابن البطي. وحدث. وهو من بيت عدالة وفضيلة.)

(44/410)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 411
روى عنه ابن النجّار.
4 (عبد الودود ابن العلاّمة الإمام مجير الدين أبي القاسم محمود بن المبارك.)
البغدادي، الفقيه الرئيس أبو المظفّر، وكيل أمير المؤمنين. كان فقيهاً، مناظراً، مدرِّساً. حدّث بجزء ابن عرفة، عن ابن كُليب. توفي في جمادى الآخرة.
4 (عبيد الله بن عبد الرحمن بن أبي المُطرِّف.)
أبو مروان القُرطبي. أخذ القراءات والعربية عن أبي بكر بن سَمحون. وسمع من ابن بُشْكُوال.

(44/411)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 412
4 (عتيق بن بَدَل بن هلال بن حَيدر.)
أبو بكر الزَّنْجاني الأصل، المكي، العُمّري، كان يكتب العُمَر. وعاش نيّفاً وسبعين سنة. وسمع ببغداد من: أبي الفتح بن البطي، وأبي بكر بن النَّقُور، وجماعة. وبهمذان من الحافظ أبي العلاء العطار. وبزَنجان من عمر بن أحمد الخَطيبي. وحدث بمكة.
4 (علي بن عبد الوهّاب بن علي بن الخَضِر بن عبد الله.)
أبو الحسن القُرشي، الأسدي الزُّبيري، الدمشقي، المعدَّل، أخو كريمة. ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وسمع من: علي بن أحمد الحَرَستاني، وعبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، وحمزة ابن الحُبوبي، وغيرهم. وأجاز له جماعة. روى عنه: ابن خليل، والشهاب القوصي، والضياء الحنبلي. لقبه نجم الدين، ولقب أبيه نجيب الدين. توفي في سلخ صفر، وله تُربة بالجبل.
4 (علي بن عمر بن علي بن بقاء ابن النُّموذَج.)
) أبو الحسن السَّقلاطوني. حدث عن أبي علي أحمد بن أحمد الخرّاز. وهو من أولاد الشيوخ، مات بين العيدين. حدث عنه ابن النجّار.

(44/412)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 413
4 (علي بن محمد بن علي بن محمد بن المهنَّد.)
أبو الحسن الحريمي، المقرئ، المعروف والده بالسَّقّاء. وُلد سنة ثلاث وثلاثين. وسمع من: المبارك بن أحمد الكِندي، وسعيد ابن البنّاء، وأبي الوقت، وغيرهم. وكان شيخاً صالحاً، ضواحي دُجيل بقرية حَربا، وكان يتردّد إلى بغداد. وتوفي بحَربا في خامس رمضان. روى عنه: الدُّبيثي، والزكي البِرزالي، والكمال محمد بن محمد ابن الدبّاب الواعظ، وأبو محمد عبد الله بن الوليد. سمع منه ابن الدبّاب كتاب: المحنة تأليف حنبل، بسماعه من أحمد بن علي بن عبد الواحد: أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان. وسمع منه كتاب التفكّر والاعتبار بسماعه من المبارك الكِندي. وسمع منه أيضاً كتاب قصر الأمل وكتاب الهم والحزن قال: أخبرنا عاصم بن الحسن العاصمي.
4 (علي بن أبي بكر محمد بن أبي زيد.)
أبو الحسن النيسابوري، المستوفي. سمع: أبا الفتح محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخشّاب، وغيره. روى عنه الزكي البِرزالي. وأجاز لشيوخنا: ابن عَصرون، وابن عساكر، وبنت كِندي. وعُدم فيمن عُدم من أمم لا يُحصيها إلا بارئها، أخبرنا أحمد بن عساكر، عن علي بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد الخشّاب، أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذّن فذكر حديثاً.

(44/413)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 414
4 (علي بن محمد بن يوسف الفهمي.)
) أبو الحسن اليابُري، القرطبي، الضرير. أخذ القراءات بغَرناطة عن عبد المنعم بن يحيى بن الخلوف وبإشبيلية عن أبي بكر بن خيْر، ونَجَبة بن يحيى، وأكثر عن أبي العباس بن مَضاء. وأجاز له السِّلفي. وكان محققاً للقراءات جداً. ذكياً. أدّب ولد السلطان بمرّاكُش، ونال دنيا عرضة. مات فيها تقريباً.
4 (علي بن نابت بالنون بن طالب.)
الفقيه أبو الحسن الأزَجي، الحنبلي، الوعظ. المعروف بابن الطالَباني. سمع من: أبي محمد صالح بن الرِّخْلة، وشُهدة، وخطيب المَوصل، وأبي الحسين عبد الحق، وغيرهم. روى عنه: الضياء، وابن أخيه الفخْر، والشيخ شمس الدين عبد الرحمن، وجماعة.

(44/414)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 415
وسكن رأس العين، وبها مات في تاسع عشر شعبان. لقبه موفَّق الدين.
4 (علي بن أبي الأزهر بن علي بن خليفة.)
أبو الحسن الحَربي، العطّار. ولد بُعيد الأربعين. وسمع من: عمه عمر بن علي، وسعيد بن أحمد ابن البنّاء. وحدث. روى عنه: الدبيثي وقال: مات في ثامن عشر ربيع الأول وابن النجّار.
4 (عمر بن عيسى بن أبي الحسن.)
أبو حفص البُزروي، البغدادي. سمع من: أبي المعالي ابن اللحّاس، وأبي محمد ابن الخشّاب، وجماعة. وحدث. وتوفي في شعبان.) ومات أخوه أبو الفَرَج عبد الرحمن الواعظ سنة أربعٍ وستمائة.
4 (عمر بن يوسف بن يحيى بن عمر.)
موفق الدين المقدسي، الشافعي، خطيب بيت الأبّار. حدث عن أبي القاسم بن عساكر. وخطب بجامع دمشق نيابة عن الدَّوْلَعي. وكان رجلاً صالحاً.

(44/415)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 416
توفي في رجب. روى عنه القُوصي.
4 (حرف القاف)

4 (القاسم بن عبد الله بن عمر بن أحمد.)
المُفتي العلاّمة أبو بكر النيسابوري، الصفّار. قرأت بخط الضياء تحت اسمه: قُتِل والله أعلم في صفر سنة ثمان عشرة في غارة الترك في صفر، أخبرني بذلك ابن النجار. كان فقيهاً إماماً، فاضلاً، عالي الإسناد في الحديث. سمع من: جده، ومن عن أبيه، ومن وجيه الشحّامي، وعبد الله ابن الفُراوي، وهبة الرحمن ابن القُشيري، ومحمد بن منصور الحُرْضي، وعبد الوهّاب بن إسماعيل الصيرفي، وإسماعيل بن عبد الرحمن العَصائدي، وجماعة. وتفقه على مذهب الشافعي. ووُلد في ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. روى عنه: الزكي البِرزالي، وأبو إسحاق الصَّريفيني، والضياء المقدسي، والشرف المرْسي، والصدر البَكري، وآخرون. وروى عنه بالإجازة: أبو الفضل بن عساكر، والتاج محمد بن أبي عَصرون، وجماعة. قال ابن نُقطة: كان حياً إلى أن دخلت الترك نيسابور في سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة. قلت: ومن مسموعاته مسند أبي عَوانة، سمعه من أبي الأسعد هبة الرحمن

(44/416)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 417
القُشيري: أخبرنا عبد الحميد البُحتري، عن أبي نُعيم الإسفرائيني، عنه. وسمع كتاب الزُّهريات من وجيه، قال: أخبرنا أبو حامد الأزهري بسنده إلى الذُّهلي. وسمع النسائي سوى كتاب الجهاد من إسماعيل العَصائدي، عن عبد الرحمن بن منصور بن رامش، وسمع كتاب الجهاد من عبد الصيرفي،) عن علي بن أحمد المؤذّن، قالا: أخبرنا بن فنجوَيه، أخبرنا ابن السُّنّي، أخبرنا النَّسائي. وقال محمد بن محمد الإسفرائيني ومن خَطه نقلتُ: أخبرنا الإمام مفتي خُراسان شهاب الدين أبو بكر القاسم بن أبي سعد، قال: أخبرتنا عمة والدي عائشة فذكر حديثاً. ثم قال: وشيخنا شهاب الدين ما رأينا في خُراسان من المشايخ مثله حلماً، وعلماً، ومعرفة بمذهب الشافعي، سمعت أنه درّس الوسيط للغزالي أربعين مرة، درس العامة، سوى درس الخاصة، ودَخَلَت التُّرك نيْسابور في سنة سبع عشرة، ولم يتمكنوا من دخولها، ورُمي مقدّمهم بسهم غَرْبٍ فقتله، فرجعوا عنها، ثم عادوا إليها في ستة ثمان عشرة، وأخذوها، وأخربوها، وقتلوا رجالها ونساءها إلا ما شاء الله، واستشهد شيخنا في استشهد.
4 (القاسم ابن الحافظ عماد الدين علي ابن الحافظ المحدِّث بهاء الدين القاسم ابن الحافظ الحُجة)
ثقة الدين أبي القاسم ابن عساكر الدمشقي: أبو محمد. شاب طري من أبناء ثمان عشرة سنة. سمع من الكندي، وطبقته، ورحل به أبوه إلى خراسان، وسمَّعه الكثير، واخترمته المنيّة. ولو عمِّر ثمانين سنة أو دونها لكان مُسْند وقته. توفي في جمادى الأولى. وقيل أنه حدَّث.

(44/417)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 418
4 (حرف الميم)

4 (محمد ابن العلامة أبس طاهر أحمد بن هبة الله بن محمد بن عمر.)
أبو عبد الله الهمذاني، الرُّوذَراوَريّ. توفي بهمذان في رجب بعد دخول التتار إليها بأيام. سمع الكثير من نصر بن المظفر البرمكي، وأبي الوقت السِّجْزيّ، وأبي زُرعة، وجماعة. وله إجازات كثيرة. وولد في سنة إحدى وأربعين، وحدّث بهمذان، وإربل. روي عنه الضياء، وقال: قتلته الترك بهمذان في جمادى الآخرة. والذي قدمناه هو قول الزكي) المنذري. ممد بن إبراهيم بن سعد بن عبد الله بن سعد. الناصح أبو عبد الله المقدسي، الحنبلي. سمع: أبا المعالي بن صابر، وأبا الفتح بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وطبقتهم. وقيل: أنه لم يدرك ابن شاتيل، وسمع أيضاً أبا نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق اليوسفي، وابن بُوْش، وسمع خلقاً كثيراً. قال الضياء: ولد في سنة أربع وستين وخمسمائة، واشتغل بالفقه ببغداد، وسمع، وعاد إلى وطنه. وهو كثير الخير، قاضي الحوائج. كريم النفس، متودّد إلى الناس، سليم الصدر، كثير الاحتقار لنفسه. وكان يصلي إماماً بالدير الشرقي بمسجد العطّافية إلى أن مات. وخلّف من الولد: عبد الوهاب وإبراهيم، وثلاث بنات. وتوفي في الثامن والعشرين من شوال. روي عنه: الضياء، وابن أخيه الفخر، وغيرهما.

(44/418)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 419
4 (محمد بن إسحاق بن عياش)
العلامة أبو عبد الله الزناتي، شيخ المالكية بغرناطة، ويُعرف بالكمّاد وهو الدقّاق. كان قائماً على المُدوّنة تخرج به أئمة. قال ابن مسْدي: ناظرتُ عليه في المُدوّنة وبحث عليه في الموطأ. عاش نيّفاً وسبعين سنة. سمع من أبي خالد بن رفاعة، وعلي بن كوثر، وطبقتهما.
4 (محمد بن إسماعيل الإربِلي.)
أبو الحس، يأتي في الكنية.
4 (محمد بن الحسن بن علي.)
أبو عبد الله اللَّخمي الداني، ويُعرف بابن التُّجيبي. سمع من: الحافظ أبي القاسم بن حُبيش، وأبي عبد الله بن حَميد. وأجاز له أبو طاهر السِّلفي. وقرأ كتاب سيبويه على الذَّهبي النحوي. قال الأبّار: وكان أديباً، كاتباً، بليغاً. أقرأ العربية، وولي قضاء دانية. وسمعت منه. وتوفي في رمضان.
4 (محمد بن خَلَف بن راجح بن بلال بن هِلال بن عيسى بن موسى بن الفتح بن زُريق.)
)

(44/419)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 420
الإمام شهاب الدين أبو عبد الله المقدسي، الحنبلي. وُلد سنة خمسين وخمسمائة ظناً، بجَماعيل. ورحل مع الحافظ عبد الغني سنة ست وستين إلى الحافظ السِّلفي، فأكثر عنه ورجع فرحل إلى بغداد وسمع من أبي محمد ابن الخشّاب، وشُهدة، وأبي الحسين عبد الحق، وطبقتهم. وسمع بدمشق من أبي المكارم عبد الواحد بن هِلال، وأبي المعالي بن صابر. قال الضياء: اشتغل ببغداد بالخلاف على الإمام أبي الفتح بن المنّي، وصار أوحد زمانه في علم النظر. كان يناظر ويقطع الخصوم. وسمعته يقول: إن ابن الجوزي كان تركني عنده، وكان يكرمني ويخصّني بالأشياء لكوني عنده. قال الضياء: ولما عاد موفق الدين يقول: كان إذا لنا عند إنسان ببغداد شيء لا نقدر على تحصيله أرسلنا إليه الشهاب. ثم إنه مرض مرضاً شديداً، واصفرّ لونه، وكان بعض الناس يقول: إنه مسحور والله أعلم وهو كثير الخير والصلاة، سليم الصدر. ولقد رأيتهم بجَماعيل يعظّمونه تعظيماً كبيراً، ولا يشكّون في ولايته وكراماته، ولعمري لقد كان على خيرٍ كثير من الدين، والصَّلاح، والذكر، وسلامة الصدر. وسمعت الإمام أبا محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبّار يقول: حدثني جماعة من جَماعيل فيهم: خالي عمر بن عَوَض قال: وقعتْ في جَماعيل فتنةٌ فخرج بعضهم إلى بعض بالسيوف، وكان الشهاب عندنا، قالوا: فسجد ودعا الله. قالوا: فضرب بعضهم بعضاً بالسيوف فما قطعت السيوف شيئاً. قال عمر: فلقد ضربتُ رجلاً بسيفي وكان سيفاً مشهوراً فما قطع شيئاً. وكانوا يرَون أن هذا ببركة دعائه. وقال عمر ابن الحاجب في معجمه: هو إمام محدِّث فقيه، عابد، دائم الذكر، لا تأخذه في الله لومة لائم، صاحب نوادر وحكايات، وعنده وسوسة زائدة في الطهارة. وكان يحدّث بعد الجُمُعة من حفظه، وكانت أعداؤه تشهد بفضله.

(44/420)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 421
وقال الزكي المنذري: كان كثير المحفوظات، متحرياً في العبادات حسن الأخلاق. قلت: روى عنه الضياء، والمنذري، والبِرزالي، وابن عبد الدائم، والقوصي، وشمس الدين عبد الرحمن، والفخر علي، والشمس ابن الكمال، وأبو بكر بن طَرْخان، والتقي ابن الواسطي، والشمس عبد الرحمن ابن الزين، ومحمد بن مؤمن، وإبراهيم بن حَمْد، وأبو بكر ابن الأنماطي.) وحدثنا عنه: العماد عبد الحافظ، والعز إسماعيل بن المُنادي، والعز أحمد بن العِماد، والشمس محمد ابن الواسطي، وعائشة بنت المجد عيسى. قرأت وفاته بخط الضياء: في التاسع والعشرين من صفر.
4 (محمد بن سلامة بن نصر بن مَقدام.)
أبو عبد الله المقدسي، العطّار. سمع من: الخَضِر بن طاووس، وأبي المجد الفضل ابن البانياسي.
4 (محمد بن طلحة بن محمد بن عبد الملك بن حَزم.)
أبو بكر الأموي، النحْوي، الإشبيلي. أخذ القراءات عن أبي بكر بن صاف، والعربية عن أبي إسحاق بن ملكون. وسمع من أبي بكر بن الجدّ كتاب سيبويه، وسمع من أبي زيد السُّهيلي بعض كتابه الروض الأنف. ولم يعتن بالحديث، بل غلب عليه القراءات والنحْو. قال الأبّار: وكان أستاذ حاضرة إشبيلية غير مُدافَع، وعليه قرأ ابن عبد

(44/421)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 422
النور، وانتفع به أبو علي الشلوبيني، وكان من إجادة الإلقاء، وحُسن الإفادة، غلب ذلك عليه، فشدّ عليه الجمهور. رأيته بإشبيلية. وتوفي في صفر رحمه الله وولد ببابُرة في سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة.
4 (محمد بن عبد الله بن أحمد.)
أبو العباس البغدادي، الضرير، المقرئ، المعروف بالرشيدي. وفي نسبه إلى هارون الرشيد طَعنٌ. قرأ القراءات على أبي الكرم المبارك بن الحسن الشَّهرَزوري، وعلى غيره وسمع منه ومن: أبي الوقت السِّجزي، وسعد ابن البنّاء، وأبي القاسم عبد الله بن أحمد ابن الخلاّل الوكيل. وحدّث، أقرأ بالروايات. وهو من آخر أصحاب أبي الكرم. روى عنه: الدُّبيثي، وابن النجار، وقال: كان شيخاً حسناً، صدوقاً، قال: ومات في شعبان.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز.)
الشيخ أبو الفرَج الواسطي، المقرئ، التاجر.

(44/422)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 423
صحب صدقة بن الحُسين الواعظ، وقدم معه إلى بغداد سنة ثلاث وخمسين، فسمع من: أبي) القوت، وأبي جعفر العبّاسي، وأبي المظفّر محمد بن أحمد ابن التُّرَيكي، وهبة الله ابن الشَّبلي، وجماعة. وحدث ببغداد، وإربِل، والموصل، وحَلب، ودمشق. وكان له اعتناءٌ بالحديث ويعرف سماعاته. واشتغل بالتجارة مدة. وكان قديم المولد، فإنه سمع من أبي الوقت وله ستٌّ وثلاثون سنة، وعاش مائة أو أزْيد. وسِنّه يحتمل السماع من ابن الحُصين، وطبقته والسماع رزقٌ. روى عنه: الدُّبيثي، وابن خليل، والشهاب القوصي، والزكي البِرزالي، والتاج عبد الوهاب ابن زين الأمناء، وآخرون. وروى صحيح البخاري، بالموصل. وتوفي في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة وله مائة سنة وسنة.

(44/423)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 424
4 (محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عياش.)
أبو عبد الله التُّجيبي، الأندلسي، الكاتب، صاحب ديوان الإنشاء بالمغرب. قال الأبّار: أخذ عن أبي عبد الله بن حَميد شيئاً يسيراً، وعُني بالآداب. وكان رئيساً في صناعة الكتابة، خطيباً، مصْقعاً، بليغاً، مُفوّهاً، شاعراً. وكتب للسلطان، ونال دنيا عريضة. وله في المصحف العثماني، وقد أمر المنصور بتحليته:
(ونُفّلته من كل قومٍ ذخيرةً .......... كأنهم كانوا برسم مكاسبهْ)

(فإن وَرَث الأملاك شرقاً ومغرباً .......... فكم قد أخلّوا جاهلين بواجبهْ)

(وألبسته الياقوت والدُّرّ حِلية .......... وغيرك قد روّاه من دم صاحبهْ)
ولد أبو عبد الله بن عيّاش في سنة خمسين وخمسمائة، وتوفي في جُمادى الآخرة بمرّاكُش، رحمه الله.
4 (محمد بن عبد الكريم بن محمد بن أبي الفضل بن علي.)
القاضي العالم الصالح، علاء الدين أبو عبد الله ابن أخي القاضي جمال الدين، الأنصاري الدمشقي، ابن الحَرَستاني. ولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.) وسمع من أبي القاسم ابن عساكر الحافظ، وسمع بالموصل من خطيبها أبي الفضل عبد الله ابن الطوسي.

(44/424)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 425
روى عنه الزكي البِرزالي في معجمه. وتوفي في سابع عشر رمضان.
4 (محمد بن عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن فَرَج ابن الجدّ.)
أبو بكر الفِهري، الإشبيلي. سمع من جده الحافظ أبي بكر محمد. وكان ذا رئاسة عظيمة، ووجاهة عند الدولة إلى الغاية. قال الأبّار: وكان مع شرفه متواضعاً، جواداً، كريماً، كثير المعروف، والصدقات، رفيعاً. سمعتُ منه حكاية. وما أراه حدّث وكانت جِنازته مشهودة.
4 (محمد بن علي بن الحُسين.)
أبو يَعلى الواسطي الجامدي، المعروف بابن القارئ. حدث بواسط بالإجازة عن القاضي محمد بن علي ابن الجُلاّبي. وسمع من جده لأمه أبي المفضَّل محمد بن محمد بن أبي زنبقة. ومات في جمادى الأولى. وثقّه ابن نقطة.
4 (محمد بن علي بن عمر.)
النجيب أبو حامد السمرقندي، الطبيب، نزيل هَراة.

(44/425)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 426
كان من علماء الزمان بالطب وله فيه تصانيف مفيدة منها: كتاب أغذية المرضى، ومنها كتاب الصناعة، وكتاب أقراباذين وغير ذلك. قُتل بهراة.
4 (محمد بن علي ابن الواعظ نصر بن نصر العُكبَري.)
أبو الفرج الكاتب. اشتغل بالديوان. وحدث عن جده.) وتوفي بالحلّة في رمضان. وروى عنه: الدُّبيثي، وابن النجّار.
4 (محمد بن عمر بن عبد الغالب بن نصر بن عبد الله.)
المُحدِّث أبو عبد الله القرَشي، الأموي، العثماني، الدمشقي. طوَّف، وسمع بنفسه الكثير، وكان حسن الطريقة، ذا دين، وورع وأمانة. وكتب كثيراً، وبورك له في مسموعاته وحدّث بأكثرها. وكان في الرحلة وحده فنجد أكثر طباقه ما معه كبير أحد. وكان له منامات عجيبة. سمع من: أبي الحسين أحمد ابن الموازيني، وعبد الرحمن بن علي ابن الخِرقي، وبركات الخُشوعي. ورحل، فسمع ببغداد من عبد المنعم ابن كُليب، وجماعة. وبإصبهان من خليل بن بدر الراراني، ومسعود بن أبي منصور الجمّال، وأبي المكارم اللبّان، وأبي جعفر الصيدلاني. وبنيسابور من أبي سعد عبد الله بن عمر ابن الصفّار، ومنصور بن عبد المنعم الفُراوي، وجماعة. وبمصر، والإسكندرية.

(44/426)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 427
ومولده ببيت لِهيا في سنة تسع وستين وخمسمائة. روى عنه: الزين بن عبد الدائم، والزكي عبد العظيم، والقاضي أبو المجد بن العديم، والفخر علي ابن البخاري، والكمال أحمد بن محمد الحلبي، وجماعة. وحدّث بدمشق، وحرّان، وحلب، وحمص، ومصر. وتوفي إلى رحمة الله بالمدينة النبوية، في وسط المحرّم.
4 (محمد بن كرم بن بركة.)
أبو علي الكاتب الأزَجي، ويُعرف بمعتوق الكيّال. سمع: ابن ناصر، وأبا الكرم الشهرَزوري. قال ابن النجّار: كتبت عنه. وكان شيخاً حسناً، لا بأس به. توفي في ربيع الأول وقد جاوز الثمانين.
4 (محمد بن أبي جعفر محمد بن محمد بن الحسين.)
الشيخ أبو البركات الشَّهرستاني، ثم البغدادي النحْوي. ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة.) واشتغل على أبي محمد ابن الخشّاب، وعلي بن المبارك ابن الزاهدة. وتميّز في العربية وحدث بشيء من شعره.

(44/427)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 428
ومات في ربيع الآخر.
4 (محمد بن محمود بن إبراهيم بن الفرج.)
المحدث المتقن، العالم الصالح، تقي الدين، أبو جعفر وأبو عبد الله الهمذاني، الواعظ، ويُعرف بابن الحمّامي. ولد في أول يوم من سنة ثمان وأربعين. وسمع ببلده من الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد العطّار. وسمع حُضوراً من أبي الوقت السجزي. وسمع أيضاً من محمد بن بُنَيمان الأديب، وجماعة ورحل إلى إصبهان فأدرك بها أبا رشيد عبد الله بن عمر صاحب أبي عبد الله الثقفي، فسمع منه ومن طبقته. وقدم بغداد، فسمع بها من الأسعد بن يَلْدرك، وأبي الفوارس سعيد بن محمد الحيص بيص، وجماعة. ثم قدمها بعد الستمائة، فسمع من أصحاب ابن الحُصين، وأبي غالب ابن البنّاء. وكان شيخ همذان ومُفيدها وكبيرها، كتب وطلب وسمع الكثير. قال المحب ابن النجار: حضرتُ مجلس إملائه، وكان يُملي في وعرفة الصحابة، ثم يُملي من غريب الحديث، ويتكلّم على الناس على طريق الوعظ. قال: وكان به القبول التامّ، والصيت الشائع، وأهل همذان مُقبلون عليه يتبرّكون به. وكان من أئمة الحديث وحُفّاظه له المعرفة بفقه الحديث ولغته، ومعرفة رجاله. وكان فصيحاً ذا عبارة حُلوة، وألفاظ منقّحة، مع دين وعبادة،

(44/428)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 429
وزُهد. وكان أمّاراً بالمعروف نهّاءً عن المنكر، ناصر السنة، قامع البِدعة، متواضعاً متودّداً، سمْحاً، جَواداً. وبالغ ابن النجار في الإطناب في وصفه، وقال: لما استولى التتار على همذان في أواخر جمادى الآخرة: خرج إلى قتالهم بابنه عُبيد الله، فقُتلا شهيدين مُقبلين، غير مدبرين، رضى الله عنه. قلت: روى عنه الزكي البِرزالي، والضياء، والعَماد علي بن عساكر، والمحب ابن النجار. وأجاز للشرف ابن عساكر، والتاج بن عَصرون. وقال الحافظ عبد العظيم: توفي في السادس والعشرين من جمّادى الآخرة.) أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا محمد بن محمود الشهيد، أخبرنا محمد بن بُنَيمان بن يوسف، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا أبو بكر الحِيري، أخبرنا حاجب بن أحمد، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن يوسف، عن سفيان، عن أبي يعفور، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: غَزَونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم سبع غزوات نأكل الجراد. وقد تكلم فيه الرفيع الأبَرْقوهي وقال: لا يصحّ سماعه.
4 (محمد بن محمود بن أبي السحن الظَّفَر.)
أبو الضوء الشذَياني الحاتمي الهَرَوي، ويلقب بشهاب. ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: أبي سعيد أحمد بن إسماعيل الحنفي، وأبي الوقت السجزي، وأبي سعد ابن السمعاني، وجماعة.

(44/429)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 430
روى عنه: الضياء الحنبلي، والزكي البِرزالي، والمحب اللبلي، وجماعة. وأجاز للتاج بن عَصرون، والشرف بن عساكر، وزينب بنت عمر، وجماعة. وعُدم في السنة.
4 (محمود بن محمد بن عبد الواسع ابن الموفّق السقطي، الهَرَوي.)
أبو بكر، من ولد سَرِي السَّقطي. سمع من جده عبد الواسع حدثه عن شيخ الإسلام أبي إسماعيل. روى عنه: الزكي البِرزالي، وغيره. وأخبرنا ابن عساكر، أخبرنا محمود إجازة فذكر حديثاً. وهو ممن عُدم في دخول العدوّ هَراة.
4 (محمود بن محمد بن قُرا رسلان بن سقمان بن أرتُق.)
الملك الصالح ناصر الدين الأرتُقي، صاحب آمِد وحِصن كِيفا. مات بالقولنج، وقام بعده ولده الملك المسعود الذي أخذ منه الكامل بلاده.
4 (مشرّف بن علي بن أبي جعفر بن كامل.)
أبو العز الخالصي، المقرئ، الضرير. ولد تقريباً في سنة أربع وثلاثين. وقدم بغداد، فحفظ بها القرآن، وقرأ بشيءٍ من القراءات على أبي الكرم الشَّهْرَزوري. وتفقّه) بالنظامية على مذهب الشافعي.

(44/430)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 431
وسمع من: أبي الكرم، وأبي الوقت، ومسعود بن الحُصين، وأحمد بن محمد أبي الدباس، وسلامة ابن الصدر. روى عنه: الدُّبيثي، والبِرزالي، وجماعة. وتوفي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر. والخالص: اسم ناحية ونهر بشرقي بغداد.
4 (موسى ابن الشيخ عبد القادر بن أبي صالح.)
أبو نصر الجيلي ثم البغدادي، ضياء الدين. وُلد في ربيع الأول سنة تسع وثلاثين، ويقال: سنة سبع وثلاثين. وسمع: أباه، وابن ناصر، وسعيد ابن البنّاء، وأبا الوقت، وابن البطي. واستوطن دمشق بالعُقَبية. روى عنه: البِرزالي، والضياء، وابن خليل، والسيف، ابن المجد، وعمر ابن الحاجب، والشهاب القوصي، والزكي المنذري، والفخر علي، والتقي ابن الواسطي، والشمس محمد ابن الكمال، وأبو بكر ابن النماطي، وأحمد بن علي سِبط عبد الحق، وإسماعيل بن نور اليهيتي، والصفي إسحاق الشقراوي، ويوسف الغسولي، والعز أحمد بن العماد، والعماد عبد الحافظ بن بدران، وطائفة سواهم. وقرأ عليه الأئمة والحُفّاظ. وقال ابن النجار: كتبت عنه بدمشق. وكان مطبوعاً، لا بأس به، إلا أنه كان خالياً من العلم.

(44/431)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 432
وقال المنذري: دخل مصر ولم يحدّث بها. وقال عمر ابن الحاجب: كان ظريفاً، رقّ حاله واستولى عليه المرضى في آخر عمره، إلى أن توفي ليلة الجمعة مستهلّ جمادى الآخرة. وكان آخر أولاد أبيه وفاة. وكان يُرمى برذائل لا تليق بمثله. سألت أبا عبيد الله البِرزالي عنه، فقال: كان عنده دُعابة.
4 (منصور، الرئيس الكبير المجاهد، وأبو الفتح ابن الرئيس المجاهد محمد بن إسحاق.)
الكِناني، الدمياطي. توفي في ذي الحجة بدمياط، حُمل إلى مصر فدُفن بها. وكان قد ولي رئاسة الغُزاة في البحر الأخضر. بعد والده مدة طويلة. قال الحافظ عبد العظيم: سمعته يقول: لي خمسٌ وأربعون سنة أجاهد على ظهر البحر. وكان) مشهوراً بالشجاعة، ميمون الحركة، محباً للفقراء.
4 (حرف النون)

4 (نجم الدين الكبرى.)
اسمه أحمد. مرّ.
4 (النفيس بن أبي البركات بن معالي بن حُفنَى.)
أبو الفضل الزعيمي، البغدادي، المستخدم.

(44/432)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 433
سمع: أبا الحسن بن غَبرة، وأبا الفتح بن البطي. روى عنه: البِرزالي، والضياء، والشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش، والدبيثي، وآخرون. وكان رجلاً صالحاً. وحُفنة: بضم الحاء المهملة وفتح النون. توفي في رابع عشر صفر.
4 (حرف الهاء)

4 (هبد الله بن الخَضر بن هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن طاووس، الأمير سديد الدين.)
أبو محمد بن أبي طالب، البغدادي الأصل، الدمشقي. من بيت العلم والرواية. سمع من: الفقيه نصر الله بن محمد المِصِّيصي، وناصر بن محمود القُرشي، وعلي بن سليمان المرادي، والخضِر بن عبدان الأزدي، ونصر بن أحمد بن مُقاتل، وأبا القاسم بن البنّ الأسدي. ورحل إلى الإسكندرية وسمع من السلفي. وكان عسراً في الرواية، ولا يُسمع إلا من أصل، ولم يكن ممن يفهم الحديث، لكنه كان مواظباً على تلاوة القرآن. وسئل عن مولده فكتب أنه في سبع وثلاثين في ربيع الأول. وسماعه من نصر الله في سنة إحدى وأربعين فيكون في الخامسة حضوراً، إلا على قول من يرى أن ذلك سماع.

(44/433)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 434
روى عنه: ابن خليل، وابن النجار، وأبو بكر محمد ابن النُّشْبي، والعماد محمد بن سالم صَصْرى، والشمس أبو الغنائم بن علاّن، والفخر علي ابن البخاري، والشهاب القوصي، وجماعة. وبالإجازة: أبو حفص ابن القوّاس، وغيره.) وتوفي في سابع جمادى الأولى. وقد سمع منه السراج بن شحاتة في رجب سنة سبع عشرة، ولعَسارته انقطع حديثه بوقت، وإلا فقد وقع لنا حديث أقرانه دونه.
4 (حرف الياء)

4 (ياقوت، عتيق الحافظ أبي المواهب بن صَصْرى.)
سمع مع مولاه من علي بن أحمد الحرستاني ورحل معه إلى بغداد يخدمه ويخدم ولده أمين الدين، فسمع من أبي السعادات القزاز، وجماعة. وحدث. ومات في ذي القعدة.
4 (ياقوت، أمين الدين المَوصلي الكاتب الملكي.)
نسبة إلى السلطان ملكشاه بن سلْجوق بن محمد بن مَلكشاه السلجوقي. قرأ العربية على الإمام أبي محمد سعيد بن المبارك ابن الدهّان وبرع فيها، وقرأ كتاب المقامات و ديوان المتنبي.

(44/434)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 435
وكتب الخط المنسوب، ونسخ نسخاً عديدة لكتاب الصحاح للجوهري، كل نسخة في مجلّد واحدٍ، وهي متيسّرة الوجود عند الأعيان. وكانت النسخة تباع بمائة دينار. وكانت له سمعة كبيرة في زمانه. وكتب عليه خلق، ثم تغيّر خطه من الكبر. قال ابن خلّكان: توفي بالمَوصل في هذه السنة. وقال ابن الأثير: لم يكن في زمانه من يكتب ما يقاربه، ولا من يؤدي طريقة ابن البوّاب مثله.
4 (يحيى بن سعد الله بن الحسين بن أبي غالب محمد بن أبي تمام.)
الشيخ أبو الفتوح التكريتي.

(44/435)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 436
ولد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة بتكريت. وسمع من أبيه وجماعة. وسمع ببغداد من: أبي المظفّر هبد الله ابن الشبلي، وابن البطي، والشيخ عبد القادر، والشيخ أبي النجيب، وجماعة. وحدث ببلده، وخرّج لنفسه أحاديث. وعمل بتكريت دار حديث. وأهل بلده يثنون عليه ويصفونه بالصلاح.) روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، والضياء، وآخرون. ومات في آخر المحرم.
4 (يوسف بن عبد الغني بن موسى.)
الفقيه أبو الحجاج بن غنّوم، الجُذامي، الإسكندراني، المالكي، المعدَّل. سمع من السلفي. وحدث، ودرّس، وناب في الحكم. وكان صالحاً، خيّراً، على طريقة السلف. روى عنه: الزكي عبد العظيم، وغيره. ومات في ثامن عشر المحرم.
4 (يوسف بن عمر بن محمد بن عبد الله ابن الوزير نظام المُلك الطوسي.)
أبو المحاسن البغدادي. ولد سنة خمس وثلاثين. وسمع من: نصر بن نصر العُكبري، وأبي الوقت، وأبي حامد محمد بن أبي الربيع الغرناطي. وحدث.

(44/436)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 437
ومات في شعبان. روى عنه الدبيثي، وقال: كان غير حميد الطريقة.
4 (الكنى)

4 (أبو بكر بن المظفر بن إبراهيم ابن البَرني.)
نزل الموصل مع أخيه أبي إسحاق. وحدّث عن عتيق بن صيلا. توفي في الحجة بالموصل.
4 (أبو الحسن بن إسماعيل بن مسلَّم بن سلمان الإربلي، ثم البغدادي، الصوفي.)
ولد سنة تسع وخمسين في أوائل السنة. وسمع حضوراً من أحمد بن المقرب، ويحيى بن ثابت. وسمع أيضاً شُهدة. وأجاز له مسعود الثقفي، وأبو عبد الله الرُّستمي، وجماعة. وكان مشهوراً بالخير والصلاح، ولي مشيخة الصوفية بأربل. وقيل: اسمه محمد، وقيل: علي، وهو معروف بكنيته.) وهو ابن عم الحسن في خامس ربيع الآخر. وحدث بإربل.

(44/437)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 438
4 (أبو الطاهر بن أبي الفضل المقدسي، الحنبلي.)
إمام جامع كفر بطنا. توفي بكفر بطنا في ربيع الآخر، وحُمل إلى جبل قاسيون فدُفن به. وهو والد الفقيه الصالح تقي الدين أحمد المتوفي سنة اثنتين وتسعين، وجد شيخنا أبي بكر بن أحمد بن أبي الطاهر المتوفي في سنة اثنتين وسبعمائة. وولي بعده الوين أحمد بن عبد الدائم، فأقام بها إلى إثناء سنة ست وعشرين، ثم انفصل عنها، ثم عاد إليها بعد الثلاثين، ثم تركها سنة الخوارزمية.
4 (أبو علي بن أبي زكري.)
الأمير الكبير فخر الدين، أخو الأمير سيف الدين أبي بكر، والأمير شجاع الدين كُرّ، وعم زين الدين موسى بن جكو بن أبي زكري. توفي في ربيع الأول بالمخيم بالمنصورة، رحمه الله.
4 (وفيها ولد)
العماد محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن ملهم الدمشقي الصائغ. والشمس عمر بن غلام الله الأشرفي. والشمس حسن بن المظفر المُنقِذي الشروطي.

(44/438)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 439
والضياء محمد بن محمد بن عبد القاهر ابن النصيبي. والصدر أحمد بن عبد الرحمن القرشي الإسكندري، وعرف بابن حمزة، يروي عن ابن عماد. والرشيد محمد بن عبد الحق بن مكي ابن الرصاص. وأبو محمد عبد المعطي بن الرحمن ابن الأبياري الإسكندراني. وناصر الدين عمر بن أحمد ابن ألْطُنبا الناصري الحلبي. وجمال القضاة أبو بكر محمد بن عبد الرحمن ابن المغيري سمع الصفراوي

(44/439)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 440
4 (وفيات سنة تسع عشرة وستمائة)

4 (حرف الألف)
)
4 (أحمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد المجيد بن أحمد ابن محمد بن الحسن بن حديد بن)
أحمد بن محمد بن صمْدون، القاضي المكين. أبو طالب ابن زين القضاة أبي الفضل، الكناني، الإسكندراني، المالكي، العدْل. ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. وسمع من: أبي طاهر السلفي، وأبي محمد العثماني، وأبي الطاهر بن عوف، وغيرهم: وأجاز له جماعة. وحدث بدمشق، ومصر روى عنه الزكي المنذري، وقال: كان له أنس

(44/440)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 441
بالطريقة. وكان الحافظ السلفي يكرمه كثيراً لما لأسلافه عليه من الحقوق، ويقدمه للقراءة عليه مع صِغر سنه. وهو من بيت الرئاسة والمعروف، ولهم الأوقاف والأحباس. وهو من ولج سُراقة بن مالك بن جُعشم رضي الله عنه. وكان أبوه قاضي الإسكندرية وكذلك جده المكين أبو غلي. وذُكر أنه استُقصي من بيتهم بالإسكندرية سبعة قضاة، وكانوا يحكمون بمذهب أهل السنة في ذلك الوقت. قلت: يعني في الدولة العبيدية. وروى عنه أيضاً: الشهاب القوصي، والجلال عيسى بن الحسن القاهري وأخوه الرشيد عبد الله بن الحسن، وآخرون. وتوفي في سابع عشر جمادى الآخرة، بالإسكندرية. لم ألحق من أصحابه أحداً.
4 (أحمد بن عبد المؤمن بن موسى القيسي.)
أبو العباس الشريشي، النحوي. روى عن: أبي الحسن بن لُبّال، وأبي عبد الله بن زَرقون، وغيرهما. وجلس لإقراء العربية. قال الأبّار: له تصانيف منها: شرح الإيضاح لأبي علي الفارسي، ومنها شرح مقامات الحريري صنّف لها ثلاثة شروح. سمعت منه، وأجاز لي.

(44/441)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 442
4 (أحمد بن علي بن أحمد بن أبي الهيجاء.)
الأمير الكبير عماد الدين ابن المشطوب، سيف الدين الهكّاري. كان عماد الدين من كبراء الدولة، شجاعاً، هُماماً، سمحاً، جواداً، مَهيباً، أقطعه السلطان صلاح الدين نابلس. وكان حدهم أبو الهيجاء صاحب العمادية، وعدة قلاع من بلاد الهكّارية. ولم يزل) العماد وافر الحرمة إلى أن انفصل عن الديار المصرية وعدّى الفرات، فأكرمه الأشرف. وقد ذكرنا في سنة سبع عشرة من أخباره وأنه مات في السجن بأسوأ حال. ومات في ربيع الآخر. وبنت له ابنته قبة برأس عين ونقلته من حرّان فدفنته بها. وعاش أربعاً وأربعين سنة ظناً.
4 (أحمد الملك المفضّل قطب الدين أبو العباس.)
ابن السلطان الملك العادل سيف الدنيا والدين أبي بكر محمد بن أيوب. توفي بالفيوم في منتصف رجب، وحُمل إلى القاهرة، ودُفن خارج باب النصر.
4 (أحمد بن المبارك بن فوارس بن سُنبلة.)
أبو المعالي البغدادي، الحريمي، السفّار التاجر.

(44/442)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 443
شيخ مسند، روى عن: أبي الفرج عبد الخالق اليوسفي، وأبي علي أحمد بن أحمد الخرّاز. وكان مولده سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، وتوفي في نصف ذي القَعدة. وهو أخو محمد، الذي سكن بسمرقند. روى عنه: الضياء، وابن النجار. وقد اختلط قبل موته بقليل، من سنة خمس عشرة وستمائة.
4 (أحمد بن مسعود بن أحمد بن محمد.)
أبو العباس اليماني ابن ناصر، وأبي حكيم النهرواني. وكان إمام دَبْر الغساني. روى عنه الحافظ الضياء. قال المنذري: توفي في منتصف صفر الشيخ الصالح الزاهد أبو العباس اليماني الشافعي، بالأرض المقدسة. سمع ببغداد من الحافظ أبي الفضل محمد بن ناصر، وغيره. وحدث. وكان مشهوراً بالصلاح والخير. وكان قد سكن بأولاده وأهله في مغارة بجبل من جبال بيت المقدس. وقال الضياء: كان قد كبر حتى عن القيام والقُعود، رحمه الله.
4 (إسماعيل بن الحسين بن يعقوب.)
أبو محمد اللُّبّادي، الحربي. حدث عن: ابن البطي، وغيره. ومات في ذي الحجة.)
4 (إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن بن أبي بكر بن هبة الله بن الحسن.)

(44/443)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 444
الحافظ البارع تقي الدين أبو الطاهر ابن الأنماطي، المصري، الشافعي. سمع: القاضي أبا عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحَضرمي، وأبا القاسم هبة الله البوصيري، وأبا عبد الله محمد بن عبد المولى اللُّبني، وشجاع بن محمد المدلجي، وأبا عبد الله الأرتاحي، وجماعة كبيرة. ورحل إلى دمشق سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة فأكثر بها عن أبي طاهر الخُشوعي، وأبي محمد ابن عساكر، وطبقتهما. ورحل بعد الستمائة إلى العراق، فسمع من: حنبل، وابن سُكينة، وابن طَبَرزد، وأبي الفتح المندائي، وخلق سواهم. وكتب الكثير بخطه المليح السريع. وحصّل كتباً كثيرة. قال ابن النجار: اشتغل من صباه، وتفقه، وقرأ الأدب، وسمع الكثير. وقدم دمشق سنة ثلاث وتسعين، ثم حج سنة إحدى وستمائة، وقدم مع الركب. وكانت له همة وافرة، وحرص، وجد، واجتهاد، مع معرفة كاملة وحفظ وثقة وفصاحة وسرعة قلم، واقتدار على النظْم والنثر. ولقد كان بعيد الشبيه، معدوم النظير في وقته. كتب عنّي وكتبت عنه، وقال لي: ولدت سنة سبعين وخمسمائة في ذي القعدة. قال عمر ابن الحاجب: كان إماماً، ثقة، حافظاً، مبرّزاً، فصيحاً، واسع

(44/444)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 445
الرواية، حصّل ما لم يحصّله غيره من الأجزاء والكتب. وكان سهل العاريّة يعير إلى البلاد. وعنده فقه، وأدب، ومعرفة بالشعر، وأخبار الناس. وكان يُنبَز بالشرّ. سألت الضياء محمد بن عبد الواحد، عنه، فقال: حافظ، ثقة، مفيد، إلا أنه كان كثير الدعابة مع المُرْد. قلت: وله مجاميع مفيدة، وآثار كثيرة. وكان أشعرياً له كلام في الحطّ على إمام الأئمة أبي بكر بن خُزَيمة. روى عنه: الشهاب القوصي، والزكي البِرزالي، والزكي المنذري، والكمال الضرير، والصدر البكري المحدث، وابنه أبو بكر محمد بن إسماعيل، وآخرون. ومات في الكهولة. ولم يروِ إلا القليل. قال الضياء: باب في عافية، فأصبح لا يقدر على الكلام أياماً، ثم مات يعني: مات بالسكتة في رجب.)
4 (حرف الباء)

4 (بدر التمام أخت الحافظ ابن الأخضر.)
أم أولاد الأديب أبي المعالي الحَظِيري. سمعت المبارك بن أحمد الصيرفي. وعنها ابن أخيها علي روى ابن النجار عنه، عنها. توفيت في رمضان.
4 (حرف الثاء)

4 (ثابت بن مشرَّف بن أبي سعد ثابت.)

(44/445)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 446
ويقال: أبو سعد محمد بن إبراهيم، أبو سعد البغدادي الأزَجي، البناء، المعمار، المعروف بابن شِستان. سمع من: سعيد ابن البنّاء، وابن ناصر، وأبي بكر ابن الزاغوني، وأبي الفتح الكروخي، وأبي الوقت، وأبي جعفر أحمد بن محمد العباسي، وأبي المظفر محمد بن أحمد التريكي، وأبي الفضل أحمد بن هبة الله ابن الواثق، وواثق بن تمام، ونصر بن نصر العُكبري، ومحمد بن عبيد الله الرطبي، ومحمد بن أحمد ابن المادح، وأحمد بن يحيى بن ناقة، وطائفة سمع منهم بإفادة أبيه وبنفسه. وأجاز له وجبة الشحّامي، وعبد الله ابن الفُرَاوي، وجماعة من نيسابور. وكان عمه علي بن أبي سعد الخباز من أعيان الطلبة. وشِستان: بكسر الشين. ورأيت بعضهم قد قيدها بالضم. روى عنه: الزكي البِرزالي، والضياء، والكمال ابن العديم وولده القاضي أبو المجد، والزين بن عبد الدائم، ومحمد بن أبي الفرج ابن الدباب، والكمال أحمد بن النصيبي، وجماعة. قال ابن نقطة: كان صعب الأخلاق، ظاهر العامية، سمعت عامة الطلبة يذمّونه. وقال المنذري: توفي في خامس ذي الحجة ببغداد، وقد بلغ الثمانين. قلت: وقدم حلب سنة ست عشرة، وسمعوا منه. وحدث أيضاً بدمشق. وأخته عزيزة، ماتت قبله بأيام. سمعت من عمها.

(44/446)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 447
4 (حرف الحاء)
) الحسين بن أبي منصور بن أبي المعالي بن حرّاز. وجيه الدين أبو عبد الله الواسطي، الهمامي، الشاعر الأديب. توفي بالقاهرة كهلاً في جمادى الأولى. روى عنه من شعره الزكي المنذري.
4 (حرف الطاء)

4 (الطيب بن محمد بن الطيب بن الحسين بن هِرقل.)
العُتقي، الكِناني، المرسي، أبو القاسم الأصولي. ذكره الأبّار، فقال: سمع من أبي القاسم بن حُبيش وأكثر عنه، ومن ابن حَميد. وتفقه بأبي بكر بن أبي جمرة. وكتب إليه أبو القاسم ابن بُشكُوال. والسهيلي، وكان من أهل المعرفة الكاملة والنباهة. نوظر عليه في كتب الرأي وأصول الفقه. وتقدم أهل بلده رئاسة ورجاحة. وأخذ عنه أصحابنا. وتوفي في سابع عشر جمادى الأولى، وله ثلاث وستون سنة.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أبي بكر عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد.)
أبو محمد القُضاعي، الأبّار، الأندي، الأندلسي.

(44/447)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 448
نزيل بَلَنسية. أخذ القراءات عن أبي جعفر الحصّار. وسمع من أبي عبد الله بن نوح الغافقي. وصحِب أبا محمد بن سالم الزاهد. وأجاز له أبو بكر بن أبي جمرة. قال ابنه: وكان رحمه الله، ولا أزكيه مقبلاً على ما يعنيه، شديد الانقباض، بعيداً عن التصنع، حريضاً على التخلص، كثير التلاوة والتهجد، فقيهاً، معدّلاً، ذاكراً للقراءات. قرأت عليه لنافع، وسمعت منه، وتوفي في ربيع الأول، وله ثمان وأربعون سنة.
4 (عبد الرحمن بن عبد السلام بن أحمد.)
أبو القاسم، الحَسّاني أو الغسّاني. الغرناطي، ويلقب بالدَّدُوْ. روى عن أبي عبد الله بن عُروس، وأخذ القراءات عنه، و كتاب سيبويه، ولازمه كثيراً، وعن: داود بن يزيد السعدي، وعبد المنعم بن عبد الرحيم الحافظ.) وأقرأ القرآن والنحو. وكان فقيهاً، عفيفاً، متصوناً، كان يشهد. وقد سمع وهو صبي من أبي عبد الله الحجْري. ولد سنة أربع وثلاثين. ومات في ربيع الآخر سنة تسع عشرة وستمائة.
4 (عبد الرحمن بن القاسم بن يوسف.)
أبو القاسم ابن السرّاج. المَغيلي الفاسي، نزيل غرناطة. عارف بالقراءات والعربية، معتنٍ بالرواية، مكثر عن أبي محمد بن عبيد الله الحجْري. أخذ العربية عن أبي الحسن نَجَبة. وأخذ القراءات عن أبي الحسن بن النقرات. وأجاز له جماعة.

(44/448)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 449
4 (عبد الرحمن بن محمد بن بدر بن الحسن بن مفرّج.)
رشيد الدين النابلسي الشاعر، الملقب بمدكويه. سمع مقامات الحريري من منوجِهر بن تُركانشاه عن المصنّف وحدث بها عنه. وكان شاعراً، محسناً، مليح القول. قيل: إنه أقلع عما كان عليه قبل موته، وصلُحت حاله. ومات في خامس محرم بدمشق. وقد مدح أمير المؤمنين الناصر لدين الله بالقصيدة الطنانة التي نطلعها:
(حرم الخلافة والمحل الأعظم .......... فانظر لنفسك أي در تنظِم)
ومدح السلطان صلاح الدين، وولده الملك الظاهر غازياً، ومدح الملك المعظّم. وهو عم الحافظ شرف الدين يوسف بن الحسن النابلسي. روى عنه الشهاب القوصي عدة قصائد.
4 (عبد الرحمن بن أبي البركات المبارك بن محمد بن أحمد.)
أبو محمد ابن المشتري. ولد سنة خمس وثلاثين وخمسمائة.

(44/449)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 450
وسمع من: أبي الفضل الأرْموي، وسعيد ابن البناّء، وابن ناصر، وأبي الوقت، وجماعة. وكان شيخاً فاضلاً، صحيح الأصول. روى عنه: الدبيثي، وجماعة.) وتوفي بإربل في شوال.
4 (عبد السلام بن علي بن منصور، قاضي القضاة.)
تاج الدين أبو محمد الكِناني الدمياطي، الشافعي. المعروف بابن الخرّاط.

(44/450)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 451
قرأ القرآن بدمياط بالقراءات على المسند الكبير عبد السلام بن عبد الناصر بن عُديسة. ورحل إلى بغداد، وتفقه بالنظامية. وسمع من: ابن كُليب، وابن الجَوزي، وأبي طاهر المبارك بن المبارك ابن المَعطوش. ورحل إلى واسط فقرأ بها القراءات على أبي بكر ابن الباقِلاّني. وعاد إلى دمياط، وولي القضاء بها والتدريس مدة. ثم ولي قضاء القضاة بمصر وأعمالها من الجانب القِبلي. وحدث. قال الزكي المنذري: اقرأ، وحدّث بدمياط، ومصر. وخرّجت له جزءاً من حديثه. وسمعت منه. وولد سنة إحدى وسبعين. ثم صرف من مصر، وولي قضاء دمياط.
4 (عبد الصمد بن عبد الرحمن بن أبي رجاء.)
الإمام أبو محمد البَلَوي الأندلسي الوادي آشي. ويعرف باللَّبَّسي وأصله منها، ويقال: لبّسه ولبّصه: من قرى الأندلس. روى عن: أبيه أبي القاسم، وأبي العباس الخروبي، وأبي بكر بن رزق، وأبي الحسن بن كوثر، وأبي القاسم بن حُبيش، وأبي عبد الله بن حَميد. وأخذ القراءات عن جماعة. وأجاز له أبو الحسن بن حُنين، وأبو طاهر السلفي، وجماعة. قال الأبّار: وكان راوية مكثراً، واعظاً، مذكّراً، يتحقق بالقراءات والتفاسير،

(44/451)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 452
ويشارك في الحديث والعربية. واعتمد في ذلك على أبيه، وأبي العباس الخَرّوبي، وأقرأ الناس ببلده، وتصدر به، وأخذ عنه جماعة. ووُلد في حدود سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، وتوفي في رجب، وله خمسٌ وثمانون سنة. وقال ابن مَسْدي في معجمه: أبو محمد اللبصي، هو وأبوه في القراءات والحديث. فكان أبوه رأس المقرئين بالأندلس فيء زمانه، فاحتذى أبو محمد حذو أبيه، وتلقى القراءات منه، فكان آخر من حدّث عنه. وأكثر عن أحمد بن محمد بن سعيد الخروبي. وسمع بفاس من محمد بن) الرمامة، وأبي الحسن الكِناني. قرأت عليه القراءات بالروايات واستفدت منه كثيراً. قال: ومات في شعبان سنة ثمان عشرة. هكذا قال ابن مَسدي. وآخر من قرأ بالروايات على هذا الشيخ أحمد بن بشير القزاز، وبقي القزاز إلى سنة بضع وسبعين.
4 (عبد القادر بن داود بن محمد.)
الفقيه أبو محمد الواسطي. قرأ القراءات على أبي بكر ابن الباقِلاّني، وسمع من أبي بكر محمد بن علي الكتّاني المُحتسب. وورد بغداد، ودرّس، وأفتى، وحدث. وقد تفقه بواسط على المُجير محمود بن المبارك البغدادي. ومات في ربيع الآخر.
4 (عبد الكريم ابن الفقيه نجم بن شرف الإسلام عبد الوهاب ابن

(44/452)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 453
الشيخ أبي الفرج، الأنصاري،)
السعدي، العُبادي، الشيرازي، الأصل، الدمشقي. الفقيه شهاب الدين أبو الفضائل. ابن الحنبلي. رحل إلى بغداد وسمع من أبي السعادات نصر الله القزاز، وغيره، وبدمشق من أبي المعالي بن صابر. وحدث ودرّس بمدرستهم. روى عنه الشهاب القوصي، وعمر ابن الحاجب، وقال الشهاب: كان عارفاً بمذهبه، مطّلعاً على غوامضه. وقال ابن الحاجب: فقيه، عالم، عنده إقدام وشهامة، إلا أنه كان يُرمى بكثرة الشر، وبُطلان الحقوق، وكثرة الوقيعة في الناس. ولد سنة تسع وخمسين. وقال المنذري: توفي في عاشر ربيع الأول. وقال أبو شامة: هو أخو البهاء، والناصح، وهو أصغرهم، وكان أبرعهم في الفقه، والمناظرة، والدعاوى، والبيّنات. لكنه كان متعصّباً على شيخنا السخاوي وجرت بينهما أمور. رحم الله الجميع وإيانا.
4 (عبيد الله بن المبارك بن إبراهيم بن مختار بن تغلب.)
) أبو القاسم الأزجي، الدقّاق، العدْل، المعروف بابن السيبي. ولد سنة خمسين وخمسمائة. وسمع: من ابن البطي، وشُهدة، وعبد الحق، وخديجة بنت النهرواني، وجماعة. وطلب بنفسه، وكتب، وقرأ على الشيوخ.

(44/453)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 454
وتوفي في رجب.
4 (عثمان بن هبة الله بن أبي الفتح أحمد بن عَقيل بن محمد.)
الحكيم الرئيس جمال الدين، أبو عمرو القيسي، البعلبكي الأصل، الدمشقي، العدل، الطبيب، المعروف بابن أبي الحوافر، رئيس الأطباء بالديار المصرية. ولد سنة ست وأربعين وخمسمائة. وولي رئاسة الطب مدة بالقاهرة. وتوفي في الثالث والعشرين من رجب، بالقاهرة. وكان جد. أبو الفتح مقرئاً، فاضلاً، صالحاً، من أصحاب الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي. وكان عقيل فقيهاً يكرر على مختصر المُزني.
4 (علي بن حيدرة بن أبي جعفر محمد بن القاسم بن الميمون حمزة.)

(44/454)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 455
الشريف أبو الحسن الحسيني، المصري، المعدَّل، نقيب الأشراف بالقاهرة. توفي في ربيع الأول.
4 (علي بن سيّدهم بن عمار.)
العدل وجيه الدين ابن العتّال، الشروطي. كتب الحكم لقاضي القضاة أبي محمد عبد السلام بن علي الدمياطي، ورُزق حظاً في الوراقة. وكان كثير التلاوة. توفي بمصر.
4 (علي بن أبي الفرج محمد بن أبي المعالي ابن الدبّاب.)
أبو الحسن البغدادي، البابَصري. سمع من أبي محمد محمد بن أحمد بن أحمد ابن المادح.) وحدث. وهو جد الواعظ المسند جمال الدين محمد بن محمد بن علي ابن الدبّاب المتوفى سنة خمس وثمانين وستمائة أحد شيوخ الفَرَضي. قال شيخنا أبو العلاء الفَرضي: إنما سُمي جدهم الدبّاب لأنه كان يمشي على التؤدة والسكون. قلت: توفي أبو الحسن في ذي القَعدة. روى عنه البِرزالي.
4 (علي بن أبي بكر محمد بن عبد الله بن إدريس.)

(44/455)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 456
الرَّوْحاني البَعقوبي، الزاهد رحمه الله. صحب الشيخ عبد القادر وسمع منه، والشيخ علي ابن الهِيتي. وكان شيخاً صالحاً، زاهداً، عابداً، متألّهاً، كبير القدر من أعيان شيوخ العراق في زمانه. صحبه الشيخ يحيى الصرْصري، ثم روى عنه هو والكمال علي بن وضّاح، والبدر سُنقرشاه الناصري، والشيخ علي الخبّاز الزاهد، والواعظ أبو الفضل محمد بن أبي الفرج ابن الدبّاب، وآخرون. وذكر أبو إسحاق الصريفيني أنه سمع منه، قدم دمشق، وزار القدس، وكان الشيخ يحيى يبالغ في وصفه، وتبجيله، وأنه ما رأى مثله. وذكره ابن نُقطة، وكنّاه أبن محمد، وقال: كان شيخ وقته، صاحب دين، وأدب، وفضل، وإيثار. سمعتُ منه، وسماعه صحيح. ثم درج موته. توفي في سَلْخ ذي القعدة بالرَّوحاء، ودُفن برباطه، وقبره يُزار. كنيته أبو محمد، وأبو الحسن.
4 (علي بن محمد بن الحسن بن يوسف بن يحيى بن النبيه.)

(44/456)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 457
الأديب البارع كمال الدين، أبو الحسن المصري الشاعر، صاحب الديوان المشهور. كان شاعراً محسناً، بديع القول، رائق النَّظم. توفي في الحادي والعشرين من جمادى الأولى، بنصيبين. وكان من مفاخر الشعراء، مدح بني أيوب. ثم اتصل بالأشرف وسكن نصيبين.
4 (علي بن يوسف بن محمد بن أحمد.)
) أبو الحسن ابن الشريك، الأنصاري، الداني، الضرير المقرئ. أخذ القراءات عن أبي إسحاق بن مُحارب والعربية عن أبي القاسم بن تمام. ورحل إلى مُرسية، فسكنها وسمع من أبي القاسم بن حُبيش، وأبي عبد الله بن حَميد. وأقرأ القراءات والعربية. وبلغ في التفهيم والذكاء الغاية. قال الأبّار: ويُقال: كان في صباه نجاراً، فلما أضر أقبل على العلم. واستفاد بتعليم العربية مالاً جليلاً. وتوفي في رجب، ومولده في سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
4 (علي بن أبي الكرم ابن العمري.)
البغدادي. حدث عن أبي الوقت.
4 (عمر بن عبد الله بن حِصن بن بزّان.)

(44/457)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 458
الشيخ الصالح أبو حفص البغدادي، المقرئ الضرير، المعروف بالبقُّش. حدث عن أبي الوقت. وتوفي في عاشر جمادى الآخرة. وكان يروي الصحيح كله.
4 (عمر بن أبي السعادات عبد الله بن أبي الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن)
صِرما. الشيخ الصالح أبو حفص البغدادي، الأزجي، الإسكاف الحذّاء. سمع من: ابن ناصر، وسعد الخيْر الأنصاري. وهو ابن عم أحمد بن يوسف. روى عنه: الزكي البِرزالي، والدبيثي، والجمال محمد بن أبي الفَرَج ابن الدبّاب. وتوفي في العشرين من ذي القَعدة عن بضعٍ وثمانين سنة.
4 (حرف الميم)

4 (محمد بن أحمد بن عبد الله بن هشام.)
أبو عبد الله الفِهري، الذهبي.

(44/458)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 459
ويعرف بابن الشوّاش أيضاً من أهل المَرية: أحد مدائن الأندلس. سمع من: أبي عبد الله بن سعادة، وأبو بكر بن أبي ليلى، وأبي عبد الله ابن الفرس، وأبي القاسم) بن حُبيش، وجماعة. وأخذ العربية عن الأستاذ أبي موسى الجُزولي. وجلس للإقراء والتحديث. ودرّس النحْو واللغات. وحمل الناس عنه. وكان إماماً متواضعاً، بارع الخطّ. حدث بمُرسية والمَرية. ذكره الأبّار.
4 (محمد بن إسحاق بن أبي الحسن محمد بن أبي نصر إسحاق بن عز النعمة أبي الحسن بن)
هلال بن المحسِّن ابن الصابيء. الشيخ الصالح أبو الحسين البغدادي، المَراتبي. سمع من: عبد الله بن منصور ابن المَوْصلي، وغيره. وكان يؤمّ بمسجد أبي إسحاق الشيرازي. وهو من بيت البلاغة، والكتابة، والآداب. ولعز النعمة تاريخ تمّم به تاريخ والده أبي الحسين، وله عدة مصنفات. وكان صاحب ديوان الإنشاء في أيام القائم بأمر الله. وأبوه أبو الحسن كان أديباً، أخبارياً، علاّمة، صائباً فأسلم وحسُن إسلامه.

(44/459)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 460
وهو حفيد إبراهيم بن هلال الصابئ، صاحب الرسائل.
4 (محمد بن إسماعيل بن علي بن أبي الصيف.)
الشيخ أبو عبد الله اليمني، الشافعي، نزيل مكة. تفقه، وأقام بمكة وسمع بها من: أبي نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق، وأبي علي الحسن بن علي البَطَليوسي، وأبي محمد المبارك ابن الطبّاخ، وعبد المنعم ابن الفُراوي، وجماعة. وخرّج أربعين حديثاً عن أربعين شيخاً من أهل أربعين مدينة. وكان يسمع مع عُلوّ سنه. وكان مشهوراً بالدين والعلم والحديث. وحدث، ونفع، وأفاد، رحمه الله. ومات في ذي الحجة. روى عنه: الصدر البَكري، وغيره.
4 (محمد بن الحسين بن جمُعة.)
أبو عبد الله السِّجِستاني، الشافعي العدْل.) سمع من السلفي. وولي الحِسبة بالقاهرة، وأمّ بمسجد البرقية مدة. روى عنه: الزكي المنذري، وغيره. ومات في ذي الحجة.

(44/460)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 461
4 (محمد بن عبد الله بن محمد بن وقّاص.)
المَلَطي، المَيورْقي، حج، وسمع من أبي الطاهر بن عوف الزهري، وبدمشق من الخُشوعي. وحدث عن أبي جعفر عبد الرحمن ابن القصير. وولي خطابة مَيورْقة. وكان فصيحاً، مفوَّهاً، بليغاً، جليلاً. قال الأبّار: توفي قريباً من سنة ثمان عشرة أو فيها.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن عبد السلام.)
أبو عبد الله الغسّاني، الغَرْناطي، الكاتب. مصنِّف شرح كتاب الشهاب. توفي بمُرسية في رمضان.
4 (محمد بن عبد الرحمن بن عيّاش.)
أبو عبد الله الأندلسي، ثم المغربي. كاتب السر للدولة المؤمنية. كان حميد السيرة، حسن الطريقة، بارعاً في الأدب، علاّمة في فن الإنشاء. ينسج على منوال الصابئ، وابن العميد. وله شعر متوسط. أخذ عنه تاج الدين ابن حمُّوَيه، وغيره.
4 (محمد بن عبد السلام بن محمد، ابن الخطيب.)
أبو البركات السنجاري، الفقيه الشافعي. كان له يد في الخلاف. ودرّس بإربلّ. وروى شيئاً من شعره. وولي قضاء مَلَطية إلى أن توفي بها.

(44/461)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 462
وهو من بيت كبير بسنْجار.
4 (محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم بن مفرّج المَلاّحي.)
) الحافظ الكبير الغافقي، الأندلسي، أبو القاسم. والملاّحة: من قُرى غَرناطة. ولد قبل الخمسين وخمسمائة. وكان من كِبار حُفّاظ زمانه. قال الأبّار: سمع من: والده، وأبي الحسن بن كوثر، وأبي خالد بن رفاعة، وعبد الحق بن بونة، وأبي القاسم بن سَمجون، وخلق. وأجاز له أبو عبد الله بن زرقون، وأبو زيد السُّهيلي، وطائفة. ومن المشرق أبو الطاهر بن عوف، وأبو طاهر الخُشوعي. وروى بالإجازة العامة عن السلفي، وأبي مروان بن قزمان. وكتب عن الكبار والصغار، وبالغ عمره في الاستكثار. وكان حافظاً للرواة، عارفاً بأخبارهم. ألّف تاريخاً في علماء إلبيرة، وألّف كتاب أنساب الأمم العرب والعجم، وسماه الشجرة، و الأربعين حديثاً بلغ فيه الغاية من الاحتفال. وشُهد له بحفظ أسماء الرجال فزاد على من تقدمه. وله استدراك على الحافظ ابن عبد البر في الصحابة. وكان مُكثراً عن أبي محمد بن الفرس. أخذ الناس عنه وكان أهلاً لذلك. وتوفي في شعبان، رحمه الله.
4 (محمد بن عبيد الله بن محمد بن علي.)
أبو الفرج الواسطي، المقرئ الوكيل، المعروف بخَنْفر.

(44/462)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 463
ولد بواسط سنة ثمان وأربعين. وقرأ على جماعة القراءات ومنهم: أبو بكر محمد بن خالد الرزّاز البغدادي. وسمع من أبي الحسين عبد الحق، ومَنوجِهر، وغيرهما. وكان مجموع الفضائل. توفي في السابع والعشرين من رجب. وكان وكيلاً بأبواب القضاة.
4 (محمد بن أبي علي بن محمد، ابن الشطرنجي.)
الحريمي، الخبّاز. وحدث عن أبي الوقت. ومات في ربيع الآخر. وقيل: اسم أبيه الحسن. وأما ابن النجار فسمى أباه: المبارك، وقال: سمع أبا الوقت، ومقبل بن أحمد بن الصدر، وعلي بن حسّان العُلبي، كتبت عنه ثم روى عنه حديثاً، عن العلبي، عن) طِراد.
4 (محمد بن محمد بن أحمد بن أبي غالب.)
أبو الحارث الوقاياتي، البابَصري. سمع أبا الوقت. وعنه ابن النجار، وقال: لا بأس به. توفي في خامس رمضان.
4 (المبارك بن محمد بن أبي الغنائم.)
أبو السعادات الحريمي، الناصري، ويُعرف بابن زوتان. حدث عن أبي الفتح بن البطي.
4 (مختص الحبشي.)

(44/463)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 464
سمع من: مولاه قاضي القضاة عبد الواحد بن أحمد الثقفي، وأبي العباس أحمد بن ناقة. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار. وكان ديّناً.
4 (مِسمار بن عمر بن محمد بن عيسى.)
أبو بكر، المعروف بابن العُويس، البغدادي، المقرئ النيّار، نزيل المَوصل ومسندها. ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. وسمع الكثير من: أبوي الفضل الأرمَوي، وابن ناصر، وواثق بن تمام، وسعيد ابن البنّاء، وأبي بكر ابن الزاغوني، وأبي الوقت، وابن ناقة، وغيرهم. وحدث بالكثير ببغداد، والمَوصل. وأقرأ القرآن. قيل: إن اسمه محمد، ولقّبه الوزير ابن هُبيرة بمسمار لأنه كان يراه يسمع وهو جالس ساكن فقال: كأنه مسمار. وكان شيخاً، متديناً، خيّراً، مشهوراً. روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، والضياء، والأمير ركن الدين أحمد بن قراطاي الإربلي، وأبو الفضل عباس بن بَزوان الموصلي، والصالح عبد الكريم بن منصور الأثري، وسيّدة بنت دِرباس، وطائفةٌ. وأجاز لعلي بن عبد الدائم القيِّم، وللعماد ابن سعد، وجماعة.

(44/464)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 465
وتوفي بالمَوصل في ثاني عشر شعبان.
4 (حرف النون)
)
4 (نصر الله بن محمد بن الحسين.)
أبو منصور الكوفي، الحائري، الزيدي، المعروف بابن مدلل. ولد في حدود سنة سبع وعشرين وخمسمائة. وسمع بالكوفة من: أبي الحسن محمد بن غبرة، وابن ناقة، والحسين بن محمد الدواتي. وببغداد من أبي الفتح ابن البطي. وحدث بالكوفة. وهو زيدي النِّحْلة. والحائري: نسبة إلى الموضع الذي فيه مشهد الحسين عليه السلام.
4 (نصر بن عَقيل بن نصر عقيل.)
الفقيه عز الدين أبو القاسم، وأبو المظفّر الإربلّي، الشافعي. ولد بإربل في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة. وتفقه على عمه أبي العباس الخَضِر. ثم أتى بغداد، وأقام بالنظامية مدة. وسمع من أبي الفضل أحمد بن صالح الجيلي، وغيره. ورجع إلى بلده، وولي التدريس بها بالمدرستين اللتين كان عمه يُدرّس بهما بالقلعة والربض. فدرّس، وأفتى مدة. ثم قدم الموصل.

(44/465)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 466
وتوفي في ثالث عشر ربيع الآخر.
4 (نصر بن أبي الفرج محمد بن علي بن أبي الفرج.)
الحافظ المسنِد أبو الفتوح، برهان الدين البغدادي، الحنبلي، المقرئ، المعروف بابن الحُصري، نزيل مكة، وإمام الحطيم. قرأ بالروايات على أبي الكرم المبارك ابن الشهرزوري، وغيره وأقرأ بالروايات وكان إسناده فيها عالياً إلى الغاية. وسمع من: أبي بكر محمد ابن الزاغوني، وأبي الوقت، والشريف أبي طالب محمد بن محمد العلوي، ومحمد بن أحمد التريكي، وأبي محمد محمد بن أحمد ابن المادح، وهبة الله ابن الشبلي، وهبة الله بن هلال الدقّاق، وابن البطي، والشيخ عبد القادر الجيلي، وأبي زُرعة، وأبي بكر بن النَّقُور، وخلقٍ كثير. وعُني بهذا الشأن عناية تامة، وكتب الكثير. وكان يفهم ويدري، مع الثقة والأمانة.) ذكره المنذري فقال: قرأ بالقراءات على أبي الكرم، وأبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، ومسعود بن عبد الواحد ابن الحُصين، وأبي المعالي

(44/466)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 467
أحمد بن علي ابن السمين، وسعد الله ابن الدجاجي، وعلي بن أحمد اليَزْدي، وغيرهم. كذا ذكر ابن النجار: أنه قرأ بالروايات الكثيرة على جماعة كأبي بكر ابن الزاغوني، والشهرزوري، وابن الحُصين، وسعد الله ابن الدجاجي، وعلي بن علي بن نصر، وعلي بن أحمد بن محموية اليَزدي، وغيرهم. واشتغل بالأدب وحصّل منه طرفاً حسناً. وسمع من خلق كثير من البغداديين، والغرباء، ولم يزل يقرأ. ويسمع ويفنّد إلى أن علت سنه. وجاور بمكة زيادة على عشرين سنة. وحدث ببغداد ومكة. وكان كثير العبادة. ولم يزل مقيماً بمكة إلى أن خرج منها إلى اليمن فأدركه أجله بالمهجم في المحرم، وقيل في ربيع الآخر، من هذا العام، وقيل: في ذي القعدة سنة ثمان عشرة والله أعلم. ومولده في رمضان سنة ست وثلاثين وخمسمائة. وقال الدبيثي: كان ذا معرفةٍ بهذا الشأن. خرج إلى مكة سنة ثمانٍ وتسعين فاستوطنها. وأم الحنابلة. قرأت عليه، ونِعم الشيخ كان عبادةً، وثقة. وخرج عن مكة سنة ثمان عشرة، فبلغنا أنه توفي ببلد المهجم في ذي القَعدة من السنة. وقال الضياء: في المحرم من سنة تسع عشرة توفي شيخنا الحافظ الإمام أبو الفتوح إمام الحرم بالمَهجم. قلت: روى عنه الضياء، والبِرزالي، وابن خليل، وأحمد بن عبد الناصر اليمني، والمُفتي سليمان بن خليل العَسقلاني، وتاج الدين علي بن أحمد القَسطلاني، وشهاب الدين القوصي وقال: كان إماماً في القراءات والعربية، وله

(44/467)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 468
عُلوّ إسناد ومحمد بن عبد الله بن مقبل المكي، ورضيّ الدين الحسن بن محمد الصَّغاني اللغوي، ونجيب الدين المقداد القيسي، وآخرون. وذكره ابن نقطة، فقال: أما شيخنا أبو الفتوح، فحافظٌ ثقةٌ، كثير السماع، ضابطٌ، متقِنٌ. ذكروا أن وفاته في ذي القعدة من سنة ثمان عشرة. وقال ابن النجار: كان حافظاً، حجة، نبيلاً، جَمّ العلم، كثير المحفوظ، من أعلام الدين وأئمة المسلمين، كثير العبادة والتهجُّد، والتلاوة، والصيام، رحمه الله. وقال ابن مَسْدي: كان أحد الأئمة الأثبات، مشاراً إليه بالحفظ والإتقان. قصد اليمن، فمات) بالمَهْجم في ربيع الآخر سنة تسع عشرة. وله شعر جيد في الزهديات.
4 (حرف الهاء)

4 (هبة الله بن أبي يَعلى محمد بن المبارك بن سعد الله ابن الجوّاني.)

(44/468)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 469
الشريف أبو الغنائم العَلَوي الحسيني الواسطي. ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وسمع من: عم أبيه صالح بن سعد الله، وعلي بن المبارك بن نَغوبا. وحدث ببغداد وواسط. توفي في جمادى الأولى بواسط، وحُمل إلى الكوفة.
4 (حرف الياء)

4 (يحيى بن زكريا بن علي بن يوسف.)
أبو زكريا الأنصاري، البَلَنسي، المقرئ، المعروف بالجُعيدي. أخذ القراءات عن أبي عبد الله بن حَميد، وأبي عبد الله بن نوح. وسمع من: أبي العطاء بن نذير، وأبي عبد الله بن نَسَع، وجماعة. وتصدّر للإقراء في حياة الشيوخ. قال الأبّار: كان أحد العلماء بحقيقة الأداء مع الصلاح التام، والورع المحض، والخُشوع الصادق. أخذت عنه الكافي لابن شُريح، وسمعه منه بقراءتي جماعة. وسمعت بقراءته كثيراً على ابن نوح، وابن واجب. وكان صاحب والدي. توفي في جمادى الأولى، وله ثمان وأربعون سنة.
4 (يحيى بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد.)
أبو الفَرَج ابن الجَهرَمي، البغدادي، الصوفي. ولد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفضل الأرْموي، ونصر بن نصر العُكبري، وأبي الوقت. روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي.

(44/469)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 470
وهو من بيت حِشمة وتقدم. توفي في ربيع الأول.) وجَهرم: من بلاد فارس.
4 (يوسف بن أحمد بن علي.)
أبو الحجاج الأندلسي، المُربَيْطري. سمع من: أبي القاسم بن حُبيش، وأجاز له أبو الطاهر بن عوف، وجماعة. وكان بارعاً في النحو، واقفاً على كتاب سيبويه. أقرأ الناس العربية. ثم عُني بالطب حتى رأسَ فيه، وخدم به الأمراء، ونال دنياً واسعة. ومات بمرّاكش. قاله الأبّار.
4 (يوسف بن يحيى بن عبد الله بن سليمان بن بقاء.)
أبو الحجّاج اللخمي، مقرئ غَرناطة، الأندلسي، العطّار، المقرئ الأستاذ. أخذ القراءات عن أبي خالد بن رِفاعة، وأبي الحسن بن كوثر. وسمع من عبد المنعم بن محمد، وابن حَميد، وجماعة. وذكر: أن ابن هُذيل أجاز له. قال ابن مَسدي، قرأت عليه بالروايات، وكان فيه بعض تجوُّز في الرواية. مات في صفر عن أربع وستين سنة. وقال ابن الزبير: سمى في شيوخه داود ين يزيد، وابن هُذيل، فتُكُلِّم فيه من أجلهما.

(44/470)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 471
وقال ابن الملاّحي: جلس للإقراء بموضع شيخه ابن عروس. قال: وكان يزعم أنه قرأ على داود وابن هُذيل. ولا يصحّ ذلك بوجه.
4 (يونس بن يوسف بن مساعد الشيباني، المخارقي، المشرقي، القنبي.)
والقنيّه: قرية من أعمال دارا من نواحي مارْدين. هذا شيخ الطائفة اليونُسية. أولي الزعارة والشطارة والشطح، وقلة العقل، أبعد الله شرّهم. كان شيخاً زاهداً، كبير الشأن، له الأحوال، والمقامات، والكشف. قال القاضي ابن خُلكان: سألت رجلاً من أصحاب الشيخ يونس: من كان شيخ الشيخ قال: لم يكن له شيخ بل كان مَجذوباً. قال القاضي: ويذكرون له كرامات: فأخبرني الشيخ محمد بن أحمد بن عُبيد، وكان قد رأى الشيخ يونس، وذكر أن والده أحمد من أصحابه، قال: كنا مسافرين ومعنا الشيخ يونس، فنزلنا في الطريق بين سِنجار وعانة، وكانت الطريق مخوفة فلم يقدر أحد منا ينام من الخوف، ونام) الشيخ، فلما انتبه. قلت: كيف

(44/471)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 472
قدرت تنام قال: والله ما نمت حتى جاء إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه السّلام وتدرك القُفل وقال: عزمتُ مرة على دخول نصيبين، فقال لي الشيخ: اشتري معك لأم مساعد كَفَناً وكانت في عافية وهي أم ولده فقلت: ما لها قال: ما يضرّ. فذكر أنه لما عاد وجدها قد ماتت قال: وأنشدني له:
(أنا حميت الحمى وأنا سكنتو فيه .......... وأنا رميتُ الخلايق في بحار التّيه)

(من كان يبغي العطا مني أنا أعطيه .......... أنا فتى ما أداني من به تشبيه)
قلت: وسمعت ابن تيمية ينشد ليونس:
(موسى على الطور لما خرّ لي ناجى .......... واليثربي أنا جبتوه حتى جا)
فقلت: هذا يحتمل أن يكون أنشده على لسان الربوبية، ويحتمل أن يكون وُضع على الشيخ يونس، فإن هذا البيت ظاهره شطح واتحاد. وفي الجملة لم يكن الشيخ يونس من أولي العلم، بل من أولي الحال والكشف، وكان عَرِياً من الفضيلة، وله أبيات منكَرة، كقوله:
(موسى على الطور لما خرّ لي ناجى .......... واليثربي أنا جبتوه حتى جا)
وكان شيخنا ابن تيمية يتوقف في أمره أولاً، ثم أطلق لسانه فيه وفي غيره من الكبار. والشأن في ثبوت ما يُنقَل عن الرجل، والله المطَّلع. وأما اليونسية: فهم شر الطوائف الفقراء، ولهم أعمال تدل على الاستهتار والانحلال قالاً وفعالاً، أستحي من الله ومن الناس من التفوّه بها، فنسأل الله المغفرة والتوفيق.

(44/472)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 473
وذاك البيت وأمثاله يُحتمل أن يكون قد نظمه على لسان الربوبية كما قُلنا فإنْ كان عنَى ذلك فالأمر قريب. وإنْ كان عنَى نفسه فهذه زندقة عظيمةٌ. نسأل الله العفو، فلا يغترّ المسلم بكشفٍ ولا بِحال فقد تواتر الكشف والبُرهان للكهان وللرهبان، وذلك من إلهام الشيطان. أما حال أولياء الله وكراماتهم فحق. وإخبار ابن صائد بالمغَيَّبات حال شيطاني. وفد سأله النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من يأتيك يعني: من الجن، فقال: صادق وكاذب. قال: خُلِّط عليك الأمر. ولما أضمر له النبي صلى الله عليه وسلم وخبّأ له في نفسه، ثم قال: ما هو قال: الدُّخّ. قال له النبي عليه السّلام:: اخسأ فلن تعدو قدرك. فهذا حاله دجّالي، وعمر بن) الخطّاب، والعلاء بن الحضْرمي، ونحوهما حالهم رحماني ملكي. وكثيرٌ من المشايخ يُتوقَّف في أمرهم، فلم يتبرهن لنا من أي القسمين حالهم والله أعلم ومنه الهدى والتوفيق.
4 (الكنى)

4 (أبو بكر بن أحمد بن شكر.)
القاضي جلال الدين ابن القاضي كمال الدين، المَصْري الشافعي. توفي في شوال.
4 (وفيها ولد)
المجد عبد الوهاب بن أبي الفتح بن سَحنون الطبيب، خطيب النَّيرب.

(44/473)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 474
والشهاب محمد بن أبي العز بن مشرّف. والبدر محمد بن سليمان بن معالي المغربي. والملك المنصور محمود ابن السلطان الملك الصالح إسماعيل ابن العادل. وعلاء الدين علي بن عبد الغني ابن الفخر ابن تيمية. والحاجّ أحمد بن إبراهيم بن نصر الرقوقي. والجلال عبد المنعم بن أبي بكر، قاضي القدس. والنور محمد بن عبد العزيز الأسْعَرِدي، الشاعر. والجمال عبد الصمد ابن الخطيب عماد الدين عبد الكريم ابن الحَرَستاني. والشيخ أحمد بن عبد الرحمن الشَّهرزوري، الناسخ، نزيل القاهرة. وعبد المعطي بن الباشق، بالإسكندرية. وشُهْدة بنت الصاحب كمال الدين، يوم عاشوراء

(44/474)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 475
4 (وفيات سنة عشرين وستمائة)

4 (حرف الألف)

4 (أحمد بن ظفر ابن الوزير عون الدين يحيى بن محمد بن هُبيرة.)
أبو الفتح، صاحب باب النوبي. كان أديباً، فاضلاً، رئيساً.) سمع من: أبي الوقت، وابن ناصر، وغيرهما. وله شعر جيد. روى عنه: الدبيثي، وغيره. ومات في المحرم.
4 (إبراهيم بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن خِيرة.)
أبو إسحاق البَلَنسي. قال الأبّار: رحل مع أخيه أبي الحسن، فحجّا، وسمعا من: أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحَضْرمي، وغيره. وأخذتُ عنه. وكان شاهداً، معدَّلاً. توفي في المحرم، رحمه الله.
4 (إسماعيل بن محمد بن خمارتِكين.)

(44/475)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 476
أبو الفتح البغدادي، الضرير. روى عن: أبي الوقت السجزي، ووالده. وكان خمارتكين مولى العلاّمة أبي زكريا التبريزي. مات في ربيع الأول. وولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
4 (أكْمل بن أبي الأزهر بن أبي دُلْف.)
الشريف أبو محمد العلوي، الحسني، البغدادي، الكَرْخي. ولد قُبيل الأربعين وخمسمائة. وسمع من: سعيد ابن البنّاء فقط. روى عنه: الدبيثي، وابن النجار، وجماعة، آخرهم شيخنا أبو المعالي الأبَرقوهي. ومات في سادس رجب، ودُفن بمقابر قريش. وقع لي من طريقه: البعث لابن أبي داود. قال ابن النجار: لم يكن ممن يُفرَح به.
4 (أنس بن عبد العزيز بن عبد الله.)
أبو القاسم التَّفْليسي، المغازلي، الصوفي، المعمَّر، وهو مشهود بكُنيته. سمع من هبة الله ابن الشِّبلي كتاب الذكر لابن أبي الدنيا. وسمع من أبي زرعة مسند الشافعي، وسمع من ابن البَطر. قال ابن النجار في تراجم مشايخ ابن المنذري: كان من عِباد الله الصالحين الوَرِعين. مات في) ربيع الأول، وقد قارب المائة. وروى عنه في تاريخه وقال: صحِب الشيخ أبا النجيب السُّهرَوَرَدي.

(44/476)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 477
4 (حرف الباء)

4 (بَيْروم بن علي بن نُشتِكين الحَنَفي، الدمشقي.)
روى عن: الصائن هبة الله بن عساكر.
4 (حرف الجيم)

4 (جعفر بن علي الجَوهري.)
نزيل دمشق، يُعرف بابن الكباية. سمع أحمد بن المبارك المُرقّعاتي وعنه ابن النجار، وقال: مات في جمادى الأولى.
4 (حرف الحاء)

4 (الحسن بن زُهرة بن الحسن بن زُهرة بن علي بن محمد.)
من أولاد إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، الشريف الحسيب أبو علي الحسيني، الإسحاقي، الحلبي، الشيعي. نقيب مدينة حلب، ورئيسها، ووجهها، وعالمها، ورأس الشيعة وجاههم، ووالد النقيب السيد أبي الحسن علي ولد له علي هذا سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وولي النقابة في الأيام الظاهرية بحلب بعد سنة ستمائة. وكان أبو علي عارفاً بالقراءات، وفقه الشيعة، والحديث والآداب، والتواريخ. وله النظم والنثر. وكان صدراً محتشماً، وافر العقل، حسن الخلق والخلُق، وفصيحاً، مفوّهاً، صاحب ديانة وتعبد. ولي كتابة الإنشاء للملك الظاهر

(44/477)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 478
غازي، ثم أنف من ذلك واستعفى، وأقبل على الاشتغال والتلاوة. ثم نُفّذ رسولاً إلى العراق، ومرة إلى سلطان الروم، ومرة إلى صاحب إربلّ. فلما توفي الظاهر طلب لوزارة ولده العزيز، فاستعفى. وحج في سنة تسع عشرة، ولقيته هدايا الملوك فنفّذ إليه الملك الأشرف موسى من الرقّة خِلعة له ولأولاده ودوّابّ، وأربعة آلاف درهم، ونفّذ إليه صاحب آمد هدية، وصاحب ماردين، وتلقاه صاحب الموصل لؤلؤ بنفسه، وحمل إليه الإقامات، وخلع عليه وعلى أولاده، واحتُرم في بغداد وتُلُقّي. ولما رجع من الحج مرض وتمادت به العلة، ثم لحقه ذَربٌ، ومات.) قال ابن أبي طي: فُجع بموته الصديق والعدو، والقريب والبعيد، وكان للناس به وبجاهه نفع عظيم. وكان كما قال الشاعر:
(وما كان قيس هلك واحدٍ .......... ولكنّه بنيان قومٍ تهدّما)
وغُلق البلد، وشيّعه الناس على طبقاتهم. ومات سنة عشرين وستمائة. وقد سمع من: أبي علي محمد بن أسعد الجوّاني النقيب، والافتخار أبي هاشم الهاشمي. وتفنّن في علوم شتىً. وله ولد آخر اسمه أبو المحاسن عبد الرحمن. توفي بعد مجيئه من الحج من جمادى الأولى، ودُفن بجبل جَوشن.
4 (الحسن بن أبي الفتح.)
الأديب أبو محمد الواسطي. سمع ابن شاتيل، وتأدب بابن العصّار. وطلب الحديث وقتاً وشارك في العلوم.

(44/478)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 479
روى عنه ابن النجار ما بين الحرمين.
4 (الحسين بن أبي الفخر يحيى بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي الردّاد.)
أبو عبد الله المصري، ويُسمّى أيضاً محمداً. ولد سنة أربعين. وسمع من عبد الله بن رفاعة. روى عنه: الحافظ عبد العظيم، والمصريون، والفخْر علي. وكان رجلاً صالحاً. أقعِد بأخَرَةٍ، ولزم بيته. وحدث، وأملى وكان كاتباً فقيهاً. بصري الأصل، جاوز الثمانين. وتوفي في ذي القَعدة. وآخر من حدث عنه عبد الرحيم ابن الدميري.
4 (حرف الراء)

4 (رابعة بنت أحمد بن محمد بن قُدامة.)
أم الحافظ عز الدين محمد بن عبد الغني. توفيت بعد أخيها الشيخ موفَّق الدين بشهر، وكانت أصغر منه بثلاث سنين توفيت في ذي) القعدة.

(44/479)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 480
وقد روى عنها: الشيخ الضياء، والشيخ شمس الدين، والشيخ الفخر. روت بالإجازة من: ابن البطي، وأحمد بن المُقرّب. قال الضياء: كانت خيِّرة، حافظة لكتاب الله، ما تكاد تنام الليل إلا قليلاً، صائمة الدهر رضي الله عنها.
4 (رَوْح بن أحمد.)
أبو زُرعة الجُذامي القرطبي. أخذ عن أبي القاسم ابن الشرّاط القراءات والعربية. وسمع من ابن بُشْكُوال كتاب الموطأ. وكان فاضلاً، كبيراً، عَدْلاً.
4 (حرف السين)

4 (سالم بن صالح.)
أبو عمرو الهمذاني، المالقي. عن: أبي بكر الجد، والسهيلي، وطبقتهما. وكان محدّثاً، صالحاً، له شعر جيد.

(44/480)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 481
مات في رمضان.
4 (سعيد بن عبد العزيز، العَقْري البَصري.)
شيخ صالح، سمع من: عبد الله بن عمر بن سَليخ البَصري. والعَقْر: قرية من نواحي بغداد هو منها، لا من عَقْر المَوْصل. توفي في ذي القَعدة.
4 (سُنقُر الحلبي.)
الأمير مبارز الدين الصلاحي. من كبار الدولة بحلب. كريم، شجاع. له مواقف مشهودة مع صلاح الدين وغيره. توفي بدمشق، وورثه ابنه الأمير ظهير الدين غازي.
4 (حرف الشين)

4 (شَيبان بن تغلِب بن حيدرة بن سيف بن طراد بن عقيل بن وثّاب بن شَيبان.)

(44/481)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 482
أبو محمد الشيباني، المقدسي، ثم الصالحي المؤدِّب الحنبلي.) ولد بدمشق سنة أربع وخمسين تقريباً. وسمع من: يحيى الثقفي، وأبي المعالي بن صابر، والخَضِر بن طاووس، والبانياسي. وكان كثير التلاوة، فيه دين، وخير. وله شعر جيد. روى عنه: البِرزالي، وعمر ابن الحاجب، والضياء وقال: ولد تقديراً سنة ثلاث وستين. قلت: ولقبه نجم الدين. وهو والد المسند أحمد بن شيبان. فمن شعره:
(أحببت ظبياً حسناً .......... شرّد عني الوَسَنا)

(خلّوا إذا مر بما.. .......... شيك يُحاجي الغُصُنا)

(مرمر عيش عاشق .......... به المعنَّى أفتتنا)

(دموعه منهالةٌ .......... وجسمه حِلف ضَنا)
توفي في ثامن رجب.
4 (حرف الصاد)

4 (صالح بن القاسم بن يوسف بن علي.)
أبو حامد البغدادي، النسّاج، المؤذّن، القزّاز، المعروف بابن كوِّر. شيخ صالح من أهل الحربية. روى عن سعيد ابن البنّاء وحده، وسماعه صحيح. روى عنه: الدبيثي، والبِرزالي، وذاكر الأبَرقوهي وأخوه أبو المعالي. وتوفي في السادس والعشرين من شوّال. أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا صالح بن كَوِّر وهو لقب أبيه أخبرنا

(44/482)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 483
سعيد بن أحمد، أخبرنا محمد بن علي الدقّاق، أخبرنا ابن رِزقويه، حدثنا مكرم بن أحمد، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى على جنازة فله قيراط، ومن تبعها حتى يُقضى قضاؤها فله قيراطان، أحدهما أو قال أصغرهما مثل أحُد. رواه الدبيثي في تاريخه عن صالح، فوقع موافقة بعُلُوّ.
4 (حرف الضاد)
)
4 (الضياء بن الزرّاد الدمشقي.)
القارئ بالألحان وبالقراءات. قال أبو المظفر سِبط الجوزي: اجتمعت به بخِلاط، وكان يتردّد إلينا، ويقرأ طيّباً، ثم داخل الدولة جاءني يوماً يبكي، فقال: البارحة حضرت عند الأشرف، وناولني قدحاً. فامتنعت، وهو ساكت ينظر، فما زالوا بي حتى شربته، فعضّ الأشرف على إصبعه وقال: والَكْ فعلتهَا حطّيت الخمر على مائة وأربعة عشر سورة والله لو خُيّرت أن أحفظ القرآن كما تحفظه، وأدع مُلكي، لاخترت حفظ القرآن. ثم نزلت حُرمته فكان يدور البلاد على أصحاب القِلاع لرسوم له عليهم. فخرج من حرّان ومعه ثلاثة غِلمان مُرد، فنام في وادٍ، فقتلوه، وأخذوا ما معه، فظفر بهم الحاجب علي فقتلهم به.
4 (حرف العين)

4 (عبد الله بن أحمد بن محمد بن قُدامة بن مِقدام بن نصر.)

(44/483)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 484
شيخ الإسلام، موفّق الدين، أبو محمد المقدسي، الجمّاعيلي، ثم الدمشقي، الصالحي، الحنبلي، صاحب التصانيف. ولد بقرية جمّاعيل في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وهاجَر فيمن هاجر مع أبيه وأخيه، وله عشر سنين. وحفظ القرآن، واشتغل في صِغره، وسمع من أبيه سنة نيّف وخمسين. وارتحل إلى بغداد في أوائل سنة إحدى وستين في صُحبة ابن خالته الحافظ عبد الغني، فأدركا من حياة الشيخ عبد القادر خمسين يوماً، فنزلا في مدرسته، وشرعا يقرآن عليه في مختصر الخِرَقي وسمع منه ومن: هبة الله بن هِلال الدقّاق، وأبي الفتح ابن البطي، وأبي زُرعة المقدسي، واحمد بن المقرَّب، وأحمد بن محمد الرحبي، وأحمد بن عبد الغني الباجِسْراني، وأبي المناقب حيدرة بن عمر العلَوي، وخديجة النهروانية، وشُهدة الكاتبة، ونفيسة البزّازة، وسعد الله ابن الدجاجي، وعبد الله بن منصور المَوصلي، وأبي بكر بن النَّقور، وأبي محمد ابن الخشّاب، وعلي بن عبد الرحمن ابن تاج القُرّاء، ومَعْمر بن الفاخر، وعبد الواحد بن الحسين البارزي، وعمر بن بُنَيمان الدلاّل، ومحمد بن محمد بن السكن، والمبارك بن محمد الباذرائي، وأبي شجاع محمد بن الحسين المادرائي، المبارك بن المبارك السمسار، وأبي طالب المبارك بن خُضير، وأبي حنيفة محمد بن عبيد الله الخطيبي، وهبة الله) ابن

(44/484)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 485
المحدث عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبيد الله الخطيبي، وهبة الله ابن المحدث عبد الله بن أحمد ابن السمرقندي، ويحيى بن ثابت البقّال، وغيرهم. تفقه على أبي الفتح بن المنّي وقرأ عليه بقراءة أبي عَمرو، وقرأ على أبي الحسن البطائحي بقراءة نافع. وسمع بدمشق من: أبي المكارم عبد الواحد بن هِلال، وأبي تميم سلمان بن علي الرحبي، وأبي المعالي بن صابر، وطائفة. وبالمَوْصل من أبي الفضل الطوسي الخطيب. وبمكة من المبارك بن علي ابن الطبّاخ. روى عنه: البهاء عبد الرحمن، وابن نُقطة، والجمال أبو موسى، والضياء، وابن خليل، والبِرزالي، والمنذري، والجمال ابن الصيرفي، والشهاب أبو شامة، والمحب ابن النجار، والزين بن عبد الدائم، وشمس الدين بن أبي عمر، والعز إبراهيم بن عبد الله بن أبي عُمر، والفخر علي، والتقي ابن الواسطي، والشمس ابن الكمال، والتاج عبد الخالق، والعِماد عبد الحافظ بن بدران، والعز إسماعيل ابن الفُرّاء، والعز أحمد ابن العماد، وأبو الفهْم السلمي، ويوسف الغسولي، وإبراهيم ابن الفرّاء، وزينب بنت الواسطي، وخلقٌ كثيرٌ آخرهم موتاً التقي بن مؤمن، حضر عليه قطعةً من الموطأ. وكان إماماً، حجة، مفتياً، مصنِّفاً، متفنناّ، متبحّراً من العلوم، كبير القدر. أخبرنا عبد الحافظ بقراءتي، أخبرنا أبو محمد بن قُدامة، أخبرنا عبد الواحد بن الحسين، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة، أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسين بن المنذر، حدثنا عمر بن دينار إملاءً، حدثنا أبو يزيد يوسف بن يزيد بن كامل، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا عثمان بن مكتل، وأنس بن عِياض، قالا: حدثنا الحارث بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن مولى أبي هُريرة، عن أبي هُريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها.

(44/485)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 486
قال ابن النجار كان يعني الشيخ موفق الدين: إمام الحنابلة بالجامع. وقد سمع منه ببغداد رفيقه عبد العزيز بن طاهر الخيّاط سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة. وكان ثقة، حجة، نبيلاً، غزير الفضل، نزهاً، ورعاً، عابداً، على قانون السلف، على وجهه النور والوقار، ينتفع الرجل برؤيته قبل أن يسمع كلامه.) وقال فيه عمر ابن الحاجب: هو إمام الأئمة، ومفتي الأمة، خصه الله بالفَضل الوافر، والخاطر الماطر، والعلم الكامل، طنّت بذكره الأمصار، وضنّت بمثله الأعصار. قد أخذ بمجامع الحقائق النقلية والعقلية فأما الحديث فهو سابق فرسانه، وأما الفقه فهو فارس ميدانه أعرف الناس بالفُتيا، وله المؤلفات الغزيرة، وما أظن الزمان يسمح بمثله، متواضع عند الخاصة والعامة، حسن الاعتقاد، ذو أناة، وحِلم، ووقار. وكان مجلسه عامراً بالفقهاء، والمحدّثين، وأهل الخير. وصار في آخر عمره يقصده كل أحد. وكان كثير العبادة، دائم التهجّد، لم نر مثله، ولم يرَ مثل نفسه. وقال الضياء في سيرته: كان تام القامة، أبيض، مشرق الوجه، أدعج العينين. كأن النور يخرج من وجهه لحُسنه، واسع الجبين، طويل اللحية، قائم الأنف، مقرون الحاجبين، صغير الرأس، لطيف اليدين والقدمين، نحيف الجسم، متّعه الله بحواسّه حتى توفي. رحل هو والحافظ عبد الغني، فأقاما ببغداد نحواً من أربع سنين، ثم رجعا وقد حصلا الفقه والحديث والخلاف، أقاما خمسين ليلة عند الشيخ عبد القادر ومات. ثم أقاما عند أبي الفرج ابن الجوزي، ثم انتقلا إلى رباط الشيخ محمود النعّال، واشتغلا على ابن المنّي. ثم سافر هو ثانية إلى بغداد سنة سبع وستين، هو والشيخ العماد، فأقاما سنة. وكان لحقهما عبيد الله أخوه، وعبد الملك بن عثمان، فضيّقا عليهما، لكونهما حَدَثين، فرجع بهما إلى دمشق.

(44/486)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 487
ثم حج سنة ثلاث وسبعين ووالدي وعمرو بن عبد الله، وردّوا على درب العراق. ذكر تصانيفه: البرهان في القرآن جزءان، مسألة العُلوّ جزءان، الاعتقاد جزء، ذم التأويل جزء، كتاب القّدّر جزءان، كتاب فضائل الصحابة جزءان، كتاب المتحابّين جزءان، جزء فضل عاشوراء جزء، فضائل العشر، ذم الوسواس جزء، مشيخته جزء ضخم، وغير ذلك من الأجزاء. وصنّف: المغني في الفقه في عشر مجلّدات كبار، و الكافي في أربعة مجلّدات، و المُقنِع مجلد، و العُمدة مجلد لطيف، و التوابين مجلد صغير، و الرقة مجلد صغير، مختصر الهداية مجلد صغير، التبيّيين في نسب القرشيين مجلد صغر، الاستبصار في نسب الأنصار مجلد، كتاب في الغريب مجلد صغير، كتاب الروضة في أصول الفقه مجلد، كتاب مختصر العِلل للخلاّل، مجلد ضخم.) قال الضياء: رأيت الإمام أحمد بن حنبل في النوم، وألقى عليّ مسألة في الفقه، فقلت: هذه في الخِرَقي فقال: ما قصّر صاحبكم الموفق في شرح الخِرَقي. قال الضياء: وكان رحمه الله إماماً في القرآن وتفسيره، إماماً في علم الحديث مُشكلاته، إماماً في الفقه بل أوحد زمانه فيه، إماماً في علم الخِلاف، أوحد زمانه في الفرائض، إماماً في أصول الفقه، إماماً في النحو، إماماً في الحساب، إماماً في النجوم السيارة، والمنازل.

(44/487)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 488
وسمعت الوجيه داود بن صالح المقرئ بمصر قال: كنت أتردّد إلى الشيخ أبي الفتح بن المنّي، فسمعته يقول وعنده الإمام موفق الدين إذا خرج هذا الفتى من بغداد، احتاجت إليه. وسمعت البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم يقول: كان شيخنا أبو الفتح بن المنّي يقول للشيخ الموفق: اسكن هنا فإن بغداد مفتقرة إليك، وأنت تخرج من بغداد، ولا تخلف فيها مثلك. وكان الموفق يقول: إن لي أولاداً ولا يمكنني المُقام. وكان شيخنا العماد يعظّم الشيخ الموفق تعظيماً كبيراً، ويدعو له، ويقعد بين يديه كما يقعد المتعلم من العالم. وسمعت الإمام أبا عبد الله محمد بن محمود الإصبهاني يقول: ما رأى أحدٌ في زمانه مثل الشيخ الموفق. وسمعت الإمام المفتى أبا عبيد الله عثمان بن عبد الرحمن الشافعي يقول عن شيخنا موفق الدين: ما رأيت مثله، كان مؤيداً في فتاويه. شاهدت بخطّ شيخنا العماد إبراهيم بن عبد الواحد: وقفت على وَصية شيخنا وسيدنا الإمام العالم الأوحد الصدر شيخ الإسلام موفق الدين، الذي شهد بفضله وعلمه المؤالف والمخالف، الناصر السنّة المحمدية، والسالك الطريقة النبوية الأحمدية، القامع البِدعة المُردية الردية. وسمعت الإمام المفتي شيخنا أبا بكر محمد بن معالي بن غَنيمة ببغداد يقول: ما أعرف أحداً في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلا الموفق. وسمعت الإمام الحافظ الزاهد، أبا عبد الله اليونيني يقول وكتبه لي

(44/488)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 489
قال: أما ما علمته من أحوال شيخنا وسيدنا موفق الدين، فإنني إلى الآن، ما أعتقد أن شخصاً ممن رأيته، حصل له من الكمال في العلوم والصفات الحميدة التي يحصل بها الكمال، سواه، فإنه رحمه الله كان كاملاً في صورته ومعناه، من حيث الحسن والإحسان، والحلم والسؤدد، والعلوم المختلفة،) والأخلاق الجميلة، والأمور التي ما رأيتها كملت في غيره. وقد رأيت من كرم أخلاقه، وحُسن عشرته، ووفور حلمه، وكثرة علمه، وغزير فطنته، وكمال مروءته، وكثرة حَيائه، ودوام بِشره، وعزوف نفسه عن الدنيا وأهلها، والمناصب وأربابها، ما قد عَجَزَ عنه كبار الأولياء فإن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: ما أنعم الله على عبد نعمةً أفضل من أن يُلهمه ذِكره، فقد ثبت بهذا أن إلهام الذكر أفضل من الكرامات، وأفضل الذكْر ما يتعدى نفعه إلى العباد، وهو تعليم العلم والسنّة، وأعظم من ذلك وأحسن ما كان جِبِلّة وطبعاً، كالحلم والكرم والعقل والحياء. وكان الله قد جَبله على خُلُق شريف، وأفرغ عليه المكارم إفراغاً، وأسبغ عليه النعم، ولطف به في كل حال. قال الضياء: وكان لا يكاد يناظر أحداً، إلا وهو يتبسّم. فسمعت بعض الناس يقول: هذا الشيخ يقتل خصمه بتبسّمه. وسمعت الفقيه أحمد بن فهْد العَلثي يقول: ناظر الموفّق لابن فَضلان يعني: يحيى بن محمد الشافعي، فقطعه الموفق. قلت: وكان ابن فضلان يُضرب به المثل في المناظرة. وأقام الموفَّق مدة يعمل حلقة يوم الجمعة بجامع دمشق، يناظر فيها بعد الصلاة، ويجتمع، إليها أصحابنا، وغيرهم، ثم ترك ذلك في آخر عمره. وكان يَشتغل عليه الناس من بُكرة إلى ارتفاع النهار، ثم يُقرأ عليه بعد الظهر إما الحديث وإما من تصانيفه، إلى المغرب. وربما قُرِئ عليه بعد المغرب، وهو يتعشّى. وكان لا يُرى لأحد ضَجراً،

(44/489)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 490
وربما تضرّر في نفسه ولا يقول لأحد شيئاً فحدّثني ولده أبو المجد، قال: جاء إلى والدي يوماً جماعة يقرأون عليه، فطوّلوا، ومن عادته أن لا يقول لأحد شيئاً، فجاء هذا القِطّ الذي لنا، فأخذ القلم الذي يُصلحون به بفمه، فكسرَه، فتعجّبوا من ذلك وقالوا: لعلّنا أطلْنا، وقاموا. واشتغل الناس عليه مدة ب الخِرَقي و الهداية ثم ب مختصر الهداية الذي جمعه، ثم بعد ذلك، اشتغل عليه الخَلْق بتصانيفه: المُقنِع و الكافي و العُمدة. وكان يقرأ عليه النحو، ويشرحه ولم يترك الأشغال إلا من عُذْر، وانتفع به غير واحد من البلدان، ورحلوا إليه. وكان لا يكاد يراه أحد إلا أحبه، حتى كان كثير من المخالفين يحبونه، ويصلّون خلفه ويمدحونه) مدحاً كثيراً. وكنت أعرف في عهد أولاده أنهم يتخاصمون عنده، ويتضاربون وهو لا يتكلم، وكنا نقرأ عليه، ويحضر مَنْ لا يفهم، فربما اعترض ذلك الرجل بما لا يكون في ذلك المعنى، فنغتاظ نحن يقول: ليس هذا من هذا، وجرى ذلك غير مرة، فما أعلم أنه قال له قط شيئاً، ولا أوجع قلبه. وكانت له جارية تؤذيه بخُلُقها فما كان يقول لها شيئاً، وكذلك غيرها من نسائه. وسمعت البهاء عبد الرحمن يقول: لم أر فيمن خالطت أجمل منه، ولا أكثر احتمالاً. وكان متواضعاً، يقعد إليه المساكين، ويسمع كلامهم، ويقضي حوائجهم، ويعطيهم. وكان حسَنَ الأخلاق، لا نكاد نراه إلا متبسماً، يحكي الحكايات لجُلَسائه، ويخدمهم، ويمزح، ولا يقول إلا حقاً. وسمعت البهاء عبد الرحمن يقول: قد صحِبناه، في الغزاة، فكان يمازحنا، وينبسط معنا، يقصد بذاك طيب قلوبنا، فما رأيت أكرم منه، ولا أحسن صُحبة.

(44/490)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 491
وكان عندنا صِبيان يشتغلون عليه من حوران، وكانوا يلعبون بعض الأوقات إذا خلوا، فشكى بعض الجماعة إلى الشيخ أبي عمر. فقال: أخرجوهم من عندنا، ثم قال: هؤلاء أصحاب الموفق، فاذكروهم له، فقالوا له، فقال: وهل يصنعون إلا أنهم يلعبون هم صبيان لا بد لهم من اللعب إذا اجتمعوا، وإنكم كنتم مثلهم. وكان بعض الأوقات يرانا نلعب فلا ينكر علينا. ولقد شاورته في أشياء متعددة، فيشير عليّ بشيء، فأراه بعد كما قال. وكم قد جرى على أصحابنا من غمّ وضيق صدر من جهة السلاطين واختلافهم، فإذا وصل الكلام إليه أشار بالرأي السديد الذي يراه، فيكون في رأيه اليُمن والبركة. وكان أخوه الشيخ أبو عمر مع كونه الأكبر، لا يكاد يعمل أمراً حتى يشاوره. سمعت الإمام الزاهد أبا عبد الله محمد بن أبي الحسين اليونيني، قال: كنت بعض الأوقات ألازم القراءة وبعضها أتركها، فقال لي الموفق: يا فُلان، في صورة من يأتيك إبليس قلت: في صورة أويس القَرَني، قال: ما يقول لك قلت: يقول لي: ما أحب أن أكون محدّثاً ولا مفتياً ولا قاصّاً، في نفسي شغل عن الناس، فقال: والله مليح ما يقوله لك، أفيقول لك: هذه ليلة السجود فتسجد إلى الصباح، هذه ليلة البكاء فتبكي إلى الصباح قلت: لا. قال: هذا مقصوده أنك تُبطل العلم وتفوتك فضيلته، وما يحصل لك فعل أويس. فيعد ذلك، ما جاءني إبليس في هذا المعنى.) قال الضياء: وكان لا ينافس أهل الدنيا، ولا يكاد أحد يسمعه يشكو، وربما كان أكثر حاجة من غيره. وكان إذا حصل عنده شيءٌ من الدنيا فرّقه ولم يتركه. وسمعت البهاء عبد الرحمن يقول: كان فيه من الشجاعة، كان يتقدّم إلى العدوّ، ولقد أصابه على القُدس جُرح في كفه، ولقد رأيت أنا منه على قلعة

(44/491)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 492
صَفَد، وكنا نُرامي الكفّار، فكان هو يجعل النشابة في القوس، ويرى الكافر أنه يرميه فيتَتَرسُ منه، يفعل ذلك غير مرّة، ولا يرمي حتى تمكنه فرصة، ولما مات ابنه أبو الفضل محمد بهمذان، جاءه خبره، فحدّثني بعض منْ حضره أنه استرجع، وقام يصلّي. قلت: كان فاضلاً، مشتغلاً، عاش نيّفاً وعشرين سنة. قال: ولما مات ابنه أبو المجد عيسى، وكنا عنده، صَبَر، واحتسب. وسمعت عنه أنه كان لا يطلب من أهل بيته أن يغسلوا ثيابه، ولا يطبخوا، ولا يكلّفهم شيئاً، بل هو عندهم مثل الضيف، إن جاءوا بشيء أكل، وإلا سكت. وكان يُصلي صلاة حسنة بخشوع، وحسن ركوع، وسجود، ولا يكاد يصلي سُنّة الفجر والمغرب والعشاء، إلا في بيته، اتّباعاً للسُنّة. وكان يصلي كل ليلة بين العشاءين رَكعتين ب الم تنزيل السجدة، و تبارك الذي بيده المُلك وركعتين ب ياسين و الدُّخان، لا يكاد يخلّ بهنّ. وكان يقوم بالليل سَحَراً يقرأ بالسُّبع، وربما رفع صوته بالقراءة، وكان حسن الصوت، رحمة الله عليه. سمعت الحافظ الزاهد أبا عبد الله اليونيني، قال: لما كنت أسمع شناعة الخلْق على الحنابلة بالتشبيه، عزمت على سؤال الشيخ الموفق عن هذه المسألة، وهل هي مجرّد شناعة عليهم أو قال بها بعضهم. أو هي مقالة لا تظهر من علمائهم إلا إلى من يوثق به وبقيت مدة شهور أريد أن أسأله، فما يتّفق لي خلوّ المكان، إلى أن سهّل الله مرة بخلوّ الطريق لي، وصعِدت معه إلى الجبل، فلما كنا عند الدرب المقابل لدار ابن محارب، وما اطّلع على ضميري سوى الله عز وجل، فقلت له: يا سيدي. فالتفت إليّ، وأنا خلفه، فقال لي: التشبيه مستحيل. وما نطقت أنا له بأكثر من قولي: يا سيدي. فلما قال ذلك تجلّدت، وقد أخبر بما أريد أن أسأله عنه، وكشف الله له الأمر، فقلت له: لِمَ قال: لأن من شرط

(44/492)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 493
التشبيه أن نرى الشيء، ثم نشبّهه، من الذي رأى الله، ثم شبّهه لنا) وسمعت أبا عبد الله بن عمر بن محمد بن جعفر المقرئ يقول: جئت إلى الشيخ الموفق، وعنده جماعة، فسلمت، فردّ عليّ ردّاً ضعيفاً، فقعدت ساعة، فلما قام الجماعة، قال لي: اذهب فاغتسل. فبقيت متفكّراً، ثم قال لي: اذهب فاغتسل. فتفكرت، فإذا قد أصابتني جنابة من أول الليل ونسيتها. وسمعت الشريف أبا عبد الله محمد بن كبّاس الأعناكي يقول: كنت يوماً أتفكر في نفسي، ولو أن لي شيئاً من الدنيا لبنيت مدرسة للشيخ الموفق، وجعلت له كل يوم ألف درهم، ثم إنني قمت، فجئت إليه فسلّمت عليه، فنظر إليّ وتبسّم، وقال: إذا نوى الشخص نية خير كُتب له أجرها وقال أبو شامة: وذكر الشيخ الموفق فقال: كان إماماً من أئمة المسلمين، وعلماً من أعلام الدين غي العلم والعمل. صنّف كتباً كثيرة حِساناً في الفقه، وغيره. ولكن كلامه فيما يتعلق بالعقائد في مسائل الصفات على الطريقة المشهورة عن أهل مذهبه، فسبحان من لم يوضح له الأمر فيها على جلالته في العلم ومعرفته بمعاني الأخبار والآثار. سمعت منه مسند الشافعي بِفَوْت ورقتين، وكتاب النصيحة لابن شاهين. وقال غير واحد عن عز الدين بن عبد السلام، شيخ الشافعية: إنه سُئل: أيّما كان أعلم فخر الدين ابن عساكر، أم الشيخ الموفق فغضب، وقال: والله موفق الدين كان أعلم بمذهب الشافعي من ابن عساكر، فضلاً عن مذهبه. قال أبو شامة: ومن أظرف ما يُحكى عن الموفق أنه كان يجعل في

(44/493)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 494
عمامته ورقة مصرورة فيها رمل يُرمّل به الفتاوى والإجازات، فخُطِفت عِمامته ليلاً، فقال لخاطفها: يا أخي خذ من العِمامة الورقة بما فيها، ورُدّ العِمامة أغطّي رأسي، وأنت في أوسع الحِلّ، فظن الخاطف أنها فضّة، ورآها ثقيلة فأخذها، ورمى العِمامة له. وكانت صغيرة عتيقة. قال: وكان الموفق بعد موت أخيه هو الذي يؤمّ بالجامع المظفّري ويخطب، فإن لم يحضر فعبد الله ابن أخيه يؤمّ ويخطب. ويصلي الموفق بمحراب الحنابلة إذا كان في البلد، وإلا صلى الشيخ العماد، ثم كان بعد موت الشيخ العماد يصلي فيه أبو سليمان ابن الحافظ عبد الغني. وكان الموفَّق إذا فرغ من صلاة العشاء والآخرة يمضي إلى بيته بالرصيف، ومض معه من فقراء الحلقة مَنْ قدّره الله، فيقدّم لهم ما تيسّر، يأكلونه معه. وقال الضياء: سمعت أختاي: زينب وآسية تقولان: لما جاء خالنا الموت هلّلنا، فهلّل، وجعل) يستعجل في التهليل، حتى توفي، رحمه الله. قال: وسمعت الإمام أبا محمد إسماعيل بن حمّاد الكاتب يقول: رأيت ليلة عبد الفطر كأني عند المقصورة، فرأيت كان مصحف عثمان قد عُرِّج به، وأنا قد لحِقني من ذلك غمٌّ شديد، وكأن الناس لا يكترثون لذلك، فلما كان الغد، قيل: مات الشيخ الموفق. وسمعت خالد بن عبد الله الحَبشي يقول: إنه رأى ليلة توفي الشيخ الموفق كأن القرآن قد رُفع من المصاحف. وسمعت الإمام عبد المحسن بن عبد الكريم المصري يقول: رأيت وقت مات الشيخ الموفق في النوم، كأن قد رُفعت قناديل الجامع كلها. وسمعت الشريف عبد الرحمن بن محمد العَلَوي يقول: رأينا ليلة الأحد في قريتنا مُردك وهي في جبل بني هلال على دمشق ضوءاً عظيماً جداً حتى أضاء

(44/494)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الرابع والأربعون الصفحة 495
له جبل قاسيون، فقلنا قد احترقت دمشق، قال: وخرج أهل قريتنا الرجال والنساء يتفرّجون على الضوء، فلما جئنا إلى بعض الطريق سألنا: أيش الحريق الذي كان بدمشق فقالوا: ما كان بها حريق. فلما وصلنا إلى هنا قال لي ابني: إن الشيخ الموفق توفي. فقلت: ما كان هذا النور إلا لأجله. قال الضياء: وقد سمعنا نحو هذا من غير واحدٍ يُحدِّثه، أنه رأى ذلك بحوران، وبالطريق. وسمعت العدْل أبا عبد الله محمد بن نصر بن قوّام التاجر بعد موت الشيخ الموفق بأيام. قال: رأيت ليلة الجُمُعة في الثُّلث الأخير، الحق عز وجل، وكأنه عالٍ عليما بنحوٍ من قامة، يعني ليس هو على الأرض، وإلى جانبي رجل خطر في قلبي أنه الخَضِر عليه السّلام، فذُكر الشيخ الموفق، فقال الحق للخَضِر: هل تعرف أخته وابنته فقال: لا. قال: بلى اذهب، فعزّهما في الموفق. وخطر ببالي أنه تعالى يقول: فإني أعددت له ما لا عَيْنٌ رأيت، ولا أذُن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم انتبهت. وقد ساق الضياء منامات كثيرة في سيرة الشيخ الموفق، تركتُها خوف الإطالة. ثم قال: تزوّج ببنت عمّته مريم بنت أبي بكر عبد الله بن سعد، فولدت له أولاداً، عاش منهم حتى كبُر: أبو الفضل محمد، وأبو المجد عيسى، وأبو العز يحيى وصفيّة، وفاطمة. فمات بنوه في حياته، ولم يعقب منهم سوى عيسى. وتسرّى، بجارية، ثم ماتت هي وزوجته بعدها، ثم تسرّى بجارية، وجاءه منها بنت، ثم ماتت البنت، وروّح الجارية، ثم تزوّج عزية بنت) إسماعيل، وتوفيت قبله. ومن شعره:
(أتغفل يا ابن أحمد والمنايا .......... شوارع يَخْتَرِمْنَكَ عن قريب)

(أغرّك أن تخطّتك الرزايا .......... فكمْ للموت من سهْمٍ مُصيب)

(كؤوسُ الموت دائرةٌ علينا .......... وما للمرء بُدٌّ من نصيبِ)

(إلى كم تجعل التسويف دأباً .......... أما يكفيك إنذار المشيب) ==

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المستدرك للحاكم فيه8803 كل احاديثه كلها صحيح ما عدا 160.حديث بعد تعقب الذهبي فضعف100 حديث وابن الجوزي60. حديث يصبح كل الصحيح في المستدرك 8743.حديثا

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف 160 .حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي ...