88

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف160.حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي في الضعفاء له 60 حديثا أُخر فيكون  كل الضعيف في كل المستدرك 160 حديثا من مجموع 8803=الباقي الصحيح =8743.فهذه قيمة رائعة لمستدرك الحاكم

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الأحد، 21 أغسطس 2022

مجلد39.و40.تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي.

 

39. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام. شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون 

 الصفحة 219  
وكان كثير الزيارة إلى القدس والخليل، وكان يلطف بالنساء والصغار والكبار ويفرح الصبيان في المواضع ويوجدهم راحة ويسلم عليهم، ويسلم على الصغير والكبير. ثم ذكر منامات عديدة حسنة رآها غير واحد للشيخ العز. وذكر عن جماعة ثناءهم عليه ووصفهم إياه بالسخاء والكرم والمروءة والإحسان الكثير إلى الفقراء، وإيثارهم وقضاء حوائجهم والتواضع لهم، وطلاقة الوجه والبشاشة والورع والخوف والعبادة والأخلاق الجميلة ونحو ذلك. وتوفي في تاسع عشر ربيع الأول عن ستين سنة، رحمة الله تعالى. وقد جمع ابن الخباز فضائله وسيرته في بضعة عشر كراسا. وله أولاد فقهاء صلحاء. 197 - إبراهيم بن يحيى بن أبي حفاظ مهدي. الإمام، أبو إسحاق المكناسي، النحوي، أحد الفضلاء والرحالين. ولد سنة ستمائة. وسمع من: أبي الحسين محمد بن محمد بن زرقون، وطائفة بإشبيلية، وارتحل إلى الشام والعراق. أخذ عنه الدمياطي ببغداد. وخطه معرب مليح. مات بالفيوم في سنة ست. وله شعر وفضائل. 198 - إسحاق بن إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن بدر الدين. أخو الشيخ تقي الدين. ولد سنة إحدى عشرة، ومات في سادس صفر بدمشق.

(49/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 220
199 - إسحاق بن عبد الله بن عمر بن عبد الله. أبو إبراهيم الدمشقي، ابن قاضي اليمن. ولد سنة بضع وثمانين وخمسمائة. وحدث عن: عبد اللطيف بن أبي سعد، وست الكتبة بنت الطراح. كتب عنه الأبيوردي، والطلبة. ومات في شعبان. وهو أخو إسماعيل الآتي. 200 - إسماعيل بن عبد الله بن عمر بن عبد الله. أبو الطاهر، ويعرف أبوه بقاضي اليمن. حدث عن: عبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي. وحدث بالقاهرة ودمشق. روى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات في ذي القعدة بجوبر.

(49/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 221
201 - أيوب بن عمر بن علي بن مقلد. أبو الصبر الحمامي، الدمشقي، المعروف بابن الفقاعي. روى ' تاريخ داريا ' عن الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وتقي الدين أبو بكر الموصلي، والفخر عثمان الأهوازي، والشرف صالح بن عربشاه، وجماعة. توفي يوم عاشوراء.
- حرف الحاء -
202 - الحبيس بولص. ويقال ميخائيل. أحضره الملك الظاهر وعذبه حتى مات في العذاب، وصار إلى العذاب، ورميت جيفته تحت القلعة على باب القرافة. وذكرنا في سنة ثلاث وستين في الحوادث من أخباره وإنفاقه للأموال فيقال إنه ظفر بكنز مدفون فواسى به الصعاليك والمحاويج من أهل الملل، وأدى عن المصادرين جملة عظيمة. واشتهر أمره. فلما كان في هذه السنة أحضره السلطان وطلب منه المال والكنز، فأبى أن يعرفه، وجعل يراوغه ويغالطه، ولا يفصح له بشيء. فأدخله إلى عنده ولا طفه بكل ممكن، فلما أعياه حنق عليه وعذبه، فمات ولم يقر بشيء.

(49/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 222
203 - الحسن بن الحسين بن أبي البركات. الشيخ، الرئيس، عز الدين، أبو محمد بن المهير البغدادي الحنبلي، التاجر. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وسمع ' جزءا ' من يحيى بن بوش تفرد به. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وشمس الدين ابن أبي الفتح، والقاضي تقي الدين سليمان، والعماد بن الكناني، وأحمد بن المحب، وزينت بنت الخباز، وجماعة. وتوفي بدمشق في السابع والعشرين من رجب. وذكر الشيخ شمس الدين ابن الفخر أنه كان ناظر المدرسة الجوزية.

(49/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 223

- حرف الخاء -
204 - الخضر بن أسد بن عبد الله بن سلامة. أبو العباس الصنهاجي ابن السقطي. شيخ مصري يروي عنه: الحافظ ابن المفضل. توفي في رجب.
- حرف العين -
205 - عبد الله بن أحمد بن ناصر بن طغان. أبو بكر الدمشقي، الطريفي، النحاس. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وروى عن الخشوعي، وعبد اللطيف الصوفي، وجماعة. وهو أخو عبد الرحمن. روى عنه: الدمياطي، والبدر بن التوزي، ومحمد بن محمد الكنجي، ومحمد بن المحب، وابن الخباز، والعماد بن البالسي، وآخرون. والطريفي نسبة إلى طريف، جد لهم. توفي في السادس والعشرين من شوال. ولقبه زين الدين. 206 - عبد الله بن علي بن محمد. الشريف أبو جعفر الحسيني، الحجازي. ولد بدمشق سنة خمس وستمائة.

(49/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 224
وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني. وكان صالحا، متعففا، قانعا. توفي بدمشق في جمادى الآخرة. 207 - عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع. أبو القاسم الأشعري نسبا، القرطبي. قاضي الجماعة بغرناطة. روى عن الخطيب أبي جعفر بن يحيى وتفرد بالرواية عنه. وعن: أبي الحسن علي الشقوري، وأبي القاسم بن بقي القاضي، وأبي الحسن بن خروف النحوي، وعده. روى عنه: أبو جعفر بن الزبير وأثنى عليه. وولي القضاء أيضا بشريش ومالقة. وولي خطابة مالقة. وتصدر للإشغال. وانتفع فيه فقهاء غرناطة. قال أبو حيان: كان رطب المناظرة، مسدد النظر، منصفا أديبا، نحويا، فقيها، مشاركا في الأصول وغيرها. وأجاز عاما لأهل غرناطة وتوفي بها في شوال. وقال ابن الزبير: كان أشعري النسب والمذهب، مصمما على مذهب الأشعرية. 208 - عبد الخالق بن علي. تاج الدين، الكاتب المعروف بأحمر عينه لحمرة عينه. كان كاتبا بارعا في صناعة الحساب. ولي عدة جهات.

(49/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 225
وولي أبوه مهذب الدين علي بن محمد الإسعردي قضاء بعلبك قبل الستمائة فحمدت سيرته. ومات التاج هذا ببعلبك في ذي العقدة، وهو في عشر الثمانين. 209 - عبد العزيز بن منصور بن محمد بن محمد بن وداعة. الصاحب، عز الدين الحلبي. ولي خطابة جبلة في أوائل أمره فيما يقال. وولي للملك الناصر شد الدواوين بدمشق. وكان يعتمد عليه. وكان يظهر النسك والدين، ويقتصد في ملبسه وأموره. فلما تسلطن الملك الظاهر ولاه وزارة الشام. فلما ولي التجيبي نيابة الشام حصل بينه وبين ابن وداعة وحشة، فإن التجيبي كان سنيا ولكن ابن وداعة شيعيا خبيثا فكان التجيبي يسمعه ما يهينه ويؤلمه، فكتب ابن وداعة إلى السلطان يطلب منه مشدا تركيا، وظن أنه يكون بحكمه ويستريح من التجيبي، فرتب السلطان الأمير عز الدين كشتغدي الشقيري، فوقع بينه وبينه، فكان الشقيري يهينه أيضا. ثم كاتب فيه الشقيري، فجاء الأمر بمصادرته، فرسم عليه وصودر، وأخذ خطه بجملة كبيرة. ثم عصره الشقيري وضربه، وعلقه في قاعة الشد، وجرى عليه ما لا يوصف، وباع موجوده التي كان قد وقفها، وحمل ثمنها. ثم طلب إلى الديار المصرية فمرض في الطريق، ودخل القاهرة مثقلا فمات في آخر يوم من السنة بالقاهرة وهو في عشر الثمانين. وله مسجد وتربة بسفح قاسيون، ولم يعقب. وله وقف على البر.

(49/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 226
ذكر ذلك قطب الدين موسى. 210 - عبد العظيم بن عبد الله بن أبي الحجاج ابن الشيخ البلوي. الخطيب، العلامة، أبو محمد، شيخ مالقة. أدرك جده وسمع منه قليلا. وصنف تصانيف. وله اختيارات لا يقلد فيها أحدا. وكان عاكفا على إقراء ' المستصفى ' و ' الجواهر الثمنية '. لازمه أبو جعفر بن الزبير سنين يشتغل عليه، وأثنى عليه. قال: وتوفي في جمادى الآخرة سنة ست وستين وستمائة. وكان قد حفر قبره، وأعد كفنه، وهيأ دريهمات برسم مؤونة الدفن، رحمه الله. 211 - عثمان بن عبد الرحمن بن عتيق بن الحسين بن عتيق بن الحسين بن عبد الله بن رشيق. نظام الدين، أبو عمرو الربعي، المصري، المالكي. ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم البوصيري، وأبي عبد الله الأرتاحي. وروى ' صحيح البخاري ' عنهما. وهو من بيت العلم والدين والرواية. روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة ابن جماعة، والمصريون. وكان رجلا صالحا، خيرا، وكان جده أبو الفضائل عتيق من كبار العلماء.

(49/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 227
توفي النظام رحمه الله تعالى في الحادي والعشرين من جمادى الأولى بالقاهرة. 212 - علي بن عدلان بن حماد. الإمام، العلامة، عفيف الدين، أبو الحسن الربعي، الموصلي، النحوي، المترجم. ولد سنة ثلاث وثمانين أو قبلها بالموصل. وسمع ببغداد. وأخذ الغريب عن أبي البقاء العكبري، وغيره. وسمع من: الحافظ عبد العزيز بن الأخضر، وعبد العزيز بن سينا، ويحيى بن ياقوت، وعلي بن محمد الموصلي، وبرغش عتيق ابن حمدي، وعبد الله بن عثمان بن قديرة، وأبي تراب يحيى بن إبراهيم الكرخي، ولامعة بنت المبارك بن كامل، وجماعة. وسمع منه: ابن الطاهري، والأبيوردي، والدمياطي، والشريف عز الدين، والدواداري، وطائفة كبيرة. وأقرأ العربية زمانا: وسمع منه أيضا: شعبان الإربلي، ويوسف الختني، وعبد الله بن علي الصنهاجي، وأختاه عائشة وخديجة. وتصدر بجامع الملك الصالح مدة، وانتفع به جماعة من الفضلاء ؛ كان علامة في الأدب، من أذكياء بني آدم. وانفرد بالبراعة في حل المترجم والألغاز. وله في ذلك تواليف.

(49/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 228
توفي في تاسع شوال بالقاهرة، رحمه الله تعالى. 213 - علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن. الإمام أبو الحسن الرعيني، الإشبيلي. مشهور بنسبته. روى عن: أبي بكر محمد بن عبد الله القرطبي، أخذ عنه السبع. وتلا للحرمين على أبي بكر بن عبد النور ؛ وأكثر عنه، وعن: يحيى بن أحمد (...) وهو أكبر شيخ له، وعتيق بن خلف. وعدة. كتب وقيد وألف و (...) الليل، واعتنى بالرواية والقراءآت. ومات بمراكش في سنة ست هذه عن أربع و... ين سنة. وكان ممن ختم به الكتابة. وشيخه ابن عبد النور مات سنة 614 من أصحاب أبي عبد الله ابن زرقون. وأما القرطبي فلم أعرفه. 214 - عمر بن إسحاق بن هبة الله. الأمير عماد الدين، الخلاطي. ولد بخلاط سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وكان عالما فاضلا، حازما خبيرا، حسن التأني، لطيف الحركات، له حرمة وافرة عند الملوك. وكان الملك الصالح أبو الجيش لا يقدم عليه أحدا ويكرمه ويحبه. وله شعر جيد.

(49/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 229
توفي بحماة في أول السنة. وكان أبوه أصوليا، واعظا، أديبا، مصنفا، ولي فضاء خلاط. توفي بإربل سنة ست عشرة وستمائة. 215 - عمر بن الحسين بن إبراهيم. عز الدين، أبو حفص الإربلي. ولد سنة أربع وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب. روى عنه ابن الحبال، وأرخه في هذه السنة.
- حرف الغين -
216 - غازي بن يوسف. أبو المظفر القرشي، مولاهم المصري.

(49/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 230
روى ' التفسير ' عن أبي الحسن بن المقير. وسمع الكثير بنفسه. وعني بالحدث. وكان حسن الفهم، حافظا للمواليد والوفيات. وتوفي في ربيع الأول وقد قارب الخمسين.
- حرف الكاف -
217 - كيقباذ. السلطان ركن الدين، ولد السلطان غياث الدين كيخسرو ابن السلطان علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو بن قليح أرسلان بن مسعود بن قليج رسلان بن سليمان بن قطلمش بن أتش بن سلجوق بن دقاق. صاحب الروم وابن ملوكها. كان كريما، جوادا، شجاعا، لكنه مقهور، وتحت أوامر التتار، وقتلوه في هذه السنة. خنقته المغل بوتر وله ثمان وعشرون سنة. وذلك لأن البرواناه عمل عليه وأوقع [ادعاء] أنه يكاتب صاحب مصر. وكان كيقباذ قد فوض جميع الأمور إلى البرواناه، واشتغل بلهوه ولعبه، وترك الحزم. فاستفحل أمر البرواناه وعجز كيقباذ عنه [حتى قتلوه] وجعلوه في محفة وساروا به إلى أن قدموا قونية به، فأظهروا أنه [وقع من على الفرس فمات].

(49/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 231
ثم أجلسوا ولده غياث الدين كيخسرو في الملك، وله عشر سنين. ثم توجه (...) السلطنة البرواناه إلى أبغا ومعه فرس كيقباذ وسلاحه وتقادم، فوجد عنده [صاحب] سيس، فتكلم كل منهما في الآخر بأنه يكاتب المسلمين. ثم عاد البرواناه ومعه أجاي أخو أبغا.
- حرف الميم -
218 - محمد بن إبراهيم بن شبل بن أبي بكر بن خلكان. القاضي بدر الدين، أبو عبد الله الإربلي، الشافعي، قاضي تل باشر. وليها مدة، وحدث عن بدل التبريزي، وعن أخيه حسين بن إبراهيم. روى عنه: الدمياطي وورخ موته. 219 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن العاص. أبو بكر التجيبي، الإشبيلي، المقرئ، قرأ ' الكافي ' على أبي العباس بن مقدام. وتلا بالسبع على: أبي الحسين بن عظيمة. وعاش سبعا وثمانين سنة. تلا عليه بالسبع ختمة أبو جعفر بن الزبير. 220 - محمد بن أبي القاسم عبد الرحمن بن علي بن محمد بن محمد بن القاسم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب.

(49/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 232
الشريف الحسيب، الإمام، أبو عبد الله الحسيني، الكوفي الأصل، المصري الدار، المعروف والده بالحلبي. ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وقرأ القرآن على أبي الحسن الإسكندراني. وبرع في الأصول والعربية، وسمع ' السيرة ' من أبي الطاهر محمد بن محمد بن بنان الأنباري، عن أبيه، عن الحبال. وسمع من: أبي محمد عبد الله بن عبد الجبار العثماني، وأبي الطاهر إسماعيل بن عبد الرحمن الأنصاري، وحامد بن روزبة، وعبد القوي بن أبي الحسن القيسراني، والأمير مرهف بن أسامة بن منقذ. وحدث وأقرأ النحو مدة. وكان جيد المشاركة في العلوم، مؤثرا الانقطاع والعزلة حسن الديانة. قال ابنه عز الدين: كان ذا جد وعمل مؤثرا للإنفراد والتخلي. كان أبوه من الفضلاء المشهورين. له تصانيف حسنة. أقرأ الأصول والعربية مدة. توفي أبو عبد الله في سادس صفر وله ثلاث وتسعون سنة. قلت: فاته السماع من عبد الله بن بري، وطبقته على أنه تفرد بالرواية عن الأثير بن بنان وغيره. وكان رئيسا محتشما يصلح للنقابة. روى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان، وعلم الدين الدواداري، والمصريون، وعلي بن قريش، وعبيد الله بن علي الصنهاجي وشمس الدين محمد بن أحمد بن القماح. * * * وفيها ولد: الإمام شرف الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية بحران يوم عاشوراء، وقطب الدين محمد بن عبد الوهاب بن مرتضى الأنصاري الزينبي بمصر،

(49/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 233
وبهاء الدين علي بن عثمان بن أحمد بن عثمان بن أبي الحوافر، سمعا من النجيب. وجلال الدين محمد بن عبد الرحمن بن عمر القزويني، خطيب دمشق، وشمس الدين محمد بن القاضي بهاء الدين بن الزكي مدرس العزيزية، والمحدث محمد بن أحمد بن أمين الأقشهري نزيل مكة، والفقيه عبد المنعم بن أحمد بن سعد بن البوري، بغدادي. ومحمد ابن شيخنا علي بن يحيى بن الشاطبي، وعبد الرحمن بن إبراهيم بن الثقي بن أبي اليسر، والثقي محمد بن عبد الملك بن عساكر التغلبي المؤذن. والمحدث شمس الدين محمد بن محمد بن نباتة، والشيخ شمس الدين محمد بن عبد الأحد بن يوسف بن الوزير بآمد. والقاضي شمس الدين محمد بن المجد عيسى البعلبكي، والقاضي محيي الدين إسماعيل بن يحيى بن جهبل الدمشقي، وتقي الدين عمر بن عبد الله بن شقير الحراني، والشيخ أبو بكر بن قاسم الرحبي بدمشق في ربيع الأول، ويوسف بن هارون القاياتي، وأحمد بن المقرئ محمد بن إسماعيل السلمي القصاع.

(49/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 234

سنة سبع وستين وستمائة

- حرف الألف -
221 - أحمد بن عبد الواحد بن مري بن عبد الواحد. الشيخ الزاهد، تقي الدين، أبو العباس المقدسي، الحوراني. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وسمع بحلب من الافتخار عبد المطلب الهاشمي. وحدث. سمع منه: الدمياطي، والشريف عز الدين، وعلم الدين الدواداري، ورضي الدين الطبري، وهذه الطبقة. وكان فقيها شافعيا، عارفا بالفرائض، جامعا بين العلم والعمل. صاحب عزم وجد وقوة نفس، وتجرد وانقطاع وعبادة وأوراد. وقد درس وأفاد و [تولى] الإعادة بالمستنصرية ببغداد. ثم تزهد وأقبل على شأنه. توفي في رجب بالمد [ينة النبو] ية. وقد جاور بمكة أيضا.

(49/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 235
وكان يحط على ابن سبعين وينكر طريقه، وابن سبعين يسبه ويرميه بالتجسيم ويفتري عليه. 222 - أحمد بن [محمد] بن أحمد بن داود. أرشد الدين، أبو العباس الهواري. ولد بدمشق سنة أربع وستمائة. وسمعه أبوه حضورا من الكندي، وابن الحرستاني. وسمع من: الشيخ الموفق. وحدث. كتب عنه الشريف وقال: توفي بالقاهرة في خامس صفر. 223 - إبراهيم بن عيسى بن يوسف بن أبي بكر. المحدث الإمام، ضياء الدين، أبو إسحاق المرادي، الأندلسي. سمع الكثير من أصحاب السلفي وطبقتهم بعد الأربعين. وكتب الكثير بخطه المتقن المليح. وكان صالحا عالما، ورعا، دينا. وكان إماما بالبادرائية. وقف كتبه وفوض نظرها إلى الشيخ علاء الدين ابن الصائغ. وروى اليسير. مات في رابع ذي الحجة بالقاهرة، رحمه الله تعالى.

(49/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 236
وذكره الشيخ محيي الدين النووي فأطنب فقال: كان بارعا في معرفة الحديث وعلومه وتحقيق ألفاظه، لا سيما ' الصحيحين '. لم تر عيني في وقته مثله. وكان ذا عناية باللغة والعربية والفقه ومعارف الصوفية، من كبار المسلكين. صحبته نحوا من عشر سنين لم أر منه شيئا يكره. وكان من السماحة بمحل عال على قدر وجده. وأما الشفقة على المسلمين ونصحهم فقل نظيره. توفي بمصر في أوائل سنة ثمان. قلت: بل ما تقدم هو الصحيح في وفاته. وخطه من أحسن كتابة المغاربة وأتقنها. 224 - إبراهيم بن الشيخ. أبو زهير المباحي. كان يجمع المباح من جبل لبنان ويتقوت به. وأقعد في آخر عمره وشاخ وانحط. وقيل إنه نيف على المائة. وكان صالحا عابدا سليم الصدر إلى الغاية. توفي بمغارته ببلد بعلبك في جمادى الأولى. وكان مقصودا بالزيارة. 225 - إسماعيل بن أبي محمد عبد القوي بن عزون بن داود بن عزون ابن الليث.

(49/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 237
زين الدين، أبو الطاهر الأنصاري، الغزي، ثم المصري، الشافعي. ولد قبل التسعين وخمسمائة. وسمع الكثير بإفادة أبيه من: هبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وعبد اللطيف ابن أبي سعد، والعماد الكاتب، وأبي يعقوب بن الطفيل، وحماد الحراني، والحافظ عبد الغني، وعبد المجيب بن زهير، وفاطمة بنت سعد الخير، وجماعة. وروى الكثير. وكان دينا صالحا ساكنا. روى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان، والدواداري، وقاضي القضاة بدر الدين، والطواشي عنبر العزيزي، وفاطمة بنت محمد الدربندي، وصدر الدين محمد بن علاق، وآخرون. توفي في ثاني عشر المحرم. 226 - أيدمر. الأمير عز الدين الحلي، الصالحي، النجمي. توفي بقلعة دمشق ودفن بجنب مسجد ابن يغمور، وقد نيف على الستين.

(49/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 238
قال قطب الدين: كان من أكبر أمراء الدولة الظاهرية وأعظمهم محلا. وكان ينوب في السلطنة بمصر إذا غاب السلطان لوثوقه به واعتماده عليه. وكان قليل الخبرة، لكنه قدمته السعادة. وكان كثير الأموال والمتاجر والخيول والأملاك. توفي في شعبان.
- حرف الباء -
227 - بكتوت الصغير. الأمير بدر الدين. من أمراء دمشق. مات في ربيع الأول.
- حرف الحاء -
228 - الحسن بن علي بن أبي نصر بن النحاس. الصدر الجليل، شهاب الدين ابن عمرون الحلبي. وابن عمرون جده لأمه. توفي بالإسكندرية في شعبان من السنة، وله ثلاث وثمانون سنة. وكان تاجرا مشهورا، وافر الحرمة، ظاهر الحشمة، ذا أموال ومتاجر ولما استولى العدو على حلب أحموا داره وما جاورها فآوى إلى داره خلق كثير وسلموا بأموالهم. وقام للتتار بما التزم لهم من ماله دون أولئك، فكانت له مكرمة بذلك. وتمزقت أمواله. ثم توجه إلى مصر في أوائل الدولة الظاهرية، وسكن بالثغر المحروس إلى أن مات.

(49/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 239
وله ذرية عالجوا الكتابة والتصرف.
- حرف الراء -
229 - ربيع بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع. أبو الزهر الأشعري، القرطبي. من بيت كبير شهير بالأندلس. روى عن: أبيه أبي عامر المتوفي سنة تسع وثلاثين. وعن: أبي الحسن الشقوري بقرطبة. وأكثر بمالقة عن: أبي الحسن علي بن محمد الشاري. وعن: أبي القاسم بن الطيلسان، وعبد اللطيف بن عطية اللغوي. وولي قضاء بعض الأندلس. توفي بحصن بيش. وقد مر أخوه في العام الماضي. ومات أخوه أبو الحسين محمد سنة 673.
- حرف السين -
230 - سليمان بن داود بن موسك. الأجل، أسد الدين ابن الأمير عماد الدين ابن الأمير الكبير عز الدين الهذباني. ولد في حدود الستمائة بالقدس.

(49/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 240
وكان له يد في النظم، وعنده فضيلة. ترك الخدم وتزهد، ولبس الخشن، وجالس العلماء. وأذهب معظم نعمته واقتنع. وكان أبوه أخص الأمراء بالملك الأشرف ابن العادل. وموسك كان من أمراء صلاح الدين، رحمه الله. توفي هذا في جمادى الأولى، ودفن بقاسيون.
- حرف الشين -
231 - شرف الدولة ابن العسقلاني. توفي بدمشق في ربيع الأول. وكانت له جنازة مشهودة. وخلف ثروة وأموالا، وطلع صداق زوجته ثمانين ألف درهم وخمسة آلاف دينار. قرأت ذلك بخط ابن الفخر وهو علي بن فراس بن علي بن زيد.
- حرف العين -
232 - عبد الله بن عبد المنعم بن خلف بن عبد المنعم بن أبي يعلى. زين الدين، أبو محمد ابن الدميري، الكاتب المصري

(49/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 241
يروي عن أصحاب النسفي. 233 - عبد الرحمن بن عبد الله بن سليمان بن داود بن حوط الله. المحدث، أبو عمر الأنصاري الأندلسي، المالقي. روى الكثير، وسمع من: أبي العباس بن مقدام. وتتفرد عن جماعة. توفي في آخر سبع وستين عن سبع وسبعين سنة، رحمه الله تعالى. 234 - عبد الكريم بن عبد الله بن بدران. أبو محمد الأنصاري، البهنسي، الصالح، الخير. سمع من: مكرم، وعبد الصمد الغضاري. وحدث. توفي في ربيع الآخر. 235 - عبد المجيد بن أبي الفرج بن محمد. الشيخ العلامة، مجد الدين، أبو محمد الروذراوري. شيخ إمام، مشهور، بارع في اللغة، كثير المحفوظ من أشعار العرب، فصيح العبارة، مليح الخط، جيد المشاركة، مليح الشكل والبزة. نفذه الملك الظاهر رسولا إلى الملك بركة فمرض في الطريق فرجع. وكان له حلقة إشغال بالحائط الشمالي. وله شعر جيد.

(49/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 242
توفي رحمه الله في صفر وهو في عشر السبعين. 236 - عبد المنعم بن كامل. قاضي القضاة بالجانب الشرقي، نظام الدين البندنيجي. شيعه الخلق، ودفن بدكة الجنيد، وله ست وسبعون سنة. وكان مفتيا، علامة، ورعا، تقيا، شافعيا، كبير الشأن. ولي القضاء بعد نجم الدين البادرائي، ثم بعد أيام أخذت بغداد فأقره على القضاء هولاكو. وقد أعاد مدة بالمستنصرية. ثم ولي قضاء الجانب الغربي، واستمر مدة. وقيل له: من يصلح بعدك؟ فقال: تقلدت حيا فلا أتقلد ميتا. ثم أشار بسراج الدين محمد بن أبي فراس الهنايسي الشافعي مدرس البشيرية، فولي بعده قضاء العراق. 237 - عبد الوهاب بن محمد بن عطية بن المسلم بن رجا. الإمام، أبو محمد الإسكندراني، المعدل. حدث عن: عبد الرحمن مولى ابن باقا. وناب في القضاء ببلده. ومات في المحرم.

(49/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 243
238 - علي بن أقسيس بن أبي الفتح بن إبراهيم. الصدر، محيي الدين البعلبكي، ناظر الزكاة بدمشق. كان رئيسا عاقلا، أنيق الملبس والمأكل، ظريف المسكن، مليح الحركات، كثير الصدقة والتلاوة. له حكايات، في المكارم. توفي في ربيع الآخر بدمشق، وقد جاوز الستين. وأظنه روى عن: البهاء عبد الرحمن المقدسي. 239 - علي بن داود بن علي بن أبي بكر. فخر الدين، أبو الحسن الخلاطي، الوكيل. سمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي. وحدث بدمشق والقاهرة. وقدم من خلاط بعد الستمائة. وتوفي إلى رحمة الله بالقاهرة في المحرم. 240 - علي بن عبد الواحد بن أبي الفضل بن حازم. أبو الحسن الأنصاري، الدمشقي، البزاز. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وروى عن: الخشوعي. روى عنه: ابن الخباز، وأبو العباس بن فرج، وأبو الحسن علي بن مسعود، وعلي بن مكتوم الخطيب، وصالح بن عربشاه، وطبقتهم. وتوفي في رابع شعبان بدمشق

(49/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 244
241 - علي بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة. الإمام العلامة، مجد الدين، أبو الحسن، والد شيخ الإسلام قاضي القضاة أبي الفتح ابن دقيق العيد القشيري، البهزي، بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، المنفلوطي المالكي، نزيل قوص. ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وتفقه على أبي الحسن بن المفضل الحافظ، وسمع منه ومن غيره. ودرس وأفتى، وصنف في المذهب، وانتفع به أهل الصعيد. وكان شيخ تلك الديار تفقه عليه ولده وغير واحد. ذكره الشريف عز الدين، فقال: كان أحد العلماء المشهورين والأئمة المذكورين، جامعا لفنون من العلم، معروفا بالصلاح والدين، معظما عند الخاصة والعامة، مطرحا للتكلف، كثير السعي في قضاء حوائج الناس على سمت السلف الصالح. توفي في ثالث عشر المحرم بقوص. 242 - علي ابن شيخ الخطباء رضي الدين يوسف بن حيدرة

(49/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 245
الرحبي، ثم الدمشقي، الحكيم شرف الدين. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وقرأ الطب على والده وبرع فيه وأتقنه، وصنف. وأخذ أيضا عن الموفق عبد اللطيف، وحرر عليه كثيرا من العلوم، وقرأ العربية على السخاوي. ولما حضر المهذب عبد الرحيم الدخوار جعله مدرس مدرسته. وكان منهمكا على علم النجوم، زائغا عن الطريق، معثرا، نسأل الله السلامة. ومن جهله أنه قال للمشتغلين: بعد قليل أموت، وذلك عند قران الكوكبين. ثم يقول: قولوا للناس هذا حتى يعرفوا مقدار علمي في حياتي وعلمي بوقت موتي. إلا أنه كان محققا للطب، صنف فيه كتاب خلق الإنسان وهيئة أعضائه ومنفعتها أحسن فيه ما شاء. ومات في المحرم عن أربع وثمانين سنة.
- حرف الغين -
243 - غازي بن حسن. التركماني، الرجل الصالح.

(49/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 246
قال الشيخ قطب الدين: كان متعبدا، صالحا، صواما، منعزلا عن الناس. يدخل بعلبك أيام الجمع. وكان سليم الصدر. توفي في الزاوية التي له بدورس. وقيل إنه جاوز مائة سنة، رحمه الله تعالى.
- حرف الكاف -
244 - كمش التركية. جارية ابن الدولعي. روت عن: زينب بنت إبراهيم القيسية. وماتت في شوال.
- حرف الميم -
245 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي. قوام الدين، أبو عبد الله الرازي، الصوفي، المقرئ. قرأ القرآن. وسمع من: أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز اللخمي. وتوفي في جمادى الآخرة عن اثنتين وسبعين سنة. 246 - محمد بن شكران بن أبي السعادات بن معمر. القدوة، بقية السلف، شيخ العراق، أبو الفقراء. مات في تاسع شعبان سنة سبع، فدفن برباطه بناحية الخالص، وبني عليه قبة عالية.

(49/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 247
وكان زاهدا عابدا، قانعا باليسير، مدود السماط للواردين، رفيع المحل، كثير التواضع، فارغا عن نفسه. وله أتباع كثيرون ومحبون. وقيل: كان يجوع ولا يطلب شيئا من الفقراء، وهم ينسونه وهو يصبر. ولامهم مرة، فاعتذروا بكثرة الواردين. قيل إن النصير الطوسي زاره وقال: ما حد الفقر؟ فقال: الذي أعرفه أن زيق الفقر ضيق ما يدخله رأس كبير. رحمه الله. 247 - محمد بن صدقة. الشيخ شمس الدين الحراني، سبط الشيخ حياة. توفي في المحرم. 248 - محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن سالم بن محمد بن باقا. شمس الدين البغدادي. ولد سنة ست وتسعين. وسمع من: أبي الفتوح محمد بن الجلاجلي. وحدث. ومات في الثاني والعشرين من شعبان، رحمه الله تعالى. 249 - محمد بن الحافظ أبي الخطاب عمر بن علي بن محمد ولقبه: الجميل بن فرح بن قومس بن مزلال بن ملال بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة. أبو الطاهر الكلبي. ساق نسبه الشريف عز الدين، وفي النفس من صحة ذلك. وقد تكلم

(49/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 248
غير واحد من العلماء في أبي الخطاب وفي انتسابه إلى دحية، والله المستعان. ولد محمد بالقاهرة سنة عشر، وسمع من أبيه. وتولي مشيخة دار الحديث الكاملية مديدة. وكان يحفظ جملة من كلام والده، ويورد إيرادا جيدا. توفي في رمضان. 250 - محمد بن محمد بن أبي بكر. المحدث المفيد زين الدين، أبو الفتح الأبيوردي، الكوفني، الصوفي، الشافعي. ولد سنة ستمائة أو سنة إحدى. وقدم دمشق. وسمع سنة أربعين من: كريمة، والضياء المقدسي، والتقي أحمد بن العز، والمؤتمن بن قميرة، والرشيد بن مسلمة، وأبي النعمان بشير بن حامد الفقيه، وجماعة بدمشق ومصر من أصحاب السلفي، وابن عساكر. وسمع خلقا كثيرا من أصحاب البوصيري، والخشوعي. ثم نزل إلى أصحاب ابن طبرزد والكندي، وابن ملاعب ثم نزل إلى أصحاب ابن عمار الحراني، وابن باقا، وزين الأمناء. وكتب الكثير، وحصل جملة صالحة، وحرص. وكلف بالحديث، وبالغ في الإكثار، وخرج ' المعجم '، وروى اليسير، ولم يعمر، ولا أفاق من الطلب إلا والمنية قد نزلت به، رحمه الله.

(49/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 249
وأيضا فلم يطلب الفن إلا وهو ابن أربعين سنة. فالله يعوضه بالمغفرة. ذكره الشريف فقال: كان حريصا على التحصيل، صابرا على كلف الإستفادة. حدث، وسمعت منه. وكان من أهل الدين والصلاح والخير والعفاف. وله فهم ومعرفة، وفيه تيقظ ونباهة وخرج لنفسه ' معجما ' عن مشايخه الذين سمع منهم. ووقف كتبه وأجزاءه. وكان حسن الطريقة مشغولا. وكوفن: بلدة قريبة من أبيورد. وتوفي في حادي عشر جمادى الأولى بالقاهرة. قلت: وله شعر يسير. روى عنه: أبو محمد الدمياطي بيتين، وقال: توفي بخان سعيد السعداء. 251 - محمد بن محمد بن علي ابن العربي. عماد الدين، ولد الشيخ محيي الدين. توفي في ربيع الأول بدمشق. وقد حدث عن ابن الزبيدي. 252 - محمد بن أبي الفتوح نصر بن غازي بن هلال. أبو الفضائل الأنصاري، المصري، المقرئ، المحدث، الجريري.

(49/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 250
ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع من: القاضي زين الدين علي بن يوسف الدمشقي، وعبد العزيز ابن باقا. وسمع بالثغر من: أبي القاسم بن عيسى، وأبي الفضل جعفر الهمداني. وسمع كثيراً من أصحاب البوصيري. وكان يمكنه السماع منه فما يسر له. توفي في ثالث محرم بالقاهرة. وقد روى اليسير. 253 - محمد بن وثاب. القاضي تاج الدين البجيلي الحنفي. درس وأفتى وناب في القضاء بدمشق، وحمدت أحكامه. ومات في ربيع الآخر وهو في عشر السبعين. 254 - المبارك بن يحيى بن أبي الحسن. الإمام، العلامة، نصير الدين، أبو البركات ابن الطباخ، المصري، الشافعي. توفي في حادي عشر جمادى الآخرة، وله ثمانون سنة. وكان من كبار أئمة المذهب. درس وأفتى واشتغل وصنف. وتخرج به جماعة. توفي بالقاهرة.

(49/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 251
255 - المظفر بن عبد الكريم بن نجم بن عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج. الفقيه، المدرس، الإمام، تاج الدين، أبو منصور بن الحنبلي، الأنصاري، الخزرجي، السعدي، الدمشقي، المدرسة الحنبلية التي لجدهم عبد الوهاب. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وحنبل، وعمر بن طبرزد. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والشرف بن عربشاه، والقاضي تاج الدين الجعبري، وأبو العباس بن فرج. توفي فجأة بدمشق ثالث صفر.
- حرف الياء -
256 - يحيى بن نجيب بن بشارة بن محرز. أبو زكريا السعدي، المصري. ولد سنة خمس وثمانين وخمسمائة. وروى عن: القاسم بن عساكر بالإجازة. توفي في ذي القعدة. 257 - يوسف بن الصارم عبد الله بن إبراهيم. الفقيه، وجيه الدين، أبو الحجاج الدمشقي، الشافعي، الصوفي.

(49/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 252
نزيل القاهرة. ويعرف بالوجيزي نسبة إلى حفظ كتاب ' الوجيز '. ولد بدمشق سنة ثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبي الحسن بن المفضل، وأبي المجد القزويني، وجماعة. وأجاز له منصور الفراوي. وحدث. وكان من فضلاء الشافعية. توفي في الثامن والعشرين من رجب.
الكنى
258 - أبو الفضل الشاغوري. العابد. شيخ صالح عارف، معروف. كثير الرؤية للنبي صلى الله عليه وسلم. توفي إلى رحمة الله في جمادى الأولى. 259 - أبو محمد. ولد الشيخ القدوة سلطان بن محمود البعلبكي. كان صالحا عابدا قانعا، كثير الانقطاع. توفي في رمضان ببعلبك في المعترك. * * * وفيها ولد: الشيخ كمال الدين محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري ابن الزملكاني، شيخ الشافعية. وتقي الدين عثمان بن السكاكيني. وبدر الدين يوسف بن القاضي دانيال، بالشوبك ؛

(49/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 253
وجمال الدين يحيى بن محمد بن الفويرة السلمي، والشيخ المقرئ رافع بن هجرس الصميدي، ومحمد بن عمر بن الرشيد البعلي، والشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن علي الرقي، في حدودها ؛ والشيخ علاء الدين علي بن أيوب المقدسي، تقريبا، ومحمد بن إسماعيل بن الخباز، في شعبان. والشرف عيسى بن علي المحدث، في المحرم ؛ وقاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن علي بن عبد الحق الحنفي.

(49/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 254

سنة ثمان وستين وستمائة

- حرف الألف -
260 - أحمد بن عبد الدائم بن نعمة بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن بكير. المعمر، العالم، مسند الوقت، زين الدين، أبو العباس المقدسي. الفندقي، الحنبلي، الناسخ. ولد بفندق الشيوخ من جبل نابلس سنة خمس وسبعين، وأدرك الإجازة التي من السلفي لمن أدرك حياته. وأدرك الإجازة الخاصة من خطيب الموصل أبي الفضل الطوسي، وأبي الفتح بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وخلق سواهم

(49/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 255
وسمع من: يحيى الثقفي، وأبي الحسين احمد بن الموازيني، ومحمد بن علي بن صدقة، وإسماعيل الجنزوي، والمكرم بن هبة الله الصوفي، وعبد الخالق بن فيروز، ويوسف بن معالي الكناني، وعبد الرحمن بن علي الخرقي، وبركات الخشوعي، ومحمد بن الخطيب، وعمر بن طبرزد، والحافظ عبد الغني، وأسماء بنت الران، وطائفة سواهم. ورحل إلى بغداد فسمع من: عبد المنعم بن كليب بقراءته ؛ ومن: أبي طاهر المبارك بن المعطوش، وعبد الله بن أبي المجد، وعبد الخالق بن البندار، وعبد الوهاب ابن سكينة، وعلي بن يعيش الأنباري، وعبد الله بن دهبل، والمبارك بن إبراهيم السيبي، وعبد الله ابن الطويلة، وضياء بن الخريف، وعمر بن علي الواعظ، وأبي الفتح المندائي، ومحمد بن أبي محمد بن الغزون، وطائفة. وقرأ القرآن على الشيخ العماد، وتفقه على الشيخ الموفق. وكتب بخطه المليح السريع ما لا يوصف لنفسه وبالأجرة، حتى كان يكتب في اليوم إذا تفرغ تسعة كراريس أو أكثر، ويكتب الكراسين والثلاثة مع اشتغاله بمصالحه. وكتب ' الخرقي ' في يوم وليلة، ولازم النسخ خمسين سنة أو أكثر. وكان تام القامة، مليح الشكل، حسن الأخلاق، ساكنا، عاقلا، لطيفا، متواضعا، فاضلا، نبيها، يقظا. خرج لنفسه مشيخة، وخرج له ابن الظاهري، وابن الخباز وغير واحد. فذكر ابن الخباز أنه سمع ابن عبد الدائم يقول: كتبت بخطي ألفي جزء.

(49/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 256
وذكر أنه كتب بخطه ' تاريخ دمشق ' مرتين. قلت: الواحدة في وقف أبي المواهب بن صصرى. وكتب من التصانيف الكبار شيئا كثيرا. وولي خطابة كفربطنا بضع عشرة سنة، ثم تحول عنها. وقد ولد له ابنه الشيخ أبو بكر بها. وأنشأ خطبا عديدة. وحدث سنين كثيرة، وقرأ بنفسه كثيرا. وكان على ذهنه أشياء مليحة من الحديث والأخبار والشعر. روى عنه: الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، والشيخ محيي الدين يحيى النووي، والشيخ تقي الدين محمد بن دقيق العيد، والدمياطي، وابن الظاهري، وابن جعوان، وابن تيمية شيخنا، وأخوه أبو القاسم، والقاضيان تقي الدين سليمان ونجم الدين ابن صصرى، وشهاب الدين ابن فرج، وشمس الدين ابن أبي الفتح، وشرف الدين أبو الحسين اليونيني، وشرف الدين الفزاري الخطيب، وأخوه الشيخ تاج الدين، وولده الشيخ برهان الدين،

(49/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 257
والخطيب شمس الدين إمام الكلاسة، وشرف الدين سيف قاضي القدس، والشيخ علي الموصلي، وعلاء الدين ابن العطار، والقاضي شهاب الدين أحمد بن الشرف حسن، والقاضي نجم الدين أحمد الدمشقي، وخلق كثير في الأحياء بمصر والشام. ورحل إليه غير واحد، وتفرد بالكثير. وذهب بصره في أواخر عمره. قال ابن الخباز: حدثني يوم موته الشيخ حسن بن أبي عبد الله الأزدي الصقلي أن الشيخ محمد بن عبد الله المغربي قال: رأيت البارحة كأن الناس في الجامع، فإذا ضجة فسألت عنها، فقيل لي: مات هذه الليلة مالك بن أنس رحمه الله. فلما أصبحت جئت إلى الجامع وأنا مفكر، فإذا إنسان، ينادي: رحم الله من صلى أو حضر جنازة زين الدين ابن عبد الدائم. قلت: المعروف بالمنام هو محمد بن صالح الهشكوري خطيب جامع جراح، والله أعلم. وحدثنا أبو بكر بن أحمد في سنة ثلاث وسبعمائة قال: رأيت أبي، رحمه الله، في الليلة التي دفناه فيها، فأقسمت عليه: أخبرني ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي وأدخلني الجنة. توفي، رحمه الله، لتسع خلون من رجب. وقد أخبرنا أحمد بن العادل قال: أنا ابن عبد الدائم سنة سبع عشرة وستمائة، فذكر حديثا.

(49/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 258
261 - أحمد بن عمر بن محمد بن كاكا. أبو العباس الزنجاني، ثم الدمشقي. حدث عن حنبل المكبر. وكتب عنه الطلبة. ومات في المحرم. 262 - إبراهيم بن أحمد بن علي بن حسين. تاج الدين أبو البركات، إمام جامع قليوب الأنصاري، المصري، الشافعي. ولد سنة ستمائة. وسمع من: أبي الحسين محمد بن أحمد بن جبير البلنسي، وغيره. وحدث. وتوفي في شوال بمصر. 263 - إبراهيم بن محمد بن صالح. القطيعي، الدقاق. سمع: أحمد بن صرما. وحدث. أجاز للبرهان الجعبري. وتوفي يوم عاشوراء.

(49/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 259
264 - إدريس بن أبي عبد الله بن أبي حفص بن عبد المؤمن. الملك أبو العلاء الواثق بالله، أبو دبوس. صاحب المغرب القيسي المؤمني، آخر ملوك بني عبد المؤمن. تغلب على الأمر، وتوثب على ابن عمه عمر، وقتله في سنة خمس وستين. وكان شهما شجاعا مقداما. خرج عليه أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق سيد آل مرين وصاحب تلمسان، فجرت بينهم حروب إلى أن قتل أبو دبوس في المحرم بظاهر مراكش في المصاف. واستولى المريني على مملكة المغرب، وانقضت دولة آل عبد المؤمن. 265 - إسماعيل بن يحيى بن أبي الوليد. الإمام، أبو الوليد الأزدي، الغرناطي، العطار، المقرئ. تلا بالسبع على الخطيب أبي بكر بن حسنون الحميري صاحب شريح وانفرد بالإجازة من أبي بكر بن عطية المحاربي. وأسمع في صغره. وروى أيضا عن: الحافظ عبد الرحيم بن الفرس، وأبي جعفر بن حكم. وله فلاحة وعقار. قرأ عليه بالسبع: أبو جعفر بن الزبير. وأضر بأخرة وهرم. ورخه ابن الزبير، وعاش أربعا وثمانين سنة.

(49/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 260
266 - أيبك. الأمير عز الدين الظاهري، نائب حمص. توفي بها في صفر. وكان غشوما ظلوما. 267 - أيبك. الأمير عز الدين الصالحي، الزراد، متولي قلعة دمشق. توفي في ذي القعدة. وكان مهيبا محتشما، حسن السيرة. 268 - أيوب بن محمود بن نصر الله. صفي الدين ابن البعلبكي، الدمشقي. رحل وسمع من عبد السلام الداهري، وابن روزبة، وأبي الحسن القطيعي، والأنجب بن أبي السعادات، وجماعة. كتب عنه: ابن ابحباز، وابن نفيس، والطلبة. مات في صفر في ربيع الآخر.
- حرف الحاء -
269 - الحسن بن أبي البركات علي بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن أبي الفتح بن أبي السنان.

(49/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 261
الشيخ عماد الدين أبو محمد، ويسمى عبد الرحيم أيضا، ويعرف بابن الحدوس الموصلي. ولد سنة إحدى عشرة. وسمع ببغداد من عبد السلام بن سكينة، وغيره. وحدث. ومات بمصر.
- حرف الدال -
270 - داود بن سليمان بن علي بن سالم. أبو سليمان بن الحموي، الدمشقي، الشافعي، العدل. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وحدث عن: حنبل. وهو من بيت العدالة والرواية. توفي فجأة في سادس ذي الحجة بدمشق.
- حرف الراء -
271 - ريحان الحبشي. مولى التقي صالح بن الخضر، المقرئ. روى عن: مكرم، وغيره. ومات بالقاهرة في شعبان.
- حرف السين -
272 - سعد الله بن أبي الفضل بن سعد الله بن أحمد بن سلطان. أبو محمد التنوخي، الدمشقي، الشافعي، البزار.

(49/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 262
ولد في أول سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: عبد اللطيف بن إسماعيل، وحنبل بن عبد الله. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وأبو عبد الله بن الزراد، وجماعة. ومات في رابع شوال.
- حرف الصاد -
273 - صالح بن الخضر بن حاتم. تقي الدين، أبو البقاء ابن قمر الدولة الأنصاري، المصري، المقرئ، الشافعي، الضرير. سمع الكثير، وحدث عن: مكرم بن أبي الصقر. ومات بقليوب في رمضان. 274 - صالح بن الحسين بن طلحة بن الحسين بن محمد. القاضي الجليل، الإمام، تقي الدين، أبو البقاء الهاشمي، الجعفري، الزينبي. ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وسمع من: علي بن البنا، وغيره. وحدث. وكان رئيسا نبيلا، عارفا بالأدب. ولي قضاء قوص مدة. وله خطب ونظم ونثر وتصانيف. وأنحس نفسه بولاية نظر قوص، وفاعل ذلك منقوص. حدث عنه الدمياطي.

(49/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 263

- حرف العين -
275 - عبد الله بن عبد الرحمن بن سلامة بن نصر بن مقدام بن نصر. أبو محمد الحنبلي، المقدسي، السراج. ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وحدث عن: حنبل. وولي حسبة قاسيون. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، وجماعة. مات في تاسع ذي الحجة. 276 - عبد الصمد بن يوسف بن منصور بن يوسف. سديد الدين أبو محمد السعدي، الشامي، ثم المصري. توفي عن إحدى وثمانين سنة بالقاهرة. روى شيئا عن علي بن محمد بن رحال. 277 - عبد الرحمن بن الحافظ أبي محمد عبد الله بن سليمان بن حوط الله. الفقيه أبو عمر الأنصاري، الأندي، الأندلسي. سمع ' صحيح البخاري ' من أبي العباس بن مقدام صاحب شريح. وأجاز له خلق بإفادة أبيه وعمه. وسمع من طائفة. مات في المحرم، وقارب السبعين. 278 - عبد المغيث بن عبد الكريم بن أبي الفضائل. محيي الدين، أبو الفرج الأنصاري، الدلاصي، الصعيدي.

(49/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 264
ولد سنة إحدى وستمائة. من الحافظ ابن المفضل. وتوفي في الثالث والعشرين من ربيع الأول. 279 - عثمان عز الدين بن الشيخ الوجيه بن منجا. أكبر أولاد أبيه ؛ توفي شابا طريا إلى رحمة الله في جمادى الآخرة وشيعه الأعيان. ورخه شمس الدين ابن الفخر فقال: توفي صاحبي عز الدين وعمل عزاؤه بالمسمارية. 280 - علي بن الحسن بن الفرج بن النعمان بن محبوب. تقي الدين. المعري الأصل، البعلبكي. الفقيه الشافعي. كان فاضلا، حسن الأخلاق والعشرة. توفي بدمشق في ربيع الآخر، رحمه الله تعالى، وقد ناهز الستين. 281 - علي بن أبي طالب بن محمد. الشريف علاء الدين الحسيني، الموسوي، الدمشقي. ولد سنة ثمان وتسعين. وسمع من: أبي اليمن الكندي. وكان عدلا حسن الشكل. توفي في ذي القعدة. وهو والد المسند موسى بن علي الشاهد شيخنا. وكان شيخا بالمقدمية للإقراء. 282 - عمر بن محمد بن أبي سعد بن أحمد.

(49/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 265
الواعظ، العالم، بدر الدين، أبو حفص الكرماني الأصل، النيسابوري، التاجر. ولد بشاذياخ نيسابور في تاسع المحرم سنة سبعين وخمسمائة. وكان يمكنه أن يسمع من عبد المنعم بن الفراوي، وطبقته، وإنما سمع في الكهولة من القاسم بن عبد الله الصفار. سمع منه الشطر الأول من ' مسند أبي عوانة '، وسمع منه ثلاثة مجالس المخلدي، و ' الأربعين ' لعبد الخالق بن زاهر. وحدث بدمشق ومصر. وعمر دهرا طويلا. قرأت بخط العلاء الكندي: حدثني الواعظ بدر الدين النيسابوري قال: حفظت ' مقامات الحريري '، وكان أبي يغلق علي باب غرفة كل ليلة حتى أكرر على كل كتاب. ولا نعلم أحدا روى عن الصفار بالسماع بعده. روى عنه: الدمياطي، وابن فرج، وإمام الحنابلة، وابن الخباز، وابن الزراد، ونبيه الحلبي، وعز الدين محمد بن العز، وعلي بن محمد بن المهتار، وخلق من هذه الطبقة. وقد روى عنه الشيخ شمس الدين عبد الرحمن مع تقدمه. وتوفي بدمشق في ليلة الحادي والعشرين من شعبان، وقد قارب المائة. وسماعه صحيح مع الشيخ الضياء.
- حرف الكاف -
283 - كريمة بن أبي المنى بن سعد بن الحسن. النجيب النابلسي. ولد سنة اثنتين وتسعين.

(49/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 266
وروى بالأرض المقدسة وغيرها عن أبي جعفر الصيدلاني بالإجازة. سمع منه: ابن الخباز.
- حرف الميم -
284 - محمد بن إبراهيم بن عياش. أبو عبد الله السلاوي. سمع: ابن البن، وابن صصرى. وعاش سبعين سنة. روى عنه: شيخنا الدمياطي. 285 - محمد بن أحمد بن عمر. العلامة جلال الدين العيدي، البخاري، الحنفي. أحد شيوخ أبي العلاء الفرضي. تفقه على حسام الدين محمد بن محمد الأخشيكتي، وحميد الدين علي الرامشي، وعلى حافظ الدين. وحصل المذهب. وكان ذا معرفة تامة بالفقه والأصلين، ودرس وأفتى. وقال البخاري: أظنه في رمضان سنة ثمان بكلاباذ. 286 - محمد بن أبي الفتح الحسن الحافظ الكبير ثقة الدين أبي القاسم علي بن هبة الله بن عساكر. شمس الدين، أبو عبد الله الدمشقي. ولد سنة ثلاث وتسعين ؛ وسمع من عمه القاسم فيما أحسب.

(49/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 267
وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، ومحمد بن الزنف، والكندي، وست الكتبة بنت الطراح. وحدث بدمشق وبمصر مدة. أكثر عنه الشريف عز الدين والمصريون. ومات بدمشق في سابع صفر. روى عنه: الدمياطي، وابن ابحباز، وجماعة. 287 - محمد بن داود بن أبي العباس خمار بن محمود بن غازي. الشيخ شهاب الدين، أبو بكر الأنصاري، المصري، المقرئ. ولد سنة ستمائة. وقرأ القرآن بالروايات وأتقنها، وتصدر بجامع مصر لإقرائها. وكان دينا، خيرا، ساكنا، لا أعلم على من قرأ. وقد روى اليسير عن مكرم. ومات في رابع شوال، رحمه الله تعالى. 288 - محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي. الشيخ شمس الدين ابن العماد، أخو شيخنا العز. ولد سنة سبع وستمائة. وسمع من: ابن ملاعب، والموفق، وابن راجح، وموسى بن عبد القادر، وابن البن، والعز محمد بن الحافظ، وابن أبي لقمة، وجماعة. وهو والد صاحبنا الفقيه عبد الحميد. سمع منه: ابن الخباز، وابن نفيس، وابنه عبد الحميد. وكان فقيها إماما، زاهدا، قدوة، قوالا بالحق، كثير الخير. توفي رحمه الله في رمضان.

(49/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 268
289 - محمد الوزير. فخر الدين، أبو عبد الله ابن الصاحب الوزير بهاء الدين علي ابن القاضي السديد محمد بن سليم المصري، الشافعي، ابن حنا. سمع من: أبي الحسن بن المقير. وحدث، ودرس بمدرسة والده ؛ وعمر رباطا كبيرا بالقرافة، ووقف عليه ما يقوم بالفقراء. وكان دينا فاضلا، محبا لأهل الخير، مؤثرا لهم. توفي في شعبان. وهو أبو الصاحب تاج الدين محمد. شيعه خلق كثير. وقد روى عنه الدمياطي شيئا من نظمه. 290 - محمد بن عمر بن أبي القاسم أحمد بن أحمد بن محمد. الشريف، شيخ القراء، أبو البدر العباسي، الرشيدي، الواسطي، المعروف بابن الداعي. قرأ بالروايات علي: ابن البلاقاني، وابن الكمال، وأبي جعفر بن زريق، وأبي طالب، وأبي طالب بن عبد السميع. وحدث عن أبي الجوزي بكتاب ' جامع المسانيد ' وغير ذلك.

(49/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 269
وسمع ' الغيلانيات ' من المندائي. وحدث بجزء ابن عرفة عن ابن كليب. وأجاز له ذاكر بن كامل، وابن بوش، وابن كليب، وعدة. وتصدر للإقراء، وحمل عنه جماعة القراءآت كالشيخ علي خريم، وابن غزال، وابن المحروق. وبالإجازة شيخنا البرهاني الجعبري. ولد في المحرم سنة سبع وسبعين، وتوفي في ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وستمائة. 291 - محسن. الحبشي، الصالحي، الطواشي. سمع الكثير من أصحاب السلفي كابن رواج، وابن الحميري. وحصل الأصول، وتقدم عند الملك الصالح نجم الدين أيوب، وبعده ثم سافر إلى المدينة المنورة فجاور وتقدم على الخدام. ثم رجع إلى مصر. توفي في العشرين من شعبان. 292 - منصور بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن منصور. أبو محمد القرشي، البالسي، ثم الدمشقي، الكاتب. قال الشريف عز الدين: ولد سنة ستمائة. وسمع من الكندي. وحضر حنبل بن عبد الله. ومات في مستهل ربيع الأول بالشقيف. روى عنه: الدمياطي وابن الخباز، وغيرهما. وكان أديبا شاعرا.

(49/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 270

- حرف الياء -
293 - يحيى بن تمام بن يحيى بن عباس بن أبي الفتوح بن تميم. الشيخ عماد الدين، أبو زكريا الحميري، الدمشقي. ولد سنة ست وستمائة. وسمع من: داود بن ملاعب، والشيخ الموفق. وحدث بدمشق ومصر. ومات في شعبان. وكان رئيسا سمحا جوادا. 294 - يحيى بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد. قاضي القضاة، أوحد الحكام، محيي الدين، أبو المفضل ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي المعالي ابن قاضي القضاة زكي الدين أبي الحسن ابن قاضي القضاة منتخب الدين أبي المعالي ابن القاضي أبي الفضل، القرشي، الدمشقي، الشافعي. ولد في الخامس والعشرين من شعبان سنة ست وتسعين وخمسمائة. وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وابن الحرستاني، وجماعة.

(49/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 271
وتفقه على: فخر الدين ابن عساكر، وغيره. وولي قضاء دمشق غير مرة، ولم تطل ولايته. وكان صدرا، رئيسا محتشما، نبيلا، جليلا، معرقا في القضاء. وحدث بدمشق ومصر، وكتب عنه غير واحد. روى عنه الدمياطي في ' معجمه ' وساق نسبه إلى عثمان رضي الله عنه، ولا أعلم لذلك صحة. فإني رأيت الحافظ ابن عساكر قد ذكر جده لأمه القاضي أبا المفضل يحيى بن علي المذكور، وذكر ابنه المحتسب وغيرهما، ولم يتجاوز القاسم بن الوليد. وقال في جده المعروف بابن الصائغ: القرشي قاضي دمشق. ولم يقل لا الأموي ولا العثماني. ثم إني رأيت كتاب وقف لبني الزكي، وهو وقف من جدهم عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد القرشي. وقد وقفه في سنة نيف وسبعين ومائتين، ولم يزد في نسبه ولا نسبته على هذا، ولا سمى للوليد أبا، ولا ذكر أنه أموي، والذي زعم أنه عثماني قال فيه: الوليد بن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان. والله أعلم بحقيقة ذلك. فإن المعروف من ذلك أن المتقدمين يحفظون أنسابهم ويرفعونها. فإذا طالت السنون والأحقاب على الأعقاب نسيت وأهملت واجتزئ بالنسبة إلى القبيلة، فقيل القرشي والقيسي والهمداني وأما بالعكس فلا، فإنا لم نر هذا الواقف القديم الذي كان بعد السبعين ومائتين رفع في نسبه فوق ما ذكر في كتاب وقفه. ولا رأينا أحدا من أولاده وهلم جرا إلى زمان قاضي القضاة زكي الدين أبي الحسن يذكرون أنهم أمويون ولا عثمانيون. وإنما هو أمر لم ينقل عن أهل هذا البيت الطيب فينبغي أن يصان عن الزيادة والانتساب إلى غير جدهم إلا بيقين ولو ثبت ذلك لكان فيه مفخر وشرف. روى عنه: ابن الخباز، وشرف الدين ابن أبي الفتح، وشمس الدين بن الزراد، وجماعة.

(49/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 272
وقال الشيخ قطب الدين: كان له في الفقراء عقيدة. وصحب الشيخ محيي الدين ابن العربي وله فيه عقيدة تجاوز الوصف. قال: وحكي لي عنه أنه كان يفضل عليا على عثمان رضي الله عنهما، كأنه كان يقتدي في ذلك بابن العربي. وله قصيدة في مدح علي، رضي الله عنه: منها:
(أدين بما دان الوصي ولا أرى .......... سواه وإن كانت أمية محتدي)

(ولو شهدت صفين خيلي لأعذرت .......... وسآء بني حرب هنالك مشهدي)
قلت: وقد سار إلى هولاكو فولاه قضاء الشام وغيرها، وخلع عليه خلعة سوداء مذهبة خليفتية، وبدت منه أمور. والله يسامحه. وكان لهجا بالنجوم وأشياء لا أقولها. بحيث أنه دخل ببنت سناء الملك لأجل الطالع وقت الظهر، ولم نسمع بعرس في هذه الساعة، ثم بعد ليال ماتت هذه العروس، فنقل التاج ابن عساكر أنها ماتت فجأة. سقوها دواء يزيل العقل ليفتضها الزوج فقلقت، فيا شؤمه افتضاضا عليها. وقد أمره السلطان بالسكنى بديار مصر. وتوفي بمصر في رابع عشر رجب سنة ثمان، ودفن بسفح المقطم عن أحد عشر ولدا، وهم: علاء الدين أبو العباس أحمد، وقاضي القضاة بهاء الدين يوسف، وزكي الدين حسين، وشرف الدين إبراهيم، وعز الدين عبد العزيز،

(49/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 273
وتقي الدين عبد الكريم، وكمال الدين عبد الرحمن إمام محراب الصحابة، وزينب شيختنا، وست الحسن، وعائشة وفاطمة. وأولهم وفاة زكي الدين بعد أبيه بقليل. 295 - يعقوب بن عبد الرفيع بن زيد بن مالك. الصاحب، زين الدين الأسدي، الزبيري، من ولد عبد الله بن الزبير، رضي الله عنهما. ولد سنة بضع وثمانين وخمسمائة، ومات في ربيع الآخر. ذكره قطب الدين فقال: كان إماما فاضلا، ممدحا، كثير الرئاسة. وزر للملك المظفر قطز، ثم وزر للملك الظاهر في أوائل دولته، ثم عزل بابن حنا فلزم بيته. وله نظم جيد. * * *

(49/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 274
وفيها ولد: بدر الدين محمد بن أحمد بن بصحان ابن السراج الدمشقي، المقرئ، وكمال الدين عبد الرحمن بن القاضي محيي الدين يحيى بن الزكي القرشي في رجب، وعلاء الدين علي بن إسماعيل بن المقداد، وشمس الدين عبد الأحد بن سعد الله بن نجيح الشافعي، ومحمد ابن شيخنا الزين أبي بكر، والفخر عثمان بن عمر الحرستاني المؤذن، وصلاح الدين يوسف بن محمد بن المغيزل، وفخر الدين عثمان بن محمد بن قاضي حماة ابن البارزي، ونجم الدين علي بن داود القحفازي، وقاضي القضاة علاء الدين القونوي، وقاضي الحنابلة تقي الدين عبد الله بن محمد بن أبي بكر الديراني، والناصح النقيب محمد بن عبد الرحيم، والفخر عثمان بن محمد قاضي حماة نجم الدين عبد الرحيم ابن البارزي، وعلي بن أحمد بن محمد بن النجيب الخلاطي، والشيخ أحمد بن جملة في رجب، وإبراهيم بن محمد أخو المقريزي، وقاضي العراق قطب الدين محمد بن عمر الفضلي الشافعي، المعروف باحوبن، والشيخ صدر الدين سليمان بن يحيى بن إسرائيل البصروي مدرس الخاتونية، والقاضي فخر الدين محمد بن محمد بن مسكين المصري، في شوال منها.

(49/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 275

سنة تسع وستين وستمائة

- حرف الألف -
296 - أحمد بن عبد الله بن عزاز بن كامل. العلامة زين الدين، أبو العباس المصري، النحوي، المعروف بابن قطنة. كان من أئمة العربية المتنصبين لإقرائها بمصر. توفي في ربيع الآخر، وقد نيف على السبعين. انتفع به جماعة. 297 - أحمد بن القاضي الأعز أبي الفوارس مقدام بن أحمد بن شكر. القاضي الأجل، كمال الدين أبو السعادات المصري، أحد كبراء البلد. له عقل ودهاء ورأي، وفيه حشمة وسؤدد. وعين للوزارة. وله نظم حسن. وتوفي ليلة السادس والعشرين من رمضان. 298 - إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان بن عباس. أبو إسحاق المقدسي، المقرئ. ولد سنة إحدى وتسعين.

(49/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 276
وسمع من: أبي الفضل محمد بن الحصيب، وداود بن ملاعب، وغيرهما. وكتب عنه الطلبة، ومات بالصنمين في أول رجب راجعا من الحج. وهو أخو الشيخ شهاب الدين أبي شامة. 299 - إبراهيم بن المسلم بن هبة الله بن البارزي. الحموي، القاضي شمس الدين. أحد الأئمة الفضلاء ببلده. ولد سنة ثمانين وخمسمائة. وكان فيه دين وورع. قرأ على أبي اليمن الكندي. وصحب الفخر ابن عساكر وتفقه به، وأعاد له. ودرس بالرواحية بدمشق، ثم درس بحماة، وولي قضاءها إلى أن مات. وقد درس أيضا بالمعرة. وكان محمود السيرة في القضاء، وله شعر، وفضائل. ولي قضاء حماة بضع عشرة سنة. توفي في شعبان [من هذه السنة]. روى عنه: حفيده قاضي القضاة شرف الدين هبة الله شيخنا، وقاضي القضاة ابن جماعة، وثنا أنه قرأ عليه ' التنبيه ' دروسا، وأنه حفظ ثلث ' النهاية ' لإمام الحرمين، وغير ذلك، وأنه كان يصوم الدهر ويقوم الليل، رحمه الله تعالى.

(49/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 277
300 - إسحاق بن محمود بن بلكويه بن أبي الفيّاض. الشيخ شمس الدين، أبو إبراهيم البروجردي، الصوفي، المشرف.

(49/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 278
من أكابر مشايخ الصوفية وقدمائهم ؛ ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة ببروجرد. وسمع ببغداد من: أبي طاهر لاحق بن قندرة، وعمر بن طبرزد، وعبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر، وأبي تراب يحيى بن إبراهيم الكرخي، وعبد الباقي بن عبد الجبار الهروي. وسمع بالقاهرة من: أبي الحسن بن المفضل الحافظ، ومحمد بن الحسن اللرستاني، وجماعة. وكان يكتب خطا جيدا، ونسخ الكثير، وصحب شيخ الشيوخ أبا الحسن محمد بن حمويه. خرج له أبو بكر محمد بن عبد العظيم المنذري ' مشيخة ' في جزء. روى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان، والأمير علم الدين الدواداري، ومحمد بن عالي الدمياطي، وأحمد بن عبد المحسن بن رفعة، والمصريون. ومات في خامس المحرم بالقاهرة. وقال جمال الدين ابن الصابوني: سمعت منه، وهو ثقة نبيل، لديه فضل، ولي إشراف الخانكاه مدة، رحمه الله تعالى. 301 - إسرائيل بن أحمد بن أبي الحسين بن علي بن غالب. القرشي، العرضي، الدمشقي، التاجر، الطبيب. سمع من: الحافظ عبد العزيز بن الأخضر. وحدث بدمشق، ومصر. وتوفي في سابع رمضان بدمشق. روى عنه: الدمياطي.

(49/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 279

- حرف الحاء -
302 - حسن بن أبي عبد الله بن صدقة بن أبي الفتوح. الإمام، المقرئ، الزاهد، أبو علي الأزدي، الصقلي. ولد سنة تسعين وخمسمائة. وقرأ القراءآت على أبي الحسن السخاوي واستوطن دمشق. وروى بالإجازة عن: المؤيد الطوسي، وأبي روح الهروي، وزينب الشعرية، وكان من السادة العباد، صاحب أوراد وإخلاص ومشاركة في العلوم. وكان صديقا للشيخ زين الدين الزواوي. وسمع من جماعة من أصحاب الحافظ ابن عساكر كأبي إسحاق ابن الخشوعي وأقرانه. وأقرأ وأفاد. روى عنه: ابن الخباز، وأبو الحسن ابن العطار، وغيرهما. وتوفي إلى رضوان الله في ليلة الثاني والعشرين من ربيع الآخر. وذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان من السادات في تعبده وزهده وتقلله من الدنيا، وافر الحرمة، ساعيا في قضاء الحوائج والحقوق، له مهابة وقبول تام

(49/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 280
303 - حسين القاضي زكي الدين ابن قاضي القضاة محيي الدين، يحيى. الزكوي. كان فاضلا نبيلا، إماما، مفتيا. مات شابا عن سبع وعشرين سنة في صفر. وله شعر.
- حرف السين -
304 - ساعد بن سعد الله بن ثلاج. أبو سعد المحجي، الصالحي. حدث عن: ابن الزبيدي، والفخر الإربلي. ومات في ذي القعدة. روى لنا عنه: أبو الحسن بن العطار. 305 - سامة بن كوكب. السوادي، والد الشهاب أحمد، وجد المحدث شمس الدين. فقير متعفف قنوع. من سكان جبل الصالحية. يروي عن: ابن اللتي. كتب عنه: ابنه، وابن الخباز.

(49/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 281
306 - سنجر الصيرفي. الأمير علم الدين. من كبار الأمراء بمصر. ثم نقل إلى الشام. توفي كهلا في صفر ببعلبك، رحمه الله تعالى. 307 - سنجر الأمير قطب الدين. المستنصري، البغدادي، المعروف بالياغز. أحد مماليك المستنصر فلما أخذ هولاكو بغداد هرب إلى الشام. وكان محترما في الدولة الظاهرية، وعنده نباهة، وفضل. مات في صفر.
- حرف العين -
308 - عائشة بنت المحدث محمد بن جبريل بن عزاز. أم عبد الرحمن الأنصارية، الشارعية. روت عن: مكرم. وماتت في سلخ جمادى الأولى. 309 - عباس الملك الأمجد تقي الدين

(49/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 282
ولد السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب. كان آخر إخوته وفاة. وكان جليل القدر محترما عند الملوك لاسيما عند الملك الظاهر، لا يترفع عليه أحد في المجلس ولا في الموكب. وكان دمث الأخلاق حسن العشرة حلو المجالسة، رئيسا سريا. توفي في جمادى الآخرة، ودفن بالتربة التي له بقاسيون. وقد حدث عن: التاج الكندي، والبكري. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وجماعة. رحمه الله تعالى. 310 - عبد الله بن أحمد بن عبد الواحد بن الحسين بن أبي المضاء. شمس الدين أبو بكر البعلبكي، محتسب بعلبك. عاش ثمانين سنة أو أكثر، وأصابه خلط وصرع، وكان يعتريه. ومات رحمه الله في جمادى الآخرة. 311 - عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر. المفتي العلامة، سراج الدين الشرمساحي، البصري، الفقيه المالكي. مدرس المستنصرية. من كبار أئمة المذهب، وكان زاهدا صالحا متصوفا. مات في جمادى الآخرة، وله سبعون سنة.

(49/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 283
وقد روى الحديث. سمع منه: ابن خروف الموصلي، وغيره. ودرس بعده بالمستنصرية أخوه علم الدين. 312 - عبد الله بن علي بن عبد الحفيظ. الشريف أبو محمد الحسيني، الكلثمي، المصري. ولد سنة لرر وتسعين. وحدث عن: علي بن البنا المكي. توفي في ربيع الأول. 313 - عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن نصر بن محمد بن سبعين. القرشي، المخزومي، الشيخ قطب الدين، أبو محمد المرسي، الرقوطي، الصوفي.

(49/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 284
كان صوفيا على قاعدة زهد الفلاسفة وتصوفهم. وله كلام كثير في العرفان على طريق الإتحاد والزندقة، نسأل الله السلامة في الدين. وقد ذكرنا محط هؤلاء الجنس في ترجمة ' ابن الفارض ' و ' ابن العربي '، وغيرهما. فيا حسرة على العباد كيف لا يغضبون لله تعالى، ولا يقومون في الذب عن معبودهم، تبارك اسمه، وتقدست ذاته، عن أن يتمزج بخلقه أو يحل فيهم، وتعالى الله عن أن يكون هو عين السماوات والأرض وما بينهما. فإن هذا الكلام شر من مقالة من قال بقدم العالم، ومن عرف هؤلاء الباطنية عذرني، أو هو زنديق مبطن للاتحاد ويذب عن الاتحادية والحلولية، ومن لم يعرفهم فالله يثيبه على حسن قصده. وينبغي للمرء أن يكون غضبه لربه إذا انتهكت حرماته أكثر من غضبه لفقير غير معصوم من الزلل. فكيف بفقير يحتمل أن يكون في الباطن كافرا، مع أنا لا نشهد على أعيان هؤلاء بإيمان ولا كفر لجواز توبتهم قبل الموت. وأمرهم مشكل، وحسابهم على الله. وأما مقالاتهم فلا ريب في أنها شر من الشرك، فيا أخي ويا حبيبي اعط القوس باريها، ودعني ومعرفتي بذلك، فإنني أخاف الله أن يعذبني على سكوتي، كما أخاف أن يعذبني على الكلام في أوليائه. وأنا لو قلت لرجل مسلم: يا كافر، لقد بؤت بالكفر، فكيف لو قلته لرجل صالح أو ولي لله تعالى؟ ذكر شيخنا قاضي القضاة تقي الدين ابن دقيق العيد قال: جلست مع ابن سبعين من ضحوة إلى قريب الظهر وهو يسرد كلاما تعقل مفرداته ولا تعقل مركباته. قلت: واشتهر عنه أنه قال: لقد تحجر ابن آمنة واسعا بقوله: لا نبي بعدي. وجاء من وجه آخر عنه أنه قال: لقد زرب ابن آمنة حيث قال: لا نبي بعدي.

(49/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 285
فإن كان ابن سبعين قال هذا فقد خرج به من الإسلام، مع أن هذا الكلام في الكفر دون قوله في رب العالمين أنه حقيقة الموجودات ؛ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وذكره الشريف عز الدين فقال: له تصانيف عدة ومكانة مكينة عند جماعة من الناس. وأقام بمكة سنين عديدة. قلت: وحدثني فقير صالح أنه صحب فقراء من السبعينية فكانوا يهونون له ترك الصلاة وغير ذلك. اللهم احفظ علينا إيماننا واجعلنا هداة مهتدين. وحصن رقوطة من أعمال مرسية. وسمعت أن ابن سبعين فصد يديه وترك الدم يخرج حتى تصفى، ومات والله أعلم بصحة ذلك. وكان موته بمكة في الثامن والعشرين من شوال، وله خمس، وخمسون سنة، فإنه ولد في سنة أربع عشرة. اللهم يا ربنا ورب كل شيء، إن كان هذا الشخص وأضرابه يعتقدون أنك عين مخلوقاتك، وأن ذاتك المقدسة البائنة من الخلق هي حقيقة ما أبدعت وأوجدت من العدم، فلا ترحمهم ولا ترض عنهم. وإن كانوا يؤمنون بأنك رب العالمين وخالق كل شيء، وأن مخلوقاتك غيرك بكل حال وعلى أي تقدير، فاغفر لهم وارحمهم. فإن من كلامهم: ما ثم غير وما في الكون سوى الله. وما أنت غير الكون بل أنت عينه تعاليت يا إلهنا عن ذلك، بل وما أنت عين الكون بل أنت غيره، ويفهم هذا كل من هو مسلم. ويقولون إن الله تعالى هو روح الأشياء، وإنه في الموجودات سار كالحياة في الجسم. ويقولون إن الموجودات مظاهر له، وإنه يظهر فيها. كما قال رمضان

(49/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 286
التوزي، معثر عرف بالجوبان القواس:
(مظاهر الح (.... ..............) فيها فلا يحد)

(ف (...) لا يكاد يخفى .......... وظاهر لا يكاد يبدو)

(نشهده بين ذا وهذا .......... بأعين منه تستمد)

(إن بطن العبد فهو رب .......... أو ظهر الرب فهو عبد)

(فعين كن عين زل .......... وجودا قبض وبسط أخذ ورد)

(مراتب الكون ثابتات .......... وهو إلى حكمها المرد)
وقال الشيخ صفي الدين الأرموي الهندي: حججت في حدود سنة ست وستين، وبحثت مع ابن سبعين في الفلسفة فقال لي: لا ينبغي لك الإقامة بمكة. فقلت: كيف تقيم بها أنت؟ فقال: انحصرت القسمة في قعودي بها، فإن الملك الظاهر يطلبني بسبب انتمائي إلى أشراف مكة، واليمن صاحبها له في عقيدة، ولكن وزيره حشوي يكرهني. قال صفي الدين: وكان داوى صاحب مكة فصارت له عنده مكانة بذلك ويقال إنه نفي من المغرب بسبب كلمة كفر صدرت منه، وهي أنه قال: لقد تحجر ابن آمنة في قوله: لا نبي بعدي. قلت: وإن فتحنا باب الاعتذار عن المقالات وسلكنا طريقة التأويلات المستحيلات لم يبق في العالم كفر ولا ضلال، وبطلت كتب الملل والنحل واختلاف الفرق. وقد ذكر الغزالي رحمه الله في كتاب ' مشكاة الأنوار ' فصلا في حال الحلاج فأخذ يعتذر عما صدر منه مثل قوله: أنا الحق. وقول الآخر: ما في الجبة إلا الله. وهذه الإطلاقات التي ظاهرها كفر، وحملها على محامل سائغة، وأولها وقال: هذا من فرط المحبة وشدة الوجد، وإن ذلك كقول القائل: أنا من أهوى ومن أهوى أنا.

(49/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 287
قلت: بتقدير صحة العقيدة فلا كلام، وإنما الكلام فيمن يقول: العالم هو الله، كقوله في الفصوص إنه عين ما ظهر وعين ما بطن، وهو المسمى بأبي سعيد الخرّاز، وغير ذلك من أسماء المحدثات. ومن طالع كتب هؤلاء علم علما ضروريا بأنهم اتحادية، مارقة من الدين، وأنهم يقولون: الوجود الواجب القديم الخالق هو الممكن المخلوق ما ثم غير ولا سوى. ولكن لما رأوا تعدد المخلوقات قالوا: مظاهر ومجالي. فإذا قيل لهم فإن كانت المظاهر أمرا وجوديا تعدد الوجود. وإلا لم يكن لها حينئذ حقيقة. وما كان هكذا تبين أن الموجود نوعان خالق ومخلوق. قالوا: نحن ثبت عندنا بالكشف ما يناقض صريح العقل. ومن أراد أن يكون عارفا محققا فلا بد أن يلتزم الجمع بين النقيضين، وإن الجسم لواحد يكون في وقت واحد في موضعين. 314 - عبد الحميد بن رضوان بن عبد الله. أبومحمد المصري، الشافعي، الجراحي. ولد في سنة ثمانين وخمسمائة في مستهل صفر بالقاهرة. وذكر أنه قرأ القرآن على أبي الجود، وأنه سمع على أبي القاسم البوصيري. وقد روى عن ابن اللتي يسيرا. وتوفي في المحرم ودفن بقاسيون. وكان أديبا فاضلا يلقب مجد الدين. روى عنه: ابن الخباز، وغيره. وقرأ عليه ابن فرح كتاب ' شرح السنة ' بروايته عن القزويني.

(49/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 288
315 - عبد الكريم بن ناصر. أبو الكرم الدعجاني، المصري، المؤذن، المعروف بكريم. ولد في حدود الثمانين وخمسمائة. وروى عن: أبي نزار ربيعة اليمني. وتوفي في رجب. حدثني الحافظ أبو العباس الحلبي قال: ذكر الطلبة لعبد الكريم فقالوا: قد سماك الحافظ عبد العظيم كريم، وذلك لأجل الكاف فإنها عزيزة فقال: أيطيب له أن يسميه أحد عظيم. 316 - عبد الوهاب بن القاضي أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الحسين. زين القضاة، أبو المكارم بن الجباب السعدي، المصري، العدل. ولد في أول سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من محمد بن أحمد بن جبير الكناني، وابن باقا. وحدث. توفي في جمادى الأولى. 317 - علي بن مؤمن بن محمد بن علي.

(49/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 289
المعروف بابن عصفور. العلامة، أبو الحسن الحضرمي، الإشبيلي، حامل لواء العربية بالأندلس. حمل وأخذ عن الأستاذ أبي الحسن الدباج، ثم عن الأستاذ أبي علي الشلوبين. وتصدر للإشغال مدة. ذكر أبو عبد الله محمد بن حيان الشاطبي في ' تاريخه ' قال: لازم ابن عصفور أبا عليّ نحوا من عشرة أعوام إلى أن ختم عليه ' كتاب ' سيبويه في نحو السبعين طالبا. قال الإمام أبو حيان: الذي نعرفه أنه ما أكمل عليه الكتاب أصلا. وكان أصبر الناس على المطالعة لا يمل من ذلك. وله تواليف منها: ' المقرب '، (.......) ن، وكتاب ' الممتع '، و ' المفتاح '، و ' الهلالي '، و ' الأزهار '، و ' إنارة الدياجي '، و ' مختصر الغرة '، و ' مختصر المحتسب '، و ' مفاخرة السالف والعذار '. ومما شرحه ولم يكمله: ' شرح المقرب '، (.....)، ' شرح الحماسة '،

(49/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 290
' شرح المتنبي '، ' سرقات الشعراء '، ' شرح الجزولي '، ' البديع '، وغير ذلك. وكان (....) بالنحو لا يشق غباره ولا يجارى. أقرأ بإشبيلية وبهريش، ومالقة، ولورقة، ومرسية. وولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة بإشبيلية. ومات بتونس في الرابع والعشرين من ذي القعدة. ولم يكن بذاك الورع في دينه، تجاوز الله عنا وعنه، فمما قاله ارتجالا:
(لما تدنست بالتفريط في كبري .......... وصرت مغرى بشرب الراح واللعس)

(رأيت أن خضاب الشيب أستر لي .......... إن البياض قليل الحمل للدنس)
ولابن عصفور من قصيدة في فرس كميت:
(هنيئا بطرف إذا ما جرى .......... تزى البرق يتعب في دائره)

(مصغر لفظ، ولكنه .......... يجل ويعظم في قدره)
قلت: كان بحرا في العربية يقرئ الكتب الكبار ولا يطالع عليها.

(49/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 291
وكان في خدمة أمير. أقرأ بعدة مدائن. قال ابن الزبير: لم يكن عنده ما يؤخذ عنه سوى ما ذكر يعني العربية ولا تأهل بغير ذلك، رحمه الله وعفى عنه. قلت: ولا تعلق له بعلم القراءآت ولا الفقه ولا رواية الحديث. وكان يخدم الأمير أبا عبد الله محمد بن أبي زكريا الهنتاني صاحب تونس. 318 - عمر بن حامد بن عبد الرحمن بن المرجا بن المؤمل. أبو حفص الأنصاري، القوصي، ثم الدمشقي، الشافعي، العدل. سمع من: عمر بن طبرزد، وحنبل، وجماعة بإفادة أخيه شهاب الدين إسماعيل. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وعلم الدين الدواداري، وجماعة. وكان أحد الشهود. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة، ومات في ثالث عشر ربيع الآخر. 319 - عمر بن عبد الله بن صالح بن عيسى.

(49/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 292
الإمام، أبو حفص السبكي، المالكي، قاضي القضاة سيف الدين. ولد سنة خمس وثمانين وخمسمائة. وتفقه على الإمام أبي الحسن المقدسي الحافظ. وصحبه مدة، وسمع منه، ومن القاضي عبد الله بن محمد بن مجلي. وولي الحسبة مدة بالقاهرة، ثم ولي القضاء حين جعلت أربعة قضاة. ودرس للمالكية بالصالحية. وأشغل وأفتى وانتهت إليه معرفة المذهب مع الدين والخير والأمانة. روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة، وبدر الدين ابن جماعة، وعلم الدين الدواداري، وغيرهم. وسبك العبيد بلد من أعمال الديار المصرية. توفي بالقاهرة في الخامس والعشرين من ذي القعدة وله أربع وثمانون سنة. 320 - عمر بن علي بن أبي بكر بن محمد بن بركة. الإمام العلامة، رضي الدين، أبو الرضا المصري، الحنفي، المعروف بابن الموصلي. ولد بميافارقين سنة أربع عشرة وستمائة. ودرس وأفتى، وبرع في المذهب. وشارك في الشعر والأدب، وكتب الخط المليح. وكان ذا رئاسة وتجمل ونبل. توفي في ثامن عشر رمضان بالقاهرة. 321 - عيسى بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن أحمد بن إبراهيم.

(49/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 293
الأمير شرف الدين، أبو محمد ابن الأمير أبي عبد الله الهكاري، الكردي. سمع بالمقدس كتاب ' الأحكام ' لعبد الحق، من أبي الحسن علي بن محمد بن جميل المعافري الخطيب، عن المصنف. وأجاز له عمر بن طبرزد، وغيره. روى عنه: شيخنا برهان الدين الإسكندراني، وغير واحد سمعوا منه الأحكام. وكان أحد الأبطال المشهورين بالشجاعة والإقدام. وله مواقف مشهودة ووقائع مع الفرنج، هذا مع الدين والكرم والمروءة والأوصاف الجميلة والرئاسة والحشمة. توفي في الثامن والعشرين من ربيع الآخر. وآخر من سمع منه الأحكام قاضي القضاة ابن جماعة. وكان مولده في سنة 593.
- حرف الميم -
322 - محمد بن أسعد بن عبد الرحمن. الشيخ الزاهد الصالح أبو عبد الله الهمداني، المجاور بمشهد عروة. كان كبير القدر، صاحب أوراد وعبادة وزهد وإقبال على الآخرة. حدث بالبخاري عن ابن الزبيدي. قرأه عليه الخطيب شرف الدين الفزاري.

(49/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 294
وسمع منه: قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وجماعة. وتوفي في صفر، وشيعه خلق، كبير. 323 - محمد بن إسماعيل بن عثمان بن المظفر بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين. الشيخ مجد الدين، أبو عبد الله بن عساكر، الدمشقي، الشافعي. ولد في حدود سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وأبي جعفر القرطبي، وحنبل، وابن طبرزد، والتاج الكندي، وغيرهم. وحدث بدمشق ومصر. روى عنه: ابن الخباز، (وبرهان الدين) الإسكندراني، والشيخ عبد الرحمن القرامزي، وعلاء الدين ابن العطار، وأحمد بن (....) المؤذن، وجماعة. وكان عدلا جليلا من بيت الرواية والرئاسة. وجده عثمان [بن المظفر بن عبد الله]. وهو آخر من روى كتاب ' التجريد ' لابن الفحام عاليا. توفي إلى رحمة الله في ثامن ذي القعدة بدمشق. 324 - محمد بن [تما] م بن يحيى بن عباس.

(49/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 295
أبو بكر الحميري، الدمشقي فخر الدين. ولد سنة ثلاث وستمائة. وسمع من: داود بن ملاعب، والشيخ الموفق. وقد تقدم أخوه يحيى. توفي محمد في رابع رجب. وكان عدلا رئيسا. روى عنه: الدواداري، وقاضي القضاة نجم الدين، وابن العطار. 325 - محمد بن عبد المنعم بن نصر الله بن جعفر بن أحمد بن حواري. الشيخ تاج الدين، أبو المكارم التنوخي، المعري الأصل، الدمشقي، الحنفي. ويعرف بابن شقير. الأديب الشاعر. ولد سنة ست وستمائة. وروى ' الأربعين ' التي لهبة الله القشيري، عن أبي الفتوح البكري. وروى عن: ابن الحرستاني، وغيره. وهو أخو المحدث الأديب نصر الله. سمع منهما الدمياطي. توفي تاج الدين في صفر. ذكره قطب الدين فقال: كان أديبا رئيسا، دمث الأخلاق. وهو من

(49/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 296
شعراء الملك الناصر يوسف، وله فيه مدائح جمة. وكان يحبه ويقدمه على غيره من الشعراء الذين في خدمته. فمن شعره:
(ما ضر قاضي الهوى العذري حين ولي .......... لو كان في حكمه يقضي علي ولي)

(وما عليه وقد صرنا رعيته .......... لو أنه مغمد عنا ظبا المقل)

(يا حاكم الحب لا تحكم بسفك دمي .......... إلا بفتوى فتور الأعين النجل)

(ويا غريم الأسى الخصم الألد هوى .......... رفقا عليّ فجسمي في هواك بلي)

(أخذت قلبي رهنا يوم كاظمة .......... على بقايا دعاو للهوى قبلي)

(ورمت مني كفيلا بالأسى عبثا .......... وأنت تعلم أني بالغرام ملي)

(وقد قضى حاكم التبريح مجتهدا .......... علي بالوجد حتى ينقضي أجلي)

(لذا قذفت شهود الدمع فيك عسى .......... أن الوصال بجرح الجفن يثبت لي)

(لا تسطون بعسال القوام على .......... ضعفي فما آفتي إلا من الأسل)

(هددتني بالقلى حسبي الجوى وكفى ' أنا الغريق فما خوفي من البلل ' ..........

(49/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 297
326 - محمود بن حيدر. شيخ زاهد صالح، صاحب تهجد وأوراد وأذكار. وهو ربيب الشيخ الكبير عبد الله اليونيني. توفي ببعلبك في جمادى الأولى. وقد جاوز السبعين. 327 - مرشد. الطواشي الكبير شجاع الدين الحبشي، المظفري، الحموي، عتيق المظفر صاحب حماة. كان أحد الأبطال الشجعان، وكان الملك الظاهر يحبه لذلك. وله مواقف مشهورة. وكان يتصرف في مملكة حماة كتصرف ابن أستاذه. وله هيبة وحرمة. مات في عشر السبعين بحماة.
- حرف الهاء -
328 - هيثوم بن قسطنطين.

(49/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 298
الكلب، الملك المجير، صاحب سيس. توفي في هذه السنة، وتملك ولده.
- حرف الياء -
329 - يحيى بن عبد الله. فخر الدين البغدادي. ولد سنة ثلاث وسبعين. روى المقامات الحريرية. سمعها منه الشيخ ظهير الدين الكارزوني وقال: كان أديبا منقطعا له سماعات عالية. مات في ربيع الأول. قلت: روى عنه ابن الشيخ عبد القادر الذي انتخب عليه البرزالي. 330 - يحيى بن عبد العزيز. الشيخ، نجم الدين الناسخ. فاضل ورع. ناصح المسلمين وكاتبهم فأخذ ببغداد وقرر، فاعترف فقتلوه، رحمه الله تعالى.

(49/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 299
صورة ما كتب بخط في آخر سنة 669 في وريقة ملحقة:
فائدة
331 - الملك الموحد عبد الله بن المعظم تورانشاه بن السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل بن العادل. ولد بآمد إذ أبوه متوليها، فقصد غياث الدين صاحب الروم وعسكر حلب آمد وحاصروها، ثم أخذوها من المعظم، وأبقوا له حصن كيفا، فتحول إليه، فلما مات أبوه بالديار المصرية وطلب المعظم وقدم وتملك مصر والشام في سنة سبع وأربعين، خلف الملك الموحد هذا بحصن كيفا فتملكه قال ابن واصل في ' تاريخه '، وقد ألفه في حدود السبعين وستمائة: الملك الموحد باق إلى الآن مستولي على حصن كيفا تحت أوامر التتار وله عدة أولاد على ما بلغني. قال: وكان عمره لما قضى والده إلى مصر عشر سنين. سألت الشيخ تاج الدين الفارقي عند الموحد هذا، فقال: رأيته، وكان شجاعا قصيرا، عاش إلى بعد الثمانين وستمائة وابنه إلى الآن باق بيده الحصن من تحت أوامر التتار. قلت: لقب ابنه الملك الكامل. قتلته التتار في حدود سنة سبعمائة، وأقاموا بعده ولده الملك الصالح صورة بلا أمر، ورتبته كجندي كبير.
انتهت الفائدة
* * *

(49/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 300
وفيها ولد: القاضي جمال الدين أحمد بن محمد بن محمد بن نصر الله بن القلانسي التميمي، والشهاب أحمد بن صفي الدين بن أبي بكر السلامي بالبصرة، وتاج الدين علي بن مجد الدين إسماعيل بن كسيرات المخزومي الخالدي، وجمال الدين يوسف بن محمد بن حماد خطيب حماة، في جمادى الآخرة ؛ وقاضي القضاة عماد الدين علي بن أحمد بن الطرسوسي الحلبي في رجب بمنية بني خصيب.

(49/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 301

سنة سبعين وستمائة

- حرف الألف -
332 - أحمد بن سعيد بن أحمد بن بكر بن الحسين. الشيخ القدوة الزاهد، صفي الدين، أبو العباس النيسابوري الأصل اللهاوري، الصوفي. ولد بلهاور سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. ولقي الكبار والزهاد. وكان أحد المشهورين بالزهد والعبادة والإنقطاع، وله كلام على طريق الصوفية مع ما كان عليه من لين الجانب ولطف الأخلاق وحسن الملقى. ذكره الشريف عز الدين وقال: توفي في حادى عشر رمضان. وقد روى عن أبي القاسم سبط السلفي. 333 - أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن علي بن عبد الباقي. الإمام أبو الفضل ابن الصواف. ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة في ثاني رجب بالإسكندرية. وقرأ القراءآت على أبي القاسم ابن الصفراوي. وسمع من: محمد بن عماد ؛ ومن والده.

(49/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 302
وحدث، وأسمع ولده يحيى شيخنا. وكان معروفا بالعلم والدين والصلاح والورع، وكرم الخلائق، وحسن الطرائق. توفي في ثامن رجب بالإسكندرية. 334 - أحمد بن علي بن يوسف بن عبد الله بن بندار. المسند، العالم، معين الدين، أبو العباس ابن قاضي القضاة زين الدين أبي الحسن ابن العلامة أبي المحاسن. الدمشقي الأصل، المصري، الشافعي. ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبيه ؛ ومن: عمه أبي حفص عمر، والبوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وأبي الفضل الغزنوي، والعماد الكاتب، وغيرهم. وروى الكثير مدة. روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، والشيخ شعبان، وقاضي القضاة سعد الدين الحنبلي، والشهاب أحمد الزبيري، والأمين عبد القادر الصعبي، وأحمد بن إبراهيم الكناني الحنبلي، وأحمد بن يوسف التلي، وعلم الدين الدواداري، ومحمد بن عالي الدمياطي، والجمال محمد بن محمد العثماني المهدوي، وطائفة سواهم. وكان آخر من روى ' صحيح البخاري ' عن هبة الله البوصيري. توفي في ثامن عشر رجب بالقاهرة. 335 - أحمد بن عمر. الزاهد، العابد، القدوة. خطيب باجسرا، أبو العباس.

(49/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 303
مات بناحيته. أرخه الكازروني. 336 - أحمد بن أبي السر مكتوم بن أحمد بن محمد بن سليم. تاج الدين أبو العباس القيسي، الدمشقي، العدل. عم شيخنا الصدر إسماعيل. سمع من: النفيس أبي محمد بن البن، وابن الزبيدي، وجماعة. وحدث. ومات بمصر في شوال.
- حرف الجيم -
337 - جوشن بن دغفل بن عالي. أبو محمد، واسمه أيضا محمد، التميمي، المزي. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: ابن أبي لقمة. روى لنا عنه: أبو الحسن بن العطار.
- حرف الحاء -
338 - الحسن. الملك الأمجد أبو محمد ابن الملك الناصر داود بن الملك المعظم عيسى بن العادل.

(49/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 304
ولد سنة نيف وعشرين وستمائة، واشتغل في الفقه والأدب، وشارك في العلوم، وأتقن الأدب، وتنقلت به الأحوال، وتزهد وصحب المشايخ. وكان كثير المعروف عالي الهمة، عنده شجاعة وإقدام وصبر وثبات. وكان إخوته يتأدبون معه ويقدمونه، وكذلك أمراء الدولة. وله شعر ويد طولى في الترسل وخط منسوب. أنفق أكثر أمواله في الطاعة. وكان مقتصدا في ملبسه ومركبه. وتزوج بابنة الملك العزيز عثمان بن الملك العادل، ثم تزوج بأخت السلطان الملك الناصر يوسف الحلبي فجاءه منها المولى صلاح الدين. وكان عنده من الكتب النفيسة شيء كثير فوهب معظمها. وكان ذا مروءة تامة، يقوم بنفسه وماله مع من يقصده. وأمه هي بنت الملك الأمجد حسن بن العادل. وقد رثاه شهاب الدين محمود الكاتب، أبقاه الله، بقصيدة أولها:
(هو الربع ما أهوى وأضحت ملاعبه مشرعة إلا وقد بان صاحبه ..........

(عهدت به من آل أيوب ماجدا .......... كريم المحيا زاكيات مناسبه)

(يزيد على وزن الجبال وقاره .......... وتكثر ذرات الرمال مناقبه)
توفي رحمه الله بدمشق في جمادى الأولى، وهو في عشر الخمسين. وقد روى عن: ابن اللتي، وغيره. 339 - الحسن بن عثمان بن علي. الإمام، القاضي، محتسب الثغر، ركن الدين أبو علي التميمي، القابسي، المالكي، المعدل.

(49/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 305
قدم الثغر شابا، فسمع من: ابن موقا، وابن المفضل، وجماعة. وتلا بالسبع على منصور بن خميس الأندلسي. تلا عليه عبد المجيد بن خلف الصواف. وروى عنه جماعة منهم ولده شيخنا يوسف. مات في المحرم. 340 - الحسين بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي. أبو المظفر بن أبي القاسم ابن الشيخ الإمام أبي الفرج. توفي في شعبان.
- حرف الخاء -
341 - خليل بن علي بن خليل. كمال الدين، أبو الصفا العجمي الأصل، الدمشقي. ولد سنة ست وستمائة. وسمع: أبا المنجا بن اللتي، وكريمة. وسمع من المتأخرين كثيرا بدمشق ومصر. توفي بالقاهرة في المحرم.
- حرف السين -
342 - سلار بن الحسن بن عمر بن سعيد.

(49/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 306
الإمام، العلامة، المفتي، كمال الدين، أبو الفضائل الإربلي، الشافعي، صاحب الإمام تقي الدين أبي عمرو بن الصلاح. قال الشريف عز الدين: توفي ليلة خامس جمادى الآخرة ودفن بمقبرة باب الصغير. قال: وكان عليه مدار الفتوى بالشام في وقته، ولم يترك بعده في بلاد الشام مثله. افتى مدة، وانتفع به جماعة. قلت: وكان الشيخ نجم الدين الباذرائي قد جعله معيدا بمدرسته، فلم يزل على ذلك إلى أن مات لم يتزيد منصبا آخر. ومات في عشر السبعين. وقد تفقه عليه جماعة. وقيل: إنه نيف على السبعين، فالله أعلم. 343 - سنقر. الأمير شمس الدين، أبو سعيد الأقرع. أحد مماليك الملك المظفر غازي صاحب ميافارقين ابن العادل.

(49/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 307
وكان من كبار الأمراء بالديار المصرية فأمسكه الملك الظاهر وحبسه. وتوفي في ربيع الآخر.
- حرف العين -
344 - عبد الرحمن بن سلمان بن سعيد بن سلمان. الإمام، الفقيه، جمال الدين البغيدادي، ثم الحراني، الحنبلي. ولد بحران سنة خمس وثمانين وخمسمائة. وسمع من: حماد الحراني، وعمر بن طبرزد، وحنبل بن عبد الله، وعبد القادر الحافظ، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، والشيخ الموفق، والفخر بن تيمية، وغيرهم. روى عنه: الدمياطي، والقاضي تقي الدين سليمان، وابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وأبو بكر بن عبد الحليم العسقلاني المقرئ، والبرهان الذهبي، وجماعة سواهم. وكان إماما، صالحا، فقيها، عارفاً بالمذهب، خبيرا بالفتيا، حسن التعليم، متواضعا. توفي بالبيمارستان بدمشق في الرابع والعشرين من شعبان. 345 - عبد الرحيم بن عبد الرحيم بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن.

(49/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 308
القاضي عماد الدين أبو الحسين الحلبي، ابن العجمي. ولد سنة خمس وستمائة. وسمع من: الإفتخار الهاشمي، وثابت بن مشرف. وحدث ودرس وأفتى، وولي القضاء ببلد الفيوم مدة. وكان مشكورا في القضاء. توفي في رابع رمضان بحلب. روى عنه: الدمياطي، وابن جماعة. وناب في الحكم بدمشق. 346 - عبد الوهاب بن محمد بن إبراهيم بن سعد. الشيخ أبو محمد المقدسي، الصحراوي، القنبيطي، الحنبلي. ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وعمر بن طبرزد، ومحمد بن الخصيب، وحنبل، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، وأبو الحسن الموصلي، وأبو الحسن ابن العطار، وأبو الحسن الكندي، وأبو عبد الله بن أبي الفتح البعلبكي، وأبو عبد الله بن الزراد، ومحمد بن بدر النساج، وطائفة سواهم.

(49/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 309
وكان من بقايا المسندين. توفي في تاسع عشر رمضان عن ثمانين سنة، رحمه الله تعالى. 347 - علي بن عبد الله بن إبراهيم. أبو الحسن الباهلي، المالقي، الأديب، الشاعر. روى عن: محمد بن عبد الحق بن سليمان لقيه بتلمسان، وقرأ عليه برنامجه. فيه خفة لا تخل بمروءته. توفي بمالقة سنة سبعين. قاله ابن الزبير. 348 - علي بن عبد الخالق بن علي. عز الدين الأسعردي، ناظر ديوان بعلبك. توفي في ذي القعدة كهلا. 349 - علي البكاء. الشيخ علي، رحمة الله عليه. كان من كبار أولياء الله تعالى. أقام مدة ببلد الخليل، وكان مقصودا بالزيارة والتبرك.

(49/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 310
ورد خبر موته إلى دمشق في يوم عاشر رجب سنة سبعين. ويقال إنه قارب مائة سنة. وقبره ظاهر يزار. 350 - علي بن عثمان بن علي بن سليمان. أمين الدين السليماني، الإربلي، الصوفي، الشاعر. من أعيان شعراء الملك الناصر. كان جنديا فتصوف وصار فقيرا. توفي في جمادى الأولى بالفيوم، وهو في معترك المنايا. 351 - علي بن عمر بن نبا. نور الدولة اليونيني. تربية الشيخ الفقيه أبي عبد الله اليونيني. رباه الشيخ الفقيه وزوجه ببناته الثلاث واحدة بعد واحدة وأسمعه الحديث من: البهاء عبد الرحمن، والعز بن رواحة.

(49/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 311
وكان غزير المروءة شجاعا مقداما، له حكايات في الشجاعة وفي قتل الوحوش. توفي في جمادى الآخرة، وقد نيف على الستين. 352 - علي بن محمد بن محمد بن الفضل بن جعفر. الشريف، الصدر المعمر، زين الدين، أبو الحسن الهاشمي، العباسي، الصالحي، المصري، المالكي. ولد في التاسع عشر من ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وذكر أن السلفي أجاز له إجازة خاصة. وكان موصوفا بالخير والفضل والعفاف. فسمع عليه بالإجازة المطلقة من السلفي. قال الشريف عز الدين: توفي في الرابع والعشرين من رجب. 353 - علي. أبو الحسن المتيوي، المغربي، السبتي، المالكي، الزاهد. أحد الأئمة الأعلام. كان يحفظ ' المدونة ' و ' التفريع ' لابن الجلاب، و ' رسالة ' ابن أبي زيد. وألف شرحا على ' الرسالة ' ولم يتمه، بل وصل إلى باب الحدود. وكان مع براعته في الفقه عجبا في الزهد والورع ملازما لبيته، ويخرج إلى الجمعة مغطى الوجه لئلا تقع عينه على مكروه. وكان لا يأكل إلا ما سيق إليه من متيويه من مواضع يعرف أصولها. توفي في حدود عام سبعين. وقبره بظاهر سبتة يزار ويتبرك به.

(49/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 312
قال لي ابن عمران الحضرمي: لم يكن في زمانه أحفظ منه لمذهب مالك. أخذ الناس عنه. 354 - عمر بن أيوب بن عمر بن أرسلان بن جاولى. المحدث، أبو حفص شهاب الدين التركماني، الدمرداشي، الدمشقي، الحنفي، المعروف بابن طغريل السياف. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة تقريبا بدمشق، وطلب بنفسه بمصر، وأكثر عن أصحاب البوصيري، وعني بالحديث، وحصل وفهم وجمع، وخرج لنفسه معجما. كتب العالي والنازل. وكان ثقة صالحا، نبيها، مفيدا. توفي بمصر في السابع والعشرين من جمادى الأولى. ولا أعلمه حدث.
- حرف الميم -
355 - محمد بن أبي الغنائم سالم بن الحافظ أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن صصرى. القاضي، العدل الكبير، عماد الدين أبو عبد الله الربعي، التغلبي، البلدي الأصل، الدمشقي، الشافعي. ولد بعد الستمائة، وسمع من أبيه، وأبي اليمن الكندي، وهبة الله بن طاوس، وابن أبي لقمة، وأبي المجد القزويني، وجماعة.

(49/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 313
روى عنه: ابنه قاضي القضاة نجم الدين أبو العباس، والشيخ علاء الدين ابن العطار، والحافظ الكبير شرف الدين الدمياطي، والإمام زين الدين الفارقي، وبدر الدين ابن الخلال، ونجم الدين ابن الخباز، وجماعة بقيد الحياة. وكان صدرا رئيسا، وافر الحرمة، ظاهر الحشمة، كبير الثروة والنعمة. ولي غير مرة في المناصب الدينية فحمدت سيرته، وكان ينطوي على دين وعبادة وحسن خلق ومروءة. وكان محبا للحديث ذا عناية به. رحل إلى مصر وسمع من أصحاب السلفي. وكتب بخطه وحصل. واعتنى بولده وأسمعه الكثير. وقد روى الحديث من بيته جماعة كثيرة ذكرناهم في هذا التاريخ. توفي في العشرين من ذي القعدة، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون. 356 - محمد بن علي بن أبي طالب بن سويد. الرئيس، وجيه الدين التكريتي، التاجر. كان نافذ الكلمة، وافر الحرمة كثير الأموال والتجارات، واسع الجاه. وكان من خواص الملك الناصر، ويده مبسوطة في دولته. ذكره قطب الدين فقال: لما توجه إلى مصر في الجفل من التتار غرم ألف ألف درهم. فلما تسلطن الملك الظاهر قربه وأدناه وأوصى إليه وجعله ناظر أوقافه. وكان له من التمكين ما لا مزيد عليه، ولم يبلغ أحد من أمثاله من الحرمة ونفاذ الكلمة ما بلغ.

(49/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 314
كانت متاجره لا يتعرض لها متعرض، وكتبه عند سائر الملوك، حتى ملوك الفرنج، نافذة. وكل من ينسب إليه مرعي الجانب. ولما مات ولده التاج محمد في صفر سنة ست وخمسين مشى الملك الناصر في جنازته ثم ركب إلى الجبل، وكانت جنازة مشهودة، وتأسف أبوه وامتنع من سكنى داره بالزلاقة، فأمر السلطان بأن تخلى له دار السعادة وفرشت ليسكنها ثم خرج إليه السلطان، وحلف عليه فنزل البلد. ومن إكرامه أن ولده نصير الدين عبد الله حج مع والدته عام حج الملك الظاهر، فحضر عنده يوم عرفة مسلما، فحيث وطئ البساط قام له السلطان وبالغ في إكرامه، وسأله عن حوائجه فقال: حاجة المملوك أن يكون معنا أمير يعينه السلطان. فقال: من اخترت من الأمراء أرسلته في خدمتك. فطلب منه جمال الدين ابن نهار. فقال له السلطان: هذا المولى نصير الدين قد اختارك على جميع من معي فتروح معهم إلى الشام وتخدمه مثل ما تخدمني. وهذا عظيم من مثل الملك الظاهر. وكان وجيه الدين كثير المكاتبة للأمراء والوزراء، وفيه مكارم، وعنده بر وصدقة ودماثة أخلاق ورقة حاشية. توفي بدمشق في ذي القعدة ودفن بتربته بقاسيون، وكان من أبناء السبعين. قلت: ولد سنة تسع وستمائة. وسمع من المؤتمن بن قميرة، ولم يرو، بل روى عنه الدمياطي من شعره.

(49/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 315
357 - محمد بن علي بن محمد. الصالح الزاهد، أبو عبد الله ابن الطباخ الموصلي، ثم المصري. روى عن الشيخ مرهف شيئا من شعره، وله زاوية بالقرافة الصغرى، ويقصد بالزيارة والتبرك لصلاحه ودينه. عاش ثلاثا وسبعين سنة. وتوفي في جمادى الآخرة. 358 - محمد بن علي بن المظفر بن القاسم. أبو بكر النشبي المؤذن بجامع دمشق. ولد في سلخ المحرم سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، وبهاء الدين القاسم ابن عساكر، وست الكتبة بنت الطراح، وعمر بن طبرزد، وحنبل، والكندي، وجماعة. وروى الكثير، وتفرد بأجزاء. وكان يقرأ على الجنائز. روى عنه: الدمياطي، وأبو محمد الفارقي، وأبو علي بن الخلال، وأبو الفداء ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو عبد الله بن الزراد، ومجد الدين ابن الصيرفي، وجماعة في الأحياء. وتبطأ بعض المحدثين عن الأخذ عنه لكونه جنائزيا. وقد سمع منه الشهاب المقدمي.

(49/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 316
وكانت وفاته سادس ذي الحجة. 359 - محمد بن عمر بن محمد بن علي. زين الدين، أبو عبد الله بن الزقزوق الأنصاري، الفاسي الأصل، المصري، الصوفي الكتبي. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة بمصر. وسمع بدمشق من: حنبل الرصافي، وأبي القاسم بن الحرستاني. وسمع منه المصريون. وروى عنه: الدمياطي، وغيره. ومات بالقاهرة في نصف رجب.

(49/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 317
360 - محمد بن محمد بن أحمد. أبو بكر بن مشليون الأنصاري، البلنسي، المقرئ، المحدث. كان عالي الإسناد في القراءآت. أخذها عن جعفر بن عون الله الحصار، فكان آخر أصحابه. واستوطن سبته وأقرأ بها إلى أن تحول في أواخر عمره إلى تونس فتوفي بها سنة سبعين أو بعدها بقليل. قرأ عليه القراءآت الشيخ أبو إسحاق الغافقي المتوفى سنة 716. 361 - محمد بن ملكداد. الموقاني نجم الدين. معيد البادرائية. 362 - محمد بن أبي فراس. قاضي القضاة سراج الدين الهنايسي. مات في رمضان، ودفن عند معروف الكرخي. سمع من: علي بن إدريس. ودرس بالبشيرية. وكان دينا، متبحرا، بصيرا بالمذهب الشافعي، رحمه الله تعالى. 363 - مدالة بنت محمد بن إلياس بن عبد الرحمن ابن الشيرجي.

(49/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 318
أم محمد الدمشقية. خرج لها جمال الدين ابن الصابوني أربعين حديثا بالإجازات من شيوخها. أجاز لها: عبد اللطيف بن أبي سعد، والخشوعي، والقاسم بن عساكر، والحافظ عبد الغني. روى عنها: ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وغيرهما. توفيت في ثاني شعبان عن ثمانين سنة. 364 - مظفر ابن القاضي مجد الدين عبد الرحمن بن رمضان بن إبراهيم. الحكيم بدر الدين الطبيب، شيخ الطب المعروف بابن قاضي بعلبك. قرأت بخط الإمام شمس الدين محمد بن الفخر أنه توفي يوم الثلاثاء ثاني وعشرين صفر سنة سبعين. قال: وكان رئيس الأطباء شرقا وغربا، فيلسوف زمانه، لم نعلم في وقته مثله. انهدم بعده ركن من الحكمة. وله مصنفات عظيمة النفع في الطب. ووقع له من حسن العلاج في زماننا ما لم يقع إلا للأكابر. فمنه أن الملك المنصور صاحب حماة نزل به خوانيق أشرف منها على الموت، فأنقذ إلى دمشق يطلب البدر المذكور والموفق السامري فذهبا إليه فكوياه في وسط رأسه بميل من ذهب، فبرأ، وأعطاهما شيئا عظيما. وكان ذلك بإشارة البدر.

(49/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 319
قال ابن أبي أصيبعة: نشأ بدمشق، وقد جمع الله فيه من العلم الغزير والذكاء المفرط والمروءة ما تعجز الألسن عن وصفه. قرأ الطب على الدخوار، وأتقنه في أسرع وقت، وحفظ كثيرا من الكتب. وكان ملازما له. عرض عليه مقالته في الإستفراغ، وسافر معه إلى الشرق. وخدم بمارستان الرقة. وصنف مقالة في مزاج الرقة. واشتغل بها على الزين الأعمى الفيلسوف. ثم قدم دمشق، فلما تسلطن الجواد بدمشق استخدمه، وحظي عنده وتمكن. وولاه رئاسة الأطباء والكحالين والجرائحية، وكتب له منشورا في صفر سنة سبع وثلاثين. وقد اشترى دورا إلى جانب مارستان نور الدين، وغرم عليها مبلغا، وكبر بها قاعات المرضى، وبناها أحسن بناء، وشكروه على ذلك. وخدم الملك الصالح وغيره. ثم تجرد لحفظ مذهب أبي حنيفة. وسكن بيتا في الفليجية. وحفظ القرآن ثم القراءآت، وأخذها عن الإمام أبي شامة على كبر، وأتقنها. وفيه عبادة ودين. وقد مدحه ابن أبي أصيبعة بقصائد في ' تاريخه '. وله كتاب ' مفرج النفس ' استوفى فيه الأدوية القلبية، وكتاب ' الملح ' في الطب. 365 - مظفر بن لؤلؤ. أبو غالب الدمشقي، الضرير ابن الشربدار.

(49/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 320
يروي عن: عمر بن طبرزد. توفي في جمادى الأولى. وقال ابن الخباز فيه: مظفر بن ياقوت زين الدين الشربدار العادي. روى عن ابن طبرزد. وولد سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.
- حرف النون -
366 - النصير بن تمام بن معالي. أبو الذكر المقدسي، رئيس المؤذنين بجامع دمشق. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وسمع في كهولته من: ابن اللتي. وحدث. وذكر أنه سمع من الكندي. وكان طيب الصوت، مليح الشكل. توفي في المحرم، ودفن بمقبرة باب الفراديس.
- حرف الياء -
367 - يحيى بن عبد الرحيم بن المفرج بن علي بن المفرج بن مسلمة.

(49/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 321
المحدث أبو زكريا. سمع بدمشق من: أبي القاسم الحسين بن صصرى، وجماعة. وبمصر من: عبد العزيز بن باقا، وعبد الصمد الغفاري، وجماعة. وكتب الأجزاء، وأسمع ولده عبد الرحيم. ثم خدم بالكتابة. وتوفي بالغور في تاسع جمادى الأولى. وكان مولده في سنة أربع وستمائة. روى عنه: ابن الخباز، وزاد أنه سمع من أبي المجد القزويني، وزين الأمناء، وقال: لقبه محيي الدين. ثنا عنه: علي بن الموفق. 368 - يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن عبده. الصدر نجم الدين ابن اللبودي، الدمشقي، الطبيب. ترقى بالطب عند صاحب حمص، ووزر له، ثم [انتقل إلى خدمة] الملك الناصر فجعله ناظر الدواوين. ثم ولي ذلك في الدولة الظاهرية. وكان محتشما، نبيلا، جليلا. اختصر ' الإشارات '، والمعالمين في الأصلين ؛ اختصر ' الكليات ' في الطب. وتوفي في ذي الحجة، ودفن بتربته التي بقرب بركة الحميريين، وجعل تربته دار طب وهندسة، وقرر لها شيخا وقراء. وكان والده شمس الدين محمد بن اللبودي من كبار الأطباء. توفي سنة إحدى وعشرين وستمائة، وعمر نجم الدين يومئذ أربع عشرة سنة.

(49/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 322
369 - يعقوب ابن المعتمد والي دمشق مبارز الدين أبي إسحاق إبراهيم بن موسى. العادل، الدمشقي، الأمير شرف الدين أبو يوسف الحنفي. روى عن حنبل بدمشق، و (...). وسمع من: أبي القاسم أحمد بن عبد الله العطار. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، والدويداري، وجماعة. توفي في ثالث عشر رجب عن ثلاث وثمانين سنة. 370 - يوسف بن عبد الله بن عثمان. الشيخ التقي المقدسي. عرف بالكيناني. روى عن: ابن اللتي. روى عنه: ابن الخباز، والشيخ علي ابن العطار. ونزل بكفربطنا ولقن بها وعلم وأم بمسجد بها، ومات بها رحمه الله تعالى.
الكنى
371 - أبو حليقة. الطبيب المصري المشهور بالرشيد النصراني. واسمه أبو الوحش ابن الفارس أبي الخير ابن الطبيب داود بن أبي المنا.

(49/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 323
كان أستاذ هذه الصناعة في عصره، وفيه لطف وتودد ورأفة بالمرضى. اشتغل على عمه المهذب أبي سعيد بدمشق، ثم اشتغل بمصر. وقرأ أيضا على المهذب الدخوار. ولد بجعبر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، ونشأ بالرها، وبعثه أبوه قبل الستمائة إلى دمشق فتعلم عند عمه قليلا. ودخل القاهرة وسكنها، وخدم الملك الكامل. وكان له إقطاع وافر. ثم خدم الصالح نجم الدين ابن الكامل وغيره. وخدم الملك الظاهر ركن الدين. وطال عمره واشتهر ذكره. وله نوادر في أعمال الطب تميز بها. وكان في شبيبته يعرف بابن الفارس، فطلبه الكامل يوما وقال: اطلبوا لنا أبو حليقة. فغلب ذلك عليه. قال ابن أبي أصيبعة: وقد أحكم نبض الملك الكامل حتى إنه أخرج إليه من خلف الستارة مع الآدر المريضات، فرأى نبض الجميع، ووصف لهن، فلما وصل إلى نبض عرفه فقال: هذا نبض مولانا السلطان وهو صحيح بحمد الله، فتعجب منه غاية العجب، وزاد تمكنه عنده. وقد عمل الترياق الفاروق وتعب عليه، وسهر ليالي حتى عمله، فحصل للسلطان، نزلة في أسنانه ففصد بسببها، وداواه الأسعد لاشتغال الرشيد بعمل الترياق، فلم ينجع، وزاد الألم، فطلب الرشيد وتضرر، فقال: تسوك من الترياق الذي عمله المملوك في البرنية الفضة وترى العجب. قال: وخرج إلى الباب فلم يشعر إلا ورقة بخط السلطان: يا حكيم استعملت ما قلت فزال جميع ما بي لوقته. ثم بعث إليه خلعا وذهبا.

(49/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 324
وقد سقى من ترياقه مفلوجا عند السور فقام بعد ساعتين. وسقى منه من به حصاة ففتتها، وأراق الماء لساعته. وله أخبار كثيرة ذكرها ابن أبي أصيبعة، وقال: سمي بأبي حليقة لحلقة فضة كانت في أذنه عملتها أمه من الصغر، وعاهدته أمه أن لا ينزعها، فبقيت لأنها كان لا يعيش لها ولد وقيل لها: اعملي لمولودك حليقة فضة، فإذا ولد اعمليها في أذنه، فعملتها وعاش اتفاقا. ويقال له شعر جيد ومقالة في حفظ الصحة، ومقالة في أن الملاذ الروحانية ألذ من الجسمانية، وكتاب ' الأدوية المفردة ' سماه ' المختار في ألف عقار '، ومقالة في ضرورة الموت. 372 - أبو القاسم بن سالم. الزملكاني. حدث عن ابن اللتي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة. * * * وفيها ولد: فخر الدين عثمان ابن شيخنا جمال الدين أحمد بن الظاهري، وشمس الدين محمد بن الشهاب أحمد بن محمد بن صالح العرضي، إمام مسجد الرحبة، في صفر، وشهاب الدين أحمد بن إبراهيم بن الجزري، وشمس الدين محمد بن عبد الواحد المراكشي النحوي، وبدر الدين محمد ابن شيخنا كمال الدين أحمد بن العطار في جمادى الأولى، والصارم إبراهيم بن محمد الجندي ابن الغزال،

(49/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء التاسع والأربعون الصفحة 325
وشمس الدين محمد بن القاضي سالم بن أبي الهيجاء الأذرعي، والشيخ علي بن محمد الختني، تقريبا، والتقي عبد الملك بن أبي بكر بن مشرف نزيل طرابلس. والقاضي كمال الدين أحمد بن العماد ابن الشيرازي، والشيخ شهاب الدين أحمد بن يحيى بن جهبل في المحرم، والشيخ محمد بن أحمد البالسي، وعزيز الدين إبراهيم ابن الخطيب جمال الدين الدينوري بكفربطنا، والله أعلم.
آخر الطبقة السابعة والستين من تاريخ الإسلام للحافظ شمس الدين الذهبي، ومن خطه نقلت وحسبنا الله ونعم الوكيل.

(49/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 5

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم إني أسألك حسن الخاتمة بمنك وكرمك

ذكر الحوادث الكائنة في الطبقة الثامنة والستين من ((تاريخ الإسلام))

سنة إحدى وسبعين وستمائة

[مسير السلطان بيبرس إلى دمشق]
ففي المحرم سار السلطان من دمشق على البريد، وفي صحبته البيسري، وجرمك الناصري، وأقوش الرومي، فوصلوا في ستة أيام، وأقام خمسة، ورجع فوصل دمشق في خمسة.
[عدوان صاحب النوبة والرد عليه]
وفي المحرم قدم الكافر صاحب النوبة فنهب عيذاب، وقتل خلقا، منهم واليها وقاضيها، فسار متولي قوص وقصد بلاد النوبة، فدخل بلد الجون، وقتل من فيه وأحرقه، وكذا فعل بحصن إبريم، وأرمنا، وغير ذلك. وهو علاء الدين أيدغدي الحرب دار.

(50/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 6

[موقعة البيرة]
وفي جمادى الأولى بلغ السلطان، وهو بدمشق أن فرقة من التتار نازلوا البيرة، فسار إلى حمص، ثم إلى بزاعة، فأخبر أن التتار على الفرات ثلاثة آلاف، فرحل إلى الفرات، وأمر الجيش بخوضها، فخاض الأمير سيف الدين قلاوون، وبدر الدين بيسري في أول الناس، ثم تبعهما هو، ووقعوا على التتار، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وأسروا نحو المائتين، وساق وراءهم البيسري إلى سروج. أما الذين نازلوا البيرة فإنهم سمعوا بذلك، فترحلوا عن البيرة منهزمين، وأتاها السلطان فخلع على الكبار، وفرق في أهلها مائة ألف درهم. وللشهاب محمود، أبقاه الله، في ذلك:
(سر حيث شئت لك المهيمن جار .......... واحكم فطوع مرادك الأقدار)

(حملتك أمواج الفرات ومن رأى .......... بحرا سواك تقله الأنهار)

(وتقطعت فرقا ولم يك طودها .......... إذ ذاك إلا جيشك الجرار)

(50/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 7

[الإفراج عن الأمير الدمياطي]
وفي جمادى الآخرة أفرج عن عز الدين الدمياطي الأمير عن تسع سنين حبسها.
[خلعة الأمراء]
وفي رجب خلع على الأمراء وفرق فيهم نحو ثلاثمائة ألف دينار.
[إطلاق سنجر المعزي]
وفي شعبان أطلق علم الدين سنجر الغتمي المعزي، واشتراه السلطان.
[مهاداة السلطان لمنكوتمر]
وبعث السلطان رسل منكوتمر ابن أخي بركة ومعهم رسولا بتحف وتقادم.
[اعتقال الشيخ خضر]
وفي شوال استدعى السلطان الشيخ خضر شيخه إلى القلعة في جماعة حاققوه على أشياء، ورموه بفواحش، فأمر باعتقاله. وكان السلطان

(50/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 8
ينزل إليه ويحبه ويمازحه، ويستصحبه في سائر أسفاره، ويمده بالعطاء، ولا يرد شفاعته، وامتدت يده، ودخل إلى كنيسة قمامة فذبح قسيسها بيده، ونهب أصحابه ما فيها، ثم هجم كنيسة اليهود ونهبها، وبدع فيها. ودخل كنيسة الإسكندرية ونهب ما فيها، وصيرها مسجدا. وبنى له السلطان مسجدا وزاوية بالحسينية، ومن أجله بنى الجامع بالحسينية، وماتا في شهر.

(50/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 9

سنة اثنتين وسبعين وستمائة

[مسير السلطان إلى الشام]
في المحرم توجه السلطان إلى الشام في طائفة، منهم سنقر الأشقر، وبيسري، وأيتمش السعدي، فلما وصل إلى عسقلان بلغه أن أبغا قدم بغداد، فنفذ السلطان وراء الجيش، فقدموا في الشتاء ولم يكن بأس.
قصة ملك الكرج
وكان قد أتى من بلاده ليزور بيت المقدس والقمامة متنكرا في زي الرهبان هو وطائفة، فسلك أرض الروم إلى سيس، ثم ركب في البحر، وطلع من عكا، وأتى القدس، فاطلع الأمير بدر الدين بيليك الخزندار على أمره وهو على يافا، فأرسل من قبض عليه، ثم سيره مع الأمير منكورس إلى السلطان وهو بدمشق، فسأله السلطان، وقرره بلطف حتى اعترف، فحبسه وأمره أن يكتب إلى بلاده بأسره، ودخل السلطان إلى القاهرة في رجب.

(50/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 10

[ختان ولد السلطان]
وفي يوم العيد ختن خضر ولد السلطان في عدة صبيان من أولاد الأمراء.
[سفر الملك السعيد إلى دمشق]
وفي رمضان توجه الملك السعيد في صحبته الفارقاني وأربعون نفسا إلى دمشق على البريد، ثم رد ثاني يوم.
[حضور قليج خان إلى مصر]
وفي ذي القعدة حضر والي القرافة إلى والي القاهرة، وأخبر أن شخصا دخل إلى تربة الملك المعز، وجلس عند القبر باكيا، فسئل عن بكائه، فذكر أنه قليج خان ابن الملك المعز. وقد كان السلطان نفى آل المعز هذا، والملك المنصور علي إلى بلاد الأشكري، فطلب وقيد، وطولع به السلطان، فأحضره، وسأله عن أمره، فذكر أن له في البلاد نحو ست سنين يتوكل الأجناد، فحبس بمصر، وحنا عليه بعض مماليك أبيه فأجرى عليه نفقة.

(50/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 11

[رؤية المؤلف لقليج قان]
قلت: رأيت قليج قان هذا في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، فحكى لنا أخباره، وأنه ولد سنة ثمان وأربعين وستمائة، وأنه نجا من بلاد الأشكري، وأن أخاه الملك المنصور علي تنصر هناك، وبقي إلى سنة سبعمائة أو نحوها، وله أولاد هناك نصارى، وأنه هو الذي باع للملك الأشرف مملوكه لاجين الذي تملك: بخمسة آلاف درهم.
[كتاب صاحب الحبشة وجواب السلطان عليه]
وفيها ذكر محيي الدين ابن عبد الظاهر أنه وصل كتاب صاحب الحبشة إلى السلطان في طي كتاب صاحب اليمن، وفيه: ((أقل المماليك أمحرا ملاك يقبل الأرض، وينهي بين يدي السلطان الملك الظاهر، خلد الله ملكه، أن رسولا وصل إلى والي قوص بسبب الراهب الذي جاءنا، ونحن ما جاءنا مطران، وبلادنا بلاد السلطان، ونحن عبيده، فيأمر الأب البترك يعمل لنا مطرانا رجلا عالما لا يحب ذهبا ولا فضة، ويسيره إلى مدينة عوان، والمملوك يسير إلى أبواب الملك المظفر ما يلزمه ليسيره إلى ديار مصر. وقد مات الملك داود، وتملك ابنه، وعندي في عسكري مائة ألف فارس مسلمين، وأما النصارى فكثير، وكلهم غلمانك ويدعون لك)). فكتب جوابه: ((ورد كتاب الملك الجليل الهمام، العادل في رعيته حطي ملك أمحرة، أكبر ملوك الحبشان، نجاشي عصره، سيف الملة

(50/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 12
المسيحية، حرس الله نفسه، ففهمناه ؛ فأما المطران فلم يحضر من جهة الملك رسول حتى كنا نعرف الغرض)). في كلام نحو هذا. وأمحرا: إقليم كبير، صاحبه يحكم على أكثر الحبشة، ويلقب حطي، وهو الخليفة. ومدينة عوان: هي ساحل بلاد الحبشة وأول الحبشة. وكان قد نفذ هدية من جملتها سباع، فأخذ صاحب سحرت الهدية ونهبها.
[وعظ ابن غانم]
وفيها وعظ بدمشق المعز عبد السلام بن أحمد بن غانم، فأعجب الناس جدا.

(50/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 13

سنة ثلاث وسبعين وستمائة

[سفر السلطان إلى الكرك]
في صفر توجه السلطان إلى الكرك على الهجن، وكان قد وقع بها برج أحب أن يصلح بحضوره.
غزوة سيس
دخل السلطان - عز نصره - دمشق في آخر شعبان، ثم سار إلى سيس، وعبر إليها من الدربند، فافتتحها، وأخذ أياس، وأذنة، والمصيصة في العشر الأخير من رمضان، وبقي الجيش بها شهرا، وقتلوا وأسروا وسبوا خلائق وغنموا. وبقي السلطان بجسر الحديد إلى أواخر ذي القعدة.

(50/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 14

ذكر استيلاء بيت لاون على سيس والثغور
قال العماد الكاتب: كانت هذه البلاد يحميها متملك الروم ويحفظها، فاستولى عليها مليح بن لاون النصراني. قال: وذلك لأن السلطان نور الدين محمود بن زنكي كان يشد منه ويقوي جأشه، وكان كما يقال: قد سلط الكفرة على الفجرة. فلما تقوى مليح بن لاون وجه صاحب الروم جيشا، فكسرهم ابن لاون، وأسر من مقدميهم ثلاثين نفسا. وذلك في ربيع الآخر سنة ثمان وستين وخمسمائة. فبلغ ذلك نور الدين، فأرسل خلع عليه، وكتب إلى الخليفة يعظم أمره ويقول: إن مليح بن لاون الأرمني من جملة غلمانه، وأنه كسر الروم، ويمت على الديوان بهذا. ومن هذا الوقت تملك هذا التكفور هذه البلاد نيابة عن نور الدين لا غير، واستمر على ذلك. وبلاد سيس هذه تعرف بالدروب، وتعرف بالعواصم، وبها كان الرباط والمثاغرة، وكان أمرها مضافا إلى مملكة مصر.

(50/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 15
وقد افتتح أحمد بن طولون هذه البلاد وأخذها من سيما الطويل. وفي أيام كافور الإخشيدي حصل التهاون في أمر الثغور، فقصدها الملك تكفور، ويقال: نقفور الرومي، لعنه الله، فعصت عليه، فحرق قراها، وقطع أشجارها، فبعث كافور نجدة لها. والشرح في ذلك يطول، وليس هذا موضعه. وللمولي محيي الدين بن عبد الظاهر في هذه النوبة:
(يا ملك الأرض الذي جيشه .......... يملأ من سيس إلى قوص)
.......... مصيصة التكفور قالت لنا .......... بالله إفراري وتخصيصي)
.......... كم بدن فصله سيفك للفرا .......... والأكثر مصيصي)

[الرمل بالموصل]
وفي شعبان وقع رمل عظيم بالموصل، وظهر من القبلة، وانتشر يمينا وشمالا حتى ملأ الأفق، وعميت الطرق، فخرج الخلق إلى ظاهر البلد، وابتهلوا إلى الله تعالى، واستغاثوا إلى أن كشف ذلك عنهم.

(50/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 16

[قتل الزنديق بغرناطة]
وفي ربيع الآخر قتل بغرناطة الزنديق الشيخ إبراهيم الصفار، قتلوه رجما بالحجارة بأمر السلطان محمد بن السلطان محمد بن يوسف بن نصر صاحب الأندلس، وكتب بذلك إلى أهل المرية يعلمهم بكفره، ويحذرهم من سلوك سبيله. وفي الكتاب: ((إنه كان يفضل إبراهيم وعيسى على نبينا صلى الله عليه وسلم، وإنه كان يفضل الولي على النبي، ويستحل المحرمات)). وفي الكتاب: ((وإن هؤلاء الكفرة، يعني أصحاب إبراهيم الصفار، تلاعبوا بالدين، واعتقدوا الولاية في كثير من الفساق المكبين على الكبائر، كالمشورب المشهور، وأبي زيدان، وأشبهاههما من سخفاء المجانين والمجان)). وهذا في مجلد بخط أبي الوليد المالكي.
[القحط باليمن]
وفيها كان القحط المفرط باليمن، حتى أكلوا الميتات.

(50/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 17

سنة أربع وسبعين وستمائة

[منازلة التتار البيرة]
في شهر جمادى الآخرة نزلت التتار على البيرة في ثلاثين ألفا، وأكثرهم من عسكر الروم وماردين، فبيتهم أهل البيرة، وأحرقوا المجانيق، ونهبوا وعادوا، فجد التتار في الحصار، والقلعة، بحمد الله، عاصية، ثم رحلوا عنها، وسلم الله، وله الحمد. وأقاموا عليها تسعة أيام. ولما بلغ السلطان ذلك أنفق في الجيش ستمائة ألف دينار وأكثر، وسار، فبلغه وهو بالقطيفة رحيل التتار، فوصل إلى حمص، ورجع إلى القاهرة.
[اتفاق البرواناه مع السلطان الظاهر]
ولما رحلت التتار اتفقوا مع البرواناه على منابذة ملكهم أبغا، فحلف البرواناه، والأمير حسام الدين بيجار، وولده بهاء الدين، وشرف الدين مسعود الخطير، وأخوه ضياء الدين، والأمير ميكال، على أن يكونوا

(50/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 18
مع الملك الظاهر، ثم كتب إلى الظاهر بذلك على أن يرسل إليهم جيشا، ويحمل إلى الظاهر ما يحمل إلى التتار، ويكون غياث الدين على ما هو عليهم من السلطنة.
غزوة النوبة ودنقلة
توجه من مصر جيش عليه عز الدين أيبك الأفرم، وشمس الدين الفارقاني إلى النوبة في ثلاثمائة فارس، فوصلوا دنقلة، فخرج إليهم ملكها داود على النجب، بأيديهم الحراب، وليس عليهم لامة، فرموهم بالنشاب، فانهزموا، وقتل منهم خلق، وأسر خلق، وبيع الرأس من السبي بثلاثة دراهم، ومر داود في هروبه بملك من ملوك النوبة، فقبض عليه وأرسله إلى الملك الظاهر، ووضعت الجزية على أهل دنقلة، ولله الحمد. وأول ما غزيت النوبة في سنة إحدى وثلاثين، غزاها عبد الله بن سعد بن أبي سرح في خمسة آلاف فارس، وأصيبت في هذه الغزوة عين حديج بن معاوية، وعين أبرهة بن الصباح. ثم هادنهم عبد الله ورد. ثم غزيت في زمن هشام، ولم تفتح. ثم غزيت زمن المنصور، ثم غزاها تكين التركي، ثم غزاها كافور صاحب مصر، ثم غزاها ناصر الدولة ابن حمدان، فبيتوه ورد مهزوما. وغزاها

(50/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 19
تورانشاه أخو السلطان صلاح الدين في سنة ثمان وستين وخمسمائة، ووصل إلى أبريم، ولم تفتح إلا الآن كما قال ابن عبد الظاهر:
(هذا هو الفتح لا شيء سمعت به .......... في شاهد العين لا ما في الأسانيد)

(50/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 20

سنة خمس وسبعين وستمائة

[نزول السلطان على حارم]
في أولها دخل السلطان دمشق، من الكرك، فبعث بدر الدين الأتابكي في ألف إلى الروم، فوصلوا إلى البلستين، فصادفوا بها جماعة من عسكر الروم، فبعثوا إلى بدر الدين بإقامات وخدموه، وسألوه أن يقتل التتر الذين بالبلستين، ويصيروا معه إلى السلطان، فأخذهم معه، ووافوا السلطان على حارم، فأكرم موردهم، ثم بعث الأمير حسام الدين بيجار إلى مصر، فخرج الملك السعيد لتلقيه، ثم قدم على السلطان ضياء الدين ابن الخطير، ورجع السلطان إلى مصر بعد ذلك.
[مقتل ابن الخطير]
وحضر إلى الروم طائفة كبيرة من المغول، فقتلوا شرف الدين ابن الخطير، وبعثوا برأسه إلى قونية، وقتل معه جماعة من الأمراء والتركمان، وذلك لأن ابن الخطير شرع يفرق العساكر، وأذن لهم في نهب من يجدونه من التتار وقتلهم.

(50/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 21
وانحاز الأمير محمد بن قرمان وإخوته وأصحابه التركمان إلى سواحل الروم وأغاروا على التتار، وكاتب الملك الظاهر. وطلب الملك غياث الدين صاحب الروم وابن البرواناه الأمير شرف الدين ابن الخطير، فقدم عليهما، فجمعوا من حواليهم من المغول، فخرج تاج الدين كيوي إلى ابن الخطير، وعنفه ابن الخطير، وأمر به فقتل، وقتل معه سنان الدين والي قونية، ثم ندم وخاف من البرواناه، فأتى إلى باب الملك غياث الدين في يوم الجمعة ثالث عشر صفر في أهبة وطائفة. وتخبط البلد، ولم يصلوا جمعة. ثم نودي في البلد بشعار الملك الظاهر وراسلوا الملك الظاهر يستوثقون منه باليمين لأنفسهم ولغياث الدين، فاستأذنهم ابن البرواناه في أن يدخل قيصرية، ويحمل حواصله ويخرج إليهم، ودخل وحمل حرمه وأمواله، وخرج ليلا، وسار إلى دوقات. فلما تحقق شرف الدين ابن الخطير مسيره إلى دوقات بعث أخاه ضياء الدين وسيف الدين طرقطاي، وولده سنان الدين في جماعة نحو الخمسين إلى الملك الظاهر يحثه على المجيء، فوافوه على حمص، وحرضوه فقال: أنتم استعجلتم في المنابذة، وأنا وعدت معين الدين البرواناه قبل توجهه إلى الأردو أني أطأ البلاد في آخر هذه السنة. وأنا الآن فعساكري بمصر. وأما ذهاب مهذب الدين ابن البرواناه إلى دوقات فنعم ما فعل. ثم أكرمهم. فقال ضياء الدين: يا خوند متى لم تقصد البلاد الآن لم نأمن على أخي أن يقتل هو والأمراء الذي حلفوا لمولانا السلطان، وإن كان ولا بد فتبعث عسكرا يكونون ردءا له. فقال: المصلحة أن ترجعوا إلى بلادكم وتحصنوها وتحتموا بالقلاع إلى أن أمضي إلى مصر ونربع الخيل ونعود. ثم تجهز الأمير سيف الدين بلبان الزيني إلى الروم ليحضر من خلف بها من الأمراء والملك غياث الدين، فلما كان بالطريق جاء الخبر بعود البرواناه إلى الروم في خدمة منكوتمر وإخوته في ثلاثين ألفا. فرد. وأما شرف الدين ابن الخطير فعزم على حرب منكوتمر، فسفه الأمراء رأيه وقالوا: كيف نلتقيه ونحن في أربعة آلاف؟ فعلم أنه مقتول، فقصد قلعة

(50/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 22
لؤلؤة ليحتمي بها، فما مكنه واليها من دخولها إلا وحده ومعه مملوك، فلما دخل قبض عليه وبعث به إلى البرواناه، فلما دخل عليه شتمه وبصق في وجهه، ورسم عليه. ولما قدم البرواناه جلس هو والطوامين تتاون، وكريه، وتقو، مجلسا عاما، وأحضروا الملك غياث الدين وأمراءه. فقالوا: ما حملك على ما فعلت من خلع أبغا وميلك إلى صاحب مصر؟ فقال: أنا صبي وما علمت المصلحة. ورأيت الأمراء قد فعلوا شيئا، فخفت إن خالفتهم أن يمسكوني. فقام البرواناه إلى الطواشي شجاع الدين قابنا لالا السلطان فذبحه بيده. ثم إن الأمراء اعتذروا بأن ابن الخطير هو الذي فعل هذا كله، وخفنا أن يفعل بنا كما فعل بتاج الدين كيوي. فسألوا شرف الدين ابن الخطير فقال للبرواناه: أنت حرضتني على ذلك، وأنت كاتبت صاحب مصر، وفعلت وفعلت. فأنكر البرواناه ذلك. وأنت كاتبت صاحب مصر، وفعلت وفعلت. فأنكر البرواناه ذلك. وكتب المقدمون بصورة ما جرى إلى أبغا ثم أمروا بضرب ابن الخطير بالسياط ويقرروه بمن كان معه، فأقر على نور الدين ابن جيجا، وسيف الدين قلاوون، وعلم الدين سنجر الجمدار، وغيرهم. فلما تحقق البرواناه أنه يقتل بإقرار ابن الخطير عليه، أوحى إليه يقول: متى قتلوني لم يبقوك بعدي، فاعمل على خلاصي وخلاصك بحيث أنك تصر على الإنكار، واعتذر بأن اعترافك كان من ألم الضرب. ثم جاء الجواب بقتل ابن الخطير، فقتل في جمادى الأولى، وبعث برأسه إلى قونية، وبإحدى يديه إلى أنكورية، وبالأخرى إلى أرزنكان. وقتلوا معه سيف الدين قلاوون، والجمدار، وجماعة كبيرة. وأثبتوا ذنبا على طرقطاي، ففدى نفسه بأربعمائة ألف درهم وبمائتي فرس، على أن يقم بألف من المغل في الشتاء.

(50/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 23

[قتل القسيس مرخسيا]
وفيها قتل مرخسيا النصراني القسيس، لا رحم الله فيه عضوا، وكان واصلا عند أبغا، متمكنا منه، وله عليه دالة زائدة. وكان يغريه بأذية المسلمين. قتله معين الدين محمود والي أرزنكان بأمر البرواناه، وقتل نيفا وثلاثين نفسا معه من أهله وأتباعه، فلله الحمد.
[واقعة صاحبي مكة والمدينة]
وفيها تواقع أبو نمي صاحب مكة، وجماز صاحب المدينة، فالتقوا على مر الظهران، وسببها أن إدريس بن حسن بن قتادة صاحب الينبع وهو ابن عم أبي نمي اتفق هو وجماز على أبي نمي، وسارا لقصده، فخرج وكسرهما، وأسر إدريس، وهرب جماز.
[انتصار السلطان على التتار]
وفي شوال قدم السلطان دمشق، ودخل حلب في أول ذي القعدة. وسار ابن مجلي بعسكر حلب فنزل على الفرات، وسار السلطان بالجيوش فقطع الدربند الرومي، ووقع سنقر الأشقر بثلاثة آلاف من التتار، فالتقاهم فكسرهم، وأسر منهم، وصعد العسكر الجبال، وأشرفوا على صحراء البلستين، فشاهدوا التتار، قد رتبوا عسكرهم أحد عشر طلبا، الطلب

(50/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 24
ألف، ومقدم الكل النوين تناون، وعزلوا عنهم عسكر الروم خوفا من مخامرتهم، فلما التقى الجمعان حملت ميسرة التتار فصدمت سناجق السلطان، ودخلت طائفة منهم، وحملوا على الميمنة، فلما رأى ذلك السلطان، ردفهم بنفسه وخاصكيته، ثم رأى ميسرته قد اضطربت، فردفها بطائفة، ثم حمل بالجيش حملة واحدة على التتار، فترجلوا وقاتلوا أشد قتال، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وانهزم الباقون في الجبال والوعر، فأحاطت بهم العساكر المنصورة، فقاتلوا حتى قتل أكثرهم، وقتل من المسلمين جماعة منهم الأمير ضياء الدين ابن الخطير، وشرف الدين قيران العلاني، وعز الدين أخو المحمدي، وسيف الدين قلنجق الششنكير، وعز الدين أيبك الشقيفي. وأسر خلق من التتار، فمنهم على ما ذكر الملك المؤيد: سيف الدين سلارا، وسيف الدين قبجق، وسنذكر من أخبارهما. ونجا البرواناه، وساق إلى قيصرية، وذلك في ذي القعدة. واجتمع بصاحب الروم غياث الدين وأعيان الدولة وأخبرهم بكسرة التتار، فاجتمع رأيهم على الانتقال إلى دوقات خوفا من مرور التتار بهم وأذيتهم.

(50/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 25

[فتح قيصرية]
وأما السلطان فبعث سنقر الأشقر إلى قيصرية بأمان أهلها وإخراج السوقية، ثم رحل السلطان، عز نصره، إلى قيصرية، فمر بقلاع، ونزل ولاتها إلى خدمته، ودخلوا في طاعته. وقدم قيصرية، وطلع الأعيان والأمراء والكبار والفضلاء على طبقاتهم وتلقوه، وخرج به المسلمون، وكان يوما مشهودا. وركب يوم الجمعة للصلاة، فدخل إلى مدينة قيصرية، ونزل بدار السلطنة، وجلس على سرير المملكة، وجلس بين يديه القضاة والعلماء على قاعدة مملكة الروم، ومدوا سماطا عظيما، وخطبوا له، وضربت السكة باسمه. ثم بلغ السلطان أن البرواناه كتب إلى أبغا يحرضه على إدراك السلطان الملك الظاهر بالروم. وبلغه أيضا الغلاء الذي بالبلد، فرحل عنه إلى الشام. وممن أسر المسلمون في وقعة البلستين من الكبار: مهذب الدين ابن البرواناه، وابن أخته، والأمير نور الدين جبريل، والأمير قطب الدين محمود، والأمير سراج الدين إسماعيل بن جاجا، والأمير سيف الدين سنقر

(50/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 26
شاه الروباشي، ونصرة الدين بهمن، وكمال الدين إسماعيل عارض الجيش، وحسام الدين كباول، والأمير سيف الدين الجاويش، وشهاب الدين غازي التركماني. ومن أمراء التتار: زيرك صهر أبغا، وسرطق، وجركر، وتماديه، وسركوه. وأما صاحب الروم فتحول إلى دوقات، وهي حصينة، على أربعة أيام من قيصرية. ورجع الملك الظاهر على المعركة، فسأل عن عدة القتلى كم بلغت؟ فقيل: إن عدة قتلى المغل ستة آلاف وسبعمائة وسبعون نفسا. وتعب الجيش وقاسوا مشقة عظيمة. وكان على يزك الجيش عز الدين أيبك الشيخي، وكان قد ضربه السلطان بسبب تقدمه، فتسحب إلى التتار.

(50/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 27
وجاء إلى السلطان رسول البرواناه يستوقفه عن الحركة، فكان جوابه: إنا قد عرفنا طرق الروم وبلاده، وما كان جلوسنا على تخت الملك رغبة فيه إلا لنعلمكم أنه لا عائق لنا عن شيء نريده بحول الله وقوته. ثم قطع السلطان الدربند وعبر النهر الأزرق، وقدم الشام في آخر العام.
[أخذ قونية]
ولما بلغ شمس الدين ابن قرمان وقعة البلستين جمع وحشد، وقصد أقصرا ونازلها، ثم قصد قونية ومعه ثلاثة آلاف فارس فنازلها، ورفع السناجق الظاهرية، وأحرق بابها، ودخلها يوم عرفة، فنهب دور الأمراء والنائب، ثم ظفر بنائبها، فعذبه وقتله، وعلق رأسه. وأقام بقونية سبعة وثلاثين يوما.
[مذبحة أبغا بأهل قيصرية]
وأما الملك أبغا فإنه أسرع إلى الروم فوافى البلستين على أثر رجوع الملك الظاهر، فشاهد القتلى، فبكى وأنكر على البرواناه كونه لم يعرفه بجلية الأمر، فقال: لم أعرف. فلم يقبل قوله، وحنق عليه، وبعث أكثر جيشه إلى جهة الشام، وكان معه أيبك الشيخي، فقال له: أرني مكان ميمنتكم وميسرتكم، فأراه، فقال: ما هذا عسكر يكفيه هذه الثلاثون ألفا التي معي. ثم بعث يجمع العساكر. وكان قد هلك لهم خيل كثيرة. ثم عطف، لعنه الله، على قيصرية فخرج إليه القضاة والعلماء، فقال: كم للملك الظاهر عنكم؟

(50/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 28
قالوا: خمسة وعشرون يوما. وعزم على قتل أهل قيصرية فلاطفوه، وقالوا: هؤلاء رعية لا طاقة لهم بدفع جيش. فلم يقبل هذا العذر، وقتل جماعة من الأعيان صبرا. ثم أمر عسكره بالقتل والنهب في البلد. قال قطب الدين في ((تاريخه)): فيقال إنه قتل من الرعية ما يزيد على مائتي ألف، وقيل خمسمائة ألف من قيصرية إلى أرزن الروم. وممن قتل: القاضي جلال الدين حبيب. فما قوم دخول السلطان وحكمه على الروم أسبوعا بما جرى على أهلها. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

(50/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 29

سنة ست وسبعين وستمائة

[دخول السلطان دمشق]
دخل السلطان دمشق في سابع المحرم، فدخل القلعة، ثم نزل إلى قصره.
[المشورة في أمر التتار]
وتواترت الأخبار بوصول أبغا إلى البلستين، فضرب السلطان مشورة ووقع الاتفاق على الخروج من دمشق بالعساكر المنصورة، وملتقى أبغا حيث كان. وأمر بالدهليز فضرب على القصر. ثم بلغه رجوع أبغا، فأمر برد الدهليز.
[وفاة الملك الظاهر]
وجلس في رابع عشر المحرم بالقصر فرحا مسرورا يشرب القمز، فتوعك عقيب ذلك اليوم وتقيأ، فعسر عليه القيء، ثم ركب لكي ينشط فقوي به الألم ومرض، واشتكى في اليوم الثالث حرارة باطنه، ثم أجمعت الأطباء على استفراغه، فسقوه دواء، فلم ينجع، فحركوه بدواء آخر كان سببا لإفراط إسهاله، وضعف، والحمى تتضاعف، فتخيل خواصه أن كبده تتقطع، وأنه سم، فسقوه جواهر في اليوم السادس. وكانت المرضة ثلاثة عشر يوما.

(50/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 30
ومات رحمه الله وعفا عنه، كما هو مؤرخ في ترجمته في المحرم.
[سلطنة الملك السعيد]
وفي سادس عشر ربيع الأول ركب السلطان الملك السعيد بأبهة الملك، وخلع على الأمراء، وله نحو ثمان عشرة سنة.
[القبض على سنقر والبيسري]
وفي الخامس والعشرين من ربيع الأول قبض الملك السعيد على سنقر الأشقر والبيسري، وسجنهما.

(50/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 31

[نيابة الفارقاني]
وكان قبل ذلك بأيام قد مات نائب السلطنة بيليك الخزندار، فولى مكانه شمس الدين أقسنقر الفارقاني.
[قدوم رسل بركة]
وفيه قدمت رسل بركة في البحر، وطلعوا من الإسكندرية.
[القبض على الفارقاني]
وفي ربيع الآخر قبض السلطان على نائبه الفارقاني في جماعة من الأمراء وحبسوا، وولى نيابة السلطنة الأمير شمس الدين سنقر الألفي.
[الإفراج عن سنقر والبيسري]
وفيه أفرج السلطان عن سنقر الأشقر وبيسري، وخلع عليهما، ورضي عنهما.
[اختلاف الآراء على الملك السعيد]
وفي جمادى الآخرة قبض السلطان على خاله بدر الدين بركة خان لأمر نقمه عليه، ثم أطلقه بعد عشرة أيام. وبقيت الآراء مختلفة، وكل واحد يشير

(50/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 32
على السلطان بما يوافق هواه، والسلطان شاب غر بالأمور.
[دفن الملك الظاهر]
وعملت التربة الظاهرية بدمشق، وبالغوا في الإسراع في إنشائها، ونقل تابوت المرحوم الملك الظاهر من قلعة دمشق إلى تربته ليلا ومعه نائب السلطنة عز الدين أيدمر، ومن الخواص دون العشرة.
[قضاء القضاة في مصر]
وفي ذي القعدة عزل القاضي محيي الدين عبد الله ابن قاضي القضاة شرف الدين ابن عين الدولة عن قضاء مصر وأعمالها، ثم أضيف ذلك إلى قاضي القضاة تقي الدين ابن رزين، فلم يفرد بعد ذلك قضاء مصر عن قضاء القاهرة.
[قضاء الشام]
وفي ذي الحجة ولي قضاء الشام ابن خلكان وصرف ابن الصائغ، رحمهما الله.

(50/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 33

سنة سبع وسبعين وستمائة

[الترحيب بالقاضي ابن خلكان بدمشق]
فدخل قاضي القضاة ابن خلكان دمشق في أول العام، وتلقاه نائب السلطان والدولة والأعيان، وفرح الأكابر بمقدمه، ومدحه غير واحد من الشعراء، وتكلم نور الدين ابن مصعب، وأنشأ هذه الأبيات:
(رأيت أهل الشام طرا .......... ما فيهم قط غير راض)

(نالهم الخير بعد شر .......... فالوقت بسط بلا انقباض)

(وعوضوا فرحة بحزن .......... قد أنصف الدهر في التقاضي)

(وسرهم بعد طول غم .......... قدوم قاض وعزل قاض)

(فكلهم شاكر وشاك .......... لحال مستقبل وماضي)

[التدريس في الظاهرية بدمشق]
وفي صفر أديرت المدرسة الظاهرية بدمشق، ولم تكن كملت عمارتها، وكانت قبل ذلك دار إمرة، وتعرف بدار العقيقي، فاشتريت، فدرس للشافعية الشيخ رشيد الدين الفارقي، ودرس للحنفية الشيخ صدر الدين سليمان.
[قضاء الحنفية بدمشق]
وفي جمادى الأولى ولي قضاء الحنفية بدمشق الشيخ صدر الدين

(50/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 34
سليمان، بعد وفاة ابن العديم، فتوفي بعد ثلاثة أشهر، وولي بعده القاضي حسام الدين الرومي قاضي ملطية.
[التدريس بالنجيبية]
وفي ذي القعدة أديرت المدرسة النجيبية، وهي صغيرة، إلى جانب المدرسة النورية فدرس بها قاضي القضاة ابن خلكان مديدة، ثم نزل عنها لولده.
[فتح الخانكاه النجيبية]
وفتحت أيضا الخانكاه النجيبية، وكان سبب تأخر فتح المكانين عن تاريخ وفاة النجيبي شمول الحوطة على التركة والوقف.
[عبور الملك السعيد إلى قلعة دمشق]
وفي خامس ذي الحجة كان عبور السلطان الملك السعيد إلى قلعة دمشق، وكان يوما مشهودا، وعملت القباب، وفرح الناس ودعوا له دعاء كثيرا، وسروا به سرورا زائدا لجودته ولينه.
[وزارة السنجاري بمصر]
وفي يوم عرفة باشر الوزارة بمصر القاضي برهان الدين الخضر بن الحسن السنجاري بحكم وفاة الوزير بهاء الدين ابن حنا بمقتضى مرسوم سلطاني.

(50/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 35

[وزارة ابن القيسراني بالشام]
وفي هذا الشهر ولي الوزارة بالشام الصاحب فتح الدين ابن القيسراني، وبسط يده، وأمر القضاة بالركوب معه أول مباشرته.
[الإغارة على بلاد سيس]
وبعث السلطان شطر الجيش للإغارة على بلاد سيس، وعليهم الأمير الكبير سيف الدين قلاوون.
[إسقاط المقرر على الأمراء]
وبقي السلطان يتردد إلى المرج والرنيقة للفرجة. وجلس بدار العدل، وأسقط ما قرره أبوه على الأمراء، فسر الناس ودعوا له على هذه الحسنة العظيمة، ولعل الله قد رحمه بها.
[ولاية شد الشام]
وفيها عزل عن الشد بكتوت الأقرعي، وأرسل إلى حلب على خبز الأمير علم الدين الدواداري، ثم أحضر الدواداري وأعطي شد الشام، فباشره أواخر ذي الحجة.

(50/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 36

سنة ثمان وسبعين وستمائة

[قضاء المالكية بدمشق]
في المحرم ولي قضاء المالكية بدمشق الذي كان ينوب عن الشيخ زين الدين الزواوي، وهو جمال الدين أبو يعقوب الزواوي.
[ولاية دمشق]
وفيه ولي ولاية دمشق عز الدين ابن أبي شيحا، وعزل الأمير ناصر الدين الحراني.
[وقوع الخلاف بين الخاصكية والسلطان]
وفي ربيع الأول وقع الخلف بين الخاصكية بدمشق وعجز السلطان عن تلافي ذلك، وخرج عن طاعته نائبه الأمير سيف الدين كوندك، وتقدم بالذين التفوا عليه نحو القطيفة، ومعه نحو أربعمائة من الظاهرية، وفيهم فرسان وشجعان، فنزل بالقطيفة ينتظر الجيش الذين في سيس، فقدموا، واتصل بهم كوندك وأصحابه، ونزل الكل بعذرا، ثم راسلوا السلطان في معنى الخلف الذي حصل. وكان كوندك مائلا إلى البيسري، ولما اجتمع به وبالأمير سيف الدين قلاوون وغيرهما من الكبار أوحى إليهم ما وغر صدورهم وخوفهم من خواص الملك السعيد، وأن نيتهم نحسة، وأن السلطان موافق

(50/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 37
لمايختارونه. وكثر القول، ونفر الخواطر. فاقترح الأمراء على السعيد إبعاد الخاصكية عنه وتفرقهم، فلم يجب إلى ذلك عجزا عنهم، وخوفا من العاقبة، وحار في أمره، وصار وحيدا، فرحل الجيش من عذرا، وساروا على المرج إلى الكسوة، وترددت الرسل بينهم. ثم ساروا إلى مرج الصفر، ففارقهم نائب دمشق عز الدين أيدمر، ومعه أكثر عسكر دمشق، ودخلوا البلد، فبعث السلطان أمه بنت بركة خان في محفة، وفي خدمتها سنقر الأشقر، فإنه كان مقيماً بدمشق عند السلطان، فتلقتها الأمراء، وقبلوا الأرض أمام المحفة، فكلمتهم في الصلح وحلفت لهم على بطلان ما نقل إليهم، وأن السلطان يعرف حقهم. فاشترطوا شروطا كثيرة التزمت لهم بها، وعادت إلى ولدها، وعرفته الصورة، فمنعه من حوله من الخاصكية من الدخول تحت تلك الشروط، وقالوا: قصدهم إبعادنا ليتمكنوا منك ويعزلوك. ولم يتفق أمر، وترحل العسكر طالبين الديار المصرية، فساق السلطان جريدة في طلبهم، فبلغ رأس الماء، فوجدهم قد أبعدوا، فعاد من آخر النهار، ودخل القلعة ليلا، وأصبح في غرة ربيع الآخر، فسافر بمن بقي معه من الجيش المصري والشامي في طلبهم، وسير والدته وخزائنه إلى الكرك. ووصل إلى بلبيس في خمسة عشر يوما. وقد دخل أولئك القاهرة، ورجع نائب دمشق وأكثر الأمراء إلى الشام. وساق هو إلى قلعة مصر، فوجد العساكر محدقة بالقلعة، وكان بها نائبه الأمير عز الدين الأفرم، فحصل بينهم مقاتلة يسيرة، وحمل به الأمير علم الدين سنجر الحلبي، وشق الأطلاب، وفتح له الأفرم وطلع إلى القلعة، وقتل جماعة يسيرة، وبقي جماعة ممن كان مع السلطان برا، فاحتاجوا أن ينضموا إلى سائر العسكر.

(50/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 38
وأما سنقر الأشقر فإنه انعزل بالمطرية بطلبه، وحاصروا القلعة، وقطعوا عنها الماء الذي يطلع في المدارات، وزحفوا عليها، وجدوا في ذلك. فرأى السلطان تخلي من يرجو نصره عنه، وتخاذل من بقي معه وأنه عاجز.
[مشاركة قلاوون الملك السعيد في السلطنة]
وكان مقدم الجيش الذي قام على الملك السعيد حموه الأمير سيف الدين قلاوون، فجرت المراسلات على أن يخلع نفسه ويسلطنوا أخاه سلامش، وأن يعطوا للسعيد الكرك، ويعطوا أخاه الشوبك، يعني نجم الدين خضر، فبعث علم الدين الحلبي وتاج الدين ابن الأثير الكاتب إليهم، وحلفوا له على ذلك، ونزل من القلعة. وكان الحصار يومين، فعقدوا له مجلسا لخلعه من الملك، وأحضروا الفقهاء والعلماء والأمراء، وعملوا محضرا بخلعه، وكتبوا به نسخا، ورتبوا في السلطنة أخاه بدر الدين سلامش، وهو ابن سبع سنين، وجعلوا أتابكه الأمير سيف الدين قلاوون، وحلفت الأمراء له ولأتابكه.
[ضرب السكة]
وضربت السكة باسمه على وجه، وباسم أتابكه على وجه، ودعي لهما معا في الخطبة.

(50/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 39

[نفي الملك السعيد إلى الكرك]
وتوجه السعيد إلى الكرك، وقد زال ملكه وعليه صورة تسليم. ثم أعيد إلى القلعة من الغد لأمر أرادوه، ثم سيروه ليلا.
[انحياز سنقر إلى قلاوون]
وجاء سنقر الأشقر، واجتمع بالأتابك سيف الدين، وصار معه.
[القبض على نائب دمشق]
وجاءت الأخبار إلى دمشق قبل وصول نائبها أيدمر، فقدم دمشق في أول جمادى الأولى، فخرج يتلقاه الأمير جمال الدين أقوش الشمسي، فقبض هو وجماعة من الأمراء على نائب السلطنة عز الدين أيدمر عند المصلى، وفصلوه عن الموكب، ودخلوا به من باب الجابية، ورسموا عليه بدار عند مأذنة فيروز إلى العشي، وحبسوه بالقلعة. وكان بها الأمير علم الدين الدويداري، أعني بدمشق والقلعة، قد استنابه الملك السعيد عليها مدة غيبة نائبها عز الدين.

(50/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 40

[عزل قضاة مصر]
وفيه عزل قضاة مصر الثلاثة معاً، تقي الدين بن رزين الشافعي، ونفيس الدين ابن شكر المالكي، ومعز الدين النعمان الحنفي.
[نيابة سنقر بدمشق]
وفي ثالث جمادى الآخرة قدم سنقر الأشقر نائبا على دمشق، وقرر الدواداري مشدا كما كان.
سلطنة السلطان الملك المنصور
في الحادي والعشرين من رجب شالوا سلامش من السلطنة من غير نزاع، وبايعوا المولى السلطان سيف الدين قلاوون الصالحي التركي، المعروف بالألفي. ولقب بالملك المنصور، وحلف له الأمراء البيسري، والحلبي، ولم يختلف عليه اثنان.
[القبض على ابن القيسراني]
وفي رجب قبض على الصاحب فتح الدين ابن القيسراني.

(50/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 41

[تحليف الأمراء]
ثم وصل أمير يحلف أمراء الشام فحلفوا. وقيل إن سنقر الأشقر لما حلف الأمراء لم يحلف هو وكاسر، ولم يرضه ما جرى، ودقت البشائر بدمشق يوم السابع والعشرين من رجب وزين البلد.
[عزل السنجاري عن وزارة مصر]
وفي شعبان عزل برهان الدين السنجاري عن وزارة مصر بالصاحب فخر الدين إبراهيم بن لقمان صاحب ديوان الإنشاء.
[حبس أيدمر الظاهري]
وفيه سير الأمير عز الدين أيدمر الظاهري من قلعة دمشق في محفة متمرضا إلى مصر، فحبس بقلعتها.
[حج الركب الشامي]
وفي شوال خرج الركب الشامي وأميرهم عماد الدين يوسف ابن الشقاري، وحج الشيخ شمس الدين شيخ الجبل، وطائفة من الحنابلة، وحج أبي وخالي. وحدثني أبي أنهم رأوا الملك السعيد يسير بظاهر الكرك في أواخر شوال.

(50/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 42

[موت الملك السعيد]
قلت: ثم مات في منتصف ذي القعدة أو في عاشره، وعمل عزاؤه بمصر ؛ وحضر السلطان وهو لابس البياض.
[سلطنة سنقر الأشقر بدمشق]
وفي الرابع والعشرين من ذي الحجة ركب نائب السلطنة شمس الدين سنقر الأشقر الصالحي بعد العصر من دار السعادة وبين يديه جماعة من الأمراء والجند، ودخل البلد، فأتى باب القلعة فهجمها راكبا، ودخل وجلس على تخت الملك، وحلفوا له، وتلقب بالملك الكامل. ودقت البشائر بعد ساعة، ونودي في البلد. بسلطنته، وكان محببا إلى الناس. وحلف له القضاة والأكابر. وقبض على الوزير تقي الدين البيع، وكان له في الوزارة شهرا ونصفا، واستوزر مجد الدين ابن كسيرات. ولم يحلف له الأمير ركن الدين

(50/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 43
الجالق، فقبض عليه وحبسه. وقبض على نائب القلعة لاجين المنصوري الذي تسلطن. وولى في المدينة علم الدين....
[سلطنة الملك خضر في الكرك]
وأما الكرك فرتب في السلطنة بها الملك خضر بعد أخيه، وسار طائفة إلى الشوبك فتسلموها بالأمان بعد محاصرة أيام. وكان الذين بها قد عصوا على الملك المنصور لما نزح عنها الملك خضر بن الملك الظاهر إلى عند أخيه السعيد. ثم أحرقت أسوار الشوبك وأذهبت حصانة قلعتها.

(50/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 44

سنة تسع وسبعين وستمائة

[استعراض سنقر بالسلطنة]
في مستهلها ركب السلطان سنقر الأشقر من القلعة بأبهة الملك، ودخل الميدان وبين يديه الأمراء بالخلع، وسير لحظة، وعاد إلى القلعة.
[انهزام الشاميين عند غزة]
وجهز عسكرا، فنزلوا عند غزة. وكان عسكر المصريين بغزة، فأظهروا الهرب، ثم كروا على الشاميين، فكبسوهم ونالوا منهم، وهزموهم إلى الرملة.
[قدوم ابن مهنا وأمير آل مري على سنقر]
وفي خامس المحرم وصل أمير العرب عيسى بن مهنا، ودخل في طاعة الملك الكامل سنقر الأشقر، فبالغ في إكرامه، وأجلسه على السماط إلى جانبه، ثم قدم أمير آل مري أحمد بن حجي على الكامل فأكرمه.

(50/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 45

[تدريس الأمينية]
وفيه ولي قاضي القضاة ابن خلكان تدريس الأمينية، وعزل نجم الدين ابن سني الدولة.
[إنهزام سنقر أمام المصريين]
وفي أواخر المحرم جهز السلطان الملك المنصور من مصر جيشا، عليهم الأمير علم الدين سنجر الحلبي لحرب الملك الكامل سنقر الأشقر، فنزل على الجسورة، واستخدم وأنفق، وجمع خلقا من البلاد، وحضر معه ابن مهنا وابن حجي بعرب الشام، وجاءته نجدة حماة وحلب، وتصمد معه جيش كثيف، لكن لم يكونوا كلهم معه في الباطن، بل كان كثير منهم عليه، وبعضهم فارغين. وأقبل الحلبي بالمصريين، فالتقوا بكرة عند الجسورة، والتحم الحرب، واستمر المصاف إلى الرابعة، وقاتل سنقر الأشقر بنفسه، وحمل عليهم، وبين، لكن خامر عليه أكثر عسكره، فانهزم بعضهم، وتحيز بعضهم إلى المصريين، وانهزم صاحب حماة من أول ما وقعت العين في العين، وبقي في قل من الناس، فولى وسلك الدرب الكبير إلى القطيفة، ولم يتبعه أحد، وتجمع المنهزمون على القصب من أعمال حمص، ثم عاد أكثر الأمراء، ولم يعاقبوا. وأما المصريون فأحاطوا بدمشق، ونزلوا في خيم المنهزمين، وراسلوا نائب سنقر الأشقر الذي بالقلعة، ففتح لهم باب الفرج، وفتحت القلعة بالأمان. ثم جهز الأمير علم الدين الحلبي ثلاثة آلاف في طلب سنقر الأشقر.

(50/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 46

[ولاية ابن سني الدولة قضاء دمشق]
وركب قاضي القضاة ابن خلكان للسلام على الحلبي فحبسه بعلو الخانقاه النجيبية، وعزله، وولي القضاء القاضي نجم الدين ابن سني الدولة، وكان يحترمه لأنه لما تسلطن بدمشق في آخر سنة ثمان وخمسين كان نجم الدين هو قاضي دمشق حينئذ. وحكم الحلبي في البلد. وحضر إليه الأمير أحمد بن حجي، ودخل في الطاعة.
[إلتحاق ابن مهنا بسنقر]
وأما ابن مهنا فإنه توجه صحبة سنقر الأشقر، ولازم خدمته، ونزل به وبمن معه من العسكر في برية الرحبة وأقام بهم.
[أحكام القاضي الحلبي بدمشق]
وأخرج الحلبي من حبس القلعة ركن الدين الجالق، وحسام الدين لاجين، وتقي الدين الصاحب، وحبس ابن كسيرات، وابن صصرى. وبقي ابن خلكان في الاعتقال نيفا وعشرين يوما. وضرب زين الدين وكيل بيت المال، لأنهم تسرعوا إلى مبايعة سنقر الأشقر. وطلب ابن الصانع فأكرمه، فشفع في القاضي ابن خلكان وفي زين الدين الوكيل. وعرض عليه الحلبي

(50/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 47
القضاء فعين نجم الدين ابن سني الدولة، وعلم أنها ولاية مقلقلة لكونها من غير السلطان.
[عفو السلطان المنصور عن الرعية]
ثم ورد البريد في الثامن والعشرين من مصر بأنا قد عفونا عن جميع الناس من الخاص والعام، ولم نؤآخذ أحدا، وأن يقر كل أحد على منصبه.
[نيابة السلطنة بدمشق]
وباشر نيابة السلطنة الأمير بدر الدين بكتوت العلائي أياما إلى أوائل ربيع الأول. ثم جاء تقليد بالنيابة لملك الأمراء حسام الدين لاجين المنصوري الذي حبسه سنقر الأشقر، فباشر يوم الأربعاء الحادي عشر من ربيع الأول، وقرىء تقليده بدار السعادة. وكان شابا عاقلا، شجاعا، دينا، من سلحدارية السلطان الملك المنصور أيام إمرته. ودخل معه دار السعادة الأمير علم الدين الحلبي، ورتبه في النيابة، ومشى في خدمته الأمراء.
[إعادة ابن خلكان إلى القضاء بدمشق]
وصرف الحلبي ابن خلكان إلى منزله بالمدرسة العادلية، وبقي ابن سني الدولة يتردد إلى المدرسة ويحكم بها. وأمره الحلبي بأن يتحول من العادلية

(50/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 48
ويسلمها إلى ابن سني الدولة، فشق ذلك عليه، وتكرر إليه القول بسرعة التحول، فبينا هو كذلك وقد أحضر جمالا لنقل حوائجه إلى جبل الصالحية، وإذا بكتاب سلطاني بإكرامه، والإقرار له على منصبه، وإعادته إلى القضاء، فباشر الحكم يومئذ الظهر، ولبس الخلعة.
[ولاية ابن الحراني]
وأعيد إلى ولاية المدينة ابن الحراني.
[مطاردة المصريين سنقر الأشقر]
وفي أوائل ربيع الآخر توجه من دمشق الأمير عز الدين الأفرم نجدة للجيش المصري الذين توجهوا لمضايقة سنقر الأشقر، فاجتمعوا بحمص، ثم ساروا في طلب الأشقر، ففارق ابن مهنا وتوجه إلى الحصون التي بيد نوابه، وطلع إليها، وهي صهيون - وكان سير أهله إليها وخزائنه - وبلاطنس، وبرزية، وعكار، وجبلة، واللاذقية، وشيزر وبكاس.
[نزول الحاج أزدمر بشيزر]
وكان قد انهزم يوم الوقعة الأمير الحاج أزدمر إلى جبل الجرديين، وأقام عندهم، واحتمى بهم، ثم مضى إلى خدمة سنقر الأشقر في طائفة من الجبليين، فأنزله بشيزر يحفظها.

(50/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 49

[ولاية ابن النحاس الدواوين]
وفي جمادى الآخرة ولي نظر الدواوين الصاحب محيي الدين ابن النحاس.
[وقوع الجفل في البلاد الحلبية]
وفيه وصل الجفال من البلاد الحلبية من التتار، وتقهقر عسكرها. وسبب حركتهم ما بلغهم من اختلال الكلمة.
[تواتر العساكر لمواجهة التتار]
وتوجه في جمادى الأولى عسكر المصريين، ونازلوا شيزر، وضايقوها بلا محاصرة، وترددت الرسل بينهم وبين سنقر الأشقر في تسليمها. فبينا هم في ذلك وصلت الأخبار في جمادى الآخرة بأن التتار قد دهموا البلاد، فخرج من بدمشق من العساكر، وعليهم الركن أباجو، وانضم إلى العساكر التي على شيزر، ثم نزل الكل على حماة. وقدم من مصر بكتاش النجمي في ألف، ولحق بهم.
[اتفاق الأمراء مع سنقر لقتال التتار]
وأرسل هؤلاء إلى سنقر الأشقر يقولون: هذا العدو قد دهمنا، وما سببه إلا الخلف الذي بيننا، وما ينبغي أن تهلك الرعية في الوسط، والمصلحة أننا نجتمع على دفعه. فنزل عسكر سنقر الأشقر من صهيون، والحاج أزدمر من

(50/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 50
شيزر، وخيمت كل طائفة تحت حصنها، واتفقوا على الملتقى وقتال التتار. وجاءت طائفة عظيمة من التتار، فقتلوا من تبقى بحلب، وسبوا ونهبوا، وأحرقوا منبر الجامع والمدارس ودور الأمراء، وعملوا كل قبيح كعاداتهم، وأقاموا بحلب يومين، واستاقوا المواشي والغنائم.
[نداء حلبي يائس بنصر الإسلام]
وقيل إن بعض من كان استتر بحلب يئس من الحياة، ووقف على رأس منارة حلب، وكبر بأعلى صوته على التتار وقال: الله أكبر جاء النصر من عند الله. ولوح بثوبه، وبقي يقول: أمسكوهم من البيوت مثل النساء يا عسكر الإسلام. فخرج التتار على وجوههم يظنون أن المسلمين جاءوا. وكانوا قد بلغهم اجتماع العسكر على حماة، وسلم ذلك الرجل. نقل ذلك الشيخ قطب الدين.
[تسحب الأمراء عن سنقر]
وفي هذه الأيام تسحب جماعة من الأمراء الذين عند سنقر الأشقر إلى السلطان. وكان السلطان قد سار ببقية الجيش فنزل غزة.

(50/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 51

[الخطبة بولاية العهد للملك الصالح]
وفي هذه المدة خطب على المنابر بولاية العهد للملك الصالح علي ابن السلطان الملك المنصور.
[عودة السنجاري وابن لقمان إلى منصبيهما]
وفيها أعيد السنجاري إلى الوزارة، ورد ابن لقمان إلى ديوان الإنشاء.
[رجوع السلطان من غزة]
ورجع السلطان من غزة لما بلغه رجوع التتار وأمن البلاد.
[إعادة القضاة إلى مناصبهم بمصر]
وفي رمضان أعيد تقي الدين ابن رزين إلى قضاء الديار المصرية، وعزل صدر الدين ابن بنت الأعز. وأعيد قبل ذلك إلى القضاء القاضيان نفيس الدين ابن شكر، ومعز الدين النعمان. ورتب قاض حنبلي وهو الشيخ عز الدين عمر بن عبد الله بن عوض المقدسي صهر الشيخ شمس الدين ابن العماد.

(50/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 52

[هزيمة طائفة من الشاميين أمام الفرنج بالمرقب]
وفي ذي القعدة كان طائفة من الشاميين نزال بمرج المرقب، فداخلهم طمع فركبوا من الليل، وصبحوا المرقب للغارة، فخرج الفرنج وقد جاءتهم نجدة في البحر، وحملوا على المسلمين، فهزموهم ومزقوهم في أودية وعرة، ونالوا منهم نيلا عظيما، وقتلوا وأسروا. فما شاء الله كان.
[خروج السلطان إلى الشام]
وفي أول ذي الحجة خرج السلطان إلى الشام، وخلفه ولده الملك الصالح.
[البرد بمصر]
ويوم عرفة وقع بديار مصر برد كبار، فأهلك بعض الزرع، وبدع في الوجه القبلي.

(50/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 53

[الصاعقة بالجبل الأحمر]
ووقع تحت الجبل الأحمر صاعقة على حجر، فأخذت وسبكت، وجاء منها نحو الأوقية.
[الصاعقة بالإسكندرية]
ووقعت يومئذ صاعقة بالإسكندرية.
[مراسلة أهل عكا بالهدنة]
وفي سابع عشر ذي الحجة نزل السلطان على الروحاء قبالة عكا، فراسله أهلها في الهدنة. وأقام هناك أياما.
[قدوم ابن مهنا على السلطان]
وقدم عليه عيسى بن مهنا طائعا، فبالغ السلطان في إكرامه واحترامه، وصفح عنه من قيامه مع سنقر الأشقر.
[وزارة ابن مزهر بدمشق]
وفيها وزر بدمشق الشرف ابن مزهر، ومد يده، ثم أعيد التقي البيع.

(50/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 54

سنة ثمانين وستمائة

[كشف مؤآمرة الفتك بالسلطان]
في أوائل المحرم هادن السلطان أهل عكا، ونزل اللجون، وقبض على الأمير سيف الدين كوندك الظاهري وعدة أمراء بحمراء بيسان. فقيل إن كوندك، وأيتمش السعدي، وسيف الدين الهاروني اتفقوا على الفتك بالسلطان، وعرف ذلك البيسري، فأعلمه، فقبض على كوندك وغيره، وهرب الباقون، الهاروني، والسعدي، ونحو ثلاثمائة فارس على حمية إلى عند سنقر الأشقر. وأهلك كوندك، فقيل إنه غرق ببحيرة طبرية.
[جرح الأمير طقصو]
وساق طقصو في عسكر وراء أيتمش السعدي، فجرح ورد.
[حبس أمراء بقلعة دمشق]
ويوم سابع عشر المحرم وصل المحمدي مقدم البحرية إلى دمشق ومعه جماعة أمراء ممسوكين، فحبسهم بقلعة دمشق.
[دخول السلطان دمشق]
ودخل السلطان دمشق يوم تاسع عشر المحرم، وحمل

(50/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 55
الجتر اليسري يومئذ، فعزل ابن خلكان عن القضاء بابن الصائغ، وولي قضاء الحنابلة نجم الدين أحمد ابن الشيخ شمس الدين، وذلك بعد خلو الشام من قاض حنبلي مدة.
[مصالحة السلطان وسنقر الأشقر]
ثم جهزت المجانيق وطائفة لحصار شيزر، فنازلوها وتسلموها، وذلك أن الرسل ترددت في الصلح بين السلطان وبين سنقر الأشقر، ووصل من جهته الأمير علم الدين الدواداري، والأمير خزندار سنقر الأشقر. فحلف له السلطان ونودي في دمشق باجتماع الكلمة، ودقت البشائر لذلك، وسير إليه فخر الدين المقري الأمير ليحلفه، وحينئذ سلم سنقر الأشقر قلعة شيزر للسلطان، فعوضه عنها كفرطاب، وفامية، وأنطاكية، والسويدية، وشغر، وبكاس، ودركوش، بضياعها، على أن يقيم ستمائة فارس على جميع ما تحت يده من البلاد، وذلك ما ذكرناه، وصهيون، وبلاطنس، وجبلة، وبرزية، واللاذقية. وخوطب في ذلك بالمقر العالي، المولوي، السيدي، العالمي، العادلي، الشمسي، ولم يصرح له في ذلك لا بالملك ولا بالأمير.
[إدارة الخمور بدمشق ومصر وإبطالها]
وفي ربيع الأول أديرت الجهة الملعونة والخمور بدمشق، وكانت بطالة من خمس عشرة سنة، وأديرت بالديار المصرية أيضا قبل هذا التاريخ بمدة، فلا قوة إلا بالله.

(50/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 56
وبقيت دائرة بدمشق أياما، ولطف الله تعالى، وأبطلت، وأريقت الخمور. وطهر البلد من ذلك. ولله الحمد.
[مصالحة السلطان والملك خضر]
ووقع الصلح بين صاحب الكرك الملك خضر وبين السلطان.
[إقامة العزاء بالملك السعيد]
ثم جاءت امرأة الملك الظاهر بنت بركة خان ومعها تابوت ولدها الملك السعيد، ثم استقوا التابوت بالليل من الصور، ودفن إلى جانب والده. وأدخله القبر قاضي القضاة عز الدين ابن الصانع، ونزلت أمه بدار صاحب حمص، وعقد العزاء من الغد بالمدرسة الظاهرية، وحضره السلطان والأمراء والأعيان والوعاظ.
[عزل ابن البيع ووزارة ابن السنهوري]
وعزل تقي الدين البيع من الوزارة، وباشر عوضه تاج الدين ابن السنهوري.
[الأخبار بخروج التتار]
وفي جمادى الأولى جاءت الأخبار بأن التتار على عزم المجيء.

(50/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 57

وقعة حمص
انجفل أهل البلاد الشمالية، وقويت الأخبار، واهتم السلطان بدمشق للعرض، وجاء أحمد بن حجي بخلق من العربان، وكثرت الأراجيف، وكثرت الجفال، وعدى التتار الفرات من ناحية حلب، ونازل الرحبة منهم ثلاثة آلاف، منهم القان أبغا، فخرج السلطان بسائر الجيوش، وقنت الأئمة في الصلوات، وحضر سنقر الأشقر، وأيتمش السعدي، والحاج أزدمر، وبالغ السلطان في احترام سنقر الأشقر، وأقبل منكوتمر يطوي البلاد، فالتقى الجمعان، ووقع المصاف ما بين مشهد خالد بن الوليد إلى قريب الرستن، وذلك شمالي حمص، في يوم الخميس رابع عشر رجب. ويوم الأربعاء فاق العالم بدمشق وأحسوا بقرب اللقاء، وفزعوا كافة إلى جامع دمشق بالشيوخ والأطفال، واستغاثوا إلى الله تعالى، ثم خرج الخطيب بالمصحف العثماني إلى المصلى، ومعه خلائق يتضرعون إلى الله تعالى، وكان يوما مشهودا، شهده مع السلطان مماليكه، مثل طرنطيه، وبيدرا، وكتبغا، ولاجين، وجنق، وسنجر الشجاعي، والطباخي، وسندمر، وعدة كلهم أمراء، ومنهم من تسلطن، وسنقر الأشقر، والحاج أزدمر الذي قيل إنه طعن طاغية العدو،

(50/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 58
وعلم الدين الدواداري، والمنصور صاحب حماة في أمرائه، فكان رأس الميمنة، ويليه البيسري، ثم طيبرس الوزيري، وعز الدين الأفرم، ونائب دمشق لاجين المذكور في عسكر دمشق. وكان رأس الميسرة سنقر الأشقر المذكور، ثم الأيدمري، ثم بكتاش أمير سلاح. وكان في طرف الميمنة العرب، وفي طرف الميسرة التركمان. وشاليش القلب طرنطاي. وكانت المغل خمسين ألفا، والمجمعة ثلاثين ألفا. قلت: وكان الملتقى يوم الخميس، كما ذكرنا، طلوع الشمس. وكان عدد التتار على ما قيل مائة ألف أو يزيدون. وكان المسلمون على النصف من ذلك أو أقل. وكانت ملحمة عظيمة، واستظهر التتار في أول الأمر، واضطربت ميمنة المسلمين، ثم حملت التتار على الميسرة فكسروها، وهزموها مع طرف القلب. وثبت السلطان بمن معه من أبطال الإسلام، وكان القتال يعمل من ضحوة إلى المغيب. وساق طلب من التتار وراء الميسرة إلى بحيرة حمص، وقتلوا خلقا من المطوعة والغلمان، وأشرف الإسلام على خطة صعبة. ثم إن الكبار مثل البيسري، وسنقر الأشقر، وعلاء الدين طيبرس، وأيتمش السعدي، وبكتاش أمير سلاح، وطرنطيه، ولاجين، وسنجر الدواداري لما رأوا ثبات السلطان حملوا على التتار عدة حملات، ثم كان الفتح، ونزل النصر وجرح مقدم التتار منكوتمر بن هولاكو، وجاءهم الأمير عيسى بن مهنا عرضا، فتمت هزيمتهم، واشتغلوا بما دهمهم من جرح مقدمهم. وركب المسلمون أقفيتهم، وقتلوا منهم مقتلة هائلة، وساقوا وراءهم حتى بقي السلطان في نفر قليل من الخاصكية، ونائبه طرنطاي قدامه بالسناجق. وردت

(50/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 59
ميمنة التتار التي كسرت ميسرة المسلمين، فمروا بالسلطان وهو تحت العصائب والكوسات تضرب، وحوله من المقاتلة أقل من ألف، فلما جاوزوه ساق وراءهم، فانهزموا لا يلوون على شيء، وتم النصر بعد العصر، وانهزموا عن آخرهم قبل الغروب، وافترقوا، فأخذت فرقة على سلمية والبرية، وأخرى على ناحية حلب. وعاد السلطان إلى منزلته بليل، وجهز من غد وراءهم الأيدمري في طائفة كبيرة. وجاءت يوم الجمعة بطاقة بالنصر، فضربت البشائر، وزينت دمشق، فلما كان نصف الليل وصل إلى ظاهر دمشق المنهزمون من الميسرة أمراء وجناد، ولم يعلموا بما تجدد من النصر، فقلق الخلق، وماج البلد، وشرع خلق في الهروب. ثم وصل وقت الفجر بريدي بالبشارة بعد أن قاسى الخلق ليلة شديدة، وتودعوا من أولادهم واستسلموا للموت، فإن أولئك التتار كانوا يبذلون السيف من غير تردد. ورأسهم كافر، وأكثرهم على الكفر، فلله الحمد على السلامة. وكان للصبيان والنسوان في تلك الليلة في الأسطحة ضجيج عظيم وبكاء والتجاء إلى الله تعالى لا يعبر عنه. وكان ركن الدين الجالق من جملة المنهزمين، ولم يعنفه السلطان لأنه رأى ما لا قبل له به. فلما صليت الصبح قريء الكتاب السلطاني بكسرة التتار، وأنهم كانوا مائة ألف أو يزيدون. ثم جاء كتاب آخر قبل الظهر في المعنى، وزينت دمشق. واستشهد نحو مائتي فارس منهم الحاج أزدمر، وسيف الدين الرومي، وشهاب الدين توتل الشهرزوري، وناصر الدين ابن جمال الدين الكاملي، وعز الدين ابن النصرة المشهور بالقوة المفرطة والصرامة. ودخل السلطان دمشق يوم الجمعة المقبلة، وبين يدي موكبه أسرى

(50/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 60
التتار يحملون رماحا على شعث القتلى، وقدم في خدمته ممن كان انضم إلى سنقر الأشقر أيتمش السعدي، وسيف الدين بلبان الهاروني، وعلم الدين الدواداري، وودعه سنقر الأشقر من حمص وعاد إلى صهيون. وترحل أولئك الذين نازلوا الرحبة. ثم قدم بعد جمعة علاء الدين الأيدمري وقد أنكى في التتار، وتبعهم إلى قريب الفرات، وهلك منهم خلق عند تعديتهم الفرات، ونزل إليهم أهل البيرة، فقتلوا فيهم وأسروا، وتمزقوا وتعثروا، وتوصلوا إلى بلادهم في أسوأ حال، فلله الحمد على كل حال.
[دخول السلطان القاهرة]
ودخل السلطان القاهرة يوم الأحد ثاني شعبان، فوصل في عشرين يوما إلى القاهرة.
[ولاية شد الدواوين]
وترتب في شد الدواوين علم الدين الدواداري.
[موت ملك التتار]
ومات بين العيدين ملك التتار أبغا.
[القبض على أميرين بمصر]
وفي شعبان قبض بمصر على الأمير ركن الدين أباجو الحاجب، وبهاء الدين يعقوبا.

(50/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 61

[فتح المدرسة الجوهرية]
وفي رمضان فتحت المدرسة الجوهرية، ودرس بها القاضي حسام الدين الحنفي بحضرة واقفها الصدر نجم الدين.
[الثلج والبرد والجليد ببعلبك]
وجاء في رمضان ثلج مفرط، وطال بقاؤه، واشتد البرد، وجلد ببعلبك الفقاع، وذلك غير منكر بها.
[عرض الإسلام على أهل الذمة وتغريمهم]
وفي جمادى الآخرة من هذه السنة رسم الملك المنصور بعرض الدواوين من أهل الذمة على السيف، أو يسلمون، فأبوا، فأخرجوهم بدمشق إلى سوق الخيل، وجعلت الحبال في أعناقهم للشنق، فأسلموا حينئذ، وأحضروا إلى الحاكم فأسلموا على يده. فلما كان في شوال من السنة فكروا في أنفسهم واستفتوا الفقهاء. ثم عقد لهم مجلس ورسم للقاضي المالكي أن يسمع كلامهم، ويحكم بما يوافق مذهبهم، فأثبتوا ذلك، وعاد أكثرهم إلى دينهم، وغرموا مبلغا من المال على ذلك.
[الاستسقاء بصحراء دمشق]
وفي ثاني عشر آذار في شهر ذي القعدة خرج الناس ونائب السلطنة إلى الصحراء بدمشق يستسقون.
[إرسال بنات الملك الظاهر إلى الكرك]
وفيه بعث السلطان الملك المنصور بنات الملك الظاهر وسلامش وخدمهم إلى قلعة الكرك.

(50/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 62

[جفاف تربة ببولاق وغلاء الماء]
وفي هذه السنة تربت جزيرة هائلة تجاه بولاق، وبعد البحر عن القاهرة، وغلا سعر الماء.
[الإفراج عن السنجاري]
ويوم عرفة أفرج عن البرهان السنجاري الوزير، ولزم بيته بعد مشاق شديدة.
[تدريس ابن الزملكاني بالأمينية]
وفي رجب درس بالأمينية الشيخ علاء الدين ابن الزملكاني، شد منه الشمسي، وتعجب الفضلاء، فإنه كان قليل الفقه، لكنه مليح الشكل، ثم أخذت منه، ثم وليها.
آخر هذه العشر، ويتلوه المتوفون في الطبقة الثامنة والستين في سنة إحدى وسبعين وستمائة وأسأل الله حسن الخاتمة بكرمه

(50/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 63

بسم الله الرحمن الرحيم

الطبقة الثامنة والستون

المتوفون سنة إحدى وسبعين وستمائة هجرية

- حرف الألف -
1 - أحمد بن جعفر بن أبي نصر بن سعيد بن طاجيك. أبو العباس المارديني. شيخ معمر، قارب المائة، وحدث بالقاهرة عن: زين الأمناء، وغيره. وتوفي في نصف شعبان. 2 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي. المسند الجليل، أبو البركات ابن النحاس الأنصاري، الإسكندراني المالكي، أخو منصور. وكانا توأمين، ولدا في حدود سنة خمس وثمانين، وسمعا من: عبد الرحمن ابن موقا، ومحمد بن محمد الكركنتي. وأجاز لهما: أبو جعفر الصيدلاني، وحماد بن هبة الله الحراني، وأبو الحسن بن نجا الواعظ، ومكي بن عوف الزهري، وجاعة.

(50/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 64
وحدث بمصر والإسكندرية. روى عنه: الدمياطي، والشريف عز الدين، والشيخ شعبان، وعلاء الدين ابن عمرون الكاتب، وعلم الدين الدواداري، والشريف يعقوب بن الصابوني، وسعد الدين الحارثي قاضي الحنابلة، وطائفة. وتوفي في أواخر جمادى الأولى بالإسكندرية. 3 - أحمد بن عبد الواحد. البصري. عن: أبي الحسن القطيعي، ونصر الحنبلي. 4 - أحمد بن عثمان بن سياوش. المقرىء الزاهد، تقي الدين، أبو العباس الإخلاطي، إمام الكلاسة. قرأ القراءآت على أصحاب أبي الجود. وحدث عن شيخه السخاوي. وأقرأ ببعض الروايات. وكان مشهورا بالصلاح والخير. روى عنه: ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار. وهو والد الخطيب شمس الدين محمد إمام الكلاسة. توفي في خامس رمضان، وقد نيف على السبعين. لقن مدة الصبيان.

(50/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 65
5 - أحمد بن علي بن حمير. البعلبكي، ابن أخت العز ابن معقل، صفي الدين. رئيس متميز. رافضي متغال، معروف كخاله. توفي في شعبان كهلا. 6 - أحمد بن هبة الله بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب. السلمي، أبو العباس الكهفي. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة تقريبا بكهف جبل قاسيون. وسمع من: عمر بن طبرزد، وحنبل، والكندي، وابن ملاعب. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة. ومات في ثالث رجب بالجبل. ولأبيه أبي الغنائم رواية عن عبد الواحد بن هلال. 7 - أحمد بن أبي الفضائل بن أبي المجد بن أبي المعالي. المحدث، الرئيس، كمال الدين، أبو العباس الدخميسي، الحموي، ثم الدمشقي، التاجر. صدر محتشم، متمول.

(50/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 66
سمع الكثير وعني بالحديث، وكتب بخطه الكثير، ورحل في الحديث، وحصل وفهم. ولد في حدود الستمائة. وحدث بالإجازة عن حنبل المكبر، وأقبل على الطلب سنة نيف وعشرين وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن صصرى، والناصح بن الحنبلي، وابن صباح، وابن اللتي، والهمداني، وأبي علي الأوقي، وخلق كثير. وسمع ببغداد من: عمر بن كرم، وعبد السلام الداهري، وطائفة. وكان له مماليك ملاح أتراك قد سمعوا معه. ثم إنه دخل الهند واستوطنها دهرا. وخطه طريقة معروفة بين المحدثين. وعاش إلى هذا الوقت، ولا أتحقق متى مات. بل سمع منه الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي المقدشاوي في سنة سبعين. وروى لنا عنه. 8 - إبراهيم بن بركات بن فضائل. المصري، الحداد. شيخ زاهد، عابد، قانت، مقبل على شأنه، متبع للسنة. صحب الحافظ زكي الدين المنذري مدة، وسمع منه. توفي في أول صفر، وشيعه خلق كثير. 9 - إبراهيم بن محمد بن هبة الله بن قر ناص. الأديب، مخلص الدين الحموي، الشاعر. توفي في شوال.

(50/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 67
10 - أسد بن أبي الطاهر. أبو الوحش الدمياطي، اللخمي. توفي في ربيع الآخر، وله بضع وسبعون سنة. روى عن: جلدك التقوي. سمع منه: الدمياطي، والشريف عز الدين، وغيرهما. أخبرني محمود العقيلي، عن الدمياطي، عن أسد اللخمي، عن نعمة بن سالم، عن قاسم بن إبراهيم، عن عبد الكريم بن الحسن التككي، عن علي بن الحسن، عن علي بن إبراهيم الحوفي، عن محمد بن علي الأدفوي، عن أبي جعفر بن النحاس، عن النسائي، عن قتيبة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أنس: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه المغفر)). رواه مسلم، عن قتيبة، فوافقناه بنزول أربع درجات.

(50/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 68

- حرف الجيم -
11 - جعفر بن علي. الإربلي. خطيب منين.
- حرف الراء -
12 - رسلان بن محمد. أبو محمد المصري، الفاكهي. حدث عن مكرم. ومات في جمادى الأولى بمصر.
- حرف السين -
13 - ست العجم بنت محمد بن أبي بكر بن عبد الواسع الهروي. شيخة مسندة، من أهل الصالحية. تروي عن: عمر بن طبرزد. وكتب عنها الطلبة. وحدث عنها: ابن الخباز، والدمياطي، وجماعة. وتوفيت في صفر. 14 - سليمان بن عبد الغني. أبو الربيع الغمري، الدمياطي. ولد بمنية غمر سنة خمس وستمائة. وحدث عن: ابن المقير. ومات في المحرم.

(50/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 69

- حرف الشين -
15 - شرف الدين ابن السكري. عدل، رئيس، مشهور. وقف داره بالقصاعين لأهل العلم والحديث. وهي التي يسكنها شيخنا ابن تيمية.
- حرف العين -
16 - عبد الله بن جعفر بن عبد الجليل بن علي. الإمام، أبو الفتح القمودي، اللخمي، الإسكندراني، المالكي، الفقيه. ولد في حدود الثمانين وخمسمائة. وسمع من أبي القاسم عبد الرحمن مولى ابن باقا. وحدث ودرس. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وقمودة: بليدة على يومين من القيروان. مات في ثالث المحرم.
17 - عبد الرحمن بن عمر بن خليل. أسد الدين، أبو القاسم الأرموي، ثم الموصلي. ولد سنة بضع وتسعين. وروى بالإجازة عن عبد العزيز بن الأخضر. وهو ابن أخت الإمام علي بن عدلان النحوي. مات بالقاهرة في أول رمضان.

(50/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 70
18 - عبد الرحيم بن الرضى محمد بن الإمام عماد الدين محمد بن يونس بن محمد بن منعة. العلامة، تاج الدين، أبو القاسم الموصلي، مصنف ((التعجيز)). ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وله أيضا: ((مختصر المحصول)) للرازي، و ((مختصر طريقة الطاوسي)) في الخلاف. قال قطب الدين: توفي في جمادى الأولى ببغداد. وكان قد قدمها من قريب، وولي بها قضاء الجانب الغربي، وتدريس البشيرية، وخلع عليه. وله: ((التطريز في شرح الوجيز))، و ((مختصر درة الغواص))، و ((جوامع الكلم الشريفة في مذهب أبي حنيفة)). وألف تصانيف عدة لم يكملها. وممن أخذ عنه الفقه شيخنا البرهان الجعبري.

(50/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 71
19 - عبد القاهر ابن الخطيب سيف الدين عبد الغني بن الإمام فخر الدين محمد بن أبي القاسم ابن تيمية. الشيخ فخر الدين، أبو الفرج الحراني. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة بحران. وسمع من: جده ؛ ومن: ابن اللتي، وغيرهما. وخطب بجامع حران. وكان دينا، عالما، فاضلا، جليلا. توفي بدمشق في حادي عشر شوال بخانقاه القصر. 20 - عبد الهادي بن عبد الكريم بن علي بن عيسى بن تميم. الخطيب، المقرىء، المعمر، أبو الفتح القيسي، المصري، الشافعي. ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وقرأ بالروايات على أبي الجود، وهو والمليجي آخر من قرأ عليه.

(50/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 72
وسمع من: قاسم بن إبراهيم المقدسي، وأبي عبد الله الأرتاحي، وأبي نزار ربيعة اليمني، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله المقرىء، وأبي عبد الله محمد بن الحسن اللرستاني، وابن المفضل الحافظ، وغيرهم. أجاز له أبو طالب أحمد بن المسلم اللخمي، ومقاتل بن عبد العزيز البرقي، وأبو طاهر إسماعيل بن عوف الزهري، وأبو الفضل أحمد، وأبو عبد الله محمد ابنا عبد الرحمن بن محمد الحضرمي، وعبد المجيد بن دليل، ومخلوف بن جاره الفقيه، وخلق. وتفرد في عصره عن جماعة. وروى الكثير. قرأ عليه الشيخ أبو بكر الجعبري نزيل دمشق للسبعة، وعلى المليجي، فسألته: أي الرجلين أعرف بالفن؟ قال: لا ذا يعرف ولا ذا. قلت: وكان الخطيب عبد الهادي صالحا خيرا، كثير التلاوة. خطب بجامع المقياس مدة. حدث عنه: الدمياطي، والدواداري، وجماعة. ومات في الرابع والعشرين من شعبان رحمه الله تعالى. 21 - عبيد الله بن الفقيه الإمام كمال الدين أبي حفص عمر بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن الحسن. المحدث، الرئيس، شهاب الدين، أبو صالح بن العجمي، الحلبي. ولد سنة تسع وستمائة.

(50/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 73
وروى عنه الإفتخار الهاشمي، وسمع الكثير بنفسه من: ابن رواحة، وابن خليل، وابن يعيش، وطائفة. وكتب بخطه الكثير عن المتأخرين. وحرص كل الحرص وحدث باليسير. سمع منه: الدمياطي، والشريف عز الدين، وغيرهما. ومات بحلب فجأة في تاسع عشرين جمادى الأولى. 22 - علي بن أحمد بن يوسف. أبو الحسن القرطبي، ثم الدمشقي، الضرير. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وأبي عبد الله بن البنا، وابن ملاعب. ثنا عنه: أبو الحسن بن العطار، والنجم بن الخباز. وتوفي في ذي القعدة. 23 - علي. العلامة، أبو الحسن المتيوي، المغربي، أحد أئمة العلم والعمل ومن انتهى إليه معرفة مذهب مالك. كان يحفظ ((المدونة)) و ((تفريغ ابن الجلاب))، و ((رسالة ابن أبي زيد))، وغير ذلك. ومع قوة حفظه وذكائه لم يزل يلازم درس الفقه إلى أن مات. قال لي أبو القاسم ابن عمران: لم يكن في زمانه أحفظ منه لمذهب مالك ولا أشد ورعا. كان معتكفا في بيته، وفيه يقرىء، لم يخرج إلا إلى الجمعة. ويخرج مغطى الوجه على حمار لئلا يرى مكروها. ولا يأكل إلا ما سير إليه من بلده من مواضع يعرف أصولها.

(50/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 74
مات في حدود السبعين، وقبره يتبارك به ويزار. 24 - عمر الملك المغيث. فتح الدين، أبو الفتح، ولد الملك الفائز سابق الدين إبراهيم بن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب. روى بالإجازة عن: عبد المعز بن محمد الهروي. كتب عنه طلبة المصريين. ومات في ذي الحجة مسجونا بخزانة البنود، ودفن بتربتهم بجوار ضريح الشافعي رحمه الله، وله ست وستون سنة. 25 - عمر بن محمد. العدل، شرف الدين السلمي السكري. دمشقي جليل. توفي في جمادى الأولى.
- حرف الميم -
26 - محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح.

(50/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 75
الإمام، العلامة، أبو عبد الله الأنصاري، الخزرجي، القرطبي. إمام متفنن متبحر في العلم، له تصانيف مفيدة تدل على كثرة اطلاعه ووفور فضله. توفي في أوائل هذه السنة بمنية بني خصيب من الصعيد الأدنى. وقد سارت بتفسيره العظيم الشأن الركبان ؛ وهو كامل في معناه. وله كتاب ((الأسنى في الأسماء الحسنى))، وكتاب ((التذكرة))، وأشياء تدل على إمامته وذكائه وكثرة اطلاعه. 27 - محمد بن رضوان. السيد شرف الدين العلوي، الحسيني، الدمشقي، الناسخ. توفي في ربيع الآخر عن تسع وستين سنة. كان يكتب خطا متوحد الحسن، منسوبا. وله يد في النظم والنثر والأخبار، وعنده مشاركة في العلوم. 28 - محمد بن عبد المحسن بن عوض. الصدر، عماد الدين، ابن النحاس الأنصاري، المصري، العدل. روى عن: ابن المقير. وتقلب في الدواوين، ونسخ الكثير بخطه لنفسه. وكان رئيسا متميزا.

(50/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 76
29 - محمد بن شبل. تقي الدين، المقرىء، الضرير ببغداد. روى عن: عبد الرحمن ابن الخبازة. 30 - محمد بن عبد المنعم بن عمار بن كاهل. المحدث، العالم، شمس الدين، أبو عبد الله الحراني. سمع: أبا عبد الله بن الزبيدي، وابن اللتي، والإربلي، وأبا الفضل الهمداني، وابن رواحة، والسخاوي، وطائفة من الشاميين ؛ وأبا الحسن القطيعي، وعمر بن كرم، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي، وطائفة ببغداد ؛ ومرتضى بن حاتم، وعلي بن الصابوني، وابن رواح، وجماعة بديار مصر. وعني بالحديث عناية كلية، وكتب الكثير، وتعب، وحصل. وكان يسمع الحديث، ويتألف الناس على روايته. وفيه دين وحسن عشرة، ولديه فضيلة ومذاكرة جيدة وإتقان. أقام بدمشق. روى عنه: ابن الخباز، والدمياطي، وابن أبي الفتح، وابن العطار، وجماعة.

(50/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 77
وتوفي في ثامن رمضان، وله ثمان وستون سنة. ووقف أجزاءه بالضيائية. وكان شيخ الحديث بالعالمية، ومعلومة فيها يسير، رحمه الله. 31 - محمد بن عثمان بن منكورس بن خمردكين. الأمير، سيف الدين ابن الأمير مظفر الدين، صاحب صهيون. ملك صهيون وبرزية بعد والده سنة تسع وخمسين. ومات بصهيون في عشر السبعين. ثم طلب السلطان ولده سابق الدين فأخذ منه الحصنين، وأعطاه إمرية أربعين فارسا بدمشق، وأقطع عميه مجاهد الدين وجلال الدين، وبعث السلطان نوابه إلى البلدين. 32 - محمد بن عمر بن يوسف بن يحيى. الخطيب، موفق الدين، أبو عبد الله ابن الخطيب أبي حفص الزبيدي، المقدسي، ثم الدمشقي، الشافعي، خطيب بيت الأبار وابن خطيبها. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، والكندي، وغيرهم. وأجاز له الخشوعي، وغيره. وهو من بيت الحديث والعدالة والخطابة. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، وجماعة سواهم. وتوفي في سابع عشر صفر.

(50/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 78
33 - محمد بن عيسى بن محمد بن مهدي. الإسكندراني، المقرىء. نزيل دمشق. عاش ثمانين سنة. روى عن ابن طبرزد، وأجازه. مات في ذي الحجة. 34 - محمد بن محمد بن محمد. العلامة برهان الدين المطرزي، المتكلم. مات في العام بتبريز. قاله الكازروني. 35 - محمود بن محمد بن داود. الإمام، الفقيه، أبو المحامد الأفشنجي، البخاري، الحنفي، الواعظ. ولد سنة سبع وعشرين وستمائة. وتفقه على أبي عبد الله محمد بن أحمد الفريني. وسمع من: محمد بن أبي جعفر الترمذي. وكان إماما مفتيا، مدرسا، واعظا، مفسرا. قال أبو العلاء الفرضي: فيها كانت الكائنة على أهل بخارى من التتار الكفرة، لعنهم الله، فقتل أبو حامد بظاهر بخارى. قلت: وقتل خلق عظيم من أهل البلد، ونهب وأحرق فيه أماكن. وهذه ثالث محنة للبلد من التتار، نسأل الله الستر.

(50/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 79

- حرف الياء -
36 - يحيى بن محمد بن أحمد بن حمزة بن علي بن هبة الله. المحتسب، الرئيس، تاج الدين، أبو المفضل الثعلبي، الدمشقي، المعدل، ابن الحبوبي. ولد سنة عشر وستمائة. وسمع حضورا من: أبي الفتوح البكري، وأبي القاسم بن الحرستاني. ثم سمع من: محمد بن حسان، وابن المقير، والعلم بن الصابوني، ويونس بن محمد الفارقي. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وعبد المعز الهروي، وجماعة كثيرة. وخرج له ابن بلبان مشيخة كبيرة في ثلاث مجلدات، فحضرها جماعة بقراءة الشيخ شرف الدين الفزاري. روى عنه: سبطه مجد الدين ابن الصيرفي، وقال: كان صدرا جليلا، عدلا، كبيرا، وقورا، مهيبا، محبوبا إلى الناس، عفيفا عن أموالهم، عزيز النفس، كثير البر والصيام، ذا هيئة حسنة، وحرمة وافرة ؛ ولي نظر الأيتام مدة، ثم الحسبة، ثم وكالة بيت المال إلى أن توفي في الرابع والعشرين من ربيع الآخر.

(50/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 80
37 - يوسف بن الحسن بن بدر بن الحسن بن المفرج بن بكار. الحافظ، المفيد، الإمام، المسند، شرف الدين، أبو المظفر النابلسي الأصل، الدمشقي الشافعي. ولد سنة ثلاث وستمائة. وأجاز له على يد نسيبة الزين خالد أبو الفتح المندائي، وأبو حفص الدارقزي، وجماعة. وسمع من: أبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وأبي المجد القزويني، وزين الأمناء، وابن صباح وطبقتهم فأكثر. وكتب عامة مسموعاته، ورحل. وسمع من: عبد السلام الداهري، وعمر بن كرم، وعبد اللطيف بن أبي جعفر الطبري، ومحمد بن أحمد القطيعي، والحسن بن الزبيدي، وطبقتهم ببغداد. وسمع من: يحيى ابن الدامغاني، والموفق يعيش النحوي، وجماعة بحلب.

(50/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 81
وقرأ الكثير، ونسخ لنفسه وبالأجرة، وعني بهذا الشأن، وخطه طريقة مشهورة حلوة. وخرج لنفسه ((الموافقات)) في خمسة أجزاء. وحدث بدمشق، والقاهرة، والإسكندرية. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، وأبو الحسن الكندي، وأبو الحسن بن النصير، وخلق سواهم. وكان ثقة، حافظا، متيقظا، جيد المذاكرة، مشهورا بالحديث والطلب، جيد النظم، حسن الديانة، ذا عقل ووقار وأخلاق رضية. ولي مشيخة دار الحديث النورية. وروى الكثير. وتوفي إلى رحمة الله في حادي عشر المحرم. وله شعر رائق.
الكنى
38 - أبو القاسم بن أحمد بن إبراهيم بن أبي العلاء ابن الحمصي. الأزدي. سمع من ابن الحرستاني كتاب ((مكارم الأخلاق)). وتوفي في رجب وله ثمان وستون سنة. وفيها ولد: زين الدين عبادة بن عبد الغني الحراني، المؤذن، الفقيه. وفتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس اليعمري، المحدث، الأديب بالقاهرة في ذي الحجة،

(50/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 82
وشهاب الدين عبد الله بن نجم الدين علي بن محمد بن عمر بن هلال الأزدي، في المحرم، والنجم إسحاق بن أبي بكر بن أكمى التركي، ثم المصري، الحسيني، الحنبلي، الشاعر، ووالي دمشق الأمير شهاب الدين أحمد بن سيف الدين أبي بكر بن برق السنبسي، والبدر حسن بن عبد الواحد بن أحمد بن المجد بن عساكر، كاتب الحكم، والعماد محمد بن محمد بن المسلم بن علاق الشاهد، وعماد الدين إسماعيل بن محمد بن القيسراني، في ذي الحجة، والد القاضي شهاب الدين.

(50/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 83

سنة اثنتين وسبعين وستمائة

- حرف الألف -
39 - أحمد بن علي بن إبراهيم. الإمام كمال الدين المحلي، المقرىء، الضرير، أبو العباس، شيخ الإقراء بالقاهرة. كان معه عدة جهات. وكان أستاذا في القراءآت ووجوهها. أخذ عن أصحاب أبي الجود، والشاطبي. ولم يدرك أخذا عن الصفراوي، وطبقته. قرأ عليه جماعة منهم الشيخ محمد الضرير المعروف بالمزراب، وشمس الدين محمد بن أبي ثعلب القلانسي. وعاش اثنتين وخمسين سنة. وتوفي في ثامن عشر ربيع الآخر بالقاهرة. وكان مولده بالمحلة. 40 - أحمد بن علي بن محمد بن سليم.

(50/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 84
الصاحب محيي الدين، أبو العباس ابن الوزير الكبير بهاء الدين أبي الحسن ابن القاضي السديد المصري، الشافعي. سمع من جماعة، وروى اليسير. وكان منقطعا عن المناصب، منعزلا منفردا كثير المعروف والديانة. بنى رباطا حسنا بمصر، ودرس بمدرسة والده إلى أن مات، وهي بزقاق القناديل. ووجد عليه أبوه وجدا كثيرا، وعملت له الأعزية والتلاوة والختم في البلاد المعتبرة. مات رحمه الله في ثامن شعبان. 41 - أحمد ابن الامام المقرىء أبي عبد الله محمد بن عمر بن يوسف. الشيخ العالم، ضياء الدين، أبو العباس الأنصاري، القرطبي والده. ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع من: زاهر بن رستم، وأبي عبد الله ابن عبدون البنا، وجماعة. وكان أديبا فاضلا له النظم والنثر، وفيه كرم زائد ومروءة وإحسان إلى من يرد عليه. توفي بقنا من الصعيد في نصف شوال.

(50/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 85
وأبوه تلميذ الشاطبي. ذكر ضياء الدين هذا أبو جعفر بن الزبير في ((تاريخه)) فقال: و يعرف بابن المزين. كذا قال فوهم، بل إن ابن المزين أبو العباس القرطبي نزيل الثغر ومختصر ((مسلم)). ثم قال: سمعه أبوه بمكة، والمدينة، ومصر، والقدس، فسمع من زاهر بن رستم وله سبعة أعوام. أجازني وأخذ الناس عنه، رحمه الله. 42 - إبراهيم بن محمد بن هبة الله بن حمدان. الواعظ، تقي الدين القضاعي، المصري. مشهور بحسن الوعظ، وتنميق التذكير، وكثرة المحفوظ. وله قبول تام وسوق نافقة بمصر. توفي في ربيع الأول بالقرافة عن اثنتين وأربعين سنة.

(50/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 86
43 - إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن مزيبل. أبو إسحاق القرشي، المخزومي، المصري. روى عن: ابن باقا، ومكرم. وحدث من بيته جماعة. توفي في ثامن شوال عن اثنتين وستين سنة. 44 - الأتابك المستعرب. هو الأمير الكبير فارس الدين أقطاي الصالحي، النجمي. ولاه الإمرة أستاذه الملك الصالح نجم الدين، ورفع الملك المظفر قطز رتبته، وجعله أتابك الجيش. فلما قتل قطز، رحمه الله، تطلع إلى السلطنة كبار الأمراء، فقدم هو الملك الظاهر وسلطنه، وحلف له في الحال، وتابعه أكابر الدولة، فكان الظاهر يتأدب معه ويرعى له ذلك. قال قطب الدين في ((تاريخه)). كان من رجال الدهر حزما ورأيا وتدبيرا ومهابة. ولما نشأ الأمير بدر الدين بيليك أمره السلطان بملازمة الأتابك والتخلق بأخلاقه، ثم جعله مشاركا له في أمر الجيش. ثم قطعت رواتب كانت للأتابك فوق خبزه، فجمع نفسه، وتبع مراد

(50/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 87
السلطان. ثم قبل موته بمدة عرض له شيء يسير من جذام، فأمره السلطان أن يقيم في داره ويتداوى، فلزم بيته ومات مغبونا. وعاده السلطان غير مرة، فعاتبه الأتابك بلطف ومت بخدمته وبكى، وأبكى السلطان. ثم إنه مات بالقاهرة في جمادى الأولى، وقد نيف على السبعين. 45 - إسحاق بن خليل بن غازي. الشيخ عفيف الدين الحموي. قال قطب الدين: كان فاضلا في الفقه والقراءآت والنحو. درس بحماة، وخطب بقلعتها. وكان له حلقه إشغال. ومات رحمه الله في ذي الحجة عن خمس وثمانين سنة. 46 - إسرائيل بن محمد بن ماضي بن إبراهيم. الأجل، بدر الدين، ابن العدل رضي الله الأنصاري، الدمشقي، خال المولى شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري. قال شمس الدين: توفي في شوال. وكان سمحا، كريما، منقطعا عن الناس، يعيش من ملكه، ويركب البغلة. دفن بتربتهم بقاسيون، وقد جاوز السبعين، رحمه الله تعالى. 47 - أسعد بن المظفر بن أسعد بن حمزة بن أسد بن علي.

(50/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 88
الصاحب الرئيس، مؤيد الدين، أبو المعالي التميمي، الدمشقي، ابن القلانسي. والد الصاحب عز الدين حمزة. ولد سنة ثمان وتسعين ظنا. وسمع حضورا من حنبل المكبر. وسمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي. وحدث بدمشق ومصر. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة في الأحياء. وكان صدرا جليلا، معظما وافر الحرمة، كثير الأملاك، تام الخبرة، ذا عقل ورأي وحزم. وكان أهلا للوزارة، ولكنه لم يدخل في هذه الأشياء عقلا وحشمة. ولما توفي ابن سويد ألزم بمباشرة خاص الملك الظاهر، فباشره متكلفا بلا معلوم. وبيته مشهور بالتقدم والجلالة. توفي ببستانه في ثالث عشر المحرم. 48 - إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي المجد.

(50/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 89
مسند الشام، تقي الدين، شرف الفضلاء، أبو محمد التنوخي، المعري الأصل، الدمشقي. ولد في سابع عشر المحرم سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع، فأكثر عن: الخشوعي، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ، والقاسم بن عساكر، وابن ياسين الدولعي الخطيب، وحنبل، ابن طبرزد، وأبي الفرج جابر بن اللحية الحموي، وأبي اليمن الكندي، وطائفة. وروى الكثير، واشتهر ذكره، وبعد صيته، وتفرد بأشياء كثيرة. وكان رئيسا متميزا في كتابة الإنشاء، جيد النظم، حسن القول، دينا، متصونا، صحيح السماع، قوي المشاركة في الفضائل، من بيت كتابة وجلالة. وكان جده كاتب الإنشاء للسلطان نور الدين. روى عن تقي الدين: الشيخ علي الموصلي، وابن تيمية، وأخواه، وابن أبي الفتح، وابن العطار، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وبرهان الدين ابن الشيخ تاج الدين، ومجد الدين ابن الصيرفي، وعلاء الدين ابن النصير، وخلق من كهول وقتنا.

(50/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 90
وتوفي في السادس والعشرين من صفر. وقد أجاز لوالدي، وكتب الإنشاء للملك الناصر داود، وولي بدمشق نظر البيمارستان النوري. وقد سمع ببغداد من عبد السلام الداهري، وأبي القاسم أحمد بن السمذى، وأبي علي ابن الزبيدي. وولي مشيخة تربة أم الصالح، ومشيخة الرواية بدار الحديث الأشرفية. 49 - أقوش. الأمير الكبير، مبارز الدين المنصوري، الحموي، التركي. أستاذ دار صاحب حماة. كان أجل أمراء حماة. وكان متحكما في دولة أستاذه إلى الغاية. وكان موصوفا بالشجاعة والكرم، ولين الجانب. ولما توفي في ذي الحجة أقر الملك المنصور خبزه على أولاده وكانوا صغارا. توفي وقد جاوز الأربعين بقليل، وحزن عليه أستاذه حزنا كبيرا. 50 - إياز الرومي. عتيق ابن جامع التميمي. روى عن: ابن اللتي، وزين الأمناء، وجماعة. ثنا عنه: ابن العطار. توفي في المحرم.

(50/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 91

- حرف الباء -
51 - بيليك. الأمير الكبير بدر الدين الفائزي. من أعيان أمراء دمشق. توفي في شوال، ودفن بالصالحية.
- حرف الجيم -
52 - جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد. الأديب، العلامة، المترسل، تاج الدين العلوي، الحسني. ويعرف بابن معية. كف بأخرة. توفي في ربيع الأول ببغداد.
- حرف الحاء -
53 - الحسين بن بدران. المولى نجم الدين ابن شيخ السلامية، مشارف بعلبك. ولي مشارفة القلعة والبلدة مدة طويلة. وكان موصوفا بالمروءة والخير. وعاش نيفا وثمانين سنة. وتوفي في شعبان ببعلبك.
- حرف السين -
54 - سليمان بن هود بن موسك بن جكو.

(50/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 92
الأمير أسد الدين الهذباني. مات في عشر السبعين في جمادى الآخرة. حدث عن: ابن اللتي. أخذ عنه: أحمد الإربلي. 55 - سنجر. الأمير علم الدين الإفتخاري، الحراني. توفي بدمشق في شوال بعد بدر الدين الفائزي بيوم.
- حرف الصاد -
56 - الصدر القونوي. هو الشيخ الكبير، الشهيد، الزاهد، أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف الرومي، الصوفي على مذهب أهل الوحدة. شيخ الاتحادية بقونية. صحب الشيخ محيي الدين ابن العربي. وكان قد قرأ كتاب ((جامع الأصول)) على الأمير العالم شرف الدين يعقوب الهذباني. ورواه عنه قراءة عليه الشيخ قطب الدين الشيرازي. وله تصانيف في السلوك على مذهبه نسأل الله العافية، فمن ذلك كتاب ((النفحات الإلهية))، وكتاب ((تحفة الشكور))، وكتاب ((مفتاح غيب الجمع

(50/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 93
والوجود))، و ((تفسير الفاتحة)) عمله في مجلد، وكتاب ((النصوص))، ((وفكوك النصوص))، وغير ذلك. توفي في هذا العام بقونية، وأوصى أن يحمل تابوته إلى دمشق، وأن يدفن مع شيخه ابن العربي، فلم يتهيأ ذلك. ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة تقريبا، فيما بلغني.
- حرف الضاد -
57 - ضياء بن محمد بن عبد الواحد بن حرب. شمس الدين، أبو بكر، وهو بكنيته أشهر. روى عن ثابت بن مشرف. ومات في شعبان.
- حرف العين -
58 - عبد الله بن جبريل بن عبد الجليل. جمال الدين ابن الخطيب الصوفي، الأبهري، أبو بكر. ولد بأبهر سنة سبع وتسعين. وروى شيئا يسيرا عن: أبي عمرو بن الصلاح. وكان شيخا حسنا. توفي بالقاهرة في رجب.

(50/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 94
59 - عبد الله بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن علاق بن خلف بن طلائع. المسند المعمر، أبو عيسى الأنصاري، البخاري، المصري، الرزاز، المعروف بابن الحجاج. ولد سنة ست وثمانين تخمينا. وسمع من: هبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وفاطمة بنت سعد الخير، ويونس بن يحيى الهاشمي، والحافظ عبد الغني، وغيرهم. وهو آخر من روى بالسماع عن البوصيري، وابن ياسين. وكان شيخا حسنا، صحيح السماع، عالي الإسناد. روى عنه: الدمياطي، والشيخ علي الموصلي، والشيخ شعبان، وبدر الدين محمد البادفي، وعلم الدين الدواداري، وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة، والقاضي سعد الدين الحارثي، وأحمد بن حسن ابن شمس الخلافة، وزين الدين أحمد ابن القاضي تقي الدين ابن رزين، وبدر الدين محمد بن الجوهري، وأخوه شهاب الدين أحمد، والأمين عبد القادر الصعبي، وابنه عبد الرحمن، وتقي الدين عتيق العمري، والفخر محمد بن محمد بن أبي خازم الجليل، وخلق لا يمكنني إحصاؤهم.

(50/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 95
توفي في مستهل ربيع الأول بمصر. 60 - عبد الله بن عمر بن يوسف. الزاهد، العارف، أبو محمد الصنهاجي، الحميدي، القصري. ذكره الشريف عز الدين فقال: توفي ليلة رابع ربيع الآخر بظاهر القاهرة، وقد قارب المائة. صحب جماعة من المشايخ، وكان مشهورا بالعلم والدين، مذكورا بالصلاح، مقصودا للزيارة والتبرك به. حدث عن شيخه أبي زيد عبد الرحمن بن العلم الرهوني بفوائد. كتبت عنه، وانتفع به جماعة، رحمه الله تعالى. 61 - عبد الله بن غانم بن علي. القدوة الزاهد، أبو محمد ابن الشيخ الكبير العارف أبي عبد الله النابلسي، رحمة الله عليهما. توفي بنابلس في سابع عشر شعبان. وبها ولد في سنة ثمان وستمائة. ولعله سمع بها من البهاء عبد الرحمن، فإنه روى بها الكثير في سنة تسع عشرة. وقد سمع بدمشق من الحافظ ضياء الدين المقدسي. وكان شيخ الأرض المقدسة في وقته زهدا وصلاحا وشهرة وجلالة. ولما توفي صلي عليه صلاة الغائب بجامع دمشق. حدث عنه: النجم بن الخباز في مشيخته، وابن جعوان.

(50/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 96
62 - عبد الحليم بن سليمان بن أحمد. المقدسي، الحراني. حدث عن: حنبل، والفروي، والفخر ابن تيمية، وطائفة. يلقب زين الدين. مات في شوال بقاسيون وله ثمانون سنة. أخذ عنه: ابن الخباز، والطلبة. 63 - عبد الغني بن عبد الرحمن بن مكي. البغدادي، البزاز. روى عن: ابن سكينة. توفي في شوال، وله ثمان وسبعون سنة. 64 - عبد اللطيف بن سالم. الشيخ الصالح، القدوة، أبو محمد البغدادي، تلميذ الشيخ علي بن إدريس. كان متعبدا، مشتغلا. ذكره الظهير الكازروني فأثنى عليه وأرخه، وقال: كنت أزوره وأتبرك به. كاشفني مرة، رحمه الله. 65 - علي بن عثمان بن عبد القادر بن محمود بن يوسف. الإمام، شمس الدين، أبو الحسن ابن الوجوهي، البغدادي، الحنبلي، شيخ القراء، وشيخ رباط ابن الأثير. ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وقرأ بالسبع على الفخر الموصلي، وسمع منه.

(50/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 97
ومن: الشيخ شهاب الدين السهروردي، وأبي الحسن بن روزبة. ولو بكر بالسماع للحق يحيى بن بوش وأكبر منه. تلا عليه بالروايات: برهان الدين الجعبري. قال الظهير الكازروني: كان من الأخيار الأبرار، أجاد قراءة القرآن، وروى الحديث. مات في ثالث جمادى الأولى. 66 - عبد الغني بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مكي بن يوسف. الصالح، العدل، عماد الدين البغدادي، شيخ رباط البسطامي. مات في شوال. وكان ورعا، كثير التلاوة. كف بصره فصبر وشكر. عدل سنة ثلاث وعشرين. وقارب الثمانين، رحمه الله. 67 - عبد العزيز بن عبد المنعم بن الخطيب أبي البركات الخضر بن شبل بن الحسين بن علي بن عبد الواحد. المسند الجليل، كمال الدين، أبو نصر الحارثي، الدمشقي، العدل، المعروف بابن عبد. ولد في جمادى الآخرة سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وعبد اللطيف الصوفي، وأبي جعفر القرطبي. وكاد ينفرد بالرواية عنهم. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، وقاضي القضاة بدر

(50/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 98
الدين ابن جماعة، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وخلق سواهم. توفي في ثاني شعبان. 68 - عبد العزيز بن جعفر بن ليث. النيسابوري، الملك عز الدين، متولي واسط وشحنتها للتتار. كان مشكورا محمودا جوادا معطاء. مات في ذي القعدة. 69 - عبد اللطيف بن عبد المنعم بن علي بن نصر بن منصور بن هبة الله. الشيخ الجليل، مسند الديار المصرية، نجيب الدين، أبو الفرج، ابن الإمام الواعظ أبي محمد بن الصيقل النميري، الحراني، الحنبلي، التاجر السفار. ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة بحران.

(50/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 99
وأسمعه أبوه ببغداد من: عبد المنعم بن كليب، وأبي طاهر المبارك بن المعطوش، وأبي الفرج ابن الجوزي، وأبي القاسم هبة الله بن السبط، وأبي الحسن عبد الرحمن العمري، وعبد الله بن أبي المجد، وأبي الفرج ابن ملاح الشط، وعبد الوهاب بن سكينة، والحسن بن إبراهيم بن قحطبة ابن أشنانة، وعبد الله بن مسلم بن جوالق، وعبد الملك بن مواهب الوراق، وعمر بن محمد القطان، والمبارك بن إبراهيم بن السيبي، وعبد الله بن أبي بكر ابن الطويلة أصحاب ابن الحصين، وطائفة سواهم. وأجاز له من إصبهان: أبو جعفر الطرسوسي، ومسعود الجمال، وخليل الراراني، وأبو المكارم اللبان. وروى الكثير ببغداد، ودمشق، ومصر ؛ وانتهى إليه علو الإسناد، ورحل إليه من البلاد، وازدحم عليه الطلبة والنقاد، وألحق الأحفاد بالأجداد. وكان يجهز البز، ويتكسب بالمتاجر. وله وجاهة وحرمة وافرة عند الدولة. ثم انقطع إلى رواية الحديث، وولي مشيخة دار الحديث الكاملية إلى أن مات في مستهل صفر. وقد خرج له الشريف عز الدين ((مشيخة)) في خمسة أجزاء، وخرج له ((ثمانيات)) في أربعة أجزاء. وخرج له شيخنا ابن الظاهري ((الموافقات)) في ثلاثة عشر جزءا، ((والأبدال العوال)) في أربعة أجزاء، و ((المصافحات)) في جزئين، وغير ذلك. وكان شيخا متميزا، حسن البزة، دينا، صينا، صدوقا، صحيح السماعات.

(50/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 100
وجرت عليه محنة من الدولة، ولطف الله به. روى عنه: ابن الظاهري، والدمياطي - وحضرا ولديهما عليه - وقاضي القضاة زين الدين، وقاضي القضاة نجم الدين، وقاضي القضاة سعد الدين، والشيخ كمال الدين ابن الشريشي، والشيخ نصر المنبجي، والعفيف أبو بكر الصوفي الهنداسة، ومحمد بن الشرف الميدومي، والصفي محمود الأرموي، والشيخ علي الموصلي، ومحمد بن عبد الله بن محمود الحراني، وبهاء الدين يوسف بن العجمي، وهارون الكنجي، وأحمد بن الشيخ علي القارىء، وأبو نعيم بن التقي الإسعردي، وعز الدين عبد العزيز بن غازي الحموي، والعفيف عبد الخالق ابن الفارغ، ومحمد وأحمد ابنا المحب، والتقي أحمد بن العز، ومحمد بن عمر اللاوي، وعلاء الدين الكندي، والجمال يوسف بن إبراهيم القاضي، والشرف يعقوب بن أحمد الحلبي، وأحمد بن علي العلامي، وأحمد بن علي الكلوتاتي، وأحمد بن عبد الرحيم المنشاوي، وفخر الدين أحمد بن محمد بن النطاع الأنصاري، وبدر الدين محمد بن منصور ابن الجوهري، وأخوه شهاب الدين أحمد، والقطب إبراهيم بن الملك المجاهد إسحاق ابن صاحب الموصل، وشمس الدين حسين بن أسد ابن الأثير، وأخوه بهاء الدين سليمان، وكمال الدين عبد الرحمن البسطامي، الحنفي، وبهاء الدين علي بن عثمان بن أبي الحوافر، والنجم محمد بن إبراهيم بن بنين، ومحمد بن سعد الصفار، ومحمد بن شعبان الخلاطي، وفتح الدين محمد بن عثمان الشارعي، وقطب الدين محمد بن عبد الوهاب بن مرتضى، وصدر الدين محمد بن أبي برك بن البوري، وعالم كثير بمصر والشام من كهول زماننا، عمرهم الله تعالى في طاعته.

(50/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 101
70 - علي بن عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي. الفقيه، الحافظ، المفيد، نجم الدين أبو الحسن ابن الخطيب الإمام جمال الدين الربعي، الدمشقي، الشافعي. سمع: ابن عبد الدائم، والكرماني، وابن أبي النسر، وأصحاب الخشوعي، وابن طبرزد، ثم أصحاب ابن ملاعب، وابن أبي لقمة، ثم أصحاب ابن اللتي، ومكرم. وكتب العالي والنازل. وكان شابا ذكيا، فهما، كثير الإفادة، جيد التحصيل، من نجباء الطلبة وظرافهم ومتقيهم. وكان صحيح القراءة، مليح الكتابة، سريع القلم. حدث باليسير، ومات شابا طريا في سن طلبه. وكان يتلهف على مصر والرحلة إليها ليلحق حديث البوصيري، فيمنعه أبوه. توفي في ربيع الآخر وله ست وعشرون سنة، وحزن عليه أبوه والأصحاب، والله يعوضه بالجنة. وأجزاؤه موقوفة بالنورية. وكان من تلامذة الشيخ تاج الدين. 71 - علي بن رمضان. الصدر، النقيب، تاج الدين ابن الطقطقي، العلوي. قتلته العراقلة بظاهر بغداد غيلة. وكان متوليا أعمال الحلة والكوفة، مليح الشكل.

(50/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 102
72 - علي بن محمد بن محمد بن محمد بن وضاح. الشيخ كمال الدين الشهرابابي، الفقيه، الحنبلي، المحدث. توفي في صفر من هذه السنة، وقيل في التي قبلها، والصواب هنا. وكذا قال الكازروني إنه مات في ثالث صفر يوم الجمعة. قال: واجتمع عالم لا يحصون للصلاة عليه. وكان منور الوجه، عالما بالمذهب، له تصانيف. إلى أن قال: وبلغني أنه ولد في رجب سنة تسعين وخمسمائة. لقي الشيخ علي بن إدريس. وكان حنبليا، نحويا، كاتبا، شيخا، صالحا، محدثا، مجموع الفضائل. روى عنه: الشيخ علي بن إدريس الزاهد، وعمر بن كرم الدينوري، وجماعة. روى عنه: الدمياطي، وغيره. وكان مولده بشهرابان، وهي من سواد العراق سنة نيف وتسعين

(50/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 103
وخمسمائة. واشتغل ببغداد، وبرع في العربية، وشارك في فنون من العلم. وسمع الكثير. وكان صديقا للشيخ يحيى الصرصري. توفي ببغداد، رحمه الله تعالى. 73 - عمر بن بندار بن عمر. القاضي العلامة، كمال الدين، أبو حفص التفليسي، الشافعي. ولد بتفليس سنة اثنتين وستمائة تقريبا. وتفقه وبرع في المذهب والأصلين وغير ذلك. ودرس وأفتى. وسمع من: أبي المنجا بن اللتي. وجالس أبا عمرو بن الصلاح. وولي القضاء بدمشق نيابة. وكان محمود السيرة، حسن الديانة، صحيح العقيدة. ولما تملكت التتار جاءه التقليد من هولاكو بقضاء الشام والجزيرة والموصل، فباشر مدة

(50/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 104
يسيرة، وأحسن إلى الناس بكل ممكن، وذب عن الرعية. وكان نافذ الكلمة، عزيز المنزلة عند التتار، لا يخالفونه في شيء. قال قطب الدين: فبالغ في الإحسان، وسعى في حقن الدماء، ولم يتدنس في تلك المدة بشيء من الدنيا مع فقره وكثرة عياله، ولا استصفى مدرسة ولا استأثر بشيء. وكان مدرس المدرسة العادلية، وقد تعصبوا عليه، ونسب إليه أشياء برأه الله منها. وسار محيي الدين ابن الزكي، فجاء بالقضاء على الشام من جهة هولاكو، وتوجه كمال الدين إلى قضاء حلب وأعمالها، وقد عصمه الله ممن أراد ضرره. وكان نهاية ما نالوا منه أنهم ألزموه بالسفر إلى الديار المصرية، فسافر وأفاد أهل مصر واشتغلوا عليه. قال الشريف عز الدين: كان مشكور الطريقة، أقام بالقاهرة مدة يشغل الطلبة بعلوم عدة في غالب أوقاته، فوجد به الناس في ذلك نفعا كثيرا، ولازمته مدة، وقرأت عليه شيئا من أحوال الفقه، وانتفعت به. وكان أحد العلماء المشهورين، والأئمة المذكورين. توفي ليلة رابع عشر ربيع الأول بالقاهرة.
- حرف الكاف -
74 - كي. شاب ذكي ادعى النبوة بتستر، وزعم أنه عيسى ابن مريم، وأسقط عن أتباعه العصر والعشاء. أمر بقتله صاحب الديوان.

(50/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 105
75 - كيكاوس. السلطان عز الدين بن السلطان كيخسرو بن قليج رسلان، أخو السلطان ركن الدين كيقباذ. توفي بسوداق، من بلاد الترك، وله ست وعشرون سنة. اقتسم هو وأخوه ملك الروم بعد أبيهما، ثم إن ركن الدين غلب على الأمر، فهرب عز الدين بأهله وخواصه إلى ملك القسطنطينية، فلم يركن إليه بل حبسه. ثم إن ملك التتار بركة جهز عشرين ألفا، فأغاروا على أعمال القسطنطينية، ثم هادنهم ملكها على أن يسلم إليهم عز الدين، وذلك في سنة ستين، فسلمه إليهم، فأكرمه بركة، وصيره من كبار أمرائه، ثم كان في خدمة منكوتمر بعده، وخلف ولده الملك المسعود وهو في خدمة منكوتمر.
- حرف اللام -
76 - لؤلؤ بن أحمد بن عبد الله. نجيب الدين، الدمشقي، الحنفي، الضرير، المقرئ. ولد سنة ستمائة، وحدث عن: ابن الحرستاني، والشمس العطار. وتصدر للإقراء بجامع الحاكم، وحدث. ومات في رجب بالقاهرة.

(50/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 106

- حرف الميم -
77 - محمد بن إياس. أبو عبد الله الأشيري. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة بالقاهرة. وسمع من: ابن المقير، وأصحاب السلفي. وكتب وحصل وعني بالحديث. وكان عنده فهم ومعرفة. وحدث بشيء قليل. وكان أبوه مولى لابن الأثير. توفي بالنويرة من الصعيد في أول صفر، رحمه الله تعالى. 78 - محمد بن زياد. شمس الدين الحراني. أخو البهاء، خطيب بيت لهيا. توفي في ربيع الأول، ودفن بقاسيون. 79 - محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الملك بن علي. أبو عبد الله المعافري، الشاطبي، الزاهد. نزيل الإسكندرية. كان من كبار مشايخ الثغر المشهورين بالعبادة والصلاح والإنقطاع. وكان كبير القدر، رفيع الذكر، يقصد للتبرك والزيارة، ويعد في طبقة القباري.

(50/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 107
توفي في العشرين من رمضان، وله سبع وثمانون سنة. ودفن بمرج سوار. ولا أعلمه روى شيئا إلا عن أبي القاسم بن صصرى. روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وغيره. وقد لبس الخرقة من جعفر الهمداني. ثم وجدت أربعين حديثا قد خرجها ابن عبد الباري له، وإذا به قد سمع من: ابن صصرى في دمشق، ومن: موسى بن عبد القادر، وأحمد بن الخضر بن طاوس، وزين الأمناء، وغيرهم. وأنه قرأ بالسبع بالأندلس. وله تفسير صغير. وله كتاب ((المنهج المفيد فيما يلزم الشيخ والمريد)). سمع منه: شيخنا التاج الغرافي هذه الأربعين، والوجيه عبد الرحمن السبتي. وكتب الطبقة الغرافي، فكتب له: ((قدوة الطوائف، شيخ الإسلام)). 80 - محمد بن سليمان بن هبة الله بن يوسف. الشيخ، جمال الدين، أبو عبد الله الهواري، الجلولي، التونسي، المالكي. ولد سنة ستمائة بالقاهرة. وسمع من: أبي الحسن علي بن المفضل الحافظ، وعبد العزيز بن باقا. وكان صالحا، فاضلا، خيرا، له شعر حسن. توفي في السادس والعشرين من رمضان.

(50/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 108
روى عنه الدمياطي من شعره. 81 - محمد بن صالح بن أبي علي. البهنسي. روى عن: علي بن البنا. وحدث بمصر في شوال. وهو أخو تاج الدين البهنسي إمام المقام بمكة. 82 - محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن جعفر. القاضي عز الدين البصري، الشافعي، نائب الحكم ببغداد، ومدرس النظامية. كان متبحرا في العلم، صاحب تصانيف. مات في ذي الحجة ودفن خلف الجنيد، ورثته الشعراء. وولد في أول سنة ست وستمائة. روى عن جده. 83 - محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك.

(50/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 109
العلامة الأوحد، جمال الدين، أبو عبد الله الطائي، الجياني، الشافعي، النحوي، نزيل دمشق. ولد سنة ستمائة أو سنة إحدى وستمائة. وسمع بدمشق من: مكرم، وأبي صادق الحسن بن صباح، وأبي الحسن السخاوي، وغيرهم. وأخذ العربية عن غير واحد ؛ وجالس بحلب: ابن عمرون، وغيره. وتصدر بحلب لإقراء العربية، وصرف همته إلى إتقان لسان العرب حتى بلغ فيه الغاية، وحاز قصب السبق، وأربى على المتقدمين. وكان إماما في القراءآت وعللها ؛ صنف فيها قصيدة دالية مرموزة في مقدار ((الشاطبية)).

(50/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 110
وأما اللغة فكان إليه المنتهى في الإكثار من نقل غريبها، والإطلاع على وحشيها. وأما النحو والتصريف فكان فيه بحرا لا يجارى، وحبرا لا يبارى. وأما أشعار العرب التي يستشهد بها على اللغة والنحو فكانت الأئمة الأعلام يتحيرون فيه، ويتعجبون من أين يأتي بها. وكان نظم الشعر سهلا عليه، رجزه وطويله وبسيطه، وغير ذلك. هذا مع ما هو عليه من الدين المتين، وصدق اللهجة، وكثرة النوافل، وحسن السمت، ورقة القلب، وكمال العقل والوقار والتؤدة. أقام بدمشق مدة يصنف ويشغل. وتصدر بالتربة العادلية، وبالجامع المعمور، وتخرج به جماعة كثيرة. وصنف كتاب ((تسهيل الفوائد في النحو))، وكتاب ((سبك المنظوم وفك المختوم))، وكتاب ((الشافية الكافية))، وكتاب ((الخلاصة)) وشرحها، وكتاب ((إكمال الإعلام بتثليث الكلام))، و ((المقصور والممدود))، و ((فعل وأفعل))، و ((النظم الأوجز فيما يهمز وما لا يهمز))، و ((الاعتقاد في الطاء والضاد))، وتصانيف أخر مشهورة لا يحضرني ذكرها. روى عنه: ولده الإمام بدر الدين، والإمام شمس الدين بن جعوان، والإمام شمس الدين بن أبي الفتح، وعلاء الدين ابن العطار، وزين الدين أبو بكر المزي، وشيخنا أبو الحسين اليونيني، وأبو عبد الله الصيرفي، وقاضي القضاة ابن جماعة، وطائفة سواهم. أنشدنا أبو عبد الله بن أبي الفتح: أنشدنا العلامة جمال الدين بن مالك لنفسه في تذكير الأعضاء وتأنيثها:
(يمين شمال كف القلب خنصر .......... سه بنصر سن رحم ضلع كبد)

(50/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 111

(كرش عين الأذن القتب فخذ قدم .......... ورك وكتف وعقب ساق الرجل ثم يد)

(لسان ذراع عاتق عنق قفا .......... كراع وضرس ثم إبهام العضد)

(ونفس وروح فرسن ذفرى إصبع .......... معا بطن إبط عجز الدبر لا تزد)

(ففي يد التأنيث حتما وما تلت .......... ووجهان فيما قد تلاها فلا تحد)
وأنشدنا ابن أبي الفتح: أنشدنا ابن مالك لنفسه في أسماء الذهب:
(نضر نضير نضار زبرج سيرآ .......... زخرف عسجد عقيان الذهب)

(والتبر ما لم يذب وأشركوا ذهبا .......... وفضة في نسيك هكذا الغرب)
وأنشدنا ابن أبي الفتح: أنشدنا ابن مالك لنفسه في خيل السباق العشرة على الولاء:
(خيل السباق المجلي يقتفيه مصل .......... والمسلي وتال قبل مرتاح)

(وعاطف وحظي والمؤمل واللطيم .......... والفسكل السكيت يا صاح)
توفي ابن مالك رحمه الله في ثاني عشر شعبان، وقد نيف على السبعين.

(50/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 112
84 - محمد بن عبد القادر بن ناصر بن الخضر بن علي. القاضي شهاب الدين الأنصاري الشافعي. قاضي بلد الخليل. ويعرف بابن العالمة. ولد سنة ستماية بدمشق. قال قطب الدين: كان من الفضلاء الأدباء ؛ سافر في طلب العلم إلى البلاد وحصل. وكانت أمه عالمة فاضلة تحفظ القرآن وشيئا من الخطب والمواعظ. وتكلمت في عزاء السلطان الملك العادل. وتعرف بدهن اللوز. كانت عالمة وقتها، وقد ضبط أبو شامة وفاتها. روى عنه ولده قاضي القضاة زين الدين عبد الله قاضي حلب شيئا من نظمه، فمنه:
(أترى أعيش أرى العريش وشامه .......... فبمصر قد سئم المحب مقامه)

(أم هل تبلغ عنه أنفاس الصبا .......... يوما إلى دار الحبيب سلامه)

(يا سادة خلفت قلبي عندهم .......... هل تحفظون عهوده وذمامه)

(أسعرتم نار الغرام بمهجتي .......... وسلبتم طرف الكئيب منامه)

(إن لم تجد قطر على مغناكم .......... أغناكم دمعي يقوم مقامه)

(باهل تعبد الله أيام الحمى .......... من قبل أن يلقى المحب حمامه)
وهو أخو العلامة الحكيم نجم الدين ابن المنفاخ الطبيب لأمه. وقد مر سنة اثنتين وخمسين.

(50/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 113
85 - محمد بن محمد ابن الشيخ الزاهد أبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان. القاضي الجليل، محيي الدين، أبو المكارم إبن القاضي الأوحد جمال الدين ابن الأستاذ الأسدي، الحلبي، الشافعي. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وروى عن: جده، وبهاء الدين ابن شداد. ودرس بالقاهرة بالمسرورية، ثم ولي قضاء حلب إلى حين وفاته بها في ثالث عشر جمادى الأولى. وسمع منه المصريون. 86 - محمد بن محمد بن حسن.

(50/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 114
الشيخ نصير الدين، أبو عبد الله الطوسي، الفيلسوف. كان رأسا في علم الأوائل، لا سيما معرفة الرياضي وصنعة الأرصاد، فإنه فاق بذلك على الكبار. قرأ على المعين سالم بن بدران المصري المعتزلي، الرافضي، وغيره. وكان ذا حرمة وافرة، ومنزلة عالية عند هولاكو. وكان يطيعه فيما يشير به، والأموال في تصريفه. وابتنى بمدينة مراغة قبة ورصدا عظيما، واتخذ في ذلك خزانة عظيمة عالية، فسيحة الأرجاء، وملأها بالكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة، حتى تجمع فيها زيادة على أربعمائة ألف مجلد. وقرر للرصد المنجمين والفلاسفة والفضلاء، وجعل لهم الجامكية. وكان سمحا جوادا، حليما، حسن العشرة، غزير الفضائل، جليل القدر، لكنه على مذهب الأوائل في كثير من الأصول، نسأل الله الهدى والسداد. توفي في ذي الحجة ببغداد، وقد نيف على الثمانين. ويعرف بخواجا نصير. قال الظهير الكازروني: مات المخدوم خواجا نصير الدين أبو جعفر الطوسي في سابع عشري ذي الحجة، وشيعه خلائق وصاحب الديوان والكبراء. ودفن بمشهد الكاظم. وكان مليح الصورة، جميل الأفعال، مهيبا، عالما، متقدما، سهل الأخلاق، متواضعا، كريم الطباع، محتملا، يشتغل إلى قري ب الظهر. ثم طول الكازروني ترجمته، وفيها تواضعه وحلمه وفتوته.

(50/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 115
ثم رأيت في ((تاريخ تاج الدين الفزاري)): حدثني شمس الدين الأيكي أن النصير تمكن إلى الغاية، والناس كلهم من تحت تصرفه. وكان حسن الشكل، فصيحا، خبيرا بجميع العلوم. كان يقول: اتفق المحققون على أن علم الكلام قليل الفائدة، وأقل المصنفات فيه فائدة كتب فخر الدين، وأكثرها تخليطا كتاب ((المحصل)). قال: وأقمت مع شيخنا النصير سبع سنين. وصنف كتبا عدة. ومولده بطوس يوم الأحد حادي عشر جمادى الأولى سنة 597.

(50/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 116
87 - محمد بن يوسف بن نصر. السلطان، أبو عبد الله بن الأحمر الأرجوني، صاحب الأندلس. بويع سنة تسع وعشرين بأرجونة، وهي بليدة بالقرب من قرطبة. وكان سعيدا مؤيدا، مدبرا، حازما، بطلا، شجاعا، ذا دين وعفاف. هزم ابن هود ثلاث مرات، ولم تكسر له راية قط، وقد جاء أذ فونش فحاصر جيان عامين، وأخذها بالصلح، وعقدت بينهما الهدنة عام اثنتين وأربعين، فدامت عشرين سنة، فعمرت البلاد. وأخبار ابن الأحمر علقتها في ورقتين. مات في رجب، وتملك بعده ابنه محمد. 88 - محمد بن أبي بكر بن أبي الليث. الداوري، من زمنداور، وهي من أقصى خراسان. العلامة شهاب الدين، أبو منصور. سمع ببلده من: مخلص الدين الوخي. وفصيح الدين الداوري. ورحل إلى بخارى فتفقه على: شمس الأئمة أبي الوحدة محمد بن عبد الستار، وجمال الدين عبيد الله بن إبراهيم المحبوبي. وقرأ الأدب.

(50/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 117
وسمع من: أبي رشيد محمد بن أبي بكر بن الغزال، وقوام الدين محمود بن أحمد ابن مازة. قرأ عليه الأدب جماعة من أصحابنا. ولد في حدود سنة ست وثمانين وخمسمائة، وتوفي بسرخس في سنة 672. قال فيه الفرضي: شيخنا شهاب الدين. 89 - محمد بن الرجاء بن أبي الزهر بن أبي القاسم. الحكيم شمس الدين، أبو عبد الله التنوخي، الدمشقي، الطبيب، المعروف بابن السلعوس. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني. وحدث بالقاهرة ومات بها في شعبان. 90 - مجاهد بن سليمان بن مرهف. المصري، الأديب، المعروف بالخياط، ويعرف بابن الربيع. توفي في جمادى الآخر وقد ناهز السبعين، وله أشياء حسنة، ومعان مبتكرة. وكان من كبار أدباء العوام. وقد قرأ النحو، وفهم. فمن رائق نظمه قوله:
(أعد يا برق ذكر أهيل نجد .......... فإن لك اليد البيضاء عندي)

(50/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 118

(أشيمك بارقا فيضل عقلي .......... فواعجبا تضل وأنت تهدي)

(ويبكيك السحاب وليس ممن .......... تحمل بعض أشوافي ووجدي)

(بعثت مع النسيم لهم سلاما .......... فما منوا علي له برد)
وله يهجو أبا الحسين الجزار، وأجاد:
(إن تاه جزاركم عليكم .......... بفطنة نالها وكيس)

(فليس يرجوه غير كلب .......... وليس يخشاه غير تيس)
91 - محمود بن أبي سعيد بن محمود بن محمد. الشيخ ناصح الدين، أبو الثناء الطاووسي القزويني. ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة تقريبا. وسمع بحلب من: أبي محمد بن الأستاذ، وأبي المحاسن بن شداد، وغيرهما. وهو ابن أخت الإمام أبي القاسم الرافعي صاحب ((الشرح)). توفي بالقاهرة في ربيع الأول. روى عن خاله بالإجازة أربعين حديثا له، سمعها منه البرهان رئيس المؤذنين. 92 - مكرم بن مظفر بن أبي محمد. العين زربي.

(50/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 119
ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وسمع من: الحافظ أبي نزار ربيعة اليمني. وحدث. وكان شيخا صالحا، منقطعاً بالقرافة بزاوية الشيخ رزبهان. وتوفي في شوال.
- حرف اللام ألف -
93 - لاجين. الأمير الكبير، حسام الدين الأيدمري، الداوادار، الملقب بالدرفيل. سمع من سبط السلفي. وكان محبا للعلماء، مقربا لهم، مؤثرا للفقراء، خاضعا لهم. له معرفة وفضيلة ومشاركة، وذكاء مفرط، وهمة عالية، ونفس شريفة. وكان السلطان يحبه ويعتمد عليه في المهمات والمكاتبات وأمر القصاد. توفي في رمضان، ولم يكمل أربعين سنة.
- حرف الياء -
94 - يحيى بن الناصح عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج الشيرازي. الفقيه، المسند الكبير، سيف الدين، أبو زكريا ابن الحنبلي، الأنصاري، الدمشقي، الحنبلي.

(50/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 120
ولد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. وسمع من الخشوعي في الخامسة ؛ وبه ختم حديثه بالسماع. وسع من: حنبل، وابن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وجماعة. وسمع بالموصل من عبد المحسن بن عبد الله الخطيب. وليس هو بالمكثر عن الخشوعي. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو عبد الله بن الزراد، ومحمد بن المحب، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وطائفة سواهم. وتوفي في سابع عشر شوال. 95 - يوسف بن عبد الله بن عبد الباقي بن نهار. الإمام العالم، فخر الدين، أبو المحاسن البكري، المصري، المالكي، خطيب جامع ابن طولون. ولد سنة ثلاث وستمائة. وسمع ببغداد من: أبي الحسن بن روزبة، وغيره. وحدث. وتوفي بمصر في رابع وعشرين ربيع الآخر.
الكنى
96 - أبو بكر بن أحمد بن عمر بن الحبال. البعلبكي. توفي ببعلبك في عشر السبعين، وخلف تركة، قيل إنها تقارب مائة ألف

(50/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 121
دينار، فاحتاط السلطان عليها، واصطفى منها نحو أربعمائة ألف درهم، وأفرج عن الأملاك والوثائق، فتمحق أكثر ذلك. وله وقف جيد على البر. وكان يشح على نفسه باليسير. وكان أولا فقيرا لا مال له، فاكتسب ذلك بالمعاملة. 97 - أبو بكر بن فتيان. الشطي، الزاهد، العارف ابن الزاهد القدوة، رحمهما الله تعالى. سكن سفح قاسيون. وكان زاهدا صالحا، له أحوال وكرامات ومقامات، وله أتباع ومحبون ومريدون، وله شعر كثير رأيته في ديوان مفرد، وهو شعر طيب يقع على القلب، ويحرك الساكن ويثير العزم وإن كان ملحونا. فمنه في كان وكان:
(يا سعد احذر تجهل وإياك تصحب مبتدع .......... ولا تداني باطل تلعب بك الآفات)

(أحذر تخلي التقوى حوك اتكالك على النسب .......... بوجهل وابن المغيرة خذلوا وهم سادات)

(احذر أفاعي الدعاوى السم في أنيابها .......... سمومهن قواتل ما تنفعوا الرقيات)
توفي الشيخ أبو بكر في جمادى الأولى. وكان أبوه من كبار المشايخ، رحمهما الله تعالى.

(50/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 122
98 - أبو بكر بن محمود بن عمر بن محمود. الفرغاني، الحنفي. ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة. وسمع، مقبلا، وابن صباح. وحدث. مات في جمادى الأولى سنة اثنتين. نقلته من ابن الدمياطي.
وفيها ولد:
أبو عمرو أحمد بن أبي الوليد محمد بن أحمد بن احاج القرطبي، المالكي بغرناطة، وشرف الدين أحمد بن الرضى عبد الرحمن بن أبي بكر السنجاري، الحنفي، في ربيع الأول، وصاحب حماة المؤيد عماد الدين إسماعيل بن علي بن المظفر محمود بدمشق في جمادى الأولى.

(50/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 123

سنة ثلاث وسبعين وستمائة

- حرف الألف -
99 - أحمد بن عبد الرحمن بن عمر. العلامة علم الدين الشرمساحي، المالكي. أخو الشيخ سراج الدين عبد الله. درس بالمستنصرية بعد أخيه، وعاش بعده أربع سنين. ومات في المحرم. 100 - أحمد بن عبد القادر بن حسان. الدمشقي، العامري ؛ بالمزة. سمع من: ابن الحرستاني. وأجاز لي.
101 - أحمد بن موسى بن يغمور. الأمير شهاب الدين، أبو العباس ابن الأمير الكبير جمال الدين.

(50/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 124
أديب فاضل، له شعر، ولي الأعمال الغربية فهذبها، وقطع وشنق ووسط، وأفرط في ذلك وأسرف، وراح البريء بجزيرة المفسد. وقد قطع أيدي خلق وأرجلهم، إلا أنه هذب تلك الناحية. مات بالمحلة في جمادى الأولى. 102 - إبراهيم بن شروة بن علي. الأمير سيف الدين الكردي، الجاكي، الزهيري. توفي في رجب ببعلبك وقد نيف على السبعين. حدثنا عنه قطب الدين اليونيني حكاية، وقال: كان أمينا، شريف النفس. وكان أمير جندار الملك العزيز بحلب. وأخذ خبزه بعده الأمير علاء الدين أحمد بن الجاكي. 103 - إبراهيم بن محمد بن عبد الغني. المحدث المفيد: أبو إسحاق ابن النشو القريشي، الدمشقي، المصري. ولد سنة ثمان وستمائة.

(50/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 125
وسمع من مكرم بن أبي الصقر، وعبد الوهاب بن رواح، والساوي، وابن الجميزي، والسبط، وخلق كثير. وعني بالطلب، ونسخ الأجزاء، وأفاد وتعب. ثم سمع أولاده من إبراهيم بن خليل، وطبقته. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وغيرهما. وتوفي في ذي الحجة بدمشق. 104 - إبراهيم البراذعي. الشيخ الموله، بدمشق، مريد الشيخ يوسف القميني. له كشف، وحال على طريقة المولهين. توفي فيها. 105 - إسماعيل بن محمد بن بلدق. الحراني. حدث عن: الشيخ الموفق. ذكره ابن الدمياطي. 106 - إسماعيل بن أبي سعد أحمد بن علي. الصاحب، العالم، شرف الدين، أبو الفداء الشيباني، الآمدي، الحنبلي، المعروف بابن التيتي. صدر، فاضل، صاحب أدب وفنون، ومعرفة بالحديث والتاريخ والأيام والشعر، مع الدين والعقل والرياسة والحشمة. جمع تاريخا لآمد، وترسل عن صاحب ماردين إلى الديوان العزيز.

(50/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 126
وسمع بالقاهرة مع ولده شمس الدين من: أبي الحسن بن المقير، وابن الجميزي. وسمع بالشام، وماردين. توفي في رجب بماردين. وسمع من: كريمة، وجماعة بدمشق. روى عنه: الدمياطي، وابنه. وعاش أربعا وسبعين سنة. 107 - إلياس بن علوان بن ممدود. المقرىء، الزاهد، ركن الدين الإربلي، الملقن، نزيل دمشق. قرأ بالعراق وديار بكر، وقرأ بدمشق على أبي الحسن السخاوي. وسمع من: الشيخ شهاب الدين السهروردي، وغيره. وحدث. وعاش خمسا وسبعين سنة. وتصدر للإقراء بجامع دمشق. ولقن خلقا وكان موصوفا بتعليم الراء. ويقال: ختم عليه أربعة آلاف نفس وأكثر. كذا قال شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري. وذكر أنه قرأ عليه القرآن. وما كان يطلب من أحد شيئا ولا يرد شيئا. وتوفي بمسجده مسجد طوغان الذي بالفسقار، وهو على قدر سعة الكعبة. وأوصى به لتلميذه الشيخ علي الخباز.

(50/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 127
وتوفي، رحمه الله، في ربيع الآخر. 108 - أيوب بن عبد الرحيم بن أبي حامد محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين عبد الملك بن عيسى بن درباس. قطب الدين الماراني، المصري. ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة. وسمع من: عبد العزيز بن باقا. وحدث. ومات في جمادى الأولى.
- حرف الباء -
109 - بردويل بن إسماعيل بن بردويل. ويسمى أيضا عبد العزيز، أبو العز الدمشقي، الحنفي. يروي عن: ابن ملاعب، وابن راجح، وجماعة. روى لنا عنه: ابن العطار، وغيره. 110 - بلك. المؤذن بمنارة الكجك. كان يؤذن في الثلث الأخير. وكان جهوري الصوت بالمرة، بحيث يسمع سائر أهل البلد. ويقولون: قد أذن بلك. وكان في شبيبته حمالا على الخشب. وكان من أطول الرجال، رحمه الله تعالى.

(50/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 128
111 - بيليك الجلالي. الأمير بدر الدين، من أمراء دمشق. ودفن بالجبل. 112 - بيمند الإفرنجي. صاحب طرابلس. توفي فيها، وملك بعده ولده.
- حرف الخاء -
113 - الخضر بن خليل. أبو العباس الهكاري، الصوفي، المؤذن. توفي بالقاهرة في رجب. قال الشريف: سمعت منه. روى عن: إبراهيم السنهوري. 114 - خلف بن علي بن أبي بكر بن علي. أبو القاسم العسقلاني، ثم التوني، الدمياطي. عاش نيفا وسبعين سنة. وكان راغبا في الحديث وطلبه. روى عن: ابن المقير. ومات في شوال.

(50/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 129

- حرف الراء -
115 - الرشيد بن أبي الدر. المكيني، المقرىء. واسمه: أبو بكر. قرأ القراءآت بدمشق على: السخاوي، والزين الكردي. وبالإسكندرية على: ابن عيسى، وجعفر الهمداني. وبمصر على: أبي منصور عبد الله بن جامع. وقرأ للكسائي ختمة على أبي القاسم الصفراوي. وقرأ بالقراءآت العشر على: التقي بن ناسويه، والمرجى بن شقيرة. وقرأ ليعقوب على العفيف ابن الرماح. وكان خبيرا بالقراءآت، بصيرا بالتجويد والأداء. قرأ عليه: رضي الدين بن دبوقا القراءآت، ثم عرضها على السخاوي. وكان يقرىء في أيام السخاوي. وقرأ عليه القراءآت الشيخ محمد المصري، وغير واحد.
- حرف الزاي -
116 - زهير بن عمر بن زهير. الزرعي، الفقيه الحنبلي. ولد بزرع سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وقدم دمشق ليشتغل، فسمع من: عمر بن طبرزد، ومحمد بن وهب بن الشريف، وشيخه الشيخ الموفق. وحدث بدمشق، وزرع. وكان إنسانا مباركا، فقيها، فاضلا.

(50/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 130
سمع منه جماعة كبيرة منهم: ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وحفيده الشهاب محمد بن عمر، والبرهان الذهبي. وتوفي في ذي القعدة. 117 - زينب بنت نصر بن عبد الرزاق الجيلي. روت عن زيد بن هبة الله ببغداد.
- حرف السين -
118 - سعد الله بن سعد الله بن سالم بن واصل. زين الدين الحموي، الطبيب. كان بصيرا بالعلاج، ماهرا بالفن، دينا. توفي في شوال. 119 - سليمان بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم. أبو الربيع الهذباني، الإربلي، الشافعي. توفي في رمضان عن بضع وسبعين سنة. وكان فقيها فاضلا، منقطعا بمدرسة الشافعي بالقرافة. وحدث عن مكرم. 120 - سليمان الملك المغيث بن الملك السعيد عبد الملك بن الصالح إسماعيل. ولد سنة خمسين وستمائة.

(50/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 131
ومات في صفر شابا، ودفن بتربة أم الصالح، وشيعه الأمراء وبكوا عليه.
- حرف الشين -
121 - شجاع بن هبة الله بن شجاع. زين الدين ابن الهليس الأنصاري، المصري، الشافعي. ولد سنة ست وستمائة، وحدث عن: عبد العزيز بن باقا، ومكرم. ومات في أول المحرم.
- حرف الصاد -
122 - الصفي. المؤذن مجامع دمشق. شيخ معمر، صالح، مشهور. شيعه خلق، وأذن في الجامع نحوا من ستين سنة. وقيل إنه جاوز المائة.
- حرف العين -
123 - عبد الله بن محمد بن عطاء بن حسن بن عطاء.

(50/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 132
قاضي القضاة، شمس الدين، أبو محمد الأدرعي، الحنفي. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وسمع من: حنبل، وعمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وداود بن ملاعب، والشيخ الموفق. وتفقه ودرس وأفتى، وصار المشار إليه في المذهب. وولي عدة مدارس. وناب في القضاة عن صدر الدين ابن سني الدولة، وغيره. ثم ولي قضاء الحنفية لما جددت القضاة الأربعة. وكان إماما فاضلا، دينا، متواضعا، محمود السيرة، حسن العشرة، قانعا باليسير، قليل الرغبة في الدنيا، تاركا للتكلف. تفقه عليه جماعة. ولقد صدع بالحق لما حصلت الحوطة على البساتين، فجرى الكلام في دار العدل بدمشق بحضور السلطان، فكل ألان القول، ودارى الحدة من الدولة، وخشي سطوة الملك، إلا هو، فإنه قال: ما يحل لمسلم أن يتعرض لهذه الأملاك، ولا إلى هذه البساتين، فإنها بيد أصحابها، ويدهم عليها ثابتة. فغضب السلطان الملك الظاهر، وقام وقال: إذا كنا ما نحن مسلمين أيش قعودنا؟ فأخذ الأمراء في التلطف، وقالوا: لم يقل عن مولانا السلطان. ولما سكن غضبه قال: أثبتوا كتبنا التي تخصنا عند الحنفي. وتحقق صلابته في الدين، ونبل في عينه. روى عنه: قاضي القضاة شمس الدين ابن الحريري، وأبو الحسن بن العطار، وجماعة. ومات في جمادى الأولى بمنزله بسفح قاسيون، وشيعه خلائق، ولم يخلف بعده مثله.

(50/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 133
124 - عبد الرحمن بن أحمد بن القاضي شمس الدين أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن محمد بن يحيى بن جميل. الصدر، نجم الدين، أبو بكر بن القاضي تاج الدين بن الشيرازي، الدمشقي. من بيت الرواية والعلم والرئاسة والنبل. روى عن: عمر بن طبرزد، وزيد بن الحسن الكندي، وداود بن ملاعب، وابن الحرستاني، وغيرهم. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، والمجد بن الصيرفي، وجماعة. كان من أعيان الشهود. وهو والد شيخنا الزين إبراهيم. توفي في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة بدمشق. وقد سمع جميع ((المسند)) من حنبل. مولده تقريبا سنة ثمان وتسعين. 125 - عبد الرحمن بن أبي علي بن المخلص إبراهيم بن قرناص. جمال الدين الحموي. صدر كبير محتشم، كثير الأموال وافر الديانة. من أعيان بلده. توفي بحماة في ربيع الأول، وهو في عشر السبعين. 126 - عثمان بن محمد بن الحاجب منصور بن عبد الله بن سرور. فخر الدين، أبو عمرو الأميني، الدمشقي، نزيل القاهرة.

(50/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 134
أخو الحافظ أبي الفتح عمر بن الحاجب. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: هبة الله بن طاوس والشيخ الموفق، وابن أبي لقمة، وابن البن، وهذه الطبقة مع أخيه. كتب عنه الطلبة المصريون. ومات في رابع ربيع الآخر. والأميني نسبة إلى أمين الدولة صاحب صرخد. وممن روى عنه الأمير علم الدين الدواداري. 127 - عثمان بن أبي الرجاء. فخر الدين ابن السلعوس التنوخي، الدمشقي، التاجر. والد الصاحب شمس الدين. وكان عدلا، مسموع القول. 128 - عزيزة بنت عثمان بن طرخان بن بزوان. أم المعالي الشيبانية الموصلاية. ولدت بإربل في حدود سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وسمعت من: مسمار بن العويس النيار مع ابن عمها زوجها أبي الفضل عباس بن بزوان. وحدثت بالقاهرة. وبها توفيت في المحرم. 129 - علي بن الفضل بن عقيل بن عثمان النظام. أبو الحسن الهاشمي، العباسي، الدمشقي، المعدل.

(50/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 135
توفي بدمشق في ثالث عشر رجب وله ثمانون سنة. أجاز لشيخنا ابن تيمية وإخوته. سمع منه: ابن الخباز. روى عن أبيه. وأجاز له الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وغيرهما. 130 - علي بن محمد بن هبة الله بن محمد. الرئيس، العدل، علاء الدين، ابن القاضي أبي نصر ابن الشيرازي، الدمشقي. أخو القاضي تاج الدين أحمد، وعماد الدين محمد. سمع من: الكندي، وابن الحرستاني، وداود بن ملاعب. وكتب عنه الطلبة. وتوفي في جمادى الآخرة. 131 - عمر بن محمد بن حسين. مجير الدين، الطحان، الدمشقي. شاب مليح، بارع الحسن. قرأ القراءآت على الشيخ زين الدين الزواوي، والعماد الموصلي. وحفظ ((التنبيه)) و ((الجرجانية)) و ((الشاطبية)). وقال الشعر. وتوفي شابا في شوال.

(50/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 136
132 - عمر بن يعقوب بن عثمان بن أبي طاهر. الشيخ تقي الدين، أبو الفتح الإربلي، الذهبي، الصوفي. ولد سنة ثمان وتسعين بإربل. وسمع بدمشق من: أبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، والمسلم المارني، وابن الزبيدي، وابن صباح، وطبقتهم. وأجاز له: أبو جعفر الصيدلاني، والمؤيد الطوسي، وزينب الشعرية، وجماعة. وحدث بمصر والشام. وكان صوفيا خيرا، ساكنا. وهو أخو يوسف والد شيخنا مجد الذهبي. توفي يوم عيد الأضحى بدمشق. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، والدواداري، والمجد الصيرفي، وجماعة. وكان محبا للرواية، ومن صوفية الخانقاه السميساطية. وحدث بالقاهرة بقراءة الشيخ قطب الدين ابن القسطلاني، وبقراءة الشيخ شرف الدين حسن بن علي بن الصيرفي.
- حرف الميم -
133 - محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحيم. الصدر، عز الدين ابن المولى كمال الدين ابن العجمي، الحلبي، الكاتب.

(50/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 137
أخو الرئيس بهاء الدين. رتب في كتابة الإنشاء بعد والده بدمشق. وتوفي شابا، رحمه الله. 134 - محمد بن إسحاق. الزاهد، شيخ، أهل الوحدة، صدر الدين القونوي، صاحب التصانيف. قال الكازروني: بلغني أنه توفي في سابع عشر المحرم سنة ثلاث. قلت: مر بلقبه سنة اثنتين. 135 - محمد بن عبد الغني بن عبد الكريم بن نعمة. الإمام، زكي الدين، أبو عبد الله المضري الحندفي، الثوري، المصري، المقرىء، المعروف بابن المهذب. ولد سنة خمس وستمائة. وقرأ القراءآت، وتصدر لإقرائها بجامع مصر. وكان صالحا، ساكنا، فاضلا. توفي في رمضان. 136 - محمد بن علي بن موسى بن عبد الرحمن. الشيخ، أمين الدين، أبو بكر الأنصاري، المحلي، النحوي. أحد أئمة العربية بالقاهرة. تصدر لإقرائها، وانتفع به الناس. وله شعر حسن. ومات في ذي القعدة عن ثلاث وسبعين سنة.

(50/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 138
وله تصانيف حسنة، منها أرجوزة في العروض. 137 - محمد بن مرتضى بن أبي الجود حاتم بن المسلم. أبو الطاهر الحارثي. شيخ، صالح دين. ولد سنة تسعين وخمسمائة. وسمع من: أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله مولى ابن باقا، وعلي بن المفضل الحافظ، وأبي عبد الله بن البنا. وحدث. روى عنه: الدواداري، وغيره. ومات في جمادى الأولى. 138 - محمد بن أبي الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم. أبو عبد الله بن علان القيسي، الدمشقي. سمع من: الزبيدي، وابن اللتي، وجماعة. وتوفي في ذي الحجة وله إحدى وستون سنة. مات فجأة. روى لنا عنه ابن العطاء. 139 - محمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع. العلامة، القاضي، أبو الحسين ابن العلامة المصنف المتكلم، قاضي غرناطة أبي عامر الأشعري، اليماني ؛ القرطبي المحتد، الغرناطي الدار والملحد.

(50/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 139
أحد فرسان الكلام. روى عن: أبيه، وعمه أبي جعفر أحمد، وأبي القاسم أحمد بن بقي، وأبي الحسين علي بن محمد التجيبي، وأحمد بن إسحاق بن كوزانة المخزومي. وله إجازة من أبي الحسن الشقوري. قال الإمام أبو حيان: أجاز لي ونقلت أسماء شيوخه. وعمل برنامجا. إلى أن قال: وهو كان المشار إليه بالأندلس في العلوم العقلية من أصول الفقه وعلم الحساب والهندسة. وله معرفة بالطب ووجاهة عند السلطان أبي عبد الله محمد بن السلطان أبي عبد الله محمد بن يوسف بن نصر الخزرجي ابن الأحمر. وكان يعظمه ويقدمه. وكان أشعري النسب والمذهب، متجنيا على أهل البدع وعلى الفلاسفة. وكان يستطيل على أبي عبد الله محمد بن عصام الرقوطي بحضرة السلطان بسبب البحث، إذ كان يقال إن الرقوطي كان يميل لنصرة الفلاسفة. ولأبي الحسين تصانيف في المعقولات. قال: وسمعت قاضي القضاة أبا الفتح ابن دقيق العيد يقول: ما وقفنا على كلام أحد من متأخري المغاربة مشبها لكلام العجم مثل كلام هذا، يعني أبا الحسين. وقال لنا أبو جعفر بن الزبير: ما بقي بالمغرب مثل أبي الحسين في قلت فنونه. قتل: وهو أخو أبي القاسم عبد الله بن يحيى، الراوي عن الخطيب أبي جعفر بن يحيى، وأبي الحسن علي بن محمد الشقوري، وأبي الحسن بن خروف، وقد مر سنة ست وستين وستمائة. وأخو أبي الزهر ربيع بن يحيى

(50/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 140
المتوفى سنة سبع وستين، وأخو أبي عبد الله محمد بن يحيى نزيل مالقة، وكان شروطيا، وهو آخر من حدث عن أبيه بالسماع، وعمر دهرا طويلا. بقي إلى سنة تسع عشرة وسبعمائة. فأما العلامة أبو الحسين فتوفي بغرناطة في ثالث جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، ولم يعقب إلا ولدا صغيرا وبنتا. فالولد كبر وقدم دمشق سنة خمس وتسعين، وسمع معنا من الشرف ابن عساكر وطائفة. وهو أبو العباس أحمد بن محمد الصوفي. ثم دخل بلاد العراق والعجم، ورجع ومات كهلا. 140 - محمد بن يحيى بن الفضل بن يحيى بن عبد الله بن القاسم. القاضي محيي الدين بن القاضي تاج الدين الشهرزوري، الموصلي. ولد سنة تسعين وخمسمائة. له شعر وأدب. ترك زي بيته ولبس زي الأجناد. وكان أبوه قاضي الجزيرة. توفي محمد بمصر في ربيع الآخر. وروى عنه الدمياطي من نظمه. 141 - مسلم البدوي. البرقي، الزاهد، شيخ الفقراء. له زاوية بالقرافة الصغرى، وأصحاب ومريدون، وكان مقصودا بالزيارة والتبرك.

(50/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 141
توفي في ربيع الأول. 142 - منصور بن سليم بن منصور بن فتوح. الإمام، المحدث، وجيه الدين، أبو المظفر الهمداني، الإسكندراني، الشافعي، محتسب الثغر. ولد في ثامن صفر سنة سبع وستمائة. وسمع من: محمد بن عماد الحراني، وجعفر الهمداني، وابن رواج، وجماعة من أصحاب السلفي. وسمع ببغداد من: ابن روزبة، والقطيعي، وأبي إسحاق الكاشغري، وأبي بكر بن الخازن، وجماعة من أصحاب شهدة. وبمصر من: مرتضى بن أبي الجود، وعلي بن مختار، وطبقتهما. وبدمشق من: الناصح بن الحنبلي، وابن اللتي، ومكرم، وجماعة.

(50/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 142
وبحران من: حمد بن صديق، وغيره. وبحماه من: القاسم بن رواحة. وبحلب من: الموفق يعيش، وابن خليل، وجماعة. وبمكة من: أبي النعمان بشير بن سليمان. وصنف وخرج، وعني بالحديث والرجال والتاريخ والفقه وغير ذلك. ودرس بالإسكندرية، وجمع ((المعجم)) لنفسه. وخرج ((أربعين حديثا في أربعين بلدا))، ولكن بعض بلدانه قرى ومحال. وصنف ((تاريخا للإسكندرية)) في مجلدتين. وكان دينا، خيرا، حميد الطريقة، كثير المروءة، محسنا إلى الرحالة، لين الجانب. كتب عنه: الدمياطي، والشريف عز الدين. ولم يخلف بعده ببلده مثله. ويعرف بالوجيه ابن العمادية. سمعت من أخويه لأمه أبي القاسم الهواري وأخته وجيهية. توفي ليلة الحادي والعشرين من شوال.
- حرف النون -
143 - نصر الله بن عبد المنعم بن نصر الله بن أحمد بن جعفر بن حواري بن الشيخ. شرف الدين، أبو الفتح التنوخي، الدمشقي، الحنفي، الأديب. ويعرف بابن شقير أيضا.

(50/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 143
ولد سنة أربع وستمائة. وسمع ((الأربعين))، من أبي الفتح البكري، وسمع من داود بن ملاعب، وغيرهما. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وعلم الدين الدواداري، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وآخرون من كهول شيوخنا. وخطه أسلوب غريب. وكتب بخطه نسخا كثيرة بالأربعين القشيرية الأسعدية. وكان من سمع منه وهبه نسخة. وكان أديبا فاضلا، حسن المحاضرة، حفظة للأشعار والأخبار والنوادر، حسن البزة، كريما، متجملا. عمر في آخر عمره مسجدا عند طواحين الأشنان على النهر، وتأنق في عمارته. وكان يدعو إليه الأصحاب، ويبالغ في الاحتفال. توفي رحمه الله في ربيع الآخر ودفن بمغارة الجوع. وهو أخو محمد.
- حرف الياء -
144 - يوسف بن أحمد بن محمود بن أحمد. المحدث، الملقب بالحافظ اليغموري، جمال الدين، أبو المحاسن الأسدي، الدمشقي. ولد في حدود الستمائة. وسمع الكثير بدمشق، والموصل، ومصر، والإسكندرية.

(50/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 144
وعني بالحديث وتعب فيه، وحصل وكتب الكثير. وكان له فهم ومعرفة وإتقان، ومشاركة في الآداب والتواريخ. وله جموع حسنة لم أرها، بل أثنى على فضائله الشريف عز الدين، وقال: ((توفي في ليلة الحادي والعشرين من ربيع الآخر. وسمعت منه. وكان حسن الأخلاق، لطيف الشمائل، مشغولا بنفسه. وقال الدمياطي: يوسف بن أحمد أبو العز أخو محمود بن الطحان التكريتي الجد، الموصلي الأب، الدمشقي المولد، المحلي الوفاة رفيقنا، أنبا قال: أنبا أحمد بن الأصفر سنة ست عشرة. قلت: وروى عنه: الدواداري أيضا، وجماعة. توفي عند شهاب الدين ابن يغمور. وتوفي ابن يغمور بعده بشهر. وكان يصحب والده جمال الدين نائب السلطنة، فعرف به.
الكنى
145 - أبو غالب بن أبي طالب بن مفضل بن سني الدولة. زين الدين الدمشقي، أخو مفضل الآتي سنة سبع. سمعا من: حنبل. كتب عن هذا: ابن جعوان، وابن العطار. وتوفي في هذه السنة.
وفيها ولد:
شمس الدين محمد بن يوسف بن أبي الفرج العسقلاني المقرىء، الفقيه، صاحبي رحمه الله، في شعبان، وولدت أنا في ربيع الآخر، وفي شوال ولد قاضي القضاة تقي الدين أحمد بن عمر بن عبد الله بن عمر بن عوض الحنبلي، بمصر.

(50/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 145
وفيها ولد: المفتي شرف الدين حسين بن علي بن إسحاق بن سلالم الشافعي، وأبو عبد الله محمد بن جابر الوادياشي التونسي، المقرىء، والمولى علاء الدين علي بن محمد القلانسي، وقاضي حلب كمال الدين عمر بن عبد العزيز بن العديم، وإبراهيم ابن قاضي حماة شرف الدين البارزي، وعلاء الدين علي ابن شيخنا البرهان الإسكندري، والفقيه الزاهد نور الدين علي بن يعقوب البكري، المصري، والشيخ صدر الدين سليمان المالكي، الغماري.

(50/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 146

سنة أربع وسبعين وستمائة

- حرف الألف -
146 - أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الأحد بن عبد العزيز. تقي الدين، أبو العباس بن العنيقة الحراني، الحنبلي، العطار، أخو شيخنا عبد الملك. شيخ جليل فاضل. سمع من: الموفق بن يعيش، وابن رواحة، وابن خليل، وجماعة بحلب. ورحل إلى بغداد، وكتب عن الشيخ يحيى الصرصري ديوانه، ونقله إلى دمشق. روى عنه: ابن الخباز، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وأبو الحسن بن العطار، وجماعة. توفي في صفر بدمشق، وله 63 سنة. 147 - أحمد بن الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله. علم الدين، أبو الحسين المنذري، المصري. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة. وسمع من: عبد العزيز بن باقا، وأبي الحسن بن المقير، وأصحاب السلفي. وأضر قبل موته. وكان يحفظ أشياء مفيدة ويذاكر بها. كتب عنه جماعة.

(50/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 147
ومات في ربيع الأول. 148 - إبراهيم بن عبد الرحيم بن علي بن شيت. كمال الدين، أبو إسحاق القرشي، الكاتب، الأمير. خدم الناصر داود مدة، وترسل عنه، ثم خدم الناصر يوسف، فأعطاه خبزا، واعتمد عليه وقربه. ثم ولي الرحبة للملك الظاهر، ثم ولاه بعلبك. وله أدب وترسل ونظم، ومعرفة بالتاريخ والأخبار. وكان يحفظ متون ((الموطأ))، وله اعتناء بالحديث. وقد روى عن: القاضي أبي القاسم بن الحرستاني. وثنا عنه أبو الحسين اليونيني. وكان أبوه جمال الدين من كبراء دولة المعظم. توفي الكمال في صفر بالساحل، وقد نيف على الستين، وحمل

(50/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 148
فدفن بمقابر بعلبك. 149 - إبراهيم بن يحيى بن غنام. النميري، الحراني. أبو إسحاق العابر، ناظم كتاب ((درة الأحلام)) في علم التعبير. وله قصيدة لامية في التعبير. وقد سكن بمصر، وكان رأسا في التعبير. مات في جمادى الأولى بالقاهرة. 150 - إسماعيل بن إبراهيم بن نصر الله بن حرب. الفارقي. عدل، له ملك جيد. حدث ((بصحيح البخاري)) عن ابن الزبيدي. ثنا عنه إسحاق الآمدي. توفي في جمادى الآخرة.
151 - إسماعيل بن سليمان بن بدر. أبو الطاهر الأنصاري، الجيتي، المصري. يروي عن: ابن عماد.

(50/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 149
روى عنه: الدواداري، وغيره. ومات في شعبان. 152 - إسماعيل بن إبراهيم بن نصر. الفارقي، بدر الدين. سمع: ابن الزبيدي. 153 - أيبك. الأمير عز الدين الإسكندراني، الصالحي. من خواص الملك المعز، ثم ولي بعلبك مدة للظاهر، ثم ولاه الرحبة. وقد تزوج بابنة الشيخ الفقيه محمد اليونيني. وكان فيه كرم وديانة. توفي بالرحبة في رمضان، وهو من أبناء الستين.
- حرف الحاء -
154 - حبيبة بنت الشيخ أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة. أم أحمد، زوجة الإمام تقي الدين محمد بن محمود المراتبي وأم أولاده. روت عن: حنبل، وابن طبرزد. وأجاز لها: عبد الوهاب بن سكينة، وعائشة بنت معمر، وجماعة. وكانت صالحة، عابدة، قوامة تالية لكتاب الله. تلقن نساء الدير. وكانت تنكر على أخيها الشيخ شمس الدين دخوله في القضاء وفي التوسع من الدنيا وكثرة الأواني والقماش. رضي الله عنها.

(50/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 150
روى عنها: الدمياطي، وابن الخباز، وابن الزراد، وابن العطار، وغير واحد. وتوفيت في ثاني عشر ذي القعدة، وهي في عشر الثمانين. 155 - الحسن بن علي بن الحسن. السيد فخر الدين ابن أبي الجن العلوي، الحسيني، الدمشقي، نقيب الأشراف. توفي في ربيع الأول عن نيف وستين سنة.

(50/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 151

- حرف الخاء -
156 - خاص ترك. الأمير ركن الدين الكبير. من أعيان الدولة. توفي بدمشق، ودفن بقاسيون. وكان عالي الرتبة عند الملك الظاهر. توفي في ربيع الأول. 157 - الخضر، ويسمى مسعود، ابن عبد السلام. ويسمى أبوه عبد الله بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه. الشيخ الكبير سعد الدين أبو سعد ابن شيخ الشيوخ تاج الدين، أخو شيخ الشيوخ شرف الدين. ولد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.

(50/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 152
وسمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وجماعة. وأجاز له: عبد المنعم بن كليب، وأبو الفرج بن الجوزي، والمبارك بن المعطوش، وعبد الله بن أبي المجد الكربي، وجماعة. وخدم في شبيبته، وتعانى الجندية مع بني عمه الأمراء الأربعة. ثم تصوف ولبس البقيار. وأمه من ذرية أبي القاسم القشيري. وقد جمع تاريخا في مجلدتين. وكان لديه فضيلة، وشعر حسن. ومرض في أواخر عمره، وقل بصره. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وعلم الدين الدواداري، وجماعة. وأجاز لي مروياته، وكتب عنه بذلك الشيخ أبو الحسن الموصلي. وتوفي في ذي الحجة، رحمه الله. وكان مشاركا لأخيه في المشيخة. نقلت من خط سعد الدين، وأجازه لي. قال: رأيت عند خطيب القاهرة فخر الدين القاضي السكري قشر حية أهدي لوالده من الهند، عرضه ثلاثة أشبار. قال: ورأيت بقرية من أعمال الزبداني سنة ثلاث وخمسين وستمائة شجرة جوز دورها اثني عشر ذراعا، وحملها مائة ألف وعشرون ألف جوزة. قال: ورأيت بقرب ميافارقين شجرة بلوط، قست دورها اثنين وعشرين شبرا. ونزلت عند الملك المظفر غازي ابن العادل، فأحضروا بين يدي جديين توأم، وجه أحدهما قريب من وجه الآدمي، وله خرطوم كالخنزير، وتحت الخرطوم عينان، وفي جبهته عينان أيضا، وله فم كفم الآدمي، ولسان عريض. ورأيت أيضا جديا بفرد عين في وسط جبهته، وله إليه مثل الضأن.
- حرف الراء -
158 - الربيع بن سلمان بن محمد بن سالم.

(50/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 153
شمس الدين، أبو الفضل القرشي. سمع ((الصحيح)) من ابن الزبيدي. وحدث. وكان رجلا فاضلا من أبناء السبعين. توفي بحمص.
- حرف السين -
159 - سنجر. الأمير علم الدين الحصني. توفي بدمشق في جمادى الأولى. وكان من أمراء الألوف. وقد باشر نيابة السلطنة في دمشق وقتا. 160 - سيف الدين الحجامي. الأمير. توفي أيضا في جمادى الأولى بدمشق.
- حرف الصاد -
161 - صبيح. عتيق الحافظ عبد العظيم. سمع الكثير، وحدث عن: مكرم. ومات في صفر بمصر.

(50/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 154

- حرف الطاء -
162 - طرخان بن إسحاق بن طرخان. الشاغوري. روى عن: أبيه. له خطب وأدب. 163 - طغريل. الأمير سيف الدين والي البر بدمشق. لعله الحجامي.
- حرف العين -
164 - عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن إلياس. الصدر الصالح، بدر الدين، أبو محمد الأنصاري، ابن الشيرجي. أخو القاضي عماد الدين محمد. روى عن: الحسين بن الزبيدي. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة. وتوفي في المحرم. وكان يلبس بزي الفقراء.

(50/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 155
وسمع من القزويني، ومن جده. وأجاز لي مروياته. 165 - عبد الله بن أبي القاسم بن علي بن مكي بن ورخز. أبو محمد البغدادي. ولد سنة ست وستمائة. وسمع من: ابن الأخضر، وعمر بن الحسين بن المعوج، وأحمد بن علي الغزنوي، وعدة. روى القلانسي، وابن عبد الصمد، والدقوقي، والصدر بن حمويه، وخلق عنه. 166 - عبد الله بن إسماعيل بن محمد بن أيوب. الملك المسعود بن الملك الصالح. رئيس جليل. وهو أخو الملك المنصور محمد والملك السعيد أبي الكامل. توفي في جمادى الأولى بدمشق. 167 - عبد الله بن شكر بن علي. اليونيني. شيخ، صالح، عابد، قانع، متعفف. صحب المشايخ، وسمع الكثير في كهولته. روى عنه: ابن الخباز. قال قطب الدين: كان قانعا باليسير، متحريا في مطعمه وملبسه،

(50/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 156
ويتقوت من مغل أرض له، لعل مغلها خمسون درهما. وحصل له من الجوع يبس أورثه تخيلات فاسدة. وتوفي بدمشق في رمضان وقد جاوز السبعين. حدث عن: الحافظ الضياء. وروى عنه: ابن تمام، وابن الخباز. 168 - عبد الرحمن بن داود بن رسلان. الشيخ عماد الدين، أبو القاسم القرشي، المخزومي، المصري، السمربائي. وسمربية من أعمال الغربية. عاش ثمانين سنة. وكان دينا، خيرا، مشهورا، له فضل وأدب. توفي رحمه الله في رجب.

(50/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 157
169 - عبد الرحمن بن الشيخ المقرىء أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى. أبو المعالي اللخمي، الإسكندراني. قرأ القرآن على أبيه. وتصدر للإقراء. وحدث. لقبه: عز الدين. وقد أجاز له: الكندي، وداهر بن رستم، وخلق. وقرأ أيضا بالسبع على جعفر الهمداني. وسمع ((جامع الترمذي)) سنة إحدى عشرة من ابن البنا. ومولده تخمينا سنة أربع وستمائة. ومات في عاشر ربيع الأول بالإسكندرية، وله سبعون سنة. 170 - عبد الرحمن بن العلامة أبي العز مظفر بن عبد الله. شرف الدين، أبو القاسم الأنصاري، الخزرجي، المصري، المعروف أبوه بالمقترح. ولد بالإسكندرية سنة سبع وستمائة. وسمع من عبد الله بن محمد بن مجلي. وحدث. ومات في رجب. 171 - عبد الملك بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسن.

(50/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 158
العجمي، زين الدين، أبو المظفر العدل، العاقد بالقاهرة. ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع من: الافتخار، وثابت بن مشرف. روى عنه الدمياطي من نظمه. وتوفي في ذي القعدة بالقاهرة.

(50/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 159
172 - عثمان بن عبد الكريم. سديد الدين الصنهاجي، الشافعي. توفي في ذي القعدة عن تسع وستين سنة. وقد درس واشتغل وناب في قضاء القاهرة. 173 - عثمان بن موسى بن عبد الله. الفقيه الزاهد، أبو عمرو الإربلي، ثم الآمدي. إمام الحنابلة بمكة. يروي عن: يعقوب بن علي الحكاك، ومحمد بن أبي البركات. روى عنه: الدمياطي، وابن العطار. وكتب إلي بالإجازة. توفي في جمادى الأولى، وصلي عليه يوم جمعة بدمشق صلاة الغائب. وكان من الزهاد، رحمه الله تعالى.

(50/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 160
174 - عثمان بن هبة الله بن عبد الرحمن بن مكي بن الإمام أبي الطاهر إسماعيل بن عوف. أبو الفتح القرشي، الزهري، العوفي، الإسكندراني، المالكي، الشماع. آخر أصحاب عبد الرحمن بن موقا بالسماع. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وتوفي في سلخ ربيع الأول بالإسكندرية. روى عنه: الدمياطي، والشيخ شعبان الإربلي، وعلم الدين الدواداري، والقاضي سعد الدين الحارثي، وجماعة كبيرة. وعاش خمسا وثمانين سنة. وكانت جنازته مشهودة. 175 - علي بن أحمد بن العقيب. الشيخ نور الدولة العامري، البعلبكي، النحوي. أخذ العربية عن: ابن معقل الحمصي. وله شعر جيد. وفي دين وشرف نفس، رحمه الله.

(50/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 161
توفي ببعلبك في ربيع الأول. 176 - علي بن أنجب بن عثمان بن عبيد الله. الشيخ تاج الدين، أبو الحسن، وأبو طالب ابن الساعي البغدادي، المؤرخ، خازن كتب المستنصرية. توفي في رمضان وقد قارب الثمانين أوجاوزها. وكان أديبا فاضلا، إخباريا، عمل تاريخا، وما زال يجمع فيه إلى أن مات. وعمل تاريخا لشعراء زمانه، وذيل على ((الكامل)) لابن الأثير. وله كتاب ((غزل الظراف)) في مجلدين أجازه عليه المستنصر بالله بمائة دينار. وله كتاب ((التاريخ المعلم الأتابكي))، إلتمس منه تأليفه صاحب شهرزور نور الدين أرسلان شاه بن زنكي بن أرسلان شاه بن السلطان عز الدين مسعود بن السلطان قطب الدين مودود بن زنكي بن آقسنقر التركي، وفي أخبار بيتهم، وأجازه عليه بمائة دينار. وله كتاب ((نزهة الأبصار)) في ختان ابني المستعصم الشهيد، وما أنفق

(50/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 162
عليهما من الأموال، وتفاصيل ما عمل من المآكل والملبوس، وما عمل من المدائح، فأعطي عليه مائة دينار. وكان إقبال الشرابي ينفذ إليه بالذهب ويحترمه. وله في إقبال مدائح، وفي غيره. ولقد أورد الكازروني في ترجمة ابن الساعي أسماء التصانيف التي صنفها، وهي كثيرة جدا، لعلها وقر بعير، منها ((مشيخته)) بالسماع والإجازة في عشر مجلدات، فروى بالإجازة عن أبي سعد الصفار، فأحسبها العامة. وعن: عبد الوهاب بن سكينة، والكندي، وابن الأخضر، وأحمد بن الدبيقي. وسمع من: أصحاب أبي الوقت. وقرأ على ابن النجار ((تاريخه الكبير لبغداد))، وقد تكلم فيه، فالله أعلم. وله أوهام. قال ابن أنجب: وفي رجب سنة أربع وثلاثين وستمائة، برز إلي من البر المستنصري مائة دينار في مقابلة كتاب وسمته بكتاب ((الإيناس في مناقب خلفاء بني العباس)). وله كتاب ((الحث على طلب الولد)) ألفه باسم مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير، فقدمه له يوم عرسه على ابنة صاحب الموصل لؤلؤ. وحكى ابن أنجب أنه اشترى مملوكا بخمسة عشر دينارا. قال: ثم بعته بمائة دينار على الأمير بكلك، فوهبه لفتاه سنقر شاه، فظهرت منه نهضة تامة، وكفاة، وكثرت أمواله، إلى أن نقم أستاذه، وأخذ من أمواله ما قيمته أزيد من مائة ألف دينار، فلما انتهى أمره إلى الديوان أحضر من خوزستان، وكان سنقر جاء زعيمها، فساعة وصوله، واسمه أدرج، خلع عليه وألحق بالزعماء. فلم تطل أيامه حتى توفي. وكان ينفذ إلي في كل سنة بمائة دينار من ابتداء سعادته إلى أن مات.

(50/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 163
قلت: وله من التواليف: ((تاريخ الوزراء))، و ((تاريخ نساء الخلفاء من الحرائر والإماء)) ومنهن سمر أم أولاد المستعصم الأمراء أحمد، وعبد الرحمن، ومبارك. وله مصنف في ((سيرة المستنصر))، وآخر في ((سيرة الناصر)). ومصنف في ((أخبار أهل البيت)). وله عدة تواليف. وعاش اثنتين وثمانين سنة. وقد ذكر الظهير الكازروني له ترجمة طويلة وأثنى عليه بالديانة، رحمه الله تعالى. 177 - علي بن عبد الرحيم بن علي بن إسحاق بن شيث. أخو كمال الدين إبراهيم. القرشي، علاء الدين. ولد سنة إحدى وستمائة. وكان الأكبر. وحدث بالقاهرة، أظن عن ابن الحرستاني. مات في رجب.

(50/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 164
178 - علي بن عمر بن عبد العزيز. القرشي، كمال الدين، العدل، أخو المعين المحدث. توفي بدمشق في جمادى الأولى. سمع من: الكندي، وابن الحرستاني. وحدث. 179 - علي بن محمد بن علي. الآمدي، الرئيس، موفق الدين الكاتب. كان متعينا لنظر الدواوين الكبار. وطال عمره وتقلب في الخدم. ثم صار إلى نظر الكرك والشوبك، ومات هناك في ذي الحجة وله خمس وثمانون سنة. وقدم الشام هو وأخوه في أيام الملك الكامل. 180 - علي بن محمد بن نصر الله. الصاحب علاء الدين ابن منتجب الدين الحلبي، وزير صاحب حماة. وزر إلى أن مات في الكهولة في صفر بحماة.

(50/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 165

- حرف الفاء -
181 - الفارقاني. الأمير بدر الدين. توفي في جمادى الآخرة.
- حرف الميم -
182 - محمد بن الجمال أبي صالح عبد الله بن أبي أسامة. الشيخ الضال، مفيد الدين ابن الأحواضي، رأس الشيعة الغلاة وقدوتهم. مات في جمادى الأولى بقرية حراجل بالحاء المهملة من جبل الجرد، وقد قارب الأربعين. وكان كثير الفنون والفضائل، عريا من علم الكتاب والسنة. ولكنه محكم للمنطق والفلسفة ومذهب الأوائل.

(50/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 166
183 - محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد. ويسمى أيضا: عبد العزيز، العدل، عماد الدين، أبو عبد الله بن الصائغ الأنصاري، الدمشقي أخو قاضي القضاة عز الدين. ولد سنة إحدى عشرة وستمائة. وسمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن صباح، ومكرم بن أبي الصقر. ولازم ابن العربي محيي الدين، وكتب جملة من تصانيفه. نسأل الله السلامة، ولكن ما أظن فهم مغزاه. وقد درس بالعذراوية. وكان بصيرا بالأدب، بارعا في معرفة المساحة والقسمة. وكان من شهود الخزانة. كتب عنه جماعة، وأجاز لي مروياته.

(50/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 167
ومات، سامحه الله وغفر له، في رجب. 184 - محمد بن عبيد الله بن جبريل. الصدر زين الدين المصري. شاعر كاتب. وهو القائل:
(أيا بديع الجمال رق لمن .......... ستر هواه عليك مهتوك)

(دموعه في هواك جارية .......... وقلبه في يديك مملوك)
185 - محمد بن مزيد بن مبشر. أبو عبد الله الخويي. صالح خير، له رواية. توفي في شوال.

(50/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 168
186 - محمد بن أبي بكر. أبو منصور بن النعال، عرف بابن الكرك. من شيوخ الحديث ببغداد. مات، رحمه الله، في شوال. 187 - مبارك بن حامد بن أبي الفرج. تقي الدين الحداد. رأس الرافضة. توفي في عشر السبعين، وله صيت في الحلة والكوفة. ومات ببعلبك، رثاه الجمال بن مقبل بقصيدة أولها:
(لو أن البكاء يجدي على أثر هالك .......... بكينا على الزهر التقي مبارك)

(يرى ود آل المصطفى خير متجر .......... وإن صد عنه بالظبا والنيازك)
188 - محمود بن عابد بن حسين بن محمد. الشيخ تاج الدين، أبو الثناء التميمي، الصرخدي، النحوي، الشاعر المشهور، الحنفي.

(50/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 169
ولد بصرخد في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وكان فقيها فاضلا، نحويا، بارعا، شاعرا، محسنا، زاهدا، متعففا، خيرا، متواضعا، قانعا، فقيرا، كبير القدر، دمث الأخلاق، وافر الحرمة. توفي بالمدرسة النورية في ربيع الآخر. كتب عنه: الدمياطي، والأمير شمس الدين محمد بن التيتي، وجمال الدين ابن الصابوني. ومن شعره:
(لمعت بين حاجر والمصلى .......... نارهم فانجلى الظلام وولى)

(لا تعيدوا لنا حديثا قديما .......... حدثتناه عنكم الريح نقلا)

(مذ تناءوا فالعين تحسد القلب .......... عليهم وتبعث الدمع رسلا)

(وهي معذورة على مثل ليلى .......... بقتل المستهام نفسا وأهلا)
وله:
(خليلي ما لي لا أرى بان حاجر .......... يلوح ولا نشر الخزام يفوح)

(يعز علينا أن تشط بنا النوى .......... ولي عندكم قلب يذوب وروح)

(إذا نفحت من جانب الرمل نفحة .......... وفيها عرار للغوير وشيح)

(50/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 170

(تذكرتكم والدمع يستر مقلتي .......... وقلبي بأسباب البعاد جريح)
وله:
(بدا كقضيب البان والظبي إذ يعطر .......... يرنح عطفيه من الظلم اسفط)

(له من عبير الند في الخد نقطة .......... ينم بها من نبت عارضه خط)

(على خصره جال الوشاح كما غدا .......... على جيده من عجبه يمرح القرط)

(ومن عجب أن الظباء إذا رنا .......... تغار، وأن الأسد من لحظه تسطو)

(إذا ما تجلى في غياهب شعره .......... فللبدر من أنوار طلعته مرط)

(خذا لي أمانا من لحاظ جفونه .......... فما أحد من لحظه سالما قط)
189 - محمود بن عبيد الله بن أحمد بن عبد الله. الإمام، المفتي، ظهير الدين، أبو المحامد الزنجاني، الشافعي الصوفي، الزاهد.

(50/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 171
ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة ظنا. وسمع: الإمام شهاب الدين السهروردي وصحبه مدة، وعبد السلام الداهري، وأبا المعالي صاعد بن علي الواعظ، والمحدث أبا المعمر بدلا التبريزي. وكان فقيها، إماما، صالحا، زاهدا، كبير الشأن. اشتغل عليه جماعة. وروى عنه: أبو الحسن ابن العطار، وأبو الفدا ابن الخباز، وأبو عبد الله إمام الكلاسة الخطيب، وجماعة. وأجاز لي مروياته. وكان إماما بالتقوية، وأكثر نهاره ومبيته بالسميساطية. حدث بكتاب ((العوارف)) عن المصنف. ومات في رمضان رحمه الله تعالى. 190 - مسعود بن عبد الله بن عمر. الجويني. ويسمى الخضر، وقد مر. 191 - موسى بن عيسى بن نجاد بن عيسى. أبو عمران الموصلي، الفقيه، الصالح، خطيب بيت لهيا. روى عن: ابن اللتي، وجعفر الهمداني. روى عنه: ابن العطار. ومات في عشر الثمانين.

(50/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 172

- حرف النون -
192 - نصر الله بن أحمد بن أحمد بن إبراهيم بن أسد. بهاء الدين ابن سيده العدل. روى عن: ابن الزبيدي، والإربلي، وابن اللتي، وجعفر الهمداني. وعاش اثنتين وخمسين سنة. وهو والد صاحبنا شرف الدين أحمد.

(50/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 173

- حرف الياء -
193 - يحيى بن أبي بكر بن عمر. السلاوي. صالح، زاهد، خير، مقرىء، معروف. توفي بدمشق في رمضان، رحمه الله، عن سبع وثمانين سنة. وكان إمام الزلاقة. 194 - يوسف بن محمد بن عبد الله بن علي. أبو المفاخر القرشي، المغيري. توفي في ذي القعدة. 195 - يحيى بن إسماعيل بن جهبل. محيي الدين الحلبي، الشافعي. مات في ربيع الآخر. حدث عن ابن الصلاح.

(50/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 174

الكنى
196 - أبو بكر بن إبراهيم. الخلاطي. إمام مغارة الدم. إنسان مبارك. 197 - أبو بكر بن علي بن أبي بكر. تقي الدين الصوفي. من قدماء الصوفية بالسميساطية. سمع من: تاج الدين بن حمويه شيخ الشيوخ. وحدث. توفي في جمادى الآخرة. 198 - أبو بكر بن علي بن عبد الرحمن بن هلال. قطب الدين. روى ((الأربعين البلدانية)) لابن عساكر. سمع منه: ابن عبد الكافي. ومات في رمضان، رحمه الله تعالى. 199 - أبو الحسن بن عبد العظيم بن أبي الحسن بن أحمد بن إسماعيل. المحدث، العالم، مكين الدين ابن الحصني، المصري. ولد بمصر في أحد الجمادين سنة ستمائة. وسمع الكثير من الجم الغفير. وكتب وتعب، وحصل وفهم، وأكثر عن أصحاب السلفي. ذكره الشريف عز الدين فقال: توفي في تاسع عشر رجب.

(50/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 175
وقال: كتبت عنه، ولم يزل يسمع ويفيد وتقرأ عليه الطلبة ويقرأ لهم إلى حين وفاته، وكان حسن القراءة، فاضلا، متميزا، ثقة، جميل السيرة. وسمعت منه ورافقته مدة، وسمعت بقراءته جملة من الكتب الكبار والأجزاء المنثورة. وكان حسن الأخلاق، مأمون الصحبة، كثير الإفادة. وقد سماه بعض الطلبة: ثابتا، وبعضهم: عليا. قلت: وله ولدان حيان شهدة، ومحمد قد حدثا. مات محمد قديما، وشهدة سنة إحدى وعشرين في المحرم. 200 - أبو القاسم بن إسماعيل بن الحسن. الكلائي، ابن العصيفر. روى عن: ابن الحرستاني. وفيها ولد، فخر الدين محمد بن محمد بن محمد بن عبد القادر بن الصائغ ؛ وعلاء الدين علي بن أبي بكر بن يوسف بن خضر الحرائي ؛ وتقي الدين عبد الرحمن بن عبد المحسن بن عمر الواسطي، الشافعي، المحدث في ذي الحجة ؛ وجمال الدين داود بن أبي الفرج الدمشقي، الصوفي، الطبيب ؛ وعز الدين عبد المؤمن بن عبد الرحمن بن العجمي، الحلبي، الزاهد، صاحب الخط المنسوب ؛ وبرهان الدين إبراهيم بن إسماعيل الزرعي، الشافعي، رحمه الله. وجمال الدين إبراهيم بن نصر الله بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الحموي، رحمه الله ؛ وشهاب الدين أحمد بن محمد بن المهذب كاتب الحكم ؛ وهمام بن منبه الصميدي.

(50/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 176

سنة خمس وسبعين وستمائة

- حرف الألف -
201 - أحمد بن تمام بن حسان. الحاج الصالح، أبو العباس التلي، الصحراوي. والد الشيخ الزاهد. كان يضمن البساتين ويستغلها. روى عن: الشيخ الموفق، وغيره. وتوفي في جمادى الأولى بالصالحية. سمع: القزويني. 202 - أحمد بن عبد السلام بن المطهر بن أبي سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون. الرئيس، العالم، القاضي، قطب الدين، أبو المعالي بن أبي محمد التميمي، الحلبي، الشافعي. ولد في رجب سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وختم القرآن في أواخر سنة تسع وتسعين.

(50/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 177
وأجاز له: عبد المنعم بن كليب، وأبو الفرج بن الجوزي، والمبارك بن المعطوش، وجماعة من العراق، وأبو [طاهر الخشوعي] من دمشق. وسمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وعبد الجليل بن مندويه، وأبي القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وغيرهم. وتفقه مدة، ولم يبرع في الفقه، لكن له محفوظات وبيت وجلالة، فدرس بالأمينية والعصرونية بدمشق. وطال عمره، وعلت رواياته، وأكثر عنه الطلبة. روى عنه: الدمياطي، وابن تيمية، وابن العطار، وابن الخباز، والدواداري، وجماعة. وتوفي في جمادى الآخرة. وقد أجاز لي جميع مروياته، وهو من أكبر شيوخي، واسمه في إجازة ابن عبدان المؤرخة بالمحرم سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وأجاز ابن كليب له بخطه في المحرم سنة ست. 203 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر. المحدث، المتقن، شرف الدين، أبو العباس الموصلي، الناسخ، نزيل دمشق. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: أبي عبد الله بن الزبيدي، وجماعة.

(50/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 178
وصحب أبا عمرو بن الصلاح مدة، وكتب الكثير بخطه. روى عنه: ابن الخباز، وعلم الدين الدواداري، وجماعة. وتوفي في رجب بالأشرفية. 204 - أحمد بن محمد بن ميكال. الأمير، الأديب، العلامة، شهاب الدين الربعي، الكركي. له تصانيف ونظم ونثر، ويد طولى في العربية. من أعيان الجند. 205 - إبراهيم بن أحمد بن أبي المفاخر. الأزجي. سمع: ابن روزبة، والقطيعي، وابن اللتي. روى عنه بالإجازة شرف الدين ابن الكازروني. مات في المحرم. 206 - إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن علي بن جماعة بن خازم بن صخر. الزاهد العابد، أبو إسحاق الكناني، الحموي شيخ البيانية بحماة. كان صالحا، خيرا، كثير الذكر، دائم المراقبة، سلفي المعتقد. ولد بحماة سنة ست وتسعين وخمسمائة.

(50/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 179
وسمع من: المفتي أبي منصور بن عساكر، وغيره. روى عنه ولده قاضي القضاة بدر الدين أبو عبد الله، وخرج في أيامه من حماة وودع أصحابه وقال: أذهب فأموت بالبيت المقدس، فسار وزار، وأدركه الأجل كما أنطق الله به لسانه في بكرة يوم عيد النحر بالقدس الشريف، فرحمه الله تعالى ورضي عنه.

(50/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 180
207 - إبراهيم بن مهلهل. نبيه الدين الأجهوري، المصري. توفي في المحرم بالقرافة. 208 - أسد بن المبارك بن الأثير. أبو أسامة المصري، الدلال. توفي في ذي الحجة، وهو والد شمس الدين حسين، وبهاء الدين سليمان. وهما باقيان في وقتنا سنة أربع عشرة. ورويا ((جزء ابن عرفة)). ومنهم من كناه: أبا الفوارس. روى عن: ابن المقير، وغيره. 209 - إسماعيل بن عمر. الأمير شجاع الدين الطوري، المبارز. متولي قلعة دمشق. كان دينا، علامة، وافر الحرمة عند السلطان، له آثار حسنة في عمارة أبرجة القلعة.

(50/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 181
توفي في جمادى الأولى. 210 - إسماعيل بن محمد بن محمد. الفقيه أبو الطاهر المغربي، القيرواني، المالكي. توفي بمصر في شعبان. وكان من أعيان المالكية وأئمة المذهب. درس بمدرسة الصاحب بن شكر. وقيل: مات في رمضان. لقبه: وجيه الدين. 211 - أيدكين الصالحي، الأمير علاء الدين الخزندار، نائب قوص. بطل شجاع مشهور، من كبار الأمراء المصريين، ضابط لأعماله، له غزو ونكاية في النوبة. وخلف أموالاً عظيمة. ومات في ذي القعدة. وكان من مماليك الصالح نجم الدين أيوب. وأما أيدكين الصالحي الذي ناب في صفد فمنسوب إلى الصالح عماد الدين إسماعيل بن العادل، وسيأتي.
- حرف الباء -
212 - بريد بن منصور.

(50/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 182
الحوراني، الفقيه، خطيب قلعة جوبر. ولد سنة ستمائة. وحدث بالدارمى، عن ابن اللتي. روى عنه: ابن الخباز، وغيره. ومات في شعبان. 213 - بكتمر. الأمير سيف الدين النجيبي. توفي بدمشق في ربيع الآخر، وهو: - بلبان، الأمير سيف الدين المعظمي. 214 - بهاء الدين الترمذي. الحنفي، قاضي حصن الأكراد. مات في ربيع الآخر.
- حرف الثاء -
215 - ثامر بن سعد. المري، خادم الشيخ عثمان. توفي بالمزة. وقد روى وكتب في الإجازات.

(50/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 183

- حرف الجيم -
216 - [جعفر] بن محمد بن علي. الصاحب بدر الدين، أبو الفضل الآمدي. أخو موفق الدين. ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة بحصن كيفا. وكان من بيت حشمة وكتابة. قدم هو و أخوه الشام في الدولة الكاملية فعرفا بالبراعة في الكتابة الديوانية والأمانة في التصرف. وولي نظر الشام بدر الدين، وكان حسن البشر، لين الكلمة، يضرب به المثل في الأمانة. توفي في شوال بدمشق. ومع هذا فنظر الدواوين وظيفة مكس، نسأل الله العفو.

(50/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 184
وقد ولي نظر الدواوين بدمشق بدر الدين الأميري، رئيس آخر توفي سنة سبع وثمانين كما سيأتي. ذكرت ذلك ليعرف أنهما اثنان.
- حرف الحاء -
217 - حسن بن عتيق بن رملي. العدل، نبيه الدين الأنصاري، الإسكندري. سمع كتاب ((الشفا)) من ابن جبير. مات في شوال عن ثلاث وتسعين سنة بالثغر.
- حرف الراء -
218 - رمضان بن حسين بن خطلج. الحنفي، العلامة، صائن الدين التركي. مدرس السيوفية بالقاهرة. حدث بمصر عن: يوسف بن خليل. روى عنه: الأمير علم الدين الدواداري. ومات بالقاهرة في شعبان.

(50/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 185
219 - ريحان الطواشي. عزيز الدولة الخاتوني، الأشرفي، الأقطعاني، النوبي الجنس. حدث عن: ابن اللتي. ومات في رمضان. روى جزء بيبي.
- حرف السين -
220 - ست العرب بنت عبد المجيد بن الحسن بن عبد الله بن الحسن بن عبد الرحمن. أخت الصدر عون الدين سليمان ابن العجمي، والدة الصاحب مجد الدين عبد الرحمن ابن الصاحب كمال الدين ابن العديم، وأخواته. روت عن الركن الحنفي هي وبناتها. وتوفيت في ربيع الآخر بدمشق. ولها إجازات من أبي الفتوح البكري، وابن ملاعب، وجماعة. خرج لها جزءا عنهم ابن الظاهري، فحدثت به هي وابنها، فسمع التقي عبيد، وبدر الدين ابن الجوهري، والشريف عز الدين. 221 - سليمان بن داود بن عمر ابن خطيب بيت الآبار. فخر الدين الكاتب، أخو شيخنا الشرف محمد. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة.

(50/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 186
وروى عن: ابن اللتي، وغيره. مات في صفر. 222 - سليمان بن سلمان بن محمد. الدمشقي. كتب في الإجازات. وعاش ثلاثا وثمانين سنة. 223 - سم الموت. الأمير الكبير عز الدين إيغان الركني، ثم الظاهري. وقيل: اسمه ولادمر بن عبد الله، مولى الأمير ركن الدين بيبرس، الذي كسر الفرنج بغزة. كان أحد الموصوفين بالشجاعة والإقدام. وله الكلمة النافذة والرتبة العالية. ثم غضب عليه السلطان، ورماه في الجب إلى أن مات في جمادى الآخر بقلعة الجبل.
- حرف الشين -
224 - شرف الدين الأردويلي.

(50/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 187
الصوفي، زاهد جليل، من كبار أهل السميساطية. قال قطب الدين: صاحب خلوات ومجاهدات، وتربية للمريدين. توفي في المحرم وقد جاوز السبعين.
- حرف الطاء -
225 - طاهر. الملك عز الدين، نائب خراسان. مات في هذا العام ورثته الشعراء، وعمل له عزاء حفل ببغداد، رحمه الله تعالى.
- حرف العين -
226 - عبد الله بن المحدث مجد الدين أحمد ابن الحلوانية. شمس الدين أبو سعد. سمع صاحبنا شمس الدين محمد بن السراج. توفي في رجب ولم يتكهل، بل مات شابا رحمه الله تعالى.

(50/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 188
227 - عبد الله ابن العلامة اللغوي أبي عمرو عثمان بن دحية. المغربي. ولد سنة أربع عشرة. وحدث عن أبيه وغيره بالموصل. 228 - عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله بن موسى. المقدسي. فقد هو وجماعة بدرب الحجاز الشامي. وكأنه حدث عن ابن اللتي، وغيره. وسماعه حضور. 229 - عثمان بن سليمان بن رمضان بن أبي الكرم. أبو عمرو، رشيد الدين الثعلبي، المصري، ويعرف بالرشيد بصيلة. ويوصف بالصلاح والزهد. حدث بمصر ودمشق، وعاش بضعا وثمانين سنة.

(50/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 189
توفي في ذي القعدة. سمع من الحكيم أبي الحسن بن هبل بالموصل. وهو عم شيخنا أبي الحسن علي بن القيم المعمر. سمع منه: الضياء الزرزاري، وابنه، والمكين الحصني، والتقي عبيد، وشرف الدين المقدسي، وأخوه محيي الدين. 230 - علي بن إبراهيم بن سوار. الصنهاجي، الشيخ زين الدين البوصيري، المحدث. سمع فأكثر عن أصحاب السلفي، وكتب الكثير. مات راجعا في طريق الحج في عشر السبعين. 231 - علي بن محمود بن علي. القاضي، الإمام، شمس الدين أبو الحسن الشهرزوري، الكردي، الشافي، مدرس القيمرية وأبو مدرسها الصلاح وجد مدرسها القاضي شمس الدين علي. شيخ، فقيه، إمام، عارف بالمذهب، موصوف بجودة النقل، حسن الديانة، قوي النفس، ذو هيبة ووقار. بنى الأمير ناصر الدين القيمري مدرسة بالحريمين، وفوض تدريسها إليه وإلى أولي الأهلية من ذريته.

(50/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 190
وقد ناب في القضاء عن القاضي شمس الدين ابن خلكان، وتكلم بدار العدل بحضرة الملك الظاهر عندما احتاط على الغوطة، وقال: الماء والكلأ والمرعى لله لا يملك، وكل من بيده ملك فهو له. فبهت السلطان لكلامه، وانفصل الموعد على هذا المعنى. وقد سمع القاضي شمس الدين ببغداد من جماعة مع ابن العديم، ولم يرو. وتوفي في شوال، رحمه الله، بالقيمرية. 232 - عمر بن أسعد بن عبد الرحمن بن كنفي. الهمداني، الزاهد، العابد، أخو الزاهد محمد. مقرىء صالح، يلقن بحلقة الحنابلة، ويخيط، ويتصدق بأجرته. وله ورد، وتهجد وصيام، وفيه مروءة، وقضاء للحاجة وإغاثة للملهوف. روى عن: أبي إسحاق الكاشغري، وأبي المجد القزويني. روى لنا عنه: أبو الحسن بن العطار، وغيره. ومات بالمدرسة الجوزية في ذي القعدة.

(50/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 191
233 - عمر بن أحمد بن عمر بن أبي بكر بن عبد الله بن سعد. الإمام العدل الكبير، عز الدين، أبو حفص المقدسي، الحنبلي، كاتب الحكم. سمع من: الشيخ الموفق، وموسى بن عبد القادر، وابن أبي لقمة، وابن الزبيدي، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، والطلبة. وقد روى ((الثلاثيات)) بجماعيل في سنة خمس وستين، فسمعها منه: الخطيب أيوب بن يوسف، وأولاده يوسف، وعلي، وعبد الله، وطائفة من الصغار بجامع القرية. وكان بارعا في كتابة الشروط. توفي في رمضان، رحمه الله. 234 - عمر بن محمد بن الحسن ابن الحافظ الكبير أبي القاسم بن عساكر. أبو حفص. يروي عن: ابن اللتي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة. 235 - عيسى بن عبيد. الدمشقي. شيخ معمر. توفي في ربيع الأول. وكان يذكر أن مولده سنة أربع وستين

(50/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 192
وخمسمائة. فإن صدق فقد فاته السماع من أبي الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، والحافظ أبي القاسم بن عساكر.
- حرف الفاء -
236 - فريدون. شهاب الدين الدمشقي.
- حرف الميم -
237 - محمد بن أحمد بن عبد السخي بن أحمد بن عبد الله. العدل، شرف الدين، أبو عبد الله العمري، الموصلي، ثم الدمشقي. ولد سنة إحدى وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وأبي اليمن الكندي، وداود ابن ملاعب. وحدث: وشهد مدة، وأم بمسجد الزينبي بداخل باب توما. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة. وتوفي في جمادى الآخرة. 238 - محمد بن إبراهيم بن أبي المحاسن بن رسلان.

(50/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 193
الشيخ شمس الدين الدمشقي، الطبيب، المعروف بالكلي، لاشتغاله ((بالكليات)) في الطب. كان حاذقا بالطب، بصيرا بالعلاج، له معرفة جيدة بالتاريخ. روى عن: أبي القاسم بن الحرستاني وغيره. وتوفي بالقاهرة في المحرم وله ثمانون سنة. قال ابن أبي أصيبعة: كان والده أندلسيا فقدم دمشق وبها توفي. ونشأ ولده هذا فقرأ الطب على شيخنا مهذب الدين عبد الرحيم، يعني الدخوار، ولازمه حق الملازمة، حتى إنه حفظ الكتاب الأول من القانون، وهو ((الكليات)) جميعها حفظا متقنا، واستقصى فهم معانيه، وقرأ كثيرا من الكتب العملية، وباشر الصناعة. وهو جيد الفهم لا يخلي وقتا من الاشتغال. وقد خدم بالطب الملك الأشرف موسى، ثم خدم بمارستان نور الدين. وقد ذكر صاحب ((تاريخ مصر)) الكلي، وأنه سمع من ابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وعبد الجليل بن مندويه، وأبي القاسم العطار. ثم روى عنه أول حديث في ((معجم ابن جميع)).

(50/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 194
239 - محمد بن بدر بن محمد بن يعيش. أبو عبد الله الجزري النساج. رجل صالح من أهل جبل قاسيون. حدث عن: عمر بن طبرزد، والشيخ أبي عمر. وروى عنه: القاضي تقي الدين سليمان، والدمياطي، والنجم بن الخباز، والشمس بن الزراد، وغيرهم. وتوفي في ثامن عشر شعبان. 240 - محمد بن سعيد بن محمد بن هشام بن الجنان. الشيخ فخر الدين، أبو الوليد الكتاني، الشاطبي، الحنفي. ولد سنة خمس عشرة وستمائة بشاطبه. وقدم الشام، وصحب الصاحب كمال الدين ابن العديم وولده، فاجتذبوه بالإحسان، وصار حنفيا. وقد درس بالإقبالية، وكان أديبا فاضلا، وشاعرا محسنا. وكان مخالطا للأكابر، حسن العشرة والمزاح. وهو القائل:
(لله قوم يعشقون ذوي اللحى .......... لا يسألون عن السواد المقبل)

(وبمهجتي نفر وإني منهم .......... جبلوا على حب الطراز الأول)

(50/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 195
وقع في النهر ببستان ابن الصائغ فغرق في ربيع الآخر، تجاوز الله عنه. 241 - محمد بن الحسين. الطحان، شمس الدين الدمشقي. رجل صالح، خير، متمول، كثير الصدقات. توفي في ذي القعدة. 242 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن حفاظ. الصدر بدر الدين السلمي، الدمشقي، الحنفي، المعروف بابن الفويرة.

(50/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 196
تفقه على الصدر سليمان، وبرع في المذهب، وأفتى، ودرس، وناظر، وولي غير مدرسة. وأخذ العربية عن الشيخ جمال الدين ابن مالك. ونظر في الأصول. وقال الشعر الفائق. وكان ذا مروءة ودين وبر ومعروف ومكارم. وهو والد المولى جمال الدين. فمن شعره:
(عاينت حبة خاله .......... في روضة من جلنار)

(فغدا فؤادي طائرا .......... فاصطاده شرك العذار)
وله:
(وشاعر يسحرني طرفه .......... ورقة الألفاظ من شعره)

(أنشدني نظما بديعا فما .......... أحسن ذاك النظم من ثغره)
توفي الإمام بدر الدين في جمادى الأولى. وقد حدث عن العلم السخاوي، وغيره. وعنه الدمياطي في ((معجمه)). 243 - محمد بن عبد الوهاب بن منصور.

(50/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 197
العلامة شمس الدين أبو عبد الله الحراني، الحنبلي. كان شيخا إماما، بارعا، أصوليا، من كبار الأئمة في الفقه والأصول والخلاف. تفقه على القاضي نجم الدين بن راجح الحنبلي، ثم الشافعي، والشيخ مجد الدين ابن تيمية وناظره مرات. وقدم دمشق فقرأ الأصول والعربية على الشيخ علم الدين القاسم. ودخل الديار المصرية،. ولازم دروس الشيخ عز الدين بن عبد السلام. وناب في القضاء عن تاج الدين ابن بنت الأعز، فلما جعلت القضاة أربعة ناب في القضاء عن الشيخ شمس الدين محمد بن العماد. ثم قدم دمشق، وانتصب للإشغال والإفادة. تفقه عليه: شمس الدين محمد بن الفخر، وشمس الدين بن أبي الفتح، ومجد الدين إسماعيل. وكانت له حلقة للتدريس والفتوى. وكان حسن العبارة، طويل النفس في البحث. وأعاد بالجوزية مدة. وناب في إمامة محراب الحنابلة مدة. ثم ابتلي بالفالج، وبطل شقه الأيسر، وثقل لسانه، حتى كان لا يفصح، ولا يفهم منه إلا اليسير، فبقي على ذلك أربعة أشهر ومات. وكان من أذكياء الناس. روى عن: ابن اللتي، والموفق عبد اللطيف بن يوسف، و جماعة. ومات في عشر السبعين. روى عنه: ابن أبي الفتح، وابن العطار. ومن شعره:

(50/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 198

(طار قلبي يوم ساروا فرقا .......... وسواء فاض دمعي أو رقا)

(جار في سقمي من بعدهم .......... كل من في الحي داوى أو رقى)

(بعدهم لا ظل وادي المنحنا .......... وكذا بان الحمى لا أورقا)
وكان يحضر حلقة شمس الدين ابن عبد الوهاب جماعة من المذاهب، وكان يقرىء قصيدة ابن الفارض التائية الملقبة بنظم السلوك، ويشرحها، فيبكي بكاء كثيرا. وكان رقيق القلب، صحب الفقراء مدة، وقد ترجمه صاحبه شمس الدين ابن أبي الفتح بهذا وأكثر. وحدثني ابن تيمية شيخنا، عن ناصر الدين إمام الناصرية، أنه كان يحضر في حلقة ابن عبد الوهاب، فرآه يشرح في ((التائية)) لابن الفارض، قال: فلما رحت أخذني ما قدم وما حدث، وانحرجت وقلت: لأنكرن غدا عليه، وأحط على هذا الكلام. قال: فلما حضرت وسمعت الشرح لذ لي وحلا، فلما رحت فكرت في الكلام الذي شرحه، وفي الأبيات، فثارت نفسي، وعزمت على الإنكار، فلما حضرت لذ لي أيضا واستغرقني. أصابني ذلك مرتين أو ثلاثا.

(50/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 199
قلت: ما أملح ما مثل به شيخنا إبراهيم الرقي كلام ابن العربي وابن الفارض، قال: مثله مثل عسل أذيف فيه سم، فيستعمله الشخص، ويستلذ بالعسل حلاوته، ولا يشعر بالسم فيسري فيه وهو لا يشعر، ولا يزال حتى يهلكه. وتوفي الشيخ شمس الدين ليلة الجمعة سادس جمادى الأولى، وصلى عليه بجامع دمشق بعد الصلاة، وصلى عليه خارج البلد الشيخ زين الدين ابن المنجا، ودفن بمقابر باب الصغير، رحمه الله. وما كان الرجل يدري أيش هو الإتحاد، ولا يعرف محط هؤلاء، وهذا الظن به وبكثير من أتباعهم. 244 - محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم. العدل بدر الدين العدوي ابن السكاكري، الشروطي. كان عدلا كبيرا، صدوقا، متحريا، خبيرا بعقد الوثائق والسجلات، وفيه دين ومروءة، وحسن عشرة وبسط ونوادر. سمع من الشيخ الموفق ((مسند الشافعي)) وعاش ثمانين سنة أو دونها. روى عنه: ابن الخباز. وأجاز لي مروياته. ومات في ربيع الآخر بدمشق. 245 - محمد بن عبيد الله.

(50/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 200
الواعظ، الأديب، خطيب جامع السلطان ببغداد، شمس الدين الكوفي، الهاشمي، الشاعر، مدرس البششة. مات في الكهولة. له نظم كثير جيد، منه مرثية بغداد. 246 - محمد بن علي بن أبي الطاهر بن مقلد. الشيخ معين الدين الجزري، التاجر، السفار، من أعيان التجار. عاش تسعين سنة. وذكر ولده أحمد أن أباه دخل إلى ثلاثمائة بلد للتجارة، ثم سكن دمشق. وتوفي يوم الأضحى. 247 - محمد بن علي بن حسين. الفقيه، أبو الفضل البدليسي، الأخلاطي. توفي في رمضان بدمشق. 248 - محمد بن عوضة بن علي بن عوضة.

(50/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 201
الشيخ عماد الدين العرضي، ثم الدمشقي. جليل، متميز، نبيل، يرجع إلى فضل وديانة وقضاء حوائج الناس. توفي ببستانه بالمزة في منتصف المحرم، ودفن بجبل قاسيون، وشيعه طائفة من الأعيان. وكان للأمراء فيه حسن ظن. 249 - محمد بن مشكور. شرف الدين المصري، ناظر الجيوش بالديار المصرية، وصهر الوزير بهاء الدين ابن حنا. توفي في جمادى الأولى عن خمس وستين سنة، 250 - محمد بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر بن يحيى.

(50/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 202
الأمير أبو عبد الله ابن الأمير أبي زكريا الهنتاني، البربري، الموحدي، صاحب تونس، وأجل ملوك المغرب في زمانه. كان جده الشيخ عمر الهنتاني من العشرة خواص ابن تومرت، وولي أبو زكريا الملك مدة، ومات في سنة سبع وأربعين وستمائة. وكان قد عهد إلى ولده أبي عبد الله هذا. فذكر الشيخ قطب الدين أن ابن شداد نقل في ((سيرة الملك الظاهر)) أن الأمير أبا عبد الله كان ملكا مدبرا، عالي الهمة، شجاعا، سائسا، متحيلا على بلوغ مقاصده، مقتحما للأخطار، كريما، جوادا، ذا عزم بالعمارات واللذات، تزف إليه كل ليلة جارية. وكان ولي عهد أبيه، واتفق موت أبيه وهو غائب عن تونس، يعني أبا عبد الله، فساق إليها على بغل في خمسة أيام، ومات البغل، وأسرع خوفا من عميه، ثم لما تمكن قتل عميه، وأنفق في العرب الأموال واستخدمهم، وأباد جماعة من الخوارج عليه، وظفر بجماعة من أعيانهم وسجنهم، ثم أهلكهم ببناء قبة عمل أساسها من ملح، وحبسهم بها، ثم أرسل الماء على أساسها، فانزدمت عليهم. وكانت أسلحة الجيش كلها في خزائنه، فإذا وقع أمر أخرجها وفرقها عليهم، وإذا فرغ الحرب أعادها إلى الخزائن. ولم يكن لجنده إقطاع، بل يجمع ارتفاع البلاد، فيأخذ لنفسه الربع والثمن، وينفق ما بقي فيهم في كل عام أربع نفقات. توفي في أواخر هذه السنة، وهو في عشر الستين، وتملك بعده ابنه أبو زكريا يحيى. وكتب إلي أبو حيان، وحدثني عنه أبو الصفا الصفدي أن المستنصر بالله

(50/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 203
كان شجاعا هماما، سائسا، عالما بفنون، جميل الصورة، استدعى العلماء ووصلهم. وكان يقدم على قتل الأسد. وله حظ من الأدب. يميل في الفقه إلى طريقة أهل الحديث. قلت: روى عنه الخطيب أبو بكر بن سيد الناس. 251 - محمد بن يوسف بن مسعود بن بركة. الأديب البارع، شهاب الدين، أبو عبد الله الشيباني، التلعفري، الشاعر المشهور. ولد في الموصل سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، واشتغل بالأدب، وقال الشعر، ومدح الملوك والأعيان، واشتهر ذكره، وسار شعره، وله ديوان موجود. وكان خليعا معاشرا، سامحه الله وإيانا. قال سعد الدين في تاريخه: كان قد امتحن بالقمار، وكلما أعطاه الملك الأشرف يقامر به، فطرد إلى حلب، فمدح بها صاحبها العزيز، فأحسن إليه، وقرر له مرسوما، فسلك معه مسلك الملك الأشرف، فنودي في حلب: ((إن من قامر مع الشهاب قطعنا يده)). فامتنع الناس من اللعب معه.

(50/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 204
قال: فضاقت عليه الأرض، وترك الخدمة، وجاء إلى دمشق، ولم يزل يستجدي بها ويقامر حتى بقي في أتون من الفقر. قلت: ثم نادم في الآخر صاحب حماة وبها توفي في شوال، سامحه الله وعفا عنه. ومن شعره الفائق:
(يا برق حل بأبرق الجنان عن .......... كئيب عرى جيب الحيا المزرور)

(وأعد جمان الظل وهو منظم .......... عقدا لجيد البانة الممطور)

(وإذا الثنية أشرقت وشممت من .......... أرجائها أرجا كنشر عبير)

(سل هضبها المنصوب أين حديثه .......... المرفوع عن ذيل الصبا المجرور)
وله:
(تتيه على عشاقها كلما رأت .......... حديث صفات الحسن عن وجهها يروى)

(فتاة لها في مذهب الحب حاكم .......... بقتل الورى أعطى لواحظها الفتوى)

(يرنحها سكر الشباب فتنثني .......... بقد إذا ماست يكاد بأن يلوى)

(ولم لم تكن في ثغرها بنت كرمة .......... لما أصبحت أعطاف قامتها نشوى)
وله:
(يا أهل ودي يوم كاظمة أما .......... عن متكلم صبري الجميل قبيح)

(50/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 205

(سرتم وأسررتم بقلبي مهجة .......... أودى بها الهجرات والتبريح)

(قلبي لحفظكم وطرفي شاهد .......... لا أرتضيه لأنه مجروح)

(من لي بطيف منكم إن أغمضت .......... عيني يعين على الأسى ويريح)

(هذي الجفون وإنما أين الكرى .......... منها، وهذا الجسم أين الروح؟)
252 - مروان بن عبد الله بن منير. الشيخ بدر الدين، أبو عبد الله الفارقي، والد شيخنا زين الدين. توفي بالقاهرة في شوال. وقد نيف على السبعين. طلب العلم، وسمع الكثير سنة أربعين وقبلها. وأسمع ولديه عبد الله وسعد الله. وكتب عنه بعض الطلبة. 253 - مظفر بن الخضر بن إسماعيل. ابن العصيفير الكلابي، الدمشقي. توفي بدرب الأكفانيين في المحرم وله تسع وستون سنة. سمع ابن الحرستاني، وأبا الفتوح البكري. قاله ابن الخباز. 254 - مظفر بن عمر بن محمد بن أبي سعد. تاج الدين، أبو المنصور الدمشقي، الخرزي. ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وسمع من: حنبل بن عبد الله، وأبي القاسم بن الحرستاني، وعبد الجليل بن مندويه.

(50/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 206
روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والدواداري. وكناه بعضهم أبا غالب. توفي في المحرم. 255 - مظفر بن رضوان بن أبي الفضل. القاضي بدر الدين المنبجي، ثم الدمشقي، الحنفي. مدرس المعينية. ناب في القضاء عن: ابن عطا، وابن العديم. وكان ذا سكون وعقل ودين وتواضع. توفي في ذي القعدة، وهو في عشر السبعين، ورثاه المجد بن الظهير بقصيدة. 256 - مهلهل بن ظافر. السشفزاوي يروي عن الشيخ الموفق وغيره. توفي في صفر. 257 - مياس بن أحمد بن مياس. الحمصي، عفيف الدين. دين، صالح، معمر. ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وسمع سنة أربع عشرة من شمس الدين أحمد بن عبد الواحد البخاري، بحمص ((الأربعين الفراوية)).

(50/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 207
سمع منه: ابن يونس، وابن جعوان. وتوفي بدمشق في شوال. وأجاز لعلم الدين البرزالي.
- حرف النون -
258 - النجم الكاتبي. المتكلم، العلامة، أبو الحسن علي بن عمر بن علي الديبراني، القزويني، المنطقي، الفيلسوف. صاحب التصانيف في مذهب الأوائل، ومات وهو يقول بقدم العالم. وله تصانيف عدة. مات في رمضان، وقيل في شوال. وكان مولده في رجب سنة ستمائة. قال ذلك الظهير الكازروني، وبعضه من قيلي. 259 - نوفل الأمير. سيد عرب آل زبيد. يلقب بناصر الدين. كان ذا حرمة ووجاهة ومكانة. وهو الذي أخذ الملك الناصر يوسف ونجا به يوم المصاف مع البحرية في سنة ثمان وأربعين، فعرف له ذلك. توفي في شعبان وقد نيف على السبعين.

(50/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 208

- حرف الياء -
260 - يمن الطواشي. غرس الدين الحبشي، شيخ الخدام بالمدينة النبوية. حدث عن: عبد الوهاب بن رواح. ومات في ربيع الآخر. وقد سمع من: الصفراوي، والسخاوي، وعدة. 261 - يوسف بن صدقة بن المبارك. الشيخ تاج الدين البغدادي، التاجر. عدل جليل، صاحب أموال ومتاجر. أقعد في آخر عمره. ومات في ذي القعدة بالقاهرة. ذكر قطب الدين أن الملك الناصر يوسف قال له: بحياتي على كم تقدر؟ قال: على أربعمائة ألف دينار. 262 - يوسف بن محمد بن عبد الله بن علي بن عثمان. القاضي علم الدين المخزومي، المصري. سمع من: ابن باقا، وغيره. مات في ذي القعدة.

(50/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 209

الكنى
263 - أبو الفتح بن محسن. العطار، الدمشقي، شرف الدين. وهو أبو الفتح محمد بن محمود بن أبي الوحش بن سلامة الشيباني، الشرابي، والد شيخنا كمال الدين الموقع. كان أديبا فاضلا متميزا. حدث عن أبي القاسم بن صصرى فيما قيل، وعن: مكرم التاجر، وأبي صادق بن صباح. مات في شوال. سمع منه جماعة. وفيها ولد: فخر الدين عثمان بن بلبان المقاتلي، المحدث، وشرف الدين محمد بن المنجا بن عثمان التنوخي، مدرس المسمارية ؛ وأبو محمد عبد الله بن الشيخ أبي الوليد بن الحاج المالكي، بغرناطة ؛ وبدر الدين محمد بن سعيد بن أبي المنى الحلبي، الحنبلي، بصفد في رجب ؛ وشهاب الدين أحمد بن مظفر بن النابلسي، سبط الزين خالد المحدث ؛ وعماد الدين محمد بن علي بن حرمي الدمياطي، الفرضي، وشرف الدين لقمان بن عيسى الصميدي، تقريبا، وقد روى عن ابن البخاري، وهمام بن منبه الصميدي ؛

(50/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 210
ومحمد ابن الشيخ محمد الكنجي ؛ وجمال الدين أحمد بن يعقوب الصابوني ؛ والسيد جلال الدين محمد بن محمد العناكبي، في المحرم ؛ والشيخ شهاب الدين أحمد بن علي الرماحي، الحصبي.

(50/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 211

سنة ست وسبعين وستمائة

- حرف الألف -
264 - أحمد بن محمد بن طرخان بن أبي الحسن. أبو العباس الدمشقي، الصالحي، أخو شيخنا أبي بكر. روى بالحضور عن: ابن طبرزد. وسمع من جماعة. وتوفي بقوص. 265 - أحمد بن مجد الدين محمد بن إسماعيل بن عثمان بن عساكر. مؤيد الدين، أبو العباس الدمشقي. من بيت الحديث والعدالة. روى عن: المجد القزويني، وزين الأمناء، وجماعة. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وأبو روح الهروي، وجماعة. توفي في رمضان. ثنا عنه: أبو الحسن بن العطار. 266 - إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن فارس.

(50/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 212
شيخ القراء ومسندهم، كمال الدين، أبو إسحاق، ابن الوزير الصاحب نجيب الدين التميمي، الإسكندراني، ثم الدمشقي، المقرىء الكاتب. ولد بالإسكندرية سنة ست وتسعين وخمسمائة، وحفظ كتاب الله في صغره. وحرص عليه والده حتى قرأ القراءآت العشر بعدة تصانيف على العلامة تاج الدين الكندي ؛ وكان آخر من قرأ عليه موتا. وسمع منه: ومن: أبي القاسم بن الحرستاني. وانتهى إليه علو الإسناد في القراءآت. وكان ذاكرا لأكثر الفن، إلا أنه كان مباشرا نظر بيت المال من المكوس، وغيرها، فتورع جماعة من القراء، وحالته هذه، عن الأخذ عنه. وقرأ عليه القراءآت: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل القصاع، وأبو إسحاق إبراهيم بن غالب الحميري البدوي، وأبو عبد الله محمد المصري المزراب، والدلاصي شيخ مكة، وأبو إسحاق إبراهيم بن مظفر الوزيري، وابنه إسحاق، وآخرون. وحدث إنه: ابن الخباز، وأبو الحسن ابن العطار، وجماعة. وذكره قطب الدين فقال: كان أمينا حسن السيرة، كثير الديانة والخير، ولي نظر الديوان الذي لبيت المال، ونظر الجيش. وأقرأ بالروايات. وتوفي في صفر وله ثمانون سنة.

(50/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 213
قلت: وهو أخو عبد الله الذي لقيه أبو الحجاج المزي بالإسكندرية. 267 - إبراهيم بن حمد بن كامل. أبو إسحاق المقدسي، الحنبلي، من أهل جبل قاسيون. ولد سنة أربع وستمائة، وسمع من: ابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وموسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق، وابن راجح، والقزويني، وابن البن. وأجاز له: عبد الوهاب بن سكينة، وعمر بن طبرزد، وابن الأخضر. وكان دينا خيرا، حافظا لكتاب الله، محبا للرواية. أخذ عنه: الشيخ علي الموصلي، والوجيه السبتي، وابن الخباز، والطلبة. وأجاز لي مروياته. ومات في جمادى الآخرة. لقبه الشرف. 268 - إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن مناقب. الشريف عماد الدين الحسيني. حدث بمصر عن: حنبل، وابن طبرزد. وأجاز له جماعة من الإصبهانيين. توفي بمصر في جمادى الأولى، ومولده سنة سبع وتسعين بدمشق.

(50/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 214
روى عنه: الحارثي، وقطب الدين عبد الكريم. 269 - آسية بنت حسان بن رافع بن سمير. العامرية الدمشقية. سمعت مع أخيها محمد من: حنبل المكبر. وتوفيت في جمادى الأولى. وكان شهرا وبيا. 270 - آقوش. الأمير الكبير جمال الدين الصالحي، النجمي المعروف بالمحمدي الذي قدم دمشق بشيرا بكسرة التتار على عين جالوت. سجنه الملك الظاهر مدة، ثم أخرجه وأعطاه خبزا. توفي بالقاهرة في ربيع الأول، وقد قارب السبعين. 271 - إياس. فخر الدين المقرىء. روى عن: ابن اللتي، وغيره. ومات في شوال. وهو مولى شرف الدين الحموي ابن القطب. 272 - أيبك.

(50/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 215
الأمير الكبير عز الدين الدمياطي. أمير كبير من أعيان الصالحية، فيه شجاعة وجود وكرم. حبسه السلطان مدة. توفي بمصر في شعبان وقد نيف على السبعين، قاله اليونيني. قال ابن الدمياطي: هو مولى جدي لأمي، وإليه نسبي. 273 - أيبك عز الدين الموصلي. الظاهري، نائب حصن الأكراد. قتل في داره بالحصن غيلة، وذلك في رجب. وكان كافيا ناهضا، فيه تشيع. 274 - أيدمر. الأمير عز الدين العلائي، أخو أيدكين الصالحي. كان دينا أمينا، محبا للعلماء والفقراء. وولي نيابة صفد. ثم جرت بينه وبين الأمراء مقاولة، فطلب دستورا وحضر إلى مصر، فأقام يسيرا. ومات في رجب.

(50/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 216

- حرف الباء -
- البرواناه. اسمه سليمان. 275 - بهادر. الأمير شمس الدين صاحب سميساط، وابن صاحبها. كان قدم إلى دمشق مهاجرا من ثلاث سنين، فأكرمه السلطان، وأعطاه إمرة، فمات في شعبان كهلا. 276 - بيبرس.

(50/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 217
السلطان الملك الظاهر ركن الدين أبو الفتوح البندقداري الصالحي النجمي الأيوبي التركي، صاحب مصر والشام. ولد في حدود العشرين وستمائة، قبلها بقليل أو بعدها. وأصله من صحراء القفجاق فأبيع بدمشق ونشأ بها، فيقال: كان مملوكا للعماد الصائغ الذي كان يسكن عند المنكلانية. وسأكشف عن هذا. ثم اشتراه الأمير علاء الدين البندقداري الصالحي فطلع بطلا شجاعا نجيبا لا ينبغي أن يكون إلا عند ملك. فأخذه الملك الصالح إليه وصار من جملة البحرية. وشهد وقعة المنصورة بدمياط، وصار أميرا في الدولة المعزية. وتقلبت به الأمور وجرت له أحوال ذكرناها في الحوادث، واشتهر بالشجاعة والإقدام، وبعد صيته. ولما سارت الجيوش المنصورة من مصر لحرب التتار وهو كان هو طليعة الإسلام. وجلس على سرير الملك بعد قتل المظفر، وذلك في سابع عشر ذي القعدة من سنة ثمان وخمسين بقلعة الجبل. وكان أستاذه البندقدار من بعض أمرائه. وكان غازيا، مجاهدا، مرابطا، خليقا للملك، لولا ما كان فيه من الظلم والله يرحمه ويغفر له ويسامحه، فإن له أياما بيضاء في الإسلام، ومواقف مشهودة، وفتوحات معدودة. وله سيرتان كبيرتان لابن عبد الظاهر ولابن شداد رحمهما الله، لم أقف عليهما بعد.

(50/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 218
وقد دخل الروم، قبل موته بشهرين، وكسر التتار، ودخل مدينة قيصرية، وجلس بها في دست الملك، وصلى بها الجمعة، وخطبوا له، وضربت السكة باسمه، وذلك في ذي القعدة، ثم رجع وقطع الدربند، وعبر النهر الأزرق، ودخل دمشق في سابع المحرم مؤيدا منصورا، فنزل بالقلعة، ثم انتقل إلى قصره الأبلق، فمرض في نصف المحرم، وانتقل إلى عفو الله وسعة رحمته يوم الخميس بعد الظهر الثامن والعشرين من المحرم بالقصر، وحمل إلى القلعة ليلا مع أكابر أمرائه، وغسله وصبره المهتار شجاع الدين عنبر، والكمال علي بن المتيحي الإسكندراني المؤذن، والأمير عز الدين الأفرم. ووضع في تابوت، وعلق في بيت بالقلعة، وهو في أول عشر الستين. وخلف عشرة أولاد: الملك السعيد محمد، وسلامش، وخضر، وسبع بنات. قال ذلك الشيخ قطب الدين، وقال: كان له عشرة آلاف مملوك. وحكى الشيخ شرف الدين عبد العزيز الأنصاري الحموي قال: كان الأمير علاء الدين البندقدار الصالحي لما قبض وأحضر إلى حماة واعتقل بجامع قلعتها، اتفق حضور ركن الدين بيبرس مع تاجر، وكان الملك المنصور إذ ذاك صبيا، فأراد شراء رقيق تبصره الصاحبة والدته. فأحضر بيبرس هذا وخشداشه، فرأتهما من وراء الستر، فأمرت بشراء خشداشة، وقالت: هذا الأسمر لا يكن بينك وبينه معاملة، فإن في عينيه شرا لائحا. فردهما جميعا، فطلب البندقدار الغلامين، فاشتراهما وهو معتقل، ثم أفرج عنه، وسار بهما إلى مصر، وآل أمر ركن الدين إلى ما آل. وقد سار غير مرة في البريد حال سلطته. وعمل في حصارات المدائن التي أخذها من الفرنج في بذل نفسه وفرط إقدامه على المخاوف ما يقضى منه

(50/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 219
العجب، فبه يضرب المثل، وإليه المنتهى في سياسة الملك وتفقد أحوال جنده. فهو كما قيل: لولا نقص عدله لكان أحوذيا نسيج وحده. وقد أعد للأمور أقرانها، أقامه الله وقت ظهور هولاكو وأبغا فهاباه، وانجمعا عن البلاد. 277 - بيليك. الأمير الكبير بدر الدين الخزندار الظاهري نائب الملك، وأتابك الجيوش المنصورة. كان أميرا نبيلا، عالي الهمة، لين الكلمة، كثير المعروف، مجلا للصلحاء والعلماء، حسن السيرة، جيد العقل، صحيح الذهن، وله فهم وذكاء، يسمع الحديث ويطالع التواريخ، ويكتب خطا مليحا، وكان سهل المراس، محببا إلى الناس. وكان أستاذه يحبه ويعتمد عليه في مهماته. كتم موت السلطان، وساس العساكر والخزائن، وساق الخاصكية حول محفة السلطان بصورة أنه متمرض فيها، فلما وصل إلى الملك السعيد بمصر أظهر نعي السلطان، ورمى بعمامته بين يدي الملك السعيد وصرخ، فتحدث الناس أن الأمير شمس الدين سنقر الفارقاني نائب السلطنة سقاه سما، واشتهر ذلك فإنه خاف منه. تأسف الناس عليه. ومات في سابع ربيع الأول عن بضع وأربعين سنة.

(50/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 220
وكانت له جنازة مشهودة. قال شمس الدين الجزري: لما أظهر الخزندار موت السلطان وفرغ من تحليف الأمراء للملك السعيد قام فأتى يعزي أم الملك السعيد، فلما عزاها أخرجت له هنات سكر وليمون، فشرب جرعتين، والحوا عليه بالشرب فتوهم وتركه، وكانت القاضية، فثقل في المرض، وحصل له قولنج، وسيروا إلى طبيبه العماد بن النابلسي ثلاثة آلاف دينار ليسكت ولا يقول إنه مسموم، فتغافل عنه، ولم ينصح في معالجته، فمات بعد جمعة، وخلف بنتين. قال قطب الدين: وخلف تركة عظيمة.
- حرف التاء -
278 - تركانشاه بن عمر. الأسدي المحدث، الأديب، أبو المنهال. سمع من: قايماز المعظمي، وابن رواج، وجماعة. وحدث، وله شعر حسن. توفي في رمضان بالصعيد. حدث عنه: الدواداري، وغيره. ويسمى أيضا: منكبا، فسأعيده.
- حرف الحاء -
279 - الحسن بن إسماعيل بن القاضي صدر الدين عبد الملك بن درباس.

(50/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 221
الشيخ ناصر الدين، مدرس مدرسة سيف الإسلام التي بالبندقانيين بالقاهرة. توفي في رجب. وكان أديبا شاعرا. 280 - الحسين بن رزق الله. الحنبلي، الصالحي، الحجازي. حدث عن الناصح ابن الحنبلي. ومات في جمادى الأولى. وكان ناظر رباط بلدق.
- حرف الخاء -
281 - خضر بن أبي بكر بن موسى. المهراني، العدوي، الشيخ المشهور، شيخ الملك الظاهر. كان صاحب حال ونفس مؤثرة، وهمة إبليسية، وحال كاهني. ذكره شيخنا قطب الدين فقال: كان أخبر بسلطنة الملك الظاهر له قبل وقوعها، فلهذا كان يعظمه وينزل إلى زيارته في كل أسبوع مرة ومرتين وثلاث، ويطلعه على غوامض أسراره، ويستشيره ويستصحبه في أسفاره،

(50/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 222
ويخبره بأمور قبل وقوعها. وسأله وهو محاصر أرسوف متى تؤخذ؟ فعين له اليوم، فوافق ذلك، كذلك في صفد وقيسارية. ولما عاد إلى الكرك سنة خمس وستين استشاره في قصده، فأشار أن لا يقصده، وأن يمضي إلى مصر فخالفه، وقصد الكرك، فوقع عند بركة زيزى وانكسرت فخذه. ولما قصد حصن الأكراد مر الشيخ خضر ببعلبك، فسألوه عن أخذ الحصن، فقال: يأخذه السلطان في أربعين يوما. فوافق ذلك. ولما توجه السلطان إلى الروم، كان خضر في الحبس، فأخبر أن السلطان يظفر ويعود إلى دمشق، وأموت ويموت بعدي بعشرين يوما. فاتفق ذلك كذلك. قال: ولما نقم السلطان عليه، وأحضر من يحاققه، ونسب إلى أمور لا تصدر عن مسلم، فشاور السلطان في أمره، فأشاروا بقتله، فقال هو للسلطان: أنا أجلي قريب من أجلك، وبيني وبينك أيام يسيرة. فوجم السلطان وتوقف في قتله، وحبسه وضيق عليه، لكنه كان يرسل له الأطعمة الفاخرة والملابس. وكان حبس في شوال سنة إحدى وسبعين. ولما وصل السلطان من الروم إلى دمشق كتب إلى مصر بإخراجه، فوصل البريد بعد موته. وكان السلطان قد بنى له عدة زوايا في عدة بلاد، وصرفه في المملكة

(50/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 223
بحيث كان لا يخالف أمره. وكان كل أحد يتقي جانبه، حتى بيليك نائب السلطنة والصاحب بهاء الدين. وكان واسع الصدر، كثير العطاء، وكانت أحواله غير متناسبة. قلت: كان ينبسط ويخرب ويمزح، وإذا كتب ورقة كتب: ((من خضر نياك الحمارة)). أخرج من سجن القلعة ميتا في سادس المحرم، فحمل إلى الحسينية، فدفن بزاويته وقد نيف على الخمسين. وقال شيخنا ابن تيمية: كان خضر مسلما، صحيح العقيدة، لكنه قليل الدين، باطولي. له حال شيطاني. 282 - خديجة الست النبوية باب جوهر. ابنة أمير المؤمنين الشهيد المستعصم. ماتت ببغداد في المحرم، واحتفل الأعيان لجنازتها وعزائها، وتذكروا أيام والدها وما جرى عليه، وبكوا. وكثرت النوائح والنوادب، ورفعت الطرحات. وحزن صاحب الديوان، وجلس في الجنازة على الأرض، رحمها الله تعالى. 283 - خطلو الرومي. عتيق المفتي تقي الدين محمد بن حسين المجلي العطار. سمع ((مسند الشافعي)) من ابن باقا. توفي في جمادى الآخرة بمصر عن بضع وسبعين سنة.
- حرف الراء -
284 - رقية بنت الحافظ تقي الدين إسماعيل بن عبد الله بن الأنماطي. روت بالإجازة عن جماعة.

(50/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 224
وتوفيت بدومة في جمادى الأولى.
- حرف الزاي -
285 - زكي بن الحسن بن عمران. أبو أحمد بن البيلقاني، الشافعي، المتكلم. فقيه مناظر، عارف بالأصول والكلام والعقليات. قرأ على الفخر الرازي علم الكلام. وسمع الحديث من المؤيد الطوسي، وغيره. وكان يروي عنه ((صحيح مسلم))، و ((الموطأ)) المصعبي و ((جزء ابن نجية)). ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وقدم دمشق تاجرا سنة ست وثلاثين وستمائة وحدث بها بأحاديث قرأها عليه الشيخ تاج الدين أبو الحسن بن أبي جعفر القرطبي. وسمع منه: النجيب الصفار، والجمال بن الصابوني. ثم سافر وأقام باليمن مدة واشتهر بها. وقرأوا عليه في العطيات وغيرها. وعمر دهرا. روى عنه: المحدث نور الدين علي بن جابر الهاشمي، وشهاب الدين أحمد بن محمد الإسعردي التاجر، نزيل الإسكندرية، وغيرهما. وذكر ابن جابر أنه توفي بثغر عدن أبين سنة ست هذه. وقد مدحه ابن جابر بأبيات، وسئل عنه فقال: كان فريد دهره علوما

(50/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 225
وورعا وزهدا، من أصحاب فخر الدين. وكان رفقاؤه في الاشتغال الخسروشاهي، والأفضل الخونجي، وجل اشتغاله على القطب المصري. تخرج به جماعة باليمن. وكان معظما بها عند الخاصة والعامة. قلت: وروى عنه من القدماء الجمال ابن الصابوني. وقد سكن الإسكندرية، مدة. وكان كارميا، تجاوز الله عنا وعنه.
- حرف السين -
286 - ست العرب بنت الجمال عبد الله بن عبد الملك بن عثمان المقدسي. روت عن ابن اللتي. وماتت في رمضان. 287 - سلطان شاه بن أبي بكر بن عثمان بن علي. أبو محمد الزنجيلي، حفيد صاحب المدرسة التي برأس السبعة. روى عن: أبي القاسم بن الحرستاني. روى عنه: ابن الخباز، وغيره. وأجاز لأبي محمد البرزالي. ومات في صفر بمدرسة جده. 288 - سليمان بن علي.

(50/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 226
الصاحب معين الدين البرواناه. كان أبوه مهذب الدين علي بن محمد أعجميا سكن الروم، وكان يقرىء القرآن، ويعلم أولاد مستوفي الروم. ثم إنه ناب عنه، ثم ولي موضعه في أيام السلطان علاء الدين صاحب الروم. ثم ظهرت كفايته فاستوزره مدة. ثم وزر لولده غياث الدين إلى أن مات سنة اثنتين وأربعين. ورتب علاء الدين بعده في وزارته ولده هذا، فعظم أمره إلى أن استولى على ممالك الروم، وصانع التتار وداراهم، وعمرت البلاد به. وكاتب الملك الظاهر. وكان من رجال العالم ودهاتهم وشجعانهم. له إقدام على الأهوال وخبرة بجمع الأموال. ثم نقم عليه أبغا ونسبه إلى أنه هو الذي جسر الملك الظاهر على دخول الروم، فحصل ما وقع من قتل أعيان المغل في المصاف. فبكت الخواتين، وشقوا الثياب بين يدي أبغا، وقالوا: ((البرواناه هو الذي قتل رجالنا، ولا بد من قتله)). فقتله أبغا في المحرم. ومات في عشر الستين. قيل في سابع عشر ربيع الأول. وقيل: قطعت أربعته وهو حي، ثم ألقي في مرجل وسلق، وأكل المغل من لحمه من حنقهم. وقتلوا معه في الروم خلائق. 289 - سنقر. الأمير عز الدين الرومي.

(50/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 227
أحد الشجعان المذكورين والأمراء المتكلمين في دولة الظاهر إلى أن قبض عليه وحبس مدة. ثم مات وقد نيف على الخمسين. قاله قطب الدين.
- حرف الشين -
290 - الشهاب التلعفري محمد بن يوسف. قد مر سنة خمس. وذكر بعضهم أنه توفي سنة ست.
- حرف العين -
291 - عامر بن محمود بن سلامة. القلعي، الحراني. روى عن: عبد القادر الرهاوي. ومات بالقاهرة في ربيع الأول. كان آدميا فيه دين وخير. سمع منه جماعة كالحارثي، وابن جعوان. 292 - عبد الباقي بن علي بن عبد الباقي. الصالحي، الصحراوي. سمع ابن الزبيدي. وتوفي في جمادى الأولى. 293 - عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحيم بن علي.

(50/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 228
المغيري، المخزومي، الشيخ عماد الدين، أبو القاسم. ولد سنة ثلاث وتسعين. وسمع من: ابن المفضل. توفي في رمضان بالثغر. 294 - عبد الرحمن بن محمد بن عمران. المفتي الإمام تاج الدين المالكي، إمام المالكية بدمشق. مات في ربيع الأول. 295 - عبد السلام بن عمر بن صالح. الأديب البارع، نجم الدين، أبو الميسر البصري الشاعر، صاحب الشعر البديع. مات في رجب ببغداد، ويعرف بابن الدوس.

(50/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 229
296 - عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش. الإمام المقرىء، المجود، الزاهد، القدوة، مجد الدين، أبو أحمد الحنبلي، البغدادي. سمع من محمد بن... شيخ قديم، وعبد العزيز بن أحمد بن الناقد، وأحمد بن صرما، والفتح بن عبد السلام، وجماعة. وقرأ القرآن والفقه، ولم يمعن فيه. وأجاز له أبو الفرج بن الجوزي، وجماعة. وقرأ القراءآت السبع على الفخر الموصلي، وجماعة. وسمع ((الشاطبية)) من أبي عبد الله محمد بن عمر القرطبي المقرىء. وسمع الكتب الكبار في القراءآت، واعتنى بها عناية كلية، وانتهت إليه مشيخة بغداد في الإقراء. قرأ عليه القراءآت: تقي الدين أبو بكر الجزري المقصاتي، وابن خروف الحنبلي، وأبو العباس أحمد الموصلي الحنبلي، وجماعة. وروى عنه: الدمياطي، والشيخ إبراهيم الرقي الزاهد، وأبو سعد عبد الله بن محمد بن أبي صالح الجيلي، وجماعة.

(50/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 230
وكانت له حلقة كبيرة ؛ تخرج به جماعة في القرآن والخير والفقر والتصوف والسنة. قرأت بخط السيف ابن المجد قال: كنت ببغداد وقد بنى الخليفة المستنصر مسجدا كبيرا وزخرفه واعتنى به، وجعل به من يتلقن ويسمع الحديث، فامتدت الأعناق إليه، فاستدعى الوزير ابن الناقد جماعة من القراء، وكان هناك بعض الحنابلة، فقال: تنقل عن مذهبك وتكون إماما، فأجاب. وأما صاحبنا عبد الصمد عبد الصمد بن أحمد فقال له ذلك، فقال: لا أنتقل عن مذهبي. فقيل: أليس مذهب الشافعي حسنا؟ فقال: بلى، ولكن مذهبي ما علمت به عيبا لأتركه لأجله. فبلغ الخليفة ذلك، فاستحسن قوله وقال: هو يكون إمامه دونهم. وعرضت عليه العدالة، والناس هناك يتنافسون فيها جدا، فأباها. قلت: وحدثني المقصاتي أن الشيخ عبد الصمد حدثه أنه باع مقيارا بسبعة دنانير، وأعطاها لشيخه الفخر الموصلي حتى طول روحه، وأسمعه كتابا في القراءآت لمكي ((التبصرة)) أو غيره. وحدثني أنه قال: عرضت ((الشاطبية)) على القرطبي، ثم قلعت فرجية علي، ووضعتها على أكتافه، فنظر فيها وقال: هذه لي أنا؟ فقلت: نعم. وحدثني أن الشيخ عبد الصمد قال: اعمل لي مقصا. فعملته وأتيت به، فما أخذه حتى أعطاني ثمنه وأكثر من ثمنه. قرأت على إبراهيم بن أحمد الزاهد: أنا عبد الصمد، أنا عبد العزيز بن الناقد، أنا محمد بن عمر، أنا جابر بن ياسين، أنا عمر بن إبراهيم، ثنا

(50/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 231
البغوي، ثنا هدبة، نا همام: سمعت عطا يحدث عن ابن عباس قال: ((يمسك المعتمر عن التلبية حين يفتتح الطواف)). توفي في سابع عشر ربيع الأول، ومولده في أول سنة ثلاث وتسعين. 297 - عبد العزيز بن عبد الرحمن بن أبي الفتح. المقدسي. روى عن: الموفق، وابن الزبيدي. ومات في جمادى الآخرة. 298 - عبد العزيز بن أبي نصر عبد الرحيم بن محمد بن الحسن بن عساكر. شمس الدين أبو محمد. ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة. وسمع من: عمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وأحمد بن أبي الفضل ابن حديد، وأحمد بن سيدهم. روى عنه: أبو الحسن بن العطار، وابن الخباز، وجماعة. وخرج عنه الدمياطي في ((معجمه)). ومات في جمادى الأولى.

(50/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 232
299 - عبد القاهر بن عبد السلام بن أبي القاسم. المهذب جمال الدين السلمي، الدمشقي، أخو الشيخ عز الدين بن عبد السلام. توفي في شوال بمنزله بعقبة الكتان. كتب في الإجازات لعلم الدين البرزالي، وغيره. وله إجازة من الخشوعي، والقاسم بن عساكر. سمع منه بعض الطلبة. 300 - عبد الكريم بن الحسين بن رزين. شمس الدين الحموي، الشافعي، أخو الشيخ تقي الدين ابن رزين. فقيه دين، منقبض عن الناس. درس مديدة بالسيفية بالقاهرة. ومات في ذي الحجة. 301 - عبد الملك بن عيسى بن أبي بكر بن أيوب. الملك القاهر، بهاء الدين بن السلطان الملك المعظم. ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وسمع من: ابن اللتي، وغيره. وحدث.

(50/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 233
وكان حسن الأخلاق، سليم الصدر،. كثير التواضع، يعاني زي الأعراب في لباسه ومركبه و... وكان بطلا شجاعا من الفرسان المعدودين. قال الشيخ قطب الدين: حدثني تاج الدين نوح ابن شيخ السلامية أن الأمير عز الدين أيدمر العلائي نائب صفد حدثه قال: كان الملك الظاهر مولعا بالنجوم، فأخبر أنه يموت في هذه السنة بالسم ملك. فوجم لذلك، وكان عنده حسد لمن يوصف بالشجاعة، أو يذكر بجميل. وأن الملك القاهر لما كان مع السلطان في وقعة البلستين فعل أفاعيل عجيبة، وبين يوم المصاف، وتعجب الناس منه، فحسده. وكان حصل للسلطان نوع ندم على تورطه في بلاد الروم، فحدثه الملك القاهرة بما فيه نوع من الإنكار عليه، فأثر أيضا عنده. فلما عاد بلغه أن الناس يثنون على ما فعل الملك القاهر، فتخيل في ذهنه أنه إذا سمه كان هو الذي ذكره المنجمون ؛ فأحضره عنده يوم الخميس ثالث عشر المحرم لشرب القمز، وجعل السقية في وريقة في جيبه. وكان للسلطان ثلاث هنابات مختصة به، كل هناب مع ساق، فمن أكرمه السلطان ناوله هنابا منها. فاتفق قيام القاهر ليبزل، فجعل السلطان ما في الوريقة في الهناب، وأمسكه بيده، وجاء القاهر فناوله الهناب، فقبل الأرض وشربه. وقام السلطان ليبزل فأخذ الساقي الهناب من يد القاهر وملأه على العادة ووقف. وأتى السلطان فتناول الهناب وشربه وهو لا يشعر أو نسي، فلما شرب أفاق على نفسه، وعلم أنه شرب من ذلك الهناب وفيه آثار من السم، فتخيل وحصل له وعك وتمرض ومات.

(50/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 234
وأما القاهر فمات من الغد. ذكر العلاني أنه بلغه ذلك من مطلع على الأمور لا يشك في أخباره. وقال شمس الدين الجزري: في منتصف محرم يوم السبت مات القاهر فجأة. كان راكبا يسوق الخيل، فاشتكى فؤآده، فأسرع إلى بيت أخته زوجة الملك الزاهر لقربه، فأدركه الموت في باب الدار. وفي ((تاريخ)) المؤيد: اختلف في سبب موت الظاهر، فقيل: انكسف القمر كله، وتكلم الناس أنه لموت كبير، فأراد الظاهر صرف ذلك عنه، فاستدعى القاهر وسم له القمز وسقاه، ثم نسي وشرب من ذلك الهناب، فحصل له حمى محرقة. 302 - عزية بنت محمد بن عبد الملك بن عبد الملك بن يوسف المقدسي. روت عن ابن اللتي. ماتت في صفر. 303 - عتيق بن عبد الجبار بن عتيق. العدل عماد الدين أبو بكر الأنصاري، الصوفي، الشاهد. ولد بالإسكندرية سنة ثلاث أو أربع وستمائة. وقدم دمشق فسمع بها من: أبي محمد بن البن، وزين الأمناء، وابن الزبيدي. وكان صدوقا، صالحا، متدينا، متواضعا، من كتاب الحكم، سقط في بركة المقدمية وهو يتوضأ، فاختنق ومات شهيدا في شوال.

(50/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 235
كتب عنه الطلبة، وأجاز لي مروياته.
فائدة، وهي: * عتيق بن عبد الجبار البلنسي الشاهد، كتب للقضاة أربعين سنة. ومات سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. ذكره الأبار. 304 - علي بن درباس بن يوسف. الأمير جمال الدين الحميدي. ذكره اليونيني فقال: ولد سنة أربع وستمائة. وكان علي الهمة، وافر البر والإفضال، جوادا، له مهابة شديدة وسطوة وسياسة. ولما توفي الملك الظاهر أحضره نائب دمشق وحبسه وصادره، وكان في نفسه منه. ثم خرج وبقي بطالا من الولاية في منزله بجبل قاسيون وخبزه عليه. ولما عزل تاب وأقلع عن المظالم، وبقي يصلي بالليل ويبكي. وكان حسن المحاضرة، فاضلا.

(50/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 236
توفي آخر رجب. 305 - علي بن صالح بن علي بن صالح بن أبي عمامة. القاضي عماد الدين القرشي، المصري. توفي في جمادى الأولى، ودفن بالقرافة. سمع ابن باقا. وحدث. 306 - علي بن أبي عبد الله بن النظام. البغدادي، الطبيب البارع، نجم الدين. مات ببغداد في شعبان. 307 - علي بن علي بن إسفنديار بن الموفق بن أبي علي. الواعظ، العالم، نجم الدين، أبو عيسى البغدادي. ولد سنة ست عشرة وستمائة. وسمع من: ابن اللتي، والحسين ابن رئيس الرؤساء، وعبد اللطيف ابن القبيطي.

(50/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 237
وقدم دمشق ووعظ فحصل له قبول زائد، وازدحم الناس على ميعاده لحسن إيراده ولطف شمائله. وكان يتكلم في المحافل. وولي مشيخة المجاهدية. روى عنه: أبو الحسن بن العطار، وابن الخباز، وجماعة. وكان حلو النادرة، طيب الأخلاق، لا يمل منه، ومجالسه نزهة الوقت. وفيه حلم زائد واحتمال. حكى القاضي شهاب الدين محمود أن ابن سمنديار كان كثير المبيت عنده والمباسطة. قال: وكان يحيي غالب الليل في [عمل] الخير، ويصبح يعمل المجلس، فترى عليه هيبة وجلالة، ولا يمل أحد من المجلس. قال ابن خلكان: أنا أحكي الحكاية للشيخ نجم الدين، ثم يعيدها هو، فأتمنى أنه لا يفرغها من تنميقه وفصاحته وبيانه. وقد استأذن الملك الناصر في الوعظ في أيام ابن الجوزي، فلم يأذن له. مات في رجب، ودفن بمقابر الصوفية، رحمه الله. 308 - علي بن عمر بن علي بن حربون. القرشي، الإسكندراني، المقرىء، أبو الحسن. عرف بالمهتدي.

(50/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 238
توفي بالقاهرة، رحمه الله تعالى. 309 - العماد بن أبي العواقب. رجل متميز، معروف. قتل في داره بدرب العجم في ربيع الأول. 310 - عمر بن إلياس بن الخضر بن قزغلي. الرهاوي. توفي في جمادى الآخرة بدمشق. سمع ابن البرهان، وحدث. 311 - عمر بن عبد السلام. أبو حفص الدنيسري. حدث بمصر عن: ابن اللتي. ومات في صفر. 312 - عمر. الشيخ شرف الدين النهاوندي، الصوفي، المعروف بالرمال. قال اليونيني: توفي بمصر وقد جاوز التسعين، وكان صالحا، زاهدا، متعبدا، كثير الأسفار، مشهورا. مات في صفر.

(50/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 239
313 - عنبر. عتيق الفخر محمد بن إبراهيم الفارسي، الصوفي. روى عن مولاه. ومات في ربيع الآخر.
- حرف الفاء -
314 - فريدون بن همايون بن زرينكمر. أبو المناقب الديلمي، الشيرازي. روى مجلس رزق الله عن أبي بكر بن سابور. كتب عنه: الشريف، وسعد الدين مسعود، وشمس الدين بن جعوان، والطلبة. ومات في ذي القعدة بمصر عن بضع وستين سنة. وسمع أيضا من مكرم. 315 - فوارس بن محمد بن عبد العزيز. الغساني، الإسكندراني، المالكي، الصدر الكبير، وجيه الدين. سمع: محمد بن عماد، وجماعة. وله مشيخة. توفي في شهر شعبان، رحمه الله.
- حرف الميم -
316 - محمد بن أحمد بن منظور.

(50/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 240
الإمام الزاهد، أبو عبد الله الكناني، المصري، العسقلاني. شيخ صالح عارف له أتباع ومريدون، وزاوية بالمقس. حدث عن: أبي الفتوح الحلاجلي. روى عنه: الدمياطي، والدواداري. وتوفي في رجب. وكان فقيها فاضلا عاش ثمانين سنة. وله صلة وصدقة. 317 - محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور. الشيخ الإمام، قاضي القضاة، شمس الدين أبو بكر ابن الشيخ العماد المقدسي. الصالحي، الحنبلي. ولد في صفر سنة ثلاث وستمائة. وسمع: أبا اليمن الكندي، وأبا القاسم بن الحرستاني، وابن ملاعب والشيخ الموفق وتفقه عليه، وأبا عبد الله بن البنا الصوفي، ومحمد بن كامل التنوخي، وأحمد بن محمد بن سيدهم. وحضر على عمر بن طبرزد، وسمع ببغداد من: الفتح بن عبد السلام، وعمر بن كرم الحمامي، وعبد السلام الداهري، وابن روزبة، وجماعة. وسكنها وتأهل بها، وجاءته الأولاد، فأسمعهم من الكاشغري، وغيره. ثم ارتحل وسكن الديار المصرية في سنة بضع وأربعين، ورأس بها في مذهب أحمد، وصار شيخ الإقليم وحاكمه، وشيخ الخانقاه السعيدية في الأيام

(50/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 241
الظاهرية. وكان إماما محققا، كثير الفضائل، صالحا، خيرا، حسن البشر، مليح الشكل، كثير النفع والمحاسن. وقد نالته محنة ذكرناها في الحوادث. روى عنه: الدمياطي، والقاضي سعد الدين الحارثي، والشيخ علي النشار، والشيخ قطب الدين عبد الكريم وقال: هو أول شيخ سمعت منه، وذلك في سنة أربع وسبعين ؛ وطائفة. وكان حسن السمت، مهيبا، له مشاركة في عدة فنون، ويعرف كلام الصوفية، ويتكلم على طريقتهم فيما بلغني. وتحكى عنه كرامات ومكاشفات. وكان كثير البر والإيثار للفقهاء، حسن التواضع، كبير القدر. وقد عزل عن القضاء في سنة سبعين، وحبس سنتين بالقلعة. ثم أطلق ولزم بيته يدرس ويفتي ويشغل، ويروي الحديث إلى أن توفي في الثاني والعشرين من المحرم بالقاهرة. وقد سمعت من ولديه أحمد وزينب. وقد خرج شيخنا ابن الظاهري له معجما حدث به، سوى الجزء العاشر. قال الحافظ عبد الكريم: سمعت منه ((صحيح مسلم)) بسماعه من ابن الحرستاني. قال: وسمع بمكة من أبي العباس القسطلاني، وبحلب من أبي محمد ابن الأستاذ، وبحران من أحمد النجار، وبالموصل من عمر بن معالي. 318 - محمد بن حياة بن يحيى. القاضي، الإمام، الزاهد، تقي الدين الشافي، الرقي. كان من خيار القضاة وصلحائهم.

(50/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 242
ولاه الملك الظاهر قضاء حمص. وكان يعرفه قديما ويثق بدينه، فزاره بحمص في بيته، وقال: أطعمنا شيئا. فأحضر مأكولا، وأكل منه أولا، فابتسم السلطان، وأكل وفرق على خواصه. ثم ندبه لقضاء حلب. وكان محمود السيرة، متين الديانة. حج وتوفي إلى رحمة الله بتبوك راجعا في المحرم. وكان عديم التكلف. سار إلى قضاء حلب على حمار مع المكارية، ولم يتخذ بغلة. وقد ناب في القضاء لابن الصائغ، وأم بالعادلية. 319 - محمد بن عبد الرحمن بن مهنا بن مخلوف. الإسكندراني، أبو عبد الله. سمع الكثير. وحج ومات في الرجعة في المحرم. سمع من ابن عماد ((الخلعيات)) كاملة. 320 - محمد بن عبد الكريم بن عثمان. المفتي الإمام، عماد الدين ابن الشماع المارديني، الحنفي، مدرس مدرسة [قصاعين] وغيرها. وإمام مقصورة الحنفية، ومدرس الصادرية. كان دينا خيرا، من علماء الحنفية المذكورين بالسماحة والكرم. توفي كهلا في رجب.

(50/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 243
323 - محمد بن شجاع بن علي بن سالم. الشيخ محيي الدين ابن الكمال الضرير، الهاشمي، العباسي. سبط أبي القاسم الشاطبي. ولد سنة أربع عشرة. وسمع من: ابن باقا، وجماعة. وحدث. وكان أديبا فاضلا له النظم والنثر. توفي في جمادى الآخرة بمصر. 322 - محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الواحد بن هلال. الصدر الجليل، عماد الدين، ابن المولى كمال الدين الأزدي، الدمشقي، ناظر الأيتام. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن صصرى، وجماعة. وحدث. وكان عدلا، مأمونا، دينا، خيرا، صاحب مكارم ولطف وحسن محاضرة. ولي نظر الأيتام مدة سنين، وحمدت سيرته. وتوفي في جمادى الآخرة وله أربع وسبعون سنة. وهو من بيت مشهور بالعدالة والرئاسة ورواية العلم. ثنا عنه الشيخ علي بن العطار.

(50/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 244
323 - محمد بن أبي ذكري يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص عمر الهنتي. السلطان، أبو عبد الله البربري، صاحب تونس وإفريقية. مات في حادي عشر ذي الحجة بتونس، وكانت دولته سبعا وعشرين سنة أو أكثر. ولقبه المستنصر بالله، وولي بعده إبنه. 324 - محمد بن أبي بكر بن إبراهيم. عفيف الدين الشاغوري، مؤذن القلعة. حدث عن: ابن الزبيدي. وتوفي في صفر. ثنا عنه إسحاق الآمدي. وولد تقريبا سنة ستمائة. 325 - محمود بن علي بن أبي القاسم. الغسال. أحد من سمع الكثير من ابن عبد الدائم، وطبقته، وحصل، وأثبت له الطلبة. وحج فتوفي في أيام منى. وما أظنه حدث. 326 - منكبا بن عمر بن منكبا. الأسدي، المصري، مجاهد الدين. حدث عن: يوسف بن المخيلي، وقيماز المعظمي.

(50/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 245
وكان فاضلا شاعرا. توفي في رمضان. ويدعى أيضا تركانشاه كما تقدم. وكان محدثا كثير الفضائل.
- حرف النون -
327 - نصر بن عبيد. الشيخ أبو الفتح السوادي، المقدمي، الحنبلي، المقرىء الصالحي. ولد سنة ستمائة بقريته من السواد، واشتغل بجبل قاسيون وسمع من: ابن الزبيدي، والإربلي، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، والدواداري، وابن العطار، وغيرهم. وكان صالحا، زاهدا، فاضلا، خيرا. وهو والد العدل زين الدين عبد الرحمن الحنفي، والشيخ أحمد المقرىء. توفي في رجب. 328 - نعمة بن محمد بن نعمة بن أحمد. أبو الشكر النابلسي، الشافعي. ولد سنة ثمان وستمائة. وسمع من: ابن الزبيدي، والعلم السخاوي، وابن الصلاح. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار. مات في جمادى الآخرة.
- حرف الياء -
329 - يحيى بن زكريا بن مسعود.

(50/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 246
الشيخ، المقرىء، الزاهد، أبو زكريا المنبجي. كان شيخا صالحا، خيرا، عابدا، مجودا للقرآن. عرض على الشيخ أبي عبد الله الفاسي، وتصدر بجامع دمشق للإقراء والتلقين. وكانت له حلقة كبيرة. وحدث عن أبي القاسم بن رواحة، وغيره. وتخرج به جماعة. وأقرأ زمانا. توفي في خامس المحرم. 330 - يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين. مفتي الأمة، شيخ الإسلام، محيي الدين، أبو زكريا النواوي، الحافظ، الفقيه، الشافعي، الزاهد، أحد الأعلام.

(50/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 247
ولد في العشر الأوسط من المحرم سنة إحدى وثلاثين بنوى. وجدهم هو حسين بن محمد بن جمعة بن حزام الحزامي، بحاء مهملة وزاي. نزل حسين بالجولان بقرية نوى على عادة العرب، فأقام بها ورزقه الله ذرية إلى أن صار منهم عدد كثير. قال الشيخ محيي الدين: كان بعض أجدادي يزعم أنها نسبة إلى حزام والد حكيم بن حزام، رضي الله عنه، وهو غلط. والنووي بحذف الألف، ويجوز إثباتها. حكى والده لشيخنا أبي الحسن بن العطار أن الشيخ كان نائما إلى جنبه وهو ابن سبع سنين ليلة السابع والعشرين من رمضان، قال: فانتبه نحو نصف الليل وأيقظني وقال: يا أبه ما هذا الضوء الذي قد ملأ الدار؟ فاستيقظ [أهلي] كلهم، فلم نر شيئا، فعرفت أنها ليلة القدر. وقال ابن العطار: ذكر لي الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي، رحمه الله قال: رأيت الشيخ محيي الدين وهو ابن عشر بنوى والصبيان يكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب ويبكي، ويقرأ القرآن في [ذلك] الحال، فوقع في قلبي محبته. وجعله أبوه في دكان بالقرية، فجعل لا يشتغل بالبيع [والشراء] عن القرآن، فوصيت الذي يقرئه وقلت: هذا يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه. ف (...) وقال لي: أمنجم أنت؟ قلت: لا، إنما أنطقني الله بذلك. فذكر ذلك لوالده فحرص عليه (...) وقد ناهز الاحتلام.

(50/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 248
قال ابن العطار: قال لي الشيخ: فلما كان لي تسع عشرة سنة قدم بي والدي إلى دمشق في سنة تسع وأربعين فسكنت المدرسة الرواحية، وبقيت نحو سنتين لم أضع جنبي إلى الأرض. وكان قوتي بها جراية المدرسة لا غير. وحفظت ((التنبيه)) في نحو أربعة أشهر ونصف. قال: وبقيت أكثر من شهرين أو أقل لما قرأت: يجب الغسل من إيلاج الحشفة في الفرج، أعتقد أن ذلك قرقرة البطن. وكنت أستحم بالماء البارد كلما قرقر بطني. قال: وقرأت حفظا ربع ((المهذب)) في باقي السنة، وجعلت أشرح وأصحح على شيخنا كمال الدين إسحاق بن أحمد المغربي، ولازمته فأعجب بي وأحبني، وجعلني أعيد لأكثر جماعته. فلما كانت سنة إحدى وخمسين حججت مع والدي، وكانت وقفة جمعة، وكان رحيلنا من أول رجب، فأقمنا بالمدينة نحوا من شهر ونصف. فذكر والده قال: لما توجهنا من نوى أخذته الحمى، فلم تفارقه إلى يوم عرفة، ولم يتأوه قط. ثم قدم ولازم شيخه كمال الدين إسحاق. قال لي أبو المفاخر محمد بن عبد القادر القاضي: لو أدرك القشيري شيخكم وشيخه لما قدم عليهما في ذكره لمشايخها، يعني الرسالة، أحدا لما جمع فيهما من العلم والعمل والزهد والورع والنطق بالحكم. قال: وذكر لي الشيخ أنه كان يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على المشايخ شرحا وتصحيحا، درسين في ((الوسيط)) ودرسين في ((المهذب)) ودرسا في ((الجمع بين الصحيحين)) ودرسا في ((صحيح مسلم))، ودرسا في ((اللمع)) لابن جني، ودرسا في ((إصلاح المنطق)) لابن السكيت، ودرسا في ((التصريف))، ودرسا في أصول الفقه، تارة في ((اللمع)) لأبي إسحاق، وتارة في ((المنتخب)) لفخر الدين، ودرسا في أسماء الرجال، ودرسا في أصول الدين.

(50/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 249
وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل، ووضوح عبارة، وضبط لغة، وبارك الله لي في وقتي. وخطر لي الاشتغال بعلم الطب، فاشتريت كتاب ((القانون)) فيه، وعزمت على الاشتغال فيه، فأظلم علي قلبي، وبقيت أياما لا أقدر على الاشتغال بشيء، ففكرت في أمري، ومن أين دخل علي الداخل، فألهمني الله أن سببه اشتغالي بالطب، فبعث ((القانون)) في الحال، واستنار قلبي. وقال: كنت مريضا بالرواحية، فبينا أنا في ليلة في الصفة الشرقية منها، وأبي وإخوتي نائمون إلى جنبي إذ نشطني الله وعافاني من ألمي، فاشتاقت نفسي إلى الذكر، فجعلت أسبح، فبينا أنا كذلك بين السر والجهر، إذ شيخ حسن الصورة، جميل المنظر، يتوضأ على البركة في جوف الليل، فلما فرغ أتاني وقال: يا ولدي لا تذكر الله تشوش على والدك وإخوتك وأهل المدرسة. فقلت: من أنت؟ قال: أنا ناصح لك، ودعني أكون من كنت. فوقع في نفسي أنه إبليس فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ورفعت صوتي بالتسبيح، فأعرض ومشى إلى ناحية باب المدرسة، فانتبه والدي والجماعة على صوتي، فقمت إلى باب المدرسة فوجدته مقفلا، وفتشتها فلم أجد فيها أحدا غير أهلها. فقال لي أبي: يا يحيى ما خبرك؟ فأخبرته الخبر، فجعلوا يتعجبون، وقعدنا كلنا نسبح ونذكر. قلت: ثم سمع الحديث، فسمع ((صحيح مسلم)) من الرضى ابن البرهان. وسمع ((صحيح البخاري)) و ((ومسند أحمد))، و ((سنن أبي داود))، والنسائي، وابن ماجه، و ((جامع الترمذي)) و ((مسند الشافعي)) و ((سنن الدارقطني)) و ((شرح السنة)) وأشياء عديدة. وسمع من: ابن عبد الدائم، والزين خالد، وشيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز، والقاضي عماد الدين عبد الكريم بن الحرستاني، وأبي محمد عبد الرحمن بن سالم الأنباري، وأبي محمد إسماعيل بن أبي اليسر، وأبي

(50/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 250
زكريا يحيى بن الصيرفي، وأبي الفضل محمد بن محمد بن البكري، والشيخ شمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر، وطائفة سواهم. وأخذ علم الحديث عن جماعة من الحفاظ، فقرأ كتاب ((الكمال)) لعبد الغني الحافظ، على أبي النقا خالد النابلسي، وشرح مسلما ومعظم ((البخاري)) على أبي إسحاق بن عيسى المرادي. وأخذ أصول الفقه عن القاضي أبي الفتح التفليسي، قرأ عليه ((المنتخب)) وقطعة من ((المستصفى)) للغزالي. وتفقه على الإمام كمال الدين إسحاق المغربي ثم المقدسي، والإمام شمس الدين عبد الرحمن بن نوح المقدسي، ثم الدمشقي، وعز الدين عمر بن أسعد الإربلي. وكان النووي يتأدب مع هذا الإربلي، ربما قام وملأ الإبريق ومشى به قدامه إلى الطهارة. والإمام كمال الدين سلار بن الحسين الإربلي، ثم الحلبي صاحب الإمام أبي بكر الماهاني. وقد تفقه الثلاثة الأولون على ابن الصلاح، رحمه الله. وقرأ النحو على فخر الدين المالكي، والشيخ أحمد بن سالم المصري. وقرأ على ابن مالك كتابا من تصانيفه، وعلق عنه أشياء. أخذ عنه: القاضي صدر الدين سليمان الجعبري خطيب داريا، والشيخ شهاب الدين أحمد بن جعوان، والشيخ علاء الدين علي بن العطار، وأمين الدين سالم بن أبي الدر، والقاضي شهاب الدين الإربدي. وروى عنه: ابن العطار، والمزي، وابن أبي الفتح، وجماعة كثيرة. أخبرنا علي بن الموفق الفقيه: أنا يحيى بن شرف الفقيه، أنا خالد بن يوسف بن سعد الحافظ. ح وأنبأتنا ست العرب بنت يحيى قالا: أنا زيد بن الحسن، أنا

(50/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 251
المبارك بن الحسين، أنا علي بن أحمد، أنا محمد بن عبد الرحمن، ثنا عبد الله ثنا شيبان، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من طلب الشهادة صادقا من قلبه أعطها ولو لم تصبه)). رواه مسلم، عن شيبان. وقرأت بخط نجم الدين ابن الخباز: أنبا الإمام محيي الدين النووي، أنا عبد الرحمن ابن أبي عمر بن قدامة الفقيه، أنا أبو عبد الله بن الزبيدي، أنا أبو الوقت فذكر أول حديث في الصحيح. قال شيخنا ابن العطار: ذكر لي شيخنا رحمه الله أنه كان لا يضيع له وقتا في ليل ولا نهار إلا في وظيفة من الاشتغال بالعلم حتى في ذهابه في الطريق يكرر أو يطالع. وأنه بقي على هذا نحو ست سنين، ثم اشتغل بالتصنيف والإشتغال والنصح للمسلمين وولاتهم، على ما هو عليه من المجاهدة لنفسه، والعمل بدقائق الفقه، والحرص على الخروج من خلاف العلماء والمراقبة لأعمال القلوب وتصفيتها من الشوائب. يحاسب نفسه على الخطرة بعد الخطرة. وكان محققا في علمه وفنونه، مدققا في علمه وشؤونه، حافظا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عارفا بأنواعه من صحيحه وسقيمه وغريب الفاظ واستنباط فقهه، حافظا للمذهب وقواعده وأصوله، وأقوال الصحابة والتابعين، واختلاف العلماء ووفاقهم. سالكا في ذلك طريقة السلف. قد صرف أوقاته كلها في أنواع العلم والعمل بالعلم. قال: فذكر لي صاحبنا أبو عبد الله محمد بن أبي الفتح الحنبلي قال: كنت ليلة في أواخر الليل بجامع دمشق والشيخ واقف يصلي إلى سارية في ظلمة، وهو يردد قوله تعالى: {وقفوهم إنهم مسؤولون} مرارا بحزن وخشوع، حتى حصل عندي من ذلك ما الله به عليم.

(50/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 252
قال: وكان إذا ذكر الصالحين ذكرهم بتعظيم وتوقير، وذكر مناقبهم وكراماتهم، فذكر لي شيخنا ولي الدين علي المقيم ببيت لهيا قال: مرضت بالنقرس فعادني الشيخ محيي الدين، فلما جلس شرع يتكلم في الصبر، فبقي كلما تكلم جعل الألم يذهب قليلا قليلا. فلم يزل يتكلم حتى زال جميع الألم. وكنت لا أنام في الليل، فعرفت أن زوال الألم من بركته. وقال الشيخ رشيد الدين ابن المعلم. عذلت الشيخ في عدم دخول الحمام، وتضييق عيشه في أكله ولبسه وأحواله، وقلت: أخشى عليك مرضا يعطلك عن أشياء أفضل مما تقصده. فقال: أن فلانا صام وعبد الله حتى اخضر. فعرفت أنه ليس له غرض في المقام في دارنا هذه، ولا يلتفت إلى ما نحن فيه. قال: ورأيت رجلا قشر خيارة ليطعمه إياها، فامتنع وقال: أخشى أن ترطب جسمي وتجلب النوم. قال: وكان لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكلة بعد العشاء الآخرة. ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر. ولا يشرب الماء المبرد، ولا يأكل فاكهة، فسألته عن ذلك فقال: دمشق كثيرة الأوقاف وأملاك المحجوز عليهم، والتصرف لهم لا يجوز إلا على وجه الغبطة، والمعاملة فيها على وجه المساقاة، وفيها خلاف والناس لا يفعلونها إلا على جزء من ألف جزء لمالك فكيف تطيب نفسي بأكل ذلك؟ وقال لي شيخنا مجد الدين أبو عبد الله بن الظهير: ما وصل الشيخ تقي الدين ابن الصلاح إلى ما وصل إليه الشيخ محيي الدين من العلم في الفقه والحديث واللغة وعذوبة اللفظ.
فصل
وقد نفع الله تعالى الأمة بتصانيفه، وانتشرت في الأقطار، وجلبت إلى

(50/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 253
الأمصار، فمنها: ((المنهاج في شرح مسلم))، و ((كتاب الأذكار))، و ((كتاب رياض الصالحين))، و ((كتاب الأربعين حديثا))، و ((كتاب الإرشاد)) في علوم الحديث، و ((كتاب التيسير)) في مختصر الإرشاد المذكور، و ((كتاب المبهمات))، و ((كتاب التحرير في ألفاظ التنبيه))، و ((العمدة في صحيح التنبيه))، و ((الإيضاح)) في المناسك، و ((الإيجاز)) في المناسك، وله أربع مناسك أخر. وكتاب ((التبيان في آداب حملة القرآن))، وفتاوى له. و ((الروضة)) في أربع مجلدات، و ((المنهاج)) في المذهب، و ((المجموع)) في شرح المهذب، بلغ فيه إلى باب المطرة في أربع مجلدات كبار. وشرح قطعة من البخاري، وقطعة جيدة من أول ((الوسيط))، وقطعة في ((الأحكام))، وقطعة كبيرة في ((تهذيب الأسماء واللغات))، وقطعة مسودة في طبقات الفقهاء، وقطعة في التحقيق في الفقة، إلى باب صلاة المسافر. قال ابن العطار: وله مسودات كثيرة، ولقد أمرني مرة ببيع كراريس نحو ألف كراس بخطه، وأمرني بأن أقف على غسلها في الوراقة، فلم أخالف أمره، وفي قلبي منها حسرات. وقد وقف الشيخ رشيد الدين الفارقي على ((المنهاج)) فقال:
(اغتنى بالفضل يحيى فاغتنى .......... عن بسيط بوجيز نافع)

(وتحلى بتقاه وفضله .......... فتجلى بلطيف جامع)

(ناصبا أعلام علم جازما .......... بمقال رافعا للرافعي)

(فكأن ابن صلاح حاضر .......... وكأن ما غاب عنا الشافعي)
وكان لا يقبل من أحد شيئا إلا في النادر ممن لا له به علقة من إقراء. أهدى له فقير مرة إبريقا فقبله. وعزم عليه الشيخ برهان الدين الإسكندراني أن يفطر عنده في رمضان فقال: أحضر الطعام إلى هنا ونفطر جملة. قال أبو الحسن: فأفطرنا ثلاثتنا على لونين من طعام أو أكثر. وكان الشيخ يجمع إدامين ببعض الأوقات. وكان أماراً بالمعروف نهاء

(50/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 254
عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم. يواجه الملوك والجبابرة بالإنكار، وإذا عجز عن المواجهة كتب الرسائل، فمما كتبه وأرسلني في السعي فيه وهو يتضمن العدل في الرعية وإزالة المكوس. وكتب معه في ذلك شيوخنا الشيخ شمس الدين، والزواوي، والشريشي، والشيخ إبراهيم بن الأرموي، والخطيب بن الحرستاني، ووضعها في ورقة إلى الخزندار، فيها: من عبد الله يحيى النواوي، سلام الله ورحمته وبركاته على المولى المحسن، ملك الأمراء بدر الدين أدام الله له الخيرات، وتولاه بالحسنات، وبلغه من خيرات الدنيا والآخرة كل آماله، وبارك له في جميع أحواله آمين، وينهى إلى العلوم الشريفة أن أهل الشام في ضيق وضعف حال بسبب قلة الأمطار وغلاء الأسعار.. وذكر فصلا طويلا فلما وقف على ذلك أوصل الورقة التي في طيها إلى السلطان، فرد جوابها ردا عنيفا مؤلما، فتنكدت خواطر الجماعة. وله غير رسالة إلى الملك الظاهر في الأمر بالمعروف. قال ابن العطار: وقال لي المحدث أبو العباس بن فرح، وكان له ميعادان في الجمعة على الشيخ يشرح عليه في الصحيحين، قال: كان الشيخ محيى الدين قد صار إليه ثلاث مراتب، كل مرتبة منها لو كانت لشخص شدت إليه الرحال. المرتبة الأولى: العلم. والثانية: الزهد. والثالثة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. سافر الشيخ إلى نوى وزار القدس والخليل وعاد إلى نوى، وتمرض عند أبيه. قال ابن العطار: فذهبت لعيادته ففرح ثم قال لي: ارجع إلى أهلك. وودعته وقد أشرف على العافية، وذلك يوم السبت. ثم توفي ليلة الأربعاء. قال: فبينا أنا نائم تلك الليلة إذ مناد ينادي على سدة جامع دمشق في يوم جمعة: الصلاة على الشيخ ركن الدين الموقع. فصاح الناس لذلك. فاستيقظت فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. فلما كان آخر يوم الخميس جاءنا وفاته، فنودي يوم الجمعة بعد الصلاة بموته، وصلي عليه صلاة الغائب.

(50/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 255
قال الشيخ قطب الدين: وفي ليلة الأربعاء رابع وعشرين رجب توفي الشيخ محيي الدين النووي صاحب التصانيف بنوى ودفن بها. وكان أوحد زمانه في الورع والعبادة والتقلل وخشونة العيش والأمر بالمعروف. واقف الملك الظاهر بدار العدل غير مرة ؛ وحكي عن الملك الظاهر أنه قال: أنا أفزع منه. وكانت مقاصده جميلة. ولي مشيخة دار الحديث. قلت: وليها بعد موت أبي شامة سنة خمس وستين وإلى أن مات. وقال شمس الدين ابن الفخر: كان إماما، بارعا، حافظا. مفتيا، أتقن علوما شتى، وصنف التصانيف الجمة. وكان شديد الورع والزهد. ترك جميع ملاذ الدنيا من المأكول إلا ما يأتيه به أبوه من كعك يابس وتين حوراني، والملبس إلى الثياب الرثة المرقعة. ولم يدخل الحمام. وترك الفواكه جميعها. وكان أمارا بالمعروف ناهيا عن المنكر على الأمراء والملوك والناس عامة، فنسأل الله أن يرضى عنه وأن يرضى عنا به.

(50/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 256
وذكر مناقبه يطول. وترك جميع الجهات الدنياوية ولم يكن يتناول من جهة من الجهات درهما فردا. وحكى لنا الشيخ أبو الحسن بن العطارأن الشيخ قلع ثوبه ففلاه بعض الطلبة، وكان فيه قمل فنهاه وقال: دعه. قلت: وكان في ملبسه مثل آحاد الفقهاء من الحوارنة لا يؤبه به. عليه شبختانية صغيرة، ولحيته سوداء فيها شعرات بيض، وعليه هيبة وسكينة. وكان لا يتعاني لفظ الفقهاء وعياطهم في البحث، بل يتكلم بتؤدة وسمت ووقار. وقد رثاه غير واحد يبلغون عشرين نفسا بأكثر من ستمائة بيت، منهم: مجد الدين ابن الظهير، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، ومجد الدين ابن المهتار، وعلاء الدين الكندي الكاتب، والعفيف التلمساني الصوفي الشاعر. وأراد أقاربه أن يبنوا عليه قبة فرأته عمته، أو قرابة له، في النوم فقال لها: قولي لهم لا يفعلوا هذا الذي قد عزموا عليه، فإنهم كلما بنوا شيئا تهدم عليهم. فانتبهت منزعجة وحدثتهم، وحوطوا على قبره حجارة ترد الدواب. قال أبو الحسن: وقال لي جماعة بنوى أنهم سألوه يوما أن لا ينساهم في عرصات القيامة، فقال لهم: إن كان لي ثم جاه، والله لا دخلت الجنة وأحد ممن أعرفه ورائي. قلت: ولا يحتمل كتابنا أكثر مما ذكرنا من سيرة هذا السيد رحمة الله عليه. وكان مذهبه في الصفات السمعية السكوت وإمرارها كما جاءت. وربما تأول قليلا في شرح مسلم، رحمه الله تعالى.

(50/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 257
331 - يحيى بن موسى. السلمي، الزرعي، الفقيه محيي الدين الحنبلي. روى عن: ابن اللتي. وتوفي بدمشق. وحدث. وللبرزالي منه إجازة سنة سبع. 332 - يحيى بن محمد بن هبة الله بن الحسن. ابن الدوامي، الرئيس الأنبل عز الدين بن فخر الدين. مات في شعبان ببغداد عن أربع وستين سنة. من بيت كبير. 333 - يحيى الزبشة. الحنبلي، الشروطي. من مشاهير وكلاء الحكم بدمشق. توفي بها في ربيع الأول. 334 - يوسف الكردي. العدوي، الزاهد. ويعرف بالشيخ يوسف أبونا. صالح، زاهد، خير، مجتهد في خدمة الفقراء، مشهور. توفي بالقرافة في المحرم. وكان شيخا مسنا، رحمه الله.
الكنى
335 - أبو القاسم بن عبد الغني بن محمد بن الخضر ابن تيمية. الحراني، شمس الدين أخو شيخنا أبي الحسن علي.

(50/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 258
حدث عن جده الإمام فخر الدين ((بمسند الحميدي)). كتب عنه: ابن الخباز، وابن أبي الفتح، والطلبة. وتوفي في جمادى الأولى بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية. وقد سمع أيضا من: ابن روزبة، والموفق عبد اللطيف. 336 - الرشيد أبو الوحش بن أبي حليقة. القش الطبيب النصراني، الكلب، والد شيخ الأطباء علم الدين الذي أسلم. هلك في شهر ربيع الأول، وله خمس وثمانون سنة. وفيها ولد: شهاب الدين أحمد بن أحمد بن الحسين بن موسك الهكاري، والإمام بدر الدين أبو اليسر محمد ابن قاضي القضاة ابن الصائغ، وجمال الدين إبراهيم ابن القاضي شهاب الدين محمود الكاتب، وشمس الدين محمد بن حسن بن السلون البعلي، والشيخ جمال الدين محمد بن أحمد بن خلف الخزرجي المدني، المعروف بالمطري محدث الحرمين.

(50/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 259

سنة سبع وسبعين وستمائة

- حرف الألف 0
337 - أحمد بن شجاع بن ضرغام. أبو العباس القرشي، المصري، الكاتب. ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وسمع من: علي بن المفضل الحافظ. كتب عنه: الأبيوردي، والحارثي، والمصريون. توفي في شعبان. 338 - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد. الدشناوي، الإمام جلال الدين. توفي بقوص عن نيف وستين سنة. قرأ عليه جماعة، وأخذ النحو عن المرسي. 339 - أحمد بن محمد بن عيسى.

(50/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 260
المحدث، العالم، شهاب الدين، أبو العباس الأنصاري، الدمشقي، الخرزي، الحنبلي. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة. وسمع من: أبي المنجا بن اللتي، وأبي الفضل الهمداني، وأبي الحسن بن المقير. ورحل فسمع بحلب من: ابن رواحة، وابن خليل. وأكثر، وحصل ونسخ بخطه الكثير. وكان حسن القراءة فيه حسن ونباهة. قال شيخنا ابن الظاهري: كنا نسميه الحويفظ لمعرفته. قلت: وكان يقرأ على كرسي ابن بطحان بالحائط الشمالي. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وغيرهم. وأجاز لي مروياته. وقد قرأ كتبارا على أبي الحجاج بن خليل. توفي بدار الحديث الأشرفية في جمادى الآخرة رحمه الله. وكان فقيرا قانعا، وربما عرض بالطلب في مجلسه لحاجته. 340 - أحمد بن محمد بن علي. ابن البالسي: أخو المحدث ضياء الدين علي. توفي في ذي القعدة. حدث عن: أبي نصر بن الشيرازي. أخذ عنه السبط. 341 - أحمد بن نوال بن غثور. الرصافي، المقرىء، نزيل الصالحية، ووالد شيخنا محمد. عمر وأسن. وحدث عن: الشهاب بن راجح.

(50/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 261
سمعه: ابن الخباز، والمزي. ولم يدركه البرزالي. لا أعرف وفاته. 342 - أحمد بن يوسف بن بندار. أبو العباس السلماسي. له رواية. سمع من: الشمس العطار جزء بيبى. قرأه عليه سعد الدين الحارثي. وتوفي في جمادى الأولى. 343 - إبراهيم بن أحمد بن أبي الفرج بن أبي عبد الله. زين الدين ابن السديد، الحنفي، الدمشقي إمام مقصورة الحلبيين من جامع دمشق. سمع: أبا اليمن الكندي، وأبا القاسم بن الحرستاني. وكان عدلا خيرا، دينا، ذا مروءة. وسمع من المحدث عمر بن بدر الموصلي ((مسند أبي حنيفة))، رواية ابن الثلجي. روى عنه: ابن العطار، والمزي، وجماعة. ومات في جمادى الأولى وله ثلاث وسبعون سنة. ومن مروياته كتاب ((الشمائل)) للترمذي. 344 - إبراهيم بن يوسف بن خليل. ابن الفحام الإربلي.

(50/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 262
حدث عن ابن الجميزي بأحاديث. ومات في ذي القعدة. وهو أخو البدر خليل. توفي بدمشق. 345 - إسحاق بن الخضر بن كيلوا. المراغي. صوفي بمصر. روى عن مكرم. مات في ذي القعدة. 346 - آقسنقر. الأمير الكبير شمس الدين الفارقاني. قبض عليه الملك السعيد في السنة الماضية، واختفى خبره، فقيل إنه خنق عقيب اعتقاله. وكان أستاذ دار الملك الظاهر وممن يعتمد عليه ويقدمه على الجيوش. ثم إن الملك السعيد جعله نائب السلطنة، فلم ترض حاشية السعيد بذلك، ووثبوا على الفارقاني، واعتقلوه، ولم يسع السعيد مخالفتهم. قال قطب الدين: كان وسيما جسيما، شجاعا، مقداما، كثير البر والصدقة، خبيرا بالتصرف، حسن التدبير، عليه هيبة شديدة مع لين كلمته. عمل عزاؤه في جمادى الأولى بدمشق. ومات في عشر الخمسين.

(50/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 263
347 - آقطوان. الأمير علاء الدين المهمندار الظاهري. أحد أمراء الشام. توفي في شعبان. أمير عاقل، دين، شجاع، عارف. 348 - آقوش. الأمير جمال الدين النجيبي، الصالحي، النجمي، نائب السلطنة بدمشق. قال قطب الدين: أمره مولاه الملك الصالح وجعله أستاذ داره، وكان يعتمد عليه. وولد في حدود العشر وستمائة. وقد جعله الملك الظاهر في أول دولته أستاذ داره، ثم ناب له بدمشق تسع سنين، وصرف بعز الدين أيدمر فانتقل إلى القاهرة، وأقام بداره بطالا كبير الحرمة، عالي المكانة. ولما مرض عاده الملك السعيد، وكان قد لحقه فالج قبل موته بأربع سنين. وكان كثير الصدقة محبا للعلماء والفقراء، شافعي المذهب، حسن الاعتقاد. وقال غيره: كان مشكورا، قليل الأذى، كارها للمواقعة. لم يرزق ولدا. وكان ضخم الشكل، سمينا، جهوري الصوت، كثير الأكل. له أوقاف على الحرمين.

(50/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 264
توفي في ربيع الآخر. 349 - أيدكين. الأمير علاء الدين الشهابي، أحد أمراء دمشق. وصاحب الخانقاه الشهابية. وهو منسوب إلى شهاب الدين رشيد الصالحي الخادم. وقد ولي نيابة حلب مدة. ومات بدمشق في ربيع الأول وهو كهل.
- حرف الباء -
350 - بلبان الزيني. الأمير الكبير. سيف الدين الصالحي. كان مقدم البحرية في أول دولة الترك. ثم حبسه السلطان مدة ثم أطلقه وأعطاه إمرة دمشق. وكان ذا نهضة وشهامة وشجاعة مات في عشر الستين.
- حرف الحاء -
351 - الحسن بن علي بن محمد بن إلياس. شرف الدين أبو علي بن الشيرجي، الأنصاري، الدمشقي، المعدل. الملقب بالقاضي. حدث عن: أبي محمد بن البن الأسدي، وغيره.

(50/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 265
ومات في ذي القعدة. سمع منه: ابن نفيس، وابن الخباز، وابن هلال. 352 - الحسن بن علي بن نباتة. جمال الدين الفارقي الكاتب المشطوب، والد أولاد المشطوب. ولد سنة ستمائة، وكتب في الإجازات في هذه السنة. ولا أعلم متى مات.
- حرف الخاء -
353 - خديجة بنت الشهاب محمد بن خلف بن راجح المقدسي. والدة شيخنا القاضي تقي الدين سليمان. روت عن: عمر بن طبرزد، وغيره. وكانت من عجائز الدير الصالحات العوابد. روى عنها: ولدها، والدمياطي، وعلم الدين الدواداري، وعلاء الدين ابن العطار، وجمال الدين المزي. وسماعها حضور ولها أربع سنين. وقد أجاز لها المؤيد ابن الأخوة، وعفيفة الفارقانية. وتوفيت إلى رحمة الله في ربيع الأول.
- حرف الزاي -
354 - زينب بنت الصاحب أبي القاسم عمر بن أحمد بن العديم العقيلي.

(50/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 266
روت عن: الركن الحنفي. وتوفيت في ربيع الأول أيضا.
- حرف السين -
355 - ست العرب بنت محمد. أم علاء الدين علي بن بلبان الناصري. روت عن: ابن اللتي. وماتت في جمادى الآخرة. 356 - سليم الهوي. الشاعر المجود حسن بن بدر النيلي. مدح ببغداد صاحب الديوان علاء الدين، وغيره. أرخ موته ابن الفوطي. 357 - سليمان بن أبي العز بن وهيب. المفتي الكبير، الشيخ صدر الدين قاضي القضاة أبو الفضل الأذرعي، ثم الدمشقي، الحنفي، إمام عالم متبحر، عارف بدقائق المذهب وغوامضه. انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر والشام. وتفقه على الشيخ جمال الدين الحصيري، وغيره.

(50/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 267
أقرأ الفقه بدمشق مدة، ثم سكن مصر وحكم بها ودرس بالصالحية ثم انتقل إلى دمشق قبل موته بيسير. واتفق موت القاضي مجد الدين ابن العديم فقلد بعده القضاء، فلم يبق فيه ثلاثة أشهر. وكان الملك الظاهر يحبه ويبالغ في احترامه، وقد أذن له أن يحكم حيث حل. وكان لا يكاد يفارقه في غزواته، وحج معه. ولم يخلف بعده مثله في مذهبه. وله شعر جيد. توفي إلى رحمة الله في سادس شعبان عن ثلاث وثمانين سنة. ودفن بسفح قاسيون ؛ وولي القضاء بعده حسام الدين الرومي. 358 - سنجر. الأمير علم الدين التركستاني. كان ذا حرمة وتجمل مع الشجاعة الموصوفة والإقدام. توفي في جمادى الأولى. ودفن بسفح قاسيون كهلا.
- حرف الطاء -
359 - طه بن إبراهيم بن أبي بكر.

(50/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 268
الشيخ جمال الدين أبو محمد الإربلي، الفقيه، الشافعي، الأديب. ولد بإربل سنة بضع وتسعين وخمسمائة. وقدم الديار المصرية شابا. وسمع من: محمد بن عماد، وغيره. وحمل الناس عنه. وله شعر جيد. روى عنه: الدمياطي، والدواداري، والمصريون. وتوفي في جمادى الأولى، وقد نيف على الثمانين. ولا أعلم في كتابنا من اسمه طه غيره.
- حرف الظاء -
360 - ظافر بن نصر. كمال الدين، أبو المنصور المصري، الفقيه. وكيل بيت المال بالديار المصرية. ولد سنة إحدى وستمائة، وحدث عن عبد العزيز بن باقا. وله نظم حسن ونثر، وفيه رئاسة. وله مكانة عند الملك الصالح نجم الدين، قال قطب الدين، بحيث كتب في وصيته أن يقر على منصبه، فلم يزل فيه إلى أن مات. توفي في ذي القعدة. وقد حدث عن: مكرم بن أبي الصقر. روى عنه: الدمياطي في ((معجمه))، والدواداري.

(50/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 269

- حرف العين -
361 - عبد الله بن الحسن بن إسماعيل بن محبوب. الصدر الأجل بهاء الدين المعري الأصل، البعلبكي. ولي نظر الجوشخاناه ونظر بعلبك، ثم نظر جامع دمشق قليلا. وولي نظر المارستان النوري ونظر الأسرى. وكان مشهورا بالأمانة والدين ومعرفة الكتابة. وكان عاقلا، حسن المحاضرة، من أعيان البعلبكيين. استوطن دمشق، وحدث عن: أبي المجد القزويني. سمع منه: أولاده: القاضي شهاب الدين قاضي البقاع، والرئيس نجم الدين، والشيخ فخر الدين عبد الرحمن، وعلاء الدين الكتبة، والفقيه محيي الدين، والعدل صدر الدين. وسمع منه: الشيخ علي الموصلي، والوجيه السبتي، والطلبة. توفي في ليلة الجمعة سلخ ذي القعدة بداره بدرب بري، وقد قارب الثمانين. 362 - عبد الله بن الحسين بن علي. الشيخ الإمام، مجد الدين، أبو محمد الكردي، الزرزاري، الإربلي، الشافعي، إمام المدرسة القيمرية. وقد أم بالتربة الظاهرية، ودرس بالكلاسة. وكان خبيرا بالمذهب، عارفا بالقراءآت، متين الديانة، حسن الأخلاق،

(50/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 270
صاحب زهد وتعبد وحسن سمت. روى عن: الحافظ يوسف بن خليل. وقرأ القراءآت على أبي عبد الله الفاسي. وتوفي إلى رحمة الله في ذي القعدة عن ست وستين سنة. وهو والد المفتي شهاب الدين والشيخ ركن الدين، والشيخ عفيف الدين المحمدين. 363 - عبد الله بن عمر بن نصر. الأديب، العالم، موفق الدين، أبو محمد الأنصاري، الورن. توفي بمصر في صفر. قال قطب الدين: كان قادرا على النظم، وله مشاركة في الطب والوعظ والفقه، حلو النادرة، لا تمل مجالسته. أقام ببعلبك مدة، وقد خمس مقصورة ابن دريد، ورثى بها الحسين رضي الله عنه. ومات كهلا. ومن شعره:
(جميعي لسان وهو باسمك ناطق .......... وكلي قلب عند ذكرك خافق)

(وإني وإن لم أقض فيك صبابة .......... فما أنا في دعوى المحبة صادق)

(خليلي ما للبرق يخفق غيرة .......... أبرق حماها مثل قلبي عاشق)

(تميل قدود البان شوقا لقدها .......... فتنطق إشفاقا عليها المناطق)

(وينشق قلبي للشقائق غيرة .......... إذا حدقت يوما إليها الحدائق)

(50/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 271
364 - عبد الله بن مسعود. الصدر الكبير جمال الدين اليزدي. ولي نظر جامع دمشق، والخوانق أيام التجيبي، ثم عزل بعده. توفي بدمشق في صفر. 365 - عبد الباقي بن عبد الرحمن بن خليل. الإمام عز الدين الأنصاري، المصري، والد المحدث أبي بكر محمد. رئيس عالم نبيل، ولي خاطبة جامع الفسطاط مدة. وتوفي في جمادى الأولى. 366 - عبد الرحمن بن حسين بن يوسف. الشاطبي، ثم الإسكندراني، العدل، وجيه الدين، أبو القاسم. سمع كتاب ((الشفا)) من ابن جبير الكناني، و ((الخلعيات)) من ابن عماد. وأكثر عن العثماني الصغير. وعاش أربعا وسبعين سنة. مات في جمادى الآخرة. أجاز للبرزالي. 367 - عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن الحسن.

(50/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 272
الإمام، جمال الدين ابن الشيخ الإمام نجم الدين الباذرائي، الشافعي. درس بمدرسة والده إلى أن مات عن نيف وخمسين سنة. وكان صدرا رئيسا، حسن الأخلاق، كريما. توفي في رجب، ودرس بعده الشيخ تاج الدين. يروي عن: الكاشغري، وابن الخازن. سمع منه: ابن جعوان، والسيبي. 368 - عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة. الصاحب قاضي القضاة مجد الدين، أبو المجد بن الصاحب العلامة كمال الدين أبي القاسم ابن العديم العقيلي، الحلبي، الحنفي. ولد سنة ثلاث عشرة أو قريبا منها. وسمع من: ثابت بن مشرف حضورا، ومن: عم أبيه القاضي أبي غانم محمد بن هبة الله، وأبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان، وأبي حفص السهروردي، وعبد الرحمن بن بصلا، وأبي المحاسن يوسف بن شداد الحكم، وعبد اللطيف بن يوسف، وابن روزبة، وابن اللتي، وأبي الحسن بن الأثير، وأبي حفص عمر بن علي بن قشام، وأبي المجد القزويني، وأبي الوفاء محمد بن حمزة الحراني، ومحمد بن عبد الجليل الميمني، وطائفة بحلب.

(50/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 273
وأبي علي بن الزبيدي، وأبي الحسن محمد بن المبارك بن أيوب، وجماعة بمكة، وأبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، وطبقتهم بدمشق. ومنصور بن المعوج، وإبراهيم بن عثمان الكاشغري، وإلياس بن أنجب الغراد، وجماعة بدمشق. والحسن بن دينار، وابن الطفيل، وجماعة بمصر. ومحمد بن عمر القرطبي بالمدينة، وهبة الله ابن الواعظ بالإسكندرية. وقرأ بالسبع على الفاسي. وخرج له شيخنا ابن الظاهري ((معجما)) في مجلدة. وأجاز له المؤيد الطوسي، وجماعة. وكان صدرا معظما، مهيبا محتشما، ذا دين وتعبد وأوراد، وسيرة حميدة، لولا بأو فيه وتيه، رحمه الله. وكان إماما، مفتيا، مدرسا، بارعا في المذهب، عارفا بالأدب. وهو أول حنفي ولي خطابة جامع الحاكم، ودرس بالظاهرية التي بالقاهرة، وحضر السلطان، وهو لم يأت بعد، وطلبه السلطان فقيل: حتى يقضي ورده الضحى. ثم جاء وقد تكامل الناس، فقام كلهم له، ولم يقم هو لأحد. ثم قدم على قضاء الشام. وكان بزي الوزراء والرؤساء، لم يعبأ بالمنصب، ولا غير لبسه، ولا وسع كمه. وقد مر ليلة بوادي الربيعة، وهو مخوف إذ ذاك، فنزل وصلى ورده بين العشاءين والغلمان ينتظرونه بالخيل، فلما فرغ ركب وسار. ثم وجدت أنه ولد في جمادى الأولى سنة أربع عشرة. وكان رحمه الله يتواضع للصالحين، ويعتقد فيهم. وقد درس بدمشق بعدة مدارس. وسمع منه: ابن الظاهري، والدمياطي، والحارثي، وشرف الدين

(50/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 274
الحسن بن العطار، وشمس الدين ابن جعوان، ومجد الدين ابن الصيرفي، والقاضي شمس الدين محمد بن الصفي، وجماعة كثيرة. وأجاز لي مروياته. وتوفي في سادس عشر ربيع الآخر. ودفن بتربته قبالة جوسق ابن العديم عند زاوية الحريري، وكان يوما مشهودا، ورثته الشعراء، فمن ذلك ما أنشدني المولى القاضي شهاب الدين محمود بن سلمان الكاتب لنفسه:
(رقادي أبى إلا مفارقة الجفن .......... وقلبي نأى إلا عن الوجد والحزن)

(أبيت وراحي أدمعي وكآبتي .......... كؤوسي وحزني مؤنسي والأسى خدني)

(وأضحى وطرفي يحسد العمي إذ .......... يرى حمى المجد تغشاه الخطوب بلا إذن)

(ألا في سبيل المجد وجد وأدمع .......... وهبتهما للبرق إن كل والمزن)

(لأنهما سنا الحداد وأقبلا .......... يزوران في سود الملابس والدكن)

(ثوى المجد في حزن من الأرض .......... فاغتدت تتيه على سهل الربى روضة الحزن)

(وكان لوفد الجود مغناه كعبة .......... يطوفون منها من يمينه بالركن)

(فأضحت وهذا القلب مرمى جمارها .......... وأسست وهذا الجفن مجرى دم البدن)

(غدت بعده كأس العلوم مريرة .......... وكانت به من قبل أحلا من الأمن)

(كأن سماء الدست من بعد شخصه .......... تغشى محياها عبوس من الدجن)

(كأن غروس الفضل عزت قطوفها .......... وطالت وقد غاب المدلل والمدني)

(أمر على مغناه كي يذهب الأسى .......... كعادته الأولى فيغري ولا يغني)

(وتنثر عيني لؤلؤا كان كلما .......... يساقطه من فيه تلقطه أذني)

(وأحسد عجم الطير فيه لأنها .......... تزيد على إعراب نظمي باللحن)

(وأقسم أن الفضل مات لموته .......... ويخطر في ذهني أخوه فأستثني)
ورثاه شهاب الدين أيضا بقصيدة أولها:

(50/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 275

(أقم يا ساري الخطب الذميم .......... فقد أدركت مجد بني العديم)

(هدمت، وكنت تقصر عنه، بيتا .......... له شرف يطول على النجوم)

(عثرت وقد ضللت بطود علم .......... أما تمشي على السنن القويم)

(صحيح الزهد غادره تقاه .......... وخوف الله كالنضر السقيم)

(وكم قد بات وهو من الخطايا .......... سليم النفس في ليل السليم)
369 - عبد الرحيم بن عبد الحميد بن محمد بن ماضي. المقدسي، أخو شيخنا هدية. رجل خير، مات بمصر في ذي القعدة، رحمه الله تعالى. 370 - عبد الملك بن يوسف بن عبد الوهاب بن عمر. المحدث، نجم الدين السهرزوري. إمام مسجد فيروز بمقابر باب الفراديس، وأحد الشهود بالعقيبة. سمع الحديث الكثير، وكتب الطباق والأجزاء. وحدث. ولد سنة ست عشرة وستمائة. وسمع من: ابن الزبيدي، والمسلم المازني، وابن اللتي، والإربلي، وابن باسويه. روى لنا عنه ابن العطار. وكان من فقهاء العزيزية. توفي في الحادي والعشرين من جمادى الأولى. وكان يعرف بابن الباقلاني. 371 - العزفي. صاحب سبتة وأعمالها الشيخ أبو القاسم بن الفقيه أبي العباس أحمد. امتدت دولته، فإنه تملك من بعد والده.

(50/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 276
وتوفي في ذي الحجة بسبتة، رحمه الله. 372 - علي بن إسماعيل بن إبراهيم. العدل نجم الدين ابن القصاع الدمشقي. أحد عدول (...). سمع من أبي المجد القزويني. وما كأنه حدث. توفي في ذي القعدة. 373 - علي بن محمد بن سليم. الصاحب، الوزير الكبير، بهاء الدين ابن حنا المصري. أحد رجال الدهر حزما وعزما ورأيا ودهاء وخبرة بالتصرف. استوزره الملك الظاهر، وفوض إليه الأمور، ولم يجعل على يده يدا، فساس الأحوال، وقام بأعباء المملكة، وأخمل خلقا ممن ناوأه. وكان واسع الصدر، عفيفا، نزها، لا يقبل لأحد شيئا إلا أن يكون من الصلحاء والفقراء. وكان قائلا بهم يحسن إليهم ويحترمهم ويدر عليهم الصلات. وقد قصده غير واحد بالأذى، فلم يجدوا ما يتعلقون به عليه. واستمر في وزارة الملك السعيد، وزادت رتبته. وله مدرسة وبر وأوقاف ومتاجر كثيرة. ابتلي بفقد ولديه فخر الدين ومحيي الدين فصبر وتجلد.

(50/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 277
ولسعد الدين الفارقي الكاتب فيه:
(يمم عليا فهو بحر الندا .......... وناده في المضلع المعضل)

(فرفده مجد على مجدب .......... ووفده مفض إلى مفضل)

(يسرع إن سيل نداه وهل .......... أسرع من سيل أتى من عل)
توفي في سلخ ذي القعدة، وشيعه الخلق. وعاش أربعا وسبعين سنة. ذكره الشيخ قطب الدين، ووصفه بهذا وأكثر.
- حرف الغين -
374 - غازي بن خليل. الرقي. توفي بمسجد كثر. أجاز للبرزالي. وعاش ثمانيا وثمانين سنة.
- حرف الفاء -
375 - فاطمة بنت محمد. والدة المحدث علي بن بلبان. روت عن: ابن اللتي. توفيت بدمشق.
- حرف الميم -
376 - مبارك بن عبد الله بن منصور. الأمير أبو المناقب ابن المستعصم بالله العباسي.

(50/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 278
روى عن: أبيه. روى عنه: ابن الفوطي. توفي بمراغة في جمادى الأولى، واحتفل لعزائه ببغداد، ورثته الشعراء. عاش سبعا وثلاثين سنة وخلف محمدا، وعبد الله، ويوسف. ودفن عند المسترشد بالله. 377 - محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن أبي شاكر. الشيخ، الإمام، مجد الدين، أبو عبد الله ابن الظهير الإربلي، الحنفي، الأديب. ولد بإربل في ثاني صفر سنة اثنتين وستمائة. وسمع ببغداد في الكهولة من: أبي بكر بن الخازن، وأبي إسحاق الكاشغري ؛ وبدمشق من: السخاوي، وكريمة، وتاج الدين بن حمويه، وتاج الدين ابن أبي جعفر. وقيل إنه سمع من ابن اللتي. روى عنه الكبار: أبو شامة، والقوصي، والدمياطي، وأبو الحسين اليونيني. ومن المتأخرين: شهاب الدين محمود الكاتب تلميذه، وعلاء الدين ابن العطار، وابن الخباز، والمزي، وجماعة.

(50/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 279
وكان من كبار الحنفية وفضلائهم. درس بالقيمازية مدة، وكان ذا دين وعبادة وانقطاع وطريقة حميدة ومكارم أخلاق وظرف وكيس. وكان من أعيان شيوخ الأدب وفحول الشعراء والكتاب. له ديوان: وقد رثاه شهاب الدين محمود بقصيدة. قال قطب الدين: كان فقيها مدرسا، وافر الديانة، واسع الصدر، محتملا للأذى، يتصدق دائما ويحسن إلى تلامذته، وشعره سائر. توفي ليلة الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر ودفن بمقابر الصوفية. أنشدنا أبو عبد الله بن الظهير لنفسه كتابة:
(إذا رمت أن تتوخى الهدى .......... وأن تأتي الحق من بابه)

(فدع كل قول ومن قاله .......... لقول النبي وأصحابه)

(فلم تنج من محدثات الأمور .......... بغير الحديث وأربابه)
وله دوبيت:
(يختال بقد كالقضيب النضر .......... نشوان يميله نسيم السحر)

(ما جاد بوصلي في دجى من شعر .......... إلا فضحتنا طلعة كالقمر)
وله:
(عجل هديت المثاب يا رجل .......... أبطأت والموت سائق عجل)

(أسرفت في السيئآت لا ملل .......... يعروك من قبحها ولا خجل)

(تفرح إن أمكنتك موبقة .......... وأنت من خوف فوتها وجل)

(يا معسرا والغريم طالبه .......... وقد دنا من كتابه الأجل)

(كم تتروى إذا دعاك هدى .......... وعند داعي هواك ترتجل)

(50/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 280
وله:
(أترجو من مدامعك انتصارا .......... وقد جد الخليط ضحى وسارا)

(وتأمل بعدهم صبرا جميلا .......... متى هلك المجنون اصطبارا)

(وتطمع في الرقاد على التنائي .......... لترقب من خيالهم مزارا)

(فأحلى الوجد ما جانبت فيه .......... رقادك والتبصر والقرارا)

(وأشهر الحب ما جر النوايا .......... وما ظلم الحبيب به وجارا)

(وإن لم يتلف الشوق المعنى .......... لعمري كان شوقا مستعارا)
حدثني جمال الدين إبراهيم البدوي المقرىء قال: أتيت مجد الدين بإجازة فكتب فيها:
(أجازهم ما سألوا بشرطه المعتمد .......... محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد)
378 - محمد بن سوار بن إسرائيل بن خضر بن إسرائيل بن الحسن.

(50/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 281
الشاعر المشهور، الأديب، البارع، نجم الدين الشيباني، الدمشقي، صاحب الشيخ علي الحريري، وصاحب الديوان المعروف. ولد في ثاني عشر ربيع الأول سنة ثلاث وستمائة. وصحب الشيخ علي الحريري من سنة ثمان عشرة. ولبس الخرقة من الشيخ شهاب الدين السهروردي وسمع عليه. وكان قادرا على النظم الرائق مكثرا منه. وقد مدح الأمراء والكبراء. وسلك في نظمه مسلك ابن الفارض وابن العربي. وتجرد، وسافر على قدم الفقراء وقضى أوقاتا طيبة. وكان ريحانة المشاهد وديباجة السماعات وأنيس المجالس. وكان يلثغ بالراء، ولا يحسن الرقص، ولا له فيه طبع. وقد حضر مرة وقتا وفيه نجم الدين ابن الحكيم الحمري، فغنى لهم القوال بقول ابن إسرائيل:
(وما أنت غير الكون بل أنت عينه .......... ويفهم هذا السر من هو ذائق)
فقال ابن الحكيم: كفرت كفرت. وتشوش الوقت. فقال ابن إسرائيل: لا ما كفرت، ولكن أنت ما تفهم هذه الأشياء. ولا ريب في كثرة التصريح بالإتحاد في شعر هذا المرء على مقتضى ظاهر الكلام، فإن عنى بقوله ما يظهر من نظمه فلا ريب في كفره، وإن عنى به

(50/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 282
غير ما يفهم منه وتكلف له أنواع التأويلات البعيدة فقد أساء الأدب وأطلق في جانب الربوبية ما لا يجوز إطلاقه، وتجهرم على الله تعالى إذ جعل ذلك ديدنه. وهذا إنما هو على سبيل الفرض. أما من عرف مذهب القوم وحقيقة ما يعتقدونه فلا يرتاب في خروجهم عن الملة أو هو منهم. نسأل الله العظيم أن يثبت قلوبنا على دينه، آمين. والمعصوم من عصم الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فمن شعره:
(أسكان قلبي إن تنآءوا وإن حلوا .......... وملاك ودي واصلوني أو ملوا)

(تساوى لدى البعد والقرب فيكم .......... كما قد تساوى عندي الهجر والوصل)

(إن شئتم صدوا وإن شئتم صلوا .......... فإن سواكم في فؤآدي لا يحلو)

(سهادي بكم أحلا لدي من الكرى .......... وأصعب ما ألقاه في حبكم سهل)

(فبحق جنوني في الهوى بكم اسفكوا .......... دما هدرا ما أن يراد به عقل)

(إذا آثرت قتلي سيوف لحاظكم .......... فأعذب شيء عند عبدكم القتل)

(أأخشى إذا استشهدت فيكم صبابة .......... ببدر ومثلي ليس يخفى له فضل)

(دعوني مني واصنعوا ما بدا لكم .......... فإني لما أهلتموني له أهل)

(حلفت بتوريد الخدود وما جنت .......... علي القدود الهيف والأعين النجل)

(وليلتنا بالسفح إذ يسفح الندا .......... دموعا وإذ سمارنا البان والأثل)

(لقد ضاع ذكري في الوجود بحبكم .......... كما ضاع في وجدي بحسنكم العذل)

(ودق عن الواشي حديث تولهي .......... كما جل شوقي أن تبلغه الرسل)

(وصرت أمير العاشقين وكيف لا .......... ونقل أحاديثي لندمانهم نقل)

(فكل محب مات فيكم صبابة .......... صبابة كأسي أكسبته الضنى قبل)

(وما سمحت روحي بحب سواكم .......... على أنها ما من خلائقها البخل)

(نديمي هل في حبهم من ندامة .......... فأتركه أم هل لهم في الورى مثل)

(أردت بذلي في هواهم تقربا .......... ومن عز من يهواه الذل

(50/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 283
ومن شعره أيضا:
(لا تشرب الراح إلا مع أخي ثقة .......... يرعى مودة أهل الحان في الحان)

(ولا يرى وجه ساقيها سوى رجل .......... لا ينظر الخمر والخمار اثنان)

(إن غيبت ذاتها عني فلي بصر .......... يرى محاسنها في كل إنسان)

(في القلب سر لليلى لو نطقت به .......... جهرا لأفتوا بكفري بعد إيماني)
السر الذي في قلبه هو أن العباد حقيقة المعبود، وأن المعبود حقيقة العباد، أي ليس الله عنده شيئا آخر سوى المخلوقات، ولا لرب العالمين وجود متميز في نفس الأمر عن الموجودات. وهذا مذهب الدهرية بعينه، لا بل شر من مذهب الدهرية، سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. فينبغي للإنسان إذا حكى قول الكفر أن يسبح الله تعالى ويقدسه ويمجده لينجيه من الكفر. ولقد اجتمعت بغير واحد ممن كان يقول بوحدة الوجود ثم رجع وجدد إسلامه وبينوا لي مقالة هؤلاء أن الوجود هو الله تعالى، وأنه تعالى يظهر في الصورة المحلية والأشياء البديعة. ومن قصيدة ابن اسرائيل المسماة بعرف العرفان حيث يقول:
(لقد حق لي عشق الوجود وأهله .......... وقد علقت كفاي جمعا بموجدي)

(نديمي من سعد أريما ركابي .......... فقد أمنت من أن تروح وتغتدي)

(ولا تلزماني النسك فالحب شاغلي .......... ولا تذكرا لي الورد فالراح موردي)

(أمن بعدما قد برد الوصل غلتي .......... وزار الكرى أجفان طرفي المسهد)

(وأمسيت والكاسات شمسي وأصبحت .......... عروس حميا الراح تجلى على يدي)

(ونادمت في دير الحبيس غزالة .......... وزخرف لي في هيكل الدير مقعدي)

(50/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 284
ومنها:
(ذراني وعزمي والدجى ومزاره .......... فقد أبت العلياء إلا تفردي)

(ولا تيأسا من روحه وتأسيا .......... فكم معرض في اليوم يقبل في غد)

(فتى الحب صب باع مهجة نفسه .......... لجيرة ذاك الحي نقدا بموعد)

(هو الحب إما منية أو منية .......... ودون العلى حد الحسام المهند)

(ألم تريا أني وجدت تلذذي .......... برؤياه عقبى حيرتي وتلددي)

(وقد عشت دهرا والجمال يهزني .......... وتطربني الألحان من كل منشد)

(وأعذو في ليل الغدائر دائبا .......... أضل ومن صبح المباسم أهتدي)

(ويسقم جسمي كل جفن وتارة .......... يورد دمعي كل خد مورد)

(وأصبو متى هبت صبا هاجريه .......... تخبرني عن منجد غير منجدي)

(فلما تجلى لي على كل شاهد .......... وسامرني بالرمز في كل مشهد)

(تجنبت تقييد الجمال ترفعا .......... وطالعت أسرار الجمال المبدد)

(وصار سماعي مطلقا منه بدؤه .......... وحاشى لمثلي من سماع مقيد)

(في كل مشهود لقلبي شاهد .......... وفي كل مسموع له لحن معبد)

(أراه بأوصاف الجمال جميعها .......... بغير اعتقاد للحلول المبعد)

(ففي كل هيفاء المعاطف غادة .......... وفي كل مصقول السوالف أغيد)

(وعند اعتناقي كل قد مهفهف .......... ورشفي رضابا كالرحيق المبرد)

(وفي الدر والياقوات والمسك والحلى .......... على كل ساجي الطرف لدن المقلد)

(وفي خلل الأثواب راقت لناظر .......... بزبرجها من مذهب ومعمد)

(وفي الراح والريحان والشمع والغنا .......... وفي سجع ترجيع الحمام المغرد)

(50/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 285

(وفي الدوح والأنهار والروح والندى .......... وفي كل بستان وقصر مشيد)

(وفي الروضة الغناء غب سمائها .......... يضاحك نور الشمس نوارها الندي)

(وفي صفو رقراق الغدير إذا حكى .......... وقد جعدته الريح صفحة مبرد)

(وفي اللهو والأفراح والغفلة التي .......... تمكن أهل الفرق من كل مقصد)

(وعند انتشاء الشرب في كل مجلس .......... بهيج بأنواع الثمار منضد)

(وعند اجتماع الناس في كل جمعة .......... وعيد وإظهار الرياش المجدد)

(وفي لمعان المشرفيات في الوغى .......... وفي ميل أعطاف القنا المتأود)

(وفي الأعوجيات العتاق إذا انبرت .......... تسابق وفد الريح في كل مطرد)

(وفي الشمس تحكي في تبرج نورها .......... لدى الأفق الشرقي مرآة عسجد)

(وفي البدر بدر الأفق ليلة تمه .......... جلته سماء مثل صرح ممرد)

(وفي أنجم زانت دجاها كأنها .......... نثار لآل في بساط زبرجد)

(وفي البرق يبدو موهنا في كآبة .......... كباسم ثغر أو حسام مجرد)

(وفي حسن تنميق الخطاب وسرعة الجواب .......... وفي الخط الأنيق المجود)

(وفي رقة الأشعار راقت لسامع .......... بدائعها من مقصر ومقصد)

(وفي رحمة المعشوق شكوى محبتي .......... وفي رقة الألفاظ عند التودد)

(وفي أريحيات الكريم إلى الندى .......... وفي عاطفات العفو من كل سيد)

(وحالة بسط العارفين وأنسهم .......... وتحريكهم عند السماع المقيد)

(وفي لطف آيات الكتاب التي بها .......... تبسم روح الوعد بعد التوعد)

(50/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 286

المظاهر الجلالية

(كذلك أوصاف الجلال مظاهر .......... أشاهده فيها بغير تردد)

(ففي صولة القاضي الجليل وسمته .......... وفي سطوة السلطان عند التمرد)

(وفي حدة الغضبان حالة طيشه .......... وفي نخوة القرم المهيب المسود)

(وفي سورة الصهباء جار مديرها .......... وفي يبس أخلاق النديم المعربد)

(وعند اصطدام الخيل في كل مأزق .......... يعثر فيه بالوشيج المنضد)

(وفي شدة الليث الهصور وبأسه .......... وشدة عيش بالسقام منكد)

(وفي روعة البين المثبت وموقف .......... الوداع لحران الجوانح مكمد)

(وفي فرقة الألاف بعد اجتماعهم .......... وفي كل تشتيت وشمل مبدد)

(وفي كل دار أقفرت بعد أنسها .......... وفي طلل بال ودارس معهد)

(وفي هول أمواج البحار ووحشة .......... القفار وسيل بالمذانب مزبد)

(وعند خشوعي للصلاة لعزة .......... المناجي وفي الإطراق عند التشهد)

(وحالة إهلال الحجيج لحجهم .......... وإعمالهم للعيس في كل فدفد)

(50/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 287

المظاهر الكمالية

(ويبدو بأوصاف الكمال فلا أرى .......... برؤيته شيئا قبيحا ولا ردي)

(فكل مسيء بي إلي كمحسن .......... وكل مضل لي لدي كمرشد)

(ولا فرق عندي بين أنس ووحشة .......... ونور وإظلام ومدن ومبعد)

(وسيان إفطاري وصومي وفترتي .......... وجهدي ونومي وادعا وتهجدي)

(أرى تارة في حانة الخمر خالعا .......... عذاري وطورا في حنية معبد)
وهي مائة بيت اخترت منها هذا. وله أيضا:
(جهد المحبة لوعة وغرام .......... وصبابة وكآبة وسقام)

(ومدامع مسفوحة وأضالع .......... مقروحة وتوله وغرام)

(وتذكر إن لاح برق بالغضا .......... أو ناح في عذب الغصون حمام)

(وبكا على الأطلال غيرها البلى .......... ورمت نضارة رسمها الأعوام)

(ورضى بأحكام الحبيب وإن جنا .......... ونأى وعز من الخيال مرام)

(أوصاف باق لم يبن عن رسمه .......... وبقاء أبناء الغرام حرام)

(والعاشقون على اختلاف شؤونهم .......... عما يحققه الفناء نيام)

(كل يشير إلى سواه ولا سوى .......... إلا إذا ما ضلت الأفهام)
وهي طويلة من أبدع قصائده، لولا ما عكر بقوله فيها:
(قوم بهم قام الوجود لأنهم .......... قعدوا بعرفان الإله وقاموا)

(ظهروا وقد خفيت صفات نفوسهم .......... فهم لإعلام الورى أعلام)

(وردوا معين الجمع فاجتمعت لهم .......... صور العوالم فالشتات نظام)

(وحقائق الأشياء في ميزانهم .......... شيء فما بين الأنام خصام)

(50/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 288

(والعارفون بفضلهم وراثهم .......... والجاحدوا إنعامهم أنعام)

(ووراءهم قوم معارفهم إلى .......... حد الصفات يردها الإعظام)

(وهم على رتب تفاوت قدرها .......... وكذلك يقسم فضله القسام)

(فمن اجتلى صفة الجمال فدهره .......... عشق وقصف والغرام مدام)

(وتشوقه الأغصان والتركان .......... والكثبان والغزلان والآرام)

(ويحب أخبار الغرام وأهله .......... وتهزه الأوتار والأنغام)

(هش تراه للخلاعة باسما .......... كالبدر جلى عن سناه غمام)

(ويرى المليحة في القبيح فما له .......... بسوى الجمال على المدى إلمام)

(ومن انتحى صفة الجلال فدهره .......... قبض وكل زمانه إحجام)
وقد روى عنه: أبو الحسين اليونيني، وأبو محمد الدمياطي، وأبو محمد البرزالي، وغيرهم من شعره. وتوفي في رابع عشر ربيع الآخر ودفن بقبة الشيخ رسلان. وشيعه قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان، والأعيان والفقراء والخلق. 379 - محمد بن صالح. الفقيه شمس الدين الهسكوري، المغربي. خطيب جامع جراح خارج باب الصغير. روى عن: مكرم ؛ وشهد على القضاة. ثم عمي. توفي في شعبان، وشيعه قاضي القضاة والناس. وعاش ستا وسبعين سنة. فإنه ولد سنة إحدى وستمائة. 380 - محمد بن عبد القادر بن عبد الكريم بن عطايا.

(50/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 289
الصدر شرف الدين القرشي، المصري، ناظر الخزانة. دفن بالقرافة وقد جاوز الثمانين. وكان خيرا، دينا، جليلا، عالما، مفتيا. أجاز له جعفر بن أموسان. 381 - محمد بن عبد المهيمن. شيخ مصري. روى عن: ابن المقير. 382 - محمد بن عربشاه بن أبي بكر بن أبي نصر. المحدث، العالم، ناصر الدين، أبو عبد الله الهمداني. سمع: ابن الزبيدي، وابن صباح، وابن اللتي، والناصح بن الحنبلي، والمسلم المازني، وابن ماسويه، وأبي الفضل الهمداني، وكريمة، وابن الشيرازي، وطبقتهم. وسمع الكثير، وكتب الأجزاء، وأكثر وحصل. وأول سماعه من المشايخ في سنة سبع وعشرين وله عشرون سنة إذ ذاك. ورحل فسمع بالديار المصرية من ابن رواج، وغيره. وبحلب من ابن خليل. وأسمع أولاده. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وجماعة.

(50/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 290
وأجاز لي مروياته. وكان ثقة، صحيح النقل، حسن الخط. توفي في جمادى الأولى. 383 - محمد بن علي بن إسماعيل. الصدر شرف الدين ابن الوراق. سمع: ابن باقا، وغيره. 384 - محمد بن علي بن يوسف بن ميسر. الأجل، تاج الدين، أبو عبد الله المصري، المؤرخ. صنف ((تاريخ القضاة))، وتوفي في محرم بالقاهرة. وله تاريخ كبير ذيل به على ((تاريخ المسبحي)). وهبني منه مجلدا الحافظ قطب الدين وعلى المجلد بخطه ((مختصر من تاريخ تاج الدين محمد بن علي بن أحمد بن ميسر))، ويعرف بابن جلب راعب من بيت وله أصالة. توفي في ثامن عشر المحرم. 385 - محمود بن عمر. القاضي نظام الدين الهروي، قاضي الجانب الغربي. من أئمة الشافعية، ويعرف بشيخ الإسلام. توفي عن ثلاث وسبعين سنة. ورثته الشعراء. وله تصانيف عدة وفنون، وباع طويل في الطب، مع التقوى والدين والزهد. وله ابن هو شمس الدين محمد شيخ المشايخ بالهند، وابنه الآخر من علماء هراة تاج الدين محمد، وابنه صدر الدين جعل بعد أبيه قاضي الجانب الغربي. وابنه الآخر شهاب الدين إسماعيل شيخ رباط البسطامي.

(50/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 291
386 - محمود بن محمد بن بندار. الفقيه عز الدين التوريزي، الشافعي، البعلبكي. ولد في حدود العشر وستمائة. وسمع من: البهاء عبد الرحمن، وغيره. وتفقه وأتقن المذهب، وناب في قضاء بعلبك عن القاضي صدر الدين عبد الرحيم. وولي قضاء بعلبك أيضا مدة، وولي قضاء عجلون. ومات على قضاء حصون الإسماعيلية، فتوفي بحصن الكهف. وكان محمود السيرة، حسن الأخلاق، ذا كرم ومروءة واحتمال. روى عنه: شمس الدين بن أبي الفتح الحنبلي، وغيره. ومات في جمادى الأولى في عشر الثمانين. 387 - محمود بن محمد بن جبريل بن أبي الفوارس. الدربندي، المحدث، الشاعر، الصوفي، أبو عبد الله. سمع من: السبط، وعدة. وسمع بنته فاطمة من أصحاب البوصيري. ومات في ذي الحجة بمصر. 388 - مفضل بن أبي طالب بن سني الدولة. أبو عثمان الخياط. حدث عن حنبل المكبر. توفي في المحرم أو صفر عن نيف وثمانين سنة.

(50/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 292
389 - مؤمل بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن منصور. عز الدين أبو المرجا بن البالسي الدمشقي، عم شيخنا العماد. ولد سنة ثلاث وستمائة. وسمع: أبا اليمن الكندي، والخضر بن كامل الدلال، وأبا القاسم بن الحرستاني، وهبة الله بن طاوس، وأبا الغنائم هبة الله الكهفي. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والفقيه زكري الشافعي، وابن التاجر، وجماعة. أجاز لي مروياته. وتوفي في سابع رجب. سألت المزي عنه فقال: كان شيخا حسنا، قديم المولد، كثير السماع.
- حرف الهاء -
* - الورن. عبد الله. مر. 390 - هبة الله نفيس الدين بن الحافظ رشيد الدين أبي الحسين العطار. توفي بمصر في رجب. روى عن: ابن المقير، وغيره. ومات كهلا.

(50/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 293

- حرف الياء -
391 - يحيى بن محمد بن سالم. أبو زكريا الحنفي، السمسار. كهل مصري. روى عن: ابن الجميزي. ومات في جمادى الآخرة. 392 - يحيى بن موسى. الفقيه محيي الدين الزرعي، الحنبلي. حدث عن: ابن اللتي. ومات في المحرم بقاسيون. 393 - يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف. شرف الدين أبو الحجاج الأنصاري، الشماع، الصوفي. أجاز لجماعة. وتوفي في ربيع الأول بدمشق. ويعرف بابن الخبازة. روى عن: ابن المقير.
الكنى
394 - أبو بكر، إسماعيل بن بردويل. التاجر بقيسارية الفرس بدمشق. روى عن: موسى بن عبد القادر. وعاش سبعين سنة.

(50/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 294
395 - أبو بكر بن مسعود. الرئيس جمال الدين اليزدي، ثم البغدادي، التاجر. ولي مشيخة الشيوخ ونظر الجوامع وغير ذلك. ولم تحمد سيرته. وعزل بعد عزل مخدومه جمال الدين النجيبي نائب دمشق وسفر إلى مصر وصودر، ثم لزم وبيته. ومات في صفر وقد نيف على السبعين. 396 - أبو بكر بن يونس بن علي. الزنجاني. رجل صالح، كثير الحج. حدث عن الشيخ الموفق. ومات في صفر. أخذ عنه: ابن نفيس، وغيره. وفيها ولد: القاضي شمس الدين علي بن الصلاح الشافعي مدرس القيمرية، وشهاب الدين أحمد بن محمد بن محمود بن إسماعيل بن مري البعلبكي في رمضان بدمشق، ثم قال لي سنة عشرين: لا بل سنة ست. وناصر الدين محمد بن الدكز الزرادي سبط ابن دبوقا، يوم الفطر، ومحيي الدين محمود بن محمد بن محمد بن القلانسي،

(50/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 295
وشرف الدين موسى بن محمد بن خضر المالكي ابن النقيب، والشيخ علي بن محمد بن الشيخ إبراهيم الأرموي، والقاضي علاء الدين علي بن المنجا الحنبلي في شعبان، وسيف الدين أبو بكر بن الموفق عيسى بن قواليح الجندي، ومجير الدين خليل بن يحيى بن النعال.

(50/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 296

سنة ثمان وسبعين وستمائة

- حرف الألف -
397 - أحمد بن أبي الخير سلامة بن إبراهيم بن معروف بن خلف. المسند، المعمر، زين الدين، أبو العباس الدمشقي، الحداد، الحنبلي، المقرىء، الخياط، الدلال. ولد في رابع عشر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وتوفي والده الشيخ أبو الخير إمام حلقة الحنابلة وله خمس سنين، ولم يسمعه شيئا، بل استجاز له. ثم سمع سنة ستمائة من: أبي اليمن الكندي. وسمع بحمص من شمس الدين أحمد بن عبد الواحد البخاري والد الفخر.

(50/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 297
وأجاز له من إصبهان: خليل بن أبي الرجاء الراراني، ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي، ومسعود بن أبي منصور الحمال، وعبد الرحيم بن محمد الكاغدي - وتفرد في الدنيا عنهم - وأبو المكارم أحمد بن محمد اللبان، ومحمد بن أبي زيد الكراني، وأبو جعفر الصيدلاني، وسبعتهم من أصحاب أبي علي الحداد. وأجاز له طائفة من إصبهان من أصحاب فاطمة الجوزدانية، وأبي عبد الله الخلال. وأجاز له من مصر: أبو القاسم البوصيري، وفاطمة بنت سعد الخير، وابن نجا الواعظ، وعلي بن حمزة، والحافظ عبد الغني، وأبو عبد الله الأرتاحي، وغيرهم. وأجاز له من بغداد: أبو الفرج بن كليب، وأبو القاسم بن بوش، وأبو الفرج ابن الجوزي، وأبو طاهر بن المعطوش، وعبد الخالق بن البندار، وعبد الله بن محمد بن عليان، وطائفة من أصحاب ابن الحصني، وقاضي المرستان. وأجاز له بدمشق: أبو طاهر الخشوعي، وأبو جعفر القرطبي، وأبو محمد بن عساكر، وغيرهم. سمع منه: عمر بن الحاجب بعرفات سنة عشرين وستمائة. وروى عنه: الدمياطي، وأبو العباس ابن الحلوانية، وابن الخباز، وابن العطار، وابن جعوان، والمزي، وابن أبي الفتح، وابن الشريشي، وابن تيمية، وأخوه أبو محمد، والمجد بن الصيرفي، وأبو محمد البرزالي، وأبو بكر بن شرف، وطائفة سواهم. وقرأ عليه المزي شيخنا شيئا كثيرا، وسمع منه ((حلية الأولياء))، ورثاه بأبيات بعد موته. وسألته عنه فقال: شيخ جليل متيقظ، عمر وتفرد بالرواية عن كثير من مشايخه. وحدث سنين كثيرة، وسمعنا منه الكثير، وكان سهلا في الرواية.

(50/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 298
وقال: توفي يوم عاشوراء وقد قارب التسعين. قلت: كان إنسانا خيرا متواضعا، من أهل الرباط الناصري، أضر بأخرة، وكان فقيرا متعففا. أجاز لي جميع مروياته. قال: أنبأنا خليل، أنا الحداد، أنا أبو نعيم، ثنا أحمد بن يوسف، ثنا الحارث بن أبي أسامة، ثنا روح بن عبادة، ثنا أيمن بن نابل: سمعت قدامة بن عبد الله الكلابي قال: ((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة يوم النحر على ناقة صهباء لا طرد ولا ضرب ولا إليك إليك)). هذا حديث صحيح رواه البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي في ((مشيخته)) عن العز بن الحافظ عبد الغني المقدسي، عن خليل بن أبي الرجاء، فوقع لنا عاليا. 398 - أحمد بن عبد الله بن عبد المحسن ابن خطيب الموصل أبي الفضل عبد الله بن أحمد. الطوسي، ثم الموصلي، تاج الدين الشاهد تحت الساعات. توفي بزرع راجعا من الحج في صفر، رحمه الله تعالى. 399 - أحمد بن عبد المحسن بن أحمد. الواعظ الشهير بزين الدين كتاكت الدمياطي. مات في شوال بمصر. له نظم وبلاغة، فيه دين وخير. وهو القائل:
(على الحب لا عاش من يعدل .......... وهبه يقول فمن يقبل)

(غريب الحمى أنا عبد لكم .......... فما شاء بي حبكم يفعل)
400 - إسحاق بن إبراهيم بن يحيى.

(50/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 299
الشيخ الفقيه، صفي الدين، أبو محمد العكي، الشقراوي، الحنبلي. كان أبوه قد سكن دمشق، وسمع من الخشوعي، فولد له هذا ونجم الدين موسى وغيرهما. ولد سنة خمس وستمائة. وسمع من: موسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق، وأحمد بن الخضر بن طاوس. وكان من فضلاء الفقهاء، وأخيارهم. وكان يقيم كثيرا بزرع، وحكم بها نيابة عن الشيخ شمس الدين. وكان مطبوعا دمث الأخلاق. روى عنه: ابن الخباز، والمزي، والطلبة. وأجاز لي مروياته. توفي في تاسع عشر ذي الحجة ودفن بقاسيون. 401 - أقوش. الركني، الأمير الكبير، جمال الدين، المعروف بالبطاح. أحد أمراء دمشق. توفي كهلا في ربيع الأول. وهو مملوك ركن الدين بيبرس الأمير الذي كسر الفرنج بأرض غزة، وله

(50/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 300
عدة مماليك، منهم الأمير سم الموت إيغان الركني، وعلاء الدين الأعمى نزيل القدس. 402 - أقوش. الشهابي السلحدار، جمال الدين. أحد أمراء دمشق. أدركه الموت بحماة في ربيع الآخر. وكان هو والذي قبله في صحبة الجيش بسيس ورجعا فماتا.
- حرف الباء -
403 - بلبان. النوفلي، العزيزي، ناصر الدين. أحد أمراء دمشق. أدركه الموت بحلب في ربيع الأول. وهو من أعيان العزيزية، فيه دين وخير، وله معروف. وعنده حشمة وتواضع ولين. وكان في جملة الجيش بسيس، ومات في معترك المنايا. وهو من مماليك العزيز صاحب حلب. 404 - بلبان. الساقي، الأمير علم الدين. ممن توفي في رجعة سيس.

(50/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 301
405 - وكذا الأمير سيف الدين قلاجا في أحد الربيعين. فهذه خمسة أمراء تقاربت آجالهم، وما أدري هل سقوا أم لا. 406 - بيرم بن سنقر الشهابي. سمع من ابن رواحة. ومات في ذي الحجة.
- حرف الجيم -
407 - جنق بن صون بن أيل. الأمير جمال الدين، أحد أمراء دمشق. يقال إنه من أولاد الملك صول صاحب جرجان الذي أسلم على يد يزيد بن المهلب. توفي بدمشق في جمادى الآخرة، وكان من أبناء الخمسين.
- حرف الراء -
408 - رافع بن يحيى بن عبد الرحمن. جمال الدين الصنهاجي، المقرىء على الجنائز. روى عن: ابن المقير. سمع منه: ابن عبد الباقي، وابن نفيس الموصلي، والطلبة.

(50/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 302
وروى لنا عنه: ابن العطار. توفي في المحرم وله ثمان وستون سنة. ومولده برابغ. 409 - رسلان بن داود بن يوسف بن أيوب. الملك المعظم ركن الدين ابن الزاهر ابن السلطان الكبير صلاح الدين. حدث بإجازة عامة من الصيدلاني. مولده بقلعة إلبيرة في سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وبقي إلى هذه السنة. وإجاز للبرزالي وجماعة. وقد حدث بدمشق وبالقاهرة. وسمع منه: المزي، وغيره بقراءة ابن جعوان في ذي الحجة من هذه السنة.
- حرف الشين -
410 - شهرمان الموله. التركماني، ثم الدمشقي. كان صاحب دكان بالفسقار، فوقع له يوم خروج الركب بكاء كثير، فتهيأ لوقته وتبع الركب وحج، وعاد مسلوب العقل، وصار له حال من جنس حال المولهين. وللعامة فيه عقيدة. توفي في شعبان، وشيعه خلق كثير.
- حرف العين -
411 - عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الغني.

(50/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 303
الإمام تقي الدين ابن الشيخ التقي بن العز بن الحافظ المقدسي. سمع من: ابن اللتي، وجعفر الهمداني، وكريمة. وحدث. ومات في صفر. وقد سمع الناس بقراءته. 412 - عبد الله بن عبد الله بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه. شيخ الشيوخ شرف الدين أبو بكر بن شيخ الشيوخ تاج الدين، الجويني ثم الدمشقي، الصوفي. ولد سنة ثمان وستمائة من عالي النسب بنت عبد العزيز بن عبد الواحد بن عبد الماجد بن القشيري. وسمع من: أبيه، وأبي القاسم بن صصرى، وأبي صادق بن صباح، وابن اللتي. وأجاز له مسمار بن العويس، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وغيرهم. وأجاز لي مروياته. وكان شيخا جليلا محترما بين الصوفية لأبوته وقعدده. وكان طريفا حسن الصحبة، لا بأس به. توفي في ثامن شوال ودفن بتربة الشيخ عبد الله الأرمني، وشيعه الخلق. 413 - عبد الله محمد بن عبد الله بن علي بن حرب. الفقيه المسند شمس الدين أبو محمد ابن الأوحد القرشي، الزبيري.

(50/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 304
ولد سنة ثلاث وستمائة. وسمع بحلب من: الافتخار الهاشمي. وحدث بدمشق، وكتب بديوان المارستان النوري. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والشيخ رضوان النابلسي، والمزي، والبرزالي، وجماعة. وأجاز لي مروياته. وكان قد تفرد بسماع جزء الوخشي. توفي في شوال في أوائله. 414 - عبد الله بن أبي الحسن بن محمود بن حسين. الحاج بدر الدين الدمشقي، الحنبلي، ويعرف بملكشاه. أجاز بخطه مروياته في إجازة الوجيه النفري، وقال للوجيه ولدت سنة ثلاث وتسعين، وسمعت ((مسند)) أحمد على حنبل المكبر. وله خمس وأربعون وقفة. وأنه جاور بمكة عشرين سنة. قال: وذلك في سنة ثمان هذه ببعلبك. 415 - عبد الله بن قاضي القضاة محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن عين الدولة صدقة بن حفص. قاضي القضاة محيي الدين أبو الصلاح الصفراوي، الإسكندراني، الشافعي. مات في رجب بمصر وله إحدى وثمانون سنة. سمع من القاضي علي بن يوسف الدمشقي، ومكرم، والفارسي، وابن باقاه وله إجازة من ابن الحرستاني وعدة.

(50/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 305
ولي قضاء مصر وأعمالها، ثم لحقه فالج وأقعد خمسة أعوام ثم عزل. وكان أبوه قاضي مصر أيضا، مات سنة 639. 416 - عبد الله بن محمد بن أبي الخير بن سطيح. الشيخ القدوة نجم الدين ابن الحكيم الحموي. ولد سنة ثلاث وستمائة بحلب، ويعرف بابن سطيح. ويقال إنهم من ذرية سطيح الكاهن. كان شيخا صالحا زاهدا عارفا، كبير القدر. رأيت شيخنا ابن الدباهي يثني عليه ويصف أخلاقه. وكان يحضر السماع. وقد تقدم أنه أنكر على نجم الدين ابن إسرائيل. توفي في جمادى الأولى. وهو والد الشيخ شرف الدين المحتسب. ولهم زاوية بحماة. مات نجم الدين بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية عند شيخه الشيخ إسماعيل الكوراني. 417 - عبد الله بن محمد بن عين الدولة. قاضي مصر محيي الدين أبو الصلاح بن قاضي القضاة شرف الدين الصفراوي، ثم الإسكندراني، ثم المصري، الشافعي. عاش إحدى وثمانين سنة، وولي القضاء بمصر والوجه القبلي بعد القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز مدة. ثم أصابه فالج فأقعد وعجز عن الكتابة خمسة أعوام. فكان كاتب الحكم يعلم عنه. ثم عزل في سنة ست وسبعين. وكان فيه رئاسة ولطف ودماثة.

(50/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 306
418 - عبد الباري بن عيسى بن سالم. الأنصاري، المصري. توفي في رجب بمصر. هو الشيخ تاج الدين المقرىء، إمام جامع الحاكم. ولد بدمشق سنة إحدى عشرة وتلا بالسبع على السخاوي. وهو من شيوخ الشطنوفي. سمع من: ابن الزبيدي. 419 - عبد الرحمن بن الخطيب محيي الدين محمد بن الخطيب عماد الدين عبد الكريم بن القاضي جمال الدين ابن الحرستاني. الفقيه شمس الدين. عاش سبعا وعشرين سنة. وسمع من: إبراهيم بن خليل، وغيره. حفظ جملة من ((الوسيط))، وتفقه على الشيخ تاج الدين. وكان من الأذكياء. 420 - عبد السلام بن أحمد بن غانم بن علي. الواعظ الكبير، عز الدين النابلسي. قدم دمشق ووعظ بها وأعجب الناس. وله نظم رائق وكلام حسن. توفي في شوال بالقاهرة، وكان جده من سادة الشيوخ رحمه الله تعالى.

(50/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 307
421 - عبد القادر بن عثمان بن الزبير. تقي الدين الإسعردي. توفي بدمشق في رمضان. 422 - عثمان بن أبي الفضل بن إسماعيل بن المحبر. الشيخ رشيد الدين. عدل مبارك مسن، معروف. يروي عن ابن الزبيدي، وحدث ((بصحيح البخاري)) كله. وروى عنه: القزويني، وابن اللتي. كتب عنه: البرزالي، والطلبة. ومات في صفر. 423 - العلم بن العادلي. الصدر الصاحب ناظر الدواوين بدمشق. من كبراء المصريين. توفي في شوال بدمشق، وخلف كتبا كثيرة. 424 - علي بن عمر بن مجلي. الأمير نور الدين الهكاري. ولي ابن مجاهد هذا نيابة السلطنة بحلب مدة، وكان حسن السيرة،

(50/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 308
عالي الهمة، متواضعا، لين الكلمة، محسنا إلى العلماء والفقراء عزل عن النيابة قبل موته فأقام بحلب إلى أن مات. وكان أبوه عز الدين من كبار الأمراء أيضا. 425 - علي بن عبد الله بن عبد الرحمن. القرشي، الهاشمي. أظن له إجازة من أبي روح، والمؤيد. مات في صفر. وكان مولده في سنة إحدى وستمائة. 426 - علي بن يحيى بن علي بن سلطان. أبو الحسن الصعيدي، ثم الإسكندراني، المؤدب، والد المعمرة وجيهة. كان حيا في هذا العام، وسمع الكثير في حدود الأربعين، واستجاز لابنتيه في سنة إحدى وأربعين، وسمعت منه. 427 - عمر بن محمد بن عمر بن مزاحم. أبو حفص الدنيسري. شيخ معمر من أبناء التسعين. سمع في الكهولة من: ابن اللتي. وحدث. ومات بالقاهرة في ثامن ذي الحجة. روى عنه: الدواداري، وغيره. 428 - عمر بن محمد بن عبد الواحد. الموصلي.

(50/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 309
روى عن: ابن رواح. مات بالروم.
- حرف الفاء -
429 - فاطمة بنت الملك المحسن أحمد بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب. ولدت سنة سبع وتسعين وخمسمائة. وسمعت من: عمر بن طبرزد، وحنبل، وست الكتبة، وجماعة. وأجاز لها: زاهر بن أحمد الثقفي، وأبو الفتوح العجلي، وجماعة. روى عنها: الدمياطي وكناها أم عمر ؛ وابن العطار، وابن الخباز، والدواداري، وآخرون. وكانت جليلة عالية الإسناد. توفيت ببزاعة من حلب في إحدى الجمادين عن إحدى وثمانين سنة. وتكنى أم الحسن، رحمها الله تعالى.
- حرف القاف -
430 - قلاجا الركني. الأمير سيف الدين. مات في رجوعه من سيس عن بضع وأربعين سنة. وهو خشداش الأمير علاء الدين الأعمى. توفي في ربيع الأول.

(50/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 310

- حرف اللام -
431 - لؤلؤ. حسام الدين الكاتب، عتيق بدر الدين جعفر الآمدي، أو عتيق أخيه موفق الدين، ومنهم تعلم الكتابة والتصرف. وحصل له التشيع. خدم الملك الأشرف صاحب حمص وترقى عنده. ثم خدم بدمشق. وكان ديوانه عبارة عنه. وكان ذا مروءة غزيرة وإفضال على الأصحاب، إلا أنه كان غاليا في التشيع ركنا للمؤمنين، لا بارك الله في أعمارهم. ومع ذلك فكان عاقلا لم تحفظ عنه كلمة سب، بل كان يترضى عن الصحابة، وكان من أبناء الستين. رأيته ودخلت داره وهي قاعتان بجنينة في درب طلحة. وكان جدي العلم سنجر يلوذ به. وكان عنده في ديوان الجيش مديرا. مات في ربيع الأول.
- حرف الميم -
432 - محمد بن بركة خان بن دولة خان. الأمير بدر الدين، خال الملك السعيد. من كبار أمراء مصر. وحصل له تقدم كثير في دولة ابن أخته. وتوفي لما قدم دمشق في ربيع الأول، ودفن قبالة الرباط الناصري، عن نحو خمسين سنة. وعملت له الأعزية والختم. حضر السلطان بعضها عند القبر، ثم نقل تابوته إلى القدس، ودفن عند والده. وكان أبوه من كبار أمراء الخوارزمية.

(50/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 311
433 - محمد بن بيبرس. السلطان الملك السعيد، ناصر الدين، أبو المعالي بركة خان ابن السلطان الملك الظاهر. ولد سنة ثمان وخمسين في (...) بالعش من ضواهي القاهرة، وسلطنه أبوه وهو ابن خمس سنين أو نحوها. وبويع بالملك بعد والده وهو ابن ثمان عشرة سنة. وكان شابا مليحا، كريما، فيه عدل ولين وإحسان إلى الرعية ليس في طبعه ظلم ولا عسف، بل يحب الخير وفعله. قدم بالجيوش دمشق في ذي الحجة من سنة سبع، وعملت لمجيئه القباب وأحقها شبحا. وكان يوم دخوله يوما مشهودا. وكان محببا إلى الرعية، لكنه شاب غر لم يحمل أعباء الملك، وعجز عن ضبط الأمور فتعصبوا لذلك، وخلعوه من السلطنة، وعملوا محضرا بذلك، وأطلقوا له سلطنة الكرك، فسار إليها بأهله ومماليكه، فلما استقر بها قصده جماعة من الناس، فكان ينعم عليهم ويصلهم، وكثروا عليه بحيث نفذ كثير من حواصله، وبلغ ذلك السلطان الملك المنصور فتأثر منه، فيقال إنه سم، وقيل غير ذلك.

(50/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 312
وذكر المؤيد في ((تاريخه)) أن سبب موته أنه لعب بالكرة فتقنطر به فرسه، وحصل له بذلك حمى شديدة، وتوفي بعد أيام. قلت: مات عن مرض قليل في منتصف ذي القعدة وله عشرون سنة وأشهر. مات بقلعة الكرك ودفن عند جعفر الطيار، ثم نقل إلى تربته بدمشق بعد سنة وخمسة أشهر، ودفن عند والده. ووجدت عليه امرأته بنت الملك المنصور سيف الدين وجدا كثيرا، ولم تزل باكية حزينة إلى أن ماتت بعده بمدة. وترتب بعده في مملكة الكرك أخوه الملك المسعود خصز مديدة وحبس. 434 - محمد بن عباس بن أبي بكر بن جعوان. كمال الدين أبو عبد الله الأنصاري، الدمشقي. رئيس جليل، كاتب، عدل، مهيب، صاحب بر وأخلاق. روى عن: مكرم، وابن المقبر. سمع منه: ولده الحافظ شمس الدين محمد بن محمد، ومجد الدين بن الصيرفي، وجماعة. وتوفي في ثاني عشر شوال عن بضع وخمسين سنة. ودفن بمقبرة باب الصغير. 435 - محمد بن علي بن ملاعب بن محرز بن حراز. البغدادي، شيخ من أهل الصالحية. روى عن: موسى بن عبد القادر. ومات في ذي القعدة. كتب عنه بعض الطلبة.

(50/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 313
436 - محمد بن مسعود بن الخضر. ناصر الدين ابن الشكري، الجندي. روى عن: يوسف بن خليل. وكان يسمع على الجمال ابن الصابوني. توفي في جمادى الأولى. 437 - محمد بن المفضل بن محمد بن سعد الله بن الوزان. الإمام نجم الدين الحنفي، الدمشقي. مات في صفر. سمع: الفخر بن عساكر، والشيخ الموفق. 438 - محمد بن (العادلي). الرئيس علم الدين ابن العادلي الكاتب، ناظر الدواوين بدمشق. توفي في شوال. وتوفي أخوه تاج الدين ناظر حلب قريبا منه. وكان علم الدين صاحب كتب كثيرة فأبيعت بعد موته. 439 - محمود بن فتح. البغدادي. رجل صالح معروف. وكان يلوذ بالأمير بدر الدين الأتابك. قرأ على السخاوي. وسمع من: جعفر الهمداني، وكريمة، وغيرهما.

(50/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 314
كتب عنه بعض الطلبة. ومات في شوال. وله ابن قصاص حنفي.
- حرف الياء -
440 - يحيى بن الحسين بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان. العدل جمال الدين ابن عم قاضي القضاة. ولد سنة سبع وستمائة. وحدث بالإجازة عن: أبي روح، وغيره. ومات بدمشق في رمضان. وهو والد الركن حسين. 441 - يحيى ابن صاحب تونس محمد بن الأمير أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد بن عمر. الهنتاني، البربري، صاحب تونس وأعمالها أبو زكري، المشتهر بالمخلوع. بويع بعد والده. ثم خلع بعد عامين، وبويع عمه إبراهيم في هذا العام. فكأن هذا قتل. 442 - يحيى بن أبي منصور بن أبي الفتح بن رافع بن علي بن إبراهيم.

(50/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 315
الإمام، المفتي، المعمر، المحدث، الصالح، جمال الدين ابن الصيرفي، الحراني، الحنبلي، ويعرف بابن الحبيشي. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة بحران. وسمع من: حماد بن هبة الله الحافظ. ولم يظهر سماعه منه. ثم سمع سنة خمس وستمائة من الحافظ عبدالقادر، وارتحل إلى بغداد سنة سبع فأدرك عمر بن طبرزد، وسمع منه أجزاء من أول ((الغيلانيات)). و ((صفة النفاق)) للفريابي. وسمع من: عبد العزيز بن الأخضر الحافظ، وأحمد بن الدبيقي، وابن منينا، وعلي بن محمد الموصلي، وثابت بن مشرف، وأبي حفص عمر بن محمد السهروردي، ومحمد بن علي بن القبيطي، وأبي البقاء العكبري، وجماعة. واشتغل على أبي البقاء، وعلى أبي بكر بن غنيمة، وتفقه. وقدم الشام فسمع بها من: أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وأبي البركات ابن ملاعب، وابن البنا، والجلاجلي، وجماعة. وتفقه على الشيخ موفق الدين. ثم رد إلى حوران. ثم قدم دمشق، ثم دخل بغداد ثانيا، وولد له بها. وسمع على: عمر بن كرم، وجماعة. وسمع ولده فخر الدين، وأقام ببغداد مدة، وبرع في المذهب، ودرس، وناظر. وجالس بحران رفيقه أبا البركات ابن تيمية.

(50/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 316
وكان لطيف القد، ضخم العلم والعمل، صاحب تعبد وأوراد وتهجد. قرأت بخط شمس الدين ابن الفخر: توفي شيخنا الأمام جمال الدين أبو زكريا ابن الصيرفي عشية الجمعة رابع صفر، وله خمس وتسعون سنة، أو نحو ذلك. وكان إماما كبيرا مفتيا، أفتى ببغداد، وحران، ودمشق. وله مناقب جمة، منها قيام الليل في معظم عمره. كان يقوم في وقت، والله، يعجز الشباب عن ملازمته وهو جوف الليل. وكان يجتهد في أسرار ذلك، وسائر عمل التقرب. ومنها سخاء النفس وحسن الصحبة والتعصب في حق صاحبه بدعائه واجتهاده وتضرعه ومساعدته بجاهه وحرمته. ومنها التعصب في السنة والمغالاة فيها، وقمع أهل البدع، ومجانبتهم ومنابذتهم. ومنها قول الحق وإنكار المنكر على من كان. ولم يكن عنده من المداهنة والمراءآة شيء أصلا. يقول الحق ويصدع به. لقي الكبار كالسامري مصنف ((المستوعب))، والشيخ أبا البقاء، والشيخ الموفق. وكان حسن المناظرة والمحاضرة، حلو العبارة، عالي الإسناد، له مختصرات ومجاميع حسنة. قلت: كانت له حلقة بجامع دمشق، وتخرج به جماعة. وروى الكثر. حدث ب ((جامع الترمذي))، وب ((معالم السنن)) للخطابي، وأشياء كثيرة. وقد سمع كتاب ((معرفة الصحابة)) لابن مندة، من ابن القبيطي، بسماعه من أبي سعد البغدادي.

(50/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 317
وسمع من عبد القادر الأجزاء ((المحامليات))، وهي بضعة عشر جزءا، و ((معجم ابن طاهر)) بكماله، و ((الزهد)) بكماله لسعيد بن منصور، وسبعة عشر جزءا من ((أمالي)) الحافظ ابن مندة، وكتاب ((التوحيد)) له، ونحو شطر ((الأربعين البلدية)) التي جمعها عبد القادر غير متوال، وكتاب ((تضييع العمر والأيام في اصطناع المعروف إلى اللئام)) للحافظ أبي موسى المديني، بسماعه منه، ((وفوائد)) مسعود الثقفي. وقرأ على أبي البقاء جميع كتابه في ((إعراب القرآن)). روى عنه: الدمياطي، والشيخ علي الموصلي، وابن أبي الفتح، والدواداري، وسعد الدين الحارثي، وابن تيمية، وأخواه أبو محمد وأبو القاسم، وابن العطار، وتقي الدين محمد ابن شيخنا أبي الحسين، والقاضي تقي الدين سليمان، وخلق سواهم. وأجاز لي مروياته، وكتب بخط يده، وذلك في سنة أربع وسبعين، في أوائل السنة. وبقي قبل موته بنحو سنتين منقطعا في البيت، وضعف وانهرم، ومنع ابنه فخر الدين الطلبة من الدخول إليه وبقي يتعلل عليهم، وما أعلم هل تغير حينئذ أم لا. ولم يسمع منه الحافظان المزي والبرزالي لهذا السبب. وحدثني حفيده أبو الفتح أنه في أواخر عمره كان يطلب من ولده أن يشتري له سرية. 443 - يوسف بن الظهير تمام بن إسماعيل بن تمام.

(50/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 318
الشيخ العدل، ضياء الدين الدمشقي، الحنفي. أحد عدول القيمة. سمع من: الكندي، وابن الحرستاني، وجماعة. وأجاز له المؤيد الطوسي، وغيره. ومولده سنة إحدى وستمائة. وكان عسرا في الرواية، نكدا. روى عنه: ابن الخباز، والمزي، وجماعة. وتوفي ليلة الجمعة عاشر ربيع الأول. وفيها ولد: تقي الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن المولى الإمام بدر الدين محمد بن الجوهري الحلبي في صفر، وعلاء الدين علي بن عبد الله بن سليمان بن عبد الكريم الأنصاري الشافعي، والفقيه جمال الدين يوسف بن أحمد بن جعفر الشاطبي خطيب جامع جراح، والفقيه شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن الظاهري المدرس، في شوال، والقاضي بدر الدين محمد بن محمد ابن قاضي حران، والشيخ علي بن محمد البغدادي خازن السميساطية، وبدر الدين محمد بن القاضي الزرعي.

(50/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 319

سنة تسع وسبعين وستمائة

- حرف الألف -
444 - أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد. النحوي، العدل، شرف الدين الإسكندراني. ولد سنة ست وستمائة. وسمع من أصحاب السلفي. مات في شوال. وسمع بحران من: حمد بن صديق. 445 - أحمد بن علي بن عبد الواحد. محيي الدين ابن السابق، بباء موحدة، الحلبي. أحد عدول دمشق. وقد كتب الحكم لقضاة حلب ودمشق. وكان من أبناء الثمانين. توفي في ذي الحجة فجأة بالقولنج. 446 - إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمود.

(50/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 320
العدل شرف الدين بن القصاع الدمشقي. شيخ جليل من عدول القيمة. سمع من: أبي المجد القزويني. وما كأنه حدث. توفي في صفر. 447 - إبراهيم بن عبد الله بن فتوح. المقرىء مكين الدين الأنصاري، المصري، الضرير. ويعرف بابن العطيط. ولد سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. وسمع ((مسند الشافعي)) من القاضي زين الدين. وسمع من: الفخر الفارسي، وحدث. مات في منتصف ذي الحجة. 448 - أقوش الشمسي. الأمير جمال الدين. أحد أبطال المسلمين. وهو الذي قتل كتبغا مقدم التتار على عين جالوت. وهو الذي قبض على نائب دمشق عز الدين أيدمر الظاهري، وهو خشداش الأمير بدر الدين بيسري وغيره من الشمسية مماليك الأمير شمس الدين سنقر. ولي جمال الدين نيابة حلب في السنة الحالية فتوفي بها في المحرم كهلا.

(50/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 321
449 - أمة الله ابنة الناصح عبد الرحمن بن نجم بن الحنبلي. امرأة جليلة، كاتبة، فاضلة، شيخة رباط يلدق. سمعت من أبيها. كتب عنها: ابن الخباز، والبرزالي. وسمعت بإربل سنة عشرين في ((صحيح البخاري)). أو لعل تيك أختها باسمها فإن هذه تصغر عن ذلك. هكذا قرأت بخط علم الدين. قال: وتوفيت في رابع شوال.
- حرف الدال -
450 - داود بن عثمان بن رسلان. الرئيس فتح الدين ابن البعلبكي الأنصاري، الدمشقي. حدث عن الحسن بن صباح. ومات في رجب.
- حرف الراء -
451 - رافع بن أبي العز بن رافع. الفقيه عفيف الدين الشريحي، الحنبلي، المقرىء، الضرير. حدث عن تقي الدين ابن الصلاح.

(50/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 322
ومات في ذي الحجة. أخذ عنه ابن أبي الفتح. 452 - رضي الدين البابا. من كبار دولة المغول. ولي الموصل فأحسن السياسة. ثم قتل شهيدا.
- حرف الصاد -
453 - صفية بنت مسعود بن أبي بكر بن شكر. أم عمر المقدسية. ولدت سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وسمعت من: عمر بن طبرزد، وغيره. روى عنها: الدمياطي، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وابن الخباز، وجماعة. وكانت من الصالحات. توفيت في رابع عشر ذي القعدة.
- حرف العين -
454 - عبد الله بن إبراهيم بن رفيعا. أبو محمد الجزري، المقرىء. توفي في جمادى الآخرة بالموصل. قرأ بالروايات على جماعة. وتصدر مدة. قرأ عليه الشيخ محمد بن خروف بالسمع، وكان يثني على فضائله.

(50/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 323
455 - عبد الرحمن بن أبي الضوء بن السيد. الشيخ عماد الدين الصائغ، الأنصاري، العدل، الكاتب. وكان شيخا طوالا، حصل له ثقل في سمعه فترك الشهادة. وحدث عن الكندي بشيء من ((تاريخ بغداد)) وغيره غير مرة. سمع منه: ابن جعوان، وجماعة. توفي في رمضان عن ثمان وثمانين سنة. وسمع من: ابن مندويه، والشمس العطار. وله خرج ابن جعوان الميعاد. وكان من رؤساء العدول. مولده يوم الفطر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. ومات أبوه الصدر نجيب الدين أبو الضوء بن السيد بن إبراهيم بن جعفر بن غيهب بن أحمد السمالي السلماني في سنة اثنتين وستمائة. وروى عن العماد: شيخنا المزي، ومحمد بن الخباز، ومحمد بن البرهان. 456 - عبد الرحيم بن محمد بن عطا. العدل كمال الدين الأذرعي، الحنفي. أخو القاضي شمس الدين. سمع ببعلبك من البهاء عبد الرحمن، وحدث. ومات في شعبان. وكان رجلا جيدا، دينا، حسن العشرة. ودفن عند قبر أخيه. 457 - عبد الساتر بن عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماضي بن وحيش.

(50/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 324
الشيخ الفقيه، الصالح، تقي الدين ابن الفقيه أبي محمد المقدسي، الحنبلي، الصالحي. توفي بالجبل في ثامن شعبان وقد نيف على السبعين، فإنه ولد سنة ثمان وستمائة بالجبل أيضا. وقرأ القرآن على أبيه. وتفقه على التقي بن المعز ومهر في المذهب. وسمع من: الشيخ الموفق، وموسى ابن الشيخ عبد القادر، والقزويني، وابن راجح، وطائفة. وقل من سمع منه لأنه كان فيه زعارة، وكان في غلو في السنة ومنابذة للمتكلمين ومبالغة في اتباع النصوص، رأيت له مصنفا في الصفات. ولم يصح عنه ما كان يلطخ به من التجسيم، فإن الرجل كان أتقى لله وأخوف من أن يقول على الله ذلك، ولا ينبغي أن يسمع فيه قول الخصوم. وكان الواقع بينه وبين شيخنا العلامة شمس الدين ابن أبي عمر وأصحابه، وهو فكان حنبليا خشنا متحرقا على الأشعرية. وبلغني أن بعض المتكلمين قال له: أنت تقول إن الله استوى على العرش؟ فقال: لا والله ما قلته، لكن الله قاله، والرسول صلى الله عليه وسلم بلغ، وأنا صدقت، وأنت كذبت. فأفحم الرجل. سمع منه: أبن الخباز، والشيخ علي الزولي، وتلميذه علاء الدين علي الكناني. وكان كثير الدعاوي، قليل العلم، قد رمي في الجملة ببلايا ومصائب نعوذ بالله من الخذلان، واستحكمت بينه وبين أهل الصالحية عداوة، وحبسوه مرة، وحطوا عليه.

(50/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 325
458 - عبد العزيز الزعبي. شيخ صالح، له فوق ثلاثين حجة. وكان سليم الباطن، ساذجا. 459 - عبد القوي بن عبد الله بن عبد القوي. أبو محمد الشارعي، المقرىء. توفي في شوال، وله رواية. 460 - عبد الهادي بن هبة الله. القاضي كمال الدين أبو الفضل التكريتي. من مشايخ العلم ببغداد. مات في ربيع الأول، وله ثلاث وستون سنة. 461 - عثمان بن أبي الحسن بن عبد الوهاب. صفي الدين الأنصاري، الحريري، التاجر. والد قاضي القضاة شمس الدين الحنفي. كان ثقة، حسن السيرة. ظهر له سماع من السخاوي، وغيره في مسلم ولم يحدث. توفي في صفر. 462 - علي بن عمر.

(50/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 326
الأمير نور الدين الطوري. أحد الأبطال والشجعان المذكورين. كانت له نكاية عظيمة في الفرنج ومواقف. وكان ضخما شهما قويا، له لت هائل قل من يحمله، وكان يقاتل فيه. وكان فيه كرم ودين. لم يبرح هو وعشيرته مرابطا بالسواحل، ولم يزل محترما في الدول. وولي عدة جهات بالشام، وجاوز التسعين سنة. حضر المصاف مع سنقر الأشقر بظاهر دمشق، فجرح وضعف، وسقط بين حوافر الخيل، ومات بعد أيام في صفر، رحمه الله تعالى. 463 - علي بن همام بن راجي الله. أبو الحسن المصري، الشافعي، إمام جامع الصالح بظاهر القاهرة. توفي في المحرم. وقد حدث. يلقب بتاج الدين. وكان مولده في سنة 599. 464 - عمر بن موسى بن عمر.

(50/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 327
الشيخ، الإمام، القاضي، محيي الدين أبو حفص الشافعي، قاضي غزة، وابن قاضيها. ولد سنة ثمان وستمائة. وروى اليسير عن الرضى بن البرهان. وقد سمع الكثير في الكهولة بدمشق والجبل. وكان فقيها إماما كبير القدر، مشكور السيرة، وافر الحرمة، موصوفا بالعلم والدين والشجاعة والكرم والسؤدد. وقد حضر عدة حروب وجاهد في سبيل الله. ولي قضاء غزة مع الرملة وغير ذلك. وتوفي بغزة في خامس ذي الحجة. ثم نقل فدفن بالقدس. وكان مع القضاء له خبز جندي. وكان أثريا دينا. وقد درس بالصلاحية بالقدس.
- حرف الميم -
465 - محمد بن حمد بن أحمد بن محمد بن صديق. أبو عبد الله الحراني. سمع: أبان، والموفق عبد اللطيف. وحدث. ومات بدمشق في رجب. 466 - محمد بن داود بن إلياس.

(50/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 328
الفقيه، العالم، شمس الدين أبو عبد الله الحنبلي، البعلبكي، خادم الشيخ الفقيه. ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وصحب الشيخ الكبير عبد الله، ثم خدم الشيخ الفقيه، وسمع معه من: الشيخ الموفق، وأبي المجد القزويني، والبهاء عبد الرحمن، والنفيس ابن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وابن صباح، وابن الزبيدي، وجماعة كثيرة. وكان مليح الخط، كتب الأجزاء والطباق، وتفقه. وكان فيه خير وعدالة ودين وورع، ومروءة. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والدواداري، وجماعة. وأجاز لي مروياته. وتوفي في ثاني عشر رمضان ببعلبك. وسمع ((سنن ابن ماجه)) من الموفق. 467 - محمد بن سالم بن السلم. القاضي نجم الدين، قاضي نابلس، وأبو قاضيها جمال الدين محمد. ولد سنة تسعين وخمسمائة. وكان صدرا نبيلا، ترسل عن الصالح نجم الدين أيوب، وأقعد في آخر عمره، وانقطع. وولي ابنه القضاء. وكان أبوه أيضا قاضيا. توفي في ربيع الآخر. وقد سمع من أبي علي الإوقي مع أولاده. وله إجازة من المؤيد الطوسي. كتب عنه: الأبيوردي.

(50/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 329
وكان من نبلاء الرجال. 468 - محمد بن عبد الله. ناصر الدين الأتابكي، الجندي. عرف بجندي رخيص. قتل مع سنقر الأشقر في صفر، ودفن بقباب التركمان. 469 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن مسعود. الشيخ، شمس الدين ابن النن العنسي، البغدادي الشافعي، الفقيه. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة ببغداد. وسمع من: عبدالعزيز بن منينا، وسليمان الموصلي، ويحيى بن ياقوت الفراش، وثابت بن مشرف، وغيرهم. وكان ثقة متيقظا. روى لنا عنه: أبو الحسن بن العطار، وغيره. وأجاز لي مروياته. وتوفي في الحادي والعشرين من رجب بالإسكندرية. وفيها ارتحل إليه الحافظ عبد الكريم الحلبي. 470 - محمد بن عبد الحكم بن العلامة أبي إسحاق إبراهيم بن منصور. العراقي، الشافعي، بدر الدين، خطيب جامع عمرو بن العاص. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة.

(50/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 330
وله نظم حسن يروق. مات رحمه الله في ذي الحجة. 471 - محمد بن عبد الرحمن بن أبي الغنائم. شهاب الدين الشافعي المعروف بالحزام. مؤذن مسجد ابن منكلان. ولد سنة ثلاث وعشرين وستمائة. وحدث عن: ابن اللتي. وتوفي في رمضان. 472 - محمد بن محمد بن محمد بن الحسين. عماد الدين الإربلي. عرف بابن الكريدي. توفي في المحرم بمصر. حدث عن: عبد الرحمن بن المسيري، وابن مكرم. سمع منه: العلاء الكندي. 473 - محمد بن أبي بكر بن علي. الشيخ الشريف، ضياء الدين، أبو عبد الله الهاشمي، الجعفري، المقدسي الأسود. سمع ((صحيح البخاري)) من ابن روزبة بحران. وسكن دمشق، وأم بمسجد الرماحين. سمع منه: ابن جعوان، وابن تيمية شيخنا، والمزي، والبرزالي، وجماعة.

(50/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 331
وأجاز لي مروياته. ومات رحمه الله في خامس ربيع الآخر.
- حرف الياء -
474 - يحيى بن أحمد بن محمد بن حسن بن تامتيت. المغربي. مات في شوال بمصر، ودفن عند والده الذي روى بالعامة عن أبي الوقت. 475 - يحيى بن أحمد بن محمد بن الحسين بن تميم. الأجل محيي الدين بن المولى جمال الدين التميمي، الدمشقي. كان صالحا، زاهدا، عابدا، فيه خير، عالما، جليل القدر. توفي في ثاني عشر صفر، وقد جاوز السبعين. كذا قال الشيخ قطب الدين. وإنما مولده في سنة ثلاث عشرة وستمائة. وحدث عن: ابن الزبيدي، وابن ماسويه، وابن اللتي، والسخاوي. ثنا عنه أبو الحسن بن العطار. وكان أبي يعظمه ويصفه. 476 - يحيى بن الحسين. الإربلي العدل، جمال الدين ابن خلكان. توفي بدمشق في رمضان. له إجازة من المؤيد الطوسي، وأبي روح. 477 - يحيى بن عبد العظيم.

(50/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 332
الأديب الشهير، أبو الحسين المصري جمال الدين الشاعر، المعروف بالجزار. ولد سنة ثلاث وستمائة تقريبا. وكان بديع المعاني، حلو النادرة، صاحب مجون وزوائد. مدح الملوك والكبراء. وروى عن: أحمد بن محمد بن الجباب. روى عنه الدمياطي، وابن الحلوانية من شعره.
(أدركوني فبي من البرد هم .......... ليس ينسى وفي حشاي التهاب)

(كلما ازرق لون جسمي من البرد .......... تخيلت أنه سنجاب)
وله، وقد أطلق له قمح فكان رديئا:
(أتاني برك المقبول برا .......... وقصدا للثناء وللثواب)

(فكدر صفوة الكيال حتى .......... غدونا منه في أمر عجاب)

(رضيناه وقد وافى عتيقا .......... إلينا فاستحال أبا تراب)
وله يمدح الصاحب الأمير فخر الدين ابن شيخ الشيوخ:
(بذل وجهي إلا لوجهك بذله .......... واعتزازي إلا بجاهك ذله)

(50/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 333

(يا جوادا سحاب كفيه بالجود .......... على كل قاصد مستهله)

(والذي لو حكاه في دسته .......... الفضل بن يحيى لجاء يطلب فضله)

(لي نصفية تعد من العمر سنينا .......... غسلتها ألف غسله)

(لا تسلني عن مشتراها ففيها .......... منذ فصلتها نشاء بجملة)

(كل يوم يحوطها العصر والدق .......... مرارا وما تقر بعمله)

(نسف الريح صدرها والتحاريس .......... فباتت تشكو هواء ونزله)
توفي الأديب الجزار، رحمه الله، في ثاني عشر شوال بمصر. وكان بزي الكتاب، ومحاسن نظمه لا تحصى. 478 - يحيى بن الفضل بن تاج الأمناء أحمد بن محمد بن الحسن. أبو زكريا ابن عساكر الدمشقي، الفقير. توفي في شعبان، وله ستون سنة. وقد حدث. 479 - يوسف بن محمد بن علي بن سرور. الشيخ شمس الدين أبو عبد الله. ويقال أبو المظفر البغدادي. قال الفرضي: مولده في ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، ومات في رجب. ولم يذكر ممن سمع. وذكره الظهير الكازروني في ((تاريخه))، وذكر أنه وكيلا عند القضاة. وأنه روى عن أبي الفرج بن الجوزي، يعني بالإجازة. وأجاز له ابن كليب. وسمع من: ابن الأخضر. روى عنه: صدر الدين بن حمويه، وعبد العزيز بن أبي الدر.

(50/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 334
48 - يوسف بن نجاح بن موهوب. الشيخ القدوة الزاهد، الفقاعي. دفن بزاويته في شوال بسفح قاسيون، وقد نيف على الثمانين. وكان عبدا صالحا، قانتا لله، حنيفا، كبير الشأن، له أصحاب ومحبون. وكان حسن التربية، كريم الأخلاق، متواضعا، مطرح التكلف، رحمه الله ورضي عنه. خلف إحدى وعشرين ولدا.
الكنى
481 - أبو بكر بن إسماعيل بن بردويل. الأجل سيف الدين الدمشقي، البزار. روى عن: داود بن ملاعب. وتوفي في السادس والعشرين من شعبان. حدث ((بالبعث)) عن موسى بن عبد القادر. وعنه جماعة. 482 - أبو بكر بن أسبهسلار. الأمير سيف الدين. ولي شرطة مصر مدة. وكان موصوفا بالكرم المفرط. وكان ممن زاد به

(50/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 335
السمن حتى قاسى منه شدة. وأشار عليه الطبيب بعدم النوم على جنب. وبقي مدة لا يرمي جنبه إلى الأرض خوفا من أن يغرق في النوم فيموت. 483 - أبو بكر بن محمد بن إبراهيم. الأديب غرس الدين الإربلي. أديب شاعر، فاضل، دين، خير. توفي في ذي القعدة بدمشق. فمن شعره قوله:
(وبي رشأ أحوى حوى الحسن كله .......... بمشرف صدغيه وعامل قده)

(تبدى فخلنا البدر تحت لثامه .......... وماس فقلنا: الغصن في طي برده)

(وقفت له أشكو إليه توجعي .......... وما نال قلبي من مرارة صده)

(وسعرت الأنفاس نار صبابتي .......... فمن حرها أثر الحريق بخده)

(ولولا ارتشافي من برود رضابه .......... لأحرقت نبت الآسي من حول ورده)
روى عنه شمس الدين محمد بن الجزري في ((تاريخه))، وذكر أنه كان صديق والده. 484 - أبو بكر بن محمد بن طرخان. الإمام، المقرىء بالألحان زين الدين الصالحي.

(50/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 336
حضر ابن الحرستاني. وسمع: ابن قدامة، وابن أبي لقمة، وجماعة. وروى الكثير. مولده سنة إحدى عشرة. ومات في جمادى الآخرة سنة تسع. وكان دينا، عالما. روى عنه: ابن العطار، وابن الخباز، والمزي، والبرزالي. ولي منه إجازة. وله أولاد. وكان والده من الرواة. 485 - أبو بكر بن هلال بن عياد. الفقيه، المعمر، عماد الدين البياضي، الحنفي. ولد في العشرين من رجب سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وعمر دهرا، وبان عليه الهرم. وقد سمع وهو كبير من أبي القاسم بن صصرى، وابن الزبيدي. سمع منه: المفتي رشيد الدين سعيد البصروي، والمزي، والبرزالي، وابن الخباز. وقد روى بالإجازة العامة عن السلفي. ورأيت خطه مرجوفا مضطربا من الضعف والكبر. وكان معيد المدرسة الشبلية. توفي في تاسع رجب عن مائة وأربع سنين كاملة. وكان صدوقا لا يرتاب في مولده. ولو سمع في صباه من إسماعيل الجنزوي والخشوعي وهذه الطبقة لصار أسند أهل الأرض. وكان يعرف بالعماد الجبلي. 486 - أبو القاسم بن الحسين بن العود.

(50/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 337
الشيخ نجيب الدين الأسدي، الحلي، الفقيه، المتكلم، رأس الرافضة. وشيخ الشيعة. وكان قد أسن وعمر وانهزم. وعاش نيفا وتسعين سنة. كان عالما متفننا، مشاركا في أنواع من الفضائل. قدم حلب وتردد إلى الشريف عز الدين مرتضى نقيب الأشراف، فاسترسل معه يوما، ونال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فزبره النقيب وأمر بجره بين يديه، وأركب حمارا مقلوبا، وصفع في الأسواق. فحدثني أبو الفضل بن النحاس الأسدي أن فاميا نزل من حانوته وجاء إلى مزبلة، فاغترف غائطا ولطخ به ابن العود. وعظم النقيب عند الناس، وتسحب ابن العود من حلب. ثم إنه أقام بقرية جزين مأوى الرافضة، فأقبلوا عليه وملكوه بالإحسان. وبلغني أنه كان في الآخر متدينا متعبدا، يقوم الليل. وقد رثاه إبراهيم بن الحسام أبي الغيث بأبيات أولها:
(عرس بجزين يا مستبعد النجف .......... ففضل من حلها يا صاح غير خفي)
مات ليلة النصف من شعبان بجزين. قاله قطب الدين. وقيل إنه توفي سنة سبع وسبعين. وفيها ولد: جلال الدين محمد بن سعد الدين محمد بن محمود البخاري، الحنفي، خطيب الزنجيلية، ومات عن نيف وثلاثين سنة. ورئيس المؤذنين شمس الدين محمد بن سعيد بن فلاح النابلسي،

(50/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 338
والمحيي يحيى بن عثمان المرزباني، والشيخ غازي بن عثمان المقرىء صاحب الميعاد، والشهاب أحمد بن محمد بن يوسف الوراق، والشيخ موسى بن إبراهيم بن محمود بن بشر الحنبلي، والشيخ علي الخازن صاحب التعبير.

(50/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 339

سنة ثمانين وستمائة

- حرف الألف -
487 - أحمد بن عبد الله بن عبد الملك بن عثمان. بدر الدين المقدسي، المؤدب، الحنبلي. سمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وجعفر. وحدث ومات في حادي عشر رجب. وأمه زينب بنت مكي. 488 - أحمد بن عبد الصمد بن عبد الله بن أحمد. القاضي محيي الدين المصري، الشافعي، ويعرف بقاضي عجلون. كان أبوه رشيد الدين قاضي قليوب. وكان هذا فقيها، عالما، رئيسا، كريما. حكم بعجلون مدة، وله شهرة في السخاء وعلو الهمة. وكان ذا مكانة من السلطان الناصر. وقد ولي أبوه قضاء بعلبك أيضا. وقد ولي محيي الدين وكالة بيت المال بدمشق وتدريس الشامية الكبرى في أول دولة الظاهر. ثم عزل سريعا. توفي بد مياط في ذى القعدة سمع من: ابن اللتي، والعلم بن الصابوني. وحدث. عاش ستا وستين سنة.

(50/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 340
489 - أحمد بن عطاف بن أحمد. الكندي، الرهاوي، أبو العباس. مات في ذي الحجة. وقد أجاز للبرزالي، وجماعة. وله سماع. 490 - أحمد بن علي بن مظفر. الرئيس نجم الدين ابن الحلي، ثم المصري. ولد بالقاهرة سنة ثلاث وستمائة. وكان ذا نعمة طائلة ومتاجر وتقدم في الدول. روى عن: ابن باقا. وإليه ينسب الأمير عز الدين الحلي. توفي في رمضان بالقاهرة. 491 - أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عيسى. العلامة الشهير، والخطيب البليغ، أبو جعفر بن الطباع الرعيني، الأندلسي، شيخ القراء بغرناطة. مولده بعد الستمائة. وقرأ بالروايات على الخطيب عبد الله بن محمد بن اللواب، وغيره. وقد ولي القضاء كرها فحكم حكومة واحدة وعزل نفسه. أخذ عنه القراءآت أبو حيان، وأبو القاسم بن سهل. قال لي ابن سهل إنه مات سنة ثمانين وستمائة. وهو في عشر الثمانين، رحمه الله تعالى.

(50/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 341
492 - أحمد بن محمود بن عمر. التبريزي. مات بالموصل في رمضان عن مائة سنة سوى أشهر. يروي عن: الباذرائي، وجماعة. سمع في الكهولة. 493 - أحمد بن النعمان بن أحمد بن المنذر. الصدر فخر الدين الحلبي، ناظر الجيش الشامي. رئيس نبيل، صاحب مكارم، وهو معروف بالتشيع. توفي في رمضان وقد ناهز الستين. 494 - أحمد بن قاضي القضاة محيي الدين يحيى بن محيي الدين ابن الزكي. القرشي، الدمشقي، القاضي علاء الدين. رئيس، فاضل، أديب. كتب الإنشاء مدة، ثم درس بالعزيزية، والتقوية. وحدث عن: أبي بكر بن الخازن. ولد سنة اثنتين وثلاثين وستمائة. وتوفي في شعبان. وقد ناب في القضاء عن أبيه.

(50/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 342
وسمع أيضا ببغداد من: أبي جعفر بن السندي. وابن المني، وغير واحد. 495 - أحمد بن يوسف بن محمود. أبو العباس ابن الساوي. سمعه أبوه من المطهر بن أبي بكر البيهقي. وروى عنه: أبو الفتح اليعمري. وأجاز للبرزالي. مات في جمادى الآخرة بالقاهرة. 496 - أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع بن حسين بن سودان. الشيباني، الإمام، العلامة، الزاهد الكبير، موفق الدين، أبو العباس الكواشي، المفسر، نزيل الموصل.

(50/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 343
ولد بكواشة، وهي قلعة من أعمال الموصل، سنة تسعين أو إحدى وتسعين وخمسمائة. قرأ القرآن على والده، واشتغل وبرع في القراءآت والتفسير والعربية والفضائل. وسمع من: أبي الحسين بن روزبة ؛ وقدم دمشق، وأخذ عن: أبي الحسن السخاوي، وغيره. وحج من دمشق وزار بيت المقدس ورجع إلى بلده وتعبد. وكان منقطع القرين، عديم النظير زهدا وصلاحا وتبتلا وصدقا واجتهادا. كان يزوره السلطان فمن دونه، فلا يعبأ بهم، ولا يقوم لهم، ويتبرم بهم، ولا يقبل لهم شيئا. وله كشف وكرامات. وأضر قبل مواته بنحو من عشر سنين. صنف التفسير الكبير والتفسير الصغير. وأرسل نسخة إلى مكة، ونسخة إلى المدينة، ونسخة إلى بيت المقدس. قال شمس الدين الجزري في ((تاريخه)): حدثني الحاج أحمد بن الصهبي وأمين الدين عبد الله بن الفراقيعي الجزريان، عن الشيخ موفق الدين أن والده توفي وهو صغير، ورباه خاله وأشغله بالعلم عنده بالجزيرة إلى أن بلغ عشرين سنة، فسافر إلى الشام وحج، واشترى قمحا من قرية الجابية، لكونها من فتوح عمر رضي الله عنه، ثلاثة أمداد وحملها على عنقه في جراب إلى الموصل، ثم زرعها بأرض البقعة من أعمال الموصل، وبقي يعمل بالفاعل بتلك القرية إلى أن حصد ذلك الزرع، وأخذ منه ما يقوته، وترك منه

(50/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 344
بذارا ثم بذره، وبقي على هذا إلى أن بقي يدخل عليه من ذلك القمح جملة تقوم به وبجماعة من أصحابه وزواره. وكان لا يقبل من أحد شيئا. وكان كثير الانكار على بدر الدين صاحب الموصل، وإذا سير إليه يشفع عنه في أحد لا يرده. وكان خواص صاحب الموصل المتدينون يحبون الشيخ ويعظمونه. قال شمس الدين الجزري: وحكى جماعة كبيرة من التجار أنهم جرى لهم معه وقائع وكرامات وكشف. وأنه كان يعرف اسم الله الأعظم. ولأهل الموصل والجزيرة فيه اعتقاد عظيم. قلت: وكان شيخنا تقي الدين المقصائي ((يطنب في وصف الشيخ موفق الدين ويسهب. وقرأ عليه ((تفسيره)) قال: فلما وصلت إلى سورة الفجر منعني من ختم الكتاب، وقال: أنا أجيزه لك ولا تقول كملت الكتاب على المصنف. يعني أن للنفس في ذلك حظا. قلت: وحدث تقي الدين بالكتاب عنه سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وقال لي: غبت عن الشيخ نحو سنة ونصف، فلما قدمت دققت الباب قال: من ذا أبو بكر؟ قلت: نعم. واعتددتها له كرامة. وقد لازم جامع الموصل مدة طويلة تزيد على أربعين سنة. وقد سمع منه أبو العلاء الفرضي، وقال: هو أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع بن حسين بن سودان الشيباني، الشافعي، الكواشي، كان إماما، عالما، زاهدا، قدوة، ورعا، علامة. توفي في سابع عشر جمادى الآخرة، ودفن خارج الباب القبلي من جامع الموصل. وقد قرأ بالسبع على والده عن تلاوته على مكي بن زيان الماكساني، عن ابن سعدون القرطبي.

(50/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 345
وسمع ((التجريد)) من عبد المحسن بن الطوسي، بسماعه من ابن سعدون. وحدثني الشيخ محمد بن منتاب، عن عبد الشيخ صالح أنه خدم الشيخ سنين، وأن الشيخ كان ينفق من الغيب، وأنني أبدا ما طلبت من الشيخ درهما أو أقل أو أكثر إلا قال: خذ. ويشير إلى كوة، فأجد ما طلبت لا يزيد ولا ينقص. كان ينبغي للشيخ أن يتورع عن أخذ ما في الكوة لجواز أن يكون هذا من الجان، وما ذاك ببعيد، هذا إن صحت الحكاية. وأنا أعتقد صحتها وأعتقد صلاحه، وجواز أن يكون مخدوما، والله أعلم. ولا تنكر له الكرامات، رحمه الله تعالى. 497 - إبراهيم بن أبي بكر بن إبراهيم. العدل أمين الدين البكري، المصري، ويعرف بالقرافي. كان إمام السلطنة ومحتسب الجيش المنصور، وإمام قبة الشافعي. سمع من: أصحاب السلفي. ومات كهلا في شعبان بمصر. 498 - إبراهيم بن سعيد. الشاغوري، الموله جيعانة. مات في جمادى الأولى، وكان من أبناء السبعين، وشيعه الخلق، وازدحموا على نعشه. ولطائفة من العامة فيه اعتقاد زائد لما يرونه من كشفه وكلامه على الخواطر، مع عدم صلاته وصيامه. وقد يشاركه في كشفه الراهب والكاهن، فانتفت الولاية بمجرد الكشف.

(50/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 346
499 - إبراهيم بن الناصح محمد بن إبراهيم بن سعد. العدل، تقي الدين أبو إسحاق المقدسي، الصالحي، الحنبلي. سمع من: ابن الزبيدي، والناصح بن الحنبلي، وابن اللتي. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وآخرون. وتوفي في سلخ رجب، وله ثمان وستون سنة. وكان جيد الكتابة، خبيرا بالشروط. 500 - أبغا بن هولاكو. ملك التتار وصاحب العراق والجزيرة وخراسان وغير ذلك. مات بنواحي همدان بين العيدين، وله نحو من خمسين سنة. قاله قطب الدين، قال: وكان مقداما شجاعا، عالي الهمة، لم يكن في إخوته مثله، وهو على دين التتار لم يدخل في الإسلام. وكان ذا رأي وحزم وخبرة في الحرب. ولما توجه أخوه منكوتمر بالعساكر إلى الشام لم يكن ذلك بتحريضه، بل أشير عليه فوافق. قلت: وكان كافر النفس، سفاكا للدماء. قتل في الروم خلقا كثيرا لكونهم دخلوا في طاعة الملك الظاهر، وفرحوا بمجيئه إليهم. وقد نفد

(50/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 347
الملك الظاهر إليه رسله وهديه، فحضروا بين يديه وامرأة أبيه ألجي خاتون على شماله على التخت في خركاه. قال ابن عبد الظاهر في السيرة: وصفته أنه شاب _ قال هذا في سنة سبعين. قال: وهو أسمر أكحل، ربع القامة، جهوري الصوت، فيه بحة يسيرة، عليه قباء نفطي رومي، وسراقوج بنفسجي. وزوجة أبيه قد تزوج بها وهي كهلة. قال لنا الظهير الكازروني: مات أباقا بهمدان في العشرين من ذي الحجة، فكانت أيامه سبع عشرة سنة وثمانية أشهر. 501 - أزدمر. الأمير، الحاج عز الدين الجمدار، الشهيد. كان من أعيان الأمراء، وعنده فضيلة ومعرفة ومكارم كثيرة. ولما قام في الملك سنقر الأشقر بدمشق قام معه واختص به، فجعله نائب سلطنته، ثم تحول معه إلى صهيون وغيرها. ونزل بقلعة شيزر في جهة سنقر الأشقر. وكانت نفسه تحدثه بأمور قصر عنها الأجل. وجاءته سعادة لم تكن في حسابه، فحضر المصاف في رجب، وأبلى بلاء حسنا، وصدق الله فاستشهد مقبلا غير مدبر، وقد قارب ستين سنة، رحمه الله تعالى.

(50/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 348
وهو الذي طعن طاغية العدو. 502 - إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم بن يعيش. الشيخ شمس الدين المالكي. شيخ مسند، صالح، خير. سمع من: أبي البن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني. روى عنه: المزي، والبرزالي، وجماعة. وليس بالمكثر. توفي في ثالث عشر شعبان. 503 - أسماء بنت زين الأمناء الحسن بن محمد بن عساكر. زوجة عماد الدين حسين بن علي بن القاسم بن الحافظ. توفيت في ذي القعدة. سمعت من أبيها، وأجاز لها المؤيد، وزينب. 504 - أيبك. الشجاعي، الصالحي، العمادي، الأمير عز الدين، والي إقليم حوران والسواد. كان كافيا، ناهضا صارما. وكان الملك الظاهر يعتمد عليه ويكرمه. وقد ولي أستاذ دارية أستاذه ومعتقه الملك الصالح إسماعيل بن العادل. وعمر دهرا، وبلغ بضعا وثمانين سنة، وقطع خبزه في الآخر قبل موته بأشهر.

(50/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 349

- حرف الباء -
505 - بكتوت. الخزنداري، الأمير بدر الدين، نائب بعلبك الخزندار بالشام. كان مشكور السيرة، كثير الصدقات. استشهد على حمص وهو في عشر الخمسين. 506 - بلبان. الرومي، الدوادار، الأمير سيف الدين. من أعيان الأمراء ونجبائهم، كان الملك الظاهر يعتمد عليه ويحمله أسراره إلى القصاد. ولم يؤمره إلا الملك السعيد. واستشهد بمصاف حمص. 507 - بهادر. الأمير بهاء الدين بن حسام الدين بيجار. توفي في شعبان بغزة وهو في عشر السبعين. وكان موصوفا بالشجاعة والنجدة. وهو كان السبب في قدوم أبيه إلى بلاد المسلمين.

(50/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 350
توفي صحبة الجيش المنصور وأبوه حي إذ ذاك بمصر وقد كف بصره.
- حرف التاء -
508 - توتل. الأمير سيف الدين الشهرزوري. أحد أمراء دمشق الأبطال. بين يوم المصاف وقتل جماعة واستشهد، وقد نيف على الثمانين.
- حرف الجيم -
509 - الجمال الإسكندراني. الحاسب، المؤدب بدمشق تحت مأذنة فيروز. كان يضرب به المثل في الحساب، وتخرج عليه خلق من الدواوين وأبناء الناس. توفي في ذي الحجة، وقد رأيته شيخا أبيض اللحية.
- حرف الحاء -
510 - خضر بن محاسن. المقدم موفق الدين الرحبي، الأمير. كان من دهاة العالم وشجعانهم. كان جماسا لشخص من أهل الرحبة فمات، فتزوج بامرأته وحاز تركته. وتنقلت به الأحوال، وصار قرا غلام بالرحبة في أيام صاحبها الملك الأشرف. ثم خدم نواب الملك الظاهر، فوجدوه كافيا خبيرا.

(50/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 351
وتعرف بعيسى بن مهنا، ثم أعطي خبزا بتسعين، وانبسطت يده، وتمكن إلى أن ولي إمرة الرحبة بعد موت أيبك الإسكندراني، فدبر الأمور، وجهز القصاد. فلما انكسر سنقر الأشقر ولحق بالرحبة ومعه ابن مهنا وأمراء، فطلب من الموفق تسليم القلعة، فخادعه وراوغه، وبعث له الإقامات، وطالع الملك المنصور بأحواله وأموره، وتألف الأمراء وأفسدهم على سنقر الأشقر. فلما قدم السلطان دمشق وفد إليه بهدايا فأقبل عليه، لكن أتى تجار أخذوا فوجدوا بعض قماشهم عنده فشكوه، وعضدهم الأمراء علم الدين الحلبي، وغيره، فاعتقل، فعز عليه ذلك، واغتم ومرض ومات كمدا بدمشق وقد قارب السبعين.
- حرف السين -
511 - سعيد بن حكم بن سعيد بن حكم. الأمير، أبو عثمان القرشي، الطيبري. مولده بطيبرة من غرب الأندلس في حدود الستمائة. وقرأ بإشبيلية ((الموطأ)) على أبي الحسين بن رزقون. واشتغل على أبي علي الشلوبين. وكان أديبا، محدثا، كاتبا، رئيسا. نزل جزيرة ميرقة، وكان حسن السياسة، فقدمه أهلها وأمروه عليهم فدبر أمرها إلى أن مات. وأجاز لمن أدرك حياته، كذا قال ابن عمران الحصرمي، وولي بعده ولده الحكم. ثم قصده الفرنج، ودام الحصار مدة، ثم أخذ البلد في سنة

(50/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 352
خمس وثمانين وقدم هو سبتة. 512 - سلامة بن سليمان. الشيخ بهاء الدين الرقي، النحوي. كان من أئمة العربية، أقرأ جماعة بمصر. ومات في صفر وقد ناهز الثمانين. 513 - سنقر الألفي. الظاهري، الأمير شمس الدين. لما أفضت السلطنة إلى الملك السعيد، ومسك الفارقاني رتب هذا نائب السلطنة، فبقي مدة. وكان حسن السيرة، محبوبا إلى الناس، ثم استعفى، فصرف بسيف الدين كوندك. توفي مقتولا بالإسكندرية، وكان من أبناء الأربعين. وكان فيه دين وفضيلة وأدب.
- حرف الصاد -
514 - صالح بن الهذيل. الملك مجد الدين، ناظر واسط. مات بها عن نيف وستين سنة. وقد ولي أماكن، وصودر مرة وعذب، وخرم أنفه، عفا الله عنه.

(50/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 353

- حرف الضاد -
515 - ضياء بن عبد الكريم. الإمام، وجيه الدين أبو الحسن المناوي. مات في عشر الثمانين. له نظم وفضل.
- حرف العين -
516 - عبد الله بن الشيخ محمد بن الشيخ القدوة عبد الله بن عثمان. اليونيني. ولد سنة أربع وستمائة، وأدرك جده. قال الشيخ قطب الدين: كان خيراً، كثير التعبد، سليم الصدر، متواضعا ذا مروءة غزيرة وشجاعة وإقدام. قاتل يوم حمص قتالا شديدا، ثم قتل شهيدا، رحمه الله. 517 - عبد الله بن أبي العز بن صدقة بن إبراهيم. أبو محمد الحراني. ولد سنة ثمان وستمائة. وروى عن: فخر الدين ابن تيمية، والمجد القزويني. ومات بدمشق في شعبان. وأجاز له ابن الأخضر ؛ وأحمد بن الدبيقي، وجماعة. سمع منه: البرزالي، والطلبة.

(50/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 354
518 - عبد الدائم بن محمود بن مودود بن بلدجي. أبو الخير الفقيه، الحنفي، المدرس. ولد سنة أربع وستمائة. وسمع من: مسمار بن العويس. كتب عنه: أبو العلاء بن الفرضي، وجماعة. ومات رحمه الله بالموصل في شعبان. 519 - عبد الرحيم بن عبد الملك بن عبد الملك بن يوسف بن محمد بن قدامة بن مقدام. الشيخ كمال الدين، أبو محمد المقدسي، الصالحي، الحنبلي. شيخ صالح، ورع، عاقل حافظ لكتاب الله، عالي السند. ولد في حدود سنة ثمان وتسعين. وسمع من: حنبل حضورا، ومن: عمر بن طبرزد، والكندي، ومحمد بن الزنف، والخضر بن كامل، وابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وأبي الفتوح الجلاجلي. وغيرهم. وأجاز له: أبو عبد الله بن الخصيب الدمشقي، وأبو جعفر الصيدلاني، وعفيفة، ومنصور الفراوي، وعبد الرزاق الجيلي، وعبد الوهاب بن سكينة، وأبو حامد عبد الله بن جوالق، وأبو الفتح بن المندائي، وخلق. وحدث في أيام الحافظ ابن خليل بحلب. وروى الكثير.

(50/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 355
روى عنه: الدمياطي، وتلك الطبقة، وأبو الحسن بن العطار، والمزي، البرزالي، والشيخ محمد بن قوام، وأبو عبد الله بن الصيرفي، وطائفة لم يظهروا بعد. توفي في عاشر جمادى الأولى، وهو سبط الشيخ أبي عمر. 520 - عبد الرحيم. الإمام عماد الدين العباسي السلماني. مدرس مدرسة زين التجار بمصر. توفي في المحرم عن بضع وسبعين سنة. 521 - عبد الرحيم بن محمد بن غارز. أبو محمد اللحام الصالحي. روى بالإجازة عن: زاهر الثقفي، وعبد الوهاب بن سكينة، وغيرهما. مات في رجب. 522 - عبد العزيز بن الحسين بن الحسن. الشيخ مجد الدين أبو محمد الداري، الخليلي، ثم المصري. والد الصاحب فخر الدين عمر. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة بمصر. وسمع ((الشفا)) للقاضي عياض من أبي الحسين بن جبير الكناني. ودخل بغداد في شبيبته فسمع من: الفتح بن عبد السلام، وأبي علي بن

(50/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 356
الجواليقي، وعبد السلام الداهري، وعمر بن كرم، وزكريا العلبي، وأبي حفص السهروردي، وجماعة. أخذ عنه: المزي، والبرزالي، والطلبة المصريون والدمشقيون. قال الشيخ قطب الدين موسى: زعم أنه من ولد تميم الداري. وكان دينا متعبدا، يبر الفقراء، ويحسن إليهم. وله وجاهة في الدولة. وعلى ذهنه من التواريخ والأيام قطعة صالحة وثبت. توفي في ثالث عشر ربيع الآخر، ودفن بجبل قاسيون. 523 - عبد العزيز بن عبد الجبار بن عمر. العلامة فخر الدين الخلاطي، الحكيم. شيخ معمر شهير. استدعاه هولاوو لعمارة الرصد. اشتغل بالموصل على: المهذب بن هبل. وصحب أوحد الدين الكرماني. قال ابن الفوطي: رأيت سماعه بجميع جامع الأصول من مصنفه مجد الدين، ونيف على المائة. وأجاز لي مروياته. مات في شوال. وكذا أرخه الكازروني، وقال: كثر ماله وجهل وشرب الخمر، فلا قوة إلا بالله. 524 - عبد العزيز بن عبد المنعم بن نصر الله بن حواري. التنوخي، أخو الشرف والتاج محمد. مات بالمنيحة. حدث عن ابن المقير.

(50/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 357
توفي في صفر. 525 - عبد القاهر بن مظفر بن المبارك بن أحمد. الرئيس، سيف الدين أبو النجيب البغدادي. سمع من والده بهاء الدين أبي الكرم. وكان بيده إجازة من الخليفة الناصر لدين الله. وكان حسن السمت، كريم الأخلاق. مولده سنة سبع وتسعين. ومات في جمادى الآخرة سنة ثمانين. أنبأني بذلك ابن الفوطي. وقال غيره: سمع من المبارك بن أحمد ((المائة السريجية)) أنا أبو الوقت. 526 - علي بن أبي القاسم أحمد بن بدر. الشيخ القدوة، الزاهد، ولي الدين، أبو الحسن الجزري، الشافعي. أصله من جزيرة ابن عمر. وتفقه بالموصل ثم بحلب ودمشق ومصر، ثم أقبل على العبادة والتبتل إلى الله تعالى، وبنى له معبدا في جامع بيت لهيا، وأقام به دهرا على التجرد والتوكل والرياضة، وهو صادق في طريقه، مخلص رباني مكاشف، صاحب أحوال ومقامات، وللناس فيه عقيدة صالحة. وتشوش فأدخل إلى القيمرية ومرض بها. وتوفي إلى رحمة الله في ثالث شوال، ودفن بسفح قاسيون. ومات في عشر الستين. 527 - علي بن الملك الظاهر علي بن الملك العزيز بن الظاهر.

(50/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 358
الأمير نور الدين. كان شابا بديع الجمال، تام الخلقة، كريماً، شجاعا، رئيسا. توفي، وأمه يومئذ زوجة البيسري، في شوال بالقاهرة عن نيف وعشرين سنة رحمه الله. 528 - علي بن محمد بن علي بن يوسف. الأستاذ الشهير، أبو الحسن الكتامي، الإشبيلي، النحوي، المعروف بابن الضائع، بضاد معجمة وعين مهملة. أخذ العربية عن: أبي علي الشلوبين. وكان روضة معارف. حدثنا أبو القاسم بن سهل أنه قرأ عليه العربية، وقرأ عليه طائفة من ((التفريع)) لابن الحلاب. وعرضت عليه الفصيح وأشعار الستة ودولا من علم الكلام وأصول الفقه. قال: وتوفي، رحمه الله، سنة ثمانين وستمائة بالأندلس. 529 - علي بن محمود بن حسن بن نبهان بن سند. علاء الدين أبو الحسن اليشكري، ثم الربعي، البغدادي المحتد، المصري المولد، الدمشقي، الشاعر المنجم. ولد أبوه ببغداد في سنة ست عشرة وخمسمائة، وولد هو في سنة خمس وتسعين. وسمع بدمشق من: عمر بن طبرزد، وحنبل، والكندي.

(50/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 359
أخذ عنه أبو محمد الدمياطي، وغيره من شعره. وتورع كثير من الطلبة عن الأخذ عنه لكونه منجما ساقط العدالة. وسمع منه: أبو محمد البرزالي، وغيره. قال بعض المؤرخين: كانت له اليد الطولى في علم الفلك والتقاويم وعلم الأزياج، مع النظم الرائق، وحسن الخط. ومن شعره في مظفر الدين صاحب صهيون، وله فيه قصائد:
(ما لليلي ما له سحر .......... أتراهم مقلتي سحروا)

(غدروا لا ذقت فقدهم .......... فدموعي بعدهم غدر)

(لا أبالي مذ كلفت بهم .......... عذل العذال أم عذروا)

(طاعتي فرض لحكمهم .......... إن نهوا في الحب أو أمروا)

(هكذا حكم الهوى أفما .......... لك في العشاق معتبر)

(من عذيري من هوى قمر .......... بات يحكي حسنه القمر)

(ماس في برد الشباب كما .......... ماس خوط البانة النضر)

(ريقه ماء الحياة لمن .......... ذاقه والشارب الخضر)

(وكحيل بات يفتك بي .......... حين يرنو وهو منكسر)

(حربي إذ راح مبتسما .......... من عقيق حشوه درر)
وهي طويلة. ومات في ليلة شريفة، ليلة الجمعة السابع والعشرين من رمضان بدمشق.

(50/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 360
530 - علي بن محمود. الحكيم نجم الدين الدامغاني، الإصطرلابي. كان رأسا في علم الرياضي، وتقرر في رصد مراغه. مات ببغداد في هذا العام. ذكره الظهير في شهر صفر. 531 - عمر بن عبد الوهاب بن خلف. قاضي القضاة صدر الدين ابن قاضي القضاة تاج الدين العلامي المصري، الشافعي، المعروف بابن بنت الأعز. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة. وسمع من: الزكي المنذري، والرشيد العطار. وما أحسبه حدث. وولي قضاء الديار المصرية في سنة ثمان وسبعين، وعزل في رمضان سنة تسع، وكان فقيها، عارفا بالمذهب، يسلك طريقة والده في التحري والصلابة. توفي يوم عاشوراء. وكان يدري العربية، وفيه دين وتعبد، ولديه فضائل. وكان عظيم الهيبة، وافر الجلالة، عديم المزاح، بارا بالفقهاء، مؤثرا، متصدقا. وكان أبوه يحترمه ويتبرك به. درس بأماكن. قال ابن الدمياطي: حدث عن المنذري.

(50/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 361
532 - عمر بن مظفر. الأمير جمال الدين الهكاري. من مقدمي حلقة دمشق. كان ذا شجاعة ودين ومروة. وخيرا. استشهد يوم المصاف، وقد جاوز الخمسين، رحمه الله.
- حرف القاف -
533 - القاسم بن أبي بكر بن القاسم بن غنيمة. العدل أمين الدين، أبو محمد الإربلي، المقرئ. ولد سنة خمس وتسعين، أو قبلها، بإربل. وروى ((صحيح مسلم)) عن المؤيد الطوسي بدمشق من غير أصل، فسمع منه: ابن تيمية، وابن أبي الفتح، وابن الوكيل، والمزي، والبرزالي، والفقيه عبادة، وطائفة سواهم. سألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: شيخ جليل، قديم المولد، كان يذكر أن أباه سفره إلى نيسابور مع إخوته لذلك. وأنه سمع ((صحيح مسلم)) من المؤيد، وسمعناه منه اعتمادا على قوله بعد أن سألنا عنه القاضي شمس الدين ابن خلكان وغيره، فأثنوا عليه خيرا. قلت: وحدثني الثقة أنه قال لهم: كان لي فوت في الكتاب، وأعيد بالقصد على المؤيد.

(50/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 362
وحدثني أبو محمد البرزالي أن الفخر بن البخاري حدثهم أن والد هذا الشيخ كان تاجرا إلى والده شمس الدين، وقال له: ما تخلي ولدك عليا يرحل معنا ويسمع من المؤيد، فلم يفعل أبي. ثم إنه سافر بابنه. وذكر أمين الدين الإربلي للجماعة أنه كان له ثبت بسماع الكتاب فذهب منه. وكان من عدول تحت الساعة في أواخر عمره. وقبل ذلك كان تاجرا مشهورا هو وأخوه، ثم تضعضع. وكان يعرف بالمقرىء. أجاز لي مروياته، ومات بالعادلية الكبيرة في ثاني جمادى الأول. وبخط القاضي شمس الدين ابن خلكان: توفي الشيخ أمين الدين القاسم الإربلي التاجر المعروف بالمقرئ في يوم الثلاثاء ثاني جمادى الأولى، ودفن بمقابر الصوفية. وأخبرني غير مرة أن مولده في سنة أربع وتسعين وخمسمائة بإربل. تردد إلى مصر وإلى العجم مرارا. وسمع ((صحيح مسلم)) على المؤيد الطوسي. قال شيخنا ابن أبي الفتح: وبلغني عن قاضي القضاة ابن خلكان أنه قال: رأيت ثبته ((بصحيح مسلم)). وقال شيخنا شمس الدين ابن أبي عمر: اسمعوا على هذا الشيخ ((صحيح مسلم))، فإن سماعه صحيح. قثال ابن أبي الفتح: سمع الكتاب في أواخر سنة عشر وأوائل سنة إحدى عشرة وكان قد قرأ القرآن وعرف الفرائض، رحمه الله.
- حرف الميم -
534 - محمد بن أحمد بن يحيى بن هبة الله بن الحسن بن سني الدولة.

(50/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 363
قاضي القضاة نجم الدين أبو بكر ابن قاضي القضاة صدر الدين أبي العباس ابن قاضي القضاة شمس الدين أبي البركات، الدمشقي، الشافعي. ناب عن والده في القضاء بدمشق، ثم ولي قضاء القضاة عند كسره التتار على عين جالوت فبقي سنة، ثم عزل بابن خلكان. ثم أسكن مصر وصودر وتعب. ثم ولي قضاء دمشق أياما عقب زوال دولة سنقر الأشقر، ولم تتم ولايته. وولي قضاء حلب قبل ذلك. وقد درس بالأمينية وعدة مدارس. وكان موصوفا بجودة النقل وصحته وكثرته. وحدث عن: أبي القاسم بن صصرى، وابن باسويه، وغيرها. وولد سنة ست عشرة وستمائة وكان مشهورا بالصرامة والهيبة والهمة العالية والتحري في الأحكام. توفي في ثامن المحرم، ودفن بسفح قاسيون. 535 - محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى. المحدث، الناسخ، شرف الدين، أبو عبد الله بن المجير القرشي، الدمشقي، الكتبي. ولد في ربيع الأول سنة عشر وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن صصرى، وأبي عبد الله بن الزبيدي، وجماعة.

(50/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 364
وببغداد من: أبي الحسن بن القطيعي، والأنجب الحمامي، وابن روزبة، وطائفة. وبمصر من: مرتضى بن العفيف، وأقرانه. وبحلب من: ابن خليل فأكثر، وعن غيره. وكتب الأجزاء والطباق، وقرأ الكثير. وكان ضعيفا بين المحدثين، يتهمونه. سمع منه: ابن الخباز، والبرزالي، وجماعة من الطلبة، ولم يكن عليه أنس الحديث. وخطه كثير السقم مع حسنه. توفي في سادس عشر ذي القعدة سامحه الله. قال الحافظ سعد الدين الحارثي: كان مزورا كذابا. سمع لنفسه وزور. 536 - محمد بن أحمد بن مكتوم بن أبي الخش. البعلبكي. أديب محسن، وشاعر مجود، يحفظ ((المقامات)). أعاد بأمينية بعلبك، وأقرأ النحو. استشهد في أول الكهول بحمص.

(50/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 365
537 - محمد بن أشرف بن محمد بن ذي الفقار. السيد الحسيب، العالم، عماد الدين الحسني، الشافعي. مدرس المستنصرية، ولما كبر نزل عنها لابنه شرف الدين. ولد بمربد سنة 597. 538 - محمد بن الحسن بن سالم بن نبهان. الشيخ زين الدين الحمصي، الشاهد. والد شيخنا البدر بن الصواف. توفي فجأة بحصيرته تحت الساعات في ثالث عشر المحرم، وله ثمان وسبعون سنة. وقد روى عن ابن صباح جزءا. 539 - محمد بن الحسين بن رزين بن موسى بن عيسى بن موسى بن نصر الله.

(50/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 366
قاضي القضاة، مفتي الإسلام، تقي الدين، أبو عبد الله العامري، الحموي، الشافعي. ولد سنة ثلاث وستمائة بحماة. وحفظ من ((التنبيه)) في صغره. ثم انتقل عنه إلى ((الوسيط)) فحفظه كله، وحفظ ((المفصل)). كله ورحل إلى حلب فقرأه على موفق الدين ابن يعيش. ورجع إلى حماة، وتصدر للقراءة والفتوى وله ثمان عشرة سنة، وحفظ ((المستصفى)) للغزالي، وكتابي أبي عمرو بن الحاجب في الأصول والنحو. ونظر في التفسير وبرع فيه، وشارك في الخلاف والمنطق والبيان والحديث. وقدم دمشق سنة نيف وثلاثين، وهو من فضلاء وقته، فلازم الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، وشرح عليه، وعلق عنه. وقرأ القراءآت على أبي الحسن السخاوي، وسمع منهما، ومن كريمة. وأفتى بدمشق هذه الأيام، وولي إمامة دار الحديث الأشرفية، ثم ولي وكالة بيت المال في الدولة الناصرية وتدريس الشامية الحسامية، ثم انتقل إلى القاهرة وقت أخذ حلب، وولي عدة جهات فأعاد بمدرسة الشافعي، وظهرت فضائله الباهرة. واشتغلوا عليه في أيام الشيخ عز الدين بن عبد السلام. ثم درس بالظاهرية. ثم ولي القضاء وتدريس الشافعي، وامتنع من أخذ الجامكية على القضاء دينا وورعا. وكان يقصد بالفتاوي من النواحي، وتخرج به أئمة، منهم قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، وغيره. وحدث عنه: الدمياطي، وابن جماعة، والمصريون. وكان حميد السيرة، حسن الديانة، كثير العبادة، كبير القدر، جميل الذكر، رحمه الله تعالى.

(50/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 367
توفي في ثالث رجب. وولي القضاء بعده وجيه الدين البهنسي. 540 - محمد بن الحسين بن وداعة. الأمير مجد الدين. حدث بالبعث عن: ابن اللتي. ومات بمصر في ذي القعدة. 541 - محمد بن الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق. الإمام، المفتي، علم الدين، أبو عبد الله الربعي، المصري، المالكي. والد شيخا القاضي زين الدين محمد. سمع من: علي بن المفضل الحافظ، وابن جبير البلنسي، وعبد الله بن مجلي، وغيرهم. روى عنه: الدواداري، والمصريون. وكان موصوفا بالعلم والعمل والزهد. توفي ليلة الجمعة ثامن ذي الحجة. ودفن بسفح المقطم من خمس وثمانين سنة. 542 - محمد بن ذي الفقار.

(50/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 368
الصدر، الإمام، عماد الدين الحسني، المرندي، ثم البغدادي، الشافعي، مدرس المستنصرية. سمع ((صحيح البخاري)) من أبي الحسن القطيعي، ودرس وأفاد. مات في شعبان من السنة، وله أربع وثمانون سنة وشهر. وقيل محمد بن أشرف. تقدم. 543 - محمد بن عبد الأحد بن شقير. الحراني الحاج. أحد التجار المعروفين. وجد مقتولا بالشريعة، وكان قد قدم في تجارة. 544 - محمد بن علي بن محمود بن أحمد. الحافظ، المحدث، جمال الدين، أبو حامد بن الشيخ علم الدين ابن الصابوني، المحمودي، شيخ دار الحديث النورية. ولد في رمضان سنة أربع وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وأبي البركات بن ملاعب، وأبي عبد الله بن البنا، وأبي القاسم العطار، وأبي المحاسن بن أبي لقمة. ثم طلب بنفسه وعني بالحديث، وكتب وقرأ، وصار له فهم ومعرفة.

(50/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 369
وسمع من: ابن البن، وابن صصرى، وهذه الطبقة، بدمشق ؛ وعبد اللطيف بن يوسف، ويحيى بن الدامغاني، وطائفة بحلب ؛ وأبي علي الإوقي، وغيره بالقدس ؛ وعبد العزيز بن باقا، وعلي بن رحال، وعلي بن مختار، وعلي بن جبارة، وعبد الصمد بن داود الغضاري، وخلق بمصر. وخرج لغير واحد. وكان صحيح النقل، مليح الخط، حسن الأخلاق. صنف مجلدا مفيدا سماه ((تكملة إكمال الإكمال)) ذيل به على ((إكمال ابن نقطة)) فأفاد وأجاد. وهو من رفاق ابن الحاجب، والسيف بن المجد، وابن الدخميسي، وابن الجوهري في الطلب، فطال عمره، وعلت رواياته. وروى الكثير بمصر ودمشق. وكان من كبار العدول ومتميزيهم. سمع منه: عمر بن الحاجب، والقدماء. وروى عنه: الدمياطي، وشرف الدين يعقوب المقرىء، وجمال الدين المزي، وعلاء الدين ابن العطار، وعلم الدين الدواداري، وعلم الدين البرزالي، وبرهان الدين الذهبي، وجمال الدين رافع، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وطائفة سواهم من المصريين والشاميين. وكان له إجازة من: عمر بن طبرزد، والمؤيد الطوسي، وطبقتهما. وقد حصل له تغير قبل موته بسنة أو أكثر، واعتراه غفلة، وساء حفظه. وقد أجاز لي مروياته سنة ثلاث وسبعين وستمائة. وتوفي في منتصف ذي القعدة، ودفن بسفح قاسيون، رحمه الله، وله ست وسبعون سنة. قال شيخنا ابن أبي الفتح: اختلط قبل موته بسنة أو أكثر.

(50/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 370
545 - محمد بن علي بن محمد بن إلياس ابن الشيرجي. الأنصاري، الصدر، بدر الدين، أبو عبد الله الدمشقي. روى عن: أبي القاسم بن صصرى. ومات في جمادى الأولى ودفن بمقبرة باب الصغير. 546 - محمد بن علي بن علوان. الشيخ، شمس الدين المزي، مفسر الرؤيا. توفي في ذي الحجة كهلا، وكان ضريرا كثير التلاوة، وقد حج، وكان إليه المنتهى في تعبير الرؤيا، بحيث يضرب به المثل في وقته، رحمه الله تعالى. 547 - محمد بن محمد بن عبد الوهاب بن مناقب بن أحمد بن علي بن أحمد بن حسن بن علي بن أحمد بن حسين بن محمد بن إسماعيل المنقذي بن جعفر بن عبد الله بن حسين بن زين العابدين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. الشريف فخر الدين، أبو عبد الله العلوي، الحسيني، المنقذي، الدمشقي، المعدل. ولد سنة ستمائة أو قبلها. وسمع اليسير حضورا عن عمر بن طبرزد. وروى عن حنبل شيئا ثم انكشف أن ذلك خطأ. وله إجازة من: عين الشمس الثقفية، وعفيفة الفارقانية، وأسعد بن روح، وزاهر بن أحمد.

(50/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 371
ولم يرو عن هؤلاء بالسماع شيئا لأن الإجازة ظهرت له بعد موته. وقد سمع من: درع بن فارس، ومكرم بن أبي الصقر. وكان من شهود تحت الساعات. روى عنه: الدمياطي، والمزي، وجماعة. وأجاز لي مروياته. وتوفي في الثالث والعشرين من شعبان. وروى بالإجازة عن: المؤيد، وغيره. 548 - محمد بن محمود بن أحمد بن أبي الفوارس. شمس الدين الجزري، التاجر. شيخ معمر، ذكر أنه سمع الكثير من أبي الفرج بن الجوزي وطبقته. وأنه ولد بالجزيرة في سنة ثمان وستين وخمسمائة. أجاز لأبي عبد الله بن سامة، وأبي الفراء بن الخباز، والبرزالي. مات في جمادى الأولى. 549 - محمد بن منعة بن مطرف بن طريف. القنوي. 550 - محمد بن ميكائيل بن أحمد بن راشد. الإمام مجد الدين الموصلي، الفرضي، النحوي. استملى على ابن الخباز النحوي كتاب ((التوجيه)) في العربية. توفي في شوال عن ثمان وسبعين سنة. 551 - محمد بن يعقوب بن أبي الفرج بن عمر بن خطاب.

(50/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 372
الشيخ المعمر، مسند العراق، شهاب الدين، أبو سعد بن أبي الدينة، ويقال ابن أبي الديني البغدادي. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح المندائي، وابن سكينة، وحنبل بن عبد الله الرصافي، وأبي علي ضياء بن الحريف، والحافظ ابن الأخضر. ويقال إنه سمع من أبي الفرج بن الجوزي وذلك ممكن لأنه سمع في حياة ابن كليب من ابن الأخضر، وذلك في ذي الحجة سنة أربع وتسعين. وقد سمع من المؤمنة ((مسند ابن عمر)) على حنبل وأبي الحسن علي بن المبارك بن محمد بن جابر بسماعهما من ابن الحصين، وسماعه منهما في رجب سنة أربع وتسعين أيضا. وأجاز له: أبو القاسم البوصيري، والأرتاحي، وابن موقا، والخشوعي. وقال الظهير الكازروني في ((تاريخه)): قال لي: ولدت في ربيع الأول سنة تسع. ورأيت جماعة يتهمونه في هذا الإضبار، وكان كبيرا. قلت: وأجاز له يحيى بن بوش، وذاكر بن كامل، وعبد المنعم بن كليب، وعبد الخالق بن عبد الوهاب بن الصابوني، وأبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، وإبراهيم وعبد الله ابنا محمد بن حمدونة، وآخرون. روى عنه: الدمياطي، وأبو العلاء بن الفرضي، وأبو سعد عبد الله بن محمد بن نصر الجيلي. وأجاز لمن أدرك حياته، وعبد الرزاق بن الفوطي المؤرخ، وجماعة. وولي مشيخة المستنصرية. وتوفي في ثامن عشر رجب. وقد سمع أخوه عبد الوهاب من ابن كليب.

(50/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 373
552 - المسلم بن محمد بن المسلم بن مكي بن خلف بن المسلم بن أحمد بن محمد بن حصن بن صقر بن عبد الواحد بن علي بن علان. القاضي الجليل، المسند، شمس الدين، أبو الغنائم ابن علان القيسي، الدمشقي، الكاتب. ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وأجاز له الشيخ أبو طاهر الخشوعي، وأبو محمد بن عساكر، وأبو سعد عبد الله بن الصفار، وعبد الرحيم بن الشعري، ومنصور ابن الفراوي، والعماد الكاتب، وعبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ، وعلي بن هبل الطبيب، وعبد القادر الرهاوي، وعين الشمس الثقفية، وضياء الدين عبد الملك الدولعي، وخلق سواهم. وسمع ((المسند)) من حنبل ورواه ببعلبك وبدمشق، وسمع ((تاريخ بغداد)) من أبي اليمن الكندي، وسمع ((الغيلانيات)) و ((القطعيات الأربعة))، ((وسنن أبي داود))، و ((جامع الترمذي))، و ((الزهد)) لابن المبارك، و ((الأشربة)) للإمام أحمد، وجماعة أجزاء من أبي حفص بن طبرزد. وسمع ((صحيح مسلم)) من أبي القاسم بن الحرستاني، وسمع ((صحيح البخاري)) من ابن مندويه، والعطار. وسمع من: والده ؛ ومن: تاج الأمناء، وزين الأمناء، وابن ملاعب، والشيخ العماد، وابن أبي لقمة، وابن البن، وابن صصرى، وجماعة. وسمع من الكندي أيضا كتاب ((الحجة)) لأبي علي الفارسي بفوت، وجماعة أجزاء.

(50/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 374
روى عنه: الشهاب القوصي في ((معجمه)) من شعره، والدمياطي، وأبو الحسين اليونيني، وابن تيمية، والمزي، وابن العطار، وابن أبي الفتح، وتقي الدين بن اليونيني، وسعد الدين الحارثي، وخلق كثير من كهولنا. وأجاز لي مروياته. قال أحمد بن يونس الإربلي: كان ابن علان قد ألزم نفسه بتلاوة ختمة كل يوم من سنة ثلاث وسبعين إلى أن مات، ووقف على آخر فاطر وقضى، رحمه الله تعالى. وقال قطب الدين، كان من الرؤساء الكرماء، ولي نظر الدواوين بدمشق مدة، وولي نظر الجهات القبلية مدة، وولي نظر بعلبك، ثم انفصل عنها، وترك الخدمة، وأقام بدمشق، ورتب مسمعا بدار الحديث. وله مكارم مشهورة. قلت: روى ((المسند)) ثلاث مرات، ((وصحيح مسلم))، ((وجامع الترمذي)). وسألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: شيخ جليل نبيل، من أكبر بيوتات الدمشقيين. سمعنا منه ((مسند أحمد))، وغير ذلك. وكان من سروات الناس وأهل المروءات، دائم البشر حسن الخلق، محبا لأهل الحديث، سهلا في الرواية. قلت: توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة ودفن بسفح قاسيون، وهو جد قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى لأمه. 553 - مظفر بن أبي السعادات المبارك بن أحمد. الشيخ سيف الدين، أبو النجيب البغدادي. عاش ثلاثا وثمانين سنة. روى بالإجازة عن: الناصر لدين الله.

(50/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 375
554 - مكثر بن غالب. الأنصاري، القاضي كمال الدين. توفي في ذي الحجة، وله نظم حسن.
- حرف النون -
555 - نصر الله بن القمر عمر. الحريري، الدمشقي، ناصر الدين، والد بدر الدين، حموي. توفي في جمادى الأولى. 556 - وفيها توفي جدي علم الدين أبو بكر سنجر الموصلي كهلا، وخلف بضعة عشر ألف درهم لأولاده، وأوصى بثلاثمائة درهم حجة.
- حرف الواو -
* - ولي الدين. الزاهد. نزيل بيت لهيا. إسمه علي، تقدم.
- حرف الهاء -
557 - هبة الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن جرير. القاضي نفيس الدين أبو القاسم الحارثي، الزبداني، قاضي بلده. سمع جزءا حضورا بالزبداني من ابن ملاعب ؛ وكان جليلا، نبيلا، فاضلا، ذا كرم وسؤدد. عرض عليه قضاء بعلبك، فأبى أن يفارق وطنه وأملاكه.

(50/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 376
وكان دينا خيرا. وسمع ((مسند عبد))، من ابن اللتي. سمع منه: المزي، والبرزالي، والطلبة. ومات فجأة بدمشق ودفن بقاسيون في تاسع صفر وله ثلاث وسبعون سنة. لنا منه إجازة. وكان يدري الرمل، ويعالج بعض الأعيان.
- حرف الياء -
558 - يحيى بن عبد الكريم. الأجل محيي الدين ابن الكويس الكاتب. ناظر الصبيبة. ظريف خليع، معاشر للرؤساء، موصوفا بعمل الأطعمة الفاخرة والضيافات. توفي في جمادى الآخر بالصبيبة ونقل إلى دمشق. 559 - يحيى بن عبد المنعم. القاضي جمال الدين المصري، المعروف بقاضي الغربية. ناب في القضاء مدة، ودرس مدة بمشهد الحسين، وكان إماما محققا، نقالا للمذهب. توفي في رجب، وقد قارب الثمانين، رحمه الله تعالى. 560 - يحيى بن محمد بن إسماعيل. القاضي تاج الدين الإربلي، الكردي، نائب الحاكم بدمشق لابن الصائغ.

(50/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 377
وقد ولي قضاء حمص وقضاء بعلبك، ثم ولي في أوائل السنة قضاء حلب. وباشر مدة شهرين، ثم انجفل من التتار فقدم حمص. واستشهد يوم المصاف، وقد نيف على الستين، وكان يكرر على ((الوجيز)) للغزالي. 561 - يوسف بن إبراهيم بن قريش. المولى شمس الدين المصري. استشهد على حمص، وقد نيف على السبعين. وكان من كتاب الدرج بمصر. كتب للملك الصالح نجم الدين ولمن بعده، وكان وافر الحرمة، كثير النعمة. 562 - يوسف بن الحسن بن يوسف بن الحسن بن حبيش. اللخمي، شاعر المغرب، أبو الحسين. مات في جمادى الأولى عن ثمان وخمسين سنة. يروي عن: سهل بن مالك، وأبي الحسن بن قطرال. 563 - يوسف بن لؤلؤ. الأديب بدر الدين الدمشقي، الشاعر ؛ له نظم يروق وشعر يفوق. وقد مدح الملك الناصر والكبار، وسار شعره. وكان له بيت بالجاروخية عاش ثلاثا وسبعين سنة. ومات في شعبان.

(50/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 378
وكان أبوه عتيق بدر الدين دلدرم الياروقي. فمن شعره:
(أمن قلم الريحان في خده نقط .......... وفي قده من لين ما تنبت الخط)

(بدا منه سطر العيون محقق .......... فمثل خطا لا يماثله خط)

(وخرج في الخد العذار حواشيا .......... على صفحات منه بالمسك تختط)

(فأشكل لما بان في الخد شكله .......... فيا عجبا منه وخيلانه نقط)

(فيا ليت حظي منه (...) أو الرضى .......... فقد طال فيما بيننا الشحط والسخط)

(ت (...) قلبي في الخفوق وقرطه .......... معلق منه مثل ما علق القرط)

(وشغلوا به عني فعز مزاره .......... وأغلوا علي السوم في الوصل واشتطوا)

(وما كنت أدري أن غزلان حاجر .......... على كل ليث من ليوث الورى تسطو)
وله:
(يا عاذلي فيه قل لي .......... عن حبه كيف أسلو)

(يمر بي كل وقت .......... وكلما مر يحلو)
وله:
(وروضة دولابها .......... إلى الغصون قد شكا)

(من حين ضاع زهرها .......... دار عليه وبكى)
وله:
(هلم يا صاح إلى روضة .......... يجلو بها العاني صدى همه)

(نسيمها يعثر في ذيله .......... وزهرها يضحك في كمه)

(50/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 379
564 - يوسف بن يعقوب بن يعيش. الفقيه، العابد، جمال الدين ابن القدوة أبي يوسف، شيخ مغارة العزيز. وكان شيخنا أبو علي الخلال يصحبه ويخدمه. مات في جمادى الأولى.
الكنى
565 - أبو بكر بن عمر بن يونس. الفقيه، الصالح، شمس الدين المزي، الحنفي. سمع ((البخاري)) من ابن مندويه، والشمس العطار. وسمع مسلما من أبي القاسم الحرستاني. قال أبو محمد البرزالي: سمعت منه الكتابين. وسمع من: الدواداري، والمزي، وابن الخباز، والشيخ أحمد الحنبلي، وأخوه مجد الدين، وطائفة. وتوفي في ثاني شعبان بالقيمازية، وله سبع وثمانون سنة، فإنه ولد سنة ثلاث وتسعين بالمزة. 566 - أبو القاسم بن محمد بن عثمان بن محمد. الصدر، الإمام، صفي الدين التميمي، الدارمي، البصروي، الحنفي، والد قاضي القضاة صدر الدين علي الحنفي. وولد ببصرى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. ودرس بالأمينية ببصرى

(50/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 380
دهرا. وكان رئيسا فقيها، عارفا بالمذهب. توفي ببصرى في شعبان عن سبع وتسعين سنة. وفيها ولد: بهاء الدين محمد بن شهاب الدين أحمد بن المرجاني، وتقي الدين أحمد بن العلم الحراني ظنا ؛ وأبو بكر ابن شيخنا الحسام أقش الشبلي، ومحتسب الصالحية الشمس محمد بن عبد الهادي، وعبد الرحمن بن شيخنا برهان الدين الإسكندراني، وابن أخيه أبو المعالي محمد بن أحمد، وعز الدين محمد بن ضياء الدين إسماعيل بن الحموي، وأحمد بن شيخنا شمس الدين محمد بن أبي الفتح الحنبلي.

(50/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 381

ذكر جماعة انقطع خبرهم في هذا العالم

- حرف الجيم -
567 - جوبان بن مسعود بن سعد الله. الأديب البارع، أمين الدين الدنيسري، القواس، التوزي الشاعر. من أذكياء بني آدم. وله نظم في الذروة. وكان حيا في هذا الحين. كتب عنه الوجيه عبد الرحمن السيبي، وغيره. فمن شعره، وقال الجزري اسمه رمضان الجوبان:
(إذا افتر جنح الليل عن مبسم الفجر .......... ولاح به ثغر من الأنجم الزهر)

(وفاحت له من عابق الروض نفحة .......... رشفنا به برد الرضاب من الخمر)

(وعهدي بوجه الأرض مبتسما فلم .......... تغرغر منها الدمع في مقل العذر)

(إذا أرجف الماء النسيم لوقته .......... كساه شعاع الشمس درعا من التبر)

(وبحر الرياض الخضر بالزهر مزبد .......... كأنابه في فلك مجلسنا نسري)

(ومن شهب الكاسات بالنجم نهتدي .......... إذا تاه ساري العقل في لجة السكر)

(نصون الحميا بالقناني وإنما .......... نصون القناني بالحميا ولا ندري)

(ولما حكى الراووق في العين شكله .......... وقد علق العنقود في سالف الدهر)

(تذكر عهدا بالكروم فكله .......... عيون على أيام عصر الصبا تجري)

(50/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 382

(عجبت له والراح تبكي به فلم .......... غدت بحباب الكأس باسمة الثغر)

(إذا ما أتاني كأسها غير مترع .......... تحققت عين الشمس في هالة البدر)

(يناولينها فاتر اللحظ أغيد .......... فلله ذاك الأغيد المخطف الخصر)

(ينادمنا نظما ونثرا ولفظه .......... ومبسمه يغني عن النظم والنثر)

(ولم يسقني كأس المدامة دون أن .......... سقاني بعينيه كؤوسا من السحر)

(وقال وفرط السكر يثني لسانه .......... إلى غير ما يرضي التقى وهو لا يدري)

(ومن كان لا تحوي ذراعاه مئزري .......... فدون الذي تحوي أنامله خصري)
وله من قصيدة:
(أبيت على جمر الغضا متململا .......... سليم هوى ملقى وأنت سليم)

(دعاني إليك الحب والقلب فارغ .......... ووردك عذب واللواحظ هيم)

(أيجمل يا حلو الشمائل أنني .......... أموت من البلوى وأنت عليم)

(لك العمر سلواني ونومي توفيا .......... وأكبر إثم أن يهان يتيم)

(يمين بلذات العتاب وأنني .......... لذو قسم لو تسمعون عظيم)

(نحولي ووجدي والتهتك في الهوى .......... وإتلاف روحي في هواك نعيم)

(ومن أعجب الأشياء صدك والذي .......... يزيل الجوى سهل وأنت كريم)
وله:
(وظبي أنس رآه الظبي فاختلست .......... لحاظه لمحات من تلفته)

(وافيته وبكفي مثل قامته لينا .......... يفوح بنشر مثل نكهته)

(فحين حييته بالبان مندهشا .......... والشمس تخجل من إشراق جبهته)

(أهوى إلى لثم كفي حين صافحني .......... فملت أطلب شكرا لثم يمنته)

(ولاح لي دون أن أدنو شعاع سنا .......... يزري على الشمس من تضريج وجنته)
وله:
(وذات رقص ورهج في تمايلها .......... منيعة الوصل من ضم وملتزم)

(50/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 383

(بيضاء حمراء مثل الشمس طلعتها .......... سود ذوائبها من أنفع الخدم)

(لها أب ولها أم إذا ازدوجا .......... جاءت على الفور تبغي الأكل بالنهم)

(لو أطعمت كل ما في الأرض ما شبعت .......... حتى إذا سقيت عادت إلى العدم)
وله:
(نفش غصن البان أذنابه .......... واهتز عند الصبح عجبا وفاح)

(وقال من في الروض مثلي وقد .......... تعزى إلى قدي قدود الملاح)

(فحدق النرجس يهزأ به .......... وقال حقا قلته أو مزاح)

(بل أنت بالطول تحامقت يا .......... مقصوف عدوا بالدعاوى القباح)

(قال له البان: أما تستحي .......... ما هذه إلا عيون وقاح)
وله:
(وثاكلة فارقت .......... ما آلف من رسمها)

(تدور على قلبها .......... وتبكي على جسمها)
ماأدري توفي الجوبان بعد الثمانين أو قبلها. ونقل الجزري أنه لم يكن يعرف الخط ولا النحو، قال: وكانت كتابته من جهة التويز في غاية القوة بحيث أنه استعار من القاضي عماد الدين محمد بن الشيرازي درجا بخط ابن البواب، ونقل ما فيه إلى درج بورق التوز، وألزق التوز على خشب، وأوقف عليه ابن الشيرازي، فأعجبه وشهد له أن في بعض حروفه شيئا أقوى من خط ابن البواب. واشتهر ذلك بدمشق، وبقي الناس يقصدونه ويتفرجون عليه. وكان له ذهن خارق. قلت: وقد ذكر في ترجمة ابن سبعين أبياتا من شعره في الإتحاد، نسأل الله السلامة.

(50/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 384

- حرف الحاء -
568 - حسين بن علي بن ظافر. الشيخ صفي الدين الأنصاري، الخزرجي، أبو عبد الله. سمع ((الجامع)) من ابن البنا. ومولده بمصر في سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وأجاز للبرزالي، ولخلق في سنة ثمانين وستمائة من مكة. وله زاوية بالقرافة بقرب بركة الحبش. وكان معظما تزوره الأمراء والوزراء، ويحكون عنه أحوالا ومكاشفات. وجده يكنى أبا المنصور.
- حرف العين -
569 - عبد الله بن علي بن إسماعيل بن علي بن حسن بن عطية. الإمام ناصر الدين ابن الأبياري، الإسكندري، المالكي. ولد سنة ثلاث عشرة. وسمع من: الصفراوي، وجعفر. ودرس وأفتى وتفنن، وولي القضاء مدة ثم عزل. وكان ذا دين متين وورع وزهد وشهرة. أجاز للبرزالي. 570 - عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن زهرة بن الحسن بن زهرة. البدر الحسيني، الحلبي، الشيعي، أبو المحاسن، أخو نقيب الأشراف بحلب علي بن الحسن. سمع ((جزء الوحشي)) من الإفتخار الهاشمي. ولد في حدود سنة خمس وستمائة. وأجاز للبرزالي في سنة ثمان وسبعين من حلب. 571 - عبد الملك بن محمد بن إسماعيل. الشيخ زين الدين الشافعي ابن قاضي الكرك.

(50/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 385
مولده في سنة 595، وسمع من: الفخر بن عساكر، وغيره. كتب في إجازة ابن عبد الحميد في سنة ثمانين.
- حرف الميم -
572 - محمد بن علي بن هبة الله بن أحمد بن هبة الله. الشيخ موفق الدين ابن المحيي بن قرناص الخزاعي، الحموي، الشافعي. ولد في شعبان سنة أربع وستمائة بحماة. وأجاز للنفري في سنة ثمان وسبعين فذكر تحت خطه أنه سمع من الإفتخار الهاشمي، وابن الأستاذ، وجماعة. 573 - محمد بن مبارك بن مقبل بن الحسن. الأديب، الرئيس، جمال الدين الغساني، الحمصي، الشاعر، صاحب النظم والنثر. وكان أبوه وزيرا من أجلاد الشيعة وغلاتهم. ولد محمد في يوم عيد الفطر سنة سبع وستمائه. وأجاز في سنة ثمان وسبعين. 574 - ملكشاه بن أبي الحسن بن محمود بن الحسين. بدر الدين الدمشقي، الحنبلي، نزيل بعلبك. ولد سنة 593، وحج خمسا وأربعين حجة، وجاور عشرين سنة بمكة. قال الوجيه النفري: ذكر أنه سمع جميع ((المسند)) من حنبل أجاز في سنة 678.

(50/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 386

الكنى والألقاب
575 - العزفي صاحب سبتة. وهو لقب له. أبو القاسم محمد ابن صاحب سبتة الفقيه أبي العباس أحمد بن محمد بن أحمد، اللخمي، السبتي العزفي. حكم على بلد سبتة بعد أبيه في سنة 633، فحدثني أبو الصفا خليل بن أيبك الكاتب أن الإمام أبا حيان حدثه أن أبا القاسم هذا لم يؤد طاعة لأحد من ملوك المغرب، وساس بلده أحسن سياسة بحيث لم يختلف عليه اثنان، ولم يتسم بألقاب الملوك إنما يقال الفقيه. وكان أبيض، ربعة، شيبة، شهما عاقلا، داهية، سائسا لا يدخل سبتة غريب إلا بضامن، ولا يخرج إلا بإذن، ولا قتل ولا قطع إلا في حد. ولا يدخل أحد بلده راكبا. وكان متواضعا، قريبا، يمر في الأزقة ويسلم ويسأل العامة عن أحوالهم ويؤآنس صبيانهم ويسألهم عما يشتغلون به من علم أو صنعة. بقي الغرباء يرغبون في بلده ويشترون به العقار. وكان عسكره أهل بلده قد جعلهم يتعلمون الرمي، وأجرى عليهم رزقا، ولهم صنائع. وكان له مراكب يقاتل فيها. وصاهر بني (...) اجي رؤساء البحر، وكانوا شجعانا أجلادا، فقوي أمره. حدث عن أبيه. وكان أبوه عالما بالحديث.

(50/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 387
وحدث أيضا عن: أبي القاسم بن بقي، وأبي الربيع بن سالم. كتب إلي بالإجازة. وألف كتابا سماه ((الدر المنظم في المولد المعظم)). وكان يعمل بسبتة المولد بخلاف سائر الأندلس، فإنه لا يعمل فيها سوى ميلاد عيسى تبعا للنصارى. إلى أن قال: وله نظم. قلت: امتدت أيام دولته وشاخ، وبقي إلى سنة بضع وسبعين وستمائة. 576 - أبو القاسم بن أحمد بن طولون. المرابغي. شيخ معمر. ولد قبل سنة تسعين وخمسمائة، وصحب الشيخ أبا الحسن بن الصباغ، وسمع منه الحديث. وكتب في إجازة ابن عبد الحميد. وكان من الصلحاء المشهورين. * - بنومرين. قبيلة كبيرة من عرب المغرب فيهم شجاعة مفرطة وإقدام. كان مقامهم بالريف الجنوبي من أرض تازة. ولما رأوا ضعف دولة بني عبد المؤمن نزعوا الطاعة، وتابعوا الغارة واستفحل أمرهم واقتلعوا فاس من الموحدين واستولوا عليها في سنة تسع وثلاثين وستمائة. فأول من قام بالزعامة منهم أبو بكر بن عبد الحق بن محيو بن حمامة المريني. ثم سار بعساكره وضايق بني عبد المؤمن إلى أن مات في سنة ثلاث وخمسين، فتملك بعده أخوه يعقوب بن عبد الحق، فقوي أمره، وكثرت جيوشه، فحاصر أبا دبوس إلى أن أخذ منه مراكش، وزالت أيام بني عبد المؤمن، ثم إنه فتح سبتة في سنة اثنتين وسبعين ثم (...) وتملك بعده ابنه السلطان يوسف بن يعقوب ودانت له الأمم إلى أن قتل سنة ست وسبعمائة.

(50/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 388
(بعون الله وتوفيقه تم تحقيق هذه الطبقة من ((تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام)) لمؤرخ الإسلام الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي الدمشقي، المتوفى سنة 748 ه. رحمه الله تعالى -، وقد أنجز التحقيق خادم العلم وطالبه أبو غازي عمر عبد السلام تدمري، الحاج الأستاذ الدكتور، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، عضو الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ الأمة في اتحاد المؤرخين العرب، وعضو الهيئة الاستشارية في معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، وضبط النص، وعلق عليه، ووثق مادته، وصنع فهارسه، وذلك في منزله بساحة السلطان الأشرف خليل بن قلاوون (النجمة سابقا) بمدينة طرابلس الشام المحروسة، مساء الاثنين، السابع من شهر صفر الخير 1419 ه. الموافق للأول من حزيران (يونيو) 1998 م. والله المستعان على إنجاز بقية هذا الكتاب). ويليه الطبقة التاسعة والستون (681 - 690 ه.)

(50/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 5

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر الحوادث الكائنة في هذه السنين العشر على الترتيب مختصرا

سنة إحدى وثمانين وستمائة

[سلطان دولة المماليك]
سلطان مصر والشام: الملك المنصور.
[صاحب العراق وخراسان]
وصاحب العراق، وخراسان، و غير ذلك: أحمد بن هولاوو.
[القبض على بيسري وكشتغدي]
وفي صفر قبض المنصور بمصر على بدر الدين بيسري، وكشتغدي الشمسي، فبقيا في السجن تسعة أعوام.
[تدريس الأمينية]
وفيه ولي تدريس الأمينية القاضي شمس الدين ابن خلكان.

(51/5)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 6

[نيابة القضاء]
وفي رجب ناب في القضاء شمس الدين الأبهري.
[تدريس الأمينية والفرخشاهية]
وفي رجب درس بالأمينية الشيخ علاء الدين ابن الزملكاني بعد موت ابن خلكان. ودرس شمس الدين بن الحريري بالفرخشاهية بعد موت الجمال يحيى مدرسها.
[سلطنة الملك أحمد]
قال قطب الدين: وفي أوائلها تسلطن الملك أحمد وله نحو ثلاثين سنة، فأمر بإقامة شعائر الإسلام، وضرب الجزية على الذمة. ويقال إنه أسلم صغيرا وأبوه حي.

(51/6)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 7

[وزارة مصر]
وفيها ولي الوزارة بمصر نجم الدين ابن الأصفوني، وأصفون من قرى قوص.
[قضاء القاهرة]
وولي قضاء القاهرة شهاب الدين ابن الخويي.
[زيارة القدس والخليل]
وفيها قدم رسول الملك أحمد، وهو بهاء الدين أتابك الروم، وشمس الدين ابن البتي الآمدي، وقطب الدين الشيرازي العلامة ؛ وزاروا القدس والخليل في طريقهم. وكان سيرهم في الليل.
[حريق الأسواق بدمشق]
وفي ليلة الاثنين حادي عشر رمضان احترقت اللبادين، والكتبيين، والخواتميين، والزجاجين، وبعض سوق الأساكفة، والمرجانيين، وما فوق ذلك، وما تحته من الأسواق والقياسير والفوارة، وكان حريقا عظيما مهولاً ذهب فيه من الأموال ما لا يحصى، ولم يحترق فيه أحد. وأصله أن دكان أولاد الجابي كانت إلى جنب دكان أبي، وعملوا مجمرة نار على العادة، ووضعت في البويب، وخرج الخارج يزعجه، ودفع الكساء الذي يكون على الباب، فرمى المجمرة، وأغلق الدكان، وذهب للإفطار، فعملت النار والناس في إفطارهم، واشتد الدخان، وخرجت من الدار قبل عشاء الآخرة، فعلقت

(51/7)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 8
بالسقوف العتق والبواري، واشتد عملها، وعجزوا عنها. وجاء الوالي، ونزل ملك الأمراء حسام الدين لاجين، فأعجزتهم، وقضي الأمر. واستمرت إلى نصف الليل، ولولا لطف الله لاحترق الجامع واجتهدوا في إطفائها بكل ممكن.
[عمارة الأماكن المحترقة]
ثم اهتم بذلك محيي الدين ابن النحاس ناظر الجامع اهتماما لا مزيد عليه، وشرع في عمارته، فبني ذلك وتكامل في سنتين. وبعض ذلك وقف المارستان الصغير. قال شمس الدين ابن الفخراني: فخر الدين ابن الكتبي احترق له كتب بعشرة آلاف درهم، وأن الشمس الليثي، يعني الفاشوشة، ذهب له كتب ومال في الحريق بما يقارب مائة ألف. قال: وكان مغل الأملاك المحترقة، يعني الأوقاف، في السنة مائة ألف وأربعين ألف درهم. قلت: وفرقت هذه الأسواق، فعملوا سوق تجار جيرون على باب دار الخشب، وسكن الزجاجون عند حمام الصحن، وسكن الذهبيون في أماكن إلى أن تكامل البنيان وعادوا.

(51/8)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 9

سنة اثنتين وثمانين وستمائة

[قدوم السلطان دمشق]
في رجب قدم السلطان الملك المنصور دمشق.
[مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح]
وفي صفر ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح شيخنا جمال الدين الفاضلي، لموت العماد الموصلي، وحضر عنده قاضي القضاة ابن الصائغ، والشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وخطب وذكر فضل القرأن و [تلاوته] في الجمع، وهل هو بدعة.
[حسبة دمشق]
وفيها ولي حسبة دمشق جمال الدين ابن صصرى، وولي ابن عمه الإمام نجم الدين ابن صصرى درس العادلية الصغرى، نزل له عنها القاضي شرف الدين ابن المقدسي لما ولي الشامية الكبرى بعد أخيه.

(51/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 10

[تدريس الرواحية]
وولي نجم الدين البيساني نائب القاضي تدريس الرواحية عوضا عن ابن المقدسي، لكونه صحت له الشامية.

(51/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 11

[سنة ثلاث وثمانين وستمائة]

[سلطنة حماة]
فيها ولي سلطنة حماة الملك المظفر بعد موت المنصور والده.
[السيل الهائل بدمشق]
وفي شعبان ليلة الرابع والعشرين منه نصف الليل كانت الزيادة العظمى، توالت الرعود والبروق، وأرسلت السماء عزاليها، وجاء سيل هائل، وطلع الماء فوق جسر باب الفرج قامة وأكثر، واشتد الأمر، وغرق شيء كثير من الخيل والجمال وبني آدم. وذهب للمصريين شيء كثير، وافتقروا، وراحت خيمهم وأثقالهم، فذكر أستاذ دار بكتاش النجمي أنه هلك لأستاذه ما قيمته أربعمائة ألف وخمسون ألف درهم، وخربت بيوت كثيرة، وكانت في تشرين، فأخذت مصاطب السفرجل من الغياط.

(51/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 12

[زيادة المطر بالصالحية]
وجاءت بعدها بأيام يسيرة زيادة أخرى بدعت في جبل الصالحية. وحدث في الأرض أودية، وجرت الحجارة الجمالية، وانطمت الأنهار، وسخروا العامة للعمل في الأنهار عند الربوة، وطلعت الى الربوة يومئذ مع أبي، فطلع بنا إلى فوق الجنك ولم يعمل شيئا.
[ولاية دمشق]
وفي شعبان ولي ولاية دمشق سيف الدين طوغان المنصوري عوض الأمير ناصر الدين الحراني، وأعيد الصارم المطروحي إلى ولاية البر بدل طوغان.
[درس ابن تيمية]
وفيها عمل الدرس ابن تيمية شيخنا بالقصاعين في الحرم، وخضع العلماء لحسن درسه، وحضره قاضي القضاة بهاء الدين، والشيخ تاج الدين، ووكيل بيت المال زين الدين، وزين الدين المنجا، وجماعة. وجلس بجامع دمشق على كرسي أبيه يوم الجمعة عاشر صفر، وشرع في تفسير القرآن من الفاتحة.

(51/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 13
قال الجز [ري] في ' تاريخه ': وعمل ابن تيمية بالسكرية درسا حسنا، وكان يوما مشهودا.
[الرخص في الحج]
قال: وقدم الركب وكان السعر رخيصا. قال: حدثني نجم الدين ابن أبي الطيب أنه اشترى غرارة شعير بعرفات بخمسة وثلاثين درهما.
[تدريس المقصورة الحنفية]
وفيها درس بمقصورة الحنفية جلال الدين والد القاضي حسام الدين بمعلوم على المصالح.
[عزل الدويدار وقتله]
وفيها عزل الدويدار من الشد بالأعسر وقتل.

(51/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 14

سنة أربع وثمانين وستمائة

[فتح حصن المرقب]
في أولها خرج الملك المنصور إلى الشام، ثم قصد حصار المرقب في صفر، وتقدمت المجانيق، ونازل الحصن في عاشر صفر، فلما انتهت ستارة المنجنيق المقابل لباب الحصن سقطت إلى بركة كبيرة كان عليها جماعة من أصحاب علم الدين الدواداري، منهم أستاذ داره، فاستشهدوا، ثم طلب الإسبتار الصلح، فلم يجبهم السلطان، ورماهم بالمنجنيق، وهدم بعض الأبرجة، واستمر الحصار إلى سادس عشر ربيع الأول، فزحف الجيش على المرقب، فأذعنوا بتسليمه، وراسلوا بذلك، فأجيبوا، ثم رفعت عليه أعلام السلطان يوم الجمعة ثامن عشر الشهر. وجهز السلطان معهم من وصلهم إلى أنطرطوس. وكانت مرقية بالقرب من المرقب على البحر، وكان صاحبها قد بنى على البحر برجا عظيما لا يناله النشاب، فاتفق حضور رسل صاحب طرابلس يطلب رضى السلطان، فاقترح عليه خراب البرج المذكور وإحضار من أسره من الجبليين الذين كانوا مع صاحب جبيل، فأحضر من كان حيا منهم، واعتذر عن البرج فإنه ليس له. فلم يقبل عذره، فقيل إنه اشتراه من صاحبه بمال وعدة قرى وهدمه، وحصل للإستيلاء على المرقب ومرقية وبانياس، وعمروا ما تشعث من المرقب، وكان لبيت الإسبتار، ولم يتهيأ للسلطان صلاح الدين فتحه. وممن شهد فتحه القاضي نجم الدين ابن الشيخ، وأخوه العز، وشيخنا العز ابن العماد، وشمس الدين ابن الكمال، وابنه، وشمس الدين ابن حمزة. وبلغني أن صلاح الدين وقف عليهم جماعيل على أن يشهدوا الغزاة مع المسلمين، فلذلك يخرجون في مثل هذه الغزوات.

(51/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 15

[تزيين دمشق]
وفي ثالث جمادى الأولى قدم السلطان دمشق، وزين البلد.
[عزل وتعيين]
وعزل التقي البيع، وولي الوزارة محيي الدين ابن النحاس. وعزل طوغان من الولاية بعز الدين بن أبي الهيجاء.
[دخول الملك المظفر حماة]
وقدم دمشق قبل المرقب الملك المظفر تقي الدين الحموي، فتلقاه السلطان، وبعث إليه بالخلعة والغاشية، فركب وحمل بين يديه الغاشية نائب السلطنة طرنطاي.
قضاء حلب]
وفيها توجه على قضاء حلب الإمام شمس الدين محمد بن محمد بن بهرام.

(51/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 16

[القحط والظلم في العراق]
واشتد القحط بالعراق، وكثر الظلم، ونهبت الأكراد البوازيج، وقتلوا النصارى.
[الغارة على بلاد الجزيرة]
وأغار عسكر الشام على بلاد الجزيرة وماردين.
[تدريس ابن الوكيل]
وفيها ذكر صدر الدين ابن الوكيل درسا بالعذراوية، ولي إعادتها. فقال الحج تاج الدين: ذكر خطبة بديعة ودروسا، ثم جاء هو وأبوه الى الحلقة فأعاد ما أورده.

(51/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 17

سنة خمس وثمانين وستمائة

[الوزارة بدمشق]
فيها صرف ابن النحاس من الوزارة، وأعيد التقي توبة.
[وظيفة الشد]
وفيها أعيد الدواداري إلى الشد.
[فتح الكرك]
وفيها أخذت الكرك من الملك المسعود خضر بن الملك الظاهر ركن الدين وذلك في صفر، ودقت البشائر.
[التدريس بالغزالية]
وفيها درس بالغزالية القاضي بدر الدين ابن جماعة، انتزعها من شمس

(51/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 18
الدين إمام الكلاسة نائب شمس الدين الأيكي في تدريسها. ثم وليها الأيكي، وناب عنه في تدريسها جمال الدين الباجريقي.
[زوبعة الغسولة]
وفي صفر جاءت زوبعة عظيمة بالغسولة إلى عيون القصب، فأتلفت أشياء كثيرة للجند المجردين مع بكتوت العلائي، بحيث إنها حملت خرجا ملآن نعال خيل.
[استيلاء الفرنج على جزيرة ميورقة]
وفيها نازلت الفرنج جزيرة ميورقة، وحاصروها مدة، ورأس أهلها الحكم بن سعيد بن الحكم الذي ذكرنا ترجمة أبيه في سنة ثمانين. ثم سلموها صلحاً، على أن يعطوا عن كل آدمي بها سبعة دنانير، فعجزوا وبقي أكثرهم في الأسر. وأما الذين خلصوا فأعطتهم الفرنج مركبين، فجاءوا مع الحكم إلى المرية ثم إلى سبتة، فبالغ صاحبها في لم شعثهم، وأكثر من الإحسان إليهم.

(51/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 19

[غرق الحكم بن سعيد]
ثم إن الحكم قصد السلطان أبا يعقوب المريني ليسأله في أسرى بلده، فأعطاه جملة، ثم جاز إلى غرناطة فأعطى ابن الأحمر مالا، ثم ركب البحر قاصدا تونس وبجاية يطلب في الأسرى، فغرق به المركب، رحمه الله تعالى.

(51/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 20

سنة ست وثمانين وستمائة

[فتح صهيون وبرزية]
في المحرم دخل دمشق نائب المملكة حسام الدين طرنطاي في تجمل زائد لا يدخله إلا ملك، ثم سار لحصار صهيون وبرزية وانتزاعهما من يد سنقر الأشقر، وتوجه معه الشاميون بالمجانيق، وقاسوا مشقة وشدة من الأوحال. وتهيأ سنقر الأشقر للحصار، ونازله الجيش. ثم توجه بعد أيام نائب دمشق حسام الدين لاجين لحصار برزية، فافتتحه بلا كلفة، ووجد فيه خيلا لسنقر الأشقر، فلما أخذ ضعفت همة صاحبه، وأجاب إلى تسليم صهيون على شروط يشترطها، فأجابه طرنطاي، وحلف له بما وثق به. ونزل بعد حصار شهر، وأعين على نقل ثقله بجمال وظهر، وحضر بعياله ورخته في صحبة طرنطاي إلى خدمة الملك المنصور، ووفى له طرنطاي، وذب عنه أشد ذب، وأعطي بمصر مائة فارس، وبقي وافر الحرمة إلى آخر الدولة المنصورية.

(51/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 21

[قضاء الشام]
وفي ربيع الأول قدم ابن الخويي على الشام قاضيا، وناب له الشيخ شرف الدين ابن المقدسي.
[التدريس بالرواحية]
وفي شعبان درس صفي الدين الهندي بالرواحية.
[شراء السلطان قرية جزرما]
وفيها طلب السيف أحمد السامري إلى مصر، فطلبوا منه أن يبيع للسلطان قرية جزرما، فقال: وقفتها. وكان ناصر الدين ابن المقدسي قد سافر إلى مصر، فتحدث مع الشجاعي في أمر ابنة الملك الأشرف بن العادل، وأن أباها خلف لها أملاكا فباعتها حال كونها سفيهة تحت الحجر، فتكلموا في ذلك ليتم لهم سفهها وتستعيد الأملاك، ثم يرشدونها، ويشترون منها بعد ذلك. فعملوا محضرا، فشهد فيه الزين والد عبد الحق، وكان يخدمها، وخادم يصبو عن القضية، وطشتدار. ثم ذكر القاضي زين الدين بن مخلوف أن السلطان شهد عنده بذلك. ثم أحضروا السامري، وأثبتوا المحضر في وجهه، وأبطلوا ما اشتراه منها، وذلك ربع جزرما. ثم ادعوا عليه بالمغل، فاخذوا منه حصته بالزنبقية، وهي سبعة عشر سهما، وأخذوا منه مائة ألف درهم، وتركوه معثرا. ثم طلبوا شريكه في جزرما نصر الدين ابن الوجيه بن سويد، وشرعوا في طلب رؤساء

(51/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 22
دمشق في مثل ذلك. فسار على البريد عز الدين ابن القلانسي، وشمس الدين بن يمن.
[التدريس بالقوصية]
ودرس بدار الحديث القوصية محيمر النواوي.

(51/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 23

سنة سبع وثمانين وستمائة

[مصادرة أموال جماعة]
في أولها طلب القاضي حسام الدين الحنفي، والتقي البيع الوزير، وشمس الدين بن غانم، وجمال الدين بن صصرى، والنصير بن سويد، فراحوا إلى مصر على البريد، فأخذ الشجاعي يتهددهم، ويضرب بحضرتهم ليرعبهم، ثم يقول: ارحموا نفوسكم واحملوا. فيقولون: ما لنا من يقرضنا هنا. فقرر علينا ما ترسم به. فلم يقبل، وأحضر لهم تجارا كالمجد معالي الجزري، والشهاب ابن كوتك والنجم بن الدماميني، وأمرهم بأن يحملوا عن المصادرين، ويكتبوا عليهم وثائق، فأخذ من عز الدين ابن القلانسي مائة وخمسين ألفا، ومن ابن صصرى أملاكا ودراهم تكملة ثلاثمائة ألف درهم، ومن التقي توبة نحو ذلك، ومن ابن سويد ثلاثين ألفا، ومن ابن غانم خمسة آلاف درهم، ومن حسام الدين محتسب البركة ثلاثة آلاف درهم، ومن ابن يمن أملاكاً بمائة وسبعين ألف درهم.
[الانتقام من الشجاعي]
فتعامل هؤلاء والمصريون على نكاية الشجاعي، وكان يؤذي الجمال ابن الحوجري الكاتب، فحضر إلى عند طرنطية فقال له سرا: تقدر ترافع الشجاعي؟، قال: نعم. فدخل به إلى السطلان، فعرفه السلطان، وسأله عن حاله فقال: لم أزل في دولة مولانا السلطان بطالا ومصادرا. فرق له وذم الشجاعي لكونه لم يستخدمه، فتكلم ورافع الشجاعي، فأصغى إليه، وطلب

(51/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 24
الشجاعي فعصره بين يديه، فحمل إلى الخزانة في يوم واحد سبعة وعشرين ألف دينار، ثم باع من بركه وخيله وكمل خمسين ألف دينار، وعزله وولى الوزارة بدر الدين بيدرة. وقدم الدمشقيون، وأرضوهم بأن ولوا نظر الديوان جمال الدين بن صصرى، وأعطوا الحسبة لشرف الدين أحمد بن الشيرجي، وقدم بعدهم ابن المقدسي بالوكالة ونظر الأوقاف.
[قتل نصراني]
وفي رمضان أمسك النصراني كاتب جكن مع مسلمة يشربان بالنهار، فبذل في نفسه جملة، ودافع عنه مخدومه، فلم ينفع، وأحرق بسوق الخيل، وقطع من أنف المرأة، وحصل فيها شفاعات لملاحتها.
[صلاة الجمعة بإمامين]
وفيها في ربيع الآخر صلى بالناس الجمعة بجامع دمشق خطيبه جمال الدين ابن عبد الكافي، فأحدث في الركعة الأولى، فاستخلفه نجم الدين مؤذن النجيبي، فتمم الصلاة، وصلى الناس الجمعة خلف إمامين.
[التدريس بالقيمرية]
وفي رمضان درس بالقيمرية القاضي علاء الدين ابن بنت الأعز، بحكم انتقال مدرسها ابن جماعة إلى خطابة القدس.

(51/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 25

[الحسبة بدمشق]
وفيها ولي شرف الدين ابن الشيرجي حسبة دمشق بعد جمال الدين بن صصرى، ثم عزل بعد أشهر بابن السلعوس الذي توزر.
[تحويل الجسور إلى أسواق]
وفيها أخذت على جسر باب الفراديس دكاكين وأكريت سوقا، ثم بعد مديدة عمل على جسر باب السلامة كذلك، ثم بعد خمسين [يوما] عمل سوق على جسر باب الفرج.
[قضاء المالكية بدمشق]
وفيها قدم جمال الدين الزواوي قاضيا للمالكية.

(51/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 26

سنة ثمان وثمانين وستمائة
[فتح طرابلس]
مات البرنس صاحب طرابلس إلى لعنة الله، فبادر السلطان الملك المنصور مسرا حصارها، وقدم دمشق، وسار فنازلها في أول ربيع الأول، ونصب عليها المجانيق، وحفرت النقوب، ودام الحصر إلى أن أخذها بالسيف في رابع ربيع الآخر. وغرق خلق في الميناء، وأخذ ذمنها ما لا يوصف، سوى ما نجا في البحر. ثم أحرقت وأخرب سورها.

(51/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 27
وكان [فخر الملك ابن عمار قد أناب] ابن عمه، فأضاع الحزم، وتشاغل عن القتال، فسأل أهل الحصن الأمان فأجيبوا، ولم يزل بيد الفرنج إلى الآن. وقال قطب الدين: حكي لي أن سبب أخذ الفرنج لها أن ابن صنجيل جرى له أمر أوجب خروجه عن بلاده، فركب البحر ولجج فيه، وتوقفت عليه الريح، ثم رماه الموج إلى الساحل، فنزل بساحل طرابلس، فسير إليه ابن عمار يسأله عن أمره، فأخبره بأنه نزل يستريح ويتزود، وسأله أن يخرح إليه سوقا، فخرج إليه جماعة فبايعوه وكسبوا عليه. ثم نزل إليه أهل جبة بشري، وهم نصارى فبايعوه وعرفوه أمر طرابلس، وأن الرعية نصارى، وأن صاحبه متغلب عليه، وحسنوا له المقام، ووعدوه بالمساعدة على أخذه، فأقام. وحضر إليه خلق من نصارى البلاد، وعجز ابن عمار عن ترحيله. ثم بنى ابن صنجيل الحصن المشهور به التي بنيت طرابلس المنصورية تحته، وأقام به، واستولى على بر طرابلس، ولم يزل مصابرا لها وكلما له يقوى ويكثر جمعه، ويضعف أهل البلد، ولا ينجد ابن عمار أحد. ثم حصل الإتفاق على أنه يخرج منها بجميع ماله إلى عرقة، فخرج

(51/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 28
إليها، وأقام بها مدة ثم فارقها. وقوي شأن الفرنج بالساحل. ثم صلح أمر ابن صنجيل في بلاده التي بالبحر، وتوجه إليها، واستناب على طرابلس بيمند جد صاحبها. ثم مات ابن صنجيل وترك بنتا، فكان بيمند يحمل إليها كل وقت شيئا إلى أن مات، وقام بعده ولده بيمند الأعور، فاستقل بمملكتها. وكان شهما شجاعا، وطالت أيامه، ثم تملك بعده ولده بيمند، ولم يزل إلى حين توفي، وكان جميل الصورة، جاء إلى التتار أيام هولاوو فقدم بعلبك، وطمع أن يعطها، فطلع إلى قلعتها ودارها، ونازل الملك الظاهر بلده مرتين، وكان ابن بنت صاحب سيس، وبيده أيضا أنطاكية، فهلك وتملك بعده ابنه، فلم تطل مدته وهلك، فتملك بعده ' سير تلمية '. وعندما أخذت طرابلس قصد الميناء فقيل إنه غرق، وقيل نجا. وذكر القاضي شمس الدين ابن خلكان أن الفرنج أخذت طرابلس في

(51/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 29
ثاني عشر ذي الحجة، وكان صاحبها فخر الملك عمار بن محمد بن عمار قد صبر على محاصرته سبع سنين، واشتد الغلاء، فخرج منها وقصد بغداد طلبا للإنجاد. وللشهاب محمود أبقاه الله:
(علينا لمن أولاك نعمته الشكر .......... لأنك للإسلام يا سيفه الذخر)

(ومنا لك الإخلاص في صالح الدعا .......... إلى من له في أمر نصرتك الأمر)

(ألا هكذا يا وارث الملك فليكن .......... جهاد العدى لا ما توالى به الدهر)

(فإن يك قد فاتتك بدر، فهذه .......... بما أنزل الرحمن من نصره بدر)

(نهضت إلى عليا طرابلس التي .......... أقل عناها أن خندقها بحر)

(وقد ضمها كالطوق إلا بقية .......... كنحر وأنت السيف لاح له نحر)

(ممنعة بكر، وهل في جميع ما .......... تملكته إلا ممنعة بكر؟)

(ومن دون سوريها عقاب منيعة .......... يزل إذا ما رام أوطارها الذر)

(وما برحت ثغرت ولكن عدا العدى عليها بحكم الدهر فانثغر الثغر)

(وكانت بدار العلم تعرف قبل ذا .......... فمن أجل ذا للسيف في نظمها نثر)

(وكم مر من دهر وما مسها أذى .......... وكم راح من عصر وما راعها حصر)

(51/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 30

(ففاجأتها بالجيش كالموج فانثنت .......... تميد وقد أربى على بحرها البر)

(فظلت لدى بحرين أنكاهما لها .......... وأقتله العذب الذي جره مصر)
ومنها:
(كأن المجانيق التي أوترت ضحى .......... عليها لها في شم أبراجها وتر)

(أصابعها تومي إليهم ليسجدوا .......... فتقبل منها دون سكانها الجدر)

(ويمطرها من كل قطر حجارة .......... لقد خاب قوم جادهم ذلك القطر)

(تخلق وجه السور منه كأنما .......... غدت وعليها في الذي فعلت نذر)
ومنها:
(وأطلقت فيها طائر السيف. فاغتدى .......... وليس له إلا رؤوسهم وكر)

(ولاذوا بباب البحر منك فما نجا .......... إليه سوى من جره من دم نهر)

(ولم ينج إلا من يخبر قومه .......... ليدروا وإلا من تغمده الأسر)

(فلله كم بيض وسمر كواعب .......... على رغمهم قد حازت البيض والسمر)

(وفي هلكهم يوم الثلاثاء إشارة .......... إلى أن في الدارين بثلثهم خسر)
ومنها:
(وماذا به يثني عليك مفوه .......... ولا قدره يأتي بذاك ولا قدر)

(ولكن دعاء وابتهال بأنه .......... يعز على زعم الأعادي لك النصر)

(51/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 31
وهي بضعة وستون بيتا انتقيتها. وعمل قصيدة في ملك الأمراء لاجين، وقصيدة في ملك الأمراء بلبان الطباخي. وذكر سيف الدين ابن المحفدار أن عدة المجانيق التي نصبت عليها تسعة عشر منجنيقا، ستة إفرنجية والباقي قرابغا. والذي تسلمناه من الأسرى ألف ومائتا أسير. وقتل عليها من الأمراء عز الدين معن، وركن الدين منكورس الفارقاني، ومن الحلقة خمسة وخمسون نفسا. وقال: عرض سورها مسير ثلاثة خيالة.

(51/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 32

[تاريخ طرابلس قبل الفتح]
ونقل العدل شمس الدين الجزري في ' تاريخه ' قال: قدم بطريق وجماعته في أيام عبد الملك بن مروان فطلب أن يقيم بطرابلس ويؤدي الجزية، فأجيب. فلبث بها مدة سنتين، وتوثب بها، فقتل طائفة من اليهود، وأسر طائفة من الجند، وهرب لما لم يتم له الأمر ؛ فظفر به عبد الملك فصلبه. ثم لم تزل في أيدي المسلمين إلى أن ملكها ابن عمار، إلى أن مات سنة اثنتين وتسعين، وأربعمائة، وملكها بعده أخوه فخر الملك. فلما أخذت الفرنج أنطاكية في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، نزل الملك صنجيل بجموعه عليها، واسمه ميمون، نازلها في سنة خمس وتسعين، وعمر قبالتها حصنا، وضايقها مدة، ثم خرج صاحبها يستنجد في سنة إحدى وخمسمائة، فاستناب ابن عمه أبا المناقب، ورتب معه سعد الدولة فتيان بن الأعز، فجلس يوما فشرع يهذي ويتجنن، فنهاه سعد الدولة فرماه بالسيف فقتله، فأمسكه الأمراء، ونادوا بشعار الأفضل أمير الجيوش سلطان

(51/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 33
مصر، وحموا البلد إلى أن مات صنجيل. ثم ما زال جنده يحاصرونها إلى أن أخذوها في ذي الحجة سنة اثنتين، وتولاها السرداني، مقدم منهم، فوصل بعد مدة تيران بن صنجيل ومعه طائفة من جند أبيه، وقالوا للسرداني: هذا ولد صنجيل، وهو يريد مدينة والده يعني الحصن. فقام السرداني ورفسه، فأخذه أعوانه وداروا به على أعيان الفرنج، فرحموه، وتذكروا الأيمان التي حلفوها لأبيه، وقالوا: إذا كان غدا فاحضر، ونحن نتكلم مع السرداني. فلما حضر عنده كلمه، فصاح عليه السرداني، فقاموا كلهم عليه وخلعوه، وملكوا الصبي، فأقام ملكاً إلى أن قتله بزواج في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. واستخلف على البلد ولده القومص بدران إلى أن

(51/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 34
أسره الأتابك زنكي بن آقسنقر بقرب بعرين، ثم فدى نفسه بمال وعاد إلى طرابلس. ثم وثبت عليه الإسماعيلية قتلوه، وولي بعده ريمند وهو صبي. ثم إنه حضر الوقعة مع السلطان نور الدين في سنة تسع وخمسين على حارم، فأبقى عليه صلاح الدين لأنه كان مهادنا للمسلمين.
[هرب ابن الجزري من مصادرة الشجاعي]
قال الجزري: وفيها احتاط الشجاعي بدمشق على حواصل التقي البيع وصادره، ثم طرح أملاكه وأخشابه على الرؤساء بثلاثة أثمان، وهرب جماعة من المصادرة منهم أبي وإخوتي، وغبنا عن البلد شهرا، وتغيب عز الدين ابن القلانسي.

(51/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 35

[مصادرة نجم الدين الجوهري]
ثم طالبوا نجم الدين عباس الجوهري بمغل ضيعة كان اشتراها من بنت الأشرف بالبقاع، فأعطاهم جوهرا قيمته ثمانون ألف درهم، فقالوا: نحن نريد دراهم وألحوا عليه، فنزل إلى مدرسته وحفر في دهليزها فأخرج له خونجاه ذهب مرصعة بجواهر، فقومت بأربعمائة ألف.
[القبض على التقي توبة وإطلاقه]
ثم سافر السلطان من دمشق في شعبان والقلوب في غاية الألم منه، وأخذ معه التقي توبة مقيدا إلى حمراء بيسان، فمر طرنطاي وكتبغا على الزردخاناه وبها التقي توبة، فلم يكلموه، فصاح وشتم وقال: والكم يا أولاد الزنا، أنا ضيعت دنياي وآخرتي لأجلكم، وأنا شيخ كبير في القيد، وقد أخذوا جميع ما أملك، هذا جزاء خدمتي؟ فضحكوا، ثم إنهم كلموا السلطان فيه وضمنوه أنه لا يهرب، فأطلقه وأخذوه. ولم يكن الشجاعي حاضرا.
[الحسبة بدمشق]
قال شمس الدين: وفي أول السنة سافر ابن السلعوس إلى مخدومه الملك الأشرف، فاستناب عنه في الحسبة تاج الدين ابن الشيرازي. وفي ربيع الآخر ولي الحسبة الجمال يوسف أخو الصاحب تقي الدين،

(51/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 36
فلما احتاطوا على تقي الدين أعادوا ابن الشيرازي إلى الحسبة مستقلا.
[ركب الشام]
وفيها حج بركب الشام زين الدين غلبك.
[وعظ ابن البزوري]
وفيها قدم دمشق الواعظ نجم الدين ابن البزوري ووالده، ووعظ على باب مشهد علي مرات، وحضره الخلق. وكان رأسا في الوعظ.

(51/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 37

سنة تسع وثمانين وستمائة

[ثورة عرب الصعيد]
فيها ثارت عرب الصعيد، فسار لتسكين الأهواء نائب السلطنة طرنطاي، فسكنهم، وأخذ خلقاً من أعيانهم رهائن، وأخذ سائر أسلحتهم وأكثر خيولهم، وأحضر الجميع إلى القاهرة. فكانت أسلحتهم عدة أحمال.
[عودة الأفرم من السودان]
وفيها عاد عز الدين أيبك الأفرم من بلاد السودان برقيق كثير وفيل صغير.
[التدريس بالدولعية والظاهرية]
وفيها درس الشيخ صفي الدين الهندي بالدولعية، وعلاء الدين ابن القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز بالظاهرية بعد خنق رشيد الدين الفارقي.
[التدريس بالتقوية والعمادية]
ودرس تقي الدين ابن الزكي بالتقوية بالخلعة والطيلسان من جهة صاحب حماة، ودرس بدر الدين أبو اليسر ابن الصائغ بالعمادية.
[خطابة ابن المرحل بالجامع الأموي]
وفي جمادى الآخرة رتب خطيبا بالجامع الأموي العلامة زين الدين ابن المرحل الوكيل، فتكلموا فيه، حتى قالوا إنه يلحن في الفاتحة، ولا يحفظ

(51/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 38
الختمة، وأشنعوا عليه، ثم استمر وأوذي من تكلم فيه، واستمر في الخطابة، وكان من بلغاء الخطباء، وكبار الأئمة، فاستقر على رغم من ناوءه.
[قضاء الحنابلة بدمشق]
وفيه ولي القضاء شرف الدين الحسن بن الشرف الحنبلي بعد ابن عمه القاضي نجم الدين.
[تدريس الجوزية]
وولي تدريس الجوزية القاضي تقي الدين سليمان، والخطابة بالجبل ولد المتوفى القاضي نجم الدين.
[الأجناد بطرابلس]
وفيها قررت الأجناد بأطرابلس، واستخدم بها ستمائة فارس.
[إمساك جرمك الأنصاري]
وفيها مسك الأمير سيف الدين جرمك الناصري. ومسك شمس الدين ابن السلعوس، وحبس مديدة، ثم أفرج عنه بمصر، ولزم بيته، وسار مع الركب المصري وحج.

(51/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 39

[نظر الجامع الأموي]
وفيها ولي نظر الجامع وجيه الدين ابن المنجا.
[شنق ابن المقدسي]
وفيها قبض على ناصر الدين ابن المقدسي، واعتقل بالعذراوية، ثم شنق نفسه، والظاهر أنه شنق لنه طلب إلى مصر، فخافوا من مرافعته وبتوه. وكان ظالما مرافعا، فقيها في فتح أبواب الشر والحيل، سامحه الله.
[نيابة غزة]
وفيها ولي نيابة غزة أحد أمراء دمشق عز الدين الموصلي.
[حريق درب اللبان]
وفي رجب وقع حريق كبير بدرب اللبان، واتصل بدرب الوزير بدمشق، واحترقت دار صاحب حماة بحماة، وعملت النار فيها يومين. وكان هو في الصيد، وراح فيها من الأموال والمتاع ما لا يوصف.
[التدريس بأم الصالح
فيها درس بأم الصالح بعد ناصر الدين ابن المقدسي إمام الدين القزويني الذي ولي القضاء.

(51/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 40

[قتل تجار المسلمين بعكا]
وفيها قدم عكا طائفة من الفرنج غتم، فثاروا بها، وقتلوا من بها من التجار المسلمين.
[تدريس الرواحية]
ودرس بالرواحية البدر أحمد بن ناصر الدين المقدسي المشنوق بعد والده، ولم يكن أهلا لذلك، بل فعلوا ذلك تطيييبا لقلبه.
[قطع الأخشاب بالبقاع]
وفي شوال توجه الأمير المشد شمس الدين الأعسر إلى وادي مربين من البقاع لقطع الأخشاب للمجانيق، فقطع منها ما يحار فيه الناظر من عظمه وطوله، وجرها إلى دمشق، وسخرت الأبقار والرجال، وقاسى الخلق مشاقا لا توصف. وهي خشب صنوبر، غرم على كل عود منها جملة، حتى قال من له خبرة من ولاة النواحي: ناب العود منها خمسون ألفا.

(51/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 41

[وفاة السلطان قلاوون]
وفيها خرج من دمشق المحمل والسبيل مع الزورباشي، وعزم السلطان على الحج، فلما بلغه نكث أهل عكا غضب واهتم لغزوهم، وضرب الدهليز بظاهر القاهرة. وأخذ في التأهب، وخرج إلى الدهليز وهو متوعك في شوال، ثم مرض ومات في ذي القعدة.
[استخدام أخشاب البقاع بدار السلطنة والجامع الأموي]
وجاب الأخشاب المذكورة إلى المزة، ثم شحطت إلى الميادين، وكانت منظرا مهولا، وقد ربع سفل العود وسفط، وهو نحو ذراع وثلث

(51/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 42
بالنجار وأكثر. ثم رأوا أنها لا تنفع للمنجنيق، فلما ولي الشجاعي نيابة دمشق أدخل بعضها في عمارة دار السلطنة بالقلعة ثم نشر بعضها، وعمل منه أبواب الجامع التي في الرواق الثالث.
[إمساك نائب الخزندار ومخدومه بدمشق]
وفي ذي القعدة أمسك الأمير بدر الدين المسعودي بدمشق نائب الخزندار، وأمسك مخدومه طرنطاي في ذي القعدة في أواخره بمصر، وبسط عليه العذاب إلى أن تلف.
[الخطبة للسلطان الأشرف]
وخطب للملك الأشرف صلاح الدين يوم تاسع عشر ذي القعدة بدمشق.
[وكالة بيت المال بدمشق]
ثم جاء مرسوم لتاج الدين ابن الشيرازي بوكالة بيت المال مضافا إلى الحسبة.
[إكرام الأمير بكتوت]
وطلب الأمير بكتوت العلائي إلى مصر وأكرم.
[تهنئة صاحب حماة للسلطان]
وتوجه صاحب حماة إلى مصر مهنئا في ذي الحجة.

(51/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 43

[تدريس التقوية]
وخلع على معين الدين ابن المغيزل وولاه تدريس التقوية.
[البلاء بالعراق]
واشتد البلاء بالعراق بدولة اليهود التي من سعد الدولة الطبيب، وآذوا الرعية.
[خراب الحجاج بمكة] وخرب للحجاج قيمة كبيرة بمكة، وقتل نحو أربعين نفسا.

(51/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 44

سنة تسعين وستمائة

[سلطان مصر ووزيره ونائبه]
دخلت وسلطان الإسلام الملك الأشرف، وقد فوض الوزارة إلى الصاحب شمس الدين ابن السلعوس وهو في الحج، ثم وصلته الأخبار فأسرع المجيء على الهجن، ونائب المملكة بدر الدين بيدرا.
فتح عكا
ولما استقر السلطان في الملك اهتم بإتمام ما شرع فيه والده من قصد عكا. فسار بالجيوش من مصر في ثالث ربيع الأول، ونزل عليها في رابع ربيع الآخر، وهو خامس نيسان، وجاءت إليه جيوش الشام بأسرها، وأمم لا يحصيهم إلا الله تعالى، من المطوعة والمتفرجة والسوقية، فكانوا في قدر الجند مرات. ونصب عليها خمسة عشر منجنيقا إفرنجيا، منها ما يرمي بقنطار بالدمشقي، ومن المجانيق القرابغا وغيرها. وشرعوا في النقوب، واجتهدوا

(51/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 45
في الحصار، ووقع الجد من الفريقين، وأنجد أهلها صاحب قبرس بوكه بن سيروك بنفسه. وليلة قدومه عليهم أشعلوا نيراناً وشمعا عظيما فرحا به، فأقام عندهم ثلاثة أيام ثم ركب البحر ووأقلع لما شاهد من هول ما أحيط بهم، ولما رأى من ضعفهم وانحلال أمرهم. وشرع أهلها في الهرب في البحر، ولم يزل الأمر في جد حتى هدمت المجانيق شرفات الأبراج، وكملت النقوب عليها، وعلقت الأسوار، وأضرمت في أسافلها النار، واستشهد عليها خلق من المسلمين، وثبت الفرنج ثباتا كليا. وعند منازلتها نودي في دمشق: من أراد أن يسمع ' البخاري ' فليحضر إلى الجامع. فاجتمع خلق وقرأ فيه الشيخ شرف الدين الفزاري، وحضر قاضي القضاة ونائبه، ونجم الدين بن مكي، وعز الدين الفاروثي، وكان السماع على جماعة.
[إمساك نائب دمشق]
وفي ثامن جمادى الأولى حصل تشويش على عكا، وهو أن الأمير علم الدين الحموي أبو خرص أتى إلى نائب دمشق لاجين فقال: السلطان يريد أن يمسكك. فخاف، وجمع ثقله وطلبه في الليل، وشرع في الهروب، فشعر به علم الدين الدواداري، فجاء ورده وقال: بالله لا تكن سبب هلاك المسلمين، فإن الفرنج إن علموا بهروبك قووا على المسلمين. فرجع. ثم طلبه السلطان من الغد، وخلع عليه وطمنه، ثم أمسكه بعد يومين وقيده وبعث به إلى مصر، وأمسك معه ركن الدين تقصوه وهو حموه، وأمسك

(51/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 46
قبلهما بيومين ثلاثة أبا خرص وقيده، واستناب على دمشق علم الدين الشجاعي.
[دخول عكا]
ثم هيأ السلطان أسباب الزحف، ورتب كوسات عظيمة، فكانت ثلاثمائة حمل، وزحف عليها سحر يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى بسائر الجيش. وكان للكوسات أصوات مهولة، وانقلبت لها الدنيا فحين لاصق الجيش الأسوار هرب الفرنج، ونصبت الأعلام المشرفية على الاسوار مع طلوع الشمس، وبذل السيف، ولم يمض ثلاث ساعات من النهار إلا وقد استولى المسلمون عليها، ودخلوها من أقطارها، وطلب الفرنج جهة البحر، فقتل من أدرك منهم، وأسهل القتل والأسر والسبي على سائر أهلها. وعصت الديوية والإسبتار والأرمن في أربعة أبرجة شواهق في وسط البلد، فحصروا فيها، ثم طلبوا الأمان من الغد، فأمنهم السلطان وسير لهم سنجقا، فنصبوه على برجهم، وفتحوا الباب، فطلع إليهم الأجناد وبعض الأمراء، وتعرضوا لهم بالنهب وأخذ النساء، فغلق الفرنج الأبواب، ورموا السنجق، وقتلوا طائفة من الجند، وقتلوا الأمير أقبغا المنصوري. وعاودهم الحصار، ونزل إسبتار الأرمن بالأمان على يد زين الدين كتبغا الذي تسلطن. وفي اليوم الثالث من الفتح طلب الديوية الأمان، وكذا الإسبتار، فأمنهم السلطان، وخرجوا، ثم نكث، وقتل منهم فوق الألفين، وأسر مثلهم، وساق إلى باب الدهليز فوق الألف من نسائهم وصبيانهم. فلما رأى من تبقى في أحد الأبرجة ما جرى تحالفوا على الموت، وامتنعوا من قبول الأمان، وقاتلوا

(51/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 47
أشد قتال، وتخطفوا خمسة من المسلمين ورموهم من أعلى البرج، فسلم واحد ومات أربعة. وأخذ هذا البرج يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من جمادى الأولى بالأمان. وكان قد نقب وغلق من نواحيه، فلما نزل منه وحول أكثر ما فيه سقط على جماعة من المتفرجين والذين ينهبون فهلكوا. ثم عزل السلطان الحريم والولدان، وضرب رقاب الرجال ولم يف لهم، وهذا مكافأة لفعلهم حين أخذوا عكا من السلطان صلاح الدين فإنهم - أعني الفرنج أمنوا من بها من المسلمين، ثم غدروا بهم، وقتلوا أكثرهم، وأسروا الأمراء وباعوهم فسلط الله على ذرياتهم من انتقم منهم وغدر بهم جزاء وفاقا، فيا لله العجب. وأعجب من ذلك أن الفرنج أخذوا عكا في يوم الجمعة سابع عشر شهر في الثالثة من النهار من شهر جمادى الآخرة، كما ذكرناه في سنة سبع وثمانين وخمسمائة، ثم افتتحها المسلمون بعد مائة سنة وثلاث سنين إلا شهر واحد.
[تاريخ عكا قبل الفتح]
وفي سنة سبع وستين وأربعمائة افتتح أمير التركمان عكا، ثم عادت إلى

(51/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 48
الفرنج فملكتها، ثم في سنة اثنتين وثمانين جهز أمير الجيوش بدر الدين الجمالي نصير الدولة الجيوشي في جيش من مصر فافتتح صور وعكا، ونزل على بعلبك، ثم في سنة ست وتسعين وأربعمائة نزل على عكا بغدوين ملك القدس، لعنه الله، فحاصرها وأخذها بالسيف، فدامت في يد الفرنج إلى أن أخذها السلطان صلاح الدين في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ثم أخذت منه سنة سبع وثمانين.
[استيلاء الفرنج على صور]
وأخذت الفرنج صور بعد حصار طويل بالأمان في سنة ثمان عشرة وخمسمائة.
فتح صور
لما نازل الملك الأشرف عكا جهز الأمير علم الدين الصوابي والي بر صفد إلى جهة صور، لحفظ الطرق وتعرف الأخبار. فلما أخذت عكا وأحرقت وأضرمت النيران في جنباتها، وعلا الدخان، وهرب أهلها في البحر، علم أهل صور ذلك، فهربوا وأخلوا البلد، وكانت حصينة منيعة لا ترام، فدخلها الصوابي، وكتب بالبشارة إلى السلطان فجهز له رجالا وآلة ليخربوها، ويخربوا حيفا. وبقي بصور من تأخر من أهلها، فاستغاثوا، وسلموها بالأمان للصوابي، وآمنهم، ولم يكن السلطان يطمع بها، فيسر الله بما لم يكن في الحساب. وكان لها في يد الفرنج نحو من مائتي سنة، بل من مائة واثنتين وسبعين سنة. وقد أخذ منها رخام كثير، وجعلت دكا.

(51/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 49

[نيابة صفد]
وأمسك السلطان على عكا نائب صفد علاء الدين أيدغدي الألدكزي، وولى مكانه علاء الدين أيدكين الصالحي.
[نيابة الكرك]
وطلب نائب الكرك ركن الدين بيبرس الخطابي الدويدار، وولى مكانه جمال الدين آقوش الأشرفي. ثم بعد عشرين سنة ولي هذا نيابة دمشق، وذاك نيابة مصر، فلم تطل أيامهما.
[تزيين دمشق]
وفي خامس شهر جمادى الآخرة رحل السلطان عن عكا وقد تركها دكا، وشرع الصاحب تقي الدين وشمس الدين الأعسر المشد بدمشق في عمل القباب والزينة، وحصل لذلك من الاحتفال ما لا مزيد عليه. ودخل دمشق دخولا ما شهد مثله من الأعمار، وأمامه الأسرى على الخيل يحملون أعلامهم منكسة، ورماحا فيها شعف رؤوس القتلى، وذلك في ثالث عشر جمادى الآخرة، فأقام بدمشق خمسة وثلاثين يوما.

(51/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 50

فتح صيدا
سار عسكر دمشق فنازلوا صيدا، وأما ملك الأمراء الشجاعي فأتى في خدمة السلطان، ثم رجع إلى صيدا، ثم افتتحها، فاستولى من بها من المقاتلة على برج، وتحصنوا به، وكان لا يصل إليه حجر منجنيق، فضايقه الشجاعي في ثامن رجب، وفتحه يوم السبت خامس عشر رجب، بحكم الذين فيه نزلوا منه وانتقلوا إلى الجزيرة المجاورة لصيدا، ثم إنهم أحرقوا الجزيرة بما فيها في ثامن عشر رجب، وساروا في البحر إلى قبرس. ثم علق المسلمون أبراج القلعة وأحرقوها ودكوها.
[الاستيلاء على مراكب الفرنج عند البترون]
وكانت الشواني الإسلامية قد حضرت من اللاذقية، فلما وصلت إلى ميناء البترون مر بها الذين هربوا من صيدا في المراكب، وظنوها للفرنج، فعرجوا إليهم، ثم تبين لهم أنهم مسلمون، فهربوا، فتبعهم الأمير بلبان التقوي بالشواني، فاستولى عليهم قتلا وأسرا ونهبا، واستنقذ الذين معهم من الأسرى، وكان ذلك من غرائب ما اتفق.
فتح بيروت
كان أهل بيروت متمسكين بالهدنة، لكن بدا منهم شيء يسير، وهو

(51/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 51
أنهم آووا المنهزمين من الفرنج، وأمرهم علم الدين الشجاعي بضم مراكبهم إلى مراكب المسلمين، فخافوا وامتنعوا، فأمر الشجاعي الأمير التقوي بحفظ الميناء وضبط مائة من المراكب، وجاء الشجاعي بالجيش من جانب البر، فدخل المدينة وأخرجهم منها، واستولى على القلعة وما فيها. وذلك في الثالث والعشرين من رجب. وكانت القلعة امتنعت عليه قليلا، فوقع الحديث مع كليام النائب بها، فأجاب وسلم، وأسر كل من كان بالبلد والقلعة من الخيالة والمقاتلة. وكانت من القلاع المنيعة، فهدمها الشجاعي.
فتح جبيل
وكان صاحبها عند الملك المنصور نوبة طرابلس، وبقي بجبيل، فلما أخذت عكا رسم له بأن يخرب قلعة جبيل، ثم ندب الأمير علم الدين الدواداري فسار إليها وأخرب أسوارها، وأذهب حصانتها، وهدمها.
فتح عثليث
وهو حصن مشهور يضرب لحصانته المثل، والبحر يكتنفه من جميع

(51/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 52
جهاته، ولم يحدث الملوك أنفسهم بقصده. وكان السلطان قد جرد من عكا بدر الدين رمتاش التركماني بجماعة من التركمان للنزول حوله على بعد ليحصل الأمن من جهته من أحد يخرج منه. ونودي [على] الجلابة والمسافرين. فأخذت عكا وغيرها والتركمان مكانهم، فلما بلغ أهل عثليث أخذ عكا وصور وصيدا وبيروت، أحرقوا أموالهم ومتاعهم وما لم يقدروا على حمله، وعرقبوا دوابهم، وهربوا في البحر، وأخلوا الحصن ليلة أول شعبان.
[فتح انطرسوس]
وأما أهل أنطرسوس لما بلغهم ذلك عزموا على الهرب فجرد الأمير سيف الدين الطباخي إليها، فلما أحاط بها ليلة خامس شعبان ركبوا في البحر وهربوا إلى جزيرة أرواد، وهي بالقرب منها.
[تكليف مقدمي الجرد وكسروان خفر بلادهم]
وفي غضون ذلك استحضر الشجاعي مقدمي جبل الجرد والكسروان، فلما حضروا بين يديه أخذ سلاحهم ودركهم خفر بلادهم، وتوثق منهم، ثم خلع عليهم، وأخذ منهم رهائن.
[تكسير تمثالين ببعلبك]
ثم قدم الشجاعي بعلبك في أواخر شعبان، وطلع إلى قلعتها، وأمر بكسر صنمين من الرخام كانا قد وجدا في بعض الحفائر في نهاية التحرير

(51/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 53
والإتقان وبراعة الصنعة، فكان إذا حضر أحد من الأكابر أحضروا الصنمين للفرجة على تلك الصنعة. فلما زار الشجاعي مقام إبراهيم أحضر الوالي تلك الصنمين فرآهما وأمر بتكسيرهما، فكسرا في الحال. وهذه تدل على حسن دين الشجاعي، وإن كان ظالما. ثم دخل دمشق في السابع والعشرين من شعبان.
[القبض على علم الدين الدواداري]
وفي نصف رمضان قبض على علم الدين الدواداري، وبعث به إلى مصر. وجاءت الأخبار بالإفراج والرضى عن الأمراء الكبار: تقصو، وحسام الدين لاجين النائب، وشمس الدين سنقر، وبدر الدين بيسري، وشمس الدين سنقر الطويل المنصوري، وبدر الدين خضر بن جواد بن القيمري.
[العمارة بقلعة دمشق]
وفي شوال شرع الشجاعي بعمارة الطارمة والقبة الزرقاء ودور الحريم بقلعة دمشق، فحشد الصناع، وحشر الرجال، وعمل عمارة الجبابرة، وقلع لذلك عدة أعمدة من سوق الفراء الذي بطرف الفسقار، وحفر الأرض وراء الأعمدة، وإذا العمود منها نازل في الأرض بقدر ظهوره مرة أخرى ونصف، وهو على قاعدة متينة، وتعجب الناس من ذلك، ولم يعلموا ما السبب في نزولها في الأرض. ثم إنها جرت بدواليب وآلات، وعبروا بها من باب السر،

(51/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 54
ونقبوا لها في السور في البدنة، وهي أكبر من أعمدة الجامع، فأقيمت وعمل عليها القبو الذي بين يدي القبة. وعسف الصناع، واستحثهم بنفسه، وبنى بنيانا خشنا جاهليا، وزخرفة، ودخل فيه أقل من ثلاثة ألاف دينار، وقد سهرت في عمله ليالي مع أبي رحمه الله. وتكامل جميعه في سبعة أشهر. وكان الدهانون يعملون في المقرفص والأساس لم يرتفع بعد، وجلب لذلك الرخام المفتخر من عكا وصور وبيروت وتلك الديار. وخرب حمام الملك السعيد الذي تجاه باب السر، ولم يكن له نظير في الحسن، وخرب الأبينة التي من جسر الزلابية إلى قرب باب الميدان، وذهبت أملاك الناس وتعثروا. وكان هذا المكان مليح ويعرف بالمسابح، وعلى النهر العابر إلى خندق القلعة دور حسنة، وفي النهر مركب يركب فيه الشباب للفرجة، وقد ركبت فيه مع جدي العلم وأنا ابن خمس سنين، وأعطى الذي في المركب أجره.
[غضب السلطان على بعض خواصه]
وكان السلطان لما قدم دمشق انبسط هو أو بعض خواصه الملاح على نائب القلعة أرجواش فقال: وقعنا في الصبيانية. فغضب السلطان وأمر بشنقه، وألبس عباءة ليشنق فيها. ثم شفعوا فيه، فحبس مدة، ثم أطلع من الحبس ولزم بيته بلا خبز. ثم خلع عليه في رمضان، وأعطي خبزه، وأعيد إلى نيابة القلعة، ورتب معه بالقلعة الأمير أسندمر المنصوري، وأنزل الباسطي إلى البلد.
[تولية ابن جماعة قضاء مصر]
وفي رمضان طلب القاضي بدر الدين ابن جماعة قاضي القدس وخطيبه

(51/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 55
على البريد مكرما، وولاه الصاحب ابن السلعوس قضاء الديار المصرية وعدة مدارس، ولم يترك لقاضي القضاة تقي الدين ابن بنت الأعز سوى المدرسة الشريفية فقط.
[إبطال عمائم النساء وشرب الحشيش والخمر بدمشق]
وفيها أمر الشجاعي فنودي في دمشق بإبطال العمائم للنساء، وأن لا تزيد المرأة على المقنعة، وبإبطال صباغات النساء، وأن لا يخرجن إلى المقابر، وغير ذلك، وأن لا يأكل أحد حشيشة، ولا يشرب خمرا، وتوعد على ذلك. وكان ذا هيئة وسطوة مرهبة، فتأدب البلد، وكانت هذه من حسناته.
[موت ملك التتار]
وفيها هلك أرغون ملك التتار.

(51/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 56

[ولاية بر دمشق]
وفيها أعيد طوغان إلى ولاية البر بدمشق.
[خطبة ابن المرحل أمام السلطان]
ومن غريب الإتفاقات أن السلطان قدم دمشق وأراد النزول يوم الجمعة إلى الجامع، فطلب له من يخطب غير الخطيب ابن المرحل لكراهيتهم له، وشكوه إلى الصاحب، فطلب الزين الفارقي، فامتنع لعدم التهيؤ، وطلب إمام الكلاسة، فتغيب، فخطب ابن المرحل.
[زيارة ابن الأرموي]
وزار السلطان الشيخ إبراهيم بن الأرموي بالجبل بعد العشاء.
[إطلاق رسل عكا الفرنج]
ولما دخل السلطان مصر أطلق رسل عكا الذين كانوا معوقين بالقاهرة.
[إطلاق أسرى بيروت]
وجاءه رسول الأشكري، فأطلق السلطان للرسول أسرى بيروت، وكانوا ستمائة وثلاثين نفسا.
[إظهار أمر الخليفة]
وأخرج من كان في الجب من الأمراء، وأخرج الخليفة الحاكم بأمر الله، وكان في أيام أبيه خاملا لم يطلب أبوه منه تقليدا بالملك ولا انفعل

(51/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 57
لذلك، فظهر الخليفة وصلى للمسلمين. وبايعه الملك الأشرف بإشارة الوزير.
[خطبة الخليفة]
وفي نصف شوال خطب بالناس يوم الجمعة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله، وذكر في خطبته توليته للملك الأشرف أمر الإسلام، فخطب يومئذ بالخطبة التي خطب بها في أول سنة إحدى وستين، وهي مليحة، من إنشاء مؤدبه ومفقهه الإمام شرف الدين ابن المقدسي، فلما فرغ من الخطبة صلى بالناس قاضي القضاة ابن جماعة.
[قراءة الختمة والحض على أخذ بغداد]
وفي رابع ذي القعدة عملت الختم لتمام السنة من موت السلطان الملك المنصور بتربته، وحضر الفقهاء والدولة، ونزل السلطان وقت الختم والخليفة الحاكم بأمر الله، وخطب الخليفة، وذكر بغداد، وحرض على أخذها، وكان قد وخطه الشيب وعليه السواد. وانفق في هذا المهم مبلغ عظيم، واحتفل له.
[قراءة الختمة بدمشق]
وأما دمشق فإن الشجاعي جمع الناس بالميدان، ونصب مخيم عظيم

(51/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 58
سلطاني، ومد سماط هائل، وختمت الختمة، وتكلم الوعاظ، فتكلم أولاً فريد الوقت عز الدين الفاروثي، وتكلم بعده الواعظ نجم الدين ابن البزوري، وحضر أمم وخلائق، وكانت ليلة مشهودة، وعملت خلوات كثيرة.
[إمساك أميرين بدمشق]
وفي شوال مسك الأميران بهاء الدين قرارسلان، وجمال الدين أقوش الأفرم الصغير الذي صار نائبا، وحبسا بقلعة دمشق.
[توسعة الميدان بدمشق]
وفي ذي الحجة وسع الشجاعي الميدان من شماليه، وعمل في حائطه للأمراء والعامة، وعمل فيه الشجاعي بنفسه، وتقاسموه، ففرغ في يومين مع ضخامة حائطه. ووصل الأمراء الثلاثة على أخباز الذين مسكوا من دمشق، والثلاثة هم ركن الدين الجالق، والمساح، وعز الدين أزدمر العلائي. وعملت سلالم عظيمة وأظهروا قصد بغداد.
[حج الشاميين]
وحج بالشاميين الأمير بدر الدين الصوابي الخادم.

(51/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 59

[ما قيل في فتح عكا]
وعملت الشعراء القصائد في فتح عكا، فمن ذلك كلمة المولى شهاب الدين محمود:
(الحمد لله زالت دولة الصلب .......... وعز بالترك دين المصطفى العربي)

(هذا الذي كانت الآمال لو طلبت
رؤياه في النوم لاستحيت من الطلب)

(ما بعد عكا وقد هدت قواعدها .......... في البحر للشرك عند البر من أرب)

(عقيلة ذهبت أيدي الخطوب بها .......... دهرا وشدت عليها كف مغتصب)

(لم يبق من بعدها للكفر إذ خربت .......... في البر والبحر ما ينجي سوى الهرب)

(أم الحروب فكم قد أنشأت فتنا .......... شاب الوليد بها هولا ولم تشب)

(سوران بر وبحر حول ساحتها .......... دارا وأدناهما أنأى من السحب)

(ففاجأتها جنود الله يقدمها .......... غضبان لله لا للملك والنشب)

(كم رامها ورماها قبله ملك .......... جم الجيوش فلم يظفر ولم يصب)

(51/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 60

(لم يلهه ملكه بل في أوائله .......... نال الذي لم ينله الناس في الحقب)

(فأصبحت وهي في بحرين مائلة .......... ما بين مضطرم نارا ومضطرب)

(جيش من الترك ترك الحرب عندهم .......... عار وراحتهم ضرب من النصب)

(يا يوم عكا لقد أنسيت ما سبقت .......... به الفتوح وما قد خط في الكتب)

(لم يبلغ النطق حد الشكر فيك فما .......... عسى يقوم به ذو الشعر والخطب)

(كانت تمني بك الأيام عن أمم .......... فالحمد لله شاهدناك عن كثب)

(وأطلع الله جيش النصر فابتدرت .......... طلائع الفتح بين السمر والقضب)

(وأشرف المصطفى الهادي البشير على .......... ما أسلف الأشرف السلطان من قرب)

(فقر عينا بهذا الفتح وابتهجت .......... ببشره الكعبة الغراء في الحجب)

(وسار في الأرض مسرى الريح سمعته .......... فالبر في طرب والبحر في حرب)

(وخاضت البيض في بحر الدماء فما .......... أبدت من البيض إلا ساق مختضب)

(وغاص زرق القنا في زرق أعينهم .......... كأنها شطن تهوي إلى قلب)

(أجرت إلى البحر بحرا من دمائهم .......... فراح كالراح إذ غرقاه كالحبب)

(بشراك يا ملك الدنيا لقد شرفت .......... بك الممالك واستعلت على الرتب)

(51/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 61

(ما بعد عكا وقد لانت عريكتها .......... لديك شيء تلاقيه على تعب)

(أدركت ثأر صلاح الدين إذ عصيت .......... منه لسر طواه الله في اللقب)

(باتت وقد جاورتنا ناشزا وغدت .......... طوع الهوى في يدي جيرانها الجنب)

(وجالت النار في أرجائها وعلت .......... فأطفأت ما بصدر الدين من كرب)

(أضحت ' أبا لهب ' تلك البروج وقد .......... كانت بتعليقها حمالة الحطب)

(وأفلت البحر منهم من يخبر من .......... يلقاه من قومه بالويل والحرب)

(وتمت النعمة العظمى وقد كملت .......... بفتح صور بلا حصر ولا نصب)

(لما رأت أختها بالأمس قد خربت .......... كان الخراب لها أعدى من الجرب)

(إن لم يكن ثم لون اليم منصبغا .......... بها إليها وإلا ألسن اللهب)

(فالله أعطاك ملك البحر وابتدأت .......... لك السعادة ملك البر فارتقب)

(51/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 62

(فمن كان مبدؤه عكا وصور معا .......... فالصين أدنى إلى كفيه من حلب)
وله من قصيدة أخرى في عكا مدح بها الشجاعي:
(الشرك انجلى وانجلت ظلماته .......... والدين قر وأشرقت قسماته)

(والنصر ألوت بالفرنج رياحه .......... من بعد ما فتكت بهم نسماته)

(هذا الذي كانت تحيله المنى .......... وتحيله قدم العدى وثباته)

(هذا الذي كان الرجاء ببعضه .......... بعد النفوس ولا تصح عداته)

(هب الزمان من الكرى من بعدما .......... طالت سني رقاده وسناته)

(ما كان يحسن أن يجاورنا العدى .......... لو زال عن جفن الجهاد سباته)

(والآن قد ذهبت بحمد الله .......... عن أرض الشام عداتنا وعداته)

(وتفرقت أيدي سبأ وسباهم .......... جمعت برغمهم لنا أشتاته)
منها:
(بانوا فما بكت السماء عليهم .......... في ربعهم بل أحرقت عرصاته)

(ونمى إلى صور الحديث ببحرهم .......... إذ خلقت بدمائهم صفحاته)
وهي مائة وخمسون بيتا.

(51/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 63

بسم الله الرحمن الرحيم

ربنا أفرغ علينا صبرا
قال الإمام الحافظ، إمام القراء والمحدثين، شمس الدين الذهبي:
الطبقة التاسعة والستون سنة إحدى وثمانين وستمائة

- حرف الألف -
1 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الجبار بن طلحة بن عمر. الفقيه، المدرس، أبوالعباس بن الأشتري، الحلبي، الشافعي. ولد بحلب سنة خمس عشرة وستمائة. وسمع من: أبي محمد بن علوان، والموفق عبد اللطيف، وقاضي القضاة أبي المحاسن ابن شداد، وأبي المجد القزويني، وأبي الحسن بن روزبة، وأبي المنجا بن اللتي، والإربلي، وطائفة.

(51/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 64
روى عنه: ابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو الحجاج المزي، وجماعة. وأجاز لي، وكان ممن جمع بين العلم والعمل. كان إماما عارفاً بالمذهب، ورعا، كثير التلاوة، بارز العدالة، كبير القدر، مقبلا على شأنه. سألت أبا الحجاج القضاعي عنه فقال: كان ممن يظن به أنه لا يحسن أن يعصي الله. فقلت: وكان يقرئ الفقه، وله اعتناء بالحديث. توفي في ربيع الأول بدمشق فجأة. وكان يصوم الدهر، ويتصدق بفاضل قوته. وكان النواوي رحمه الله إذا جاءه صبي يقرأ عليه بعث به إلى أمين الدين لعلمه بدينه وعفته. 2 - أحمد بن حذيفة. شرف الدين، أبو العباس الدمشقي، الدلال في العقار. ولد سنة اثنتي عشرة. وحدث ' بجزء ابن أبي ثابت ' عن أم الكرم كريمة. روى عنه: ابن أبي الفتح، وأبو محمد البرزالي، والطلبة. ومات في ربيع الآخر بدمشق. 3 - أحمد بن أبي الحرم. جلال الدين بن الزين، الدلال في الأملاك أيضا. توفي في ربيع الآخر. وكان شابا مشتغلا، حسن الكتابة. 4 - أحمد بن عبد الله بن أحمد بن حنظلة. الشيخ، موفق الدين ابن المعالج الأنصاري، البغدادي.

(51/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 65
توفي في ذي الحجة. سمع ' مسند الشافعي ' من: ابن الخازن. وحدث. عاش ثمان وستين سنة. وكان شافعيا. 5 - أحمد بن محمد بن أبي دويقة. الخزرجي، الأستاذ، أبو العباس. سمع: أبا الربيع بن سالم، وأبا علي الشلوبين. مات في رجب بالمغرب. 6 - أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان.

(51/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 66
قاضي القضاة، شمس الدين، أبو العباس البرمكي، الإربلي، الشافعي. ولد بإربل سنة ثمان وستمائة، وسمع بها ' صحيح البخاري ' من أبي جعفر محمد بن هبة الله بن مكرم الصوفي. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وعبد المعز الهروي، وزينب الشعرية. روى عنه: المزي، والبرزالي، والطبقة. وكان إماما، فاضلا، بارعا، متفنناً، عارفا بالمذهب، حسن الفتاوى، جيد القريحة، بصيرا بالعربية، علامة في الأدب والشعر وأيام الناس، كثير الاطلاع، حلو المذاكرة، وافر الحرمة، من سروات الناس. قدم دمشق في شبيبته. وقد تفقه بالموصل على كمال الدين بن يونس، وأخذ بحلب عن القاضي بهاء الدين ابن شداد، وغيرهما. ودخل الديار المصرية وسكنها مدة، وتأهل بها. وناب في القضاء عن القاضي بدر الدين السنجاري. ثم قدم الشام على القضاء في ذي الحجة سنة تسع وخمسين منفردا بالأمر، ثم أقيم معه القضاة الثلاثة في سنة أربع وستين، ثم عزل عن القضاء في سنة تسع وستين بالقاضي عز الدين ابن الصائغ، ثم عزل ابن الصائغ بعد سبع سنين به. وقدم من الديار المصرية، فدخل دخولا لم يبلغنا أن قاضيا دخل مثله من الاحتفال والزحمة وأصحاب البغال والشهود، وكان يوما مشهودا. وجلس في منصب حكمه، وتكلمت الشعراء.

(51/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 67
وكان كريما، جوادا، ممدحا. ثم عزل بابن الصائغ، ودرس بالأمينية إلى أن مات. وقد جمع كتابا نفيسا في ' وفيات الأعيان '. وتوفي عشية نهار السبت السادس والعشرين من رجب. وشيعه خلائق. ومن شعره:
(أي ليل على المحب أطاله .......... سائق الظعن يوم زم جماله)

(يزجر العيس طاويا يقطع المهمة .......... عسفا سهوله ورماله)

(يسأل الربع عن ظباء المصلى .......... ما على الربع لو أجاب سؤاله)

(هذه سنة المحبين يبكون .......... على كل منزل لا محاله)

(يا خليلي إذا أتيت ربى الجزع .......... وعانيت روضة وتلاله)

(قف به ناشدا فؤادي فلي .......... ثم فؤاد أخشى عليه ضلاله)

(وبأعلا الكثيب بيت أغض الطرف .......... عنه مهابة وجلاله)

(حوله فتية تهز من الخوف .......... عليه ذوابلا عساله)

(كل من جئته لأسأل عنه .......... أظهر الغي غيرة وتباله)

(منزل حقه علي قديم .......... في زمن الصبى وعصر البطالة)

(يا عريب الحمى أعذروني فإني .......... ما تجنبت أرضكم من ملاله)

(لي مذ غبتم عن العين نار .......... ليس تخبو وأدمع هطاله)

(51/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 68

(فصلونا إن شئتم أو فصدوا .......... لا عدمناكم على كل حاله)
7 - إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علوي. المسند برهان الدين، أبو إسحاق بن الدرجي، القرشي، الدمشقي، الحنفي، إمام المدرسة العزية بالكجك. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة في شعبان. وأجاز له: أبو جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، وإدريس بن محمد العطار، وأبو المفاخر خلف بن أحمد الفراء، وعبيد الله بن محمد بن أبي نصر اللفتوائي، ومحمد بن معمر بن الفاخر، والمؤيد بن الإخوة، وأم هانىء عفيفة الفارقانية، وطائفة من الإصبهانيين في عام اثنتين وستمائة. وسمع أجزاء معدودة: من أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وأبي الفتوح البكري. وحدث ' بالمعجم الكبير ' للطبراني، وكان ثقة، فاضلا، خيرا، سهل القياد. ولم يظهر سماعه من الكندي وابن الحرستاني إلا بعد موته. روى عنه: الدمياطي، وابن تيمية، وابن القحفازي، والمزي، والبرزالي، وابن العطار، وجماعة.

(51/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 69
وحج في آخر عمره، فتوفي يوم عبور الركب في سابع صفر، رحمه الله. ولي منه إجازة. 8 - إبراهيم بن عمر بن إسماعيل. الكركي، الشافعي. توفي بدمشق في رجب. وقد حدث ' بصحيح البخاري ' عن ابن الزبيدي. حدثنا عنه: إسحاق الآمدي. 9 - إبراهيم بن أبي بكر. أمين الدين التفليسي، إمام السلطان الملك الظاهر. ولد سنة خمس وعشرين، وحدث بدمشق ومصر عن: ابن الجميزي، والسبط. سمع منه: البرزالي، وغيره. مات بالقاهرة، وقيل مات سنة ثمان. 10 - إدريس بن صالح بن وهيب. الفقيه، زين الدين القليوبي، خطيب الجامع الأزهر. ولد سنة ثمان عشرة، وكان شديد السمرة. له شعر جيد، وفيه تصون وخير.

(51/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 70
11 - إسحاق الدمياطي. ناصر الدين. روى ' جامع الترمذي ' عن ابن البناء توفي بدمياط في ربيع الاول. 12 - إسماعيل بن إسماعيل بن جوسلين الشيخ عماد الدين البعلبكي. ولد سنة أربع وستمائة. وسمع من: موفق الدين بن قدامة، وأبي المجد اليونيني، والبهاء عبد الرحمن، وغيرهم. وكان من خيار من حدث في زمانه لعلمه ودينه وثقته وورعه. وكان خبيرا بكتابة الحكم والوثائق، دمث الأخلاق، كثير التلاوة، حسن الزهادة، حنبلي المذهب. روى عنه: أبو الحسين اليونيني، وابن أبي الفتح، وأبو الحجاج المزي، وأبو الحسن بن العطار، وغير واحد. وأجاز لي مروياته. توفي في صفر.

(51/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 71
وقرأت بخط شيخنا ابن تيمية أنه ولي قضاء بعلبك. سمعت منه ' سنن ابن ماجة ' 13 - إسماعيل بن عبد الجبار بن بدر. الضياء، أبو الفداء النابلسي، ثم الدمشقي. روى عن: الموفق، وزين الأمناء. وعنه: المزي والبرزالي، وجماعة. توفي في شعبان. 14 - إسماعيل بن هبة الله بن علي بن هبة الله. فخر الدين، أبو الطاهر بن أبي القاسم بن المليجي، المصري، المقرئ، المعدل. مسند القراء في زمانه. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة أو قبلها بيسير. وقرأ بالسبع على أبي الجود، وهو آخر من قرأ عليه وفاة وسمع من: أبي الحسن بن جبير البلنسي، وأبي عبد الله محمد بن البناء. وازدحم في آخر عمره، الطلبة لعلوه لا لإتقانه، فقرأ عليه العلامة أبو حيان، وقطب الدين عبد الكريم، والتقي أبو بكر الجعبري، وجماعة.

(51/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 72
وأجاز لأبي محمد البرزالي، وغيره. ومات في الثاني والعشرين من رمضان، رحمه الله، وتساوى القراء بعده في إسناد أبي الجود. وكان بارز العدالة، دينا. 15 - آقسنقر. الشبلي، الصفوي. حدث عن: ابن قميرة.
- حرف الباء -
16 - بيجار بن بختيار. الأمير، حسام الدين اللاوي، الرومي. كان له ببلاد الروم قلاع وأموال وحشمة فخرج إلى المسلمين مهاجراً، مفارقا للتتار، خذلهم الله، في أواخر الدولة الظاهرية. وحج من الديار المصرية، وأنفق مبلغا في القربة والخير. وعاد ولزم بيته، وترك الإمرة، وشاخ. قال الشيخ قطب الدين: جاوز المائة بسنين، كذا قال، وكف بصره قبل موته بثلاث سنين. توفي في شعبان. - حرف الحاء -
17 - الحسين بن إياز.

(51/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 73
العلامة، النحوي جمال الدين، شيخ العربية بالمستنصرية ببغداد. له مصنفات في النحو. وتوفي في ذي الحجة. كتب عنه: أبو البدر الفرضي، وابن الفوطي، وجماعة. وكان إماما في النحو والتصريف. قرأ على الشيخ تاج الدين الأرموي. 18 - الحسين بن عباس بن عبدان. العدل، شمس الدين المناديلي، الدمشقي والد شيخنا أحمد توفي في جمادى الأولى، وخلف ثروة وورثة. 19 - الحسين بن قتادة بن مزروع. النسابة، رضي الدين، أبو محمد العلوي، الحسني، المقرئ، العراقي. كان عارفا بالأنساب والقراءآت. أم بالمشهد، وكتب الناس عنه. قال ابن الفوطي: مات في حادي عشر شوال. - حرف الخاء - 20 - خضر بن عبد الرحمن بن الخضر. الشيخ، سديد الدين الحموي، المقرئ، صاحب السخاوي. أقرأ القرآن، وعمر دهرا، وجاوز التسعين.

(51/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 74
توفي في شوال. وكان شيخ الخانقاه بحماة. وله مشاركة وتفنن. وله إجازة من الكندي. وكان يلبس الخرقة للسهروردي. مولده سنة أربع وثمانين وخمسمائة في ذي القعدة.
- حرف الذال -
21 - ذو النون بن مفضل بن محمد بن عبد الخالق. القرشي، السخاوي، أبو الفضل الشافعي، شرف الدين الأميوطي. وأميوط من أعمال سخا. ولي قضاء البهنسا وغيرها. وله شعر جيد. كتب عنه الدمياطي. مات في المحرم.
- حرف الزاي -
22 - الزين رمضان. الخشاب، الدمشقي. مات في جمادى الأولى. 23 - زينب بنت تمام بن يحيى. الحموية، الدمشقية امرأة صالحة عابدة، من بيت الرواية. روت بالإجازة عن: داود بن ملاعب، وغيره. وماتت في صفر.
- حرف السين -
24 - سالم الدليل. دليل الركب الشامي

(51/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 75
توفي في ربيع الآخر. 25 - سليمان بن عبد الله بن أمور. ويقال: ابن عمران. الشيخ قطب الدين، أبو الربيع الزيلعي، الحنفي، خادم المصحف العثماني. سمع: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وأبا الخير بن المقير، وغيرهم. كتب عنه: البرزالي، وجماعة كثيرة. وأجاز لي. وكان شيخا صالحا، حسن السمت. توفي في رابع ذي القعدة.
- حرف الشين -
26 - شاذي بن داود بن عيسى بن محمد بن أيوب بن شاذي. الملك الظاهر، غياث الدين ابن صاحب ' الكرك، الملك الناصر. ولد وأبوه صاحب دمشق حينئذ سنة خمس وعشرين. ونشأ بالكرك. وسمع من: أبي المنجا بن اللتي. وحدث بدمشق. وكان دينا، خيرا، متواضعا، عاقلا، يتعانى زي العرب كعمه الملك القاهر. وأمه هي ابنة الأمجد بن العادل. توفي، رحمه الله، بالغور.

(51/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 76

- حرف العين -
27 - عبد الله بن المحدث محمد بن عمر بن عبد الغالب. نجم الدين الأموي، العثماني، الدمشقي، القباقيبي، والد صاحبنا مؤذن البادرائية عبد الرحمن الأسمر. توفي في سادس ربيع الآخر، وبعضهم يلقبه بالجمال. سمع: أباه، وأبا نصر بن الشيرازي. وأجاز له التاج الكندي. وعاش ثلاثا وسبعين سنة، رحمه الله. 28 - عبد الله بن أبي بكر بن أبي البدر البغدادي، الحربي، الزاهد. ويعرف بالشيخ عبد الله كتيلة. وكان فقيرا، صالحاً، عارفا، ربانيا، مكاشفا له أحوال وكرامات. وله زاوية وأصحاب. سافر في شبيبته، وصحب الكبار. وسمع بدمشق من: الشيخ الضياء، والفقيه سليمان الأسعردي. واشتغل في مذهب أحمد. وصحب الشيخ أحمد المهندس. صحبه شيخنا ابن الدباهي. وحكى لي عنه شعيب الكتبي، وغيره. حدثنا ابن الدباهي أنه مع جلالته كان يقضي الأوقات يترنم ويغني

(51/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 77
لنفسه، وأنه كان فيه كيس وظرف وبشاشة، وقال: سمعته يقول: كنت على سطح يوم عرفة ببغداد وأنا مستلقي على ظهري، فما شعرت إلا. وأنا واقف بعرفة مع الركب سويعة، ثم لم أشعر إلا وأنا على حالتي الأولى مستلقي. فلما قدم الركب جاءني إنسان صارخا فقال: يا سيدي أنا قد حلفت بالطلاق أني رأيتك بعرفة العام، وقال لي واحد أو جماعة: أنت واهم الشيخ لم يحج العام. فقلت: امض لم يقع عليك حنث. توفي الشيخ عبد الله كتيلة ببغداد وهو في عشر الثمانين، رحمة الله عليه. وقال ابن الفوطي: روى لنا عن الشيخ الإمام موفق الدين المقدسي. وله تصانيف في الزهد. سألته عن مولده فقال: في سنة خمس وستمائة. يكنى أبا أحمد. مات في منتصف رمضان. قال: وله من الكتب ' المسهمة في الفقه ' ثمان مجلدات، وكتاب ' التحذير من المعاصي '، ثلاث مجلدات، وكتاب ' العدة في أصول الدين ' مجلد، وكتاب ' الإسعاف فيما وقع في السماع من الخلاف ' مجلد، وكتاب ' العرب ' مجلد. 29 - عبد الحكم بن بركات. جلال الدين، أبو محمد، رئيس المؤذنين بجامع مصر. توفي في ربيع الأول، وله ثمانون سنة. سمع من: عبد القوي بن الجباب. وحدث. 30 - عبد الجبار بن عبد الخالق بن أبي نصر بن عبد الباقي بن عكبر.

(51/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 78
الإمام، الواعظ، العلامة، جلال الدين، أبو محمد البغدادي، أحد المشاهير. ولد في حدود العشرين وستمائة. وسمع من: ابن اللتي، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي. وصنف التصانيف، وحدث. أخذ عنه: ابن الفوطي، وأبو العلاء بن الفرضي، وطائفة. ومات في السابع والعشرين من شعبان سنة إحدى. ودفن في داره. قرأت بخط الفوطي: توفي رئيس الأصحاب شيخنا جلال الدين الحنبلي مدرس المستنصرية في شعبان. وكان وحيد دهره في علم الوعظ ومعرفة التفسير، وله مصنفات منها ' مشكاة البيان في تفسير القرآن '، ومنها ' مراتع المرتعين في مرابع الأربعين من أخبار سيد المرسلين '، وكتاب ' إيقاظ الوعاظ '. ولم يخلف في فنه مثله. قلت: كان ينظم الشعر، ويتكلم في أعزية الكبار، فيكرم بخلعة أو بذهب. 31 - عبد السلام بن علي بن عمر بن سيد الناس.

(51/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 79
الشيخ، العلامة، زين الدين، أبو محمد الزواوي، المقرئ المالكي، شيخ القراء بالشام، وشيخ المالكية. ولد بظاهر بجاية من المغرب سنة تسع وثمانين وخمسمائة أو قبلها بسنة، وقدم ديار مصر في حدود سنة أربع عشرة وستمائة، وأكمل القراءآت سنة ست عشرة على أبي القاسم بن عيسى بالإسكندرية. وعرضها أيضا بدمشق على أبي الحسن السخاوي سنة سبع عشرة. وسمع منه ومن غيره. وجود القراءآت وأتقنها. وصنف كتاباً نفيسا في ' غريب الوقف والابتداء '، وكتابا في ' عدد الآي '. وبرع في المذهب، ودرس، وأفتى، وامتدت أيامه. وهو ممن جمع بين العلم والعمل. ولي الإقراء بتربة أم الصالح بعد شمس الدين أبي الفتح سنة بضع وخمسين وستمائة، فقرأ عليه شيخنا برهان الدين الإسكندراني في سنة ست وخمسين، وشيخنا شهاب الدين الكندي. وقرأ عليه خلق كثير، وتصدى لذلك. وممن قرأ عليه: تقي الدين أبو بكر الموصلي، وعلي بن شعبان، والشيخ محمد المصري، والشيخ أحمد الحراني، وشهاب الدين أحمد بن النحاس الحنفي، وخلق لا يحضرني ذكرهم. وولي قضاء المالكية في سنة أربع وستين على كراهية منه. وكان يخدم نفسه، ويحمل الحطب على يده مع جلالته. وقد أخذ أيضاً عن: أبي عمرو بن الحاجب.

(51/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 80
سمع منه: أبو الحجاج القضاعي، وأبو محمد البرزالي، وأبو الحسن بن العطار، وآخرون. وعزل نفسه من القضاء يوم مات رفيقه القاضي شمس الدين بن عطاء، واستمر على التدريس والفتوى والإقراء. توفي في شهر رجب، وحضر جنازته نائب السلطنة لاجين والعالم. ومات، رحمه الله، في عشر المائة. 32 - عبد السميع بن أحمد بن عبد السميع بن يعقوب بن مطروح. العدل، الإمام، وجيه الدين. ولد سنة تسع وستمائة. ومات بالإسكندرية في نصف ذي الحجة. أكثر عن الصفراوي، وجعفر الهذلي. 33 - عبد المعطي بن عبد الكريم. الخطيب، جمال الدين الخزرجي، المصري. توفي في المحرم بمصر. روى هو وولده محمد عن: ابن اللتي. وروى هو عن: ابن المفضل، وجماعة. وقارب مائة عام. 34 - عطا ملك بن محمد بن محمد.

(51/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 81
الأجل، علاء الدين، صاحب الديوان، ابن الصاحب بهاء الدين الجويني، الخراساني. أخو الصاحب الكبير الوزير شمس الدين كان إليهما الحل والعقد في دولة أبغا، ونالا من الجاه والحشمة ما يتجاوز الوصف. وفي سنة ثمانين قدم بغداد مجد الدين العجمي، فأخذ صاحب الديوان علاء الدين وغله وعاقبه، فلما عاد منكوتمر من الشام مكسورا حمل علاء الدين معهم إلى همذان، وهناك مات أبغا ومنكوتمر وكان قد انصلح أمر علاء الدين في أيام الملك أحمد. فلما ملك أرغون بن أبغا طلب الأخوين فاختفيا، فتوفي علاء الدين في الاختفاء بعد شهر، ثم أخذ ملك اللور يوسف أمانا من أرغون للصاحب شمس الدين، وأحضره إليه، فغدر به أرغون وقتله بعد موت أخيه بقليل. ثم فوض أرغون أمر العراق إلى سعد الدين العجمي والمجد ابن الأثير، والأمير علي جكينان، ثم قتل أرق وزير أرغون الثلاثة بعد عام. وكان علاء الدين وأخوه فيهما كرم سؤدد وخبرة بالأمور، وفيهما عدل ورفق بالرعية وعمارة للبلاد. ولي علاء الدين نظر العراق سنة نيف وستين بعد العماد القزويني، فأخذ في عمارة القرى، وأسقط عن الفلاحين مغارم كثيرة إلى أن تضاعف دخل العراق، وعظم سوادها، وجر نهرا من الفرات مبدأه من الأنبار ومنتهاه إلى مشهد علي، رضي الله عنه، وأنشأ عليه مائة وخمسين قرية. ولقد بالغ بعض الناس وقال: عمر صاحب الديوان بغداد حتى كانت أجود من أيام الخلافة.

(51/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 82
ووجد أهل بغداد به راحة. وحكى غير واحد أن أبغا قدم العراق، فاجتمع في العيد الصاحب شمس الدين وعلاء الدين ببغداد، فأحصيت الجوائز والصلات التي فرقا، فكانت أكثر من ألف جائزة. وكان الرجل الفاضل إذا صنف كتابا ونسبه إليهما تكون جائزته ألف دينار. وقد صنف شمس الدين محمد بن الصيقل الجزري خمسين مقامة، وقدمها، فأعطي ألف دينار. وكان لهما إحسان إلى العلماء والصلحاء، وفيهما إسلام، ولهما نظر في العلوم الأدبية والعقلية. وفي وقتنا هذا الإمام المؤرخ العلامة أبو الفضل عبد الرزاق بن أحمد ابن الفوطي مؤرخ عصره، وقد أورد في ' تاريخه ' الذي على الألقاب ترجمة علاء الدين مستوفاة. هو الصدر المعظم، الصاحب، علاء الدين أبو المظفر، عطا ملك ابن الصاحب بهاء الدين محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن أيوب بن الفضل بن الربيع الجويني، أخو الوزير شمس الدين. قرأت بخط الفوطي: كان جليل الشأن تأدب بخراسان، وكتب بين يدي والده، وتنقل في المناصب إلى أن ولي العراق بعد قتل عماد الدين الدويني، فاستوطنها وعمر النواحي، وسد البثوق، ورفد الأموال، وساق الماء من الفرات إلى النجف، وعمل رباطا بالمشهد. ولم يزل مطاع الأمور، رفيع القدر، إلى أن بلي بمجد الملك في آخر أيام أباقا بن هولاكو. وكان موعودا من السلطان أحمد أن يعيده إلى العراق، فحالت المنية دون الأمنية، وسقط عن فرسه فمات ونقل إلى تبريز فدفن بها. وله رسائل ونظم، كتب منشورا بولاية كتابة التاريخ بعد شيخنا تاج

(51/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 83
الدين علي بن أنجب. وكان مولده في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، ومدة ولايته على بغداد إحدى وعشرون سنة وعشرة أشهر. وقرأت بخطة وفاة علاء الدين في رابع ذي الحجة سنة 681 ه 35 - علي بن أحمد بن عبد الرحمن. القاضي شهاب الدين الشهرزوري، العدل توفي في شوال بدمشق. صحب ابن الصلاح وسمع منه. وولي قضاء زرع. وكان شاهدا عاقدا بسوق القمح. 36 - علي بن بشارة. أبو الحسن الشبلي. والد الشيخ شرف الدين الحسين الحنفي. توفي في ربيع الأول. 37 - علي بن سلام الفقيه، كمال الدين الدمشقي، الشافعي، مدرس الدولعية. والد المفتي شرف الدين.

(51/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 84
كان فقيها، عالما، متفننا، ذكيا، دينا، صالحا، زاهدا. توفي كهلا في رمضان بكرة الليلة التي احترقت فيها اللبادين وأسواقها. عاش ستا وأربعين سنة. وأخذ عن ابن عبد السلام. وأعاد بالشامية، وكان من أئمة الدنيا. 38 علي بن صالح بن أبي علي بن يحيى بن إسماعيل. أبو الحسن العلوي، الحسيني، المكي سمع من: أبي الحسن علي ابن البناء الخلال. ثنا عنه أبو الحسن ابن العطار، واستجازه لي. وقال شيخنا التوزري: توفي في نصف رجب سنة إحدى. وأما ابن الخباز فقال: توفي في عاشر شوال سنة ثلاث وثمانين، والأول أثبت. قال البرزالي: سمع ' الترمذي ' من ابن البناء، و ' مسند الشافعي ' من ابن باق. وقال: وهو تاج الدين البهنسي، عاش نحوا من خمس وثمانين سنة. وكان إمام المقام وخطيب المسجد الحرام، معروفاً بالصلاح. حضر عند الشيخ أبي عبد الله القرشي، وعادت بركته عليه، وأجاز لنا مروياته. 39 - علي بن الأمير ناصر الدين عيسى ابن الأمير سيف الدين أبي الحسن علي ابن الأمير أسد الدين يوسف بن أبي الفوارس. الأمير، عماد الدين القيمري، الكردي، ابن صاحب قلعة قيمر.

(51/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 85
بطل الخدمة وأقام بالجبل مدة، وتوفي في رجب بالنيرب، ودفن بتربة جده سيف الدين التي تجاه مارستانه بالجبل. وقيمر بقرب أسعرد، وقد استولى عليها التتار. ومات هذا في الكهولة. 40 علي بن محمد بن نصر الله بن أبي سراقة. علاء الدين، أبو الحسن الهمداني، الدمشقي، الكاتب أحد المتصرفين. باشر في عدة جهات. وحدث عن: ابن الزبيدي، وجعفر الهمداني. روى عنه: الشيخ برهان الدين الفزاري. توفي في جمادى الأولى عن بضع وستين سنة. 41 - عمر بن إسحاق الأمير ناصر الدين، رئيس دمياط. مات في ربيع الأول. 42 - عمر بن حسين. المحدث، الفقيه، كمال الدين الختني، الحنفي. سمع: ابن رواج، وابن الجميزي، وخلقا. وطلب، وأسمع ولده يوسف. روى عنه: ابنه. مات في ذي الحجة. 43 - عمر بن منصور بن إسحاق. الأمير ناصر الدين الأرسوفي. روى عن: أبي عبد الله بن البناء البغدادي. ومات بدمياط في ربيع الأول وحمل فدفن بالقرافة. وأظنه هو رئيس دمياط.

(51/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 86
44 - عيسى بن إسماعيل بن عيسى. أبو البقاء المخزومي. ولد بمنبج سنة ستمائة. ومات في ربيع الآخر. حدث عن ابن روزبة. 45 - عيسى بن علي. الأندلسي، الكتبي. سمع السخاوي.
- حرف الغين -
46 - غمراسن وقيل يغمراس بن عبد الواد. سلطان تلمسان. غلب على مدينة تلمسان عند ضعف بني عبد المؤمن، وطالت أيامه. وكان أحد من يضرب به المثل في الشجاعة. وهو الذي قتل السعيد علي بن إدريس المؤمني غدرا بنواحي تلمسان. مات غمراسن في العشرين من ذي القعدة سنة إحدى، وبقي في الملك سبعين عاما أو أقل. وتملك بعده ابنه عثمان.
- حرف الفاء -
47 - فخر الدين العراقي. شيخ الصوفية بدمشق. توفي في جمادى الآخرة.

(51/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 87

- حرف الميم -
48 - محمد بن عبد الرحمن بن مرهف بن عبد الله. الرشيد بن الشيخ المقرئ تقي الدين الناشري، المصري. سمع من: الفارسي فخر الدين، وابن باقا. مات في رجب. 49 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عمران بن كليب. العابد، الإمام، أبو عبد الله بن الدهان. توفي في شوال بالإسكندرية. روى بالإجازة عن: أبي جعفر الصيدلاني، وغيره. وسمع من: علي بن المفضل. وعاش تسعين سنة. وقيل: مات سنة اثنتين. سمع منه: أبو حيان، والصفي العراقي والقطب الحلبي. 50 - محمد ابن الشيخ عز الدين بن عبد السلام. السلمي، الدمشقي، شرف الدين، إمام المدرسة الظاهرية التي بالقاهرة. كان أكبر إخوته. توفي في شعبان. حدث عن: أحمد بن محمد بن سيدهم، وعلي بن عبد الوهاب بن الحبقبق، وغيرهما.

(51/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 88
وله مجاميع وفوائد. 51 - محمد ابن الإمام المدرس صلاح الدين ابن العلامة شمس الدين علي. الشهرزوري، الشافعي، مدرس القيمرية، وابن مدرسها، وأبو مدرسها علي الشهرزوري، القاضي، الإمام، شمس الدين، أبقاه الله وغفر له. توفي شابا في رجب. وكذا توفي بعده أخوه شرف الدين أحمد شاباً، وبينهما شهر ويومان، رحمهما الله. فلما أديرت الدروس في شوال درس بالمدرسة المذكورة القاضي الإمام بدر الدين محمد بن جماعة، وحضر دروسه القضاة والأئمة. قرأت بخط الإمام أبي عبد الله بن الفخر: توفي صاحبي المنغص على شبابه، صلاح الدين محمد بن القاضي شمس الدين علي بن محمود يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من رجب، وله أربع وثلاثون سنة أو أزيد بيسير. وكان حسن الأخلاق، كريم الشيم والعشق، بشوش الوجه، حسن الخلق والخلق، رحمه الله، وعوض شبابه الجنة، ودفن بمقبرة الصوفية خارج باب النصر. 52 - محمد بن محمد. وزير ممالك التتار، الصاحب، شمس الدين الجويني. قتله أرغون بن أبغا مظلوما في آخر العام، أو في سنة اثنتين. 53 - محمد بن محمد بن محمود بن نجيب. أبو البدر الواسطي، المعدل، الفقيه، نزيل بغداد. تفقه في النظامية.

(51/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 89
وسمع: ابن بهروز، وابن الخباز. توفي في ذي الحجة. لقبه: كمال الدين. مات كهلا.
54 - محمود بن سلطان بن محمود البلعلبكي، الزاهد، القدوة. صحب أباه وخدمه، وصحب الشيخ إبراهيم البطائحي، وغيره. ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان من الأولياء الأفراد وأرباب الأحوال والمعاملات. صحب والده وأخذ عنه، وصحب والدي ولازمه إلى حين وفاته. ولبس الخرقة تبركا من الشيخ إبراهيم، ولبسها من الشيخ عبد الله البطائحي صاحب الشيخ عبد القادر. توفي في خامس رمضان، ودفن بتربة سيدنا الشيخ عبد الله إلى جانب والده، وقد ناهز المائة. ذكر أن والده أخبره أنه لما عاد من وقعة حطين ' كان لك من العمر شهرا '. ووقعة حطين كانت في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. قلت: روى الشيخ عن البهاء عبد الرحمن. روى عنه: شمس الدين ابن أبي الفتح. 55 - محمود بن عبد الله بن عبد الرحمن.

(51/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 90
العلامة، برهان الدين المراغي، الشافعي. ولد سنة خمس وستمائة. وسمع بحلب من: أبي القاسم بن رواحة، والقاضي زين الدين ابن الأستاذ. روى عنه: المزي، وابن العطار، وابن البرزالي، وجماعة. وكان إماما، مفتيا، مناظرا، أصوليا، كثير الفضائل، صالحا، زاهد، متعففا، عابدا. قال قطب الدين: عرض عليه قضاء القضاة فلم يقبل وامتنع، وعرض عليه مشيخة الشيوخ فامتنع أيضاً. وكان لطيف الأخلاق، كريم الشمائل، عارفا بالمذهب. والأصول، مكمل الأدوات. توفي في الثالث والعشرين من ربيع الآخر، ودفن بمقابر الصوفية. قلت: وكان عالما بالأصلين والخلاف، له حلقة بالجامع. وكان شيخا طوالا حسن الوجه، مهيبا، متصوفا. وقال لنا ابن أبي الفتح: عرضت عليه الوكالة فأباها، وعرض عليه القضاء لما عزل ابن خلكان. ودرس مدة بالفلكية.
56 - مذكور بن ناصر. اللخمي، المنذري. مات ببلبيس في صفر. سمع.

(51/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 91
57 - المقداد بن أبي القاسم هبة الله بن علي بن المقداد. الشيخ نجيب الدين، أبو المرهف القيسي، الشافعي. ولد سنة ستمائة. سألت أبا الحجاج الحافظ عنه، فقال لي: هو أبو المرهف الصقلي الأصل، البغدادي المولد، الدمشقي الدار، شيخ جليل، كثير السماع. سمع ببغداد من: عبد العزيز بن الأخضر، وأحمد بن الدبيقي، وأبي البقاء العكبري في آخرين. وبمكة من الحافظ أبي الفرج بن الحصري شيئا كثيرا. وأجاز له، المؤيد الطوسي، والقاسم بن الصفار، وآخرون. قلت: وسمع من: عبد العزيز بن بنينا، وأبي منصور بن الرزاز، وأبي القاسم موسى بن سعيد الهاشمي، وثابت بن مشرف. وبمكة من: علي بن البنا. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، وأبو الحسن بن العطار، وأبو العباس ابن تيمية، والمزي، والقاضي صدرالدين سليمان الهاشمي، والبرزالي، وأبو أحمد الذهبي، والخطيب شمس الدين إمام الكلاسة، وطائفة. وسمع الكثير وحدث به، وانتفع به الطلبة، واشتهر ذكره. وكان عدلا صدوقا، خيرا، تاجرا.

(51/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 92
توفي في ثامن شعبان، ودفن بسفح قاسيون. أجاز لي مروياته. 58 - منكودمر بن هولاكو بن قان بن جنكزخان. المغلي، أخو الملك أبغا، ومقدم التتار الذين عملوا المصاف في عام أول مع المسلمين بظاهر حمص. كان ذا شجاعة وإقدام وسفك للدماء وجرأة على الله تعالى وعلى عباده. ذكره ابن اليونيني فقال: هو نصراني، جرح يوم المصاف، وحصل له ألم شديد، وغم على ما جرى عليه، وحدثته نفسه بجمع العسكر من سائر ممالك أبيه، وقصد الشام للأخذ بثأره، فبغته موت أبغا، ففت ذلك في عضده. وتملك بعد أبغا أخوه الملك أحمد، وهو مسلم، فانكسرت همة منكودمر، واعتراه صرع مرارا، فتوفي في العشر الأول من المحرم، ببلد جزيرة ابن عمر، بقرية تل خنزير. وقيل: توفي في أواخر سنة ثمانين، وله نحو من ثلاثين سنة أو أكثر.
- حرف الهاء -
59 - هبة الله. المعروف بالسديد، الماعز، القبطي، النصراني، مستوفي المملكة. كان ماهرا في الحساب، مقدما على أبناء جنسه، معروفا بالأمانة، وله مكانة وافرة عند الملك المنصور، والوزير يستضيء، برأيه. وما على يده يد. وكان فيه خدمة وتودد ومداراة وإقالة لعثرات الكتاب، متمسكا بملته، كثير الإحسان والصدقات على النصارى.

(51/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 93
هلك في عاشر المحرم، وهو في عشر السبعين بالقاهرة وعجل الله بروحه إلى النار. ورتب السلطان ولده الشيخ الأسعد جرجس مكانه، فتضاعفت منزلته، وشكرت سيرته. 60 - لاجين الرومي. حسام الدين العينتابي. شارك في نيابة السلطنة بحلب، وكان بطلا شجاعاً، سائسا، جميل الصورة.
الكنى
61 - أبو بكر بن عبد الله بن كربان بن يوسف. الدمشقي، الفراء. روى عن: السخاوي، وغيره. وكان شيخا صالحا. توفي في شوال. 62 - أبو طالب بن إسماعيل بن أبي طالب بن بدر. الدمشقي، العطار، سعد الدين بن بدر الطويل. روى عن: ابن اللتي. ومات في صفر. وقد رأيته ولم يكن أحد في البلد أطول منه. وكان لا يجد مداسا إلا أن يستعمله على قالب أعد له. * * * وفيها ولد: شمس الدين محمد بن أحمد بن تمام السراج والده في نصف جمادى الأولى بدمشق. وبشر بن إبراهيم البعلبكي.

(51/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 94

سنة اثنتين وثمانين وستمائة

- حرف الألف -
63 - أحمد ابن الشيخ شهاب الدين أبي حامد إسماعيل بن حامد. نجم الدين، أبو العباس، ابن الفرضي. شيخ عدل، حسن. سمع: أبا محمد بن البن، وأبا المجد القزويني، وأبا القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، والبرزالي، وغيرهما. مات في ربيع الآخر. 64 - أحمد بن السابق بشارة. الشبلي، عماد الدين. سمع: من ابن اللتي. 65 - أحمد بن حجي بن بريد. الأعرابي، الأمير، شيخ آل مري. كان أحد الأبطال المذكورين، والشجعان المعروفين. كانت غاراته تصل

(51/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 95
إلى نجد والحجاز، ويؤدون له الخفر، حتى أن صاحب المدينة النبوية صلوات الله على الحال بها وسلامه الشريف جمازا، يؤدي إليه القطيعة ويداريه. وكان له المنزلة الرفيعة عند السلطان الملك الظاهر، والسلطان الملك المنصور. وكان يزعم أنه من نسل جعفر البرمكي وزير الرشيد، وأنه من أولاد أخت هارون الرشيد. وكان إذا حضر عند قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان يقول: أنت ابن عمي. ويضيفه القاضي وبينهما مهاداة، ولهذا قام معه في نصره لما أداه الأمير علم الدين الحلبي نوبة سنقر الأشقر، وكاتب فيه إلى مصر. وكان آفة على الناس في الطرقات، وخلف عدة أولاد. 66 - أحمد بن عبد الله بن هبة الله بن المنصور بالله. أبو الفضل الهاشمي، المنصوري. روى عن ابن روزبة. وتوفي في رجب ببغداد. 67 - أحمد بن علي بن عامر. العماد المقدسي، الأشتر. من مشاهير الشهود. له ترجمة ضعيفة، ويرمى بالتزوير. حدثونا عنه أنه كان يكتب في كل إثبات يقع في يده، ويصيح ويقول بجهل: أنا لولا معي إسجال على القضاة ما شهدت فيه. توفي في ذي القعدة. وقد روى لنا ولده السديد عبد الله بن النجيب بن الصيقل. 68 - أحمد بن محمد بن مهنا. الصدر جمال الدين الحسيني، العبدلي. قال الفوطي: عارف بالأنساب وفنون الآداب، أوحد في علمه، صنف كتاب ' وراء الزوراء '. كتبت عنه وكتب عني.

(51/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 96
مات ببغداد في صفر. 69 - أحمد بن محمد بن علي. القدوة الزاهد، نجم الدين بن القش البغدادي، من بقايا المشيخة ببغداد. كان شيخنا شمس الدين يثني عليه ويذكره. قرأت بخط الفوطي أنه كان ممن صحب الشيخ عثمان القصير، وتاب على يده، وتفقه لأحمد. وسمع من أصحاب أبي الوقت. وصحب جدي لأمي العفيف ابن الظهير. ولما رجعت من بزاعة أهدى لي فواكه، وأعطاني دراهم غير مرة. وتوفي ببعقوبا في رجب، ودفن إلى جانب شيخه الشيخ علي بن إدريس. 70 أحمد بن يحيى بن قمير. أبو العباس المالكي. من أعيان الفقهاء توفي بالدميرتين، وهو في عشر السبعين في رمضان. وكان من الزهاد. وأخذ عن أبي الحجاج الأقصري. 71 - أحمد بن أبي الهيجاء. الزراد، الحريري، الصالحي، والد شيخنا أبي عبد الله. كان رجلا جيداً، سمع الكثير من خطيب مردا، ومحمد بن عبد الهادي مع ولده. وسمع منه: النجم ابن الخباز. توفي في رمضان وله ثمانون سنة أو نحوها. 72 - إبراهيم بن تروس بن عبد الله. برهان الدين الحنبلي، التاجر بقيسارية الفرس.

(51/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 97
سمع من: السخاوي، والتاج القرطبي، والرشيد بن مسلمة. ثم سمع بنفسه وحصل. كتب عنه: ابن أبي الفتح. وابن البرزالي، وجماعة. ومات في ذي القعدة. 73 - إبراهيم بن المبارك بن أبي البقاء. الطيبي، البغدادي. سمع من: أحمد بن يعقوب المارستاني، وابن القبيطي، وجماعة. ومات في ذي الحجة ببغداد. وحدث. 74 - إبراهيم بن محمد بن أبي العز. أبو إسحاق الحريمي، العتابي. سمع: عبد الملك بن بنينا، وابن الخازن، وإسحاق بن العليق. كتب عنه الفرضي. وتوفي في ذي الحجة. 75 - إبراهيم بن أبي إسحاق بن إبراهيم. الإمام أبو إسحاق الطرزي، الدامغاني، الحنفي. قال الفرضي: كان مفتيا، عارفا بالمذهب، زاهدا. قدم بخارى وتفقه بها. وسمع من أبي المعالي الباخرزي، ورجع إلى بلده. قال: توفي في هذه السنة في غالب ظني. 76 - إبراهيم بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر. صاحب إفريقية، المجاهد في سبيل الله، أمير المسلمين أبو إسحاق ابن الأمير أبي زكريا.

(51/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 98
هو الذي توثب على ابن أخيه المخلوع، وأقام في المملكة أربعة أعوام، خرج عليه الدعي فقتله صبرا في هذا الوقت. وسنذكر الداعي في العام الآتي. ومات إبراهيم في هذه السنة ظنا. 77 - إسماعيل بن إبراهيم بن أبي القاسم بن أبي طالب بن كسيرات. الصدر، مجد الدين، أبو الفداء الموصلي. ولي المناصب الكبار بالموصل، ثم قدم الشام، وولي نظر حمص مدة. ثم قدم دمشق، فولي نظر الدواوين. فلما تسلطن شمس الدين سنقر بدمشق استوزره، فباشر تلك الأيام مكرها، وحصل له من صاحب مصر مصادرة ونكد، ثم لزم بيته وحج، وأقام بطالا بجبل قاسيون إلى أن مات في رمضان، وقد جاوز السبعين. 78 - إسماعيل بن هبة الله بن علي بن المقداد. أبو الفداء القيسي، ناصر الدين، أخو الشيخ نجيب الدين، ووالد

(51/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 99
صاحبنا علاء الدين وهو قاضي القضاة شمس الدين محمد بن الحريري. توفي في شوال. 79 - إسماعيل بن أبي عبد الله بن حماد. العسقلاني، ثم الصالحي، أبو الفداء. ولد سنة بضع وتسعين وخمسمائة. وسمع من: حنبل، وابن طبرزد، والكندي، وابن الحرستاني، وغيرهم. وكان من الشيوخ المسندين. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وآخرون. وسألت عنه أبا الحجاج المزي فقال: سمع ' المسند ' من حنبل. [وسمع من ابن طبرزد عامة ما قرئ عليه بالجبل. وأجاز له أبو جعفر الصيدلاني، وسمعنا منه أشياء كثيرة. وكان أميا. وقال ابن العطار: وحضر جزءا في الرابعة من عمره سنة تسع وتسعين في رجب على أبي المجد الحسن بن الحسن الأنصاري. توفي في ذي القعدة.
- حرف الباء -
80 - بدر بن عبد الله. الآمدي، الخادم. يروي عن: كريمة.

(51/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 100
وقد سمع الكثير مع الشرف النابلسي. كتب عنه: علم الدين، وغيره. ومات في رجب.
- حرف الحاء -
81 - الحسن بن علي بن عبد الله. أبو عبد الله الشهرزوري، الفقيه، الشافعي، إمام، علامة، زاهد، عابد، قائم على المذهب. نزل بغداد، وسمع: ابن قميرة، وغيره. توفي في ذي القعدة. وهو من شيوخ الفرضي. قال الفوطي: أفتى عدة سنين، وكان يحفظ كتاب ' المذهب ' لأبي إسحاق. وكان أميا. وكان مدرسا بمدرسة فخر الدين ابن القاضي. سألته عن مولده فقال: سنة عشر وستمائة تقريبا. 82 - الحسن بن علي بن عكسر. أخو الشيخة هدية. روى عن: ابن اللتي، وغيره. توفي في ربيع الأول. وكان قيم حمام. وصحب ابن الكمال وخدمه. 83 - الحسين بن علي بن أبي المنصور. الأنصاري الشيخ القدوة صفي الدين أبو عبد الله. توفي بمصر في ربيع الآخر، وله سبع وثمانون سنة. وكان صاحب رواية بالقرافة. وتؤثر عنه كرامات وكشف.

(51/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 101
وكان الوزير وغيره من الأكابر يمشون إليه ويتبركون به. وقد كتب في الإجازات، وحدث عن أبي الحسن علي بن البناء. أخذ عنه عتيق العمري وصحبه. وقفت على كراس لهذا الشيخ في لقيه الأولياء وفيه عظائم لا تحتمل، والله الموعد.
- حرف الخاء -
84 - خليل بن عبد الغني بن خليل بن مقلد. الشيخ، صفي الدين بن الصائغ، الأنصاري، الدمشقي، الرجل الصالح، ابن عم قاضي القضاة. توفي في رجب، ودفن بقاسيون. وكان دينا، كثير العبادة. لا أعلم له رواية.
- حرف الزاي -
85 - زكريا بن محمود. الإمام أبو يحيى الأنصاري، القزويني، القاضي عماد الدين، قاضي واسط. وكان قاضي الحلة في أيام الخليفة. وله تصانيف منها كتب ' عجائب المخلوقات '. مات في سابع المحرم.

(51/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 102
86 - زهرون بن خلف بن زهرون. الدمياطي. توفي في شوال بمصر. وقد حدث. 87 - زين الحرمين. بنت الصاحب كمال الدين عمر بن العديم، وأم المولى الإمام بهاء الدين يوسف بن العجمي. توفيت في جمادى الأولى. ولها سماع. ولعلها حدثت. وكانت كاتبة خيرة.
- حرف السين -
88 - سعيد بن أحمد بن سعيد. أبو العز الطيبي ابن خطيب الطيب. شيخ بغدادي، إمام في الفرائض. سمع من: أبي الحسن القطيعي، وأبي المنجا بن اللتي، وجماعة. ومات عن خمس وخمسين سنة في ذي القعدة ببغداد، رحمه الله تعالى.
- حرف الصاد -
89 - صفية ابنة محمد بن عيسى بن الشيخ موفق الدين ابن قدامة. المقدسية، زوجة الشيخ تقي الدين إبراهيم بن الواسطي. سمعت من: ابن اللتي، وجعفر الهمداني. روى عنها: علم الدين، والطلبة. وتوفيت إلى رحمة الله في ربيع الآخر بالجبل.

(51/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 103

- حرف العين -
90 - عباس بن عمر بن عبدان. الفقيه، عفيف الدين، أبو الفضل البعلبكي، الحنبلي، المقرئ، الرجل الصالح. كان إمام مسجد بالعقيبة. وقد سمع من: الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والمجد القزويني، وزين الأمناء بن عساكر. وقرأ شيئا من الفقه على الشيخ الموفق أيضا. روى عنه: أبو الحسن بن العطار، والمزي، والبرزالي، وجماعة. توفي في ذي الحجة. وبلغني أنه قرأ ' العمدة ' على الشيخ الموفق. 91 - عبد الله بن يحيى بن أبي بكر بن يوسف بن حيون. الغساني، الشيخ جمال الدين بن محمد الجرايري، نزيل دمشق. شيخ محقق، عالم متقن، كثير الرواية، مليح الكتابة. نسخ الكثير، وعني بالحديث، مع فهم ومعرفة وديانة وعبادة وتواضع. فسمع بمصر من جماعة من أصحاب السلفي. وحدث عن: أبي الخطاب بن دحية الحافظ، وأخيه أبي عمرو عثمان، ويوسف بن المخيلي، وأبي الحسن السخاوي، وكريمة القرشية، وأبي عمرو بن الصلاح، وإبراهيم بن الخشوعي. ثم لم يزل يسمع ويكتب على أواخر عمره.

(51/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 104
روى عنه: المنجم بن الخباز، وابن العطار، والمزي، وابن تيمية، وطائفة سواهم. وأجاز لي مروياته، وولي مشيخة النجيبية التي هي سكن أبي الحجاج المزي، وبها توفي في شوال]. 92 عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم. الإمام، المفتي، المفنن شهاب الدين ابن العلامة شيخ الإسلام أبي البركات ابن تيمية الحراني، الحنبلي، نزيل دمشق، والد شيخنا. ولد سنة سبع وعشرين وستمائة بحران. وسمع من: أبي المنجا ابن اللتي، وأبي القاسم بن رواحة، وحامد بن أميري، وعلي بن أبي الفتح الكناري، وأبي الحجاج بن خليل، وعيسى الخياط. وقرأ المذهب حتى أتقنه على والده. ودرس، وأفتى، وصنف، وصار شيخ البلد بعد أبيه وخطيبه وحاكمه. وكان إماما متقنا، ومحققا لما ينقله، كثير الفنون، جيد المشاركة في العلوم، له يد طولى في الفرائض والحساب والهيئة.

(51/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 105
وكان دينا، خيرا، متواضعاً، حسن الأخلاق، موطأ الأكناف، كريما جوادا، نبيلا، من حسنات العصر. تفقه عليه ولداه أبو العباس، وأبو محمد. وحدثنا عنه على المنبر ولده، أيده الله بروح منه. وكان قدومه إلى دمشق بأهله وأقاربه مهاجراً في سنة سبع وستين وستمائة. وتوفي لي ليلة الأحد سلخ ذي الحجة، ودفن في مقابر الصوفية. وكان الشيخ شهاب الدين من أنجم الهدى، وإنما اختفى بين نور القمر وضوء الشمس. 93 - عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن مفلح المقسدي، الصالحي، قيم المدرسة الشامية. روى عن: ابن اللتي، وابن الزبيدي. أخذ عنه: ابن الخباز، وابن البرزالي، وغيرهما. ومات في ربيع الأول. 94 - عبد الرحمن بن عباس بن أحمد بن كثير. كمال الدين، أبو الفرج اللخمي، المصري، ثم الدمشقي، المعروف بابن الفاقوسي. إمام المدرسة المجاهدية. روى عن: أبي القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وابن البن. روى عنه: ابن البرزالي، وابن تيمية، والطلبة. وكان له شعر، وفيه نباهة وخط مليح.

(51/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 106
توفي في شعبان وله خمس وسبعون سنة. 95 - عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة. شيخ الإسلام، وبقية العلماء، شمس الدين، أبو محمد، وأبو الفرج، ابن القدوة الشيخ أبي عمر، المقدسي، الجماعيلي، ثم الصالحي، الحنبلي، الخطيب، الحاكم. ولد في المحرم سنة سبع وتسعين وخمسمائة بالدير المبارك بسفح قاسيون. وسمع حضرواً من ست الكتبة بنت الطراح سنة تسع وتسعين. وسمع من أبيه، وعمه الشيخ الموفق، وعليه تفقه ؛ وعرض عليه ' المقنع ' وشرحه عليه. وشرحه عشر مجلدات. وسمع أيضا من: حنبل، وعمر بن طبرزد، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وأبي المحاسن محمد بن كامل، والقاضي أبي المعالي أسعد بن المنجا، وابن البناء، وابن ملاعب، وأبي الفتوح البكري، وأبي الفتوح الجلاجلي، والشيخ العماد، والشهاب بن راجح، والشمس بن

(51/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 107
البخاري، والبهاء عبد الرحمن، والعز ابن الحافظ، والشمس أبي القاسم العطار، وأبي الحسين غالب بن عبد الحق الحسيني، وأحمد بن محمد بن سيدهم، ومحمد بن وهب بن الرنف، ونصر الله بن نوح المصري، والموفق عبد اللطيف اللغوي، وهبة الله الكهفي، ويوسف بن أبي الخير الزاهد. وطلب الحديث بنفسه، وكتب، وقرأ على الشيوخ، فقرأ على: ابن الزبيدي، وجعفر الهمذاني، والضياء المقدسي، وطائفة. وسمع بمكة من: أبي المجد القزويني، والتقي علي بن ماسويه الواسطي. وبالمدينة من: أبي طالب عبد المحسن بن أبي العميد الخفيفي. وبمصر من: مرتضى بن أبي الجود، وبركات بن ظافر بن عساكر، وإبراهيم بن الجباب، وجماعة. وأجاز له: الإمام أبو الفرج بن الجوزي، وأبو جعفر الصيدلاني، وأبو سعيد عبد الله بن الصفار، وعفيفة الفارقانية، وأبو الفتح المندائي، وخلق كثير. روى عنه: الأئمة أبو زكريا النواوي، وأبو الفضل بن قدامة الحاكم، وأبو العباس ابن تيمية، وأبو محمد الحارثي، وأبو الحسن بن العطار، وأبو الحجاج الكلبي، وأبو إسحاق الفزاري، وأبو الفداء إسماعيل الحراني، وأبو عبد الله بن مسلم، والبدر أبو عبد الله التادفي، والزين عبد الرحمن اليلداني، وأبو عبد الله بن أبي الفتح، وأبو محمد البرزالي، وخلق كثير. وتفقه عليه غير واحد، ودرس، وأفتى، وصنف، وانتفع به الناس، وانتهت إليه رئاسة المذهب في عصره. وكان عديم النظير علما، وعملاً، وزهداً، وصلاحا. ولقد بالغ نجم الدين بن الخباز المحدث وتعب، وجمع سيرة الشيخ في مائة وخمسين جزءا، تجيء في ست مجلدات كبار. ولعل ثلثها يختص=

40. : تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي.
تأليف: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.

تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 108
بترجمة الشيخ، والباقي في ترجمة النبي صلى الله عليه وسلم لكون الشيخ من أمته، وفي ترجمة الإمام أحمد بن حنبل وأصحابه، وهلم جرا إلى زمان الشيخ. وذكر أنه حج ثلاث مرات، الأولى سنة تسع عشرة، والثانية سنة إحدى وخمسين، وحج معه شيخنا تقي الدين سليمان، وكانت وقفة الجمعة، والثالثة سنة ثمان وسبعين لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وطلبه في المنام، فقام بذلك. وحضر من الفتوحات: الشقيف في سنة ست وأربعين، وصفد في سنة أربع وستين، والشقيف ويافا سنة ست وستين، وحصن الأكراد سنة تسع وستين. وكان كثير الذكر والتلاوة، سريع الحفظ، مليح الخط بمرة، يصوم الأيام البيض، وعشر ذي الحجة، والمحرم. وكان رقيق القلب، غزير الدمعة، سليم القلب، كريم النفس، كثير القيام بالليل، والاشتغال بالله، محافظا على صلاة الضحى، ويصلي بين العشاءين ما تيسر. وكان يبلغه الأذى من جماعة فما أعرف أنه انتصر لنفسه. وكان تأتيه صلات من الملوك والأمراء فيفرقها على أصحابه وعلى المحتاجين. وكان متواضعا عند العامة، مترفعا عند الملوك. حسن الاعتقاد، مليح الانقياد، كل العالم يشهد بفضله، ويعترف بنبله. وكان حسن المحاورة، طريف المجالسة، محبوب الصورة، بشوش الوجه، صاحب أناة، وحلم، ووقار، ولطف، وفتوة، وكرم. وكان مجلسه عامرا بالفقهاء والمحدثين وأهل الدين. وكان علامة وقته، ونسيج وحده، وريحانة زمانه، قد أوقع الله محبته في قلوب الخلق. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. ولم أر أحدا يصلي صلاة أحسن منه، ولا أتم خشوعا. وكان يدعو بدعاء حسن بعد قراءتهم لآيات الحرس بالجامع بعد العشاء.

(51/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 109
وكان ربع القامة، وليس بالقصير، أزهر اللون، واسع الوجه، مشربا بحمرة، واسع الجبين، أزج الحاجبين، أبلج، أقنى الأنف، كث اللحية، سهل الخدين، أشهل العينين، رقيق البشرة، متقارب الخطى. تسرى أولا بجارية ولم تقم عنده، ثم بأخرى اسمها ' خطلو '، فولدت له أحمد في سنة خمس وعشرين، فصلى بالناس، وحفظ ' المقنع '، وعاش ست عشرة سنة. ثم ولدت محمداً، فمات سنة ثلاث وأربعين، وله أربع عشرة سنة. وولدت له ثلاث بنات، منهن فاطمة التي ماتت سنة خمس وثمانين. ثم تزوج ' خاتون ' بنت السديد عبد الرحمن بن بركات الإربلي في سنة ثمان وثلاثين، فولدت له الشرف عبد الله سنة تسع وثلاثين، والعز محمدا سنة ست وأربعين، والقاضي نجم الدين أحمد سنة إحدى وخمسين، ثم ست العرب التي توفيت سنة اثنتين وسبعين عن نحو ثلاثين سنة وخلفت الفخر عبد الله ابن شمس الدين محمد بن الخطيب شرف الدين عبد الله بن أبي عمرو. توفي الشمس أبو هذا سنة ثمان وستين قبل أخيه العز بيسير. ثم تزوج الشيخ بحبيبة بنت التقي أحمد بن العز، فولدت له عليا، فعاش ست سنين ومات. ثم ولدت عليا، وعمر، وزينب، وخديجة، فتوفي عمر سنة خمس وثمانين، وقتل الفقيه علي سنة سبعمائة بأرض ماردين شهيدا. وقال أبو الفتح بن رجب الحافظ: سألت الحافظ ابن عبد الواحد عن شمس الدين عبد الرحمن بن عمر فقال: فقيه، إمام، عالم، خير، دين، حافظ، تفقه على عمه، وسمع على جماعة كبيرة. قال ابن الخباز: وكان كثير الاهتمام بأمور الناس كلهم، ويسأل عن الأهل والجيران والأصحاب، لا يكاد يسمع بمريض إلا افتقده، ولا مات أحد من أهل الجبل إلا شيعه، ولا سمع بمكان شريف إلا زاره ودعا فيه.

(51/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 110
وكان كثير التردد على مغارة الدم، ومغارة الجوع، وكهف جبريل وكان يقصد زيارة قبر والده وجده بعد العصر في كل جمعة، ويقرأ ' يس ' و ' الواقعة ' وما تيسر، ويهديه ويدعو للمسلمين. وحدثني التاج عبد الدائم بن أحمد بن عبد الدائم أن شيخنا رحل إلى يونين وأقام بها أربعين يوما يعبد الله ويسأله ويتضرع إليه. وكان معه العز أحمد بن العماد. قال: وأملى علينا الإمام مفتي الشام محيي الدين يحيى النواوي بدار الحديث، قال: شيخنا الإمام العلامة، ذو الفنون من أنواع العلوم والمعارف، وصاحب الأخلاق الرضية، والمحاسن واللطائف، أبو الفرج، وأبو محمد، عبد الرحمن ابن أبي عمر المقدسي سمع الكثير، وسمعه، وأسمع قديما في حياة شيوخه. وهو الإمام المتفق على إمامته وبراعته وورعه وزهادته وسيادته، ذو العلوم الباهرة والمحاسن المتظاهرة. قال: وثنا الإمام أبو إسحاق اللوري المالكي قال: كان شيخنا شيخ الإسلام، قدوة الأنام، حسنة الأيام، الرباني، شمس الدين عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام أبي عمر ممن تفتخر به دمشق على سائر البلدان، بل يزهو به عصره على متقدم العصور والأزمان، لما جمع الله له من المناقب والفضائل والمكارم التي أوجبت للأواخر الافتخار على الأوائل، منها التواضع، مع عظمته في الصدور، وترك التنازع فيما يفضي على التشاجر والنفور، والاقتصاد في كل ما يتعاطاه من جميع الأمور، لا عجرفة في كلامه ولا تبعة، ولا تعظم في نفسه ولا تجبر، ولا شطط في تلبسه ولا تكبر، ومع هذا فكانت له صدور المجالس والمحافل، وإلى قوله المنتهى في الفصل بين العشائر والقبائل مع ما أمده الله تعالى به من سعة العلم [وما] فطره عليه من الرأفة والحلم، ألحق الأصاغر بالأكابر في رواية الحديث إلى أن كان لا يوفر جانبه عمن اعتمده

(51/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 111
مسلما كان أو ذميا، ينتاب بابه الأمراء والملوك، فيساوي في إقباله عليهم بين المالك والمملوك. وسمعت فخر الدين عمر بن يحيى الكرخي يقول: يا أخي، الشيخ أشهر من أن يوصف، بل أقول تعذر وجود مثله في أعصار كثيرة على ما بلغني من سيرة العلماء. ولي الشيخ قضاء القضاة في جمادى الأولى سنة أربع وستين على كره منه، سمعت العماد يحيى بن أحمد الحسني الشريف يقول: الشيخ عندي في الرتبة على قدم أبي بكر، والشيخ زين الدين الزواوي على قدم عمر، فما رأت عيني مثلهما. وقال أيضاً: كان الشيخ، والله، رحمة على المسلمين، ولولاه راحت أملاك الناس لما تعرض إليها السلطان ركن الدين، فقام فيها مقام المؤمنين الصديقين، وأثبتها لهم، وبذل مجهوده معهم، وعاداه جماعة الحكام، وعملوا في حقه المجهود، وتحدثوا فيه بما لا يليق، ونصره الله عليهم بحسن نيته. يكفيه هذا عند الله تعالى. سمعت الإمام عماد الدين محمد بن عباس بن أحمد الربعي بالبيمارستان النوري يقول: رحمة الله على الشيخ شمس الدين، كان كبير القدر، جعله الله تعالى رحمة على المسلمين، ولولاه كانت أملاك الناس أخذت منهم. ثم ساق ابن الخباز ثناء جماعة كبيرة من الفضلاء على الشيخ، وساق فصلا طويلا في نحو مائتي ورقة، فيه منامات مرئية من عدد كثير للشيخ، كلها يدل على حسن حاله، وأنه من أهل الجنة. وقد أثنى عليه الشيخ قطب الدين وقال: ولي القضاء مكرها، وباشرها مدة، ثم عزل نفسه، وتوفر على العبادة والتدريس والتصنيف وكان أوحد زمانه في تعدد الفضائل، والتفرد بالمحامد. وحج غير مرة. ولم يكن

(51/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 112
له نظير في خلقه وما هو عليه. وكان على قدم السلف الصالح في معظم أحواله، ورثاه غير واحد. قلت: رثاه قريب ثلاثين شاعرا، وكانت جنازته مشهودة، لم نسمع بمثلها من دهر طويل، حضرها أمم لا يحصون. وكان مقتصدا في ملبسه، وله عمامة صغيرة بعذبة بين يديه، وثوب مقصور، وعلى وجهه نور وجلالة. وكان ينزل البلد على بهيمة، ويحكم بالجامع. ولا يسع هذا الكتاب منتخب ما أورده ابن الخباز وربما اختصر ذلك {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء} وقد أجاز لي مروياته ولله الحمد. وتمرض أياماً، ثم انتقل إلى الله تعالى ليلة الثلاثاء سلخ ربيع الآخر، بمنزله بالدير، ودفن عند والده، رحمهما الله تعالى. وقد رثاه القاضي شهاب الدين محمود، الكاتب بقصيدة طويلة أولها:
(ما للوجود وقد علاه ظلام .......... أعراه خطب أم عداه مرام)
وهي نيف وستون بيتا. ورثاه الأديب البارع شمس الدين محمد بن الصائغ بقصيدة أولها:
(الحال من شكوى المصيبة أعظم .......... حيث الروى خصم بعيد يخصم)
وهي ستة وخمسون بيتا. ورثاه المولى علاء الدين بن غانم بقصيدة حسنة، ورثاه الشيخ محمد الأرموي بقصيدة قرأتها عليه، ورثاه البرهان بن عبد الحافظ بقصيدة قرأتها عليه أيضا، ورثاه مجد الدين بن المهتار بقصيدة، ورثاه نجم الدين علي بن عبد الرحمن بن فليتة التميمي الحنفي بقصيدة.

(51/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 113
وقال شمس الدين محمد بن أبي الفتح رحمه الله: مرض شيخنا سبعة عشر يوما بالبطن، فهو شهيد. أخبرني شيخنا فخر الدين البعلبكي أنه منذ عرفه ما رآه غضب، وعرفه نحو خمسين سنة. قال ابن أبي الفتح: وكان مع ذلك زاهدا في الدنيا والمناصب، ولي القضاء أكثر من اثني عشرة سنة لم يتناول على ذلك رزقا، ثم تركه بعد. حدث ' بالمسند ' عن حنبل الكناني، و ' بأبي داود ' و ' الترمذي ' عن ابن طبرزد، و ' بسنن ابن ماجة ' عن الشيخ الموفق، و ' بالبخاري ' عن الزبيدي، و ' بالدارمي ' عن ابن اللتي. 96 - عبد الرحمن بن محمد. الحسنوي، الجزري. شيخ، صالح، عارف، عابد، حسن المحاضرة. توفي بدمشق وله نحو من ثمانين سنة. ورخه الجزري. 97 - عبد الرحمن بن أبي بكر بن عمر. الموصلي، شيخ صالح. ولد ببلد الموصل سنة ستمائة، وكتب في الإجازات. وتوفي في شوال بدمشق. وكأنه الذي قبله، فإن ذاك توفي أيضا في شوال. 98 - عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سلطان. العدل كمال الدين، القرشي، الدمشقي.

(51/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 114
روى عن: ابن اللتي. سمع منه: البرزالي، وغيره. ومات في ربيع الآخر. 99 - عبد الرحيم بن محمد بن عبد الملك بن عيسى بن درباس. شمس الدين، أبو علي الماراني، المصري، الشافعي. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة. وسمع من: أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن البتيت، وعبد الله بن محمد بن مجلي. وتفرد بالسماع منهما وأجاز له مشايخ نيسابور، وإصبهان، وبغداد، وكتب عنه المصريون وله شعر جيد. وهو والد شيخنا إسحاق. توفي بالقرافة في خامس شوال. 100 - عبد الرزاق بن أسعد بن مكي بن ورخز. أبو بكر البغدادي، التاجر، المعروف بالكواز. ثقة، صالح، حنبلي. عاش ثلاثا وثمانين سنة. روى عن: محاسن الخزائني، وعبد الرحمن بن كندرتا السميري. وتوفي في رمضان. 101 - عبد الصمد. المغربي، الزاهد. كان صوفيا، عارفا، كبير القدر. توفي بدمشق بمنزله بقرب المنكلائية. وحضره ملك الأمراء والخلق.

(51/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 115
مات في ذي الحجة. 102 - عبد القاهر بن مظفر بن المبارك. البغدادي، الحنفي، سيف الدين، أبو النجيب. من بيت الفقه والعدالة. وكان أعرف الناس بأحوال أهل العراق. عاشر النبلاء، وسمع من، أبيه ' المائة الشريحية '، ومن خال أبيه عمر بن الحسن بن عمر بن السهروردي، بسماعهما من أبي الوقت. عنه: ابن الفوطي. تقدم ذكره سنة ثمانية. وقال ابن الفوطي: سنة اثنتين وثمانين. 103 - عبد القوي بن عبد العزيز بن عبد القوي بن عبد العزيز بن الحسين بن عبد الله بن الجباب. أبو البركات التميمي، السعدي، المصري. توفي بمصر في ربيع الآخر. 104 عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة. توفي بالجبل في شعبان. يروي عن أصحاب يحيى الثقفي. ومات شابا. وهو والد العماد أحمد، والشمس المحتسب. 105 علي بن عبد الرحمن بن محمد بن عطاء. الصالح، نور الدين الأذرعي، الحنفي، إمام مسجد خاتون بالجبل. روى عن: الزبيدي، وابن اللتي. ومات في رمضان.

(51/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 116
106 - علي بن عمر بن الجمال أبي حمزة أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر المقدسي. بدر الدين كان رجلا جيداً، دينا، معروفا بالأمانة روى عن: ابن الزبيدي، وابن اللتي. كتب عنه: ابن الخباز، والبرزالي. وتوفي في رمضان. 107 - علي بن محمد بن نصر الله بن أبي سراقة. علاء الدين الهمداني، الكاتب الأعرج. سمع من: ابن الزبيدي، وجعفر الهمداني. وعاش ستين سنة. توفي في العشرين من جمادى الآخرة. 108 - علي بن يعقوب بن شجاع بن علي بن إبراهيم بن محمد بن زهران. الشيخ، عماد الدين، أبو الحسن الموصلي، المقرئ، المجود، الشافعي. إمام بارع في القراءآت وعللها ومشكلها، بصير بالتجويد والتحرير، حاذق بمخارج الحروف. انتهت إليه رئاسة الإقراء بدمشق.

(51/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 117
أخذ القراءآت عن أبي إسحاق بن وثيق الأندلسي، وغير واحد. وكان فقيها مبرزا، يكرر على ' الوجيز ' للغزالي، وحفظ ' الحاوي ' في آخر عمره. وكان جيد المنطق والأصول، فصيحا، مفوها، مناظرا، وفيه عزة ومردكة على الوجود وبأو وتيه، الله يعفو عنه ويغفر له. صنف ' للشاطبية ' شرحا يبلغ أربع مجلدات، ولكنه لم يكمله ولا بيضه. ولي الإقراء بتربة أم الصالح بعد وفاة الشيخ زين الدين الزواوي. وكان الشيخ زين الدين يعظمه ويقدمه على نفسه. ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة بالموصل، وأقرأ بدمشق، فممن قرأ عليه علاء الدين الجند. وكان والده فقيها، فاضلا، شاعرا، وكذا جده شجاع له شعر. توفي العماد الموصلي في سابع عشر صفر، ودفن بمقبرة باب الصغير ومات في عشر السبعين، رحمه الله تعالى. 109 - علي بن أبي بكر بن حسن. أبو الجود الكردي، الشهرزوري، البغدادي، الحريمي. كان زاهداً، عابدا كبير القدر، كثير الصمت. صحب الشيخ عثمان القصير وسمع من: ابن بهروز، وابن اللتي، ومحمد بن واثلة. ومات في ذي القعدة عن سبعين سنة. كتب عنه: الفرضي، وغيره. 110 - عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن المطهر بن أبي عصرون. الشيخ محيي الدين، أبو الخطاب ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي

(51/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 118
حامد ابن العلامة قاضي القضاة شرف الدين أبي سعد التميمي، الدمشقي، الشافعي. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة. وسمع في الخامسة من: عمر بن طبرزد. وسمع من: التاج الكندي، ومحمد بن الزنف، وعبد الجليل بن مندويه، والشمس أحمد بن عبد الصمد السلمي، وغيرهم. وتعانى الجندية في شبابه، ثم لبس زي الفقهاء وبعد وفاة أخيه شرف الدين عثمان. وتوفي فجأة في ثالث ذي الحجة. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وأبو محمد الحارثي، وجماعة. وأجاز لي مروياته. وكان قليل الفقه، ومع ذلك فدرس بمدرسة جده بدمشق إلى أن مات. وكان وقورا، مهيبا، حسن الشكل والبزة. 111 - عمر بن محمد بن أبي بكر. الشيخ نجم الدين الكريدي، قاضي الصلت. سمع بإربل من: عبد الرحمن بن المسيري، وابن المكرم الصوفي. وتوفي في الثالث والعشرين من ذي الحجة. وهو أخو محمد، وكان رفيقه في السماع. وحدث بمصر، وناب في أول سنة تسع وسبعين وستمائة. 112 - عيسى بن الخضر بن الحسن بن علي. الصدر، شمس الدين ابن الوزير برهان الدين السنجاري.

(51/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 119
كان مليح الشكل والصورة. ناب عن أبيه في الوزارة في أول الدولة المنصورية، ثم عزل، وولي نظر الأحباس، وخانقاه سعيد السعداء. ثم درس بمدرسة زين النحاة مدة، وقبض عليه، وامتحن محنة شديدة، وأخرج عنه، وأقام بطالا في منزله بالمدرسة المعزية إلى أن توفي في المحرم، وله نيف وأربعون سنة. 113 - عيسى بن المظفر بن محمد بن إلياس. الصدر، عز الدين الأنصاري، الدمشقي، ابن الشيرجي. أحد الأعيان. ولي حسبة دمشق ونظر الجامع، وكان عدلا، نبيلا، محتشما، عالي الهمة. سمع منه: علم الدين البرزالي، وغيره. توفي في رجب وله خمس وخمسون سنة، ودفن بباب الصغير. - حرف الكاف -
114 - كامل بن مكارم. السليماني. توفي في رمضان بالقاهرة. روى عن: ابن رواحة. 115 - كشتغدي علاء الدين الظاهري، أمير مجلس، من كبار الأمراء المصريين. قال قطب الدين: ظهر قبل وفاته بقليل أنه باق على الرق، فاشتراه.

(51/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 120
الملك المنصور وأعتقه. وكان أحد الأبطال المذكورين له مواقف مشهورة. توفي بقلعة الجبل كهلا، وحضر السلطان جنازته. 116 - * وأما: كشتغدي الشمسي الأمير الرافضي فولي الشد بدمشق وغير ذلك. فذكر الشيخ تاج الدين في ' تاريخه ' أن ضياء الدين عبد الكافي حدثه أن كشتغدي كان يقعد في الخزانة، ويلعن معاوية صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فإذا عوتب قال: لعنه الله ولعن من لا يلعنه.
- حرف الميم -
117 - محمد بن أحمد بن نعمة بن أحمد. المفتي، شمس الدين المقدسي، أخو المفتي شرف الدين. تفقه وبرع في المذهب، وناب في تدريس الشامية البرانية عن الشيخ تقي الدين ابن رزين، ثم اشترك هو والقاضي عز الدين محمد بن الصائغ في تدريسها، ثم استقل بها إلى أن مات. وناب في الحكم مدة عن القاضي عز الدين. وكان فقيها صالحاً، ورعا، مشكور السيرة، متين الديانة، ممن جمع العلم والعمل. حدث عن: أبي الحسن السخاوي، وغيره.

(51/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 121
روى عنه: أبو الحسن بن العطار، وأبو محمد البرزالي، وغيرهما. ولد سنة سبع وعشرين وستمائة. وتوفي إلى رضوان الله في ثاني عشر ذي القعدة، ودفن بمقبرة باب كيسان. ولي منه إجازة. 118 - محمد بن أحمد بن أبي طالب. ناظر بلاد صفد، مجد الدين الأنصاري. روى ' ثلاثيات البخاري ' عن ابن الزبيدي. سمع منه ابن البرزالي، وغيره. وتوفي في رمضان. 119 - محمد بن الحسن بن سالم. العدل، زين الدين بن الصواف الحمصي، والد شيخنا البدر أحمد. حدث عن: الحسن بن صباح. توفي في رجب بدمشق. * محمد بن عبد الرحمن بن الدهان. تقدم في سنة إحدى وثمانين. 120 - محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد. العدل، الرئيس، علاء الدين، أبو المعالي ابن الصائغ، أخو قاضي القضاة عز الدين. ولي نظر الأسرى، وكان أمينا، كافيا، وافر الديانة. حصل له مرض طال به، ثم انتقل إلى رحمة الله في ذي القعدة.

(51/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 122
وقد روى عن: ابن اللتي، ومكرم، والسخاوي. و ثنا عنه: ابن العطار، وغيره. ناب في آخر الكهولة. وكان مدرس الفتحية، مدرسة صغيرة عند رجيبة خالد. 121 - محمد بن عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل. الخطيب، محيي الدين ابن أبي حامد ابن القاضي الخطيب عماد الدين ابن الحرستاني، الأنصاري، الدمشقي، الشافعي، خطيب دمشق وابن خطيبها. ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وأجاز له: جده، والمؤيد الطوسي، وأبو روح الهروي، وزينب الشعرية. وسمع من: زين الأمناء، وابن صباح، وابن الزبيدي، وابن باسويه، والعلم بن الصابوني، وابن اللتي، والفخر الإربلي، وأبي القاسم بن صصرى، والفخر بن الشيرجي. وسمع بالقاهرة من: عبد الرحيم بن الطفيل. وحدث ' بالصحيح ' وغيره. أقام بصهيون مدة في حياة أبيه، وولي الخطابة به بعد موت أبيه، ودرس بالغزالية والمجاهدية، وأفتى وأفاد. وكان

(51/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 123
متصوناً، حسن الديانة، كثير الفضائل. وله شعر جيد، فمنه في الصقعة الكائنة في دولة الظاهر:
(لما وقفت على الرياض مسائلا .......... ما حل بالأغصان والأوراق)

(قالت أتى زمن الربيع ولم أر .......... من كان يألفني من العشاق)
5
(وتناشدت أطيارها في دوحها .......... لما أضاء الجو بالأشراف)

(وتذكرت أيامها فتنفست .......... فأصابها لهب من الاحراق)

(أبلغهم عني السلام وقل لهم .......... ها قد وفت بالعهد والميثاق)

(فغدوت أندب ما جرى متأسفا .......... والدمع يسبقني من الآماق)
وكان محيي الدين طيب الصوت، على خطبته روح، وفيه نسك وعبادة وانقطاع وملازمة لبيته. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وابن البرزالي، وطائفة. وأجاز لي مروياته. ومات في ثامن عشر جمادى الآخرة، ودفن بقاسيون. 122 - محمد بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن غدير. العدل، شرف الدين، أبو عبد الله ابن القواس، الطائي، الدمشقي، أخو شيخنا ناصر الدين عمر. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: الكندي، والخضر بن كامل، وابن الحرستاني، وأبي يعلى بن أبي لقمة، وابن البن، وأبي الفتوح البكري.

(51/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 124
وسمع ببغداد من: عمر بن كرم. وأجاز له عمر بن طبرزد. روى الكثير، وكان شيخا حسناً، له أخلاق حسنة، صحيح السماع، له ثروة وعقار. روى عنه: الدمياطي، وابن الخباز، والمزي، والبرزالي، وابن العطار، وجماعة. وتوفي في ثاني عشر ربيع الآخر. 123 - محمد بن عثمان بن عبد الوهاب بن السابق. الصدر، نجم الدين، ولد العدل الكبير، شرف الدين الدمشقي. توفي في هذا العام. 124 - محمد بن علي بن عثمان. الصعبي، المصري، والد المحدث أمين الدين عبد القادر. توفي في جمادى الأولى. 125 - محمد بن علي بن حجي. الأنصاري، ابن القباقبي، الصدر شمس الدين. توفي في شوال، ودفن بالجبل. وكان من شيوخ الكتاب. وهو والد مجد الدين يوسف. 126 - محمد بن عيسى بن سليمان بن رمضان. أبو عبد الله بن القيم، أخو شيخنا ضياء الدين علي.

(51/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 125
توفي بمصر عن ست وثمانين سنة. وقد حدث عن: الفخر الفارسي، ومكرم، والقاضي زين الدين. توفي في ربيع الآخر. وولد سنة ست وستمائة. 127 - محمد بن فتوح بن أبي الذكر. المحدث، المفيد، أبو عبد الله المصفوي، الإسكندري. من كهول الطلبة توفي بالإسكندرية في رمضان. 128 - محمد بن محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن مميل. الصدر الكبير، عماد الدين، أبو الفضل ابن القاضي شمس الدين ابن الشيرازي، الدمشقي، صاحب الخط المنسوب. ولد سنة خمس وستمائة. وسمع: أباه، وداود بن ملاعب، وأبا القاسم بن الحرستاني، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وطائفة. وكان رئيسا محتشما، متمولا، مليح الشكل، متواضعا، وقورا، مهيبا، وافر الحرمة. وكتب على المولى، وانتهى إليه التقدم في براعة الخط، لا سيما في القلم المحقق، وقلم النسخ. ارتحل غير مرة للتجارة فسمع ولده شيخنا المعمر أبا نصر من أصحاب السلفي.

(51/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 126
واتفق أنه قبل موته بأربعة أيام شهر عند ابن الصائغ بالعادلية وهو طيب، ثم ركب البغلة وخرج إلى بستانه بالمزة، فتغير عند باب الجابية، وأصابه فالج، فركب الغلام خلفه وأمسكه إلى البستان، واستمر به المرض وتوفي رحمه الله في ثامن عشر صفر، وحمل إلى سفح قاسيون. 129 - محمد بن محمد بن عباس بن أبي بكر بن جعوان بن عبد الله. الحافظ، شمس الدين، أبو عبد الله الأنصاري، الدمشقي، الشافعي، النحوي، أحد الأئمة. أخذ العربية عن الشيخ جمال الدين بن مالك، وصار من كبار أصحابه، ثم أقبل على الحديث وعني به أتم عناية. وسمع من: ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، وابن الشيرازي، وابن أبي الخير، وخلق سواهم. وارتحل إلى مصر في شهادة، فسمع من: عامر القلعي، والعز الحراني، وطائفة. وكتب كثيرا بخطه، وخرج للمشايخ. وقرأ ' المسند ' على ابن علان قراءة لم يسمع الناس مثلها في الفصاحة والصحة. وحضر جماعة من الأئمة، فما أمكنهم يحفظون عليه لحنة واحدة. وكان مليح الشكل. ومات في عنفوان الشبيبة في سادس عشر جمادى الأولى.

(51/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 127
وهو أخو الفقيه الزاهد شهاب الدين أحمد ونقل الشهاب الإربلي، عن الشرف يعقوب بن الصابوني قال: رأيت ابن جعوان في النوم، فاعتنقته وسلمت عليه، وقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: كل خير، نحن نفترش السندس رزقكم الله ما رزقنا. 130 محمد بن محمد بن حسين بن عبدك. الشيخ الصالح، شمس الدين، أبو عبد الله الكنجي، المحدث، الصوفي، نزيل بيت المقدس. سمع: أبا الحسن بن المقير، وأبا الحسن السخاوي، وأبا عمرو بن الصلاح، وأبا إسحاق الخشوعي، وعبد العزيز بن أمية، وجماعة بدمشق. وعبد الوهاب بن رواج، وفخر القضاة ابن الجباب، وسبط السلفي، ونبا بن هجام، وجماعة بمصر. وأبا القاسم بن رواحة، وأبا الحجاج بن خليل بحلب. والمؤتمن بن قميرة، وإبراهيم بن أبي بكر الرعبي، وأخاه محمداً، وعبد الله بن عمر البندنيجي، وعبد القادر بن الحسين البندنيجي، وفضل الله بن عبد الرزاق، ومحمد بن علي بن بقاء السباك، ومحمد بن الخضري ببغداد. والحسن بن عبد القاهر الشهرزوري الحاكم، وغيره بالموصل. وسرايا بن معالي، وإبراهيم بن أبي الحسن الزيات بحران. وخرج لنفسه معجما. وحدث بدمشق والقدس. وكان عريا من العربية، قليل البضاعة في الحديث. وكان كثير الأسفار والتطواف.

(51/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 128
روى عنه: ابن أبي الفتح، وابن العطار، وابن الخباز، والبرزالي، وغيرهم. وتوفي في رجب ببيت المقدس. كتب إلي بمروياته. 131 - محمد بن مظفر بن محمد. الثقفي، تاج الدين بن زين الدين الحموي، الشافعي. من أعيان المدرسين بحماة. رأيت وفاته بعد الثمانين وستمائة، وهو في عشر السبعين، وأظنه والد المقتول بمصر بعد السبعمائة على الزندقة. 132 - محمد بن مسعود بن أبي الفضل. بدر الدين الفارقي. شيخ معمر، كتب في الإجازات. وذكر أن مولده بميافارقين سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. مات في جمادى الآخرة. فإن كان قد ضبط مولده فقد عاش مائة وأربع سنين. 133 - محمد بن أبي بكر بن محمد بن سليمان. الشيخ رشيد الدين، أبو عبد الله بن محمد العامري، الدمشقي. سمع ' صحيح مسلم ' وكتاب ' دلائل النبوة ' من أبي القاسم ابن الحرستاني، وحدث بهما. وروى ' جزء الأنصاري ' عن الكندي، و ' الأربعين السباعيات ' عن أبي الفتوح البكري، وأجاز له جماعة.

(51/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 129
سألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: كان شيخا مستورا، عمر وانتفع به، وحدث بكثير من مسموعاته. قلت: روى عنه: هو، وابن الخباز، وابن العطار، والبرزالي، والناس. ومات في ذي الحجة. وكان فراشا بالمجاهدية. 134 - محمد بن عبد الله الجواديكي، الحلبي، الزاهد. كان فقيرا، صالحا، كبير القدر، مشهورا بين الفقراء بالفتوة والخدمة ودماثة الأخلاق. وكان محبا للعزلة، كثير الصمت والرياضة، حسن النزاهة. وهو من بيت إمرة وحشمة، أقام بدمشق في أواخر عمره، وحصل له طرف فالج. وكان مقيما بمقصورة الحلبيين من الجامع، وبها توفي في ثاني ربيع الأول، وشيعه الخلق. وكان من أبناء الثمانين، رحمه الله تعالى. 135 - محمود بن أحمد بن منقذ الأجل الرئيس جلال الدين توفي في ذي الحجة. وقد روى عن أبي القاسم بن صصرى. 136 - - مسافر بن عبد الرحمن. البطائحي، الأحمدي. كان في شبوبيته يأكل الحيات، ويدخل الأفرنة. وطال عمره حتى أنه جاوز المائة فيما قيل. وأظنه تاب من أكل الحيات ودخول النار، وأقبل على شأنه.

(51/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 130
توفي في شعبان.
- حرف النون -
137 - ندى بن سعد الله. الشرف العرضي، التاجر. توفي في جمادى الأولى بدمشق. 138 - نصر الله بن طلائع بن حمدان. العسقلاني البزار. روى عن: علي بن إسماعيل بن جبارة، وابن منقذ ومات بمصر في ذي الحجة. 139 - نصر الله بن علي بن سني الدولة. العدل، ناصر الدين الدمشقي. روى شيئا يسيرا. وهو والد شيخنا محمد. توفي في رجب. سمع من عمه قاضي القضاة أبي البركات.
- حرف الياء -
140 - يحيى بن أحمد بن سالم. العدل، زين الدين ابن السلالمي، الخشاب. توفي بدمشق في رجب. سمع من: ابن مسلمة. وكان من عدول القيامة إلى أن مات.

(51/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 131
141 - يحيى. الصدر الكبير، الجليل، أبو المحامد، محيي الدين ابن الشيخ شمس الدين إبراهيم بن أبي الفضائل، الخالدي، المخزومي، السيبي. قال ابن الفوطي: اتفق له ما لم يتفق لأحد من الاتصال بالسيدة باب جوهر بنت المستعصم، وكان هولاوو لما غلب بعث بها إلى أخيه منكوتمرقان، فدخل بها بتركستان، وأولدها عبد العزيز وعبد الحق، وانقرضا، ونقلها إلى وطنها سنة إحدى وسبعين. وكان قد ورد محيي الدين بزاعة، فاجتمع بالأمير مبارك بن المستعصم مع والده شمس الدين، فكتب عنهما بإملائه مشيخة هي عند أخيه مولانا كمال الدين مسافر ابن شيخنا شمس الدين. سمع من جده رشيد الدين، ومات في رجب. 142 - يحيى بن علي بن سعيد. الصدر الكبير، محيي الدين، أبو الفضل التميمي، الدمشقي، ابن القلانسي. رئيس محتشم، فاضل، تارك للولايات والمناصب، محب للحديث وأهله. له نظم وأدب.

(51/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 132
ولد سنة أربع عشرة وستمائة. وسمع من: أبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وأبي محمد ابن قدامة، وأبي المجد القزويني، وزين الأمناء بن عساكر، وأبي إسحاق الكاشغري. روى عنه: ابن الخباز، والشيخ علي الموصلي، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وخلق كثير. وقد رأيته، وأجاز لي مروياته. وتوفي في الثامن والعشرين من شوال. 143 - يحيى بن علي بن أبي طالب بن أبي عبد الله بن هبة الله بن الحسن بن علي بن طاهر بن الحسين بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم. العدل، محيي الدين، أبو المفضل العلوي، الحسيني، الموسوي، النسيب، الدمشقي، أخوالشريف المعمر موسى بن علي. ولد في رمضان سنة خمس وعشرين وستمائة. وسمع من: السراج ابن الزبيدي، والفخر الإربلي، ومكرم بن أبي الصقر، وعلي بن سليمان بن إيداس. وحدث. وتوفي في تاسع جمادى الآخرة ودفن بمقابر الصوفية. روى عنه: أبو محمد البرزالي. 144 - يحيى بن علي بن مكي. الحربي، الزيلعي. سمع: ابن عماد، والهمذاني.

(51/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 133
ومات في جمادى الأولى. 145 - يعقوب بن فضل بن طرخان. الشريف الجعفري، الفقيه. يروي عن الحافظ الضياء. توفي في جمادى الأولى. وكان رجلا صالحا حنبليا، متبعا للآثار. 146 - يوسف بن جامع بن أبي البركات. العلامة، المقرئ، أبو إسحاق القفصي، الحنبلي، الضرير. مقرئ بغداد. كان عارفا باللغة والنحو، بصيرا بعلل القراءآت، متصدرا لإقرائها. وقد سمع الحديث من: عمر بن عبد العزيز بن الناقد، وتاج النساء عجيبة. وقد دخل دمشق ومصر، وأخذ من شيوخهما. أخذ عنه: الفرضي، والقلانسي. وقرأ عليه أبو الحسن علي بن أحمد بن موسى الجزري، وغيره. ومات في صفر. وله تصانيف في القراءآت. ولد سنة ست وستمائة.

(51/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 134

الكنى
147 - أبو بكر. الملك العادل، ابن صاحب الكرك، الملك الناصر داود بن عيسى بن محمد بن أيوب. رئيس فاضل، عاقل، محتشم، محبوب الصورة. روى عن: ابن اللتي. ومات في رمضان. 148 - أبو بكر بن ممدود بن مثقال. الشيخ الصالح. قال ابن الخباز: توفي في خامس ذي الحجة بدمشق، وكان من عباد الله الصالحين. أخرجت جنازته بالتهليل، وكان يوما مشهودا. وعاش أكثر من مائة وأربع وعشرين سنة، كذا قال ؛ وهو مجازف، أعني النجم. * * وفيها ولد: رفيقنا محب الدين عبد الله بن أحمد بن المحب المقدسي، المحدث، والشيخ جمال الدين بن جملة الشافعي، وناصر الدين محمد بن محمد بن محمد بن الحكيم، الصالحيون. ومحيي الدين عبد القادر ابن شيخنا أبي الحسين اليونيني في المحرم، وعمر ابن الشيخ حسن بن أميلة بالمزة، وأحمد ابن شيخنا إبراهيم بن أبي اليسر، وتقي الدين سليمان بن مراجل الكاتب.

(51/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 135

سنة ثلاث وثمانين وستمائة

- حرف الألف -
149 - أحمد بن إبراهيم. الرئيس شمس الدين السعودي، التاجر بقيسارية الشرب. توفي في رجب. واحق يوم وفاته. 150 أحمد بن براق بن طاهر. السوادي، المؤذن بجبل قاسيون. روى عن: ابن اللتي، والهمذاني. ومات في ثامن عشر رمضان. 151 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن. التكريتي، المعروف بواعظ تكريت. أحد الفقهاء بالبادرائية بدمشق. كان طريفا، مطبوعاً، طيب المزاج، كثير الهزل والسخف. له وعظ على طريق الهزل، ونال بذلك وجاهة وحظوة عند الرؤساء، لا سيما الحلبيين في الأيام الناصرية. وكان يلوذ بالوجيه ابن سويد ويصحبه. وقد ضحك الملك الناصر مرة من خطبته ووعظه بحيث استلقى، ووصله بجملة. ثم حسنت حاله في الآخر، وسرد الصوم. وكان كثير الصلاة، وخلف ثلاثة آلاف درهم، وذهب له ودائع عند التجار.

(51/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 136
152 - أحمد بن محمد بن عبد القادر. القاضي محيي الدين ابن قاضي القضاة عز الدين ابن الصائغ. وكانت شابا فاضلا، مدرسا. بقيت مدرستاه العمادية والدماغية على إخوته، فناب عنهم الشيخ زين الدين الفارقي رعاية لأبيهم. 153 - أحمد بن محمد بن النجيب. شهاب الدين الخلاطي، صهر الشيخ أحمد إمام الكلاسة. سمع مع أولاده من ابن عبد الدائم، وجماعة. 154 - أحمد بن محمد بن منصور بن القاسم بن مختار. القاضي، العلامة، ناصر الدين، ابن المنير الجذامي، الجرواني، الإسكندري، المالكي، قاضي الإسكندرية وعالمها، وأخو شيخنا زين الدين علي.

(51/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 137
ولد سنة عشرين وستمائة. كان مع علومه له يد طولى في الأدب وفنونه، وله مصنفات مفيدة. كنيته أبو العباس ابن الإمام العادل وجيه الدين أبي المعالي بن أبي علي. وقد ذكر أبوه في سنة ست وخمسين، رحمه الله. ولناصر الدين ' ديوان خطب '، وله ' تفسير حديث الإسراء ' في مجلد، على طريقة المتكلمين لا على طريقة السلف، وله تفسير نفيس. وهو سبط الصاحب نجيب الدين أحمد بن فارس، فالشيخ كمال الدين ابن فارس شيخ القراء خاله. وقد سمع الحديث من أبيه، ومن: يوسف بن المخيلي، وابن رواج، وغيرهم. وكان لا يناظر تعظيما لفضيلته، بل تورد الأسئلة بين يديه، ثم يسمع ما يجيب فيها. وله تأليف على تراجم ' البخاري '. وقد ولي قضاء الإسكندرية وخطابتها مرتين وقد درس بعدة مدارس. وقيل إن الشيخ عز الدين بن عبد السلام كان يقول: ديار مصر تفخر برجلين في طرفيها، ابن المنير بالإسكندرية، وابن دقيق العيد بقوص. وله خطبة خطب بها لما دخل هولاكو الشام: ' الحمد لله الذي يرحم العيون إذا دمعت، والقلوب إذا خشعت، والنفوس إذا خضعت، والعزائم إذا اجتمعت. الموجود إذا الأسباب انقطعت، المقصود إذا الأبواب امتنعت، اللطيف إذا صدمت الخطوب وصدعت. رب أقضية نزلت فما تقدمت حتى جاءت ألطاف دفعت، فسبحان من وسعت

(51/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 138
رحمته كل شيء، وحق لها إذا وسعت. وسعت إلى طاعته السموات والأرض. حين قال {ائتيا طوعا أو كرها} فأطاعت وسمعت. أحمده لصفات بهرت، وأشكره على نعم ظهرت، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عن اليقين صدرت، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه والفتنة قد احتدت، والحاجة قد اشتدت، ويد الضلال قد امتدت، وظلمات الظلم قد اسودت، والجاهلية قد أخذت نهايتها، وبلغت غايتها، فجاء بمحمد صلى الله عليه وسلم، فملك عنانها، وكبت أعيانها، وظهرت آياته في الجبابرة، فهلكت فرسانها، وفي القياصرة فنكست صلبانها، وفي الأكاسرة فصدعت إيوانها، وأوضح على يده المحجة وأبانها، صلى الله عليه وعلى آله فروع الأصل الطيب، فما أثبتها شجرة وأكرم أغصانها. أيها الناس خافوا الله تأمنوا في ضمان وعده الوفي، ولا تخافوا الخلق وإن كثروا، فإن الخوف منهم شرك خفي، ألا وإن من خاف الله. خاف منه كل شيء، ومن لم يخف الله خاف من كل شيء. وإنما يخاف عز الربوبية من عرف من نفسه ذل العبودية، والاثنان لا يجتمعان في القلب، ولا تنعقد عليهما النية. فاختاروا لأنفسكم، إما الله تعالى، وإما هذه الدنيا الدنية، فمن كانت الدنيا أكبر همه لم يزل مهموما، ومن كان زهرتها نصب عينه لم يزل مهزوماً، ومن كانت جدتها غاية وجده لم يزل معدما حتى يصير معدوما. فالله الله عباد الله، الاعتبار الاعتبار، فأنتم السعداء إذا وعظتم بالأغيار، أصلحوا ما فسد، فإن الفساد مقدمة الدمار، واسلكوا الجد تنجوا في الدنيا من العار، وفي الآخرة من النار، واتقوا الله، وأصلحوا تفلحوا، وسلموا تسلموا، وعلى التوبة صمموا واعزموا، فما أشقى من عقد التوبة بعد هذه العبر ثم حلها، ألا وإن ذنبا بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها '. توفي ابن المنير في مستهل ربيع الأول بالثغر.

(51/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 139
155 - أحمد بن مرزوق بن أبي عمار. البجائي، المغربي، السلطان الدعي، الذي قال: أنا ابن الواثق بالله أبي زكريا يحيى بن محمد بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر الهنتاتي، ويسمى الفضل. ومن خبره أنه سار في جيش، وقصد تونس، وتوثب على صاحبها المجاهد أبي إسحاق إبراهيم بن يحيى الهنتاتي، وظفر به، فقبض عليه، ثم ذبحه صبرا، وغلب على إفريقية، وتسمى بأمير المؤمنين، وقام بالوقاحة، وثم أمره، وعرف الناس أنه زغل. وكان سيء السيرة، فانتدب له أبو حفص عمر بن يحيى أخو المجاهد المذكور، وقام معه خلق كثير، فخارت قوى الدعي، واختفى، فبويع أبو حفص، ولقب بالمستنصر بالله المؤيد، ظفر بالدعي وعذبه، فأقر بأنه أحمد بن مرزوق، وأنه كذب، فمات تحت السياط. وكانت دولته دون العامين، ولا أعلم متى هلك يقينا. 156 - أحمد بن هولاكو بن تولى بن جنكزخان. المغلي، ويسمى بكوتا، وقيل بكدوا، صاحب العراق، وخراسان، وأذربيجان، والجزيرة، والروم.

(51/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 140
قيل إن سبب تسميته بأحمد أن بعض مشايخ الأحمدية دخل النار قدام هولاكو، وأحمد حينئذ طفل، فأخذه الشيخ ودخل به النار، فسماه أبوه أحمد، ووهبه للأحمدية. ثم كانوا يغشونه ويحببون إليه الإسلام، فأسلم وهو صبي، ثم إنه جلس على تخت الملك بعد هلاك أبغا ومنكوتمر أخويه، ومال إلى الإسلام، ويسر له قرين صالح، وهو الشيخ عبد الرحمن الذي قدم في الرسلية إلى الشام، وسعى في إصلاح ذات البين. ولم تطل أيام أحمد، ومات شابا وله بضع وعشرون سنة، وقام في الملك بعده أرغون بن أبغا، وهو الذي قتله، وكان أرغون بطرف خراسان يحفظها، فلما مات أبوه وتملك أحمد أقبل أرغون في جيشه فعمل مصافا مع أحمد، فانكسر جمع أحمد، وجرت لهما أمور لا أجيء بها كما ينبغي، فلعن الله ساعة التتر. قرأت بخط ابن الفوطي: قتل السلطان أحمد في جمادى الأولى. قلت: قتلوه بأن قصفوا صلبه، فمات رحمه الله تعالى. 157 - إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم. العلامة شرف الدين البكري، الزنجاني، ثم الشيرازي مات بشيراز. قاله الفوطي. وقال: قدم بغداد حاجا. صنف كتابا على طريقة ' جامع الأصول '، وحدث بمراغة وتبريز بكتاب ' الأنوار اللمعة في الجمع بين الصحاح السبعة ' تأليف تاج الدين الساوي. سمع منه: الصاحب شمس الدين الجويني، وأولاده. 158 - إسرائيل بن إسماعيل بن شقير. زكي الدين الدمشقي، التاجر. شيخ حسن معمر، قليل الرواية. ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة.

(51/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 141
وسمع من: أبي القاسم بن صصرى. حمل عنه: المزي، والبرزالي، وجماعة. ومات في رمضان. 159 - إسماعيل بن قايماز. الأمير ناصر الدين ابن الرومي، الدمشقي. حدث عن الشرف الصابوني. ومات في جمادى الآخرة. وله خمس وستون سنة.
- حرف الباء -
160 - بكتوت. الأمير بدر الدين الششنكير. توفي بدمشق، ودفن بتربة الشيخ سليمان الرقي. مات في شعبان. 161 - بلال. عفيف الدين النفطي، المقرئ، الأسود. له سماع من السخاوي. وكان مقرئا بالظاهرية. وتوفي بمصر في ذي الحجة.
- حرف الحاء -
162 - الحسن ابن الصاحب الكبير الوزير فلك الدين عبد الرحمن بن هبة الله.

(51/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 142
المسيري، قطب الدين. كان دمث الأخلاق، حسن العشرة، له معرفة بالتاريخ والأدب. وأمه بنت شيخ الشيوخ تاج الدين ابن حمويه. وخدم جنديا مدة، ثم سكن بعلبك في سنة ثمان وخمسين وستمائة، ولبس البقيار، وخدم ببعلبك في الديوان. وولي مشيخة الخانقاه النجمية. توفي ببعلبك في رجب كهلا. روى عن: جده، وكريمة، وغيرهما. كتب عنه البرزالي بدمشق وبعلبك. 163 - حليمة بنت أحمد بن منعة الغنوي. روت عن جعفر الهمذاني. وتوفيت في رمضان.
- حرف الدال -
164 - داود بن عبد القوي بن قاسم. العسقلاني، الشافعي. شيخ مصري. حدث عن: عبد العزيز بن باقا، وعلي بن مختار، وجعفر الهمذاني، والعلم ابن الصابوني. ومات في رجب.
- حرف الراء -
165 - رشيد الحبشي. مولى الصاحب جمال الدين عبد الرحمن بن محيي الدين يوسف ابن الجوزي.

(51/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 143
سمع: ابن بهروز، وأبا بكر بن الخازن وحدث. ومات في المحرم.
- حرف الزاي -
166 - - الزكي سنقر البياني. من أعيان البيانية. عاش نيفا وتسعين سنة.
- حرف السين -
167 - - سنجر. الضيائي، الصوفي، البغدادي، الحنبلي. عارف، كبير القدر، روى عن: عجيبة الباقدارية. روى عنه الفرضي، وقال: يعرف بالشيخ عبد الله. عتقه ضياء الدين أحمد بن عبد العزيز بن دلف. توفي في جمادى الأولى.
- حرف الشين -
168 - شاهنشاه بن عبد الرزاق بن أحمد. العامري، الذهبي، ناصر الدين. توفي في المحرم بقرية، ونقل إلى قاسيون. روى عن: زين الأمناء. سمع منه: المزي، والبرزالي.

(51/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 144

- حرف الطاء -
169 - طالب. أحد مشايخ الأحمدية بقصر حجاج. رجل صالح وقور، يعمل السماع، وله زبون وأصحاب، رحمه الله تعالى. مات في صفر، وشيعه الخلق.
- حرف العين -
170 - عبد الله بن علي بن حبيب. الكاتب، الأستاذ، المجود، زكي الدين. وحيد عصره في الخط ببغداد. مات في ربيع الآخر. أرخه ابن الفوطي. كان شيخا برباط. عاش سبعا وسبعين سنة. 171 - عبد الله بن محمد بن عبد الله. القاضي، الإمام، معين الدين، أبو محمد النكراوي، المقرئ، النحوي.

(51/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 145
ولد بالإسكندرية سنة أربع عشرة. قرأ بها القراءآت على مثل ابن عيسى، والصفراوي. وصنف في القراءآت. وكان مشهورا بها. توفي فجأة في هذا العام. قاله ابن الخباز. 172 - عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن سعادة. المحدث الشهير، جمال الدين، أبو محمد العراقي، المريمي. من ذرية أم مريم. كان مقرئا، محدثا، بديع الخط. سمع من: عبد العزيز ابن البقال، ومحيي الدين ابن الجوزي. ثم طلب بنفسه فأكثر. وقرأ وتعب. مات في ثامن ربيع الآخر ببغداد سنة ثلاث كهلا. أجاز للشيخ صفي الدين عبد المؤمن. 173 - عبد الله بن محمود بن مودود بن بلدجي. مجد الدين، أبو الفضل الموصلي، الحنفي، الفقيه، إمام، عالم، مصنف. له أصحاب وحلقة أشغال. سمع: أبا حفص بن طبرزد، ومسمار بن العويس. كتب عنه: أبو العلاء الفرضي وأثنى عليه، وقال: توفي في سابع المحرم.

(51/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 146
وسمعت بقراءة القلانسي ' عمل يوم وليلة ' لابن السني، بسماعه سنة ست وستمائة من مجد الدين محمد بن محمد الكرابيسي، عن عبد الرزاق القوساني. وكان مولده في شوال سنة تسع وتسعين وخمسمائة، ودفن بمشهد أبي حنيفة ببغداد. وكان يوما مشهودا. قال ابن الفوطي: مات في العشرين من المحرم. وكان عالما بالفقه والخلاف والأصول، سمع الكثير في صباه، وألحق الأحفاد بالأجداد، وكان صبورا على السماع. ولي قضاء الكوفة. ثم فوض إليه تدريس مشهد الإمام أبي حنيفة، فكان على ذلك إلى أن توفي. سمع ' البخاري ' من أبي الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز الواسطي، وابن روزبة. وله إجازة من المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية. وسمعنا منه ' جامع الأصول '، بإجازته من مصنفه مجد الدين. وكان كثير المحفوظ قد سافر إلى الشام. وقرأ على أبي عمرو بن الحاجب، ومحيي الدين ابن العربي. 174 - عبد الرحمن. رسول الملك أحمد بن هولاكو. قرأت بخط قطب الدين ابن الفقيه: حدثني عبد الله الموصلي، الصوفي، وكان ممن قدم معه، أن عبد الرحمن كان من مماليك الخليفة.

(51/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 147
المستعصم بالله، وكان اسمه قراجا، فلما أخذت بغداد تزهد وتسمى بعبد الرحمن، واتصل بالملك أحمد وعظم عنده إلى الغاية، بحيث كان ينزل إلى زيارته، وإذا شاهده ترجل ثم قبل يده، وامتثل جميع ما يشير به. وكان جميع ما يصدر عن الملك من الخير بطريقه، فأشار عليه أن يتفق مع الملك المنصور وتجتمع كلمتهم، فندبه لذلك، وسير معه جماعة كثيرة من المغول والأعيان فحضر إلى دمشق في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين، وأقام بمن معه في دار رضوان، ورتب لهم من الإقامات ما لا مزيد عليه، وبولغ في خدمتهم. وقدم السلطان إلى الشام، فعند وصوله بلغه قتل أحمد، وتملك أرغون بعده، فاستحضر الشيخ عبد الرحمن بقلعة دمشق ليلا، وسمع رسالته، ثم أخبره بقتل مرسله. ثم عاد السلطان إلى مصر، وبقي عبد الرحمن ومن معه معتقلين بالقلعة، لكن اختصر أكثر رواتبهم، وقرر لهم قدر الكفاية. فلما كان في آخر رمضان توفي عبد الرحمن، ودفن بسفح قاسيون وقد نيف على الستين، وبقي من كان معه على حالهم، وتطاول بهم الإعتقال، وأهمل جانبهم بالكلية، وضاق بهم الحال في المطعم والملبس، فعمل النجم يحيى شعرا بعث به إلى ملك الأمراء حسام الدين، فمنه:
(أولى بسجنك أن يحيط ويحتوي .......... صيد الملوك وأفخر العظماء)

(منا قدر فراش وحداد .......... ونفاط وخربندا إلى سقاء)

(خدموا رسولا ما لهم علم بما .......... يخفي وما يبدي من الأشياء)

(لم يتبعوا الشيخ الرسول ديانة .......... وطلاب علم واغتنام وعاء)

(بل رغبة في نيل ما يتصدق السلطان .......... من كرم وفيض عطاء)

(ويؤملون فواضلا تأتيه من .......... لحم وفاكهة ومن حلواء)

(نفروا من الكفار والتجأوا إلى .......... الإسلام واتبعوا سبيل نجاء)

(51/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 148

(أيقابلون بطول سجن دائما .......... وتحسر ومجاعة وعناء)

(أخبارهم مقطوعة فكأنهم .......... موتى وهم في صورة الأحياء)

(إن كان خيرا قد مضى أو كان شرا .......... قد أمنت عواقب، الأسواء)

(وإذ قطعت الرأس من بشر فلا .......... تحفل بما تبقى من الأعضاء)
في أبيات. فلما سمعها أطلق معظمهم، وبقي في الاعتقال نفرين ثلاثة، قيل إن صاحب ماردين أشار بإبقائهم. وكان عبد الرحمن مقاصده جميلة، وظاهره وباطنه منصرف إلى نصرة الإسلام واجتماع الكلمة. وله عدة سفرات إلى مصر والشام والحجاز، ولما قدم في الرسلية كانوا يسيرون في الليل. وكان يعرف السحر والسيمياء، وبهذا انفعل له الملك أحمد. ورأيت في تاريخ أنه كان روميا من فراشي السدة، وأخذ من الدور وقت الكائنة جوهرا نفيسا، وأسر فسلم له الجوهر، ثم صار من فراشي القان، ثم تزهد وتنمس وتخشع، وطمر الجوهر، وصار إلى الموصل، فاتصل بعز الدين أيبك أحد نواب القان، وكان مهووسا بالكيمياء، فربطه عبد الرحمن وسار معه إلى أبغا، ودخل، فقال عبد الرحمن لأبغا: إني رأيت في النوم في مكان كذا وكذا جوهرا مدفونا. فبعث معه جماعة، فقال لهم: احفروا هنا. فحفروا فوجدوا ذلك. فخضع له أبغا واحترمه.

(51/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 149
ثم ربطه بأمر الجن والشعبذة، ثم إنه عمل خاتمين نفيسين على هيئة واحدة، فأظهر الواحد وأعطاه لأبغا، ففرح به، وقال له: إن رميته في هذا البحر أنا أخرجه لك. فرماه. فقال: اصبر إلى غد. ثم عمل هيئة سمكة خشب مجوفة، وملأها ملحا مع الخاتم الآخر، وأتاه بالسمكة وقال: هذه تأتي بالخاتم. ورماها في البحر فغرقت ساعتين، فتحلل الملح فشافت السمكة فاصطادها، ففتح أبغا فمها فإذا الخاتم، فانبهر لذلك، واعتقد في عبد الرحمن، فأخذ رصاصة أخفاها في بطن السمكة فغاصت. وخضع له الملك أحمد أيضا، وحسن إسلامه بسببه 175 - عبد الرحيم بن ريان. السندي. روى عن: أبي جعفر السندي، وغيره. مات ببغداد. 176 - - عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله بن المسلم بن هبة الله بن حسان.

(51/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 150
القاضي، نجم الدين الجهني، الحموي، الشافعي، المعروف بابن البارزي، قاضي حماة، وأبو قاضيها شرف الدين هبة الله. ولد بحماة سنة ثمان وستمائة. وحدث عن: موسى بن الشيخ عبد القادر. وسمع منه: ابنه، والحافظ أبوالعباس بن الظاهري، وولده أبو عمرو عز الدين، والبدر أبو عبد الله النحوي، وجماعة. وكان إماما، فاضلا، فقيها، أصوليا، أديبا، شاعرا، له خبرة بالعقليات، ونظر في الفنون. وقد سمع من: أبي القاسم بن رواحة، وغيره. وسماعه من موسى بدمشق. وقد حكم بحماة قديما بحكم النيابة عن والده، ثم ولي بعده، ولم يأخذ على القضاء رزقا. وعزل عن القضاء قبل موته بأعوام، وكان مشكورا في أحكامه، وافر الديانة، محبا للفقراء والصالحين كولده. درس وأفتى وصنف، وأشغل مدة. وأخرج له الأصحاب في المذهب. وله شعر رائق، فمنه:
(إذا شمت من تلقاء أرضكم برقا .......... فلا أضلعي تهدأ ولا أدمعي ترقا)

(وإن ناح فوق البان ورق حمائم .......... سحيرا فنوحي في الدجى علم الورقا)

(فرقوا لقلب في ضرام غرامه .......... حريق وأجفان بأدمعها غرقا)

(سميري من سعد خذا نحو أرضهم .......... يمينا ولا تستبعدا نحوها الطرقا)

(وعوجا على أفق توشح شيحه .......... بطيب الشذا المكي أكرم به أفقا)

(51/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 151

(فإن به المغنى الذي تبرأ به .......... وذكراه يستشفى لقلبي ويسترقا)

(ومن دونه عرب يرون نفوس من .......... يلوذ بمغناهم حلالا لهم طلقا)

(بأيديهم بيض بها الموت أحمر .......... وسمر لدى هيجائهم تحمل الرزقا)

(وقولا محبا بالشآم غدا لقى .......... لفرقة قلب بالحجاز غدا ملقى)

(تعلقكم في عنفوان شبابه .......... ولم يسل عن ذاك الغرام وقد أبقى)

(وكان يمني النفس بالقرب فاغتدا .......... بلا أمل إذ لا يؤمل أن يبقا)

(عليكم سلام الله أما ودادكم فباق .......... وأما البعد عنكم فما أبقى)
ثم خرج إلى مدح النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة، يقول فيها:
(رقيقكم مملوككم عبد ودكم .......... قصارى مناه ان تديموا له الرقا)

(يلوذ بذا القبر الذي قد حواكم .......... إذا ما نجا أهل السعادة أن يشقا)

(أجرني فإني قد أحاطت بساحتي .......... ذنوب لأثقال الرواسي غدت طبقا)
وله، وكتب بها إلى الملك المنصور محمد:
(خدمتك في الشباب وها مشيبي .......... أكاد أحل منه اليوم رمسا)

(51/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 152

(فراع لحرمتي عهدا قديما .......... وما بالعهد من قدم فينسى)
أنشدني أبو عبد الله محمد بن يعقوب النحوي أن أبا محمد بن البارزي أنشده لنفسه في القلم:
(ومثقف للخط يحكي فعله .......... سمر القنا لكن هذا أصفر)

(في رأسه المسود إن أجرده .......... في المبيض للأعداء موت أحمر)
توجه القاضي نجم الدين ليحج في سنة ثلاث، فأدركته المنية في ذي القعدة بتبوك، فحمل إلى المدينة ودفن بالبقيع، رحمه الله. وكتب الدمياطي عن محمد بن عبد الرحمن الأزدي، عنه. 177 - عبد العزيز بن مظفر. الصدر، عز الدين الدمشقي. اتصل بخدمة الملك الناصر فأحبه وحظي عنده.

(51/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 153
وكان مليح الشكل، حسن البزة، مليح العشرة، ظاهرالحشمة. توفي في أول السنة بدمشق. 178 - عبد القادر بن خلف بن سلامش البغدادي. سمع من: نصر بن عبد الرزاق الجيلي. حدث عنه الفرضي، وقال: مات رحمه الله في ذي القعدة. 179 عبد الملك. الملك السعيد، فتح الدين، أبو محمد بن السلطان الملك الصالح أبي الحسن إسماعيل ابن العدل. رأيته، وكان شكلا مليحا، مزرعا بالشيب. وكان وافر التجمل، دمث الأخلاق، له حرمة في الدولة. وكان من أمراء الحلقة، وهووالد الملك الكامل. سمع منه: البرزالي، والطلبة. وتوفي في ثالث رمضان، ودفن بتربة جدته أم الصالح، وشيعه الأمراء والأعيان. أتيت منزله وهو يأكل فأطعمني. 180 - عبد الوهاب بن الحسين.

(51/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 154
القاضي أبو محمد بن الفرات اللخمي، الإسكندراني. شيخ فقيه، معمر. ولد بالإسكندرية سنة إحدى وتسعين وخمسمائة وكان يمكنه السماع من عبد الرحمن بن موقا ولا أعلم هل سمع منه أولا. توفي في جمادى الآخرة. وقد تفرد بالإجازة من إسماعيل بن ياسين، وأبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي، وعبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي. 181 - [عطا ملك بن محمد بن محمد، علاء الدين، صاحب الديوان..]. 182 - علي بن الحسن بن معالي. الأديب، فخر الدين ابن الباقلاني، الشواوي، الشاعر. عاش ثلاثا وثمانين سنة، وله شعر كثير. 183 - علي بن صالح. الحسني، إمام المقام ذكر في سنة إحدى 184 - علي بن يوسف بن جلون. الشيخ الصالح، نور الدين الحراني، التاجر. حدث بدمشق عن أبي الحسن بن روزبة. سمع منه: البرزالي، والطلبة. توفي في جمادى الآخرة. 185 - عمر بن محمد. نجم الدين الكريدي، الشافعي.

(51/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 155
قاضي الصلت. توفي في المحرم. 186 - عمر بن نصر. القاضي نجم الدين، أبو حفص الأنصاري، البيساني، الشافعي. سمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، والتقي بن باسويه، وجماعة. وتفقه وبرع في المذهب، وأفتى ودرس، وناب في القضاء بدمشق ودرس بالرواحية، ثم ولي قضاء حلب مديدة. ومات في شوال رحمه الله تعالى. كتب عنه: البرزالي، وغيره. ولي بعده تدريس الرواحية ناصر الدين بن المقدسي الذي شنق 187 - عيسى بن مهنا. أمير عرب الشام، وشيخ آل فضل، الأمير شرف الدين. كان ذا منزلة عظيمة عند السلطان الملك المنصور، وقد ملكه السلطان

(51/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 156
مدينة تدمر بحكم البيع، وأورد عنه ثمنها. وكان كريم الأخلاق، حسن الجوار، مكفوف الشر يرجع إلى خير وعقل ورئاسة. ولم يكن أحد يضاهيه من ملوك العرب، وله أثر صالح في يوم المصاف بحمص مع منكوتمر. وتوفي بعد الأمير أحمد بن حجي بأربعة أشهر، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب في يوم الجمعة تاسع ربيع الأول. وقام بالأمر بعده ولده الأمير حسام الدين مهنى، فزادت حرمته، وامتدت أيامه.
- حرف الفاء -
188 - فاطمة بنت الحافظ أبي القاسم علي بن الحافظ بهاء الدين أبي محمد القاسم ابن الحافظ الكبير محدث الشام أبي القاسم ابن عساكر. أم العرب الدمشقية. ولدت سنة ثمان وتسعين. وسمعت من: عمر بن طبرزد، وحنبل المكبر، وأبي الفتوح الجلاجلي، وست الكتبة بنت الطراح، وأبي اليمن الكندي. وأجاز لها: أبو جعفر الصيدلاني، ومحمد بن الفاخر، وأبو الفتوح أسعد العجلي، وعدة من شيوخ خراسان والعراق وإصبهان. وكانت أصيلة، جليلة، عالية الإسناد، معرقة في الحديث، وسماعها من عمر وحنبل في الخامسة، ولها في السادسة أيضا على عمر. روى عنها: الدمياطي، وقطب الدين بن القسطلاني، ومحمد بن محمد

(51/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 157
الكنجي، وابن الخباز، وعلاء الدين ابن العطار، وجمال الدين المزي، وعلم الدين البرزالي، وطائفة سواهم. وأجازت لي مروياتها. وتوفيت في تاسع عشر شعبان. 189 - - فاطمة بنت محمد بن جامع بن باقي. نور الهدى التميمية، وأمها بنت السيف الآمدي المتكلم. توفيت في المحرم. وقد روت عن ابن الزبيدي ' جزء أبي الجهم '، وعن ابن غسان الحمصي ' جزء الفلكي '. وأظنها ماتت بمصر.
- حرف القاف -
190 - قراسنقر المعزي الأمير الكبير، شمس الدين. توفي ببيت لهيا في جمادى الآخرة.
- حرف الميم -
191 - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب. القاضي، عماد الدين السروجي، الأنصاري، الدمشقي، ابن الرئيس شرف الدين.

(51/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 158
ولد سنة ثلاث عشرة. وسمع: أبا المجد القزويني، وجده الصدر فخر الدين، وأبا عبد الله بن الزبيدي. وولي نظر الجامع مرة، ونظر الخزانة. وكان رئيسا محتشما، متواضعا، دينا. روى لنا عنه ابن العطار، وغيره. ولي منه إجازة. وتوفي في ربيع الأول ببستانهم بالعقيبة. وهو والد الصاحب فخر الدين. 192 - محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم بن عنان. الإمام، المحدث، المتقن، شرف الدين، أبو عبد الله الميدوي، المصري، النحوي. ولد بالقاهرة سنة إحدى عشر وستمائة. وسمع الكثير، وكتب واشتغل. وكان من العلماء الأتقياء. توفي في صفر، وشيعه الخلق إلى القرافة. سمع: عبد العزيز بن باقا، وابن رواح، وابن الجميزي، وطبقتهم وقد درس وأعاد. وكان خصيصا بالحافظ أبي محمد المنذري، أكثر عنه. وولي خزن الكتب بالكاملية وطلب لمشيختها مدة، فامتنع، ثم وليها إلى أن مات. أخذ عنه: الحارثي، وأبو عمرو بن الظاهري، وقطب الدين، وقال في

(51/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 159
' تاريخه ' لمصر: أبو عبد الله المقرئ، المحدث، النحوي، كان من العلماء الأتقياء، عارفا بالقراءات والحديث والنحو. وكتب الكثير، وكان سليم القلب، ذا سمت وصلاح وهدى وخير، على سمت السلف، متصدرا للحديث طول نهاره بالمدرسة الكاملية. سمعت منه وانتفعت ببركته، وقرأت عليه ' الشاطبية ' من حفظي، بسماعه من أبي عبد الله القرطبي. وكان ثقة حجة. وكان له تلميذ يقرأ عليه الحديث، فلما مات بكى وجعل يمرغ وجهه على رجليه ويقول: يا سيد اطلبني من الله،، فإني لا أقدر أرى غيرك قاعدا مكانك. فاتفق أن مات التلميذ من الغد. قلت: كتب عنه شيخه الحافظ أبو علي البكري. قرأت ذلك في مجلد بخط البكري. 193 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن الأزهر. أبو عبد الله ابن الحافظ أبي إسحاق الصريفيني. من أولاد المحدثين. سمعه أبوه الكثير من الموفق عبد اللطيف بن يوسف، وجماعة. ولم يكن من أهل العلم. وقد أخذ عنه بعض الطلبة. توفي في شعبان. وسمع ' الصحيح ' من ابن روزبة. مولده بمنبج في سنة عشرين وستمائة. 194 - محمد بن باخل. الأمير، شمس الدين الهكاري، متولي الثغر الإسكندري. توفي في رجب بالإسكندرية، وقد ذكره الحافظ قطب الدين في ' تاريخه ' فقال: محمد بن باخل بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن مرزبان الهكاري.

(51/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 160
إلى أن قال: كان صارما عادلا، وله ميل إلى الأدب. سمع جميع ' سنن ابن ماجة ' من الموفق عبد اللطيف بن يوسف، و ' مقامات الحريري ' بحران. وخرج له الحافظ منصور بن سليم. أجاز لي مرارا. ومولده سنة عشرين وستمائة. قلت: مرت ترجمته. 195 - محمد بن جبارة. الفقيه، الإمام، تقي الدين، المقدسي، الحنبلي. توفي في ذي الحجة بقاسيون. وهو محمد بن عبد المولي الزاهد العابد. سمع ببغداد من المؤتمن. وهو والد شهاب الدين المقرئ. 196 - محمد بن الحسين بن الحسن. نظام الدين، أبو عبد الله الداري، الخليلي، عم الصاحب فخر الدين. توفي بمصر في ربيع الأول، وله إجازة من ابن المعطوش، وابن الجوزي، وجماعة. وسمع ' السيرة النبوية ' من ابن مجلي، وعاش تسعين عاما. وكان تاجرا متمولا، كثيرالبر. خرج له التقي عبيد مشيخة. سمع من ابن جبير.

(51/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 161
197 - محمد بن زنطار. أبو خطاب الأشرفي، خادم الأثر بدار الحديث. روى ' مسند الشافعي '، عن ابن الزبيدي. ومات في صفر، رحمه الله. 198 - محمد بن الصلاح. العدل، جمال الدين الحنفي، الخشاب. كان من عدول القيمة بدمشق. توفي في شعبان. 199 - محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم. الفقيه، شمس الدين، أبو عبد الله بن العلامة تاج الدين الفزاري، الدمشقي، الشافعي. توفي شابا في جمادى الآخرة. 200 - محمد بن عبد العزيز بن يحيى. اللوري، أخو الشيخ أبي إسحاق. سمع معه من الرشيد بن مسلمة. مات بسجلماسة. حج مرتين. 201 - محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد.

(51/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 162
قاضي القضاة، عزا الدين، أبو المفاخر الأنصاري، الدمشقي، الشافعي، المعروف بابن الصائغ. ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة. وسمع من: أبي المنجا بن اللتي، وأبي الحسن بن الجميزي، وأبي الحجاج يوسف بن خليل، وجماعة. وتفقه في صباه على جماعة، ولازم القاضي كمال الدين التفليسي، وصار من أعيان أصحابه. ثم ولي تدريس الشامية مشاركا للقاضي شمس الدين ابن المقدسي، بعد فصول جرت، فلما حضر الصاحب بهاء الدين إلى دمشق استقل شمس الدين بالشامية وحده، وولي عز الدين وكالة بيت المال، ورفع الصاحب من قدره ونوه بذكره. ثم عمد إلى القاضي شمس الدين ابن خلكان فعزله بالقاضي عز الدين في سنة تسع وستين، فباشر القضاء، وظهرت منه نهضة وشهامة، وقيام في الحق ودرء للباطل، وحفظ الأوقات وأموال الأيتام والأشراف، وتصدى لذلك، فحمدت سيرته، وأحبه الناس، وأبغضه كل مريب، وأعلا الله منار الشرع به. وكان ينطوي على ديانة وورع وخوف من الله تعالى ومعرفة تامة بالأحكام، ولكنه كانت له بادرة من التوبيخ والمحاققة وكشف الأمور.

(51/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 163
واطراح للرؤساء الذين يدخلون في العدالة بالرئاسة والجاه. فتعصبوا عليه، وتكلموا فيه، وتتبعوا غلطاته، وتغير عليه الصاحب، وما بقي يمكنه عزله لأنه بالغ في وصفه عند السلطان. ودام في القضاء إلى أول سنة سبع وسبعين، فعزل وأعيد ابن خلكان، ففرح بعزله خلق. وبقي على تدريس العذراوية، فلما قدم السلطان الملك المنصور لغزوة حمص سنة ثمانين أعاده إلى القضاء، وباشر في أوائل سنة ثمانين فعاد إلى عادته من إقامة الشرع وإسقاط الشهود المطعون فيهم، والغض من الأعيان، فربى له أعداء وخصوما، فتضافروا عليه وسعوا فيه، وأتقنوا قضيته، فلما قدم السلطان دمشق في رجب سنة اثنتين وثمانين سعوا فيه، فامتحن، فجاءه رسول إلى الجامع وقد جاء إلى صلاة الجمعة، فأخذه إلى القلعة، فقال له المشد بدر الدين الأقرعي، قد أمر السلطان أن تجلس في مسجد الخيالة. ففعل ولم يمكن من صلاة الجمعة، وذلك بسبب محضر أثبته تاج الدين عبد القادر بن السنجاري عليه بحلب، بمبلغ مائة ألف دينار، وأنها عنده من جهة الشرف ابن الإسكاف كانت للخادم ريحان الخليفتي. ثم إن المشد أحضر النظام ابن الحصيري نائب القاضي حسام الدين الحنفي، فنفذ المحضر، وأمضى حكم قاضي سرمين ابن الأستاذ به، وذهب الناس إلى القاضي يتوجعون له، وبقي نائبه شمس الدين عبد الواسع الأبهري يحكم. فلما كان في اليوم الثالث منع نائبه من الحكم، ومنع الناس من الدخول إليه إلا أقاربه، وولي القضاء بهاء الدين ابن الزكي. ثم نبغ آخر، وزعم أن حياصة مجوهرة وعصابة بقيمة خمسة وعشرين ألف دينار كانت عند العماد بن محيي الدين ابن العربي للملك الصالح إسماعيل ابن صاحب حمص، وانتقلت إلى القاضي عز الدين، ووكلوا علاء الدين علي ابن السكاكري للملك الزاهر، وبقية ورثة الصالح وذكروا أن الشهود كمال الدين ابن النجار والجمال أحمد بن أبي بكر الحموي. ثم توقف ابن النجار واقتحم الشهادة الجمال وغيره، ثم قالوا للقاضي: هذه القضية قد ثبتت عليك، والأخرى في مظنة الإثبات ولم يبق إلا أن تحمل المال. فلما كان في اليوم الخامس من اعتقاله أظهروا قضية ثالثة، وهو أن

(51/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 164
ناصر الدين محمد ابن ملك الأمراء عز الدين أيدمر أودع عنده مبلغا كثيرا، فجاء المشد وسأله فقال: أحضر المبلغ إلي لأستودعه، فلم أفعل، واسألوا الأمير بدر الدين أمير مجلس فإنه الذي أحضر المبلغ. فخرج المشد وسأل أمير مجلس، فصدق ما قاله القاضي، فلما كان اليوم السابع طلب المشد لناصر الدين ابن أخي القاضي وقال: تكتب لي أسماء جميع أملاككم. وهدده فكتب ذلك. فلما كان يوم الجمعة أدى الشهود عند حسام الدين الحنفي، وهم الجمال الحموي، بعد أن شهد عليه الشيخ تاج الدين، وأخوه الشيخ شرف الدين، وغيرهما، أنه لا علم له بهذه القضية، وشهد الشهاب غازي الأميني، والغرس البياني، فاستفسرهم القاضي حسام الدين فتواقح بعضهم. وكان الجمال من شيوخ المحدثين، فأهانه المحدثون، وتواصوا أن لا يسمعوا عليه بعدها. ثم عمل المشد بداره مجلسا للحياصة، فحضر طائفة ممن يبغض ابن الصائغ، منهم: ناظر الصحبة ابن الوساطي، والوكيل ابن السكاكري، وحضر القاضي حسام الدين، ومحيي الدين ابن النحاس، ورشيد الدين سعيد، وأحضر ناصر الدين ابن أخي القاضي فقيل: قد أدى الشهود فهل لكم دافع. فأحضر النجم السبتي، والمجد محمود، فشهدا عند حسام الدين على القاضي عز الدين بإسقاط ابن الحموي، وحضر الشيخ علي الموصلي، والوجيه السبتي فشهدا على إقرار ابن الحموي أنه لا يعلم هذه القضية، فبدر ابن السكاكري وقال على لسان القاضي إنه لا يرى ذلك دافعا. فكتب بذلك صورة مجلس، وأمهلوا ليحضروا دافعا. ثم طلب القاضي عز الدين من السلطان أن يحضر بنفسه، ويتكلم مع خصمه من غير توكيل منهما في مجلس يعقد. فأجيب إلى ذلك، وعقد المجلس بمحضر القضاة الأربعة، والشيخ تاج الدين، والشيخ محيي الدين ابن النحاس، وزين الدين الفارقي، وشمس الدين ابن الصدر سليمان، والقاضي عز الدين المذكور، فقال ابن السكاكري، وأشار إلى حسام الدين: أسالكم الحكم بما ثبت لموكلي.

(51/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 165
فقال القاضي عز الدين: أنا سألت السلطان أن يحضر معي خصمي. فطلبوا الملك الزاهر فتغيب، فأحضروا ولده الملك الأوحد، ثم قرئ المحضر، فقال القاضي عز الدين للأوحد: انا أحلفك بأنك ما تعلم أن شهودك شهود زور. فقال: أنا أصبو عن هذه القضية. ونكل. وقال عزالدين أيضا: أنا أطلب من الشهود تعيين الحياصة والعصابة وكم فيهما من جوهر وبلخش. فأفتى بعضهم بلزوم التعيين وتوقف بعضهم فقال القاضي حسام الدين: أنا أكشف هذا، وأسال أصحابنا، فإن التعين يختلف باختلاف الأجناس. وأحضروا في المجلس فحضر ابن السنجاري، فقرئ وادعى بمضمونه وكيل بيت المال زين الدين على القاضي، فقال: لي دوافع، منها أن ابن السنجاري عدوي، ومنها أن ابن الحصيري حكم علي من غير حضوري ولا حضور وكيلي. فطلب ابن الحصيري فلم يتفق حضوره، وانفصل المجلس. ثم اجتمعوا بدار الحديث، وأحضر ابن الحصيري، فقام عليه الحنفية وقالوا: حكمك لا يصح. فقال: ليس حكمي بباطل، ولكنه لا يلزم الخصم. وبحثوا في ذلك، فأحضر كتبا ونقولا. وقال عز الدين: لي بينة تشهد بعداوة ابن السنجاري. فقال: أثبت ذلك يا مولانا، وعليك المهلة ثلاثة أيام. وطلب ابن السكاكري الحكم من الحنفي على عادته وجرأته، فأخرج القاضي عز الدين فتاوى الفقهاء أن الدعوى من أصلها باطلة، إذ كانت مجهولة. فأفتى بذلك من حضر المجلس. فقال المشد للقاضي. ما تحكم. فقال: لا والله لا أحكم في هذه القضية. وقام منزعجا، وانحلت القضية فكتب بذلك صورة بمجلس. ثم بعد أيام قال المشد للقاضي عز الدين: أيش المعمول ! قال: تصلي ركعتين في الليل، وتدعو الله أن يكشف لك أمري، ومهما خطر لك بعد ذلك فافعل.

(51/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 166
ثم سعى نائب السلطنة حسام الدين طرنطاي، ولاجين، وعلم الدين الدواداري، وبينوا للسلطان أن القاضي ما ثبت عليه شيء. وظهر أيضا أن ريحان الخليفتي توفي سنة أربع وخمسين، وأن المحضر يتضمن أن ريحان سير الوديعة إلى الإسكاف في أواخر سنة ست وخمسين. ثم قدم تجار واجتمعوا بطرنطاي، وعرفوه: أن ريحان مات وعليه دين نحو اثني عشر ألف دينار وفاها عنه الخليفة، ونحن ما رأينا هذا القاضي، ولا لنا معه غرض. فأمر السلطان بإطلاقه مكرما، فنزل من القلعة، وزار شيخ دار الحديث، وعطف إلى ملك الأمراء لاجين فسلم عليه بدار السعادة، ثم مضى إلى دار القاضي بهاء الدين الذي ولي بعده، فسلم عليه. ثم أقام بمنزلة بدرب النقاش. وطلع بعد أيام إلى بستانه بحمص، وبه مات إلى رحمة الله وعند موته توضأ وصلى، وجمع أهله وقال: هللوا معي. فبقي لحظة يهلل، وعبر إلى الله تعالى، وكان آخر قوله: لا إله إلا الله. توفي، رحمه الله، في تاسع ربيع الآخر، وله خمس وخمسون سنة. وكان رحمه الله لا يفصح بالراء. 202 - محمد بن عبد الولي بن جبارة بن عبد الولي. الإمام، الزاهد، الصالح، الفقيه، المتقن، تقي الدين المقدسي، والد شيخنا الشهاب المقرئ. سمع ببغداد من هذه الطبقة أبي الحسن القطيعي، وجماعة. وكان يتعاسر بالتحديث. وسمع بدمشق من أبي القاسم بن صصرى. توفي في ذي الحجة.

(51/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 167
203 محمد بن علي بن أحمد. أبو محمد الواعظ، ويلقب بالمهدي، خطيب جامع المنصور. سمع محيي الدين ابن الجوزي، وغيره. 204 - محمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان. القاضي بهاء الدين، أبو عبد الله الإربلي، الشافعي، قاضي بعلبك، أخو قاضي القضاة شمس الدين. ولد بإربل سنة ثلاث وستمائة. وسمع ' صحيح البخاري ' من أبي جعفر ابن مكرم كأخيه، وحدث. سمع منه: ابن أبي الفتح، والبرزالي، وجماعة. وهو والد النجم ابن خلكان صاحب الفيض والخيال الشيطاني. قدم الشام وهو شاب، فاشتغل وحصل. ذكره قطب الدين في ' تاريخه ' فقال: كان رجلا معدوم النظير في كثير من أوصافه عند التواضع المفرط، ولين الكلمة، ورقة القلب، وسلامة الصدر، وحسن العقيدة في الصالحين، وعدم الإلتفات إلى الدنيا. ولي قضاء بعلبك إلى حين وفاته. قال: ولم ينله من جميع ما كان باسمه من الجامكية والجراية إلا قوته لا غير. ولا يسأل عما عدا ذلك. وأما بشره وتلقيه بالترحيب فخارج عن الوصف. ومات ولم يخلف درهما ولا ديناراً، وعليه جملة من الدين، فأبيعت كتبه في دينه. ومن وقت وفاة أخيه حزن عليه، ولم يكن يرقأ في غالب أواقته من حزنه عليه.

(51/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 168
توفي في الثاني والعشرين من رجب. ودفن في تربة الزاهد عبد الله اليونيني. 205 - محمد بن محمد بن بشارة. المحدث، شمس الدين الكلابي، الدمشقي. أحد طلبة الحديث. توفي شابا إلى رحمة الله في شعبان. وخطه معروف في الطباق. 206 - محمد بن محمد بن رمضان. شرف الدين الأنصاري، الدمشقي. توفي في شعبان. 207 - محمد بن محمد بن محمد. الوزير الكبير، شمس الدين، أبو المكارم الجويني. وزير الدولة التتارية والحاكم في المغول. نفذت أقلامه في الأقاليم، وله رسائل وأشعار. وقد ذكره ابن الفوطي مستقصى في ' معجم الألقاب ' وقال: قتل بنواحي أبهر بعد أن كتب وصيته بيده. سمعنا من لفظه قصائد بتبريز. وقتل في رابع شعبان. 208 - محمد بن محمد بن يحيى. نجم الدين الكلبي، السبتي، العدل

(51/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 169
ولد سنة عشر وستمائة. وقدم مصر بعد الثلاثين فسمع من: أبي الخطاب الكلبي الحافظ. وبدمشق من: ابن اللتي، والسخاوي، وكريمة، وجماعة. وعني بالرواية. وله جموع وتخاريج يسيرة. وكان صدوقا، خيرا. كتب عنه: المزي، والبرزالي، والجماعة. وتوفي في جمادى الأولى. لنا منه إجازة. 209 - محمد بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي. صاحب حماة، وابن ملوكها، الملك المنصور أبو المعالي ناصر الدين ابن الملك المظفر تقي الدين بن المنصور ؛ ملك حماة والمعرة بعد والده سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وعمره عشر سنين وأيام رعاية لأمه الصاحبة غازية بنت السلطان الملك الكامل. وقام بتدبير دولته أمه وسيف الدين طغرلبك أستاذ الدار، وشيخ الشيوخ

(51/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 170
عبدالعزيز. وكان فيه كرم، وحسن عشرة، لكنه لعاب، منهمك على اللهو وغير ذلك، سامحه الله. وتملك بعده ابنه. 210 - محمد بن موسى بن النعمان. الشيخ القدوة، أبو عبد الله، المزالي التلمساني، وقيل الفاسي، المغربي. ولد سنة ست أو سبع وستمائة بتلمسان. وقدم الإسكندرية، فسمع بها من: محمد بن عماد الحراني، وأبا القاسم عبد الرحمن الصفراوي، وأبا الفضل الهمداني. وبمصر من: عبد الرحيم بن الطفيل، وأبي الحسن بن المقير، وأبي الحسن بن الصابوني. وكان فقيها مالكيا، زاهدا عابدا، عارفا، إلا أنه كان متغاليا في أشعريته. توفي بمصر في تاسع رمضان، وشيعه الخلائق. وكان يوما مشهودا. ومن شعره:
(أتطمع أن ترى ليلى بعين .......... وقد نظرت إلى حسن سواها)

(سواها لا يروق الطرف حسنا .......... وأوصاف لها زانت حماها)

(51/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 171

(أتنظرها بعين بعد عين .......... فتلك العين تمنعا قذاها)

(قذاها إن أردت يزول عنها .......... فغير العين دهرك لا تراها)
وقيل: إنه كان يحفظ ' سيبويه ' روى عنه: ابن نباتة، والقطب عبد الكريم، وعدة. 211 - محمد الشمس السراب. السقطي. توفي في رجب، ودفن ببستانه بالربوة، وخلف ولدين يونسية. 212 - المبارك بن المبارك بن عبد الحكيم. البارع، شمس الدين، أبو منصور بن الصباغ. طبيب المستنصرية. كان ماهرا في الصناعة، له تصانيف. وقد ناهز المائة ونيف عليها، قاله ابن الفوطي، متمتعا بسمعه وبصره. مات في المحرم. 213 - محاسن بن الحسن بن عبد الله. نجيب الدين، أبو الفضل السلمي. شيخ معمر، كان يمكنه السماع من الخشوعي، ونحوه فإنه ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة.

(51/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 172
وروى عن: أبي القاسم بن الحرستاني بالإجازة ؛ سمع منه: علم الدين، وغيره. وتوفي بنواحي أذرعات في رجب إن شاء الله. وقد أجاز لي. 214 - مظفر بن أبي بكر بن مظفر. العلامة، تقي الدين الجوسقي، مدرس الحنابلة بالبشيرية. كان إماما، مناظرا، خلافيا، كبير القدر. حدث عن ابن السباك. مات في ربيع الأول، وله سبعون سنة. وكان رئيسا في المذهب وأصوله. 215 - مظفر بن عبد الوهاب بن مشرف. الدمشقي. توفي في ذي الحجة. وولد سنة ستمائة. ولا أعلم له رواية. 216 - مكي بن عبد الرحمن بن غنام. أبو الحرم الحراني. شيخ صالح، قدم دمشق، وذكر أنه سمع من عبد القادر الرهاوي. وقد روى بالإجازة عن أحمد بن الدبيقي، وعبد العزيز بن منينا، وسليمان الموصلي. سمع منه: علم الدين، وابن الخباز، وغيرهما. ومات في شعبان. وهو زوج ست الدار بنت الشيخ مجد الدين ابن تيمية.

(51/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 173
217 - موهوبة. أخت الشيخ أمين الدين عبد الصمد بن عبد الوهاب ابن زين الأمناء ابن عساكر. سمعت من جدها، ومن ابن صباح. وحدثت. توفيت في جمادى الأولى. وهي والدة الأخوين شرف الدين وعز الدين ابني ابن العماد الكاتب.
- حرف النون -
218 - نصر الله بن محمد بن نصر الله. المولى صفي الدين، وزير صاحب حماة. ولي بعد وفاة أخيه علاء الدين سنة أربع وسبعين. وكان حسن المعاملة. للناس. توفي في سلخ رجب بحماة.
- حرف الياء -
219 - يوسف بن عبد الله بن عمر. قاضي القضاة بدمشق، جمال الدين، أبو يعقوب الزواوي، المالكي، وهو بنسبته أشهر. ولي القضاء بعد ابن عمه الشيخ زين الدين الرهاوي.

(51/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 174
وتوفي إلى رحمة الله في طريق الحج هو ونجم الدين ابن البارزي. وبقي القضاء بعده شاغرا ثلاث سنين. 220 - يحيى بن فرج بن هياب. صفي الدين الأسود، الشاهد. توفي في ذي الحجة بدمشق.
الكنى
221 - أبو بكر بن عمر بن علي. البقال الصالح. عرف بأبي السوالم. شيخ مبارك، روى عن: الموفق، والقزويني. توفي في ذي الحجة. 222 - أبو بكر بن يوسف بن صدقة. يعرف بالعفيف الأريسي. ولد سنة سبع وستمائة، وكتب في الإجازات. مات في رجب. 223 - أبو الفتح بن إسحاق بن نصر الله بن هبة الله بن سني الدولة. العدل الجليل فخر الدين. توفي بدمشق في صفر. وله تعليق في التاريخ. 224 - أبو القاسم بن أحمد. المراغي، الصعيدي، الزاهد.

(51/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 175
من المشايخ المشهورين بمصر. توفي في ذي الحجة. كانت جنازته مشهودة. روى شيئا من كلام شيخه ابن الصباغ، عنه. 225 - والدة السلطان الملك السعيد بنت مقدم الخوارزمية بركة خان. توفيت بالقاهرة في وسط السنة، واسمها التطمش. * * * وفيها ولد: رفيقنا الشيخ تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي، في أول صفر، والشيخ سراج الدين عمر بن علي القزويني، محدث بغداد، والقاضي جمال الدين أحمد بن إبراهيم العثماني، المنفلوطي، وجمال الدين سليمان بن محمد ابن خطيب دمشق عبد الكافي الربعي، وعلي بن عبد الحميد المنبجي، المؤذن، ابن أخت العطار.

(51/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 176

سنة أربع وثمانين

- حرف الألف -
226 - أحمد بن إدريس. المالكي، العالم الشهير، الأصولي، الشيخ الإمام، شهاب الدين القرافي، الصنهاجي الأصل. أصله من قرية بكورة بوش من صعيد مصر الأسفل تعرف بفهفشيم. ونسب إلى القرافة ولم يسكنها، وإنما سئل عنه عند تفرقة الجامكية بمدرسة الصاحب ابن شكر فقيل: هو بالقرافة. فقال بعضهم: اكتبوه القرافي. فلزمته هذه النسبة. وكان إماما في أصول الدين وأصول الفقه، عالما بمذهب مالك وبالتفسير، وعلوم أخر. ودرس بالصاحبية بعد وفاة شرف الدين السبكي، ثم أخذت منه، فوليها قاضي القضاة نفيس الدين، ثم أعيدت إليه، ومات وهو مدرسها. ودرس بمدرسة طيبرس وبجامع مصر. وصنف في أصول الفقه الكتب المفيدة الكثيرة، واستفاد منه الفقهاء. وعلق عنه قاضي القضاة تقي الدين ابن بنت الأعز تعليقة على ' المنتخب '، و ' شرح المحصول ' الشرح المشهور. وله

(51/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 177
' التنقيح ' و ' شرحه ' في الأصول، وله ' القواعد والذحيرة ' في مذهب مالك. كان حسن الشكل والسمت. توفي بدير الطين ظاهر مصر، ودفن بالقرافة. وكانت وفاته بعد وفاة صدر الدين ابن بنت الأعز، ونفيس الدين المالكي، وقبل وفاة ناصر الدين ابن المنير، وذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين. ترجمه القاضي علم الدين الإخنائي، من خطه نقلت. 227 - أحمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن [سالم بن] باقا. القيسي، التاجر، نجم الدين، أبو العباس. روى عن أبيه. ومات في المحرم. 228 - - أحمد بن عثمان بن محمد بن الهادي. شهاب الدين القيسي. دمشقي جليل. روى عن: ابن اللتي، والسخاوي. كتب عنه الطلبة. ومات في ذي الحجة. * - أحمد بن محمد الواعظ. هو زين الدين كتاكت، يأتي في الكاف. 229 - أحمد بن هاشم. جمال الدين التفليسي.

(51/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 178
توفي في شعبان. 230 - إبراهيم بن إسحاق بن المظفر. الشيخ برهان الدين، أبو إسحاق، المصري، الوزيري، المقرئ. من حارة الوزيرية بالقاهرة. ولد سنة تسع عشرة وستمائة وحفظ ' العنوان '، وقرأ بها، أعني القراءآت، على التقي عبد القوي بن المغربل صاحب أبي الجود سنة أربعين وقرأ بعدة كتب على الكمال الضرير. وراح إلى الصعيد فقرأ على: محمد بن محمد بن الفصال، وقرأ بدمشق على علم الدين القاسم، وعلى الكمال بن فارس. وعني بالقراءآت وأقرأ بها. وسمع الحديث، وأسمع ابنه إسحاق. 231 - - [إبراهيم بن علي بن شاور. زين الدين القرشي، الطوخي، المصري، المقرئ، المجود. ولد سنة اثنتين وستمائة، وقرأ القراءآت، توفي في شوال]. 232 - إسماعيل بن الجمال أبي حمزة أحمد بن عمر ابن الشيخ أبي عمر. المقدسي، نجم الدين. سمع من: الشيخ الموفق، وموسى بن عبد القادر. توفي في شوال بجماعيل.

(51/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 179
* [أيدكين: هو علاء الدين البندقدار ؛ يأتي في العين]. 233 - أيوب بن أبي الزهر بن معالي. مجد الدين الأنصاري، ابن الخيسي. رئيس جليل، سمع الكثير، وسمع أولاده. وهو خال تقي الدين محمد بن الفاضلي. سمع من: علم الدين السخاوي، واليلداني، وجماعة. روى عنه: البرزالي فيما أظن، وابن الخباز. وتوفي في ربيع الآخر، وله ستون سنة.
- حرف الباء -
234 - البرهان النسفي. هو أبو الفضائل، محمد بن محمد بن محمد الحنفي، العلامة، صاحب التصانيف الكلامية والخلافية، وله مقدمة مشهورة في الخلاف. شاخ وعمر: وأقرأ الطلبة، وسار ذكره. مولده سنة ستمائة. وأجاز العلم الدين البرزالي في هذه السنة في شعبان من بغداد. ولم تطل أيامه بعد ذلك بل بقي إلى سنة سبع وثمانين وستمائة، وسيعاد.

(51/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 180

- حرف الحاء -
235 - حازم بن القاضي محمد بن حسن بن محمد بن خلف [بن حازم]. شيخ البلاغة والأدب، هني الدين، أبو الحسن الأنصاري، المغربي. توفي سنة أربع، وله ست وسبعون سنة. أرخه المطري. من أهل قرطاجنة بالأندلس. 236 - حسن بن سونج. المحدث، أخو الشيخ إسماعيل بن سونج، وأخو صاحبنا الشيخ حسين. وأبوهم هو الحكيم مجد الدين إبراهيم بن أحمد بن سونج الطبيب. قرأ وكتب، وحصل الأجزاء، وأكثر عن أصحاب ابن طبرزد، وطبقتهم. ومات شابا. وكان يلقب بالعماد. توفي في شعبان. وكان فقيها بالشبلية، من فضلائهم. 237 - الحسن بن محمد بن علي. نجم الدين الأنصاري، الدمشقي، الكاتب.

(51/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 181
خدم الأمير عز الدين أيبك المعظمي، ثم الطواشي رشيد. ثم ولي نظر بعلبك بعد الكمال إبراهيم بن شيث مدة. ثم عزل ولزم منزله بدمشق بدرب الفراش. وخرج مع الجيش لحصار المرقب فتوفي بنواحي حمص. وكان من قدماء رماة البندق. وقد جاوز السبعين. 238 - الحسن بن مسعود بن محمد. خطيب جامع بلهيقا. قرأت بخط الفرضي: مولده في سنة خمس عشرة وستمائة. ومات في سابع عشر ربيع الأول. 239 - الحسن الرومي. شيخ الشيوخ بالقاهرة. توفي في أواخر العام. وصلي عليه صلاة الغائب بدمشق. وولي المشيخة بعده الأيكي. 240 - الحسين بن علي بن أبي بكر بن يونس. أبو عبد الله ابن الخلال أخو شيخنا بدر الدين حسن. روى عن: ابن اللتي، وابن المقير، وكريمة، وجعفر. وتوفي بقوص كهلا. 241 - الحسين بن همام. العدل الأجل، أبو عبد الله بن البياع القرشي.

(51/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 182
توفي بمصر في صفر، وولد بدلاص سنة إحدى وستمائة. حدث عن ابن باقا. وتوفي أخوه سنة خمس وتسعين.
- حرف الخاء -
242 خليل بن يوسف بن خليل. العدوي. روى عن: أبي الحسن بن الجميزي، والحافظ النشتيري. ولد بإربل سنة سبع وستمائة. وكان يعرف بابن الفحام. وكان له أصحاب وفقراء بدمشق. توفي في صفر. سمع منه: البرزالي، والطلبة رحمه الله تعالى.
- حرف الدال -
243 - داود بن يحيى بن كامل. القاضي عماد الدين القرشي، الحنفي، البصروي. والد العلامة نجم الدين القحفازي. ولي تدريس العزية بالكشك، وناب في القضاء. وروى الحديث عن أبي القاسم بن صصرى فيما قيل. وعن: أبي إسحاق الصريفيني، وعبد الرحمن بن النصولي.

(51/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 183
وناب عن القاضي مجد الدين ابن العديم. وكان إماما، محققا، صالحاً، ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. ومات في نصف شعبان. وكان عماد الدين من بقايا أصحاب ابن الحصيري شيخ الحنفية.
- حرف الراء -
244 - رمضان بن وفاء. الخطيب، أبو الوفاء الهمداني. كتب عنه ابن الفوطي في الإجازات، وأرخ موته في ربيع الآخر.
- حرف السين -
245 - ست العرب بنت يحيى بن قايماز. أم الخير الدمشقية. سمعت من مولاهم التاج الكندي. وحضرت على ابن طبرزد. وسمع منها الكبار، وأجازت لنا مروياتها. ولها إجازة من المؤيد الطوسي، وجماعة. روى عنها: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وجماعة. سألت المزي عنها فقال: شيخة جليلة، كثيرة السماع، سمعت من ابن طبرزد ' الغيلانيات '، وغيرها. وحدثت سنين كثيرة. قلت: ولدت في ربيع الآخر سنة تسع وتسعين، وتوفيت في التاسع والعشرين من المحرم.

(51/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 184
246 - - سعيد بن علي بن سعيد. العلامة، رشيد الدين، أبو محمد البصراوي، الحنفي، مدرس الشبلية. كان إماما، مفتيا، مدرسا، بصيرا بالمذهب، جيد العربية، متين الديانة، شديد الورع. عرض عليه القضاء أو ذكر له فامتنع. قال شمس الدين ابن أبي الفتح: سمعت غير واحد يقول: لم يخلف الرشيد سعيد بعده في المذهب مثله. وكان خبيرا بالنحو، وكانت له يد طولى في النظم والنثر، ومن شعره:
(استجر دمعك ما استطعت معينا .......... فعساه يمحو ما جنيت سنينا)

(أنسيت أيام البطالة والهوى .......... أيام كنت لذي الضلال قرينا)
توفي الرشيد سعيد في شعبان في آخر الكهولة. كتب عنه ابن الخباز، وابن البرزالي.

(51/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 185

- حرف الصاد -
247 - الصائن. أبو عبد الله البصري، المقرئ، الضرير، نزيل الروم ومقرئها. قرأ القراءآت وجودها، وبرع في معرفتها. وقدم دمشق فقرأ السبعة على المنتخب الهمداني. وكان عارفا بمذهب الشافعي. أضر في أثناء عمره، ودخل الروم وقد شاخ، فقرأ عليه طائفة منهم الشيخ وحيد الدين المقرئ إمام الكلاسة، ورأيته يصفه ويثني على علمه ودينه، وقال: إنه توفي في هذه السنة، وفيها قدمت الشام. وقال: اسمه محمد.
- حرف الطاء -
248 - طي بن مصبح. البعلبكي، الفقير، الصالح. حدث عن البهاء عبد الرحمن. أخذ عنه: ابن أبي الفتح، والبرزالي، وغيرهما. ومات في ذي الحجة.
- حرف العين -
249 - عبد الله. الملك المسعود، جلال الدين، ولد السلطان الملك الصالح إسماعيل ابن الملك العادل.

(51/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 186
كان من أجمل الناس صورة، وكان محتشما، نبيلا، حسن الأخلاق. توفي كهلا بقرية بالمرج، ودفن بتربة الأمجد عباس في نصف جمادى الآخرة. 250 - عبد الله بن الإمام ناصح الدين عبد الرحمن بن نجم. الحنبلي زين الدين، أبو بكر الدمشقي. سمع أباه، وسمع بالموصل من: عبد المحسن بن عبد الله الطوسي. وبدمشق من: أبي محمد بن البن، والقزويني. وببغداد من: عبد السلام الداهري. وطال عمره وعلا سنه، وعاش ثمانين سنة. وأجازت له من إصفهان عفيفة الفارقانية، وجماعة. وأجاز له من العراق أبو الفتح المندائي. روى عنه: المزي، والبرزالي، وجماعة. ومات في شوال. 251 - عبد الله بن محمد بن محمد بن المجاهد. القواس. روى عن: الشيخ الموفق، والبهاء، وأبي القاسم بن صصرى، وجماعة. وأخذ عنه: ابن الخباز، وابن البرزالي، وجماعة. ومات في ذي القعدة. وهو أخو شيخنا أحمد بن المجاهد، وهو لقب لأبيهما. روى عن: يحيى الثقفي.

(51/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 187
252 - عبدالحميد بن أحمد. المنجبي، القاضي، مجد الدين الملوحي قاضي بيسان، وزوج أخت الشيخ علي ابن العطار. توفي بعجلون. 253 - عبد الحميد بن فخار بن معد. الشيخ جلال الدين، أبو القاسم الموسوي، الحسيني، الأديب، الشاعر. سمع من: عبد العزيز بن الأخضر وغيره. مات في تاسع شوال ببغداد. وقال ابن الفوطي: مات في سابع عشرة. وسمعت منه. 254 - عبد الرحمن بن عباس بن محمد بن عنان. الشيخ الصالح، أبو الفرج الخباز، زوج جدتي. كان رجلا صالحاً، خيرا، تاليا لكتاب الله. له بيت وفرن بحكر العنابة، وكنت أفرح بالمبيت عنده للفرجة على العسكر وغير ذلك. روى عن: ابن الزبيدي، والفخر الإربلي، والضياء المقدسي. قال ابن أبي الفتح: هو ابن عم والدتي. وذكر أنه سمع منه ' الثلاثيات '. قلت: سمع منه البرزالي، وغيره. وتوفي بقرية السموقة من الغوطة في نصف رجب. وكان من أبناء السبعين وبقي في صحبة أم أبي ثلاثين سنة، ثم توفيت بعد وفاة جدي لأمي، فتزوج بجدتي لأمي عبد الحميد.

(51/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 188
255 - عبد الرحمن بن عمر بن أبي القاسم. نور الدين البصري، العبدلياني. منسوب إلى قرية عبدليان. درس للحنابلة بالبشيرية، ثم درس بالمستنصرية بعد ابن عكبر. وله تصانيف منها: كتاب ' جامع العلوم في التفسير '، وكتاب ' الحاوي ' في الفقه، و ' الكافي في شرح الخرقي '، و ' الشافي في المذهب '. وله طريقة في الخلاف. عاش ستين سنة. وكان يلقب بملك العرب. مات ليلة عيد الفطر. 256 - - عبد الرحمن بن الشيخ أبي القاسم. الحواري. توفي في شوال، وكان رجلا صالحا خلف أباه في المشيخة. 257 - - عبد المنعم بن محمد بن أبي جعفر بن غرندة. أبو الفرج البغدادي، الحلبي، والحلبة من قرى بغداد. كان ثقة، جليلا، حنبلي المذهب. ولد في سنة تسع وستمائة وسمع: أحمد بن صرما، وعلي بن إدريس الزاهد.

(51/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 189
روى عنه أبو العلاء الفرضي، وقال: توفي في ربيع الأول. سمع ' الجزء القادري ' من ابن إدريس. وأجاز لحفيد الكازروني، وللبرزالي. 258 - عبيد الله بن محمد بن الشريف أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة. الشمس المقدسي، الحنبلي. ولد سنة خمس وثلاثين وستمائة. سمع من: كريمة، والضياء. وأحضر على جعفر. وتفقه ودرس وأعاد، وقرأ بنفسه الكثير، وسمع أولاده. وكان كيسا، فاضلا، محببا إلى الناس، ذا ثروة ودين وتودد. وكان الشيخ شمس الدين يحبه ويفضله على سائر أهله. توفي بجماعيل في الثاني والعشرين من شعبان. وقد سمع منه البرزالي، وغيره. وصنف في الأحكام، وغير ذلك. 259 - عثمان بن أبي محمد بن خولان. أبو عمرو البعلبكي، التاجر. كان ثقة، صالحا. روى عن: البهاء عبد الرحمن. وتوفي في صفر.

(51/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 190
سمع منه: ابن أبي الفتح، وابن البرزالي، وجماعة. 260 - علي بن بلبان. المحدث، علاء الدين، أبو القاسم المقدسي، الناصري الكركي، المشرف. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسمع ببغداد من: أبي الحسن القطيعي، وابن السباك، وعبد اللطيف بن القبيطي، وطبقتهم. وبدمشق من: جعفر الهمداني، وكريمة، وهذه الطبقة. وبمصر والإسكندرية من جماعة من أصحاب السلفي. وعني بالحديث، وسمع الكثير، وحصل الأجزاء، وانتخب وخرج لنفسه وللناس، وروى الكثير من مسموعاته. وكان منقطعا إلى هذا الفن مغرى به، ولم يكن مبرزا فيه ولا متقنا له. وله غلطات وأوهام. خرج للشيخ شمس الدين شيخه وللتاج بن الحبوبي مشيخة كبيرة، وللفخر ابن البخاري مشيخة، ولنفسه ' الموافقات '. وكان جنديا ثم تركها، ورتب مشرفا للجامع الأموي. وكان يحضر مدارس الحنفية ويؤم بمسجد الماسكي. سمع منه: شيخنا ابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وأبو القاسم بن حبيب، وشهاب الدين ابن المجد الشافعي، وأبو عبد الله بن الصوفي، وخلق كثير.

(51/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 191
وله شعر حسن ومدائح، وكان خيرا، متواضعاً، متودداً، يستعين بالطلبة على ما يخرجه. توفي ليلة أول رمضان، ودفن بمقبرة باب الصغير. وقد أجاز لي مروياته. 261 - علي بن عبد العزيز بن علي بن جابر. الفقيه، الأديب، البارع، تقي الدين، المقرئ البغدادي، المعروف بابن المغربي صاحب تلك القصيدة السائرة التي أولها:
(يا دبدبة تدبدبي .......... أنا علي بن المغربي)
مات ببغداد فيما أرخه ابن الفوطي في ربيع الآخر، قال: وقد اعتنى الفقيه قوام الدين الحنفي بجميع ديوانه. 262 - علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن. علاء الدين، أبو الحسن البكري، المراكشي، الكاتب. ولد سنة ست عشرة وستمائة. وسمع: أبا صادق بن صباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن أخي أبي البيان، والحسين بن إبراهيم بن مسلمة. وروى ' صحيح البخاري '. وكان ذا رواء ووقار وخبرة بأمور الديوان والحساب بحيث يرجع إلى قوله في ذلك.

(51/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 192
ولي نظر المارستان النوري مدة بلا جامكية، كان غنيا. ثم ولي نظر الدواوين. وكان ترك ذلك أولى به لأنه كان متواضعا صالحاً، له ورد، بين العشاءين، وكان يركب الحمار ويأتي الديوان. سمع منه غير واحد. وأجاز لي أحاديثه، ومات في جمادى الأولى. 263 - علي بن محمد بن ميكائيل. نفيس الدين، وكيل الصاحب شمس الدين الجويني. صحب السهروردي، سمع منه كتاب ' العوارف ' كتب عنه ابن الفوطي بمراغة وقال: مات بالموصل في المحرم. 264 - علاء الدين البندقدار. الأمير الذي ينسب إليه السلطان ركن الدين بيبرس البندقداري. كان من كبار الأمراء الصالحية. وكان عاقلا، ساكنا. توفي في جمادى الأولى بالقاهرة، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب. كان ممولكا لجمال الدين بن يغمور، ثم صار للسلطان نجم الدين أيوب فجعله بندقداره. وعنه انتقل [إلى الملك الصالح لما] حبسه واحتاط على موجوده.

(51/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 193
ولما آل الملك إلى الظاهر كان يحترمه ويرى له حق التربية. وكان هو يبالغ في النصح والخدمة للظاهر ويفرح به وهو الذي انتزع الشام للظاهر من الحلبي. قال ابن اليونيني: ورافقته من مصر إلى دمشق، فرأيت من مكارمه وحسن تربيته ما لا مزيد عليه. توفي بالقاهرة وقد ناهز السبعين.
_ حرف الكاف -
265 - كافور الطواشي. الأمير شبل الدولة، أبو المسك الصوابي، الصالحي، النجمي، الصفوي، خزندار خزانة الشام. ولد سنة بضع وستمائة ظنا. وسمع من: السخاوي، وابن قميرة ؛ وبمصر من: عبد الوهاب بن رواج، وغير واحد. وكان دينا، عاقلا، خيرا، يحب العلم وأهله، ويعجبه السماع والرواية. كتب عنه جماعة من الطلبة. وثنا عنه أبو الحسن بن العطار. توفي ليلة أول رمضان كابن بلبان بقلعة الجبل، وقد نيف على الثمانين.

(51/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 194
266 - كتاكت. الواعظ، زين الدين أحمد بن محمد الأندلسي، الإشبيلي الأصل، المصري. ولد بتنيس سنة خمس وستمائة. وكان رأساً في الوعظ، حفظة للأخبار، وله نظم جيد. وعلى وعظه روح. توفي، رحمه الله، بالقاهرة، في ثالث عشر ربيع الأول.
- حرف الميم -
267 - محمد بن إبراهيم بن علي بن محمد بن شداد. الرئيس، المنشيء، عز الدين، أبو عبد الله الأنصاري، الحلبي، الكاتب. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة بحلب. وكان أديبا فاضلا، حسن المحاضرة. صنف ' تاريخا ' لحلب، و ' سيرة الملك الظاهر '. وكان من خواص السلطان الملك الناصر يوسف. ذهب في الرسلية عنه إلى هولاكو وإلى غيره، ثم سكن الديار المصرية بعد أخذ حلب. وكان ذا مكانة وحرمة عند الملك الظاهر وولده والملك المنصور. وله

(51/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 195
توصل ومداخلة، وفيه تودد ومروءة ومسارعة لقضاء حوائج الناس. وقد روى شيئا. وسمع منه المصريون. توفي في سابع عشر صفر. ودفن بسفح المقطم. وكان معلومه في الشهر ألف درهم. وله حرمة تامة ورأي. وقد عرضت عليه الوزارة زمن السعيد فامتنع. 268 - محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن. أبو بكر بن الحافظ أبي الطاهر بن الأنماطي، المصري، ثم الدمشقي. نزيل القاهرة. سألت المزي عنه فقال: شيخ حسن من أولاد المحدثين. سمعه أبوه الكثير من: أبي اليمن الكندي، وأبي عبد الله بن البنا، وأبي البركات بن ملاعب، وأبي القاسم بن الحرستاني في آخرين. وأجاز له عبد العزيز بن الأخضر، والمؤيد الطوسي، وخلق يطول ذكرهم. وحدث بكثير من مروياته. وكان سهلا في الرواية، سمعنا منه كثيرا في القاهرة سنة ثلاث وثمانين. وكان قد لفق له أبوه سماع جميع ' تاريخ ' ابن عساكر، وهممت بقراءته عليه وكلمته في ذلك ففرح وأجاب، ثم تركته لطوله. قلت: وقد سمع منه عامة الطلبة بمصر، وانفردوا بأشياء كثيرة لم يحدث بها لكون الأصول بدمشق. وتوفي في أول ذي الحجة بالقاهرة. وولد سنة تسع وستمائة.

(51/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 196
وقد حدث بدمشق سنة ثمان وستين، وسمع منه بقراءة ابن نفيس شيخنا ابن تيمية، وأخواه عبد الرحمن وعبد الله خضر، وشهاب الدين بن المجد عبد الله، ومحمد وإبراهيم ابنا الوجيه بن منجا، وآخرون. 269 - محمد بن إياز. الأمير الكبير، ناصر الدين ابن الأمير افتخار الدين الحراني، الحنبلي. ولي ولاية دمشق بعد موت الافتخار والده، وأضيف إليه شد الأوقاف والنظر فيها استقلالا. وكان نائب السلطنة لا يخالفه ولا يخرج عن رأيه. وله المكانة العالية عند الملك الظاهر، وكلمته مسموعة في سائر الدولة. وكان ذا عقل ورأي وذكاء، وخبرة بالأمور. وكان مليح الخط، جيد الفضيلة، كثير المكارم والفتوة. وقال الشيخ قطب الدين: كان يكتب خطا منسوبا، رأيته يكتب وهو ينظر إلى جهة أخرى. قال: وكان كثير المكارم والستر وقضاء حوائج الناس، يصلح لكل شيء. سمعت بعض الأمراء يقول: والله يصلح لوزارة بغداد في زمن الخلفاء، ولا يقوم غيره مقامه. ثم استعفى من ولاية البلد فأجيب. ثم ولاه السلطان الملك المنصور نيابة حمص فتوجه على كره فلم تطل مدته به. وتوفي ليلة نصف شعبان بها، فنقل إلى دمشق ودفن بتربة الشيخ أبي عمر ولم يبلغ الستين. وقد سمع الحديث الكثير، وما أظنه حدث.

(51/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 197
270 - محمد بن حاتم بن هبة الله بن خلف. شرف الدين الدلاصي، الأنصاري. حدث عن عبد العزيز بن باقا. ومات في شوال بمصر. 271 - محمد بن الحسن بن إسماعيل بن محمد. الشيخ شرف الدين الإخميمي، الزاهد. روى ' جزء ابن نجيد '، عن ابن طلحة النصيبي. سمعه معه الشيخ تقي الدين ابن تيمية، والبرزالي. وكان كثير التعبد والاجتهاد، وللناس فيه حسن اعتقاد. وبعض الناس كان ينسبه إلى التصنع. وكان يفتح عليه بأشياء من الأمراء والكبار، فإذا قوبل بقدر يسير لا يقبله. وفي الجملة كان جليل القدر، مهيبا، حسن السمت، حلو الكلام. وهو الذي ذكره كمال الدين محمد بن طلحة في تصنيفه في علم الحروف. فذكر أن الشيخ محمداً رأى عليا رضي الله عنه، فأراه دائرة الحروف.

(51/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 198
وبمثل هذا تكلم به بعض الأئمة، فإن الدخول في علم الحروف ينافي طريق السلف، وهو في شق، وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في شق. وهو مما حرمه الله تعالى بقوله: {أن تقولوا على الله ما لا تعلمون} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث '. قلت: وعلم الحروف يشبه الكهانة والنجوم، لا بل هو شر منه. فنسأل الله أن يحفظ علينا إيماننا. * * * توفي الشيخ محمد الإخميمي بزاويته بقاسيون، وغسله الشيخ فخر الدين ابن عز القضاة، والشيخ برهان الدين الإسكندراني، والشيخ شرف الدين الفزاري، وازدحم الناس على نعشه. وكان على جنازته سكون وهيبة، وذلك في جمادى الأولى. تعلل مدة، وقد زاره الصاحب تاج الدين بن حنا، فدفع إليه أربعة آلاف دينار. وكان أسمر، طويلا، نحيفا، مهيبا، اشتكى من وجع ظهره زمانا وما تداوى وكان صديقا للشيخ يوسف البقاعي مدة، ثم وقع بينهما فتهاجرا. 272 محمد بن ربيعة بن حاتم بن سنان. أبو عبد الله الحبلي، المصري ابن الخرقي. والده الكتبي، المقرئ. راوي ' السيرة ' عن عبد القوي بن الجباب. كان موجودا في هذه السنة. قرأ عليه شيخنا المزي ' السيرة '، وذكره البرزالي في ' شيوخه ' بالإجازة.

(51/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 199
والحيلي مستفاد مع الحبلي، والختلي، والجبلي، والجيلي. وحبلة: مكان باليمن منه صاحبنا علي بن منصور. وسمع منه أيضا: ابن سامة، وأبو عبد الله بن نباتة. وسماعه للسيرة في سنة ثمان وستمائة. ومولده في رمضان سنة سبع وتسعين. 273 - محمد بن طرس. أبو عبد الله الشنقري، البغدادي، الصوفي. روى عن: ابن روزبة، وابن اللتي. ومات في جمادى الآخرة، رحمه الله. 274 - محمد بن عامر بن أبي بكر. أبو عبد الله الغسولي، الصالحي، المقرئ. شيخ صالح، متواضع، متعفف، خير. روى عن: ابن ملاعب، والشيخ الموفق، وابن راجح، وغيرهم. روى عنه: ابن الخباز، وسائر الطلبة. وتوفي في جمادى الآخرة وقد قارب الثمانين. وهو صاحب الميعاد المشهور عشية السبوت. وكان يعظ عقيب الختم ثم يدعو. قال الشيخ تاج الدين في ' تاريخه ': كان يجمع الناس للختم كل سبت.. وكان طويلا، حسن الشكل. قال: ثم إنه ابتدع بدعة سيئة كرهته عليها. جعل يقرأ ختمة ويهديها للنبي صلى الله عليه وسلم، وختمة يهديها لإبراهيم الخليل، والله يسامحه.

(51/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 200
قلت: أصل المسألة فيه نزاع، وهو إهداء ثواب التلاوة. 275 - محمد بن عبد الله بن بركات بن إبراهيم. الكمال بن الخشوعي، والد شيخنا علي. حدث وكتب في الإجازات. ومات في شوال كهلا. وحدث عن عمه إبراهيم. 276 - محمد بن عبد العزيز بن محمد بن الحسن. ابن الدجاجية، العدل، نجم الدين الصالحي. توفي ببستانه. وقد سمع من: أبيه، وابن صباح، وأبي نصر بن الشيرازي. أخذ عنه علم الدين البرزالي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة. شيعه قاضي القضاة، وخلف أملاكا. 277 - محمد بن عبد الغني بن ظافر. جمال الدين بن الشيرجي، الإسكندراني، الشافعي، المؤدب. عمر دهرا طويلا، فإنه ولد سنة تسعين وخمسمائة. وسمع من ابن البنا ' جامع الترمذي '، ومن ابن المفضل. أجاز للبرزالي، وقال: مات سنة أربع وثمانين تقريبا. 278 - محمد بن عثمان بن علي. الرومي، الشيخ شرف الدين، ابن الشيخ القدوة الزاهد عثمان، صاحب الزاوية التي بسفح قاسيون.

(51/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 201
كان صالحاً، زاهداً، فقيرا، واسع الصدر، كريما، جوادا، لطيفا، متواضعا، كيسا، لا يدخر شيئا أصلا، بل ينفق ما يفتح عليه به. وكان لا يكاد يتردد إلى أحد، ويعمل السماعات، ويصعد إليه الخلق الكثيرين الفقراء والعوام فيرقص سائر السماع، ويخلع جميع ما عليه على المغاني، ويبقى في اللباس فقط. وقد حضر حصار المرقب، ثم عاد إلى دمشق، فتوفي عقيب قدومه بأيام في العشرين من جمادى الأولى، وهو في عشر الثمانين. 279 - محمد بن علي بن إبراهيم بن شداد. العلامة، المنشيء، عز الدين الحلبي، له فضل وجلالة. صاحب ' سيرة الملك الظاهر '. توفي بمصر في صفر، وهو من أبناء السبعين. 280 - محمد بن علي بن يوسف بن محمد بن يوسف.

(51/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 202
العلامة، رضي الدين، أبو عبد الله الأنصاري، الشاطبي، اللغوي. ولد ببلنسية سنة إحدى وستمائة. وروى عن: أبي الحسن بن المقير، وبهاء الدين بن الجميزي. وتوفي في يوم الجمعة الثاني والعشرين من جمادى الأولى بالقاهرة. وكان رحمه الله عالي الإسناد في القرآن. فإنه قرأ لورش على الشيخ المعمر محمد بن أحمد بن سعود الأزدي الشاطبي صاحب ابن هذيل سنة بضع وعشرين وستمائة. وسمع منه كتاب ' التلخيص ' لأبي عمرو الداني في قراءة ورش. كان رضي الدين إمام عصره في اللغة، تصدر بالقاهرة وأخذ الناس عنه: أبو حيان، وسعد الدين الحارثي، وأبو الحسين اليونيني، والمزي، وابن منير الحلبي، وابن عمرو بن الظاهري، وآخرون. ذكر لي ابن حرمي الفرضي، عن أبي حيان النحوي، عن الرضي الشاطبي قال: أعرف اللغة على قسمين، قسم أعرف معناها وشاهدها، وقسم أعرف كيف أنطق بها فقط. وسمعت شيخنا أبا الحسين اليونيني ببعلبك يقول: سألت شيخنا العلامة رضي الدين الشاطبي عما ذكره أبو عمر الزاهد في كتابه ' ياقوتة الصراط ' عند قوله عز وجل: {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قال: يعني الإخصاء. قلت له: هل تعرف الإخصاء بمعنى الخصاء؟ قال: لا أعرف أحداً ذكره إلا أنني أحفظ بيتين لأهل الأندلس، قال: وهم يسمون القط قطرسا. وأنشدني البيتين، وهما:

(51/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 203

(عجائب الدهر شتى لا يحاط بها .......... منها سماع ومنها في القراطيس)

(وإن أعجب ما جاء الزمان به .......... فار بحمص لإخصاء القطاطيس)
قلت: هذه حمص الأندلس. وهي بلد معروفة. 281 - محمد بن يحيى بن تمام. الرئيس، شمس الدين، ابن عماد الدين بن الجميزي، الدمشقي، العدل. توفي بالمزة في جمادى الآخرة. 282 - محمد بن يعقوب بن علي. المولى، مجير الدين بن تميم. سكن حماة، وخدم الملك المنصور. وكان جنديا محتشما، شجاعاً مطبوعاً كريم الأخلاق، بديع النظم. توفي بحماة في هذا العام.

(51/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 204
ومن شعره:
(كم فارس صاحبته يوم الوغى .......... وتركته إذ خانه إقدامه)

(حتى بلغت بحد سيفي موضعا .......... في الحرب لم تبلغ إليه سهامه)
وله:
(دعني أخاطر في الحروب بمهجتي .......... إما أموت بها وإما أرزق)

(فسواد عيشي لا أراه أبيضا .......... إلا إذا احمر السنان الأزرق)
وله:
(رعى الله وادي النيربين فإنني .......... قضيت به يوما لذيذا من العمر)

(درى أنني جئته متنزها .......... فمد لأثوابي بساطا من الزهر)
5 (وأقد مني الماء القراح فحيثما .......... سنحت رأيت الماء في خدمتي يجري)
وله:
(لم لا أهيم إلى الرياض وزهره .......... وأقيم منه تحت ظل ضافي)

(والغصن يلقاني بثغر باسم .......... والماء يلقاني بقلب صافي)
وله:
(العفو مستحسن من غير مقتدر .......... فكيف من لم يزل يعفو إذا قدرا)

(والعبد فهو فقير ما له أحد .......... سواك فاصفح ولا تشمت بي الفقرا)
وله:

(51/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 205

(ولم أنس قول الورد والنار قد سطت .......... عليه فأمسى دمعه يتحدر)

(ترفق فما هذي دموعي الذي ترى .......... ولكنها روحي تذوب فتفطر)
وله:
(حاذر أصابع من ظلمت فإنها .......... تدعو بقلب في الدجى مكسور)

(فالورد ما ألقاه في نار الغضا .......... إلا دعاء أصابع المنثور)
وله:
(ما احمر وجه الورد إلا إذ غدا .......... المنثور يلطم وجهه بكفوفه)
وله:
(ومذ قلت للمنثور إني مفضل .......... على حسنك الورد الذي جل عن شبه)

(تلون من قولي وزاد اصفراره .......... وفتح كفيه وأومى إلى وجهي)
وله رحمه الله مرثية، بديعة أولها:
(فؤاد على فقد الحبيب له وقد .......... وأجفان عين ما لها بالكرى عهد)

(وجسم براه لاعج الحزن والجوى .......... فما فيه إلا الروح والعظم والجلد)
منها:
(فيا قبره ألا رفقت بجسمه .......... فقد كان يدميه إذا مسه البرد)

(وألا كشفت الترب عن حسن وجهه .......... فقد كان وجها يخجل البدر إذ يبدو)
وله:
(يا من تلون في الوداد ولم أزل .......... أبداً بحسن وداده أتمسك)

(الماء منه حياتنا وسرورنا .......... وإذا تلون أو تغير يترك)
وله:
(مبارز الدين يامن جود راحته .......... وفضله في الورى يربي على السحب)

(51/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 206

(عندي طريفية شهباء تحسبها .......... للحسن قد لبست ثوبا من الشهب)

(لم ترض نعلا هلال الأفق من صلف .......... ولا نجوم الثريا موضع اللبب)

(كم مرة تركت ريح الشمال وقد .......... جاءت تسابقها في غاية التعب)

(كريمة تسند الأعراب نسبتها .......... إلى جياد تميم سادة العرب)

(رأت جوادك في الميدان معترضا .......... يزهو على الخيل في التقريب والخبب)

(جاءت خاطبة لما انثنى وله .......... أصل يماثلها في عزة النسب)

(وقد رأته لها كفوا ولو خطبت .......... طرفا سواه رآها أشرف الرتب)

(فاحذر تضن عليها فهي شاغرة .......... وشغرها مؤلم في حالة الغضب)
. - 283 - محمد بن يوسف بن محمد بن عصمون. تاج الدين المالقي. ولد بمالقة سنة إحدى عشرة. وحدث عن سبط السلفي. توفي في ذي القعدة بمصر. 284 - مصطفى بن أبي زرعة بن عبد الرزاق. صفي الدين الجروي، الدلاصي، ثم المصري. ولد سنة أربع وستمائة، وسمع من: علي بن المفضل الحافظ، وابن باقا، وغيرهما. مات في شعبان. 285 - مظفر بن علي بن القاسم بن النشبي. مات في سلخ رمضان. روى عنه: البرزالي. سمع من: فخر الدين عبد الرحمن بن عساكر، وزين الأمناء، وابن صصرى.

(51/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 207
وأجاز له خلق. وولد سنة عشر. 286 - معتوق بن علي بن عمر. تقي الدين النصيبي، الفقيه. ولد سنة ستمائة. وسمع من: السخاوي، وغيره. لكنه لم يحدث. ومات في ذي الحجة و كان أحد الشهود.
- حرف النون -
287 - نويصر بن عمر بن راهبة. البعلبكي. حدث عن البهاء عبد الرحمن. كتب عنه: ابن أبي الفتح، وابن البرزالي، وجماعة.
- حرف الهاء -
288 - هدية بنت المحدث المفيد معين الدين إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز القرشي، الدمشقي. توفيت في رمضان. روت عن ابن صصرى حضورا، وعن ابن الزبيدي. سمع منها: ابن حبيب، والبرزالي، والمزي.

(51/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 208

- حرف الياء -
289 - يوسف بن إبراهيم بن يوسف. أبو المظفر بن الزراد الدمشقي، سبط ابن الحنبلي. روى ' أربعين ' السلفي. كتب عنه: ابن أبي الفتح، والبرزالي، وجماعة. ومات في ذي الحجة. حدث عن عم أمه الناصح ابن الحنبلي، وأبي عبد الله بن الزبيدي. * * وفيها ولد: أمين الدين، محمد بن إبراهيم الواني، المحدث. والمولى السلطان الملك الناصر ناصر الدين محمد ابن السلطان الملك المنصور. ولد في صفر فيما أظن، أو في ربيع الأول، مكن الله له في الأرض وأحيا بطول بقائه السنن والفرض. وصارم الدين إبراهيم بن خليفة بن محمد بن خلف المنبجي، والأمين عبد الله بن عبد الله الرهاوي، والشهاب أحمد بن البدر المراغي، والقاسم بن أحمد بن شغير، والمتقي أحمد بن تبع، وعمر بن الحسام الأديب، وعماد الدين محمد بن الشرف أحمد بن الصاحب فخر الدين ابن الشيرجي، وتقي الدين عمر بن الوزير شمس الدين محمد بن علي بن أسعد المنجا.

(51/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 209

سنة خمس وثمانين وستمائة

- حرف الألف -
290 - أحمد بن الحسن. الخطيب البارع، البليغ، شرف الدين، أبو الحسين، خطيب الرصافة، الملقب بالأسد. ولد سنة اثنتين وعشرين. وسمع من: عمر بن كرم. وله خطب أنشأها، و ' المقامات ' الخمسين، وغير ذلك. مات في ربيع الآخر. وكتب عنه ابن الفوطي، وغيره. 291 - أحمد بن شيبان بن تغلب بن حيدرة. المعمر، المسند، بدر الدين، أبو العباس الشيباني، الصالحي، العطار، ثم الخياط. ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة. وسمع من حنبل جميع ' المسند '، ومن عمر بن طبرزد فأكثر.

(51/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 210
ومن أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم الحرستاني، وجماعة كثيرة. وأجاز له أبو جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، والمفتي خلف بن أحمد الفراء، وداود بن محمد بن ماشاذة، وزاهر بن أبي طاهر، وعبد الرحيم بن محمد بن حمويه الراوي ' معجم الطبراني الكبير ' حضورا، عن أبي نهشل العنبري، وعبد الواحد بن أبي المطهر الصيدلاني، وأبو زرعة عبيد الله بن اللفتواني، وعفيفة الفارقانية، وطائفة سواهم. روى عنه: الدمياطي، والقاضي تقي الدين الجيلي، وجماعة من القدماء، وابن الخباز، وابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وابن المهندس، وخلق كثير. وحدث أكثر من أربعين سنة. وكان شيخا حسنا، متواضعا، منقاداً، صحيح السماع، مطبوعا. له شعر. ختموا عليه ' مسند الإمام أحمد ' بدمشق قبل موته بتسعة أيام، وسمعه منه عدد كثير. توفي في السادس والعشرين من صفر، وصلي عليه من الغد بعد صلاة الجمعة بجبل قاسيون. وعاش تسعا وثمانين سنة. 292 - أحمد بن عامر بن أبي بكر. نفيس الدين الغسولي، الصالحي. حدث عن: أبي القاسم بن صصرى، وأبي عبد الله بن الزبيدي، وجماعة. وعنه: ابن الخباز، والبرزالي، والطلبة.

(51/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 211
توفي في شوال بالجبل.
293 - أحمد بن عبد الله بن عبد الهادي. أبو العباس المقدسي، نزيل القاهرة. وهو ابن عم شيخنا العز بن العماد. حدث عن: موسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق، وآخرين. روى عنه: المزي، وابن سامة، والمصريون. ويعرف عندهم بالجمال المراوحي. مات في ثاني عشر صفر. ودفن بالقرافة. 294 - أحمد بن نصر بن تروس. أبو العباس الدمشقي. سمع من: الفخر الإربلي، ومكرم بن أبي الصقر، وغيرهما. سمع منه: الشيخ علي الموصلي، وابن حبيب، والبرزالي، وآخرون. مات في هذه السنة. 295 - أحمد بن محمد بن علي. أبو العباس الكرمذاني، الطيبي، التاجر. الرجل الصالح. سمع من: خليل الجوسقي، وابن يعيش. مات في صفر، وقد قارب الستين. 296 - إبراهيم بن سالم بن ركاب. الأنصاري، الخباز.

(51/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 212
من أهل جبل الصالحية. توفي في هذه السنة. وهو والد نجم الدين إسماعيل المحدث. روى عنه ابنه شيئا. 297 - إسماعيل بن إسحاق بن أبي القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ. أبو محمد، وابو الفدا، ابن صصرى، التغلبي، الدمشقي. روى عن: جده أبي القاسم، وأبي علي الأوقي الزاهد. سألت المزي عنه فقال: سمعنا منه ' مشيخة الفسوي '، عن الأوقي، وهو شيخ جليل كان يسكن بداخل باب توما. توفي في رمضان. 298 - إسماعيل بن جمعة بن عبد الرزاق. القاضي العالم، أبو إسحاق السامري، النحوي. حدث عن أبي بكر بن الخازن. وله نظم جيد. توفي في أحد الربيعين ببغداد. كتب عنه: الفرضي، والقلانسي. 299 - إياس بن عبد الله. الطيبي، الظاهري، البزاز، من موالي الخليفة، الظاهر بن الناصر. روى عن: أبي الحسن القطيعي، وغيره. كتب عنه الفرضي. وكان صاحب ليل وتهجد. وهو من قطيعة مراغة. وكان اسمه عمر فأسر وله عشر سنين في سنة ست عشرة في أيام خوارزمشاه.

(51/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 213
300 - أيدكين. الصالحي، النجمي، الأمير علاء الدين البندقدار. تقدم سنة أربع.
- حرف الباء -
301 - بغدي بن علي بن مرزبان العراق قشتمر. الناصري، الأمير فخر الدين البغدادي، من بقايا الأمراء الخليفتية. قال ابن الفوطي: مات في رمضان ودفن عند جده بمشهد الحسين. لم يقتل في واقعة بغداد وخلص بسبب رجل خوارزمي كان جد هذا قد أحسن إليه، فجاء في جيش هولاكو هذا الخوارزمي، وسأل من بقي من أولاد قشتمر وأجارهم. ولفخر الدين هذا مصنف في ' البزدرة '.
- حرف الحاء -
302 - حسن بن عبد الله بن ويحان. الراشدي، نسبة إلى بني راشد، قبيلة من البربر، لا إلى الراشدية التي هي من قرى ديار مصر. التلمساني، المغربي، أبو علي. شيخ صالح، زاهد، ورع، كبير القدر، صاحب صدق ومعاملة. وكان إماما حاذقا بالقراءآت، بصيرا بالعربية. قدم القاهرة وقرأ بالروايات على الكمال بن شجاع الضرير. وجلس للإقراء.

(51/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 214
وعليه قرأ شيخنا مجد الدين التونسي، وشهاب الدين أحمد بن محمد بن جبارة المقدسي. ورأيت كلا منهما يثني عليه ويبالغ في وصفه بالعلم والعمل. وكتب إلى أبو حيان يقول: كان الشيخ حسن رجلا ظاهره الصلاح والديانة يحكي عنه من عاشره أنه كان لا يغتاب أحدا. وكان حافظا للقرآن ذاكرا للقصيد، يشرحه لمن يقرأ عليه. ولم يكن عارفا بالأسانيد، ولا متقنا لتجويد حروف القرآن، لأنه لم يقرأ على متقن. وكان مع ذلك بربريا، فبقي في لسانه شيء من رطانة البربر. وكان، رحمه الله، عنده نزر يسير جدا من علم العربية ' كمقدمة ابن باب شاذ '، و ' ألفية ابن معط '، يحل ظاهر ذلك لمن يقرأ عليه، ولم كانت شهرته بالقراءآت. قلت: لم يتلمذ الشيخ حسن الراشدي لغير الجمال الضرير، ولا تلمذ شيخنا مجد الدين لغير الشيخ حسن. وكل منهما قد اشتهر ذكره وبعد صيته، ولا سيما شيخنا وما ذاك إلا بصدق النية وحسن القصد. وقد أخذ شيخنا عن الشيخ حسن سنة بضع وسبعين وستمائة. وأخذ عنه ابن جبارة بعد ذلك بنحو من سبع سنين، قال: وأنا آخر من قرأ عليه، وأنا غسلته وألحدته. وأما الشيخ مجد الدين فقدم دمشق وأدرك بها الزواوي، وحضر مجلس إقرائه. توفي الشيخ حسن في ثامن وعشرين صفر بالقاهرة، رحمه الله تعالى. 303 - الحسن بن علي بن أحمد بن القسطلاني. الشيخ مجد الدين ابن الشيخ تاج الدين. حدث عن: أبي الحسن بن المقير، وغيره. ومات في خامس ربيع الأول بمصر.

(51/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 215
304 - الحسين بن عبد الرحمن بن شاس. قاضي القضاة على مذهب مالك بالديار المصرية، تقي الدين. حدث عن: أبي الحسن بن الجميزي، وغيره. وتوفي في مستهل ذي الحجة. وكان فقيها، إماما، عارفا بالمذهب، جيد النقل، علامة، لكنه مذموم الأحكام. وكان متسرعاً، سمحا في التعديل.
- حرف الخاء -
305 - خديجة بنت الزين أحمد بن عبد الدائم بن نعمة. أم أحمد. شيخة صالحة، عابدة، خيرة، سمعت من غير واحد. وروت بالإجازة عن: أبي المجد زاهر الثقفي، وأسعد العجلي، وأبي الفتح ابن المندائي، وعفيفة الفارقانية، وجماعة. ولدت سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، ولم يظهر لها شيء عن ابن طبرزد، ولا غيره من الكبار. روى عنها: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وآخرون. ذكر علم الدين أنها روت بالإجازة عن أبي جعفر الصيدلاني، وذلك يمكن.

(51/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 216
وكانت تلقن القرآن. وقد روت الحديث قديما، وهي أم شيختنا فاطمة بنت حسين التي روت لنا عن ابن الزبيدي. أجازت لنا خديجة مروياتها. ومات في ربيع الآخر قبل أخيها عبد الدائم. 306 - الخضر بن المسند رشيد الدين أحمد بن المفرج بن مسلمة. شرف الدين. ولد سنة اثنتين وثلاثين. وسمع من: أبيه، والعلم السخاوي، وعبد العزيز بن أبيه. توفي يوم عيد الفطر. 307 - خليل بن أبي بكر بن محمد بن صديق. الإمام، صفي الدين، أبو الصفا المراغي، المقرئ، الفقيه، الحنبلي. قرأ القراءآت بدمشق على تقي الدين بن باسويه بالعشر. وسمع من: القاضي جمال الدين بن الحرستاني، وأبي الفتوح البكري، والشمس أحمد بن العطار، وأبي البركات بن ملاعب، وموسى بن عبد القادر، وجماعة.

(51/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 217
وتفقه على الشيخ الموفق، ودرس، وأقرأ القراءآت والفقه. وكان عارفا بالمذهب، والخلاف، والطب، وغير ذلك. وكان كثير الفضائل، وافر الديانة، كثير الورع. قرأ عليه القراءآت: القاضي بدر الدين محمد بن الجوهري، والشيخ أبو بكر الجعبري، وجماعة. وطال عمره، وروى الكثير. أخذ عنه: ابن الظاهري، وولده أبو عمرو، والدمياطي، والقاضي أبو محمد الحارثي، وأبو الحجاج القضاعي، وأبو محمد عبد الكريم الحلبي، وأبو حيان النحوي، وخلق كثير. وقد ناب في الحكم، وشكرت سيرته. وكان مشهورا بالزهد والدين. توفي في سابع عشر ذي القعدة بالقاهرة. وولد قبل الستمائة بمراغة، وعاش قريبا من تسعين سنة.
- حرف الذال -
308 - ذو الفقار بن محمد بن أشرف بن محمد. أبو جعفر العلوي، الحلي الشافعي، مدرس المستنصرية. ولد سنة ثلاث وعشرين وستمئة بخوي، وسمع ببغداد من: السكاكري، وابن الخازن. مات في شعبان، وأبوه مات سنة ثمانين ببغداد في شعبان، وله ثمانون وثلاث سنين، فإن مولده في أول سنة سبع وتسعين وخمسمائة. ولقبه السيد عماد الدين.

(51/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 218

- حرف الراء -
309 - رابعة بنت ولي العهد أبي العباس أحمد بن المستعصم بالله. وتعرف بالسيدة النبوية، صاحبة الصاحب الجليل هارون بن الصاحب شمس الدين محمد بن محمد الجويني، وأم أولاده المأمون عبد الله، والأمين أحمد، وزبيدة. ماتت ببغداد ودفنت عند أمها في جمادى الآخرة. وفي هذه الأيام قتل زوجها هارون، فلم يعلم أحدهما بموت الآخر. وكان صداقها عليه مائة ألف دينار، وهذا ما سمع إلا لملك.
- حرف الزاي -
310 - الزين الوراق. قرابة مجير الدين بن تميم، صديق والدي. من أبناء الستين. كان عنده حمار هوالقيم يساوي سبعمائة درهم. وكنت أشتري منه الكاغد. أرخه تاج الدين.
- حرف السين -
311 - سعيد بن العلامة رشيد الدين عمر بن إسماعيل. الفارقي، الأديب، سعد الدين، الدمشقي.

(51/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 219
شاب، فاضل، ذكي، شاعر، فصيح، اشتغل مدة على والده، وقال الشعر المليح. توفي في المحرم.
- حرف الشين -
312 - شامية. أمة الحق، بنت المحدث أبي علي الحسن بن محمد بن أبي الفرج البكري. شيخة، مسندة، معمرة، منفردة. روت عن: جدها، وجد أبيها، وحنبل بن عبد الله، وعمر بن طبرزد، وعبد الجليل بن مندويه، وجماعة. وتفردت بأجزاء عالية. روى عنها: الدمياطي، وسعد الدين الحارثي، وأبو عبد الله بن الزراد، وأبو الحجاج الكلبي، وأبو محمد البرزالي، وخلق. وحدثت بدمشق، ومصر، وشيزر. وكان مولدها بمصر سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وتوفيت بشيزر في أواخر رمضان عند أقاربها. ولها إجازة من أسعد بن روح، وعفيفة الفارقانية. 313 - الحاج شرف بن مري.

(51/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 220
والد النواوي. توفي بنوى في رجب، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب.
- حرف الطاء -
314 - طاهر بن عمر بن طاهر بن مفرج. لمدلجي، المصري، الزاهد، نزيل دمشق. قرأ قطعة من الفقه على الشيخ عز الدين بن عبد السلام. وصحب بدمشق الشيخ يوسف الفقاعي، وكان من أخص الأصحاب به. وانقطع في رباط ابن يغمور بالصالحية. وكان صالحا زاهداً، قانعا باليسير. سمع منه البرزالي، وغيره عن ابن خليل. وكان به سعال مزمن، فبقي سنين يأخذ في كوز ماء شعير مدبر من بكرة، ويودعه إلى العشاء، ثم يثرد فيه كسرة ويفطر عليه. وقال النجم أبو بكر بن شرف: دخلت مع الشيخ يوسف إلى بيت طاهر بالرباط فرأينا بيتا لم يكنس قط، وتحته حصير رثة سوداء، فقال الشيخ يوسف: ما أغشك يا طاهر. ثم خرج طاهر للوضوء، فقال لي الشيخ يوسف: طاهر يموت طيب. وقال: طاهر طاهر. وقال الشيخ قطب الدين: تزوج طاهر امرأة جميلة جدا وطلقها على كره لعجزه عنها ولم يقربها. وذكر النجم بن شرف قال: مررت على باب الخواصين يوم الأحد وقت

(51/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 221
وقعة حمص سنة ثمانين، فمر بي الشيخ طاهر، وحدثني ما لم أفهمه لاشتغال قلبي: فقال: كأنك ما فهمت؟ قلت: لا والله. قال: اسمع ما أقول واعتمد عليه، يوم الأحد اليوم؟ قلت: نعم. قال: يوم الجمعة يكون في هذا البلد بشارة بكسر التتر، وشموع توقد بالنهار وسماعات، وما نقدر تلك الليلة على المغاني. فكان كما قال. ثم بات عندي بعد ذلك وانشرح، فسألته عما أخبرني به هل رآه يقظة أو مناما، فقال: لا في اليقظة. ولا في المنام بل في حالة بينهما تسمى الواقعة تكون للفقراء. فسألته عن حقيقتها فنفر وغضب. توفي خامس شوال. قلت: كان في الشامية ودار الحديث، ومهما صح له وأسى به أولاد شيخه ويقنع باليسير.
- حرف العين -
315 - عائشة بنت سالم بن نبهان. أم أحمد الحسنية، الخوارزمية، زوجة المحدث تقي الدين ابن مزهر وأم أولاده. سمعها من ابن رواحة. أخذ عنها: ابن سامة، وغيره. توفيت سنة خمس ظنا [عن سبعين سنة] أو نحوها. 316 - عبد الله بن أحمد بن إسماعيل بن فارس.

(51/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 222
أبو بكر التميمي، الإسكندراني، سراج الدين أبو الوزير الصاحب نجيب الدين، وأخو المقرئ كمال الدين ابن فارس سمع بدمشق من: التاج الكندي، وابن الحرستاني، وأبي البركات بن ملاعب، وجماعة. أخذ عنه: أبو محمد الحارثي، وأبو الحجاج الهندي، وجماعة. وكان شيخا جليلا، عالي الإسناد، مشهورا. توفي بالإسكندرية في أول ربيع الأول وله بضع وثمانون سنة فيما أحسب. ومولده سنة إحدى وستمائة. 317 - عبد الله بن حجي. عز الدين الشافعي. كان معيدا بالأمينية ويعرف بالعز.. أعاد بالصالحية بمصر عند ابن عبد السلام. وكان من كبار فقهاء الأكراد. له شكل وصوت جهوري. 318 - عبد الدائم بن أحمد بن عبد الدائم بن نعمة. الزاهد تاج الدين، أبو محمد المقدسي، عبد صالح، زاهد، متعبد، مقبل على شأنه، حافظ لوقته. سمع من موسى بن عبد القادر حضورا، ومن: الشيخ الموفق، والقزويني، والبهاء، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وجماعة. عبر إلى رضوان الله ليلة الثالث والعشرين من رمضان، وقد نيف على السبعين.

(51/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 223
319 - عبد الدائم بن إسحاق بن مسعود. العدل، جمال الدين الشيباني، الدمشقي. روى عن كريمة. توفي في رمضان كهلا. 320 - عبد الرحمن بن أحمد بن أبي الفرج. القطيعي، الحنبلي، الدقاق، أبو الفرج، المعروف بابن القصار. حدث عن: ابن روزبة، ونصر بن عبد الرزاق. مات في شعبان. 321 - عبد الرحمن بن عبد العزيز بن أبي المجد. نجم الدين القطيعي التاجر، ويعرف بابن ثقات الحب. أضر ولزم بيته. وسمع من: محمد بن محمد بن السباك. ومات في رمضان عن بضع وسبعين سنة. 322 - عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن فارس. الشيخ الصالح، أبو محمد ابن الزجاج، عفيف الدين العلثي، ثم البغدادي الحنبلي، السني، الأثري. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسمع من أبي العباس أحمد بن صرما، والفتح بن عبد السلام، وعلي

(51/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 224
بورنداز، وعبد السلام بن يوسف العبرتي، وابن روزبة، وجماعة. وأجاز له جمال الدين أبو القاسم بن الحرستاني من دمشق، والافتخار الهاشمي من حلب، وأبو البقاء العكبري، وجماعة من بغداد. وحدث بدمشق لما قدمها للحج. وكان محدثا، عالما، ورعا، عابداً، أثريا، صليبا في السنة، شديدا على أهل البدعة، له أتباع، وأصحاب يقومون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. حدث بدمشق من أجزاء أبي الفدا الفرضي. وتوفي إلى رحمة الله بذات حج راجعا في سابع عشر المحرم، وله ثلاث وسبعون سنة. 323 - عبد المجيد بن أحمد بن أبي البركات بن أحمد. أبو البركات الحربي. روى بالإجازة عن: عبد الوهاب بن سكينة، وابن الأخضر. توفي في جمادى الآخرة. كتب عنه: أبو الفدا الفرضي، وابن الفوطي. وهو آخر من روى عن مدرس النظامية محب الدين يحيى بن الربيع بن صرار. روى عنه: أحمد بن يوسف البكري.

(51/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 225
324 - عبد المغيث بن محمد بن عبد المعيد بن المحدث عبد المغيث بن زهر. أبو العز البغدادي، العدل. سمع: ابن المنجا بن اللتي، وغيره. ومات في رجب. وقال علم الدين: أجاز لي، وذكر أنه سمع أيضا من الحسن بن الزبيدي. وقال ابن الفوطي: سمع ' صحيح البخاري ' من ابن القطيعي. 325 - عبد المولى بن الشيخ تاج الدين علي بن القسطلاني. شرف الدين. باشر مشيخة الكاملية بعد أبيه حتى جاء عمه قطب الدين من مكة. سمع ابن المقير. وحدث. مات في رجب. 326 - عبد الواحد بن علي بن أحمد. أبو محمد القرشي، الهكاري، الفارقي، الحنبلي. شيخ صالح، زاهد، متعفف، معمر. ولد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وسمع بالموصل من سمار بن العريس النيار، والحسين بن باز.

(51/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 226
وقدم دمشق وهو شاب، فسمع من: موسى بن القادر، والموفق بن قدامة، وزين الأمناء، وغيرهم. أخذ عنه: أبو محمد الحارثي، وأبو الحجاج المزي، والمصريون. وتوفي بالقاهرة في رمضان، رحمه الله تعالى. 327 - عبد الواحد بن محمد بن قديد. البغدادي، المقرئ. عبد صالح خير. سمع: ابن بهروز، وابن الخازن. كتب عنه: الفرضي 328 - عثمان بن سعيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن تولو. الأديب، معين الدين، أبو عمرو الفهري، المصري. ولد بتنيس سنة خمس وستمائة. سمع بدمشق من القاضي أبي نصر بن الشيرازي، وغيره. وكان أحد الشعراء المحسنين. أنشدنا عنه شيخنا أبو الحسين اليونيني، وغيره. ومات في سلخ ربيع الأول بالقاهرة. وله من قصيدة:

(51/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 227

(في ذمة الله أيام العقيق وإن .......... تملك الليث فيها شادن خرق)

(يرنو بألحاظ رهيم قط ما رمقت .......... فغادرت في البرايا منه به رمق)

(تألفت فيه أضداد بها أبدا .......... على هواه قلوب الناس تتفق)

(والخد والثغر ذا خمر وذا برد .......... والوجه والفرع ذا صبح وذا غسق)

(ما حلت عن عهد سكان العقيق وهل .......... يحول عنهم محب حبه خلق)
329 - عثمان بن أبي محمد بن خولان. البعلبكي. رجل خير، وهو أخو عبد الولي. حدث عن: البهاء عبد الرحمن. ومات في صفر. 330 - علي بن الحسين بن الصياد. موفق الدين، المعري، الحنبلي. سمع ' الأربعين الطابية ' من ابن اللتي ببغداد. ومات بالسرداب في ربيع الآخر. أجاز للبرزالي، ولخلق.

(51/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 228
331 - علي بن عبد الله بن إبراهيم بن عيسى بن معين. كمال الدين، أبو الحسن المنيحي، الإسكندراني. ولد سنة تسع وستمائة، وسمع من: محمد بن عماد الحراني، وجماعة. ومات في ذي الحجة. وكان مؤذن السلطان فقدم وحدث بدمشق. أخذ عنه: المزي، والبرزالي. له إجازة من ابن منينا، وغيره. 332 - علي بن عبد الله بن هبة الله بن المنصور. العدل، أبو إسحاق العباسي، المنصوري، شرف الدين الخطيب. سمع ' صحيح البخاري ' من ابن روزبة، وخطب مدة. ولد سنة أربع عشرة وستمائة، ومات في رمضان أو في شوال. 333 - علي بن محمد بن حسين. كمال الدين ابن الشيخ العارف محمد الفرنثي، الفقير، شيخ الزاوية الفرنثية بعد والده. سمع: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وجعفر الهمداني. كتب عنه: ابن الخباز، وابن البرزالي، وجماعة. وكان فيه عشرة وانطباع. وقد عمل سماعاً ودعوة للشيخ حسن بن الحريري غرم عليها ألف درهم مع فقره، لا أثابه الله. توفي في شعبان وله تسع وخمسون سنة. 334 - علي بن أبي الفتح. المحب السنجاري، المؤدب، والد شيخنا محمد.

(51/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 229
ولد سنة ست وستمائة بسنجار، وقدم دمشق. وسمع من: مكرم، وغيره. وأدب بدرب العسقلاني مدة طويلة. أخذ عنه: البرزالي، وغيره. ومات في شوال. * عمر بن حاتم. تقدم.
- حرف الغين -
335 - [غريب بن حاتم بن عياد. الضياء، أبو حاتم البعلبكي، المعمر. سمع في الكهولة من: البهاء عبد الرحمن، وابن رواحة. وكان صالحاً، متعبداً، مهيبا، حنفي المذهب. ولد بدمشق في سنة 586 ونشأ ببعلبك وسكنها. سمع منه: أبو محمد البرزالي، وغيره. وسمع منه المزي في شعبان سنة خمس وثمانين وستمائة، ومات بعد ذلك بقليل].
- حرف الفاء -
336 - فاطمة بنت أحمد بن محمد بن يوسف بن الخضر ابن قاضي العسكر.

(51/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 230
الحلبية. كان أبوها وعمها عبد الله من شيوخ الدمياطي. وهي سمعت حضورا من ثابت بن مشرف. أخذ عنها الطلبة. وكانت تسكن بالمزة. وهي شيخة رباط هناك. توفيت في ذي القعدة. 337 - فاطمة بنت الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي. زوجة العماد إبراهيم بن أحمد الماسح. كانت دينة عابدة صالحة. روت عن جعفر بن علي الهمداني. وتوفيت في شعبان.
- حرف الميم 338 - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن سجمان.

(51/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 231
العلامة جمال الدين، أبو بكر البكري، الوائلي، الأندلسي، الشريشي، المالكي. ولد بشريش سنة إحدى وستمائة. وسمع بالإسكندرية من محمد بن عماد. وببغداد من: أبي الحسن القطيعي، وأبي الحسن بن روزبة، وأبي بكر بن بهروز، وابن اللتي، وياسمين بنت البيطار، وأبي صالح الجيلي، والأنجب بن أبي السعادات، ومحمد بن السباك، وعبد اللطيف بن القبيطي، وطائفة. وبدمشق من: مكرم، وابن الشيرازي، وجماعة. وبإربل من: الفخر محمد بن إبراهيم الإربلي. وتفقه حتى برع في المذهب، وأتقن العربية والأصول، والتفسير، وتفنن في العلوم، ودرس وأفتى، وقرأ الحديث وعني به، وقال الشعر. ودرس بالرباط الناصري بحضور السلطان واقفه، ثم دخل الديار المصرية ودرس بالفضالية، وتخرج به جماعة كثيرة، منهم ولده العلامة شيخنا كمال الدين، فسح الله في مدته. ثم إنه قدم القدس وأقام به مدة، ثم قدم دمشق وأخذ الناس عنه. وكان من أدعية العلم. صنف ' لألفية ابن معط ' شرحا وافيا. وقد مدحه شيخه علم الدين السخاوي بقصيدة مشهورة، وطلب لقضاء دمشق فامتنع زهدا وورعاً، وبقي المنصب شاغرا من أجله إلى أن مات. ودرس بالمدرسة النورية وبالحلقة التي بالجامع مع مشيخة الرباط ومشيخة أم الصالح.

(51/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 232
روى عنه: ابنه، وابن تيمية، والمزي، وابن العطار، والبرزالي، والصيرفي، وابن الخباز، وخلق سواهم. وأجاز لي مروياته في سنة أربع وسبعين. وقد سألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: هو أحد الأئمة الأعلام المتبحرين في علوم متعددة. قلت: وأنبأني أبو بكر بمحمد بن أحمد الوائلي الحافظ قال: لما أتى شهر رمضان الكائن في سنة أربعين وأنا بدمشق أردت أن أريح نفسي من كد المطالعة والتكرار وأصرف همتي، إذ كنت كثير البطالة، إلى المواظبة على نوافل الصلوات والأذكار، فحين شرعت في ذلك وجدت من قلبي قسوة، ورأيت في صارم عزيمتي من المضاء فيها نبوة، وقدت نفسي بزمام الحرص فحزنت وما انقادت، فضربتها بسوط الاجتهاد، فتمادت على حرانها بل زادت، فلما رأيت ذلك علمت أن داءها صار عضالا، وأن ما رمته من الهدى صار ضلالا، فسألت عن عالم بهذه الأمور خبير، وطبيب بدواء هذه العلة بصير، فدللت على أوحد دهره، وأفضل علماء عصره، أحسنهم هديا وسمتا، وأوردهم نطقا وصمتاً، وأوسعهم في جميع العلوم علما، وأتقنهم في جميع المعاني فهماً، وهو شيخنا العلامة، سيد القراء، وحجة الأدباء، وعمدة الفقهاء، علم الدين، أبو الحسن السخاوي، فكتبت إليه بهذه الأبيات أشكو إليه فيها بثي وحزني، وما استولت عليه هذه النفس العدوة مني، وأساله كيف خلاص أسيرها من وثاقه، وكيف السبيل إلى هربه من جورها وإباقه ؛ وهي:
(أيا عالما في الناس ليس له مثل .......... وحبرا على الأحبار أضحى له الفضل)

(أيا علم الدين الذي ظل علمه .......... بحورا عذابا منه يغترف الكل)

(لقد حزت من بين الأنام فضائلا .......... فمنها التقى والعلم والخلق السهل)

(فأنشأ ربي في حياتك إنها .......... حياة لها نفع من الخير ما تخلو)

(وبعد فإني سيدي لك ذاكر .......... أمورا قد أعيتني وعندي لها ثقل)

(51/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 233

(ولا بد من شكوى إلى ذي بصيرة .......... يريك سبيل الرشد إن حادت السبل)

(واصغ إلى قولي أبث صبابتي .......... إليك وأحزاني فقد مضني الثكل)

(أخي ما لقلبي قد قسا فكأنما .......... عليه لذي وعظ وتذكرة قفل)

(فلا هو للقرآن يخشع إن تلا .......... ولا لأحاديث أتتنا بها الرسل)

(ولا يرعوي يوما إلى وعظ واعظ .......... ولا عذل ينهى وإن كثر العذل)

(يسوف بالطاعات مهما أردتها .......... ويسرع في العصيان والغي ما يسل)

(جبان عن الخيرات وقت حضورها .......... وإن حضر العصيان فالبطل الفحل)

(وكل عباداتي رياء وسمعة .......... مشوب جميع القول فيهن والفعل)

(وإن رمت صوما كان لغوا جميعه .......... وعند صلاتي يعتري السهو والخبل)

(وكل الذي آتي من العرف منكر .......... فماذا دهى عقلي أليس له عقل)

(إذا قلت يا نفسي إلى الله فارجعي .......... تراجعني في القول من عنده الكل)

(فإن شاء يهديني اهتديت وإن يشا .......... يضل فمن ربي الهداية والعدل)

(وإن قلت للجنات والحور فاعملي .......... تقل لي: وهل معطي الجنان هو الفعل)

(بل الله يعطيني الجنان تفضلا .......... فمن ربي الإحسان والجود والبذل)

(وقد قهرتني ثم أصبحت عندها .......... أسيراً أخا قيد وفي عنقي غل)

(فكل الذي تبغيه مني حاصل .......... وما أبتغي منها فمن دونه المطل)

(فكيف خلاصي يا أخي من وثاقها .......... وهل لأسير النفس من قيدها حل)

(لقد خبت إن لم يدركني بلطفه .......... ورحمته رب له اللطف والفضل)

(وها أنا مستهد فكن لي راشدا .......... أبا حسن فالرشد أنت له أهل)
وجملتها أربعون بيتا خففت منها. قال: فكتب إلي رحمه الله على كبره وضعفه:

(51/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 234

(إلى الله أشكو ما شكوت من التي .......... لها عن هدى عدل وليس لها عدل)

(تجور عن التحقيق جور أخي عمر .......... وقد وضحت منه لسالكها السبل)

(وكيف أرجى أن تتوب وللهوى .......... عليها يد سلطانه ما لها عزل)

(وقد سترت عنها العيوب فما لها .......... بما هي فيه خبرة [لا] ولا عقل)

(تحيل على المكروه في ترك طاعة .......... فما بالها في الرزق ليس لها مهل)

(وتكذب إن قالت: أتغضب تارة .......... وتحرص أحياناً ومن شأنها البخل)

(بذلت لها نصحي وحاولت رشدها .......... وبالغت في عذلي فما نفع العذل)

(وناولتها حبل التقى فتقاعست .......... إلى أن تفانى العمر وانقطع الحبل)

(وأوشك رب الدار يطلب نقلها .......... وليس لها زاد فقد أعجل النقل)

(فيا ويحها إن لم تسامح بعفوه .......... ويا ويلها إن لم تجد من له البذل)

(أبتغي أبا بكر هدى عند مثلها .......... وأنت الذي أضحى وليس له مثل)

(ومثلك يرجى أن يعمر برهة .......... فدونك فاغنمها فأنت لها أهل)

(ولست كمثلي ذا ثمانين حجة .......... بها فاتت الأيام وانقطع الوصل)

(ولم يبق للتأخير وجه وهكذا .......... متى انتهت الآجال لم يسع المطل)
في أبيات أخر، وجملتها ثلاثون بيتاً، قال لنا الشيخ جمال الدين أبو بكر: أنشدنيها ناظمها في الخامس والعشرين من رمضان سنة أربعين توفي في رابع وعشرين رجب.

(51/234)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 235
339 - محمد بن أحمد بن يمن. الصدر، جمال الدين العرضي، ثم الدمشقي. كان رئيسا محتشما، وافر الحرمة، كثير الأموال والعقار، ذا ثروة وتواضع وبر. وقد تمزقت نعمته وذهب منها دفائن تحت الأرض. وصودر ولده شمس الدين. توفي في سلخ جمادى الآخرة. 340 - محمد بن أحمد بن محمد بن إسفنديار. أبو الفضل الكازروني، البزاز، المعروف بابن العجمي. بغدادي ثقة. روى عن: ابن اللتي. ومات في رجب. 341 - محمد بن شبل. جمال الدين النشائي. شيخ من أبناء التسعين. روى عن ابن المقير. مات في شعبان.

(51/235)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 236
342 - محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سلامة بن نصر. أبو عبد الله المقدسي، ابن السراج. روى عن: جعفر الهمداني. كتب عنه علم الدين وقال: مات في جمادى الآخرة. 243 - محمد بن عبد الله بن المبارك بن مسلم بن أبي الحسن بن أبي الجود. شمس الدين، أبو عبد الله الفارسي، البغدادي، المشهور بابن مسلم. سمع: أبا علي بن الجواليقي، وابن بهروز، وجماعة. ومن سماعه ' مغازي موسى بن عقبة '، على ابن الجواليقي، أنبأ ابن المقرب. وكان من كبار العدول. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. ومات رحمه الله في شهر رمضان. 344 - محمد بن عبد المنعم بن محمد. الشهاب، ابن الخيمي، الأنصاري، اليمني الأصل، المصري، الصوفي، الشاعر.

(51/236)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 237
حدث ب ' جامع ' أبي عيسى الترمذي، عن علي بن البناء المكي. سألت عنه أبا الحجاج المزي فقال: هو أبو عبد الله الشاعر، شيخ جليل، فاضل، حسن النظم. سمع من ابن البنا وغير واحد. وأجاز له عبد الوهاب بن سكينة، وغيره. وعلت سنه، وحدث بكثير من مروياته. لقيته وسمعت منه بالقاهرة. قلت: وروى عنه الدمياطي في ' معجمه ' وسمع منه: قطب الدين ابن منير، وفخر الدين بن الظاهري، وخلق من المصريين. وكان هو المقدم على شعراء عصره، مع المشاركة في كثير من العلوم. وكان يعاني بالخدم الديوانية، وباشر وقف مدرسة الشافعي، ومشهد الحسين. وفيه أمانة ومعرفة. وكان معروفا بالأجوبة المسكتة، ولم يعرف منه غضب. وطال عمره، وعاش اثنتين وثمانين سنة أو أكثر. وتوفي بالقاهرة في التاسع والعشرين من رجب. وروى أيضا عن: عبد الرحمن بن عتيق بن باقا، وأبي عبد الله بن عبدون البناء ومن شعره:
(قسما بكم يا جيرة البطحاء .......... ما حال عما تعهدون وفائي)

(حبي لكم حبي وشوقي نحوكم .......... شوقي وأدوائي بكم أدوائي)

(ما خانكم كلفي ولا نسيتكم .......... روحي ولم تتعدكم أهوائي)

(وجدي بكم مجدي وذلي عزتي .......... والافتقار إليكم استغنائي)

(يا أهل ودي يا مكان شكايتي .......... يا عز ذلي يا ملاذ رجائي)

(51/237)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 238

(كيف الطريق إلى الوصال فإنني .......... من ظلمة التفريق في عمياء)

(روحي تذود على الورود ظما .......... وقد جاءتكم تمشي على استحياء)
في أبيات. وله القصيدة البديعة التي سارت، وهي:
(يا مطلبا ليس لي في غيره أرب .......... إليك آل التقصي وانتهى الطلب)

(وما طمحت لمرأى أو لمستمع .......... إلا لمعنى إلى علياك ينتسب)

(وما أراني أهلا أن تواصلني .......... حسبي علوا بأني فيك مكتئب)

(لكن ينازع شوقي تارة أدبي .......... فأطلب الوصل لما يضعف الأدب)

(ولست أبرح في الحالين ذا قلق .......... باد وشوق له في أضلعي لهب)

(وناظر كلما كفكفت أدمعه .......... صونا لحبك يعصيني وينسكب)

(ويدعي في الهوى دمعي مقاسمتي .......... وجدي وحزني فيجري وهو مختضب)

(كالطرف يزعم توحيد الحبيب ولا .......... يزال في ليله للنجم يرتقب)

(يا صاحبي قد عدمت السمعدين فساعدني .......... على وصبي لا مسك الوصب)

(بالله إن جزت كثبانا بذي سلم .......... قف بي عليها وقل لي هذه الكثب)

(ليقضي الخد من أجراعها وطرا .......... من تربها وأؤدي بعض ما يجب)

(51/238)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 239

(ومل إلى البان من شرقي كاظمة .......... فلي إلى البان من شرقيها طرب)

(وخذ يمينا لمغنى تهتدي بشذا .......... نسيمه الرطب إن ضلت بك النجب)

(حيث الهضاب وبطحاها يروضها .......... دمع المحبين لا الأنواء والسحب)

(أكرم به منزلا تحميه هيبته .......... عني وأنواره لا السمر والقضب)

(دعني أعلل نفسا عز مطلبها .......... فيه وقلبا لغدر ليس ينقلب)

(ففيه عاهدت قدما حب من حسنت .......... به الملاحة واعتزت به الرتب)

(دان وأدنى وعز الحسن يحجبه .......... عني وذلي والاجلال والرهب)

(أحيا إذا مت من شوقي لرؤيته .......... لأنني بهواه فيه منتسب)

(ولست أعجب من جسمي وصحته .......... من صحتي إنما سقمي هو العجب)

(يا لهف نفسي لو يجدي تلهفها .......... غوثا وواحربي لو ينفع الحرب)

(يمضي الزمان وأشواقي مضاعفة .......... يا للرجال ولا وصل ولا سبب)

(هبت لنا نسمات من ديارهم .......... لم تبق في الركب من لا هزه الطرب)

(كدنا نطير سرورا من تذكرهم .......... حتى لقد رقصت من تحتنا النجب)

(يا بارقا بأعالي الرقمتين بدا .......... لقد حكيت ولكن فاتك الشنب)

(أما خفوق فؤادي فهو عن سبب .......... فعن خفوقك قل لي ما هو السبب)

(ويا نسيما سرى من جو كاظمة .......... بالله قل لي كيف البان والعذب)

(وكيف جيرة ذاك الحي هل حفظوا .......... عهدا أراعيه إن شطوا وإن قربوا)

(51/239)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 240

(أم ضيعوا ومرادي منك ذكرهم .......... هم الأحبة إن أعطوا وإن سلبوا)
فاتفق أن نجم الدين بن إسرائيل الحريري الشاعر حج، فلقي ورقة ملقاة، ففتحها فإذا فيها هذه القصيدة فادعاها. قال الشيخ قطب الدين: فحكى لي صاحبنا الموفق عبد الله بن عمر أن ابن إسرائيل وابن الخيمي اجتمعا بعد ذلك بحضرة جماعة من الأدباء، وجرى الحديث في الأبيات المذكورة، فأصر ابن إسرائيل على أنه ناظمها، فتحاكما إلى الشيخ شرف الدين عمر بن الفارض فقال: ينبغي لكل واحد منكما أن ينظم أبياتا على هذا الروي والوزن استدل بها، فنظم ابن الخيمي:
(لله قوم بجرعاء الحمى غيب .......... جنوا علي ولما أن جنوا عتبوا)

(يا قوم هم أخذوا قلبي فلم سخطوا .......... وأنهم غصبوا عيشي فلم غضبوا)

(هم العريب بنجد مذ عرفتهم .......... لم يبق لي معهم مال ولا نشب)

(شاكون للحرب لكن من قدودهم .......... وفاترات اللحاظ السمر والقضب)

(فما ألموا بحي أو ألم بهم .......... إلا أغاروا على الأبيات وانتهبوا)

(عهدت في دمن البطحاء عهد هوى .......... إليهم وتمادت بيننا الحقب)

(فما أضاعوا قديم العهد بل حفظوا .......... لكن لغيري ذاك العهد قد نسبوا)

(من منصفي من لطيف فيهم غنج .......... لدن القوام لإسرائيل ينتسب)

(مبدل القول ظلما لا يفي بمواعيد .......... الوصال ومنه الذنب والغصب)

(51/240)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 241

(في لثغة الراء منه صدق نسبته .......... والمن منه يزور الوعد والكذب)

(موحد فيرى كل الوجود له .......... ملكا ويبطل ما تقضي به النسب)

(فعن عجائبه حدث ولا حرج .......... ما ينقضي في المليح المطلق العجب)

(بدر ولكن هلالا لاح إذ هو بالوردي .......... من شفق الخدين منتقب)

(في كأس مبسمه من خمر ريقته .......... خمر ودر ثناياه بها حبب)

(بلفظه أبدا سكران يسمعنا .......... من معرب اللحن ما ينسى له الأدب)

(تجني لواحظه فينا ومنطقه .......... جناية يجتني من مرها الضرب)

(قد أظهر السحر في أجفانه سقما .......... البرء منه إذا ما شاء والعطب)

(حلو الأحاديث والألفاظ ساحرها .......... تلقى إذا نطق الألواح والكتب)

(فداؤه ما جرى في الدمع من مهج .......... وما جرى في سبيل الحب محتسب)

(ويح المتيم شام البرق من أضم .......... فاهتزه كاهتزاز البارق الحر)

(وأسكن البرق من وجد ومن كلف .......... في قلبه فهو في أحشائه لهب)

(فكلما لاح منه بارق بعثت .......... قطر المدامع من أجفانه سحب)

(وما أعاد نسيمات الغوير له .......... أخبار ذي الأثل إلا هزه الطرب)

(واها له أعرض الأحباب عنه وما .......... أجدن رسائله الحسنى ولا القرب)

(51/241)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 242
ونظم نجم الدين ابن إسرائيل هذه الأبيات:
(لم يقض من حبكم بعض الذي يجب .......... قلب متى ما جرى تذكاركم يجب)

(ولي وفي لرسم الدار بعدكم دمع .......... متى جاد ضنت بالحيا السحب)

(أحبابنا والمنى تدني مزاركم .......... وبها حال من دون المنى الأرب)

(ما رابكم من حياتي بعد بعدكم .......... وليس لي في حياة بعدكم أرب)

(أطعتموني فأحزاني مواصلة .......... وحلم فحلا لي فيكم التعب)

(يا بارقا ببراق الحزن لاح لنا .......... أأنت أم أسلمت أقمارها النقب)

(ويا نسيما سرى والعطر يصحبه .......... أجزت حيث يشين الخرد العرب)

(أقسمت بالقسمات الزهر يحجبها .......... سمر العوالي والهندية القضب)

(لكدت تشبه برقا من ثغورهم .......... يا در دمعي لولا الظلم والشنب)

(وجيرة جار فينا حكم معتدل .......... منهم ولم يعتبوا لكنهم عتبوا)

(ما حيلتي قربوني من محبتهم .......... وحال دونهم التقريب والخبب)
ثم عرضت القصيدتان على ابن الفارض فأنشد مخاطبا لابن إسرائل عجز بيت ابن الخيمي:
(لقد حكيت ولكن فاتك الشنب ..........

(51/242)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 243
وحكم بالقصيدة لابن الخيمي. واستجود بعض الحاصرين أبيات ابن إسرائيل وقال: من ينظم مثل هذا من الحامل له على ادعاء ما ليس له؟ فبدر ابن الخيمي وقال: هذه سرقة عادة لا حاجة. وانفصل المجلس، وسافر ابن إسرائيل لوقته من الديار المصرية. وقد طلب القاضي شمس الدين بن خلكان، وهو نائب الحكم بالقاهرة، الأبيات من ابن الخيمي، فكتبها له، وذيل في آخرها أبياتاً، وسأله الحكم أيضا بينه وبين من ادعاها. ووصل بها الذيل، وهو:
(والهجر إن كان يرضيهم بلا سبب .......... فإنه من لذيذ الوصل محتسب)

(وإن هم احتجبوا عني فإن لهم .......... في القلب مشهود حسن ليس يحتجب)

(قد نزه اللطف والإشراق بهجته .......... عن أن تمنعها الأستار والحجب)

(لا ينتهي نظري منهم إلى رتب .......... في الحسن إلا ولاحت فوقها رتب)

(وكلما لاح معنى من جمالهم .......... لباه شوق إلى معناه ينتسب)

(أظل دهري ولي من حبهم طرب .......... ومن أليم اشتياقي نحوهم حرب)

(فالقلب يا صاح مني بين ذاك وذا .......... قلب لمعروف شمس الدين ينتهب)

(إن الحديث شجون فاستمع عجبا .......... حديث ذا الخبر حسنا كله عجب)

(بحر محيط بعلم الدين ذو لجج .......... أمواجه بذكاء الحسن تنتهب)

(حقيقة الحكم والحكام سائرهم .......... دون الخلفية هذا الفخر والحسب)

(ينأى علوا ويدنيه تواضعه .......... والشمس للنفع تنأى ثم تقترب)

(زكي الأصول له بيت علا وغنى .......... وطاب لا صخب فيه ولا نصب)

(إليه ترتفع الأبصار خاشعة .......... مهيبة وهو للأحكام منتصب)

(مولاي أوصافك الحسنى قد اشتهرت .......... فينا تسير بها الأشعار والخطب)

(وما ذكرت غريبا في الثناء على .......... علياك لكنها العادات والدرب)

(51/243)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 244

(وليس لي عادة بالمدح سالفة .......... ما كنت قط بهذا الفن اكتسب)

(حسبي قبول وإقبال منحتهما .......... منك ابتداهما من خير ما تهب)

(وإن شعري لا يسوى السماع بلى .......... بالقصد أعمالنا تلغى وتحتسب)

(فإن أقصر فجهدي قد بذلت لكم .......... وباذل الجهد قد أدى الذي يجب)

(وما نجاسر نقصي بالمديح سدى .......... ما من عبيدك إلا من له أدب)

(ولكن تفاصيل أبياتي التي سرقت .......... مني الإذن من مولاي والسبب)

(وكنت أحجمت إجلالا فأقدم بي .......... أمر مطاع وعفو منك مرتقب)

(وقد أتيتك بالأبيات ملحقة .......... بأختها ليبين الصدق والكذب)

(إذ 1 تناسبت الأوصاف بينهما .......... فاحكم هديت بما قد تشهد النسب)

(ولي شهود من المولى فراسته .......... ونور إيمانه والفضل والأدب)

(والله إني محب فيك معتقد .......... محبتي قربة من دونها القرب)

(وكيف لا وهي تنشىء بيننا نسبا .......... إن المودة في أهل النهى نسب)

(لا زلت في نعمة غراء سابغة .......... تستوجب الفوز في الأخرى وتعتتب)
[ومن شعره رحمه الله] وكتب به إلى والده تقي الدين إلى الصعيد:
(دوام الصبر صيرني بعيدا .......... وبعد الدار حسن لي الصدودا)

(وغيبة من يناسب صيرتني .......... بحضرة من ينافيني وحيدا)

(أظن الطرف لما غبت عنه .......... وقد ذكروا تيممك الصعيدا)

(توهم أن ذا لفقد ماء .......... فأجرى دمعه بحرا مديدا)

(وحقك يا بخيلا بالتلاقي .......... لقد علمت طرفي أن يجودا)

(وإني ميت بالبيت حي .......... لأني قد قتلت به شهيدا)
وله رحمه الله من قصيدة:
(خذ من حديث أنيني المتواتر .......... ندب الفؤاد بما تجن ضمائري)

(51/244)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 245

(وافهم فمنهم مضمري قد أعربت .......... عنه إشارات السقام الظاهر)

(وأعد حديثك يا عذول فإن في .......... أثناء عذلك ما يسر سرائري)

(وأمرتني بسلوه وبتركه .......... حاشاك ما أنا طائع يا آمري)

(رشأ نفور صائد ألبابنا .......... وعقولنا فاعجب لصيد النافر)

(يدع الدجى صبحا ضياء جبينه .......... والصبح ليلا بالسناء الباهر)

(وأحر أحشائي لشهر بارد .......... في فيه يحميه بلحظ فاتر)

(حجز الكرى عني ونام مهنأ .......... فلهذا أحن إلى ليالي حاجر)

(وأحب سفك دمي فما عارضته .......... في ملكه وأعنته بمحاجري)
[ومن شعره أيضا:
(يرى حسنها قلبي فإن رام وصفه .......... لساني ولو أني لبيد تبلدا)

(جلت لي غداة الجزع قداً مهفهفا .......... وجيدا غزاليا وخدا موردا)

(وطرفا بث الوجد في الناس لحظه .......... فنونا وكل منه في السكر عربدا)

(فكم حزت فيها للخلافة بيعة .......... وكم زرت فيها للملاحة مشهدا)

(أبى الحب أن أنسى عهودا قديمة .......... على حفظها أعطيت أهل الهوى وعدا])
وكتب إلى ابنه وقد سافر وما ودعه:
(أفدي الذي قد سار كاتم سره .......... ضنا علي بوقفة التوديع)

(يا مانعي ضم الوداع أسلم ودع .......... نار الصبابة كلها بضلوعي)
245 - محمد بن عمار. الفقيه، شمس الدين، قاضي التل. وجيه عسال. توفي بالتل في رمضان. وهو والد أصحابنا الشهود، رحمه الله. 346 - محمد بن عمر بن عبد الملك.

(51/245)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 246
الخطيب، جمال الدين، أبو البركات الدينوري، الصوفي، الشافعي، خطيب كفربطنا. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة بالدينور، وقدم مع والده الزاهد القدوة من البلاد، وسكن بسفح قاسيون، واشتغل جمال الدين في صباه بالخطب ونسخ الأجزاء. وسمع من: الناصح بن الحنبلي، وأبي عبد الله بن الزبيدي، والفخر الإربلي، والضياء المقدسي، وطائفة. وكان شجاعا، عالما، فاضلا، مهيبا، مليح الشكل، حسن الأخلاق، حلو المجالسة، محببا إلى أهل كفربطنا، وله أصحاب ومحبون يعتقدون فيه. وكان خيرا، حسن الديانة. أقام في خطابة القرية بضعا وعشرين سنة، وتأهل، وجاءته الأولاد، ونسخ الكثير بخطه. وكان حسن العقيدة، مقبلا على الأثر والسنة. سمع منه: الشيخ علي الموصلي، وابن الخباز، وابن العطار، والبرزالي، وابن مسلم، وطائفة. توفي في رجب. وولي الخطابة بعده ولده عز الدين إبراهيم، فبقي المؤذن ينوب عنه إلى أن بلغ، ثم عزل بكمال الدين بن خلكان. 347 - محمد بن محمد بن عبد القادر بن الصائغ. عماد الدين، ابن عماد الدين الأنصاري، الدمشقي، المعروف بالسبتي. كان شابا رئيسا. توفي في شعبان.

(51/246)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 247
348 - محمد بن أبي الفرج محمد بن علي بن أبي الفرج بن أبي المعالي. ابن الدباب، الإمام العدل، الواعظ، جمال الدين، أبو الفضل البغدادي، البابصري، الحنبلي. ويعرف أيضاً بابن الرزاز، ولكنه بابن الدباب أشهر. سمي جده بذلك لكونه كان يمشي على تؤدة وسكون. ولد جمال الدين سنة ثلاث وستمائة في صفر. وسمع الكثير. وأجاز له خلق. وأول سماعه سنة ست عشرة، فسمع ' المهروانيات الخمسة ' من أحمد بن صرما، وسمع ' جزء ابن الطلاية ' من الشيخين ابن أبي الجود وعبد السلام بن المبارك الردغولي. وسمع السادس والسابع من ' أمالي ابن ناصر ' على عمر بن أبي السعادات. وسمع ' مداراة الناس ' لابن أبي الدنيا، على ثابت بن مشرف. وسمع ' الغنية ' على ابن مطيع الباجسرائي، وسمع كتاب ' التفكر والاعتبار ' من علي بن محمد بن علي بن السقا، قال: أنا المبارك بن أحمد الكندي. وسمع من الفتح بن عبد السلام الثاني من ' أمالي الوزير '. وسمع من أبي جعفر محمد بن هبة الله بن المكرم ' صفة المنافق '، و ' أمالي طراد '. وسمع من النفيس الزعيمي ' الزهد ' لابن فضيل، بسماعه من ابن غبرة. وسمع من ابن صرما أيضا ' جزء أبي بكر الصيدلاني '، والتاسع من ' فضائل الصحابة ' للدارقطني، والثالث من ' الحربيات '، والأول من ' صحيح الدارقطني '، و ' جزء ابن شاهين '، والثالث من ' البر والصلة '، وثلاثة ' مجالس الخالدي ' بسماعه للجميع من الأرموي.

(51/247)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 248
وسمع من أبي الفتح عبد الملك بن أبي الفتح الدلال ' جزء ابن هزار مرد الصريفيني ' سنة ثمان عشرة، أنا المبارك بن علي السمندي، ثنا الصريفيني. قال أبو العلاء الفرضي في حق شيخه ابن الدباب: ثقة، فاضل، صحيح السماع. وسمع منه هو وجمال الدين أحمد بن القلانسي المحدث، وجمال الدين عبد الرزاق بن الفوطي، وجماعة. وقد وعظ في شيبته، وأجاز لطائفه من أهل دمشق منهم: علم الدين البرزالي. وتوفي لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة خمس، ودفن بمقبرة الشونيزي رحمه الله. 349 - محمد بن يحيى بن أبي منصور بن أبي الفتح الرئيس، فخر الدين بن الإمام جمال الدين ابن الصوفي، الحراني، الحنبلي. سمع حضورا من عمر بن كرم. وسمع من: ابن روزبة، وأبي الحسن القطيعي، وأبي إسحاق الكاشغري، وجماعة. وكان حفظة للحكايات والشعر والأخبار، حلو المجالسة. توكل للأمير علم الدين سنجر أمير جندار. وكان ملازما للافتخار الحراني، ثم لولده ناصر الدين الوالي. وكان حسن البزة، ظريف الشكل. سمع منه: المزي، والبرزالي، وجماعة. وأجاز لي مروياته، ولم يكن بالمكثر.

(51/248)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 249
350 - محمد بن أبي بكر بن علي. المهدوي، المحدث، موفق الدين العثماني، ثم الرياحي. خطيب المنشية. سمع من: ابن المقير، وجماعة. ومات في شوال. 351 - مظفر بن محمد بن أبي الفضل. أبونصر بن قصيبات السلمي، الدمشقي. توفي في ذي القعدة. وكان ممن روى الحديث عن: عمر بن كرم، وابن صباح، والناصح بن الحنبلي. وكان عدلا كبيرا، دينا. سمع منه الجماعة، وعاش ستا وسبعين سنة. لقبه شرف الدين. 352 - مظفر بن أبي بكر. الحموي الحنفي، مدرس البشيرية، أبو المياس. توفي في ربيع الآخر وله ثلاث وسبعون سنة. 353 - منصور بن عقبة بن منصور. أبو المظفر الشيباني، قاضي هيت. [شاعر فصيح]. حدث عن: أبي طالب بن القبيطي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة.

(51/249)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 250

- حرف الهاء -
354 - هدية بنت عثمان بن عبد الله الأبهري. أم التقي. توفيت في جمادى الآخرة عن أربع وسبعين سنة.
- حرف الواو -
355 - وجيه الدين البهنسي. الذي ولي قضاء الديار المصرية، ثم عزل بابن الخوتي. كان من كبار الأئمة في الفقه. موته في جمادى الآخرة.
- حرف الياء -
356 - [يعقوب بن عبد الحق. أبو يوسف المريني، سلطان المغرب، وسيد آل مرين. كان ملكا شجاعا، مقداما، مهيبا. خرج على الواثق الملقب بأبي دبوس فالتقاه بظاهر مراكش، فقتل أبو دبوس، وتملك هذا في أول سنة ثمان

(51/250)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 251
وستين، وزالت دولة الموحدين. وقد دخل الأندلس وتملك الجزيرة الخضراء واتسعت ممالكه، وخافته الملوك. مات في المحرم سنة خمس هذه]. 357 - يوسف بن محمد بن عبد الله. الإمام، الفاضل، الصالح، مجد الدين أبو الفضائل بن المهتار المصري، ثم الدمشقي، الكاتب، المجود، المحدث، القارئ بدار الحديث الأشرفية. ولد في حدود سنة عشر وستمائة. وسمع من: ابن صباح، وابن الزبيدي، والفخر الإربلي، وابن اللتي، وجعفر الهمداني، وابن المقير، وابن باسويه، ومكرم بن أبي الصقر، وطائفة. وقرأ وكتب الأجزاء والطباق. وشارك في العلم، وتوحد في كتابة الخط الفائق، وعلم به دهرا. وولي في الآخر مشيخة الدار النورية. وكان إمام مسجد داخل باب الفراديس. وكان ذا دين، وورع تام وصلاح. وكف بصره قبل موته بقليل. سمع منه: ابن العطار، وابن الخباز، وابن أبي الفتح، والمزي، وطائفة سواهم. وأجاز لي مروياته. توفي في تاسع ذي القعدة وله بضع وسبعون سنة.

(51/251)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 252
358 - يوسف بن يحيى بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم. الإمام، الفقيه، قاضي القضاة، بهاء الدين، أبو الفضل ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي الفضل ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي المعالي ابن قاضي القضاة زكي الدين ابن قاضي القضاة منتجب الدين القرشي، الدمشقي، الشافعي، الزكوي. ولد في ذي الحجة سنة أربعين وستمئة. وكان جليلا، نبيلا، جسيما، وسيما، ذكيا سريا، كامل الرياسة، وافر العلم، بارعا في أصول الفقه، بصيرا بالفقه، فصيحاً، مفوها، حلالاً للمشكلات، غواصا على المعاني. سريع الحفظ، قوي المناظرة. قيل إنه كان يحفظ الورقتين والثلاثة من نظرة واحدة، ويورد الدرس في غاية الجزالة. وكان يذكر في اليوم عدة دروس. وقد سمع بمصر من: عبد الوهاب بن رواج، وابن الجميزي. وبدمشق من: إبراهيم بن خليل، وجماعة. وكان أديبا إخباريا كثير المحفوظ، علامة. وكان كريم النفس، كثير المحاسن، مليح الفتاوى. أخذ العلوم العقلية عن القاضي كمال الدين عمر بن التقليسي. وأخذ عن أبيه. وكان أفضل من أبيه بكير. وهو ذكي من بيت الزكي. وقد مدحه غير واحد من الشعراء وأخذوا جوائزه.

(51/252)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 253
وسمع منه: علم الدين، وجماعة. وقد رأيته، وكان من أحسن الناس شكلا. مرض مدة، وتوفي رحمه الله في حادي عشر ذي الحجة، وله خمس وأربعون سنة. وقد ولي القضاء بعد ابن الصائغ سنة اثنتين وثمانين وإلى أن مات، وولي بعده ابن الخويي.
الكنى
359 - أبو بكر بن حياة بن أبي بكر بن الشيخ الكبير حياة بن حسن. الحراني، نزيل رأس عين. شيخ، صالح، عارف، زاهد، مشهور. حج سنة إحدى وثمانين. وروى بدمشق عن: عيسى بن خياط، والمرجا بن شقير. توفي برأس عين في ذي القعدة كهلا. 360 - أبو البركات بن أحمد بن أبي البركات. الحراني، الحنبلي، عرف بابن الإسكاف. قيم ضريح الإمام أحمد. أجاز له عبد الوهاب بن سكينة، وجماعة. وحدث. توفي في جمادى الاخرة.

(51/253)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 254
وفيها ولد: فخر الدين عبد الرحمن بن محمد بن الفخر الحنبلي، وأيدمر بن عبد الرحمن سبط الأبهري، وناصر الدين محمد بن محمد بن يوسف ابن أفتكين، وشمس الدين محمد بن إبراهيم الكردي، وفيها مات شيخ الطب ابن القف النصراني بدمشق.

(51/254)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 255

سنة ست وثمانين وستمائة

- حرف الألف -
261 - أحمد بن إبراهيم بن حسين بن إبراهيم. القرشي، من بني البهنسي. ثامن شعبان. 362 - أحمد بن إبراهيم. المفتي، الفقيه، علم الدين القمني، الضرير. توفي بالقاهرة في جمادى الأولى. ولد سنة عشرين، وروى عن: ابن الجميزي، وغيره. وأعاد بالظاهرية بالقاهرة، وكانوا يكتبون عنه في الفتاوى، رحمه الله. 363 - [أحمد بن عمر بن محمد.

(51/255)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 256
الشيخ الزاهد، الكبير، العارف، أبو العباس الأنصاري، المرسي. كتبت هذا من خط المحدث محمد بن أحمد بن همام سبط الشاذلي، فبالغ في تعظيمه فقال فيه: العلامة، المحقق، القدوة، شيخ الوقت، ووارث شيخه الشاذلي، قطب [زمانه]، الذي يكل ذكر أوصافه أقلام الكتبة، وتعجز عن إحصاء ذلك أنامل الحسبة، الشاذلي تصوفا، الأشعري معتقدا. توفي في سابع عشر شعبان سنة ست وثمانين بالإسكندرية. قال: فلولا قوة اشتهاره وكراماته لذكرت له ترجمة جليلة. قلت: كان شيخنا عماد الدين الخزامي يعظم أبا العباس، ويذكر أن شيخه نجم الدين الإصبهاني صحب وأخذ عنه طريق السير، وكذلك صحبه الشيخ تاج الدين بن عطاء الله والله أعلم بحقيقة سره. وكان من الشهود بالثغر]. 364 - أحمد بن محمد بن عبد الواحد. الشيخ، شرف الدين الجزري، التاجر السفار، المعروف بابن الصهيبي. دخل الهند والبلاد النائية. ذكره صاحبنا شمس الدين الجزري في ' تاريخه ' فقال: أنا شرف الدين ابن الصهيبي سنة أربع وثمانين قال: حدثني النجيب الشهراباني سنة ثمان وستين وستمائة بجزيرة كيش، ثنا الزاهد

(51/256)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 257
علي الكفتي سنة أربعين، ثنا المعمر عبد الأحد السمرقندي قال: اجتمعت برتن بن معمر بسرنديب فقال لي: كنت صغيرا مع أبي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق، فمسح على رأسي ودعا لي بطول العمر، وذكر حديثا. * * قلت: إنما ذكرت هذا للفرجة، وإلا فهذا النمط أقل من أن يعده الحفاظ في الموضوعات، بل إذا سمعوا من يذاكر به تعجبوا وقالوا: {ويخلق مالا تعلمون}. وهذه عجيبة من عجائب بحر الهند. 365 - أحمد بن محمد بن الحسن بن عبد السلام. السفاقسي، ثم الإسكندراني، نجيب الدين، أبو علي بن الشيخ شرف الدين ابن المقدسية. سمع الكثير من: خال والده الحافظ أبي الحسن المقدسي، وابن عماد، وجماعة من أصحاب السلفي. قال علم الدين البرزالي: لم أر بالثغر أكثر حديثا منه إلا أنه ثقل سمعه فعسر السماع منه. قلت: روى عنه: البرزالي، والمزي، وسائر الرحالة. ولم يدركه الفرضي، ولا أعلم متى توفي ولكنه كان حيا في هذا الوقت. مولده سنة خمس وستمائة بالإسكندرية، وأبوه آخر من روى عن السلفي حضورا. 366 - أحمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن أبي سعد بن أبي عصرون. القاضي الأجل محيي الدين. روى عن: الرشيد بن مسلمة.

(51/257)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 258
ومات في رمضان بدمشق. 367 - إبرهيم بن الإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام. شمس الدين، أبو إسحاق السلمي، الدمشقي خطيب جامع العقيبة. كان يتكلم بكلام مسجوع كسجع الكهان، ويزعم أنه يلقى إليه من الجن وتعانى الوعظ فكان فيه منحط الرتبة، فتألم أبوه لذلك، فترك الوعظ. توفي في ربيع الأول. وفي الجملة كان متزهداً، يلبس ثيابا قصارا، ويبكي في الخطبة، وفيه سلامة باطن. ولد سنة إحدى عشر وستمائة أو بعدها، وحدث عن: أبي محمد بن البن، وزين الأمناء، وابن صباح، وابن اللتي. أخذ عنه: البرزالي، والمزي، وجماعة. وقد رأيته يخطب. 368 - إسحاق بن إبراهيم. الإمام، المفتي، شهاب الدين المصري الشافعي، قاضي الجكر بظاهر القاهرة. توفي في جمادى الأولى، رحمه الله.

(51/258)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 259
369 - إسرائيل بن إبراهيم بن طالب. المزي. عاش نيفا وثمانين سنة. وحدث عن أبي البركات عمر بن البراذعي. ثنا عنه أبو الحسن بن العطار. وسمع منه: البرزالي، وغير واحد. 370 - إسرائيل بن عبد العزبز بن أحمد ابن خطيب بيت الأبار. حدث عن: الفخر الإربلي. أخذ عنه: البرزالي، وابن الخباز. مات في أثناء السنة، وهو أخو خطيب أرزونا. 371 - أيوب بن أبي بكر بن خطلبا. نجم الدين التبنيني، ثم الدمشقي. حدث عن: ابن اللتي. كتب عنه: البرزالي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة.
- حرف الباء -
372 - باجو.

(51/259)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 260
الأمير الكبير، ركن الدين. من مشاهير الأمراء. توفي بغزة، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب بالنية. مات في رمضان. 373 - بكتي. الأمير سيف الدين الخوارزمي. من قدماء الأمراء. وداره هي التي يسكنها بلبان التتري. رأيته وكان شيخاً مهيباً، تركيا. 374 - باشقرد. الأمير علم الدين الصالحي. توفي بالقاهرة في رمضان. 375 - البديع الساعاتي. الذي عمل ساعات القيمرية بباب المارستان. 376 - [بيليك.

(51/260)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 261
الأمير الكبير، بدر الدين الأيدمري. من كبراء الأمراء المصريين، وأظنه من الأمراء الصالحية. رأيته حامل الجتر على رأس السلطان الملك المنصور يوم عبوره. قيد موته الملك المؤيد، رحمه الله.
- حرف الخاء -
377 - الخضر بن الحسن بن علي. قاضي القضاة، برهان الدين السنجاري، الزرزاري، الشافعي. ولد سنة ست عشر وستمائة. ولي قضاء مصر في الدولة الصلاحية فيما قيل، إذ أخوه بدر الدين قاضي على القاهرة، وبقي على ذلك إلى أيام الملك الظاهر فعمل الوزير بهاء الدين عليه حتى عزل وحبس وضرب، فبقي معزولا فقيرا ليس بيده شيء سوى المدرسة المعزية، فلما مات الوزير بهاء الدين سنة سبع وسبعين سير له الملك السعيد تقليدا بالوزارة، فأحسن إلى آل الصاحب بهاء الدين ولم يؤذهم. وبقي في الوزارة إلى أن تولى الأمير علم الدين الشجاعي شد الدواوين، فسعى في عزله وضربه، وبقي معزولا إلى أن مات نجم الدين ابن

(51/261)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 262
الأصفهوني الوزير، فأعيد إلى الوزارة وبقي مدة، ثم سعى فيه الشجاعي أيضا وآذاه. ولما توفي القاضي بهاء الدين ابن الزكي بدمشق ذكروه لقضاء الشام، ثم زووه عنه إلى ابن الخويي. ثم ولوه قضاء القضاة بالقاهرة، فبقي عشرين يوما ومات. فيقال إنه سم، وكان لا بأس بسيرته، وفيه مروءة وقضاء لحوائج الناس. وقد روى جزءا عن عبد الله بن اللحط. سمع منه: البرزالي، والمصريون. قال البرزالي: ولي القضاء نحوا من عشرين يوما، انقطع منها عشرة أيام، ومات في تاسع صفر. وولي بعده ليومه قاضي القضاة عبد الرحمن ابن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز. وذكره بعض الأئمة فقال: كان عنده مشاركة في شيء من الفقه فقط.
- حرف الزاي -
378 - زينب بنت الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف الطبيب اللغوي. روت عن أبيها. حدثت بالقاهرة وبها ماتت في الثاني والعشرين من شعبان. أخذ عنها: البرزالي، والفخر بن الظاهري، وابن سيد الناس، وجماعة سواهم. 379 - زينب بنت عبد الله بن عزاز. روت عن: جعفر الهمداني بمصر.

(51/262)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 263
ماتت في جمادى الآخرة.
- حرف السين -
380 - ست الدار بنت العلامة مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن تيمية. توفيت بدمشق. وحدثت عن: ابن روزبة، وعبد اللطيف بن يوسف. وماتت في عشر السبعين. روى عنها: ابن أخيها شيخنا أبو العباس، وأخوه أبو محمد، والبرزالي، وابن مسلم، وجماعة. توفيت في أول ربيع الآخر، رحمها الله تعالى. 381 - سليمان بن بليمان بن أبي الحسن بن عبد الجبار بن بليمان. الأديب، شرف الدين، أبو الربيع الهمداني، ثم الإربلي، الشاعر المشهور.

(51/263)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 264
شاعر محسن، سائر القول، له نوادر وزوائد ومزاح حلو. وكان أبوه صائغا، وهو صائغ. وله أجوبة مسكتة. ذكره ابن المستوفي أبو البركات في ' تاريخه '، فقال: أنشدني لنفسه:
(إشرب فشربك هذا اليوم تحليل .......... وآنف الهموم فقد وافاك أيلول)

(أما ترى الشمس وسط الكاس طالعة .......... منيرة ونطاق البدر محلول)

(والأرض قد كسيت بالغيث حلتها .......... وناظر الروض بالأزهار مكحول)
ولابن بليمان يهجو الشهاب التلعفري إذ قامر بثيابه حتى بخفافه، وأنشدها للملك الناصر:
(يا مليكا فاق الأنام جميعا .......... منه جود كالعارض الوكاف)

(والذي راش بالعطايا جناحي .......... وتلافى بعد الإله تلافي)

(ما رأينا ولا سمعنا بشيخ .......... قبل هذا مقامر بالخفاف)

(وبها كم يدق في كل يوم .......... في قفاه والرأس والأكتاف)

(أسود الرأس أبيض الشعر في لون .......... سحيم وقبحه وخفاف)

(يدعي نسبة إلى آل شيبان .......... وتلك القبائل الأشراف)

(وهم ينكرون ما يدعيه .......... فهو والقوم دائما في خلاف)

(مثل نجد لو استطاعت لقالت .......... ليس هذا الدعي من أكنافي)

(فابسط العذر في هجاء رقيع .......... عادل عن طرائق الإنصاف)

(51/264)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 265
توفي الشرف بن بليمان في عاشر شهر صفر بدمشق، وله تسعون سنة أو أزيد. 382 - سنجر. الأمير الكبير علم الدين الصالحي، الدويدار. من أعيان المصريين. وهو أستاذ الأمير الكبير كجك المنصوري. توفي بالقاهرة في ربيع الأول.
- حرف الشين -
383 - شاهلتي بنت محمد بن عثمان. أم شيخنا عماد الدين محمد بن البالسي. روت عن: كريمة القرشية. وماتت في جمادى الأولى.

(51/265)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 266
كتب عنها: البرزالي، وغيره.
- حرف الصاد -
384 - صواب الطواشي. المعروف بعطاء الله. حدث بالقاهرة عن: سبط السلفي.
- حرف العين -
385 - عبد الله بن محمد بن الفقاعي. الشيخ صفي الدين، المقرئ، الحنفي، إمام محراب الحنفية بالجامع. كان من أطيب الناس صوتا بالقرآن. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة. وحدث عن: ابن اللتي، وغيره. ومات في المحرم. 386 - عبد المحسن بن أحمد بن عبد الحميد بن أبي طاهر. الأسدي، الأبهري، الصدر نجم الدين الحاسب، كاتب الجيوش. حوسب وفوتش فخرج ليتوضأ فنحر نفسه بالقرب من مخيم أروت. 387 - عبد الرحمن بن حسن بن يحيى. الوجيه القيسي، السبتي، المحدث، الرحال. أبو القاسم، نزيل دمشق. كان أحد من عني بالحديث وكتبه وسماعه،

(51/266)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 267
والإكثار منه. ولم يشتغل بغيره إلا ما كان من العشرة واللعب في غضون ذلك. قدم الإسكندرية في سنة خمس وستين. فسمع بها من أصحاب ابن بوقا وغيره. وسمع بالقاهرة من: النجيب الحراني، وابن عزون، والطبقة. وسمع بدمشق من: ابن عبد الدائم، وأصحاب الخشوعي، ثم أصحاب ابن طبرزد والكندي فمن بعدهم. وكتب العالي والنازل، وحصل الأصول، ونسخ الكثير، ولم يزل يقرأ إلى أن مات. وما حدث. ووقف أجزاءه بدار الحديث النورية. وسمع خلق كثير بقراءته. وكان له دربة بالقراءة. ولم يكن فصيحا. كان فيه مزاح وانبساط. وله صولة على الصبيان وحرص على تسميعهم. توفي في سابع جمادى الأولى كهلا، ودفن بمقبرة باب الصغير. 388 - عبد الرحمن بن أبي علي بن سيما. تقي الدين الحموي، إمام الجامع الأسفل بحماة. شيخ معمر، روى عن أبي القاسم بن رواحة. وعاش تسعين سنة. 389 - عبد الرحيم بن داود بن فارس. أبو محمد المتيجي، خطيب المزة. سمع ' الصحيح ' من ابن روزبة. ومات في صفر.

(51/267)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 268
وكان شيخاً مباركا، حس الخطابة. 390 - عبد الصمد بن عبد الوهاب بن زين الأمناء أبي البركات الحسن بن محمد بن عساكر. الإمام الزاهد، أمين الدين، أبو اليمن الدمشقي، الشافعي، نزيل الحرم سمع من جده، ومن: الشيخ الموفق، وأبي محمد بن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وأبي عبد الله بن الزبيدي، وابن غسان، والقاضي أبي نصر بن الرازي، وجماعة. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وأبو روح الهروي، وطائفة. وحدث بالحرمين أيضا. وكان ثقة، عالما، فاضلا، جيد المشاركة في العلوم، بديع النظم، صاحب دين وعبادة وإخلاص، وكل من يعرفه يثني عليه ويصفه بالدين والزهد. ومن شعره:
(عسى الأيام أن تدني الديارا .......... بمن أهوى فقد شطوا مزارا)

(ويصبح شمل أحبابي جميعا .......... وآخذ منهم بالقرب ثارا)

(وتمسي جيرة العلمين أهلي .......... ودارهم لنا يا سعد دارا)

(51/268)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 269

(وبي الرشا الذي ما صد إلا .......... ليبلو في الهوى مني اصطبارا)

(كلفت به من الأعراب ما إن .......... أدار لثامه إلا عذارا)

(يروع الأسد في فتكات لحظ .......... ويحكي ظبية الوادي نفارا)
روى عنه: أبو الحسن بن العطار، والشيخ علي الواسطي الزاهد، وعلاء الدين بن قرناص، وجماعة. وكتب إلي بمروياته سنة ثلاث وسبعين. أنشدنا له ابن قرناص:
(يا نزولا بين سلع وقباء .......... جئتكم أسعى على شقة بين)

(ونعم والله إني زائر .......... لمغانيكم على رأسي وعيني)

(إن من أم حماكم آملا .......... راح بالمأمول مملوء اليدين)

(فاشفعوا إني قد تشفعت بكم .......... بوصال واتصال دائمين)
ومن شعره:
(يا جيرتي بين الحجون إلى الصفا .......... شوقي إليكم مجمل ومفصل)

(أهوى دياركم ولي بربوعها .......... وجد يثبطني وعهد أول)

(ويزيدني فيها العذول صبابة .......... فيظل يغريني إذا ما يعذل)

(ويقول لي لو قد تبدلت الهوى .......... فأقول قد عز العداة تبدل)

(بالله قل لي كيف تحسن سلوتي .......... عنهم وحسن تصبري هل يجمل)

(يا أهل ودي بالمحصب دعوة .......... من نازح بلقاكم يتعلل)
ولد يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول سنة أربع عشرة وستمائة. وتوفي في جمادى الأولى في وسطه، وقيل في مستهله.

(51/269)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 270
وكان شيخ الحجاز في وقته، وله تواليف في الحديث تدل على حفظه ومعرفة بالأسانيد وعناية بعلم الآثار. 391 - عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن المؤيد بن علي. أبو محمد الهمداني، ثم المصري، ابن عم شيخنا الأبرقوهي. حدث عن: عبد العزيز بن باقا، والقاضي زين الدين علي بن يوسف الدمشقي، وغيرهما. كتب عنه: البرزالي، وقطب الدين، وجماعة. وتوفي في شوال. 392 - عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي بن الصيقل. عز الدين، أبو العز الحراني، مسند الديار المصرية بعد أخيه. روى عن: يوسف بن كامل، وضياء بن الخريف، وأبي الفرج محمد بن هبة الله الوكيل، وأبي حامد بن جوالق، وسعد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطاف، وأبي علي يحيى بن الربيع الفقيه، وعمر بن طبرزد، وأحمد بن الحسن العاقولي، وسليمان الموصلي، وعبد العزيز بن الأخضر، وعزيزة بنت الطراح، وعبد القادر الرهاوي، وجماعة.

(51/270)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 271
وبالإجازة عن ابن كليب. وتفرد في وقته، ورحل إليه. وكان من التجار المعروفين كأخيه، ثم افتقر. روى عنه: ابن الخباز، والدمياطي، وأبو عبد الله الزراد، وأبو محمد الحارثي، وأبو الحجاج المزي، وأبو محمد عبد الكريم، وأبو حيان النحوي، وأبو عمرو بن الظاهري، وأبو الفتح بن سيد الناس، وأبو محمد البرزالي، وخلق من الشباب والفضلاء. وخرج له شيخنا ابن الظاهري ' مشيخة '. وأجاز له أيضا: أبو طاهر المبارك ابن المعطوش، والإمام جمال الدين ابن الجوزي، وعفيفة الفارقانية. وكان هو وأخوه النجيب تاجرين للخليفة. وكان أبوهما فقيها، عارفا بمذهب الإمام أحمد، واعظا مشهورا، توفي سنة إحدى وستمائة. وكان العز الحراني شيخا مطبوعاً، حسن المحاضرة، إلا أنه كان كثير الحسد. توفي في رابع عشر رجب بمصر. ودفن بالقرافة الصغرى، وهو أكبر شيخ لقيه المزي، والبرزالي، وابن نباتة في رحلتهم. وكثير من أسمعته من المذكورين في السنة الخامسة. قال الدمياطي: ولد بحران سنة أربع وتسعين وخمسمائة، وقد حدث في سنة تسع وثلاثين مع أخيه بالمطر لابن دريد. وسمع منهم: النجيب بن شقشقة، وابن الجوهري، والضياء البالسي، والكبار. 393 - عبد الغني بن محمد بن أبي الحسن. أبو محمد الصعبي، المصري. حدث عن: ابن باقا، والعلم بن الصابوني.

(51/271)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 272
روى عنه: البرزالي، وابن سيد الناس، وجماعة. توفي في جمادى الآخرة. 394 - عبد القدوس بن إبراهيم بن يحيى. الشقراوي، الحنبلي. توفي بقاسيون في جمادى الأولى، وهو أخو شيخنا نجم الدين. سمع من: كريمة، والضياء، وحدث. 395 - عبد المحسن بن سليمان بن عبد الكريم. وجيه الدين المخزومي، المعروف بابن المسلم المصري. حدث عن: أحمد بن محمد بن الحباب. ومات في ذي القعدة. 396 - عثمان بن علي بن عثمان. فخر الدين الكاشي. توفي بالقاهرة. سمع: ابن اللتي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة. وكان أبوه قاضيا بالكرك. 397 - علي بن زكريا. المقرئ، العالم، جمال الدين أبو الحسن المنبجي، الحنفي، الفقيه. روى عن: يوسف بن خليل.

(51/272)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 273
كتب عنه: البرزالي، وغيره. وهو أخو الشيخ يحيى المنبجي الملقن. توفي بالقدس في رمضان. 398 - علي بن محمد بن أحمد بن حمزة بن علي. ابن الحبوبي، شهاب الدين، أبو الحسن التغلبي، الدمشقي، الشاهد من بيت عدالة ورواية. حدث عن: أبي القاسم بن الحرستاني، وأبي المنجا بن اللتي. وأجازه: ابن المؤيد الطوسي، وأبو روح، وأبو اليمن الكندي، وأبو محمد بن الأخضر، وعبد القادر الرهاوي. كتب عنه: ابن الخباز، والوجيه السبتي، وجماعة. وسألت عنه أبا محمد البرزالي فضعفه في الشهادة دون الرواية، وقال: جريء إلى الغاية، ويختلف وينشىء المكاتيب. وبلغني أنه غسل له مرة أربعة كتب جملة بالعادلية، وأهين بحضرة القاضي التفليسي. قلت: ثم انصلح أمره بعد ذلك قليلا. ومات في رجب وله اثنتان وثمانون سنة. وهو أخو المحتسب تاج الدين يحيى، ووالد شيخنا إبراهيم بن علي. 399 - علي بن محمد بن يوسف بن عفيف. أبو الحسن، ضياء الدين، الخزرجي، الغرناطي، الشاعر، الصوفي. انتسب إلى سعد بن عبادة، وقال الشعر الفائق. أقام بالإسكندرية وكان

(51/273)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 274
مشهورا بالزهد إلا أن له شعرا يشبه شعر ابن العربي ولم أتحقق أمره، وله مدائح موفقة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أضر وزمن وعمر دهرا. روى عنه من شعره: الدمياطي، والبرزالي. وتوفي في ربيع الآخر عن اثنتين وتسعين سنة. وهو مشهور بالخزرجي. سمع من: ابن حوط الله، وجعفر الهمداني. 400 - علي بن محمد بن علي بن بركات. الشيخ بديع الدين الأنصاري، المصري، شيخ الإقراء بالخليل. كان عارفا بالقراءآت والعربية. قرأ على الكمال الضرير العباسي، رحمه الله. وروى بالإجازة عن: ابن رواج، وابن الجميزي. وعاش ثمانيا وأربعين سنة. وتوفي في رمضان، وولي مشيخة الخليل بعده البرهان الجعبري. 401 - عمر المغربل. أخو زينب بنت شكر. روى عن: ابن اللتي. وكان فقيرا، وهو أخو الجمال المغربل. 402 - عيسى بن سالم. العدل، شرف الدين بن السقلاطوني، الدمشقي.

(51/274)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 275
روى عن: السخاوي. كتب عنه: علم الدين، وغيره. ومات في ذي القعدة. 403 - عيسى بن عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماضي. الشيخ مجد الدين المقدسي، الحنبلي، نزيل بغداد. روى عن: موسى بن الشيخ عبد القادر، والشيخ الموفق. وسمع ببغداد من: ابن روزبة، وابن اللتي، وابن القبيطي. توفي في ربيع الأول، وقد قارب الثمانين. أخذ عنه: الفرضي، وابن سامة، وطائفة. وكان ثقة، مكثر، فيه دين وتقوى. وله عدة إخوة.
- حرف الفاء -
404 - فضائل بن إبراهيم بن أبي الفضل. الشيخ رضي الدين بن الحكيم الدمشقي. شيخ متميز، روى عن: الزبيدي، وابن صباح. ولد سنة عشر وستمائة. وتوفي في صفر. 405 - الفضل بن علي بن نصر بن عبد الله بن رواحة. الرئيس جمال الدين، ناظر بلبيس.

(51/275)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 276
سمع بحلب من: عبد اللطيف بن يوسف، ويحيى بن الدامغاني. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وأبو روح، وجماعة. وكان أديبا، فاضلا، كاتبا. روى عنه: الدمياطي من شعره، والبرزالي، وجماعة. ومات ببلبيس في جمادى الأولى. عمل له التقي عبيد ' مشيخة ' في مجلد.
- حرف الكاف -
406 - كنينة بنت أيبك الجزري. روت عن ابن اللتي سماعا. وسماعها بالكرك. وحدثت بمصر. روى عنها: البرزالي، والطلبة. وهي بنونين. ماتت في شوال.
- حرف الميم -

407 - محمد بن أحمد بن إبراهيم. العلامة ناصح الدين الخويي، ثم الطبري. سمع من: الزينبي، والبادرائي. روى الحافظ عبد الكريم في ' تاريخه ' فقال كان إماما، أصوليا، زاهداً، عابدا. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة.

(51/276)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 277
ومات في ربيع الأول بالقاهرة. * * * 408 - محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون. الإمام، الزاهد، قطب الدين، أبو بكر بن الإمام تاج الدين علي بن القسطلاني، التوزري الأصل، المصري، ثم المكي ابن الشيخ الزاهد أبي العباس. ولد بمصر سنة أربع عشرة وستمائة، ونشأ بمكة، وسمع بها ' جامع الترمذي ' من أبي الحسن بن البناء.

(51/277)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 278
وسمع من أبي القاسم السهروردي كتاب ' عوارف المعارف '. وسمع من: أبي الحسن بن الزبيدي، وجماعة. وقرأ العلم، ودرس، وأفتى، ورحل في الحديث سنة تسع وأربعين فسمع من محمد بن نصر بن الحصري، ويحيى بن العميرة، وإبراهيم بن أبي بكر الرعبي، وطائفة كبيرة ببغداد، والشام، ومصر، والموصل، واستجاز حينئذ لأولاده السبعة: محمد، والحسن، وأحمد، ومريم، ورقية، وفاطمة، وعائشة. وأسمع بعضهم. وكان شيخا، عالما، عابداً، زاهدا، نبيلا، عليلا، مهيبا، حائزا للفضائل، كريم النفس، كثير الإيثار، حسن الأخلاق، قليل المثل. طلب من مكة إلى القاهرة فولي مشيخة الكاملية إلى أن مات. وروى الناس عنه الكثير، وله شعر مليح. روى عنه: الدمياطي، والمزي، والبرزالي، وخلق لا أعرفهم. ومات إلى رحمة الله في الثامن والعشرين من المحرم بالكاملية، واجتمعت العامة على الباب يضجون بالبكاء عليه. وأخرج عقيب الظهر من المدرسة والخلائق بين يديه ممتدين إلى تحت القلعة، فتقدم عليه في الصلاة شيخنا جمال ابن النقيب المفسر، ولم يدخل إلى قبره بالقرافة إلى بعد العصر لكثرة الزحام. وكان يوما مشهودا. قال علم الدين البرزالي: حضرت دفنه. ومن شعره رحمه الله تعالى قوله:
(ألا هل لهجر العاملية إقصار .......... فيقضى من الوجد المبرح أوطار)

(51/278)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 279

(ويشفى عليل من عليل موله .......... له النجم والجوزاء في الليل سمار)

(أغار عليه السقم من جنباته .......... وأغراه بالأحباب نأي وتذكار)

(ورق له مما يلاقي عذوله .......... وأرقه دمع ترقرق مدرار)

(يحن إلى برق الأبيرق قلبه .......... ويخفف إن ناحت حمام وأطيار)

(عسى ما مضى من خفض عيشي على الحمى .......... يعود، فلي فيه نجوم وأقمار)
وله:
(إذا كان أنسي في التزامي لخلوتي .......... وقلبي عن كل البرية خالي)

(فما ضرني من كان لي الدهر قاليا .......... ولا سرني من كان لي متوالي)
409 - محمد بن أحمد بن معضاد. أبو عبد الله البغدادي. روى عن: ابن اللتي، ومحمد بن محمد السباك، وغيرهم. وكان حنبليا، مقرئا، فاضلا، ضريرا. مات في ربيع الآخر. 410 - محمد بن أحمد.

(51/279)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 280
الشيخ أبو عبد الله الواني الخلاطي، الصوفي، مؤذن مسجد أبي الدرداء بالقلعة من دمشق. شيخ صالح معروف، وهو والد رئيس المؤذنين برهان الدين إبراهيم. توفي في سابع جمادى الأولى، وقد شاخ. وقد سمع شيئا ولم يرو. 411 - محمد بن عباس بن أحمد بن عبيد بن صالح. الحكيم البارع، عماد الدين، أبو عبد الله الربعي، الدنيسري. ولد بدنيسر سنة خمس أو ست وستمائة، وقرأ علم الطب حتى برع فيه وساد. وسمع الحديث بالديار المصرية من: علي بن مختار العامري، والحسن بن دينار، وعلي بن المقير، وجماعة. وصحب البهاء زهير مدة، وتخرج به في الأدب والشعر. وتفقه على مذهب الشافعي. وصنف في الطب ' المقالة المرشدة في درج الأدوية المفردة '،

(51/280)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 281
و ' أرجوزة في الترياق الفاروق ' و ' أرجوزة في تقدمة المعرفة ' لأبقراط، وغير ذلك. قال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة: اشتغل في صناعة [الطب] اشتغالاً برع به فيها. وحصل جمل مغانيها. وحفظ الصحة كاملة، واستردها زائلة. اجتمعت به فوجدت له نفسا حاتمية، وشنشنة أخزمية، وخلقا ألطف من النسيم، ولفظا أحلى من مراح التسنيم. وأسمعني من شعره البديع. فهو في علم الطب قد تميز على الأوائل والأواخر، وفي الأدب قد عجز كل ناظم وناثر، هذا معما أنه في الفقه سيد زمانه، وأوحد أوانه. قلت: هذه مجازفة قبيحة من الموفق لا يزال يرتكبها، نسأل الله العفو. ثم سار من دنيسر ودخل الديار المصرية، ثم رجع إلى الشام وخدم بالقلعة في الدولة الناصرية. ثم خدم بالمارستان الكبير. وله من أبيات:
(فقلت: شهودي في هواك كثيرة .......... وأصدقها قلبي ودمعي مسفوح)

(قال: شهود ليس يقبل قولها .......... فدمعك مقذوف وقلبك مجروح)
وأحسن من هذا قول ابن البن:
(ودمعي الذي يملي الغرام مسلسلا .......... رمى جسدي بالضعف والجفن بالجرح)
وله:
(نعم فليقل من شاء عني فإنني .......... كلفت بذاك الخال والمقلة الكحلا)

(وعذبني بالصد عنه وكلما .......... تجنى فما أشهاه عندي وما أحلا)

(51/281)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 282

(فحرمت نومي بعدما صد معرضا .......... كما حلل الهجران مذ حرم الوصلا)

(غزال غزا قلبي بعامل قده .......... ومكن من أجفانه في الحشا نبلا)

(فلا تعذلوني في هواه فإنني .......... حلفت بذاك الحسن لا أقبل العذلا)
سمع منه: قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى، والموفق ابن أبي أصيبعة، وأبو محمد البرزالي، وطائفة. وكان أبوه خطيبا بدنيسر. توفي العماد في ثامن صفر. 412 - محمد بن عبد الحكم بن حسن بن عقيل بن شريف بن رفاعة بن غدير. الشيخ شرف الدين، أبو عبد الله السعدي، المصري. شيخ حسن من بيت الرواية. سمع من جده الحسن بعض ' الخلعيات '، قال: أنا جدي لأمي عبد الله بن رفاعة. روى عنه: المزي، وقطب الدين عبد الكريم، والبرزالي، وجماعة. ومات بمصر في رمضان. وكان يعرف بابن الماشطة. ولي مشيخة الحديث بالمدرسة الصاحبية بمصر، وكان يقرأ الحديث على كرسي بجامع مصر، وغيره.

(51/282)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 283
ولد سنة ثمان وستمائة. 413 - محمد بن عبيد الله بن هارون بن خطاب. العلامة أبو بكر المرسي. صاحب أدب وبلاغة. كتب الانشاء لابن هود، ثم لصاحب غرناطة، ثم لصاحب تلمسان، وبها توفي. وله نظم رائق. وهو القائل في مليح:
(مجمع البحرين أضحى خده .......... إذ تلاقى فيه موسى والخضر)
414 - محمد بن محمد بن عبد الله بن مالك. الإمام البليغ، النحوي، بدر الدين ابن الإمام شيخ النحاة جمال الدين الطائي، الجياني، ثم الدمشقي. كان إماما ذكيا، فهما، حاد الذهن، إماماً في النحو، إماما في المعاني والبيان والمنطق، جيد المشاركة في الفقه والأصول، وغير ذلك. أخذ عن والده، وسكن بعلبك مدة، فقرأ عليه جماعة منهم الإمام بدر الدين بن زيد.

(51/283)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 284
ثم سكن دمشق وتصدر للإشغال بعد وفاة والده. وكان عجيبا في الذكاء والمناظرة وصحة الفهم. وكان مطبوع العشرة، وفيه لعب وفراغ. وله تصانيف معروفة في العربية والبديع والمعاني. ومات قبل الكهولة أو في أوائلها من قولنج كان يعتريه كثيرا. وتوفي إلى رحمة الله بدمشق في ثامن المحرم، ودفن بمقبرة باب الصغير وكثر التأسف عليه. وولي بعده الإعادة بالأمينية الإمام كمال الدين ابن الزملكاني وله ثماني عشرة سنة وشهر. 415 - محمد بن مكي بن أبي القاسم حامد بن عبد الله. عماد الدين، أبو عبد الله الإصبهاني الأصل، الدمشقي، الزركشي. الرقام. روى عن: داود بن ملاعب، والأنجب بن أبي السعادات، وابن روزبة، وخليل الجوسقي. وسكن القاهرة. وكان ارتحاله إلى بغداد بعد الثلاثين وهو شاب.

(51/284)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 285
روى عنه: المصريون، والمزي، والبرزالي. ومات في الثاني والعشرين من شوال. 416 - محمد بن يحيى بن علي. المحدث، المسند، أبو صادق، جمال الدين ابن الحافظ الإمام رشيد الدين أبي الحسين القرشي، المصري، العطار. ولد في حدود العشرين وستمائة. وسمع من: محمد بن عماد، وعبد العزيز بن باقا، ويوسف بن شداد القاضي، وعبد الصمد القصاري، وعلي بن مختار، وطائفة. وعني بالحديث، وكتب، وخرج لنفسه موافقات ومصافحات. روى عنه: المصريون، والمزي، والبرزالي، وابن سامة. وتوفي في ربيع الآخر. 417 - محمد بن أبي بكر بن يوسف ابن خطيب بيت الآبار. عفيف الدين الكاتب. روى عن: ابن اللتي، والإربلي. سمع منه: البرزالي، وجماعة. وخدم بالمرقب وقت افتتاحه، وبه مات في صفر. 418 - مفضل بن إبراهيم بن أبي الفضل.

(51/285)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 286
الشيخ رضي الدين، أبو الفضل الدمشقي، الطبيب المشهور. كان بصيرا بالعلاج، ماهرا في الصنعة، ذكيا. ماهرا، مادحا. ولد سنة عشر وستمائة. وكان صالحا، دينا، خيرا صحيح العقيدة سافر إلى بلاد الترك إلى بلاد الملك بركة، وحصل أموالا كثيرة ولكنها نهبت منه في الرجعة. وعرضوا عليه رئاسة الأطباء فأباها. وقد كتب في الإجازات، وله سماع. توفي بدمشق في الثالث والعشرين من صفر. 419 - موسى بن محمد بن حسين. القرشي، الصالحي، الفقير، أخو الكمال علي. توفي بزاويته بالجبل. وقد روى عن: ابن اللتي، والهمداني. ومات في رمضان. روى عنه: ابن الخباز، والبرزالي. وكان شيخ الزاوية بعد أخيه كمال الدين.
- حرف الياء -
420 - يحيى بن إسماعيل بن صغير. الشيخ الصالح، أبو زكريا الحراني. سمع ببلده من: أبي المجد القزويني، والموفق عبد اللطيف بن يوسف.

(51/286)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 287
وحدث بدمشق. وأخذ عنه طلبة الوقت. مات في المحرم. 421 - يحيى بن الخضر بن حاتم بن سلطان. زكي الدين القليوبي، المصري. ويعرف بابن قمر الدولة. روى بالإجازة عن: ابن باقا، ومكرم. وعاش تسعين سنة. كتب عنه: المصريون، والبرزالي. ومات في جمادى الآخرة. 422 - يحيى بن خلف. المقاماتي، المصري، ابن أخت الحكمة. روى عن مكرم. وعاش بضعا وثمانين سنة. وتوفي في تاسع عشر جمادى الآخرة.
الكنى
423 - أبو البدر. عبد الله بن أبي الزين المصري، الكاتب. روى عن ابن اللتي. ومات بمصر في صفر. كتب عنه البرزالي، وغيره.

(51/287)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 288
424 - أبو بكر بن عباس بن جعوان. المولى محيي الدين الأنصاري، الدمشقي. حدث عن: الحافظ الضياء. وتوفي بجبل قاسيون في رجب. * * * وفيها ولد: جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن حسن بن نباتة المصري، الأديب، شاعر وقته، والملك صلاح الدين يوسف بن الملك الأوحد. وأبو طاهر أحمد بن عبد الله الزبيدي.

(51/288)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 289

سنة سبع وثمانين وستمائة

- حرف الألف -
425 - أحمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة. الإمام، الزاهد، شرف الدين بن الشرف، أبو العباس المقدسي، الحنبلي، الفرضي، من بقايا السلف. تفقه على تقي الدين أحمد بن العز بن الحافظ. وسمع من: عم أبيه الشيخ موفق الدين، وابن أبي لقمة، والقزويني، وأبي القاسم بن صصرى، وابن صباح، وطائفة سواهم. وروى الكثير. سمع منه: الشيخ علي الموصلي، وابن الخباز، والمزي، وابن سلمة، والبرزالي، وطائفة سواهم. وكان ممن جمع بين العلم والعمل. توفي في خامس المحرم عن ثلاث وسبعين سنة مبطونا شهيدا. وكان يشغل بجامع الجبل، وله نظم حسن. وكان منقطعاً، قانعاً باليسير، ما له وظيفة، رحمه الله.

(51/289)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 290
426 - أحمد بن ظافر. أبو العباس المصري، الشرابي. روى عن: عبد الرحيم بن الطفيل. ومات في ربيع الأول. وهو أحمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ظافر. 427 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن الشيخ الكبير عبد الله اليونيني. قام مقام أبيه عندما استشهد على حمص. وكان فيه فقر وديانة ومكارم. مات في شوال، وهو في عشر الستين. وقد صحب جده الشيخ محمد. وله إجازة من ابن روزبة، وابن بهروز، والأنجب الحمامي. وما أراه حدث، رحمه الله. 428 - أحمد بن محمد بن محمد بن نصر الله. تاج الدين، أبو العباس الحموي، الشافعي، المعروف بابن المغيزل. ولد سنة اثنتين وستمائة، وسمع الحديث من ابن رواحة، ورواه. ومات بحماة في سابع عشر رجب. وكان فقيها، فاضلا، مفننا، مدرسا، مفتيا. ولي مشيخة الشيوخ بحماة، ودرس بالعصرونية، ودخل بغداد وناظر بها وأكرم مورده. وكان صاحب ديانة وعبادة وخير ومهابة وورع. ترك

(51/290)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 291
المناصب لأولاده واشتغل بنفسه. وأولاده: زين الدين، وناصر الدين، وفخر الدين. 429 - أحمد بن محمد بن أبي سعد. العدل، جمال الدين الواسطي، خطيب كفرسوسة. روى عن: التقي بن باسويه. وعاش اثنتين وثمانين سنة. كتب عنه: البرزالي، وقال: توفي في ذي الحجة. وكان يشهد تحت الساعات. وله إجازة من ابن أبي لقمة، وجماعة. 430 - أحمد بن محمد بن أحمد بن عياش. الصالحي، النجار، المعروف بالباشق. أحد الحريرية. قتل بالجبل وأخذ قماشه في جمادى الأولى. 431 - أحمد بن أبي بكر بن يوسف بن يحيى. البدري، خطيب بيت الآبار، المقدسي، الشاهد. روى عن الفخر الإربلي، والتاج القرطبي. ومات في رجب. أخذ عنه: ابن الخباز، والبرزالي. وهو أخو العفيف، والموفق.

(51/291)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 292
432 - أحمد بن أبي بكر بن عبد الباقي بن علي بن حفاظ. الصالح، أبو العباس الصالحي، الصحراوي، الفلاح. رجل مبارك، ساكن زرع. روى عن: أبي القاسم بن صصرى، وابن أبي لقمة. روى عنه: ابن الخباز، والبرزالي، وجماعة. ومات في ذي القعدة. 433 - أحمد بن أبي بكر بن سليمان بن علي. جمال الدين، أبو العباس ابن الحموي، الدمشقي. ولد في رجب سنة ستمائة، وحضر عمر بن طبرزد. وسمع من: الكندي، وعبد الجليل بن مندويه، وأبي القاسم بن الحرستاني، وغيرهم. وأجاز له منصور الفراوي، وجماعة. وحدث مدة طويلة. وسمع منه: ابن الخباز، وابن نفيس الموصلي، والوجيه السبتي، وسبطا إمام الكلاسة، والمزي، وابن تيمية، والبرزالي، وطائفة. ولم يزل مستورا وظاهر العبادة والنسك حتى اتُّهم بشهادة زور ذكرناها في ترجمة ابن الصائغ وأصر عليها، فأهدره الحكام وأخرق به. ولم يسمع منه أحد بعدها. ومات على ذلك، تجاوز الله عنا وعنه. وكان قد تفرد بأجزاء من مروياته، ومات بدويرة حمد في ذي الحجة، وله سبع وثمانون سنة.

(51/292)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 293
قال لي البرزالي: كان يصلي نوافل ويتواضع كثيرا، ويشهد لكل من قصده، ويزكي من جاءه. وقد روى ' البخاري ' غير مرة. 434 - إبراهيم بن عبد العزيز بن يحيى. الإمام الزاهد، القدوة، أبو إسحاق اللوري، الرعيني، الأندلسي، المالكي، المحدث ولورة من أعمال الأندلس. ولد سنة أربع عشرة وستمائة بحصن لورة وهي بقرب إشبيلية. حج في شبيبته. وسمع من: عبد الوهاب بن رواج، وابن الجميزي، وسبط السلفي. وقدم الشام فسكنها، وسمع من: ابن سلمة، ومكي بن علان، وطائفة. وتفقه وعرف المذهب، ولزم السنة، وكتب الكثير بخطه المتقن. وكان إماما عالما، محدثا، متقنا، زاهداً، عابداً، قانتا لله، كثير المحاسن، مؤثرا على نفسه ولو كان به خصاصة. ولم يزل لونا واحدا في السماحة والكرم والسعي في حوائج الفقراء ومصالحهم وخدمتهم، وإيجاد الراحة والتلذذ بذلك، مع الإعراض عن الدنيا وعن الرئاسة. قيل إن قضاء المالكية بدمشق عرض عليه فامتنع. وكان قبل ذلك فقيرا، مقصودا بالزيارة لزهده، ولم يكن يذكر بكثير علم. ثم استنابه القاضي جمال الدين أبو يعقوب بنصف المعلوم. ثم سعى له علم الدين الدواداري فولي مشيخة الحديث بالظاهرية، فكان يذكر فوائد حسنة على الميعاد نقلتها في لوح أسماء ونكتا. وكان ذكيا يتصرف ويحرر ما يقوله. وكان متوددا محببا إلى الناس.

(51/293)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 294
وولي مشيخة المالكية بعد الشيخ جمال الدين ابن الشريشي، وألقى لهم الدرس، وشكرت دروسه وفتاويه. وقد كتب إلى الدواداري يمدحه:
(بلغ هديت أمير الوفد والحرم .......... تحية نشرها مسك لمنتسم)

(واشهد عرف نداه إن فيه هدى .......... لآمليه إذا أدخلت في الظلم)

(ولذ بحضرته إن كنت ملتجئاً .......... إن اللياذ به أمن من العدم)
عفى الله أبا إسحاق، مالك ولمدح الأمراء، هذا الذي قلته من هناتك وزلاتك.
(وقل له يا أخي ود قواعده .......... قد أسستها يد التقوى على القدم)

(إن ضاع عهد امرئ عن نأي أو ملل .......... فليس ودي في حال بمنصرم)

(وهل تضاع عهود كان مبدأها .......... على حديث رسول الله في الحرم)

(ما ضاع ود وعاه صدر مثلكم .......... حفظ العهود وإن طالت من الكرم)
توفي أبو إسحاق اللوري بالمنيبع بظاهر دمشق في الرابع والعشرين من صفر. وقد سمع منه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وجماعة. وأجاز لي مروياته، ودفن بمقابر الصوفية. 435 - إبراهيم بن عثمان بن يحيى بن أحمد. أبو إسحاق اللمتوني، المراكشي، ثم الدمشقي، ابن مؤذن الكلاسة. شيخ صالح، معمر، مبارك، خير، له دكان في سوق الزيارة. ولد سنة تسع وتسعين بدمشق.

(51/294)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 295
وسمع بنفسه من: ابن البن، والقزويني، وأبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، وابن الزبيدي، وطائفة. وسمع أخاه عليا معه من جماعة. وروى الكثير. أخذ عنه: المزي، والبرزالي، والجماعة. وتوفي في مستهل جمادى الآخرة. 436 - إبراهيم بن فراس بن علي بن زيد. الرئيس، فخر الدولة ابن نجيب الدولة. أبو إسحاق ابن العسقلاني. حدث عن زين الأمناء. أخذ عنه: البرزالي، وابن الخباز، وقطب الدين عبد الكريم، وجماعة. ومات في شوال. 437 - إبراهيم بن معضاد بن شداد.

(51/295)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 296
الشيخ الزاهد، الكبير، القدوة، أبو إسحاق الجعبري. روى عن: السخاوي. كتب عنه: البرزالي، والمصريون. وسكن القاهرة دهرا. وكان له مسجد هو شيخه وإمامه. فكان يجلس فيه ويقص على الناس ويخوف ويحذر. ولكلامه وقع في النفوس. وكان زاهداً، عابداً، أمارا بالمعروف، قوالا بالحق، حلو العبارة، ولأصحابه فيه عقيدة ومغالاة. وله شعر في التصوف والزهد. وتوفي في الرابع والعشرين من المحرم وقد جاوز الثمانين بسنوات. فإنه ولد في سابع عشر ذي الحجة سنة تسع وتسعين بقلعة جعبر. ورأيت كل من عرفه يعظمه ويثني عليه وعلى طريقته، رحمة الله عليه، وعليه مآخذ في عباراته.

(51/296)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 297
438 - آسية بنت زين الدين أحمد بن عبد الدائم بن نعمة. أم عبد الله المقرئة. كانت تلقن النساء بالدير. وبيتها معمور بالتلاوة والدرس. أجاز لها سنة ست وستمائة: أبو الفخر أسعد بن سعيد، وزاهر الثقفي، وابن سكينة، وعمر بن طبرزد. وسمع منها الجماعة. توفيت خامس رجب. 439 - إلياس بن عبد الله. أبو الحسن الرومي، عتيق القاضي ابن اللمغاني. سمع ' صحيح البخاري ' من عبد السلام الداهري بكماله. ومات في ربيع الأول [ببغداد]. وقد سمع كثيرا.

(51/297)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 298
440 - أياز الرومي. الأمير الكبير، فخر الدين النجمي، المعروف بالمقري، أحد حجاب الملك الظاهر، ومن كان يعتمد عليه في المهمات وثيق به. ترسل عنه إلى أبغا بن هولاكو وإلى غيره. ولما تملك الملك المنصور جعله أمير حاجب، وأعطاه خبزا كثيرا، وزادت منزلته عنده، وكان أيضا يندبه للمهمات لعلمه بدرايته ونهضته حج من الشام سنة ست وثمانين، ورد إلى مصر فتوفي بها في ربيع الأول وقد نيف على الستين. وقد رأيته بدمشق، وكان شيخا مهيبا. روى عن ابن المقير، وحدث بالقاهرة ودمشق.
- حرف الباء -
441 - الباخلي. الأمير الكبير جمال الدين، من أمراء دمشق. توفي في ذي القعدة. 442 - بدر الدين الآمدي.

(51/298)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 299
الكاتب الرئيس،، ناظر ديوان دمشق. توفي في المحرم. وهو كان يعرف بابن العطار، وبالعلم الطويل. واسمه أحمد. وكان أمينا في فنه، ماهرا. 443 - بدر. الأتابك الطواشي، بدر الدين، عتيق الست اقصرا. روى عن: الزبيدي، وابن صابح، وكريمة. كتب عنه الجماعة. وتوفي في ربيع الآخر. كتب عنه: ابن العطار، والبرزالي. 444 - بيليك. الأمير الكبير بدر الدين الصالحي، المعروف بالأيدمري. من أمراء الألوف وكبراء المصريين. رأيته يحمل الجتر على رأس السلطان الملك المنصور سنة ثلاث وثمانين. توفي في المحرم بالقاهرة. وخلف ثلاثة بنين ومائة مملوك، ووصى بهم للسلطان.
- حرف الحاء -
445 - الحسن بن شاور بن طرخان.

(51/299)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 300
الأديب، ناصر الدين الكناني، الشاعر المعروف بابن النقيب، وبابن الفقيسي، الجندي، من أعيان الشعراء بالديار المصرية. مدحه الشهاب محمود الموقع، ومدح هو الشهاب. ونظمه في غاية الجزالة والسهولة، فمن شعره:
(إن القطيفة التي .......... لا تشتهى نقلا وعقلا)

(حشيت ببرد يابس .......... فلأجل ذاك الحشو تقلا)
وله:
(أراد الظبي أن يحكي التفاتك .......... وجيدك، قلت: لا يا ظبي فاتك)

(وقد الغصن قدك إذ تثنى .......... وقال: الله يبقي لي حياتك)

(ويا آس العذار فدتك نفسي .......... وإن لم أقتطف بفمي نباتك)

(ويا ورد الخدود حمتك مني .......... عقارب صدغه فأمن جناتك)

(ويا قلبي ثبت على التجني .......... ولم يثبت له أحد ثباتك)
وله:
(وبي رشأ نحا قصدا جميلا .......... فأقبل معربا عن حسن قصده)

(بنطق ملحه الإعراب فيه .......... وأشهد أنها مزجت بشهده)

(وثغر درة الغواص فيه .......... وجوهر ثغره وجمان عقده)

(ووجه فيه تكملة المعاني .......... وإيضاح له لمع بوقده)

(51/300)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 301

(أخو جمل مفصلة يرينا .......... مقدمه المطرز فوق خده)
وله:
(ليس لي في الشراب شرط ولكن .......... أنا شرطي أن لا أعطل كأسي)

(كم أخذت الكؤوس مثل فؤادي .......... ولكم قد رددتها مثل راسي)
وله من قصيدة نبوية:
(يا مادحين رسول الله حسبكم .......... تكرير مدح وتعظيم وتطويل)

(فهو الذي ليس يفني وصف سؤدده .......... وينفد المدح في أدناه والقيل)

(يغنيه عن كل مدح مدح خالقه .......... فإن ذلك تنزيل وترتيل)

(ليست قصائد إلا أنها سور .......... من الجليل بها وافاه وجبريل)

(والمدح شعر وإنشاد لمن مدحوا .......... ومدح أحمد قرآن وإنجيل)

(وفي المدائح تأويل لمعترض .......... والمصطفى مدحه ما فيه تأويل)
وله:

(51/301)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 302

(وخود دعتني إلى وصلها .......... وشرخ شبابي مني ذهب)

(فقلت: مشيبي ما ينطلي .......... فقالت: بلى ينطلي بالذهب)
توفي، رحمه الله، في منتصف ربيع الأول. وقد روى عنه شيخنا الدمياطي. 446 - الحسين بن علي بن سلامة. قاضي بغداد، شرف الدين، أبو عبد الله الهاشمي. مات في ربيع الأول، وله ثمانون سنة. كتب في الإجازات.
- حرف الخاء -
447 - خطلبا. غرس الدين الأرمني، مولى القاضي زين الدين ابن الأستاذ الحلبي. مات بحلب في ربيع الأول.

(51/302)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 303
وحدث عن: ابن روزبة، وابن الزبيدي، والركن إبراهيم الحنفي، وجماعة. كتب عنه: شيخنا ابن الظاهري، وابنه، وابن نباتة، والبرزالي، وآخرون. وذكر أنه ولد بالكرج سنة خمس عشرة وستمائة.
- حرف الزاي -
448 - زينب بنت أحمد بن كامل بن العلم. المقدسية، القابلة. امرأة صالحة مسنة، ولدت سنة إحدى وستمائة، وحضرت ابن طبرزد. وهي بنت عم إبراهيم بن حمد بن كامل. ولها أيضا سماع من أبي عبد الله بن الزبيدي. وكان لها عبادة، وفيها ديانة ولطف وخدمة. توفيت في خامس شوال. وقد سمع منها الجماعة. ولها إجازة من أسعد بن سعيد، وزاهر الثقفي، وعبد الوهاب بن سكينة.
- حرف السين -
449 - سعد الخير بن أبي القاسم عبد الرحمن بن نصر بن علي. العدل، سعد الدين، أبو محمد النابلسي، الشافعي، الشاهد.

(51/303)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 304
ولد سنة سبع عشرة وستمائة. وسمع الكثير من: أبي محمد بن البن، وزين الأمناء، وابن صصرى، وابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن صباح، وخلق سواهم. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وطائفة. وأجاز لي مروياته. سألت المزي عنه فقال: شيخ جليل كثير السماع، سمعنا منه كثيرا. قلت: توفي في جمادى الآخرة. 450 - سليمان بن العلامة علم الدين. أبو الربيع الفارقي، الحنفي، النحوي. توفي بالقاهرة في ربيع الأول.
- حرف الشين -
451 - شعبان بن يونس. الإربلي، العدوي، الفقير. رجل صالح. توفي بدمشق في جمادى الآخرة.
- حرف العين -
452 - عبد الله بن المحدث محمد بن عمر. العثماني، الدمشقي، أبو محمد. سمع: أباه، وأبا القاسم بن صصرى. وأجاز له أبو اليمن الكندي.

(51/304)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 305
وتوفي في جمادى الآخرة. وهو في عشر الثمانين. سمع منه: البرزالي، والمزي. 453 - عبد الرحمن بن عبد العظيم. عز الدين ابن العلامة الحافظ زكي الدين المنذري. توفي بمصر في ذي الحجة. وولد سنة إحدى وثلاثين فسمع من: علي بن مختار، والحسن بن دينار، وابن المقير، وجماعة. أخذ عنه: المصريون، والبرزالي، وابن سامة. 454 - عبد الرحمن بن عبد الوهاب. رشيد الدين الفاخوري. كان يسكن بالمدرسة التقوية. وخلف ثروة. وكان دينا خيرا. روى عن: أبي عمرو بن الصلاح. مات في رمضان. 455 - عبد الرحمن بن عبد المنعم بن خلف. كمال الدين ابن الدميري، اللخمي، والمؤذن بجامع الفسطاط. سمع من: القاضي زين الدين علي بن يوسف الدمشقي. وحدث. وكان يؤذن بالمأذنة، فلما فرغ من أذانه أخذته الصفراء، فمال فضرب رأسه في الركن فمات بها شهيدا. وقد أجاز له التاج الكندي، وغيره.

(51/305)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 306
وهو أخو محيي الدين عبد الرحيم. كتب عنه الجماعة. ومات في شعبان. 456 - عبد الرحمن بن هبة الله بن عبد الوهاب. عز الدين، أبو القاسم بن القدار الأميوطي. روى عن: ابن عماد، وجعفر الهمداني. ومات بالإسكندرية في شعبان. روى عنه: البرزالي، والمزي. 457 - عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى بن يوسف بن أحمد بن سليم. المسند شهاب الدين، أبو الفضل، ابن خطيب المزة أبي الحجاج، الموصلي، ثم الدمشقي، المعروف بابن العلم. ولد بسفح قاسيون في ذي القعدة سنة ثمان وتسعين. وسمع في الخامسة من: حنبل، وابن طبرزد. وسألت أبا الحجاج الكلبي عنه فقال: هو أبو الفضل الدمشقي، نزيل القاهرة. شيخ جليل، فاضل، كثير السماع. سمع ' المسند ' جميعه من حنبل حضورا. وسمع من: ابن طبرزد، والشيخ أبي عمر في آخرين.

(51/306)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 307
وحدث بعامة مسموعاته رحمه الله. وقال أبو محمد البرزالي: كان شيخا حسناً، ذا فضيلة ونباهة وتدين. روى عنه الحافظ زكي الدين عبد العظيم بيتين أنشدهما إياه بمنبج. وسمع منه خلق من أهل مصر والرحالة. وعلت روايته وتفرد هناك. وسماعاته من ابن طبرزد في الخامسة. وكان جده خطيبا بالمزة. وكان أبوه وعمه يرويان عن الحافظ ابن عساكر. توفي بالقاهرة في تاسع رمضان. وكان يتعانى الكتابة، رحمه الله تعالى. 458 - عبد العزيز بن عبد القادر بن إسماعيل. القباني، الأصم. روى عن: داود بن ملاعب، وابن راجح. نزل القاهرة. روى عنه: المصريون، والمزي. مات في المحرم بالقاهرة. وكانوا يسمعون من لفظه الحديث والحديثين. 459 - عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد العلي.

(51/307)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 308
القاضي الأجل، العلامة، فخر الدين ابن السكري، المصري. توفي في شوال عن ثلاث وثمانين سنة وشهرين. ولي بعد حموه الشيخ بهاء الدين الجميزي خطابة جامع الحاكم. وروى بالإجازة عن: عفيفة الفارقانية، والمؤيد بن الأخوة، وجعفر بن أموسان، وأسعد بن سعيد، وعدة. وكان قوالا بالحق، كبير القدر ولي المناصب، ثم عزل نفسه. وكان من أعيان الشافعية. أخذ عنه: البرزالي، والجماعة. 460 - عبد الغفار بن محمد بن محمد بن نصر الله بن المغيزل. قيل توفي فيها. والأصح سنة ثمان كما سيأتي. 461 - عبد الغني بن يوسف بن غنوم. الإمام الفقيه، تاج الدين الإسكندراني. روى عن: ابن عماد. ومات في ذي القعدة. 462 - عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم بن علي.

(51/308)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 309
الخطيب الواعظ، قطب الدين، أبو الذكاء القرشي، الزهري، النابلسي. الشافعي، الخطيب بالأقصى. وأفتى نحوا من خمسين سنة. وولد في حدود سنة ثلاث وستمائة. وسمع من: داود بن ملاعب، وأبي عبد الله بن البناء الصوفي. وأجاز له أبو الفتح الميداني، وأبو أحمد بن شكر، والمؤيد الطوسي، وجماعة. وقد قرأ ' الأحكام ' لعبد الحق قراءة بحث على أبي بكر محمد بن عبد الله المقدسي. وقرأ ' اللمع ' في النحو على رجل يمني، وتفقه ونظر في العلوم. روى عنه: الدمياطي، وابن العطار، وابن الخباز، والمزي، وقاضي حلب زين الدين الخليلي، وابن مسلم، والبرزالي، وآخرون. وسمع منه: الشيخ تاج الدين عبد الرحمن، وأبو الفتح الأبيوردي، وأبو العباس ابن الظاهري. قال لي المزي: شيخ جليل، عالم، فاضل، عالي الإسناد، لكنه غير مكثر. وقال البرزالي: كان جليل القدر، رفيع الذكر، له الأبهة والموقع

(51/309)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 310
الأسنى في النفوس مع الدين والفضل. وله ميعاد بعد الصبح يلقي فيه من ' تفسير الثعلبي ' من حفظه. وذكر أنه على ذهنه من كثرة ترداده. توفي في سابع رمضان. وكانت جنازته مشهودة. أجاز لي مروياته. قال علم الدين البرزالي: سافرت ليلة موته إلى القدس، ولم يقدر لي شهود جنازته. 463 - عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن قديد. موفق الدين البغدادي، المقرئ، المعيد في مسجد قمرية. سمع ' مسند الشافعي ' على ابن الخازن، و ' الدارمي ' على ابن بهروز. ومات في شعبان، ووهم من قال سنة خمس. 464 - عثمان بن عمر بن ناصر. كمال الدين، أبو عمرو الأنصاري، العدل، نائب الحسبة بدمشق. روى عن: ابن اللتي، ومكرم. ومات في صفر. وله شعر مليح. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والبرزالي، وآخرون. أجاز لي. ومات في عشر الثمانين. 465 - علي الملك الصالح بن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون.

(51/310)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 311
عهد إليه والده بالملك من بعده، وخطب له بذلك، فأدركته المنية وهو شاب. وكان عاقلا، مليح الكتابة. توفي في شعبان بعد أخته غازية خاتون زوجة الملك السعيد بشهر، ودفنا عند أمهما بتربة بين مصر والقاهرة. وخلف ابنا اسمه موسى، كبر وتميز. وولي ولاية العهد بعده أخوه السلطان الملك الأشرف في رمضان. 466 - علي بن أبي الحزم.

(51/311)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 312
العلامة، علاء الدين ابن النفيس القرشي، الدمشقي، الطبيب، شيخ الأطباء في عصره. اشتغل على الشيخ مهذب الدين الدخوار، وبرع في الصناعة والعلاج. وصنف ونبه واستدرك وأفاد وشغل. وألف في الطب كتاب ' الشامل '. وهو كتاب عظيم تدل فهرسته على أن يكون ثلاثمائة مجلدة، بيض منها ثمانين مجلدة. ما ترك خلفه خلف. وفي الكحل كتاب ' المهذب '، وشرح ' القانون ' لابن سينا. وكانت تصانيفه عليها من ذهنه لا يحتاج فيها إلى مراجعة لتبحره في الفن. وانتهت إليه رياسة الطب بالديار المصرية. وخلف ثروة واسعة، ووقف داره وأملاكه وكتبه على البيمارستان المنصوري. وتوفي في الحادي والعشرين من ذي القعدة. وكان من أبناء الثمانين، ولم يخلف بعده مثله. وقد كتب إلينا الإمام أبو حيان الأندلسي أن العلاء ابن النفيس كان إماما في علم الطب، أوحد لا يضاهى في ذلك ولا يدانى استحضارا واستنباطا. واشتغل به على كبر. شرح ' القانون ' في عدة مجلدات، وصنف كتاب ' الشامل '. وصنف أيضا مختصرا في الطب يسمى ' الموجز '، وكتاب ' المهذب في الكحل ' في سفرين، أجاد فيه كل الإجادة.

(51/312)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 313
قال: وأخبرني من رآه يصنف في الطب أنه كان يكتب من صدره من غير مراجعة كتاب حالة التصنيف. ولشيخنا علاء الدين معرفة بالمنطق، وقد صنف فيه مختصرا. قرأت عليه كتاب ' الهداية ' لابن سينا في المنطق. وقد صنف في الفقه، وفي أصول الفقه، وعلم الحديث، والنحو، وعلم المعاني والبيان. 467 - عمر بن العدل عماد الدين محمد بن عمر بن هلال. الشيخ كمال الدين، أبو جعفر الأزدي، الدمشقي. روى عن: السخاوي، والتاج القرطبي. وعاش اثنتين وخمسين سنة. توفي في ذي القعدة. وكان متزهدا في لباسه وزيه، تاركا للرياسة. روى عنه: البرزالي، وغيره. 468 - عمر بن أبي الحسن بن مفرج. البعلبكي، المؤذن. روى عن: أبي المجد القزويني، والبهاء عبد الرحمن. أخذ عنه: ابن أبي الفتح، والبرزالي، وأهل بعلبك. ومات في شعبان في عشر الثمانين. وكان دينا، بصيرا بالمواقيت.

(51/313)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 314

- حرف الميم -
469 - محمد بن أحمد بن محمد بن المؤيد بن علي. المحدث، نجيب الدين، أبو عبد الله الهمذاني الأصل، المصري. شيخ عالم، فاضل. قرأ الحديث على عبد العزيز بن باقا، وغيره. وسمع من: أبي البركات عبد القوي بن الحباب، ومكرم، وعلي بن إسماعيل بن جبارة، وغيرهم. وله إجازة من عفيفة الفارقانية، وعمر بن طبرزد، وجماعة. وصار كاتبا في أواخر عمره. أخذ عنه أبو حيان، وأبو الحجاج المزي، وأبو محمد البرزالي، وأبو عمرو بن الظاهري، وأبو محمد الحلبي، وآخرون. ولد سنة اثنتين وستمائة. ومات في ذي القعدة. وهو قرابة الأبرقوهي. حصل والده له إجازة عفيفة. قال الحافظ عبد الكريم: كان عدلا معتبرا. 470 - محمد بن خالد بن حمدون. الزاهد، العابد، القدوة، المحدث، مجد الدين الهدباني، ثم الحموي، الكتبي، الصوفي، العارف. سمع ببغداد من: ابن بهروز الطبيب، وإبرهيم بن الخير، وجماعة.

(51/314)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 315
وبمصر من: ابن الجميزي. وبحلب من: ابن رواحة، وابن خليل. وبدمشق من: الرشيد بن مسلمة، وجماعة وحدث بالبلاد وجاور بمكة مدة، وأقام بدمشق بالمدرسة البلخية مدة. وكان شيخا، جليلا، مهيبا، كبير القدر. كان محيي الدين بن النحاس يعظمه ويزوره. وكان جمال الدين ابن الظاهري يعظمه ويذكر أنه كان شيخا بحلب، وله زاوية في أيام الملك الناصر. سمع منه المزي، والبرزالي، وجماعة. وحدث بأماكن. ومات بحلب في رابع عشر المحرم. ودفن عند الحافظ ابن خليل. 471 - محمد بن عبد الخالق بن طرخان. المسند، شرف الدين أبو عبد الله الأموي، الإسكندراني. سألت المزي عنه فقال: شيخ حسن، كثير السماع. سمع الكثير من الحافظ أبي الحسن المقدسي، وعبد الله بن عبد الجبار العثماني، ومحمد بن عماد، وغيرهم. أجاز له أسعد بن سعيد بن روح، وجماعة كثيرون. وكان عسرا في الرواية. قرأت عليه ' الأربعين في الطبقات ' لعلي بن المفضل. وكان مولده في حدود سنة خمس وستمائة. وذكره البرزالي فزاد في نسبه بعد طرخان: حسين بن مغيث بن عمار، ويعرف بابن السخاوي.

(51/315)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 316
سمع ' الترمذي ' من أبي الحسن علي بن البنا، و ' الشفا ' لعياض، من ابن جبير، وتفرد بعلوه. وأجاز له أسعد، وعفيفة الفارقانية، وعين الشمس الثقفية، وجماعة. وكان أبوه يبيع الحرير. سمع بالثغر من: ابن موقا ؛ وبمكة من: المبارك بن الطباخ. قلت: مات محمد في ربيع الآخر. قال البرزالي: ولد سنة أربع وستمائة. 472 - محمد بن عبد الرحيم بن مسلم. كمال الدين الطبيب. شيخ قديم، عارف بالطب، بصيرا بأصوله ومفرداته. درس بالدخوارية، وطال عمره. وكان فيه صلاح وخير، وإيثار للفقراء المرضى. مات في ربيع الأول بدمشق. 473 - محمد بن عبد الملك بن محمد. أبو عبد الله الإصبهاني، ثم الشيرازي. سمع ' صحيح البخاري ' كله من ثابت بن محمد الجندي في شعبان سنة أربع وثلاثين وستمائة بسماعه من أبي الوقت. أجاز لابن البرزالي هذا العام. 474 - محمد بن علي بن محمد بن أبي بكر. شمس الدين الواسطي. شيخ صالح، بكاء، خاشع.

(51/316)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 317
روى عن: أبي الفتوح محمد بن الجلاجلي. سمع منه: ابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وابن المهندس، وآخرون. وتوفي بحوران. وقد أجاز لمن أدرك حياته. 475 - محمد بن محمد بن محمد. الشيخ برهان الدين النسفي، الحنفي، الفيلسوف، المتكلم، المنطقي، صاحب التصانيف. قال ابن الفوطي: هو شيخنا الحكيم، المحقق، العلامة، المدقق، له التصانيف الشهيرة. وكان أوحدا في الخلاف والعلل. متع بحواسه. وكان زاهدا. وقد لخص ' تفسير الفخر الرازي '. وولده تقريبا سنة ستمائة. ومات في الثاني والعشرين من ذي الحجة. ببغداد، وكان قدمها حاجا في سنة خمس وسبعين فسكنها، واشتغل عليه هارون بن الصاحب. 476 - ميكائيل. الإمام بدر الدين الجيلي، الشافعي، معيد البادرائية مرة. توفي في المحرم. وكان فقيها، صالحاً، مقيما بالمدرسة الناصرية.

(51/317)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 318

- حرف النون -
477 - نصر بن أبي القاسم عبد الرحمن بن علي. النابلسي، شهاب الدين، أخو سعد الخير. سمع وأخوه الكبير من: ابن البن، وابن صصرى، وزين الأمناء، وابن صباح، وطائفة. وكان مكثرا كأخيه، وهذا الأكبر. سمع منه: ابن الخباز، وابن نفيس، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، والجماعة. وعاش ستا وسبعين سنة. وكان في الآخر يرتزق بالشهادة. وله شعر ضعيف. ولي منه إجازة. توفي رحمه الله في جمادى الأولى.
- حرف الياء -
478 - ياسين بن عبد الله. المغربي، الحجام، الأسود، الصالح. كان له دكان بظاهر باب الجابية. وكان صاحب كشف وكرامات. وقد حج أكثر من عشرين مرة، وبلغ الثمانين. اتفق أنه سنة نيف وأربعين مر بقرية نوى فرأى الشيخ محيي الدين النواوي وهو صبي فتفرس فيه النجابة، واجتمع بأبيه الحاج شرف ووصاه به، وحرضه على حفظ القرآن والعلم. فكان الشيخ فيما بعد يخرج إليه ويتأدب معه، ويزوره ويرجو بركته، ويستشيره في أمور.

(51/318)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 319
توفي في ثالث ربيع الأول، ودفن بمقبرة باب شرقي. وقد أخبر بموت النواوي والده وقال: أين تختار أن يموت، عندكم أو في دمشق؟ ويقال إنه قتله بالحال لأمر ثم ندم. 479 - يحيى بن علي بن أبي بكر. العدل، الفقيه، نجم الدين ابن الإمام جمال الدين الشاطبي، ثم الدمشقي، المقرئ. روى عن: السخاوي، ومات في رجب. وكان نقيب الشامية الكبرى. وكان الفقهاء يحبونه ويشكرونه. وقد سمع وأسمع أولاده كثيرا في حدود الخمسين من: ابن سلمة، ومكي بن علان، وطائفة. وكان يشهد تحت الساعات. وعاش خمسا وسبعين سنة. وكان أبوه من كبار القراء بدمشق. قد قرأ على الشاطبي مفرداً وجامعاً، وإجازة في سنة ثمان وثمانين بخط السخاوي، ولها خطبة حسنة. وقد شهد فيها على الشاطبي جماعة ؛ وأما يحيى فأضر قبل موته، وخلف أولادا. وكان قد تلا بالسبع على السخاوي جمعاً، وعرض عليه القصيد في سنة تسع وعشرين وستمائة. 480 - يوسف بن إسحاق بن أبي بكر بن محمد. عز الدين، أبو يعقوب الطبري المكي.

(51/319)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 320
سمع ' الترمذي ' على ابن البنا. وأجاز لنا سنة ثلاث وسبعين. روى لنا عنه أبو الحسن بن العطار. وأدرك ابن الخباز سنة ست، وقال: بتنا عنده بالمدرسة، وتواعدنا لنسمع منه بكرة، فرحل الركب بغتة، ولم ألحقه يومئذ. قلت: مات سنة سبع أو ثمان، فلم يلحقه البرزالي.
- الكنى -
481 - أبو بكر بن حياة بن يحيى. الإمام بهاء الدين الرقي، الشافعي، معيد العادلية الصغرى. سمع ببغداد من: المبارك بن محمد الخواص، ويحيى بن يوسف بن الجوزي. ومات في ذي الحجة. سمع منه أبو محمد البرزالي. * * * وفيها ولد: تقي الدين عبد الله بن محمد بن الفخر البعلبكي في جمادى الآخرة، وشمس الدين محمود بن خليفة بن محمد بن خلف المنبجي، التاجر، وعبد الرحمن بن الحافظ جمال الدين يوسف المزي، يوم الفطر ؛ والصدر سليمان بن داود ابن العطار في شعبان والقاضي بدر الدين محمد بن القاضي شهاب الدين أحمد الجعبري في شوال، والمقرئ شمس الدين محمد بن البصال.

(51/320)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 321

سنة ثمان وثمانين وستمائة

- حرف الألف -
482 - أحمد بن الشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور. الشيخ عماد الدين المقدسي، الصالحي. ولد سنة ثمان وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وابن ملاعب، وأبيه، والشيخ الموفق، وطائفة. ورحل إلى بغداد متفرجاً، وسمع من: عبد السلام الداهري، وعمر بن كرم. واشتغل، ثم انخلع من ذلك وتمفقر وتجرد. وكان سليم الصدر، عديم التكلف والتصنع، فيه تعبد وزهد، وله أتباع ومريدون. وللناس فيه عقيدة. يزوره الصاحب بهاء الدين فمن دونه وهو فارغ عنهم، وله حظ من صلاة وصيام وذكر إلا أنه كان يأكل الحشيشة فيما بلغني، ويقول: هي لقيمة الذكر والفكر. وأحسبه صحب الحريري. سمع منه: المزي، والبرزالي، والطلبة. وأقام مدة بزاوية له بسفح قاسيون عند كهف جبريل. وكف بصره. توفي ودفن يوم عرفة عند قبر والده، رحمه الله.

(51/321)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 322
483 - أحمد بن يوسف بن عبد الله بن شكر. الشيخ العلم بن الصاحب المصري، الفقير، المجرد. اشتغل في صباه وحصل ودرس. وكان ذكيا فاضلا، إلا أنه تجرد وتمفقر، وأطلق طباعه. وله حكايات في الزوائد والمزاح معروفة. وكان يحادد الرؤساء وغيرهم، ويركب في قفص على رأس حمال. مات بمصر في ربيع الآخر. وكان يتعمم بشرطوط طويل جداً، دقيق العرض، ويعاشر الحرافشة. وله أولاد رؤساء. وكان قليل الخبرة بمرة. 484 - أحمد بن يوسف بن نصر بن شاذي. كمال الدين الفاضلي.

(51/322)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 323
سمع من: أبي المحاسن بن أبي لقمة، وأبي محمد بن البن، وزين الأمناء، وجماعة بدمشق، وأبا هريرة بن الوسطاني، وأبا علي بن الجواليقي، وعبد السلام الداهري، ومحاسن الخزائني، وجماعة ببغداد. وولد سنة عشر وستمائة بمصر. وتوفي في جمادى الأولى بدمشق بدرب القاضي الفاضل. كتب عنه: المزي، والبرزالي، وجماعة. وكان يسمع بإفادة القاضي ابن رزق. 485 - أحمد بن أبي بكر بن خليل. العثماني، المكي، الفقيه، علم الدين الشافعي. عالم، عامل، حدث عن ابن الجميزي. وعاش سبعا وخمسين سنة. 486 - أحمد بن أبي العز بن مشرف بن بيان. شمس الدين، أبو بكر الأنصاري، الدمشقي، المؤدب، أخو النجم والشهاب. حدث عن: أبي الحسن بن المقير، ومكرم، وغيرهما. مات في شعبان. 487 - أحمد بن محمد بن عبد الرزاق بن هبة الله. الصالح، المسند، جمال الدين، أبو العباس الصالحي، العطار المغاري.

(51/323)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 324
سمع: أبا نصر موسى بن الشيخ عبد القادر، والموفق بن قدامة، والنفيس بن البن، والمجد القزويني، وأحمد بن طاوس، وجماعة. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وجماعة كثيرة. وهو أخو شيخنا عيسى. ولد سنة إحدى عشرة وستمائة. وتوفي في ثاني ذي الحجة. وكان إمام مغارة الدم. له هيئة وأخلاق رضية وديانة. 488 - إبراهيم بن سلامة. الرقي، الشيخ أبو إسحاق. توفي بالقاهرة في المحرم. رجل مبارك، كثير السماع بمصر ودمشق بعد الثمانين وقبلها. ولم يحدث. 489 - إبراهيم بن مسعود بن عبد الله. أبو إسحاق الدمشقي، الحويري، النجار. كان يسكن بالحويرة التي قبلي سوق السلاح. مولده بدمشق في جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وخمسمائة. سافر إلى بغداد وسمع بها من: أبي الفضل عبد السلام الداهري، وأبي الحسن بن القطيعي، وجماعة. وطال عمره. كتب عنه: ابن الخبار، والمزي، والبرزالي، والطلبة. مات في ثالث ذي الحجة.

(51/324)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 325
490 - إسماعيل بن إلياس. الصاحب، المعظم، مجد الدين ابن الكتبي. قال ابن الفوطي: قتل في جمادى الآخرة بدار السلطنة. ذكر أنه كان يومئذ صائما. وكان من أفاضل الأعيان، مليح الخط. وقد قرأ في الطب، والهندسة، والأدب. ولي الأعمال الجليلة. كتبت عنه، وكان جميل الجملة والتفصيل، رحمه الله تعالى. 491 - إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن طلحة. أبو الفداء المقدسي، ثم الدمشقي. ويعرف بابن الحنبلي. شيخ صالح من بيت حديث. روى عن: محمد بن حسان، وغيره. كتب عنه: البرزالي. ومات في صفر عن ست وستين سنة. 492 - إسماعيل بن يحيى بن منصور. الإمام أبو الطاهر الحسني، اليمني. ولد سنة عشرين وستمائة. وكتب عنه: أبو الفدا الفرضي، وغيره بالقاهرة. وبها مات في ربيع الآخر. سمع من: العلم بن الصابوني، وابن الحبحاب. وكان معيدا.

(51/325)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 326
493 - أيدغدي. الأمير الكبير، علاء الدين الكبكي، الظاهري، مملوك الأمير الحاجب جمال الدين ابن الداية الناصري. حضر الوقعة التي بين الملك الناصر والمعز أيبك في سنة ثمان وأربعين، وهو صبي ؛ فاستولى عليه كبك فعرف به، وكان يراعي أولاد أستاذه جمال الدين ويحسن إليهم. وتنقلت به الأحوال إلى أن ولي نيابة صفد في الدولة الظاهرية والسعيدية. وولي نيابة حلب وغير ذلك من المناصب. وكان من الفرسان المذكورين بالشجاعة. توفي ببيت المقدس في رمضان، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب، وهو في عشر الستين.
- حرف الباء -
494 - بركوت. الحائري، الأسود، الضرير، الرجل الصالح. روى بمصر عن: كريمة، وأبي القاسم بن رواحة. مات في شعبان. كتب عنه: الفرضي، والبرزالي، وجماعة. 495 - بهجة بنت رضوان بن صبح. الدمشقية، والدة الشيخين وجيه الدين وزين الدين ابني أبي المنجا. سمعت المائة الفراوية من زوجها عز الدين عثمان بن المنجا. توفيت في شوال.

(51/326)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 327

- حرف الخاء -
496 - خطاب بن محمد بن أبي الكرم بن كنانة. فخر الدين الموصلي، ثم الدمشقي. حدث عن: سالم بن صصرى، وعبد الوهاب بن رواج، وغيرهما. روى عنه البرزالي. ومات في المحرم. 497 - خطلغ شاه بن سنجر. الملك ناصر الدين الصاحبي، الجويني. شاب عاقل، أديب. كان ينوب عن مخدومه ببغداد إذ غاب عنها. وتقلبت به الأحوال إلى أن ولي بغداد، ثم بلي بمعاداة سعد الدولة الرقي، فعمل على قتله. ثم قتل ودفن برباط له ببغداد.
- حرف الزاي -
498 - زينب بنت مكي بن علي بن كامل الحراني. أم أحمد الزاهدة، العابدة، المسندة. سمعت من: حنبل، وعمر بن طبرزد، وأبي المجد الكرابيسي، والشمس العطار.

(51/327)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 328
وسمعت من ست الكتبة في الخامسة سنة ثمان وتسعين. وأجاز لها: عبد الوهاب بن سكينة، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، وعفيفة الفارقانية، وأبو المجد زاهر الثقفي. وروت الكثير، وطال عمرها. وكانت من أسند من بقي من النساء في الدنيا. سمع منها الحافظان: أبو عبد الله البرزالي، و [نافلته] أبو محمد. [وسمع منها أيضا: عمر بن الحاجب، وابن الشقيشقة. وروت الحديث نيفا وستين سنة]. وروى عنها: الدمياطي، وسعد الدين الحارثي، وزين الدين الفارقي، وابن الزراد، والمزي، وقطب الدين عبد الكريم، وخلق كثير. وعاشت أربعا وتسعين سنة. وكانت من النساء العوابد الفقيرات المتعففات، صاحبة أوراد ونوافل وأذكار وتلاوة، وخشية واستغفار، رضي الله عنها. توفيت في شوال. وقد روت ' المسند ' كله، وروت شيئا كثيراً عن ابن طبرزد، وازدحم عليها الطلبة. وهي أخت الفخر علي في الرضاع والسماع.
- حرف السين -

499 - ست الفقهاء بنت الزين أحمد بن عبد الملك بن عثمان. المقدسية. روت عن: أبي المجد القزويني، وأبي القاسم بن صصرى، وغيرهما.

(51/328)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 329
سمع منها: الجماعة. وماتت في رمضان.
- حرف الصاد -
500 - الصارم البطروحي. والي البر بدمشق، واسمه مرعش. مات في عيد النحر. وقد روى ابنه أحمد شهاب الدين الحديث عن القاضي ابن عطاء. وهو أخو علاء الدين ابن منجا لأمه، وعم صدرالدين. ودارهم عند باب السلام.
- حرف العين -
501 - عبد الله البعلبكي. المعروف بأخي مهدي. وهو والد صاحبنا الفقيه نجم الدين هاشم. ولد سنة أربع وستمائة. ومات في ثامن وعشرين جمادى الأولى ببعلبك. وكان لونا عجيبا، ووحشا عجيبا. ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان في أول أمره مستقيم الحال، ثم خلط في أقواله وأفعاله، وقطع إصبع يده. زعم أنه أمرها فعصته، فقطعها. وكان لجماعة من أهل الضياع فيه عقيدة عظيمة. وقضى أكثر عمره محبوسا في برج قلعة بعلبك، وحبس معه شخص يعرف بقاسم كان يخدمه ويحترمه.

(51/329)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 330
وكان كثير ممن يقدم إلى بعلبك يدخل عليه البرج لرؤيته ومشاهدته وسماع كلامه. فيتكلم تارة بالعجمي، وتارة بالزنجي، وبغير ذلك وتظهر منه أنواع من الاختلال. والذي ظهر لي من أمره أنه كان يميل إلى مذهب الإسماعيلية، فإنه سافر في شبابه إلى حصونهم، واجتمع بجماعة من أكابرهم. قلت: كان ضالا بلا شك. يتكلم بكفريات، وإذا سأل من يخدمه عن أمر، قال: أنت أعلى وأعلم. وكان إذا ذكروا ابنه يقول: السر بهاشم. 502 - عبد الرحمن بن يوسف بن محمد بن نصر بن أبي القاسم بن عبد الرحمن. المفتي، القدوة، فخر الدين، أبو محمد البعلبكي، الحنبلي. ولد سنة إحدى عشرة ببعلبك. وسمع من: أبي المجد القزويني، والبهاء عبد الرحمن، وابن الزبيدي، وابن اللتي، والفخر الإربلي، والناصح ابن الحنبلي، ومكرم بن أبي الصقر، وجماعة.

(51/330)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 331
وقرأ القرآن على خاله القاضي صدر الدين عبد الرحيم بن أبي نصر. وقدم دمشق للاشتغال في سنة ثلاثين، فتفقه على الإمام تقي الدين ابن العز، وشمس الدين عمر بن المنجا، وأبي سليمان بن الحافظ. وحفظ كتاب ' علوم الحديث ' لابن الصلاح، وعرضه حفظا على المصنف. وقرأ الأصول وشيئا من الخلاف على السيف الآمدي، وعلى القاضي نجم الدين أحمد بن راجح. وقرأ في النحو على أبي عمرو بن الحاجب، ثم على المجد الإربلي الحنبلي. ثم رجع إلى بلده وكان الشيخ الفقيه يحبه ويكرمه، وجعله إماما بمسجد الحنابلة، فلم يزل يؤم به إلى أن انتقل إلى دمشق. وقد درس بالجوزية نيابة عن القاضي نجم الدين بن الشيخ شمس الدين. ودرس بالصدرية وبالمسمارية نيابة عن بني المنجا. وولي تدريس الحلقة بالجامع، ومشيخة مسجد عروة، ومشيخة النورية، ومشيخة الصدرية. وروى الكثير وأفتى واشتغل وتخرج به جماعة من الفضلاء. وكان عديم المثل، كبير القدر. سألت أبا الحجاج الكلبي، عنه فقال: هو أحد عباد الله الصالحين، وأحد من كان يظن به أنه لا يحسن يعصي الله تعالى. سمعنا منه طرفا صالحا من مسموعاته. وقال قطب الدين: كان صالحاً، زاهداً، عابداً، فاضلا، وهو من أصحاب والدي، رحمه الله اشتغل عليه وقدمه يصلي به في المسجد. رافقته. في طريق مكة، فرأيته قليل المثل في ديانته وتعبده وحسن أوصافه. وقال ولده المفتي شمس الدين: كان دائم البشر يحب الخمول ويؤثره، ويلازم قيام الليل من الثلث الأخير، ويتلو القرآن، بين العشاءين، ويصوم الأيام البيض، وستة من شوال، وعشر ذي الحجة والمحرم، لا يخل بذلك. ولقد أخبرنا بأشياء فوقعت كما قال لخلائق. وذلك مشهور عند من يعرفه.

(51/331)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 332
وقال لي في صحته وعافيته: أنا أعيش عمر الإمام أحمد بن حنبل، لكن شتان ما بيني وبينه. فكان كما قال. وقال لي: يا بني تنزهت عن الأوقاف إذ كان يمكنني وكان لي شيء، فلما احتجت إليها تناولت منها. قلت: حكى لي حفيده فخر الدين أنه قدم دمشق ومعه مبلغ جيد من الدراهم، فأكل منه مدة سنين، وأنفق على أولاده حتى كبروا. ثم تردد إلى الجهات. وكان إمام مسجد ابن عمير الذي بإزاء درب طلحة داخل باب توما. ويسكن المسجد. توفي في سابع رجب، ودفن بتربة الشيخ الموفق بسفح قاسيون. وقد أجاز لي مروياته. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، وشيخنا ابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وخلق سواهم. 503 - عبد العزيز بن الدميري. ويعرف بالديريني. شيخ زاهد، مشهور، مقصود بالزيارة، جالسه ابن سيد الناس وأرخه. لقيه بجامع دمنهور ووصفه بالعلم والفهم والصلاح. 504 - عبد العزيز بن نصر بن أبي الفرج. الشيخ عز الدين، أبو الفضل بن الحافظ أبي الفتوح بن الحصري. سمع من: والده. وروى بالإجازة عن: المؤيد الطوسي، وأبي روح الهروي.

(51/332)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 333
سمع منه المصريون والرحالة. ومات في ثامن رمضان، ودفن بالقرافة، وكان من أبناء الثمانين، وقيل بل جاوز التسعين. 505 - عبد الغفار بن محمد بن محمد بن نصر الله. الشيخ نجم الدين، أبو المكارم العيدي، الحموي، الكاتب المعروف بابن المغيزل، وبابن المحتسب. حدث عن أبي القاسم بن رواحة. وصحب شيخ الشيوخ. وكان كاتب الدرج بحماة للملك المنصور ولولده الملك المظفر. وكان المنصور يحبه ويحترمه، ونال من جهته دنيا واسعة. ووقف أوقافا بحماة. وكان أديبا فاضلا شاعرا، حسن الصحبة، كثير المكارم. ولد سنة أربع وعشرين وستمائة. وهو أخو شيخنا عبد اللطيف ومن نظمه:
(هويت بحريا إذا سمته .......... تقبيل ما في فيه من در)

(ينهرني من فرط إعجابه .......... يا ما أحيلى النهر من بحر)
وله:
(يا رب قد أمسيت جارك راجيا .......... حسن المآب وأنت أكرم جار)

(فامنن بعفوك عن ذنوبي إنها .......... لكثيرة وقني عذاب النار)
506 - عبد القادر بن أبي الرضا بن معافى. القاضي، أبو محمد، نائب الحكم بالإسكندرية.

(51/333)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 334
كان يروي ' جامع الترمذي '، عن علي بن البنا. وكان عسرا في الرواية جدا، فلم يسمع منه علم الدين لعسارته. وذكر لي جمال الدين المزي أنه أتاه ليسمع منه وهو جالس للحكم قال: نحن جلوس لقضاء أشغال المسلمين. فقلت: فأيش نحن. توفي في هذه السنة، وسماعه للكتاب سنة إحدى عشرة وستمائة. ونقلت من خط ابن الفرضي في شيوخه الذين سمع منهم: عبد القادر بن عبد العزيز بن صالح بن سليمان بن معافى القاضي أبو محمد الكندي، الحجري، المالكي، الفقيه، المفتي، من بيت العلم والرواية. كان لا يروي إلا بالجهد والشفاعات. ناب في الحكم مدة، ثم عزل نفسه، ولزم بيته. وسمع أيضا من،: ابن عماد، والصفراوي. وأقعد بأخرة. لقبه كمال الدين بن التقي. وقد تلا بالسبع على الصفراوي. 507 - عبد القادر بن عبد القادر بن خلف. السماكي، الأنصاري، الزملكاني. روى عن: عمه الخطيب عبد الكريم الزملكاني. كتب عنه: البرزالي، وغيره. ومات في رمضان. 508 - عبد الوهاب بن حمزة بن محمد. العدل، محيي الدين، قاضي حماة بن محيي الدين حمزة البهراني، القضاعي. ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة.. وسمع بحماة من عز الدين محمد بن يوسف بن عمر بن بهرور، بمهملتين، عوالي طراد، قال: أخبرتنا شهدة.

(51/334)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 335
وسماعه من ابن بهروز حضورا. وسمع من: ابن رواحة، ويوسف بن خليل. وكان عنده فضيلة ونباهة. توفي في رمضان بحماة، وقد سمع من جدته صفية القرشية. وكان جد أبيه قاضيا بحماة. 509 - عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن أبي الربيع. الإمام أبو الحسين القرشي، الأموي، الأندلسي، الإشبيلي، إمام أهل النحو في زمانه. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة. واشتغل على أبي الحسن بن الدباج، وقرأ عليه ' كتاب سيبويه '. وقرأ القرآن على أبي عمر محمد بن أبي هارون التميمي، عن والده أحمد بن محمد المستوفي سنة خمس وستمائة. وقرأ أيضا ' كتاب سيبويه ' وغيره على أبي علي الشلوبين، وأذن له في أن يتصدر للإشغال، وصار يرسل إليه الطلبة، ويحصل له منهم على ما يكفيه، فإنه كان لا شيء له. وسمع بعض ' الموطأ ' وبعض ' الكافي ' على أبي القاسم بن بقي، وأجاز له. ولما استولى الفرنج على إشبيلية جاء الإمام أبو الحسين إلى سبتة فسكنها، وصنف بها كتاب ' الإفصاح ' في شرح الإيضاح لأبي علي الفارسي، بيع بمصر بخمسة وثلاثين دينارا، وهو أربع مجلدات كبار. وله كتاب ' القوانين ' مجلد كبير، وله تعليق على سيبويه، وكتاب كبير في عشر مجلدات ' شرح الجمل ' وهو كتاب لم يشذ عنه مسألة من العربية.

(51/335)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 336
قرأت هذه الترجمة على قائلها أبي القاسم بن عمران، وقال: حضرت مجلس الأستاذ أبي الحسين، وسمعت عليه، وأجاز لي. وأجاز عند موته لكل من أدرك حياته بعد أن رغب في ذلك طلبته. وخلفه في موضعه كبير طلبته أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الغافقي. 510 - عثمان بن نصر الله بن حسان. أبو عمرو الدمشقي، الغلفي، السقطي. روى عن: أبي القاسم ابن صصرى، والناصح بن الحنبلي. كتب عنه البرزالي، وجماعة. ومات في شعبان. وكان من خيار المسلمين. وكان أبوه شاهداً، سمع من الخشوعي. 511 - عطية بن إبراهيم بن عبد الرحمن. الشيخ سديد الدين، أبو الماضي اللخمي، الإسكندراني، المالكي. روى عن: محمد بن عمار، والصفراوي. وولد سنة تسع وستمائة. أخذ عنه: البرزالي، وأبو العلاء الفرضي، وجماعة. وحدث في هذا العام، ولا أعلم متى مات. 512 - علي بن أسعد بن عثمان بن أسعد بن المنجا. الرئيس علاء الدين ابن الأجل صدر الدين. وهو ابن أخت واقف الصدرية. توفي، ولم يبلغ أربعين سنة. وكان فيه حشمة وعقل وتواضع ودين. وكان صديقا لأبي.

(51/336)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 337
توفي في شوال. 513 - علي بن أبي الحسن بن أبي المحاسن بن أبي طالب. أبو الحسن المقدسي، جد صاحبنا شهاب الدين أحمد الظاهري لأمه. ويعرف بالعفيف الداعي، لأنه كان يدعو بالسبع الكبير عند الفراغ. وكان إنسانا مباركاً، كثير التلاوة. كتب عنه ابن الخباز، وأخذ على الإجازات خطه. ومات في رمضان. وقد ولد بالمقدس في سنة ست وستمائة. وسمع سنة ثلاث عشرة من زكريا الحميري، عن النسابة الجواني، عن ابن رفاعة، عن الخلعي حكاية المرأة التي رآها الشافعي باليمن لها بدنان. 514 - علي بن سالم بن سليمان. علاء الدين العرباني، الحصني، والي زرع. صودر وطلب منه مائة ألف درهم، وعصر فشنق نفسه بالعذراوية في ربيع الأول. ولعلهم شنقوه سرا. وقد سمع الكثير من ابن عبد الدائم، وخلق. وكتب الأجزاء، ووقف أجزاءه. 515 - علي بن عبد العزيز. شيخ القراء بالعراق، تقي الدين الإربلي، المقرئ، المقيم بدار القرآن التي أنشأها بهاء الدين الدبيلي بدار الخلافة. وكان فاضلا، خيرا، كثير الرواية. خرج له جمال الدين ابن القلانسي عوالي مسموعاته ومروياته. وكان كثيرالمحفوظ.

(51/337)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 338
ولد سنة عشر وستمائة في ربيع الأول. ومات في خامس شهر رجب سنة ثمان، ودفن بقرب بشر الحافي. نقلت ذلك من خط ابن الفوطي. قرئ عليه بإجازته من عبد العزيز بن الأخضر، وأبي منصور بن عفيجة، ومحمد بن عبيد الحلاوي، ومشرف الخالصي، ومحمد بن عبد الله بن المكرم، وأحمد بن سليمان بن الأصفر، وأحمد بن يحيى الدبيقي، وإسماعيل بن حمدي البزاز، وسليمان بن محمد الموصلي. وخلق. 516 - علي بن محمد بن منصور بن عفيجة. عز الدين البغدادي. سمع ' مسند عبد بن حميد '، من ابن بهروز. وحدث. مات في ربيع الآخر عن ست وستين. أجاز للبرزالي. 517 - عنبر. القيم المزي. روى عن أخي معتقه حاطب بن عبد الكريم. وكان أسود اللون. مات في رمضان بالمزة.

(51/338)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 339

- حرف الفاء -
518 - فاطمة بنت الزعبي. المرأة الشاطرة، الحريرية، زوجة الشيخ نجم الدين بن إسرائيل الشاعر. كانت مليحة تتعانى الرجولية، وتحلق رؤوس الفقراء وتشلق، ولها أخبار. توفيت في ربيع الأول. 519 - فخراور بن محمد بن فخراور بن هندويه. أبو محمد الكنجي، الصوفي، السهروردي الزاهد. روى عن الملك المعظم تورانشاه بن صلاح الدين، وإسماعيل بن عزون. توفي يوم عرفة بالقاهرة. كتب عنه الفرضي، وغيره.
- حرف القاف -
520 - قيصر. أبو محمد المستنصري، البادرائي، فراش البادرائية. حدث عن: أبي بكر بن الخازن، وغيره. وكتب عنه: ابن جعوان، وعلم الدين البرزالي. ومات في صفر.

(51/339)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 340

- حرف الميم -
521 - محمد بن أحمد بن علي. الشيخ كمال الدين ابن النجار الدمشقي، وكيل بيت المال. حدث عن: القزويني، وابن أبي لقمة، وأبي القاسم بن صصرى، وابن البن حضورا، وغيرهم. كتب عنه: ابن الخباز، والمزي، والبرزالي وجماعة. وكان فيه دهاء وشهامة وشرالله يرحمه. مات فجأة بقرية وحمل على بعير متغير. وسر بموته أضداده. ودفن بقاسيون وله إحدى وسبعون سنة. وقد كان عزل وصودر وجهل أمره قبل الثمانين. ثم ولي تدريس الدولعية فدرس بها إلى أن مات في شعبان. وكان يدخل في مكس وحيل ويخاف منه. وله ثروة وتجمل. ودرس بعده بالدولعية تجاه ابن العطار كمال الدين ابن الزكي. 522 - محمد بن أحمد بن عطاء الله. الفقيه شمس الدين المرداوي، الحنبلي، الرجل الصالح. حدث عن: ابن اللتي، وغيره. وسمع منه الطلبة. ومات في ذي القعدة بالجبل. 523 - محمد بن العفيف سليمان بن علي.

(51/340)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 341
التلمساني، الأديب، شمس الدين، الشاعر. بن الشاعر تعانى الكتابة، وولي عمالة الخزانة. ومات شابا. وكان فيه عشرة ولعب وخلاعة. وله شعر في غاية الحسن. ومات في رجب. ومن شعره:
(ما أنت عندي والقضيب .......... اللدن في حد سوى)

(هذاك حركه الهواء .......... وأنت حركت الهوى)
وله:
(مولاي إنا في جوارك خمسة .......... بتنا ببيت ما به مصباح)

(ما فيه لا لحم ولا خبز ولا .......... ماء ولاشيء له نرتاح)
ذ
(ما فاتنا إلا التخلل بالعبا .......... فجسومنا لعبت بها الأرواح)

(كل تراه في الكآبة والطوى .......... شبحا فنحن الخمسة أشباح)
وله:
(دمي للهوى إن كان يرضي الهوى حل .......... فعدلك لا ربط لديه ولا حل)

(إليك وما موهت عني فإنما التتجاهل .......... عند العارفين به جهل)

(تحدث في النادي بذكري وذكرها .......... وصار لأهل الحي من أمرنا شغل)

(طريد ولي مأوى مباح ولي حمى، .......... وحيد ولي صحب، غريب ولي أهل)

(51/341)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 342
وله:
(لي من جمالك شاهد وكفيل .......... أني عن الأشواق لست أحول)

(ما بال خدك جار في تقسيمه .......... لي ناره ولغيري التقبيل)

(يا من تقاصر ليله لسروره .......... ليلي بحزن الوجد فيك طويل)

(غادرتني بحشى تذوب ومقلة .......... عبرى وجسم خطه التعليل)

(في كل جفن للتسهد موطن .......... وبكل خد للدموع مسيل)

(يا قده والرمح فيه نضارة .......... فعلام في حد السنان ذبول)

(أين المعين على الصبابة أهلها .......... ليخف عني الوجد فهو ثقيل)
وله:
(ما للحشيشة فضل عند آكلها .......... لكنه غير مهدي إلى رشده)

(صفراء في وجهه، خضراء في يده .......... حمراء في عينه، سوداء في جسده)
وله:
(لي من هواك بعيده وقريبه .......... ولك الجمال بديعه وغريبه)

(يا من أعيذ جماله بجلاله .......... حذرا عليه من العيون تصيبه)

(إن لم تكن عيني فإنك نورها .......... أو لم تكن قلبي فأنت حبيبه)

(51/342)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 343

(هل حرمة أو رحمة لمتيم .......... قد قل منك نصيره ونصيبه)
وله من قصيدة:
(لحاظك أسياف ذكور، فمالها .......... كما زعموا مثل الأرامل تغزل)

(وما بال برهان العذار مسلما .......... ويلزمه دور، وفيه تسلسل)
ومن قصيدة:
(فكم يتجافى خصره وهو ناحل .......... وكم يتحالى ريقه وهو بارد)
وله:
(بمن أباحك قتلي .......... علام حرمت وصلي)

(انا لك المتمني .......... وغيري المتملي)

(وليس مثلك يهوى .......... في الحب هجران مثلي)

(ما دمت تهوى فواصل .......... فذا ربيع مولي) ى ..........
(حسبي وحسبك دقن .......... تأتي بفرقة شمل)

(وبعد ذاك إذا ما .......... رأيت وجهي فولي)
وله:
(أسير لحاظ كيف ينجو من الأسر؟ .......... وعاشق ثغر كيف يصحو من السكر؟)

(وأي محب يلتقي الحب قلبه .......... ويثبت وقتا ثم يطمع في صبر)

(ولا سيما صب يذوب من الهوى .......... بما جل عن صحر بما دق عن خصر)

(يهدده الواشي فيبكي صبابة .......... فيغرق من نهر ويغرق في نهر)

(ففي كل جو منه نقع من الجوى .......... وفي كل قطر منه وقع من القطر)

(تعلق في أفق الملاحة كوكبا .......... تألق دريا وضاحك عن در)

(51/343)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 344

(مضى زمن كانت لديه أحبة .......... يقومون بالدعوى ويوفون بالنذر)

(ليالي ساهرنا الخلاعة عندما .......... وهبنا الكرى فيها لحادثة الدهر)
524 - محمد بن صديق بن بهرام. تاج الدين الدمشقي، الصفار، أبو الذهبي البشكار، أخو محمد بن يوسف ابن يعقوب الإربلي الذهبي لأمه. سمعا من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، ومكرم، والهمداني. وهو أكبر من أخيه بسنتين. أعرفه جيدا. وكان دينا، خيرا، حسن السمت، يعمل التحاتج الفضية. وعاش ستا وستين سنة. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وابن البرزالي، وجماعة. ومات في رمضان، رحمه الله تعالى. 525 - محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد.

(51/344)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 345
الإمام، المحدث، القدوة، الصالح، شمس الدين ابن الكمال المقدسي، الحنبلي، ابن أخي الحافظ الضياء. ولد في ذي الحجة سنة سبع وستمائة. سمع من: أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم الحرستاني حضورا. ومن: داود بن ملاعب، والبلدي، وأبي الفتوح، وموسى بن عبد القادر، والشمس أحمد العطار، والشيخ العماد إبراهيم، والشيخ الموفق، وابن أبي لقمة، وابن البن، وابن صصرى، وزين الأمناء، وابن راجح، وأحمد بن طاوس، وابن الزبيدي، وخلق كثير. وحدث بالكثير نحوا من أربعين سنة. وعني بالحديث، وجمع وخرج وكتب الكثير بخطه. وقرأ على الشيوخ. وتمم تصنيف الأحكام الذي جمعه عمه الضياء. وكان محدثا، فاضلا، نبيها، حسن التحصيل، وافر الديانة، كثير العبادة، نزهاً، عفيفأً، مخلصا، كبير القدر. روى عنه: القاضي تقي الدين سليمان، والشيخ تقي الدين ابن تيمية، وابن العطار، والمزي، وابن مسلم، وابن الخباز، والبرزالي، وخلق يبقون إن شاء الله تعالى إلى بعد الخمسين وسبعمائة. وقد حج مرتين، ودرس بالضيائية، وولي مشيخة الأشرفية التي بالجبل. وغزا غير مرة. وكان كثير التواضع، كثير الذكر، حسن الشكل، عليه مهابة وسكون، وفيه ثروة وإيثار.

(51/345)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 346
وسألت عنه المزي فقال: أحد المشايخ الجلة المشهورين بالعبادة والورع والعلم والفضل. سمع الكثير من الأمام أبي محمد بن قدامة، وغيره. وسمع من أبي القاسم بن الحرستاني كتاب ' مكارم الأخلاق '. وأجاز له: المؤيد الطوسي، وأبو روح، وجماعة. وقال قطب الدين: وفي ليلة تاسع جمادى الأولى، ودفن بمقبرة الشيخ الموفق. وحكي لي عنه إنه حفر مكانا بالصالحية لبعض شأنه، فوجد جرة مملوءة دنانير، وكانت معه زوجته تعينه على الحفر، فاسترجع وطم المكان، وقال لزوجته: هذه فتنة، ولعل لهذا مستحقين لا نعرفهم. وعاهدها على أنها لا تشعر بتلك الجرة أحداً ولا تتعرض إليها. وكانت قرينة صالحة مثله، فتركا ذلك تورعا مع فقرهما وحاجتهما. وهذا غاية الورع والزهد. 526 - محمد بن عبد الكريم بن درارة. الشيخ الصالح، المؤذن، أبو الفضل، جمال الدين المصري، المحدث. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع وقد كبر من: ابن المقير، وابن رواج، وجماعة من أصحاب السلفي. ونسخ الكثير، ووقف كتبه وأجزاءه. كتب عنه: البرزالي، والمصريون. ومات رحمه الله تعالى في شعبان.

(51/346)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 347
527 - محمد بن عبد الواحد بن الواعظ أبي بكر بن سليمان بن علي بن الحموي. العدل، كمال الدين. أحد الشهود تحت الساعات. روى عن: عن ابن الزبيدي. سمع منه الجماعة. ومات في جمادى الآخرة. 428 - محمد بن عثمان بن سليمان. المحدث المفيد، الزاهد، ضياء الدين، أبو عبد الله الزرزاري. سمع: محمد بن عماد الحراني، وجماعة. كتب عنه المصريون. وذكره الفرضي فقال: محدث مكثر، زاهد، عابد، متوجه إلى الله، مراقب للسنة في حركاته، منقطع. توفي بالقاهرة في تاسع شوال. وقال غيره: كان يمتنع من التحديث. وألف في مذهب الشافعي أشياء وغسلها. وتلا بالسبع على: الصفراوي، وجعفر، وابن الرماح، وابن ماسويه، والعلم السخاوي. 529 - محمد بن عمر بن علي بن رشيد.

(51/347)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 348
كمال الدين، أبو حامد بن الشيخ شرف الدين ابن الفارض. سمع من: أبيه، وابن رواج. وأجاز له المؤيد الطوسي، وأبو روح، وجماعة. كتب عنه: البرزالي، وابن سامة، والمصريون. ومات بالقاهرة في ربيع الأول. 530 - محمد بن المبارك بن يحيى بن المبارك بن المحرمي. كمال الدين ابن الصاحب فخر الدين. من بيت الرئاسة والفضل. سمع من: السهروردي، وحسن بن السيد. وكان شيخ رباط المسجد. ولد سنة تسع وستمائة. ومات في رمضان. 531 - محمد بن محمود بن محمد بن عباد. الكافي، العلامة، شمس الدين، أبو عبد الله الإصفهاني، ألأصولي. قدم الشام بعد الخمسين وستمائة فناظر الفقهاء واشتهرت فضائله.

(51/348)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 349
وسمع بحلب من طغريل المحسني، وغيره. وانتهت إليه الرئاسة في معرفة أصول الفقه: صنف وأقرأ وشرح ' المحصول ' لابن خطيب الري شرحا كبيرا حافلاً، وصنف كتاب ' القواعد ' مشتملا على أربعة فنون: أصول الفقه، وأصول الدين، والمنطق، والخلاف، وهو أحسن تصنيفه. وله كتاب ' غاية المطلب في المنطق '. وله معرفة جيدة بالنحو، والأدب، والشعر، لكنه قليل البضاعة من الفقه، والسنة، والآثار. ولي قضاء منبج في الأيام الناصرية، ثم دخل ديار مصر، وولي قضاء قوص، ثم ولي قضاء الكرك، ثم رجع إلى مصر وولي تدريس المدرسة الصاحبية البهائية بمصر، وأعاد وأفاد. ثم ولي تدريس مشهد الحسين، وتدريس الشافعي، رحمه الله. وتخرج به خلق، ورحل إليه الطلبة ؛ وكتب عنه الحديث: علم الدين البرزالي، وغيره. توفي في العشرين من رجب بالقاهرة. وكان مولده بإصبهان سنة ست عشرة وستمائة. 532 - محمد بن مظفر بن سعيد. الشيخ شمس الدين الأنصاري، المصري. سمع: عبد الرحيم بن الطفيل، ويوسف بن المخيلي، وجماعة. ورحل إلى الشام، فقرأ بنفسه على ابن رواحة، وغيره. وكان عدلا حنفيا، فاضلا، عالما، يقظا. توفي بالفيوم في ذي الحجة.

(51/349)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 350
533 - محمد بن يحيى بن عطاء الله بن خير بن خليفة. الشيخ شرف الدين، أبو عبد الله الهمداني الإسكندراني، المالكي، الضرير. ويعرف بابن الحضرمي. حدث عن: جعفر الهمداني، وغيره. وعاش أربعا وسبعين سنة. أخذ عنه: البرزالي، والمزي، وجماعة. وكان من كبار المالكية، ومن أبناء الدنيا أولي الثروة. مات في رجب. 534 - محمد بن يحيى بن محمد بن خلف. أبو عبد الله الهمداني، المصري، الشافعي، كمال الدين المحدث. سمع من: مرتضى بن حاتم، ويوسف بن المخيلي، وعبد الرحيم بن الطفيل. وكان يتعاسر على الطلبة. توفي في سادس عشر ربيع الآخر.

(51/350)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 351
535 - محمود الملك المنصور شهاب الدين بن السلطان الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن العادل. رأيته شيخا مهيبا، أبيض الرأس واللحية، ضخما، ربعة من الرجال، مليح الشكل، يلبس قباء وعمامة مدورة. وقد سلطنه [أبوه بدمشق. وركب في الدست بأبهة الملك في حدود سنة أربعين وستمائة. وكان يوما مشهودا. وقد روى عن: ابن الزبيدي، وابن اللتي. كتب عنه جماعة من المحدثين ؛ وتنقلت به الأحوال إلى أن احتاج وصار يطلب بالأوراق من الأمراء وغيرهم. قال لي ابن أم مكتوم على سبيل المبالغة: رأيته سلطانا ورأيته يستعطي. توفي في شعبان، ودفن بتربة أم الصالح. وولد ببصرى بقلعتها سنة تسع عشرة. 536 - مظفر بن عبد الصمد بن خليل بن مقلد. الشيخ المعمر، شمس الدين بن الصائغ الأنصاري، الدمشقي. حدث عن: أبي القاسم بن الحرستاني، وأبي القاسم بن صصرى. ولبس الخرقة ببغداد من الشيخ شهاب الدين.

(51/351)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 352
وعاش اثنتين وثمانين سنة. توفي في مستهل جمادى الأولى بقرية بلياثا. أخذ عنه: ابن الخباز، والمزي، والبرزالي، والطلبة. وثنا عنه القاضي شهاب الدين بن المجد الإربلي. 537 - معن. الأمير الكبير عز الدين أيبك أمير شكار. ويعرف بمعن. قال قطب الدين: كان رجلا خيرا دينا، واسطة خير. له حرمة وافرة عند الملك المنصور. استشهد في ربيع الأول على حصار طرابلس، جاءه سهم في حدقته فكانت منيته فيه، ودفن بقبور الشهداء هناك، وهو في عشر السبعين. 538 - منصور ابن صاحب الديوان علاء الدين عطا ملك. الجويني، ثم البغدادي، لقبه نظام الدين. قتلوه في رجب وهو شاب. وأمه هي شمس والدة الست رابعة بنت ولي العهد أحمد بن المستعصم. ودفن بتربة والدته. وكان قد سمع ' المقامات ' من الشيخ فخر الدين عبد الله بن....، عن منوجهر، عن المصنف. وكتب على ياقوت. 539 - منكورس ابن الأمير ركن الدين الفارقاني.

(51/352)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 353
كان رجلا خيرا، مشكور السيرة، مجتهدا في الغزاة وأمر حصار طرابلس. وكان متسلما منجنيقا، فطلع على الستارة بحذر، فجاءه حجر منجنيق اتلفه في ربيع الأول، ودفن هناك بقبور الشهداء. وأظنه منسوبا إلى الأمير شمس الدين الفارقاني سنقر الظاهري. 540 - المهذب بن أبي الغنائم بن أبي القاسم. العدل الكبير، زين الدين التنوخي، الشافعي، كانت الحكم. انتهت إليه رئاسة الشروط بدمشق. وكان بارعا بصيرا بعللها، مليح الخط، عدلاً مبرزا، خبيرا بالأحكام. وحصل من الكتابة جملة صالحة، وألزم بشهادة ديوان الخزانة مدة، ثم استعفى فأعفي. وقد طلب لينوب في القضاء بدمشق في أيام القاضي بهاء الدين ابن الزكي فامتنع من ذلك لأن الكتابة كانت أكثر تحصيلا له وأهون عليه. وكان قد قرأ القراءآت على السخاوي فيما أرى، وتفقه. وحدث عن: مكرم، وابن اللتي، وجماعة. ولد سنة ثمان عشرة وستمائة. وتوفي في حادي عشر رجب، وكانت له جنازة حفلة.

(51/353)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 354

- حرف الياء -
541 - يحيى بن سالم بن طلائع. الشيخ زين الدين الياسوفي. حدث عن: ابن الزبيدي. ومات بخانقاه الطواويس في ربيع الآخر. 542 - يحيى بن عبد الكافي بن يحيى بن مسلم. الشيخ محيي الدين ابن الشماع المصري. وقيل بل لقبه العماد. ولد سنة تسع وستمائة، وكان له حانوت بالبزازين. وروى عن: فخر القضاة أحمد بن الجباب. وكان يقال: ما فاتته صلاة في جامع مصر منذ أربعين سنة، فإنه كان ينوب في الإمامة بجامع عمرو بن العاص. سمع منه: علم الدين البرزالي وطلبة المصريين]. 543 - يحيى بن المقرئ عيسى ابن المحدث عبد العزيز بن عيسى. الشيخ ناصر الدين اللخمي الإسكندراني. روى عن: أبيه، ومحمد بن عماد. سمع منه: المزي، والبرزالي، وجماعة. 544 - يعقوب بن بدران بن منصور بن بدلان.

(51/354)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 355
الإمام، المقرئ، المجود، تقي الدين، أبو يوسف القاهري، ثم الدمشقي المقرئ المعروف بالجرائدي. شيخ الإقراء بالمدرسة الظاهرية، وغيرها بالقاهرة. كان إماما مبرزا في علم القراءآت. أخذ القراءآت بدمشق عن السخاوي، وابن باسويه. ورحل إلى أبي القاسم بن عيسى فقرأ عليه، وعلى غيره. وحدث عن: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وغيرهما. وانتفع به الطلبة. قرأ عليه: ابنه العماد محمد، والشيخ نور الدين السطنوفي، وغير واحد. وسمع منه المحدثون. توفي في شعبان، وعمل قصيدة في القراءآت حل فيها رموز ' الشاطبية ' وصرح بهم. وأثبت الأبيات، عرض كل بيت فيه رمز وأقر سائر القصيدة على حالته. * * * وفيها ولد: بدر الدين محمد بن المولى علاء الدين علي بن محمد بن سليمان بن غانم الشافعي الكاتب، في صفر. وبرهان الدين إبراهيم بن أحمد الزرعي، الحنبلي، وجمال الدين محمد بن محيي الدين قاضي الزبداني، وعز الدين محمد بن أحمد بن المنجا التنوخي، وعلي بن قطب الدين عبد الكريم المنبجي الحلبي.

(51/355)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 356

سنة تسع وثمانين وستمائة

- حرف الألف -
545 - أحمد بن الطبيب الحاذق أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن سونج. الصالحي، أخو شيخ البكرية إسماعيل، والمحدث عماد الدين حسن، والفقير حسين، والفقيه محمد العطار، وخمستهم فيهم دين وجودة. سمع: أحمد بن عبد الدائم. ولم يزد. 546 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن عياش. الصالحي. روى عن: ابن اللتي. ومات في شوال. [حدث عنه: البرزالي، وغيره] 547 - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة.

(51/356)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 357
قاضي القضاة، نجم الدين، أبو العباس ابن شيخ الإسلام شمس الدين ابن أبي عمر المقدسي، الحنبلي. كان مولده في سنة إحدى وخمسين وستمائة. وسمع حضورا من خطيب مردا. وسمع من: إبرهيم بن خليل، وابن عبد الدائم. ولم يحدث. رأيته، وكان شابا، مليحا، مهيبا، تام الشكل، بديناً، ليس له من اللحية إلا شعرات يسيرة، وكانت إليه مع القضاء خطابة الجبل والإمامة بحلقة الحنابلة، ونظر أوقاف الحنابلة. وكان حسن السيرة في أحكامه، مليح البزة، ذكيا، مليح الدرس له قدرة على الحفظ، وله مشاركة جيدة في العلوم. وله شعر جيد، وفضائل. فمن نظمه:
(آيات كتب الغرام أدرسها .......... وعبرتي لا أطيق أحبسها)

(لبست ثوب الضنى على جسدي .......... وحلة الصبر لست ألبسها)

(وشادن ما رنا بمقلته .......... إلا سبى العالمين نرجسها)

(فوجهه جنة مزخرفة .......... لكن بنبل الحتوف يحرسها)

(وريقه خمرة معتقة .......... دارت علينا من فيه أكوسها)

(يا قمرا أصبحت ملاحته .......... لا يعتريها عيب يدنسها)

(صل هائما إن جرت مدامعه .......... تلحقها زفرة تيبسها)
ولي نجم الدين القضاء في حياة والده لما عزل نفسه.

(51/357)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 358
وتوفي في ثالث عشر جمادى الأولى في أول الليل، وقيل في آخر نهار الثاني عشر، ودفن بمقبرة جده من الغد، وشيعه الخلق. وعاش ثمانيا وثلاثين سنة، وخلف ابنين: سعد الدين الخطيب، وفخر الدين الخطيب. وقد حج مرتين، وحضر غير غزوة. وكان يركب الخيل، ويلبس السلاح. 548 - أحمد بن عيسى بن رضوان. الشيخ كمال الدين، أبو الضياء الكناني، العسقلاني، الشافعي، قاضي المحلة. لا أعلم متى توفي. وقد لقيه الفرضي وسمع منه في حدود سنة سبع وعشرين. وحدث عن: ابن الجميزي. وكان يعرف بالقليوبي. قد شرح ' التنبيه ' في اثني عشر مجلدا. وصنف في علوم القرآن. وكان دينا، صالحاً، مفتيا. 549 - أحمد بن عيسى بن حسن. علم الدين [الزرزاري] السنجاري، ابن أخي قاضي القضاة أبي العباس الخضر. ولد بالخابور سنة تسع وعشرين وستمائة.

(51/358)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 359
وسمع من: الساوي، وسبط السلفي. وحدث. ومات بالقاهرة في جمادى الأولى. 550 - أحمد بن منعة بن مطرف. الصالح، عماد الدين، الحوراني، الصالحي. والد شيخنا محمد. روى عن: القزويني، والمجد. كتب عنه: ابن الخباز، والبرزالي، وجماعة. ومات في ربيع الآخر. 551 - أحمد بن ناصر بن طاهر. العلامة، برهان الدين الحسيني، الشريف، الحنفي، إمام محراب الحنفية الذي بمقصورة الحلبيين بدمشق. كان مفتيا، عالما، زاهداً، عابدا. توفي في بيته بالمنارة الشرقية في شوال. وقد صنف تفسيرا في سبع مجلدات، وصنف في أصول الدين كتابا فيه سبعون مسألة. وذكر أنه سمع من ابن اللتي، وغيره. وقد ساح مدة في برية الخطا، وترك دنيا واسعة وتجارات وفر بدينه وتزهد وتصوف. 552 - أحمد بن يوسف بن إسماعيل. الشهاب المقدسي، الحنبلي، الذهبي مؤذن المدرسة النورية. أخو الموفق الشاهد.

(51/359)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 360
روى عن: ابن المقير. ومات في رجب. وكان شيخا ظريفا بزي الفقهاء. 553 - إبراهيم بن أسعد بن المظفر بن حمزة بن أسد. الرئيس، مجد الدين ابن المولى مؤيد الدين التميمي، الدمشقي، ابن القلانسي. أخو الصاحب عز الدين حمزة. كان مليح الكتابة، حسن الشكل والبزة، له إلمام بالأدب. وله شعر. وخدم في الجهات. ومات شابا في ذي القعدة ولم يعقب. وله وقف على الصدقة. 554 - إسحاق بن جبريل. الحكيم، المنجم، كرز الدين الديلمي، السوري. قال ابن الفوطي: عارف بالمواليد وعملها، وبالتقاويم، دائم الاشتغال بهذا الفن. أكثر مواليد أهل بغداد بخطه. له كتاب في التواريخ السماويات والأرضيات. سألته عن مولده فقال: في سنة تسع وستمائة. وتوفي في ذي الحجة. 555 - إسحاق الفجال.

(51/360)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 361
صالح، زاهد، يتكلم بأشياء حسنة وحكم نافعة. توفي بدمشق في شوال. 556 - إسماعيل بن عبد الرحمن بن مكي. الفقيه، مجد الدين المارديني. كان في الأول حنبليا، ثم تحول شافعيا، وأتقن المذهب. ودرس بالأتابكية بجبل قاسيون ثم ولي قضاء حلب. وذكر أنه قرأ ' التحصيل ' بالروم على مصنفه السراج الأرموي. وكان إماما، كثير الفضائل. توفي بالصالحية، وصلي عليه بجامع العقيبة. وحمل إلى مسجد فلوس فدفن بتربة البرهان الموصلي إلى جانب صاحبه الشيخ مجد الدين محمود الكردي، وبينهما خمسة أيام. ماتا في شوال. 557 - إسماعيل بن عز القضاة علي بن محمد بن عبد الواحد بن أبي اليمن.

(51/361)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 362
الشيخ الزاهد، العابد، العالم، فخر الدين، أبو الفداء الدمشقي. كان كاتباً، أديبا، شاعرا، خدم في الجهات، وتزهد بعد ذلك. ولد سنة ثلاثين وستمائة، ودخل في جملة الشعراء على الملك الناصر بدمشق، فلما انجفل الناس ندبه هولاكو إلى مصر. دخلها وترك الخدمة وتزهد، وأقبل على شأنه، ولزم العبادة، فاجتمع بالشيخ محيي الدين ابن سراقة فقال له: إن أردت هذا المعنى فعليك بتصانيف محيي الدين ابن العربي. فلما رجع إلى دمشق انقطع ولزم العبادة، وأقبل على كتب ابن العربي فنسخها وتلذذ بها. وكان يلازم زيارة قبره ويبالغ في تعظيمه. والظن به أنه لم يقف على حقيقة مذهبه، بل كان ينتفع بظاهر كلامه، ويقف عن متشابهه، لأنه لم يحفظ عنه ما يشينه في دينه من قول ولا فعل، بل كان عبدا قانتا لله، صاحب أوراد وتهجد، وخوف، واتباع الأثر، وصدق في الطلب، وتعظيم لحرمات الله تعالى. لم يدخل في تخبيطات ابن العربي، ولا دعا إليها. وكان عليه نور الإسلام وضوء السنة. رضي الله عنه. وكان ساكنا بالعزيزية، حافظا لوقته، كثير الحياء والتواضع والسكينة، كتب الكثير بخطه، ولم يخلف شيئا من الدنيا، ولا كان يملك طاسة. وفرغت نفقته يوم موته. وكان شيخنا ابن تيمية يعظمه ويبالغ، حتى وقف على أبيات له أولها:
(وحياتكم ما إن أرى لكم سوى .......... إذ أنتم عين الجوارح والقوى)
فتألم له وقال: هذا الشعر عين الاتحاد. قلت: إنما أراد أن ينظم قوله عليه السلام: ' فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به '. الحديث.

(51/362)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 363
فقال: سياق الحديث يدل على بطلان هذا. وهو قوله: فبي يسمع وبي يرى، وما في الحديث أن الباري تعالى يكون عين الجوارح، تعالى الله عن ذلك. قلت: لم أجد هذه اللفظة ' فبي يسمع وبي يبصر ' إلخ. ومن شعره:
(أوفد الله أعطاكم قبولا .......... وكان لكم حفيظا أجمعينا)

(إن الرحمن أذكركم بأمري .......... هناك فقبلوا عني اليمينا)

(فإني أرتجي منه جنانا .......... لأن إليه في قلبي حنينا)

(وأرجو لثم أيد بايعته .......... إذا عدتم بخير آمنينا)
وله
(أتريد لثم يمينه في بيته .......... من غير ما نصب وجهد يرتضى)

(هيهات إلا أن تخوض بعزمة .......... موج الجبال إليه في بحرالفضا)

(أتنال فرض زيارة لرسوله .......... خير الأنام ولم تذق مر القضا)

(لم أنس هزا للركاب بحيث لا .......... ظل فيمنع هيكلي أن يرمضا)
(وتكاد نفسي أن تفيض مشقة .......... لو لم أثبت عندها فأفوضا)

(وكأنما كسر القفار مقعر .......... إذا لم يكن أحد به أن ينهضا)

(وكذا الأخيضر ذاق أصحابي به .......... عند الورى وهناك موتا أبيضا)

(فسقاهم ربي حلاوة رحمة .......... مزجت ببرد العفو في كوب الرضا)
وله:
(وزهر شموع إن مددن بنانها .......... تمحو سطور الليل نابت عن البدر)

(ففيهن كافورية خلت أنها .......... عمود صباح فوقه كوكب الفجر)

(51/363)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 364

(وصفراء تحكي شاحبا شاب رأسه .......... فأدمعه تجري على ضيعة العمر)

(وخضراء يبدو وقدها فوق خدها .......... كنرجسة تزهى على الغصن النضر)

(ولا غرو إن تحكي الأزاهير حسنها .......... أليس جناها النحل قدما من الزهر؟)
وله، وقد لامه بعض الفضلاء على إقباله الزائد على كتب ابن العربي، فقال:
(يقولون دع ليلى لبثنة كيف لي .......... وقد ملكت قلبي بحسن اعتدالها)

(ولكن إن اسطعتم تردون ناظري .......... إلى غيرها فالعين نصب جمالها)

(فأقسم ما عاينت في الكون صورة .......... لها الحسن إلا قلت: طيف خيالها)

(ومن لي بليلى العامرية إنها .......... عظيم الغنى من نال وهم وصالها)

(وما الشمس أدنى من يدي لامس لها .......... وليس السها في بعد نقطة خالها)

(وأبدت لنا مرآتها غيب حضرة .......... غدت هي مجلاها وسر كمالها)

(فوا حبها حبي وممكن وجودها .......... وصالي وعدوا سلوتي من محالها)

(وحسبي فخرا إن نسبت لحبها .......... وحسبي قربا أن خطرت ببالها)
وله:
(يا سيدي قمت صعلوكا على الباب .......... وطال قرعي بإلحاف وإطناب)

(51/364)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 365

(ولو جمعت سؤال السائلين لكم .......... لما انتهت فيك آلامي وآرابي)

(وفي غناك يقل الكون أجمعه .......... لسائل واحد يا خير وهاب)

(ودار دنيا بي ضاقت عن نوالكم .......... لكنها دار أعمال وآداب)

(فزودوني من فقر ومسكنة .......... ومن سجود ومن تقبيل أعتاب)
ومن شعره:
(والنهر قد جن بالغصون هوى .......... فراح في قلبه مثلها)

(فغار منه النسيم عاشقها .......... فجاء عن وصله يميلها)
توفي الشيخ فخر الدين بمنزل أخيه بالقرب من المدرسة الجوهرية ليلة الأربعاء الحادي والعشرين من رمضان، وشيعه الخلق، ودفن بتربة أولاد ابن الزكي إلى جانب قاضي القضاة بهاء الدين بقاسيون، وتليت على قبره ختمات، ورؤيت له منامات حسنة. سمع منه: البرزالي، وغيره. وله أوراد وأعمال زكية وخوف وورع يمنعه من جهرمة الاتحاد، ويشعر تقواه بأنه ما دقق في مذهب الطائفة ولا خاض في بحر معانيهم. ولعل

(51/365)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 366
الله تعالى حماه للزومه العبادة والإخلاص. وقد نسخ ' جامع الأصول '، وانتفع بالحديث فالله يرحمه. والظاهر أنه كان ينزل كلام محيي الدين على محامل حسنة وتمحل العارفين. فما كل من عظم كبيرا عرف جميع إشاراته. بل تراه يتغالى فيه مجملا، ويخالفه مفصلا، من غير أن يشعر بالمخالفة. وهذا شأن فرق الأمة نبيها صلى الله عليه وسلم، تراهم منقادين له أتم انقياد، وكل فرقة تخالفه في أشياء جمة ولا شعور لها بمخالفته. وكذا حال خلائق من المقلدين لأئمتهم يحضون على اتباعهم في كل مسألة ويخالفونهم في مسائل كثيرة من الأصول والفروع، ولا يشعرون بارتكاب مخالفتهم ولا يصغون، نعوذ بالله من الهوى وأن نقول على الله ما لا نعلم. فما أحسن الكف والسكوت، وما أنفع الورع والخشية. وكذلك الشيعة تبالغ في حب الإمام علي، ويخالفونه كثيرا، ويتأولون كلامه، أو يكذبون بما صح عنه. ولعل الله تعالى أن يعفو عن كثير من الطوائف بحسن قصدهم وتعظيمهم للكتاب والسنة.
- حرف الباء -
558 - بلاشو بن عيسى بن محمد. سيف الدين الجندي. روى عن: السخاوي. كتب عنه: الفرضي، والبرزالي، والجماعة. ومات في شوال.

(51/366)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 367

- حرف الحاء -
559 - حسان بن سلطان بن رافع بن منهال بن حسان بن عيسى. الفقيه، عماد الدين اليونيني، خطيب قرية زحلة. ولد سنة ثلاث وعشرين. وسمع من: أبي القاسم بن رواحة، وإسماعيل بن ظفر. وصحب الشيخ إبراهيم البطائحي. س وكان صالحأن خيرا، تاليا، ذاكرا، فقيرا. بيته مأوى الأضياف. توفي رحمه الله في ربيع الآخر. 560 - حسن بن زيادة بن رسلان. نفيس الدين المصري. قال الفرضي: كان إماما ثقة، مقرئا، زاهدأن متصدرا بجامع مصر من أهل العبادة. روى عن: عبد الرحيم بن الطفيل، والعلم بن الصابوني. ومات في شعبان.

(51/367)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 368

- حرف الخاء -
561 - الخضر بن سعد الله بن عيسى بن حبيش. عماد الدين الربعي، المعروف بابن دبوقا. أديب كاتب، حسن العشرة، كتب الانشاء للمشد علاء الدين الشغري، ثم ولي مشارفة بعلبك. ونكب وصودر غير مرة. وله شعر حسن. توفي كهلا في سادس ربيع الأول بدمشق. روى عن: اليلداني ببعلبك. سمع منه: البرزالي.
- حرف السين -
562 - ست الأهل بنت المحدث أبي الفتوح نصر بن الحصري. توفيت بالقاهرة في صفر. قاله الفرضي. 563 - ست الأمناء بنت أبي نصر عبد الرحيم بن محمد بن الحسن بن عساكر. روت عن: أبيها، وغيره. كتب عنها: البرزالي، وجماعة. وماتت في ذي القعدة. وأجاز لها: المؤيد، وأبو روح.

(51/368)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 369

- حرف الطاء -
564 - طرنطاي. نائب المملكة، الأمير الكبير حسام الدين، أبو سعيد المنصوري، السيفي. كان من رجال العالم رأيا وحزما ودهاء وذكاء وشجاعة وسياسة وهيبة وسطوة. اشتراه المنصور في حال إمرته من أولاد الموصلي، فرآه مجيبا لبيبا، فترقى عنده إلى أن جعله أستاذ داره، وفوض إليه جميع أموره، واعتمد عليه. فلما ولي السلطنة جعله نائبه، ورد إليه أمر الممالك، فكان ليس فوق يده يد. وكان له أثر ظاهر يوم وقعة حمص. وكان السلطان لا يكاد يفارقه إلا عن ضرورة. وقد سيره إلى الأمير شمس الدين سنقر الأشقر ولمحاصرته فدخل دمشق دخولا مشهودا لا يكاد يدخله إلا سلطان من التجمل والزينة ولعب النفط. ثم سار إلى صهيون، وانتزع من سنقر الأشقر بلاده. وحلف له وأنزله، ورجع وهو معه. وقد حصل طرنطاي من الأموال والخيل والمماليك والأملاك وغير ذلك ما يفوق الإحصاء. وبنى مدرسة بالقاهرة، ووقف على الأسرى. وكان مليح الشكل، مهيبا لم يتكهل. ولما تسلطن الأشرف استبقاه أياما حتى رتب أموره، واستقل بالملك.

(51/369)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 370
ثم قبض عليه، وكان في نفسه منه، فبسط عليه العذاب إلى أن أتلفه، وصبر المسكين صبرا جميلا، فقيل إنه عصر إلى أن هلك، ولم تسمع منه كلمة. وكان بينه وبين علم الدين الشجاعي منافسة وإحن، فقيل إن الملك الأشرف سلمه إليه ليعذبه. ولما مات حمل إلى زاوية الشيخ عمر السعودي، فغسلوه وكفنوه، ودفن بظاهر الزاوية، فذكر فقير من الزاوية قال: لما أتوا به كان له رائحة منكرة جداً، ولما غسلوه تهرأ وتزايلت أعضاؤه. وذكر أن جوفه كان مشقوقا. قال ذلك الشيخ قطب الدين. ثم قال: رحمه الله وعفا عنه فلقد كان معدوم النظير، ولولا شحه وبذاذة لسانة لكان أوحد زمانه. قيل إنه خلف من العين المصري ألف ألف دينار وستمائة ألف دينار، ومن الكلوتات والحوائص والأواني والأسلحة والمتاجر والخيول والغلمان والأملاك ما لا يحصى كثرة، فاستولى الأشرف على المجموع، وأفضى الحال بأولاده وحرمه إلى أن بقوا بلا قوت إلا ما يسيره إليهم بعض الأعيان على سبيل الصلة. إن في ذلك لعبرة. وتوفي ولم يبلغ الخمسين. قلت: لم يذكر وفاته في أي شهر. 565 - طيبرس. الأمير الكبير، الحاج علاء الدين الوزيري، صهر السلطان الملك الظاهر.

(51/370)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 371
توفي بمصر في ذي الحجة. وكان دينا، كثير الصدقات، قليل الأذية رحمه الله. أوصى بثلاثمائة ألف درهم أن تنفق في ضعفاء الجند. ووقف خانا كبيرا بالعقيبة على الصدقة. وله ولد من أمراء الدولة في هذا الوقت، وهو عام أربعة عشر وسبعمائة.
- حرف العين -
566 - عبد الله بن خير بن حميد. أبو محمد القرشي، البخاري. روى عن: محمد بن عمار. ومات بالإسكندرية في تاسع صفر. كتب عنه أهل الثغر والرحالة. 567 - عبد الله بن محمد بن حسان بن رافع. العدل، عماد الدين، أبو بكر العارمي، خطيب الموصل. سمعه أبوه حضورا وسماعا. وروى عن: ابن أبي لقمة، وأبي محمد بن البن، وزين الأمناء، والقزويني، والكاشغري، وابن الزبيدي، وجماعة. وسمع بمكة من: أبي علي الحسن بن الزبيدي، وإبراهيم بن الخير. أخذ عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، والطلبة. وكان فقيها فاضلا عالي الإسناد مكثرا. أجاز لي مروياته.

(51/371)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 372
وتوفي في سابع صفر وله ثلاث وسبعون سنة. حج سنة ثمان وعشرين، وهو مراهق، وحج سنة ثمان وثمانين، وبين الحجتين ستون سنة. 568 - عبد الله بن محمد بن الشرف عبد الله بن الشيخ أبي عمر المقدسي. فخر الدين، سبط الشيخ شمس الدين. سمع الكثير، وتفقه، ومات شابا في جمادى الأولى. 569 - عبد الرحمن بن الزين أحمد بن عبد الملك بن عثمان. الشيخ شمس الدين، أبو الفرج المقدسي، الحنبلي. ولد في ذي القعدة سنة ست وستمائة. وسمع حضورا من: عبد الملك بن مندويه، وغيره. ثم سمع من: الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وأبي عبد الله بن البناء، وأبي الفتوح بن الجلاجلي، وموسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق، وابن راجح، وابن البن، وابن أبي لقمة، وطائفة. ورحل هو والسيف بن المجد، والتقي بن الواسطي فسمعوا ببغداد من: الفتح بن عبد السلام، وأبي الحسن بن بوزيدان، وعبد السلام الداهري، وعمر بن كرم، وخلق سواهم.

(51/372)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 373
وأجاز له: أبو الفخر أسعد بن سعيد، وعين الشمس الثقفية، وزاهر بن أحمد، وأبو أحمد بن سكينة، وعمر بن طبرزد. وكان فقيها، عالما، صالحا، ثقة، نبيلاً، عابداً، مهيبا، متيقظا، واسع الرواية، عالي الإسناد. تفرد ببعض مروياته. وسمع منه خلق كثير، منهم: ابن الخباز، وأبو الحسن الموصلي، وابن العطار، وابن مسلم، وابن تيمية، والمزي، والبرزالي، وابن المهندس، وابن أبي الفتح. وأجاز لي مروياته. توفي في التاسع والعشرين من ذي القعدة، وقد كمل ثلاثا وثمانين سنة. 570 - عبد الرحمن بن مجد الدين بن محمد بن إسماعيل بن عثمان بن عساكر. القاضي الجليل، عماد الدين. روى عن: المخلص بن هلال، وغيره. سمع منه: البرزالي. وتوفي في ذي القعدة أيضا، وهو في الكهولة. وكان يشهد تحت الساعات. 571 - عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي بن علي.

(51/373)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 374
القاضي، الخطيب، المفتي، جمال الدين، أبو محمد الربعي، الدمشقي، الشافعي. ولد ثاني عشر شعبان سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسمع من: ابن الصباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، وأبي الفضل الهمداني، وطائفة. وخرج له أبو محمد البرزالي ' مشيخة ' سمعها منه هو وابن تيمية شيخنا، والزين عمر بن حبيب، وأبو الحسن الحنفي، وابن مسلمة الخليلي، وخلق سواهم. وكان إماما، مفتيا، خبيرا بالمذهب، ناب في القضاء مدة، ثم تركه واقتصر على الخطابة بالجامع. وكان للناس فيه حسن عقيدة لدينه وسكونه، وازدحموا على نعشه. ومات في سلخ جمادى الأولى. ولي منه إجازة بمروياته. 572 - عبد الكريم بن عبد الله بن بدران. الدمشقي، السراج، الحاج أبو محمد. سمع أولاده الكثير، وحصل الأجزاء. وله سماع قديم من التاج بن أبي جعفر، وجماعة. وما أظنه حدث. توفي في ذي الحجة. 573 - علي بن ظهير بن شهاب.

(51/374)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 375
الإمام، الزاهد، نور الدين، المصري، المقرئ، الموشي، المعروف بابن الكفتي. شيخ الإقراء بالجامع الأزهر. أخذ القراءآت عن أصحاب الشاطبي، وأبي الجود. ومن شيوخه، الإمام المجود أبو إسحاق بن وثيق. قرأ عليه ختمة للسبعة ويعقوب جمعا. وكان نور الدين أحد من عني بالقراءآت وعللها وشهر بها، مع الورع والديانة والصيانة. وقرأ عليه جماعة. وسمع منه المحدثون. روى عن أصحاب السلفي. ومات في ربيع الآخر. 574 - علي بن عبد الكريم بن عبد الله بن أبي الفضل. أبو الحسن الدمشقي، خادم الحافظ زكي الدين عبد العظيم. شيخ صالح، دين، معمر، فاضل. سمع بدمشق من: كريمة، والضياء محمد، وابن المقير. وسمع بمصر من: سبط السلفي، وغير واحد. وكتب بخطه قليلا، وشاخ، وتجاوز التسعين. وأخذ عنه الطلبة. ومات في شعبان ببلبيس. 575 - علي بن يحيى بن محمد.

(51/375)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 376
العدل، كمال الدين المهدوي، الكاتب. روى عن: التاج بن أبي جعفر، وغيره. وكان عفيفا، نزها، حسن البزة، له شعر وفضيلة. ومات في جمادى الأولى. 576 - علي بن أبي المجد بن منصور. القصاب، الصالحي. شيخ مسن، صحيح السماع. روى عن: الشيخ الموفق، وابن راجح، وغيرها. كتب عنه: ابن الخباز، والمزي، والبرزالي، وجماعة. مات في ذي الحجة. 577 - عمر ابن شيخنا الإمام شرف الدين أحمد بن إبراهيم بن سباع. الفزاري، الفقيه، المحدث، المفيد، أبو حفص. سمع الكثير، وحصل الفوائد والأجزاء، وعني بالرواية. ومات شابا لم تطلع لحيته بعد. وعاش نحوا من عشرين سنة. ومات في رمضان. وكان دينا. متواضعا، ضحوك السن، مطبوعا. 358 - عمر بن إسماعيل بن مسعود بن سعد بن سعيد بن أبي الكتائب.

(51/376)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 377
الأديب، العلامة، رشيد الدين، أبو حفص الربعي، الفارقي، الشافعي، الشاعر. قال: مولدي سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وسمع ' جزء البانياسي ' من الفخر ابن تيمية، ظهر له بعد موته. وسمع من: أبي عبد الله بن الزبيدي، وعبد العزيز بن باقا، وجماعة. وبرع في البراعة والبلاغة والنظم، وحاز قصب السبق. وخدم في ديوان الإنشاء، ومدح السخاوي بقصيدة مونقة فمدحه السخاوي، والقصيدتان مشهورتان. وكانت له يد طولى في التفسير، والبيان، والبديع، واللغة. انتهت إليه رئاسة الأدب. واشتغل عليه جماعة كبيرة من الفضلاء. وقد وزر، وتقدم في دول، وأفتى وناظر ودرس بالظاهرية وانقطع بها. وله مقدمتان في النحو، صغرى وكبرى. وكان حلو المحاضرة، مليح النادرة، كيسا، فطنا، يشارك في الأصول والطب وغير ذلك. وقد درس بالناصرية مدة قبل انتقاله إلى الظاهرية.

(51/377)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 378
وروى عنه من شعره: الدمياطي، ورضي الدين بن دبوقا، وأبو الحجاج المزي، وأبو محمد البرزالي، وآخرون. وكان يكتب خطا منسوبا. ومن شعره قوله:
(مر النسيم على الروض البسيم فما .......... شككت أن سليمى حلت السلما)

(ولاح برق على أعلا الثنية لي .......... فخلت برق الثنايا لاح وابتسما)

(مغنى الحبيبة رواك السحاب فكم .......... ظمئت فيك وكم رويت فيك ظما)

(به عهدت الهوى حلوا ومنزلنا .......... للهو خلوا وذاك الشمل ملتئما)

(والدار دانية والدهر في شغل .......... عما نريد وفي طرف الرقيب عما)

(والشمس تطلع من ثغر وتغرب في .......... شعر وبجلوسنا إشراقها الظلما)

(وظبية من ظباء الأنس ما رمقت .......... إلا استباح لها صوب الديار حما)

(وطفاء حاجبها قوس وناظرها .......... سهم إذا مارنا طرف إليه رما)

(وجفنها فيه خمر وهو منكسر .......... والخمر في القدح المكسور ما علما)

(51/378)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 379

(وقدها ذابل لكنه نضر .......... حلوالجنا يثمر التفاح والعنما)

(ولفظها فيه ترخيم فلو نطقت .......... يوما لا عصم وافاها وما اعتصما)

(فوثغرها يجعل المنظوم منتثرا .......... من اللآلئ والمنثور منتظما)

(تبسمت فبكت عيني وساعدها .......... قلبي، ولولا لمى الثغر البسيم لما)

(ولاح لاح عليها قلت: لومك لي .......... لؤم، وصمم حتى حبب الصمما)

(تعذيبها لي عذب والشفاه شفا .......... تجني وأجني ولا يبقي اللما ألما)

(ريا السوار وظمأى الخصر تحسبه .......... للضعف منفصلا عنها ومنفصما)

(خود تجمع فيها كل مفترق .......... من المعاني التي تستغرق الكلما)

(عطت غزالا، سطت ليثا، بدت غصنا .......... لاحت هلالا، هدت نجما، بدت صنما)

(لما سرت أسرت قلبي ومذ نزحت .......... نزحت ماء جفون يخجل الديما)

(وصار مربعها قلبي، ومرتعها .......... لبي، وموردها دمعي الذي انسجما)

(ولم أكن راضيا منها بطيف كرى .......... فاليوم من لي به والنوم قد عدما)
وله:
(إن في عينيك معنى .......... حدث النرجس عنه)

(51/379)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 380

(ليت لي من غصنه سهما .......... وفي قلبي منه)
وله في أهل البيت عليهم السلام:
(ذرية في الورى ذرية زهر .......... يرجى بها الغيث أو يجلى بها الغسق)

(هم معاذي وذخري في المعاد وهم .......... كنزي وحرزي إذا ما ألجم الغرق)

(خفض الجناح لهم رفع لمنزلتي .......... فاجزم بهذا ولا تنصب فتحترق)

(هم الألى أعربوا سني مجدهم .......... بنحوهم كل شأو ليس يلتحق)

(من شاء باهلني باهلته بهم .......... وبعد عن ورد الحوض يستبق)

(وهل أتى شاعراً إلا وقلت له .......... في هل أتى مدح أهل البيت متسق)
وقال:
(لشيخنا في التقاء الشيب والكرم .......... حظ كما لسواه الشيب والهرم)

(ولاسمه نسبة والنعت نسبها .......... واشتق منها وفي أبياتها حكم)

(ففي العلا علي وفي السخا سخاوي .......... وفي علمه بين الورى علم)

(شيخ المشايخ في زهد وفي لسن .......... يجول في كل إقليم له قلم)

(مفصل للقضايا وهو منذ نشا .......... قاض وليس بمنقوص ولا يهم)

(طود الحمى راسيا تخشى سكينته .......... بدر الدجى ساريا تجلى به الظلم)

(لولا علي لعلم النحو أجمعه .......... ما كان زيد ولا عمرو ولا الكلم)

(فإن تكن بعلي النصر مبتدئا .......... فإنه بعلي العصر مختتم)

(51/380)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 381
خنق الرشيد الفارقي في رابع المحرم ببيته بالظاهرية، وأخذ ذهبه، ودرس بعده بالظاهرية علاء الدين بن بنت الأعز. قال الشيخ تاج الدين عبد الرحمن: نا قاضي القضاة أنه رأى في رقبته أثر الخنق، ورأى الدم وقد اجتمع في فمه. ورأى سنه مقلوعة عنده. وكان يقول: لا بد لي أن ألي وزارة بغداد. وكان مليا بالنظم والنثر. لم يزل سعيدا. رأيته في أيام الأشرف، وهو كاتب عند الوزير ابن حديد، فولي عمارة دار الحديث وهو إذ ذاك مدرس الفلكية. قيل: كان أبوه لحاما بميافارقين. وكانت له، رحمه الله، جنازة مشهودة. [وكان الغالب عليه علم النجامة]. 579 - عمر بن محمد بن الشيخ القدوة عثمان. الرومي، الشيخ الصالح. مات في ربيع الأول، رحمه الله تعالى. وخلفه في الزاوية أخوه عثمان. 580 - عمر بن أبي الرجاء بن السلعوس. التنوخي، الدمشقي، نجم الدين، عم الصاحب شمس الدين.

(51/381)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 382
روى بالإجازة عن: أبي القاسم الكندي، وغيره. ومات في جمادى الأولى. كتب عنه: البرزالي، وابن الصيرفي. وعاش ثمانين سنة عفى الله عنه.
- حرف الفاء -
581 - فرج الله بن شمس الدين محمد بن محمد. الجويني. أمر بقتله وقتل إخوته وبني عمه أرغون. وكان هذا صبيا في المكتب، فلما جرد للقتل بكى وما درى ما يفعل به وصاح: والله ما بقيت أدع الكتاب. فبكا الناس رحمة له. وقتل أخوه نوروز بأرض الروم. وقتل أخوهما مسعود بتبريز. نسأل الله العافية.
- حرف القاف -
582 - قلاوون.

(51/382)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 383
السلطان، الملك، المنصور، سيف الدنيا والدين، أبو المعالي، وأبو الفتوح، التركي، الصالحي، النجمي. اشتري بألف دينار، ولهذا كان في حال إمريته يسمى بالألفي. وكان من أحسن الناس صورة في صباه، وأبهاهم وأهيبهم في رجوليته. كان تام الشكل، مستدير اللحية، قد وخطه الشيب، على وجهه هيبة الملك، وعلى أكتافه حشمة السلطنة، وعليه سكينة ووقار. رأيته مرات آخرها منصرفة من فتح طرابلس، وكان من أبناء الستين. وحدثني أبي أنه كان في أيام إمرته ينزل إذا قدم من مصر بدار الزاهر. قال: فأخذوا له مني ذهبا، فذهبت لأطالبه فإذا به خارج من الباب، فقال: إيش أنت؟ قلت: يا خوند لي ثمن ذهب. فقال: أعطوه أعطوه. ووصف لي نعمته، وأنه متعجم اللسان، لا يكاد يفصح بالعربية، وذلك لأنه أتي به من الترك وهو كبير. وكان من أمراء الألوف في الدولة الظاهرية، ثم عمل نيابة السلطنة للملك العادل سلامش بن الظاهر عندما خلعوا الملك السعيد، وحلفوا لسلامش وهو ابن سبع سنين، وحلفوا للألفي بعده وذكرا معا في الخطبة. قال قطب الدين: وضربت السكة على واحد من الوجهين باسم سلامش، وعلى وجه باسم أتابكه سيف الدين قلاوون. وبقي الأمر على هذا شهرا وأياما. وفي رجب من سنة ثمان وسبعين وستمائة خلعوا سلامش، وبايعوا الملك المنصور، واستقل بالأمر، وأمسك جماعة كثيرة من الأمراء الظاهرية وغيرهم. واستعمل مماليكه على نيابة البلاد، وكسر التتار سنة ثمانين، ونازل حصن المرقب في سنة أربع وثمانين وافتتحه، وافتتح

(51/383)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 384
طرابلس، وعمل بالقاهرة بين القصرين تربة عظيمة، ومدرسة كبيرة، ومارستان للضعفاء. وتوفي في ذي القعدة في سادسه يوم السبت بالمخيم ظاهر القاهرة، وحمل إلى القلعة ليلة الأحد. وتسلطن ولده الملك الأشرف. ويوم الخميس مستهل العام الآتي فرق بتربته صدقات كثيرة من ذهب وفضة وورق جملت الناس. فلما كان من العشي أنزل من القلعة في تابوته وقت العشاء الآخرة إلى تربته بين القصرين. وفرق من الغد الذهب على القراء الذين قرأوا تلك الليلة. قال المؤيد في ' تاريخه ': مات في سنة خمس وأربعين علاء الدين قراسنقر العادلي من مماليك السلطان الملك العادل، وصار مماليكه للملك الصالح نجم الدين، منهم سيف الدين قلاوون الذي تملك. [وقد تقدم في الوقائع طرف من سيرته].
- حرف الميم -
583 - محمد بن أحمد بن محمد بن النجيب. المحدث، المفيد، بدر الدين، سبط إمام الكلاسة. كان شابا، فاضلا، ذكيا، مليح الكتابة، كثير الفوائد، شديد الطلب، حريصا على الأجزاء والسماعات، ذا همة عالية. سمع الكثير بدمشق، وبعلبك، وخرج وأفاد. ونسخ الكثير. ومات في وسط الطلب، فالله يرحمه ويعوضه الجنة. توفي في سادس صفر. وكان من أبناء الثلاثين. وقد سمع من: ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر. وحدث.

(51/384)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 385
584 - محمد بن الحسن بن عبد الملك بن محمد. جمال الدين التميمي، السعدي، البوني، المالكي، الطبيب. روى عن محمد بن عماد. وكان طبيبا بالثغور. عاش ثمانيا وستين سنة. ومات فجأة في ربيع الأول. كتب عنه: البرزالي، وجماعة. 585 - محمد بن عبد الحق بن مكي بن صالح. الرئيس رشيد الدين، أبو بكر بن الرصاص النرسي، المصري. روى عن: ابن عماد، والصفراوي، وابن باقا، وجماعة. ومات ليلة عاشوراء. كتب عنه المصريون والرحالة. وله أخ اسمه جمال الدين علي. حدث عن: ابن باقا. وأجاز في سنة أربع وسبعين وستمائة. 586 - محمد بن عبد الرحمن بن نوح بن محمد. الفقيه، الرئيس، ناصر الدين بن المقدسي، ثم الدمشقي، الشافعي. تفقه على والده العلامة شمس الدين. وسمع من: ابن اللتي حضورا، وتاج الدين بن حمويه. وتميز في الفقه، ودرس بالرواحية، وبتربة أم الصالح. ثم داخل الدولة

(51/385)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 386
وتوصل إلى أن ولي في سنة سبع وثمانين وكالة السلطان الملك المنصور، ووكالة بيت المال المعمور، ونظر جميع الأوقاف بدمشق. وشرع في فتح أبواب الظلم. وخلع عليه بالطرحة غير مرة، وخافه الناس، وصارت له صورة كبيرة، وعدا طوره وظلم وعسف وتحامق، حتى برم به نائب السلطنة فمن دونه، وكاتبوا فيه، فجاء في جمادى الآخرة من هذه السنة مطالعة بالكشف عنه بما أكل من الأوقاف ومن أموال السلطنة والبرطيل، فرسموا عليه بالعذراوية وظهر عليه أشياء، وضرب بالمقارع، فباع ما يقدر عليه، وحمل مبلغا من المال، وذاق الهوان، واشتفى منه الأعادي. وكان قد عثر السيف السامري وأخذ منه الزئبقية ؛ فمضى السيف إليه إلى العذراوية، وتغمم له تغمم تشف، فقال له ناصر الدين: سألتك بالله لا تعود تجيء إلي، فقال: هو ينصبر لي. ثم عمل السيف السامري هذه القصيدة:
(ورد البشير بما أقر الأعينا .......... فشفى الصدور وبلغ الناس المنى)

(واستبشروا وتزايدت أفراحهم .......... فالكل مشتركون في هذا الهنا)

(وتقدم الأمر الشريف بأخذ ما .......... نهب الخؤون من البلاد وما اقتنى)

(يا سيد الأمراء يا شمس الهدى .......... يا ماضي العزمات يا رحب الفنا)

(عجل بذبح المقدسي وذبحه .......... واحقن دماء الإسلام من ولد الزنا)

(واغلظ عليه ولا ترق فكل ما .......... يلقى بما كسبت يداه وما جنى)

(فلكم يتيم مدقع ويتيمة .......... من جوره باتوا على فرش الضنا)

(ولكم غني ظل في أيامه .......... مسترفدا للناس من بعد الغنى)

(إن أنكر اللص الخبيث فعاله .......... بالمسلمين فأول القتلى أنا)
ثم جاء مرسوم بحمله إلى مصر، فخافوا من غائلته، فلما كان ثالث شعبان أصبح المقدسي مشنوقا بعمامته بالعذراوية، فحضر جماعة عدول وشاهدوا الحال، ودفن بمقابر الصوفية.

(51/386)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 387
سمع منه: البرزالي، وغيره. رأيته شيخا مربوعا وهو يختال في مشيته بالخلعة والطيلسان، [عفا الله عنا وعنه]. 587 - محمد بن عبد الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر. العدل، العالم، شمس الدين، ابن المحدث الرسعني، الحنبلي، نزيل دمشق. كان شيخا أبيض اللحية، مليح الشكل. ولد سنة بضع عشرة وستمائة. وسمع من: أبي الحسن بن روزبة، وابن بهروز نصر بن عبد الرزاق الجيلي، وابن القبيطي، وجماعة ببغداد. ومن: كريمة، وغيرها بدمشق. وسكن دمشق، وأم بالمسجد الكبير بالرماحين. وجلس تحت الساعات، فكان من أعيان الشهود. وكان له شعر جيد. وقد سافر إلى مصر في شهادة. قال الشيخ قطب الدين فاجتمعت به هناك غير مرة. وكان يتردد إلى شمس الدين ابن السلعوس ويمدحه قبل إفضاء الوزارة إليه. ولما طال مقامه

(51/387)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 388
بالقاهرة وشنع بموته، واشتهر ذلك بدمشق أراد السفر فسرق حماره وما عليه في الطريق، فرجع إلى القاهرة شاكيا، فلم يحصل له مقصود، فخرج متوجها إلى دمشق، فأتى يسقي فرسه من الشريعة، فغرق ولم يظهر له خبر، ووصل فرسه وقماشه إلى دمشق. وقال علم الدين: غرق في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة. ومن شعره:
(ولو أن إنسانا يبلغ لوعتي .......... ووجدي وأشجاني إلى ذلك الرشا)

(لأسكنته عيني ولم أرضها له .......... ولولا لهيب القلب أسكنته الحشا)
وله:
(ما ابيض في لمتي سوداء في عمري .......... إلا وقد سودت بيضا من الصحف)

(ولا خلوت مدى الأيام من لعب .......... إلا ورحت به صبا أخا كلف)

(وليس لي عمل أرجو النجاة به .......... إلا الرسول وحبي ساكن النجف)
ومن شعره:
(أأيأس من بر وجودك واصل .......... إلى كل مخلوق وأنت كريم)

(وأجزع من ذنب وعفوك شامل .......... لكل الورى طرا وأنت رحيم)

(وأجهد في تدبير حالي جهالة .......... وأنت بتدبير الأنام حكيم)

(وأشكو إلى رحماك ذلي وحاجتي .......... وأنت بحالي يا كريم عليم)
588 - محمد بن عبد السلام بن علي. شرف الدين القرشي، المصري.

(51/388)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 389
حدث عن يوسف المخيلي. وعاش ستا وستين سنة، ومات في صفر. وهو ابن بنت عبد الظاهر بن بشران. 589 - محمد بن عبد القوي. شرف الدين الكتاني، المصري، رئيس المؤذنين بجامع الحاكم. حدث عن: عبد العزيز بن باقا. ومات في صفر أيضا. أخذ عنه جماعة الوقت. 590 - محمد بن علي بن أبي عبد الله بن شمام. الشيخ شمس الدين، أبو عبد الله الصالحي، الذهبي. رجل مطبوع، خير، مسن، من كبار الذهبيين. كان يدق الذهب في بيته بالجبل، وله بنات وابن. وكان يعمل مع والدي، فبعثني إليه مرة بذهب ليدقه، وأطعمني شيئا. كتب عنه: البرزالي، والمزي، والجماعة وأثنوا عليه. وحدث عن: أبي المجد القزويني، وابن البن، وأبي القاسم بن صصرى، وابن الزبيدي. وتوفي في المحرم وقد قارب الثمانين. وكان مع كبره رأسا في صنعته رحمه الله تعالى. 591 - محمد بن عمر بن محمد. شمس الدين، أبو عبد الله البغدادي، الرياني، المشهور بابن المريخ. شيخ كبير مكثر من الريان من باب الأزج.

(51/389)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 390
أجاز له: أبو اليمن الكندي، وابن منينا، وعبد العزيز بن الناقد ؛ وسمع ' صحيح البخاري ' من إبراهيم القطيعي. وسمع من: علي بن بورندان ؛ ومن: زيد بن هبة الله، وجماعة. مولده سنة إحدى عشرة. ومات في ذي القعدة. 592 - محمد بن العون يحيى بن الشمس علي بن محمد. ابن الوزير، الإمام عون الدين يحيى بن محمد بن هبيرة، الأجل شمس الدين الشيباني، العراقي الأصل، الحنبلي. ولد بدمشق سنة سبع وستمائة. وسمع ببغداد من: عبد السلام الداهري، وعلي بن الجوزي، ونصر بن الحلي، وغيرهم. وكان على ديوان بلبيس ناظرا فحدث بها. سمع منه: المزي، والبرزالي، وجماعة. وتوفي بها في جمادى الأولى. 593 - محمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن العلامة أبي سعد عبد الله بن أبي عصرون. الإمام، الفاضل، شرف الدين الحلبي. حدث بالحجاز عن ابن روزبة. كتب عنه: البرزالي، وقال: توفي في المحرم راجعا من الحج عند بركة زيزا وحضرت دفنه هناك. وكان قد ولي قضاء حمص نوبة. وما كان في أقاربه أفقه منه.

(51/390)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 391
594 - محمد بن السيد الجليل. نقيب الأشراف بدمشق، أبو البشائر العلوي، الحسني، الملقب بشرف الملك. توفي في ربيع الآخر. ودفن عند قبر الشيخ رسلان. 595 - محمود بن عبد الرحمن بن عطاف. الفقيه مجد الدين الكردي، الشافعي. درس مدة: بالأمينية التي ببعلبك، ثم سكن دمشق ودرس بالأكزية. وأعاد وأفاد، وكان نقالا للمذهب، وله اختصاص بقاضي القضاة بهاء الدين القرشي. توفي في حادي عشر شوال وهو في عشر الستين. 596 - محمد بن يونس. أبو الثناء الحميري، التفليسي. شاب فاضل، سمع الكثير، وعني بالحديث، وكتب الطباق. ومات في شوال. وعاش أبوه بعده مدة طويلة، وكان يعجن العنبر بالصاغة. 597 - محمود الرومي. شيخ صالح، عاقل، مجاور بالجامع عند صندوقه.

(51/391)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 392
توفي في ربيع الأول. وهو الذي ربى الشيخ الإمام علي الختني، فجلس بعده وتسلم الصندوق. 598 - مختص، الطواشي الكبير. الأمير شرف الدين الظاهري، الخادم. كان صاحب هيبة وسطوة وحرمة وافرة. وكان كبير المماليك الظاهرية. توفي في ربيع الآخر ودفن بالقرافة. 599 - مرضي. العلامة رضي الدين الحموي، الشافعي. من كبار الشافعية. عاش بضعا وثمانين سنة فإنه ولد سنة ستمائة. 600 - موسى بن هلال بن موسى. فخر الدين الحنفي، الفقيه، مدرس مسجد خاتون، المدرسة الكبيرة التي على الشرف القبلي، ومفتي دار العدل. ولم يكن بذاك في الفقه، ولكن كان ذا مداخلة للدولة، صاحب رئاسة ومكارم فاختص بعز الدين عبد العزيز بن وداعة، والصاحب، وبجماعة أمراء. وهو ابن أخت قاضي القضاة صدر الدين سليمان الحنفي. توفي أول يوم في السنة، وشيعه القضاة والأعيان. ومات في عشر السبعين. 601 - موسى. العفيف النصراني، الشوبكي، تاجر السلطان.

(51/392)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 393
هلك إلى لعنة الله في آخر رمضان. وكان كثير التجري على المسلمين والسعي في مصالح الفرنج والنصارى، وجلب الممنوعات ولم يكن يشد زنارا، وكان متمكنا من الدولة. قال قطب الدين: حدثني الأمير علم الدين الدواداري قال: حضرت إلى خدمة الأمير حسام الدين طرنطاي فقيل لي: ما إليه طريق. فقعدت أنتظر الإذن، واتفق حضور الأمير حسام الدين لاجين فقيل له كذلك فقعد ؛ وإذا باعفيف خارج من عنده فقلت للبرددار في هذا فقال لي: هذا ما أجسر على رده. 602 - مؤمن. شجاع الدين، نائب ولاية دمشق. كان مشكور السيرة، حسن التأتي في السياسة، وطالت أيامه. وكان قد أودع جملة من الذهب عند صاحب له ليدفنه عنده، فأصابته السكتة ومات، فجاء الشجاع موسى إلى أهله وقال: هل ذكرني بشيء؟ قالوا: لا. فرأى أن الكلام لا يفيد، فحمل على قلبه وتعلل ومات غبنا في ثامن عشر رمضان.
- حرف الهاء -
603 - هلال بن محفوظ بن هلال. الشيخ بدر الدين الرسعني. أخو الشيخ سيف الدين. شيخ مبارك مقيم بمؤتة في مشهد جعفر الطيار ؛ وروى هناك عن: ابن اللتي. وله إجازة من: عبد العزيز بن منينا، وأبي البقاء العكبري. سمع منه ابن المهندس في هذه السنة ؛ ولا أعلم وفاته.

(51/393)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 394

- حرف الياء -
604 - يحيى بن أحمد بن يحيى بن سعيد. الفاضل، نجيب الدين الهذلي، الحلي، المستعلم. بقية قدامى الشيعة. لغوي، أديب، حافظ للأحاديث في رأسه. ولد بالكوفة سنة إحدى وستمائة، وسمع من ابن الأخضر. كذا قال ابن الفوطي، وقال: مات ليلة عرفة. وكان بصيرا باللغة والأدب. كتب عنه ابن الفوطي في إجازة. 605 - يوسف بن سعد الله بن عيسى بن دبوقا. الصدر، ناظر البر مع الشريفي. توفي في شوال.
الكنى
606 - أبو الزهر بن سالم بن زهير. الغسولي، ثم الصالحي. شيخ صالح، مشهور. حدث عن: ابن اللتي. سمع منه: الطلبة. ومات في شوال أيضا.

(51/394)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 395
وفيها ولد: ابن خالي إسماعيل بن علي الذهبي، ومحيي الدين عبد القادر بن محمد بن الفخر الحنبلي في رمضان، ومنصور بن خليفة بن محمد المنبجي، التاجر، وزين الدين عبد الرحمن بن علي بن حمدان الصالحي ابن شمامة، وقاضي الحنفية بحلب ناصر الدين محمد بن عمر بن العديم، وشمس الدين محمد بن علي الحناوي. وعلاء الدين علي بن أحمد بن السلعوس.

(51/395)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 396

سنة تسعين وستمائة

- حرف الألف -
607 - أحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن الجباب. السعدي، التميمي، أبو الفضل الإسكندراني. عاش سبعين سنة. وحدث عن: مظفر بن الفوي. 608 - أحمد بن عبد الله بن الزبير. الخابوري، الإمام، المقرئ، المجود، شمس الدين، خطيب حلب ومقرئها. وكان إماما ماهرا، محررا للقراءآت ووجوهها وعللها، مليح الشكل، قوي الكتابة، صاحب نوادر وخلاعة وظرف، له في ذلك حكايات. قرأ القرآن على السخاوي، وغيره. وسمع بحران من الخطيب فخر الدين بن تيمية، وبحلب من أبي محمد بن الأستاذ، ويحيى بن الدامغاني، وابن روزبة، وجماعة. وببغداد من: عبد السلام بن بكران الداهري. وبدمشق من: أبي صادق بن صباح. وأقرأ بالروايات مدة طويلة.

(51/396)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 397
سمع منه: المزي، وابن الظاهري، وولده أبو عمرو، والبرزالي، وابن سامة، وغيرهم. توفي بحلب في المحرم، وقد قارب التسعين، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب، رحمه الله تعالى. 609 - إبراهيم بن محمد بن طرخان. الحكيم، عز الدين، أبو إسحاق الأنصاري، السويدي، ثم الدمشقي. شيخ الأطباء بالشام. ذكر أنه من وله سعد بن معاذ سيد الأوس رضي الله عنه. ولد سنة ستمائة بدمشق في ذي القعدة. وسمع من: داوود بن ملاعب، وأحمد بن عبد الله السلمي، وعلي بن

(51/397)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 398
عبد الوهاب أخي كريمة وتفرد عنه، والحسين بن إبراهيم بن مسلمة، وزين الأمناء ابن عساكر. وقرأ لولده البدر محمد على مكي بن علان، والرشيد العراقي، واستنسخ له الأجزاء. وقرأ ' المقامات ' في سنة تسع عشرة على خزعل النحوي، وأخبره بها عن منوجهر، عن المصنف. وقرأ كتبا في الأدب والنحو على الزين بن معطي، وعلى النجيب يعقوب الكندي. وبرع في الطب وصنف فيه، ونظر في علم الأوائل. وله شعر جيد وفضائل ؛ وكتب بخطه الكثير. وكان مليح الكتابة. كتب ' القانون ' لابن سينا ثلاث مرات. وكان أبوه تاجرا من السويداء التي بحوران: ذكره الموفق في ' تاريخ الأطباء ' فقال: كان صديقا لوالدي. وعز الدين ولده أوحد زمانه وعلامة أوانه، مجموع الفضائل، كثير الفواضل، كريم الأبوة، غزير القنوة، وافر السخاء، حافظ الإخاء، اشتغل بصناعة الطب حتى أتقنها إتقانا لا مزيد عليه، حصل كلياتها، واشتمل على جزئياتها. واجتمع مع أفاضل الأطباء، ولازم أكابر الحكماء. وقرأ في علم الأدب حتى بلغ أعلى الرتب. إلى أن قال: وهو أسرع الناس بديهة في قول الشعر، وأحسنهم إنشادا. وكنت أنا وهو في المكتب. وهو أجل الأطباء قدرا، وأفضلهم ذكرا، وأعرف مداواة، وألطف مداة، وأنجح علاجاً، وأوضح منهاجا. ولم يزل في البيمارستان النوري. وأنشدني لنفسه فيما كان يعانيه من الخضاب بالكتم:

(51/398)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 399

(لو أن تغير لون شيبي .......... يعيد ما فات من شبابي)

(لما وفى لي بما تلاقي .......... روحي من كلفة الخضاب)
وله كتاب ' الباهر في الجواهر '، وكتاب ' التذكرة الهادية ' في الطب. روى عنه: ابن الخباز، والمزي، والبرزالي، وطائفة. واشتغل عليه جماعة كثيرة. ومات في شعبان، ودفن بتربته إلى جانب الخانقاه الشبلية، وله تسعون سنة. 610 - أرغون بن أبغا بن هولاكو بن قان بن جنكزخان. ملك التتار، وصاحب العراق، وخراسان، وأذربيجان، وغيرها. جلس عل تخت الملك بعد قتل عمه الملك أحمد، وكان شجاعا مقداما، كافرالنفس، سفاكا للدماء، ذا هيبة وجبروت. وكن مليح الصورة. وهو أبو قازان وخربندا اللذين تملكا. حكى عز الدين حسن المتطبب أنه سمع العماد بن العرام الحاسب.

(51/399)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 400
يقول ببغداد: شاهدت أرغون بن أبغا وقد صفوا له ثلاث أفراس، فوقف راجلا عند أولها، وطفر في الهواء فركب الثالث منها، ولم يمس شيئا من الفرسين. [قلت:] وكان وزيره سعيد الدولة قد استولى على عقله يصرفه كيفما أراد، ويحكم في دولته تحكما زائدا. وهلك أرغون في هذا العام في شهر ربيع الأول فيقال إنه سقي، ولم يصح. فاتهم المغول اليهود بقتله، ومضوا على سعيد الدولة، ومالوا على اليهود قتلا ونهبا، وأخذوا لهم أموالاً عظيمة. وورد الخبر بموت أرغون والسلطان على عكا. 611 - إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن قريش. القاضي الجليل، ظهير الدين، أبو المجد القرشي، المخزومي، أخو تاج الدين إسماعيل. سمع ' جامع أبي عيسى الترمذي ' من أبي علي ابن البنا. وعاش خمسا وثمانين سنة. وتوفي بالمحلة في رمضان. روى عنه: الدمياطي، والمصريون. ولم يسمع منه البرزالي، ولا غيره لغيبته عن مصر. ذكره الفرضي في ' معجمه '. 612 - إسماعيل بن نور بن قمر.

(51/400)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 401
الهيتي، الصالحي. روى عن: موسى بن الشيخ عبد القادر، والموفق بن قدامة، والنفيس بن البن. قال المزي: كان شيخا حسنا، أميا، سمعنا منه. قلت: روى عنه: ابن الخباز، والمزي، وابن البرزالي، وجماعة. ومات في رجب. 613 - أقبغا. الأمير الكبير سيف الدين المنصوري. شاب مليح، رشيق القد. لم يبلغ الثلاثين، كان من أمراء دمشق. قتل بالبرج الذي تأخر أياما عن أخذ عكا، رحمه الله. 614 - آقوش. الأمير جمال الدين الغتمي. من الأمراء المصريين، كان موصوفا بالشجاعة ؛ استشهد على عكا. 615 - آمنة بنت النجم محمد بن أبي بكر بن أحمد بن خلف البلخي. روت عن: أبيها. وهي زوجة الزين أحمد بن حسين بن المناديلي. 616 - آمنة بنت محمد بن البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم.

(51/401)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 402
المقدسية، امرأة صالحة، مبتلاة بألم دائما في رأسها يمنعها الصوم. لها حضور على جدها. وروت سنة ست وخمسين عن ابن الزبيدي. وماتت في جمادى الآخرة. كتب عنها الطلبة. 617 - أيبك. عز الدين المعزي. أحد من استشهد من الأمراء على عكا. 618 - أيدكين. الأمير علاء الدين الصالحي، العمادي. أحد الأمراء الكبار. كان دينا، عاقلا، شجاعاً، رئيسا. أخذه السلطان الملك المنصور في وقعة البحرية مع الملك الناصر يوسف عندما أسروا أستاذه الملك الصالح إسماعيل. ولما تسلطن بدمشق سنقر الأشقر جعله أمير جنداره. قال قطب الدين: حكى لي قال: طلبني السلطان على البريد إلى مصر واستحضرني وشرع يوبخني ويقول: أمير جندار !؟ قلت: نعم، أمير جندار. وقاتلنا عسكرك وها أنا بين يديك فافعل في ما تختار. فقال: ما أفعل معك إلا كل خير. وأنعم علي غاية الإنعام. وقد استنابه الملك الأشرف عند سلطنته على صفد. وكان عنده كفاية.

(51/402)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 403
وحسن تدبير، ولين جانب، وحسن ظن بالفقراء، وود وإخاء. وله في المواقف آثار جميلة. وكان الملك الظاهر يحبه ويحترمه ويقدمه على نظرائه. توفي بصفد في أوائل رمضان. 619 - أيوب بن أبي الحسن. الفقير القادري. شيخ الفقراء السلاوية. توفي في شعبان.
- حرف الباء -
620 - بيليك. الأمير بدر الدين المسعودي. من أمراء مصر. كان شجاعاً، مشهورا بالخير والمكارم. استشهد على عكا.
- حرف الجيم -
621 - [جمال الدين الغتمي. من الأمراء الذين استشهدوا على عكا].

(51/403)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 404

- حرف الدال -
622 - داود بن أحمد بن سنقر. المقدمي، الصوفي، المحدث. أحد الصوفية بالسميساطية. حدث عن: عبد الوهاب بن رواج، وابن الجميزي. وكتب الأجزاء والطباق. وخطه معروف. كتب عنه: المزي، والبرزالي، والطلبة. ومات في صفر. - حرف الراء -
623 - رشيد الطواشي. أبو الخير الأشرفي، الفاضلي. شيخ فاضل، حافظ للقرآن. حدث عن: جعفر.
- حرف السين -
624 - سلامش بن بيبرس بن عبد الله. السلطان، للقرآن. حدث عن: جعفر.
- حرف السين -
624 - سلامش بن بيبرس بن عبد الله. السلطان، الملك، العادل ابن الظاهر، ركن الدين.

(51/404)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 405
أجلسوه في السلطنة عندما خلعوا أخاه الملك السعيد، وخطبوا له، وضربوا السكة باسمه ثلاثة أشهر، ثم شالوه من الوسط وبقي خاملا. ولما تملك الملك الأشرف جهزه وأخاه الملك خضر وأهله إلى مدينة اصطنبول بلاد الأشكري، فمات هناك. وكان شابا مليحاً، تام الشكل، رشيق القد، طويل الشعر، ذا عقل وحياء. ومات بهذا العام في اصطنبول. لقبه بدر الدين، وله قريب من عشرين سنة. 625 - سليمان بن أحمد بن فتح الله بن علوان. العمري، الحنفي، الواسطي. سمع من: الأمير السيد أبي محمد الحسن بن السيد، ومحمد بن محمد بن السباك، وغيرهما. ومات ببغداد في ذي الحجة. روى عنه: الكازروني بالإجازة. ويقال له: البوقريشي. 626 - سليمان بن عثمان. المفتي، الزاهد، الورع، بقية السادات. تقي الدين التركماني، الحنفي، مدرس الشبلية. ناب في القضاء بدمشق لمجير الدين بن العديم، ثم استعفى منه ولزم الاشتغال والعبادة.

(51/405)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 406
وتوفي في جمادى الأولى ودفن بسفح قاسيون. وكان من أعيان الفقهاء رحمه الله. 627 - سليمان بن علي بن عبد الله بن علي بن ياسين. الشيخ، الأديب، البارع، العفيف التلمساني. وكان كومي الأصل [من قبيلة يقال لها كومية بالمغرب]. ذكره الشيخ قطب الدين فقال: كان يدعي العرفان، ويتكلم في ذلك على اصطلاحهم. قال: ورأيت جماعة ينسبونه إلى رقة الدين والميل إلى مذهب النصيرية. وكان حسن العشرة، كريم الأخلاق، له حرمة ووجاهة. وخدم في عدة جهات بدمشق. قلت: خدم في جهات المكلس، وغيرها. وحدث بشيء من ' صحيح مسلم ' عن ابن الصلاح، والسخاوي، وجماعة.

(51/406)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 407
كتب عنه بعض الطلبة. وكان يتهم بالخمر والفسق والقيادة. وحاصل الأمر إنه كان من غلاة الاتحادية القائلين بوحدة الوجود، وأن عين الموجودات هي الله، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. وله في ذلك أشعار ورموز وتغزلات ومصنفات. وذكره شمس الدين الجزري في ' تاريخه '، وما كان عرف حقيقة أمره، ونقل شيئا مستحيلا عنه، فقال: عمل في الروم أربعين خلوة، كل خلوة أربعين يوماً، يخرج من واحدة ويدخل في أخرى. قلت: وهذا الكلام فيه مجازفة ظاهرة، فإن مجموع ذلك ألف وستمائة يوم، ولا أدري عمن نقل شمس الدين هذا. ثم قال: وله في كل علم تصنيف، وقد شرح الأسماء الحسنى، وشرح ' مقامات النفري '. قال: وحكى بعضهم قال: طلعت إليه يوم قبض فقلت: كيف حالك؟ قال: بخير، من عرف الله كيف يخاف؟ والله مذ عرفته ما خفته بل رجوته وأنا فرحان بلقائه.

(51/407)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 408
[قلت: كذبت، بل أخوف الخلق لله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم]. وحكى تلميذه البرهان إبراهيم بن، الفاشوشة قال: رأيت ابنه في مكان بين ركبدارية وذا يكبس رجليه، وذا يبوسه، فتألمت لذلك وانقبضت ودخلت إلى الشيخ وأنا كذلك، فقال: ما لك؟ فأخبرته بالحال الذي وجدت عليه ابنه محمداً، فقال: أفرأيته في تلك الحال منقبضا أو حزينا؟ قلت: سبحان الله كيف يكون هذا؟ بل كان أسر ما يكون. فهون الشيخ علي وقال: فلا تحزن أنت إن كان هو مسرورا. فقلت: يا سيدي فرجت عني. وعرفت [قدر] الشيخ وسعته، وفتح لي باب كنت محجوبا عنه. قلت: هذا هو الشيخ الذي لا يستحي الله من عذابه. وله شعر في الطبقة العليا والذروة القصوى، لكنه مشوب بالاتحاد في كثير من الأوقات، فمنه:
(أفدي التي ابتسمت وهنا بكاظمة .......... فكان منها هدى الساري بنعمان)

(وواجهتها ظباء الرمل فاكتسبت .......... منها محاسن أجياد وأجفان)

(يسري النسيم بعطفيها فيصحبه .......... لطف يميل غصن الرند والبان)

(مرت على جانب الوادي وليس به .......... ماء ففاض بدمعي الجانب الثاني)

(موهت عنها بسلمى واستعرت لها .......... من وضعها فاهتدى الشاني إلى شاني)

(تجنى علي وما أحلى أليم هوى .......... في حبها حين ألجاني إلى الجاني)
وله:
(أقول لخفاق النسيم إذا سرى .......... وقد كاد أن ينجاب كل ظلام)

(تحمل إلى أهل العقيق رسالتي .......... وخصهم عني بكل سلام)

(وقل لهم إني على العهد لم أحل .......... وإن غرامي فوق كل غرام)

(51/408)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 409

(ولو رمت عنكم سلوة قادني الهوى .......... إلى نحوكم طوعا بغير زمام)

(فيا عاذلي دع عنك عذلي فإنني .......... أخو صبوة لا يرعوي بملام)
وله:
(وإذا سبى العذال حسنك في الهوى .......... يا منيتي فالصب كيف يكون)

(هب أن عبد هواك أخفى حبه .......... أتراه يخفى والعيون عيون)

(في طرفه السفاح لكن وجهه الهادي .......... فليت حدوده المأمون)
وله من أبيات:
(وأعد لي حديثه فلسمعي .......... فرط وجد باللؤلؤ المنثور)

(ثم صف لي ذؤابة منه طالت .......... ودجت فهي ليله المهجور)
وله:
(إلى الراح هبوا حين تدعو المثالث .......... ما الراح للأرواح إلا بواعث)

(هي الجوهر الفرد القديم وإن بدا .......... بها حبب زينت به فهو حادث)

(تمزرتها صرفا فلما تصرفت .......... تحكم سكرا بالتراتيب عابث)

(وفاح شذى أنفاسها فتضررت .......... نفوس عليها الجهل عاث وعايث)

(حلفت لهم ما كافها غير ذاتها .......... فقالوا اتئد فيها فإنك حانث)

(أقم ريثما تغنيك عنك بوصفها .......... وتذهب عما منك فيها بباحث)

(فإن شاهدت منك العيون عيونها .......... ظهرت وإلا فالعيون خوابث)

(وإن لم تبدل آية منك آية .......... بها فيك قيل اذهب فإنك ماكث)

(تفكر في سام وحام حديثها .......... وعز فلم يظهر بمعناه يافث)

(وما لبثت في الدهر قط وإنما .......... هو الدهر فيها إن تأملت لابث)

(51/409)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 410
وهذا الشعر من ألطف ما دقق به الاتحاد، وقد ورى بالراح عن معبوده وله قصيدة هي أصرح في مذهبه من الثانية، وهي:
(وقفنا على المغنى قديما فما أغنى .......... ولا دلت الألفاظ فيه على المعنى)

(وكم فيه أمسينا وبتنا بربعه .......... زمانا وأصبحنا حيارى كما بتنا)

(ثملنا وملنا والدموع مدامنا .......... ولولا التصابي ما ثملنا ولا ملنا)

(ولم نر للغيد الحسان به سنا .......... وهم من بدور التم في حسنها أسنى)

(نسائل بانات الحمى عن قدودهم .......... ولا سيما في لينها البان الغنا)

(ونلثم منه الترب أن قد مشت به .......... سليمى ولبنى لا سليما ولا لبنا)

(فوا أسفي فيه على يوسف الحمى .......... ويعقوبه تبيض أعينه حزنا)
..........
(ننادي بناديهم ونصغي إلى الصدى .......... فيسألنا عنا بمثل الذي قلنا)

(أقمنا نجود الأرض بالأدمع التي .......... لو أن السحاب الجود يملكها طفنا)

(فلما رأينا أننا لا نراهم .......... رأيناهم في القرب أدنى لنا منا)

(ولكنهم لا يتركونا نراهم .......... إلى أن محونا ثم كانوا وما كنا)

(فراحوا كما كانوا ولا عين عندهم .......... تراهم وأنى يشهد الفرد من مثنى)

(وأشرقت الدنيا بهم وتزينت .......... بزينة ما أبدوا عليها من المعنى)

(وآنس منهم كل ما كان موحشا .......... وعاش هنيا من بها كان لا يهنا)

(ومن ناولته الكأس معشوقة الحمى .......... يرى شرها أن يشرب الخمر والدنا)

(51/410)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 411

(وما صرخ العشاق جملا وإنما .......... إذا سكر المشتاق من طرب غنا)
وله:
(ما صادمات الحمام في القضب .......... ولا ارتقاص المدام بالحبب)

(إلا لمعنى إذا ظفرت به .......... ألزمك الجد صورة اللعب)

(لأجل ذا في الجمال ما نقلت .......... قوما عن القبض بسطة الطرب)

(قد شاهدوا مطلق الجمال بلا .......... رقيب غيرية ولا حجب)

(وأولعوا بالقدود مائسة .......... أعطافها والمباسم الشنب)

(وافتتنوا بالجفون إن رمقت .......... ترمي قسيا بأسهم الهدب)

(وأسلموا في الهوى أزمتهم .......... طوعا لحكم الكواعب العرب)

(قد خلقت للجمال أعينهم .......... وطهرت بالمدامع السرب)

(ما لا حظوا رتبة تقيدهم .......... وهم جميعا عمادة الرتب)

(فطف بحاناتهم عسى قبس .......... من بعض كاساتهم بلا لهب)

(تصرف من صرفه همومك .......... أو تصبح بالقوم ملحق النسب)

(وكن طفيليهم على أدب .......... فما أرى شافعا سوى الأدب)
وله يمدح شهاب الدين محمود بن سليمان الكاتب:
(جعل الحمى أفقا لمطمح طرفه .......... فكفاه بالعبرات صيب وكفه)

(واستقبل الوادي بلحظ هدبه .......... شرك لصيد مهاته أوخشفه
(حتى إذا عز المرام من اللقا .......... حبس الحشى كي لا يطير بكفه)

(قل للذين عن المحب علمتم .......... إن الفراق لكم علامة حتفه)

(يا ظبي رامة لو تعرض يذبل .......... لظبي جفونك لم يقف عن نسفه)

(بالغت في سقمي فأفنى بعضه .......... وصفي من البلوى وقام بوصفه)

(كم عاشق سبق الملام إلى الهوى .......... وتعثرت عذاله من خلفه)

(51/411)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 412

(يا بانة الوادي التي ورقاؤها .......... تبكي بكاء إلف نأى عن إلفه)

(لك حظوة كقوامه وحمامه .......... كمحبة أبدى جوى لم يخفه)

(ومنادي في رقة الأدب الذي .......... هو كالسلاف فتى كرائق صرفه)

(سمح السجية مبدع في كلما .......... يندبه من نظم القريض ورصفه)

(يا كاتب الفلك اعتبر بشفوفه .......... وإذا شككت فيا عطارد وفه)

(هذا الشهاب الثاقب الدر الذي .......... حاكى سناه عقد جوهر وصفه)

(والنافث السحر الذي لو جسدت .......... كلماته ثغرا لهممت برشفه)

(والمستحق على بني الأدب الأولى .......... هو روضة تنسم عرفه)

(صرفت أنامله اليراع لرسم ما .......... أدناه يثني دهرنا عن صرفه)

(قلم أراد به الهلال تشبها .......... فأقام قامته فلم يستوفه)
وله من أبيات:
(ولي في ظلال السرحتين منيزل .......... لبسنا به برد التواصل مذهبا)

(يروقك أن تروي أحاديث ورقه .......... وتصغي إلى الألحان شوقا فتطربا)

(وتستنشق الأرواح من نسماته .......... فيفهم معنى الزهر من منطق الصبا)
توفي العفيف التلمساني في خامس رجب، وكتب بخطه: مولدي سنة ست عشرة وستمائة. 628 - السيف الإربلي.

(51/412)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 413
الشاهد. كان شيخا مهيبا، ضخما، حسن البزة. يجلس في الحصيرة التي فيها ابن النصير، ويعرف الشروط، ويكتب خطا مليحا، ويشهد على القضاة. ولم يتزوج ولا حج، وكان يقدر على ذلك، فامتنع القاضي المالكي من قبوله، وقال: أنت لك مال ولم تحج. فقام وحج وأمضى الفريضة، وعاد فأدركه أجله في المحرم في الطريق. وكنت أراه ملازما للشهادة.
- حرف العين -
629 - عبد الله بن الحسين بن القاضي الأشرف أحمد بن القاضي الفاضل جمال الدين أبي بكر. توفي بدمشق في داره كهلا في صفر. 630 - عبد الله بن مجد الدين أبي الفتح نصر الله بن أحمد بن البعلبكي. الشيخ بدر الدين، أبو بكر الأنصاري [الدمشقي. شيخ رئيس مسند مسن. ولد سنة ست وستمائة. وسمع من: داود بن ملاعب، والشمس العطار. وهو والد شيخنا أمين الدين أحمد. أخذ عنه غير واحد. ومات رحمه الله تعالى في رجب.

(51/413)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 414
631 - عبد الله بن أبي المرصفي بن عيسى. عز الدين الصرفندي. سمع بدمشق من: ابن الزبيدي، ومحمد بن نحسان، وابن صباح، وغيرهم. كتب عنه المصريون والرحالة. مات في شعبان بالقاهرة. 632 - عبد الخالق بن مكي بن عثمان. الدنيسري. حدث بدمشق عن المحدث أبي منصور بن الوليد. ومات في رجب رحمه الله تعالى. 633 - عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء.

(51/414)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 415
العلامة، الإمام، مفتي الإسلام، فقيه الشام، تاج الدين، أبو محمد الفزاري، البدري، المصري الأصل، الدمشقي، الشافعي، الفركاح. ولد في ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستمائة. وسمع ' البخاري ' من ابن الزبيدي. وسمع من: التقي علي بن باسويه، وأبي المنجا بن اللتي، ومكرم بن أبي الصقر، وابن الصلاح السخاوي، وتاج الدين ابن حمويه، والزين أحمد بن عبد الملك، وخلق سواهم. وخرج له البرزالي عشرة أجزاء صغار عن مائة نفس. فسمع منه: ولده برهان الدين، وابن تيمية، والمزي، وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى، وكمال الدين ابن الزملكاني، والشيخ علي بن العطار، وكمال الدين عبد الوهاب الشهبي، والمجد الصيرفي، وأبو الحسن الختني، والشمس محمد بن رافع الرحبي، وعلاء الدين المقدسي، والشرف ابن سيده، وزكي الدين زكري، وخلق سواهم. وخرج من تحت يده جماعة من القضاة والمدرسين والمفتين. ودرس، وناظر، وصنف. وانتهت إليه رئاسة المذهب كما انتهت إلى ولده. وكان من أذكياء العالم وممن بلغ رتبة الاجتهاد. ومحاسنه كثيرة. وهو أجل من أن ينبه عليه مثلي. وكنت أقف وأسمع درسه لأصحابه في حلقة ابنه. وكان يلثغ بالراء غينا مع جلالته، فسبحان من له الكمال. وكان لطيف الجبة، قصيرا أسمر، حلو الصورة، ظاهر الفم، مفركح الساقين بهما حنف

(51/415)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 416
ما وريح. وكان يركب البغلة وتحف به أصحابنا، ويخرج بهم إلى الأماكن النزهة، ويباسطهم ويحضر المغاني، وله في النفوس صورة عظيمة لهيبته وعلمه ونفعه العام، وتواضعه وخيره ولطفه وجوده. قرأت بخط الشيخ قطب الدين قال: انتفع به جم غفير، ومعظم فقهاء دمشق وما حولها وقضاة الأطراف تلامذته. وكان رحمه الله، عنده من الكرم المفرط وحسن العشرة وكثرة الصبر والاحتمال. وعدم الرغبة في التكثر من الدنيا، والقناعة والإيثار، والمبالغة في اللطف ولين الكلمة والأدب ما لا مزيد عليه، مع الدين المتين، وملازمة قيام الليل، والورع، وشرف النفس، وحسن الخلق والتواضع، والعقيدة الحسنة في الفقراء والصلحاء وزيارتهم. وله تصانيف مفيدة تدل على محله من العلم وتبحره فيه. وكانت له يد في النظم والنثر. قلت: تفقه في صغره على الشيخ عز الدين ابن عبد السلام، والشيخ تقي الدين ابن الصلاح. وبرع في المذهب وهو شاب وجلس للاشتغال وله بضع وعشرون سنة. ودرس في سنة ثمان وأربعين. وكتب في الفتاوى وقد كمل ثلاثين سنة. ولما قدم النووي من بلده أحضروه ليشتغل عليه، فحمل همه وبعث به إلى مدرسة الرواحية، ليصبح له بها بيت، ويرتفق بمعلومها. ولم يزل يشغل من ذلك الوقت إلى أن مات. وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار. وكان إذا سافر إلى بيت المقدس يتنافس أهل البر في الترامي عليه، وإقامة الضيافات له. وكان أكبر من النواوي، ورحمهما الله، بسبع سنين. وكان أفقه نفسا، وأذكى قريحة، وأقوى مناظرة من الشيخ محيي الدين بكثير، لكن كان محيي الدين أنقل للمذهب، وأكثر محفوظا منه. وهؤلاء الأئمة اليوم هم خواص تلامذته ابنه، وقاضي

(51/416)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 417
القضاة، والشيخ كمال الدين ابن الزملكاني، وكمال الدين الشهبي، وزكي الدين زكريا. وكان قليل العلوم، كثير البركة، مع الكرم والإيثار والمروءة والتجمل. كان مدرس البادرائية، ولي تدريسها في سنة سبع وسبعين، ولم يكن بيده سواها إلا ما له على المصالح. وكذلك ولده، أمتعنا الله ببقائه. وتجد غيره له عدة مناصب، وعليه ألوف كثيرة من الدين. هذا وأين ما بين الرجلين من الدين والعلم. قال، رحمه الله، ورضي عنه، حين انجفل الناس في سنة ثمان وخمسين:
(لله أيام جمع الشمل ما برحت .......... بها الحوادث حتى أصبحت سمرا)

(ومبدأ الحزن من تاريخ مسألتي .......... عنكم فلم ألق لا عينا ولا خبرا)

(يا راحلين قدرتم فالنجاء لكم .......... ونحن للعجز لا تستعجز القدرا)
وله:
(يا كريم الآباء والأجداد .......... وسعيد الإصدار والإيراد)

(كنت سعدا لنا بوعد كريم .......... لا تكن في وفائه كسعاد)

(51/417)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 418
توفي الشيخ تاج الدين إلى رضوان الله ومغفرته بالبادرائية، في ضحى يوم الاثنين خامس جمادى الآخرة. ودفن بمقابر باب الصغير، وشيعه الخلق، وتأسفوا على فقده. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وهو الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر أجل من روى ' صحيح البخاري ' عن ابن الزبيدي. وعاش ستا وستين سنة وثلاثة أشهر. 634 - عبد الرحمن بن محمد بن أبي البدر. شرف الدين العباسي، البغدادي. سمع من: إبراهيم بن الحر، وعجيبة، وجماعة. وعاش خمسا وسبعين سنة. ومات في رجب. 635 - عبد العزيز بن علي. العدل، موفق الدين الشروطي. روى عن أصحاب السلفي. مات في ربيع الأول. 636 - عبد اللطيف بن محمد بن محمد بن نصر الله. الإمام بدر الدين، أبو محمد العبدي، الحموي، الشافعي، الفقيه.

(51/418)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 419
إمام، عالم، مدرس، جيد الفتوى، وافر الحرمة ببلده. صاحب مكارم ولطف وتواضع. وله نظم ونثر. كتب عنه شيخنا أبو الحسين اليونيني. ومن شعره:
(وبي رشأ قد علا شأنه .......... وكل الأنام به مرتبك)

(تملكني وتملكته .......... بنصف الذي لي به قد ملك)

(أنا عبده وهو عبدي اعجبوا .......... فهل يملك الشخص من قد ملك؟)
قلت: يعني تملكني بالعينين وملكته بالعين. وقد سمع ببغداد: إسحاق الكاشغري، وأبي بكر بن الخازن. وبمصر من: الحسين بن دينار، وأبي.... قايماز المعظمي وهو عبد الرحيم بن الطفيل. وبحلب من: ابن خليل. وبحماة من: صفية، وجماعة. أخذ عنه: البرزالي. وكان رحمه الله خطيب حماة بالجامع الأعلى. 637 - عبد الواسع بن عبد الكافي بن عبد الواسع بن عبد الجبار.

(51/419)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 420
القاضي شمس الدين، أبو محمد الأبهري، الشافعي، نزيل دمشق. شيخ فقيه، جليل، عالم فاضل، وافر الديانة، عالي الرواية، كثير الورع. سمع بالموصل من: أبي الحسن بن روزبة. وسمع بدمشق من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن ماسويه، وإبراهيم ابن الخشوعي، وجماعة. وأجاز له: أبو الفتح المندائي، وأبو أحمد بن سكينة، وعين الشمس الثقفية، والمؤيد ابن الأخوة، وزاهر بن أحمد الثقفي. وروى الكثير. أخذ عنه: المزي، والبرزالي، وخلق. وأدركه أبو الفتح ابن سيد الناس والكثير عنه. وولي نيابة القضاء لابن الصائغ مدة. ولد بأبهر في ربيع الأول سنة تسع وتسعين وخمسمائة، ومات في شوال بالخانقاه الأسدية. وقد سمع منه حضورا عبد الرحمن بن المزي، وسبطه الأمين السيواسي. ولنا منه أجازة، رحمه الله. 638 - عبد الولي [بن] بحتر بن حمادي.

(51/420)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 421
أبو أحمد البعلبكي، الفقير، الصالح، المقيم بمسجد الحلبيين بالقاهرة. روى عن: الفخر الإربلي، ويوسف بن خليل. ومات في ذي الحجة. 639 - عبد الولي بن عبد الرحمن بن محمد. ناصر الدين الدمشقي، الحنفي، المؤدب بمكتب بباب الناطفيين، وإمام المدرسة النورية. شيخ معمر فاضل له هيبة على الصبيان. ولد سنة إحدى وستمائة، وقرأ القرآن على السخاوي. وسمع من: ابن اللتي، ومكرم، وغيرهما. وأخذ عنه الحفاظ. ومات في جمادى الأولى. 640 - عبد الولي بن أبي محمد بن خولان. الأجل، بهاء الدين البعلبكي. عدل متميز، صالح، خير، كثير المكارم. قال والده شيخنا أمين الدين محمد: كان له تسعة إخوة وثلاث أخوات، وكان يقوم بجميع مصالحهم، وكان كتانيا، ثم صار تاجرا في البز. ثم تزوج وجاءته الأولاد، ثم ترك التجارة وحج وأقبل على العبادة. وكان محببا إلى الناس كثير الصلاة والصيام والتلاوة. حدث عن: البهاء عبد الرحمن، وغيره. وتوفي في شوال وله نحو ثمانين سنة.

(51/421)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 422
قلت: سمع منه ابن أبي الفتح، وابنه، والبرزالي، وجماعة. رحمه الله تعالى 641 - عبد الوهاب بن محمد بن فارس. كمال الدين، أبو محمد المري، بالراء، المصري، الشافعي، المعدل. حدث عن عبد العزيز بن باقا. ومات في ذي القعدة، وله سبع وثمانون سنة. كتب عنه: البرزالي، وابن سيد الناس، وطائفة. 642 - عزيزة بنت عبد العظيم بن عبد القوي. المقدسية، زوجة الزين عبد الرحمن بن هارون الثعلبي. روت عن: كريمة، وإبراهيم بن الخشوعي. وماتت في شعبان. 643 - علي بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد. الشيخ الإمام، الصالح، الورع، المعمر، العالم، مسند العالم، فخر الدين، أبو الحسن ابن العلامة شمس الدين أبي العباس المقدسي، الصالحي، الحنبلي، المعروف والده بالبخاري.

(51/422)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 423
ولد في آخر سنة خمس وتسعين وستمائة. واستجاز له عمه الحافظ الضياء: أبا طاهر الخشوعي، وأبا المكارم اللبان، وأبا عبد الله الكراني، وأبا جعفر الصيدلاني، وأبا الفرج بن الجوزي، والمبارك بن المعطوش، وهبة الله بن الحسن السبط، وأبا سعد الصفار، ومحمد بن الخصيب القرشي، ومحمد بن معمر القرشي، وإدريس بن محمد آل والويه، وأبا الفخر أسعد بن روح، وزاهر بن أحمد الثقفي، وأخاه أبا محمود أسعد راوي ' مسند أبي يعلى ' عن الخلال، وبقاء بن جند، والمفتي خلف بن أحمد الفراء، وداود بن ماشاذه، وعبد الله بن عبد الرحمن البقلي، وعبد الله بن مسلم بن جوالق، وعبد الوهاب بن سكينة، و أبا زرعة عبد الله بن اللفتواني، وعبد الواحد بن أبي المطهر الصيدلاني، وعفيفة الفارقانية. أجاز له هؤلاء في سنة ست وتسعين وسنة سبع وسمع حضورا في الخامسة من جماعة. وسمع ' المسند ' من حنبل، و ' السنن ' لأبي داود، و ' الجامع ' للترمذي، و ' الغيلانيات ' و ' الجعديات ' و ' القطيعيات '، وشيئا كثيرا من عمر بن طبرزد. وسمع من: أبيه، ومحمد بن كامل بن أسد العدل، وأسعد بن أبي المنجا القاضي، وأبي عمر بن قدامة الزاهد، وأبي المعالي محمد بن وهب بن الزنف، وعبد الوهاب بن المنجا، وتفرد بالرواية عنهم. والخضر بن كامل المقير، وعبد الله بن عمر بن علي القرشي، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وأبي الفتوح البكري، وأبي القاسم أحمد بن عبد الله السلمي، وأبي الحسين غالب بن عبد الخالق الحنفي، وأبي الفتوح بن الجلاجلي، وأبي عبد الله ابن البنا، وأبي الفضل أحمد بن محمد بن سيدهم، وأبي محمد بن قدامة، وهبة الله بن الخضر بن طاوس، وطائفة بدمشق والجبل.

(51/423)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 424
وأبي عبد الله بن أبي الرداد، وأبي البركات عبد القوي، ومرتضى بن حاتم بمصر. وأبي علي الأوقي ببيت المقدس، وظافر بن شحم، وغيره بالثغر. ويوسف بن خليل بحلب، وعمر بن كرم، وعبد السلام الظاهري ببغداد. وروى الحديث سبعين سنة، فإن عمر بن الحاجب سمع منه سنة عشرين وستمائة. وسمع منه: الحافظان زكي الدين المنذري، ورشيد الدين القرشي سنة نيف وثلاثين بالقاهرة. وقرأ عليه شمس الدين ابن الكمال ابن عمه كثيرا من الأجزاء بعد الخمسين وستمائة. وشرع الحفاظ والمحدثون في الإكثار عنه من بعد الستين، ولم يكن إذ ذاك سهلا في التسميع، فلما كبر وتفرد أحب الرواية، وسهل للطلبة، وازدحموا عليه، ورحلوا إليه، وبعد صيته في الآفاق، وقصد من مصر والعراق، وكثرت عليه الإجازات من البلاد، وألحق الأحفاد بالأجداد. وبعث إليه شيخنا ابن الظاهري بمشيخة خرجها له مع البريد، فاشتهر أمرها، ونودي لها، ونوه بذكرها في المحدثين والفقهاء والصبيان، وتسارعوا إلى سماعها، وانتدب لقراءتها شيخنا شرف الدين الفزاري، وكان الجمع نحوا من تسعمائة نفس، فسمعها عليه من لم يسمع شيئا قبلها ولا بعدها، ونزل الناس بموته درجة. وكان فقيها، إماماً، أديبا، ذكيا، ثقة، صالحاً، خيرا، ورعاً، فيه كرم ومروءة وعقل، وعليه هيبة وسكون. وكان قد قرأ ' المقنع ' كله على الشيخ الموفق، وأذن له في إقرائه، ثم اشتغل بالعائلة وتسبب، فكان يسافر في التجارة في بعض الأوقات. ومن بعد الثمانين ضعف ولزم منزله، وعاش أربعا وتسعين سنة وثلاثة أشهر.

(51/424)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 425
سألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: أحد المشايخ الأكبار الأعيان الأماثل، من بيت العلم والحديث. تفرد في الرواية عن عامة مشايخه سماعا وإجازة. سمعنا منه أشياء كثيرة جدا. ولا نعلم أن أحدا حصل له من الحظوة في الرواية في هذه الأزمان ما حصل له. وقال شيخنا ابن تيمية: ينشرح صدري إذا أدخلت ابن البخاري بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث. وقد روى عنه: الدمياطي، وقاضي القضاة ابن دقيق العيد، وقاضي القضاة ابن جماعة، وقاضي القضاة ابن صصرى، وقاضي القضاة تقي الدين سليمان، وقاضي القضاة سعد الدين مسعود، وأبو الحجاج المزي، وأبو محمد البرزالي، وشيخنا أبو حفص ابن القواس، وأبو الوليد بن الحجاج، وأبو بكر بن القاسم التونسي المقرئ، وأبو الحسن علي بن أيوب المقدسي، وأبو الحسن الختني، وأبو محمد بن المحب، وأبو محمد الحلبي، وأبو الحسن بن العطار، وأبو عبد الله العسقلاني رفيقنا، وأبو العباس البكري الشريشي، وأبو العباس بن تيمية. وإن كان.. بقاء فليؤخرن أصحابه إن شاء الله إلى بعد السبعين وسبعمائة. وقد رحل إليه أبو الفتح ابن سيد الناس اليعمري فدخل دمشق مسلما على قاضي القضاة شهاب الدين، وقال: قدمت للسماع من ابن البخاري فقال: أول أمس دفناه. فتألم لموته. وكان في ثاني ربيع الآخر.

(51/425)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 426
ومن شعره:
(تكررت السنون علي حتى .......... بليت وصرت من سقط المتاع)

(وقل النفع عندي غير أني .......... أعلل للرواية بالسماع)
ولا يدرى ما قرأ عليه الشيخ علي الموصلي والمزي من الكتب والأجزاء وأما البرزالي فقال: سمعت منه بقراءتي وقراءة غيري ثلاثة وعشرين مجلداً، وأكثر من خمسمائة جزء. وهو آخر من كان في الدنيا بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية رجال ثقات. وقد أجاز لي مروياته في سنة ثلاث وسبعين. ولم أرزق السماع منه، رحمه الله تعالى. 644 - علي بن أبي صادق الحسن بن يحيى بن صباح. علاء الدين أبو الحسن القرشي، المخزومي، المصري، ثم الدمشقي، الشافعي. شيخ ثقة: فاضل، صالح، خير. سمع: أباه، وأبا القاسم أحمد بن عبد الله السلمي، وأبا المجد القزويني، وأبا المحاسن ابن أبي لقمة، وأبا عبد الله بن الزبيدي.

(51/426)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 427
وولد سنة ست أو سبع وستمائة بدمشق. وكان يسكن عند باب توما. كتب عنه الجماعة، وأثنوا عليه. ولي منه إجازة. مات في شعبان. وكان فقيها بالمدارس. 645 - علي بن عبد الله بن أبي الفتح. الحراني، المقرئ، الضرير، نزيل القاهرة، ووالد شيخنا محمد البحري. حدث عن: ابن روزبة، وغيره. وسمع منه: البرزالي، والقطب. مات في ربيع الآخر. 646 - علي بن عبد اللطيف بن محمد بن محمد بن المغيزل. الفقيه سيف الدين الحموي. توفي شابا بحماة في المحرم. 647 - علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف بن نبهان. الإمام، علاء الدين، أبو الحسن، ابن العلامة كمال الدين أبي المكارم، ابن خطيب زملكا الأنصاري، السماكي والد الإمام العلامة مفتي الشام كمال الدين محمد.

(51/427)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 428
كان إماما جليلا، وافر الحرمة، حسن البزة، مليح الصورة، تام الشكل، مهيبا. درس بالأمينية مدة، وتوفاه الله تعالى إلى رحمته في ربيع الآخر وقد نيف على الخمسين. وقد سمع من الرشيد العطار بمصر، ومن خطيب مردا بدمشق. ولم يحدث. [وكان] شهما مقداما، يتقي شره ويخاف ولوعه. شهر عن ابن جماعة أنه شرب خمرا ثم أتاه وقال: اجعلني في حل. قال: نعم إذا اعترفت عند قاض. نقلها الشيخ تاج الدين وهذا يدل على دين فيه. 648 - عمر بن عبد الرحمن بن جبريل. الشيخ نور الدين الطالقاني، الحنفي. كان إماماً في المذهب، عارفا بأصوله، خبيرا بالعربية، فيه زهد وانقطاع وخير. توفي بدمشق في صفر بالمارستان. 649 - عمر بن علندي. الحارس. سمع من: ابن اللتي. وحدث. توفي في ربيع الأول. 650 - عمر بن محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن سالم بن باقا. بهاء الدين، أبو حفص البغدادي الأصل، المصري.

(51/428)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 429
روى عن: جده، ومحمد بن محمود الدوي. ومات في رمضان وله سبعون سنة. سمع منه: البرزالي، واليعمري، وجماعة. 651 - عمر بن يحيى بن عمر بن حمد. الشيخ فخر الدين الكرجي الشافعي، نزيل دمشق. ولد بالكرج سنة تسع وتسعين وخمسمائة. وقدم دمشق فلزم الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، وخدمه وتفقه عليه. وسمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، والبهاء عبد الرحمن المقدسي. وحدث ' بالبخاري ' وبكثير من مسموعاته. وتزوج بنت شيخه تقي الدين. وكان ضعيفا، حدث بما لم يسمع. وذكر أبو عمرو المقاتلي أنه رآه قد ألحق اسم زين الدين الفارقي في ' الغيلانيات ' على ابن الصلاح. قال: وكان يلحق اسمه في الإسجالات على القضاة، سامحه الله وغفر له. قلت: روى عنه جماعة. وحدث عنه أبو الحسن العطار ' بصحيح البخاري '. وأجاز له مروياته.

(51/429)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 430
مات الفخر الكرجي والفخر بن البخاري في يوم واحد ثاني ربيع الآخر، وقد شاخ وعجز وانقطع في بيته مدة. وكان شيخ الحديث بالظاهرية من بعد أبي إسحاق اللورقي، وشيخ الحديث بالقليجية، فولي بالظاهرية الشيخ عز الدين الفاروثي، وبالقليجية مدرسها بهاء الدين. 652 - عيسى بن إياز. شرف الدين بن فخر الدين، والي حماة. س أديب شاعر، محسن. توفي في العشرين من جمادى الآخرة بحماة. وهذه الأبيات التي غني بها في أيام فتح المرقب، له:
(تحن إلى لقائكم القلوب .......... فهل لي من زيارتكم نصيب)

(ويصبو نحوكم طرفي وقلبي .......... فذا منكم يصاب وذا يصوب)

(أجيران الحمى عودوا مريضا .......... سلامته هي العجب العجيب)

(لقد سئم العواذل طول سقمي .......... لفرقتكم وأيأسني الطبيب)

- حرف الغين -
653 - غازي بن أبي الفضل بن عبد الوهاب.

(51/430)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 431
أبو محمد الدمشقي، الحلاوي. وكناه الدمياطي: أبا مجاهد. سمع ' الغيلانيات ' من عمر بن طبرزد، وقطعة كبيرة من ' المسند ' عن حنبل. وأقام بقطيا مدة منقطعا إلى واليها، وكان يحسن إليه. ودخل مصر غير مرة، وحدث، وتفرد، وازدحموا عليه، وسمع منه خلق كثير. قال لي أبو الحجاج المزي: دخلت إلى مسجد قطيا فرأيت شيخا كأنه بابا فسألته: هل تعرف غازي الحلاوي فقال: أنا هو. فقرأت عليه عوالي الغيلانيات. روى عنه: هو، والدمياطي، والبرزالي، وأبو حيان النحوي، وأبو محمد بن منير، وأبو الفتح اليعمري. وكان شيخا معمرا، صحيح التركيب، ممتعا بحواسه. عاش خمسا وتسعين سنة. وكان فقيرا، متعففاً مستورا، حافظا للقرآن، ينوب في إمامة جامع قطيا. قيل إنه ولد في حدود سنة تسعين وخمسمائة، فإن القاضي سعد الدين الحارثي كتب تحت خطه في إجازة: سئل عن مولده سنة ثلاث وثمانين فقال: يكون لي اثنان أو ثلاث وتسعون سنة. قلت: كان يعرف بابن الرداف، ويلقب بالشهاب. توفي في رابع صفر بمصر. وقيل: ولد سنة 91 ؛ وقيل سنة 94.

(51/431)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 432

- حرف القاف -
654 - قطز. الأمير سيف الدين المنصوري. من أكبر مماليك المنصور وأقدمهم، وأحسنهم شكلا. وكان يشرب، فلما حج ظن الناس أنه يتوب فلم ينته عن الخمر. وكان يندب في المهمات لشجاعته وغنائه. 655 - قيران. الأمير بدر الدين السكزي. أحد من قتل على عكا.
- حرف الكاف -
656 - كشتغدي. الأمير جمال الدين الغري. مصري حدث عن أبي القاسم سبط السلفي. ومات في صفر. والغزي: بمعجمة ثم مهملة مستفاد من الغزي بمعجمتين وبالفتح. والغزي بمعجمتين وبالضم. والعزي بمهملة ثم معجمة. والعربي بزيادة باء. 657 - كشتغدي. الامير علاء الدين الشمسي، خشداش البسري.

(51/432)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 433
كان أحد المقدمين الذين ساروا من مصر لانتزاع الشام من سنقر الأشقر. ذكره قطب الدين فقال: كان عنده تشيع، وتظهر منه كلمات ينبو عنها السمع. وحبس هو والبيسري مدة، فلا تسلطن الأشرف أخرجهما ورفع منزلتهما. وقتل كشتغدي على عكا. قلت: وله آثار في إصلاح السجن الذي بداخل مشهد علي من جامع دمشق. جاءه سهم فقتله.
- حرف اللام -
658 - لؤلؤ. مولى الصاحب ابن جرير. قال البرزالي: روى لنا عن ابن اللتي. قلت: توفي في ربيع الأول. سمع منه الفرضي أيضا، والمزي.
- حرف الميم -
659 - محمد بن إبراهيم بن عبد المجيد. الشيخ أبو عبد الله اللخمي، القوصي، المقرئ، الشافعي. منقول من ' تاريخ مصر ' لشيخنا القطب. وأنه ربي في حجر العارف أبي الحسن بن الصباغ، وهو أخر أصحابه.

(51/433)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 434
وقرأ بالثغر على الصفراوي. وسمع من: إبراهيم بن علي المحلي بخط ابن مسدي. مولده في صفر سنة سبع وتسعين وخمسمائة، ومات بالقاهرة في سابع ذي القعدة سنة 90. 660 - محمد بن أحمد بن أبي الفهم. العدل، عز الدين ابن البقال، أبو عمرو. ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة بدمشق. وحدث عن السخاوي، وإبراهيم بن الخشوعي، وجماعة. ومات في جمادى الأولى. وهو أخو المعمر علاء الدين علي. 661 - محمد بن أسعد بن نصر الله بن عبد الكريم أخي القاضي كمال الدين عبد الصمد بن محمد ابن الحرستاني. نجم الدين. توفي بالمارستان عن ثمانين سنة في ذي القعدة. حدث عن: أبي المجد القزويني، وعبد الرحيم بن علي بن مكارم الحداد. أخذ عنه: ابن الخباز، وابن البرزالي، وجماعة. 662 - محمد بن داود بن أبي القاسم. الأمير بدر الدين ابن الأمير الأجل عماد الدين الهكاري. جندي محتشم. ولد سنة سبع وثلاثين. وسمع من: ابن رواحة، ويحيى بن قميرة.

(51/434)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 435
وحدث. ومات بالقدس في شعبان، وفجع به أبوه. وكان فارسا شجاعاً، مهيبا. 663 - محمد بن سعد بن المظفر بن المطهر. شمس الدين، أبو الخير بن اليزدي، البغدادي، الزاهد، شيخ رباط الخلاطية. سمع من: ابن الخباز، وابن قميرة. مات في شوال. 664 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم. الشيخ صفي الدين ابن المالحاني، المقرئ، البغدادي، التاجر. سمع ' الصحيح ' علي ابن القطيعي، وابن روزبة. وأجاز له داود بن معمر، وجماعة. ولد سنة عشر وستمائة، ومات في صفر. وأجاز له أبو الفتح الغزنوي، وابن صرما. أخذ عنه: الفرضي، وابن الفوطي. 665 - محمد بن عبد الخالق بن مزهر. الإمام شهاب الدين الأنصاري، الدمشقي، المقرئ. قرأ القراءآت على السخاوي وأقرأها. وروى الحديث: وكان شيخا فاضلا يدري القراءآت دراسة متوسطة. قرأ عليه شمس الدين الحنفي الأعرج، وغيره.

(51/435)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 436
ومات في رجب، وقف كتبه بدار الحديث الأشرفية. 666 - محمد بن عبد المؤمن بن أبي الفتح. شمس الدين، أبو عبد الله الصوري، المقدسي، الصالحي ابن عمه شيخنا التقي أحمد. ولد سنة إحدى وستمائة، وسمع من: أبي اليمن الكندي. وهو آخر من سمع منه. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني، وابن ملاعب، وأبي عبد الله بن البنا، وجماعة. وتفقه وكتب الخط المنسوب، ونسخ بخطه الكتب، ورحل إلى بغداد فسمع بها من أبي علي بن الجواليقي، وعبد السلام الزاهري، وأبي حفص السهروردي، وغيرهم. وأجاز له: عبد العزيز بن الأخضر، وابن طبرزد. وكان من بقايا الشيوخ المسندين في زمانه. أكثر عنه: المزي، والبرزالي، وابن العطار، وابن سيد الناس، وجماعة. وكان يطلع في الأمانة إلى المرج ويؤدب يسعى في الرزق. وتوفي في منتصف ذي الحجة. 667 - محمد بن عثمان بن سلامة.

(51/436)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 437
العماد الدمشقي، التاجر. ولد سنة خمس عشرة وستمائة. وسمع من: أبي محمد بن البن، والبهاء عبد الرحمن، وجماعة. وكتب عنه: ابن الخباز، والبرزالي، والطلبة غير مرة. ومات في شوال. وكان رفيق أبي جعفر ابن الموازيني. 668 - محمد بن عثمان بن عبد الوهاب. أبو عبد الله الأبهري، الصوفي، المقرئ. كان صوفيا بالخانقاه الأسدية وشاهدا بالبياطرة. وسمع من: أبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء، وابن الزبيدي. كتب عنه الجماعة. وكان صالحا خيرا. توفي في ربيع الأول. 669 - محمد بن علي بن أبي علي. العدل، جمال الدين، ولد السيف الآمدي. ولد بحماة سنة اثنتين وستمائة، وروى عن القزويني. 670 - محمد بن قايماز. شرف الدين الكتبي. روى عن، مكرم. 671 - محمد بن أبي الفضل محمد بن محمد بن أبي الفتوح محمد بن محمد بن عمروك.

(51/437)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 438
أبو بكر البكري، التميمي. ولد بدمشق سنة سبع وعشرين. وسمعه عمه الصدر البكري من: ابن اللتي، وكريمة، ومحاسن الحريري، وغيرهم. وسكن مصر، وحدث بها ؛ وكان من عدولها. توفي في شوال. وكتب عنه: البرزالي وقال: هو النجم بن الشرف. 672 - محمد بن الشمس. المحمدي، المؤذن، من كبار المؤذنين بدمشق. توفي في صفر. 673 - مؤنسة بنت الصاحب كمال الدين عمر بن العديم العقيلي. توفيت بدمشق في ربيع الآخر. روت عن: الركن الحنفي، كأخواتها. 4 - حرف اللام ألف -
674 - لاجين. الأمير سابق الدين العمادي. نائب قوص وأعمالها في ولة المعز. ثم ولي بلبيس، وبها توفي في خامس رمضان عن اثنتين وثمانين سنة. وكان مملوكا للصاحب عماد الدين وزير الجزيرة العمرية. وكان دينا، صالحا، متصدقا، قدم مع أستاذه في دولة الكامل، وقدم في أيام الصالح.

(51/438)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 439

- حرف الياء -
675 - يحيى بن أحمد بن سليمان. الفقيه، عماد الدين الشافعي، العدل. سبط الإمام أبي عمرو بن الحاجب. توفي بدمشق في ربيع الآخر. وقد سمع من جده، ومن السخاوي. ولم يرو. 676 - يمك. الأمير الكبير، بهاء الدين الناصري، الصلاحي. عتقه الملك الناصر يوسف، وتزوج بابنة الملك القاهر عبد اللمك ابن الملك المعظم. وحج بالركب الشامي سنة ست وثمانين. وزخرف داره بالديماس فوقع من السقالة دهانان فماتا لوقتهما. وكان تركيا مهيبا، تام الشكل، معروفا بالشجاعة. توفي بدمشق في رجب. 677 - يوسف بن إبراهيم بن يوسف. الشيخ أبو الفضل الرومي، الملطي، الواعظ. توفي بدمشق في ذي الحجة عن خمس وسبعين سنة. حضرت مجلسه، وكان بارد الوعظ.

(51/439)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 440
678 - يوسف بن يعقوب بن محمد بن علي. الرئيس المعمر، نجم الدين، أبو الفتح ابن الوزير الصاحب أبي يوسف ابن المجاور الشيباني، الدمشقي، الكاتب. ولد في سنة إحدى وستمائة. وسمع من: أبيه، والتاج الكندي، والخضر كامل السروجي، وعبد الجليل بن مندويه، وزينب بنت إبراهيم القيسي، وداود بن ملاعب، وعبد الله بن طاوس، وعمر بن سقير، والحسن بن البن، وأبي الوحش عبد الرحمن بن نسيم، والشيخ الموفق. وكان شيخا جليلا، فاضلا، أبيض اللحية، حسن البزة، رأيته يحدث غير مرة عند البرادة، وقفت عليه مرة في سنة ست وثمانين فسمعت القارئ يقول له: أخبرك في تاريخ كذا فلان، فحسب فإذا السماعة ثمانون سنة. فلبثت سويعة، فقرأ عليه حديث العابد والرمانة، وحديث المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة، فحفظتهما من ذلك الوقت. ورأيته أيضا في ديوان المظالم بدار الطعم، ثم عزل قبل موته بسنتين أو ثلاث إلى أن مات. ومع هذا فكان صاحب عبادة ودين. أجاز له: محمد بن علي القبيطي، وأحمد بن الحسن العاقولي، وابن الأخضر، وعبد العزيز، ابن منينا، وغيره. وكناه بعضهم أبا العز.

(51/440)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 441
وتوفي في الثامن والعشرين من ذي القعدة. وكان له مكان كيس على نهر يزيد وقفه زاوية. وكان قد سمع كتاب ' تاريخ بغداد، للخطيب، من الكندي في سنة سبع وستمائة. سمعه منه: المزي. تفرد به وبشيء كثير، وانقطع بموته إسناد عال.
الكنى
679 - أبو بكر بن عباس بن عريب. زين الدين الدمشقي. حدث بالقاهرة عن: ابن صباح، وابن الزبيدي. ومات في رمضان. 680 - أبو بكر. الشيخ اليعفوري. شيخ له حال وأصحاب ومولهون. رأيته مرة. وتوفي بقرية يعفور. صلي عليه صلاة الغائب بجامع دمشق في شوال وعلى البرهان الهروي شيخ الصوفية الذين بالقدس. * * * وفيها ولد: الخطيب زين الدين عبد الرحيم بن محمد بن جماعة الكتاني، وسراج الدين عبد اللطيف بن أحمد الكويك الشافعي، ومحمد بن التقي حمزة بن المجدلي. وتقي الدين محمد بن محمد بن أبي الحسن البعلي.

(51/441)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والخمسون الصفحة 442
(بعون الله وتوفيقه، انتهى تحقيق هذه الطبقة التاسعة والستين من هذا السفر الجليل ' تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام ' للمؤرخ الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز المعروف بالذهبي، المتوفى بدمشق 748 ه. رحمه الله، وضبط النص، وتخريج الأحاديث والأشعار، وتوثيق مادته، والتعليق عليه، والإحالة إلى المصادر، وشرح المصطلحات، وصناعة الفهارس، على يد خادم العلم وطالبه، راجي عفو ربه، والفقير إليه، الحاج الأستاذ الدكتور أبي غازي عمر عبد السلام تدمري، الطرابلسي مولدا وموطنا، الحنفي مذهبا، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، المشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه بالفرعين الأول والثالث، عضو الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ الأمة في اتحاد المؤرخين العرب، وتم إنجاز التحقيق مساء الأربعاء في الثاني عشر من شهر رمضان المبارك سنة 1419 ه، الموافق للثلاثين من شهر كانون الأول (ديسمبر) 1998 م. وذلك في منزله بساحة السلطان الأشرف خليل بن قلاوون (النجمة سابقا) بمدينة طرابلس الشام المحروسة، جعلها الله ثغرا ورباطا مطمئنا بحفظه ورعايته وسائر بلاد المسلمين. ويسر الله لي إنجاز تحقيق الطبقة السبعين الأخيرة من هذا الكتاب، وختم لي بخير، منه استمد العون، وعليه الاتكال، وهو الموفق والمعين، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد أشرف المرسلين). تم تحقيق هذا الجزء على نسختين هما: نسخة المتحف البريطاني رقم (4810) ونسخة المتحف البريطاني رقم (1540 / 51) المصورة بدار الكتب المصرية رقم (42) تاريخ

(51/442)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 9
بسم الله الرحمن الرحيم
من الحوادث الكائنة في هذه الطبقة سنة إحدى وتسعين وستمائة
[ذِكر الكأس السُّمّاقي]
في صفر أمر نائب دمشق، وهو الشجاعي، بإنزال الكأس السماقي البراق من القلعة إلى الجامع، فأنزل والمؤذنون بين يديه يقرأون، والصبيان يصيحون، إلى أن وضع موضع البرادة. وقلعت البرادة. ولم يكن هذا الكأس مثقوباً، فثقبه المرخمون في أيام. وهو كأس كأنه هناب مرحرح، يسع نحو عشرة أرطال ماء أو أقل. وحجره من جنس اللوحين اللذين عن جنبتي محراب جامع دمشق، حجر أملس بصاص مانع قليل الوقوع. ثم أجري فيه الماء، وسمرت المغرفتين مع الركن وشربنا منه. ثم أخذوه إلى القلعة، وعُمل في دار السلطنة بعد أيام.
[تخريب حمّام الملك السعيد]
وفيه أخرب حمام الملك السعيد، ولم يكن في الشام بأسرها حمام أحسن منه، ومغله عظيم. وكان بينه وبين باب السر الذي بالقلعة نحو سبعين ذراعاً. وأخذوا من حجاره باباً، وحملوها على باب السر. وخربوا ما حوله من الدور وغيرها.

(52/9)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 10

[بناء باب الميدان بقلعة القاهرة]
وفيه كان البناء في القلعة والطارمة بجد وسهر واجتهاد عظيم. وبني باب الميدان بأعمدة كانت في القلعة، وعمل له حيطان هائلة العرض. واقتسمت الأمراء عمله، وأقيم في زمن يسير بهمة عالية وسرعة زائدة.
[خطبة الخليفة بجامع القلعة]
وفي ربيع الأول خطب أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله يوم الجمعة بجامع قلعة الجبل خطبة جهادية، فقيل هي التي لقنه إياها شيخنا شرف الدين ابن المقدسي.
[خطابة دمشق]
وفيه ولي خطابة دمشق الشيح عز الدين أحمد ابن الفاروثي، وخرج بعد يوم بالناس إلى الصحراء للاستسقاء. وحضر الشجاعي النائب ماشياً إلى ميدان الحصى. وذلك في وسط آذار. وبعد يوم أو يومين حصل للغوطة صقعة شديدة أعطبت الصحراء والثمار ولم يعهد مثلها من نيف وعشرين سنة.
[صلاة الاستسقاء]
وفي يوم الإثنين بعد جمعة خرج الناس أيضاً للاستسقاء إلى قريب مسجد القدم وخطب الفاروثي، ومشى إلى ثم نائب السلطنة الشجاعي والجيش والخلائق وابتهلوا إلى الله، ثم رزق الله الغيث وجاءت الرحمة.

(52/10)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 11

[التدريس بالقيْمُريّة]
وفيه درس الشيخ صدر الدين عبد البر بن رزين بالقيمرية لسفر مدرسها القاضي علاء الدين أحمد بن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز.
[عمارة دار السلطنة بقلعة دمشق]
وفيه، أعني ربيع الآخر، انتهت عمارة دار السلطنة بقلعة دمشق، ودخل فيها نحو أربعة آلاف دينار في الزخرفة. وعمل النائب للسلطان دهليزاً عظيماً إلى الغاية طول عموده بضعة وثلاثين ذراعاً ست وصلات، لا يمكن للشخص أن يحضنه، والفلكة التي في أعلاه كأنها فردة طاحون. وهو من هذه النسبة. وتنوع في عمل خامه وغرم عليها أموالاً. ونصب بالميدان ليراه السلطان، فقاسوا المشاق حتى انتصب، فجاء هواء عاصف فرماه، فشرعوا في عمل دهليز أصغر منه.
[دخول الملك الأشرف دمشق]
وفي جمادى الأولى دخل دمشق الملك الأشرف، ثم صلى بجامع دمشق يوم الجمعة بالمقصورة، وأسرجت له شموع كثيرة، وخلع على الخطيب عز الدين الفاروثي.
[دخول السلطان حلب]
وأقام السلطان بدمشق عشرة أيام، وسار إلى حلب فدخلها في أواخر الشهر بالجيوش.

(52/11)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 12

[التدريس بالظاهرية]
وفيه درس الشيخ صفي الدين الهندي بالظاهرية بعد رواح مدرسها ابن بنت الأعز إلى مصر.
[نكاح الأمير الأعسر]
وفيه نكح الأمير شمس الدين الأعسر ابنة الصاحب شمس الدين ابن السلعوس على ألف وخمسمائة دينار.
[حبْس الشيخة البغدادية]
وفيه حبست الشيخة البغدادية، وتعصب عليها جماعة من الأحمدية وأوذيت فصبرت وقالت: أنا لا أترك النهي عن المنكر. ثم سلمها الله بحسن نيتها.
[حصار قلعة الروم]
وفي ثامن جمادى الآخرة نازل السلطان وجيوشه قلعة الروم وحاصرها شهراً وثلاثة أيام.
[تدريس النجيبية]
وفيه نزل الفاروثي عن تدريس النجيبية للشيخ ضياء الدين عبد العزيز الطوسي.
[تسمير مؤذّن وعبد]
وفيه وقع من أخي رئيس المؤذنين البرهان أمر صعب، وهو أنه وعبد أسود تحيلا في النزول على حرم السلطان الذين تركهم بالقلعة وأحضرا سلماً

(52/12)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 13
وأرادا التسلق منه، ففطن لهما، وأخذا، وكوتب فيهما، فجاء الأمر بتسميرهما، فسمرا وماتا.
[فتح قلعة الروم]
وفي حادي عشر رجب فتحت قلعة الروم بالسيف عنوة، ودقت البشائر وزينت البلاد، وترحل السلطان، وبقي عليها عسكر الشام والشجاعي لعمارتها، وترميم ما تشعث بالمجانيق. فقدم السلطان حلب وعزل عنها قراسنقر المنصوري، وأمر عليها سيف الدين بلبان الطباخي المنصوري متولي الساحل. وأمر على السواحل طغريل الإيغاني. وأمر على قلعة الروم الأمير عز الدين الموصلي.
[فتح معاقل الأرمن]
وفيه فتح الشجاعي الراكات، وهي معاقل للأرمن على الفرات، وأخذ منها نحواً من ألف نفس.
[إسلام المحقق معيد القيمرية]
وفيه بدت من الجمال المحقق معيد القيمرية هفوة في الدرس، فقام

(52/13)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 14
مدرس القيمرية صدر الدين ابن رزين وشكاه، وجرت أمور أوجبت أن المحقق أسلم عند القاضي شرف الدين الحنبلي، وحكم بإسلامه وحقن دمه، وترك إعادة القيمرية، وقايض نجم الدين الدمشقي إلى إعادة الرواحية.
[أسرى الأرمن]
وفي تاسع شعبان دخل السلطان دمشق منصوراً والأسرى بين يديه، منهم خليفة الأرمن.
[تراجع الجيش عن جبل الجرديّين]
وأما نائب السلطنة بيدرا، وسنقر الأشقر، وقراسنقر، وبكتوت العلائي، وكثير من الجيش فسار إلى بعلبك، ثم إلى جبل الجرديين، ووافاهم من جهة الساحل ركن الدين طقصو، وعز الدين أيبك الحموي، فنزلوا على الجبل، فحضر إلى بيدرا من فتر همته عنهم، وتمكنوا من أطراف الجيش في تلك الجبال الوعرة، ونالوا منهم، فرجع الجيش شبه المقهورين، وحصل للجبليين الطمع والقوة، ثم هادنتهم الدولة، وخلع على جماعة منهم. وحصل بذلك للعسكر وهن. ثم قدم بيدرا دمشق، فعاتبه السلطان، فتألم ومرض، وزاره السلطان، ثم عوفي. وعمل السلطان ختمة بجامع دمشق لعافيته

(52/14)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 15

[وفاة صدرين موقعين]
وليلة نصف رمضان توفي صدران كبيران موقعان عديما النظير: فتح الدين محمد بن محيي الدين ابن عبد الظاهر، ومن الغد توفي سعد الدين بن سعد الله الفارقي.
[الإفراج عن علم الدين الدواداري]
وفي رمضان أحضر الأمير علم الدين الدواداري من حبس الديار المصرية إلى دمشق، وأنعم عليه السلطان وأعاده إلى الإمرة، وأفرج عن أمواله وحواصله. ثم سار صحبة الركاب الشريف.
[خطابة دمشق]
فيه ولي خطابة دمشق موفق الدين محمد بن محمد بن حبيش الحموي عوضاً عن الشيخ عز الدين الفاروثي، فباشر يوم الجمعة الثامن والعشرين من رمضان. وحضر السلطان يومئذ بالمقصورة.
[هرب الأمير حسام الدين لاجين]
وهرب الأمير حسام الدين لاجين بسبب مسك الأمير ركن الدين طقصو، وخرج السلطان إلى المرج في طلبه، ونادت المنادية بدمشق على الأمير لاجين.

(52/15)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 16

[دخول الشجاعي دمشق]
وفي سابع شوال دخل الشجاعي بعسكر دمشق، أتوا من ناحية قلعة الروم. وقد فرغوا من أشغالهم.
[تقييد الأمير الأعسر]
ويومئذ قيد شمس الدين الأعسر وبعث إلى مصر.
[عزل الشجاعي]
وعزل الشجاعي من نيابة دمشق بعز الدين الحموي.
[عودة السلطان إلى مصر]
وتوجه السلطان إلى مصر في عاشر شوال بسحر، وبات أهل الأسواق بظاهر البلد مرتين بالشمع إلى ميدان الحصى.
[القبض على حسام الدين لاجين]
وأما لاجين، فلما هرب قصد بعض أمراء العرب بأرض صرخد وطلب منه أن يوصله إلى الحجاز، فقبض عليه، وأتى به إلى السلطان يوم الرابع من شوال. فقيده وبعث به إلى مصر.

(52/16)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 17

[تقييد سُنقُر الأشقر]
ثم قيد سنقر الأشقر وبعث به أيضاً.
[نظارة الدواوين] وولي جمال الدين بن صصرى نظر الدواوين، وأعفي من ذلك محيي الدين ابن النحاس، وعوض بنظر الخزانة. وعزل أمين الدين ابن هلال.
[ركب الحجاج]
ويوم تاسع عشر شوال توجه الركب وأميرهم سيف الدين باسطي المنصوري.
[حبْس خطيب جامع جرّاح]
ويومئذ أمسك علاء الدين ابن الجابي خطيب جامع جراح وأخذ ماله، واتهم بضرب الزغل. وكان مغرى بالكيميا فضرب وحبس مدة ثم أطلق بعد شهر ونصف.
[الإفراج عن الأمير لاجين]
وفي ذي القعدة دخل السلطان مصر، وأفرج عن حسام الدين لاجين، وأعطاه مائة فارس.

(52/17)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 18

[توجّه جماعة من التتار إلى مصر]
وفي ذي الحجة قدم الشام نحو ثلاثمائة فارس من التتار مقفزين، وتوجهوا إلى القاهرة.
[خنق الأميرين سنقر وطقصو]
وفي أواخرها، وقيل في أول سنة اثنتين أحضر السلطان بين يديه سنقر الأشقر وطقصو فعاقبهما، فأقرا أنهما عزما على قتله، وأن حسام الدين لاجين لم يكن معهم، فأمر بهما فخنقا بوتر، وأفرج عن لاجين بعد أن كان الوتر في حلقه. وقيل خنق وترك بآخر رمق، فشفع فيه بيدرا والشجاعي فأطلقه، وأنزل الآخران إلى البلد فسلما إلى أهاليهما. وأهلك معها أمراء منهم جرمك، وسنقران، والهاروني.
ذِكر القصيدة التي أنشأها المولى شهاب الدّين محمود بن السلطان
وقيل إنها لغيره، فقد سألته عنها فلم يعرفها، وإنما هي لشاعر من تجار بغداد مات سنة بضع وسبعمائة، سمعها منه ابن منتاب. وبعد ذلك ظهرت أنها للمولى شهاب الدين، وأخرجها بالخط العتيق، وحدث بها. سمعها منه العلائي، وغيره. وهي:
(لك الرّاية الصَّفراءُ يقدمُها النَّصرُ .......... فمن كيقُباذُ إنْ رآها وكيْخُسْرُو)

(إذا خففت في الأفْق هُدْبُ بُنُودِها .......... هوى الشِّرْكُ واستعلى الهُدى وانْجلى الثغرُ)

(وإن نُشرت مثل الأصائِل في وغىً .......... جلا النَّقْع من لألاء طَلْعتها البدرُ)

(وإن يمّمت زُرْقَ العدى سار تحتها .......... كتائبُ خضرٌ دَوحها البِيض والسُّمرُ)

(كأنّ مثار النَّقْع ليلٌ وخَفْقها .......... بُرُوقٌ وأنت البدرُ والفَلَك الجِتْرُ)

(فكم وَطئت طَوْعاً وكرْهاً معاقلاً .......... مضى الدّهر عنها وهي عانسة بِكرُ)

(52/18)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 19

(وإنْ رُمتَ حصناً سابَقَتْكَ كتائبُ .......... من الرُّعب أو جيش تقدّمه النَّصرُ)

(فلا حصنٌ إلاّ وهو سجنٌ لأهله .......... ولا جسدٌ إلاّ لأرواحهم قبرُ)

(قصدت حِمى من قلعة الروم لم يُتَح .......... لغيرك إذ غرّتهم المغل فاغتروا)

(وما الغل أكفاء فكيف بأرمن .......... ولكنه غزو وكلهم كفر)

(صرفت إليهم همة لو صرفتها .......... إلى البحر لاستولى على مده الجزر)

(وما قلعة الروم الّتي حُزْتَ فَتْحها .......... وإنْ عظُمت إلاّ إلى غيرها جسرُ)

(طليعة ما يأتي من الفتح بعدها .......... كما لاح قبل الشمس في الأُفق الفجرُ)

(محجبة بين الجبال كأنها .......... إذا ما تبدّت في ضمائرها سترُ)

(تفاوت نصفاها فللحوت فيهما .......... مجالٌ وللنَّسْرَيْن بينهما وَكْرُ)

(فبعضٌ رسا حتّى علا الماءُ فوقَهُ .......... وبعضٌ سما حتّى هَمَا دونَه القَطْرُ)

(أحاط بها نَهران تبرز منهما .......... كما لاح يوماً في قلائده النَّحْرُ)

(فبعضهما العذْبُ الفُراتُ وإنّه .......... لتحصّنها كالبحر بل دونه البحرُ) 5
(سريع يفوت الطّرْف جرياً وحدْه .......... كريح سليمان التي يومُها شهرُ)
منها:
(فصبَّحْتَها بالجيش كالرّوض بهجةً .......... صوارمُه أنّهاره والقنا الزُّهرُ)

(وأبعدت بل كالبحر والبيض موجُه .......... وجردُ المذاكي السّفن والخوذ الدّرُّ)

(وأغربت بل كاللّيل عُوجٌ سيوفه .......... أهِلَّتُهُ والنّبلُ أنجُمُهُ الزّهرُ)

(52/19)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 20

(وأخطأت لا بل كالنّهار فشمسُهُ .......... مُحيّاك والآصال راياتك الصُّفُر)

(ليوثٌ من الأتراك آجامُها القنا .......... لها كلّ يوم في ذرى ظَفَرٍ ظُفرُ)

(فلا الريح تسري بينهم لاشتباكها .......... عليهمُ ولا ينهلّ من فوقهم قَطْرُ)

(غيوثٌ إذا الحربُ العوان تعرّضت .......... لخُطّابها بالنّفس لم يغلها مهرُ)

(ترى الموت معقوداً بهدْب نبالهم .......... إذا ما رماها القوس والنّظر الشزرُ)

(ففي كلّ سَرْحٍ غصْنُ بانٍ مُهَفْهفٌ .......... وفي كلّ قوس مدّه ساعد بدرُ)

(فلو وردتْ ماءَ الفُراتِ خيولُهُمُ .......... لقيل: هنا قد كان فيما مضى نهرُ)

(أداروا بها سوراً فأضحتِ كخنْصَرٍ .......... لدى خاتمٍ أو تحت منطقةٍ خصرُ)

(كأنّ المجانيق التي قُمنَ حولها .......... رواعد سخطٍ وبلها النّار والصّخرُ)

(أقامت صلاةَ الحرب ليلاً صخورُها .......... فأكثرها شَفْعٌ وأقتلها وترُ)

(لها أسهُمٌ مثل الأفاعي طِوالُها .......... فواتك إلاّ أنّ أفتكها البترُ)

(سهامٌ حَكَتْ سهْمَ اللّحاظ بقتلها .......... وما فارقت جفْناً وهذا هو السِّحرُ)
منها:
(فبُشراك أرضَيْتَ المسيحَ وأحمداً .......... وإنْ غضب التكفُور من ذاك والكفرُ)

(فسِرْ حيث ما تختار فالأرض كلّها .......... بحكْمك والأمصار أجمعها مصرُ)

(52/20)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 21

سنة اثنتين وتسعين وستمائة

[نسَب العناكيّين]
في المحرم حكم بدمشق القاضي حسام الدين الحنفي للعناكيين بصحة نسبهم إلى جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه بعد أن سعوا وتعبوا.
[مشقّة ركْب الحجّاج]
وفي المحرم جاءت ريح عظيمة على الركب بمعان وبرد ومشقة.
[تدريس الشامية الجوانية]
وفيه نزل لصدر الدين ابن الوكيل حموه شيخنا التاج ابن أبي عصرون عن تدريس الشامية الجوانية.
[تسلُّم قلاع من صاحب سيس]
وفيه طلب السلطان من صاحب سيس قلعة بهسنا، ومرعش، وتل حمدون. أما بهسنا فكانت للناصر صاحب حلب وبها نوابه، فلما أخذ هولاكو البلاد كان في بهسنا الأمير سيف الدين العقرب فباعها لصاحب سيس

(52/21)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 22
بمائة ألف درهم وسلّمها إليه فبقي على المسلمين منها ضرر، فأذعن صاحب سيس بتسليمها، وأضعف الحمل مع ذلك. وتسلمها نواب السلطان في رجب ودقت البشائر.
[نيابة طرابلس]
وفي المحرم قدم الدواداري وجماعة أمراء من الديار المصرية، وعز الدين أيبك الخزندار متولياً نيابة طرابلس عوضاً عن سيف الدين طغريل الإيغاني.
[تدريس الرواحية]
وسرح إلى حلب ابن ملي، فولي بعده تدريس الرواحية الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني.
[طهور أخي السلطان وابن أخيه]
وفيها طهر السلطان أخاه الملك الناصر طال بقاؤه، وابن أخيه موسى ابن الملك الصالح، واختفلوا لذلك بالقاهرة احتفالاً زائداً.

(52/22)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 23

[عمل دهليز للسلطان]
وفيها عمل للسلطان دهليز جليل أطلس مزركش بطراز، وغرم عليه أموال عظيمة.
[ولاية البريد بدمشق]
وفيها ولي ولاية البريد بدمشق سيف الدين أسندمر في رجب.
[الحجّ الشامي]
وحج بالناس الأمير بكتاش الطيار.
[الزلزلة بفلسطين]
وفي صفر جاءت زلزلة هدمت وأنكت في غزة والرملة والكرك. وسار من دمشق أميران وعدد من الحجازين والصناع لإصلاح ما تهدم من أبرجة الكرك.
[إمساك أزدمر العلائي]
وفيها مسك الأمير عز الدين ازدمر العلائي وقيد بدمشق وبعث إلى مصر.
[سفر سنقر المسّاح إلى مصر]
وتوجه من دمشق شمس الدين سنقر المساح بطلب إلى مصر، وجاء على خبزه بدمشق بلبان الحلبي، الخزندار.

(52/23)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 24

[سفر صاحب حماة إلى مصر]
وفي ربيع الآخر توجه على البريد إلى مصر صاحب حماة وعمه الملك الأفضل علي.
[الحوطة على ابن جرادة]
وجاء مملوك لسيف الدين طغجي بمرسوم بالحوطة على ابن جرادة، فمسك ونفذ إلى مصر، وأخذ ماله ونكب.
[قراصنة الفرنج بساحل الشام]
وفيه تردد عيارة الفرنج في البحر إلى الساحل، وشعثوا بأنطرسوس، وطلعوا إلى صيدا.
[خروج السلطان للحرب]
وفي جمادى الأولى عزم السلطان على البيكار، وتقدمه الأعسر، فهيأ إقامات ومونة من الناحية القبلية وقدم الصاحب ابن السلعوس في جمادى الآخرة، ثم قدم بعده بيدرا نائب السلطنة، ثم السلطان فنزل بالقصر.
[تسلّم حصون للأرمن]
وفيه تسلم نواب السلطان حصنين للأرمن وهما: كديربرت وأبرما. ثم تسلموا حصن بكازر.

(52/24)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 25

[الأمر بخراب الشوبك]
وقد كان السلطان في مجيئه مر بقلعة الشوبك وبالكرك، ثم بعث جماعة لخراب قلعة الشوبك. ثم خرج إلى المرج.
[القبض على حسام الدين لاجين وصحبه]
وفي رجب دخل دمشق الأمير الكبير حسام الدين لاجين وصحبته الأمير مهنا بن عيسى وإخوته محتاطاً عليهم، وذكر أن السلطان أمر بالقبض عليهم عند سلمية لأمر نقمه عليهم.
[رجوع السلطان إلى مصر]
وفي أثناء رجب رجع السلطان إلى الديار المصرية.
[تدريس ابن التاج وعزله]
ودرس بعد الشيخ تقي الدين ابن الواسطي بمدرسة الشيخ أبي عمر الفقيه شمس الدين ابن التاج، ثم عزل بعد ثمانية أشهر.
[نيابة قلعة الروم]
وفي رجب سافر طوغان نائباً على قلعة الروم.

(52/25)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 26

[كسوف الشمس] وفي آخر رجب انكسفت الشمس، وصلى بجامع دمشق خطيبه موفق الدين الحموي، وخطب.
[إلزام الدواوين بالإسلام]
وفي رمضان جاء إلى دمشق مرسوم بإلزام الدواوين بالإسلام، ومن امتنع يؤخذ منه ألف دينار. فأسلم أربعة في ثامن رمضان.
[مصادرة الأمير الأفرم أيبك]
وفي شوال بلغنا أن السلطان صادر الأمير عز الدين الأفرم أيبك وضيق عليه، وأخذ منه أموالاً كثيرة، وأعطى خبزه للأمير حسام الدين لاجين المنصوري.

(52/26)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 27

سنة ثلاث وتسعين وستمائة

[مقتل السلطان الأشرف]
في ثاني عشر المحرم قتل السلطان الملك الأشرف، أقدم عليه نائبه بيدرا، وعطف عليه بالسيف لاجين.
[قتْل الأمير بيدرا]
ثم قتل بيدرا من الغد.
[الحَلْف للملك الناصر محمد]
وحلفوا للسلطان الملك الناصر ناصر الدين محمد ابن المنصور، وهو يومئذ ابن تسع سنين.

(52/27)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 28

[هلاك ابن السلعوس] وهلك الصاحب ابن السلعوس تحت العقوبة المفرطة.
[مقتل أمير من أصحاب الشجاعي]
فلما كان العشرين من صفر بلغ المتولي نيابة السلطان كتبغا أن الشجاعي يريد قتله فتحرز، وأعلم جماعة من صاغيته الذين يبغضون الشجاعي. ثم ركب في الموكب فقال له أمير: أين حسام الدين لاجين؟ قال: ما هو عندي. قال: بل هو عندك. ثم مد يده إلى سيفه، فبدره الأزرق مملوك كتبغا وضربه حل كتفه، فسقط، وذبحوه بسوق الخيل.
[انقسام الجيش بين كتبُغا والشجاعي]
ثم قام أكثر الجيش مع كتبُغا، ومالت البرجية وبعض الخاصكية إلى الشجاعي لكونه أنفق فيهم في الباطن فيما قيل ثمانين ألف دينار، والتزم لهم أن من جاءه برأس أمير فله إقطاعه. وأن يمسك كتبغا على السماط.
[قتل بهادُر وآقوش]
وفي نصف المحرم حضر إلى الخدمة الأمير سيف الدين بهادر رأس

(52/28)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 29
النوبة، وجمال الدين أقوش الموصلي الحاجب، فوثب عليهما الخاصكية فقتلوهما، وأحرقوا جثتيهما.
[أتابكية العساكر]
ورتبوا الحسام أستاذ دار أتابكاً للعسكر.
[اختفاء لاجين وقراسُنقر]
وطلبوا الأمراء المتفقين مع بيدرا على قتل الأشرف، فاختفى لاجين وقراسنقر، ولم يقعوا لهم على أثر.
[الانتقام من الأمراء]
وقبضوا على الأمراء سيف الدين نغيه، وسيف الدين ألناق، وعلاء الدين ألطنبغا الجمدار، وشمس الدين آقسنقر مملوك لاجين، وحسام الدين طرنطاي الساقي، ومحمد خواجا، وسيف الدين أروس في خامس صفر. فأمر السلطان بقطع أيديهم، ثم سمروا على الجمال، وطيف بهم، ومعهم رأس بيدار، ثم ماتوا.

(52/29)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 30

[مقتل الشجاعي]
ثم قتل الشجاعي بعد أيام كما في ترجمته.
[خسوف القمر]
وفي المحرم خسف القمر.
[قضاء مصر]
وصرف من قضاء الديار المصرية ابن جماعة بابن بنت الأعز.
[الإفراج عن الأفرم]
وأفرج عن عز الدين الأفرم.
[الوزارة في مصر]
ورتب في الوزارة تاج الدين محمد بن فخر الدين ابن حنا.

(52/30)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 31

[ولاية دمشق]
وفي صفر ولي ولاية دمشق عماد الدين بن حسن بن النشابي عوضاً عن عز الدين ابن أبي الهيجاء.
[إمام محراب الصحابة بالجامع الأموي]
وفي صفر جدد في الجامع إمام زاوية محراب الصحابة، وهو كمال الدين عبد الرحمن ابن قاضي القضاة محيي الدين ابن الزكي، واستمر إلى الآن.
[عودة أهل سوق الحريريين]
وفي ربيع الأول عاد أهل سوق الحريرين إلى سوقهم. وكان ابن جرادة وكيل طغجي قد ألزمهم بسكناهم في قيسارية القطن من السنة الماضية.
[حسبة دمشق]
فيه قدم على حسبة دمشق ونظر ديوان نائب السلطنة كتبغا الرئيس شهاب الدين أحمد الحنفي، ومعه عدة خلع لبسها في أيام متوالية، ولبس خلعة الحسبة بطرحة، وارتفع شأنه.
[وكالة بيت المال بدمشق]
وفي رجب قدم دمشق القاضي صدر الدين عبد البر ابن قاضي القضاة تقي الدين ابن رزين على وكالة بيت المال، فباشر نصف شهر، وأعيد تاج الدين ابن الشيرازي.

(52/31)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 32

[موكب السلطان بالقاهرة]
وفي رجب ركب السلطان الملك الناصر بأبهة الملك وشق القاهرة، وضربت البشائر بدمشق، وزينوا.
[تقاليد الأمراء]
وجاء تقليد عز الدين الحموي باستمرار النيابة، وتقليد الأعسر باستمرار الشد، وتقليد صاحب حماة ببلده.
[تدريس المسرورية]
وفي شعبان درس بالمسرورية جلال الدين أخو القاضي إمام الدين بعد الركن ابن أفتكين.
[تجريدة التقدمة إلى حلب]
وفي رمضان جرد الأمير علم الدين الدواداري بتقدمته إلى ناحية حلب.
[العفو عن حسام الدين لاجين]
وفي آخر رمضان ظهر الأمير حسام الدين لاجين من الاختفاء بالقاهرة بوساطة نائب السلطنة كتبغا، فدخل به إلى السلطان فأنعم عليه، وأعطاه خبز بكتوت العلائي الذي توفي.

(52/32)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 33

[الحجّ الشامي]
وحج بالشاميين عز الدين أيبك الطويل.
[نظر الدواوين بدمشق]
وفي ذي القعدة ولي نظر الدواوين الصاحب أمين الدين بن سالم بن محمد بن صصرى عوضاً عن ابن عمه المتوفى جمال الدين.
[القضاء بالشام]
وفي ذي الحجة قدم قاضي القضاء بدر الدين ابن جماعة على قضاء الشام عوضاً عن المتوفى القاضي شهاب ابن الخويي
[إخراج الكلاب من دمشق]
وفي ذي الحجة أخرجت الكلاب من دمشق بأمر ابن النشابي، وشدد على البوابين في منعهم من الدخول، ودام منعهم شهراً أو نحوه، ثم دخلوا.
[فتنة عساف بدمشق] وفيها كانت فتنة عساف بدمشق ورجم العوام له، لكونه حمى نصرانيا سب النبي صلى الله عليه وسلم، فقبض النائب الحموي على جماعة من العلماء، وضرب الشيخ زين الدين الفارقي، رحمه الله تعالى، واعتقله مع ابن تيمية وطائفة بالعذراوية مدة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

(52/33)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 34

سنة أربع وتسعين وستمائة

[سلطنة كتبُغا]
في حادي عشر المحرم تسلطن الأمير ركن الدين كتبغا التركي، المغلي المنصوري، وتسمى بالملك العادل، وحلف له الأمراء بمصر والشام، وزين له البلاد ودقت البشائر ؛ وله نحو خمسين سنة. وهو من سبي وقعة حمص الأولى التي في سنة تسع وخمسين، ثم صار إلى الملك المنصور، فكان من خواصه في الأيام الظاهرية. فلما تسلطن جعله أمير مائة فارس، فشهد وقعة حمص سنة ثمانين أميراً.
[الحَلْف للسلطان بدمشق]
قدم في التحليف له الأمير سيف الدين طغجي الأشرفي، فحلفهم بدمشق.
[رَنْك السلطان كتبُغا]
وكان رنكه في أيام إمرته هكذا وفي أيام ملكة الرايات الصفر.

(52/34)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 35

[أتابكية السلطنة]
وجعل أتابكة الأمير حسام الدين لاجين، فجاء من مصر المسعودي على ديوان لاجين بالشام. وجاء الصاحب توبة على وزارة الشام.
[الاستسقاء بدمشق]
واستسقى الناس في جمادى الأولى مرتين بدمشق بالصحراء.
[الوزارة بمصر]
وفي جمادى الأولى ولي الوزارة بمصر الصحاب فخر الدين بن عمر بن الخليلي. وصرف تاج الدين ابن حنا.
[قضاء العسكر الشامي]
وفي رمضان رجع قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى من الديار المصرية بقضاء العسكر الشامي.

(52/35)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 36

[الصلاة بمحراب الحنابلة]
وفي رمضان استقرت صلاة محراب الحنابلة قبل الخطيب. وكانوا يصلون بعده، فلما زاحمهم إمام محراب الصحابة في الوقت، أذن لهم في التقدم.
[نظارة الجامع الأموي]
وفيه عزل تاج الدين ابن الشيرازي من نظر الجامع بالرئيس محيي الدين بن يحيى بن الموصلي.
[اكتمال عمارة الحمّام والمسجد والسوق لنائب دمشق]
وفي شوال كملت عمارة الحمام الكبير، والمسجد، والسوق، وأكثر الحكر الذي أنشأه نائب دمشق عز الدين الحموي بين باب الفراديس ومسجد القصب. وكان يعرف ببستان الوزير. ورأيته مبقلة كبيرة.
[خطابة دمشق]
وفي شوال ولي خطابة دمشق قاضي القضاة ابن جماعة بعد موت الشيخ شرف الدين ابن المقدسي.
[الحجّ الشامي]
وفيها حج بالشاميين بهاء الدين قرارسلان المنصوري.

(52/36)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 37

[مشيخة النورية]
وولي مشيخة النورية الشيخ علاء الدين ابن العطار بعد ابن المقدسي.
[تولية المدرسة الغزالية والأمينية]
وولي الغزالية قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى بعد ابن المقدسي، ونزل عن الأمينية للقاضي إمام الدين القزويني.
[كسر النيل وابتداء الغلاء والوباء بمصر]
وفي شوال كسر النيل بديار مصر عن نقص بين، وغلت الأسعار، ووجل الناس، ثم وقع فيهم أوائل الوباء، ثم عظم في ذي الحجة، واستمر إلى السنة الآتية.
[إسلام ملك التتار]
وفيها دخل الإسلام قازان بن أرغون بن أبغا بن هولاكو ملك التتار بوساطة نوروز التركي وزيره ومدبر مملكته وزوج عمته، واسمه بالعربي محمود. أسلم في شعبان بخراسان على يد الشيخ الكبير المحدث صدر الدين إبراهيم بن الشيخ سعد الدين ابن حمويه الجويني. وذلك بقرب الري بعد

(52/37)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 38
خروجه من الحمام، وجلس مجلساً عاماً فتلفظ بشهادة الحق وهو يبتسم ووجهه يستنير ويتهلل. وكان شاباً، أشقر، مليحاً، له إذ ذاك بضع وعشرون سنة. وضج المسلمون حوله عندما أسلم ضجة عظيمة من المغل والعجم وغيرهم، ونثر على الخلق الذهب واللؤلؤ. وكان يوماً مشهوداً. وفشي الإسلام في جيشه بحرص نوروز فإنه كان مسلماً خيراً صحيح الإسلام، يحفظ كثيراً من القرآن والرقائق والأذكار. ثم شرع نوروز يلقن الملك غازان شيئاً من القرآن ويجتهد عليه. ودخل رمضان فصامه، ولولا هذا القدر الذي حصل له من الإسلام وإلا كان قد استباح الشام لما غلب عليه، فلله الحمد والمنة

(52/38)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 39

سنة خمس وتسعين وستمائة

[الغلاء في مصر]
أرسل إلى الديار المصرية غلال كثيرة بسبب القحط. وفي ثامن عشر المحرم كتب كتاب من مصر فقدم دمشق في أواخر الشهر، فيه أن الأردب بلغ مائة وعشرين درهماً، وأن رطل اللحم بالدمشقي بسبعة دراهم، وأن اللبن رطل بدرهمين، والبيض ست بيضات بدرهم، ورطل الزيت بثمانية دراهم وقلت المعاش بحيث أن البزاز يبقى عشرين يوماً لا يبيع بدرهم. وقد أفنى الموت خلقاً كبيراً.
[توقّف المطر بالشام]
وأما الشام فلم يكن مرخصاً، وتوقف المطر به، وفزع الناس، واجتمعنا لسماع ' البخاري '، ففتح الله بنزول الغيث.
[أخبار الغلاء والوباء]
وفي سلخ صفر جاءت أخبار مصر بالغلاء، وأن الخبز كل خمس أواق بالدمشقي بدرهم. وأن جماعة عزروا بسبب بيع لحم الحمير والكلاب مطبوخاً.

(52/39)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 40
وأما القمح بدمشق فأبيعت الغرارة بمائة وأربعين إلى خمسين درهماً. وبيع اللحم بأربعة دراهم. وأما الوباء بمصر فيقال أحصي من مات في صفر فبلغوا مائة ألف وسبعة وعشرين ألفاً، والله أعلم بصحة ذلك. وفي نصف ربيع الأول جاء الخبر من مصر بأن الأردب بمائة وستين درهما، وأن الخبز بالمصري كل رطل ونصف بدرهم، وأنه أحصي من مات من أول يوم من ربيع الأول إلى اليوم السادس فبلغوا خمسة وعشرين ألفاً.
[قدوم فرسان من التتار]
وفيه قدم من الشرق نحو مائة فارس من التتار بأهلهم مقفزين، فسافر بهم الأمير شمس الدين قراسنقر المنصوري إلى القاهرة.
[غلاء القمح بدمشق]
وفي ربيع الآخر وصلت غرارة القمح بدمشق إلى مائة وثمانين درهماً.

(52/40)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 41

[موت مفسر المنامات بالقاهرة]
وفيه بلغنا أن الشهاب مفسر المنامات بالقاهرة تغير عليه أميره القائم به ألطبرس، ونهب داره، وطلب ولده الكبير عبد الرحمن، فهرب وألقى بنفسه من مكان عال لينهزم، فبقي أياماً ومات. ورسم لشهاب الدين بالانتقال إلى الشام، فتحول بأهله وأولاده.
[قتْل حرفوش قتل حراس الدروب]
وفيها ظهر بدمشق قتل جماعة من حراس الدروب في كل ليلة واحد أو اثنان، حتى قتل أكثر من عشرة، فاحترز الوالي وغلقت الدروب وجددت شرائح في أماكن. وخفي الأمر أياماً، ثم ظفروا بحرفوش ناقص العقل، فقرر فاعترف بأنه كان يأتي الحارس وهو نائم فيدق على يافوخه بزلطة فيقتله لوقته فسمروه، ثم خنق.
[الوباء بالإسكندرية والقاهرة]
وجاءت الأخبار بأن الوباء والمرض بالإسكندرية قد تجاوز الوصف، وأن الفروج أبيع بها بستة وثلاثين درهماً، وأنه بالقاهرة بقريب العشرين. وأن البيض بالقاهرة ثلاثة بدرهم. وهلكت الحمير والقطاط والكلاب، ولم يبق حمار للكر إلا في النادر.
[انخفاض السعر بدمشق]
وفي جمادى الأولى انحط السعر بدمشق، فبيع القمح غرارة بمائة درهم.

(52/41)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 42

[وفاة قاضي القضاة بالقاهرة]
وفيه توفي بالقاهرة قاضي القضاة تقي الدين ابن بنت الأعز، وولي القضاء بعده الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد.
[اشتداد الغلاء بدمشق]
وفي جمادى الآخرة اشتد الغلاء بدمشق حتى بلغت الغرارة مائة وثمانين درهماً. وبيع الخبز عشر أواق بدرهم. ثم تناقص شيئاً.
[الرخص وانحسار الوباء بمصر]
وأما مصر فوصلت الأخبار بالرخص وذهاب الوباء ولله الحمد، وأن الإردب نزل إلى خمسة وثلاثين درهماً. ثم جاءت الأخبار بنزوله إلى خمسة وعشرين درهماً.
[القحط بالحجاز]
وأما الحجاز فكان شديد القحط، فيقال إن غرارة القمح بلغت بالمدينة إلى ألف درهم.
[تدريس ابن تيمية]
وفي شعبان درس بالحنبلية بعد موت ابن المنجا ابن تيمية شيخنا.

(52/42)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 43

[سفر والدة سلامش]
وفي رمضان قدمت والدة سلامش بن الملك الظاهر من بلاد الأشكري إلى دمشق، فنزلت بالظاهرية، ثم توجهت إلى مصر.
[وفاة المسعودي أمير الديوان]
ومات المسعودي الأمير ببستانه، وجاء بعده على ديوان نائب المملكة حسام الدين لاجين مملوكه الأمير سيف الدين جاغان.
[الحجّ الشامي]
وحج بالشاميين بهادر العجمي.
[قدوم السلطان كتبغا إلى دمشق]
وفي ذي القعدة قدم السلطان الملك العادل بالجيش، وزينت دمشق لمجيئه، وصلى بمقصورة الخطابة.

(52/43)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 44

[وصف المؤلِّف الذهبي لكتبُغا]
وكان أسمر، مدور الوجه، صغير العين، قصيراً، في ذقنه شعرات يسيرة، وله رقبة قصيرة، وكان يوصف بالشجاعة والإقدام والدين التام، وحسن الخلق، وسلامة الباطن، والتواضع، وترك الفواحش، وعدم السفك للدماء وقلة الظلم. لكنه كان يضعف عن حمل أعباء الملك ويعوزه رأي وحزم، ودهاء، مع ما فيه من التقوى وحسن الطوية.
[تولية وعزل أعيان بدمشق]
وقدم معه الوزير ابن الخليلي فولي قضاء الحنابلة القاضي تقي الدين سليمان وخلع عليه، وعلى بقية القضاة، وعلى الوزير تقي الدين توبة، وعلى قاضي العساكر المنصورة نجم الدين، وعلى أخيه الصاحب أمين الدين، وعلى المحتسب شهاب الدين الحنفي، وعلى الأمراء. وعزل من الوكالة تاج الدين ابن الشيرازي وصودر، وولي مكانه نجم الدين ابن أبي الطيب.
[الترسيم على أسندمر والأعسر]
ورسم على أسندمر والي البر، وعلى المشد شمس الدين الأعسر، وعلى جماعة من الدواوين وصودروا.

(52/44)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 45

[ولاية البر]
وولي البر علاء الدين الجاكي.
[مصادرة ابن السلعوس والأعسر]
وطلب من كل الدواوين جامكية سنة، وأخذ مبلغ من شهاب الدين ابن السلعوس، وصودر الوالي ابن النشابي. واحتيط على دار الأعسر، وباع في المصادرة جملة من أملاكه، حتى صودر المجير الضراب وضرب.
[عسف ابن الخليلي]
وكثر العسف من الصاحب ابن الخليلي، وداخله ابن مزهر ولازمه، وكشف له الأمور، ثم إنه سلطه الله عليه، فأخرق به ورسم عليه.
[صلاة صاحب حماة وغيره مع السلطان بالمقصورة]
وقدم صاحب حماة للخدمة، وصلى الجمعة بالمقصورة إلى جانب السلطان، وبعده أمير سلاح بدر الدين، وعن يسار السلطان الشيخ الكبير حسن بن الحريري، وأخواه، ثم نائب المملكة حسام الدين لاجين، ثم نائب دمشق عز الدين ابن الحموي، ثم بدر الدين بيسري، ثم قراسنقر المنصوري، ثم الحاج بهادر. وخلع على ابن جماعة خلعة خطب بها، وسلم على السلطان. ثم زار المصحف، ولعب من الغد بالكرة.

(52/45)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 46

[نيابة الشام]
ثم استناب على الشام سيف الدين غرلو مملوكه، وهو شاب أشقر من أبناء الثلاثين، وأعطى الحموي خبز غرلو بمصر.
[وزارة دمشق]
وأعطى شهاب الدين الحنفي وزارة دمشق. وعزل تقي الدين بن البيع.
[سفر السلطان إلى حمص]
وتوجه السلطان إلى جوسية بالجيش، وأقام بالبرية أياماً. ودخل حمص ونزل مرجها.

(52/46)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 47

سنة ست وتسعين وستمائة

[كتابة السلطان على القصص بدمشق]
في ثاني المحرم دخل السلطان زين الدين كتبغا دمشق راجعاً من حمص، ثم صلى الجمعة بالجامع، وأخذ من الناس قصصهم حتى قيل إنه رأى شخصاً بيده قصة فتقدم بنفسه إليه خطوات وأخذها منه. ثم جلس من الغد بدار العدل، وكتب على القصص.
[الحسبة بدمشق]
وولي حسبة دمشق الزين عمر أخو الصاحب شهاب الدين الحنفي.
[زيارات السلطان بدمشق]
وصلى السلطان الجمعة الثانية من المحرم بجامع دمشق، ثم مشى إلى عند المكان الملقب بقبر هود فصلى عنده، وصعد في هذا اليوم إلى مغارة الدم وزار، ثم صلى الجمعة الثالثة أيضاً بالجامع.
[تأمير الملك الكامل]
وأعطى الملك الكامل طبل خاناه.

(52/47)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 48

[حبْس أسندمر]
وفيه قيد أسندمر وحبس، وولي الشد فتح الدين ابن صبرة.
[تسفير الأعسر]
ورسم للأعسر بأن يسافر مع الجيش إلى مصر.
[ولاية ابن الموصلي]
وولي مجير الدين ابن الموصلي وكالة البيسري، وخلع عليه لذلك.
[سفر السلطان من دمشق]
وسافر السلطان من دمشق في ثاني وعشرين المحرم.
[توديع الصاحب]
وخرج القضاة لتوديع الصاحب.

(52/48)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 49

[اختباط عسكر السلطان]
ولما كان سلخ المحرم اشتهر بالبلد أن الجيش مختبط، وأغلق باب القلعة، وتهيأ نائب السلطنة غرلو وجمع الأمراء، وركب بعض العسكر على باب النصر، فلما كان قريب العصر وصل السلطان الملك العادل إلى القلعة في خمسة مماليك فقط. وكان قد وصل في أول النهار أمير شكار مجروحاً، وهو الذي أعلم بالأمر، فدخل الأمراء إلى الخدمة وخلع على جماعة، واحتيط على نواب نائب السلطنة الحسام لاجين وحواصله بدمشق. وكان الأمر الذي جرى بقرب وادي فحمة بكرة الإثنين ثامن وعشرين المحرم وهو أن حسام الدين لاجين قتل الأميرين بتخاص، وبكتوت الأزرق العادليين، وكانا شهمين شجاعين عزيزين عند العادل، فلما رأى العادل الهوشة خاف على نفسه، وركب فرس النوبة، وساق ومعه هؤلاء المماليك، فوصل في أنحس تقويم، كأنه مقدم من الحلقة وعليه غبرة، ودوابهم قد شعثت وكلت، والسعادة قد ولت عنه.
[سلطنة حسام الدين لاجين]
وأما لاجين فساق بالخزائن، وركب في دست الملك، وساق الجيوش بين يديه وبايعوه، ولم يختلف عليه اثنان، وسلطنوه في الطريق.

(52/49)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 50

[تدبير مصالح السلطنة بدمشق]
وبعد يومين وصل إلى دمشق زين الدين غلبك العادلي ومعه جماعة يسيرة من مماليك العادل. ولزم شهاب الدين الحنفي القلعة لمصالح السلطنة وتدبير الأمور.
[سعر القمح]
وكان القمح في هذه المدة بنحو مائة وثمانين درهماً.
[الخطبة للاجين بالقدس وغزّة]
وفي ثالث عشر صفر اشتهر بدمشق سلطنة الملك المنصور حسام الدينا والدين لاجين. وأنه خطب له بالقدس وغزة.
[دخول لاجين القاهرة]
وكان العادل قد عزم على مراسلته، ثم بطل ذلك. وأقام هذه المدة بالقلعة وأمر جماعة وأطلق بعض المكوس. ثم جاء الخبر بزينة صفد ودق البشائر بها وكذلك الكرك ونابلس. فبعث العادل طائفة مع طقصبا الناصري

(52/50)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 51
لكشف الأمر، فتوجهوا في ثاني وعشرين صفر، فبلغهم في اليوم دخول السلطان الجديد القاهرة. فردوا.
[اعتراف كتبغا بسلطنة لاجين]
واتفق في يوم الرابع والعشرين وصول كجكن والأمراء من الرحبة، فلم يدخلوا دمشق، بل نزلوا بقرب مسجد القدم، وأظهر كجكن سلطنة المنصور وأعلن بها. فخرج إليه أمراء دمشق طائفة بعد طائفة. وتوجه أميران إلى القاهرة. فتحقق العادل زوال ملكه، فأذعن بالطاعة وقال لهم: يا أمراء، هذا الرجل هو خشداشي، وأنا في خدمته وطاعته. وحضر الأمير جاغان الحسامي إلى القلعة، فقال له العادل: أنا أجلس في مكان بالقلعة حتى تكاتب السلطان وتفعل ما يرسم به. فلما رأى الأمراء منه ذلك تركوه وخرجوا وتجمعوا بباب الميدان، وحلفوا لصاحب مصر. وركبت البرد بذلك. واحتفظ بالقلعة وبزين الدين كتبغا، وغلقت أكثر أبواب المدينة. ثم دقت البشائر وزين البلد. واختفى الشهاب الحنفي. ثم من الغد اجتمع القضاة بدار السعادة وحلفت الأمراء بحضورهم وحضور سيف الدين غرلوا العادلي النائب، وأظهر السرور وحلف وقال: أنا الذي عينني للنيابة هو السلطان حسام الدين، وإلا فأستاذي كان استصغرني. ثم إنه سافر هو وسيف الدين جاغان.
[جلوس لاجين على كرسي السلطنة]
ثم وصل كتاب السلطان بأنه جلس على كرسي الملك بمصر في يوم الجمعة عاشر صفر.

(52/51)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 52

[الخطبة بدمشق للسلطان لاجين]
ويوم مستهل ربيع الأول خطب بدمشق له، وحضر بالمقصورة القضاة والأمير شمس الدين الأعسر، وكان قد قدم، وسيف الدين كجكن، وسيف الدين أسندمر، وغيرهم.
[خلعة الخلافة للسلطان]
وفي تاسع عشر صفر كان ركوب السلطان بمصر بالخلعة الخليفتية والتقليد الحاكمي.
[سفر قضاة دمشق]
وفي ثامن ربيع الأول توجه من دمشق القاضي إمام الدين القزويني، ثم القاضي حسام الدين الحنفي، والقاضي جمال الدين المالكي.
[خَلْف كتبُغا بالطاعة للسلطان لاجين]
وفي حادي عشر ربيع الأول وصل الأمير سيف الدين جاغان ودخل إلى القلعة هو والحسام أستاذ دار، وكان قد جاء إلى دمشق في التحليف، وسيف الدين كجكن، وقاضي القضاة بدر الدين فتكلم السلطان كتبغا مع الأمراء بالتركي كلاماً طويلاً، وفيه عتب عليهم، ثم إنه حلف يميناً طويلة يقول في أولها: أقول وأنا كتبغا المنصوري إني راض بالمكان الذي يعينه السلطان له ولا يكاتب ولا يسارر. وخرجوا من عنده. واشتهر أن المكان المعين له صرخد. ولم تذكر في اليمين.

(52/52)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 53

[تعيين الوزير وناظر الخزائن بدمشق]
وجاء مع جاغان تولية الوزارة للصاحب تقي الدين توبة بدل الحنفي. وتولية أمينه الدين بن هلال نظر الخزانة، وكان قد باشرها شهراً التقي توبة بعد محيي الدين ابن النحاس. وتولية الحسبة لأمين الدين يوسف الرومي الإمام الحسامي صاحب الأيكي.
[نيابة قبجق دمشق]
وفي سادس عشر ربيع الأول دخل دمشق الأمير سيف الدين قبجق المنصوري على النيابة.
[قضاء الشام]
وفي جمادى الأولى ولي قضاء الشام إمام الدين القزويني عوض ابن جماعة.

(52/53)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 54

[تدريس القيمرية]
وولي ابن جماعة تدريس القيمرية عوض إمام الدين.
[ولاية الشد]
وولي الشد جاغان.
[سفر توبة والكامل إلى مصر]
وممن سافر إلى مصر للهنا، تقي الدين توبة، والملك الكامل.
[نظر الدواوين]
وولي نظر الدواوين فخر الدين ابن الشيرجي عوضاً عن أمين الدين ابن صصرى.
[وزارة الأعسر]
وسار الأعسر إلى مصر فوليّ بها الوزارة مع الشد، وسلم إليه ابن الخليلي فصادره.

(52/54)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 55

[نظر الدواوين بدمشق]
وفي شعبان قدم الشريف زين الدين ابن عدنان بنظر الدواوين، وصرف ابن الشيرجي. ثم جاء توقيع بذلك لأمين الدين بن هلال. وولي مكانه الخزانة أمين الدين ابن صصرى.
[الحجّ الشامي]
وحج بالشاميين الأمير كرجي، وحج الأميران المطروحي، وبهادر آص.
[نظر الخزانة]
ثم باشر فخر الدين ابن الشيرجي نظر الخزانة بدل ابن صصرى.
[إمساك قراسنقر والأعسر]
وكان السلطان حسام الدين قد استناب بالديار المصرية قراسنقر ثم قبض عليه في نصف ذي القعدة، واستناب مملوكه منكوتمر الحسامي ؛ ثم مسك الأعسر في ذي الحجة، واحتيط على حواصلهما.

(52/55)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 56

سنة سبع وتسعين وستمائة

[قضاء بعلبك]
سافر زين الدين ابن قاضي الخليل في المحرم إلى بعلبك على قضائها.
[عودة الركب الشامي]
ويوم السابع والعشرين من المحرم دخل الركب الشامي بعد صلاة الجمعة.
[قضاء الحنفية بدمشق]
وفي صفر ولي قضاء الحنفية بدمشق جلال الدين ابن القاضي حسام الدين. وأقام والده بمصر في صحابة ' السلطان، فولاه القضاء، وعزل القاضي شمس الدين السروجي.
[شفاء السلطان]
وفي صفر عوفي السلطان وركب، مذقت البشائر، وزينت دمشق. وكان قد وقع وانصدعت رجله.

(52/56)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 57

[تجديد الجمعة بالمعظّمية]
وفي ربيع الآخر جددت إقامة الجمعة بالمدرسة المعظمية بجبل قاسيون، وخطب بها مدرسها الشيخ شمس الدين ابن العز.
[الوزارة بمصر]
وفيه قبض بمصر على الأمير بدر الدين بيسري، وأعيد إلى الوزارة ابن الخليلي.
[توجّه عسكر مصريّ إلى حلب]
وفي جمادى الأولى قدم عسكر مصري عليهم الأمير علم الدين الدواداري متوجهين إلى حلب، وحضر معه المحدث يوسف بن عيسى الدمياطي طالب حديث.
[فتح حصون من بلاد سيس]
ثم سار الدواداري وبعض عساكر الشام فنازل ثغر سيس. ووقع

(52/57)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 58
الحصار إلى أن أخذت تل حمدون في سابع رمضان، ودقت البشائر لذلك. ثم أخذوا قلعة مرعش، وقلعة حموص في أواخر رمضان. ودقت البشائر أيضاً. وجاءت علم الدين الدواداري رمية حجر في رجله.
[الحج الشامي]
وحج بالناس الأمير عز الدين أيبك الطويل الحاج.
[عودة الملك خضر من بلاد الأشكري]
وفي شوال قدم إلى مصر من بلاد الأشكري الملك خضر بن الملك الظاهر، وقد كان بعثه إلى هناك الملك الأشرف.
[بناء المدرسة المنكودمرية]
وفيه فرغوا من بناء المدرسة المنكودمرية بالقاهرة، وأديرت، وجلس بها المدرسون، وهي داخل باب القنطرة.

(52/58)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 59

[فتح قلعتين للأرمن]
وفيه أخذ المسلمون قلعة حميص وقلعة نجيمة من بلاد الأرمن.
[التقليد بقضاء حماة]
وفي ذي الحجة جاء تقليد من صاحب حماة بقضائها للخطيب موفق الدين الحموي فسافر من دمشق.
[خروج عسكر من مصر إلى حلب]
ووصل في ذي القعدة من مصر بكتمر السلحدار الظاهري، ثم المنصوري على ثلاثة آلاف قاصدين حلب.
[إصابة العسكر في الحصار]
وأصيب جماعة من العسكر في حصار قلاع الأرمن.
[خسوف القمر]
وفي ذي الحجة انخسف القمر.
[إمساك الأمير أيبك]
ومسك بمصر الأمير عز الدين أيبك الحموي.
[ولاية بغداد]
وفيها ولي بغداد الأمير أيدينا المسلم، فمهد العراق، وقمع المفسد، وعدل، وامتدت ولايته.

(52/59)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 60

سنة ثمان وتسعين وستمائة

[التشديد على منع المنسحبين من الغزو]
وطال أمر الغزاة بالثغور، فتسحب بعض الأجناد وضعفوا، فجاء الأمر بالتشديد في ذلك. ونصب المشانق تحت القلعة، والأمر برجوعهم ولا يتخلف أحد أبداً. فخرجوا بأجمعهم مع نائب السلطنة قبجق في نصف المحرم.
[ولاية البر]
وفيه عزل ابن الجاكي من البر، وجاء على ولايته حسام الدين لاجين المنصوري الصغير.
[عودة الأمير الدواداري من الغزو]
وفي سلخ صفر قدم من الغزاة الأمير علم الدين الدواداري.
[ظهور وديعة نائب غزّة]
وفي سنة ثمان ظهرت الوديعة التي عند فخر الدين الفزاري لعز الدين الجناحي الذي كان نائب غزة، وهي ستون ألف دينار عين وجواهر وغير

(52/60)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 61
ذلك. مات صاحبها في التجريد بحلب ولم يعلم بها أحد، ولم يخلف وارثا، فحملها المذكور من تلقاء نفسه إلى بيت المال.
[الإنكار على ابن تيميّة كلامه في الصفات]
وفي ربيع الأول قام جماعة من الشافعية المتكلمين فأنكروا على ابن تيمية كلامه في الصفات. وأخذوا فتياه الحموية فردوا عليه وانتصبوا لأذيته، وسعوا إلى القضاة والعلماء، فطاوعهم جلال الدين قاضي الحنفية في الدخول في القضية، فطلب الشيخ، فلم يحضر. فأمر فنودي في بعض دمشق بإبطال العقيدة الحموية، أو نحو هذا. فانتصر له الأمير جاغان المشد، واجتمع به الشيخ، فطلب من سعى في ذلك، فاختفى البعض، وتشفع البعض، وضرب المنادي ومن معه بالكوافيين. وجلس الشيخ على عادته يوم الجمعة وتكلم على قوله: {وإنك لعلى خلق عظيم} . ثم حضر من الغد عند قاضي القضاة إمام الدين، رحمه الله، وحضر جماعة يسيرة، وبحثوا مع الشيخ في الحموية، وحاققوه على ألفاظ فيها. وطال البحث، وقرئ جميعها، وبقوا من أوائل النهار إلى نحو ثلث الليل، ورضوا بما فيها في الظاهر، ولم يقع إنكار، بحيث انفصل المجلس، والقاضي، رحمه الله، يقول: كل من تكلم في الشيخ فأنا خصمه. وقال أخوه القاضي جلال الدين: كل من تكلم في ابن تيمية بعد هذا نعزره. حدثني بذلك الثقة. لكن جلال الدين أنكر هذا فيما بعد، ونسي فيما أظن. والذين سعوا في الشيخ ما أبقوا ممكناً من القذف والسب ورميه بالتجسيم. وكان قد لحقهم حسد للشيخ وتألموا منه بسبب ما هو المعهود من تغليظه وفظاظته وفجاجة عبارته، وتوبيخه الأليم المبكي المنكي المثير

(52/61)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 62
النفوس، ولو سلم من ذلك لكان أنفع للمخالفين، لا سيما عبارته في هذه الفتيا الحموية. وكان غضبه فيها لله ولرسوله باجتهاده. فانتفع بها أناس وانفصم بها آخرون ولم يحملوها. واتفق أن قبل هذا بأيام أنكر أمر المنجمين، ومشى إلى نائب السلطنة سيف الدين جاغان، فامتثل أمره، وأصغى إلى قوله واحترمه، وطلب منه كثرة الاجتماع به، فشرقوا لذلك، وفعلوا الذي فعلوا، واعتضدوا بشيخ دار الحديث. وبعث جاغان في الحال جاندراية فضربوا المنادي وجماعة كانوا معه من أذناب الفقهاء. واحتمى صدر الدين ابن الوكيل ببدر الدين الأتابكي واستجار به، واختفى الأمير سالم وغيره، وفرغت الفتنة، ورأى قاضي القضاة إخمادها وتسكينها.
[الإيقاع بأعراب البطائح]
وفيها سار غازان إلى بغداد وجهز عسكراً إلى البطائح، فأوقعوا بحرامية الأعراب بالبطائح، وقتلوا منهم خلقاً. وأحسن إلى الرعية. وأمر بتصفية النقدية وتهدد في ذلك.
[القحط بشيراز]
واشتد القحط بشيراز.
قصّة قبجق وألبكي والسلحدار وذهابهم إلى التتار
كان هؤلاء وغيرهم قد توحشت خواطرهم وخافوا على أنفسهم مما وقع من منكودمر الحسامي نائب المملكة، من قيامه في إعدامه جماعة من الأمراء المجردين بحلب بالسم، وغير ذلك. وعلموا أن أستاذه لا يزيل خوفه لمحبته له، واعتماده عليه في سائر الأمور، فاتفقوا على أن مصلحتهم الدخول إلى عند قازان لأنهم بلغهم إسلامه. فساروا من حمص في ليلة ثامن ربيع الآخر

(52/62)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 63
ثلاثتهم والأمير بزلار في خواصهم، وساقوا على جهة سلمية من حمص. ورجع طائفة كبيرة من العسكر.
[مقتل السلطان لاجين]
فلما كان بعد عشر ليال من مسيرهم وصل البريد إلى دمشق وجماعة، فأخبروا بقتل السلطان ونائبه، ومعهم كتب من الحسام أستاذ دار، وطغجي، وكرجي بالواقعة.
[السلطنة الثانية للناصر]
فحلفت الأمراء للسلطان الملك الناصر، وأحضر من الكرك وملكوه وهذه سلطنته الثانية.

(52/63)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 64

[دخول قبجق أرض سنجار]
وساقوا خلف قبجق ليرجع مكرماً آمنا، ففات الأمر، وعلموا بذلك بأرض سنجار.
[اعتقال جاغان ووالي البر]
ثم قيد جاغان والحسام لاجين والي البر، وأدخلا القلعة. ثم بعد خمس أتى الخبر بقتل طغجي وكرجي، وطيف برأس كرجي الذي قتل السلطان ونائبه منكوتمر، وألقي طغجي على مزبلة. ودفن السلطان عند تربة ابن عبود، ودفن نائبه عند رجليه.
[الإفراج عن جاغان]
ثم بعد أيام من الحبس جاغان ووالي البر.
[أتابكية الجيش]
ثم جاء البريد باستقرار أتابكية الجيش للأمير حسام الدين لاجين أستاذ دار.

(52/64)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 65

[نيابة السلطان بمصر]
وبنيابة المملكة للأمير سيف الدين سلار المنصوري مملوك الملك الصالح علي بن الملك المنصور سيف الدين.
[ركوب السلطان بالقاهرة]
وفي جمادى الأولى ركب السلطان بالقاهرة في الدست والتقليد الحاكمي، وقد دخل في خمس عشرة سنة.
[نيابة الأفرم بدمشق]
وفيه قدم دمشق على نيابتها الأمير جمال الدين الأفرم المنصوري فنزل بدار السعادة. ثم قدم طلبه بعد أيام. وولي الشد أقجبا المنصوري. وولاية البلد جمال الدين إبراهيم ابن النحاس. وولاية بر البلد عماد الدين حسن ابن النشابي.

(52/65)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 66

[وقف رواق الدواداري]
وفيه وقف الدواداري الرواق الذي بداره، وجعل شيخه أبا الحسن بن العطار، ونزل فيه عشرة فقهاء، وعشرة محدثين، فألقي الدرس بحضرة الواقف في جمع كبير من القضاة والأعيان والأمراء، ومد لهم سماطاً.
[نظر الدواوين]
وفي جمادى الآخرة ولي نظر الدواوين فخر الدين ابن الشيرجي.
[قدوم عسكر من مصر إلى دمشق]
وفي رجب قدم عسكر من مصر عليهم الأمير سيف الدين بلبان الحبيشي، وهو شيخ قديم الإمرة.
[حبس الأمير كجكن]
وفيه مسك سيف الدين كجكن وحبس بقلعة دمشق.
[وزارة الأعسر]
وفي رمضان أخرج الأعسر من الحبس بمصر وولي الوزارة.
[الإفراج عن قراسنقر]
وقبل ذلك في شعبان أخرج الأمير قراسنقر المنصوري من الحبس، وأعطي الصبيبة وبلادها، فتوجه إليها.

(52/66)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 67

[حجّ المؤلّف]
وحج بنا الأمير شمس الدين العينتابي.
[تجديد مشهد عثمان بالجامع الأموي]
وفي شوال جدد مشهد عثمان بجامع دمشق، وكان أكثره معطلاً بآلاتٍ وخشب، وبعضه بيت للخدم، فحرر جميعه وبيض، وعمل له طراز مذهب، وقرر له إمام راتب. وذلك في مباشرة ناصر الدين أحمد بن عبد السلام للنظر، وصار يجلس به قاضي القضاة للأحكام يوم الجمعة بعد ذهاب ملك الأمراء. واستمر إلى الآن.
[وفاة البيسري]
وفي ذي القعدة توفي البيسري بالجب.
[وفاة صاحب حماة]
وتوفي المظفر صاحب حماة.
[الأخبار بحركة التتار] وفي ذي الحجة كثرت الأخبار بحركة التتار وعزمهم على قصد البلاد، وأن المحرك لهمتهم قبجق وبكتمر السلحدار.

(52/67)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 68

[قضاء الحنفية بدمشق]
وفيه أعيد القاضي حسام الدين الحنفي إلى قضاء دمشق، وأعيد السروجي إلى قضاء القاهرة.
[نيابة قراسُنقر حماة]
وفيه أعطي قراسنقر حماة، توفي صاحبها، فسار قراسنقر من الصبيبة إليها.
[الإعتداء على الركْب الشامي]
وفيه كانت على الركب الشامي هوشة بمكة، وقتل جماعة، وجرح نحو ستين نفساً، ونهب من كان منهم داخل مكة.

(52/68)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 69

سنة تسع وتسعين وستمائة

[خروج السلطان للقاء العدوّ]
في أول السنة خرج السلطان بالجيوش من مصر للقاء العدو.
[التدريس بالظاهرية]
وفي صفر درس بالظاهرية القاضي شمس الدين سلمان الملطي نائب الحكم، وليها بعد موت شهاب الدين ابن النحاس.
[تولية الريحانية]
وولي الريحانية جلال الدين ابن القاضي.
[دخول السلطان دمشق]
وفي ثامن ربيع الأول دخل السلطان الملك الناصر دمشق، وزين البلد. وكان قد طول الإقامة على غزة. وقدم دمشق جفال حلب وحماة وتلك النواحي، وقاسوا البرد والوحل. واشتد الأمر، وقوي الزر، وأقام السلطان في القلعة تسعة أيام، وخرج للملتقى.

(52/69)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 70

[وقعة قازان بالخزندار]
وعدت التتار الفرات مع الملك قازان في ستين ألفاً، وأكثر ما قيل إنهم مائة ألف ولم يصح. وكثر الدعاء، وقنت الناس في الصلوات، وعملت الختم بالجامع. واجتمعت جيوش الإسلام على حمص، وحضر الناس لقراءة ' البخاري ' بدمشق. وأخذ شيخ دار الحديث الأثر وحمله على رأسه إلى الجامع ومعه القضاة ووضعوه تحت النسر، وحفوا به يدعون ويبتهلون يوم الرابع والعشرين من ربيع الأول. وأخذ فقهاء المكاتب الصغار وداروا بهم في المساجد يدعون ويستغيثون ربهم تبارك وتعالى. وفعلت اليهود والنصارى ذلك وحملوا توراتهم وإنجيلهم. وأما الجيش فإنهم تعبوا للمصاف، وبقوا ملبسين على الخيل يوم الثلاثاء، فلم يجيئهم أحد، وبلغهم أن التتار بقرب سلمية وأنهم يريدون الرجوع، وذلك شناعة ومكيدة، فركب السلطان بكرة الأربعاء وساقوا من حمص إلى وادي الخزندار، وقد حميت الشمس، فكانت الوقعة في يوم الأربعاء، الخامسة من النهار، السابع والعشرين من الشهر بوادي الخزندار، شمال حمص بشرق، على نحو فرسين من حمص أو ثلاثة. والتحم الحرب، ودام الطعن والضرب، واستمر بالتتار القتل، ولاحت أمارات النصر، وثبت المسلمون إلى بعد العصر، وثبت السلطان والخاصكية ثباتاً كلياً. وانكسرت ميمنة المسلمين، وجاءهم ما لا قبل لهم به لأن الجيش لم يتكامل يومئذ، وكانوا بضعة وعشرين ألفاً، وكان العدو ثلاثة أمثالهم،

(52/70)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 71
وشرعوا في الهزيمة، وقضي الأمر. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وأخذت الأمراء السلطان وولوا، وتحيزوا وحموا ظهورهم، ومروا على حمص وساروا على درب بعلبك إلى طريق البقاع، ومر خلق من الجيش منكسرين عليهم كسفة وكآبة بدمشق. وأما نحن فوقعت يوم الخميس الظهر بطاقة مضمونها أن أقجبا المشد وجماعة مجرحين وصلوا إلى قارة، وأن أمر المصاف متماسك بعد، ولم يدروا ما تم بعدهم، فأخفى أرجواش نائب المملكة ذلك، فما أمسينا حتى أشهر أن الميمنة انكسرت. ثم قيل إن الجيش جميعه انكسر، فبتنا بليلة الله بها عليم، وفترت الهمم عن الدعاء. ودقت البشائر من الغد تطميناً وتبين كذبها. ثم أرسل أرجواش الأنهار على خندق البلد. ثم دقت البشائر عصر يوم الجمعة فلم يعبأ بها الناس، بل بقوا حائرين في هرج ومرج. وجاء يومئذ خلق من الجند والأمراء، قد وقفت خيولهم، وراحت أثقالهم وأموالهم، وتمزقوا، وقد رموا الجوشن. واستشهد في المصاف جماعة إلى رحمة الله. وشرع الناس في الهرب إلى مصر. وبات الناس ليلة السبت في أمر عظيم، وقد أشرفوا على خطة صعبة. وبلغنا أن التتار قتل منهم خمسة آلاف، وقيل عشرة آلاف. ولم يقتل من الجيش إلا دون المائتين.

(52/71)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 72
حدثني ضوء بن صباح الزبيدي قال: ما رأيت أنفع من الخاصكية لقد رأيتهم على باب حمص يحملون على التتار عند اصفرار الشمس وينكون في التتار، ثم يرجعون إلى السلطان. وقال غيره: ألقى الله الهزيمة فولوا مدبرين بعد العصر، وبقيت العدد والأمتعة ملقاة قد ملأت تلك الأرض والرماح والجواشن والخوذ. أما نحن، فشرع الناس يتحدثون في أمر التتار ويذكرون عنهم خيراً، وأن ملكهم مسلم، وأن جيشه لم يتبعوا المنهزمين. وبعد تمام الوقعة لم يقتلوا أحداً. وأن من وجدوه أخذوا فرسه وسلاحه وأطلقوه. وكثرت الحكايات من هذا النمط، حتى قال إنسان كبير: اسكت، هؤلاء خير من عسكرنا ولا تخدع الناس. وفي يوم السبت الظهر وقع بالبلد صرخات وصياح مزعج، وخرج الناس، وتهتكت النساء، وقيل: دخل التتار. وازدحم الناس في باب الفرج، حتى مات نحو العشرة، منهم النجم البغدادي الذي يقرأ الغزوات تحت قبة عائشة. ثم سكنت بعد لحظة من غير أصل. فاجتمع أعيان البلد وتحدثوا في المصلحة، وهم فخر الدين ابن الشيرجي ناظر البلد، وعز الدين ابن

(52/72)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 73
القلانسي، ووجيه الدين بن المنجا، وعز الدين ابن الزكي، والشريف زين الدين ابن عدنان. وسافر مع الجمال ليلتئذ قاضي البلد إمام الدين والقاضي المالكي، والمحتسب، وابن النحاس الوالي. وامتلت الطرقات بأهل الغوطة والحواضر.
[إحراق حبْس باب الصغير]
وأحرق أهل حبس باب الصغير الحبس، وخرجوا كلهم، وكانوا أكثر من مائتين، وكسروا أقفال باب الجابية وخرجوا منه.
[المشاورة في طلب الأمان من قازان]
وأصبح الناس يوم الأحد ثاني ربيع الآخر في خمدة وحيرة، منهم الهارب بأولاده إلى مصر، ومنهم الطامع في عدل التتار، وأنهم مشى بهم الحال نوبة هولاكو، وهم وملكهم كفار، فكيف وقد أسلموا؟ ثم اجتمع الكبار بمشهد علي، واشتوروا في الخروج إلى الملك وطلب الأمان. فحضر ابن جماعة، والفارقي، وابن تيمية، والوجيه ابن منجا، والقاضي نجم الدين ابن صصرى، وعز الدين ابن القلانسي، والصاحب ابن الشيرجي، وشرف الدين ابن القلانسي، وأمين الدين ابن شقير، وعز الدين ابن الزكي، ونجم الديم ابن أبي الطيب، وشهاب الدين الحنفي، وغيرهم. وطلعوا ظهر يوم الإثنين بهدايا للأكل في نحو مائتي نفس، ونودي في البلد

(52/73)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 74
من جهة أرجواش: لا يباع من عدد الجند شيء، فسلطانكم باق. وأبيعت الخيل والعدد بأقل ثمن، وبقي البلد بلا وال ولا قاضٍ. أما قاضيه الشافعي فهرب هو والمالكي. وأما الحنفي فشهد المصاف وعدم، وأما الحنبلي فإنه أقام بأهل الصالحية ورجوا الخير. وأما محتسب البلد ومشده فهربا، وغلا الخبز. وكثر الشر والهرج. وبقينا كذلك إلى آخر يوم الخميس. وغلا سعر الطحن وسعر الخبز لعدم الطواحين وعدم الحطب وقلته في الأفرنة. وقد كان الشريف القمي بادر إلى المسير إلى التتار فرجع يوم الخميس ومعه أربعة من التتار، على واحد منهم ثياب المسلمين وكلوته شاش دخاني، ومروا بالمطررين يجهرون بالشهادتين، والناس يتسلون بإسلامهم ويطمئنون شيئاً، فلما أصبح نهار الجمعة لم يفتح للبلد باب. ثم كسر قفل باب توما، كسره نائب الوالي الشجاع همام وابن ظاعن. ولم يذكر في الخطبة سلطان. ثم بعد الصلاة وصل إلى ظاهر المدينة جماعة من التتار معهم الملك إسماعيل قرابة قازان، فنزلوا ببستان الظاهر الذي عند الطرن، وحضر معه الفرمان من الملك بالأمان، ونادوا في البلد: افتحوا حوانيتكم، وطمنوا قلوبكم، وادعوا للملك محمود غازان. وقدم كبراء البلد فذكروا أنهم التقوا

(52/74)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 75
قازان بالنبك فوقف لهم وأكل مما قدموا له. وكان المتكلم الصاحب ابن الشيرجي، والذي دعا للملك الخطيب ابن جماعة. وقالوا لهم: قد بعثنا لكم الأمان قبل أن تجيئوا. وذكروا أن الملك ينزل بالمرج وأنه لا يفتح إلا باب واحد. وحضر يوم السبت إسماعيل ومعه الأمير محمد في خدمتهما طائفة من التتار إلى مقصورة الخطابة بعد الظهر فجلسا بها. وحضر الخطيب، وابن القلانسي، وابن الشيرجي، وابن منجا، وابن صصرى، وطائفة، واجتمع الخلق لسماع الفرمان، قرأه رجل من أعوان التتار، وبلغ عنه المجاهد المؤذن.
[كتاب قازان]
وهو: ' بقوة الله تعالى. ليعلم أمراء التومان والألف والمائة وعموم عساكرنا من المغول والتازيكا والأرمن والكرج وغيرهم ممن هو داخل تحت طاعتنا. إن الله لما نور قلوبنا بنور الإسلام وهدانا إلى ملة النبي صلى الله عليه وسلم
{أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين} . ولما سمعنا أن حكام مصر والشام خارجون عن طرائق الدين، غير متمسكين بأحكام الإسلام، ناقضون لعهودهم، حالفون بالأيمان الفاجرة، ليس لديهم وفاء ولا ذمام، ولا

(52/75)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 76
لأمورهم التئام ولا انتظام. وكان أحدهم إذا تولى {سعى في الأرض} الآية. وشاع أن شعارهم الحيف على الرعية، ومد الأيدي الباغية إلى حريمهم وأموالهم، والتخطي عن جادة العدل والإنصاف، وارتكابهم الجور والاعتساف، حملتنا الحمية الدينية والحفيظة الإسلامية على أن توجهنا إلى تلك البلاد لإزالة هذا العدوان، مستصحبين للجم الغفير من العساكر، ونذرنا على أنفسنا إن وفقنا الله تعالى بحوله وقوته لفتح تلك البلاد أن نزيل العدوان والفساد، وبسط العدل في العباد، ممتثلين الأمر المطاع الإلهي {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الآية. وإجابة إلى ما ندب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم: ' المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهلهم، وما ولوا '. وحيث كانت طويتنا مشتملة على هذه المقاصد الحميدة، والنذور الأكيدة، من الله علينا بتبلج تباشير النصر المبين، وأتم علينا

(52/76)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 77
فقهرنا العدو الطاغية، والجيوش الباغية. فرقناهم أيدي سبأ، ومزقناهم كل ممزق، حتى جاء الحق وزهق الباطل، فازدادت صدورنا انشراحاً للإسلام، وقويت نفوسنا بحقيقة الأحكام، منخرطين في زمرة من حبب إليهم الإيمان، فوجب علينا رعاية تلك العهود الموثقة، والنذور المؤكدة، فصدرت مراسمنا العالية أن لا يتعرض أحد من العساكر المذكورة على اختلاف طبقاتها بدمشق وأعمالها وسائر البلاد الشامية، وأن يكفوا أظفار التعدي عن أنفسهم وأموالهم وحريمهم وأطفالهم، ولا يحوموا حول حماهم بوجه من الوجوه، حتى يشتغلوا بصدور مشروحة، وآمال معسوحة، بعمارة البلاد، وبما هو كل واحد بصدده من تجارة وزراعة. وكان في هذا الهرج العظيم وكثرة العساكر تعرض بعض نفر يسير إلى بعض الرعايا وأسرهم، فقتلنا منهم ليعتبر الباقون، ويقطعوا أطماعهم عن النهب والأسر، وليعلموا أنا لا نسامح بعد هذا الأمر البليغ البتة، وأن لا يتعرضوا لأحد من أهل الأديان من اليهود والنصارى والصابئة، فإنهم إنما يبذلون الجزية لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا، لأنهم من جملة الرعايا. قال صلى الله عليه وسلم: ' الإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم '. فسبيل

(52/77)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 78
القضاة والخطباء والمشايخ والعلماء والشرفاء والأكابر وعامة الرعايا الاستبشار بهذا النصر الهني، والفتح السني. وأخذ الحظ الوافر من الفرح والسرور، مقبلين على الدعاء لهذه الدولة القاهرة، والمملكة الظاهرة. وكتب في خامس ربيع الآخر '. فلما فرغ من قراءته نثر عليه ذهب وفضة بالمقصورة، ونثر الشريف زين الدين نحو عشرة دنانير، وكان واقفاً مع المغول على السدة، وضجت العامة، ودعوا للملك، وسكن جأشهم بعض الشيء.
[نيابة دمشق لقازان]
وجعل نائب البلد الملك إسماعيل وجلس بالقيمرية. وكان فيه عقل

(52/78)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 79
وإسلام وقلة شر في الجملة. ثم طلبوا يوم الأحد المال والخيل من العامة.
[امتناع قلعة دمشق]
وفي عاشر ربيع الآخر قرب الجيش من الغوطة، ووقع العبث والفساد، وقتلوا جماعة من أهل البر، ونهبوا بقايا من في الضياع. وقدم قبجق وبكتمر في طائفة فنزلوا بالميدان، وتكلموا مع متولي القلعة علم الدين أرجواش المنصوري، وراسلوه في تسليم القلعة، وأشاروا عليه بذلك. فلم يقبل وصمم. وكانت خيرة. ثم أمروا أعيان البلد بالمشي إليه من الغد، فاجتمعوا به وسألوه، وقالوا: هذا فيه حقن لدماء المسلمين. فلم يلتفت عليهم، وقد حصن القلعة وهيأ جميع أمورها وسترها، وطلع إليها جماعة كبيرة من البلد.
[دخول السلطان القاهرة]
ويوم الثاني عشر منه دخل السلطان وجمهرة جيشه إلى القاهرة.
[تقريع أعيان دمشق]
وفي هذا اليوم دخل قبجق إلى البلد وجلس بالعزيزية. وأمر الأعيان بمراجعة أرجواش. فكلموه فلم يجبهم وأهانهم، ووقفوا كلهم عند باب القلعة، وطلبوا منه رسولاً فأبى. فبعثوا من كلمه، فأغلظ لهم وقال: أنتم

(52/79)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 80
منافقون، تلقيتم التتار، وسلمتم إليهم البلد، وجسرتموهم. ومع هذا فهذه بطاقة صاحب مصر، وأنهم اجتمعوا على غزة، وأنهم كسروا الطائفة التي اتبعتهم.
[تخريب المقدّم بولاي بلاد غزّة]
وكان المقدم بولاي قد ساق وراء العساكر في نحو عشرة آلاف فوصل إلى غزة، وخرب البلاد، وسبى ونهب.
[الخطبة لقازان بدمشق]
ويوم الخميس ثالث عشر الشهر تحدث الناس بصلاة قازان الجمعة في البلد، فقلق الناس، ودربوا الدروب، وردموا خلف أبوابها الطين والحجارة. وكثر دخول التتار إلى بيوت الناس يفتشون على الخيل ويأخذونها، ويخطفون ويؤذون. وبات ليلتئذ قبجق عند عز الدين ابن القلانسي. وخطب الخطيب يوم الجمعة بالبلد، وأقام الدعوة للسلطان مظفر الدين محمود غازان، ورفع في لقبه، وذلك بحضرة جماعة من المغول. ثم صعد بعد الصلاة قبجق وإسماعيل إلى السدة، ودعا عبد الغني المؤذن وذكر ألقاب قازان، ثم قرئ على الناس تولية قبجق لنيابة الشام، وأن إليه تولية قضاتها

(52/80)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 81
ونوابها. وبلغ الناس عبد الغني، ونثروا على الناس الذهب والدراهم. وحصل فرح ما بتولية قبجق. وتعب قبجق بالتتار كل التعب، ولكنه كان شاطراً ذا دهاء ورأي وخبرة، وقد عرف سياستهم. ونزل شيخ الشيوخ الذي لقازان ولقبه نظام الدين محمود بن علي الشيباني بالمدرسة العادلية، وأظهر العتب على الرؤساء إذ لم يترددوا إليه. وزعم أنه يصلح أمرهم ويتفق معهم على ما يفعل في أمر القلعة. وأظهر أن قبجق وأمثاله من تحت أوامره. وأما أهل الصالحية فابتلشوا ونشبوا بالقعود. وجاءهم مقدم وقعد شحنة لهم، فأكلهم واستحلبهم. وزوجه القاضي بصبية ولم يكن عنده دفع عنهم.
[نهب الصالحية]
وشرعت التتار في نهب الصالحية والعبث والفساد، وبقوا كل يوم يقوى شرهم ويكثر عبثهم، وأخذوا منها شيئاً كثيراً من القموح والغلال والقماش والذخائر، وقلعوا شبابيك، وكسروا وأخربوا، وأخذوا بسط الجامع. والتجأ الناس إلى دير المقادسة، فانحشروا فيه، فاحتاط به التتار في ثامن عشر الشهر ودخلوه، ونهبوا فيه، وسبوا الحريم والأطفال. فخرج إليهم شيخ المشايخ النظام في جماعة من التتار فأدركوهم وردوا عن الدير بعض الشيء. وهرب التتار بما حووا، وتوجهت فرقة إلى داريا، فاحتمى أهلها بالجامع، فحاصروه، وأخذوه ودخلوه، ونهبوا وقتلوا، وعثروا أهل داريا. ولم يزالوا يتدرجون في نهب الخيل وسبي أهله قليلاً قليلاً، فرقة تذهب

(52/81)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 82
وفرقة تأتي. ونبشوا أطمار القماش والأثاث، وعاقبوا وعذبوا. وكان خاتمة أمرهم الدير فاستباحوه ولم يتركوا به إلا العجائز في البرد والجوع والعري. ودخل الرجال عراة حفاة، عليهم خلقان كأنهم الصعاليك، بل أضعف من الصعاليك لما هم فيه من آلام العقوبات والجوع وشدة البرد والسهر وذهاب الأولاد والحريم، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وسارت فرقة إلى المزة، وكان بها أكثر أهلها قد اغتروا وقعدوا فأوطأوهم خوفاً ونهباً وتباراً.
[دخول ابن تيمية على قازان]
وكان الشيخ تقي الدين ابن تيمية تلك الأيام يتردد إلى من يرجو نفعه إلى شيخ المشايخ، وإلى العلم سليمان، وإلى قبجق. ثم إنه خرج مع جماعة يوم العشرين من الشهر إلى قازان وهو بتل راهط إلى قازان، فأدخل عليه ولم يمكن من إعلام قازان بما يقع من التتار، وخافوا أن يغضب ويقتل أناساً من المغل. وأذن له في الدعاء والإسراع. وأشار عليه الوزير سعد الدين ورشيد الدين اليهودي مشير الدولة بأن لا يشكو التتار، ونحن نتولى إصلاح الأمر، ولكن لا بد من إرضاء المغل، فإن منهم جماعة كبيرة لم يحصل لهم شيء إلى الآن.
[خيانة شيخ المشايخ]
وعاد الشيخ إلى المدينة، ثم من الغد في اليوم الثاني والعشرين اشتهر أنه لا بد من دخول المغل إلى البلد والنهب، وظهر ذلك. وجهز شيخ

(52/82)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 83
المشايخ ثقله من العادلية وخرج إلى الأردو، وأشار على من يعرف بالخروج من البلد، فأسرع إليه الأعيان وبذلوا في فداء البلد الأموال، والتمسوا منه أن يتوسط لهم. وكان شيخاً خبيثاً طماعاً، وربما فعل ذلك خديعة، وقيل: بل لين قازان للمغول. ثم خرج منه مرسوم في جوف الليل بأن: من عاودني في أمر دمشق يموت. وأما الناس فباتوا في ليلة مزعجة، وأصبحوا في بلاء شديد وبرد مفرط. وانضم جماعة إلى شيخ المشايخ يرومون الاحتماء به، وهو في ذلك مصمم لا يفرج عنهم كربة ولا يرق لمسلم.
[إثقال كاهل الدمشقيين بالرسوم]
ثم لطف الله وبطل ذلك. ولكن أضعف المقرر على الناس، وجبيت الأموال، وناب الناس في الرسم أموال كثيرة، فكان إذا وضع على الإنسان عشرة آلاف يكون ترسيم نحو الألفين. وأخذ هذه الأيام من البلد أكثر من عشرة آلاف فرس وسائر الحمير، ووقع الضرب والتعليق والعصر. وقرر على سوق الخواصين مائة ألف درهم، وعلى الرماحين مائة ألف، وعلى أهل سوق علي ستون ألفاً، وعلى الكبار مثل ابن منجا وابن القلانسي سبعون ألفاً سبعون ألفاً، ويلحقها تتمة المائة ألف. والطبقة الثانية ثلاثون ألفاً ونحو ذلك. والتزموا المبيت بالجامع بالمشهد الجديد، وأخرق بالكبار وضرب جماعة من الأماثل، وكثر النهب وتشليح من يتطرف. واشتد ذلك يوم الجمعة ثامن وعشرين الشهر. وكثرت الضجة بأعالي الدور، وهرب الناس من

(52/83)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 84
أسطحتهم. وحمل الشيخ شمس الدين ابن غانم إلى الجامع مريضاً، وطلب منه مائة ألف درهم. وصودر الفامية والقصابون. وكان مشد المصادرة علاء الدين أستاذ دار قبجق، والذي يقرر على الناس الصفي السنجاري، قدم مع التتار، والحن والبن أولاد الجريري. وكثرت العوانية، وظهرت النفوس الخبيثة بالأذية والمرافعة، ونهب أهراء الأمراء ودورهم. وذكر الشيخ وجيه الدين ابن المنجا أن الذي حمل إلى خزانة قازان ثلاثة آلاف ألف وستمائة ألف درهم سوى ما محق من الرسوم والبراطيل، وسوى ما استخرج لغيره من الكبار، بحيث أنه اتصل إلى شيخ الشيوخ ما يقارب ستمائة ألف درهم. قلت: واشتد البلاء وهلك ناس كثير في هذه المصادرة، وافتقروا، وإلى اليوم. وبعضهم ركبه الدين. وجبي من بعض الناس على الرؤوس والدور. ثم يوم التاسع والعشرين نودي في البلد بإطلاق الطلب، وانصرفت الأعيان إلى بيوتهم

(52/84)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 85

[حصار قلعة دمشق]
وفي سلخ الشهر كان قبجق قد سكن بدار السعادة، ويذهب إليها من خان الغرباء، فرموا عليه بالمنجنيق وبالنار من القلعة، فوقع فيها الحريق، وابتدئ يومئذ بحصار قلعة دمشق من داخل البلد وخارجه. ودخل المغل للحصار، وملأوا باب البريد إلى الظاهرية إلى ناحية الخاتونية وحارة البلاطة. وباتوا هناك. وعملت هذه الأيام المجانيق للتتار بجامع دمشق، وقطعت لها الأخشاب النفيسة من الغيظة، وأحضرت الأعواد الكبار إلى الجامع، وبات الترك لحفظها. وكسرت دكاكين باب البريد ونهبت، وتحول في الليل جميع أهل تلك النواحي من الأسطحة، وذهبت أموالهم وأقواتهم، وتعثروا وقاسوا الشدائد، ولم يبق بذاك الخط ديار من أهله. ونهبت دار للسكر يومئذ وأبادتها الحرافشة.
[إنفاق السلطان في شراء الخيل]
وأما الجيوش فدخلت القاهرة وأنفق فيهم السلطان، وشرعوا في شراء الخيل والعدد. وغلت هذه الأشياء حتى أبيع الجوشن الذي بعشرة بمائة درهم ونحو ذلك. وكانت نفقة عظيمة لم يعهد مثلها، ولا سيما في الشاميين. ولعلها تجاوزت ألف ألف دينار، وأزيحت علل الجيش بكل ممكن. واحتفل سلار لذلك، واجتهد بكل ممكن هو وكبار الأمراء، وبعثوا قصادا يكشفون لهم خبر الشام وبذلوا لهم ذهباً كثيراً.

(52/85)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 86
ولزم الناس بيوتهم، وخافوا من إلزام التتار لهم بطم خندق القلعة وغير ذلك.
[انتهاب دير المقادسة]
وفي ثاني جمادى الأولى كان قد تبقى بدير المقادسة بعض الشيء وبعض التحريم والرجال والقاضي الحنبلي، فجاءته فرقة من التتر وحرروه نهباً وسبياً، وأسروا القاضي وأخذوه عرياً مكشوف الرأس، وعملوا في رقبته حبلاً. ثم هرب أهل الدير ودخلوا البلد مضروبين مسلوبين، من يراهم يبكي أكثر من بكائهم. ثم أدخل القاضي تقي الدين البلد وقد أسرت بناته وخلق من أقاربه، ورأى الأهوال. ولعل الله قد رحمه بذلك
[إطلاق التتار النار في المدارس]
ولما رأى القلعيون حصار التتار لهم أطلقوا النار في دار الحديث الأشرفية وما جاورها، والعادلية، ودار الملك الكامل ودار بكتوت العلائي، وغالب ما حول القلعة. وسلمت الدماغية، والعمادية، والقيمازية. وبقي الجامع ملآن بالغرباء والمساكين والفلاحين كأنه تحت القلعة.
[إفساد التتار في القرى والضياع]
وقيل إنه أسر من الصالحية نحو أربعة آلاف، ومن باقي الضياع والقدس إلى نابلس إلى البقاع شيء كثير لا يعلمه إلا الله.

(52/86)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 87
وقيل إنه قتل بالصالحية نحو الأربعمائة، وقلع شيء لا يوصف ولا يحد من الأبواب والرخام والشبابيك وغير ذلك، من سائر الأمكنة البرانية ومن الأمكنة الجوانية التي حول القلعة، وأبيع بالهوان. وبقي سائر أهل البلد في ثياب ضعيفة، وعلى رؤوسهم تخافيف عتيقة خوفاً من التشليح. وتراجع أمر المصادرة والعقوبة إلى حاله. وطلب من المدارس مبلغ كبير، نحو المائة ألف، وانعسفت النظار والعمال، وغلت الأسعار.
[الفرمان بصيانة الجامِع الأموي]
وفي هذه الجمعة قرئ بالجامع فرمان فيه صيانة الجامع وحفظ أوقافه. وأن يصرف في السبل والحج ما كان يؤخذ لخزانة السلاح. وأن تضرب الدراهم فضة خالصة.
[رحيل قازان عن الغوطة]
وفي ثاني عشر جمادى الأولى رحل قازان عن الغوطة طالباً بلاده، وتخلف بالقصر نائبة خطلوشاه في فرقة من الجيش.
[حصار القلعة وإحراق أماكن بدمشق]
وفي ثالث عشر جمادى الأولى أمر أهل العادلية بالخروج منها لأجل حصار القلعة، فخرجوا بمشقة وشدة، وتركوا معظم حوائجهم وأقواتهم فنهبت

(52/87)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 88
وفي ثامن عشر جمادى الأولى دخل البلد خلق من المغل وحاصروا القلعة، ونقبوا عليها من غربيها. وبقي أهل الظاهرية، وهي ملآى بالناس، في ضر وخوف من يزك التتار، وهلكوا من انقطاع الماء، وخافوا لا تفعل بهم التتار كما فعلت بالعادلية وأخرجت أهلها. فهربوا من الأسطحة بمشقة زائدة. وأحرقت التتار والكرج والأرمن جامع العقيبية ومارستان الجبل والدهشة، والمدرسة الصاحبية والرباط الناصري وأماكن في غاية الكثرة والحسن. وأحرقت العادلية في ليلة الحادي والعشرين من جمادى الأولى، فهرب من تبقى بالظاهرية عند ذلك.
[تقليد النائب والشادّ بدمشق]
ويوم الجمعة تاسع عشر الشهر قرئ تقليد قبجق النيابة، وتقليد الأمير ناصر الدين يحيى بن جلال الدين ابن صاحب ختن الشد، وفيه: ' إننا نرجع إلى بلادنا وقد تركنا بالشام ستين ألفاً من جيشنا، وإنا سنعود في الخريف لأخذ الديار المصرية '.

(52/88)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 89

[رفع الحصار عن القلعة]
وفي الثاني والعشرين منه، بطل التتار حصار القلعة ومشى الناس في تلك النواحي وقد بقيت بلاقع من الحريق والخراب وذهاب الأبواب والشبابيك. وفي الثالث والعشرين بطل عمل المنجنيق، فنزل من الغد القلعية ونشروا الأخشاب وأفسدوها، وظفروا بالشريف القمي فأسروه وأخذوه إلى القلعة.
[خروج التتار من دمشق]
ورحل عن البلد النوين خطلوشاه وصاحب سيس، وخف التتار من البلد جداً. وقلعت ستائرهم من أماكنها، وتنسم الناس الخير.
[وصف المؤلّف لباب البريد]
وعبرنا في باب البريد فإذا هو أنحس من خان في منزلة، دكاكينه بوائك، وأرضه مرصوصة بالزبل سمك ذراع وأقل. ووصلنا إلى باب النصر. ودقت البشائر يومئذ بالقلعة وجليت لسلامتها، ولله الحمد. وخرج يومئذ من البلد الصفي السنجاري، والأمير يحيى.

(52/89)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 90
ونودي في البلد: أخرجوا غداً للقاء سلطانكم قبجق فقد دفع الله عنكم العدو. ورجع الأمير سيف الدين قبجق، وبكتمر السلحدار، وألبكي، وجماعة من الجند تلفقوا له من البلد وظهروا. وأخذت له عصائب من تربة الملك الظاهر رتك الملك السعيد قد زالت عنها السعادة، فعملت في رمح على رأسه، وسللت بين يديه سيوف، ونزل في القصر. وخرج الناس إلى الغوطة والجبل ينوحون على مساكنهم من وجه، ويفرحون بسلامتهم من وجه.
[اجتماع ابن تيمية بخطلوشاه]
وحكى لنا ابن تيمية طلوعه إلى خطلوشاه إلى القصر هو والقاضي تقي الدين الحنبلي وغيره. وباتوا بالمنيبع وخاطروا بنفوسهم. وحضر عند خطلوشاه فرآه كهلاً، أمرد، أصفر، كبير الوجه، عليه غضب وزعارة، وأنه من ذرية جنكزخان. ورأى صاحب سيس واقفاً في خدمته.
[اجتماع ابن تيمية بقازان]
وذكر لنا اجتماعه بقازان ودعاءه له بالصلاح، واجتماعه بالوزيرين سعد الدين، ورشيد الدولة الطبيب، والنجيب اليهودي الكحال، وشيخ الشيوخ، والسيد القطب ناظر الخزانة والأصيل ولد النصير الطوسي ناظر الأوقاف، وهؤلاء متعممو التتار.

(52/90)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 91

[مصائب أهل دمشق]
وبيعت الكتب وأجزاء الحديث بالهوان، ولم يتورع أحد من شرائها إلا القليل، وكشطت وقفيتها وغسل بعضها للوراقة، وعدم شيء كثير من أصول المحدثين وسماعاتهم. وغلت الأسعار، ووصل القمح إلى ثلاثمائة درهم، وبيع الزبيب أوقيتين ونصف بدرهم، ورطل اللحم بتسعة دراهم، وأوقية الجبن بقريب درهم إلى نحو ذلك.
[ركوب قبجق بزيّ السلطنة]
وبقي قبجق يعمل السلطنة ويركب بالشاويشية والعصابة، ويجتمع له نحو مائة فارس. وأمر جماعة. ورأيناهم لابسي الشرابيش. وولى ولاية البلد أستاذ داره علاء الدين وجعله أميراً. وجهز نحو ألف من التتار إلى جهة خربة اللصوص، وولي شمس الدين ابن الصفي السنجاري حسبة البلد، وركب بخلعة يطرحه. وفتحت أبواب المدينة سوى الأبواب التي حول القلعة.

(52/91)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 92
ويوم الجمعة رابع جمادى الآخرة صلى الأمير يحيى بالجامع. ويومئذ ضربت البشائر بالقلعة وعلى باب قبجق. وسكن في دار بهادر آص. وفي وسط الشهر نودي في دمشق بإدارة الخمر والفاحشة، وجعل ذلك بدار ابن جرادة بالسبعة. وضمن ذلك اليوم بنحو الألف.
[تجرّوء القلعية على التتار]
وخرج جماعة من القلعة وساقوا إلى عند باب الجابية وهرب منهم التتار، فضربت العوام التتار. وحصل بذلك شوشة. وغلق باب الصغير وقتل من التتار جماعة فيما قيل. وفي العشرين من الشهر، رجع بولاي من الغور بتقدمته، وجاء إلى ظاهر دمشق، وخاف الناس. وجبي من البلد لهم جملة. ثم خرج جماعة من القلعية وخلصوا غنائم التتار، وقتلوا جماعة، وقتلوا منهم أيضاً جماعة واختبط البلد.
[فشل الصُلح بين أرجواش والتتار]
وفي الثامن والعشرين من الشهر دخل الخطيب بدر الدين وطائفة إلى

(52/92)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 93
القلعة ومعهم نائب الأمير يحيى، وتكلموا مع أرجواش في صلح يكون بينه وبين نواب التتار وقبجق، فلم يقع اتفاق.
[تحليف الأعيان لدولة قازان]
وفي ثاني رجب جمع قبجق الأعيان والقضاة إلى داره، وحلفهم للدولة القازانية بالنصح وعدم المداجاة.
[تدخّل ابن تيميّة لفكاك الأسرى]
وتوجه يومئذ ابن تيمية إلى مخيم بولاي بسبب الأسرى واستفكاكهم من أصحابه، فغاب ثلاث ليالٍ.
[انتهاب جماعة من الرؤساء]
ويوم ثالث رجب توجه جماعة من الرؤساء بطلب إلى مخيم بولاي ورجعوا من الغد، فنهبوا عند باب شرقي وأخذت عمائمهم وثيابهم، ودخلوا. فطلبوا في اليوم بعينه فاختفى بعضهم وتوجه البعض.
[رحيل بولاي بالأسرى]
فسافر بولاي والتتار وأخذوا معهم بدر الدين ابن فضل الله، وأمين الدين ابن شنقير، وعلاء الدين ابن القلانسي، وولد شمس الدين ابن الأثير، فأطلقوا من عند الفرات ابن شنقير فتوصل إلى حلب.

(52/93)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 94

[رحيل التتار]
وفي رابع رجب طلع الناس إلى المنابر وأخبروا أنهم رأوا خلقا من التتار رائحين في عقبة دمر. ورحل بولاي إلى بعلبك والبقاع، ونظفت ضواحي دمشق منهم والبلد وسافر الناس في عاشر رجب إلى القبلة والشمال.
[صلاة قبجق بمَقصورة الخطابة]
ويومئذ صلى قبجق الجمعة في جمع كبير معه بالعدد والسلاح في مقصورة الخطابة.
[رجوع طائفة من التتار إلى الشام]
ويوم ثالث عشر رجب تشوش البلد بسبب رجوع طائفة من التتار إلى ظاهر باب شرقي، وكان الناس يتفرجون في غياض السفرجل، فرجعوا مسرعين، وشلح بعضهم وأخذ بعض الصبيان. ثم كان هذا آخر العهد بالتتار، وكفى الله أمرهم.
[سفر قبجق إلى مصر]
وأما قبجق فإنه يوم نصف رجب انفصل عن البلد هو وأتباعه ومعه عز الدين ابن القلانسي، وتوجهوا إلى نحو مصر، فقام أرجواش بأمر البلد، وأمر بحفظ الأسوار والمبيت عليها بالعدد، وأن من بات في داره شنق وأغلق

(52/94)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 95
أبواب البلد. ثم فتح للناس باب النصر بعد ارتفاع النهار، وجفل الناس من الحواضر.
[عودة الخطبة لسلطان مصر]
فلما كان يوم الجمعة سابع عشر رجب أعيدت الخطبة بدمشق لصاحب مصر بعد ذكر الحاكم بأمر الله، فضج الناس عند ذلك وفرحوا. وكان مدة إسقاط ذلك مائة يوم.
[تخريب ابن تيمية الخمّارات]
ويومئذ دار ابن تيمية وأصحابه على ما جدد من الخمارات فبدد الخمر، وشق الظروف، وعزر الخمارين. ثم زين البلد من الغد يوم السبت.
[دخول النائب والأمراء دمشق]
ويوم عاشر شعبان قدم الأفرم نائب دمشق بعسكر دمشق، ثم قدم أمير سلاح والميسرة المصرية بعد يومين. ثم دخلت الميمنة وعليها الحسام أستاذ دار، ثم دخل يوم رابع عشر شعبان القلب وعليه نائب المملكة سلار. ونزل الكل بالمرج.

(52/95)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 96

[القضاء بالشام]
وفيه ولي القضاء بالشام ابن جماعة، وقضاء الحنفية الجريري.
[تدريس الأمينية]
ودرس بالأمينية جلال الدين بدلاً عن أخيه المتوفي إلى رحمة الله.
[نظارة الديوان]
وولي نظر الديوان ابن الشيرازي عوضاً عن المتوفى ابن الشيرجي.
[ولاية بر البلد]
وولي بر البلد الأمير عز الدين أيبك الدويدار النجمي.
[سفر سلاّر إلى القاهرة]
وفي ثامن رمضان رجع سلاّر بالجيش إلى القاهرة.
[حبْس الشريف زين الدين]
وفي شوال بعث الشريف زين الدين بن عدنان من القاهرة مقيداً وحبس بحبس باب الصغير.

(52/96)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 97

[حملة الأفرم على جبال الجُرْد]
وفي شوال توجه ملك الأمراء الأفرم إلى جبال الجرد لحربهم، فإنهم كانوا قد بدعوا في الجيش عقيب الكسرة وأسروا وقتلوا وسلبوا وما اتقوا ممكناً. ومع هذا فعامتهم أن يكونوا رافضة، وإلا فبعض الناس يقول هم زنادقة منحلين من الدين، فذلوا ودخلوا في الطاعة وقهروا، وقرر عليهم مبلغ كبير من المال، والتزموا برد جميع ما أخذوه للجند، وأقطعت أرضهم.
[الأمر بتعلُّم الرمي]
وفي ذي القعدة ألزم الناس بتعليق العدد، وأمروا بتعلم الرمي، وجددت الإماجات في المدارس والمساجد، ونودي في الناس بذلك. وأرسل قاضي القضاة إلى جميع المدارس والفقهاء بذلك. وكتب إلى جميع البلاد الشامية في هذا المعنى.

(52/97)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 98

سنة سبعمائة

[جلوس الديوان لاستخراج المال]
في أولها جلس الديوان المستخدم لاستخراج أربعة أشهر من جميع الأملاك والأوقاف التي بدمشق وظاهرها. فعظم ذلك على الناس، وهرب غير واحد، واختفى آخرون.
[الإرجاف بمجيء التتار]
ثم كثرت الأراجيف بمجيء التتار، وشرع الناس في الجفل إلى مصر وإلى الحصون. واشتد الأمر في صفر وغلا الكراء، وبلغ كراء المحارة خمسمائة إلى مصر. وأبيعت الأمتعة والنحاس بالهوان. ثم نودي في البلد أن لا يسافر أحدٌ إلا بمرسوم.

(52/98)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 99
وجاءت قصاد المسلمين بركوب التتار، فاختبط البلد. ودقت البشائر لركوب السلطان من مصر. ثم جفل من البلد بيت ابن فضل الله في جمع كبير ثم بيت قاضي القضاة، وبني صصرى، وبني القلانسي، وبني المنجا، وخلق كثير.
[وصول السلطان إلى غزّة]
وفي ربيع الأول فترت الأخبار يسيراً، ووصل السلطان إلى غزة.
[وصول التتار إلى البيرة]
فلما استهل ربيع الآخر كثرت الأراجيف والإزعاج بالتتار، ووصل بعضهم إلى البيرة، فخرج جيش دمشق كله، وعرضت العامة والعلماء وغيرهم، فبلغوا خمسة آلاف.
[ولاية الشدّ بدمشق]
وولي الشد بدمشق عوض أقجبا الأمير سيف الدين بلبان الجوكندار المنصوري الحاجب.
[دخول التتار حلب]
وفيه عدي العدو المخذول الفرات، وقنت الخطيب في الصلوات واشتد الأمر، ودخلت التتار إلى حلب، وتأخر نائبها إلى حماة، واكتريت المحارة بثلاثمائة. وخرج الناس هاربين على وجوههم.

(52/99)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 100

[إبطال جباية المال]
ثم نودي في أواخر الشهر بإبطال الجباية، وكان قد جبي الأكثر وبقي كل معثر وضعيف وهارب، وما نفع الله بما استخرجوه من الأموال، وأكلت وتمسخت.
[الاستصحاء في الخطبة]
واشتد المطر والوحل إلى الغابة، وقاسى المنهزمون الشدائد في الطرق، حتى أن الإمام استصحى في الخطبة.
[تراجع جيش السلطان إلى مصر]
وساق بتخاص المنصوري إلى السلطان وهو نازل على بدعرش بقرب قاقون ليخبره بأن العدو في البلاد وقد قربوا، فضعف الجيش عن اللقاء وجبنوا، ورحل السلطان إلى الديار المصرية، ولم يظهر لمجيئه ثمرة، فوجلت القلوب، واختبط البلد، وأيقن الناس بالهرب أو العطب، واكتريت المحارة بخمسمائة في الوحل العظيم والبرد الشديد والأمطار، وهلك الدواب والناس في الطرق.

(52/100)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 101

[سفر ابن تيميّة إلى القاهرة]
واستهل جمادى الأولى والناس في حالةٍ الله بها عليم، فخرج يومئذ شيخنا ابن تيمية إلى المرج، واجتمع بنائب السلطنة وسكنه وثبته، وأقام عنده يومين، ثم ساق على البريد إلى السلطان فلم يدركه، وفات الأمر، فساق إلى القاهرة ودخلها يوم دخول الجيش.
[سفر أهل دمشق وجفلهم]
ويوم سابع جمادى الأولى قدم بكتمر السلحدار في ألف فارس، وتيقن الناس رجعة المصريين إلى بلادهم. واستمروا في الكري والسفر والجفل من البلد أمم عظيمة. ويوم التاسع من الشهر أصبح الناس في خوف مفرط، وذلك أن والي البلد ابن النحاس جفل الناس بنفسه، وصار يمر على التجار في الأسواق ويقول: أيش قعودكم؟ ومن قدر على السفر فليبادر. ثم نودي في البلد بذلك الظهر فصاح النساء والأولاد، وغلقت الأسواق، وبقي الناس في كآبة وخمدة، وقالوا: عسكر المسلمين قد فرط فيه الأمر، المصريون قد رجعوا، وعسكر الشام لا يقوم بملتقى قازان لو بيتوا، كيف وهم عازمون على الهرب؟ والنائب الأفرم من عزمه الملتقى لو ثبت معه الجيش، أما إذا خذلوه واندفعوا بين يدي العدو فما حيلته. وتحدث الناس أن قازان يركب من حلب إلينا في عاشر جمادى الأولى.

(52/101)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 102

[إزدحام قلعة دمشق بالخلق]
ودخل القلعة في هذا اليوم خلق كثير بأقواتهم وأموالهم حتى ضاقت بالخلق، وانزحمت حتى رضي كثير من الناس بأن يصح لهم مكان لجلوسهم لا يمكنهم فيه النوم. وحاروا في أمرهم وبولهم. ثم نودي في عاشر الشهر: من قصده الجهاد فليقعد ويتهيأ له، ومن هو عاجز فلينج بنفسه.
[هرب الأعيان إلى مصر]
ثم خرج من القلعة خلق مما حل بهم من الضنك والويل، وهجوا إلى مصر والقلاع. وسافر من تبقى في البلد من الكبار الذين جلسوا جرائد. فسافر قاضي القضاة ابن جماعة، والقاضي نجم الدين ابن صصرى، والقاضي شمس الدين ابن الجريري، وشرف الدين ابن القلانسي، ووجيه الدين ابن المنجا. واستناب ابن جماعة في القضاء والخطابة التاج الجعبري، والبرهان الإسكندراني.
[تحريض الأمراء على الثبات]
وطلع إلى المرج الشيخ زين الدين الفارقي، والشيخ إبراهيم الرقي، والشيخ محمد بن قوام، والشيخ شرف الدين ابن تيمية وابن حبارة، وطائفة، وحرضوا الأفرم على الثبات، وشكوا إليه ما نزل بالناس وما هم فيه

(52/102)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 103
من الجلاء. فتألم لذلك ووعد بخير. ثم قصدوا الأمير مهنا، وساقوا وراءه في البرية مسيرة يومين عن البلد، فاجتمعوا به، وقووا عزمه على الرجوع وملتقى العدو مع الأفرم، فأجابهم. ونالهم في البرية خوف وخرج عليهم حرامية العرب وشهروا عليهم السلاح وسلمهم الله. ثم قدم الأمير عز الدين الحموي بجماعته من صرخد.
[الإيقاع بِيَزَك التتار]
وفي سابع عشرة وقع يزك الحموي على عيارة التتار فنصرهم الله، وقتل من التتار نحو المائة، وقيل أكثر من مائتين، وأسروا من التتار بضعة عشر نفساً. ووقعت بطاقة بذلك، وبأن الطاغية قازان رد من حلب، وأنه عدى الفرات إلى أرضه في حادي عشر الشهر. وطلب متولي حماة نجدة ومدداً ففرح الناس وبلعوا ريقهم، والتجأوا إلى الله في كشف ضرهم.
[تراجع التتار وتخلُّفهم]
ثم وصل البريد في تاسع عشر وأخبر بتحقيق ذلك، وأن التتار المتخلفين في بلاد حلب خلق كثير لكنهم في نهاية الضعف والبرد والثلوج.

(52/103)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 104

[الغلاء بدمشق]
وغلا اللحم في هذه الجمعة بدمشق حتى بلغ الرطل تسعة دراهم، وحتى أبيع رأسان بخمسمائة درهم، ونزلت الغلة بسبب الجفل إلى مائة درهم. واستهل شباط والأمطار في غاية الكثرة.
[نجاح مهمّة ابن تيميّة في مصر للجهاد]
وفي الخامس والعشرين من جمادى الأولى وصل كتاب ابن تيمية بأنه دخل القاهرة في سبعة أيام، واجتمع بأركان الدولة، وحصل بتحريضه وترغيبه وترهيبه خير، وتحركت همم الأمراء واعتذروا، ونودي في القاهرة بالغزاة، وقوي العزم. وأنه نزل بالقلعة. ثم وصل إلينا يوم السابع والعشرين من جمادى الأولى. ثم خرج الناس من القلعة ووقعت الطمأنينة، والحمد لله. وبطل الناس القنوت في ثالث جمادى الآخرة. ومشت الأحوال.
[عودة الأفرم والأمراء إلى دمشق]
ثم في ثالث عشرة دخل الأفرم من المرج بعد أن أقام به أربعة أشهر، ودخل معه بكتمر السلحدار، وعز الدين الحموي، وبهاء الدين يعقوبا. وشرع الجفال يجيئون من الصبيبة والحصون.

(52/104)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 105

[عَيْث التتار بالمراعي بنواحي دربساك]
هذا والتتار نازلون بناحية دربساك وبغراس يتنقلون في المراعي يعيثون، ولا لهم من يمنعهم ولا من يطردهم. وما جاوزوا الفرات إلى ثاني رجب.
[عودة المجرّدين بحمص]
وفي حادي عشر رجب دخل الأمراء المجردون بحمص، واستيقن الناس خروج التتار من الشام، وسلم الله.
[الشروط على أهل الذمّة]
وفي شعبان قرئت الشروط على أهل الذمة بحضور الأفرم والقضاة، وحصل اتفاق على عزلهم من الولايات، ومنعهم من ركوب الخيل، ومن العذبات، ثم ألزموا بلبس الأصفر والأزرق من العمائم ؛ فبادروا إلى ذلك. واستمر هذا من حينئذ.
[دخول أقجبا قلعة دمشق]
وفي رمضان دخل سيف الدين أقجبا المنصوري القلعة وجعل شريكاً لأرجواش.

(52/105)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 106

[ولاية قضاء الحنفية]
وفي ذي القعدة ولي قضاء الحنفية جلال الدين الرومي موضع ابن الجريري، ولاه النائب والوزير الأمير شمس الدين الأعسر، وكان قد قدم ثم توجه إلى البلاد الشمالية يكشفها ورجع بعد شهر.
[قدوم رسول قازان]
وقدم رسول الملك قازان فجهز إلى الديار المصرية، والله يجمع كلمة الإسلام في خير وعافية. وهذا آخر ما قضى الله لي تأليفه من كتاب تاريخ الإسلام، والحمد لله على الإتمام. والصلاة على نبينا وآله والسلام. فرغت منه في جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وسبعمائة قاله محمد بن أحمد بن عثمان

(52/106)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 107

بسم الله الرحمن الرحيم

الطبقة السبعون سنة إحدى وتسعين وستمائة

- حرف الألف -
1 - أحمد بن الحسن بن أبي البركات محمد بن الحسن بن عبد الله بن الجباب. السعدي. روى عن مظفر الفوي. ومات بالإسكندرية. 2 - أحمد بن سعْد بن سليمان. العدل، تقي الدين ابن البوري، البغدادي، التاجر. ولد سنة خمس وثلاثين وستمائة. وقدم دمشق تاجراً، فحدث عن: أبي منصور عبد الرحمن بن عثمان بن أبي السعادات القزاز، وعلي بن أحمد النيلي المؤدب. سمع منه: أبو محمد البرزالي، وجماعة. ومات في شوال. 3 - أحمد الصّاحب تاج الدّين ابن المولى شرف الدّين سعيد بن شمس الدّين محمد ابن الأثير.

(52/107)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 108
الحلبي، الموقع، كاتب السر. توفي بغزة ذاهباً إلى القاهرة في شوال. وكان كبير القدر، رفيع الذكر، وزير السر، عديم الشر. وبيت ابن الأثير هؤلاء غير بيت ابن الأثير الذين بالموصل. توفي إلى رحمة الله في تاسع عشر الشهر. ولي كتابة السر بعد فتح الدين ابن عبد الظاهر شهراً، ولحقه. ثم ولي بعده ولده عماد الدين إسماعيل، وطلب القاضي شرف الدين عبد الوهاب ابن فضل الله وأشرك بينهما، ثم استقل ابن فضل الله بمفرده. وصرف عماد الدين إلى التوقيع. 4 - أحمد بن سليمان بن أحمد. الرحبي، البطائحي، أبو العباس، شيخ الأحمدية بالقاهرة. توفي في ذي الحجة. وقد روى عن سبط السلفي. وقدم دمشق في دست الإكرام والمشيخة، وكان قد ربط الملك الأشرف وراج عليه. 5 - أحمد ابن الجمال محمد بن أحمد بن يمن. الفرضي، العدل، شمس الدين سبط القاضي صدر الدين ابن سني الدولة. له سماع من: الرشيد بن مسلمة ؛ ولي خطابة المزة مدة، وشهد تحت الساعات. توفي بوادي فحمة في شعبان.

(52/108)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 109
6 - أحمد بن محمد بن أحمد بن يونس. يحول إلى هنا من سنة لرر وتسعين. 7 - أحمد بن أبي بكر بن مكيّ بن عبد الله. العدل شهاب الدين ابن المرحل الشافعي، الدمشقي. توفي يوم عيد الفطر بدمشق. وكان يشهد تحت الساعات. وهو والد الفقيه بهاء الدين. 8 - أحمد بن يحيى بن علي. العدل، شهاب الدين الحضرمي، الدمشقي. توفي في سلخ المحرم. وقد روى عن الرشيد بن مسلمة. وتوفي أخوه الزين يحيى في ربيع الأول، وكان يروي أيضاً عن ابن مسلمة. 9 - أحمد بن يوسف بن يعقوب بن علي الأستاذ، أبو جعفر الفهري، اللبلي. أحد المشاهير بالمغرب. ولد بلبلة من الأندلس عام ثلاثة عشر وستمائة.

(52/109)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 110
وأخذ بإشبيلية عن: أبي علي الشلوبين، وأبي الحسن بن الدباج. وبلبلة عن: يحيى بن عبد الكريم الفندلاوي. وببجاية عن: أبي الحسين بن السراج. وبتونس عن: أحمد بن علي البلاطي. وبالإسكندرية عن: السبط، والمرسي. وبمصر عن: محمد بن لب بن خيرة، والزكي المنذري، وابن عبد السلام. وبدمشق عن: الشرف الإربلي ؛ وعن: الخسروشاهي المتكلم. ومن تواليفه: كتاب ' شرح الفصيح '، وكتاب ' مستقبلات الأفعال ' ؛ وجمع مشيخه. وله عقيدة صغيرة. قال أبو عبد الله الوادياشيّ: أخذت عنه سماعاً وإجازةً، وانتفعت به. مات في غرة المحرم بتونس، ودفن بداره، رحمه الله تعالى. 10 - إبراهيم بن إياز. النظامي، الحلبي. روى عن: يوسف بن خليل. ومات بمصر في جمادى الآخرة. 11 - إبراهيم بن برّاق بن طاهر. الشرف الصالحي. حدث عن: ابن اللتي، وجعفر. ومات في المحرم. وحدث بالحجاز وبظاهر عكا. وكان يشهد.

(52/110)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 111
12 - إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم بن أمين الدولة. العدل، كمال الدين، أبو إسحاق الحلبي. رحل مع الحلبيين إلى بغداد. وسمع من: أبي إسحاق الكاشغري، وابن الخازن، وموهوب بن الجواليقي. وحدث بمصر وبها توفي في السادس والعشرين من المحرم بالمارستان المنصوري. وكان له فضيلة. درس بالحلاوية بحلب. حمل عنه: سعد الدين الحارثي، وابن سامة، وطائقة. 13 - إبراهيم بن عبد الرحمن بن أحمد. الشيخ العابد، زكي الدين ابن المعري، البعلبكي. ولد سنة تسع وستمائة. وسمع حضوراً من الشيخ الموفق. قرأت ترجمته بخط شيخنا أمين الدين محمد بن خولان: زكي الدين أبو إسحاق من أعيان العدول والعلماء العاملين. صحب الفقيه اليونيني وقرأ عليه ' المقنع '. وصحب الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله اليونيني، والشيخ عثمان. وسمع الكثير على الشيخ البهاء، وابن رواحة. ولم يتزوج قط، ولا،

(52/111)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 112
اشتغل بشيء من المكاسب. وكان قنوعاً، يقوم الليل، ويصوم كثيراً. وغالب أيامه يقرأ نصف ختمة. صحبته قريباً من عشر سنين، كلانا في بيت واحد، ولم أعلم أنه قرأ في يوم أقل من سبعي ختمة سوى التسبيح والأذكار. وما رأيته نام على جنبه الأيسر قط. وقال في مرضه الذي مات فيه: قد عملت كما قال الله سبحانه {فاتقوا الله ما استطعتم} . وقد اتقيت الله ما استطعت، وما أعلم أني فعلت كبيرةً قط. ومات بالإسهال في سابع شوال، رحمه الله تعالى. 14 - إبراهيم ابن مجد الدّين أبي الفتح نصر الله بن أحمد بن رسلان. ابن البعلبكي برهان الدين. مات بصفر. روى عن ابن الزبيدي، وابن اللتي، وابن المقير. 15 - إدريس بن محمد بن عبد العزيز. الشريف، أبو الفضل الحسيني، الإدريسي. مات في أول المحرم بالقاهرة، وهو أخو شيخنا جعفر. سمع وروى عن ابن باقا. وكان يمد في الذهب بالقاهرة. 16 - أسماء بنت أبي بكر بن يونس. الدمشقية، عمة شيخنا أبي علي بن الخلال.

(52/112)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 113
روت عن: ابن اللتي، وجعفر الهمداني. سمع منها: المزي، وابن تيمية، والبرزاليّ، وجماعة. وتوفيت في سابع المحرم. 17 - إسماعيل بن إلياس بن أحمد. مجد الدين التنوخي، الذهبي. رجل صالح، انقطع في بستانه بقصر اللباد مدة. وما رأيته قط. ذهبت مع أبي غير مرة يعوده وأقف بالدابة. حدث عن: ابن المقير، وابن باسويه، وسالم بن صصرى. سمع منه: الشيخ علي الموصلي، والبرزاليّ، والجماعة. ومات في شوال ببستانه. 18 - إسماعيل ابن شيخنا بهاء الدّين محمد بن يوسف بن البرزالي. أبو طاهر الشافعي. شاب، فاضل، دين. ولد سنة إحدى وسبعين وحفظ القرآن. وسمع من: أحمد بن أبي الخير، والقاسم الإربلي، والشيخ شمس الدين ابن أبي عمر، وطائفة مع أخيه الحافظ علم الدين. وأسمعه الكتب الستة و ' المسند ' كله، و ' دلائل النبوة ' للبيهقي. وحفط أكثر ' التنبيه '. ومرض بالسل ستة أشهر، وحصل له في المرض إقبال على الطاعة وملازمة للفرائض، حتى كان يصلي إيماءً. وقال له والده قبل موته بيوم: أيش تريد؟ قال: أشتهي أن يغفر الله لي. وأن تقرأ وتهدي إليّ. فكان أبوه يقرأ كل يوم سبعاً ويهديه إليه إلى أن مات أبوه.

(52/113)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 114
ولما احتضر كان يقرأ معهم بمشقة سورة يس. ثم قال لوالده: الساعة أموت فأحضروا المغسل. فقال له أبوه: إنه لا يحضر معنا إلا بعد الموت فقال: أنا والله ميت في هذه الساعة فأسرعوا. ثم أذنت العصر فأجاب المؤذن وقال: إني والله أحب لقاء الله، وأنا أروح إلى دار السعادة. وكررها، ثم قال: هذه دار الشقاء تتعب وتقتل، ثم غمض عينيه ومات في ذي الحجة.
- حرف الباء -
19 - الفقيه بكران. خطيب زملكا. توفي بالقرية المذكورة في العشرين من المحرم.
- حرف الجيم -
20 - جرمط؟ الناصري. من كبار الأمراء. مات في هذه السنة. 21 - جعفر بن القاسم بن جعفر بن علي بن جيش. الشيخ رضي الدين، أبو الفضل الربعي، الحراني، ثم الدمشقي المقرئ المجود، الكاتب المعروف بابن دبوقا

(52/114)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 115
ولد في حدود العشرين وستمائة، وقرأ القراءات على السخاوي. وتعانى الكتابة والخدم. ثم أضرّ في آخر عمره، وانقطع إلى الإقراء والإمامة بمسجده الذي برأس الخواصين. وكانت حلقة إقرائه عند المكان المعروف بقبر هود من الجامع. وكان شيخاً حسناً، طويلاً، مليح الأخلاق، موطأ الأكناف، فصيح التلاوة، له عبادة ومعرفة متوسطة بالقراءات. وله مشاركة في العلم والأدب. قرأ عليه البرهان ابن الكحال، وغيره. وقرأ عليه ببعض الروايات صاحبنا بدر الدين ابن بصحان النحوي. وروى الحديث عن: السخاوي، وغيره. سمع منه: البرزاليّ ؛ وقرأ عليه القرآن أيضاً. وكنت في أيامه أقرأ للسوسي، على الشيخ محمد الضرير. توفي في السادس والعشرين من رجب. 22 - جلال الدّين الخبّازيّ. واسمه عمر بن محمد بن محمد بن عمر أبو محمد الخجندي، الماوراء نهري، الحنفي. أنبأني الفرضي أنه كان فقيهاً، زاهداً، عابداً، متنسكاً، عارفاً بالمذهب صنف في الفقه والأصلين. ودرس بالعزية التي على الشرف بدمشق. ثم حج وجاور سنة. ثم رد إلى دمشق، ودرس بالخاتونية التي على

(52/115)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 116
الشرف القبلي إلى أن توفي لخمس بقين من ذي الحجة. ودفن بمقابر الصوفية عن اثنتين وستين سنة. قلت: درس بخوارزم، وأعاد بالنظامية ببغداد. مولده بحلب يوم الجمعة الثاني من رجب سنة أربع عشرة وستمائة.
- حرف الحاء -
23 - حاتم بن الحسين بن مرتضى بن أبي الجود حاتم. المصري. توفي بمصر في ربيع الآخر. وحدث عن جده. سمع منه الفرضي وكناه أبا الجود. 24 - حَرمة بنت تمام بن إسماعيل بن تمام. أم محمد السلمية، الدمشقية. امرأة صالحة عابدة، ذات أوراد وخير. ولدت في حدود الستمائة، وعمرت دهراً. وروت بالإجازة عن: عين الشمس الثقفية، وابن الأخضر، وجماعة. سمع منها: البرزالي، وابن سيد الناس، والشيخ كمال الدين ابن الزملكاني، وجماعة. توفيت في شوال.

(52/116)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 117

- حرف الدال -
25 - داود بن مسعود بن أبي الفضل. الأجل، سيف الدين ابن التبني. توفي في صفر. وكان يجلس عند شباك الكاملية. روى عنه ابن اللتي. وكان رجلاً عاقلاً من أولاد الناس. توفي في عشر الثمانين.
- حرف السين -
26 - سابق الدّين الميْدانيّ. من كبار أمراء دمشق. وكان شيخاً تركياً قد شاخ وابيضت لحيته. وهو معروف بالشجاعة والفروسية. توفي في شوال. وكان علمه أبيض، وداره بقرب حمام كرجي. 27 - سعد الله بن مروان بن عبد الله بن خير. الصدر، الأديب، العلامة، سعد الدين الفارقي، الكاتب. كان منشئاً، بليغاً، وشاعراً محسناً. وكان عدلاً من كبار الموقعين بالديار المصرية.

(52/117)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 118
سمع مع أخيه الشيخ زين الدين من: كريمة، وابن رواحة، وابن خليل، وجماعة. وحدث بمصر ودمشق وبها توفي في منتصف رمضان ودفن بسفح قاسيون رحمه الله. مات في الكهولة. 28 - سليمان بن ثابت بن منيع. الفقير. حدث عن ابن رواج. ومات بمصر. 29 - سليمان بن عبد الله بن محمد بن الحُسَيْن بن حمزة. الشيخ بهاء الدين، أبو المجد البهراني، الحموي، سبط علي بن الحبقبق الدمشقي. سمع من: زين الأمناء، وابن غسان، والناصح بن الحنبلي، والفخر ابن الشيرجي، وكريمة بنت الحبقبق، وأختها صفية. أخذ عنه: المزي، والبرزالي، والجماعة. ومات في أوائل شعبان. 30 - سليمان بن محمد. الفقير، الحريريّ، المغربل، المعروف بالغث. من مشاهير الفقراء المداخلين للأمراء. وكان يصحب الشجاعي، وله صورة، وفيه مزدكة وقلة خير. توفي في رمضان، وصلي عليه بدمشق عقيب الجمعة. ولعله رحم بذلك.

(52/118)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 119
مات في الكهولة، رأيته وكان مليح الشكل. 31 - سُنْقُر الأشقر. الأمير الكبير، الملك الكامل، شمس الدين الصالحي: من أعيان البحرية. حبسه الملك الناصر بحلب أو غيرها. فلما استولى هولاكو على الشام وجده محبوساً فأخرجه وأنعم عليه وأخذه معه، فبقي عند التتار مكرماً، وتأهل وجاءته الأولاد. ثم حرص الملك الظاهر خشداشه على خلاصه، فوقع ابن صاحب سيس في أسره، فاشترط على والده أن يسعى في خلاص سنقر الأشقر. وجرت فصول قد ذكرناها، ويسر الله وخلص، وقدم، فأكرمه الملك الظاهر، وسر بقدومه، وأعطاه مائة فارس. ثم ولي نيابة دمشق سنة ثمان وسبعين. ثم تسلطن بدمشق في آخر السنة. وجرت له أمور ذكرنا أكثرها في الحوادث. وآخر أمره أن الملك الأشرف صلاح الدين في آخر العام خنقه. رأيته شيخاً أشقر، كبير اللحية، ضخماً، سميناً، على عينيه شعرية من الرمد. وكان بطلاً شجاعاً كريماً محبباً إلى الرعية، قليل الأذية. خلف عدة أولاد وبعضهم أمراء. وله ابن في التتار من مقدميهم. وأما رنكه فجاخ أسود بين أبيضين، ثم فوقه، وتحته أحمر.

(52/119)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 120
ومات يوم مات وقد قارب السبعين أو جاوزها. وكان مصافياً للظاهر وهما أجناد، وبينهما ود. ثم كان نظيراً للظاهر في أيام العز. ولما تملك الظاهر تذكر صحبته له، واشتاق إليه، وبلغه بقاؤه مع التتار فحرص على خلاصه كما ذكرنا. ذكر ذلك ابن عبد الظاهر، فمن جملته أن السلطان من جملة ما خاطب الأمراء: يا أمراء لو وقعت في الأسر ما كنتم تفعلون؟ فقبلوا الأرض، وكان ولد صاحب سيس الذي في الأسر عزيزاً عند أبيه، فلما أراد السلطان أن يبعثه بالغ في إكرامه، وأعطاه من الآلات والنفائس جملة، وحلفه له. فلما وصل إلى أبيه طار عقل أبيه فرحاُ به، ونزل له عن سلطنة الأرمن وانعزل، وبعث يقول للظاهر: قد نزلت عن الملك لعتيقك ولدي. ولما قرب وصل سنقر الأشقر خرج الظاهر يتلقاه سراً، وما شعر الأمراء به إلا وقد خرجا معاً من المخيم. ثم أعطاه من الأموال والعدد والخيل والغلمان ما أصبح به من أكبر الدولة، حتى كأنه أصيل في الإمرة. ثم بادر الأمراء بالتقادم إليه. وبقي السلطان عدة أيام يسير إليه كل يوم خلعة بكلوتة زركش وكلابند ذهب وحياصة وفرس، وبألف دينار، حتى تعجب الناس. وأقطعه مائة فارس. وعمل نيابة دمشق ثم تسلطن بها، ولم يطل ذلك. ثم استولى على صهيون وشيزر وبلاطنس وبرزية. ثم أخذت منه شيزر، وعوض بأنطاكية. والتزم بإقامة ستمائة فارس.
- حرف الشين -

32 - شَرَفُ الدّين ابن خطير. الرومي، الأمير. من أمراء دمشق في الدولة المنصورية.

(52/120)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 121
وكان شاباً مليح الشكل، فيه لعب، وانبساط. فلما تملك الأشرف وحاصر عكا رآه، وخف على قلبه، وصار من ندمائه، فأخذه معه إلى مصر. ومات شهيداً في قلعة الروم قبل أن يتكهل. وخلف ابنين أحدهما من حجاب دمشق.
- حرف الطاء -

33 - طقصو. من كبار الامراء المصريين. وكان يذكر فيمن يصلح للسلطنة. وهو حمو السلطان حسام الدين لاجين. قتله السلطان الملك الأشرف بمصر، فقيل خنقه لأمر اتهمه به. وكان من أبناء ستين سنة أو نحوها، فيه شجاعة وخبرة بالأمور وسؤدد.
- حرف العين -
34 - عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي بكر. الشيخ الإمام، مجد الدين، أبو محمد الطبري، المكي، الشافعي، المحدث، المفتي. ولد بمكة سنة تسع وعشرين وستمائة.

(52/121)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 122
وسمع من: ابن المقير، وابن الجميزي، وشعيب الزعفراني، وجماعة. وقدم دمشق فلحق بها الرشيد بن مسلمة، ومكي بن علان فسمع منهما. وبرع في الفقه، ودرس وأفتى، وولي الإمامة بمكة، ثم بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قدم في أواخر أيامه ببيت المقدس وأم بالصخرة، فجمع الله الإمامة له في المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها. وأفتى بالأماكن المذكورة. وكان حسن السمت، كثير التلاوة والتعبد. كتب عنه: أبو الحسن بن العطار، والبرزالي، والجماعة. وكتب إلي بمروياته في سنة ثلاث وسبعين. وتوفي بالقدس في ثامن عشر شوال.
35 - عبد الحكيم بن مظفَّر بن رشيق. الربعي، المالكي، جلال الدين. ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة بمصر. وله إجازة من بغداد في سنة ثلاث وعشرين وستمائة. مات في جمادى الأولى. وقد أجاز للبرزالي. 36 - عبد الرحمن بن سُلَيم بن منصور بن فَتُّوح بن يَخْلِف. ابن شذرات. الشيخ علم الدين أبو القاسم ابن العمادية، أخو الوجيه الحافظ. ولد سنة أربع عشرة وستمائة. وسمع من: ابن عماد ' الخلعيات '. وكان فقيهاً عدلاً. توفي بالإسكندرية في رمضان.

(52/122)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 123
37 - عبد الرحمن بن عبد النّصير بن عبد الوهّاب بن سالم. شرف الدين، الحذامي، الإسكندراني، المؤدب، المعروف بالقاري. رجل صالح، فاضل. ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة. وسمع: محمد بن عماد، وابن عيسى. وتوفي في: جمادى الأولى. سمع منه: البرزالي، وابن سيد الناس. 38 - عبد الرحمن بن علي بن منصور. شهاب الدين القصاع. عدل، دمشقي. سمع من: ابن الزبيدي، وابن صباح. ومات في صفر. وكان يبيع القصع. 39 - عبد الرحمن بن محمد بن... بن هرثمة. الرصافي. أجاز له ابن الزبيدي، وجماعة. مات في جمادى الأولى. 40 - عبد الرحمن بن محفوظ بن هلال

(52/123)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 124
العدل، الصالح، الخير، سيف الدين الرسعني. روى عن: الفخر ابن تيمية، والموفق الطالباني، والمجد القزويني، وعبد العزيز بن هلالة، وجماعة. وأجاز له علي بن محمد الموصلي، وعبد العزيز بن منينا. سمع منه: المزي، وابن سيد الناس، والبرزالي، وعلاء الدين المقدسي، وطائفة. وكان جارنا بدرب الأكفانيين، رحمه الله. توفي في المحرم. 41 - عبد الغفّار بن عبد اللّطيف بن زين الأُمناء الحسن. فخر الدين، أبو محمد بن عساكر. سمع من: المرسي، وجماعة. وأجاز له ابن المقير. وحدث. ومات في ثامن ربيع الآخر. 42 - عبد المنعم بن عبد اللّطيف بن عبد المنعم بن علي. نجم الدين، أبو محمد ابن النجيب بن الصيقل الحراني، العدل، نزيل الإسكندرية. ولد بحران سنة ثمان وستمائة. وسمع من: الفخر بن تيمية، والموفق بن قدامة، والمجد القزويني، وابن عماد الحراني، والفخر الفارسي، وطبقتهم. وكان رئيساً تاجراً، ديناً، خيراً.

(52/124)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 125
سمع منه الطلبة. وتفرد بأجزاء. وتوفي بالإسكندرية في الثالث والعشرين من شعبان. 43 - عبد الوّهاب بن البدر بن محمد بن الحُسَيْن بن علي بن القاسم ابن الحافظ ابن عساكر. تاج الدين، رفيقنا في المكتب. شاب مليح الصورة، كثير الحياء. سمع من: الفخر بن البخاري، وغيره. ومات في ذي القعدة. 44 - عبد القادر بن محمد بن مسعود. كمال الدين النجمي، البواب. سمع: ابن القطيعي. مات في جمادى الأولى. وسمع أيضاً من الداهري. 45 - عثمان بن خضِر بن غزّي بن عامر. أبو عمرو الأنصاري، المصري، المؤدب. روى عن: مكرم، وابن باقا. ومات في جمادى الآخرة في عشر الثمانين. 46 - عثمان بن عبد الله بن علاّق بن طعّان. ضبطه الفرضي مشدداً، أبو عمرو المدلجي، النحوي، الشافعي

(52/125)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 126
ولد بعد العشرين وستمائة. وسمع من أبوي الحسن بن المقير، وابن الحميري. ومات في سادس شوال. 47 - عثمان بن يوسف بن أبي الفَرَج. أبو عمرو، شرف الدين التنوخي، خطيب حرستا. روى عن: ابن اللتي. ومات في رجب عن بضع وسبعين سنة. 48 - علي بن أحمد بن يحيى بن الشيخ أبي الحسين. الزاهد. سمع: ابن اللتي، والهمداني. توفي في ذي القعدة. 49 - علي بن الحسن بن علي. الحراني، القلانسي. شيخ صالح معمر. قال ابن الخباز: كان من أولياء الله الصالحين. توفي يوم سلخ السنة. قال: ومولده بحران سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. 50 - علي بن عبد الرحمن بن عمر بن علي. الشيخ معين الدين القرشي، الزهري، الصقلي، الإسكندراني، الكاتب.

(52/126)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 127
روى عن أصحاب السلفي. ومات في شعبان بالثغر. سمع منه: البرزالي، والرحالة. وولد سنة اثنتي عشرة وستمائة. ومن شيوخه جعفر الهمداني. 51 - علي بن علي بن سعيد. شمس الدين العجلي، المخرمي، شيخ رباط الإبري. ولي النظر في الوقوف ببغداد. ومات في ذي القعدة وله ستون سنة. 52 - علي بن محمد بن أحمد. أبو الحسن الحلبي، الميناوي، الزجاج. شيخ فاضل عدل من عدول مصر، ولد سنة ثمان وستمائة بحلب. وسمع من: أبي الحسن بن روزبة، وغيره. ومات في رجب. حدث عنه: البرزالي. 53 - علي بن أبي بكر بن أبي الفتح بن محفوظ بن الحسن بن صَصْرى. الشيخ علاء الدين، أبو الحسين التغلبي، الدمشقي، العدل، الضرير، من بيت تقدم وعدالة.

(52/127)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 128
روى ' الصحيح ' عن: عبد الجليل بن مندويه، وأحمد بن عبد الله السلمي. وسمع أيضاً من: المجد القزويني. سمع منه: ابن الخباز، والمزي، والبرزالي، وابن سيد الناس، وطائفة. توفي في خامس شعبان. ودفن بسفح قاسيون. وكان من أبناء التسعين. وداره عند باب توما. وبه ختم السماع من ابن مندويه. * علي بن أبي القاسم بن عبد الرحمن. معين الدين. تقدم ذكره. 54 - عمر بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن علي. أبو حفص بن الصيرفي، القرشي، المخزومي، المصري. روى عن: مكرم وغيره. ومات في ثامن عشر شعبان. 55 - عمر بن عبد الله بن عمر بن يوسف خطيب بيت الآبار. الشيخ خطيب بيت الآبار، نجيب الدين. روى عن عمومته، وعن: الفخر الإربلي، وابن اللتي. طلع إليه الطلبة غير مرة، وسمعوا منه. مات في جمادى الآخرة، وقد كمل إحدى وسبعين سنة.

(52/128)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 129
56 - عمر بن علي. أبو الحسن بن ملدوف، رشيد الدين الأزدي، الإسكندراني. شيخ مبارك، روى عن أبي القاسم بن الصفراوي. كتب عنه الفرضي. وذكروه لي فلم ألحقه. 57 - عمر بن محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن باقا. بهاء الدين. روى عن: جده ومات في سادس عشر رمضان. * عمر بن محمد. هو الجلال، مر. 58 - عمر بن مكي بن عبد الصمد. الشيخ الإمام، ذو الفنون، زين الدين ابن المرحل الشافعي، وكيل بيت المال بدمشق وخطيبها.

(52/129)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 130
تفقه على الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وغيره. وسمع من: الزكي عبد العظيم، وغيره. وقرأ الكلام والأصوات على شمس الدين الخسروشاهي، وغيره. ودرس وأفتى. وكان من فضلاء الوقت. وما أظنه جاوز السبعين وانتقل إلى الله في ليلة السبت الثالث والعشرين من ربيع الأول، ودفن بمقبرة باب الصغير. تقدم في الصلاة عليه الشيخ عز الدين الفاروثي الذي ولي الخطابة بعده وكانت جنازته مشهودة ورأيته قد أجاب في ' مسألة الاستواء ' بالكف عن التأويل، والتمسك بما جاء عن السلف، رحمه الله.
- حرف الفاء -
59 - فاطمة بنت أحمد بن يحيى ابن الزّاهد ابن الحُسَين المقدِسيّ. سمعت من: ابن الزبيدي، وابن اللتي. وتوفيت في سلخ رجب. وكانت ساذجة بلهاء. سمع منها غير واحد. 60 - فاطمة بنت محمد بن البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسيّ. أم محمد. امرأة صالحة، عابدة، سخية، جليلة، من خيار نساء دير الصالحين. وهي زوجة الكمال أحمد بن الكمال وأم أولاده. سمعت من: جدها، وابن الزبيدي. وسمعت حضوراً من الشمس العطار. وتوفيت في صفر وقد نيفت على الثمانين. سمع منها: الطلبة والرحالة.

(52/130)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 131

- حرف القاف -
61 - قرارسلان. السلطان الملك المظفر، فخر الدين ابن الملك السعيد نجم الدين أبي الفتح إيل غازي بن أرتق بن البن بن تمرتاش، صاحب ماردين وابن ملوكها. ذكرنا والده في سنة ثمان وخمسين، وبقي هذا في الملك ثلاثاً وثلاثين سنة، وولي بعده ابنه الملك السعيد داود، ثم ابنه الآخر الملك المنصور نجم الدين غازي، فبقي إلى سنة اثنتي عشرة وسبعمائة. فذكر الأمير شمس الدين ابن التيتي، وكان قد وزر للمظفر، وبعثه رسولاً إلى صاحب مصر السلطان الملك المنصور فاعتقله، قال: تملك المظفر بعد أبيه وحاصره التتار، يعني السعيد، تسعة أشهر، ولم يلن جانبه لهم. وقال: لو أقمت حتى لا يبقى معي أحدٌ ما نزلت إليهم، ولو دخلوا عليّ لعجلت بإهلاك نفسي. ثم مات في الحصار، فنزل ابنه المظفر إليهم، وذكر خدمته المتقدمة وأن أباه هو الذي كان يمنعه من الدخول في طاعتهم. فقبلوا ذلك منه، وأقره هولاكو على مملكة بلده. قال الشيخ قطب الدين: توفي في هذه السنة.
- حرف الميم -
62 - محمد شَرَفُ القُضاة. أبو الفتح ابن فخر القضاة أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الحسين، ابن الحباب، التميمي، السعدي، الأغلبي، المصري، الكاتب.

(52/131)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 132
خدم في الدواوين والجهات. وروى بالإجازة عن: الكندي، وابن الحرستاني. وسمع من: عم أبيه ابن البركات عبد القوي بن الحباب، وعلي بن مختار. وكان عسراً على الطلبة. توفي سامحه الله في السادس والعشرين من ذي الحجة، وله ثلاث وثمانون سنة. سمع منه: البرزالي، وابن سيد الناس، والطلبة. وحدث ' بالسيرة ' عن أبي البركات. 63 - محمد بن عبد الله بن عبد الظاهر بن نشوان بن عبد الظاهر. المولى الصاحب، فتح الدين ابن الحذامي الروحي، المصري. رئيس ديوان الإنشاء ومؤتمن المملكة. ولد بالقاهرة سنة ثمان وثلاثين وستمائة. وسمع من: أبي الحسن ابن الجميزي. وحدث، وبرع في الأدب والرسائل، وساد في الدولة المنصورية بفضائله وعقله ورأيه وهمته العالية، وتفننه في العلوم، والفضائل. وأقام مدة كاتب السر وصاحب الديوان. وكان السلطان يعتمد عليه الأمور الجليلة، وثيق به لدينه وتصونه وعقله وسداده. وإلى ترسله ونظمه المنتهى في الحسن. ومن شعره:

(52/132)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 133

(أبا عُود الأَرَاكِ ثملت سُكْراً .......... فهل خلَّفْتَ بعدكَ من بقايا)

(وهل فضلت من رِيقٍ يسيرٍ .......... لرشْفي فالخبايا في الزّوايا)

(فقال: صِرْتَ مثلي ذا ارتشافٍ .......... أنا ابنُ جلا وطلاّعُ الثّنايا)
وله:
(إنْ شئتَ تنظُرني وتُبصر حالتي .......... قابلْ إذا هبّ النّسيمُ قَبُولا)

(لتراه مثلي رِقَّةً ولطافةً .......... ولأجل قلبك لا أقول عليلا)

(فهو الرسول إليك منّي ليتني .......... كنت اتّخذت مع الرسولِ سبيلا)
وله:
(ذو قوام يجور منه اعتدال .......... كم طعين به من العُشّاق)

(سَلَبَ القُضْبُ لينَها فهي غَيْظي .......... واقعات تشكلوه بالأوراق)
توفي في منتصف رمضان بقلعة دمشق. ودفن بسفح قاسيون، وفجع به أبوه. 64 - محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر. العلامة، جمال الدين التلمساني، الزناتي، المالكي، النحوي، أبو عبد الله، المعروف بابن حافي راسه. كان من أئمة العربية بالثغر. وكان يحفظ ' الإيضاح ' لأبي علي

(52/133)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 134
الفارسي، وكان يقرئ بداره. وقد حدث عن ابن رواج. وقرأ عليه ابن المنير شيئاً من النحو. ولد بتلمسان سنة ست وستمائة. ولم أظفر بوفاته فكتبته هنا على الظن، فالله أعلم. 65 - محمد بن عبد الله بن يحيى بن غضبان. القاضي جلال الدين، أبو عبد الله الكناني، المصري، المعروف بابن نعير. روى عن: مرتضى بن العفيف. ومات ببلبيس في صفر، وله اثنان وثمانون عاماً. وأخذ عنه الحافظ قطب الدين. 66 - محمد بن عبد الحَكَم بن عبد المحسن. الفقيه، المفتي، أبو عبد الله المصري. ولد سنة خمس عشرة وستمائة. وحدث عن: ابن الجميزي. ومات في ذي الحجة. 67 - محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن مُلهم. الصدر، عماد الدين الدمشقي القرشي، الصائغ، المعدل. حضر أجزاء تفرد بسماعها من ابن البن. وسمع من: ابن صباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، وجماعة.

(52/134)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 135
سمع منه: المزي، والبرزالي، وأبو الفتح اليعمري، وطائفة وكان عديم الفضيلة. توفي في تاسع عشر شعبان. 68 - محمد بن عبد الرحيم بن عبد المنعم بن الدّميريّ. صدر الدين، إمام السلطان ابن محيي الدين. توفي بدمشق في رمضان. وروى عن ابن الجميزي. 69 - محمد بن عثمان بن مكي بن عثمان بن إسماعيل. شرف الدين السعدي، المصري، الشارعي ابن الإمام جمال الدين بن أبي عمرو. كان مؤذناً بقبة الشافعي. وعمر دهراً. ولد سنة خمس وستمائة، وأجاز له الحافظان أبو نزار ربيعة اليمني، وأبو الحسن المقدسي. وسمع من: عبد العزيز بن باقا، وغيره. سمع منه المصريون، والرحالة. ومات في شوال. 70 - محمد ابن الشرف أبي الفضل محمد بن محمد بن أبي الفتوح. البكري، نجم الدين أبو بكر. سمع الكثير، وحدث عن ابن اللتي بمصر. ولم يرو بدمشق شيئاً، وبها مات في شوال. 71 - محمد بن محمد بن ورْد بن عبد الله.

(52/135)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 136
الفقيه أبو عبد الله الدمشقي، الشافعي، الصوفي. سكن مصر برباط الأفرم الكبير. وحدث عن: ابن الزبيدي، وغيره. ومات في شعبان. وسماعه ' للصحيح ' في الخامسة. 72 - محمد بن كمال الدين المسلم بن عبد الوهّاب بن مناقب. العدل، نظام الدين الحسيني، الحنفي، الشاهد، أمين الخزانة التي للمصحف بمشهد علي بن الحسين، رضي الله عنه. روى عن: أبيه، ودرع بن فارس، وعبد العزيز بن أبيه. توفي في رمضان. 73 - محمد بن أبي بكر بن داود بن أبي بكر. أبو عبد الله العماد بن الهكاري، الشافعي، نزيل الرملة. روى عن: يوسف بن خليل. ومات بالرملة في جمادى الأولى. وهو منسوب إلى العمادية من أعمال الموصل. 74 - محمود ابن قاضي القضاة نجم الدّين عبد الرحمن ابن العلاّمة شَرَف الدّين بن أبي سعْد بن أبي عصرون. نور الدين. روى بالإجازة عن: المؤيد الطوسي، وأبي روح الهروي. كتب عنه علم الدين، وغيره. ومات في خامس رمضان.

(52/136)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 137
75 - المسلّم بن عبد الوهّاب بن مناقب. كمال الدين الحسيني، المنقذي. عن: إبراهيم بن الخشوعي، وعمر بن المنجا. مات في رمضان. 76 - موسى بن أحمد بن موسى. العدل ضياء الدين الإسنوي، الشروطي. حدث عن: يوسف بن المخيل، وعلي بن الصابوني. ومات بمصر في صفر.
- حرف النون -
77 - نجم الدّين. أبو بكر بن أبي العز بن مشرف بن بيان الدمشقي، التاجر، الكاتب، الأديب. شاعر لغوي، فصيح، متقعر في حديثه. توفي في صفر، ولم يرو شيئاً. وقد قرأ كتب الأدب على الشرف الإربلي، الأديب. وأجاز له ابن اللتي، وغيره.

(52/137)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 138

- حرف الهاء -
78 - هبة الله بن أحمد بن هبة الله بن معد. القاضي زين الدين، أبو القاسم القرشي، الإسكندراني، ابن البوري. مدرس العادلية ببلده. ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وسمع من: علي بن مختار، وغيره. سمع منه الطلبة الذين رحلوا. وقد ولي حسبة الثغر فلم تحمد سيرته. قدم القدس زائراً فأدركه بها أجله في ذي الحجة.
- حرف الواو -
79 - وجيه الدين ابن كُوَيك. التكريتي، الكاتب. ساق بفرسه وهو داخل من كفر بطنا، فرمته، فمات لوقته شهيداً، وأظنها وقعت فوقه، وذلك في جمادى الآخرة.
- حرف الياء -
80 - يحيى بن أحمد بن علي بن ياسين. مجير الدين ابن المعلم الحميري، الدمشقي. أحد رواة ' الصحيح ' عن ابن الزبيدي. شيخ جليل، خير. سمع منه غير واحد. وتوفي في خامس رجب. وله شعر حسن. وفيه فقر وتواضع.

(52/138)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 139
81 - يوسف بن عبد العظيم بن يوسف بن علي. أبو الحجاج بن الصناج المنذري، المصري، الضرير. سمع من: مكرم، وغيره. ومات في رجب. 82 - يوسف بن عبد المحسن بن يوسف. عز الدين، أبو العز الحمزي، الشارعي، الواعظ، المعروف بابن الزيات. وهو منسوب إلى درب حمزة بالشارع. سمع: ابن عماد، وابن باقا. وكتب عنه المصريون. مات في حادي عشر شعبان. وقد وعظ مدة، وأقرأ الوعظ. 83 - يوسف بن يعقوب بن مهذب. الفقيه جمال الدين الغماري، المالكي، الشاهد تحت الساعات. كان يحفظ ' الملخص ' للقابسي، ونزل بدار الحديث الظاهرية. ومات في المحرم.

(52/139)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 140
84 - يونس بن علي بن رضوان بن قرشق. الصدر الأجل، عماد الدين الدمشقي. حدث عن أبي المجد القزويني، وكان أبوه والي دمشق، ومشدها. وكان هذا شيخاً، مهيباً، طويلاً، يلبس جبة كتابية وعمامة بغرزه. توفي في العشرين من شوال. ودفن بتربة أبيه التي عند مسجده بالخريميين.
- الكنى -
85 - أبو بكر بن إبراهيم بن النّقيب الشيخ بدر الدين الدمشقي، الشافعي، الفقيه. ولد الإمام المفتي شمس الدين محمد. كان صالحاً، ناسكاً، فاضلاً، عاملاً بعلمه. روى عن الرشيد العراقي، وفرح الحبشي. حدث عنه: أبو الحسن بن العطار، وابن الخباز. ومات في جمادى الآخرة. أظنه في عشر السبعين. وقد أعاد بالإقبالية. 86 - أبو بكر بن محمد بن ياقوت.

(52/140)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 141
القاضي شرف الدين ابن البوري، القرشي، المصري. حدث عن عبد الوهاب بن رواج. ومات في صفر. 87 - أبو الحَرَم بن سالم. القرشي، الصالحي، الطحان. روى عن جعفر الهمداني. ومات في ربيع الأول. 88 - أبو الحَرَم بن أبي الورد بن عبد الله. الدمشقي، المغسل. كان شيخاً بهياً، وقوراً، مليح الشيبة، من كبار المغسلين، وله ثروة. توفي بسقبا، ودفن بمقابر باب توما في شعبان. 89 - أبو الفضل بن أبي بكر بن زيتون. التونسي، واسمه أبو القاسم. قاضي تونس وعالمها. ولد سنة عشرين، ورحل فلقي المرسي، وابن عبد السلام. وأخذ بتونس عن عبد الرحيم بن طلحة. وكان بارعاً في علم الأصلين. توفي في سابع عشر من رمضان بتونس. نقلته من خط محمد بن جابر. 90 - أبو القاسم ابن الأيسر. خطيب قلعة رندة بالأندلس. شيخ محدث معمر من أهل قرشتينانه من قرى رنده.

(52/141)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 142
يروي عن أبي القاسم بن بقي، وجماعة. قال لي أبو عبد الله بن... قال: أجاز لي هذا وأعطاني نصف دينار. وتوفي بعد التسعين وستمائة. وفيها ولد: شرف الدين أحمد ابن شيخنا شهاب الدين الكفري، وعماد الدين إسماعيل بن محمد بن أبي العز الحنفي. والقاضي فخر الدين محمد بن علي بن كاتب خطلبك.

(52/142)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 143

سنة اثنتين وتسعين وستمائة

- حرف الألف -
91 - أحمد بن علي بن يوسف. العدل، شهاب الدين الدمشقي، الحنفي، سبط عبد الحق بن خلف الدمشقي. وجد المفتي برهان الدين ابن قاضي حصن الأكراد. حدث عن: موسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق. ونيف على الثمانين. كتب عنه: ابن الخباز، والمزي، وابن مسلم، وابن المهندز، وطائفة. وتوفي بقرية بمارع من البقاع في الثامن والعشرين من صفر. وكان من بقايا الشيوخ رحمه الله. سكن بمارع. 92 - أحمد بن عمر بن علي بن حمزة. الجزري، ثم الحلبي، الظاهري، زوج خالة شيخنا أبي العباس ابن الظاهري، وكان فقيراً، ملازماً للزاوية الجمالية. روى عن: الفخر الإربلي، والعز بن رواحة. سمع منه: قطب الدين عبد الكريم، وابن سلمة، والبرزالي، وفخر الدين عثمان بن الظاهري، وآخرون. ومات في ثاني صفر. 93 - أحمد بن محمد بن عبد القاهر بن هبة الله بن النَّصِيبيّ.

(52/143)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 144
الشيخ الأجل، كمال الدين، أبو العباس الحلبي. ولد في رجب سنة تسع وستمائة. وسمع من: الافتخار الهاشمي، وهو آخر من روى عنه ؛ وأبي محمد بن علوان، وثابت بن مشرّف، ومحمد بن عمر العثماني، وإبراهيم بن عفان الكاشغري، وجماعة. وكان أسند من بقي بحلب. روى عنه: الدمياطي، وعلم الدين الدواداري، وعلاء الدين بن العطار، وجمال الدين المزي، وعلم الدين البرزالي، والموفق العطار، وأبو عمرو بن الظاهري، وطائفة كبيرة. وأجاز لي مروياته. أجاز له جماعة منهم المؤيد الطوسي: وسماعه من الافتخار في الخامسة. وهو والد تاج الدين محمد، الذي روى لنا عن ابن خليل. مات في المحرم. 94 - أحمد بن محمد بن أحمد بن يونس بن يوسف. المقدسي، الصالحي، الحداد، ابن أخت المجاهد. حضر على ابن الزبيدي. وسمع من: جعفر، وابن اللتي. وتوفي في سلخ السنة.

(52/144)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 145
95 - أحمد ابن الشيخ وجيه الدّين محمد بن عثمان بن أسعد بن المُنَجّا. الإمام، الفقيه، الرئيس، شمس الدين، مدرس المسمارية. والد صاحبنا الفقيه الإمام عز الدين محمد. سمع سنة ست وخمسين من نجم الدين المظفر بن الشيرجي. ولم يرو. توفي في شوال. وكان مليح الشكل، فاضلاً، ديناً، عاقلاً، منقطعاً عن الناس. 96 - أحمد ابن الحافظ جمال الدين أبي حامد محمد بن علي بن محمود بن الصّابونيّ. العدل، شهاب الدين. سمعه أبوه الكثير واعتنى به. وروى اليسير. ولد في صفر سنة ثلاثين وستمائة. وسمع حضوراً من ابن اللتي. وسمع من: جعفر، وأبي نصر بن الشيرازي، ومكرم. ورحل به إلى مصر فسمع من: الحسن بن دينار، وابن الطفيل، وجده، وجماعة. وقدم دمشق وحدث بها، ولم أدر به، فإنني كنت أسمع الحديث تلك الأيام. ثم رجع إلى مصر، وأدركه أجله في خامس ذي الحجة وكان فاضلاً، ديناً، شاعراً، عالماً. سمع منه: المزي، وابنه، والبرزالي، والشهاب أحمد بن النابلسي، وجماعة. 97 - أحمد بن أبي الطّاهر بن أبي الفضل.

(52/145)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 146
تقي الدين المقدسي الحنبلي. رجل فاضل، عالي الإسناد، صالح، دين. روى عن: الشيخ الموفق، وغيره كالقزويني، والزبيدي. وتوفي في رجب. روى عنه: المزي، والبرزالي، وجماعة. عاش سبعاً وسبعين سنة. 98 - إبراهيم بن داود بن ظافر بن ربيعة. الشيخ جمال الدين، أبو إسحاق العسقلاني، الفاضلي، الدمشقي، المقرئ، الشافعي. ولد في صفر سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وسمع من: ابن الزبيدي، وابن اللتي، ومكرم، والسخاوي، وأبي الحسن بن الجميزي، والفخر الإربلي، وظائفة كبيرة. وقرأ القراءآت على أبي الحسن السخاوي، وانقطع إليه، ولازمه ثمانية أعوام. وأفرد عليه، ثم جمع عليه للسبعة سبع ختم، وأخذ عنه علماً كثيراً من التفسير، والأدب، والحديث. ثم طلب بنفسه، وكتب، وقرأ الكثير على التقي اليلداني وطبقته. وكان قارئ الحديث بالفاضلية، ثم صار شيخها، وولي مشيخة، تربة أم الصالح بعد العماد الموصلي، وراجع الفن.

(52/146)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 147
وقرأ عليه جماعة كثيرة منهم الجمال البدوي، والشيخ محمد المصري، والشمس العسقلاني. وسمع منه: المزي، والبرزالي، والطلبة. وكنا جماعة نجمع للسبعة عليه، وهو في بيته قد أصابه شيء من الفالج، فتوفي قبل أن نكمل عليه أنا وابن نصحان، وابن غدير، وشمس الدين الحنفي النقيب. ووصلت عليه في الجمع إلى أواخر القصص. وكان قد استولى عليه البلغم وتغير حفظه. وكان شيخاً حسناً، بساماً، ظريفاً، حلو المجالسة، حسن المشاركة في الفضائل، مليح الشكل والبزة، يشهد على الحكام، والله يغفر له ويرحمه. توفي ليلة الجمعة مستهل جمادى الأولى. ودفن بقاسيون بتربة شيخه علم الدين السخاوي. وقد سمعت منه ' نونية ' السخاوي في التجويد، وأناشيد وفوائد. وأجاز لي جميع ما يجوز له روايته. 99 - إبراهيم بن الشيخ القدوة عبد الله بن يوسف بن يونس بن إبراهيم بن سليمان بن يَنْكو. الشيخ الزاهد، العابد، أبو إسحاق ابن الأرمني، ويقال الأرموي، نسبة إلى أرمينية.

(52/147)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 148
ولد سنة خمس عشرة وستمائة بجبل قاسيون. وسمع من: الشيخ الموفق بن قدامة، وابن الزبيدي، وغيرهما. روى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، وطائفة. وكان صالحاً، خيراً، ديناً، كبير القدر، مقصوداً للتبرك والزيارة. له أصحاب ومحبون، ولهم فيه عقيدة حسنة ؛ ولما قدم الملك الأشرف دمشق من فتح عكا طلع إليه وزاره، وطلب منه الدعاء، ووصله. وذلك ليلة الجمعة رابع عشر رجب بعد العشاء. وقد حدث بكتاب ' الأمر بالمعروف ' لابن أبي الدنيا مرات، لأنه تفرد به، عن الشيخ الموفق. توفي في ثاني عشر المحرم، وطلع إلى جنازته ملك الأمراء والأمراء والقضاة والعلماء، وحمل على الرؤوس. وكان من بقايا الشيوخ، رحمه الله. وله شعر جيد، فمنه هذه الأبيات السائرة.
(سهري عليكَ ألذُّ من سِنَةِ الكَرَى .......... ويلذُّ فيك تهتُّكي بين الورى)

(وسوى جمالَك لا يَرُوق لناظِري .......... وعلى لساني غيرُ ذِكْرك ما جرى)

(وجنات وجهك لو بذلت حشاشتي .......... لمُبَشّري برِضاك كنتُ مُقَصّراً)

(أنا عبدُ حُبّك لا أحولُ عن الهوى .......... يوماً وإنْ لام العذولُ وأكثرا)
100 - إبراهيم بن علي بن أحمد بن فضْل.

(52/148)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 149
الإمام، القدورة، الزاهد، تقي الدين، مسند الشام، أبو إسحاق بن الواسطي، الصالحي، الحنبلي. أحد الأعلام. ولد سنة اثنتين وستمائة. وسمع من: أبي القاسم بن الحرستاني. وأبي عبد الله بن البنا، وأبي البركات ابن ملاعب، وأبي الفتوح بن الجلاجلي، وموسى بن عبد القادر، وابن راجح، والشيخ الموفق، وابن أبي لقمة، وابن البن، وطائفة سواهم بدمشق. وأبي محمد بن الأستاذ بحلب. والفتح بن عبد السلام، وعلي بن بوزيدار، وأبي منصور محمد بن عفيجة، وأبي هريرة ابن الوسطاني، وأبي المحاسن بن البيع، وأبي علي بن الجواليقي، والمهذب ابن قنيذة، ومحاسن الخزائني، وأبي منصور أحمد بن السراج، وأبي حفص السهروردي، وعمر بن كرم، ومحمد بن أبي الفتح بن عصية، وياسمين بنت البيطار، وشرف النساء بنت الآبنوسي، وعلي بن بورنداز , وطائفة. وأجاز له: زاهر الثقفي، وأبو الفخر أسعد بن روح، وجماعة من إصبهان ؛ وأبو أحمد بن سكينة، وابن طبرزد، وابن الأخضر، وطائفة من بغداد، وعبد الرحمن بن المعزم من همذان.

(52/149)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 150
وانتهت الرحلة في علو الإسناد إليه. وحدث بالكثير. وكان فقيهاً عارفاً بالمذهب. درس بمدرسة الصاحب بالجبل، وولي مشيخة الحديث بالظاهرية. استنابه بها عز الدين الفاروثي، فباشرها إلى أن مات. وكان صالحاً، عابداً، قانتاً، خاشعاً، أماراً بالمعروف، قوالاً بالحق، مهيباً في ذات الله، خائفاً من الله، كثير التلاوة والأوراد، خشن العيش. سألت أبا الحجاج الحافظ عنه قال: أحد المشايخ المشهورين بالعلم والعمل والاجتهاد، ومن انتهى إليه في آخر عمره علو الإسناد. ورحل إليه من أقطار البلاد. وسمع الكثير بالشام، والعراق. قلت: سمع منه: البرزالي، وابن سيد الناس، وقطب الدين الحلبي، والمزي، وابنه، والشهاب ابن النابلسي، وابن المهندس، وشيخنا ابن تيمية، وإخوته، والفخر عبد الرحمن بن محمد البعلبكي، وأخوه عبد الله، وبدر الدين بن غانم، وخلق كثير. ولي منه إجازة. وانتقل إلى رحمة الله في أواخر يوم الجمعة الرابع عشر من جمادى الآخرة. ودفن من الغد بتربة الشيخ الموفق. وكان الشيخ عز الدين الفاروثي مع جلالته وسنه يمضي إليه، ويجلس بين يديه، ويقرأ عليه الحديث، رحمهما الله. وكان على كبر السن يقرأ بالختمة في ركعة. 101 - إسماعيل بن أحمد بن جميل بن حَمْد بن أحمد بن أبي عطّاف بن أحمد.

(52/150)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 151
المقدسي، الصالحي، البقال. حدث عن: ابن الزبيدي، وابن اللتي. ومات يوم عيد الفطر. 102 - أفضليّة بنت عبد الحقّ بن مكيّ ابن الرّصّاص. أم الخير القرشية المصرية. روت بالإجازة عن أبي الفتوح بن الحصري. وتوفيت في رجب بالقاهرة. 103 - إمام الدّين. التبريزي، المذهبي، الصوفي. من كبار الصوفية بدمشق، وعلمائهم. اسمه عبد الرحيم بن يحيى. توفي في المحرم، رحمه الله.
- حرف الجيم -
104 - جلال الدّين الخبّازي. الفقيه، شيخ الحنفية، واسمه: عمر بن محمد بن عمر. إمام كبير، فاضل، دين، درس بخوارزم، وأعاد بالنظامية. وقدم دمشق فدرس بالعزية البرانية، ثم درس بمسجد خاتون. وكان له تصانيف. توفي في ذي الحجة بدمشق سنة إحدى وتسعين.
- حرف الحاء -
105 - الحسن بن إبراهيم. القاضي نجم الدين الكردي، المهراني، الشافعي.

(52/151)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 152
الفقيه مدرس الأكزية والصلاحية بدمشق، وأحد المعيدين بالأمينية. توفي في صفر. 106 - الحسين بن عبد الله بن أبي الحَجّاج. العدل، نجم الدين العدوي، الدمشقي. يروي عن: جعفر الهمداني، وغيره. وتوفي في رمضان. وكان شيخاً كيساً، ظريفاً.
- حرف الخاء -
107 - خليفة بن بدر الدّين محمد بن خَلَف بن عقيل. صارم الدين المنبجي، ثم الدمشقي، التاجر، والد المولى صارم الدين إبراهيم، وشمس الدين محمود. توفي في المحرم. وكان شاباً فاضلاً، ديناً، عاقلاً. توفي عن اثنتين وثلاثين سنة، وفجع به أبواه، رحمه الله. - حرف الدال -
108 - داود الملك الزّاهر ابن الملك المجاهد أسد الدّين شِيرَكوه ابن الأمير ناصر الدّين بن محمد ابن الملك أسد الدّين شيركوه بن شاذي.

(52/152)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 153
الحمصي، ابن صاحب حمص. من بيت الملك والحشمة. وله قعدد في النسب. وكان شيخاً مهيباً، كثير التلاوة والتنفل. روى بالإجازة عن المؤيد الطوسي يسيراً. وهو والد الملك الأوحد. توفي في جمادى الآخرة. وكان من أبناء الثمانين. وكان يلقب مجير الدين. وإجازته على سبيل التعميم.
- حرف الراء -
109 - رمضان بن سلامة. الحداد. شيخ معمر. ولد بدنيسر سنة ستمائة، وسمعوه في الكهولة من طغريل المحسني. كتب عنه الأبيوردي في ' معجمه '، وغيره. ومات بمصر في نصف ذي القعدة.
- حرف السين -
110 - سابقان. واسمه محمود، الشيرازي، الفقير، المقيم بالكلاسة. كان شهماً مقداماً يعطيه الأعيان ويهابونه. مات بالكلاسة، ودفن بزاوية القلندرية. وهم تولوا أمره بوصية منه وحملوه على رقابهم وعظموه. وكان منهم.

(52/153)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 154
توفي في المحرم. 111 - سَنْجَر. الأمير الكبير، علم الدين الحلبي، الكبير. أحد الموصوفين بالشجاعة والفروسية، وشهد عدة حروب. رأيته شيخاً أبيض الرأس واللحية، من أبناء الثمانين. ولي نيابة دمشق في آخر سنة ثمان وخمسين، وتسلطن بها أياماً، وتسمى بالملك المجاهد، ولم يتم ذلك. وبقي في الحبس مدة، ثم أخرجه الملك الأشرف، وأكرمه ورفع منزلته. وكان من بقايا الأمراء الصالحية. وهو الذي حارب سنقر الأشقر وطرده عن مملكة الشام. قال تاج الدين في ' تاريخه ': حدثني جندي قال: أتيت بأميرنا الحلبي لزيارة الحج إبراهيم الحجار، فأنكر عليه كلوته المزركش وقال: انزعها، فما أعجب الأمير، فلما قمنا قال لي: كم يكون سن هذا الشيخ؟ قلت: ثلاثين سنة. قال: ما حل ذا يكون شيخاً. الله ما بعث نبياً إلا لأربعين سنة.
- حرف الصاد -
112 - صفيّة بنت علي بن أحمد بن فضل. أخت الشيخ تقي الدين ابن الواسطي. روت عن: الشيخ موفق الدين، والشهاب بن راجح.

(52/154)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 155
ولها حضور في سنة أربع عشرة وستمائة. وكانت شخية رباط. وهي والدة الشيختين عائشة وهدية بنتي عبد الله ابن مؤمن النجار. سمع منها: البرزالي، وابن النابلسي، وجماعة. ولم أسمع منها. وتوفيت في الثامن والعشرين من ذي الحجة رحمها الله. وهي آخر من سمع من الناصح محمد بن إبراهيم.
- حرف العين -
113 - عبد الله ابن الشيخ عبد الظاهر بن نشوان. المولى، العالم، محيي الدين الجذامي، المصري، الكاتب، المنشئ، والد المرحوم الصاحب فتح الدين. سمع من: جعفر الهمداني، وعبد السلام بن إسماعيل بن رمضان، ويوسف المخيلي، وجماعة. كتب عنه: البرزالي، وابن سيد الناس، والجماعة.

(52/155)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 156
وكان بارع الكتابة والإنشاء، له النظم والنثر. وكان ذا مروءة وعصبية. ومن شعره:
(ما غبتُ عنكَ لجفوةٍ وملالِ .......... يوماً ولا خطر السُّلُوُّ ببالي)

(يا مانعاً جفني المنامَ ومانِحِي .......... ثوبَ السُقام وتاركي كالآلِ)

(عمّن أخذت جواز منعي ريقَكَ المعسولَ .......... ياذا المعطف العسّال)

(عن ثغرك النظام، أم عن شعرِك الفحّام .......... أَمْ عن جفْنك الغَزّالِ)

(فأجابني: أنا مالك شَرْع الهَوَى .......... والحُسن أضْحى شافعي وجمالي)

(وشقائق النُّعمان أَيْنَعَ نَبْتُها .......... في وجنتي وحماه رشقُ نبالي)

(فالصبر أحمد بالمحبّ إذا ابتلاه .......... الحبّ في شرح الهَوَى بسؤآل)
توفي الصاحب محيي الدين بالقاهرة في ثالث رجب. وولد في المحرم سنة عشرين. 114 - عبد الله بن أبي القاسم سليمان بن عبد الله. الأنصاري، الدمشقي، نجم الدين. مات في ذي القعدة بحصن الأكراد. حضر ابن اللتي، وابن المقير، وسمع كريمة. وحدّث. وهو أخو شيختنا فاطمة، ووالد المقرئ علاء الدين بن طليس. 115 - عبد الله بن علام الله بن إسماعيل.

(52/156)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 157
أبو محمد ابن الشمعة. شيخ مصري معروف وهو بكنيته أعرف، وسماه بعضهم: ' شاكر الله '. روى عن: ابن عماد، وعبد القوي بن الحباب، وأبي القاسم بن الصفراء، وعبد المحسن ابن الدجاجي، وعبد الغفار النجفي، وغيره. وكتب عنه الطلبة، ومات في تاسع عشر شوال. 116 - عبد الله بن منصور بن علي. الإمام، مكين الدين، أبو محمد اللخمي، الإسكندراني، المقرئ، المعروف بالمكين الأسمر، مقرئ الإسكندرية. قرأ القراءآت على أبي القاسم الصفراوي، وغيره. وطال عمره، وأقرأ جماعة وحدث عن أصحاب السلفي. ولما مات شيخنا الفاضلي وتوجعت لموته وصف لي هذا الشيخ، وأنه قرأ على الصفراوي، فبقيت أتلهف على لقيه، ولم يكن أبي يمكنني من السفر. وكان شيخاً صالحاً، عابداً، عارفاً بالقراءآت. توفي في غرة ذي القعدة عن سن عالية، رحمه الله. 117 - عبد الحميد بن أحمد بن عبد الرحمن. البحدي، أبو محمد الصالحي، الحنبلي، الصحراوي. روى عن: أبي القاسم بن صصرى، وابن الزبيدي، وكتائب بن مهدي. ومات في المحرم.

(52/157)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 158
118 - عبد الحميد ابن فخر الدين عبد الرحمن بن مخلص الدين عبد الواحد بن عبد الرحمن بن هلال. العدل، الرئيس، عز الدين. روى عن: جده المخلص ؛ وعن: ابن اللتي، وكريمة. كتب عنه: علم الدين، وغيره. ومات في ذي القعدة، وهو في عشر السبعين رحمه الله. ولد سنة ثلاثين. 119 - عبد الرحمن بن سالم بن نصر الله بن واصل. القاضي عماد الدين الحموي، الشافعي. ولد سنة أربع وعشرين وستمائة. وسمع من: صفية القرشية، وأبي القاسم بن رواحة. وناب في قضاء بلده عن أخيه العلامة جمال الدين. سمع منه: المزي، والبرزالي. ومات في سادس شعبان. وكان شيخ حديث بحماه. 120 - عبد الرحمن بن أبي الحَرَم بن الخِرَقيّ. ضياء الدين. حدث عن: جعفر، وكريمة. وكان كثير السماع مع أخيه أبي المحاسن. سمعا بإفادة خالهما ابن شعيب. ومات في ربيع الآخر عن اثنتين وستين سنة. وكان في الآخر يقرأ على الجنائز كأخيه.

(52/158)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 159
121 - عبد الرحيم ابن الشيخ عزّ الدين عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الله بن رواحة. زين الدين الحموي. حدث عن: أبيه، وعمه. وسمع من: أبي بكر محمد بن عمر بن يوسف بن بهروز. وأجاز له الافتخار الهاشمي. كتب عنه: البرزالي، وغيره. ومات في ذي القعدة بحماة. وكان مولده بها في سنة ثلاث عشرة وستمائة. 122 - عبد الله ابن الشيخ جمال الدين سليمان بن عبد الكريم بن عبد الرحمن. نجم الدين، أبو بكر الأنصاري، الدمشقي، والد صاحبنا علاء الدين علي، وأخو شيختنا فاطمة. روي حضوراً عن: ابن اللتي، وكريمة. وتوفي في سابع ذي القعدة بحصن الأكراد. وسمع من: كريمة، والسخاوي، وإبراهيم بن الخشوعي. 123 - عبد العزيز بن إبراهيم بن نصر بن سعيد. الصالحي، الرقوقي، أخو شيخنا أحمد إبنا أخت شيخنا العز بن الفراء. حدث عن ابن الزبيدي. ومات في ثاني عشر شوال. 124 - عُبَيْد بن محمد بن عبّاس بن محمد بن موهوب.

(52/159)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 160
الحافظ المفيد، تقي الدين، أبو القاسم الإسعردي. ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة بإسعرد. ودخل مصر في صباه مع أبيه. وسمع من: علي بن مختار، والحسن بن دينار، ويوسف بن المخيلي، وعبد الوهاب ابن رواج، وعلي بن المقير، وطائفة بمصر. وحمزة بن أوس الغزالي، وسبط السلفي، وجماعة بالثغر منهم هبة الله بن محمد المقدسي. وسمع من جماعة بدمشق، وكتب الكثير، وبرع في الحديث والرجال والتجريح والعالي والنازل. وخرج لجماعة كثيرة، وقرأ الكثير. وكان من العارفين بهذا الشأن، مع الثقة والصدق. كان شيخنا ابن الظاهري يثني عليه ويرجحه على سائر المصريين في الحديث. وسمع منه: ابن الظاهري، وولداه، والحارث، وولده، والمزي، وابن منير الحلبي، وابن سيد الناس، والبرزالي، وابن سامة، وخلق سواهم. وتوفي في سادس شعبان، وله سبعون سنة. ورأيت تقي الدين محمد بن عزام الإسكندراني بخطه قد نقل سماع التقي عبيد، والدمياطي، وعيسى السبتي ' للأربعين البلدانية ' من المحدث محمد بن محمد بن محارب القيسي في سنة تسع وثلاثين في ذي الحجة بسماعه من السلفي.

(52/160)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 161
125 - عيسى بن حسن بن أبي محمد بن القاهريّ. الجلال، أبو محمد. شيخ صالح، دين، عالي الرواية. حدث عن: أحمد بن عبد الله بن حديد وحمزة بن عثمان، والفخر محمد الفارسي، وعبد العزيز ابن باقا، ومكرم بن أبي الصقر، وجماعة. سمع منه: المزي، والبرزالي، والمصريون. سقط يوم الجمعة الرابع والعشرين من رمضان من جامع ابن عبد الظاهر بالقرافة فمات. 126 - عثمان. الأخي، الكتبي، المقرئ على الجنائز. كان شيخاً ضخماً، سميناً، جهوري الصوت من سبعته الجنائز بدمشق، منقطع في دكانه بالكتبيين. وكان - عفا الله عنه - تاركاً للصلاة، إلا أنه كثير التلاوة، فأول من يقرأ في السبع الكبير هو، وله سبع بين العشاءين تحت قبة النسر، ذكر لي أنه قرأ فيه أكثر من ثلاثمائة ختمة. وكان ليلة الختم يتحيل في شيء من المأكول، ويحمله إلى الفقراء الذين يقرأون معه. مات في المحرم وقد جاوز السبعين. وكان أمة بذاته. 127 - علي بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبّار. سيف الدين ابن الرضى المقدسي. ولد سنة خمس عشرة وستمائة. وسمع حضوراً من موسى بن عبد

(52/161)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 162
القادر، والموفق. وسماعاً من: ابن البن، والقزويني، وأبي القاسم بن صصرى، وجماعة. وقد فاتني السماع منه. سمع منه: أبو العباس النابلسي، والطلبة. ولازم خدمة الشيخ شمس الدين. وكان يورق ويشهد ويثبت المكاتيب ويعمل النقابة. واشترى من ذلك بستاناً بكفربطنا. وقيل ولد في رمضان سنة سبع عشرة. ومات في سادس عشر شوال، وورثه أخته وبناته. 128 - علي الصّاحب. المنشئ البارع، بهاء الدين ابن عيسى الإربلي. وهو علي ابن الأمير فخر الدين عيسى بن أبي الفتح، الشيباني الكاتب. مترسل مجيد، وشاعر محسن، ورئيس نبيل. كتب لمتولي إربل ابن صلايا، ثم خدم ببغداد في الإنشاء في أيام صاحب الديوان، ثم فتر سوقه في دولة اليهود، ثم تراجع بعدهم وسلم، ولم ينكب إلى أن مات. وكان صاحب تجمل وحشمة ومكارم، وفيه تشيع. ومات في عشر السبعين ببغداد. وكان أبوه والياً بإربل. توفي الصدر بهاء الدين في ثالث جمادى الآخرة. وقد أفرد له عز الدين حسن بن أحمد الإربلي ترجمة في جزء كبير، وقال له: ولدت في رجب سنة خمس وعشرين وستمائة. وكان أبوه كردياً والياً بإربل، فحرص على ابنه هذا حتى برع في الكتابة وتأدب.

(52/162)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 163
قال: اشترى لي أول ما اشتغلت نسخة ' بصحاح الجوهري ' بأربعمائة درهم، ثم ندم وقال: لو اشترينا بها فدان بقر كان أنفع. ثم خدمت في ديوان الإنشاء بإربل أول ما بقل وجهي. قلت: وله تواليف أدبية مثل ' رسالة الطيف '، ' والمقامات الأربع '، وغيرها. وخلف تركة عظيمة بنحو من ألف ألف درهم، فتسلمها ابنه أبو الفتح، ومحقها في نحو من أربعة أعوام، ومات صعلوكا بإربل. وقال ابن الفوطي: سكن بهاء الدين بغداد في سنة سبع وخمسين، وعمر بها داراً جميلة. وكان يتشيع سمعت عليه كتابه في ' فضائل الأئمة '، روى فيه عن الكمال ابن وضاح، والشيخ عبد الصمد. مات وعمل ثالثه فتكلم شيخنا عز الدين الفاروثي، والجلال الكوفي. وتوفي في رابع عشر جمادى الآخرة. نقلت من خط ابن الفوطي. 129 - علي بن محمد بن المبارك. الأديب، كمال الدين ابن الأعمى، الشاعر، صاحب ' المقامة ' التي في الفقراء المجردين. روى عن ابن اللتي، وغيره. وتوفي في ثالث عشر المحرم. وكان شيخاً كبيراً، من بقايا شعراء الدولة الناصرية. انقطع في أواخر عمره بالقليجية. وكان مقرئاً بالتربة الأشرفية وغيرها.

(52/163)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 164
والأعمى هو نعت لوالده الشيخ ظهير الدين النحوي الضرير الذي كان خطيب بيت المقدس مرة. 130 - علي بن محمود بن علي بن محمود بن قرقين. الأمير ناصر الدين. شيخ جليل، معمر، من أبناء التسعين. أجاز له أبو اليمن الكندي. وسمع من: أبي المجد القزويني، والبهاء عبد الرحمن. وكان ديناً خيراً، حسن السيرة، جميل الذكر ؛ معتمداً بقلعة بعلبك. سمع منه: المزي، وابن تيمية، والبرزالي، والطلبة. وحدث بدمشق، وبعلبك. وتوفي في ثاني شعبان، وله اثنتان وتسعون سنة وخمسة أشهر. قاله ابن خولان. 131 - علي بن محمود بن عبد الله بن محمد ابن الملثّم. العادلي، العدل زين الدين الحنفي ؛ عدل، خير، مشهور، متميز. روى عن: ابن المقير، وابن رواج. ومات بالقاهرة في الحادي والعشرين من ربيع الأول.

(52/164)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 165
132 - علي ابن السلطان الملك المظفر تقيّ الدّين محمود بن المنصور محمد بن تقيّ الدّين عمر ابن صاحب حماة. ويعرف بالأمير علي، وتلقب بالملك الأفضل. وهو أخو السلطان الملك المنصور محمد. توفي بدمشق ووضع في تابوت، وصلوا عليه، ثم سافروا به إلى حماة، فدفن عند آبائه. رأيته كهلاً، خفيف اللحية، بعمامة مدورة. وكان من كبار أمراء حماة. وهو والد الأمير الملك عماد الدين متولي حماة يومئذ. مات في ذي الحجة، وحضر الصلاة عليه نائب السلطنة الحموي، والأكابر. 133 - عمر بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان القاضي الفقيه عزّ الدّين أبو الفتح ابن قاضي القُضاة جمال الدّين ابن الأستاذ. الأسدي، الحلبي، الشافعي. ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة. وسمع الكثير من الموفق عبد اللطيف، ومن: ابن اللتي، ويحيى بن جعفر الدامغاني، والعلم بن الصابوني، والفخر الإربلي، وجماعة. وكان فقيهاً، صالحاً، ديناً، متزهداً، متميزاً. درس بالمدرسة الظاهرية التي بظاهر دمشق.

(52/165)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 166
وحدث ' بسنن ابن ماجة ' و ' مسند الحميدي '، و ' معجم ابن قانع '، وغير ذلك. وسمع منه خلق، وهو آخر من روى بدمشق ' سنن ابن ماجة ' كاملاً. توفي في الثامن والعشرين من ربيع الأول، ودفن بالمزة.
- حرف الغين -
134 - غُلْبُك. الأمير الكبير زين الدين الفخري، من أمراء دمشق. وقد حج بالناس مرة، وشكرت سيرته. وذلك في سنة ثمان وثمانين.
- حرف الميم -
135 - محمد بن إبراهيم بن تَرْجَم بن حازم. أبو عبد الله المازني، المصري. شيخ مبارك، مسن، معمر، عالي الرواية. تفرد برواية الترمذي، عن أبي الحسن علي بن البنا المكي، وحدث به بالقاهرة وسمعه منه جماعة كبيرة. توفي في التاسع والعشرين من رجب، وكان من أبناء التسعين. وسمع من: عبد القوي بن الحباب، وابن باقا. مولده سنة اثنتين وستمائة. 136 - محمد بن علي بن داود. البعلبكي، الدقاق في القماش. دين، خير.

(52/166)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 167
حدث عن: البهاء عبد الرحمن. سمع منه: البرزالي، والمزي، وابنه، والشيخ أبو بكر الرحبي، وطائفة. وتوفي في الرابع والعشرين من ذي القعدة، وهو في عشر الثمانين. 137 - محمد بن محمد بن مهيب بن عبد الرحمن بن مجاهر. الشيخ الجليل محيي الدين الربعي، الصقلي، ثم المصري. ولد بمصر سنة ثمان وستمائة. وسمع من مكرم سنة ست عشرة. كتب عنه الفرضي، وغيره. ومات في جمادى الآخرة بمصر. وكان فاضلاً، ديناً. 138 - محمد بن محمد بن المحدّث نصير الدّين ابن العدل شمس الدّين. الرسعني، الحنبلي. كان جارنا، وكان شاباً مليحاً. سمع من جماعة من أصحاب طبرزد، وقتل شهيداً بحوران في ذي الحجة وله عشرون سنة. 139 - محمد بن علي بن محمد. الإمام أبو عبد الله ابن الزاهد، البصري، الشافعي. توفي بالبصرة في جمادى الأولى. قرأته بخط الذهلي. 140 - محمد بن يوسف بن أحمد بن يوسف. الأجل محيي الدين ابن الأنصاري، الحلبي، الكاتب. كان مع معاناته للكتابة وللخدم شيخ خانقاه سنقرشاه بحلب. وسمع من: أي القاسم بن رواحة، والمؤتمن بن قميرة، وابن خليل.

(52/167)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 168
ومات في شعبان وله ثلاث وخمسون سنة. وكان أبوه فخر الدين فقيهاً إماماً، وكان جده العلامة شهاب الدين شيخ الحنفية بحلب، وأحد من درس بالمستنصرية ببغداد. 141 - محمد بن أبي بكر بن غُنَيم بن حمّاد. شمس الدين الحراني، نزيل مصر. كان بزازاً في الخليع. ولد سنة إحدى وعشرين. وروى عن: الموفق عبد اللطيف بن يوسف. سمع منه المصريون. ومات في العشرين من صفر بمصر.
- حرف النون -
142 - نبا بن علي بن هاشم بن الحَسَن. الأمير الكبير، شمس الدين، ابن الأمير نور الدين، ابن المحفدار المصري. جعله الملك المنصور أمير جندار. وكان دينا، كثير المروءة. صلى العشاء وقرأ سورة {هل أتى} ، وسجد فمات. وذلك في صفر بداره بمصر. ومات في عشر السبعين. قاله شمس الدين الجزري. 143 - النُّعمان بن حسن بن يوسف.

(52/168)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 169
قاضي القضاة، معز الدين الخطيبي، الحنفيما، قاضي القاهرة. ناب أولاً عن الصدر سليمان، ثم ولي بعده، وقدم دمشق لقضاء الجيوش المنصورة. ورجع وتوفي بالقاهرة. - حرف الياء -
144 - يوسف بن إبراهيم بن عُقاب. أبو يعقوب الحذامي، الشاطبي، المقرئ، الزاهد. قرأ بالسبع على أصحاب نوح الغافقي. سمع منه أبو عبد الله الوادياشي، وقال: مات في صفر سنة اثنتين. ومولده سنة ثلاث عشرة. توفي بتونس وكانت جنازته مشهودة. أكثر عن أبي الحسن علي بن قطرال. سمع منه: البرزالي، والمصريون. ومات في العشرين من صفر بمصر. 145 - يوسف بن أبي بكر بن عثمان. الحراني، الصوفي. شيخ معمر. روى عن: الساوي. ومات في ربيع الآخر، وله تسعون سنة. وهو والد العفيف الصوفي

(52/169)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 170

- الكنى -
146 - أبو محمد بن عبد الوهاب بن محاسن. الجمال ابن النحايلي. شيخ معمر من أبناء التسعين. رأيته، روى عن: شمس الدين عمر بن المنجا، وابن أبي جعفر. سمع منه البرزالي، وجماعة. وتوفي في ربيع الأول بدمشق. وفيها ولد: الفقيه البارع فخر الدين محمد بن علي المصري، أو في سنة إحدى. وعماد الدين محمد بن محمد بن الزملكاني، القاضي. والإمام زين الدين محمد بن عبد الله بن الخطيب ابن المرحل.

(52/170)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 171

سنة ثلاث وتسعين وستمائة

- حرف الألف -
147 - أحمد بن أقوش. شهاب الدين إمام السلطان، وأحد الموصوفين بالتطريب في التلاوة ومعرفة الأنغام والموسيقى. مات في ذي الحجة. 148 - أحمد بن عبد الرحمن بن هبة الله بن أحمد بن الأشقر. الشيخ عماد الدين الخريمي، الحنبلي، خطيب جامع الحريم. ولد سنة عشرين، وقدم دمشق، وحدث عن: ابن بهروز، والأغر بن العليق. وكان صالحاً، خيراً. توفي ببغداد في رجب. 149 - أحمد بن عبد الواحد محيي الدّين ابن الطَّرَسُوسيّ. الحلبي، من أعيان بلده. سمع معنا، وكان شيخاً ساكناً، مهيباً. توفي في ذي القعدة بالمزة، وخلف ولدين من فضلاء الحنفية. وقد باشر ديوان الجامع نيابة عن ابن النحاس. 150 - أحمد ابن الشيخ شمس الدين محمد بن الكمال عبد الرحيم. المحدث، موفق الدين، خازن كتب الضيائية، وقارئ الحديث بها.

(52/171)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 172
سمع وكتب وعنى بالحديث، وحصل الأجزاء. وصار له فهم ومعرفة لقوة ذكائه وجودة فهمه واعتنائه. وكان شاباً حسناً، ديناً، مطبوع العشرة، كريم الشمائل، محبباً إلى الناس. رأيته مرة واحدة. وقد درس بالضيائية أيضاً. مات في ذي الحجة ولم يكمل الثلاثين. وقد سمع من ابن عبد الدائم فمن بعده. وقرأ على أبيه بكفربطنا. وما كأنه حدث. 151 - أحمد بن مرتفع. أمين الدين، رئيس المؤذنين بالجامع الجديد بمصر. روى عن نبا بن هجام. ومات في رمضان. 152 - أحمد بن محمد بن علي بن أبي بكر بن عَرَفَة. الشيخ نجم الدين الهاشمي، البغدادي، ابن المحفدار، ويعرف بابن الكندران. سمع: القطيعي، وعلي بن كبة، والمبارك بن علي المطرز. وعنه: أبو العباس الكازروني. 153 - أحمد بن محمد بن الحسن.

(52/172)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 173
ابن الغماز. قاضي الجماعة بتونس. كان إماماً، محدثاً فقيهاً، مقرئاً، كبير القدر. يكنى أبا العباس. وكان والده من زهاد بلنسية وفقهائها. ولد أبو العباس سنة تسع وستمائة، وسمع الكثير من أبي الربيع بن سالم. وطال عمره. وأكثر عنه أهل تونس، منهم الإمام أبو عبد الله بن جابر الوادياشي، وذكر لي أنه أكثر عنه، وأنه مات سنة ثلاث هذه. وأنه مكثر عنه يوم عاشوراء. وقال: سمعت منه ' التيسير ' بسماعه من ابن سالم، وأبي الحسن بن سلمون. وقرأها مع علي ابن صاحب الصلاة تلميذ ابن هذيل. وكان أعلى أهل المغرب إسناداً في القرآن رحمه الله. وله معرفة بالفقه والحديث. قرأ عليه بالسبع. وله شعر جيد. 154 - إبراهيم بن عبد الرحمن بن سالم بن أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ ابن صَصْرى. الصاحب، جمال الدين التغلبي، الدمشقي، ناظر الدواوين. ولي حسبة دمشق مدة، ثم ولي الديوان. وكان عاقلاً، رئيساً، متمولاً، مهيباً، عارفاً، خبيراً، ذا رأي وصراحة وكفاءة، إلا أنه كان ظالماً، سامحه الله {ووجدوا ما عملوا حاضرا} . توفي ليلة الجمعة في شوال في عشر الخمسين، أو جاوزها بقليل.

(52/173)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 174
155 - إدريس بن محمد بن أبي الفَرَج المفرّج بن الحسين بن إدريس بن مُزَيْز. الشيخ الإمام، المحدث تقي الدين، أبو محمد الحموي. سمع من: أبي القاسم بن رواحة، وأخيه النفيس، وصفية القرشية، والموفق بن يعيش النحوي، ومدرك بن حنيش، والقاضي أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم، وهذه الطبقة. وكتب الأجزاء، وعني بالحديث وتميز فيه. روى عنه: شيخنا الدمياطي، والمزي، والبرزالي، وجماعة. وذكره المحدث جمال الدين ابن الصابوني في كتاب ' تكملة إكمال الإكمال ' في مزيز، ومرير ؛ وقال: مرير، بمهملتين، الفقيه أبو طالب مدرك بن أبي بكر بن مرير الحموي، الشافعي. تفقه ببغداد، وكان فيه ذكاء مفرط، وولي تدريس الأكزية بدمشق وعقود الأنكحة. وسمع من أبي المحاسن يوسف بن رافع قاضي حلب. ثم ذكر إدريس بن مزيز. قلت: توفي في العشرين من ربيع الآخر بحماة. وقد سمعت من أولاده ست الدار، وتاج الدين أحمد، وزين الدين عبد الرحيم.

(52/174)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 175
وقد حدث بدمشق في سنة ثمانين. وقد صنف كتاب ' الأحكام '، رأيته بخطه. 156 - أحمد بن يونس بن أحمد بن بركة. المحدث الصالح، العالم، شهاب الدين، أبو الطاهر الإربلي، الصوفي. ولد بالقاهرة في سنة إحدى وأربعين وستمائة. وسمع من: أبي الحسن بن الحميري، وصالح المدلجي، والحافظ زكي الدين عبد العظيم، ومحمد بن عبد العزيز الإدريسي، والصدر البكري، وجماعة. ثم إنه طلب الحديث بنفسه في سنة ستين، وأكثر عن أصحاب البوصيري. ورحل إلى دمشق فأكثر عن ابن عبد الدائم، وأصحاب الخشوعي فمن بعدهم. وجمع لنفسه ' معجماً '، ونسخ الكثير وحصل ورجع. ثم قدم دمشق وحدث. وروى عنه: النجم بن الخباز، والمزي، وطائفة. وقرأ عليه علم الدين البرزالي ' صحيح مسلم ' بروايته عن صالح المدلجي. ونزل في السميساطية. ثم رجع إلى القاهرة فأقام يسيراً وتوفي في ثالث عشر المحرم، رحمه الله. 157 - إبراهيم بن أبي بكر بن إبراهيم بن عبد العزيز بن عُمر. العدل، المرتضى، الأمين، مجدُ الدين، أبو إسحاق القرشي، الجزري، التاجر، والد صاحبنا العدل الرئيس شمس الدين صاحب ' التاريخ '.

(52/175)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 176
ولد سنة تسع وستمائة بالجزيرة العمرية، وأكثر الترحال في التجارة إلى العراق، والهند، واليمن، والنواحي. ودخل أكثر من سبعين مدينة. وصحب الشيخ علي الحبار مدة، ثم استوطن دمشق من سنة أربع وخمسين. وولد له جماعة أولاد، أكبرهم سناً وقدراً المولى شمس الدين، أبقى الله حياته. وعمل بزازاً بالرماحين. وكان خيراً صالحاً، صدوقاً، ديناً، مقبول القول، حسن البزة، وافر الحرمة. توفي في ثاني عشر صفر، ودفن بمقبرة باب الصغير، رحمه الله تعالى. 158 - إبراهيم بن محمد بن منصور. الرئيس، الفقيه، أبو إسحاق الأصبحي، ويعرف بابن الرشيد التونسي. ناب في القضاء. وأخذ عن: أحمد بن معاوية، وعبد الرحيم بن طلحة. روى عنه: محمد بن جابر الوادياشي وقال: توفي في المحرم سنة ثلاث وتسعين. 159 - إسحاق بن إبراهيم بن سُلْطان. أبو إبراهيم البعلبكي، الكتاني. سكن دمشق، وحدث بها عن البهاء عبد الرحمن. وكان رجلاً خيراً، صالحاً، تالياً لكتاب الله. سمعت منه أنا وابن الخباز، والمزي، وابن النابلسي، وجماعة. وتوفي في ذي القعدة. وكان إمام مسجد. وكان من أبناء الثمانين، رحمه الله.

(52/176)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 177
160 - آمنة بنت التّقيّ محمد بن البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسيّ. حضرت جدها، وسمعت ' الصحيح ' من ابن الزبيدي. وحدثت وتوفيت في رجب. ولم أسمع منها، وهي زوجة السيف بن المجد. وكانت من العوابد.
- حرف الباء -
161 - بكْتَاش. الأمير بدر الدين، أستاذ دار ملك الأمراء حسام الدين لاجين المنصوري. مات في هذه السنة. 162 - بكتوت. العلائي، الأمير الكبير بدر الدين. أمير محتشم، من أكبر أمراء دمشق. ثم انتقل إلى الديار المصرية، وعلت رتبته في الدولة الأشرفية. ومات كهلاً بمصر في جمادى الآخرة. 163 - بيدرا.

(52/177)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 178
المقر العالي، نائب المملكة الأشرفية، بدر الدين. كان من أعز الناس عند أستاذه السلطان الملك المنصور. وكان من كبار المقدمين في دولته. فلما تملك الملك الأشرف جعله أتابكه. وكان يرجع إلى دين وعدل. ثم خرج على مخدومه وساق إليه وقتله، ورجع تحت عصائب السلطنة، وحلفوا له، ووعدوه بالملك، فلم يتم له الأمر، وقتلوه من الغد في ثالث عشر المحرم. ولم يتكهل.
- حرف التاء -
164 - تاج الدين ابن الحَيْوان. هو الإمام البارع، أبو يوسف موسى بن محمد المراغي، الشافعي. كان فقيهاً، مناظراً، عارفاً بالأصول والفقه. توفي فجأة بدمشق. رأيته يشتغل بالناصرية، وكان معيدها. وخلف ولدين فاضلين ماتا شابين. ومات هو في صفر. ورأيته شيخاً مربوعاً، كبير اللحية.
- حرف الحاء -
165 - حافظ الدّين.

(52/178)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 179
شيخ بخاري. هو العلامة: أبو الفضل، محمد بن محمد بن نصر ابن القلانسي، البخاري، الحنفي. ولد في حدود سنة خمس عشرة وستمائة. وسمع من المحدث أبي رشيد الغزال وتفقه على شمس الأئمة الكردري. روى لنا عنه أبو العلاء الفرضي، وقال: كان إماماً، زاهداً، قانتاً، مدرساً، عارفاً بالفقه، والأصلين، والتفسير، سخياً، جواداً، مشفقاً على الطلبة حج ودخل الشام وعاد إلى بلاده. توفي في شعبان. قال: وكان على قاعدة السلف علماً وعملاً، قد جزأ الليل، فالثلث الأول للراحة، والثاني للعبادة، والثالث لمطالعة العلم. وكان يتلألأ وجهه نوراً، فلم تر عيناي مثله في سمته وحسن طريقته، قرأ سائر العلوم على شمس الأئمة محمد بن عبد الستار الكردري. وسمع منه، ومن: عبد الله بن إبراهيم المحبوبي، وأبي رشيد الغزال، وغيرهم. وكان شيخ الإسلام ببلاد المشرق، رحمة الله عليه. 166 - الحسن بن عيسى بن حسن. الشيخ نجم الدين ابن أخي قاضي القضاة برهان الدين الخضر الزرزاري، السنجاري، ثم المصري. روى عن: الساوي، وسبط السلفي. ومات في رجب. 167 - حُسَيْن بن داود. المجود، شمس الدين الشهرزوري، الكاتب. شيخ معمر جاوز التسعين

(52/179)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 180
وحدث عن التاج بن أبي جعفر، ومحمد بن أبي العجائز. وكتب عليه جماعة منهم العلامة شرف الدين أحمد بن المقدسي. وتوفي بجبل قاسيون في رجب.
- حرف الخاء -
168 - خليل بن قلاوون. السلطان، الملك، الأشرف، صلاح الدين، ولد السلطان الملك المنصور سيف الدين، الصالحي النجمي. جلس على تخت الملك في ذي القعدة سنة تسع وثمانين وستمائة. واستفتح الملك بالجهاد، وسار فنازل عكا وافتتحها، ونظف الشام كله من الفرنج. ثم سار في السنة الثانية فنازل قلعة الروم، وحاصرها خمسة وعشرين يوماً، وافتتحها. وفي السنة الثالثة جاءته مفاتيح بهنسا من غير قتال إلى دمشق، ولو

(52/180)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 181
طالت حياته لأخذ العراق وغيرها. فإنه كان بطلاً شجاعاً، مقداماً، مهيباً، عالي الهمة يملأ العين، ويرجف القلب. رأيته مرات، وكان ضخماً، سميناً، كبير الوجه، بديع الجمال، مستدير اللحية، على صورته رونق الحسن وهيبة السلطنة. وكان إلى جوده وبذله للأموال في أغراضه المنتهى. وكان مخوف السطوة، شديد الوطأة، قوي البطش، تخافه الملوك في أمصارها والوحوش العادية في آجامها. أباد جماعة من كبار الدولة. وكان منهمكاً على اللذات لا يعبأ بالتحرز على نفسه لفرط شجاعته، وما أحسبه بلغ ثلاثين سنة. ولعل الله عز وجل قد عفا عنه وأوجب له الجنة على كثرة ما فرط في جنب الله، نسأل الله العفو والعافية. ولما كان في ثالث المحرم توجه من القاهرة هو ووزيره الصاحب الكبير شمس الدين وأمراء دولته. فلما وصل إلى الطرانة فارقه الوزير إلى الإسكندرية فقدمها وعسف وصادر، ونزل السلطان بأرض الحمامات للصيد، وأقام إلى يوم السبت ثاني عشر المحرم، فلما كان وقت العصر وهو بتروجة حضر نائب السلطنة بيدرا، وجماعة أمراء، وقد كان السلطان أمره بكرة أن يمضي بالدهليز ويتقدم، وبقي هو يتصيد، وليعود إلى الدهليز عشية، فأحاطوا به وليس معه إلا شهاب الدين ابن الأشل أمير شكار، فابتدره بيدرا فضربه بالسيف قطع يده، وضربه حسام الدين لاجين على كتفه حلها، وصاح: ' من يريد الملك هذه تكون ضربته '، يشير إلى بيدرا، فسقط السلطان ولم يكن معه سيف فيما قيل، بل كان في وسطه بند مشدود. ثم جاء سيف الدين بهادر رأس النوبة فأدخل السيف من أسفله فشقه إلى حلقه. وتركوه طريحاً في البرية، والتفوا على بيدرا وحلفوا له. وساق تحت العصائب يطلب القاهرة، وتسمى فيما قيل بالملك الأوحد. وبات تلك الليلة وأصبح يسير، فلما ارتفع النهار إذا بطلب كبير قد أقبل، يقدمه الأميران: زين الدين كتبغا وحسام الدين أستاذ يطلبون بيدرا بدم أستاذهم، وذلك بالطرانة، فحملوا عليه، فتفرق عنه

(52/181)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 182
أكثر من معه، ققتل في الحال، وحمل رأسه على رمح، وجاءوا إلى القاهرة فلم يمكنهم الشجاعي من التعدية، وكان نائباً للسلطان في تلك السفرة، فأمر بالشواني والمراكب كلها فربطت إلى الجانب الآخر، ونزل الجيش على الجانب الغربي، ثم مشت بينهم الرسل على أن يقيموا في السلطنة أخا السلطان، وهو المولى السلطان الملك الناصر، أيده الله. فتقرر ذلك، وأجلسوه على التخت السلطاني في يوم الإثنين رابع عشر المحرم بأن يكون أتابكه كتبغا ووزيره الشجاعي. واختفى حسام الدين لاجين وغيره ممن شارك في قتل السلطان. قال شمس الدين الجزري في ' تاريخه ': حدثني الأمير سيف الدين أبو بكر بن المحفدار قال: كان السلطان، رحمه الله، قد نفذني بكرة إلى بيدرا بأن يتقدم بالعسكر، فلما قلت ذلك نفر فيّ وقال: السمع والطاعة، كم يستعجلني. ثم إني حملت الزردخاناه والثقل الذي لي، وركبت قبلهما أنا ورفيقي الأمير صارم الدين الفخري وركن الدين أمير جندار عند الغروب سائرين، وإذا بنجاب، فقلنا: أين تركت السلطان؟ فقال: يطول الله أعماركم فيه. فبهتنا، وإذا بالعصائب قد لاحت، ثم أقبل الأمراء وفي الدست بيدرا، فجئنا وسلمنا، ثم سايره أمير جندار فقال: يا خوند، هذا الذي تم كان بمشورة الأمراء؟ قال: نعم. أنا قتلته بمشورتهم وحضورهم، وها هم حضور. وكان من جملتهم حسام الدين لاجين، وبهادر رأس النوبة، وشمس الدين قراسنقر، وبدر الدين بيسري. ثم شرع بيدرا يعدد ذنوبه وهناته وإهماله لأمور المسلمين، واستهتاره بالأمراء، وتوزيره لابن السلعوس. ثم قال: رأيتم الأمير زين الدين كتبغا؟ قلنا: لا.

(52/182)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 183
فقال له الأمير: يا خوند كان عنده علم من هذه القضية؟ قال: نعم، هو أول من أشار بها. فلما كان من الغد جاء كتبغا في طلب نحو ألفين من الخاصكية وغيرهم والحسام أستاذ الدار، ثم قوس كتبغا وقصد بيدرا وقال: يا بيدرا أين السلطان؟ ثم رماه بالنشاب، ورموا كلهم بالنشاب فقتلوه، وتفرق جمعه، وسيروا رأسه إلى القاهرة. قال: فلما رأينا ذلك التجأنا إلى جبل واختلطنا بالطلب الذي جاء، فعرفنا بعض أصحابنا فقال لنا: شدوا بالعجلة مناديلكم في رقابكم إلى تحت الإبط، يعني شعارهم. قال ابن المحفدار: وسألت شهاب الدين الأشل: كيف كان قتل السلطان؟ قال: جاء إليه بعد رحيل الدهليز الخبر أن بتروجة طير كثير فقال لي: امش بنا حتى نسبق الخاصكية، فركبنا وسرنا، فرأينا طيراً كثيراً، فرمى بالبندق، وصرع كثيراً، ثم قال: أنا جيعان، فهل معك شيء تطعمني؟ فقلت: ما معي سوى فروجة ورغيف في سولقي. قال: هاته فناولته فأكله ثم قال: امسك فرسي حتى أبول. قال: فقلت: ما فيها حيلة أنت راكب حصان، وأنا راكب حجرة وما يتفقان. فقال: انزل أنت واركب خلفي، وأركب أنا الحجرة، وهي تقف مع الحصان إذا كنت فوقه. فنزلت وناولته لجامها، وركبت خلفه، ثم نزل هو وجلس يريق الماء، وجعل يولع بذكره ويمازحني، ثم قام وركب حصانه، ومسك لي الحجرة حتى ركبت، وإذا بغبار عظيم فقال لي: سق واكشف الخبر. فسقت فإذا بيدرا والأمراء، فسألتهم عن سبب مجيئهم، فلم يردوا علي وساقوا إلى السلطان، فبدأه بيدرا بالضربة فقطع يده، وتممه الباقون. ثم بعد يومين طلع والي تروجة وغسلوه وكفنوه، ووضعوه في تابوت، ثم سيروا من القاهرة الأمير سعد الدين كوجبا الناصري فأحضر التابوت، ودفن في تربة والدته. وكان من أبناء الثلاثين.

(52/183)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 184

- حرف السين -
169 - سَنْجَر. الأمير الكبير، علم الدين الشجاعي، المنصوري. كان رجلاً طويلاً، تام الخلقة، أبيض اللون، أسود اللحية، عليه وقار وهيبة وسكون، وفي أنفه كبر، وفي أخلاقه شراسة، وفي طبيعته جبروت وانتقام وظلم. وله خبرة تامة في السياسة والعمارات والرأي. ولي شد الديار المصرية، ثم الوزارة، ثم ولي نيابة دمشق، فلطف الله بأهلها، وقلل من شره بعض فوليها سنتين، ثم صرف بعز الدين الحموي، وانتقل إلى مصر عالي الرتبة، وافر الحرمة. ولقد كان يعرض في تجمل وهيبة لا تنبغي إلا لسلطان. ولما قدم من قلعة الروم كان دخوله عجباً. طلب جارنا يونس الحريري وأمره أن يعمل له سناجق أطلس أبيض، وفيه عقاب أسود، فعملها على هيئة سناجق السلطنة. قال لي يونس: عملناها عرض أربعة أذرع بالجديد، في طول تسعة أذرع. قلت: كان منها فوق كوساته خمسة صفاً واحداً. وهي في غاية الحسن واللمعان، ولها طرر مقصوصة محررة، أظن فيها: {إِنَّا فَتْحْنَا لَكَ فَتْحاً

(52/184)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 185
مُبِيناً}. وكان رنكه قبل ذلك أحمر في بياض. وتعجب الناس وقالوا: هذه لا تكون إلا لسلطان. وكان له من الخيل المسومة والمماليك الترك والزينة والذهب والرخت وغير ذلك شيء كثير. وكان شجاعاً، مهيباً، جباراً، من رجال العالم، ولولا جوره لكان يصلح للملك. وكان له في الجملة ميل إلى أهل الدين وتعظيم للإسلام، وعمل الوزارة في أول الدولة الناصرية أكثر من شهر. ثم قتل شر قتلة. عصى في القلعة، وجرت أمور، فلما كان يوم الرابع والعشرين من صفر عجز وطلب الأمان. فلم يعطوه أماناً، وطلع إليه بعض الأمراء وقال: انزل إلى عند السلطان الملك الناصر. فمشى معهم، فضربه واحد منهم طير يده، ثم طير آخر رأسه، وعلق رأسه في الحال على سور القلعة. ودقت البشائر، ثم طافت المشاعلية برأسه في الأسواق وجبوا عليه والناس يشتمونه لظلمه وعسفه، فلا قوة إلا بالله، ومات وقد قارب الخمسين.
- حرف العين -
170 - عائشة بنت الجمال عبد الله بن عبد الملك بن عثمان. أم عبد الله المقدسية. زوجة شيخنا نصر الله بن عياش. وأمها هي زينب بنت مكي. سمعت من أبي المجد القزويني. سمع منها: البرزالي، والطلبة.

(52/185)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 186
وتوفيت في ثالث ربيع الآخر. 171 - عبد الله بن الحسن بن أبي محمد. الشيخ رشيد الدين، أبو محمد القاهري، الضرير. شيخ صالح خير. سمع من: أبي طالب بن حديد. والفخر الفارسي، وابن باقا. وهو أخو عيسى المذكور عام أول. توفي في جمادى الآخرة. كتب عنه الجماعة، وهو آخر من روى عن ابن حديد بالسماع. 172 - عبد الله بن علي بن منجد. الأديب البارع، تقي الدين السروجي. له نظم جيد سائر. 173 - عبد الحقّ بن عبد الله بن علي بن مسعود بن شمايل. الإمام، أبو محمد البغدادي، الصيدلاني، خطيب جامع فخر الدولة ابن المطلب ووالد الشيخ العلامة الكبير صفي الدين عبد المؤمن، أحسن الله إليه. ولد في سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وروى عنه: عبد الحميد بن بنيمان سبط أبي العلاء. كتب عنه أبو العلاء الفرضي، وعبد الرزاق الفوطي مؤرخ العراق، وجماعة.

(52/186)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 187
وتوفي في أول ذي الحجة. 174 - عبد الحميد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن فارس. العدل، مكين الدين ابن الزجاج العلثي، البغدادي، الحنبلي. ولد سنة عشرين وستمائة، وقدم دمشق للحج سنة أربع وثمانين. وحدث عن: ابن روزبة، والقطيعي، والحسن بن الأمير السيد، والأنجب الحمامي، وابن بهروز، وجماعة. مات في أولها إن شاء الله. 175 - عبد الرحمن بن عمر بن عبد الرحمن. العدل، نجم الدين المراغي، ثم المصري. توفي في شعبان، وقد سمع منه البرزالي، وغيره بالقاهرة عن ابن خليل. 176 - عبد الكافي بن عبد القادر بن خَلَف بن نبهان. الأنصاري، السماكي، الزملكاني، شمس الدين. مات بزملكا في ذي القعدة. وكان معمراً، عابداً، ثقة. 177 - عبد الملك بن معالي بن مفضّل. كمال الدين الجزري، ثم الواسطي. نزيل مصر. روى عن: ابن المقير، وابن رواج.

(52/187)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 188
وتوفي في جمادى الآخرة. 178 - عبد الواحد بن عثمان بن عبد الواحد. ابن قاضي نابلس، الرئيس نجم الدين، سبط ابن جرير الوزير. روى عن ابن اللتي، وغيره. ومات يوم عاشوراء. 179 - علاء الدين الأعمى. الركني، الأمير الزاهد. قيل، اسمه إيدغدي. ناظر أوقاف القدس، ومنشئ العمارات والربط، وغير ذلك بالقدس، والخليل، والمدينة النبوية. كان من أحسن الناس سيرة، وأحمدهم طريقة. انغمرت الأوقاف في أيامه وتضاعف المغل، واشتهر ذكره. وتوفي إلى رحمة الله بالقدس في شوال، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب. 180 - عمر بن عبد العزيز الشّمّاع. موفق الدين. مات بالثغر عن ثمانين سنة في صفر. سمع من: أبي البركات محمد بن يحيي المصري، وطائفة؟
- حرف الفاء -
181 - فخر الدين ابن لُقمان.

(52/188)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 189
الوزير الكاتب، شيخ الإنشاء، واسمه إبراهيم الإسعردي. ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة، وبرع في الرسائل والأدب، ورزق السعادة والتقدم في الدول، وطال عمره. رأيته شيخاً بعمامة صغيرة. وقد حدث عن: ابن رواج. كتب عنه البرزالي، والطلبة. وتوفي في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة بمصر. وصلي عليه صلاة الغائب بالنية. وقد ولي وزارة الصحبة للملك السعيد، ثم وزر مرتين للملك المنصور، وأصله من المعدن من بلاد إسعرد. وكان قليل الظلم، فيه إحسان إلى الرعية. وكان إذا عزل من الوزارة يأخذ غلامه الحرمدان خلفه، ويبكر إلى ديوان الإنشاء ما كأن جرى شيء. ولما افتتح الملك الكامل آمد كان ابن لقمان شاباً يكتب على عرصة الفتح بها، وينوب عن الناظر. وكان البهاء زهير كبير الإنشاء للكامل، فاستدعى من ناظر آمد حوائج بكاتب الرسالة نزل إليه بخط ابن الملقن، فأعجب البهاء زهير خطه وعبارته، فاستحضره وأخذه.
- حرف الكاف -
182 - كافور الصوّاف. عتيق ابن الفوي. شيخ مبارك.

(52/189)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 190
روى عن: ابن عماد، وغيره. كتب عنه: عامة الطلبة. وتوفي بمصر في الرابع والعشرين من ربيع الآخر وله ثلاث وثمانون سنة. وكان بسوق الأنماطيين. 183 - كِنْدي بن عمر بن كِنْدي بن سعيد بن علي. العدل، الصالح، تاج الدين، أبو محمد الكندي، الدمشقي، عامل الأيتام. أخو زينب شيختنا. حدث عن: كريمة، والضياء. سمع منه: البرزالي، وغيره. وتوفي في أوائل السنة بحصن بلاطنس. 184 - كيختو بن هولاكو. ملك التتار: تسلطن بعد هلاك أرغون ابن أخيه أبغا في سنة تسعين، وأقام بالروم مدة، ومالت طائفة إلى أخيه بيدو فملكوه، وجرى بينهم خلف. ثم قوي بيدو وتملك العراق وخراسان، وقاد الجيوش، وجبى الأموال. وسار كل منهما لقصد الآخر فالتقوا. وقتل كيختو في هذه السنة، واحتوى بيدو

(52/190)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 191
على الأمر، لكن خرج عليه قازان بن أرغون، وكان متسلماً ثغر خراسان عاصياً على الرجلين، فلما بلغه قتل كيختو جمع الجيوش وطلب الملك. وكان كيختو له ميل نحو المسلمين وإحسان إلى الفقراء، بخلاف بيدو، فإنه كان يميل إلى النصارى، وقيل إنه تنصر. وكلاهما ماتا على الشرك والكفر بالله.
- حرف الميم -
185 - محمد بن أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر. قاضي القضاة، ذو الفنون، شهاب الدين، أبو عبد الله ابن قاضي القضاة شمس الدين الخويي الشافعي، قاضي دمشق وابن قاضيها. ولد في شوال سنة ست وعشرين بدمشق، واشتغل في صغرة. ومات

(52/191)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 192
والده وله إحدى عشرة سنة فبقي منقطعاً بالعادلية. ثم أدمن الدرس والسهر والتكرار مدة بالمدرسة، وحفظ عدة كتب وعرضها، وتنبه وتميز على أقرانه. وسمع في صغره من: ابن اللتي، وابن المقير، والسخاوي، وابن الصلاح. وأجاز له خلق من إصبهان، وبغداد، ومصر، والشام. وخرج له تقي الدين عبيد الحافظ معجماً حافلاً. وخرج له أبو الحجاج الحافظ أربعين متباينة الإسناد. وحدث بمصر ودمشق. وأجاز له عمر بن كرم، وأبو حفص السهروردي، ومحمود بن مندة، وهذه الطبقة. ولم أسمع منه، بل مشيت إليه، وشهد في إجازتي من الحاضرين بالقراءآت، وامتحنني في أشياء من القراءآت، وأعجبه جوابي وتبسم. وكان يحب أرباب الفضيلة ويكرمهم، ويلازم الاشتغال في كبره. ويصنف التصانيف. وكان على كثرة علومه من الأذكياء الموصوفين، ومن النظار المنصفين. يبحث بتؤدة وسكينة، ويفرح بالفقيه الذكي ويتألفه، وينوه باسمه. وكان حسن الأخلاق، حلو المجالسة، ديناً، متصوناً، صحيح الاعتقاد، مع كثرة نظره في الحكمة والعقليات. وقد صنف كتاباً في مجلد كبير يشتمل على عشرين فناً من العلم، وشرح ' الفصول ' لابن معط، ونظم ' علوم الحديث ' لابن الصلاح، و ' الفصيح ' لثعلب، و ' كفاية المتحفظ '. وقد شرح من أول ' ملخص ' القابسي خمسة عشر حدثنا في مجلد، فلو تم هذا الكتاب لكان يكون أكبر من ' التمهيد ' وأحسن. وله مدائح في النبي صلى الله عليه وسلم. وشعره جيد فصيح. وكان يحب الحديث وأهله ويقول: أنا من الطلبة. دوس وهو شاب بالدماغية، ثم ولي قضاء القدس قبل هولاكو وأيامه.

(52/192)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 193
ثم انجفل إلى القاهرة فولي قضاء المحلة والبهنسا، ثم قدم الشام على قضاء حلب. ثم رجع وعاد إلى قضاء المحلة. ثم ولي قضاء القضاة بالديار المصرية بعد الثمانين. ولي قضاء القاهرة والوجه البحري، اقتطع له من ولاية الوجيه البهنسي. وأقام البهنسي على قضاء مصر والوجه القبلي إلى أن توفي، فتولى موضعه تقي الدين عبد الرحمن ابن الأعز إلى أن نقل ابن الخوبي إلى الشام، ومات الخضر السنجاري، فجمع قضاء الديار المصرية لابن عبد الرحمن الأعز بكماله. ثم نقل إلى قضاء الشام عند موت القاضي بهاء الدين ابن الزكي. سمع منه: الفرضي، والمزي، والبرزالي، والختني، وعلاء الدين المقدسي، والشهاب بن النابلسي. روى ' صحيح البخاري ' بالإجازة نوبة عكا. وسمع منه خلق. وكان ربعة من الرجال، أسمر، مهيباً، كبير الوجه، فصيح العبارة، مستدير اللحية، قليل الشيب. توفي في بستان صيف فيه بالسهم يوم الخميس الخامس والعشرين من رمضان. وصلي عليه بالجامع المظفري بين الصلاتين، ودفن عند والده بتربته بالجبل. وقد سألت شيخنا المزي عنه، فقال: كان أحد الأئمة الفضلاء من عدة علوم. وكان حسن الخلق، كثير التواضع، شديد المحبة لأهل العلم والدين. وقد استوفى أخباره مجد الدين ابن الصيرفي في ' معجمه ' وقال: كان علامة وقته وفريد عصره. وأحد الأئمة الأعلام. وكان جامعاً لفنون من العلم كالتفسير، والأصلين، والفقه، والنحو، والخلاف، والمعاني، والبيان، والحساب، والفرائض، والهندسة، ذا فضل كامل، وعقل وافر، وذهن ثاقب، رحمه الله.

(52/193)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 194
ومن شعره لما تخلف عن الركب بمكة ثم أصبح ولحق بهم:
(إنّ كان قصدُك يُفضي إلى عَدَمي .......... فنظرةٌ منك لا تغلو بسفك دمي)

(يلذّ لي فيك ما يُرضيك من تَلَفي .......... وحُسن حالي من برئي ومن سقمي)

(كُنْ كيف شئتَ فما لي قطُّ عنك غِنى .......... أنت المحكّم في الحالات فاحتكمِ)

(كم شدّة فرّجت باللُّطف منك وقد .......... سألتك اللُّطْفَ في داجٍ من الظُّلَمِ)
وذكر القصيدة. 186 - محمد بن أحمد بن عمر. الإمام، أبو عبد الله بن الدراج التلمساني، الأنصاري. نشأ بسبتة يتيماً، فكفله الغرفي صاحب سبتة. وكان أحسن أقرانه في زمانه. قرأ القراءآت على أبي الحسن ابن الحصار، والنحو على أبي الحسين بن أبي الربيع. وسمع ' البخاري ' من أبي يعقوب المجساني، عن ابن الزبيدي. قال لي أبو القاسم بن عمران: كان شيخنا ابن الدراج روضة معارف، متفنناً في العلوم. ولاه أمير المغرب أبو يعقوب المريني قضاء سلا. مات في رمضان في سنة ثلاث وتسعين كهلاً. 187 - محمد بن أحمد بن منوّر. ابن شيخنا، الصوفي. سمع يوسف الساوي. مات بمصر في ذي القعدة. 188 - محمد بن إسرائيل بن يوسف. شمس الدين الدمشقي، المعمار.

(52/194)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 195
قال البرزالي: ثنا عن ابن اللتي. ومات في ذي القعدة. 189 - محمد بن شاهنشاه. الملك الأمجد بهرام شاه بن فروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي، الملك الحافظ، غياث الدين. ولد بدمشق أو ببعلبك في سنة ست عشرة وستمائة، وسمع ' صحيح البخاري ' من ابن الزبيدي، وحدث به. وأجاز لي مروياته. وكان أميراً جليلاً، متميزاً، فاضلاً، نسخ الكثير بخطه المنسوب. وكان يتردد إلى أملاكه بجسرين، وخلف عدة أولاد، وتوفي في شعبان. 190 - محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر. إمام النحو، محيي الدين، أبو عبد الله الزناتي، الكملاني، المالكي، ويعرف بحافي رأسه. مولده سنة ست وستمائة بتاهرت بظاهر تلمسان. سمع من: أبي القاسم الصفراوي، وابن رواج، وجماعة. وتصدر للعربية زماناً. أخذ عنه تاج الدين الفاكهاني، وطائفة.

(52/195)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 196
توفي في رمضان بالإسكندرية، وتخرج به خلق كثير. أخذ هو النحو عن أبي محمد عبد المنعم بن صالح التيمي تلميذ ابن بري، وعن أبي زيد عبد الرحمن بن الزيات، تلميذ محمد بن قاسم بن قنداس، وابن قنداس من أصحاب الجزولي، وأبي ذر الخشني. وأخذ حافي رأسه أيضاً عن نحوي الثغر عبد العزيز بن مخلوف الإسكندراني الجراد. ولقب بحافي رأسه لحفرة في دماغه. وقيل: كان في رأسه شيء شبه ح. وقيل: لأنه كان أول أمره مكشوف الرأس. وقيل: لأنه رئس بالثغر فأعطاه ثياباً جدداً لبدنه، فقال هو: هذا لبدني ورأسي حافي. فأمر له بعمامة. فلزمه ذلك. ومن شعره:
(ومعتقد أنّ الرئاسة في الكِبر .......... فأصبح مملوكاً بها وهو لا يدري)

(يجرّ ذيول العُجْب طالب رفعةِ .......... ألا فاعجبوا من طالب الرفْع بالجرِّ)
191 - محمد ابن الشيخ الزاهد العارف أبي عبد الله بن الشيخ القُدوة عبد الله بن الشيخ الكبير غانم بن علي. النابلسي، المقدسي، أبو عبد الله الشافعي. قدم دمشق، وتفقه مدة على الشيخ تاج الدين الفزاري. وأفتى ببلده مدة إلى حين وفاته. وكان إماماً صالحاً، زاهداً، قدوة، كبير القدر. له فقراء ومريدون، وأمره مطاع، وحرمته عظيمة، مع التواضع والمروءة والصفات الجميلة. وانتقل إلى رضوان الله في يوم الأحد الرابع عشر من ربيع الآخر.

(52/196)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 197
192 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن سعيد. العنسي، أبو عبد الله السبتي. ولد سنة أربع وستمائة. قال ابن رشيد الحافظ: لا يوثق بقوله إلا أن يوجد شيء من روايته بخط غيره. مات في ربيع الآخر من العام عن تسع وثمانين سنة. أجاز لابن جابر التونسي. 193 - محمد بن عبد الحميد بن عبد الله بن خَلَف. المحدث، الإمام، الصالح، المفيد، نجم الدين، أبو بكر القرشي، المصري. أحد الطلبة المشهورين. سمع: النجيب عبد اللطيف وابن علاق، وابن عزون، وأصحاب البوصيري، فمن بعدهم. وبدمشق ابن عبد الدائم، وطبقته. ودخل اليمن، وجاور مدة. وكتب الكثير وحدث. عاش خمسين سنة. روى عنه قطب الدين في ' معجمه '. ومات في رجب بمكة. وهو أخو شيخنا محمد المؤدب. 194 - محمد بن عبد العزيز بن أبي عبد الله بن صدقة. شيخنا، شمس الدين، أبو عبد الله الدمياطي، ثم الدمشقي، المقرئ.

(52/197)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 198
ولد في حدود العشرين وستمائة. وقرأ القراءآت على أبي الحسن السخاوي، ولازم خدمته، وسمع منه. ومن: التاج بن أبي جعفر، وأبي الوفا عبد الملك بن الحنبلي، وغيرهم. وحفظ ' الرائية ' و ' الشاطبية '. وكان ذاكراً للقراءآت ذكراً حسناً، طويل الروح، حسن الأخلاق. وكنت أعرف صورته من الصغر، فلما انقطعت آمالنا من الفاضلي عرفت أنه قرأ على السخاوي، فأتيته إلى حلقته، وحدثته في أن يجلس للجماعة، فأجاب - وجلس لنا طرفي النهار بالكلاسة، فكملت عليه القراءآت أنا وابن نصحان الدمشقي، وابن غدير الواسطي. وأفرد عليه جماعة، وتوفي والشيخ شمس الدين الحنفي الزنجيلي يجمع عليه ولم يكمل. وسمع منه: ابن الخباز، والبرزالي، وابن سامة، وسليمان بن حمزة الجامي المقرئ، وجماعة. وكان شيخاً لطيف القد، قصيراً، أسمر، صغير اللحية، حسن البزة، له ملك ودراهم. أقرأ الجماعة احتساباً بلا معلوم ولا عوض، والله يسامحه ويثيبه. وحصل له عسر البول، ومات شهيداً. ولما أيس من نفسه نزل لي عن حلقة إقرائه، وهي من جملة الحلق السبعين. ونزل لسليمان عن السبع المجاهدي. وخلف ولداً من أبرع الناس خطاً، وأقلهم في الديانة حظاً. توفي في الحادي والعشرين من صفر، ودفناه بمقابر الصوفية. وقد رويت عنه في المجلد الأول من كتابنا. 195 - محمد بن عبد الملك بن عبد الحقّ بن عبد الوهّاب بن الشيخ أبي الفَرَج. أبو عبد الله بن أبي الوفا ابن الحنبلي، الدمشقي.

(52/198)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 199
روى عن أبيه ' الأربعين ' السلفية. وكان له دكان بالحريريين. توفي يوم عيد النحر. 196 - محمد بن عثمان بن أبي الرجاء. الوزير الكبير، الصاحب، الأثير، شمس الدين التنوخي، الدمشقي، التاجر، ابن السلعوس، وزير الملك الأشرف. كان في شبيبته يسافر في التجارة. وكان أشقر، سميناً، أبيض، معتدل القامة فصيح العبارة، حلو المنطق، وافر الهيبة والتؤدة، سديد الرأي، خليقاً للوزارة كامل الأدوات، تام الخبرة، زائد الحمق جداً، عظيم التيه والبأو. وكان جاراً للصاحب تقي الدين ابن البيع، فصاحبه ورأى منه الكفاءة، فأخذ له حسبة دمشق. ذهبت إليه مع الذهبيين ليحكم فيهم، فأذاقنا ذلاً وقهراً. ثم ذهب إلى مصر وتوكل للملك الأشرف في دولة أبيه فجرت عليه نكبة من السلطان، ثم شفع مخدومه فيه، فأطلق من الاعتقال. وحج إلى بيت الله، فتملك في غيبته مخدومه الملك الأشرف، وعين له الوزارة. وكان محباً فيه، معتمداً عليه، فعمل الوزارة في مستحقها. وكان إذا ركب تمشي الأمراء والكبار في خدمته. ودخل دمشق يوم قدومهم من عكا في دست عظيم وكبكبة من القضاة والمفتين والرؤساء والكتاب، فلم يتخلف أحد. وكان الشجاعي فمن دونه يقفون بين يديه، وجميع أمور المملكة منوطة به. وإذا

(52/199)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 200
ركب ركب في عدة مماليك ورؤساء وأمراء، ولا يكاد يرفع رأسه إلى أحد ولا يتكلم إلا الكلمة بعد الكلمة، قد قتله العجب، وأهلكه الكبر، فنعوذ بالله من مقت الله. وكان صحيح الإسلام، جيد العقيدة. فيه ديانة وسنة في الجملة. فارق السلطان كما ذكرنا، وسار إلى الإسكندرية في تحصيل الأموال، وفي خدمته مثل الأمير علم الدين الدواداري، فصادر متولي الثغر وعاقبه، فلم ينشب أن جاءه الخبر بقتل مخدومه، فركب لليلته منها هو وكاتبه الرئيس شرف الدين ابن القيسراني - وقال للوالي: افتح لي الباب حتى أخرج لزيارة القباري. ففتح له وسافر. وبلغني فيما بعد أن الوالي عرف الحال وشتم الوزير، ثم أخرجه في ذلة، صح - وجاء إلى المقس ليلاً، فنزل بزاوية شيخنا ابن الظاهري، ولم ينم معظم الليل. واستشار الشيخ في الاختفاء، فقال له: أنا قليل الخبرة بهذه الأمور. وأشير عليه بالاختفاء، فقوى نفسه وقال: هذا لا نفعله، ولو فعله عامل من عمالنا لكان قبيحاً. وقال: هم محتاجون إلي، وما أنا محتاج إليهم. ثم ركب بكرة ودخل في أبهة الوزارة إلى داره، فاستمر بها خمسة أيام، ثم طلب في اليوم السادس إلى القلعة، وأنزل إلى البلد ماشياً، فسلم من الغد إلى عدوه مشد الصحبة الأمير بهاء الدين قراقوش، سلمه إليه الشجاعي، فقيل إنه ضربه ألفاً ومائة مقرعة، ثم سلم إلى الأمير بدر الدين المسعودي مشد مصر يومئذ بسبعة آلاف دينار مودعة عند جماعة، فأخذت منهم؟ ثم مات من العقوبة في تاسع صفر، وقد أنتن جسمه، وقطع منه اللحم الميت قبل موته. نسأل الله العفو والعافية. ومات في عشر الخمسين أو أكثر. 197 - محمد بن محمد بن عقيل.

(52/200)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 201
الأجل، فخر الدين ابن الصدر بهاء الدين ابن التنبي، الكاتب. روى عن: الشيخ الموفق بن قدامة، والعلم السخاوي. وكتب الخط المليح على طريقة ابن البواب. ولم يتفق لي السماع منه. وتوفي بالجاروخية في جمادى الأولى. وقد أقام بالمدرسة الضيائية لمدة أيام، ثم انتقل منها إلى الجاروخية. وكان قد كتب على الولي. وكان منعزلاً منقبضاً. 198 - محمد بن أبي طاهر بن عبد الوهاب. ويعرف بالدار القطبية، الشيخ بدر الدين أبو عبد الله الشيخي، الحلبي، الصوفي، المروزي الأصل. ويعرف بابن شحتان. توفي بخانكاه سعيد السعداء. وحدث عن يوسف بن خليل. ومات في ذي القعدة. 199 - موسى بن محمد.

(52/201)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 202
تاج الدين. 200 - مؤنسة. الخانون، المعمرة، ابنة السلطان الملك العادل بن أبي بكر بن أيوب بن شاذي. آخر أولاد أبيها موتاً. روت بالإجازة عن: عفيفة الفارقانية، وعين الشمس الثقفية. سمع منها: ابن سيد الناس، وابن جندب، وأولاد ابن الظاهري، والطلبة. وتوفيت في الرابع والعشرين من ربيع الآخر بالقاهرة. وقد قاربت التسعين. وفي إجازتها عن عين الشمس تعميم لأن في الاستدعاء: وللموجودين من نسل أيوب بن شاذي. وكان مولدها سنة ثلاث وستمائة.
- حرف النون -
201 - نَسَبُ بنت يوسف بن الأطالسيّ. روت بالإجازة عن أبي الحسن القطيعي، وغيره. وماتت بالقاهرة يوم موت بنت العادل أيضاً. قال علم الدين: قرأت عليها جزءاً خرجه لها سعد الدين بن الحارثي

(52/202)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 203

- حرف الياء -
202 - يعقوب بن إسماعيل بن عبد الله بن عمر. عز الدين ابن قاضي اليمن الدمشقي. ولد في سنة ست عشرة وستمائة. وحدث عن: ابن اللتي. ومات بحصن الأكراد في هذه السنة. 203 - يونس بن علي بن مرتفع بن أفتكين. الشيخ ركن الدين، أبو الفضائل الحميري، الدمشقي، المصري الأصل، الشافعي، مدرس المسرورية. صدر جليل متميز. روى عن: الناصح بن الحنبلي، وابن اللتي، ومكرم. وتوفي في شهر رجب. رأيته وحدثته مرة. وأجاز لي مروياته. وكان ينوب عن القضاة في مصالحة الحوائج، ونفذني أبي إليه في طلب جائحة بستان فقضى لنا.
- الكنى -
204 - أبو القاسم بن حمّاد بن أبي بكر. الخطيب، المعمر، المقرئ، أبو الفضل الحضرمي، المهروي اللبيدي

(52/203)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 204
لازم القاضي يحيى بن محمد البرقي وانتفع به، وأخذ عنه القراءآت وغيرها. وأخذ عن: أبي القاسم بن علي بن البراء، وعبد الرحيم بن طلحة. قرأ عليه: أبو عبد الله الوادياشي، وسمع منه. كف بصره بآخرة، ومات في آخر العام. وكان مولده في أواخر سنة ستمائة وكان من علماء تونس، رحمه الله. وفيها وُلد: بدر الدين محمد بن يحيى بن الفويرة، والتوم: عماد الدين، وبهاء الدين بن محمد بن شيخنا شمس الدين محمد بن أبي الفتح.

(52/204)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 205

سنة أربع وتسعين وستمائة

- حرف الألف -
205 - أحمد بن أحمد بن نعمة بن أحمد. الإمام، العلامة، أقضى القضاة، خطيب الشام، شرف الدين، أبو العباس. النابلسي، المقدسي، الشافعي، بقية الأعلام. كان إماماً، فقيهاً، محققاً، متقناً للمذهب والأصول والعربية والنظر، حاد الذهن، سريع الفهم، بديع الكتابة، إماماً في تحرير الخط المنسوب. درس بالشامية الكبرى، وناب في الحكم عن ابن الخويي، وكان من طبقته في الفضائل. وولي دار الحديث النورية. ثم ولي الخطابة. ثم مات حميداً، فقيداً، سعيداً.

(52/205)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 206
ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة، ظناً، بالقدس إذاتوكا خطيبها. وأجاز له الفتح بن عبد السلام. وأبو علي بن الجواليقي، وأبو حفص السهروردي، وأبو الفضل الداهري. وسمع من: السخاوي، وابن الصلاح، وعتيق السلماني، والتاج القرطبي، وطبقتهم. وكان له حلقة إشغال وفتوى عند باب الغزالية. تخرج به جماعة من الأئمة، وانتهت إليه رئاسة المذهب بعد الشيخ تاج الدين. وأذن لجماعة في الفتوى. وصنف كتاباً في أصول الفقه، جمع فيه بين طريقتي الفخر الرازي والسيف الآمدي. وكان متواضعاً، متنسكاً، كيس، حسن الأخلاق، لطيف الشمائل، طويل الروح على التعليم. وكان ينشئ الخطب ويخطب بها. وتفقه على الشيخ عز الدين بن عبد السلام بالقاهرة. وكان متين الديانة، حسن الاعتقاد، سلفي النحلة. ذكر لنا الشيخ تقي الدين بن تيمية أنه قال قبل موته بثلاثة أيام: اشهدوا أني على عقيدة أحمد بن حنبل. قرأت عليه أربعين حديثاً من مروياته. وتوفي في رمضان عن نيف وسبعين سنة. 206 - أحمد بن إبراهيم بن عمر بن الفرج بن أحمد بن سابور بن علي بن غنيمة.

(52/206)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 207
الإمام، المقرئ، الواعظ، المفسر، الخطيب، شيخ المشائخ عز الدين، أبو العباس ابن الإمام الزاهد أبي محمد المصطفوي، الفاروثي، الواسطي، الشافعي، الصوفي. ولد بواسط في السادس والعشرين من ذي القعدة سنة أربع عشرة وستمائة. وقرأ القراءات على والده وعلى: الحسين بن أبي الحسن بن ثابت الطيبي، عن أبي بكر ابن الباقلاني. وقدم بغداد سنة تسع وعشرين. وسمع من: عمر بن كرم الدينوري، والشيخ شهاب الدين عمر السهروردي، ولبس منه خرقة التصوف، وأبي الحسن القطيعي، وأبي علي الحسن بن الزبيدي، وأبي المنجى بن اللتي، وأبي صالح الجيلي، وأبي الفضائل عبد الرزاق بن سكينة، والأنجب بن أبي السعادات، وأبي الحسن ابن روزبة، والحسين بن علي ابن رئيس الرؤساء، وعلي ابن كبة، وأبي بكر بن بهروز، وسعيد بن ياسين، وأبي بكر بن الخازن، وأبي طالب بن القبيطي، وطائفة سواهم. وسمع بدمشق من: التقي إسماعيل بن أبي اليسر، وجماعة.

(52/207)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 208
وروى الكثير بالحرمين، والعراق، ودمشق. وسمع منه خلق كثير، منهم: أبو محمد البرزالي، فسمع منه بقراءته وقراءة غيره ' صحيح البخاري ' وكتابي عبد والدارمي، و ' جامع الترمذي '، و ' مسند الشافعي '، و ' معجم الطبراني '، و ' سنن ابن ماجة '، و ' المستنير ' لابن سوار، و ' المغازي ' لابن عقبة، و ' فضائل القرآن ' لأبي عبيد، ونحواً من ثمانين جزءاً به. ولبس منه الخرقة خلق. وقرأ عليه القراءآت جماعة، منهم: الشيخ جمال الدين إبراهيم البدوي، والشيخ أحمد الحراني، والشيخ شمس الدين الأعرج، وشمس الدين بن غدير. وكان فقيهاً، سلفياً، مفتياً، مدرساً، عارفاً بالقراءآت ووجوهها، وبعض عللها، خطيباً، واعظاً، زاهداً، عابداً، صوفياً، صاحب أوراد، وأخلاق وكرم وإيثار ومروءة وفتوة وتواضع، وعدم تكلف. له أصحاب ومريدون يقتدون بآدابه وينتفعون بصحبته في الدنيا والآخرة، ويسعهم بخلقه وسخائه وبسطه وحلمه وماله وجاهه. وكان كبير القدر، وافر الحرمة، له القبول التام من الخاص والعام. وله محبة في القلوب، ووقع في النفوس. قدم من الحجاز، بعد مجاورة مدة، سنة تسعين، فسمع من ابن البخاري، وابن الواسطي. وكان حسن القراءة للحديث، فولي مشيخة الحديث بالظاهرية والإعادة بالناصرية، وتدريس النجيبية. ثم ولي خطابة البلد بعد زين الدين ابن المرحل، فكان يخطب من غير تكلف ولا تلعثم. ويخرج من الجمعة وعليه السواد، فيمشي بها، ويشيع جنازة، أو يعود أحداً، ويعود إلى دار الخطابة. وله نوادر وسجع وحكايات حلوة في لبسه وخطابه وخطابته، وكان ظريفاً، حلو المجالسة، طيب الأخلاق. وكان الشجاعي نائب السلطنة قائلاً به، معظماً له. وكان هو يمشي إليه إلى دار السعادة. وكان بعض الزهاد ينكر ذلك عليه.

(52/208)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 209
ثم إنه عزل عن الخطابة بموفق الدين ابن حبيش الحموي، فتألم لذلك وترك الجهات، وأودع بعض كتبه، وكانت كثيرة جداً، وسار مع الركب الشامي سنة إحدى وتسعين فحج، وسار مع حجاج العراق إلى واسط. وكان لطيف الشكل، صغير العمامة، يتعانى الرداء على ظهره وكان قد انحنى وانتحل واندك من كثرة الجماع في الشيخوخة. وخلف من الكتب ألفين ومائتي مجلدة. توفي بواسط في بكرة يوم الأربعاء سنة أربع في مستهل ذي الحجة، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب بعد سبعة أشهر. وسألت الشيخ علي الواسطي الزاهد عن نسبته المصطفوي، فقال: كان والده الشيخ محيي الدين الفاروثي يذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، ووافاه فلهذا كان يكتب المصطفوي. وحدثنا ابن مؤمن المقرئ أنه سمع الشيخ عز الدين لما قدم عليهم واسط وقيل له: كيف تركت الأرض المقدسة وجئت؟ فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لي: تحول إلى واسط لتموت بها وتدفن عند والدك. قال لي ابن مؤمن: وآخر درس علمه عمله بداره، فطلب إليه الفقهاء، وأنا حاضر، فبقي يلقي الكلمات من درسه ثم يغيب من قوة الضعف. وبقي يطلب إليه الفقهاء ويودعهم ويقول: قد عرض لنا سفر فاجعلونا في حل. وبقينا نعجب من سفره وقد كبر وضعف، فلما كان بعد ثلاثة أيام أو نحوها توفي إلى رحمة الله، وعد ذلك من كراماته. ثم حدثني ابن مؤمن قال: نا القدوة على الواسطي قال: قال لنا الشيخ قبل موته بنحو أسبوع: قد عزمت على السفر إلى شيراز في يوم كذا وأظنني في ذلك اليوم أموت. فاتفق موته في ذلك اليوم.

(52/209)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 210
207 - أحمد ابن الزين إبراهيم بن أحمد بن عثمان ابن القواسّ. الدمشقي، العدل، شمس الدين. كان ثقة، خيراً حسن السمت. روى عن: الرشيد بن مسلمة. ومات في شعبان. 208 - أحمد بن عبد الله بن عبد المطلب. الدمشقي، الفقير، المعروف بالجازرو. روى عن: الشرف المرسي، والصدر البكري. حدث عنه: ابن الخباز، والبرزالي. وكان شيخاً صالحاً قانعاً باليسير، لازماً لمجالس الحديث. توفي في أواخر العام. 209 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم

(52/210)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 211
شيخ الحرم، محب الدين، أبو العباس الطبري، المكي، الشافعي، الفقيه، الزاهد، المحدث. ولد سنة خمس عشرة وستمائة. وسمع من: ابن المقير، وشعيب الزعفراني، وابن الجميزي، والمرسي، وعبد الرحمن بن أبي حرمي العطار، وجماعة. وتفقه ودرس وأفتى، وكان شيخ الشافعية ومحدث الحجاز. صنف كتاباً كبيراً إلى الغاية في الأحكام رأيته في ست مجلدات، وتعب عليه مدة. ورحل إلى اليمن، وأسمعه للسلطان صاحب اليمن. روى عنه الدمياطي قصيدة من نظمه، وابن العطار، وابن الخباز، والبرزالي، وجماعة. وأجاز لي مروياته. وتوفي في جمادى الآخرة. وهو والد قاضي مكة جمال الدين محمد، وجد قاضيها نجم الدين. 210 - أحمد بن عبد الله بن الحُسَيْن. الشيخ جمال الدين المحقق. فقيه، مدرس، مناظر، جيد المشاركة في الأصول والعربية. بارع في معرفة الطب. وكان معيداً في المدارس الكبار. وحدث عن الكمال ابن طلحة، وغيره. وله نوادر وحكايات، وفيه دهاء وذكاء. والله يسامحه وإيانا. توفي في رمضان.

(52/211)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 212
وكان معيداً القيمرية، ومدرساً بالفرخشاهية، ومدرس الطب بالدخوارية، وطبيباً بالمارستان. ومات في معترك المنايا. 211 - أحمد بن عبد الرحمن ابن العز محمد ابن الحافظ عبد الغني. الفقيه الصالح عز الدين المقدسي الحنبلي. حدث عن: كريمة، والضياء محمد حضوراً. وتوفي في رمضان؟ وكانت أمه عائشة بنت المجد تبكي عليه وتدعو له. 212 - أحمد بن محمد بن عمر بن كِنْديّ. نجم الدين الشاهد. توفي بدمشق كهلاً. 213 - أحمد بن محمد بن صالح. شهاب الدين العرضي، الشاهد، إمام مسجد الرحبة. توفي في ربيع الأول، وقد شاخ، وأم بالمسجد بعده ابنه شمس الدين. 214 - إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن علي بن قريش. الإمام، المحدث، تاج الدين، أبو الطاهر القرشي، المخزومي، المصري، الشافعي.

(52/212)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 213
من جلة الشيوخ وفضلائهم. طلب الحديث وسمع من: جعفر الهمداني، وابن المقير، وابن رواج، وطائفة. وحدث عنه: الدمياطي في ' معجمه '. وسمع منه المصريون والرحالة. وتوفي في الثامن والعشرين من رجب، وقد نيف على الثمانين. وكان صاحب عبادة وزهادة، رحمه الله. كتب ما لا يوصف حتى ' الصحيحين ' و ' المسند ' و ' المعجم ' للطبراني. 215 - إسماعيل بن هبة الله بن أبي غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة. الشيخ فخر الدين، أبو صالح العقيلي، الحلبي، ابن العديم بشيخ خانكاه القدم بحلب. ولد سنة سبع عشرة وستمائة. وروى عن: زين الأمناء، وسيف الدولة ابن غسان، وعبد الرحيم بن الطفيل، وغيرهم. وحدث بدمشق وغيرها. مات في ثالث عشر المحرم بحلب. وقد حج في صغره فسمع في الطريق. 216 - آمنة بنت المنتخب محمد ابن قاضي القضاة زكيّ الدّين بن الطاهر ابن قاضي القضاة محيي الدّين محمد بن الزكيّ القُرَشيّ.

(52/213)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 214
حضرت جزءاً في الثالثة على عمة أبيها فاطمة بنت محيي الدين المذكور في سنة، أربع وثلاثين، قالت: أخبرتنا جدتي لأبي آمنة بنت محمد بن الران قالت: أنا جدي لأمي القاضي أبو المفضل يحيى بن علي القرشي. وأجاز لها أيضاً القاضي شمس الدين ابن الشيرازي، وغيره. وتوفيت في رمضان. 217 - إبراهيم بن أبي بكر البغدادي، نزيل دمشق. سمع ابن قميرة ببغداد، واليلداني بدمشق. وتوفي في ربيع الآخر.
- حرف الباء -
218 - بكتوت الأذرعي. الأمير الكبير بدر الدين. ولي شد دمشق في أيام الظاهر، وعزل في أيام السعيد. وولي شد الصحبة للملك المنصور. وهو الذي ضيق على قاضي القضاة وابن الصائغ كما مر. وكان ظالماً جباراً، لا يتبرطل ولا يتطبب. مات في ربيع الآخرة. 219 - بيليك.

(52/214)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 215
فتى الأمير جمال الدين أيدغدي، العزيزي. يروي عن سبط السلفي. توفي في رجب.
- حرف التاء -
220 - تمّام بن محمد بن إسماعيل. العدل، كمال الدين السلمي، الدمشقي، الحنفي، نقيب القاضي الحنفي. شيخ دين، خير، مسن. سمع: محمد بن غسان، وإبراهيم بن خليل. روى عنه: ابن الخباز، والطلبة. وسمعت منه. وتوفي في ذي القعدة.
- حرف الجيم -
221 - جابر بن محمد بن قاسم بن حسّان. الإمام، أبو محمد الأندلسي، الوادي آشي، المقرئ، نزيل تونس. والد صاحبنا أبي عبد الله. مولده سنة عشر وستمائة ورحل سنة بضع وثلاثين فحج ودخل الشام والعراق، وقرأ لأبي عمرو على السخاوي، وسمع منه ' الشاطبية '. وسمع من: ابن القبيطي، وعز الدين عبد الرزاق المحدث. ورجع إلى الأندلس. ثم استوطن تونس قبل السبعين.

(52/215)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 216
سمع منه ولده جملة صالحة. وتوفي في ربيع الأول سنة أربع وتسعين، رحمه الله.
- حرف الخاء -
222 - خاتون بنت الملك الأشرف موسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب. التي أثبتوا عدم رشدها، وصادروا السامري بسببها. وكانت زوجة الملك المنصور محمود بن الصالح أبي الحبيش، وأم ولديه. توفيت في هذه السنة.
- حرف الدال -
223 - داود بن علي بن محمد. العدل، عماد الدين اللخمي، ابن سبط الوراق. أحد الشهود. سمع من: ابن الجميزي. وحدث. ومات في ذي الحجة.
- حرف السين -
224 - ستّ الأهل. بنت المولى الرئيس أمين الدّين عبد المحسن ابن حمود الحلبي، الكاتب.

(52/216)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 217
روت بالإجازة شيئاً يسيراً عن أصحاب أبي الوقت. وتوفيت في صفر بدمشق. وهي والدة العدل شرف الدين ابن الصابوني. 225 - سليمان بن محمد بن عبد الحق بن خلف. صدر الدين الحنبلي، الشاهد، أخو الشيخ عز الدين بن عبد العزيز بن عبد الحق. روى عن جعفر الهمداني. سمع منه غير واحد، وكان من شهود العقيبة. توفي في صفر. 226 - سونج بن محمَّد بن سونج بن عمر بن إبراهيم. أبو علي التركماني، الدمشقي، الفقير. سمع ' الصحيح ' من ابن الزبيدي، وسمع الصحاح الأخر من المشايخ الاثني عشر ابن الصلاح، والسخاوي، وغيرهما. وكان فقيراً نظيفاً، له شعر محلول، وفيه دين. سمعت منه بالنيرب وجامع دمشق. وتوفي في شوال عن أربع وسبعين سنة.
- حرف الشين -
227 - شمس الدين الكردي. الشافعي، الأقطع. قاضي غزة. توفي في رجب، وولي الحكم بعده تقي الدين حرمي الخليلي.

(52/217)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 218
228 - شريف بن يوسف بن مكتوم. شرف الدين الزرعي، التاجر، أخو أحمد وعثمان. رووا عن ابن اللتي. وتوفي هذا في صفر. يوصف بصلاح.
- حرف الظاء -
229 - ظافر بن أبي غانم بن سيف. شهاب الدين الأرفادي، الشاعر. روى عن: الرشيد بن مسلمة. كتب عنه من القدماء الأبيوردي، ومن المتأخرين البرزالي وطبقته. ومات في المحرم بمصر. مولده سنة سبع وعشرين، ولقبه فتح الدين. وسمع من: عثمان بن مكي الشارعي، وإسماعيل بن صارم. وله أبيات ورحلة إلى دمشق.
- حرف العين -
230 - عبد الرحمن بن يوسف بن محمد. شمس الدين، ابن الشيخ مجد الدين ابن المهتار الدمشقي، نقيب القاضي عز الدين ابن الصائغ، وأمين سكة الحكم. سمع من: مكي بن علان، والرشيد العراقي، وطائفة. ومات في المحرم وله أربع وخمسون سنة.

(52/218)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 219
231 - عبد الرحمن بن موسى بن عبد الرحمن بن موسى. جلال الدين أبو القاسم. سمع من: ابن عماد، وابن شداد، وابن باقا، وطائفة. سمع منه: حبيب. ولم أعرف وفاته. 232 - عبد الصّمد ابن القاضي الخطيب عماد الدّين عبد الكريم ابن القاضي جمال الدّين بن أبي القاسم ابن الحرَسَتانيّ. الأنصاري، الزاهد، العالم، أبو القاسم، جمال الدين. ولد سنة تسع عشرة وستمائة. وسمع من: زين الأمناء، وابن صباح، وابن الزبيدي، وابن باسويه الواسطي، وجماعة. وكان فقيراً، صالحاً، خيراً، فارغاً عن الدنيا، قانعاً باليسير، فيه وله، وبله، وله حال وكشف، يمشي ويحدث نفسه. وللناس فيه عقيدة. وكان على ذهنه أشياء مفيدة. وكان الشيخ زين الدين الفارقي يتغالى فيه. وذكر عنه غير مرة كرامة منها أنه أخبره بكسرة التتار سنة ثمانين قبل وقوعها. سمعت منه أنا، والمزي، والبرزالي، وأحمد بن النابلسي، وجماعة. وتوفي في ربيع الآخر. وقد سمع بمصر من عبد الرحيم بن الطفيل أيضاً. وناب في الإمامة بالجامع عن والده، وحضر المدارس. ثم فرغ عن هذه الأشياء. 233 - عبد الجبّار.

(52/219)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 220
جمال الدين، قاضي القضاة ببغداد بعد قضاء البصرة. ولي سنة وتعلل. رجع إلى البصرة فمات بها. وكان قد عزل قاضي بغداد عز الدين أحمد بن الزنجاني عنها بهذا لأجل ضرره. 234 - عبد الكافي ابن شيخنا شمس الدّين عبد الواسع بن عبد الكافي. الأبهري، ثم الدمشقي، الصوفي، محيي الدين. روى عن: التاج بن أبي جعفر، وتقي الدين ابن الصلاح. ومات بحلب في ذي القعدة. سمع منه البرزالي. وكان شاهداً. 235 - عبد الوليّ بن عبد الرحمن بن رافع. الشيخ الزاهد، أبو نصر اليونيني. خطيب يونين. شيخ صالح، زاهد، فقيه حنبلي، من أصحاب الشيخ إبراهيم البطائحي. سمع من: ابن اللتي، وابن صباح، وأبي القاسم بن رواحة. وكان حسن الصوت، حسن العيش. فيه فقر وتعفف، وترك للخلف. تفقه بالمسمارية مدة، وولي خطابة يونين نيفاً وأربعين سنة، وبها توفي في رمضان. سمعت منه. 236 - عبد المحمود بن إلياس. البزاز، عتيق الأسعد الباذنيني. شيخ صالح سمع من نصر بن عبد الرزاق.

(52/220)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 221
مات ببغداد في جمادى الأولى. 237 - عبد الوهّاب بن أحمد بن سحنون. الخطيب، الطبيب، البارع، مجد الدين خطيب النيرب. روى عن: خطيب مردا. وله شعر وأدب وفضائل. توفي في شوال. وكان من فضلاء الحنفية. درس بالمدرسة الدماغية. وعاش خمساً وسبعين سنة. وكان طبيب مارستان الجبل. 238 - عزّ الدّين ابن عزّ الدّين. القيمري، الأمير. أحد أمراء دمشق. حج بالناس في سنة ثلاث وثمانين. وكان فيه عقل وجودة. توفي في صفر. 239 - عثمان بن أحمد بن منصور بن شخيّان. الخراساني. من صوفية القاهرة. روى عن الساوي، والسبط. [مات] يوم عرفة.

(52/221)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 222
240 - عسّاف ابن الأمير أحمد بن حجيّ. زعيم آل مري. أعرابي شريف، مطاع. وهو الذي حمى النصراني الذي سب، فدافع عنه بكل ممكن. وكان هذا النصراني لعنه الله بالسويداء وقع منه تعرض للنبي صلى الله عليه وسلم، فطلع الشيخان زين الدين الفارقي، وتقي الدين ابن تيمية في جمع كبير من الصلحاء والعامة إلى النائب عز الدين أيبك الحموي، وكلماه في أمر الملعون، فأجاب إلى إحضاره وخرجوا، فرأى الناس عساف، فكلموه في أمره، وكان معه بدوي، فقال: إنه خير منكم. فرجمته الخلق بالحجارة. وهرب عساف، فبلغ ذلك نائب السلطنة، فغضب لافتتان العوام. وإلا فهو مسلم يحب الله ورسوله، ولكن ثارت نفسه السبعية التركية، وطلب الشيخين، فأخرق بهما، وضربا بين يديه، وحبسا بالعذراوية، وضرب جماعة من العامة، وحبس منهم ستة، وضرب أيضاً والي البلد جماعة، وعلق جماعة. ثم سعى نائب السلطنة كما لقن في إثبات العداوة بين النصراني وبين الذين شهدوا عليه من السويدا ليخلصه بذلك. وبلغ النصراني الواقعة فأسلم، وعقد النائب مجلساً، فأحضر القاضي ابن الخويي وجماعة من الشافعية، واستفتاهم في حقن دمه بعد الإسلام، فقالوا: مذهبنا أن الإسلام يحقن دمه. وأحضر الشيخ زين الدين الفارقي، فوافقهم، فأطلق. ثم أحضر الشيخ تقي الدين، فطيب خاطره، وأطلقه والجماعة بعد أن اعتقلوه عدة أيام ثم أحضر النصراني إلى دمشق فحبس، وقام الأعسر المشد في تخليصه، فأطلق وشق ذلك على المسلمين. وأما عساف فقتله بقرب المدينة النبوية في ربيع الأول من هذه السنة ابن أخيه جماز بن سليمان، وفرح الناس.

(52/222)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 223
وكانت القصة في رجب سنة ثلاث وتسعين، وحينئذ صنف شيخنا ابن تيمية كتاب ' الصارم المسلول على شاتم الرسول '، وهو مجلد. 241 - علي ابن قاضي القضاة زكيّ الدين الطّاهر ابن قاضي القُضاة محيي الدين محمد بن الزّكيّ. القرشي، الدمشقي، الشافعي، الشيخ، قطب الدين. ولد سنة خمس عشرة وستمائة. قال علم الدين: روى لنا عن علي بن حجاج البتلهي، ومحمد بن طرخان الصالحي. وتوفي في الخامس والعشرين من شعبان، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون. 242 - علي بن عثمان بن يحيى بن أحمد. الشيخ الصالح، أبو الحسن اللمتوني الصنهاجي، المغربي، ثم الدمشقي، الشوا، ثم أمين القضاة على السجن. ولد في سنة ثلاثين وعشرين وستمائة. وسمع من: ابن الزبيدي. والفخر الإربلي، ومكرم بن باسويه، وابن غسان، وأبي نصر بن عساكر، والمسلم المازني، وطائفة. وروى الكثير. وكان إنساناً مباركاً، قرأت عليه عدة أجزاء. توفي في سادس عشر ذي القعدة. وهو أخو إبراهيم بن عثمان. 243 - علي بن محمد بن عُبيد الله بن بهرام. الحاجب الأوحد، شمس الدين الخالدي، البغدادي، ابن مشرف العرض. كان أبوه مشرف عرض الجيوش في دولة المستعصم.

(52/223)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 224
ولد علي في رمضان سنة عشر وستمائة. وسمع ' البخاري ' على ابن القطيعي، وسمع ' مشارق الأنوار ' على الصنعاني. أجاز للبرزالي. مات في ثالث جمادى الآخرة ببغداد. 244 - علاء الدين التُّركيّ. الضرير. شيخ، صالح، زاهد، له زاوية بالمزة. توفي في ربيع الأول. وخلفه في الزاوية عتيقة الشيخ بدر الدين لولو. 245 - عمر ابن الأمير أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد بن عمر. الهنتاتي، المستنصر بالله المؤيد به، أبو حفص، سلطان إفريقية، وابن سلطانها، وأخو سلطانها إبراهيم. تملكها بتونس، وقتل الدعي الذي عليها، الذي ذكرناه في سنة ثلاث وثمانين. مات في ثاني وعشرين ذي الحجة سنة أربع. وكان حسن السيرة، فيه خير ونهضة وكفاءة ودين. عهد بالملك إلى ولده عبد الله، فلما احتضر أشار عليه الشيخ أبو محمد المرجاني بأن يخلعه لصغر سنه، فقبل منه وخلعه، وقال فلمن أولي؟ فأشار عليه بولد الواثق، وهو محمد بن يحيى بن محمد الملقب بأبي عصيدة الذي توفي سنة تسع وسبعمائة، فولاه الأمر بعده. 246 - عيسى.

(52/224)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 225
الأمير شرف الدين ابن الجناحي. ناب في الشد عن الأمير علم الدين الدواداري، وزار القدس فتوفي به في ذي الحجة، ولم يتكهل.
- حرف الفاء -
247 - فخر الدين. الخلخالي، الصوفي، الزاهد. إمام عارف، كبير القدر. توفي بالسميساطية في ربيع الأول.
- حرف الكاف -
248 - كيختو بن هلاكو بن تولي. المغلي، سلطان الشرق. ملكوه بعد موت أرغون في ربيع الأول سنة تسعين وأقام بالروم مدة. كاتبته الأمراء، فسار وجلس على التخت، وأمر بقتل جماعة، واستناب على البلاد. واختلف الجيش عليه، ومالت فرقة إلى ابن أخيه بايدو، وملكوه واستولى على العراق وغيرها، فسار لحربه كيختو، وعمل مصافاً، فقتل كيختو. ويقال: بل قبض الأمراء على كيختو، وطلبوا بايدو، فأقبل وتملك. وقتل كيختو وله نحو من ثلاثين سنة. وذلك في سنة أربع وتسعين. وكان بايدو من كبار دولة كيختو فبعثه إلى العراق وليوقع بالأعراب الحرامية، فما قدر عليهم، بل نهب السواد، وسبى الذرية، وأسر جنده الفلاحين، وعمل كل قبيح ورجع. فغضب عليه كيختو وحبسه ثلاثة أيام وأطلقه، فخرج مضمراً للشر. وكان كيختو له ميل إلى المسلمين، ويحب الفقراء

(52/225)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 226

- حرف الميم -
249 - محمد بن أحمد بن عبد الله. المفتي، جمال الدين، ابن الشيخ الإمام محب الدين الطبري، قاضي مكة. روى عن: ابن الجميزي. وكان متقناً للفقه والعربية. أصابه فالج مدة ؛ ومات في ذي القعدة أو قبلها بعد أبيه بيسير أو قبله. روى لنا عنه: أبو الحسن بن العطار. وأجاز لنا مروياته. وعاش ثمانياً وخمسين سنة. توفي في ذي القعدة، وله شعر. وهو والد القاضي نجم الدين. 250 - محمد بن إبراهيم بن أبي الفَرَج. أبو عبد الله الحميري، الدمشقي، المقدسي الأصل، القواس. سمع: ابن الزبيدي، وابن اللتي، والإربلي، والهمداني. ومات في صفر. فاتني السماع منه. 251 - محمد بن أحمد بن منوّر بن شخيان. الصوفي، أخو علي من مشيخة ابن حبيب. توفي يوم عرفة.

(52/226)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 227
روى عن السبط، وغيره. 252 - محمد بن إسماعيل بن مرّي بن ربيعة. الشيخ شرف الدين ابن حليمة المقدسي، الصالحي، الحنبلي. له سماع من: المؤتمن بن قميرة، وغيره، وجماعة. ولم يحدث فيما أعلم. ومات في رجب. 253 - محمد بن علي بن منصور بن محمود. العماد المقدسي الصالحي، القصاع. سمع من: جعفر الهمداني. وحضر على الإربلي. ومات في ثامن صفر. 254 - محمد بن عمار. الرهاوي، الواعظ في الأعزية. شيخ فاضل، شيعي، على ذهنه أشياء مفيدة، وعلى كلامه رونق. توفي في ربيع الأول بدمشق. 255 - محمد بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جرادة.

(52/227)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 228
المولى الصاحب، العالم البارع، جمال الدين، أبو غانم ابن الصاحب العلامة كمال الدين ابن العديم العقيلي، الحلبي، الحنفي، الكاتب. حضر على الحافظ أبي عبد الله البرزالي. وسمع من: ابن رواحة، وابن قميرة، وابن خليل، وجماعة بحلب. ورحل به والده قبل الخمسين مع الدمياطي إلى بغداد، وأسمعه من شيوخ بغداد. وطلع من أذكياء العالم، وتفقه وتأدب. وشارك في الفضائل. وبرع في كتابة الخط المنسوب. وسكن حماة. وحدث بها. وكان من سروات بني العديم. توفي بحماة في حادي عشر ذي الحجة. وكانت له جنازة مشهودة، مشى فيها السلطان الملك المظفر فمن دونه، ودفن بتربته بعقبة نقيرين. وهو والد قاضي القضاة نجم الدين عمر، أيده الله. وكان بارعاً في الفرائض وفي علم الهندسة. 256 - محمد بن العماد محمد بن العزيز محمد ابن الإمام العلاّمة البليغ عماد الدين الإصبهانيّ، الكاتب. هو الإمام الفاضل، شمس الدين الشافعي، الدمشقي. ولد الشيخ شرف الدين، والمولى عز الدين. كان فقيهاً، إماماً، عارفاً بالمذهب. درس وأعاد وأفاد. وحدث عن ابن المقير، وابن رواحة. وتوفي بجبل قاسيون بمنزله في صفر، رحمه الله. وقيل: توفي سنة خمس، فيحرر.

(52/228)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 229
257 - محمد بن محمد بن سالم بن يوسف بن صاعد بن السَّلْم القاضي الجليل، جمال الدين، ابن القاضي نجم الدين، سفير الدولة ابن قاضي القضاة شمس الدين القرشي، النابلسي، الشافعي، قاضي نابلس وابن قاضيها. إمام جليل، متميز، فاضل، رئيس. ولد سنة عشرين وستمائة. وسمع بالقدس من أبي علي الأوقي ' مشيخة الفسوي '، وغيرها. وكان قاضي نابلس مدة، وأضيف إليه في آخر عمره قضاء القدس. سمعت منه بقراءة الشيخ علي الموصلي، وأبي الحجاج المزي لما قدم علينا في سنة ثلاث وتسعين بدار الحديث النورية. توفي في عاشر ربيع الآخر. 258 - محمد بن محمد بن محمد بن عبد العظيم بن عبد اللّطيف. الإمام، زين الدين التنوخي، المعروف بالزين المعري. نشأ بحلب وتفقه بها، وانتقل إلى القاهرة. وكان فقيهاً بارعاً، متفنناً مجموع الفضائل. أضرّ في آخر عمره. وحدث عن: إبراهيم بن خليل. ومات في سلخ المحرم بمصر.

(52/229)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 230
259 - محمد بن نجيب الدين محاسن بن الحسن. السلمي، الدمشقي. أجاز له عمر بن كرم، وعبد السلام الداهري، وجماعة. وتوفي في صفر. 260 - محمد بن نصر بن تروس بن قسطة. الشيخ الأجل، شمس الدين الدمشقي. سمع من: الإربلي، وابن المقير. وأجاز له أبو الحسن القطيعي، وجماعة. وحدث. وتوفي في غرة شعبان. 261 - محمد الشّاب. أمين الدين، ولد الرئيس مجد الدين يوسف بن محمد القباقبيّ، الأنصاري، الدمشقي الكاتب بديوان الجيش. وكان مليح الصورة، لطيف الشمائل، عاقلاً. عاش ستاً وعشرين سنة، وفجع به أبوه، ورثاه صاحبنا الإمام نجم الدين علي بن داود القرشي بقصيدة أولها.
(إسعدي يا حمام قلباً عميدا .......... لدروس الفراق أضحى مُعيدا)
توفي في ثامن عشر ذي الحجة. 262 - محفوظ بن عمر بن أبي بكر بن خليفة. الشيخ تقي الدين، أبو الخطاب البغدادي، القطفتي، الحنبلي، التاجر، المعروف بابن الحامض.

(52/230)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 231
ولد ببغداد سنة أربع عشرة تقريباً. حدث عن: أبي الفضل عبد السلام الداهري، وأبي علي الحسن بن الزبيدي، وابن اللتي، وخليل الجوسقي. وتوفي يوم الجعة يوم النحر بمصر. كتب عنه المصريون. وتفرد بعدة أجزاء. 263 - محفوظ بن معتوق بن أبي بكر بن عمر. الصدر، الرئيس، المؤرخ، الأديب، عز الدين، أبو بكر ابن البزوري، البغدادي، التاجر، الشافعي. مولده بعد سنة ثلاثين بيسير. سمع من: أبي طالب العبيطي، وعبد الرحمن بن عبد اللطيف بن أبي سعد الصوفي، وغيرهما. وحدث بدمشق، وسمعنا منه. وكان شيخاً محتشماً، جليلاً، وسيماً، مهيباً، حسن الصورة رفيع البزة. من كبار التجار وأولي الثروة وأرباب العدالة والمروءة. له مشاركة حسنة في العلم، وصنف ' تاريخاً ' كبيراً ذيل به على ' المنتظم ' لابن الجوزي، رأيت منه ثلاث مجلدات سلمت في خزانته التي بتربته بسفح قاسيون، وكان فيها جملة مفيدة. وكان يحضر مجالس وعظ ابنه الشيخ الواعظ العلامة نجم الدين معتوق بجامع دمشق. وكان قد غاب سنين متطاولة في التجارة ودخل إلى الهند وإلى الصين. فاتفق أنه حج سنة بضع وثمانين، وحج ابنه، فالتقيا بالموقف، فلم يكد يعرف أحدهما الآخر من طول الغيبة.

(52/231)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 232
توفي شيخنا في ثامن صفر ودفن بتربته. أخبرنا أبو بكر محفوظ، أنا أبو طالب عبد اللطيف، أنا أبو المعالي الباجسرائي، أنا أبو منصور الزاهد، أنا أبو طاهر عبد الغفار بن محمد، أنا أبو علي الصواف، أنا بشر بن موسى، أنا أبو بكر الحميدي، ثنا سفيان، ثنا الزهري، أخبرني الربيع بن سبرة، عن أبيه قال: ' نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة عام خيبر '. 264 - محمود بن محمد بن صدّيق. أبو الثناء التبريزي، الحداد، بدار الحجارة. شيخ صالح مبارك. كان سكن ببرزة. وولد بتبريز سنة ست عشرة وستمائة. وسمع من: ابن المقير، والتاج القرطبي، ويوسف بن خليل. كتب عنه: البرزالي، وغيره. ومات بالجبل بالمارستان القيمري. 265 - مجاهد الدين ابن شهوان. أحد أمراء الحلقة الدمشقية. توفي في صفر كهلاً. وهو والد الأمير العالم ناصر الدين.

(52/232)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 233
266 - مظفَّر بن الطّرّاح. الصاحب فخر الدين، متولي واسط ؛ صدر معظم، مهيب، وافر السطوة والناموس. مهد البلاد وعمرها. وخافته الذعار. وولي عدة ولايات، وله نظم وأدب. عاش نحواً من ستين سنة. وقدم أخوه قوام الدين إلى دمشق. عذب فخر الدين وقتل، رحمه الله. 267 - مقرَّب بن عبد الرحمن بن مقرَّب بن عبد الكريم الكِنْديّ. الإسكندراني، البزاز، ويسمى أيضاً محمداً. سمع: محمد بن عماد، وابن الصفراوي، وعدداً من أصحاب السلفي باعتناء أبيه الحافظ أسعد الدين. وسكن في آخر عمره مصر وحدث بها. كتب إليّ بالإجازة، وثنا عنه عمر بن حبيب. وتوفي في آخر العام، وأظنه جاوز السبعين. 268 - موسى بن أبي الفتح، بن أبي بكر بن جراح. الشيخ نجم الدين الكناني، العسقلاني، ثم النابلسي. ولد في حدود العشرين وستمائة. وسمع بدمشق من: جعفر الهمذاني، وأحمد بن سلامة الحراني. وببغداد من: أبي بكر بن الخازن، وعلي بن معالي، وغيرهما. سمع منه: ابن الخباز، والفرضي، والمزي، والبرزالي. وتوفي بنابلس فيما أحسب.

(52/233)


تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الثاني والخمسون الصفحة 234
269 - موفَّق الدين مساعد. الشافعي، الفقيه، أحد الأئمة. أعاد بالبادرائية مدة. ثم ولي تدريسها فلم يتم ذلك وعزل، فانتقل إلى حماة وأشغل. وكان ذا زهد وانقطاع وتقشف. توفي في ذي القعدة، رحمه الله. - حرف الياء -
270 - ياقوت المسعوديّ. الخادم الطواشي، افتخار الدين، مشد دار الطراز بالقاهرة. حدث عن فخر القضاة أحمد بن الحباب. ومات في ذي الحجة. 271 - يوسف بن علي بن مهاجر. الصدر الكبير، جمال الدين التكريتي، التاجر، البيع. أخو الصاحب تقي الدين توبة. شيخ جليل ذو حرمة وهيبة. ولي حسبة دمشق مديدة. وتوفي في ليلة الجمعة ثامن رمضان. وهو والد صاحبنا الأمير الآجل علاء الدين وأخيه. 272-يوسف بن عمر بن علي بن رسول.=

 

المستدرك للحاكم فيه8803 كل احاديثه كلها صحيح ما عدا 160.حديث بعد تعقب الذهبي فضعف100 حديث وابن الجوزي60. حديث يصبح كل الصحيح في المستدرك 8743.حديثا

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف 160 .حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي ...